بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.
عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 13: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.
عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].
مظهر: ج - عينة.
ملاحظة: عربي.
ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].
ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).
ملاحظة: فهرس.
محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-
عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق
ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946
ص: 1
الآیات؛
البقرة: «وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ وَ قَفَّیْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ»(87)
آل عمران: «وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ* مِنْ قَبْلُ هُدیً لِلنَّاسِ»(3-4)
هود: «وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسی إِماماً وَ رَحْمَةً»(17) (و قال): «وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِیهِ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَفِی شَكٍّ مِنْهُ مُرِیبٍ»(110)
إبراهیم: «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسی بِآیاتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَی النُّورِ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ»(5)
مریم: «وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ مُوسی إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَ كانَ رَسُولًا نَبِیًّا* وَ نادَیْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَیْمَنِ وَ قَرَّبْناهُ نَجِیًّا* وَ وَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِیًّا»(51-53)
الأنبیاء: «وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسی وَ هارُونَ الْفُرْقانَ وَ ضِیاءً وَ ذِكْراً لِلْمُتَّقِینَ»(48)
التنزیل: «وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِی مِرْیَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَ جَعَلْناهُ هُدیً
لِبَنِی إِسْرائِیلَ* وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآیاتِنا یُوقِنُونَ»(23-24)
الأحزاب: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ آذَوْا مُوسی فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِیهاً»(69)
الصافات: «وَ لَقَدْ مَنَنَّا عَلی مُوسی وَ هارُونَ وَ نَجَّیْناهُما وَ قَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِیمِ* وَ نَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِینَ* وَ آتَیْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِینَ* وَ هَدَیْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِیمَ* وَ تَرَكْنا عَلَیْهِما فِی الْآخِرِینَ* سَلامٌ عَلی مُوسی وَ هارُونَ* إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ *إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِینَ»(114-122)
المؤمن: «وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْهُدی* وَ أَوْرَثْنا بَنِی إِسْرائِیلَ الْكِتابَ هُدیً وَ ذِكْری لِأُولِی الْأَلْبابِ»(53-54)
السجدة: «وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِیهِ»(45)
الأحقاف: «وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسی إِماماً وَ رَحْمَةً»(12)
تفسیر: قال الطبرسی قدس سره: إِماماً أی یؤتم به فی أمور الدین وَ رَحْمَةً أی نعمة من اللّٰه علی عباده أو ذا رحمة أی سبب الرحمة لمن آمن به (1)الْكِتابَ یعنی التوراة فَاخْتُلِفَ فِیهِ أی قومه اختلفوا فی صحته وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ أی لو لا خبر اللّٰه السابق بأنه یؤخر الجزاء إلی یوم القیامة للمصلحة لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ أی لعجل الثواب و العقاب لأهله وَ إِنَّهُمْ لَفِی شَكٍّ مِنْهُ أی من وعد اللّٰه و وعیده (2)
بِأَیَّامِ اللَّهِ أی بوقائع اللّٰه فی الأمم الخالیة و إهلاك من هلك منهم أو بنعم اللّٰه فی سائر أیامه كما روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
أو الأعم منهما (3)فِی الْكِتابِ أی القرآن إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً قرأ أهل الكوفة بفتح اللام أی أخلصه اللّٰه بالنبوة و الباقون بكسرها أی أخلص العبادة لله أو نفسه لأداء الرسالة
ص: 2
مِنْ جانِبِ الطُّورِ الطور جبل بالشام ناداه اللّٰه من جانبه الیمین و هو یمین موسی و قیل من الجانب الأیمن من الطور یرید حیث أقبل من مدین و رأی النار فی الشجرة و هو قوله یا مُوسی إِنِّی أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ وَ قَرَّبْناهُ نَجِیًّا أی مناجیا كلیما قال ابن عباس قربه اللّٰه و كلمه و معنی هذا التقریب أنه أسمعه كلامه و قیل قربه حتی سمع صریر القلم الذی كتبت به التوراة و قیل قَرَّبْناهُ أی رفعنا منزلته حتی صار محله منا فی الكرامة محل من قربه مولاه فی مجلس كرامته فهو تقریب كرامة و اصطفاء لا تقریب مسافة و إدناء وَ وَهَبْنا لَهُ أی أنعمنا علیه بأخیه هارون و أشركناه فی أمره (1)الْفُرْقانَ أی التوراة یفرق بین الحق و الباطل و قیل البرهان الذی یفرق به بین حق موسی و باطل فرعون و قیل هو فلق البحر وَ ضِیاءً هو من صفة التوراة أیضا أی استضاءوا بها حتی اهتدوا فی دینهم (2).
فَلا تَكُنْ فِی مِرْیَةٍ مِنْ لِقائِهِ أی فی شك من لقائك موسی لیلة الإسراء بك إلی السماء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَ قَدْ وَرَدَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَیْتُ لَیْلَةَ أُسْرِیَ بِی مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ رَجُلًا آدَمَ طُوَالًا جَعْداً كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَبْوَةَ (3)وَ رَأَیْتُ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ رَجُلًا مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَی الْحُمْرَةِ وَ الْبَیَاضِ سَبِطَ الرَّأْسِ (4).
فعلی هذا فقد وعد صلی اللّٰه علیه و آله أنه سیلقی موسی علیه السلام قبل أن یموت و قیل فلا تكن فی مریة من لقاء موسی إیاك فی الآخرة و قیل
ص: 3
من لقاء موسی الكتاب و قیل من لقاء الأذی كما لقی موسی وَ جَعَلْناهُ أی موسی أو الكتاب وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً أی رؤساء فی الخیر یقتدی بهم یهدون إلی أفعال الخیر بإذن اللّٰه و قیل هم الأنبیاء الذین كانوا فیهم لَمَّا صَبَرُوا أی لما صبروا جعلوا أئمة وَ كانُوا بِآیاتِنا یُوقِنُونَ لا یشكون فیها. (1)وَ لَقَدْ مَنَنَّا عَلی مُوسی وَ هارُونَ أی بالنبوة و النجاة من فرعون و غیرهما من النعم الدنیویة و الأخرویة مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِیمِ من تسخیر قوم فرعون إیاهم و استعمالهم فی الأعمال الشاقة و قیل من الغرق الْكِتابَ الْمُسْتَبِینَ یعنی التوراة الداعی إلی نفسه بما فیه من البیان وَ تَرَكْنا عَلَیْهِما الثناء الجمیل فِی الْآخِرِینَ بأن قلنا سَلامٌ عَلی مُوسی وَ هارُونَ (2)موسی اسم مركب من اسمین بالقبطیة فمو هو الماء و سی الشجر و سمی بذلك لأن التابوت الذی كان فیه موسی وجد عند الماء و الشجر (3)وجدته جواری آسیة و قد خرجن لیغتسلن و هو موسی بن عمران بن یصهر بن قاهث بن لاوی بن یعقوب علیه السلام.
و قال الثعلبی هو موسی بن عمران بن یصهر بن قاهث بن لاوی بن یعقوب علیه السلام قال أهل العلم بأخبار الأولین و سیر الماضین ولد لیعقوب علیه السلام لاوی و قد مضی من عمره تسع و ثمانون سنة ثم إن لاوی بن یعقوب نكح نابتة بنت ماوی بن یشجر (4)فولدت له عرشون (5)و مرزی و مردی و قاهث بن لاوی و ولد للاوی قاهث بعد أن مضی من عمره
ص: 4
ست و أربعون سنة فنكح قاهث بن لاوی قاهی (1)بنت مبنیر بن بتویل (2)بن إلیاس فولدت له یصهر و تزوج یصهر شمبت بنت بتاویت بن بركیا بن یقشان بن إبراهیم (3)فولدت له عمران (4)و قد مضی من عمره ستون سنة و كان عمر یصهر مائة و سبعا و أربعین سنة فنكح عمران بن یصهر نخیب بنت أشموئیل بن بركیا بن یقشان (5)بن إبراهیم فولدت له هارون و موسی و اختلف فی اسم أمهما فقال محمد بن إسحاق نخیب و قیل أفاحیة و قیل بوخائید (6)و هو المشهور و كان عمر عمران مائة و سبعا و ثلاثین سنة و ولد له موسی و قد مضی من عمره سبعون سنة (7)و نحوه ذكر ابن الأثیر فی الكامل(8).
«1»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی خَبَرِ الْمِعْرَاجِ عَنِ النَّبِیِّ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ ثُمَّ صَعِدْنَا إِلَی السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَإِذَا فِیهَا رَجُلٌ كَهْلٌ عَظِیمُ الْعَیْنِ لَمْ أَرَ كَهْلًا أَعْظَمَ مِنْهُ حَوْلَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ أُمَّتِهِ (9)فَأَعْجَبَتْنِی كَثْرَتُهُمْ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ هَذَا الْمُجِیبُ لِقَوْمِهِ (10)هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَ سَلَّمَ عَلَیَّ وَ اسْتَغْفَرْتُ لَهُ وَ اسْتَغْفَرَ لِی وَ إِذَا فِیهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْخُشُوعِ مِثْلُ مَا فِی السَّمَاوَاتِ
ص: 5
ثُمَّ صَعِدْنَا إِلَی السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَ إِذَا فِیهَا رَجُلٌ آدَمُ طَوِیلٌ كَأَنَّهُ مِنْ شَبْوَةَ (1)وَ لَوْ أَنَّ عَلَیْهِ قَمِیصَیْنِ لَنَفَذَ شَعْرُهُ فِیهِمَا وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ یَزْعُمُ بَنُو إِسْرَائِیلَ أَنِّی أَكْرَمُ وُلْدِ آدَمَ عَلَی اللَّهِ وَ هَذَا رَجُلٌ أَكْرَمُ عَلَی اللَّهِ مِنِّی فَقُلْتُ مَنْ هَذَا یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ أَخُوكَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَ سَلَّمَ عَلَیَّ وَ اسْتَغْفَرْتُ لَهُ وَ اسْتَغْفَرَ لِی وَ إِذَا فِیهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْخُشُوعِ مِثْلُ مَا فِی السَّمَاوَاتِ (2).
بیان: شبوة أبو قبیلة و موضع بالبادیة و حصن بالیمن أو واد بین مأرب و حضرموت كذا ذكره الفیروزآبادی و لعله صلی اللّٰه علیه و آله شبهه بإحدی هذه الطوائف فی الأدمة و طول القامة.
«2»-فس، تفسیر القمی فِی خَبَرِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ مَعَ مَلِكِ الرُّومِ أَنَّهُ عَرَضَ عَلَی الْحَسَنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ صُوَرَ الْأَنْبِیَاءِ فَعَرَضَ عَلَیْهِ صَنَماً قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ هَذِهِ صِفَةُ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ وَ كَانَ عُمُرُهُ مِائَتَیْنِ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ إِبْرَاهِیمَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ (3).
«3»-ل، الخصال ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ أَرْبَعَةً لِلسَّیْفِ إِبْرَاهِیمَ وَ دَاوُدَ وَ مُوسَی وَ أَنَا وَ اخْتَارَ مِنَ الْبُیُوتَاتِ أَرْبَعَةً فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ الْخَبَرَ (4).
«4»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ع، علل الشرائع ل، الخصال سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِیهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِیهِ مَنْ هُمْ فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَابِیلُ یَفِرُّ مِنْ هَابِیلَ
ص: 6
وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ أُمِّهِ مُوسَی وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ أَبِیهِ إِبْرَاهِیمُ وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ صَاحِبَتِهِ لُوطٌ وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنِ ابْنِهِ نُوحٌ یَفِرُّ مِنِ ابْنِهِ كَنْعَانَ (1).
قال الصدوق رحمه اللّٰه إنما یفر موسی من أمه خشیة أن یكون قصر فیما وجب علیه من حقها. (2)
بیان: یمكن أن یتجوز فی الأم كما ارتكب ذلك فی الأب و یكون المراد بعض مربیاته فی بیت فرعون.
«5»-ل، الخصال فِی خَبَرِ أَبِی ذَرٍّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلُ نَبِیٍّ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ مُوسَی وَ آخِرُهُمْ عِیسَی وَ سِتُّمِائَةِ نَبِیٍّ (3).
أقول: قد مر نقش خاتمه فی نقوش خواتیم الأنبیاء.
«6»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُرَاسَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَ تَدْرِی یَا مُوسَی لِمَ انْتَجَبْتُكَ مِنْ خَلْقِی وَ اصْطَفَیْتُكَ لِكَلَامِی فَقَالَ لَا یَا رَبِّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ إِنِّی اطَّلَعْتُ إِلَی الْأَرْضِ فَلَمْ أَجِدْ عَلَیْهَا أَشَدَّ تَوَاضُعاً لِی مِنْكَ فَخَرَّ مُوسَی سَاجِداً وَ عَفَّرَ خَدَّیْهِ فِی التُّرَابِ تَذَلُّلًا مِنْهُ لِرَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ ارْفَعْ رَأْسَكَ یَا مُوسَی وَ أَمِرَّ یَدَكَ فِی مَوْضِعِ سُجُودِكَ وَ امْسَحْ بِهَا وَجْهَكَ وَ مَا نَالَتْهُ مِنْ بَدَنِكَ (4)فَإِنَّهُ أَمَانٌ مِنْ كُلِّ سُقْمٍ وَ دَاءٍ وَ آفَةٍ وَ عَاهَةٍ (5).
«7»-ع، علل الشرائع الطَّالَقَانِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَیْلَانَ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ وَ جَدِّهِ عَنْ غِیَاثِ بْنِ أُسَیْدٍ قَالَ حَدَّثَنِی عَمَّنْ سَمِعَ مُقَاتِلَ بْنَ سُلَیْمَانَ یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بَارَكَ عَلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَ سِتِّینَ
ص: 7
بَرَكَةً فَالْتَقَطَهُ فِرْعَوْنُ مِنْ بَیْنِ الْمَاءِ وَ الشَّجَرِ وَ هُوَ التَّابُوتُ فَمِنْ ثَمَّ سُمِّیَ مُوسَی وَ بِلُغَةِ الْقِبْطِ الْمَاءُ مُو وَ الشَّجَرُ سَی فَسَمَّوْهُ مُوسَی لِذَلِكَ (1).
«8»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَ تَدْرِی لِمَا اصْطَفَیْتُكَ بِكَلَامِی دُونَ خَلْقِی فَقَالَ مُوسَی لَا یَا رَبِّ فَقَالَ یَا مُوسَی إِنِّی قَلَّبْتُ عِبَادِی ظَهْراً لِبَطْنٍ (2)فَلَمْ أَجِدْ فِیهِمْ أَحَداً أَذَلَّ لِی مِنْكَ نَفْساً یَا مُوسَی إِنَّكَ إِذَا صَلَّیْتَ وَضَعْتَ خَدَّیْكَ عَلَی التُّرَابِ (3)- ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِإِسْنَادِهِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ (4)
«9»- ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ احْتُبِسَ عَنْهُ الْوَحْیُ أَرْبَعِینَ أَوْ ثَلَاثِینَ صَبَاحاً قَالَ فَصَعِدَ عَلَی جَبَلٍ بِالشَّامِ یُقَالُ لَهُ أَرِیحَا فَقَالَ یَا رَبِّ إِنْ كُنْتَ حَبَسْتَ عَنِّی وَحْیَكَ وَ كَلَامَكَ لِذُنُوبِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَغُفْرَانُكَ الْقَدِیمُ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ أَ تَدْرِی لِمَا اصْطَفَیْتُكَ لِوَحْیِی وَ كَلَامِی دُونَ خَلْقِی فَقَالَ لَا عِلْمَ لِی یَا رَبِّ فَقَالَ یَا مُوسَی إِنِّی اطَّلَعْتُ إِلَی خَلْقِی اطِّلَاعَةً فَلَمْ أَجِدْ فِی خَلْقِی أَشَدَّ تَوَاضُعاً لِی مِنْكَ فَمِنْ ثَمَّ خَصَصْتُكَ بِوَحْیِی وَ كَلَامِی مِنْ بَیْنِ خَلْقِی قَالَ وَ كَانَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِذَا صَلَّی لَمْ یَنْفَتِلْ (5)حَتَّی یُلْصِقَ خَدَّهُ الْأَیْمَنَ بِالْأَرْضِ وَ الْأَیْسَرَ (6).
«10»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ النَّضْرِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانُوا یَقُولُونَ لَیْسَ لِمُوسَی مَا لِلرِّجَالِ وَ كَانَ مُوسَی إِذَا أَرَادَ الِاغْتِسَالَ ذَهَبَ إِلَی مَوْضِعٍ لَا یَرَاهُ فِیهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَانَ یَوْماً یَغْتَسِلُ عَلَی شَطِّ نَهَرٍ وَ قَدْ وَضَعَ ثِیَابَهُ عَلَی صَخْرَةٍ فَأَمَرَ اللَّهُ الصَّخْرَةَ فَتَبَاعَدَتْ عَنْهُ حَتَّی نَظَرَ بَنُو إِسْرَائِیلَ إِلَیْهِ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَیْسَ
ص: 8
كَمَا قَالُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ آذَوْا مُوسی فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا إِلَی قَوْلِهِ وَجِیهاً (1).
بیان: قال الشیخ الطبرسی رحمه اللّٰه اختلفوا فیما أوذی به موسی علی أقوال أحدها
أن موسی و هارون صعدا الجبل فمات هارون فقالت بنو إسرائیل أنت قتلته فأمر اللّٰه الملائكة فحملته حتی مروا به علی بنی إسرائیل و تكلمت الملائكة بموته حتی عرفوا أنه قد مات و برأه اللّٰه من ذلك عن علی علیه السلام و ابن عباس.
و اختاره الجبائی و ثانیها
أن موسی علیه السلام كان حییا یغتسل وحده فقالوا ما یتستر منا إلا لعیب بجلده إما برص و إما أدرة فذهب مرة یغتسل فوضع ثوبه علی حجر فمر الحجر بثوبه فطلبه موسی فرآه بنو إسرائیل عریانا كأحسن الرجال خلقا فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا رواه- أبو هریرة مرفوعا.
و قال قوم إن ذلك لا یجوز لأن فیها إشهار النبی و إبداء سوأته علی رءوس الأشهاد و ذلك ینفر عنه و ثالثها أن قارون استأجر مومسة (2)لتقذف موسی بنفسها علی رءوس الملإ فعصمه اللّٰه تعالی من ذلك عن أبی العالیة و رابعها أنهم آذوه من حیث إنهم نسبوه إلی السحر و الجنون و الكذب بعد ما رأوا الآیات عن أبی مسلم انتهی (3)و السید قدس سره رد الثانی بأنه لیس یجوز أن یفعل اللّٰه تعالی بنبیه ما ذكروه من هتك العورة لتنزیهه من عاهة أخری فإنه تعالی قادر علی أن ینزهه مما قذفوه به علی وجه لا یلحقه معه فضیحة أخری و لیس یرمی بذلك أنبیاء اللّٰه من یعرف أقدارهم
ثم قال و الذی روی فی ذلك من الصحیح معروف و هو أن بنی إسرائیل لما مات هارون
ص: 9
علیه السلام قرفوه (1)بأنه قتله لأنهم كانوا إلی هارون أمیل (2)فبرأه اللّٰه تعالی من ذلك بأن أمر الملائكة بأن حملت هارون میتا و مرت به علی بنی إسرائیل ناطقة بموته و مبرئة لموسی علیه السلام من قتله و هذا الوجه یروی عن أمیر المؤمنین علیه السلام.
و روی أیضا أن موسی علیه السلام نادی أخاه هارون فخرج من قبره فسأله هل قتله فقال لا ثم عاد.
انتهی (3)أقول بعد ورود الخبر الحسن كالصحیح لا یتجه الجزم ببطلانه إذا لیس فیه من الفضیحة بعد كونه لتبریه عما نسب إلیه ما یلزم الحكم بنفیها و اللّٰه یعلم.
«11»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبَانٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ لِمَ سُمِّیَتِ التَّلْبِیَةُ تَلْبِیَةً قَالَ إِجَابَةً أَجَابَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ (4).
«12»-ع، علل الشرائع بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُخْتَارٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامِ یَقُولُ مَرَّ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی سَبْعِینَ نَبِیّاً عَلَی فِجَاجِ الرَّوْحَاءِ عَلَیْهِمُ الْعَبَاءُ الْقَطَوَانِیَّةُ یَقُولُ لَبَّیْكَ عَبْدُكَ وَ ابْنُ عَبْدِكَ لَبَّیْكَ (5).
«13»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَرَّ مُوسَی النَّبِیُّ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِصَفَائِحِ الرَّوْحَاءِ عَلَی جَمَلٍ أَحْمَرَ خِطَامُهُ مِنْ لِیفٍ عَلَیْهِ عَبَاءَتَانِ قَطَوَانِیَّتَانِ وَ هُوَ یَقُولُ لَبَّیْكَ یَا كَرِیمُ لَبَّیْكَ الْخَبَرَ (6).
بیان: الصفح من الجبل مضطجعه و الجمع صفاح والصفائح حجارة عراض رقاق و الروحاء موضع بین الحرمین علی ثلاثین أو أربعین میلا من المدینة.
و القطوانیة عباءة بیضاء قصیرة الخمل منسوبة إلی قطوان محركة موضع بالكوفة.
ص: 10
«14»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْحَاقَ التَّاجِرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ (1)عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی وَ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَحْرَمَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ رَمْلَةِ مِصْرَ وَ مَرَّ بِصَفَائِحِ الرَّوْحَاءِ مُحْرِماً یَقُودُ نَاقَتَهُ بِخِطَامٍ مِنْ لِیفٍ فَلَبَّی تُجِیبُهُ الْجِبَالُ (2).
«15»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام سُئِلَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَیُّهُمَا مَاتَ هَارُونُ مَاتَ قَبْلُ أَمْ مُوسَی صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا قَالَ هَارُونُ مَاتَ قَبْلَ مُوسَی وَ سُئِلَ أَیُّهُمَا كَانَ أَكْبَرُ هَارُونُ أَمْ مُوسَی قَالَ هَارُونُ قَالَ وَ كَانَ اسْمُ ابْنَیْ هَارُونَ شَبَّرَ وَ شَبِیراً وَ تَفْسِیرُهُمَا بِالْعَرَبِیَّةِ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأَیْتُ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی وَ عِیسَی صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَأَمَّا مُوسَی فَرَجُلٌ طُوَالٌ سَبِطٌ یُشْبِهُ رِجَالَ الزُّطِّ (3)وَ رِجَالَ أَهْلِ شَبْوَةَ (4)وَ أَمَّا عِیسَی فَرَجُلٌ أَحْمَرُ جَعْدٌ رَبْعَةٌ (5)قَالَ ثُمَّ سَكَتَ وَ قِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِبْرَاهِیمُ قَالَ انْظُرُوا إِلَی صَاحِبِكُمْ یَعْنِی نَفْسَهُ صلی اللّٰه علیه و آله (6).
«16»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: حَجَّ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ وَ مَعَهُ سَبْعُونَ نَبِیّاً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ خُطُمُ إِبِلِهِمْ مِنْ لِیفٍ یُلَبُّونَ وَ تُجِیبُهُمُ الْجِبَالُ وَ عَلَی مُوسَی عَبَاءَتَانِ قَطَوَانِیَّتَانِ یَقُولُ لَبَّیْكَ عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ (7).
«17»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ أَبِی بِلَالٍ الْمَكِّیِّ قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ دَخَلَ الْحِجْرَ مِنْ نَاحِیَةِ الْبَابِ فَقَامَ یُصَلِّی عَلَی قَدْرِ ذِرَاعَیْنِ مِنَ الْبَیْتِ فَقُلْتُ لَهُ مَا رَأَیْتُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَیْتِكَ یُصَلِّی بِحِیَالِ الْمِیزَابِ فَقَالَ هَذَا مُصَلَّی شَبِیرٍ وَ شَبَّرَ ابْنَیْ هَارُونَ (8).
ص: 11
«18»-صح، صحیفة الرضا علیه السلام عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ سَأَلَ رَبَّهُ وَ رَفَعَ یَدَیْهِ فَقَالَ یَا رَبِّ أَیْنَ ذَهَبْتَ أُوذِیتُ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَا مُوسَی إِنَّ فِی عَسْكَرِكَ غَمَّازاً فَقَالَ یَا رَبِّ دُلَّنِی عَلَیْهِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ أَنِّی أُبْغِضُ الْغَمَّازَ فَكَیْفَ أَغْمِزُ (1).
قال الثعلبی قال كعب الأحبار كان هارون بن عمران نبی اللّٰه رجلا فصیح اللسان بین الكلام و إذا تكلم تكلم بتؤدة و علم و كان أطول من موسی و كان علی أرنبته (2)شامة و علی طرف لسانه أیضا شامة و كان موسی بن عمران نبی اللّٰه رجلا آدم جعدا طویلا كأنه من رجال أزدشنوءة و كان بلسانه عقدة ثقل و كانت فیه سرعة و عجلة و كان أیضا علی طرف لسانه شامة سوداء. (3)بیان قال الفیروزآبادی أزدشنوءة و قد تشدد الواو قبیلة سمیت لشنآن بینهم.
«19»-فس، تفسیر القمی وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ قَالَ أَیَّامُ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ یَوْمُ الْقَائِمِ وَ یَوْمُ الْمَوْتِ وَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ (4)قَوْلُهُ یَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا قَالَ كَانَ فِی عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُمْ یَصْبِرُونَ عَلَی مَا یُصِیبُهُمْ فَجَعَلَهُمْ أَئِمَّةً(5).
«20»-فس، تفسیر القمی وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِیهاً أَیْ ذَا جَاهٍ.
أَخْبَرَنَا الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ رَفَعَهُ إِلَیْهِمْ قَالُوا یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَا تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ فِی عَلِیٍّ وَ الْأَئِمَّةِ كَمَا آذَوْا مُوسی فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا (6).
ص: 12
الآیات؛
القصص: «نَتْلُوا عَلَیْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسی وَ فِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ* إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِی الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِیَعاً یَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ یُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَ یَسْتَحْیِی نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ* وَ نُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَی الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِینَ *وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِی الْأَرْضِ وَ نُرِیَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا یَحْذَرُونَ* وَ أَوْحَیْنا إِلی أُمِّ مُوسی أَنْ أَرْضِعِیهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَیْهِ فَأَلْقِیهِ فِی الْیَمِّ وَ لا تَخافِی وَ لا تَحْزَنِی إِنَّا رَادُّوهُ إِلَیْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِینَ* فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِیَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما كانُوا خاطِئِینَ* وَ قالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَ لَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسی أَنْ یَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ* وَ أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسی فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِی بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلی قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ* وَ قالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّیهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ* وَ حَرَّمْنا عَلَیْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلی أَهْلِ بَیْتٍ یَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ* فَرَدَدْناهُ إِلی أُمِّهِ كَیْ تَقَرَّ عَیْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ* وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوی آتَیْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ* وَ دَخَلَ الْمَدِینَةَ عَلی حِینِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِیها رَجُلَیْنِ یَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِیعَتِهِ وَ هذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِی مِنْ شِیعَتِهِ عَلَی الَّذِی مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسی فَقَضی عَلَیْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِینٌ* قالَ رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی فَاغْفِرْ لِی فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ* قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَیَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِیراً لِلْمُجْرِمِینَ* فَأَصْبَحَ فِی الْمَدِینَةِ خائِفاً یَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِی اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ یَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسی إِنَّكَ لَغَوِیٌّ مُبِینٌ* فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ یَبْطِشَ بِالَّذِی هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ یا مُوسی أَ تُرِیدُ أَنْ تَقْتُلَنِی كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِیدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِی الْأَرْضِ وَ ما تُرِیدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِینَ* وَ جاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَی الْمَدِینَةِ یَسْعی قالَ یا مُوسی إِنَّ الْمَلَأَ یَأْتَمِرُونَ بِكَ لِیَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّی لَكَ
ص: 13
مِنَ النَّاصِحِینَ* فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً یَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ* وَ لَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْیَنَ قالَ عَسی رَبِّی أَنْ یَهْدِیَنِی سَواءَ السَّبِیلِ* وَ لَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْیَنَ وَجَدَ عَلَیْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ یَسْقُونَ وَ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَیْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِی حَتَّی یُصْدِرَ الرِّعاءُ وَ أَبُونا شَیْخٌ كَبِیرٌ* فَسَقی لَهُما ثُمَّ تَوَلَّی إِلَی الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ* فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِی عَلَی اسْتِحْیاءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِی یَدْعُوكَ لِیَجْزِیَكَ أَجْرَ ما سَقَیْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَ قَصَّ عَلَیْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ* قالَتْ إِحْداهُما یا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَیْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِیُّ الْأَمِینُ* قالَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَی ابْنَتَیَّ هاتَیْنِ عَلی أَنْ تَأْجُرَنِی ثَمانِیَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَ ما أُرِیدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَیْكَ سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِینَ* قالَ ذلِكَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ أَیَّمَا الْأَجَلَیْنِ قَضَیْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَیَّ وَ اللَّهُ عَلی ما نَقُولُ وَكِیلٌ* فَلَمَّا قَضی مُوسَی الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّی آنَسْتُ ناراً لَعَلِّی آتِیكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ* فَلَمَّا أَتاها نُودِیَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَیْمَنِ فِی الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ یا مُوسی إِنِّی أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ* وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّی مُدْبِراً وَ لَمْ یُعَقِّبْ یا مُوسی أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِینَ* اسْلُكْ یَدَكَ فِی جَیْبِكَ تَخْرُجْ بَیْضاءَ مِنْ غَیْرِ سُوءٍ وَ اضْمُمْ إِلَیْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلی فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِینَ* قالَ رَبِّ إِنِّی قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ یَقْتُلُونِ* وَ أَخِی هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّی لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِی رِدْءاً یُصَدِّقُنِی إِنِّی أَخافُ أَنْ یُكَذِّبُونِ* قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِیكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا یَصِلُونَ إِلَیْكُما بِآیاتِنا أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ»(3-35)
تفسیر: قال الطبرسی نور اللّٰه ضریحه: عَلا فِی الْأَرْضِ أی بغی و تجبر فی أرض مصر وَ جَعَلَ أَهْلَها شِیَعاً أی فرقا یكرم أقواما و یذل آخرین أو جعل بنی إسرائیل أقواما فی الخدمة و التسخیر یَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ یعنی بنی إسرائیل یُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَ یَسْتَحْیِی نِساءَهُمْ یقتل الأبناء و یستبقی البنات و لا یقتلهن و ذلك أن بعض الكهنة قال له إن مولودا یولد فی بنی إسرائیل یكون سبب ذهاب ملكك و قیل رأی فرعون فی منامه أن نارا أقبلت من بیت المقدس حتی اشتملت علی بیوت مصر فأحرقت القبط و تركت بنی
ص: 14
إسرائیل فسأل علماء قومه فقالوا یخرج من هذا البلد رجل یكون هلاك مصر علی یده وَ نُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَی الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا أی إن فرعون كان یرید إهلاك بنی إسرائیل و نحن نرید أن نمن علیهم وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً أی قادة و رؤساء فی الخیر وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِینَ لدیار فرعون و قومه و أموالهم وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِی الْأَرْضِ أی أرض مصر مِنْهُمْ أی من بنی إسرائیل ما كانُوا یَحْذَرُونَ من ذهاب الملك علی ید رجل منهم قال الضحاك عاش فرعون (1)أربعمائة سنة و كان قصیرا دمیما (2)و هو أول من خضب بالسواد و عاش موسی علیه السلام مائة و عشرین سنة. (3)وَ أَوْحَیْنا إِلی أُمِّ مُوسی أی ألهمناها و قذفناها فی قلبها و لیس بوحی نبوة و قیل أتاها جبرئیل علیه السلام بذلك و قیل كان الوحی رؤیا منام عبر عنها من تثق به من علماء بنی إسرائیل أَنْ أَرْضِعِیهِ ما لم تخافی علیه الطلب فَإِذا خِفْتِ عَلَیْهِ القتل فَأَلْقِیهِ فِی الْیَمِّ أی فی البحر و هو النیل وَ لا تَخافِی علیه الضیعة وَ لا تَحْزَنِی عن فراقه إِنَّا رَادُّوهُ إِلَیْكِ سالما عن قریب.
قال وهب لما حملت بموسی أمه كتمت أمرها عن جمیع الناس و لم یطلع علی حملها أحد من خلق اللّٰه و ذلك شی ء ستره اللّٰه لما أراد أن یمن به علی بنی إسرائیل فلما كانت السنة التی تولد فیها موسی بعث فرعون القوابل و تقدم إلیهن أن یفتشن النساء تفتیشا لم یفتشنه قبل ذلك و حملت أم موسی فلم ینتأ بطنها (4)و لم یتغیر لونها و لم
ص: 15
یظهر لبنها فكانت القوابل لا یعرضن لها فلما كانت اللیلة التی ولد فیها موسی ولدته أمه و لا رقیب علیها و لا قابلة و لم یطلع علیها أحد إلا أخته مریم و أوحی اللّٰه تعالی إلیها أَنْ أَرْضِعِیهِ الآیة قال و كتمته أمه ثلاثة أشهر ترضعه فی حجرها لا یبكی و لا یتحرك فلما خافت علیه عملت له تابوتا مطبقا و مهدت له فیه ثم ألقته فی البحر لیلا كما أمرها اللّٰه تعالی.
فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ أی أصابوه و أخذوه من غیر طلب لِیَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً أی لیكون لهم فی عاقبة أمره كذلك لا أنهم أخذوه لذلك و كانت القصة فی ذلك أن النیل جاء بالتابوت إلی موضع فیه فرعون و امرأته علی شط النیل فأمر فرعون به و فتحت آسیة بنت مزاحم بابه فلما نظرت إلیه ألقی اللّٰه فی قلبها محبة موسی و كانت آسیة بنت مزاحم امرأة من بنی إسرائیل استنكحها فرعون و هی من خیار النساء و من بنات الأنبیاء (1)و كانت أما للمؤمنین ترحمهم و تتصدق علیهم یدخلون علیها فلما نظر فرعون إلی موسی غاظه ذلك فقال كیف أخطأ هذا الغلام الذبح قالت آسیة و هی قاعدة إلی جنبه هذا الولید أكبر من ابن سنة و إنما أمرت أن تذبح الولدان لهذه السنة فدعه یكن قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَ لَكَ و إنما قالت ذلك لأنه لم یكن له ولد فأطمعته فی الولد وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ أن هلاكهم علی یدیه فارِغاً أی خالیا من ذكر كل شی ء إلا من ذكر موسی أو من الحزن سكونا إلی ما وعدها اللّٰه به أو من الوحی الذی أوحی إلیها بنسیانها إِنْ كادَتْ لَتُبْدِی بِهِ أی إنها كادت تبدی بذكر موسی فتقول یا ابناه من شدة الوجد أو همت بأن تقول إنها أمه لما رأته عند دعاء فرعون إیاها للإرضاع لشدة سرورها به وَ قالَتْ أی أم موسی لِأُخْتِهِ أی أخت موسی و اسمها كلیمة (2)قُصِّیهِ
ص: 16
أی اتبعی أثره و تعرفی خبره فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ تقدیره فذهب أخت موسی فوجدت آل فرعون أخرجوا موسی فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ أی عن بعد و قیل عن جانب تنظر إلیه و جعلت تدخل إلیهم كأنها لا تریده وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ أنها أخته أو جاءت متعرفة عن خبره وَ حَرَّمْنا عَلَیْهِ الْمَراضِعَ أی منعناهن منه و بغضناهن إلیه فلا یؤتی بمرضع فیقبلها مِنْ قَبْلُ أی من قبل مجی ء أمه فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ و هذا یدل علی أن اللّٰه تعالی ألقی محبته فی قلب فرعون فلغایة شفقته علیه طلب له المراضع و كان موسی علیه السلام لا یقبل ثدی واحدة منهن بعد أن أتاه مرضع بعد مرضع فلما رأت أخته وجدهم به و رأفتهم علیه قالت لهم هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلی أَهْلِ بَیْتٍ یَكْفُلُونَهُ لَكُمْ أی یقبلون هذا الولد و یبذلون النصح فی أمره و یحسنون تربیته وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ یشفقون علیه قیل إنها لما قالت ذلك قال هامان إن هذه المرأة تعرف أن هذا الولد من أی أهل بیت هو فقالت هی إنما عنیت أنهم ناصحون للملك فأمسكوا عنها.
و رددنا إلی أمه فانطلقت أخت موسی إلی أمها فجاءت بها إلیهم فلما وجد موسی ریح أمه قبل ثدیها و سكن بكاؤه و قیل إن فرعون قال لأمه كیف ارتضع منك و لم یرتضع من غیرك قالت لأنی امرأة طیبة الریح طیبة اللبن لا أكاد أوتی بصبی إلا ارتضع منی فسر فرعون بذلك وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ إن وعد اللّٰه حق وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ أی ثلاثا و ثلاثین سنة وَ اسْتَوی أی بلغ أربعین سنة آتَیْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً أی فقها و عقلا و علما بدینه و دین آبائه فعلم موسی و حكم قبل أن یبعث نبیا و قیل نبوة و علما وَ دَخَلَ الْمَدِینَةَ یرید مصر و قیل مدینة میق (1)من أرض مصر و قیل علی فرسخین من مصر عَلی حِینِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها أراد به نصف النهار و
ص: 17
الناس قائلون (1)و قیل بین العشاءین و قیل كان یوم عید لهم و قد اشتغلوا بلعبهم و اختلفوا فی سبب دخوله فقیل إنه كان موسی حین كبر یركب فی مواكب فرعون فلما كان ذات یوم قیل له إن فرعون قد ركب فركب فی أثره فلما كان وقت القائلة دخل المدینة لیقیل و قیل إن بنی إسرائیل كانوا یجتمعون إلی موسی و یسمعون كلامه و لما بلغ أشده خالف قوم فرعون فاشتهر ذلك منه و أخافوه فكان لا یدخل مصرا إلا خائفا فدخلها علی حین غفلة و قیل إن فرعون أمر بإخراجه من البلد فلم یدخل إلا الآن یَقْتَتِلانِ أی یختصمان فی الدین و قیل فی أمر الدنیا هذا مِنْ شِیعَتِهِ وَ هذا مِنْ عَدُوِّهِ أی أحدهما إسرائیلی و الآخر قبطی یسخر الإسرائیلی لیحمل حطبا إلی مطبخ فرعون و قیل كان أحدهما مسلما و الآخر كافرا فَاسْتَغاثَهُ الَّذِی مِنْ شِیعَتِهِ استنصره لینصره علیه.
وَ رَوَی أَبُو بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: لِیَهْنِئْكُمُ الِاسْمُ قَالَ وَ مَا الِاسْمُ قَالَ الشِّیعَةُ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ یَقُولُ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِی مِنْ شِیعَتِهِ عَلَی الَّذِی مِنْ عَدُوِّهِ
فَوَكَزَهُ مُوسی أی دفع فی صدره بجمع كفه و قیل ضربه بعصاه فَقَضی عَلَیْهِ أی فقتله و فرغ من أمره.
قالَ رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی یعنی فی هذا القتل فإنهم لو علموا بذلك لقتلونی رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَیَّ أی بنعمتك علی من المغفرة و صرف بلاء الأعداء عنی فَلَنْ أَكُونَ ظَهِیراً لِلْمُجْرِمِینَ أی فلك علی أن لا أكون مظاهرا و معینا للمشركین فَأَصْبَحَ موسی فی الیوم الثانی فِی الْمَدِینَةِ خائِفاً من قتل القبطی یَتَرَقَّبُ أی ینتظر الأخبار یعنی أنه خاف من فرعون و قومه أن یكونوا عرفوا أنه هو الذی قتل القبطی و كان یتجسس و ینتظر الأخبار فی شأنه فَإِذَا الَّذِی اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ یَسْتَصْرِخُهُ معناه أن الإسرائیلی الذی كان قد خلصه بالأمس و وكز القبطی من أجله یستصرخ و یستعین به علی رجل آخر من القبط خاصمه قال ابن عباس لما فشا قتل القبطی قیل لفرعون إن بنی إسرائیل قتلوا رجلا منا قال أ تعرفون قاتله و من یشهد علیه قالوا لا فأمرهم بطلبه فبینا هم یطوفون إذ مر موسی علیه السلام من الغد و رأی ذلك الإسرائیلی یطلب نصرته و یستغیث به
ص: 18
قالَ لَهُ مُوسی إِنَّكَ لَغَوِیٌّ مُبِینٌ أی ظاهر الغوایة قاتلت بالأمس رجلا و تقاتل الیوم آخر و لم یرد الغوایة فی الدین و المراد أن من خاصم آل فرعون مع كثرتهم فإنه غوی أی خائب فیما یطلبه عادل عن الصواب فیما یقصده.
فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ یَبْطِشَ أی فلما أخذته الرقة علی الإسرائیلی و أراد أن یدفع القبطی الذی هو عدو لموسی و الإسرائیلی عنه و یبطش به أی یأخذه بشدة ظن الإسرائیلی أن موسی قصده لما قال له إِنَّكَ لَغَوِیٌّ مُبِینٌ فقال أَ تُرِیدُ أَنْ تَقْتُلَنِی و قیل هو من قول القبطی لأنه قد اشتهر أمر القتل بالأمس و أنه قتله بعض بنی إسرائیل إِنْ تُرِیدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِی الْأَرْضِ أی ما ترید إلا أن تكون جبارا عالیا فی الأرض بالقتل و الظلم و لما قال الإسرائیلی ذلك علم القبطی أن القاتل موسی فانطلق إلی فرعون فأخبره به فأمر فرعون بقتل موسی و بعث فی طلبه.
فَخَرَجَ مِنْها أی من مدینة فرعون خائِفاً من أن یطلب فیقتل یَتَرَقَّبُ الطلب قال ابن عباس خرج متوجها نحو مدین و لیس له علم بالطریق إلا حسن ظنه بربه و قیل إنه خرج بغیر زاد و لا حذاء و لا ظهر (1)و كان لا یأكل إلا من حشیش الصحراء حتی بلغ ماء مدین وَ لَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْیَنَ قال الزجاج أی لما سلك فی الطریق الذی یلقی مدین فیها و هی علی مسیرة ثمانیة أیام من مصر نحو ما بین الكوفة إلی البصرة و لم یكن له بالطریق علم و لذلك قالَ عَسی رَبِّی أَنْ یَهْدِیَنِی سَواءَ السَّبِیلِ أی یرشدنی قصد السبیل إلی مدین و قیل إنه لم یقصد موضعا بعینه و لكنه أخذ فی طریق مدین و قال عكرمة عرضت لموسی أربع طرق فلم یدر أیتها یسلك و لذلك قال عَسی رَبِّی أَنْ یَهْدِیَنِی فلما دعا ربه استجاب له و دله علی الطریق المستقیم إلی مدین و قیل جاء ملك علی فرس بیده عنزة (2)فانطلق به إلی مدین و قیل إنه خرج حافیا و لم یصل إلی مدین حتی وقع خف قدمیه (3)عن ابن جبیر وَ لَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْیَنَ و هو بئر كانت لهم
ص: 19
وَجَدَ عَلَیْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ أی جماعة من الرعاة یَسْقُونَ مواشیهم الماء من البئر تَذُودانِ أی تحبسان و تمنعان غنمهما من الورود إلی الماء أو عن أن تختلط بأغنام الناس أو تذودان الناس عن مواشیهما قالَ موسی لهما ما خَطْبُكُما أی ما شأنكما و ما لكما لا تسقیان مع الناس قالَتا لا نَسْقِی عند المزاحمة مع الناس حَتَّی یُصْدِرَ الرِّعاءُ قرأ أبو جعفر و أبو عمرو و ابن عامر یَصْدُرَ بفتح الیاء و ضم الدال أی حتی یرجع الرعاء من سقیهم و الباقون یُصْدِرَ بضم الیاء و كسر الدال أی حتی یصدروا مواشیهم عن وردهم فإذا انصرف الناس سقینا مواشینا من فضول الحوض وَ أَبُونا شَیْخٌ كَبِیرٌ لا یقدر أن یتولی السقی بنفسه من الكبر و لذلك احتجنا و نحن نساء أن نسقی الغنم و إنما قالتا ذلك تعریضا للطلب من موسی أن یعینهما علی السقی أو اعتذارا فی الخروج بغیر محرم فَسَقی لَهُما أی فسقی موسی غنمهما الماء لأجلهما و هو إنه زحم القوم علی الماء حتی أخرجهم عنه ثم سقی لهما و قیل رفع لأجلهما حجرا عن بئر كان لا یقدر علی رفع ذلك الحجر إلا عشرة رجال و سألهم أن یعطوه دلوا فنالوه دلوا و قالوا له انزح إن أمكنك و كان لا ینزحها إلا عشرة فنزحها وحده و سقی أغنامهما و لم یسق إلا ذنوبا واحدة حتی رویت الغنم ثُمَّ تَوَلَّی إِلَی الظِّلِّ أی ثم انصرف إلی ظل سمرة (1)فجلس تحتها من شدة الحر و هو جائع فَقالَ رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ قال ابن عباس سأل نبی اللّٰه أكلة من خبز یقیم به صلبه و قال ابن إسحاق فرجعتا إلی أبیهما فی ساعة كانا لا ترجعان فیها فأنكر شأنهما و سألهما فأخبرتاه الخبر فقال لإحداهما علی به فرجعت الكبری إلی موسی لتدعوه فذلك قوله فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِی عَلَی اسْتِحْیاءٍ أی مستحییة معرضة عن عادة النساء الخفرات (2)و قیل غطت وجهها بكم درعها قالَتْ إِنَّ أَبِی یَدْعُوكَ لِیَجْزِیَكَ أی لیكافئك علی سقیك لغنمنا.
و أكثر المفسرین علی أن أباها شعیب علیه السلام و قال وهب و ابن جبیر هو یثروب (3)
ص: 20
أخی شعیب و كان شعیب قد مات قبل ذلك بعد ما كف بصره و دفن بین المقام و زمزم و قیل یثروب هو اسم شعیب (1)قال أبو حازم لما قالت لِیَجْزِیَكَ أَجْرَ ما سَقَیْتَ لَنا كره ذلك موسی علیه السلام و أراد أن لا یتبعها و لم یجد بدا أن یتبعها لأنه كان فی أرض مسبعة (2)و خوف فخرج معها و كانت الریح تضرب ثوبها فیصف لموسی عجزها فجعل موسی یعرض عنها مرة و یغض مرة فناداها یا أمة اللّٰه كونی خلفی فأرینی السمت بقولك فلما دخل علی شعیب إذا هو بالعشاء مهیأ فقال له شعیب اجلس یا شاب فتعش فقال له موسی أعوذ باللّٰه قال شعیب و لم ذاك أ لست بجائع قال بلی و لكن أخاف أن یكون هذا عوضا لما سقیت لهما و أنا من أهل بیت لا نبیع شیئا من عمل الآخرة بمل ء الأرض ذهبا فقال له شعیب لا و اللّٰه یا شاب و لكنها عادتی و عادة آبائی نقری الضیف و نطعم الطعام قال فجلس موسی یأكل.
نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ یعنی فرعون و قومه فإنهم لا سلطان لهم بأرضنا و لسنا من مملكته قالَتْ إِحْداهُما أی إحدی ابنتیه و اسمها صفورة و هی التی تزوج بها و اسم الأخری لیا (3)و قیل اسم الكبری صفراء و اسم الصغری صفیراء یا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ أی اتخذه أجیرا الْقَوِیُّ الْأَمِینُ أی من یقوی علی العمل و أداء الأمانة عَلی أَنْ تَأْجُرَنِی أی علی أن تكون أجیرا لی ثمان سنین فَمِنْ عِنْدِكَ أی ذلك تفضل منك و لیس بواجب علیك وَ ما أُرِیدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَیْكَ فی هذه الثمانی حجج و أن أكلفك خدمة سوی رعی الغنم و قیل و ما أشق علیك بأن آخذك بإتمام عشر سنین سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِینَ فی حسن الصحبة و الوفاء بالعهد و حكی یحیی بن سلام أنه جعل لموسی كل سخلة توضع علی خلاف شیة أمها (4)فأوحی اللّٰه تعالی إلی موسی فی المنام أن ألق عصاك فی الماء ففعل فولدن كلهن علی خلاف شبههن (5)و قیل إنه وعده أن یعطیه
ص: 21
تلك السنة من نتاج غنمه كل أدرع (1)و إنما نتجت كلها درعاء.
وَ رَوَی الْحُسَیْنُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: سُئِلَ أَیَّتُهُمَا الَّتِی قَالَتْ إِنَّ أَبِی یَدْعُوكَ قَالَ الَّتِی تَزَوَّجَ بِهَا قِیلَ فَأَیَّ الْأَجَلَیْنِ قَضَی قَالَ أَوْفَاهُمَا وَ أَبْعَدَهُمَا عَشْرَ سِنِینَ قِیلَ فَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ یَمْضِیَ الشَّرْطُ أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهِ قَالَ قَبْلَ أَنْ یَنْقَضِیَ قِیلَ لَهُ فَالرَّجُلُ یَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَ یَشْتَرِطُ لِأَبِیهَا إِجَارَةَ شَهْرَیْنِ أَ یَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلِمَ أَنَّهُ سَیُتِمُّ لَهُ شَرْطَهُ قِیلَ كَیْفَ قَالَ إِنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ سَیَبْقَی حَتَّی یَفِیَ.
قالَ موسی ذلِكَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ أی ذلك الذی شرطت علی فلك و ما شرطت لی من تزویج إحداهما فلی و تم الكلام ثم قال أَیَّمَا الْأَجَلَیْنِ من الثمانی و العشر قَضَیْتُ أی أتممت و فرغت منه فَلا عُدْوانَ عَلَیَّ أی فلا ظلم علی بأن أكلف أكثر منها وَ اللَّهُ عَلی ما نَقُولُ وَكِیلٌ أی شهید فیما بینی و بینك فَلَمَّا قَضی مُوسَی الْأَجَلَ أی أوفاهما
وَ رَوَی الْوَاحِدِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا سُئِلْتَ أَیَّ الْأَجَلَیْنِ قَضَی مُوسَی فَقُلْ خَیْرَهُمَا وَ أَبَرَّهُمَا وَ إِذَا سُئِلَ (2)أَیَّ الْمَرْأَتَیْنِ تَزَوَّجَ فَقُلِ الصُّغْرَی مِنْهُمَا وَ هِیَ الَّتِی جَاءَتْ فَقَالَ یا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ
و قال وهب تزوج الكبری منهما و فی الكلام حذف و هو فَلَمَّا قَضی مُوسَی الْأَجَلَ و تسلم زوجته ثم توجه نحو الشام وَ سارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً و قیل إنه لما زوجها منه أمر الشیخ أن یعطی موسی عصا یدفع السباع عن غنمه بها فأعطی العصا و قیل خرج آدم بالعصا من الجنة فأخذها جبرئیل علیه السلام بعد موت آدم و كانت معه حتی لقی به موسی علیه السلام لیلا فدفعها إلیه و قیل لم تزل الأنبیاء یتوارثونها حتی وصلت إلی شعیب علیه السلام فأعطاها موسی و كانت عصی الأنبیاء عنده.
وَ رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ كَانَتْ عَصَا مُوسَی قَضِیبُ آسٍ مِنَ الْجَنَّةِ أَتَاهُ بِهِ جَبْرَئِیلُ لَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْیَنَ.
ص: 22
و قال السدی كانت تلك العصا استودعها شعیبا ملك فی صورة رجل فأمر ابنته أن تأتیه بعصا فدخلت و أخذت العصا فأتته بها فلما رآها الشیخ قال ایتیه بغیرها فألقتها و أرادت أن تأخذ غیرها فكان لا تقع فی یدها إلا هی فعلت ذلك مرارا فأعطاها موسی.
و قوله سارَ بِأَهْلِهِ قیل إنه مكث بعد انقضاء الأجل عند صهره عشرا أخری تمام عشرین ثم استأذنه فی العود إلی مصر لیزور والدته و أخاه فأذن له فسار بأهله عن مجاهد و قیل إنه لما قضی العشر سار بأهله أی بامرأته و بأولاد الغنم التی كانت له و كانت قطیعا فأخذ علی غیر الطریق مخافة ملوك الشام و امرأته فی شهرها فسار فی البریة غیر عارف بالطریق فألجأه المسیر إلی جانب الطور الأیمن فی لیلة مظلمة شدیدة البرد و أخذ امرأته الطلق و ضل الطریق و تفرقت ماشیته و أصابه المطر فبقی لا یدری أین یتوجه فبینا هو كذلك إذا آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً
وَ رَوَی أَبُو بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا قَضی مُوسَی الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ نَحْوَ بَیْتِ الْمَقْدِسِ أَخْطَأَ الطَّرِیقَ لَیْلًا فَرَأَی نَاراً.
إِنِّی آنَسْتُ ناراً أی أبصرت بِخَبَرٍ أی من الطریق الذی أرید قصده و هل أنا علی صوبه أو منحرف عنه و قیل بخبر من النار هل هی لخیر نأنس به أو لشر نحذره أَوْ جَذْوَةٍ أی قطعة من النار و قیل بأصل شجرة فیها نار لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ أی تستدفئون بها مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَیْمَنِ أی من الجانب الأیمن للوادی فِی الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ و هی البقعة التی قال اللّٰه تعالی فیها لموسی فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُویً و إنما كانت مباركة لأنها معدن الوحی و الرسالة و كلام اللّٰه تعالی أو لكثرة الأشجار و الثمار و الخیر و النعم بها و الأول أصح مِنَ الشَّجَرَةِ إنما سمع موسی علیه السلام النداء و الكلام من الشجرة لأن اللّٰه تعالی فعل الكلام فیها و جعل الشجرة محل الكلام لأن الكلام عرض یحتاج إلی محل و علم موسی بالمعجزة أن ذلك كلامه تعالی و هذه أعلی منازل الأنبیاء أعنی أن یسمعوا كلام اللّٰه من غیر واسطة و مبلغ و كان كلامه سبحانه أَنْ یا مُوسی إِنِّی أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ أی إن المكلم لك هو اللّٰه مالك العالمین تعالی و تقدس عن أن یحل فی محل أو یكون فی مكان لأنه لیس بعرض و لا جسم
ص: 23
وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ إنما أعاد سبحانه هذه القصة و كررها فی السور تقریرا للحجة علی أهل الكتاب و استمالة بهم إلی الحق و من أحب شیئا أحب ذكره و القوم كانوا یدعون محبة موسی علیه السلام و كل من ادعی اتباع سیده مال إلی ذكره بالفضل (1)علی أن كل موضع من مواضع التكرار لا یخلو من زیادة فائدة فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ أی تتحرك كَأَنَّها جَانٌّ من سرعة حركتها أو شدة اهتزازها وَلَّی مُدْبِراً موسی وَ لَمْ یُعَقِّبْ أی لم یرجع فنودی یا مُوسی أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِینَ من ضررها اسْلُكْ یَدَكَ أی أدخلها مِنْ غَیْرِ سُوءٍ أی من غیر برص وَ اضْمُمْ إِلَیْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ أی ضم یدك إلی صدرك من الخوف فلا خوف علیك عن ابن عباس و مجاهد و المعنی أن اللّٰه سبحانه أمره أن یضم یده إلی صدره فیذهب ما أصابه من الخوف عند معاینة الحیة و قیل أمره سبحانه بالعزم علی ما أراده منه و حثه علی الجد فیه لئلا یمنعه الخوف الذی یغشاه فی بعض الأحوال فیما أمره بالمضی فیه و لیس یرید بقوله اضْمُمْ یَدَكَ الضم المزیل للفرجة بین الشیئین و قیل إنه لما ألقی العصا و صارت حیة بسط یده كالمتقی و هما جناحاه فقیل له اضْمُمْ إِلَیْكَ جَناحَكَ أی ما بسطته من یدك لأنك آمن من ضررها و یجوز أن یكون معناه اسكن و لا تخف فإن من هاله أمر أزعجه حتی كأنه یطیره و آلة الطیران الجناح فكأنه علیه السلام قد بلغ نهایة الخوف (2)فقیل له ضم منشور جناحك من الخوف و اسكن و قیل معناه إذا هالك أمر یدك لما تبصر من شعاعها فاضممها إلیك لتسكن فَذانِكَ بُرْهانانِ أی الید و العصا حجتان من ربك علی نبوتك مرسلا بهما إلی فرعون و ملئه.
قوله هُوَ أَفْصَحُ مِنِّی لِساناً إنما قال ذلك لعقدة كانت فی لسانه فَأَرْسِلْهُ مَعِی رِدْءاً أی معینا لی علی تبلیغ رسالتك یُصَدِّقُنِی أی مصدقا لی علی ما أؤدیه من الرسالة
ص: 24
و قیل أی لكی یصدقنی فرعون قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِیكَ أی سنجعله رسولا معك و ننصرك به وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً أی حجة و قوة و برهانا فَلا یَصِلُونَ إِلَیْكُما بِآیاتِنا أی لا یصل فرعون و قومه إلی الإضرار بكما بسبب ما نعطیكما من الآیات و ما یجری علی أیدیكما من المعجزات و قیل إن قوله بِآیاتِنا موضعه التقدیم أی و نجعل لكما سلطانا بآیاتنا فلا یصلون إلیكما أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ علی فرعون و قومه القاهرون لهم. (1)أقول سیأتی سائر الآیات و تفسیرها فی الباب الآتی.
«1»-خص، منتخب البصائر بِإِسْنَادِهِ إِلَی الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ بِقَاعَ الْأَرْضِ تَفَاخَرَتْ فَفَخَرَتِ الْكَعْبَةُ عَلَی الْبُقْعَةِ بِكَرْبَلَاءَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهَا اسْكُتِی وَ لَا تَفْخَرِی عَلَیْهَا فَإِنَّهَا الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِی نُودِیَ مُوسَی مِنْهَا مِنَ الشَّجَرَةِ (2)
«2»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَمَلَتْ أُمُّهُ بِهِ لَمْ یَظْهَرْ حَمْلُهَا إِلَّا عِنْدَ وَضْعِهِ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ قَدْ وَكَّلَ بِنِسَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ نِسَاءً مِنَ الْقِبْطِ تَحْفَظُهُنَّ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَلَغَهُ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ إِنَّهُ یُولَدُ فِینَا رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ یَكُونُ هَلَاكُ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابِهِ عَلَی یَدَیْهِ فَقَالَ فِرْعَوْنُ عِنْدَ ذَلِكَ لَأَقْتُلَنَّ ذُكُورَ أَوْلَادِهِمْ حَتَّی لَا یَكُونَ مَا یُرِیدُونَ وَ فَرَّقَ بَیْنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ حَبَسَ الرِّجَالَ فِی الْمَحَابِسِ فَلَمَّا وَضَعَتْ أُمُّ مُوسَی بِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ نَظَرَتْ وَ حَزِنَتْ وَ اغْتَمَّتْ وَ بَكَتْ وَ قَالَتْ یُذْبَحُ السَّاعَةَ فَعَطَفَ اللَّهُ قَلْبَ الْمُوَكَّلَةِ بِهَا عَلَیْهِ فَقَالَتْ لِأُمِّ مُوسَی مَا لَكِ قَدِ اصْفَرَّ لَوْنُكِ فَقَالَتْ أَخَافُ أَنْ یُذْبَحَ وَلَدِی فَقَالَتْ لَا تَخَافِی وَ كَانَ مُوسَی لَا یَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا أَحَبَّهُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَلْقَیْتُ عَلَیْكَ مَحَبَّةً مِنِّی فَأَحَبَّتْهُ الْقِبْطِیَّةُ الْمُوَكَّلَةُ بِهِ وَ أُنْزِلَ عَلَی أُمِّ مُوسَی التَّابُوتُ وَ نُودِیَتْ ضَعْهُ فِی التَّابُوتِ فَاقْذِفِیهِ فِی الْیَمِّ وَ هُوَ الْبَحْرُ وَ لا تَخافِی وَ لا تَحْزَنِی إِنَّا رَادُّوهُ إِلَیْكِ
ص: 25
وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِینَ فَوَضَعَتْهُ فِی التَّابُوتِ وَ أَطْبَقَتْ عَلَیْهِ وَ أَلْقَتْهُ فِی النِّیلِ وَ كَانَ لِفِرْعَوْنَ قَصْرٌ عَلَی شَطِّ النِّیلِ مُتَنَزَّهٌ (1)فَنَظَرَ مِنْ قَصْرِهِ وَ مَعَهُ آسِیَةُ امْرَأَتُهُ إِلَی سَوَادٍ فِی النِّیلِ تَرْفَعُهُ الْأَمْوَاجُ وَ تَضْرِبُهُ الرِّیَاحُ حَتَّی جَاءَتْ بِهِ عَلَی بَابِ قَصْرِ فِرْعَوْنَ فَأَمَرَ فِرْعَوْنُ بِأَخْذِهِ فَأُخِذَ التَّابُوتُ وَ رُفِعَ إِلَیْهِ فَلَمَّا فَتَحَهُ وَجَدَ فِیهِ صَبِیّاً فَقَالَ هَذَا إِسْرَائِیلِیٌّ فَأَلْقَی اللَّهُ فِی قَلْبِ فِرْعَوْنَ لِمُوسَی مَحَبَّةً شَدِیدَةً وَ كَذَلِكَ فِی قَلْبِ آسِیَةَ وَ أَرَادَ أَنْ یَقْتُلَهُ (2)فَقَالَتْ آسِیَةُ لا تَقْتُلُوهُ عَسی أَنْ یَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ أَنَّهُ مُوسَی وَ لَمْ یَكُنْ لِفِرْعَوْنَ وَلَدٌ فَقَالَ الْتَمِسُوا لَهُ (3)ظِئْراً تُرَبِّیهِ فَجَاءُوا بِعِدَّةِ نِسَاءٍ قَدْ قُتِلَ أَوْلَادُهُنَّ فَلَمْ یَشْرَبْ لَبَنَ أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ وَ حَرَّمْنا عَلَیْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ وَ بَلَغَ أُمَّهُ أَنَّ فِرْعَوْنَ قَدْ أَخَذَهُ فَحَزِنَتْ وَ بَكَتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ وَ أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسی فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِی بِهِ یَعْنِی كَادَتْ أَنْ تُخْبِرَهُمْ بِخَبَرِهِ أَوْ تَمُوتَ ثُمَّ ضَبَطَتْ نَفْسَهَا فَكَانَتْ كَمَا قَالَ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلی قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ قالَتْ لِأُخْتِ مُوسَی قُصِّیهِ أَیِ اتَّبِعِیهِ فَجَاءَتْ أُخْتُهُ إِلَیْهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ أَیْ عَنْ بُعْدٍ وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ فَلَمَّا لَمْ یَقْبَلْ مُوسَی بِأَخْذِ ثَدْیِ أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ اغْتَمَّ فِرْعَوْنُ غَمّاً شَدِیداً فَقالَتْ أُخْتُهُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلی أَهْلِ بَیْتٍ یَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ فَقَالُوا نَعَمْ فَجَاءَتْ بِأُمِّهِ فَلَمَّا أَخَذَتْهُ فِی حِجْرِهَا وَ أَلْقَمَتْهُ ثَدْیَهَا الْتَقَمَهُ وَ شَرِبَ فَفَرِحَ فِرْعَوْنُ وَ أَهْلُهُ وَ أَكْرَمُوا أُمَّهُ فَقَالُوا لَهَا رَبِّیهِ لَنَا فَإِنَّا نَفْعَلُ بِكِ وَ نَفْعَلُ (4)وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فَرَدَدْناهُ إِلی أُمِّهِ كَیْ تَقَرَّ عَیْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ یَقْتُلُ أَوْلَادَ بَنِی إِسْرَائِیلَ كُلَّ مَا یَلِدُونَ وَ یُرَبِّی مُوسَی وَ یُكْرِمُهُ وَ لَا یَعْلَمُ أَنَّ هَلَاكَهُ عَلَی یَدِهِ فَلَمَّا دَرَجَ (5)مُوسَی كَانَ یَوْماً عِنْدَ فِرْعَوْنَ فَعَطَسَ مُوسَی فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَأَنْكَرَ فِرْعَوْنُ ذَلِكَ عَلَیْهِ وَ لَطَمَهُ وَ قَالَ مَا هَذَا الَّذِی تَقُولُ فَوَثَبَ مُوسَی عَلَی لِحْیَتِهِ وَ كَانَ طَوِیلَ اللِّحْیَةِ
ص: 26
فَهَلَبَهَا أَیْ قَلَعَهَا فَهَمَّ فِرْعَوْنُ بِقَتْلِهِ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ غُلَامٌ حَدَثٌ لَا یَدْرِی مَا یَقُولُ وَ قَدْ لَطَمْتَهُ بِلَطْمَتِكَ إِیَّاهُ فَقَالَ فِرْعَوْنُ بَلْ یَدْرِی فَقَالَتْ لَهُ ضَعْ بَیْنَ یَدَیْكَ تَمْراً وَ جَمْراً فَإِنْ مَیَّزَ بَیْنَهُمَا (1)فَهُوَ الَّذِی تَقُولُ فَوَضَعَ بَیْنَ یَدَیْهِ تَمْراً وَ جَمْراً فَقَالَ لَهُ (2)كُلْ فَمَدَّ یَدَهُ إِلَی التَّمْرِ فَجَاءَ جَبْرَئِیلُ فَصَرَفَهَا إِلَی الْجَمْرِ فِی فِیهِ فَاحْتَرَقَ لِسَانُهُ (3)فَصَاحَ وَ بَكَی فَقَالَتْ آسِیَةُ لِفِرْعَوْنَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّهُ لَا یَعْقِلُ فَعَفَا عَنْهُ قَالَ الرَّاوِی فَقُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَكَمْ مَكَثَ مُوسَی غَائِباً عَنْ أُمِّهِ حَتَّی رَدَّهُ اللَّهُ عَلَیْهَا قَالَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَقُلْتُ وَ كَانَ هَارُونُ أَخَا مُوسَی لِأَبِیهِ وَ أُمِّهِ قَالَ نَعَمْ أَ مَا تَسْمَعُ اللَّهَ یَقُولُ یَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْیَتِی وَ لا بِرَأْسِی فَقُلْتُ فَأَیُّهُمَا كَانَ أَكْبَرَ سِنّاً قَالَ هَارُونُ فَقُلْتُ وَ كَانَ الْوَحْیُ یَنْزِلُ عَلَیْهِمَا جَمِیعاً قَالَ كَانَ الْوَحْیُ یَنْزِلُ عَلَی مُوسَی وَ مُوسَی یُوحِیهِ إِلَی هَارُونَ فَقُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِی عَنِ الْأَحْكَامِ وَ الْقَضَاءِ وَ الْأَمْرِ وَ النَّهْیِ أَ كَانَ ذَلِكَ إِلَیْهِمَا قَالَ كَانَ مُوسَی الَّذِی یُنَاجِی رَبَّهُ وَ یَكْتُبُ الْعِلْمَ (4)وَ یَقْضِی بَیْنَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ هَارُونُ یَخْلُفُهُ إِذَا غَابَ عَنْ قَوْمِهِ لِلْمُنَاجَاةِ قُلْتُ فَأَیُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ قَالَ مَاتَ هَارُونُ قَبْلَ مُوسَی علیه السلام وَ مَاتَا جَمِیعاً فِی التِّیهِ قُلْتُ وَ كَانَ لِمُوسَی وَلَدٌ قَالَ لَا كَانَ الْوَلَدُ لِهَارُونَ وَ الذُّرِّیَّةُ لَهُ قَالَ فَلَمْ یَزَلْ مُوسَی عِنْدَ فِرْعَوْنَ فِی أَكْرَمِ كَرَامَةٍ حَتَّی بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَ كَانَ یُنْكِرُ عَلَیْهِ مَا یَتَكَلَّمُ بِهِ مُوسَی مِنَ التَّوْحِیدِ حَتَّی هَمَّ بِهِ فَخَرَجَ مُوسَی مِنْ عِنْدِهِ وَ دَخَلَ الْمَدِینَةَ فَإِذَا رَجُلَانِ یَقْتَتِلَانِ أَحَدُهُمَا یَقُولُ بِقَوْلِ مُوسَی وَ الْآخَرُ یَقُولُ بِقَوْلِ فِرْعَوْنَ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِی هُوَ مِنْ شِیعَتِهِ فَجَاءَ مُوسَی فَوَكَزَ صَاحِبَهُ (5)فَقَضَی عَلَیْهِ وَ تَوَارَی فِی الْمَدِینَةِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ آخَرُ فَتَشَبَّثَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِی یَقُولُ بِقَوْلِ مُوسَی فَاسْتَغَاثَ بِمُوسَی فَلَمَّا
ص: 27
نَظَرَ صَاحِبُهُ إِلَی مُوسَی قَالَ لَهُ أَ تُرِیدُ أَنْ تَقْتُلَنِی كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ فَخَلَّی صَاحِبَهُ وَ هَرَبَ وَ كَانَ خَازِنُ فِرْعَوْنَ مُؤْمِناً بِمُوسَی قَدْ كَتَمَ إِیمَانَهُ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ وَ هُوَ الَّذِی قَالَ اللَّهُ وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ یَكْتُمُ إِیمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ یَقُولَ رَبِّیَ اللَّهُ وَ بَلَغَ فِرْعَوْنَ خَبَرُ قَتْلِ مُوسَی الرَّجُلَ فَطَلَبَهُ لِیَقْتُلَهُ فَبَعَثَ الْمُؤْمِنُ (1)إِلَی مُوسَی إِنَّ الْمَلَأَ یَأْتَمِرُونَ بِكَ لِیَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّی لَكَ مِنَ النَّاصِحِینَ فَخَرَجَ مِنْهَا كَمَا حَكَی اللَّهُ خائِفاً یَتَرَقَّبُ قَالَ یَلْتَفِتُ یَمْنَةً وَ یَسْرَةً وَ یَقُولُ رَبِّ نَجِّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ وَ مَرَّ نَحْوَ مَدْیَنَ وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَدْیَنَ مَسِیرَةُ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ مَدْیَنَ رَأَی بِئْراً یَسْتَقِی النَّاسُ مِنْهَا لِأَغْنَامِهِمْ وَ دَوَابِّهِمْ فَقَعَدَ نَاحِیَةً وَ لَمْ یَكُنْ أَكَلَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ شَیْئاً فَنَظَرَ إِلَی جَارِیَتَیْنِ فِی نَاحِیَةٍ وَ مَعَهُمَا غُنَیْمَاتٌ لَا تَدْنُوَانِ مِنَ الْبِئْرِ فَقَالَ لَهُمَا مَا لَكُمَا لَا تَسْتَقِیَانِ فَقَالَتَا كَمَا حَكَی اللَّهُ حَتَّی یُصْدِرَ الرِّعاءُ وَ أَبُونا شَیْخٌ كَبِیرٌ فَرَحِمَهُمَا مُوسَی وَ دَنَا مِنَ الْبِئْرِ فَقَالَ لِمَنْ عَلَی الْبِئْرِ أَسْتَقِی لِی دَلْواً وَ لَكُمْ دَلْواً وَ كَانَ الدَّلْوُ یَمُدُّهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ فَاسْتَقَی وَحْدَهُ دَلْواً لِمَنْ عَلَی الْبِئْرِ وَ دَلْواً لِبِنْتَیْ شُعَیْبٍ وَ سَقَی أَغْنَامَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّی إِلَی الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ وَ كَانَ شَدِیدَ الْجُوعِ.
وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ مُوسَی كَلِیمَ اللَّهِ حَیْثُ سَقَی لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّی إِلَی الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ وَ اللَّهِ مَا سَأَلَ اللَّهَ إِلَّا خُبْزاً یَأْكُلُ (2)لِأَنَّهُ كَانَ یَأْكُلُ بَقْلَةَ الْأَرْضِ وَ لَقَدْ رَأَوْا خُضْرَةَ الْبَقْلِ مِنْ صِفَاقِ بَطْنِهِ (3)مِنْ هُزَالِهِ فَلَمَّا رَجَعَتَا ابْنَتَا شُعَیْبٍ إِلَی شُعَیْبٍ قَالَ لَهُمَا أَسْرَعْتُمَا الرُّجُوعَ فَأَخْبَرَتَاهُ بِقِصَّةِ مُوسَی وَ لَمْ تَعْرِفَاهُ فَقَالَ شُعَیْبٌ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا اذْهَبِی إِلَیْهِ فَادْعِیهِ لِنَجْزِیَهُ أَجْرَ مَا سَقَی لَنَا فَجَاءَتْ إِلَیْهِ كَمَا حَكَی اللَّهُ تَمْشِی عَلَی اسْتِحْیاءٍ فَقَالَتْ لَهُ إِنَّ أَبِی یَدْعُوكَ لِیَجْزِیَكَ أَجْرَ ما سَقَیْتَ لَنا فَقَامَ
ص: 28
مُوسَی علیه السلام مَعَهَا فَمَشَتْ أَمَامَهُ فَسَفَقَتْهَا الرِّیَاحُ فَبَانَ عَجُزُهَا فَقَالَ لَهَا مُوسَی تَأَخَّرِی وَ دُلِّینِی عَلَی الطَّرِیقِ بِحَصَاةٍ تُلْقِیهَا أَمَامِی أَتْبَعُهَا فَأَنَا مِنْ قَوْمٍ لَا یَنْظُرُونَ فِی أَدْبَارِ النِّسَاءِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَی شُعَیْبٍ قَصَّ عَلَیْهِ قِصَّتَهُ فَقَالَ لَهُ شُعَیْبٌ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ قَالَتْ إِحْدَی بَنَاتِ شُعَیْبٍ یا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَیْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِیُّ الْأَمِینُ فَقَالَ لَهَا شُعَیْبٌ أَمَّا قُوَّتُهُ فَقَدْ عَرَفْتِهِ بِسَقْیِ الدَّلْوِ وَحْدَهُ فَبِمَ عَرَفْتِ أَمَانَتَهُ فَقَالَتْ إِنَّهُ قَالَ لِی (1)تَأَخَّرِی عَنِّی وَ دُلِّینِی عَلَی الطَّرِیقِ فَأَنَا مِنْ قَوْمٍ لَا یَنْظُرُونَ فِی أَدْبَارِ النِّسَاءِ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَیْسَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِینَ یَنْظُرُونَ فِی أَعْجَازِ النِّسَاءِ فَهَذِهِ أَمَانَتُهُ فَقَالَ لَهُ شُعَیْبٌ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَی ابْنَتَیَّ هاتَیْنِ عَلی أَنْ تَأْجُرَنِی ثَمانِیَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَ ما أُرِیدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَیْكَ سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِینَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی ذلِكَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ أَیَّمَا الْأَجَلَیْنِ قَضَیْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَیَّ أَیْ لَا سَبِیلَ عَلَیَّ إِنْ عَمِلْتُ عَشْرَ سِنِینَ أَوْ ثَمَانِیَ سِنِینَ فَقَالَ مُوسَی اللَّهُ عَلی ما نَقُولُ وَكِیلٌ قَالَ قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَیَّ الْأَجَلَیْنِ قَضَی قَالَ أَتَمَّهُمَا عَشْرَ حِجَجٍ قُلْتُ لَهُ فَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ یَمْضِیَ الْأَجَلُ أَوْ بَعْدُ (2)قَالَ قَبْلُ قُلْتُ فَالرَّجُلُ یَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَ یَشْتَرِطُ لِأَبِیهَا إِجَارَةَ شَهْرَیْنِ (3)یَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ مُوسَی علیه السلام عَلِمَ أَنَّهُ یُتِمُّ لَهُ شَرْطَهُ فَكَیْفَ لِهَذَا أَنْ یَعْلَمَ أَنَّهُ یَبْقَی حَتَّی یَفِیَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَیَّتُهُمَا زَوَّجَهُ شُعَیْبٌ مِنْ بَنَاتِهِ قَالَ الَّتِی ذَهَبَتْ إِلَیْهِ فَدَعَتْهُ وَ قَالَتْ لِأَبِیهَا یا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَیْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِیُّ الْأَمِینُ فَلَمَّا قَضی مُوسَی الْأَجَلَ قَالَ لِشُعَیْبٍ لَا بُدَّ لِی أَنْ أَرْجِعَ إِلَی وَطَنِی وَ أُمِّی وَ أَهْلِ بَیْتِی فَمَا لِی عِنْدَكَ فَقَالَ شُعَیْبٌ مَا وَضَعَتْ أَغْنَامِی فِی هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ غَنَمٍ بُلْقٍ فَهُوَ لَكَ فَعَمَدَ مُوسَی عِنْدَ مَا أَرَادَ أَنْ یُرْسِلَ الْفَحْلَ عَلَی الْغَنَمِ إِلَی عَصَاهُ فَقَشَرَ مِنْهُ بَعْضَهُ وَ تَرَكَ بَعْضَهُ وَ عزره (غَرَزَهُ) (4)فِی وَسَطِ مَرْبِضِ الْغَنَمِ وَ أَلْقَی عَلَیْهِ كِسَاءً أَبْلَقَ ثُمَّ أَرْسَلَ الْفَحْلَ عَلَی الْغَنَمِ فَلَمْ
ص: 29
تَضَعِ الْغَنَمُ فِی تِلْكَ السَّنَةِ إِلَّا بُلْقاً فَلَمَّا حَالَ عَلَیْهِ الْحَوْلُ حَمَلَ مُوسَی امْرَأَتَهُ وَ زَوَّدَهُ شُعَیْبٌ مِنْ عِنْدِهِ وَ سَاقَ غَنَمَهُ فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ قَالَ لِشُعَیْبٍ أَبْغِی عَصًا تَكُونُ مَعِی وَ كَانَتْ عَصَی الْأَنْبِیَاءِ عِنْدَهُ قَدْ وَرِثَهَا مَجْمُوعَةً فِی بَیْتٍ فَقَالَ لَهُ شُعَیْبٌ ادْخُلْ هَذَا الْبَیْتَ وَ خُذْ عَصًا مِنْ بَیْنَ تِلْكَ الْعِصِیِّ فَدَخَلَ فَوَثَبَتْ عَلَیْهِ عَصَا نُوحٍ وَ إِبْرَاهِیمَ علیهما السلام وَ صَارَتْ فِی كَفِّهِ فَأَخْرَجَهَا وَ نَظَرَ إِلَیْهَا شُعَیْبٌ فَقَالَ رُدَّهَا وَ خُذْ غَیْرَهَا فَرَدَّهَا لِیَأْخُذَ غَیْرَهَا فَوَثَبَتْ إِلَیْهِ تِلْكَ بِعَیْنِهَا فَرَدَّهَا حَتَّی فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا رَأَی شُعَیْبٌ ذَلِكَ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَقَدْ خَصَّكَ اللَّهُ بِهَا فَسَاقَ غَنَمَهُ فَخَرَجَ یُرِیدُ مِصْرَ فَلَمَّا صَارَ فِی مَفَازَةٍ وَ مَعَهُ أَهْلُهُ أَصَابَهُمْ بَرْدٌ شَدِیدٌ وَ رِیحٌ وَ ظُلْمَةٌ وَ قَدْ جَنَّهُمُ اللَّیْلُ وَ نَظَرَ مُوسَی إِلَی نَارٍ قَدْ ظَهَرَتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ فَلَمَّا قَضی مُوسَی الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّی آنَسْتُ ناراً لَعَلِّی آتِیكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَأَقْبَلَ نَحْوَ النَّارِ یَقْتَبِسُ فَإِذَا شَجَرَةٌ وَ نَارٌ تَلْتَهِبُ عَلَیْهَا فَلَمَّا ذَهَبَ نَحْوَ النَّارِ یَقْتَبِسُ مِنْهَا أَهْوَتْ إِلَیْهِ فَفَزِعَ مِنْهَا وَ عَدَا وَ رَجَعَتِ النَّارُ إِلَی الشَّجَرَةِ فَالْتَفَتَ إِلَیْهَا وَ قَدْ رَجَعَتْ إِلَی الشَّجَرَةِ (1)فَرَجَعَ الثَّانِیَةَ لِیَقْتَبِسَ فَأَهْوَتْ نَحْوَهُ فَعَدَا وَ تَرَكَهَا ثُمَّ الْتَفَتَ وَ قَدْ رَجَعَتْ إِلَی الشَّجَرَةِ فَرَجَعَ إِلَیْهَا الثَّالِثَةَ فَأَهْوَتْ إِلَیْهِ فَعَدَا وَ لَمْ یُعَقِّبْ أَیْ لَمْ یَرْجِعْ فَنَادَاهُ اللَّهُ أَنْ یا مُوسی إِنِّی أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ قَالَ مُوسَی علیه السلام فَمَا الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ مَا فِی یَمِینِكَ یَا مُوسَی قالَ هِیَ عَصایَ قالَ أَلْقِها یا مُوسی فَأَلْقاها فَصَارَتْ حَیَّةً فَفَزِعَ مِنْهَا مُوسَی وَ عَدَا فَنَادَاهُ اللَّهُ خُذْها وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِینَ اسْلُكْ یَدَكَ فِی جَیْبِكَ تَخْرُجْ بَیْضاءَ مِنْ غَیْرِ سُوءٍ أَیْ مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَی علیه السلام كَانَ شَدِیدَ السُّمْرَةِ (2) فَأَخْرَجَ یَدَهُ مِنْ جَیْبِهِ فَأَضَاءَتْ لَهُ الدُّنْیَا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلی فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِینَ فَقَالَ مُوسَی كَمَا حَكَی اللَّهُ رَبِّ إِنِّی قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ یَقْتُلُونِ وَ أَخِی هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّی لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِی رِدْءاً (3)یُصَدِّقُنِی إِنِّی أَخافُ أَنْ یُكَذِّبُونِ قالَ سَنَشُدُّ
ص: 30
عَضُدَكَ بِأَخِیكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا یَصِلُونَ إِلَیْكُما بِآیاتِنا أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (1).
بیان: قوله فارِغاً قال البیضاوی أی صفرا من العقل لما دهاها من الخوف و الحیرة حین سمعت بوقوعه فی ید فرعون كقوله تعالی وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (2)أی خلاء لا عقول فیها إِنْ كادَتْ لَتُبْدِی بِهِ إنها كادت لتظهر بموسی أی بأمره و قصته من فرط الزجرة أو الفرح بتبنّیه لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلی قَلْبِها بالصبر و الثبات لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ من المصدقین علی اللّٰه أو من الواثقین بحفظه لا بتبنّی فرعون و عطفه انتهی (3)قوله علیه السلام فهلبها قال الجزری الهلب الشعر و قیل هو ما غلظ من شعر الذنب و غیره یقال هلبت الفرس إذا نتفت هلبه قوله فوكز صاحبه أی ضربه بجمیع كفّه فقضی علیه أی قتله و قال البیضاوی إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ لأی شی ء أنزلت مِنْ خَیْرٍ قلیل أو كثیر و حمله الأكثرون علی الطعام فَقِیرٌ محتاج سائل و لذلك عدّی باللام و قیل معناه أنی لما أنزلت إلی من خیر الدین صرت فقیرا فی الدنیا لأنه كان فی سعة عند فرعون انتهی (4).
و سفقت الباب و أسفقته أی رددته قوله بِخَبَرٍ أی بخبر الطریق أَوْ جَذْوَةٍ أی عود غلیظ سواء كان فی رأسه نار أو لم یكن و لذلك بینه بقوله مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ أی تستدفئون بها قوله تعالی رِدْءاً أی معینا قوله تعالی بِآیاتِنا قال البیضاوی متعلّق بمحذوف أی اذهبا بآیاتنا أو بنجعل أی نسلّطكما بها أو بمعنی لا یصلون أی تمتنعون منهم أو قسم جوابه لا یصلون أو بیان للغالبون. (5).
«3»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ كُنْ لِمَا لَا تَرْجُو أَرْجَی مِنْكَ لِمَا تَرْجُو فَإِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ ذَهَبَ
ص: 31
یَقْتَبِسُ نَاراً (1)فَانْصَرَفَ إِلَیْهِمْ وَ هُوَ نَبِیٌّ مُرْسَلٌ (2).
«4»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ جَعْفَرٍ الضَّبِّیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ مَشَایِخِهِ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عِزَّتِی یَا مُوسَی لَوْ أَنَّ النَّفْسَ الَّتِی قَتَلْتَ أَقَرَّتْ لِی طَرْفَةَ عَیْنٍ أَنِّی لَهَا خَالِقٌ وَ رَازِقٌ أَذَقْتُكَ طَعْمَ الْعَذَابِ وَ إِنَّمَا عَفَوْتُ عَنْكَ أَمْرَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُقِرَّ بِی طَرْفَةَ عَیْنٍ أَنِّی لَهَا خَالِقٌ وَ رَازِقٌ (3).
«5»-یه، من لا یحضر الفقیه عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَیْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِیُّ الْأَمِینُ قَالَ قَالَ لَهَا شُعَیْبٌ یَا بُنَیَّةِ هَذَا قَوِیٌّ قَدْ عَرَفْتِهِ بِدَفْعِ الصَّخْرَةِ الْأَمِینُ مِنْ أَیْنَ عَرَفْتِهِ قَالَتْ یَا أَبَتِ إِنِّی مَشَیْتُ قُدَّامَهُ فَقَالَ امْشِی مِنْ خَلْفِی فَإِنْ ضَلَلْتُ فَأَرْشِدِینِی إِلَی الطَّرِیقِ فَإِنَّا قَوْمٌ لَا نَنْظُرُ فِی أَدْبَارِ النِّسَاءِ (4).
«6»-ج، الإحتجاج ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام فِی خَبَرِ ابْنِ الْجَهْمِ قَالَ: سَأَلَ الْمَأْمُونُ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَوَكَزَهُ مُوسی فَقَضی عَلَیْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ قَالَ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ دَخَلَ مَدِینَةً مِنْ مَدَائِنِ فِرْعَوْنَ عَلی حِینِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها وَ ذَلِكَ بَیْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ فَوَجَدَ فِیها رَجُلَیْنِ یَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِیعَتِهِ وَ هذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِی مِنْ شِیعَتِهِ عَلَی الَّذِی مِنْ عَدُوِّهِ فَقَضَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی الْعَدُوِّ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ فَوَكَزَهُ فَمَاتَ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ یَعْنِی الِاقْتِتَالَ الَّذِی كَانَ وَقَعَ بَیْنَ الرَّجُلَیْنِ لَا مَا فَعَلَهُ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ قَتْلِهِ إِنَّهُ یَعْنِی الشَّیْطَانَ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِینٌ قَالَ الْمَأْمُونُ فَمَا مَعْنَی قَوْلِ مُوسَی رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی فَاغْفِرْ لِی قَالَ یَقُولُ إِنِّی وَضَعْتُ نَفْسِی غَیْرَ مَوْضِعِهَا بِدُخُولِی هَذِهِ الْمَدِینَةَ فَاغْفِرْ لِی أَیِ اسْتُرْنِی
ص: 32
مِنْ أَعْدَائِكَ لِئَلَّا یَظْفَرُوا بِی فَیَقْتُلُونِی فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ قالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَیَّ مِنَ الْقُوَّةِ حَتَّی قَتَلْتُ رَجُلًا بِوَكْزَةٍ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِیراً لِلْمُجْرِمِینَ بَلْ أُجَاهِدُ فِی سَبِیلِكَ بِهَذِهِ الْقُوَّةِ حَتَّی تَرْضَی فَأَصْبَحَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الْمَدِینَةِ خائِفاً یَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِی اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ یَسْتَصْرِخُهُ عَلَی آخَرَ قالَ لَهُ مُوسی إِنَّكَ لَغَوِیٌّ مُبِینٌ قَاتَلْتَ رَجُلًا بِالْأَمْسِ وَ تُقَاتِلُ هَذَا الْیَوْمَ لَأُؤَدِّبَنَّكَ وَ أَرَادَ أَنْ یَبْطِشَ بِهِ- فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ یَبْطِشَ بِالَّذِی هُوَ عَدُوٌّ لَهُما وَ هُوَ مِنْ شِیعَتِهِ (1)قالَ یا مُوسی أَ تُرِیدُ أَنْ تَقْتُلَنِی كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِیدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِی الْأَرْضِ وَ ما تُرِیدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِینَ قَالَ الْمَأْمُونُ جَزَاكَ اللَّهُ خَیْراً یَا أَبَا الْحَسَنِ فَمَا مَعْنَی قَوْلِ مُوسَی لِفِرْعَوْنَ فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّینَ قَالَ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ فِرْعَوْنَ قَالَ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَتَاهُ وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِی فَعَلْتَ وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِینَ بِی قَالَ مُوسَی فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّینَ عَنِ الطَّرِیقِ بِوُقُوعِی إِلَی مَدِینَةٍ مِنْ مَدَائِنِكَ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِی رَبِّی حُكْماً وَ جَعَلَنِی مِنَ الْمُرْسَلِینَ الْخَبَرَ (2).
بیان: قال الرازی احتج بهذه الآیة من طعن فی عصمة الأنبیاء بأن ذلك القبطی إما أن یقال إنه كان مستحق القتل أو لم یكن كذلك فإن كان الأول فلم قال هذا مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ و لم قال رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی فَاغْفِرْ لِی و لم قال فی سورة أخری فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّینَ و إن كان الثانی كان قتله معصیة و ذنبا و الجواب أنه لم لا یجوز أن یقال إنه كان لكفره مباح الدم و أما قوله هذا مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ ففیه وجوه أحدها أن اللّٰه تعالی و إن أباح قتل الكفار إلا أنه كان الأولی تأخیر قتلهم إلی زمان آخر فلما قتل فقد ترك ذلك المندوب فهو قوله هذا مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ و ثانیها أن قوله هذا إشارة إلی عمل المقتول لا إلی عمل نفسه فقوله
ص: 33
هذا مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ أی عمل هذا المقتول من عمل الشیطان و المراد منه بیان كونه مخالفا لله تعالی مستحقا للقتل.
و ثالثها أن یكون قوله هذا إشارة إلی المقتول یعنی أنه من جند الشیطان و حزبه یقال فلان من عمل السلطان أی من أحزابه.
و أما قوله رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی فَاغْفِرْ لِی فعلی نهج قول آدم علیه السلام رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا و المراد أحد وجهین إما علی سبیل الانقطاع إلی اللّٰه تعالی و الاعتراف بالتقصیر عن القیام بحقوقه و إن لم یكن هناك ذنب قط أو من حیث حرم نفسه الثواب بترك المندوب.
و أما قوله فَاغْفِرْ لِی أی فاغفر لی ترك هذا المندوب و فیه وجه آخر و هو أن یكون المراد رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی حیث قتلت هذا الملعون فإن فرعون لو عرف ذلك لقتلنی به فَاغْفِرْ لِی فاستره علی و لا توصل خبره إلی فرعون فَغَفَرَ لَهُ أی ستره عن الوصول إلی فرعون و یؤیده أنه قال عقیبه رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَیَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِیراً لِلْمُجْرِمِینَ و لو كانت إعانة المؤمن هاهنا سببا للمعصیة لما قال ذلك.
و أما قوله فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّینَ فلم یقل إنی صرت بذلك ضالا و لكن فرعون لما ادعی أنه كان كافرا فی حال القتل نفی عن نفسه كونه كافرا فی ذلك الوقت و اعترف بأنه كان ضالا أی متحیرا لا یدری ما یجب علیه أن یفعله (1)و ما یدین به فی ذلك انتهی. (2)و قال السید المرتضی قدس اللّٰه روحه مما یجاب به عن هذا السؤال أن موسی علیه السلام لم یتعمد القتل و لا أراد و إنما اجتاز فاستغاثه رجل من شیعته علی رجل من عدوه بغی علیه و ظلمه و قصد إلی قتله فأراد موسی أن یخلصه من یده و یدفع عنه مكروهه
ص: 34
فأدی ذلك إلی القتل من غیر قصد إلیه و كل ألم یقع علی سبیل المدافعة للظالم من غیر أن یكون مقصودا فهو حسن غیر قبیح و لا یستحقّ العوض به و لا فرق بین أن تكون المدافعة من الإنسان عن نفسه و بین أن یكون عن غیره فی هذا الباب. (1)ثم ذكر نحوا من الأجوبة التی ذكرها الرازی ثم قال فإن قیل فما معنی قول فرعون لموسی علیه السلام وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِی فَعَلْتَ وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِینَ و قوله علیه السلام فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّینَ و كیف نسب علیه السلام الضلال إلی نفسه و لم یكن عندكم فی وقت من الأوقات ضالا الجواب أما قوله وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِینَ فإنما أراد به الكافرین لنعمتی و حقّ تربیتی فإن فرعون كان المربّی لموسی إلی أن كبر و بلغ أ لا تری إلی قوله تعالی حكایة عنه أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِینا وَلِیداً وَ لَبِثْتَ فِینا مِنْ عُمُرِكَ سِنِینَ (2).
فأما قول موسی علیه السلام فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّینَ فإنما أراد به من الذاهبین عن أن الوكزة تأتی علی النفس أو المدافعة تفضی إلی القتل فقد یسمی الذاهب عن الشی ء أنه ضالّ عنه و یجوز أیضا أن یرید أنی ضللت عن فعل المندوب إلیه من الكفّ عن القتل فی تلك الحال و الفوز بمنزلة الثواب. (3)ثم قال فإن قیل كیف یجوز لموسی علیه السلام أن یقول لرجل من شیعته یستصرخه إِنَّكَ لَغَوِیٌّ مُبِینٌ الجواب أن قوم موسی كانوا غلاظا جفاة أ لا تری إلی قولهم بعد مشاهدة الآیات لما رأوا من یعبد الأصنام اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ (4)و إنما خرج موسی علیه السلام خائفا علی نفسه من قوم فرعون بسبب قتل القبطیّ فرأی ذلك الرجل یخاصم رجلا من أصحاب فرعون و استنصر موسی علیه السلام فقال له عند ذلك إِنَّكَ لَغَوِیٌّ مُبِینٌ و أراد أنك خائب فی طلب ما لا تدركه و تكلف ما لا تطیقه ثم قصد إلی نصرته كما نصره بالأمس علی الآخر فظن أنه یریده بالبطش لبعد فهمه فقال له أَ تُرِیدُ أَنْ تَقْتُلَنِی كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِیدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِی الْأَرْضِ وَ ما تُرِیدُ أَنْ تَكُونَ
ص: 35
مِنَ الْمُصْلِحِینَ فعدل عن قتله و صار ذلك سببا لشیاع خبر القبطی بالأمس انتهی. (1)
أقول: ما ذكره رحمه اللّٰه أحد الوجهین فی تفسیر الآیة و الوجه الآخر أن قوله یا مُوسی أَ تُرِیدُ أَنْ تَقْتُلَنِی كلام القبطیّ لا كلام الإسرائیلی كما مر فی روایة علی بن إبراهیم و لعل الأظهر فی الخبر هو الأول و یحتمل الثانی أیضا كما لا یخفی بعد التأمّل.
«7»-ك، إكمال الدین ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ آدَمَ النَّسَائِیِّ عَنْ أَبِیهِ آدَمَ بْنِ إِیَاسٍ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ عَنْ سَیِّدِ الْعَابِدِینَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ سَیِّدِ الشُّهَدَاءِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ سَیِّدِ الْوَصِیِّینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا حَضَرَتْ یُوسُفَ الْوَفَاةُ جَمَعَ شِیعَتَهُ وَ أَهْلَ بَیْتِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ حَدَّثَهُمْ بِشِدَّةٍ تَنَالُهُمْ یُقْتَلُ فِیهَا الرِّجَالُ وَ تُشَقُّ بُطُونُ الْحَبَالَی وَ تُذْبَحُ الْأَطْفَالُ حَتَّی یُظْهِرَ اللَّهُ الْحَقَّ فِی الْقَائِمِ مِنْ وُلْدِ لَاوَی بْنِ یَعْقُوبَ وَ هُوَ رَجُلٌ أَسْمَرُ طَوِیلٌ وَ وَصَفَهُ لَهُمْ (2)بِنَعْتِهِ فَتَمَسَّكُوا بِذَلِكَ وَ وَقَعَتِ الْغَیْبَةُ وَ الشِّدَّةُ بِبَنِی إِسْرَائِیلَ وَ هُمْ یَنْتَظِرُونَ قِیَامَ الْقَائِمِ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ حَتَّی إِذَا بُشِّرُوا بِوِلَادَتِهِ وَ رَأَوْا عَلَامَاتِ ظُهُورِهِ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَیْهِمْ وَ حُمِلَ عَلَیْهِمْ بِالْخَشَبِ وَ الْحِجَارَةِ وَ طُلِبَ (3)الْفَقِیهُ الَّذِی كَانُوا یَسْتَرِیحُونَ إِلَی أَحَادِیثِهِ فَاسْتَتَرَ وَ تَرَاسَلُوهُ وَ قَالُوا كُنَّا مَعَ الشِّدَّةِ نَسْتَرِیحُ إِلَی حَدِیثِكَ فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَی بَعْضِ الصَّحَارِی وَ جَلَسَ یُحَدِّثُهُمْ حَدِیثَ الْقَائِمِ وَ نَعْتَهُ وَ قُرْبَ الْأَمْرِ وَ كَانَتْ لَیْلَةٌ قَمْرَاءُ فَبَیْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَیْهِمْ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانَ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ حَدِیثَ السِّنِّ وَ قَدْ خَرَجَ مِنْ دَارِ فِرْعَوْنَ یُظْهِرُ النُّزْهَةَ فَعَدَلَ عَنْ مَوْكِبِهِ وَ أَقْبَلَ إِلَیْهِمْ وَ تَحْتَهُ بَغْلَةٌ وَ عَلَیْهِ طَیْلَسَانُ خَزٍّ فَلَمَّا رَآهُ الْفَقِیهُ عَرَفَهُ بِالنَّعْتِ فَقَامَ إِلَیْهِ وَ انْكَبَّ عَلَی قَدَمَیْهِ فَقَبَّلَهُمَا ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یُمِتْنِی حَتَّی أَرَانِیَكَ فَلَمَّا رَأَی الشِّیعَةُ ذَلِكَ عَلِمُوا أَنَّهُ صَاحِبُهُمْ فَأَكَبُّوا عَلَی الْأَرْضِ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمْ یَزِدْهُمْ عَلَی أَنْ قَالَ أَرْجُو أَنْ یُعَجِّلَ اللَّهُ فَرَجَكُمْ ثُمَّ غَابَ بَعْدَ ذَلِكَ وَ خَرَجَ إِلَی مَدِینَةِ مَدْیَنَ فَأَقَامَ عِنْدَ شُعَیْبٍ مَا أَقَامَ فَكَانَتِ الْغَیْبَةُ الثَّانِیَةُ أَشَدَّ عَلَیْهِمْ
ص: 36
مِنَ الْأُولَی وَ كَانَتْ نَیِّفاً وَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَیْهِمْ وَ اسْتَتَرَ الْفَقِیهُ فَبَعَثُوا إِلَیْهِ أَنَّهُ لَا صَبْرَ لَنَا عَلَی اسْتِتَارِكَ عَنَّا فَخَرَجَ إِلَی بَعْضِ الصَّحَارِی وَ اسْتَدْعَاهُمْ وَ طَیَّبَ قُلُوبَهُمْ وَ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنَّهُ مُفَرِّجٌ عَنْهُمْ بَعْدَ أَرْبَعِینَ سَنَةً فَقَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ لَهُمْ قَدْ جَعَلْتُهَا ثَلَاثِینَ سَنَةً لِقَوْلِهِمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقَالُوا كُلُّ نِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ قُلْ لَهُمْ قَدْ جَعَلْتُهَا عِشْرِینَ سَنَةً فَقَالُوا لَا یَأْتِی بِالْخَیْرِ إِلَّا اللَّهُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ قُلْ لَهُمْ قَدْ جَعَلْتُهَا عَشْراً فَقَالُوا لَا یَصْرِفُ الشَّرَّ إِلَّا اللَّهُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ قُلْ لَهُمْ لَا تَبْرَحُوا فَقَدْ آذَنْتُ فِی فَرَجِكُمْ فَبَیْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ رَاكِباً حِمَاراً فَأَرَادَ الْفَقِیهُ أَنْ یُعَرِّفَ الشِّیعَةَ مَا یَسْتَبْصِرُونَ بِهِ فِیهِ وَ جَاءَ مُوسَی حَتَّی وَقَفَ عَلَیْهِمْ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ فَقَالَ لَهُ الْفَقِیهُ مَا اسْمُكَ فَقَالَ مُوسَی قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ عِمْرَانَ قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ وَهْبِ بْنِ لَاوَی بْنِ یَعْقُوبَ (1)قَالَ بِمَا ذَا جِئْتَ قَالَ بِالرِّسَالَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَامَ إِلَیْهِ فَقَبَّلَ یَدَهُ ثُمَّ جَلَسَ بَیْنَهُمْ وَ طَیَّبَ نُفُوسَهُمْ وَ أَمَرَهُمْ أَمْرَهُ ثُمَّ فَرَّقَهُمْ فَكَانَ بَیْنَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَ بَیْنَ فَرَجِهِمْ بِغَرْقِ فِرْعَوْنَ أَرْبَعُونَ سَنَةً (2).
بیان: قوله علیه السلام و كانت نیّفا و خمسین سنة أی كان المقدر أولا هكذا و لذا أخبرهم بعد مضی نیف و عشر سنین ببقاء أربعین سنة ثم خفف اللّٰه عنهم مرات حتی أظهر لهم موسی علیه السلام فی الساعة بعد رجوعه عن مدین و كان بقاؤه فیها عشر سنین و مدة ذهابه و إیابه نیفا.
«8»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ الْبَزَنْطِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَوْلُ شُعَیْبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَی ابْنَتَیَّ هاتَیْنِ عَلی أَنْ تَأْجُرَنِی ثَمانِیَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ أَیَّ الْأَجَلَیْنِ قَضَی قَالَ وَفَی مِنْهُمَا بِأَبْعَدِهِمَا عَشْرَ سِنِینَ قُلْتُ فَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ یَنْقَضِیَ الشَّرْطُ أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهِ قَالَ قَبْلَ أَنْ یَنْقَضِیَ قَالَ قُلْتُ لَهُ فَالرَّجُلُ یَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَ یَشْتَرِطُ لِأَبِیهَا إِجَارَةَ شَهْرَیْنِ
ص: 37
یَجُوزُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلِمَ أَنَّهُ سَیُتِمُّ لَهُ شَرْطَهُ فَكَیْفَ لِهَذَا بِأَنْ یَعْلَمَ أَنَّهُ سَیَبْقَی حَتَّی یَفِیَ لَهُ (1).
«9»-ك، إكمال الدین أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ وَ الْحِمْیَرِیِّ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ یُوسُفَ بْنَ یَعْقُوبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا حِینَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَمَعَ آلَ یَعْقُوبَ وَ هُمْ ثَمَانُونَ رَجُلًا فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقِبْطَ سَیَظْهَرُونَ عَلَیْكُمْ وَ یَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَ إِنَّمَا یُنَجِّیكُمُ اللَّهُ مِنْ أَیْدِیهِمْ بِرَجُلٍ مِنْ وُلْدِ لَاوَی بْنِ یَعْقُوبَ اسْمُهُ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ غُلَامٌ طَوِیلٌ جَعْدٌ آدَمُ فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ یُسَمِّی ابْنَهُ عِمْرَانَ وَ یُسَمِّی عِمْرَانُ ابْنَهُ مُوسَی.
فَذَكَرَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی الْحُصَیْنِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: مَا خَرَجَ مُوسَی حَتَّی خَرَجَ قَبْلَهُ خَمْسُونَ كَذَّاباً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ كُلُّهُمْ یَدَّعِی أَنَّهُ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ فَبَلَغَ فِرْعَوْنَ أَنَّهُمْ یُرْجِفُونَ بِهِ (2)وَ یَطْلُبُونَ هَذَا الْغُلَامَ وَ قَالَ لَهُ كَهَنَتُهُ (3)وَ سَحَرَتُهُ إِنَّ هَلَاكَ دِینِكَ وَ قَوْمِكَ عَلَی یَدَیْ هَذَا الْغُلَامِ الَّذِی یُولَدُ الْعَامَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَوَضَعَ الْقَوَابِلَ عَلَی النِّسَاءِ وَ قَالَ لَا یُولَدُ الْعَامَ غُلَامٌ إِلَّا ذُبِحَ وَ وَضَعَ عَلَی أُمِّ مُوسَی قَابِلَةً فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ بَنُو إِسْرَائِیلَ قَالُوا إِذَا ذَبَحَ الْغِلْمَانَ وَ اسْتَحْیَا النِّسَاءَ هَلَكْنَا فَلَمْ نَبْقَ فَتَعَالَوْا لَا نَقْرَبِ النِّسَاءَ فَقَالَ عِمْرَانُ أَبُو مُوسَی بَلْ بَاشِرُوهُنَّ فَإِنَّ أَمْرَ اللَّهِ وَاقِعٌ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ اللَّهُمَّ مَنْ حَرَّمَهُ فَإِنِّی لَا أُحَرِّمُهُ وَ مَنْ تَرَكَهُ فَإِنِّی لَا أَتْرُكُهُ وَ بَاشَرَ أُمَّ مُوسَی فَحَمَلَتْ بِهِ فَوَضَعَ عَلَی أُمِّ مُوسَی قَابِلَةً تَحْرُسُهَا فَإِذَا قَامَتْ قَامَتْ وَ إِذَا قَعَدَتْ قَعَدَتْ فَلَمَّا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَقَعَتْ عَلَیْهَا الْمَحَبَّةُ وَ كَذَلِكَ حُجَجُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ فَقَالَتْ لَهَا الْقَابِلَةُ مَا لَكِ یَا بُنَیَّةِ تَصْفَرِّینَ وَ تَذُوبِینَ قَالَتْ لَا تَلُومِینِی فَإِنِّی إِذَا وَلَدْتُ أُخِذَ وَلَدِی فَذُبِحَ قَالَتْ فَلَا تَحْزَنِی فَإِنِّی سَوْفَ أَكْتُمُ عَلَیْكِ فَلَمْ تُصَدِّقْهَا فَلَمَّا أَنْ وَلَدَتْ الْتَفَتَتْ إِلَیْهَا وَ هِیَ مُقْبِلَةٌ فَقَالَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ فَقَالَتْ لَهَا أَ لَمْ أَقُلْ إِنِّی
ص: 38
سَوْفَ أَكْتُمُ عَلَیْكِ ثُمَّ حَمَلَتْهُ فَأَدْخَلَتْهُ الْمِخْدَعَ (1)وَ أَصْلَحَتْ أَمْرَهُ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَی الْحَرَسِ فَقَالَتِ انْصَرِفُوا وَ كَانُوا عَلَی الْبَابِ فَإِنَّهُ خَرَجَ دَمٌ مُنْقَطِعٌ فَانْصَرَفُوا فَأَرْضَعَتْهُ فَلَمَّا خَافَتْ عَلَیْهِ الصَّوْتَ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهَا اعْمَلِی التَّابُوتَ ثُمَّ اجْعَلِیهِ فِیهِ ثُمَّ أَخْرِجِیهِ لَیْلًا فَاطْرَحِیهِ فِی نِیلِ مِصْرَ فَوَضَعَتْهُ فِی التَّابُوتِ ثُمَّ دَفَعَتْهُ فِی الْیَمِّ فَجَعَلَ یَرْجِعُ إِلَیْهَا وَ جَعَلَتْ تَدْفَعُهُ فِی الْغَمْرِ (2)وَ إِنَّ الرِّیحَ ضَرَبَتْهُ فَانْطَلَقَتْ بِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَدْ ذَهَبَ بِهِ الْمَاءُ هَمَّتْ أَنْ تَصِیحَ فَرَبَطَ اللَّهُ عَلَی قَلْبِهَا قَالَ وَ كَانَتِ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَتْ لِفِرْعَوْنَ إِنَّهَا أَیَّامُ الرَّبِیعِ فَأَخْرِجْنِی وَ اضْرِبْ لِی قُبَّةً عَلَی شَطِّ النِّیلِ حَتَّی أَتَنَزَّهَ هَذِهِ الْأَیَّامَ فَضَرَبَ لَهَا قُبَّةً عَلَی شَطِّ النِّیلِ إِذْ أَقْبَلَ التَّابُوتُ یُرِیدُهَا فَقَالَتْ مَا تَرَوْنَ مَا أَرَی عَلَی الْمَاءِ قَالُوا إِی وَ اللَّهِ یَا سَیِّدَتَنَا إِنَّا لَنَرَی شَیْئاً فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا قَامَتْ إِلَی الْمَاءِ فَتَنَاوَلَتْهُ بِیَدِهَا وَ كَادَ الْمَاءُ یَغْمُرُهَا حَتَّی تَصَایَحُوا عَلَیْهَا فَجَذَبَتْهُ فَأَخْرَجَتْهُ مِنَ الْمَاءِ فَأَخَذَتْهُ فَوَضَعَتْهُ فِی حِجْرِهَا فَإِذَا غُلَامٌ أَجْمَلُ النَّاسِ وَ أَسَرُّهُمْ فَوَقَعَتْ عَلَیْهِ مِنْهَا مَحَبَّةٌ فَوَضَعَتْهُ فِی حِجْرِهَا وَ قَالَتْ هَذَا ابْنِی فَقَالُوا إِی وَ اللَّهِ أَیْ سَیِّدَتَنَا مَا لَكِ وَلَدٌ وَ لَا لِلْمَلِكِ فَاتَّخِذِی هَذَا وَلَداً فَقَامَتْ إِلَی فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ إِنِّی أَصَبْتُ غُلَاماً طَیِّباً حُلْواً نَتَّخِذُهُ وَلَداً فَیَكُونُ قُرَّةَ عَیْنٍ لِی وَ لَكَ فَلَا تَقْتُلْهُ قَالَ وَ مِنْ أَیْنَ هَذَا الْغُلَامُ قَالَتْ لَا وَ اللَّهِ (3)مَا أَدْرِی إِلَّا أَنَّ الْمَاءَ جَاءَ بِهِ فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّی رَضِیَ فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ أَنَّ الْمَلِكَ قَدْ تَبَنَّی ابْناً لَمْ یَبْقَ أَحَدٌ مِنْ رُءُوسِ مَنْ كَانَ مَعَ فِرْعَوْنَ إِلَّا بَعَثَ إِلَیْهِ امْرَأَتَهُ لِتَكُونَ لَهُ ظِئْراً أَوْ تَحْضُنَهُ (4)فَأَبَی أَنْ یَأْخُذَ مِنِ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ ثَدْیاً قَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ اطْلُبُوا لِابْنِی ظِئْراً وَ لَا تُحَقِّرُوا أَحَداً فَجَعَلَ لَا یَقْبَلُ مِنِ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ فَ قالَتْ أُمُّ مُوسَی لِأُخْتِهِ قُصِّیهِ انْظُرِی أَ تَرَیْنَ لَهُ أَثَراً فَانْطَلَقَتْ حَتَّی أَتَتْ بَابَ الْمَلِكِ فَقَالَتْ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ ظِئْراً وَ هَاهُنَا امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ تَأْخُذُ وَلَدَكُمْ وَ تَكْفُلُهُ لَكُمْ فَقَالَتْ أَدْخِلُوهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ قَالَتْ لَهَا امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ مِمَّنْ أَنْتِ قَالَتْ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَتِ اذْهَبِی یَا بُنَیَّةِ فَلَیْسَ لَنَا فِیكِ حَاجَةٌ فَقَالَ لَهَا النِّسَاءُ
ص: 39
عَافَاكِ اللَّهُ انْظُرِی هَلْ یَقْبَلُ أَوْ لَا یَقْبَلُ فَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ أَ رَأَیْتُمْ لَوْ قَبِلَ هَلْ یَرْضَی فِرْعَوْنُ أَنْ یَكُونَ الْغُلَامُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ الْمَرْأَةُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَعْنِی الظِّئْرَ لَا یَرْضَی قُلْنَ فَانْظُرِی یَقْبَلُ أَوْ لَا یَقْبَلُ قَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ فَاذْهَبِی فَادْعِیهَا فَجَاءَتْ إِلَی أُمِّهَا فَقَالَتْ إِنَّ امْرَأَةَ الْمَلِكِ تَدْعُوكِ فَدَخَلَتْ عَلَیْهَا فَدُفِعَ إِلَیْهَا مُوسَی فَوَضَعَتْهُ فِی حِجْرِهَا ثُمَّ أَلْقَمَتْهُ ثَدْیَهَا فَإِذاً قَحَمَ اللَّبَنُ (1)فِی حَلْقِهِ فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ أَنَّ ابْنَهَا قَدْ قَبِلَ قَامَتْ إِلَی فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ إِنِّی قَدْ أَصَبْتُ لِابْنِی ظِئْراً وَ قَدْ قَبِلَ مِنْهَا فَقَالَ وَ مِمَّنْ هِیَ قَالَتْ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَ فِرْعَوْنُ هَذَا مِمَّا لَا یَكُونُ أَبَداً الْغُلَامُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ الظِّئْرُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمْ تَزَلْ تُكَلِّمُهُ فِیهِ وَ تَقُولُ مَا تَخَافُ مِنْ هَذَا الْغُلَامِ (2)إِنَّمَا هُوَ ابْنُكَ یَنْشَأُ فِی حِجْرِكَ حَتَّی قَلَبَتْهُ عَنْ رَأْیِهِ وَ رَضِیَ فَنَشَأَ مُوسَی فِی آلِ فِرْعَوْنَ وَ كَتَمَتْ أُمُّهُ خَبَرَهُ وَ أُخْتُهُ وَ الْقَابِلَةُ حَتَّی هَلَكَتْ أُمُّهُ وَ الْقَابِلَةُ الَّتِی قَبِلَتْهُ فَنَشَأَ لَا یَعْلَمُ بِهِ بَنُو إِسْرَائِیلَ قَالَ وَ كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ تَطْلُبُهُ وَ تَسْأَلُ عَنْهُ فَیَعْمَی عَلَیْهِمْ خَبَرُهُ (3)قَالَ فَبَلَغَ فِرْعَوْنَ أَنَّهُمْ یَطْلُبُونَهُ وَ یَسْأَلُونَ عَنْهُ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِمْ فَزَادَ فِی الْعَذَابِ عَلَیْهِمْ وَ فَرَّقَ بَیْنَهُمْ وَ نَهَاهُمْ عَنِ الْإِخْبَارِ بِهِ وَ السُّؤَالِ عَنْهُ قَالَ فَخَرَجَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ ذَاتَ لَیْلَةٍ مُقْمِرَةٍ إِلَی شَیْخٍ لَهُمْ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَقَالُوا قَدْ كُنَّا نَسْتَرِیحُ إِلَی الْأَحَادِیثِ فَحَتَّی مَتَی وَ إِلَی مَتَی نَحْنُ فِی هَذَا الْبَلَاءِ قَالَ وَ اللَّهِ إِنَّكُمْ لَا تَزَالُونَ حَتَّی یَجِی ءَ اللَّهُ تَعَالَی ذِكْرُهُ بِغُلَامٍ مِنْ وُلْدِ لَاوَی بْنِ یَعْقُوبَ اسْمُهُ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ غُلَامٌ طُوَالٌ جَعْدٌ فَبَیْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَسِیرُ عَلَی بَغْلَةٍ حَتَّی وَقَفَ عَلَیْهِمْ فَرَفَعَ الشَّیْخُ رَأْسَهُ فَعَرَفَهُ بِالصِّفَةِ فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَالَ مُوسَی قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ عِمْرَانَ فَوَثَبَ إِلَیْهِ الشَّیْخُ فَأَخَذَ بِیَدِهِ فَقَبَّلَهَا وَ ثَارُوا إِلَی رِجْلَیْهِ یُقَبِّلُونَهَا فَعَرَفَهُمْ وَ عَرَفُوهُ وَ اتَّخَذَ شِیعَةً وَ مَكَثَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ خَرَجَ فَدَخَلَ مَدِینَةً لِفِرْعَوْنَ فِیهَا رَجُلٌ مِنْ شِیعَتِهِ یُقَاتِلُ رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ مِنَ الْقِبْطِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِی مِنْ شِیعَتِهِ عَلَی الَّذِی مِنْ عَدُوِّهِ الْقِبْطِیِّ فَوَكَزَهُ مُوسی فَقَضی عَلَیْهِ
ص: 40
وَ كَانَ مُوسَی قَدْ أُعْطِیَ بَسْطَةً فِی الْجِسْمِ وَ شِدَّةً فِی الْبَطْشِ فَذَكَرَهُ النَّاسُ وَ شَاعَ أَمْرُهُ وَ قَالُوا إِنَّ مُوسَی قَتَلَ رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَأَصْبَحَ فِی الْمَدِینَةِ خائِفاً یَتَرَقَّبُ فَلَمَّا أَصْبَحُوا مِنَ الْغَدِ إِذَا الرَّجُلُ الَّذِی اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ یَسْتَصْرِخُهُ عَلَی آخَرَ قالَ لَهُ مُوسی إِنَّكَ لَغَوِیٌّ مُبِینٌ بِالْأَمْسِ رَجُلٌ وَ الْیَوْمَ رَجُلٌ فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ یَبْطِشَ بِالَّذِی هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ یا مُوسی أَ تُرِیدُ أَنْ تَقْتُلَنِی كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِیدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِی الْأَرْضِ وَ ما تُرِیدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِینَ وَ جاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَی الْمَدِینَةِ یَسْعی قالَ یا مُوسی إِنَّ الْمَلَأَ یَأْتَمِرُونَ بِكَ لِیَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّی لَكَ مِنَ النَّاصِحِینَ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً یَتَرَقَّبُ فَخَرَجَ مِنْ مِصْرَ بِغَیْرِ ظَهْرٍ وَ لَا دَابَّةٍ وَ لَا خَادِمٍ تَخْفِضُهُ أَرْضٌ وَ تَرْفَعُهُ أُخْرَی حَتَّی أَتَی إِلَی أَرْضِ مَدْیَنَ فَانْتَهَی إِلَی أَصْلِ شَجَرَةٍ فَنَزَلَ فَإِذَا تَحْتَهَا بِئْرٌ وَ إِذَا عِنْدَهَا أُمَّةٌ مِنَ النَّاسِ یَسْقُونَ فَإِذَا جَارِیَتَانِ ضَعِیفَتَانِ وَ إِذَا مَعَهُمَا غُنَیْمَةٌ لَهُمَا فَ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا ... أَبُونا شَیْخٌ كَبِیرٌ وَ نَحْنُ جَارِیَتَانِ ضَعِیفَتَانِ لَا نَقْدِرُ أَنْ نُزَاحِمَ الرِّجَالَ فَإِذَا سَقَی النَّاسُ سَقَیْنَا فَرَحِمَهُمَا مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَخَذَ دَلْوَهُمَا وَ قَالَ لَهُمَا قَدِّمَا غَنَمَكُمَا فَسَقی لَهُما ثُمَّ رَجَعَتَا بُكْرَةً قَبْلَ النَّاسِ ثُمَّ أَقْبَلَ مُوسَی إِلَی الشَّجَرَةِ فَجَلَسَ تَحْتَهَا وَ قَالَ رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ فَرُوِیَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَ هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَی شِقِّ تَمْرَةٍ فَلَمَّا رَجَعَتَا إِلَی أَبِیهِمَا قَالَ مَا أَعْجَلَكُمَا فِی هَذِهِ السَّاعَةِ قَالَتَا وَجَدْنَا رَجُلًا صَالِحاً رَحِیماً فَسَقَی لَنَا فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا اذْهَبِی فَادْعِیهِ لِی فَجَاءَتْهُ تَمْشِی عَلَی اسْتِحْیاءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِی یَدْعُوكَ لِیَجْزِیَكَ أَجْرَ ما سَقَیْتَ لَنا فَرُوِیَ أَنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهَا وَجِّهِینِی إِلَی الطَّرِیقِ وَ امْشِی خَلْفِی فَإِنَّا بَنُو یَعْقُوبَ لَا نَنْظُرُ فِی أَعْجَازِ النِّسَاءِ فَلَمَّا جاءَهُ وَ قَصَّ عَلَیْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ قالَتْ إِحْداهُما یا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَیْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِیُّ الْأَمِینُ قالَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَی ابْنَتَیَّ هاتَیْنِ عَلی أَنْ تَأْجُرَنِی ثَمانِیَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ فَرُوِیَ أَنَّهُ قَضَی أَتَمَّهُمَا لِأَنَّ الْأَنْبِیَاءَ لَا یَأْخُذُونَ إِلَّا بِالْأَفْضَلِ وَ التَّمَامِ فَلَمَّا قَضی مُوسَی الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ نَحْوَ بَیْتِ الْمَقْدِسِ أَخْطَأَ الطَّرِیقَ لَیْلًا فَرَأَی ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّی آنَسْتُ ناراً لَعَلِّی آتِیكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ خَبَرٍ مِنَ الطَّرِیقِ فَلَمَّا
ص: 41
انْتَهَی إِلَی النَّارِ فَإِذَا شَجَرَةٌ تَضْطَرِمُ مِنْ أَسْفَلِهَا إِلَی أَعْلَاهَا فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا تَأَخَّرَتْ عَنْهُ فَرَجَعَ وَ أَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً ثُمَّ دَنَتْ مِنْهُ الشَّجَرَةُ فَ نُودِیَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَیْمَنِ فِی الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ یا مُوسی إِنِّی أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّی مُدْبِراً وَ لَمْ یُعَقِّبْ فَإِذَا حَیَّةٌ مِثْلُ الْجَذَعِ لِأَنْیَابِهَا صَرِیرٌ (1)یَخْرُجُ مِنْهَا مِثْلُ لَهَبِ النَّارِ فَوَلَّی مُدْبِراً فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ارْجِعْ فَرَجَعَ وَ هُوَ یَرْتَعِدُ وَ رُكْبَتَاهُ تَصْطَكَّانِ فَقَالَ إِلَهِی هَذَا الْكَلَامُ الَّذِی أَسْمَعُ كَلَامُكَ قَالَ نَعَمْ فَلَا تَخَفْ فَوَقَعَ عَلَیْهِ الْأَمَانُ فَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَی ذَنَبِهَا ثُمَّ تَنَاوَلَ لِحْیَتَهَا (2)فَإِذَا یَدُهُ فِی شُعْبَةِ الْعَصَا قَدْ عَادَتْ عَصًا وَ قِیلَ لَهُ اخْلَعْ نَعْلَیْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُویً فَرُوِیَ أَنَّهُ أُمِرَ بِخَلْعِهِمَا بِأَنَّهُمَا كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَیِّتٍ وَ رُوِیَ فِی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ أَیْ خَوْفَیْكَ خَوْفَكَ مِنْ ضِیَاعِ أَهْلِكَ وَ خَوْفَكَ مِنْ فِرْعَوْنَ ثُمَّ أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی فِرْعَوْنَ وَ مَلَئِهِ بِآیَتَیْنِ یَدِهِ وَ الْعَصَا.
فَرُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ كُنْ لِمَا لَا تَرْجُو أَرْجَی مِنْكَ لِمَا تَرْجُو فَإِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ خَرَجَ لِیَقْتَبِسَ لِأَهْلِهِ نَاراً فَرَجَعَ إِلَیْهِمْ وَ هُوَ رَسُولٌ نَبِیٌّ فَأَصْلَحَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَمْرَ عَبْدِهِ وَ نَبِیِّهِ مُوسَی فِی لَیْلَةٍ وَ كَذَا یَفْعَلُ اللَّهُ تَعَالَی بِالْقَائِمِ الثَّانِیَ عَشَرَ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ یُصْلِحُ اللَّهُ أَمْرَهُ فِی لَیْلَةٍ كَمَا أَصْلَحَ اللَّهُ أَمْرَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ یُخْرِجُهُ مِنَ الْحَیْرَةِ وَ الْغَیْبَةِ إِلَی نُورِ الْفَرَجِ وَ الظُّهُورِ.
ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام علی بن عبد الصمد عن أبیه عن السید أبی البركات عن الصدوق مثله مع اختصار (3)
بیان: الغمر الماء الكثیر و معظم البحر و التبنی اتخاذ ولد الغیر ابنا فإذا قحم اللبن لعله كنایة عن كثرة سیلان اللبن من قولهم قحم فی الأمر رمی بنفسه فیه فجاءه من غیر رویة و فی بعض النسخ یجم أی یكثر و فی بعضها فازدحم
ص: 42
قوله تعالی وَ جاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَی الْمَدِینَةِ أی آخرها و اختصر طریقا قریبا (1)حتی سبقهم إلی موسی یَسْعی أی یسرع فی المشی فأخبره بذلك و أنذره و كان الرجل خربیل (2)مؤمن آل فرعون و قیل رجل اسمه شمعون و قیل شمعان قالَ یا مُوسی إِنَّ الْمَلَأَ أی الأشراف من آل فرعون یَأْتَمِرُونَ بِكَ أی یتشاورون فیك و قیل یأمر بعضهم بعضا.
قوله تعالی تَهْتَزُّ أی تتحرك قوله تعالی كَأَنَّها جَانٌّ قال السید المرتضی رحمه اللّٰه فی كتاب الغرر و الدرر فإن سأل سائل فقال ما تقولون فی قوله تعالی فَأَلْقی عَصاهُ فَإِذا هِیَ ثُعْبانٌ مُبِینٌ و قوله كَأَنَّها جَانٌّ و الثعبان هی الحیة العظیمة الخلقة و الجان الصغیر من الحیات و بأی شی ء تزیلون التناقض عن هذا الكلام و الجواب أول ما نقوله أن الحالتین مختلفتان فحالة كونها كالجان كانت فی ابتداء النبوة و قبل مسیر موسی علیه السلام إلی فرعون و حالة كونها ثعبانا كانت عند لقائه فرعون و إبلاغه الرسالة و التلاوة تدل علی ذلك و قد ذكر المفسرون وجهین أحدهما أنه تعالی إنما شبهها بالثعبان فی إحدی الآیتین لعظم خلقها و كبر جسمها و هول منظرها و شبهها فی الآیة الأخری بالجان لسرعة حركتها و نشاطها و خفتها فاجتمع لها مع أنها فی جسم الثعبان و كبر خلقه نشاط الجان و سرعة حركته و هذا أبهر فی باب الإعجاز و أبلغ فی خرق العادة.
و الثانی أنه تعالی لم یرد بذكر الجان فی الآیة الأخری الحیة و إنما أراد أحد الجن فكأنه تعالی أخبر بأن العصا صارت ثعبانا فی الخلقة و عظم الجسم و كانت مع ذلك كأحد الجن فی هول المنظر و إفزاعها لمن شاهدها و یمكن أن یكون للآیة تأویل آخر و هو أن العصا لما انقلبت حیة صارت أولا بصفة الجان و علی صورته ثم صارت بصفة الثعبان علی تدریج و لم تصر كذلك ضربة واحدة (3).
ص: 43
و قال رحمه اللّٰه فی كتاب تنزیه الأنبیاء فإن قیل ما معنی قول شعیب علیه السلام إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَی ابْنَتَیَّ هاتَیْنِ الآیة و كیف یجوز فی الصداق هذا التخییر و التفویض و أی فائدة للبنت فیما شرطه هو لنفسه و لیس یعود علیها (1)من ذلك نفع قلنا یجوز أن تكون الغنم كانت لشعیب علیه السلام و كانت الفائدة باستیجار من یرعاها عائدة علیه إلا أنه أراد أن یعوض بنته عن قیمة رعیها فیكون ذلك مهرا لها فأما التخییر فلم یكن إلا فیما زاد علی الثمانی حجج و لم یكن فیما شرطه مقترحا تخییر و إنما كان فیما تجاوزه و تعداه.
و وجه آخر و هو أنه یجوز أن تكون الغنم كانت للبنت و كان الأب المتولی لأمرها و القابض لصداقها لأنه لا خلاف أن قبض الأب مهر بنته البكر البالغ جائز و لیس لأحد من الأولیاء ذلك غیره و أجمعوا علی أن بنت شعیب علیه السلام كانت بكرا.
و وجه آخر و هو أنه حذف ذكر الصداق و ذكر ما شرطه لنفسه مضافا إلی الصداق لأنه جائز أن یشرط الولی لنفسه ما یخرج عن الصداق و هذا یخالف الظاهر.
و وجه آخر و هو أنه یجوز أن یكون من شریعته علیه السلام العقد بالتراضی من غیر صداق معین و یكون قوله عَلی أَنْ تَأْجُرَنِی علی غیر وجه الصداق و ما تقدم من الوجوه أقوی. (2).
«10»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّ أَبِی یَدْعُوكَ لِیَجْزِیَكَ أَجْرَ ما سَقَیْتَ لَنا أَ هِیَ الَّتِی تَزَوَّجَ بِهَا قَالَ نَعَمْ وَ لَمَّا قَالَتْ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَیْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِیُّ الْأَمِینُ قَالَ أَبُوهَا كَیْفَ عَلِمْتَ ذَلِكَ قَالَتْ لَمَّا أَتَیْتُهُ بِرِسَالَتِكَ فَأَقْبَلَ مَعِی قَالَ كُونِی خَلْفِی وَ دُلِّینِی عَلَی الطَّرِیقِ فَكُنْتُ خَلْفَهُ أَرْشُدُهُ كَرَاهَةَ أَنْ یَرَی مِنِّی شَیْئاً وَ لَمَّا أَرَادَ مُوسَی الِانْصِرَافَ قَالَ شُعَیْبٌ ادْخُلِ الْبَیْتَ وَ خُذْ مِنْ تِلْكَ الْعِصِیِّ عَصًا تَكُونُ مَعَكَ تَدْرَأُ بِهَا (3)
ص: 44
السِّبَاعَ وَ قَدْ كَانَ شُعَیْبٌ أَخْبَرَ بِأَمْرِ الْعَصَا الَّتِی أَخَذَهَا مُوسَی فَلَمَّا دَخَلَ مُوسَی الْبَیْتَ وَثَبَتْ إِلَیْهِ الْعَصَا فَصَارَتْ فِی یَدِهِ فَخَرَجَ بِهَا فَقَالَ لَهُ شُعَیْبٌ خُذْ غَیْرَهَا فَعَادَ مُوسَی إِلَی الْبَیْتِ وَ وَثَبَتْ إِلَیْهِ الْعَصَا فَصَارَ فِی یَدِهِ فَخَرَجَ بِهَا فَقَالَ لَهُ شُعَیْبٌ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ خُذْ غَیْرَهَا قَالَ لَهُ مُوسَی قَدْ رَدَدْتُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ تَصِیرُ فِی یَدِی فَقَالَ لَهُ شُعَیْبٌ خُذْهَا وَ كَانَ شُعَیْبٌ یَزُورُ مُوسَی كُلَّ سَنَةٍ فَإِذَا أَكَلَ قَامَ مُوسَی عَلَی رَأْسِهِ وَ كَسَرَ لَهُ الْخُبْزَ (1).
«11»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَنِیعِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ مُجَاشِعٍ عَنْ مُعَلًّی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَیْضِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَتْ عَصَا مُوسَی علیه السلام لآِدَمَ فَصَارَتْ إِلَی شُعَیْبٍ ثُمَّ صَارَتْ إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ وَ إِنَّهَا لَعِنْدَنَا وَ إِنَّ عَهْدِی بِهَا آنِفاً وَ هِیَ خَضْرَاءُ كَهَیْئَتِهَا حِینَ انْتُزِعَتْ مِنْ شَجَرَتِهَا وَ إِنَّهَا لَتَنْطِقُ إِذَا اسْتُنْطِقَتْ أُعِدَّتْ لِقَائِمِنَا علیه السلام یَصْنَعُ بِهَا مَا كَانَ یَصْنَعُ مُوسَی علیه السلام وَ إِنَّهَا لَتَرُوعُ وَ تَلْقَفُ (2)ما یَأْفِكُونَ وَ تَصْنَعُ مَا تُؤْمَرُ بِهِ إِنَّهَا حَیْثُ أَقْبَلَتْ تَلْقَفُ مَا یَأْفِكُونَ تُفَتَّحُ لَهَا (3)شُعْبَتَانِ إِحْدَاهُمَا فِی الْأَرْضِ وَ الْأُخْرَی فِی السَّقْفِ وَ بَیْنَهُمَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً تَلْقَفُ ما یَأْفِكُونَ بِلِسَانِهَا (4).
أقول:
قال السید بن طاوس قدس اللّٰه روحه فی كتاب سعد السعود رأیت فی تفسیر منسوب إلی الباقر علیه السلام (5)كانت عصا موسی هی عصا آدم علیه السلام بلغنا و اللّٰه أعلم أنه هبط بها من الجنة كانت من عوسج الجنة و كانت عصا لها شعبتان و بلغنی أنها
ص: 45
فی فراش شعیب فدخل موسی فأخذها فقال له شعیب لقد كنت عندی أمینا أخذت العصا بغیر أمری (1)فقال له موسی لا إن العصا لو لا أنها كانت لی ما أخذتها فأقر شعیب و رضی و عرف أنه لم یأخذها إلا و هو نبی (2)
«12»- ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَلْقَی اللَّهُ تَعَالَی مِنْ مُوسَی عَلَی فِرْعَوْنَ وَ امْرَأَتِهِ الْمَحَبَّةَ قَالَ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ طَوِیلَ اللِّحْیَةِ فَقَبَضَ مُوسَی عَلَیْهَا فَجَهَدُوا أَنْ یُخَلِّصُوهَا مِنْ یَدِ مُوسَی فَلَمْ یَقْدِرُوا عَلَی ذَلِكَ حَتَّی خَلَاهَا فَأَرَادَ فِرْعَوْنُ قَتْلَهُ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ إِنَّ هُنَا أَمْراً تَسْتَبِینُ بِهِ هَذَا الْغُلَامُ ادْعُ بِجَمْرَةٍ وَ دِینَارٍ فَضَعْهُمَا بَیْنَ یَدَیْهِ فَفَعَلَ فَأَهْوَی مُوسَی إِلَی الْجَمْرَةِ وَ وَضَعَ یَدَهُ عَلَیْهَا فَأَحْرَقَتْهَا فَلَمَّا وَجَدَ حَرَّ النَّارِ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی لِسَانِهِ فَأَصَابَتْهُ لَغْثَةٌ (3)وَ قَدْ قَالَ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی أَیَّمَا الْأَجَلَیْنِ قَضَیْتُ قَضَی أَوْفَاهُمَا وَ أَفْضَلَهُمَا (4).
بیان: الألغث الثقیل البطی ء و المراد هنا البطء فی الكلام.
«13»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنْ مُوسَی علیه السلام لَمَّا وُضِعَ فِی الْبَحْرِ كَمْ غَابَ عَنْ أُمِّهِ حَتَّی رَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهَا قَالَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ (5).
«14»-فض، كتاب الروضة ضه، روضة الواعظین رَوَی مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو وَ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ قَالَ: إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام كَانَ فِرْعَوْنُ فِی طَلَبِهِ یَبْقُرُ بُطُونَ النِّسَاءِ الْحَوَامِلِ وَ یَذْبَحُ الْأَطْفَالَ لِیَقْتُلَ مُوسَی علیه السلام فَلَمَّا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْ تَحْتِهَا وَ تَقْذِفَهُ فِی التَّابُوتِ وَ تُلْقِیَ التَّابُوتَ فِی الْیَمِّ فَقَالَتْ وَ هِیَ ذَعِرَةٌ (6) مِنْ كَلَامِهِ یَا بُنَیَّ إِنِّی أَخَافُ
ص: 46
عَلَیْكِ الْغَرَقَ فَقَالَ لَهَا لَا تَحْزَنِی إِنَّ اللَّهَ یَرُدُّنِی إِلَیْكِ فَبَقِیَتْ حَیْرَانَةً حَتَّی كَلَّمَهَا مُوسَی وَ قَالَ لَهَا یَا أُمِّ اقْذِفِینِی فِی التَّابُوتِ وَ أَلْقِی التَّابُوتَ فِی الْیَمِّ قَالَ فَفَعَلَتْ مَا أُمِرَتْ بِهِ فَبَقِیَ فِی الْیَمِّ إِلَی أَنْ قَذَفَهُ اللَّهُ فِی السَّاحِلِ وَ رَدَّهُ إِلَی أُمِّهِ بِرُمَّتِهِ (1)لَا یَطْعَمُ طَعَاماً وَ لَا یَشْرَبُ شَرَاباً مَعْصُوماً مُدَّةً وَ رُوِیَ أَنَّ الْمُدَّةَ كَانَتْ سَبْعِینَ یَوْماً وَ رُوِیَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ.
«15»-ك، إكمال الدین مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِیسَی الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ طَاهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْبَدِیلِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَدِیرٍ الصَّیْرَفِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا وَقَفَ عَلَی أَنَّ زَوَالَ مُلْكِهِ عَلَی یَدِ مُوسَی أَمَرَ بِإِحْضَارِ الْكَهَنَةِ فَدَلُّوهُ عَلَی نَسَبِهِ وَ أَنَّهُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمْ یَزَلْ یَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِشَقِّ بُطُونِ الْحَوَامِلِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ حَتَّی قَتَلَ فِی طَلَبِهِ نَیِّفاً وَ عِشْرِینَ أَلْفَ مَوْلُودٍ وَ تَعَذَّرَ عَلَیْهِ الْوُصُولُ إِلَی قَتْلِ مُوسَی لِحِفْظِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِیَّاهُ (2).
أقول: تمامه فی أبواب الغیبة.
«16»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ نَجَّیْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ یَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ یُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَ یَسْتَحْیُونَ نِساءَكُمْ وَ فِی ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِیمٌ قَالَ الْإِمَامُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ اذْكُرُوا یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ إِذْ نَجَّیْناكُمْ أَنْجَیْنَا أَسْلَافَكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ وَ هُمُ الَّذِینَ كَانُوا یُوَالُونَ (3)إِلَیْهِ بِقَرَابَتِهِ وَ بِدِینِهِ وَ بِمَذْهَبِهِ یَسُومُونَكُمْ كَانُوا یُعَذِّبُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ شِدَّةَ الْعِقَابِ كَانُوا یَحْمِلُونَهُ عَلَیْكُمْ قَالَ وَ كَانَ مِنْ عَذَابِهِمُ الشَّدِیدِ أَنَّهُ كَانَ فِرْعَوْنُ یُكَلِّفُهُمْ عَمَلَ الْبِنَاءِ وَ الطِّینِ وَ یَخَافُ أَنْ یَهْرُبُوا عَنِ الْعَمَلِ فَأَمَرَهُمْ بِتَقْیِیدِهِمْ وَ كَانُوا یَنْقُلُونَ ذَلِكَ الطِّینَ عَلَی السَّلَالِیمِ إِلَی السُّطُوحِ فَرُبَّمَا سَقَطَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ فَمَاتَ أَوْ زَمِنَ (4)لَا یَحْفِلُونَ بِهِمْ إِلَی أَنْ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی قُلْ لَهُمْ لَا یَبْتَدِءُونَ عَمَلًا إِلَّا بِالصَّلَاةِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ لِیَخِفَّ عَلَیْهِمْ فَكَانُوا یَفْعَلُونَ ذَلِكَ فَیَخِفُّ عَلَیْهِمْ وَ أَمَرَ كُلَّ مَنْ سَقَطَ فَزَمِنَ
ص: 47
مِمَّنْ نَسِیَ الصَّلَاةَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ أَنْ یَقُولَهَا عَلَی نَفْسِهِ إِنْ أَمْكَنَهُ أَیِ الصَّلَاةَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَوْ یُقَالَ عَلَیْهِ إِنْ لَمْ یُمْكِنْهُ فَإِنَّهُ یَقُومُ وَ لَا تَقْلِبُهُ یَدٌ (1)فَفَعَلُوهَا فَسَلِمُوا یُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَ ذَلِكَ لَمَّا قِیلَ لِفِرْعَوْنَ إِنَّهُ یُولَدُ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ مَوْلُودٌ یَكُونُ عَلَی یَدِهِ هَلَاكُكَ وَ زَوَالُ مُلْكِكَ فَأَمَرَ بِذَبْحِ أَبْنَائِهِمْ فَكَانَتِ الْوَاحِدَةُ مِنْهُنَّ تُصَانِعُ الْقَوَابِلَ (2)عَنْ نَفْسِهَا كَیْلَا تَنِمَّ عَلَیْهَا وَ یَتِمَّ حَمْلُهَا ثُمَّ تُلْقِی وَلَدَهَا فِی صَحْرَاءَ أَوْ غَارِ جَبَلٍ أَوْ مَكَانٍ غَامِضٍ (3)وَ یَقُولُ عَلَیْهِ عَشْرَ مَرَّاتٍ الصَّلَاةُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فَیُقَیِّضُ اللَّهُ (4)لَهُ مَلَكاً یُرَبِّیهِ وَ یُدِرُّ مِنْ إِصْبَعٍ لَهُ لَبَناً یَمَصُّهُ وَ مِنْ إِصْبَعٍ طَعَاماً لَیِّناً یَتَغَذَّاهُ إِلَی أَنْ نَشَأَ بَنُو إِسْرَائِیلَ وَ كَانَ مَنْ سَلِمَ مِنْهُمْ وَ نَشَأَ أَكْثَرَ مِمَّنْ قُتِلَ وَ یَسْتَحْیُونَ نِساءَكُمْ یَبْقُونَهُنَّ وَ یَتَّخِذُونَهُنَّ إِمَاءً فَضَجُّوا إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَالُوا یَفْتَرِعُونَ (5)بَنَاتِنَا وَ أَخَوَاتِنَا فَأَمَرَ اللَّهُ تِلْكَ الْبَنَاتِ كُلَّمَا رَآهُنَّ مِنْ ذَلِكَ رَیْبٌ صَلَّیْنَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ وَ كَانَ اللَّهُ یَرُدُّ عَنْهُنَّ أُولَئِكَ الرِّجَالَ إِمَّا بِشُغُلٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ لُطْفٍ مِنْ أَلْطَافِهِ فَلَمْ تَفْتَرِشْ (6)مِنْهُنَّ امْرَأَةً بَلْ دَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ عَنْهُنَّ بِصَلَاتِهِنَّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فِی ذلِكُمْ فِی ذَلِكَ الْإِنْجَاءِ الَّذِی أَنْجَاكُمْ مِنْهُمْ رَبُّكُمْ بَلاءٌ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِیمٌ كَبِیرٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ اذْكُرُوا إِذَا كَانَ الْبَلَاءُ یُصْرَفُ عَنْ أَسْلَافِكُمْ وَ یَخِفُّ بِالصَّلَاةِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ أَ فَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ إِذَا شَاهَدْتُمُوهُ وَ آمَنْتُمْ بِهِ كَانَتِ النِّعْمَةُ عَلَیْكُمْ أَعْظَمَ وَ أَفْضَلَ وَ فَضْلُ اللَّهِ لَدَیْكُمْ أَجْزَلَ (7).
ص: 48
بیان: قوله لا یحفلون بهم أی لا یبالون بهم قوله علیه السلام و لا یقلبه ید الجملة حالیة أی یقوم من غیر أن تقلبه ید و یداویه أحد قوله تصانع المصانعة الرشوة و قوله تنم بالنون من النمیمة و الافتراع إزالة البكارة.
«17»-مل، كامل الزیارات بِإِسْنَادِهِ عَنْ رِبْعِیٍّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ شَاطِئُ الْوَادِ الْأَیْمَنِ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ هُوَ الْفُرَاتُ وَ الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ هِیَ كَرْبَلَاءُ وَ الشَّجَرَةُ هِیَ مُحَمَّدٌ (1).
«18»-عدة، عدة الداعی رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُوسَی وَ هَارُونَ إِلَی فِرْعَوْنَ قَالَ لَهُمَا لَا یَرُوعُكُمَا لِبَاسُهُ فَإِنَّ نَاصِیَتَهُ بِیَدِی وَ لَا یُعْجِبُكُمَا مَا مُتِّعَ بِهِ مِنْ زَهْرَةِ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَ زِینَةِ الْمُسْرِفِینَ فَلَوْ شِئْتُ زَیَّنْتُكُمَا بِزِینَةٍ یَعْرِفُ فِرْعَوْنُ حِینَ یَرَاهَا أَنَّ مَقْدُرَتَهُ تَعْجِزُ عَنْهَا وَ لَكِنِّی أَرْغَبُ بِكُمَا عَنْ ذَلِكَ فَأَزْوِی (2)الدُّنْیَا عَنْكُمَا وَ كَذَلِكَ أَفْعَلُ بِأَوْلِیَائِی إِنِّی لَأَذُودُهُمْ (3)عَنْ نَعِیمِهَا كَمَا یَذُودُ الرَّاعِی غَنَمَهُ عَنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ وَ إِنِّی لَأُجَنِّبُهُمْ سُلُوكَهَا كَمَا یُجَنِّبُ الرَّاعِی الشَّفِیقُ إِبِلَهُ مِنْ مَوَارِدِ الْغِرَّةِ (4)وَ مَا ذَاكَ لِهَوَانِهِمْ عَلَیَّ وَ لَكِنْ لِیَسْتَكْمِلُوا نَصِیبَهُمْ مِنْ كَرَامَتِی سَالِماً مُوَفَّراً إِنَّمَا یَتَزَیَّنُ لِی أَوْلِیَائِی بِالذُّلِّ وَ الْخُشُوعِ وَ الْخَوْفِ الَّذِی یَنْبُتُ فِی قُلُوبِهِمْ فَیَظْهَرُ عَلَی أَجْسَادِهِمْ فَهُوَ شِعَارُهُمْ وَ دِثَارُهُمُ الَّذِی یَسْتَشْعِرُونَ وَ نَجَاتُهُمُ الَّتِی بِهَا یَفُوزُونَ وَ دَرَجَاتُهُمُ الَّتِی یَأْمُلُونَ وَ مَجْدُهُمُ الَّذِی بِهِ یَفْخَرُونَ وَ سِیمَاهُمُ الَّتِی بِهَا یُعْرَفُونَ فَإِذَا لَقِیتَهُمْ یَا مُوسَی فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ وَ أَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ وَ ذَلِّلْ لَهُمْ قَلْبَكَ وَ لِسَانَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ أَخَافَ لِی أَوْلِیَائِی فَقَدْ بَارَزَنِی بِالْمُحَارَبَةِ ثُمَّ أَنَا الثَّائِرُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ (5).
«19»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِبَاطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوی قَالَ أَشُدُّهُ ثَمَانِیَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ اسْتَوَی الْتَحَی (6).
ص: 49
بیان: قال البیضاوی وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ أی مبلغه الذی لا یزید علیه نشوؤه و ذلك من ثلاثین إلی أربعین سنة فإن العقل یكمل حینئذ و روی أنه لم یبعث نبی إلا علی رأس أربعین و استوی قده أو عقله (1)
أقول: المعتمد ما ورد فی الخبر.
«20»-نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ بَعْدَ الْحَثِّ عَلَی التَّأَسِّی بِالرَّسُولِ وَ إِنْ شِئْتَ ثَنَّیْتُ بِمُوسَی كَلِیمِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِذْ یَقُولُ رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ وَ اللَّهِ مَا سَأَلَهُ إِلَّا خُبْزاً یَأْكُلُهُ لِأَنَّهُ كَانَ یَأْكُلُ بَقْلَةَ الْأَرْضِ وَ لَقَدْ كَانَتْ خُضْرَةُ الْبَقْلِ تُرَی مِنْ شَفِیفِ صِفَاقِ بَطْنِهِ لِهُزَالِهِ وَ تَشَذُّبِ لَحْمِهِ.
بیان: الصفاق الجلد الباطن الذی فوقه الجلد الظاهر من البطن و شفیفه رقته و تشذب اللحم تفرقه.
«21»-نهج، نهج البلاغة الَّذِی كَلَّمَ مُوسَی تَكْلِیماً وَ أَرَاهُ مِنْ آیَاتِهِ عَظِیماً بِلَا جَوَارِحَ وَ لَا أَدَوَاتٍ وَ لَا نُطْقٍ وَ لَا لَهَوَاتٍ.
أقول: قال الثعلبی فی كتاب عرائس المجالس لما مات الریان بن الولید فرعون مصر الأول صاحب یوسف علیه السلام و هو الذی ولی یوسف علیه السلام خزائن أرضه و أسلم علی یدیه فلما مات ملك بعده قابوس بن مصعب صاحب یوسف الثانی فدعاه یوسف إلی الإسلام فأبی و كان جبارا و قبض اللّٰه تعالی یوسف علیه السلام فی ملكه و طال ملكه ثم هلك و قام بالملك بعده أخوه أبو العباس الولید بن مصعب بن الریان بن أراشة بن ثروان بن عمرو بن فاران بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح و كان أعتی من قابوس و أكبر و أفجر و امتدت أیام ملكه و أقام بنو إسرائیل بعد وفاة یوسف علیه السلام و قد نشروا و كثروا و هم تحت أیدی العمالقة و هم علی بقایا من دینهم مما كان یوسف و یعقوب و إسحاق و إبراهیم شرعوا فیهم من الإسلام متمسكین به حتی كان فرعون موسی الذی بعثه اللّٰه إلیه و قد ذكرنا اسمه و نسبه و لم یكن منهم (2)فرعون أعتی علی اللّٰه تعالی و لا أعظم قولا و لا أقسی قلبا و لا أطول عمرا فی ملكه و لا أسوأ
ص: 50
ملكة لبنی إسرائیل منه و كان یعذبهم و یستعبدهم فجعلهم خدما و خولا (1)و صنفهم فی أعماله فصنف یبنون و صنف یحرسون و صنف یتولون الأعمال القذرة و من لم یكن من أهل العمل فعلیه الجزیة كما قال تعالی یَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ و قد استنكح فرعون منهم امرأة یقال لها آسیة بنت مزاحم من خیار النساء المعدودات و یقال بل هی آسیة بنت مزاحم بن الریان بن الولید فرعون یوسف الأول فأسلمت علی یدی موسی علیه السلام.
قال مقاتل و لم یسلم من أهل مصر إلا ثلاثة آسیة و خربیل و مریم بنت ناموساء التی دلت موسی علی قبر یوسف علیه السلام فعمر فرعون و هم تحت یدیه عمرا طویلا یقال أربعمائة سنة یسومونهم سوء العذاب فلما أراد اللّٰه تعالی أن یفرج عنهم بعث موسی علیه السلام و كان بدء ذلك علی ما ذكره السدی عن رجاله أن فرعون رأی فی منامه أن نارا قد أقبلت من بیت المقدس حتی اشتملت علی بیوت مصر فأخربتها و أحرقت القبط و تركت بنی إسرائیل فدعا فرعون السحرة و الكهنة و المعبرین و المنجمین و سألهم عن رؤیاه فقالوا إنه یولد فی بنی إسرائیل غلام یسلبك ملكك و یغلبك علی سلطانك و یخرجك و قومك من أرضك و یبدل دینك و قد أظلك زمانه الذی یولد فیه قال فأمر فرعون بقتل كل غلام یولد فی بنی إسرائیل و جمع القوابل من نساء أهل مملكته فقال لهن لا یسقطن علی أیدیكن غلام من بنی إسرائیل إلا قتلتنه و لا جاریة إلا تركتنها و وكل بهن فكن یفعلن ذلك قال مجاهد لقد ذكر لی أنه كان یأمر بالقصب فیشق حتی یجعل أمثال الشفار (2)ثم یصف بعضها إلی بعض ثم یؤتی بالحبالی من بنی إسرائیل فیوقعن فتحز أقدامهن (3)حتی أن المرأة منهن لتضع ولدها فیقع بین رجلیها فتظل تطأه تتقی به حد القصب عن رجلها لما بلغ من جهدها فكان یقتل الغلمان الذین كانوا فی وقته و یقتل
ص: 51
من یولد منهم و یعذب الحبالی حتی یضعن ما فی بطونهن و أسرع الموت فی مشیخة بنی إسرائیل فدخل رءوس القبط علی فرعون فقالوا له إن الموت قد وقع فی بنی إسرائیل و أنت تذبح صغارهم و یموت كبارهم فیوشك أن یقع العمل علینا فأمر فرعون أن یذبحوا سنة و یتركوا سنة فولد هارون فی السنة التی لا یذبحون فیها فترك و ولد موسی فی السنة التی یذبحون فیها قالوا فولدت هارون أمه علانیة آمنة فلما كان العام المقبل حملت بموسی فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه و اشتد غمها فأوحی اللّٰه تعالی إلیها وحی إلهام أَنْ أَرْضِعِیهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَیْهِ فَأَلْقِیهِ فِی الْیَمِّ وَ لا تَخافِی وَ لا تَحْزَنِی إِنَّا رَادُّوهُ إِلَیْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِینَ فلما وضعته فی خفیة أرضعته ثم اتخذت له تابوتا و جعلت مفتاح التابوت من داخل و جعلته فیه.
قال مقاتل و كان الذی صنع التابوت خربیل (1)مؤمن آل فرعون و قیل إنه كان من بردی (2)فاتخذت أم موسی التابوت و جعلت فیه قطنا محلوجا و وضعت فیه موسی و قیرت رأسه و خصاصه (3)ثم ألقته فی النیل فلما فعلت ذلك و تواری عنها ابنها أتاها الشیطان لعنه اللّٰه و وسوس إلیها فقالت فی نفسها ما ذا صنعت بابنی لو ذبح عندی فواریته و كفنته كان أحب إلی من أن ألقیه بیدی إلی دواب البحر فعصمها اللّٰه تعالی و انطلق الماء بموسی یرفعه الموج مرة و یخفضه أخری حتی أدخله بین أشجار عند دار فرعون إلی فرضة (4)و هی مستقی (5)جواری آل فرعون و كان یشرب منها نهر كبیر فی دار فرعون و بستانه فخرجت جواری آسیة یغتسلن و یسقین فوجدن التابوت فأخذنه و ظنن أن فیه مالا فحملنه كهیئته حتی أدخلنه علی آسیة (6)فلما فتحته و رأت الغلام فألقی اللّٰه تعالی
ص: 52
علیه محبة منها فرحمته آسیة و أحبته حبا شدیدا فلما سمع الذباحون أمره أقبلوا علی آسیة بشفارهم لیذبحوا الصبی فقالت آسیة للذباحین انصرفوا فإن هذا الواحد لا یزید فی بنی إسرائیل فآتی فرعون فأستوهبه إیاه فإن وهبه لی كنتم قد أحسنتم و إن أمر بذبحه لم ألمكم فأتت به و قالت قُرَّتُ عَیْنٍ لِی وَ لَكَ لا تقتله عَسی أَنْ یَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً فقال فرعون قرة عین لك فأما أنا فلا حاجة لی فیه.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی یُحْلَفُ بِهِ لَوْ أَقَرَّ فِرْعَوْنُ أَنْ یَكُونَ قُرَّةَ عَیْنٍ كَمَا أَقَرَّتْ بِهِ لَهَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَی كَمَا هَدَی بِهِ امْرَأَتَهُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَی حَرَّمَهُ ذَلِكَ.
قالوا فأراد فرعون أن یذبحه و قال إنی أخاف أن یكون هذا من بنی إسرائیل و أن یكون هذا هو الذی علی یدیه هلاكنا و زوال ملكنا فلم تزل آسیة تكلمه حتی وهبه لها فلما أمنت آسیة أرادت أن تسمیه باسم اقتضاه حاله و هو موشی لأنه وجد بین الماء و الشجر و مو بلغة القبط الماء و الشا (1)الشجر فعرب فقیل موسی.
و
روی عن ابن عباس أن بنی إسرائیل لما كثروا بمصر استطالوا علی الناس و عملوا بالمعاصی و وافق خیارهم شرارهم و لم یأمروا بالمعروف و لم ینهوا عن المنكر فسلط اللّٰه علیهم القبط فاستضعفوهم و ساموهم سوء العذاب و ذبحوا أبناءهم.
و قال وهب بلغنی أنه ذبح فی طلب موسی سبعین ألف ولید.
و عن ابن عباس أن أمّ موسی لما تقارب ولادتها و كانت قابلة من القوابل مصافیة (2)لها فلما ضربها الطلق أرسلت إلیها فأتتها و قبلتها (3)فلما أن وقع موسی بالأرض هالها نور بین عینی موسی فارتعش كل مفصل منها و دخل حبه قلبها ثم قالت لها یا هذه ما جئت إلیك حین دعوتنی إلا و من رأیی قتل مولودك و إخبار فرعون بذلك و لكن وجدت لابنك هذا حبا ما وجدت مثله قط فاحفظی فإنه هو عدونا فلما خرجت القابلة من
ص: 53
عندها أبصرها بعض العیون فجاءوا إلی بابها لیدخلوا علی أم موسی فقالت أخته هذه الحرس بالباب فطاش عقلها فلم تعقل ما تصنع خوفا علیه فلفته فی خرقة و وضعته فی التنور و هو مسجور بإلهامه تعالی فدخلوا فإذا التنور مسجور.
و
روی أن أم موسی لم یتغیر لها لون و لم یظهر لها لبن فقالوا ما أدخل علیك القابلة قالت هی مصافیة لی فدخلت علی زائرة فخرجوا من عندها فرجع إلیها عقلها فقالت لأخت موسی فأین الصبی قالت لا أدری فسمعت بكاء الصبی من التنور فانطلقت إلیه و قد جعل اللّٰه النار علیه بردا و سلاما فاحتملته.
و
«17»-عن ابن عباس قال انطلقت أم موسی إلی نجار من قوم فرعون فاشترت منه تابوتا صغیرا فقال لها ما تصنعین به قالت ابن لی أخبؤه فیه (1)و كرهت أن تكذب فانطلق النجار إلی الذباحین لیخبرهم بأمرها فلما هم بالكلام أمسك اللّٰه لسانه و جعل یشیر بیده فلم یدر الأمناء فلما أعیاهم أمره قال كبیرهم اضربوه فضربوه و أخرجوه فوقع فی واد یهوی فیه (2)حیران فجعل اللّٰه علیه أن رد لسانه و بصره أن لا یدل علیه و یكون معه یحفظه فرد اللّٰه علیه بصره و لسانه فآمن به و صدقه فانطلقت أم موسی و ألقته فی البحر و ذلك بعد ما أرضعته ثلاثة أشهر و كان لفرعون یومئذ بنت و لم یكن له ولد غیرها و كانت من أكرم الناس علیه و كان بها برص شدید و قد قالت أطباء المصر و السحرة إنها لا تبرأ إلا من قبل البحر یوجد منه شبه الإنسان فیؤخذ من ریقه فیلطخ به برصها فتبرأ من ذلك و ذلك فی یوم كذا و ساعة كذا حین تشرق فلما كان یوم الإثنین غدا فرعون إلی مجلس كان له علی شفیر النیل و معه آسیة فأقبلت بنت فرعون فی جواریها حتی جلست علی شاطئ النیل مع جواریها تلاعبهن إذا أقبل النیل بالتابوت تضربه الأمواج فأخذوه فدنت آسیة فرأت فی جوف التابوت نورا لم یره غیرها للذی أراد اللّٰه أن یكرمها (3)فعالجته ففتحت الباب فإذا نوره بین عینیه و قد
ص: 54
جعل اللّٰه تعالی رزقه فی إبهامه یمصه لبنا فألقی اللّٰه حبه فی قلبها و أحبه فرعون (1)فلما أخرجوه عمدت بنت فرعون إلی ما كان یسیل من ریقه فلطخت به برصها فبرأت فقبلته و ضمته إلی صدرها فقال الغواة من قوم فرعون أیها الملك إنا نظن أن ذلك المولود الذی تحذر منه من بنی إسرائیل هو هذا رمی به فی البحر فرقا منك (2)فهم فرعون بقتله فاستوهبته آسیة فوهبه لها ثم قال لها سمیه فقالت سمیته موشی لأنه وجد بین الماء و الشجر.
قالوا وَ قالَتْ أمّ موسی لِأُخْتِهِ و كانت تسمّی مریم قُصِّیهِ أی اتبعی أثره و اطلبیه هل تسمعین له ذكرا أ حیّ ابنی أم قد أكلته دوابّ البحر و نسیت وعد اللّٰه تعالی فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ أنها أخته (3)فلما امتنع أن یأخذ من المراضع ثدیا قالت هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلی أَهْلِ بَیْتٍ یَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ فلما أتت بأمه ثار إلی ثدیها حتی امتلأ جنباه فقالت امكثی عندی ترضعین ابنی هذا فقالت لا أستطیع أن أدع فلما امتنع أن یأخذ من المراضع ثدیا قالت هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلی أَهْلِ بَیْتٍ یَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ فلما أتت بأمه ثار إلی ثدیها حتی امتلأ جنباه فقالت امكثی عندی ترضعین ابنی هذا فقالت لا أستطیع أن أدع
ص: 55
بیتی و ولدی (1)فإن طابت نفسك أن تعطینی فاذهب به إلی بیتی لا آلوه خیرا (2)فعلت و ذكرت (3)أم موسی وعد اللّٰه تعالی فرجعت به إلی بیتها من یومها و قیل كانت غیبة موسی عن أمه ثلاثة أیام فلما جاءت أمه به إلی بیتها كادت تقول هو ابنی فعصمها اللّٰه تعالی و ذلك قوله تعالی إِنْ كادَتْ لَتُبْدِی بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلی قَلْبِها فلما ترعرع قالت امرأة فرعون لأم موسی أحب أن ترینی ابنی فوعدتها یوما تراها إیاه فقالت لحواضنها و قهارمتها (4)لا تبقین منكم أحد إلا استقبل ابنی بهدیة و كرامة فلم تزل الهدایا و التحف تستقبله من حین أخرج من بیت أمه أن أدخل علی امرأة فرعون فأكرمته و فرحت به فلما أدخل علی فرعون تناول لحیته و نتف منها و یقال إنه لطم وجهه و فی بعض الروایات أنه كان یلعب بین یدی فرعون و بیده قضیب صغیر یلعب به إذ ضرب علی رأس فرعون فغضب غضبا شدیدا و تطیر منه و قال هذا عدوی فأرسل إلی الذباحین فقالت امرأته إنما هو صبی لا یعقل و إنی أجعل بینی و بینك أمرا تعرف فیه الحق أضع له حلیا من الذهب و أضع له جمرا فإن أخذ الیاقوت فهو یعقل فلما حول جبرئیل یده إلی الجمر قبضها و طرحها فی فیه فوضعها علی لسانه فأحرقته فذلك الذی یقول وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِی فكف عن قتله و حببه اللّٰه تعالی إلیه و إلی الناس كلهم.و قال أهل السیر لما بلغ موسی علیه السلام أشده و كبر كان یركب مراكب فرعون و یلبس ما یلبس فرعون و كان إنما یدعی موسی بن فرعون و امتنع به بنو إسرائیل من كثیر من
ص: 56
الظلم (1)فركب فرعون ذات یوم فركب موسی فی أثره فأدركه المقیل بأرض یقال لها منف (2)فدخلها نصف النهار و قد غلقت أسواقها و لیس فی طرقها أحد و ذلك قوله تعالی عَلی حِینِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فبینا هو یمشی فی ناحیة المدینة إذا هو برجلین یقتتلان أحدهما من بنی إسرائیل و الآخر من آل فرعون و الَّذِی مِنْ شِیعَتِهِ یقال إنه السامری و الَّذِی مِنْ عَدُوِّهِ كان خبازا لفرعون و اسمه قاثون (3)و كان اشتری حطبا للمطبخ فسخر السامری لیحمله فامتنع فلما مر بهما موسی استغاث به فقال موسی للقبطی دعه فقال الخباز إنما آخذه لعمل أبیك فأبی أن یخلی سبیله فغضب موسی فبطش و خلص السامری من یده فنازعه القبطی فَوَكَزَهُ مُوسی فقتله و هو لا یرید قتله قالوا و لما قتل لم یرهما إلا اللّٰه تعالی و الإسرائیلی فَأَصْبَحَ فِی الْمَدِینَةِ خائِفاً یَتَرَقَّبُ الأخبار فأتی فرعون فقیل له إن بنی إسرائیل قد قتلوا رجلا من آل فرعون فخذ لنا بحقنا فقال ائتونی بقاتله و من یشهد علیه فطلبوا ذلك فبینا هم یطوفون إذ مر موسی من الغد فرأی ذلك الإسرائیلی یقاتل فرعونیا فاستغاثه علی الفرعونی فصادف موسی و قد ندم علی ما كان منه بالأمس و كره الذی رأی فغضب موسی فمد یده و هو یرید أن یبطش بالفرعونی فقال للإسرائیلی إِنَّكَ لَغَوِیٌّ مُبِینٌ ففرق الإسرائیلی من موسی أن یبطش به من أجل أنه أغلظ له الكلام فظن أنه یرید قتله فقال له یا مُوسی أَ تُرِیدُ أَنْ تَقْتُلَنِی الآیة و إنما قال ذلك مخافة من موسی و ظنا أن یكون إیاه أراد و إنما أراد الفرعونی فتتاركا و ذهب إلی فرعون و أخبره بما سمع من الإسرائیلی فأرسل فرعون الذباحین و أمرهم بقتل موسی و قال لهم اطلبوه فی بنیات الطریق (4)فإنه غلام لا یهتدی إلی الطریق فجاءه رجل من أقصی المدینة من شیعته یقال له خربیل (5)و كان علی بقیة من دین إبراهیم الخلیل علیه السلام و كان أول من صدق بموسی و آمن به.
ص: 57
وَ قَدْ رُوِیَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: سُبَّاقُ الْأُمَمِ ثَلَاثَةٌ لَمْ یَكْفُرُوا بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ خِرْبِیلُ (1)مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَ حَبِیبٌ النَّجَّارُ صَاحِبُ یَاسِینَ وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ أَفْضَلُهُمْ.
قالوا فجاء خربیل (2)فاختصر طریقا قریبا حتی سبق الذباحین إلیه و أخبره بما هَمَّ به فرعون فذلك قوله تعالی وَ جاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَی الْمَدِینَةِ الآیة فتحیر موسی و لم یدر أین یذهب فجاء ملك علی فرس بیده عنزة فقال له اتبعنی فاتبعه فهداه إلی مدین.
و عن ابن عباس أنه خرج من مصر إلی مدین و بینهما مسیرة ثمان لیال و یقال نحو من كوفة إلی البصرة و لم یكن له طعام إلا ورق الشجر فما وصل إلیها حتی وقع خف قدمیه و إن خضرة البقل تتراءی من بطنه قالت العلماء لما انتهی موسی إلی أرض مدین فی ثمان لیال نزل فی أصل شجرة و إذا تحتها بئر و هی التی قال اللّٰه تعالی وَ لَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْیَنَ وَجَدَ عَلَیْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ یَسْقُونَ وَ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَیْنِ تَذُودانِ أی تحبسان أغنامهما فقال لهما ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِی حَتَّی یُصْدِرَ الرِّعاءُ لأنا امرأتان ضعیفتان لا نقدر علی مزاحمة الرعاء فإذا سقوا مواشیهم سقینا أغنامنا من فضول حیاضهم وَ أَبُونا شَیْخٌ كَبِیرٌ تعنیان شعیبا.
و عن ابن عباس قال اسم أب امرأة موسی الذی استأجره یثرون صاحب مدین ابن أخی شعیب علیه السلام و اسم إحدی الجاریتین لیا و یقال حنونا و اسم الأخری صفوراء و هی امرأة موسی فلما قالتا ذلك رحمهما و كان هناك بئر و علی رأسها صخرة و كان نفر من الرجال یجتمعون علیها حتی یرفعوها عن رأسها و قیل إن تلك البئر غیر البئر التی یستقی منها الرعاء قالوا فرفع موسی الصخرة عن رأسها و أخذ دلوا لهما فَسَقی لَهُما أغنامهما فرجعتا إلی أبیهما سریعا قبل الناس و تولی موسی إلی ظل الشجرة فقال رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ فقال ابن عباس لقد قال ذلك موسی علیه السلام و لو شاء إنسان أن ینظر إلی خضرة
ص: 58
أمعائه من شدة الجوع لنظر ما یسأل اللّٰه تعالی إلا أكلة.
و
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَقَدْ قَالَهَا وَ إِنَّهُ لَمُحْتَاجٌ إِلَی شِقِّ تَمْرَةٍ.
قالوا فلما رجعتا إلی أبیهما قال لهما ما أعجلكما قالتا وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقی لنا أغنامنا فقال لإحداهما فاذهبی فادعیه إلی و هی التی تزوجها موسی فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِی عَلَی اسْتِحْیاءٍ ف قالَتْ له إِنَّ أَبِی یَدْعُوكَ لِیَجْزِیَكَ أَجْرَ ما سَقَیْتَ لَنا فقام موسی علیه السلام و تقدمته و هو یتبعها فهبت ریح فألزقت ثوب المرأة بردفها فقال لها امشی خلفی و دلینی علی الطریق فإن أخطأت فارمی قدامی بحصاة فإنا بنی یعقوب لا ننظر فی أعجاز النساء فنعتت له الطریق إلی منزل أبیها و مشت خلفه حتی دخلا علی شعیب فسأله عن حاله فأخبره ف قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ ف قالَتْ إِحْداهُما و هی التی كانت الرسول إلی موسی یا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَیْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِیُّ الْأَمِینُ و إنما قالت القوی لأنه أزال الحجر الذی كان یرفعه ثلاثون أو أربعون رجلا (1)فقال لها أبوها فما علمك بأمانته فأخبرت أباها بما أمرها به موسی من استدبارها إیاه.
قالوا فَلَمَّا قَضی مُوسَی علیه السلام أتم الأجلین وَ سارَ بِأَهْلِهِ منفصلا من أرض مدین یؤم الشام و معه أغنامه و امرأته و هی فی شهرها لا تدری أ لیلا تضع أم نهارا فانطلق فی بریة الشام عادلا عن المدائن و العمران مخافة الملوك الذین كانوا بالشام و كان أكبر همه یومئذ أخاه هارون و إخراجه من مصر فسار موسی علیه السلام فی البریة غیر عارف بطرقها فأجاءه المسیر (2)إلی جانب الطور الغربی الأیمن فی عشیة شاتیة شدیدة البرد و أظلم علیه اللیل و أخذت السماء ترعد و تبرق و تمطر و أخذ امرأته الطلق فعمد موسی إلی زنده و قدحه مرات فلم تور فتحیر و قام و قعد و أخذ یتأمل ما قرب و بعد تحیرا و ضجرا فبینا هو كذلك إذ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً فحسبه نارا فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّی آنَسْتُ ناراً لَعَلِّی آتِیكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَی النَّارِ هُدیً یعنی من یدلنی علی الطریق و كان قد ضل الطریق فَلَمَّا أَتاها رأی نورا عظیما ممتدا من عنان السماء إلی شجرة عظیمة هناك و.
ص: 59
اختلفوا فیها فقیل العوسجة و قیل العناب فتحیر موسی علیه السلام و ارتعدت مفاصله حیث رأی نارا عظیمة لیس لها دخان تلتهب و تشتعل من جوف شجرة خضراء لا تزداد النار إلا عظما و لا الشجرة إلا خضرة و نضرة فلما دنا استأخرت عنه فخاف عنها و رجع ثم ذكر حاجته إلی النار فرجع إلیها فدنت منه ف نُودِیَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَیْمَنِ فِی الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ یا مُوسی فنظر فلم یر أحدا فنودی إِنِّی أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ فلما سمع ذلك علم أنه ربه فناداه ربه أن ادن و اقترب فلما قرب منه و سمع النداء و رأی تلك الهیبة خفق قلبه و كل لسانه و ضعفت متنه (1)و صار حیا كمیت فأرسل اللّٰه سبحانه إلیه ملكا یشد ظهره و یقوی قلبه فلما تاب إلیه (2)نودی فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُویً ثم قال اللّٰه سبحانه تسكینا لقلبه و إذهابا لدهشته وَ ما تِلْكَ بِیَمِینِكَ إلی قوله تعالی مَآرِبُ أُخْری و اختلف فی اسم العصا فقال ابن جبیر اسمها ما شاء اللّٰه (3)و قال مقاتل اسمها نفعة و قیل غیاث و قیل علیق و أما صفتها و المآرب التی فیها لموسی علیه السلام فقال أهل العلم بأخبار الماضین كان لعصا موسی شعبتان و محجن فی أصل الشعبتین و سنان حدید فی أسفلها و كان موسی علیه السلام إذا دخل مفازة لیلا و لم یكن قمر تضی ء شعبتاها كالشعبتین من نور تضیئان له مد البصر و كان إذا أعوز الماء أدلاها فی البئر فجعلت تمتد إلی مقدار قعر البئر و تصیر فی رأسها شبه الدلو یستقی و إذا احتاج إلی الطعام ضرب الأرض بعصاه فیخرج ما یأكل یومه و كان إذا اشتهی فاكهة من الفواكه غرزها فی الأرض (4)فتغصنت أغصان تلك الشجرة التی اشتهی موسی فاكهتها و أثمرت له من ساعتها و یقال كان عصاه من اللوز فكان إذا جاع ركزها (5)فی الأرض فأورقت و أثمرت و أطعمت فكان یأكل منها اللوز و كان إذا قاتل عدوه یظهر علی شعبتیها تنینان یتناضلان (6)و كان یضرب علی الجبل
ص: 60
الصعب الوعر المرتقی و علی الشجر و العشب و الشوك فینفرج و إذا أراد عبور نهر من الأنهار بلا سفینة ضربها علیه فانفلق و بدا له طریق مهیع یمشی فیه و كان یشرب أحیانا من إحدی الشعبتین اللبن و من الآخر العسل و كان إذا أعیا فی طریقه یركبها فتحملها إلی أی موضع شاء من غیر ركض و لا تحریك رجل و كانت تدله علی الطریق و تقاتل أعداءه و إذا احتاج موسی إلی الطیب فاح منها الطیب حتی یتطیب ثوبه و إذا كان فی طریق فیه لصوص تخشی الناس جانبهم تكلمه العصا و تقول له خذ جانب كذا و كان یهش بها علی غنمه و یدفع بها السباع و الحیات و الحشرات و إذا سافر وضعها علی عاتقه و علق علیها جهازه و متاعه و مخلاته و مقلاعه و كساءه و طعامه و سقاءه.
قال مقاتل بن حیان قال شعیب لموسی حین زوج ابنته و سلم إلیه أغنامه یرعاها اذهب بهذه الأغنام فإذا بلغت مفرق الطریق فخذ علی یسارك و لا تأخذ علی یمینك و إن كان الكلأ بها أكثر فإن هناك تنینا عظیما أخشی علیك و علی الأغنام منه فذهب موسی بالأغنام فلما بلغ مفرق الطریقین أخذت الأغنام ذات الیمین فاجتهد موسی علی أن یصرفها إلی ذات الشمال فلم تطعه فنام موسی و الأغنام ترعی فإذا بالتنین قد جاء فقامت عصا موسی فحاربته فقتلته و أتت فاستلقت علی جنب موسی و هی دامیة فلما استیقظ موسی علیه السلام رأی العصا دامیة و التنین مقتولا فعلم أن فی تلك العصا لله تعالی قدرة و عرف أن لها شأنا فهذه مآرب موسی فیها إذا كانت عصا فأما إذا ألقاها موسی فیری أنها تنقلب حیة كأعظم ما یكون من التنانین سوداء مدلهمة تدب علی أربع قوائم تصیر شعبتاها فمها و فیه اثنا عشر أنیابا و أضراسا لها صریف و صریر یخرج منها لهب النار فتصیر محجنها عرفا لها كأمثال النیازك (1)تلتهب و عیناها تلمعان كما یلمع البرق تهب من فیها ریح السموم لا تصیب شیئا إلا أحرقته تمر بالصخرة مثل الناقة الكوماء (2)فتبتلعها حتی أن الصخور فی جوفها تتقعقع (3)و تمر بالشجرة فتفطرها بأنیابها ثم تحطمها و
ص: 61
تبتلعها و جعلت تتلمظ و تترمرم كأنها تطلب شیئا تأكل و كان تكون فی عظم الثعبان و خفة الجان و لین الحیة و ذلك موافق لنص القرآن حیث قال فی موضع فَإِذا هِیَ ثُعْبانٌ مُبِینٌ و قال فی موضع آخر كَأَنَّها جَانٌّ و قال فی موضع آخر فَإِذا هِیَ حَیَّةٌ تَسْعی قالوا فلما ألقاها صارت شعبتاها فمها و محجنها عرفا لها فی ظهرها و هی تهتز لها أنیاب و هی كما شاء اللّٰه أن یكون فرأی موسی أمرا فظیعا ف وَلَّی مُدْبِراً وَ لَمْ یُعَقِّبْ فناداه ربه تعالی أن یا مُوسی أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِینَ قالوا و كان علی موسی جبة من صوف فلف كمه علی یده و هو لها هائب فنودی أن احسر عن یدك فحسر كمه عن یده ثم أدخل یده بین لحییها فلما قبض فإذا هو عصاه فی یده و یده بین شعبتیها حیث كان یضعها ثم قال له أَدْخِلْ یَدَكَ فِی جَیْبِكَ فأدخلها ثم أخرجها فإذا هی نور تلتهب یكل عنه البصر ثم ردها فخرجت كما كانت علی لون یدیه.
ثم قال له اذْهَبْ إِلی فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغی فقال موسی رَبِّ إِنِّی قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ یَقْتُلُونِ وَ أَخِی هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّی لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِی رِدْءاً یُصَدِّقُنِی إِنِّی أَخافُ أَنْ یُكَذِّبُونِ قال اللّٰه تعالی سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِیكَ الآیة و كان علی موسی یومئذ مدرعة قد خلها بخلال و جبة من صوف و ثیاب من صوف و قلنسوة من صوف و اللّٰه سبحانه یكلمه و یعهد إلیه و یقول له یا موسی انطلق برسالتی و أنت بعینی و سمعی و معك قوتی و نصرتی بعثتك إلی خلق ضعیف من خلقی بطر من نعمتی و آمن مكری و غرته الدنیا حتی جحد حقی و أنكر ربوبیتی و زعم أنه لا یعرفنی و عزتی و جلالی لو لا الحجة و العذر اللذان جعلتهما بینی و بین خلقی لبطشت به بطشة جبار تغضب لغضبه السماوات و الأرض و البحار و الجبال و الشجر و الدواب فلو أذنت للسماء لحصبته (1)أو للأرض لابتلعته أو للجبال لدكدكته أو للبحار لغرقته و لكن هان علی و صغر عندی و وسعه حلمی و أنا الغنی عنه و عن جمیع خلقی و أنا خالق الغنی و الفقیر لا غنی إلا من أغنیته و لا فقیر إلا من أفقرته فبلغه رسالتی و ادعه إلی عبادتی و توحیدی و الإخلاص لی و حذره نقمتی و بأسی و ذكره أیامی و أعلمه أنه لا یقوم لغضبی شی ء و قل له فیما بین ذلك
ص: 62
قَوْلًا لَیِّناً لَعَلَّهُ یَتَذَكَّرُ أَوْ یَخْشی و كنه فی خطابك (1) إیاه و لا یرو عنك ما ألبسته من لباس الدنیا فإن ناصیته بیدی و لا یطرف و لا ینطق و لا یتنفس إلا بعلمی و أخبره بأنی إلی العفو و المغفرة أسرع إلی الغضب و العقوبة و قل له أجب ربك فإنه واسع المغفرة قد أمهلك طول هذه المدة و أنت فی كلها تدعی الربوبیة دونه و تصد عن عبادته و فی كل ذلك تمطر علیك السماء و تنبت لك الأرض و یلبسك العافیة و لو شاء لعاجلك بالنقمة و لسلبك ما أعطاك و لكنه ذو حلم عظیم ثم أمسك عن موسی سبعة أیام ثم قیل له بعد سبع لیال أجب ربك یا موسی فیما كلمك فقال رَبِّ اشْرَحْ لِی صَدْرِی الآیة فلما رجع موسی شیعته الملائكة فكان قلب موسی مشتغلا بولده و أراد أن یختنه فأمر اللّٰه عز و جل ملكا فمد یده و لم یزل قدمه عن موضعها حتی جاء به ملففا فی خرقته و تناوله موسی فأخذ حجرتین فحك أحدهما بالآخر حتی حدده كالسكین فختن بهما (2)ابنه فتفل الملك علیه و برئ من ساعته ثم رده الملك إلی موضعه و لم یزل أهل موسی فی ذلك الموضع حتی مر راع من أهل مدین فعرفهم و احتملهم و ردهم إلی مدین و كانوا عند شعیب حتی بلغهم خبر موسی علیه السلام بعد ما فلق البحر و جاوزه بنو إسرائیل و غرق اللّٰه فرعون فبعثهم شعیب إلی موسی علیه السلام بمصر. (3)
إیضاح: فتحز بالزای المعجمة أی تقطع و الخصاص كل خلل و خرق فی باب و غیره و الفرضة بالضم من النهر ثلمة یستقی منها و من البحر محط السفن و سخره كمنعه كلفه ما لا یرید و قهره و الزند الذی یقدح به النار و وری النار اتقادها و المحجن كمنبر كل معطوف معوج و طریق مهیع بین و المقلاع الذی یرمی به الحجر و صریف ناب البعیر صوتها و تلمظت الحیة أخرجت لسانها و ترمرم تحرك للكلام و لم یتكلم.
ص: 63
«1»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَیِّتٍ (1).
مع، معانی الأخبار مرسلا مثله(2).
«2»-ع، علل الشرائع مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ نَصْرٍ النَّجَّارِیُّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ إِلَی الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ قَالَ یَعْنِی ارْفَعْ خَوْفَیْكَ یَعْنِی خَوْفَهُ مِنْ ضِیَاعِ أَهْلِهِ وَ قَدْ خَلَّفَهَا بِمَخْضٍ (3)وَ خَوْفَهُ مِنْ فِرْعَوْنَ.
قال الصدوق رحمه اللّٰه: و سمعت أبا جعفر محمد بن عبد اللّٰه بن طیفور الدامغانی الواعظ یقول فی قول موسی علیه السلام وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِی یَفْقَهُوا قَوْلِی قال یقول إنی أستحیی أن أكلم بلسانی الذی كلمتك به غیرك فیمنعنی حیائی منك عن محاورة غیرك فصارت هذه الحال عقدة علی لسانی فاحللها بفضلك وَ اجْعَلْ لِی وَزِیراً مِنْ أَهْلِی هارُونَ أَخِی معناه أنه سأل اللّٰه عز و جل أن یأذن له فی أن یعبر عنه هارون فلا یحتاج أن یكلم فرعون بلسان كلم اللّٰه عز و جل به (4).
«3»-ع، علل الشرائع مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ بَشَّارٍ الْقَزْوِینِیُّ عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ
ص: 64
النَّخَعِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّیَ الْجَبَلُ الَّذِی كَانَ عَلَیْهِ مُوسَی طُورَ سَیْنَاءَ لِأَنَّهُ جَبَلٌ كَانَ عَلَیْهِ شَجَرُ الزَّیْتُونِ وَ كُلُّ جَبَلٍ یَكُونُ عَلَیْهِ مَا یُنْتَفَعُ بِهِ مِنَ النَّبَاتِ أَوِ الْأَشْجَارِ سُمِّیَ طُورَ سَیْنَاءَ وَ طُورَ سِینِینَ وَ مَا لَمْ یَكُنْ عَلَیْهِ مَا یُنْتَفَعُ بِهِ مِنَ النَّبَاتِ أَوِ الْأَشْجَارِ مِنَ الْجِبَالِ سُمِّیَ طور (طُوراً) وَ لَا یُقَالُ لَهُ طُورُ سَیْنَاءَ وَ لَا طُورُ سِینِینَ (1).
مع، معانی الأخبار مرسلا مثله (2).
«4»-ج، الإحتجاج سَأَلَ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَائِمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی لِنَبِیِّهِ مُوسَی فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُویً فَإِنَّ فُقَهَاءَ الْفَرِیقَیْنِ یَزْعُمُونَ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ إِهَابِ (3)الْمَیْتَةِ فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدِ افْتَرَی عَلَی مُوسَی وَ اسْتَجْهَلَهُ فِی نُبُوَّتِهِ إِنَّهُ مَا خَلَا الْأَمْرُ فِیهَا مِنْ خَصْلَتَیْنِ إِمَّا أَنْ كَانَتْ صَلَاةُ مُوسَی فِیهَا جَائِزَةً أَوْ غَیْرَ جَائِزَةٍ فَإِنْ كَانَتْ جَائِزَةً فِیهَا فَجَازَ لِمُوسَی أَنْ یَكُونَ یَلْبَسُهَا فِی تِلْكَ الْبُقْعَةِ وَ إِنْ كَانَتْ مُقَدَّسَةً مُطَهَّرَةً وَ إِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ غَیْرَ جَائِزَةٍ فِیهَا فَقَدْ أَوْجَبَ أَنَّ مُوسَی لَمْ یَعْرِفِ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ وَ لَمْ یَعْلَمْ مَا جَازَتِ الصَّلَاةُ فِیهِ مِمَّا لَمْ تَجُزْ وَ هَذَا كُفْرٌ قُلْتُ فَأَخْبِرْنِی یَا مَوْلَایَ عَنِ التَّأْوِیلِ فِیهِمَا قَالَ إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ كَانَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنِّی أَخْلَصْتُ لَكَ الْمَحَبَّةَ مِنِّی وَ غَسَلْتُ قَلْبِی عَمَّنْ سِوَاكَ وَ كَانَ شَدِیدَ الْحُبِّ لِأَهْلِهِ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ أَیِ انْزِعْ حُبَّ أَهْلِكَ مِنْ قَلْبِكَ إِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُكَ لِی خَالِصَةً وَ قَلْبُكَ مِنَ الْمَیْلِ إِلَی مَنْ سِوَایَ مَشْغُولًا الْخَبَرَ (4).
بیان: اعلم أن المفسرین اختلفوا فی سبب الأمر بخلع النعلین و معناه علی أقوال:
ص: 65
الأول أنهما كانتا من جلد حمار میت و الثانی أنه كان من جلد بقرة ذكیة و لكنه أمر بخلعهما لیباشر بقدمیه الأرض فتصیبه بركة الوادی المقدس و الثالث أن الحفا من علامة التواضع و لذلك كانت السلف تطوف حفاة و الرابع أن موسی علیه السلام إنما لبس النعل اتقاء من الأنجاس و خوفا من الحشرات فآمنه اللّٰه مما یخاف و أعلمه بطهارة الموضع و الخامس أن المعنی فرغ قلبك من حب الأهل و المال و السادس أن المراد فرغ قلبك عن ذكر الدارین (1).
«5»-ع، علل الشرائع فِی خَبَرِ ابْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْوَادِ الْمُقَدَّسِ لِمَ سُمِّیَ الْمُقَدَّسَ قَالَ لِأَنَّهُ قُدِّسَتْ فِیهِ الْأَرْوَاحُ وَ اصْطُفِیَتْ فِیهِ الْمَلَائِكَةُ وَ كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوسی تَكْلِیماً (2).
ص: 66
الآیات؛
البقرة: «وَ إِذْ نَجَّیْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ یَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ یُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَ یَسْتَحْیُونَ نِساءَكُمْ وَ فِی ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِیمٌ *وَ إِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَیْناكُمْ وَ أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ»(49-50)
الأعراف: «ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسی بِآیاتِنا إِلی فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِینَ* وَ قالَ مُوسی یا فِرْعَوْنُ إِنِّی رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ* حَقِیقٌ عَلی أَنْ لا أَقُولَ عَلَی اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِیَ بَنِی إِسْرائِیلَ *قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآیَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ *فَأَلْقی عَصاهُ فَإِذا هِیَ ثُعْبانٌ مُبِینٌ* وَ نَزَعَ یَدَهُ فَإِذا هِیَ بَیْضاءُ لِلنَّاظِرِینَ *قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِیمٌ* یُرِیدُ أَنْ یُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ* قالُوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ أَرْسِلْ فِی الْمَدائِنِ حاشِرِینَ *یَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِیمٍ* وَ جاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِینَ* قالَ نَعَمْ وَ إِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِینَ* قالُوا یا مُوسی إِمَّا أَنْ تُلْقِیَ وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِینَ* قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْیُنَ النَّاسِ وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ وَ جاؤُ بِسِحْرٍ عَظِیمٍ* وَ أَوْحَیْنا إِلی مُوسی أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِیَ تَلْقَفُ ما یَأْفِكُونَ* فَوَقَعَ الْحَقُّ وَ بَطَلَ ما كانُوا یَعْمَلُونَ* فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَ انْقَلَبُوا صاغِرِینَ* وَ أُلْقِیَ السَّحَرَةُ ساجِدِینَ* قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِینَ* رَبِّ مُوسی وَ هارُونَ* قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِی الْمَدِینَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ *لَأُقَطِّعَنَّ أَیْدِیَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِینَ* قالُوا إِنَّا إِلی رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ *وَ ما تَنْقِمُ مِنَّا
ص: 67
إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآیاتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَیْنا صَبْراً وَ تَوَفَّنا مُسْلِمِینَ* وَ قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَ تَذَرُ مُوسی وَ قَوْمَهُ لِیُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ وَ یَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَ نَسْتَحْیِی نِساءَهُمْ وَ إِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ* قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ اسْتَعِینُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ* قالُوا أُوذِینا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِیَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسی رَبُّكُمْ أَنْ یُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ یَسْتَخْلِفَكُمْ فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرَ كَیْفَ تَعْمَلُونَ* وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِینَ وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ یَذَّكَّرُونَ* فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَةٌ یَطَّیَّرُوا بِمُوسی وَ مَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ* وَ قالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آیَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِینَ* فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمُ الطُّوفانَ وَ الْجَرادَ وَ الْقُمَّلَ وَ الضَّفادِعَ وَ الدَّمَ آیاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَ كانُوا قَوْماً مُجْرِمِینَ* وَ لَمَّا وَقَعَ عَلَیْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا یا مُوسَی ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَ لَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِی إِسْرائِیلَ* فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلی أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ یَنْكُثُونَ* فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِی الْیَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ كانُوا عَنْها غافِلِینَ* وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِینَ كانُوا یُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِی بارَكْنا فِیها وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنی عَلی بَنِی إِسْرائِیلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ یَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا یَعْرِشُونَ»(103-137)
الأنفال: «كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآیاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِیٌّ شَدِیدُ الْعِقابِ»(52) (و قال تعالی): «كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَ كُلٌّ كانُوا ظالِمِینَ»(54)
یونس: «ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسی وَ هارُونَ إِلی فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ بِآیاتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَ كانُوا قَوْماً مُجْرِمِینَ* فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِینٌ* قالَ مُوسی أَ تَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَ سِحْرٌ هذا وَ لا یُفْلِحُ السَّاحِرُونَ* قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَیْهِ آباءَنا وَ تَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِیاءُ فِی الْأَرْضِ وَ ما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِینَ *وَ قالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِی بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِیمٍ* فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسی أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ* فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسی ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَیُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا یُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِینَ*وَ
ص: 68
یُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ* فَما آمَنَ لِمُوسی إِلَّا ذُرِّیَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلی خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِمْ أَنْ یَفْتِنَهُمْ وَ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِی الْأَرْضِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِینَ* وَ قالَ مُوسی یا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَیْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِینَ* فَقالُوا عَلَی اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِینَ* وَ نَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِینَ* وَ أَوْحَیْنا إِلی مُوسی وَ أَخِیهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُیُوتاً وَ اجْعَلُوا بُیُوتَكُمْ قِبْلَةً وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِینَ* وَ قالَ مُوسی رَبَّنا إِنَّكَ آتَیْتَ فِرْعَوْنَ وَ مَلَأَهُ زِینَةً وَ أَمْوالًا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا رَبَّنا لِیُضِلُّوا عَنْ سَبِیلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلی أَمْوالِهِمْ وَ اشْدُدْ عَلی قُلُوبِهِمْ فَلا یُؤْمِنُوا حَتَّی یَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِیمَ* قالَ قَدْ أُجِیبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِیما وَ لا تَتَّبِعانِّ سَبِیلَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ* وَ جاوَزْنا بِبَنِی إِسْرائِیلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ بَغْیاً وَ عَدْواً حَتَّی إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِی آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِیلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ *آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ* فَالْیَوْمَ نُنَجِّیكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آیَةً وَ إِنَّ كَثِیراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آیاتِنا لَغافِلُونَ* وَ لَقَدْ بَوَّأْنا بَنِی إِسْرائِیلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّی جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ یَقْضِی بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فِیما كانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ»(75-92)
هود: «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسی بِآیاتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِینٍ *إِلی فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَ ما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِیدٍ* یَقْدُمُ قَوْمَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَ بِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ* وَ أُتْبِعُوا فِی هذِهِ لَعْنَةً وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ»(96-99)
الإسراء: «وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسی تِسْعَ آیاتٍ بَیِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِی إِسْرائِیلَ *إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّی لَأَظُنُّكَ یا مُوسی مَسْحُوراً* قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ وَ إِنِّی لَأَظُنُّكَ یا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً* فَأَرادَ أَنْ یَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ جَمِیعاً* وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِی إِسْرائِیلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِیفاً»(101-104)
طه: «وَ هَلْ أَتاكَ حَدِیثُ مُوسی إِذْ رَأی ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّی آنَسْتُ ناراً لَعَلِّی آتِیكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَی النَّارِ هُدیً* فَلَمَّا أَتاها نُودِیَ یا مُوسی* إِنِّی أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُویً *وَ أَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما یُوحی*إِنَّنِی أَنَا
ص: 69
اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِی وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِی* إِنَّ السَّاعَةَ آتِیَةٌ أَكادُ أُخْفِیها لِتُجْزی كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعی* فَلا یَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا یُؤْمِنُ بِها وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدی* وَ ما تِلْكَ بِیَمِینِكَ یا مُوسی* قالَ هِیَ عَصایَ أَتَوَكَّؤُا عَلَیْها وَ أَهُشُّ بِها عَلی غَنَمِی وَ لِیَ فِیها مَآرِبُ أُخْری* قالَ أَلْقِها یا مُوسی *فَأَلْقاها فَإِذا هِیَ حَیَّةٌ تَسْعی* قالَ خُذْها وَ لا تَخَفْ سَنُعِیدُها سِیرَتَهَا الْأُولی* وَ اضْمُمْ یَدَكَ إِلی جَناحِكَ تَخْرُجْ بَیْضاءَ مِنْ غَیْرِ سُوءٍ آیَةً أُخْری* لِنُرِیَكَ مِنْ آیاتِنَا الْكُبْری* اذْهَبْ إِلی فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغی *قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِی صَدْرِی* وَ یَسِّرْ لِی أَمْرِی* وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِی* یَفْقَهُوا قَوْلِی *وَ اجْعَلْ لِی وَزِیراً مِنْ أَهْلِی* هارُونَ أَخِی *اشْدُدْ بِهِ أَزْرِی* وَ أَشْرِكْهُ فِی أَمْرِی* كَیْ نُسَبِّحَكَ كَثِیراً *وَ نَذْكُرَكَ كَثِیراً *إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِیراً* قالَ قَدْ أُوتِیتَ سُؤْلَكَ یا مُوسی* وَ لَقَدْ مَنَنَّا عَلَیْكَ مَرَّةً أُخْری* إِذْ أَوْحَیْنا إِلی أُمِّكَ ما یُوحی* أَنِ اقْذِفِیهِ فِی التَّابُوتِ فَاقْذِفِیهِ فِی الْیَمِّ فَلْیُلْقِهِ الْیَمُّ بِالسَّاحِلِ یَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِی وَ عَدُوٌّ لَهُ وَ أَلْقَیْتُ عَلَیْكَ مَحَبَّةً مِنِّی وَ لِتُصْنَعَ عَلی عَیْنِی* إِذْ تَمْشِی أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلی مَنْ یَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلی أُمِّكَ كَیْ تَقَرَّ عَیْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ قَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّیْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَ فَتَنَّاكَ فُتُوناً *فَلَبِثْتَ سِنِینَ فِی أَهْلِ مَدْیَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلی قَدَرٍ یا مُوسی* وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِی* اذْهَبْ أَنْتَ وَ أَخُوكَ بِآیاتِی وَ لا تَنِیا فِی ذِكْرِی* اذْهَبا إِلی فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغی* فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَیِّناً لَعَلَّهُ یَتَذَكَّرُ أَوْ یَخْشی* قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ یَفْرُطَ عَلَیْنا أَوْ أَنْ یَطْغی* قالَ لا تَخافا إِنَّنِی مَعَكُما أَسْمَعُ وَ أَری* فَأْتِیاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِی إِسْرائِیلَ وَ لا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآیَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَ السَّلامُ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی* إِنَّا قَدْ أُوحِیَ إِلَیْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلی مَنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّی* قالَ فَمَنْ رَبُّكُما یا مُوسی* قالَ رَبُّنَا الَّذِی أَعْطی كُلَّ شَیْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدی* قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولی* قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّی فِی كِتابٍ لا یَضِلُّ رَبِّی وَ لا یَنْسی* الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَ سَلَكَ لَكُمْ فِیها سُبُلًا وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّی* كُلُوا وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِأُولِی النُّهی* مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِیها نُعِیدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْری* وَ لَقَدْ أَرَیْناهُ آیاتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَ أَبی* قالَ أَ جِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ یا مُوسی*فَلَنَأْتِیَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ
ص: 70
فَاجْعَلْ بَیْنَنا وَ بَیْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَ لا أَنْتَ مَكاناً سُویً* قالَ مَوْعِدُكُمْ یَوْمُ الزِّینَةِ وَ أَنْ یُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًی* فَتَوَلَّی فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَیْدَهُ ثُمَّ أَتی* قالَ لَهُمْ مُوسی وَیْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَی اللَّهِ كَذِباً فَیُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری* فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَیْنَهُمْ وَ أَسَرُّوا النَّجْوی* قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ یُرِیدانِ أَنْ یُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَ یَذْهَبا بِطَرِیقَتِكُمُ الْمُثْلی* فَأَجْمِعُوا كَیْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَ قَدْ أَفْلَحَ الْیَوْمَ مَنِ اسْتَعْلی* قالُوا یا مُوسی إِمَّا أَنْ تُلْقِیَ وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقی* قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَ عِصِیُّهُمْ یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعی* فَأَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً مُوسی* قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلی* وَ أَلْقِ ما فِی یَمِینِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَیْدُ ساحِرٍ وَ لا یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتی* فَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَ مُوسی* قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِیرُكُمُ الَّذِی عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَیْدِیَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِی جُذُوعِ النَّخْلِ وَ لَتَعْلَمُنَّ أَیُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَ أَبْقی* قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلی ما جاءَنا مِنَ الْبَیِّناتِ وَ الَّذِی فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِی هذِهِ الْحَیاةَ الدُّنْیا* إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِیَغْفِرَ لَنا خَطایانا وَ ما أَكْرَهْتَنا عَلَیْهِ مِنَ السِّحْرِ وَ اللَّهُ خَیْرٌ وَ أَبْقی* إِنَّهُ مَنْ یَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا یَمُوتُ فِیها وَ لا یَحْیی* وَ مَنْ یَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلی* جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها وَ ذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّی *وَ لَقَدْ أَوْحَیْنا إِلی مُوسی أَنْ أَسْرِ بِعِبادِی فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِیقاً فِی الْبَحْرِ یَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَ لا تَخْشی* فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِیَهُمْ مِنَ الْیَمِّ ما غَشِیَهُمْ وَ أَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَ ما هَدی»(9-79)
المؤمنین: «ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسی وَ أَخاهُ هارُونَ بِآیاتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِینٍ* إِلی فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَ كانُوا قَوْماً عالِینَ* فَقالُوا أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَیْنِ مِثْلِنا وَ قَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ* فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِینَ *وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ یَهْتَدُونَ»(45-49)
الشعراء وَ إِذْ نادی رَبُّكَ مُوسی أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ* قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَ لا یَتَّقُونَ *قالَ رَبِّ إِنِّی أَخافُ أَنْ یُكَذِّبُونِ* وَ یَضِیقُ صَدْرِی وَ لا یَنْطَلِقُ لِسانِی فَأَرْسِلْ إِلی هارُونَ *وَ لَهُمْ عَلَیَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ یَقْتُلُونِ* قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآیاتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ*فَأْتِیا
ص: 71
فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِینَ* أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِی إِسْرائِیلَ* قالَ أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِینا وَلِیداً وَ لَبِثْتَ فِینا مِنْ عُمُرِكَ سِنِینَ* وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِی فَعَلْتَ وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِینَ* قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّینَ* فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِی رَبِّی حُكْماً وَ جَعَلَنِی مِنَ الْمُرْسَلِینَ* وَ تِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَیَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِی إِسْرائِیلَ* قالَ فِرْعَوْنُ وَ ما رَبُّ الْعالَمِینَ *قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِینَ* قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَ لا تَسْتَمِعُونَ* قالَ رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِینَ* قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِی أُرْسِلَ إِلَیْكُمْ لَمَجْنُونٌ *قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ ما بَیْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ* قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَیْرِی لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِینَ* قالَ أَ وَ لَوْ جِئْتُكَ بِشَیْ ءٍ مُبِینٍ* قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ *فَأَلْقی عَصاهُ فَإِذا هِیَ ثُعْبانٌ مُبِینٌ* وَ نَزَعَ یَدَهُ فَإِذا هِیَ بَیْضاءُ لِلنَّاظِرِینَ *قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِیمٌ *یُرِیدُ أَنْ یُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ *قالُوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ ابْعَثْ فِی الْمَدائِنِ حاشِرِینَ*یَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِیمٍ* فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِیقاتِ یَوْمٍ مَعْلُومٍ* وَ قِیلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ* لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِینَ* فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَ إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِینَ* قالَ نَعَمْ وَ إِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِینَ* قالَ لَهُمْ مُوسی أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ* فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَ عِصِیَّهُمْ وَ قالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ* فَأَلْقی مُوسی عَصاهُ فَإِذا هِیَ تَلْقَفُ ما یَأْفِكُونَ* فَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ ساجِدِینَ* قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِینَ* رَبِّ مُوسی وَ هارُونَ* قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِیرُكُمُ الَّذِی عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ* لَأُقَطِّعَنَّ أَیْدِیَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِینَ *قالُوا لا ضَیْرَ إِنَّا إِلی رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ* إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ یَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطایانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِینَ* وَ أَوْحَیْنا إِلی مُوسی أَنْ أَسْرِ بِعِبادِی إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ* فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِی الْمَدائِنِ حاشِرِینَ* إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِیلُونَ* وَ إِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ* وَ إِنَّا لَجَمِیعٌ حاذِرُونَ فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ* وَ كُنُوزٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ* كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها بَنِی إِسْرائِیلَ* فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِینَ* فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسی إِنَّا لَمُدْرَكُونَ* قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِی رَبِّی سَیَهْدِینِ* فَأَوْحَیْنا إِلی مُوسی أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِیمِ* وَ أَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِینَ* وَ أَنْجَیْنا مُوسی وَ مَنْ مَعَهُ أَجْمَعِینَ* ثُمَ
ص: 72
أَغْرَقْنَا الْآخَرِینَ* إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِینَ* وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِیزُ الرَّحِیمُ»(10-68)
النمل: «إِذْ قالَ مُوسی لِأَهْلِهِ إِنِّی آنَسْتُ ناراً سَآتِیكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِیكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ* فَلَمَّا جاءَها نُودِیَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِی النَّارِ وَ مَنْ حَوْلَها وَ سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ* یا مُوسی إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ* وَ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّی مُدْبِراً وَ لَمْ یُعَقِّبْ یا مُوسی لا تَخَفْ إِنِّی لا یَخافُ لَدَیَّ الْمُرْسَلُونَ* إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّی غَفُورٌ رَحِیمٌ* وَ أَدْخِلْ یَدَكَ فِی جَیْبِكَ تَخْرُجْ بَیْضاءَ مِنْ غَیْرِ سُوءٍ فِی تِسْعِ آیاتٍ إِلی فِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِینَ* فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آیاتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِینٌ* وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَیْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا فَانْظُرْ كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِینَ»(7-14)
القصص: «فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسی بِآیاتِنا بَیِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَریً وَ ما سَمِعْنا بِهذا فِی آبائِنَا الْأَوَّلِینَ* وَ قالَ مُوسی رَبِّی أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدی مِنْ عِنْدِهِ وَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا یُفْلِحُ الظَّالِمُونَ* وَ قالَ فِرْعَوْنُ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرِی فَأَوْقِدْ لِی یا هامانُ عَلَی الطِّینِ فَاجْعَلْ لِی صَرْحاً لَعَلِّی أَطَّلِعُ إِلی إِلهِ مُوسی وَ إِنِّی لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِینَ* وَ اسْتَكْبَرَ هُوَ وَ جُنُودُهُ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَیْنا لا یُرْجَعُونَ *فَأَخَذْناهُ وَ جُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِی الْیَمِّ فَانْظُرْ كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِینَ* وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَدْعُونَ إِلَی النَّارِ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ لا یُنْصَرُونَ* وَ أَتْبَعْناهُمْ فِی هذِهِ الدُّنْیا لَعْنَةً وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِینَ»(36-42) (و قال تعالی): «أَ وَ لَمْ یَكْفُرُوا بِما أُوتِیَ مُوسی مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَ قالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ»(49)
ص: «كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ عادٌ وَ فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ»(12)
المؤمن: «وَ قالَ فِرْعَوْنُ یا هامانُ ابْنِ لِی صَرْحاً لَعَلِّی أَبْلُغُ الْأَسْبابَ* أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلی إِلهِ مُوسی وَ إِنِّی لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَ كَذلِكَ زُیِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَ صُدَّ عَنِ السَّبِیلِ وَ ما كَیْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِی تَبابٍ»(36-37)
الزخرف: «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسی بِآیاتِنا إِلی فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ فَقالَ إِنِّی رَسُولُ
ص: 73
رَبِّ الْعالَمِینَ* فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآیاتِنا إِذا هُمْ مِنْها یَضْحَكُونَ* وَ ما نُرِیهِمْ مِنْ آیَةٍ إِلَّا هِیَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ* وَ قالُوا یا أَیُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ* فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ یَنْكُثُونَ* وَ نادی فِرْعَوْنُ فِی قَوْمِهِ قالَ یا قَوْمِ أَ لَیْسَ لِی مُلْكُ مِصْرَ وَ هذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِی مِنْ تَحْتِی أَ فَلا تُبْصِرُونَ* أَمْ أَنَا خَیْرٌ مِنْ هذَا الَّذِی هُوَ مَهِینٌ وَ لا یَكادُ یُبِینُ* فَلَوْ لا أُلْقِیَ عَلَیْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِینَ* فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِینَ* فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِینَ* فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَ مَثَلًا لِلْآخِرِینَ»(46-56)
الدخان: «وَ لَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَ جاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِیمٌ* أَنْ أَدُّوا إِلَیَّ عِبادَ اللَّهِ إِنِّی لَكُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ* وَ أَنْ لا تَعْلُوا عَلَی اللَّهِ إِنِّی آتِیكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِینٍ* وَ إِنِّی عُذْتُ بِرَبِّی وَ رَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ *وَ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِی فَاعْتَزِلُونِ* فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ* فَأَسْرِ بِعِبادِی لَیْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ* وَ اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ* كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ *وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ* وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِیها فاكِهِینَ* كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِینَ* فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ* وَ لَقَدْ نَجَّیْنا بَنِی إِسْرائِیلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِینِ* مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِیاً مِنَ الْمُسْرِفِینَ* وَ لَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلی عِلْمٍ عَلَی الْعالَمِینَ* وَ آتَیْناهُمْ مِنَ الْآیاتِ ما فِیهِ بَلؤُا مُبِینٌ»(17-33)
الذاریات: «وَ فِی مُوسی إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلی فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِینٍ* فَتَوَلَّی بِرُكْنِهِ وَ قالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ *فَأَخَذْناهُ وَ جُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِی الْیَمِّ وَ هُوَ مُلِیمٌ»(38-40)
القمر: «وَ لَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ *كَذَّبُوا بِآیاتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِیزٍ مُقْتَدِرٍ»(41-42)
الصف: «وَ إِذْ قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ یا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِی وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفاسِقِینَ»(5)
المزمل: «إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَیْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَیْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلی فِرْعَوْنَ رَسُولًا* فَعَصی فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِیلًا»(15-16)
ص: 74
النازعات: «هَلْ أَتاكَ حَدِیثُ مُوسی* إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُویً* اذْهَبْ إِلی فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغی* فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلی أَنْ تَزَكَّی* وَ أَهْدِیَكَ إِلی رَبِّكَ فَتَخْشی* فَأَراهُ الْآیَةَ الْكُبْری* فَكَذَّبَ وَ عَصی* ثُمَّ أَدْبَرَ یَسْعی* فَحَشَرَ فَنادی* فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی* فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولی* إِنَّ فِی ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ یَخْشی»(15-26)
الفجر: «وَ فِرْعَوْنَ ذِی الْأَوْتادِ»(10)
تفسیر: قال الطبرسی طیب اللّٰه رمسه: مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أی من قومه و أهل دینه یَسُومُونَكُمْ أی یكلفونكم و یذیقونكم سُوءَ الْعَذابِ و اختلفوا فی هذا العذاب فقال قوم ما ذكر بعده و قیل ما كان یكلفونهم من الأعمال الشاقة فمنها أنهم جعلوهم أصنافا فصنف یخدمونهم و صنف یحرسون لهم و من لا یصلح منهم للعمل ضربوا الجزیة علیهم و كانوا مع ذلك یذبحون أبناءهم و یستحیون نساءهم أی یدعونهن أحیاء لیستعبدن و ینكحن علی وجه الاسترقاق و هذا أشد من الذبح وَ فِی ذلِكُمْ أی و فی سومكم العذاب و ذبح الأبناء بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِیمٌ أی ابتلاء عظیم من ربكم لما خلا بینكم و بینه و قیل أی و فی نجاتكم نعمة عظیمة من اللّٰه و كان السبب فی قتل الأبناء أن فرعون رأی فی منامه أن نارا أقبلت من بیت المقدس حتی اشتملت علی بیوت مصر فأحرقتها و أحرقت القبط و تركت بنی إسرائیل فهاله ذلك و دعا السحرة و الكهنة و القافة فسألهم عن رؤیاه فقالوا له إنه یولد فی بنی إسرائیل غلام یكون علی یده هلاكك و ذهاب ملكك و تبدیل دینك فأمر فرعون بقتل كل غلام یولد فی بنی إسرائیل و جمع القوابل من أهل مملكته فقال لهن لا یسقط علی أیدیكن غلام من بنی إسرائیل إلا قتل و لا جاریة إلا تركت و وكل بهن فكن یفعلن ذلك فأسرع الموت فی مشیخة بنی إسرائیل فدخل رءوس القبط علی فرعون فقالوا له إن الموت وقع علی بنی إسرائیل فتذبح صغارهم و یموت كبارهم فیوشك أن یقع العمل علینا فأمر فرعون أن یذبحوا سنة و یتركوا سنة فولد هارون فی السنة التی لا یذبحون فیها فترك و ولد موسی فی السنة التی یذبحون فیها.
و اذكروا إِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ أی فرقنا بین الماءین حتی مررتم فیه و كنتم فرقا بینهما تمرون فی طریق یبس و قیل فرقنا البحر بدخولكم إیاه فوقع بین كل فرقتین
ص: 75
من البحر طائفة منكم یسلكون طریقا یابسا فوقع الفرق بكم وَ أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ لم یذكر فرعون لظهوره و ذكره فی مواضع و یجوز أن یرید بآل فرعون نفسه وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ أی تشاهدون أنهم یغرقون و جملة القصة ما ذكره ابن عباس أن اللّٰه تعالی أوحی إلی موسی أن أسر ببنی إسرائیل من مصر فسری موسی ببنی إسرائیل لیلا فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ فی ألف ألف حصان سوی الإناث و كان موسی فی ستمائة ألف و عشرین ألفا فلما عاینهم فرعون قال إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِیلُونَ إلی قوله حاذِرُونَ فسری موسی ببنی إسرائیل حتی هجموا علی البحر فالتفتوا فإذا هم برهج (1)دواب فرعون فقالوا یا موسی أُوذِینا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِیَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا هذا البحر أمامنا و هذا فرعون قد رهقنا (2)بمن معه فقال موسی عَسی رَبُّكُمْ أَنْ یُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ یَسْتَخْلِفَكُمْ فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرَ كَیْفَ تَعْمَلُونَ فقال له یوشع بن نون بم أمرت قال أمرت أن أضرب بعصای البحر قال اضرب و كان اللّٰه أوحی إلی البحر أن أطع موسی إذا ضربك قال فبات البحر له أفكل (3)أی رعدة لا یدری فی أی جوانبه یضربه فضرب بعصاه البحر فانفلق و ظهر اثنا عشر طریقا فكان لكل سبط منهم طریق یأخذون فیه فقالوا إنا لا نسلك طریقا ندیا فأرسل اللّٰه ریح الصبا حتی جففت الطریق كما قال فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِیقاً فِی الْبَحْرِ یَبَساً فجروا فلما أخذوا فی الطریق قال بعضهم لبعض ما لنا لا نری أصحابنا فقالوا لموسی أین أصحابنا فقال فی طریق مثل طریقكم فقالوا لا نرضی حتی نراهم فقال موسی علیه السلام اللّٰهم أعنی علی أخلاقهم السیئة فأوحی اللّٰه إلیه أن قل بعصاك (4)هكذا و هكذا یمینا و شمالا فأشار بعصاه یمینا و شمالا فظهر كالكو (5)ینظر منها بعضهم إلی بعض فلما انتهی فرعون إلی ساحل البحر و كان
ص: 76
علی فرس حصان أدهم فهاب دخول الماء تمثل له جبرئیل علی فرس أنثی ودیق (1)و تقحم البحر (2)فلما رآها الحصان تقحم خلفها ثم تقحم قوم فرعون و میكائیل یسوقهم فلما خرج آخر من كان مع موسی من البحر و دخل آخر من كان مع فرعون البحر أطبق اللّٰه علیهم الماء فغرقوا جمیعا و نجا موسی و من معه (3).
وَ مَلَائِهِ أی أشراف قومه و ذوی الأمر منهم فَظَلَمُوا بِها أی ظلموا أنفسهم بجحدها و قیل فظلموا بها بوضعها غیر مواضعها فجعلوا بدل الإیمان بها الكفر و الجحود قال وهب و كان اسم فرعون الولید بن مصعب و هو فرعون یوسف (4)و كان بین الیوم الذی دخل یوسف مصر و الیوم الذی دخلها موسی رسولا أربعمائة عام حَقِیقٌ عَلی أَنْ لا أَقُولَ عَلَی اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ أی حقیق علی ترك القول علی اللّٰه إلا الحق و قال الفراء علی بمعنی الباء أی حقیق بأن لا أقول و قیل أی حریص علی أن لا أقول بِبَیِّنَةٍ أی بحجة و معجزة فَأَرْسِلْ مَعِیَ بَنِی إِسْرائِیلَ أی فأطلق بنی إسرائیل عن عقال التسخیر و خلهم یرجعوا إلی الأرض المقدسة فَإِذا هِیَ ثُعْبانٌ مُبِینٌ أی حیة عظیمة بین ظاهر أنه ثعبان بحیث لا یشتبه علی الناس و لم یكن مما یخیل أنه حیة و لیس بحیة و قیل إن العصا لما صارت حیة أخذت قبة فرعون بین فكیها و كان ما بینهما ثمانون ذراعا فتضرع فرعون إلی موسی بعد أن وثب من سریره و هرب منها و أحدث و هرب الناس و دخل فرعون البیت و صاح یا موسی خذها و أنا أؤمن بك فأخذها موسی فعادت عصا عن ابن عباس و السدی و قیل كان طولها ثمانین ذراعا وَ نَزَعَ یَدَهُ قیل إن فرعون قال له هل معك آیة أخری قال نعم فأدخل یده فی جیبه و قیل تحت إبطه ثم نزعها أی أخرجها منه و أظهرها فَإِذا هِیَ بَیْضاءُ أی لونها أبیض نوری و لها
ص: 77
شعاع یغلب نور الشمس و كان موسی آدم فیما یروی ثم أعاد الید إلی كمه فعادت إلی لونها الأول عن ابن عباس و السدی و اختلف فی عصاه فقیل أعطاه ملك حین توجه إلی مدین و قیل إن عصا آدم كانت من آس الجنة حین أهبط فكانت تدور بین أولاده حتی انتهت النوبة إلی شعیب و كانت میراثا مع أربعین عصا كانت لآبائه فلما استأجر شعیب موسی أمره بدخول بیت فیه العصی و قال له خذ عصا من تلك العصی فوقع تلك العصا بید موسی فاسترده شعیب و قال خذ غیرها حتی فعل ذلك ثلاث مرات فی كل مرة تقع یده علیها دون غیرها فتركها فی یده فی المرة الرابعة فلما خرج من عنده متوجها إلی مصر و رأی نارا و أتی الشجرة فناداه اللّٰه تعالی أَنْ یا مُوسی إِنِّی أَنَا اللَّهُ و أمره بإلقائها فألقاها فصارت حیة فولی هاربا فناداه اللّٰه سبحانه خُذْها وَ لا تَخَفْ فأدخل یده بین لحییها فعادت عصا فلما أتی فرعون ألقاها بین یدیه علی ما تقدم بیانه و قیل كان الأنبیاء یأخذون العصا تجنبا من الخیلاء (1).
قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ لمن دونهم من الحاضرین إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِیمٌ بالسحر یُرِیدُ أَنْ یُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ أی یرید أن یستمیل بقلوب بنی إسرائیل إلی نفسه و یتقوی بهم فیغلبكم بهم و یخرجوكم من بلدتكم فَما ذا تَأْمُرُونَ قیل إن هذا قول الأشراف بعضهم لبعض علی سبیل المشورة و یحتمل أن یكون قالوا ذلك لفرعون و إنما قالوا تأمرون بلفظ الجمع علی خطاب الملوك و یحتمل أیضا أن یكون قول فرعون لقومه فتقدیره قال فرعون لهم فما ذا تأمرون قالُوا أی لفرعون أَرْجِهْ وَ أَخاهُ أی أخره و أخاه هارون و لا تعجل بالحكم فیهما بشی ء فتكون عجلتك حجة علیك و قیل أخره أی احبسه و الأول أصح وَ أَرْسِلْ فِی الْمَدائِنِ التی حولك حاشِرِینَ أی جامعین للسحرة یحشرون من یعلمونه منهم عن مجاهد و السدی و قیل هم أصحاب الشرط أرسلهم فی حشر السحرة و كانوا اثنین و سبعین رجلا عن ابن عباس وَ جاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ و كانوا خمسة عشر ألفا و قیل ثمانین ألفا و قیل سبعین ألفا و قیل بضعا و ثلاثین ألفا و قیل كانوا اثنین و سبعین اثنان من القبط و هما رئیسا القوم و سبعون من بنی إسرائیل
ص: 78
و قیل كانوا سبعین وَ إِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِینَ أی و إنكم مع حصول الأجر لكم لمن المقربین إلی المنازل الجلیلة.
قالُوا یا مُوسی أی قالت السحرة لموسی إِمَّا أَنْ تُلْقِیَ ما معك من العصا أولا وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِینَ لما معنا من العصی و الحبال أولا قالَ أَلْقُوا هذا أمر تهدید و تقریع سَحَرُوا أَعْیُنَ النَّاسِ أی احتالوا فی تحریك العصی و الحبال بما جعلوا فیها من الزیبق حتی تحركت بحرارة الشمس و غیر ذلك من الحیل و أنواع التمویه و التلبیس و خیل إلی الناس أنها تتحرك علی ما تتحرك الحیة وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ أی استدعوا رهبتهم حتی رهبهم الناس فَإِذا هِیَ تَلْقَفُ ما یَأْفِكُونَ أی فألقاها فصارت ثعبانا فإذا هی تبتلع ما یكذبون فیه أنها حیات فَوَقَعَ الْحَقُّ أی ظهر لأنهم لما رأوا تلك الآیات الباهرة علموا أنه أمر سماوی لا یقدر علیه غیر اللّٰه تعالی فمنها قلب العصا حیة و منها أكلها حبالهم و عصیهم مع كثرتها و منها فناء حبالهم و عصیهم فی بطنه إما بالتفرق و إما بالفناء عند من جوزه و منها عودها عصا كما كانت من غیر زیادة و لا نقصان و كل من هذه الأمور یعلم كل عاقل أنه لا یدخل تحت مقدور البشر فاعترفوا بالتوحید و النبوة و صار إسلامهم حجة علی فرعون و قومه فَغُلِبُوا هُنالِكَ أی قهر فرعون و قومه عند ذلك المجمع و بهت فرعون و خلی سبیل موسی و من تبعه وَ انْقَلَبُوا صاغِرِینَ أی انصرفوا أذلاء مقهورین وَ أُلْقِیَ السَّحَرَةُ ساجِدِینَ ألهمهم اللّٰه ذلك.
و قیل إن موسی و هارون سجدا لله شكرا له علی ظهور الحق فاقتدوا بهما فسجدوا معهما و إنما قال ألقی علی ما لم یسم فاعله للإشارة إلی أنه ألقاهم ما رأوا من عظیم الآیات حیث لم یتمالكوا أنفسهم عند ذلك أن وقعوا ساجدین رَبِّ مُوسی وَ هارُونَ خصوهما لأنهما دعوا إلی الإیمان و لتفضیلها أو لئلا یتوهم متوهم أنهم سجدوا لفرعون لأنه كان یدعی أنه رب العالمین إِنَّ هذا لَمَكْرٌ أراد به التلبیس علی الناس و إیهامهم أن إیمان السحرة لم یكن عن علم و لكن لتواطؤ منهم لیذهبوا بأموالكم و ملككم فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة أمركم لَأُقَطِّعَنَّ أَیْدِیَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ أی من كل شق طرفا قال الحسن هو أن یقطع الید الیمنی مع الرجل الیسری و قال غیره
ص: 79
و كذلك الید الیسری مع الرجل الیمنی قیل أول من قطع الرجل و صلب فرعون صلبهم فی جذوع النخل علی شاطئ نهر مصر إِنَّا إِلی رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ راجعون إلی ربنا بالتوحید و الإخلاص و الانقلاب إلی اللّٰه هو الانقلاب إلی جزائه و غرضهم التسلی فی الصبر علی الشدة لما فیه من المثوبة مع مقابلة وعیده بوعید أشد منه و هو عقاب اللّٰه وَ ما تَنْقِمُ مِنَّا أی و ما تطعن علینا و ما تكره منا إلا إیماننا باللّٰه و تصدیقنا بآیاته التی جاءتنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَیْنا صَبْراً أی أصبب علینا الصبر عند القطع و الصلب حتی لا نرجع كفارا وَ تَوَفَّنا مُسْلِمِینَ أی وفقنا للثبات علی الإسلام إلی وقت الوفاة قالوا فصلبهم فرعون من یومه فكانوا أول النهار كفارا سحرة و آخر النهار شهداء بررة و قیل أیضا إنه لم یصل إلیهم و عصمهم اللّٰه منه.
وَ قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ لما أسلم السحرة أَ تَذَرُ مُوسی وَ قَوْمَهُ أی أ تتركهم أحیاء لیظهروا خلافك و یدعوا الناس إلی مخالفتك لیغلبوا علیك فیفسد به ملكك و
روی 17 عن ابن عباس أنه لما آمن السحرة أسلم من بنی إسرائیل ستمائة ألف نفس و اتبعوه.
قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ قال ابن عباس كان فرعون یقتل أبناء بنی إسرائیل فلما كان من أمر موسی ما كان أمر بإعادة القتل علیهم فشكا ذلك بنو إسرائیل إلی موسی فعند ذلك قال اسْتَعِینُوا بِاللَّهِ فی دفع بلاء فرعون عنكم وَ اصْبِرُوا علی دینكم یُورِثُها مَنْ یَشاءُ أی ینقلها إلی من یشاء نقل المواریث وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ أی تمسكوا بالتقوی فإن حسن العاقبة فی الدارین للمتقین قالُوا أی بنو إسرائیل لموسی أُوذِینا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِیَنا أی عذبنا فرعون بقتل الأبناء و استخدام النساء قبل أن تأتینا بالرسالة وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا أیضا و یتوعدنا و یأخذ أموالنا و یكلفنا الأعمال الشاقة فلم ننتفع بمجیئك و هذا یدل علی أنه جری فیهم القتل و التعذیب مرتین قال الحسن كان فرعون یأخذ الجزیة قبل مجی ء موسی و بعده من بنی إسرائیل و هذا كان استبطاء منهم لما وعدهم موسی من النجاة فجدد لهم علیه السلام الوعد قالَ عَسی رَبُّكُمْ أَنْ یُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ و عسی من اللّٰه موجب (1)وَ یَسْتَخْلِفَكُمْ فِی الْأَرْضِ أی یملككم ما كانوا یملكونه فی الأرض من بعدهم فَیَنْظُرَ كَیْفَ تَعْمَلُونَ شكرا لما منحكم.
ص: 80
وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِینَ اللام للقسم أی عاقبنا قوم فرعون بالجدوب و القحط فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ یعنی الخصب و النعمة و السعة فی الرزق و السلامة و العافیة قالُوا لَنا هذِهِ أی إنا نستحق ذلك علی العادة الجاریة لنا و لم یعلموا أنه من عند اللّٰه تعالی فیشكروه وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَةٌ أی جوع و بلاء و قحط المطر و ضیق الرزق و هلاك الثمر و المواشی یَطَّیَّرُوا أی یتطیروا و یتشأموا بِمُوسی وَ مَنْ مَعَهُ و قالوا ما رأینا شرا حتی رأیناكم أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ معناه ألا إن الشؤم الذی یلحقهم هو الذی وعدوا به من العقاب عند اللّٰه یفعل بهم فی الآخرة لا ما ینالهم فی الدنیا أو أن اللّٰه هو الذی یأتی بطائر البركة و طائر الشؤم من الخیر و الشر و النفع و الضر فلو عقلوا لطلبوا الخیر و السلامة من الشر من قبله و قیل أی ما تشأموا به محفوظ علیهم حتی یجازیهم اللّٰه به یوم القیامة وَ قالُوا أی قوم فرعون لموسی مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آیَةٍ أی أی شی ء تأتینا به من المعجزات لِتَسْحَرَنا بِها أی لتموه علینا بها حتی تنقلنا عن دین فرعون فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمُ الطُّوفانَ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ ابْنُ جُبَیْرٍ وَ قَتَادَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَ رَوَاهُ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ دَخَلَ حَدِیثُ بَعْضِهِمْ فِی بَعْضٍ قَالُوا لَمَّا آمَنَتِ السَّحَرَةُ وَ رَجَعَ فِرْعَوْنُ مَغْلُوباً وَ أَبَی هُوَ وَ قَوْمُهُ إِلَّا الْإِقَامَةَ عَلَی الْكُفْرِ قَالَ هَامَانُ لِفِرْعَوْنَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ آمَنُوا بِمُوسَی فَانْظُرْ مَنْ دَخَلَ فِی دِینِهِ فَاحْبِسْهُ فَحَبَسَ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَتَابَعَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ بِالْآیَاتِ وَ أَخَذَهُمْ بِالسِّنِینَ وَ نَقْصِ الثَّمَرَاتِ ثُمَّ بَعَثَ عَلَیْهِمُ الطُّوفَانَ فَخَرَّبَ دُورَهُمْ وَ مَسَاكِنَهُمْ حَتَّی خَرَجُوا إِلَی الْبَرِّیَّةِ وَ ضَرَبُوا الْخِیَامَ وَ امْتَلَأَتْ بُیُوتُ الْقِبْطِ مَاءً وَ لَمْ یَدْخُلْ بُیُوتَ بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنَ الْمَاءِ قَطْرَةٌ وَ أَقَامَ الْمَاءُ عَلَی وَجْهِ أَرَضِیهِمْ لَا یَقْدِرُونَ عَلَی أَنْ یَحْرِثُوا فَقَالُوا لِمُوسَی ادْعُ لَنا رَبَّكَ أَنْ یَكْشِفَ عَنَّا الْمَطَرَ فَنُؤْمِنَ لَكَ وَ نُرْسِلَ مَعَكَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَدَعَا رَبَّهُ فَكَشَفَ (1)عَنْهُمُ الطُّوفَانَ فَلَمْ یُؤْمِنُوا وَ قَالَ هَامَانُ لِفِرْعَوْنَ لَئِنْ خَلَّیْتَ بَنِی إِسْرَائِیلَ غَلَبَكَ مُوسَی وَ أَزَالَ مُلْكَكَ وَ أَنْبَتَ اللَّهُ لَهُمْ فِی تِلْكَ السَّنَةِ مِنَ الْكَلَإِ وَ الزَّرْعِ وَ الثَّمَرِ مَا أَعْشَبَتْ بِهِ بِلَادُهُمْ وَ أَخْصَبَتْ فَقَالُوا مَا كَانَ هَذَا الْمَاءُ إِلَّا نِعْمَةً عَلَیْنَا وَ خِصْباً فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فِی السَّنَةِ الثَّانِیَةِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ
ص: 81
إِبْرَاهِیمَ وَ فِی الشَّهْرِ الثَّانِی عَنْ غَیْرِهِ مِنَ المُفَسِّرِینَ الْجَرَادَ فَجَرَّدَتْ زُرُوعَهُمْ وَ أَشْجَارَهُمْ حَتَّی كَانَتْ تُجَرِّدُ شُعُورَهُمْ وَ لِحَاهُمْ وَ تَأْكُلُ الْأَبْوَابَ وَ الثِّیَابَ وَ الْأَمْتِعَةَ وَ كَانَتْ لَا تَدْخُلُ بُیُوتَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ لَا یُصِیبُهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَیْ ءٌ فَعَجُّوا وَ ضَجُّوا وَ جَزِعَ فِرْعَوْنُ مِنْ ذَلِكَ جَزَعاً شَدِیداً وَ قَالَ یا مُوسَی ادْعُ لَنا رَبَّكَ أَنْ یَكُفَّ عَنَّا الْجَرَادَ حَتَّی أُخَلِّیَ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَدَعَا مُوسَی رَبَّهُ فَكَفَّ عَنْهُمُ الْجَرَادَ بَعْدَ مَا أَقَامَ عَلَیْهِمْ سَبْعَةَ أَیَّامٍ مِنَ السَّبْتِ إِلَی السَّبْتِ.
و قیل إن موسی علیه السلام برز إلی الفضاء فأشار بعصاه نحو المشرق و المغرب فرجعت الجراد من حیث جاءت حتی كأن لم یكن قط و لم یدع هامان فرعون أن یخلی عن بنی إسرائیل فأنزل اللّٰه علیهم فی السنة الثالثة فی روایة علی بن إبراهیم و فی الشهر الثالث عن غیره من المفسرین القمل و هو الجراد الصغار الذی لا أجنحة له و هو شر ما یكون و أخبثه فأتی علی زروعهم كلها و اجتثها (1)من أصلها فذهب زروعهم و لحس الأرض كلها (2).
و قیل أمر موسی علیه السلام أن یمشی إلی كثیب أعفر (3)بقریة من قری مصر تدعی عین الشمس فأتاه فضربه بعصاه فانثال (4)علیهم قملا فكان یدخل بین ثوب أحدهم فیعضه و كان یأكل أحدهم الطعام فیمتلئ قملا قال ابن جبیر القمل السوس الذی یخرج من الحبوب فكان الرجل یخرج عشرة أجربة إلی الرحی فلا یرد منها ثلاثة أقفزة فلم یصابوا ببلاء كان أشد علیهم من القمل و أخذت أشعارهم و أبشارهم و أشفار عیونهم و حواجبهم و لزمت جلودهم كأنها الجدری (5)علیهم و منعتهم النور و القرار فصرخوا و صاحوا فقال فرعون لموسی ادع لنا ربك لئن كشف عنا القمل لأكفن عن بنی إسرائیل فدعا موسی علیه السلام حتی
ص: 82
ذهب القمل بعد ما أقام عندهم سبعة أیام من السبت إلی السبت فنكثوا فأنزل اللّٰه علیهم فی السنة الرابعة و قیل فی الشهر الرابع الضفادع فكانت تكون فی طعامهم و شرابهم و امتلأت منها بیوتهم و أبنیتهم فلا یكشف أحدهم ثوبا و لا إناء و لا طعاما و لا شرابا إلا وجد فیه الضفادع و كانت تثب فی قدورهم فتفسد علیهم ما فیها و كان الرجل یجلس إلی ذقنه من الضفادع (1)و یهم أن یتكلم فیثب الضفدع فی فیه و یفتح فاه لأكلته فیسبق الضفدع أكلته إلی فیه فلقوا منها أذی شدیدا فلما رأوا ذلك بكوا و شكوا إلی موسی و قالوا هذه المرة نتوب و لا نعود فادع اللّٰه أن یذهب عنا الضفادع فإنا نؤمن بك و نرسل معك بنی إسرائیل فأخذ عهودهم و مواثیقهم ثم دعا ربه فكشف عنهم الضفادع بعد ما أقام علیهم سبعا من السبت إلی السبت ثم نقضوا العهد و عادوا لكفرهم فلما كانت السنة الخامسة أرسل اللّٰه علیهم الدم فسال ماء النیل علیهم دما فكان القبطی یراه دما و الإسرائیلی یراه ماء فإذا شربه الإسرائیلی كان ماء و إذا شربه القبطی كان دما و كان القبطی یقول للإسرائیلی خذ الماء فی فیك و صبه فی فی فكان إذا صبه فی فم القبطی تحول دما و إن فرعون اعتراه العطش حتی إنه لیضطر إلی مضغ الأشجار الرطبة فإذا مضغها یصیر ماؤها فی فیه دما فمكثوا فی ذلك سبعة أیام لا یأكلون إلا الدم و لا یشربون إلا الدم.
قال زید بن أسلم الدم الذی سلط علیهم كان الرعاف فأتوا موسی فقالوا ادع لنا ربك یكشف عنا هذا الدم فنؤمن لك و نرسل معك بنی إسرائیل فلما دفع اللّٰه عنهم الدم لم یؤمنوا و لم یخلوا عن بنی إسرائیل وَ لَمَّا وَقَعَ عَلَیْهِمُ الرِّجْزُ أی العذاب و هو ما نزل بهم من الطوفان و غیره و قیل هو الطاعون أصابهم فمات من القبط سبعون ألف إنسان و هو العذاب السادس عن ابن جبیر و مثله
مَا رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ أَصَابَهُمْ ثَلْجٌ أَحْمَرُ فَمَاتُوا فِیهِ وَ جَزِعُوا.
قالُوا أی فرعون و قومه یا مُوسَی ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ أی بما تقدم إلیك أن تدعوه به فإنه یجیبك كما أجابك فی آیاتك أو بما عهد إلیك أنا لو آمنا لرفع
ص: 83
عنا العذاب أو بما عهد عندك من النبوة فالباء للقسم إِلی أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ یعنی الأجل الذی غرقهم اللّٰه فیه إِذا هُمْ یَنْكُثُونَ أی ینقضون العهد فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ أی فجازیناهم علی سوء صنیعهم فِی الْیَمِّ أی البحر وَ كانُوا عَنْها غافِلِینَ أی عن نزول العذاب بهم أو المعنی أنا عاقبناهم بتكذیبهم و تعرضهم لأسباب الغفلة و عملهم عمل الغافل عنها.
وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِینَ كانُوا یُسْتَضْعَفُونَ یعنی بنی إسرائیل فإن القبط كانوا یستضعفونهم فأورثهم اللّٰه بأن مكنهم و حكم لهم بالتصرف بعد إهلاك فرعون و قومه فكأنهم ورثوا منهم مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا التی كانوا فیها یعنی جهات الشرق و الغرب منها یرید به ملك فرعون من أدناه إلی أقصاه و قیل هی أرض الشام و مصر و قیل هی أرض الشام شرقها و غربها و قیل أرض مصر قال الزجاج كان من بنی إسرائیل داود و سلیمان ملكوا الأرض الَّتِی بارَكْنا فِیها بإخراج الزروع و الثمار و سائر صنوف النبات و الأشجار و العیون و الأنهار و ضروب المنافع وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنی عَلی بَنِی إِسْرائِیلَ أی صح كلام ربك بإنجاز الوعد بإهلاك عدوهم و استخلافهم فی الأرض و قیل وعد الجنة بِما صَبَرُوا علی أذی فرعون و قومه وَ دَمَّرْنا ما كانَ یَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ أی أهلكنا ما كانوا یبنون من الأبنیة و القصور و الدیار وَ ما كانُوا یَعْرِشُونَ من الأشجار و الأعناب و الثمار أو یسقفون من القصور و البیوت (1).
فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا أی ما أتی به من المعجزات و البراهین أَ تَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أی إنه لسحر فاستأنف إنكارا و قال أَ سِحْرٌ هذا وَ لا یُفْلِحُ السَّاحِرُونَ أی لا یظفرون بحجة لِتَلْفِتَنا أی لتصرفنا وَ تَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِیاءُ أی الملك و العظمة و السلطان فِی الْأَرْضِ أی فی أرض مصر أو الأعم بِكُلِّ ساحِرٍ إنما فعل ذلك للجهل بأن ما أتی به موسی علیه السلام من عند اللّٰه و لیس بسحر و بعد ذلك علم فعاند و قیل علم أنه لیس بسحر و لكنه ظن أن السحر یقاربه مقاربة تشبیه وَ یُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ أی یظهره و یثبته و ینصر أهله بِكَلِماتِهِ أی بمواعیده و قیل بكلامه الذی یتبین به
ص: 84
معانی الآیات التی آتاها نبیه و قیل بما سبق من حكمه فی اللوح المحفوظ بأن ذلك سیكون إِلَّا ذُرِّیَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ أی أولاد من قوم فرعون أو من قوم موسی و هم بنو إسرائیل الذین كانوا بمصر و اختلف من قال بالأول فقیل إنهم قوم كانت أمهاتهم من بنی إسرائیل و آباؤهم من القبط فاتبعوا أمهاتهم و أخوالهم عن ابن عباس و قیل إنهم ناس یسیر من قوم فرعون منهم امرأة فرعون و مؤمن آل فرعون و جاریته (1)و امرأة هی ماشطة امرأة فرعون و قیل إنهم بعض أولاد القبط لم یستجب آباؤهم موسی علیه السلام و اختلف من قال بالثانی فقیل هم جماعة من بنی إسرائیل أخذهم فرعون بتعلم السحر و جعلهم من أصحابه فآمنوا بموسی و قیل أراد مؤمنی بنی إسرائیل و كانوا ستمائة ألف و كان یعقوب دخل مصر منهم باثنین و سبعین إنسانا فتوالدوا حتی بلغوا ستمائة ألف و إنما سماهم ذریة علی وجه التصغیر لضعفهم عن ابن عباس فی روایة أخری و قال مجاهد أراد بهم أولاد الذین أرسل إلیهم موسی علیه السلام من بنی إسرائیل لطول الزمان هلك الآباء و بقی الأبناء عَلی خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ یعنی آمنوا و هم خائفون من معرة (2)فرعون وَ مَلَائِهِمْ أی رؤسائهم أَنْ یَفْتِنَهُمْ أی یصرفهم عن الدین بأن یمتحنهم بمحنة لا یملكنهم الصبر علیها فینصرفون عن الدین لَعالٍ فِی الْأَرْضِ أی مستكبر طاغ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِینَ أی المجاوزین الحد فی العصیان لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً أی لا تمكن الظالمین من ظلمنا بما یحملنا علی إظهار الانصراف عن دیننا أو لا تظهرهم علینا فیفتتن بنا الكفار و یقولوا لو كانوا علی الحق لما ظهرنا علیهم.
وَ رَوَی زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا تُسَلِّطْهُمْ عَلَیْنَا فَتَفْتِنَهُمْ بِنَا.
أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما أی اتخذا لمن آمن بكما بِمِصْرَ بُیُوتاً یسكنونها و یأوون إلیها وَ اجْعَلُوا بُیُوتَكُمْ سیأتی تفسیره زِینَةً من الحلی و الثیاب و قیل الزینة الجمال و صحة البدن و طول القامة و حسن الصورة و أموالا یتعظمون بها فی الحیاة الدنیا رَبَّنا لِیُضِلُّوا اللام للعاقبة و قیل معناه لئلا یضلوا فحذفت لا رَبَّنَا اطْمِسْ المراد
ص: 85
بالطمس علی الأموال تغییرها عن جهتها إلی جهة لا ینتفع بها قال عامة أهل التفسیر صارت جمیع أموالهم حجارة حتی السكر و الفانیذ (1)وَ اشْدُدْ عَلی قُلُوبِهِمْ أی ثبتهم علی المقام ببلدهم بعد إهلاك أموالهم فیكون ذلك أشد علیهم و قیل أی أمتهم و أهلكهم بعد سلب أموالهم و قیل إنه عبارة عن الخذلان و الطبع فَلا یُؤْمِنُوا یحتمل النصب و الجزم فأما النصب فعلی جواب صیغة الأمر بالفاء أو بالعطف علی لیضلوا و ما بینهما اعتراض و أما الجزم فعلی وجه الدعاء علیهم و قیل إن معناه فلا یؤمنون إیمان اختیار أصلا قَدْ أُجِیبَتْ دَعْوَتُكُما
قال ابن جریح مكث فرعون بعد هذا الدعاء أربعین سنة و روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
فَاسْتَقِیما أی فاثبتا علی ما أمرتما به من دعاء الناس إلی الإیمان بَغْیاً وَ عَدْواً أی لیبغوا علیهم و یظلموهم قالَ آمَنْتُ كان ذلك إیمان إلجاء لا یستحق به الثواب فلم ینفعه آلْآنَ أی قیل له الآن آمنت حین لم ینفع الإیمان و قد عصیت بترك الإیمان فی حال ینفعك فهلا آمنت قبل ذلك وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ فی الأرض و القائل جبرئیل أو هو اللّٰه تعالی فَالْیَوْمَ نُنَجِّیكَ بِبَدَنِكَ قال أكثر المفسرین معناه لما أغرق اللّٰه تعالی فرعون و قومه أنكر بعض بنی إسرائیل غرق فرعون و قالوا هو أعظم شأنا من أن یغرق فأخرجه اللّٰه حتی رأوه فذلك قوله فَالْیَوْمَ نُنَجِّیكَ أی نلقیك علی نجوة من الأرض و هی المكان المرتفع بجسدك من غیر روح و ذلك أنه طفا عریانا (2)و قیل معناه نخلصك من البحر و أنت میت و البدن الدرع قال ابن عباس كانت علیه درع من ذهب یعرف بها فالمعنی نرفعك فوق الماء بدرعك المشهورة لیعرفوك بها لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آیَةً أی نكالا مُبَوَّأَ صِدْقٍ أی مكناهم مكانا محمودا و هو بیت المقدس و الشام و قال الحسن یرید به مصر و ذلك أن موسی عبر ببنی إسرائیل البحر ثانیا و رجع إلی مصر و تبوأ مساكن آل فرعون فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّی جاءَهُمُ الْعِلْمُ أی الیهود ما اختلفوا فی تصدیق محمد صلی اللّٰه علیه و آله حتی جاءهم العلم و هو القرآن أو العلم بحقیته أو ما اختلف بنو إسرائیل إلا بعد ما جاءهم الحق علی ید موسی و هارون فإنهم
ص: 86
كانوا مطبقین علی الكفر قبل مجی ء موسی فلما جاءهم آمن به بعضهم و ثبت علی الكفر بعضهم فصاروا مختلفین (1).
بِرَشِیدٍ أی مرشد یَقْدُمُ قَوْمَهُ أی یمشی بین یدی قومه یَوْمَ الْقِیامَةِ علی قدمیه حتی یهجم بهم إلی النار وَ بِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ أی بئس الماء الذی یردونه عطاشا لإحیاء نفوسهم النار و إنما أطلق سبحانه علی النار اسم الورد المورود لیطابق ما یرد علیه أهل الجنة من الأنهار و العیون بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ أی بئس العطاء المعطی النار و اللعنة. (2)تِسْعَ آیاتٍ اختلف فیها فقیل هی ید موسی و عصاه و لسانه و البحر و الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم و قیل الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم و البحر و العصا و الطمسة و الحجر و قیل بدل الطمسة الید و قیل بدل البحر و الطمسة و الحجر الید و السنین و نقص الثمرات و قال الحسن مثل ذلك إلا أنه جعل الأخذ بالسنین و نقص الثمرات آیة واحدة و جعل التاسعة تَلْقَفُ العصا ما یَأْفِكُونَ و قیل إنها تسع آیات فی الأحكام فَسْئَلْ بَنِی إِسْرائِیلَ أمر للنبی صلی اللّٰه علیه و آله أن یسأل بنی إسرائیل لتكون الحجة علیهم أبلغ و قیل إن المعنی فاسأل أیها السامع.
مَسْحُوراً أی معطی علم السحر أو ساحرا فوضع المفعول موضع الفاعل و قیل أی أنك سحرت فأنت تحمل نفسك علی ما تقوله للسحر الذی بك قالَ موسی لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ أی هذه الآیات إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الذی خلقهن بَصائِرَ
وَ رُوِیَ أَنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: فِی عَلِمْتَ وَ اللَّهِ مَا عَلِمَ عَدُوُّ اللَّهِ وَ لَكِنَّ مُوسَی هُوَ الَّذِی عَلِمَ فَقَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ.
وَ إِنِّی لَأَظُنُّكَ أی لأعلمك یا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً أی هالكا و قیل ملعونا و قیل مخبولا لا عقل لك و قیل بعیدا عن الخیر فَأَرادَ أی فرعون أَنْ یَسْتَفِزَّهُمْ أی یزعج موسی و من معه مِنَ الْأَرْضِ أی من أرض مصر و فلسطین و الأردن بالنفی عنها
ص: 87
و قیل بأن یقتلهم وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ أی من بعد هلاك فرعون اسْكُنُوا الْأَرْضَ أی أرض مصر و الشام فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ أی یوم القیامة أی وعد الكرة الآخرة و قیل أراد نزول عیسی جِئْنا بِكُمْ لَفِیفاً أی من فی القبور إلی الموقف للحساب و الجزاء مختلطین التف بعضكم ببعض لا تتعارفون و لا ینحاز أحد منكم إلی قبیلته و قیل لفیفا أی جمیعا. (1)وَ هَلْ أَتاكَ هذا ابتداء و إخبار من اللّٰه علی وجه التحقیق إذ لم یبلغه فیقول هل سمعت بخبر فلان و قیل استفهام تقریر بمعنی الخبر أی و قد أتاك إِذْ رَأی ناراً قال ابن عباس كان موسی رجلا غیورا لا یصحب الرفقة لئلا تری امرأته.
فلما قضی الأجل و فارق مدین خرج و معه غنم له و كان أهله علی أتان و علی ظهرها جوالق له فیها أثاث البیت فأضل الطریق فی لیلة مظلمة سوداء و تفرقت ماشیته و لم تنقدح زنده و امرأته فی الطلق و رأی نارا من بعید كانت عند اللّٰه نورا و عند موسی نارا فَقالَ عند ذلك لِأَهْلِهِ و هی بنت شعیب كان تزوجها بمدین امْكُثُوا أی الزموا مكانكم بِقَبَسٍ أی بشعلة أقتبسها من معظم النار تصطلون بها أَوْ أَجِدُ عَلَی النَّارِ هُدیً أی هادیا یدلنی علی الطریق أو علامة أستدل بها علیه لأن النار لا تخلو من أهل لها و ناس عندها فَلَمَّا أَتاها قال ابن عباس لما توجه نحو النار فإذا النار (2)فی شجرة عناب فوقف متعجبا من حسن ضوء تلك النار و شدة خضرة تلك الشجرة فسمع النداء من الشجرة یا مُوسی إِنِّی أَنَا رَبُّكَ قال وهب نودی من الشجرة یا موسی فأجاب سریعا لا یدری من دعاه فقال إنی أسمع صوتك و لا أری مكانك فقال أنا فوقك و معك و أمامك و خلفك و أقرب إلیك من نفسك فعلم أن ذلك لا ینبغی إلا لربه عز و جل و أیقن به و إنما علم موسی علیه السلام أن هذا النداء من قبل اللّٰه سبحانه لمعجز
ص: 88
أظهره اللّٰه تعالی كما قال فی موضع آخر إِنِّی أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ إلی آخره. و قیل إنه لما رأی شجرة خضراء من أسفلها إلی أعلاها یتوقد فیها نار بیضاء و سمع تسبیح الملائكة و رأی نورا عظیما لم تكن الخضرة تطفئ النار و لا النار تحرق الخضرة تحیر و علم أنه معجز خارق للعادة و إنه لأمر عظیم فألقیت علیه السكینة ثم نودی أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ قد مر تفسیره إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ أی المبارك أو المطهر طُویً هو اسم الوادی و قیل سمی به لأنه قدس مرتین فكأنه طوی بالبركة مرتین.
وَ أَنَا اخْتَرْتُكَ أی اصطفیتك بالرسالة فَاسْتَمِعْ لِما یُوحی إلیك من كلامی و أصغ إلیه وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِی أی لأن تذكری فیها بالتسبیح و التعظیم أو لأن أذكرك بالمدح و الثناء و قیل معناه و صل لی و لا تصل لغیری و قیل أی
أقم الصلاة متی ذكرت إن علیك صلاة كنت فی وقتها أو لم تكن عن أكثر المفسرین و- هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام.
إِنَّ السَّاعَةَ آتِیَةٌ یعنی أن القیامة قائمة لا محالة أَكادُ أُخْفِیها أی أرید أن أخفیها (1)عن عبادی لئلا تأتیهم إلا بغتة
و روی عن ابن عباس أكاد أخفیها من نفسی و هی كذلك فی قراءة أبی و- روی ذلك عن الصادق علیه السلام.
و التقدیر إذا كدت أخفیها من نفسی فكیف أظهرها لك و هذا شائع بین العرب و قال أبو عبیدة معنی
ص: 89
أخفیها أظهرها و دخلت أكاد تأكیدا أی أوشك أن أقیمها بِما تَسْعی أی بما تعمل من خیر و شر فَلا یَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا یُؤْمِنُ بِها أی لا یصرفنك عن الصلاة من لا یؤمن بالساعة أو لا یمنعنك عن الإیمان بالساعة من لا یؤمن بها و قیل عن العبادة و دعاء الناس إلیها و قیل عن هذه الخصال وَ اتَّبَعَ هَواهُ الهوی میل النفس إلی الشی ء فَتَرْدی أی فتهلك. (1)وَ ما تِلْكَ بِیَمِینِكَ سأله عما فی یده من العصا أَتَوَكَّؤُا عَلَیْها أی أعتمد علیها إذا مشیت وَ أَهُشُّ بِها عَلی غَنَمِی أی و أخبط (2)بها ورق الشجر لترعاه غنمی وَ لِیَ فِیها مَآرِبُ أُخْری أی حاجات أخر قال ابن عباس كان یحمل علیها زاده و یركزها فیخرج منها الماء و یضرب بها الأرض فیخرج ما یأكل و كان یطرد بها السباع و إذا ظهر عدو حاربت و إذا أراد الاستقاء من بئر طالت و صارت شعبتاها كالدلو و كان یظهر علیها كالشمعة فیضی ء له اللیل و كانت تحرسه و تؤنسه و إذا طالت شجرة حناها (3)بمحجنها فَإِذا هِیَ حَیَّةٌ تَسْعی أی تمشی بسرعة و قیل صارت حیة صفراء لها عرف كعرف الفرس و جعلت تتورم حتی صارت ثعبانا و هی أكبر الحیات عن ابن عباس و قیل إنه ألقاها فحانت منه نظرة فإذا هی بأعظم ثعبان نظر إلیه الناظرون یمر بالصخرة مثل الخلفة (4)من الإبل فیلقمها و یطعن أنیابه فی أصل الشجرة العظیمة فیجتثها و عیناه تتوقدان نارا و قد عاد المحجن عنقا فیه شعر مثل النیازك فلما عاین ذلك وَلَّی مُدْبِراً وَ لَمْ یُعَقِّبْ ثم ذكر ربه فوقف استحیاء منه ثم نودی یا موسی ارجع إلی حیث كنت فرجع و هو شدید الخوف قالَ خُذْها بیمینك وَ لا تَخَفْ سَنُعِیدُها سِیرَتَهَا الْأُولی أی إلی الحالة الأولی عصا و علی موسی یومئذ مدرعة من صوف قد خلها بخلال فلما أمره سبحانه بأخذها أدلی طرف المدرعة علی یده فقال ما لك یا موسی أ رأیت لو أذن اللّٰه بما تحاذر أ كانت المدرعة تغنی عنك شیئا قال لا و لكنی ضعیف و من ضعف خلقت و كشف عن
ص: 90
یده ثم وضعها فی فم الحیة و إذا یده فی الموضع الذی كان یضعها إذا توكأ علیها بین الشعبتین عن وهب قال و كانت العصا من عوسج و كان طولها عشرة أذرع علی مقدار قامة موسی وَ اضْمُمْ یَدَكَ إِلی جَناحِكَ أی إلی ما تحت عضدك أو إلی جنبك و قیل أدخلها فی جیبك كنی عن الجیب بالجناح تَخْرُجْ بَیْضاءَ لها نور ساطع یضی ء باللیل و النهار كضوء الشمس و القمر و أشد ضوءا. (1)آیَةً أُخْری قال البیضاوی أی معجزة ثانیة و هی حال من ضمیر تخرج كبیضاء أو من ضمیرها أو مفعول بإضمار خذ أو دونك لِنُرِیَكَ مِنْ آیاتِنَا الْكُبْری متعلق بهذا المضمر أو بما دل علیه آیة أو القصة أی دللنا بها أو فعلنا ذلك لنریك و الكبری صفة آیاتنا أو مفعول نریك و من آیاتنا حال منها. (2)رَبِّ اشْرَحْ لِی صَدْرِی قال الطبرسی أی أوسع لی صدری حتی لا أضجر و لا أخاف و لا أغتم وَ یَسِّرْ لِی أَمْرِی أی سهل علی أداء ما كلفتنی من الرسالة وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِی أی أطلق عن لسانی العقدة التی فیه حتی یفهموا كلامی و كان فی لسانه رتة (3)لا یفصح معها بالحروف تشبه التمتمة (4)و قیل إن سببها جمرة طرحها فی فیه لما أخذ بلحیة فرعون فأراد قتله فامتحن بإحضار الدرة و الجمرة فأراد موسی أخذ الدرة فضرب جبرئیل یده إلی الجمرة فوضعها فی فیه فاحترق لسانه و قیل إنه انحل أكثر ما كان بلسانه إلا بقیة منه بدلالة قوله وَ لا یَكادُ یُبِینُ و قیل استجاب اللّٰه دعاءه فأحل العقدة عن لسانه و قوله وَ لا یَكادُ یُبِینُ أی لا یأتی ببیان و حجة و إنما قالوا ذلك تمویها لیصرفوا الوجوه عنه وَ اجْعَلْ لِی وَزِیراً یؤازرنی علی المضی إلی فرعون و یعاضدنی علیه مِنْ أَهْلِی لیكون أفصح هارُونَ أَخِی فكان أخاه لأبیه و أمه و كان بمصر اشْدُدْ بِهِ أَزْرِی أی قو به ظهری وَ أَشْرِكْهُ فِی أَمْرِی فی النبوة لیكون أحرس علی مؤازرتی كَیْ نُسَبِّحَكَ كَثِیراً أی ننزهك عما لا یلیق بك وَ نَذْكُرَكَ كَثِیراً أی نحمدك و نثنی
ص: 91
علیك بما أولیتنا من نعمك إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِیراً بأحوالنا و أمورنا عالما قَدْ أُوتِیتَ سُؤْلَكَ
قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ كُنْ لِمَا لَا تَرْجُو أَرْجَی مِنْكَ لِمَا تَرْجُو فَإِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ خَرَجَ یَقْتَبِسُ لِأَهْلِهِ نَاراً فَكَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَی فَرَجَعَ نَبِیّاً وَ خَرَجَتْ مَلِكَةُ سَبَإٍ كَافِرَةً فَأَسْلَمَتْ مَعَ سُلَیْمَانَ وَ خَرَجَ سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ یَطْلُبُونَ الْعِزَّةَ لِفِرْعَوْنَ فَرَجَعُوا مُؤْمِنِینَ (1).
إِذْ أَوْحَیْنا إِلی أُمِّكَ قال البیضاوی بالإلهام أو فی المنام أو علی لسان نبی فی وقتها أو ملك لا علی وجه النبوة كما أوحی إلی مریم علیها السلام ما یُوحی ما لا یعلم إلا بالوحی أو مما ینبغی أن یوحی و لا یخل به لفرط الاهتمام به أَنِ اقْذِفِیهِ بأن اقذفیه أو أی اقذفیه لأن الوحی بمعنی القول و القذف یقال للإلقاء و للوضع فَلْیُلْقِهِ الْیَمُّ بِالسَّاحِلِ لما كان إلقاء البحر إیاه إلی الساحل أمرا واجب الحصول لتعلق الإرادات (2)به جعل البحر كأنه ذو تمیز مطیع أمره بذلك و أخرج الجواب مخرج الأمر و الأولی أن یجعل الضمائر كلها لموسی. (3)وَ لِتُصْنَعَ عَلی عَیْنِی قال الطبرسی أی لتربی و لتقضی (4)بمرأی منی أن یجری أمرك علی ما أرید بك من الرفاهیة فی غذائك و قیل لتربی و یطلب لك الرضاع علی علم منی و معرفة لتصل إلی أمك و قیل لتربی بحیاطتی و حفظی كما یقال فی الدعاء بالحفظ عین اللّٰه علیك إِذْ تَمْشِی ظرف لألقیت أو لتصنع و ذلك أن أم موسی اتخذت تابوتا و جعلت فیه قطنا و وضعته فیه و ألقته فی النیل فكان یشرع من النیل نهر كبیر فی باغ فرعون فبینا هو جالس علی رأس البركة مع امرأته آسیة إذا التابوت یجی ء علی رأس الماء فأمر بإخراجه فلما فتح رأسه إذا صبی من أحسن الناس وجها فأحبه فرعون بحیث لم یتمالك و جعل موسی یبكی و یطلب اللبن فأمر فرعون حتی أتته النساء اللواتی كن حول داره فلم یأخذ موسی من لبن واحدة منهن و كانت أخت موسی واقفة
ص: 92
هناك إذ أمرتها أمها أن تتبع التابوت فقالت إنی آتی بامرأة ترضعه و ذلك قوله تعالی هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلی مَنْ یَكْفُلُهُ فقالوا نعم فجاءت بالأم فقبل ثدیها فذلك قوله تعالی فَرَجَعْناكَ إِلی أُمِّكَ كَیْ تَقَرَّ عَیْنُها برؤیتك وَ لا تَحْزَنَ من خوف قتلك أو غرقك و ذلك أنها حملته إلی بیتها آمنة مطمئنة قد جعل لها فرعون أجرة علی الرضاع وَ قَتَلْتَ نَفْساً أی القبطی الكافر الذی استغاثه علیه الإسرائیلی فَنَجَّیْناكَ مِنَ الْغَمِّ أی من غم القتل و كربه لأنه خاف أن یقتصوا منه بالقبطی وَ فَتَنَّاكَ فُتُوناً أی اختبرناك اختبارا حتی خلصت للاصطفاء بالرسالة أو خلصناك من محنة بعد محنة فَلَبِثْتَ سِنِینَ فِی أَهْلِ مَدْیَنَ أی حین كنت راعیا لشعیب عَلی قَدَرٍ أی فی الوقت الذی قدر لإرسالك نبیا وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِی أی لوحیی و رسالتی أی اخترتك و اتخذتك صنیعتی و أخلصتك لتنصرف علی إرادتی و محبتی بِآیاتِی أی بحججی و دلالاتی و قیل بالآیات التسع وَ لا تَنِیا فِی ذِكْرِی أی و لا تضعفا و لا تفترا فی رسالتی فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَیِّناً أی ارفقا به فی الدعاء و القول و لا تغلظا له أو كنیاه و كنیته أبو الولید و قیل أبو العباس و قیل أبو مرة و قیل القول اللین هو هَلْ لَكَ إِلی أَنْ تَزَكَّی وَ أَهْدِیَكَ إِلی رَبِّكَ فَتَخْشی و قیل هو أن موسی أتاه فقال له تسلم و تؤمن برب العالمین علی أن لك شبابك و لا تهرم و تكون ملكا لا ینزع الملك منك حتی تموت و لا تنزع منك لذة الطعام و الشراب و الجماع حتی تموت فإذا مت دخلت الجنة فأعجبه ذلك و كان لا یقطع أمرا دون هامان و كان غائبا فلما قدم هامان أخبره بالذی دعاه إلیه و أنه یرید أن یقبل منه فقال هامان قد كنت أری أن لك عقلا و رأیا بینا أنت رب ترید أن تكون مربوبا و بینا أنت تعبد ترید أن تعبد فقلبه عن رأیه لَعَلَّهُ یَتَذَكَّرُ أَوْ یَخْشی أی ادعواه علی الرجاء و الطمع لا علی الیأس من فلاحه أَنْ یَفْرُطَ عَلَیْنا أی یتقدم فینا بعذاب و یعجل علینا و یبادر إلی قتلنا قبل أن یتأمل حجتنا أَوْ أَنْ یَطْغی أی یتجاوز الحد فی الإساءة بنا إِنَّنِی مَعَكُما بالنصرة و الحفظ أَسْمَعُ ما یسأله منكما فألهمكما جوابه وَ أَری ما یقصدكما به فأدفعه عنكما.
فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِی إِسْرائِیلَ أی أطلقهم و أعتقهم عن الاستعباد وَ لا تُعَذِّبْهُمْ
ص: 93
بالاستعمال فی الأعمال الشاقة وَ السَّلامُ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی لم یرد به التحیة بل معناه من اتبع الهدی سلم من عذاب اللّٰه فَمَنْ رَبُّكُما أی من أی جنس من الأجناس هو فبین موسی علیه السلام أنه تعالی لیس له جنس و إنما یعرف بأفعاله أَعْطی كُلَّ شَیْ ءٍ خَلْقَهُ أی صورته التی قدرها له ثم هداه إلی مطعمه و مشربه و منكحه و غیر ذلك أو مثل خلقه أی زوجه من جنسه ثم هداه لنكاحه أو أعطی خلقه كل شی ء من النعم فی الدنیا مما یأكلون و یشربون و ینتفعون به ثم هداهم إلی طرق معایشهم و إلی أمور دینهم لیتوصلوا بها إلی نعم الآخرة فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولی أی فما حال الأمم الماضیة فإنها لم تقر باللّٰه و ما تدعو إلیه بل عبدت الأوثان و قیل لما دعاه موسی إلی البعث قال فما بالهم لم یبعثوا قال موسی علیه السلام عِلْمُها عِنْدَ رَبِّی أی أعمالهم محفوظة عند اللّٰه یجازیهم بها فِی كِتابٍ یعنی اللوح أو ما یكتبه الملائكة لا یَضِلُّ رَبِّی أی لا یذهب علیه شی ء وَ لا یَنْسی ما كان من أمرهم بل یجازیهم بأعمالهم مَهْداً أی فرشا وَ سَلَكَ لَكُمْ فِیها أی أدخل لأجلكم فی الأرض طرقا تسلكونها أَزْواجاً أی أصنافا وَ لَقَدْ أَرَیْناهُ أی فرعون آیاتِنا كُلَّها أی الآیات التسع فَكَذَّبَ بجمیعها وَ أَبی أن یؤمن مَكاناً سُویً أی تستوی مسافته علی الفریقین.
قالَ موسی مَوْعِدُكُمْ یَوْمُ الزِّینَةِ و كان یوم عید یتزینون فیه و یزینون فیه الأسواق وَ أَنْ یُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًی أی ضحی ذلك الیوم فَتَوَلَّی فِرْعَوْنُ أی انصرف علی ذلك الوعد فَجَمَعَ كَیْدَهُ و ذلك جمعه السحرة ثُمَّ أَتی أی حضر الموعد قالَ لَهُمْ أی للسحرة مُوسی فوعظهم فقال وَیْلَكُمْ هی كلمة وعید و تهدید أی ألزمكم اللّٰه الویل و العذاب لا تَفْتَرُوا عَلَی اللَّهِ كَذِباً بأن تنسبوا معجزتی إلی السحر و سحركم إلی أنه حق و فرعون إلی أنه معبود فَیُسْحِتَكُمْ أی یستأصلكم فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَیْنَهُمْ أی تشاور القوم و تفاوضوا فی حدیث موسی و فرعون و جعل كل منهم ینازع الكلام صاحبه و قیل تشاورت السحرة فیما هیئوه من الحبال و العصی و فیمن یبتدئ بالإلقاء وَ أَسَرُّوا النَّجْوی أی أخفوا كلامهم سرا من فرعون فقالوا إن غلبنا موسی اتبعناه و قیل إن موسی لما قال لهم وَیْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَی اللَّهِ كَذِباً قال بعضهم لبعض ما هذا بقول ساحر و أسر بعضهم إلی بعضهم یتناجون
ص: 94
و قیل تناجوا مع فرعون و أسروا عن موسی و هارون.
قولهم إِنْ هذانِ لَساحِرانِ قاله فرعون و جنوده للسحرة
وَ یَذْهَبا بِطَرِیقَتِكُمُ الْمُثْلی هی تأنیث الأمثل و هو الأفضل و المعنی یریدان أن یصرفا وجوه الناس إلیهما- عن علی علیه السلام.
و قیل إن طریقتهم المثلی بنو إسرائیل كانوا أكثر القوم عددا و أموالا (1)و قیل یذهبا بطریقتكم التی أنتم علیها فی السیرة و الدین فَأَجْمِعُوا كَیْدَكُمْ أی لا تدعوا من كیدكم شیئا إلا جئتم به ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا أی مصطفین مجتمعین وَ قَدْ أَفْلَحَ الْیَوْمَ مَنِ اسْتَعْلی أی قد سعد الیوم من غلب و علا قال بعضهم إن هذا من قول فرعون للسحرة و قال آخرون بل هو من قول بعض السحرة لبعض یُخَیَّلُ إِلَیْهِ أی إلی موسی أو إلی فرعون أَنَّها تَسْعی أی تسیر و تعدو مثل سیر الحیات و إنما قال یُخَیَّلُ إِلَیْهِ لأنها لم تكن تسعی حقیقة و إنما تحركت لأنهم جعلوا داخلها الزیبق فلما حمیت الشمس طلب الزیبق الصعود فحركت الشمس ذلك فظن أنها تسعی.
فَأَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ أی وجد فی نفسه ما یجده الخائف یقال أوجس القلب فزعا أی أضمر و السبب فی ذلك أنه خاف أن یلتبس علی الناس أمرهم فیتوهموا أنهم فعلوا مثل ما فعله و یظنوا المساواة فیشكوا و قیل إنه خوف الطباع إذا رأی الإنسان أمرا فظیعا فإنه یحذره و یخافه فی أول وهلة و قیل إنه خاف أن یتفرق الناس قبل إلقائه العصا و قبل أن یعلموا بطلان السحر فیبقوا فی شبهة و قیل إنه خاف لأنه لم یدر أن العصا إذا انقلبت حیة هل یظهر المزیة لأنه لم یعلم أنها تتلقفها و كان ذلك موضع خوف لأنها لو انقلبت حیة و لم تتلقف ما یأفكون ربما ادعوا المساواة لا سیما و الأهواء معهم و الدولة لهم فلما تلقف زالت الشبهة إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلی علیهم بالظفر و الغلبة وَ أَلْقِ ما فِی یَمِینِكَ قالوا لما ألقی عصاه صارت حیة و طافت حول الصفوف حتی رآها الناس كلهم ثم قصدت الحبال و العصی فابتلعتها كلها علی كثرتها ثم أخذها موسی فعادت عصا كما كانت حَیْثُ أَتی أی حیث كان و أین أقبل إِنَّهُ لَكَبِیرُكُمُ أی أستادكم و قد یعجز التلمیذ عما یفعله الأستاد أو رئیسكم ما
ص: 95
عجزتم عن معارضته و لكنكم تركتم معارضته احتشاما و احتراما و إنما قال ذلك لإیهام العوام.
فِی جُذُوعِ النَّخْلِ أی علیها أَیُّنا أَشَدُّ عَذاباً أنا علی إیمانكم أم رب موسی علی ترككم الإیمان به لَنْ نُؤْثِرَكَ أی أن نختارك عَلی ما جاءَنا مِنَ الْبَیِّناتِ أی المعجزات و الأدلة وَ الَّذِی فَطَرَنا أی و علی الذی فطرنا أو الواو للقسم فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ أی فاصنع ما أنت صانعه أو فاحكم ما أنت حاكم فإنا لا نرجع عن الإیمان إِنَّما تَقْضِی هذِهِ الْحَیاةَ الدُّنْیا أی إنما تصنع بسلطانك و تحكم فی هذه الحیاة الدنیا دون الآخرة فلا سلطان لك فیها و قیل معناه إنما تفنی و تذهب الحیاة الدنیا خَطایانا من الشرك و المعاصی وَ ما أَكْرَهْتَنا عَلَیْهِ مِنَ السِّحْرِ إنما قالوا ذلك لأن الملوك كانوا یجبرونهم علی تعلیم السحر كیلا یخرج من أیدیهم و قیل إن السحرة قالوا لفرعون أرنا موسی إذا نام فأراهم إیاه فإذا هو نائم و عصاه تحرسه فقالوا لیس هذا بسحر إن الساحر إذا نام بطل سحره فأبی علیهم إلا أن یعملوا فذلك إكراههم وَ اللَّهُ خَیْرٌ لنا منك و ثوابه أبقی لنا من ثوابك أو خیر ثوابا للمؤمنین و أبقی عقابا للعاصین منك و هاهنا انتهی الإخبار عن السحرة ثم قال تعالی إِنَّهُ مَنْ یَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً و قیل إنه من قول السحرة. (1)فَاضْرِبْ لَهُمْ قال البیضاوی فاجعل لهم من قولهم ضرب له فی ماله سهما أو فاتخذ من ضرب اللبن إذا عمله یَبَساً أی یابسا مصدر وصف به لا تَخافُ دَرَكاً أی أمنا من أن یدرككم العدو فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ أی فأتبعهم نفسه و معه جنوده فحذف المفعول الثانی و قیل فأتبعهم بمعنی فاتبعهم و یؤیده القراءة و الباء للتعدیة و قیل الباء مزیدة فَغَشِیَهُمْ الضمیر لجنوده أو له و لهم و فیه مبالغة و وجازة أی غشیهم ما سمعت قصته و لا یعرف كنهه إلا اللّٰه وَ أَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَ ما هَدی أی أضلهم فی الدین و ما هداهم و هو تهكم به فی قوله وَ ما أَهْدِیكُمْ إِلَّا سَبِیلَ الرَّشادِ أو أضلهم فی البحر و ما نجا (2)
ص: 96
بِآیاتِنا بالآیات التسع وَ سُلْطانٍ مُبِینٍ و حجة واضحة و یجوز أن یراد به العصا و إفرادها لأنها أولی المعجزات قَوْماً عالِینَ أی متكبرین وَ قَوْمُهُما یعنی بنی إسرائیل لَنا عابِدُونَ خادمون منقادون كالعباد. (1)أَ لا یَتَّقُونَ استئناف أتبعه إرساله للإنذار تعجیبا له من إفراطهم فی الظلم و اجترائهم علیه قالَ رَبِّ إِنِّی أَخافُ إلی قوله إِلی هارُونَ رتب استدعاء ضم أخیه إلیه و اشتراكه له فی الأمر علی الأمور الثلاثة خوف التكذیب و ضیق القلب انفعالا عنه و ازدیاد الحبسة فی اللسان بانقباض الروح إلی باطن القلب عند ضیقه بحیث لا ینطلق فإنها إذا اجتمعت مست الحاجة إلی معین یقوی قلبه و ینوب منابه متی تعتریه حبسه حتی لا تختل دعوته و لیس ذلك تعللا منه و توقفا فی تلقی الأمر بل طلب لما یكون معونة علی امتثاله و تمهید عذره وَ لَهُمْ عَلَیَّ ذَنْبٌ أی تبعة ذنب و المراد قتل القبطی و إنما سمی ذنبا علی زعمهم فَأَخافُ أَنْ یَقْتُلُونِ به قبل أداء الرسالة و هو أیضا لیس تعللا و إنما هو استدفاع للبلیة المتوقعة و قوله كَلَّا فَاذْهَبا بِآیاتِنا إجابة له إلی الطلبتین بوعده للدفع اللازم ردعه عن الخوف و ضم أخیه إلیه فی الإرسال إِنَّا مَعَكُمْ یعنی موسی و هارون و فرعون مُسْتَمِعُونَ سامعون لما یجری بینكما و بینه فأظهركما علیه إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِینَ أفرد الرسول لأنه مصدر وصف به أو لاتحادهما للأخوة أو لوحدة المرسل و المرسل به أو لأنه أراد أن كل واحد منا أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِی إِسْرائِیلَ أی خلهم یذهبوا معنا إلی الشام قالَ أی فرعون لموسی بعد ما أتیاه فقالا له ذلك أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِینا أی فی منازلنا وَلِیداً طفلا سمی به لقربه من الولادة وَ لَبِثْتَ فِینا مِنْ عُمُرِكَ سِنِینَ قیل لبث فیهم ثلاثین سنة ثم خرج إلی مدین عشر سنین ثم عاد إلیهم یدعوهم إلی اللّٰه ثلاثین ثم بقی بعد الغرق خمسین. (2)و قال الطبرسی أی أقمت سنین كثیرة عندنا و هی ثمانی عشرة سنة عن ابن عباس و قیل ثلاثین سنة و قیل أربعین سنة وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِی فَعَلْتَ یعنی قتل القبطی
ص: 97
وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِینَ لنعمتنا و حق تربیتنا و قیل معناه و أنت من الكافرین بإلهك إذ كنت معنا علی دیننا الذی تعیبه و تقول إنه كفر قالَ موسی فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّینَ أی من الجاهلین لم أعلم أنها تبلغ القتل و قیل من الناسین و قیل من الضالین عن طریق الصواب لأنی ما تعمدته و إنما وقع منی خطأ و قیل من الضالین عن النبوة أی لم یوح إلی تحریم قتله حُكْماً أی نبوة و قیل هو العلم بما تدعو إلیه الحكمة من التوراة و العلم بالحلال و الحرام و الأحكام وَ تِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَیَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِی إِسْرائِیلَ یقال عبَّده و أعبده إذا اتخذه عبدا و فیه أقوال أحدها أن فیه اعترافا بأن تربیته له كانت نعمة منه علی موسی و إنكارا للنعمة فی ترك استعباده و یكون ألف التوبیخ مضمرا فیه فكأنه قال أ تقول و تلك نعمة تمنها علی أن عبدت بنی إسرائیل و لم تعبدنی.
و ثانیها أنه إنكار للمنة أصلا و معناه أ تمن بأن ربیتنی مع استبعادك قومی هذه لیست بنعمة یرید أن اتخاذك بنی إسرائیل الذین هم قومی عبدا أحبط نعمتك التی تمن بها علی.
و ثالثها أن معناه أنك لو كنت لا تستعبد بنی إسرائیل و لا تقتل أبناءهم لكانت أمی مستغنیة عن قذفی فی الیم فكأنك تمتن علی بما كان بلاؤك سببا له.
و رابعها أن فیه بیان أنه لیس لفرعون علیه نعمة لأن الذی تولی تربیته أمه و غیرها من بنی إسرائیل بأمر فرعون لما استعبدهم فمعناه أنك تمن علی بأن استعبدت بنی إسرائیل حتی ربونی و حفظونی. (1)قالُوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ قال البیضاوی أی أخر أمرهما و قیل احبسهما وَ ابْعَثْ فِی الْمَدائِنِ حاشِرِینَ شرطا یحشرون السحرة من ساعات یوم معین و هو وقت الضحی من یوم الزینة لِمِیقاتِ یَوْمٍ مَعْلُومٍ لما وقت به من ساعات یوم معین وَ قِیلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِینَ لعلنا نتبعهم فی دینهم و الترجی لاعتبار الغلبة المقتضیة للاتباع و مقصودهم أن لا یتبعوا موسی لا أن
ص: 98
یتبعوا السحرة وَ قالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ أقسموا بعزته علی أن الغلبة لهم لفرط اعتقادهم فی أنفسهم و إتیانهم بأقصی ما یكون أن یؤتی به من السحر ما یَأْفِكُونَ ما یقلبونه عن وجهه بتمویههم و تزویرهم فیخیلون حبالهم و عصیهم أنها حیات تسعی أو إفكهم تسمیة للمأفوك به مبالغة إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ یتبعكم فرعون و جنوده و هو علة الأمر بالإسراء أی أسر بهم حتی إذا اتبعكم مصبحین كان لكم تقدم علیهم بحیث لا یدركونكم قبل وصولكم إلی البحر فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ حین أخبر بسراهم فِی الْمَدائِنِ حاشِرِینَ العساكر لیتبعونهم إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِیلُونَ علی إرادة القول و إنما استقلهم و كانوا ستمائة و سبعین ألفا بالإضافة إلی جنوده إذ روی أنه خرج فكانت مقدمته سبعمائة ألف و الشرذمة الطائفة القلیلة و قلیلون باعتبار أنهم أسباط كل سبط منهم قلیل لَغائِظُونَ لفاعلون ما یغیظنا وَ إِنَّا لَجَمِیعٌ حاذِرُونَ و إنا لجمع من عادتنا الحذر و قیل الحاذر المؤدی للسلاح وَ مَقامٍ كَرِیمٍ یعنی المنازل الحسنة و المجالس السنیة كَذلِكَ مثل ذلك الإخراج أخرجنا فهو مصدر أو مثل ذلك المقام الذی كان لهم علی أنه صفة مقام أو الأمر كذلك فیكون خبر المحذوف فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ أی تقاربا بحیث یری كل منهما الآخر إِنَّا لَمُدْرَكُونَ لملحقون قالَ كَلَّا لن یدركوكم فإن اللّٰه وعدكم الخلاص منهم إِنَّ مَعِی رَبِّی بالحفظ و النصرة سَیَهْدِینِ طریق النجاة منهم بِعَصاكَ الْبَحْرَ القلزم أو النیل فَانْفَلَقَ أی فضرب فانفلق و صار اثنی عشر فرقا بینها مسالك كَالطَّوْدِ الْعَظِیمِ كالجبل المنیف الثابت فی مقره وَ أَزْلَفْنا و قربنا ثَمَّ الْآخَرِینَ فرعون و قومه حتی دخلوا علی أثرهم مداخلهم. (1)إِذْ قالَ مُوسی قال الطبرسی أی اذكر قصة موسی إذ قال لِأَهْلِهِ و هی بنت شعیب إِنِّی آنَسْتُ (2)أی أبصرت ناراً بِشِهابٍ قَبَسٍ أی بشعلة نار و الشهاب نور كالعمود من النار و كل نور یمتد مثل العمود یسمی شهابا و إنما قال لامرأته
ص: 99
آتِیكُمْ علی لفظ خطاب الجمع لأنه أقامها مقام الجماعة فی الأنس بها فی الأمكنة الموحشة لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ أی لكی تستدفئوا بها و ذلك لأنهم كانوا قد أصابهم البرد و كانوا شاتین فَلَمَّا جاءَها أی جاء موسی إلی النار یعنی التی ظنها نارا و هی نور أَنْ بُورِكَ مَنْ فِی النَّارِ وَ مَنْ حَوْلَها قال وهب لما رأی موسی النار وقف قریبا منها فرآها تخرج من فرع شجرة خضراء شدیدة الخضرة لا تزداد النار إلا اشتعالا و لا تزداد الشجرة إلا خضرة و حسنا فلم تكن النار بحرارتها تحرق الشجرة و لا الشجرة برطوبتها تطفئ النار فعجب منها و أهوی إلیها بضغث فی یده لیقتبس منها فمالت إلیه فخافها فتأخر عنها لم تزل تطمعه و یطمع فیها إلی أن نودی و المراد به نداء الوحی أَنْ بُورِكَ مَنْ فِی النَّارِ وَ مَنْ حَوْلَها أی بورك فیمن فی النار و هم الملائكة و فیمن حولها یعنی موسی علیه السلام و ذلك أن النور الذی رأی موسی كان فیه ملائكة لهم زجل (1)بالتقدیس و التسبیح و من حولها هو موسی لأنه كان بالقرب منها و لم یكن فیها فكأنه قال بارك اللّٰه علی من فی النار و علیك یا موسی و مخرجه الدعاء و المراد الخبر و قیل من فی النار سلطانه و قدرته و برهانه فالبركة ترجع إلی اسم اللّٰه تعالی و تأویله تبارك من نور هذا النور و من حولها یعنی موسی و الملائكة و قیل أی بورك من فی طلب النار و هو موسی علیه السلام و من حولها الملائكة وَ سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ أی تنزیها له عما لا یلیق بصفاته من أن یكون جسما یحتاج إلی جهة أو عرضا یحتاج إلی محل أو یكون ممن یتكلم بآلة إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ أی إن الذی یكلمك هو اللّٰه الْعَزِیزُ أی القادر الذی لا یغالب الْحَكِیمُ فی أفعاله المحكم لتدابیره. كَأَنَّها جَانٌّ الجان الحیة التی لیست بعظیمة و إنما شبهها بالجان فی خفة حركتها و اهتزازها مع أنها ثعبان عظیم و قیل الحالتان مختلفتان فصارت جانا فی أول ما بعثه و ثعبانا حین لقی بها فرعون إِلَّا مَنْ ظَلَمَ الاستثناء منقطع فِی تِسْعِ آیاتٍ أی مع تسع آیات أخر أنت مرسل بها إِلی فِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِ و قیل أی من تسع
ص: 100
آیات فاسِقِینَ أی خارجین عن طاعة اللّٰه إلی أقبح وجوه الكفر مُبْصِرَةً أی واضحة بینة وَ اسْتَیْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ أی عرفوها و علموها یقینا بقلوبهم ظُلْماً علی بنی إسرائیل أو علی أنفسهم وَ عُلُوًّا أی طلبا للعلو و الرفعة و تكبرا عن أن یؤمنوا بما جاء به موسی. (1)إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَریً أی مختلق لم یبن علی أصل صحیح وَ ما سَمِعْنا بِهذا فِی آبائِنَا الْأَوَّلِینَ إنما قالوا ذلك مع اشتهار قصة نوح و هود و صالح و غیرهم ممن دعوا إلی توحید اللّٰه إما للفترة و الزمان الطویل أو لأن آباءهم ما صدقوا بشی ء من ذلك رَبِّی أَعْلَمُ أی ربی یعلم أنی جئت بهذه الآیات الدالة علی الهدی من عنده فهو شاهد لی علی ذلك إن كذبتمونی و یعلم أن العاقبة الحمیدة لنا و لأهل الحق فَأَوْقِدْ لِی یا هامانُ أی فأجج النار عَلَی الطِّینِ و اتخذ الآجر و قیل إنه أول من اتخذ الآجر و بنی به فَاجْعَلْ لِی صَرْحاً أی قصرا و بناء عالیا لَعَلِّی أَطَّلِعُ إِلی إِلهِ مُوسی أی أصعد إلیه و أشرف علیه و أقف علی حاله و هذا تلبیس منه و إیهام علی العوام أن الذی یدعو إلیه موسی یجری مجراه فی الحاجة إلی المكان و الجهة وَ إِنِّی لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِینَ فی ادعائه إلها غیری و أنه رسول إِلَیْنا لا یُرْجَعُونَ أی أنكروا البعث فِی الْیَمِّ أی النیل أو بحر من وراء مصر یقال له إساف وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً أی حكمنا بأنهم كذلك وَ أَتْبَعْناهُمْ أی أردفناهم لعنة بعد لعنة و هی البعد عن الرحمة و الخیرات أو ألزمناهم اللعنة بأن أمرنا المؤمنین بلعنهم مِنَ الْمَقْبُوحِینَ أی من المهلكین أو من المشوهین فی الخلقة بسواد الوجوه و زرقة الأعین. (2)قالُوا سِحْرانِ قال البیضاوی یعنون موسی و هارون أو موسی و محمد صلی اللّٰه علیه و آله بتقدیر مضاف أو جعلهما سحرین مبالغة تَظاهَرا (3)تعاونا بإظهار تلك الخوارق أو
ص: 101
بتوافق الكتابین (1)وَ فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ قال الطبرسی فیه أقوال أحدها أنه كانت له ملاعب من أوتاد یلعب له علیها و الثانی أنه كان یعذب الناس بالأوتاد و الثالث أن معناه ذو البنیان و البنیان أوتاد الرابع أن المعنی ذو الجنود و الجموع الكثیرة بمعنی أنهم یشدون ملكه و یقوون أمره كما یقوی الوتد الشی ء و العرب تقول هو فی عز ثابت الأوتاد و الأصل فیه أن بیوتهم إنما تثبت بالأوتاد الخامس أنه إنما سمی ذا الأوتاد لكثرة جیوشه السائرة فی الأرض و كثرة أوتاد خیامهم فعبر بكثرة الأوتاد عن كثرة الأجناد. (2)ابْنِ لِی صَرْحاً أی قصرا مشیدا بالآجر و قیل مجلسا عالیا لَعَلِّی أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ أی لعلی أبلغ الطرق من سماء إلی سماء و قیل أبلغ أبواب طرق السماوات و قیل منازل السماوات و قیل أتسبب وأتوصل به إلی مرادی و إلی علم ما غاب عنی (3)ثم بین مراده فقال فَأَطَّلِعَ إِلی إِلهِ مُوسی فأنظر إلیه فأراه أراد به التلبیس علی الضعفة مع علمه باستحالة ذلك و قیل أراد فأصل إلی إله موسی فغلبه الجهل و اعتقد أن اللّٰه سبحانه فی السماء و أنه یقدر علی بلوغ السماء وَ كَذلِكَ أی و مثل ما زین لهؤلاء الكفار سوء أعمالهم زُیِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ أی قبیح عمله زینه له أصحابه أو الشیطان إِلَّا فِی تَبابٍ أی هلاك و خسار. (4)إِذا هُمْ مِنْها یَضْحَكُونَ استهزاء و استخفافا وَ ما نُرِیهِمْ مِنْ آیَةٍ المراد بذلك ما ترادف علیهم من الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم و الطمس و كان كل آیة من تلك الآیات أكبر من التی قبلها و هی العذاب المذكور فی قوله وَ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ
ص: 102
فكانت عذابا لهم و معجزات لموسی وَ قالُوا یا أَیُّهَا السَّاحِرُ یعنون بذلك یا أیها العالم و كان الساحر عندهم عظیما یعظمونه و لم یكن صفة ذم و قیل إنما قالوا استهزاء به و قیل معناه یا أیها الذی غلبنا بسحره یقال ساحرته فسحرته أی غلبته بالسحر إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ أی راجعون إلی ما تدعونا إلیه متی كشف عنا العذاب تَجْرِی مِنْ تَحْتِی أی من تحت أمری و قیل إنها كانت تجری تحت قصره و هو مشرف علیها أَ فَلا تُبْصِرُونَ هذا الملك العظیم و قوتی و ضعف موسی مَهِینٌ أی ضعیف حقیر یعنی به موسی قال سیبویه و الخلیل عطف أنا بأم علی قوله أَ فَلا تُبْصِرُونَ لأن معنی أم أنا خیر أم تبصرون (1)لأنهم إذا قالوا أنت خیر منه فقد صاروا بصراء عنده وَ لا یَكادُ یُبِینُ أی و لا یكاد یفصح بكلامه و حججه للعقدة التی فی لسانه.
و قال الحسن كانت العقدة زالت عن لسانه حین أرسله اللّٰه كما قال وَ احْلُلْ عُقْدَةً و قال تعالی قَدْ أُوتِیتَ سُؤْلَكَ و إنما عیره بما كان فی لسانه قبل و قیل كان فی لسانه لثغة (2)فرفعه اللّٰه تعالی و بقی فیه ثقل فَلَوْ لا أُلْقِیَ عَلَیْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ كانوا إذا سودوا رجلا سوروه بسوار من ذهب و طوقوه بطوق من ذهب مُقْتَرِنِینَ أی متتابعین یعینونه علی أمره الذی بعث له و یشهدون له بصدقه و قیل متعاضدین متناصرین فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ أی استخف عقولهم فَأَطاعُوهُ فیما دعاهم إلیه لأنه احتج علیهم بما لیس بدلیل و هو قوله أَ لَیْسَ لِی مُلْكُ مِصْرَ و أمثاله فَلَمَّا آسَفُونا أی أغضبونا و غضب اللّٰه علی العصاة إرادة عقابهم و قیل أی آسفوا رسلنا انْتَقَمْنا لأولیائنا مِنْهُمْ فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً أی متقدمین إلی النار وَ مَثَلًا أی عبرة و موعظة لِلْآخِرِینَ أی لمن جاء بعدهم یتعظون بهم. (3)وَ لَقَدْ فَتَنَّا أی اختبرنا و شددنا علیهم التكلیف رَسُولٌ كَرِیمٌ أی كریم الأفعال و الأخلاق أو عند اللّٰه أو شریف فی قومه أَنْ أَدُّوا إِلَیَّ عِبادَ اللَّهِ أی أطلقوا بنی إسرائیل
ص: 103
وَ أَنْ لا تَعْلُوا أی لا تتجبروا أَنْ تَرْجُمُونِ أی من أن ترمونی بالحجارة و قیل أراد به الشتم كقولهم ساحر كذاب وَ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِی فَاعْتَزِلُونِ أی إن لم تصدقونی فاتركونی لا معی و لا علی و قیل معناه فاعتزلوا أذای فَأَسْرِ أی فقال اللّٰه مجیبا له أسر إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ أی سیتبعكم فرعون بجنوده رَهْواً أی ساكنا علی ما هو به إذا قطعته و عبرته لیغرق فرعون و قیل رَهْواً أی منفتحا منكشفا حتی یطمع فرعون فی دخوله و قیل أی كما هو طریقا یابسا مُغْرَقُونَ سیغرقهم اللّٰه وَ نَعْمَةٍ أی تنعم و سعة فی العیش كانُوا فِیها فاكِهِینَ أی بها ناعمین متمتعین (1)كَذلِكَ قال الطبرسی أی كذلك أفعل بمن عصانی وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِینَ أی بنی إسرائیل فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ (2)أی لم یبك علیهم أهل السماء و الأرض أو المراد به المبالغة فی وصف القوم بصغر القدر فإن العرب إذا أخبرت عن عظیم المصاب بالهالك قالت بكاه السماء و الأرض أو كنایة عن أنه لم یكن لهم فی الأرض عمل صالح یرفع منها إلی السماء.
و قد
روی عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآیة فقیل و هل یبكیان علی أحد قال نعم مصلاه فی الأرض و مصعد عمله فی السماء.
وَ رَوَی زُرَارَةُ بْنُ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا
ص: 104
وَ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً وَ لَمْ تَبْكِ إِلَّا عَلَیْهِمَا قُلْتُ فَمَا بُكَاؤُهَا قَالَ كَانَتْ تَطْلُعُ حَمْرَاءَ وَ تَغِیبُ حَمْرَاءَ..
وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ أی عوجلوا بالعقوبة و لم یمهلوا من العذاب. (1)الْمُهِینِ قال البیضاوی من استعباد فرعون و قتله أبناءهم مِنْ فِرْعَوْنَ بدل من العذاب علی حذف المضاف أو جعله عذابا لإفراطه فی التعذیب أو حال من المهین بمعنی واقعا من جهته إِنَّهُ كانَ عالِیاً متكبرا مِنَ الْمُسْرِفِینَ فی العتو و الشرارة وَ لَقَدِ اخْتَرْناهُمْ أی بنی إسرائیل عَلی عِلْمٍ عالمین بأنهم أحقاء بذلك أو مع علم منا بأنهم یزیغون فی بعض الأحوال عَلَی الْعالَمِینَ لكثرة الأنبیاء فیهم أو علی عالمی زمانهم ما فِیهِ بَلؤُا مُبِینٌ نعمة جلیة و اختبار ظاهر. (2)فَتَوَلَّی بِرُكْنِهِ أی فأعرض عن الإیمان به كقوله وَ نَأی بِجانِبِهِ أو فتولی بما كان یتقوی به من جنوده وَ هُوَ مُلِیمٌ آت بما یلام علیه من الكفر و العناد و هو حال عن الضمیر فی أخذناه. (3)فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ قال الطبرسی أی فلما مالوا عن الحق و الاستقامة خلاهم و سوء اختیارهم و منعهم الألطاف التی بها یهدی قلوب المؤمنین و قیل أزاغ اللّٰه قلوبهم عما یحبون إلی ما یكرهون (4)وَبِیلًا أی ثقیلا (5).
هَلْ لَكَ إِلی أَنْ تَزَكَّی قال البیضاوی أی هل لك میل إلی أن تتطهر من الكفر و الطغیان وَ أَهْدِیَكَ إِلی رَبِّكَ و أرشدك إلی معرفته فَتَخْشی بأداء الواجبات و ترك المحرمات ثُمَّ أَدْبَرَ عن الطاعة یَسْعی ساعیا فی إبطال أمره أو أدبر بعد ما رأی الثعبان مرعوبا مسرعا فی مشیه فَحَشَرَ فجمع السحرة أو جنوده فَنادی فی المجمع بنفسه أو بمناد (6).
ص: 105
«1»-فس، تفسیر القمی یُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَقُولُونَ یُولَدُ فِینَا رَجُلٌ یَكُونُ هَلَاكُ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابِهِ عَلَی یَدِهِ كَانَ یُقَتِّلُ أَوْلَادَهُمُ الذُّكُورَ وَ یَدَعُ الْإِنَاثَ (1).
«2»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ قالَ مُوسی إِلَی قَوْلِهِ لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِینَ فَإِنَّ قَوْمَ مُوسَی اسْتَعْبَدَهُمْ آلُ فِرْعَوْنَ وَ قَالُوا لَوْ كَانَ لِهَؤُلَاءِ عَلَی اللَّهِ كَرَامَةٌ كَمَا یَقُولُونَ مَا سَلَّطَنَا عَلَیْهِمْ قَوْلُهُ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُیُوتاً یَعْنِی بَیْتَ الْمَقْدِسِ قَوْلُهُ رَبَّنا إِنَّكَ آتَیْتَ فِرْعَوْنَ وَ مَلَأَهُ زِینَةً أَیْ مُلْكاً لِیُضِلُّوا عَنْ سَبِیلِكَ أَیْ یَفْتِنُوا النَّاسَ بِالْأَمْوَالِ وَ الْعَطَایَا لِیَعْبُدُوهُ وَ لَا یَعْبُدُوكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلی أَمْوالِهِمْ أَیْ أَهْلِكْهَا قَوْلُهُ سَبِیلَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ أَیْ طَرِیقَ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابِهِ قَوْلُهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ قَالَ رَدُّهُمْ إِلَی مِصْرَ وَ غَرَقُ فِرْعَوْنَ (2).
«3»-فس، تفسیر القمی فِی هذِهِ لَعْنَةً یَعْنِی الْهَلَاكَ وَ الْغَرَقَ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ أَیْ رَفَدَهُمُ اللَّهُ بِالْعَذَابِ (3).
«4»-فس، تفسیر القمی وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسی تِسْعَ آیاتٍ بَیِّناتٍ قَالَ الطُّوفَانَ وَ الْجَرَادَ وَ الْقُمَّلَ وَ الضَّفَادِعَ وَ الدَّمَ وَ الْحَجَرَ وَ الْعَصَا وَ یَدَهُ وَ الْبَحْرَ وَ یَحْكِی قَوْلَ مُوسَی (4)وَ إِنِّی لَأَظُنُّكَ یا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً أَیْ هَالِكاً تَدْعُو بِالثُّبُورِ.
وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ فَأَرادَ أَنْ یَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ أَرَادَ أَنْ یُخْرِجَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ قَدْ عَلِمَ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ أَنَّ مَا أَنْزَلَ تِلْكَ الْآیَاتِ إِلَّا اللَّهُ (5)وَ قَوْلُهُ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِیفاً یَعْنِی جَمِیعاً.
وَ فِی رِوَایَةِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ فَأَرادَ یَعْنِی فِرْعَوْنَ أَنْ یَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ أَیْ
ص: 106
یُخْرِجَهُمْ مِنْ مِصْرَ جِئْنا بِكُمْ لَفِیفاً أَیْ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ (1).
«6»-فس، تفسیر القمی وَ هَلْ أَتاكَ حَدِیثُ مُوسی یَعْنِی قَدْ أَتَاكَ قَوْلُهُ فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ قَالَ كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَیِّتٍ وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِی قَالَ إِذَا نَسِیتَهَا ثُمَّ ذَكَرْتَهَا فَصَلِّهَا.
وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ آتِیكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ یَقُولُ آتِیكُمْ بِقَبَسٍ مِنَ النَّارِ تَصْطَلُونَ مِنَ الْبَرْدِ وَ قَوْلِهِ أَوْ أَجِدُ عَلَی النَّارِ هُدیً كَانَ قَدْ أَخْطَأَ الطَّرِیقَ یَقُولُ أَوْ أَجِدُ عِنْدَ النَّارِ طَرِیقاً (2)وَ قَوْلِهِ وَ أَهُشُّ بِها عَلی غَنَمِی یَقُولُ أَخْبِطُ بِهَا الشَّجَرَ لِغَنَمِی وَ لِیَ فِیها مَآرِبُ أُخْری فَمِنَ الْفَرَقِ (3)لَمْ یَسْتَطِعِ الْكَلَامَ فَجَمَعَ كَلَامَهُ فَقَالَ وَ لِیَ فِیها مَآرِبُ أُخْری یَقُولُ حَوَائِجُ أُخْرَی وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ إِنَّ السَّاعَةَ آتِیَةٌ أَكادُ أُخْفِیها قَالَ مِنْ نَفْسِی هَكَذَا نَزَلَتْ (4)قُلْتُ كَیْفَ یُخْفِیهَا مِنْ نَفْسِهِ قَالَ جَعَلَهَا مِنْ غَیْرِ وَقْتٍ قَوْلُهُ وَ فَتَنَّاكَ فُتُوناً أَیِ اخْتَبَرْنَاكَ اخْتِبَاراً فِی أَهْلِ مَدْیَنَ أَیْ عِنْدَ شُعَیْبٍ قَوْلُهُ وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِی أَیِ اخْتَرْتُكَ وَ لا تَنِیا أَیْ لَا تَضْعُفَا اذْهَبا إِلی فِرْعَوْنَ ائْتِیَاهُ وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ حِینَ أَرْسَلَهُ إِلَی فِرْعَوْنَ ائْتِیَاهُ فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَیِّناً لَعَلَّهُ یَتَذَكَّرُ أَوْ یَخْشی وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا یَتَذَكَّرُ وَ لَا یَخْشَی وَ لَكِنْ قَالَ اللَّهُ لِیَكُونَ أَحْرَصَ لِمُوسَی عَلَی الذَّهَابِ وَ آكَدَ فِی الْحُجَّةِ عَلَی فِرْعَوْنَ (5).
«7»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِیلُونَ یَقُولُ عَصَبَةٌ قَلِیلَةٌ وَ إِنَّا لَجَمِیعٌ حاذِرُونَ یَقُولُ مُؤْدُونَ فِی الْأَدَاةِ وَ هُوَ الشَّاكِی فِی
ص: 107
السِّلَاحِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ یَقُولُ مَسَاكِنَ حَسَنَةٍ وَ أَمَّا قَوْلُهُ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِینَ فَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَوْلُهُ مَعِی رَبِّی سَیَهْدِینِ یَقُولُ سَیَكْفِینِ (1).
بیان: قال الجزری یقال آدنی علیه أی قونی و رجل مؤد تام السلاح كامل أداة الحرب و منه
- حدیث الأسود بن زید فی قوله تعالی وَ إِنَّا لَجَمِیعٌ حاذِرُونَ قال مقوون مؤدون أی كاملون أداة الحرب
«8»- فس، تفسیر القمی إِنِّی آنَسْتُ ناراً أَیْ رَأَیْتُ وَ ذَلِكَ لَمَّا خَرَجَ مِنْ مَدْیَنَ مِنْ عِنْدِ شُعَیْبٍ قَوْلُهُ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ مَعْنَاهُ وَ لَا مَنْ ظَلَمَ فَوُضِعَ حَرْفٌ مَكَانَ حَرْفٍ (2).
بیان: علی ما ذكره تكون إلا عاطفة قال البغوی فی تفسیره قال بعض النحویین إلا هاهنا بمعنی و لا یعنی لا یَخافُ لَدَیَّ الْمُرْسَلُونَ و لا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء یقول لا یَخافُ لَدَیَّ الْمُرْسَلُونَ و لا المذنبون التائبون كقوله تعالی لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَیْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ یعنی و لا الذین ظلموا منهم.
«9»-فس، تفسیر القمی سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا قَالَ مُوسَی وَ هَارُونُ (3).
«10»-فس، تفسیر القمی قالُوا یا أَیُّهَا السَّاحِرُ أَیْ یَا أَیُّهَا الْعَالِمُ قَوْلُهُ مِنْ هذَا الَّذِی هُوَ مَهِینٌ یَعْنِی مُوسَی وَ لا یَكادُ یُبِینُ قَالَ لَمْ یُبَیِّنِ الْكَلَامَ فَلَوْ لا أُلْقِیَ عَلَیْهِ أَیْ هَلَّا أُلْقِیَ عَلَیْهِ قَوْلُهُ مُقْتَرِنِینَ یَعْنِی مُقَارِنِینَ فَلَمَّا آسَفُونا أَیْ عَصَوْنَا لِأَنَّهُ لَا یَأْسَفُ عَزَّ وَ جَلَّ كَأَسَفِ النَّاسِ (4).
«11»-فس، تفسیر القمی وَ لَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَیِ اخْتَبَرْنَاهُمْ أَنْ أَدُّوا إِلَیَّ عِبادَ اللَّهِ أَیْ مَا فَرَضَ اللَّهُ مِنَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ وَ السُّنَنِ وَ الْأَحْكَامِ وَ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ أَسْرِ بِعِبادِی لَیْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ أَیْ یَتَّبِعُكُمْ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ وَ اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً أَیْ
ص: 108
جَانِباً وَ خُذْ عَلَی الطَّرِیقِ (1)قَوْلُهُ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ أَیْ حَسَنٍ وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِیها قَالَ النَّعْمَةُ فِی الْأَبْدَانِ قَوْلُهُ فاكِهِینَ أَیْ مُفَاكِهِینَ لِلنِّسَاءِ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِینَ یَعْنِی بَنِی إِسْرَائِیلَ قَوْلُهُ عَلَی الْعالَمِینَ لَفْظُهُ عَامٌّ وَ مَعْنَاهُ خَاصٌّ وَ إِنَّمَا اخْتَارَهُمْ وَ فَضَّلَهُمْ عَلَی عَالَمِی زَمَانِهِمْ (2).
بیان: قوله أی ما فرض اللّٰه الظاهر أنه جعل عباد اللّٰه منادی و بین مفعول أدوا المقدر بالصلاة و غیرها و هو أحد الاحتمالین اللذین ذكرهما جماعة من المفسرین و احتمال كون المراد بالعباد العبادة بحذف التاء كإقام الصلاة بعید و الرهو بهذا المعنی لم یعهد فی اللغة و إن أتی بمعان قریبة منه كالمكان المرتفع و المنخفض و السكون و یمكن إرجاعه إلی ما مر فی التفسیر بتكلف و المفاكهة الممازحة.
«12»-فس، تفسیر القمی بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ أَیِ الْمُطَهَّرِ وَ أَمَّا طُویً فَاسْمُ الْوَادِی وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ فَحَشَرَ فَنادی یَعْنِی فِرْعَوْنَ وَ النَّكَالُ الْعُقُوبَةُ وَ الْآخِرَةُ هُوَ (3)قَوْلُهُ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی وَ الْأُولَی قَوْلُهُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرِی فَأَهْلَكَهُ اللَّهُ بِهَذَیْنِ الْقَوْلَیْنِ (4).
«13»-فس، تفسیر القمی وَ فِرْعَوْنَ ذِی الْأَوْتادِ عَمِلَ الْأَوْتَادَ الَّتِی أَرَادَ أَنْ یَصَّعَّدَ بِهَا إِلَی السَّمَاءِ (5).
«14»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ فِرْعَوْنَ بَنَی سَبْعَ مَدَائِنَ فَتَحَصَّنَ فِیهَا مِنْ مُوسَی فَلَمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ یَأْتِیَ فِرْعَوْنَ جَاءَهُ وَ دَخَلَ الْمَدِینَةَ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْأُسُودُ (6)بَصْبَصَتْ بِأَذْنَابِهَا وَ لَمْ یَأْنِ مَدِینَةً إِلَّا انْفَتَحَ لَهُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الَّتِی هُوَ
ص: 109
فِیهَا فَقَعَدَ عَلَی الْبَابِ وَ عَلَیْهِ مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ وَ مَعَهُ عَصَاهُ فَلَمَّا خَرَجَ الْآذِنُ قَالَ لَهُ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنِّی رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ إِلَیْكَ فَلَمْ یَلْتَفِتْ فَضَرَبَ بِعَصَاهُ الْبَابَ فَلَمْ یَبْقَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ فِرْعَوْنَ بَابٌ إِلَّا انْفَتَحَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ وَ قَالَ أَنَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَقَالَ ائْتِنِی بِآیَةٍ فَأَلْقَی عَصَاهُ وَ كَانَ لَهَا شُعْبَتَانِ فَوَقَعَتْ إِحْدَی الشُّعْبَتَیْنِ فِی الْأَرْضِ وَ الشُّعْبَةُ الْأُخْرَی فِی أَعْلَی الْقُبَّةِ فَنَظَرَ فِرْعَوْنُ إِلَی جَوْفِهَا وَ هِیَ تَلْتَهِبُ نَاراً وَ أَهْوَتْ إِلَیْهِ فَأَحْدَثَ فِرْعَوْنُ وَ صَاحَ یَا مُوسَی خُذْهَا وَ لَمْ یَبْقَ أَحَدٌ مِنْ جُلَسَاءِ فِرْعَوْنَ إِلَّا هَرَبَ فَلَمَّا أَخَذَ مُوسَی الْعَصَا وَ رَجَعَتْ إِلَی فِرْعَوْنَ نَفْسُهُ هَمَّ بِتَصْدِیقِهِ فَقَامَ إِلَیْهِ هَامَانُ وَ قَالَ بَیْنَا أَنْتَ إِلَهٌ تُعْبَدُ إِذْ أَنْتَ تَابِعٌ لِعَبْدٍ وَ اجْتَمَعَ الْمَلَأُ وَ قَالُوا هَذَا سَاحِرٌ عَلِیمٌ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِیقاتِ یَوْمٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا أَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَ عِصِیَّهُمْ أَلْقَی مُوسَی عَصَاهُ فَالْتَقَمَتْهَا كُلَّهَا وَ كَانَ فِی السَّحَرَةِ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ شَیْخاً خَرُّوا سُجَّداً ثُمَّ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ مَا هَذَا سِحْرٌ لَوْ كَانَ سِحْراً لَبَقِیَتْ حِبَالُنَا وَ عِصِیُّنَا ثُمَّ خَرَجَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ بِبَنِی إِسْرَائِیلَ یُرِیدُ أَنْ یَقْطَعَ بِهِمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَی اللَّهُ مُوسَی وَ مَنْ مَعَهُ وَ غَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَ مَنْ مَعَهُ فَلَمَّا صَارَ مُوسَی فِی الْبَحْرِ أَتْبَعَهُ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ فَتَهَیَّبَ فِرْعَوْنُ أَنْ یَدْخُلَ الْبَحْرَ فَمُثِّلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی مَادِیَانَةٍ (1)وَ كَانَ فِرْعَوْنُ عَلَی فَحْلٍ فَلَمَّا رَأَی قَوْمُ فِرْعَوْنَ الْمَادِیَانَةَ اتَّبَعُوهَا فَدَخَلُوا الْبَحْرَ وَ غَرِقُوا (2)وَ أَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَلَفَظَ فِرْعَوْنَ مَیِّتاً (3)حَتَّی لَا یُظَنَّ أَنَّهُ غَائِبٌ وَ هُوَ حَیٌّ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَمَرَ مُوسَی أَنْ یَرْجِعَ بِبَنِی إِسْرَائِیلَ إِلَی الشَّامِ فَلَمَّا قَطَعَ الْبَحْرَ بِهِمْ مَرَّ عَلی قَوْمٍ یَعْكُفُونَ عَلی أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا یا مُوسَی اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ثُمَّ وَرِثَ بَنُو إِسْرَائِیلَ دِیَارَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ فَكَانَ الرَّجُلُ یَدُورُ عَلَی دُورٍ كَثِیرَةٍ وَ یَدُورُ عَلَی النِّسَاءِ (4).
«15»-فس، تفسیر القمی وَ قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَ تَذَرُ مُوسی وَ قَوْمَهُ لِیُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ وَ یَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ قَالَ كَانَ فِرْعَوْنُ یَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ثُمَّ ادَّعَی بَعْدَ ذَلِكَ الرُّبُوبِیَّةَ فَقَالَ
ص: 110
فِرْعَوْنُ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَ نَسْتَحْیِی نِساءَهُمْ وَ إِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ قَوْلُهُ قالُوا أُوذِینا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِیَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قَالَ قَالَ الَّذِینَ آمَنُوا لِمُوسَی قَدْ أُوذِینَا قَبْلَ مَجِیئِكَ یَا مُوسَی بِقَتْلِ أَوْلَادِنَا وَ مِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا لَمَّا حَبَسَهُمْ فِرْعَوْنُ لِإِیمَانِهِمْ بِمُوسَی فَقَالَ مُوسَی عَسی رَبُّكُمْ أَنْ یُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ یَسْتَخْلِفَكُمْ فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرَ كَیْفَ تَعْمَلُونَ وَ مَعْنَی یَنْظُرُ أَیْ یَرَی كَیْفَ تَعْمَلُونَ فَوَضَعَ النَّظَرَ مَكَانَ الرُّؤْیَةِ وَ قَوْلُهُ وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِینَ وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ یَعْنِی السِّنِینَ الْجَدْبَةَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الطُّوفَانَ وَ الْجَرَادَ وَ الْقُمَّلَ وَ الضَّفَادِعَ وَ الدَّمَ وَ أَمَّا قَوْلُهُ فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ قَالَ الْحَسَنَةُ هَاهُنَا الصِّحَّةُ وَ السَّلَامَةُ وَ الْأَمْنُ وَ السَّعَةُ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَةٌ قَالَ السَّیِّئَةُ هَاهُنَا الْجُوعُ وَ الْخَوْفُ وَ الْمَرَضُ یَطَّیَّرُوا بِمُوسی وَ مَنْ مَعَهُ أَیْ یَتَشَأَّمُوا بِمُوسَی وَ مَنْ مَعَهُ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ قالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آیَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِینَ إِلَی قَوْلِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَ كانُوا قَوْماً مُجْرِمِینَ فَإِنَّهُ لَمَّا سَجَدَ السَّحَرَةُ وَ آمَنَ بِهِ النَّاسُ (1)قَالَ هَامَانُ لِفِرْعَوْنَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ آمَنُوا بِمُوسَی فَانْظُرْ مَنْ دَخَلَ فِی دِینِهِ فَاحْبِسْهُ فَحَبَسَ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَجَاءَ إِلَیْهِ مُوسَی فَقَالَ لَهُ خَلِّ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمْ یَفْعَلْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فِی تِلْكَ السَّنَةِ الطُّوفَانَ فَخَرَّبَ دُورَهُمْ وَ مَسَاكِنَهُمْ (2)حَتَّی خَرَجُوا إِلَی الْبَرِّیَّةِ وَ ضَرَبُوا فِیهَا الْخِیَامَ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِمُوسَی ادْعُ رَبَّكَ حَتَّی یَكُفَّ عَنَّا الطُّوفَانَ حَتَّی أُخَلِّیَ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَصْحَابِكَ فَدَعَا مُوسَی رَبَّهُ فَكَفَّ عَنْهُمُ الطُّوفَانَ وَ هَمَّ فِرْعَوْنُ أَنْ یُخَلِّیَ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَهُ هَامَانُ إِنْ خَلَّیْتَ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ غَلَبَكَ مُوسَی وَ أَزَالَ مُلْكَكَ فَقَبِلَ مِنْهُ وَ لَمْ یُخَلِّ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فِی السَّنَةِ الثَّانِیَةِ الْجَرَادَ فَجَرَّدَتْ كُلَّ شَیْ ءٍ كَانَ لَهُمْ مِنَ النَّبْتِ وَ الشَّجَرِ حَتَّی كَانَتْ تُجَرِّدُ شَعْرَهُمْ وَ لِحْیَتَهُمْ (3)فَجَزِعَ فِرْعَوْنُ مِنْ ذَلِكَ جَزَعاً شَدِیداً وَ قَالَ یَا مُوسَی ادْعُ رَبَّكَ أَنْ یَكُفَّ الْجَرَادَ عَنَّا (4)حَتَّی أُخَلِّیَ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَصْحَابِكَ فَدَعَا مُوسَی رَبَّهُ فَكَفَّ عَنْهُمُ الْجَرَادَ فَلَمْ یَدَعْهُ هَامَانُ أَنْ یُخَلِّیَ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
ص: 111
عَلَیْهِمْ فِی السَّنَةِ الثَّالِثَةِ الْقُمَّلَ (1)فَذَهَبَتْ زُرُوعُهُمْ وَ أَصَابَتْهُمُ الْمَجَاعَةُ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِمُوسَی إِنْ رَفَعْتَ عَنَّا الْقُمَّلَ (2)كَفَفْتُ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَدَعَا مُوسَی رَبَّهُ حَتَّی ذَهَبَ الْقُمَّلُ وَ قَالَ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقُمَّلَ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ فَلَمْ یُخَلِّ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّفَادِعَ فَكَانَتْ تَكُونُ فِی طَعَامِهِمْ وَ شَرَابِهِمْ وَ یُقَالُ إِنَّهَا كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ أَدْبَارِهِمْ وَ آذَانِهِمْ وَ آنَافِهِمْ فَجَزِعُوا مِنْ ذَلِكَ جَزَعاً شَدِیداً فَجَاءُوا إِلَی مُوسَی فَقَالُوا ادْعُ اللَّهَ أَنْ یُذْهِبَ عَنَّا الضَّفَادِعَ فَإِنَّا نُؤْمِنُ بِكَ وَ نُرْسِلُ مَعَكَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَدَعَا مُوسَی رَبَّهُ فَرَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ ذَلِكَ فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ یُخَلُّوا عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ حَوَّلَ اللَّهُ مَاءَ النِّیلِ دَماً فَكَانَ الْقِبْطِیُّ یَرَاهُ دَماً وَ الْإِسْرَائِیلِیُّ یَرَاهُ مَاءً فَإِذَا شَرِبَهُ الْإِسْرَائِیلِیُّ كَانَ مَاءً وَ إِذَا شَرِبَهُ الْقِبْطِیُّ كَانَ دَماً فَكَانَ الْقِبْطِیُّ یَقُولُ لِلْإِسْرَائِیلِیِّ خُذِ الْمَاءَ فِی فَمِكَ وَ صُبَّهُ فِی فَمِی فَكَانَ إِذَا صَبَّهُ فِی فَمِ الْقِبْطِیِّ تَحَوَّلَ دَماً فَجَزِعُوا مِنْ ذَلِكَ جَزَعاً شَدِیداً فَقَالُوا لِمُوسَی لَئِنْ رَفَعَ اللَّهُ عَنَّا الدَّمَ لَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمَّا رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ الدَّمَ غَدَرُوا وَ لَمْ یُخَلُّوا عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الرِّجْزَ وَ هُوَ الثَّلْجُ وَ لَمْ یَرَوْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَمَاتُوا فِیهِ وَ جَزِعُوا وَ أَصَابَهُمْ مَا لَمْ یَعْهَدُوهُ قَبْلَهُ فَ قالُوا یا مُوسَی ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَ لَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِی إِسْرائِیلَ فَدَعَا رَبَّهُ فَكَشَفَ عَنْهُمُ الثَّلْجَ فَخَلَّی عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمَّا خَلَّی عَنْهُمُ اجْتَمَعُوا إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ خَرَجَ مُوسَی مِنْ مِصْرَ وَ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ مَنْ كَانَ هَرَبَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَ بَلَغَ فِرْعَوْنَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ هَامَانُ قَدْ نَهَیْتُكَ أَنْ تُخَلِّیَ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَدِ اجْتَمَعُوا إِلَیْهِ فَجَزِعَ فِرْعَوْنُ وَ بَعَثَ فِی الْمَدَائِنِ حَاشِرِینَ وَ خَرَجَ فِی طَلَبِ مُوسَی قَوْلُهُ وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِینَ كانُوا یُسْتَضْعَفُونَ یَعْنِی بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَرِثُوا الْأَرْضَ وَ مَا كَانَ لِفِرْعَوْنَ قَوْلُهُ وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ یَعْنِی الرَّحْمَةَ بِمُوسَی تَمَّتْ لَهُمْ قَوْلُهُ وَ ما كانُوا یَعْرِشُونَ یَعْنِی الْمَصَانِعَ وَ الْعَرِیشَ وَ الْقُصُورَ (3).
ص: 112
بیان: قوله تعالی وَ آلِهَتَكَ قیل كان فرعون یستعبد الناس و یعبد الأصنام بنفسه و كان الناس یعبدونها تقربا إلیه و قیل كان یعبد ما یستحسن من البقر و
روی أنه كان یأمرهم أیضا بعبادة البقر و لذلك أخرج السامری لهم عجلا.
و قیل كانت لهم أصنام یعبدها قومه تقربا إلیه و
قرئ و إلهتك علی فعالة روی عن علی علیه السلام و ابن عباس و ابن مسعود و أنس و علقمة.
و غیرهم فالإلهة بمعنی الربوبیة أو العبادة.
قوله تعالی فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمُ الطُّوفانَ اختلف فیه فقیل هو الماء الخارج عن العادة و قیل هو الموت الذریع (1)و قیل هو الطاعون بلغة الیمن أرسل اللّٰه ذلك علی أبكار آل فرعون فی لیلة فلم یبق منهن إنسان و لا دابة و قیل هو الجدری و هم أول من عذبوا به فبقی فی الأرض و قیل هو أمر من أمر اللّٰه طاف بهم.
و اختلف فی القمل أیضا فقیل هو صغار الجراد التی لا أجنحة لها و قیل صغار الذر و قیل شی ء یشبه الحلم (2)لا یأكل أكل الجراد خبیث الرائحة و قیل دواب سود صغار كالقردان و قیل هو السوس الذی یخرج من الحنطة و قیل قمل الناس.
و أما الرجز فقیل هو العذاب و هو ما نزل بهم من الطوفان و غیره و قیل هو الطاعون مات به من القبط سبعون ألف إنسان.
و قال الطبرسی رحمه اللّٰه- رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ أَصَابَهُمْ ثَلْجٌ أَحْمَرُ وَ لَمْ یَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَمَاتُوا فِیهِ وَ جَزِعُوا وَ أَصَابَهُمْ مَا لَمْ یَعْهَدُوهُ قَبْلَهُ (3)
«16»- ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام فِی تِسْعِ آیَاتِ مُوسَی لَمَّا اجْتَمَعَ رَأْیُ فِرْعَوْنَ أَنْ یَكِیدَ مُوسَی فَأَوَّلُ مَا كَادَهُ بِهِ عَمَلُ الصَّرْحِ فَأَمَرَ هَامَانَ بِبِنَائِهِ حَتَّی اجْتَمَعَ فِیهِ خَمْسُونَ أَلْفَ بَنَّاءٍ سِوَی مَنْ یَطْبُخُ الْآجُرَّ وَ یَنْجُرُ الْخَشَبَ وَ الْأَبْوَابَ وَ یَضْرِبُ الْمَسَامِیرَ حَتَّی رَفَعَ بُنْیَاناً لَمْ یَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ الدُّنْیَا وَ كَانَ أَسَاسُهُ عَلَی جَبَلٍ فَزَلْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَی فَانْهَدَمَ عَلَی عُمَّالِهِ وَ أَهْلِهِ وَ كُلِّ مَنْ كَانَ عَمِلَ فِیهِ مِنَ الْقَهَارِمَةِ وَ الْعُمَّالِ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّكَ تَزْعُمُ
ص: 113
أَنَّ رَبَّكَ عَدْلٌ لَا یَجُورُ أَ فَعَدْلُهُ الَّذِی أَمَرَ فَاعْتَزِلِ الْآنَ إِلَی عَسْكَرِكَ فَإِنَّ النَّاسَ لَحِقُوا بِالْجِبَالِ وَ الرِّمَالِ فَإِذَا اجْتَمَعُوا تُسْمِعُهُمْ رِسَالَةَ رَبِّكَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَخِّرْهُ وَ دَعْهُ فَإِنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یُجَنِّدَ لَكَ الْجُنُودَ فَیُقَاتِلَكَ وَ اضْرِبْ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ أَجَلًا وَ ابْرُزْ إِلَی مُعَسْكَرِكَ یَأْمَنُوا بِأَمَانِكَ ثُمَّ ابْنُوا بُنْیَاناً وَ اجْعَلُوا بُیُوتَكُمْ قِبْلَةً فَضَرَبَ مُوسَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ فِرْعَوْنَ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً فَأَوْحَی إِلَی مُوسَی أَنَّهُ یَجْمَعُ لَكَ الْجُمُوعَ فَلَا یَهُولَنَّكَ شَأْنُهُ فَإِنِّی أَكْفِیكَ كَیْدَهُ فَخَرَجَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ عِنْدِ فِرْعَوْنَ وَ الْعَصَا مَعَهُ عَلَی حَالِهَا حَیَّةٌ تَتْبَعُهُ وَ تَنْعِقُ وَ تَدُورُ حَوْلَهُ وَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ مُتَعَجِّبِینَ وَ قَدْ مُلِئُوا رُعْباً حَتَّی دَخَلَ مُوسَی عَسْكَرَهُ وَ أَخَذَ بِرَأْسِهَا فَإِذَا هِیَ عَصًا وَ جَمَعَ قَوْمَهُ وَ بَنَوْا مَسْجِداً فَلَمَّا مَضَی الْأَجَلُ الَّذِی كَانَ بَیْنَ مُوسَی وَ فِرْعَوْنَ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ النِّیلَ وَ كَانُوا یَشْرَبُونَ مِنْهُ فَضَرَبَهُ فَتَحَوَّلَ دَماً عَبِیطاً (1)فَإِذَا وَرَدَهُ بَنُو إِسْرَائِیلَ اسْتَقَوْا مَاءً صَافِیاً وَ إِذَا وَرَدَهُ آلُ فِرْعَوْنَ اخْتَضَبَتْ أَیْدِیهِمْ وَ أَسْقِیَتُهُمْ بِالدَّمِ فَجَهَدَهُمُ الْعَطَشُ حَتَّی إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ تَسْتَقِی مِنْ نِسَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَإِذَا سَكَبَتِ الْمَاءَ لِفِرْعَوْنِیَّةٍ تَحَوَّلَ دَماً فَلَبِثُوا فِی ذَلِكَ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً وَ أَشْرَفُوا عَلَی الْمَوْتِ وَ اسْتَغَاثَ فِرْعَوْنُ وَ آلُهُ بِمَضْغِ الرَّطْبَةِ فَصُیِّرَ مَاؤُهَا مَالِحاً فَبَعَثَ فِرْعَوْنُ إِلَی مُوسَی ادْعُ لَنَا رَبَّكَ یُعِیدُ لَنَا هَذَا الْمَاءَ صَافِیاً فَضَرَبَ مُوسَی بِالْعَصَا النِّیلَ فَصَارَ مَاءً خَالِصاً هَذَا قِصَّةُ الدَّمِ وَ أَمَّا قِصَّةُ الضَّفَادِعِ فَإِنَّهُ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی مُوسَی أَنْ یَقُومَ عَلَی شَفِیرِ النِّیلِ حَتَّی یَخْرُجَ كُلُّ ضِفْدِعٍ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَأَقْبَلَتْ تَدِبُّ سِرَاعاً (2)تَؤُمُّ أَبْوَابَ الْمَدِینَةِ فَدَخَلَتْ فِیهَا حَتَّی مَلَأَتْ كُلَّ شَیْ ءٍ فَلَمْ یَبْقَ دَارٌ وَ لَا بَیْتٌ وَ لَا إِنَاءٌ إِلَّا امْتَلَأَتْ ضَفَادِعَ وَ لَا طَعَامٌ وَ لَا شَرَابٌ إِلَّا فِیهِ ضَفَادِعُ حَتَّی غَمَّهُمْ ذَلِكَ (3)وَ كَادُوا یَمُوتُونَ فَطَلَبَ فِرْعَوْنُ إِلَی مُوسَی أَنْ یَدْعُوَ رَبَّهُ لِیَكْشِفَ الْبَلَاءَ وَ اعْتَذَرَ إِلَیْهِ مِنَ الْخُلْفِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی أَنْ أَسْعِفْهُ (4)فَأَنَافَ مُوسَی بِالْعَصَا فَلَحِقَ جَمِیعُ الضَّفَادِعِ بِالنِّیلِ
ص: 114
وَ أَمَّا قِصَّةُ الْجَرَادِ وَ الْقُمَّلِ فَإِنَّهُ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی مُوسَی أَنْ یَنْطَلِقَ إِلَی نَاحِیَةٍ مِنَ الْأَرْضِ وَ یُشِیرَ بِالْعَصَا نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَ أُخْرَی نَحْوَ الْمَغْرِبِ فَانْبَثَقَ الْجَرَادُ مِنَ الْأُفُقَیْنِ جَمِیعاً فَجَاءَ مِثْلُ الْغَمَامِ الْأَسْوَدِ وَ ذَلِكَ فِی زَمَانِ الْحَصَادِ فَمَلَأَ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ عَمَّ الزَّرْعَ فَأَكَلَهُ وَ أَكَلَ خَشَبَ الْبُیُوتِ وَ أَبْوَابَهَا وَ مَسَامِیرَ الْحَدِیدِ وَ الْأَقْفَالَ وَ السَّلَاسِلَ وَ نَكَتَ مُوسَی الْأَرْضَ بِالْعَصَا فَامْتَلَأَتْ قُمَّلًا فَصَارَ وَجْهُ الْأَرْضِ أَسْوَدَ وَ أَحْمَرَ حَتَّی مُلِئَتْ ثِیَابُهُمْ وَ لُحُفُهُمْ وَ آنِیَتُهُمْ فَتَجِی ءُ مُتَوَاصِلَةً وَ تَجِی ءُ مِنْ رَأْسِ الرَّجُلِ وَ لِحْیَتِهِ وَ تَأْكُلُ كُلَّ شَیْ ءٍ فَلَمَّا رَأَوُا الَّذِی نَزَلَ مِنَ الْبَلَاءِ اجْتَمَعُوا إِلَی فِرْعَوْنَ وَ قَالُوا لَیْسَ مِنْ بَلَاءٍ إِلَّا وَ یُمْكِنُ الصَّبْرُ عَلَیْهِ إِلَّا الْجُوعُ فَإِنَّهُ بَلَاءٌ فَاضِحٌ لَا صَبْرَ لِأَحَدٍ عَلَیْهِ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یُخْبِرُهُ أَنَّهُ لَمْ یَجْتَمِعْ لَهُ أَمْرُهُ الَّذِی أَرَادَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی أَنْ لَا یَدَعَ لَهُ حُجَّةً وَ أَنْ یُنْظِرَهُ فَأَشَارَ بِعَصَاهُ فَانْقَشَعَ الْجَرَادُ وَ الْقُمَّلُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَ أَمَّا الطَّمْسُ فَإِنَّ مُوسَی لَمَّا رَأَی آلَ فِرْعَوْنَ لَا یَزِیدُونَ إِلَّا كُفْراً دَعَا مُوسَی عَلَیْهِمْ فَقَالَ رَبَّنا إِنَّكَ آتَیْتَ فِرْعَوْنَ وَ مَلَأَهُ زِینَةً وَ أَمْوالًا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا ... رَبَّنَا اطْمِسْ عَلی أَمْوالِهِمْ فَطَمَسَ اللَّهُ أَمْوَالَهُمْ حِجَارَةً فَلَمْ یُبْقِ لَهُمْ شَیْئاً مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَی یَمْلِكُونَهُ لَا حِنْطَةً وَ لَا شَعِیراً وَ لَا ثَوْباً وَ لَا سِلَاحاً وَ لَا شَیْئاً مِنَ الْأَشْیَاءِ إِلَّا صَارَ حِجَارَةً وَ أَمَّا الطَّاعُونُ فَإِنَّهُ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنِّی مُرْسِلٌ عَلَی أَبْكَارِ آلِ فِرْعَوْنَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ الطَّاعُونَ فَلَا یَبْقَی بِآلِ فِرْعَوْنَ مِنْ إِنْسَانٍ وَ لَا دَابَّةٍ إِلَّا قَتَلَهُ فَبَشَّرَ مُوسَی قَوْمَهُ بِذَلِكَ فَانْطَلَقَتِ الْعُیُونُ إِلَی فِرْعَوْنَ بِالْخَبَرِ فَلَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ قَالَ لِقَوْمِهِ قُولُوا لِبَنِی إِسْرَائِیلَ إِذَا أَمْسَیْتُمْ فَقَدِّمُوا أَبْكَارَكُمْ وَ قَدِّمُوا أَنْتُمْ أَبْكَارَكُمْ وَ أَقْرِنُوا كُلَّ بِكْرَیْنِ فِی سِلْسِلَةٍ فَإِنَّ الْمَوْتَ یَطْرُقُهُمْ لَیْلًا فَإِذَا وَجَدَهُمْ مُخْتَلِطِینَ لَمْ یَدْرِ بِأَیِّهِمْ یَبْطِشُ فَفَعَلُوا فَلَمَّا جَنَّهُمُ اللَّیْلُ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَی الطَّاعُونَ فَلَمْ یُبْقِ مِنْهُمْ إِنْسَاناً وَ لَا دَابَّةً إِلَّا قَتَلَهُ فَأَصْبَحَ أَبْكَارُ آلِ فِرْعَوْنَ جِیَفاً وَ أَبْكَارُ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَحْیَاءً سَالِمِینَ فَمَاتَ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ أَلْفاً سِوَی الدَّوَابِّ وَ كَانَ لِفِرْعَوْنَ مِنْ أَثَاثِ الدُّنْیَا وَ زَهْرَتِهَا وَ زِینَتِهَا وَ مِنَ الْحُلِیِّ وَ الْحُلَلِ مَا لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَی فَأَوْحَی اللَّهُ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنِّی مُورِثٌ بَنِی إِسْرَائِیلَ مَا فِی أَیْدِی آلِ فِرْعَوْنَ فَقُلْ لِیَسْتَعِیرُوا مِنْهُمُ الْحُلِیَّ وَ الزِّینَةَ فَإِنَّهُمْ لَا یَمْتَنِعُونَ مِنْ خَوْفِ
ص: 115
الْبَلَاءِ وَ أَعْطَی فِرْعَوْنُ جَمِیعَ زِینَةِ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ وَ مَا كَانَ فِی خَزَائِنِهِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی بِالْمَسِیرِ بِجَمِیعِ ذَلِكَ حَتَّی كَانَ مِنَ الْغَرَقِ بِفِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِ مَا كَانَ (1).
إیضاح: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: وَ اجْعَلُوا بُیُوتَكُمْ قِبْلَةً اختلف فی ذلك فقیل لما دخل موسی مصر بعد ما أهلك اللّٰه فرعون أمروا باتخاذ مساجد یذكر فیها اسم اللّٰه و أن یجعلوا مساجدهم نحو القبلة أی الكعبة و كانت قبلتهم إلی الكعبة و قیل إن فرعون أمر بتخریب مساجد بنی إسرائیل و منعهم من الصلاة فأمروا أن یتخذوا مساجد فی بیوتهم یصلون فیها خوفا من فرعون و قیل معناه اجعلوا بیوتكم یقابل بعضها بعضا انتهی. (2)أقول ما فی القصص یحتمل كلا من الوجهین الأخیرین و أن یكون المعنی كون بیوتهم محاذیة للكعبة و أناف علی الشی ء أشرف و المراد الإشارة بالعصا و انقشع تفرق.
«17»-فس، تفسیر القمی مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ (3)عَنْ جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ (4)عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِی إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا خَافَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ جَبَابِرَتَهَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی وَ هَارُونَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُیُوتاً وَ اجْعَلُوا بُیُوتَكُمْ قِبْلَةً قَالَ أُمِرُوا أَنْ یُصَلُّوا فِی بُیُوتِهِمْ (5).
«18»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ وَ جاوَزْنا بِبَنِی إِسْرائِیلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ بَغْیاً وَ عَدْواً إِلَی قَوْلِهِ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَإِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالُوا یَا مُوسَی ادْعُ اللَّهَ أَنْ یَجْعَلَ لَنَا مِمَّا نَحْنُ فِیهِ فَرَجاً فَدَعَا فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ أَسْرِ بِهِمْ قَالَ یَا رَبِّ الْبَحْرُ أَمَامَهُمْ قَالَ امْضِ فَإِنِّی آمُرُهُ أَنْ یعطیك (یُطِیعَكَ) وَ یَنْفَرِجَ
ص: 116
لَكَ فَخَرَجَ مُوسَی بِبَنِی إِسْرَائِیلَ وَ اتَّبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ حَتَّی إِذَا كَادَ أَنْ یَلْحَقَهُمْ وَ نَظَرُوا إِلَیْهِ قَدْ أَظَلَّهُمْ قَالَ مُوسَی لِلْبَحْرِ انْفَرِجْ لِی قَالَ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ وَ قَالَ بَنُو إِسْرَائِیلَ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ غَرَرْتَنَا وَ أَهْلَكْتَنَا فَلَیْتَكَ تَرَكْتَنَا یَسْتَعْبِدُنَا آلُ فِرْعَوْنَ وَ لَمْ نَخْرُجِ الْآنَ نُقْتَلْ قَتْلَةً قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِی رَبِّی سَیَهْدِینِ وَ اشْتَدَّ عَلَی مُوسَی مَا كَانَ یَصْنَعُ بِهِ عَامَّةُ قَوْمِهِ وَ قَالُوا یَا مُوسَی إِنَّا لَمُدْرَكُونَ زَعَمْتَ أَنَّ الْبَحْرَ یَنْفَرِجُ لَنَا حَتَّی نَمْضِیَ وَ نَذْهَبَ وَ قَدْ رَهِقَنَا (1)فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ هُمْ هَؤُلَاءِ نَرَاهُمْ قَدْ دَنَوْا مِنَّا فَدَعَا مُوسَی رَبَّهُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَضَرَبَهُ فَانْفَلَقَ الْبَحْرُ فَمَضَی مُوسَی وَ أَصْحَابُهُ حَتَّی قَطَعُوا الْبَحْرَ وَ أَدْرَكَهُمْ آلُ فِرْعَوْنَ فَلَمَّا نَزَلُوا إِلَی الْبَحْرِ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ مَا تَعْجَبُ مِمَّا تَرَی قَالَ أَنَا فَعَلْتُ (2)فَمُرُّوا وَ امْضُوا فِیهِ (3)فَلَمَّا تَوَسَّطَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ مَعَهُ أَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَأَطْبَقَ عَلَیْهِمْ فَغَرَّقَهُمْ أَجْمَعِینَ فَلَمَّا أَدْرَكَ فِرْعَوْنَ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِی آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِیلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ یَقُولُ كُنْتَ مِنَ الْعَاصِینَ فَالْیَوْمَ نُنَجِّیكَ بِبَدَنِكَ قَالَ إِنَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ ذَهَبُوا أَجْمَعِینَ فِی الْبَحْرِ فَلَمْ یُرَ مِنْهُمْ أَحَدٌ هَوَوْا فِی الْبَحْرِ إِلَی النَّارِ (4)وَ أَمَّا فِرْعَوْنُ فَنَبَذَهُ اللَّهُ وَحْدَهُ فَأَلْقَاهُ بِالسَّاحِلِ لِیَنْظُرُوا إِلَیْهِ وَ لِیَعْرِفُوهُ لِیَكُونَ لِمَنْ خَلْفَهُ آیَةً وَ لِئَلَّا یَشُكَّ أَحَدٌ فِی هَلَاكِهِ وَ إِنَّهُمْ كَانُوا اتَّخَذُوهُ رَبّاً فَأَرَاهُمُ اللَّهُ إِیَّاهُ جِیفَةً مُلْقَاةً بِالسَّاحِلِ لِیَكُونَ لِمَنْ خَلْفَهُ عِبْرَةً وَ عِظَةً یَقُولُ اللَّهُ وَ إِنَّ كَثِیراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آیاتِنا لَغافِلُونَ
وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ وَ قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ مَا أَتَی جَبْرَئِیلُ رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا كَئِیباً حَزِیناً وَ لَمْ یَزَلْ كَذَلِكَ مُنْذُ أَهْلَكَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِنُزُولِ هَذِهِ الْآیَةِ (5)آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ نَزَلَ عَلَیْهِ وَ هُوَ ضَاحِكٌ مُسْتَبْشِرٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ مَا أَتَیْتَنِی یَا جَبْرَئِیلُ إِلَّا وَ تَبَیَّنَتِ الْحُزْنُ فِی وَجْهِكَ حَتَّی السَّاعَةِ قَالَ نَعَمْ یَا مُحَمَّدُ لَمَّا غَرَّقَ
ص: 117
اللَّهُ فِرْعَوْنَ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِی آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِیلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَأَخَذْتُ حَمْأَةً فَوَضَعْتُهَا فِی فِیهِ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ وَ عَمِلْتُ ذَلِكَ مِنْ غَیْرِ أَمْرِ اللَّهِ خِفْتُ أَنْ یَلْحَقَهُ الرَّحْمَةُ مِنَ اللَّهِ وَ یُعَذِّبَنِی عَلَی مَا فَعَلْتُ فَلَمَّا كَانَ الْآنَ وَ أَمَرَنِی اللَّهُ أَنْ أُؤَدِّیَ إِلَیْكَ مَا قُلْتُهُ أَنَا لِ فِرْعَوْنَ أَمِنْتُ وَ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلَّهِ رِضًا قَوْلُهُ فَالْیَوْمَ نُنَجِّیكَ بِبَدَنِكَ فَإِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَخْبَرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَرَّقَ فِرْعَوْنَ فَلَمْ یُصَدِّقُوهُ فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَلَفَظَ بِهِ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ حَتَّی رَأَوْهُ مَیِّتاً (1).
«19»-طب، طب الأئمة علیهم السلام عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِسْطَامَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ النَّضْرِ مِنْ وُلْدِ مِیثَمٍ التَّمَّارِ عَنِ الْأَئِمَّةِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ أَنَّهُمْ وَصَفُوا هَذَا الدَّوَاءَ (2)لِأَوْلِیَائِهِمْ وَ هُوَ الدَّوَاءُ الَّذِی یُسَمَّی الشَّافِیَةَ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ حِینَ أَرَادَ فِرْعَوْنُ أَنْ یَسُمَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَجَعَلَ لَهُمْ عِیداً فِی یَوْمِ الْأَحَدِ وَ قَدْ تَهَیَّأَ فِرْعَوْنُ وَ اتَّخَذَ لَهُمْ طَعَاماً كَثِیراً وَ نَصَبَ مَوَائِدَ كَثِیرَةً وَ جَعَلَ السَّمَّ فِی الْأَطْعِمَةِ وَ خَرَجَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ بِبَنِی إِسْرَائِیلَ وَ هُمْ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ فَوَقَفَ لَهُمْ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عِنْدَ الْمَضِیفِ فَرَدَّ النِّسَاءَ وَ الْوِلْدَانَ وَ أَوْصَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَا تَأْكُلُوا مِنْ طَعَامِهِمْ وَ لَا تَشْرَبُوا مِنْ شَرَابِهِمْ حَتَّی أَعُودَ إِلَیْكُمْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ یَسْقِیهِمْ مِنْ هَذَا الدَّوَاءِ مِقْدَارَ مَا تَحْمِلُهُ رَأْسُ الْإِبْرَةِ وَ عَلِمَ أَنَّهُمْ یُخَالِفُونَ أَمْرَهُ وَ یَقَعُونَ فِی طَعَامِ فِرْعَوْنَ ثُمَّ زَحَفَ وَ زَحَفُوا مَعَهُ- (3)فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی نَصْبِ الْمَوَائِدِ أَسْرَعُوا إِلَی الطَّعَامِ وَ وَضَعُوا أَیْدِیَهُمْ فِیهِ وَ مِنْ قَبْلُ نَادَی فِرْعَوْنُ مُوسَی وَ هَارُونَ وَ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ مِنْ كُلِّ خِیَارِ بَنِی إِسْرَائِیلَ (4)وَ وَجَّهَهُمْ إِلَی مَائِدَةٍ لَهُمْ خَاصَّةً وَ قَالَ إِنِّی عَزَمْتُ عَلَی نَفْسِی أَنْ لَا یَلِیَ خِدْمَتَكُمْ وَ بِرَّكُمْ غَیْرِی أَوْ كُبَرَاءُ أَهْلِ مَمْلَكَتِی فَأَكَلُوا حَتَّی تَمَلَّوْا مِنَ الطَّعَامِ وَ جَعَلَ فِرْعَوْنُ یُعِیدُ السَّمَّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَی فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ خَرَجَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ أَصْحَابُهُ وَ قَالَ لِفِرْعَوْنَ إِنَّا تَرَكْنَا النِّسَاءَ وَ الصِّبْیَانَ خَلْفَنَا وَ إِنَّا نَنْتَظِرُهُمْ قَالَ فِرْعَوْنُ إِذًا یُعَادُ لَهُمُ الطَّعَامُ وَ نُكْرِمُهُمْ كَمَا أَكْرَمْنَا مَنْ مَعَكَ فَتَوَافَوْا
ص: 118
وَ أَطْعَمَهُمْ كَمَا أَطْعَمَ أَصْحَابَهُمْ وَ خَرَجَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِلَی الْعَسْكَرِ فَأَقْبَلَ فِرْعَوْنُ عَلَی أَصْحَابِهِ وَ قَالَ لَهُمْ زَعَمْتُمْ أَنَّ مُوسَی وَ هَارُونَ سَحَرَا بِنَا وَ أَرَیَانَا بِالسِّحْرِ أَنَّهُمْ یَأْكُلُونَ مِنْ طَعَامِنَا وَ لَمْ یَأْكُلُوا مِنْ طَعَامِنَا شَیْئاً وَ قَدْ خَرَجَا وَ ذَهَبَ السِّحْرُ فَاجْمَعُوا مَنْ قَدَرْتُمْ عَلَیْهِ عَلَی الطَّعَامِ الْبَاقِی یَوْمَهُمْ هَذَا وَ مِنَ الْغَدِ لكیلا (لِكَیْ) یَتَفَانَوْا (1)فَفَعَلُوا وَ قَدْ كَانَ أَمَرَ فِرْعَوْنُ أَنْ یُتَّخَذَ لِأَصْحَابِهِ خَاصَّةً طَعَامٌ لَا سَمَّ فِیهِ فَجَمَعَهُمْ عَلَیْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَكَلَ وَ مِنْهُمْ مِنْ تَرَكَ فَكُلُّ مَنْ طَعِمَ مِنْ طَعَامِهِ تَفَسَّخَ فَهَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ فِرْعَوْنَ سَبْعُونَ أَلْفَ ذَكَرٍ وَ مِائَةٌ وَ سِتُّونَ أَلْفَ أُنْثَی سِوَی الدَّوَابِّ وَ الْكِلَابِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ فَتَعَجَّبَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ (2).
أقول: سیأتی تمام الخبر مع وصف الدواء فی كتاب السماء و العالم.
«20»-فس، تفسیر القمی أَ وَ مَنْ یُنَشَّؤُا فِی الْحِلْیَةِ أَیْ یُنَشَّأُ فِی الذَّهَبِ وَ هُوَ فِی الْخِصامِ غَیْرُ مُبِینٍ قَالَ إِنَّ مُوسَی أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْقُوَّةِ أَنْ رَأَی فِرْعَوْنُ صُورَتَهُ عَلَی فَرَسٍ مِنْ ذَهَبٍ رَطْبٍ عَلَیْهِ ثِیَابٌ مِنْ ذَهَبٍ رَطْبٍ فَقَالَ فِرْعَوْنُ أَ وَ مَنْ یُنَشَّؤُا فِی الْحِلْیَةِ أَیْ یُنَشَّأُ بِالذَّهَبِ وَ هُوَ فِی الْخِصامِ غَیْرُ مُبِینٍ قَالَ لَا یُبَیِّنُ الْكَلَامَ وَ لَا یَتَبَیَّنُ مِنَ النَّاسِ وَ لَوْ كَانَ نَبِیّاً لَكَانَ خِلَافَ النَّاسِ (3).
بیان: المشهور بین المفسرین أن المعنی أو اجعلوا مَنْ یُنَشَّؤُا فِی الْحِلْیَةِ أی فی زینة النساء لله عز و جل یعنی البنات وَ هُوَ فِی الْخِصامِ یعنی المخاصمة غَیْرُ مُبِینٍ للحجة أی لا یمكنها أن تبین الحجة عند الخصومة لضعفها و سفهها و قیل معناه أو یعبدون من ینشأ فی الحلیة و لا یمكنه أن ینطق بحجته و یعجز عن الجواب و هم الأصنام فإنهم كانوا یحلونها بالحلی و إنما قال و هو حملا علی لفظ من و أما ما ذكره علی بن إبراهیم فلا یخفی بعده عن سیاق الآیة لأنها محفوفة بالآیات المشتملة علی ذكر من جعل لله البنات و لو كان خبرا فلعل فی قرآنهم علیهم السلام كانت بین الآیات المسوقة لذكر
ص: 119
قصص موسی علیه السلام (1)أو یكون القول مقدرا و تكون هاهنا معترضة لمشابهة قوله لقول هؤلاء فی معارضة الحق و معاندة أهل الدین.
«21»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُوسَی إِلَی فِرْعَوْنَ أَتَی بَابَهُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَیْهِ وَ لَمْ یُؤْذَنْ لَهُ فَضَرَبَ بِعَصَاهُ الْبَابَ فَاصْطَكَّتِ الْأَبْوَابُ مُفَتَّحَةً ثُمَّ دَخَلَ عَلَی فِرْعَوْنَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ سَأَلَهُ أَنْ یُرْسِلَ مَعَهُ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ كَمَا حَكَی اللَّهُ أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِینا وَلِیداً وَ لَبِثْتَ فِینا مِنْ عُمُرِكَ سِنِینَ وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِی فَعَلْتَ أَیْ قَتَلْتَ الرَّجُلَ وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِینَ یَعْنِی كَفَرْتَ نِعْمَتِی فَقَالَ مُوسَی كَمَا حَكَی اللَّهُ فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّینَ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ إِلَی قَوْلِهِ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِی إِسْرائِیلَ فَقَالَ فِرْعَوْنُ وَ ما رَبُّ الْعالَمِینَ وَ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ كَیْفِیَّةِ اللَّهِ فَقَالَ مُوسَی رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِینَ فَقَالَ فِرْعَوْنُ مُتَعَجِّباً لِأَصْحَابِهِ أَ لا تَسْتَمِعُونَ أَسْأَلُهُ عَنِ الْكَیْفِیَّةِ فَیُجِیبُنِی عَنِ الْخَلْقِ فَقَالَ مُوسَی رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِینَ ثُمَّ قَالَ لِمُوسَی لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَیْرِی لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِینَ قالَ مُوسَی أَ وَ لَوْ جِئْتُكَ بِشَیْ ءٍ مُبِینٍ قالَ فِرْعَوْنُ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ فَأَلْقی عَصاهُ فَإِذا هِیَ ثُعْبانٌ مُبِینٌ فَلَمْ یَبْقَ أَحَدٌ مِنْ جُلَسَاءِ فِرْعَوْنَ إِلَّا هَرَبَ وَ دَخَلَ فِرْعَوْنَ مِنَ الرُّعْبِ مَا لَمْ یَمْلِكْ نَفْسَهُ فَقَالَ فِرْعَوْنُ یَا مُوسَی أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَ الرَّضَاعَ إِلَّا مَا كَفَفْتَهَا عَنِّی فَكَفَّهَا ثُمَّ نَزَعَ یَدَهُ فَإِذا هِیَ بَیْضاءُ لِلنَّاظِرِینَ فَلَمَّا أَخَذَ مُوسَی الْعَصَا رَجَعَتْ إِلَی فِرْعَوْنَ نَفْسُهُ وَ هَمَّ بِتَصْدِیقِهِ فَقَامَ إِلَیْهِ هَامَانُ فَقَالَ لَهُ بَیْنَمَا أَنْتَ إِلَهٌ تُعْبَدُ إِذْ صِرْتَ تَابِعاً لِعَبْدٍ ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِلْمَلَإِ الَّذِی حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِیمٌ یُرِیدُ أَنْ یُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ إِلَی قَوْلِهِ لِمِیقاتِ یَوْمٍ مَعْلُومٍ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ وَ هَامَانُ قَدْ تَعَلَّمَا السِّحْرَ وَ إِنَّمَا غَلَبَا النَّاسَ بِالسِّحْرِ وَ ادَّعَی فِرْعَوْنُ الرُّبُوبِیَّةَ بِالسِّحْرِ فَلَمَّا أَصْبَحَ بَعَثَ فِی الْمَدَائِنِ حَاشِرِینَ مَدَائِنِ مِصْرَ كُلِّهَا وَ جَمَعُوا أَلْفَ سَاحِرٍ وَ اخْتَارُوا مِنَ الْأَلْفِ مِائَةً وَ مِنَ الْمِائَةِ ثَمَانِینَ فَقَالَ السَّحَرَةُ لِفِرْعَوْنَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَیْسَ فِی الدُّنْیَا أَسْحَرُ مِنَّا فَإِنْ غَلَبْنَا مُوسَی فَمَا یَكُونُ لَنَا عِنْدَكَ قَالَ إِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِینَ عِنْدِی أُشَارِكُكُمْ فِی
ص: 120
مُلْكِی قَالُوا فَإِنْ غَلَبَنَا مُوسَی وَ أَبْطَلَ سِحْرَنَا عَلِمْنَا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ لَیْسَ مِنْ قِبَلِ السِّحْرِ وَ لَا مِنْ قِبَلِ الْحِیلَةِ آمَنَّا بِهِ وَ صَدَّقْنَا فَقَالَ فِرْعَوْنُ إِنْ غَلَبَكُمْ مُوسَی صَدَّقْتُهُ أَنَا أَیْضاً مَعَكُمْ وَ لَكِنْ أَجْمِعُوا كَیْدَكُمْ أَیْ حِیلَتَكُمْ قَالَ وَ كَانَ مَوْعِدُهُمْ یَوْمَ عِیدٍ لَهُمْ فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ جَمَعَ فِرْعَوْنُ الْخَلْقَ وَ السَّحَرَةَ وَ كَانَتْ لَهُ قُبَّةٌ طُولُهَا فِی السَّمَاءِ ثَمَانُونَ ذِرَاعاً وَ قَدْ كَانَتْ لُبِسَتِ الْحَدِیدَ الْفُولَادَ (1)وَ كَانَتْ إِذَا وَقَعَتِ الشَّمْسُ عَلَیْهَا لَمْ یَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ یَنْظُرَ إِلَیْهَا مِنْ لَمْعِ الْحَدِیدِ وَ وَهَجِ الشَّمْسِ- (2)وَ جَاءَ فِرْعَوْنُ وَ هَامَانُ وَ قَعَدَا عَلَیْهَا یَنْظُرَانِ وَ أَقْبَلَ مُوسَی یَنْظُرُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَتِ السَّحَرَةُ لِفِرْعَوْنَ إِنَّا نَرَی رَجُلًا یَنْظُرُ إِلَی السَّمَاءِ وَ لَمْ یَبْلُغْ سِحْرُنَا السَّمَاءَ وَ ضَمِنَتِ السَّحَرَةُ مَنْ فِی الْأَرْضِ فَقَالُوا لِمُوسَی إِمَّا أَنْ تُلْقِیَ وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِینَ قالَ لَهُمْ مُوسی أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَ عِصِیَّهُمْ فَأَقْبَلَتْ تَضْطَرِبُ مِثْلَ الْحَیَّاتِ وَ هَاجَتْ فَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ (3)فَأَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً مُوسی فَنُودِیَ لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلی وَ أَلْقِ ما فِی یَمِینِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَیْدُ ساحِرٍ وَ لا یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتی فَأَلْقَی مُوسَی الْعَصَا فَذَابَتْ فِی الْأَرْضِ مِثْلَ الرَّصَاصِ ثُمَّ طَلَعَ رَأْسُهَا وَ فَتَحَتْ فَاهَا وَ وَضَعَتْ شِدْقَهَا الْعُلْیَا عَلَی رَأْسِ قُبَّةِ فِرْعَوْنَ ثُمَّ دَارَتْ وَ الْتَقَمَتْ (4)عِصِیَّ السَّحَرَةِ وَ حِبَالَهَا وَ غَلَبَ كُلَّهُمْ وَ انْهَزَمَ النَّاسُ حِینَ رَأَوْهَا وَ عِظَمَهَا وَ هَوْلَهَا مِمَّا لَمْ تَرَ الْعَیْنُ وَ لَا وَصَفَ الْوَاصِفُونَ مِثْلَهُ قَبْلُ فَقُتِلَ فِی الْهَزِیمَةِ مِنْ وَطْءِ النَّاسِ بَعْضِهُمْ بَعْضاً عَشَرَةُ آلَافِ رَجُلٍ وَ امْرَأَةٍ وَ صَبِیٍّ وَ دَارَتْ عَلَی قُبَّةِ فِرْعَوْنَ قَالَ فَأَحْدَثَ فِرْعَوْنُ وَ هَامَانُ فِی ثِیَابِهِمَا وَ شَابَ رَأْسُهُمَا وَ غُشِیَ عَلَیْهِمَا مِنَ الْفَزَعِ وَ مَرَّ مُوسَی فِی الْهَزِیمَةِ مَعَ النَّاسِ فَنَادَاهُ اللَّهُ خُذْها وَ لا تَخَفْ سَنُعِیدُها سِیرَتَهَا الْأُولی فَرَجَعَ مُوسَی وَ لَفَّ عَلَی یَدِهِ عَبَاءَةً كَانَتْ عَلَیْهِ ثُمَّ أَدْخَلَ یَدَهُ فِی فَمِهَا فَإِذَا هِیَ عَصًا كَمَا كَانَتْ وَ كَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ فَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ ساجِدِینَ لَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قالُوا
ص: 121
آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِینَ رَبِّ مُوسی وَ هارُونَ فَغَضِبَ فِرْعَوْنُ عِنْدَ ذَلِكَ غَضَباً شَدِیداً وَ قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِیرُكُمُ یَعْنِی مُوسَی الَّذِی عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَیْدِیَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِینَ فَقَالُوا لَهُ كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لا ضَیْرَ إِنَّا إِلی رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ یَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطایانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِینَ فَحَبَسَ فِرْعَوْنُ مَنْ آمَنَ بِمُوسَی فِی السِّجْنِ حَتَّی أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الطُّوفانَ وَ الْجَرادَ وَ الْقُمَّلَ وَ الضَّفادِعَ وَ الدَّمَ فَأَطْلَقَ عَنْهُمْ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی أَنْ أَسْرِ بِعِبادِی إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ فَخَرَجَ مُوسَی بِبَنِی إِسْرَائِیلَ لِیَقْطَعَ بِهِمُ الْبَحْرَ وَ جَمَعَ فِرْعَوْنُ أَصْحَابَهُ وَ بَعَثَ فِی الْمَدَائِنِ حَاشِرِینَ وَ حَشَرَ النَّاسَ وَ قَدَّمَ مُقَدِّمَتَهُ فِی سِتِّمِائَةِ أَلْفٍ وَ رَكِبَ هُوَ فِی أَلْفِ أَلْفٍ وَ خَرَجَ كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ كُنُوزٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها بَنِی إِسْرائِیلَ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِینَ فَلَمَّا قَرُبَ مُوسَی مِنَ الْبَحْرِ وَ قَرُبَ فِرْعَوْنُ مِنْ مُوسَی قالَ أَصْحابُ مُوسی إِنَّا لَمُدْرَكُونَ فَ قالَ مُوسَی كَلَّا إِنَّ مَعِی رَبِّی سَیَهْدِینِ أَیْ سَیُنْجِینِ فَدَنَا مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنَ الْبَحْرِ فَقَالَ لَهُ انْفَرِقْ فَقَالَ لَهُ الْبَحْرُ اسْتَكْبَرْتُ یَا مُوسَی أَنْ أَنْفَرِقَ لَكَ (1)وَ لَمْ أَعْصِ اللَّهَ طَرْفَةَ عَیْنٍ وَ قَدْ كَانَ فِیكُمُ الْمَعَاصِی فَقَالَ لَهُ مُوسَی فَاحْذَرْ أَنْ تَعْصِیَ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ آدَمَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ بِمَعْصِیَةٍ وَ إِنَّمَا لُعِنَ إِبْلِیسُ بِمَعْصِیَةٍ فَقَالَ الْبَحْرُ عَظِیمٌ رَبِّی (2)مُطَاعٌ أَمْرُهُ وَ لَا یَنْبَغِی لِشَیْ ءٍ أَنْ یَعْصِیَهُ فَقَامَ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ فَقَالَ لِمُوسَی یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ فَقَالَ بِعُبُورِ الْبَحْرِ فَأَقْحَمَ یُوشَعٌ فَرَسَهُ الْمَاءَ (3)وَ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَضَرَبَهُ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِیمِ أَیْ كَالْجَبَلِ الْعَظِیمِ فَضُرِبَ لَهُ فِی الْبَحْرِ اثْنَا عَشَرَ
ص: 122
طَرِیقاً فَأَخَذَ كُلُّ سِبْطٍ فِی طَرِیقٍ فَكَانَ الْمَاءُ قَدِ ارْتَفَعَ (1)وَ بَقِیَتِ الْأَرْضُ یَابِسَةً طَلَعَتْ فِیهَا الشَّمْسُ فَیَبِسَتْ كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِیقاً فِی الْبَحْرِ یَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَ لا تَخْشی وَ دَخَلَ مُوسَی وَ أَصْحَابُهُ الْبَحْرَ وَ كَانَ أَصْحَابُهُ اثْنَیْ عَشَرَ سِبْطاً فَضَرَبَ اللَّهُ لَهُمْ فِی الْبَحْرِ اثْنَیْ عَشَرَ طَرِیقاً فَأَخَذَ كُلُّ سِبْطٍ فِی طَرِیقٍ وَ كَانَ الْمَاءُ قَدِ ارْتَفَعَ عَلَی رُءُوسِهِمْ مِثْلَ الْجِبَالِ فَجَزِعَتِ الْفِرْقَةُ الَّتِی كَانَتْ مَعَ مُوسَی فِی طَرِیقِهِ فَقَالُوا یَا مُوسَی أَیْنَ إِخْوَانُنَا فَقَالَ لَهُمْ مَعَكُمْ فِی الْبَحْرِ فَلَمْ یُصَدِّقُوهُ فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَصَارَتْ طَاقَاتٍ حَتَّی كَانَ یَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ یَتَحَدَّثُونَ وَ أَقْبَلَ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی الْبَحْرِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَ لَا تَعْلَمُونَ أَنِّی رَبُّكُمُ الْأَعْلَی قَدْ فُرِّجَ لِیَ الْبَحْرُ فَلَمْ یَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ یَدْخُلَ الْبَحْرَ وَ امْتَنَعَتِ الْخَیْلُ مِنْهُ لِهَوْلِ الْمَاءِ فَتَقَحَّمَ فِرْعَوْنُ حَتَّی جَاءَ إِلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَقَالَ لَهُ مُنَجِّمُهُ لَا تَدْخُلِ الْبَحْرَ وَ عَارَضَهُ فَلَمْ یَقْبَلْ مِنْهُ وَ أَقْبَلَ عَلَی فَرَسٍ حِصَانٍ فَامْتَنَعَ الْفَرَسُ أَنْ یَدْخُلَ الْمَاءَ فَعَطَفَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ وَ هُوَ عَلَی مَادِیَانَةٍ (2)فَتَقَدَّمَهُ وَ دَخَلَ فَنَظَرَ الْفَرَسُ إِلَی الرَّمَكَةِ فَطَلَبَهَا وَ دَخَلَ الْبَحْرَ وَ اقْتَحَمَ أَصْحَابُهُ خَلْفَهُ فَلَمَّا دَخَلُوا كُلُّهُمْ حَتَّی كَانَ آخِرُ مَنْ دَخَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ آخِرُ مَنْ خَرَجَ مِنْ أَصْحَابِ مُوسَی أَمَرَ اللَّهُ الرِّیَاحَ فَضَرَبَتِ الْبَحْرَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَأَقْبَلَ الْمَاءُ یَقَعُ عَلَیْهِمْ مِثْلَ الْجِبَالِ فَقَالَ فِرْعَوْنُ عِنْدَ ذَلِكَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِی آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِیلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَأَخَذَ جَبْرَئِیلُ كَفّاً مِنْ حَمْأَةٍ فَدَسَّهَا فِی فِیهِ ثُمَّ قَالَ آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ(3).
بیان: قال الرازی فی قوله وَ ما رَبُّ الْعالَمِینَ اعلم أن السؤال بما لطلب الحقیقة و تعریف حقیقة الشی ء إما أن یكون بنفس تلك الحقیقة أو بشی ء منها أو بأمر خارج عنها أو بما یتركب من الداخل و الخارج و الأول محال لأنه یلزم أن یكون المعرف معلوما قبل أن یكون معلوما و الثانی مستلزم لتركبه تعالی و هو محال (4)فثبت أنه لا یمكن تعریفه
ص: 123
تعالی إلا بلوازمه و آثاره و أظهر آثار واجب الوجود هو هذا العالم المحسوس و هو السماوات و الأرض و ما بینهما فلذا قال موسی علیه السلام رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُمَا و أما قوله إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِینَ فمعناه إن كنتم موقنین باستناد هذه المحسوسات إلی موجود واجب الوجود فاعرفوا أنه لا یمكن تعریفه إلا بما ذكرته لأنكم لما سلمتم انتهاء هذه المحسوسات إلی واجب لذاته و ثبت أنه فرد مطلق و ثبت أن الفرد المطلق لا یمكن تعریفه إلا بآثاره و ثبت أن تلك الآثار لا بد و أن تكون أظهر آثاره و ما ذاك إلا السماوات و الأرض و ما بینهما فإن أیقنتم لزمكم أن تقطعوا بأنه لا جواب عن ذلك السؤال إلا هذا فقال فرعون علی سبیل التعجب من جواب موسی أَ لا تَسْتَمِعُونَ أنا أطلب منه الماهیة و هو یجیبنی بالفاعلیة و المؤثریة فأجاب موسی علیه السلام بأن قال رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِینَ و كأنه علیه السلام عدل عن التعریف السابق لأنه لا یمتنع أن یعتقد أحد أن السماوات و الأرضین واجبة لذواتها و لا یمكن أن یعتقد العاقل فی نفسه و آبائه و أجداده كونهم واجبة لذواتهم لأن المشاهدة دلت علی أنهم وجدوا بعد العدم و ما كان كذلك استحال أن یكون واجبا لذاته فقال فرعون إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِی أُرْسِلَ إِلَیْكُمْ لَمَجْنُونٌ یعنی المقصود من سؤال ما طلب خصوصیة الحقیقة و التعریف بهذه الآثار الخارجة لا تفید البتة تلك الخصوصیة فهذا الذی یدعی الرسالة مجنون فقال موسی رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ ما بَیْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ فعدل إلی طریق ثالث أوضح لأنه أراد بالمشرق طلوع الشمس و ظهور النهار و بالمغرب غروب الشمس و زوال النهار و الأمر ظاهر فی أن هذا التدبیر المستمر لا یتم إلا بتدبیر مدبر فإن كنت من العقلاء عرفت أنه لا جواب عن سؤالك إلا ما ذكرته انتهی ملخص كلامه. (1)
أقول: لعل الأظهر أنه لم یكن سؤاله عن طلب الماهیة و الحقیقة بل علی وجه الاستبعاد من وجود إله غیره فاستدل علیه السلام علی وجوده تعالی بالسماوات و الأرض و ما بینهما ثم أظهر الاستبعاد عن كون السماوات و الأرض محتاجة إلی الصانع بل هی واجبة متحركة بذواتها كما هو مذهب الدهریة أو أنه كان یخیل أنه رب السماوات و
ص: 124
الأرض فاستدل علیه السلام ثانیا بخلق أنفسهم فنسبه إلی الجنون سفها و مكابرة و معاندة كما كان دأب جمیع كفرة الأمم حیث كانوا ینسبون أنبیاءهم بعد إتمام الحجج علیهم إلی الجنون. (1)ثم استدل علیه السلام بحركات الأفلاك و اختلاف اللیل و النهار فلما رأی فرعون أنه یظهر الرب لقومه بآثاره عدل عن الاحتجاج إلی التهدید و الوعید فقال موسی أَ وَ لَوْ جِئْتُكَ بِشَیْ ءٍ مُبِینٍ أی أ تفعل ذلك و لو جئتك بشی ء یبین صدق دعوای یعنی المعجزة قوله لا ضَیْرَ أی لا ضرر علینا فی ذلك قوله أَنْ كُنَّا أی بأن كنا قوله مُشْرِقِینَ أی داخلین فی وقت شروق الشمس و الحصان بالكسر الفرس الذكر الأصیل و یسمی كل ذكر من الخیل حصانا و الرمكة محركة الفرس و البرذونة تتخذ للنتاج.
«22»-فس، تفسیر القمی وَ قالَ فِرْعَوْنُ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرِی فَأَوْقِدْ لِی یا هامانُ عَلَی الطِّینِ فَاجْعَلْ لِی صَرْحاً لَعَلِّی أَطَّلِعُ إِلی إِلهِ مُوسی وَ إِنِّی لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِینَ قَالَ فَبَنَی هَامَانُ لَهُ فِی الْهَوَاءِ صَرْحاً حَتَّی بَلَغَ مَكَاناً فِی الْهَوَاءِ لَمْ یَقْدِرِ (2)الْإِنْسَانُ أَنْ یَقُومَ عَلَیْهِ مِنَ الرِّیَاحِ الْقَائِمَةِ فِی الْهَوَاءِ فَقَالَ لِفِرْعَوْنَ لَا نَقْدِرُ أَنْ نَزِیدَ عَلَی هَذَا وَ بَعَثَ اللَّهُ رِیَاحاً فَرَمَتْ بِهِ فَاتَّخَذَ فِرْعَوْنُ (3)عِنْدَ ذَلِكَ التَّابُوتَ وَ عَمَدَ إِلَی أَرْبَعَةِ أَنْسُرٍ فَأَخَذَ فِرَاخَهَا وَ رَبَّاهَا حَتَّی إِذَا بَلَغَتْ وَ كَبِرَتْ عَمَدُوا إِلَی جَوَانِبِ التَّابُوتِ الْأَرْبَعَةِ فَغَرَزُوا (4)فِی كُلِّ جَانِبٍ مِنْهُ خَشَبَةً وَ جَعَلُوا عَلَی رَأْسِ كُلِّ خَشَبَةٍ لَحْماً وَ جَوَّعُوا الْأَنْسُرَ وَ شَدُّوا
ص: 125
أَرْجُلَهَا بِأَصْلِ الْخَشَبَةِ فَنَظَرَتِ الْأَنْسُرُ إِلَی اللَّحْمِ فَأَهْوَتْ إِلَیْهِ وَ سَفَتْ بِأَجْنِحَتِهَا وَ ارْتَفَعَتْ بِهِمَا فِی الْهَوَاءِ وَ أَقْبَلَتْ یَطِیرُ یَوْمَهَا فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِهَامَانَ انْظُرْ إِلَی السَّمَاءِ هَلْ بَلَغْنَاهَا فَنَظَرَ هَامَانُ فَقَالَ أَرَی السَّمَاءَ كَمَا كُنْتُ أَرَاهَا فِی الْأَرْضِ فِی الْبُعْدِ فَقَالَ انْظُرْ إِلَی الْأَرْضِ فَقَالَ لَا أَرَی الْأَرْضَ وَ لَكِنْ أَرَی الْبِحَارَ وَ الْمَاءَ قَالَ فَلَمْ یَزَلِ النَّسْرُ تَرْتَفِعُ حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ وَ غَابَتْ عَنْهُمَا الْبِحَارُ وَ الْمَاءُ فَقَالَ فِرْعَوْنُ یَا هَامَانُ انْظُرْ إِلَی السَّمَاءِ فَنَظَرَ فَقَالَ أَرَاهَا كَمَا كُنْتُ أَرَاهَا فِی الْأَرْضِ فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّیْلُ نَظَرَ هَامَانُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ فِرْعَوْنُ هَلْ بَلَغْنَاهَا فَقَالَ أَرَی الْكَوَاكِبَ كَمَا كُنْتُ أَرَاهَا فِی الْأَرْضِ وَ لَسْتُ أَرَی مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا الظُّلْمَةَ قَالَ ثُمَّ جَالَتِ الرِّیَاحُ الْقَائِمُ فِی الْهَوَاءِ (1)فَأَقْبَلَتِ التَّابُوتُ فَلَمْ یَزَلْ یَهْوِی بِهِمَا حَتَّی وَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ فَكَانَ فِرْعَوْنُ أَشَدَّ مَا كَانَ عُتُوّاً فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ (2).
بیان: فَأَوْقِدْ لِی أی النار عَلَی الطِّینِ أی اللبن لیصیر آجرا و قیل أول من اتخذ الآجر فرعون فَاجْعَلْ لِی صَرْحاً أی قصرا عالیا و توهم الملعون أنه لو كان اللّٰه لكان جسما فی السماء و قیل أراد أن یبنی له رصدا یترصد منها أوضاع الكواكب فیری هل فیها ما یدل علی بعثة رسول و تبدل دولة قوله حتی غابت الشمس لعل المراد أثر الشمس لعدم الانعكاس أو جرم الشمس لغیبوبتها تحت الأرض.
«23»-ل، الخصال ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ سِتَّةٍ لَمْ یَرْكُضُوا فِی رَحِمٍ فَقَالَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ كَبْشُ إِبْرَاهِیمَ وَ عَصَا مُوسَی وَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ الْخُفَّاشُ الَّذِی عَمِلَهُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ فَطَارَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (3).
«24»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ شَجَرَةٍ غُرِسَتْ فِی الْأَرْضِ فَقَالَ الْعَوْسَجَةُ وَ مِنْهَا عَصَا مُوسَی(4).
«25»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ
ص: 126
عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: احْتَبَسَ الْقَمَرُ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَوْحَی اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ أَخْرِجْ عِظَامَ یُوسُفَ مِنْ مِصْرَ وَ وَعَدَهُ طُلُوعَ الْقَمَرِ إِذَا أَخْرَجَ عِظَامَهُ فَسَأَلَ مُوسَی عَمَّنْ یَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَقِیلَ لَهُ هَاهُنَا عَجُوزٌ تَعْلَمُ مَحَلَّهُ فَبَعَثَ إِلَیْهَا فَأُتِیَ بِعَجُوزٍ مَقْعَدُهُ عَمْیَاءُ فَقَالَ لَهَا أَ تَعْرِفِینَ مَوْضِعَ قَبْرِ یُوسُفَ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَأَخْبِرِینِی بِهِ قَالَتْ لَا حَتَّی تُعْطِیَنِی أَرْبَعَ خِصَالٍ تُطْلِقَ لِی رِجْلَیَّ وَ تُعِیدَ إِلَیَّ شَبَابِی وَ تُعِیدَ إِلَیَّ بَصَرِی وَ تَجْعَلَنِی مَعَكَ فِی الْجَنَّةِ قَالَ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَی مُوسَی فَأَوْحَی اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَیْهِ یَا مُوسَی أَعْطِهَا مَا سَأَلَتْ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُعْطِی عَلَیَّ (1)
فَفَعَلَ فَدَلَّتْهُ عَلَیْهِ فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ شَاطِئِ النِّیلِ فِی صُنْدُوقٍ مَرْمَرٍ فَلَمَّا أَخْرَجَهُ طَلَعَ الْقَمَرُ فَحَمَلَهُ إِلَی الشَّامِ فَلِذَلِكَ یَحْمِلُ أَهْلُ الْكِتَابِ مَوْتَاهُمْ إِلَی الشَّامِ (2).
«26»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ قَوْماً مِمَّنْ آمَنَ بِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالُوا لَوْ أَتَیْنَا عَسْكَرَ فِرْعَوْنَ فَكُنَّا فِیهِ وَ نِلْنَا مِنْ دُنْیَاهُ فَإِذَا كَانَ الَّذِی نَرْجُوهُ مِنْ ظُهُورِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ صِرْنَا إِلَیْهِ فَفَعَلُوا فَلَمَّا تَوَجَّهَ مُوسَی وَ مَنْ مَعَهُ هَارِبِینَ مِنْ فِرْعَوْنَ رَكِبُوا دَوَابَّهُمْ وَ أَسْرَعُوا فِی السَّیْرِ لِیَلْحَقُوا مُوسَی وَ عَسْكَرَهُ فَیَكُونُوا مَعَهُمْ فَبَعَثَ اللَّهُ مَلَكاً فَضَرَبَ وُجُوهَ دَوَابِّهِمْ فَرَدَّهُمْ إِلَی عَسْكَرِ فِرْعَوْنَ فَكَانُوا فِیمَنْ غَرِقَ مَعَ فِرْعَوْنَ (3).
ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النضر مثله (4).
«27»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُوسَی أَبُوهُ مِنْ أَصْحَابِ فِرْعَوْنَ فَلَمَّا لَحِقَتْ خَیْلُ فِرْعَوْنَ مُوسَی تَخَلَّفَ عَنْهُمْ (5)لِیَعِظَ أَبَاهُ فَیُلْحِقَهُ بِمُوسَی فَمَضَی أَبُوهُ وَ هُوَ یُرَاغِمُهُ
ص: 127
حَتَّی بَلَغَا طَرَفاً مِنَ الْبَحْرِ فَغَرِقَا جَمِیعاً فَأَتَی مُوسَی الْخَبَرُ فَقَالَ هُوَ فِی رَحْمَةِ اللَّهِ وَ لَكِنَّ النَّقِمَةَ إِذَا نَزَلَتْ لَمْ یَكُنْ لَهَا عَمَّنْ قَارَبَ الْمُذْنِبَ دِفَاعٌ (1).
«28»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ قَالَ حَدَّثَنِی رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَسَبْعَةُ نَفَرٍ أَوَّلُهُمُ ابْنُ آدَمَ الَّذِی قَتَلَ أَخَاهُ وَ نُمْرُودُ الَّذِی حَاجَّ إِبْراهِیمَ فِی رَبِّهِ وَ اثْنَانِ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ هَوَّدَا قَوْمَهُمْ وَ نَصَّرَاهُمْ وَ فِرْعَوْنُ الَّذِی قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی وَ اثْنَانِ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ (2).
«29»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ عَنْ عِیسَی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا (3)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَمْلَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِفِرْعَوْنَ مَا بَیْنَ الْكَلِمَتَیْنِ أَرْبَعِینَ سَنَةً ثُمَّ أَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولی وَ كَانَ بَیْنَ أَنْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی وَ هَارُونَ قَدْ أُجِیبَتْ دَعْوَتُكُما وَ بَیْنَ أَنْ عَرَّفَهُ اللَّهُ الْإِجَابَةَ أَرْبَعِینَ سَنَةً ثُمَّ قَالَ قَالَ جَبْرَئِیلُ نَازَلْتُ رَبِّی فِی فِرْعَوْنَ مُنَازَلَةً شَدِیداً فَقُلْتُ یَا رَبِّ تَدَعُهُ وَ قَدْ قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی فَقَالَ إِنَّمَا یَقُولُ هَذَا عَبْدٌ مِثْلُكَ (4).
بیان: لعل المراد بالكلمتین قوله تعالی قَدْ أُجِیبَتْ دَعْوَتُكُما و أمره بإغراق فرعون أو قول فرعون ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرِی و قوله أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی (5)قال الطبرسی قدس سره نكال مصدر مؤكد لأن معنی أخذه اللّٰه نكل اللّٰه به نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولی بأن أغرقه فی الدنیا و یعذبه فی الآخرة و قیل معناه فعاقبه اللّٰه بكلمته الآخرة و كلمته الأولی فالآخرة قوله أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی و الأولی قوله ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ
ص: 128
غَیْرِی فنكل به نكال هاتین الكلمتین و جاء فی التفسیر أنه كان بین الكلمتین أربعون سنة و عن وهب عن ابن عباس قال قال موسی علیه السلام أمهلت فرعون أربعمائة سنة و هو یقول أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی و یجحد رسلك و یكذب بآیاتك فأوحی اللّٰه تعالی إلیه أنه كان حسن الخلق سهل الحجاب فأحببت أن أكافیه
وَ رَوَی أَبُو بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ جَبْرَئِیلُ قُلْتُ یَا رَبِّ تَدَعُ فِرْعَوْنَ وَ قَدْ قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی فَقَالَ إِنَّمَا یَقُولُ هَذَا مِثْلُكَ مَنْ یَخَافُ الْفَوْتَ انْتَهَی (1).
و قال الجزری فیه نازلت ربی فی كذا أی راجعته و سألته مرة بعد مرة و هو مفاعلة من النزول عن الأمر أو من النزال فی الحرب و هو تقابل القرنین (2).
«30»-ب، قرب الإسناد ابْنُ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَا غَضِبَ اللَّهُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ إِلَّا أَدْخَلَهُمْ مِصْرَ وَ لَا رَضِیَ عَنْهُمْ إِلَّا أَخْرَجَهُمْ مِنْهَا إِلَی غَیْرِهَا وَ لَقَدْ أَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ یُخْرِجَ عِظَامَ یُوسُفَ مِنْهَا فَاسْتَدَلَّ مُوسَی عَلَی مَنْ یَعْرِفُ الْقَبْرَ فَدُلَّ عَلَی امْرَأَةٍ عَمْیَاءَ زَمِنَةٍ فَسَأَلَهَا مُوسَی أَنْ تَدُلَّهُ عَلَیْهِ فَأَبَتْ إِلَّا عَلَی خَصْلَتَیْنِ فَیَدْعُو اللَّهَ فَیَذْهَبُ بِزَمَانَتِهَا وَ یُصَیِّرُهَا مَعَهُ فِی الْجَنَّةِ فِی الدَّرَجَةِ الَّتِی هُوَ فِیهَا فَأَعْظَمَ ذَلِكَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ وَ مَا یَعْظُمُ عَلَیْكَ مِنْ هَذَا أَعْطِهَا مَا سَأَلَتْ فَفَعَلَ فَوَعَدَتْهُ طُلُوعَ الْقَمَرِ فَحَبَسَ اللَّهُ الْقَمَرَ حَتَّی جَاءَ مُوسَی لِمَوْعِدِه فَأَخْرَجَهُ مِنَ النِّیلِ فِی سَفَطٍ (3)مَرْمَرٍ فَحَمَلَهُ مُوسَی الْخَبَرَ (4).
«31»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ أَهْلَ مِصْرَ یَزْعُمُونَ أَنَّ بِلَادَهُمْ مُقَدَّسَةٌ قَالَ وَ كَیْفَ ذَاكَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّهُمْ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ یُحْشَرُ مِنْ ظَهْرِهِمْ سَبْعُونَ أَلْفاً یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَیْرِ حِسَابٍ فَقَالَ لَا لَعَمْرِی مَا ذَاكَ كَذَاكَ وَ مَا غَضِبَ اللَّهُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ (5).
ص: 129
«32»-ب، قرب الإسناد السِّنْدِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی مُوسَی أَنْ یَحْمِلَ عِظَامَ یُوسُفَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَسَأَلَ عَنْ قَبْرِهِ فَجَاءَهُ شَیْخٌ فَقَالَ إِنْ كَانَ أَحَدٌ یَعْلَمُ فَفُلَانَةُ فَأَرْسَلَ إِلَیْهَا فَجَاءَتْ فَقَالَ أَ تَعْلَمِینَ مَوْضِعَ قَبْرِ یُوسُفَ فَقَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَدُلِّینِی عَلَیْهِ وَ لَكِ الْجَنَّةُ قَالَتْ لَا وَ اللَّهِ لَا أَدُلُّكَ عَلَیْهِ إِلَّا أَنْ تُحَكِّمَنِی (1)قَالَ وَ لَكِ الْجَنَّةُ قَالَتْ لَا وَ اللَّهِ لَا أَدُلُّكَ عَلَیْهِ حَتَّی تُحَكِّمَنِی قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَیْهِ مَا یَعْظُمُ عَلَیْكَ أَنْ تُحَكِّمَهَا قَالَ فَلَكِ حُكْمُكِ قَالَتْ أَحْكُمُ عَلَیْكَ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِی دَرَجَتِكَ الَّتِی تَكُونُ فِیهَا (2).
«33»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ مُوسَی لَمَّا أُمِرَ أَنْ یَقْطَعَ الْبَحْرَ فَانْتَهَی إِلَیْهِ ضُرِبَتْ وُجُوهُ الدَّوَابِّ وَ رَجَعَتْ فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ مَا لِی قَالَ یَا مُوسَی إِنَّكَ عِنْدَ قَبْرِ یُوسُفَ فَاحْمِلْ عِظَامَهُ وَ قَدِ اسْتَوَی الْقَبْرُ بِالْأَرْضِ فَسَأَلَ مُوسَی قَوْمَهُ هَلْ یَدْرِی أَحَدٌ مِنْكُمْ أَیْنَ هُوَ قَالُوا عَجُوزٌ لَعَلَّهَا تَعْلَمُ فَقَالَ لَهَا هَلْ تَعْلَمِینَ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَدُلِّینَا عَلَیْهِ قَالَتْ لَا وَ اللَّهِ حَتَّی تُعْطِیَنِی مَا أَسْأَلُكَ قَالَ ذَلِكِ لَكِ قَالَتْ فَإِنِّی أَسْأَلُكَ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِی الدَّرَجَةِ الَّتِی تَكُونُ فِی الْجَنَّةِ (3)قَالَ سَلِی الْجَنَّةَ قَالَتْ لَا وَ اللَّهِ إِلَّا أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فَجَعَلَ مُوسَی یُرَادُّ فَأَوْحَی اللَّهُ أَنْ أَعْطِهَا ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تَنْقُصُكَ فَأَعْطَاهَا وَ دَلَّتْهُ عَلَی الْقَبْرِ (4).
أقول: تمامه فی كتاب الدعاء.
«34»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ابْنُ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ قُتَیْبَةَ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ لِأَیِّ عِلَّةٍ أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَ قَدْ آمَنَ بِهِ وَ أَقَرَّ بِتَوْحِیدِهِ
ص: 130
قَالَ لِأَنَّهُ آمَنَ عِنْدَ رُؤْیَةِ الْبَأْسِ وَ الْإِیمَانُ عِنْدَ رُؤْیَةِ الْبَأْسِ غَیْرُ مَقْبُولٍ (1)وَ ذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ فِی السَّلَفِ وَ الْخَلَفِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِینَ فَلَمْ یَكُ یَنْفَعُهُمْ إِیمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً وَ هَكَذَا فِرْعَوْنُ لَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِی آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِیلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَقِیلَ لَهُ آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ فَالْیَوْمَ نُنَجِّیكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آیَةً وَ قَدْ كَانَ فِرْعَوْنُ مِنْ قَرْنِهِ إِلَی قَدَمِهِ فِی الْحَدِیدِ قَدْ لَبِسَهُ عَلَی بَدَنِهِ فَلَمَّا غَرِقَ أَلْقَاهُ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی نَجْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ بِبَدَنِهِ لِیَكُونَ لِمَنْ بَعْدَهُ عَلَامَةً فَیَرَوْنَهُ مَعَ تَثَقُّلِهِ بِالْحَدِیدِ عَلَی مُرْتَفِعٍ مِنَ الْأَرْضِ وَ سَبِیلُ الثَّقِیلِ أَنْ یَرْسُبَ وَ لَا یَرْتَفِعَ فَكَانَ ذَلِكَ آیَةً وَ عَلَامَةً وَ لِعِلَّةٍ أُخْرَی أَغْرَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هِیَ أَنَّهُ اسْتَغَاثَ بِمُوسَی لَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ وَ لَمْ یَسْتَغِثْ بِاللَّهِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی لَمْ تُغِثْ فِرْعَوْنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَخْلُقْهُ وَ لَوِ اسْتَغَاثَ بِی لَأَغَثْتُهُ (2).
ص: 131
الخامس أنه أقر بالتوحید فقط و لم یقر بنبوة موسی علیه السلام فلذا لم یقبل منه انتهی (1)و الأول هو الأظهر كما دل علیه الخبر إذ التوبة لا یجب علی اللّٰه قبوله عقلا إلا بما أوجب علی نفسه من قبول توبة عباده تفضلا و قد أخبر فی الآیات الكثیرة بعدم قبول التوبة عند رؤیة البأس فلا إشكال فی عدم قبول توبته عند معاینة العذاب.
«35»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ فِرْعَوْنَ ذَرُونِی أَقْتُلْ مُوسی مَنْ كَانَ یَمْنَعُهُ قَالَ مَنَعَتْهُ رِشْدَتُهُ (2)وَ لَا یَقْتُلُ الْأَنْبِیَاءَ وَ أَوْلَادَ الْأَنْبِیَاءِ إِلَّا أَوْلَادُ الزِّنَا (3).
«36»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ مِنْ قَوْلِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ حِینَ دَخَلَ عَلَی فِرْعَوْنَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَدْرَأُ بِكَ فِی نَحْرِهِ (4)وَ أَسْتَجِیرُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَ أَسْتَعِینُ بِكَ فَحَوَّلَ اللَّهُ مَا كَانَ فِی قَلْبِ فِرْعَوْنَ مِنَ الْأَمْنِ خَوْفاً (5).
«37»-ع، علل الشرائع عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَسْوَارِیُّ عَنْ مَكِّیِّ بْنِ أَحْمَدَ الْیَرْبُوعِیِّ عَنْ نُوحِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ سُوَیْدٍ الرَّمْلِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَبِی حَبِیبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: غَارَ النِّیلُ عَلَی عَهْدِ فِرْعَوْنَ فَأَتَاهُ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ أَجْرِ لَنَا النِّیلَ قَالَ إِنِّی لَمْ أَرْضَ عَنْكُمْ ثُمَّ ذَهَبُوا فَأَتَوْهُ فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ تَمُوتُ الْبَهَائِمُ وَ هَلَكَتْ وَ لَئِنْ لَمْ تُجْرِ لَنَا النِّیلَ لَنَتَّخِذَنَّ إِلَهاً غَیْرَكَ قَالَ اخْرُجُوا إِلَی الصَّعِیدِ فَخَرَجُوا فَتَنَحَّی عَنْهُمْ حَیْثُ لَا یَرَوْنَهُ وَ لَا یَسْمَعُونَ كَلَامَهُ فَأَلْصَقَ خَدَّهُ بِالْأَرْضِ وَ أَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی خَرَجْتُ إِلَیْكَ خُرُوجَ الْعَبْدِ الذَّلِیلِ
ص: 132
إِلَی سَیِّدِهِ وَ إِنِّی أَعْلَمُ أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا یَقْدِرُ عَلَی إِجْرَائِهِ أَحَدٌ غَیْرَكَ فَأَجْرِهِ قَالَ فَجَرَی النِّیلُ جَرْیاً لَمْ یَجْرِ مِثْلُهُ فَأَتَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ إِنِّی قَدْ أَجْرَیْتُ لَكُمُ النِّیلَ فَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَ عَرَضَ لَهُ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَعِنِّی عَلَی عَبْدٍ لِی قَالَ فَمَا قِصَّتُهُ قَالَ عَبْدٌ لِی مَلَكْتُهُ عَلَی عَبِیدِی وَ خَوَّلْتُهُ مَفَاتِیحِی فَعَادَانِی وَ أَحَبَّ مَنْ عَادَانِی وَ عَادَی مَنْ أَحْبَبْتُ قَالَ لَبِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدُكَ لَوْ كَانَ لِی عَلَیْهِ سَبِیلٌ لَأَغْرَقْتُهُ فِی بَحْرِ الْقُلْزُمِ قَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ اكْتُبْ لِی بِذَلِكَ كِتَاباً فَدَعَا بِكِتَابٍ وَ دَوَاةٍ فَكَتَبَ مَا جَزَاءُ الْعَبْدِ الَّذِی یُخَالِفُ سَیِّدَهُ فَأَحَبَّ مَنْ عَادَی وَ عَادَی مَنْ أَحَبَّ إِلَّا أَنْ یُغْرَقَ فِی بَحْرِ الْقُلْزُمِ قَالَ یَا أَیُّهَا الْمَلِكُ اخْتِمْهُ لِی قَالَ فَخَتَمَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَیْهِ فَلَمَّا كَانَ یَوْمَ الْبَحْرِ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ بِالْكِتَابِ فَقَالَ لَهُ خُذْ هَذَا مَا اسْتَحْقَقْتَ بِهِ عَلَی نَفْسِكَ أَوْ هَذَا مَا حَكَمْتَ بِهِ عَلَی نَفْسِكَ (1).
«38»-ل، الخصال ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ یَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَ التَّطَیُّرِ مِنْهُ فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ آخِرُ أَرْبِعَاءَ فِی الشَّهْرِ وَ هُوَ الْمُحَاقُ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ طَلَبَ فِرْعَوْنُ مُوسَی لِیَقْتُلَهُ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَمَرَ فِرْعَوْنُ بِذَبْحِ الْغِلْمَانِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَظَلَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَوَّلُ الْعَذَابِ (2).
«39»-أَقُولُ قَالَ فِی مَجْمَعِ الْبَیَانِ، رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ مُوسَی إِلَی امْرَأَتِهِ قَالَتْ مِنْ أَیْنَ جِئْتَ قَالَ مِنْ عِنْدِ رَبِّ تِلْكَ النَّارِ قَالَ فَغَدَا إِلَی فِرْعَوْنَ فَوَ اللَّهِ لَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ طَوِیلَ الْبَاعِ ذو (ذَا) شَعْرٍ آدِمَ عَلَیْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ عَصَاهُ فِی كَفِّهِ مَرْبُوطٌ حِقْوُهُ بِشَرِیطٍ (3)نَعْلُهُ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ شِرَاكُهَا مِنْ لِیفٍ فَقِیلَ لِفِرْعَوْنَ إِنَّ عَلَی الْبَابِ فَتًی یَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِصَاحِبِ الْأَسَدِ خَلِّ سَلَاسِلَهَا وَ كَانَ إِذَا غَضِبَ عَلَی أَحَدٍ خَلَّاهَا فَقَطَعَتْهُ فَخَلَّاهَا وَ قَرَعَ مُوسَی الْبَابَ الْأَوَّلَ وَ كَانَتْ تِسْعَةُ أَبْوَابٍ فَلَمَّا قَرَعَ الْبَابَ الْأَوَّلَ انْفَتَحَ لَهُ الْأَبْوَابُ التِّسْعَةُ (4)فَلَمَّا دَخَلَ جَعَلْنَ (5)
ص: 133
یُبَصْبِصْنَ تَحْتَ رِجْلَیْهِ كَأَنَّهُنَّ جِرَاءٌ (1)فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِجُلَسَائِهِ رَأَیْتُمْ مِثْلَ هَذَا قَطُّ فَلَمَّا أَقْبَلَ إِلَیْهِ قالَ أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِینا وَلِیداً إِلَی قَوْلِهِ وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّینَ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قُمْ فَخُذْ بِیَدِهِ وَ قَالَ لِلْآخَرِ اضْرِبْ عُنُقَهُ فَضَرَبَ جَبْرَئِیلُ بِالسَّیْفِ حَتَّی قَتَلَ سِتَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ خَلُّوا عَنْهُ قَالَ فَأَخْرَجَ یَدَهُ فَإِذا هِیَ بَیْضاءُ قَدْ حَالَ شُعَاعُهَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ وَجْهِهِ وَ أَلْقَی الْعَصَا فَإِذَا هِیَ حَیَّةٌ فَالْتَقَمَتِ الْإِیوَانَ بِلِحْیَیْهَا فَدَعَاهُ أَنْ یَا مُوسَی أَقِلْنِی إِلَی غَدٍ ثُمَّ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ (2).
«40»-ع، علل الشرائع مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نُعَیْمِ بْنِ شَاذَانَ النَّیْسَابُورِیُّ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِمُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی اذْهَبا إِلی فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغی فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَیِّناً لَعَلَّهُ یَتَذَكَّرُ أَوْ یَخْشی فَقَالَ أَمَّا قَوْلُهُ فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَیِّناً أَیْ كَنِّیَاهُ وَ قُولَا لَهُ یَا أَبَا مُصْعَبٍ وَ كَانَ اسْمُ فِرْعَوْنَ أَبَا مُصْعَبٍ الْوَلِیدَ بْنَ مُصْعَبٍ وَ أَمَّا قَوْلُهُ لَعَلَّهُ یَتَذَكَّرُ أَوْ یَخْشی فَإِنَّمَا قَالَ لِیَكُونَ أَحْرَصَ لِمُوسَی عَلَی الذَّهَابِ وَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ فِرْعَوْنَ لَا یَتَذَكَّرُ وَ لَا یَخْشَی إِلَّا عِنْدَ رُؤْیَةِ الْبَأْسِ أَ لَا تَسْمَعُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ حَتَّی إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِی آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِیلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَلَمْ یَقْبَلِ اللَّهُ إِیمَانَهُ وَ قَالَ آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ (3).
«41»-ختص، الإختصاص عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ عَلَی مُقَدِّمَةِ فِرْعَوْنَ ستمائة ألف و مائتی ألف (4)(سِتُّمِائَةِ) أَلْفِ أَلْفٍ وَ مِائَتَا أَلْفٍ وَ عَلَی سَاقَتِهِ أَلْفُ أَلْفٍ قَالَ وَ لَمَّا صَارَ مُوسَی فِی الْبَحْرِ أَتْبَعَهُ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ قَالَ فَتَهَیَّبَ فَرَسُ فِرْعَوْنَ أَنْ یَدْخُلَ الْبَحْرَ فَتَمَثَّلَ لَهُ جَبْرَئِیلُ عَلَی مَادِیَانَةٍ (5)فَلَمَّا رَأَی فَرَسُ فِرْعَوْنَ الْمَادِیَانَةَ أَتْبَعَهَا فَدَخَلَ الْبَحْرَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ فَغَرِقُوا (6).
ص: 134
«42»-نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَعَا مُوسَی وَ أَمَّنَ هَارُونُ وَ أَمَّنَتِ الْمَلَائِكَةُ فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ اسْتَقِیمَا فَ قَدْ أُجِیبَتْ دَعْوَتُكُما وَ مَنْ غَزَا فِی سَبِیلِی اسْتَجَبْتُ لَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ (1).
«43»-مع، معانی الأخبار الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ سَعِیدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ وَ كَانَ وَ اللَّهِ صَادِقاً كَمَا سُمِّیَ یَقُولُ یَا سُفْیَانُ عَلَیْكَ بِالتَّقِیَّةِ فَإِنَّهَا سُنَّةُ إِبْرَاهِیمَ الْخَلِیلِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لِمُوسَی وَ هَارُونَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ اذْهَبا إِلی فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغی فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَیِّناً لَعَلَّهُ یَتَذَكَّرُ أَوْ یَخْشی یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَنِّیَاهُ وَ قُولَا لَهُ یَا أَبَا مُصْعَبٍ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَراً وَرَّی بِغَیْرِهِ (2)وَ قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَمَرَنِی رَبِّی بِمُدَارَاةِ النَّاسِ كَمَا أَمَرَنِی بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَ لَقَدْ أَدَّبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالتَّقِیَّةِ فَقَالَ ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِی بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِیٌّ حَمِیمٌ وَ ما یُلَقَّاها إِلَّا الَّذِینَ صَبَرُوا وَ ما یُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِیمٍ یَا سُفْیَانُ مَنِ اسْتَعْمَلَ التَّقِیَّةَ فِی دِینِ اللَّهِ فَقَدْ تَسَنَّمَ الذِّرْوَةَ الْعُلْیَا مِنَ الْعِزِّ إِنَّ عِزَّ الْمُؤْمِنِ فِی حِفْظِ لِسَانِهِ وَ مَنْ لَمْ یَمْلِكْ لِسَانَهُ نَدِمَ قَالَ سُفْیَانُ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ یَجُوزُ أَنْ یُطْمِعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِبَادَهُ فِی كَوْنِ مَا لَا یَكُونُ قَالَ لَا فَقُلْتُ فَكَیْفَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی وَ هَارُونَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ لَعَلَّهُ یَتَذَكَّرُ أَوْ یَخْشی وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ فِرْعَوْنَ لَا یَتَذَكَّرُ وَ لَا یَخْشَی فَقَالَ إِنَّ فِرْعَوْنَ قَدْ تَذَكَّرَ وَ خَشِیَ وَ لَكِنْ عِنْدَ رُؤْیَةِ الْبَأْسِ حَیْثُ لَمْ یَنْفَعْهُ الْإِیمَانُ أَ لَا تَسْمَعُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ حَتَّی إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِی آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِیلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَلَمْ یَقْبَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِیمَانَهُ وَ قَالَ آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ فَالْیَوْمَ نُنَجِّیكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آیَةً یَقُولُ نُلْقِیكَ عَلَی نَجْوَةٍ (3)مِنَ الْأَرْضِ لِتَكُونَ لِمَنْ بَعْدَكَ عَلَامَةً وَ عِبْرَةً (4).
ص: 135
«44»-ع، علل الشرائع الْمُكَتِّبُ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فِرْعَوْنَ ذِی الْأَوْتادِ لِأَیِّ شَیْ ءٍ سُمِّیَ ذَا الْأَوْتَادِ قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا عَذَّبَ رَجُلًا بَسَطَهُ عَلَی الْأَرْضِ عَلَی وَجْهِهِ وَ مَدَّ یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ فَأَوْتَدَهَا بِأَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ فِی الْأَرْضِ وَ رُبَّمَا بَسَطَهُ عَلَی خَشَبٍ مُنْبَسِطٍ فَوَتَّدَ رِجْلَیْهِ وَ یَدَیْهِ بِأَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ ثُمَّ تَرَكَهُ عَلَی حَالِهِ حَتَّی یَمُوتَ فَسَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِرْعَوْنَ ذَا الْأَوْتَادِ لِذَلِكَ (1).
«45»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ یَزِیدَ بْنِ إِسْحَاقَ شَعِرٍ (2)عَنْ هَارُونَ الْغَنَوِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ التِّسْعِ الْآیَاتِ الَّتِی أُوتِیَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ الْجَرَادُ وَ الْقُمَّلُ وَ الضَّفَادِعُ وَ الدَّمُ وَ الطُّوفَانُ وَ الْبَحْرُ وَ الْحَجَرُ وَ الْعَصَا وَ یَدُهُ (3).
«46»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِیرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسی تِسْعَ آیاتٍ بَیِّناتٍ قَالَ الطُّوفَانُ وَ الْجَرَادُ وَ الْقُمَّلُ وَ الضَّفَادِعُ وَ الدَّمُ وَ الْحَجَرُ وَ الْبَحْرُ وَ الْعَصَا وَ یَدُهُ (4).
«47»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی أَدْخِلْ یَدَكَ فِی جَیْبِكَ تَخْرُجْ بَیْضاءَ مِنْ غَیْرِ سُوءٍ قَالَ مِنْ غَیْرِ بَرَصٍ الْخَبَرَ (5).
«48»-مل، كامل الزیارات مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَرَفَةَ عَنْ رِبْعِیٍّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ شَاطِئُ
ص: 136
الْوَادِ الْأَیْمَنِ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ هُوَ الْفُرَاتُ وَ الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ هِیَ كَرْبَلَاءُ وَ الشَّجَرَةُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله (1).
بیان: لعل المراد أن اللّٰه تعالی أظهر نور محمد صلی اللّٰه علیه و آله و هو الشجرة المباركة له هناك ثم كلمه.
«49»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَاصِمٍ الْمِصْرِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ فِرْعَوْنَ بَنَی سَبْعَ مَدَائِنَ یَتَحَصَّنُ فِیهَا مِنْ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ جَعَلَ فِیمَا بَیْنَهَا آجَاماً وَ غِیَاضاً وَ جَعَلَ فِیهَا الْأُسْدَ لِیَتَحَصَّنَ بِهَا مِنْ مُوسَی قَالَ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُوسَی إِلَی فِرْعَوْنَ فَدَخَلَ الْمَدِینَةَ وَ رَآهُ الْأُسْدُ تَبَصْبَصَتْ وَ وَلَّتْ مُدْبِرَةً قَالَ ثُمَّ لَمْ یَأْتِ مَدِینَةً إِلَّا انْفَتَحَ لَهُ بَابُهَا حَتَّی انْتَهَی إِلَی قَصْرِ فِرْعَوْنَ الَّذِی هُوَ فِیهِ قَالَ فَقَعَدَ عَلَی بَابِهِ وَ عَلَیْهِ مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ وَ مَعَهُ عَصَاهُ فَلَمَّا خَرَجَ الْآذِنُ قَالَ لَهُ مُوسَی اسْتَأْذِنْ لِی عَلَی فِرْعَوْنَ فَلَمْ یَلْتَفِتْ إِلَیْهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنِّی رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِینَ قَالَ فَلَمْ یَلْتَفِتْ إِلَیْهِ قَالَ فَمَكَثَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ یَسْأَلُهُ أَنْ یَسْتَأْذِنَ لَهُ قَالَ فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَیْهِ قَالَ لَهُ أَ مَا وَجَدَ رَبُّ الْعَالَمِینَ مَنْ یُرْسِلُهُ غَیْرَكَ قَالَ فَغَضِبَ مُوسَی فَضَرَبَ الْبَابَ بِعَصَاهُ فَلَمْ یَبْقَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ فِرْعَوْنَ بَابٌ إِلَّا انْفَتَحَ حَتَّی نَظَرَ إِلَیْهِ فِرْعَوْنُ وَ هُوَ فِی مَجْلِسِهِ فَقَالَ أَدْخِلُوهُ قَالَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ وَ هُوَ فِی قُبَّةٍ لَهُ مِنْ بُقْعَةٍ كَبِیرَةِ الِارْتِفَاعِ ثَمَانُونَ ذِرَاعاً قَالَ فَقالَ إِنِّی رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِینَ إِلَیْكَ قَالَ فَقَالَ فَأْتِ بِآیَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ قَالَ فَأَلْقی عَصاهُ وَ كَانَ لَهَا شُعْبَتَانِ قَالَ فَإِذا هِیَ حَیَّةٌ قَدْ وَقَعَ إِحْدَی الشُّعْبَتَیْنِ فِی الْأَرْضِ وَ الشُّعْبَةُ الْأُخْرَی فِی أَعْلَی الْقُبَّةِ قَالَ فَنَظَرَ فِرْعَوْنُ إِلَی جَوْفِهَا وَ هُوَ یَلْتَهِبُ نِیرَاناً قَالَ وَ أَهْوَتْ إِلَیْهِ فَأَحْدَثَ وَ صَاحَ یَا مُوسَی خُذْهَا (2).
«50»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ قَالَ قَالَ: إِنَّ مُوسَی وَ هَارُونَ حِینَ دَخَلَا عَلَی فِرْعَوْنَ لَمْ یَكُنْ فِی جُلَسَائِهِ یَوْمَئِذٍ وَلَدُ سِفَاحٍ كَانُوا وُلْدَ نِكَاحٍ كُلَّهُمْ وَ لَوْ كَانَ فِیهِمْ وَلَدُ سِفَاحٍ لَأَمَرَ بِقَتْلِهِمَا فَ قالُوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ أَمَرُوهُ بِالتَّأَنِّی وَ النَّظَرِ ثُمَّ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی صَدْرِهِ قَالَ وَ كَذَلِكَ نَحْنُ لَا یَنْزِعُ إِلَیْنَا إِلَّا كُلُّ خَبِیثِ الْوِلَادَةِ (3).
ص: 137
بیان: لعل قوله لا ینزع إلینا من نزع القوس كنایة عن القصد بالشر.
«51»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ قَالَ: كَانَتْ عَصَا مُوسَی لآِدَمَ فَصَارَتْ إِلَی شُعَیْبٍ ثُمَّ صَارَتْ إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ وَ إِنَّهَا لَتَرُوعُ وَ تَلْقَفُ ما یَأْفِكُونَ وَ تَصْنَعُ مَا تُؤْمَرُ تُفْتَحُ لَهَا شُعْبَتَانِ إِحْدَاهُمَا فِی الْأَرْضِ وَ الْأُخْرَی فِی السَّقْفِ وَ بَیْنَهُمَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً تَلْقَفُ ما یَأْفِكُونَ بِلِسَانِهَا (1).
«52»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قُلْتُ مَا الطُّوفَانُ قَالَ هُوَ طُوفَانُ الْمَاءِ وَ الطَّاعُونِ (2).
«53»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ سُلَیْمَانَ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ قَالَ الرِّجْزُ هُوَ الثَّلْجُ ثُمَّ قَالَ خُرَاسَانُ بِلَادُ رِجْزٍ (3).
«54»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَیْناكُمْ وَ أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ قَالَ الْإِمَامُ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ اذْكُرُوا إِذْ جَعَلْنَا مَاءَ الْبَحْرِ فِرَقاً یَنْقَطِعُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ فَأَنْجَیْنَاكُمْ هُنَاكَ وَ أَغْرَقْنَا فِرْعَوْنَ وَ قَوْمَهُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِلَیْهِمْ وَ هُمْ یَغْرَقُونَ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَی لَمَّا انْتَهَی إِلَی الْبَحْرِ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ قُلْ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ جَدِّدُوا تَوْحِیدِی وَ أَمِرُّوا (4)بِقُلُوبِكُمْ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ سَیِّدِ عَبِیدِی وَ إِمَائِی وَ أَعِیدُوا عَلَی أَنْفُسِكُمُ الْوَلَایَةَ لِعَلِیٍّ أَخِی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ وَ قُولُوا اللَّهُمَّ بِجَاهِهِمْ جَوِّزْنَا عَلَی مَتْنِ هَذَا الْمَاءِ فَإِنَّ الْمَاءَ یَتَحَوَّلُ لَكُمْ أَرْضاً فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی ذَلِكَ فَقَالُوا تُورِدُ عَلَیْنَا مَا نَكْرَهُ وَ هَلْ فَرَرْنَا مِنْ فِرْعَوْنَ (5)إِلَّا مِنْ خَوْفِ الْمَوْتِ وَ أَنْتَ تَقْتَحِمُ بِنَا هَذَا الْمَاءَ الْغَمْرَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَ مَا یرینا (یُدْرِینَا) مَا یَحْدُثُ مِنْ هَذِهِ عَلَیْنَا فَقَالَ لِمُوسَی كَالِبُ بْنُ یُوحَنَّا (6)وَ هُوَ عَلَی دَابَّةٍ لَهُ وَ كَانَ ذَلِكَ الْخَلِیجُ أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَمَرَكَ اللَّهُ بِهَذَا أَنْ نَقُولَهُ وَ نَدْخُلَ الْمَاءَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ وَ أَنْتَ تَأْمُرُنِی بِهِ قَالَ نَعَمْ (7)قَالَ فَوَقَفَ وَ جَدَّدَ عَلَی نَفْسِهِ
ص: 138
مِنْ تَوْحِیدِ اللَّهِ وَ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ وَ وَلَایَةِ عَلِیٍّ وَ الطَّیِّبِینَ مِنْ آلِهِمَا كَمَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ بِجَاهِهِمْ جَوِّزْنِی عَلَی مَتْنِ هَذَا الْمَاءِ ثُمَّ أَقْحَمَ فَرَسَهُ فَرَكَسَ عَلَی مَتْنِ الْمَاءِ وَ إِذَا الْمَاءُ تَحْتَهُ كَأَرْضٍ لَیِّنَةٍ حَتَّی بَلَغَ آخِرَ الْخَلِیجِ ثُمَّ عَادَ رَاكِضاً ثُمَّ قَالَ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ أَطِیعُوا مُوسَی فَمَا هَذَا الدُّعَاءُ إِلَّا مِفْتَاحُ أَبْوَابِ الْجِنَانِ وَ مَغَالِیقُ أَبْوَابِ النِّیرَانِ وَ مُسْتَنْزِلُ الْأَرْزَاقِ وَ جَالِبٌ عَلَی عَبِیدِ اللَّهِ وَ إِمَائِهِ رِضَا الْمُهَیْمِنِ الْخَلَّاقِ فَأَبَوْا وَ قَالُوا نَحْنُ لَا نَسِیرُ إِلَّا عَلَی الْأَرْضِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلی مُوسی (1)أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ وَ قُلِ اللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ (2)لَمَّا فَلَقْتَهُ فَفَعَلَ فَانْفَلَقَ وَ ظَهَرَتِ الْأَرْضُ إِلَی آخِرِ الْخَلِیجِ فَقَالَ مُوسَی ادْخُلُوهَا قَالُوا الْأَرْضُ وَحِلَةٌ نَخَافُ أَنْ نَرْسُبَ فِیهَا فَقَالَ اللَّهُ یَا مُوسَی قُلِ اللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ جَفِّفْهَا فَقَالَهَا فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَیْهَا رِیحَ الصَّبَا فَجَفَّتْ وَ قَالَ مُوسَی ادْخُلُوهَا قَالُوا یَا نَبِیَّ اللَّهِ نَحْنُ اثْنَتَا عَشْرَةَ قَبِیلَةً بَنُو اثْنَیْ عَشَرَ آبَاءٍ وَ إِنْ دَخَلْنَا رَامَ كُلُّ فَرِیقٍ مِنَّا تَقَدُّمَ صَاحِبِهِ فَلَا نَأْمَنُ وُقُوعَ الشَّرِّ بَیْنَنَا فَلَوْ كَانَ لِكُلِّ فَرِیقٍ مِنَّا طَرِیقٌ عَلَی حِدَةٍ لَأَمِنَّا مَا نَخَافُهُ فَأَمَرَ اللَّهُ مُوسَی أَنْ یَضْرِبَ الْبَحْرَ بِعَدَدِهِمُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ ضَرْبَةً (3)فِی اثْنَیْ عَشَرَ مَوْضِعاً إِلَی جَانِبِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ بَیِّنِ الْأَرْضَ لَنَا وَ أَمِطِ الْمَاءَ عَنَّا فَصَارَ فِیهِ تَمَامُ اثْنَی عَشَرَ طَرِیقاً وَ جَفَّ قَرَارُ الْأَرْضِ بِرِیحِ الصَّبَا فَقَالَ ادْخُلُوهَا قَالُوا كُلُّ فَرِیقٍ مِنَّا یَدْخُلُ سِكَّةً مِنْ هَذِهِ السِّكَكِ لَا یَدْرِی مَا یَحْدُثُ عَلَی الْآخَرِینَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَاضْرِبْ كُلَّ طَوْدٍ مِنَ الْمَاءِ بَیْنَ هَذِهِ السِّكَكِ فَضَرَبَ وَ قَالَ اللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ لَمَّا جَعَلْتَ هَذَا الْمَاءَ طَبَقَاتٍ وَاسِعَةً (4)یَرَی بَعْضُهُمْ بَعْضاً مِنْهَا فَحَدَثَتْ طَبَقَاتٌ وَاسِعَةٌ یَرَی بَعْضُهُمْ بَعْضاً مِنْهَا ثُمَّ دَخَلُوهَا فَلَمَّا بَلَغُوا آخِرَهَا جَاءَ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ فَدَخَلَ بَعْضُهُمْ فَلَمَّا دَخَلَ آخِرُهُمْ وَ هَمُّوا بِالْخُرُوجِ أَوَّلُهُمْ (5)أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی الْبَحْرَ فَانْطَبَقَ عَلَیْهِمْ فَغَرِقُوا وَ أَصْحَابُ
ص: 139
مُوسَی یَنْظُرُونَ إِلَیْهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِلَیْهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ فِی عَهْدِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَی فَعَلَ هَذَا كُلَّهُ بِأَسْلَافِكُمْ لِكَرَامَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دُعَاءِ مُوسَی دُعَاءً تَقَرَّبَ بِهِمْ إِلَی اللَّهِ أَ فَلَا تَعْقِلُونَ أَنَّ عَلَیْكُمُ الْإِیمَانَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ إِذْ قَدْ شَاهَدْتُمُوهُ الْآنَ (1).
«55»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ بَیْنَ قَوْلِهِ قَدْ أُجِیبَتْ دَعْوَتُكُما وَ بَیْنَ أَنْ أُخِذَ فِرْعَوْنُ أَرْبَعُونَ سَنَةً (2).
«56»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا یَرْفَعُهُ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُوسَی فِی الْبَحْرِ أَتْبَعَهُ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ قَالَ فَتَهَیَّبَ فَرَسُ فِرْعَوْنَ أَنْ یَدْخُلَ الْبَحْرَ فَتَمَثَّلَ لَهُ جَبْرَئِیلُ عَلَی رَمَكَةٍ فَلَمَّا رَأَی فَرَسُ فِرْعَوْنَ الرَّمَكَةَ أَتْبَعَهَا فَدَخَلَ الْبَحْرَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ فَغَرِقُوا (3).
«57»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِی قُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی إِبْرَاهِیمَ أَنَّهُ سَیُولَدُ لَكَ فَقَالَ لِسَارَةَ فَقَالَتْ أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنَّهَا سَتَلِدُ وَ یُعَذَّبُ أَوْلَادُهَا أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ بِرَدِّهَا الْكَلَامَ عَلَیَّ قَالَ فَلَمَّا طَالَ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ الْعَذَابُ ضَجُّوا وَ بَكَوْا إِلَی اللَّهِ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی وَ هَارُونَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ یُخَلِّصُهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ فَحَطَّ عَنْهُمْ سَبْعِینَ وَ مِائَةَ سَنَةٍ قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ هَكَذَا أَنْتُمْ لَوْ فَعَلْتُمْ لَفَرَّجَ اللَّهُ عَنَّا فَأَمَّا إِذْ لَمْ تَكُونُوا فَإِنَّ الْأَمْرَ یَنْتَهِی إِلَی مُنْتَهَاهُ (4).
«58»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَلَّامٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسی تِسْعَ آیاتٍ بَیِّناتٍ قَالَ الطُّوفَانُ وَ الْجَرَادُ وَ الْقُمَّلُ وَ الضَّفَادِعُ وَ الدَّمُ وَ الْحَجَرُ وَ الْبَحْرُ وَ الْعَصَا وَ یَدُهُ (5).
«59»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ ذَكَرَ قَوْلَ اللَّهِ یا فِرْعَوْنُ یَا عَاصِی (6).
ص: 140
«60»-نهج، نهج البلاغة فَأَوْجَسَ مُوسَی خِیفَةً عَلَی نَفْسِهِ أَشْفَقَ مِنْ غَلَبَةِ الْجُهَّالِ وَ دُوَلِ الضَّلَالِ.
«61»-نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الْخُطْبَةِ الْقَاصِعَةِ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ یَخْتَبِرُ عِبَادَهُ الْمُسْتَكْبِرِینَ فِی أَنْفُسِهِمْ بِأَوْلِیَائِهِ الْمُسْتَضْعَفِینَ فِی أَعْیُنِهِمْ وَ لَقَدْ دَخَلَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ وَ مَعَهُ أَخُوهُ هَارُونُ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ عَلَی فِرْعَوْنَ عَلَیْهِمَا مَدَارِعُ الصُّوفِ وَ بِأَیْدِیهِمَا الْعِصِیُّ فَشَرَطَا لَهُ إِنْ أَسْلَمَ بَقَاءَ مُلْكِهِ وَ دَوَامَ عِزِّهِ فَقَالَ أَ لَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَیْنِ یَشْرِطَانِ لِی دَوَامَ الْعِزِّ وَ بَقَاءَ الْمُلْكِ وَ هُمَا بِمَا تَرَوْنَ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ وَ الذُّلِّ فَهَلَّا أُلْقِیَ عَلَیْهِمَا أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وَ جَمْعِهِ وَ احْتِقَاراً لِلصُّوفِ وَ لُبْسِهِ وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْبِیَائِهِ حَیْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ یَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ وَ مَعَادِنَ الْعِقْیَانِ وَ مَغَارِسَ الْجِنَانِ وَ أَنْ یَحْشُرَ مَعَهُمْ طَیْرَ السَّمَاءِ وَ وُحُوشَ الْأَرْضِ لَفَعَلَ وَ لَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ وَ بَطَلَ الْجَزَاءُ وَ اضْمَحَلَّ الْأَنْبَاءُ وَ لَمَا وَجَبَ لِلْقَابِلِینَ أُجُورُ الْمُبْتَلَیْنَ وَ لَا اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ ثَوَابَ الْمُحْسِنِینَ.
بیان: الأساورة جمع للأسورة التی هی جمع السوار و الذهبان بالكسر و الضم جمع الذهب و العقیان بالكسر هو الذهب الخالص و قیل ما ینبت منه نباتا و البلاء الامتحان و اضمحل الأنباء أی سقط الوعد و الوعید.
قال الثعلبی قال العلماء بأخبار الماضین لما كلم اللّٰه موسی و بعثه إلی مصر خرج و لا علم له بالطریق و كان اللّٰه تعالی یهدیه و یدله و لیس معه زاد و لا سلاح و لا حمولة (1)و لا شی ء غیر عصاه و مدرعة صوف و قلنسوة من صوف و نعلین یظل صائما و یبیت قائما و یستعین بالصید و بقول الأرض حتی ورد مصر و لما قرب مصر أوحی اللّٰه سبحانه إلی أخیه هارون یبشره بقدوم موسی و یخبره أنه قد جعله لموسی وزیرا و رسولا معه إلی فرعون و أمره أن یمر یوم السبت لغرة ذی الحجة متنكرا إلی شاطئ النیل لیلتقی فی تلك الساعة بموسی قال فخرج هارون و أقبل موسی علیه السلام فالتقیا علی شط النیل قبل طلوع الشمس فاتفق أنه كان یوم ورود الأسد الماء و كان لفرعون أسد تحرسه فی غیضة
ص: 141
محیطة بالمدینة من حولها و كانت ترد الماء غبا و كان فرعون إذ ذاك فی مدینة حصینة علیها سبعون سورا فی كل سور رساتیق و أنهار (1)و مزارع و أرض واسعة فی ربض كل سور (2)سبعون ألف مقاتل و من وراء تلك المدینة غیضة (3)تولی فرعون غرسها بنفسه و عمل فیها و سقاها بالنیل ثم أسكنها الأسد فنسلت (4)و توالدت حتی كثرت ثم اتخذها جندا من جنوده تحرسه و جعل خلال تلك الغیضة طرقا تفضی من یسلكها إلی أبواب من أبواب المدینة معلومة لیس لتلك الأبواب طریق غیرها فمن أخطأ وقع فی الغیضة فأكلته الأسد (5)و كانت الأسود إذا وردت النیل ظلت علیها یومها كلها ثم تصدر مع اللیل قال فالتقی موسی و هارون یوم ورودها فلما أبصرتهما الأسد مدت أعناقها و رءوسها إلیهما و شخصت أبصارها نحوهما و قذف اللّٰه تعالی فی قلوبها الرعب فانطلقت نحو الغیضة منهزمة هاربة علی وجوهها تطأ بعضها بعضا حتی اندست فی الغیضة و كان لها ساسة یسوسونها و ذادة یذودونها و یشلونها بالناس (6)فلما أصابها ما أصابها خاف ساستها فرعون و لم یشعروا من أین أتوا فانطلق موسی و هارون علیهما السلام فی تلك المسبعة (7)حتی وصلا إلی باب المدینة الأعظم الذی هو أقرب أبوابها إلی منزل فرعون و كان منه یدخل و منه یخرج و ذلك لیلة الإثنین بعد هلال ذی الحجة بیوم فأقاما علیه سبعة أیام فكلمهما واحد من الحراس و زبرهما (8)و قال لهما هل تدریان لمن هذا الباب فقال موسی
ص: 142
علیه السلام إن هذا الباب و الأرض كلها و ما فیها لرب العالمین و أهلها عبید له فسمع ذلك الرجل قولا لم یسمع مثله قط و لم یظن أن أحدا من الناس یفصح بمثله فلما سمع ما سمع أسرع إلی كبرائه الذین فوقه فقال لهم سمعت الیوم قولا و عاینت عجبا من رجلین هو أعظم عندی و أفظع و أشنع مما أصابنا فی الأسد و ما كانا لیقدما علی ما أقدما علیه إلا بسحر عظیم و أخبرهم القصة فلا یزال ذلك یتداول بینهم حتی انتهی إلی فرعون.
و قال السدی بإسناده سار موسی علیه السلام بأهله نحو مصر حتی أتاها لیلا فتضیف أمه و هی لا تعرفه و إنما أتاهم فی لیلة كانوا یأكلون فیها الطفیشل و نزل فی جانب الدار فجاء هارون فلما أبصر ضیفه سأل عنه أمه فأخبرته أنه ضیف فدعاه فأكل معه فلما أن قعد تحدثا فسأله هارون فقال من أنت فقال أنا موسی فقام كل واحد منهما إلی صاحبه فاعتنقه فلما أن تعارفا قال له موسی یا هارون انطلق معی إلی فرعون فإن اللّٰه عز و جل قد أرسلنا إلیه فقال هارون سمعا و طاعة فقامت أمهما فصاحت (1)و قالت أنشدكما اللّٰه أن تذهبا (2)إلی فرعون فیقتلكما فأتیا و مضیا (3)لأمر اللّٰه سبحانه فانطلقا إلیه لیلا فأتیا الباب و التمسا الدخول علیه لیلا فقرعا الباب ففزع فرعون و فزع البواب و قال فرعون من هذا الذی یضرب بابی هذه الساعة فأشرف علیهما البواب فكلمهما فقال له موسی أنا رسول رب العالمین فأتی (4)فرعون فأخبره و قال إن هاهنا إنسانا مجنونا یزعم أنه رسول رب العالمین.
و قال محمد بن إسحاق بن یسار خرج موسی لما بعثه اللّٰه سبحانه حین قدم مصر علی فرعون هو و أخوه هارون حتی وقفا علی باب فرعون یلتمسان الإذن علیه و هما یقولان إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِینَ فأذنوا بنا هذا الرجل (5)فمكثا سنتین یغدوان إلی بابه و
ص: 143
یروحان لا یعلم بهما و لا یجترئ أحد علی أن یخبره بشأنهما حتی دخل علیه بطال له یلعب عنده و یضحكه فقال له أیها الملك إن علی بابك رجلا (1)یقول قولا عجیبا یزعم أن له إلها غیرك فقال ببابی (2)أدخلوه فدخل موسی و معه هارون علیه السلام علی فرعون (3).
قالوا فلما أذن فرعون لموسی و هارون دخلا علیه فلما وقفا عنده دعا موسی بدعاء و هو لا إله إلا اللّٰه الحلیم الكریم لا إله إلا اللّٰه العلی العظیم سبحان اللّٰه رب السماوات السبع و رب الأرضین السبع و ما فیهن و ما بینهن و رب العرش العظیم وَ سَلامٌ عَلَی الْمُرْسَلِینَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ اللّٰهم إنی أدرؤك (4)فی نحره و أعوذ بك من شره و أستعینك (5)علیه فاكفنیه بما شئت قال فتحول ما بقلب موسی من الخوف أمنا و كذلك من دعا بهذا الدعاء و هو خائف آمن اللّٰه خوفه و نفس كربته و هون علیه سكرات الموت.
ثم قال فرعون لموسی من أنت قال أنا رسول رب العالمین فتأمله فرعون فعرفه فقال له أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِینا وَلِیداً وَ لَبِثْتَ فِینا مِنْ عُمُرِكَ سِنِینَ وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِی فَعَلْتَ وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِینَ معناه علی دیننا هذا الذی تعیبه (6)فقال موسی فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّینَ المخطئین (7)و لم أرد بذلك القتل فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِی رَبِّی حُكْماً أی نبوة (8)وَ جَعَلَنِی مِنَ الْمُرْسَلِینَ ثم أقبل موسی ینكر علیه ما ذكر فقال وَ تِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَیَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِی إِسْرائِیلَ أی اتخذتهم عبیدا تنزع أبناءهم من أیدیهم تسترق من شئت (9)أی إنما صیرنی إلیك ذلك قالَ فِرْعَوْنُ وَ ما رَبُ
ص: 144
الْعالَمِینَ قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِینَ قالَ فرعون لِمَنْ حَوْلَهُ أَ لا تَسْتَمِعُونَ إنكارا لما قال قال موسی رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِینَ فقال فرعون إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِی أُرْسِلَ إِلَیْكُمْ لَمَجْنُونٌ یعنی ما هذا بكلام صحیح (1)إذ یزعم أن لكم إلها غیری قال موسی رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ ما بَیْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ فقال فرعون لموسی لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَیْرِی لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِینَ قالَ أَ وَ لَوْ جِئْتُكَ بِشَیْ ءٍ مُبِینٍ تعرف به صدقی و كذبك و حقی و باطلك قال فرعون فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ فَأَلْقی عَصاهُ فَإِذا هِیَ ثُعْبانٌ مُبِینٌ فاتحة فاها قد ملأت ما بین سماطی فرعون (2)واضعة لحییها الأسفل فی الأرض و الأعلی فی سور القصر حتی رأی بعض من كان خارجا من مدینة مصر رأسها ثم توجهت نحو فرعون لیأخذه فارفض (3)عنها الناس و ذعر عنها فرعون و وثب عن سریره و أحدث حتی قام به بطنه (4)فی یومه ذلك أربعین مرة و كان فیما یزعمون لا یسعل و لا یصدع (5)و لا یصیبه آفة مما یصیب الناس و كان یقوم فی أربعین یوما مرة و كان أكثر ما یأكل الموز لكیلا یكون له ثفل (6)فیحتاج إلی القیام و كان هذه الأشیاء مما زین له أن قال ما قال لأنه لیس له من الناس شبیه قالوا فلما قصدته الحیة صاح یا موسی أنشدك باللّٰه و حرمة الرضاع إلا أخذتها و كففتها عنی و إنی أؤمن بك و أرسل معك بنی إسرائیل فأخذها موسی فعادت عصا كما كانت ثم نزع یده من جیبه فأخرجها بیضاء مثل الثلج لها شعاع كشعاع الشمس فقال له فرعون هذه یدك فلما قالها فرعون أدخلها موسی جیبه ثم أخرجها الثانیة لها نور ساطع فی السماء تكل منها الأبصار و قد أضاءت ما حولها یدخل نورها فی البیوت و یری من الكوی من وراء الحجب فلم یستطع فرعون النظر إلیها ثم ردها موسی إلی جیبه ثم أخرجها فإذا هی علی لونها الأول قالوا فهَمَّ فرعون بتصدیقه فقام إلیه هامان و جلس بین یدیه فقال له بینا أنت إله تعبد إذ أنت تابع لعبد فقال
ص: 145
فرعون لموسی أمهلنی الیوم إلی غد و أوحی اللّٰه تعالی إلی موسی أن قل لفرعون إنك إن آمنت باللّٰه وحده عمرتك فی ملكك و رددت (1)شابا طریا فاستنظره فرعون فلما كان من الغد دخل علیه هامان فأخبره فرعون بما وعده موسی من ربه فقال له هامان و اللّٰه ما یعدل هذا عبادة هؤلاء لك یوما واحدا و نفخ فی منخره ثم قال له هامان أنا أردك شابا فأتاه بالوسمة فخضبه بها (2)فلما دخل علیه موسی فرآه علی تلك الحالة هاله ذلك فأوحی اللّٰه تعالی لا یهولنك ما رأیت فإنه لم یلبث إلا قلیلا حتی یعود إلی الحالة الأولی.
و فی بعض الروایات أن موسی و هارون لما انصرفا من عند فرعون أصابهما المطر فی الطریق فأتیا علی عجوز من أقرباء أمهما و وجه فرعون الطلب فی أثرهما فلما دخل علیهما اللیل ناما فی دارها و جاءت الطلب إلی الباب و العجوز متنبهة فلما أحست بهم خافت علیهما فخرجت العصا من صیر الباب و العجوز تنظر (3)فقاتلتهم حتی قتلت منهم سبعة أنفس ثم عادت و دخلت الدار فلما انتبه موسی و هارون أخبرتهما بقصة الطلب و نكایة العصا منهم (4)فآمنت بهما و صدقتهما (5).
توضیح الغیضة موضع تنبت فیه الأشجار الكثیرة و ربض المدینة بالتحریك ما حولها و الاندساس الاختفاء و أشلیت الكلب علی الصید أغریته و الطفیشل كسمیدع نوع من المرق و الارفضاض التفرق و الطلب بالتحریك جمع طالب و الصیر بالكسر شق الباب.
ثم قال الثعلبی قالت العلماء بأخبار الأنبیاء إن موسی و هارون علیهما السلام وضع فرعون أمرهما و ما أتیا به من سلطان اللّٰه سبحانه علی السحر و قال للملإ من حوله (6)
ص: 146
إِنْ هذانِ لَساحِرانِ یُرِیدانِ إلی قوله فَما ذا تَأْمُرُونَ أ أقتلهما (1)فقال العبد الصالح خربیل (2)مؤمن آل فرعون أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ یَقُولَ رَبِّیَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَیِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ إلی قوله فَمَنْ یَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِیكُمْ إِلَّا ما أَری وَ ما أَهْدِیكُمْ إِلَّا سَبِیلَ الرَّشادِ و قال الملأ من قوم فرعون أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ ابْعَثْ فِی الْمَدائِنِ حاشِرِینَ یَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِیمٍ و كانت لفرعون مدائن فیها السحرة عدة للأمر إذا حزبه (3).
و قال ابن عباس قال فرعون لما رأی من سلطان اللّٰه فی الید و العصا (4)إنا لا نغالب موسی إلا بمن هو مثله فأخذ غلمانا من بنی إسرائیل فبعث بهم إلی قریة یقال لها الغرماء (5)یعلمونهم السحر كما یعلم الصبیان الكتابة فی الكتاب فعلموهم سحرا كثیرا و واعد فرعون موسی موعدا فبعث فرعون إلی السحرة فجاء بهم و معهم معلمهم فقالوا له (6)ما ذا صنعت فقال قد علمتهم سحرا لا یطیقه سحره أهل الأرض إلا أن یكون أمر من السماء فإنه لا طاقة لهم به ثم بعث فرعون الشرطی فی مملكته فلم یترك فی سلطانه ساحرا إلا أتی به (7).
و اختلفوا فی عدد السحرة (8)الذین جمعهم فرعون فقال مقاتل كانوا اثنین و سبعین ساحرا اثنان منهم من القبط و هما رأسا القوم و سبعون من بنی إسرائیل و قال الكلبی كانوا سبعین ساحرا غیر رئیسهم و كان الذی یعلمهم ذلك رجلین مجوسیین من أهل نینوی
ص: 147
و قال كعب كانوا اثنی عشر ألفا و قال السدی كانوا بضعا و ثلاثین ألفا و قال عكرمة سبعین ألفا و قال محمد بن المنكدر ثمانین ألفا فاختار منهم سبعة آلاف لیس منهم إلا ساحر ماهر ثم اختار منهم سبعمائة ثم اختار من أولئك السبعمائة سبعین من كبرائهم و علمائهم قال مقاتل و كان رئیس السحرة أخوین بأقصی مدائن مصر فلما جاءهما رسول فرعون قالا لأمهما دلینا علی قبر أبینا فدلتهما علیه فأتیاه فصاحا باسمه فأجابهما فقالا إن الملك وجه إلینا أن نقدم علیه لأنه أتاه رجلان لیس معهما رجال و لا سلاح و لهما عز و منعة و قد ضاق الملك ذرعا (1)من عزهما و معهما عصا إذا ألقیاها لا یقوم لهما شی ء تبلع الحدید و الخشب و الحجر فأجابهما أبوهما انظرا إذا هما ناما فإن قدرتما أن تسلا العصا فسلاها فإن الساحر لا یعمل سحره و هو نائم و إن عملت العصا و هما نائمان فذلك أمر رب العالمین و لا طاقة لكما بهما و لا للملك و لا لجمیع أهل الدنیا فأتیاهما فی خفیة و هما نائمان لیأخذا العصا فقصدتهما العصا.
قالوا ثم واعدوه یوم الزینة و كان یوم سوق لهم عن سعید بن جبیر و قال ابن عباس كان یوم عاشوراء و وافق ذلك یوم السبت فی أول یوم من السنة و هو یوم النیروز و كان یوم عید لهم یجتمع إلیه الناس من الآفاق قال عبد الرحمن بن زید بن أسلم و كان اجتماعهم للمیقات بالإسكندریة و یقال بلغ ذنب الحیة من وراء البحیرة (2)یومئذ قالوا ثم قال السحرة لفرعون أَ إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِینَ قال فرعون وَ إِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِینَ عندی فی المنزلة فلما اجتمع الناس جاء موسی و هو متكئ علی عصاه و معه أخوه هارون حتی أتی (3)الجمع و فرعون فی مجلسه مع أشراف قومه فقال موسی علیه السلام للسحرة حین جاءهم وَیْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَی اللَّهِ كَذِباً فَیُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری فتناجی السحرة بینهم و قال بعضهم لبعض ما هذا بقول ساحر فذلك قوله تعالی فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَیْنَهُمْ وَ أَسَرُّوا النَّجْوی فقالت السحرة
ص: 148
لنأتینك الیوم بسحر لم تر مثله وَ قالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ و كانوا قد جاءوا بالعصی و الحبال تحملها ستون بعیرا (1)فلما أبوا إلا الإصرار علی السحر قالوا لموسی إِمَّا أَنْ تُلْقِیَ وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقی قالَ بَلْ أَلْقُوا أنتم فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَ عِصِیَّهُمْ فإذا هی حیات كأمثال الجبال قد ملأت الوادی یركب بعضها بعضا تسعی فذلك قوله تعالی یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعی فَأَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً مُوسی و قال و اللّٰه إن كانت لعصیا فی أیدیهم و لقد عادت حیات و ما یعدون عصای هذه أو كما حدث نفسه (2)فأوحی اللّٰه تعالی إلیه لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلی وَ أَلْقِ ما فِی یَمِینِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَیْدُ ساحِرٍ وَ لا یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتی ففرج عن موسی و ألقی عصاه من یده فإذا هی ثعبان مبین كأعظم ما یكون أسود مدلهم (3)علی أربع قوائم قصار غلاظ شداد و هو أعظم و أطول من البختی و له ذنب یقوم علیه فیشرف فوق حیطان المدینة رأسه و عنقه و كاهله لا یضرب ذنبه علی شی ء إلا حطمه و قصمه و یكسر بقوائمه الصخور الصم الصلاب و یطحن كل شی ء و یضرم حیطان البیوت بنفسه نارا و له عینان تلتهبان نارا و منخران تنفخان سموما و علی مفرقة شعر كأمثال الرماح و صارت الشعبتان له فما سعته اثنا عشر ذراعا و فیه أنیاب و أضراس و له فحیح و كشیش و صریر و صریف فاستعرضت ما ألقی السحرة من حبالهم و عصیهم و هی حیات (4)فی عین فرعون و أعین الناس تسعی تلقفها و تبتلعها واحدا واحدا حتی ما یری بالوادی قلیل و لا كثیر مما ألقوا و انهزم الناس فزعین هاربین منقلبین فتزاحموا و تضاغطوا و وطئ بعضهم بعضا حتی مات منهم یومئذ فی ذلك الزحام و مواطئ الأقدام خمسة و عشرون ألفا و
ص: 149
انهزم فرعون فیمن انهزم منخوبا (1)مرعوبا عازبا عقله (2)و قد استطلق بطنه فی یومه ذلك عن أربعمائة جلسة (3)ثم بعد ذلك إلی أربعین مرة فی الیوم و اللیلة علی الدوام إلی أن هلك فلما انهزم الناس و عاین السحرة ما عاینوا و قالوا لو كان سحرا لما غلبنا و لما خفی علینا أمره و لئن كان سحرا فأین حبالنا و عصینا فألقوا سجدا و قالوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِینَ رَبِّ مُوسی وَ هارُونَ و كان فیهم اثنان و سبعون شیخا قد انحنت ظهورهم من الكبر و كانوا علماء السحرة و كان رئیس جماعتهم أربعة نفر (4)سابور و عادور و حطحط (5)و مصفا و هم الذین آمنوا حین رأوا ما رأوا من سلطان اللّٰه تعالی ثم آمنت السحرة كلهم فلما رأی فرعون ذلك أسف و قال لهم متجلدا آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِیرُكُمُ الَّذِی عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَیْدِیَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِی جُذُوعِ النَّخْلِ وَ لَتَعْلَمُنَّ أَیُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَ أَبْقی ف قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلی ما جاءَنا مِنَ الْبَیِّناتِ وَ الَّذِی فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إلی قوله تعالی وَ اللَّهُ خَیْرٌ وَ أَبْقی فقطع أیدیهم و أرجلهم من خلاف و صلبهم علی جذوع النخل و هو أول من فعل ذلك فأصبحوا سحرة كفرة و أمسوا شهداء بررة و رجع فرعون مغلوبا (6)معلولا ثم أبی إلا إقامة علی الكفر و التمادی فیه فتابع اللّٰه تعالی علیه بالآیات و أخذه و قومه بالسنین إلی أن أهلكهم و خرج موسی علیه السلام راجعا إلی قومه و العصا علی حالها حیة تتبعه و تبصبص حوله و تلوذ به كما یلوذ الكلب الألوف بصاحبه و الناس ینظرون إلیها ینخزلون و یتضاغطون حتی دخل موسی عسكر بنی إسرائیل و أخذ برأسها فإذا هی عصاه كما كانت أول مرة و شتت اللّٰه علی فرعون أمره و لم یجد علی موسی سبیلا فاعتزل موسی فی مدینته و لحق بقومه
ص: 150
و عسكروا مجتمعین إلی أن صاروا ظاهرین ظافرین (1).
بیان: المدلهم المظلم و فحیح الأفعی صوتها من فیها و الكشیش صوتها من جلدها و المنخوب الجبان الذی لا فؤاد له.
ثم قال الثعلبی فلما خاف فرعون علی قومه أن یؤمنوا بموسی عزم علی بناء صرح یقوی به سلطانه فقال یا هامانُ ابْنِ لِی صَرْحاً الآیة فجمع العمال و الفعلة حتی اجتمع له خمسون ألف بناء سوی الأتباع و الأجراء ممن یطبخ الآجر و الجص و ینجر الخشب و الأبواب و یضرب المسامیر فلم یزل یبنی ذلك الصرح إلی أن فرغ منه فی سبع سنین و ارتفع ارتفاعا لم یبلغه بنیان أحد من الخلق منذ خلق اللّٰه السماوات و الأرض فبعث اللّٰه عز و جل جبرئیل و ضرب بجناحه الصرح فقطعه ثلاث قطع وقعت قطعة منها فی البحر و أخری فی الهند و أخری فی المغرب.
و قال الضحاك بعثه اللّٰه وقت الغروب (2)فقذف به علی عسكر فرعون فقتل منهم ألف ألف رجل (3)و قالوا و لم یبق أحد عمل فیه شیئا إلا أصابه موت أو حریق أو عاهة ثم إن فرعون بعد ذلك عزم علی قتال موسی فأراه اللّٰه الآیات (4)فلما لم یؤمن أوحی اللّٰه تعالی إلی موسی أن اجمع بنی إسرائیل كل أربعة أهل أبیات فی بیت ثم اذبحوا أولاد الضأن و اضربوا بدمائها علی الأبواب فإنی مرسل علی أعدائكم عذابا و إنی سامر الملائكة (5)فلا یدخل بیتا علی بابه دم و سامرها فتقتل أبكار آل فرعون من أنفسهم و أموالهم فتسلمون أنتم و یهلكون هم ثم أخبزوا خبزا فطیرا (6)فإنه أسرع لكم ثم أسر بعبادی حتی تنتهی بهم إلی البحر فیأتیك أمری ففعلت ذلك بنو إسرائیل فقالت القبط لبنی إسرائیل لم تعالجون هذا الدم علی أبوابكم فقالوا إن اللّٰه سبحانه مرسل عذابا فنسلم
ص: 151
و تهلكون فقالت القبط فما یعرفكم ربكم إلا بهذه العلامات فقالوا هكذا أمرنا نبینا فأصبحوا و قد طعن أبكار آل فرعون و ماتوا كلهم فی لیلة واحدة و كانوا سبعین ألفا و اشتغلوا بدفنهم و بما نالهم من الحزن علی المصیبة و سری موسی بقومه متوجهین إلی البحر و هم ستمائة ألف و عشرون ألفا لا یعد فیهم ابن سبعین سنة لكبره و لا ابن عشرین سنة لصغره و هم المقاتلة سوی الذریة و كان موسی علیه السلام علی الساقة و هارون علی المقدمة فلما فرغت القبط من دفن أبكارهم و بلغهم خروج بنی إسرائیل قال فرعون هذا عمل موسی قتلوا أبكارنا من أنفسنا و أموالنا ثم خرجوا و لم یرضوا أن ساروا بأنفسهم حتی ذهبوا بأموالنا معهم فنادی فی قومه كما قال اللّٰه سبحانه فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِی الْمَدائِنِ حاشِرِینَ إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِیلُونَ وَ إِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ وَ إِنَّا لَجَمِیعٌ حاذِرُونَ ثم تبعهم فرعون بجنوده و علی مقدمته هامان فی ألف ألف و سبعمائة ألف كل رجل علی حصان و علی رأسه بیضة و بیده حربة.
و قال ابن جریح أرسل فرعون فی أثر موسی و قومه ألف ألف و خمسمائة ألف ملك مسور (1)مع كل ملك ألف ثم خرج فرعون خلفهم فی الدهم (2)و كانوا مائة ألف رجل كل واحد منهم راكبا حصانا أدهم فكان فی عسكر فرعون مائة ألف حصان أدهم و ذلك حین طلعت الشمس و أشرقت كما قال اللّٰه سبحانه فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِینَ فلما تراءی الجمعان و رأت بنو إسرائیل غبار عسكر فرعون قالوا یا موسی أین ما وعدتنا من النصر و الظفر هذا البحر أمامنا إن دخلناه غرقنا و فرعون خلفنا إن أدركنا قتلنا و لقد أُوذِینا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِیَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا فقال موسی اسْتَعِینُوا (3)بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ و قال عَسی رَبُّكُمْ أَنْ یُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ یَسْتَخْلِفَكُمْ فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرَ كَیْفَ تَعْمَلُونَ (4).
قالوا فلما انتهی موسی علیه السلام إلی البحر هاجت الریح ترمی بموج كالجبال
ص: 152
فقال له یوشع بن نون یا مكلم اللّٰه (1)أین أمرت و قد غشینا فرعون و البحر أمامنا فقال موسی هاهنا فخاض یوشع الماء و جاز البحر ما یواری حافر دابته الماء و قال خربیل (2)یا مكلم اللّٰه أین أمرت قال هاهنا فكبح فرسه بلجامه (3)حتی طار الزبد من شدقیه ثم أقحمه البحر فرسب فی الماء و ذهب القوم یصنعون مثل ذلك فلم یقدروا فأوحی اللّٰه سبحانه إلی موسی أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فضرب فلم یطعه فأوحی اللّٰه إلیه أن كنه فضرب موسی بعصاه ثانیا و قال انفلق أبا خالد (4)فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِیمِ فإذا خربیل واقف علی فرسه لم یبتل سرجه و لا لبده و ظهر فی البحر اثنا عشر طریقا لاثنی عشر سبطا لكل سبط طریق و أرسل اللّٰه الریح و الشمس علی قعر البحر حتی صار یبسا.
و عن عبد اللّٰه بن سلام أن موسی لما انتهی إلی البحر قال یا من كان قبل كل شی ء و المكون لكل شی ء و الكائن بعد كل شی ء اجعل لنا مخرجا.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَ إِلَیْكَ الْمُشْتَكَی وَ أَنْتَ الْمُسْتَعَانُ (5)وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیم.
قالوا فخاضت بنو إسرائیل البحر كل سبط فی طریق و عن جانبیهم الماء كالجبل الضخم لا یری بعضهم بعضا فخافوا و قال كل سبط قد قتل إخواننا فأوحی اللّٰه سبحانه إلی جبال الماء أن تشبكی فصار الماء شبكات ینظر بعضهم إلی بعض و یسمع بعضهم كلام بعض حتی عبروا البحر سالمین و لما خرجت ساقة عسكر موسی من البحر وصلت مقدمة عسكر فرعون إلیه و أراد موسی أن یعود البحر إلی حالة الأولی فأوحی اللّٰه سبحانه أن اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً
ص: 153
إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ فلما وصل فرعون قال لقومه انظروا إلی البحر قد انفلق لهیبتی حتی أدرك أعدائی و عبیدی و لم تكن فی خیل فرعون أنثی فجاء جبرئیل علی فرس أنثی و علیه عمامة سوداء و تقدمهم و خاض البحر و ظن أصحاب فرعون أنه منهم فلما سمعت الخیول ریحها اقتحمت البحر فی أثرها و جاء میكائیل علی فرس خلف القوم یشحذهم (1)و یقول لهم ألحقوا بأصحابكم فلما أراد فرعون أن یسلك طریق البحر نهاه وزیره هامان و قال إنی قد أتیت هذا الموضع مرارا و ما لی عهد بهذه الطرق و إنی لا آمن أن یكون هذا مكرا من الرجل یكون فیه هلاكنا و هلاك أصحابنا فلم یطعه فرعون و ذهب حاملا (2)علی حصانه أن یدخل البحر فامتنع و نفر حتی جاء جبرئیل علی رمكة بیضاء فخاض البحر فتبعها حصان فرعون فلما توافوا فی البحر و هم أولهم بالخروج أمر اللّٰه البحر فالتطم علیهم فغرقهم أجمعین بمرأی من بنی إسرائیل قالوا فلما سمعت بنو إسرائیل صوت التطام البحر قالوا لموسی ما هذه الوجبة (3)فقال لهم إن اللّٰه سبحانه قد أهلك فرعون و كل من كان معه فقالوا إن فرعون لا یموت لأنه خلق خلق من لا یموت أ لم تر أنه كان یلبث كذا و كذا یوما لا یحتاج إلی شی ء مما یحتاج إلیه الإنسان فأمر اللّٰه سبحانه البحر فألقاه علی نجوة من الأرض و علیه درعة حتی نظر إلیه بنو إسرائیل.
و یقال لو لم یخرجه اللّٰه تعالی ببدنه لشك فیه بعض الناس فبعث موسی جندین عظیمین من بنی إسرائیل كل جند اثنا عشر ألفا إلی مدائن فرعون و هی یومئذ خالیة من أهلها لم یبق منهم إلا النساء و الصبیان و الزمنی و المرضی و الهرمی و أمر علی الجندین یوشع بن نون و كالب بن یوفنا (4)فدخلوا بلاد فرعون فغنموا ما كان فیها من أموالهم و كنوزهم و حملوا من ذلك ما استقلت به الحمولة (5)عنها و ما لم یطیقوا حملها باعوه من قوم آخرین فذلك قوله تعالی كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ
ص: 154
وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِیها فاكِهِینَ كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِینَ ثم إن یوشع استخلف علی قوم فرعون رجلا منهم و عاد إلی موسی بمن معه سالمین غانمین (1).
(تذنیب) قال السید المرتضی قدس سره فإن قیل كیف جاز لموسی أن یأمر السحرة بإلقاء الحبال و العصی و ذلك كفر و سحر و تلبیس و تمویه و الأمر بمثله لا یحسن قلنا لا بد من أن یكون فی أمره علیه السلام بذلك شرط فكأنه قال ألقوا ما أنتم ملقون إن كنتم محقین و كان فیما تفعلونه حجة و حذف الشرط لدلالة الكلام علیه و اقتضاء الحال له و یمكن أن یكون علی سبیل التحدی بأن یكون دعاهم إلی الإلقاء علی وجه یساویه فیه و لا یخیلون فیما ألقوه السعی و التصرف من غیر أن یكون له حقیقة لأن ذلك غیر مساو لما ظهر علی یده من انقلاب الجماد حیة علی الحقیقة دون التخییل و إذا كان ذلك لیس فی مقدورهم فإنما تحداهم به لیظهر حجته. (2)أقول یمكن أن یقال الأمر بالسحر إذا كان مشتملا علی بیان بطلانه و ظهور المعجزة و عدم مبالاته بما صنعوا مع أن القوم لا ینتهون عنه بعدم أمره بل بنهیه أیضا لیس بقبیح (3)فیمكن أن یكون مخصصا لعمومات النهی عن الأمر بالسحر إن كانت و لو كان لمحض دلیل العقل فلا یحكم فی خصوص تلك الصورة بشی ء من القبح أو یقال إنه لم یكن المراد به الأمر حقیقة بل كان الغرض عدم خوفه و مبالاته بما سحروا به فیمكن إرجاعه إلی أمر التسویة و قیل إنه لم یأمر بالسحر بل بالإلقاء و هو أعم منه.
ثم قال السید فإن قیل فمن أی شی ء خاف موسی علیه السلام أ و لیس خوفه یقتضی شكه فی صحة ما أتی به قلنا إنما رأی من قوة التلبیس و التخییل ما أشفق عنده من وقوع الشبهة علی من لم ینعم النظر (4)فآمنه اللّٰه تعالی من ذلك و بین له أن حجته ستتضح للقوم بقوله تعالی لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلی (5).
ص: 155
أقول: قد مر خبر فی علة ذلك الخوف فی إلقاء إبراهیم علیه السلام فی النار (1)و قیل كان لا یلقی العصا إلا بوحی و لما أبطأ الوحی خاف تفرق بعض الناس قبل أن یؤمر بالإلقاء و قیل كان خوفه ابتداء علی مقتضی الجبلة البشریة.
ثم قال السید رحمه اللّٰه فإن قیل فما معنی قوله رَبَّنا إِنَّكَ آتَیْتَ فِرْعَوْنَ وَ مَلَأَهُ الآیة قلنا أما قوله لِیُضِلُّوا عَنْ سَبِیلِكَ ففیه وجوه أولها أنه أراد لئلا یضلوا فحذف و هذا له نظائر كثیرة فی القرآن و كلام العرب فمن ذلك قوله أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما (2)و إنما أراد لئلا تضل و قوله أَنْ تَقُولُوا یَوْمَ الْقِیامَةِ (3)و قوله أَنْ تَمِیدَ بِكُمْ (4)و قال الشاعر
نزلتم منزل الأضیاف منا. فعجلنا القری أن تشتمونا.
و ثانیها أن اللام هاهنا هی لام العاقبة و لیست بلام الغرض كقوله لِیَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً (5)و ثالثها أن یكون مخرج الكلام مخرج النفی و الإنكار علی من زعم أن اللّٰه تعالی فعل ذلك لیضلهم.
و رابعها أن یكون أراد الاستفهام فحذف حرفه المختص به (6).
ص: 156
الآیات؛
المؤمن: «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسی بِآیاتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِینٍ* إِلی فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ قارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ* فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ وَ اسْتَحْیُوا نِساءَهُمْ وَ ما كَیْدُ الْكافِرِینَ إِلَّا فِی ضَلالٍ *وَ قالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِی أَقْتُلْ مُوسی وَ لْیَدْعُ رَبَّهُ إِنِّی أَخافُ أَنْ یُبَدِّلَ دِینَكُمْ أَوْ أَنْ یُظْهِرَ فِی الْأَرْضِ الْفَسادَ* وَ قالَ مُوسی إِنِّی عُذْتُ بِرَبِّی وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا یُؤْمِنُ بِیَوْمِ الْحِسابِ* وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ یَكْتُمُ إِیمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ یَقُولَ رَبِّیَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَیِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَ إِنْ یَكُ كاذِباً فَعَلَیْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ یَكُ صادِقاً یُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِی یَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ* یا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْیَوْمَ ظاهِرِینَ فِی الْأَرْضِ فَمَنْ یَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِیكُمْ إِلَّا ما أَری وَ ما أَهْدِیكُمْ إِلَّا سَبِیلَ الرَّشادِ* وَ قالَ الَّذِی آمَنَ یا قَوْمِ إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ مِثْلَ یَوْمِ الْأَحْزابِ* مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ مَا اللَّهُ یُرِیدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ* وَ یا قَوْمِ إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ یَوْمَ التَّنادِ* یَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِینَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ* وَ لَقَدْ جاءَكُمْ یُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَیِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِی شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّی إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ یَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذلِكَ یُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ»(23-34)
(و قال تعالی): «وَ قالَ الَّذِی آمَنَ یا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِیلَ الرَّشادِ* یا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَیاةُ الدُّنْیا مَتاعٌ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ هِیَ دارُ الْقَرارِ* مَنْ عَمِلَ سَیِّئَةً فَلا یُجْزی إِلَّا مِثْلَها وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ یُرْزَقُونَ فِیها بِغَیْرِ حِسابٍ* وَ یا قَوْمِ ما لِی أَدْعُوكُمْ إِلَی النَّجاةِ وَ تَدْعُونَنِی إِلَی النَّارِ *تَدْعُونَنِی لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَ أُشْرِكَ بِهِ ما لَیْسَ لِی بِهِ عِلْمٌ وَ أَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَی الْعَزِیزِ الْغَفَّارِ* لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِی
ص: 157
إِلَیْهِ لَیْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِی الدُّنْیا وَ لا فِی الْآخِرَةِ وَ أَنَّ مَرَدَّنا إِلَی اللَّهِ وَ أَنَّ الْمُسْرِفِینَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ* فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَ أُفَوِّضُ أَمْرِی إِلَی اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِیرٌ بِالْعِبادِ *فَوَقاهُ اللَّهُ سَیِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ *النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ»(38-46)
التحریم: «وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِینَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِی عِنْدَكَ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ وَ نَجِّنِی مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ»(11)
تفسیر قوله تعالی: یَكْتُمُ إِیمانَهُ قال الطبرسی رحمه اللّٰه: علی وجه التقیة
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ التَّقِیَّةُ مِنْ دِینِی وَ دِینِ آبَائِی وَ لَا دِینَ لِمَنْ لَا تَقِیَّةَ لَهُ وَ التَّقِیَّةُ تُرْسُ اللَّهِ فِی الْأَرْضِ لِأَنَّ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ لَوْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ لَقُتِلَ.
قال ابن عباس لم یكن مؤمن غیره و غیر امرأة فرعون و غیر المؤمن الذی أنذر موسی فقال إِنَّ الْمَلَأَ یَأْتَمِرُونَ بِكَ لِیَقْتُلُوكَ قال السدی و مقاتل كان ابن عم فرعون (1)و كان آمن بموسی و هو الذی جاء مِنْ أَقْصَی الْمَدِینَةِ یسعی و قیل إنه كان ولی عهده من بعده و كان اسمه حبیبا و قیل اسمه خربیل. (2)و قال البیضاوی الرجل إسرائیلی أو غریب موحد كان ینافقهم أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أ تقصدون قتله أَنْ یَقُولَ لأن یقول أو وقت أن یقول من غیر رویة و تأمل فی أمره رَبِّیَ اللَّهُ وحده فَعَلَیْهِ كَذِبُهُ لا یتخطاه وبال كذبه فیحتاج فی دفعه إلی قتله یُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِی یَعِدُكُمْ أی فلا أقل من أن یصیبكم بعضه إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ احتجاج ثالث ذو وجهین أحدهما أنه لو كان مسرفا كذابا لما هداه اللّٰه إلی البینات و لما عضده بتلك المعجزات.
ص: 158
و ثانیهما أن من خذله اللّٰه و أهلكه فلا حاجة لكم إلی قتله و لعله أراد به المعنی الأول و خیل إلیهم الثانی لتلین شكیمتهم (1)و عرض به لفرعون بأنه مسرف كذاب لا یهدیه اللّٰه سبیل الصواب ظاهِرِینَ غالبین عالین فی الأرض أرض مصر فَمَنْ یَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ أی فلا تفسدوا أمركم و لا تتعرضوا لبأس اللّٰه فإنه إن جاءنا لم یمنعنا عنه أحد ما أُرِیكُمْ ما أشیر إلیكم إِلَّا ما أَری و أستصوبه من قتله إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ فی تكذیبه و التعرض له مِثْلَ یَوْمِ الْأَحْزابِ مثل أیام الأمم الماضیة یعنی وقائعهم مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ مثل جزاء ما كانوا علیه دائبین من الكفر و إیذاء الرسل یَوْمَ التَّنادِ یوم القیامة ینادی فیه بعضهم بعضا للاستغاثة أو یتصایحون بالویل و الثبور أو یتنادی أصحاب الجنة و أصحاب النار یَوْمَ تُوَلُّونَ عن الموقف مُدْبِرِینَ منصرفین عنه إلی النار و قیل فارین عنها مِنْ عاصِمٍ یعصمكم من عذابه وَ لَقَدْ جاءَكُمْ یُوسُفُ أی یوسف بن یعقوب علی أن فرعونه فرعون موسی أو علی نسبة أحوال الآباء إلی الأولاد أو سبطه یوسف بن إبراهیم بن یوسف مِنْ قَبْلُ من قبل موسی مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ فی العصیان مُرْتابٌ شاك فیما تشهد له البینات وَ قالَ الَّذِی آمَنَ یعنی مؤمن آل فرعون و قیل موسی سَبِیلَ الرَّشادِ أی سبیلا یصل سالكه إلی المقصود مَتاعٌ أی تمتع یسیر لسرعة زوالها بِغَیْرِ حِسابٍ أی بغیر تقدیر و موازنة بالعمل بل أضعافا مضاعفة ما لَیْسَ لِی بِهِ أی بربوبیته عِلْمٌ و المراد نفی المعلوم لا جَرَمَ لا رد لما دعوه إلیه و جرم فعل بمعنی حق و فاعله أَنَّما تَدْعُونَنِی إِلَیْهِ لَیْسَ لَهُ دَعْوَةٌ أی حق عدم دعوة آلهتكم إلی عبادتها أصلا و قیل جرم بمعنی كسب و فاعله مستكن فیه أی كسب ذلك الدعاء إلیه أن لا دعوة له بمعنی ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته و قیل من الجرم بمعنی القطع و المعنی لا قطع لبطلان دعوة ألوهیة الأصنام أی لا ینقطع فی وقت ما فینقلب حقا وَ أَنَّ مَرَدَّنا إِلَی اللَّهِ بالموت وَ أَنَّ الْمُسْرِفِینَ فی الضلالة و الطغیان وَ أُفَوِّضُ أَمْرِی إِلَی اللَّهِ لیعصمنی من كل سوء إِنَّ اللَّهَ بَصِیرٌ بِالْعِبادِ فیحرسهم فَوَقاهُ اللَّهُ سَیِّئاتِ ما مَكَرُوا شدائد مكرهم و قیل الضمیر لموسی وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ أی بفرعون و قومه و استغنی بذكرهم عن ذكره للعلم بأنه أولی بذلك و قیل
ص: 159
بطلبه المؤمن من قومه فإنه فر إلی جبل فأتبعه طائفة فوجدوه یصلی و الوحوش صفوف حوله فرجعوا رعبا فقتلهم سُوءُ الْعَذابِ الغرق أو القتل أو النار. (1)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فَوَقاهُ اللَّهُ أی صرف اللّٰه عنه سوء مكرهم فجاء مع موسی علیه السلام حتی عبر البحر معه النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا أی یعرض آل فرعون علی النار فی قبورهم صباحا و مساء فیعذبون
وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ فِی الدُّنْیَا قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ لِأَنَّ نَارَ الْقِیَامَةِ لَا یَكُونُ غُدُوّاً وَ عَشِیّاً ثُمَّ قَالَ إِنْ كَانُوا إِنَّمَا یُعَذَّبُونَ فِی النَّارِ غُدُوّاً وَ عَشِیّاً فَفِیمَا بَیْنَ ذَلِكَ هُمْ مِنَ السُّعَدَاءِ وَ لَكِنْ هَذَا فِی نَارِ الْبَرْزَخِ قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ أَ لَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ
و هذا أمر لآل فرعون بالدخول أو أمر للملائكة بإدخالهم فی أشد العذاب و هو عذاب جهنم (2).
«1»-م، تفسیر الإمام علیه السلام ج، الإحتجاج بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ حِزْبِیلُ (3)مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ یَدْعُو قَوْمَ فِرْعَوْنَ إِلَی تَوْحِیدِ اللَّهِ وَ نُبُوَّةِ مُوسَی وَ تَفْضِیلِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی جَمِیعِ رُسُلِ اللَّهِ وَ خَلْقِهِ وَ تَفْضِیلِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ الْخِیَارِ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَلَی سَائِرِ أَوْصِیَاءِ النَّبِیِّینَ وَ إِلَی الْبَرَاءَةِ مِنْ رُبُوبِیَّةِ فِرْعَوْنَ فَوَشَی بِهِ الْوَاشُونَ إِلَی فِرْعَوْنَ وَ قَالُوا إِنَّ حِزْبِیلَ یَدْعُو إِلَی مُخَالَفَتِكَ وَ یُعِینُ أَعْدَاءَكَ عَلَی مُضَادَّتِكَ فَقَالَ لَهُمْ فِرْعَوْنُ ابْنُ عَمِّی وَ خَلِیفَتِی عَلَی مُلْكِی وَ وَلِیُّ عَهْدِی إِنْ فَعَلَ مَا قُلْتُمْ فَقَدِ اسْتَحَقَّ أَشَدَّ الْعَذَابِ عَلَی كُفْرِهِ نِعْمَتِی فَإِنْ كُنْتُمْ (4)عَلَیْهِ كَاذِبِینَ فَقَدِ اسْتَحْقَقْتُمْ أَشَدَّ الْعَذَابِ لِإِیثَارِكُمُ الدُّخُولَ فِی مَكَانِهِ فَجَاءَ بِحِزْبِیلَ وَ جَاءَ بِهِمْ فَكَاشَفُوهُ وَ قَالُوا أَنْتَ تَجْحَدُ رُبُوبِیَّةَ فِرْعَوْنَ الْمَلِكِ وَ تَكْفُرُ نَعْمَاءَهُ فَقَالَ حِزْبِیلُ أَیُّهَا الْمَلِكُ هَلْ جَرَّبْتَ عَلَیَّ كَذِباً قَطُّ قَالَ لَا قَالَ فَسَلْهُمْ مَنْ رَبُّهُمْ فَقَالُوا فِرْعَوْنُ قَالَ وَ مَنْ خَالِقُكُمْ قَالُوا فِرْعَوْنُ هَذَا قَالَ وَ مَنْ رَازِقُكُمُ الْكَافِلُ لِمَعَایِشِكُمْ وَ الدَّافِعُ عَنْكُمْ مَكَارِهَكُمْ قَالُوا فِرْعَوْنُ هَذَا قَالَ حِزْبِیلُ أَیُّهَا الْمَلِكُ فَأُشْهِدُكَ وَ كُلَّ مَنْ حَضَرَكَ أَنَّ رَبَّهُمْ هُوَ رَبِّی وَ خَالِقَهُمْ هُوَ خَالِقِی وَ رَازِقَهُمْ هُوَ
ص: 160
رَازِقِی وَ مُصْلِحَ مَعَایِشِهِمْ هُوَ مُصْلِحُ مَعَایِشِی لَا رَبَّ لِی وَ لَا خَالِقَ وَ لَا رَازِقَ غَیْرُ رَبِّهِمْ وَ خَالِقِهِمْ وَ رَازِقِهِمْ وَ أُشْهِدُكَ وَ مَنْ حَضَرَكَ أَنَّ كُلَّ رَبٍّ وَ خَالِقٍ وَ رَازِقٍ سِوَی رَبِّهِمْ وَ خَالِقِهِمْ وَ رَازِقِهِمْ فَأَنَا بَرِی ءٌ مِنْهُ وَ مِنْ رُبُوبِیَّتِهِ وَ كَافِرٌ بِإِلَهِیَّتِهِ یَقُولُ حِزْبِیلُ هَذَا وَ هُوَ یَعْنِی أَنَّ رَبَّهُمْ هُوَ اللَّهُ رَبِّی وَ لَمْ یَقُلْ إِنَّ الَّذِی قَالُوا إِنَّهُ رَبُّهُمْ هُوَ رَبِّی وَ خَفِیَ هَذَا الْمَعْنَی عَلَی فِرْعَوْنَ وَ مَنْ حَضَرَهُ وَ تَوَهَّمُوا أَنَّهُ یَقُولُ فِرْعَوْنُ رَبِّی وَ خَالِقِی وَ رَازِقِی فَقَالَ لَهُمْ فِرْعَوْنُ یَا رِجَالَ السَّوْءِ وَ یَا طُلَّابَ الْفَسَادِ فِی مُلْكِی وَ مُرِیدِی الْفِتْنَةِ بَیْنِی وَ بَیْنَ ابْنِ عَمِّی وَ هُوَ عَضُدِی أَنْتُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ لِعَذَابِی لِإِرَادَتِكُمْ فَسَادَ أَمْرِی وَ إِهْلَاكَ ابْنِ عَمِّی وَ الْفَتَّ فِی عَضُدِی ثُمَّ أَمَرَ بِالْأَوْتَادِ فَجَعَلَ فِی سَاقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَتِداً وَ فِی صَدْرِهِ وَتِداً وَ أَمَرَ أَصْحَابَ أَمْشَاطِ الْحَدِیدِ فَشَقُّوا بِهَا لُحُومَهُمْ مِنْ أَبْدَانِهِمْ فَذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَوَقاهُ اللَّهُ یَعْنِی حِزْبِیلَ سَیِّئاتِ ما مَكَرُوا بِهِ لَمَّا وَشَوْا بِهِ إِلَی فِرْعَوْنَ لِیَهْلِكُوهُ وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ وَ هُمُ الَّذِینَ وَشَوْا بِحِزْبِیلَ إِلَیْهِ لَمَّا أَوْتَدَ فِیهِمُ الْأَوْتَادَ وَ مَشَّطَ عَنْ أَبْدَانِهِمْ لُحُومَهَا بِالْأَمْشَاطِ الْخَبَرَ (1).
بیان: وشی به إلی السلطان أی سعی و نمه و قال الجوهری فت الشی ء أی كسره یقال فت عضدی و هد ركنی.
«2»-ل، الخصال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ الشَّهْرَزُورِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحُسَیْنِ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ أَبِی لَهِیعَةَ عَنْ أَبِی الزُّبَیْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثَةٌ لَمْ یَكْفُرُوا بِالْوَحْیِ طَرْفَةَ عَیْنٍ مُؤْمِنُ آلِ یَاسِینَ وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ آسِیَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ (2).
«3»-ل، الخصال مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِی الْقَاسِمِ بْنِ مَنِیعٍ عَنْ شَیْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِی الْفُرَاتِ عَنْ عِلْبَاءِ بْنِ أَحْمَدَ (3)عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَّ رَسُولُ
ص: 161
اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْبَعَ خُطَطٍ فِی الْأَرْضِ وَ قَالَ أَ تَدْرُونَ مَا هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلُ نِسَاءِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ خَدِیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلِدٍ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَ مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ آسِیَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ (1).
«4»-ل، الخصال سُلَیْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِی الْفُرَاتِ الْكِنْدِیِّ عَنْ عِلْبَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْبَعَ خُطُوطٍ (2)ثُمَّ قَالَ خَیْرُ نِسَاءِ الْجَنَّةِ مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ خَدِیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلِدٍ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَ آسِیَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ (3).
«5»-فس، تفسیر القمی وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ یَكْتُمُ إِیمانَهُ قَالَ كَتَمَ إِیمَانَهُ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ وَ كَانَ مَجْذُوماً مُكَنَّعاً (4)وَ هُوَ الَّذِی قَدْ وَقَعَتْ أَصَابِعُهُ وَ كَانَ یُشِیرُ إِلَی قَوْمِهِ بِیَدَیْهِ الْمَكْنُوعَتَیْنِ وَ یَقُولُ یا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِیلَ الرَّشادِ (5)قَوْلُهُ فَوَقاهُ اللَّهُ سَیِّئاتِ ما مَكَرُوا یَعْنِی مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ اللَّهِ لَقَدْ قَطَعُوهُ إِرْباً إِرْباً وَ لَكِنْ وَقَاهُ اللَّهُ أَنْ یَفْتِنُوهُ فِی دِینِهِ (6).
«6»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام حِزْبِیلُ (7)هُوَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ أَرْسَلَ فِرْعَوْنُ رَجُلَیْنِ فِی طَلَبِهِ فَانْطَلَقَا فِی طَلَبِهِ فَوَجَدَاهُ قَائِماً یُصَلِّی بَیْنَ الْجِبَالِ وَ الْوُحُوشُ خَلْفَهُ فَأَرَادَا أَنْ یُعَجِّلَاهُ عَنْ صَلَاتِهِ فَأَمَرَ اللَّهُ دَابَّةً مِنْ تِلْكَ الْوُحُوشِ كَأَنَّهَا بَعِیرٌ أَنْ تَحُولَ بَیْنَهُمَا وَ بَیْنَ الْمُؤْمِنِ فَطَرَدَتْهُمَا عَنْهُ حَتَّی قَضَی صَلَاتَهُ فَلَمَّا رَآهُمَا أَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً وَ قَالَ یَا رَبِّ أَجِرْنِی مِنْ فِرْعَوْنَ فَإِنَّكَ إِلَهِی عَلَیْكَ تَوَكَّلْتُ وَ بِكَ آمَنْتُ وَ إِلَیْكَ أَنَبْتُ أَسْأَلُكَ یَا إِلَهِی إِنْ كَانَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ یُرِیدَانِ بِی سُوءاً فَسَلِّطْ عَلَیْهِمَا فِرْعَوْنَ وَ عَجِّلْ ذَلِكَ وَ إِنْ هُمَا أَرَادَانِی بِخَیْرٍ فَاهْدِهِمَا فَانْطَلَقَا حَتَّی دَخَلَا عَلَی فِرْعَوْنَ لِیُخْبِرَاهُ بِالَّذِی عَایَنَاهُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا مَا الَّذِی نَفَعَكَ أَنْ یُقْتَلَ فَكَتَمَ عَلَیْهِ فَقَالَ الْآخَرُ
ص: 162
وَ عِزَّةِ فِرْعَوْنَ لَا أَكْتُمُ عَلَیْهِ وَ أَخْبَرَ فِرْعَوْنَ عَلَی رُءُوسِ النَّاسِ بِمَا رَأَی وَ كَتَمَ الْآخَرُ فَلَمَّا دَخَلَ حِزْبِیلُ قَالَ فِرْعَوْنُ لِلرَّجُلَیْنِ مَنْ رَبُّكُمَا قَالا أَنْتَ فَقَالَ لِحِزْبِیلَ وَ مَنْ رَبُّكَ قَالَ رَبِّی رَبُّهُمَا فَظَنَّ فِرْعَوْنُ أَنَّهُ یَعْنِیهِ فَوَقاهُ اللَّهُ سَیِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ وَ سُرَّ فِرْعَوْنُ وَ أَمَرَ بِالْأَوَّلِ فَصُلِبَ فَنَجَا اللَّهُ الْمُؤْمِنَ وَ آمَنَ الْآخَرُ بِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ حَتَّی قُتِلَ مَعَ السَّحَرَةِ (1).
سن، المحاسن أَبِی عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ فَوَقاهُ اللَّهُ سَیِّئاتِ ما مَكَرُوا قَالَ أَمَا لَقَدْ سَطَوْا عَلَیْهِ وَ قَتَلُوهُ وَ لَكِنْ أَ تَدْرُونَ مَا وَقَاهُ وَقَاهُ أَنْ یَفْتِنُوهُ فِی دِینِهِ (2).
بیان: سطا علیه أی قهر و بطش به قال الثعلبی قالت الرواة كان حزبیل من أصحاب فرعون نجارا و هو الذی نجر التابوت لأم موسی حین قذفته فی البحر و قیل إنه كان خازنا لفرعون مائة سنة و كان مؤمنا مخلصا یكتم إیمانه إلی أن ظهر موسی علیه السلام علی السحرة فأظهر حزبیل إیمانه فأخذ یومئذ و قتل مع السحرة صلبا و أما امرأة حزبیل فإنها كانت ماشطة بنات فرعون و كانت مؤمنة.
وَ رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمَّا أُسْرِیَ بِی مَرَّتْ بِی رَائِحَةٌ طَیِّبَةٌ فَقُلْتُ لِجَبْرَئِیلَ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ قَالَ هَذِهِ مَاشِطَةُ آلِ فِرْعَوْنَ (3)وَ أَوْلَادُهَا كَانَتْ تَمْشُطُهَا فَوَقَعَتِ الْمُشْطَةُ مِنْ یَدِهَا فَقَالَتْ بِسْمِ اللَّهِ فَقَالَتْ بِنْتُ فِرْعَوْنَ أَبِی فَقَالَتْ لَا بَلْ رَبِّی وَ رَبُّكِ وَ رَبُّ أَبِیكِ فَقَالَتْ لَأُخْبِرَنَّ بِذَلِكِ أَبِی فَقَالَتْ نَعَمْ فَأَخْبَرَتْهُ فَدَعَا بِهَا وَ بِوُلْدِهَا وَ قَالَ مَنْ رَبُّكِ فَقَالَتْ إِنَّ رَبِّی وَ رَبُّكَ اللَّهُ فَأَمَرَ بِتَنُّورٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِیَ فَدَعَا بِهَا وَ بِوُلْدِهَا فَقَالَتْ إِنَّ لِی إِلَیْكَ حَاجَةً قَالَ وَ مَا هِیَ قَالَتْ تَجْمَعُ عِظَامِی وَ عِظَامَ وُلْدِی فَتَدْفَنُهَا قَالَ ذَاكِ لَكِ لِمَا لَكِ عَلَیْنَا مِنْ حَقٍّ فَأَمَرَ بِأَوْلَادِهَا فَأُلْقُوا وَاحِداً وَاحِداً فِی التَّنُّورِ حَتَّی كَانَ آخِرُ وُلْدِهَا وَ كَانَ صَبِیّاً مُرْضَعاً فَقَالَ اصْبِرِی یَا أُمَّاهْ إِنَّكِ عَلَی الْحَقِّ فَأُلْقِیَتْ فِی التَّنُّورِ مَعَ وُلْدِهَا.
ص: 163
و أما امرأة فرعون آسیة فكانت من بنی إسرائیل و كانت مؤمنة مخلصة و كانت تعبد اللّٰه سرا و كانت علی ذلك أن قتل فرعون امرأة حزبیل فعاینت حینئذ الملائكة یعرجون بروحها لما أراد اللّٰه تعالی بها من الخیر فزادت یقینا و إخلاصا و تصدیقا فبینا هی كذلك إذ دخل علیها فرعون یخبرها بما صنع بها فقالت الویل لك یا فرعون ما أجرأك علی اللّٰه جل و علا فقال لها لعلك قد اعتراك الجنون الذی اعتری صاحبتك فقالت ما اعترانی جنون لكن آمنت باللّٰه تعالی ربی و ربك و رب العالمین فدعا فرعون أمها فقال لها إن ابنتك أخذها الجنون فأقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن بإله موسی فخلت بها أمها فسألتها موافقة (1)فیما أراد فأبت و قالت أما أن أكفر باللّٰه فلا و اللّٰه لا أفعل ذلك أبدا فأمر بها فرعون حتی مدت بین أربعة أوتاد ثم لا زالت تعذب حتی ماتت كما قال اللّٰه سبحانه وَ فِرْعَوْنَ ذِی الْأَوْتادِ و عن ابن عباس قال أخذ فرعون امرأته آسیة حین تبین له إسلامها یعذبها لتدخل فی دینه فمر بها موسی و هو یعذبها فشكت إلیه بإصبعها فدعا اللّٰه موسی أن یخفف عنها فلم تجد للعذاب مسا و إنها ماتت من عذاب فرعون لها (2)فقالت و هی فی العذاب رَبِّ ابْنِ لِی عِنْدَكَ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ و أوحی اللّٰه إلیها أن ارفعی رأسك ففعلت فأریت البیت (3)فی الجنة بنی لها من در فضحكت فقال فرعون انظروا إلی الجنون الذی بها تضحك و هی فی العذاب انتهی. (4)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِینَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ هی آسیة بنت مزاحم قیل إنها لما عاینت المعجز من عصا موسی و غلبت السحرة أسلمت فلما ظهر لفرعون إیمانها نهاها فأبت فأوتد یدیها و رجلیها بأربعة أوتاد و ألقاها فی الشمس
ص: 164
ثم أمر أن یلقی علیها صخرة عظیمة فلما قربت أجلها قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِی عِنْدَكَ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ فرفعها اللّٰه تعالی إلی الجنة فهی فیها تأكل و تشرب عن الحسن و ابن كیسان و قیل إنها أبصرت بیتها فی الجنة من درة و انتزع اللّٰه روحها فألقیت الصخرة علی جسدها و لیس فیه روح فلم تجد ألما من عذاب فرعون و قیل إنها كانت تعذب بالشمس و إذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة و جعلت تری بیتها فی الجنة عن سلمان. (1).
الآیات؛
البقرة: «وَ ظَلَّلْنا عَلَیْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَیْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوی كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ* وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْیَةَ فَكُلُوا مِنْها حَیْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطایاكُمْ وَ سَنَزِیدُ الْمُحْسِنِینَ* فَبَدَّلَ الَّذِینَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَیْرَ الَّذِی قِیلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ* وَ إِذِ اسْتَسْقی مُوسی لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَیْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ* وَ إِذْ قُلْتُمْ یا مُوسی لَنْ نَصْبِرَ عَلی طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ یُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها قالَ أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِی هُوَ أَدْنی بِالَّذِی هُوَ خَیْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَ ضُرِبَتْ عَلَیْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا یَكْفُرُونَ بِآیاتِ اللَّهِ وَ یَقْتُلُونَ النَّبِیِّینَ بِغَیْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا یَعْتَدُونَ»(57-61)
المائدة: «وَ إِذْ قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ یا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِیكُمْ أَنْبِیاءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَ آتاكُمْ ما لَمْ یُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ* یا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلی أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِینَ* قالُوا یا مُوسی إِنَّ فِیها قَوْما
ص: 165
جَبَّارِینَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّی یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ *قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِینَ یَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمَا ادْخُلُوا عَلَیْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ *وَ عَلَی اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ* قالُوا یا مُوسی إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِیها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ* قالَ رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِی وَ أَخِی فَافْرُقْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ* قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَیْهِمْ أَرْبَعِینَ سَنَةً یَتِیهُونَ فِی الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَی الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ»(20-26)
الأعراف: «وَ جاوَزْنا بِبَنِی إِسْرائِیلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلی قَوْمٍ یَعْكُفُونَ عَلی أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا یا مُوسَی اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ* إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِیهِ وَ باطِلٌ ما كانُوا یَعْمَلُونَ *قالَ أَ غَیْرَ اللَّهِ أَبْغِیكُمْ إِلهاً وَ هُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَی الْعالَمِینَ* وَ إِذْ أَنْجَیْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ یَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ یُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَ یَسْتَحْیُونَ نِساءَكُمْ وَ فِی ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِیمٌ»(138-141)
(و قال تعالی): «وَ مِنْ قَوْمِ مُوسی أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ* وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَ أَوْحَیْنا إِلی مُوسی إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَیْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَ ظَلَّلْنا عَلَیْهِمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَیْهِمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوی كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ* وَ إِذْ قِیلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْیَةَ وَ كُلُوا مِنْها حَیْثُ شِئْتُمْ وَ قُولُوا حِطَّةٌ وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِیئاتِكُمْ سَنَزِیدُ الْمُحْسِنِینَ* فَبَدَّلَ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَیْرَ الَّذِی قِیلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا یَظْلِمُونَ»(159-162)
تفسیر قوله تعالی: وَ ظَلَّلْنا عَلَیْكُمُ الْغَمامَ قال الطبرسی رحمه اللّٰه: أی جعلنا لكم الغمام ظلة و سترة تقیكم حر الشمس فی التیه وَ أَنْزَلْنا عَلَیْكُمُ الْمَنَّ هو الذی یعرفه الناس یسقط علی الشجر و قیل إنه شی ء كالصمغ كان یقع علی الأشجار طعمه كالزبد و العسل و قیل إنه الخبز المرقق و قیل إنه جمیع النعم التی أتتهم مما من اللّٰه به علیهم بلا تعب (1)
ص: 166
وَ السَّلْوی قیل هو السمانی (1)و قیل طائر أبیض یشبه السمانی كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ أی قلنا لهم كلوا من الشهی اللذیذ و قیل المباح الحلال و قیل المباح الذی یستلذ أكله وَ ما ظَلَمُونا أی فكفروا هذه النعمة و ما نقصونا بكفرانهم أنعمنا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ ینقصون و قیل أی ما ضرونا و لكن كانوا أنفسهم یضرون و كان سبب إنزال المن و السلوی علیهم أنه لما ابتلاهم اللّٰه بالتیه إذ قالوا لموسی فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ حین أمرهم بالمسیر إلی بیت المقدس و حرب العمالقة بقوله ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فوقعوا فی التیه فصاروا كلما ساروا تاهوا فی قدر خمسة فراسخ أو ستة و كلما أصبحوا ساروا غادین فأمسوا فإذا هم فی مكانهم الذی ارتحلوا منه كذلك حتی تمت المدة و بقوا فیها أربعین سنة و فی التیه توفی موسی و هارون ثم خرج یوشع بن نون و قیل كان اللّٰه یرد الجانب الذی انتهوا إلیه من الأرض إلی الجانب الذی ساروا منه فكانوا یضلون علی الطریق لأنهم كانوا خلقا عظیما فلا یجوز أن یضلوا كلهم عن الطریق فی هذه المدة المدیدة و فی هذا المقدار من الأرض و لما حصلوا فی التیه ندموا علی ما فعلوه فألطف اللّٰه بهم بالغمام لما شكوا حر الشمس و أنزل علیهم المن من وقت طلوع الفجر إلی طلوع الشمس و كانوا یأخذون منها ما یكفیهم لیومهم.
وَ قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ كَانَ یَنْزِلُ الْمَنُّ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ بَعْدِ الْفَجْرِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ فَمَنْ نَامَ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ یَنْزِلْ نَصِیبُهُ فَلِذَلِكَ یُكْرَهُ النَّوْمُ فِی هَذَا الْوَقْتِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ.
. و قال ابن جریح و كان الرجل منهم إن أخذ من المن و السلوی زیادة علی طعام یوم واحد فسد إلا یوم الجمعة فإنهم إذا أخذوا طعام یومین لم یفسد و كانوا یأخذون منها ما یكفیهم لیوم الجمعة و السبت لأنه كان لا یأتیهم یوم السبت و كانوا یخبزونه مثل القرصة و یوجد له طعم كالشهد المعجون بالسمن و كان اللّٰه تعالی یبعث لهم السحاب بالنهار فیدفع عنهم حر الشمس و كان ینزل علیهم فی اللیل من السماء عمود من نور یضی ء لهم مكان السراج و إذا ولد فیهم مولود یكون علیه ثوب یطول بطوله كالجلد حَیْثُ شِئْتُمْ أی
ص: 167
أنی شئتم (1)رَغَداً أی موسعا علیكم مستمتعین بما شئتم من طعام القریة و قیل إن هذه إباحة منه لغنائمها و تملك أموالها وَ قُولُوا حِطَّةٌ (2).
رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: نَحْنُ بَابُ حِطَّتِكُمْ (3).
. وَ سَنَزِیدُ الْمُحْسِنِینَ علی ما یستحقونه من الثواب تفضلا وَ إِذِ اسْتَسْقی مُوسی أی فی التیه لما شكوا إلیه الظماء فأوحی اللّٰه تعالی إلیه أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ و هو عصاه المعروف الْحَجَرَ أی أی حجر كان أو حجر مخصوص و سیأتی ذكر الأقوال فیه قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ أی كل سبط موضع شربهم كُلُوا وَ اشْرَبُوا أی قلنا لهم كلوا و اشربوا وَ لا تَعْثَوْا أی لا تسعوا فی الأرض فسادا(4).
و قال البیضاوی و من أنكر أمثال هذه المعجزات فلغایة جهله باللّٰه و قلة تدبره فی عجائب صنعه فإنه لما أمكن أن یكون من الأحجار ما یحلق الشعر و ینفر الخل (5)و یجذب الحدید لم یمتنع أن یخلق اللّٰه حجرا یسخره لجذب الماء من تحت الأرض أو لجذب الهواء من الجوانب و تصییره ماء بقوة التبرید عَلی طَعامٍ واحِدٍ یرید به ما رزقوا فی التیه من المن و السلوی و بوحدته أنها لا تختلف و لا تتبدل الَّذِی هُوَ أَدْنی أی أدون قدرا (6).
إِذْ جَعَلَ فِیكُمْ أَنْبِیاءَ إذ لم یبعث فی أمة ما بعث فی بنی إسرائیل من الأنبیاء وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً أی و جعل منكم أو فیكم و قد تكاثر فیهم الملوك تكاثر الأنبیاء بعد فرعون و قیل لما كانوا مملوكین فی أیدی القبط فأنقذهم و جعلهم مالكین لأنفسهم و أمورهم سماهم ملوكا وَ آتاكُمْ ما لَمْ یُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ من فلق البحر و تظلیل الغمام و المن و السلوی و نحوها و قیل أی عالمی زمانهم.
یا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ أرض بیت المقدس لكونها قرار الأنبیاء و مسكن
ص: 168
المؤمنین و قیل الطور و ما حوله و قیل دمشق و فلسطین و بعض الأردن و قیل الشام. (1)الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ قال الطبرسی أی كتب لكم فی اللوح أنها لكم و قیل أی وهب اللّٰه لكم و قیل أمركم اللّٰه بدخولها فإن قیل كیف كتب اللّٰه لهم مع قوله فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَیْهِمْ فجوابه أنها كانت هبة من اللّٰه لهم ثم حرمها علیهم و قیل الذین كتب لهم هم الذین كانوا مع یوشع بعد موت موسی بشهرین وَ لا تَرْتَدُّوا عَلی أَدْبارِكُمْ أی لا ترجعوا عن الأرض التی أمرتم بدخولها أو عن طاعة اللّٰه.
- قال المفسرون لما عبر موسی و بنو إسرائیل البحر و هلك فرعون أمرهم اللّٰه بدخول الأرض المقدسة فلما نزلوا عند نهر الأردن خافوا من الدخول فبعث موسی علیه السلام من كل سبط رجلا و هم الذین ذكرهم اللّٰه سبحانه فی قوله وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً فعاینوا من عظم شأنهم و قوتهم شیئا عجیبا فرجعوا إلی بنی إسرائیل فأخبروا موسی علیه السلام بذلك فأمرهم أن یكتموا ذلك فوفی اثنان منهم یوشع بن نون من سبط بنیامین و قیل إنه كان من سبط یوسف و كالب بن یوفنا من سبط یهودا و عصی العشرة و أخبروا بذلك و قیل كتم خمسة منهم و أظهر الباقون و فشا الخبر فی الناس فقالوا إن دخلنا علیهم تكون نساؤنا و أهالینا غنیمة لهم و هموا بالانصراف إلی مصر و هموا بیوشع و كالب و أرادوا أن یرجموهما بالحجارة فاغتاظ لذلك موسی علیه السلام و قال رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِی وَ أَخِی فأوحی اللّٰه إلیه أنهم یتیهون فی الأرض أربعین سنة و إنما یخرج منهم من لم یعص اللّٰه فی ذلك فبقوا فی التیه أربعین سنة فی ستة عشر فرسخا و قیل تسعة فراسخ و قیل ستة فراسخ و هم ستمائة ألف مقاتل لا تنخرق ثیابهم و تنبت معهم و ینزل علیهم المن و السلوی و مات النقباء غیر یوشع بن نون و كالب و مات أكثرهم و نشأ ذراریهم فخرجوا إلی حرب أریحا (2)و فتحوها و اختلفوا فیمن فتحها فقیل فتحها موسی
ص: 169
و یوشع علی مقدمته و قیل فتحها یوشع و كان قد توفی موسی و بعثه اللّٰه نبیا و روی أنهم كانوا فی المحاربة إذ غابت الشمس فدعا یوشع فرد اللّٰه علیهم الشمس حتی فتحوا أریحا و قیل كان وفاة موسی و هارون فی التیه و توفی هارون قبل موسی بسنة و كان عمر موسی مائة و عشرین سنة فی ملك أفریدون و منوچهر و كان عمر یوشع مائة و ستا و عشرین سنة و بقی بعد وفاته مدبرا لأمر بنی إسرائیل سبعا و عشرین سنة قالُوا یعنی بنی إسرائیل إِنَّ فِیها أی فی الأرض المقدسة قَوْماً جَبَّارِینَ شدیدی البأس و البطش و الخلق قال ابن عباس بلغ من جبریة هؤلاء القوم أنه لما بعث موسی النقباء رآهم رجل من الجبارین یقال له عوج فأخذهم فی كمه مع فاكهة كان حملها من بستانه و أتی بهم الملك فنثرهم بین یدیه و قال للملك تعجبا منهم هؤلاء یریدون قتالنا فقال الملك ارجعوا إلی صاحبكم فأخبروه خبرنا قال مجاهد و كانت فاكهتهم لا یقدر علی حمل عنقود منها خمسة رجال بالخشب و یدخل فی قشر نصف رمانة خمسة رجال و إن موسی كان طوله عشرة أذرع و له عصا طولها عشرة أذرع و نزا من الأرض مثل ذلك بلغ كعب عوج بن عنق فقتله و قیل كان طول سریره ثمانمائة ذراع.
وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها یعنی لقتالهم فَإِنْ یَخْرُجُوا یعنی الجبارین قالَ رَجُلانِ هما یوشع و كالب (1)و قیل رجلان كانا من مدینة الجبارین و كانا علی دین موسی فلما بلغهما خبر موسی جاءاه فاتبعاه مِنَ الَّذِینَ یَخافُونَ اللّٰه تعالی أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمَا بالإسلام و قیل یخافون الجبارین أی لم یمنعهم الخوف من الجبارین أن قالوا الحق أنعم اللّٰه علیهما بالتوفیق للطاعة ادْخُلُوا یا بنی إسرائیل عَلَیْهِمُ علی الجبارین الْبابَ باب مدینتهم و إنما علما أنهم یظفرون بهم لما أخبر به موسی علیه السلام من وعد اللّٰه تعالی بالنصر و قیل لما رأوه من إلقاء الرعب فی قلوب الجبارین إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أی هذه المدینة إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ إلی أن تظفر بهم و ترجع إلینا فحینئذ ندخل إِلَّا نَفْسِی أی لا أملك إلا
ص: 170
تصریف نفسی فی طاعتك وَ أَخِی أی و أخی كذلك لا یملك إلا نفسه أو لا أملك أیضا إلا أخی لأنه یجیبنی إذا دعوت فَافْرُقْ أی فافصل بَیْنَنا و بینهم بحكمك فَإِنَّها أی الأرض المقدسة مُحَرَّمَةٌ عَلَیْهِمْ تحریم منع و قیل تحریم تعبد یَتِیهُونَ أی یتحیرون فی المسافة التی بینهم و بینها لا یهتدون إلی الخروج منها و قال أكثر المفسرین إن موسی و هارون كانا معهم فی التیه و قیل لم یكونا فیه لأن التیه عذاب و عذبوا عن كل یوم عبدوا فیه العجل سنة و الأنبیاء لا یعذبون قال الزجاج إن كانا فی التیه فجائز أن یكون اللّٰه سهل علیهما ذلك كما سهل علی إبراهیم النار فجعلها علیه بردا و سلاما.
و متی قیل كیف یجوز علی عقلاء كثیرین أن یسیروا فی فراسخ یسیرة فلا یهتدوا للخروج منها فالجواب عنه من وجهین أحدهما أن یكون ذلك بأن تحول الأرض التی هم علیها إذا ناموا و ردوا إلی المكان الذی ابتدءوا منه.
و الآخر أن یكون بالأسباب المانعة عن الخروج عنها إما بأن تمحی العلامات التی یستدل بها أو بأن یلقی شبه بعضها علی بعض و یكون ذلك معجزا خارقا للعادة.
و قال قتادة لم یدخل بلد الجبارین أحد من القوم إلا یوشع و كالب بعد موت موسی بشهرین و إنما دخلها أولادهم معهما فَلا تَأْسَ عَلَی الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ أی لا تحزن علی هلاكهم لفسقهم. (1)یَعْكُفُونَ عَلی أَصْنامٍ لَهُمْ أی یقبلون علیها ملازمین لها مقیمین عندها یعبدونها قال قتادة كان أولئك القوم من لخم (2)و كانوا نزولا بالرقة (3)و قال ابن جریح كانت تماثیل بقر (4)و ذلك أول شأن العجل إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ
ص: 171
ربكم و عظمته أو نعمة ربكم فیما صنع بكم مُتَبَّرٌ أی مدمر مهلك ما هُمْ فِیهِ من عبادة الأصنام أَبْغِیكُمْ أی ألتمس لكم عَلَی الْعالَمِینَ أی علی عالمی زمانكم و قیل أی خصكم بفضائل لم یعطها أحدا غیركم و هو أن أرسل إلیكم رجلین منكم لتكونوا أقرب إلی القبول و خلصكم من أذی فرعون و قومه علی أعجب وجه وَ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَ دِیارَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ (1)وَ مِنْ قَوْمِ مُوسی أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ أی جماعة یدعون إلی الحق وَ بِهِ یَعْدِلُونَ أی و بالحق یحكمون و یعدلون فی حكمهم و اختلف فیهم علی أقوال أحدها أنهم قوم من وراء الصین لم یغیروا و لم یبدلوا و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام.
قالوا و لیس لأحد منهم مال دون صاحبه یمطرون باللیل و یضحون بالنهار و یزرعون لا یصل إلیهم منا أحد و لا منهم إلینا و هم علی الحق.
قال ابن جریح بلغنی أن بنی إسرائیل لما قتلوا أنبیاءهم و كفروا و كانوا اثنی عشر سبطا تبرأ سبط منهم مما صنعوا و اعتذروا و سألوا اللّٰه أن یفرق بینهم و بینهم ففتح اللّٰه لهم نفقا (2)فی الأرض فساروا فیه سنة و نصف سنة حتی خرجوا من وراء الصین فهم هناك حنفاء مسلمون یستقبلون قبلتنا.
و قیل
- إن جبرئیل انطلق بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله لیلة المعراج إلیهم فقرأ علیهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة فآمنوا به و صدقوه و أمرهم أن یقیموا مكانهم و یتركوا السبت و أمرهم بالصلاة و الزكاة و لم تكن نزلت فریضة غیرهما ففعلوا.
- و روی أصحابنا أنهم یخرجون مع قائم آل محمد علیهم السلام.
- و روی أن ذا القرنین رآهم (3)فقال لو أمرت بالمقام لسرنی أن أقیم بین أظهركم.
ص: 172
و ثانیها أنهم قوم من بنی إسرائیل تمسكوا بالحق و بشریعة موسی علیه السلام فی وقت ضلالة القوم و قتلهم أنبیاءهم و كان ذلك قبل نسخ شریعتهم بشریعة عیسی علیه السلام فالتقدیر كانوا یهدون.
و ثالثها أنهم الذین آمنوا بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله مثل عبد اللّٰه بن سلام و ابن صوریا و غیرهما
- و فی حدیث أبی حمزة الثمالی و الحكم بن ظهیر أن موسی لما أخذ الألواح قال رب إنی أجد فی الألواح أمة هی خیر أمة أخرجت للناس یأمرون بالمعروف و ینهون عن المنكر فاجعلهم أمتی قال تلك أمة أحمد قال رب إنی أجد فی الألواح أمة هم الآخرون فی الخلق السابقون فی دخول الجنة فاجعلهم أمتی قال تلك أمة أحمد قال رب إنی أجد فی الألواح أمة كتبهم فی صدورهم یقرءونها فاجعلهم أمتی قال تلك أمة أحمد قال رب إنی أجد فی الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم یعملها كتبت له حسنة و إن عملها كتب له عشر أمثالها و إن هم بسیئة و لم یعملها لم یكتب علیه و إن عملها كتبت علیه سیئة واحدة فاجعلهم أمتی قال تلك أمة أحمد قال رب إنی أجد فی الألواح أمة یؤمنون بالكتاب الأول و الكتاب الآخر و یقاتلون الأعور الكذاب فاجعلهم أمتی قال تلك أمة أحمد قال رب إنی أجد فی الألواح أمة هم الشافعون و هم المشفوع لهم فاجعلهم أمتی قال تلك أمة أحمد قال موسی رب اجعلنی من أمة أحمد قال أبو حمزة فأعطی موسی آیتین لم یعطوها یعنی أمة أحمد.
قال اللّٰه یا موسی إِنِّی اصْطَفَیْتُكَ عَلَی النَّاسِ بِرِسالاتِی وَ بِكَلامِی و قال وَ مِنْ قَوْمِ مُوسی أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ قال فرضی موسی كل الرضا.
وَ فِی حَدِیثِ غَیْرِ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قَرَأَ وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ هَذِهِ لَكُمْ وَ قَدْ أَعْطَی اللَّهُ قَوْمَ مُوسَی مِثْلَهَا.
وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً أی و فرقنا بنی إسرائیل اثنتی عشرة فرقة أَسْباطاً یعنی أولاد یعقوب علیه السلام فإنهم كانوا اثنی عشر و كان لكل واحد منهم أولاد و نسل فصار كل فرقة منهم سبطا و أمة و إنما جعلهم سبحانه أمما لیتمیزوا فی مشربهم و مطعمهم و یرجع كل أمة منهم إلی رئیسهم فیخف الأمر علی موسی و لا یقع بینهم
ص: 173
اختلاف و تباغض فَانْبَجَسَتْ الانبجاس خروج الماء الجاری بقلة و الانفجار خروجه بكثرة و كان یبتدئ الماء من الحجر بقلة ثم یتسع حتی یصیر إلی الكثرة (1).
«1»-فس، تفسیر القمی وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً یَعْنِی فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمْ یَجْمَعِ اللَّهُ لَهُمُ النُّبُوَّةَ وَ الْمُلْكَ فِی بَیْتٍ وَاحِدٍ ثُمَّ جَمَعَ اللَّهُ ذَلِكَ لِنَبِیِّهِ (2)قَوْلُهُ وَ قَطَّعْناهُمُ أَیْ مَیَّزْنَاهُمْ (3).
«2»-فس، تفسیر القمی وَ ظَلَّلْنا عَلَیْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَیْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوی الْآیَةَ فَإِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمَّا عَبَرَ بِهِمْ مُوسَی الْبَحْرَ نَزَلُوا فِی مَفَازَةٍ فَقَالُوا یَا مُوسَی أَهْلَكْتَنَا وَ قَتَلْتَنَا وَ أَخْرَجْتَنَا مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَی مَفَازَةٍ لَا ظِلَّ وَ لَا شَجَرَ وَ لَا مَاءَ وَ كَانَتْ تَجِی ءُ بِالنَّهَارِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُمْ مِنَ الشَّمْسِ وَ یَنْزِلُ عَلَیْهِمْ بِاللَّیْلِ الْمَنُّ فَیَقَعُ عَلَی النَّبَاتِ وَ الشَّجَرِ وَ الْحَجَرِ فَیَأْكُلُونَهُ وَ بِالْعَشِیِّ یَجِی ءُ طَائِرٌ مَشْوِیٌّ فَیَقَعُ عَلَی مَوَائِدِهِمْ وَ إِذَا أَكَلُوا وَ شَبِعُوا طَارَ وَ مَرَّ وَ كَانَ مَعَ مُوسَی حَجَرٌ یَضَعُهُ فِی وَسَطِ الْعَسْكَرِ ثُمَّ یَضْرِبُهُ بِعَصَاهُ فَتَنْفَجِرُ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَیْناً كَمَا حَكَی اللَّهُ فَیَذْهَبُ الْمَاءُ إِلَی كُلِّ سِبْطٍ فِی رَحْلِهِ وَ كَانُوا اثْنَیْ عَشَرَ سِبْطاً فَلَمَّا طَالَ عَلَیْهِمُ الْأَمَدُ قَالُوا یا مُوسی لَنْ نَصْبِرَ عَلی طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ یُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها وَ الْفُومُ هِیَ الْحِنْطَةُ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِی هُوَ أَدْنی بِالَّذِی هُوَ خَیْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ فَقَالُوا یا مُوسی إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّی یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ فَنِصْفُ الْآیَةِ فِی سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَ تَمَامُهَا وَ جَوَابُهَا لِمُوسَی فِی سُورَةِ الْمَائِدَةِ قَوْلُهُ وَ قُولُوا حِطَّةٌ أَیْ حُطَّ عَنَّا ذُنُوبَنَا فَبَدَّلُوا ذَلِكَ وَ قَالُوا حِنْطَةٌ وَ قَالَ اللَّهُ فَبَدَّلَ الَّذِینَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَیْرَ الَّذِی قِیلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ حَقَّهُمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ (4).
بیان: قال البیضاوی الفوم الحنطة و یقال للخبز و قیل الثوم (5)و قال
ص: 174
الفیروزآبادی الفوم بالضم الثوم و الحنطة و الحمص و الخبز و سائر الحبوب التی تخبز.
«3»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ یا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ نَزَلَ لَمَّا قَالُوا لَنْ نَصْبِرَ عَلی طَعامٍ واحِدٍ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ فَقَالُوا إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّی یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ فَنِصْفُ الْآیَةِ هَاهُنَا وَ نِصْفُهَا فِی سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَلَمَّا قَالُوا لِمُوسَی إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّی یَخْرُجُوا مِنْها فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی لَا بُدَّ أَنْ تَدْخُلُوهَا فَقَالُوا لَهُ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ فَأَخَذَ مُوسَی بِیَدِ هَارُونَ وَ قَالَ كَمَا حَكَی اللَّهُ إِنِّی لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِی وَ أَخِی یَعْنِی هَارُونَ فَافْرُقْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنَا الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ (1)فَقَالَ اللَّهُ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَیْهِمْ أَرْبَعِینَ سَنَةً یَعْنِی مِصْرَ أَنْ یَدْخُلُوهَا أَرْبَعِینَ سَنَةً یَتِیهُونَ فِی الْأَرْضِ فَلَمَّا أَرَادَ مُوسَی أَنْ یُفَارِقَهُمْ فَزِعُوا وَ قَالُوا إِنْ خَرَجَ مُوسَی مِنْ بَیْنِنَا نَزَلَ عَلَیْنَا الْعَذَابُ فَفَزِعِوا إِلَیْهِ وَ سَأَلُوهُ أَنْ یُقِیمَ مَعَهُمْ وَ یَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ قَدْ تُبْتُ عَلَیْهِمْ (2)عَلَی أَنْ یَدْخُلُوا مِصْراً وَ حَرَّمْتُهَا عَلَیْهِمْ أَرْبَعِینَ سَنَةً یَتِیهُونَ فِی الْأَرْضِ عُقُوبَةً لِقَوْلِهِمْ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا فَدَخَلُوا كُلُّهُمْ فِی التَّوْبَةِ (3)وَ التِّیهِ إِلَّا قَارُونَ فَكَانُوا یَقُومُونَ فِی أَوَّلِ اللَّیْلِ وَ یَأْخُذُونَ فِی قِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ فَإِذَا أَصْبَحُوا عَلَی بَابِ مِصْرَ دَارَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ فَرَدَّتْهُمْ إِلَی مَكَانِهِمْ وَ كَانَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مِصْرَ أَرْبَعُ فَرَاسِخَ فَبَقُوا عَلَی ذَلِكَ أَرْبَعِینَ سَنَةً فَمَاتَ هَارُونُ وَ مُوسَی فِی التِّیهِ وَ دَخَلَهَا أَبْنَاؤُهُمْ وَ أَبْنَاءُ أَبْنَائِهِمْ (4).
بیان: تفسیر الأرض المقدسة بمصر خلاف ما أجمع علیه المفسرون و المؤرخون
ص: 175
كما سیأتی و أما قوله تعالی اهْبِطُوا مِصْراً فقیل أراد مصر فرعون الذی خرجوا منه و قیل بیت المقدس و قیل أراد مصرا من الأمصار یعنی أن ما تسألونه إنما یكون فی الأمصار كما سیجی ء فی الأخبار و قوله إلا قارون أی أنه لم یدخل فی التوبة و سیأتی شرحه و تمام القصة فی باب قصص قارون.
«4»-فس، تفسیر القمی وَ جاوَزْنا بِبَنِی إِسْرائِیلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلی قَوْمٍ یَعْكُفُونَ عَلی أَصْنامٍ لَهُمْ فَإِنَّهُ لَمَّا غَرَّقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابَهُ وَ عَبَرَ مُوسَی وَ أَصْحَابُهُ الْبَحْرَ نَظَرَ أَصْحَابُ مُوسَی إِلَی قَوْمٍ یَعْكُفُونَ عَلَی أَصْنَامٍ لَهُمْ فَقَالُوا لِمُوسَی یا مُوسَی اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ فَقَالَ مُوسَی إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِیهِ وَ باطِلٌ ما كانُوا یَعْمَلُونَ قالَ أَ غَیْرَ اللَّهِ أَبْغِیكُمْ إِلهاً وَ هُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَی الْعالَمِینَ إِلَی قَوْلِهِ وَ فِی ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِیمٌ وَ هُوَ مُحْكَمٌ (1).
أَقُولُ (2)رَوَی الثَّعْلَبِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ (3)قَالَ: جَاءَ یَهُودِیٌّ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ مَا صَبَرْتُمْ بَعْدَ نَبِیِّكُمْ إِلَّا (4)خَمْساً وَ عِشْرِینَ سَنَةً حَتَّی قَتَلَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً قَالَ بَلَی وَ لَكِنْ مَا جَفَّ أَقْدَامُكُمْ مِنَ الْبَحْرِ حَتَّی قُلْتُمْ یا مُوسَی اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ (5).
«5»-ختص، الإختصاص ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا انْتَهَی بِهِمْ إِلَی الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ قَالَ لَهُمْ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ إِلَی قَوْلِهِ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ قَالُوا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ قالَ رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِی وَ أَخِی فَافْرُقْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ فَلَمَّا
ص: 176
أَبَوْا أَنْ یَدْخُلُوهَا حَرَّمَهَا اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَتَاهُوا فِی أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ أَرْبَعِینَ سَنَةً یَتِیهُونَ فِی الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَی الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانُوا إِذَا أَمْسَوْا نَادَی مُنَادِیهِمْ أَمْسَیْتُمُ الرَّحِیلَ (1)فَیَرْتَحِلُونَ بِالْحُدَاءِ وَ الرَّجَزِ (2)حَتَّی إِذَا أَسْحَرُوا أَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ فَدَارَتْ بِهِمْ فَیُصْبِحُونَ فِی مَنْزِلِهِمُ الَّذِی ارْتَحَلُوا مِنْهُ فَیَقُولُونَ قَدْ أَخْطَأْتُمُ الطَّرِیقَ فَمَكَثُوا بِهَذَا أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ نَزَلَ عَلَیْهِمُ الْمَنُّ وَ السَّلْوَی حَتَّی هَلَكُوا جَمِیعاً إِلَّا رَجُلَیْنِ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ كَالِبَ بْنَ یُوفَنَّا وَ أَبْنَاءَهُمْ وَ كَانُوا یَتِیهُونَ فِی نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ یَرْتَحِلُوا ثَبَتَ ثِیَابُهُمْ عَلَیْهِمْ وَ خِفَافُهُمْ (3)قَالَ وَ كَانَ مَعَهُمْ حَجَرٌ إِذَا نَزَلُوا ضَرَبَهُ مُوسَی بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَیْناً لِكُلِّ سِبْطٍ عَیْنٌ فَإِذَا ارْتَحَلُوا رَجَعَ الْمَاءُ فَدَخَلَ فِی الْحَجَرِ وَ وَضَعَ الْحَجَرَ عَلَی الدَّابَّةِ (4).
«6»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا انْتَهَی بِهِمْ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِلَی الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ قَالَ لَهُمُ ادْخُلُوا فَأَبَوْا أَنْ یَدْخُلُوهَا فَتَاهُوا فِی أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ كَانُوا إِذَا أَمْسَوْا نَادَی مُنَادِیهِمْ أَمْسَیْتُمُ الرَّحِیلَ حَتَّی إِذَا انْتَهَوْا إِلَی مِقْدَارِ مَا أَرَادُوا أَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ فَدَارَتْ بِهِمْ إِلَی مَنَازِلِهِمُ الْأُولَی فَیُصْبِحُونَ فِی مَنْزِلِهِمُ الَّذِی ارْتَحَلُوا مِنْهُ فَمَكَثُوا بِذَلِكَ أَرْبَعِینَ سَنَةً یَنْزِلُ عَلَیْهِمُ الْمَنُّ وَ السَّلْوَی فَهَلَكُوا فِیهَا أَجْمَعِینَ إِلَّا رَجُلَیْنِ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ كَالِبَ بْنَ یُوفَنَّا اللَّذَیْنِ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمَا وَ مَاتَ مُوسَی وَ هَارُونُ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ فَدَخَلَهَا
ص: 177
یُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ كَالِبٌ وَ أَبْنَاؤُهُمْ وَ كَانَ مَعَهُمْ حَجَرٌ كَانَ مُوسَی یَضْرِبُهُ بِعَصَاهُ فَیَنْفَجِرُ مِنْهُ الْمَاءُ لِكُلِّ سِبْطٍ عَیْنٌ (1).
«7»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ بَنُو إِسْرَائِیلَ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ حِینَ جَازَ بِهِمُ الْبَحْرَ خَبِّرْنَا یَا مُوسَی بِأَیِّ قُوَّةٍ وَ أَیِّ عِدَّةٍ وَ عَلَی أَیِّ حَمُولَةٍ نَبْلُغُ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ وَ مَعَكَ الذُّرِّیَّةُ وَ النِّسَاءُ وَ الْهَرْمَی وَ الزَّمْنَی فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مَا أَعْلَمُ قَوْماً وَرَّثَهُ اللَّهُ مِنْ عَرَضِ الدُّنْیَا مَا وَرَّثَكُمْ وَ لَا أَعْلَمُ أَحَداً آتَاهُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِی آتَاكُمْ فَمَعَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا یُحْصِیهِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَی وَ قَالَ مُوسَی سَیَجْعَلُ اللَّهُ لَكُمْ مَخْرَجاً فَاذْكُرُوهُ وَ رُدُّوا إِلَیْهِ أُمُورَكُمْ فَإِنَّهُ أَرْحَمُ بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ قَالُوا فَادْعُهُ یُطْعِمْنَا وَ یَسْقِنَا وَ یَكْسُنَا وَ یَحْمِلْنَا مِنَ الرِّجْلَةِ وَ یُظِلَّنَا مِنَ الْحَرِّ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی قَدْ أَمَرْتُ السَّمَاءَ أَنْ یُمْطِرَ عَلَیْهِمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوَی وَ أَمَرْتُ الرِّیحَ أَنْ یَشْوِیَ لَهُمُ السَّلْوَی وَ أَمَرْتُ الْحِجَارَةَ أَنْ تَنْفَجِرَ وَ أَمَرْتُ الْغَمَامَ أَنْ تُظِلَّهُمْ وَ سَخَّرْتُ ثِیَابَهُمْ أَنْ تَنْبُتَ بِقَدْرِ مَا یَنْبُتُونَ فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ مُوسَی ذَلِكَ سَكَتُوا فَسَارَ بِهِمْ مُوسَی فَانْطَلَقُوا یَؤُمُّونَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ وَ هِیَ فِلَسْطِینُ وَ إِنَّمَا قَدَّسَهَا لِأَنَّ یَعْقُوبَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وُلِدَ بِهَا وَ كَانَتْ مَسْكَنَ أَبِیهِ (2)إِسْحَاقَ وَ یُوسُفَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ وَ نُقِلُوا كُلُّهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَی أَرْضِ فِلَسْطِینَ (3).
«8»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ الطَّالَقَانِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ كَثِیرِ بْنِ عَیَّاشٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنِ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً إِنَّ ذَلِكَ حِینَ فَصَلَ مُوسَی مِنْ أَرْضِ التِّیهِ فَدَخَلُوا الْعُمْرَانَ وَ كَانَ بَنُو إِسْرَائِیلَ أَخْطَئُوا خَطِیئَةً فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ یُنْقِذَهُمْ مِنْهَا إِنْ تَابُوا فَقَالَ لَهُمْ إِذَا انْتَهَیْتُمْ إِلَی بَابِ الْقَرْیَةِ فَاسْجُدُوا وَ قُولُوا حِطَّةٌ تَنْحَطَّ عَنْكُمْ خَطَایَاكُمْ فَأَمَّا الْمُحْسِنُونَ فَفَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ وَ أَمَّا الَّذِینَ ظَلَمُوا فَزَعَمُوا حِنْطَةً حَمْرَاءَ فَبَدَّلُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی رِجْزاً.
بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْیَةَ فَكُلُوا
ص: 178
مِنْها حَیْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً أجمع المفسرون علی أن المراد بالقریة هاهنا بیت المقدس و یؤیده قوله فی موضع آخر ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ و قال ابن زید إنها أریحا قریة قرب بیت المقدس و كان فیها بقایا من قوم عاد فیهم عوج بن عنق و الباب قیل هو باب حطة من بیت المقدس و هو الباب الثامن عن مجاهد و قیل باب القبة التی یصلی إلیها موسی و بنو إسرائیل و قال قوم هو باب القریة التی أمروا بدخولها و قال الجبائی و الآیة علی باب القبة أدل لأنهم لم یدخلوا القریة فی حیاة موسی و آخر الآیة یدل علی أنهم كانوا یدخلون علی غیر ما أمروا به فی أیام موسی.
و قوله سُجَّداً قیل معناه ركعا و هو شدة الانحناء عن ابن عباس و قال غیره إن معناه ادخلوا خاضعین متواضعین و قیل معناه ادخلوا الباب فإذا دخلتموه فاسجدوا لله سبحانه شكرا عن وهب وَ قُولُوا حِطَّةٌ قال أكثر أهل العلم معناه حط عنا ذنوبنا و هو أمر بالاستغفار و قال ابن عباس أمروا أن یقولوا هذا الأمر حق و قال عكرمة أمروا أن یقولوا لا إله إلا اللّٰه لأنها تحط الذنوب و اختلف فی تبدیلهم فقیل إنهم قالوا بالسریانیة حطا سمقاثا (1)معناه حنطة حمراء فیها شعیرة و كان قصدهم فی ذلك الاستهزاء و مخالفة الأمر و قیل إنهم قالوا حنطة تجاهلا و استهزاء و كانوا أمروا أن یدخلوا الباب سجدا و طوطئ لهم الباب لیدخلوه كذلك فدخلوه زاحفین علی أستاههم قوله رِجْزاً أی عذابا و قال ابن زید هلكوا بالطاعون فمات منهم فی ساعة واحدة أربعة و عشرون ألفا من كبرائهم. (2).
«9»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أَنَّ رَأْسَ الْمَهْدِیِّ یُهْدَی إِلَی مُوسَی بْنِ عِیسَی عَلَی طَبَقٍ قُلْتُ فَقَدْ مَاتَ هَذَا وَ هَذَا (3)قَالَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فَلَمْ یَدْخُلُوهَا وَ دَخَلَهَا الْأَبْنَاءُ أَوْ قَالَ أَبْنَاءُ الْأَبْنَاءِ (4)فَكَانَ ذَلِكَ دُخُولَهُمْ
ص: 179
فَقُلْتُ أَ وَ تَرَی أَنَّ الَّذِی قَالَ فِی الْمَهْدِیِّ وَ فِی ابْنِ عِیسَی یَكُونُ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ نَعَمْ یَكُونُ فِی أَوْلَادِهِمْ (1)فَقُلْتُ مَا یُنْكَرُ أَنْ یَكُونَ مَا كَانَ فِی ابْنِ الْحَسَنِ یَكُونُ فِی وُلْدِهِ قَالَ لَیْسَ ذَاكَ مِثْلَ ذَا (2).
«10»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَرِیزٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ حَتَّی لَا تُخْطِئُونَ طَرِیقَهُمْ وَ لَا یُخْطِئُكُمْ سُنَّةُ بَنِی إِسْرَائِیلَ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ مُوسَی لِقَوْمِهِ یا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَدُّوا عَلَیْهِ وَ كَانُوا سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ فَقَالُوا یا مُوسی إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّی یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِینَ یَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمَا أَحَدُهُمَا یُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ الْآخَرُ كَالِبُ بْنُ یَافَنَّا قَالَ وَ هُمَا ابْنَا عَمِّهِ فَقَالا ادْخُلُوا عَلَیْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ إِلَی قَوْلِهِ إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ قَالَ فَعَصَی أَرْبَعُونَ أَلْفاً وَ سَلَّمَ هَارُونُ وَ ابْنَاهُ وَ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ كَالِبُ بْنُ یَافَنَّا فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ فَاسِقِینَ فَقَالَ فَلا تَأْسَ عَلَی الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ فَتَاهُوا أَرْبَعِینَ سَنَةً لِأَنَّهُمْ عَصَوْا فَكَانَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قُبِضَ لَمْ یَكُنْ عَلَی أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ سَلْمَانُ وَ الْمِقْدَادُ وَ أَبُو ذَرٍّ فَمَكَثُوا أَرْبَعِینَ حَتَّی قَامَ عَلِیٌّ فَقَاتَلَ مَنْ خَالَفَهُ (3).
بیان: القذة ریش السهم و قوله و سلم هارون أی التسلیم الكامل و لعله علیه السلام حسب الأربعین من زمان إظهار النبی صلی اللّٰه علیه و آله خلافة أمیر المؤمنین علیه السلام و إنكار المنافقین ذلك بقلوبهم حتی أظهروه بعد وفاته صلی اللّٰه علیه و آله.
«11»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ عَنْ قَوْلِهِ یا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ قَالَ كَتَبَهَا لَهُمْ ثُمَّ مَحَاهَا (4).
ص: 180
«12»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِی إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَ لَهُمْ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَلَمْ یَدْخُلُوهَا حَتَّی حَرَّمَهَا عَلَیْهِمْ وَ عَلَی أَبْنَائِهِمْ وَ إِنَّمَا دَخَلَهَا أَبْنَاءُ الْأَبْنَاءِ (1).
«13»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ أَ كَانَ كَتَبَهَا لَهُمْ قَالَ إِی وَ اللَّهِ لَقَدْ كَتَبَهَا لَهُمْ ثُمَّ بَدَا لَهُ لَا یَدْخُلُوهَا (2)قَالَ ثُمَّ ابْتَدَأَ هُوَ فَقَالَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ رَكْعَتَیْنِ عِنْدَ اللَّهِ فَجَعَلَهَا لِلْمُسَافِرِ وَ زَادَ لِلْمُقِیمِ رَكْعَتَیْنِ فَجَعَلَهَا أَرْبَعاً (3).
«14»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ قَالَ كَتَبَهَا لَهُمْ ثُمَّ مَحَاهَا ثُمَّ كَتَبَهَا لِأَبْنَائِهِمْ فَدَخَلُوهَا وَ اللَّهُ یَمْحُو ما یَشاءُ وَ یُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (4).
«15»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: ذَكَرَ أَهْلَ مِصْرَ وَ ذَكَرَ قَوْمَ مُوسَی وَ قَوْلَهُمْ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ فَحَرَّمَهَا اللَّهُ عَلَیْهِمْ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ تَیَّهَهُمْ فَكَانَ إِذَا كَانَ الْعِشَاءُ أَخَذُوا فِی الرَّحِیلِ وَ نَادَوُا الرَّحِیلَ الرَّحِیلَ الْوَحَا الْوَحَا (5) فَلَمْ یَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّی تَغِیبَ الشَّفَقُ حَتَّی إِذَا ارْتَحَلُوا وَ اسْتَوَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ قَالَ اللَّهُ لِلْأَرْضِ دِیرِی بِهِمْ فَلَمْ یَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّی إِذَا أَسْحَرُوا وَ قَارَبَ الصُّبْحُ قَالُوا إِنَّ هَذَا الْمَاءُ قَدْ أَتَیْتُمُوهُ فَانْزِلُوا فَإِذَا أَصْبَحُوا إِذَا أَبْنِیَتُهُمْ وَ مَنَازِلُهُمُ الَّتِی كَانُوا فِیهَا بِالْأَمْسِ فَیَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ یَا قَوْمِ لَقَدْ ضَلَلْتُمْ وَ أَخْطَأْتُمُ الطَّرِیقَ فَلَمْ یَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّی أَذِنَ اللَّهُ لَهُمْ فَدَخَلُوهَا وَ قَدْ كَانَ كَتَبَهَا لَهُمْ (6).
«16»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ نِعْمَ الْأَرْضُ الشَّامُ وَ بِئْسَ الْقَوْمُ أَهْلُهَا وَ بِئْسَ الْبِلَادُ مِصْرُ أَمَا إِنَّهَا سِجْنُ
ص: 181
مَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ لَمْ یَكُنْ دُخُولُ بَنِی إِسْرَائِیلَ مِصْرَ إِلَّا مِنْ سَخَطٍ وَ مَعْصِیَةٍ مِنْهُمْ لِلَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ یَعْنِی الشَّامَ فَأَبَوْا أَنْ یَدْخُلُوهَا فَتَاهُوا فِی الْأَرْضِ أَرْبَعِینَ سَنَةً فِی مِصْرَ وَ فَیَافِیهَا ثُمَّ دَخَلُوهَا بَعْدَ أَرْبَعِینَ سَنَةً قَالَ وَ مَا كَانَ خُرُوجُهُمْ مِنْ مِصْرَ وَ دُخُولُهُمُ الشَّامَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَوْبَتِهِمْ وَ رِضَی اللَّهِ عَنْهُمْ وَ قَالَ إِنِّی لَأَكْرَهُ أَنْ آكُلَ مِنْ شَیْ ءٍ طُبِخَ فِی فَخَّارِهَا وَ مَا أُحِبُّ أَنْ أَغْسِلَ رَأْسِی مِنْ طِینِهَا مَخَافَةَ أَنْ یُورِثَنِی تُرَابُهَا الذُّلَّ وَ یَذْهَبَ بِغَیْرَتِی (1).
«17»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ قَالَ كَانَ فِی عِلْمِهِ أَنَّهُمْ سَیَعْصُونَ وَ یَتِیهُونَ أَرْبَعِینَ سَنَةً ثُمَّ یَدْخُلُونَهَا بَعْدَ تَحْرِیمِهِ إِیَّاهَا عَلَیْهِمْ (2).
«18»-یب، تهذیب الأحكام قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ نَوْمَةُ الْغَدَاةِ مَشُومَةٌ تَطْرُدُ الرِّزْقَ وَ تُصَفِّرُ اللَّوْنَ وَ تُغَیِّرُهُ وَ تُقَبِّحُهُ وَ هُوَ نَوْمُ كُلِّ مَشُومٍ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُقَسِّمُ الْأَرْزَاقَ مَا بَیْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ إِیَّاكُمْ وَ تِلْكَ النَّوْمَةَ وَ كَانَ الْمَنُّ وَ السَّلْوَی یَنْزِلُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ فَمَنْ نَامَ تِلْكَ السَّاعَةَ لَمْ یَنْزِلْ نَصِیبُهُ وَ كَانَ إِذَا انْتَبَهَ فَلَا یَرَی نَصِیبَهُ احْتَاجَ إِلَی السُّؤَالِ وَ الطَّلَبِ (3).
«19»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ظَلَّلْنا عَلَیْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَیْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوی كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ قَالَ الْإِمَامُ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اذْكُرُوا یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ إِذْ ظَلَّلْنا عَلَیْكُمُ الْغَمامَ لَمَّا كُنْتُمْ فِی التِّیهِ تَقِیكُمْ حَرَّ الشَّمْسِ وَ بَرْدَ الْقَمَرِ وَ أَنْزَلْنا عَلَیْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوی الْمَنُّ التَّرَنْجَبِینُ كَانَ یَسْقُطُ عَلَی شَجَرِهِمْ فَیَتَنَاوَلُونَهُ وَ السَّلْوَی السُّمَانَی أَطْیَبُ طَیْرٍ لَحْماً یَسْتَرْسِلُ لَهُمْ فَیَصْطَادُونَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ اشْكُرُوا نِعْمَتِی وَ عَظِّمُوا مَنْ عَظَّمْتُهُ وَ وَقِّرُوا مَنْ وَقَّرْتُهُ مِمَّنْ أَخَذْتُ عَلَیْكُمُ الْعُهُودَ وَ الْمَوَاثِیقَ لَهُمْ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما ظَلَمُونا لَمَّا بَدَّلُوا وَ قَالُوا غَیْرَ مَا بِهِ أُمِرُوا وَ لَمْ یَفُوا بِمَا عَلَیْهِ عُوهِدُوا لِأَنَ
ص: 182
كُفْرَ الْكَافِرِ (1)لَا یَقْدَحُ فِی سُلْطَانِنَا وَ مَمَالِكِنَا كَمَا أَنَّ إِیمَانَ الْمُؤْمِنِ (2)لَا یَزِیدُ فِی سُلْطَانِنَا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ یَضُرُّونَ بِهَا لِكُفْرِهِمْ وَ تَبْدِیلِهِمْ ثُمَّ قَالَ (3)رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِبَادَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ بِاعْتِقَادِ وَلَایَتِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ لَا تُفَرِّقُوا بَیْنَنَا وَ انْظُرُوا كَیْفَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ حَیْثُ أَوْضَحَ لَكُمُ الْحُجَّةَ لِیُسَهِّلَ عَلَیْكُمْ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ ثُمَّ وَسَّعَ لَكُمْ فِی التَّقِیَّةِ لِتَسْلَمُوا مِنْ شُرُورِ الْخَلْقِ ثُمَّ إِنْ بَدَّلْتُمْ وَ غَیَّرْتُمْ عَرَضَ عَلَیْكُمُ التَّوْبَةَ وَ قَبِلَهَا مِنْكُمْ فَكُونُوا لِنَعْمَاءِ اللَّهِ مِنَ الشَّاكِرِینَ (4)ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْیَةَ إِلَی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ قَالَ الْإِمَامُ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اذْكُرُوا یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ إِذْ قُلْنَا لِأَسْلَافِكُمُ ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْیَةَ وَ هِیَ أَرِیحَا مِنْ بِلَادِ الشَّامِ وَ ذَلِكَ حِینَ خَرَجُوا مِنَ التِّیهِ فَكُلُوا مِنْها مِنَ الْقَرْیَةِ حَیْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَاسِعاً بِلَا تَعَبٍ وَ ادْخُلُوا الْبابَ الْقَرْیَةَ سُجَّداً مَثَّلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی الْبَابِ مِثَالَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یَسْجُدُوا تَعْظِیماً لِذَلِكَ الْمِثَالِ وَ أَنْ یُجَدِّدُوا عَلَی أَنْفُسِهِمْ بَیْعَتَهُمَا وَ ذِكْرَ مُوَالاتِهِمَا وَ لِیَذْكُرُوا الْعَهْدَ وَ الْمِیثَاقَ الْمَأْخُوذَیْنِ عَلَیْهِمْ لَهُمَا وَ قُولُوا حِطَّةٌ أَیْ قُولُوا إِنَّ سُجُودَنَا لِلَّهِ تَعْظِیماً لِمِثَالِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ اعْتِقَادُنَا لِوَلَایَتِهِمَا حِطَّةٌ لِذُنُوبِنَا وَ مَحْوٌ لِسَیِّئَاتِنَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی نَغْفِرْ لَكُمْ أَیْ بِهَذَا الْفِعْلِ خَطایاكُمْ السَّالِفَةَ وَ نُزِیلُ عَنْكُمْ آثَامَكُمُ الْمَاضِیَةَ وَ سَنَزِیدُ الْمُحْسِنِینَ مَنْ كَانَ فِیكُمْ (5)لَمْ یُقَارِفِ الذُّنُوبَ الَّتِی قَارَفَهَا مَنْ خَالَفَ الْوَلَایَةَ وَ ثَبَتَ عَلَی مَا أَعْطَی اللَّهُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ عَهْدِ الْوَلَایَةِ فَإِنَّا نَزِیدُهُمْ بِهَذَا الْفِعْلِ زِیَادَةَ دَرَجَاتٍ وَ مَثُوبَاتٍ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سَنَزِیدُ الْمُحْسِنِینَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَبَدَّلَ الَّذِینَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَیْرَ الَّذِی قِیلَ لَهُمْ أَیْ لَمْ یَسْجُدُوا كَمَا أُمِرُوا وَ لَا قَالُوا مَا أُمِرُوا وَ لَكِنْ دَخَلُوهَا مِنْ مُسْتَقْبِلِیهَا بِأَسْتَاهِهِمْ وَ قَالُوا هنطا سمقانا (6)أَیْ حِنْطَةٌ حَمْرَاءُ یُنَقُّونَهَا أَحَبُّ إِلَیْنَا مِنْ هَذَا الْفِعْلِ وَ هَذَا الْقَوْلِ قَالَ اللَّهُ
ص: 183
عَزَّ وَ جَلَّ فَأَنْزَلْنا عَلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا غَیَّرُوا وَ بَدَّلُوا مَا قِیلَ لَهُمْ وَ لَمْ یَنْقَادُوا لِوَلَایَةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ یَخْرُجُونَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ قَالَ وَ الرِّجْزُ الَّذِی أَصَابَهُمْ أَنَّهُ مَاتَ مِنْهُمْ بِالطَّاعُونِ فِی بَعْضِ یَوْمٍ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفاً وَ هُمْ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَی مِنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا یُؤْمِنُونَ وَ لَا یَتُوبُونَ وَ لَمْ یَنْزِلْ هَذَا الرِّجْزُ عَلَی مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ یَتُوبُ أَوْ یَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ ذُرِّیَّةٌ طَیِّبَةٌ یُوَحِّدُ (1)اللَّهَ وَ یُؤْمِنُ بِمُحَمَّدٍ وَ یَعْرِفُ الْوَلَایَةَ لِعَلِیٍّ وَصِیِّهِ وَ أَخِیهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ إِذِ اسْتَسْقی مُوسی لِقَوْمِهِ قَالَ وَ اذْكُرُوا یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ إِذِ اسْتَسْقَی مُوسَی لِقَوْمِهِ طَلَبَ لَهُمُ السَّقْیَ (2)لَمَّا لَحِقَهُمُ الْعَطَشُ فِی التِّیهِ وَ ضَجُّوا بِالْبُكَاءِ إِلَی مُوسَی وَ قَالُوا هَلَكْنَا بِالْعَطَشِ (3)فَقَالَ مُوسَی إِلَهِی بِحَقِّ مُحَمَّدٍ سَیِّدِ الْأَنْبِیَاءِ وَ بِحَقِّ عَلِیٍّ سَیِّدِ الْأَوْصِیَاءِ وَ بِحَقِّ فَاطِمَةَ سَیِّدَةِ النِّسَاءِ وَ بِحَقِّ الْحَسَنِ سَیِّدِ الْأَوْلِیَاءِ وَ بِحَقِّ الْحُسَیْنِ سَیِّدِ الشُّهَدَاءِ وَ بِحَقِّ عِتْرَتِهِمْ وَ خُلَفَائِهِمْ سَادَةِ الْأَزْكِیَاءِ لَمَّا سَقَیْتَ عِبَادَكَ هَؤُلَاءِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی یَا مُوسَی اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَضَرَبَهُ بِهَا فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَیْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ كُلُّ قَبِیلَةٍ مِنْ بَنِی أَبٍ مِنْ أَوْلَادِ یَعْقُوبَ مَشْرَبَهُمْ فَلَا یُزَاحِمُ الْآخَرِینَ فِی مَشْرَبِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ الَّذِی آتَاكُمُوهُ وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ وَ لَا تَسْعَوْا فِیهَا وَ أَنْتُمْ مُفْسِدُونَ عَاصُونَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ قُلْتُمْ یا مُوسی لَنْ نَصْبِرَ عَلی طَعامٍ واحِدٍ اذْكُرُوا إِذْ قَالَ أَسْلَافُكُمْ لَنْ نَصْبِرَ عَلَی طَعَامٍ وَاحِدٍ الْمَنِّ وَ السَّلْوَی وَ لَا بُدَّ لَنَا مِنْ خِلْطٍ مَعَهُ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ یُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها قالَ مُوسَی أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِی هُوَ أَدْنی بِالَّذِی هُوَ خَیْرٌ یُرِیدُ أَ تَسْتَدْعُونَ الْأَدْنَی (4)لِیَكُونَ لَكُمْ بَدَلًا مِنَ الْأَفْضَلِ ثُمَّ قَالَ اهْبِطُوا مِصْراً مِنَ الْأَمْصَارِ مِنْ هَذِهِ التِّیهِ (5)فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ فِی الْمِصْرِ
ص: 184
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ضُرِبَتْ عَلَیْهِمُ الذِّلَّةُ أَیِ الْجِزْیَةُ أُخْزُوا (1)بِهَا عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ عِنْدَ مُؤْمِنِی عِبَادِهِ وَ الْمَسْكَنَةُ هِیَ الْفَقْرُ وَ الذِّلَّةُ وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ احْتَمَلُوا الْغَضَبَ وَ اللَّعْنَةَ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا ذَلِكَ الَّذِی لَحِقَهُمْ مِنَ الذِّلَّةِ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ احْتَمَلُوا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ بِأَنَّهُمْ كَانُوا یَكْفُرُونَ بِآیاتِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ ضُرِبَ عَلَیْهِمْ هَذِهِ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَ یَقْتُلُونَ النَّبِیِّینَ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ كَانُوا یَقْتُلُونَهُمْ بِغَیْرِ حَقٍّ بِلَا جُرْمٍ كَانَ مِنْهُمْ إِلَیْهِمْ وَ لَا إِلَی غَیْرِهِمْ ذلِكَ بِما عَصَوْا ذَلِكَ الْخِذْلَانُ الَّذِی اسْتَوْلَی عَلَیْهِمْ حَتَّی فَعَلُوا الْآثَامَ الَّتِی مِنْ أَجْلِهَا ضُرِبَتْ عَلَیْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَ بَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ بِمَا عَصَوْا وَ كانُوا یَعْتَدُونَ یَتَجَاوَزُونَ أَمْرَ اللَّهِ إِلَی أَمْرِ إِبْلِیسَ (2).
«20»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُرَاسَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ الْقَائِمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِذَا قَامَ بِمَكَّةَ وَ أَرَادَ أَنْ یَتَوَجَّهَ إِلَی الْكُوفَةِ نَادَی مُنَادِیهِ أَلَا لَا یَحْمِلُ أَحَدٌ مِنْكُمْ طَعَاماً وَ لَا شَرَاباً وَ یَحْمِلُ حَجَرَ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ وَ هُوَ وِقْرُ بَعِیرٍ (3)فَلَا یَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا انْبَعَثَ عَیْنٌ مِنْهُ فَمَنْ كَانَ جَائِعاً شَبِعَ وَ مَنْ كَانَ ظَامِئاً رَوِیَ فَهُوَ زَادُهُمْ حَتَّی یَنْزِلَ النَّجَفَ مِنْ ظَهْرِ الْكُوفَةِ (4).
«21»-م، تفسیر الإمام علیه السلام أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَی الْیَهُودِ وَ قَالَ احْذَرُوا أَنْ یَنَالَكُمْ بِخِلَافِ أَمْرِ اللَّهِ وَ خِلَافِ كِتَابِ اللَّهِ مَا أَصَابَ أَوَائِلَكُمُ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ فِیهِمْ فَبَدَّلَ الَّذِینَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَیْرَ الَّذِی قِیلَ لَهُمْ وَ أُمِرُوا بِأَنْ یَقُولُوهُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَأَنْزَلْنا عَلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا رِجْزاً عَذَاباً مِنَ السَّماءِ طَاعُوناً نَزَلَ بِهِمْ فَمَاتَ مِنْهُمْ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفاً ثُمَّ أَخَذَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَاتَ مِنْهُمْ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفاً أَیْضاً وَ كَانَ خِلَافُهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا أَنْ بَلَغُوا الْبَابَ رَأَوْا بَاباً مُرْتَفِعاً فَقَالُوا مَا بَالُنَا نَحْتَاجُ إِلَی أَنْ نَرْكَعَ عِنْدَ الدُّخُولِ هَاهُنَا ظَنَنَّا أَنَّهُ بَابٌ مُنْحَطٌّ (5)لَا بُدَّ مِنَ 0
ص: 185
الرُّكُوعِ فِیهِ وَ هَذَا بَابٌ مُرْتَفِعٌ إِلَی مَتَی یَسْخَرُ بِنَا هَؤُلَاءِ یَعْنُونَ مُوسَی وَ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ یُسْجِدُونَنَا فِی الْأَبَاطِیلِ وَ جَعَلُوا أَسْتَاهَهُمْ نَحْوَ الْبَابِ وَ قَالُوا بَدَلَ قَوْلِهِمْ حِطَّةٌ الَّذِی أُمِرُوا بِهِ حطا سمقانا یَعْنُونَ حِنْطَةً حَمْرَاءَ فَذَلِكَ تَبْدِیلُهُمْ (1).
تتمیم (2)قال الثعلبی إن اللّٰه عز و جل وعد موسی علیه السلام أن یورثه و قومه الأرض المقدسة و هی الشام و كان یسكنها الكنعانیون الجبارون و هم العمالقة من ولد عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح وعد اللّٰه موسی أن یهلكهم و یجعل أرض الشام مساكن بنی إسرائیل فلما استقرت ببنی إسرائیل الدار بمصر أمرهم اللّٰه بالسیر إلی أریحا أرض الشام (3)و هی الأرض المقدسة و قال یا موسی إنی قد كتبتها لكم دارا و قرارا فاخرج إلیها و جاهد من فیها من العدو فإنی ناصركم علیهم و خذ من قومك اثنی عشر نقیبا (4)من كل سبط نقیبا لیكون كفیلا علی قومه بالوفاء منهم علی ما أمروا به فاختار موسی النقباء من كل سبط نقیبا و أمره علیهم (5)فسار موسی علیه السلام ببنی إسرائیل قاصدین أریحا فبعث هؤلاء النقباء إلیها یتجسسون له الأخبار و یعلمون علمها و حال أهلها فلقیهم رجل من الجبارین یقال له عوج بن عناق (6)قال ابن عمر كان طول عوج ثلاثة و عشرین ألف ذراع و ثلاثمائة و ثلاث
ص: 186
و ثلاثین ذراعا و ثلث ذراع بذراع الملك (1)و كان عوج یحتجر (2)بالسحاب و یشرب و یتناول الحوت من قرار البحر فیشویه بعین الشمس یرفعه إلیها ثم یأكله (3).
و یروی أنه أتی نوحا علیه السلام أیام الطوفان فقال له احملنی معك فی سفینتك فقال له اذهب یا عدو اللّٰه فإنی لم أومر بك.
و طبق الماء ما علی الأرض من جبل و ما جاوز ركبتی عوج و عاش عوج ثلاثة آلاف سنة حتی أهلكه اللّٰه تعالی علی ید موسی علیه السلام و كان لموسی علیه السلام عسكر فرسخ فی فرسخ فجاء عوج حتی نظر إلیهم ثم أتی الجبل و قور منه صخرة علی قدر العسكر ثم حملها لیطبقها علیهم فبعث اللّٰه تعالی إلیه الهدهد و معه المسن یعنی بمنقاره (4)حتی قور الصخرة فانتقبت (5)فوقعت فی عنق عوج فطوقته فصرعته فأقبل موسی علیه السلام و طوله عشرة أذرع و طول عصاه عشرة أذرع و نزا فی السماء عشرة أذرع فما أصاب إلا كعبه و هو مصروع بالأرض فقتله قالوا فأقبلت جماعة كثیرة و معهم الخناجر فجهدوا حتی جزوا رأسه فلما قتل وقع علی نیل مصر فجسرهم سنة قالوا و كانت أمه عنق و یقال عناق إحدی بنات آدم علیه السلام من صلبه (6)فلما لقیهم عوج و علی رأسه حزمة حطب أخذ الاثنی عشر و جعلهم فی حجزته و انطلق بهم إلی امرأته و قال انظری إلی هؤلاء القوم الذین یزعمون أنهم
ص: 187
یریدون قتالنا فطرحهم بین یدیها و قال أ لا أطحنهم برجلی فقالت امرأته لا بل خل عنهم حتی یخبروا قومهم بما رأوا ففعل ذلك فجعلوا یتعرفون أحوالهم و كان لا یحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أنفس بالخشب و یدخل فی شطر الرمانة إذا نزع حبها خمسة أنفس أو أربعة فلما خرجوا قال بعضهم لبعض یا قوم إنكم إن أخبرتم بنی إسرائیل خبر القوم شكوا و ارتدوا عن نبی اللّٰه و لكن اكتموا شأنهم و أخبروا موسی و هارون فیریان فیه رأیهما فأخذ بعضهم علی بعض المیثاق بذلك ثم انصرفوا إلی موسی علیه السلام بعد أربعین یوما و جاءوا بحبة من عنبهم وقر رجل و أخبروا بما رأوا ثم إنهم نكثوا العهد و جعل كل واحد منهم ینهی سبطه و قریبه عن قتالهم و یخبرهم بما رأوا من حالهم إلا رجلان منهم وفیا بما قالا یوشع بن نون و كالب بن یوفنا ختن موسی علیه السلام علی أخته مریم فلما سمع القوم ذلك من الجواسیس رفعوا أصواتهم بالبكاء و قالوا یا لیتنا متنا فی أرض مصر و لیتنا نموت فی هذه البریة و لا یدخلنا اللّٰه القریة فتكون نساؤنا و أولادنا و أثقالنا غنیمة لهم و جعل الرجل یقول لأصحابه تعالوا نجعل علینا رأسا و ننصرف إلی مصر فذلك قوله تعالی إخبارا عنهم قالُوا یا مُوسی إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ قال قتادة كانت لهم أجسام طویلة و خلقة عجیبة لیست لغیرهم وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّی یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ فقال لهم موسی ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فإن اللّٰه عز و جل سیفتحها علیكم و إن الذی أنجاكم و فلق البحر هو الذی یظهركم علیهم فلم یقبلوا و ردوا علیه أمره و هموا بالانصراف إلی مصر فخرق یوشع و كالب ثیابهما و هما اللذان أخبر اللّٰه عز و جل عنهما فی قوله قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِینَ یَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمَا بالتوفیق و العصمة ادْخُلُوا عَلَیْهِمُ الْبابَ یعنی قریة الجبارین فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ لأن اللّٰه عز و جل منجز وعده و إنا رأیناهم و خبرناهم فكانت أجسامهم قویة و قلوبهم ضعیفة فلا تخشوهم وَ عَلَی اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ فأراد بنو إسرائیل أن یرجموهما بالحجارة و عصرهما و قالوا یا مُوسی إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِیها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ فغضب موسی و دعا علیهم فقال رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِی وَ أَخِی فَافْرُقْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ أیفاقض و افصل بیننا و بین القوم
ص: 188
العاصین و كانت عجلة عجلها موسی علیه السلام فظهر الغمام علی باب قبة الزمر (1)فأوحی اللّٰه تعالی إلی موسی علیه السلام إلی متی یعصینی هذا الشعب و إلی متی لا یصدقون بالآیات لأهلكنهم جمیعا و لأجعلن لك شعبا أقوی و أكثر منهم.
فقال موسی إلهی لو أنك قتلت هذا الشعب كلهم كرجل واحد لقالت الأمم الذین سمعوا إنما قتل هذا الشعب (2)من أجل أنه لم یستطع أن یدخلهم الأرض المقدسة فقتلهم فی البریة و إنك طویل صبرك كثیرة نعمتك و أنت تغفر الذنوب و تحفظ الآباء علی الأبناء و الأبناء علی الآباء فاغفر لهم و لا توبقهم فقال اللّٰه عز و جل قد غفرت لهم بكلمتك و لكن بعد ما سمیتهم فاسقین و دعوت علیهم بی حلفت لأحرمن علیهم دخول الأرض المقدسة غیر عبدی یوشع و كالب و لأتیهنهم فی هذه البریة أربعین سنة مكان كل یوم من الأیام التی تجسسوا فیها سنة و كانت أربعین یوما و لنلقین جیفهم فی هذه القفار و أما بنوهم الذین لم یعلموا (3)الخیر و الشر فإنهم یدخلون الأرض المقدسة فذلك قوله تعالی فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَیْهِمْ أَرْبَعِینَ سَنَةً فی ستة فراسخ (4)و كانوا ستمائة ألف مقاتل فكانوا یسیرون كل یوم جادین حتی إذا أمسوا و باتوا فإذا هم فی الموضع الذی ارتحلوا منه و مات النقباء العشرة الذین أفشوا الخبر بغتة و كل من دخل التیه ممن جاوز عشرین سنة مات فی التیه غیر یوشع و كالب و لم یدخل أریحا أحد ممن قالوا إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً فلما هلكوا و انقضت الأربعون السنة و نشأت النواشی من ذراریهم ساروا إلی حرب الجبارین و فتح اللّٰه لهم.
ص: 189
فی ذكر النعم (1)التی أنعم اللّٰه تعالی علی بنی إسرائیل فی التیه:
قال اللّٰه سبحانه یا بَنِی إِسْرائِیلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِیَ الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْكُمْ أی علی أجدادكم و أسلافكم و ذلك أن اللّٰه سبحانه و تعالی فلق البحر لهم و أنجاهم من فرعون و أهلك عدوهم و أورثهم دیارهم و أموالهم و أنزل علیهم التوراة فیها بیان كل شی ء یحتاجون إلیه و أعطاهم ما أعطاهم فی التیه و ذلك أنهم قالوا لموسی فی التیه أهلكتنا و أخرجتنا من العمران و البنیان إلی مفازة لا ظل فیها و لا كن (2)فأنزل اللّٰه تعالی علیهم غماما أبیض رقیقا و لیس بغمام المطر أرق و أطیب (3)و أبرد منه فأظلهم و كان یسیر معهم إذا ساروا و یدوم علیهم (4)من فوقهم إذا نزلوا فذلك قوله تعالی وَ ظَلَّلْنا عَلَیْكُمُ الْغَمامَ یعنی فی التیه تقیكم من حر الشمس و منها أنه جعل لهم عمودا من نور یضی ء لهم باللیل إذا لم یكن ضوء القمر فقالوا هذا الظل و النور قد حصل فأین الطعام فأنزل اللّٰه تعالی علیهم المن و اختلفوا فیه فقال مجاهد هو شی ء كالصمغ كان یقع علی الأشجار و طعمه كالشهد و قال الضحاك هو الترنجبین و قال وهب هو الخبز الرقاق و قال السدی هو عسل كان یقع علی الشجر من اللیل فیأكلون منه و قال عكرمة هو شی ء أنزله اللّٰه علیهم مثل الرب الغلیظ و قال الزجاج جملة المن ما یمن اللّٰه به مما لا تعب فیه و لا نصب
كَقَوْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَ مَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَیْنِ(5).
قالوا و كان ینزل علیهم هذا المن كل لیلة یقع علی أشجارهم مثل الثلج لكل إنسان منهم صاع كل لیلة فقالوا یا موسی قتلنا هذا المن حلاوته فادع لنا ربك یطعمنا اللحم فدعا موسی علیه السلام فأنزل اللّٰه علیهم السلوی
ص: 190
و اختلفوا فیه فقال ابن عباس و أكثر الناس هو طائر یشبه السمانی و قال أبو العالیة و مقاتل هی طیر حمر بعث اللّٰه سبحانه سحابة فمطرت السمانی علیهم فی عرض میل (1)و قدر طول رمح فی السماء بعضها علی بعض و كانت السماء تمطر علیهم ذلك و قیل كانت طیرا مثل فراخ الحمام طیبا و سمنا قد تمعط (2)ریشها و زغبها فكانت الریح تأتی بها إلیهم فیصبحون و هو فی معسكرهم و قیل إنها طیر كانت تأتیهم فتسترسل لهم فیأخذونها بأیدیهم و قال عكرمة هی طیر تكون بالهند أكبر من العصفور و قیل (3)هو العسل بلغة كنانة فكان اللّٰه تعالی یرسل علیهم المن و السلوی فیأخذ كل واحد منهما (4)ما یكفیه یوما و لیلة فإذا كان یوم الجمعة أخذ ما یكفیه یومین لأنه لم یكن ینزل علیهم یوم السبت فذلك قوله تعالی وَ أَنْزَلْنا عَلَیْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوی كُلُوا أی و قلنا لهم كلوا مِنْ طَیِّباتِ حلالات ما رَزَقْناكُمْ و لا تدخروا لغد فخبوا لغد و تدود و فسد ما ادخروا و قطع اللّٰه عنهم ذلك قال اللّٰه تعالی وَ ما ظَلَمُونا أی ما یضرونا بالمعصیة و مخالفة الأمر وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ یضرون باستیجابهم قطع مادة الرزق الذی كان ینزل علیهم بلا مئونة و لا مشقة فی الدنیا و لا حساب و لا تبعة فی العقبی و منها أنهم عطشوا فی التیه فقالوا یا موسی من أین لنا الشراب فاستسقی لهم موسی علیه السلام فأوحی اللّٰه سبحانه إلیه أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ و اختلف العلماء فیه فقال وهب كان موسی علیه السلام یقرع لهم أقرب حجر من عرض الحجارة فتنفجر عیونا لكل سبط عین و كانوا اثنی عشر سبطا ثم تسیل كل عین فی جدول إلی سبط فقالوا إن فقد موسی عصاه متنا عطشا فأوحی اللّٰه عز و جل إلی موسی لا تقرعن الحجارة بالعصا و لكن كلمها تطعك لعلهم یعتبرون و كان یفعل ذلك فقالوا كیف بنا لو أفضینا إلی الوحل و إلی الأرض التی لیست فیها حجارة فأمر موسی فحمل معه حجرا فحیث ما نزلوا ألقاه.
ص: 191
و قال الآخرون كان حجرا مخصوصا بعینه و الدلیل علیه قوله الحجر فأدخل الألف و اللام للتعریف و التخصیص مثل قولك رأیت الرجل.
ثم اختلفوا فی ذلك الحجر ما هو فقال ابن عباس كان حجرا خفیفا مربعا مثل رأس الرجل أمر أن یحمله فكان یضع فی مخلاته فإذا احتاجوا إلی الماء ألفاه (1)و ضربه بعصاه فسقاهم و قال أبو روق (2)كان الحجر من الكدان و هو حجارة رخوة كالمدر و كان فیه اثنتا عشرة حفرة ینبع من كل حفرة عین ماء عذب فیأخذونه فإذا فرغوا و أراد موسی حمله ضربه بعصاه فیذهب الماء و كان یسقی كل یوم ستمائة ألف.
و منها أنهم قالوا لموسی فی التیه من أین لنا اللباس فجدد اللّٰه لهم ثیابهم التی كانت علیهم حتی لا تزید علی كرور الأیام و مرور الأعوام إلا جدة و طراوة و لا تخلق و لا تبلی و تنمو علی صبیانهم كما ینمون انتهی. (3)أقول لا یخفی علیك مما أوردنا فی تلك الأبواب أن موسی و هارون علیهما السلام لم یخرجا من التیه (4)و أن حجر موسی علیه السلام كان حجرا مخصوصا و هو عند قائمنا علیه السلام و سیأتی الأخبار فی ذلك فی كتاب الغیبة.
و روی الثعلبی عن وهب بن منبه قال أوحی اللّٰه تعالی إلی موسی أن یتخذ مسجدا لجماعتهم و بیت المقدس للتوراة و لتابوت السكینة و قبابا للقربان و أن یجعل لذلك المسجد سرادقات ظاهرها و باطنها من الجلود الملبسة علیها و تكون تلك الجلود من جلود ذبائح القربان و حبالها التی تمد بها من أصواف تلك الذبائح و عهد أن لا تغزل تلك الحبال حائض و أن لا یدبغ تلك الجلود جنب و أمره أن ینصب تلك السرادقات علی عمد من نحاس طول كل عمود منها أربعون ذراعا و یجعل منه (5)اثنی عشر قسما مشرحا
ص: 192
فإذا انقضی و صار اثنی عشر جزءا حمل كل جزء بما فیه من العمد سبط من أسباط بنی إسرائیل و أمره أن یجعل سعة تلك السرادقات ستمائة ذراع فی ستمائة ذراع و أن ینصب فیه سبع قباب ستة منها مشبكة بقضبان الذهب و الفضة كل واحدة منهن منصوبة علی عمود من فضة طوله أربعون ذراعا و علیها أربعة دسوت (1)ثیاب الباطن منها سندس أخضر (2)و الثانی أرجوان أحمر و الثالث دیباج و الرابع من جلود القربان وقایة لها من المطر و الغبار و حبالها التی تمد بها من صوف القربان و أن یجعل سعتها أربعین ذراعا و أن ینصب فی جوفها موائد (3)من فضة مربعة یوضع علیها القربان سعة كل مائدة منهن ذراع فی أربعة أذرع كل مائدة علی أربع قوائم من فضة طول كل قائمة ثلاثة أذرع لا ینال الرجل منها إلا قائما و أمره أن ینصب بیت القدس (4)علی عمود من ذهب طوله سبعون ذراعا و أن یضعه علی سبیكة من ذهب طوله سبعون ذراعا مرصع بألوان الجواهر و أن یجعل أسفله مشبكا بقضبان الذهب و الفضة و أن یجعل حبالها التی تمد بها من صوف القربان مصبوغا بألوان من أحمر و أصفر و أخضر و أن یلبسه سبعة من الجلال الباطن (5)منها سندس أخضر و الثانی أرجوان أحمر و الثالث أبیض و أصفر من الحریر و سائرها من الدیباج و الوشی و الظاهر غاشیة له (6)من جلود القربان وقایة من الأذی و الندی و أمره أن یجعل سعته سبعین ذراعا و أن یفرش القباب بالقز الأحمر فأمره أن ینصب فیه تابوتا من ذهب لتابوت المیثاق (7)مرصعا بألوان الجواهر و الیاقوت الأحمر و الأكهب (8)و الزمرد
ص: 193
الأخضر و قوائمه من ذهب و أن یجعل سعته تسعة أذرع (1)فی أربعة أذرع و سمكه قامة موسی و أن یجعل له أربعة أبواب باب یدخل منه الملائكة و باب یدخل منه موسی بن عمران علیه السلام و باب یدخل منه هارون علیه السلام و باب یدخل منه أولاد هارون و هم سدنة ذلك البیت و خزان التابوت و أمر اللّٰه سبحانه نبیه موسی علیه السلام أن یأخذ من كل محتلم (2)فصاعدا من بنی إسرائیل مثقالا من ذهب فینفقه علی هذا البیت و ما فیه و أن یجعل باقی المال الذی یحتاج من ذلك من الحلی و الأموال التی ورثها موسی و أصحابه من فرعون و قومه (3)ففعل موسی ذلك فبلغ عدد رجال بنی إسرائیل ستمائة ألف و سبعمائة و ثمانین (4)رجلا فأخذ منهم ذلك المال فأوحی اللّٰه عز و جل إلی موسی علیه السلام أنی منزل علیك من السماء نارا لا دخان لها و لا تحرق شیئا و لا تنطفئ أبدا لتأكل القرابین المتقبلة و لتسرج منها القنادیل التی فی بیت المقدس و هی من ذهب معلقة بسلاسل من ذهب منظومة بالیواقیت و اللئالی و أنواع الجواهر و أمره أن یضع فی وسط البیت صخرة عظیمة من رخام و ینقر فیها نقرة لتكون كانون تلك النار التی تنزل فیها من السماء فدعا موسی أخاه هارون فقال إن اللّٰه قد اصطفانی بنار ینزلها من السماء لتأكل القرابین المقبولة و لیسرج منها فی بیت المقدس و أوصانی بها و إنی قد اصطفیتك لها و أوصیك بها فدعا هارون ابنیه و قال لهما إن اللّٰه تعالی قد اصطفی موسی بأمر و أوصاه به و إنه اصطفانی له و أوصانی به و إنی قد اصطفیتكما له و أوصیكما به و كان أولاد هارون هم الذین یلون
ص: 194
سدانة بیت المقدس (1)و أمر القربان و النیران (2).
بیان: كما أن سدانة بیت المقدس (3)و النار التی نزلت من السماء و معابد بنی إسرائیل كانت لأولاد هارون علیه السلام فكذلك سدانة الكعبة و بیوت العلم و الحكمة و أنوار العلم و المعرفة التی نزلت من السماء و لم یكن فیها دخان الشك و الشبهة و مثل اللّٰه بها فی آیة النور لأولاد أمیر المؤمنین علیه السلام الذی هو من النبی صلی اللّٰه علیه و آله كهارون من موسی سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِی قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِیلا
الآیات؛
البقرة: «وَ إِذْ واعَدْنا مُوسی أَرْبَعِینَ لَیْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ* ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* وَ إِذْ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ* وَ إِذْ قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ یا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلی بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَیْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ* وَ إِذْ قُلْتُمْ یا مُوسی لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ* ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»(51-56) (و قال تعالی): «وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَیْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اذْكُرُوا ما فِیهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* ثُمَّ تَوَلَّیْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِینَ»(63-64)
(و قال تعالی): «وَ لَقَدْ جاءَكُمْ مُوسی بِالْبَیِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ* وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَیْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اسْمَعُوا قالُوا
ص: 195
سَمِعْنا وَ عَصَیْنا وَ أُشْرِبُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما یَأْمُرُكُمْ بِهِ إِیمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ»(92-93)
النساء: «یَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَیْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسی أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَ آتَیْنا مُوسی سُلْطاناً مُبِیناً* وَ رَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِیثاقِهِمْ وَ قُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِی السَّبْتِ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِیثاقاً غَلِیظاً»(153-154)
المائدة: «وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً وَ قالَ اللَّهُ إِنِّی مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَ آتَیْتُمُ الزَّكاةَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِی وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَیِّئاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِیلِ»(12) (و قال تعالی): «إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِیها هُدیً وَ نُورٌ یَحْكُمُ بِهَا النَّبِیُّونَ الَّذِینَ أَسْلَمُوا لِلَّذِینَ هادُوا وَ الرَّبَّانِیُّونَ وَ الْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَیْهِ شُهَداءَ»(54)
الأعراف: «وَ واعَدْنا مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِیقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً وَ قالَ مُوسی لِأَخِیهِ هارُونَ اخْلُفْنِی فِی قَوْمِی وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِیلَ الْمُفْسِدِینَ* وَ لَمَّا جاءَ مُوسی لِمِیقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْكَ قالَ لَنْ تَرانِی وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَی الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِی فَلَمَّا تَجَلَّی رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسی صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَیْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ* قالَ یا مُوسی إِنِّی اصْطَفَیْتُكَ عَلَی النَّاسِ بِرِسالاتِی وَ بِكَلامِی فَخُذْ ما آتَیْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِینَ* وَ كَتَبْنا لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِیلًا لِكُلِّ شَیْ ءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَ أْمُرْ قَوْمَكَ یَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِیكُمْ دارَ الْفاسِقِینَ»(142-145)
(و قال تعالی): «وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسی مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِیِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَ لَمْ یَرَوْا أَنَّهُ لا یُكَلِّمُهُمْ وَ لا یَهْدِیهِمْ سَبِیلًا اتَّخَذُوهُ وَ كانُوا ظالِمِینَ* وَ لَمَّا سُقِطَ فِی أَیْدِیهِمْ وَ رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ یَرْحَمْنا رَبُّنا وَ یَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ* وَ لَمَّا رَجَعَ مُوسی إِلی قَوْمِهِ غَضْبانَ
ص: 196
أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِی مِنْ بَعْدِی أَ عَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَ أَلْقَی الْأَلْواحَ وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِیهِ یَجُرُّهُ إِلَیْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی فَلا تُشْمِتْ بِیَ الْأَعْداءَ وَ لا تَجْعَلْنِی مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ* قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ لِأَخِی وَ أَدْخِلْنا فِی رَحْمَتِكَ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ* إِنَّ الَّذِینَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَیَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ كَذلِكَ نَجْزِی الْمُفْتَرِینَ* وَ الَّذِینَ عَمِلُوا السَّیِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَ آمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِیمٌ* وَ لَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَی الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَ فِی نُسْخَتِها هُدیً وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِینَ هُمْ لِرَبِّهِمْ یَرْهَبُونَ *وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ سَبْعِینَ رَجُلًا لِمِیقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِیَّایَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِیَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِی مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِیُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَیْرُ الْغافِرِینَ* وَ اكْتُبْ لَنا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَیْكَ قالَ عَذابِی أُصِیبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِی وَسِعَتْ كُلَّ شَیْ ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الَّذِینَ هُمْ بِآیاتِنا یُؤْمِنُونَ»(147-156) (و قال تعالی): «وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَیْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اذْكُرُوا ما فِیهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»(171)
طه: «یا بَنِی إِسْرائِیلَ قَدْ أَنْجَیْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَ واعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَیْمَنَ وَ نَزَّلْنا عَلَیْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوی* كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ لا تَطْغَوْا فِیهِ فَیَحِلَّ عَلَیْكُمْ غَضَبِی وَ مَنْ یَحْلِلْ عَلَیْهِ غَضَبِی فَقَدْ هَوی* وَ إِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدی وَ ما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ یا مُوسی* قالَ هُمْ أُولاءِ عَلی أَثَرِی وَ عَجِلْتُ إِلَیْكَ رَبِّ لِتَرْضی* قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِیُّ* فَرَجَعَ مُوسی إِلی قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ یا قَوْمِ أَ لَمْ یَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَ فَطالَ عَلَیْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ یَحِلَّ عَلَیْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِی* قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَ لكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِینَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَی السَّامِرِیُّ* فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسی فَنَسِیَ* أَ فَلا یَرَوْنَ أَلَّا یَرْجِعُ إِلَیْهِمْ قَوْلًا وَ لا یَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً* وَ لَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ یا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِی وَ أَطِیعُوا أَمْرِی* قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَیْهِ عاكِفِینَ حَتَّی یَرْجِعَ إِلَیْنا مُوسی* قالَ
ص: 197
یا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَیْتَهُمْ ضَلُّوا* أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَیْتَ أَمْرِی* قالَ یَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْیَتِی وَ لا بِرَأْسِی إِنِّی خَشِیتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَیْنَ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِی* قالَ فَما خَطْبُكَ یا سامِرِیُّ* قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ یَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَ كَذلِكَ سَوَّلَتْ لِی نَفْسِی* قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِی الْحَیاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَ إِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَ انْظُرْ إِلی إِلهِكَ الَّذِی ظَلْتَ عَلَیْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِی الْیَمِّ نَسْفاً* إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِی لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَیْ ءٍ عِلْماً»(80-98)
القصص: «وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولی بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَ هُدیً وَ رَحْمَةً لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُونَ»(43)
الطور: «وَ الطُّورِ* وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ* فِی رَقٍّ مَنْشُورٍ»(1-3)
النجم: «أَمْ لَمْ ْ یُنَبَّأْ بِما فِی صُحُفِ مُوسی* وَ إِبْراهِیمَ الَّذِی وَفَّی* أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری* وَ أَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی»(36-39)
الأعلی: «إِنَّ هذا لَفِی الصُّحُفِ الْأُولی* صُحُفِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی»(18-19)
تفسیر: قال الطبرسی: وَ إِذْ واعَدْنا مُوسی أن نؤتیه الألواح علی رأس أربعین لیلة أو عند انقضاء أربعین لیلة قال المفسرون لما عاد بنو إسرائیل إلی مصر بعد إنجائهم من البحر و هلاك فرعون و قومه وعدهم اللّٰه إنزال التوراة و الشرائع فخلف موسی أصحابه و استخلف علیهم هارون فمكث علی الطور أَرْبَعِینَ لَیْلَةً و أنزل علیه التوراة فی الألواح ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ إلها مِنْ بَعْدِهِ أی من بعد غیبة موسی أو من بعد وعد اللّٰه إیاكم بالتوراة أو من بعد غرق فرعون و ما رأیتم من الآیات وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ أی مضرون بأنفسكم وَ الْفُرْقانَ هی التوراة أیضا أو انفراق البحر أو الفرق بین الحلال و الحرام إِلی بارِئِكُمْ أی خالقكم و منشئكم فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أی لیقتل بعضكم بعضا بقتل البری ء المجرم و قیل أی استسلموا للقتل و اختلفوا فی المأمور بالقتل
فروی أن موسی علیه السلام أمرهم أن یقوموا صفین فاغتسلوا و لبسوا أكفانهم و جاء هارون باثنی عشر ألفا ممن لم یعبد العجل و معهم الشفار المرهفة (1)و كانوا
ص: 198
یقتلونهم فلما قتلوا سبعین ألفا تاب اللّٰه علی الباقین و جعل قتل الماضین شهادة لهم.
و قیل إن السبعین الذین كانوا مع موسی فی الطور هم الذین قتلوا ممن عبد العجل سبعین ألفا و قیل إنهم قاموا صفین فجعل یطعن بعضهم بعضا حتی قتلوا سبعین ألفا و قیل غشیتهم ظلمة شدیدة فجعل بعضهم یقتل بعضا ثم انجلت الظلمة فأجلوا عن سبعین ألف قتیل (1)
و روی أن موسی و هارون وقفا یدعوان اللّٰه و یتضرعان إلیه و هم یقتل بعضهم بعضا حتی نزل الوحی برفع القتل و قبلت توبة من بقی.
و ذكر ابن جریح أن السبب فی أمرهم بقتل أنفسهم أن اللّٰه علم أن ناسا منهم ممن لم یعبدوا العجل لم ینكروا علیهم ذلك مخافة القتل مع علمهم بأن العجل باطل فلذلك ابتلاهم اللّٰه بأن یقتل بعضهم بعضا ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إشارة إلی التوبة مع القتل لأنفسهم. (2)لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ أی لن نصدقك فی أنك نبی حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً أی علانیة فیخبرنا بذلك أو لا نصدقك فیما تخبر به من صفات اللّٰه تعالی و قیل إنه لما جاءهم بالألواح قالوا ذلك و قیل إن جهرة صفة لخطابهم لموسی إنهم جهروا به و أعلنوه فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ أی الموت وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إلی أسباب الموت و قیل إلی النار و استدل البلخی بها علی عدم جواز الرؤیة علی اللّٰه تعالی و یؤكده قوله فَقَدْ سَأَلُوا مُوسی أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً و تدل هذه الآیة علی أن قول موسی علیه السلام رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْكَ كان سؤالا لقومه لأنه لا خلاف بین أهل التوراة أن موسی علیه السلام لم یسأل الرؤیة إلا دفعة واحدة و هی التی سألها لقومه ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ أی أحییناكم لاستكمال آجالكم و قیل إنهم سألوا بعد الإفاقة أن یبعثوا أنبیاء فبعثهم اللّٰه أنبیاء فالمعنی بعثناكم أنبیاء (3).5
ص: 199
و أجمع المفسرون إلا شرذمة یسیرة أن اللّٰه تعالی لم یكن أمات موسی علیه السلام كما أمات قومه و لكن غشی علیه بدلالة قوله تعالی فَلَمَّا أَفاقَ و استدل بها علی جواز الرجعة. (1)وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَكُمْ باتباع موسی و العمل بالتوراة وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ قال أبو زید هذا حین رجع موسی من الطور فأتی بالألواح فقال لقومه جئتكم بالألواح و فیها التوراة و الحلال و الحرام فاعملوا بها قالوا و من یقبل قولك فأرسل اللّٰه الملائكة حتی نتقوا الجبل (2)فوق رءوسهم فقال موسی علیه السلام إن قبلتم ما أتیتكم به و إلا أرسل الجبل علیكم فأخذوا التوراة و سجدوا لله تعالی ملاحظین إلی الجبل فمن ثم یسجد الیهود علی أحد شقی وجوههم قیل و هذا هو معنی أخذ المیثاق لأن فی هذه الحال قیل لهم خُذُوا ما آتَیْناكُمْ بِقُوَّةٍ یعنی التوراة بجد و یقین
وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ أَنَّهُ سُئِلَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی خُذُوا ما آتَیْناكُمْ بِقُوَّةٍ أَ بِقُوَّةٍ بِالْأَبْدَانِ أَوْ بِقُوَّةٍ بِالْقَلْبِ فَقَالَ بِهِمَا جَمِیعاً.
وَ اذْكُرُوا ما فِیهِ الضمیر لما آتینا أی احفظوا ما فی التوراة من الحلال و الحرام و لا تنسوه و
-قیل اذكروا ما فی تركه من العقوبة و هو- المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
و قیل أی اعملوا بما فیه و لا تتركوه ثُمَّ تَوَلَّیْتُمْ أی نقضتم العهد الذی أخذناه علیكم فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ بالتوبة وَ رَحْمَتُهُ بالتجاوز (3).
وَ اسْمَعُوا أی اقبلوا ما سمعتم و اعملوا به أو استمعوا لتسمعوا قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَیْنا أی قالوا استهزاء سمعنا قولك و عصینا أمرك أو حالهم كحال من قال ذلك (4).
وَ أُشْرِبُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ (5)قال البیضاوی أی تداخلهم حبه و رسخ فی قلوبهم صورته لفرط شعفهم به كما یتداخل الصبغ الثوب و الشراب أعماق البدن و فِی قُلُوبِهِمُ بیان لمكان الإشراب كقوله إِنَّما یَأْكُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ ناراً
ص: 200
بِكُفْرِهِمْ أی بسبب كفرهم و ذلك لأنهم كانوا مجسمة أو حلولیة و لم یروا جسما أعجب منه فتمكن فی قلوبهم ما سول لهم السامری قُلْ بِئْسَما یَأْمُرُكُمْ بِهِ إِیمانُكُمْ (1)بالتوراة و المخصوص بالذم محذوف نحو هذا الأمر أو ما یعمه و غیره من قبائحهم المعدودة فی الآیات الثلاث إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ تقریر للقدح فی دعواهم الإیمان بالتوراة و تقدیره إن كنتم مؤمنین بها ما أمركم بهذه القبائح و رخص لكم فیها إیمانكم بها أو إن كنتم مؤمنین بها فبئس ما أمركم إیمانكم بها فإن المؤمن ینبغی أن لا یتعاطی إلا ما یقتضیه إیمانه لكن الإیمان بها لا یأمر به فإذن لستم بمؤمنین. (2)مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ قال الطبرسی أی عهدهم المؤكد بالیمین بإخلاص العبادة له و الإیمان برسله و ما یأتون به من الشرائع وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً (3)أی أمرنا موسی بأن یبعث من الأسباط الاثنی عشر اثنی عشر رجلا كالطلائع یتجسسون و یأتون بنی إسرائیل بأخبار أرض الشام و أهلها الجبارین فاختار من كل سبط رجلا یكون لهم نقیبا أی أمینا كفیلا فرجعوا ینهون قومهم عن قتالهم لما رأوا من شدة بأسهم و عظم خلقهم إلا رجلین كالب بن یوفنا و یوشع بن نون و قیل معناه أخذنا من كل سبط منهم ضمینا بما عقدنا علیهم المیثاق فی أمر دینهم أو رئیسا أو شهیدا علی قومه و قیل إنهم بعثوا أنبیاء وَ قالَ اللَّهُ إِنِّی مَعَكُمْ الخطاب للنقباء أو لبنی إسرائیل أی إنی معكم بالنصر و الحفظ إن قاتلتموهم و وفیتم بعهدی و میثاقی وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ أی نصرتموهم و قیل عظمتموهم و أطعتموهم وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ أی أنفقتم فی سبیل اللّٰه نفقة حسنة فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ أی بعد بعث النقباء و أخذ المیثاق فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِیلِ أی أخطأ قصد الطریق الواضح و زال عن منهاج الحق (4).
ص: 201
فِیها هُدیً أی بیان للحق و دلالة علی الأحكام وَ نُورٌ أی ضیاء لكل ما تشابه علیهم و قیل أی بیان أن أمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله حق.
یَحْكُمُ بِهَا النَّبِیُّونَ الَّذِینَ أَسْلَمُوا أی یحكم بالتوراة النبیون الذین أذعنوا لحكم اللّٰه و أقروا به لِلَّذِینَ هادُوا أی تابوا من الكفر أو للیهود و اللام فیه متعلق بیحكم أی یحكمون بالتوراة لهم و فیما بینهم وَ الرَّبَّانِیُّونَ أی یحكم بها الربانیون الذین علت درجاتهم فی العلم و قیل الذین یعملون بما یعلمون وَ الْأَحْبارُ العلماء الكبار بِمَا اسْتُحْفِظُوا أی بما استودعوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ أو بما أمروا بحفظ ذلك و القیام به و ترك تضییعه وَ كانُوا عَلَیْهِ شُهَداءَ أی رقباء لا یتركون أن یغیر أو یبینون ما یخفی منه. (1)اخْلُفْنِی أی كن خلیفتی فِی قَوْمِی وَ أَصْلِحْ فیما بینهم و أجر علی طریقتك فی الصلاح أو أصلح فاسدهم وَ لا تَتَّبِعْ سَبِیلَ الْمُفْسِدِینَ أی لا تسلك طریقة العاصین و لا تكن عونا للظالمین.
قالَ رَبِّ أَرِنِی اختلف فی وجه هذا السؤال علی أقوال نذكر منها وجهین أحدهما ما قاله الجمهور و هو الأقوی أنه لم یسأل لنفسه و إنما سألها لقومه حین قالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً و لذا قال علیه السلام أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا و ثانیهما أنه لم یسأل الرؤیة بالبصر و لكن سأله أن یعلمه نفسه ضرورة بإظهار بعض أعلام الآخرة التی تضطره إلی المعرفة و یستغنی عن الاستدلال قالَ لَنْ تَرانِی أبدا فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ علق رؤیته باستقرار الجبل الذی علمنا أنه لم یستقر من قبیل التعلیق علی المحال وَ خَرَّ مُوسی صَعِقاً (2)أی سقط مغشیا علیه و روی عن ابن عباس
ص: 202
أنه قال أخذته الغشیة عشیة الخمیس یوم عرفة و أفاق عشیة الجمعة و فیه نزلت علیه التوراة و قیل معناه خر میتا فَلَمَّا أَفاقَ من صعقته قالَ سُبْحانَكَ أی تنزیها لك عن أن یجوز علیك ما لا یلیق بك تُبْتُ إِلَیْكَ من التقدم فی المسألة قبل الإذن فیها.
و قیل إنما قاله علی وجه الانقطاع إلی اللّٰه سبحانه كما یذكر التسبیح و التهلیل و نحو ذلك من الألفاظ عند ظهور الأمور الجلیلة
وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ بأنه لا یراك أحد من خلقك عن- ابن عباس و روی مثله عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال معناه أنا أول من آمن و صدقك بأنك لا تری.
و قیل أنا أول المؤمنین من قومی باستعظام سؤال الرؤیة. بِرِسالاتِی من غیر كلام وَ بِكَلامِی من غیر رسالة قیل إنه سبحانه كلم موسی علی الطور و كلم نبینا عند سدرة المنتهی.
فَخُذْ ما آتَیْتُكَ أی أعطیتك من التوراة و تمسك بما أمرتك وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِینَ أی من المعترفین بنعمتی القائمین بشكرها فِی الْأَلْواحِ یعنی بالألواح التوراة و قیل كانت من خشب نزلت من السماء و قیل كانت من زمرد طولها عشرة أذرع و قیل كانت من زبرجدة خضراء و یاقوتة حمراء و قیل إنهما كانا لوحین.
مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ قال الزجاج أعلم اللّٰه سبحانه أنه أعطاه من كل شی ء یحتاج إلیه من أمر الدین مع ما أراه من الآیات مَوْعِظَةً هذا تفسیر لقوله كُلِّ شَیْ ءٍ و بیان لبعض ما دخل تحته وَ تَفْصِیلًا لِكُلِّ شَیْ ءٍ یحتاج إلیه فی الدین من الأوامر و النواهی و الحلال و الحرام و غیر ذلك یَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أی بما فیها من أحسن المحاسن و هی الفرائض و النوافل فإنها أحسن من المباحات و قیل بالناسخ دون المنسوخ و قیل المراد بالأحسن الحسن و كلها حسن. (1)
ص: 203
جَسَداً أی مجسدا لا روح فیه و قیل لحما و دما لَهُ خُوارٌ أی صوت و فی كیفیة خوار العجل مع أنه مصوغ من ذهب خلاف فقیل أخذ السامری قبضة من تراب أثر فرس جبرئیل علیه السلام یوم قطع البحر فقذف ذلك التراب فی فم العجل فتحول لحما و دما و كان ذلك معتادا غیر خارق للعادة و جاز أن یفعل اللّٰه ذلك بمجری العادة و قیل إنه احتال بإدخال الریح كما تعمل هذه الآلات التی تصوت بالحیل أَنَّهُ لا یُكَلِّمُهُمْ بما یجدی علیهم نفعا أو یدفع عنهم ضررا (1)وَ لا یَهْدِیهِمْ سَبِیلًا أی لا یهدیهم إلی خیر لیأتوه و لا إلی شر لیجتنبوه اتَّخَذُوهُ أی إلها. (2)وَ لَمَّا سُقِطَ فِی أَیْدِیهِمْ (3)قال البیضاوی أی اشتد ندمهم فإن النادم المتحسر یعض یده غما فتصیر یده مسقوطا فیها وَ أَلْقَی الْأَلْواحَ طرحها من شدة الغضب و فرط الزجر حمیة للدین. (4)
- و قال الطبرسی: رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: یَرْحَمُ اللَّهُ أَخِی مُوسَی لَیْسَ الْمُخْبِرُ كَالْمُعَایِنِ لَقَدْ أَخْبَرَهُ اللَّهُ بِفِتْنَةِ قَوْمِهِ وَ قَدْ عَرَفَ أَنَّ مَا أَخْبَرَهُ رَبُّهُ حَقٌّ وَ إِنَّهُ عَلَی ذَلِكَ لَمُتَمَسِّكٌ بِمَا فِی یَدَیْهِ فَرَجَعَ إِلَی قَوْمِهِ وَ رَآهُمْ فَغَضِبَ وَ أَلْقَی الْأَلْوَاحَ.
اسْتَضْعَفُونِی أی اتخذونی ضعیفا وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی أی هموا بقتلی فَلا تُشْمِتْ بِیَ الْأَعْداءَ أی لا تسرهم بأن تفعل ما یوهم ظاهره خلاف التعظیم مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ أی مع عبدة العجل و من جملتهم فی إظهار الغضب و الموجدة (5)وَ ذِلَّةٌ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا أی صغر النفس و المهانة
ص: 204
أو الجزیة أو الاستسلام للقتل (1)وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ اختلف فی سبب اختیاره إیاهم و وقته فقیل إنه اختارهم حین خرج إلی المیقات لیكلمه اللّٰه سبحانه بحضرتهم و یعطیه التوراة فیكونوا شهداء له عند بنی إسرائیل لما لم یثقوا بخبره أن اللّٰه سبحانه یكلمه فلما حضروا المیقات و سمعوا كلامه سألوا الرؤیة فأصابتهم الصاعقة ثم أحیاهم اللّٰه و قیل إنه اختارهم بعد المیقات الأول للمیقات الثانی بعد عبادة العجل لیعتذروا من ذلك فلما سمعوا كلام اللّٰه فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فأخذتهم الرجفة و هی الرعدة و الحركة الشدیدة حتی كادت أن تبین مفاصلهم و خاف موسی علیهم الموت فبكی و دعا و خاف أن یتهمه بنو إسرائیل علی السبعین إذا عاد إلیهم و لم یصدقوه بأنهم ماتوا و قال ابن عباس إن السبعین الذین قالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فأخذتهم الصاعقة كانوا قبل السبعین الذین أخذتهم الرجفة و إنما أمر اللّٰه تعالی موسی أن یختار من قومه سبعین رجلا فاختارهم و برز بهم لیدعوا ربهم فكان فیما دعوا أن قالوا اللّٰهم أعطنا ما لم تعط أحدا قبلنا و لا تعطیه أحدا بعدنا فكره اللّٰه ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة.
وَ رُوِیَ (2)عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ مِنْ أَجْلِ دَعْوَاهُمْ عَلَی مُوسَی قَتْلَ أَخِیهِ هَارُونَ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَی وَ هَارُونَ وَ شَبَّرَ وَ شَبِیراً ابْنَیْ هَارُونَ انْطَلَقُوا إِلَی سَفْحِ جَبَلٍ فَنَامَ هَارُونُ عَلَی سَرِیرٍ فَتَوَفَّاهُ اللَّهُ فَلَمَّا مَاتَ دَفَنَهُ مُوسَی فَلَمَّا رَجَعَ إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالُوا لَهُ أَیْنَ هَارُونُ قَالَ تَوَفَّاهُ اللَّهُ فَقَالُوا لَا بَلْ أَنْتَ قَتَلْتَهُ حَسَدْتَنَا عَلَی خُلْقِهِ وَ لِینِهِ قَالَ فَاخْتَارُوا مَنْ شِئْتُمْ فَاخْتَارُوا مِنْهُمْ سَبْعِینَ رَجُلًا وَ ذَهَبَ بِهِمْ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَی الْقَبْرِ قَالَ مُوسَی یَا هَارُونُ أَ قُتِلْتَ أَمْ مِتَّ فَقَالَ هَارُونُ مَا قَتَلَنِی أَحَدٌ وَ لَكِنْ تَوَفَّانِی اللَّهُ فَقَالُوا لَنْ تُعْصَی بَعْدَ الْیَوْمِ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَصَعِقُوا وَ مَاتُوا ثُمَّ أَحْیَاهُمُ اللَّهُ وَ جَعَلَهُمْ أَنْبِیَاءَ (3).
و قال وهب لم تكن تلك الرجفة موتا و لكن القوم لما رأوا تلك الهیبة أخذتهم الرعدة
ص: 205
و قلقلوا و رجفوا حتی كادت تبین منه مفاصلهم و تنقض ظهورهم فلما رأی موسی ذلك رحمهم و خاف علیهم الموت و اشتد علیه فقدهم و كانوا وزراؤه علی الخیر سامعین له مطیعین فعند ذلك دعا و بكی و ناشد ربه فكشف اللّٰه عنهم تلك الرجفة و الرعدة فسكنوا و اطمأنوا و سمعوا كلام ربهم قالَ أی موسی رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِیَّایَ أی لو شئت أهلكت هؤلاء السبعین من قبل هذا الموقف و أهلكتنی معهم فالآن ما ذا أقول لبنی إسرائیل إذا رجعت إلیهم أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا معناه النفی و إن كان بصورة الإنكار و المعنی أنك لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا فبهذا نسألك رفع المحنة بالإهلاك عنا و ما فعله السفهاء هو عبادة العجل ظن موسی أنهم أهلكوا لأجل عبادة بنی إسرائیل العجل و قیل هو سؤال الرؤیة إِنْ هِیَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أی إن الرجفة إلا اختبارك و ابتلاؤك و محنتك أی تشدیدك التعبد و التكلیف علینا بالصبر علی ما أنزلته بنا و قیل المراد إن هی إلا عذابك تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ أی تهلك بهذه الرجفة من تشاء وَ تَهْدِی مَنْ تَشاءُ أی تنجی و قیل تضل بترك الصبر علی فتنتك و ترك الرضا بها من تشاء عن نیل ثوابك و دخول جنتك و تهدی بالرضا بها و الصبر علیها من تشاء أَنْتَ وَلِیُّنا أی ناصرنا و الأولی بنا تحوطنا و تحفظنا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَةً أی نعمة و قیل الثناء الجمیل و قیل التوفیق للأعمال الصالحة وَ فِی الْآخِرَةِ أی حسنة أیضا و هی الرفعة و المغفرة و الرحمة و الجنة فَسَأَكْتُبُها أی فسأوجب رحمتی و هذه بشارة ببعثة نبینا ص. (1)وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ أی قلعناه من أصله فرفعناه فوق بنی إسرائیل و كان عسكر موسی فرسخا فی فرسخ فرفع اللّٰه الجبل فوق جمیعهم كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ أی غمامة أو سقیفة وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ أی علموا أو الظن بمعناه خُذُوا أی و قلنا لهم خذوا. (2)وَ واعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَیْمَنَ هو أن اللّٰه وعد موسی بعد أن أغرق فرعون لیأتی جانب الطور الأیمن فیؤتیه التوراة وَ لا تَطْغَوْا فِیهِ أی و لا تتعدوا فیه فتأكلوه
ص: 206
علی الوجه المحرم علیكم فَقَدْ هَوی أی هلك أو هوی إلی النار لِمَنْ تابَ من الشرك ثُمَّ اهْتَدی أی لزم الإیمان حتی یموت و قیل لم یشك فی إیمانه و
قَالَ الْبَاقِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ ثُمَّ اهْتَدی إِلَی وَلَایَتِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ (1).
وَ ما أَعْجَلَكَ قال ابن إسحاق كانت المواعدة أن یوافی المیعاد هو و قومه و قیل مع جماعة من وجوه قومه و هو متصل بقوله وَ واعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَیْمَنَ فتعجل موسی من بینهم شوقا إلی ربه و خلفهم لیلحقوا به فقیل له ما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ یا مُوسی أی بأی سبب خلفت قومك و سبقتهم عَلی أَثَرِی أی من ورائی یدركوننی عن قریب أو هم علی دینی و منهاجی أو هم ینتظرون من بعدی ما الذی آتیهم به وَ عَجِلْتُ إِلَیْكَ رَبِّ لِتَرْضی أی سبقتهم إلیك حرصا علی تعجیل رضاك فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ أی امتحناهم بِمَلْكِنا أی و نحن نملك من أمرنا شیئا و المعنی أنا لم نطق رد عبدة العجل عن عظیم ما ارتكبوه للرهبة لكثرتهم و قلتنا وَ إِنَّ لَكَ مَوْعِداً أی وعدا لعذابك یوم القیامة لن تخلف ذلك الوعد و لن یتأخر عنك ظَلْتَ عَلَیْهِ عاكِفاً أی ظللت علی عبادته مقیما
لَنُحَرِّقَنَّهُ أی بالنار و قرأ أبو جعفر علیه السلام بسكون الحاء و تخفیف الراء و هو قراءة علی علیه السلام و ابن عباس.
أی لنبردنه بالمبرد (2)فعلی الأول یدل علی كونه حیوانا لحما و دما و علی الثانی علی أنه كان ذهبا و فضة و لم یصر حیوانا. (3)و قال البیضاوی لَنُحَرِّقَنَّهُ أی بالنار و یؤیده قراءة لنحرقنه أو بالمبرد علی أنه مبالغة فی حرق إذا برد بالمبرد و یعضده قراءة لنحرقنه ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ لنذرینه رمادا أو مبرودا فِی الْیَمِّ نَسْفاً فلا یصادف منه شی ء و المقصود من ذلك زیادة عقوبته و إظهار غباوة المفتتنین به لمن له أدنی نظر (4).
ص: 207
وَ قَالَ الطَّبْرِسِیُّ قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ هَمَّ بِقَتْلِ السَّامِرِیِّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ لَا تَقْتُلْهُ یَا مُوسَی فَإِنَّهُ سَخِیٌّ ثُمَّ أَقْبَلَ مُوسَی عَلَی قَوْمِهِ فَقَالَ إِنَّما إِلهُكُمُ الْآیَةَ (1).
أقول:
و فی بعض التفاسیر روی أن موسی أخذ العجل فذبحه فسال منه دم ثم حرقه بالنار ثم ذرأه فی الیم.
الْقُرُونَ الْأُولی مثل قوم نوح و عاد و ثمود بَصائِرَ أی حججا و براهین لِلنَّاسِ و عبرا یبصرون بها أمر دینهم. (2)وَ الطُّورِ أقسم سبحانه بالجبل الذی كلم علیه موسی بالأرض المقدسة وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ أی مكتوب فِی رَقٍّ مَنْشُورٍ الرق جلد یكتب فیه و المنشور المبسوط قیل هو التوراة كتبها اللّٰه لموسی و قیل هو القرآن و قیل صحائف الأعمال و قیل هو الكتاب الذی كتبها اللّٰه لملائكته فی السماء یقرءون فیه ما كان و ما یكون. (3).
«1»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ فَإِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا رَجَعَ إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ مَعَهُ التَّوْرَاةُ لَمْ یَقْبَلُوا مِنْهُ فَرَفَعَ اللَّهُ جَبَلَ طُورِ سَیْنَاءَ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ لَهُمْ مُوسَی لَئِنْ لَمْ تَقْبَلُوا لَیَقَعَنَّ الْجَبَلُ عَلَیْكُمْ وَ لَیَقْتُلَنِّكُمْ فَنَكَسُوا رُءُوسَهُمْ وَ قَالُوا نَقْبَلُهُ (4)قَوْلُهُ وَ أُشْرِبُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ أَیْ أَحَبُّوا الْعِجْلَ حَتَّی عَبَدُوهُ (5).
«2»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ع، علل الشرائع سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنِ الثَّوْرِ مَا بَالُهُ غَاضٌّ طَرْفَهُ لَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ قَالَ حَیَاءً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا عَبَدَ قَوْمُ مُوسَی الْعِجْلَ نَكَسَ رَأْسَهُ(6).
«3»-ع، علل الشرائع مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِیٍّ الْبَصْرِیُّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ حَمَّادٍ النَّهَاوَنْدِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ
ص: 208
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَثْنَی عَنْ مُوسَی بْنِ الْحَسَنِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ شُرَیْحٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَیُّوبَ عَنْ جَمِیلِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَكْرِمُوا الْبَقَرَ فَإِنَّهُ سَیِّدُ الْبَهَائِمِ مَا رَفَعَتْ طَرْفَهَا إِلَی السَّمَاءِ حَیَاءً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُنْذُ عُبِدَ الْعِجْلُ (1).
«4»-فس، تفسیر القمی فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ قَالَ اخْتَبَرْنَاهُمْ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِیُّ قَالَ بِالْعِجْلِ الَّذِی عَبَدُوهُ وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا وَعَدَهُ اللَّهُ أَنْ یُنَزِّلَ عَلَیْهِ التَّوْرَاةَ وَ الْأَلْوَاحَ إِلَی ثَلَاثِینَ یَوْماً أَخْبَرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ بِذَلِكَ وَ ذَهَبَ إِلَی الْمِیقَاتِ وَ خَلَّفَ هَارُونَ عَلَی قَوْمِهِ فَلَمَّا جَاءَتِ الثَّلَاثُونَ یَوْماً وَ لَمْ یَرْجِعْ مُوسَی إِلَیْهِمْ عَصَوْا (2)وَ أَرَادُوا أَنْ یَقْتُلُوا هَارُونَ قَالُوا إِنَّ مُوسَی كَذَبَنَا وَ هَرَبَ مِنَّا فَجَاءَهُمْ إِبْلِیسُ فِی صُورَةِ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ مُوسَی قَدْ هَرَبَ مِنْكُمْ وَ لَا یَرْجِعُ إِلَیْكُمْ أَبَداً فَاجْمَعُوا إِلَیَّ حُلِیَّكُمْ حَتَّی أَتَّخِذَ لَكُمْ إِلَهاً تَعْبُدُونَهُ وَ كَانَ السَّامِرِیُّ عَلَی مُقَدِّمَةِ مُوسَی یَوْمَ أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابَهُ فَنَظَرَ إِلَی جَبْرَئِیلَ وَ كَانَ عَلَی حَیَوَانٍ فِی صُورَةِ رَمَكَةٍ وَ كَانَتْ كُلَّمَا وَضَعَتْ حَافِرَهَا عَلَی مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ یَتَحَرَّكُ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ فَنَظَرَ إِلَیْهِ السَّامِرِیُّ وَ كَانَ مِنْ خِیَارِ أَصْحَابِ مُوسَی فَأَخَذَ التُّرَابَ مِنْ حَافِرِ رَمَكَةِ جَبْرَئِیلَ (3)وَ كَانَ یَتَحَرَّكُ فَصَرَّهُ فِی صُرَّةٍ (4)وَ كَانَ عِنْدَهُ یَفْتَخِرُ بِهِ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمَّا جَاءَهُمْ إِبْلِیسُ وَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ قَالَ لِلسَّامِرِیِّ هَاتِ التُّرَابَ الَّذِی مَعَكَ فَجَاءَ بِهِ السَّامِرِیُّ فَأَلْقَاهُ إِبْلِیسُ فِی جَوْفِ الْعِجْلِ فَلَمَّا وَقَعَ التُّرَابُ فِی جَوْفِهِ تَحَرَّكَ وَ خَارَ وَ نَبَتَ عَلَیْهِ الْوَبَرُ وَ الشَّعْرُ فَسَجَدَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِیلَ فَكَانَ عَدَدُ الَّذِینَ سَجَدُوا سَبْعِینَ أَلْفاً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ كَمَا حَكَی اللَّهُ یا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِی وَ أَطِیعُوا أَمْرِی قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَیْهِ عاكِفِینَ حَتَّی یَرْجِعَ إِلَیْنا مُوسی فَهَمُّوا بِهَارُونَ حَتَّی هَرَبَ مِنْ بَیْنِهِمْ وَ بَقُوا فِی ذَلِكَ حَتَّی تَمَّ مِیقَاتُ مُوسَی أَرْبَعِینَ لَیْلَةً فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ عَشَرَةٍ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْأَلْوَاحَ فِیهِ التَّوْرَاةُ وَ مَا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ
ص: 209
مِنْ أَحْكَامِ السِّیَرِ وَ الْقِصَصِ (1)ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِیُّ وَ عَبَدُوا الْعِجْلَ وَ لَهُ خُوَارٌ فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا رَبِّ الْعِجْلُ مِنَ السَّامِرِیِّ فَالْخُوَارُ مِمَّنْ قَالَ مِنِّی یَا مُوسَی أَنَا لَمَّا رَأَیْتُهُمْ قَدْ وَلَّوْا عَنِّی إِلَی الْعِجْلِ أَحْبَبْتُ أَنْ أَزِیدَهُمْ فِتْنَةً فَرَجَعَ مُوسی كَمَا حَكَی اللَّهُ إِلی قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ یا قَوْمِ أَ لَمْ یَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَ فَطالَ عَلَیْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ یَحِلَّ عَلَیْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِی ثُمَّ رَمَی بِالْأَلْوَاحِ وَ أَخَذَ بِلِحْیَةِ أَخِیهِ هَارُونَ وَ رَأْسِهِ یَجُرُّهُ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَیْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَیْتَ أَمْرِی فَقَالَ هَارُونُ كَمَا حَكَی اللَّهُ یَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْیَتِی وَ لا بِرَأْسِی إِنِّی خَشِیتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَیْنَ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِی فَقَالَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِیلَ ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا قَالَ مَا خَالَفْنَاكَ وَ لكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِینَةِ الْقَوْمِ یَعْنِی مِنْ حُلِیِّهِمْ فَقَذَفْناها قَالَ التُّرَابُ الَّذِی جَاءَ بِهِ السَّامِرِیُّ طَرَحْنَاهُ فِی جَوْفِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ السَّامِرِیُّ الْعِجْلَ وَ لَهُ خُوَارٌ فَقَالَ لَهُ مُوسَی فَما خَطْبُكَ یا سامِرِیُّ قالَ السَّامِرِیُّ بَصُرْتُ بِما لَمْ یَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ یَعْنِی مِنْ تَحْتِ حَافِرِ رَمَكَةِ جَبْرَئِیلَ فِی الْبَحْرِ فَنَبَذْتُها أَیْ أَمْسَكْتُهَا (2)وَ كَذلِكَ سَوَّلَتْ لِی نَفْسِی أَیْ زَیَّنَتْ فَأَخْرَجَ مُوسَی الْعِجْلَ فَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ وَ أَلْقَاهُ فِی الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ مُوسَی لِلسَّامِرِیِّ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِی الْحَیاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ یَعْنِی مَا دُمْتَ حَیّاً وَ عَقِبَكَ هَذِهِ الْعَلَامَةُ فِیكُمْ قَائِمَةٌ أَنْ تَقُولَ (3)لَا مِسَاسَ حَتَّی تُعْرَفُوا أَنَّكُمْ سَامِرِیَّةٌ فَلَا یَغْتَرُّوا بِكُمُ النَّاسُ فَهُمْ إِلَی السَّاعَةِ بِمِصْرَ وَ الشَّامِ مَعْرُوفِینَ بِلَا مِسَاسَ ثُمَّ هَمَّ مُوسَی بِقَتْلِ السَّامِرِیِّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ لَا تَقْتُلْهُ یَا مُوسَی فَإِنَّهُ سَخِیٌّ فَقَالَ لَهُ مُوسَی انْظُرْ إِلی إِلهِكَ الَّذِی ظَلْتَ عَلَیْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِی الْیَمِّ نَسْفاً إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِی لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَیْ ءٍ عِلْماً (4).
ص: 210
بیان: قال البیضاوی أَسِفاً أی حزینا بما فعلوا وَعْداً حَسَناً بأن یعطیكم التوراة فیها هدی و نور أَ فَطالَ عَلَیْكُمُ الْعَهْدُ أی الزمان یعنی زمان مفارقته لهم فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِی وعدكم إیای بالثبات علی الإیمان باللّٰه و القیام علی ما أمرتكم به و قیل هو من أخلفت وعده إذا وجدت الخلف فیه أی أ فوجدتم الخلف فی وعدی لكم بالعود بعد الأربعین بِمَلْكِنا أی بأن ملكنا أمرنا إذ لو خلینا و أمرنا و لم یسول لنا السامری لما أخلفناه أَوْزاراً مِنْ زِینَةِ الْقَوْمِ أحمالا من حلی القبط التی استعرناها منهم حین هممنا بالخروج من مصر باسم العرس و قیل استعاروا لعید كان لهم ثم لم یردوا عند الخروج مخافة أن یعلموا به و قیل ما ألقاه البحر (1)علی الساحل بعد إغراقهم فأخذوه فَقَذَفْناها أی فی النار فَكَذلِكَ أَلْقَی السَّامِرِیُّ أی ما كان معه منها روی أنهم لما حسبوا أن العدة قد كملت قال لهم السامری إنما أخلف موسی میعادكم لما معكم من حلی القوم و هو حرام علیكم فالرأی أن نحفر له حفیرة و نسجر فیها نارا و نقذف كل ما معنا فیها ففعلوا انتهی. (2)أقول یمكن أن یكون قوله التراب الذی (3)تفسیرا لقوله فَكَذلِكَ أَلْقَی السَّامِرِیُّ و إن لم یذكر و هكذا فسر فی عیون التفاسیر.
ثم قال البیضاوی فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً من تلك الحلی المذابة لَهُ خُوارٌ صوت العجل فَقالُوا یعنی السامری و من افتتن به هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسی فَنَسِیَ أی فنسیه موسی و ذهب یطلبه عند الطور أو فنسی السامری أی ترك ما كان علیه من إظهار الإیمان إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ أی بالعجل عَلَیْهِ أی علی العجل و عبادته عاكِفِینَ مقیمین أَلَّا تَتَّبِعَنِ أی أن تتبعنی فی الغضب لله و المقابلة مع من كفر به أو أن تأتی عقبی و تلحقنی و لا مزیدة أَ فَعَصَیْتَ أَمْرِی بالصلابة فی الدین و المحاماة علیه قالَ یَا بْنَ أُمَّ خص الأم استعطافا و ترقیقا و قیل لأنه كان أخاه من الأم و الجمهور علی أنهما من أب و أم لا تَأْخُذْ بِلِحْیَتِی وَ لا بِرَأْسِی أی بشعر رأسی قبض علیهما یجره إلیه من شدة
ص: 211
غضبه لله وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِی حین قلت اخلفنی فی قومی و أصلح فَما خَطْبُكَ أی ما طلبك له و ما الذی حملك علیه قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ یَبْصُرُوا بِهِ أی علمت ما لم یعلموه و فطنت بما لم یفطنوا به و هو أن الرسول الذی جاءك به روحانی محض لا یمس أثره شیئا إلا أحیاه أو رأیت ما لم یروه و هو أن جبرئیل جاءك علی فرس الحیاة قیل إنما عرفه لأن أمه ألقته حین ولدته خوفا من فرعون و كان جبرئیل یغذیه حتی استقل فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ من تربة موطئة فنبذتها فی الحلی المذابة وَ كَذلِكَ سَوَّلَتْ لِی نَفْسِی زینته و حسنته لی. (1)قوله لا مِساسَ قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف فی معناه فقیل إنه أمر الناس بأمر اللّٰه أن لا یخالطوه و لا یجالسوه و لا یؤاكلوه تضییقا علیه و المعنی لك أن تقول لا أمس و لا أمس ما دمت حیا و قال ابن عباس لك و لولدك و المساس فعال من المماسة و معنی لا مساس لا یمس بعضنا بعضا فصار السامری یهیم فی البریة مع الوحش و السباع لا یمس أحدا و لا یمسه أحد عاقبه اللّٰه تعالی بذلك و كان إذا لقی أحدا یقول لا مساس أی لا تمسنی و لا تقربنی و صار ذلك عقوبة له و لولده حتی أن بقایاهم الیوم یقولون ذلك و إن مس واحد من غیرهم واحدا منهم حم كلاهما فی الوقت و قیل إن السامری خاف و هرب فجعل یهیم فی البریة لا یجد أحدا من الناس یمسه حتی صار لبعده عن الناس كالقائل لا مساس عن الجبائی. (2).
«5»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَّا وَ فِی وَقْتِهِ شَیْطَانَانِ یُؤْذِیَانِهِ وَ یَفْتِنَانِهِ وَ یُضِلَّانِ النَّاسَ بَعْدَهُ فَأَمَّا الْخَمْسَةُ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا صَاحِبَا نُوحٍ ففیطیفوس (3)وَ خرام وَ أَمَّا صَاحِبَا إِبْرَاهِیمَ فمكیل وَ رذام وَ أَمَّا صَاحِبَا مُوسَی فَالسَّامِرِیُّ وَ مرعقیبا وَ أَمَّا صَاحِبَا عِیسَی فمولس وَ مریسا (4)وَ أَمَّا صَاحِبَا مُحَمَّدٍ
ص: 212
فَحَبْتَرٌ وَ زُرَیْقٌ (1).
بیان: الحبتر الثعلب و عبر عن أبی بكر (الأول) به لكونه یشبهه فی المكر و الخدیعة و التعبیر عن (عمر) (الثانی) بزریق إما لكونه أزرق أو لكونه شبیها بطائر یسمی زریق فی بعض خصاله السیئة أو لكون الزرقة مما یبغضه العرب و یتشأم به كما قیل فی قوله تعالی وَ نَحْشُرُ الْمُجْرِمِینَ یَوْمَئِذٍ زُرْقاً
«6»-ج، الإحتجاج عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلَ طَاوُسٌ الْیَمَانِیُّ (2)الْبَاقِرَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ طَیْرٍ طَارَ مَرَّةً لَمْ یَطِرْ قَبْلَهَا وَ لَا بَعْدَهَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْقُرْآنِ مَا هُوَ فَقَالَ طُورُ سَیْنَاءَ أَطَارَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ حِینَ أَظَلَّهُمْ بِجَنَاحٍ مِنْهُ فِیهِ أَلْوَانُ الْعَذَابِ حَتَّی قَبِلُوا التَّوْرَاةَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ الْخَبَرَ (3).
«7»-فس، تفسیر القمی وَ واعَدْنا مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِیقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی مُوسَی أَنِّی أُنْزِلُ عَلَیْكَ التَّوْرَاةَ الَّتِی فِیهَا الْأَحْكَامُ إِلَی أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ هُوَ ذُو الْقَعْدَةِ وَ عَشَرَةٌ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ وَعَدَنِی أَنْ یُنْزِلَ عَلَیَّ التَّوْرَاةَ وَ الْأَلْوَاحَ إِلَی ثَلَاثِینَ یَوْماً وَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ لَا یَقُولَ إِلَی أَرْبَعِینَ یَوْماً (4)فَتَضَیَّقَ صُدُورُهُمْ فَذَهَبَ مُوسَی إِلَی الْمِیقَاتِ وَ اسْتَخْلَفَ هَارُونَ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمَّا جَاوَزَ ثَلَاثِینَ یَوْماً وَ لَمْ یَرْجِعْ مُوسَی غَضِبُوا فَأَرَادُوا أَنْ یَقْتُلُوا هَارُونَ وَ قَالُوا إِنَّ مُوسَی كَذَبَنَا وَ هَرَبَ مِنَّا وَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ وَ عَبَدُوهُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ عَشَرَةٍ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی مُوسَی الْأَلْوَاحَ وَ مَا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَ الْأَخْبَارِ وَ السُّنَنِ
ص: 213
وَ الْقِصَصِ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ التَّوْرَاةَ وَ كَلَّمَهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْكَ (1)فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ لَنْ تَرانِی أَیْ لَا تَقْدِرُ عَلَی ذَلِكَ وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَی الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِی قَالَ فَرَفَعَ اللَّهُ الْحِجَابَ وَ نَظَرَ إِلَی الْجَبَلِ فَسَاخَ الْجَبَلُ (2)فِی الْبَحْرِ فَهُوَ یَهْوِی حَتَّی السَّاعَةِ وَ نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ وَ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی الْمَلَائِكَةِ أَدْرِكُوا مُوسَی لَا یَهْرُبْ فَنَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ وَ أَحَاطَتْ بِمُوسَی وَ قَالُوا اثْبُتْ یَا ابْنَ عِمْرَانَ فَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ عَظِیماً فَلَمَّا نَزَلَ مُوسَی إِلَی الْجَبَلِ قَدْ سَاخَ وَ الْمَلَائِكَةُ قَدْ نَزَلَتْ وَقَعَ عَلَی وَجْهِهِ فَمَاتَ (3)مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ وَ هَوْلِ مَا رَأَی فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِ رُوحَهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَ أَفَاقَ وَ قَالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَیْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ أَیْ أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَ أَنَّكَ لَا تُرَی فَقَالَ اللَّهُ لَهُ یا مُوسی إِنِّی اصْطَفَیْتُكَ عَلَی النَّاسِ بِرِسالاتِی وَ بِكَلامِی فَخُذْ ما آتَیْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِینَ فَنَادَاهُ جَبْرَئِیلُ یَا مُوسَی أَنَا أَخُوكَ جَبْرَئِیلُ وَ قَوْلُهُ وَ كَتَبْنا لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِیلًا أَیْ كُلُّ شَیْ ءٍ مَوْعِظَةٌ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ وَ قَوْلُهُ فَخُذْها بِقُوَّةٍ أَیْ قُوَّةِ الْقَلْبِ وَ أْمُرْ قَوْمَكَ یَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أَیْ بِأَحْسَنِ مَا فِیهَا مِنَ الْأَحْكَامِ قَوْلُهُ سَأُرِیكُمْ دارَ الْفاسِقِینَ أَیْ یَجِیئُكُمْ (4)قَوْمٌ فُسَّاقٌ تَكُونُ الدَّوْلَةُ لَهُمْ قَوْلُهُ سَأَصْرِفُ عَنْ آیاتِیَ الَّذِینَ یَتَكَبَّرُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ یَعْنِی أَصْرِفُ الْقُرْآنَ عَنِ الَّذِینَ یَتَكَبَّرُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ إِنْ یَرَوْا كُلَّ آیَةٍ لا یُؤْمِنُوا بِها وَ إِنْ یَرَوْا سَبِیلَ الرُّشْدِ لا یَتَّخِذُوهُ سَبِیلًا قَالَ إِذَا رَأَوُا الْإِیمَانَ وَ الصِّدْقَ وَ الْوَفَاءَ وَ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لَا یَتَّخِذُوهُ سَبِیلًا وَ إِنْ یَرَوُا الشِّرْكَ وَ الزِّنَا وَ الْمَعَاصِیَ یَأْخُذُوا بِهَا وَ یَعْمَلُوا بِهَا وَ قَوْلُهُ وَ الَّذِینَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا الْآیَةَ فَإِنَّهُ مُحْكَمٌ قَوْلُهُ هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسی
ص: 214
فَنَسِیَ أَیْ تَرَكَ وَ قَوْلُهُ أَ فَلا یَرَوْنَ أَلَّا یَرْجِعُ إِلَیْهِمْ قَوْلًا یَعْنِی لَا یَتَكَلَّمُ الْعِجْلُ وَ لَیْسَ لَهُ مَنْطِقٌ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ لَمَّا سُقِطَ فِی أَیْدِیهِمْ یَعْنِی لَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَی وَ أَحْرَقَ الْعِجْلَ (1)قالُوا لَئِنْ لَمْ یَرْحَمْنا رَبُّنا وَ یَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ قَوْلُهُ وَ لَمَّا رَجَعَ مُوسی إِلی قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِی مِنْ بَعْدِی أَ عَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَ أَلْقَی الْأَلْواحَ وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِیهِ یَجُرُّهُ إِلَیْهِ إِلَی قَوْلِهِ لَغَفُورٌ رَحِیمٌ فَإِنَّهُ مُحْكَمٌ وَ قَوْلُهُ وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ سَبْعِینَ رَجُلًا لِمِیقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِیَّایَ فَإِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَالَ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ إِنَّ اللَّهَ یُكَلِّمُنِی وَ یُنَاجِینِی لَمْ یُصَدِّقُوهُ فَقَالَ لَهُمُ اخْتَارُوا مِنْكُمْ مَنْ یَجِی ءُ مَعِی حَتَّی یَسْمَعَ كَلَامَهُ فَاخْتَارُوا سَبْعِینَ رَجُلًا مِنْ خِیَارِهِمْ وَ ذَهَبُوا مَعَ مُوسَی إِلَی الْمِیقَاتِ فَدَنَا مُوسَی وَ نَاجَی رَبَّهُ وَ كَلَّمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَقَالَ مُوسَی لِأَصْحَابِهِ اسْمَعُوا وَ اشْهَدُوا عِنْدَ بَنِی إِسْرَائِیلَ بِذَلِكَ فَقَالُوا لَهُ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فَاسْأَلْهُ أَنْ یَظْهَرَ لَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ صَاعِقَةً فَاحْتَرَقُوا وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ إِذْ قُلْتُمْ یا مُوسی لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فَهَذِهِ الْآیَةُ فِی سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَ هِیَ مَعَ هَذِهِ الْآیَةِ فِی سُورَةِ الْأَعْرَافِ قَوْلُهُ وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ سَبْعِینَ رَجُلًا لِمِیقاتِنا فَنِصْفُ الْآیَةِ فِی سُورَةِ الْبَقَرَةِ (2)وَ نِصْفُ الْآیَةِ هَاهُنَا فَلَمَّا نَظَرَ مُوسَی إِلَی أَصْحَابِهِ قَدْ هَلَكُوا حَزِنَ عَلَیْهِمْ فَقَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِیَّایَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَی ظَنَّ أَنَّ هَؤُلَاءِ هَلَكُوا بِذُنُوبِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ إِنْ هِیَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِی مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِیُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَیْرُ الْغافِرِینَ وَ اكْتُبْ لَنا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَیْكَ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَذابِی أُصِیبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِی
ص: 215
وَسِعَتْ كُلَّ شَیْ ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الَّذِینَ هُمْ بِآیاتِنا یُؤْمِنُونَ (1).
بیان: قوله مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْعِظَةً لعل المعنی أنه كتب فیها من آثار حكمة اللّٰه فی خلق كل شی ء و آثار صنعه بحیث یظهر لمن تأمل فیها أن له صانعا و یحتمل أن یكون موعظة حالا أی كتب حكما من كل شی ء و الحال أن ذلك الشی ء موعظة من حیث دلالته علی الصانع و المشهور بین المفسرین أن قوله مَوْعِظَةً بدل من الجار و المجرور أی و كتبنا كل شی ء من المواعظ و تفصیل الأحكام.
قوله تعالی سَأُرِیكُمْ دارَ الْفاسِقِینَ قیل المراد سأریكم جهنم علی سبیل التهدید و قیل دیار فرعون و قومه بمصر و قیل معناه سأدخلكم الشام فأریكم منازل القرون الماضیة ممن خالفوا أمر اللّٰه لتعتبروا بها قوله تعالی سَأَصْرِفُ عَنْ آیاتِیَ قیل أی سأصرف الآیات المنصوبة فی الآفاق و الأنفس عنهم بالطبع علی قلوبهم فلا یتفكرون فیها و لا یعتبرون بها و قیل سأصرفهم عن إبطالها قوله أَ فَلا یَرَوْنَ أقول فی هذا الموضع من القرآن بعد قوله خوار أَ لَمْ یَرَوْا أَنَّهُ لا یُكَلِّمُهُمْ وَ لا یَهْدِیهِمْ سَبِیلًا و فی طه فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسی فَنَسِیَ أَ فَلا یَرَوْنَ الآیة و لعله اشتبه علی المصنف أو فسر فی هذا المقام ما فی سورة طه قوله سُقِطَ فِی أَیْدِیهِمْ أی اشتد ندامتهم كنایة فإن النادم المتحسر یعض یده غما فتصیر یده مسقوطا فیها قوله فهذه الآیة لعل المراد أن الآیتین متعلقتان بواقعة واحدة و إلا فارتباط إحداهما بالأخری بحسب اللفظ مشكل إلا أن یقال وقع التغییر فی اللفظ أیضا فقوله قوله و اختار تفسیر لقوله هذه الآیة قوله إِنَّا هُدْنا إِلَیْكَ أی تبنا إلیك من هاد یهود إذا رجع.
«8»-ل، الخصال أَبِی عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ الَّذِینَ أَمَرُوا قَوْمَ مُوسَی بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ كَانُوا خَمْسَةَ أَنْفُسٍ وَ كَانُوا أَهْلَ بَیْتٍ یَأْكُلُونَ عَلَی خِوَانٍ وَاحِدٍ وَ هُمْ أذینوه وَ أَخُوهُ میذویه وَ ابْنُ أَخِیهِ وَ ابْنَتُهُ وَ امْرَأَتُهُ وَ هُمُ الَّذِینَ ذَبَحُوا الْبَقَرَةَ الَّتِی أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَبْحِهَا الْخَبَرَ (2).
ص: 216
ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام أبی عن علی عن أبیه عن علی بن معبد مثله (1).
«9»-ل، الخصال مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ (2)عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْبَزَّازِ عَنْ حُمَیْدِ بْنِ زَنْجَوَیْهِ (3)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یُوسُفَ عَنْ خَالِدِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مِنَ الْجِبَالِ الَّتِی تَطَایَرَتْ یَوْمَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ سَبْعَةُ أَجْبُلٍ فَلَحِقَتْ بِالْحِجَازِ وَ الْیَمَنِ مِنْهَا بِالْمَدِینَةِ أُحُدٌ وَ وَرِقَانُ (4)وَ بِمَكَّةَ ثَوْرٌ وَ ثَبِیرٌ وَ حِرَاءُ وَ بِالْیَمَنِ صَبِرٌ وَ حَضُورٌ (5).
«10»-ج، الإحتجاج فِی أَسْئِلَةِ الزِّنْدِیقِ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَاتَ قَوْماً خَرَجُوا مَعَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ حِینَ تَوَجَّهَ إِلَی اللَّهِ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ أَحْیَاهُمْ (6).
«11»-ج، الإحتجاج ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام فِی خَبَرِ ابْنِ الْجَهْمِ أَنَّهُ سَأَلَ الْمَأْمُونُ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ مَعْنَی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمَّا جاءَ مُوسی لِمِیقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْكَ قالَ لَنْ تَرانِی الْآیَةَ
ص: 217
كَیْفَ یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ كَلِیمُ اللَّهِ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَا یَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی ذِكْرُهُ لَا یَجُوزُ عَلَیْهِ الرُّؤْیَةُ حَتَّی یَسْأَلَهُ هَذَا السُّؤَالَ فَقَالَ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ كَلِیمَ اللَّهِ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی عَزَّ عَنْ أَنْ یُرَی (1)بِالْأَبْصَارِ وَ لَكِنَّهُ لَمَّا كَلَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَرَّبَهُ نَجِیّاً رَجَعَ إِلَی قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَلَّمَهُ وَ قَرَّبَهُ وَ نَاجَاهُ فَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَسْمَعَ كَلَامَهُ كَمَا سَمِعْتَ وَ كَانَ الْقَوْمُ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ فَاخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعِینَ أَلْفاً ثُمَّ اخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعَةَ آلَافٍ (2)ثُمَّ اخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعِینَ رَجُلًا لِمِیقَاتِ رَبِّهِ فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَی طُورِ سَیْنَاءَ فَأَقَامَهُمْ فِی سَفْحِ الْجَبَلِ وَ صَعِدَ مُوسَی إِلَی الطُّورِ وَ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُكَلِّمَهُ وَ یُسْمِعَهُمْ كَلَامَهُ فَكَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَی ذِكْرُهُ وَ سَمِعُوا كَلَامَهُ مِنْ فَوْقُ وَ أَسْفَلُ وَ یَمِینُ وَ شِمَالُ وَ وَرَاءُ وَ أَمَامُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحْدَثَهُ فِی الشَّجَرَةِ وَ جَعَلَهُ مُنْبَعِثاً مِنْهَا حَتَّی سَمِعُوهُ مِنْ جَمِیعِ الْوُجُوهِ فَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ بِأَنَّ هَذَا الَّذِی سَمِعْنَاهُ كَلَامُ اللَّهِ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فَلَمَّا قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ الْعَظِیمَ وَ اسْتَكْبَرُوا وَ عَتَوْا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِمْ صَاعِقَةً فَأَخَذَتْهُمْ بِظُلْمِهِمْ فَمَاتُوا فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا رَبِّ مَا أَقُولُ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَیْهِمْ وَ قَالُوا إِنَّكَ ذَهَبْتَ بِهِمْ فَقَتَلْتَهُمْ لِأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ صَادِقاً فِیمَا ادَّعَیْتَ مِنْ مُنَاجَاةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِیَّاكَ فَأَحْیَاهُمُ اللَّهُ وَ بَعَثَهُمْ مَعَهُ فَقَالُوا إِنَّكَ لَوْ سَأَلْتَ اللَّهَ أَنْ یُرِیَكَ تَنْظُرُ إِلَیْهِ لَأَجَابَكَ وَ كُنْتَ تُخْبِرُنَا كَیْفَ هُوَ فَنَعْرِفُهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا قَوْمِ إِنَّ اللَّهَ لَا یُرَی بِالْأَبْصَارِ وَ لَا كَیْفِیَّةَ لَهُ وَ إِنَّمَا یُعْرَفُ بِآیَاتِهِ وَ یُعْلَمُ بِأَعْلَامِهِ فَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَسْأَلَهُ فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا رَبِّ إِنَّكَ قَدْ سَمِعْتَ مَقَالَةَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِصَلَاحِهِمْ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا مُوسَی اسْأَلْنِی مَا سَأَلُوكَ فَلَنْ أُؤَاخِذَكَ بِجَهْلِهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْكَ قالَ لَنْ تَرانِی وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَی الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ وَ هُوَ یَهْوِی فَسَوْفَ تَرانِی فَلَمَّا تَجَلَّی رَبُّهُ لِلْجَبَلِ بِآیَةٍ مِنْ آیَاتِهِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسی صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَیْكَ یَقُولُ رَجَعْتُ إِلَی مَعْرِفَتِی بِكَ عَنْ جَهْلِ قَوْمِی وَ أَنَا أَوَّلُ
ص: 218
الْمُؤْمِنِینَ مِنْهُمْ بِأَنَّكَ لَا تُرَی (1).
أقول: قد مضی الكلام فی ذلك مفصلا فی كتاب التوحید.
«12»-یب، تهذیب الأحكام بِإِسْنَادِهِ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ فِی وَصِیَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ أَخْرِجُونِی إِلَی الظَّهْرِ فَإِذَا تَصَوَّبَتْ (2)أَقْدَامُكُمْ وَ اسْتَقْبَلَتْكُمْ رِیحٌ فَادْفِنُونِی وَ هُوَ أَوَّلُ طُورِ سَیْنَاءَ (3).
«13»-إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: الْغَرِیُّ قِطْعَةٌ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِی كَلَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ مُوسی تَكْلِیماً (4).
«14»-ع، علل الشرائع الدَّقَّاقُ وَ السِّنَانِیُّ وَ الْمُكَتِّبُ جَمِیعاً عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ النَّخَعِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَخْبِرْنِی عَنْ هَارُونَ لِمَ قَالَ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْیَتِی وَ لا بِرَأْسِی وَ لَمْ یَقُلْ یَا ابْنَ أَبِی فَقَالَ إِنَّ الْعَدَاوَاتِ بَیْنَ الْإِخْوَةِ أَكْثَرُهَا تَكُونُ إِذَا كَانُوا بَنِی عَلَّاتٍ وَ مَتَی كَانُوا بَنِی أُمٍّ قَلَّتِ الْعَدَاوَةُ بَیْنَهُمْ إِلَّا أَنْ یَنْزِغَ الشَّیْطَانُ بَیْنَهُمْ فَیُطِیعُوهُ فَقَالَ هَارُونُ لِأَخِیهِ مُوسَی یَا أَخِی الَّذِی وَلَدَتْهُ أُمِّی وَ لَمْ تَلِدْنِی غَیْرُ أُمِّهِ لَا تَأْخُذْ بِلِحْیَتِی وَ لَا بِرَأْسِی وَ لَمْ یَقُلْ یَا ابْنَ أَبِی لِأَنَّ بَنِی الْأَبِ إِذَا كَانَتْ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّی لَمْ تُسْتَبْعَدِ (5)الْعَدَاوَةُ بَیْنَهُمْ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ وَ إِنَّمَا تُسْتَبْعَدُ (6)الْعَدَاوَةُ بَیْنَ بَنِی أُمٍّ وَاحِدَةٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ فَلِمَ أَخَذَ بِرَأْسِهِ یَجُرُّهُ إِلَیْهِ وَ بِلِحْیَتِهِ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ فِی اتِّخَاذِهِمُ الْعِجْلَ وَ عِبَادَتِهِمْ لَهُ ذَنْبٌ فَقَالَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ
ص: 219
بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ یُفَارِقْهُمْ لَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ وَ لَمْ یَلْحَقْ بِمُوسَی وَ كَانَ إِذَا فَارَقَهُمْ یَنْزِلُ بِهِمُ الْعَذَابُ أَ لَا تَرَی أَنَّهُ قَالَ لَهُ مُوسَی یا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَیْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَیْتَ أَمْرِی قَالَ هَارُونُ لَوْ فَعَلْتُ ذَلِكَ لَتَفَرَّقُوا وَ إِنِّی خَشِیتُ أَنْ تَقُولَ لِی فَرَّقْتَ بَیْنَ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِی.
قال الصدوق رحمه اللّٰه: أخذ موسی برأس أخیه و لحیته أخذه برأس نفسه و لحیة نفسه علی العادة المتعاطاة للناس إذا اغتم أحدهم أو أصابته مصیبة عظیمة وضع یده علی رأسه و إذا دهته داهیة عظیمة قبض علی لحیته فكأنه أراد بما فعل أن یعلم هارون أنه وجب علیه الاغتمام و الجزع بما أتاه قومه و وجب أن یكون فی مصیبته بما تعاطوه لأن الأمة من النبی و الحجة بمنزلة الأغنام من راعیها و من أحق بالاغتمام بتفریق الأغنام و هلاكها من راعیها و قد وكل بحفظها و استعبد بإصلاحها و قد وعد الثواب علی ما یأتیه من إرشادها و حسن رعیها و أوعد العقاب علی ضد ذلك من تضییعها و هكذا
فعل الحسین بن علی علیهما السلام لما ذكر القوم المحاربین له بحرماته فلم یرعوها قبض علی لحیته و تكلم بما تكلم به.
و فی العادة أیضا أن یخاطب الأقرب و یعاتب علی ما یأتیه البعید لیكون ذلك أزجر للبعید عن إتیان ما یوجب العقاب و قد قال اللّٰه عز و جل لخیر خلقه و أقربهم منه صلی اللّٰه علیه و آله لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ (1)و قد علم عز و جل أن نبیه صلی اللّٰه علیه و آله لا یشرك به أبدا و إنما خاطبه بذلك و أراد به أمته و هكذا موسی عاتب أخاه هارون و أراد بذلك أمته اقتداء باللّٰه تعالی ذكره و استعمالا لعادات الصالحین قبله و فی وقته. (2)بیان قال الجوهری بنو العلات هم أولاد الرجل من نسوة شتی و قال السید رضی اللّٰه عنه إن قیل ما الوجه فی قوله تعالی وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِیهِ الآیة أ و لیس ظاهر الآیة یدل علی أن هارون أحدث ما أوجب إیقاع ذلك الفعل به و بعد فما الاعتذار لموسی علیه السلام من ذلك و هو فعل السخفاء و المتسرعین و لیس من عادة
ص: 220
الحكماء المتماسكین قلنا لیس فیما حكاه اللّٰه تعالی من فعل موسی بأخیه ما یقتضی صدور معصیة و لا قبیح من واحد منهما و ذلك أن موسی علیه السلام أقبل و هو غضبان علی قومه لما أحدثوا بعده مستعظما لفعلهم مفكرا فیما كان منهم فأخذ برأس أخیه و جره إلیه كما یفعل الإنسان بنفسه مثل ذلك عند الغضب و شدة الفكر أ ما تری أن المفكر الغضبان قد یعض علی شفته و یقبض علی لحیته فأجری موسی أخاه مجری نفسه لأنه كان أخاه و شریكه و من یمسه من الخیر و الشر ما یمسه فصنع به ما یصنعه الرجل بنفسه فی أحوال الفكر و الغضب و هذه الأمور تختلف أحكامها بالعادات فیكون ما هو إكرام فی بعضها استخفافا فی غیرها و بالعكس و أما قوله لا تَأْخُذْ بِلِحْیَتِی (1)فلا یمتنع أن یكون هارون علیه السلام خاف من أن یتوهم بنو إسرائیل بسوء ظنهم أنه منكر علیه معاتب له ثم ابتدأ بشرح قصته فقال فی موضع إِنِّی خَشِیتُ الآیة و فی موضع آخر ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی و یمكن أن یكون قوله لا تَأْخُذْ بِلِحْیَتِی لیس علی سبیل الأنفة (2)بل معنی كلامه لا تغضب و لا یشتد جزعك و أسفك و قال قوم إن موسی علیه السلام لما رأی من أخیه مثل ما كان علیه من الجزع و القلق أخذ برأسه (3)متوجعا له مسكتا كما یفعل أحدنا بمن یناله المصیبة (4)و علی هذا یكون قوله فَلا تُشْمِتْ بِیَ الْأَعْداءَ كلاما مستأنفا و أما قوله لا تَأْخُذْ بِلِحْیَتِی فیحتمل أن یرید لا تفعل ذلك و غرضك التسكین منی و یظن القوم أنك منكر علی و قال قوم (5)أخذ برأس أخیه
ص: 221
لیدنیه إلیه و یعلمه ما أوحی اللّٰه إلیه فخاف هارون أن یسبق إلی قلوبهم لسوء ظنهم ما لا أصل له من عداوته فقال إشفاقا علی موسی علیه السلام لا تَأْخُذْ بِلِحْیَتِی وَ لا بِرَأْسِی لتسر ما تریده بین أیدی هؤلاء فیظنوا بك ما لا یجوز علیك انتهی. (1)
أقول: لعل الأظهر ما ذكره الصدوق رحمه اللّٰه أخیرا من كون ذلك بینهما علی جهة المصلحة لتخفیف الأمة و لیعلموا شدة إنكار موسی علیهم علی أنه لو كان ذلك مما لا ینبغی من واحد منهما فهو ترك أولی لما مر من الأدلة القاطعة علی عصمتهم علیهم السلام و علیه یحمل ما فی الخبر.
«15»-فس، تفسیر القمی وَ إِذْ قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ یا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلی بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا خَرَجَ إِلَی الْمِیقَاتِ رَجَعَ إِلَی قَوْمِهِ وَ قَدْ عَبَدُوا الْعِجْلَ قَالَ لَهُمْ یا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلی بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ فَقَالُوا فَكَیْفَ نَقْتُلُ أَنْفُسَنَا فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی اغْدُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ مَعَهُ سِكِّینٌ أَوْ حَدِیدَةٌ أَوْ سَیْفٌ فَإِذَا صَعِدْتُ أَنَا مِنْبَرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَكُونُوا أَنْتُمْ مُتَلَثِّمِینَ لَا یَعْرِفُ أَحَدٌ صَاحِبَهُ فَاقْتُلُوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَاجْتَمَعُوا سَبْعِینَ أَلْفَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانُوا عَبَدُوا الْعِجْلَ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمَّا صَلَّی بِهِمْ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ یَقْتُلُ بَعْضاً حَتَّی نَزَلَ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ قُلْ لَهُمْ یَا مُوسَی ارْفَعُوا الْقَتْلَ فَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ فَقُتِلَ مِنْهُمْ عَشَرَةُ آلَافٍ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَیْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ وَ قَوْلُهُ وَ إِذْ قُلْتُمْ یا مُوسی لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً الْآیَةَ فَهُمُ السَّبْعُونَ الَّذِینَ اخْتَارَهُمْ مُوسَی لِیَسْمَعُوا كَلَامَ اللَّهِ فَلَمَّا سَمِعُوا الْكَلَامَ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ یَا مُوسَی حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ صَاعِقَةً فَاحْتَرَقُوا ثُمَّ أَحْیَاهُمُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَ بَعَثَهُمْ أَنْبِیَاءَ (2).
ص: 222
بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ أی لن نصدقك فی قولك إنك نبی مبعوث حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً أی علانیة فیخبرنا بأنك نبی مبعوث و قیل معناه أنا لا نصدقك فیما تخبر به من صفات اللّٰه تعالی و ما یجوز علیه حتی نری اللّٰه جهرة و عیانا فیخبرنا بذلك و قیل إنه لما جاءهم بالألواح و فیها التوراة قالوا لن نؤمن بأن هذا من عند اللّٰه حتی نراه عیانا و قال بعضهم إن قوله جَهْرَةً صفة لخطابهم لموسی إنهم جهروا به و أعلنوه (1).
«16»-ید، التوحید ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَیْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ یَقُولُ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَیْكَ مِنْ أَنْ أَسْأَلَكَ الرُّؤْیَةَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ بِأَنَّكَ لَا تُرَی (2).
«17»-ید، التوحید أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا تَجَلَّی رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا قَالَ سَاخَ الْجَبَلُ فِی الْبَحْرِ فَهُوَ یَهْوِی حَتَّی السَّاعَةِ (3).
بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: فَلَمَّا تَجَلَّی رَبُّهُ لِلْجَبَلِ أی ظهر أمر ربه لأهل الجبل فحذف و المعنی أنه سبحانه أظهر من الآیات ما استدل به من كان عند الجبل علی أن رؤیته غیر جائزة و قیل معناه ظهر ربه بآیاته التی أحدثها فی الجبل لأهل الجبل كما یقال الحمد لله الذی تجلی لنا بقدرته فلما أظهر الآیة العجیبة فی الجبل صار كأنه ظهر لأهله و قیل إن تجلی بمعنی جلی كقولهم حدث و تحدث و تقدیره جلی ربه أمره للجبل أی أبرز فی ملكوته للجبل ما تدكدك به و یؤیده ما جاء فی الخبر أن اللّٰه تعالی أبرز من العرش مقدار الخنصر فتدكدك به الجبل و قال ابن عباس معناه
ص: 223
ظهر نور ربه للجبل و قال الحسن لما ظهر وحی ربه لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا أی مستویا بالأرض و قیل ترابا عن ابن عباس و قیل ساخ فی الأرض حتی فنی عن الحسن و قیل تقطع أربع قطع قطعة ذهبت نحو المشرق و قطعة ذهبت نحو المغرب و قطعة سقطت فی البحر و قطعة صارت رملا و قیل صار الجبل ستة أجبل وقعت ثلاثة بالمدینة و ثلاثة بمكة فالتی بالمدینة أحد و ورقان و رضوی و التی بمكة ثور و ثبیر و حراء روی ذلك عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله. (1).
«18»-یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّیَّارِیُّ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْفَارِسِیِّ وَ غَیْرِهِ رَفَعُوهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ الْكَرُوبِیِّینَ (2)قَوْمٌ مِنْ شِیعَتِنَا مِنَ الْخَلْقِ الْأَوَّلِ جَعَلَهُمُ اللَّهُ خَلْفَ الْعَرْشِ لَوْ قُسِمَ نُورُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ لَكَفَاهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَنْ سَأَلَ رَبَّهُ مَا سَأَلَ أَمَرَ وَاحِداً مِنَ الْكَرُوبِیِّینَ فَتَجَلَّی لِلْجَبَلِ فَجَعَلَهُ دَكّاً (3).
«19»-یر، بصائر الدرجات عَلِیُّ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ عَبَّاسٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ لَیْثٍ الْمُرَادِیِّ عَنْ سَدِیرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ فَسَأَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنِ الْیَمَنِ فَأَقْبَلَ یُحَدِّثُ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ هَلْ تَعْرِفُ دَارَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ نَعَمْ وَ رَأَیْتُهَا قَالَ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ هَلْ تَعْرِفُ صَخْرَةً عِنْدَهَا فِی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ نَعَمْ وَ رَأَیْتُهَا فَقَالَ الرَّجُلُ مَا رَأَیْتُ رَجُلًا أَعْرَفَ بِالْبِلَادِ مِنْكَ فَلَمَّا قَامَ الرَّجُلُ قَالَ لِی أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا أَبَا الْفَضْلِ تِلْكَ الصَّخْرَةُ الَّتِی غَضِبَ مُوسَی فَأَلْقَی الْأَلْوَاحَ فَمَا ذَهَبَ مِنَ التَّوْرَاةِ الْتَقَمَتْهُ الصَّخْرَةُ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ أَدَّتْهُ إِلَیْهِ وَ هِیَ عِنْدَنَا (4).
أقول: ستأتی الأخبار الكثیرة فی كتاب الإمامة فی أن عندهم التوراة و الألواح و الإنجیل و سائر كتب الأنبیاء.
ص: 224
«20»-كا مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ قَالَ لِی یَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یُعْطِ الْأَنْبِیَاءَ شَیْئاً إِلَّا وَ قَدْ أَعْطَاهُ مُحَمَّداً وَ عِنْدَنَا الصُّحُفُ الَّتِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صُحُفِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هِیَ الْأَلْوَاحُ قَالَ نَعَمْ (1).
«21»-یر، بصائر الدرجات أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَی الْبَغْدَادِیِّ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ فِی الْجَفْرِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا أَنْزَلَ أَلْوَاحَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْزَلَهَا عَلَیْهِ وَ فِیهَا تِبْیَانُ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَی أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فَلَمَّا انْقَضَتْ أَیَّامُ مُوسَی أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِ اسْتَوْدِعِ الْأَلْوَاحَ وَ هِیَ زَبَرْجَدَةٌ مِنَ الْجَنَّةِ الْجَبَلَ فَأَتَی مُوسَی الْجَبَلَ فَانْشَقَّ لَهُ الْجَبَلُ فَجَعَلَ فِیهِ الْأَلْوَاحَ مَلْفُوفَةً فَلَمَّا جَعَلَهَا فِیهِ انْطَبَقَ الْجَبَلُ عَلَیْهَا فَلَمْ تَزَلْ فِی الْجَبَلِ حَتَّی بَعَثَ اللَّهُ نَبِیَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَأَقْبَلَ رَكْبٌ مِنَ الْیَمَنِ یُرِیدُونَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَی الْجَبَلِ انْفَرَجَ الْجَبَلُ وَ خَرَجَتِ الْأَلْوَاحُ مَلْفُوفَةً كَمَا وَضَعَهَا مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَخَذَهَا الْقَوْمُ فَدَفَعُوهَا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله (2).
أقول: تمامه فی باب أن كتب الأنبیاء و آثارهم عند الأئمة علیهم السلام و سیأتی فیه أیضا
عن حبة العرنی- عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ كَانَ وَصِیَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانَتْ أَلْوَاحُ مُوسَی مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ فَلَمَّا غَضِبَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَلْقَی الْأَلْوَاحَ مِنْ یَدِهِ فَمِنْهَا مَا تَكْسِرُ وَ مِنْهَا مَا بَقِیَ وَ مِنْهَا مَا ارْتَفَعَ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ مُوسَی الْغَضَبُ قَالَ یُوشَعُ أَ عِنْدَكَ تِبْیَانُ مَا فِی الْأَلْوَاحِ قَالَ نَعَمْ فَلَمْ یَزَلْ یَتَوَارَثُهَا رَهْطٌ مِنْ بَعْدِ رَهْطٍ حَتَّی وَصَلَتْ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دَفَعَهَا إِلَیَّ (3)
ص: 225
«22»-ج، الإحتجاج ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ فِی احْتِجَاجِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی أَرْبَابِ الْمِلَلِ قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ وَ أَصْحَابَهُ السَّبْعِینَ الَّذِینَ اخْتَارَهُمْ صَارُوا مَعَهُ إِلَی الْجَبَلِ فَقَالُوا لَهُ إِنَّكَ قَدْ رَأَیْتَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَأَرِنَاهُ كَمَا رَأَیْتَهُ فَقَالَ لَهُمْ إِنِّی لَمْ أَرَهُ فَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ فَاحْتَرَقُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَ بَقِیَ مُوسَی وَحِیداً فَقَالَ یَا رَبِّ اخْتَرْتُ سَبْعِینَ رَجُلًا مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَجِئْتُ بِهِمْ وَ أَرْجِعُ وَحْدِی فَكَیْفَ یُصَدِّقُنِی قَوْمِی بِمَا أُخْبِرُهُمْ بِهِ فَ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِیَّایَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا فَأَحْیَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمْ (1).
«23»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ وَ قُولُوا حِطَّةٌ مَغْفِرَةٌ حُطَّ عَنَّا أَیْ اغْفِرْ لَنَا (2).
«24»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ خُذُوا ما آتَیْناكُمْ بِقُوَّةٍ أَ قُوَّةٌ فِی الْأَبْدَانِ أَمْ قُوَّةٌ فِی الْقُلُوبِ قَالَ فِیهِمَا جَمِیعاً (3).
«25»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ الْحَلَبِیِّ قَالَ قَالَ: وَ اذْكُرُوا ما فِیهِ وَ اذْكُرُوا مَا فِی تَرْكِهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ (4).
«26»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ خُذُوا ما آتَیْناكُمْ بِقُوَّةٍ قَالَ اسْجُدُوا وَ ضَعِ الْیَدَیْنِ (5)عَلَی الرُّكْبَتَیْنِ فِی الصَّلَاةِ وَ أَنْتَ رَاكِعٌ (6).
«27»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ وَ إِذْ واعَدْنا مُوسی أَرْبَعِینَ
ص: 226
لَیْلَةً قَالَ كَانَ فِی الْعِلْمِ وَ التَّقْدِیرِ ثَلَاثِینَ لَیْلَةً ثُمَّ بَدَا لِلَّهِ فَزَادَ عَشْراً فَتَمَّ مِیقاتُ رَبِّهِ لِلْأَوَّلِ وَ الْآخِرِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً
بیان: لعل المراد بالعلم علم الملائكة أو سمی ما كتب فی لوح المحو و الإثبات علما و قد مر تحقیق ذلك فی باب البداء (1).
«28»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ أُشْرِبُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قَالَ لَمَّا نَاجَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ یَا مُوسَی قَدْ فَتَنْتُ قَوْمَكَ قَالَ وَ بِمَا ذَا یَا رَبِّ قَالَ بِالسَّامِرِیِّ قَالَ وَ مَا فَعَلَ السَّامِرِیُّ قَالَ صَاغَ لَهُمْ مِنْ حُلِیِّهِمْ عِجْلًا قَالَ یَا رَبِّ إِنَّ حُلِیَّهُمْ لَتَحْتَمِلُ أَنْ یُصَاغَ مِنْهُ غَزَالٌ أَوْ تِمْثَالٌ أَوْ عِجْلٌ فَكَیْفَ فَتَنْتَهُمْ قَالَ إِنَّهُ صَاغَ لَهُمْ عِجْلًا فَخَارَ قَالَ یَا رَبِّ وَ مَنْ أَخَارَهُ قَالَ أَنَا فَقَالَ عِنْدَهَا مُوسَی إِنْ هِیَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِی مَنْ تَشاءُ قَالَ فَلَمَّا انْتَهَی مُوسَی إِلَی قَوْمِهِ وَ رَآهُمْ یَعْبُدُونَ الْعِجْلَ أَلْقَی الْأَلْوَاحَ مِنْ یَدِهِ فَتَكَسَّرَتْ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ كَانَ یَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ إِخْبَارِ اللَّهِ إِیَّاهُ (2)قَالَ فَعَمَدَ مُوسَی فَبَرَّدَ الْعِجْلَ مِنْ أَنْفِهِ إِلَی طَرَفِ ذَنَبِهِ ثُمَّ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ فَذَرَّهُ فِی الْیَمِّ (3)قَالَ فَكَانَ أَحَدُهُمْ لَیَقَعُ فِی الْمَاءِ وَ مَا بِهِ إِلَیْهِ مِنْ حَاجَةٍ فَیَتَعَرَّضُ بِذَلِكَ لِلرَّمَادِ (4)فَیَشْرَبُهُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ وَ أُشْرِبُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ (5).
شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ تَهْدِی مَنْ تَشاءُ (6).
بیان: البرد القطع بالمبرد و هو السوهان (7)و قال البیضاوی فی قوله تعالی وَ أُشْرِبُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ تداخلهم حبه
ص: 227
و رسخ فی قلوبهم صورته لفرط شعفهم به كما یتداخل الصبغ الثوب و الشراب أعماق البدن بِكُفْرِهِمْ أی بسبب كفرهم و ذلك لأنهم كانوا مجسمة أو حلولیة و لم یروا جسما أعجب منه فتمكن فی قلوبهم ما سول لهم السامری.
«29»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ وَ واعَدْنا مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ قَالَ بِعَشْرِ ذِی الْحِجَّةِ نَاقِصَةً حَتَّی انْتَهَی إِلَی شَعْبَانَ فَقَالَ نَاقِصٌ لَا یَتِمُّ (1).
«30»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ فُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَقِّتْ لَنَا وَقْتاً فِیهِمْ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَالَفَ عِلْمُهُ عِلْمَ الْمُوَقِّتِینَ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ یَقُولُ وَ واعَدْنا مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَةً إِلَی أَرْبَعِینَ لَیْلَةً أَمَا إِنَّ مُوسَی لَمْ یَكُنْ یَعْلَمُ بِتِلْكَ الْعَشْرِ وَ لَا بَنُو إِسْرَائِیلَ فَلَمَّا حَدَّثَهُمْ قَالُوا كَذَبَ مُوسَی وَ أَخْلَفَنَا مُوسَی فَإِنْ حَدَّثْتُمْ بِهِ فَقُولُوا صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ تُؤْجَرُوا مَرَّتَیْنِ (2).
«31»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ فُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا خَرَجَ وَافِداً إِلَی رَبِّهِ وَاعَدَهُمْ ثَلَاثِینَ یَوْماً فَلَمَّا زَادَ اللَّهُ عَلَی الثَّلَاثِینَ عَشْراً قَالَ قَوْمُهُ أَخْلَفَنَا مُوسَی فَصَنَعُوا مَا صَنَعُوا (3).
«32»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ أَنَّهُ قَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ (4).
«33»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالا لَمَّا سَأَلَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَالَ رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْكَ قالَ لَنْ تَرانِی وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَی الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِی قَالَ فَلَمَّا صَعِدَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی الْجَبَلِ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ أَقْبَلَتِ الْمَلَائِكَةُ أَفْوَاجاً فِی أَیْدِیهِمُ الْعُمُدُ فِی رَأْسِهَا النُّورُ یَمُرُّونَ بِهِ فَوْجاً بَعْدَ فَوْجٍ یَقُولُونَ یَا ابْنَ عِمْرَانَ أَتَیْتَ (5)فَقَدْ سَأَلْتَ عَظِیماً قَالَ فَلَمْ یَزَلْ مُوسَی وَاقِفاً حَتَّی تَجَلَّی رَبُّنَا جَلَّ جَلَالُهُ فَجَعَلَ الْجَبَلَ دَكّاً وَ خَرَّ مُوسَی صَعِقاً فَلَمَّا أَنْ رَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِ رُوحَهُ أَفَاقَ قَالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَیْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ وَ حَدَّثَنِی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّارَ أَحَاطَتْ بِهِ حَتَّی لَا یَهْرُبَ لِهَوْلِ مَا رَأَی (6).
ص: 228
«34»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا سَأَلَ رَبَّهُ النَّظَرَ إِلَیْهِ وَعَدَهُ اللَّهُ أَنْ یَقْعُدَ فِی مَوْضِعٍ ثُمَّ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ تَمُرَّ عَلَیْهِ مَوْكِباً مَوْكِباً بِالْبَرْقِ وَ الرَّعْدِ وَ الرِّیحِ وَ الصَّوَاعِقِ فَكُلَّمَا مَرَّ بِهِ مَوْكِبٌ مِنَ الْمَوَاكِبِ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ فَیَرْجِعُ رَأْسُهُ (1)فَیَقُولُونَ لَهُ قَدْ سَأَلْتَ عَظِیماً (2).
«35»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ فِی قَوْلِهِ فَلَمَّا تَجَلَّی رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسی صَعِقاً قَالَ سَاخَ الْجَبَلُ فِی الْبَحْرِ فَهُوَ یَهْوِی حَتَّی السَّاعَةِ (3).
«36»-وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی أَنَّ النَّارَ أَحَاطَتْ بِمُوسَی لِئَلَّا یَهْرُبَ لِهَوْلِ مَا رَأَی وَ قَالَ لَمَّا خَرَّ مُوسَی صَعِقاً مَاتَ (4)فَلَمَّا أَنْ رَدَّ اللَّهُ رُوحَهُ أَفَاقَ فَقَالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَیْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ (5).
«37»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسی مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِیِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ وَ مَنْ أَخَارَ الصَّنَمَ فَقَالَ اللَّهُ أَنَا یَا مُوسَی أَخَرْتُهُ (6)فَقَالَ مُوسَی إِنْ هِیَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِی مَنْ تَشاءُ (7).
«38»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْوَصَّافِ (8)عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ فِیمَا نَاجَی مُوسَی أَنْ قَالَ یَا رَبِّ هَذَا السَّامِرِیُّ صَنَعَ الْعِجْلَ فَالْخُوَارُ مَنْ صَنَعَهُ قَالَ فَأَوْحَی
ص: 229
اللَّهُ إِلَیْهِ یَا مُوسَی إِنَّ تِلْكَ فِتْنَتِی فَلَا تُفْصِحْنِی عَنْهَا (1).
بیان: لا تفصحنی عنها لعله بالصاد المهملة أی لا تسألنی أن أظهر سببها و الإفصاح و إن كان لازما یمكن أن یكون التفصیح متعدیا و فی بعض النسخ بالمعجمة (2)أی لا تبین ذلك للناس فإنهم لا یفهمون.
«39»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا أَخْبَرَ مُوسَی أَنَّ قَوْمَهُ اتَّخَذُوا عِجْلًا لَهُ خُوَارٌ فَلَمْ یَقَعْ مِنْهُ مَوْقِعَ الْعِیَانِ فَلَمَّا رَآهُمْ اشْتَدَّ فَأَلْقَی الْأَلْوَاحَ مِنْ یَدِهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ لِلرُّؤْیَةِ فَضْلٌ عَلَی الْخَبَرِ (3).
«40»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ رَفَعَهُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی مُوسَی أَنْ لَا تَقْتُلِ السَّامِرِیَّ فَإِنَّهُ سَخِیٌّ (4).
«41»-مهج، مهج الدعوات مِنْ كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ ذُكِرَ عِنْدَهُ حَزِیرَانَ فَقَالَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِی دَعَا فِیهِ مُوسَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَمَاتَ فِی یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ (5).
«42»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ واعَدْنا مُوسی أَرْبَعِینَ لَیْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ قَالَ كَانَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ إِذَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ أَهْلَكَ أَعْدَاءَكُمْ آتِیكُمْ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ یَشْتَمِلُ عَلَی أَوَامِرِهِ وَ نَوَاهِیهِ وَ مَوَاعِظِهِ وَ عِبَرِهِ وَ أَمْثَالِهِ فَلَمَّا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَأْتِیَ لِلْمِیعَادِ وَ یَصُومَ ثَلَاثِینَ یَوْماً عِنْدَ أَصْلِ الْجَبَلِ
ص: 230
فَظَنَّ مُوسَی أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ یُعْطِیهِ الْكِتَابَ فَصَامَ ثَلَاثِینَ یَوْماً فَلَمَّا كَانَ آخِرُ الْیَوْمِ (1)اسْتَاكَ قَبْلَ الْفِطْرِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ خَلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْیَبُ عِنْدِی مِنْ رِیحِ الْمِسْكِ صُمْ عَشْراً آخَرَ وَ لَا تَسْتَكْ عِنْدَ الْإِفْطَارِ فَفَعَلَ ذَلِكَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانَ وَعَدَهُ (2)اللَّهُ أَنْ یُعْطِیَهُ الْكِتَابَ بَعْدَ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً فَأَعْطَاهُ إِیَّاهُ فَجَاءَ السَّامِرِیُّ فَشَبَّهَ عَلَی مُسْتَضْعَفِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ وَعَدَكُمْ مُوسَی أَنْ یَرْجِعَ إِلَیْكُمْ بَعْدَ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً وَ هَذِهِ عِشْرُونَ لَیْلَةً وَ عِشْرُونَ یَوْماً تَمَّتْ أَرْبَعُونَ أَخْطَأَ مُوسَی رَبَّهُ وَ قَدْ أَتَاكُمْ رَبُّكُمْ أَرَادَ أَنْ یُرِیَكُمْ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَی أَنْ یَدْعُوَكُمْ إِلَی نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ وَ أَنَّهُ لَمْ یَبْعَثْ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لِحَاجَةٍ مِنْهُ إِلَیْهِ فَأَظْهَرَ لَهُمُ الْعِجْلَ الَّذِی كَانَ عَمِلَهُ فَقَالُوا كَیْفَ یَكُونُ الْعِجْلُ إِلَهَنَا قَالَ إِنَّمَا هَذَا الْعِجْلُ یُكَلِّمُكُمْ مِنْهُ رَبُّكُمْ كَمَا كَلَّمَ مُوسَی مِنَ الشَّجَرَةِ فَلَمَّا سَمِعُوا مِنْهُ كَلَاماً قَالُوا لَهُ إِنَّهُ فِی الْعِجْلِ كَمَا فِی الشَّجَرَةِ (3)فَضَلُّوا بِذَلِكَ وَ أَضَلُّوا فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَی إِلَی قَوْمِهِ قَالَ یَا أَیُّهَا الْعِجْلُ أَ كَانَ فِیكَ رَبُّنَا (4)كَمَا یَزْعُمُ هَؤُلَاءِ فَنَطَقَ الْعِجْلُ وَ قَالَ عَزَّ رَبُّنَا مِنْ أَنْ یَكُونَ الْعِجْلُ حَاوِیاً لَهُ أَوْ شَیْ ءٌ مِنَ الشَّجَرَةِ وَ الْأَمْكِنَةِ عَلَیْهِ مُشْتَمِلًا لَا وَ اللَّهِ یَا مُوسَی وَ لَكِنَّ السَّامِرِیَّ نَصَبَ عِجْلًا مُؤَخَّرُهُ إِلَی حَائِطٍ وَ حَفَرَ فِی الْجَانِبِ الْآخَرِ فِی الْأَرْضِ وَ أَجْلَسَ فِیهِ بَعْضَ مَرَدَتِهِ فَهُوَ الَّذِی وَضَعَ فَاهُ عَلَی دُبُرِهِ وَ تَكَلَّمَ مَا تَكَلَّمَ لَمَّا قَالَ هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسی یَا مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ مَا خَذَلَ هَؤُلَاءِ بِعِبَادَتِی وَ اتِّخَاذِی إِلَهاً إِلَّا لِتَهَاوُنِهِمْ بِالصَّلَاةِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ وَ جُحُودِهِمْ بِمُوَالاتِهِمْ وَ بِنُبُوَّةِ النَّبِیِّ وَ وَصِیَّةِ الْوَصِیِّ حَتَّی أَدَّاهُمْ إِلَی أَنِ اتَّخَذُونِی إِلَهاً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَی إِنَّمَا خَذَلَ عَبَدَةَ الْعِجْلِ لِتَهَاوُنِهِمْ بِالصَّلَاةِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ وَصِیِّهِ عَلِیٍّ فَمَا تَخَافُونَ مِنَ الْخِذْلَانِ الْأَكْبَرِ فِی مُعَانَدَتِكُمْ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ قَدْ شَاهَدْتُمُوهُمَا وَ تَبَیَّنْتُمْ آیَاتِهِمَا وَ دَلَائِلَهُمَا(5).
ص: 231
بیان: اعلم أن الأخبار قد اختلفت من الخاصة و العامة فی أن موسی علیه السلام هل وعدهم ثلاثین فجاء بعد الأربعین أو وعدهم أربعین و الأظهر من أكثر الأخبار السالفة أنها كانت من الأخبار البدائیة و كان الثلاثون مشروطا بشرط فتم بعد ذلك أربعون و یظهر من هذا الخبر أن السامری سول لهم شبهة فاسدة و لم یكن المیقات إلا أربعین و یمكن كون إحداهما محمولة علی التقیة لكونها أشهر بین المخالفین فی زمان صدور الخبر أو یكون موسی وعدهم الثلاثین مع تجویز الأربعین فجعل لمیقاته نهایتین و به یمكن الجمع بین الآیتین أیضا.
قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ واعَدْنا مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ و لم یقل أربعین لیلة كما قال فی سورة البقرة لفائدة زائدة ذكر فیها وجوه أحدها أن العدة كانت ذا القعدة و عشرا من (ذی الحجة) و لو قال أربعین لیلة لم یعلم أنه كان ابتداء أول الشهر و لا أن الأیام كانت متوالیة و لا أن الشهر شهر بعینه قاله أكثر المفسرین.
و ثانیها أنه واعد موسی ثلاثین لیلة لیصوم فیها و یتقرب بالعبادة ثم أتمها بعشر إلی وقت المناجاة و قیل هی العشر التی أنزلت التوراة فیها فلذلك أفردت بالذكر.
و ثالثها
أن موسی علیه السلام قال لقومه إنی أتأخر عنكم بثلاثین یوما لیتسهل علیهم ثم زاد علیهم عشرا و لیس فی ذلك خلف لأنه إذا تأخر عنهم أربعین لیلة فقد تأخر ثلاثین قبلها عن- أبی جعفر الباقر علیه السلام.
انتهی. (1)و قال الثعلبی كان قد وعد قومه ثلاثین لیلة فأتمها اللّٰه بعشر حتی صارت أربعین و عد بنو إسرائیل الثلاثین فلما لم یرجع إلیهم موسی افتتنوا و قال قوم إنهم عدوا اللیلة یوما و الیوم یوما فلما مضت عشرون یوما افتتنوا. (2).
«43»-م، تفسیر الإمام علیه السلام ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أَیْ عَفَوْنَا عَنْ أَوَائِلِكُمْ عِبَادَتَهُمُ الْعِجْلَ لَعَلَّكُمْ یَا أَیُّهَا الْكَائِنُونَ فِی عَصْرِ مُحَمَّدٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ
ص: 232
تَشْكُرُونَ تِلْكَ النِّعْمَةَ عَلَی أَسْلَافِكُمْ وَ عَلَیْكُمْ بَعْدَهُمْ ثُمَّ قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ إِنَّمَا عَفَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ دَعَوُا اللَّهَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ وَ جَدَّدُوا عَلَی أَنْفُسِهِمُ الْوَلَایَةَ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّاهِرِینَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَ عَفَا عَنْهُمْ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ قَالَ وَ اذْكُرُوا إِذَا آتَیْنَا مُوسَی الْكِتَابَ وَ هُوَ التَّوْرَاةُ الَّذِی أَخَذَ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ الْإِیمَانَ بِهِ (1)وَ الِانْقِیَادَ لِمَا یُوجِبُهُ وَ الْفُرْقَانَ آتَیْنَاهُ أَیْضاً فَرَّقَ مَا بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ فَرَّقَ مَا بَیْنَ الْمُحِقِّینَ وَ الْمُبْطِلِینَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ (2)بِالْكِتَابِ وَ الْإِیمَانِ بِهِ وَ الِانْقِیَادِ لَهُ أَوْحَی اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَی مُوسَی یَا مُوسَی هَذَا الْكِتَابُ قَدْ أَقَرُّوا بِهِ وَ قَدْ بَقِیَ الْفُرْقَانُ فَرَّقَ مَا بَیْنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْكَافِرِینَ وَ الْمُحِقِّینَ وَ الْمُبْطِلِینَ فَجَدِّدْ عَلَیْهِمُ الْعَهْدَ بِهِ فَإِنِّی آلَیْتُ عَلَی نَفْسِی قَسَماً حَقّاً لَا أَتَقَبَّلُ مِنْ أَحَدٍ إِیمَاناً وَ لَا عَمَلًا إِلَّا مَعَ الْإِیمَانِ بِهِ قَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مَا هُوَ یَا رَبِّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا مُوسَی تَأْخُذُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّ مُحَمَّداً خَیْرُ الْبَشَرِ (3)وَ سَیِّدُ الْمُرْسَلِینَ وَ أَنَّ أَخَاهُ وَ وَصِیَّهُ عَلِیّاً خَیْرُ الْوَصِیِّینَ وَ أَنَّ أَوْلِیَاءَهُ الَّذِینَ یُقِیمُهُمْ سَادَةُ الْخَلْقِ وَ أَنَّ شِیعَتَهُ الْمُنْقَادِینَ لَهُ الْمُسَلِّمِینَ لَهُ أَوَامِرَهُ وَ نَوَاهِیَهُ وَ لِخُلَفَائِهِ نُجُومِ الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَی وَ مُلُوكِ جَنَّاتِ عَدْنٍ قَالَ فَأَخَذَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَیْهِمْ ذَلِكَ فَمِنهُمْ مَنِ اعْتَقَدَهُ حَقّاً وَ مِنْهُمْ مَنْ أَعْطَاهُ بِلِسَانِهِ دُونَ قَلْبِهِ وَ كَانَ الْمُعْتَقَدُ مِنْهُمْ حَقّاً یَلُوحُ عَلَی جَبِینِهِ نُورٌ مُبِینٌ وَ مَنْ أَعْطَی بِلِسَانِهِ دُونَ قَلْبِهِ لَیْسَ لَهُ ذَلِكَ النُّورُ فَذَلِكَ الْفُرْقَانُ الَّذِی أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ فَرَّقَ مَا بَیْنَ الْمُحِقِّینَ وَ الْمُبْطِلِینَ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أَیْ لَعَلَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِی بِهِ یُشَرَّفُ الْعَبْدُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هُوَ اعْتِقَادُ الْوَلَایَةِ كَمَا شُرِّفَ بِهِ أَسْلَافُكُمْ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ یا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلی بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ
ص: 233
فَتابَ عَلَیْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ قَالَ الْإِمَامُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اذْكُرُوا یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ إِذْ قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ عَبَدَةِ الْعِجْلِ یا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ أَضْرَرْتُمْ بِهَا بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ إِلَهاً فَتُوبُوا إِلی بارِئِكُمْ الَّذِی بَرَأَكُمْ وَ صَوَّرَكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ یَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً (1)یَقْتُلُ مَنْ لَمْ یَعْبُدِ الْعِجْلَ مَنْ عَبَدَهُ ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ ذَلِكَ الْقَتْلُ خَیْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ مِنْ أَنْ تَعِیشُوا فِی الدُّنْیَا وَ هُوَ لَا یَغْفِرُ لَكُمْ فَیَتِمُّ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا خَیْرَاتُكُمْ (2)وَ یَكُونُ إِلَی النَّارِ مَصِیرُكُمْ وَ إِذَا قُتِلْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَائِبُونَ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْقَتْلَ كَفَّارَتَكُمْ وَ جَعَلَ الْجَنَّةَ مَنْزِلَكُمْ وَ مَقِیلَكُمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَتابَ عَلَیْكُمْ قَبِلَ تَوْبَتَكُمْ قَبْلَ اسْتِیفَاءِ الْقَتْلِ لِجَمَاعَتِكُمْ وَ قَبْلَ إِتْیَانِهِ عَلَی مُكَافَاتِكُمْ (3)وَ أَمْهَلَكُمْ لِلتَّوْبَةِ وَ اسْتَبْقَاكُمْ لِلطَّاعَةِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ قَالَ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَبْطَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی یَدَیْهِ أَمْرَ الْعِجْلِ فَأَنْطَقَهُ بِالْخَبَرِ عَنْ تَمْوِیهِ السَّامِرِیِّ وَ أَمَرَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ یَقْتُلَ مَنْ لَمْ یَعْبُدْهُ مَنْ عَبَدَهُ تَبَرَّأَ أَكْثَرُهُمْ وَ قَالُوا لَمْ نَعْبُدْهُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی ابْرُدْ هَذَا الْعِجْلَ بِالْحَدِیدِ بَرْداً (4)ثُمَّ ذُرَّهُ فِی الْبَحْرِ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ مَاءً (5)اسْوَدَّ شَفَتَاهُ وَ أَنْفُهُ وَ بَانَ ذَنْبُهُ فَفَعَلَ فَبَانَ الْعَابِدُونَ فَأَمَرَ اللَّهُ الِاثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً أَنْ یَخْرُجُوا عَلَی الْبَاقِینَ شَاهِرِینَ السُّیُوفَ (6)یَقْتُلُونَهُمْ وَ نَادَی مُنَادٍ (7)أَلَا لَعَنَ اللَّهُ أَحَداً اتَّقَاهُمْ بِیَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَأَمَّلَ الْمَقْتُولَ لَعَلَّهُ یَنْسُبُهُ حَمِیماً قَرِیباً فَیَتَعَدَّاهُ إِلَی الْأَجْنَبِیِّ (8)فَاسْتَسْلَمَ الْمَقْتُولُونَ فَقَالَ الْقَاتِلُونَ نَحْنُ أَعْظَمُ مُصِیبَةً مِنْهُمْ نَقْتُلُ بِأَیْدِینَا آبَاءَنَا وَ أُمَّهَاتِنَا وَ أَبْنَاءَنَا وَ إِخْوَانَنَا وَ قَرَابَاتِنَا وَ نَحْنُ لَمْ نَعْبُدْ فَقَدْ سَاوَی بَیْنَنَا
ص: 234
وَ بَیْنَهُمْ فِی الْمُصِیبَةِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی أَنِّی إِنَّمَا امْتَحَنْتُهُمْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مَا اعْتَزَلُوهُمْ لَمَّا عَبَدُوا الْعِجْلَ وَ لَمْ یَهْجُرُوهُمْ وَ لَمْ یُعَادُوهُمْ عَلَی ذَلِكَ قُلْ لَهُمْ مَنْ دَعَا اللَّهَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ أَنْ یُسَهِّلَ عَلَیْهِمْ قَتْلَ الْمُسْتَحِقِّینَ لِلْقَتْلِ بِذُنُوبِهِمْ نَفْعَلُ فَقَالُوهَا (1)فَسَهَّلَ عَلَیْهِمْ وَ لَمْ یَجِدُوا لِقَتْلِهِمْ لَهُمْ أَلَماً فَلَمَّا اسْتَمَرَّ الْقَتْلُ فِیهِمْ (2)وَ هُمْ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ إِلَّا اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً الَّذِینَ لَمْ یَعْبُدُوا الْعِجْلَ وَفَّقَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ فَقَالَ لِبَعْضِهِمْ وَ الْقَتْلُ لَمْ یَفِضْ بَعْدُ إِلَیْهِمْ فَقَالَ أَ وَ لَیْسَ اللَّهُ قَدْ جَعَلَ التَّوَسُّلَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ أَمْراً لَا یَخِیبُ مَعَهُ طَلِبَةٌ وَ لَا یُرَدُّ بِهِ مَسْأَلَةٌ وَ هَكَذَا تَوَسَّلَتْ بِهِمُ الْأَنْبِیَاءُ وَ الرُّسُلُ فَمَا لَنَا لَا نَتَوَسَّلُ بِهِمْ (3)قَالَ فَاجْتَمَعُوا وَ ضَجُّوا یَا رَبَّنَا بِجَاهِ مُحَمَّدٍ الْأَكْرَمِ وَ بِجَاهِ عَلِیٍّ الْأَفْضَلِ الْأَعْظَمِ وَ بِجَاهِ فَاطِمَةَ ذِی الْفَضْلِ وَ الْعِصْمَةِ وَ بِجَاهِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ سِبْطَیْ سَیِّدِ الْمُرْسَلِینَ وَ سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجِنَانِ أَجْمَعِینَ وَ بِجَاهِ الذُّرِّیَّةِ الطَّیِّبَةِ الطَّاهِرَةِ مِنْ آلِ طه وَ یس لَمَّا غَفَرْتَ لَنَا ذُنُوبَنَا وَ غَفَرْتَ لَنَا هَفْوَتَنَا (4)وَ أَزَلْتَ هَذَا الْقَتْلَ عَنَّا فَذَلِكَ حِینَ نُودِیَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كُفَّ الْقَتْلَ فَقَدْ سَأَلَنِی بَعْضُهُمْ مَسْأَلَةً وَ أَقْسَمَ عَلَیَّ قَسَماً لَوْ أَقْسَمَ بِهِ هَؤُلَاءِ الْعَابِدُونَ لِلْعِجْلِ وَ سَأَلَنِی بَعْضُهُمْ الْعِصْمَةَ حَتَّی لَا یَعْبُدُوهُ لَوَفَّقْتُهُمْ وَ عَصَمْتُهُمْ (5)وَ لَوْ أَقْسَمَ عَلَیَّ بِهَا إِبْلِیسُ لَهَدَیْتُهُ وَ لَوْ أَقْسَمَ عَلَیَّ بِهَا نُمْرُودُ أَوْ فِرْعَوْنُ لَنَجَّیْتُهُمْ (6)فَرَفَعَ عَنْهُمُ الْقَتْلَ فَجَعَلُوا یَقُولُونَ یَا حَسْرَتَنَا أَیْنَ كُنَّا عَنْ هَذَا الدُّعَاءِ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ حَتَّی كَانَ اللَّهُ یَقِینَا شَرَّ الْفِتْنَةِ وَ یَعْصِمُنَا بِأَفْضَلِ الْعِصْمَةِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ قُلْتُمْ یا مُوسی لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً قَالَ أَسْلَافُكُمْ فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ أَخَذَتْ أَسْلَافَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِلَیْهِمْ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ بَعَثْنَا أَسْلَافَكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ أَیْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِ أَسْلَافِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
ص: 235
أَیْ لَعَلَّ أَسْلَافَكُمْ یَشْكُرُونَ الْحَیَاةَ الَّتِی فِیهَا یَتُوبُونَ وَ یُقْلِعُونَ وَ إِلَی رَبِّهِمْ یُنِیبُونَ لَمْ یُدِمْ عَلَیْهِمْ (1)ذَلِكَ الْمَوْتَ فَیَكُونَ إِلَی النَّارِ مَصِیرُهُمْ وَ هُمْ فِیهَا خَالِدُونَ قَالَ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ یَأْخُذَ عَلَیْهِمْ عَهْدَ الْفُرْقَانِ فَرَّقَ مَا بَیْنَ الْمُحِقِّینَ وَ الْمُبْطِلِینَ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله بِنُبُوَّتِهِ وَ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِإِمَامَتِهِ وَ لِلْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِینَ بِإِمَامَتِهِمْ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ أَنَّ هَذَا أَمْرُ رَبِّكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً عِیَاناً یُخْبِرُنَا بِذَلِكَ فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ مُعَایَنَةً وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ إِلَی الصَّاعِقَةِ تَنْزِلُ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا مُوسَی إِنِّی أَنَا الْمُكْرِمُ أَوْلِیَائِی الْمُصَدِّقِینَ بِأَصْفِیَائِی وَ لَا أُبَالِی وَ أَنَا الْمُعَذِّبُ لِأَعْدَائِی الدَّافِعِینَ حُقُوقَ أَصْفِیَائِی وَ لَا أُبَالِی فَقَالَ مُوسَی لِلْبَاقِینَ الَّذِینَ لَمْ یَصْعَقُوا مَا ذَا تَقُولُونَ أَ تَقْبَلُونَ وَ تَعْتَرِفُونَ وَ إِلَّا فَأَنْتُمْ بِهَؤُلَاءِ لَاحِقُونَ قَالُوا یَا مُوسَی لَا نَدْرِی مَا حَلَّ بِهِمْ لِمَا ذَا أَصَابَهُمْ كَانَتِ الصَّاعِقَةُ مَا أَصَابَتْهُمْ لِأَجْلِكَ إِلَّا أَنَّهَا نَكْبَةٌ مِنْ نَكَبَاتِ الدَّهْرِ تُصِیبُ الْبَرَّ وَ الْفَاجِرَ فَإِنْ كَانَتْ إِنَّمَا أَصَابَتْهُمْ لِرَدِّهِمْ عَلَیْكَ فِی أَمْرِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا فَاسْأَلِ اللَّهَ رَبَّكَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ تَدْعُونَا إِلَیْهِمْ أَنْ یُحْیِیَ هَؤُلَاءِ الْمَصْعُوقِینَ لِنَسْأَلَهُمْ لِمَا ذَا أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَهُمْ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِمْ مُوسَی فَأَحْیَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ سَلُوهُمْ لِمَا ذَا أَصَابَهُمْ فَسَأَلُوهُمْ فَقَالُوا یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ أَصَابَنَا مَا أَصَابَنَا لِإِبَائِنَا اعْتِقَادَ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ مَعَ اعْتِقَادِ إِمَامَةِ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَقَدْ رَأَیْنَا بَعْدَ مَوْتِنَا هَذَا مَمَالِكَ رَبِّنَا مِنْ سَمَاوَاتِهِ وَ حُجُبِهِ وَ كُرْسِیِّهِ وَ عَرْشِهِ وَ جِنَانِهِ وَ نِیرَانِهِ فَمَا رَأَیْنَا أَنْفَذَ أَمْراً فِی جَمِیعِ تِلْكَ الْمَمَالِكِ وَ أَعْظَمَ سُلْطَاناً مِنْ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ إِنَّا لَمَّا مِتْنَا بِهَذِهِ الصَّاعِقَةِ ذُهِبَ بِنَا إِلَی النِّیرَانِ فَنَادَاهُمْ مُحَمَّدٌ وَ عَلِیٌّ عَلَیْهِمَا الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ كُفُّوا عَنْ هَؤُلَاءِ عَذَابَكُمْ فَهَؤُلَاءِ یُحْیَوْنَ بِمَسْأَلَةِ سَائِلِ رَبِّنَا عَزَّ وَ جَلَّ بِنَا (2)وَ بِآلِنَا الطَّیِّبِینَ وَ ذَلِكَ حِینَ لَمْ یَقْذِفُونَا فِی الْهَاوِیَةِ فَأَخَّرُونَا إِلَی أَنْ بُعِثْنَا بِدُعَائِكَ یَا مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَهْلِ عَصْرِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا كَانَ بِالدُّعَاءِ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ نَشَرَ ظُلْمَةُ أَسْلَافِكُمُ الْمَصْعُوقِینَ بِظُلْمِهِمْ أَ فَمَا یَجِبُ عَلَیْكُمْ أَنْ لَا تَتَعَرَّضُوا لِمِثْلِ
ص: 236
مَا هَلَكُوا بِهِ إِلَی أَنْ أَحْیَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ (1).
«44»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ (2)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ (3)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَیْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (4).
«45»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ (5).
«46»-ع، علل الشرائع بِإِسْنَادِهِ عَنْ یَزِیدَ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَ سُمِّیَ الْفُرْقَانُ فُرْقَاناً قَالَ لِأَنَّهُ مُتَفَرِّقُ الْآیَاتِ وَ السُّوَرِ أُنْزِلَتْ فِی غَیْرِ الْأَلْوَاحِ وَ غَیْرِ الصُّحُفِ وَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الزَّبُورِ أُنْزِلَتْ كُلُّهَا جُمْلَةً فِی الْأَلْوَاحِ وَ الْوَرَقِ الْحَدِیثَ (6).
«47»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ تَعَالَی وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَكُمْ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَیْ فَاذْكُرُوا إِذْ أَخَذْنَا مِیثَاقَكُمْ وَ عُهُودَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِمَا فِی التَّوْرَاةِ وَ بِمَا فِی الْفُرْقَانِ الَّذِی أَعْطَیْتُهُ مُوسَی مَعَ الْكِتَابِ الْمَخْصُوصِ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ الطَّیِّبِینَ مِنْ آلِهِمَا بِأَنَّهُمْ سَادَةُ الْخَلْقِ وَ الْقَوَّامُونَ بِالْحَقِّ وَ إِذْ أَخَذْنَا مِیثَاقَكُمْ أَنْ تُقِرُّوا بِهِ وَ أَنْ تُؤَدُّوهُ إِلَی أَخْلَافِكُمْ وَ تَأْمُرُوهُمْ أَنْ یُؤَدُّوهُ إِلَی أَخْلَافِهِمْ إِلَی آخِرِ مُقَدَّرَاتِی فِی الدُّنْیَا لَیُؤْمِنُنَّ بِمُحَمَّدٍ نَبِیِّ اللَّهِ وَ لَیُسْلِمُنَّ لَهُ مَا یَأْمُرُهُمْ فِی عَلِیٍّ وَلِیِّ اللَّهِ (7)عَنِ اللَّهِ وَ مَا یُخْبِرُهُمْ بِهِ مِنْ أَحْوَالِ خُلَفَائِهِ بَعْدَهُ الْقَوَّامِینَ بِحَقِّ اللَّهِ فَأَبَیْتُمْ قَبُولَ ذَلِكَ وَ اسْتَكْبَرْتُمُوهُ فَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ الْجَبَلَ أَمَرْنَا جَبْرَئِیلَ أَنْ یَقْطَعَ مِنْ جَبَلِ فِلَسْطِینَ قِطْعَةً عَلَی قَدْرِ مُعَسْكَرِ أَسْلَافِكُمْ فَرْسَخاً
ص: 237
فِی فَرْسَخٍ فَقَطَعَهَا وَ جَاءَ بِهَا فَرَفَعَهَا فَوْقَ رُءُوسِهِمْ فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِمَّا أَنْ تَأْخُذُوا بِمَا أُمِرْتُمْ بِهِ فِیهِ وَ إِمَّا أَنْ أُلْقِیَ عَلَیْكُمْ هَذَا الْجَبَلَ فَأُلْجِئُوا إِلَی قَبُولِهِ كَارِهِینَ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ مِنَ الْعِنَادِ فَإِنَّهُ قَبِلَهُ طَائِعاً مُخْتَاراً ثُمَّ لَمَّا قَبِلُوهُ سَجَدُوا وَ عَفَّرُوا وَ كَثِیرٌ مِنْهُمْ عَفَّرَ خَدَّیْهِ لَا لِإِرَادَةِ الْخُضُوعِ لِلَّهِ وَ لَكِنْ نَظَرَ إِلَی الْجَبَلِ هَلْ یَقَعُ أَمْ لَا وَ آخَرُونَ سَجَدُوا مُخْتَارِینَ طَائِعِینَ (1).
«48»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَیْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَیْنا وَ أُشْرِبُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما یَأْمُرُكُمْ بِهِ إِیمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ قَالَ الْإِمَامُ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اذْكُرُوا إِذْ فَعَلْنَا ذَلِكَ بِأَسْلَافِكُمْ لَمَّا أَبَوْا قَبُولَ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ دِینِ اللَّهِ وَ أَحْكَامِهِ وَ مِنَ الْأَمْرِ بِتَفْضِیلِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ خُلَفَائِهِمَا عَلَی سَائِرِ الْخَلْقِ خُذُوا ما آتَیْناكُمْ قُلْنَا لَهُمْ خُذُوا مَا آتَیْنَاكُمْ مِنْ هَذِهِ الْفَرَائِضِ بِقُوَّةٍ قَدْ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ وَ مَكَّنَّاكُمْ بِهَا وَ أَزَحْنَا (2)عِلَلَكُمْ فِی تَرْكِیبِهَا فِیكُمْ وَ اسْمَعُوا مَا یُقَالُ لَكُمْ وَ تُؤْمَرُونَ بِهِ قالُوا سَمِعْنا قَوْلَكَ وَ عَصَیْنا أَمْرَكَ أَیْ إِنَّهُمْ عَصَوُا بَعْدَهُ وَ أَضْمَرُوا فِی الْحَالِ أَیْضاً الْعِصْیَانَ وَ أُشْرِبُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ أُمِرُوا بِشُرْبِ الْعِجْلِ الَّذِی كَانَ قَدْ ذُرِئَتْ سُحَالَتُهُ (3)فِی الْمَاءِ الَّذِی أُمِرُوا بِشُرْبِهِ لِیُبَیَّنَ لَهُمْ مَنْ عَبَدَهُ (4)مِمَّنْ لَمْ یَعْبُدْهُ بِكُفْرِهِمْ لِأَجْلِ كُفْرِهِمْ أُمِرُوا بِذَلِكَ قُلْ یَا مُحَمَّدُ بِئْسَما یَأْمُرُكُمْ بِهِ إِیمانُكُمْ بِمُوسَی كُفْرُكُمْ بِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِهِمَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ بِتَوْرَاةِ مُوسَی وَ لَكِنْ مَعَاذَ اللَّهِ لَا یَأْمُرُكُمْ إِیمَانُكُمْ بِالتَّوْرَاةِ الْكُفْرَ بِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ الْإِمَامُ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی ذَكَّرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی
ص: 238
عَصْرِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَحْوَالَ آبَائِهِمُ الَّذِینَ كَانُوا فِی أَیَّامِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ كَیْفَ أَخَذَ عَنْهُمُ الْعَهْدَ (1)وَ الْمِیثَاقَ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ الْمُنْتَجَبِینَ لِلْخِلَافَةِ عَلَی الْخَلَائِقِ وَ لِأَصْحَابِهِمَا وَ شِیعَتِهِمَا وَ سَائِرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ فَقَالَ وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَكُمْ اذْكُرُوا إِذْ أَخَذْنَا مِیثَاقَ آبَائِكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ الْجَبَلَ لَمَّا أَبَوْا قَبُولَ مَا أُرِیدَ مِنْهُمْ وَ الِاعْتِرَافَ بِهِ خُذُوا ما آتَیْناكُمْ أَعْطَیْنَاكُمْ (2)بِقُوَّةٍ یَعْنِی بِالْقُوَّةِ الَّتِی أَعْطَیْنَاكُمْ تَصْلُحُ لِذَلِكَ وَ اسْمَعُوا أَیْ أَطِیعُوا فِیهِ قالُوا سَمِعْنا بِآذَانِنَا وَ عَصَیْنا بِقُلُوبِنَا فَأَمَّا فِی الظَّاهِرِ فَأَعْطَوْا كُلُّهُمُ الطَّاعَةَ (3)دَاخِرِینَ صَاغِرِینَ ثُمَّ قَالَ وَ أُشْرِبُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ عُرِضُوا لِشُرْبِ الْعِجْلِ الَّذِی عَبَدُوهُ حَتَّی وَصَلَ مَا شَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَی قُلُوبِهِمْ وَ قَالَ إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمَّا رَجَعَ إِلَیْهِمْ مُوسَی وَ قَدْ عَبَدُوا الْعِجْلَ تَلَقَّوْهُ بِالرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی مَنِ الَّذِی عَبَدَهُ مِنْكُمْ حَتَّی أُنْفِذَ فِیهِ حُكْمَ اللَّهِ خَافُوا حُكْمَ اللَّهِ الَّذِی یُنْفِذُهُ فِیهِمْ فَجَحَدُوا أَنْ یَكُونُوا عَبَدُوهُ وَ جَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ یَقُولُ أَنَا لَمْ أَعْبُدْهُ وَ عَبَدَهُ غَیْرِی (4)وَ وَشَی بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ (5)فَلِذَلِكَ مَا حَكَی اللَّهُ عَنْ مُوسَی مِنْ قَوْلِهِ لِلسَّامِرِیِّ وَ انْظُرْ إِلی إِلهِكَ الَّذِی ظَلْتَ عَلَیْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِی الْیَمِّ نَسْفاً فَأَمَرَهُ اللَّهُ فَبَرَدَهُ (6)بِالْمَبَارِدِ وَ أَخَذَ سُحَالَتَهُ فَذَرَأَهَا فِی الْبَحْرِ الْعَذْبِ ثُمَّ قَالَ لَهُمُ اشْرَبُوا مِنْهُ فَشَرِبُوا فَكُلُّ مَنْ كَانَ عَبَدَهُ اسْوَدَّ شَفَتَاهُ وَ أَنْفُهُ مِمَّنْ كَانَ أَبْیَضَ اللَّوْنِ وَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ أَسْوَدَ اللَّوْنِ ابْیَضَّ شَفَتَاهُ وَ أَنْفُهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَنْفَذَ فِیهِمْ حُكْمَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِلْمَوْجُودِینَ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی عَصْرِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی لِسَانِهِ قُلْ یَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِینَ بِكَ بَعْدَ سَمَاعِهِمْ مَا أُخِذَ عَلَی أَوَائِلِهِمْ لَكَ وَ لِأَخِیكَ عَلِیٍّ وَ لِآلِكُمَا وَ
ص: 239
لِشِیعَتِكُمَا بِئْسَما یَأْمُرُكُمْ بِهِ إِیمانُكُمْ أَنْ تَكْفُرُوا بِمُحَمَّدٍ وَ تَسْتَخِفُّوا بِحَقِّ عَلِیٍّ وَ آلِهِ وَ شِیعَتِهِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ كَمَا تَزْعُمُونَ بِمُوسَی وَ التَّوْرَاةِ قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ كَانَ وَعَدَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّهُ یَأْتِیهِمْ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ یَشْتَمِلُ عَلَی أَوَامِرِهِ وَ نَوَاهِیهِ وَ حُدُودِهِ وَ فَرَائِضِهِ بَعْدَ أَنْ یُنَجِّیهِمُ اللَّهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ وَ صَارُوا بِقُرْبِ الشَّامِ جَاءَهُمْ بِالْكِتَابِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَمَا وَعَدَهُمْ وَ كَانَ فِیهِ إِنِّی لَا أَتَقَبَّلُ عَمَلًا مِمَّنْ لَا یُعَظِّمُ مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً وَ آلَهُمَا الطَّیِّبِینَ وَ لَمْ یُكْرِمْ أَصْحَابَهُمَا (1)وَ مُحِبِّیهِمَا حَقَّ تَكْرِیمِهِمْ یَا عُبَیْدَ اللَّهِ (2)أَلَا فَاشْهَدُوا أَنَّ مُحَمَّداً خَیْرُ خَلِیقَتِی وَ أَفْضَلُ بَرِیَّتِی وَ أَنَّ عَلِیّاً أَخُوهُ وَ وَصِیُّهُ (3)وَ وَارِثُ عِلْمِهِ وَ خَلِیفَتُهُ فِی أُمَّتِهِ وَ خَیْرُ مَنْ یَخْلُفُهُ بَعْدَهُ وَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ آلِ النَّبِیِّینَ وَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ صَحَابَةِ الْمُرْسَلِینَ وَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ خَیْرُ الْأُمَمِ أَجْمَعِینَ فَقَالَ بَنُو إِسْرَائِیلَ لَا نَقْبَلُ هَذَا یَا مُوسَی هَذَا عَظِیمٌ یَثْقُلُ عَلَیْنَا بَلْ نَقْبَلُ مِنْ هَذِهِ الشَّرَائِعِ مَا یَخِفُّ عَلَیْنَا وَ إِذَا قَبِلْنَاهَا قُلْنَا إِنَّ نَبِیَّنَا أَفْضَلُ نَبِیٍّ وَ آلَهُ أَفْضَلُ آلٍ وَ صَحَابَتَهُ أَفْضَلُ صَحَابَةٍ وَ نَحْنُ أُمَّتُهُ أَفْضَلُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ لَسْنَا نَعْتَرِفُ بِالْفَضْلِ لِقَوْمٍ لَا نَرَاهُمْ وَ لَا نَعْرِفُهُمْ فَأَمَرَ اللَّهُ جَبْرَئِیلَ فَقَطَعَ بِجَنَاحٍ مِنْ أَجْنِحَتِهِ مِنْ جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ فِلَسْطِینَ عَلَی قَدْرِ مُعَسْكَرِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانَ طُولُهُ فِی عَرْضِهِ فَرْسَخاً فِی فَرْسَخٍ ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَوَقَّفَهُ عَلَی رُءُوسِهِمْ وَ قَالَ إِمَّا أَنْ تَقْبَلُوا مَا أَتَاكُمْ بِهِ مُوسَی وَ إِمَّا وَضَعْتُ عَلَیْكُمُ الْجَبْلَ فَطَحْطَحْتُكُمْ تَحْتَهُ فَلَحِقَهُمْ مِنَ الْجَزَعِ وَ الْهَلَعِ (4)مَا یَلْحَقُ أَمْثَالَهُمْ مِمَّنْ قُوبِلَ بِهَذِهِ الْمُقَابَلَةِ (5)فَقَالُوا یَا مُوسَی كَیْفَ نَصْنَعُ قَالَ مُوسَی اسْجُدُوا لِلَّهِ عَلَی جِبَاهِكُمْ ثُمَّ عَفِّرُوا خُدُودَكُمُ الْیُمْنَی ثُمَّ الْیُسْرَی فِی التُّرَابِ وَ قُولُوا یَا رَبَّنَا سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا وَ قَبِلْنَا وَ اعْتَرَفْنَا وَ سَلَّمْنَا وَ رَضِینَا قَالَ فَفَعَلُوا هَذَا الَّذِی قَالَ لَهُمْ مُوسَی قَوْلًا وَ فِعْلًا غَیْرَ أَنَّ كَثِیراً مِنْهُمْ خَالَفَ قَلْبُهُ ظَاهِرَ أَفْعَالِهِ
ص: 240
وَ قَالَ بِقَلْبِهِ سَمِعْنَا وَ عَصَیْنَا مُخَالِفاً لِمَا قَالَ بِلِسَانِهِ وَ عَفَّرُوا خُدُودَهُمُ الْیُمْنَی (1)وَ لَیْسَ قَصْدُهُمُ التَّذَلُّلَ لِلَّهِ تَعَالَی وَ النَّدَمَ عَلَی مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الْخِلَافِ وَ لَكِنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ یَنْظُرُونَ هَلْ یَقَعُ عَلَیْهِمُ الْجَبَلُ أَمْ لَا ثُمَّ عَفَّرُوا خُدُودَهُمُ الْیُسْرَی یَنْظُرُونَ كَذَلِكَ وَ لَمْ یَفْعَلُوا ذَلِكَ كَمَا أُمِرُوا فَقَالَ جَبْرَئِیلُ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَمَا إِنَّ أَكْثَرَهُمْ لِلَّهِ تَعَالَی عَاصُونَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَمَرَنِی أَنْ أُزِیلَ عَنْهُمْ هَذَا الْجَبَلَ عِنْدَ ظَاهِرِ اعْتِرَافِهِمْ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا یُطَالِبُهُمْ فِی الدُّنْیَا بِظَوَاهِرِهِمْ لِحَقْنِ دِمَائِهِمْ وَ إِبْقَاءِ الذِّمَّةِ لَهُمْ (2)وَ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَی اللَّهِ فِی الْآخِرَةِ یُعَذِّبُهُمْ عَلَی عُقُودِهِمْ وَ ضَمَائِرِهِمْ فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَی الْجَبَلِ وَ قَدْ صَارَ قِطْعَتَیْنِ قِطْعَةٌ مِنْهُ صَارَتْ لُؤْلُؤَةً بَیْضَاءَ فَجَعَلَتْ تَصْعَدُ وَ تَرْقَی حَتَّی خَرَقَتِ السَّمَاوَاتِ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ إِلَیْهَا إِلَی أَنْ صَارَتْ إِلَی حَیْثُ لَا یَلْحَقُهَا أَبْصَارُهُمْ وَ قِطْعَةٌ صَارَتْ نَاراً وَ وَقَعَتْ عَلَی الْأَرْضِ بِحَضْرَتِهِمْ فَخَرَقَتْهَا وَ دَخَلَتْهَا وَ غَابَتْ عَنْ عُیُونِهِمْ فَقَالُوا مَا هَذَانِ الْمُفْتَرِقَانِ مِنَ الْجَبَلِ فِرْقٌ صَعِدَ لُؤْلُؤاً وَ فِرْقٌ انْحَطَّ نَاراً (3)قَالَ لَهُمْ مُوسَی أَمَّا الْقِطْعَةُ الَّتِی صَعِدَتْ فِی الْهَوَاءِ فَإِنَّهَا وَصَلَتْ إِلَی السَّمَاءِ فَخَرَقَتْهَا إِلَی أَنْ لَحِقَتْ بِالْجَنَّةِ فَأُضْعِفَتْ أَضْعَافاً كَثِیرَةً لَا یَعْلَمُ عَدَدَهَا إِلَّا اللَّهُ وَ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ یُبْنَی مِنْهَا لِلْمُؤْمِنِینَ بِمَا فِی هَذَا الْكِتَابِ قُصُورٌ وَ دُورٌ وَ مَنَازِلُ وَ مَسَاكِنُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَی أَنْوَاعِ النِّعْمَةِ الَّتِی وَعَدَهَا الْمُتَّقِینَ مِنْ عِبَادِهِ مِنَ الْأَشْجَارِ وَ الْبَسَاتِینِ وَ الثِّمَارِ وَ الْحُورِ الْحِسَانِ وَ الْمُخَلَّدِینَ مِنَ الْوِلْدَانِ كَاللَّئَالِی الْمَنْثُورَةِ وَ سَائِرِ نَعِیمِ الْجَنَّةِ وَ خَیْرَاتِهَا وَ أَمَّا الْقِطْعَةُ الَّتِی انْحَطَّتْ إِلَی الْأَرْضِ فَخَرَقَتْهَا ثُمَّ الَّتِی تَلِیهَا إِلَی أَنْ لَحِقَتْ بِجَهَنَّمَ فَأُضْعِفَتْ أَضْعَافاً كَثِیرَةً وَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی أَنْ یُبْنَی مِنْهَا لِلْكَافِرِینَ بِمَا فِی هَذَا الْكِتَابِ قُصُورٌ وَ دُورٌ وَ مَسَاكِنُ وَ مَنَازِلُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَی أَنْوَاعِ الْعَذَابِ الَّتِی وَعَدَهَا الْكَافِرِینَ مِنْ عِبَادِهِ مِنْ بِحَارِ نِیرَانِهَا وَ حِیَاضِ غِسْلِینِهَا وَ غَسَّاقِهَا وَ أَوْدِیَةِ قَیْحِهَا وَ دِمَائِهَا وَ صَدِیدِهَا وَ زَبَانِیَتِهَا بِمِرْزَبَاتِهَا وَ أَشْجَارِ زَقُّومِهَا وَ ضَرِیعِهَا (4)وَ حَیَّاتِهَا
ص: 241
وَ عَقَارِبِهَا وَ أَفَاعِیهَا وَ قُیُودِهَا وَ أَغْلَالِهَا وَ سَلَاسِلِهَا وَ أَنْكَالِهَا وَ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْبَلَایَا وَ الْعَذَابِ الْمُعَدِّ فِیهَا ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِبَنِی إِسْرَائِیلَ أَ فَلَا تَخَافُونَ عِقَابَ رَبِّكُمْ فِی جَحْدِكُمْ لِهَذِهِ الْفَضَائِلِ الَّتِی اخْتَصَّ بِهَا مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً وَ آلَهُمَا الطَّیِّبِینَ (1).
بیان: السحالة ما سقط من الذهب و الفضة و نحوهما كالبرادة و طحطحت الشی ء كسرته و فرقته.
«49»-یر، بصائر الدرجات الْیَقْطِینِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِیدِ السَّلْمَانِ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَا تَقُولُ الشِّیعَةُ فِی عَلِیٍّ وَ مُوسَی وَ عِیسَی عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مِنْ أَیِّ الْحَالاتِ تَسْأَلُنِی قَالَ أَسْأَلُكَ عَنِ الْعِلْمِ فَأَمَّا الْفَضْلُ فَهُمْ سَوَاءٌ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا عَسَی أَقُولُ فِیهِمْ قَالَ هُوَ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَ لَیْسَ یَقُولُونَ (2)لِعَلِیٍّ مَا لِلرَّسُولِ مِنَ الْعِلْمِ قَالَ قُلْتُ بَلَی قَالَ فَخَاصِمْهُمْ فِیهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَالَ لِمُوسَی وَ كَتَبْنا لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ فَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ لَمْ یُبَیِّنْ لَهُ الْأَمْرَ كُلَّهُ (3)وَ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جِئْنا بِكَ شَهِیداً عَلی هؤُلاءِ (4)وَ نَزَّلْنا عَلَیْكَ الْكِتابَ تِبْیاناً لِكُلِّ شَیْ ءٍ (5).
أقول: ستأتی الأخبار الكثیرة فی ذلك فی كتاب الإمامة.
«50»-كش، رجال الكشی خَلَفُ بْنُ حَامِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ بَشِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ حَدَّثَنِی ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ (6)عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَبِی
ص: 242
عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالا قُلْنَا لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَجْلَانَ مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِی مَاتَ فِیهِ وَ كَانَ یَقُولُ إِنِّی لَا أَمُوتُ مِنْ مَرَضِی هَذَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَیْهَاتَ أَیْهَاتَ (1)أَنَّی ذَهَبَ ابْنُ عَجْلَانَ لَا عَرَفَهُ اللَّهُ قَبِیحاً مِنْ عَمَلِهِ إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ اخْتَارَ مِنْ قَوْمِهِ سَبْعِینَ رَجُلًا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ كَانَ مُوسَی أَوَّلَ مَنْ قَامَ مِنْهَا فَقَالَ یَا رَبِّ أَصْحَابِی فَقَالَ یَا مُوسَی إِنِّی أُبْدِلُكَ مِنْهُمْ خَیْراً قَالَ رَبِّ إِنِّی وَجَدْتُ رِیحَهُمْ وَ عَرَفْتُ أَسْمَاءَهُمْ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَبَعَثَهُمُ اللَّهُ أَنْبِیَاءَ (2).
شی، تفسیر العیاشی مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ بَیَّاعُ الْقَصَبِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِیرَةِ مِثْلَهُ وَ فِیهِ لَا عَرَفَهُ اللَّهُ شَیْئاً مِنْ ذُنُوبِهِ (3)وَ فِیهِ إِنِّی أُبْدِلُكَ بِهِمْ مَنْ هُوَ خَیْرٌ لَكَ مِنْهُمْ (4).
شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَارِثِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَ لَمْ یَذْكُرِ الرَّجْفَةَ (5).
بیان: قوله لا عرفه اللّٰه دعاء له بالمغفرة إذ بالعذاب و بذكر القبائح له علی وجه اللوم یعرفها و لعل ابن عجلان إنما حكم بعدم موته فی ذلك المرض لما سمع منه علیه السلام من كونه من أنصار القائم عجل اللّٰه فرجه و نحو ذلك فأشار علیه السلام إلی أنه لم یعرف معنی كلامنا بل إنما یحصل ذلك له فی الرجعة كما أن السبعین ماتوا ثم رجعوا بدعاء موسی علیه السلام.
و لعل ما صدر عنهم أیضا كان سؤالا من قبل القوم لا اقتراحا منهم لئلا ینافی صیرورتهم أنبیاء أو یكون المراد كونهم تالین للأنبیاء فی الفضل أو یكون النبی هنا بمعناه اللغوی أی رجعوا مخبرین بما رأوا أو یقال إنه یكفی عصمتهم بعد الرجعة و فیه إشكال و یأبی عن أكثر الوجوه ما سیأتی فی باب أحوال سلمان رضی اللّٰه عنه أنه قال فی خطبة له فقد ارتد
ص: 243
قوم موسی عن الأسباط و یوشع و شمعون و ابنی هارون شبر و شبیر (1)و السبعین الذین اتهموا موسی علی قتل هارون فأخذتهم الرجفة من بغیهم ثم بعثهم اللّٰه أنبیاء مرسلین و غیر مرسلین. (2).
«51»-فس، تفسیر القمی وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ التَّوْرَاةَ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمْ یَقْبَلُوهُ فَرَفَعَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ جَبَلَ طُورِ سَیْنَاءَ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی إِنْ لَمْ تَقْبَلُوا وَقَعَ عَلَیْكُمُ الْجَبَلُ فَقَبِلُوهُ وَ طَأْطَئُوا رُءُوسَهُمْ (3).
تكملة قال الثعلبی قال قتادة كان السامری عظیما من عظماء بنی إسرائیل من قبیلة یقال لها سامرة و لكن عدو اللّٰه نافق و قال سعید بن جبیر كان من أهل كرمان و قال غیرهما كان رجلا صائغا من أهل باجرمی (4)و اسمه میخا. (5)و قال ابن عباس اسمه موسی بن ظفر و كان منافقا قد أظهر الإسلام و كان من قوم یعبدون البقر (6)و قال هارون لبنی إسرائیل أن حلی القبط غنیمة فلا تحل لكم فأجمعوها و احفروا لها حفیرة و ادفنوها حتی یرجع موسی علیه السلام فیری فیها رأیه ففعلوا و جاء السامری بالقبضة التی أخذها من تحت حافر جبرئیل فقال لهارون یا نبی اللّٰه اقذفها فیها فظن هارون أنه من الحلی فقال اقذف فقذفها فصار عجلا جسدا له خوار.
و قال ابن عباس أوقد هارون نارا و أمرهم بأن یقذفوها فیها فقذف السامری تلك
ص: 244
القبضة فیها و قال كن عجلا جسدا له خوار فكان و یقال إن الذی قال لبنی إسرائیل إن الغنیمة لا تحل لكم هو السامری فصدقوه فدفعوها إلیه فصاغ منها عجلا فی ثلاثة أیام فقذف فیه القبضة فحی و خار خورة.
و قال السدی كان یخور و یمشی فلما أخرج السامری العجل و كان من ذهب مرصع بالجوهر كأحسن ما یكون فقال هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسی فَنَسِیَ أی أخطأ الطریق و تركه هاهنا و خرج یطلبه فلذلك أبطأ عنكم
- و فی بعض الروایات أنه لما قذف القبضة فیها أشعر العجل و عدا و خار و صار له لحم و دم.
- و یروی أن إبلیس ولج وسطه فخار و مشی.
و یقال إن السامری جعل مؤخر العجل إلی حائط و حفر فی الجانب الآخر فی الأرض و أجلس فیه إنسانا فوضع فمه علی دبره و خار و تكلم بما تكلم به فشبه علی جهالهم حتی أضلهم و قال إن موسی قد أخطأ ربه فأتاكم ربكم لیریكم أنه قادر علی أن یدعوكم إلی نفسه بنفسه و إنه لم یبعث موسی لحاجة منه إلیه و إنه قد أظهر لكم العجل لیكلمكم من وسطه كما كلم موسی من الشجرة فافتتنوا به إلا اثنا عشر ألفا و كان مع هارون ستمائة ألف فلما رجع موسی و قرب منهم سمع اللغط (1)حول العجل و كانوا یزفنون و یرقصون حوله و لم یخبر موسی أصحابه السبعین بما أخبره ربه من حدیث العجل فقالوا هذا قتال فی المحلة فقال موسی علیه السلام و لكنه صوت الفتنة افتتن القوم بعدنا بعبادة غیر اللّٰه فلما رآهم و ما یصنعون ألقی الألواح من یده فتكسرت فصعد عامة الكلام الذی كان فیها و لم یبق منها إلا سدسها ثم أعیدت له فی لوحین عن ابن عباس.
و
عن تمیم الداری قال قلت یا رسول اللّٰه مررت بمدینة صفتها كیت و كیت قریبة من ساحل البحر فقال رسول اللّٰه تلك أنطاكیة أما إن فی غار من غیرانها رضاض (2)من ألواح موسی و ما من سحابة شرقیة و لا غربیة تمر بها إلا ألقت علیها من بركاتها و لن تذهب الأیام و اللیالی حتی یسكنها رجل من أهل بیتی یملؤها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.
ص: 245
قالوا فأخذ موسی شعر رأس هارون علیه السلام بیمینه و لحیته بشماله و كان قد اعتزلهم فی الاثنی عشر ألفا الذین لم یعبدوا العجل و قال یا هارون ما مَنَعَكَ الآیة.
فلما علم بنو إسرائیل خطأهم ندموا و استغفروا فأمرهم موسی أن یقتل البری ء المجرم فتبرأ أكثرهم فأمر اللّٰه موسی أن یبرد العجل بالمبرد و یحرقه ثم یذریه فی النیل فمن شرب ماءه ممن عبد العجل اصفر وجهه و اسودت شفتاه و قیل نبت علی شاربه الذهب فكان ذلك علما لجرمه فأخذ موسی علیه السلام العجل فذبحه ثم برده بالمبارد ثم حرقه و جمع رماده و أمر السامری حتی بال علیه استخفافا به ثم ذرأه فی الماء ثم أمرهم بالشرب من ذلك الماء فاسودت شفاه الذین عبدوه و اصفرت وجوههم فأقروا و قالوا لو أمرنا اللّٰه سبحانه أن نقتل أنفسنا لیقبل توبتنا لقتلناها فقیل لهم فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ فجلسوا فی الأفنیة محتبین (1)و أصلت القوم (2)علیهم خناجر فكان الرجل یری ابنه و أباه و أخاه و قریبه و صدیقه و جاره فلم یمكنهم المضی لأمر اللّٰه سبحانه (3)فأرسل اللّٰه علیهم ضبابة (4)و سحابة سوداء لا یبصر بعضهم بعضا و قیل لهم من حل حبوته (5)أو مد طرفه إلی قاتله أو اتقاه بید أو رجل فهو ملعون مردود توبته فكانوا یقتلونهم إلی المساء فلما كثر فیهم القتل و بلغ عدة القتلی سبعین ألفا دعا موسی و هارون و بكیا و جزعا و تضرعا و قالا یا رب هلكت بنو إسرائیل البقیة البقیة فكشف اللّٰه تعالی السحابة و أمرهم أن یرفعوا السلاح و یكفوا عن القتل فلما انكشفت السحابة عن القتلی اشتد ذلك علی موسی علیه السلام فأوحی اللّٰه تعالی إلیه أ ما یرضیك أن یدخل (6)القاتل و المقتول الجنة فكان من قتل منهم شهیدا و من بقی مكفرا عنه ذنبه.
ثم إن موسی علیه السلام هم بقتل السامری فأوحی اللّٰه سبحانه و تعالی إلیه لا تقتله
ص: 246
فإنه سخی فلعنه موسی و قال فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِی الْحَیاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَ إِنَّ لَكَ مَوْعِداً لعذابك فی القیامة لَنْ تُخْلَفَهُ و أمر موسی علیه السلام بنی إسرائیل أن لا یخالطوه و لا یقربوه فصار السامری وحشیا لا یألف و لا یؤلف و لا یدنو من الناس و لا یمس أحدا منهم فمن مسه قرض ذلك الموضع بالمقراض فكان كذلك حتی هلك.
قالوا ثم إن اللّٰه سبحانه أمر موسی علیه السلام أن یأتیه فی ناس من خیار بنی إسرائیل یعتذرون إلیه من عبادة قومهم العجل فاختار موسی سبعین رجلا فأمر علیه السلام أن یصوموا و یتطهروا و یطهروا ثیابهم و یتطیبوا ثم خرج موسی علیه السلام بهم إلی طور سیناء فلما دنا موسی علیه السلام الجبل وقع علیه عمود الغمام حتی تغشی الجبل كله و دنا موسی علیه السلام و دخل فیه و قال للقوم ادنوا و كان علیه السلام إذا كلم ربه وقع علی وجهه نور ساطع لا یستطیع أحد من بنی إسرائیل أن ینظر إلیه فضرب دونه بالحجاب و دخل القوم فی الغمام فخروا سجدا فسمعوا اللّٰه سبحانه و هو یكلم موسی و یأمره و ینهاه و أسمعهم اللّٰه تعالی إنی أنا اللّٰه لا إله إلا أنا ذو بكة أخرجتكم من أرض مصر فاعبدونی و لا تعبدوا غیری فلما فرغ موسی من الكلام و انكشف الغمام أقبل إلیهم فقالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فأخذتهم الصاعقة و هی نار جاءت من السماء فأحرقتهم جمیعا و قال وهب بل أرسل اللّٰه إلیهم جندا من السماء فلما سمعوا حسهم ماتوا یوما و لیلة فقال موسی رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِیَّایَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا یا رب كیف أرجع إلی بنی إسرائیل و قد أهلكت خیارهم فلم یزل موسی یناشد ربه عز و جل حتی أحیاهم اللّٰه جمیعا رجلا بعد رجل ینظر بعضهم إلی بعض كیف یحیون فذلك قوله تعالی ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (1)قالوا فلما رجع موسی علیه السلام إلی قومه و قد أتاهم بالتوراة أبوا أن یقبلوها و یعملوا بما فیها للآصار (2)و الأثقال و الأغلال التی كانت فیها فأمر اللّٰه تعالی جبرئیل فقلع جبلا علی قدر عسكرهم و كان فرسخا فی فرسخ و رفعه فوق رءوسهم مقدار قامة الرجل
ص: 247
و عن ابن عباس أمر اللّٰه جبلا من جبال فلسطین فانقلع من أصله حتی قام علی رءوسهم مثل الظلة فذلك قوله سبحانه وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ الآیة و قوله وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ
قال عطاء عن ابن عباس رفع اللّٰه تعالی فوق رءوسهم الطور و بعث نارا من قبل وجوههم و أتاهم البحر الملح من خلفهم و قیل لهم خُذُوا ما آتَیْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اسْمَعُوا فإن قبلتموه و فعلتم ما أمرتم به و إلا رضختكم بهذا الجبل و غرقتكم فی هذا البحر (1)و أحرقتكم بهذه النار فلما رأوا أن لا مهرب لهم منها قبلوا ذلك و سجدوا علی شق وجوههم و جعلوا یلاحظون الجبل و هم سجود فصارت سنة فی الیهود لا یسجدون إلا علی أنصاف وجوههم فلما زال الجبل قالوا سمعنا و أطعنا و لو لا الجبل ما أطعناك.
- و روی قتادة عن الحسن قال مكث موسی علیه السلام بعد ما تغشاه نور رب العالمین و انصرف إلی قومه أربعین لیلة لا یراه أحد إلا مات حتی اتخذ لنفسه برنسا و علیه برقع لا یبدی وجهه لأحد مخافة أن یموت. (2).
ص: 248
الآیات؛
القصص: «إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسی فَبَغی عَلَیْهِمْ وَ آتَیْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِی الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْفَرِحِینَ* وَ ابْتَغِ فِیما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَ لا تَنْسَ نَصِیبَكَ مِنَ الدُّنْیا وَ أَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَیْكَ وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِی الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُفْسِدِینَ* قالَ إِنَّما أُوتِیتُهُ عَلی عِلْمٍ عِنْدِی أَ وَ لَمْ یَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَ أَكْثَرُ جَمْعاً وَ لا یُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ* فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ فِی زِینَتِهِ قالَ الَّذِینَ یُرِیدُونَ الْحَیاةَ الدُّنْیا یا لَیْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِیَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِیمٍ* وَ قالَ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَیْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَیْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا یُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ* فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ یَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِینَ* وَ أَصْبَحَ الَّذِینَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ یَقُولُونَ وَیْكَأَنَّ اللَّهَ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ یَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْنا لَخَسَفَ بِنا وَیْكَأَنَّهُ لا یُفْلِحُ الْكافِرُونَ»(76-82)
تفسیر: لا تَفْرَحْ أی لا تأشر و لا تمرح و لا تتكبر بسبب كنوزك وَ لا تَنْسَ نَصِیبَكَ مِنَ الدُّنْیا أی لا تترك أن تحصل بها آخرتك أو أن تأخذ منها ما یكفیك.
«1»-فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسی فَبَغی عَلَیْهِمْ وَ آتَیْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِی الْقُوَّةِ وَ الْعُصْبَةُ مَا بَیْنَ الْعَشَرَةِ إِلَی خَمْسَةَ عَشَرَ (1)قَالَ كَانَ یَحْمِلُ مَفَاتِیحَ خَزَائِنِهِ الْعُصْبَةُ أولی (أُولُوا) الْقُوَّةِ فَقَالَ قَارُونُ كَمَا حَكَی اللَّهُ إِنَّما أُوتِیتُهُ عَلی عِلْمٍ عِنْدِی یَعْنِی مَالَهُ وَ كَانَ یَعْمَلُ الْكِیمِیَاءَ فَقَالَ اللَّهُ أَ وَ لَمْ یَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَ أَكْثَرُ جَمْعاً وَ لا یُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ أَیْ لَا یُسْأَلُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ عَنْ ذُنُوبِ هَؤُلَاءِ فَخَرَجَ
ص: 249
عَلی قَوْمِهِ فِی زِینَتِهِ قَالَ فِی الثِّیَابِ الْمُصَبَّغَاتِ یَجُرُّهَا بِالْأَرْضِ (1)فَ قالَ الَّذِینَ یُرِیدُونَ الْحَیاةَ الدُّنْیا یا لَیْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِیَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِیمٍ فَقَالَ لَهُمُ الْخَاصُّ مِنْ أَصْحَابِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَیْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَیْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا یُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ یَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِینَ وَ أَصْبَحَ الَّذِینَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ یَقُولُونَ وَیْكَأَنَّ اللَّهَ قَالَ هِیَ لُغَةٌ سُرْیَانِیَّةٌ (2)یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ یَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْنا لَخَسَفَ بِنا وَیْكَأَنَّهُ لا یُفْلِحُ الْكافِرُونَ وَ كَانَ سَبَبَ هَلَاكِ قَارُونَ أَنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَ مُوسَی بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ مِصْرَ وَ أَنْزَلَهُمُ الْبَادِیَةَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوَی وَ انْفَجَرَ لَهُمْ مِنَ الْحَجَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَیْناً بَطِرُوا وَ قَالُوا لَنْ نَصْبِرَ عَلی طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ یُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها قالَ لَهُمْ مُوسَی أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِی هُوَ أَدْنی بِالَّذِی هُوَ خَیْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ فَقَالُوا كَمَا حَكَی اللَّهُ إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّی یَخْرُجُوا مِنْها ثُمَّ قَالُوا لِمُوسَی فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ دُخُولَهَا وَ حَرَّمَهَا عَلَیْهِمْ أَرْبَعِینَ سَنَةً یَتِیهُونَ فِی الْأَرْضِ فَكَانُوا یَقُومُونَ مِنْ أَوَّلِ اللَّیْلِ وَ یَأْخُذُونَ فِی قِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ وَ الدُّعَاءِ وَ الْبُكَاءِ وَ كَانَ قَارُونُ مِنْهُمْ وَ كَانَ یَقْرَأُ التَّوْرَاةَ وَ لَمْ یَكُنْ فِیهِمْ أَحْسَنُ صَوْتاً مِنْهُ وَ كَانَ یُسَمَّی الْمَنُونَ لِحُسْنِ قِرَاءَتِهِ وَ قَدْ كَانَ یَعْمَلُ الْكِیمِیَاءَ فَلَمَّا طَالَ الْأَمْرُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی التِّیهِ وَ التَّوْبَةِ وَ كَانَ قَارُونُ قَدِ امْتَنَعَ أَنْ یَدْخُلَ مَعَهُمْ فِی التَّوْبَةِ وَ كَانَ مُوسَی یُحِبُّهُ فَدَخَلَ إِلَیْهِ مُوسَی فَقَالَ لَهُ یَا قَارُونُ قَوْمُكَ فِی التَّوْبَةِ وَ أَنْتَ قَاعِدٌ هَاهُنَا ادْخُلْ مَعَهُمْ وَ إِلَّا نَزَلَ بِكَ الْعَذَابُ فَاسْتَهَانَ بِهِ وَ اسْتَهَزَأَ بِقَوْلِهِ فَخَرَجَ مُوسَی مِنْ عِنْدِهِ مُغْتَمّاً فَجَلَسَ فِی فَنَاءِ قَصْرِهِ وَ عَلَیْهِ جُبَّةُ شَعْرٍ وَ نَعْلَانِ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ شِرَاكُهُمَا مِنْ خُیُوطِ شَعْرٍ بِیَدِهِ الْعَصَا فَأَمَرَ قَارُونُ أَنْ یُصَبَّ عَلَیْهِ رَمَادٌ قَدْ خُلِطَ بِالْمَاءِ فَصُبَّ عَلَیْهِ فَغَضِبَ مُوسَی غَضَباً شَدِیداً وَ كَانَ فِی كَتِفِهِ شَعَرَاتٌ كَانَ إِذَا غَضِبَ خَرَجَتْ
ص: 250
مِنْ ثِیَابِهِ وَ قَطَرَ مِنْهَا الدَّمُ فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ إِنْ لَمْ تَغْضَبْ لِی فَلَسْتُ لَكَ بِنَبِیٍّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ قَدْ أَمَرْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تطعك (تُطِیعَكَ) فَمُرْهُمَا بِمَا شِئْتَ (1)وَ قَدْ كَانَ قَارُونُ أَمَرَ أَنْ یُغْلَقَ بَابُ الْقَصْرِ فَأَقْبَلَ مُوسَی فَأَوْمَأَ إِلَی الْأَبْوَابِ فَانْفَرَجَتْ وَ دَخَلَ عَلَیْهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ قَارُونُ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أُوتِیَ بِالْعَذَابِ (2)فَقَالَ یَا مُوسَی أَسْأَلُكَ بِالرَّحِمِ الَّتِی بَیْنِی وَ بَیْنَكَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی یَا ابْنَ لَاوَی لَا تَرُدَّنِی مِنْ كَلَامِكَ یَا أَرْضُ خُذِیهِ فَدَخَلَ الْقَصْرُ بِمَا فِیهِ فِی الْأَرْضِ وَ دَخَلَ قَارُونُ فِی الْأَرْضِ إِلَی الرُّكْبَةِ (3)فَبَكَی وَ حَلَّفَهُ بِالرَّحِمِ فَقَالَ لَهُ مُوسَی یَا ابْنَ لَاوَی لَا تَرُدَّنِی مِنْ كَلَامِكَ (4)یَا أَرْضُ خُذِیهِ فَابْتَلَعَتْهُ بِقَصْرِهِ وَ خَزَائِنِهِ وَ هَذَا مَا قَالَ مُوسَی لِقَارُونَ یَوْمَ أَهْلَكَهُ اللَّهُ فَعَیَّرَهُ اللَّهُ بِمَا قَالَهُ لِقَارُونَ فَعَلِمَ مُوسَی أَنَّ اللَّهَ قَدْ عَیَّرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ قَارُونَ دَعَانِی بِغَیْرِكَ وَ لَوْ دَعَانِی بِكَ لَأَجَبْتُهُ فَقَالَ اللَّهُ یَا ابْنِ لَاوَی لَا تَرُدَّنِی مِنْ كَلَامِكَ فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ لَكَ رِضًا لَأَجَبْتُهُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی یَا مُوسَی وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی وَ جُودِی (5)وَ مَجْدِی وَ عُلُوِّ مَكَانِی لَوْ أَنَّ قَارُونَ كَمَا دَعَاكَ دَعَانِی لَأَجَبْتُهُ وَ لَكِنَّهُ لَمَّا دَعَاكَ وَكَلْتُهُ إِلَیْكَ یَا ابْنَ عِمْرَانَ لَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ فَإِنِّی كَتَبْتُ الْمَوْتَ عَلَی كُلِّ نَفْسٍ وَ قَدْ مَهَّدْتُ لَكَ مِهَاداً لَوْ قَدْ وَرَدْتَ عَلَیْهِ لَقَرَّتْ (6)عَیْنَاكَ فَخَرَجَ مُوسَی إِلَی جَبَلِ طُورِ سَیْنَاءَ مَعَ وَصِیِّهِ فَصَعِدَ مُوسَی الْجَبَلَ فَنَظَرَ إِلَی رَجُلٍ قَدْ أَقْبَلَ وَ مَعَهُ مِكْتَلٌ وَ مِسْحَاةٌ (7)فَقَالَ لَهُ مُوسَی مَا تُرِیدُ قَالَ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ قَدْ تُوُفِّیَ فَأَنَا أَحْفِرُ لَهُ قَبْراً فَقَالَ لَهُ مُوسَی أَ فَلَا أَعِینُكَ عَلَیْهِ قَالَ بَلَی قَالَ فَحَفَرَا الْقَبْرَ فَلَمَّا فَرَغَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ یَنْزِلَ إِلَی الْقَبْرِ فَقَالَ لَهُ مُوسَی مَا
ص: 251
تُرِیدُ قَالَ أَدْخُلُ الْقَبْرَ فَأَنْظُرُ كَیْفَ مَضْجَعُهُ فَقَالَ مُوسَی أَنَا أَكْفِیكَ فَدَخَلَهُ مُوسَی فَاضْطَجَعَ فِیهِ فَقَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ وَ انْضَمَّ عَلَیْهِ الْجَبَلَ (1).
بیان:
قوله تعالی كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسی قیل كان ابن عمه یصهر بن قاهث و موسی بن عمران بن قاهث و قیل كان ابن خالته- قال الطبرسی و روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
و قیل كان عم موسی (2)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه ناء بحمله ینوء نوءا إذا نهض به مع ثقله علیه (3)و المفاتح هنا الخزائن فی قول أكثر المفسرین و قیل هی المفاتیح التی تفتح بها الأبواب
و روی الأعمش عن خثیمة قال كانت من جلود كل مفتاح مثل الإصبع.
و اختلف فی معنی العصبة فقیل ما بین عشرة إلی خمسة عشر و قیل ما بین عشرة إلی أربعین و قیل أربعون رجلا و قیل ما بین الثلاثة إلی العشرة و قیل إنهم الجماعة یتعصب بعضهم لبعض قوله إِنَّما أُوتِیتُهُ عَلی عِلْمٍ قال البیضاوی أی فضلت به علی الناس و استوجبت به التفوق علیهم بالجاه و المال و علی علم فی موضع الحال و هو علم التوراة و كان أعلمهم و قیل هو علم الكیمیاء و قیل علم التجارة و الدهقنة و سائر المكاسب و قیل علمه بكنوز یوسف. (4)وَ لا یُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ سؤال استعلام فإنه تعالی مطلع علیها أو معاتبة فإنهم یعذبون بها بغتة قوله وَیْكَأَنَّ اللَّهَ قال البغوی قال الفراء ویكأن كلمة تقریر و عن الحسن أنه كلمة ابتداء و قیل هو تنبیه بمنزلة ألا و قال قطرب ویك بمعنی ویلك و أن منصوب بإضمار اعلم و قال البیضاوی عند البصریین مركب من وی للتعجب و كأن للتشبیه و المعنی ما أشبه الأمر أن اللّٰه یبسط. (5)قوله لا تردنی من كلامك أی لا تقصدنی بسبب كلامك أی لا تكلمنی و فی
ص: 252
بعض النسخ بالزای المعجمة و فی بعضها لا یردنی كلامك.
«2»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی خَبَرِ یُونُسَ قَالَ فَدَخَلَ الْحُوتُ فِی بَحْرِ الْقُلْزُمِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَی بَحْرِ مِصْرَ ثُمَّ دَخَلَ إِلَی بَحْرِ طَبَرِسْتَانَ ثُمَّ خَرَجَ فِی دِجْلَةَ الْغَوْرَاءِ (1)قَالَ ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ تَحْتَ الْأَرْضِ حَتَّی لَحِقَتْ بِقَارُونَ وَ كَانَ قَارُونُ هَلَكَ فِی أَیَّامِ مُوسَی وَ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكاً یُدْخِلُهُ فِی الْأَرْضِ كُلَّ یَوْمٍ قَامَةَ رَجُلٍ وَ كَانَ یُونُسُ فِی بَطْنِ الْحُوتِ یُسَبِّحُ اللَّهَ وَ یَسْتَغْفِرُهُ فَسَمِعَ قَارُونُ صَوْتَهُ فَقَالَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنْظِرْنِی فَإِنِّی أَسْمَعُ كَلَامَ آدَمِیٍّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنْظِرْهُ فَأَنْظَرَهُ ثُمَّ قَالَ قَارُونُ مَنْ أَنْتَ قَالَ یُونُسُ أَنَا الْمُذْنِبُ الْخَاطِئُ یُونُسُ بْنُ مَتَّی قَالَ فَمَا فَعَلَ شَدِیدُ الْغَضَبِ لِلَّهِ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ قَالَ هَیْهَاتَ هَلَكَ قَالَ فَمَا فَعَلَ الرَّءُوفُ الرَّحِیمُ عَلَی قَوْمِهِ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ هَلَكَ قَالَ فَمَا فَعَلَتْ كُلْثُمُ بِنْتُ عِمْرَانَ الَّتِی كَانَتْ سُمِّیَتْ لِی قَالَ هَیْهَاتَ مَا بَقِیَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ أَحَدٌ فَقَالَ قَارُونُ وَا أَسَفَاهْ عَلَی آلِ عِمْرَانَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِهِ أَنْ یَرْفَعَ عَنْهُ الْعَذَابَ أَیَّامَ الدُّنْیَا فَرُفِعَ عَنْهُ الْخَبَرَ (2).
«3»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام أَمَرَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ قَارُونَ أَنْ یُعَلِّقَ فِی رِدَائِهِ خُیُوطاً خُضْراً فَلَمْ یُطِعْهُ وَ اسْتَكْبَرَ وَ قَالَ إِنَّمَا یَفْعَلُ ذَلِكَ الْأَرْبَابُ بِعَبِیدِهِمْ كَیْمَا یَتَمَیَّزُوا وَ خَرَجَ عَلَی مُوسَی فِی زِینَتِهِ عَلَی بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ وَ مَعَهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ مُقَاتِلٍ وَ ثَلَاثُمِائَةِ وَصِیفَةٍ عَلَیْهِنَّ الْحُلِیُّ وَ قَالَ لِمُوسَی أَنَا خَیْرٌ مِنْكَ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ لِقَارُونَ ابْرُزْ بِنَا فَادْعُ عَلَیَّ وَ أَدْعُو عَلَیْكَ وَ كَانَ ابْنَ عَمٍّ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَمَرَ الْأَرْضَ فَأَخَذَتْ قَارُونَ إِلَی رُكْبَتَیْهِ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ یَا مُوسَی فَابْتَلَعَتْهُ الْأَرْضُ وَ خَسَفَ بِهِ وَ بِدَارِهِ (3).
«4»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ (4)عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
ص: 253
كَانَ قَارُونُ ابْنَ عَمِّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانَتْ فِی زَمَانِ مُوسَی امْرَأَةٌ بَغِیٌّ لَهَا جَمَالٌ وَ هَیْئَةٌ فَقَالَ لَهَا قَارُونُ أُعْطِیكَ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ تَجِیئِینَ غَداً إِلَی مُوسَی وَ هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَتْلُو عَلَیْهِمُ التَّوْرَاةَ فَتَقُولِینَ یَا مَعْشَرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ إِنَّ مُوسَی دَعَانِی إِلَی نَفْسِهِ فَأَخَذْتُ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ جَاءَتِ الْمَرْأَةُ الْبَغِیُّ فَقَامَتْ عَلَی رُءُوسِهِمْ وَ كَانَ قَارُونُ حَضَرَ فِی زِینَتِهِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ یَا مُوسَی إِنَّ قَارُونَ أَعْطَانِی مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَی أَنْ أَقُولَ بَیْنَ بَنِی إِسْرَائِیلَ عَلَی رُءُوسِ الْأَشْهَادِ أَنَّكَ دَعَوْتَنِی إِلَی نَفْسِكَ وَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ تَكُونَ دَعَوْتَنِی لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مُوسَی لِلْأَرْضِ خُذِیهِ فَأَخَذَتْهُ وَ ابْتَلَعَتْهُ وَ إِنَّهُ لَیَتَجَلْجَلُ مَا بَلَغَ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ.
بیان: التجلجل السووخ فی الأرض قال الثعلبی كان قارون أعلم بنی إسرائیل بعد موسی و هارون و أفضلهم و أجملهم و لم یكن فیهم أقرأ للتوراة منه و لكنه نافق كما نافق السامری فبغی علی قومه و اختلف فی معنی هذا البغی فقال ابن عباس كان فرعون قد ملك قارون علی بنی إسرائیل حین كان بمصر و عن المسیب بن شریك أنه كان عاملا علی بنی إسرائیل و كان یظلمهم و قیل زاد علیهم فی الثیاب شبرا و قیل بغی علیهم بالكبر و قیل بكثرة ماله و كان أغنی أهل زمانه و أثراهم.
و اختلف فی مبلغ عدة العصبة فی هذا الموضع فقال مجاهد ما بین العشرة إلی خمسة عشر و قال قتادة ما بین العشرة إلی أربعین و قال عكرمة منهم من یقول أربعون و منهم من یقول سبعون و قال الضحاك ما بین الثلاثة إلی العشرة و قیل هم ستون
و روی عن خثیمة قال وجدت فی الإنجیل أن مفاتیح خزائن قارون وقر ستین بغلا غراء محجلة ما یزید منها مفتاح علی إصبع لكل مفتاح منها كنز.
و یقال كان أینما یذهب تحمل معه و كانت من حدید فلما ثقلت علیه جعلها من خشب فثقلت علیه فجعلها من جلود البقر علی طول الأصابع فكانت تحمل معه علی أربعین بغلا و كان أول طغیانه أنه تكبر و استطال علی الناس بكثرة الأموال فكان یخرج فی زینته و یختال كما قال تعالی فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ فِی زِینَتِهِ قال مجاهد خرج علی براذین بیض علیها سروج الأرجوان و علیهم المعصفرات و قال عبد الرحمن خرج فی سبعین ألفا علیهم المعصفرات
ص: 254
و قال مقاتل علی بغلة شهباء علیها سرج من الذهب علیها الأرجوان و معه أربعة آلاف فارس (1)علیهم و علی دوابهم الأرجوان و معه ثلاثة آلاف جاریة بیض (2)علیهن الحلی و الثیاب الحمر علی البغال الشهب فتمنی أهل الجهالة مثل الذی أوتیه كما حكی اللّٰه فوعظهم أهل العلم باللّٰه أن اتقوا اللّٰه (3)فإن ثواب اللّٰه خَیْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً قال ثم إن اللّٰه أوحی إلی نبیه موسی أن یأمر قومه أن یعلقوا فی أردیتهم خیوطا أربعة فی كل طرف خیطا أخضر لونه لون السماء فدعا موسی بنی إسرائیل و قال لهم إن اللّٰه تعالی یأمركم أن تعلقوا فی أردیتكم خیوطا خضرا كلون السماء لكی تذكروا ربكم إذا رأیتموها و إنه تعالی ینزل من السماء كلامه علیكم (4)فاستكبر قارون و قال إنما تفعل هذه الأرباب بعبیدهم لكی یتمیزوا من غیرهم و لما قطع موسی علیه السلام ببنی إسرائیل البحر جعل الحبورة (5)و هی رئاسة المذبح و بیت القربان لهارون فكان بنو إسرائیل یأتون بهدیتهم و یدفعونه إلی هارون فیضعه علی المذبح فتنزل نار من السماء فتأكله فوجد قارون فی نفسه من ذلك و أتی موسی و قال یا موسی لك الرسالة و لهارون الحبورة و لست فی شی ء من ذلك و أنا أقرأ للتوراة منكما لا صبر لی علی هذا فقال موسی و اللّٰه ما أنا جعلتها فی هارون بل اللّٰه تعالی جعلها له فقال قارون و اللّٰه لا أصدقك فی ذلك حتی ترینی بیانه قال فجمع موسی علیه السلام رؤساء بنی إسرائیل و قال هاتوا عصیكم فجاءوا بها فحزمها (6)و ألقاها فی قبته التی كان یعبد اللّٰه تعالی فیها و جعلوا یحرسون عصیهم حتی أصبحوا فأصبحت عصا هارون علیه السلام قد اهتز لها ورق أخضر و كانت من ورق شجر اللوز فقال موسی یا قارون تری هذا (7)فقال قارون و اللّٰه ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر
ص: 255
فذهب قارون مغاضبا و اعتزل موسی بأتباعه و جعل موسی یداریه للقرابة التی بینهما و هو یؤذیه فی كل وقت و لا یزید كل یوم إلا كبرا و مخالفة و معاداة لموسی علیه السلام حتی بنی دارا و جعل بابها من الذهب و ضرب علی جدرانها صفائح الذهب و كان الملأ من بنی إسرائیل یغدون إلیه و یروحون فیطعمهم الطعام و یحدثونه و یضاحكونه.
قال ابن عباس ثم إن اللّٰه سبحانه و تعالی أنزل الزكاة علی موسی علیه السلام فلما أوجب اللّٰه سبحانه الزكاة علیهم أبی قارون فصالحه عن كل ألف دینار علی دینار و عن كل ألف درهم علی درهم و عن كل ألف شاة علی شاة و عن كل ألف شی ء شیئا ثم رجع إلی بیته فحسبه فوجده كثیرا فلم تسمح بذلك نفسه فجمع بنی إسرائیل و قال لهم یا بنی إسرائیل إن موسی قد أمركم بكل شی ء فأطعتموه و هو الآن یرید أن یأخذ أموالكم فقالوا له أنت كبیرنا و سیدنا فمرنا بما شئت فقال آمركم أن تجیئوا بفلانة البغی فنجعل لها جعلا علی أن تقذفه بنفسها فإذا فعلت ذلك خرج علیه بنو إسرائیل و رفضوه فاسترحنا منه فأتوا بها فجعل لها قارون ألف درهم و قیل ألف دینار و قیل طستا من ذهب و قیل حكمها و قال لها إنی أمولك (1)و أخلطك بنسائی علی أن تقذفی موسی بنفسك غدا إذا حضر بنو إسرائیل فلما أن كان الغد جمع قارون بنی إسرائیل ثم أتی موسی فقال له إن بنی إسرائیل قد اجتمعوا ینتظرون خروجك لتأمرهم و تنهاهم و تبین لهم أعلام دینهم و أحكام شریعتهم فخرج إلیهم موسی و هم فی براح (2)من الأرض فقام فیهم خطیبا و وعظهم فیما قال (3)یا بنی إسرائیل من سرق قطعنا یده و من افتری جلدناه ثمانین و من زنا و لیست له امرأة جلدناه مائة و من زنا و له امرأة رجمناه حتی یموت فقال له قارون و إن كنت أنت قال و إن كنت أنا قال قارون فإن بنی إسرائیل یزعمون أنك فجرت بفلانة قال أنا قال نعم قال ادعوها فإن قالت فهو كما قالت فلما أن جاءت قال لها موسی یا فلانة إنما أنا فعلت لك (4)ما
ص: 256
یقول هؤلاء و عظم علیها (1)و سألها بالذی فلق البحر لبنی إسرائیل و أنزل التوراة علی موسی إلا صدقت فلما ناشدها تداركها اللّٰه بالتوفیق و قالت فی نفسها لئن أحدث الیوم توبة أفضل من أن أوذی رسول اللّٰه فقالت لا كذبوا (2)و لكن جعل لی قارون جعلا علی أن أقذفك بنفسی فلما تكلمت بهذا الكلام سقط فی یده قارون (3)و نكس رأسه و سكت الملأ و عرف أنه وقع فی مهلكة و خر موسی ساجدا یبكی و یقول یا رب إن عدوك قد آذانی و أراد فضیحتی و شینی اللّٰهم فإن كنت رسولك فاغضب لی و سلطنی علیه فأوحی اللّٰه سبحانه أن ارفع رأسك و مر الأرض بما شئت تطعك فقال موسی یا بنی إسرائیل إن اللّٰه تعالی قد بعثنی إلی قارون كما بعثنی إلی فرعون فمن كان معه فلیثبت مكانه و من كان معی فلیعتزل فاعتزلوا قارون و لم یبق معه إلا رجلان ثم قال موسی علیه السلام یا أرض خذیهم فأخذتهم إلی كعابهم ثم قال یا أرض خذیهم فأخذتهم إلی ركبهم ثم قال یا أرض خذیهم فأخذتهم إلی حقوهم ثم قال یا أرض خذیهم فأخذتهم إلی أعناقهم و قارون و أصحابه (4)فی كل ذلك یتضرعون إلی موسی علیه السلام و یناشده قارون اللّٰه و الرحم (5)حتی روی فی بعض الأخبار أنه ناشده سبعین مرة و موسی فی جمیع ذلك لا یلتفت إلیه لشدة غضبه ثم قال یا أرض خذیهم فانطبقت علیهم الأرض فأوحی اللّٰه سبحانه إلی موسی یا موسی ما أفظك استغاثوا بك سبعین مرة فلم ترحمهم و لم تغثهم أما و عزتی و جلالی لو إیای دعونی مرة واحدة لوجدونی قریبا مجیبا.
قال قتادة ذكر لنا أنه یخسف به كل یوم قامة و أنه یتجلجل فیها و لا یبلغ قعرها إلی یوم القیامة فلما خسف اللّٰه تعالی بقارون و صاحبیه أصبحت بنو إسرائیل یتناجون فیما بینهم أن موسی إنما دعا علی قارون لیستبد بداره و كنوزه و أمواله فدعا
ص: 257
اللّٰه تعالی موسی علیه السلام حتی خسف بداره و أمواله الأرض (1)و أوحی اللّٰه تعالی إلی موسی أنی لا أعبد الأرض لأحد بعدك أبدا فذلك قوله تعالی فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ یَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِینَ (2).
«5»-عدة، عدة الداعی رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ فِی كِتَابِهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمَّا صَارَ یُونُسُ إِلَی الْبَحْرِ الَّذِی فِیهِ قَارُونُ قَالَ قَارُونُ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ مَا هَذَا الدَّوِیُّ وَ الْهَوْلُ الَّذِی أَسْمَعُهُ قَالَ لَهُ الْمَلَكُ هَذَا یُونُسُ الَّذِی حَبَسَهُ اللَّهُ فِی بَطْنِ الْحُوتِ فَجَالَتْ بِهِ الْبِحَارُ السَّبْعَةُ حَتَّی صَارَتْ بِهِ إِلَی هَذَا الْبَحْرِ فَهَذَا الدَّوِیُّ وَ الْهَوْلُ لِمَكَانِهِ قَالَ أَ فَتَأْذَنُ لِی فِی كَلَامِهِ (3)فَقَالَ قَدْ أَذِنْتُ لَكَ فَقَالَ لَهُ قَارُونُ یَا یُونُسُ أَ لَا تُبْتَ إِلَی رَبِّكَ فَقَالَ لَهُ یُونُسُ أَ لَا تُبْتَ أَنْتَ إِلَی رَبِّكَ فَقَالَ لَهُ قَارُونُ إِنَّ تَوْبَتِی جُعِلَتْ إِلَی مُوسَی وَ قَدْ تُبْتُ إِلَی مُوسَی وَ لَمْ یَقْبَلْ مِنِّی وَ أَنْتَ لَوْ تُبْتَ إِلَی اللَّهِ لَوَجَدْتَهُ عِنْدَ أَوَّلِ قَدَمٍ تَرْجِعُ بِهَا إِلَیْهِ (4).
ص: 258
الآیات؛
البقرة: «وَ إِذْ قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِینَ* قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما هِیَ قالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ عَوانٌ بَیْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ* قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِینَ* قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما هِیَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَیْنا وَ إِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ* قالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِیرُ الْأَرْضَ وَ لا تَسْقِی الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِیَةَ فِیها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا یَفْعَلُونَ* وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِیها وَ اللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ* فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ یُحْیِ اللَّهُ الْمَوْتی وَ یُرِیكُمْ آیاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»(67-73)
تفسیر: فَادَّارَأْتُمْ أی اختصمتم فی شأنها إذ المتخاصمان یدفع بعضهم بعضا أو تدافعتم بأن طرح قتلها كل عن نفسه إلی صاحبه و أصله تدارأتم فأدغمت التاء فی الدال و اجتلبت لها همزة الوصل فَقُلْنا اضْرِبُوهُ الضمیر للنفس و التذكیر علی تأویل الشخص أو القتیل بِبَعْضِها أی أی بعض كان و قیل ضرب بفخذ البقرة و قام حیا و قال قتلنی فلان ثم عاد میتا و قیل ضرب بذنبها و قیل بلسانها و قیل بعظم من عظامها و قیل بالبضعة التی بین الكتفین.
«1»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ خِیَارِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ عُلَمَائِهِمْ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْهُمْ فَأَنْعَمَتْ لَهُ وَ خَطَبَهَا ابْنُ عَمٍّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ وَ كَانَ فَاسِقاً رَدِیئاً فَلَمْ یُنْعِمُوا لَهُ فَحَسَدَ ابْنُ عَمِّهِ الَّذِی أَنْعَمُوا لَهُ فَقَعَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ غِیلَةً ثُمَّ حَمَلَهُ إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ هَذَا ابْنُ عَمِّی فَقَدْ قُتِلَ فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مَنْ قَتَلَهُ قَالَ لَا أَدْرِی وَ كَانَ الْقَتْلُ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ عَظِیماً جِدّاً فَعَظُمَ
ص: 259
ذَلِكَ عَلَی مُوسَی فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ بَنُو إِسْرَائِیلَ فَقَالُوا مَا تَرَی یَا نَبِیَّ اللَّهِ وَ كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ لَهُ بَقَرَةٌ وَ كَانَ لَهُ ابْنٌ بَارٌّ وَ كَانَ عِنْدَ ابْنِهِ سِلْعَةٌ فَجَاءَ قَوْمٌ یَطْلُبُونَ سِلْعَتَهُ وَ كَانَ مِفْتَاحُ بَیْتِهِ تَحْتَ رَأْسِ أَبِیهِ وَ كَانَ نَائِماً وَ كَرِهَ ابْنُهُ أَنْ یُنَبِّهَهُ وَ یُنَغِّصَ عَلَیْهِ نَوْمَهُ فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ فَلَمْ یَشْتَرُوا سِلْعَتَهُ فَلَمَّا انْتَبَهَ أَبُوهُ قَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ مَا ذَا صَنَعْتَ فِی سِلْعَتِكَ قَالَ هِیَ قَائِمَةٌ لَمْ أَبِعْهَا لِأَنَّ الْمِفْتَاحَ كَانَ تَحْتَ رَأْسِكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُنَبِّهَكَ وَ أُنَغِّصَ عَلَیْكَ نَوْمَكَ قَالَ لَهُ أَبُوهُ قَدْ جَعَلْتُ هَذِهِ الْبَقَرَةَ لَكَ عِوَضاً عَمَّا فَاتَكَ مِنْ رِبْحِ سِلْعَتِكَ وَ شَكَرَ اللَّهُ لِابْنِهِ مَا فَعَلَ بِأَبِیهِ وَ أَمَرَ مُوسَی بَنِی إِسْرَائِیلَ (1)أَنْ یَذْبَحُوا تِلْكَ الْبَقَرَةَ بِعَیْنِهَا فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَی مُوسَی وَ بَكَوْا وَ ضَجُّوا قَالَ لَهُمْ مُوسَی إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فَتَعَجَّبُوا وَ قَالُوا أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً نَأْتِیكَ بِقَتِیلٍ فَتَقُولُ اذْبَحُوا بَقَرَةً فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِینَ فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَخْطَئُوا فَقَالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما هِیَ قالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ وَ الْفَارِضُ الَّتِی قَدْ ضَرَبَهَا الْفَحْلُ وَ لَمْ تَحْمِلْ وَ الْبِكْرُ الَّتِی لَمْ یَضْرِبْهَا الْفَحْلُ فَقَالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها أَیْ شَدِیدَةُ الصُّفْرَةِ تَسُرُّ النَّاظِرِینَ إِلَیْهَا قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما هِیَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَیْنا وَ إِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ قالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِیرُ الْأَرْضَ أَیْ لَمْ تَذَلَّلْ وَ لا تَسْقِی الْحَرْثَ أَیْ لَا تَسْقِی الزَّرْعَ مُسَلَّمَةٌ لا شِیَةَ فِیها أَیْ لَا نُقْطَةَ فِیهَا إِلَّا الصُّفْرَةُ قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ هِیَ بَقَرَةُ فُلَانٍ فَذَهَبُوا لِیَشْتَرُوهَا فَقَالَ لَا أَبِیعُهَا إِلَّا بِمِلْ ءِ جِلْدِهَا ذَهَباً فَرَجَعُوا إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی لَا بُدَّ لَكُمْ مِنْ ذَبْحِهَا بِعَیْنِهَا فَاشْتَرَوْهَا بِمِلْ ءِ جِلْدِهَا ذَهَباً فَذَبَحُوهَا ثُمَّ قَالُوا یَا نَبِیَّ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنَا فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَیْهِ قُلْ لَهُمُ اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا وَ قُولُوا مَنْ قَتَلَكَ فَأَخَذُوا الذَّنَبَ فَضَرَبُوهُ بِهِ وَ قَالُوا مَنْ قَتَلَكَ یَا فُلَانُ فَقَالَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ابْنُ عَمِّیَ الَّذِی جَاءَ بِهِ وَ هُوَ قَوْلُهُ فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ یُحْیِ اللَّهُ الْمَوْتی وَ یُرِیكُمْ آیاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2).
ص: 260
بیان: أنعم له أی قال له نعم و الغیلة بالكسر الاغتیال یقال قتله غیلة و هو أن یخدعه و یذهب به إلی موضع فإذا صار إلیه قتله و نغص كفرح لم یتم مراده و البعیر لم یتم شربه و أنغص اللّٰه علیه العیش و نغصه علیه فتنغصت تكدرت قال البیضاوی قصته أنه كان فی بنی إسرائیل شیخ موسر فقتل ابنه بنو أخیه طمعا فی میراثه و طرحوه علی باب المدینة ثم جاءوا یطالبون بدمه فأمرهم اللّٰه أن یذبحوا بقرة و یضربوه ببعضها لیحیی فیخبر بقاتله لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ لا مسنة و لا فتیة یقال فرضت البقرة فروضا من الفرض و هو القطع كأنها فرضت سنها و تركیب البكر للأولیة و منه البكرة و الباكورة انتهی. (1)
أقول: المعنی الذی ذكره علی بن إبراهیم للفارض لم أعثر علیه و یمكن أن یكون كنایة عن غایة كبرها حیث لا تحمل و العوان الوسط بین الصغیرة و الكبیرة قوله فاقِعٌ لَوْنُها أی شدیدة صفرة لونها و قیل خالص الصفرة و قیل حسن الصفرة.
وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ بَلَغَ بِهِ جَابِرَ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَنْ لَبِسَ نَعْلًا صَفْرَاءَ لَمْ یَزَلْ یَنْظُرُ فِی سُرُورٍ مَا دَامَتْ عَلَیْهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِینَ (2).
قوله بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ قال البیضاوی أی لم تذلل للكراب و سقی الحروث و لا ذلك صفة لبقرة بمعنی غیر ذلول و لا الثانیة مزیدة لتأكید الأولی و الفعلان صفتا ذلول كأنه قیل لا ذلول مثیرة و ساقیة مُسَلَّمَةٌ سلمها اللّٰه من العیوب أو أهلها من العمل أو أخلص لونها من سلم له كذا إذا خلص له لا شِیَةَ فِیها لا لون فیها یخالف لون جلدها و هی فی الأصل مصدر وشاه وشیا و شیة إذا خلط بلونه لونا آخر وَ ما كادُوا یَفْعَلُونَ لتطویلهم و كثرة مراجعتهم. (3)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی قرب أن لا یفعلوا ذلك مخافة اشتهار فضیحة القاتل
ص: 261
و قیل كادوا أن لا یفعلوا ذلك لغلاء ثمنها فقد حكی عن ابن عباس أنهم اشتروها بمل ء جلدها ذهبا من مال المقتول و عن السدی بوزنها عشر مرات ذهبا و قال عكرمة و ما كان ثمنها إلا ثلاثة دنانیر انتهی. (1)و قال البیضاوی و لعله تعالی إنما لم یحیه ابتداء و شرط فیه ما شرط لما فیه من التقرب و أداء الواجب و نفع الیتیم و التنبیه علی بركة التوكل و الشفقة علی الأولاد و أن من حق الطالب أن یقدم قربة و من حق المتقرب أن یتحری الأحسن و یغالی بثمنه و أن المؤثر فی الحقیقة هو اللّٰه تعالی و الأسباب أمارات لا أثر لها و أن من أراد أن یعرف أعدی عدوه الساعی فی إماتته الموت الحقیقی فطریقه أن یذبح بقرة نفسه التی هی القوة الشهویة حین زال عنها شره الصبا و لم یلحقها ضعف الكبر و كانت معجبة رائقة المنظر غیر مذللة فی طلب الدنیا مسلمة عن دنسها لا سمة بها من مقابحها بحیث یصل أثره إلی نفسه فیحیا حیاة طیبة و یعرب عما به ینكشف الحال و یرتفع ما بین العقل و الوهم من التداری و النزاع.(2).
«2»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام أَبِی عَنِ الْكُمَیْدَانِیِّ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَتَلَ قَرَابَةً لَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ فَطَرَحَهُ عَلَی طَرِیقِ أَفْضَلِ سِبْطٍ مِنْ أَسْبَاطِ بَنِی إِسْرَائِیلَ ثُمَّ جَاءَ یَطْلُبُ بِدَمِهِ فَقَالُوا لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ سِبْطَ آلِ فُلَانٍ قَتَلُوا فُلَاناً فَأَخْبِرْنَا مَنْ قَتَلَهُ قَالَ ائْتُونِی بِبَقَرَةٍ قَالُوا أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِینَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَی بَقَرَةٍ (3)أَجْزَأَتْهُمْ وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما هِیَ قالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ یَعْنِی لَا كَبِیرَةٌ وَ لَا صَغِیرَةٌ عَوانٌ بَیْنَ ذلِكَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَی بَقَرَةٍ أَجْزَأَتْهُمْ وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِینَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَی بَقَرَةٍ لَأَجْزَأَتْهُمْ
ص: 262
وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما هِیَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَیْنا وَ إِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ قالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِیرُ الْأَرْضَ وَ لا تَسْقِی الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِیَةَ فِیها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَطَلَبُوهَا فَوَجَدُوهَا عِنْدَ فَتًی مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَا أَبِیعُهَا إِلَّا بِمِلْ ءِ مَسْكِهَا (1)ذَهَباً فَجَاءُوا إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ اشْتَرُوهَا فَاشْتَرَوْهَا وَ جَاءُوا بِهَا فَأَمَرَ بِذَبْحِهَا ثُمَّ أَمَرَ أَنْ یُضْرَبُ الْمَیِّتُ بِذَنَبِهَا فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ حَیِیَ الْمَقْتُولُ وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ عَمِّی قَتَلَنِی دُونَ مَنْ یُدَّعَی عَلَیْهِ قَتْلِی فَعَلِمُوا بِذَلِكَ قَاتِلَهُ فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ (2)إِنَّ هَذِهِ الْبَقَرَةَ لَهَا نَبَأٌ فَقَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ إِنَّ فَتًی مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانَ بَارّاً بِأَبِیهِ وَ إِنَّهُ اشْتَرَی بَیْعاً فَجَاءَ إِلَی أَبِیهِ فَرَأَی وَ الْأَقَالِیدُ (3)تَحْتَ رَأْسِهِ فَكَرِهَ أَنْ یُوقِظَهُ فَتَرَكَ ذَلِكَ الْبَیْعَ فَاسْتَیْقَظَ أَبُوهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ أَحْسَنْتَ خُذْ هَذِهِ الْبَقَرَةَ فَهِیَ لَكَ عِوَضاً لِمَا فَاتَكَ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ انْظُرُوا إِلَی الْبِرِّ مَا بَلَغَ بِأَهْلِهِ (4).
شی، تفسیر العیاشی عن البزنطی مثله بیان لا یخفی دلالة هذا الخبر و الأخبار الآتیة علی كون التكلیف فی الأول غیر التكلیف بعد السؤال و قد اختلف علماء الفریقین فی ذلك قال الشیخ الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف العلماء فی هذه الآیات فمنهم من ذهب إلی أن التكلیف فیها متغایر و لو أنهم ذبحوا أولا أی بقرة اتفقت لهم كانوا قد امتثلوا الأمر فلما لم یفعلوا كانت المصلحة أن شدد علیهم التكلیف و لما راجعوا المرة الثانیة تغیرت مصلحتهم إلی تكلیف ثالث.
ثم اختلف هؤلاء من وجه آخر فمنهم من قال فی التكلیف الأخیر إنه یجب أن یكون مستوفیا لكل صفة تقدمت فعلی هذا القول یكون التكلیف الثانی و الثالث ضم تكلیف إلی تكلیف زیادة فی التشدید علیهم لما فیه من المصلحة و منهم من قال یجب أن
ص: 263
یكون بالصفة الأخیرة فقط دون ما تقدم (1)و علی هذا القول یكون التكلیف الثانی نسخا للأول و الثالث للثانی و قد یجوز نسخ الشی ء قبل الفعل لأن المصلحة یجوز أن تتغیر بعد فوات وقتها و إنما لا یجوز نسخ الشی ء قبل وقت الفعل لأن ذلك یؤدی إلی البداء.
و ذهب آخرون إلی أن التكلیف واحد و أن الأوصاف المتأخرة إنما هی للبقرة المتقدمة و إنما تأخر البیان (2)و هو مذهب المرتضی قدس اللّٰه روحه و استدل بهذه الآیة علی جواز تأخیر البیان عن وقت الخطاب إلی وقت الحاجة قال إنه تعالی لما كلفهم ذبح بقرة قالوا لموسی علیه السلام ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما هِیَ فلا یخلو قولهم ما هی من أن یكون كنایة عن البقرة المتقدمة ذكرها أو عن التی أمروا بها ثانیا و الظاهر من قولهم ما هی یقتضی أن یكون السؤال عن صفة البقرة المأمور بذبحها لأنه لا علم لهم بتكلیف ذبح بقرة أخری لیستفهموا عنها و إذا صح ذلك فلیس یخلو قوله إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ من أن یكون الهاء فیه كنایة عن البقرة الأولی أو غیرها و لیس یجوز أن یكون كنایة عن بقرة ثانیة إذ الظاهر تعلقها بما تضمنه سؤالهم و لأنه لو لم یكن الأمر علی ذلك لم یكن جوابا لهم و قول القائل فی جواب من سأله ما كذا و كذا أنه بالصفة الفلانیة صریح فی أن الهاء كنایة عما وقع السؤال عنه هذا مع قولهم إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَیْنا فإنهم لم یقولوا ذلك إلا و قد اعتقدوا أن خطابهم مجمل غیر مبین و لو كان علی ما ذهب إلیه القوم فلم لم یقل لهم و أی تشابه علیكم و إنما أمرتم بذبح أی بقرة كانت و أما قوله وَ ما كادُوا یَفْعَلُونَ فالظاهر أن ذمهم مصروف إلی تقصیرهم أو تأخیرهم امتثال الأمر بعد البیان التام لا علی ترك المبادرة فی الأول إلی ذبح بقرة انتهی. (3)
ص: 264
أقول: غایة ما أفاده رحمه اللّٰه هو أن الظاهر من الآیات ذلك و بعد تسلیمه فقد یعدل عن الظاهر لورود النصوص المعتبرة و أما النسخ قبل الفعل فقد مر الكلام فیه فی باب الذبیح علیه السلام و تفصیل القول فی ذلك موكول إلی مظانه من الكتب الأصولیة.
«3»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِإِسْنَادِهِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ فِی مَدِینَةٍ اثْنَا عَشَرَ سِبْطاً أُمَّةٌ أَبْرَارٌ وَ كَانَ فِیهِمْ شَیْخٌ لَهُ ابْنَةٌ وَ لَهُ ابْنُ أَخٍ خَطَبَهَا إِلَیْهِ فَأَبَی أَنْ یُزَوِّجَهَا فَزَوَّجَهَا مِنْ غَیْرِهِ فَقَعَدَ لَهُ فِی الطَّرِیقِ إِلَی الْمَسْجِدِ فَقَتَلَهُ وَ طَرَحَهُ عَلَی طَرِیقِ أَفْضَلِ سِبْطٍ لَهُمْ ثُمَّ غَدَا یُخَاصِمُهُمْ فِیهِ فَانْتَهَوْا إِلَی مُوسَی علیه السلام فَأَخْبَرُوهُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً نَسْأَلُكَ مَنْ قَتَلَ هَذَا تَقُولُ اذْبَحُوا بَقَرَةً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِینَ وَ لَوِ انْطَلَقُوا إِلَی بَقَرَةٍ لَأُجِیزَتْ وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما هِیَ قالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ فَرَجَعُوا إِلَی مُوسَی وَ قَالُوا لَمْ نَجِدْ هَذَا النَّعْتَ إِلَّا عِنْدَ غُلَامٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ قَدْ أَبَی أَنْ یَبِیعَهَا إِلَّا بِمِلْ ءِ مَسْكِهَا دَنَانِیرَ قَالَ فَاشْتَرُوهَا فَابْتَاعُوهَا فَذُبِحَتْ قَالَ فَأَخَذَ جَذْوَةً مِنْ لَحْمِهَا فَضَرَبَهُ فَجَلَسَ فَقَالَ مُوسَی مَنْ قَتَلَكَ فَقَالَ قَتَلَنِی ابْنُ أَخِی الَّذِی یُخَاصِمُ فِی قَتْلِی قَالَ فَقُتِلَ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِهَذِهِ الْبَقَرَةِ لَنَبَأً فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا هُوَ قَالُوا إِنَّهَا كَانَتْ لِشَیْخٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ لَهُ ابْنٌ بَارٌّ بِهِ فَاشْتَرَی الِابْنُ بَیْعاً فَجَاءَ لِیَنْقُدَهُمْ الثَّمَنَ فَوَجَدَ أَبَاهُ نَائِماً فَكَرِهَ أَنْ (1)یُوقِظَهُ وَ الْمِفْتَاحُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَأَخَذَ الْقَوْمُ مَتَاعَهُمْ فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا اسْتَیْقَظَ قَالَ لَهُ یَا أَبَتِ إِنِّی اشْتَرَیْتُ بَیْعاً كَانَ لِی فِیهِ مِنَ الْفَضْلِ كَذَا وَ كَذَا وَ إِنِّی جِئْتُ لِأَنْقُدَهُمُ (2)الثَّمَنَ فَوَجَدْتُكَ نَائِماً وَ إِذَا الْمِفْتَاحُ تَحْتَ رَأْسِكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكَ وَ إِنَّ الْقَوْمَ أَخَذُوا مَتَاعَهُمْ وَ رَجَعُوا فَقَالَ الشَّیْخُ أَحْسَنْتَ یَا بُنَیَّ فَهَذِهِ الْبَقَرَةُ لَكَ بِمَا صَنَعْتَ وَ كَانَتْ بَقِیَّةٌ كَانَتْ لَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ (3)انْظُرُوا مَا ذَا صَنَعَ بِهِ الْبِرُّ (4).
ص: 265
«4»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ مُقَاتِلٍ (1)عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَمَرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنْ یَذْبَحُوا بَقَرَةً وَ كَانَ یُجْزِیهِمْ مَا ذَبَحُوا وَ مَا تَیَسَّرَ مِنَ الْبَقَرِ فَعَنِتُوا وَ شَدَّدُوا فَشُدِّدَ عَلَیْهِمْ (2).
«5»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَیْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدَةَ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ قَالَ لَهُمْ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ اذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا مَا لَوْنُهَا فَلَمْ یَزَالُوا شَدَّدُوا حَتَّی ذَبَحُوا بَقَرَةً بِمِلْ ءِ جِلْدِهَا ذَهَباً (3).
«6»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ مَحْجُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنْ یَذْبَحُوا بَقَرَةً وَ إِنَّمَا كَانُوا یَحْتَاجُونَ إِلَی ذَنَبِهَا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ (4).
«7»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً إِلَی قَوْلِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ قَالَ الْإِمَامُ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِیَهُودِ الْمَدِینَةِ وَ اذْكُرُوا إِذْ قَالَ مُوسَی لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً تَضْرِبُونَ بِبَعْضِهَا هَذَا الْمَقْتُولَ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ لِیَقُومَ حَیّاً سَوِیّاً (5)بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی وَ یُخْبِرَكُمْ بِقَاتِلِهِ وَ ذَلِكَ حِینَ أُلْقِیَ الْقَتِیلُ بَیْنَ أَظْهُرِهِمْ فَأَلْزَمَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَهْلَ الْقَبِیلَةِ بِأَمْرِ اللَّهِ أَنْ یَحْلِفَ خَمْسُونَ مِنْ أَمَاثِلِهِمْ بِاللَّهِ الْقَوِیِّ الشَّدِیدِ إِلَهِ بَنِی إِسْرَائِیلَ (6)مُفَضِّلِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ عَلَی الْبَرَایَا أَجْمَعِینَ مَا قَتَلْنَاهُ وَ لَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا فَإِنْ حَلَفُوا بِذَلِكَ غَرِمُوا دِیَةَ الْمَقْتُولِ وَ إِنْ نَكَلُوا نَصُّوا عَلَی الْقَاتِلِ أَوْ أَقَرَّ الْقَاتِلُ فَیُقَادُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ یَفْعَلُوا حُبِسُوا فِی مَجْلِسٍ ضَنْكٍ (7)إِلَی أَنْ یَحْلِفُوا أَوْ یُقِرُّوا
ص: 266
أَوْ یَشْهَدُوا عَلَی الْقَاتِلِ فَقَالُوا یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَ مَا وَقَتْ أَیْمَانُنَا أَمْوَالَنَا وَ لَا أَمْوَالُنَا أَیْمَانَنَا قَالَ لَا هَكَذَا حَكَمَ اللَّهُ وَ كَانَ السَّبَبُ أَنَّ امْرَأَةً حَسْنَاءَ ذَاتَ جَمَالٍ وَ خَلْقٍ كَامِلٍ وَ فَضْلٍ بَارِعٍ وَ نَسَبٍ شَرِیفٍ وَ سِتْرٍ ثَخِینٍ (1)كَثُرَ خُطَّابُهَا وَ كَانَ لَهَا بَنُو أَعْمَامٍ ثَلَاثَةٍ فَرَضِیَتْ بِأَفْضَلِهِمْ عِلْماً وَ أَثْخَنِهِمْ سِتْراً وَ أَرَادَتِ التَّزْوِیجَ بِهِ فَاشْتَدَّ حَسَدُ ابْنَیْ عَمِّهِ الْآخَرَیْنِ لَهُ وَ غَبَطَاهُ عَلَیْهَا لِإِیثَارِهَا إِیَّاهُ فَعَمَدَا إِلَی ابْنِ عَمِّهَا الْمَرْضِیِّ فَأَخَذَاهُ إِلَی دَعْوَتِهِمَا ثُمَّ قَتَلَاهُ وَ حَمَلَاهُ إِلَی مَحَلَّةٍ تَشْتَمِلُ عَلَی أَكْثَرِ قَبِیلَةٍ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَلْقَیَاهُ بَیْنَ أَظْهُرِهِمْ لَیْلًا فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا الْقَتِیلَ هُنَاكَ فَعُرِفَ حَالُهُ فَجَاءَ ابْنَا عَمِّهِ الْقَاتِلَانِ لَهُ فَمَزَّقَا عَلَی أَنْفُسِهِمَا وَ حَثَیَا التُّرَابَ عَلَی رُءُوسِهِمَا وَ اسْتَعْدَیَا عَلَیْهِمْ فَأَحْضَرَهُمْ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ سَأَلَهُمْ فَأَنْكَرُوا أَنْ یَكُونُوا قَتَلُوهُ أَوْ عَلِمُوا قَاتِلَهُ قَالَ فَحَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی مَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْحَادِثَةَ مَا عَرَفْتُمُوهُ (2)فَقَالُوا یَا مُوسَی أَیُّ نَفْعٍ فِی أَیْمَانِنَا لَنَا إِذَا لَمْ تَدْرَأْ عَنَّا الْغَرَامَةَ الثَّقِیلَةَ أَمْ أَیُّ نَفْعٍ فِی غَرَامَتِنَا لَنَا إِذَا لَمْ تَدْرَأْ عَنَّا الْأَیْمَانَ فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ كُلُّ النَّفْعِ فِی طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَی وَ الِایتِمَارِ لِأَمْرِهِ (3)وَ الِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَی عَنْهُ فَقَالُوا یَا نَبِیَّ اللَّهِ غُرْمٌ ثَقِیلٌ وَ لَا جِنَایَةَ لَنَا وَ أَیْمَانٌ غَلِیظَةٌ وَ لَا حَقَّ فِی رِقَابِنَا لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَرَّفَنَا قَاتِلَهُ بِعَیْنِهِ وَ كَفَانَا مَئُونَتَهُ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ یُبَیِّنَ لَنَا هَذَا الْقَاتِلَ لِیَنْزِلَ بِهِ مَا یَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْعِقَابِ (4)وَ یَنْكَشِفَ أَمْرُهُ لِذَوِی الْأَلْبَابِ فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ بَیَّنَ مَا أَحْكُمُ بِهِ فِی هَذَا فَلَیْسَ لِی أَنْ أَقْتَرِحَ عَلَیْهِ غَیْرَ مَا حَكَمَ وَ لَا أَعْتَرِضَ عَلَیْهِ فِیمَا أَمَرَ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّهُ لَمَّا حَرَّمَ الْعَمَلَ فِی السَّبْتِ وَ حَرَّمَ لَحْمَ الْجَمَلِ لَمْ یَكُنْ لَنَا أَنْ نَقْتَرِحَ عَلَیْهِ (5)أَنْ یُغَیِّرَ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَیْنَا مِنْ ذَلِكَ بَلْ عَلَیْنَا أَنْ نُسَلِّمَ لَهُ حُكْمَهُ وَ نَلْتَزِمَ مَا أَلْزَمَنَاهُ وَ هَمَّ بِأَنْ یَحْكُمَ عَلَیْهِمْ بِالَّذِی كَانَ یَحْكُمُ بِهِ عَلَی غَیْرِهِمْ فِی مِثْلِ حَادِثَتِهِمْ فَأَوْحَی
ص: 267
اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی أَجِبْهُمْ إِلَی مَا اقْتَرَحُوا وَ سَلْنِی أَنْ أُبَیِّنَ لَهُمُ الْقَاتِلَ لِیُقْتَلَ وَ یَسْلَمَ غَیْرُهُ مِنَ التُّهَمَةِ وَ الْغَرَامَةِ فَإِنِّی إِنَّمَا أُرِیدُ بِإِجَابَتِهِمْ إِلَی مَا اقْتَرَحُوا تَوْسِعَةَ الرِّزْقِ عَلَی رَجُلٍ مِنْ خِیَارِ أُمَّتِكَ دِینُهُ الصَّلَاةُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ وَ التَّفْضِیلُ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ بَعْدَهُ عَلَی سَائِرِ الْبَرَایَا أُغْنِیهِ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا فِی هَذِهِ الْقَضِیَّةِ لِیَكُونَ بَعْضُ ثَوَابِهِ عَنْ تَعْظِیمِهِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ بَیِّنْ لَنَا قَاتِلَهُ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ قُلْ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ إِنَّ اللَّهَ یُبَیِّنُ لَكُمْ ذَلِكَ بِأَنْ یَأْمُرَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فَتَضْرِبُوا بِبَعْضِهَا الْمَقْتُولَ فَیَحْیَا فَتُسْلِمُونَ لِرَبِّ الْعَالَمِینَ ذَلِكَ وَ إِلَّا فَكُفُّوا عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَ الْتَزِمُوا ظَاهِرَ حُكْمِی فَذَلِكَ مَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ أَیْ سَیَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً إِنْ أَرَدْتُمُ الْوُقُوفَ عَلَی الْقَاتِلِ وَ تَضْرِبُوا الْمَقْتُولَ بِبَعْضِهَا لِیَحْیَا وَ یُخْبِرَ بِالْقَاتِلِ فَ قالُوا یَا مُوسَی أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً وَ سُخْرِیَّةً تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ أَنْ نَذْبَحَ بَقَرَةً وَ نَأْخُذَ قِطْعَةً مِنْ مَیِّتٍ وَ نَضْرِبَ بِهَا مَیِّتاً فَیَحْیَا أَحَدُ الْمَیِّتَیْنِ بِمُلَاقَاةِ بَعْضِ الْمَیِّتِ الْآخَرِ لَهُ كَیْفَ یَكُونُ هَذَا قالَ مُوسَی أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِینَ أَنْسُبُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا لَمْ یَقُلْ لِی وَ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِینَ أُعَارِضَ أَمْرَ اللَّهِ بِقِیَاسِی عَلَی مَا شَاهَدْتُ دَافِعاً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ أَمْرِهِ ثُمَّ قَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَ وَ لَیْسَ مَاءُ الرَّجُلِ نُطْفَةَ مَیِّتٍ وَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَیِّتٌ یَلْتَقِیَانِ (1)فَیُحْدِثُ اللَّهُ مِنِ الْتِقَاءِ الْمَیِّتَیْنِ بَشَراً حَیّاً سَوِیّاً أَ وَ لَیْسَ بُذُورُكُمُ الَّتِی تَزْرَعُونَهَا فِی أَرْضِكُمْ تَتَفَسَّخُ فِی أَرَضِیكُمْ وَ تَعَفَّنُ (2)وَ هِیَ مَیْتَةٌ ثُمَّ یُخْرِجُ اللَّهُ مِنْهَا هَذِهِ السَّنَابِلَ الْحَسَنَةَ الْبَهِجَةَ وَ هَذِهِ الْأَشْجَارَ الْبَاسِقَةَ الْمُؤْنِقَةَ (3)فَلَمَّا بَهَرَهُمْ (4)مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالُوا لَهُ یَا مُوسَی ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما هِیَ أَیْ مَا صِفَتُهَا لِنَقِفَ عَلَیْهَا فَسَأَلَ مُوسَی رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ
ص: 268
إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ كَبِیرَةٌ وَ لا بِكْرٌ صَغِیرَةٌ عَوانٌ وَسَطٌ بَیْنَ ذلِكَ بَیْنَ الْفَارِضِ وَ الْبِكْرِ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ إِذَا أُمِرْتُمْ بِهِ قالُوا یَا مُوسَی ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما لَوْنُها أَیْ لَوْنُ هَذِهِ الْبَقَرَةِ الَّتِی تُرِیدُ أَنْ تَأْمُرَنَا بِذَبْحِهَا قالَ مُوسَی عَنِ اللَّهِ تَعَالَی بَعْدَ السُّؤَالِ وَ الْجَوَابِ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ حَسَنَةٌ لَوْنُ الصُّفْرَةِ (1)لَیْسَ بِنَاقِصٍ تَضْرِبُ إِلَی بَیَاضٍ وَ لَا بِمُشْبَعٍ تَضْرِبُ إِلَی السَّوَادِ لَوْنُها هَكَذَا فَاقِعٌ تَسُرُّ الْبَقَرَةُ النَّاظِرِینَ إِلَیْهَا لِبَهْجَتِهَا وَ حُسْنِهَا وَ بَرِیقِهَا قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنا ما هِیَ صِفَتُهَا (2)(3)قالَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَی إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِیرُ الْأَرْضَ لَمْ تُذَلَّلْ لِإِثَارَةِ الْأَرْضِ وَ لَمْ تُرَضَّ بِهَا وَ لَا تَسْقِی الْأَرْضَ (4)(وَ لا تَسْقِی الْحَرْثَ) وَ لَا هِیَ مِمَّنْ تَجُرُّ الدَّوَالِیَ (5)وَ لَا تُدِیرُ النَّوَاعِیرَ (6)قَدْ أُعْفِیَتْ مِنْ ذَلِكَ أَجْمَعَ مُسَلَّمَةٌ مِنَ الْعُیُوبِ كُلِّهَا لَا عَیْبَ فِیهَا لا شِیَةَ فِیها لَا لَوْنَ فِیهَا مِنْ غَیْرِهَا فَلَمَّا سَمِعُوا هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالُوا یَا مُوسَی أَ فَقَدْ أَمَرَنَا رَبُّنَا بِذَبْحِ بَقَرَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا قَالَ بَلَی وَ لَمْ یَقُلْ مُوسَی فِی الِابْتِدَاءِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ لَكَانُوا إِذَا قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ یُبَیِّنْ لَنَا مَا هِیَ وَ مَا لَوْنُهَا وَ مَا هِیَ كَانَ لَا یَحْتَاجُ أَنْ یَسْأَلَهُ ذَلِكَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَكِنْ كَانَ یُجِیبُهُمْ هُوَ بِأَنْ یَقُولَ أَمَرَكُمْ بِبَقَرَةٍ فَأَیُّ شَیْ ءٍ وَقَعَ عَلَیْهِ اسْمُ الْبَقَرِ فَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ أَمْرِهِ إِذَا ذَبَحْتُمُوهَا قَالَ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَیْهِمْ طَلَبُوا هَذِهِ الْبَقَرَةَ فَلَمْ یَجِدُوهَا إِلَّا عِنْدَ شَابٍّ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَرَاهُ اللَّهُ فِی مَنَامِهِ مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً وَ طَیِّبِی ذُرِّیَّتِهِمَا فَقَالا لَهُ أَمَا إِنَّكَ كُنْتَ لَنَا مُحِبّاً مُفَضِّلًا وَ نَحْنُ نُرِیدُ أَنْ نَسُوقَ إِلَیْكَ بَعْضَ جَزَائِكَ فِی الدُّنْیَا فَإِذَا رَامُوا شِرَاءَ بَقَرَتِكَ فَلَا تَبِعْهَا إِلَّا بِأَمْرِ أُمِّكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُلَقِّنُهَا مَا یُغْنِیكَ بِهِ وَ عَقِبَكَ فَفَرِحَ الْغُلَامُ وَ جَاءَهُ الْقَوْمُ یَطْلُبُونَ بَقَرَتَهُ فَقَالُوا بِكَمْ تَبِیعُ بَقَرَتَكَ قَالَ بِدِینَارَیْنِ وَ الْخِیَارُ
ص: 269
لِأُمِّی قَالُوا قَدْ رَضِینَا بِدِینَارٍ فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ بَلْ بِأَرْبَعَةٍ فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالُوا نُعْطِیكَ دِینَارَیْنِ فَأَخْبَرَ أُمَّهُ فَقَالَتْ بِمِائَةٍ (1)فَمَا زَالُوا یَطْلُبُونَ عَلَی النِّصْفِ مِمَّا تَقُولُ أُمُّهُ وَ یَرْجِعُ إِلَی أُمِّهِ فَتُضَعِّفُ الثَّمَنَ حَتَّی بَلَغَ (2)ثَمَنُهَا مِلْ ءَ مَسْكِ ثَوْرٍ أَكْبَرَ مَا یَكُونُ مَلَئُوهُ دَنَانِیرَ فَأَوْجَبَ لَهُمُ الْبَیْعَ ثُمَّ ذَبَحُوهَا فَأَخَذُوا قِطْعَةً وَ هِیَ عَجْبُ الذَّنَبِ (3)الَّذِی مِنْهُ خُلِقَ ابْنُ آدَمَ وَ عَلَیْهِ یُرْكَبُ إِذَا أُعِیدَ (4)خَلْقاً جَدِیداً فَضَرَبُوهُ بِهَا وَ قَالُوا اللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ لَمَّا أَحْیَیْتَ هَذَا الْمَیِّتَ وَ أَنْطَقْتَهُ لِیُخْبِرَ عَنْ قَاتِلِهِ فَقَامَ سَالِماً سَوِیّاً وَ قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ قَتَلَنِی هَذَانِ ابْنَا عَمِّی حَسَدَانِی عَلَی ابْنَةِ عَمِّی فَقَتَلَانِی وَ أَلْقَیَانِی فِی مَحَلَّةِ هَؤُلَاءِ لِیَأْخُذُوا دِیَتِی فَأَخَذَ مُوسَی الرَّجُلَیْنِ فَقَتَلَهُمَا وَ كَانَ قَبْلَ أَنْ یَقُومَ الْمَیِّتُ ضَرَبَ بِقِطْعَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ فَلَمْ یَحْیَ فَقَالُوا یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَیْنَ مَا وَعَدْتَنَا عَنِ اللَّهِ قَالَ مُوسَی قَدْ صَدَقْتَ وَ ذَلِكَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَا مُوسَی إِنِّی لَا أُخْلِفُ وَعْدِی وَ لَكِنْ لِیُقَدِّمُوا (5)لِلْفَتَی مِنْ ثَمَنِ بَقَرَتِهِ فَیَمْلَئُوا مَسْكَهَا دَنَانِیرَ ثُمَّ أُحْیِی هَذَا فَجَمَعُوا أَمْوَالَهُمْ وَ وَسَّعَ اللَّهُ جِلْدَ الثَّوْرِ حَتَّی وُزِنَ مَا مُلِئَ بِهِ جِلْدُهُ فَبَلَغَ خَمْسَةَ آلَافِ أَلْفِ دِینَارٍ (6)فَقَالَ بَعْضُ بَنِی إِسْرَائِیلَ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمَقْتُولِ الْمَنْشُورِ الْمَضْرُوبِ بِبَعْضِ الْبَقَرَةِ لَا نَدْرِی أَیُّهُمَا أَعْجَبُ إِحْیَاءُ اللَّهِ هَذَا وَ إِنْطَاقُهُ بِمَا نَطَقَ أَوْ إِغْنَاؤُهُ لِهَذَا الْفَتَی بِهَذَا الْمَالِ الْعَظِیمِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا مُوسَی قُلْ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ أُطَیِّبَ فِی الدُّنْیَا عَیْشَهُ وَ أُعَظِّمَ فِی جِنَانِی مَحَلَّهُ وَ أَجْعَلَ بِمُحَمَّدٍ (7)وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ فِیهَا مُنَادَمَتَهُ لِیَفْعَلْ كَمَا فَعَلَ هَذَا الْفَتَی إِنَّهُ كَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ وَ كَانَ عَلَیْهِمْ مُصَلِّیاً وَ لَهُمْ عَلَی جَمِیعِ الْخَلَائِقِ
ص: 270
مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الْمَلَائِكَةِ مُفَضِّلًا فَلِذَلِكَ صَرَفْتُ إِلَیْهِ الْمَالَ الْعَظِیمَ لِیَتَنَعَّمَ بِالطَّیِّبَاتِ وَ یَتَكَرَّمَ بِالْهِبَاتِ وَ الصِّلَاتِ وَ یَتَحَبَّبَ بِمَعْرُوفِهِ إِلَی ذَوِی الْمَوَدَّاتِ وَ یَكْبِتَ بِنَفَقَاتِهِ ذَوِی الْعَدَاوَاتِ قَالَ الْفَتَی یَا نَبِیَّ اللَّهِ كَیْفَ أَحْفَظُ هَذِهِ الْأَمْوَالَ أَمْ كَیْفَ أَحْذَرُ مِنْ عَدَاوَةِ مَنْ یُعَادِینِی فِیهَا وَ حَسَدِ مَنْ یَحْسُدُنِی لِأَجْلِهَا قَالَ قُلْ عَلَیْهَا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ مَا كُنْتَ تَقُولُهُ قَبْلَ أَنْ تَنَالَهَا فَإِنَّ الَّذِی رَزَقَكَهَا بِذَلِكَ الْقَوْلِ مَعَ صِحَّةِ الِاعْتِقَادِ یَحْفَظُهَا عَلَیْكَ أَیْضاً بِهَذَا الْقَوْلِ مَعَ صِحَّةِ الِاعْتِقَادِ فَقَالَهَا الْفَتَی فَمَا رَامَهَا حَاسِدٌ لَهُ لِیُفْسِدَهَا أَوْ لِصٌّ لِیَسْرِقَهَا أَوْ غَاصِبٌ لِیَغْصِبَهَا إِلَّا دَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا بِلَطِیفَةٍ مِنْ لَطَائِفِهِ حَتَّی یَمْتَنِعَ مِنْ ظُلْمِهِ اخْتِیَاراً أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ بِآفَةٍ أَوْ دَاهِیَةٍ حَتَّی یَكُفَّهُ عَنْهُ كَفَّ اضْطِرَارٍ (1)قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَلَمَّا قَالَ مُوسَی لِلْفَتَی ذَلِكَ وَ صَارَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِمَقَالَتِهِ حَافِظاً قَالَ هَذَا الْمَنْشُورُ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُكَ بِمَا سَأَلَكَ بِهِ هَذَا الْفَتَی مِنَ الصَّلَاةِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ وَ التَّوَسُّلِ بِهِمْ أَنْ تُبْقِیَنِی فِی الدُّنْیَا مُتَمَتِّعاً (2)بِابْنَةِ عَمِّی وَ تُخْزِیَ (3)عَنِّی أَعْدَائِی وَ حُسَّادِی وَ تَرْزُقَنِی فِیهَا خَیْراً كَثِیراً طَیِّباً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا مُوسَی إِنَّ لِهَذَا الْفَتَی الْمَنْشُورِ بَعْدَ الْقَتْلِ سِتِّینَ سَنَةً وَ قَدْ وَهَبْتُ لَهُ لِمَسْأَلَتِهِ وَ تَوَسُّلِهِ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ سَبْعِینَ سَنَةً تَمَامَ مِائَةٍ وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً صَحِیحَةٌ حَوَاسُّهُ ثَابِتٌ فِیهَا جَنَانُهُ قَوِیَّةٌ فِیهَا شَهَوَاتُهُ یَتَمَتَّعُ بِحَلَالِ هَذِهِ الدُّنْیَا وَ یَعِیشُ وَ لَا یُفَارِقُهَا وَ لَا تُفَارِقُهُ فَإِذَا حَانَ حِینُهُ حَانَ حِینُهَا وَ مَاتَا جَمِیعاً مَعاً فَصَارَا إِلَی جِنَانِی فَكَانَا زَوْجَیْنِ فِیهَا نَاعِمَیْنِ وَ لَوْ سَأَلَنِی یَا مُوسَی هَذَا الشَّقِیُّ الْقَاتِلُ بِمِثْلِ مَا تَوَسَّلَ بِهِ هَذَا الْفَتَی عَلَی صِحَّةِ اعْتِقَادِهِ أَنْ أَعْصِمَهُ مِنَ الْحَسَدِ وَ أُقْنِعَهُ بِمَا رَزَقْتُهُ وَ ذَلِكَ هُوَ الْمُلْكُ الْعَظِیمُ لَفَعَلْتُ وَ لَوْ سَأَلَنِی بِذَلِكَ مَعَ التَّوْبَةِ (4)أَنْ لَا أُفْضِحَهُ لَمَا فَضَحْتُهُ وَ لَصَرَفْتُ هَؤُلَاءِ عَنِ اقْتِرَاحِ إِبَانَةِ الْقَاتِلِ وَ لَأَغْنَیْتُ هَذَا الْفَتَی مِنْ غَیْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِقَدْرِ هَذَا
ص: 271
الْمَالِ (1)وَ لَوْ سَأَلَنِی بَعْدَ مَا افْتَضَحَ وَ تَابَ إِلَیَّ وَ تَوَسَّلَ بِمِثْلِ وَسِیلَةِ هَذَا الْفَتَی أَنْ أُنْسِیَ النَّاسَ فِعْلَهُ بَعْدَ مَا أَلْطُفُ لِأَوْلِیَائِهِ فَیَعْفُونَ عَنِ الْقِصَاصِ لَفَعَلْتُ وَ كَانَ لَا یُعَیِّرُهُ بِفِعْلِهِ أَحَدٌ وَ لَا یَذْكُرُهُ فِیهِمْ ذَاكِرٌ وَ لَكِنْ ذَلِكَ فَضْلٌ أُوتِیهِ مَنْ أَشَاءُ وَ أَنَا ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ وَ أَعْدَلُ بِالْمَنْعِ عَلَی مَنْ أَشَاءُ وَ أَنَا الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ (2)فَلَمَّا ذَبَحُوهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا یَفْعَلُونَ وَ أَرَادُوا أَنْ لَا یَفْعَلُوا ذَلِكَ مِنْ عِظَمِ ثَمَنِ الْبَقَرَةِ وَ لَكِنَّ اللَّجَاجَ حَمَلَهُمْ عَلَی ذَلِكَ وَ اتِّهَامُهُمْ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ حَدَاهُمْ (3)قَالَ فَضَجُّوا إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَالُوا افْتَقَرَتِ الْقَبِیلَةُ وَ دُفِعَتْ إِلَی التَّكَفُّفِ وَ انْسَلَخْنَا (4)بِلَجَاجِنَا عَنْ قَلِیلِنَا وَ كَثِیرِنَا فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِسَعَةِ الرِّزْقِ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَیْحَكُمْ مَا أَعْمَی قُلُوبَكُمْ أَ مَا سَمِعْتُمْ دُعَاءَ الْفَتَی صَاحِبِ الْبَقَرَةِ وَ مَا أَوْرَثَهُ اللَّهُ تَعَالَی مِنَ الْغِنَی أَ وَ مَا سَمِعْتُمْ دُعَاءَ الْفَتَی الْمَقْتُولِ الْمَنْشُورِ وَ مَا أَثْمَرَ لَهُ مِنَ الْعُمُرِ الطَّوِیلِ وَ السَّعَادَةِ وَ التَّنَعُّمِ بِحَوَاسِّهِ (5)وَ سَائِرِ بَدَنِهِ وَ عَقْلِهِ لِمَ لَا تَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَی بِمِثْلِ دُعَائِهِمْ وَ تَتَوَسَّلُونَ إِلَی اللَّهِ بِمِثْلِ وَسِیلَتِهِمَا لِیَسُدَّ فَاقَتَكُمْ وَ یُجْبِرَ كَسْرَكُمْ وَ یَسُدَّ خَلَّتَكُمْ (6)فَقَالُوا اللَّهُمَّ إِلَیْكَ الْتَجَأْنَا وَ عَلَی فَضْلِكَ اعْتَمَدْنَا فَأَزِلْ فَقْرَنَا وَ سُدَّ خَلَّتَنَا بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ الطَّیِّبِینَ مِنْ آلِهِمْ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا مُوسَی قُلْ لَهُمْ لِیَذْهَبَ رُؤَسَاؤُهُمْ إِلَی خَرِبَةِ بَنِی فُلَانٍ وَ یَكْشِفُوا فِی مَوْضِعِ كَذَا لِمَوْضِعٍ عَیَّنَهُ وَجْهَ أَرْضِهَا قَلِیلًا وَ یَسْتَخْرِجُوا مَا هُنَاكَ فَإِنَّهُ عَشَرَةُ آلَافِ أَلْفِ دِینَارٍ لِیَرُدُّوا عَلَی كُلِّ مَنْ دَفَعَ فِی ثَمَنِ هَذِهِ الْبَقَرَةِ مَا دَفَعَ لِتَعُودَ أَحْوَالُهُمْ (7)ثُمَّ لِیَتَقَاسَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَا یَفْضُلُ وَ هُوَ خَمْسَةُ آلَافِ أَلْفِ دِینَارٍ عَلَی قَدْرِ مَا دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِی هَذِهِ الْمِحْنَةِ لِیَتَضَاعَفَ أَمْوَالُهُمْ جَزَاءً عَلَی تَوَسُّلِهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ وَ اعْتِقَادِهِمْ لِتَفْضِیلِهِمْ فَذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ
ص: 272
إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِیها اخْتَلَفْتُمْ فِیهَا (وَ تَدَارَأْتُمْ) أَلْقَی بَعْضُكُمُ الذَّنْبَ فِی قَتْلِ الْمَقْتُولِ عَلَی بَعْضٍ وَ دَرَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ ذَوِیهِ وَ اللَّهُ مُخْرِجٌ مُظْهِرٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ مَا كَانَ مِنْ خَبَرِ الْقَاتِلِ وَ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ مِنْ إِرَادَةِ تَكْذِیبِ مُوسَی بِاقْتِرَاحِكُمْ عَلَیْهِ مَا قَدَرْتُمْ أَنَّ رَبَّهُ لَا یُجِیبُهُ إِلَیْهِ فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها بِبَعْضِ الْبَقَرَةِ كَذلِكَ یُحْیِ اللَّهُ الْمَوْتی فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ كَمَا أَحْیَا الْمَیِّتَ بِمُلَاقَاةِ مَیِّتٍ آخَرَ لَهُ أَمَّا فِی الدُّنْیَا فَیَتَلَاقَی مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ فَیُحْیِی اللَّهُ الَّذِی كَانَ فِی الْأَصْلَابِ وَ الْأَرْحَامِ حَیّاً وَ أَمَّا فِی الْآخِرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُنَزِّلُ بَیْنَ نَفْخَتَیِ الصُّورِ بَعْدَ مَا یُنْفَخُ النَّفْخَةُ الْأُولَی مِنْ دُوَیْنِ السَّمَاءِ الدُّنْیَا مِنَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ الَّذِی قَالَ اللَّهُ فِیهِ وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَ هِیَ مِنْ مَنِیٍّ كَمَنِیِّ الرَّجُلِ فَیَمْطُرُ ذَلِكَ عَلَی الْأَرْضِ فَیَلْقَی الْمَاءُ الْمَنِیُّ مَعَ الْأَمْوَاتِ الْبَالِیَةِ فَیَنْبُتُونَ مِنَ الْأَرْضِ وَ یَحْیَوْنَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یُرِیكُمْ آیاتِهِ سَائِرَ آیَاتِهِ سِوَی هَذِهِ الدَّلَالاتِ عَلَی تَوْحِیدِهِ وَ نُبُوَّةِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ نَبِیِّهِ وَ فَضْلِ مُحَمَّدٍ عَلَی الْخَلَائِقِ سَیِّدِ عَبِیدِهِ وَ إِمَائِهِ وَ تَبْیِینِهِ فَضْلَهُ (1)وَ فَضْلَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ عَلَی سَائِرِ خَلْقِ اللَّهِ أَجْمَعِینَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ تَعْتَبِرُونَ وَ تَتَفَكَّرُونَ أَنَّ الَّذِی فَعَلَ هَذِهِ الْعَجَائِبَ لَا یَأْمُرُ الْخَلْقَ إِلَّا بِالْحِكْمَةِ وَ لَا یَخْتَارُ مُحَمَّداً وَ آلَهُ إِلَّا لِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ ذَوِی الْأَلْبَابِ(2).
بیان: أما وقت أیماننا أموالنا استبعاد منهم للحكم علیهم بالدیة بعد حلفهم أی أ لیس أیماننا وقایة لأموالنا و بالعكس حتی جمعت بینهما و الباسقة الطویلة و راض الدابة ذللها و النواعیر جمع الناعورة و هی الدولاب و الدلو یستقی بها و نادمة منادمة و نداما جالسة علی الشراب قوله علیه السلام و لم یقل موسی حاصله أنه علیه السلام حمل قوله تعالی إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ علی حقیقة الاستقبال و لذا فسره بقوله سیأمركم فوعدهم أولا بالأمر ثم بعد سؤالهم و تعیین البقرة أمرهم و لو قال موسی أولا بصیغة الماضی أمركم أن تذبحوا لتعلق الأمر بالحقیقة و كان یكفی أی بقرة كانت و هذا وجه ثالث غیر ما ذهب إلیه الفریقان فی تأویل الآیة لكن بقول السید و أصحابه أنسب و جمعه مع الأخبار السابقة لا یخلو من إشكال و یمكن أن تحمل الأخبار السابقة علی أنه تعالی لما علم أنه إن أمرهم ببقرة مطلقة لم یكتفوا بذلك فلذا لم یأمرهم بها أولا أو علی أنه بعد
ص: 273
الوعد بالأمر لو لم یسألوا عن خصوص البقرة لأمرهم ببقرة مطلقة فلما بادروا بالسؤال شدد علیهم و هما بعیدان و ارتكاب مثلهما فیها لهذا الخبر مع كونها أقوی و أكثر مشكل و اللّٰه یعلم حقیقة الأمر. (1)و قال الثعلبی قال المفسرون وجد قتیل فی بنی إسرائیل اسمه عامیل و لم یدروا قاتله و اختلفوا فی قاتله و سبب قتله فقال عطاء و السدی كان فی بنی إسرائیل رجل كثیر المال و له ابن عم مسكین لا وارث له غیره فلما طال علیه حیاته قتله لیرثه و قال بعضهم كان تحت عامیل بنت عم له كانت مثلا فی بنی إسرائیل بالحسن و الجمال فقتله ابن عمه لینكحها فلما قتله حمله من قریته إلی قریة أخری فألقاه هناك و قال عكرمة كان لبنی إسرائیل مسجد له اثنا عشر بابا لكل سبط منهم باب فوجد قتیل علی باب سبط قتل و جر إلی باب سبط آخر فاختصم فیه السبطان و قال ابن سیرین قتله القاتل ثم احتمله فوضعه علی باب رجل منهم ثم أصبح یطلب بدمه و قیل ألقاه بین قریتین فاختصم فیه أهلهما فاشتبه أمر القتیل علی موسی و كان ذلك قبل نزول القسامة فأمرهم اللّٰه بذبح البقرة فشددوا علی أنفسهم فشدد اللّٰه علیهم و إنما كان تشدیدهم تقدیرا من اللّٰه به و حكمة.
و كان السبب فیه علی ما ذكره السدی و غیره أن رجلا من بنی إسرائیل كان بارا بأبیه و بلغ من بره أن رجلا أتاه بلؤلؤة فابتاعها بخمسین ألفا و كان فیها فضل و ربح فقال للبائع (2)إن أبی نائم و مفتاح الصندوق تحت رأسه فأمهلنی حتی یستیقظ فأعطیك الثمن قال فأیقظ أباك و أعطنی المال قال ما كنت لأفعل و لكن أزیدك عشرة آلاف فأنظرنی حتی ینتبه أبی فقال الرجل فأنا أحط عنك عشرة آلاف إن أیقظت أباك و عجلت النقد فقال و أنا أزیدك عشرین ألفا إن انتظرت انتباهة أبی ففعل و لم
ص: 274
یوقظ أباه (1)فلما استیقظ أبوه أخبره بذلك فدعا له و جزاه خیرا و قال هذه البقرة لك بما صنعت فقال رسول اللّٰه انظروا ما ذا صنع به البر.
و قال ابن عباس و وهب و غیرهما من أهل الكتب كان فی بنی إسرائیل رجل صالح له ابن طفل و كان له عجل فأتی بالعجل إلی غیضة (2)و قال اللّٰهم إنی استودعتك هذه العجلة لابنی حتی یكبر و مات الرجل فشبت العجلة فی الغیضة و صارت عوانا و كانت تهرب من كل من رامها فلما كبر الصبی كان بارا بوالدته و كان یقسم اللیلة ثلاثة أثلاث یصلی ثلثا و ینام ثلثا و یجلس عند رأس أمه ثلثا فإذا أصبح انطلق و احتطب علی ظهر و یأتی به السوق فیبیعه بما شاء اللّٰه ثم یتصدق بثلثه و یأكل ثلثه و یعطی والدته ثلثا فقالت له أمه یوما إن أباك ورثك عجلة و ذهب بها إلی غیضة كذا و استودعها فانطلق إلیها و ادع إله إبراهیم و إسماعیل و إسحاق أن یردها علیك و إن من علامتها أنك إذا نظرت إلیها یخیل إلیك أن شعاع الشمس یخرج من جلدها و كانت تسمی المذهبة لحسنها و صفوتها و صفاء لونها فأتی الفتی الغیضة فرآها ترعی فصاح بها و قال أعزم علیك بإله إبراهیم و إسماعیل و إسحاق و یعقوب (3)فأقبلت تسعی حتی قامت بین یدیه فقبض علی عنقها و قادها فتكلمت البقرة بإذن اللّٰه و قالت أیها الفتی البار بوالدته اركبنی فإن ذلك أهون علیك فقال الفتی إن أمی لم تأمرنی بذلك و لكن قالت خذ بعنقها قالت البقرة بإله بنی إسرائیل لو ركبتنی ما كنت تقدر علی أبدا فانطلق فإنك لو أمرت الجبل أن ینقلع من أصله و ینطلق معك لفعل لبرك بوالدتك فصار الفتی بها فاستقبله عدو اللّٰه إبلیس فی صورة راع فقال أیها الفتی إنی رجل من رعاة البقر اشتقت إلی أهلی فأخذت ثورا من ثیرانی فحملت زادی و متاعی حتی إذا بلغت شطر الطریق ذهبت لأقضی حاجتی فعدا وسط الجبل و ما قدرت علیه و إنی أخشی علی نفسی الهلكة فإن رأیت أن تحملنی علی بقرتك و تنجینی من الموت و أعطیك أجرها
ص: 275
بقرتین مثل بقرتك فلم یفعل الفتی و قال اذهب فتوكل علی اللّٰه و لو علم اللّٰه تعالی منك الیقین لبلغك بلا زاد و لا راحلة فقال إبلیس إن شئت فبعنیها بحكمك و إن شئت فاحملنی علیها و أعطیك عشرة مثلها (1)فقال الفتی إن أمی لم تأمرنی بهذا فبین الفتی كذلك إذ طار طائر من بین یدی البقرة و نفرت البقرة هاربة فی الفلاة و غاب الراعی فدعاها الفتی باسم إله إبراهیم فرجعت البقرة إلیه فقالت أیها الفتی البار بوالدته أ لم تر إلی الطائر الذی طار فإنه إبلیس عدو اللّٰه اختلسنی أما إنه لو ركبنی لما قدرت علی أبدا فلما دعوت إله إبراهیم جاء ملك فانتزعنی من ید إبلیس و ردنی إلیك لبرك بأمك و طاعتك لها فجاء بها الفتی إلی أمه فقالت له إنك فقیر لا مال لك و یشق علیك الاحتطاب بالنهار و القیام باللیل فانطلق فبع هذه البقرة و خذ ثمنها قال لأمه بكم أبیعها قالت بثلاثة دنانیر و لا تبعها بغیر رضای و مشورتی و كان ثمن البقرة فی ذلك الوقت ثلاثة دنانیر فانطلق بها الفتی إلی السوق فعقبه اللّٰه سبحانه (2)ملكا لیری خلقه قدرته و لیختبر الفتی كیف بره بوالدته و كان اللّٰه به خبیرا فقال له الملك بكم تبیع هذه البقرة قال بثلاثة دنانیر و أشترط علیك رضا أمی فقال له الملك ستة دنانیر و لا تستأمر أمك فقال الفتی لو أعطیتنی وزنها ذهبا لم آخذه إلا برضا أمی فردها إلی أمه و أخبرها بالثمن فقالت ارجع فبعها بستة دنانیر علی رضا منی فانطلق الفتی بالبقرة إلی السوق فأتی الملك فقال استأمرت والدتك فقال الفتی نعم إنها أمرتنی أن لا أنقصها من ستة دنانیر علی أن أستأمرها قال الملك فإنی أعطیك اثنی عشر (3)علی أن لا تستأمرها فأبی الفتی و رجع إلی أمه و أخبرها بذلك فقالت إن ذاك الرجل الذی یأتیك هو ملك من الملائكة یأتیك فی صورة آدمی لیجربك فإذا أتاك فقل له أ تأمرنا أن نبیع هذه البقرة أم لا ففعل ذلك فقال له الملك اذهب إلی أمك و قل لها أمسكی هذه البقرة فإن موسی یشتریها منكم لقتیل یقتل فی بنی إسرائیل فلا تبیعوها إلا بمل ء مسكها دنانیر فأمسكا البقرة و قدر اللّٰه تعالی علی بنی إسرائیل ذبح تلك البقرة بعینها مكافاة علی بره بوالدته
ص: 276
فضلا منه و رحمة فطلبوها فوجدوها عند الفتی فاشتروها بمل ء مسكها ذهبا و قال السدی اشتروها بوزنها عشر مرات ذهبا.
و اختلفوا فی البعض المضروب به فقال ابن عباس ضربوه بالعظم الذی یلی الغضروف و هو المقتل و قال الضحاك بلسانها و قال الحسین بن الفضل هذا أولی الأقاویل لأن المراد كان من إحیاء القتیل كلامه و اللسان آلته و قال سعید بن جبیر بعجب ذنبها و قال یمان (1)بن رئاب و هو أولی التأویلات بالصواب (2)العصعص أساس البدن الذی ركب علیه الخلق و إنه أول ما یخلق و آخر ما یبلی و قال مجاهد بذنبها و قال عكرمة و الكلبی بفخذها الأیمن و قال السدی بالبضعة التی بین كتفیها و قیل بأذنها (3)ففعلوا ذلك فقام القتیل حیا بإذن اللّٰه تعالی و أوداجه تشخب دما و قال قتلنی فلان ثم سقط و مات مكانه. (4)أقول: و
قَالَ السَّیِّدُ بْنُ طَاوُسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِ سَعْدِ السُّعُود وَجَدْتُ فِی تَفْسِیرٍ مَنسوبٍ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ أَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فَذَلِكَ أَنَّ رَجُلَیْنِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ هُمَا أَخَوَانِ وَ كَانَ لَهُمَا ابْنُ عَمٍّ أَخِ أَبِیهِمَا وَ كَانَ غَنِیّاً مُكْثِراً وَ كَانَتْ لَهُمَا ابْنَةُ عَمٍّ حَسْنَاءُ شَابَّةٌ كَانَتْ مَثَلًا فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ بِحُسْنِهَا وَ جَمَالِهَا خَافَا أَنْ یَنْكِحَهَا ابْنُ عَمِّهَا ذَلِكَ الْغَنِیُّ فَعَمَدَا فَقَتَلَاهُ فَاحْتَمَلَاهُ فَأَلْقَیَاهُ إِلَی جَنْبِ قَرْیَةٍ لِیَبْرَءُوا مِنْهُ وَ أَصْبَحَ الْقَتِیلُ بَیْنَ ظَهْرَانَیْهِمْ فَلَمَّا غَمَّ عَلَیْهِمْ شَأْنُهُ وَ مَنْ قَتَلَهُ قَالَ أَصْحَابُ الْقَرْیَةِ الَّذِینَ وُجِدَ عِنْدَهُمْ یَا مُوسَی ادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ یُطْلِعَ عَلَی قَاتِلِ هَذَا الرَّجُلِ فَفَعَلَ مُوسَی ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ فِی كِتَابِهِ وَ قَالَ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ لَوْ ذَبَحُوا فِی الْأَوَّلِ أَیَّ بَقَرَةٍ كَانَتْ كَافِیَةً فَوَجَدُوا الْبَقَرَةَ لِامْرَأَةٍ فَلَمْ تَبِعْهَا لَهُمْ إِلَّا بِمِلْ ءِ جِلْدِهَا ذَهَباً وَ ضَرَبُوا الْمَقْتُولَ بِبَعْضِهَا فَعَاشَ فَأَخْبَرَهُمْ بِقَاتِلِهِ فَأُخِذَا فَقُتِلَا فَأُهْلِكَا فِی الدُّنْیَا وَ هَكَذَا یَقْتُلُهُمَا رَبُّنَا فِی الْآخِرَةِ (5)
ص: 277
الآیات؛
الكهف: «وَ إِذْ قالَ مُوسی لِفَتاهُ (إلی قوله تعالی): صَبْراً»(60-82)
«1»-فس، تفسیر القمی لَمَّا أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُرَیْشاً بِخَبَرِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ قَالُوا أَخْبِرْنَا عَنِ الْعَالِمِ الَّذِی أَمَرَ اللَّهُ مُوسَی أَنْ یَتْبَعَهُ وَ مَا قِصَّتُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ قالَ مُوسی لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّی أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَیْنِ أَوْ أَمْضِیَ حُقُباً قَالَ وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسی تَكْلِیماً وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْأَلْوَاحَ وَ فِیهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ وَ كَتَبْنا لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِیلًا لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ رَجَعَ مُوسَی إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ عَلَیْهِ التَّوْرَاةَ وَ كَلَّمَهُ قَالَ فِی نَفْسِهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً أَعْلَمَ مِنِّی فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی جَبْرَئِیلَ أَدْرِكْ مُوسَی فَقَدْ هَلَكَ وَ أَعْلِمْهُ أَنَّ عِنْدَ مُلْتَقَی الْبَحْرَیْنِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ رَجُلًا أَعْلَمَ مِنْكَ فَصِرْ إِلَیْهِ وَ تَعَلَّمْ مِنْ عِلْمِهِ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ أَخْبَرَهُ فَذَلَّ مُوسَی فِی نَفْسِهِ وَ عَلِمَ أَنَّهُ أَخْطَأَ وَ دَخَلَهُ الرُّعْبُ وَ قَالَ لِوَصِیِّهِ یُوشَعَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِی أَنْ أَتَّبِعَ رَجُلًا عِنْدَ مُلْتَقَی الْبَحْرَیْنِ وَ أَتَعَلَّمَ مِنْهُ فَتَزَوَّدَ یُوشَعُ حُوتاً مَمْلُوحاً وَ خَرَجَا فَلَمَّا خَرَجَا وَ بَلَغَا ذَلِكَ الْمَكَانَ وَجَدَا رَجُلًا مُسْتَلْقِیاً عَلَی قَفَاهُ فَلَمْ یَعْرِفَاهُ فَأَخْرَجَ وَصِیُّ مُوسَی الْحُوتَ وَ غَسَلَهُ بِالْمَاءِ وَ وَضَعَهُ عَلَی الصَّخْرَةِ وَ مَضَیَا وَ نَسِیَا الْحُوتَ وَ كَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ مَاءَ الْحَیَوَانِ فَحَیِیَ الْحُوتُ وَ دَخَلَ فِی الْمَاءِ فَمَضَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ یُوشَعُ مَعَهُ حَتَّی عَیِیَا فَقَالَ لِوَصِیِّهِ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِینا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً أَیْ عَنَاءً فَذَكَرَ وَصِیُّهُ السَّمَكَةَ فَقَالَ لِمُوسَی إِنِّی نَسِیتُ الْحُوتَ عَلَی الصَّخْرَةِ فَقَالَ مُوسَی ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِی رَأَیْنَاهُ عِنْدَ الصَّخْرَةِ هُوَ الَّذِی نُرِیدُهُ فَرَجَعَا عَلی آثارِهِما قَصَصاً إِلَی عِنْدِ الرَّجُلِ وَ هُوَ فِی الصَّلَاةِ فَقَعَدَ مُوسَی حَتَّی فَرَغَ عَنِ الصَّلَاةِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمَا- فَحَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ بِلَالٍ عَنْ یُونُسَ قَالَ: اخْتَلَفَ یُونُسُ وَ هِشَامُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ
ص: 278
فِی الْعَالِمِ الَّذِی أَتَاهُ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَیُّهُمَا كَانَ أَعْلَمَ وَ هَلْ یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ عَلَی مُوسَی حُجَّةٌ فِی وَقْتِهِ وَ هُوَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ فَقَالَ قَاسِمٌ الصَّیْقَلُ فَكَتَبُوا إِلَی أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ یَسْأَلُونَهُ عَنْ ذَلِكَ فَكَتَبَ فِی الْجَوَابِ أَتَی مُوسَی الْعَالِمَ فَأَصَابَهُ فِی جَزِیرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ إِمَّا جَالِساً وَ إِمَّا مُتَّكِئاً فَسَلَّمَ عَلَیْهِ مُوسَی فَأَنْكَرَ السَّلَامَ إِذْ كَانَ بِأَرْضٍ لَیْسَ بِهَا سَلَامٌ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ قَالَ أَنْتَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ الَّذِی كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِیماً قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا حَاجَتُكَ قَالَ جِئْتُ (1)لِتُعَلِّمَنِی مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قَالَ إِنِّی وُكِّلْتُ بِأَمْرٍ لَا تُطِیقُهُ وَ وُكِّلْتَ بِأَمْرِ لَا أُطِیقُهُ ثُمَّ حَدَّثَهُ الْعَالِمُ بِمَا یُصِیبُ آلَ مُحَمَّدٍ مِنَ الْبَلَاءِ حَتَّی اشْتَدَّ بُكَاؤُهُمَا ثُمَّ حَدَّثَهُ عَنْ فَضْلِ آلِ مُحَمَّدٍ حَتَّی جَعَلَ مُوسَی یَقُولُ یَا لَیْتَنِی كُنْتُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ حَتَّی ذَكَرَ فُلَاناً وَ فُلَاناً (2)وَ مَبْعَثَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی قَوْمِهِ وَ مَا یَلْقَی مِنْهُمْ وَ مِنْ تَكْذِیبِهِمْ إِیَّاهُ وَ ذَكَرَ لَهُ تَأْوِیلَ هَذِهِ الْآیَةِ وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ كَما لَمْ یُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ حِینَ أُخِذَ الْمِیثَاقُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ مُوسَی هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلی أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً فَقَالَ الْخَضِرُ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً وَ كَیْفَ تَصْبِرُ عَلی ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً فَقَالَ مُوسَی سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِی لَكَ أَمْراً قَالَ الْخَضِرُ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِی فَلا تَسْئَلْنِی عَنْ شَیْ ءٍ حَتَّی أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً یَقُولُ لَا تَسْأَلْنِی عَنْ شَیْ ءٍ أَفْعَلُهُ وَ لَا تُنْكِرْهُ عَلَیَّ حَتَّی أُخْبِرَكَ أَنَا بِخَبَرِهِ قَالَ نَعَمْ فَمَرُّوا ثَلَاثَتُهُمْ حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ وَ قَدْ شُحِنَتْ سَفِینَةٌ (3)وَ هِیَ تُرِیدُ أَنْ تَعْبُرَ فَقَالَ أَرْبَابُ السَّفِینَةِ نَحْمِلُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ نَفَرٍ فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ صَالِحُونَ فَحَمَلُوهُمْ فَلَمَّا جَنَحَتِ السَّفِینَةُ (4)فِی الْبَحْرِ قَامَ الْخَضِرُ إِلَی جَوَانِبِ السَّفِینَةِ فَكَسَرَهَا وَ حَشَاهَا بِالْخِرَقِ وَ الطِّینِ فَغَضِبَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ غَضَباً شَدِیداً وَ قَالَ لِلْخَضِرِ أَ خَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً (5)فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ أَ لَمْ أَقُلْ
ص: 279
إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً قَالَ مُوسَی لا تُؤاخِذْنِی بِما نَسِیتُ وَ لا تُرْهِقْنِی مِنْ أَمْرِی عُسْراً فَخَرَجُوا مِنَ السَّفِینَةِ فَنَظَرَ الْخَضِرُ إِلَی غُلَامٍ یَلْعَبُ بَیْنَ الصِّبْیَانِ حَسَنِ الْوَجْهِ كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وَ فِی أُذُنَیْهِ دُرَّتَانِ فَتَأَمَّلَهُ الْخَضِرُ ثُمَّ أَخَذَهُ وَ قَتَلَهُ فَوَثَبَ مُوسَی إِلَی الْخَضِرِ (1)وَ جَلَدَ بِهِ الْأَرْضَ (2)فَقَالَ أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِیَّةً بِغَیْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُكْراً فَقَالَ الْخَضِرُ لَهُ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً قَالَ مُوسَی إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَیْ ءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِی قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّی عُذْراً فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا أَتَیا بِالْعَشِیِّ قَرْیَةً تُسَمَّی النَّاصِرَةَ (3)وَ إِلَیْهَا تُنْسَبُ النَّصَارَی وَ لَمْ یُضَیِّفُوا أَحَداً قَطُّ وَ لَمْ یَطْعَمُوا غَرِیباً فَاسْتَطْعَمُوهُمْ فَلَمْ یُطْعِمُوهُمْ وَ لَمْ یُضَیِّفُوهُمْ فَنَظَرَ الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِلَی حَائِطٍ قَدْ زَالَ لِیَنْهَدِمَ فَوَضَعَ الْخَضِرُ یَدَهُ عَلَیْهِ وَ قَالَ قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ فَقَامَ فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمْ یَنْبَغِ أَنْ تُقِیمَ الْجِدَارَ حَتَّی یُطْعِمُونَا وَ یُؤْوُونَا وَ هُوَ قَوْلُهُ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ هذا فِراقُ بَیْنِی وَ بَیْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِیلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً أَمَّا السَّفِینَةُ الَّتِی فَعَلْتُ بِهَا مَا فَعَلْتُ فَكانَتْ لِقَوْمٍ لِمَساكِینَ یَعْمَلُونَ فِی الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِیبَها وَ كَانَ وَرَاءَ السَّفِینَةِ مَلِكٌ یَأْخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ صَالِحَةٍ غَصْباً كَذَا نَزَلَتْ (4)وَ إِذَا كَانَتِ السَّفِینَةُ مَعْیُوبَةً لَمْ یَأْخُذْ مِنْهَا شَیْئاً وَ أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَیْنِ وَ طُبِعَ كَافِراً كَذَا نَزَلَتْ فَنَظَرْتُ إِلَی جَبِینِهِ وَ عَلَیْهِ مَكْتُوبٌ طُبِعَ كَافِراً فَخَشِینا أَنْ یُرْهِقَهُما طُغْیاناً وَ كُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ یُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَیْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً فَأَبْدَلَ اللَّهُ وَالِدَیْهِ بِنْتاً وَلَدَتْ سَبْعِینَ نَبِیّاً (5)وَ أَمَّا الْجِدارُ الَّذِی أَقَمْتُهُ فَكانَ لِغُلامَیْنِ یَتِیمَیْنِ فِی الْمَدِینَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما
ص: 280
وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ یَبْلُغا أَشُدَّهُما إِلَی قَوْلِهِ ذلِكَ تَأْوِیلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً (1).
بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: وَ إِذْ قالَ مُوسی لِفَتاهُ أكثر المفسرین علی أنه موسی بن عمران و فتاه یوشع بن نون و سماه فتاه لأنه صحبه و لازمه سفرا و حضرا للتعلم منه و قیل لأنه كان یخدمه و قال محمد بن إسحاق یقول أهل الكتاب أن موسی الذی طلب الخضر هو موسی بن میشا بن یوسف و كان نبیا فی بنی إسرائیل قبل موسی بن عمران إلا أن الذی علیه الجمهور أنه موسی بن عمران لا أَبْرَحُ حَتَّی أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَیْنِ معناه لا أزال أمضی و أمشی فلا أسلك طریقا آخر حتی أبلغ ملتقی البحرین بحر فارس و بحر الروم و قال محمد بن كعب هو طنجة (2)و روی عنه إفریقیة. (3)أقول قال البیضاوی و قیل البحران موسی و خضر علیهما السلام فإن موسی كان بحر علم الظاهر و خضر كان بحر علم الباطن و قال فی قوله أَوْ أَمْضِیَ حُقُباً أو أسیر زمانا طویلا و المعنی حتی یقع إما بلوغ المجمع أو مضی الحقب أو حتی أبلغ إلی أن أمضی زمانا أتیقن معه فوات المجمع و الحقب الدهر و قیل ثمانون سنة و قیل سبعون.
و روی أن موسی خطب الناس بعد هلاك القبط و دخوله المصر خطبة بلیغة (4)فأعجب بها فقیل له هل تعلم أحدا أعلم منك فقال لا فأوحی اللّٰه إلیه بلی عبدنا الخضر و هو بمجمع البحرین و كان الخضر فی أیام أفریدون و كان علی مقدمة ذی القرنین الأكبر و بقی إلی أیام موسی.
و قیل إن موسی سأل ربه أی عبادك أحب إلیك فقال الذی یذكرنی و لا ینسانی قال فأی عبادك أقضی قال الذی یقضی بالحق و لا
ص: 281
یتبع الهوی قال فأی عبادك أعلم قال الذی یبتغی علم الناس إلی علمه عسی أن یصیب كلمة تدله علی هدی أو ترده عن ردی (1)قال إن كان فی عبادك أعلم منی فادللنی علیه قال أعلم منك الخضر قال أین أطلبه قال علی الساحل عند الصخرة قال كیف لی به قال تأخذ حوتا فی مكتلك (2)فحیث فقدته فهو هناك فقال لفتاه إذا فقدت الحوت فأخبرنی فذهبا یمشیان فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَیْنِهِما أی مجمع البحرین و بینهما ظرف أضیف إلیه علی الاتساع أو بمعنی الوصل نَسِیا حُوتَهُما نسی موسی أن یطلبه و یتعرف حاله و یوشع أن یذكر له ما رأی من حیاته و وقوعه فی البحر.
و روی أن موسی رقد فاضطرب الحوت المشوی و وثب فی البحر معجزة لموسی أو الخضر.
و قیل توضأ یوشع من عین الحیاة فانتضح الماء علیه فعاش و وثب فی الماء و قیل نسیا تفقد أمره و ما یكون منه أمارة علی الظفر بالمطلوب فَاتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ سَرَباً فاتخذ الحوت طریقه فی البحر مسلكا من قوله وَ سارِبٌ بِالنَّهارِ (3)و قیل أمسك اللّٰه جریه الماء علی الحوت فصار كالطاق علیه (4)فَلَمَّا جاوَزا مجمع البحرین قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا ما نتغدی به لَقَدْ لَقِینا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً قیل لم ینصب حتی جاوز الموعد فلما جاوزه و سار اللیلة و الغد إلی الظهر ألقی علیه الجوع و النصب و قیل لم یعی (5)موسی فی سفر غیره و یؤیده التقیید باسم الإشارة قالَ أَ رَأَیْتَ ما دهانی إِذْ أَوَیْنا إِلَی الصَّخْرَةِ یعنی الصخرة التی رقد عندها موسی و قیل هی الصخرة التی دون نهر الزیت فَإِنِّی نَسِیتُ الْحُوتَ فقدته أو نسیت ذكره بما رأیت منه وَ ما أَنْسانِیهُ إِلَّا الشَّیْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ أی و ما أنسانی ذكره إلا الشیطان و لعله نسی ذلك لانجذاب شراشره إلی جناب القدس و إنما نسبه إلی الشیطان هضما لنفسه أو لأن عدم احتمال القوة للجانبین
ص: 282
و اشتغالها بأحدهما عن الآخر یعد من نقصان (1)وَ اتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ عَجَباً سبیلا عجبا و هو كونه كالسرب أو اتخاذا عجبا و المفعول الثانی هو الظرف و قیل هو مصدر فعله المضمر أی قال یوشع فی آخر كلامه أو موسی فی جوابه عجبا تعجبا فی تلك الحال و قیل الفعل لموسی أی اتخذ موسی سبیل الحوت فی البحر عجبا قالَ ذلِكَ أی أمر الحوت ما كُنَّا نَبْغِ نطلب لأنه أمارة المطلوب فَارْتَدَّا عَلی آثارِهِما فرجعا فی الطریق الذی جاءا فیه قَصَصاً أی یتبعان آثارهما اتباعا أو مقتصین حتی أتیا الصخرة فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا الجمهور علی أنه الخضر و اسمه بلیا بن ملكان (2)و قیل الیسع و قیل إلیاس آتَیْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا هی الوحی و النبوة وَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً مما یختص بنا و لا یعلم إلا بتوفیقنا و هو علم الغیوب (3)مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً علما ذا رشد و لا ینافی نبوته و كونه صاحب شریعة أن یتعلم من غیره ما لم یكن شرطا فی أبواب الدین فإن الرسول ینبغی أن یكون أعلم ممن أرسل إلیه فیما بعث به من أصول الدین و فروعه لا مطلقا وَ كَیْفَ تَصْبِرُ عَلی ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً أی كیف تصبر و أنت نبی علی ما أتولی من أمور ظواهرها مناكیر و بواطنها لم یحط بها خبرك حَتَّی إِذا رَكِبا فِی السَّفِینَةِ خَرَقَها أخذ الخضر فأسا فخرق السفینة بأن قلع لوحین من ألواحها لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً أتیت أمرا عظیما (4)من أمر الأمر إذا عظم قالَ لا تُؤاخِذْنِی بِما نَسِیتُ بالذی نسیته أو بشی ء نسیته یعنی وصیته بأن لا یعترض علیه أو بنسیانی إیاها و هو اعتذار بالنسیان أخرجه فی معرض النهی عن المؤاخذة مع قیام المانع لها و قیل أراد بالنسیان الترك أی لا تؤاخذنی بما تركت من وصیتك أول مرة و قیل إنه من معاریض الكلام و المراد شی ء آخر نسیه وَ لا تُرْهِقْنِی مِنْ أَمْرِی عُسْراً و لا تغشنی عسرا من أمری بالمضایقة و المؤاخذة علی المنسی فإن ذلك یعسر علی متابعتك فَانْطَلَقا أی بعد ما خرجا من السفینة حَتَّی إِذا لَقِیا غُلاماً
ص: 283
فَقَتَلَهُ قیل فتل عنقه (1)و قیل ضرب برأسه الحائط و قیل أضجعه فذبحه و الفاء للدلالة علی أنه لما لقیه قتله من غیر ترو و استكشاف حال و لذلك قال أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِیَّةً بِغَیْرِ نَفْسٍ أی طاهرة من الذنوب شَیْئاً نُكْراً أی منكرا قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّی عُذْراً أی قد وجدت عذرا من قبلی لما خالفتك ثلاث مرات.
وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَحِمَ اللَّهُ أَخِی مُوسَی اسْتَحْیَا فَقَالَ ذَلِكَ لَوْ لَبِثَ (2)مَعَ صَاحِبِهِ لَأَبْصَرَ أَعْجَبَ الْأَعَاجِیبِ.
قوله أَهْلَ قَرْیَةٍ قریة أنطاكیة و قیل أبلة بصرة و قیل باجروان إرمینة (3)و أضافه و ضیفه أنزله (4)یُرِیدُ أَنْ یَنْقَضَّ یدانی أن یسقط فاستعیرت الإرادة للمشارفة فَأَقامَهُ بعمارته أو بعمود عمده به و قیل مسحه بیده فقام و قیل نقضه و بناه قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً تحریصا علی أخذ الجعل لینتعشا به (5)أو تعریض بأنه فضول لما فی لو من النفی كأنه لما رأی الحرمان و مساس الحاجة و اشتغاله بما لا یعنیه لم یتمالك نفسه فَكانَتْ لِمَساكِینَ لمحاویج و هو دلیل علی أن المسكین یطلق علی من یملك شیئا إذا لم یكفه و قیل سموا مساكین لعجزهم عن دفع الملك أو لزمانتهم فإنها كانت لعشرة إخوة خمسة زمنی و خمسة یَعْمَلُونَ فِی الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِیبَها أجعلها ذات عیب
ص: 284
وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ (1)قدامهم أو خلفهم و كان رجوعهم علیه و قرئ كل سفینة صالحة غصبا.
أَنْ یُرْهِقَهُما أن یغشاهما طُغْیاناً وَ كُفْراً لنعمتهما بعقوبة فیلحقهما شرا أو یقرن بإیمانهما طغیانه و كفره فیجتمع فی بیت واحد مؤمنان و طاغ كافر أو یعدیهما بعلته فیرتدا بإضلاله أو بممالاته علی طغیانه و كفره حبا أَنْ یُبْدِلَهُما رَبُّهُما أن یرزقهما بدله ولدا خَیْراً مِنْهُ زَكاةً طهارة من الذنوب و الأخلاف الردیئة وَ أَقْرَبَ رُحْماً رحمة و عطفا علی والدیه قیل ولدت لهما جاریة فتزوجها نبی فولدت نبیا هدی اللّٰه به أمة من الأمم لِغُلامَیْنِ یَتِیمَیْنِ قیل اسمهما أصرم و صریم
وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما من ذهب أو فضة- روی ذلك مرفوعا.
و قیل من كتب العلم و قیل
كان لوحا من ذهب مكتوب فیه عجب لمن یؤمن بالقدر كیف یحزن و عجب لمن یؤمن بالرزق كیف یتعب و عجب لمن یؤمن بالموت كیف یفرح و عجب لمن یؤمن بالحساب كیف یغفل و عجب لمن یعرف الدنیا و تقلبها بأهلها كیف یطمئن إلیها لا إله إلا اللّٰه محمد رسول اللّٰه.
انتهی. (2)قوله علیه السلام (3)إما جالسا و إما متكئا أی قد وقد أو إشارة إلی اختلاف الروایة بین المخالفین و كون التردید من الراوی بعید قوله حین أخذ المیثاق تأویل لقوله أول مرة قوله و طبع كافرا
قال الطبرسی رحمه اللّٰه روی عن أبی و ابن عباس أنهما كانا یقرءان و أما الغلام فكان كافرا و أبواه مؤمنین روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام (4)
«2»- فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ
ص: 285
أَنَّهُ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ الْكَنْزُ لَوْحاً مِنْ ذَهَبٍ فِیهِ مَكْتُوبٌ بِسْمِ اللَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَجِبْتُ (1)لِمَنْ یَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ كَیْفَ یَفْرَحُ عَجِبْتُ لِمَنْ یُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ كَیْفَ یَفْرَقُ (2)عَجِبْتُ لِمَنْ یَذْكُرُ النَّارَ كَیْفَ یَضْحَكُ عَجِبْتُ لِمَنْ یَرَی الدُّنْیَا وَ تَصَرُّفَ أَهْلِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ كَیْفَ یَطْمَئِنُّ إِلَیْهَا.
«3»-وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ وَ إِذْ قالَ مُوسی لِفَتاهُ وَ هُوَ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ قَوْلُهُ لا أَبْرَحُ یَقُولُ لَا أَزَالُ حَتَّی أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَیْنِ أَوْ أَمْضِیَ حُقُباً وَ الْحُقُبُ ثَمَانُونَ سَنَةً وَ قَوْلُهُ لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً هُوَ الْمُنْكَرُ وَ كَانَ مُوسَی یُنْكِرُ الظُّلْمَ فَأَعْظَمَ مَا رَأَی (3).
«4»-ع، علل الشرائع الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْخَضِرَ كَانَ نَبِیّاً مُرْسَلًا بَعَثَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی قَوْمِهِ فَدَعَاهُمْ إِلَی تَوْحِیدِهِ وَ الْإِقْرَارِ بِأَنْبِیَائِهِ وَ رُسُلِهِ وَ كُتُبِهِ وَ كَانَتْ آیَتُهُ أَنَّهُ كَانَ لَا یَجْلِسُ عَلَی خَشَبَةٍ یَابِسَةٍ وَ لَا أَرْضٍ بَیْضَاءَ إِلَّا أَزْهَرَتْ خَضْرَاءَ وَ إِنَّمَا سُمِّیَ خَضِراً لِذَلِكَ وَ كَانَ اسْمُهُ تَالِیَا بْنَ مِلْكَانَ بْنِ عَابِرِ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ إِنَّ مُوسَی لَمَّا كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِیماً وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ التَّوْرَاةَ وَ كَتَبَ لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِیلًا لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ جَعَلَ آیَتَهُ فِی یَدِهِ وَ عَصَاهُ وَ فِی الطُّوفَانِ وَ الْجَرَادِ وَ الْقُمَّلِ وَ الضَّفَادِعِ وَ الدَّمِ وَ فَلْقِ الْبَحْرِ وَ غَرَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِرْعَوْنَ وَ جُنُودَهُ عَمِلَتِ الْبَشَرِیَّةُ فِیهِ حَتَّی قَالَ فِی نَفْسِهِ مَا أَرَی أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقاً أَعْلَمَ مِنِّی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی جَبْرَئِیلَ یَا جَبْرَئِیلُ أَدْرِكْ عَبْدِی مُوسَی قَبْلَ أَنْ یَهْلِكَ وَ قُلْ لَهُ إِنَّ عِنْدَ مُلْتَقَی الْبَحْرَیْنِ رَجُلًا عَابِداً فَاتَّبِعْهُ وَ تَعَلَّمْ مِنْهُ فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ عَلَی مُوسَی بِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَعَلِمَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَا حَدَّثَتْ بِهِ نَفْسُهُ فَمَضَی هُوَ وَ فَتَاهُ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ حَتَّی انْتَهَیَا إِلَی مُلْتَقَی الْبَحْرَیْنِ فَوَجَدَا هُنَاكَ الْخَضِرَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَتَعَبَّدُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَیْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ
ص: 286
عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً قالَ لَهُ مُوسی هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلی أَنْ تُعَلِّمَنِ (1)مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ لَهُ الْخَضِرُ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً لِأَنِّی وُكِّلْتُ بِعِلْمٍ لَا تُطِیقُهُ وَ وُكِّلْتَ أَنْتَ بِعِلْمٍ لَا أُطِیقُهُ قَالَ مُوسَی بَلْ أَسْتَطِیعُ مَعَكَ صَبْراً فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ إِنَّ الْقِیَاسَ لَا مَجَالَ لَهُ فِی عِلْمِ اللَّهِ وَ أَمْرِهِ وَ كَیْفَ تَصْبِرُ عَلی ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً قالَ مُوسَی سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِی لَكَ أَمْراً فَلَمَّا اسْتَثْنَی الْمَشِیَّةَ قَبِلَهُ قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِی فَلا تَسْئَلْنِی عَنْ شَیْ ءٍ حَتَّی أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَكَ ذَلِكَ عَلَیَّ فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا رَكِبا فِی السَّفِینَةِ خَرَقَها الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَ خَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً قالَ مُوسَی لا تُؤاخِذْنِی بِما نَسِیتُ أَیْ بِمَا تَرَكْتُ مِنْ أَمْرِكَ وَ لا تُرْهِقْنِی مِنْ أَمْرِی عُسْراً فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا لَقِیا غُلاماً فَقَتَلَهُ الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَغَضِبَ مُوسَی وَ أَخَذَ بِتَلْبِیبِهِ وَ قالَ لَهُ أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِیَّةً بِغَیْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُكْراً قَالَ لَهُ الْخَضِرُ إِنَّ الْعُقُولَ لَا تَحْكُمُ عَلَی أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ بَلْ أَمْرُ اللَّهِ یَحْكُمُ عَلَیْهَا فَسَلِّمْ لِمَا تَرَی مِنِّی وَ اصْبِرْ عَلَیْهِ فَقَدْ كُنْتُ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً قَالَ مُوسَی إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَیْ ءٍ (2)بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِی قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّی عُذْراً فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا أَتَیا أَهْلَ قَرْیَةٍ وَ هِیَ النَّاصِرَةُ وَ إِلَیْهَا تُنْسَبُ النَّصَارَی اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ یُضَیِّفُوهُما فَوَجَدا فِیها جِداراً یُرِیدُ أَنْ یَنْقَضَّ فَوَضَعَ الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَدَهُ عَلَیْهِ فَأَقامَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَی لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً قالَ لَهُ الْخَضِرُ هذا فِراقُ بَیْنِی وَ بَیْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِیلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً فَقَالَ أَمَّا السَّفِینَةُ فَكانَتْ لِمَساكِینَ یَعْمَلُونَ فِی الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِیبَها وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ یَأْخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ صَالِحَةٍ (3)غَصْباً فَأَرَدْتُ بِمَا فَعَلْتُ أَنْ تَبْقَی لَهُمْ وَ لَا یَغْصِبَهُمُ الْمَلِكُ عَلَیْهَا فَنَسَبَ الْإِبَانَةَ فِی هَذَا الْفِعْلِ إِلَی نَفْسِهِ لِعِلَّةِ ذِكْرِ التَّعْیِیبِ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ یُعَیِّبَهَا عِنْدَ الْمَلِكِ إِذَا شَاهَدَهَا فَلَا یَغْصِبُ الْمَسَاكِینَ عَلَیْهَا وَ أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَلَاحَهُمْ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ
ص: 287
ثُمَّ قَالَ وَ أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَیْنِ وَ طَلَعَ كَافِراً (1)وَ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَی ذِكْرُهُ أَنَّهُ إِنْ بَقِیَ كَفَرَ أَبَوَاهُ وَ افْتَتَنَا بِهِ وَ ضَلَّا بِإِضْلَالِهِ إِیَّاهُمَا فَأَمَرَنِی اللَّهُ تَعَالَی ذِكْرُهُ بِقَتْلِهِ وَ أَرَادَ بِذَلِكَ نَقْلَهُمْ إِلَی مَحَلِّ كَرَامَتِهِ فِی الْعَاقِبَةِ فَاشْتَرَكَ بِالْإِبَانَةِ بِقَوْلِهِ فَخَشِینا أَنْ یُرْهِقَهُما طُغْیاناً وَ كُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ یُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَیْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً وَ إِنَّمَا اشْتَرَكَ فِی الْإِبَانَةِ لِأَنَّهُ خَشِیَ وَ اللَّهُ لَا یَخْشَی لِأَنَّهُ لَا یَفُوتُهُ شَیْ ءٌ وَ لَا یَمْتَنِعُ عَلَیْهِ أَحَدٌ أَرَادَهُ (2)وَ إِنَّمَا خَشِیَ الْخَضِرُ مِنْ أَنْ یُحَالَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَا أُمِرَ فِیهِ فَلَا یُدْرِكَ ثَوَابَ الْإِمْضَاءِ فِیهِ وَ وَقَعَ فِی نَفْسِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی ذِكْرُهُ جَعَلَهُ سَبَباً لِرَحْمَةِ أَبَوَیِ الْغُلَامِ فَعَمِلَ فِیهِ وَسَطَ الْأَمْرِ مِنَ الْبَشَرِیَّةِ مِثْلَ مَا كَانَ عَمِلَ فِی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ صَارَ فِی الْوَقْتِ مُخْبِراً وَ كَلِیمُ اللَّهِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مُخْبَراً وَ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ بِاسْتِحْقَاقٍ لِلْخَضِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِلرُّتْبَةِ عَلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْخَضِرِ بَلْ كَانَ لِاسْتِحْقَاقِ مُوسَی لِلتَّبْیِینِ ثُمَّ قَالَ وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَیْنِ یَتِیمَیْنِ فِی الْمَدِینَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً وَ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ الْكَنْزُ بِذَهَبٍ وَ لَا فِضَّةٍ وَ لَكِنْ كَانَ لَوْحاً مِنْ ذَهَبٍ فِیهِ مَكْتُوبٌ عَجَبٌ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْمَوْتِ كَیْفَ یَفْرَحُ عَجَبٌ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْقَدَرِ كَیْفَ یَحْزَنُ عَجَبٌ لِمَنْ أَیْقَنَ أَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ كَیْفَ یَظْلِمُ عَجَبٌ لِمَنْ یَرَی الدُّنْیَا وَ تَصَرُّفَ أَهْلِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ كَیْفَ
ص: 288
یَطْمَئِنُّ إِلَیْهَا وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً كَانَ بَیْنَهُمَا وَ بَیْنَ هَذَا الْأَبِ الصَّالِحِ سَبْعُونَ أَباً فَحَفِظَهُمَا اللَّهُ بِصَلَاحِهِ ثُمَّ قَالَ فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ یَبْلُغا أَشُدَّهُما وَ یَسْتَخْرِجا كَنزَهُما فَتَبَرَّأَ مِنَ الْإِبَانَةِ فِی آخِرِ الْقِصَصِ وَ نَسَبَ الْإِرَادَةَ كُلَّهَا إِلَی اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ فِی ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ یَكُنْ بَقِیَ شَیْ ءٌ مِمَّا فَعَلَهُ فَیُخْبِرَ بِهِ بَعْدُ وَ یُصَیِّرَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ بِهِ مُخْبَراً وَ مُصْغِیاً إِلَی كَلَامِهِ تَابِعاً لَهُ فَتَجَرَّدَ مِنَ الْإِبَانَةِ وَ الْإِرَادَةِ تَجَرُّدَ الْعَبْدِ الْمُخْلِصِ ثُمَّ صَارَ مُتَّصِلًا (1)مِمَّا أَتَاهُ مِنْ نِسْبَةِ الْإِبَانَةِ فِی أَوَّلِ الْقِصَّةِ وَ مِنِ ادِّعَاءِ الِاشْتِرَاكِ فِی ثَانِی الْقِصَّةِ فَقَالَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَ ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِی ذلِكَ تَأْوِیلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَیْهِ صَبْراً ثُمَّ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ إِنَّ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ لَا یُحْمَلُ عَلَی الْمَقَایِیسِ وَ مَنْ حَمَلَ أَمْرَ اللَّهِ عَلَی الْمَقَایِیسِ هَلَكَ وَ أَهْلَكَ إِنَّ أَوَّلَ مَعْصِیَةٍ ظَهَرَتِ الْإِبَانَةُ مِنْ إِبْلِیسَ اللَّعِینِ حِینَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی ذِكْرُهُ مَلَائِكَتَهُ بِالسُّجُودِ لآِدَمَ فَسَجَدُوا وَ أَبَی إِبْلِیسُ اللَّعِینُ أَنْ یَسْجُدَ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ فَكَانَ أَوَّلُ كُفْرِهِ قَوْلَهُ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ ثُمَّ قِیَاسَهُ بِقَوْلِهِ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ فَطَرَدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ جِوَارِهِ وَ لَعَنَهُ وَ سَمَّاهُ رَجِیماً وَ أَقْسَمَ بِعِزَّتِهِ لَا یَقِیسُ أَحَدٌ فِی دِینِهِ إِلَّا قَرَنَهُ مَعَ عَدُوِّهِ إِبْلِیسَ فِی أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ النَّارِ.
قال الصدوق رحمه اللّٰه: إن موسی علیه السلام مع كمال عقله و فضله و محله من اللّٰه تعالی ذكره لم یستدرك باستنباطه و استدلاله معنی أفعال الخضر علیه السلام حتی اشتبه علیه وجه الأمر فیه و سخط جمیع ما كان یشاهده حتی أخبر بتأویله فرضی و لو لم یخبر بتأویله لما أدركه و لو بقی فی الفكر عمره فإذا لم یجز لأنبیاء اللّٰه و رسله صلوات اللّٰه علیهم القیاس و الاستنباط و الاستخراج كان من دونهم من الأمم أولی بأن لا یجوز لهم ذلك (2).
بیان: التلبیب ما فی موضع اللبب من الثیاب (3)و اللبب هو موضع القلادة من
ص: 289
الصدر و المراد بالإبانة فی المواضع إما طلب الامتیاز و إظهار الفضل أو إظهار أصل الفعل و ربما یقرأ الأنانیة فی المواضع. (1)قوله لعلة ذكر التعییب أی إنما لم ینسب الفعل إلیه تعالی رعایة للأدب لأن نسبة التعییب إلیه تعالی غیر مناسب و أما ما یناسب أن ینسب إلیه تعالی فهو إرادة صلاحهم بهذا التعییب قوله و إنما اشترك فی الإبانة الغرض بیان أنه لم قال فخشینا و أردنا مع أنه كان الأنسب نسبة الخشیة إلی نفسه و الإرادة إلیه تعالی أو كان المناسب نسبة المصالح جمیعا إلیه تعالی و یمكن تقریره بوجهین الأول أنه لما أمره تعالی بقتل الغلام و أخبره بأنه سیقع منه كفر و لم یأمن البداء فیما أخبر به فلذا عبر عنه بالخشیة و لما كان ذلك بإخباره تعالی فقد راعی الجهتین و نسب إلی نفسه لكون الخشیة من جهته و نسب إلی الرب تعالی أیضا لیعلم أنه إنما علم ذلك بإخباره تعالی فخشیة الحیلولة كنایة عن احتمال البداء أو یقال إنه لما لم یأمن النسخ فی الأمر بالقتل و علی تقدیره كان یتحقق طغیانه بوالدیه و یحرم الخضر عن امتثال هذا الأمر فكأنه قال إنما بادرت إلی ذلك أو فعلت ذلك مبادرا لأنی خشیت أن ینسخ هذا الأمر فیرهقهما طغیانا و لم أفز بثواب هذه الطاعة أو خشیت أن یحول مانع بینی و بینه و إن لم ینسخ فلم یتأت منی فعله و أكون محروما من ثوابه و أما نسبته إلی الرب فالوجه فیه ما ذكرنا أولا.
و أما قوله فَأَرَدْنا فلما لم یكن فیه هذه النكتة نسبة إلی البشریة أی إنما عبر عن الإرادة كذلك لأنه عمل فیه البشریة فی وسط الكلام إذ التعبیر عن الخشیة لم یكن من البشریة و فی آخر الكلام نسب الإبدال إلی الرب و إنما كان عمل البشریة فی التعبیر عن الإرادة فی وسط الكلام.
الثانی أن یكون الاشتراك فی الخشیة و الإرادة كلتیهما منسوبا إلی البشریة فیكون قوله لأنه خشی تعلیلا لأحد جزئی الاشتراك أعنی نسبة الخشیة إلی نفسه و قوله فعمل فیه تعلیل لنسبة الخشیة إلی الرب و نسبة الإرادة إلی نفسه
ص: 290
معا فالمراد بوسط الأمر حینئذ مجموع هذا الكلام إذ فی أول الكلام نسب التعییب إلی نفسه رعایة للأدب و فی آخر الكلام خص الإرادة به تعالی و فی هذا الكلام اشترك معه تعالی فی الأمرین مع أنه كان الأنسب تخصیص الأول بنفسه و الثانی به تعالی و علی الوجهین یكون وسط الأمر منصوبا علی الظرفیة بتقدیر فی و یحتمل أن یكون فاعلا لقوله عمل أی عمل فیه أمر وسط من البشریة لأنه لم ینسب الإرادة إلی نفسه بل جعلها مشتركة بین الرب تعالی و بینه و لكنه بعید (1).
قوله علیه السلام للتبیین أی لأن یتبین له أنه لا یعلم كل شی ء و أنه جاهل لا یعلم شیئا إلا بتعلیم اللّٰه تعالی و أنه یمكن أن یكون فی البشر من هو أعلم منه أو المعنی أنه كان الغرض تعلیم موسی لا كون الخضر حجة علیه و أفضل منه و كون موسی علیه السلام رعیة له بل كان واسطة كالملك.
قوله علیه السلام بذهب و لا فضة أی لم یكن المقصود كونه ذهبا و فضة بل كان الغرض إیصال العلم المنقوش فیه إلیهما فلا ینافی كون اللوح من ذهب قوله و تصرف أهلها أی تغیرهم قوله متصلا لعله ضمن معنی الإعراض أو الانفصال أی صار متصلا به تعالی معرضا أو منفصلا مما أتاه أولا و الظاهر أنه كان متنصلا من قولهم تنصل إلیه أی انتفی من ذنبه و اعتذر فصحف.
ثم اعلم أنه یظهر من هذا الكلام أنه كان منه علیه السلام غفلة فی أول الأمر أیضا مع أنه قد سبق فی أول الكلام عذر ذلك و أنه إنما نسب إلی نفسه لمكان التعییب و یمكن توجیهه بأن الغفلة لیست من جهة نسبة التعییب إلی نفسه بل لعدم التصریح بأن هذا من أمره تعالی لأنه كان یظهر من كلامه علیه السلام أنه كان مستبدا بذلك فلذا اعتذر و رجع عنه.
«5»-ع، علل الشرائع سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَیْفُورٍ الدَّامَغَانِیَّ الْوَاعِظَ بِفَرْغَانَةَ یَقُولُ فِی خَرْقِ الْخَضِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ السَّفِینَةَ وَ قَتْلِ الْغُلَامِ وَ إِقَامَةِ الْجُدْرَانِ تِلْكَ إِشَارَاتٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی
ص: 291
لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ تَعْرِیضَاتٌ إِلَی مَا یُرِیدُهُ مِنْ تَذْكِیرِهِ لِمِنَنٍ سَابِقَةٍ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (1)نَبَّهَهُ عَلَیْهَا وَ عَلَی مِقْدَارِهَا مِنَ الْفَضْلِ ذَكَّرَهُ بِخَرْقِ السَّفِینَةِ أَنَّهُ حَفِظَهُ فِی الْمَاءِ حِینَ أَلْقَتْهُ أُمُّهُ فِی التَّابُوتِ وَ أَلْقَتِ التَّابُوتَ فِی الْیَمِّ وَ هُوَ طِفْلٌ ضَعِیفٌ لَا قُوَّةَ لَهُ فَأَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِی حَفِظَكَ فِی التَّابُوتِ الْمُلْقَی فِی الْیَمِّ هُوَ الَّذِی یَحْفَظُهُمْ فِی السَّفِینَةِ وَ أَمَّا قَتْلُ الْغُلَامِ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَانَتْ تِلْكَ زَلَّةً عَظِیمَةً عِنْدَ مَنْ لَمْ یَعْلَمْ أَنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ نَبِیٌّ فَذَكَرَهُ بِذَلِكَ مِنْهُ عَلَیْهِ حِینَ دَفَعَ عَنْهُ كَیْدَ مَنْ أَرَادَ قَتْلَهُ بِهِ وَ أَمَّا إِقَامَةُ الْجِدَارِ مِنْ غَیْرِ أَجْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَكَرَهُ بِذَلِكَ فَضْلَهُ فِیمَا أَتَاهُ فِی ابْنَتَیْ شُعَیْبٍ حِینَ سَقَی لَهُمَا وَ هُوَ جَائِعٌ وَ لَمْ یَبْتَغِ عَلَی ذَلِكَ أَجْراً مَعَ حَاجَتِهِ إِلَی الطَّعَامِ فَنَبَّهَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی ذَلِكَ لِیَكُونَ شَاكِراً مَسْرُوراً (2)وَ أَمَّا قَوْلُ الْخَضِرِ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ هذا فِراقُ بَیْنِی وَ بَیْنِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ جِهَةِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ حَیْثُ قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَیْ ءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِی فَمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ هُوَ الَّذِی حَكَمَ بِالْمُفَارَقَةِ لَمَّا قَالَ لَهُ فَلَا تُصَاحِبْنِی وَ إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ اخْتَارَ سَبْعِینَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ لِمِیقَاتِ رَبِّهِ فَلَمْ یَصْبِرُوا بَعْدَ سَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی تَجَاوَزُوا الْحَدَّ بِقَوْلِهِمْ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ فَمَاتُوا وَ لَوِ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَعَصَمَهُمْ وَ لَمَا اخْتَارَ مَنْ یَعْلَمُ مِنْهُ تَجَاوُزَ الْحَدِّ فَإِذَا لَمْ یَصْلُحْ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لِلِاخْتِیَارِ مَعَ فَضْلِهِ وَ مَحَلِّهِ فَكَیْفَ تَصْلُحُ الْأُمَّةُ لِاخْتِیَارِ الْإِمَامِ بِآرَائِهَا وَ كَیْفَ یَصْلُحُونَ لِاسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ وَ اسْتِخْرَاجِهَا بِعُقُولِهِمُ النَّاقِصَةِ وَ آرَائِهِمُ الْمُتَفَاوِتَةِ وَ هِمَمِهِمُ الْمُتَبَایِنَةِ وَ إِرَادَاتِهِمُ الْمُخْتَلِفَةِ تَعَالَی اللَّهُ عَنِ الرِّضَا بِاخْتِیَارِهِمْ عُلُوّاً كَبِیراً وَ أَفْعَالُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ مَثَلُهَا مَثَلُ أَفَاعِیلِ الْخَضِرِ وَ هِیَ حِكْمَةٌ وَ صَوَابٌ وَ إِنْ جَهِلَ النَّاسُ وَجْهَ الْحِكْمَةِ وَ الصَّوَابِ فِیهَا (3).
«6»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبَایَةَ الْأَسَدِیِّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ جَالِساً عَلَی شَفِیرِ
ص: 292
زَمْزَمَ یُحَدِّثُ النَّاسَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَدِیثِهِ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّی رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ أَعْوَانُ كُلِّ ظَالِمٍ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ مِنْكُمْ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ إِنِّی جِئْتُكَ أَسْأَلُكَ عَمَّنْ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ مِنْ أَهْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَمْ یَكْفُرُوا بِصَلَاةٍ وَ لَا بِحَجٍّ وَ لَا بِصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَا بِزَكَاةٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ سَلْ عَمَّا یَعْنِیكَ وَ دَعْ مَا لَا یَعْنِیكَ فَقَالَ مَا جِئْتُكَ أَضْرِبُ إِلَیْكَ مِنْ حِمْصٍ لِلْحَجِّ وَ لَا لِلْعُمْرَةِ وَ لَكِنِّی أَتَیْتُكَ لِتَشْرَحَ لِی أَمْرَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ فِعَالَهُ فَقَالَ لَهُ وَیْلَكَ إِنَّ عِلْمَ الْعَالِمِ صَعْبٌ لَا یَحْتَمِلُهُ (1)وَ لَا تَقْرَبُهُ الْقُلُوبُ الصَّدِئَةُ أُخْبِرُكَ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ كَانَ مَثَلُهُ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَثَلِ مُوسَی وَ الْعَالِمِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَالَ فِی كِتَابِهِ یا مُوسی إِنِّی اصْطَفَیْتُكَ عَلَی النَّاسِ بِرِسالاتِی وَ بِكَلامِی فَخُذْ ما آتَیْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِینَ وَ كَتَبْنا لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِیلًا لِكُلِّ شَیْ ءٍ فَكَانَ مُوسَی یَرَی أَنَّ جَمِیعَ الْأَشْیَاءِ قَدْ أُثْبِتَتْ لَهُ كَمَا تَرَوْنَ أَنْتُمْ أَنَّ عُلَمَاءَكُمْ قَدْ أَثْبَتُوا جَمِیعَ الْأَشْیَاءِ فَلَمَّا انْتَهَی مُوسَی إِلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَلَقِیَ الْعَالِمَ فَاسْتَنْطَقَ بِمُوسَی لِیُضِلَّ عِلْمَهُ (2)وَ لَمْ یَحْسُدْهُ كَمَا حَسَدْتُمْ أَنْتُمْ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ أَنْكَرْتُمْ فَضْلَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلی أَنْ تُعَلِّمَنِ (3)مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً فَعَلِمَ الْعَالِمُ أَنَّ مُوسَی لَا یُطِیقُ بِصُحْبَتِهِ وَ لَا یَصْبِرُ عَلَی عِلْمِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً وَ كَیْفَ تَصْبِرُ عَلی ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً فَقَالَ لَهُ مُوسَی سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِی لَكَ أَمْراً فَعَلِمَ الْعَالِمُ أَنَّ مُوسَی لَا یَصْبِرُ عَلَی عِلْمِهِ فَقَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِی فَلا تَسْئَلْنِی عَنْ شَیْ ءٍ حَتَّی أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً قَالَ فَرَكِبَا فِی السَّفِینَةِ فَخَرَقَهَا الْعَالِمُ وَ كَانَ خَرْقُهَا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا وَ سَخَطاً لِمُوسَی (4)وَ لَقِیَ الْغُلَامَ فَقَتَلَهُ فَكَانَ قَتْلُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا وَ سَخَطاً لِمُوسَی وَ أَقَامَ الْجِدَارَ
ص: 293
فَكَانَتْ إِقَامَتُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا وَ سَخَطاً لِمُوسَی كَذَلِكَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمْ یَقْتُلْ إِلَّا مَنْ كَانَ قَتْلُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا وَ لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ مِنَ النَّاسِ سَخَطاً (1).
بیان: أضرب إلیك أی أسافر إلیك و حمص (2)كورة بالشام و قال الجزری فیه إن هذه القلوب تصدأ كما یصدأ الحدید هو أن یركبها بمباشرة المعاصی و الآثام فیذهب بجلائه كما یعلو الصداء (3)وجه المرآة و السیف و نحوهما قوله فاستنطق بموسی أی أنطقه اللّٰه بسبب موسی لیضل (4)علم موسی أی یجعل علمه مفقودا مضمحلا و یقر بالجهل فلم یحسده موسی علیه السلام.
«7»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ حِینَ أَرَادَ أَنْ یُفَارِقَ الْخَضِرَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُ أَوْصِنِی فَكَانَ مِمَّا أَوْصَاهُ أَنْ قَالَ لَهُ إِیَّاكَ وَ اللَّجَاجَةَ أَوْ أَنْ تَمْشِیَ فِی غَیْرِ حَاجَةٍ أَوْ أَنْ تَضْحَكَ مِنْ غَیْرِ عَجَبٍ وَ اذْكُرْ خَطِیئَتَكَ وَ إِیَّاكَ وَ خَطَایَا النَّاسِ(5).
«8»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ عُیَیْنَةَ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: كَانَ آخِرَ مَا أَوْصَی بِهِ الْخَضِرُ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ قَالَ لَهُ لَا تُعَیِّرَنَّ أَحَداً بِذَنْبٍ وَ إِنَّ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثَلَاثَةٌ الْقَصْدُ فِی الْجِدَةِ وَ الْعَفْوُ فِی الْمَقْدُرَةِ وَ الرِّفْقُ بِعِبَادِ اللَّهِ وَ مَا رَفَقَ أَحَدٌ بِأَحَدٍ فِی الدُّنْیَا إِلَّا رَفَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ رَأْسُ الْحِكَمِ مَخَافَةُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (6).
«9»-ب، قرب الإسناد ابْنُ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِی الْكَنْزِ الَّذِی قَالَ اللَّهُ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما لَوْحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِیهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
ص: 294
عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْمَوْتِ كَیْفَ یَفْرَحُ وَ عَجِبْتُ (1)لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْقَدَرِ كَیْفَ یَحْزَنُ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ رَأَی الدُّنْیَا وَ تَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا كَیْفَ یَرْكَنُ إِلَیْهَا وَ یَنْبَغِی لِمَنْ غَفَلَ عَنِ اللَّهِ أَلَّا یَتَّهِمَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی قَضَائِهِ وَ لَا یَسْتَبْطِئَهُ فِی رِزْقِهِ (2).
شی، تفسیر العیاشی عن ابن أسباط عن الرضا علیه السلام مثله (3)- كا، الكافی الحسین بن محمد عن معلی بن محمد عن ابن أسباط مثله(4).
«10»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما قَالَ وَ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَا فِضَّةٍ وَ مَا كَانَ إِلَّا لَوْحاً فِیهِ كَلِمَاتٌ أَرْبَعُ إِنِّی أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَ مُحَمَّدٌ رَسُولِی عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْمَوْتِ كَیْفَ یَفْرَحُ قَلْبُهُ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْحِسَابِ كَیْفَ تَضْحَكُ سِنُّهُ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْقَدَرِ كَیْفَ یَسْتَبْطِئُ اللَّهَ فِی رِزْقِهِ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ یَرَی النَّشْأَةَ الْأُولَی كَیْفَ یُنْكِرُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ (5).
«11»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: وُجِدَ لَوْحٌ تَحْتَ حَائِطِ مَدِینَةٍ مِنَ الْمَدَائِنِ فِیهِ مَكْتُوبٌ أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَ مُحَمَّدٌ نَبِیِّی عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْمَوْتِ كَیْفَ یَفْرَحُ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْقَدَرِ كَیْفَ یَحْزَنُ وَ عَجِبْتُ لِمَنِ اخْتَبَرَ الدُّنْیَا كَیْفَ یَطْمَئِنُّ إِلَیْهَا وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَیْقَنَ الْحِسَابَ كَیْفَ یُذْنِبُ (6).
«12»-مع، معانی الأخبار ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ رَفَعَهُ إِلَی عَمْرِو بْنِ جُمَیْعٍ رَفَعَهُ إِلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما قَالَ كَانَ ذَلِكَ الْكَنْزُ لَوْحاً مِنْ ذَهَبٍ فِیهِ مَكْتُوبٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
ص: 295
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَجِبْتُ لِمَنْ یَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ كَیْفَ یَفْرَحُ عَجِبْتُ لِمَنْ یُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ كَیْفَ یَحْزَنُ عَجِبْتُ لِمَنْ یَذْكُرُ النَّارَ كَیْفَ یَضْحَكُ عَجِبْتُ لِمَنْ یَرَی الدُّنْیَا وَ تَصَرُّفَ أَهْلِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ كَیْفَ یَطْمَئِنُّ إِلَیْهَا (1).
«13»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ شَرِیفِ بْنِ سَابِقٍ أَوْ رَجُلٍ عَنْ شَرِیفٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِی قُرَّةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا أَقَامَ الْعَالِمُ الْجِدَارَ أَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنِّی مُجَازِی الْأَبْنَاءِ بِسَعْیِ الْآبَاءِ إِنْ خَیْراً فَخَیْرٌ وَ إِنْ شَرّاً فَشَرٌّ لَا تَزْنُوا فَتَزْنِیَ نِسَاؤُكُمْ وَ مَنْ وَطِئَ فِرَاشَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وُطِئَ فِرَاشُهُ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ (2).
«14»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ یُوسُفَ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ (3)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا أُسْرِیَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی السَّمَاءِ وَجَدَ رِیحاً (4)مِثْلَ رِیحِ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ فَسَأَلَ جَبْرَئِیلَ عَنْهَا فَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ بَیْتٍ عُذِّبَ فِیهِ قَوْمٌ فِی اللَّهِ حَتَّی مَاتُوا ثُمَّ قَالَ لَهُ إِنَّ الْخَضِرَ كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ فَآمَنَ بِاللَّهِ وَ تَخَلَّی فِی بَیْتٍ فِی دَارِ أَبِیهِ یَعْبُدُ اللَّهَ وَ لَمْ یَكُنْ لِأَبِیهِ وَلَدٌ غَیْرَهُ فَأَشَارُوا عَلَی أَبِیهِ (5)أَنْ یُزَوِّجَهُ فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَهُ وَلَداً فَیَكُونَ الْمُلْكُ فِیهِ وَ فِی عَقِبِهِ فَخَطَبَ لَهُ امْرَأَةً بِكْراً وَ أَدْخَلَهَا عَلَیْهِ فَلَمْ یَلْتَفِتِ الْخَضِرُ إِلَیْهَا فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّانِی قَالَ لَهَا تَكْتُمِینَ عَلَیَّ أَمْرِی فَقَالَتْ نَعَمْ قَالَ لَهَا إِنْ سَأَلَكِ أَبِی هَلْ كَانَ مِنِّی إِلَیْكِ مَا یَكُونُ مِنَ الرِّجَالِ إِلَی النِّسَاءِ فَقُولِی نَعَمْ فَقَالَتْ أَفْعَلُ فَسَأَلَهَا الْمَلِكُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ نَعَمْ وَ أَشَارَ عَلَیْهِ النَّاسُ أَنْ یَأْمُرَ النِّسَاءَ أَنْ یُفَتِّشْنَهَا فَأَمَرَ فَكَانَتْ عَلَی حَالَتِهَا فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ زَوَّجْتَ الْغِرَّ مِنَ الْغِرَّةِ زَوِّجْهُ امْرَأَةً ثَیِّباً فَزَوَّجَهُ فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَیْهِ سَأَلَهَا الْخَضِرُ أَنْ تَكْتُمَ عَلَیْهِ أَمْرَهُ
ص: 296
فَقَالَتْ نَعَمْ فَلَمَّا أَنْ سَأَلَهَا الْمَلِكُ قَالَتْ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ ابْنَكَ امْرَأَةٌ فَهَلْ تَلِدُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمَرْأَةِ فَغَضِبَ عَلَیْهِ فَأَمَرَ بِرَدْمِ الْبَابِ (1)عَلَیْهِ فَرُدِمَ فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّالِثُ حَرَّكَتْهُ رِقَّةُ الْآبَاءِ فَأَمَرَ بِفَتْحِ الْبَابِ فَفُتِحَ فَلَمْ یَجِدُوهُ فِیهِ وَ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْقُوَّةِ أَنْ یَتَصَوَّرَ كَیْفَ شَاءَ ثُمَّ كَانَ عَلَی مُقَدِّمَةِ ذِی الْقَرْنَیْنِ وَ شَرِبَ مِنَ الْمَاءِ الَّذِی مَنْ شَرِبَ مِنْهُ بَقِیَ إِلَی الصَّیْحَةِ قَالَ فَخَرَجَ مِنْ مَدِینَةِ أَبِیهِ رَجُلَانِ فِی تِجَارَةٍ فِی الْبَحْرِ حَتَّی وَقَعَا إِلَی جَزِیرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ فَوَجَدَا فِیهَا الْخَضِرَ قَائِماً یُصَلِّی (2)فَلَمَّا انْفَتَلَ دَعَاهُمَا فَسَأَلَهُمَا عَنْ خَبَرِهِمَا فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ لَهُمَا هَلْ تَكْتُمَانِ عَلَیَّ أَمْرِی إِنْ أَنَا رَدَدْتُكُمَا فِی یَوْمِكُمَا هَذَا إِلَی مَنَازِلِكُمَا فَقَالا نَعَمْ فَنَوَی أَحَدُهُمَا أَنْ یَكْتُمَ أَمْرَهُ وَ نَوَی الْآخَرُ إِنْ رَدَّهُ إِلَی مَنْزِلِهِ أَخْبَرَ أَبَاهُ بِخَبَرِهِ فَدَعَا الْخَضِرُ سَحَابَةً فَقَالَ لَهَا احْمِلِی هَذَیْنِ إِلَی مَنَازِلِهِمَا فَحَمَلَتْهُمَا السَّحَابَةُ حَتَّی وَضَعَتْهُمَا فِی بَلَدِهِمَا مِنْ یَوْمِهِمَا فَكَتَمَ أَحَدُهُمَا أَمْرَهُ وَ ذَهَبَ الْآخَرُ إِلَی الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَنْ یَشْهَدُ لَكَ بِذَلِكَ قَالَ فُلَانٌ التَّاجِرُ فَدَلَّ عَلَی صَاحِبِهِ فَبَعَثَ الْمَلِكُ إِلَیْهِ فَلَمَّا أَحْضَرُوهُ أَنْكَرَهُ وَ أَنْكَرَ مَعْرِفَةَ صَاحِبِهِ فَقَالَ لَهُ الْأَوَّلُ أَیُّهَا الْمَلِكُ ابْعَثْ مَعِی خَیْلًا إِلَی هَذِهِ الْجَزِیرَةِ وَ احْبِسْ هَذَا حَتَّی آتِیَكَ بِابْنِكَ فَبَعَثَ مَعَهُ خَیْلًا فَلَمْ یَجِدُوهُ فَأَطْلَقَ عَنِ الرَّجُلِ (3)الَّذِی كَتَمَ عَلَیْهِ ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ عَمِلُوا بِالْمَعَاصِی فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ وَ جَعَلَ مَدِینَتَهُمْ عَالِیَهَا سَافِلَهَا وَ ابْتَدَرَتِ الْجَارِیَةُ الَّتِی كَتَمَتْ عَلَیْهِ أَمْرَهُ وَ الرَّجُلُ الَّذِی كَتَمَ عَلَیْهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَاحِیَةً مِنَ الْمَدِینَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَا الْتَقَیَا فَأَخْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِخَبَرِهِ فَقَالا مَا نَجَوْنَا إِلَّا بِذَلِكَ فَآمَنَا بِرَبِّ الْخَضِرِ وَ حَسُنَ إِیمَانُهُمَا وَ تَزَوَّجَ بِهَا الرَّجُلُ وَ وَقَعَا إِلَی مَمْلَكَةِ مَلِكٍ آخَرَ وَ تَوَصَّلَتِ الْمَرْأَةُ إِلَی بَیْتِ الْمَلِكِ وَ كَانَتْ تُزَیِّنُ بِنْتَ الْمَلِكِ فَبَیْنَا هِیَ تَمْشُطُهَا یَوْماً إِذْ سَقَطَ مِنْ یَدِهَا الْمُشْطُ فَقَالَتْ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَقَالَتْ لَهَا بِنْتُ الْمَلِكِ مَا هَذِهِ الْكَلِمَةُ فَقَالَتْ لَهَا إِنَّ لِی إِلَهاً تَجْرِی الْأُمُورُ كُلُّهَا بِحَوْلِهِ وَ قُوَّتِهِ فَقَالَتْ لَهَا أَ لَكِ إِلَهٌ غَیْرُ أَبِی فَقَالَتْ نَعَمْ
ص: 297
وَ هُوَ إِلَهُكِ وَ إِلَهُ أَبِیكِ فَدَخَلَتْ بِنْتُ الْمَلِكِ إِلَی أَبِیهَا (1)فَأَخْبَرَتْ أَبَاهَا بِمَا سَمِعَتْ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَدَعَاهَا الْمَلِكُ فَسَأَلَهَا عَنْ خَبَرِهَا فَأَخْبَرَتْهُ فَقَالَ لَهَا مَنْ عَلَی دِینِكِ قَالَتْ زَوْجِی وَ وُلْدِی فَدَعَاهُمُ الْمَلِكُ وَ أَمَرَهُمْ (2)بِالرُّجُوعِ عَنِ التَّوْحِیدِ فَأَبَوْا عَلَیْهِ فَدَعَا بِمِرْجَلٍ مِنْ مَاءٍ فَسَخَّنَهُ وَ أَلْقَاهُمْ فِیهِ وَ أَدْخَلَهُمْ بَیْتاً وَ هَدَمَ عَلَیْهِمُ الْبَیْتَ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَذِهِ الرَّائِحَةُ الَّتِی تَشَمُّهَا مِنْ ذَلِكَ الْبَیْتِ (3).
بیان: قوله زوجت الغر من الغرة لعله بكسر الغین من الغرة بمعنی الغفلة (4)و البعد عن فطنة الشر كما
وَرَدَ فِی الْخَبَرِ الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِیمٌ.
وَ مِنْهُ الْحَدِیثُ عَلَیْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَغَرُّ غِرَّةً.
و المرجل كمنبر القدر من الحجارة و النحاس.
«15»-مع، معانی الأخبار مَعْنَی الْخَضِرِ أَنَّهُ كَانَ لَا یَجْلِسُ عَلَی خَشَبَةٍ یَابِسَةٍ وَ لَا أَرْضٍ بَیْضَاءَ إِلَّا اهْتَزَّتْ خَضْرَاءَ وَ كَانَ اسْمُهُ تَالِیَا بْنَ مِلْكَانَ بْنِ عَابِرِ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ (5).
«16»-ك، إكمال الدین الطَّالَقَانِیُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ قَالَ: قَرَأْتُ فِی بَعْضِ كُتُبِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ كَانَ عَبْداً صَالِحاً جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حُجَّةً عَلَی عِبَادِهِ وَ لَمْ یَجْعَلْهُ نَبِیّاً فَمَكَّنَ اللَّهُ لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ آتَاهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً فَوُصِفَتْ لَهُ عَیْنُ الْحَیَاةِ وَ قِیلَ لَهُ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا شَرْبَةً لَمْ یَمُتْ حَتَّی یَسْمَعَ الصَّیْحَةَ وَ إِنَّهُ خَرَجَ فِی طَلَبِهَا حَتَّی انْتَهَی إِلَی مَوْضِعٍ فِیهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ عَیْناً وَ كَانَ الْخَضِرُ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ وَ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَیْهِ فَأَعْطَاهُ حُوتاً مَالِحاً وَ أَعْطَی كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ حُوتاً مَالِحاً وَ قَالَ لَهُمْ لِیَغْسِلْ كُلُّ رَجُلٍ
ص: 298
مِنْكُمْ حُوتَهُ عِنْدَ كُلِّ عَیْنٍ فَانْطَلَقُوا وَ انْطَلَقَ الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِلَی عَیْنٍ مِنْ تِلْكَ الْعُیُونِ فَلَمَّا غَمَسَ الْحُوتَ فِی الْمَاءِ حَیِیَ فَانْسَابَ (1)فِی الْمَاءِ فَلَمَّا رَأَی الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ بِمَاءِ الْحَیَاةِ فَرَمَی بِثِیَابِهِ وَ سَقَطَ فِی الْمَاءِ فَجَعَلَ یَرْتَمِسُ فِیهِ وَ یَشْرَبُ مِنْهُ فَرَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَی ذِی الْقَرْنَیْنِ وَ مَعَهُ حُوتُهُ وَ رَجَعَ الْخَضِرُ وَ لَیْسَ مَعَهُ الْحُوتُ فَسَأَلَهُ عَنْ قِصَّتِهِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ أَ شَرِبْتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَنْتَ صَاحِبُهَا وَ أَنْتَ الَّذِی خُلِقْتَ لِهَذِهِ الْعَیْنِ فَأَبْشِرْ بِطُولِ الْبَقَاءِ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا مَعَ الْغَیْبَةِ عَنِ الْأَبْصَارِ إِلَی النَّفْخِ فِی الصُّورِ(2).
«17»-ك، إكمال الدین الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ الْخَضِرَ شَرِبَ مِنْ مَاءِ الْحَیَاةِ فَهُوَ حَیٌّ لَا یَمُوتُ حَتَّی یُنْفَخَ فِی الصُّورِ وَ إِنَّهُ لَیَأْتِینَا فَیُسَلِّمُ عَلَیْنَا فَنَسْمَعُ صَوْتَهُ وَ لَا نَرَی شَخْصَهُ وَ إِنَّهُ لَیَحْضُرُ حَیْثُ ذُكِرَ (3)فَمَنْ ذَكَرَهُ مِنْكُمْ فَلْیُسَلِّمْ عَلَیْهِ وَ إِنَّهُ لَیَحْضُرُ الْمَوَاسِمَ (4)فَیَقْضِی جَمِیعَ الْمَنَاسِكِ وَ یَقِفُ بِعَرَفَةَ فَیُؤَمِّنُ عَلَی دُعَاءِ الْمُؤْمِنِینَ وَ سَیُؤْنِسُ اللَّهُ بِهِ وَحْشَةَ قَائِمِنَا فِی غَیْبَتِهِ وَ یَصِلُ بِهِ وَحْدَتَهُ (5).
«18»-ك، إكمال الدین بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَاءَ الْخَضِرُ فَوَقَفَ عَلَی بَابِ الْبَیْتِ وَ فِیهِ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ سُجِّیَ بِثَوْبٍ (6)فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ یَا أَهْلَ الْبَیْتِ (7)كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ إِنَّ فِی اللَّهِ خَلَفاً مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِیبَةٍ وَ دَرَكاً مِنْ كُلِّ فَائِتٍ فَتَوَكَّلُوا عَلَیْهِ وَ ثِقُوا بِهِ وَ اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ
ص: 299
عَلَیْهِ السَّلَامُ هَذَا أَخِی الْخَضِرُ جَاءَ یُعَزِّیكُمْ بِنَبِیِّكُمْ (1).
أقول: قد أوردنا بعض أخباره فی باب أحوال ذی القرنین.
«19»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْمُثَنَّی عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ كَانَ عَبْداً صَالِحاً لَمْ یَكُنْ لَهُ قَرْنٌ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَا فِضَّةٍ بَعَثَهُ اللَّهُ فِی قَوْمِهِ فَضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِهِ الْأَیْمَنِ فَغَابَ عَنْهُمْ ثُمَّ عَادَ إِلَیْهِمْ فَدَعَاهُمْ فَضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِهِ الْأَیْسَرِ وَ فِیكُمْ مِثْلُهُ قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ كَانَ قَدْ وُصِفَ لَهُ عَیْنُ الْحَیَاةِ وَ قِیلَ لَهُ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا شَرْبَةً لَمْ یَمُتْ حَتَّی یَسْمَعَ الصَّیْحَةَ وَ إِنَّهُ خَرَجَ فِی طَلَبِهَا حَتَّی أَتَی مَوْضِعاً كَانَ فِیهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ عَیْناً وَ كَانَ الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ وَ كَانَ مِنْ آثَرِ أَصْحَابِهِ عِنْدَهُ فَدَعَاهُ وَ أَعْطَاهُ وَ أَعْطَی قَوْماً مِنْ أَصْحَابِهِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُوتاً مَمْلُوحاً ثُمَّ قَالَ انْطَلِقُوا إِلَی هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَلْیَغْسِلْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ حُوتَهُ وَ إِنَّ الْخَضِرَ انْتَهَی إِلَی عَیْنٍ مِنْ تِلْكَ الْعُیُونِ فَلَمَّا غَمَسَ الْحُوتَ وَ وَجَدَ رِیحَ الْمَاءِ حَیَّ وَ انْسَابَ فِی الْمَاءِ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ الْخَضِرُ رَمَی بِثِیَابِهِ وَ سَقَطَ فِی الْمَاءِ فَجَعَلَ یَرْتَمِسُ فِی الْمَاءِ وَ یَشْرَبُ رَجَاءَ أَنْ یُصِیبَهَا فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ رَجَعَ وَ رَجَعَ أَصْحَابُهُ فَأَمَرَ ذُو الْقَرْنَیْنِ بِقَبْضِ السَّمَكِ فَقَالَ انْظُرُوا فَقَدْ تَخَلَّفَ سَمَكَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالُوا الْخَضِرُ صَاحِبُهَا فَدَعَاهُ فَقَالَ مَا فَعَلْتَ بِسَمَكَتِكَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ مَا ذَا صَنَعْتَ قَالَ سَقَطْتُ فِیهَا أَغُوصُ وَ أَطْلُبُهَا فَلَمْ أَجِدْهَا قَالَ فَشَرِبْتَ مِنَ الْمَاءِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَطَلَبَ ذُو الْقَرْنَیْنِ الْعَیْنَ فَلَمْ یَجِدْهَا فَقَالَ لِلْخَضِرِ أَنْتَ صَاحِبُهَا وَ أَنْتَ الَّذِی خُلِقْتَ لِهَذِهِ الْعَیْنِ وَ كَانَ اسْمُ ذِی الْقَرْنَیْنِ عَیَّاشاً وَ كَانَ أَوَّلَ الْمُلُوكِ بَعْدَ نُوحٍ مَلِكَ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ (2).
«20»-كا، الكافی أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ سَیْفٍ التَّمَّارِ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ جَمَاعَةً مِنَ الشِّیعَةِ فِی الْحِجْرِ فَقَالَ عَلَیْنَا عَیْنٌ فَالْتَفَتْنَا یَمْنَةً وَ یَسْرَةً فَلَمْ نَرَ أَحَداً فَقُلْنَا لَیْسَ عَلَیْنَا عَیْنٌ فَقَالَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ وَ رَبِّ الْبَیْتِ (3)ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ كُنْتُ بَیْنَ مُوسَی وَ الْخَضِرِ
ص: 300
لَأَخْبَرْتُهُمَا أَنِّی أَعْلَمُ مِنْهُمَا وَ لَأَنْبَأْتُهُمَا بِمَا لَیْسَ فِی أَیْدِیهِمَا لِأَنَّ مُوسَی وَ الْخَضِرَ أُعْطِیَا عِلْمَ مَا كَانَ وَ لَمْ یُعْطَیَا عِلْمَ مَا یَكُونُ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ حَتَّی تَقُومَ السَّاعَةُ وَ قَدْ وَرِثْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وِرَاثَةً (1).
«21»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا صلوات اللّٰه علیهما قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ مُوسَی الَّذِی كَانَ أُعْطِیَ مِكْتَلًا فِیهِ حُوتٌ مَالِحٌ فَقِیلَ لَهُ هَذَا یَدُلُّكَ عَلَی صَاحِبِكَ عِنْدَ عَیْنٍ لَا یُصِیبُ مِنْهَا شَیْ ءٌ إِلَّا حَیَّ فَانْطَلَقَا حَتَّی بَلَغَا الصَّخْرَةَ وَ جَاوَزَا ثُمَّ قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا فَقَالَ الْحُوتُ اتَّخَذَ فِی الْبَحْرِ سَرَباً فَاقْتَصَّا الْأَثَرَ (2)حَتَّی أَتَیَا صَاحِبَهُمَا فِی جَزِیرَةٍ فِی كِسَاءٍ جَالِساً فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ أَجَابَ وَ تَعَجَّبَ وَ هُوَ بِأَرْضٍ لَیْسَ بِهَا سَلَامٌ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ مُوسَی فَقَالَ ابْنُ عِمْرَانَ الَّذِی كَلَّمَهُ اللَّهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا جَاءَ بِكَ قَالَ أَتَیْتُكَ عَلَی أَنْ تُعَلِّمَنِی قَالَ إِنِّی وُكِّلْتُ بِأَمْرٍ لَا تُطِیقُهُ فَحَدَّثَهُ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَنْ بَلَائِهِمْ وَ عَمَّا یُصِیبُهُمْ حَتَّی اشْتَدَّ بُكَاؤُهُمَا وَ ذَكَرَ لَهُ فَضْلَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ مَا أُعْطُوا وَ مَا ابْتُلُوا بِهِ فَجَعَلَ یَقُولُ یَا لَیْتَنِی مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ إِنَّ الْعَالِمَ لَمَّا تَبِعَهُ مُوسَی خَرَقَ السَّفِینَةَ وَ قَتَلَ الْغُلَامَ وَ أَقَامَ الْجِدَارَ ثُمَّ بَیَّنَ لَهُ كُلَّهَا وَ قَالَ مَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِی یَعْنِی لَوْ لَا أَمْرُ رَبِّی لَمْ أَصْنَعْهُ وَ قَالَ لَوْ صَبَرَ مُوسَی لَأَرَاهُ الْعَالِمُ سَبْعِینَ أُعْجُوبَةً (3)وَ فِی رِوَایَةٍ رَحِمَ اللَّهُ مُوسَی عَجَّلَ عَلَی الْعَالِمِ أَمَا إِنَّهُ لَوْ صَبَرَ لَرَأَی مِنْهُ مِنَ الْعَجَائِبِ مَا لَمْ یُرَ.
«22»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ وَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ سَدِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا لَقِیَ مُوسَی الْعَالِمَ وَ كَلَّمَهُ وَ سَاءَلَهُ (4)نَظَرَ إِلَی خُطَّافٍ تَصْفَرُ (5)وَ تَرْتَفِعُ فِی الْمَاءِ وَ
ص: 301
تَسْتَفِلُ (1)فِی الْبَحْرِ فَقَالَ الْعَالِمُ لِمُوسَی أَ تَدْرِی مَا تَقُولُ هَذِهِ الْخُطَّافُ قَالَ وَ مَا تَقُولُ قَالَ تَقُولُ وَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ رَبِّ الْبَحْرِ مَا عِلْمُكُمَا مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا قَدْرَ مَا أَخَذْتُ بِمِنْقَارِی مِنْ هَذَا الْبَحْرِ وَ أَكْثَرَ (2)وَ لَمَّا فَارَقَهُ مُوسَی قَالَ لَهُ مُوسَی أَوْصِنِی فَقَالَ الْخَضِرُ الْزَمْ مَا لَا یَضُرُّكَ مَعَهُ شَیْ ءٌ كَمَا لَا یَنْفَعُكَ مَعَ غَیْرِهِ شَیْ ءٌ وَ إِیَّاكَ وَ اللَّجَاجَةَ وَ الْمَشْیَ إِلَی غَیْرِ حَاجَةٍ وَ الضَّحِكَ فِی غَیْرِ تَعَجُّبٍ یَا ابْنَ عِمْرَانَ لَا تُعَیِّرَنَّ أَحَداً بِخَطِیئَتِهِ وَ ابْكِ عَلَی خَطِیئَتِكَ (3).
أقول: قد أوردناه بأسانید فی باب أن الأئمة علیهم السلام أعلم من الأنبیاء.
«23»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ یُوسُفَ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا أُسْرِیَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَا هُوَ عَلَی الْبُرَاقِ وَ جَبْرَئِیلُ مَعَهُ إِذْ نَفَخَتْهُ رَائِحَةُ مِسْكٍ فَقَالَ یَا جَبْرَئِیلُ مَا هَذَا فَقَالَ كَانَ فِی الزَّمَانِ الْأَوَّلِ مَلِكٌ لَهُ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِی أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ وَ كَانَ لَهُ ابْنٌ رَغِبَ عَمَّا هُوَ فِیهِ وَ تَخَلَّی فِی بَیْتٍ یَعْبُدُ اللَّهَ فَلَمَّا كَبِرَ سِنُّ الْمَلِكِ مَشَی إِلَیْهِ خِیَرَةُ النَّاسِ وَ قَالُوا أَحْسَنْتَ الْوَلَایَةَ عَلَیْنَا وَ كَبِرَتْ سِنُّكَ وَ لَا خَلَفَكَ إِلَّا ابْنُكَ وَ هُوَ رَاغِبٌ عَمَّا أَنْتَ فِیهِ وَ إِنَّهُ لَمْ یَنَلْ مِنَ الدُّنْیَا فَلَوْ حَمَلْتَهُ عَلَی النِّسَاءِ حَتَّی یُصِیبَ لَذَّةَ الدُّنْیَا لَعَادَ فَاخْطُبْ كَرِیمَةً لَهُ فَزَوِّجْهُ جَارِیَةً لَهَا أَدَبٌ وَ عَقْلٌ فَلَمَّا أَتَوْا بِهَا وَ حَوَّلُوهَا إِلَی بَیْتِهِ أَجْلَسُوهَا وَ هُوَ فِی صَلَاتِهِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ أَیَّتُهَا الْمَرْأَةُ لَیْسَ النِّسَاءُ مِنْ شَأْنِی فَإِنْ كُنْتِ تُحِبِّینَ أَنْ تُقِیمِی مَعِی وَ تَصْنَعِینَ كَمَا أَصْنَعُ كَانَ لَكِ مِنَ الثَّوَابِ كَذَا وَ كَذَا قَالَتْ فَأَنَا أُقِیمُ عَلَی مَا تُرِیدُ ثُمَّ إِنَّ أَبَاهُ بَعَثَ إِلَیْهَا یُسَائِلُهَا هَلْ حَبِلَتْ فَقَالَتْ إِنَّ ابْنَكَ مَا كَشَفَ لِی عَنْ ثَوْبٍ
ص: 302
فَأَمَرَ بِرَدِّهَا إِلَی أَهْلِهَا وَ غَضِبَ عَلَی ابْنِهِ وَ أَغْلَقَ الْبَابَ عَلَیْهِ وَ وَضَعَ عَلَیْهِ الْحَرَسَ فَمَكَثَ ثَلَاثاً ثُمَّ فَتَحَ عَنْهُ فَلَمْ یُوجَدْ فِی الْبَیْتِ أَحَدٌ فَهُوَ الْخَضِرُ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ (1).
«24»-ك، إكمال الدین كَانَ اسْمُ الْخَضِرِ خَضْرَوَیْهِ بْنَ قَابِیلَ بْنِ آدَمَ وَ یُقَالُ خضرون أَیْضاً وَ یُقَالُ خلعبا (2)وَ إِنَّهُ إِنَّمَا سُمِّیَ الْخَضِرَ لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَی أَرْضٍ بَیْضَاءَ فَاهْتَزَّتْ خَضْرَاءَ فَسُمِّیَ الْخَضِرَ لِذَلِكَ وَ هُوَ أَطْوَلُ الْآدَمِیِّینَ عُمُراً وَ الصَّحِیحُ أَنَّ اسْمَهُ إِلْیَاسُ بْنُ مِلْكَانَ (3)بْنِ عَامِرِ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ (4).
«25»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَسْجِدُ السَّهْلَةِ مُنَاخُ الرَّاكِبِ قِیلَ وَ مَنِ الرَّاكِبُ قَالَ الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ (5).
«26»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِیدٍ الْخَزَّازِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَسْجِدُ السَّهْلَةِ مُنَاخُ الرَّاكِبِ (6).
«27»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ وَصِیُّ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ هُوَ فَتَاهُ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ (7).
«28»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ مُوسَی أَعْلَمَ مِنَ الْخَضِرِ (8).
«29»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ مُوسَی لِفَتَاهُ آتِنا غَداءَنا وَ قَوْلِهِ رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ فَقَالَ إِنَّمَا عَنَی الطَّعَامَ فَقَالَ
ص: 303
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ مُوسَی لَذُو جُوعَاتٍ (1).
«30»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ بُرَیْدٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَا مَنْزِلَتُكُمْ فِی الْمَاضِینَ أَوْ بِمَنْ تُشْبِهُونَ مِنْهُمْ قَالَ الْخَضِرُ وَ ذُو الْقَرْنَیْنِ كَانَا عَالِمَیْنِ وَ لَمْ یَكُونَا نَبِیَّیْنِ(2).
كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ بُرَیْدٍ مِثْلَهُ وَ فِیهِ صَاحِبُ مُوسَی وَ ذُو الْقَرْنَیْنِ (3).
بیان: لعل المراد أنه حین صادفه موسی علیه السلام لم یكن نبیا بل كان رعیة لموسی علیه السلام و فیه بعد إشكال.
«31»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّمَا مَثَلُ عَلِیٍّ وَ مَثَلُنَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَثَلِ مُوسَی النَّبِیِّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ الْعَالِمِ حِینَ لَقِیَهُ وَ اسْتَنْطَقَهُ وَ سَأَلَهُ الصُّحْبَةَ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا اقْتَصَّهُ اللَّهُ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی كِتَابِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِمُوسَی إِنِّی اصْطَفَیْتُكَ عَلَی النَّاسِ بِرِسالاتِی وَ بِكَلامِی فَخُذْ ما آتَیْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِینَ ثُمَّ قَالَ وَ كَتَبْنا لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِیلًا لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ قَدْ كَانَ عِنْدَ الْعَالِمِ عِلْمٌ لَمْ یُكْتَبْ لِمُوسَی فِی الْأَلْوَاحِ وَ كَانَ مُوسَی یَظُنُّ أَنَّ جَمِیعَ الْأَشْیَاءِ الَّتِی یَحْتَاجُ إِلَیْها فِی تَابُوتِهِ وَ جَمِیعَ الْعِلْمِ قَدْ كُتِبَ لَهُ فِی الْأَلْوَاحِ كَمَا یَظُنُّ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ یَدَّعُونَ أَنَّهُمْ فُقَهَاءُ وَ عُلَمَاءُ أَنَّهُمْ قَدْ أَثْبَتُوا جَمِیعَ الْعِلْمِ وَ الْفِقْهِ فِی الدِّینِ مِمَّا تَحْتَاجُ هَذِهِ الْأُمَّةُ إِلَیْهِ وَ صَحَّ لَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِمُوهُ وَ لَفَظُوهُ وَ لَیْسَ كُلُّ عِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ عَلِمُوهُ وَ لَا صَارَ إِلَیْهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا عَرَفُوهُ وَ ذَلِكَ أَنَّ الشَّیْ ءَ مِنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الْأَحْكَامِ یَرِدُ عَلَیْهِمْ فَیُسْأَلُونَ عَنْهُ وَ لَا یَكُونُ عِنْدَهُمْ فِیهِ أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَسْتَحْیُونَ أَنْ یَنْسُبَهُمُ النَّاسُ إِلَی الْجَهْلِ وَ یَكْرَهُونَ أَنْ یُسْأَلُوا فَلَمْ یُجِیبُوا النَّاسَ فَیَطْلُبُوا الْعِلْمَ مِنْ مَعْدِنِهِ فَلِذَلِكَ اسْتَعْمَلُوا الرَّأْیَ وَ الْقِیَاسَ فِی دِینِ اللَّهِ وَ تَرَكُوا الْآثَارَ وَ دَانُوا اللَّهَ بِالْبِدَعِ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ فَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ سُئِلُوا عَنْ شَیْ ءٍ مِنْ دِینِ اللَّهِ فَلَمْ یَكُنْ عِنْدَهُمْ مِنْهُ أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ رَدُّوهُ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی
ص: 304
الرَّسُولِ وَ إِلَی أُولِی الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ الَّذِی مَنَعَهُمْ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ مِنَّا الْعَدَاوَةُ وَ الْحَسَدُ لَنَا وَ لَا وَ اللَّهِ مَا حَسَدَ مُوسَی الْعَالِمَ وَ مُوسَی نَبِیُّ اللَّهِ یُوحَی إِلَیْهِ حَیْثُ لَقِیَهُ وَ اسْتَنْطَقَهُ وَ عَرَفَهُ بِالْعِلْمِ وَ لَمْ یَحْسُدْهُ كَمَا حَسَدَتْنَا هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی مَا عَلِمْنَا وَ مَا وَرِثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یَرْغَبُوا إِلَیْنَا فِی عِلْمِنَا كَمَا رَغِبَ مُوسَی إِلَی الْعَالِمِ وَ سَأَلَهُ الصُّحْبَةَ لِیَتَعَلَّمَ مِنْهُ الْعِلْمَ وَ یُرْشِدَهُ فَلَمَّا أَنْ سَأَلَ الْعَالِمَ ذَلِكَ عَلِمَ الْعَالِمُ أَنَّ مُوسَی لَا یَسْتَطِیعُ صُحْبَتَهُ وَ لَا یَحْتَمِلُ عَلَیْهِ وَ لَا یَصْبِرُ مَعَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الْعَالِمُ وَ كَیْفَ تَصْبِرُ عَلی ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً فَقَالَ لَهُ مُوسَی وَ هُوَ خَاضِعٌ لَهُ یَسْتَعْطِفُهُ عَلَی نَفْسِهِ كَیْ یَقْبَلَهُ سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِی لَكَ أَمْراً وَ قَدْ كَانَ الْعَالِمُ یَعْلَمُ أَنَّ مُوسَی لَا یَصْبِرُ عَلَی عِلْمِهِ فَكَذَلِكَ وَ اللَّهِ یَا إِسْحَاقَ بْنَ عَمَّارٍ حَالُ قُضَاةِ هَؤُلَاءِ وَ فُقَهَائِهِمْ وَ جَمَاعَتِهِمُ الْیَوْمَ لَا یَحْتَمِلُونَ وَ اللَّهِ عِلْمَنَا وَ لَا یَقْبَلُونَهُ وَ لَا یُطِیقُونَهُ وَ لَا یَأْخُذُونَ بِهِ وَ لَا یَصْبِرُونَ عَلَیْهِ كَمَا لَمْ یَصْبِرْ مُوسَی عَلَی عِلْمِ الْعَالِمِ حِینَ صَحِبَهُ وَ رَأَی مَا رَأَی مِنْ عِلْمِهِ وَ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ مُوسَی مَكْرُوهاً وَ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ رِضًی وَ هُوَ الْحَقُّ وَ كَذَلِكَ عِلْمُنَا عِنْدَ الْجَهَلَةِ مَكْرُوهٌ لَا یُؤْخَذُ وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ الْحَقُّ (1).
«32»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ الَّذِی كَانَ أُعْطِیَ مكتل (2)(مِكْتَلًا) فِیهِ حُوتٌ مُمَلَّحٌ وَ قِیلَ لَهُ هَذَا یَدُلُّكَ عَلَی صَاحِبِكَ عِنْدَ عَیْنِ مَجْمَعِ الْبَحْرَیْنِ لَا یُصِیبُ مِنْهَا شَیْ ءٌ مَیِّتاً إِلَّا حَیِیَ یُقَالُ لَهُ الْحَیَاةُ فَانْطَلَقَا حَتَّی بَلَغَا الصَّخْرَةَ فَانْطَلَقَ الْفَتَی یَغْسِلُ الْحُوتَ فِی الْعَیْنِ فَاضْطَرَبَ فِی یَدِهِ حَتَّی خَدَشَهُ وَ انْفَلَتَ مِنْهُ وَ نَسِیَهُ الْفَتَی فَلَمَّا جَاوَزَ الْوَقْتَ الَّذِی وُقِّتَ فِیهِ أَعْیَا مُوسَی وَ قَالَ لِفَتَاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِینا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً قالَ أَ رَأَیْتَ إِلَی قَوْلِهِ عَلی آثارِهِما قَصَصاً فَلَمَّا أَتَاهَا (3)وَجَدَ الْحُوتَ قَدْ خَرَّ فِی الْبَحْرِ فَاقْتَصَّا الْأَثَرَ حَتَّی أَتَیَا صَاحِبَهُمَا فِی جَزِیرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ إِمَّا مُتَّكِئاً وَ إِمَّا جَالِساً فِی كِسَاءٍ لَهُ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ مُوسَی فَعَجِبَ
ص: 305
مِنَ السَّلَامِ وَ هُوَ فِی أَرْضٍ لَیْسَ فِیهَا السَّلَامُ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَی قَالَ أَنْتَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ الَّذِی كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِیماً قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا حَاجَتُكَ قَالَ أَتَّبِعُكَ عَلی أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قَالَ إِنِّی وُكِّلْتُ (1)بِأَمْرٍ لَا تُطِیقُهُ وَ وُكِّلْتَ بِأَمْرٍ لَا أُطِیقُهُ وَ قَدْ قَالَ لَهُ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً وَ كَیْفَ تَصْبِرُ عَلی ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً قالَ سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِی لَكَ أَمْراً فَحَدَّثَهُ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَمَّا یُصِیبُهُمْ حَتَّی اشْتَدَّ بُكَاؤُهُمَا ثُمَّ حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عَنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ وَ ذَكَرَ لَهُ مِنْ فَضْلِهِمْ وَ مَا أُعْطُوا حَتَّی جَعَلَ یَقُولُ یَا لَیْتَنِی مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَنْ رُجُوعِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی قَوْمِهِ وَ مَا یَلْقَی مِنْهُمْ وَ مِنْ تَكْذِیبِهِمْ إِیَّاهُ وَ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ كَما لَمْ یُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَإِنَّهُ أَخَذَ عَلَیْهِمُ الْمِیثَاقَ (2).
بیان: قوله و عن رجوع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أی بعد الهجرة أو فی الرجعة.
«33»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَیَابَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ مُوسَی صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ كَانَ مِنْبَرُهُ ثَلَاثَ مَرَاقٍ فَحَدَّثَ نَفْسَهُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ یَخْلُقْ خَلْقاً أَعْلَمَ مِنْهُ فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ قَدِ ابْتُلِیتَ فَانْزِلْ فَإِنَّ فِی الْأَرْضِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ فَاطْلُبْهُ فَأَرْسَلَ إِلَی یُوشَعَ أَنِّی قَدِ ابْتُلِیتُ فَاصْنَعْ لَنَا زَاداً وَ انْطَلِقْ بِنَا فَاشْتَرَی حُوتاً فَخَرَجَ بِأَذْرَبِیجَانَ ثُمَّ شَوَاهُ ثُمَّ حَمَلَهُ فِی مِكْتَلٍ ثُمَّ انْطَلَقَا یَمْشِیَانِ فِی سَاحِلِ الْبَحْرِ وَ النَّبِیُّ إِذَا مَرَّ فِی مَكَانٍ لَمْ یَعْیَ أَبَداً حَتَّی یَجُوزَ ذَلِكَ الْوَقْتُ قَالَ فَبَیْنَمَا هُمَا یَمْشِیَانِ حَتَّی انْتَهَیَا إِلَی شَیْخٍ مُسْتَلْقًی مَعَهُ عَصَاهُ مَوْضُوعَةٌ إِلَی جَانِبِهِ وَ عَلَیْهِ كِسَاءٌ إِذَا قَنَّعَ رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ وَ إِذَا غَطَّی رِجْلَیْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ قَالَ فَقَامَ مُوسَی یُصَلِّی وَ قَالَ لِیُوشَعَ احْفَظْ عَلَیَّ قَالَ فَقَطِرَتْ قَطْرَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فِی الْمِكْتَلِ فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ ثُمَّ جَعَلَ یَجُرُّ الْمِكْتَلَ إِلَی الْبَحْرِ قَالَ وَ هُوَ قَوْلُهُ فَاتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ سَرَباً قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ طَیْرٌ فَوَقَعَ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ ثُمَّ أَدْخَلَ مِنْقَارَهُ فَقَالَ یَا مُوسَی مَا أَخَذْتَ مِنْ عِلْمِ رَبِّكَ مَا حَمَلَ ظَهْرُ مِنْقَارِی مِنْ جَمِیعِ الْبَحْرِ قَالَ ثُمَّ قَامَ فَمَشَی فَتَبِعَهُ یُوشَعُ فَقَالَ مُوسَی لَمَّا أَعْیَا حَیْثُ جَازَ الْوَقتَ فِیهِ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِینا مِنْ سَفَرِنا
ص: 306
هذا نَصَباً إِلَی قَوْلِهِ فِی الْبَحْرِ عَجَباً قَالَ فَرَجَعَ مُوسَی یَقْتَصُّ أَثَرَهُ حَتَّی انْتَهَی إِلَیْهِ وَ هُوَ عَلَی حَالِهِ مُسْتَلْقٍ فَقَالَ لَهُ مُوسَی السَّلَامُ عَلَیْكَ فَقَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا عَالِمَ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَ ثُمَّ وَثَبَ فَأَخَذَ عَصَاهُ بِیَدِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی إِنِّی قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَتَّبِعَكَ عَلَی أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً فَقَالَ كَمَا قُصَّ عَلَیْكُمْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً قَالَ فَانْطَلَقَا حَتَّی انْتَهَیَا إِلَی مِعْبَرٍ (1)فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِمْ أَهْلُ الْمِعْبَرِ فَقَالُوا وَ اللَّهِ لَا نَأْخُذُ مِنْ هَؤُلَاءِ أَجْراً الْیَوْمَ نَحْمِلُهُمْ فَلَمَّا ذَهَبَتِ السَّفِینَةُ وَسَطَ الْمَاءِ خَرَقَهَا قَالَ لَهُ مُوسَی كَمَا أُخْبِرْتُمْ (2)ثُمَّ قَالَ أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً قالَ لا تُؤاخِذْنِی بِما نَسِیتُ وَ لا تُرْهِقْنِی مِنْ أَمْرِی عُسْراً قَالَ وَ خَرَجَا عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَإِذَا غُلَامٌ یَلْعَبُ مَعَ غِلْمَانٍ عَلَیْهِ قَمِیصُ حَرِیرٍ أَخْضَرُ فِی أُذُنَیْهِ دُرَّتَانِ فَتَوَرَّكَهُ الْعَالِمُ فَذَبَحَهُ قَالَ لَهُ مُوسَی أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِیَّةً بِغَیْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُكْراً قَالَ فَانْطَلَقا حَتَّی إِذا أَتَیا أَهْلَ قَرْیَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ یُضَیِّفُوهُما فَوَجَدا فِیها جِداراً یُرِیدُ أَنْ یَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً خُبْزاً نَأْكُلُهُ فَقَدْ جُعْنَا قَالَ وَ هِیَ قَرْیَةٌ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ یُقَالُ لَهَا نَاصِرَةٌ وَ بِهَا تُسَمَّی النَّصَارَی فَلَمْ یُضَیِّفُوهُمَا وَ لَا یُضَیِّفُونَ بَعْدَهُمَا أَحَداً حَتَّی تَقُومَ السَّاعَةُ (3)وَ كَانَ مَثَلَ السَّفِینَةِ فِیكُمْ وَ فِینَا تَرْكُ الْحُسَیْنِ الْبَیْعَةَ لِمُعَاوِیَةَ وَ كَانَ مَثَلَ الْغُلَامِ فِیكُمْ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ لَعَنَكَ اللَّهُ مِنْ كَافِرٍ فَقَالَ لَهُ قَدْ قَتَلْتَهُ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ (4)وَ كَانَ مَثَلَ الْجِدَارِ فِیكُمْ عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ (5).
بیان: تورك فلان الصبی جعله علی وركه معتمدا علیها ذكره الفیروزآبادی و أما كون ترك الحسین علیه السلام البیعة لمعاویة (لعنه اللّٰه) شبیها بخرق السفینة لأنه علیه السلام
ص: 307
بترك البیعة مهد لنفسه المقدسة الشهادة و بها انكسرت سفینة أهل البیت صلوات اللّٰه علیهم و كان فیها مصالح عظیمة منها ظهور كفر بنی أمیة و جورهم علی الناس و خروج الخلق عن طاعتهم و منها ظهور حقیة أهل البیت علیه السلام و إمامتهم إذ لو بایعه الحسین علیه السلام أیضا لظن أكثر الناس وجوب متابعة خلفاء الجور و عدم كونهم علیه السلام ولاة الأمر.
و منها أن بسبب ذلك صار من بعده من الأئمة علیهم السلام آمنین مطمئنین ینشرون العلوم بین الناس إلی غیر ذلك من المصالح التی لا یعلمها غیرهم و لو كان ما ذكره المؤرخون من بیعته علیه السلام له أخیرا حقا كان المراد ترك البیعة ابتداء و لا یبعد أن یكون فی الأصل یزید بن معاویة فسقط الساقط (1)الملعون هو و أبوه و أما ما تضمن من قول الحسن علیه السلام لعبد اللّٰه بن علی فیشكل توجیهه لأنه كان من السعداء الذین استشهدوا مع الحسین صلوات اللّٰه علیه علی ما ذكره المفید (2)و غیره و القول بأنه علیه السلام علم أنه لو بقی بعد ذلك و لم یستشهد لكفر بعید.
و الظاهر أن یكون (3)عبید اللّٰه مصغرا بناء علی ما ذكره ابن إدریس (4) أنه لم یستشهد مع الحسین علیه السلام ردا علی المفید (5)و ذكر صاحب المقاتل (6)و غیره (7)أنه صار إلی المختار فسأله أن یدعو إلیه و یجعل الأمر له فلم یفعل فخرج و لحق بمصعب بن الزبیر فقتل فی الوقعة و هو لا یعرف.
ص: 308
قوله فقال له أی أمیر المؤمنین علیه السلام قد قتلته أی سیقتل بسبب لعنك أو هذا إخبار بأنه سیقتل كما قتل الخضر الغلام لكفره و أما مثل الجدار فلعل المراد أن اللّٰه تعالی كما حفظ العلم تحت الجدار للغلامین لصلاح أبیهما فكذلك حفظ العلم لصلاح علی و الحسن و الحسین علیهم السلام فی أولادهم إلی أن یظهره القائم علیه السلام للخلق أو حفظ اللّٰه علم الرسول صلی اللّٰه علیه و آله بأمیر المؤمنین للحسنین صلوات اللّٰه علیهم فأقام علیا علیه السلام للخلافة بعد أن أصابه ما أصابه من المخالفین و اللّٰه یعلم.
«34»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: بَیْنَمَا مُوسَی قَاعِدٌ فِی مَلَإٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا أَرَی أَحَداً أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْكَ قَالَ مُوسَی مَا أَرَی فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ بَلَی عَبْدِیَ الْخَضِرُ فَسَأَلَ السَّبِیلَ إِلَیْهِ وَ كَانَ لَهُ آیَةُ الْحُوتِ إِنِ افْتَقَدَهُ فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِ مَا قَصَّ اللَّهُ (1).
«35»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ سُلَیْمَانُ أَعْلَمَ مِنْ آصَفَ وَ كَانَ مُوسَی أَعْلَمَ مِنَ الَّذِی اتَّبَعَهُ (2).
«36»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ لَیْثِ بْنِ سُلَیْمٍ (3)عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: شَكَا مُوسَی إِلَی رَبِّهِ الْجُوعَ فِی ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِینا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً لَاتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً رَبِّ إِنِّی لِما أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ(4).
«37»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا وَجَدْتُ لِلنَّاسِ وَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ شَبَهاً إِلَّا مُوسَی وَ صَاحِبَ السَّفِینَةِ تَكَلَّمَ مُوسَی بِجَهْلٍ وَ تَكَلَّمَ صَاحِبُ السَّفِینَةِ بِعِلْمٍ وَ تَكَلَّمَ النَّاسُ بِجَهْلٍ وَ تَكَلَّمَ عَلِیٌّ بِعِلْمٍ (5).
«38»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ نَجْدَةَ الْحَرُورِیَّ كَتَبَ
ص: 309
إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ یَسْأَلُهُ عَنْ سَبْیِ الذَّرَارِیِّ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمَّا الذَّرَارِیُّ فَلَمْ یَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ یَقْتُلُهُمْ وَ كَانَ الْخَضِرُ یَقْتُلُ كَافِرَهُمْ وَ یَتْرُكُ مُؤْمِنَهُمْ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا یَعْلَمُ الْخَضِرُ فَاقْتُلْهُمْ (1).
«39»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: سَمِعْتُهُ یَقُولُ بَیْنَمَا الْعَالِمُ یَمْشِی مَعَ مُوسَی إِذَا بِغُلَامٍ یَلْعَبُ قَالَ فَوَكَزَهُ الْعَالِمُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَی أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِیَّةً بِغَیْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُكْراً قَالَ فَأَدْخَلَ الْعَالِمُ یَدَهُ فَاقْتَلَعَ كَتِفَهُ فَإِذَا عَلَیْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ مَطْبُوعٌ (2).
«40»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَرِیزٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ یَقْرَأُ وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ یَعْنِی أَمَامَهُمْ یَأْخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ صَالِحَةٍ غَصْباً (3).
بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه و یستعمل وراء بمعنی القدام أیضا علی الاتساع لأنها جهة مقابلة لجهة فكان كل واحدة من الجهتین وراء الأخری (4).
«41»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَرِیزٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ قَرَأَ وَ كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَیْنِ وَ طُبِعَ كَافِراً (5).
«42»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ فَخَشِینا خَشِیَ إِنْ أَدْرَكَ الْغُلَامُ أَنْ یَدْعُوَ أَبَوَیْهِ إِلَی الْكُفْرِ فَیُجِیبَانِهِ مِنْ فَرْطِ حُبِّهِمَا لَهُ (6).
«43»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ (7)رَفَعَهُ قَالَ: كَانَ فِی كَتِفِ الْغُلَامِ الَّذِی قَتَلَهُ الْعَالِمُ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ (8).
«44»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَیَحْفَظُ وُلْدَ الْمُؤْمِنِ إِلَی أَلْفِ سَنَةٍ وَ إِنَّ الْغُلَامَیْنِ كَانَ بَیْنَهُمَا وَ بَیْنَ أَبَوَیْهِمَا سَبْعُمِائَةِ سَنَةٍ (9).
«45»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ فَأَرَدْنا أَنْ
ص: 310
یُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَیْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً قَالَ وُلِدَتْ لَهُمَا جَارِیَةٌ فَوَلَدَتْ غُلَاماً فَكَانَ نَبِیّاً (1).
«46»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحُسَیْنِ (2)بْنِ سَعِیدٍ اللَّحْمِیِّ قَالَ: وُلِدَتْ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا جَارِیَةٌ فَدَخَلَ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَرَآهُ مُتَسَخِّطاً لَهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَ رَأَیْتَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَیْكَ أَنِّی أَخْتَارُ لَكَ أَوْ تَخْتَارُ لِنَفْسِكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ قَالَ كُنْتُ أَقُولُ یَا رَبِّ تَخْتَارُ لِی قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدِ اخْتَارَ لَكَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِی قَتَلَهُ الْعَالِمُ حِینَ كَانَ مَعَ مُوسَی فِی قَوْلِ اللَّهِ فَأَرَدْنا أَنْ یُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَیْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً قَالَ فَأَبْدَلَهُمَا جَارِیَةً (3)وَلَدَتْ سَبْعِینَ نَبِیّاً (4).
«47»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ رَفَعَهُ إِلَی أَحَدِهِمَا فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَیْنِ إِلَی قَوْلِهِ وَ أَقْرَبَ رُحْماً قَالَ أَبْدَلَهُمَا مَكَانَ الِابْنِ بِنْتاً فَوَلَدَتْ سَبْعِینَ نَبِیّاً (5).
«48»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَمْ مِنْ إِنْسَانٍ لَهُ حَقٌّ لَا یَعْلَمُ بِهِ قَالَ قُلْتُ وَ مَا ذَاكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ قَالَ إِنَّ صَاحِبَیِ الْجِدَارِ كَانَ لَهُمَا كَنْزٌ تَحْتَهُ أَمَا إِنَّهُ لَمْ یَكُنْ ذهب (ذَهَباً) وَ لَا فِضَّةً (6)قَالَ قُلْتُ فَأَیُّهُمَا كَانَ أَحَقَّ بِهِ فَقَالَ الْأَكْبَرُ كَذَلِكَ نَقُولُ (7).
ص: 311
«49»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَیُفْلِحُ بِفَلَاحِ الرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ وُلْدَهُ وَ وُلْدَ وُلْدِهِ وَ یَحْفَظُهُ فِی دُوَیْرَتِهِ وَ دُوَیْرَاتٍ حَوْلَهُ فَلَا یَزَالُونَ فِی حِفْظِ اللَّهِ لِكَرَامَتِهِ عَلَی اللَّهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْغُلَامَیْنِ فَقَالَ وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ شَكَرَ صَلَاحَ أَبَوَیْهِمَا لَهُمَا (1).
«50»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو (2)الْكُوفِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ الْغُلَامَیْنِ كَانَ بَیْنَهُمَا وَ بَیْنَ أَبِیهِمَا سَبْعُمِائَةِ سَنَةٍ(3).
«51»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَیْنِ یَتِیمَیْنِ فِی الْمَدِینَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ مَا كَانَ ذَهَباً وَ لَا فِضَّةً وَ إِنَّمَا كَانَ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ إِنِّی أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا مَنْ أَیْقَنَ بِالْمَوْتِ لَمْ یَضْحَكْ سِنُّهُ وَ مَنْ أَقَرَّ بِالْحِسَابِ لَمْ یَفْرَحْ قَلْبُهُ وَ مَنْ آمَنَ بِالْقَدَرِ لَمْ یَخْشَ إِلَّا رَبَّهُ (4).
كا، الكافی عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد بن محمد بن أبی نصر عن صفوان مثله(5).
«52»-مِنْ رِیَاضِ الْجِنَانِ أَخَذَهُ مِنْ أَرْبَعِینَ السَّیِّدِ الْحُسَیْنِ بْنِ دِحْیَةَ بْنِ خَلِیفَةَ الْكَلْبِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سُلَیْمَانَ (6)قَالَ وُجِدَ فِی ذَخِیرَةِ أَحَدِ حَوَارِیِّ الْمَسِیحِ رِقٌّ فِیهِ مَكْتُوبٌ بِالْقَلَمِ السُّرْیَانِیِّ مَنْقُولٌ مِنَ التَّوْرَاةِ أَنَّهُ لَمَّا تَشَاجَرَ مُوسَی وَ الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قِصَّةِ السَّفِینَةِ وَ الْغُلَامِ وَ الْجِدَارِ وَ رَجَعَ مُوسَی إِلَی قَوْمِهِ سَأَلَهُ أَخُوهُ هَارُونُ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَمَّا اسْتَعْلَمَهُ مِنَ الْخَضِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ شَاهَدَهُ مِنْ عَجَائِبِ الْبَحْرِ قَالَ بَیْنَا أَنَا وَ الْخَضِرُ عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ إِذْ سَقَطَ بَیْنَ أَیْدِینَا طَائِرٌ أَخَذَ فِی مِنْقَارِهِ قَطْرَةً (7)وَ رَمَی بِهَا نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَ أَخَذَ ثَانِیَةً وَ رَمَاهَا فِی الْمَغْرِبِ وَ أَخَذَ ثَالِثَةً وَ رَمَی بِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ وَ رَابِعَةً
ص: 312
رَمَاهَا (1)إِلَی الْأَرْضِ ثُمَّ أَخَذَ خَامِسَةً وَ عَادَ أَلْقَاهَا فِی الْبَحْرِ فَبُهِتْنَا لِذَلِكَ فَسَأَلْتُ الْخَضِرَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ یُجِبْ وَ إِذَا نَحْنُ بِصَیَّادٍ یَصْطَادُ فَنَظَرَ إِلَیْنَا وَ قَالَ مَا لِی أَرَاكُمَا فِی فِكْرٍ وَ تَعَجُّبٍ مِنَ الطَّائِرِ قُلْنَا هُوَ ذَلِكَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ صَیَّادٌ قَدْ عَلِمْتُ (2)وَ أَنْتُمَا نَبِیَّانِ مَا تَعْلَمَانِ قُلْنَا مَا نَعْلَمُ إِلَّا مَا عَلَّمَنَا اللَّهُ قَالَ هَذَا طَائِرٌ فِی الْبَحْرِ یُسَمَّی مسلم (3)(مُسْلِماً) لِأَنَّهُ إِذَا صَاحَ یَقُولُ فِی صِیَاحِهِ مُسْلِمٌ فَأَشَارَ بِرَمْیِ الْمَاءِ مِنْ مِنْقَارِهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ إِلَی أَنَّهُ یُبْعَثُ نَبِیٌّ (4)بَعْدَكُمَا تَمْلِكُ أُمَّتُهُ الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ وَ یَصْعَدُ إِلَی السَّمَاءِ وَ یُدْفَنُ فِی الْأَرْضِ وَ أَمَّا رَمْیُهُ الْمَاءَ فِی الْبَحْرِ یَقُولُ إِنَّ عِلْمَ الْعَالِمِ عِنْدَ عِلْمِهِ مِثْلُ هَذِهِ الْقَطْرَةِ وَ وَرِثَ عِلْمَهُ وَصِیُّهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ فَسَكَنَ مَا كُنَّا فِیهِ مِنَ الْمُشَاجَرَةِ وَ اسْتَقَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا عِلْمَهُ بَعْدَ أَنْ كُنَّا مُعْجَبِینَ بِأَنْفُسِنَا ثُمَّ غَابَ الصَّیَّادُ عَنَّا فَعَلِمْنَا أَنَّهُ مَلَكٌ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْنَا لِیُعَرِّفَنَا حَیْثُ ادَّعَیْنَا الْكَمَالَ (5).
كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة ذكر بعض أصحابنا من رواة الحدیث فی كتاب الأربعین روایة أسعد الإربلی عن عمار بن خالد مثله (6)قال السید المرتضی قدس اللّٰه روحه فإن قیل كیف یجوز أن یتبع موسی علیه السلام غیره و یتعلم منه و عندكم أن النبی لا یجوز أن یفتقر إلی غیره و كیف یجوز أن یقول له إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً و الاستطاعة عندكم هی القدرة و قد كان موسی علیه السلام علی مذهبكم قادرا علی الصبر و كیف قال موسی علیه السلام سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِی لَكَ أَمْراً فاستثنی المشیة فی الصبر و أطلق فیما ضمنه من طاعته و اجتناب
ص: 313
معصیته و كیف قال لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً و شَیْئاً نُكْراً و ما أتی العالم منكرا علی الحقیقة (1)و ما معنی قوله لا تُؤاخِذْنِی بِما نَسِیتُ و عندكم أن النسیان لا یجوز علی الأنبیاء و لم نعت موسی علیه السلام النفس بأنها زكیة و لم تكن كذلك علی الحقیقة و لم قال فَخَشِینا فإن كان الذی خشیه اللّٰه تعالی علی ما ظنه قوم فالخشیة لا تجوز علیه تعالی و إن كان هو الخضر فكیف یستبیح دم الغلام لأجل الخشیة و الخشیة لا تقتضی علما و لا یقینا.
قلنا أما العالم الذی نعته اللّٰه فی هذه الآیات فلا یجوز إلا أن یكون نبیا فاضلا و قد قیل إنه الخضر علیه السلام و أنكر أبو علی ذلك و زعم أنه لیس بصحیح قال لأن الخضر یقال إنه كان نبیا من أنبیاء بنی إسرائیل الذین بعثوا بعد موسی علیه السلام و لیس یمتنع أن یكون اللّٰه تعالی قد أعلم هذا العالم ما لم یعلمه موسی علیه السلام و أرشد موسی علیه السلام إلیه لیتعلم منه و إنما المنكر أن یحتاج النبی فی العلم إلی بعض رعیته المبعوث إلیهم و أما أن یفتقر إلی غیره ممن لیس له برعیة فجائز و ما تعلمه من هذا العالم إلا كتعلمه من الملك الذی یهبط إلیه بالوحی و لیس فی هذا دلالة علی أنه كان أفضل من موسی فی العلم لأنه لا یمتنع أن یزید موسی علیه السلام علیه فی سائر العلوم التی هی أفضل و أشرف مما علمه. (2)و أما نفی الاستطاعة فإنما أراد بها أن الصبر لا یخف علیك و أنه یثقل علی طبیعتك كما یقول أحدنا لغیره إنك لا تستطیع أن تنظر إلی و كما یقول للمریض الذی یجهده الصوم و إن كان علیه قادرا إنك لا تستطیع الصیام و لا تطیقه و ربما عبر بالاستطاعة عن الفعل نفسه كما قال اللّٰه تعالی حكایة عن الحواریین هَلْ یَسْتَطِیعُ رَبُّكَ أَنْ یُنَزِّلَ عَلَیْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ (3)فكأنه علی هذا الوجه قال له إنك لن تصبر و لن
ص: 314
یقع منك الصبر و إن كان (1)إنما نفی القدرة علی ما ظنه الجهال لكان العالم و هو فی ذلك سواء فلا معنی لاختصاصه بنفی الاستطاعة و الذی یدل علی أنه إنما نفی عنه الصبر لا الاستطاعة قول موسی علیه السلام فی جوابه سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً و لم یقل ستجدنی إن شاء اللّٰه مستطیعا و من حق الجواب أن یطابق الابتداء فدل جوابه علی أن الاستطاعة فی الابتداء هی عبارة عن الفعل نفسه.
فأما قوله وَ لا أَعْصِی لَكَ أَمْراً فهو أیضا مشروط بالمشیة و لیس بمطلق علی ما ذكر فی السؤال فكأنه قال ستجدنی صابرا و لا أعصی لك أمرا إن شاء اللّٰه و إنما قدم الشرط علی الأمرین جمیعا و هذا ظاهر فی الكلام فأما قوله لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً فقد قیل إنه أراد شیئا عجبا (2)و قیل إنه أراد شیئا منكرا و قیل إن الإمر أیضا هو الداهیة فكأنه قال جئت داهیة و قد ذهب بعض أهل اللغة إلی أن الإمر مشتق من الكثرة من أمر القوم إذا كثروا و جعل عبارة عما كثر عجبه و إذا حملت هذه اللفظة علی العجب فلا سؤال فیها و إن حملت علی المنكر كان الجواب عنها و عن قوله لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُكْراً واحدا و فی ذلك وجوه منها أن ظاهر ما أتیته المنكر و من یشاهده ینكره قبل أن یعرف علته.
و منها أن یكون حذف الشرط فكأنه أراد إن كنت قتلته ظالما لقد جئت شیئا نكرا.
و منها أنه أراد أنك أتیت أمرا بدیعا غریبا فإنهم یقولون فیما یستغربونه و یجهلون علته أنه نكر و منكر و لیس یمكن أن یدفع خروج الكلام مخرج الاستفهام و التقریر دون القطع أ لا تری إلی قوله أَ خَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها و إلی قوله أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِیَّةً بِغَیْرِ نَفْسٍ و معلوم أنه إن كان قصد بخرق السفینة إلی التغریق فقد أتی منكرا و كذلك إن كان قتل النفس علی سبیل الظلم.
فأما قوله لا تُؤاخِذْنِی بِما نَسِیتُ فقد ذكر فیه وجوه ثلاثة
ص: 315
أحدها أنه أراد النسیان المعروف و لیس ذلك بعجب مع قصر المدة فإن الإنسان قد ینسی ما قرب زمانه لما یعرض له من شغل القلب و غیر ذلك.
و الوجه الثانی أنه أراد لا تؤاخذنی بما تركت و یجری ذلك مجری قوله تعالی وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلی آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِیَ (1)أی ترك و
قَدْ رُوِیَ هَذَا الْوَجْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: قَالَ مُوسَی لا تُؤاخِذْنِی بِما نَسِیتُ یَقُولُ بِمَا تَرَكْتُ مِنْ عَهْدِكَ.
و الوجه الثالث أنه أراد لا تؤاخذنی بما فعلته مما یشبه النسیان فسماه نسیانا للمشابهة كما قال المؤذن لإخوة یوسف علیه السلام إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (2)أی إنكم تشبهون السراق و كما یتأول الخبر الذی
یَرْوِیهِ أَبُو هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: كَذَبَ إِبْرَاهِیمُ ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ فِی قَوْلِهِ سَارَةُ أُخْتِی وَ فِی قَوْلِهِ بَلْ فَعَلَهُ كَبِیرُهُمْ هذا وَ فِی قَوْلِهِ إِنِّی سَقِیمٌ
و المراد بذلك إن كان هذا الخبر صحیحا (3)أنه فعل ما ظاهره الكذب و إذا حملنا هذه اللفظة علی غیر النسیان الحقیقی فلا سؤال فیها و إذا حملناها علی النسیان فی الحقیقة كان الوجه فیها أن النبی إنما لا یجوز علیه النسیان فیما یؤدیه (4)أو فی شرعه أو فی أمر یقتضی التنفیر عنه فأما فیما هو خارج عما ذكرناه فلا مانع من النسیان أ لا تری أنه إذا نسی أو سها فی مأكله أو مشربه علی وجه لا یستمر و لا یتصل فینسب إلی أنه مغفل أن ذلك غیر ممتنع.
و أما وصف النفس بأنها زكیة فقد قلنا إن ذلك خرج مخرج الاستفهام لا علی سبیل الإخبار و إذا كان استفهاما فلا سؤال علی هذا الموضع.
ص: 316
و قد اختلف المفسرون فی هذه النفس فقال أكثرهم إنه كان صبیا لم یبلغ الحلم و إن الخضر و موسی علیه السلام مرا بغلمان یلعبون فأخذ الخضر منهم غلاما فأضجعه و ذبحه بالسكین و من ذهب إلی هذا الوجه یجب أن یحمل قوله زكیة علی أنه من الزكاء الذی هو الزیادة و النماء لا من الطهارة فی الدین (1)من قولهم زكت الأرض یزكو (2)إذا زاد ریعها و ذهب قوم إلی أنه كان رجلا بالغا كافرا و لم یكن یعلم موسی علیه السلام باستحقاقه للقتل (3)فاستفهم عن حاله و من أجاب بهذا الجواب إذا سئل عن قوله تعالی حَتَّی إِذا لَقِیا غُلاماً یقول لا یمتنع تسمیة الرجل بأنه غلام علی مذهب العرب و إن كان بالغا.
و أما قوله فَخَشِینا أَنْ یُرْهِقَهُما طُغْیاناً وَ كُفْراً فالظاهر یشهد أن الخشیة هی من العالم لا منه تعالی و الخشیة هاهنا قیل إنها العلم كما قال اللّٰه تعالی وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً (4)و قوله إِلَّا أَنْ یَخافا أَلَّا یُقِیما حُدُودَ اللَّهِ (5)و قوله عز و جل وَ إِنْ خِفْتُمْ عَیْلَةً (6)و كل ذلك بمعنی العلم و علی هذا الوجه كان یقول (7)إننی علمت بإعلام اللّٰه تعالی لی أن هذا الغلام متی بقی كفر أبواه و متی قتل بقیا علی إیمانهما فصارت تبقیته مفسدة و وجب اخترامه (8)و لا فرق بین أن یمیته اللّٰه تعالی و بین أن یأمر بقتله و قد قیل إن الخشیة هاهنا بمعنی الخوف الذی لا یكون معه یقین و لا قطع و هذا یطابق جواب من قال إن الغلام كان كافرا مستحقا للقتل بكفره و انضاف إلی استحقاقه ذلك بالكفر خشیة إدخال أبویه فی الكفر و تزیینه لهما و قال قوم إن الخشیة هاهنا هی الكراهیة یقول القائل فرقت
ص: 317
بین الرجلین خشیة أن یقتتلا أی كراهیة لذلك و علی هذا التأویل و الوجه الذی قلنا إنه بمعنی العلم لا یمتنع أن یضاف الخشیة إلی اللّٰه تعالی. (1)فإن قیل فما معنی قوله تعالی أَمَّا السَّفِینَةُ فَكانَتْ لِمَساكِینَ یَعْمَلُونَ فِی الْبَحْرِ و السفینة البحریة تساوی المال الجزیل و كیف (2)یسمی مالكها بأنه مسكین و المسكین عند قوم شر من الفقیر و كیف قال وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ یَأْخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ غَصْباً و من كان وراءهم قد سلموا من شره و نجوا من مكروهه و إنما الحذر مما یستقبل.
قلنا أما قوله لِمَساكِینَ ففیه غیر وجه (3)منها أنه لم یعن بوصفهم بالمسكنة الفقر و إنما أراد عدم الناصر و انقطاع الحیلة كما یقال لمن له عدو یظلمه و یتهضمه (4)إنه مسكین و مستضعف و إن كان كثیر المال واسع الحال و یجری هذا المجری
مَا رُوِیَ عَنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْلِهِ مِسْكِینٌ مِسْكِینٌ رَجُلٌ لَا زَوْجَةَ لَهُ.
و إنما أراد وصفه بالعجز و قلة الحیلة و إن كان ذا مال واسع.
و وجه آخر و هو أن السفینة للبحری الذی لا یتعیش إلا بها (5)و لا یقدر علی التكسب إلا من جهتها كالدار التی یسكنها الفقیر هو و عیاله و لا یجد سواها فهو مضطر إلیها و منقطع الحیلة إلا منها و إذا انضاف إلی ذلك أن یشاركه جماعة فی السفینة حتی یكون له فیها (6)الجزء الیسیر كان أسوأ حالا و أظهر فقرا.
و وجه آخر أن لفظة المساكین قد قرئت بتشدید السین (7)و إذا صحت هذه الروایة فالمراد بها البخلاء و قد سقط السؤال.
فأما قوله تعالی وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ فهذه اللفظة یعبر بها عن الأمام و الخلف معا
ص: 318
فهی هاهنا بمعنی الأمام و یشهد بذلك قوله تعالی مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ (1)یعنی من قدامه و بین یدیه و قال الشاعر:س
لیس علی طول الحیاة ندم***و من وراء المرء ما یعلم
(2)و لا شبهة فی أن المراد بجمیع ذلك القدام و قال بعض أهل العربیة إنما صلح أن یعبر بالوراء عن الأمام إذا كان الشی ء المخبر عنه بالوراء یعلم أنه لا بد من بلوغه ثم سبقه و تخلیفه. (3)و وجه آخر أنه یجوز أن یرید أن ملكا ظالما كان خلفهم و فی طریقهم عند رجوعهم علی وجه لا انفكاك لهم منه و لا طریق لهم غیر المرور به فخرق السفینة حتی لا یأخذها إذا عادوا علیه و یمكن أن یكون وراءهم علی وجه الاتباع و الطلب و اللّٰه أعلم بمراده (4).
«53»-مهج، مهج الدعوات رُوِیَ أَنَّ الْخَضِرِ وَ إِلْیَاسَ یَجْتَمِعَانِ فِی كُلِّ مَوْسِمٍ فَیَفْتَرِقَانِ عَنْ هَذَا الدُّعَاءِ وَ هُوَ بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ كُلُّ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ الْخَیْرُ كُلُّهُ بِیَدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا یَصْرِفُ السُّوءَ إِلَّا اللَّهُ (5).
«54»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا مُوسَی إِنَّ أَصْلَحَ یَوْمَیْكَ (6)الَّذِی هُوَ أَمَامَكَ
ص: 319
فَانْظُرْ أَیُّ یَوْمٍ هُوَ وَ أَعِدَّ لَهُ الْجَوَابَ فَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ وَ مَسْئُولٌ وَ خُذْ مَوْعِظَتَكَ مِنَ الدَّهْرِ فَإِنَّ الدَّهْرَ طَوِیلٌ قَصِیرٌ فَاعْمَلْ كَأَنَّكَ تَرَی ثَوَابَ عَمَلِكَ لِیَكُونَ أَطْمَعَ لَكَ فِی الْأَجْرِ فَإِنَّ مَا هُوَ آتٍ مِنَ الدُّنْیَا كَمَا قَدْ وَلَّی مِنْهَا (1).
بیان: طویل أی دهر الموعظة (2)و هو ما مضی من الدهور أو العمر من جهة الموعظة قصیر أی دهر العمل أو من جهته و قوله فإن ما هو آت لعله تعلیل لرؤیة ثواب العمل و تعجیل حلول أوانه. (3)
أقول: سیأتی فی أبواب وفاة الرسول و وفاة أمیر المؤمنین صلی اللّٰه علیهما مجی ء الخضر لتعزیة أهل البیت علیه السلام و فی أبواب أحوال أمیر المؤمنین علیه السلام أیضا مجیئه إلیه علیه السلام.
و أقول
وجدت فی كتاب مزار لبعض قدماء أصحابنا أنه روی عن علی بن إبراهیم عن أبیه قال حججت إلی بیت اللّٰه الحرام فوردنا عند نزولنا الكوفة فدخلنا مسجد السهلة فإذا نحن بشخص راكع ساجد فلما فرغ دعا بهذا الدعاء أنت اللّٰه لا إله إلا أنت إلی آخر الدعاء ثم نهض إلی زاویة المسجد فوقف هناك و صلی ركعتین و نحن معه فلما انفتل من الصلاة سبح ثم دعا فقال اللّٰهم إلی آخر الدعاء ثم نهض فسألناه عن المكان فقال إن هذا الموضع بیت إبراهیم الخلیل الذی كان یخرج منه إلی العمالقة ثم مضی إلی الزاویة الغربیة فصلی ركعتین ثم رفع یدیه و قال اللّٰهم إلی آخر الدعاء ثم قام و مضی إلی الزاویة الشرقیة فصلی ركعتین ثم بسط كفیه و قال اللّٰهم إلی
ص: 320
آخر الدعاء و عفر خدیه علی الأرض و قام فخرج فسألناه بم یعرف هذا المكان فقال إنه مقام الصالحین و الأنبیاء و المرسلین قال فاتبعناه و إذا به قد دخل إلی مسجد صغیر بین یدی السهلة فصلی فیه ركعتین بسكینة و وقار كما صلی أول مرة ثم بسط كفیه و قال إلهی إلی آخر الدعاء ثم بكی و عفر خدیه و قال ارحم من أساء و اقترف و استكان (1)و اعترف ثم قلب خده الأیسر و دعا ثم خرج فاتبعته و قلت له یا سیدی بم یعرف هذا المسجد فقال إنه مسجد زید بن صوحان صاحب علی بن أبی طالب علیه السلام ثم غاب عنا و لم نره فقال لی صاحبی إنه الخضر علیه السلام (2)
«55»- وَ رَوَی الدَّیْلَمِیُّ فِی كِتَابِ أَعْلَامِ الدِّینِ عَنْ أَبِی أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ ذَاتَ یَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ أَ لَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِ الْخَضِرِ قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بَیْنَا هُوَ یَمْشِی فِی سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ بَنِی إِسْرَائِیلَ إِذْ بَصُرَ بِهِ مِسْكِینٌ فَقَالَ تَصَدَّقْ عَلَیَّ بَارَكَ اللَّهُ فِیكَ قَالَ الْخَضِرُ آمَنْتُ بِاللَّهِ مَا یَقْضِی اللَّهُ یَكُونُ مَا عِنْدِی مِنْ شَیْ ءٍ أُعْطِیكَهُ قَالَ الْمِسْكِینُ بِوَجْهِ اللَّهِ لَمَّا تَصَدَّقْتَ عَلَیَّ إِنِّی رَأَیْتُ الْخَیْرَ فِی وَجْهِكَ وَ رَجَوْتُ الْخَیْرَ عِنْدَكَ قَالَ الْخَضِرُ آمَنْتُ بِاللَّهِ إِنَّكَ سَأَلْتَنِی بِأَمْرٍ عَظِیمٍ مَا عِنْدِی مِنْ شَیْ ءٍ أُعْطِیكَهُ إِلَّا أَنْ تَأْخُذَنِی فَتَبِیعَنِی قَالَ الْمِسْكِینُ وَ هَلْ یَسْتَقِیمُ هَذَا قَالَ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ سَأَلْتَنِی بِأَمْرٍ عَظِیمٍ سَأَلْتَنِی بِوَجْهِ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ أَمَا إِنِّی لَا أُخَیِّبُكَ فِی مَسْأَلَتِی بِوَجْهِ رَبِّی فَبِعْنِی فَقَدَّمَهُ إِلَی السُّوقِ فَبَاعَهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَمَكَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِی زَمَاناً لَا یَسْتَعْمِلُهُ فِی شَیْ ءٍ فَقَالَ الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا ابْتَعْتَنِی الْتِمَاسَ خِدْمَتِی فَمُرْنِی بِعَمَلٍ قَالَ إِنِّی أَكْرَهُ أَنْ أَشُقَّ عَلَیْكَ إِنَّكَ شَیْخٌ كَبِیرٌ قَالَ لَسْتَ تَشُقُّ عَلَیَّ قَالَ فَقُمْ فَانْقُلْ هَذِهِ الْحِجَارَةَ قَالَ وَ كَانَ لَا یَنْقُلُهَا دُونَ سِتَّةِ نَفَرٍ فِی یَوْمٍ فَقَامَ فَنَقَلَ الْحِجَارَةَ فِی سَاعَتِهِ فَقَالَ لَهُ أَحْسَنْتَ وَ أَجْمَلْتَ وَ أَطَقْتَ مَا لَمْ یُطِقْهُ أَحَدٌ قَالَ ثُمَّ عَرَضَ لِلرَّجُلِ سَفَرٌ فَقَالَ إِنِّی أَحْسَبُكَ أَمِیناً فَاخْلُفْنِی فِی أَهْلِی خِلَافَةً حَسَنَةً وَ إِنِّی أَكْرَهُ أَنْ أَشُقَّ عَلَیْكَ قَالَ لَسْتَ تَشُقُّ عَلَیَّ قَالَ فَاضْرِبْ مِنَ اللَّبِنِ شَیْئاً حَتَّی أَرْجِعَ إِلَیْكَ قَالَ فَخَرَجَ الرَّجُلُ لِسَفَرِهِ وَ رَجَعَ وَ قَدْ شَیَّدَ بِنَاءَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ أَسْأَلُكَ
ص: 321
بِوَجْهِ اللَّهِ مَا حَسَبُكَ وَ مَا أَمْرُكَ قَالَ إِنَّكَ سَأَلْتَنِی بِأَمْرٍ عَظِیمٍ بِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْقَعَنِی فِی الْعُبُودِیَّةِ وَ سَأُخْبِرُكَ مَنْ أَنَا أَنَا الْخَضِرُ الَّذِی سَمِعْتَ بِهِ سَأَلَنِی مِسْكِینٌ صَدَقَةً وَ لَمْ یَكُنْ عِنْدِی شَیْ ءٌ أُعْطِیهِ فَسَأَلَنِی بِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَمْكَنْتُهُ مِنْ رَقَبَتِی فَبَاعَنِی فَأُخْبِرُكَ أَنَّهُ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَدَّ سَائِلَهُ وَ هُوَ قَادِرٌ عَلَی ذَلِكَ وَقَفَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَیْسَ لِوَجْهِهِ جِلْدٌ وَ لَا لَحْمٌ وَ لَا دَمٌ إِلَّا عَظْمٌ یَتَقَعْقَعُ (1)قَالَ الرَّجُلُ شَقَقْتُ عَلَیْكَ وَ لَمْ أَعْرِفْكَ قَالَ لَا بَأْسَ أَبْقَیْتَ (2)وَ أَحْسَنْتَ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی احْكُمْ فِی أَهْلِی وَ مَالِی بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْ أُخَیِّرُكَ فَأُخَلِّی سَبِیلَكَ قَالَ أَحَبُّ إِلَیَّ أَنْ تُخَلِّیَ سَبِیلِی فَأَعْبُدَ اللَّهَ عَلَی سَبِیلِهِ فَقَالَ الْخَضِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَوْقَعَنِی فِی الْعُبُودِیَّةِ فَأَنْجَانِی مِنْهَا (3).
ص: 322
الآیات؛
النساء: «فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ طَیِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ كَثِیراً* وَ أَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَ قَدْ نُهُوا عَنْهُ وَ أَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِینَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِیماً»(160-161)
الأنعام: «وَ عَلَی الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِی ظُفُرٍ وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوایا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِبَغْیِهِمْ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ»(146) (و قال تعالی): «ثُمَّ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ تَماماً عَلَی الَّذِی أَحْسَنَ وَ تَفْصِیلًا لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ هُدیً وَ رَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ یُؤْمِنُونَ»(154)
النحل: «وَ عَلَی الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَیْكَ مِنْ قَبْلُ وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ»(118)
الإسراء: «وَ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ وَ جَعَلْناهُ هُدیً لِبَنِی إِسْرائِیلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِی وَكِیلًا»(2)
القصص: «وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِیِّ إِذْ قَضَیْنا إِلی مُوسَی الْأَمْرَ وَ ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِینَ»(44) (و قال تعالی): «وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَیْنا وَ لكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِیرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُونَ»(46)
تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِینَ هادُوا أی بما ظلم الیهود أنفسهم بارتكاب المعاصی التی تقدم ذكرها و قوله حَرَّمْنا عمل فی الباء أی لما فعلوا ما فعلوا اقتضت المصلحة تحریم هذه الأشیاء علیهم و قیل حرم هذه الطیبات علی الظالمین منهم
ص: 323
عقوبة علی فعلهم (1)و هی ما بین فی قوله سبحانه وَ عَلَی الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِی ظُفُرٍ الآیة. (2)كُلَّ ذِی ظُفُرٍ قیل هو كل ما لیس بمنفرج الأصابع كالإبل و النعام و الإوز و البط عن ابن عباس و غیره و قیل هو الإبل فقط و قیل یدخل فیه كل السباع و الكلاب و السنانیر و ما یصطاد بظفره و قیل كل ذی مخلب من الطیر و كل ذی حافر من الدواب وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ أخبر سبحانه أنه كان حرم علیهم شحوم البقر و الغنم من الثرب (3)و شحم الكلی و غیر ذلك مما فی أجوافها و استثنی من ذلك فقال إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أی من الشحم و هو اللحم السمین فإنه لم یحرم علیهم أَوِ الْحَوایا أی ما حملته الحوایا من الشحم و الحوایا هی المباعر و قیل هی بنات اللبن و قیل الأمعاء التی علیها الشحوم أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ و هو شحم الجنب و الألیة لأنه علی العصعص (4)و قیل الألیة لم تدخل فی ذلك ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِبَغْیِهِمْ أی حرمنا ذلك علیهم عقوبة لهم بقتلهم الأنبیاء و أخذهم الربا و استحلالهم أموال الناس. (5)تَماماً عَلَی الَّذِی أَحْسَنَ أی تماما علی إحسان موسی أی لیكمل إحسانه الذی یستحق به كمال ثوابه فی الآخرة أو تماما علی المحسنین أو تماما علی إحسان اللّٰه إلی أنبیائه و قیل أی تماما علی الذی أحسن اللّٰه سبحانه إلی موسی بالنبوة و غیرها من الكرامة و قیل تماما للنعمة علی إبراهیم و لجزائه علی إحسانه فی طاعة ربه و ذلك من لسان الصدق الذی سأل اللّٰه سبحانه أن یجعله له وَ تَفْصِیلًا لِكُلِّ شَیْ ءٍ مما یحتاج إلیه الخلق وَ هُدیً أی و دلالة علی الحق و الدین یهتدی بها فی التوحید (6)و العدل و الشرائع وَ رَحْمَةً أی
ص: 324
نعمة علی سائر المكلفین بِلِقاءِ رَبِّهِمْ أی بجزائه. (1)ما قَصَصْنا عَلَیْكَ أی فی سورة الأنعام. (2)أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِی وَكِیلًا أی أمرناهم أن لا تتخذوا من دونی معتمدا علیه ترجعون إلیه فی النوائب أو ربا تتوكلون علیه. (3)وَ ما كُنْتَ یا محمد بِجانِبِ الْغَرْبِیِّ أی حاضرا بجانب الجبل الغربی أی فی الجانب الغربی من الجبل الذی كلم اللّٰه فیه موسی و قیل بجانب الوادی الغربی إِذْ قَضَیْنا إِلی مُوسَی الْأَمْرَ أی عهدنا إلیه و أحكمنا الأمر معه بالرسالة إلی فرعون و قومه و قیل أی أخبرناه بأمرنا و نهینا و قیل أراد كلامه معه فی وصف نبینا صلی اللّٰه علیه و آله و نبوته وَ ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِینَ أی الحاضرین لذلك الأمر و بذلك المكان فتخبر قومك به عن مشاهدة و عیان و لكنا أخبرناك به لیكون معجزة لك وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَیْنا أی و لم تكن حاضرا بناحیة الجبل الذی كلمنا علیه موسی و نادیناه یا موسی خذ الكتاب بقوة و قیل أراد بذلك المرة الثانیة التی كلم اللّٰه فیها موسی حین اختار من قومه سبعین رجلا لیسمعوا كلام اللّٰه وَ لكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أی و لكن اللّٰه أعلمك ذلك و عرفك إیاه نعمة من ربك أنعم بها علیك و هو أن بعثك نبیا و اختارك لإیتاء العلم بذلك معجزة لك. (4).
«1»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ مَنْ زَرَعَ حِنْطَةً فِی أَرْضٍ فَلَمْ تُزَكِّ أَرْضَهُ وَ زَرْعَهُ وَ خَرَجَ زَرْعُهُ كَثِیرَ الشَّعِیرِ فَبِظُلْمٍ عَمِلَهُ فِی مِلْكِ رَقَبَةِ الْأَرْضِ أَوْ بِظُلْمٍ لِمُزَارِعِهِ وَ أَكَرَتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِینَ هادُوا
ص: 325
حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ طَیِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ كَثِیراً یَعْنِی لُحُومَ الْإِبِلِ وَ شُحُومَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ هَكَذَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ فَاقْرَءُوهَا هَكَذَا وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیُحِلَّ شَیْئاً فِی كِتَابِهِ ثُمَّ یُحَرِّمَهُ بَعْدَ مَا أَحَلَّهُ وَ لَا یُحَرِّمَ شَیْئاً ثُمَّ یُحِلَّهُ بَعْدَ مَا حَرَّمَهُ قُلْتُ وَ كَذَلِكَ أَیْضاً قَوْلُهُ وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ شُحُومَهُما قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَقَوْلُهُ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِیلُ عَلی نَفْسِهِ قَالَ إِنَّ إِسْرَائِیلَ كَانَ إِذَا أَكَلَ مِنْ لَحْمِ الْإِبِلِ هَیَّجَ عَلَیْهِ وَجَعَ الْخَاصِرَةِ فَحَرَّمَ عَلَی نَفْسِهِ لَحْمَ الْإِبِلِ وَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ فَلَمَّا نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ لَمْ یُحَرِّمْهُ وَ لَمْ یَأْكُلْهُ (1).
بیان: لعله علیه السلام قرأ حرمنا بالتخفیف أی جعلناهم محرومین و تعدیته بعلی لتضمین معنی السخط أو نحوه و استدل علیه السلام علی ذلك بأن ظلم الیهود كان بعد موسی علیه السلام و لم ینسخ شریعته إلا بشریعة عیسی و الیهود لم یؤمنوا به فلا بد من أن یكون حرمنا بالتخفیف أی سلبنا عنهم التوفیق حتی ابتدعوا فی دین اللّٰه و حرموا علی أنفسهم الطیبات التی كانت حلالا علیهم افتراء علی اللّٰه و لم أر تلك القراءة فی الشواذ أیضا.
قوله علیه السلام و لم یأكله أی موسی للنزاهة أو لاشتراك العلة و یمكن أن یقرأ یؤكله علی بناء التفعیل بأن یكون الضمیران راجعین إلی اللّٰه تعالی أو بالتاء بإرجاعهما إلی التوراة و بالیاء یحتمل ذلك أیضا و علی التاء یمكن أن یقرأ الثانی بالتخفیف بإرجاعهما إلی بنی إسرائیل.
«2»-فس، تفسیر القمی تَماماً عَلَی الَّذِی أَحْسَنَ یَعْنِی تَمَّ لَهُ الْكِتَابُ لِمَا أَحْسَنَ (2)
«3»-فس، تفسیر القمی وَ عَلَی الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِی ظُفُرٍ یَعْنِی الْیَهُودَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ لُحُومَ الطَّیْرِ وَ حَرَّمَ عَلَیْهِمُ الشُّحُومَ وَ كَانُوا یُحِبُّونَها إِلَّا مَا كَانَ عَلَی ظُهُورِ الْغَنَمِ أَوْ فِی جَانِبِهِ خَارِجاً مِنَ الْبَطْنِ وَ هُوَ قَوْلُهُ حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوایا یَعْنِی فِی الْجَنِینِ أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِبَغْیِهِمْ أَیْ كَانَ (3)مُلُوكُ بَنِی إِسْرَائِیلَ
ص: 326
یَمْنَعُونَ فُقَرَاءَهُمْ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الطَّیْرِ وَ الشُّحُومِ فَحَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ بِبَغْیِهِمْ عَلَی فُقَرَائِهِمْ (1).
بیان: قال البیضاوی أَوِ الْحَوایا أو ما اشتمل علی الأمعاء أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ هو شحم الألیة لاتصالها بالعصعص انتهی. (2)قوله (3)یعنی فی الجنین هذا مخالف للمشهور لكن لا یبعد عن أصل المعنی اللغوی قال الزجاج واحدها حاویة و حاویا و حویة و هی ما تحوی فی البطن فاجتمع و استدار فالمراد استثناء الشحم المحیط بالجنین أو الذی فی بطن الجنین و فی بعض النسخ فی الجنبین و هو أبعد من المعنی اللغوی مما مر و إن ناسب سابقه فی الجملة.
«4»-لی، الأمالی للصدوق الدَّقَّاقُ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیِّ عَلَیْهِ السَّلَامُ (4)قَالَ: لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ مُوسَی إِلَهِی مَا جَزَاءُ مَنْ شَهِدَ أَنِّی رَسُولُكَ وَ نَبِیُّكَ وَ أَنَّكَ كَلَّمْتَنِی قَالَ یَا مُوسَی تَأْتِیهِ مَلَائِكَتِی فَتُبَشِّرُهُ بِجَنَّتِی قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ قَامَ بَیْنَ یَدَیْكَ یُصَلِّی قَالَ یَا مُوسَی أُبَاهِی بِهِ مَلَائِكَتِی رَاكِعاً وَ سَاجِداً وَ قَائِماً وَ قَاعِداً وَ مَنْ بَاهَیْتُ بِهِ مَلَائِكَتِی لَمْ أُعَذِّبْهُ قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَطْعَمَ مِسْكِیناً ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ قَالَ یَا مُوسَی آمُرُ مُنَادِیاً یُنَادِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلَی رُءُوسِ الْخَلَائِقِ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مِنْ عُتَقَاءِ اللَّهِ مِنَ النَّارِ قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ قَالَ یَا مُوسَی أُنْسِی لَهُ أَجَلَهُ وَ أُهَوِّنُ عَلَیْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ یُنَادِیهِ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ هَلُمَّ إِلَیْنَا فَادْخُلْ مِنْ أَیِّ أَبْوَابِهَا شِئْتَ قَالَ مُوسَی إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ كَفَّ أَذَاهُ عَنِ النَّاسِ وَ بَذَلَ مَعْرُوفَهُ لَهُمْ قَالَ یَا مُوسَی یُنَادِیهِ النَّارُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَا سَبِیلَ لِی عَلَیْكَ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ ذَكَرَكَ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ قَالَ یَا مُوسَی أُظِلُّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِظِلِّ عَرْشِی وَ أَجْعَلُهُ فِی كَنَفِی قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَلَا حِكْمَتَكَ سِرّاً وَ جَهْراً قَالَ یَا مُوسَی یَمُرُّ عَلَی الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَبَرَ عَلَی أَذَی النَّاسِ
ص: 327
وَ شَتْمِهِمْ فِیكَ قَالَ أُعِینُهُ عَلَی أَهْوَالِ یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ مِنْ خَشْیَتِكَ قَالَ یَا مُوسَی أَقِی وَجْهَهُ مِنْ حَرِّ النَّارِ وَ أُومِنُهُ یَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْخِیَانَةَ حَیَاءً مِنْكَ قَالَ یَا مُوسَی لَهُ الْأَمَانُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَحَبَّ أَهْلَ طَاعَتِكَ قَالَ یَا مُوسَی أُحَرِّمُهُ عَلَی نَارِی قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً قَالَ لَا أَنْظُرُ إِلَیْهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَا أُقِیلُ عَثْرَتَهُ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَعَا نَفْساً كَافِرَةً إِلَی الْإِسْلَامِ قَالَ یَا مُوسَی آذَنُ لَهُ فِی الشَّفَاعَةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لِمَنْ یُرِیدُ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَلَّی الصَّلَوَاتِ لِوَقْتِهَا قَالَ أُعْطِیهِ سُؤْلَهُ وَ أُبِیحُهُ جَنَّتِی قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ مِنْ خَشْیَتِكَ قَالَ أَبْعَثُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَهُ نُورٌ بَیْنَ عَیْنَیْهِ یَتَلَأْلَأُ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ لَكَ مُحْتَسِباً قَالَ یَا مُوسَی أُقِیمُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَقَاماً لَا یَخَافُ فِیهِ قَالَ إِلَهِی فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ یُرِیدُ بِهِ النَّاسَ قَالَ یَا مُوسَی ثَوَابُهُ كَثَوَابِ مَنْ لَمْ یَصُمْهُ (1).
«5»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ حَبِیبٍ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوباً یَا مُوسَی إِنِّی خَلَقْتُكَ وَ اصْطَنَعْتُكَ (2)وَ قَوَّیْتُكَ وَ أَمَرْتُكَ بِطَاعَتِی وَ نَهَیْتُكَ عَنْ مَعْصِیَتِی فَإِنْ أَطَعْتَنِی أَعَنْتُكَ عَلَی طَاعَتِی وَ إِنْ عَصَیْتَنِی لَمْ أُعِنْكَ عَلَی مَعْصِیَتِی یَا مُوسَی وَ لِیَ الْمِنَّةُ عَلَیْكَ فِی طَاعَتِكَ لِی وَ لِیَ الْحُجَّةُ عَلَیْكَ فِی مَعْصِیَتِكَ لِی (3).
«6»-لی، الأمالی للصدوق حَمْزَةُ الْعَلَوِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ حَبِیبٍ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا مُوسَی خَفْنِی فِی سِرِّ أَمْرِكَ أَحْفَظْكَ مِنْ وَرَاءِ عَوْرَتِكَ وَ اذْكُرْنِی فِی خَلَوَاتِكَ وَ عِنْدَ سُرُورِ لَذَّاتِكَ أَذْكُرْكَ عِنْدَ غَفَلَاتِكَ وَ امْلِكْ غَضَبَكَ عَمَّنْ مَلَّكْتُكَ
ص: 328
عَلَیْهِ أَكُفَّ عَنْكَ غَضَبِی وَ اكْتُمْ مَكْنُونَ سِرِّی فِی سَرِیرَتِكَ وَ أَظْهِرْ فِی عَلَانِیَتِكَ الْمُدَارَاةَ عَنِّی لِعَدُوِّی وَ عَدُوِّكَ مِنْ خَلْقِی وَ لَا تَسْتَسِبَّ (1)لِی عِنْدَهُمْ بِإِظْهَارِكَ مَكْنُونَ سِرِّی فَتَشْرَكَ عَدُوَّكَ وَ عَدُوِّی فِی سَبِّی (2).
جا، المجالس للمفید أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ مِثْلَهُ (3).
قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ إِلَی قَوْلِهِ مِنْ خَلْقِی یَا مُوسَی إِنِّی خَلَقْتُكَ وَ اصْطَفَیْتُكَ وَ قَوَّیْتُكَ وَ أَمَرْتُكَ بِطَاعَتِی وَ نَهَیْتُكَ عَنْ مَعْصِیَتِی فَإِنْ أَنْتَ أَطَعْتَنِی أَعَنْتُكَ عَلَی طَاعَتِی وَ إِنْ أَنْتَ عَصَیْتَنِی لَمْ أُعِنْكَ عَلَی مَعْصِیَتِی وَ لِی عَلَیْكَ الْمِنَّةُ فِی طَاعَتِكَ وَ لِی عَلَیْكَ الْحُجَّةُ فِی مَعْصِیَتِكَ إِیَّایَ وَ قَالَ قَالَ مُوسَی یَا رَبِّ مَنْ یَسْكُنُ حَظِیرَةَ الْقُدْسِ قَالَ الَّذِینَ لَمْ تَرَ أَعْیُنُهُمُ الزِّنَا وَ لَمْ یُخَالِطْ أَمْوَالَهُمُ الرِّبَا وَ لَمْ یَأْخُذُوا فِی حُكْمِهِمُ الرِّشَا وَ قَدْ قَالَ یَا مُوسَی لَا تَسْتَذِلَّ الْفَقِیرَ وَ لَا تَغْبِطِ الْغَنِیَّ بِالشَّیْ ءِ الْیَسِیرِ (4).
بیان: قوله تعالی أحفظك من وراء عورتك العورة العیب و كل ما یستحیا منه أی أحفظك عن أن یصل الناس إلی عورتك و یطلعوا علیها أو من أن تصل إلیك العورات أو بعد أن تكون متصفا بها أحفظك عن عقابها و أمثالها و الأول أظهر قوله عند غفلاتك أی بالحفظ عن المعاصی أو بالمغفرة بعد صدورها قوله تعالی و لا تستسب أی لا تظهر عندهم أسراری فیسبونی و تكون أنت سببا لذلك.
«7»-لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ سَمِعْتُ مَوْلَایَ الصَّادِقَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ كَانَ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ قَالَ لَهُ یَا ابْنَ عِمْرَانَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّنِی فَإِذَا جَنَّهُ اللَّیْلُ نَامَ عَنِّی أَ لَیْسَ كُلُّ مُحِبٍّ یُحِبُّ خَلْوَةَ حَبِیبِهِ هَا أَنَا ذَا یَا ابْنَ عِمْرَانَ مُطَّلِعٌ عَلَی أَحِبَّائِی إِذَا جَنَّهُمُ اللَّیْلُ حَوَّلْتُ
ص: 329
أَبْصَارَهُمْ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَ مَثَّلْتُ عُقُوبَتِی بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ یُخَاطِبُونِّی عَنِ الْمُشَاهَدَةِ وَ یُكَلِّمُونِّی عَنِ الْحُضُورِ یَا ابْنَ عِمْرَانَ هَبْ لِی مِنْ قَلْبِكَ الْخُشُوعَ وَ مِنْ بَدَنِكَ الْخُضُوعَ وَ مِنْ عَیْنَیْكَ الدُّمُوعَ (1)فِی ظُلَمِ اللَّیْلِ وَ ادْعُنِی فَإِنَّكَ تَجِدُنِی قَرِیباً مُجِیباً (2).
إیضاح: حولت أبصارهم من قلوبهم أی جعلت قلوبهم مشغولة بذكری بحیث لا تشتغل بما رأته الأبصار أو لا تنظر أبصارهم إلی ما تشتهیه قلوبهم و یحتمل أن یكون من قلوبهم صفة أو حالا لقوله أبصارهم أی حولت أبصار قلوبهم عن النظر إلی غیری و یؤیده الفقرة الثانیة (3).
«8»-ید، التوحید لی، الأمالی للصدوق ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا صَعِدَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِلَی الطُّورِ فَنَاجَی رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ یَا رَبِّ أَرِنِی خَزَائِنَكَ قَالَ یَا مُوسَی إِنَّمَا خَزَائِنِی إِذَا أَرَدْتُ شَیْئاً أَنْ أَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ (4).
مع، معانی الأخبار أبی و ابن الولید عن سعد عن ابن عیسی عن ابن محبوب مثله (5).
«9»-لی، الأمالی للصدوق مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْخَزَّازِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: قَالَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا رَبِّ أَوْصِنِی قَالَ أُوصِیكَ بِی فَقَالَ یَا رَبِّ أَوْصِنِی قَالَ أُوصِیكَ بِی ثَلَاثاً فَقَالَ یَا رَبِّ أَوْصِنِی قَالَ أُوصِیكَ بِأُمِّكَ قَالَ یَا رَبِّ أَوْصِنِی قَالَ أُوصِیكَ بِأُمِّكَ قَالَ أَوْصِنِی قَالَ أُوصِیكَ بِأَبِیكَ قَالَ فَكَانَ یُقَالُ لِأَجْلِ
ص: 330
ذَلِكَ إِنَّ لِلْأُمِّ ثلثا (ثُلُثَیِ) الْبِرِّ (1)وَ لِلْأَبِ الثُّلُثَ (2).
«10»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْخَیَّاطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِیمَا أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا مُوسَی كُنْ خَلَقَ الثَّوْبِ نَقِیَّ الْقَلْبِ حِلْسَ الْبَیْتِ مِصْبَاحَ اللَّیْلِ تُعْرَفُ فِی أَهْلِ السَّمَاءِ وَ تُخْفَی عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ یَا مُوسَی إِیَّاكَ وَ اللَّجَاجَةَ وَ لَا تَكُنْ مِنَ الْمَشَّاءِینَ فِی غَیْرِ حَاجَةٍ وَ لَا تَضْحَكْ مِنْ غَیْرِ عَجَبٍ وَ ابْكِ عَلَی خَطِیئَتِكَ یَا ابْنَ عِمْرَانَ (3).
توضیح (4)قال الفیروزآبادی الحلس بالكسر كساء علی ظهر البعیر تحت البرذعة (5)و یبسط فی البیت تحت حر (6)الثیاب و هو حلس بیته إذا لم یبرح مكانه (7).
«11»-لی، الأمالی للصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْیَهُودِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سَاقَ الْحَدِیثَ الطَّوِیلَ (8)إِلَی أَنْ قَالَ قَالَ الْیَهُودِیُّ فَأَخْبِرْنِی عَنْ خَمْسَةِ أَشْیَاءَ مَكْتُوبَاتٍ فِی التَّوْرَاةِ وَ سَاقَهُ إِلَی أَنْ قَالَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلُ مَا فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ هِیَ بِالْعِبْرَانِیَّةِ طاب (9)ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ الْآیَةَ
ص: 331
یَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِی التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ یَأْتِی مِنْ بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ وَ فِی السَّطْرِ الثَّانِی اسْمُ وَصِیِّی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ فِی الثَّالِثِ وَ الرَّابِعِ سِبْطَیَّ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ فِی السَّطْرِ الْخَامِسِ أُمُّهُمَا فَاطِمَةُ سَیِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَ فِی التَّوْرَاةِ اسْمُ وَصِیِّی إِلْیَا وَ اسْمُ السِّبْطَیْنِ شَبَّرُ وَ شَبِیرٌ وَ هُمَا نُورَا فَاطِمَةَ قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ (1).
«12»-یه، من لا یحضره الفقیه بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: اسْمُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی تَوْرَاةِ مُوسَی الْحَادُّ وَ تَأْوِیلُهُ یُحَادُّ مَنْ حَادَّ اللَّهُ دِینَهُ قَرِیباً كَانَ أَمْ بَعِیداً.
«13»-ف، تحف العقول مُنَاجَاةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا مُوسَی لَا تُطِلْ فِی الدُّنْیَا أَمَلَكَ فَیَقْسُوَ قَلْبُكَ وَ قَاسِی الْقَلْبِ مِنِّی بَعِیدٌ أَمِتْ قَلْبَكَ بِالْخَشْیَةِ وَ كُنْ خَلَقَ الثِّیَابِ جَدِیدَ الْقَلْبِ تُخْفَی عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ وَ تُعْرَفُ بَیْنَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَ صِحْ إِلَیَّ مِنْ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ صِیَاحَ الْهَارِبِ مِنْ عَدُوِّهِ وَ اسْتَعِنْ بِی عَلَی ذَلِكَ فَإِنِّی نِعْمَ الْمُسْتَعَانُ یَا مُوسَی إِنِّی أَنَا اللَّهُ فَوْقَ الْعِبَادِ وَ الْعِبَادُ دُونِی وَ كُلٌّ لِی دَاخِرُونَ فَاتَّهِمْ نَفْسَكَ عَلَی نَفْسِكَ وَ لَا تَأْمَنْ (2)وَلَدَكَ عَلَی دِینِكَ إِلَّا أَنْ یَكُونَ وَلَدُكَ مِثْلَكَ یُحِبُّ الصَّالِحِینَ یَا مُوسَی اغْسِلْ وَ اغْتَسِلْ وَ اقْتَرِبْ مِنْ عِبَادِیَ الصَّالِحِینَ یَا مُوسَی كُنْ إِمَامَهُمْ فِی صَلَاتِهِمْ وَ فِیمَا یَتَشَاجَرُونَ وَ احْكُمْ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ بِمَا أَنْزَلْتُ عَلَیْكَ فَقَدْ أَنْزَلْتُهُ حُكْماً بَیِّناً وَ بُرْهَاناً نَیِّراً وَ نُوراً یَنْطِقُ بِمَا فِی الْأَوَّلِینَ وَ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فِی الْآخِرِینَ یَا مُوسَی أُوصِیكَ وَصِیَّةَ الشَّفِیقِ الْمُشْفِقِ بِابْنِ الْبَتُولِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ صَاحِبِ الْأَتَانِ وَ الْبُرْنُسِ وَ الزَّیْتِ وَ الزَّیْتُونِ وَ الْمِحْرَابِ (3)وَ مِنْ بَعْدِهِ بِصَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ الطَّیِّبِ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ فَمَثَلُهُ فِی كِتَابِكَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُهَیْمِنٌ عَلَی الْكُتُبِ (4)وَ أَنَّهُ رَاكِعٌ
ص: 332
سَاجِدٌ رَاغِبٌ رَاهِبٌ إِخْوَانُهُ الْمَسَاكِینُ وَ أَنْصَارُهُ قَوْمٌ آخَرُونَ (1)وَ سَیَكُونُ فِی زَمَانِهِ أَزْلٌ وَ زَلَازِلُ (2)وَ قَتْلٌ اسْمُهُ أَحْمَدُ وَ مُحَمَّدٌ الْأَمِینُ مِنَ الْبَاقِینَ الْأَوَّلِینَ (3)یُؤْمِنُ بِالْكُتُبِ كُلِّهَا وَ یُصَدِّقُ جَمِیعَ الْمُرْسَلِینَ (4)أُمَّتُهُ مَرْحُومَةٌ مُبَارَكَةٌ (5)لَهُمْ سَاعَاتٌ مُوَقَّتَاتٌ یُؤَذِّنُونَ فِیهَا بِالصَّلَوَاتِ فَبِهِ صَدِّقْ فَإِنَّهُ أَخُوكَ (6)یَا مُوسَی إِنَّهُ أَمِینِی (7)وَ هُوَ عَبْدُ صِدْقٍ مُبَارَكٌ لَهُ فِیمَا وَضَعَ یَدَهُ عَلَیْهِ وَ یُبَارَكُ عَلَیْهِ (8)كَذَلِكَ كَانَ فِی عِلْمِی وَ كَذَلِكَ خَلَقْتُهُ بِهِ أَفْتَحُ السَّاعَةَ وَ بِأُمَّتِهِ أَخْتِمُ مَفَاتِیحَ الدُّنْیَا (9)فَمُرْ ظَلَمَةَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنْ لَا یَدْرُسُوا اسْمَهُ وَ لَا یَخْذُلُوهُ وَ إِنَّهُمْ لَفَاعِلُونَ وَ حُبُّهُ لِی حَسَنَةٌ وَ أَنَا مَعَهُ وَ أَنَا مِنْ حِزْبِهِ (10)وَ هُوَ مِنْ حِزْبِی وَ حِزْبِی هُمُ الْغَالِبُونَ یَا مُوسَی أَنْتَ عَبْدِی وَ أَنَا إِلَهُكَ لَا تَسْتَذِلَّ الْحَقِیرَ الْفَقِیرَ وَ لَا تَغْبِطِ الْغَنِیَّ بِشَیْ ءٍ یَسِیرٍ وَ كُنْ عِنْدَ ذِكْرِی خَاشِعاً وَ عِنْدَ تِلَاوَةِ رَحْمَتِی طَامِعاً فَأَسْمِعْنِی لَذَاذَةَ التَّوْرَاةِ بِصَوْتٍ خَاشِعٍ حَزِینٍ اطْمَئِنَّ عِنْدَ ذِكْرِی وَ اعْبُدْنِی وَ لَا تُشْرِكْ بِی إِنِّی أَنَا السَّیِّدُ الْكَبِیرُ إِنِّی خَلَقْتُكَ مِنْ نُطْفَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِینٍ مِنْ طِینَةٍ أَخْرَجْتُهَا مِنْ أَرْضٍ ذَلِیلَةٍ مَمْسُوحَةٍ (11)فَكَانَتْ
ص: 333
بَشَراً فَأَنَا صَانِعُهَا خَلْقاً فَتَبَارَكَ وَجْهِی وَ تَقَدَّسَ صُنْعِی لَیْسَ كَمِثْلِی شَیْ ءٌ وَ أَنَا الْحَیُّ الدَّائِمُ لَا أَزُولُ یَا مُوسَی كُنْ إِذَا دَعَوْتَنِی خَائِفاً مُشْفِقاً وَجِلًا وَ نَاجِنِی حِینَ تُنَاجِینِی بِخَشْیَةٍ مِنْ قَلْبٍ وَجِلٍ وَ أَحْیِ بِتَوْرَاتِی أَیَّامَ الْحَیَاةِ وَ أَعْلِمِ الْجَاهِلِینَ مَحَامِدِی (1)وَ ذَكِّرْهُمْ آلَائِی وَ نِعَمِی وَ قُلْ لَهُمْ لَا یَتَمَادَوْنَ فِی غَیِّ مَا هُمْ فِیهِ فَإِنَّ أَخْذِی أَلِیمٌ شَدِیدٌ (2)یَا مُوسَی إِنِ انْقَطَعَ حَبْلُكَ مِنِّی لَمْ یَتَّصِلْ بِحَبْلِ غَیْرِی فَاعْبُدْنِی وَ قُمْ بَیْنَ یَدَیَّ مَقَامَ الْعَبْدِ الْحَقِیرِ ذُمَّ نَفْسَكَ وَ هِیَ أَوْلَی بِالذَّمِّ وَ لَا تَتَطَاوَلْ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ بِكِتَابِی فَكَفَی بِهَذَا وَاعِظاً لِقَلْبِكَ وَ مُنِیراً وَ هُوَ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِینَ جَلَّ وَ تَعَالَی یَا مُوسَی مَتَی مَا دَعَوْتَنِی وَجَدْتَنِی فَإِنِّی سَأَغْفِرُ لَكَ عَلَی مَا كَانَ مِنْكَ السَّمَاءُ تُسَبِّحُ لِی وَجِلًا وَ الْمَلَائِكَةُ مِنْ مَخَافَتِی مُشْفِقُونَ وَ أَرْضِی (3)تُسَبِّحُ لِی طَمَعاً وَ كُلُّ الْخَلْقِ یُسَبِّحُونَ لِی دَاخِرِینَ ثُمَّ عَلَیْكَ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا مِنِّی بِمَكَانٍ وَ لَهَا عِنْدِی عَهْدٌ وَثِیقٌ وَ أَلْحِقْ بِهَا مَا مِنْهَا (4)زَكَاةَ الْقُرْبَانِ مِنْ طَیِّبِ الْمَالِ وَ الطَّعَامِ فَإِنِّی لَا أَقْبَلُ إِلَّا الطَّیِّبَ یُرَادُ بِهِ وَجْهِی اقْرِنْ مَعَ ذَلِكَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ فَإِنِّی أَنَا اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِیمُ وَ الرَّحِمُ إِنِّی خَلَقْتُهَا فَضْلًا مِنْ رَحْمَتِی لِیَتَعَاطَفَ بِهَا الْعِبَادُ وَ لَهَا عِنْدِی سُلْطَانٌ فِی مَعَادِ الْآخِرَةِ وَ أَنَا قَاطِعٌ مَنْ قَطَعَهَا وَ وَاصِلٌ مَنْ وَصَلَهَا وَ كَذَلِكَ أَفْعَلُ بِمَنْ ضَیَّعَ أَمْرِی یَا مُوسَی أَكْرِمِ السَّائِلَ إِذَا أَتَاكَ بِرَدٍّ جَمِیلٍ أَوْ إِعْطَاءٍ یَسِیرٍ فَإِنَّهُ یَأْتِیكَ مَنْ لَیْسَ بِإِنْسٍ وَ لَا جَانٍّ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَنِ یَبْلُونَكَ كَیْفَ أَنْتَ صَانِعٌ فِیمَا أَوْلَیْتُكَ وَ كَیْفَ مُوَاسَاتُكَ فِیمَا خَوَّلْتُكَ فَاخْشَعْ لِی بِالتَّضَرُّعِ وَ اهْتِفْ بِوَلْوَلَةِ (5)الْكِتَابِ وَ اعْلَمْ أَنِّی أَدْعُوكَ دُعَاءَ السَّیِّدِ مَمْلُوكَهُ لِیَبْلُغَ (6)بِهِ شَرَفَ الْمَنَازِلِ وَ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِی عَلَیْكَ وَ عَلَی آبَائِكَ الْأَوَّلِینَ یَا مُوسَی لَا تَنْسَنِی عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ لَا تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ فَإِنَّ نِسْیَانِی یُقْسِی الْقُلُوبَ
ص: 334
وَ مَعَ كَثْرَةِ الْمَالِ كَثْرَةُ الذُّنُوبِ الْأَرْضُ مُطِیعَةٌ وَ السَّمَاءُ مُطِیعَةٌ وَ الْبِحَارُ مُطِیعَةٌ فَمَنْ عَصَانِی شَقِیَ فَأَنَا الرَّحْمَنُ رَحْمَانُ كُلِّ زَمَانٍ (1)آتِی بِالشِّدَّةِ بَعْدَ الرَّخَاءِ وَ بِالرَّخَاءِ بَعْدَ الشِّدَّةِ وَ بِالْمُلُوكِ بَعْدَ الْمُلُوكِ وَ مُلْكِی قَائِمٌ دَائِمٌ لَا یَزُولُ وَ لَا یَخْفَی عَلَیَّ شَیْ ءٌ فِی الْأَرْضِ وَ لَا فِی السَّمَاءِ وَ كَیْفَ یَخْفَی عَلَیَّ مَا مِنِّی مُبْتَدَؤُهُ وَ كَیْفَ لَا یَكُونُ هَمُّكَ فِیمَا عِنْدِی وَ إِلَیَّ تَرْجِعُ لَا مَحَالَةَ یَا مُوسَی اجْعَلْنِی حِرْزَكَ وَ ضَعْ عِنْدِی كَنْزَكَ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَ خَفْنِی وَ لَا تَخَفْ غَیْرِی إِلَیَّ الْمَصِیرُ یَا مُوسَی عَجِّلِ التَّوْبَةَ وَ أَخِّرِ الذَّنْبَ وَ تَأَنَّ فِی الْمَكْثِ بَیْنَ یَدَیَّ فِی الصَّلَاةِ وَ لَا تَرْجُ غَیْرِی اتَّخِذْنِی جُنَّةً لِلشَّدَائِدِ وَ حِصْناً لِمُلِمَّاتِ الْأُمُورِ (2)یَا مُوسَی نَافِسْ فِی الْخَیْرِ أَهْلَهُ فَإِنَّ الْخَیْرَ كَاسْمِهِ (3)وَ دَعِ الشَّرَّ لِكُلِّ مَفْتُونٍ یَا مُوسَی اجْعَلْ لِسَانَكَ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِكَ تَسْلَمْ وَ أَكْثِرْ ذِكْرِی بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ تَغْنَمْ وَ لَا تَتَّبِعِ الْخَطَایَا فَتَنْدَمَ فَإِنَّ الْخَطَایَا مَوْعِدُهَا النَّارُ یَا مُوسَی أَطِبِ الْكَلَامَ لِأَهْلِ التَّرْكِ لِلذُّنُوبِ وَ كُنْ لَهُمْ جَلِیساً وَ اتَّخِذْهُمْ لِغَیْبِكَ إِخْوَاناً وَ جِدَّ مَعَهُمْ یَجِدُّونَ مَعَكَ (4)یَا مُوسَی مَا أُرِیدَ بِهِ وَجْهِی فَكَثِیرٌ قَلِیلُهُ وَ مَا أُرِیدَ بِهِ غَیْرِی فَقَلِیلٌ كَثِیرُهُ وَ إِنَّ أَصْلَحَ أَیَّامِكَ الَّذِی هُوَ أَمَامَكَ فَانْظُرْ أَیُّ یَوْمٍ هُوَ فَأَعِدَّ لَهُ الْجَوَابَ فَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ وَ مَسْئُولٌ وَ خُذْ مَوْعِظَتَكَ مِنَ الدَّهْرِ وَ أَهْلِهِ فَإِنَّ الدَّهْرَ طَوِیلُهُ قَصِیرٌ وَ قَصِیرُهُ طَوِیلٌ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ فَانٍ فَاعْمَلْ كَأَنَّكَ تَرَی ثَوَابَ عَمَلِكَ لِكَیْ یَكُونَ أَطْمَعَ لَكَ فِی الْآخِرَةِ لَا مَحَالَةَ فَإِنَّ مَا بَقِیَ مِنَ الدُّنْیَا كَمَا وَلَّی مِنْهَا وَ كُلُّ عَامِلٍ یَعْمَلُ عَلَی بَصِیرَةٍ وَ مِثَالٍ (5)فَكُنْ مُرْتَاداً
ص: 335
لِنَفْسِكَ یَا ابْنَ عِمْرَانَ لَعَلَّكَ تَفُوزُ غَداً یَوْمَ السُّؤَالِ وَ هُنَالِكَ یَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ یَا مُوسَی طِبْ نَفْساً عَنِ الدُّنْیَا وَ انْطَوِ عَنْهَا فَإِنَّهَا لَیْسَتْ لَكَ وَ لَسْتَ لَهَا مَا لَكَ وَ لِدَارِ الظَّالِمِینَ إِلَّا لِعَامِلٍ فِیهَا بِخَیْرٍ (1)فَإِنَّهَا لَهُ نِعْمَ الدَّارُ یَا مُوسَی الدُّنْیَا وَ أَهْلُهَا فِتَنٌ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فَكُلٌّ مُزَیَّنٌ (2)لَهُ مَا هُوَ فِیهِ وَ الْمُؤْمِنُ زُیِّنَتْ لَهُ الْآخِرَةُ فَهُوَ یَنْظُرُ إِلَیْهَا مَا یَفْتُرُ قَدْ حَالَتْ شَهْوَتُهَا (3)بَیْنَهُ وَ بَیْنَ لَذَّةِ الْعَیْشِ فَادَّلَجَتْهُ (4)بِالْأَسْحَارِ كَفِعْلِ الرَّاكِبِ السَّابِقِ (5)إِلَی غَایَتِهِ یَظَلُّ كَئِیباً وَ یُمْسِی حَزِیناً فَطُوبَی لَهُ لَوْ قَدْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ذَا یُعَایِنُ مِنَ السُّرُورِ یَا مُوسَی إِذَا رَأَیْتَ الْغِنَی مُقْبِلًا فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ وَ إِذَا رَأَیْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِینَ وَ لَا تَكُنْ جَبَّاراً ظَلُوماً وَ لَا تَكُنْ لِلظَّالِمِینَ قَرِیناً یَا مُوسَی مَا عُمُرٌ وَ إِنْ طَالَ مَا یُذَمُّ آخِرُهُ وَ مَا ضَرَّكَ مَا زُوِیَ عَنْكَ إِذَا حُمِدَتْ مَغَبَّتُهُ (6)یَا مُوسَی صَرَخَ الْكِتَابُ إِلَیْكَ صُرَاخاً (7)بِمَا أَنْتَ إِلَیْهِ صَائِرٌ فَكَیْفَ تَرْقُدُ عَلَی هَذَا الْعُیُونُ أَمْ كَیْفَ یَجِدُ قَوْمٌ لَذَّةَ الْعَیْشِ لَوْ لَا التَّمَادِی فِی الْغَفْلَةِ وَ التَّتَابُعُ فِی الشَّهَوَاتِ وَ مِنْ دُونِ هَذَا جَزِعَ الصِّدِّیقُونَ یَا مُوسَی مُرْ عِبَادِی یَدْعُونِی عَلَی مَا كَانَ بَعْدَ أَنْ یُقِرُّوا بِی أَنِّی أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ أُجِیبُ الْمُضْطَرِّینَ وَ أَكْشِفُ السُّوءَ وَ أُبَدِّلُ الزَّمَانَ وَ آتِی بِالرَّخَاءِ وَ أَشْكُرُ الْیَسِیرَ وَ أُثِیبُ
ص: 336
الْكَثِیرَ (1)وَ أُغْنِی الْفَقِیرَ وَ أَنَا الدَّائِمُ الْعَزِیزُ الْقَدِیرُ فَمَنْ لَجَأَ إِلَیْكَ وَ انْضَوَی إِلَیْكَ (2)مِنَ الْخَاطِئِینَ فَقُلْ أَهْلًا وَ سَهْلًا بِأَرْحَبِ الْفِنَاءِ نَزَلْتَ بِفِنَاءِ رَبِّ الْعَالَمِینَ (3)وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ كُنْ كَأَحَدِهِمْ وَ لَا تَسْتَطِلْ عَلَیْهِمْ بِمَا أَنَا أَعْطَیْتُكَ فَضْلَهُ وَ قُلْ لَهُمْ فَلْیَسْأَلُونِی مِنْ فَضْلِی وَ رَحْمَتِی فَإِنَّهُ لَا یَمْلِكُهَا أَحَدٌ غَیْرِی وَ أَنَا ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ كَهْفُ الْخَاطِئِینَ وَ جَلِیسُ الْمُضْطَرِّینَ وَ مُسْتَغْفَرٌ لِلْمُذْنِبِینَ إِنَّكَ مِنِّی بِالْمَكَانِ الرَّضِیِّ فَادْعُنِی بِالْقَلْبِ النَّقِیِّ وَ اللِّسَانِ الصَّادِقِ وَ كُنْ كَمَا أَمَرْتُكَ أَطِعْ أَمْرِی وَ لَا تَسْتَطِلْ عَلَی عِبَادِی بِمَا لَیْسَ مِنْكَ مُبْتَدَؤُهُ وَ تَقَرَّبْ إِلَیَّ فَإِنِّی مِنْكَ قَرِیبٌ فَإِنِّی لَمْ أَسْأَلْكَ مَا یُؤْذِیكَ ثِقَلُهُ وَ لَا حَمْلُهُ إِنَّمَا سَأَلْتُكَ أَنْ تَدْعُوَنِی فَأُجِیبَكَ وَ أَنْ تَسْأَلَنِی فَأُعْطِیَكَ وَ أَنْ تَتَقَرَّبَ بِمَا مِنِّی أَخَذْتَ تَأْوِیلَهُ وَ عَلَیَّ تَمَامُ تَنْزِیلِهِ یَا مُوسَی انْظُرْ إِلَی الْأَرْضِ فَإِنَّهَا عَنْ قَرِیبٍ قَبْرُكَ وَ ارْفَعْ عَیْنَیْكَ إِلَی السَّمَاءِ فَإِنَّ فَوْقَكَ فِیهَا مُلْكاً عَظِیماً وَ ابْكِ عَلَی نَفْسِكَ مَا كُنْتَ فِی الدُّنْیَا وَ تَخَوَّفِ الْعَطَبَ (4)وَ الْمَهَالِكَ وَ لَا تَغُرَّنَّكَ زِینَةُ الدُّنْیَا وَ زَهْرَتُهَا وَ لَا تَرْضَ بِالظُّلْمِ وَ لَا تَكُنْ ظَالِماً فَإِنِّی لِلظَّالِمِ بِمَرْصَدٍ حَتَّی أُدِیلَ مِنْهُ الْمَظْلُومَ (5)یَا مُوسَی إِنَّ الْحَسَنَةَ عَشَرَةُ أَضْعَافٍ وَ مِنَ السَّیِّئَةِ الْوَاحِدَةِ الْهَلَاكُ لَا تُشْرِكْ بِی لَا یَحِلُّ لَكَ أَنْ تُشْرِكَ بِی قَارِبْ وَ سَدِّدْ (6)ادْعُ دُعَاءَ الطَّامِعِ الرَّاغِبِ فِیمَا عِنْدِی النَّادِمِ عَلَی مَا قَدَّمَتْ یَدَاهُ فَإِنَّ سَوَادَ اللَّیْلِ یَمْحُوهُ النَّهَارُ كَذَلِكَ السَّیِّئَةُ تَمْحُوهَا الْحَسَنَةُ
ص: 337
وَ عَشْوَةُ (1)اللَّیْلِ تَأْتِی عَلَی ضَوْءِ النَّهَارِ وَ كَذَلِكَ السَّیِّئَةُ تَأْتِی عَلَی الْحَسَنَةِ فَتُسَوِّدُهَا (2).
كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عِیسَی رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ نَاجَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَقَالَ فِی مُنَاجَاتِهِ یَا مُوسَی لَا تُطَوِّلْ فِی الدُّنْیَا أَمَلَكَ.
و ذكر نحوه مع زیادات (3)ستأتی مع شرحها فی كتاب الروضة (4).
«14»-لی، الأمالی للصدوق الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ جَاءَ إِبْلِیسُ إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ یُنَاجِی رَبَّهُ فَقَالَ لَهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا تَرْجُو مِنْهُ وَ هُوَ فِی هَذِهِ الْحَالِ (5)یُنَاجِی رَبَّهُ فَقَالَ أَرْجُو مِنْهُ مَا رَجَوْتُ مِنْ أَبِیهِ آدَمَ وَ هُوَ فِی الْجَنَّةِ وَ كَانَ فِیمَا نَاجَاهُ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ أَنْ قَالَ لَهُ یَا مُوسَی لَا أَقْبَلُ الصَّلَاةَ إِلَّا مِمَّنْ تَوَاضَعَ لِعَظَمَتِی وَ أَلْزَمَ قَلْبَهُ خَوْفِی وَ قَطَعَ نَهَارَهُ بِذِكْرِی وَ لَمْ یَبِتْ مُصِرّاً عَلَی الْخَطِیئَةِ وَ عَرَفَ حَقَّ أَوْلِیَائِی وَ أَحِبَّائِی فَقَالَ مُوسَی رَبِّ تَعْنِی بِأَحِبَّائِكَ وَ أَوْلِیَائِكَ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ هُمْ كَذَلِكَ یَا مُوسَی إِلَّا أَنِّی أَرَدْتُ مَنْ مِنْ أَجْلِهِ خَلَقْتُ آدَمَ وَ حَوَّاءَ وَ مَنْ مِنْ أَجْلِهِ خَلَقْتُ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مَنْ هُوَ یَا رَبِّ قَالَ مُحَمَّدٌ أَحْمَدُ شَقَقْتُ اسْمَهُ مِنِ اسْمِی لِأَنِّی أَنَا الْمَحْمُودُ (6)فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ اجْعَلْنِی مِنْ أُمَّتِهِ قَالَ أَنْتَ یَا مُوسَی مِنْ أُمَّتِهِ إِذَا عَرَفْتَهُ وَ عَرَفْتَ مَنْزِلَتَهُ وَ مَنْزِلَةَ أَهْلِ بَیْتِهِ إِنَّ مَثَلَهُ وَ مَثَلَ أَهْلِ بَیْتِهِ فِیمَنْ خَلَقْتُ كَمَثَلِ الْفِرْدَوْسِ فِی الْجِنَانِ لَا یَیْبَسُ وَرَقُهَا (7)وَ لَا یَتَغَیَّرُ طَعْمُهَا فَمَنْ عَرَفَهُمْ وَ عَرَفَ حَقَّهُمْ جَعَلْتُ لَهُ عِنْدَ الْجَهْلِ عِلْماً وَ عِنْدَ الظُّلْمَةِ نُوراً أُجِیبُهُ قَبْلَ أَنْ یَدْعُوَنِی وَ أُعْطِیهِ قَبْلَ أَنْ یَسْأَلَنِی
ص: 338
یَا مُوسَی إِذَا رَأَیْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِینَ وَ إِذَا رَأَیْتَ الْغِنَی مُقْبِلًا فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ إِنَّ الدُّنْیَا (1)دَارُ عُقُوبَةٍ عَاقَبْتُ فِیهَا آدَمَ عِنْدَ خَطِیئَتِهِ وَ جَعَلْتُهَا مَلْعُونَةً مَلْعُوناً مَا فِیهَا إِلَّا مَا كَانَ فِیهَا لِی (2)یَا مُوسَی إِنَّ عِبَادِیَ الصَّالِحِینَ زَهِدُوا فِیهَا بِقَدْرِ عِلْمِهِمْ بِی وَ سَائِرُهُمُ مِنْ خَلْقِی رَغِبُوا فِیهَا بِقَدْرِ جَهْلِهِمْ بِی وَ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِی عَظَّمَهَا فَقَرَّتْ عَیْنُهُ وَ لَمْ یُحَقِّرْهَا أَحَدٌ إِلَّا انْتَفَعَ بِهَا (3)ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنْ قَدَرْتُمْ أَنْ لَا تُعْرَفُوا (4)فَافْعَلُوا وَ مَا عَلَیْكَ إِنْ لَمْ یُثْنِ عَلَیْكَ النَّاسُ وَ مَا عَلَیْكَ أَنْ تَكُونَ مَذْمُوماً عِنْدَ النَّاسِ إِذَا كُنْتَ عِنْدَ اللَّهِ مَحْمُوداً إِنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ كَانَ یَقُولُ لَا خَیْرَ فِی الدُّنْیَا إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَیْنِ رَجُلٍ یَزْدَادُ كُلَّ یَوْمٍ إِحْسَاناً وَ رَجُلٍ یَتَدَارَكُ سَیِّئَتَهُ بِالتَّوْبَةِ (5)وَ أَنَّی لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَ اللَّهِ لَوْ سَجَدَ حَتَّی یَنْقَطِعَ عُنُقُهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ إِلَّا بِوَلَایَتِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ (6).
فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ مِثْلَهُ وَ فِی آخِرِهِ أَلَا وَ مَنْ عَرَفَ حَقَّنَا وَ رَجَا الثَّوَابَ فِینَا رَضِیَ بِقُوتِهِ نِصْفَ مُدٍّ كُلَّ یَوْمٍ وَ مَا یَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَ مَا أَكَنَّ رَأْسَهُ وَ هُمْ فِی ذَلِكَ وَ اللَّهِ خَائِفُونَ وَجِلُونَ (7).
مع، معانی الأخبار الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ إِلَی قَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ یَسْأَلَنِی(8).
ص: 339
«15»-فس، تفسیر القمی إِنَّ فِی التَّوْرَاةِ مكتوب (مَكْتُوباً) أَوْلِیَاءُ اللَّهِ یَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ (1).
«16»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِی مُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَی لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا مُوسَی إِذَا رَأَیْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِینَ وَ إِذَا رَأَیْتَ الْغِنَی مُقْبِلًا فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ فَمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَی أَحَدٍ هَذِهِ الدُّنْیَا إِلَّا بِذَنْبٍ لِیُنْسِیَهُ ذَلِكَ الذَّنْبَ فَلَا یَتُوبَ فَیَكُونَ إِقْبَالُ الدُّنْیَا عَلَیْهِ عُقُوبَةً لِذُنُوبِهِ (2).
«17»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ سَدِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَتَوْا مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَسَأَلُوهُ أَنْ یَسْأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُمْطِرَ السَّمَاءَ عَلَیْهِمْ إِذَا أَرَادُوا وَ یَحْبِسَهَا إِذَا أَرَادُوا فَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ لَهُمْ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ لَهُمْ یَا مُوسَی فَأَخْبَرَهُمْ مُوسَی فَحَرَثُوا وَ لَمْ یَتْرُكُوا شَیْئاً إِلَّا زَرَعُوهُ ثُمَّ اسْتَنْزَلُوا الْمَطَرَ عَلَی إِرَادَتِهِمْ وَ حَبَسُوهُ عَلَی إِرَادَتِهِمْ فَصَارَتْ زُرُوعُهُمْ كَأَنَّهَا الْجِبَالُ وَ الْآجَامُ ثُمَّ حَصَدُوا وَ دَاسُوا وَ ذَرُّوا (3)فَلَمْ یَجِدُوا شَیْئاً فَضَجُّوا إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَالُوا إِنَّمَا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ یُمْطِرَ السَّمَاءَ عَلَیْنَا إِذَا أَرَدْنَا فَأَجَابَنَا ثُمَّ صَیَّرَهَا عَلَیْنَا ضَرَراً فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ ضَجُّوا مِمَّا صَنَعْتَ بِهِمْ فَقَالَ وَ مِمَّ ذَاكَ یَا مُوسَی قَالَ سَأَلُونِی أَنْ أَسْأَلَكَ أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءَ إِذَا أَرَادُوا وَ تَحْبِسَهَا إِذَا أَرَادُوا فَأَجَبْتَهُمْ ثُمَّ صَیَّرْتَهَا عَلَیْهِمْ ضَرَراً فَقَالَ یَا مُوسَی أَنَا كُنْتُ الْمُقَدِّرَ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمْ یَرْضَوْا بِتَقْدِیرِی فَأَجَبْتُهُمْ إِلَی إِرَادَتِهِمْ فَكَانَ مَا رَأَیْتَ (4).
«18»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْمُفَسِّرُ بِإِسْنَادِهِ (5)إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ اصْطَفَاهُ نَجِیّاً وَ فَلَقَ لَهُ الْبَحْرَ وَ نَجَّی بَنِی إِسْرَائِیلَ
ص: 340
وَ أَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ وَ الْأَلْوَاحَ رَأَی (1)مَكَانَهُ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ یَا رَبِّ لَقَدْ أَكْرَمْتَنِی بِكَرَامَةٍ لَمْ تُكْرِمْ بِهَا أَحَداً قَبْلِی فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ یَا مُوسَی أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ مُحَمَّداً أَفْضَلُ عِنْدِی مِنْ جَمِیعِ مَلَائِكَتِی وَ جَمِیعِ خَلْقِی قَالَ مُوسَی یَا رَبِّ فَإِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ أَكْرَمَ عِنْدَكَ مِنْ جَمِیعِ خَلْقِكَ فَهَلْ فِی آلِ الْأَنْبِیَاءِ أَكْرَمُ مِنْ آلِی قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ یَا مُوسَی أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَی جَمِیعِ آلِ النَّبِیِّینَ كَفَضْلِ مُحَمَّدٍ عَلَی جَمِیعِ الْمُرْسَلِینَ فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ فَإِنْ كَانَ آلُ مُحَمَّدٍ كَذَلِكَ فَهَلْ فِی أَصْحَابِ الْأَنْبِیَاءِ أَكْرَمُ عِنْدَكَ مِنْ صَحَابَتِی (2)قَالَ اللَّهُ یَا مُوسَی أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ فَضْلَ صَحَابَةِ مُحَمَّدٍ عَلَی جَمِیعِ صَحَابَةِ الْمُرْسَلِینَ كَفَضْلِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَی جَمِیعِ آلِ النَّبِیِّینَ وَ فَضْلِ مُحَمَّدٍ عَلَی جَمِیعِ الْمُرْسَلِینَ فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ فَإِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ كَمَا وَصَفْتَ فَهَلْ فِی أُمَمِ الْأَنْبِیَاءِ أَفْضَلُ عِنْدَكَ مِنْ أُمَّتِی ظَلَّلْتَ عَلَیْهِمُ الْغَمَامَ وَ أَنْزَلْتَ عَلَیْهِمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوَی وَ فَلَقْتَ لَهُمُ الْبَحْرَ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ یَا مُوسَی أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ فَضْلَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَی جَمِیعِ الْأُمَمِ كَفَضْلِهِ عَلَی جَمِیعِ خَلْقِی فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ لَیْتَنِی كُنْتُ أَرَاهُمْ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُمْ فَلَیْسَ هَذَا أَوَانَ ظُهُورِهِمْ وَ لَكِنْ سَوْفَ تَرَاهُمْ فِی الْجَنَّاتِ جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ الْفِرْدَوْسِ بِحَضْرَةِ مُحَمَّدٍ فِی نَعِیمِهَا یَتَقَلَّبُونَ وَ فِی خَیْرَاتِهَا یَتَبَحْبَحُونَ (3)أَ فَتُحِبُّ أَنْ أُسْمِعَكَ كَلَامَهُمْ قَالَ نَعَمْ إِلَهِی قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ قُمْ بَیْنَ یَدَیَّ وَ اشْدُدْ مِئْزَرَكَ قِیَامَ الْعَبْدِ الذَّلِیلِ بَیْنَ یَدَیِ الْمَلِكِ الْجَلِیلِ فَفَعَلَ ذَلِكَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَنَادَی رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ یَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ فَأَجَابُوهُ كُلُّهُمْ وَ هُمْ فِی أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَ أَرْحَامِ أُمَّهَاتِهِمْ لَبَّیْكَ اللَّهُمَّ لَبَّیْكَ لَبَّیْكَ لَا شَرِیكَ لَكَ لَبَّیْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَ النِّعْمَةَ لَكَ وَ الْمُلْكَ (4)لَا شَرِیكَ لَكَ لَبَّیْكَ قَالَ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ تِلْكَ الْإِجَابَةَ مِنْهُمْ شِعَارَ الْحَجِّ (5)ثُمَّ نَادَی رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَ
ص: 341
یَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ إِنَّ قَضَائِی عَلَیْكُمْ أَنَّ رَحْمَتِی سَبَقَتْ غَضَبِی وَ عَفْوِی قَبْلَ عِقَابِی فَقَدِ اسْتَجَبْتُ لَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْعُوَنِی وَ أَعْطَیْتُكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَسْأَلُونِی مَنْ لَقِیَنِی مِنْكُمْ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَادِقٌ فِی أَقْوَالِهِ مُحِقٌّ فِی أَفْعَالِهِ (1)وَ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ أَخُوهُ وَ وَصِیُّهُ مِنْ بَعْدِهِ وَ وَلِیُّهُ وَ یُلْتَزَمُ طَاعَتُهُ كَمَا یُلْتَزَمُ طَاعَةُ مُحَمَّدٍ وَ أَنَّ أَوْلِیَاءَهُ الْمُصْطَفَیْنَ الْمُطَهَّرِینَ الْمُبَانِینَ بِعَجَائِبِ (2)آیَاتِ اللَّهِ وَ دَلَائِلِ حُجَجِ اللَّهِ مِنْ بَعْدِهِمَا أَوْلِیَاؤُهُ أَدْخَلْتُهُ جَنَّتِی وَ إِنْ كَانَتْ ذُنُوبُهُ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ قَالَ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیَّنَا مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَا مُحَمَّدُ وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَیْنا أُمَّتَكَ بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ عَلَی مَا اخْتَصَّنِی بِهِ مِنْ هَذِهِ الْفَضِیلَةِ وَ قَالَ لِأُمَّتِهِ قُولُوا أَنْتُمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ عَلَی مَا اخْتَصَّنَا بِهِ مِنْ هَذِهِ الْفَضَائِلِ (3).
«19»-ل، الخصال الْعَطَّارُ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْحَاقَ التَّاجِرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ فَضَالَةَ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ (4)عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی مُوسَی لَا تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَ لَا تَدَعْ ذِكْرِی عَلَی كُلِّ حَالٍ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ تُنْسِی الذُّنُوبَ وَ تَرْكُ ذِكْرِی یُقْسِی الْقُلُوبَ (5).
كا، الكافی علی عن أبیه عن النوفلی عن السكونی مثله (6)- ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بإسناده عن الصدوق عن أبیه عن سعد عن الأهوازی عن فضالة عن السكونی مثله (7).
«20»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ الَّتِی لَمْ تُغَیَّرْ أَنَّ مُوسَی سَأَلَ رَبَّهُ
ص: 342
فَقَالَ یَا رَبِّ أَ قَرِیبٌ أَنْتَ مِنِّی فَأُنَاجِیَكَ أَمْ بَعِیدٌ فَأُنَادِیَكَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی أَنَا جَلِیسُ مَنْ ذَكَرَنِی فَقَالَ مُوسَی فَمَنْ فِی سِتْرِكَ یَوْمَ لَا سِتْرَ إِلَّا سِتْرُكَ قَالَ الَّذِینَ یَذْكُرُونَنِی فَأَذْكُرُهُمْ وَ یَتَحَابُّونَ فِیَّ فَأُحِبُّهُمْ فَأُولَئِكَ الَّذِینَ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أُصِیبَ أَهْلَ الْأَرْضِ بِسُوءٍ ذَكَرْتُهُمْ فَدَفَعْتُ عَنْهُمْ بِهِمْ (1).
«21»-كا، الكافی بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ الَّتِی لَمْ تُغَیَّرْ أَنَّ مُوسَی سَأَلَ رَبَّهُ فَقَالَ إِلَهِی إِنَّهُ یَأْتِی عَلَیَّ مَجَالِسُ أُعِزُّكَ وَ أُجِلُّكَ أَنْ أَذْكُرَكَ فِیهَا فَقَالَ یَا مُوسَی إِنَّ ذِكْرِی حَسَنٌ عَلَی كُلِّ حَالٍ (2).
«22»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی أَكْثِرْ ذِكْرِی بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ كُنْ عِنْدَ ذِكْرِی خَاشِعاً وَ عِنْدَ بَلَائِی صَابِراً وَ اطْمَئِنَّ عِنْدَ ذِكْرِی وَ اعْبُدْنِی وَ لَا تُشْرِكْ بِی شَیْئاً إِلَیَّ الْمَصِیرُ یَا مُوسَی اجْعَلْنِی ذُخْرَكَ وَ ضَعْ عِنْدِی كَنْزَكَ مِنَ الْبَاقِیَاتِ الصَّالِحَاتِ (3).
«23»-وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی اجْعَلْ لِسَانَكَ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِكَ تَسْلَمْ وَ أَكْثِرْ ذِكْرِی بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ (4)وَ لَا تَتَّبِعِ الْخَطِیئَةَ فِی مَعْدِنِهَا فَتَنْدَمَ فَإِنَّ الْخَطِیئَةَ مَوْعِدُ أَهْلِ النَّارِ (5).
ص: 343
«24»-وَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: كَانَ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ تَعَالَی بِهِ مُوسَی قَالَ یَا مُوسَی لَا تَنْسَنِی عَلَی كُلِّ حَالٍ فَإِنَّ نِسْیَانِی یُمِیتُ الْقَلْبَ (1).
«25»-ل، الخصال مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَسَدِیُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ جَرَادَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَامِرِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِیدٍ الْأَیْلِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ جُوَیْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَاجَی مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِمِائَةِ أَلْفِ كَلِمَةٍ وَ أَرْبَعَةٍ وَ عِشْرِینَ أَلْفَ كَلِمَةٍ فِی ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ لَیَالِیهِنَّ مَا طَعِمَ فِیهَا مُوسَی وَ لَا شَرِبَ فِیهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ سَمِعَ كَلَامَ الْآدَمِیِّینَ مَقَّتَهُمْ لِمَا كَانَ وَقَعَ فِی مَسَامِعِهِ مِنْ حَلَاوَةِ كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (2).
«26»-ل، الخصال الْقَطَّانُ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِی صَفِیَّةَ عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا مُوسَی احْفَظْ وَصِیَّتِی لَكَ بِأَرْبَعَةِ أَشْیَاءَ أُولَاهُنَّ مَا دُمْتَ لَا تَرَی ذُنُوبَكَ تُغْفَرُ فَلَا تَشْتَغِلْ بِعُیُوبِ غَیْرِكَ وَ الثَّانِیَةُ مَا دُمْتَ لَا تَرَی كُنُوزِی قَدْ نَفِدَتْ فَلَا تَغْتَمَّ بِسَبَبِ رِزْقِكَ وَ الثَّالِثَةُ مَا دُمْتَ لَا تَرَی زَوَالَ مُلْكِی فَلَا تَرْجُ أَحَداً غَیْرِی وَ الرَّابِعَةُ مَا دُمْتَ لَا تَرَی الشَّیْطَانَ مَیِّتاً فَلَا تَأْمَنْ مَكْرَهُ (3).
ضه، روضة الواعظین عنه علیه السلام مثله (4).
«27»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ (5)عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ یَا رَبِّ اجْعَلْنِی مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَا مُوسَی إِنَّكَ لَا تَصِلُ إِلَی ذَلِكَ (6).
ص: 344
«28»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: لَیْسَ فِی الْقُرْآنِ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِلَّا وَ هِیَ فِی التَّوْرَاةِ یَا أَیُّهَا النَّاسُ وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ یَا أَیُّهَا الْمَسَاكِینُ (1).
«29»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ یَا رَبِّ أَ بَعِیدٌ أَنْتَ مِنِّی فَأُنَادِیَكَ أَمْ قَرِیبٌ فَأُنَاجِیَكَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ أَنَا جَلِیسُ مَنْ ذَكَرَنِی (2).
«30»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ أَخِی هَارُونَ مَاتَ فَاغْفِرْ لَهُ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی لَوْ سَأَلْتَنِی فِی الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ لَأَجَبْتُكَ مَا خَلَا قَاتِلَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ فَإِنِّی أَنْتَقِمُ لَهُ مِنْ قَاتِلِهِ (3).
«31»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مَا یَمْنَعُكَ مِنْ مُنَاجَاتِی فَقَالَ یَا رَبِّ أُجِلُّكَ عَنِ الْمُنَاجَاةِ لِخُلُوفِ (4)فَمِ الصَّائِمِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا مُوسَی لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْیَبُ عِنْدِی مِنْ رِیحِ الْمِسْكِ (5).
«32»-عدة، عدة الداعی رَوَی شُعَیْبٌ الْأَنْصَارِیُّ وَ هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ قَالا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ انْطَلَقَ یَنْظُرُ فِی أَعْمَالِ الْعِبَادِ فَأَتَی رَجُلًا مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ فَلَمَّا أَمْسَی حَرَّكَ الرَّجُلُ شَجَرَةً إِلَی جَنْبِهِ فَإِذَا فِیهَا رُمَّانَتَانِ قَالَ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ إِنَّكَ عَبْدٌ
ص: 345
صَالِحٌ أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا أَجِدُ فِی هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا رُمَّانَةً وَاحِدَةً وَ لَوْ لَا أَنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ مَا وَجَدْتُ رُمَّانَتَیْنِ (1)قَالَ أَنَا رَجُلٌ أَسْكُنُ أَرْضَ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ تَعْلَمُ أَحَداً أَعْبَدَ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ فُلَانٌ الْفُلَانِیُّ (2)قَالَ فَانْطَلَقَ إِلَیْهِ فَإِذَا هُوَ أَعْبَدُ مِنْهُ كَثِیراً فَلَمَّا أَمْسَی أُوتِیَ بِرَغِیفَیْنِ وَ مَاءٍ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ إِنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ مَا أُوتَی إِلَّا بِرَغِیفٍ وَاحِدٍ وَ لَوْ لَا أَنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ مَا أُوتِیتُ بِرَغِیفَیْنِ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ أَسْكُنُ أَرْضَ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَالَ مُوسَی هَلْ تَعْلَمُ أَحَداً أَعْبَدَ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ فُلَانٌ الْحَدَّادُ فِی مَدِینَةِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَأَتَاهُ فَنَظَرَ إِلَی رَجُلٍ لَیْسَ بِصَاحِبِ عِبَادَةٍ بَلْ إِنَّمَا هُوَ ذَاكِرٌ لِلَّهِ تَعَالَی وَ إِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَامَ فَصَلَّی فَلَمَّا أَمْسَی نَظَرَ إِلَی غَلَّتِهِ (3)فَوَجَدَهَا قَدْ أُضْعِفَتْ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ إِنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ مَا شَاءَ اللَّهُ غَلَّتِی قَرِیبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّیْلَةَ قَدْ أُضْعِفَتْ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ أَسْكُنُ أَرْضَ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ قَالَ فَأَخَذَ ثُلُثَ غَلَّتِهِ فَتَصَدَّقَ بِهَا وَ ثُلُثاً أَعْطَی مَوْلًی لَهُ وَ ثُلُثاً اشْتَرَی بِهِ طَعَاماً فَأَكَلَ هُوَ وَ مُوسَی قَالَ فَتَبَسَّمَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ تَبَسَّمْتَ قَالَ دَلَّنِی نَبِیُّ بَنِی إِسْرَائِیلَ (4)عَلَی فُلَانٍ فَوَجَدْتُهُ مِنْ أَعْبَدِ الْخَلْقِ فَدَلَّنِی عَلَی فُلَانٍ فَوَجَدْتُهُ أَعْبَدَ مِنْهُ فَدَلَّنِی فُلَانٌ عَلَیْكَ وَ زَعَمَ أَنَّكَ أَعْبَدُ مِنْهُ وَ لَسْتُ أَرَاكَ شِبْهَ الْقَوْمِ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مَمْلُوكٌ أَ لَیْسَ تَرَانِی ذَاكِراً لِلَّهِ أَ وَ لَیْسَ تَرَانِی أُصَلِّی الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَ إِنْ أَقْبَلْتُ عَلَی الصَّلَاةِ أَضْرَرْتُ بِغَلَّةِ مَوْلَایَ وَ أَضْرَرْتُ بِعَمَلِ النَّاسِ أَ تُرِیدُ أَنْ تَأْتِیَ بِلَادَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَرَّتْ بِهِ سَحَابَةٌ فَقَالَ الْحَدَّادُ یَا سَحَابَةُ تَعَالَیْ قَالَ فَجَاءَتْ قَالَ أَیْنَ تُرِیدِینَ قَالَتْ أُرِیدُ أَرْضَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ انْصَرِفِی ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ أُخْرَی فَقَالَ یَا سَحَابَةُ تَعَالَیْ فَجَاءَتْهُ فَقَالَ أَیْنَ تُرِیدِینَ قَالَتْ أُرِیدُ أَرْضَ
ص: 346
كَذَا وَ كَذَا قَالَ انْصَرِفِی ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ أُخْرَی فَقَالَ یَا سَحَابَةُ تَعَالَیْ فَجَاءَتْهُ فَقَالَ أَیْنَ تُرِیدِینَ قَالَتْ أُرِیدُ أَرْضَ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ قَالَ فَقَالَ أَحْمِلْنِی هَذَا حَمْلَ رَفِیقٍ وَ ضَعِیهِ فِی أَرْضِ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ وَضْعاً رَفِیقاً قَالَ فَلَمَّا بَلَغَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ بِلَادَهُ قَالَ یَا رَبِّ بِمَا بَلَّغْتَ هَذَا مَا أَرَی قَالَ إِنَّ عَبْدِی هَذَا یَصْبِرُ عَلَی بَلَائِی وَ یَرْضَی بِقَضَائِی وَ یَشْكُرُ نَعْمَائِی (1).
«33»-ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْأُشْنَانِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْرَوَیْهِ عَنِ الْفَرَّاءِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا نَاجَی رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ یَا رَبِّ أَ بَعِیدٌ أَنْتَ مِنِّی فَأُنَادِیَكَ أَمْ قَرِیبٌ فَأُنَاجِیَكَ فَأَوْحَی اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَیْهِ أَنَا جَلِیسُ مَنْ ذَكَرَنِی فَقَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا رَبِّ إِنِّی أَكُونُ فِی حَالٍ أُجِلُّكَ أَنْ أَذْكُرَكَ فِیهَا فَقَالَ یَا مُوسَی اذْكُرْنِی عَلَی كُلِّ حَالٍ (2).
«34»-ج، الإحتجاج ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ید، التوحید عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لِرَأْسِ الْجَالُوتِ یَا یَهُودِیُّ أَسْأَلُكَ بِالْعَشْرِ الْآیَاتِ الَّتِی أُنْزِلَتْ عَلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ هَلْ تَجِدُ فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوباً نَبَأَ مُحَمَّدٍ وَ أُمَّتِهِ إِذَا جَاءَتِ الْأُمَّةُ الْأَخِیرَةُ أَتْبَاعُ رَاكِبِ الْبَعِیرِ یُسَبِّحُونَ الرَّبَّ جِدّاً جِدّاً تَسْبِیحاً جَدِیداً فِی الْكَنَائِسِ الْجُدُدِ فَلْیَفْزَعْ بَنُو إِسْرَائِیلَ إِلَیْهِمْ وَ إِلَی مَلِكِهِمْ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُهُمْ فَإِنَّ بِأَیْدِیهِمْ سُیُوفاً یَنْتَقِمُونَ بِهَا مِنَ الْأُمَمِ الْكَافِرَةِ فِی أَقْطَارِ الْأَرْضِ أَ هَكَذَا هُوَ فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ نَعَمْ إِنَّا لَنَجِدُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا یَهُودِیُّ إِنَّ مُوسَی أَوْصَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّهُ سَیَأْتِیكُمْ نَبِیٌّ مِنْ إِخْوَانِكُمْ فَبِهِ فَصَدِّقُوا وَ مِنْهُ فَاسْمَعُوا فَهَلْ تَعْلَمُ أَنَّ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ إِخْوَةً غَیْرَ وُلْدِ إِسْمَاعِیلَ إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ قَرَابَةَ إِسْرَائِیلَ مِنْ إِسْمَاعِیلَ وَ السَّبَبَ الَّذِی بَیْنَهُمْ (3)مِنْ قِبَلِ إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ هَذَا قَوْلُ مُوسَی لَا نَدْفَعُهُ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ أَ فَلَیْسَ قَدْ صَحَّ هَذَا عِنْدَكُمْ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنِّی أُحِبُّ أَنْ تُصَحِّحَهُ لِی مِنَ التَّوْرَاةِ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ هَلْ تُنْكِرُ أَنَ
ص: 347
التَّوْرَاةَ تَقُولُ لَكُمْ جَاءَ النُّورُ مِنْ جَبَلِ طُورِ سَیْنَاءَ وَ أَضَاءَ لَنَا (1)مِنْ جَبَلِ سَاعِیرَ وَ اسْتَعْلَنَ عَلَیْنَا مِنْ جَبَلِ فَارَانَ فَالنُّورُ مِنْ قِبَلِ طُورِ سَیْنَاءَ وَحْیُ اللَّهِ الَّذِی أَنْزَلَهُ عَلَی مُوسَی وَ جَبَلُ سَاعِیرَ هُوَ الَّذِی أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی عِیسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ عَلَیْهِ وَ أَمَّا جَبَلُ فَارَانَ فَذَلِكَ مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهَا یَوْمٌ (2).
أقول: قد مر تمام الخبر بشرحه و سنده فی كتاب الاحتجاجات (3).
«35»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ یُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ رِفَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ أَرْبَعٌ فِی التَّوْرَاةِ وَ إِلَی جَنْبِهِنَّ أَرْبَعٌ مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا حَزِیناً فَقَدْ أَصْبَحَ عَلَی رَبِّهِ سَاخِطاً وَ مَنْ أَصْبَحَ یَشْكُو مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا یَشْكُو رَبَّهُ وَ مَنْ أَتَی غَنِیّاً فَتَضَعْضَعَ (4) لَهُ لِیُصِیبَ مِنْ دُنْیَاهُ فَقَدْ ذَهَبَ ثُلُثَا دِینِهِ وَ مَنْ دَخَلَ النَّارَ مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ (5)فَإِنَّمَا هُوَ مِمَّنْ كَانَ یَتَّخِذُ آیَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَ الْأَرْبَعُ الَّتِی إِلَی جَنْبِهِنَّ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ وَ مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرَ (6)وَ مَنْ لَمْ یَسْتَشِرْ نَدِمَ وَ الْفَقْرُ هُوَ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ (7).
«16»-جا، المجالس للمفید أحمد بن الولید عن أبیه عن الصفار عن ابن معروف عن ابن مهزیار عن رفاعة مثله (8).
«36»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: فِیمَا أَوْحَی اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ یَا مُوسَی مَا خَلَقْتُ خَلْقاً أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ عَبْدِیَ
ص: 348
الْمُؤْمِنِ وَ إِنِّی إِنَّمَا ابْتَلَیْتُهُ لِمَا هُوَ خَیْرٌ لَهُ وَ أُعَافِیهِ لِمَا هُوَ خَیْرٌ لَهُ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِمَا یَصْلُحُ عَبْدِی عَلَیْهِ فَلْیَصْبِرْ عَلَی بَلَائِی وَ لْیَشْكُرْ نَعْمَائِی وَ لْیَرْضَ بِقَضَائِی أَكْتُبْهُ فِی الصِّدِّیقِینَ عِنْدِی إِذَا عَمِلَ بِرِضَائِی وَ أَطَاعَ أَمْرِی (1).
«37»-ثو، ثواب الأعمال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنِ الْوَصَّافِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ بِهِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی الطُّورِ أَنْ یَا مُوسَی أَبْلِغْ قَوْمَكَ أَنَّهُ مَا یَتَقَرَّبُ إِلَیَّ الْمُتَقَرِّبُونَ بِمِثْلِ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْیَتِی وَ مَا تَعَبَّدَ لِیَ الْمُتَعَبِّدُونَ بِمِثْلِ الْوَرَعِ عَنْ مَحَارِمِی وَ مَا تَزَیَّنَ لِیَ الْمُتَزَیِّنُونَ بِمِثْلِ الزُّهْدِ فِی الدُّنْیَا عَمَّا بِهِمُ الْغِنَی عَنْهُ (2)قَالَ فَقَالَ مُوسَی یَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِینَ فَمَا ذَا أَثَبْتَهُمْ عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ یَا مُوسَی أَمَّا الْمُتَقَرِّبُونَ إِلَیَّ بِالْبُكَاءِ مِنْ خَشْیَتِی فَهُمْ فِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی (3)لَا یُشْرِكُهُمْ فِیهِ أَحَدٌ وَ أَمَّا الْمُتَعَبِّدُونَ لِی بِالْوَرَعِ عَنْ مَحَارِمِی فَإِنِّی أُفَتِّشُ النَّاسَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ وَ لَا أُفَتِّشُهُمْ حَیَاءً مِنْهُمْ وَ أَمَّا الْمُتَقَرِّبُونَ إِلَیَّ بِالزُّهْدِ فِی الدُّنْیَا فَإِنِّی أُبِیحُهُمُ الْجَنَّةَ بِحَذَافِیرِهَا (4)یَتَبَوَّءُونَ مِنْهَا حَیْثُ یَشَاءُونَ (5).
«38»-أَعْلَامُ الدِّینِ، لِلدَّیْلَمِیِّ مِنْ كِتَابِ الْمُؤْمِنِ تَصْنِیفِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: بَیْنَا مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَمْشِی عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ إِذْ جَاءَ صَیَّادٌ فَخَرَّ لِلشَّمْسِ سَاجِداً وَ تَكَلَّمَ بِالشِّرْكِ ثُمَّ أَلْقَی شَبَكَتَهُ فَخَرَجَتْ مَمْلُوءَةً ثُمَّ أَلْقَاهَا فَخَرَجَتْ مَمْلُوءَةً ثُمَّ أَعَادَهَا فَخَرَجَتْ مَمْلُوءَةً فَمَضَی ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَتَوَضَّأَ وَ صَلَّی وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ أَلْقَی شَبَكَتَهُ فَلَمْ یُخْرِجْ شَیْئاً ثُمَّ أَعَادَهُ فَخَرَجَتْ سَمَكَةٌ صَغِیرَةٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ انْصَرَفَ فَقَالَ
ص: 349
مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا رَبِّ عَبْدُكَ الْكَافِرُ تُعْطِیهِ مَعَ كُفْرِهِ وَ عَبْدُكَ الْمُؤْمِنُ لَمْ تُخْرِجْ لَهُ غَیْرَ سَمَكَةٍ صَغِیرَةٍ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ انْظُرْ عَنْ یَمِینِكَ فَكَشَفَ لَهُ عَمَّا أَعَدَّ اللَّهُ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ ثُمَّ قَالَ انْظُرْ عَنْ یَسَارِكَ فَكَشَفَ لَهُ عَمَّا أَعَدَّ اللَّهُ لِلْكَافِرِ فَنَظَرَ ثُمَّ قَالَ یَا مُوسَی مَا نَفَعَ هَذَا الْكَافِرَ مَا أَعْطَیْتُهُ وَ لَا ضَرَّ هَذَا الْمُؤْمِنَ مَا مَنَعْتُهُ فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ یَحِقُّ لِمَنْ عَرَفَكَ أَنْ یَرْضَی بِمَا صَنَعْتَ (1).
و رواه الحسن بن سلیمان فی كتاب المحتضر من كتاب الشفاء و الجلاء بإسناده عن ابن أبی عمیر عن بعض أصحابه مثله (2).
«39»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ دُرُسْتَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْهُمْ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: بَیْنَمَا مُوسَی جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ إِبْلِیسُ وَ عَلَیْهِ بُرْنُسٌ ذُو أَلْوَانٍ فَوَضَعَهُ وَ دَنَا مِنْ مُوسَی وَ سَلَّمَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی مَنْ أَنْتَ قَالَ إِبْلِیسُ قَالَ لَا قَرَّبَ اللَّهُ دَارَكَ لِمَا ذَا الْبُرْنُسُ قَالَ أَخْتَطِفُ بِهِ قُلُوبَ بَنِی آدَمَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَخْبِرْنِی بِالذَّنْبِ الَّذِی إِذَا أَذْنَبَهُ ابْنُ آدَمَ اسْتَحْوَذْتَ عَلَیْهِ قَالَ ذَلِكَ إِذَا أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ وَ اسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ وَ صَغُرَ فِی نَفْسِهِ ذَنْبُهُ وَ قَالَ یَا مُوسَی لَا تَخْلُ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَكَ فَإِنَّهُ لَا یَخْلُو رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِی فَإِیَّاكَ أَنْ تُعَاهِدَ اللَّهَ عَهْداً فَإِنَّهُ مَا عَاهَدَ اللَّهَ أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِی حَتَّی أَحُولَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْوَفَاءِ بِهِ وَ إِذَا هَمَمْتَ بِصَدَقَةٍ فَامْضِهَا فَإِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِصَدَقَةٍ كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِی حَتَّی أَحُولَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهَا (3).
بیان: قوله لعنه اللّٰه كنت صاحبه یعنی أغتنم إغواءه و أهتم به بحیث لا أكله إلی أصحابه و أعوانی بل أتولی إضلاله بنفسی.
«40»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُقَرِّنٍ إِمَامِ بَنِی فِتْیَانٍ عَمَّنْ رَوَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِی زَمَنِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مَلِكٌ جَبَّارٌ قَضَی حَاجَةَ مُؤْمِنٍ بِشَفَاعَةِ عَبْدٍ صَالِحٍ فَتُوُفِّیَ فِی یَوْمٍ الْمَلِكُ الْجَبَّارُ
ص: 350
وَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ فَقَامَ عَلَی الْمَلِكِ النَّاسُ وَ أَغْلَقُوا أَبْوَابَ السُّوقِ لِمَوْتِهِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ بَقِیَ ذَلِكَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ فِی بَیْتِهِ وَ تَنَاوَلَتْ دَوَابُّ الْأَرْضِ مِنْ وَجْهِهِ فَرَآهُ مُوسَی بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ یَا رَبِّ هُوَ عَدُوُّكَ وَ هَذَا وَلِیُّكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا مُوسَی إِنَّ وَلِیِّی سَأَلَ هَذَا الْجَبَّارَ حَاجَةً فَقَضَاهَا لَهُ فَكَافَأْتُهُ عَنِ الْمُؤْمِنِ وَ سَلَّطْتُ دَوَابَّ الْأَرْضِ عَلَی مَحَاسِنِ وَجْهِ الْمُؤْمِنِ لِسُؤَالِهِ ذَلِكَ الْجَبَّارَ (1).
«41»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ صَاحِبِ السَّابِرِیِّ (2)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا مُوسَی اشْكُرْنِی حَقَّ شُكْرِی فَقَالَ یَا رَبِّ كَیْفَ أَشْكُرُكَ حَقَّ شُكْرِكَ وَ لَیْسَ مِنْ شُكْرٍ أَشْكُرُكَ بِهِ إِلَّا وَ أَنْتَ أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَیَّ فَقَالَ یَا مُوسَی شَكَرْتَنِی حَقَّ شُكْرِی حِینَ عَلِمْتَ أَنَّ ذَلِكَ مِنِّی (3).
«42»-سن، المحاسن أَبِی عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: قَالَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا رَبِّ مَنْ أَهْلُكَ الَّذِینَ تُظِلُّهُمْ فِی ظِلِّ عَرْشِكَ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ الطَّاهِرَةُ قُلُوبُهُمْ وَ التَّرِبَةُ أَیْدِیهِمْ الَّذِینَ یَذْكُرُونَ جَلَالِی إِذَا ذَكَرُوا رَبَّهُمْ الَّذِینَ یَكْتَفُونَ بِطَاعَتِی كَمَا یَكْتَفِی الصَّبِیُّ الصَّغِیرُ بِاللَّبَنِ الَّذِینَ یَأْوُونَ إِلَی مَسَاجِدِی كَمَا تَأْوِی النُّسُورُ إِلَی أَوْكَارِهَا وَ الَّذِینَ یَغْضَبُونَ لِمَحَارِمِی إِذَا اسْتُحِلَّتْ مِثْلَ النَّمِرِ إِذَا حَرِدَ (4).
بیان: التربة أیدیهم بكسر الراء أی الفقراء قال الجزری ترب الرجل إذا افتقر أی لصق بالتراب و قال الفیروزآبادی حرد كضرب و سمع غضب.
«43»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَحْبِبْنِی وَ حَبِّبْنِی إِلَی خَلْقِی قَالَ مُوسَی یَا رَبِّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَیْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَیَ
ص: 351
مِنْكَ فَكَیْفَ لِی بِقُلُوبِ الْعِبَادِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ فَذَكِّرْهُمْ نِعْمَتِی وَ آلَائِی فَإِنَّهُمْ لَا یَذْكُرُونَ مِنِّی إِلَّا خَیْراً فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ رَضِیتُ بِمَا قَضَیْتَ تُمِیتُ الْكَبِیرَ وَ تُبْقِی الْأَوْلَادَ الصِّغَارَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَ مَا تَرْضَی بِی رَازِقاً وَ كَفِیلًا فَقَالَ بَلَی یَا رَبِّ نِعْمَ الْوَكِیلُ وَ نِعْمَ الْكَفِیلُ (1).
«44»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحَجَّالِ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُعَلِّمَهُ زَوَالَ الشَّمْسِ فَوَكَّلَ اللَّهُ بِهَا مَلَكاً فَقَالَ یَا مُوسَی قَدْ زَالَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ مُوسَی مَتَی فَقَالَ حِینَ أَخْبَرْتُكَ وَ قَدْ سَارَتْ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ (2).
«45»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: بَیْنَا مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ یَعِظُ أَصْحَابَهُ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَشَقَّ قَمِیصَهُ (3)فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی قُلْ لَهُ لَا تَشُقَّ قَمِیصَكَ وَ لَكِنِ اشْرَحْ لِی عَنْ قَلْبِكَ (4)ثُمَّ قَالَ مَرَّ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ سَاجِدٌ فَانْصَرَفَ مِنْ حَاجَتِهِ وَ هُوَ سَاجِدٌ عَلَی حَالِهِ فَقَالَ لَهُ مُوسَی لَوْ كَانَتْ حَاجَتُكَ بِیَدِی لَقَضَیْتُهَا لَكَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی لَوْ سَجَدَ حَتَّی یَنْقَطِعَ عُنُقُهُ مَا قَبِلْتُهُ حَتَّی یَتَحَوَّلَ عَمَّا أَكْرَهُ إِلَی مَا أُحِبُّ (5).
«46»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی أَنَّهُ مَا یَتَقَرَّبُ إِلَیَّ عَبْدٌ بِشَیْ ءٍ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ فَقَالَ مُوسَی وَ مَا هِیَ یَا رَبِّ قَالَ الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا وَ الْوَرَعُ مِنْ مَحَارِمِی وَ الْبُكَاءُ مِنْ خَشْیَتِی فَقَالَ مُوسَی فَمَا لِمَنْ صَنَعَ ذَلِكَ فَقَالَ أَمَّا الزَّاهِدُونَ فِی الدُّنْیَا فَأُحَكِّمُهُمْ فِی الْجَنَّةِ (6)وَ أَمَّا الْوَرِعُونَ عَنْ مَحَارِمِی فَإِنِّی أُفَتِّشُ النَّاسَ وَ لَا أُفَتِّشُهُمْ وَ أَمَّا الْبَكَّاءُونَ مِنْ خَشْیَتِی فَفِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی لَا یُشْرِكُهُمْ فِیهِ أَحَدٌ (7).
ص: 352
«47»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر عُثْمَانُ بْنُ عِیسَی عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِكَ یَنُمُّ عَلَیْكَ فَاحْذَرْهُ (1)فَقَالَ یَا رَبِّ لَا أَعْرِفُهُ فَأَخْبِرْنِی بِهِ حَتَّی أَعْرِفَهُ فَقَالَ یَا مُوسَی عِبْتُ عَلَیْهِ النَّمِیمَةَ وَ تُكَلِّفُنِی أَنْ أَكُونَ نَمَّاماً قَالَ یَا رَبِّ فَكَیْفَ أَصْنَعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَرِّقْ أَصْحَابَكَ عَشَرَةً عَشَرَةً ثُمَّ تُقْرِعُ بَیْنَهُمْ فَإِنَّ السَّهْمَ یَقَعُ عَلَی الْعَشَرَةِ الَّتِی هُوَ فِیهِمْ ثُمَّ تُفَرِّقُهُمْ وَ تُقْرِعُ بَیْنَهُمْ فَإِنَّ السَّهْمَ یَقَعُ عَلَیْهِ قَالَ فَلَمَّا رَأَی الرَّجُلُ أَنَّ السِّهَامَ تُقْرَعُ قَامَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا صَاحِبُكَ لَا وَ اللَّهِ لَا أَعُودُ أَبَداً (2).
«48»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ قَالَ: رَأَی مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ رَجُلًا تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ فَقَالَ یَا رَبِّ مَنْ هَذَا الَّذِی أَدْنَیْتَهُ حَتَّی جَعَلْتَهُ تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَا مُوسَی هَذَا لَمْ یَكُنْ یَعُقُّ وَالِدَیْهِ وَ لَا یَحْسُدُ النَّاسَ عَلَی مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (3).
«49»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ قُتَیْبَةَ الْأَعْشَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ وَ كَمَا تَعْمَلُ كَذَلِكَ تُجْزَی مَنْ یَصْنَعُ الْمَعْرُوفَ إِلَی امْرِئِ السَّوْءِ (4)یُجْزَی شَرّاً (5).
«50»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ بِهِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ قَالَ إِنَّ الدُّنْیَا لَیْسَتْ بِثَوَابٍ لِلْمُؤْمِنِ بِعَمَلِهِ وَ لَا نَقِمَةٍ لِلْفَاجِرِ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ هِیَ دَارُ الظَّالِمِینَ إِلَّا الْعَامِلَ فِیهَا بِالْخَیْرِ فَإِنَّهَا لَهُ نِعْمَتِ الدَّارُ (6).
«51»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ تَعَالَی بِهِ مُوسَی یَا مُوسَی لَا تَرْكَنْ إِلَی الدُّنْیَا رُكُونَ الظَّالِمِینَ وَ رُكُونَ مَنِ اتَّخَذَهَا أُمّاً وَ أَباً یَا مُوسَی لَوْ وَكَلْتُكَ إِلَی نَفْسِكَ تَنْظُرُ لَهَا لَغَلَبَ عَلَیْكَ حُبُّ الدُّنْیَا وَ زَهْرَتُهَا یَا مُوسَی نَافِسْ فِی الْخَیْرِ أَهْلَهُ وَ اسْبِقْهُمْ
ص: 353
إِلَیْهِ فَإِنَّ الْخَیْرَ كَاسْمِهِ وَ اتْرُكْ مِنَ الدُّنْیَا مَا بِكَ الْغِنَی عَنْهُ وَ لَا تَنْظُرْ عَیْنَاكَ إِلَی كُلِّ مَفْتُونٍ فِیهَا مَوْكُولٍ إِلَی نَفْسِهِ وَ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِتْنَةٍ بَذْرُهَا حُبُّ الدُّنْیَا وَ لَا تَغْبِطَنَّ أَحَداً بِرِضَی النَّاسِ عَنْهُ حَتَّی تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ رَاضٍ وَ لَا تَغْبِطَنَّ أَحَداً بِطَاعَةِ النَّاسِ لَهُ وَ اتِّبَاعِهِمْ إِیَّاهُ عَلَی غَیْرِ الْحَقِّ فَهُوَ هَلَاكٌ لَهُ وَ لِمَنِ اتَّبَعَهُ (1).
«52»-وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَیُّ عِبَادِكَ أَبْغَضُ إِلَیْكَ قَالَ جِیفَةٌ بِاللَّیْلِ بَطَّالٌ بِالنَّهَارِ (2)وَ قَالَ قَالَ مُوسَی لِرَبِّهِ یَا رَبِّ إِنْ كُنْتَ بَعِیداً نَادَیْتُ وَ إِنْ كُنْتَ قَرِیباً نَاجَیْتُ قَالَ یَا مُوسَی أَنَا جَلِیسُ مَنْ ذَكَرَنِی فَقَالَ مُوسَی یَا رَبِّ إِنَّا نَكُونُ عَلَی حَالٍ مِنَ الْحَالاتِ فِی الدُّنْیَا مِثْلَ الْغَائِطِ وَ الْجَنَابَةِ فَنَذْكُرُكَ قَالَ یَا مُوسَی اذْكُرْنِی عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ قَالَ قَالَ مُوسَی یَا رَبِّ مَا لِمَنْ عَادَ مَرِیضاً قَالَ أُوَكِّلُ بِهِ مَلَكاً یَعُودُهُ فِی قَبْرِهِ إِلَی مَحْشَرِهِ قَالَ یَا رَبِّ مَا لِمَنْ غَسَّلَ مَیِّتاً قَالَ أُخْرِجُهُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ قَالَ یَا رَبِّ مَا لِمَنْ شَیَّعَ جَنَازَةً قَالَ أُوَكِّلُ بِهِ مَلَائِكَةً مَعَهُمْ رَایَاتٌ یُشَیِّعُونَهُ مِنْ مَحْشَرِهِ إِلَی مَقَامِهِ قَالَ فَمَا لِمَنْ عَزَّی الثَّكْلَی قَالَ أُظِلُّهُ فِی ظِلِّی یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّی تَعَالَی اللَّهُ وَ قَالَ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ بِهِ مُوسَی أَنْ قَالَ أَكْرِمِ السَّائِلَ إِذَا هُوَ أَتَاكَ بِشَیْ ءٍ بِبَذْلٍ یَسِیرٍ أَوْ بِرَدٍّ جَمِیلٍ فَإِنَّهُ قَدْ یَأْتِیكَ مَنْ لَیْسَ بِجِنِّیٍّ وَ لَا إِنْسِیٍّ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَنِ لِیَبْلُوَكَ فِیمَا خَوَّلْتُكَ وَ یَسْأَلَكَ عَمَّا مَوَّلْتُكَ (3)فَكَیْفَ أَنْتَ صَانِعٌ وَ قَالَ یَا مُوسَی لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْیَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِیحِ الْمِسْكِ (4).
بیان: قوله تعالی فإن الخیر كاسمه لعل المراد أن الخیر لما دل بحسب أصل
ص: 354
معناه فی اللغة علی الأفضلیة و ما یطلق علیه فی العرف و الشرع من الأعمال الحسنة هی خیر الأعمال فالخیر كاسمه أی الاسم مطابق لمسمیاته أو أن الخیر لما كان كل أحد یستحسنه إذا سمعه فهو حسن واقعا. (1)و الحاصل أن ما یحكم به عقول عامة الناس فی ذلك مطابق للواقع و یحتمل أن یكون المراد باسمه ذكره بین الناس أی أن الخیر ینفع فی الآخرة كما یصیر سببا لرفعة الذكر فی الدنیا.
«53»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَصْرِیِّ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: مَرَّ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِرَجُلٍ رَافِعٍ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ یَدْعُو فَانْطَلَقَ مُوسَی فِی حَاجَتِهِ فَغَابَ عَنْهُ سَبْعَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَیْهِ وَ هُوَ رَافِعٌ یَدَیْهِ یَدْعُو وَ یَتَضَرَّعُ وَ یَسْأَلُ حَاجَتَهُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا مُوسَی لَوْ دَعَانِی حَتَّی تَسْقُطَ لِسَانُهُ مَا اسْتَجَبْتُ لَهُ حَتَّی یَأْتِیَنِی مِنَ الْبَابِ الَّذِی أَمَرْتُهُ بِهِ (2).
«54»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَوْ غَیْرِهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْعَبْدِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ طَیِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ یَعْنِی لُحُومَ الْإِبِلِ وَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ قَالَ إِنَّ إِسْرَائِیلَ كَانَ إِذَا أَكَلَ مِنْ لَحْمِ الْإِبِلِ هَیَّجَ عَلَیْهِ وَجَعَ الْخَاصِرَةِ فَحَرَّمَ عَلَی نَفْسِهِ لَحْمَ الْإِبِلِ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ التَّوْرَاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لَمْ یُحَرِّمْهُ وَ لَمْ یَأْكُلْهُ (3).
ص: 355
«55»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا مَضَی مُوسَی إِلَی الْجَبَلِ اتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَفْضَلِ أَصْحَابِهِ قَالَ فَأَجْلَسَهُ فِی أَسْفَلِ الْجَبَلِ وَ صَعِدَ مُوسَی الْجَبَلَ فَنَاجَی رَبَّهُ ثُمَّ نَزَلَ فَإِذَا بِصَاحِبِهِ قَدْ أَكَلَ السَّبُعُ وَجْهَهُ وَ قَطَعَهُ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عِنْدِی ذَنْبٌ فَأَرَدْتُ أَنْ یَلْقَانِی وَ لَا ذَنْبَ لَهُ (1).
«56»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ مِنْ عِبَادِی مَنْ یَتَقَرَّبُ إِلَیَّ بِالْحَسَنَةِ فَأُحَكِّمُهُ فِی الْجَنَّةِ قَالَ وَ مَا تِلْكَ الْحَسَنَةُ قَالَ یَمْشِی فِی حَاجَةِ مُؤْمِنٍ (2).
«57»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا صَعِدَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِلَی الطُّورِ فَنَاجَی رَبَّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِی خَزَائِنَكَ قَالَ یَا مُوسَی إِنَّ خَزَائِنِی إِذَا أَرَدْتُ شَیْئاً أَنْ أَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ وَ قَالَ قَالَ یَا رَبِّ أَیُّ خَلْقِكَ أَبْغَضُ إِلَیْكَ قَالَ الَّذِی یَتَّهِمُنِی قَالَ وَ مِنْ خَلْقِكَ مَنْ یَتَّهِمُكَ قَالَ نَعَمْ الَّذِی یَسْتَخِیرُنِی فَأَخِیرُ لَهُ (3)وَ الَّذِی أَقْضِی الْقَضَاءَ لَهُ وَ هُوَ خَیْرٌ لَهُ فَیَتَّهِمُنِی (4).
«58»-ختص، الإختصاص قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قُلْ لِلْمَلَإِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ إِیَّاكُمْ وَ قَتْلَ النَّفْسِ الْحَرَامِ بِغَیْرِ حَقٍّ فَإِنَّ مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ نَفْساً فِی الدُّنْیَا قَتَلْتُهُ فِی النَّارِ مِائَةَ أَلْفِ قَتْلَةٍ مِثْلَ قِتْلَةِ صَاحِبِهِ (5).
«59»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْوَصَّافِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: فِیمَا نَاجَی اللَّهُ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ قَالَ إِنَّ لِی عِبَاداً أُبِیحُهُمْ جَنَّتِی وَ أُحَكِّمُهُمْ فِیهَا قَالَ مُوسَی مَنْ هَؤُلَاءِ
ص: 356
الَّذِینَ أَبَحْتَهُمْ جَنَّتَكَ وَ تُحَكِّمُهُمْ فِیهَا قَالَ مَنْ أَدْخَلَ عَلَی مُؤْمِنٍ سُرُوراً(1).
كا، الكافی محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد عن ابن سنان مثله (2).
«60»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِی أَمْلَأْ قَلْبَكَ خَوْفاً مِنِّی وَ إِنْ لَا تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِی أَمْلَأْ قَلْبَكَ شُغُلًا بِالدُّنْیَا ثُمَّ لَا أَسُدَّ فَاقَتَكَ وَ أَكِلْكَ إِلَی طَلَبِهَا (3).
«61»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ حُبِسَ عَنْهُ الْوَحْیُ ثَلَاثِینَ صَبَاحاً فَصَعِدَ عَلَی جَبَلٍ بِالشَّامِ یُقَالُ لَهُ أَرِیحَا فَقَالَ یَا رَبِّ لِمَ حَبَسْتَ عَنِّی وَحْیَكَ وَ كَلَامَكَ أَ لِذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ فَهَا أَنَا بَیْنَ یَدَیْكَ فَاقْتَصَّ لِنَفْسِكَ رِضَاهَا وَ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا حَبَسْتَ عَنِّی وَحْیَكَ وَ كَلَامَكَ لِذُنُوبِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَعَفْوَكَ الْقَدِیمَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ یَا مُوسَی تَدْرِی لِمَ خَصَصْتُكَ بِوَحْیِی وَ كَلَامِی مِنْ بَیْنِ خَلْقِی فَقَالَ لَا أَعْلَمُهُ یَا رَبِّ قَالَ یَا مُوسَی إِنِّی اطَّلَعْتُ إِلَی (4)خَلْقِی اطِّلَاعَةً فَلَمْ أَرَ فِی خَلْقِی أَشَدَّ تَوَاضُعاً مِنْكَ فَمِنْ ثَمَّ خَصَصْتُكَ بِوَحْیِی وَ كَلَامِی مِنْ بَیْنِ خَلْقِی قَالَ فَكَانَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِذَا صَلَّی لَمْ یَنْفَتِلْ (5)حَتَّی یُلْصِقَ خَدَّهُ الْأَیْمَنَ بِالْأَرْضِ وَ خَدَّهُ الْأَیْسَرَ بِالْأَرْضِ (6).
«62»-سن، المحاسن أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: فِی التَّوْرَاةِ أَرْبَعَةُ أَسْطُرٍ مَنْ لَا یَسْتَشِیرُ یَنْدَمُ وَ الْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ وَ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ وَ مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرَ (7).
ص: 357
«63»- كشف، كشف الغمة رَوَی الْحَافِظُ عَبْدُ الْعَزِیزِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ كَانَ فِیمَا أَعْطَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الْأَلْوَاحِ الْأُوَلِ اشْكُرْ لِی وَ لِوَالِدَیْكَ أَقِیكَ الْمَتَالِفَ وَ أُنْسِی لَكَ فِی عُمُرِكَ وَ أُحْیِكَ حَیَاةً طَیِّبَةً وَ أَقْلِبْكَ إِلَی خَیْرٍ مِنْهَا (1).
«64»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِذَا وَقَفْتَ بَیْنَ یَدَیَّ فَقِفْ مَوْقِفَ الذَّلِیلِ الْفَقِیرِ وَ إِذَا قَرَأْتَ التَّوْرَاةَ فَأَسْمِعْنِیهَا بِصَوْتٍ حَزِینٍ (2).
«65»-كا، الكافی بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ ثَلَاثَةٌ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً أُعْطِیَ مُوسَی مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَحْرُفٍ (3).
«66»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوباً ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِی حِینَ تَغْضَبُ أَذْكُرْكَ عِنْدَ غَضَبِی فَلَا أَمْحَقْكَ فِیمَنْ أَمْحَقُ فَإِذَا ظُلِمْتَ بِمَظْلِمَةٍ فَارْضَ بِانْتِصَارِی لَكَ فَإِنَّ انْتِصَارِی لَكَ خَیْرٌ مِنِ انْتِصَارِكَ لِنَفْسِكَ (4).
«67»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی بْنِ عِمْرَانَ یَا ابْنَ عِمْرَانَ لَا تَحْسُدَنَّ النَّاسَ عَلَی مَا آتَیْتُهُمْ مِنْ فَضْلِی وَ لَا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلَی ذَلِكَ وَ لَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ فَإِنَّ الْحَاسِدَ سَاخِطٌ لِنِعَمِی صَادٌّ لِقَسْمِیَ الَّتِی قَسَمْتُ بَیْنَ عِبَادِی وَ مَنْ یَكُ كَذَلِكَ فَلَسْتُ مِنْهُ وَ لَیْسَ مِنِّی (5).
«68»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، رُوِیَ أَنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: یَا رَبِّ دُلَّنِی عَلَی عَمَلٍ إِذَا
ص: 358
أَنَا عَمِلْتُهُ نِلْتُ بِهِ رِضَاكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا ابْنَ عِمْرَانَ إِنَّ رِضَائِی فِی كُرْهِكَ وَ لَنْ تُطِیقَ ذَلِكَ قَالَ فَخَرَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ سَاجِداً بَاكِیاً فَقَالَ یَا رَبِّ خَصَصْتَنِی بِالْكَلَامِ وَ لَمْ تُكَلِّمْ بَشَراً قَبْلِی وَ لَمْ تَدُلَّنِی عَلَی عَمَلٍ أَنَالُ بِهِ رِضَاكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنَّ رِضَایَ فِی رِضَاكَ بِقَضَائِی (1).
«69»-یه، من لا یحضره الفقیه قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَجَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ نَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ مُوسَی یَا جَبْرَئِیلُ مَا لِمَنْ حَجَّ هَذَا الْبَیْتَ بِلَا نِیَّةٍ صَادِقَةٍ وَ لَا نَفَقَةٍ طَیِّبَةٍ قَالَ لَا أَدْرِی حَتَّی أَرْجِعَ إِلَی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا جَبْرَئِیلُ مَا قَالَ لَكَ مُوسَی وَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ قَالَ یَا رَبِّ قَالَ لِی مَا لِمَنْ حَجَّ هَذَا الْبَیْتَ بِلَا نِیَّةٍ صَادِقَةٍ وَ لَا نَفَقَةٍ طَیِّبَةٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ارْجِعْ إِلَیْهِ وَ قُلْ لَهُ أَهَبُ لَهُ حَقِّی وَ أُرْضِی عَنْهُ خَلْقِی فَقَالَ یَا جَبْرَئِیلُ (2)مَا لِمَنْ حَجَّ هَذَا الْبَیْتَ بِنِیَّةٍ صَادِقَةٍ وَ نَفَقَةٍ طَیِّبَةٍ قَالَ فَرَجَعَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ قُلْ لَهُ أَجْعَلُهُ فِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی (3)مَعَ النَّبِیِّینَ وَ الصِّدِّیقِینَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِینَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِیقاً (4)
«70»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَعَا مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ أَمَّنَ هَارُونُ وَ أَمَّنَتِ الْمَلَائِكَةُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی قَدْ أُجِیبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِیما وَ مَنْ غَزَا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَسْتَجِیبُ لَهُ كَمَا أَسْتَجِیبُ لَكُمَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ (5).
«71»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّیْمِیِّ (6)عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عِیسَی بْنِ أَبِی الْوَرْدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ
ص: 359
شَكَوْا إِلَی مُوسَی مَا یَلْقَوْنَ مِنَ الْبَیَاضِ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ مُرْهُمْ یَأْكُلُوا لَحْمَ الْبَقَرِ بِالسِّلْقِ (1).
«72»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ اشْكُرْ مَنْ أَنْعَمَ عَلَیْكَ وَ أَنْعِمْ عَلَی مَنْ شَكَرَكَ فَإِنَّهُ لَا زَوَالَ لِلنَّعْمَاءِ إِذَا شُكِرَتْ وَ لَا بَقَاءَ لَهَا إِذَا كُفِرَتْ وَ الشُّكْرُ زِیَادَةٌ فِی النِّعَمِ وَ أَمَانٌ مِنَ الْغِیَرِ (2).
«73»-كا، الكافی حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ أَنَّ مَنْ بَاعَ أَرْضاً أَوْ مَاءً فَلَمْ یَضَعْهُ فِی أَرْضٍ وَ مَاءٍ ذَهَبَ ثَمَنُهُ مَحْقاً (3).
«74»-تم، فلاح السائل مِنْ كِتَابِ رَبِیعِ الْأَبْرَارِ قَالَ: مَرَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی قَرْیَةٍ مِنْ قُرَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَنَظَرَ إِلَی أَغْنِیَائِهِمْ قَدْ لَبِسُوا الْمُسُوحَ (4)وَ جَعَلُوا التُّرَابَ عَلَی رُءُوسِهِمْ وَ هُمْ قِیَامٌ عَلَی أَرْجُلِهِمْ تَجْرِی دُمُوعُهُمْ عَلَی خُدُودِهِمْ فَبَكَی رَحْمَةً لَهُمْ فَقَالَ إِلَهِی هَؤُلَاءِ بَنُو إِسْرَائِیلَ حَنُّوا إِلَیْكَ حَنِینَ الْحَمَامِ وَ عَوَوْا عُوَاءَ الذِّئَابِ وَ نَبَحُوا نُبَاحَ الْكِلَابِ (5)فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ وَ لِمَ ذَاكَ لِأَنَّ خَزَانَتِی قَدْ نَفِدَتْ أَمْ لِأَنَّ ذَاتَ یَدَیَّ قَدْ قَلَّتْ أَمْ لَسْتُ أَرْحَمَ
ص: 360
الرَّاحِمِینَ وَ لَكِنْ أَعْلِمْهُمْ أَنِّی عَلِیمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ یَدْعُونَنِی وَ قُلُوبُهُمْ غَائِبَةٌ عَنِّی مَائِلَةٌ إِلَی الدُّنْیَا (1).
«75»-عدة، عدة الداعی یُرْوَی أَنَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ یَوْماً یَا رَبِّ إِنِّی جَائِعٌ فَقَالَ تَعَالَی أَنَا أَعْلَمُ بِجُوعِكَ قَالَ رَبِّ أَطْعِمْنِی قَالَ إِلَی أَنْ أُرِیدَ (2).
«76»-وَ فِیمَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا مُوسَی الْفَقِیرُ مَنْ لَیْسَ لَهُ مِثْلِی كَفِیلٌ وَ الْمَرِیضُ مَنْ لَیْسَ لَهُ مِثْلِی طَبِیبٌ وَ الْغَرِیبُ مَنْ لَیْسَ لَهُ مِثْلِی مُؤْنِسٌ وَ قَالَ تَعَالَی یَا مُوسَی ارْضَ بِكِسْرَةٍ مِنْ شَعِیرٍ تَسُدُّ بِهَا جَوْعَتَكَ وَ بِخِرْقَةٍ تُوَارِی بِهَا عَوْرَتَكَ وَ اصْبِرْ عَلَی الْمَصَائِبِ وَ إِذَا رَأَیْتَ الدُّنْیَا مُقْبِلَةً عَلَیْكَ فَقُلْ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ عُقُوبَةٌ عُجِّلَتْ فِی الدُّنْیَا وَ إِذَا رَأَیْتَ الدُّنْیَا مُدْبِرَةً عَنْكَ فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِینَ یَا مُوسَی لَا تَعْجَبَنَّ بِمَا أُوتِیَ فِرْعَوْنُ وَ مَا مُتِّعَ بِهِ (3)فَإِنَّمَا هِیَ زَهْرَةُ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا (4).
«77»-وَ رُوِیَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنِ اصْعَدِ الْجَبَلَ لِمُنَاجَاتِی وَ كَانَ هُنَاكَ جِبَالٌ فَتَطَاوَلَتِ الْجِبَالُ وَ طَمِعَ كُلٌّ أَنْ یَكُونَ هُوَ الْمَصْعُودَ عَدَا جَبَلًا صَغِیراً احْتَقَرَ نَفْسَهُ وَ قَالَ أَنَا أَقَلُّ مِنْ أَنْ یَصْعَدَنِی نَبِیُّ اللَّهِ لِمُنَاجَاةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِ اصْعَدْ ذَلِكَ الْجَبَلَ فَإِنَّهُ لَا یَرَی لِنَفْسِهِ مَكَاناً (5).
«78»-وَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِیمَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّنِی فَإِذَا جَنَّهُ اللَّیْلُ نَامَ یَا ابْنَ عِمْرَانَ لَوْ رَأَیْتَ الَّذِینَ یُصَلُّونَ لِی فِی الدُّجَی وَ قَدْ مَثَّلْتُ نَفْسِی بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ یُخَاطِبُونِّی وَ قَدْ جُلِّیتُ (6)عَنِ الْمُشَاهَدَةِ وَ یُكَلِّمُونِّی وَ قَدْ عُزِّزْتُ عَنِ الْحُضُورِ یَا ابْنَ عِمْرَانَ هَبْ لِی مِنْ عَیْنَیْكَ الدُّمُوعَ وَ مِنْ قَلْبِكَ الْخُشُوعَ وَ مِنْ بَدَنِكَ الْخُضُوعَ ثُمَّ ادْعُنِی فِی ظُلَمِ اللَّیَالِی تَجِدْنِی قَرِیباً مُجِیباً (7).
ص: 361
«79»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْحَسَنِ مُعَنْعَناً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِیِّ إِذْ قَضَیْنا إِلی مُوسَی الْأَمْرَ وَ ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِینَ قَالَ قَضَی بِخِلَافَةِ یُوشَعَ بْنِ نُونٍ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَدَعْ (1)نَبِیّاً مِنْ غَیْرِ وَصِیٍّ وَ إِنِّی بَاعِثٌ نَبِیّاً عَرَبِیّاً وَ جَاعِلٌ وَصِیَّهُ عَلِیّاً فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِیِّ (2)
وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ (3)مُعَنْعَناً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَ زَادَ فِیهِ فِی الْوِصَایَةِ وَ حَدَّثَهُ بِمَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ (4).
«80»-وَ حَدَّثَنِی جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْمَدَائِنِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ مَا مَعْنَی قَوْلِهِ وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَیْنا قَالَ كِتَابٌ كَتَبَهُ اللَّهُ یَا أَبَا سَعِیدٍ فِی وَرَقَةِ آسٍ قَبْلَ أَنْ یَخْلُقَ الْخَلْقَ بِأَلْفَیْ عَامٍ ثُمَّ صَیَّرَهَا فِی عَرْشِهِ أَوْ تَحْتَ عَرْشِهِ فِیهَا یَا شِیعَةَ آلِ مُحَمَّدِ قَدْ أَعْطَیْتُكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُونِی وَ غَفَرْتُ لَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَغْفِرُونِی وَ مَنْ أَتَانِی مِنْكُمْ بِوَلَایَةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَسْكَنْتُهُ جَنَّتِی بِرَحْمَتِی (5).
ص: 362
«1»-فس، تفسیر القمی مَاتَ هَارُونُ وَ مُوسَی عَلَیْهِمَا السَّلَامُ فِی التِّیهِ فَرُوِیَ (1)أَنَّ الَّذِی حَفَرَ قَبْرَ مُوسَی هُوَ مَلَكُ الْمَوْتِ فِی صُورَةِ آدَمِیٍّ وَ لِذَلِكَ لَا یَعْرِفُ بَنُو إِسْرَائِیلَ مَوْضِعَ قَبْرِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ قَبْرِهِ فَقَالَ عِنْدَ الطَّرِیقِ الْأَعْظَمِ عِنْدَ الْكَثِیبِ الْأَحْمَرِ قَالَ وَ كَانَ
ص: 363
بَیْنَ مُوسَی وَ بَیْنَ دَاوُدَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ وَ بَیْنَ دَاوُدَ وَ عِیسَی أَلْفُ سَنَةٍ وَ مِائَةُ سَنَةٍ (1).
«2»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ إِدْرِیسَ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ یَا رَبِّ رَضِیتُ بِمَا قَضَیْتَ تُمِیتُ الْكَبِیرَ وَ تُبْقِی الطِّفْلَ الصَّغِیرَ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ یَا مُوسَی أَ مَا تَرْضَانِی لَهُمْ رَازِقاً وَ كَفِیلًا قَالَ بَلَی یَا رَبِّ فَنِعْمَ الْوَكِیلُ أَنْتَ وَ نِعْمَ الْكَفِیلُ (2).
ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بالإسناد إلی الصدوق عن أبیه عن سعد عن ابن عیسی عن أبی جمیلة مثله (3).
«3»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ غَیْرُهُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ جَمِیعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ وَ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ أَبِی الدَّیْلَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَوْصَی مُوسَی إِلَی یُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَ أَوْصَی یُوشَعُ بْنُ نُونٍ إِلَی وُلْدِ هَارُونَ وَ لَمْ یُوصِ إِلَی وُلْدِهِ وَ لَا إِلَی وُلْدِ مُوسَی إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ الْخِیَرَةُ یَخْتَارُ مَنْ یَشَاءُ مِمَّنْ یَشَاءُ وَ بَشَّرَ مُوسَی وَ یُوشَعُ بِالْمَسِیحِ (4).
«4»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ أَبِی مَعْمَرٍ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنِ الْإِمَامِ یُغَسِّلُهُ الْإِمَامُ قَالَ سُنَّةُ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (5).
بیان: أی حیث غسله وصیه یوشع أو المعصومون من الملائكة.
«5»-یب، تهذیب الأحكام ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْقُمِّیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی نَوَادِرِهِ قَالَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی عَنْ أَخِیهِ جَعْفَرِ بْنِ عِیسَی عَنْ خَالِدِ بْنِ سَدِیرٍ أَخِی حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ رَجُلٍ شَقَّ ثَوْبَهُ عَلَی أَبِیهِ أَوْ عَلَی أُمِّهِ أَوْ عَلَی أَخِیهِ أَوْ عَلَی قَرِیبٍ لَهُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِشَقِّ الثَّوْبِ قَدْ شَقَّ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَی أَخِیهِ هَارُونَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ (6).
ص: 364
«6»-یب، تهذیب الأحكام أَخْبَرَنِی الشَّیْخُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: الْغُسْلُ فِی سَبْعَةَ عَشَرَ مَوْطِناً وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ لَیْلَةَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ أَیْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ هِیَ اللَّیْلَةُ الَّتِی أُصِیبَ فِیهَا أَوْصِیَاءُ الْأَنْبِیَاءِ وَ فِیهَا رُفِعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ وَ قُبِضَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ (1).
«7»-أَقُولُ قَدْ مَرَّ فِی الْبَابِ الْأَوَّلِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ وَصِیُّ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ هُوَ فَتَاهُ الَّذِی قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی كِتَابِهِ.
«8»-ك، إكمال الدین لی، الأمالی للصدوق الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أَخْبِرْنِی بِوَفَاةِ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ إِنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ أَجَلُهُ وَ اسْتَوْفَی مُدَّتَهُ وَ انْقَطَعَ أَكْلُهُ أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا كَلِیمَ اللَّهِ فَقَالَ مُوسَی وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ مَا الَّذِی جَاءَ بِكَ قَالَ جِئْتُ لِأَقْبِضَ رُوحَكَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ أَیْنَ تَقْبِضُ رُوحِی قَالَ مِنْ فَمِكَ قَالَ لَهُ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ كَیْفَ وَ قَدْ كَلَّمْتُ رَبِّی جَلَّ جَلَالُهُ قَالَ فَمِنْ یَدَیْكَ قَالَ كَیْفَ وَ قَدْ حَمَلْتُ بِهِمَا التَّوْرَاةَ قَالَ فَمِنْ رِجْلَیْكَ قَالَ كَیْفَ وَ قَدْ وَطِئْتُ بِهِمَا طُورَ سَیْنَاءَ قَالَ فَمِنْ عَیْنَیْكَ قَالَ كَیْفَ وَ لَمْ تَزَلْ إِلَی رَبِّی بِالرَّجَاءِ مَمْدُودَةً قَالَ فَمِنْ أُذُنَیْكَ قَالَ وَ كَیْفَ وَ قَدْ سَمِعْتُ بِهِمَا كَلَامَ رَبِّی جَلَّ وَ عَزَّ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی مَلَكِ الْمَوْتِ لَا تَقْبِضْ رُوحَهُ حَتَّی یَكُونَ هُوَ الَّذِی یُرِیدُ ذَلِكَ وَ خَرَجَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَمَكَثَ مُوسَی مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَمْكُثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَ دَعَا یُوشَعَ بْنَ نُونٍ فَأَوْصَی إِلَیْهِ وَ أَمَرَهُ بِكِتْمَانِ أَمْرِهِ وَ بِأَنْ یُوصِیَ بَعْدَهُ إِلَی مَنْ یَقُومُ بِالْأَمْرِ وَ غَابَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْمِهِ فَمَرَّ فِی غَیْبَتِهِ بِرَجُلٍ وَ هُوَ یَحْفِرُ قَبْراً فَقَالَ لَهُ أَ لَا أُعِینُكَ عَلَی حَفْرِ هَذَا الْقَبْرِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ بَلَی فَأَعَانَهُ حَتَّی حَفَرَ الْقَبْرَ وَ سَوَّی اللَّحْدَ ثُمَّ اضْطَجَعَ فِیهِ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِیَنْظُرَ كَیْفَ هُوَ فَكَشَفَ لَهُ عَنِ الْغِطَاءِ فَرَأَی مَكَانَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَقَالَ یَا رَبِّ اقْبِضْنِی إِلَیْكَ فَقَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ مَكَانَهُ وَ دَفَنَهُ فِی الْقَبْرِ وَ سَوَّی
ص: 365
عَلَیْهِ التُّرَابَ وَ كَانَ الَّذِی یَحْفِرُ الْقَبْرَ مَلَكٌ (1)فِی صُورَةِ آدَمِیٍّ وَ كَانَ ذَلِكَ فِی التِّیهِ فَصَاحَ صَائِحٌ مِنَ السَّمَاءِ مَاتَ مُوسَی كَلِیمُ اللَّهِ فَأَیُّ نَفْسٍ لَا تَمُوتُ فَحَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ أَبِیهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سُئِلَ عَنْ قَبْرِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَیْنَ هُوَ فَقَالَ عِنْدَ الطَّرِیقِ الْأَعْظَمِ عِنْدَ الْكَثِیبِ الْأَحْمَرِ ثُمَّ إِنَّ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَ مُوسَی صَابِراً مِنَ الطَّوَاغِیتِ عَلَی اللَّأْوَاءِ (2)وَ الضَّرَّاءِ وَ الْجَهْدِ وَ الْبَلَاءِ حَتَّی مَضَی مِنْهُمْ ثَلَاثَةُ طَوَاغِیتَ فَقَوِیَ بَعْدَهُمْ أَمْرُهُ فَخَرَجَ عَلَیْهِ رَجُلَانِ مِنْ مُنَافِقِی قَوْمِ مُوسَی بِصَفْرَاءَ (3)بِنْتِ شُعَیْبٍ امْرَأَةِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی مِائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ فَقَاتَلُوا یُوشَعَ بْنَ نُونٍ فَغَلَبَهُمْ وَ قَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِیمَةً وَ هَزَمَ الْبَاقِینَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ وَ أَسَرَ صَفْرَاءَ بِنْتَ شُعَیْبٍ وَ قَالَ لَهَا قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ فِی الدُّنْیَا إِلَی أَنْ نَلْقَی نَبِیَّ اللَّهِ مُوسَی فَأَشْكُوَ (4)مَا لَقِیتُ مِنْكِ وَ مِنْ قَوْمِكِ فَقَالَتْ صَفْرَاءُ وَا وَیْلَاهْ وَ اللَّهِ لَوْ أُبِیحَتْ لِیَ الْجَنَّةُ لَاسْتَحْیَیْتُ أَنْ أَرَی فِیهَا رَسُولَ اللَّهِ وَ قَدْ هَتَكْتُ حِجَابَهُ وَ خَرَجْتُ عَلَی وَصِیِّهِ بَعْدَهُ (5).
أقول: لم یكن فی الأمالی ثم إن یوشع إلی آخر ما نقلنا و لكن نقلناه عن إكمال الدین و له تتمة سیأتی فی أبواب أحوال داود علیه السلام
ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ الْقَطَّانِ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ قَامَ بِالْأَمْرِ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ (6)
«9»- ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ أَتَی مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَقَالَ مَنْ
ص: 366
أَنْتَ فَقَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ مَا حَاجَتُكَ فَقَالَ لَهُ جِئْتُ أَقْبِضُ رُوحَكَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی مِنْ أَیْنَ تَقْبِضُ رُوحِی قَالَ مِنْ فَمِكَ قَالَ لَهُ مُوسَی كَیْفَ وَ قَدْ كَلَّمْتُ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَمِنْ یَدَیْكَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی كَیْفَ وَ قَدْ حَمَلْتُ بِهِمَا التَّوْرَاةَ فَقَالَ مِنْ رِجْلَیْكَ فَقَالَ وَ كَیْفَ وَ قَدْ وَطِئْتُ بِهِمَا طُورَ سَیْنَاءَ قَالَ وَ عَدَّ أَشْیَاءَ غَیْرَ هَذَا قَالَ فَقَالَ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَإِنِّی أُمِرْتُ أَنْ أَتْرُكَكَ حَتَّی تَكُونَ أَنْتَ الَّذِی تُرِیدُ ذَلِكَ فَمَكَثَ مُوسَی مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ مَرَّ بِرَجُلٍ وَ هُوَ یَحْفِرُ قَبْراً فَقَالَ لَهُ مُوسَی أَ لَا أُعِینُكَ عَلَی حَفْرِ هَذَا الْقَبْرِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ بَلَی قَالَ فَأَعَانَهُ حَتَّی حَفَرَ الْقَبْرَ وَ لَحَدَ اللَّحْدَ فَأَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ یَضْطَجِعَ فِی اللَّحْدِ (1)لِیَنْظُرَ كَیْفَ هُوَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی أَنَا أَضْطَجِعُ فِیهِ فَاضْطَجَعَ مُوسَی فَأُرِیَ مَكَانَهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ قَالَ مَنْزِلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَقَالَ یَا رَبِّ اقْبِضْنِی إِلَیْكَ فَقَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ وَ دَفَنَهُ فِی الْقَبْرِ وَ سَوَّی عَلَیْهِ التُّرَابَ قَالَ وَ كَانَ الَّذِی یَحْفِرُ الْقَبْرَ مَلَكُ الْمَوْتِ فِی صُورَةِ آدَمِیٍّ فَلِذَلِكَ لَا یُعْرَفُ قَبْرُ مُوسَی (2).
«10»-ك، إكمال الدین عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْجُنَیْدِ الرَّازِیِّ عَنْ أَبِی عَوَانَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مِینَا (3)مَوْلَی عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ یُغَسِّلُكَ إِذَا مِتَّ فَقَالَ یُغَسِّلُ كُلَّ نَبِیٍّ وَصِیُّهُ قُلْتُ فَمَنْ وَصِیُّكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقُلْتُ كَمْ یَعِیشُ بَعْدَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ثَلَاثِینَ سَنَةً فَإِنَّ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَصِیَّ مُوسَی عَاشَ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ خَرَجَتْ عَلَیْهِ صَفْرَاءُ (4)بِنْتُ شُعَیْبٍ زَوْجُ مُوسَی فَقَالَتْ أَنَا أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْكَ فَقَاتَلَهَا فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهَا (5)وَ أَسَرَهَا فَأَحْسَنَ أَسْرَهَا وَ إِنَّ ابْنَةَ أَبِی بَكْرٍ
ص: 367
سَتَخْرُجُ عَلَی عَلِیٍّ فِی كَذَا وَ كَذَا أَلْفاً مِنْ أُمَّتِی فَیُقَاتِلُهَا فَیَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهَا (1)وَ یَأْسِرُهَا فَیُحْسِنُ أَسْرَهَا وَ فِیهَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّةِ الْأُولی یَعْنِی (2)صَفْرَاءَ بِنْتَ شُعَیْبٍ (3).
«11»-كا، الكافی أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ مَا مَنْزِلَةُ الْأَئِمَّةِ قَالَ كَمَنْزِلَةِ ذِی الْقَرْنَیْنِ (4)وَ كَمَنْزِلَةِ یُوشَعَ وَ كَمَنْزِلَةِ آصَفَ صَاحِبِ سُلَیْمَانَ (5).
«12»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمْ یُرْفَعْ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِیطٌ حَتَّی طَلَعَ الْفَجْرُ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا یُوشَعُ بْنُ نُونٍ الْخَبَرَ(6).
«13»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لِهَارُونَ عَلَیْهِ السَّلَامُ امْضِ بِنَا إِلَی جَبَلِ طُورِ سَیْنَاءَ ثُمَّ خَرَجَا فَإِذَا بَیْتٌ عَلَی بَابِهِ شَجَرَةٌ عَلَیْهَا ثَوْبَانِ فَقَالَ مُوسَی لِهَارُونَ اطْرَحْ ثِیَابَكَ وَ ادْخُلْ هَذَا الْبَیْتَ وَ الْبَسْ هَاتَیْنِ الْحُلَّتَیْنِ وَ نَمْ عَلَی السَّرِیرِ فَفَعَلَ هَارُونُ فَلَمَّا أَنْ نَامَ عَلَی السَّرِیرِ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ ارْتَفَعَ الْبَیْتُ وَ الشَّجَرَةُ وَ رَجَعَ مُوسَی إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَبَضَ هَارُونَ وَ رَفَعَهُ إِلَیْهِ فَقَالُوا كَذَبْتَ أَنْتَ قَتَلْتَهُ فَشَكَا مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ إِلَی رَبِّهِ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی الْمَلَائِكَةَ فَأَنْزَلَتْهُ عَلَی سَرِیرٍ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ حَتَّی رَأَتْهُ بَنُو إِسْرَائِیلَ فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَاتَ (7).
«14»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ
ص: 368
قَالَ: إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ أَتَی مُوسَی فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ فَمَا جَاءَ بِكَ قَالَ جِئْتُ لِأَقْبِضَ رُوحَكَ وَ إِنِّی أُمِرْتُ أَنْ أَتْرُكَكَ حَتَّی تَكُونَ أَنْتَ الَّذِی تُرِیدُ وَ خَرَجَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَمَكَثَ مُوسَی مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ دَعَا یُوشَعَ بْنَ نُونٍ فَأَوْصَی إِلَیْهِ وَ أَمَرَهُ بِكِتْمَانِ أَمْرِهِ وَ بِأَنْ یُوصِیَ بَعْدَهُ إِلَی مَنْ یَقُومُ بِالْأَمْرِ وَ غَابَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْمِهِ فَمَرَّ فِی غَیْبَتِهِ وَ رَأَی مَلَائِكَةً یَحْفِرُونَ قَبْراً قَالَ لِمَنْ تَحْفِرُونَ هَذَا الْقَبْرَ قَالُوا نَحْفِرُهُ وَ اللَّهِ لِعَبْدِ كَرِیمٍ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ إِنَّ لِهَذَا الْعَبْدِ مِنَ اللَّهِ لَمَنْزِلَةً فَإِنِّی مَا رَأَیْتُ مَضْجَعاً وَ لَا مَدْخَلًا أَحْسَنَ مِنْهُ فَسَأَلَتِ الْمَلَائِكَةُ یَا صَفِیَّ اللَّهِ أَ تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ ذَلِكَ قَالَ وَدِدْتُ قَالُوا فَادْخُلْ وَ اضْطَجِعْ فِیهِ ثُمَّ تَوَجَّهْ إِلَی رَبِّكَ فَاضْطَجَعَ فِیهِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لِیَنْظُرَ كَیْفَ هُوَ فَكُشِفَ لَهُ مِنَ الْغِطَاءِ فَرَأَی مَكَانَهُ فِی الْجَنَّةِ فَقَالَ یَا رَبِّ اقْبِضْنِی إِلَیْكَ فَقَبَضَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ دَفَنَهُ وَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ حَثَتْ عَلَیْهِ (1)فَصَاحَ صَائِحٌ مِنَ السَّمَاءِ مَاتَ مُوسَی كَلِیمُ اللَّهِ وَ أَیُّ نَفْسٍ لَا تَمُوتُ فَكَانَ بَنُو إِسْرَائِیلَ لَا یَعْرِفُونَ مَكَانَ قَبْرِهِ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ قَبْرِهِ قَالَ عِنْدَ الطَّرِیقِ الْأَعْظَمِ عِنْدَ الْكَثِیبِ الْأَحْمَرِ (2).
«15»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ امْرَأَةَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ خَرَجَتْ عَلَی یُوشَعَ بْنِ نُونٍ رَاكِبَةً زَرَافَةً (3)فَكَانَ لَهَا أَوَّلُ النَّهَارِ وَ لَهُ آخِرُ النَّهَارِ (4)فَظَفِرَ بِهَا فَأَشَارَ عَلَیْهِ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ بِمَا لَا یَنْبَغِی فِیهَا فَقَالَ أَ بَعْدَ مُضَاجَعَةِ مُوسَی لَهَا وَ لَكِنْ أَحْفَظُهُ فِیهَا (5).
ص: 369
«16»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لِی یَا مُحَمَّدُ إِنَّهُ كَانَ فِی زَمَنِ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فَأَتَی وَاحِدٌ مِنْهُمُ الثَّلَاثَةَ وَ هُمْ مُجْتَمِعُونَ فِی مَنْزِلِ أَحَدِهِمْ فِی مُنَاظَرَةٍ بَیْنَهُمْ فَقَرَعَ الْبَابَ وَ خَرَجَ إِلَیْهِ الْغُلَامُ فَقَالَ أَیْنَ مَوْلَاكَ فَقَالَ لَیْسَ هُوَ فِی الْبَیْتِ فَرَجَعَ الرَّجُلُ وَ دَخَلَ الْغُلَامُ إِلَی مَوْلَاهُ فَقَالَ لَهُ مَنْ كَانَ الَّذِی قَرَعَ الْبَابَ قَالَ كَانَ فُلَانٌ فَقُلْتُ لَهُ لَسْتَ فِی الْمَنْزِلِ فَسَكَتَ وَ لَمْ یَكْتَرِثْ (1)وَ لَمْ یَلُمْ غُلَامَهُ وَ لَا اغْتَمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِرُجُوعِهِ عَنِ الْبَابِ وَ أَقْبَلُوا فِی حَدِیثِهِمْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ بَكَّرَ (2)إِلَیْهِمُ الرَّجُلُ فَأَصَابَهُمْ وَ قَدْ خَرَجُوا یُرِیدُونَ ضَیْعَةً لِبَعْضِهِمْ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ أَنَا مَعَكُمْ فَقَالُوا نَعَمْ وَ لَمْ یَعْتَذِرُوا إِلَیْهِ وَ كَانَ الرَّجُلُ مُحْتَاجاً ضَعِیفَ الْحَالِ فَلَمَّا كَانُوا فِی بَعْضِ الطَّرِیقِ إِذَا غَمَامَةٌ قَدْ أَظَلَّتْهُمْ فَظَنُّوا أَنَّهُ مَطَرٌ فَبَادَرُوا فَلَمَّا اسْتَوَتِ الْغَمَامَةُ عَلَی رُءُوسِهِمْ إِذَا مُنَادٍ یُنَادِی مِنْ جَوْفِ الْغَمَامَةِ أَیَّتُهَا النَّارُ خُذِیهِمْ وَ أَنَا جَبْرَئِیلُ رَسُولُ اللَّهِ فَإِذَا نَارٌ مِنْ جَوْفِ الْغَمَامَةِ قَدِ اخْتَطَفَتِ الثَّلَاثَةَ نَفَرٍ (3)وَ بَقِیَ الْآخَرُ مَرْعُوباً یَعْجَبُ مِمَّا نَزَلَ بِالْقَوْمِ وَ لَا یَدْرِی مَا السَّبَبُ فَرَجَعَ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلَقِیَ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَ مَا رَأَی وَ مَا سَمِعَ فَقَالَ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ سَخِطَ عَلَیْهِمْ بَعْدَ أَنْ كَانَ عَنْهُمْ رَاضِیاً وَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِمْ بِكَ قَالَ وَ مَا فِعْلُهُمْ بِی فَحَدَّثَهُ یُوشَعُ فَقَالَ الرَّجُلُ فَأَنَا أَجْعَلُهُمْ فِی حِلٍّ وَ أَعْفُو عَنْهُمْ قَالَ لَوْ كَانَ هَذَا قَبْلُ لَنَفَعَهُمْ فَأَمَّا السَّاعَةَ فَلَا وَ عَسَی أَنْ یَنْفَعَهُمْ مِنْ بَعْدُ (4).
«17»-ك، إكمال الدین أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ التَّمِیمِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: عَاشَ مُوسَی مِائَةً وَ سِتّاً وَ عِشْرِینَ سَنَةً وَ عَاشَ هَارُونُ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِائَةً وَ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً (5).
بیان: یشكل الجمع بین هذا و ما مر من كون هارون سبق موسی علیه السلام فی الموت
ص: 370
إلا بأن یقال كان هارون أكبر منه و أزید من سنة (1).
«18»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَاتَ مُوسَی كَلِیمُ اللَّهِ فِی التِّیهِ فَصَاحَ صَائِحٌ مِنَ السَّمَاءِ مَاتَ مُوسَی وَ أَیُّ نَفْسٍ لَا تَمُوتُ (2).
ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر محمد بن الحسین مثله (3).
«19»-صَفْوَةُ الصِّفَاتِ، لِلْكَفْعَمِیِّ رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَصِیَّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَارَبَ الْعَمَالِیقَ (4)وَ كَانُوا فِی صُوَرٍ هَائِلَةٍ ضَعُفَتْ نُفُوسُ بَنِی إِسْرَائِیلَ عَنْهُمْ فَشَكَوْا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی یُوشَعَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ یَأْمُرَ الْخَوَاصَّ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنْ یَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَرَّةً مِنَ الْخَزَفِ فَارِغَةً عَلَی كَتِفِهِ الْأَیْسَرِ بِاسْمِ عِمْلِیقٍ وَ یَأْخُذَ بِیَمِینِهِ قَرْناً مَثْقُوباً مِنْ قُرُونِ الْغَنَمِ وَ یَقْرَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِی الْقَرْنِ هَذَا الدُّعَاءَ یَعْنِی دُعَاءَ السِّمَاتِ لِئَلَّا یَسْتَرِقَ السَّمْعَ بَعْضُ شَیَاطِینِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فَیَتَعَلَّمُوهُ ثُمَّ یُلْقُونَ الْجِرَارَ فِی عَسْكَرِ الْعَمَالِیقِ آخِرَ اللَّیْلِ وَ یَكْسِرُونَهَا فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَأَصْبَحَ الْعَمَالِیقُ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِیَةٍ مُنْتَفِخِی الْأَجْوَافِ مَوْتَی الْخَبَرَ.
ثم قال و لقد وجدت هذا الحدیث بعینه
مرویا عن الصادق علیه السلام إلا أنه ذكر أن محاربة العمالقة كانت مع موسی علیه السلام روی ذلك عنه عثمان بن سعید العمری (5).
أقول: قال صاحب الكامل أوحی اللّٰه تعالی فی التیه إلی موسی علیه السلام أنی متوف
ص: 371
هارون فانطلق به إلی جبل كذا و كذا فانطلقا نحوه فإذا هما بشجرة لم یریا مثلها و فیه بیت مبنی و سریر علیه فرش و ریح طیبة فلما رآه هارون أعجبه فقال یا موسی إنی أحب (1)أن أنام علی هذا السریر فقال له موسی نم قال إنی أخاف رب هذا البیت أن یأتی فیغضب علی قال موسی لا تخف أنا أكفیك (2)قال فنم معی فلما ناما أخذ هارون الموت فلما وجد حسه قال یا موسی خدعتنی (3)فتوفی و رفع علی السریر إلی السماء و رجع موسی إلی بنی إسرائیل فقال له بنو إسرائیل إنك قتلت هارون لحبنا إیاه فقال ویحكم أ فترونی أن أقتل أخی فلما أكثروا علیه صلی و دعا اللّٰه تعالی فنزل بالسریر حتی نظروا إلیه ما بین السماء و الأرض فأخبرهم أنه مات و أن موسی لم یقتله فصدقوه فكان موته فی التیه.
قال و كان جمیع عمر موسی مائة و عشرین سنة (4)و قیل بینما موسی علیه السلام یمشی و معه یوشع بن نون فتاه إذا أقبلت ریح سوداء فلما نظر إلیها یوشع ظن أنها الساعة فالتزم موسی و قال لا تقوم الساعة (5)و أنا ملتزم نبی اللّٰه فاستل (6)موسی من تحت القمیص و بقی القمیص فی یدی یوشع فلما جاء یوشع بالقمیص أخذه بنو إسرائیل و قالوا قتلت نبی اللّٰه فقال ما قتلته و لكنه استل منی فلم یصدقوه قال فإذا لم تصدقونی فأخرونی ثلاثة أیام فوكلوا به من یحفظه فدعا اللّٰه فأتی كل رجل كان یحرسه فی المنام فأخبر أن یوشع لم یقتل موسی و أنا رفعناه إلینا فتركوه و قیل- إنه مر منفردا برهط من الملائكة یحفرون قبرا و ذكر نحوا مما مر فی الأخبار. ثم قال و لما توفی موسی علیه السلام بعث اللّٰه یوشع بن نون بن إفرائیم بن یوسف بن
ص: 372
یعقوب بن إسحاق بن إبراهیم نبیا إلی بنی إسرائیل و أمره بالمسیر إلی أریحا مدینة الجبارین.
فاختلف العلماء فی فتحها علی ید من كان فقال ابن عباس أما هارون و موسی توفیا فی التیه (1)و توفی فیه كل من دخله و قد جاوز العشرین سنة غیر یوشع بن نون و كالب بن یوفنا فلما انقضی أربعون سنة أوحی اللّٰه تعالی إلی یوشع بن نون یأمره بالمسیر إلیها و فتحها ففتحها و مثله قال قتادة و السدی و عكرمة و قال آخرون إن موسی علیه السلام عاش حتی خرج من التیه و سار إلی مدینة الجبارین و علی مقدمته یوشع بن نون (2)و كالب بن یوفنا و هو صهره علی أخته مریم بنت عمران فلما بلغوها اجتمع الجبارون إلی بلعم بن باعوراء و هو من ولد لوط فقالوا له إن موسی قد جاء لیقتلنا و یخرجنا من دیارنا فادع اللّٰه علیهم و كان بلعم یعرف اسم اللّٰه الأعظم فقال لهم كیف أدعو علی نبی اللّٰه و المؤمنین و معهم الملائكة فراجعوه فی ذلك و هو یمتنع علیهم فأتوا امرأته و أهدوا لها هدیة فقبلتها و طلبوا إلیها أن تحسن لزوجها أن یدعو علی بنی إسرائیل (3)فقالت له فی ذلك فامتنع فلم تزل به حتی قال أستخیر ربی فاستخار اللّٰه تعالی فنهاه فی المنام فأخبرها بذلك فقالت راجع ربك فعاود الاستخارة فلم یرد إلیه جواب فقالت لو أراد ربك لنهاك و لم تزل تخدعه حتی أجابهم فركب حمارا له متوجها إلی جبل یشرف علی بنی إسرائیل لیقف علیه و یدعو علیهم فما سار علیه إلا قلیلا حتی ربض الحمار (4)فنزل عنه فضربه حتی قام فركبه فسار به قلیلا فربض (5)فعل ذلك ثلاث مرات فلما اشتد ضربه فی الثالثة أنطقه اللّٰه فقال له ویحك یا بلعم أین تذهب أ ما تری الملائكة تردنی فلم یرجع فأطلق اللّٰه الحمار حینئذ فسار علیه حتی أشرف علی بنی إسرائیل فكان كلما أراد
ص: 373
أن یدعو علیهم ینصرف لسانه إلی الدعاء لهم و إذا أراد أن یدعو لقومه انقلب الدعاء علیهم فقالوا له فی ذلك فقال هذا شی ء غلبنا اللّٰه علیه و اندلع لسانه (1)فوقع علی صدره فقال لهم الآن قد ذهبت منی الدنیا و الآخرة و لم یبق إلا المكر و الحیلة و أمرهم أن یزینوا النساء و یعطوهن السلع (2)للبیع و یرسلوهن إلی العسكر و لا تمنع امرأة نفسها ممن یریدها و قال إن زنی منهم رجل واحد كفیتموهم ففعلوا ذلك و دخل النساء عسكر بنی إسرائیل فأخذ زمری بن شلوم و هو رأس سبط شمعون بن یعقوب امرأة و أتی بها موسی فقال له أظنك تقول إن هذا حرام فو اللّٰه لا نطیعك ثم أدخلها خیمته فوقع علیها فأنزل اللّٰه علیهم الطاعون و كان فنحاص بن العیزار بن هارون (3)صاحب أمر عمه موسی غائبا فلما جاء رأی الطاعون قد استقر فی بنی إسرائیل و أخبر الخبر و كان ذا قوة و بطش فقصد زمری فرآه و هو مضاجع المرأة فطعنهما بحربة بیده (4)فانتظمهما و رفع الطاعون و قد هلك فی تلك الساعة عشرون ألفا و قیل سبعون ألفا فأنزل اللّٰه فی بلعم وَ اتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ الَّذِی آتَیْناهُ آیاتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِینَ ثم إن موسی قدم یوشع بن نون إلی أریحا فی بنی إسرائیل فدخلها و قتل بها الجبارین و بقیت منهم بقیة و قد قاربت الشمس الغروب فخشی أن یدركهم اللیل فیعجزوه فدعا اللّٰه تعالی أن یحبس علیه الشمس ففعل و حبسها حتی استأصلهم و دخلها موسی فأقام بها ما شاء اللّٰه أن یقیم و قبضه اللّٰه تعالی إلیه لا یعلم بقبره أحد من الخلق و أما من زعم أن موسی كان توفی (5)قبل ذلك فقال إن اللّٰه تعالی أمر یوشع بالمسیر إلی مدینة الجبارین فسار ببنی إسرائیل ففارقه رجل منهم یقال له بلعم بن باعور و كان یعرف الاسم الأعظم و ساق من حدیثه نحو ما تقدم فلما ظفر یوشع بالجبارین أدركه المساء لیلة السبت فدعا اللّٰه تعالی فرد الشمس علیه و زاد فی النهار ساعة (6)فهزم الجبارین
ص: 374
و دخل مدینتهم و جمع غنائمهم لیأخذها القربان (1)فلم تأت النار فقال یوشع فیكم غلول (2)فبایعونی فبایعوه فلصقت یده فی ید من غل فأتاه برأس ثور من ذهب مكلل بالیاقوت فجعله فی القربان و جعل الرجل معه فجاءت النار و أكلتهما و قیل بل حصرها ستة أشهر فلما كان السابع تقدموا إلی المدینة فصاحوا صیحة واحدة فسقط السور فدخلوها و هزموا الجبارین أقبح هزیمة و قتلوا فیهم فأكثروا ثم اجتمع جماعة من ملوك الشام و قصدوا یوشع بن نون فقاتلهم و هزمهم و هرب الملوك إلی غار فأمر بهم یوشع فقتلوا و صلبوا ثم ملك الشام جمیعه فصار لبنی إسرائیل و فرق فیه عماله ثم توفاه اللّٰه فاستخلف علی بنی إسرائیل كالب بن یوفنا و كان عمر یوشع مائة و ستا و عشرین سنة و كان قیامه بالأمر بعد موسی علیه السلام سبعا و عشرین سنة انتهی (3).
و قال المسعودی سار ملك الشام و هو السمیدع بن هزبر (4)بن مالك إلی یوشع بن نون فكانت له معه حروب إلی أن قتله یوشع و احتوی علی ملكه و ألحق به غیره من الجبابرة و العمالیق و شن الغارات (5)بأرض الشام و كانت مدة یوشع بعد موسی تسعا و عشرین سنة و قد كان بقریة من قری البلقاء من بلاد الشام رجل یقال له بلعم بن باعور و كان مستجاب الدعوة فحمله قومه علی الدعاء علی یوشع فلم یتأت له ذلك و عجز عنه فأشار إلی بعض ملوك العمالیق أن یبرز الحسان من النساء نحو عساكر یوشع (6)ففعلوا ذلك فزنوا بهم فوقع فیهم الطاعون فهلك منهم تسعون ألفا (7)و قیل أكثر من ذلك و قیل أكثر من ذلك و قیل إن یوشع قبض و هو ابن مائة و عشر سنین (8)و قام فی
ص: 375
بنی إسرائیل بعد یوشع كالب بن یوفنا (1).
«20»-مهج، مهج الدعوات بِإِسْنَادِنَا إِلَی سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ كِتَابِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ وَجَدَ رَجُلٌ مِنَ أصحابه (الصَّحَابَةِ) صَحِیفَةً أَتَی (2)بِهَا رَسُولَ اللَّهِ فَنَادَی الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَمَا تَخَلَّفَ أَحَدٌ لَا ذَكَرٌ وَ لَا أُنْثَی فَرَقِیَ الْمِنْبَرَ فَقَرَأَهَا فَإِذَا كِتَابُ (3)یُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَصِیِّ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَإِذَا فِیهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ إِنَّ رَبَّكُمْ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِیمٌ أَلَا إِنَّ خَیْرَ عِبَادِ اللَّهِ التَّقِیُّ الْخَفِیُّ وَ إِنَّ شَرَّ عِبَادِ اللَّهِ الْمُشَارُ إِلَیْهِ بِالْأَصَابِعِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ یَكْتَالَ بِالْمِكْیَالِ الْأَوْفَی وَ أَنْ یُؤَدِّیَ الْحُقُوقَ الَّتِی أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَیْهِ فَلْیَقُلْ فِی كُلِّ یَوْمٍ سُبْحَانَ اللَّهِ كَمَا یَنْبَغِی لِلَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَمَا یَنْبَغِی لِلَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا یَنْبَغِی لِلَّهِ (4)وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ النَّبِیِّ الْعَرَبِیِّ الْهَاشِمِیِّ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی جَمِیعِ الْمُرْسَلِینَ وَ النَّبِیِّینَ حَتَّی یَرْضَی اللَّهُ (5).
دعوات الراوندی، عنه علیه السلام مثله (6).
«21»-لی، الأمالی للصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَبِیبِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَمَّا تُوُفِّیَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَامَ الْحَسَنُ عَلَیْهِ السَّلَامُ خَطِیباً فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ رُفِعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ قُتِلَ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ الْخَبَرَ (7).
«22»-د، العدد القویة فِی لَیْلَةِ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ مِنْ رَمَضَانَ رُفِعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ فِیهَا مِنْ رَمَضَانَ قُبِضَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ فِی مِثْلِهَا قُبِضَ وَصِیُّهُ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ.
أقول: قد مضی بعض أحوال یوشع و وفاة موسی و هارون علیهما السلام فی باب التیه.
ص: 376
الآیات؛
الأعراف: «وَ اتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ الَّذِی آتَیْناهُ آیاتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِینَ* وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَی الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَیْهِ یَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ یَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِینَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ یَتَفَكَّرُونَ»(175-176)
«1»-فس، تفسیر القمی وَ اتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ الَّذِی آتَیْناهُ آیاتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِینَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی بَلْعَمَ بْنِ بَاعُورَاءَ وَ كَانَ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ أُعْطِیَ بَلْعَمُ بْنُ بَاعُورَاءَ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ وَ كَانَ یَدْعُو بِهِ فیستجیب (فَیُسْتَجَابُ) لَهُ (1)فَمَالَ إِلَی فِرْعَوْنَ فَلَمَّا مَرَّ فِرْعَوْنُ فِی طَلَبِ مُوسَی وَ أَصْحَابِهِ قَالَ فِرْعَوْنُ (2)لِبَلْعَمَ ادْعُ اللَّهَ عَلَی مُوسَی وَ أَصْحَابِهِ لِیَحْبِسَهُ عَلَیْنَا فَرَكِبَ حِمَارَتَهُ لِیَمُرَّ فِی طَلَبِ مُوسَی فَامْتَنَعَتْ عَلَیْهِ حِمَارَتُهُ فَأَقْبَلَ یَضْرِبُهَا فَأَنْطَقَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَتْ وَیْلَكَ عَلَی مَا ذَا تَضْرِبُنِی أَ تُرِیدُ أَنْ أَجِی ءَ مَعَكَ لِتَدْعُوَ عَلَی نَبِیِّ اللَّهِ وَ قَوْمٍ مُؤْمِنِینَ فَلَمْ یَزَلْ یَضْرِبُهَا حَتَّی قَتَلَهَا وَ انْسَلَخَ الِاسْمُ مِنْ لِسَانِهِ وَ هُوَ قَوْلُهُ فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطانُ فَكانَ مِنَ
ص: 377
الْغاوِینَ وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَی الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَیْهِ یَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ یَلْهَثْ وَ هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ فَقَالَ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ فَلَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنَ الْبَهَائِمِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ حِمَارَةُ بَلْعَمَ وَ كَلْبُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَ الذِّئْبُ وَ كَانَ سَبَبُ الذِّئْبِ أَنَّهُ بَعَثَ مَلِكٌ ظَالِمٌ رَجُلًا شُرْطِیّاً (1)لِیَحْشُرَ قَوْماً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ یُعَذِّبَهُمْ وَ كَانَ لِلشُّرْطِیِّ ابْنٌ یُحِبُّهُ فَجَاءَ ذِئْبٌ فَأَكَلَ ابْنَهُ فَحَزِنَ الشُّرْطِیُّ عَلَیْهِ فَأَدْخَلَ اللَّهُ ذَلِكَ الذِّئْبَ الْجَنَّةَ لِمَا أَحْزَنَ الشُّرْطِیَّ (2).
«2»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَیَابَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ رَفَعَهُ قَالَ: فُتِحَتْ مَدَائِنُ الشَّامِ عَلَی یُوشَعَ بْنِ نُونٍ فَفَتَحَهَا مَدِینَةً مَدِینَةً حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْبَلْقَاءِ فَلَقُوا فِیهَا رَجُلًا یُقَالُ لَهُ بَالِقٌ (3)فَجَعَلُوا یَخْرُجُونَ یُقَاتِلُونَهُ لَا یُقْتَلُ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَقِیلَ إِنَّ فِیهِمُ امْرَأَةً عِنْدَهَا عِلْمٌ (4)ثُمَّ سَأَلُوا یُوشَعَ الصُّلْحَ ثُمَّ انْتَهَی إِلَی مَدِینَةٍ أُخْرَی فَحَصَرَهَا وَ أَرْسَلَ صَاحِبُ الْمَدِینَةِ إِلَی بَلْعَمَ وَ دَعَاهُ فَرَكِبَ حِمَارَهُ إِلَی الْمَلِكِ فَعَثَرَ حِمَارُهُ تَحْتَهُ فَقَالَ لِمَ عَثَرْتَ فَكَلَّمَهُ اللَّهُ لِمَ لَا أَعْثُرُ وَ هَذَا جَبْرَئِیلُ بِیَدِهِ حَرْبَةٌ یَنْهَاكَ عَنْهُمْ وَ كَانَ عِنْدَهُمْ أَنَّ بَلْعَمَ أُوتِیَ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ فَقَالَ الْمَلِكُ ادْعُ عَلَیْهِمْ وَ هُوَ الْمُنَافِقُ الَّذِی رُوِیَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَی وَ اتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ الَّذِی آتَیْناهُ آیاتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها نَزَلَ فِیهِ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْمَدِینَةِ لَیْسَ لِلدُّعَاءِ عَلَیْهِمْ سَبِیلٌ وَ لَكِنْ أُشِیرُ عَلَیْكَ أَنْ تُزَیِّنَ النِّسَاءَ وَ تَأْمُرَهُنَّ أَنْ یَأْتِینَ عَسْكَرَهُمْ فَیَتَعَرَّضْنَ لِلرِّجَالِ فَإِنَّ الزِّنَا لَمْ یَظْهَرْ فِی قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا بَعَثَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الْمَوْتَ
ص: 378
فَلَمَّا دَخَلَ النِّسَاءُ الْعَسْكَرَ وَقَعَ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی یُوشَعَ إِنْ شِئْتَ سَلَّطْتُ عَلَیْهِمُ الْعَدُوَّ وَ إِنْ شِئْتَ أَهْلَكْتُهُمْ بِالسِّنِینَ وَ إِنْ شِئْتَ بِمَوْتٍ حَثِیثٍ (1)عَجْلَانَ فَقَالَ هُمْ بَنُو إِسْرَائِیلَ لَا أُحِبُّ أَنْ یُسَلِّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ وَ لَا یُهْلِكَهُمْ بِالسِّنِینَ وَ لَكِنْ بِمَوْتٍ حَثِیثٍ عَجْلَانَ قَالَ فَمَاتَ فِی ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ سَبْعُونَ أَلْفاً بِالطَّاعُونِ (2).
«3»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ سُلَیْمَانَ اللَّبَّانِ (3)قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَ تَدْرِی مَا مَثَلُ الْمُغِیرَةِ بْنِ سَعِیدٍ (4)قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ مَثَلُهُ مَثَلُ بَلْعَمَ الَّذِی أُوتِیَ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ الَّذِی قَالَ اللَّهُ آتَیْناهُ آیاتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِینَ(5).
بیان: قال الشیخ الطبرسی رحمه اللّٰه: آیاتِنا أی حججنا و بیناتنا فَانْسَلَخَ مِنْها أی فخرج من العلم بها بالجهل كالشی ء الذی ینسلخ من جلده فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطانُ أی تبعه و قیل معناه لحقه الشیطان و أدركه حتی أضله فَكانَ مِنَ الْغاوِینَ أی من الهالكین و قیل من الخائبین و اختلف فی المعنی به فقیل هو بلعام بن باعور عن ابن عباس و ابن مسعود و كان رجلا علی دین موسی و كان فی المدینة التی قصدها موسی علیه السلام و كانوا كفارا و كان عنده اسم اللّٰه الأعظم و كان إذا دعا اللّٰه تعالی به أجابه و قیل هو بلعم بن باعوراء من بنی هاب بن لوط (6)عن أبی حمزة الثمالی و مسروق
قال
ص: 379
أبو حمزة و بلغنا أیضا و اللّٰه أعلم أنه أمیة بن أبی الصلت الثقفی و كان قد قرأ الكتب و علم أنه سبحانه مرسل رسولا فی ذلك الوقت فلما أرسل محمد صلی اللّٰه علیه و آله حسده و مر علی قتلی بدر فسأل عنهم فقیل قتلهم محمد فقال لو كان نبیا ما قتل أقرباءه.
و قیل إنه أبو عامر الراهب الذی سماه النبی الفاسق (1)و قیل المعنی به منافقو أهل الكتاب و
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ الْأَصْلُ فِی ذَلِكَ بَلْعَمُ ثُمَّ ضَرَبَهُ اللَّهُ مَثَلًا لِكُلِّ مُؤْثِرٍ هَوَاهُ عَلَی هُدَی اللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ.
وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها أی بتلك الآیات أی و لو شئنا لرفعنا منزلته بإیمانه و معرفته قبل أن یكفر و لكن بقیناه لیزداد الإیمان فكفر و قیل معناه و لو شئنا لحلنا بینه و بین ما اختاره من المعصیة وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَی الْأَرْضِ أی ركن إلی الدنیا إِنْ تَحْمِلْ عَلَیْهِ یَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ یَلْهَثْ أی صفته كصفة الكلب إن طردته و شددت علیه یخرج لسانه من فمه و كذا إن تركته و لم تطرده و تحمل علیه من الحملة لا من الحمل و المعنی إن وعظته فهو ضال و إن لم تعظه فهو ضال و قیل إنما شبه بالكلب فی الخسة و قصور الهمة ثم وصف الكلب باللّٰهث علی عادة العرب فی تشبیههم الشی ء بالشی ء ثم یأخذون فی وصف المشبه به و إن لم یكن ذلك فی المشبه و قیل شبهه بالكلب إذا أخرج لسانه لإیذائه الناس بلسانه حملت علیه أو تركته یقال لمن آذی الناس بلسانه فلان أخرج لسانه من الفم مثل الكلب و لهثه فی هذه الموضع صیاحه و نباحه (2).
ص: 380
باب 14 قصة حزقیل علیه السلام (1)
الآیات؛
البقرة: «أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْیاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَی النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یَشْكُرُونَ»(243)
«1»-فس، تفسیر القمی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ الْآیَةَ فَإِنَّهُ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِالشَّامِ فِی بَعْضِ الْكُوَرِ فَخَرَجَ مِنْهُمْ (2)خَلْقٌ كَثِیرٌ كَمَا حَكَی اللَّهُ تَعَالَی هَرَباً مِنَ الطَّاعُونِ فَصَارُوا إِلَی مَفَازَةٍ فَمَاتُوا فِی لَیْلَةٍ وَاحِدَةٍ كُلُّهُمْ فَبَقُوا حَتَّی كَانَتْ عِظَامُهُمْ یَمُرُّ بِهَا الْمَارُّ فَیُنَحِّیهَا بِرِجْلِهِ عَنِ الطَّرِیقِ ثُمَّ أَحْیَاهُمُ اللَّهُ وَ رَدَّهُمْ إِلَی مَنَازِلِهِمْ فَبَقُوا دَهْراً طَوِیلًا ثُمَّ مَاتُوا وَ تَدَافَنُوا (3).
«2»-خص، منتخب البصائر سَعْدٌ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ (4)عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْقَمَّاطِ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ شَیْ ءٌ لَا یَكُونُ هَاهُنَا مِثْلُهُ فَقَالَ لَا فَقُلْتُ فَحَدِّثْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْیاهُمْ فَهَلْ أَحْیَاهُمْ حَتَّی نَظَرَ النَّاسُ إِلَیْهِمْ ثُمَّ أَمَاتَهُمْ مِنْ یَوْمِهِمْ أَوْ رَدَّهُمْ إِلَی الدُّنْیَا فَقَالَ بَلْ رَدَّهُمْ إِلَی الدُّنْیَا حَتَّی سَكَنُوا الدُّورَ وَ أَكَلُوا الطَّعَامَ وَ نَكَحُوا النِّسَاءَ وَ لَبِثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ مَاتُوا بِالْآجَالِ (5).
ص: 381
شی، تفسیر العیاشی عن حمران مثله (1).
«3»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: سَأَلَ عَبْدُ الْأَعْلَی مَوْلَی بَنِی سَامٍ الصَّادِقَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ أَنَا عِنْدَهُ حَدِیثٌ یَرْوِیهِ النَّاسُ فَقَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ یَرْوُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی حِزْقِیلَ النَّبِیِّ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ أَخْبِرْ فُلَانَ الْمَلِكِ أَنِّی مُتَوَفِّیكَ یَوْمَ كَذَا فَأَتَی حِزْقِیلُ الْمَلِكَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَالَ فَدَعَا اللَّهَ وَ هُوَ عَلَی سَرِیرِهِ حَتَّی سَقَطَ مَا بَیْنَ الْحَائِطِ وَ السَّرِیرِ وَ قَالَ یَا رَبِّ أَخِّرْنِی حَتَّی یَشِبَّ طِفْلِی وَ أَقْضِیَ أَمْرِی فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی ذَلِكَ النَّبِیِّ أَنِ ائْتِ فُلَاناً وَ قُلْ إِنِّی أَنْسَأْتُ فِی عُمُرِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَالَ النَّبِیُّ یَا رَبِّ بِعِزَّتِكَ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّی لَمْ أَكْذِبْ كَذِبَةً قَطُّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ مَأْمُورٌ فَأَبْلِغْهُ (2).
«4»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ عَنْهُمَا عَلَیْهِمَا السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْیاهُمْ قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ مَدِینَةٍ مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ كَانُوا سَبْعِینَ أَلْفَ بَیْتٍ وَ كَانَ الطَّاعُونُ یَقَعُ فِیهِمْ فِی كُلِّ أَوَانٍ فَكَانُوا إِذَا أَحَسُّوا بِهِ خَرَجَ مِنَ الْمَدِینَةِ الْأَغْنِیَاءُ وَ بَقِیَ فِیهَا الْفُقَرَاءُ لِضَعْفِهِمْ فَكَانَ الْمَوْتُ یَكْثُرُ فِی الَّذِینَ أَقَامُوا وَ یَقِلُّ فِی الَّذِینَ خَرَجُوا فَصَارُوا رَمِیماً عِظَاماً فَمَرَّ بِهِمْ نَبِیٌّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ یُقَالُ لَهُ حِزْقِیلُ فَرَآهُمْ وَ بَكَی وَ قَالَ یَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَحْیَیْتَهُمُ السَّاعَةَ فَأَحْیَاهُمُ اللَّهُ وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّهُ تَعَالَی أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ رُشَّ الْمَاءَ عَلَیْهِمْ فَفَعَلَ فَأَحْیَاهُمْ (3).
بیان: السقط ظاهر فی هذا الخبر كما سیظهر من روایة الكافی (4)مع توافق آخر سندیهما.
ص: 382
«5»-سن، المحاسن بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ رَجُلٍ سُمِّیَ (1)عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ مَلِكُ الْقِبْطِ یُرِیدُ هَدْمَ بَیْتِ الْمَقْدِسِ اجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَی حِزْقِیلَ النَّبِیِّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَیْهِ فَقَالَ لَعَلِّی أُنَاجِی رَبِّی اللَّیْلَةَ فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّیْلُ نَاجَی رَبَّهُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِّی قَدْ كَفَیْتُكَهُمْ (2)وَ كَانُوا قَدْ مَضَوْا (3)فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی مَلَكِ الْهَوَاءِ أَنْ أَمْسِكْ عَلَیْهِمْ أَنْفَاسَهُمْ فَمَاتُوا كُلُّهُمْ فَأَصْبَحَ حِزْقِیلُ النَّبِیُّ وَ أَخْبَرَ قَوْمَهُ بِذَلِكَ فَخَرَجُوا فَوَجَدُوهُمْ قَدْ مَاتُوا وَ دَخَلَ حِزْقِیلَ النَّبِیَّ الْعُجْبُ فَقَالَ فِی نَفْسِهِ مَا فَضْلُ سُلَیْمَانَ النَّبِیِّ عَلَیَّ وَ قَدْ أُعْطِیتُ مِثْلَ هَذَا قَالَ فَخَرَجَتْ قَرْحَةٌ عَلَی كَبِدِهِ فَآذَتْهُ فَخَشَعَ لِلَّهِ وَ تَذَلَّلَ وَ قَعَدَ عَلَی الرَّمَادِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ خُذْ لَبَنَ التِّینِ فَحُكَّهُ عَلَی صَدْرِكَ مِنْ خَارِجٍ فَفَعَلَ فَسَكَنَ عَنْهُ ذَلِكَ (4).
ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بالإسناد إلی الصدوق بإسناده إلی الثمالی مثله (5)
قال الطبرسی قدس روحه فی قوله تعالی الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ قیل هم قوم من بنی إسرائیل فروا من طاعون وقع فی أرضهم عن الحسن و قیل فروا من الجهاد و قد كتب علیهم عن الضحاك و مقاتل و احتجا بقوله عقیب الآیة وَ قاتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ و قیل هم قوم حزقیل و هو ثالث خلفاء بنی إسرائیل بعد موسی علیه السلام و ذلك أن القیم بأمر بنی إسرائیل بعد الموسی كان یوشع بن نون ثم كالب بن یوفنا ثم حزقیل و قد كان یقال له ابن العجوز و ذلك أن أمه كانت عجوزا فسألت اللّٰه الولد و قد كبرت و عقمت فوهبه اللّٰه سبحانه لها و قال الحسن هو ذو الكفل و إنما سمی حزقیل ذا الكفل لأنه كفل سبعین نبیا نجاهم من القتل و قال لهم اذهبوا فإنی إن قتلت كان خیرا من
ص: 383
أن تقتلوا جمیعا فلما جاء الیهود و سألوا حزقیل عن الأنبیاء السبعین قال إنهم ذهبوا فلا أدری أین هم و منع اللّٰه سبحانه ذا الكفل منهم.
وَ هُمْ أُلُوفٌ أجمع أهل التفسیر أن المراد بألوف هنا كثرة العدد إلا ابن زید فإنه قال معناه خرجوا مؤتلفی القلوب لم یخرجوا عن تباغض و اختلف من قال المراد به العدد الكثیر فقیل كانوا ثلاثة آلاف (1)عن عطاء و قیل ثمانیة آلاف عن مقاتل و الكلبی و قیل عشرة آلاف عن أبی روق (2)و قیل بضعة و ثلاثین ألفا عن السدی و قیل أربعین ألفا عن ابن عباس و ابن جریح و قیل سبعین ألفا عن عطاء بن أبی ریاح و قیل كانوا عددا كثیرا عن الضحاك.
حَذَرَ الْمَوْتِ أی من خوف الموت فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْیاهُمْ قیل أحیاهم اللّٰه بدعاء نبیهم حزقیل عن ابن عباس و قیل إنه شمعون نبی من أنبیاء بنی إسرائیل ثم ذكر رحمه اللّٰه القصة فقال قیل إن اسم القریة التی خرجوا منها داوردان (3)و قیل واسط قال الكلبی و الضحاك و مقاتل إن ملكا من ملوك بنی إسرائیل أمرهم أن یخرجوا إلی قتال عدوهم فخرجوا و عسكروا ثم جبنوا و كرهوا الموت فاعتلوا و قالوا إن الأرض التی نأتیها بها الوباء فلا نأتیها حتی ینقطع منها الوباء فأرسل اللّٰه علیهم الموت فلما رأوا أن الموت كثر فیهم خرجوا من دیارهم فرارا من الموت فلما رأی الملك ذلك قال اللّٰهم رب یعقوب و إله موسی قد تری معصیة عبادك فأرهم آیة فی أنفسهم حتی یعلموا أنهم لا یستطیعون الفرار منك فأماتهم اللّٰه جمیعا و أمات دوابهم و أتی علیهم ثمانیة أیام حتی انتفخوا و أروحت أجسادهم (4)
ص: 384
فخرج إلیهم الناس فعجزوا عن دفنهم فحظروا علیهم حظیرة (1)دون السباع و تركوهم فیها قالوا و أتی علی ذلك مدة حتی بلیت أجسادهم و عریت عظامهم و قطعت (2)أوصالهم فمر علیهم حزقیل فجعل یتفكر فیهم متعجبا منهم فأوحی اللّٰه إلیه یا حزقیل ترید أن أریك آیة و أریك كیف أحیی الموتی قال نعم فأحیاهم اللّٰه عز و جل و قیل إنهم كانوا قوم حزقیل فأحیاهم اللّٰه بعد ثمانیة أیام و ذلك أنه لما أصابهم ذلك خرج حزقیل فی طلبهم فوجدهم موتی فبكی ثم قال یا رب كنت فی قوم یحمدونك و یسبحونك و یقدسونك فبقیت وحیدا لا قوم لی فأوحی اللّٰه تعالی إلیه قد جعلنا حیاتهم إلیك فقال حزقیل أحیوا بإذن اللّٰه فعاشوا. (3).
«6»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ وَ غَیْرِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ بَعْضِهِمْ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْیاهُمْ فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ مَدِینَةٍ مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ وَ كَانُوا سَبْعِینَ أَلْفَ بَیْتٍ وَ كَانَ الطَّاعُونُ یَقَعُ فِیهِمْ فِی كُلِّ أَوَانٍ فَكَانُوا إِذَا أَحَسُّوا بِهِ خَرَجَ مِنَ الْمَدِینَةِ الْأَغْنِیَاءُ لِقُوَّتِهِمْ وَ بَقِیَ فِیهَا الْفُقَرَاءُ لِضَعْفِهِمْ فَكَانَ الْمَوْتُ یَكْثُرُ فِی الَّذِینَ أَقَامُوا وَ یَقِلُّ فِی الَّذِینَ خَرَجُوا فَیَقُولُ الَّذِینَ خَرَجُوا لَوْ كُنَّا أَقَمْنَا لَكَثُرَ فِینَا الْمَوْتُ وَ یَقُولُ الَّذِینَ أَقَامُوا لَوْ كُنَّا خَرَجْنَا لَقَلَّ فِینَا الْمَوْتُ قَالَ فَاجْتَمَعَ رَأْیُهُمْ جَمِیعاً عَلَی أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الطَّاعُونُ وَ أَحَسُّوا بِهِ خَرَجُوا كُلُّهُمْ مِنَ الْمَدِینَةِ فَلَمَّا أَحَسُّوا بِالطَّاعُونِ خَرَجُوا جَمِیعاً وَ تَنَحَّوْا عَنِ الطَّاعُونِ حَذَرَ الْمَوْتِ فَصَارُوا فِی الْبِلَادِ (4)مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ مَرُّوا بِمَدِینَةٍ خَرِبَةٍ قَدْ جَلَا أَهْلُهَا عَنْهَا وَ أَفْنَاهُمُ الطَّاعُونُ فَنَزَلُوا بِهَا فَلَمَّا حَطُّوا رِحَالَهُمْ وَ اطْمَأَنُّوا قَالَ لَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوتُوا جَمِیعاً فَمَاتُوا مِنْ سَاعَتِهِمْ وَ صَارُوا رَمِیماً یَلُوحُ وَ كَانُوا عَلَی طَرِیقِ الْمَارَّةِ فَكَنَسَتْهُمُ الْمَارَّةُ فَنَحَّوْهُمْ وَ جَمَعُوهُمْ فِی مَوْضِعٍ فَمَرَّ
ص: 385
بِهِمْ نَبِیٌّ مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ یُقَالُ لَهُ حِزْقِیلُ فَلَمَّا رَأَی تِلْكَ الْعِظَامَ بَكَی وَ اسْتَعْبَرَ وَ قَالَ یَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ لَأَحْیَیْتَهُمُ السَّاعَةَ كَمَا أَمَتَّهُمْ فَعَمَرُوا بِلَادَكَ وَ وَلَدُوا عِبَادَكَ وَ عَبَدُوكَ مَعَ مَنْ یَعْبُدُكَ مِنْ خَلْقِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَ فَتُحِبُّ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ یَا رَبِّ فَأَحْیِهِمْ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ الَّذِی أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَقُولَهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ فَلَمَّا قَالَ حِزْقِیلُ ذَلِكَ الْكَلَامَ نَظَرَ إِلَی الْعِظَامِ یَطِیرُ بَعْضُهَا إِلَی بَعْضٍ فَعَادُوا أَحْیَاءً یَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ یُسَبِّحُونَ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ یُكَبِّرُونَهُ وَ یُهَلِّلُونَهُ فَقَالَ حِزْقِیلُ عِنْدَ ذَلِكَ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ قَالَ عُمَرُ بْنُ یَزِیدَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِیهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ (1).
«7»-أَقُولُ رَوَی الشَّیْخُ أَحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ فِی الْمُهَذَّبِ وَ غَیْرُهُ بِأَسَانِیدِهِمْ عَنِ الْمُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: یَوْمُ النَّیْرُوزِ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی أَحْیَا اللَّهُ فِیهِ الْقَوْمَ الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْیاهُمْ وَ ذَلِكَ أَنَّ نَبِیّاً مِنَ الْأَنْبِیَاءِ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُحْیِیَ الْقَوْمَ الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ فَأَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ صُبَّ عَلَیْهِمُ الْمَاءَ فِی مَضَاجِعِهِمْ فَصَبَّ عَلَیْهِمُ الْمَاءَ فِی هَذَا الْیَوْمِ فَعَاشُوا وَ هُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفاً فَصَارَ صَبُّ الْمَاءِ فِی یَوْمِ النَّیْرُوزِ سُنَّةً مَاضِیَةً لَا یَعْرِفُ سَبَبَهَا إِلَّا الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ (2).
«8»-ج، الإحتجاج ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ فِیمَا احْتَجَّ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی أَرْبَابِ الْمِلَلِ قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِلْجَاثَلِیقِ فَإِنَّ الْیَسَعَ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعَ عِیسَی فَلَمْ یَتَّخِذْهُ أُمَّتُهُ رَبّاً (3)وَ لَقَدْ صَنَعَ حِزْقِیلُ النَّبِیُّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِثْلَ مَا صَنَعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَحْیَا خَمْسَةً وَ ثَلَاثِینَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمْ بِسِتِّینَ سَنَةً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی رَأْسِ الْجَالُوتِ فَقَالَ أَ تَجِدُ هَؤُلَاءِ فِی شَبَابِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی التَّوْرَاةِ اخْتَارَهُمْ بُخْتَنَصَّرُ مِنْ سَبْیِ بَنِی إِسْرَائِیلَ حِینَ غَزَا بَیْتَ الْمَقْدِسِ ثُمَّ انْصَرَفَ بِهِمْ إِلَی بَابِلَ فَأَرْسَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِمْ فَأَحْیَاهُمْ (4)ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی النَّصْرَانِیِ
ص: 386
فَقَالَ یَا نَصْرَانِیُّ أَ فَهَؤُلَاءِ كَانُوا قَبْلَ عِیسَی أَمْ عِیسَی كَانَ قَبْلَهُمْ قَالَ بَلْ كَانُوا قَبْلَهُ فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَمَتَی اتَّخَذْتُمْ عِیسَی رَبّاً جَازَ لَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْیَسَعَ وَ حِزْقِیلَ (1)لِأَنَّهُمَا قَدْ صَنَعَا مِثْلَ مَا صَنَعَ عِیسَی مِنْ إِحْیَاءِ الْمَوْتَی وَ غَیْرِهِ إِنَّ قَوْماً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ هَرَبُوا مِنْ بِلَادِهِمْ مِنَ الطَّاعُونِ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَمَدَ أَهْلُ تِلْكَ الْقَرْیَةِ فَحَظَرُوا عَلَیْهِمْ حَظِیرَةً فَلَمْ یَزَالُوا فِیهَا حَتَّی نَخِرَتْ عِظَامُهُمْ وَ صَارُوا رَمِیماً فَمَرَّ بِهِمْ نَبِیٌّ مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَتَعَجَّبَ مِنْهُمْ وَ مِنْ كَثْرَةِ الْعِظَامِ الْبَالِیَةِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ أَ تُحِبُّ أَنْ أُحْیِیَهُمْ لَكَ فَتُنْذِرَهُمْ قَالَ نَعَمْ یَا رَبِّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ نَادِهِمْ فَقَالَ أَیَّتُهَا الْعِظَامُ الْبَالِیَةُ قُومِی بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَامُوا أَحْیَاءً أَجْمَعُونَ یَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ (2).
«9»-ج، الإحتجاج فِی حَدِیثِ الزِّنْدِیقِ الَّذِی سَأَلَ الصَّادِقَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ مَسَائِلَ قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَحْیَا اللَّهُ قَوْماً خَرَجُوا عَنْ أَوْطَانِهِمْ هَارِبِینَ مِنَ الطَّاعُونِ لَا یُحْصَی عَدَدُهُمْ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ دَهْراً طَوِیلًا حَتَّی بَلِیَتْ عِظَامُهُمْ وَ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُمْ وَ صَارُوا تُرَاباً فَبَعَثَ اللَّهُ فِی وَقْتٍ أَحَبَّ أَنْ یُرِیَ خَلْقَهُ قُدْرَتَهُ نَبِیّاً یُقَالُ لَهُ حِزْقِیلُ فَدَعَاهُمْ فَاجْتَمَعَتْ أَبْدَانُهُمْ وَ رَجَعَتْ فِیهَا أَرْوَاحُهُمْ وَ قَامُوا كَهَیْئَةِ یَوْمَ مَاتُوا لَا یَفْقِدُونَ مِنْ أَعْدَادِهِمْ رَجُلًا فَعَاشُوا بَعْدَ ذَلِكَ دَهْراً طَوِیلًا (3).
أقول: إنما أوردنا قصة حزقیل علیه السلام هاهنا تبعا للمشهور بین المفسرین و المؤرخین و الظاهر من بعض الروایات (4)تأخره عن تلك المرتبة.
ص: 387
قال اللّٰه تعالی فی سورة مریم: «وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ إِسْماعِیلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِیًّا* وَ كانَ یَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ وَ كانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِیًّا»(54-55)
«1»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَشْیَمَ عَنِ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَ تَدْرِی لِمَ سُمِّیَ إِسْمَاعِیلُ صَادِقَ الْوَعْدِ قُلْتُ لَا أَدْرِی قَالَ وَعَدَ رَجُلًا فَجَلَسَ لَهُ حَوْلًا یَنْتَظِرُهُ (1).
مع، معانی الأخبار مرسلا مثله (2).
«2»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَمَّنْ ذَكَرَاهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ إِسْمَاعِیلَ الَّذِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ إِسْماعِیلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِیًّا لَمْ یَكُنْ إِسْمَاعِیلَ بْنَ إِبْرَاهِیمَ بَلْ كَانَ نَبِیّاً مِنَ الْأَنْبِیَاءِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی قَوْمِهِ فَأَخَذُوهُ فَسَلَخُوا فَرْوَةَ (3)رَأْسِهِ وَ وَجْهِهِ فَأَتَاهُ مَلَكٌ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ بَعَثَنِی إِلَیْكَ فَمُرْنِی بِمَا شِئْتَ فَقَالَ لِی أُسْوَةٌ بِمَا یُصْنَعُ بِالْحُسَیْنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ (4).
مل، كامل الزیارات أبی عن سعد عن ابن عیسی و ابن أبی الخطاب و ابن یزید جمیعا عن محمد بن سنان مثله (5) .
ص: 388
«3»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ إِسْمَاعِیلَ كَانَ رَسُولًا نَبِیّاً سُلِّطَ عَلَیْهِ قَوْمُهُ (1)فَقَشَرُوا جِلْدَةَ وَجْهِهِ وَ فَرْوَةَ رَأْسِهِ فَأَتَاهُ رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَقَالَ لَهُ رَبُّكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ قَدْ رَأَیْتُ مَا صُنِعَ بِكَ وَ قَدْ أَمَرَنِی بِطَاعَتِكَ فَمُرْنِی بِمَا شِئْتَ فَقَالَ یَكُونُ لِی بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أُسْوَةٌ (2).
مل، كامل الزیارات أبی عن سعد عن ابن عیسی و ابن أبی الخطاب و ابن یزید جمیعا عن محمد بن سنان مثله (3).
«4»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنِ التَّفْلِیسِیِّ عَنِ السَّمَنْدِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ اللِّسَانِ تَحْقُنُ بِهِ الدِّمَاءَ وَ تَدْفَعُ بِهِ الْكَرِیهَةَ وَ تَجُرُّ الْمَنْفَعَةَ إِلَی أَخِیكَ الْمُسْلِمِ ثُمَّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ عَابِدَ بَنِی إِسْرَائِیلَ الَّذِی كَانَ أَعْبَدَهُمْ كَانَ یَسْعَی فِی حَوَائِجِ النَّاسِ عِنْدَ الْمَلِكِ وَ إِنَّهُ لَقِیَ إِسْمَاعِیلَ بْنَ حِزْقِیلَ فَقَالَ لَا تَبْرَحْ حَتَّی أَرْجِعَ إِلَیْكَ یَا إِسْمَاعِیلُ فَسَهَا عَنْهُ عِنْدَ الْمَلِكِ فَبَقِیَ إِسْمَاعِیلُ إِلَی الْحَوْلِ هُنَاكَ فَأَنْبَتَ اللَّهُ لِإِسْمَاعِیلَ عُشْباً فَكَانَ یَأْكُلُ مِنْهُ وَ أَجْرَی لَهُ عَیْناً وَ أَظَلَّهُ بِغَمَامٍ فَخَرَجَ الْمَلِكُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَی التَّنَزُّهِ وَ مَعَهُ الْعَابِدُ فَرَأَی إِسْمَاعِیلَ فَقَالَ إِنَّكَ لَهَاهُنَا یَا إِسْمَاعِیلُ فَقَالَ لَهُ قُلْتَ لَا تَبْرَحْ فَلَمْ أَبْرَحْ فَسُمِّیَ صَادِقَ الْوَعْدِ قَالَ وَ كَانَ جَبَّارٌ مَعَ الْمَلِكِ فَقَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ كَذَبَ هَذَا الْعَبْدُ قَدْ مَرَرْتُ بِهَذِهِ الْبَرِّیَّةِ فَلَمْ أَرَهُ هَاهُنَا فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِیلُ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَنَزَعَ اللَّهُ صَالِحَ مَا أَعْطَاكَ قَالَ فَتَنَاثَرَتْ أَسْنَانُ الْجَبَّارِ فَقَالَ الْجَبَّارُ إِنِّی كَذَبْتُ عَلَی هَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ فَأَطْلُبُ أَنْ یَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ یَرُدَّ عَلَیَّ أَسْنَانِی فَإِنِّی شَیْخٌ كَبِیرٌ فَطَلَبَ إِلَیْهِ الْمَلِكُ فَقَالَ إِنِّی أَفْعَلُ قَالَ السَّاعَةَ قَالَ لَا وَ أَخَّرَهُ إِلَی السَّحَرِ ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ یَا فَضْلُ (4)إِنَّ أَفْضَلَ مَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ بِالْأَسْحَارِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ (5).
ص: 389
«5»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ شُعَیْبٍ الْعَقَرْقُوفِیِّ (1)قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ إِسْمَاعِیلَ نَبِیَّ اللَّهِ وَعَدَ رَجُلًا بِالصِّفَاحِ (2)فَمَكَثَ بِهِ سَنَةً مُقِیماً وَ أَهْلُ مَكَّةَ یَطْلُبُونَهُ لَا یَدْرُونَ أَیْنَ هُوَ حَتَّی وَقَعَ عَلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ ضَعُفْنَا بَعْدَكَ وَ هَلَكْنَا فَقَالَ إِنَّ فُلَانَ الطَّائِفِیَّ وَعَدَنِی أَنْ أَكُونَ هَاهُنَا وَ لَنْ أَبْرَحَ حَتَّی یَجِی ءَ قَالَ فَخَرَجُوا إِلَیْهِ حَتَّی قَالُوا لَهُ یَا عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدْتَ النَّبِیَّ فَأَخْلَفْتَهُ فَجَاءَ وَ هُوَ یَقُولُ لِإِسْمَاعِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ مَا ذَكَرْتُ وَ لَقَدْ نَسِیتُ مِیعَادَكَ فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ لَمْ تَجِئْنِی لَكَانَ مِنْهُ الْمَحْشَرُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ إِسْماعِیلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ (3).
«6»-مل، كامل الزیارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ وَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ بُرَیْدٍ الْعِجْلِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبِرْنِی عَنْ إِسْمَاعِیلَ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ حَیْثُ یَقُولُ وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ إِسْماعِیلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِیًّا أَ كَانَ إِسْمَاعِیلَ بْنَ إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ فَإِنَّ النَّاسَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ إِسْمَاعِیلُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ إِسْمَاعِیلَ مَاتَ قَبْلَ إِبْرَاهِیمَ (4)وَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ كَانَ حُجَّةً لِلَّهِ قَائِماً (5)صَاحِبَ شَرِیعَةٍ فَإِلَی مَنْ أُرْسِلَ إِسْمَاعِیلُ إِذَنْ قُلْتُ فَمَنْ كَانَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ ذَاكَ إِسْمَاعِیلُ بْنُ حِزْقِیلَ النَّبِیِّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَی قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ وَ قَتَلُوهُ وَ سَلَخُوا وَجْهَهُ فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ لَهُ فَوَجَّهَ إِلَیْهِ سَطَاطَائِیلَ (6)مَلَكَ الْعَذَابِ فَقَالَ لَهُ یَا إِسْمَاعِیلُ أَنَا سَطَاطَائِیلُ مَلَكُ الْعَذَابِ وَجَّهَنِی
ص: 390
رَبُّ الْعِزَّةِ إِلَیْكَ لِأُعَذِّبَ قَوْمَكَ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ إِنْ شِئْتَ فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِیلُ لَا حَاجَةَ لِی فِی ذَلِكَ یَا سَطَاطَائِیلُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ فَمَا حَاجَتُكَ یَا إِسْمَاعِیلُ فَقَالَ إِسْمَاعِیلُ یَا رَبِّ إِنَّكَ أَخَذْتَ الْمِیثَاقَ لِنَفْسِكَ بِالرُّبُوبِیَّةِ وَ لِمُحَمَّدٍ بِالنُّبُوَّةِ وَ لِأَوْصِیَائِهِ بِالْوَلَایَةِ وَ أَخْبَرْتَ خَلْقَكَ (1)بِمَا تَفْعَلُ أُمَّتُهُ بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ مِنْ بَعْدِ نَبِیِّهَا وَ إِنَّكَ وَعَدْتَ الْحُسَیْنَ أَنْ تَكُرَّهُ (2)إِلَی الدُّنْیَا حَتَّی یَنْتَقِمَ بِنَفْسِهِ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ فَحَاجَتِی إِلَیْكَ یَا رَبِّ أَنْ تَكُرَّنِی إِلَی الدُّنْیَا حَتَّی أَنْتَقِمَ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِی مَا فَعَلَ كَمَا تَكُرُّ الْحُسَیْنَ فَوَعَدَ اللَّهُ إِسْمَاعِیلَ بْنَ حِزْقِیلَ ذَلِكَ فَهُوَ یَكُرُّ مَعَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ (3).
«7»-جا، المجالس للمفید الْجِعَابِیُّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَیْمَانَ وَ عِمْرَانَ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ إِنَّ الَّذِی قَالَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ إِسْماعِیلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِیًّا سُلِّطَ عَلَیْهِ قَوْمُهُ فَكَشَطُوا وَجْهَهُ (4)وَ فَرْوَةَ رَأْسِهِ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِ مَلَكاً فَقَالَ لَهُ إِنَّ رَبَّ الْعَالَمِینَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ قَدْ رَأَیْتُ مَا صَنَعَ بِكَ قَوْمُكَ فَسَلْنِی مَا شِئْتَ فَقَالَ یَا رَبَّ الْعَالَمِینَ لِی بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أُسْوَةٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَیْسَ هُوَ إِسْمَاعِیلَ بْنَ إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ (5).
بیان: المشهور بین العامة أنه إسماعیل بن إبراهیم علیهما السلام و روی بعضهم نحوا مما ورد فی تلك الأخبار.
ص: 391
الآیات؛
الأنعام: «وَ زَكَرِیَّا وَ یَحْیی وَ عِیسی وَ إِلْیاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِینَ* وَ إِسْماعِیلَ وَ الْیَسَعَ وَ یُونُسَ وَ لُوطاً وَ كلًّا فَضَّلْنا عَلَی الْعالَمِینَ»(85-86)
الصافات: «وَ إِنَّ إِلْیاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ* إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ لا تَتَّقُونَ* أَ تَدْعُونَ بَعْلًا وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِینَ* اللَّهَ رَبَّكُمْ وَ رَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِینَ *فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ* إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِینَ* وَ تَرَكْنا عَلَیْهِ فِی الْآخِرِینَ *سَلامٌ عَلی إِلْ یاسِینَ* إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ* إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِینَ»(123-132)
ص: «وَ اذْكُرْ إِسْماعِیلَ وَ الْیَسَعَ وَ ذَا الْكِفْلِ وَ كُلٌّ مِنَ الْأَخْیارِ»(48)
تفسیر: قیل البعل اسم صنم كان لأهل بك من الشام و هو البلد الذی یقال له الآن بعلبك و قیل البعل الرب بلغة الیمن و المعنی أ تدعون بعض البعول فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ أی فی العذاب و إِلْ یاسِینَ قیل لغة فی إلیاس و قیل جمع له یراد به هو و أتباعه و قرأ نافع و ابن عامر و یعقوب علی إضافة آل إلی یاسین فیكون یاسین أبا إلیاس أو محمدا صلی اللّٰه علیه و آله و سیأتی الأخیر فی كتاب الإمامة (1)فی تفاسیر أهل البیت علیهم السلام.
«1»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَیْنَا بَابَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ نَحْنُ نُرِیدُ الْإِذْنَ عَلَیْهِ فَسَمِعْنَاهُ یَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ لَیْسَ بِالْعَرَبِیَّةِ فَتَوَهَّمْنَا أَنَّهُ بِالسُّرْیَانِیَّةِ ثُمَّ بَكَی فَبَكَیْنَا لِبُكَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَیْنَا الْغُلَامُ فَأَذِنَ لَنَا فَدَخَلْنَا عَلَیْهِ فَقُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَتَیْنَاكَ نُرِیدُ الْإِذْنَ عَلَیْكَ فَسَمِعْنَاكَ تَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ لَیْسَ بِالْعَرَبِیَّةِ فَتَوَهَّمْنَا أَنَّهُ بِالسُّرْیَانِیَّةِ ثُمَّ بَكَیْتَ فَبَكَیْنَا_
ص: 392
لِبُكَائِكَ فَقَالَ نَعَمْ ذَكَرْتُ إِلْیَاسَ النَّبِیَّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانَ مِنْ عُبَّادِ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقُلْتُ كَمَا كَانَ یَقُولُ فِی سُجُودِهِ ثُمَّ انْدَفَعَ فِیهِ (1)بِالسُّرْیَانِیَّةِ فَمَا رَأَیْنَا وَ اللَّهِ قَسّاً وَ لَا جَاثَلِیقاً (2)أَفْصَحَ لَهْجَةً مِنْهُ بِهِ ثُمَّ فَسَّرَهُ لَنَا بِالْعَرَبِیَّةِ فَقَالَ كَانَ یَقُولُ فِی سُجُودِهِ أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِی وَ قَدْ أَظْمَأْتُ لَكَ هَوَاجِرِی أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِی وَ قَدْ عَفَّرْتُ لَكَ فِی التُّرَابِ وَجْهِی أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِی وَ قَدِ اجْتَنَبْتُ لَكَ الْمَعَاصِیَ أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِی وَ قَدْ أَسْهَرْتُ لَكَ لَیْلِی قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَإِنِّی غَیْرُ مُعَذِّبِكَ قَالَ فَقَالَ إِنْ قُلْتَ لَا أُعَذِّبُكَ ثُمَّ عَذَّبْتَنِی مَا ذَا أَ لَسْتُ عَبْدَكَ وَ أَنْتَ رَبِّی فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَإِنِّی غَیْرُ مُعَذِّبِكَ فَإِنِّی إِذَا وَعَدْتُ وَعْداً وَفَیْتُ بِهِ (3).
«2»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ بَوَّأَ بَنِی إِسْرَائِیلَ الشَّامَ بَعْدَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَسَمَهَا بَیْنَهُمْ فَسَارَ مِنْهُمْ سِبْطٌ بِبَعْلَبَكَ بِأَرْضِهَا وَ هُوَ السِّبْطُ الَّذِی مِنْهُ إِلْیَاسُ النَّبِیُّ فَبَعَثَهُ اللَّهُ إِلَیْهِمْ وَ عَلَیْهِمْ یَوْمَئِذٍ مَلِكٌ (4)فَتَنَهُمْ بِعِبَادَةِ صَنَمٍ یُقَالُ لَهُ بَعْلٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ إِنَّ إِلْیاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ لا تَتَّقُونَ أَ تَدْعُونَ بَعْلًا وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِینَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَ رَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِینَ فَكَذَّبُوهُ وَ كَانَ لِلْمَلِكِ زَوْجَةٌ فَاجِرَةٌ یَسْتَخْلِفُهَا إِذَا غَابَ فَتَقْضِی بَیْنَ النَّاسِ وَ كَانَ لَهَا كَاتِبٌ حَكِیمٌ قَدْ خَلَّصَ مِنْ یَدِهَا ثَلَاثَمِائَةِ مُؤْمِنٍ كَانَتْ تُرِیدُ قَتْلَهُمْ وَ لَمْ یُعْلَمْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ أُنْثَی أَزْنَی مِنْهَا وَ قَدْ تَزَوَّجَتْ سَبْعَةَ مُلُوكٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ حَتَّی وَلَدَتْ تِسْعِینَ وَلَداً سِوَی وُلْدِ وُلْدِهَا وَ كَانَ لِزَوْجِهَا جَارٌ صَالِحٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ كَانَ لَهُ بُسْتَانٌ یَعِیشُ بِهِ إِلَی جَانِبِ قَصْرِ الْمَلِكِ وَ كَانَ الْمَلِكُ یُكْرِمُهُ فَسَافَرَ مَرَّةً فَاغْتَنَمَتْ امْرَأَتُهُ وَ قَتَلَتِ الْعَبْدَ الصَّالِحَ وَ أَخَذَتْ بُسْتَانَهُ غَصْباً مِنْ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ وَ كَانَ ذَلِكَ سَبَبَ سَخَطِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَلَمَّا قَدِمَ زَوْجُهَا أَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ فَقَالَ لَهَا مَا أَصَبْتَ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلْیَاسَ النَّبِیَّ یَدْعُوهُمْ إِلَی عِبَادَةِ اللَّهِ فَكَذَّبُوهُ وَ طَرَدُوهُ وَ أَهَانُوهُ وَ أَخَافُوهُ وَ صَبَرَ عَلَیْهِمْ وَ احْتَمَلَ أَذَاهُمْ وَ
ص: 393
دَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَلَمْ یَزِدْهُمْ إِلَّا طُغْیَاناً فَآلَی اللَّهُ (1)عَلَی نَفْسِهِ أَنْ یُهْلِكَ الْمَلِكَ وَ الزَّانِیَةَ إِنْ لَمْ یَتُوبُوا إِلَیْهِ وَ أَخْبَرَهُمَا بِذَلِكَ فَاشْتَدَّ غَضَبُهُمْ عَلَیْهِ وَ هَمُّوا بِتَعْذِیبِهِ وَ قَتْلِهِ فَهَرَبَ مِنْهُمْ فَلَحِقَ بِأَصْعَبِ جَبَلٍ فَبَقِیَ فِیهِ وَحْدَهُ سَبْعَ سِنِینَ یَأْكُلُ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ وَ ثِمَارِ الشَّجَرِ وَ اللَّهُ یُخْفِی مَكَانَهُ فَأَمْرَضَ اللَّهُ ابْناً لِلْمَلِكِ مَرَضاً شَدِیداً حَتَّی یَئِسَ مِنْهُ وَ كَانَ أَعَزَّ وُلْدِهِ إِلَیْهِ فَاسْتَشْفَعُوا إِلَی عَبَدَةِ الصَّنَمِ لِیَسْتَشْفِعُوا لَهُ فَلَمْ یَنْفَعْ (2)فَبَعَثُوا النَّاسَ إِلَی حَدِّ الْجَبَلِ الَّذِی فِیهِ إِلْیَاسُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَكَانُوا یَقُولُونَ اهْبِطْ إِلَیْنَا وَ اشْفَعْ لَنَا فَنَزَلَ إِلْیَاسُ مِنَ الْجَبَلِ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِی إِلَیْكُمْ وَ إِلَی مَنْ وَرَاءَكُمْ فَاسْمَعُوا رِسَالَةَ رَبِّكُمْ یَقُولُ اللَّهُ ارْجِعُوا إِلَی الْمَلِكِ فَقُولُوا لَهُ إِنِّی أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا إِلَهُ بَنِی إِسْرَائِیلَ الَّذِی خَلَقَهُمْ وَ أَنَا الَّذِی أَرْزُقُهُمْ وَ أُحْیِیهِمْ وَ أُمِیتُهُمْ وَ أَضُرُّهُمْ وَ أَنْفَعُهُمْ وَ تَطْلُبُ الشِّفَاءَ لِابْنِكَ مِنْ غَیْرِی فَلَمَّا صَارُوا إِلَی الْمَلِكِ وَ قَصُّوا عَلَیْهِ الْقِصَّةَ امْتَلَأَ غَیْظاً فَقَالَ مَا الَّذِی مَنَعَكُمْ أَنْ تَبْطِشُوا بِهِ حِینَ لَقِیتُمُوهُ وَ تُوثِقُوهُ وَ تَأْتُونِی بِهِ فَإِنَّهُ عَدُوِّی قَالُوا لَمَّا صَارَ مَعَنَا قَذَفَ فِی قُلُوبِنَا الرُّعْبَ عَنْهُ فَنَدَبَ (3)خَمْسِینَ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ ذَوِی الْبَطْشِ وَ أَوْصَاهُمْ بِالاحْتِیَالِ لَهُ وَ إِطْمَاعِهِ فِی أَنَّهُمْ آمَنُوا بِهِ لِیَغْتَرَّ بِهِمْ فَیُمَكِّنَهُمْ مِنْ نَفْسِهِ فَانْطَلَقُوا حَتَّی ارْتَقَوْا ذَلِكَ الْجَبَلَ الَّذِی فِیهِ إِلْیَاسُ عَلَیْهِ السَّلَامُ ثُمَّ تَفَرَّقُوا فِیهِ وَ هُمْ یُنَادُونَهُ بِأَعْلَی صَوْتِهِمْ وَ یَقُولُونَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ ابْرُزْ لَنَا فَإِنَّا آمَنَّا بِكَ فَلَمَّا سَمِعَ إِلْیَاسُ مَقَالَتَهُمْ طَمِعَ فِی إِیمَانِهِمْ فَكَانَ فِی مَغَارَةٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانُوا صَادِقِینَ فِیمَا یَقُولُونَ فَأْذَنْ لِی فِی النُّزُولِ إِلَیْهِمْ وَ إِنْ كَانُوا كَاذِبِینَ فَاكْفِنِیهِمْ وَ ارْمِهِمْ بِنَارٍ تُحْرِقُهُمْ فَمَا اسْتَتَمَّ قَوْلُهُ حَتَّی حُصِبُوا بِالنَّارِ مِنْ فَوْقِهِمْ فَاحْتَرَقُوا فَبَلَغَ الْمَلِكَ خَبَرُهُمْ فَاشْتَدَّ غَیْظُهُ فَانْتَدَبَ كَاتِبَ امْرَأَتِهِ الْمُؤْمِنَ وَ بَعَثَ مَعَهُ جَمَاعَةً إِلَی الْجَبَلِ وَ قَالَ لَهُ قَدْ آنَ أَنْ أَتُوبَ فَانْطَلِقْ لَنَا إِلَیْهِ حَتَّی یَرْجِعَ إِلَیْنَا یَأْمُرُنَا
ص: 394
وَ یَنْهَانَا بِمَا یَرْضَی رَبُّنَا وَ أَمَرَ قَوْمَهُ فَاعْتَزَلُوا الْأَصْنَامَ (1)فَانْطَلَقَ كَاتِبُهَا وَ الْفِئَةُ الَّذِینَ أَنْفَذَهُمْ مَعَهُ حَتَّی عَلَا الْجَبَلَ الَّذِی فِیهِ إِلْیَاسُ ثُمَّ نَادَاهُ فَعَرَفَ إِلْیَاسُ صَوْتَهُ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ أَنِ ابْرُزْ إِلَی أَخِیكَ الصَّالِحِ وَ صَافِحْهُ وَ حَیِّهِ فَقَالَ الْمُؤْمِنُ بَعَثَنِی إِلَیْكَ هَذَا الطَّاغِی وَ قَوْمُهُ وَ قَصَّ عَلَیْهِ مَا قَالُوا ثُمَّ قَالَ وَ إِنِّی لَخَائِفٌ إِنْ رَجَعْتُ إِلَیْهِ وَ لَسْتَ مَعِی أَنْ یَقْتُلَنِی فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی جَلَّ وَ عَزَّ إِلَی إِلْیَاسَ (2)أَنَّ كُلَّ شَیْ ءٍ جَاءَكَ مِنْهُمْ خِدَاعٌ لِیَظْفَرُوا بِكَ وَ إِنِّی أَشْغَلُهُ عَنْ هَذَا الْمُؤْمِنِ بِأَنْ أُمِیتَ ابْنَهُ (3)فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَیْهِ شَدَّ اللَّهُ الْوَجَعَ عَلَی ابْنِهِ وَ أَخَذَ الْمَوْتُ بِكَظَمِهِ وَ رَجَعَ إِلْیَاسُ سَالِماً إِلَی مَكَانِهِ فَلَمَّا ذَهَبَ الْجَزَعُ عَنِ الْمَلِكِ بَعْدَ مُدَّةٍ سَأَلَ الْكَاتِبَ عَنِ الَّذِی جَاءَ بِهِ فَقَالَ لَیْسَ لِی بِهِ عِلْمٌ (4).
ثُمَّ إِنَّ إِلْیَاسَ عَلَیْهِ السَّلَامُ نَزَلَ وَ اسْتَخْفَی عِنْدَ أُمِّ یُونُسَ بْنِ مَتَّی سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَ یُونُسُ مَوْلُودٌ ثُمَّ عَادَ إِلَی مَكَانِهِ فَلَمْ یَلْبَثْ إِلَّا یَسِیراً حَتَّی مَاتَ ابْنُهَا حِینَ فَطَمَتْهُ فَعَظُمَتْ مُصِیبَتُهَا فَخَرَجَتْ فِی طَلَبِ إِلْیَاسَ وَ رَقَتِ الْجِبَالَ حَتَّی وَجَدَتْ إِلْیَاسَ فَقَالَتْ إِنِّی فُجِّعْتُ بِمَوْتِ ابْنِی وَ أَلْهَمَنِی اللَّهُ تَعَالَی عَزَّ وَ عَلَا الِاسْتِشْفَاعَ بِكَ إِلَیْهِ لِیُحْیِیَ لِی ابْنِی فَإِنِّی تَرَكْتُهُ بِحَالِهِ وَ لَمْ أَدْفَنْهُ وَ أَخْفَیْتُ مَكَانَهُ فَقَالَ لَهَا وَ مَتَی مَاتَ ابْنُكِ قَالَتِ الْیَوْمَ سَبْعَةَ أَیَّامٍ فَانْطَلَقَ إِلْیَاسُ وَ سَارَ سَبْعَةَ أَیَّامٍ أُخْرَی حَتَّی انْتَهَی إِلَی مَنْزِلِهَا فَرَفَعَ یَدَیْهِ بِالدُّعَاءِ وَ اجْتَهَدَ حَتَّی أَحْیَا اللَّهُ تَعَالَی جَلَّتْ عَظَمَتُهُ بِقُدْرَتِهِ یُونُسَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَلَمَّا عَاشَ انْصَرَفَ إِلْیَاسُ وَ لَمَّا صَارَ (5)ابْنَ أَرْبَعِینَ سَنَةً أَرْسَلَهُ اللَّهُ إِلَی قَوْمِهِ كَمَا قَالَ وَ أَرْسَلْناهُ إِلی مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ یَزِیدُونَ
ص: 395
ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی جَلَّ وَ عَلَا إِلَی إِلْیَاسَ بَعْدَ سَبْعِ سِنِینَ مِنْ یَوْمَ أَحْیَا اللَّهُ یُونُسَ سَلْنِی أُعْطِكَ فَقَالَ تُمِیتُنِی فَتُلْحِقُنِی بِآبَائِی فَإِنِّی قَدْ مَلَلْتُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَبْغَضْتُهُمْ فِیكَ (1)فَقَالَ تَعَالَی جَلَّتْ قُدْرَتُهُ مَا هَذَا بِالْیَوْمِ الَّذِی أُعْرِی مِنْكَ الْأَرْضَ وَ أَهْلَهَا وَ إِنَّمَا قِوَامُهَا بِكَ وَ لَكِنْ سَلْنِی أُعْطِكَ فَقَالَ إِلْیَاسُ فَأَعْطِنِی ثَارِی مِنَ الَّذِینَ أَبْغَضُونِی فِیكَ فَلَا تُمْطِرْ عَلَیْهِمْ سَبْعَ سِنِینَ قَطْرَةً إِلَّا بِشَفَاعَتِی (2)فَاشْتَدَّ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ الْجُوعُ وَ أَلَحَّ عَلَیْهِمُ الْبَلَاءُ وَ أَسْرَعَ الْمَوْتُ فِیهِمْ وَ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ دَعْوَةِ إِلْیَاسَ فَفَزِعُوا إِلَیْهِ وَ قَالُوا نَحْنُ طَوْعُ یَدِكَ فَهَبَطَ إِلْیَاسُ مَعَهُمْ وَ مَعَهُ تِلْمِیذٌ لَهُ الْیَسَعُ وَ جَاءَ إِلَی الْمَلِكِ فَقَالَ أَفْنَیْتَ بَنِی إِسْرَائِیلَ بِالْقَحْطِ فَقَالَ قَتَلَهُمُ الَّذِی أَغْوَاهُمْ فَقَالَ ادْعُ رَبَّكَ یَسْقِیهِمْ فَلَمَّا جَنَّ اللَّیْلُ قَامَ إِلْیَاسُ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ دَعَا اللَّهَ ثُمَّ قَالَ لِلْیَسَعِ انْظُرْ فِی أَكْنَافِ السَّمَاءِ مَا ذَا تَرَی فَنَظَرَ فَقَالَ أَرَی سَحَابَةً فَقَالَ أَبْشِرُوا بِالسِّقَاءِ فَلْیُحْرِزُوا (3)أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْتِعَتَهُمْ مِنَ الْغَرَقِ فَأَمْطَرَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ السَّمَاءَ وَ أَنْبَتَتْ لَهُمُ الْأَرْضُ فَقَامَ إِلْیَاسُ بَیْنَ أَظْهُرِهِمْ وَ هُمْ صَالِحُونَ ثُمَّ أَدْرَكَهُمُ الطُّغْیَانُ وَ الْبَطَرُ فَجَهَدُوا حَقَّهُ وَ تَمَرَّدُوا فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عَدُوّاً قَصَدَهُمْ وَ لَمْ یَشْعُرُوا بِهِ حَتَّی رَهِقَهُمْ (4)فَقَتَلَ الْمَلِكَ وَ زَوْجَتَهُ وَ أَلْقَاهُمَا فِی بُسْتَانِ الَّذِی قَتَلَتْهُ زَوْجَةُ الْمَلِكِ ثُمَّ وَصَّی إِلْیَاسُ إِلَی الْیَسَعِ وَ أَنْبَتَ اللَّهُ لِإِلْیَاسَ الرِّیشَ وَ أَلْبَسَهُ النُّورَ وَ رَفَعَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَذَفَ بِكِسَائِهِ مِنَ الْجَوِّ عَلَی الْیَسَعِ فَنَبَّأَهُ اللَّهُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَوْحَی إِلَیْهِ وَ أَیَّدَهُ فَكَانَ بَنُو إِسْرَائِیلَ یُعَظِّمُونَهُ وَ یَهْتَدُونَ بِهُدَاهُ (5).
بیان: الكظم محركة الحلق أو الفم أو مخرج النفس و قال الطبرسی اختلف
ص: 396
فی إلیاس فقیل هو إدریس عن ابن مسعود و قتادة و قیل هو من أنبیاء بنی إسرائیل من ولد هارون بن عمران ابن عم الیسع و هو إلیاس بن یاسین (1)بن فنحاص بن العیزار بن هارون بن عمران عن ابن عباس و محمد بن إسحاق و غیرهما قالوا إنه بعث بعد حزقیل لما عظمت الأحداث فی بنی إسرائیل و كان یوشع لما فتح الشام بوأها بنی إسرائیل و قسمها بینهم فأحل سبطا منهم ببعلبك و هم سبط إلیاس بعث فیهم نبیا إلیهم فأجابه الملك ثم إن امرأته حملته علی أن ارتد و خالف إلیاس و طلبه لیقتله فهرب إلی الجبال و البراری و قیل إنه استخلف الیسع علی بنی إسرائیل و رفعه اللّٰه تعالی من بین أظهرهم و قطع عنه لذة الطعام و الشراب و كساه الریش فصار إنسیا ملكیا أرضیا سماویا و سلط اللّٰه علی الملك و قومه عدوا لهم فقتل الملك و امرأته و بعث اللّٰه الیسع رسولا فآمنت به بنو إسرائیل و عظموه و انتهوا إلی أمره عن ابن عباس و قیل إن إلیاس صاحب البراری و الخضر صاحب الجزائر و یجتمعان فی كل یوم عرفة بعرفات و ذكر وهب أنه ذو الكفل و قیل هو الخضر علیه السلام و قال الیسع هو ابن أخطوب بن العجوز (2).
«3»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی أَوْ غَیْرِهِ عَنْ قُتَیْبَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیْكُمْ بِالْكَرَفْسِ فَإِنَّهُ طَعَامُ إِلْیَاسَ وَ الْیَسَعِ وَ یُوشَعَ بْنِ نُونٍ (3).
«4»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْجَرِیشِ (4)عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ بَیْنَا أَبِی یَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِذَا رَجُلٌ مُعْتَجِرٌ (5)قَدْ قُیِّضَ لَهُ (6)فَقَطَعَ عَلَیْهِ
ص: 397
أُسْبُوعَهُ حَتَّی أَدْخَلَهُ إِلَی دَارٍ جَنْبِ الصَّفَا فَأَرْسَلَ إِلَیَّ فَكُنَّا ثَلَاثَةً فَقَالَ مَرْحَباً یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی رَأْسِی وَ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ فِیكَ یَا أَمِینَ اللَّهِ بَعْدَ آبَائِهِ یَا أَبَا جَعْفَرٍ إِنْ شِئْتَ فَأَخْبِرْنِی وَ إِنْ شِئْتَ فَأَخْبَرْتُكَ وَ إِنْ شِئْتَ سَلْنِی وَ إِنْ شِئْتَ سَأَلْتُكَ وَ إِنْ شِئْتَ فَاصْدُقْنِی وَ إِنْ شِئْتَ صَدَقْتُكَ (1)قَالَ كُلَّ ذَلِكَ أَشَاءُ قَالَ فَإِیَّاكَ أَنْ یَنْطِقَ لِسَانُكَ عِنْدَ مَسْأَلَتِی بِأَمْرٍ تُضْمِرُ لِی غَیْرَهُ (2)قَالَ إِنَّمَا یَفْعَلُ ذَلِكَ مَنْ فِی قَلْبِهِ عِلْمَانِ یُخَالِفُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَبَی أَنْ یَكُونَ لَهُ عِلْمٌ فِیهِ اخْتِلَافٌ قَالَ هَذِهِ مَسْأَلَتِی وَ قَدْ فَسَّرْتَ طَرَفاً مِنْهَا أَخْبِرْنِی عَنْ هَذَا الْعِلْمِ الَّذِی لَیْسَ فِیهِ اخْتِلَافٌ مَنْ یَعْلَمُهُ قَالَ أَمَّا جُمْلَةُ الْعِلْمِ فَعِنْدَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ أَمَّا مَا لَا بُدَّ لِلْعِبَادِ مِنْهُ فَعِنْدَ الْأَوْصِیَاءِ قَالَ فَفَتَحَ الرَّجُلُ عُجْرَتَهُ (3)وَ اسْتَوَی جَالِساً وَ تَهَلَّلَ وَجْهُهُ وَ قَالَ هَذِهِ أَرَدْتُ وَ لَهَا أَتَیْتُ زَعَمْتَ أَنَّ عِلْمَ مَا لَا اخْتِلَافَ فِیهِ مِنَ الْعِلْمِ عِنْدَ الْأَوْصِیَاءِ فَكَیْفَ یَعْلَمُونَهُ قَالَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَعْلَمُهُ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا یَرَوْنَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ یَرَی لِأَنَّهُ كَانَ نَبِیّاً وَ هُمْ مُحَدَّثُونَ وَ أَنَّهُ كَانَ یَفِدُ إِلَی اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَیَسْمَعُ الْوَحْیَ وَ هُمْ لَا یَسْمَعُونَ فَقَالَ صَدَقْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ سَآتِیكَ بِمَسْأَلَةٍ صَعْبَةٍ أَخْبِرْنِی عَنْ هَذَا الْعِلْمِ مَا لَهُ لَا یَظْهَرُ كَمَا كَانَ یَظْهَرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَضَحِكَ (4)أَبِی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ أَبَی اللَّهُ أَنْ یَطَّلِعَ عَلَی عِلْمِهِ إِلَّا مُمْتَحَناً لِلْإِیمَانِ بِهِ كَمَا قَضَی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَصْبِرَ عَلَی أَذَی قَوْمِهِ وَ لَا یُجَاهِدَهُمْ إِلَّا بِأَمْرِهِ فَكَمْ مِنِ اكْتِتَامٍ قَدِ اكْتَتَمَ بِهِ حَتَّی قِیلَ لَهُ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِینَ وَ ایْمُ اللَّهِ أَنْ لَوْ صَدَعَ قَبْلَ
ص: 398
ذَلِكَ لَكَانَ آمِناً وَ لَكِنَّهُ إِنَّمَا نَظَرَ فِی الطَّاعَةِ وَ خَافَ الْخِلَافَ فَلِذَلِكَ كَفَّ (1)فَوَدِدْتُ أَنَّ عَیْنَیْكَ تَكُونُ مَعَ مَهْدِیِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ الْمَلَائِكَةُ بِسُیُوفِ آلِ دَاوُدَ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ یُعَذِّبُ أَرْوَاحَ الْكَفَرَةِ مِنَ الْأَمْوَاتِ وَ یُلْحِقُ بِهِمْ أَرْوَاحَ أَشْبَاهِهِمْ مِنَ الْأَحْیَاءِ ثُمَّ أَخْرَجَ (2)سَیْفاً ثُمَّ قَالَ هَا إِنَّ هَذَا مِنْهَا قَالَ فَقَالَ أَبِی إِی وَ الَّذِی اصْطَفَی مُحَمَّداً عَلَی الْبَشَرِ قَالَ فَرَدَّ الرَّجُلُ اعْتِجَارَهُ وَ قَالَ أَنَا إِلْیَاسُ مَا سَأَلْتُكَ عَنْ أَمْرِكَ وَ لِی مِنْهُ جَهَالَةٌ (3)غَیْرَ أَنِّی أَحْبَبْتُ أَنْ یَكُونَ هَذَا الْحَدِیثُ قُوَّةً لِأَصْحَابِكَ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ بِطُولِهِ إِلَی أَنْ قَالَ ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ وَ ذَهَبَ فَلَمْ أَرَهُ (4).
«5»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِزَیْدِ بْنِ أَرْقَمَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ یُؤْمِنَكَ اللَّهُ مِنَ الْغَرَقِ وَ الْحَرَقِ وَ الشَّرَقِ (5)فَقُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا یَصْرِفُ السُّوءَ إِلَّا اللَّهُ بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا یَسُوقُ الْخَیْرَ إِلَّا اللَّهُ بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا یَكُونُ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ فَإِنَّ مَنْ قَالَهَا ثَلَاثاً إِذَا أَصْبَحَ أَمِنَ مِنْ الْحَرَقِ وَ الْغَرَقِ وَ الشَّرَقِ حَتَّی یُمْسِیَ وَ مَنْ قَالَهَا ثَلَاثاً إِذَا أَمْسَی أَمِنَ مِنَ الْحَرَقِ وَ الْغَرَقِ وَ الشَّرَقِ حَتَّی یُصْبِحَ وَ إِنَّ الْخَضِرَ وَ إِلْیَاسَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ یَلْتَقِیَانِ فِی كُلِّ مَوْسِمٍ فَإِذَا تَفَرَّقَا تَفَرَّقَا عَنْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ (6).
«6»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُصَدِّقٍ عَنْ عَمَّارٍ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِی زَمَانِ بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ یُسَمَّی إِلْیَا (7)
ص: 399
رَئِیسٌ عَلَی أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ كَانَ مَلِكُ بَنِی إِسْرَائِیلَ هَوِیَ امْرَأَةً مِنْ قَوْمٍ یَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ مِنْ غَیْرِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ عَلَی أَنْ أَحْمِلَ الصَّنَمَ فَأَعْبُدَهُ فِی بَلْدَتِكَ فَأَبَی عَلَیْهَا ثُمَّ عَاوَدَهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّی صَارَ إِلَی مَا أَرَادَتْ فَحَوَّلَهَا إِلَیْهِ وَ مَعَهَا صَنَمٌ وَ جَاءَ مَعَهَا ثَمَانُمِائَةِ رَجُلٍ یَعْبُدُونَهُ فَجَاءَ إِلْیَا إِلَی الْمَلِكِ فَقَالَ مَلَّكَكَ اللَّهُ وَ مَدَّ لَكَ فِی الْعُمُرِ فَطَغَیْتَ وَ بَغَیْتَ فَلَمْ یَلْتَفِتْ إِلَیْهِ فَدَعَا اللَّهَ إِلْیَا أَنْ لَا یَسْقِیَهُمْ قَطْرَةً فَنَالَهُمْ قَحْطٌ شَدِیدٌ ثَلَاثَ سِنِینَ حَتَّی ذَبَحُوا دَوَابَّهُمْ فَلَمْ یَبْقَ لَهُمْ مِنَ الدَّوَابِّ إِلَّا بِرْذَوْنٌ یَرْكَبُهُ الْمَلِكُ وَ آخَرُ یَرْكَبُهُ الْوَزِیرُ وَ كَانَ قَدِ اسْتَتَرَ عِنْدَ الْوَزِیرِ أَصْحَابُ إِلْیَا یُطْعِمُهُمْ فِی سَرَبٍ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی جَلَّ ذِكْرُهُ إِلَی إِلْیَا تَعَرَّضْ لِلْمَلِكِ فَإِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَتُوبَ عَلَیْهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ یَا إِلْیَا مَا صَنَعْتَ بِنَا قَتَلْتَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ إِلْیَا تُطِیعُنِی فِیمَا آمُرُكَ بِهِ فَأَخَذَ عَلَیْهِ الْعَهْدَ فَأَخْرَجَ أَصْحَابَهُ وَ تَقَرَّبُوا إِلَی اللَّهِ تَعَالَی بِثَوْرَیْنِ ثُمَّ دَعَا بِالْمَرْأَةِ فَذَبَحَهَا وَ أَحْرَقَ الصَّنَمَ وَ تَابَ الْمَلِكُ تَوْبَةً حَسَنَةً حَتَّی لَبِسَ الشَّعْرَ وَ أُرْسِلَ إِلَیْهِ الْمَطَرُ وَ الْخِصْبُ (1).
«7»-یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی النُّمَیْرِیِّ قَالَ: جِئْتُ إِلَی بَابِ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِأَسْتَأْذِنَ عَلَیْهِ فَسَمِعْنَا صَوْتاً حَزِیناً یَقْرَأُ بِالْعِبْرَانِیَّةِ فَبَكَیْنَا حَیْثُ سَمِعْنَا الصَّوْتَ وَ ظَنَنَّا أَنَّهُ بَعَثَ إِلَی رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ یَسْتَقْرِئُهُ فَأَذِنَ لَنَا فَدَخَلْنَا عَلَیْهِ فَلَمْ نَرَ عِنْدَهُ أَحَداً فَقُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ سَمِعْنَا صَوْتاً بِالْعِبْرَانِیَّةِ فَظَنَنَّا أَنَّكَ بَعَثْتَ إِلَی رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ تَسْتَقْرِئُهُ قَالَ لَا وَ لَكِنْ ذَكَرْتُ مُنَاجَاةَ إِلْیَا لِرَبِّهِ فَبَكَیْتُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ قُلْنَا وَ مَا كَانَ مُنَاجَاتُهُ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ جَعَلَ یَقُولُ یَا رَبِّ أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِی بَعْدَ طُولِ قِیَامِی لَكَ أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِی بَعْدَ طُولِ صَلَاتِی لَكَ وَ جَعَلَ یُعَدِّدُ أَعْمَالَهُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِّی لَسْتُ أُعَذِّبُكَ قَالَ فَقَالَ یَا رَبِّ وَ مَا یَمْنَعُكَ أَنْ تَقُولَ لَا بَعْدَ نَعَمْ وَ أَنَا عَبْدُكَ وَ فِی قَبْضَتِكَ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِّی إِذَا قُلْتُ قَوْلًا وَفَیْتَ بِهِ (2).
بیان: لا یبعد اتحاد إلیاس و إلیا لتشابه الاسمین و القصص المشتملة علیهما.
ص: 400
«8»-ج، الإحتجاج ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیُّ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ فِیمَا احْتَجَّ بِهِ عَلَی جَاثَلِیقِ النَّصَارَی أَنْ قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ الْیَسَعَ قَدْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعَ عِیسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مَشَی عَلَی الْمَاءِ وَ أَحْیَا الْمَوْتَی وَ أَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ فَلَمْ تَتَّخِذْهُ أُمَّتُهُ رَبّاً الْخَبَرَ (1).
«9»-قب، المناقب لابن شهرآشوب رُوِیَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله سَمِعَ صَوْتاً مِنْ قُلَّةِ جَبَلٍ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِی مِنَ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ الْمَغْفُورَةِ فَأَتَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا بِشَیْخٍ أَشْیَبَ قَامَتُهُ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ (2)فَلَمَّا رَأَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَانَقَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّنِی آكُلُ فِی كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَاحِدَةً وَ هَذَا أَوَانُهُ فَإِذَا هُوَ بِمَائِدَةٍ أُنْزِلَ (3)مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَا وَ كَانَ إِلْیَاسَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (4).
«10»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ أَ تَدْعُونَ بَعْلًا قَالَ كَانَ لَهُمْ صَنَمٌ یُسَمُّونَهُ بَعْلًا وَ سَأَلَ رَجُلٌ أَعْرَابِیّاً عَنْ نَاقَةٍ وَاقِفَةٍ فَقَالَ لِمَنْ هَذِهِ النَّاقَةُ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ أَنَا بَعْلُهَا وَ سُمِّیَ الرَّبُّ بَعْلًا ثُمَّ ذَكَرَ عَزَّ وَ جَلَّ آلَ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ فَقَالَ وَ تَرَكْنا عَلَیْهِ فِی الْآخِرِینَ سَلَامٌ عَلَی آلِ یَاسِینَ (5)فَقَالَ یَاسِینُ مُحَمَّدٌ وَ آلُ مُحَمَّدٍ الْأَئِمَّةُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَیْهِمْ (6).
أقول:
روی الثعلبی بإسناده عن رجل من أهل عسقلان أنه كان یمشی بالأردن عند نصف النهار فرأی رجلا فقال یا عبد اللّٰه من أنت فجعل لا یكلمنی فقلت یا عبد اللّٰه من أنت (7)قال أنا إلیاس قال فوقعت علی رعدة (8)فقلت ادع اللّٰه أن یرفع عنی ما
ص: 401
أجد حتی أفهم حدیثك و أعقل عنك قال فدعا لی بثمان دعوات (1)یا بر یا رحیم یا حنان یا منان یا حی یا قیوم و دعوتین بالسریانیة فلم أفهمهما (2)فرفع اللّٰه عنی ما كنت أجد فوضع كفه بین كتفی فوجدت بردها بین ثدیی (3)فقلت له یوحی إلیك الیوم قال منذ بعث محمد رسولا فإنه لیس یوحی إلی قال قلت له فكم من الأنبیاء الیوم أحیاء قال أربعة اثنان فی الأرض و اثنان فی السماء ففی السماء عیسی و إدریس علیهما السلام و فی الأرض إلیاس و الخضر علیهما السلام قلت كم الأبدال (4)قال ستون رجلا خمسون منهم من لدن عریش المصر (5)إلی شاطئ الفرات و رجلان بالمصیصة و رجل بعسقلان و سبعة فی سائر البلاد و كلما أذهب اللّٰه تعالی بواحد منهم جاء سبحانه بآخر بهم یدفع اللّٰه عن الناس البلاء و بهم یمطرون قلت فالخضر أنی یكون قال فی جزائر البحر قلت فهل تلقاه قال نعم قلت أین قال بالموسم قلت فما یكون من حدیثكما قال یأخذ من شعری و آخذ من شعره قال و ذاك حین كان بین مروان بن الحكم و بین أهل الشام القتال فقلت فما تقول فی مروان بن الحكم قال ما تصنع به رجل جبار عات علی اللّٰه عز و جل القاتل و المقتول و الشاهد فی النار قلت فإنی شهدت فلم أطعن برمح و لم أرم بسهم و لم أضرب بسیف و أنا أستغفر اللّٰه تعالی من ذلك المقام لن أعود (6)إلی مثله أبدا قال أحسنت هكذا فكن فإنی و إیاه قاعدان (7)إذ وضع بین یدیه رغیفان أشد بیاضا من الثلج فأكلت أنا و هو رغیفا و بعض آخر ثم رفع فما رأیت
ص: 402
أحدا وضعه و لا أحدا رفعه و له ناقة (1)ترعی فی واد الأردن فرفع رأسه إلیها فما دعاها حتی جاءت فبركت بین یدیه فركبها قلت أرید (2)أن أصحبك قال إنك لا تقدر علی صحبتی قال إنی خلق (3)ما لی زوجة و لا عیال فقال تزوج و إیاك و النساء الأربع إیاك و الناشزة و المختلعة و الملاعنة و المبارءة و تزوج ما بدا لك من النساء قال قلت إنی أحب لقاءك قال إذا رأیتنی فقد رأیتنی (4)ثم قال لی إنی أرید أن أعتكف فی بیت المقدس فی شهر رمضان ثم حالت بینی و بینه شجرة فو اللّٰه ما أدری كیف ذهب (5).
ص: 403
الآیات؛
الأنبیاء: «وَ إِسْماعِیلَ وَ إِدْرِیسَ وَ ذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِینَ* وَ أَدْخَلْناهُمْ فِی رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِینَ»(85-86)
ص: «وَ ذَا الْكِفْلِ وَ كُلٌّ مِنَ الْأَخْیارِ»(48)
«1»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ الطَّالَقَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْبُهْلُولِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ نَفِیسٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ شُجَاعٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ الرَّبِیعِ عَنْ بَارِحِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقِیلَ لَهُ مَا كَانَ ذُو الْكِفْلِ فَقَالَ كَانَ رجل (رَجُلًا) مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَ اسْمُهُ عویدیا بْنِ إدریم قَالَ مَنْ یَلِی أَمْرَ النَّاسِ بَعْدِی عَلَی أَنْ لَا یَغْضَبَ قَالَ فَقَامَ فَتًی فَقَالَ أَنَا فَلَمْ یَلْتَفِتْ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ كَذَلِكَ فَقَامَ الْفَتَی فَمَاتَ ذَلِكَ النَّبِیُّ وَ بَقِیَ ذَلِكَ الْفَتَی وَ جَعَلَهُ اللَّهُ نَبِیّاً وَ كَانَ الْفَتَی یَقْضِی أَوَّلَ النَّهَارِ فَقَالَ إِبْلِیسُ لِأَتْبَاعِهِ مَنْ لَهُ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ یُقَالُ لَهُ الْأَبْیَضُ أَنَا فَقَالَ إِبْلِیسُ فَاذْهَبْ إِلَیْهِ لَعَلَّكَ تُغْضِبُهُ فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ جَاءَ الْأَبْیَضُ إِلَی ذِی الْكِفْلِ وَ قَدْ أَخَذَ مَضْجَعَهُ فَصَاحَ وَ قَالَ إِنِّی مَظْلُومٌ فَقَالَ قُلْ لَهُ تَعَالَ فَقَالَ لَا أَنْصَرِفُ قَالَ فَأَعْطَاهُ خَاتَمَهُ فَقَالَ اذْهَبْ وَ أْتِنِی بِصَاحِبِكَ فَذَهَبَ حَتَّی إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ تِلْكَ السَّاعَةَ الَّتِی أَخَذَ هُوَ مَضْجَعَهُ فَصَاحَ أَنِّی مَظْلُومٌ وَ أَنَّ خَصْمِی لَمْ یَلْتَفِتْ إِلَی خَاتَمِكَ فَقَالَ لَهُ الْحَاجِبُ وَیْحَكَ (1)دَعْهُ یَنَمْ فَإِنَّهُ لَمْ یَنَمِ الْبَارِحَةَ وَ لَا أَمْسِ قَالَ لَا أَدَعُهُ یَنَامُ وَ أَنَا مَظْلُومٌ فَدَخَلَ الْحَاجِبُ وَ أَعْلَمَهُ فَكَتَبَ لَهُ كِتَاباً وَ خَتَمَهُ وَ دَفَعَهُ إِلَیْهِ فَذَهَبَ حَتَّی إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ حِینَ أَخَذَ مَضْجَعَهُ جَاءَ فَصَاحَ فَقَالَ مَا الْتَفَتَ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِكَ وَ لَمْ یَزَلْ یَصِیحُ حَتَّی قَامَ وَ أَخَذَ بِیَدِهِ فِی یَوْمٍ شَدِیدِ الْحَرِّ لَوْ وُضِعَتْ فِیهِ
ص: 404
بَضْعَةُ لَحْمٍ عَلَی الشَّمْسِ لَنَضِجَتْ فَلَمَّا رَأَی الْأَبْیَضُ ذَلِكَ انْتَزَعَ یَدَهُ مِنْ یَدِهِ وَ یَئِسَ مِنْهُ أَنْ یَغْضَبَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی جَلَّ وَ عَلَا قِصَّتَهُ عَلَی نَبِیِّهِ لِیَصْبِرَ عَلَی الْأَذَی كَمَا صَبَرَ الْأَنْبِیَاءُ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ عَلَی الْبَلَاءِ (1).
بیان: لعله سقط من أول الخبر شی ء و رأیت فی بعض الكتب هكذا
لما كبر الیسع علیه السلام قال لو أنی استخلفت رجلا یعمل علی الناس فی حیاتی فانظر كیف یعمل فجمع الناس فقال لهم من یتقبل منی ثلاثا (2)أستخلفه بعدی أن یصوم النهار و یقوم اللیل و لا یغضب فقام رجل تزدریه الأعین (3)فقال أنا فرده ثم قال فی الیوم الثانی كذلك فسكت الناس و قام ذلك الرجل و قال أنا فاستخلفه فجعل إبلیس (4)یقول للشیاطین علیكم بفلان ... و ساق الحدیث نحوا مما مر (5).
أقول: فظهر أن القائل نبی آخر غیر ذی الكفل و القائل الذی وفی بالعهد و لم یغضب هو ذو الكفل علیه السلام.
«2»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ الدَّقَّاقِ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَسْأَلُهُ عَنْ ذِی الْكِفْلِ مَا اسْمُهُ وَ هَلْ كَانَ مِنَ الْمُرْسَلِینَ فَكَتَبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَیْهِ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَی جَلَّ ذِكْرُهُ مِائَةَ أَلْفِ نَبِیٍّ وَ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِینَ أَلْفَ نَبِیٍّ الْمُرْسَلُونَ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا وَ إِنَّ ذَا الْكِفْلِ مِنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ كَانَ بَعْدَ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ وَ كَانَ یَقْضِی بَیْنَ النَّاسِ كَمَا كَانَ یَقْضِی دَاوُدُ وَ لَمْ یَغْضَبْ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَانَ اسْمُهُ عویدیا وَ هُوَ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَی جَلَّتْ عَظَمَتُهُ فِی كِتَابِهِ حَیْثُ قَالَ وَ اذْكُرْ إِسْماعِیلَ وَ الْیَسَعَ وَ ذَا الْكِفْلِ وَ كُلٌّ مِنَ الْأَخْیارِ (6).
ص: 405
بیان: قال الشیخ أمین الدین الطبرسی أما ذو الكفل فاختلف فیه فقیل إنه كان رجلا صالحا و لم یكن نبیا و لكنه تكفل لنبی صوم النهار و قیام اللیل و أن لا یغضب و یعمل بالحق فوفی بذلك فشكر اللّٰه ذلك له عن أبی موسی الأشعری و قتادة و مجاهد و قیل هو نبی اسمه ذو الكفل عن الحسن قال و لم یقص اللّٰه خبره مفصلا و قیل هو إلیاس عن ابن عباس و قیل كان نبیا و سمی ذا الكفل بمعنی أنه ذو الضعف فله ضعف ثواب غیره ممن هو فی زمانه لشرف عمله عن الجبائی و قیل هو الیسع بن خطوب الذی كان مع إلیاس و لیس الیسع الذی ذكره اللّٰه فی القرآن تكفل لملك جبار إن هو تاب دخل الجنة و دفع إلیه كتابا بذلك فتاب الملك و كان اسمه كنعان فسمی ذا الكفل و الكفل فی اللغة الخط.
و فی كتاب النبوة بالإسناد عن عبد العظیم بن عبد اللّٰه الحسنی و ذكر نحوا مما مر انتهی. (1)و قال البیضاوی وَ ذَا الْكِفْلِ یعنی إلیاس و قیل یوشع و قیل زكریا. (2)أقول و قال بعض المؤرخین إنه بشر بن أیوب الصابر و ذهب أكثرهم إلی أنه كان وصی الیسع و قد مر فی الباب الأول أنه یوشع و قد مر منا فیه كلام و إنما أوردناه فی تلك المرتبة تبعا لأكثر المؤرخین و إن كان یظهر من الخبر أنه كان بعد سلیمان علیه السلام و ذكر المسعودی أن حزقیل و إلیاس و ذا الكفل و أیوب كانوا بعد سلیمان علیه السلام و قبل المسیح علیه السلام.
و قال الثعلبی فی كتاب العرائس و قال بعضهم ذو الكفل بشر بن أیوب الصابر بعثه اللّٰه بعد أبیه رسولا إلی أرض الروم فآمنوا به و صدقوه و اتبعوه ثم إن اللّٰه تعالی أمره (3)بالجهاد فكاعوا (4)عن ذلك و ضعفوا و قالوا یا بشر إنا قوم نحب الحیاة و نكره الموت و مع ذلك نكره أن نعصی اللّٰه و رسوله فإن سألت اللّٰه تعالی أن یطیل أعمارنا
ص: 406
و لا یمیتنا إلا إذا شئنا لنعبده و نجاهد أعداءه فقال لهم بشر بن أیوب لقد سألتمونی عظیما و كلفتمونی شططا ثم إنه قام و صلی و دعا و قال إلهی أمرتنی أن نجاهد (1)أعداءك و أنت تعلم أنی لا أملك إلا نفسی و أن قومی قد سألونی ما أنت أعلم به منی فلا تأخذنی (2)بجریرة غیری فإنی أعوذ برضاك من سخطك و بعفوك من عقوبتك قال و أوحی اللّٰه تعالی إلیه یا بشر إنی سمعت مقالة قومك و إنی قد أعطیتهم ما سألونی فطولت أعمارهم فلا یموتون إلا إذا شاءوا فكن كفیلا لهم منی بذلك فبلغهم بشر رسالة اللّٰه فسمی ذا الكفل ثم إنهم توالدوا و كثروا و نموا حتی ضاقت بهم بلادهم و تنغصت علیهم معیشتهم و تأذوا بكثرتهم فسألوا بشرا أن یدعو اللّٰه تعالی أن یردهم إلی آجالهم فأوحی اللّٰه تعالی إلی بشر أ ما علم قومك أن اختیاری لهم خیر من اختیارهم لأنفسهم ثم ردهم إلی أعمارهم فماتوا بآجالهم قال فلذلك كثرت الروم حتی یقال إن الدنیا خمسة أسداسها الروم و سموا روما لأنهم نسبوا إلی جدهم روم بن عیص بن إسحاق بن إبراهیم علیه السلام قال وهب و كان بشر بن أیوب مقیما بالشام عمره حتی مات و كان عمره خمسا و تسعین سنة. (3)و قال السید بن طاوس فی سعد السعود قیل إنه تكفل لله تعالی جل جلاله أن لا یغضبه قومه فسمی ذا الكفل و قیل تكفل لنبی من الأنبیاء أن لا یغضب فاجتهد إبلیس أن یغضبه بكل طریق فلم یقدر فسمی ذا الكفل لوفائه لنبی زمانه أنه لا یغضب (4).
ص: 407
الآیات؛
لقمان: «وَ لَقَدْ آتَیْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَ مَنْ یَشْكُرْ فَإِنَّما یَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِیٌّ حَمِیدٌ* وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ یَعِظُهُ یا بُنَیَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِیمٌ *وَ وَصَّیْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَیْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلی وَهْنٍ وَ فِصالُهُ فِی عامَیْنِ أَنِ اشْكُرْ لِی وَ لِوالِدَیْكَ إِلَیَّ الْمَصِیرُ* وَ إِنْ جاهَداكَ عَلی أَنْ تُشْرِكَ بِی ما لَیْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِی الدُّنْیا مَعْرُوفاً وَ اتَّبِعْ سَبِیلَ مَنْ أَنابَ إِلَیَّ ثُمَّ إِلَیَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* یا بُنَیَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِی صَخْرَةٍ أَوْ فِی السَّماواتِ أَوْ فِی الْأَرْضِ یَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیرٌ* یا بُنَیَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلی ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ* وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ* وَ اقْصِدْ فِی مَشْیِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِیرِ»(11-19)
تفسیر: أَنِ اشْكُرْ أی لأن اشكر أو أی اشكر فإن إیتاء الحكمة فی معنی القول وَهْناً أی ذات وهن أو تهن وهنا عَلی وَهْنٍ أی تضعف ضعفا فوق ضعف وَ فِصالُهُ أی فطامه فی انقضاء عامین و كانت الأم ترضعه فی تلك المدة أَنِ اشْكُرْ تفسیر لوصینا أو علة له أو بدل من والدیه بدل الاشتمال إِنَّها أی الخصلة من الإساءة و الإحسان إِنْ تَكُ مثلا فی الصغر كحبة الخردل فَتَكُنْ فی أخفی مكان و أحرزه كجوف صخرة أو أعلاه كمحدب السماوات أو أسفله كمقعر الأرض یحضرها اللّٰه فیحاسب علیها مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أی مما عزمه اللّٰه من الأمور أی قطعه قطع إیجاب وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ أی لا تمله عنهم و لا تولهم صفحة وجهك كما تفعله المتكبرون مَرَحاً
ص: 408
أی فرحا و بطرا وَ اقْصِدْ فِی مَشْیِكَ أی توسط بین الدبیب و الإسراع وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ أی اخفضه إلا فی موضع الحاجة أو توسط فی ذلك أیضا.
«1»-فس، تفسیر القمی وَهْناً عَلی وَهْنٍ یَعْنِی ضَعْفاً عَلَی ضَعْفٍ وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ وَ اتَّبِعْ سَبِیلَ مَنْ أَنابَ إِلَیَّ یَقُولُ اتَّبِعْ سَبِیلَ مُحَمَّدٍ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ ثُمَّ عَطَفَ عَلَی خَبَرِ لُقْمَانَ وَ قِصَّتِهِ فَقَالَ یا بُنَیَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ قَالَ مِنَ الرِّزْقِ یَأْتِیكَ بِهِ اللَّهُ قَوْلُهُ وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ أَیْ لَا تَذِلَّ لِلنَّاسِ طَمَعاً فِیمَا عِنْدَهُمْ وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً أَیْ فَرَحاً وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً یَقُولُ بِالْعَظَمَةِ (1)وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ اقْصِدْ فِی مَشْیِكَ أَیْ لَا تَعْجَلْ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ أَیْ لَا تَرْفَعْهُ (2).
بیان: تفسیر تصعیر الخد بالتذلل خلاف المشهور بین اللغویین و المفسرین لكن لا یبعد كثیرا عن أصل المعنی اللغوی فإن التصعیر إمالة الوجه فكما یكون عن الناس تكبرا یكون إلی الناس تذللا بل هو أنسب باللام.
قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی و لا تمل وجهك عن الناس تكبرا و لا تعرض عمن یكلمك استخفافا به و هذا معنی قول- ابن عباس و أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
یقال أصاب البعیر صعر أی داء یلوی منه عنقه (3).
«2»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ لُقْمَانَ وَ حِكْمَتِهِ الَّتِی ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ أَ مَا وَ اللَّهِ مَا أُوتِیَ لُقْمَانُ الْحِكْمَةَ بِحَسَبٍ وَ لَا مَالٍ وَ لَا أَهْلٍ وَ لَا بَسْطٍ فِی جِسْمٍ وَ لَا جَمَالٍ وَ لَكِنَّهُ كَانَ رَجُلًا قَوِیّاً فِی أَمْرِ اللَّهِ مُتَوَرِّعاً فِی اللَّهِ سَاكِتاً سَكِیناً عَمِیقَ النَّظَرِ طَوِیلَ الْفِكْرِ حَدِیدَ النَّظَرِ مُسْتَغْنٍ بِالْعِبَرِ لَمْ یَنَمْ نَهَاراً قَطُّ وَ لَمْ یَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ عَلَی بَوْلٍ وَ لَا غَائِطٍ
ص: 409
وَ لَا اغْتِسَالٍ لِشِدَّةِ تَسَتُّرِهِ وَ عُمُوقِ نَظَرِهِ وَ تَحَفُّظِهِ فِی أَمْرِهِ وَ لَمْ یَضْحَكْ مِنْ شَیْ ءٍ قَطُّ مَخَافَةَ الْإِثْمِ وَ لَمْ یَغْضَبْ قَطُّ وَ لَمْ یُمَازِحْ إِنْسَاناً قَطُّ وَ لَمْ یَفْرَحْ لِشَیْ ءٍ إِنْ أَتَاهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا (1)وَ لَا حَزِنَ مِنْهَا عَلَی شَیْ ءٍ قَطُّ وَ قَدْ نَكَحَ مِنَ النِّسَاءِ وَ وُلِدَ لَهُ الْأَوْلَادُ الْكَثِیرَةُ وَ قَدَّمَ أَكْثَرَهُمْ إِفْرَاطاً (2)فَمَا بَكَی عَلَی مَوْتِ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ لَمْ یَمُرَّ بِرَجُلَیْنِ یَخْتَصِمَانِ أَوْ یَقْتَتِلَانِ إِلَّا أَصْلَحَ بَیْنَهُمَا وَ لَمْ یَمْضِ عَنْهُمَا حَتَّی تَحَاجَزَا وَ لَمْ یَسْمَعْ قَوْلًا قَطُّ مِنْ أَحَدٍ اسْتَحْسَنَهُ إِلَّا سَأَلَ عَنْ تَفْسِیرِهِ وَ عَمَّنْ أَخَذَهُ وَ كَانَ یُكْثِرُ مُجَالَسَةَ الْفُقَهَاءِ وَ الْحُكَمَاءِ وَ كَانَ یَغْشَی الْقُضَاةَ وَ الْمُلُوكَ وَ السَّلَاطِینَ فَیَرْثِی لِلْقُضَاةِ مِمَّا ابْتُلُوا بِهِ (3)وَ یَرْحَمُ الْمُلُوكَ وَ السَّلَاطِینَ لِغِرَّتِهِمْ بِاللَّهِ وَ طُمَأْنِینَتِهِمْ فِی ذَلِكَ وَ یَعْتَبِرُ وَ یَتَعَلَّمُ مَا یَغْلِبُ بِهِ نَفْسَهُ وَ یُجَاهِدُ بِهِ هَوَاهُ وَ یَحْتَرِزُ بِهِ مِنَ الشَّیْطَانِ وَ كَانَ یُدَاوِی قَلْبَهُ بِالتَّفَكُّرِ وَ یُدَارِی نَفْسَهُ بِالْعِبَرِ وَ كَانَ لَا یَظْعَنُ إِلَّا فِیمَا یَعْنِیهِ فَبِذَلِكَ أُوتِیَ الْحِكْمَةَ وَ مُنِحَ الْعِصْمَةَ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَمَرَ طَوَائِفَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حِینَ انْتَصَفَ النَّهَارُ وَ هَدَأَتِ الْعُیُونُ (4)بِالْقَائِلَةِ فَنَادَوْا لُقْمَانَ حَیْثُ یَسْمَعُ وَ لَا یَرَاهُمْ فَقَالُوا یَا لُقْمَانُ هَلْ لَكَ أَنْ یَجْعَلَكَ اللَّهُ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ تَحْكُمْ بَیْنَ النَّاسِ فَقَالَ لُقْمَانُ إِنْ أَمَرَنِی رَبِّی بِذَلِكَ فَالسَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ لِأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ بِی ذَلِكَ أَعَانَنِی عَلَیْهِ وَ عَلَّمَنِی وَ عَصَمَنِی وَ إِنْ هُوَ خَیَّرَنِی قَبِلْتُ الْعَافِیَةَ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ یَا لُقْمَانُ لِمَ قَالَ لِأَنَّ الْحُكْمَ بَیْنَ النَّاسِ بِأَشَدِّ الْمَنَازِلِ مِنَ الدِّینِ وَ أَكْثَرُ فِتَناً وَ بَلَاءً مَا یُخْذَلُ وَ لَا یُعَانُ وَ یَغْشَاهُ الظُّلَمُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَ صَاحِبُهُ مِنْهُ بَیْنَ أَمْرَیْنِ إِنْ أَصَابَ فِیهِ الْحَقَّ فَبِالْحَرِیِّ أَنْ یَسْلَمَ وَ إِنْ أَخْطَأَ أَخْطَأَ طَرِیقَ الْجَنَّةِ وَ مَنْ یَكُنْ فِی الدُّنْیَا ذَلِیلًا وَ ضَعِیفاً كَانَ أَهْوَنَ عَلَیْهِ فِی الْمَعَادِ مِنْ أَنْ یَكُونَ فِیهِ حَكَماً سَرِیّاً شَرِیفاً وَ مَنِ اخْتَارَ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ یَخْسَرُهُمَا كِلْتَیْهِمَا تَزُولُ هَذِهِ وَ لَا تُدْرَكُ تِلْكَ قَالَ فَتَعَجَّبَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ حِكْمَتِهِ وَ اسْتَحْسَنَ الرَّحْمَنُ مَنْطِقَهُ فَلَمَّا أَمْسَی وَ أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّیْلِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْحِكْمَةَ فَغَشَّاهُ بِهَا مِنْ قَرْنِهِ إِلَی قَدَمِهِ وَ هُوَ نَائِمٌ وَ غَطَّاهُ بِالْحِكْمَةِ غِطَاءً فَاسْتَیْقَظَ وَ هُوْ أَحْكَمُ النَّاسِ فِی زَمَانِهِ وَ خَرَجَ عَلَی النَّاسِ
ص: 410
یَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ وَ یُبَیِّنُهَا (1)فِیهَا قَالَ فَلَمَّا أُوتِیَ الْحُكْمَ (2)وَ لَمْ یَقْبَلْهَا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَنَادَتْ دَاوُدَ بِالْخِلَافَةِ فَقَبِلَهَا وَ لَمْ یَشْتَرِطْ فِیهَا بِشَرْطِ لُقْمَانَ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ الْخِلَافَةَ فِی الْأَرْضِ وَ ابْتُلِیَ فِیهَا غَیْرَ مَرَّةٍ وَ كُلُّ ذَلِكَ یَهْوِی فِی الْخَطَاءِ یُقِیلُهُ اللَّهُ وَ یَغْفِرُ لَهُ وَ كَانَ لُقْمَانُ یُكْثِرُ زِیَارَةَ دَاوُدَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ یَعِظُهُ بِمَوَاعِظِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ فَضْلِ عِلْمِهِ وَ كَانَ یَقُولُ دَاوُدُ لَهُ طُوبَی لَكَ یَا لُقْمَانُ أُوتِیتَ الْحِكْمَةَ وَ صُرِفَتْ عَنْكَ الْبَلِیَّةُ وَ أُعْطِیَ دَاوُدُ الْخِلَافَةَ وَ ابْتُلِیَ بِالْخَطَاءِ (3)وَ الْفِتْنَةِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ یَعِظُهُ یا بُنَیَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِیمٌ قَالَ فَوَعَظَ لُقْمَانُ ابْنَهُ بِآثَارٍ حَتَّی تَفَطَّرَ وَ انْشَقَّ وَ كَانَ فِیمَا وَعَظَهُ بِهِ یَا حَمَّادُ أَنْ قَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّكَ مُنْذُ سَقَطْتَ إِلَی الدُّنْیَا اسْتَدْبَرْتَهَا وَ اسْتَقْبَلْتَ الْآخِرَةَ فَدَارٌ أَنْتَ إِلَیْهَا تَسِیرُ أَقْرَبُ إِلَیْكَ مِنْ دَارٍ أَنْتَ عَنْهَا مُتَبَاعِدٌ یَا بُنَیَّ جَالِسِ الْعُلَمَاءَ وَ ازْحَمْهُمْ بِرُكْبَتَیْكَ وَ لَا تُجَادِلْهُمْ فَیَمْنَعُوكَ وَ خُذْ مِنَ الدُّنْیَا بَلَاغاً وَ لَا تَرْفُضْهَا فَتَكُونَ عِیَالًا عَلَی النَّاسِ وَ لَا تَدْخُلْ فِیهَا دُخُولًا یُضِرُّ بِآخِرَتِكَ وَ صُمْ صَوْماً یَقْطَعُ شَهْوَتَكَ وَ لَا تَصُمْ صِیَاماً یَمْنَعُكَ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ أَحَبُّ إِلَی اللَّهِ مِنَ الصِّیَامِ یَا بُنَیَّ إِنَّ الدُّنْیَا بَحْرٌ عَمِیقٌ قَدْ هَلَكَ فِیهَا عَالَمٌ كَثِیرٌ فَاجْعَلْ سَفِینَتَكَ فِیهَا الْإِیمَانَ وَ اجْعَلْ شِرَاعَهَا التَّوَكُّلَ وَ اجْعَلْ زَادَكَ فِیهَا تَقْوَی اللَّهِ فَإِنْ نَجَوْتَ فَبِرَحْمَةِ اللَّهِ وَ إِنْ هَلَكْتَ فَبِذُنُوبِكَ یَا بُنَیَّ إِنْ تَأَدَّبْتَ صَغِیراً انْتَفَعْتَ بِهِ كَبِیراً وَ مَنْ عَنَی بِالْأَدَبِ اهْتَمَّ بِهِ وَ مَنِ اهْتَمَّ بِهِ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ وَ مَنْ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ وَ مَنِ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ أَدْرَكَ مَنْفَعَتَهُ فَاتَّخِذْهُ عَادَةً فَإِنَّكَ تَخْلُفُ فِی سَلَفِكَ وَ تَنْفَعُ بِهِ خَلْفَكَ (4)وَ یَرْتَجِیكَ فِیهِ رَاغِبٌ وَ یَخْشَی صَوْلَتَكَ رَاهِبٌ وَ إِیَّاكَ وَ الْكَسَلَ عَنْهُ بِالطَّلَبِ لِغَیْرِهِ فَإِنْ غُلِبْتَ عَلَی الدُّنْیَا فَلَا تُغْلَبَنَّ عَلَی الْآخِرَةِ فَإِذَا فَاتَكَ طَلَبُ الْعِلْمِ فِی مَظَانِّهِ فَقَدْ غُلِبْتَ عَلَی الْآخِرَةِ وَ اجْعَلْ فِی أَیَّامِكَ وَ لَیَالِیكَ وَ سَاعَاتِكَ لِنَفْسِكَ نَصِیباً
ص: 411
فِی طَلَبِ الْعِلْمِ فَإِنَّكَ لَمْ تَجِدْ لَهُ تَضْیِیعاً أَشَدَّ مِنْ تَرْكِهِ (1)وَ لَا تُمَارِیَنَّ فِیهِ لَجُوجاً وَ لَا تُجَادِلَنَّ فَقِیهاً وَ لَا تُعَادِیَنَّ سُلْطَاناً وَ لَا تُمَاشِیَنَّ ظَلُوماً وَ لَا تُصَادِقَنَّهُ وَ لَا تُؤَاخِیَنَّ فَاسِقاً وَ لَا تُصَاحِبَنَّ مُتَّهَماً وَ اخْزُنْ عِلْمَكَ كَمَا تَخْزُنُ وَرِقَكَ یَا بُنَیَّ خَفِ اللَّهَ خَوْفاً لَوْ أَتَیْتَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِبِرِّ الثَّقَلَیْنِ خِفْتَ أَنْ یُعَذِّبَكَ وَ ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَوْ وَافَیْتَ الْقِیَامَةَ بِإِثْمِ الثَّقَلَیْنِ رَجَوْتَ أَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ یَا أَبَتِ وَ كَیْفَ أُطِیقُ هَذَا وَ إِنَّمَا لِی قَلْبٌ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ لُقْمَانُ یَا بُنَیَّ لَوِ اسْتُخْرِجَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فَشُقَّ لَوُجِدَ فِیهِ نُورَانِ نُورٌ لِلْخَوْفِ وَ نُورٌ لِلرَّجَاءِ لَوْ وُزِنَا مَا رُجِّحَ (2)أَحَدُهُمَا عَلَی الْآخَرِ بِمِثْقَالِ ذَرَّةٍ فَمَنْ یُؤْمِنُ بِاللَّهِ یُصَدِّقُ مَا قَالَ اللَّهُ وَ مَنْ یُصَدِّقُ مَا قَالَ اللَّهُ یَفْعَلُ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَ مَنْ لَمْ یَفْعَلْ مَا أَمَرَ اللَّهُ لَمْ یُصَدِّقْ مَا قَالَ اللَّهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَخْلَاقُ یَشْهَدُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فَمَنْ یُؤْمِنْ بِاللَّهِ إِیمَاناً صَادِقاً یَعْمَلْ لِلَّهِ خَالِصاً نَاصِحاً وَ مَنْ یَعْمَلْ لِلَّهِ خَالِصاً نَاصِحاً فَقَدْ آمَنَ بِاللَّهِ صَادِقاً وَ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ خَافَهُ (3)وَ مَنْ خَافَهُ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَ مَنْ أَحَبَّهُ اتَّبَعَ أَمْرَهُ وَ مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ اسْتَوْجَبَ جَنَّتَهُ وَ مَرْضَاتَهُ وَ مَنْ لَمْ یَتَّبِعْ رِضْوَانَ اللَّهِ فَقَدْ هَانَ سَخَطَهُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ یَا بُنَیَّ لَا تَرْكَنْ إِلَی الدُّنْیَا وَ لَا تَشْغَلْ قَلْبَكَ بِهَا فَمَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً هُوَ أَهْوَنُ عَلَیْهِ مِنْهَا أَ لَا تَرَی أَنَّهُ لَمْ یَجْعَلْ نَعِیمَهَا ثَوَاباً لِلْمُطِیعِینَ وَ لَمْ یَجْعَلْ بَلَاءَهَا عُقُوبَةً لِلْعَاصِینَ (4).
بیان: تحاجزا تصالحا و تمانعا قوله لا یظعن أی لا یسافر قوله علیه السلام ما یخذل أی هو شی ء یخذل صاحبه أو بتقدیر اللام أی هو أكثر فتنا و بلاء لما یخذل صاحبه أو هو أكثر فتنا ما دام یخذل صاحبه و لا یعینه اللّٰه أو الموصول مبتدأ و أكثر خبره و لعل الثالث أظهر الوجوه و یؤیده أن فی روایة الثعلبی (5)هكذا لأن الحاكم بأشد المنازل و آكدها یغشاه الظلم من كل مكان إن یعن فبالحری أن ینجو (6)
ص: 412
و لا یبعد زیادة الواو فی یغشاه فیكون ما یخذل متعلقا به و فی القصص لأن الحكم بین الناس أشد المنازل من الدین و أكثرها فتنا و بلاء یخذل صاحبه و لا یعان و یغشاه الظلم من كل مكان و السری الشریف قوله و یبینها فیها أی فی جماعة الناس أو فی الدنیا و الأظهر یبثها فیهم كما فی القصص.
قوله علیه السلام حتی تفطر و انشق كنایة عن غایة تأثیر الحكمة فیه قوله و ازحمهم قال الفیروزآبادی زحمه كمنعه ضایقه و زاحم الخمسین قاربها أی ادخل بینهم و لو بمشقة و یحتمل أن یكون كنایة عن القرب منهم.
قوله علیه السلام و من عنی بالأدب أی اعتنی به و عرف فضله قوله علیه السلام فإنك تخلف أی تكون من حیث الاتصاف بتلك العادات الحسنة خلیفة من مضی من المتخلقین بها قوله علیه السلام من تركه أی ترك طلب العلم یفضی إلی ضیاع ما حصلته.
«3»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْقَاسَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِیمَا أَوْصَی بِهِ لُقْمَانُ ابْنَهُ نَاتَانَ أَنْ قَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ لِیَكُنْ مِمَّا تَتَسَلَّحُ بِهِ عَلَی عَدُوِّكَ فَتَصْرَعُهُ الْمُمَاسَحَةُ وَ إِعْلَانُ الرِّضَا عَنْهُ وَ لَا تُزَاوِلْهُ بِالْمُجَانَبَةِ (1)فَیَبْدُوَ لَهُ مَا فِی نَفْسِكَ فَیَتَأَهَّبَ لَكَ یَا بُنَیَّ خَفِ اللَّهَ خَوْفاً لَوْ وَافَیْتَهُ بِبِرِّ الثَّقَلَیْنِ خِفْتَ أَنْ یُعَذِّبَكَ اللَّهُ وَ ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَوْ وَافَیْتَهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَیْنِ رَجَوْتَ أَنْ یَغْفِرَ لَكَ یَا بُنَیَّ إِنِّی حَمَلْتُ الْجَنْدَلَ (2)وَ الْحَدِیدَ وَ كُلَّ حِمْلٍ ثَقِیلٍ فَلَمْ أَحْمِلْ شَیْئاً أَثْقَلَ مِنْ جَارِ السَّوْءِ وَ ذُقْتُ الْمَرَارَاتِ كُلَّهَا فَلَمْ أَذُقْ شَیْئاً أَمَرَّ مِنَ الْفَقْرِ (3).
بیان: قال الفیروزآبادی تماسحا تصادقا أو تبایعا فتصافقا و ماسحا لا ینافی القول غشا.
«4»-لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُوسَی عَنِ الصَّفَّارِ وَ لَمْ یَحْفَظِ الْحُسَیْنُ (4)الْإِسْنَادَ
ص: 413
قَالَ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ اتَّخِذْ أَلْفَ صَدِیقٍ وَ أَلْفٌ قَلِیلٌ وَ لَا تَتَّخِذْ عَدُوّاً وَاحِداً وَ الْوَاحِدُ كَثِیرٌ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ:
تَكَثَّرْ مِنَ الْإِخْوَانِ مَا اسْطَعْتَ إِنَّهُمْ***عِمَادٌ إِذَا مَا اسْتُنْجِدُوا وَ ظُهُورٌ (1)
وَ لَیْسَ كَثِیراً أَلْفُ خِلٍّ وَ صَاحِبٍ ***وَ إِنَّ عَدُوّاً وَاحِداً لَكَثِیرٌ (2)
«5»- ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ كَانَ فِیمَا وَعَظَ بِهِ لُقْمَانُ ابْنَهُ أَنْ قَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ لِیَعْتَبِرْ مَنْ قَصُرَ یَقِینُهُ وَ ضَعُفَتْ نِیَّتُهُ فِی طَلَبِ الرِّزْقِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَلَقَهُ فِی ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ مِنْ أَمْرِهِ وَ أَتَاهُ رِزْقُهُ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ فِی وَاحِدَةٍ مِنْهَا كَسْبٌ وَ لَا حِیلَةٌ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی سَیَرْزُقُهُ فِی الْحَالِ الرَّابِعَةِ أَمَّا أَوَّلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ فِی رَحِمِ أُمِّهِ یَرْزُقُهُ هُنَاكَ فِی قَرَارٍ مَكِینٍ حَیْثُ لَا یُؤْذِیهِ حَرٌّ وَ لَا بَرْدٌ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ وَ أَجْرَی لَهُ رِزْقاً مِنْ لَبَنِ أُمِّهِ یَكْفِیهِ بِهِ وَ یُرَبِّیهِ وَ یَنْعَشُهُ (3)مِنْ غَیْرِ حَوْلٍ بِهِ وَ لَا قُوَّةٍ ثُمَّ فُطِمَ (4)مِنْ ذَلِكَ فَأَجْرَی لَهُ رِزْقاً مِنْ كَسْبِ أَبَوَیْهِ بِرَأْفَةٍ وَ رَحْمَةٍ لَهُ مِنْ قُلُوبِهِمَا لَا یَمْلِكَانِ غَیْرَ ذَلِكَ حَتَّی إِنَّهُمَا یُؤْثِرَانِهِ عَلَی أَنْفُسِهِمَا فِی أَحْوَالٍ كَثِیرَةٍ حَتَّی إِذَا كَبِرَ وَ عَقَلَ وَ اكْتَسَبَ لِنَفْسِهِ ضَاقَ بِهِ أَمْرُهُ وَ ظَنَّ الظُّنُونَ بِرَبِّهِ وَ جَحَدَ الْحُقُوقَ فِی مَالِهِ وَ قَتَّرَ عَلَی نَفْسِهِ وَ عِیَالِهِ مَخَافَةَ إِقْتَارِ رِزْقٍ وَ سُوءِ یَقِینٍ بِالْخُلْفِ (5)مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی الْعَاجِلِ وَ الْآجِلِ فَبِئْسَ الْعَبْدُ هَذَا یَا بُنَیَّ (6).
ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام مرسلا مثله (7)بیان لا یملكان غیر ذلك أی لا یستطیعان ترك ذلك لما جبلهما اللّٰه علیه من حبه
ص: 414
أو ینفقان علیه كسبهما و إن لم یكونا یملكان غیره.
«6»-ب، قرب الإسناد هَارُونُ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: قِیلَ لِلُقْمَانَ مَا الَّذِی أَجْمَعْتَ عَلَیْهِ (1)مِنْ حِكْمَتِكَ قَالَ قَالَ لَا أَتَكَلَّفُ مَا قَدْ كُفِیتُهُ وَ لَا أُضِیعُ مَا وُلِّیتُهُ(2).
«7»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِیمَا وَعَظَ لُقْمَانُ ابْنَهُ أَنْ قَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ اجْعَلْ فِی أَیَّامِكَ وَ لَیَالِیكَ وَ سَاعَاتِكَ نَصِیباً لَكَ فِی طَلَبِ الْعِلْمِ فَإِنَّكَ لَنْ تَجِدَ لَهُ تَضْیِیعاً مِثْلَ تَرْكِهِ (3).
«8»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ لِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلَامَةٌ یُعْرَفُ بِهَا وَ یُشْهَدُ عَلَیْهَا وَ إِنَّ لِلدِّینِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ الْعِلْمَ وَ الْإِیمَانَ وَ الْعَمَلَ بِهِ وَ لِلْإِیمَانِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ الْإِیمَانُ بِاللَّهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ لِلْعَالِمِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَ بِمَا یُحِبُّ وَ مَا یَكْرَهُ وَ لِلْعَامِلِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ الصَّلَاةُ وَ الصِّیَامُ وَ الزَّكَاةُ وَ لِلْمُتَكَلِّفِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یُنَازِعُ مَنْ فَوْقَهُ وَ یَقُولُ مَا لَا یَعْلَمُ وَ یَتَعَاطَی مَا لَا یَنَالُ وَ لِلظَّالِمِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَظْلِمُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِیَةِ وَ مَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ وَ یُعِینُ الظَّلَمَةَ وَ لِلْمُنَافِقِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یُخَالِفُ لِسَانُهُ قَلْبَهُ وَ قَلْبُهُ فِعْلَهُ وَ عَلَانِیَتُهُ سَرِیرَتَهُ وَ لِلْآثِمِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَخُونُ وَ یَكْذِبُ وَ یُخَالِفُ مَا یَقُولُ وَ لِلْمُرَائِی ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَ یَنْشَطُ إِذَا كَانَ النَّاسُ عِنْدَهُ وَ یَتَعَرَّضُ فِی كُلِّ أَمْرٍ لِلْمَحْمَدَةِ وَ لِلْحَاسِدِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَغْتَابُ إِذَا غَابَ وَ یَتَمَلَّقُ إِذَا شَهِدَ وَ یَشْمَتُ بِالْمُصِیبَةِ وَ لِلْمُسْرِفِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَشْتَرِی مَا لَیْسَ لَهُ وَ یَلْبَسُ مَا لَیْسَ لَهُ وَ یَأْكُلُ مَا لَیْسَ لَهُ وَ لِلْكَسْلَانِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَتَوَانَی حَتَّی یُفَرِّطَ وَ یُفَرِّطُ حَتَّی یُضَیِّعَ وَ یُضَیِّعُ حَتَّی یَأْثَمَ وَ لِلْغَافِلِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ السَّهْوُ وَ اللَّهْوُ وَ النِّسْیَانُ
ص: 415
قَالَ حَمَّادُ بْنُ عِیسَی قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ شُعَبٌ یَبْلُغُ الْعِلْمُ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ بَابٍ وَ أَلْفِ بَابٍ وَ أَلْفِ بَابٍ فَكُنْ یَا حَمَّادُ طَالِباً لِلْعِلْمِ فِی آنَاءِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ (1)فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَقِرَّ عَیْنُكَ وَ تَنَالَ خَیْرَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَاقْطَعِ الطَّمَعَ مِمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ وَ عُدَّ نَفْسَكَ فِی الْمَوْتَی وَ لَا تُحَدِّثْ لِنَفْسِكَ أَنَّكَ فَوْقَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَ اخْزُنْ لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ مَالَكَ (2).
«9»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ رَفَعَهُ (3)قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ صَاحِبْ مِائَةً وَ لَا تُعَادِ وَاحِداً یَا بُنَیَّ إِنَّمَا هُوَ خَلَاقُكَ وَ خُلُقُكَ فَخَلَاقُكَ دِینُكَ وَ خُلُقُكَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ النَّاسِ فَلَا تَبْتَغِضْ إِلَیْهِمْ وَ تَعَلَّمْ مَحَاسِنَ الْأَخْلَاقِ یَا بُنَیَّ كُنْ عَبْداً لِلْأَخْیَارِ وَ لَا تَكُنْ وَلَداً لِلْأَشْرَارِ یَا بُنَیَّ أَدِّ الْأَمَانَةَ تَسْلَمْ لَكَ دُنْیَاكَ وَ آخِرَتُكَ وَ كُنْ أَمِیناً تَكُنْ غَنِیّاً (4).
بیان: الخلاق بالفتح الحظ و النصیب و المراد هنا نصیبك فی الآخرة (5).
«10»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ لُقْمَانُ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ إِنَّ الدُّنْیَا بَحْرٌ وَ قَدْ غَرِقَ فِیهَا جِیلٌ (6)كَثِیرٌ فَلْتَكُنْ سَفِینَتُكَ فِیهَا تَقْوَی اللَّهِ تَعَالَی وَ لْیَكُنْ جِسْرُكَ إِیمَاناً بِاللَّهِ وَ لْیَكُنْ شِرَاعُهَا التَّوَكُّلَ لَعَلَّكَ یَا بُنَیَّ تَنْجُو وَ مَا أَظُنُّكَ نَاجِیاً یَا بُنَیَّ كَیْفَ لَا یَخَافُ النَّاسُ مَا یُوعَدُونَ (7)وَ هُمْ یَنْتَقِصُونَ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ كَیْفَ لَا یَعِدُّ (8)لِمَا یُوعَدُ مَنْ كَانَ لَهُ أَجَلٌ یَنْفَدُ یَا بُنَیَّ خُذْ مِنَ الدُّنْیَا بُلْغَةً وَ لَا تَدْخُلْ
ص: 416
فِیهَا دُخُولًا تُضِرُّ فِیهَا بِآخِرَتِكَ وَ لَا تَرْفُضْهَا فَتَكُونَ عِیَالًا عَلَی النَّاسِ وَ صُمْ صِیَاماً یَقْطَعُ شَهْوَتَكَ وَ لَا تَصُمْ صِیَاماً یَمْنَعُكَ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الصَّوْمِ یَا بُنَیَّ لَا تَتَعَلَّمِ الْعِلْمَ لِتُبَاهِیَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ تُمَارِیَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ تُرَائِیَ بِهِ فِی الْمَجَالِسِ وَ لَا تَتْرُكِ الْعِلْمَ زَهَادَةً فِیهِ وَ رَغْبَةً فِی الْجَهَالَةِ یَا بُنَیَّ اخْتَرِ الْمَجَالِسَ عَلَی عَیْنَیْكَ فَإِنْ رَأَیْتَ قَوْماً یَذْكُرُونَ اللَّهَ فَاجْلِسْ إِلَیْهِمْ فَإِنَّكَ إِنْ تَكُنْ عَالِماً یَنْفَعْكَ عِلْمُكَ وَ یَزِیدُوكَ عِلْماً وَ إِنْ تَكُنْ جَاهِلًا یُعَلِّمُوكَ وَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَی أَنْ یُظِلَّهُمْ بِرَحْمَةٍ فَیَعُمَّكَ مَعَهُمْ وَ قَالَ قِیلَ لِلُقْمَانَ مَا یَجْمَعُ مِنْ حِكْمَتِكَ قَالَ لَا أَسْأَلُ عَمَّا كُفِیْتُهُ وَ لَا أَتَكَلَّفُ مَا لَا یَعْنِینِی (1).
«11»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَخِیهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِیمَا وَعَظَ بِهِ لُقْمَانُ ابْنَهُ أَنْ قَالَ یَا بُنَیَّ إِنْ تَكُ فِی شَكٍّ مِنَ الْمَوْتِ فَارْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ النَّوْمَ وَ لَنْ تَسْتَطِیعَ ذَلِكَ وَ إِنْ كُنْتَ فِی شَكٍّ مِنَ الْبَعْثِ فَادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ الِانْتِبَاهَ وَ لَنْ تَسْتَطِیعَ ذَلِكَ فَإِنَّكَ إِذَا فَكَّرْتَ فِی هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ نَفْسَكَ بِیَدِ غَیْرِكَ وَ إِنَّمَا النَّوْمُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ وَ إِنَّمَا الْیَقَظَةُ بَعْدَ النَّوْمِ بِمَنْزِلَةِ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ قَالَ قَالَ لُقْمَانُ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا بُنَیَّ لَا تَقْتَرِبْ فَیَكُونَ أَبْعَدَ لَكَ وَ لَا تَبْعُدْ فَتُهَانَ كُلُّ دَابَّةٍ تُحِبُّ مِثْلَهَا وَ ابْنُ آدَمَ لَا یُحِبُّ مِثْلَهُ لَا تَنْشُرْ بَزَّكَ (2)إِلَّا عِنْدَ بَاغِیهِ وَ كَمَا لَیْسَ بَیْنَ الْكَبْشِ وَ الذِّئْبِ خُلَّةٌ كَذَلِكَ لَیْسَ بَیْنَ الْبَارِّ وَ الْفَاجِرِ خُلَّةٌ مَنْ یَقْتَرِبْ مِنَ الزِّفْتِ تَعَلَّقَ كَذَلِكَ مَنْ یُشَارِكِ الْفَاجِرَ یَتَعَلَّمْ مِنْ طُرُقِهِ (3)مَنْ یُحِبَّ الْمِرَاءَ یُشْتَمْ وَ مَنْ یَدْخُلْ مَدْخَلَ السَّوْءِ یُتَّهَمْ وَ مَنْ یُقَارِنْ قَرِینَ السَّوْءِ لَا یَسْلَمْ وَ مَنْ لَا یَمْلِكْ لِسَانَهُ یَنْدَمْ وَ قَالَ یَا بُنَیَّ صَاحِبْ مِائَةً وَ لَا تُعَادِ وَاحِداً یَا بُنَیَّ إِنَّمَا هُوَ خَلَاقُكَ وَ خُلُقُكَ فَخَلَاقُكَ دِینُكَ وَ خُلُقُكَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ النَّاسِ فَلَا تُبْغِضَنَّ إِلَیْهِمْ وَ تَعَلَّمْ مَحَاسِنَ الْأَخْلَاقِ پ
ص: 417
یَا بُنَیَّ كُنْ عَبْداً لِلْأَخْیَارِ وَ لَا تَكُنْ وَلَداً لِلْأَشْرَارِ یَا بُنَیَّ أَدِّ الْأَمَانَةَ تَسْلَمْ دُنْیَاكَ وَ آخِرَتُكَ وَ كُنْ أَمِیناً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی جَلَّ وَ عَلَا لَا یُحِبُّ الْخَائِنِینَ یَا بُنَیَّ لَا تُرِ النَّاسَ أَنَّكَ تَخْشَی اللَّهَ وَ قَلْبُكَ فَاجِرٌ (1).
بیان: لا تقترب أی من الناس فی المعاشرة كثیرا فیصیر سببا لكثرة البعد عنهم و الغرض بیان أن ما ینبغی فی معاشرتهم هو رعایة الوسط فإن كثرة الخلطة و بث الأسرار أقرب إلی المفارقة و البعد عنهم یوجب الإهانة قوله علیه السلام لا تنشر بزك أی لا تعرض متاعك من العلم و الحكمة إلا عند طالبه و من هو أهله.
«12»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا وَعَظَ لُقْمَانُ ابْنَهُ فَقَالَ أَنَا مُنْذُ سَقَطْتُ إِلَی الدُّنْیَا اسْتَدْبَرْتُ (2)وَ اسْتَقْبَلْتُ الْآخِرَةَ فَدَارٌ أَنْتَ إِلَیْهَا تَسِیرُ أَقْرَبُ مِنْ دَارٍ أَنْتَ مِنْهَا مُتَبَاعِدٌ یَا بُنَیَّ لَا تَطْلُبْ مِنَ الْأَمْرِ مُدْبِراً وَ لَا تَرْفُضْ مِنْهُ مُقْبِلًا فَإِنَّ ذَلِكَ یُضِلُّ الرَّأْیَ وَ یُزْرِی بِالْعَقْلِ یَا بُنَیَّ لِیَكُنْ مِمَّا تَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَی عَدُوِّكَ الْوَرَعُ عَنِ الْمَحَارِمِ وَ الْفَضْلُ فِی دِینِكَ وَ الصِّیَانَةُ لِمُرُوَّتِكَ (3)وَ الْإِكْرَامُ لِنَفْسِكَ أَنْ تُدَنِّسَهَا بِمَعَاصِی الرَّحْمَنِ وَ مَسَاوِی الْأَخْلَاقِ وَ قَبِیحِ الْأَفْعَالِ وَ اكْتُمْ سِرَّكَ وَ أَحْسِنْ سَرِیرَتَكَ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ أَمِنْتَ بِسِتْرِ اللَّهِ أَنْ یُصِیبَ عَدُوُّكَ مِنْكَ عَوْرَةً أَوْ یَقْدِرَ مِنْكَ عَلَی زَلَّةٍ وَ لَا تَأْمَنَنَّ مَكْرَهُ فَیُصِیبَ مِنْكَ غِرَّةً (4)فِی بَعْضِ حَالاتِكَ وَ إِذَا اسْتَمْكَنَ مِنْكَ وَثَبَ عَلَیْكَ وَ لَمْ یُقِلْكَ عَثْرَةً وَ لْیَكُنْ مِمَّا تَتَسَلَّحُ بِهِ عَلَی عَدُوِّكَ إِعْلَانُ الرِّضَا عَنْهُ وَ اسْتَصْغِرِ الْكَثِیرَ فِی طَلَبِ الْمَنْفَعَةِ وَ اسْتَعْظِمِ الصَّغِیرَ فِی رُكُوبِ الْمَضَرَّةِ یَا بُنَیَّ لَا تُجَالِسِ النَّاسَ بِغَیْرِ طَرِیقَتِهِمْ وَ لَا تَحْمِلَنَّ عَلَیْهِمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ فَلَا یَزَالُ جَلِیسُكَ عَنْكَ نَافِراً وَ الْمَحْمُولُ عَلَیْهِ فَوْقَ طَاقَتِهِ مُجَانِباً لَكَ فَإِذَا أَنْتَ فَرْدٌ لَا صَاحِبَ لَكَ یُؤْنِسُكَ وَ لَا أَخَ لَكَ یَعْضُدُكَ فَإِذَا بَقِیتَ وَحِیداً كُنْتَ
ص: 418
مَخْذُولًا وَ صِرْتَ ذَلِیلًا وَ لَا تَعْتَذِرْ إِلَی مَنْ لَا یُحِبُّ أَنْ یَقْبَلَ لَكَ عُذْراً وَ لَا یَرَی لَكَ حَقّاً وَ لَا تَسْتَعِنْ فِی أُمُورِكَ إِلَّا بِمَنْ یُحِبُّ أَنْ یَتَّخِذَ فِی قَضَاءِ حَاجَتِكَ أَجْراً (1)فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ طَلَبَ قَضَاءَ حَاجَتِكَ لَكَ كَطَلَبِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ نَجَاحِهَا لَكَ كَانَ رِبْحاً فِی الدُّنْیَا الْفَانِیَةِ وَ حَظّاً وَ ذُخْراً لَهُ فِی الدَّارِ الْبَاقِیَةِ فَیَجْتَهِدُ فِی قَضَائِهَا لَكَ وَ لْیَكُنْ إِخْوَانُكَ وَ أَصْحَابُكَ الَّذِینَ تَسْتَخْلِصُهُمْ وَ تَسْتَعِینُ بِهِمْ عَلَی أُمُورِكَ أَهْلَ الْمُرُوَّةِ وَ الْكَفَافِ وَ الثَّرْوَةِ وَ الْعَقْلِ وَ الْعَفَافِ الَّذِینَ إِنْ نَفَعْتَهُمْ شَكَرُوكَ وَ إِنْ غِبْتَ عَنْ جِیرَتِهِمْ ذَكَرُوكَ (2).
إیضاح: لا تطلب من الأمر مدبرا أی الأمر الذی لم یتهیأ أسبابه و یبعد حصوله أو أمور الدنیا فإن كلها مدبرة فانیة و قال الفیروزآبادی أزری بأخیه أدخل علیه عیبا أو أمرا یرید أن یلبس علیه به و بالأمر تهاون.
«13»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ یَا بُنَیَّ إِنْ تَأَدَّبْتَ صَغِیراً انْتَفَعْتَ بِهِ كَبِیراً وَ مَنْ عَنَی بِالْأَدَبِ اهْتَمَّ بِهِ وَ مَنِ اهْتَمَّ بِهِ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ وَ مَنْ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ وَ مَنِ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ أَدْرَكَ بِهِ مَنْفَعَةً فَاتَّخِذْهُ عَادَةً وَ إِیَّاكَ وَ الْكَسَلَ مِنْهُ وَ الطَّلَبَ بِغَیْرِهِ وَ إِنْ غُلِبْتَ عَلَی الدُّنْیَا فَلَا تُغْلَبَنَّ عَلَی الْآخِرَةِ وَ إِنَّهُ إِنْ فَاتَكَ طَلَبُ الْعِلْمِ فَإِنَّكَ لَنْ تَجِدَ تَضْیِیعاً أَشَدَّ مِنْ تَرْكِهِ یَا بُنَیَّ اسْتَصْلِحِ الْأَهْلِینَ وَ الْإِخْوَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنِ اسْتَقَامُوا لَكَ عَلَی الْوَفَاءِ وَ احْذَرْهُمْ عِنْدَ انْصِرَافِ الْحَالِ بِهِمْ عَنْكَ فَإِنَّ عَدَاوَتَهُمْ أَشَدُّ مَضَرَّةً مِنْ عَدَاوَةِ الْأَبَاعِدِ لِتَصْدِیقِ النَّاسِ إِیَّاهُمْ لِاطِّلَاعِهِمْ عَلَیْكَ (3).
«14»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ الضَّجَرَ (4)وَ سُوءَ الْخُلُقِ وَ قِلَّةَ الصَّبْرِ فَلَا یَسْتَقِیمُ عَلَی هَذِهِ الْخِصَالِ صَاحِبٌ وَ أَلْزِمْ نَفْسَكَ التُّؤَدَةَ (5)فِی أُمُورِكَ وَ صَبِّرْ (6)عَلَی مَئُونَاتِ الْإِخْوَانِ نَفْسَكَ وَ حَسِّنْ مَعَ جَمِیعِ النَّاسِ
ص: 419
خُلُقَكَ یَا بُنَیَّ إِنْ عَدِمَكَ مَا تَصِلُ بِهِ قَرَابَتَكَ وَ تَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَی إِخْوَانِكَ فَلَا یَعْدَمَنَّكَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ بَسْطُ الْبِشْرِ فَإِنَّهُ مَنْ أَحْسَنَ خُلُقَهُ أَحَبَّهُ الْأَخْیَارُ وَ جَانَبَهُ الْفُجَّارُ وَ اقْنَعْ بِقَسْمِ اللَّهِ لِیَصْفُوَ عَیْشُكَ (1)فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَجْمَعَ عِزَّ الدُّنْیَا فَاقْطَعْ طَمَعَكَ مِمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ فَإِنَّمَا بَلَغَ الْأَنْبِیَاءُ وَ الصِّدِّیقُونَ مَا بَلَغُوا بِقَطْعِ طَمَعِهِمْ وَ قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ لُقْمَانُ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا بُنَیَّ إِنِ احْتَجْتَ إِلَی سُلْطَانٍ فَلَا تُكْثِرِ الْإِلْحَاحَ عَلَیْهِ وَ لَا تَطْلُبْ حَاجَتَكَ مِنْهُ إِلَّا فِی مَوَاضِعِ الطَّلَبِ وَ ذَلِكَ حِینَ الرِّضَا وَ طِیبِ النَّفْسِ وَ لَا تَضْجَرَنَّ بِطَلَبِ حَاجَةٍ فَإِنَّ قَضَاءَهَا بِیَدِ اللَّهِ وَ لَهَا أَوْقَاتٌ وَ لَكِنِ ارْغَبْ إِلَی اللَّهِ وَ سَلْهُ وَ حَرِّكْ إِلَیْهِ أَصَابِعَكَ (2)یَا بُنَیَّ إِنَّ الدُّنْیَا قَلِیلٌ وَ عُمُرَكَ قَصِیرٌ یَا بُنَیَّ احْذَرِ الْحَسَدَ فَلَا یَكُونَنَّ مِنْ شَأْنِكَ وَ اجْتَنِبْ سُوءَ الْخُلُقِ فَلَا یَكُونَنَّ مِنْ طَبْعِكَ فَإِنَّكَ لَا تُضِرُّ بِهِمَا إِلَّا نَفْسَكَ وَ إِذَا كُنْتَ أَنْتَ الضَّارَّ لِنَفْسِكَ كَفَیْتَ عَدُوَّكَ أَمْرَكَ لِأَنَّ عَدَاوَتَكَ لِنَفْسِكَ أَضَرُّ عَلَیْكَ مِنْ عَدَاوَةِ غَیْرِكَ یَا بُنَیَّ اجْعَلْ مَعْرُوفَكَ فِی أَهْلِهِ وَ كُنْ فِیهِ طَالِباً لِثَوَابِ اللَّهِ وَ كُنْ مُقْتَصِداً وَ لَا تُمْسِكْهُ تَقْتِیراً وَ لَا تُعْطِهِ تَبْذِیِراً یَا بُنَیَّ سَیِّدُ أَخْلَاقِ الْحِكْمَةِ دِینُ اللَّهِ تَعَالَی وَ مَثَلُ الدِّینِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ نَابِتَةٍ فَالْإِیمَانُ بِاللَّهِ مَاؤُهَا وَ الصَّلَاةُ عُرُوقُهَا وَ الزَّكَاةُ جِذْعُهَا وَ التَّأَخِّی فِی اللَّهِ شُعَبُهَا وَ الْأَخْلَاقُ الْحَسَنَةُ وَرَقُهَا (3)وَ الْخُرُوجُ عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ ثَمَرُهَا وَ لَا تَكْمُلُ الشَّجَرَةُ إِلَّا بِثَمَرَةٍ طَیِّبَةٍ كَذَلِكَ الدِّینُ لَا یَكْمُلُ إِلَّا بِالْخُرُوجِ عَنِ الْمَحَارِمِ یَا بُنَیَّ لِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلَامَةٌ یُعْرَفُ بِهَا وَ إِنَّ لِلدِّینِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ الْعِفَّةَ وَ الْعِلْمَ وَ الْحِلْمَ (4).
«15»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُیَیْنَةَ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ یَا بُنَیَّ إِنَّ أَشَدَّ
ص: 420
الْعُدْمِ (1)عُدْمُ الْقَلْبِ وَ إِنَّ أَعْظَمَ الْمَصَائِبِ مُصِیبَةُ الدِّینِ وَ أَسْنَی الْمَرْزِئَةِ (2)مَرْزِئَتُهُ وَ أَنْفَعَ الْغِنَی غِنَی الْقَلْبِ فَتَلَبَّثْ فِی كُلِّ ذَلِكَ وَ الْزَمِ الْقَنَاعَةَ وَ الرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ وَ إِنَّ السَّارِقَ إِذَا سَرَقَ حَبَسَهُ اللَّهُ مِنْ رِزْقِهِ وَ كَانَ عَلَیْهِ إِثْمُهُ وَ لَوْ صَبَرَ لَنَالَ ذَلِكَ وَ جَاءَهُ مِنْ وَجْهِهِ یَا بُنَیَّ أَخْلِصْ طَاعَةَ اللَّهِ حَتَّی لَا تُخَالِطَهَا بِشَیْ ءٍ مِنَ الْمَعَاصِی ثُمَّ زَیِّنِ الطَّاعَةَ بِاتِّبَاعِ أَهْلِ الْحَقِّ فَإِنَّ طَاعَتَهُمْ مُتَّصِلَةٌ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَی وَ زَیِّنْ ذَلِكَ بِالْعِلْمِ وَ حَصِّنْ عِلْمَكَ بِحِلْمٍ لَا یُخَالِطُهُ حُمْقٌ وَ اخْزُنْهُ بِلِینٍ لَا یُخَالِطُهُ جَهْلٌ وَ شَدِّدْهُ بِحَزْمٍ لَا یُخَالِطُهُ الضِّیَاعُ وَ امْزُجْ حَزْمَكَ بِرِفْقٍ لَا یُخَالِطُهُ الْعُنْفُ (3).
«16»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ الْقَطَّانِ قَالَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ قَالَ لُقْمَانُ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَمَلْتُ الْجَنْدَلَ وَ الْحَدِیدَ وَ كُلَّ حِمْلٍ ثَقِیلٍ فَلَمْ أَحْمِلْ شَیْئاً أَثْقَلَ مِنْ جَارِ السَّوْءِ وَ ذُقْتُ الْمَرَارَاتِ كُلَّهَا فَمَا ذُقْتُ شَیْئاً أَمَرَّ مِنَ الْفَقْرِ یَا بُنَیَّ لَا تَتَّخِذِ الْجَاهِلَ رَسُولًا فَإِنْ لَمْ تُصِبْ عَاقِلًا حَكِیماً یَكُونُ رَسُولَكَ فَكُنْ أَنْتَ رَسُولَ نَفْسِكَ یَا بُنَیَّ اعْتَزِلِ الشَّرَّ یَعْتَزِلْكَ وَ قَالَ الصَّادِقُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قِیلَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ لُقْمَانَ أَیُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ الْمُؤْمِنُ الْغَنِیُّ قِیلَ الْغَنِیُّ مِنَ الْمَالِ فَقَالَ لَا وَ لَكِنَّ الْغَنِیَّ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِی إِنِ احْتِیجَ إِلَیْهِ انْتُفِعَ بِعِلْمِهِ فَإِنِ اسْتُغْنِیَ عَنْهُ اكْتُفِیَ وَ قِیلَ فَأَیُّ النَّاسِ أَشَرُّ قَالَ الَّذِی لَا یُبَالِی أَنْ یَرَاهُ النَّاسُ مُسِیئاً (4).
«17»-نبه، تنبیه الخاطر قَالَ لُقْمَانُ یَا بُنَیَّ كَمَا تَنَامُ كَذَلِكَ تَمُوتُ وَ كَمَا تَسْتَیْقِظُ كَذَلِكَ تُبْعَثُ (5)وَ قَالَ یَا بُنَیَّ كَذَبَ مَنْ قَالَ إِنَّ الشَّرَّ یُطْفَأُ بِالشَّرِّ فَإِنْ كَانَ صَادِقاً فَلْیُوقِدْ
ص: 421
نَارَیْنِ هَلْ تُطْفِئُ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَی (1)وَ إِنَّمَا یُطْفِئُ الْخَیْرُ الشَّرَّ كَمَا یُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ (2)وَ قَالَ یَا بُنَیَّ بِعْ دُنْیَاكَ بِآخِرَتِكَ تَرْبَحْهُمَا جَمِیعاً وَ لَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْیَاكَ تَخْسَرْهُمَا جَمِیعاً (3)وَ كَانَ لُقْمَانُ یُطِیلُ الْجُلُوسَ وَحْدَهُ فَكَانَ یَمُرُّ بِهِ مَوْلَاهُ فَیَقُولُ یَا لُقْمَانُ إِنَّكَ تُدِیمُ الْجُلُوسَ وَحْدَكَ فَلَوْ جَلَسْتَ مَعَ النَّاسِ كَانَ آنَسَ لَكَ فَیَقُولُ لُقْمَانُ إِنَّ طُولَ الْوَحْدَةِ أَفْهَمُ لِلْفِكْرَةِ وَ طُولَ الْفِكْرَةِ دَلِیلٌ عَلَی طَرِیقِ الْجَنَّةِ (4).
«18»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ إِذَا سَافَرْتَ مَعَ قَوْمٍ فَأَكْثِرِ اسْتِشَارَتَكَ إِیَّاهُمْ فِی أَمْرِكَ وَ أُمُورِهِمْ وَ أَكْثِرِ التَّبَسُّمَ فِی وُجُوهِهِمْ وَ كُنْ كَرِیماً عَلَی زَادِكَ وَ إِذَا دَعَوْكَ فَأَجِبْهُمْ وَ إِذَا اسْتَعَانُوا بِكَ فَأَعِنْهُمْ وَ اغْلِبْهُمْ بِثَلَاثٍ بِطُولِ الصَّمْتِ وَ كَثْرَةِ الصَّلَاةِ وَ سَخَاءِ النَّفْسِ بِمَا مَعَكَ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ مَالٍ أَوْ زَادٍ وَ إِذَا اسْتَشْهَدُوكَ عَلَی الْحَقِّ فَاشْهَدْ لَهُمْ وَ اجْهَدْ رَأْیَكَ (5)لَهُمْ إِذَا اسْتَشَارُوكَ ثُمَّ لَا تَعْزِمْ حَتَّی تَثْبُتَ وَ تَنْظُرَ وَ لَا تُجِبْ فِی مَشُورَةٍ حَتَّی تَقُومَ فِیهَا وَ تَقْعُدَ وَ تَنَامَ وَ تُصَلِّیَ (6)وَ أَنْتَ مُسْتَعْمِلٌ فِكْرَكَ وَ حِكْمَتَكَ فِی مَشُورَتِهِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ یُمْحِضِ النَّصِیحَةَ لِمَنِ اسْتَشَارَهُ سَلَبَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی رَأْیَهُ وَ نَزَعَ عَنْهُ الْأَمَانَةَ وَ إِذَا رَأَیْتَ أَصْحَابَكَ یَمْشُونَ فَامْشِ مَعَهُمْ وَ إِذَا رَأَیْتَهُمْ یَعْمَلُونَ فَاعْمَلْ مَعَهُمْ وَ إِذَا تَصَدَّقُوا وَ أَعْطَوْا قَرْضاً فَأَعْطِ مَعَهُمْ وَ اسْمَعْ لِمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ سِنّاً وَ إِذَا أَمَرُوكَ بِأَمْرٍ وَ سَأَلُوكَ فَقُلْ نَعَمْ وَ لَا تَقُلْ لَا فَإِنَّ لَا عِیٌّ (7)وَ لُؤْمٌ وَ إِذَا تَحَیَّرْتُمْ فِی طَرِیقِكُمْ فَانْزِلُوا وَ إِذَا شَكَكْتُمْ فِی الْقَصْدِ فَقِفُوا وَ تَآمَرُوا (8)وَ إِذَا رَأَیْتُمْ شَخْصاً وَاحِداً فَلَا تَسْأَلُوهُ عَنْ طَرِیقِكُمْ
ص: 422
وَ لَا تَسْتَرْشِدُوهُ فَإِنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ فِی الْفَلَاةِ مَرِیبٌ لَعَلَّهُ أَنْ یَكُونَ عَیْناً (1)لِلُّصُوصِ أَوْ یَكُونَ هُوَ الشَّیْطَانَ الَّذِی یُحَیِّرُكُمْ وَ احْذَرُوا الشَّخْصَیْنِ أَیْضاً إِلَّا أَنْ تَرَوْا مَا لَا أَرَی فَإِنَّ الْعَاقِلَ إِذَا أَبْصَرَ بِعَیْنِهِ شَیْئاً عَرَفَ الْحَقَّ مِنْهُ وَ الشَّاهِدَ یَرَی مَا لَا یَرَی الْغَائِبُ یَا بُنَیَّ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَلَا تُؤَخِّرْهَا لِشَیْ ءٍ وَ صَلِّهَا وَ اسْتَرِحْ مِنْهَا فَإِنَّهَا دَیْنٌ وَ صَلِّ فِی جَمَاعَةٍ وَ لَوْ عَلَی رَأْسِ زُجٍّ (2)وَ لَا تَنَامَنَّ عَلَی دَابَّتِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ سَرِیعٌ فِی دَبَرِهَا وَ لَیْسَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْحُكَمَاءِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِی مَحْمِلٍ یُمْكِنُكَ التَّمَدُّدُ لِاسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ وَ إِذَا قَرُبْتَ مِنَ الْمَنْزِلِ فَانْزِلْ عَنْ دَابَّتِكَ وَ ابْدَأْ بِعَلْفِهَا قَبْلَ نَفْسِكَ وَ إِذَا أَرَدْتَ النُّزُولَ فَعَلَیْكَ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ بِأَحْسَنِهَا لَوْناً وَ أَلْیَنِهَا تُرْبَةً وَ أَكْثَرِهَا عُشْباً وَ إِذَا نَزَلْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَیْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ وَ إِذَا أَرَدْتَ قَضَاءَ حَاجَةٍ فَأَبْعِدِ الْمَذْهَبَ فِی الْأَرْضِ فَإِذَا ارْتَحَلْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَیْنِ وَ وَدِّعِ الْأَرْضَ الَّتِی حَلَلْتَ بِهَا وَ سَلِّمْ عَلَیْهَا وَ عَلَی أَهْلِهَا فَإِنَّ لِكُلِّ بُقْعَةٍ أَهْلًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَأْكُلَ طَعَاماً حَتَّی تَبْدَأَ فَتَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَافْعَلْ وَ عَلَیْكَ بِقِرَاءَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا دُمْتَ رَاكِباً وَ عَلَیْكَ بِالتَّسْبِیحِ مَا دُمْتَ عَامِلًا وَ عَلَیْكَ بِالدُّعَاءِ مَا دُمْتَ خَالِیاً وَ إِیَّاكَ وَ السَّیْرَ مِنْ أَوَّلِ اللَّیْلِ وَ عَلَیْكَ بِالتَّعْرِیسِ وَ الدُّلْجَةِ (3)مِنْ لَدُنْ نِصْفِ اللَّیْلِ إِلَی آخِرِهِ وَ إِیَّاكَ وَ رَفْعَ الصَّوْتِ فِی مَسِیرِكَ (4).
أقول: قال الشیخ أمین الدین الطبرسی اختلف فی لقمان فقیل إنه كان حكیما و لم یكن نبیا عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و أكثر المفسرین و قیل إنه كان نبیا عن عكرمة و السدی و الشعبی و فسروا الحكمة فی الآیة بالنبوة و قیل إنه كان عبدا أسود حبشیا غلیظ المشافر (5)مشقوق الرجلین فی زمن داود علیه السلام و قال له بعض الناس أ لست كنت ترعی الغنم معنا فقال نعم فقال من أین أوتیت ما أری قال
ص: 423
قدر اللّٰه و أداء الأمانة و صدق الحدیث و الصمت عما لا یعنینی و قیل إنه كان ابن أخت أیوب عن وهب و قیل كان ابن خالة أیوب عن مقاتل
وَ رُوِیَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ حَقّاً أَقُولُ لَمْ یَكُنْ لُقْمَانُ نَبِیّاً وَ لَكِنَّهُ كَانَ عَبْداً كَثِیرَ التَّفَكُّرِ حَسَنَ الْیَقِینِ أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ وَ مَنَّ عَلَیْهِ بِالْحِكْمَةِ كَانَ نَائِماً نِصْفَ النَّهَارِ إِذْ جَاءَ نِدَاءٌ (1)یَا لُقْمَانُ هَلْ لَكَ أَنْ یَجْعَلَكَ اللَّهُ خَلِیفَةً.
ثم ذكر نحوا مما مر فی خبر حماد (2)
ثم قَالَ ذُكِرَ أَنَّ مَوْلَی لُقْمَانَ دَعَاهُ فَقَالَ اذْبَحْ شَاةً فَأْتِنِی بِأَطْیَبِ مُضْغَتَیْنِ مِنْهَا فَأَتَاهُ (3)بِالْقَلْبِ وَ اللِّسَانِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّهُمَا أَطْیَبُ شَیْ ءٍ إِذَا طَابَا وَ أَخْبَثُ شَیْ ءٍ إِذَا خَبُثَا.
و قیل إن مولاه دخل المخرج فأطال فیه الجلوس فناداه لقمان إن طول الجلوس علی الحاجة یفجع منه الكبد (4)و یورث الباسور و یصعد الحرارة إلی الرأس فاجلس هونا و قم هونا (5)قال فكتب حكمته علی باب الحش (6).
قال: عبد اللّٰه بن دینار قدم لقمان من سفر فلقی غلامه فی الطریق فقال ما فعل أبی قال مات قال ملكت أمری قال ما فعلت امرأتی قال ماتت قال جدد فراشی قال ما فعلت أختی قال ماتت قال سترت عورتی قال ما فعل أخی قال مات قال انقطع ظهری.
ص: 424
و قیل للقمان أی الناس شر قال الذی لا یبالی أن یراه الناس مسیئا و قیل له ما أقبح وجهك قال تعیب علی النقش أو علی فاعل النقش و قیل إنه دخل علی داود و هو یسرد الدرع (1)و قد لین اللّٰه له الحدید كالطین فأراد أن یسأله فأدركته الحكمة فسكت فلما أتمها لبسها و قال نعم لبوس الحرب أنت فقال الصمت حكمة و قلیل فاعله فقال له داود علیه السلام بحق ما سمیت حكیما انتهی(2).
و قال المسعودی كان لقمان نوبیا مولی للقین بن حسر ولد علی عشر سنین من ملك داود علیه السلام و كان عبدا صالحا و من اللّٰه علیه بالحكمة و لم یزل فی فیافی الأرض (3)مظهرا للحكمة و الزهد فی هذا العالم إلی أیام یونس بن متی حتی بعث إلی أهل نینوی من بلاد الموصل (4).
«19»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یَحْیَی بْنِ عُقْبَةَ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ فِیمَا وَعَظَ بِهِ لُقْمَانُ ابْنَهُ یَا بُنَیَّ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا قَبْلَكَ لِأَوْلَادِهِمْ فَلَمْ یَبْقَ مَا جَمَعُوا وَ لَمْ یَبْقَ مَنْ جَمَعُوا لَهُ وَ إِنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ مُسْتَأْجِرٌ قَدْ أُمِرْتَ بِعَمَلٍ وَ وُعِدْتَ عَلَیْهِ أَجْراً فَأَوْفِ عَمَلَكَ وَ اسْتَوْفِ أَجْرَكَ وَ لَا تَكُنْ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا بِمَنْزِلَةِ شَاةٍ وَقَعَتْ فِی زَرْعٍ أَخْضَرَ فَأَكَلَتْ حَتَّی سَمِنَتْ فَكَانَ حَتْفُهَا (5)عِنْدَ سِمَنِهَا وَ لَكِنِ اجْعَلِ الدُّنْیَا بِمَنْزِلَةِ قَنْطَرَةٍ عَلَی نَهَرٍ جُزْتَ عَلَیْهَا وَ تَرَكْتَهَا وَ لَمْ تَرْجِعْ إِلَیْهَا آخِرَ الدَّهْرِ أَخْرِبْهَا (6)وَ لَا تَعْمُرْهَا فَإِنَّكَ لَمْ تُؤْمَرْ بِعِمَارَتِهَا وَ اعْلَمْ أَنَّكَ سَتُسْأَلُ غَداً إِذَا وَقَفْتَ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ أَرْبَعٍ شَبَابِكَ فِیمَا أَبْلَیْتَهُ وَ عُمُرِكَ فِیمَا أَفْنَیْتَهُ وَ مَالِكَ مِمَّا اكْتَسَبْتَهُ وَ فِیمَا أَنْفَقْتَهُ فَتَأَهَّبْ لِذَلِكَ وَ أَعِدَّ لَهُ جَوَاباً وَ لَا تَأْسَ عَلَی مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْیَا فَإِنَّ قَلِیلَ الدُّنْیَا لَا یَدُومُ بَقَاؤُهُ وَ كَثِیرَهَا لَا یُؤْمَنُ بَلَاؤُهُ فَخُذْ حِذْرَكَ وَ جِدَّ فِی أَمْرِكَ وَ اكْشِفِ الْغِطَاءَ عَنْ وَجْهِكَ
ص: 425
وَ تَعَرَّضْ لِمَعْرُوفِ رَبِّكَ وَ جَدِّدِ التَّوْبَةَ فِی قَلْبِكَ وَ اكْمُشْ فِی فِرَاقِكَ (1)قَبْلَ أَنْ یُقْصَدَ قَصْدُكَ وَ یُقْضَی قَضَاؤُكَ وَ یُحَالَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ مَا تُرِیدُ (2).
«20»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ لُقْمَانُ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ لَا تَقْرَبْ (3)فَیَكُونَ أَبْعَدَ لَكَ وَ لَا تَبْعُدْ فَتُهَانَ كُلُّ دَابَّةٍ تُحِبُّ مِثْلَهَا وَ ابْنُ آدَمَ لَا یُحِبُّ مِثْلَهُ وَ لَا تَنْشُرْ بَزَّكَ إِلَّا عِنْدَ بَاغِیهِ كَمَا لَیْسَ بَیْنَ الذِّئْبِ وَ الْكَبْشِ خُلَّةٌ كَذَلِكَ لَیْسَ بَیْنَ الْبَارِّ وَ الْفَاجِرِ خُلَّةٌ مَنْ یَقْتَرِبْ مِنَ الزِّفْتِ یَعْلَقْ بِهِ بَعْضُهُ كَذَلِكَ مَنْ یُشَارِكِ الْفَاجِرَ یَتَعَلَّمْ مِنْ طُرُقِهِ مَنْ یُحِبَّ الْمِرَاءَ یُشْتَمْ وَ مَنْ یَدْخُلْ مَدَاخِلَ السَّوْءِ یُتَّهَمْ وَ مَنْ یُقَارِنْ قَرِینَ السَّوْءِ لَا یَسْلَمْ وَ مَنْ لَا یَمْلِكْ لِسَانَهُ یَنْدَمْ (4).
«21»-نبه، تنبیه الخاطر قَالَ لُقْمَانُ لَأَنْ یَضْرِبَكَ الْحَكِیمُ فَیُؤْذِیَكَ خَیْرٌ مِنْ أَنْ یَدْهُنَكَ الْجَاهِلُ بِدُهْنٍ طَیِّبٍ (5)وَ قِیلَ لِلُقْمَانَ أَ لَسْتَ عَبْدَ آلِ فُلَانٍ قَالَ بَلَی قِیلَ فَمَا بَلَغَ بِكَ مَا نَرَی قَالَ صِدْقُ الْحَدِیثِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ تَرْكِی مَا لَا یَعْنِینِی وَ غَضِّی بَصَرِی وَ كَفِّی لِسَانِی وَ عِفَّتِی فِی طُعْمَتِی فَمَنْ نَقَصَ عَنْ هَذَا فَهُوَ دُونِی وَ مَنْ زَادَ عَلَیْهِ فَهُوَ فَوْقِی وَ مَنْ عَمِلَهُ فَهُوَ مِثْلِی وَ قَالَ یَا بُنَیَّ لَا تُؤَخِّرِ التَّوْبَةَ فَإِنَّ الْمَوْتَ یَأْتِی بَغْتَةً وَ لَا تُشْمِتْ بِالْمَوْتِ وَ لَا تَسْخَرْ بِالْمُبْتَلَی وَ لَا تَمْنَعِ الْمَعْرُوفَ یَا بُنَیَّ كُنْ أَمِیناً تَعِشْ غَنِیّاً یَا بُنَیَّ اتَّخِذْ تَقْوَی اللَّهِ تِجَارَةً تَأْتِكَ الْأَرْبَاحُ مِنْ غَیْرِ بِضَاعَةٍ وَ إِذَا أَخْطَأْتَ خَطِیئَةً فَابْعَثْ فِی أَثَرِهَا صَدَقَةً تُطْفِئُهَا یَا بُنَیَّ إِنَّ الْمَوْعِظَةَ تَشُقُّ عَلَی السَّفِیهِ كَمَا یَشُقُّ الصُّعُودُ عَلَی الشَّیْخِ الْكَبِیرِ یَا بُنَیَّ لَا تَرْثِ (6)لِمَنْ ظَلَمْتَهُ وَ لَكِنْ ارْثِ لِسُوءِ مَا جَنَیْتَهُ عَلَی نَفْسِكَ وَ إِذَا دَعَتْكَ الْقُدْرَةُ إِلَی ظُلْمِ النَّاسِ فَاذْكُرْ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَیْكَ یَا بُنَیَّ تَعَلَّمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَا جَهِلْتَ وَ عَلِّمِ النَّاسَ مَا عَلِمْتَ (7).
ص: 426
«22»-أَقُولُ وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِی نَوَّرَ اللَّهُ ضَرِیحَهُ مَا هَذَا لَفْظُهُ جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَیْنِ (1)شَیْخُ الصَّدُوقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَابَوَیْهِ وَثَّقَهُ جش (النَّجَاشِیُ) (2)وَ لَهُ كِتَابُ النَّوَادِرِ وَ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا فَمِنْ أَخْبَارِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ عَنِ الْأَوْزَاعِیِّ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِیمَ لَمَّا خَرَجَ مِنْ بِلَادِهِ نَزَلَ بِقَرْیَةٍ بِالْمَوْصِلِ یُقَالُ لَهَا كُومَاسُ (3)قَالَ فَلَمَّا ضَاقَ بِهَا ذَرْعُهُ (4)وَ اشْتَدَّ بِهَا غَمُّهُ وَ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ یَتَّبِعُهُ عَلَی أَثَرِهِ (5)أَغْلَقَ الْأَبْوَابَ وَ أَدْخَلَ ابْنَهُ یَعِظُهُ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّ الدُّنْیَا بَحْرٌ عَمِیقٌ هَلَكَ فِیهَا نَاسٌ كَثِیرٌ تَزَوَّدْ مِنْ عَمَلِهَا وَ اتَّخِذْ سَفِینَةً حَشْوُهَا تَقْوَی اللَّهِ ثُمَّ ارْكَبِ الْفُلْكَ تنجو (تَنْجُ) وَ إِنِّی لَخَائِفٌ أَنْ لَا تَنْجُوَ یَا بُنَیَّ السَّفِینَةُ إِیمَانٌ وَ شِرَاعُهَا التَّوَكُّلُ وَ سُكَّانُهَا الصَّبْرُ وَ مَجَاذِیفُهَا (6)الصَّوْمُ وَ الصَّلَاةُ وَ الزَّكَاةُ یَا بُنَیَّ مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ مِنْ غَیْرِ سَفِینَةٍ غَرِقَ یَا بُنَیَّ أَقِلَّ الْكَلَامَ وَ اذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كُلِّ مَكَانٍ فَإِنَّهُ قَدْ أَنْذَرَكَ وَ حَذَّرَكَ وَ بَصَّرَكَ وَ عَلَّمَكَ یَا بُنَیَّ اتَّعِظْ بِالنَّاسِ قَبْلَ أَنْ یَتَّعِظَ النَّاسُ بِكَ یَا بُنَیَّ اتَّعِظْ بِالصَّغِیرِ (7)قَبْلَ أَنْ یَنْزِلَ بِكَ الْكَبِیرُ یَا بُنَیَّ امْلِكْ نَفْسَكَ عِنْدَ الْغَضَبِ حَتَّی لَا تَكُونَ لِجَهَنَّمَ حَطَباً یَا بُنَیَّ الْفَقْرُ خَیْرٌ مِنْ أَنْ تَظْلِمَ وَ تَطْغَی یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ أَنْ تَسْتَدِینَ فَتَخُونَ فِی الدَّیْنِ (8).
«23»-ختص، الإختصاص عَنِ الْأَوْزَاعِیِّ مِثْلَهُ وَ زَادَ فِیهِ یَا بُنَیَّ (إِیَّاكَ) أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الدُّنْیَا فَقِیراً
ص: 427
وَ تَدَعَ أَمْرَكَ وَ أَمْوَالَكَ عِنْدَ غَیْرِكَ قَیِّماً فَتُصَیِّرَهُ أَمِیراً (1)یَا بُنَیَّ إِنَّ اللَّهَ رَهَنَ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ فَوَیْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَسَبَتْ أَیْدِیهِمْ وَ أَفْئِدَتُهُمْ یَا بُنَیَّ لَا تَأْمَنْ مِنَ الدُّنْیَا وَ الذُّنُوبُ وَ الشَّیْطَانُ فِیهَا یَا بُنَیَّ إِنَّهُ قَدِ افْتَتَنَ الصَّالِحُونَ مِنَ الْأَوَّلِینَ فَكَیْفَ تَنْجُو مِنْهُ الْآخَرُونَ یَا بُنَیَّ اجْعَلِ الدُّنْیَا سِجْنَكَ فَتَكُونَ الْآخِرَةُ جَنَّتَكَ یَا بُنَیَّ إِنَّكَ لَمْ تُكَلَّفْ أَنْ تُشِیلَ الْجِبَالَ (2)وَ لَمْ تُكَلَّفْ مَا لَا تُطِیقُهُ فَلَا تَحْمِلِ الْبَلَاءَ عَلَی كَتِفِكَ وَ لَا تَذْبَحْ نَفْسَكَ بِیَدِكَ یَا بُنَیَّ لَا تُجَاوِرَنَّ الْمُلُوكَ فَیَقْتُلُوكَ وَ لَا تُطِعْهُمْ فَتَكْفُرَ یَا بُنَیَّ جَاوِرِ الْمَسَاكِینَ وَ اخْصُصِ الْفُقَرَاءَ وَ الْمَسَاكِینَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ یَا بُنَیَّ كُنْ لِلْیَتِیمِ كَالْأَبِ الرَّحِیمِ وَ لِلْأَرْمَلَةِ (3)كَالزَّوْجِ الْعَطُوفِ یَا بُنَیَّ إِنَّهُ لَیْسَ كُلُّ مَنْ قَالَ اغْفِرْ لِی غُفِرَ لَهُ إِنَّهُ لَا یُغْفَرُ إِلَّا لِمَنْ عَمِلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ یَا بُنَیَّ الْجَارَ ثُمَّ الدَّارَ یَا بُنَیَّ الرَّفِیقَ ثُمَّ الطَّرِیقَ یَا بُنَیَّ لَوْ كَانَتِ الْبُیُوتُ عَلَی الْعَمَلِ (4)مَا جَاوَرَ رَجُلٌ جَارَ سَوْءٍ أَبَداً یَا بُنَیَّ الْوَحْدَةُ خَیْرٌ مِنْ صَاحِبِ السَّوْءِ یَا بُنَیَّ الصَّاحِبُ الصَّالِحُ خَیْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ یَا بُنَیَّ نَقْلُ الْحِجَارَةِ وَ الْحَدِیدِ خَیْرٌ مِنْ قَرِینِ السَّوْءِ یَا بُنَیَّ إِنِّی نَقَلْتُ الْحِجَارَةَ وَ الْحَدِیدَ فَلَمْ أَجِدْ شَیْئاً أَثْقَلَ مِنْ قَرِینِ السَّوْءِ یَا بُنَیَّ إِنَّهُ مَنْ یَصْحَبْ قَرِینَ السَّوْءِ لَا یَسْلَمْ وَ مَنْ یَدْخُلْ مَدَاخِلَ السَّوْءِ یُتَّهَمْ یَا بُنَیَّ مَنْ لَا یَكُفَّ لِسَانَهُ یَنْدَمْ یَا بُنَیَّ الْمُحْسِنُ تُكَافَأُ بِإِحْسَانِهِ وَ الْمُسِی ءُ یَكْفِیكَ مَسَاوِیهِ لَوْ جَهَدْتَ أَنْ تَفْعَلَ بِهِ أَكْثَرَ مِمَّا یَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ مَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ یَا بُنَیَّ مَنْ ذَا الَّذِی عَبَدَ اللَّهَ فَخَذَلَهُ وَ مَنْ ذَا الَّذِی ابْتَغَاهُ فَلَمْ یَجِدْهُ یَا بُنَیَّ وَ مَنْ ذَا الَّذِی ذَكَرَهُ فَلَمْ یَذْكُرْهُ وَ مَنْ ذَا الَّذِی تَوَكَّلَ عَلَی اللَّهِ فَوَكَلَهُ إِلَی غَیْرِهِ وَ مَنْ ذَا الَّذِی تَضَرَّعَ إِلَیْهِ جَلَّ ذِكْرُهُ فَلَمْ یَرْحَمْهُ یَا بُنَیَّ شَاوِرِ الْكَبِیرَ وَ لَا تَسْتَحْیِ مِنْ مُشَاوَرَةِ الصَّغِیرِ یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْفُسَّاقِ فَإِنَّمَا هُمْ كَالْكِلَابِ إِنْ وَجَدُوا عِنْدَكَ شَیْئاً أَكَلُوهُ وَ إِلَّا ذَمُّوكَ وَ فَضَحُوكَ وَ إِنَّمَا حُبُّهُمْ بَیْنَهُمْ سَاعَةٌ یَا بُنَیَّ مُعَادَاةُ الْمُؤْمِنِ خَیْرٌ مِنْ مُصَادَقَةِ الْفَاسِقِ یَا بُنَیَّ الْمُؤْمِنُ تَظْلِمُهُ وَ لَا یَظْلِمُكَ وَ تَطْلُبُ عَلَیْهِ وَ یَرْضَی عَنْكَ وَ الْفَاسِقُ لَا یُرَاقِبُ اللَّهَ فَكَیْفَ یُرَاقِبُكَ یَا بُنَیَّ اسْتَكْثِرْ مِنَ
ص: 428
الْأَصْدِقَاءِ وَ لَا تَأْمَنْ مِنَ الْأَعْدَاءِ فَإِنَّ الْغِلَّ فِی صُدُورِهِمْ مِثْلُ الْمَاءِ تَحْتَ الرَّمَادِ یَا بُنَیَّ ابْدَأِ النَّاسَ بِالسَّلَامِ وَ الْمُصَافَحَةِ قَبْلَ الْكَلَامِ یَا بُنَیَّ لَا تُكَالِبِ النَّاسَ (1)فَیَمْقَتُوكَ وَ لَا تَكُنْ مَهِیناً فَیُضِلُّوكَ وَ لَا تَكُنْ حُلْواً فَیَأْكُلُوكَ وَ لَا تَكُنْ مُرّاً فَیَلْفِظُوكَ وَ یُرْوَی وَ لَا تَكُنْ حُلْواً فَتُبْلَعَ وَ لَا مُرّاً فَتُرْمَی یَا بُنَیَّ لَا تُخَاصِمْ فِی عِلْمِ اللَّهِ فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَا یُدْرَكُ وَ لَا یُحْصَی یَا بُنَیَّ خَفِ اللَّهَ مَخَافَةً لَا تَیْأَسُ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ ارْجُهُ رَجَاءً لَا تَأْمَنُ مِنْ مَكْرِهِ یَا بُنَیَّ انْهَ النَّفْسَ عَنْ هَوَاهَا فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَنْهَ النَّفْسَ عَنْ هَوَاهَا لَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَ لَنْ تَرَاهَا وَ یُرْوَی انْهَ نَفْسَكَ عَنْ هَوَاهَا فَإِنَّ فِی هَوَاهَا رَدَاهَا یَا بُنَیَّ إِنَّكَ مُنْذُ یَوْمَ هَبَطْتَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ اسْتَقْبَلْتَ الْآخِرَةَ وَ اسْتَدْبَرْتَ الدُّنْیَا فَإِنَّكَ إِنْ نِلْتَ مُسْتَقْبَلَهَا أَوْلَی بِكَ مِنْ مُسْتَدْبَرِهَا یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ التَّجَبُّرَ وَ التَّكَبُّرَ وَ الْفَخْرَ فَتُجَاوِرَ إِبْلِیسَ فِی دَارِهِ یَا بُنَیَّ دَعْ عَنْكَ التَّجَبُّرَ وَ الْكِبْرَ وَ دَعْ عَنْكَ الْفَخْرَ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ سَاكِنُ الْقُبُورِ یَا بُنَیَّ اعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ جَاوَرَ إِبْلِیسَ وَقَعَ دَارَ الْهَوَانِ لَا یَمُوتُ فِیهَا وَ لَا یَحْیَی یَا بُنَیَّ وَیْلٌ لِمَنْ تَجَبَّرَ وَ تَكَبَّرَ كَیْفَ یَتَعَظَّمُ مَنْ خُلِقَ مِنْ طِینٍ وَ إِلَی طِینٍ یَعُودُ ثُمَّ لَا یَدْرِی إِلَی مَا یَصِیرُ إِلَی الْجَنَّةِ فَقَدْ فَازَ أَوْ إِلَی النَّارِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِیناً وَ خَابَ وَ یُرْوَی كَیْفَ یَتَجَبَّرُ مَنْ قَدْ جَرَی فِی مَجْرَی الْبَوْلِ مَرَّتَیْنِ یَا بُنَیَّ كَیْفَ یَنَامُ ابْنُ آدَمَ وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُهُ وَ كَیْفَ یَغْفُلُ وَ لَا یُغْفَلُ عَنْهُ یَا بُنَیَّ إِنَّهُ قَدْ مَاتَ أَصْفِیَاءُ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ أَحِبَّاؤُهُ وَ أَنْبِیَاؤُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَمَنْ ذَا بَعْدَهُمْ یُخَلَّدُ فَیُتْرَكُ یَا بُنَیَّ لَا تَطَأْ أَمَتَكَ وَ لَوْ أَعْجَبَتْكَ وَ انْهَ نَفْسَكَ عَنْهَا وَ زَوِّجْهَا یَا بُنَیَّ لَا تُفْشِیَنَّ سِرَّكَ إِلَی امْرَأَتِكَ وَ لَا تَجْعَلْ مَجْلِسَكَ عَلَی بَابِ دَارِكَ یَا بُنَیَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ أَعْوَجَ إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا وَ إِنْ تَرَكْتَهَا تَعَوَّجَتْ أَلْزِمْهُنَّ الْبُیُوتَ فَإِنْ أَحْسَنَّ فَاقْبَلْ إِحْسَانَهُنَّ وَ إِنْ أَسَأْنَ فَاصْبِرْ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ یَا بُنَیَّ النِّسَاءُ أَرْبَعٌ ثِنْتَانِ صَالِحَتَانِ وَ ثِنْتَانِ مَلْعُونَتَانِ فَأَمَّا إِحْدَی الصَّالِحَتَیْنِ فَهِیَ الشَّرِیفَةُ فِی قَوْمِهَا الذَّلِیلَةُ فِی نَفْسِهَا الَّتِی إِنْ أُعْطِیَتْ شَكَرَتْ
ص: 429
وَ إِنِ ابْتُلِیَتْ صَبَرَتْ الْقَلِیلُ فِی یَدَیْهَا كَثِیرٌ وَ الثَّانِی الْوَلُودُ الْوَدُودُ تَعُودُ بِخَیْرٍ عَلَی زَوْجِهَا هِیَ كَالْأُمِّ الرَّحِیمِ تَعْطِفُ عَلَی كَبِیرِهِمْ وَ تَرْحَمُ صَغِیرَهُمْ وَ تُحِبُّ وُلْدَ زَوْجِهَا وَ إِنْ كَانُوا مِنْ غَیْرِهَا جَامِعَةُ الشَّمْلِ مَرْضِیَّةُ الْبَعْلِ مُصْلِحَةٌ فِی النَّفْسِ وَ الْأَهْلِ وَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ فَهِیَ كَالذَّهَبِ الْأَحْمَرِ طُوبَی لِمَنْ رُزِقَهَا إِنْ شَهِدَ زَوْجُهَا أَعَانَتْهُ وَ إِنْ غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ وَ أَمَّا إِحْدَی الْمَلْعُونَتَیْنِ فَهِیَ الْعَظِیمَةُ فِی نَفْسِهَا الذَّلِیلَةُ فِی قَوْمِهَا الَّتِی إِنْ أُعْطِیَتْ سَخِطَتْ وَ إِنْ مُنِعَتْ عَتَبَتْ (1)وَ غَضِبَتْ فَزَوْجُهَا مِنْهَا فِی بَلَاءٍ وَ جِیرَانُهَا مِنْهَا فِی عَنَاءٍ فَهِیَ كَالْأَسَدِ إِنْ جَاوَرْتَهُ أَكَلَكَ وَ إِنْ هَرَبْتَ مِنْهُ قَتَلَكَ وَ الْمَلْعُونَةُ الثَّانِیَةُ فَهِیَ قَلَی عَنْ زَوْجِهَا (2)وَ مَلَّهَا جِیرَانُهَا إِنَّمَا هِیَ سَرِیعَةُ السَّخْطَةِ (3)سَرِیعَةُ الدَّمْعَةِ إِنْ شَهِدَ زَوْجُهَا لَمْ تَنْفَعْهُ وَ إِنْ غَابَ عَنْهَا فَضَحَتْهُ فَهِیَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ النَّشَّاشَةِ (4)إِنْ أُسْقِیَتْ أَفَاضَتْهُ الْمَاءُ وَ غَرِقَتْ وَ إِنْ تَرَكَتْهَا عَطِشَتْ وَ إِنْ رُزِقْتَ مِنْهَا وَلَداً لَمْ تَنْتَفِعْ بِهِ یَا بُنَیَّ لَا تَتَزَوَّجْ بِأَمَةٍ فَیُبَاعَ وُلْدُكَ بَیْنَ یَدَیْكَ وَ هُوَ فِعْلُكَ بِنَفْسِكَ یَا بُنَیَّ لَوْ كَانَتِ النِّسَاءُ تُذَاقُ كَمَا تُذَاقُ الْخَمْرُ مَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةَ سَوْءٍ أَبَداً یَا بُنَیَّ أَحْسِنْ إِلَی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْكَ وَ لَا تُكْثِرْ مِنَ الدُّنْیَا فَإِنَّكَ عَلَی غَفْلَةٍ مِنْهَا (5)وَ انْظُرْ إِلَی مَا تَصِیرُ مِنْهَا (6)یَا بُنَیَّ لَا تَأْكُلْ مَالَ الْیَتِیمِ فَتُفْتَضَحَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ تُكَلَّفَ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَیْهِ یَا بُنَیَّ لَوْ أَنَّهُ أُغْنِیَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ لَأُغْنِیَ الْوَلَدُ عَنْ وَالِدِهِ یَا بُنَیَّ إِنَّ النَّارَ یُحِیطُ بِالْعَالَمِینَ كُلِّهِمْ فَلَا یَنْجُو مِنْهَا أَحَدٌ (7)إِلَّا مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ قَرَّبَهُ مِنْهُ یَا بُنَیَّ لَا یَغُرَّنَّكَ خَبِیثُ اللِّسَانِ فَإِنَّهُ یُخْتَمُ عَلَی قَلْبِهِ (8)وَ تَتَكَلَّمُ جَوَارِحُهُ وَ تَشْهَدُ عَلَیْهِ یَا بُنَیَّ لَا تَشْتِمِ
ص: 430
النَّاسَ فَتَكُونَ أَنْتَ الَّذِی شَتَمْتَ أَبَوَیْكَ (1)یَا بُنَیَّ لَا یُعْجِبْكَ إِحْسَانُكَ وَ لَا تَتَعَظَّمَنَّ بِعَمَلِكَ الصَّالِحِ فَتَهْلِكَ یا بُنَیَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلی ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ یا بُنَیَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِیمٌ یَا بُنَیَّ وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا یَا بُنَیَّ إِنَّ كُلَّ یَوْمٍ یَأْتِیكَ یَوْمٌ جَدِیدٌ یَشْهَدُ عَلَیْكَ عِنْدَ رَبٍّ كَرِیمٍ یَا بُنَیَّ إِنَّكَ مُدْرَجٌ (2)فِی أَكْفَانِكَ وَ مُحَلٌّ قَبْرَكَ وَ مُعَایِنٌ عَمَلَكَ كُلَّهُ یَا بُنَیَّ كَیْفَ تَسْكُنُ دَارَ مَنْ أَسْخَطْتَهُ أَمْ كَیْفَ مَنْ قَدْ عَصَیْتَهُ (3)یَا بُنَیَّ عَلَیْكَ بِمَا یَعْنِیكَ وَ دَعْ عَنْكَ مَا لَا یَعْنِیكَ فَإِنَّ الْقَلِیلَ مِنْهَا (4)یَكْفِیكَ وَ الْكَثِیرَ مِنْهَا لَا یَعْنِیكَ یَا بُنَیَّ لَا تُؤْثِرَنَّ عَلَی نَفْسِكَ سِوَاهَا (5)وَ لَا تُورِثْ مَالَكَ أَعْدَاءَكَ (6)یَا بُنَیَّ إِنَّهُ قَدْ أُحْصِیَ الْحَلَالُ الصَّغِیرُ فَكَیْفَ بِالْحَرَامِ الْكَثِیرِ یَا بُنَیَّ اتَّقِ النَّظَرَ إِلَی مَا لَا تَمْلِكُهُ وَ أَطِلِ التَّفَكُّرَ فِی مَلَكُوتِ (7)السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فَكَفَی بِهَذَا وَاعِظاً لِقَلْبِكَ یَا بُنَیَّ اقْبَلْ وَصِیَّةَ الْوَالِدِ الشَّفِیقِ یَا بُنَیَّ بَادِرْ بِعَمَلِكَ قَبْلَ أَنْ یَحْضُرَ أَجَلُكَ وَ قَبْلَ أَنْ تَسِیرَ الْجِبَالُ سَیْراً وَ تُجْمَعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ تُغَیَّرَ السَّمَاءُ وَ تُطْوَی وَ تَنَزَّلَ الْمَلَائِكَةُ صُفُوفاً خَائِفِینَ حَافِّینَ مُشْفِقِینَ وَ تُكَلَّفَ أَنْ تُجَاوِزَ الصِّرَاطَ وَ تُعَایِنَ حِینَئِذٍ عَمَلَكَ وَ تُوضَعَ الْمَوَازِینُ وَ تُنْشَرَ الدَّوَاوِینُ یَا بُنَیَّ تَعَلَّمْتَ سَبْعَةَ آلَافٍ مِنَ الْحِكْمَةِ فَاحْفَظْ مِنْهَا أَرْبَعاً وَ مُرَّ مَعِی إِلَی الْجَنَّةِ أَحْكِمْ سَفِینَتَكَ فَإِنَّ بَحْرَكَ
ص: 431
عَمِیقٌ وَ خَفِّفْ حِمْلَكَ فَإِنَّ الْعَقَبَةَ كَئُودٌ (1)وَ أَكْثِرِ الزَّادَ فَإِنَّ السَّفَرَ بَعِیدٌ وَ أَخْلِصِ الْعَمَلَ فَإِنَّ النَّاقِدَ بَصِیرٌ (2).
«24»-كَنْزُ الْفَوَائِدِ، لِلْكَرَاجُكِیِّ مِنْ حِكَمِ لُقْمَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا بُنَیَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ فَإِنَّ مَثَلَ الصَّلَاةِ فِی دِینِ اللَّهِ كَمَثَلِ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ فَإِنَّ الْعَمُودَ إِذَا اسْتَقَامَ نَفَعَتِ الْأَطْنَابُ وَ الْأَوْتَادُ وَ الظِّلَالُ وَ إِنْ لَمْ یَسْتَقِمْ لَمْ یَنْفَعْ وَتِدٌ وَ لَا طُنُبٌ وَ لَا ظِلَالٌ أَیْ بُنَیَّ صَاحِبِ الْعُلَمَاءَ وَ جَالِسْهُمْ وَ زُرْهُمْ فِی بُیُوتِهِمْ لَعَلَّكَ أَنْ تُشْبِهَهُمْ فَتَكُونَ مِنْهُمْ اعْلَمْ أَیْ بُنَیَّ إِنِّی قَدْ ذُقْتُ الصَّبِرَ وَ أَنْوَاعَ الْمُرِّ فَلَمْ أَرَ أَمَرَّ مِنَ الْفَقْرِ فَإِنِ افْتَقَرْتَ یَوْمَكَ (3)فَاجْعَلْ فَقْرَكَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ وَ لَا تُحَدِّثِ النَّاسَ بِفَقْرِكَ فَتَهُونَ عَلَیْهِمْ یَا بُنَیَّ ادْعُ اللَّهَ ثُمَّ سَلْ فِی النَّاسِ هَلْ مِنْ أَحَدٍ دَعَا اللَّهَ فَلَمْ یُجِبْهُ أَوْ سَأَلَهُ فَلَمْ یُعْطِهِ یَا بُنَیَّ ثِقْ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ سَلْ فِی النَّاسِ هَلْ مِنْ أَحَدٍ وَثِقَ بِاللَّهِ فَلَمْ یُنْجِهِ یَا بُنَیَّ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ ثُمَّ سَلْ فِی النَّاسِ مَنْ ذَا الَّذِی تَوَكَّلَ عَلَی اللَّهِ فَلَمْ یُكْفَ یَا بُنَیَّ أَحْسِنِ الظَّنَّ بِاللَّهِ ثُمَّ سَلْ فِی النَّاسِ مَنْ ذَا الَّذِی أَحْسَنَ الظَّنَّ بِاللَّهِ فَلَمْ یَكُنْ عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّهِ بِهِ یَا بُنَیَّ مَنْ یُرِدْ رِضْوَانَ اللَّهِ یُسْخِطْ نَفْسَهُ إِلَیْهِ (4)وَ مَنْ لَا یُسْخِطْ نَفْسَهُ لَا یرضی (یُرْضِ) رَبَّهُ وَ مَنْ لَا یَكْظِمْ غَیْظَهُ یُشْمِتْ عَدُوَّهُ یَا بُنَیَّ تَعَلَّمِ الْحِكْمَةَ تَشَرَّفْ فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَدُلُّ عَلَی الدِّینِ وَ تُشَرِّفُ الْعَبْدَ عَلَی الْحُرِّ وَ تَرْفَعُ الْمِسْكِینَ عَلَی الْغَنِیِّ وَ تُقَدِّمُ الصَّغِیرَ عَلَی الْكَبِیرِ وَ تُجْلِسُ الْمِسْكِینَ مَجَالِسَ الْمُلُوكِ وَ تَزِیدُ الشَّرِیفَ شَرَفاً وَ السَّیِّدَ سُؤْدُداً وَ الْغَنِیَّ مَجْداً وَ كَیْفَ یَظُنُّ ابْنُ آدَمَ أَنْ یَتَهَیَّأَ لَهُ أَمْرُ دِینِهِ وَ مَعِیشَتِهِ بِغَیْرِ حِكْمَةٍ وَ لَنْ یُهَیِّئَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْرَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِالْحِكْمَةِ وَ مَثَلُ الْحِكْمَةِ بِغَیْرِ طَاعَةٍ مَثَلُ الْجَسَدِ بِلَا نَفْسٍ أَوْ مَثَلُ الصَّعِیدِ بِلَا مَاءٍ وَ لَا صَلَاحَ لِلْجَسَدِ بِغَیْرِ نَفْسٍ (5)وَ لَا لِلصَّعِیدِ بِغَیْرِ مَاءٍ وَ لَا لِلْحِكْمَةِ بِغَیْرِ طَاعَةِ.
ص: 432
«25»-وَ أَخْبَرَنِی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ (1)قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ یَعِظُهُ یَا بُنَیَّ مَنْ ذَا الَّذِی ابْتَغَی اللَّهَ فَلَمْ یَجِدْهُ وَ مَنْ ذَا الَّذِی لَجَأَ إِلَی اللَّهِ فَلَمْ یُدَافِعْ عَنْهُ أَمْ مَنْ ذَا الَّذِی تَوَكَّلَ عَلَی اللَّهِ فَلَمْ یَكْفِهِ (2).
«26»-بَیَانُ التَّنْزِیلِ لِابْنِ شَهْرَآشُوبَ قَالَ: أَوَّلُ مَا ظَهَرَ مِنْ حِكَمِ لُقْمَانَ أَنَّ تَاجِراً سَكِرَ وَ خَاطَرَ (3)نَدِیمَهَ أَنْ یَشْرَبَ مَاءَ الْبَحْرِ كُلَّهُ وَ إِلَّا سَلَّمَ إِلَیْهِ مَالَهُ وَ أَهْلَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ وَ صَحَا (4)نَدِمَ وَ جَعَلَ صَاحِبُهُ یُطَالِبُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لُقْمَانُ أَنَا أُخَلِّصُكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَعُودَ إِلَی مِثْلِهِ قُلْ أَ أَشْرَبُ الْمَاءَ الَّذِی كَانَ فِیهِ وَقْتَئِذٍ فَأْتِنِی بِهِ أَوْ أَشْرَبُ مَاءَهُ الْآنَ فَسُدَّ أَفْوَاهَهُ لِأَشْرَبَهُ أَوْ أَشْرَبُ الْمَاءَ الَّذِی یَأْتِی بِهِ (5)فَاصْبِرْ حَتَّی یَأْتِیَ فَأَمْسَكَ صَاحِبُهُ عَنْهُ (6).
«27»-كِتَابُ فَتْحِ الْأَبْوَابِ لِلسَّیِّدِ ابْنِ طَاوُسٍ قَالَ رُوِیَ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِیمَ قَالَ لِوَلَدِهِ فِی وَصِیَّتِهِ لَا تُعَلِّقْ قَلْبَكَ بِرِضَا النَّاسِ وَ مَدْحِهِمْ وَ ذَمِّهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا یَحْصُلُ وَ لَوْ بَالَغَ الْإِنْسَانُ فِی تَحْصِیلِهِ بِغَایَةِ قُدْرَتِهِ فَقَالَ وَلَدُهُ مَا مَعْنَاهُ أُحِبُّ أَنْ أَرَی لِذَلِكَ مِثَالًا أَوْ فِعَالًا أَوْ مَقَالًا فَقَالَ لَهُ أَخْرُجُ أَنَا وَ أَنْتَ فَخَرَجَا وَ مَعَهُمَا بَهِیمَةٌ فَرَكِبَهُ لُقْمَانُ وَ تَرَكَ وَلَدَهُ
ص: 433
یَمْشِی وَرَاءَهُ فَاجْتَازُوا عَلَی قَوْمٍ فَقَالُوا هَذَا شَیْخٌ قَاسِی الْقَلْبِ قَلِیلُ الرَّحْمَةِ یَرْكَبُ هُوَ الدَّابَّةَ وَ هُوَ أَقْوَی مِنْ هَذَا الصَّبِیِّ وَ یَتْرُكُ هَذَا الصَّبِیَّ یَمْشِی وَرَاءَهُ وَ إِنَّ هَذَا بِئْسَ التَّدْبِیرُ فَقَالَ لِوَلَدِهِ سَمِعْتَ قَوْلَهُمْ وَ إِنْكَارَهُمْ لِرُكُوبِی وَ مَشْیِكَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ ارْكَبْ أَنْتَ یَا وَلَدِی حَتَّی أَمْشِیَ أَنَا فَرَكِبَ وَلَدُهُ وَ مَشَی لُقْمَانُ فَاجْتَازُوا عَلَی جَمَاعَةٍ أُخْرَی فَقَالُوا هَذَا بِئْسَ الْوَالِدُ وَ هَذَا بِئْسَ الْوَلَدُ أَمَّا أَبُوهُ فَإِنَّهُ مَا أَدَّبَ هَذَا الصَّبِیَّ حَتَّی یَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَ یَتْرُكَ وَالِدَهُ یَمْشِی وَرَاءَهُ وَ الْوَالِدُ أَحَقُّ بِالاحْتِرَامِ وَ الرُّكُوبِ وَ أَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّهُ عَقَّ وَالِدَهُ بِهَذِهِ الْحَالِ فَكِلَاهُمَا أَسَاءَا فِی الْفِعَالِ فَقَالَ لُقْمَانُ لِوَلَدِهِ سَمِعْتَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ نَرْكَبُ مَعاً الدَّابَّةَ فَرَكِبَا مَعاً فَاجْتَازَا عَلَی جَمَاعَةٍ فَقَالُوا مَا فِی قَلْبِ هَذَیْنِ الرَّاكِبَیْنِ رَحْمَةٌ وَ لَا عِنْدَهُمْ مِنَ اللَّهِ خَیْرٌ یَرْكَبَانِ مَعاً الدَّابَّةَ یَقْطَعَانِ ظَهْرَهَا وَ یَحْمِلَانِهَا مَا لَا تُطِیقُ لَوْ كَانَ قَدْ رَكِبَ وَاحِدٌ وَ مَشَی وَاحِدٌ كَانَ أَصْلَحَ وَ أَجْوَدَ فَقَالَ سَمِعْتَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ هَاتِ حَتَّی نَتْرُكَ الدَّابَّةَ تَمْشِی خَالِیَةً مِنْ رُكُوبِنَا فَسَاقا الدَّابَّةَ بَیْنَ أَیْدِیهِمَا وَ هُمَا یَمْشِیَانِ فَاجْتَازَا عَلَی جَمَاعَةٍ فَقَالُوا هَذَا عَجِیبٌ مِنْ هَذَیْنِ الشَّخْصَیْنِ یَتْرُكَانِ دَابَّةً فَارِغَةً تَمْشِی بِغَیْرِ رَاكِبٍ وَ یَمْشِیَانِ وَ ذَمُّوهُمَا عَلَی ذَلِكَ كَمَا ذَمُّوهُمَا عَلَی كُلِّ مَا كَانَ فَقَالَ لِوَلَدِهِ تَرَی فِی تَحْصِیلِ رِضَاهُمْ حِیلَةً لِمُحْتَالٍ فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَیْهِمْ وَ اشْتَغِلْ بِرِضَا اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَفِیهِ شُغُلٌ شَاغِلٌ وَ سَعَادَةٌ وَ إِقْبَالٌ فِی الدُّنْیَا وَ یَوْمِ الْحِسَابِ وَ السُّؤَالِ (1).
ص: 434
الآیات؛
البقرة: «أَ لَمْ تَرَ إِلَی الْمَلَإِ مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ مِنْ بَعْدِ مُوسی إِذْ قالُوا لِنَبِیٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ قالَ هَلْ عَسَیْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَیْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَ ما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ قَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِیارِنا وَ أَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِالظَّالِمِینَ* وَ قالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّی یَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَیْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ یُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ یُؤْتِی مُلْكَهُ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ *وَ قالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ آیَةَ مُلْكِهِ أَنْ یَأْتِیَكُمُ التَّابُوتُ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ* فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِیكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَیْسَ مِنِّی وَ مَنْ لَمْ یَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّی إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِیَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْیَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ قالَ الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِیلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِیرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِینَ* وَ لَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَیْنا صَبْراً وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَی الْقَوْمِ الْكافِرِینَ* فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَهُ مِمَّا یَشاءُ وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَی الْعالَمِینَ»(246-251)
تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: هَلْ عَسَیْتُمْ أی لعلكم إن فرض علیكم المحاربة مع ذلك الملك أَلَّا تُقاتِلُوا أی لا تفوا بما تقولون و تجبنوا (1)مِنْ دِیارِنا وَ أَبْنائِنا
ص: 435
أی من أوطاننا و أهالینا بالسبی و القهر علی نواحینا تَوَلَّوْا أی أعرضوا عن القتال (1)إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ و هم الذین عبروا النهر قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً أی جعله ملكا و هو من ولد بنیامین و لم یكن من سبط النبوة و لا من سبط المملكة و سمی طالوت لطوله و یقال كان سقاء و قیل خربندجا (2)و قیل دباغا و كانت النبوة فی سبط لاوی و المملكة فی سبط یهودا و قیل فی سبط یوسف و قیل بعثه نبیا بعد أن جعله ملكا وَ زادَهُ بَسْطَةً أی فضیلة و سعة فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ و كان أعلم بنی إسرائیل فی وقته و أجملهم و أتمهم و أعظمهم جسما و أقواهم شجاعة و قیل كان إذا قام الرجل فبسط یده رافعا لها نال رأسه قال وهب كان ذلك قبل الملك و زاده ذلك بعد الملك (3)فَلَمَّا فَصَلَ أی خرج من مكانه و قطع الطریق بالجنود اختلف فی عددهم قیل كانوا ثمانین ألف مقاتل و قیل سبعین ألفا و ذلك أنهم لما رأوا التابوت أیقنوا بالنصر فتبادروا إلی الجهاد قالَ یعنی طالوت إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِیكُمْ بِنَهَرٍ أی ممتحنكم و مختبركم و كان سبب ابتلائهم شكایتهم عن قلة الماء و خوف التلف من العطش و قیل إنما ابتلوا لیشكروا فیكثر ثوابهم (4)و اختلف فی النهر فقیل هو نهر بین الأردن و فلسطین و قیل نهر فلسطین فَلَیْسَ مِنِّی أی من أهل ولایتی و ممن یتبعنی وَ مَنْ لَمْ یَطْعَمْهُ أی لم یجد طعمه و لم یذق منه إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِیَدِهِ أی إلا من أخذ من الماء مرة واحدة بالید و من قرأ غرفة بالضم و هو غیر ابن كثیر و أبو عمرو و أهل المدینة فمعناه إلا من شرب
ص: 436
مقدار مل ء كفه فَشَرِبُوا مِنْهُ أی أكثر من غرفة إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ و قیل إن الذین شربوا منه غرفة كانوا ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا و قیل أربعة آلاف رجل و نافق ستة و سبعون ألفا ثم نافق الأربعة آلاف إلا ثلاثمائة و بضعة عشر و قیل من استكثر من ذلك الماء عطش و من لم یشرب إلا غرفة روی و ذهب عطشه و رد طالوت عند ذلك العصاة منهم فلم یقطعوا معه النهر فَلَمَّا جاوَزَهُ أی فلما تخطی النهر طالوت و المؤمنون معه و روی أنه جاوز معه المؤمنون خاصة كانوا مثل عدد أهل بدر و قیل بل جاوز المؤمنون و الكافرون إلا أن الكافرین انعزلوا (1)و بقی المؤمنون علی عدد أهل بدر و هذا أقوی (2)فلما رأوا كثرة جنود جالوت قالُوا أی الكفار منهم قالَ الَّذِینَ یَظُنُّونَ أی یستیقنون أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ أی راجعون إلی اللّٰه و إلی جزائه أو یظنون أنهم ملاقو اللّٰه بالقتل فی تلك الوقعة و هم المؤمنون الذین عددهم عدة أهل بدر كَمْ مِنْ فِئَةٍ أی فرقة بِإِذْنِ اللَّهِ أی بنصره أَفْرِغْ عَلَیْنا أی أصبب علینا وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا حتی لا نفر وَ آتاهُ اللَّهُ أی داود الْمُلْكَ بعد قتل جالوت بسبع سنین وَ الْحِكْمَةَ قبل النبوة و لم یكن نبیا قبل قتله جالوت فجمع اللّٰه له الملك و النبوة عند موت طالوت فی حالة واحدة لأنه لا یجوز أن یترأس من لیس بنبی علی نبی و قیل یجوز ذلك إذا كان یفعل ما یفعل بأمره و مشورته وَ عَلَّمَهُ مِمَّا یَشاءُ من أمور الدین و الدنیا منها صنعة الدروع فإنه كان یلین له الحدید كالشمع و قیل الزبور و الحكم بین الناس و كلام الطیر و النمل و قیل الصوت الطیب و الألحان (3).
«1»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّی یَكُونُ
ص: 437
لَهُ الْمُلْكُ عَلَیْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ قَالَ لَمْ یَكُنْ مِنْ سِبْطِ النُّبُوَّةِ وَ لَا مِنْ سِبْطِ الْمَمْلَكَةِ قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْكُمْ وَ قَالَ إِنَّ آیَةَ مُلْكِهِ أَنْ یَأْتِیَكُمُ التَّابُوتُ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ فَجَاءَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ تَحْمِلُهُ وَ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِیكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَیْسَ مِنِّی وَ مَنْ لَمْ یَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّی فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْهُمْ مَنِ اغْتَرَفَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ یَشْرَبْ فَلَمَّا بَرَزُوا قَالَ الَّذِینَ اغْتَرَفُوا لا طاقَةَ لَنَا الْیَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ وَ قَالَ الَّذِینَ لَمْ یَغْتَرِفُوا كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِیلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِیرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِینَ (1)
شی، تفسیر العیاشی عن أبی بصیر مثله (2).
«2»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَرَأَ إِنَّ آیَةَ مُلْكِهِ أَنْ یَأْتِیَكُمُ التَّابُوتُ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ قَالَ كَانَتْ تَحْمِلُهُ فِی صُورَةِ الْبَقَرَةِ (3).
«3»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَأْتِیَكُمُ التَّابُوتُ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ قَالَ رَضْرَاضُ (4)الْأَلْوَاحِ فِیهَا الْعِلْمُ وَ الْحِكْمَةُ (5).
«4»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ
ص: 438
أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ بَعْدَ مُوسَی عَمِلُوا بِالْمَعَاصِی وَ غَیَّرُوا دِینَ اللَّهِ وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَ كَانَ فِیهِمْ نَبِیٌّ یَأْمُرُهُمْ وَ یَنْهَاهُمْ فَلَمْ یُطِیعُوهُ وَ رُوِیَ أَنَّهُ أَرْمِیَا النَّبِیُّ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ جَالُوتَ وَ هُوَ مِنَ الْقِبْطِ فَأَذَلَّهُمْ وَ قَتَلَ رِجَالَهُمْ وَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ دِیَارِهِمْ وَ أَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَ اسْتَعْبَدَ نِسَاءَهُمْ فَفَزِعُوا إِلَی نَبِیِّهِمْ وَ قَالُوا سَلِ اللَّهَ أَنْ یَبْعَثَ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ كَانَتِ النُّبُوَّةُ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی بَیْتٍ وَ الْمُلْكُ وَ السُّلْطَانُ فِی بَیْتٍ آخَرَ لَمْ یَجْمَعِ اللَّهُ لَهُمُ النُّبُوَّةَ وَ الْمُلْكَ فِی بَیْتٍ وَاحِدٍ فَمِنْ ذَلِكَ قَالُوا (1)ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ هَلْ عَسَیْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَیْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَ ما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ قَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِیارِنا وَ أَبْنائِنا وَ كَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ (2)فَ قالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً فَغَضِبُوا مِنْ ذَلِكَ وَ قالُوا أَنَّی یَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَیْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ یُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ وَ كَانَتِ النُّبُوَّةُ فِی وُلْدِ لَاوَی وَ الْمُلْكُ فِی وُلْدِ یُوسُفَ وَ كَانَ طَالُوتُ مِنْ وُلْدِ ابْنِ یَامِینَ (3)أَخِی یُوسُفَ لِأُمِّهِ لَمْ یَكُنْ مِنْ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ لَا مِنْ بَیْتِ الْمَمْلَكَةِ فَقَالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ یُؤْتِی مُلْكَهُ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ وَ كَانَ أَعْظَمَهُمْ جِسْماً وَ كَانَ شُجَاعاً قَوِیّاً وَ كَانَ أَعْلَمَهُمْ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِیراً فَعَابُوهُ بِالْفَقْرِ فَقَالُوا لَمْ یُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ فَ قالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ آیَةَ مُلْكِهِ أَنْ یَأْتِیَكُمُ التَّابُوتُ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ وَ كَانَ التَّابُوتُ الَّذِی أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَی مُوسَی فَوَضَعَتْهُ فِیهِ أُمُّهُ وَ أَلْقَتْهُ فِی الْیَمِّ فَكَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ یَتَبَرَّكُونَ بِهِ (4)فَلَمَّا حَضَرَ مُوسَی الْوَفَاةُ وَضَعَ فِیهِ الْأَلْوَاحَ وَ دِرْعَهُ وَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ آیَاتِ النُّبُوَّةِ وَ أَوْدَعَهُ یُوشَعَ وَصِیَّهُ فَلَمْ یَزَلِ التَّابُوتُ بَیْنَهُمْ حَتَّی اسْتَخَفُّوا بِهِ وَ كَانَ الصِّبْیَانُ یَلْعَبُونَ بِهِ فِی الطُّرُقَاتِ فَلَمْ یَزَلْ
ص: 439
بَنُو إِسْرَائِیلَ فِی عِزٍّ وَ شَرَفٍ مَا دَامَ التَّابُوتُ عِنْدَهُمْ فَلَمَّا عَمِلُوا بِالْمَعَاصِی وَ اسْتَخَفُّوا بِالتَّابُوتِ رَفَعَهُ اللَّهُ عَنْهُمْ فَلَمَّا سَأَلُوا النَّبِیَّ وَ بَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ طَالُوتَ مَلِكاً یُقَاتِلُ مَعَهُمْ رَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمُ التَّابُوتَ كَمَا قَالَ اللَّهُ إِنَّ آیَةَ مُلْكِهِ أَنْ یَأْتِیَكُمُ التَّابُوتُ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ قَالَ الْبَقِیَّةُ ذُرِّیَّةُ الْأَنْبِیَاءِ وَ قَوْلُهُ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَإِنَّ التَّابُوتَ كَانَ یُوضَعُ بَیْنَ یَدَیِ الْعَدُوِّ وَ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ فَتَخْرُجُ مِنْهُ رِیحٌ طَیِّبَةٌ لَهَا وَجْهٌ كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ.
حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ (1)عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: السَّكِینَةُ رِیحٌ مِنَ الْجَنَّةِ لَهَا وَجْهٌ كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ وَ كَانَ إِذَا وُضِعَ التَّابُوتُ بَیْنَ یَدَیِ الْمُسْلِمِینَ وَ الْكُفَّارِ فَإِنْ تَقَدَّمَ التَّابُوتَ رَجُلُ لَا یَرْجِعُ حَتَّی یَغْلِبَ أَوْ یُقْتَلَ وَ مَنْ رَجَعَ عَنِ التَّابُوتِ كَفَرَ وَ قَتَلَهُ الْإِمَامُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی نَبِیِّهِمْ أَنَّ جَالُوتَ یَقْتُلُهُ مَنْ یَسْتَوِی عَلَیْهِ دِرْعُ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ لَاوَی بْنِ یَعْقُوبَ عَلَیْهِ السَّلَامُ اسْمُهُ دَاوُدُ بْنُ إِیشَا (2) وَ كَانَ إِیشَا رَاعِیاً وَ كَانَ لَهُ عَشَرَةُ بَنِینَ أَصْغَرُهُمْ دَاوُدُ فَلَمَّا بُعِثَ طَالُوتُ إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ جَمَعَهُمْ لِحَرْبِ جَالُوتَ بَعَثَ إِلَی إِیشَا أَنِ احْضُرْ وَ أَحْضِرْ وُلْدَكَ فَلَمَّا حَضَرُوا دَعَا وَاحِداً وَاحِداً مِنْ وُلْدِهِ فَأَلْبَسَهُ الدِّرْعَ دِرْعَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ فَمِنْهُمْ مَنْ طَالَ عَلَیْهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ قَصُرَ عَنْهُ فَقَالَ لِإِیشَا هَلْ خَلَّفْتَ مِنْ وُلْدِكَ أَحَداً قَالَ نَعَمْ أَصْغَرَهُمْ تَرَكْتُهُ فِی الْغَنَمِ رَاعِیاً فَبَعَثَ إِلَیْهِ فَجَاءَ بِهِ فَلَمَّا دُعِیَ أَقْبَلَ وَ مَعَهُ مِقْلَاعٌ قَالَ فَنَادَاهُ ثَلَاثُ صَخَرَاتٍ فِی طَرِیقِهِ فَقَالَتْ یَا دَاوُدُ خُذْنَا فَأَخَذَهَا فِی مِخْلَاتِهِ وَ كَانَ شَدِیدَ الْبَطْشِ قَوِیّاً فِی بَدَنِهِ شُجَاعاً فَلَمَّا جَاءَ إِلَی طَالُوتَ أَلْبَسَهُ دِرْعَ مُوسَی فَاسْتَوَی عَلَیْهِ فَ فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ وَ قَالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِیكُمْ بِنَهَرٍ فِی هَذِهِ الْمَفَازَةِ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَیْسَ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ وَ مَنْ لَمْ یَشْرَبْ فَهُوَ مِنَ اللَّهِ (3)إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ
ص: 440
غُرْفَةً بِیَدِهِ فَلَمَّا وَرَدُوا النَّهَرَ أَطْلَقَ اللَّهُ لَهُمْ أَنْ یَغْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ غُرْفَةً بِیَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ فَالَّذِینَ شَرِبُوا مِنْهُ كَانُوا سِتِّینَ أَلْفاً وَ هَذَا امْتِحَانٌ امْتُحِنُوا بِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ.
وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: الْقَلِیلُ الَّذِینَ لَمْ یَشْرَبُوا وَ لَمْ یَغْتَرِفُوا ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَلَمَّا جَاوَزُوا النَّهَرَ وَ نَظَرُوا إِلَی جُنُودِ جَالُوتَ قَالَ الَّذِینَ شَرِبُوا لا طاقَةَ لَنَا الْیَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ وَ قَالَ الَّذِینَ لَمْ یَشْرَبُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَیْنا صَبْراً وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَی الْقَوْمِ الْكافِرِینَ فَجَاءَ دَاوُدُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَوَقَفَ بِحِذَاءِ جَالُوتَ وَ كَانَ جَالُوتُ عَلَی الْفِیلِ وَ عَلَی رَأْسِهِ التَّاجُ وَ فِی جَبْهَتِهِ یَاقُوتَةٌ یَلْمَعُ نُورُهَا وَ جُنُودُهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَأَخَذَ دَاوُدُ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ تِلْكَ الْأَحْجَارِ (1)حَجَراً فَرَمَی بِهِ فِی مَیْمَنَةِ جَالُوتَ فَمَرَّ فِی الْهَوَاءِ فَوَقَعَ عَلَیْهِمْ فَانْهَزَمُوا وَ أَخَذَ حَجَراً آخَرَ فَرَمَی بِهِ فِی مَیْسَرَةِ جَالُوتَ فَوَقَعَ عَلَیْهِمْ فَانْهَزَمُوا وَ رَمَی جَالُوتَ بِحَجَرٍ فَصَكَّتِ (2)الْیَاقُوتَةُ فِی جَبْهَتِهِ وَ وَصَلَتْ إِلَی دِمَاغِهِ وَ وَقَعَ إِلَی الْأَرْضِ مَیِّتاً وَ هُوَ قَوْلُهُ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ (3)
بیان: قوله و روی من كلام المصنف أدخل بین الخبر قوله البقیة ذریة الأنبیاء كأنه هكذا فهم ما سیأتی (4)من روایة أبی المحسن و فی تلك الروایة یحتمل أن یكون تفسیرا للملائكة (5)أی الملائكة الحاملون للتابوت حقیقة هم الأوصیاء من ذریة الأنبیاء و أطلقت الملائكة علیهم مجازا و علی ما رواه یحتمل أن یكون المراد كون ذكرهم (6)و بیان فضلهم فی التابوت أو یكون فی بمعنی مع.
و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی إِذْ قالُوا لِنَبِیٍّ لَهُمُ اختلف فی ذلك النبی فقیل اسمه شمعون بن صفیة من ولد لاوی عن السدی و قیل هو یوشع و قیل هو
ص: 441
إشمویل (1)و هو بالعربیة إسماعیل عن أكثر المفسرین و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ اختلف فی سبب سؤالهم ذلك فقیل كان سببه استذلال الجبابرة لهم لما ظهروا علی بنی إسرائیل و غلبوهم علی كثیر من دیارهم و سبوا كثیرا من ذراریهم بعد أن كانت الخطایا قد كثرت فی بنی إسرائیل فبعث إلیهم إشمویل نبیا فقالوا له إن كنت صادقا (2)ف ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ عن الربیع و الكلبی و قیل أرادوا قتال العمالقة فسألوا ملكا یكون أمیرا علیهم (3)و قیل بعث اللّٰه إشمویل نبیا فلبثوا أربعین سنة بأحسن حال ثم كان من أمر جالوت (4)و العمالقة ما كان فقالوا لإشمویل ابْعَثْ لَنا مَلِكاً ثم قال رحمه اللّٰه قیل
كان التابوت فی أیدی أعداء بنی إسرائیل من العمالقة غلبوهم علیه لما مرج أمر بنی إسرائیل و حدث فیهم الأحداث ثم انتزعه اللّٰه من أیدیهم و رده علی بنی إسرائیل تحمله الملائكة عن- ابن عباس و وهب و روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
و قیل كان التابوت الذی أنزله اللّٰه علی آدم فیه صور الأنبیاء فتوارثته أولاد آدم علیه السلام و كان فی بنی إسرائیل یستفتحون به علی عدوهم و قال قتادة كان فی بریة التیه خلفه هناك یوشع بن نون تحمله الملائكة إلی بنی إسرائیل (5)و قیل كان قد التابوت ثلاثة أذرع فی ذراعین علیه صفائح الذهب و كان من شمشاد و كانوا یقدمونه فی الحروب و یجعلونه أمام جندهم فإذا سمع من جوفه أنین زف تابوت أی سار و كان الناس یسیرون خلفه فإذا سكن الأنین وقف فوقفوا (6).
ص: 442
«5»-ب، قرب الإسناد ابْنُ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: السَّكِینَةُ رِیحٌ تَخْرُجُ مِنَ الْجَنَّةِ لَهَا صُورَةٌ كَصُورَةِ الْإِنْسَانِ وَ رَائِحَةٌ طَیِّبَةٌ وَ هِیَ الَّتِی أُنْزِلَتْ عَلَی إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَقْبَلَتْ تَدُورُ حَوْلَ أَرْكَانِ الْبَیْتِ وَ هُوَ یَضَعُ الْأَسَاطِینَ قُلْنَا هِیَ مِنَ الَّتِی قَالَ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ قَالَ تِلْكَ السَّكِینَةُ كَانَتْ فِی التَّابُوتِ وَ كَانَتْ فِیهَا طَسْتٌ یُغْسَلُ فِیهَا قُلُوبُ الْأَنْبِیَاءِ (1)وَ كَانَ التَّابُوتُ یَدُورُ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ مَعَ الْأَنْبِیَاءِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْنَا فَقَالَ فَمَا تَابُوتُكُمْ (2)قُلْنَا السِّلَاحُ قَالَ صَدَقْتُمْ هُوَ تَابُوتُكُمْ الْخَبَرَ (3).
«6»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ قَالَ كَانَ الْقَلِیلُ سِتِّینَ أَلْفاً (4).
شی، تفسیر العیاشی عن أبی بصیر مثله (5).
«7»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: السَّكِینَةُ الْإِیمَانُ (6).
«8»-مع، معانی الأخبار ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: سَأَلْتُهُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا كَانَ تَابُوتُ مُوسَی وَ كَمْ كَانَ سَعَتُهُ قَالَ ثَلَاثُ أَذْرُعٍ فِی ذِرَاعَیْنِ قُلْتُ مَا كَانَ فِیهِ قَالَ عَصَا مُوسَی وَ السَّكِینَةُ قُلْتُ وَ مَا السَّكِینَةُ قَالَ رُوحُ اللَّهِ (7)یَتَكَلَّمُ كَانُوا إِذَا اخْتَلَفُوا فِی شَیْ ءٍ كَلَّمَهُمْ وَ أَخْبَرَهُمْ بِبَیَانِ مَا یُرِیدُونَ (8).
ص: 443
«9»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ هَمَّامٍ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ أَیُّ شَیْ ءٍ السَّكِینَةُ عِنْدَكُمْ فَلَمْ یَدْرِ الْقَوْمُ مَا هِیَ فَقَالُوا جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ مَا هِیَ قَالَ رِیحٌ تَخْرُجُ مِنَ الْجَنَّةِ طَیِّبَةٌ لَهَا صُورَةٌ كَصُورَةِ الْإِنْسَانِ تَكُونُ مَعَ الْأَنْبِیَاءِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ هِیَ الَّتِی أُنْزِلَتْ عَلَی إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ حِینَ بَنَی الْكَعْبَةَ فَجَعَلَتْ تَأْخُذُ كَذَا وَ كَذَا وَ بَنَی الْأَسَاسَ عَلَیْهَا (1).
بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف فی السكینة فقیل
إن السكینة التی فیه كانت ریحا هفافة (2)من الجنة لها وجه كوجه الإنسان عن- علی علیه السلام.
و قیل
كان له جناحان و رأس كرأس الهرة من الزبرجد و الزمرد عن- مجاهد و روی ذلك فی أخبارنا.
و قیل كان فیه آیة یسكنون إلیها عن عطاء و قیل روح من اللّٰه یكلمهم بالبیان عند وقوع الاختلاف عن وهب و اختلف فی البقیة أیضا فقیل
إنها عصا موسی و رضاض الألواح عن- ابن عباس و قتادة و السدی و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام.
و قیل هی التوراة و شی ء من ثیاب موسی علیه السلام عن الحسن و قیل و كان فیه لوحان أیضا من التوراة و قفیز من المن الذی كان ینزل علیهم و نعلا موسی و عمامة هارون و عصاه هذه أقوال أهل التفسیر فی السكینة و البقیة.
و الظاهر أن السكینة أمنة و طمأنینة جعلها اللّٰه سبحانه فیه لیسكن إلیه بنو إسرائیل و البقیة جائز أن یكون بقیة من العلم أو شیئا من علامات الأنبیاء و جائز أن یتضمنهما جمیعا و أما قوله تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ فقیل حملته الملائكة بین السماء و الأرض حتی رآه بنو إسرائیل عیانا عن ابن عباس و الحسن و قیل لما غلب الأعداء علی التابوت أدخلوه بیت الأصنام فأصبحت أصنامهم منكسة فأخرجوه و وضعوه ناحیة من المدینة فأخذهم وجع فی أعناقهم و كل موضع وضعوه ظهر فیه بلاء و موت و وباء فأشیر علیهم بأن یخرجوا التابوت فأجمع رأیهم علی أن یأتوا به و یحملوه علی عجلة و یشدوها إلی ثورین ففعلوا ذلك و أرسلوا الثورین فجاءت الملائكة و ساقوا الثورین إلی بنی إسرائیل انتهی (3).
ص: 444
أقول: یمكن الجمع بین ما ورد فی أخبارنا من معنی السكینة بأن المراد جمیع ذلك و إنما ورد فی كل خبر بعض ما هو داخل فیها (1).
«10»-ك، إكمال الدین الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ صَابِراً مِنَ الطَّوَاغِیتِ عَلَی الأواء (2)(اللَّأْوَاء) وَ الضَّرَّاءِ وَ الْجَهْدِ وَ الْبَلَاءِ حَتَّی مَضَی مِنْهُمْ ثَلَاثَةُ طَوَاغِیتَ فَقَوِیَ بَعْدَهُمْ أَمْرُهُ فَخَرَجَ عَلَیْهِ رَجُلَانِ مِنْ مُنَافِقِی قَوْمِ مُوسَی بِصَفْرَاءَ بِنْتِ شُعَیْبٍ امْرَأَةِ مُوسَی فِی مِائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ فَقَاتَلُوا یُوشَعَ بْنَ نُونٍ فَغَلَبَهُمْ وَ قَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِیمَةً (3)وَ هَزَمَ الْبَاقِینَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ وَ أَسَرَ صَفْرَاءَ بِنْتَ شُعَیْبٍ وَ قَالَ لَهَا قَدْ عَفَوْتُ عَنْكِ فِی الدُّنْیَا إِلَی أَنْ نَلْقَی نَبِیَّ اللَّهِ مُوسَی فَأَشْكُوَ مَا لَقِیتُ مِنْكِ (4)وَ مِنْ قَوْمِكِ فَقَالَتْ صَفْرَاءُ وَا وَیْلَاهْ وَ اللَّهِ لَوْ أُبِیحَتْ لِیَ الْجَنَّةُ لَاسْتَحْیَیْتُ أَنْ أَرَی فِیهَا رَسُولَ اللَّهِ وَ قَدْ هَتَكْتُ حِجَابَهُ وَ خَرَجْتُ عَلَی وَصِیِّهِ بَعْدَهُ فَاسْتَتَرَ الْأَئِمَّةُ بَعْدَ یُوشَعَ إِلَی زَمَانِ دَاوُدَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ كَانُوا أَحَدَ عَشَرَ (5)وَ كَانَ قَوْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ یَخْتَلِفُونَ إِلَیْهِ فِی وَقْتِهِ وَ یَأْخُذُونَ عَنْهُ مَعَالِمَ دِینِهِمْ حَتَّی انْتَهَی الْأَمْرُ إِلَی آخِرِهِمْ فَغَابَ عَنْهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ فَبَشَّرَهُمْ بِدَاوُدَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ دَاوُدَ عَلَیْهِ السَّلَامُ هُوَ الَّذِی یُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنْ جَالُوتَ وَ جُنُودِهِ وَ یَكُونُ فَرَجُهُمْ فِی ظُهُورِهِ وَ كَانُوا یَنْتَظِرُونَهُ فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ دَاوُدَ عَلَیْهِ السَّلَامُ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ وَ لَهُمْ أَبٌ شَیْخٌ كَبِیرٌ وَ كَانَ دَاوُدُ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ بَیْنِهِمْ خَامِلَ الذِّكْرِ وَ كَانَ أَصْغَرَ إِخْوَتِهِ لَا یَعْلَمُونَ أَنَّهُ دَاوُدُ النَّبِیُّ الْمُنْتَظَرُ
ص: 445
الَّذِی یُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنْ جَالُوتَ وَ جُنُودِهِ وَ كَانَتِ الشِّیعَةُ یَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَدْ وُلِدَ وَ بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ كَانُوا یَرَوْنَهُ وَ یُشَاهِدُونَهُ وَ لَا یَعْلَمُونَ أَنَّهُ هُوَ فَخَرَجَ دَاوُدُ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ إِخْوَتُهُ وَ أَبُوهُمْ لَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ وَ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ دَاوُدُ وَ قَالَ مَا یُصْنَعُ بِی فِی هَذَا الْوَجْهِ وَ اسْتَهَانَ بِهِ إِخْوَتُهُ وَ أَبُوهُ وَ أَقَامَ فِی غَنَمِ أَبِیهِ یَرْعَاهَا فَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ وَ أَصَابَ النَّاسَ جَهْدٌ فَرَجَعَ أَبُوهُ وَ قَالَ لِدَاوُدَ احْمِلْ إِلَی إِخْوَتِكَ طَعَاماً یَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَی الْعَدُوِّ وَ كَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ رَجُلًا قَصِیراً قَلِیلَ الشَّعْرِ طَاهِرَ الْقَلْبِ أَخْلَاقُهُ نَقِیَّةٌ فَخَرَجَ وَ الْقَوْمُ مُتَقَارِبُونَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ قَدْ رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَی مَرْكَزِهِ فَمَرَّ دَاوُدُ عَلَی حَجَرٍ فَقَالَ الْحَجَرُ لَهُ بِنِدَاءٍ رَفِیعٍ یَا دَاوُدُ خُذْنِی فَاقْتُلْ بِی جَالُوتَ فَإِنِّی إِنَّمَا خُلِقْتُ لِقَتْلِهِ فَأَخَذَهُ وَ وَضَعَهُ فِی مِخْلَاتِهِ الَّتِی كَانَتْ یَكُونُ فِیهَا حِجَارَتُهُ الَّتِی كَانَ یَرْمِی بِهَا غَنَمَهُ فَلَمَّا دَخَلَ الْعَسْكَرَ سَمِعَهُمْ یُعَظِّمُونَ أَمْرَ جَالُوتَ فَقَالَ لَهُمْ مَا تُعَظِّمُونَ مِنْ أَمْرِهِ فَوَ اللَّهِ إِنْ عَایَنْتُهُ لَأَقْتُلَنَّهُ فَتَحَدَّثُوا بِخَبَرِهِ حَتَّی أُدْخِلَ عَلَی طَالُوتَ فَقَالَ لَهُ یَا فَتَی مَا عِنْدَكَ مِنَ الْقُوَّةِ وَ مَا جَرَّبْتَ مِنْ نَفْسِكَ قَالَ قَدْ كَانَ الْأَسَدُ یَعْدُو عَلَی الشَّاةِ مِنْ غَنَمِی فَأُدْرِكُهُ وَ آخُذُ بِرَأْسِهِ وَ أُقَلِّبُ لَحْیَهُ عَنْهَا (1)فَآخُذُهَا مِنْ فِیهِ وَ قَدْ كَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی طَالُوتَ أَنَّهُ لَا یَقْتُلُ جَالُوتَ إِلَّا مَنْ لَبِسَ دِرْعَكَ فَمَلَأَهَا فَدَعَا بِدِرْعِهِ فَلَبِسَهَا دَاوُدُ فَاسْتَوَتْ عَلَیْهِ فَرَاعَ ذَلِكَ طَالُوتَ (2)وَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ عَسَی اللَّهُ أَنْ یَقْتُلَ جَالُوتَ بِهِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَ الْتَقَی النَّاسُ قَالَ دَاوُدُ أَرُونِی جَالُوتَ فَلَمَّا رَآهُ أَخَذَ الْحَجَرَ فَرَمَاهُ بِهِ فَصَكَّ بِهِ بَیْنَ عَیْنَیْهِ فَدَمَغَهُ وَ تَنَكَّسَ عَنْ دَابَّتِهِ فَقَالَ النَّاسُ قَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَ مَلَّكَهُ النَّاسُ (3)حَتَّی لَمْ یَكُنْ یُسْمَعُ لِطَالُوتَ ذِكْرٌ وَ اجْتَمَعَتْ عَلَیْهِ بَنُو إِسْرَائِیلَ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَیْهِ الزَّبُورَ وَ عَلَّمَهُ صَنْعَةَ الْحَدِیدِ فَلَیَّنَهُ لَهُ وَ أَمَرَ الْجِبَالَ وَ الطَّیْرَ أَنْ تُسَبِّحَ مَعَهُ وَ أَعْطَاهُ صَوْتاً لَمْ یُسْمَعْ بِمِثْلِهِ حُسْناً وَ أُعْطِیَ قُوَّةً فِی الْعِبَادَةِ وَ أَقَامَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ نَبِیّاً ثُمَّ إِنَّ دَاوُدَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَرَادَ أَنْ یَسْتَخْلِفَ سُلَیْمَانَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَیْهِ
ص: 446
یَأْمُرُهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا أَخْبَرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ ضَجُّوا مِنْ ذَلِكَ وَ قَالُوا یَسْتَخْلِفُ عَلَیْنَا حَدَثاً وَ فِینَا مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ فَدَعَا أَسْبَاطَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَهُمْ قَدْ بَلَغَتْنِی مَقَالَتُكُمْ فَأَرُونِی عِصِیَّكُمْ فَأَیُّ عَصًا أَثْمَرَتْ فَصَاحِبُهَا وَلِیُّ الْأَمْرِ بَعْدِی فَقَالُوا رَضِینَا وَ قَالَ لِیَكْتُبْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ اسْمَهُ عَلَی عَصَاهُ فَكَتَبُوا ثُمَّ جَاءَ سُلَیْمَانُ بِعَصَاهُ فَكَتَبَ عَلَیْهَا اسْمَهُ ثُمَّ أُدْخِلَتْ بَیْتاً وَ أُغْلِقَ الْبَابُ وَ حَرَسَهُ رُءُوسُ أَسْبَاطِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمَّا أَصْبَحَ صَلَّی بِهِمُ الْغَدَاةَ ثُمَّ أَقْبَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ فَأَخْرَجَ عِصِیَّهُمْ وَ قَدْ أَوْرَقَتْ عَصَا سُلَیْمَانَ وَ قَدْ أَثْمَرَتْ فَسَلَّمُوا ذَلِكَ لِدَاوُدَ فَاخْتَبَرَهُ بِحَضْرَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ أَیُّ شَیْ ءٍ أَبْرَدُ قَالَ عَفْوُ اللَّهِ عَنِ النَّاسِ وَ عَفْوُ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ قَالَ یَا بُنَیَّ فَأَیُّ شَیْ ءٍ أَحْلَی قَالَ الْمَحَبَّةُ وَ هِیَ رَوْحُ اللَّهِ فِی عِبَادِهِ فَافْتَرَّ دَاوُدُ ضَاحِكاً فَسَارَ بِهِ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ هَذَا خَلِیفَتِی فِیكُمْ مِنْ بَعْدِی ثُمَّ أَخْفَی سُلَیْمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرَهُ وَ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَ اسْتَتَرَ مِنْ شِیعَتِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَسْتَتِرَ ثُمَّ إِنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ لَهُ ذَاتَ یَوْمٍ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی مَا أَكْمَلَ خِصَالُكَ وَ أَطْیَبَ رِیحُكَ وَ لَا أَعْلَمُ لَكَ خَصْلَةً أَكْرَهُهَا إِلَّا أَنَّكَ فِی مَئُونَةِ أَبِی فَلَوْ دَخَلْتَ السُّوقَ فَتَعَرَّضْتَ لِرِزْقِ اللَّهِ رَجَوْتُ أَنْ لَا یُخَیِّبَكَ فَقَالَ لَهَا سُلَیْمَانُ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا عَمِلْتُ عَمَلًا قَطُّ وَ لَا أُحْسِنُهُ فَدَخَلَ السُّوقَ فَجَالَ یَوْمَهُ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ یُصِبْ شَیْئاً فَقَالَ لَهَا مَا أَصَبْتُ شَیْئاً قَالَتْ لَا عَلَیْكَ إِنْ لَمْ یَكُنِ الْیَوْمَ كَانَ غَداً فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَ إِلَی السُّوقِ فَجَالَ فِیهِ فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَی شَیْ ءٍ وَ رَجَعَ فَأَخْبَرَهَا فَقَالَتْ یَكُونُ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ مَضَی حَتَّی انْتَهَی إِلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَإِذَا هُوَ بِصَیَّادٍ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ أَنْ أُعِینَكَ وَ تُعْطِیَنَا شَیْئاً قَالَ نَعَمْ فَأَعَانَهُ فَلَمَّا فَرَغَ أَعْطَاهُ الصَّیَّادُ سَمَكَتَیْنِ فَأَخَذَهُمَا وَ حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ إِنَّهُ شَقَّ بَطْنَ إِحْدَاهُمَا فَإِذَا هُوَ بِخَاتَمٍ فِی بَطْنِهَا فَأَخَذَهُ فَصَیَّرَهُ فِی ثَوْبِهِ (1)وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَصْلَحَ السَّمَكَتَیْنِ وَ جَاءَ بِهِمَا إِلَی مَنْزِلِهِ وَ فَرِحَتِ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ وَ قَالَتْ لَهُ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ تَدْعُوَ أَبَوَیَّ حَتَّی یَعْلَمَا أَنَّكَ قَدْ كَسَبْتَ فَدَعَاهُمَا فَأَكَلَا مَعَهُ فَلَمَّا فَرَغُوا قَالَ لَهُمْ هَلْ تَعْرِفُونِّی قَالُوا لَا وَ اللَّهِ إِلَّا أَنَّا لَمْ نَرَ خَیْراً مِنْكَ (2)فَأَخْرَجَ خَاتَمَهُ فَلَبِسَهُ فَخَرَّ عَلَیْهِ الطَّیْرُ وَ الرِّیحُ وَ غَشِیَهُ
ص: 447
الْمُلْكُ وَ حَمَلَ الْجَارِیَةَ وَ أَبَوَیْهَا إِلَی بِلَادِ إِصْطَخْرَ وَ اجْتَمَعَتْ إِلَیْهِ الشِّیعَةُ وَ اسْتَبْشَرُوا بِهِ فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَا كَانُوا فِیهِ مِنْ حَیْرَةِ غَیْبَتِهِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَی إِلَی آصَفَ بْنِ بَرْخِیَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ فَلَمْ یَزَلْ بَیْنَهُمْ تَخْتَلِفُ إِلَیْهِ الشِّیعَةُ وَ یَأْخُذُونَ عَنْهُ مَعَالِمَ دِینِهِمْ ثُمَّ غَیَّبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آصَفَ غَیْبَةً طَالَ أَمَدُهَا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُمْ فَبَقِیَ بَیْنَ قَوْمِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّهُ وَدَّعَهُمْ فَقَالُوا لَهُ أَیْنَ الْمُلْتَقَی قَالَ عَلَی الصِّرَاطِ وَ غَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ بِغَیْبَتِهِ وَ تَسَلَّطَ عَلَیْهِمْ بُخْتَنَصَّرُ فَجَعَلَ یَقْتُلُ مَنْ یَظْفَرُ بِهِ مِنْهُمْ وَ یَطْلُبُ مَنْ یَهْرُبُ وَ یَسْبِی ذَرَارِیَّهُمْ فَاصْطَفَی مِنَ السَّبْیِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ یَهُودَا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ فِیهِمْ دَانِیَالُ وَ اصْطَفَی مِنْ وُلْدِ هَارُونَ عُزَیْراً وَ هُمْ حِینَئِذٍ صِبْیَةٌ صِغَارٌ فَمَكَثُوا فِی یَدِهِ وَ بَنُو إِسْرَائِیلَ فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ وَ الْحُجَّةُ دَانِیَالُ أَسِیرٌ فِی یَدِ بُخْتُنَصَّرَ تِسْعِینَ سَنَةً فَلَمَّا عَرَفَ فَضْلَهُ وَ سَمِعَ أَنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ وَ یَرْجُونَ الْفَرَجَ فِی ظُهُورِهِ وَ عَلَی یَدِهِ أَمَرَ أَنْ یُجْعَلَ فِی جُبٍّ عَظِیمٍ وَاسِعٍ وَ یُجْعَلَ مَعَهُ الْأَسَدُ لِیَأْكُلَهُ فَلَمْ یَقْرَبْهُ وَ أُمِرَ أَنْ لَا یَطْعَمَ فَكَانَ اللَّهُ تَعَالَی یَأْتِیهِ بِطَعَامِهِ وَ شَرَابِهِ عَلَی یَدِ نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَكَانَ یَصُومُ دَانِیَالُ النَّهَارَ وَ یُفْطِرُ اللَّیْلَ (1)عَلَی مَا یُدْلَی إِلَیْهِ مِنَ الطَّعَامِ وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَی شِیعَتِهِ وَ قَوْمِهِ الْمُنْتَظِرِینَ لِظُهُورِهِ وَ شَكَّ أَكْثَرُهُمْ فِی الدِّینِ لِطُولِ الْأَمَدِ فَلَمَّا تَنَاهَی الْبَلَاءُ بِدَانِیَالَ وَ بِقَوْمِهِ رَأَی بُخْتُنَصَّرَ فِی الْمَنَامِ كَأَنَّ مَلَائِكَةً مِنَ السَّمَاءِ قَدْ هَبَطَتْ إِلَی الْأَرْضِ أَفْوَاجاً إِلَی الْجُبِّ الَّذِی فِیهِ دَانِیَالُ مُسَلِّمِینَ عَلَیْهِ یُبَشِّرُونَهُ بِالْفَرَجِ فَلَمَّا أَصْبَحَ نَدِمَ عَلَی مَا أَتَی إِلَی دَانِیَالَ فَأَمَرَ أَنْ یُخْرَجَ مِنَ الْجُبِّ فَلَمَّا أُخْرِجَ اعْتَذَرَ إِلَیْهِ مِمَّا ارْتَكَبَ مِنْهُ مِنَ التَّعْذِیبِ ثُمَّ فَوَّضَ إِلَیْهِ النَّظَرَ فِی أُمُورِ مَمَالِكِهِ وَ الْقَضَاءَ بَیْنَ النَّاسِ فَظَهَرَ مَنْ كَانَ مُسْتَتِراً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ وَ اجْتَمَعُوا إِلَی دَانِیَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ مُوقِنِینَ بِالْفَرَجِ فَلَمْ یَلْبَثْ إِلَّا الْقَلِیلَ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ حَتَّی مَضَی لِسَبِیلِهِ وَ أَفْضَی الْأَمْرُ بَعْدَهُ إِلَی عُزَیْرٍ وَ كَانُوا یَجْتَمِعُونَ إِلَیْهِ وَ یَأْنَسُونَ بِهِ وَ یَأْخُذُونَ عَنْهُ مَعَالِمَ دِینِهِمْ فَغَیَّبَ اللَّهُ عَنْهُمْ شَخْصَهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ وَ غَابَتِ الْحُجَجُ بَعْدَهُ وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ حَتَّی وُلِدَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا عَلَیْهِمَا السَّلَامُ وَ تَرَعْرَعَ وَ ظَهَرَ وَ لَهُ سَبْعُ سِنِینَ فَقَامَ فِی النَّاسِ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ ذَكَّرَهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ وَ أَخْبَرَهُمْ أَنَ
ص: 448
مِحَنَ الصَّالِحِینَ إِنَّمَا كَانَتْ لِذُنُوبِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِینَ وَ وَعَدَهُمُ الْفَرْجَ بِقِیَامِ الْمَسِیحِ بَعْدَ نَیِّفٍ (1)وَ عِشْرِینَ سَنَةً مِنْ هَذَا الْقَوْلِ فَلَمَّا وُلِدَ الْمَسِیحُ أَخْفَی اللَّهُ وِلَادَتَهُ وَ غَیَّبَ شَخْصَهُ لِأَنَّ مَرْیَمَ عَلَیْهَا السَّلَامُ لَمَّا حَمَلَتْهُ انْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِیًّا ثُمَّ إِنَّ زَكَرِیَّا وَ خَالَتَهَا أَقْبَلَا یَقُصَّانِ أَثَرَهَا حَتَّی هَجَمَا عَلَیْهَا وَ قَدْ وَضَعَتْ مَا فِی بَطْنِهَا وَ هِیَ تَقُولُ یا لَیْتَنِی مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْیاً مَنْسِیًّا فَأَطْلَقَ اللَّهُ تَعَالَی ذِكْرُهُ لِسَانَهُ بِعُذْرِهَا وَ إِظْهَارِ حُجَّتِهَا فَلَمَّا ظَهَرَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی وَ الطَّلَبُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَكَبَّ الْجَبَابِرَةُ وَ الطَّوَاغِیتُ عَلَیْهِمْ حَتَّی كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمَسِیحِ مَا قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ وَ اسْتَتَرَ شَمْعُونُ بْنُ حَمُّونَ وَ الشِّیعَةُ حَتَّی أَفْضَی بِهِمُ الِاسْتِتَارُ إِلَی جَزِیرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ فَأَقَامُوا بِهَا فَفَجَّرَ لَهُمْ فِیهَا الْعُیُونَ الْعَذْبَةَ (2)وَ أَخْرَجَ لَهُمْ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَ جَعَلَ لَهُمْ فِیهَا الْمَاشِیَةَ وَ بَعَثَ إِلَیْهِمْ سَمَكَةً تُدْعَی الْقُمُدَّ (3)لَا لَحْمٌ لَهَا وَ لَا عَظْمٌ وَ إِنَّمَا هِیَ جِلْدٌ وَ دَمٌ فَخَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ وَ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی النَّحْلِ أَنْ تَرْكَبَهَا فَرَكِبَتْهَا فَأَتَتِ النَّحْلُ إِلَی تِلْكَ الْجَزِیرَةِ وَ نَهَضَ النَّحْلُ وَ تَعَلَّقَ بِالشَّجَرِ فَعَرَشَ وَ بَنَی وَ كَثُرَ الْعَسَلُ وَ لَمْ یَكُونُوا یَفْقِدُونَ شَیْئاً مِنْ أَخْبَارِ الْمَسِیحِ عَلَیْهِ السَّلَامُ (4).
بیان: قد مضی صدر الخبر فی باب وفاة موسی علیه السلام و قال الفیروزآبادی دمغه كمنعه و نصره شجه حتی بلغت الشجة الدماغ و قال افتر ضحك ضحكا حسنا و قال عرش بالمكان أقام.
«11»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَ لَمْ تَرَ إِلَی الْمَلَإِ مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ مِنْ بَعْدِ مُوسی إِذْ قالُوا لِنَبِیٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ قَالَ وَ كَانَ الْمَلِكُ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ هُوَ الَّذِی یَسِیرُ بِالجُنُودِ وَ النَّبِیُّ یُقِیمُ لَهُ أَمْرَهُ وَ یُنَبِّئُهُ الْخَیْرَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ (5)فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ لِنَبِیِّهِمْ قَالَ لَهُمْ إِنَّهُ لَیْسَ عِنْدَكُمْ وَفَاءٌ وَ لَا صِدْقٌ وَ لَا رَغْبَةٌ فِی الْجِهَادِ فَقَالُوا
ص: 449
إِنْ كَتَبَ اللَّهُ الْجِهَادَ فَإِذَا أُخْرِجْنَا مِنْ دِیَارِنَا وَ أَبْنَائِنَا فَلَا بُدَّ لَنَا مِنَ الْجِهَادِ وَ نُطِیعُ رَبَّنَا فِی جِهَادِ عَدُوِّنَا قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً فَقَالَتْ عُظَمَاءُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ مَا شَأْنُ طَالُوتَ یَمْلِكُ عَلَیْنَا وَ لَیْسَ فِی بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ الْمَمْلَكَةِ وَ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ النُّبُوَّةَ وَ الْمَمْلَكَةَ فِی اللَّاوَی (1)وَ یَهُودَا وَ طَالُوتُ مِنْ سِبْطِ بِنْیَامِینَ (2)بْنِ یَعْقُوبَ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ اصْطَفاهُ عَلَیْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ الْمُلْكُ بِیَدِ اللَّهِ یَجْعَلُهُ حَیْثُ یَشَاءُ لَیْسَ لَكُمْ أَنْ تَخَیَّرُوا (3)فَإِنَّ آیَةَ مُلْكِهِ أَنْ یَأْتِیَكُمُ التَّابُوتُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ وَ هُوَ الَّذِی كُنْتُمْ تَهْزِمُونَ بِهِ مَنْ لَقِیتُمْ فَقَالُوا إِنْ جَاءَ التَّابُوتُ رَضِینَا وَ سَلَّمْنَا (4).
«12»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَرِیزٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ یَأْتِیَكُمُ التَّابُوتُ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ قَالَ رَضْرَاضُ (5)الْأَلْوَاحِ فِیهَا الْعِلْمُ وَ الْحِكْمَةُ الْعِلْمُ جَاءَ مِنَ السَّمَاءِ فَكُتِبَ فِی الْأَلْوَاحِ وَ جُعِلَ فِی التَّابُوتِ (6).
«13»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی الْمُحَسِّنِ (7)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ فَقَالَ ذُرِّیَّةُ الْأَنْبِیَاءِ (8).
«14»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: سَمِعْتُهُ وَ هُوَ یَقُولُ لِلْحَسَنِ (9)أَیُّ شَیْ ءٍ السَّكِینَةُ عِنْدَكُمْ وَ قَرَأَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلی رَسُولِهِ فَقَالَ
ص: 450
لَهُ الْحَسَنُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَا أَدْرِی فَأَیُّ شَیْ ءٍ هُوَ قَالَ رِیحٌ تَخْرُجُ مِنَ الْجَنَّةِ طَیِّبَةٌ لَهَا صُورَةٌ كَصُورَةِ وَجْهِ الْإِنْسَانِ (1)قَالَ فَیَكُونُ مَعَ الْأَنْبِیَاءِ (2)فَقَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ أَسْبَاطٍ تَنْزِلُ عَلَی الْأَنْبِیَاءِ وَ الْأَوْصِیَاءِ فَقَالَ تَنْزِلُ عَلَی الْأَنْبِیَاءِ قَالَ وَ هِیَ الَّتِی نَزَلَتْ عَلَی إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَیْثُ بَنَی الْكَعْبَةَ فَجَعَلَتْ تَأْخُذُ كَذَا وَ كَذَا وَ یَبْنِی الْأَسَاسَ عَلَیْهَا فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ قَوْلُ اللَّهِ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ قَالَ هِیَ مِنْ هَذَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی الْحَسَنِ فَقَالَ أَیُّ شَیْ ءٍ التَّابُوتُ فِیكُمْ فَقَالَ السِّلَاحُ فَقَالَ نَعَمْ هُوَ تَابُوتُكُمْ فَقَالَ فَأَیُّ شَیْ ءٍ فِی التَّابُوتِ الَّذِی كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَ كَانَ فِیهِ أَلْوَاحُ مُوسَی الَّتِی تَكَسَّرَتْ وَ الطَّشْتُ الَّتِی یُغْسَلُ فِیهَا قُلُوبُ الْأَنْبِیَاءِ (3).
«15»-ل، الخصال ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ یَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الَّذِی یَتَطَیَّرُ مِنْهُ فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ آخِرُ أَرْبِعَاءَ فِی الشَّهْرِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَخَذَتِ الْعَمَالِیقُ التَّابُوتَ (4).
«16»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ وَ أَخُوهُ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَ مَعَهُمْ أَبُوهُمْ شَیْخٌ كَبِیرٌ وَ تَخَلَّفَ دَاوُدُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی غَنَمٍ لِأَبِیهِ فَفَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ فَدَعَا أَبُو دَاوُدَ دَاوُدَ وَ هُوَ أَصْغَرُهُمْ فَقَالَ یَا بُنَیَّ اذْهَبْ إِلَی إِخْوَتِكَ بِهَذَا الَّذِی قَدْ صَنَعْنَاهُ لَهُمْ یَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَی عَدُوِّهِمْ وَ كَانَ رَجُلًا قَصِیراً أَزْرَقَ قَلِیلَ الشَّعْرِ طَاهِرَ الْقَلْبِ فَخَرَجَ وَ قَدْ تَقَارَبَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ (5).
«17»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ فَمَرَّ دَاوُدُ عَلَی الْحَجَرِ (6)فَقَالَ الْحَجَرُ یَا دَاوُدُ خُذْنِی فَاقْتُلْ بِی جَالُوتَ فَإِنِّی إِنَّمَا خُلِقْتُ لِقَتْلِهِ فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ
ص: 451
فِی مِخْلَاتِهِ الَّتِی تَكُونُ فِیهَا حِجَارَتُهُ الَّتِی كَانَ یَرْمِی بِهَا عَنْ غَنَمِهِ بِمِقْذَافِهِ (1)فَلَمَّا دَخَلَ الْعَسْكَرَ سَمِعَهُمْ یَتَعَظَّمُونَ أَمْرَ جَالُوتَ فَقَالَ لَهُمْ دَاوُدُ مَا تُعَظِّمُونَ مِنْ أَمْرِهِ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ عَایَنْتُهُ لَأَقْتُلَنَّهُ فَتَحَدَّثُوا بِخَبَرِهِ حَتَّی أُدْخِلَ عَلَی طَالُوتَ فَقَالَ یَا فَتَی وَ مَا عِنْدَكَ مِنَ الْقُوَّةِ وَ مَا جَرَّبْتَ مِنْ نَفْسِكَ قَالَ كَانَ الْأَسَدُ یَعْدُو عَلَی الشَّاةِ مِنْ غَنَمٍ فَأُدْرِكُهُ فَآخُذُهُ بِرَأْسِهِ فَأَفُكُّ لِحْیَتَهُ (2)عَنْهَا فَآخُذُهَا مِنْ فِیهِ قَالَ فَقَالَ ادْعُ لِی بِدِرْعٍ سَابِغَةٍ قَالَ فَأُتِیَ بِدِرْعٍ فَقَذَفَهَا فِی عُنُقِهِ فَتَمَلَّأَ مِنْهَا حَتَّی رَاعَ طَالُوتَ وَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ طَالُوتُ وَ اللَّهِ لَعَسَی اللَّهُ أَنْ یَقْتُلَهُ بِهِ قَالَ فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحُوا وَ رَجَعُوا إِلَی طَالُوتَ وَ الْتَقَی النَّاسُ قَالَ دَاوُدُ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَرُونِی جَالُوتَ فَلَمَّا رَآهُ أَخَذَ الْحَجَرَ فَجَعَلَهُ فِی مِقْذَافِهِ فَرَمَاهُ فَصَكَّ بِهِ بَیْنَ عَیْنَیْهِ فَدَمَغَهُ وَ نَكَسَ عَنْ دَابَّتِهِ وَ قَالَ النَّاسُ قَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَ مَلَّكَهُ النَّاسُ حَتَّی لَمْ یَكُنْ یُسْمَعُ لِطَالُوتَ ذِكْرٌ وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ عَلَی دَاوُدَ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ الزَّبُورَ وَ عَلَّمَهُ صَنْعَةَ الْحَدِیدِ فَلَیَّنَهُ لَهُ وَ أَمَرَ الْجِبَالَ وَ الطَّیْرَ یُسَبِّحْنَ مَعَهُ قَالَ وَ لَمْ یُعْطَ أَحَدٌ مِثْلَ صَوْتِهِ فَأَقَامَ دَاوُدُ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ مُسْتَخْفِیاً وَ أُعْطِیَ قُوَّةً فِی عِبَادَتِهِ (3).
أقول: قال صاحب الكامل لما انقطع إلیاس عن بنی إسرائیل بعث اللّٰه الیسع فكان فیهم ما شاء اللّٰه ثم قبضه اللّٰه و عظمت فیهم الأحداث و عندهم التابوت یتوارثونه فیه السكینة وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ (4)آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ فكانوا لا یلقاهم عدو فیقدمون التابوت إلا هزم اللّٰه العدو و كانت السكینة شبه رأس هر فإذا صرخت فی التابوت بصراخ هر أیقنوا بالنصر و جاءهم الفتح ثم خلف فیهم ملك یقال له إیلاف و كان اللّٰه یمنعهم و یحمیهم فلما عظمت أحداثهم نزل بهم عدو فخرجوا إلیه و أخرجوا التابوت فاقتتلوا فغلبهم عدوهم علی التابوت و أخذه منهم و انهزموا فلما علم ملكهم أن التابوت أخذ مات كمدا (5)و دخل العدو أرضهم و نهب و سبی و عاد فمكثوا علی اضطراب
ص: 452
من أمرهم و اختلاف و كانوا یتمادون أحیانا فی غیهم فیسلط اللّٰه علیهم من ینتقم به منهم فإذا رجعوا إلی التوبة كفی اللّٰه (1)عنهم شر عدوهم فكان هذا حالهم من لدن توفی یوشع بن نون إلی أن بعث اللّٰه إشمویل و ملكهم طالوت و رد علیهم التابوت و كانت مدة ما بین وفاة یوشع إلی أن رجعت النبوة إلی إشمویل أربعمائة سنة و ستین سنة و كان من خبر إشمویل (2)أن بنی إسرائیل لما طال علیهم البلاء و طمع فیهم الأعداء و أخذ التابوت عنهم فصاروا بعده لا یلقون ملكا إلا خائفین فقصدهم جالوت ملك الكنعانیین و كان ملكه ما بین مصر و فلسطین فظفر بهم و ضرب علیهم الجزیة و أخذ منهم التوراة فدعوا اللّٰه أن یبعث لهم نبیا یقاتلون معه و كان سبط النبوة هلكوا فلم یبق منهم غیر امرأة حبلی فحبسوها فی بیت رهبة أن تلد (3)جاریة فتبدلها بغلام لما تری من رغبة بنی إسرائیل فی ولدها فولدت غلاما سمته إشمویل و معناه سمع اللّٰه دعائی و سبب هذه التسمیة أنها كانت عاقرا و كان لزوجها امرأة أخری قد ولدت له عشرة أولاد فبغت علیها بكثرة أولادها فانكسرت العجوز و دعت اللّٰه أن یرزقها ولدا فرحم اللّٰه تعالی انكسارها و حاضت لوقتها و قربت زوجها فحملت (4)فلما انقضت مدة الحمل ولدت غلاما فسمته إشمویل فلما كبر أسلمته فی بیت المقدس یتعلم التوراة و كفله شیخ من علمائهم و تبناه (5)فلما بلغ أن یبعثه اللّٰه نبیا أتاه جبرئیل و هو یصلی فناداه بصوت یشبه صوت الشیخ فجاء إلیه فقال ما ترید فكره أن یقول لم أدع فیفزع فقال ارجع و نم (6)فعاد جبرئیل لمثلها فجاء إلی الشیخ فقال له ما ترید فقال یا بنی عد و إذا دعوتك فلا تجبنی فلما كانت الثالثة ظهر له جبرئیل علیه السلام و أمره بإنذار قومه و أعلمه أن اللّٰه بعثه رسولا فدعاهم فكذبوه ثم أطاعوه فأقام یدبر أمرهم عشر سنین و قیل أربعین سنة و كانت العمالقة مع ملكهم
ص: 453
جالوت قد عظمت نكایتهم (1)فی بنی إسرائیل حتی كادوا یهلكونهم فلما رأی بنو إسرائیل ذلك قالوا ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ إلی قوله وَ أَبْنائِنا فدعا اللّٰه فأرسل إلیه عصا و قرنا (2)فیه دهن و قیل له إن صاحبكم طوله طول هذه العصا فإذا دخل علیك رجل فنش الدهن الذی فی القرن فهو ملك بنی إسرائیل فادهن رأسه به و ملكه علیهم فقاسوا أنفسهم بالعصا فلم یكونوا مثلها و قیل كان طالوت دباغا و قیل كان سقاء یستقی الماء و یبیعه فضل حماره فانطلق یطلبه فلما اجتاز بالمكان الذی فیه إشمویل دخل یسأله أن یدعو له لیرد اللّٰه حماره فلما دخل نش الدهن فقاسوه بالعصا فكان مثلها فقال لهم نبیهم إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً (3)فقالوا له ما كنت قط أكذب منك الساعة و نحن من سبط الملك (4)وَ لَمْ یُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ فنتبعه فقال إشمویل إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ فقالوا إن كنت صادقا فأت بآیة فقال إِنَّ آیَةَ مُلْكِهِ أَنْ یَأْتِیَكُمُ التَّابُوتُ الآیة فحملته الملائكة (5)و أتت به إلی طالوت نهارا بین السماء و الأرض و الناس ینظرون فأخرجه طالوت إلیهم فأقروا بملكه ساخطین و خرجوا معه كارهین و هم ثمانون ألفا فلما خرجوا قال لهم طالوت إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِیكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَیْسَ مِنِّی وَ مَنْ لَمْ یَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّی و هو نهر فلسطین و قیل هو الأردن فشربوا منه إلا قلیلا و هم أربعة آلاف فمن شرب منه عطش و من لم یشرب منه إلا غرفة روی فلما جاوزه هو و الذین آمنوا معه لقیهم جالوت و كان ذا بأس شدید فلما رأوه رجع أكثرهم و قالوا لا طاقَةَ لَنَا الْیَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ و لم یبق معه غیر ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا عدة أهل بدر فلما رجع من رجع قالوا كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِیلَةٍ غَلَبَتْ
ص: 454
فِئَةً كَثِیرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِینَ و كان فیهم أبو داود (1)و معه من أولاده ثلاثة عشر ابنا و كان داود علیه السلام أصغر بنیه و قد خلفه یرعی لهم و یحمل إلیهم الطعام و كان قد قال لأبیه ذات یوم یا أبتاه ما أرمی بقذافتی شیئا إلا صرعته و قال له لقد دخلت بین الجبال فوجدت أسدا رابضا فركبت علیه و أخذت بأذنیه و لم أخفه ثم أتاه یوما آخر فقال له إنی لأمشی بین الجبال فأسبح فلا یبقی جبل إلا سبح معی قال أبشر فإن هذا خیر أعطاكه اللّٰه فأرسل اللّٰه تعالی إلی النبی الذی مع طالوت قرنا فیه دهن و تنورا (2)من حدید فبعث اللّٰه إلی طالوت و قال (3)إن صاحبكم الذی یقتل جالوت یوضع هذا الدهن علی رأسه فیغلی حتی یسیل من القرن و لا یجاوز رأسه إلی وجهه و یبقی علی رأسه كهیئة الإكلیل و یدخل فی هذا التنور فیملؤه فدعا طالوت بنی إسرائیل فجر بهم فلم یوافقه منهم أحد فأحضر داود من رعیه فمر فی طریقه بثلاثة أحجار فكلمنه و قلن خذنا یا داود فاقتل بنا جالوت فأخذهن و جعلهن فی مخلاته و كان طالوت قد قال من قتل جالوت زوجته ابنتی و أجریت خاتمه فی مملكته فلما جاء داود وضعوا القرن علی رأسه فغلی حتی ادهن منه و لبس التنور فملأه و كان داود مسقاما أزرق مصفارا فلما دخل فی التنور تضایق علیه حتی ملأه و فرح إشمویل و طالوت و بنو إسرائیل بذلك و تقدموا إلی جالوت و صفوا للقتال و خرج داود نحو جالوت و أخذ الأحجار و وضعها فی قذافته و رمی بها جالوت فوقع الحجر بین عینیه و نقبت رأسه (4)و قتلته و لم یزل الحجر یقتل كل من أصابته ینفذ منه إلی غیره فانهزم عسكر جالوت بإذن اللّٰه و رجع طالوت فأنكح ابنته داود و أجری خاتمه فی ملكه فمال الناس إلی داود و أحبوه (5).
أقول: فی أكثر نسخ التواریخ التنور بالتاء و فی العرائس (6)شبه تنور فأمره
ص: 455
أن یجلس فیه و فی بعض النسخ بالسین قال الفیروزآبادی السنور لبوس من قد كالدرع انتهی.
ثم اعلم أنه ذكر المؤرخون أن طالوت حسد داود و أراد قتله فمنعه اللّٰه من ذلك و هو لیس بمعتمد لأنه یظهر من الآیة و بعض الروایات فضله و علمه و كماله و لم یرد فی أخبارنا شی ء من ذلك و لذا تركنا إیراده.
و ذكر المسعودی هذه القصة نحوا مما مر و فیه أن اللّٰه تعالی جمع الأحجار الثلاثة فی مخلاته فصارت حجرا واحدا و ذكر أن مدة مكث التابوت ببابل كان عشر سنین فسمعوا عند الفجر حفیف الملائكة یحملون التابوت(1).
«18»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ سَعِیدٍ السَّمَّانِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ إِنَّمَا مَثَلُ السِّلَاحِ فِینَا مَثَلُ التَّابُوتِ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ أَیُّ أَهْلِ بَیْتٍ وُجِدَ التَّابُوتُ عَلَی بَابِهِمْ أُوتُوا النُّبُوَّةَ فَمَنْ صَارَ إِلَیْهِ السِّلَاحُ مِنَّا أُوتِیَ الْإِمَامَةَ (2).
«19»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السُّكَیْنِ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ إِنَّمَا مَثَلُ السِّلَاحِ فِینَا مَثَلُ التَّابُوتِ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ حَیْثُمَا دَارَ التَّابُوتُ دَارَ الْمُلْكُ فَأَیْنَمَا دَارَ فِینَا السِّلَاحُ دَارَ الْعِلْمُ (3).
«20»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ (4).
أقول: سیأتی الأخبار فی ذلك فی كتاب الإمامة.
«21»-یه، من لا یحضره الفقیه قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ مَسْجِدُ السَّهْلَةِ هُوَ بَیْتُ إِدْرِیسَ عَلَیْهِ السَّلَامُ الَّذِی كَانَ یَخِیطُ فِیهِ وَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِی خَرَجَ مِنْهُ إِبْرَاهِیمُ إِلَی الْعَمَالِقَةِ وَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِی خَرَجَ مِنْهُ دَاوُدُ إِلَی جَالُوتَ (5).
ص: 456
«22»-كنز الفوائد، للكراجكی ذكروا أن الولید بن عبد الملك احتاج إلی رصاص أیام بناء مسجد دمشق فقیل إن فی الأردن منارة فیها رصاص فابعث إلیها قال فبعث إلیها فلما أخذوا فی حفرها ضرب رجل بمعول فأصاب رجلا فی سفط و ناله المعول فسال دمه فقیل (1)هذا طالوت الملك فتركه و لم یخرجه (2).
إلی هنا تمّ الجزء الثالث عشر من كتاب بحار الأنوار من هذه الطبعة النفیسة و یحوی هذا الجزء 435 حدیثاً فی 19 باباً و یتلوه الجزء الرابع عشر و یبدء بقصص داودعلیه السلام و من الواجب تقدیم أسمی تحیّاتنا المتواصلة إلی حضرة صاحب الفضیلة العالم العامل التقیّ الشیخ حسن المصطفویّ دامت تأییداته حیث لم یضنّ علینا بنسخته النفیسة المصحّحة المكتوبة فی زمن المؤلّف قدسّ سرّه الشریف و یری القاری ء أنموزجاً من صورتها الفتوغرافیّة ظهر الصحیفة؛ و قد قابلنا الكتاب علیه بعد ما قوبل قبلًا بالنسخ المتعدّده و استفدنا منها كثیراً فی تصحیح الكتاب و اللّٰه الموّفق للصواب.
رمضان المبارك 1378
ص: 457
تصویر
صورة فتوغرافیّة لصحیفة من النسخة الخطیّة النفیسة المصحّحة لمكتبة العالم الجلیل الشیخ حسن المصطفویّ
ص: 458
تصویر
صورة فتوغرافیّة لصحیفة من النسخة الخطیّة النفیسة لمكتبة العالم البارع السیّد جلال الدین المحدّث.
ص: 459
الموضوع/ الصفحه
باب 1 نقش خاتم موسی و هارون علیهم السلام و علل تسمیتهما و بعض أحوالهما؛ و فیه 20 حدیثاً. 1- 12
باب 2 أحوال موسی علیه السلام من حین ولادته إلی نبوتّه؛ و فیه 21 حدیثاً. 13- 63
باب 3 معنی قوله تعالی فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ و قول موسی علیه السلام وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِی و أنّه لم سمّی الجبل طور سیناء؛ و فیه خمسة أحادیث. 64- 66
باب 4 بعثة موسی و هارون علیهما السلام علی فرعون، و أحوال فرعون و أصحابه و غرقهم، و ما نزل علیهم من العذاب قبل ذلك و إیمان السحرة و أحوالهم؛ و فیه 61 حدیثاً. 67- 156
باب 5 أحوال مؤمن آل فرعون و امرأة فرعون؛ و فیه ستة أحادیث. 157- 165
باب 6 خروج موسی علیه السلام من الماء مع بنی إسرائیل و أحوال التیه؛ و فیه 21 حدیثاً. 165- 195
باب 7 نزول التوراة و سؤال الرؤیة و عبادة العجل و ما یتعلق بها؛ و فیه 51 حدیثاً. 195- 248
باب 8 قصّة قارون؛ و فیه خمسة أحادیث. 249- 258
باب 9 قصة ذبح البقرة؛ و فیه سبعة أحادیث. 259- 277
باب 10 قصص موسی و خضر علیهما السلام؛ و فیه 55 حدیثاً. 278- 322
باب 11 ما ناجی به موسی علیه السلام ربّه و ما أوحی إلیه من الحكم و المواعظ و ما جری بینه و بین إبلیس لعنه اللّٰه؛ و فیه 80 حدیثاً. 323- 362
باب 12 وفاة موسی و هارون علیهما السلام و موضع قبرهما، و بعض أحوال یوشع بن نون علیه السلام؛ و فیه 22 حدیثاً. 363- 376
باب 13 تمام قصّة بلعم باعور؛ و فیه ثلاثة أحادیث. 377- 380
ص: 460
باب 14 قصّة حزقیل علیه السلام؛ و فیه تسعة أحادیث. 381- 387
باب 15 قصص إسماعیل الذی سمّاه اللّٰه صادق الوعد و بیان أنّه غیر إسماعیل بن إبراهیم؛ و فیه سبعة أحادیث. 388- 391
باب 16 قصّة إلیاس و إلیا و الیسع علیهم السلام؛ و فیه عشرة أحادیث. 392- 403
باب 17 قصص ذی الكفل علیه السلام؛ و فیه حدیثان. 404- 407
باب 18 قصص لقمان و حكمه؛ و فیه 28 حدیثاً. 408- 434
باب 19 قصّة إشموئیل علیه السلام و تالوت و جالوت و تابوت السكینة؛ و فیه 22 حدیثاً. 435- 457
ص: 461
بسمه تعالی و تقدس
مراجع التصحیح و التخریج و التعلیق
قد رجعت فی تحقیق الكتاب و تصحیحه و مقابلته إلی النسخة المطبوعة بطهران فی 1303 المشهورة بطبعة أمین الضرب، و إلی نسخة مخطوطة قوبلت بنسخ متعدده فی مجالس عدیدة آخرها الثلثاء الثالث من شهر شعبان المعظّم سنة 1225 و قد أتحفنا إیّاه العالم البارع السیّد جلال الدین الشهیر بالمحدّث أدام اللّٰه توفیقاته، و كثیراً ما راجعت نسخة أخری لمكتبة سیّدنا العلّامة الحجّة السیّد شهاب الدین النجفیّ المرعشیّ مدّ ظلّه العالی و قد اعتمدنا فی تخریج أحادیث الكتاب و نصوصه و تعالیقه علی كتب نسرد أسامی بعضها:
«1»-إثبات الوصیّة للمسعودیّ طبعة: النجف دون تاریخ
«2»-إرشاد القلوب للدیلمیّ طبعة: النجف دون تاریخ
«3»-الإرشاد للشیخ المفید طبعة: إیران سنة: 1308
«4»-الأمالی و یقال له المجالس أیضاً للشیخ المفید طبعة: النجف من منشورات المطبعة الحیدریّة.
«5»-الأمالی للشیخ الصدوق طبعة: إیران سنة: 1374
«6»-الأمالی للشیخ الطوسیّ طبعة: إیران سنة: 1313
«7»-الأمالی للسیّد المرتضی طبعة: مصر سنة: 1325
«8»-بصائر الدرجات للصفّار طبعة: إیران سنة: 1285
«9»-تاریخ الطبریّ طبعة: مصر سنة 1358
«10»-تاریخ الیعقوبیّ طبعة النجف سنة 1358
«11»-تحف العقول لابن شعبة طبعة: طهران سنة: 1376
«12»-تفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام طبعة: إیران سنة: 1315
و كثیراً ما راجعت طبعه الآخر فی هامش تفسیر علیّ بن إبراهیم طبعة: إیران سنة: 1315
«13»-تفسیر البرهان للسیّد هاشم البحرانیّ طبعة طهران سنة 1375
ص: 462
«14»-تفسیر البیضاویّ طبعة إسلامبول سنة: 1303
«15»-تفسیر علیّ بن إبراهیم القمیّ طبعة: إیران سنة: 1313
و كثیراً ما راجعت طبعه الآخر بسنة 1315
«16»-تنبیه الخواطر لورّام بن أبی فراس طبعة دار الكتب الأسلامیّة بطران سنة 1376
«17»-تنزیه الأنبیاء للشریف المرتضی طبعة النجف سنه 1350
«18»-تهذیب الأحكام للشیخ الطوسیّ طبعة إیران سنة 1327
«19»-التوحید للصدوق طبعة: هند سنة: 1321
«20»-الخرائج و الجرائح للراوندیّ طبعة: إیران سنة: 1305
«21»-الخصال للصدوق طبعة: إیران سنة: 1302
«22»-الرجال للكشیّ طبعة: بمبئی سنة: 1317
«23»-الروضة فی الفضائل طبع مع علل الشرائع و المعانی بإیران سنة: 1321
«24»-روضة الواعظین للفتّال طبعة إیران
«25»-صحیفة الرضا علیه السلام للطبرسیّ طبعة: إیران سنة: 1376
«26»-علل الشرائع و معانی الأخبار للصدوق طبعة: إیران سنة: 1321
«27»-عیون الأخبار للصدوق طبعة: إیران سنة: 1318
«28»-عدّة الداعی لابن فهد طبعة إیران سنة 1274
«29»-العرائس للثعلبیّ طبعة مصر دون تاریخ و بهامشه روض الریاحین.
«30»-الغیبة للنعمانیّ طبعة: إیران سنة: 1317
«31»-القامس المحیط للفیروز آبادیّ طبعة الهند دون تاریخ
«32»-قاموس التوراة لهاكس طبعة بیروت سنة 1928.
«33»-قرب الإسناد للحمیریّ طبعة: إیران سنة: 1370
«34»-قصص الأنبیاء للسیّد نعمة اللّٰه جزائریّ طبعة النجف سنة 1373.
«35»-الكافی للكلینیّ: الاصول و الروضة طبعة: دار الكتب
الإسلامیّه بطهران سنة: 1375
الفروع طبعة: إیران سنة: 1312
ص: 463
«36»-الكامل لابن الأثیر طبعة مصر و بهامشه مروج الذهب.
«37»-كامل الزیارات لابن قولویه طبعة النجف سنة 1333.
«38»-الكشّاف للزمخشریّ طبعة: مصر سنة: 1373
«39»-كشف الغمّة للإربلیّ طبعة إیران سنة 1294
«40»-كمال الدین للصدوق طبعة: إیران سنة: 1301
«41»-كنز الفوائد للكراجكیّ طبعة: إیران سنة: 1322
«42»-مجازات القرآن للشریف الرضیّ طبعة بغداد سنة 1375
«43»-مجمع البیان للطبرسیّ طبعة: طهران سنة: 1373
«44»-المحبّر للبغدادیّ طبعة دار المعارف بحیدر آباد سنة 1361
«45»-مروج الذهب للمسعودیّ طبعة مصر بهامش الكامل.
«46»-معجم البلدان لیاقوت طبعة بیروت سنة 1374
«47»-مناقب آل أبی طالب لابن شهر آشوب طبعة الأخیر بالنجف.
«48»-المنجد فی اللّغة للأب لویس الیسوعیّ.
«49»-النهایة لابن الأثیر طبعة: إیران سنة: 1299
نهج البلاغة للشریف الرضیّ و فی ذیله شرحه لابن عبده طبعة: مصر دون تاریخ
و سیأتی الإیعاز إلی سائر المصادر فی المجلّدات الآتیة.
و قد ساعدنی فی تصحیح الكتاب و عرضه علی النسخ من أوّل الكتاب إلی هنا و تخریج هذا المجلّد عدّة من نوابغ الأفاضل و ثلّة من الفطاحل الأماجد منهم إخوانی الأتقیاء فضیلة الشیخ محمّد علیّ و الشیخ حسین الشیرازیّین و الشیخ حسین الدارابیّ أدام اللّٰه أیّام إفاداتهم و وفّقهم اللّٰه لمرضاته و لترویج مذهب موالیهم الطاهرین.
قم المشرّفة خادم العلم و الدین عبد الرحیم الربانی الشیرازی
عفی عنه و عن والدیه.
ص: 464
ب: لقرب الإسناد.
بشا: لبشارة المصطفی.
تم: لفلاح السائل.
ثو: لثواب الأعمال.
ج: للإحتجاج.
جا: لمجالس المفید.
جش: لفهرست النجاشیّ.
جع: لجامع الأخبار.
جم: لجمال الأسبوع.
جُنة: للجُنة.
حة: لفرحة الغریّ.
ختص: لكتاب الإختصاص.
خص: لمنتخب البصائر.
د: للعَدَد.
سر: للسرائر.
سن: للمحاسن.
شا: للإرشاد.
شف: لكشف الیقین.
شی: لتفسیر العیاشیّ
ص: لقصص الأنبیاء.
صا: للإستبصار.
صبا: لمصباح الزائر.
صح: لصحیفة الرضا (علیه السلام).
ضا: لفقه الرضا (علیه السلام).
ضوء: لضوء الشهاب.
ضه: لروضة الواعظین.
ط: للصراط المستقیم.
طا: لأمان الأخطار.
طب: لطبّ الأئمة.
ع: لعلل الشرائع.
عا: لدعائم الإسلام.
عد: للعقائد.
عدة: للعُدة.
عم: لإعلام الوری.
عین: للعیون و المحاسن.
غر: للغرر و الدرر.
غط: لغیبة الشیخ.
غو: لغوالی اللئالی.
ف: لتحف العقول.
فتح: لفتح الأبواب.
فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.
فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.
فض: لكتاب الروضة.
ق: للكتاب العتیق الغرویّ
قب: لمناقب ابن شهر آشوب.
قبس: لقبس المصباح.
قضا: لقضاء الحقوق.
قل: لإقبال الأعمال.
قیة: للدُروع.
ك: لإكمال الدین.
كا: للكافی.
كش: لرجال الكشیّ.
كشف: لكشف الغمّة.
كف: لمصباح الكفعمیّ.
كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.
ل: للخصال.
لد: للبلد الأمین.
لی: لأمالی الصدوق.
م: لتفسیر الإمام العسكریّ (علیه السلام).
ما: لأمالی الطوسیّ.
محص: للتمحیص.
مد: للعُمدة.
مص: لمصباح الشریعة.
مصبا: للمصباحین.
مع: لمعانی الأخبار.
مكا: لمكارم الأخلاق.
مل: لكامل الزیارة.
منها: للمنهاج.
مهج: لمهج الدعوات.
ن: لعیون أخبار الرضا (علیه السلام).
نبه: لتنبیه الخاطر.
نجم: لكتاب النجوم.
نص: للكفایة.
نهج: لنهج البلاغة.
نی: لغیبة النعمانیّ.
هد: للهدایة.
یب: للتهذیب.
یج: للخرائج.
ید: للتوحید.
یر: لبصائر الدرجات.
یف: للطرائف.
یل: للفضائل.
ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.
یه: لمن لا یحضره الفقیه.
ص: 465