تاريخ مدينة دمشق و ذكر فضلها و تسمية من حلها من الأمائل أو اجتاز بنواحيها من وارديها و أهلها
تصنيف الإمام العالم الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة اللّه بن عبد اللّه الشافعي المعروف بابن عساكر
499 ه-571 ه
تفاصيل النشر: بیروت: دارالفکرالمعاصر؛ دمشق: دارالفکر دمشق: معهد الفتح الاسلامي، 1420ق.= 1999م.= 1378 -
دراسة و تحقيق علي شيري
عدد المجلدات: 80
لسان: العربية
ابراهيم بن عبد اللّه - ارتاش بن تتش
دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع
تصنيف الكونجرس: DS99 /د8 1378 الف243015
تصنيف ديوي: 956/9144
موضوع: تاريخ الإسلام | التاريخ والجغرافيا المحلية | الترجمة الجماعية | رجال
ص: 1
ص: 2
الجزء الحادي و السبعون
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه رب العالمين، و صلى اللّه على أشرف خلقه و رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم الذي بيّن للناس ما أنزل إليهم و هداهم إلى الصراط المستقيم، و على آله و أصحابه و من تبع هديه إلى يوم الدين. و بعد؛ هذا مستدرك تاريخ مدينة دمشق للحافظ ابن عساكر، و كنا قد أشرنا في خاتمة الطبع للجزء السبعين من الكتاب أن مستدركا سيلي الأجزاء السبعين، حيث وجدنا خلال مراحل تحقيق الكتاب و إعداده للطبع أن نقصا اعتور المخطوطات و الأصول التي كانت بين أيدينا، و قد تمكنا بعون من اللّه و تأييده من الحصول على هذا النقص و قد اشتمل على التراجم المبتدئة بالأحرف التالية و التي ضمتها الأجزاء 71 و 72 و 73 و 74 و ذلك كما يلي:
حرف الألف:(213) ترجمة.
حرف الباء:(21) ترجمة.
حرف الجيم:(87) ترجمة.
حرف الراء:(7) ترجمة.
حرف السين:(55) ترجمة.
حرف الشين:(31) ترجمة.
حرف العين:(11) ترجمة.
ص: 3
حرف الميم:(28) ترجمة.
حرف الهاء:(85) ترجمة.
حرف الياء:(36) ترجمة.
و قد بلغت عدة تراجم الكتاب ال (74) جزءا:(10226) ترجمة و عدة الأحاديث النبوية(14446) حديثا، و بذلك يكتمل عقد الكتاب، و آخر دعوانا الحمد للّه رب العالمين.
بيروت يوم السبت 5 جمادى الأولى 1421 ه 5 آب أغسطس عام 2000 م الناشر
ص: 4
بسم اللّه الرحمن الرحيم و به أستعين
أحمد بن أحمد بن يزيد بن وركشين - و يقال بركشين بن يركزان، البلخي المؤدّب المعروف بأخي الرز.
[سمع أبا جعفر حماد بن المؤمل الكلبي البصري، و أبا علي الحسن بن عرفة العبدي] (1).
سكن دمشق [و حدث بها] (2).
روى عن الحسن بن عرفة بإسناده عن أبي هريرة.
أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ذكر بين يديه النكاح و التزويج فقال:«كلّ كفؤ، ما خلا حاكيا أو حجاما». فقيل: يا رسول اللّه ما الحاكي ؟ قال:«المصوّر الذي يعمل الأصنام»، فقيل: يا رسول اللّه، و ما الحجّام ؟ قال:«النّمام» و هو القتّات[13870].
و روى عن حماد بن المؤمل بسنده عن ابن عباس قال (3):
كانت امرأة من بني خطمة (4) تهجو النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم و تحرّض على أصحابه، فبلغ ذلك
ص: 5
النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و مضّه (1) فقال:«أ لا رجل يكفينا هذه ؟ فقال رجل من قومها (2):أنا يا رسول اللّه أكفيك. فأتاها، و كانت المرأة تمّارة و هي في صفّة (3) لها فقال لها: أ عندك أجود من هذا التمر؟ قالت: نعم، فدخلت إلى بيت لها و انكبّت لتأخذ شيئا فالتفت يمينا و شمالا فلم ير أحدا. فأخذ الإخوان (4)،فجعل يضرب به رأسها حتى قتلها (5)،ثم جاء إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. فلما رآه قال:«أفلح الوجه» قال: قضيت حاجتك يا رسول اللّه. قال:«أما إنه لا ينتطح فيها عنزان» (6).قال: فأرسلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم مثلا، و لم يتمثّل بها أحد قبله.
مولده سامرّة (7)،و أصله بلخ. و كان يؤذّن في مسجد جامع دمشق، مات في سنة إحدى و ثلاثين و ثلاث مائة.
أحمد بن أبي أحمد - و اسم أبي أحمد: محمد - أبو محمد الجرجاني.
سكن أطرابلس، و قدم دمشق و حدّث بها.
روى عن حمّاد بن خالد الخياط عن شيوخه عن حبيب بن مسلمة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يوم حنين:
ص: 6
«عرّبوا العربي و هجّنوا الهجين، للفرس سهمان و للهجين سهم» (1)[13871].
و روى عن إسماعيل بن علية عن شيوخه عن عثمان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«من مات و هو يعلم أن لا إله إلا اللّه دخل الجنة» (2)[13872].
سكن حمص. و أحاديثه ليست بمستقيمة، كأنه يغلط فيها (3)(4).
أبو جعفر الكاتب
ولي خراج مصر للطولونية، ثم ولاّه أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون إمرة دمشق، فقدمها، و نزل دار الإمارة بها، و كان أميرها سعد الأيسر (5) غائبا عنها. و كان ابن أبّا حازما ذا رأي، فلم يظهر ولايته خشية أن يحول سعد عن طاعة ابن طولون (6).فلما قدم سعد دمشق و خرج ابن أبّا له عن القصر ثمّ أظهر ولايته.
ذكر أبو الحسن بن القواس الورّاق: أن أحمد بن أبّا و بدر الحمامي (7) دخلا بلاد الروم مع العجيفي صاحب ابن طولون غزاة في رجب سنة ثمانين و مائتين حتى بلغوا بلقسون (8).
ص: 7
أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن حبيب - و يقال: ابن إبراهيم بن حبيب - بن عيسى، أبو الحسن الهمذاني البغدادي الزّرّاد.
ورد دمشق حاجا سنة عشرين و ثلاث مائة.
روى عن طاهر بن الفضل بسنده عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«بنو سامة مني و أنا منهم، و حيثما رأيتموهم ففضّلوهم و اعرفوا لهم حقهم».
قال الخطيب (1):
أحمد بن إبراهيم بن حبيب بن عيسى أبو الحسن العطار، و يعرف بالزراد. كان يسكن باب المحوّل. و مات في سنة أربع و عشرين و ثلاث مائة. و قيل في شعبان منها.
[و حدث عن طاهر بن الفضل الحلبي، و يوسف بن مسلم المصيصي، و أحمد بن بكر البالسي.
روى عنه محمد بن المظفر، و القاضي الجراحي، و أبو الحسن الدار قطني، و محمد بن نصر بن مكرم، و غيرهم.
أخبرنا أبو بكر البرقاني. حدثنا علي بن عمر الحافظ ، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن حبيب العطار حدثنا طاهر بن الفضل - بحلب - حدثنا سفيان بن عيينة عن سفيان الثوري عن عبيد اللّه بن محمد عن جابر بن عبد اللّه قال: بينا نحن مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فأكل مما مست النار و لم يتوضأ.
قال علي بن عمر: هذا حديث غريب من حديث ابن عيينة عن الثوري تفرد به طاهر بن الفضل.
أخبرنا عبد الغفار بن محمد المؤدب، أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين الحافظ قال: أحمد بن إبراهيم بن حبيب الزراد ثقة.
حدثني علي بن محمد بن نصر قال: سمعت حمزة بن يوسف يقول سألت أبا الحسن الدار قطني عن أبي الحسن أحمد بن إبراهيم بن حبيب العطار، فقال: ثقة] (2).
ص: 8
أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية بن زياد بن مزيد بن بلال بن عبد اللّه البهي، مولى آل الزبير، أبو بكر بن الحداد الأسدي البغدادي.
نزيل تنّيس. سمع بدمشق و غيرها.
روى أحمد بن إبراهيم بسنده عن عائشة قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:
من تمسّك بالسّنة دخل الجنة»، قلت: يا رسول اللّه، و ما السنة ؟ قال: حبّ أبيك و صاحبه يعني: عمر[13873].
قال الخطيب (1):
أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية بن زياد بن مزيد (2) بن بلال بن عبد اللّه الأسدي، و عبد اللّه يعرف بالبهي، و هو الذي يروي عن عائشة. و كنية أحمد بن إبراهيم أبو بكر، و يعرف بابن الحداد. ولد بتنّيس، و نشأ ببغداد و أبوه بغدادي، و نزل أبو بكر تنّيس (3) و حدّث بها و بمصر.
و مزيد جده بالزاي و الياء المعجمة باثنتي من تحتها.
مات أحمد بن إبراهيم بن الحداد بتنّيس سنة أربع و خمسين يعني ثلاث مائة في صفر.
و كان مولده في ذي الحجة سنة سبعين و مائتين.
[و حدث (4) عن يوسف بن يعقوب القاضي، و بهلول بن إسحاق الأنباري، و إبراهيم بن شريك الكوفي، و جعفر الفريابي، و بكر بن سهل الدمياطي، و أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، و سليمان بن حذلم، و عبد الرحمن بن القاسم الدمشقيين و الحسن بن محمد بن عنبر الوشاء، و زكريا بن يحيى السجزي خياط السنة و غيرهم.
ص: 9
حدث عنه عبد الغني بن سعيد، و أبو محمد بن النحاس و غيرهما من المصريين. و كان ثقة.
كتب إليّ أبو عبد اللّه أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة حدثني عبد العزيز بن أحمد ابن علي الكناني بدمشق لفظا، أخبرنا مكي بن محمد بن محمد بن المعمر المؤدب أخبرنا سليمان أبو محمد بن عبد اللّه بن أحمد بن زبر قال: مات أحمد بن إبراهيم الحداد بتنيس سنة أربع و خمسين يعني و ثلاثمائة].
أحمد بن إبراهيم بن أحمد، أبو الحسن الأصبهاني الشاهد.
سمع بدمشق.
روى عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي ثابت العطار الدمشقي بسنده عن ابن عمر قال:
قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في العبد الآبق يؤخذ في الحرم بعشرة دراهم[13874].
أحمد بن إبراهيم بن أحمد، أبو العباس الرازي المعروف بابن الحطاب الفقيه الشافعي.
[نزيل مصر] (1)،قدم دمشق مع أبيه إبراهيم بن أحمد، و سمع بها.
روى بسنده عن عمر بن الخطاب قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:
«إنما الأعمال بالنيات، و إنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللّه و رسوله فهجرته إلى اللّه و رسوله، و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
حدث محمد بن أحمد بن إبراهيم قال:
ص: 10
كان والدي في سكرة الموت يقول لي: يا أبا عبد اللّه، ما لي في الدنيا حسرة غير أني مشيت في ركاب الشيوخ، و ترددت إلى مجالسهم، و سافرت إلى أماكنهم بالحجاز و اليمن و الشام و ديار مصر و غيرها. و ها أنا أموت و لم يؤخذ عني كلّ ما سمعته على الوجه الذي أردته (1).
قال: و كان أبي من الثقات خيّرا كثير المعروف. ذكر أنه حج سنة أربع عشرة، و أنه دخل اليمن و سمع بها، و قرأ القرآن بمكة و دمشق و غيرهما و انتقل إلى الاسكندرية في قحط مصر.
و توفي بها سنة إحدى و تسعين و أربعمائة.
قال الحافظ : قرأت بخط غيث بن علي بن عبد السلام الصوري:
سألت شيخنا أبا العباس أحمد بن إبراهيم الرازي عن مولده فذكر أنّ له نيّفا و ستين سنة. قال: و كان سؤالي إياه في جمادى الأولى سنة اثنتين و سبعين باسكندرية.
[محدث الثغر، و والد صاحب السداسيات] (2).
[حج (3) سنة أربع عشرة و أربعمائة، و دخل اليمن.
و سمع بمصر شعيب بن عبد اللّه بن المنهال و طبقته، ثم سمّع ولده من ابن حمصة و ابن الطفال، و عدة. و سمع هو بدمشق من علي ابن السمسار، و تلا على الحسين بن عامر، و تلا بمكة بروايات على أبي عبد اللّه الكارزيني، و انتقل إلى الاسكندرية في القحط الكائن في قرب سنة ستين و أربعمائة، و قرءوا عليه كثيرا.
و كتب عنه الحافظ أبو زكريا البخاري، و مكي الرميلي، و غيث الأرمنازي، و عبد المحسن الشيحي، و سمع عليه ابنه أبو عبد اللّه الشاهد الكثير بالاسكندرية و بمصر.
قال السلفي: كان خيّرا، من الثقات، كثير المعروف] (4).
ص: 11
روى عن: عقبة بن مكرم بسنده عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«الشهر تسع و عشرون، فإذا رأيتموه فصوموا و إذا رأيتموه فأفطروا»[13875].
أبو بكر السكسكي الفقيه المقرئ قاضي بعلبك
روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه قال:
أهدي إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم جرّة من عسل. فلمّا صلّى الظهر أو العصر قال لنا:«على أماكنكم، فألعق كلّ رجل منا لعقة». فلما أتى عليّ قال لي:«يا جابر أزيدك ؟» قلت: نعم، فألعقني أخرى، لصغري، قال: فما زال حتى أتى على آخر القوم[13876].
توفي يوم الاثنين و دفن يوم الثلاثاء ضحى نهار لثلاث عشرة ليلة من جمادى الأولى سنة إحدى و ثمانين و ثلاث مائة، و دفن في باب الفراديس بعد علة طويلة.
[9529] أحمد بن إبراهيم بن الحسن (1) بن محمد بن شاذان
ابن حرب بن مهران، أبو بكر البزاز والد أبي علي بن شاذان
سمع بدمشق و بجبيل و بعرقة (2) و بصور و بحمص و بالعراق.
روى عن عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز البغوي بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«يمينك على ما يصدّقك عليه صاحبك».
قال علي بن المحسّن القاضي (3):قال: سمعت أبا بكر بن شاذان يقول:
ولدت لسبع عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثمان و تسعين و مائتين.
و قال أحمد بن محمد العتيقي (4):
ص: 12
سنة ثلاث و ثمانين و ثلاث مائة فيها توفي أبو بكر شاذان لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال، ثقة، مأمون، فاضل، كثير الكتب، صاحب أصول حسان.
قال أبو بكر الخطيب (1):
أصله من دورق (2)،سمع جماعة كثيرة سمّاهم، و كان يجهز (3) البزّ إلى مصر فسمع من شيوخها، و كتب عن الشاميين الذين أدركهم، و كان ثقة ثبتا صحيح السماع كثير الحديث.
قال أبو ذر عبد بن أحمد الهروي (4):
ما رأيت ببغداد في الثقة مثل القواس، و بعده ابن شاذان، فقال له ورّاقه: و لا الدار قطني ؟ فقال: الدار قطني إمام ليس يعدّ منهم.
قال: و كان ابن شاذان أوثق أصحابه و أحسنهم خلقا، و كان يجيئه أهل الأدب من أولاد الكتاب يريدون أن يترفعوا علينا فيقول لهم: لست قاعدا بالأجرة أنا قاعد في داري أعمل ما أريد، هؤلاء الغرباء الفقراء قصدوني و لهم عليّ حق.
قال الأزهري (5):سمعت ابن شاذان يقول (6):
جاءوني بجزء عن الباغندي فيه سماعي في سنة تسع - أو عشر - و ثلاث مائة، و لم يكن لي منه نسخة فلم أحدّث (7) به.
قال القاضي أبو القاسم التنوخي:
سئل ابن شاذان: أسمعت من محمد بن محمد الباغندي شيئا؟ فقال: لا أعلم أني سمعت منه شيئا، ثم وجد سماعه من الباغندي فسألوه أن يحدث به فلم يفعل.
[قال أبو بكر الخطيب] (8):
ص: 13
[سمع الحسين بن محمد بن عفير، و أبا القاسم البغوي، و أبا بكر بن أبي داود، و أحمد ابن القاسم أخا أبي الليث الفرائضي، و أحمد بن محمد بن المغلس، و يحيى بن محمد بن صاعد، و أحمد بن سليمان الطوسي، و صالح بن أبي مقاتل، و أبا ذر ابن الباغندي، و أبا بكر ابن دريد، و نفطويه النحوي، و عبيد اللّه بن محمد بن زياد النيسابوري، و خلقا كثيرا من أمثالهم.
روى عنه الدار قطني، و أخبرنا عنه ابناه الحسن و عبد اللّه، و أحمد بن علي البادا، و أبو بكر البرقاني، و أبو القاسم الأزهري، و أبو محمد الخلال، و جماعة سواهم.
أخبرنا الأزهري، حدثنا أبو الحسن الدارقطني حدثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن البزار، حدثنا أحمد بن إبراهيم أبو العباس السكري، بمصر، أخبرنا أحمد بن يحيى بن خالد ابن حبان الرقي. حدثنا صالح بن عبد الغفار الطيالسي، حدثنا عثمان بن كثير بن دينار، حدثنا ابن لهيعة عن حسين عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد اللّه بن عمرو عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: خيركم من تعلم القرآن و علمه.
قال الأزهري: و سمعته من أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان كما حدثناه الدار قطني عنه].
ابن مسلمة بن عبد اللّه بن قرط ، أبو عمر الأزدي
روى عن عمّه بسنده عن أبي هريرة قال:
ما كان أحدّ منا يقول على عهد عمر بن الخطاب: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلاّ سيل ظهره دما أو يجيب على ما قال نبيّه.
قال الرازي:
قدم جده عبد اللّه بن قرط على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«ما اسمك ؟» قال: شيطان بن قرط ، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«أنت عبد اللّه بن قرط » (1).
ص: 14
و كانوا من أهل حمص فانتقلوا إلى دمشق و له عم يقال له الخطاب بن سعد الخير، و أبوه، لم يرو عنه غير أبي عمر.
مات في شعبان سنة ثلاثين و ثلاث مائة.
روى عن سليمان بن عبد الرحمن بسنده عن أنس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«عليكم بالسّواك فنعم الشيء السواك، يذهب بالحفر (1)،و ينزع البلغم، و يجلو البصر، و يشدّ اللثة، و يذهب بالبخر (2)،و يصلح المعدة، و يزيد في درجات الجنة، و يحمد الملائكة، و يرضي الربّ ، و يسخط الشيطان»[13877].
ابن عبد اللّه بن الحسن بن يزيد بن عبد اللّه
أبو الطيب المعروف بابن عبادل الشيباني
[سمع: بحر بن نصر الخولاني، و إبراهيم بن منقذ، و العباس بن الوليد العذري، و أبا أمية الطرسوسي، و خلقا كثيرا.
و عنه: الطبراني، و أبو هاشم المؤدب، و أبو بكر بن أبي الحديد، و عبد الوهاب الكلابي، و آخرون] (3).
روى عن محمد بن عبد اللّه بن الحكم بسنده عن عبد اللّه بن عمرو أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«إن اللّه لا ينزع العلم من الناس انتزاعا، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يترك عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا و أضلّوا».
عبادل هو عبد الوهاب بن بشير، أخو عبد الرحمن بن بشير الشيباني الذي روى عن
ص: 15
محمد بن إسحاق كتاب المغازي. كانوا أهل بيت علم، و كان فيهم جماعة محدثين.
و مات أحمد بن إبراهيم في رجب سنة ثلاث و ثلاثين و ثلاث مائة،[و كان في عشر التسعين] (1).
أبو الحسن البالسي (2) ثم الأنطاكي
نزل أنطاكية.
[والد أبي الطاهر الحسن بن أحمد روى عن إبراهيم بن مهدي المصيصي، و أبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، و أحمد بن أبي شعيب الحراني، و أحمد بن عبد اللّه بن يونس اليربوعي، و أحمد بن محمد بن ثابت الخزاعي المروزي المعروف بابن شبويه، و أبي النضر إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الدمشقي الفراديسي، و إسحاق بن سعيد بن الأركون الدمشقي، و أبي معمر إسماعيل بن إبراهيم بن معمر الهذلي القطيعي، و إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني، و حامد بن يحيى البلخي، و الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري مولى ابن المبارك، و أبي توبة الربيع بن نافع الحلبي، و سعيد بن حفص النفيلي الحراني، و سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ابن بنت شرحبيل، و عامر بن إسماعيل البغدادي، و عباد بن موسى الختلي، و عبد اللّه بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي المقرئ، و عبد اللّه بن ربيعة المصيصي، و عبد اللّه بن محمد بن الربيع الكرماني، نزيل المصيصة، و عبد اللّه بن محمد بن علي النفيلي الحراني، و عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي المعروف بدحيم ابن اليتيم، و عبد الملك بن سعيد بن مروان الحراني، و عبد الرحمن بن نجدة الحوطي، و عمر بن يزيد السياري، و أبي موسى عيسى بن سليمان الحجازي، و أبي صالح محبوب بن موسى الأنطاكي الفراء، و محمد بن آدم المصيصي، و محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصري،
ص: 16
و محمد بن سلام الأنطاكي ثم المنجي، و محمد بن القاسم الحراني، سحيم، و محمد بن قدامة بن أعين المصيصي، و محمد بن مصفى الحمصي، و محمود بن خالد السلمي الدمشقي، و المسيب بن واضح الحمصي، و المعافى بن سليمان الرسعني، و موسى بن أيوب النصيبي، و هشام بن عمار الدمشقي، و وهب بن بيان الواسطي نزيل مصر.
روى عنه النسائي في حديث مالك، و أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري المعروف بابن الأعرابي، نزيل مكة، و أبو عبد اللّه جعفر بن محمد بن جعفر الدمشقي، ابن بنت عدبس، و حاجب بن أركين الفرغاني، و خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي الطرابلسي، و أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطيرة الطبراني، نزيل أصبهان، و أبو بشر محمد ابن أحمد بن حماد الدولابي، و أبو الطيب محمد بن أحمد بن حمدان الرسعني، و أبو الحسن محمد بن أحمد الرافقي، و ابن ابنه أبو بكر محمد بن أبي الطاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم ابن فيل، و أبو بكر محمد بن سهل بن أبي سعيد، و محمد بن عبد الرحمن بن عبد المؤمن الجرجاني، و محمد بن محمد بن داود الكرجي، و أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفراييني.
قال الحافظ أبو القاسم: و كان ثقة] (1).
[قال محمد بن الحسن الهمداني: إنه صالح ذكره ابن حبان في الثقات.
و قال النسائي: لا بأس به، و ذكر من عفته و ورعه و ثقته (2)].
حدث بأنطاكية سنة أربع و ثمانين و مائتين عن أبي توبة الربيع بن نافع بسنده عن أبي هريرة:
أن النّبي صلى اللّه عليه و سلّم نهى عن تلقي الجلب. قال:«فإن تلقّاه متلق فاشتراه فصاحب السلعة فيها بالخيار إذا وردت السوق»[13878].
و روى عن إسحاق بن سعيد بن الأركون بسنده عن أنس بن مالك.
ص: 17
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم: أعتق صفية و تزوجها و جعل عتقها صداقها[13879].
و روى عن أبي توبة الربيع بن نافع أيضا بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«لا سبق إلاّ في خفّ أو حافر أو نصل»[13880].
و قيل: جده بفاء مكسورة و ياء منقوطة باثنتين من تحتها (1).
و توفي أحمد بن إبراهيم بأنطاكية سنة أربع و ثمانين و مائتين.
ابن عبد الملك بن الوليد بن بسر بن أبي أرطاة
أبو عبد الملك القرشي البسري
حدث عن أبيه وجده و جماعة.
و روى عنه أبو عبد الرحمن النّسائي في سننه و قال: لا بأس به. و جماعة أيضا رووا عنه. و كان ثقة.
[روى عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، و إبراهيم بن عبد اللّه بن العلاء بن زبر الربعي، و أبيه إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه القرشي، و إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، و إبراهيم ابن المنذر الحزامي، و أبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، و أحمد بن أبي الحواري الدمشقي، و أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح المصري، و إسحاق بن إبراهيم الفراديسي، و إسحاق بن سعيد بن الأركون، و أبي سليمان أيوب المكتب، و أبي مالك حماد بن مالك الأشجعي الحرستاني، و أبي الأخيل خالد بن عمرو السلفي، و زهير بن عباد الرؤاسي، و سعيد ابن عبد الجبار الزبيدي، و سليمان بن سلمة الخبائري، و سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، و أبي الحارث العباسي بن عبد الرحمن بن الوليد بن نجيح القرشي، و عبد الحميد بن بكار البيروتي، و عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد اللّه بن أبي المهاجر المخزومي، و عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد المصري، و عمرو بن حفص بن شليلة الثقفي البزاز، و عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار
ص: 18
الحمصي، و كثير بن يزيد القنسريني، و محمد بن آدم المصيصي، و محمد بن عائذ القرشي الدمشقي، و جده محمد بن عبد اللّه بن بكار القرشي الدمشقي، و أبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي الكفرسوسي، و محمد بن مصفى الحمصي، و محمد بن يزيد الطرسوسي، و المسيب بن واضح الحمصي، و مهدي بن جعفر الرملي، و موسى بن أيوب النصيبي، و نصر بن محمد بن سليمان بن أبي ضمرة الحمصي، و هدية بن عبد الوهاب المروزي، و يزيد بن خالد بن موهب الهمداني الرملي، و يعقوب بن كاسب المدني.
روى عنه: النسائي، و أحمد بن سليمان بن أيوب بن حذلم الأسدي، و أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا الدمشقي، و أبو الحارث أحمد بن عمارة الليثي، و أحمد ابن مروان الدينوري، و جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام ابن بنت عدبس، و الحسن بن حبيب بن عبد الملك الحصائري، و أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، و أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عمر بن راشد البجلي، و أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب، و عمار بن الخزز الجسريني، و فياض بن القاسم بن حريش الدمشقي، و أبو عبد اللّه محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان القرشي، و ابن ملاس النميري، و محمد بن سليمان بن ذكوان البعلبكي، و محمد بن صبيح بن رجاء الثقفي، و أبو جعفر محمد بن عمرو ابن موسى بن محمد بن حماد العقيلي.
و محمد بن الفيض بن محمد بن فياض، و أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري، و أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفرايني] (1).
حدث عن موسى بن أيوب النصيبي بسنده عن عائشة أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:
«إنّ اللّه يحبّ الرفق في الأمر كلّه»[13881].
و حدث عن محمد بن عائذ بسنده عن مجاهد قال:
خرجت إلى الغزو، أنا و رجل معي، فشيّعنا عبد اللّه بن عمر، فلما أراد فراقنا قال: إنه ليس معي ما أعطيكماه، و لكن سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:
«إذا استودع اللّه شيئا حفظه، و إنّي أستودع اللّه دينكما و أمانتكما و خواتيم أعمالكما»[13882].
ص: 19
قال أبو عيسى الخولاني:
أملى علينا أبو عبد الرحمن النسائي أسماء شيوخه الذين روى عنهم فقال:
أحمد بن إبراهيم القرشي، دمشقي، لا بأس به.
قال الهروي (1):
في سنة تسع و ثمانين و مائتين مات أبو عبد الملك القرشي. زاد غيره: يوم الخميس لسبع عشرة مضت من شوال.
أبو جعفر ابن أبي إسحاق القرشي
مولى بني مخزوم.
حدث عن أبيه بسنده عن يحيى بن حمزة الحضرمي قاضي المهدي قال:
كتب إليّ المهدي بعهدي، و أمرني أن أصلب في الحكم و قال في كتابه إليّ :
حدثني أبي عن أبيه عن جده عن عبد اللّه بن العباس قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:
«قال اللّه عزّ و جلّ : و عزّتي و جلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله و آجله، و لأنتقمن ممن رأى مظلوما قدر على أن ينصره فلم يفعل».
و حدث عن أبيه أيضا بإسناده إلى عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد بن العاص قال:
قيل للحجاج بن يوسف حين أجلى النبط من الأمصار إلى أصولهم: ما دعاك إلى إجلائهم ؟ فقال:
حدثني ثلاثة عشر رجلا من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلّم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:
«ما ازدادت النبط في الإسلام عزا إلاّ ازداد الإسلام ذلا»[13883].
فذلك الذي دعاني إلى إجلائهم.
ص: 20
ابن عباد بن أيمن، أبو الحسين بن أبي إسحاق الدينوري
حدث عن عثمان بن أبي بكر بن حمود السّفاقسي بدمشق بسنده عن قيس بن عباد (1).
أنه انطلق إلى علي هو و رجل آخر يقال له الأشتر (2)،فقالا: هل عهد إليك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم عهدا لم يعهده إلى الناس عامة ؟ فأخرج كتابا من قراب سيفه فقال: لا، إلاّ هذا، فإذا فيه: المؤمنون تكافأ دماؤهم و هم يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ألا و لا يقتل مؤمن بكافر و لا ذو عهد في عهده و من أحدث حدثا فعلى نفسه أولى، و من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة اللّه و الملائكة أجمعين. لا يقبل (3) منه صرف (4) و لا عدل (5).
توفي في يوم الاثنين الثالث عشر من شعبان سنة ثلاث و خمس مائة بدمشق.
أبو عبد اللّه النميري، و قيل الغسّاني
حدث عن زيد بن يحيى بن عبيد بسنده عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلّم:
«إذا كان ثلث الليل الباقي هبط اللّه تبارك و تعالى إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل يسألني فأعطيه، هل من مستغفر يستغفرني فأغفر له، هل من تائب يتوب فأتوب عليه ؟» [13885].
أبو حارثة الغسّاني
سيّد الشام.
حدث عن أبيه عن جده عن أبي جده قال:
كان عبد الملك كثيرا ما كان يجلس إلى أم الدرداء فوق المسجد بدمشق و هو خليفة يجلس إليها إذ أتاه غلام قد بعثه في حاجة فحبس عليه فلعنه فقالت له أم الدرداء:
سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:
«لا يدخل الجنة لعّان»[13886].
حارثة (1) بحاء مهملة و بعد الراء ثاء معجمة بثلاث.
[سمع أبا إبراهيم بن هشام.
كناه لنا: أحمد بن عمير بن يوسف الدمشقي (2)].
ابن أيوب بن سعيد بن سعد بن عبادة بن دحيم
أبو الحسن الخزرجي، و يعرف بابن اللحياني
حدث عن أبي بكر أحمد بن عبد اللّه بن أبي دجانة بسنده عن أبي هند البجلي - و كان
ص: 22
من السلف - قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:
«لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، و لا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من المغرب»[13887].
أبو الحسين المقدسي الخطيب
روى بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:
«من كذب عليّ في رواية الحديث فليتبوّأ مقعده من النار»[13888].
توفي في يوم الخميس السابع عشر من ذي القعدة سنة سبع و تسعين و أربع مائة. و قيل مات يوم الأربعاء. و إنه ثقة.
حدث عن أحمد بن البختريّ الواسطي بدمشق بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:
«ولد لنوح ثلاثة: سام و حام و يافث، فولد لسام العرب و الروم و فارس، و كلّ فيه خير، و ولد لحام القبط و البربر و الحبشة، و كلّ فيه خير، و ولد ليافث يأجوج و مأجوج و الترك و الخزر، و كلّ لا خير فيه»[13889].
قدمت الكوفة فصرت إلى سليم بن عيسى (1) فقال لي: ما أقدمك ؟ قال: قلت: أقرأ على أبي بكر بن عياش بحرف عاصم. قال: فقال لي: لا يريد؟ (2) قال: قلت: بلى. قال:
فدعا ابنه و كتب معه رقعة إلى أبي بكر بن عياش و لم أدر ما كتب فيها، قال: فأتينا منزل أبي بكر، فاستأذن عليه ابن سليم، فدخل فأعطاه الرقعة، و كان لخلف سبع عشرة سنة. قال فلما قرأها قال: أدخل الرجل، قال: فدخلت، فسلمت عليه. قال: فصعّد فيّ النظر، ثم قال لي:
أنت خلف ؟ قال: قلت: نعم، أنا خلف، قال: أنت لم تخلف ببغداد أحدا أقرأ منك ؟ قال:
فسكتّ . قال: فقال لي: اقعد، هات، اقرأ، قال: قلت: عليك ؟ قال: نعم، قال: قلت: لا و اللّه لا أقرأ على رجل يستصغر رجلا من حملة القرآن. قال: ثم تركته، و خرجت. قال:
فوجه إلى سليم يسأله أن يردني إليه قال: فلم أرجع. قال: فندمت (3)،و احتجبت (4) فكتبت قراءة عاصم عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش.
و كان أحمد بن إبراهيم البغدادي ثقة. صنف كتابا في عدد آي القرآن و ذكر في قراء أهل مدينة السلام.
[قال أبو بكر الخطيب] (7).
[حدث عن خلف بن هشام، و مسدّد، و محمد بن سليمان لوين، و حفص بن عمر الحوضي، و مسلم بن إبراهيم القعنبي، و أبي حذيفة موسى بن مسعود، و محمد بن سليمان الأصبهاني، و يحيى ابن الحماني، و خليفة بن خياط ، و يحيى بن معين، و سعيد بن محمد الجرمي، روى عنه علي بن سليم المقرئ، و إسحاق بن أبي حسان الأنماطي، و حمزة بن حسين السمسار، و أبو عيسى بن قطن] (8).
ص: 24
9544] أحمد بن إبراهيم، أبو سليمان الحرّاني (1)
قدم دمشق.
حكى عنه كعب بن عمرو بن جعفر الخنجري، قال: سمعت أحمد بن إبراهيم الحراني يقول:
نمت في بعض المساجد بدمشق فرأيت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال لي: يا أبا سليمان، لم إذا استفتحت الصلاة لا تبتدئ ببسم اللّه الرحمن الرحيم ؟ فإنّ بسم اللّه الرحمن الرحيم تسعة عشر حرفا تدع في كل استفتاحك مائة و تسعين حسنة. و إذا صلّيت عليّ في الكتاب لا تكتب «و سلم» تدع أربعين حسنة. قلت: كيف ذلك يا رسول اللّه ؟ قال: لأن «و سلم» أربعة أحرف، لكلّ حرف عشر حسنات فتلك أربعون حسنة.
أنشد بمصر لإبراهيم الخواص (2):
صبرت على بعض الأذى خوف كلّه *** و دافعت عن نفسي لنفسي فعزّت
و جرّعتها المكروه حتى تدرّبت *** و لو جرّعته جملة لاشمأزّت
ألا ربّ ذل ساق للنفس عزة *** و يا ربّ نفس بالتعزّز ذلّت
إذا ما مددت الكفّ ألتمس الغنى *** إلى غير من قال: اسألوني فشلّت
سأصبر نفسي إنّ في الصبر عزّة *** و أرضي بدنياي و إن هي قلّت
أبو بكر الصوفي الشيخ الصالح
حدث بدمشق.
روى عن أبي بكر محمد بن أحمد بن خروف بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«من سرّه أن يجد حلاوة الإيمان فليلبس الصوف»[13890].
ص: 25
روى عن القاضي أبي الحسين محمد بن جعفر بن أبي الزبير المنبجي بحلب بسنده عن سلمان الفارسي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«أوّلكم ورودا على الحوض أوّلكم إسلاما: علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه»[13891].
و سميرم (1):مدينة من أعمال أصبهان.
[سمع أبا عبد اللّه بن أبي حامد بأطرابلس روى عنه: أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الساوي] (2).
حدث في جامع ميّافارقين (3) في المحرم سنة سبع و أربع مائة بسنده عن أبي هريرة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«و الذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، و لا تؤمنوا حتى تحابّوا، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم»[13892].
روى عنه مسلم و البخاري و غيرهم.
[روى عن: إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني، و آدم بن أبي إياس العسقلاني، و أسباط ابن محمد القرشي، و إسحاق بن سليمان الرازي، و إسحاق بن منصور السلولي، و إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني، و أبي المنذر إسماعيل بن عمر الواسطي، و أبي ضمرة أنس بن عياض الليثي، و الجارود بن يزيد العامري النيسابوري، و أبي أسامة حماد بن أسامة، و روح بن عبادة. و زيد بن الحباب، و زيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي، و سعيد بن عامر الضبعي، و سليمان بن حرب، و سويد بن سعيد الحدثاني، و الضحاك بن مخلد أبي عاصم النبيل. و عبد اللّه بن جعفر الرقي، و عبد اللّه بن الزبير الحميدي، و أبي صالح عبد اللّه بن صالح المصري، و عبد اللّه بن ميمون القداح، و عبد اللّه بن نمير الهمداني، و أبي مسلم عبد الرحمن بن واقد الواقدي، و عبد الرزاق بن همام الصنعاني، و عبد العزيز بن خطاب الكوفي، و عبد الملك بن إبراهيم الجدي، و أبي عامر عبد الملك بن عامر العقدي، و علي بن عاصم الواسطي، و عمرو ابن عثمان الرقي، و قريش بن أنس البصري، و مالك بن سعير بن الخمس التميمي، و محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، و محمد بن بشر العبدي، و محمد بن بلال البصري، و محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني، و محمد بن شرحبيل الأنباري، و محمد بن عبد اللّه الأنصاري، و محمد بن عبيد الطنافسي، و محمد بن عيسى بن الطباع، و أبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي، و محمد بن كثير المصيصي، و محمد بن يوسف الفريابي، و مروان بن محمد الدمشقي، و معلى بن منصور الرازي، و أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، و الهيثم بن جميل الأنطاكي، و وهب بن جرير بن حازم، و يحيى بن آدم، و يزيد بن أبي حكيم العدني، و يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري، و يعلى بن عبيد الطنافسي، و يونس بن محمد المؤدب.
روى عنه: النسائي، و ابن ماجة، و إبراهيم بن أبي طالب، و أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، و أبو حامد ابن الشرقي، و اسماعيل بن الفضل البلخي، و جعفر بن محمد بن موسى، و الحسن بن محمد بن جابر، و الحسن بن محمد بن الحسن بن صالح، و زيد بن عوف العامري، و عبد اللّه بن العباس الطيالسي، و عبد اللّه بن عبد الرحمن، و عبد اللّه بن محمد بن محمد بن الشرقي، و عبد الرحمن بن يوسف بن خراش، و أبو زرعة الرازي، و أبو حاتم الرازي، و محمد بن إسحاق بن خزيمة، و البخاري، و محمد بن
ص: 27
جرير الطبري، و محمد بن رافع القشيري، و محمد بن عبد الوهاب العبدي، و محمد بن يحيى الذهلي، و مسلم بن الحجاج، و أبو حاتم مكي بن عبدان، و موسى بن العباس الجويني، و موسى بن هارون بن عبد اللّه الحافظ ، و أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفرايني] (1).
حدث أبو الأزهر بسنده عن جابر بن عبد اللّه.
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لما قرأ اَلرَّحْمٰنُ [سورة الرحمن، الآية:1] على الناس سكتوا فلم يقولوا شيئا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«للجنّ كانوا أحسن جوابا منكم، لما قرأت عليهم فَبِأَيِّ آلاٰءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ (2) قالوا: و لا بشيء من آلائك نكذب ربنا»[13893].
و حدث أبو الأزهر عن عبد الرزاق (3) بسنده عن ابن عباس.
أن النبي صلى اللّه عليه و سلم نظر إلى عليّ فقال:«أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة، من أحبك فقد أحبني، و من أبغضك فقد أبغضني، و بغيضي بغيض اللّه، و الويل لمن أبغضك بعدي» (4)[13894].
قال أبو الأزهر (5):
كان عبد الرزاق يخرج إلى قرية له فذهبت خلفه، فرآني و أنا اشتد خلفه، فقال لي: يا أبا الأزهر، تعال، فاركب خلفي فحملني خلفه على البغل، ثم قال لي: أ لا أخبرك حديثا غريبا؟ قلت: بلى. فحدثني الحديث. فلمّا رجعت إلى بغداد أنكر عليّ يحيى بن معين و هؤلاء فحلفت ألا أحدّث به حتى أتصدّق بدرهم.
قال أحمد بن يحيى بن زهير التّستري (6):
ص: 28
لما حدث أبو الأزهر النيسابوري بحديثه عن عبد الرزاق في الفضائل أخبر يحيى بن معين بذلك. فبينا هو عنده في جماعة أهل الحديث إذ قال يحيى بن معين: من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدث عن عبد الرزاق بهذا الحديث ؟ فقام أبو الأزهر فقال: هو ذا أنا، فتبسم يحيى بن معين و قال: أما إنك لست بكذاب و تعجب من سلامته، و قال: الذنب لغيرك في هذا الحديث.
و بعض هذا الحديث سمعته من أبي الأزهر. و أبو الأزهر هذا كتب الحديث فأكثر، و من أكثر لا بد أن يقع في حديثه الواحد و الاثنان (3) و العشرة مما (4) ينكر.
قيل لي و أنا أكتب الحديث في بلدي: لم لا ترحل إلى العراق ؟ فقلت: و ما أصنع بالعراق و عندنا من بنادرة (7) الحديث ثلاثة: محمد بن يحيى الذهلي، و أبو الأزهر أحمد ابن (8) الأزهر، و أحمد بن يوسف السلمي فاستغنينا بهم عن أهل العراق.
قال ابن عدي (9):
و أبو الأزهر هذا بصورة أهل الصدق عند الناس، و قد روى عنه الثقات من الناس. و أما
ص: 29
هذا الحديث عن عبد الرزاق، فعبد الرزاق من أهل الصدق، و هو ينسب إلى التشيع، فلعله شبه عليه لأنه شيعي.
سئل أبو حامد بن الشرقي (1) عن حديث أبي الأزهر عن عبد الرزاق عن معمر في فضائل علي فقال أبو حامد:
هذا حديث باطل. و السبب فيه أن معمرا كان له ابن أخ رافضي، فكان معمر يمكّنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث. و كان معمر رجلا مهيبا لا يقدر عليه أحد في السؤال و المراجعة فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخي معمر.
قال أبو الأزهر النيسابوري:
أنكر عليّ يحيى بن معين حديث عبد الرزاق في فضل علي. فلما أخبرته بقصتي معه اعتذر إليّ غير مرة، و تعجّب من حسن ذلك الحديث.
قال مكي بن عبدان (2):سألت مسلم بن الحجاج عن أبي الأزهر فقال: اكتبه عنه.
قال أبو الأزهر: كتب عني يحيى (3) بن يحيى (4).
و قرئ بخط أبي عمرو المستملي قال (5):سألت محمد بن يحيى عن أبي الأزهر فقال: أبو الأزهر من أهل الصدق و الأمانة. نرى أن يكتب (6) عنه. قالها مرتين.
كان إبراهيم بن أبي طالب يقول (7):رحم اللّه أبا الأزهر كان من أحسن مشايخنا حديثا.
قال أحمد بن سيار (8) في ذكر مشايخ نيسابور (9):
ص: 30
و أحمد بن الأزهر العبدي من مواليهم، كتب عن الناس، حسن الحديث.
مات في أول سنة إحدى و ستين و مائتين (1).
و قال الحسين بن محمد القباني (2):توفي أبو الأزهر العبدي في سنة ثلاث و ستين و مائتين.
[ولد بعد السبعين و مائة.
رأى سفيان بن عيينة، و ما أدري لم لم يسمع منه.
قال النسائي و الدار قطني: لا بأس به.
و قال أبو حاتم و صالح بن محمد: صدوق] (3).
و قال أبو العباس بن عقدة: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف، حدثنا أحمد بن الأزهر، و سمعت محمد بن يحيى يثني عليه] (4).
[قال أبو أحمد الحاكم: ما حدث من أصل كتابه فهو أصح. قال: و كان قد كبر فربما يلقن.
و قال الدار قطني: قد أخرج في الصحيح عن من هو دونه و شرّ منه. و قال ابن شاهين في الأفراد له: ثقة نبيل.
و ذكره ابن حبان في الثقات، و قال يخطئ.
و كان ابن خزيمة إذا حدث عنه قال: ثنا أبو الأزهر من أصل كتابه] (5).
[قال ابن نعيم: فسمعت محمد بن حامد البزار يقول: سمعت مكي بن عبدان يقول:
سمعت أبا الأزهر يقول: خرج عبد الرزاق إلى قريته فبكرت إليه يوما حتى خشيت على نفسي من البكور، فوصلت إليه قبل أن يخرج الصلاة الصبح، فلما خرج رآني. فقال: كنت البارحة
ص: 31
هاهنا، قلت: لا، و لكني خرجت في الليل، فأعجبه ذلك فلما فرغ من صلاة الصبح دعاني و قرأ علي هذا الحديث، و خصني به دون أصحابي] (1).
أبو بكر الملحمي (2) الخزاعي القاضي البغدادي
سمع بدمشق و بغيرها.
[حدث عن محمد بن عبد الرحمن بن بجير الكلاعي، و محمد بن عمرو بن خالد، و الحسن بن خالد بن عبد السلام الصدفي، و أبي زيد عبد الرحمن بن حاتم المرادي المصريين، و عن أبي العباس الكديمي، و الحسن بن علي ابن المتوكل، و الحسن بن عليل العنزي، و الحسين بن عبيد اللّه الأبزاري.
روى عنه أبو بكر بن سلم الختلي، و أبو الحسين ابن البواب المقرئ، و أحمد بن عبد اللّه بن جلّين (3) الدوري، و أبو حفص الكتاني] (4).
قال الذهبي:[ما علمت به بأسا] (5).
حدث عن محمد بن عبد الرحمن بن بجير الكلاعي بسنده عن ابن عباس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«من مات محرما مات ملبيا»[13895].
و حدث بسنده عن ابن عمر أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«إذا كان يوم القيامة يدعو اللّه بعبد من عبيده فيوقفه بين يديه فيسأله عن جاهه كما يسأله عن ماله». و توفي سنة ثمان و عشرين و ثلاث مائة.
ص: 32
أبو الطيب الرّبعي الدمشقي
حدث عن القاضي أبي القاسم عبد اللّه بن محمد بن جعفر القزويني قال:
كان لأبي إبراهيم المزني (1) رفيق معه في البيت يعرف بأبي عبد السلام، و كانا يتفقهان و يتعبدان جميعا، و كان لهما صديق من المصريين حسن العقل، حسن المذهب، متحرّ في تجارته، و كانت له دنيا عريضة، فكان يجهد أن يبرّهما بشيء فلا يقبلان منه، فاحتال عليهما يوما بحيلة، فحمل إليهما كيسا فيه ألف دينار ثم قال لهما: يا أخواي أنتما تعلمان أني لو شاطرتكما مالي كنت مسرورا بذلك، و لكن لست أطمع منكما في ذلك و هذه ألف دينار تقبلانها مني قرضا و تدفعانها إلى من شئتما، و إلاّ فردّاها عليّ حتى أكون أن الذي أتّجر بها فما رزق اللّه فيها من ربح كان لكما، و يكون رأس المال لي فتكونان قد انتفعتما بلا مذلّة و انتفعت أنا بلا مضرّة، فقال أبو عبد السلام للمزني: يا أبا إبراهيم، قد لطف بنا صاحبنا، و ما ينبغي أن نأبى عليه فقبضا منه الألف دينار. و كان لهما صديق يكنى أبا يعقوب، و كان أحد المتخلين (2) و كان مأواه السواحل، فبلغه ذلك فساءه فأخذ رقعة فكتب إليهما فيها:
بسم اللّه الرحمن الرحيم. أسعدكما اللّه بما ينجيكما، و عصمكما مما يرديكما، و جعل الجنة مصيركما، و موعدكما، و أعطانا مثل ذلك بمنّه. أما بعد، فإنّ في علوّ ما أفل من الدنيا، و أفول ما علا منها لأولي الألباب بالثقة عن الفضول مزدجر، و في حطم العتاة الجبارين معتبر، و ما تغني الآيات و النذر إلاّ لأولي الأفكار و النظر، و مسالمة البغاة إلى تقحم الشبهات مدعاة، و الشبهة للقلوب مقساة، و القسوة أضرّ أدواء المحدثين و أنتج أسباب الضلالات، فلا تذهبا عما تعلمان فإنه من يزدد نشبا (3) يزدد تعبا، و الأرض للّه، يورثها من يشاء من عباده،
ص: 33
و إنما هي على المؤمنين مطابق (1) و سجون، ما لمؤمن فيها فرح إلاّ التردد فيما بين المطبقين و التنقل فيما بين السجنين. و السلام.
فلما قرءا كتابه علما ما نبههما له، و كانا لم يتّجرا في الألف دينار، و لم يمسّاها، فحملاها إليه و ساءلاه أن يعفيهما فأعفاهما.
أبو بكر الوزان
من أهل بغداد. سمع بدمشق و غيرها.
[حدث عن مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، و الربيع بن يحيى الأشناني، و قرة بن حبيب القنوي، و هريم بن عثمان، و خالد بن خداش، و علي بن المديني، و سعد بن محمد الجرمي، و جندل بن والق و غيرهم.
روى عنه محمد بن مخلد العطار، و محمد بن عمرو الرزاز، و عبد اللّه بن إسحاق البغوي (2).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (3):
[أحمد بن إسحاق بن صالح بن عطار الوزان الواسطي بسامرّا أبو بكر روى عن جندل بن والق و خالد بن خداش و سعيد الجرمي، كتبت عنه مع أبي و هو صدوق] (4).
[قال الخطيب]:
[أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا عبد اللّه بن إسحاق بن إبراهيم البغوي حدثنا أحمد ابن إسحاق الوزان حدثنا مسلم بن إبراهيم أبا صدقة بن أبي المغيرة حدثنا سعيد الجريري عن عبد اللّه بن بريدة عن عبد اللّه بن مغفل قال: إذا أنا مت فاجعلوا في آخر غسلي كافورا. و كفنوني في ثوبين و قميص، فإن النبي صلى اللّه عليه و سلم فعل به ذلك] (5).
ص: 34
حدث عن أمية بن بسطام بسنده عن جبير بن مطعم قال:
مرّ عليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو يقصر رأسه قال: دخلت العمرة في الحج لا ضرورة.
و روى بسنده عن جابر بن سمرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليكرم جاره»[13896].
سكن بسامراء. و كان صادقا.
و قال الدار قطني: لا بأس به.
و مات بسرّمن رأى في سنة إحدى و ثمانين و مائتين. و قيل: في أول يوم من المحرم يوم سبت (1).
ابن عبد الرحمن بن يزيد بن موسى، أبو جعفر الحلبي
قاضي حلب.
قدم دمشق. و ولي قضاء حلب في أيام سيف الدولة بن حمدان، و كان حنفي المذهب و يلقب بالجرد. حدث بحلب و ببغداد.
روى عن علي بن أحمد الجرجاني بسنده عن قتادة عن أنس.
أن النبي صلى اللّه عليه و سلم تختم في يمينه[13897].
و روى أيضا بسنده عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:
«لا يؤمن العبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا اللّه، و أني رسول اللّه بعثني بالحق، و يؤمن العبد بالبعث بعد الموت، و يؤمن بالقدر»[13898].
قدم بغداد و حدث بها و بمصر و مات بدمشق [سنة خمس و سبعين و ثلاثمائة] (2).
ص: 35
أبو جعفر الكاتب
كان يكتب للمعتز في خلافة أبيه (1) المتوكل، و قدم معهما دمشق. ثم استوزره المعتز (2) بعد ذلك، و كان ضابطا لأموره جزلا موصوفا بالذكاء. ثم نفاه المستعين (3) سنة ثمان و أربعين إلى حلب. و ولى ديوان الخراج للمتوكل و المنتصر (4).و كان ولي في أيام المستعين خراج أنطاكية.
قال أحمد بن إسرائيل:
صرت يوما إلى عبيد اللّه (5) بن يحيى بن خاقان، فلما صرت في صحن الدار رأيته مضطجعا على مصلاّه مولّيا ظهره باب مجلسه، فهممت بالرجوع، فقال لي الحاجب: ادخل فإنه منتبه، فلمّا سمع حسّي جلس فقلت: حسبتك نائما! قال: لا، و لكني كنت مفكرا.
قلت: في ما ذا أعزك اللّه ؟! قال: فكرت في أمر الدنيا و صلاحها في هذا الوقت و استوائها و درور الأموال و أمن السبل و عزّ الخلافة، فعلمت أنها أمكر و أنكر و أغدر من أن يدوم صفاؤها لأحد. قال: فدعوت له و انصرفت. فما مضت أربعون ليلة منذ ذلك اليوم حتى قتل المتوكل و نزل به من النفي ما نزل.
قال أبو الحسين محمد بن القواس قال:
ضرب أحمد بن إسرائيل و أبو نوح عيسى بن إبراهيم على باب العامة بالسياط كل
ص: 36
واحد منهما خمس مائة (1)،و حملا إلى منزل محمد بن علي السرخسي فمات أحمد بن إسرائيل في الطريق سنة خمس و خمسين و مائتين، و مات عيسى بن إبراهيم في دار السرخسي.
[كان أحمد بن إسرائيل ذا مكانة رفيعة عند المعتز، و كان لا يسمع شيئا إلا حفظه، و كان إليه المنتهى في حساب الديوان.
نوه باسمه ابن الزيات و قدّمه، و قد باشر العمل في دولة الأمين، و طال عمره.
و قد أحدث رسوما و قواعد في الكتابة بقيت بعده، و ترك ما قبلها، اختصر «تقدير خراج الممالك» في نصف طلحية، فكان لا يفارق خفّ ابن الزيات، فسأله الواثق يوما عن الأموال، فلم تكن الورقة معه، فخرج، فأملاه ابن إسرائيل عليه من حفظه] (2).
[كتب (3) إليهما أبو علي البصير و هما في السجن:
من كان حبسكما أنساه عهدكما *** فلست عهدكما ما عشت بالناسي
و كيف يسلوكما من لم يجد عوضا *** مستخلفا عنكما من سائر الناس
إذا تذكرت أيامي التي سلفت *** قطعت في إثرها نفسي بأنفاسي
أيام آوي إلى طود و منعته *** أركانه بكما، عالي الذرى راس
أشكو إلي اللّه ليلا بت أسهره *** كأن أنجمه شدت بأمراس
و قرحة في سواد الليل ليس لها *** إلاّ تجدد تلك الحال من آس]
- و قيل: أبو بكر - الصّدفي (4) المصري العطار الحافظ
دخل دمشق و سمع بها.
ص: 37
حدث عن عمران بن الخطاب بن مسافر التّنّيسي بسنده عن عبد اللّه بن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«إن مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيء، ثم يرجع في فيه فيأكله»[13899].
و حدث عن روح بن الفرج بسنده عن عبد اللّه بن مسعود قال:
سئل النبي صلى اللّه عليه و سلم: أي الأعمال أفضل ؟ قال:«الصلاة لوقتها، و برّ الوالدين، و الجهاد في سبيل اللّه»، و لو استزدته لزادني[13900].
توفي ليلة الأربعاء لثلاث عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة سبع و ثلاثين و ثلاث مائة.
ابن أبي البختري وهب بن وهب
و يقال: ابن إسماعيل بن محمد بن أبي البختري وهب بن وهب، أبو علي القرشي الصّيداوي.
حدث عن أبيه بسنده عن أبي الدّرداء قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«سيّد طعام أهل الدنيا و أهل الجنة اللحم»[13901].
ابن حسان بن عبد اللّه بن مغفّل، أبو العباس المغفّلي المزني
من أهل البصرة، قدم دمشق، و حدث بها و ببغداد و مصر عن جماعة.
[سمع عبد الأعلى بن حماد النرسي، و الصلت بن مسعود الجحدري، و أحمد بن حنبل، و يحيى بن معين، و أبا إبراهيم الترجماني، و سريج بن يونس، و عبيد اللّه القواريري، و عثمان ابن أبي شيبة، و إبراهيم بن سعد الجوهري.
روى عنه: أحمد بن سلمان النجاد، و أبو طالب بن البهلول، و غيرهما.
أخبرنا أبو القاسم عبيد اللّه بن الحسين الخفاف، حدثنا أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي، حدثنا أبو العباس أحمد بن أصرم المغفلي المزني
ص: 38
حدثنا عبيد اللّه بن عمر، حدثنا عمرو بن الوليد قال: سمعت معاوية بن يحيى يحدث عن يزيد بن جابر عن جبير بن نفير عن عياض بن غنم الأشعري قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«لا تزوجوا عجوزا و لا عاقرا فإني مكاثر بكم».
أخبرنا محمد بن عبد اللّه بن أبان الهيثمي حدثنا أحمد بن سلمان النجاد، حدثنا أبو العباس أحمد بن أصرم المزني، حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام قال:
سمعت سفيان الثوري يقول: كان يقال سمّي المال لأنه يميل.
حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الختلي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال قال:
و أحمد بن أصرم أبو العباس المزني رجل ثقة، كتبنا عنه، و أبو بكر المروزي يرضاه، و من رضيه المروزي فحسبك به.
أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى البزاز حدثنا أبو الفضل صالح بن أحمد الحافظ قال: أحمد بن أصرم المزني أبو العباس، كان ثبتا سنيا شديدا على أصحاب البدع.
أخبرنا الصوري أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأزدي، حدثنا ابن مسرور حدثنا أبو سعيد بن يونس قال: أحمد بن أصرم بن خزيمة من ولد عبد اللّه بن مغفل المزني يكنى أبا العباس بصري قدم مصر و كتب عنه و خرج عنها] (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):
[أحمد بن أصرم بن خزيمة بن عباد بن عبد اللّه بن حسان بن عبد اللّه بن مغفل روى عن أحمد بن حنبل و يحيى بن معين، كتبت عنه مع أبي. حدثنا عبد الرحمن قال:
سمعت موسى ابن إسحاق القاضي يعظم شأنه و يرفع منزلته] (3).
حدث عن أبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الترجماني بسنده عن عمران بن الحصين قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب»[13902].
ص: 39
و حدث بسنده عن ابن عمر أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:
«كل أمة بعضها في النار و بعضها في الجنة إلاّ هذه الأمة فإنها كلها في الجنة»[13903].
خرج من مصر و توفي بدمشق في جمادى الأولى سنة خمس و ثمانين و مائتين (1).
أبو حامد السّجستاني (2)
سمع بدمشق و بالبصرة.
روى أبو حامد أحمد بن أصرم بن طاهر السّجزي (3) بمكة بسنده عن أبي بكر بن دريد قال:
لا تحتقر عالما و إن قصرت *** ألحاظه في عيون رامقه (4)
و انظر إليه بعين ذي أدب *** مهذّب الرأي في طرائفه
فالمسك بينا تراه ممتهنا *** في يد عطّاره و ساحقه
حتّى تراه بعارضي ملك *** أو موضع التّاج من مفارقه
أبو الحسن الدمشقي المقرئ
روى عن جماعة. و روى عنه جماعة.
و قرأ القرآن بحرف ابن عامر على ابن ذكوان. و كان ثقة.
[قال أبو أحمد الحاكم] (5):[أبو الحسن أحمد بن أنس بن مالك الدمشقي. سمع أبا
ص: 40
سلمة إسحاق بن سعيد بن الأركون الدمشقي. كناه و نسبه لي أبو يعقوب إسحاق بن يعقوب الوراق الدمشقي] (1).
حدث عن عمرو بن محمد بن الغاز الجرشي بسنده عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«لا هام و لا صفر (2) و لا عدوى»[13904].
توفي سنة تسع و تسعين و مائتين (3).
ص: 41
حدّث عن منبه بن عثمان (1) بسنده عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:
«من أكل سبع تمرات عجوة من تمر العالية (2) حين يصبح لم يضرّه سحر، و لا سم حتى يمسي»[13905].
أبو عبد اللّه الصوري (3) التميمي المؤدب (4)
قدم دمشق و حدث بها عن جماعة. و حدث عنه جماعة.
حدث عن محمد بن يحيى التميمي بسنده عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«ما رزق عبد أربعا فحرم أربعا: لم يرزق الدعاء فيحرم الإجابة لأن اللّه تعالى يقول اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [سورة المؤمن، الآية:60] و لم يرزق التوبة فيحرم القبول و ذلك أن اللّه تبارك و تعالى يقول وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبٰادِهِ [سورة الشورى، الآية:25] و لم يرزق الشكر فيحرم المزيد و ذلك أن اللّه تبارك و تعالى يقول لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [سورة إبراهيم، الآية:7] و لم يرزق الاستغفار فيحرم المغفرة و ذلك أن اللّه تعالى يقول:
ص: 42
اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كٰانَ غَفّٰاراً »[سورة نوح، الآية:10][13906].
و حدث عن عبد الحميد بن بكار البيروتي (1) بسنده عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:
«أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن كانت كاملة، و إلاّ زيد عليها من تطوّعه ثم سائر الأعمال على مثال ذلك»[13907].
أبو طاهر - و يقال: أبو طالب، و يقال: أبو طالوت
من أهل دمشق. حدث و حدث عنه.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم]: (2)[أحمد بن بشر بن عبد الوهاب الحمصي، أبو طاهر، روى عن أبيه، و عن دحيم، و محمد بن أبي مسهر، كتب عنه أبي بحمص و بالرقة] (3).
حدث عن سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل (4) بسنده عن النّواس بن سمعان الكلابي (5) قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذكر يأجوج و مأجوج فقال:
«يستوقد المسلمون من جعابهم (6) و نشّابهم و قسيّهم سبع سنين».
و حدث عن أبي شاهر محمد بن جابر بن وهب بن شاهر بن أمية العنزي (7) بسنده عن عبادة (8) بن الأشيب قال:
و فدت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فأسلمت، و كتب لي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كتابا فيه (9):
ص: 43
«بسم اللّه الرحمن الرحيم، من نبيّ اللّه لعبادة بن الأشيب العنزي:
إني أمّرتك على قومك و حاشيتهم ممن يجري عليه عملك ما أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة. فمن سمع بكتابي هذا ممن جرى عليه عملك و عمل بني أبيك فلم يطيعوا فليس لهم من اللّه معين» (1)[13908].
قال: فجئت إلى قومي فأسلموا.
[أحمد بن بشر بن عبد الوهاب، أبو طاهر الدمشقي.
قدم بغداد و حدث بها عن هشام بن عمار، و سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل، و عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، و أبي نعيم الضبي، و أحمد بن عمرو بن السرح، و محمد ابن صدقة الجيلاني و غيرهم.
روى عنه: يحيى بن محمد بن صاعد، و محمد بن عبد الملك التاريخي، و القاضي المحاملي، و محمد بن مخلد العطار، و محمد بن عمرو الرزاز.
أخبرنا أحمد بن عبد اللّه بن الحسين المحاملي قال: وجدت في كتاب جدي بخط يده: حدثنا أحمد بن بشر بن عبد الوهاب أبو الطاهر الدمشقي، حدثني محمد بن صدقة الجيلاني، حدثنا ابن حميد، حدثني الأوزاعي عن يعيش بن الوليد بن هشام عن رجاء بن حيوة قال: دخل معاوية بن أبي سفيان على أخته أم حبيبة زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم فإذا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يصلي في ثوب واحد و رأسه ينطف الماء. قال: أ لا أراه يصلي هكذا؟ قالت: نعم.
و هو الثوب الذي كان فيه ما كان.
أخبرنا علي بن محمد بن الحسين الدقاق قال: قرأنا على الحسين بن هارون عن ابن سعيد قال: محمد بن بشر بن عبد الوهاب الدمشقي، أبو الطاهر، سمع سليمان بن عبد الرحمن، و أباه، و هشام بن عمار، و هذه الطبقة.
سمعت عبد اللّه بن أحمد يثني عليه، و يوثقه.
هكذا سماه ابن سعيد: محمدا، و إنما هو أحمد] (2).
ص: 44
ابن يزيد بن تميم بن حجر أبو الميمون السلمي
مولى نصر بن الحجاج بن علاط
حدث عن هشام بن محمد بن السائب بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«إن في حديث الأولين عجبا: حدثني حاضني أبو كبشة (1) عن مشيخة خزاعة أنهم أرادوا دفن سلول (2) بن أبي حبشية، و كان سيدا معظما شريفا، فأتوا مقبرتهم فحفروا له، فوقعوا على باب مغلق ففتحوه، فإذا فيه سرير و عليه رجل عليه حلل عدة و عند رأسه كتاب فيه:
أنا أبو شمر ذو النون، مأوى المساكين، و مستعاذ الغارمين، و رأس مثابة المستصرخين. أخذني الموت غصبا، و أورثني بقوته أرضا، و قد أعيا الملوك الجبابرة و الأبالجة و القساورة (3).
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«و كان ذو النون سيف بن ذي يزن» (4)[13909].
ص: 45
أبو يحيى الرازي الناهكي الحافظ المعروف بفرخويه
حدث بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«لو جيء بالسماوات و الأرض و ما فيهن و ما تحتهن، فوضعن في كفة الميزان، و وضعت شهادة أن لا إله إلاّ اللّه في كفته الأخرى رجحت بهن»[13910].
و حدث عن العلاء بن هلال الرّقي بسنده عن عائشة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من قلّم أظافره يوم الجمعة وقي من السؤال مثلها»[13911].
قال أبو العباس الطّهراني (1):
كانوا لا يشكّون أن فرخويه كذاب.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):
[أحمد بن ثابت بن عتاب الرازي المعروف بفرخويه، روى عن عبد الرزاق و عمرو بن عثمان الرقي و عفان و النضر بن محمد الجرشي، سمع منه أبي] (3).
ص: 46
[قال الذهبي] (1):
[أحمد بن ثابت بن عتاب الرازي، فرخويه. عن عبد الرزاق، و له عن عفان و النضر بن محمد أيضا] (2).
روى عن أبي معاوية الأسود.
روى عنه أحمد بن أبي الحواري].
قال أحمد بن ثعلبة: سمعت بشر بن السكن يقول: حدثنا يعلى بن عبيد قال:
مما وجد في الكتب: أ يحسب من إذا جنّه الليل انجدل أن أجعله كمن هو ساجد بالليل و قائم ؟ و حدث أحمد بن ثعلبة قال:
سئل وكيع بن الجراح عن قتال العدو مع الإمام الحائر قال: إن كان جائرا و هو يعمل في الغزو بما يحق عليه فقاتل معه. و إن كان يرتشي منهم و يهادنهم فقاتل على حيالك (3).
و حدث قال: و قال أبو معاوية الأسود:
في قول اللّه عز و جل تِلْكَ الدّٰارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهٰا لِلَّذِينَ لاٰ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لاٰ فَسٰاداً [سورة القصص، الآية:83] قال: لا تجزع من ذلها و لا تنافس في عزّها.
قال أحمد بن ثعلبة العاملي (4):سمعت سلما (5) الخواص يقول:
ص: 47
كنت أقرأ القرآن فلا أجد له حلاوة، فقلت لنفسي:[اقرئيه كأنك سمعتيه من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فجاءت حلاوة قليلة. فقلت لنفسي] (1) اقرئيه كأنّك سمعتيه (2) من جبريل حين يخبر به النبي صلى اللّه عليه و سلم. قال: فازدادت الحلاوة. قال: ثم قلت لها: اقرئيه كأنّك سمعتيه (3) منه حين تكلّم به، فجاءت الحلاوة كلها.
ص: 48
أبو بكر الأزدي (1) النّشويّ
سمع بدمشق و غيرها:
[أبا الدحداح، و أبا السري محمد بن داود بن نبوس ببعلبك، و أبا جعفر محمد بن حسين ابن يزيد، و أبا عبيد اللّه محمد بن علي بن يزيد بن هارون بكفرتوثا (2)،و أبا الحسن محمد بن أحمد بن أبي شيخ الواقفي بحران، و أبا العباس بن وشا بتنيس و غيرهم.
روى عنه أبو العباس أحمد بن الحسين بن نبهان النشوي الصفار، و علي و محمد ابنا الحاج المريدان، و أبو الحسن عبد اللّه و أبو صالح شعيب ابنا صالح، و محمد بن أحمد بن كردان و أبو الفتح صالح بن أحمد المقري و أبو عبد اللّه محمد بن موسى المقرى الآذريون] (3).
حدث عن أبي الدحداح (4) بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
ص: 49
«لا يجد الشهيد مسّ القبر إلاّ كما يجد أحدكم مسّ القرصة».
كذا روي في هذا السند. و المحفوظ : مسّ القتل لا القبر.
و ذكره الحافظ على هذا النص من طريق آخر.
أبو العباس القصوري الكيلي
قدم دمشق و حدث بها.
حدث عن أبي بكر محمد بن عيسى بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:
«المدينة قبّة الإسلام، و دار الإيمان، و أرض الهجرة، و مثوى الحلال و الحرام»[13912].
أبو بكر البلدي (1) الواعظ
حدث بدمشق عن جماعة.
روى عن أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي بسنده عن أنس بن مالك قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:
«إذا نودي بالصلاة فتحت أبواب السماء و استجيب الدعاء»[13913].
توفي سنة ثلاث و ثمانين و ثلاث مائة. و دفن بباب الصغير.
أبو الحسن الطرسوسي
حدث بصيدا من ساحل دمشق.
روى عن أبي محمد عبد اللّه بن جابر بن عبد اللّه البزاز بسنده عن أبي جحيفة قال:
قال النبي صلى اللّه عليه و سلّم:
«لا آكل و أنا متكئ»[13914].
ص: 50
و ورد في حديث آخر:
«أما أنا فلا آكل متكئا»[13915].
ابن الرشيد هارون بن محمد المهدي بن عبد اللّه المنصور
ابن محمد بن علي ابن عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب
أبو العباس الهاشمي الملقب بالمعتمد على اللّه
بويع له بالخلافة يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست و خمسين و مائتين (1).
و كان قدم دمشق مع أبيه جعفر المتوكل.
ولي الخلافة بعد المهتدي باللّه (2).
و كان مولده بسرّمن رأى سنة تسع و عشرين و مائتين (3) في يوم الثلاثاء لثمان بقين من المحرم.
و أمه أم ولد يقال لها فتيان، رومية، لم تدرك خلافته.
و بويع له بسرّمن رأى في يوم الثلاثاء المذكور.
و بويع له ببغداد يوم الأربعاء الغد من يوم بيعته بسرّمن رأى.
و كانت خلافته ثلاثا و عشرين سنة و يومين (4).
و توفي فجأة ببغداد (5) يوم الأحد لثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع و سبعين
ص: 51
و مائتين، و حمل إلى سرّ من رأى فدفن بها و له من السن خمسون سنة و ستة أشهر و ستة و عشرون يوما.
و كان مربوعا، أسمر، نحيف الجسم، حسن العينين، مدور الوجه، على جبهته أثر جدري. فلما ولي الخلافة عبل (1) و كثر لحمه و اتسع الشيب في رأسه و لحيته.
و قيل: مات المعتمد يوم الأربعاء لإحدى عشرة بقين من رجب سنة سبع و سبعين و مائتين. و قيل: توفي في صفر سنة ثمان و سبعين و مائتين. و بويع أبو العباس المعتضد باللّه أحمد بن أبي أحمد الموفق باللّه (2).
أبو الحسن البغدادي الصّيدلاني
قدم دمشق [قال أبو بكر الخطيب]:
[حدث (3) بدمشق عن محمد بن سليمان الباغندي، و محمد بن عثمان بن أبي شيبة، و الحسين بن عبد اللّه الأبزاري، و الحسن بن علي المعمري، و أبي العباس الأبار.
روى عنه أبو محمد بن أبي نصر و غيره.
كتب إلي عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي يذكر أن أبا الحسن أحمد بن جعفر الصيدلاني البغدادي أخبرهم بدمشق في المحرم سنة إحدى و ثلاثين و أربعمائة قال: حدثنا الحسين بن عبيد - المعروف بمنقار - و أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر اليزدي بأصبهان - قراءة - حدثنا أحمد بن محمد بن موسى الملحمي، أخبرنا الحسن بن عثمان التستري قالا: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثني المأمون حدثني الرشيد حدثني المهدي قال: دخل عليّ سفيان الثوري، فقلت: حدثني بأفضل فضيلة عندك لعلي، فقال: حدثني سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن علي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي»].
ص: 52
و حدث بها سنة أربع و أربعين و ثلاث مائة عن أبي شعيب عبد اللّه بن الحسن الحراني بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من يأخذ عني هؤلاء الكلمات أو يعلّمهن أو يعمل بهن»؟ قال: قلت: أنا يا رسول اللّه. قال:«فأخذ بيدي فعقد خمسا». قال:«اتق المحارم تكن أعبد الناس، و ارض بما قسم اللّه لك تكن أغنى الناس، و أحسن إلى جارك تكن مؤمنا، و أحبّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، و لا تكثر من الضحك فإنّ كثرة الضحك تميت القلب»[13916].
توفي في ربيع الأول سنة اثنتين و أربعين (1) و ثلاث مائة.
ذكر أبو أحمد عبد اللّه بن بكر الطبراني نزيل الأكواخ (1) ببانياس قال:
أحمد بن جعفر الهلالي كان يقيم بالمحرس (2) يعني محرس الحوارنة بعكا وقتا، و ببلده وقتا.
و ذكر أبو عبد اللّه القفاف قال: قال لي أحمد الهلالي:
أريد أمرّ مع الناس إلى البلد، و الإلف يجترني فقلت: ما ذا؟ الإلف ؟! فقال: إلف (3)الخلوة. و قال: إنما آوي في القرية في بيت داخل بيت. فإذا مللت خرجت في الغلس (4) إلى المغار و رحت مع العتمة. فإذا كانت لي حاجة خارج الدار تسورت فيها من الحائط حتى لا يلقاني أحد في باب الدار و لا أمرّ في زقاق فيلقاني أحد. فهذا دأب نفسي في القرية.
قال أحمد الهلالي:
قدمت إلى هنا، يعني عكا و ما أدري ما الهوى ثم علمته. قلت له: ما الهوى ؟ فقال:
حب الكلام، و حب الجلوس مع الناس، و حب الشبع، و حب النوم، و حب اللباس (5).
قال أبو عبد اللّه:
و لم أر قط أشد تيقّظا و انتباها من أحمد الهلالي، و إذا كلّم إنسانا يكاد لا يسمعه، و إذا تنحنح كأنه مطلوب، و لم أسمع له قط صوتا مرتفعا.
قال: و قال لي أحمد الهلالي:
ربما جاءني الفكر فأستوحي منه، فإذا ذهب عني بلت ما يشبه الدم، و يخرج مني من أسفل شيء شديد الحرارة و تجري منخراي بمثل الدم.
و قال: لا يكاد يجيء الفكر في الضوء و نعم المعين عليه الخلوة في الظلام، فقلت له:
ص: 54
أيّما أحب إليك: الفكر أو الصلاة ؟ قال: أجلس أتفكر أحبّ إليّ من الصلاة بقلب مذبذب.
قلت: فما تطيق أن تجمع بين الفكر و الصلاة، فقال: من لي بهذا و إني مجتهد فيه.
و قال أحمد:
علامة الخائف في قلبه *** بأنه أصفر منحوف (1)
ليس كمن كانت له جثة *** كأنّه للذّبح معلوف (2)
ابن جعفر التميمي النيسابوري الكبيري
رحل إلى الشام و العراق و سمع جماعة.
حدث عن محمد بن خالد بسنده عن عمران بن حصين أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:
فرض الجد مع ابنه و أبيه السدس.
و كان عمران لا يفرض له مع ابنه إلاّ السدس.
و كان كثير الحديث و الرحلة. و توفي سنة ستين و مائتين.
ص: 55
ابن حبيب أخو أبي علي
حدث عن أبي علي بشر بن موسى بن صالح (1) بسنده عن عمر بن الخطاب أنه قال لأصحابه:
تمنّوا، فقال بعضهم: أتمنى لو أن لي هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل اللّه، ثم قال: تمنّوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا و زبر جدا (2) و جوهرا فأنفقه في سبيل اللّه و أتصدق به. فقال عمر: تمنّوا، فقالوا: ما ندري ما نتمنى يا أمير المؤمنين، فقال عمر: أنا أتمنى لو أنها مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح و معاذ بن جبل، و سالم مولى أبي حذيفة، و حذيفة بن اليمان - أحسب أنه قال: أستعين بهم على أمور المسلمين.
و حدث بسنده عن الحسن البصري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من اتخذ مغفرا (3) ليجاهد به في سبيل اللّه غفر اللّه له. و من اتخذ بيضة (4) بيّض اللّه
ص: 56
وجهه يوم القيامة، و من اتخذ درعا كان له سترا من النار يوم القيامة»[13917].
أبو عبد اللّه الغوثي (1)
حدث عن إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل بن منبّه الصّنعاني (2) عن عبد الصمد بن معقل قال: سمعت عمي وهب بن منبه يقول:
أتى جبريل النبيّ يوسف عليه السلام بالبشرى و هو في السجن قال: هل تعرفني أيها الصّدّيق ؟ قال: أرى صورة طاهرة و روحا طيبا لا يشبه أرواح الخطّائين، قال: فإني رسول رب العالمين و أنا الروح الأمين. قال: فما أدخلك مدخل المذنبين و أنت أطيب الطيبين و رأس المقربين و أمين رب العالمين ؟ قال: أ لم تعلم يا يوسف أن اللّه يطهر البيوت بطهر النبيين، و أن الأرض التي يدخلونها أطهر الأرضين، و أن اللّه تعالى قد طهّر بك السجن و ما حوله، يا طهر الطاهرين و يا بن المتطهّرين، و إنما يتطهر بفضل طهرك و طهر آبائك الصالحين المخلصين.
قال: كيف تسميني بأسماء الصدّيقين و تعدّني مع المخلصين و قد أدخلت مدخل المذنبين و سميت بالضالين المفسدين ؟ قال: لم يغير قلبك الحزن، و لم يدنس حريتك الرقّ ، و لم تطع سيّدك في معصية ربك، و لذلك سماك اللّه بأسماء الصّدّيقين، و عدّك مع المخلصين، و ألحقك بآبائك الصالحين. قال: هل لك علم بيعقوب أيها الروح الأمين ؟ قال: نعم وهب اللّه له الصبر الجميل، و ابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم. قال: فما ذا قدر حزنه ؟ قال سبعون ثكلى. قال: فما ذا له من الأجر يا جبريل ؟ قال: قدر أجر مائة شهيد.
ابن الحسين بن موسى، أبو بكر السلماني القاضي
قدم دمشق سنة ثمان و عشرين و أربع مائة حاجّا. و حدث عن جماعة.
ص: 57
و حدث (1) عن أبي علي الحسين (2) بن محمد بن يوسف اللحياني، و أبي القاسم الطيب بن يمن، و عيسى بن سليمان الفقيه، و يوسف بن الحسين، و عبد اللّه بن محمد بن حبابة، و أبي حفص بن شاهين، و أبي بكر بن شاذان، و أبي بكر بن إسماعيل الوراق، و أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، و أحمد بن طالب بن عثمان بن محمد، و أبي محمد كوهي بن الحسن بن يوسف و غيرهم.
روى عنه: أبو الحسن بن أبي الحديد، و أبو القاسم بن أبي العلاء، و أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، و أبو القاسم عمر بن أحمد بن عمر الآمدي.
حدث عن أبي علي الحسن بن أحمد بن يوسف اللّحياني بسنده عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«كلّ مسكر حرام»[13918].
ابن سعيد بن القاسم أبو بكر - و يقال: أبو العباس -
الغساني المعروف بابن الطّيّان الدمشقي
حدث عن جماعة. و حدث عنه جماعة.
حدث في سلخ صفر سنة ثلاث و ثلاثين و أربع مائة عن أبي عبد اللّه أحمد بن عطاء الرّوذباري (3) بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه اللّه عز و جل غفر له»[13919].
و حدث بسنده عن عبد اللّه بن الزبير قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من جعل يس أمام حاجة قضيت له»[13920].
ص: 58
أبو العباس الشاهد، المعروف بابن الوراق
حدث عن أبي القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب بسنده عن سالم عن أبيه أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يسلّم تسليمتين[13921].
مات يوم الاثنين الثالث عشر من صفر سنة أربع عشرة و أربع مائة.
أبو الحسن التّرمذي الحافظ
رحّال، طوّف الشام و مصر و العراق و اجتاز بدمشق.
سمع بمصر و بالشام و بالعراق.
و روى عنه البخاري في صحيحه و أبو عيسى الترمذي في جامعه و جماعة.
[روى عن أحمد بن محمد بن حنبل، و آدم بن أبي إياس العسقلاني، و الأسود بن عامر شاذان، و أصبغ بن الفرج المصري، و حجاج ابن إبراهيم الأزرق، و حجاج بن نصير الفساطيطي، و الحسن بن بشر البجلي، و الحسن بن الربيع البوراني، و الربيع بن روح المصري، و أبي توبة الربيع بن نافع الحلبي، و سعيد بن الحاكم بن أبي مريم المصري، و سعيد بن كثير بن عفير المصري، و سليمان بن داود الهاشمي، و سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، و الضحاك بن مخلد، أبي عاصم النبيل الميصري، و أبي صالح عبد اللّه بن صالح المصري، و أبي عبد الرحمن عبد اللّه بن مسلمة بن قعنب القعنبي، و عبد اللّه بن نافع الصائغ المدني، و عبد الملك بن إبراهيم الجدي، و عبيد اللّه بن موسى العبسي الكوفي، و علي بن عياش الحمصي، و عمرو بن عاصم الكلابي، و أبي نعيم الفضل بن دكين الملائي، و قيس بن حفص الدارمي، و محمد بن عبد اللّه الأنصاري، و أبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي الكفرسوسي، و محمد بن عرعرة بن البرند السامي البصري، و محمد بن عيسى الطباع، و محمد بن الفضل السدوسي، عارم، و محمد بن مصعب القرقساني، و محمد بن
ص: 59
موسى بن بزيع، و محمد بن يوسف الفريابي، و معقل بن مالك الباهلي، و معلى بن أسد العمي، و أبي سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي، و نعيم بن حماد الخزاعي، و أبي النضر هاشم ابن القاسم، و وضاح بن يحيى النهشلي، و يحيى بن سليمان الجعفي، و يحيى بن صالح الوحاظي، و يزيد بن عبد ربه الحمصي، و يعلى بن عبيد الطنافسي.
و روى عنه إبراهيم بن أبي طالب، و أحمد بن علي بن المسلم الأبار، و أحمد بن محمد ابن شوذب، و إسحاق بن أحمد الفارسي، و جعفر بن أحمد بن نصر، و جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض، و عبيد اللّه بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي، و عثمان بن خرزاذ، و محمد بن إدريس أبو حاتم الرازي، و محمد بن إسحاق بن خزيمة، و محمد بن إسحاق بن العباس الفاكهي، و أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، و أبو رجاء محمد بن حمدويه المروزي، و محمد بن الليث بن حفص المروزي، و محمد بن المنذر بن عبد العزيز، و محمد بن النضر الجارودي، و محمد بن يحيى بن خلاد] (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):
[أحمد بن الحسن الترمذي، روى عن أبي عاصم و غيره، و سمعت أبي و أبا زرعة يقولان ذلك، و قد كتبنا عنه، حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول: يعد في الترمذيين، حدثنا عبد الرحمن قال: سئل أبي عنه، فقال: صدوق] (3).
[قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اللّه: كتب إليّ أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال: حدثني أبو أحمد الحسين بن محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي بنيسابور، و كان أحد أوعية العلم] (4).
حدث عن أحمد بن محمد بن حنبل بسنده عن بريدة قال:
ص: 60
غزا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم ست عشرة غزوة (1)[13922].
و حدث عن موسى بن إسماعيل بسنده عن موسى بن أنس بن مالك قال:
خطب الأشعري - يعني أبا موسى - إلى أنس رضي اللّه عنهما بعض بناته فقال:
أخطب إليك، و قد عرفت أن النساء يباعدن بين القريب و يقربن بين البعيد.
ورد نيسابور سنة إحدى و أربعين و مائتين. و حدث في ميدان الحسين، ثم حج و انصرف إلى نيسابور و أقام بها سنة يحدّث، فكتب عنه كافة المشايخ و سألوه عن علل الحديث و الجرح و التعديل (2).
[و ذكره ابن حبان في الثقات] (3).
[قال الذهبي (4):لم يظفر له بتاريخ وفاة (5).و له رحلة شاسعة، و باع أطول في الحديث].
أبو نصر الحافظ الشيرازي المعروف باللبّاد
قدم دمشق سنة أربع و أربعين و أربع مائة. و سمع و أسمع و سكن مصر. و كان ينتقي على شيوخها.
حدث بمكة في المسجد الحرام عن أبي بكر محمد بن عبد اللّه بن أحمد بن ريذة الضبي الأصبهاني بأصبهان بسنده عن جابر بن عبد اللّه قال:
جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه و سلّم فقال: يا رسول اللّه، إن أبي أخذ مالي، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلّم للرجل:«فأتني بأبيك»، فنزل جبريل عليه السلام على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فقال: إن اللّه عز و جل
ص: 61
يقرئك السلام و يقول لك إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه. فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى اللّه عليه و سلّم:«ما بال ابنك يشكوك أ تريد أن تأخذ ماله ؟» فقال: سله يا رسول اللّه هل أنفقه إلاّ على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه و سلّم:«إيه دعنا من هذا، أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك ؟» فقال الشيخ: يا رسول اللّه، ما يزال اللّه تعالى يزيدنا بك يقينا لقد قلت في نفسي شيئا ما سمعته أذناي، فقال: قل و أنا أستمع. قال: قلت (1):
غذوتك مولودا و منتك (2) يافعا *** تعلّ بما أجني (3) عليك و تنهل (4)
إذا ليلة ضاقتك بالسّقم لم أبت *** لسقمك إلا ساهرا أتململ (5)
كأنّي أنا المطروق دونك بالذي *** طرقت به دوني فعيناي تهمل
تخاف الرّدى نفسي عليك و إنّها (6) *** لتعلم أنّ الموت وقت مؤجّل (7)
فلمّا بلغت السنّ و الغاية (8) التي *** إليها مدى ما فيك كنت أؤمّل
جعلت جزائي غلظة و فظاظة *** كأنّك أنت المنعم المتفضّل (9)
ص: 62
فليتك إذ لم ترع حقّ أبوّتي *** فعلت كما الجار المجاور يفعل (1)
قال: فحينئذ أخذ النبي صلى اللّه عليه و سلّم بتلابيب ابنه و قال:«أنت و مالك لأبيك»[13923].
حدث الفقيه سليم (2)أنّ أبا نصر اللبّاد الشيرازي قدم صور و جاءه، و أراد أن يخرج للفقيه فوائد فلم يفعل و قرئ عليه حديث: نهى النبي صلى اللّه عليه و سلّم عن اختناث (3) الأسقية، فقال: اجتناب الأسقية، فجعل كلما قيل له في ذلك يدفع و يقول: الصواب اجتناب، أو كما قال.
[قال ابن العديم في بغية الطلب]:
[دخل الشام و جال في أقطارها و سواحلها، و اجتاز بحلب أو ببعض أعمالها، في طريقه ما بين الجزيرة و أطرابلس الشام.
ذكر أبو سعد السمعاني قال:
أحمد بن الحسن بن الحسين بن أحمد الشيرازي الواعظ من أهل شيراز سكن ديار مصر، و الاسكندرية، و كان حافظا فاضلا عارفا بطرق الحديث، رحل عن بلده و سافر إلى العراق و الشام و السواحل و الجزيرة و كان بمصر يخرج على الشيوخ مثل القاضي أبي عبد اللّه محمد بن سلامة القضاعي، و أبي الحسن علي بن الحسن بن الحسين الخلعي و غيرهما.
سمع أبو نصر الشيرازي ببلده شيراز: أبا محمد عبد الرحمن بن محمد الدمشقي، و أبا بكر أحمد بن محمد بن علي الجواليقي، و أبا الحسن علي بن يوسف بن أحمد الحافظ ، و أبا القاسم عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن القسام، و أبا القاسم عبد الصمد بن الحسن بن محمد بن جعفر الحافظ ، و أبا بكر محمد بن الحسن بن أحمد بن الليث الصفار.
و بالأهواز: أبا عبد اللّه الحسين بن محمد بن عمر بن إبراهيم الفرضي، و رضوان بن الحسن بن يعقوب بن سهلان الفقيه.
ص: 63
و بالبصرة: أبا محمد الحسن بن محمد بن أحمد الفقيه. و أبا الحسين محمد بن علي بن أحمد السيرافي، و إبراهيم بن محمد بن طلحة بن غسان المصري.
و ببغداد: طاهر بن عبد اللّه الطبري، و أحمد بن محمد بن عبدوس بن كامل الزعفراني، و محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز، و محمد بن عبد الملك بن بشران، و إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي.
و بمكة: عبد العزيز بن بندار بن علي الشيرازي.
و ببيت المقدس: محمد بن علي البيهقي.
و بدمشق: محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، و محمد بن علي بن يحيى بن سلوان المازني، و علي بن الفضل بن طاهر بن الفرات المقرئ، و الحسين بن علي بن إبراهيم الأهوازي. و الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي].
قال أبو محمد عبد الرحمن بن صابر (1):
سألت الشريف أبا القاسم (2) عن قدوم أبي نصر الشيرازي دمشق فقال: سنة أربع و أربعين و أربع مائة، و فيها خرج منها. و سألته عن حاله فقال: ما كان إلاّ ثقة.
[قال أبو سعد ابن السمعاني: مات أبو نصر أحمد بن الحسن بن الحسين الشيرازي الحافظ بعد سنة ثلاث و ستين و أربعمائة، فإن أبا الليث الشاشي سمع منه في هذه السنة بالاسكندرية].
أبو بكر البصري الفارسي
حدث بدمشق.
روى عن عبد اللّه بن محمد بن أسماء بن عبد اللّه (3) بن مخارق الضّبعي بسنده عن مالك بن أنس: قال: و ذكر زيد بن أسلم عن أبيه قال:
ص: 64
قال عمر بن الخطاب لربيس بن جبير: ترى غبي (1) عني قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لك:
«كيف بك إذا رقص (2) بك بعيرك نحو الشام يوما ثم يوما ثم يوما؟!» [13924].
أبو محمد الحرّاني
[حدث بدمشق.
حدث (3) عن اسماعيل بن عبد اللّه بن زرارة الرقي (4)،و عبد اللّه بن محمد النفيلي، و عبد العزيز بن داود الحراني.
روى عنه أبو الميمون بن راشد الدمشقي، و أبو علي بن حبيب الحصائري، و أبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبادل].
روى عن النّفيلي (5) بسنده عن عائشة قالت:
أهدى النّجاشي إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم حلية فيها خاتم من ذهب فصّه حبشي، فدعا أمامة بنت أبي العاص بن أمية من ابنته زينب فقال:«تحلّي بهذا يا ميّة»[13925].
زريق بتقديم الزاي على الراء. حدث بدمشق سنة تسع و ستين.
أبو الفرج الصوري الكاتب
سكن دمشق. و تولّى الاستسقاء مدة ثم عزل عنه. كتب عنه الحافظ ابن عساكر قال:
و كان حسن الاعتقاد و وقف بعض أملاكه على وجوه البر.
ص: 65
حدث بسنده عن جابر بن عبد اللّه قال:
جعل رجل لغلامه العتق من بعده، فباعه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثم دفع إليه ثمنه و قال:«أنت لثمنه أحوج و اللّه عنه غنّي»[13926].
و سئل أبو الفرج عن مولده فقال: ليلة الأحد ثالث شهر رمضان سنة سبع و أربعين و أربع مائة بصور. و توفي ليلة الأحد الثاني من شهر ربيع الأول سنة ثمان و عشرين و خمس مائة.
و دفن في مقبرة باب الصغير.
قال الحافظ ابن عساكر: شهدت دفنه و الصلاة عليه.
ابن سليمان بن أبي سليمان أبو بكر المعروف بالصّبّاحي
البغدادي الغزال مولى أبي موسى الأشعري
حدث عن جماعة بمصر و دمشق. و حدث عنه جماعة.
[حدث أحمد بن الحسن عن عمر بن إسماعيل المجالدي، و عمرو بن علي الصيرفي، و سعيد بن يحيى الأموي، و خلاد بن أسلم، و محمد بن منصور الطوسي، و إسحاق بن بهلول التنوخي، و علي بن مسلم الطوسي، و العلاء بن سالم، و الحسن بن محمد الزعفراني.
روى عنه علي بن محمد بن لؤلؤ، و علي بن عمر السكري، و غيرهما. و كان ثقة].
حدث بسنده عن عروة بن مضرّس (1) الطائي قال (2):
أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقلت: يا رسول اللّه، أخلقت و أنصبت و فعلت و فعلت (3).فقال
ص: 66
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«من أدرك جمعا فوقف مع الإمام حتى يفيض فقد أدرك، و من لم يدرك ذلك فلا حجّ له».
كان كوفي الأصل، و جدّه يحيى كان زوج حمادة بنت حماد بن أبي سليمان الفقيه و هي بنت عمه. و هو بغدادي حافظ . قدم مصر و حدث بها و خرج منها، فأصيب سنة اثنتي عشرة و ثلاث مائة (1).
[قال أبو بكر الخطيب] (2):
[أخبرنا أبو الفرج بن شهريار، أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان بن اسماعيل بن حماد بن أبي سليمان الفقيه الكوفي ببغداد، حدثنا إبراهيم بن راشد الأدمي، حدثنا داود بن مهران الدباغ، حدثنا حماد بن شعيب عن أبي الزبير عن طاوس، عن ابن عباس عن البراء بن عازب أن النبي صلى اللّه عليه و سلم نزل مرّ الظهران فأهدي له عضد [حمار وحشي] فرده على الرسول و قال:«اقرأ عليه السلام و قل: لو لا أنا حرم ما رددناه عليك»[13927].
أخبرنا محمد بن أحمد بن شعيب الروياني، حدثنا علي بن عمر الختلي قال: أبو بكر أحمد بن الحسن بن هارون الصباحي بغدادي حافظ ] (3).
أبو بكر الأحنف البغدادي الصوفي
قدم دمشق، و حكى عن الجنيد و أبي بكر الشّبلي و غيرهما.
[و حدث عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل.
روى عنه عبد الوهاب بن عبد اللّه الدمشقي] (4).
قال: سمعت أبا جعفر الصفار الواعظ ببغداد يقول:
ص: 67
مررت براهب سائح فقلت له: بمعبودك إلاّ وقفت، فوقف، فقلت له: ما معك طعام و لا شراب ؟ فقال: لا، أنا رجل قد دفعت بتقرّبي أوقاتي وقتا بعد وقت، فلا أحب يمرّ عني وقت لا أدري من أنا فيه، فقلت: ما هذا الذي معك ؟ قال: حصى قلت: إيش تعمل به ؟ قال: هذا حصى أسود و حصى أبيض، فإذا عملت حسنة طرحت من الحصى الأبيض على الحصى الأسود، و إن عملت سيئة طرحت من الحصى الأسود في الأبيض، فإذا كان عند إفطاري عددت السواد و البياض، فإن زاد السواد على البياض فليس فيها إفطار إلى مثلها، و إن كان البياض زائدا على السواد فطرت. قال: فلطمته، فقال: ويحك، لم تلطمني ؟ و أنت ممن يرى القصاص، و أما أنا فمذهبي لو لطمت هذا الخد لأدرت لك هذا الخط ، فقلت: أنت كافر تقول: دفعت إلى تقرّبي أوقاتي، و تقول: لا أحب أن يمضي لي وقت لا أدري من أنا فيه.
قال: تقول لي يا كافر فأنت مؤمن حقا؟ فقلت: نعم. فقال: أ تأمنه أن يجعلك أنا و يجعلني أنت. قال: فخصمني.
و قال: سمعت أبا جعفر الصفار أيضا ببغداد يقول:
صحت براهب: يا راهب. فناداني: لا تشغلني. فقلت: بمعبودك عرّفني إيش شغلك ؟ فقال: كتب إلي بعض إخواني أنّه قرأ في بعض الكتب: أن الأرض الواسعة لتضيق على البعوضة بسخط اللّه، فقد أعملت فكري في الأرض وسعتها و البعوضة و صغرها فكيف ضاقت عليها بسخط اللّه، فلا تشغلني.
أبو الحسين الطرسوسي
عن عمر بن سعيد المنبجي.
قال ابن عساكر: مجهول].
أبو العباس الكفر طابي
خطيب سقبا من ضياع الغوطة.
ص: 68
أنشد عن أبي سالم الباري شعرا، و كتب عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة اللّه ابن صصرى.
قال الحافظ أبو المواهب - و رأيته بخطه - أخبرني هذا الشيخ رحمه اللّه أنه سمع حديثا ببغداد و دمشق. و لم يقع إليّ من سماعه شيء، و توفي بعد السبعين [و خمسمائة].
ابن حمّاد بن الفضل مولى عيسى بن طلحة بن عبيد اللّه،
و يقال: مولى يحيى بن طلحة، أبو الجهم المشغراني
أصله من بيت لهيا (1)،تعلم بها ثم انتقل إلى مشغرى، قرية على سفح جبل لبنان فصار بها إمامهم و خطيبهم، و كان كثيرا ما يجيء إلى دمشق و يحدث (2).
روى عن جماعة. و روى عنه جماعة. و كان ثقة.
[حدث عن هشام بن عمار، و أحمد بن أبي الحواري، و هشام بن خالد الأزرق، و علي ابن سهل الرملي و عدة.
حدث عنه: أبو الحسين الرازي، والد تمام، و أبو بكر ابن المقرئ، و أبو أحمد الحاكم، و أبو سليمان ابن زبر، و عبد الوهاب الكلابي، و آخرون] (3).
حدث عن هشام بن عمّار بسنده عن الحارث بن هشام قال:
ص: 69
قلت: يا رسول اللّه، أخبرني بأمر أعتصم به قال:«أملك هذا»، و أشار إلى لسانه[13928].
قال عبد الرحمن:
فرأيته يسيرا فيما يظنني فلم أر شيئا أشدّ منه. توفي ليلة السبت بعد صلاة المغرب و دفن يوم السبت لإحدى عشرة خلت من ذي الحجة سنة تسع عشرة و ثلاث مائة (1).سقط عن دابته فمات من وقته. و قيل كان يوم الأضحى، و دفن في مقبرة باب الصغير.
ابن جعفر بن عبد اللّه بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين
ابن علي بن أبي طالب، أبو القاسم الحسيني العقيقي
كان من وجوه الأشراف بدمشق، و مدحه أبو الفرج محمد بن أحمد الغساني الوأواء.
و هو صاحب الدار و الحمام بنواحي باب البريد.
قال محمد بن المكرّم (2):هذه الدار التي كانت تعرف بدار العقيقي هي الآن تربة و مدرسة (3) للملك الظاهر ركن الدين بيبرس البند قداري دفن بها هو و ولده السعيد و بنيت تربة و مدرسة.
[سمع أبا عبد اللّه بن خالويه اللغوي، و سمع منه عبد العزيز بن محمد بن عبدويه الشيرازي] (4).
[قال أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اللّه: قرأت بخط عبد العزيز بن محمد بن عبدويه الشيرازي، سمعت الشريف أبا القاسم أحمد بن الحسين الحسيني المعروف بالعقيقي يقول] (5):
ص: 70
في قول اللّه عز و جل في قصة يوسف و خطابه لإخوته إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ [سورة يوسف، الآية:90] قال: يتقي اللّه في جميع أموره، و يصبر على العزوبة كما صبر يوسف عن زليخا و عزوبته في تلك السنين كلها.
[قال ابن العديم في بغية الطلب] (1):
[قرأت في جزء وقع إليّ بخط أبي القاسم حمزة بن عبد اللّه بن الحسين الأطرابلسي يتضمن تعاليق و أمالي عن أبي عبد اللّه بن خالويه، و ذكر أنه قرأه على ابن خالويه و نقله من خطه، نسخة كتاب كتبه أبو عبد اللّه بن خالويه إلى أبي القاسم أحمد بن الحسين العقيقي الحسيني:
هنّأتني برا ملكت به *** شكري و شكرك واجب فرض
لم يتبلل وجه و لا شفعت *** شفعاء لي في منّها حض
ففداك منا عون لو ملكوا *** عدد البحار إذا لما بضوا
سلام اللّه عليك و صلواته و مغفرته و رحمته و ريحانه أيها السيد الكريم و الشريف ذا الحكمة، يا زينة الدنيا و بهجتها أطال اللّه بقاءك و وهب و الدك - كذا) ابن خالويه وقاك و فداك، لقد تقليت آباءك الطاهرين، و تسنمت جدك و أسلافك المنتجبين و أشبهتهم خلقا و خلقا و مضيت على أساسهم، و قفوت حميد أفعالهم، فأصبحت فذ الدهر، و قريع العصر، و واحد السمحاء و سيد الأدباء براعة و فصاحة، و كريم الكرماء سخاء و سماحة، و تبعت جديك محمدا سيد المرسلين و عليّا سيد الوصيين صلوات اللّه على ذكراهما كلما ذرّ شارق و طرق أثناء الليل طارق، و نزعت إليهما حذو القذّة و الماء بالماء، تهذيب خلق و محض ضريبة، و دماثة شمائل، و كرم سجية، أقول من قس إذا نطق و أفصح من سحبان وائل إذا خطب، و أسخى من اللافظة كفّا، و أجود من السحاب جودا، و أبهى من فخت القمر، و أسنى من الهالة، فأنسأ اللّه أجلك، و بلّغك أكلا يد المسند، و سمير الليالي ما بل بحر صوفه، و نعمت ظبية في تنوفه، و استدار من رمل عالج كوفه، و ظهرت في أطفور ناشئ فوفه كتبت غرة الشهر إلى غرة الزمان عن سلامة تنم بسلامته، و نعمة من اللّه جل و عز لا أقوم بشكرها، و توق إلى الشريف العقيقي لا أصفه.
ص: 71
فأيهات أيهات العقيق و من به *** و أيهات و هل بالعقيق تواصله
و هيهات هيهات أين للقيقي شروس و نظير.
عقم النساء فما بلدن شبيهه *** إن النساء بلدن بمثله عقم
و عن لوعة لا تطفى حرارتها إلا باجتماع و شيك لدى مولانا الشريف ابن الشريف، و السيد ابن السيد شريف ابن سيف الدولة] (1).
[و مدحه الوأواء، الشاعر بقصيدته التي أولها:
بدر ليل أو أو لا فشمس نهار *** طلعت في سحائب الأزرار
فوق غصن تميله نشوات ال *** دلّ سكرا من غير شرب عقار
بفعل الريق منه ما تفعل الخم *** ر و لكن بلا تأذي خمار
رشأ كلما سرى اللحظ فيه *** جرحته خناجر الأبصار
منها:
قم نقضي حق الصبوح فقد أ *** ذّن بالصبح طائر الأسحار
في نجوم مثل الدراهم أحدق *** ن ببدر في الجو كالدينار
باهتات كأنهن عيون *** ناظرات منها بلا أشفار
كمزايا خلائق لأبي القا *** سم فينا منيرة الأنوار
غصن لين المهمزة رطب *** زاهر الزهر مثمر الأثمار
عصفت حوله رياح الأماني *** و سقته العلا بلا أمطار
و من مدائح الوأواء فيه:
إلي الذي افتخرت أم العقيق به *** و من به صيرت بطحاؤها حرما
إلي فتى تضحك الدنيا بغرّته *** فما ترى باكيا فيها إذا ابتسما
سما به الشرف العالي فصار به *** مخيما فوق أطباق العلى خيما] (2)
مات الشريف العقيقي المذكور بدمشق يوم الثلاثاء لأربع خلون من جمادى الأولى سنة ثمان و سبعين و ثلاث مائة، بين الظهر و العصر، و أغلقت المدينة يوم الأربعاء و أخرجت جنازته
ص: 72
ضحوة نهار إلى المصلّى و حضر بكجور (1) و أصحابه، و مشى الأشراف خلف سريره و دفن خارج باب الصغير.
المعروف بابن السماك الواعظ (2)
سمع بدمشق و بصور و بمكة.
[قال أبو بكر الخطيب] (3):
حدث عن جعفر بن محمد الخالدي، و الحسن بن رشيق المصري، و أبي بكر ابن المقرئ الأصبهاني و غيرهم.
كتبت عنه شيئا يسيرا] (4).
روى عن جعفر بن محمد بن نصير الخواص الخلدي (5) الشيخ الصالح أسنده عن جعفر بن سليمان قال: سمعت مالكا يقول:
قرأت في التوراة أن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته من القلوب كما يزلّ (6)المطر على الصفا.
قال أبو الحسين بن السماك: سمعت أبا بكر الدّقّي (7) بدمشق يقول: سمعت أبا بكر الزقاق يقول:
بني، أمرنا هذا - يعني التصوف - على أربع: لا نأكل إلاّ عن فاقة، و لا ننام إلاّ عن غلبة، و لا نسكت إلاّ عن خيفة، و لا نتكلم إلاّ عن وجد.
ص: 73
قال: و سمعته يقول:
كل أحد ينتسب إلى نسب إلاّ الفقراء فإنهم ينتسبون إلى اللّه عز و جل، و كل حسب و نسب ينقطع إلاّ حسبهم و نسبهم، فإنّ نسبهم الصدقة و حسبهم الفقر.
و في رواية:
و حسبهم الصبر بدل الفقر.
و كان لأبي الحسين بن السماك في جامع المنصور و في جامع المهدي مجلس وعظ ، يتكلم فيه على طريقة أهل التصوف (1).
قال الحافظ [أبو بكر الخطيب] (2):
كتبت عنه شيئا يسيرا، و حدّثنا عن أبي عمرو بن السماك حديثا مظلم الإسناد، و منكر المتن، فذكرت روايته عن ابن السماك لأبي القاسم عبيد اللّه بن أحمد بن عثمان الصيرفي، فقال: لم يدرك أبا عمرو بن السماك، هو أصغر من ذلك، لكنه وجد جزءا فيه سماع أبي الحسين بن أبي عمرو بن السماك من أبيه، و كان لأبي عمرو بن السماك ابن يسمى محمدا و يكنى أبا الحسين فوثب على ذلك السماع، و ادّعاه لنفسه. قال الصيرفي: و لم يدرك الخلدي (3) أيضا و لا عرف بطلب العلم، إنما كان يبيع السمك في السوق إلى أن صار رجلا كبيرا، ثم سافر و صحب الصوفية بعد ذلك.
قال (4):و قال لي أبو الفتح محمد بن أحمد المصري:
لم أكتب ببغداد عمن أطلق عليه الكذب من المشايخ غير أربعة: أحدهم أبو الحسين بن السماك.
ص: 74
قال:[ابن ماكولا] (1)و أما سمّاك - بفتح السين و تشديد الميم و آخره كاف-[فهو] (2) أبو الحسين [أحمد بن الحسين بن أحمد] (3)،ابن السماك الواعظ ، كان جوالا كثير الأسفار. حدث عن جماعة، و لم أرهم يرتضونه.
[قال أبو بكر الخطيب] (4):
و مات في يوم الأربعاء الرابع من ذي الحجة سنة أربع و عشرين و أربع مائة، و دفن من الغد في مقبرة باب حرب بعد أن صلّى عليه في جامع المدينة. و كان يذكر أنه ولد في مستهلّ المحرم من سنة ثلاثين و ثلاث مائة (5).
[قال ابن الجوزي] (6):[أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين، قال: حكى لي أبو محمد التميمي أن أبا الحسين ابن السماك الواعظ دخل عليهم يوما و هم يتكلمون في أبابيل، فقال:
في أي شيء أنتم ؟ فقالوا: نحن في ألف أبابيل، هي هي ألف وصل أو ألف قطع ؟ فقال: لا ألف وصل و لا ألف قطع، و إنما ألف سخط ، أ لا ترى أنه بلبل عليهم عيشهم، فضحك القوم من ذلك] (7).
ابن إبراهيم بن عمر، أبو الفضل الثغري الصوري
المعروف بابن أخت الكاملي
قدم دمشق عند افتتاح الفرنج صور (8)،خذلهم اللّه.
ص: 75
و حدث عن جماعة. و كان له تيقّظ ما في الحديث. و كان أحول. و استملى على الفقيه نصر بن إبراهيم بصور، فجاء في الإملاء حديث عن عاصم الأحوال فلقّبته الجماعة بعاصم.
روى بسنده عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده قال:
خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إلى البقيع فقال:«يا معشر التجار»، حتى إذا اشرأبوا قال:«إن التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلاّ من اتقى و برّ و صدق»[13929].
قال الحافظ :
سألت أبا الفضل الكاملي عن مولده فقال: في يوم الخميس التاسع من صفر سنة تسع و خمسين و أربع مائة. و توفي ليلة الثلاثاء الرابع عشر من رجب سنة ثماني عشرة و خمس مائة.
و دفن بباب الصغير.
أبو بكر المقدسي القطان المقرئ
أحد من جرد العناية في طلب القراءات.
أخذ عن أبي القاسم الزيدي بحران، و أبي علي الأهوازي بدمشق، و أبي عبد اللّه الكارزيني بمكة، و عتبة العثماني ببغداد.
أخذ عنه أبو بكر المزرفي و غيره.
توفي سنة ثمان و ستين و أربعمائة].
[مقرئ حاذق حافل] (1).
أبو الطّيّب الجعفي الشاعر المعروف بالمتنبي
من أهل الكوفة. قدم دمشق و مدح بها.
ص: 76
قال أبو بكر الخطيب (1):
بلغني أنه ولد بالكوفة سنة ثلاث و ثلاث مائة، و نشأ بالشام، و أكثر المقام بالبادية، و طلب الأدب و علم العربية، و نظر في أيام الناس، و تعاطى قول الشعر من حداثته حتى بلغ فيه الغاية التي فاق أهل عصره، و علا شعراء وقته. و اتصل بالأمير أبي الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة و انقطع إليه و أكثر مديحه. ثم مضى إلى مصر فمدح بها كافورا (2)الخادم، و أقام هناك مدة. ثم [خرج من مصر و] (3) ورد العراق و دخل بغداد، و جالس بها أهل الأدب، و قرئ عليه ديوانه.
قال أبو أحمد عبيد اللّه بن محمد بن أبي مسلم الفرضي (4) قال:
لما ورد المتنبي بغداد سكن في ربض حميد (5).قال: فمضيت إلى الموضع الذي نزل فيه لأسمع منه شيئا من شعره، فلم أصادفه، فجلست أنتظره و أبطأ عليّ ، فانصرفت من غير أن ألقاه، و لم أعد إليه بعد ذلك.
و قد كان القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي سمع منه ديوانه و رواه عنه (6).
قال أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي الزيدي (7):
كان المتنبي و هو صبي نزل في جواري بالكوفة، و كان يعرف أبوه بعيدان (8) السقا
ص: 77
يستقي لنا و لأهل المحلّة، و نشأ هو محبا للعلم و الأدب [فطلبه] (1) و صحب الأعراب في البادية، فجاءنا بعد سنين بدويا قحا. و قد كان تعلم الكتابة و القراءة، فلزم أهل العلم و الأدب.
و أكثر ملازمة الوراقين و كان علمه من دفاترهم.
[قال الزيدي]: (2) فأخبرني وراق كان يجلس إليه قال: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عيدان (3) قطّ . كان عندي اليوم فأحضر رجل كتابا من كتب الأصمعي يكون نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلا فقال له الرجل: يا هذا، أريد بيعه و قد قطعتني عن ذلك، فإن كنت تريد حفظه فهذا إن شاء اللّه يكون بعد شهر (4)،فقال له ابن عيدان: فإن كنت قد حفظته في هذه المدة فما لي عليك ؟ قال: أهب لك الكتاب. قال: فأقبل يتلوه إلى آخره، ثم استلبه فجعله في كمه، و قام فعلق به صاحبه و طالبه بالثمن، فقال: ما إلى ذلك سبيل قد وهبته لي. قال: فمنعناه منه و قلنا له: أنت شرطت على نفسك هذا للغلام فتركه عليه.
و كان عيدان والد المتنبي يذكر أنه من جعفيّ ، و كانت جدة المتنبي همدانية صحيحة النسب لا شك فيها (5).و كانت صالحة من صلحاء النساء الكوفيات.
[قال ابن العديم] (6):
[أنبأنا (7) تاج الأمناء أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن عمي قال: قال لنا هبة اللّه بن عبد اللّه بن أحمد الواسطي: قال لنا أبو بكر الخطيب: عيدان، بكسر العين و بالياء المعجمة باثنتين من تحتها، هو والد أبي الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، كان يعرف بعيدان السقاء].
ص: 78
فاتفق مجيء المتنبي بعد سنين إلى الأهواز منصرفا من فارس [فذكرته (1) بأبي الحسن (2)،فقال: تربي و صديقي و جاري بالكوفة و أطراه و وصفه] و سألته عن نسبه، فما اعترف لي به. و قال: أنا رجل أخيط (3) القبائل، و أطوي البوادي وحدي، و متى انتسبت لم آمن أن يأخذني بعض العرب بطائلة بينها و بين القبيلة التي انتسبت إليها، و ما دمت غير منتسب إلى أحد فأنا أسلم على جميعهم و يخافون لساني.
قال (4):و اجتمعت بعد موت المتنبي بسنين مع القاضي أبي الحسن ابن أم شيبان الهاشمي الكوفي، و جرى ذكر المتنبي فقال: كنت أعرف أباه بالكوفة شيخا يسمى عيدان يستقي على بعير له، و كان جعفيا صحيح النسب.
قال: و قد كان المتنبي لما خرج إلى كلب و أقام فيهم ادّعى أنه علوي حسنيّ ، ثم ادّعى بعد ذلك النبوّة، ثم عاد يدّعي أنه علوي، إلى أن أشهد (5) عليه بالشام بالكذب في الدعوتين، و حبس دهرا طويلا و أشرف على القتل، ثم استتيب و أشهد عليه بالتوبة و أطلق.
قال أبو علي بن أبي حامد (6):
سمعت خلقا بحلب يحكون - و أبو الطّيّب بها إذ ذاك - أنه تنبّأ في بادية السماوة (7)و نواحيها إلى أن خرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قبل الإخشيدية، فقاتله و أسره و شرّد من كان اجتمع إليه من كلب و كلاب و غيرهما من قبائل العرب، و حبسه دهرا طويلا فاعتلّ و كاد أن يتلف، فسئل في أمره فاستتابه و كتب عليه وثيقة أشهد عليه فيها ببطلان ما ادّعاه و رجوعه إلى
ص: 79
الإسلام [و أنه تائب منه و لا يعاود مثله] (1) و أطلقه.
[قال]: و كان قد تلا على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عليه، و كانوا يحكون له سورا كثيرة منها: و النجم السيار، و الفلك الدوّار، و الليل و النهار، إنّ الكافر لفي أخطار، امض على سننك، و أقف أثر من كان قبلك من المرسلين، فإنّ اللّه قامع بك زيغ من ألحد في دينه، و ضل عن سبيله. و هي طويلة.
قال: و كان المتنبي إذا شوغب في مجلس سيف الدولة و نحن إذ ذاك بحلب نذكر هذا القرآن و أمثاله فينكره و يجحده.
قال: و قال له ابن خالويه النحوي (2) يوما في مجلس سيف الدولة: لو لا أن الآخر جاهل لما رضي أن يدعى بالمتنبي، لأن متنبي معناه كاذب، و من رضي أن يدعى بالكذب فهو جاهل، فقال له: أنا لست أرضى أن أدعى بهذا و إنما يدعوني به من يريد الغضّ مني، و لست أقدر على الامتناع (3).
[قال أبو بكر الخطيب]:
[قال لنا التنوخي، قال لي أبي: فأما أنا، فإني سألته بالأهواز في سنة أربع و خمسين و ثلاثمائة عند اجتيازه بها إلى فارس، في حديث طويل جرى بيننا، عن معنى المتنبي، لأني أردت أن أسمع منه هل تنبأ أم لا؟ فأجابني بجواب مغالط لي، و هو أن قال: هذا شيء كان في الحداثة أوجبته الصورة، فاستحييت أن أستقصي عليه و أمسكت] (4).
قال أبو علي بن [أبي] (5) حامد (6):
قال [لي] (7) أبي: و نحن بحلب، و قد سمع قوما يحكون عن المتنبي هذه السورة (8)،
ص: 80
فقال: لو لا جهله!! أين قوله: امض على سننك.. إلى آخر الكلام، من قوله تعالى فَاصْدَعْ بِمٰا تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ، إِنّٰا كَفَيْنٰاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [سورة الحجر، الآية:94] إلى آخر القصة، و هل تتقارب الفصاحة أو يشتبه الكلامان ؟! و عيدان: بكسر العين و بالياء المعجمة باثنتين من تحتها هو والد أبي الطيب المتنبي، و كان يعرف بعيدان السقاء.
[قال ابن العديم]:
[قدم الشام في صباه و جال في أقطارها، و صعد بعد ذلك إلى الديار المصرية، و كان بها في سنة خمس و ثلاثين و ثلاثمائة ثم قدم حلب وافدا على الأمير سيف الدولة أبي الحسن علي ابن عبد اللّه بن حمدان، و مادحا له، فأكرمه و نفق عليه، و صار خصيصا به، ملازما له حضرا و سفرا إلى أن خرج من حلب غضبان بسبب كلام وقع بينه و بين ابن خالويه في مجلس سيف الدولة فضربه ابن خالويه بمفتاح. و كان ابن خالويه مؤدب ولدي الأمير سيف الدولة أبي المكارم و أبي المعالي، فظفرت بجزء بخط ابن خالويه ذكر فيه ما يحفظه الأميران المذكوران، فذكر أنواعا من الفقه و الأدب و أشعار العرب و قال في جملتها: و يحفظان من شعر الشاعر المعروف بالمتنبي كذا و كذا قصيدة، و عينها، و لم يذكر أنهما يحفظان لغيره من العصريّين شيئا، و هذا يدل على عظم قدره و جلالة أمره في ذلك الزمان.
روى عن أبي الطيب: القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي، و أبو الفتح عثمان بن جني النحوي، و أبو محمد الحسن بن علي بن الصقر الكاتب، و أبو الحسن علي بن أيوب بن الحسين بن الساربان، و الأستاذ أبو علي أحمد بن محمد مسكويه، و أبو عبد اللّه بن باكويه الشيرازي، و أبو الحسن علي بن عيسى الربعي، و أبو القاسم بن الحسن الحمصي، و عبد الصمد بن زهير بن هارون بن أبي جرادة، و محمد بن عبد اللّه بن سعد النحوي، و عبد اللّه بن عبيد الصفري الشاعر الحلبي، و عبيد اللّه بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الجوع الوراق المصري، و أبو إسحاق إبراهيم بن عبد اللّه ابن المغربي، و أبو بكر الطائي، و أبو القاسم النيلبختي، و أبو محمد الحسن بن عمر بن إبراهيم، و أبو العباس بن الحوت، و جماعة سواهم.
[قال ابن أبي الجوع الوراق المصري: سألت أبا الطيب المتنبي عن مولده و منشئه ؟
ص: 81
فقال: ولدت بالكوفة سنة ثلاث و ثلاثمائة في كندة، و نشأت بها و دخلت مدينة السلام، و درت الشام كله سهله و جبله.
قال علي بن أيوب بن الحسن بن الساربان: ولد أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن المتنبي بالكوفة في محلة كندة سنة ثلاث و ثلاثمائة، و قال الشعر و هو صبي في المكتب] (1).
[التحق بالأمير سيف الدولة بن حمدان سنة سبع و ثلاثين و ثلاثمائة، ثم فارقه و دخل مصر سنة ست و أربعين و ثلاثمائة، و مدح كافورا الإخشيدي و أنوجور ابن الإخشيذ، و كان يقف بين يدي كافور و في رجليه خفان و في وسطه سيف و منطقة و يركب بحاجبين من مماليكه و هما بالسيوف و المناطق و لما لم يرضه هجاه و فارقه ليله عيد النحر سنة خمسين و ثلاثمائة، و وجه كافور خلفه رواحله إلى جهات شتى فلم يلحق، و كان كافور قد وعده بولاية بعض أعماله، فلما رأى تعاليه في شعره و سموه بنفسه خانه، و عوتب فيه فقال: يا قوم، من ادعى النبوة بعد محمد صلى اللّه عليه و سلم أ ما يدعي المملكة بعد كافور؟ فحسبكم] (2).
[قال السمعاني: أنشدنا الأستاذ أبو علي أحمد بن محمد مسكويه قال: أنشدنا المتنبي:
و من نكد الدنيا على الحر أن يرى *** عدوا له ما من صداقته بدّ
قال: قيل للمتنبي: على من تنبأت ؟ قال: على الشعراء. فقيل: لكل نبي معجزة فما معجزتك ؟ قال: هذا البيت] (3).
و لما هرب المتنبي الشاعر من مصر، و صار إلى الكوفة، و قام بها و صار إلى ابن العميد (4) فمدحه (5)،فقيل إنه صار إليه منه ثلاثون ألف دينار (6).و قال له: تمضي إلى عضد
ص: 82
الدولة (1) فمضى من عنده إليه، فمدحه و وصله بثلاثين ألف دينار، و فارقه على أن يمضي إلى الكوفة يحمل عياله و يجيء معهم إليه، و سار حتى وصل إلى النعمانية (2) بإزاء قرية تقرب منها قال لها بنورا (3)،فوجد أثر خيل هناك، فتنسّم خبرها، فإذا خيل قد كمنت له فصادفته لأنه قصدها، فطعن طعنة نكس عن فرسه، فلما سقط إلى الأرض نزلوا فاحتزوا رأسه ذبحا، و أخذوا ما كان معه من المال و غيره، و كان مذهبه أن يحمل ماله معه أين توجّه، و قتل ابنه معه و غلام من جملة خمسة غلمة كانوا معه، و إن الغلام المقتول قاتل حتى قتل (4).
[قال أبو بكر الخطيب] (5):
[حدثني علي بن أيوب قال: خرج المتنبي من بغداد إلى فارس، فمدح عضد الدولة و أقام عنده مديدة، ثم رجع يريد بغداد، فقتل في الطريق بالقرب من النعمانية في شهر رمضان من سنة أربع و خمسين و ثلاثمائة] (6).
[قال (7) أبو البركات محمد بن عبد اللّه بن يحيى الوكيل: أخبرنا علي بن أيوب بن الحسين بن الساربان قال:
و خرج يعني المتنبي من شيراز لثمان خلون من شعبان قاصدا إلى بغداد ثم إلى الكوفة حتى إذا بلغ دير العاقول (8) و خرج منه قدر ميلين، خرج عليه فرسان و رجاله من بني أسد و شيبان فقاتلهم مع غلامين من غلمانه ساعة فقتلوه، و قتل معه أحد الغلامين و هرب الآخر،
ص: 83
و أخذوا جميع ما كان معه، و تبعهم ابنه المحسّد (1) طلبا لكتب أبيه فقتلوه أيضا، و ذلك كله يوم الاثنين لثمان بقين من شهر رمضان سنة أربع و خمسين و ثلاثمائة.
مدح (2) عضد الدولة بن بوبه الديلمي فأجزل جائزته، و لما رجع من عنده قاصدا إلى بغداد ثم إلى الكوفة في شعبان لثمان خلون منه عرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في عدة من أصحابه، و كان مع المتنبي أيضا جماعة من أصحابه، فقاتلوهم، فقتل المتنبي و ابنه محسّد و غلامه مفلح بالقرب من النعمانية، في موضع يقال له: الصافية، و قيل: حيال الصافية، من الجانب الغربي من سواد بغداد عند دير العاقول بينهما مسافة ميلين].
[ذكر ابن رشيق في كتاب العمدة قال: إن أبا الطيب لما فرّ حين رأى الغلبة قال له غلامه: لا يتحدث الناس عنك بالفرار أبدا و أنت القائل:
الخيل و الليل و البيداء تعرفني *** و الحرب و الضرب و القرطاس و القلم
فكرّ راجعا حتى قتل، و كان سبب قتله هذا البيت] (3).
[قال أبو القاسم عن أبي غالب شجاع بن فارس بن الحسين الذهلي قال: أنشدني الحكيم أبو علي الحسين بن عبد الرحمن الثقفي النيسابوري لأبي القاسم المظفر الزوزني الكاتب يرثي المتنبي:
لا رعى اللّه سرب هذا الزمان *** إذ دهانا في مثل ذاك اللسان
ما رأى الناس ثاني المتنبي *** أي ثان برى لبكر الزمان
كان في نفسه الكبيرة في جي *** ش و في كبرياء ذي سلطان
كان في لفظه نبيا و لكن *** ظهرت معجزاته في المعاني (4)]
و كان قتل المتنبي يوم الاثنين لخمس بقين من شهر رمضان سنة أربع و خمسين و ثلاث مائة.
و حدث أنه لما نزل المنزل الذي رحل منه فقتل جاءه قوم خفراء فطلبوا منه خمسين درهما ليسيروا معه فمنعه الشحّ و الكبر، و تقدّموه فكان من أمره ما كان.
ص: 84
أبو بكر الأنصاري البروجردي الصوفي
قدم دمشق سنة إحدى عشرة و أربع مائة، و حدث بها.
روى عن أبي يعلى حمزة بن جعفر العلوي بسنده عن عثمان بن عفان قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أفضلكم من تعلّم القرآن و علّمه»[13930].
المعروف بابن خراسان الأطرابلسي
شاعر مشهور.
وصل دمشق لما وصل إليها بنو علوش و أقام بها أشهرا و تزوج بعد.
رجل صافي الأخلاق من الرفق، مخلوق من أحسن الخلق، تشهد كرائم أخلاقه بطيب أعراقه، ريان من الفضل، يهتز في الأريحية اهتزاز النصل.
شاعر مطبوع مترسل. أقام أيام مقامه بدمشق يتنقل في الحدائق و يقطع أوقاته بالشرب، و لا يدخل[...] (1) للحمام. و من شعره:
دعوني لقا في الحرب أطفو و أرسب *** و لا تنسبوني فالقواضب تنسب
و إن جهلت جهال قومي فضائلي *** فقد عرفت فضلي معدّ و يعرب
و لا تعتبوني إذ خرجت مغاضبا *** فمن بعض ما في ساحل الشام يغضب
و كيف التذاذي ماء دجلة معرقا *** و أمواه لبنان ألذّ و أعذب
فما لي و للأيام لا درّ درّها *** تشرق بي طورا و طورا تغرّب
[و من شعره قوله:
رهنتك يا قلبي على غمض ساعة *** فردّك من أهوى و شحّ على غمضي
ص: 85
إذا كنت قلبي ثم أزمعت هجرة *** فما أنت لي يا قلب بالصاحب المرضي
و لكنه قلب تعرض للهوى *** و لا شكّ أني في جنايته أقضي] (1)
مات أبو الحسين ابن خراسان سنة ست و تسعين و أربع مائة بطرابلس، و كان سبب وفاته ضرب ناله من فخر الملك بن عمار لهجاء قاله فيه و في أخيه.
أبو العباس الزاهد الإصطخري
سكن مصر. و سمع جماعة.
[سمع إبراهيم بن دحيم، و محمد بن صالح بن عصمة بدمشق، و عبد اللّه بن محمد بن سلام المقدسي، و محمد بن عبيد اللّه بن الفضل الحمصي، و عبدان بن أحمد الأهوازي، و جعفر الفريابي، و عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، و الحسن بن سهل بن عبد العزيز المجوز بالبصرة، و علي بن عبد العزيز البغوي بمكة، و أبا علي الحسن بن أحمد بن المسلم الطبيب بصنعاء و غيرهم.
روى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن جابر التنيسي، و أبو محمد ابن النحاس و غيرهما].
حدّث في خمس و ثلاثين و ثلاث مائة إملاء بسنده عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول في الشونيز (2):
«عليكم بهذه الحبة السوداء فإنّ فيها شفاء من كلّ شيء إلاّ السّام» (3)،يريد الموت[13931].
ص: 86
كان فارسا ممتّعا بإحدى عينيه رجلا صالحا زاهدا. كتب الحديث بمصر. و كان كتب عن أهل بلده و الغرباء. و كتب عنه قبيل وفاته، و أملى عليهم في المسجد الجامع العتيق.
توفي بمصر يوم الاثنين يوم عشرين من شهر ربيع الأول سنة ست و ثلاثين و ثلاث مائة.
أبو العباس مولى بني هاشم يعرف بزبيدة
من أهل باب كيسان.
حدث بدمشق عن أبي عبيد اللّه ابن أخي ابن وهب، عن عبد اللّه - يعني ابن عمرو - قال: رأيت رسول اللّه يسبّح و يعقد بيده.
و روى عن سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل بسنده عن أبي هريرة قال:
سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن المرأة تحتلم هل عليها غسل ؟ فقال:«نعم. إذا وجدت الماء فلتغتسل»[13932].
ابن الحكم بن عبد اللّه أبو زرعة الحافظ الرّازي
قدم دمشق سنة تسع و أربعين و ثلاث مائة.
و سمع بها و بنيسابور و ببلخ و ببغداد و بمصر و بتنيس. و روى عنه جماعة.
[سمع محمد بن إبراهيم بن مورد، و عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، و علي بن إبراهيم القطان القزويني، و عبد اللّه بن محمد الحارثي، و بكر بن عبد اللّه المحتسب البخاري، و الحسين بن إسماعيل المحاملي، و محمد بن مخلد الدوري.
و كان حافظا متقنا، رحل في الحديث و سافر الكثير، و جالس الحفاظ ، و جمع التراجم و الأبواب، و حدث ببغداد.
فحدثنا عنه القاضيان أبو علي الواسطي، و أبو القاسم التنوخي، و أبو زرعة روح بن
ص: 87
محمد الرازي، و رضوان بن محمد الدينوري] (1).[و تمام الرازي، و الحسين بن محمد الفلاكي، و عبد الغني الأزدي، و أبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي] (2).
[قال ابن المحسن (التنوخي) سألته عن مولده، فقال: خرجت أول مرة إلى العراق سنة أربع و عشرين و ثلاثمائة، و لي أربع عشرة سنة] (3).
[له تصانيف كثيرة يروي فيها المناكير كغيره من الحفاظ و لا يبين حالها و ذلك مما يزرى بالحافظ .
سأله حمزة السهمي عن أحوال الرواة] (4).
روى عن أبي حامد أحمد بن محمد بن بلال بنيسابور بسنده عن عمران بن حصين قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«أقلّ ساكني الجنة النساء»[13933].
و روى أيضا عن أبي الحسين بن الجنيد الرازي بدمشق بسنده عن نافع، عن ابن عمر قال:
أتى سعد بن أبي وقاص إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال له: بأبي و أمي يا رسول اللّه، علمت أن لكلّ شيء ثمرة، و ثمرة الصلاة الدعاء، و أحب أن تعلّمني يا رسول اللّه. قال:«يا سعد، تريد أن تتعلم الدعاء؟» قال: ببركتك يا رسول اللّه، قال:«تعلم ما يصلح الدعاء قبل تعليمك الدعاء». قال: و ما يصلح الدعاء يا رسول اللّه ؟ قال:«مطعمك يا سعد، من أحبّ أن تستجاب دعوته فليطب مطعمه، يا سعد، لحم نبت على السّحت النار أولى به، يا سعد من لم يبال من أين يأتيه رزقه كان حقيقا على اللّه ألا يبالي من أيّما باب من أبواب جهنم أدخله»[13934].
و حدّث بسنده عن البيهقي قال:
وقف أعرابي على مجلس قوم في المسجد فقال: أيها الناس، و اللّه ما نتّخذ السؤال
ص: 88
صناعة، و لا نعدّ الاختذاء بضاعة، و إنها لأصعب علينا من وقع ظبى السيوف، و أمرّ من تجرّع كاسات الحتوف. و لكن منع الاضطرار الاختيار، و إنا كنا في عيش رقيق الحواشي فطواه الدهر بعد السعة، و أفضى بنا بعد العلاء إلى الضّعة، حتى لقد لبسنا أيدينا من القرّ (1)،و أفنينا سرابيلنا (2) من الضّرّ، و لم نر دارا أعزّ من الدنيا، و لا طالبا أغشم من الموت، و من عصف عليه الليل و النهار أردياه، و من وكل به الموت أفناه، فرحم اللّه من أعطى من سعة، أو وافى من كفاف، أو آثر من خصاصه (3).فلم يبق في المسجد أحد إلاّ أعطاه.
[قال أبو بكر الخطيب] (4):
[أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي، حدثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين الرازي ببغداد، حدثنا أبو بكر بن عبد اللّه الرازي المحتسب ببخارى، حدثنا أبي، حدثنا سليمان بن الربيع، حدثنا كادح بن رحمة الزاهد، حدثنا أبو حنيفة و مسعر و سفيان و شعبة و قيس و غيرهم عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«خيركم من تعلم القرآن و علمه»] (5).
[قال أبو الطيب أحمد بن علي بن محمد الطالبي الجعفري: حدثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن الحكم بن عبد اللّه الرازي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن إسماعيل السبيعي بحلب قال: أخبرني المنذر بن محمد القابوسي قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي الحسين بن سعيد، قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أيوب الإفريقي عبد اللّه بن علي قال: حدثني سماك عن جابر بن سمرة قال: كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يتناشدون عنده الشعر و يذكرون أمر جاهليتهم، فيضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و يتبسم إليهم] (6).
و سئل أبو زرعة عن مولده فقال: لست أحقه، و لكنّي خرجت إلى العراق أول دفعة
ص: 89
لطلب الحديث سنة أربع و عشرين و ثلاث مائة و كان لي إذ ذاك أربع عشرة سنة أو نحوها.
و وجد في كتاب أبي القاسم بن الثلاج بخطه: فقد أبو زرعة أحمد بن الحسين الرازي في طريق مكة سنة خمس و سبعين و ثلاث مائة (1).
أبو الحسين الأطرابلسي المعروف بابن الشماع
سكن عسقلان (2).و قدم دمشق و حدث بها.
روى بسنده عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من جمع القرآن متّعه اللّه بعقله حتى يموت»[13935].
توفي أبو الحسين بن الشماع بعسقلان في صفر - أو ربيع - سنة اثنتين و ثمانين و أربع مائة.
أبو بكر الأصبهاني المقرئ (3)
سكن نيسابور. و هو من القراء المشهورين بخراسان. له تصانيف في القراءات. إمام عصره في القراءات، و أعبد القراء. و كان مجاب الدعوة.
[سمع أحمد بن محمد الماسرجسي، و ابن خزيمة، و أبا العباس السراج، و مكي بن عبدان و جماعة.
و تلا بالعراق على زيد بن أبي بلال، و أبي الحسن بن بوبان، و أبي بكر النقاش. و أبي عيسى بكار، و ابن مقسم، و بدمشق على أبي الحسن محمد بن النضر الأخرم.
روى عنه: الحاكم، و ابن مسرور،(أبو حفص)، و أبو سعد الكنجروذي، و عبد الرحمن بن علّيك، و أبو سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ.
ص: 90
و تلا عليه مهدي بن طرارة، و طائفة] (1)،[و أبو القاسم علي بن أحمد البستي المقرئ شيخ الواحدي، و سعيد بن محمد الحيري] (2).
[قال الحاكم:
قرأت ببخارى على ابن مهران كتاب «الشامل» له في القراءات] (3).
روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:
نحرنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالحديبية البدنة عن سبعة و البقرة عن سبعة.
مرض أبو بكر بن مهران في العشر الأواخر من رمضان ثم اشتد به المرض في شوال و توفي يوم الأربعاء السابع و العشرين من شوال سنة إحدى و ثمانين و ثلاث مائة، و هو يوم مات ابن ست و ثمانين سنة. و توفي ذلك اليوم أبو الحسن العامري (4) صاحب الفلاسفة.
قال عمر بن أحمد الزاهد: سمعت الثقة من أصحابنا يذكر.
أنه رأى أبا بكر بن الحسين بن مهران في المنام في الليلة التي دفن فيها، قال: فقلت:
أيها الأستاذ، ما فعل اللّه بك ؟ فقال: إن اللّه عز و جل أقام أبا الحسن العامري بحذائي و قال لي: هذا فداؤك من النار (5).
أبو الفضل المعروف بابن الشواء
و كتب عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الدمشقي بها إنشادا. ذكره في معجم شيوخه.
ص: 91
أنبأنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اللّه الشافعي في معجم شيوخه قال: أنشدني أحمد بن الحسين بن المؤمل أبو الفضل المعري المعروف بابن الشواء بدمشق لابن النوت المعري في بعض الوزراء من اليهود:
يهود هذا الزمان قد بلغوا *** غاية آمالهم و قد ملكوا
العز فيهم و المال عندهم *** و منهم المستشار و الملك
و لست ممن فيهم بغركم *** تهودوا قد تهوّد الفلك]
أبو الحسين بن التّمار المؤذّن
مؤذن جامع دمشق.
حدث عن سليمان بن عبد الرحمن بسنده عن أبي هريرة قال:
أوصاني خليلي صلى اللّه عليه و سلم ألاّ أنام إلاّ على وتر و صلاة الضحى و صوم ثلاثة أيام من كل شهر.
[9605] أحمد بن الحسين، أبو الحسن البغدادي البرتي (1)
يعرف بالبسطامي (2)
روى بسنده عن أبي ذر البعلبكي عن مشايخه عن عائشة قالت:
سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول لعليّ :«حسبك، ما لمحبّك حسرة عند موته، و لا وحشة في قبره، و لا فزع يوم القيامة» (3).
قال (4):أبو ذرّ شيخ مجهول.
ص: 92
ابن السائب بن أبي السائب المخزومي البلقاوي
روى بسنده أنّ أبا هريرة قال:
أتى رجل من أسلم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و هو في المسجد، فناداه فقال: يا رسول اللّه، إن الآخر زنى، يريد نفسه، فأعرض عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فتنحى لشقّ وجهه الذي أعرض قبله، فأعرض عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فتنحى له، فأعرض عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فتنحى عنه الرابعة فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال:«بك جنون ؟» قال: لا يا رسول اللّه، فقال:«اذهبوا به فارجموه»، و كان قد أحصن[13936].
ابن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة أبو عمرو
و يقال: اسمه: عبد الحميد
[و هو ابن عم خالد بن الوليد، و أبي جهل بن هشام، و حنتمة بنت هاشم بن المغيرة، أم عمر بن الخطاب.
أمه درة بنت خزاعي بن الحارث بن حويرث الثقفي].
له صحبة. و هو الذي طلّق فاطمة بنت قيس.
شهد خطبة عمر بالجابية (1) و عارضه في عزل خالد بن الوليد بن المغيرة (2).و روى
ص: 93
عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في مدح خالد. و كانت تحته فاطمة بنت قيس فطلقها، فأتت النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال:
«لا نفقة لك». و فاطمة بنت قيس هي أخت الضحاك بن قيس الفهري. طلقها أبو عمرو و هو غائب بالشام (1).
و يقال: أبو حرب - البلقاوي
من أهل البلقاء،[من] عمل دمشق.
[روى عنه ذو النون] (2).
حدث عن عبد اللّه بن إدريس، قال: و هو أحد المجهولين - قال:
وفد على مولاي ملك البجة (3) رجل من أهل الشام يستميحه، يقال له عبد الرحمن بن هرمز الأعرج (4)،فقدم إليه طعاما على مائدة فتحركت القصعة على المائدة فأسندها الملك برغيف. فقال له عبد الرحمن بن هرمز: حدثني أبو هريرة قال: سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول:
«إذا خرجتم في حجّ أو عمرة فتمتعوا كيلا تتكلوا، و أكرموا الخبز فإن اللّه سخّر له بركات السماء و الأرض، و لا تسندوا القصعة بالخبز، فإنه ما أهانه قوم إلاّ ابتلاهم اللّه بالجوع»[13937].
أبو حزية بالحاء المهملة و الزاي.
ابن داود أبو عبد اللّه الكاتب
شاعر في غاية الظرف و الملاحة و الأدب.
ص: 94
قدم دمشق في صحبة المتوكل و امتدحه البحتري.
[قال ابن العديم]:
[أنبأنا (1) أحمد بن محمد بن الحسن، تاج الأمناء، قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن قال:
أحمد بن حمدون بن إسماعيل بن داود، أبو عبد اللّه الكاتب، شاعر في غاية الظرف و الملاحة و الأدب.
حكى عن الواثق، و عن أبيه حمدون روى عنه علي بن محمد بن نصر بن بسام - و هو ابن أخته - و جعفر بن قدامة، و الحسن بن محمد - عم أبي الفرج الأصبهاني - و أحمد بن الطيب السرخسي].
و ذكره أبو عبد اللّه محمد بن داود بن الجراح في كتاب الورقة في أسماء الشعراء (2)، و أنشد له في أحمد بن محمد بن ثوابة. و كان ابن حمدون يلقبه لبابة، و كان ابن ثوابة قد دعا أبا القاسم عبيد اللّه بن سليمان بن وهب (3) فترك لموسى بن بغا رغيفا من بيت ابن ثوابة، فمات موسى من غد ذلك اليوم فقال شعرا:
[استعذنا الإله من شرّ ما يص *** رق صبحا و من رغيف لبابه
قد دهانا الرغيف في الفارس المع *** لم و اجتث ملكه و نصابه
من رأى مصرع الأمير فلا يط *** عم طعاما من منزل ابن ثوابه
فلق حرم الإله على كل *** أديب طعامه و شرابه
إن فيه خلائقا و خصالا *** موجبات هجرانه و اجتنابه
صلف معجب بغيض مقيت *** أحمق مائق ضعيف الكتابة] (4)
قال أبو عبد اللّه بن حمدون:
ص: 95
كنت مع المتوكل لما خرج إلى دمشق، فركب يوما إلى رصافة هشام بن عبد الملك (1)يدور في قصوره و قصور ولده، ثم خرج فدخل إلى دير هناك قديم (2) من بناء الروم حسن البناء بين مزارع و أنهار، فدخل، فبينا هو يدور إذ بصر برقعة قد ألصقت في صدره فأمر بأن تقلع و تنزل فقلعت فإذا فيها مكتوب (3):
أيا منزلا بالدّير أصبح خاليا *** تلاعب فيه شمأل و دبور (4)
كأنّك لم يسكنك بيض أوانس *** و لم يتبختر (5) في فنائك حور
و أبناء أملاك عباشم سادة *** صغيرهم عند الأنام كبير
إذا لبسوا أدراعهم فعنابس (6) *** و إن لبسوا تيجانهم فبدور
على أنّهم يوم اللّقاء ضراغم *** و أنّهم يوم النّوال بحور
و لم يشهدوا الصهريج و الخيل حوله *** لديه (7) فساطيط لهم و خدور
و حولك رايات لهم و عساكر *** و خيل لها بعد الصّهيل شخير
ليالي هشام بالرّصافة قاطن *** و فيك ابنه، يا دير، و هو أمير
إذ العيش غضّ و الخلافة لدنة *** و أنت طرير و الزّمان غرير
و روضك مرتاض و نورك نيّر *** و عيش بني مروان فيك نضير
بلى فسقاك الغيث صوب غمامة (8) *** عليك لها (9) بعد الرّواح بكور
تذكّرت قومي خاليا فبكيتهم *** بشجو و مثلي بالبكاء جدير
فعزّيت نفسي و هي نفس إذا جرى *** لها ذكر قومي أنّة و زفير (10)
ص: 96
لعلّ زمانا جار يوما عليهم *** لهم بالذي تهوى النّفوس يدور (1)
فيفرح محزون و ينعم يائس *** و يطلق من ضيق الوثاق أسير
رويدك إنّ اليوم يتبعه غد *** و إنّ صروف الدائرات تدور
فلما قرأها المتوكل ارتاع و تطيّر و قال: أعوذ باللّه من سوء أقداره، ثم دعا بالديراني فقال: من كتب هذه الرقعة ؟ قال: لا أدري و اللّه، و أنا منذ نزل أمير المؤمنين هذا الموضع لا أملك من أمر الدير شيئا، يدخله الجند و الشاكرية و يخرجون و غاية قدرتي أني متولد في فلاتي، فهمّ بضرب عنقه و خراب الدير فكلمه الجلساء (2) و قالوا: ليس هذا ممّن يتّهم بالانحراف عنك و الميل إلى بني أمية. إنه ليس من أهل هذه الملة. و لم يزل الفتح بن خاقان (3) يشفع إليه حتى أمسك عنه. ثم بان بعد ذلك أن الذي كتب الأبيات رجل من ولد روح بن زنباع الجذامي، و كانت أمه من موالي هشام.
مات أحمد بن حمدون يوم الثلاثاء النصف من شعبان سنة أربع و ستين و مائتين.
أبو اسماعيل الهروي الحداد الصوفي،
المعروف بعمويه شيخ الصوفية بهراة
قدم دمشق، و سمع بها، و أطرابلس و غيرها، و صور، و نهاوند، و نيسابور.
حدث عن أبي الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي بسنده عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:
«إن من الشعر حكمة»[13938].
سافر الكثير، و لقي المشايخ و طاف بالبلاد.
توفي بهراة في غرّة رجب سنة إحدى و أربعين و أربع مائة. و كان مولده سنة تسع و أربعين و ثلاث مائة.
ص: 97
ابن صهيب بن طليب بن بخيت بن علقمة بن الصبر
أبو الحسن الأزدي، المعروف بابن أبي العجائز، و هو جده سعيد
حدث عن جماعة.
و روى عن علي بن غالب بن سلام بسنده عن سمرة أن نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«من توضأ فبها و نعمت، و من اغتسل فذلك أفضل». يعني يوم الجمعة[13939].
ص: 98
نزيل نيسابور.
سمع بدمشق، و الحجاز، و مصر، و العراق، و غيرها.
[كان رحالا، واسع الرحلة، دخل الشام، و سمع بتلّ منس من ناحية حلب المسيّب بن واضح السلمي] (1).
حدث عن هشام بن عمار بسنده عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«عليكم بهذا العلم قبل أن يقبض»، و قبل أن يرفع - ثم جمع بين إصبعيه الوسطى و التي تلي الإبهام هكذا ثم قال:«العالم و المتعلم في الخير شريكان، و لا خير في سائر الناس بعد»[13940].
قال أبو زكريا:
فالعالم و المتعلم في الأجر سيّان، كما أنّ الداعي و المؤمّن في الدعاء شريكان.
و حدث أيضا عن داود بن رشيد بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«سافروا تصحّوا و تغنموا»[13941].
ص: 99
[قال الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ (1):
أحمد بن خالد شيخ مفيد، كثير الرحلة، سكن نيسابور، و توفي بها.
قال أبو عبد اللّه الحاكم: أحمد بن خالد أبو العباس الدامغاني سمع ببغداد داود بن رشيد، و عبيد اللّه بن عمر القواريري و غيرهما؛ و بالبصرة: نصر بن علي، و عمر بن علي و أقرانهما، و بالكوفة أبا كريب و أقرانه، و بالحجاز أبا منصور الزهري، و يعقوب بن حميد، و بمصر الحارث بن مسكين، و أبا الطاهر، و عيسى بن حماد، و أبا الربيع الرشيدي و غيرهم، و بالشام محمد بن المصفى، و المسيب بن واضح و هشام بن عمار، و دحيم ابن اليتيم.
روى عنه أبو العباس الكوكبي، و أبو حامد ابن الشرقي، و أبو بكر بن علي و أبو عبد اللّه بن يعقوب، و هم حفاظ بلدنا] (2).
و قال غيره: توفي سنة ثمان (3) و ثمانين و مائتين.
ابن الخاضب أبو بكر الإمام
حدث عن أبي عمر بن كودك بسنده عن زياد بن أبي زياد (1) قال: سمعت أنس بن مالك يقول:
ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من هذا الفتى يعني: عمر بن عبد العزيز، و هو على المدينة.
[9615] أحمد بن خلف [الدمشقي] (2)
حدث عن أحمد بن أبي الحواري بسنده عن علقمة بن الحارث (3) قال:
قدمت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أنا سابع سبعة من قومي، فسلّمنا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فردّ علينا، و كلمناه فأعجبه كلامنا، فقال:«ما أنتم ؟» قلنا: مؤمنون، قال:«لكلّ قول حقيقة، فما حقيقة إيمانكم ؟» قلنا: خمس عشرة خصلة، خمس [منها] (4) أمرتنا بها رسلك [أن نؤمن بها] (5)،و خمس أمرتنا بها (6) و خمس تخلقنا بها في الجاهلية، و نحن عليها إلى الآن، إلاّ أن تنهانا يا رسول اللّه. قال:«و ما الخمس التي أمرتكم بها» (7)؟قالوا: أمرتنا أن نؤمن باللّه و ملائكته، و كتبه، و رسله، و بالقدر خيره و شره. قال:«و ما الخمس التي أمرتكم بها رسلي ؟» (8) قلنا: أمرتنا رسلك أن نشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أنك عبده و رسوله، و نقيم الصلاة المكتوبة، و نؤتي الزكاة المفروضة، و نصوم شهر رمضان، و نحج البيت إن استطعنا إليه السبيل.
ص: 101
قال:«و ما الخصال التي تخلقتم بها في الجاهلية ؟» قلنا: الشكر عند الرخاء، و الصبر عند البلاء، و الصدق (1) في مواطن اللقاء، و الرضا بمرّ القضاء، و ترك الشماتة إذا حلت بالأعداء (2).
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«فقهاء، أدباء، كادوا يكونون أنبياء من خصال ما أشرفها»، و تبسّم إلينا ثم قال:«و أنا أوصيكم بخمس خصال. لتكمل لكم خصال الخير: لا تجمعوا ما لا تأكلون، و لا تبنوا ما لا تسكنون، و لا تتنافسوا فيما غدا عنه تزولون، و اتقوا اللّه الذي يعني أنتم إليه راجعون و عليه تقدمون، و ارغبوا فيما إليه تصيرون و فيه تخلدون»[13942].
حدث عن أبيه قال: سمعت الرّبيع يقول: قال الشافعي:
الشرب في الخزف لا تطيب به نفسي، أخاف أن يكون طرحوا في التراب النجاسة و النار لا تطهره عندي، و الشرب في الصّفر (3) و النحاس ربما ظهر في الماء رائحته فأفسده، و الشرب في الرصاص يضر الجوف، و الشرب في الفضة حرام، فلا شيء أصلح من الشرب في الزجاج.
قال الربيع:
و كان الشافعي أكثر شربه في كوز زجاج، أو قدح زجاج.
أبو عبد اللّه الكندي الحلبي
سمع بدمشق، و بحلب، و بالثغور، و بالحجاز، و بحمص، و بالعراق.
[سمع بحلب زهير بن عباد الرؤاسي، و أبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي، و محمد بن أبي أسامة الحلبي، و عبيد بن جناد الحلبي القاضي، و أبا توبة الربيع بن نافع الحلبي،
ص: 102
و بالثغور محمد بن عيسى الطباع، و إبراهيم بن مهدي المصيصي، و إسحاق بن عبد اللّه الأذني التميمي، و عبد اللّه بن السري الأنطاكي، و سعيد بن رحمة، و عبد الرحيم بن مطرف السروجي، و بدمشق: عبد اللّه بن يزيد بن راشد الدمشقي، و بحمص: أبا اليمان الحكم بن نافع، و عبد اللّه بن جعفر الرقي، و بالحجاز: عبد اللّه بن الزبير الحميدي، و اسماعيل بن أبي أويس، و بالعراق: أبا نعيم الفضل بن دكين، و حدث بحلب عنهم، و عن محمد بن معاوية النيسابوري، و أبي الحسين يوسف بن يونس الأفطس.
روى عنه: أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن يزيد قاضي حلب، و أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي الحلبيان، و أبو بكر محمد بن أحمد بن يوسف بن بريد الكوفي، و أبو الحسن علي بن أحمد بن علي المصيصي، و أبو بكر أحمد بن مروان المالكي، و أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، و أبو عبد اللّه عبيد اللّه بن عبد الصمد بن المهتدي باللّه، و عمر بن محمد بن سليمان العطار نزيل مصر، و أبو زرعة أحمد بن شبيب الصوري، و أبو عبد اللّه أحمد بن جعفر بن أحمد الحاضري الحلبي، و أبو بكر محمد بن بركة برداعس، و أحمد بن سعيد ابن أم سعيد] (1).
حدث عن عبد اللّه بن يزيد بن راشد الدمشقي بسنده عن جابر أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«لا طلاق لمن لا يملك، و لا عتاق لمن لا يملك»[13943].
و حدث عن أبي نعيم الفضل بن دكين بسنده عن أبي سعيد قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلاّ مع زوجها، أو ابنها، أو ذي رحم»[13944].
و قيل: أو ذي محرم.
و حدث بسنده عن أبي كبشة الأنماري قال:
خرجت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في غزوة من مغازيه، فنزل منزلا فأتيناه فيه فرفع يديه و قال:
«الإيمان يمان و الحكمة هاهنا، إلى لخم و جذام»[13945].
و حدث بحلب سنة ثمان و سبعين و مائتين عن يوسف بن يونس الأفطس بسنده عن ابن عمر قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:
ص: 103
إذا كان يوم القيامة دعا اللّه عبدا من عبيده فيوقفه بين يديه فيسأله عن جاهه كما يسأله عن ماله (1).
[قال الذهبي]:
[كان صاحب رحلة و معرفة، و طال عمره. ما علمت به بأسا] (2).
[قال ابن العديم]:
[أنبأنا تاج الأمناء أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الدمشقي قال: أنبأنا أبو عبد اللّه محمد بن علي بن أبي العلاء قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني عبيد اللّه بن أحمد بن عثمان الصيرفي أن أبا الحسن الدار قطني ذكر هذا الحديث، يعني حديث الجاه، فقال: يوسف بن يونس الأفطس ثقة، و هو أخو أبي مسلم المستملي، و أحمد بن خليد ثقة أيضا.
قال أبو الحسن الدار قطني: و حدثني الحسن بن أحمد بن صالح الحافظ الحلبي أن هذا الحديث كان في كتاب أحمد بن خليد عن يوسف بن يونس عن سليمان بن بلال عن عبد اللّه ابن دينار عن ابن عمر، و قد درس متنه و درس إسناد الحديث الذي بعده، و بعده هذا الكلام، فكتبه بعض الوراقين عنه.
قال أبو الحسن الخلعي: أخبرنا أبو العباس الإشبيليّ قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أحمد بن خليد بن يزيد الحلبي قال: حدثنا محمد بن معاوية النيسابوري قال: حدثنا الوليد بن بكير عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن جابر بن عبد اللّه قال:
خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال:«أيها الناس توبوا إلى اللّه قبل أن تموتوا، و صلوا الذي بينكم و بين ربكم بكثرة الصوم و الصلاة تؤجروا و تجبروا و ترزقوا و تنصروا»[13946].
و ذكر أبو حاتم محمد بن حبان البستي في تاريخ الثقات في الطبقة الرابعة قال:
أحمد بن خليد أبو عبد اللّه الحلبي، يروي عن أبي اليمان، و قد سمع أبو اليمان
ص: 104
صفوان بن عمرو و حريز بن عثمان، و قد رويا جميعا عن عبد اللّه بن بسر، مات بعد الثمانين.
قال أبو عمرو بن منده: أخبرنا أبي أبو عبد اللّه قال:
أحمد بن خليد الحلبي حدث عن أبي نعيم، مات بعد الثمانين.
قال أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم القراب: سمعت منصور بن عبد اللّه يقول:
سمعت علي بن محمود بن داود بن أبي الفهم القاضي التنوخي يقول: توفي أحمد بن خليد بن يزيد الكندي سنة تسع و ثمانين و مائتين] (1).
من العبّاد. حدث أحمد بن أبي الحواري قال:
سمعت أبا سليمان الداراني يقول لأحمد بن داود: يا بن داود، إن الناس كلهم قد عملوا على الرجاء، فإن استطعت أنت وحدك تعمل على الخوف فاعمل.
حدث أحمد بن داود قال:
بينما سليمان بن داود يمشي مع أبيه، و هو غلام، إذ سمع صوت الرعد، فخرّ و لصق بفخذ أبيه داود فقال له: يا بني هذا صوت مقدمات رحمته، فكيف لو سمعت صوت مقدمات غضبه ؟
و يقال: ابن نصير - أبو بكر الحنظلي القومسي السمناني
سمع بدمشق و غيرها.
[و حدث عن هدبة بن خالد، و شيبان بن فروخ، و عبد اللّه بن عمر الخطابي، و أبي
ص: 106
بكر ابن أبي شيبة، و إبراهيم بن اسماعيل الكهيلي، و هشام بن عمار، و عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، و محمد بن مصفى، و حرملة بن يحيى، و محمد بن حميد الرازي.
روى عنه: محمد بن عمرو بن موسى العقيلي، و أبو العباس بن عبدة] (1).
حدث عن محمد بن حميد الرازي بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:
«يأتي على الناس زمان يخيّر الرجل بين العجز و الفجور، فمن أدرك ذلك فليختر العجز على الفجور»[13948].
و حدث عن مسروق بن المرزبان بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«إن أعجز الناس من عجز بالدعاء، و إنّ أبخل الناس من بخل بالسلام»[13949].
[قال أبو بكر الخطيب] (2):
[أخبرنا علي بن أبي علي قال: قرأنا على الحسين بن هارون عن ابن سعيد قال:
أحمد ابن داود بن أبي نصر القومسي، صاحب حديث فهم. سمعت محمد بن عبد اللّه بن سليمان يثني عليه و على أخيه] (3).
و حدث عن هشام بن عمار بسنده عن أبي الدرداء عن النبي صلى اللّه عليه و سلم:
في قول اللّه عز و جل كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [سورة الرحمن، الآية:29] قال:«من شأنه أن يغفر ذنبا و يفرج كربا و يرفع قوما و يضع آخرين»[13950].
[قال أبو أحمد الحاكم]:
[أبو بكر أحمد بن داود بن أبي نصر السمناني، سمع محمد بن أبي السري العسقلاني، و أبا عبد الملك صفوان بن صالح الدمشقي. كناه لي علي بن كثير] (4).
توفي سنة خمس و تسعين و مائتين (5).
ص: 107
و هو أحمد بن أبي دواد - اسم أبي دواد: فرج - و قيل: دعميّ (1)-بن جرير (2)بن مالك ابن عبد اللّه بن عبّاد بن سلام بن مالك بن عبد هند بن لخم بن مالك بن قنص (3)بن منعة بن برجان (4)بن دوس بن الدّئل بن أميّة بن حذاقة بن زهر بن إياد بن نزار بن معدّ بن عدنان.
قدم دمشق في صحبة المعتصم مجتازا إلى مصر. حماها اللّه تعالى.
قال المأمون (5)لأحمد بن أبي دؤاد:
ما اسم أبيك ؟ قال: هو اسمه. يعني الكنية. و الصحيح (6)أن اسمه كنيته. ولي ابن أبي دؤاد قضاء القضاة للمعتصم ثم للواثق، و كان موصوفا بالجود و السخاء و حسن الخلق و وفور الأدب، غير أنه أعلن بمذهب الجهمية (7)،و حمل السلطان على امتحان الناس بخلق القرآن.
[قال أبو بكر الخطيب]:
[أخبرني الصيمري، أخبرنا المرزباني، أخبرني الصولي.
حدثنا الحسين بن فهم قال] (8):
ص: 108
قال ابن النطاح:
أحمد بن أبي دؤاد من قبيلة يقال لهم بنو زهر، إخوة قوم يعرفون بحذاق.
قال الصولي (1):
و ذكر أبو تمام الطائي هذا في خطابه لابن أبي دؤاد فقال:
فالغيث من زهر سحابة رأفة *** و الرّكن من شيبان طود حديد
لأن ابن أبي دؤاد كان غضب عليه فشفع فيه خالد بن يزيد الشيباني فلتلك قال (2):
و الركن من شيبان...
و حكى الصولي عن أبي العيناء عنه أنه قال:
ولدت سنة ستين و مائة بالبصرة (3).
[قال أبو بكر الخطيب] (4):[أخبرني الصيمري قال: حدثنا المرزباني، حدثني اسماعيل بن محمد عن محمد بن يزيد قال] (5):قال أبو الهذيل (6):
دخلت على ابن أبي دؤاد و ابن أبي حفصة ينشده:
فقل للفاخرين على نزار *** و منها خندف و بنو إياد
رسول اللّه و الخلفاء منّا *** و منّا أحمد بن أبي دؤاد
فقال لي أبو عبد اللّه: كيف تسمع يا أبا الهذيل ؟ فقلت: هذا «يضع الهناء مواضع النّقب» (7).
[و قال المرزباني: أخبرني علي بن يحيى قال] (8):
ص: 109
قال أبو هفان (1):
لما قال مروان بن أبي الجنوب (2)في ابن أبي دؤاد:
رسول اللّه و الخلفاء منّا *** و منا أحمد بن أبي دؤاد
قلت: أنقض عليه:
فقل للفاخرين على نزار *** و هم في الأرض سادات العباد
رسول اللّه و الخلفاء منا *** و نبرأ من دعيّ بني إياد
و ما منا إياد إذ أقرّت *** بدعوة أحمد بن أبي دواد
فقال (3)ابن أبي دؤاد: ما بلغ مني أحد ما بلغ هذا الغلام المهزميّ ، لو لا أني أكره أن أنبّه عليه لعاقبته عقابا لم يعاقب أحد مثله، جاء إلى منقبة كانت لي فنقضها، عروة بعروة.
قال يعقوب بن أبي إسحاق الصائغ:
لما وجّه المأمون بأبي إسحاق المعتصم إلى مصر و عقد له من باب الأنبار (4)إلى أقصى الغرب قال ليحيى بن أكثم (5):ينبغي أن ترتاد لي رجلا لبيبا، له علم و أمانة، أنفذه مع أبي إسحاق، و أولّيه المظالم في أعماله، و أتقدم إليه سرّا بمكاتبتي سرّا بأخباره و ما يجري عليه أموره، و بما يظهر و يبطن، و ما يرى من أمور قواده و خاصّته، و كيف تدبيره في الأموال و غيرها، فإنّي لست أثق بأحد ممن يتولّى البريد، و ما أحب أن أجشمه بتقليد صاحب البريد عليه، فقال: يا أمير المؤمنين، عندي رجل من أصحابه أثق بعقله و رأيه و صدقه، فقال: جئني به في يوم كذا.
فصار يحيى بأحمد بن أبي دؤاد إلى المأمون فكلّمه فوجده فهما راجحا فقال له: أريد إنفاذك مع أخي أبي إسحاق و أريد أن تكتب بأخباره سرّا و تفتقد أحواله و أموره و تدبيره و خبر خاصته و خلواته، و تنفذ كتبك بذلك إلى يحيى بن أكثم مع ثقاتك، فقال له أحمد: أبلغ لك
ص: 110
في ذلك فوق ما قدرته عندي، فجمع المأمون بين أحمد بن أبي دؤاد و بين المعتصم و قال:
قد اخترت لك هذا الرجل، فضمّه إليك، فأخذه المعتصم. فلما بلغوا الأنبار وافت كتب البريد بموافاة المعتصم للأنبار، فقال المأمون ليحيى: ترى ما كان من بغداد إلى الأنبار خبر يكتب به صاحبك إليك ؟ فقال يحيى: لعله يا أمير المؤمنين لم يحدث خبر تجب المكاتبة به.
و كتب يحيى إلى أحمد يعنّفه و يخبره إنكار أمير المؤمنين تأخّر كتبه، فوقف أحمد على الكتاب و احتفظ به و لم يجب عنه، و شخص المعتصم حتى وافى الرحبة (1)،و لم يكتب أحمد بحرف واحد من أخبار المعتصم، و كتب أصحاب البريد بموافاة المعتصم للرحبة و أخبار عسكره، فتضاعف إنكار المأمون على يحيى، و كتب يحيى إلى أحمد و أغلظ له المخاطبة و أسمعه المكروه، فورد الكتاب على أحمد فقرأه و احتفظ به.
و سار المعتصم من الرحبة حتى وافى الرقة (2)فتضاعف إنكار المأمون على يحيى و قال له: يا سخين العين (3)،هذا مقدار رأيك و عقلك اللئيم إلاّ أن تكون غررتني متعمدا. فكتب إلى أحمد كتابا يشتمل على إيعاد، و إرهاب، و تحذير، و تخويف، و خاطبه بأفحش مخاطبة؛ فورد الكتاب على أحمد فقرأه و احتفظ به.
و أمر المأمون عمرو بن مسعدة (4)أن يكتب إلى المعتصم يأمره بالبعثة بأحمد بن أبي دؤاد مشدودة يده إلى عنقه مثقلا بالحديد محمولا على غير وطاء (5)،فورد الكتاب على المعتصم.
و دخل أحمد بن أبي دؤاد إليه و هم بالرّقّة ما جاوزوها، فرأى المعتصم كئيبا، مغموما، فقال: أيها الأمير، أراك مفكرا، و أرى لونك حائلا. فقال: نعم، الكتاب ورد عليّ من أجلك، و نبذ إليه بالكتاب، فقرأه أحمد، فقال له المعتصم: تعرف لك ذنبا يوجب ما كتب به
ص: 111
أمير المؤمنين ؟ قال: ما اقترفت ذنبا، إلاّ أن أمير المؤمنين لا يستحلّ هذا مني إلاّ بحجة، فما الذي عند الأمير فيما كتب به إليه ؟ فقال: أمر أمير المؤمنين لا يخالف، لكني أعفيك من الغلّ و الحديد و أحملك على حال لا توهنك (1)،و أوجهك مع غلام من غلماني أتقدم إليه بترفيهك و أن لا يعسفك (2)،فشكره و قال: إن رأيت أن تأذن لي في المصير إلى منزلي و معي من يراعيني (3)إلى أن أعود فافعل. فقال له: امض و وجّه معه خادما، فصار أحمد إلى منزله و استخرج الكتب الثلاثة و رجع إلى المعتصم فأقرأه إياها، و قال: إنما بعثت لأكتب بأخبارك و أتفقّد أحوالك، و أكاتب يحيى بذلك ليقرأه على أمير المؤمنين، فخالفت ذلك لما رجوته من الحظوة عندك و لما أمّلته منك، فاستشاط المعتصم غضبا، و كاد يخرج من ثيابه غيظا، و تكلم في يحيى بكلّ مكروه، و توعّده بكلّ بلاء، و قال لأحمد: يا هذا، لقد رعيت (4)لنا رعاية لم يتقدمها إحساننا إليك، و حفظت علينا ما نرجو أن يتسع لمكافأتك عليه، و معاذ اللّه أن أسلمك أو تنالك يد و لي قدرة على منعها منك، أو أوثر خاصة أو حميما عليك ما امتد بي عمر، فكن معي فأمرك نافذ في كلّ ما ينفذ فيه أمري، و لم يجب المأمون على كتابه، و لم يزل معه إلى أن ولي الخلافة، و إلى أن ولي الواثق، و إلى أيام المتوكل، فأوقع به.
نقلته مختصرا.
قال أبو نصر بن ماكولا (5):
دؤاد: بضم الدال المهملة و فتح الواو المخففة: أحمد بن أبي دواد قاضي المعتصم و الواثق،[و اسم أبي دواد فرج] (6)كان موصوفا بجودة الرأي و الكرم، و هو الذي امتحن العلماء بالقول في القرآن، و بدعوتهم إلى خلق القرآن (7).
ص: 112
[قال أبو بكر الخطيب] (1):[أخبرني الصيمري، أخبرنا المرزباني أخبرني محمد بن يحيى، قال] (2):
كان يقال (3):أكرم من كان في دولة بني العباس البرامكة ثم ابن أبي دؤاد، لو لا ما وضع [به] (4) نفسه من محبة المحنة لاجتمعت الألسن عليه، و لم يضف إلى كرمه كرم أحد.
و كان شاعرا مجيدا فصيحا بليغا (5).
قال أبو العيناء:
ما رأيت رئيسا أفصح و لا أنطق من ابن أبي دواد (6).
حدث حريز (7) بن أحمد بن أبي دواد أبو مالك قال (8):
كان أبي إذا صلّى رفع يده إلى السماء و خاطب ربه و أنشأ يقول:
ما أنت بالسّبب الضّعيف و إنّما *** نجح الأمور بقوّة الأسباب
فاليوم حاجتنا إليك و إنّما *** يدعى الطبيب لساعة (9) الأوصاب
قال محمد بن بوكرد (10):
لم يكن لقاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد أخ من الإخوان إلاّ بنى دارا على قدر كفايته، ثم وقف على ولد الإخوان ما يغنيهم أبدا، و لم يكن لأحد من إخوانه ولد إلا من جارية هو وهبها له.
ص: 113
[قال أبو بكر الخطيب]:
[أخبرنا الصيمري حدثنا المرزباني، أخبرني الصولي، حدثني أحمد بن إسماعيل حدثني سعيد بن حميد قال] (1):
دخل أبو تمام الطائي على أحمد بن أبي دؤاد فقال له: أحسبك عاتبا يا أبا تمام ؟ قال:
إنما يعتب على واحد، و أنت الناس جميعا فكيف يعتب عليك ؟ فقال: من أين هذه يا أبا تمام ؟ قال: من قول الحاذق - يعني: أبو نواس - للفضل به الربيع:
و ليس للّه بمستنكر *** أن يجمع العالم في واحد
قال علي الرازي (2):
رأيت أبا تمام عند ابن أبي دؤاد، و معه رجل ينشد عنه:
لقد أنست مساوئ كلّ دهر *** محاسن أحمد بن أبي دؤاد
و ما سافرت في الآفاق إلا *** و من جدواك راحلتي و زادي
يقيم (3) الظنّ عندك و الأماني *** و إن قلقت ركابي في البلاد
فقال ابن أبي دؤاد: هذا المعنى تفردت به أو أخذته ؟ قال: هو لي و قد ألمحت فيه بقول أبي نواس (4):
و إن جرت الألفاظ يوما بمدحة *** لغيرك إنسانا فأنت الذي نعني
قال مسبّح بن حاتم (5):
لقيني قاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد فقال بعد أن سلّم عليّ : ما يمنعك أن تسألني ؟
ص: 114
فقلت له: إذا سألتك فقد أعطيتك ثمن ما أعطيتني. فقال لي: صدقت. و أنفذ إليّ خمسة آلاف درهم.
قال أبو خليفة الفضل بن الحباب (1):
كان في جوارنا رجل حذّاء (2) فاحتاج في أمر له أن يتظلم إلى الواثق [فشخص إلى سرّ من رأى، ثم عاد] (3) فأخبرنا أنه رفع قصته إليه فأمر بردّه إلى ابن أبي دؤاد مع جماعة من المتظلمين قال: فحضرت إليه ينظر في أمور الناس، و تشوّفت (4) لينظر في أمري فأومأ إليّ بالانتظار، فانتظرت حتى لم يبق أحد فقال لي: أ تعرفني ؟ قلت: و لا أنكر القاضي. قال:
و لكني أعرفك، مضيت يوما في الخلاء (5) فانقطعت نعلي، و أعطيتني شسعا لها، فقلت لك:
إنّي أجيئك بثواب ذلك، فتكرهت قولي، و قلت: و ما مقدار ما فعلت، امض في حفظ اللّه، و اللّه لأصلحنّ زمانك كما أصلحت نعلي، ثم وقع لي في ظلامتي، و وهب لي خمس مائة درهم، و قال: زرني في كل وقت. قال: فرأيناه بمتسع الحال بعد أن رأيناه مضيّقا.
حدث أبو مالك حريز بن أحمد بن أبي دؤاد قال (6):
قال الواثق يوما لأبي - تضجرا (7) بكثرة حوائجه-: يا أحمد، قد اختلت بيوت الأموال بطلبائك (8)،اللائذين بك و المتوسلين إليك فقال: يا أمير المؤمنين، نتائج شكرها متصلة بك، و ذخائر أجرها مكتوبة لك، و ما لي من ذلك إلا عشق اتّصال الألسن بحلو المدح فيك.
فقال: يا أبا عبد اللّه، و اللّه لا منعناك ما يزيد في عشقك، و يقوّي من همتك، فتناولنا بما أحببت.
[قال أبو بكر الخطيب] (9):[أخبرني الحسين بن علي الحنفي، حدثنا محمد بن عمران
ص: 115
الكاتب، حدثنا الصولي] (1)،حدثنا الحارث بن [أبي] (2) أسامة (3):
أمر الواثق لعشرة من بني هاشم بعشرة آلاف درهم على يد ابن أبي دؤاد، فدفعها إليهم فكلمه نظراؤهم ففرق فيهم عشرة آلاف درهم لعشرة مثل أولئك من عنده على أنها من عند الواثق، فبلغه ذلك فقال له: يا أبا عبد اللّه، ما لنا أكثر من مالك، فلم تغرم و تضيف ذلك إلينا؟ فقال: و اللّه، يا أمير المؤمنين لو أمكنني أن أجعل ثواب حسناتي لك، و أجهد في عمل غيرها لفعلت، و كيف أبخل بمال أنت ملكتنيه، على أهلك الذين يكثرون الشكر، و يتضاعف بهم الأجر؟ قال: فوصله بمائة ألف درهم، ففرّق جميعها في بني هاشم.
قال محمد بن عمرو الرومي (4):
ما رأيت قط أجمع رأيا من ابن أبي دؤاد، و لا أحضر حجة، قال له الواثق: يا عبد اللّه، رفعت إليّ رقعة و فيها كذب كبير، قال: ليس بعجب أن أحسد على منزلتي من أمير المؤمنين، فيكذب عليّ قال: زعموا فيها أنك ولّيت القضاء رجلا ضريرا. قال: قد كان ذاك، و أمرته أن يستخلف، و كنت (5) عازما على عزله حين أصيب ببصره، فبلغني أنه عمي من بكائه على أمير المؤمنين المعتصم، فحفظت ذلك له.
قال: و فيها أنك أعطيت شاعرا ألف دينار - يعني أبا تمام (6)-قال: ما كان ذلك و لكن أعطيته دونها، و قد أثاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كعب بن زهير الشاعر، و قال في آخر (7):«اقطع عني لسانه». و هذا شاعر طائي مدّاح لأمير المؤمنين مصيب محسن، لو لم أرع له إلاّ قوله للمعتصم صلوات اللّه عليه في أمير المؤمنين أعزه اللّه (8):
ص: 116
و اشدد (1) بهارون الخلافة إنّه *** سكن لوحشتها و دار قرار
و لقد علمت بأنّ ذلك معصم *** ما كنت تتركه بغير سوار
قال: فوصل أبا تمام بخمس مائة دينار.
قال أبو بكر محمد بن يحيى الصولي (2):
قال أبو تمام حبيب بن أوس (3):
أ يسلبني ثراء المال ربّي *** و أطلب ذاك من كفّ جماد
زعمت إذا بأنّ الجود أمسى *** له ربّ سوى ابن أبي دؤاد
[قال أبو بكر الخطيب] (4):
[أخبرني محمد بن الحسين القطان، أخبرنا محمد بن الحسن النقاش، أن أحمد بن يحيى ثعلبا أخبرهم قال] (5):أخبرنا ابن الأعرابي قال (6):
سأل رجل قاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد أن يحمله على عير فقال: يا غلام، أعطه عيرا و بغلا و برذونا و فرسا و جارية ثم قال: أما و اللّه لو عرفت مركوبا غير هذا لأعطيتك.
[فشكر له الرجل، و قاد ذلك له و مضى] (7).
قال أبو العيناء (8):
ما رأيت في الدنيا أحدا أحرص على أدب من ابن أبي دؤاد، و لا أقوم على أدب منه، و ذلك أنّي ما خرجت من عنده يوما قط فقال: يا غلام خذ بيده، بل كان يقول: يا غلام أخرج معه، فكنت أنتقد (9) هذه الكلمة عليه، فلا يخلّ بها و لا أسمعها من غيره.
ص: 117
قال عون بن محمد الكندي (1):
عهدي بالكرخ ببغداد و إن رجلا لو قال: ابن أبي دؤاد مسلم قتل في مكانه، ثم وقع الحريق في الكرخ و هو الذي ما كان مثله قط ، فكلم ابن أبي دؤاد المعتصم في الناس و قال: يا أمير المؤمنين، رعيتك في بلد آبائك و دار ملكهم نزل بهم هذا الأمر فاعطف عليهم بشيء يفرّق فيهم يمسك أرماقهم، و يبنون به ما انهدم عليهم، و يصلحون به أحوالهم، فلم يزل ينازله حتى أطلق له خمسة آلاف ألف درهم، فقال: يا أمير المؤمنين، إن فرّقها عليهم غيري خفت أ لا تقسم بالسويّة، فائذن لي في تولّي أمرها ليكون الأجر أكبر و الثناء أوفر (2).قال:
ذلك إليك، فقسمها على مقادير الناس، و ما ذهب منهم نهاية ما يقدر عليه من الاحتياط ، و احتاج إلى زيادة فازدادها من المعتصم. و غرم من ماله في ذلك غرما كبيرا، فكانت هذه من فضائله التي لم يكن لأحد مثلها.
قال عون:
فلعهدي بالكرخ بعد ذلك و إن إنسانا لو قال: زرّ ابن أبي دؤاد وسخ لقتل.
حدث علي بن الحسين الإسكافي قال (3):
اعتل أحمد بن أبي دؤاد فعاده المعتصم فقام فتلقاه و قال له: قد شفاني اللّه بالنظر إلى أمير المؤمنين، فدعا له بالعافية و قال له: إنّي نذرت إن عافاك اللّه أن أتصدّق بعشرة آلاف دينار فقال له: يا أمير المؤمنين، اجعلها لأهل الحرمين، فقد لقوا من غلاء الأسعار عنتا (4)،فقال:
نويت أن أتصدّق بها هاهنا، و أنا أطلق لأهل الحرمين مثلها، ثم نهض فقال له: أمتع اللّه الإسلام و أهله ببقائك يا أمير المؤمنين، فإنك كما قال النّمريّ لأبيك الرشيد:
إنّ المكارم و المعروف أودية *** أحلّك اللّه منها حيث تجتمع
من لم يكن بأمين اللّه معتصما *** فليس بالصّلوات الخمس ينتفع
فقيل للمعتصم في ذلك، لأنه عاده و ليس يعود إخوته و أخلاء (5) أهله، فقال المعتصم:
ص: 118
كيف لا أعود رجلا ما وقعت عيني عليه قط إلاّ ساق إليّ أجرا، أو أوجب لي شكرا، أو أفادني فائدة تنفعني في ديني و دنياي، و ما سألني حاجة لنفسه قط .
قال محمد بن عبد الملك الزيات (1):
كان رجل من ولد عمر بن الخطاب لا يلقى أحمد بن أبي دؤاد في محفل و لا وحده إلاّ لعنه و دعا عليه، و ابن أبي دؤاد لا يردّ عليه شيئا. قال: فعرضت لذلك الرجل حاجة إلى المعتصم فسألني أن أرفع له قصته إليه، فمطلته و اتقيت (2) ابن أبي دؤاد، فلما ألحّ عليّ عزمت على أن أوصل قصته، و تذممت من مطلبي (3).فدخلت ذات يوم على المعتصم و قصته معي و اغتنمت غيبة ابن أبي دؤاد فرفعت قصته إليه، فهو يقرأها إذ دخل ابن أبي دؤاد و القصة في يد المعتصم، فلما قرأها دفعها إلى ابن أبي دؤاد، فلما نظر إليها، و اسم الرجل في أولها قال: يا أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب، يا أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب، ينبغي أن يقضى لولده كلّ حاجة له، فوقّع له أمير المؤمنين بقضاء الحاجة.
قال محمد بن عبد الملك: فخرجت و الرجل جالس فدفعت إليه القصة و قلت له:
تشكّر لأبي عبد اللّه القاضي فهو الذي اعتنق (4) قصتك، و سأل أمير المؤمنين في قضاء حاجتك. قال: فوقف حتى خرج ابن أبي دؤاد، فجعل يدعو له و يتشكر له، فقال له: اذهب عافاك اللّه فإنّي إنما فعلت ذلك لعمر بن الخطاب لا لك.
قال إسحاق بن إبراهيم (5):
كنت عند الواثق يوما، و هو بالنجف (6)،فدخل ابن أبي دؤاد، فقعد معنا نتحدث و لم يك خرج الواثق بعد، فقال لي أحمد بن أبي دؤاد: يا إسحاق قلت: لبيك، قال: أعجبني هذان البيتان، قلت: أنشدني فما أعجبك من شيء ففيه السرور، فأنشدني:
و لي نظرة لو كان يحبل ناظر *** بنظرته أنثى لقد حبلت منّي
ص: 119
فإن ولدت ما بين تسعة أشهر *** إلى نظري أنثى فإن ابنها ابني (1)
فقلت: قد أجاد، و لكني أنشدك بيتين أرجو أن يعجباك قال: هات، فأنشدته:
و لما رمت بالطّرف غيري ظننتها *** كما أثّرت بالطّرف تؤثر بالقلب
و إنّي بها في كل حال لواثق *** و لكنّ سوء الظّن من شدّة الحبّ
قال: أحسنت يا إسحاق، و خرج الواثق فقال: فيم أنتم! فحدثه ابن أبي دؤاد و أنشده، فأمر له (2) بعشرة آلاف درهم، و أمر لابن أبي دؤاد بثلاثين ألفا، فلما رجعت إلى منزلي أصبت في منزلي أربعين ألفا فقلت: ما هذا؟ فقيل وجّه إليك أبو عبد اللّه بهذا.
[قال أبو بكر الخطيب] (3):[أخبرني الحسين بن علي النخعي، حدثنا محمد بن عمران، أخبرني ابن دريد] (4) قال الحسن بن خضر (5):كان ابن أبي دؤاد مألفا (6) لأهل الأدب من أي بلد كانوا، و كان قد ضم إليه جماعة يعولهم و يمونهم. فلما مات اجتمع ببابه جماعة منهم فقالوا: يدفن من كان على ساقة الكرم و تاريخ الأدب و لا نتكلم فيه ؟ إنّ هذا لوهن و تقصير، فلما طلع سريره قام ثلاثة نفر فقال أحدهم:
اليوم مات نظام الفهم و اللّسن *** و مات من كان يستعدى (7) على الزّمن
و أظلمت سبل الآداب إذ حجبت *** شمس المعارف (8) في غيم من الكفن
و تقدم الثاني فقال:
ترك المنابر و السّرير تواضعا *** و له منابر لو يشاء و سرير
و لغيره يجبى الخراج و إنما *** تجبى إليه محامد و أجور
و قام الثالث فقال:
ص: 120
و ليس نسيم المسك (1) ريح حنوطه *** و لكنّه ذاك الثّناء المخلّف
و ليس صرير النّعش ما تسمعونه (2) *** و لكنها أصلاب قوم تقصّف
قال الحسن بن ثواب (3):
سألت أحمد بن حنبل عمن يقول القرآن مخلوق قال: كافر. قلت فابن أبي دؤاد؟ قال:
كافر باللّه العظيم. قلت: بما ذا كفر؟ قال: بكتاب اللّه تعالى. قال اللّه تعالى: وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوٰاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جٰاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ [سورة البقرة، الآية:120] فالقرآن من علم اللّه، فمن زعم أن علم اللّه مخلوق فهو كافر باللّه العظيم.
قال علي بن الموفق (4):
ناظرت قوما أيام المحنة. قال: فنالوني بما أكره، فعدت إلى منزلي و أنا مغموم بذلك، فقدمت إليّ امرأتي عشاء، فقلت لها: لست آكل، فرفعته، و نمت فرأيت النبي صلى اللّه عليه و سلم في النوم داخل المسجد و في المسجد حلقتان يعني: إحداهما فيها أحمد بن حنبل و أصحابه، و الأخرى فيها ابن أبي دؤاد و أصحابه، فوقف بين الحلقتين و أشار بيده فقال: فَإِنْ يَكْفُرْ بِهٰا هٰؤُلاٰءِ [سورة البقرة، الآية:120] و أشار إلى حلقة ابن أبي دؤاد فَقَدْ وَكَّلْنٰا بِهٰا قَوْماً لَيْسُوا بِهٰا بِكٰافِرِينَ [سورة الأنعام، الآية:89] و أشار إلى الحلقة التي فيها أحمد بن حنبل.
قال محمد بن يحيى الصولي:
كان المتوكل يوجب لأحمد بن أبي دؤاد و يستحيي أن ينكبه، و إن كان يكره مذهبه، لما كان يقوم به من أمره أيام الواثق، و عقد الأمر له و القيام به من بين الناس، فلما فلج أحمد بن أبي دؤاد في جمادى الآخرة (5) سنة ثلاث و ثلاثين و مائتين أول ما ولي المتوكل الخلافة ولّى المتوكل ابنه محمد بن أحمد أبا الوليد القضاء و مظالم العسكر مكان أبيه، ثم عزله عنها يوم
ص: 121
الأربعاء لعشر بقين من صفر سنة أربعين و مائتين، و وكل بضياعه و ضياع أبيه ثم صولح على ألف ألف دينار، و أشهد على ابن أبي دؤاد و ابنه بشراء ضياعهم و حدرهم إلى بغداد، و ولى يحيى بن أكثم ما كان إلى ابن أبي دؤاد (1).
و هجاهما علي بن الجهم و غيره،[و مما قاله علي بن الجهم يهجو أحمد بن أبي دؤاد، يشمت به لما نفاه المتوكل] (2):
[يا أحمد بن أبي دؤاد دعوة *** بعثت إليك جنادلا و حديدا
ما هذه البدع التي سميتها *** بالجهل منك العدل و التوحيدا
أفسدت أمر الدين حين وليته *** و رميته بأبي الوليد وليدا] (3)
[و قال علي بن الجهم لما فلج أحمد بن أبي دؤاد] (4):
[لم يبق منك سوى خيالك لامعا *** فوق الفراش ممهدا بوساد
فرحت بمصرعك البرية كلها *** من كان منهم موقنا بمعاد
إن الأسارى في السجون تفرجوا *** لما أتتك مواكب العواد] (5)
قال محمد بن الواثق (6) الذي يقال له المهتدي باللّه (7):
كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلا أحضرنا ذلك المجلس، فأتي بشيخ مخضوب (8) مقيد، فقال أبي: ائذنوا لأبي عبد اللّه و أصحابه - يعني ابن أبي دؤاد - قال: فأدخل الشيخ [و الواثق] (9) في مصلاّه. قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال له: لا سلم اللّه عليك.
ص: 122
فقال: يا أمير المؤمنين، بئس ما أدّبك مؤدّبك. قال اللّه تعالى: وَ إِذٰا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهٰا أَوْ رُدُّوهٰا [سورة النساء، الآية:86] و اللّه ما حييتني بها و لا أحسن منها. فقال ابن أبي دؤاد: يا أمير المؤمنين، الرجل متكلم، فقال له: كلّمه. فقال: يا شيخ ما تقول في القرآن ؟ قال الشيخ: لم تنصفني - يعني ولي السؤال - فقال له: سل، فقال له الشيخ:
ما تقول في القرآن ؟ فقال: مخلوق، فقال: هذا شيء علمه النبي صلى اللّه عليه و سلم و أبو بكر، و عمر، و عثمان، و علي، و الخلفاء الراشدون أم شيء لم يعلموه ؟ فقال: شيء لم يعلموه ؟ فقال:
سبحان اللّه شيء لم يعلمه النبي صلى اللّه عليه و سلم و لا أبو بكر، و لا عمر، و لا عثمان، و لا علي، و لا الخلفاء الراشدون علمته أنت ؟!. قال: فخجل، و قال: أقلني: قال: و المسألة بحالها، قال: نعم، قال: ما تقول في القرآن ؟ فقال: مخلوق، فقال: هذا شيء علمه النبي صلى اللّه عليه و سلم و أبو بكر، و عثمان، و علي، و الخلفاء الراشدون أم لم يعلموه ؟. فقال: علموه و لم يدعوا الناس إليه، قال: أ فلا وسعك ما وسعهم. قال: ثم قام أبي فدخل مجلس الخلوة و استلقى على قفاه، و وضع إحدى رجليه على الأخرى و هو يقول: هذا شيء لم يعلمه النبي صلى اللّه عليه و سلم و لا أبو بكر، و لا عمر، و لا عثمان، و لا علي، و لا الخلفاء الراشدون علمته أنت، سبحان اللّه شيء علمه النبي صلى اللّه عليه و سلم و أبو بكر، و عمر، و عثمان، و علي، و الخلفاء الراشدون و لم يدعوا الناس إليه ؟ أ فلا وسعك ما وسعهم ؟ ثم دعا عمارا الحاجب فأمر أن يرفع عنه القيود و يعطيه أربع مائة دينار، و يأذن له في الرجوع، و سقط من عينه ابن أبي دؤاد و لم يمتحن بعد ذلك أحدا.
و مما قيل في ابن أبي دؤاد:
إلى كم تجعل الأعراب طرّا *** ذوي الأرحام منك بكلّ واد
تضمّ على لصوصهم جناحا *** لتثبت دعوة لك في إياد
فأقسم أنّ رحمك في إياد *** كرحم بني أميّة من زياد
قال عبد العزيز بن يحيى المكي (1):
ص: 123
دخلت على أحمد بن أبي دؤاد، و هو مفلوج، فقلت: إني لم آتك عائدا، و لكني جئت لأحمد اللّه على أن سجنك في جلدك.
قال أبو يوسف يعقوب بن موسى بن الفيرزان (1) ابن أخي معروف الكرخي قال (2):
رأيت في المنام كأني و أخا لي نمرّ على نهر عيسى (3) على الشط ، و طرف عمامتي بيد أخي هذا، فبينا نحن نمشي إذا امرأة تقول لصديقي هذا: ما تدري ما حدث الليلة ؟ أهلك اللّه ابن أبي دؤاد. فقلت أنا لها: و ما كان سبب هلاكه ؟ قالت: أغضب اللّه عليه فغضب عليه من فوق سبع سماوات.
قال يوما سفيان بن وكيع لأصحابه (4):
تدرون ما رأيت الليلة ؟- و كانت الليلة التي رأوا فيها النار ببغداد و غيرها - قال: رأيت كأن جهنم زفرت فخرج منها اللهب، أو نحو هذا الكلام. فقلت: ما هذا؟ قال: أعدّت لابن أبي دؤاد.
قال المغيرة بن محمد المهلبي (5):
مات أبو الوليد محمد بن أحمد بن أبي دؤاد - و هو و أبوه منكوبان - في ذي الحجة سنة تسع و ثلاثين و مائتين، و مات أبوه في المحرم سنة أربعين و مائتين يوم السبت لتسع (6) بقين منه فكان بيته و بين ابنه شهر أو نحوه، و دفن في داره ببغداد و صلّى عليه ابنه العباس.
[قال أبو روق الهزاني: حكى لي ابن ثعلبة الحنفي عن أحمد بن المعذل أن ابن أبي دؤاد كتب إلى رجل من أهل المدينة: إن تابعت أمير المؤمنين في مقالته استوجبت حسن المكافأة.
ص: 124
فكتب إليه:
عصمنا اللّه و إياك من الفتنة، الكلام في القرآن بدعة يشترك فيها السائل و المجيب، تعاطى السائل ما ليس له، و تكلف المجيب ما ليس عليه. و لا نعلم خالقا إلاّ اللّه، و ما سواه مخلوق إلاّ القرآن، فإنه كلام اللّه] (1).
[قال أبو بكر الخطيب] (2):
[أخبرنا علي بن محمد بن عبد اللّه بن بشران المعدل حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا إبراهيم الختلي، حدثنا أبو يعقوب - يعني ابن أخي معروف الكرخي قال: أخبرني من أثق به من إخواننا قال: رأيت في المنام كأن أبي التقم يدي اليمني فقال لي أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعٰادٍ إِرَمَ ذٰاتِ الْعِمٰادِ اَلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهٰا فِي الْبِلاٰدِ وَ ثَمُودَ الَّذِينَ جٰابُوا الصَّخْرَ بِالْوٰادِ وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتٰادِ اَلَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلاٰدِ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسٰادَ، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذٰابٍ منهم ابن أبي دؤاد إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصٰادِ قال: إسحاق. و حدثني أبو عبد اللّه البراثي - صديقنا و كان من الأبدال - قال رأيت قبل دخول الناس بغداد كأن قائلا يقول لي: ما علمت ما فعل اللّه بابن أبي دؤاد؟ حسر لسانه فأخرسه، و جعله للناس آية.
قرأت على محمد بن الحسين القطان عن دعلج بن أحمد عن أحمد بن علي الأبار، حدثنا الحسن بن الصباح قال: سمعت خالد بن خداش قال: رأيت في المنام كأن آتيا أتاني بطبق فقال: اقرأه فقرأت، بسم اللّه الرحمن الرحيم، ابن أبي دؤاد يريد أن يمتحن الناس فمن قال: القرآن كلام اللّه كسي خاتما من ذهب فصه ياقوتة حمراء، و أدخله اللّه الجنة و غفر له، أو قال: غفر له، و من قال: القرآن مخلوق جعلت يمينه يمين قرد، فعاش بعد ذلك يوما أو يومين ثم يصير إلى النار] (3).
[قال عبد اللّه بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: سمعت بشر بن الوليد يقول:
استتيب ابن أبي دؤاد من القرآن مخلوق في ليلة ثلاث مرات. يتوب ثم يرجع] (4).
ص: 125
[قال ابن خلكان] (1):
[قيل: إن أصلهم من قرية قنسرين، و اتجر أبوه إلى الشام و أخرجه معه و هو حدث فنشأ أحمد في طلب العلم و خاصة الفقه و الكلام حتى بلغ ما بلغ و صحب هياج بن العلاء السلمي، و كان من أصحاب واصل بن عطاء. فصار إلى الاعتزال.
و قال إبراهيم بن الحسن: كنا عند المأمون فذكروا من بايع من الأنصار ليلة العقبة، فاختلفوا في ذلك، و دخل ابن أبي دؤاد، فعدهم واحدا واحدا بأسمائهم و كناهم و أنسابهم، فقال المأمون: إذا استجلس الناس فاضلا فمثل أحمد، فقال أحمد: بل إذا جالس العالم خليفة فمثل أمير المؤمنين الذي يفهم عنه، و يكون أعلم بما يقوله منه و من كلام أحمد:
ليس بكامل من لم يحمل وليه على منبر و لو أنه حارس، و عدوه على جذع و لو أنه وزير] (2).
ص: 126
قال ابن عساكر: أخطأ فيه بعض النقلة، و ذكر أنه روى عن عراك بن خالد.
حدث عن عراك بن خالد بن يزيد بن صبيح المري بسنده عن عكرمة قال:
لما عزّي النبي صلى اللّه عليه و سلم بابنته رقية امرأة عثمان بن عفان قال:«الحمد للّه، دفن البنات من المكرمات»[13951].
قال: هكذا روي. و الحديث محفوظ عن عبد اللّه بن أحمد بن بشير بن ذكوان المقرئ إمام جامع دمشق، و هو مذكور في ترجمته (1).
ص: 127
[من الأحمدين] (1)
ابن زبر والد القاضي أبي محمد
حدث عن جماعة، و روى عنه ولده أبو محمد عبد اللّه بن أحمد القاضي (2).
حدث أحمد بن ربيعة بسنده قال (3):كان أبو جعفر المنصور قد استعمل على معونة (4)البصرة عقبة بن سلم الهنائي (5)،فذكر من إقدامه على دماء المسلمين و أموالهم و تجبّره و عتوّه على اللّه عز و جل أمرا منكرا فظيعا، و كان على القضاء يومئذ سوّار بن عبد اللّه (6)،قال:
فقدم رجل من التجار في البحر بجوهرة نفيسة فبلغ خبرها عقبة بن سلم (7) فأخذ الجوهرة منه و سجنه، فجاءت زوجة له إلى سوّار بن عبد اللّه فقالت له: أنا باللّه ثم بالقاضي فقال: و ما شأنك ؟. قالت: إن زوجي قدم من البحر و معه جوهرة نفيسة، فبلغ الأمر عقبة بن سلم خبرها
ص: 128
فاغتصبه إياها و حبسه في السجن، قال: فبعث إليه سوّار رسولا يذكر له ما تظلمت منه المرأة إليه و يقول: إن كان ذلك حقا فأطلق الرجل و اردد عليه جوهرته، فزجره عقبة و شتم سوارا شتما قبيحا، فرجع الرسول فأخبر سوارا بذلك، فوجّه سوار لجماعة من أمنائه بمثل تلك الرسالة ليسمعوا ما يردّ الجواب، فأتوه فأدّوا الرسالة، فردّ عليهم من الشتم لهم و لسوار أمرا قبيحا، فأتوه فأخبروه بذلك، فأرسل إليه سوّار: و اللّه لئن لم تطلق الرجل و تردّ عليه جوهرته لآتينك في ثياب بياض ماشيا و لأدمّرن (1) عليك بغير سلاح و لا رجال، و لأقتلنك قتلة يتحدث بها الناس. فلما سمع جلساؤه (2) رسالة سوار قالوا له: أيها الأمير، إنه و اللّه ما يقول شيئا إلاّ يفعله، و هو سوار قاضي أمير المؤمنين، و قبائل مضر و تميم و بلعنبر كلها مستجيبة (3) له، و أنت رجل من أهل اليمن ليس بالنصرة (4) من عشيرتك كثير، فأجبه إلى ما أمر به، فوجّه عقبة بالرجل و بالجوهرة. و وجّه معه رجالا يشهدون عليه بقبض الرجل و الجوهرة. فلما صاروا إليه صاح بهم: يا أعداء اللّه (5) بما ذا تشهدون علي ؟ تطلق الرجل و ترد عليه جوهرته ؟! قال: فانصرفوا مرعوبين.
توفي أحمد بن ربيعة يوم السبت السادس و العشرين من رمضان سنة ست و ثمانين و مائتين.
[أحمد (1) بن روح بن زياد بن أيوب، أبو الطيب الشعراني، حدث عن عبد اللّه بن خبيق الأنطاكي، و محمد بن حرب النسائي، و الحسن بن محمد بن الصياح الزعفراني: روى عنه: القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم العسال، و أحمد بن بندار بن إسحاق الشعار الأصبهانيان، و أبو القاسم الطبراني.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه بن شهريار أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا أحمد بن روح الشعراني ببغداد، حدثنا عبد اللّه بن خبيق الأنطاكي، حدثنا يوسف بن أسباط ، حدثنا سفيان عن محمد بن جحادة عن أنس أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يطوف على نسائه في غسل واحد].
[قال أبو نعيم الحافظ ] (2):
[أحمد بن روح بن زياد بن أيوب أبو الطيب البغدادي، قدم أصبهان قبل التسعين و مائتين، يروي عن عبد اللّه بن خبيق و الناس، له مصنفات في الزهد و الأخبار] (3).
روى عن محمد بن حرب النشائي بسنده عن عائشة و حفصة رضي اللّه عنهما قالتا:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«لا يحلّ لا مرأة تؤمن باللّه و اليوم الآخر أن تحدّ لغير زوجها فوق ثلاث» (4)[13952].
و روى عن العباس بن الوليد بن مزيد بسنده عن عرزب الكندي أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«إنه سيحدث بعدي أشياء فأحبها إليّ أن تلزموا ما أحدث عمر» (5)[13953].
قدم أحمد بن روح أصبهان قبل التسعين و مائتين.
ص: 130
أبو الطيّب البغدادي
حدث بصيدا عن جماعة.
روى عن عباس الدّوري بسنده عن أبي أوفى.
أنه تبع جنازة، فكان يسأل قائده إن كان أمامها بردّه حتى يؤخره. فلما وصلت إلى المقابر قام، فصلى، فكبر ثلاث تكبيرات ثم كبر الرابعة، ثم صبر حتى سبّحنا به طويلا فخفنا يكبر الخامسة، فلما انفتل سلّم فقال: أ ظننتم أني أكبر الخامسة. إنما فعلت كما فعل النبي صلى اللّه عليه و سلم.
حدث أحمد بن ريحان بالرملة و صيدا و نزل بالشام.
[قال أبو بكر الخطيب] (1).
[أحمد بن ريحان بن عبد اللّه، أبو الطيب، نزل الشام و حدث بالرملة و صيدا عن عباس بن محمد الدوري، و علي بن الحسين بن مروان القطان، روى عنه أبو الفضل الشيباني، و أبو الحسين بن جميع.
أخبرنا علي بن أبي علي البصري، حدثنا محمد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني، حدثني أبو الطيب أحمد بن ريحان بن عبد اللّه البغدادي بالرملة، حدثني علي بن الحسين بن مروان القطان، حدثنا أبو عمرو الحوضي، حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إذا ولي أخاه فليحسن كفنه».
حدثني الصوري قال: حدثني محمد بن أحمد بن جميع الغساني، حدثنا أحمد بن ريحان بن عبد اللّه أبو الطيب البغدادي بصيدا، أخبرنا عباس الدوري...] (2).
ص: 131
ابن يعقوب، أبو الحسن المقدسي
قدم دمشق مجتازا إلى الكوفة. روى عن جماعة.
[حدث عن أحمد بن شيبان الرملي، و محمد بن سليمان بن هشام البصري، و اسماعيل بن حمدويه البيكندي، و إبراهيم بن محمد بن بزة الصنعاني، و محمد بن حماد الطهراني، و إبراهيم بن عبد اللّه ابن أخي عبد الرزاق.
روى عنه: أبو الحسين أحمد بن محمد بن جميع الغساني، و أبو عبد اللّه محمد بن منده الأصبهاني، و محمد بن يوسف بن يعقوب الرقي، و أبو أحمد عبد اللّه بن بكر الطبراني، و أبو الحسين محمد بن أحمد بن الحسن الكرخي، و أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق الحساني، و تمام بن محمد بن أحمد الرازي] (1).
حدث عن إسماعيل بن حمدويه البيكندي بسنده عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به، ويل له ويل له»[13954].
ص: 132
و حدث عن أبي عبد الرحمن أحمد بن شيبان بسنده عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة. و أهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة» (1)[13955].
المعروف أن كنية أحمد بن شيبان: أبو عبد المؤمن (2).
ص: 133
و يقال: أحمر بالراء
شاعر قدم على عبد الملك بن مروان و امتدحه.
قال عمر بن شبّة: قدم أحمد بن سالم المري على عبد الملك بن مروان فقال له: كيف قلت: مقلّ رأى الإقلال عارا... فأنشده:
مقلّ رأى الإقلال عارا فلم يزل *** يجوب بلاد اللّه حتّى تموّلا
إذا جاب أرضا ينتويها رمت به *** مهامه (1) أخرى عيسه (2) فتغلغلا
فلما أفاد المال جاد بفضله *** لمن جاءه يرجو جداه (3) مؤمّلا
فأعطى جزيلا من أراد عطاءه *** و ذو البخل مذموم يرى البخل أفضلا
قال: حاجتك ؟ قال: أنت أعلى بالجميل عينا فأمر له بعشرة آلاف درهم و ألحقه بالسرف، يعني من العطاء.
قال علي بن بكر:
يقال: أربعة آلاف هو سرف العطاء. فخرج و هو يقول:
ص: 134
بكفّ ابن مروان حييت و ناشني (1) *** لأهلي من دهر كثير العجائب
في قصيدة، فراح بها عليه فقال: أ كنت أعددت هذا؟ قال: لا. قال: أ تكيل القول، فقل و لا تكثر. فإنه من أكثر هذر (2)،و قليل كاف خير من كثير شاف و أمر له بأربعة آلاف.
و قال: إياك و أعراض الناس، فإن لك لسانا لا يدعك حتى يلقيك تحت كلكل (3)هزبر (4) أبي شبلين يصمعك (5) صمعة لا بقية لك بعدها. فخرج إلى العراق فأتى الكوفة فأتى الحجاج بقصيدة يقول فيها:
ثقيف بقايا من ثمود و مالها *** أب ثابت في قيس عيلان ينسب
و أنت دعيّ يا بن يوسف فيهم *** زنيم (6) إذا ما حصّلوا يتذبذب
فطلبه الحجاج فهرب فأدرك بهيت (7) فأتي به الحجاج فأمر به، فأحرق ثم ذرّي في اليم، و تمثّل بقول هشام بن قبيصة النميري قالها لابن محلاة الطائي و قتل بمرج راهط أبيات منها:
بما أجرمت كفّاك لا لاقيت ما *** فلا يبعد الرحمن غيرك هالكا
من إخوان أبي سليمان.
حدث أحمد بن أبي الحواري قال: قال أبو سليمان:
ص: 135
و جاءنا زبد بعسل فجعله يلعقه العوام منّا و لا يأكل منه شيئا، و نأكل نحن منه، قال:
فقلت له: تطعمنا الشهوات ؟ و تنهانا عنها، قال: إنّي أعرف أنكم تشتهونها، فأنا أحب أن أطعمكم شهوتكم، و لو جاءني من يعرف - يعني أهل الزهد - لم أزدهم عن الملح و الخبز.
قلت له: تطعمنا الزبد بالعسل و لا تأكله ؟ قال: إنّي أخافه، إن الزبد بالعسل إسراف ثم رأيته بعد ذلك في بيت ابن سباع و قد جاءه بسكرجة فيها زبد و عسل و رغيف درمك (1) فأكل منه.
فقلت له: يا أستاذ، لم لا تأكله في بيتك و تأكله هاهنا! قال: من أكل ليسرّ به أخاه لم يضرّه أكله، إنّ عامل اللّه لا يخيب على كل حال، إنما يضرّه أكله لشهوة نفسه (2).
قال: و سمعت أبا سليمان يقول:
لو أن الدنيا كلها في لقمة ثم جاءني أخي لأحببت أن أضعها في فيه.
[قال أبو نعيم الحافظ ] (3):
[حدثنا عبد اللّه بن محمد ثنا إسحاق بن أبي حسان] (4)،ثنا أحمد بن أبي الحواري قال:
قلت لأبي سليمان: إن عبادا و أحمد (5) بن سباع قد ذهبوا إلى الثغر!! فقال لي: إن الأبّاق عبيد السوء، و اللّه و اللّه ما فروا إلاّ منه فكيف يطلبونه في الثغور؟ (6).
ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو إبراهيم الزّهري
سمع بدمشق و بمصر و بالعراق. و روى عنه جماعة. و كان يعدّ من الأبدال و سكن بغداد و خرج إلى الثغر.
ص: 136
[قال ابن العديم] (1):
[أنبأنا (2) تاج الأمناء أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اللّه الحافظ قال:
أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو إبراهيم الزهري، سمع بدمشق سليمان بن عبد الرحمن، و هشام بن عمار، و عبد الرحمن بن إبراهيم دحيما، و إبراهيم بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد اللّه بن أبي المهاجر، و بمصر يحيى بن عبد اللّه بن بكير (ابن العديم: بكر) و عبد العزيز بن عمران بن مقلاص،.
و يحيى بن سليمان الجعفي، و بالعراق علي بن الجعد، و علي بن بحر بن بري، و محمد بن سلام الجمحي، و عبيد بن إسحاق العطار، و إسحاق بن موسى الأنصاري، و إبراهيم بن الحجاج السامي، و عفان بن مسلم، و سعيد بن حفص الحراني، خال النفيلي.
روى عنه البغوي، و ابن صاعد، و الحسين المحاملي، و ابن مخلد، و أبو عوانة الأسفرايني، و أبو الحسين ابن المنادي، و إسماعيل بن محمد الصفار، و أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي، و القاسم بن زكريا المطرز، و أبو بكر عبد اللّه بن محمد بن زياد النيسابوري و غيرهم، و كان يعد من الأبدال و سكن بغداد، و خرج إلى الثغر].
[قال أبو أحمد الحاكم] (3):
[أبو إبراهيم أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري.
سكن بغداد، سمع محمد بن سلام الجمحي، و علي بن الجعد بن عبيد الجوهري.
روى عنه أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد الهاشمي، و أبو العباس محمد بن إسحاق. كناه و سماه لنا أبو القاسم البغوي] (4)[قال أبو بكر الخطيب] (5):
ص: 137
[أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو إبراهيم الزهري، سمع علي بن الجعد الجوهري، و علي بن يحيى بن بري، و محمد بن سلام الجمحي، و إسحاق بن موسى الأنصاري، و عبيد بن إسحاق العطار، و يحيى بن سليمان الجعفي، و يحيى بن بكير، و عبد العزيز بن عمران بن مقلاص، المصريين.
روى عنه: عبد اللّه بن محمد البغوي، و يحيى بن محمد بن صاعد، و القاضي المحاملي، و محمد بن مخلد، و أبو الحسين ابن المنادي، و اسماعيل بن محمد الصفار، و غيرهم.
أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد اللّه بن مهدي، أخبرنا القاضي أبو عبد اللّه الحسن بن إسماعيل المحاملي، حدثنا أحمد بن سعد الزهري، حدثنا عبد العزيز بن عمران بن مقلاص، حدثنا ابن وهب، حدثني أسامة بن زيد عن حفص بن عبيد اللّه بن أنس أنه سمع أنس بن مالك يقول:
جاء أعرابي إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم يوم الجمعة و هو على المنبر، فقال: يا رسول اللّه، هلكت الماشية ادع اللّه أن يسقينا، قال أنس: فأنشأت سحابة مثل رجل الطائر و أنا انظر إليها، ثم انتشرت في السماء فأمطرت، فما زلنا نمطر حتى جاء ذلك الأعرابي في الجمعة الأخرى، فقال: يا رسول اللّه هلكت الماشية، سقطت البيوت، ادع اللّه أن يكشفها عنا. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«اللهم حوالينا و لا علينا» فرأيت السحاب يتمزق كأنه الملاء حين يطوى[13956].
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن القرشي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا أبو إبراهيم الزهري - ببغداد، حدثنا عبيد بن إسحاق حدثنا هريم بن سفيان، عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر، قال: رأيت النبي صلى اللّه عليه و سلم ساجدا و يديه عند أذنيه] (1).
حدث عن يحيى بن عبد اللّه بن بكير بسنده عن معاذ بن أنس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
ص: 138
«الذكر يفضل على الصدقة في سبيل اللّه»[13957].
و حدث عن أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم:
«ليس فيما دون خمس أواق صدقة و ليس فيما دون خمس ذود (1) صدقة، و ليس فيما دون خمسة أوسق (2) صدقة» (3).
حدث أبو إبراهيم الزهري قال (4):
كنت جائيا من المصّيصة (5) فمررت باللّكّام (6)،فأحببت أن أراهم - يعني المتعبدين - هناك، فقصدتهم و وافقت (7) صلاة الظهر، قال: و أحسبه رأى فيهم (8) إنسانا عرفني فقلت له:
هل فيكم رجل تدلوني عليه، فقالوا: هذا الشيخ الذي يصلّي بنا، فحضرت معهم صلاة الظهر و العصر، فقال له ذلك الرجل: هذا من ولد عبد الرحمن بن عوف، و جدّه أبو أمّه سعد بن معاذ، قال: فبشّ بي و سلّم عليّ كأنه، مذ كان، يعرفني. قال: فقلت له أنا بالحنبلية: من أين تأكل ؟ فقال لي: أنت مقيم عندنا؟ قلت: أما الليلة فأنا عندكم، قال: ثم مضيت، فجعل يحدثني و يؤانسني حتى جاء إلى كهف جبل، فقعدت، و دخل فأخرج قعبا يسع رطلا و نصفا قد أتى عليه الدّهور، ثم وضعه و قعد يحدّثني حتى إذا كادت الشمس أن تغرب اجتمعت حواليه ظباء، فاعتقل منها ظبية، فحلبها حتى ملأ القدح، ثم أرسلها، فلما سقط القرص
ص: 139
حساه، ثم قال: ما هو غير ما ترى، ربما احتجت إلى الشيء من هذا، فتجتمع (1) حولي هذه الظباء فآخذ حاجتي و أرسلها.
[قال أبو بكر الخطيب] (2):
[أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني، أخبرنا عبيد اللّه بن عبد الرحمن الزهري قال: سمعت أبي يقول: مضى عمي أبو إبراهيم الزهري إلى أحمد بن حنبل، فسلّم عليه، فلما رآه وثب إليه و قام إليه قائما و أكرمه، فلما أن مضى قال له ابنه عبد اللّه: يا أبت أبو إبراهيم [الزهري] شاب، و تعمل به هذا العمل، و تقوم إليه! فقال له: يا بني لا تعارضني في مثل هذا. أ لا أقوم إلى ابن عبد الرحمن بن عوف] (3)؟ [و قال أبو عوانة في حديث ذكره، قلت لابن خراش - يعني عبد الرحمن بن خراش - أخاف أن يكون أبو إبراهيم غلط على علي ابن الجعد، فقال: أبو إبراهيم كان أفضل من علي بن الجعد كذا و كذا مرة، أحسبه قال: مائة مر] (4).
[قال الخطيب أبو بكر] (5):
[أخبرني الأزهري، حدثنا أبو الفضل عبيد اللّه بن عبد الرحمن الزهري، حدثنا يحيى ابن محمد بن صاعد، حدثنا أحمد بن سعد الزهري، و كان ثقة] (6).
و كان أحمد بن سعد معروفا بالخير و الصلاح و العفاف إلى أن مات (7).و كان مذكورا بالعلم و الفضل موصوفا بالزهد، من أهل بيت كلهم علماء و محدّثون [و له أخوان أكبر منه، و هما عبيد اللّه و عبد اللّه ابنا سعد] (8).
توفي يوم السبت و دفن يوم الأحد لخمس خلون من المحرم سنة ثلاث و سبعين و قد بلغ
ص: 140
خمسا و سبعين سنة، و كان ميلاده سنة ثمان و تسعين، و دفن في مقبرة التّبّانين (1).
أبو العباس الشّيحي المعدّل
حدث عن جماعة.
[قال أبو بكر الخطيب]:
[أحمد بن سعيد، أبو العباس الشامي، يعرف بالشيحي، سكن بغداد، و حدث بها عن عبد المنعم بن غلبون المقرئ و غيره، و له كتاب مصنف في الزوال و علم مواقيت الصلاة.
حدثنا عنه محمد بن علي بن الفتح الحربي.
و كان ثقة صالحا، دينا حسن المذهب، و شهد عند القضاة و عدل، ثم ترك الشهادة تزهدا] (2).
[قال أبو سعد السمعاني (3) في كتاب الأنساب: الشيحي... هذه النسبة إلى شيحة قرية من قرى حلب (4) و منها... و أبو العباس أحمد بن سعيد الشيحي شامي، سكن بغداد، و حدث بها عن عبد المنعم بن غلبون المصري و غيره، روى عنه أبو طالب العشاري].
[حدث أحمد الشيحي عن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون الحلبي المقرئ، و أبي علي الحسن بن موسى الثغري، و أبي القاسم شهاب بن محمد بن شهاب الصوري، و أبي أحمد محمد بن محمد بن عبد الرحيم الزاهد.
ص: 141
روى عنه الإمام القادر أبو العباس أحمد بن إسحاق أمير المؤمنين، و أبو طالب محمد بن علي العشاري، و أبو محمد إبراهيم بن الخضر الصائغ، و أبو أحمد عامر بن أحمد بن محمد السلمي، و أبو الفضل محمد بن عبد العزيز بن العباس الهاشمي.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الصاوي بسنده... إلى أبي العباس أحمد بن إسحاق القادر باللّه قال: أخبرنا أحمد بن سعيد الشيحي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد ابن محمد بن عبد الرحيم الزاهد قرأت عليه قلت له حدثك علي بن سعيد صاحب ديار بكر قال: حدثني أبو المؤمل العباس بن الفضل قال: حدثنا أبو عتبة قال: حدثنا بقية قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«ينزل عليّ القرآن كلام اللّه غير مخلوق».
قرأت بخط أبي طاهر السلفي، و أخبرنا عنه جماعة من شيوخنا إجازة، قال: أبو العباس أحمد بن سعيد الشيحي، كتب عن أبي الطيب عبد المنعم بن عبيد اللّه بن غلبون المقرئ الحلبي بمصر، و أبي أحمد محمد بن عبد الرحيم الزاهد القيسراني المعروف بابن أبي ربيعة بقيسارية، و عن غيرهما.
روى عنه أبو طالب محمد بن علي العشاري، و آخرون من أهل بغداد، و كان استوطنها، و هو من أهل الشام، و قد روى عنه الإمام القادر باللّه أبو العباس أحمد بن إسحاق أمير المؤمنين] (1).
حدث عن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون المصري قال: قال الحسن بن خالويه:
كنت عند سيف الدولة و عنده ابن بنت حامد فناظرني على خلق القرآن. فلما كان تلك الليلة نمت فأتاني آت فقال: لم لم تحتجّ عليه بأول القصص طسم. تِلْكَ آيٰاتُ الْكِتٰابِ الْمُبِينِ . نَتْلُوا عَلَيْكَ [سورة القصص، الآيات:1-3] و التلاوة لا تكون إلا بالكلام (2)؟ سكن بغداد و حدّث بها. و له كتاب مصنف في الزوال و علم مواقيت الصلاة. و كان ثقة صالحا ديّنا حسن المذهب. و شهد عند القضاة و عدّل. ثم ترك الشهادة تزهّدا.
و مات في ذي القعدة سنة ست و أربع مائة و دفن بباب حرب (3).
ص: 142
المعروف بالذهبي وكيل دعلج
قدم دمشق في سنة سبع و ستين و ثلاث مائة. و حدث بها و ببغداد و بمصر.
[قال أبو بكر الخطيب]:
[أحمد بن سعيد بن سعد، أبو الحسين وكيل دعلج بن أحمد المعدل، روى عن عبد الكريم بن عبد الرحمن النسائي عن أبيه كتاب الضعفاء، حدثناه عنه أبو بكر البرقاني و ذكر لنا أنه كان شيخا فاضلا.
و قال: سمع منه أبو الحسن الدارقطني هذا الكتاب] (1).
حدث عن أبي مزاحم، يعني موسى بن عبيد اللّه الخاقاني بسنده عن أنس قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يلبّي بالحجّ و العمرة، و إنّ ركبتي لتصيب ركبته.
توفي أبو الحسين أحمد بن سعيد الدّعلجي صاحب دعلج في طريق مكة بقرب مدينة الرسول صلى اللّه عليه و سلم و دفن هناك في المحرم سنة سبعين و ثلاث مائة (2).
أبو الحسن المؤدّب الدمشقي
من أهل دمشق، سكن بغداد، و حدث عن جماعة.
[قال أبو بكر الخطيب]:
[أحمد بن سعيد بن عبد اللّه، أبو الحسن الدمشقي، نزل بغداد، و حدث بها، عن هشام ابن عمار و طبقته، و روى عن الزبير بن بكار الأخبار الموفقيات و غير ذلك من مصنفاته. و كان مؤدبا لعبد اللّه بن المعتز باللّه.
روى عنه إسماعيل بن محمد الصفار، و عبد العزيز بن محمد بن الواثق، و أبو
ص: 143
القاسم ابن النحاس المقرئ، و علي بن عبد اللّه بن المغيرة الجوهري، و علي بن عمر السكري.
و كان صدوقا.
أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن عبد اللّه بن إبراهيم الهاشمي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن الواثق باللّه حدثنا أبو الحسن أحمد بن سعيد الدمشقي حدثنا هشام بن عمار حدثنا الربيع بن بدر حدثنا أبان عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له» (1)[13958].
حدث عن أبي الوليد هشام بن عمّار بن نصير بن ميسرة بن أبان السلمي الدمشقي بسنده عن سلمان بن عامر قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:
«الغلام مرتهن بعقيقته، فأهريقوا عنه دما، و أميطوا عنه الأذى»[13959].
قال: و سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:
«الصدقة على المسكين صدقة، و على ذي الرحم ثنتان: صلة و صدقة»[13960].
و حدث عنه أيضا بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، و من مات و ليس عليه إمام فميتة الجاهلية. و من مات تحت راية عصبيّة يدعو إلى عصبية و ينصر عصبية فقتلة جاهلية»[13961].
كان أحمد بن سعيد مؤدّبا لعبد اللّه بن المعتز باللّه و كان صادقا.
مات في يوم الخميس لثلاث عشرة بقيت من رجب سنة ست و ثلاث مائة بالجانب الغربي من بغداد، و لم يغيّر شيبه (2).
ص: 144
- و قيل أحمد بن محمد بن سعيد -
أبو الحارث المعروف بابن أمّ سعيد
رحل و روى عن جماعة، و روى عنه جماعة.
[سمع بحلب أبا عبد اللّه أحمد بن خليد بن يزيد الحلبي الكندي، و روى عنه و عن يونس بن عبد الأعلى.
روى عنه محمد بن المظفر البزاز، و أبو بكر ابن المقرئ].
حدث عن عبد اللّه بن محمد بن أيوب المخرمي بسنده عن النعمان بن بشير عن أبيه قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم:
«رحم اللّه عبدا سمع مقالتي فحفظها، فربّ حامل فقه غير فقيه، و رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. ثلاث لا يغلّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل للّه، و مناصحة ولاة الأمور، و لزوم جماعة المسلمين»[13962].
توفي أبو الحارث أحمد بن سعيد يوم الثلاثاء بعد العصر لسبع بقين من شعبان سنة عشرين و ثلاث مائة. و قيل: كانت وفاته في رمضان من السنة. و كان شيخا جليلا من أهل دمشق.
مصري، سكن دمشق،[فنسب إليها، و قدم بغداد سنة ثلاث عشرة و ثلاثمائة، و حضر إملاء على أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش النحوي، و روى شيئا من شعره و شعر غيره، و روى عنه أبو بكر محمد بن يحيى الصولي و أبو عبيد اللّه محمد بن عمران المرزباني، و من شعره:
لنا مغنّ ما تغنى لنا *** إلاّ استعذنا اللّه من شره
ص: 145
يا ليت ما أصبح في حلقه *** من انقطاع كان في ظهره
و من شعره:
غضضت بنانه فبكى *** عليه ضمير واقعه
و أظهر خده وردا *** جناه لحظ رامقه
فسال دم حكى ما احم *** ر لونا من شقائقه
و ما أدميت إصبعه *** و لكن قلب عاشقة] (1)
[و قال الثعالبي في يتيمة الدهر] (2):
[أحمد بن محمد الطائي الدمشقي، قال:
قد غدونا إلى صلاة الغداة *** ثم ملنا منها إلى الحانات
فشربنا مدامة كدم الخش *** ف عقارا (3) تضيء في الكاسات
فإذا شجها السقاة بماء *** برزت مثل ألسن الحيات
و كأن الأنامل اعتصرتها *** من شقيق الخدود و الوجنات] (4)
حدث عن أبي العباس بن قهيدة قال: قال لي عمرو بن الحسن:
رأيت إبليس في النوم، و هو راكب كركدن (5)،يقوده بأفعى، فقال: يا عمرو بن الحسن، سلني حاجتك، فدفعت إليه رقعة كانت معي، فوقّع فيها:
أ لم تر القاضي و أصحابه *** ما يفعل اللّه بأهل القرى
بلى، و لكن ليس من شغله *** إلاّ إذا استعلى أذلّ الورى
فليت أني متّ فيمن مضى *** و لم أعش حتى أرى ما أرى
و كل ذي خفض (6) و ذي نعمة *** لا بدّ أن يعلو عليه الثرى
ص: 146
ثم قال لي: يا عمرو بن الحسن، لا تحسدنّ أحدا، فإن الحسد صيّرني إلى ما ترى، و غش بني آدم ينفق عندهم. و ضرب كركدنه و مضى. لعنه اللّه.
قال الحافظ :
و قد وقعت لي هذه الحكاية من وجه آخر إلاّ أنه قيل فيها:- (عمرو بن محمد)، و حكي معناها عن عمرو بن محمد قاضي البصرة.
قال أبو سليمان بن زبر:
اجتمعت أنا و عشرة، منهم أبو بكر الطائي، نقرأ فضائل علي بن أبي طالب في جامع دمشق، فوثب إلينا نحو المائة من أهل الجامع يريدون ضربنا، و أخذ واحد منهم يلحقني، فجاء بعض الشيوخ إليّ ، و كان قاضيا، في الوقت، فخلّصوني من أيديهم، و علقوا أبا بكر الطائي فضربوه، و عملوا على أنهم يسوقونه إلى الشرطة في الخضراء، فقال لهم أبو بكر: يا سادة إنما كنا في فضائل علي، و أنا أخرج لكم غدا فضائل معاوية أمير المؤمنين. و اسمعوا هذه الأبيات التي قلتها و أنشأ يقول بديها:
حبّ عليّ كلّه ضرب *** يرجف من خيفته القلب
فمذهبي حبّ إمام الهدى *** يزيد و الدّين هو النّصب (1)
من غير هذا قال فهو امرؤ *** مخالف ليس له لبّ
و الناس من ينقد لأهوائهم *** يسلم و إلاّ فالقفا نهب
فخلّوه، و انصرفوا.
قال أبو سليمان: فقال لي الطائي:
و اللّه، لا سكنت دمشق، و رحل منها إلى حمص.
قال أبو عبيد اللّه بن عمران بن موسى المرزباني:
رأيت أحمد بن سعيد الطائي شيخا كبيرا في مجلس أبي الحسن الأخفش سنة ثلاث عشرة و ثلاث مائة.
ص: 147
و له شعر منه قوله:
كيف تحوي دقّة الفكر *** من حكته صورة القمر
رقّ حتى خلته ملكا *** خارجا عن جملة البشر
فعيون الوهم تجرحه *** بخفيّ اللحظ و النّظر
حدث بدمشق، و كان من طبقة ابن جوصاء.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة اللّه الحافظ قال:
وجدت بخط أبي محمد ابن الأكفاني. ذكر أنه نقله من خط بعض أصحاب الحديث في تسمية من سمع منه بدمشق:
أحمد بن سعيد الشيزري، و فوقه غريب، و ذكر طبقة فيها ابن جوصاء و أبو الدحداح في ستة ثلاث عشرة و ثلاثمائة].
قال أحمد بن أبي السفر: سمعت أبا سليمان الداراني يقول:
من أكل كراث (1) بقل المائدة لم تقربه الملائكة سبعة أيام. و من أكل الثّوم لم تقربه الملائكة أربعين يوما.
و قال أحمد بن أبي العسر: سمعت أبا سليمان يقول:
من أكل كراث بقل المائدة لم تقربه الملائكة ثلاثة أيام، و من أكل البصل لم تقربه الملائكة سبعة أيام، و من أكل الثوم لم تقربه الملائكة أربعين يوما.
دمشقي. و قيل: مصري. حدث عن جماعة.
ص: 148
روى عن محمد بن ميمون بن كامل الزيات بسنده عن أبي أمامة الباهلي و واثلة بن الأسقع قالا: سمعنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:
«خلق اللّه ريحا قبل الأرواح بألفي عام يقال لها الأزيب (1)،مغلق عليها أبواب الجنّة، تخرج من شقوق تلك الأبواب ريح و هي الجنوب، ما هبت قط إلاّ هبّ معها واد يسيل، يرى أو لم ير»[13963].
و حدث عنه أيضا بسنده عن أبي أمامة الباهلي و جماعة من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قالوا: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«إذا عرج بعمل ابن آدم قال اللّه: انظروا في عمله، و هو أعلم بذلك منهم، فإن كان أصبح فسبّح أول النهار و عمل خيرا، فخذوا آخر النهار بأوله، و ألغوا ما بين ذلك»[13964].
قال: و كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقولون:
من أحسن أو من أراد اللّه يحسّن عمله طرفي النهار يغفر له ما بينهما.
أبو العباس المرّي
حدث عن القاضي أبي بكر يوسف بن القاسم الميانجي بسنده عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من طلب محامد الناس بمعاصي اللّه عاد حامده له ذاما»[13965].
من أهل دمشق.
حدث عن الأوزاعي بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
ص: 149
«خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، و فيه أدخل الجنة و فيه أخرج منها، و فيه تقوم الساعة»[13966]. و ذكر في هذا الحديث اختلافا.
ابن عبد اللّه بن حذلم (1) أبو الحسن الأسدي القاضي (2)
كان يذهب مذهب الأوزاعي في الفقه.
روى عن جماعة. و روى عنه جماعة.
حدث عن أبيه، و بكار بن قتيبة القاضي، و يزيد بن عبد الصمد، و سعيد بن محمد البيروتي، و أبي زرعة الدمشقي، و أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، و الحسن بن جرير الصوري، و جماعة.
حدث عنه: تمام الرازي، و أبو عبد اللّه بن منده، و الحسين بن معاذ الداراني، و أبو عبد اللّه بن أبي كامل، و عبد الرحمن بن أبي نصر، و آخرون] (3).
[قال أبو علي (4):أخبرهم أحمد بن سليمان بن أيوب قراءة عليه، حدثنا يزيد بن محمد، حدثنا سعيد عن ابن أبي رويم قال: كانت امرأة بلال رضي اللّه عنه ليلى الخولانية.
حدثنا أحمد بن سليمان القاضي حدثنا أبو زرعة بن عمرو قال: قبر بلال بدمشق].
[حدثنا أحمد بن سليمان بسنده إلى أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق و ما حولها و على أبواب بيت المقدس و ما حولها لا يضرهم خذلان من خذلهم، ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة] (5).
[حدثنا أحمد بن سليمان بسنده إلى الزهري أن ابن عمر قرأ في المسجد
ص: 150
لِلّٰهِ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ ... إلى يُحٰاسِبْكُمْ بِهِ اللّٰهُ [سورة البقرة، الآية:284] فقال: إنا لنؤاخذ بما توسوس به أنفسنا، و تشج عند ذلك] (1).
و ولي قضاء دمشق نيابة عن الحسين بن عيسى بن هزوان (2)،و كان ابن هزوان من قبل أبي طاهر محمد بن أحمد قاضي دمشق، ثم وليه بعد ذلك نيابة عن أبي الطاهر محمد بن أحمد الذهلي.
و كان حذلم نصرانيا (3) من أهل الشّبعاء (4) فأسلم على يدي الحسن بن عمران السّلمي الحرّاني صاحب خراج دمشق.
حدث أحمد بن سليمان عن بكار بن قتيبة بسنده عن ابن سيرين قال:
قلت لأنس بن مالك: هل كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خضب ؟ قال: إنه لم يكن رأى من الشيب إلاّ (5) و لكن خضب أبو بكر و عمر بالحناء و الكتم (6).
[قال ابن ماكولا]:
و حذلم (7) بفتح الحاء و سكون الذال المعجمة و بعدها لام مفتوحة [فهو أبو الحسن أحمد بن سليمان بن حذلم الدمشقي، روى عن خالد بن روح بن أبي حجير و غيره، حدث عنه تمام بن محمد، و ابن أبي نصر و غيرهما من الدمشقيين] (8).
و كان أحمد بن سليمان آخر من كانت له حلقة في جامع دمشق يدرّس فيها مذهب
ص: 151
الأوزاعي (1).و كان شيخا جليلا من معدّلي دمشق، و كان على قضاء دمشق. و مات في ربيع الأول سنة سبع و أربعين و ثلاث مائة (2)،و هو ابن تسع و ثمانين سنة، و كان ثقة مأمونا نبيلا (3).
و ذكر أنه رأى مولده بخط أبيه سنة سبع أو تسع و خمسين و مائتين.
[أخبرنا ابن الأكفاني، أخبرنا الكتاني قال] (4):
قال أبو القاسم تمام بن محمد الرازي الحافظ (5):
كان القاضي أبو الحسن أحمد بن سليمان ابن حذلم له مجلس في الجمعة يملي فيه في داره، فحضرنا مجلسه، فقال: رأيت النبي صلى اللّه عليه و سلم في النوم و عن يمينه أبو بكر و عمر، و عن يساره عثمان و علي رضي اللّه عنهم في داري، فجئت فجلست بين يديه و قال لي: يا أبا الحسن، قد اشتقنا إليك فما اشتقت إلينا؟ قال (6):فلم تمض له جمعة حتى توفي رحمه اللّه في النصف من شوال سنة سبع و أربعين و ثلاث مائة.
[ادعى أنه قرأ القرآن على أحمد بن يزيد الحلواني، و أنه سمع من هشام بن عمار، و أحمد بن أبي الحواري، و إبراهيم بن أيوب الحوراني.
تلا عليه أحمد بن عبد اللّه بن زريق، و حدث عنه: ابن شمعون، و أبو بكر ابن شاذان، و ابن شاهين.
روى عنه أولا: تمام و العفيف بن أبي نصر، ثم تركا الرواية عنه لضعفه. قال عبد الغني الأزدي: كان غير ثقة] (1).
[و هاه الكتاني] (2).
[قال ابن حجر في لسان الميزان] (3):
[قال ابن عساكر: السبب الذي تركه ابن أبي نصر لأجله ما حدثنا الفقيه أبو الحسن السلمي، قال: قال لنا عبد العزيز الكتاني: لما قرأنا على عبد الرحمن بن أبي نصر بعض الجزء قلت له: قد تكلموا في ابن زبان، فقطع عليّ القراءة و امتنع من الرواية عنه.
و أرخه ابن زبر، كما أرخه المؤلف] (4).
حدث بدمشق سنة اثنتين و ثلاثين و ثلاث مائة عن هشام بن عمار بسنده عن ابن عباس أن النبي صلى اللّه عليه و سلم لعن المخنثين و قال:«أخرجوهم من بيوتكم»[13967].
سئل عن مولده فقال: ولدت سنة خمس و عشرين و مائتين بدمشق.
و توفي في أول جمادى الآخر سنة سبع و ثلاثين و ثلاث مائة و قيل: توفي سنة ثمان و ثلاثين و ثلاثمائة (5).
[قال علي بن هبة اللّه ابن ماكولا] (6):
ص: 153
و زبّان بالزاي أولها، بعدها (1) باء مشددة معجمة (2) بواحدة.[و أبو بكر أحمد بن سليمان ابن إسحاق بن زبان بن يحيى الكندي من ولد عبد الرحمن بن الأشعث دمشقي، ذكر أن مولده سنة خمس و عشرين و مائتين. و مات في أول جمادى الآخرة سنة سبع و ثلاثين و ثلاثمائة. روى عن هشام بن عمار و إبراهيم بن أيوب الحوراني، و أحمد بن أبي الحواري و غيرهم، آخر من حدث عنه أبو محمد بن أبي نصر] (3).
[قال الكتاني] (4):
و كان أحمد بن سليمان يعرف بالعابد لزهده و ورعه.
أبو بكر الزّنبقي الصوري
سكن عرقة (5).حدث عن جماعة.
[يروي عن سعيد بن منصور و جماعة.
روى عنه محمد بن يوسف بن بشر الهروي الحافظ ] (6).
روى عن مروان بن جعفر بن سعد بن سمرة، عن سمرة بن جندب:
بسم اللّه الرحمن الرحيم. من سمرة إلى بنيه سلام عليكم. فإني أحمد إليكم اللّه الذي لا إله إلاّ هو، أما بعد. فإني أوصيكم أن تتقوا اللّه، و تقيموا الصلاة، و تؤتوا الزكاة، و تجتنبوا
ص: 154
الخبائث التي حرم اللّه، و تسمعوا و تطيعوا للّه و لرسوله و كتبه و للخليفة الذي يقوم على أمر اللّه و جميع المسلمين.
أما بعد، فإنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يأمرنا أن نصلي أي ساعة شئنا من الليل و النهار، غير أنه أمرنا أن نجتنب طلوع الشمس و غروبها و قال:«إن الشيطان يغيب معها حين تغيب، و يطلع معها حين تطلع» (1).
و أمرنا أن نحافظ على الصلوات كلهن، و أوصانا بالصلاة الوسطى و نبأنا أنها صلاة العصر (2)،و كان يأمرنا أن يحيي (3) بعضنا بعضا، و أن يسلم بعضنا على بعض إذا التقينا (4)، و نهانا أن نواصل في شهر الصوم و يكرهه، و ليست بالعزيمة (5)،و نهانا أن نتلاعن بلعنة اللّه و غضبه أو بالنار و نهانا أن نستبّ (6).
و قال صلى اللّه عليه و سلم (7):«إن كان أحدكم يسابّ صاحبه لا محالة لا يفتري عليه و يسبّ والديه و لا يسب قومه، و لكن إن كان يعلم ذلك فليقل: إنك بخيل، و ليقل: إنك جبان، و ليقل: إنك كذوب، أو ليقل: إنك نؤوم» (8).
و كان (9) صلى اللّه عليه و سلم يأمرنا أن نقرأ القرآن كما أقرأناه. و قال:«إنه نزل (10) على ثلاثة أحرف فلا تختلفوا فيه، و لا تحاجّوا فيه، فإنه مبارك كله فاقرءوه كالذي أقرأتموه». و كان (11) يأمرنا صلى اللّه عليه و سلم إن شغل أحدنا عن الصلاة أو نسيها حتى يذهب حينها الذي تصلّى (12) فيه أن نصليها مع التي تليها من الصلاة المكتوبة.
ص: 155
و أمرنا (1) إذا أدركتنا الصلاة و نحن ثلاثة أو أكثر من ذلك أن يقوم (2) لنا رجل منا يكون لنا إماما، و إن كنا اثنين أن نصفّ معا.
و قال صلى اللّه عليه و سلم:«إذا قمتم إلى الصلاة فلا تسبقوا قارئكم بالسجود و الركوع و القيام، و ليكن هو يسبق (3)،فإنكم تدركون ما سبقكم (4) به في ذلك إذا كان هو يرفع رأسه في السجود و الركوع و القيام قبلكم، فتدركون ما فاتكم حينئذ (5)،فإذا (6) كان التسليم في وسط الصلاة أو حين انقضائها فابدءوا قبل التسليم فقولوا: التحيات و الطيبات، الصلوات و السلام و الملك للّه، ثم سلموا على النبي صلى اللّه عليه و سلم ثم سلّموا على قارئكم (7) و على أنفسكم».
و قال صلى اللّه عليه و سلم:«إذا نفث أحدكم و هو في الصلاة فلا ينفث قدام وجهه و لا عن يمينه، و لينفثها تحت قدمه، و يدلكها بالأرض» (8).
و كان صلى اللّه عليه و سلم ينهى الرجل أن يتبتّل و أن يحرّم ولوج بيوت المؤمنين (9).
و كان ينهى النساء أن يضطجعن بعضهن مع بعض إلاّ و بينهن ثياب، و كان ينهى صلى اللّه عليه و سلم أن يضطجع الرجل مع صاحبه إلاّ و بينهما ثوب (10).
و كان يقول:«من كتم على حال فهو مثله. و من جامع المشرك و سكن معه فهو مثله».
و كان يقول:«إن المؤمن يأكل في معى واحد و إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء» (11).
و كان يقول:«أيكم ما صنع طعاما قدر ما يأكل رجلان فإنه يكفي ثلاثة، أو صنع لثلاثة فإنه يكفي أربعة، و لأربعة فإنه يكفي خمسة و كنحو ذلك من العدد» (12).
ص: 156
و كان يقول (1):«إذا تبايع الرجلان فإن أحدهما يبيعه بالخيار حتى يفارق (2) صاحبه، أو يخير كل واحد منهما صاحبه، فيختار كل واحد منهما هواه من البيع».
و كان يقول:«من ضلّ له مال اشتري فعرفه فجاء عليه ببيّنة فإنّ ماله يؤدّى إليه، و إن الذي كان ابتاعه يتبع ثمنه عند بيعه الذي ابتاع منه».
و كان يأمرنا أن نشهد الجمعة، و لا نغيب عنها، فإذا انتدب المؤمنون بندبة يوم الجمعة، و قاموا يكتنّون فإن أحدهم هو أحقّ بمقعده إذا رجع إليه (3).
و كان يقول:«إذا نعس أحدكم في الجمعة فليتحول عن مقعده في مكان آخر».
و كان (4) يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا، و نصلح (5) صنعتها و نطهرها.
و أتاه رجل من الأعراب يستفتيه في الذي يحلّ له و الذي يحرم عليه، و في نسكه من ماشيته في عترة (6) و فرعة (7) من نتيج إبله و غنمه ؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«تحلّ لك الطيبات و تحرم عليك الخبائث إلا أن تفتقر إلى طعام لأخيك فتأكل منه حتى تستغني عنه». فقال الرجل الأعرابي: ما يغني (8) الذي أكل ذلك إذا بلغته، ما غناي الذي يغنيني عنه ؟ فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم:
«إذا كنت ترجو نتاجا فتبلغ إليه بلحوم ماشيتك (9)،أو كنت ترجو ميرة تنالها (10) فتبلغ إليها بلحوم ماشيتك، و إذا كنت لا ترجو من ذلك شيئا، فأطعم أهلك مما بدا لك حتى تستغني عنه». قال الرجل الأعرابي: ما غناي الذي يغنيني عنه (11)؟فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إذا
ص: 157
أرويت أهلك غبوقا (1) من اللبن فاجتنب ما حرم عليك من الطعام، أما مالك فإنه ميسور كله ليس فيه حرام غير أن في نتاجك من إبلك فرعا، و في نتاجك من غنمك فرعا تغذوه (2)ماشيتك حتى تستغني عن لبانه، ثم إن شئت أطعمته أهلك، و إن شئت تصدّقت بلحمه»، و أمره من الغنم من كلّ سائمة عتيرة (3).
و إنه (4) كان يأمرنا برقيق الرجل أو المرأة الذي هو تلاده و هو عمله و لا يريد عتقهم (5)، فكان يأمرنا أن لا نخرج عنهم من الصدقة شيئا. و كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الرّقيق الذي يعد للبيع.
و كان يقول:«لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، و لبكيتم كثيرا» (6)[13968].
قال أبو نصر بن ماكولا (7):
أما (8) الزنبقي بفتح الزاي و سكون النون، و فتح الباء المعجمة بواحدة،[فهو] أحمد بن سليمان [أبو بكر الزنبقي] من أهل عرقة، بلد يقارب طرابلس الشام،[روى عن سعيد بن منصور، و مهدي بن جعفر، و يزيد بن موهب، و مروان بن جعفر السّمري (9)،و أبي تقي هشام بن عبد الملك اليزني و غيرهم، روى عنه محمد بن يوسف بن بشر الهروي الحافظ و غيره] (10).
حدث أحمد بن سليمان الزنبقي بعرقة عن ظالم بن أبي ظالم الحمصي قال:
شهدت جنازة المسيب بن واضح بجبلة (11) فلقّنّاه، فسمعناه في جوف القبر يقول: لا إله إلا اللّه.
ص: 158
حدث بدمشق عن محمد بن محمد المصري، و كان مصابا.
قال: حدثنا زنبغش قال: حدثنا مخلق مثبو قال: حدثنا وائل بن إبليس لعنه اللّه قال:
قال لأبيه إبليس لعنه اللّه: يا أبه، هل رحمت أحدا قط؟ قال: نعم، النازل في بيت امرأته لأنها إن شاءت أدخلته و إن شاءت أخرجته.
أبو الفتح الشاعر المعروف بالفخري
[شاعر من أهل حلب، كان في عصر عبد المحسن الصوري، و رحل إلى مصر فأقام بها إلى أن مات] (1).هو الذي عناه ابن هندي بقصيدته.[شاعر ماهر] (2)كتب أبو الفتح أحمد بن سليمان الشاعر إلى عبد المحسن (3) الصوري (4):
أعبد المحسن الصّوريّ لم قد *** جثمت جثوم منهاض كسير (5)
فإن قلت: العيالة (6) أقعدتني *** على مضض و عاقت عن مسيري
فهذا البحر يحمل هضب رضوى *** و يستثني بركن من ثبير
و إن حاولت سير البرّ يوما *** فلست بمثقل ظهر البعير
إذا استحلى أخوك قلاك ظلما (7) *** فمثل أخيك موجود النظير (8)
ص: 159
فما كلّ البريّة من تراه *** و لا كلّ البلاد بلاد صور
فأجابه عبد المحسن (1):
جزاك اللّه عن ذا النصح خيرا *** و لكن جاء في الزمن الأخير
و قد حدّت لي السبعون حدا *** نهى عما أمرت من الأمور (2)
و مذ صارت نفوس الناس حولي *** قصارا عذت بالأمل القصير
و لو يك في البريّة من يرجّى *** غنينا عن مشاورة المشير (3)
[9645] أحمد بن سهل بن بحر أبو العباس النيسابوري (4)
حدث بدمشق عن جماعة.
[قال الذهبي] (5):
[له ترجمة في تاريخ دمشق.
سمع أحمد بن حنبل و إسحاق بن راهويه، و داود بن رشيد، و عبد اللّه بن معاوية الجمحي، و القواريري، و هشام بن عمار، و حرملة، و طبقتهم.
حدث عنه: أبو حامد ابن الشرقي، و أبو عبد اللّه ابن الأخرم، و أبو عمرو الحيري.
له رحلة واسعة، و معرفة جيدة.
يقع حديثه في تصانيف البيهقي.
و من الرواة عن ابن سهل: علي بن حمشاذ، و محمد بن صالح بن هانئ] (6).
روى بإسناده عن ابن زغبة بسنده عن عبد اللّه بن عمر قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوتر على راحلته[13969].
و رواه الحافظ عاليا من طريق آخر عن عبد اللّه بن عمر أنه قال:
ص: 160
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يصلّي على راحلته في سفر حيث ما توجهت.
زاد السّدّي: قال عبد اللّه بن دينار:
و كان ابن عمر يفعل ذلك.
قال أبو عبد اللّه الحافظ :
أحمد بن سهل مجوّد، في الشاميين، ليس في مشايخنا من أقرانه أكثر سماعا بالشام منه (1).
[قال]: [و سمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: سمعت أحمد بن سهل يقول:
دخلت على أحمد بن حنبل في المحنة، فسمعته يقول: كان وكيع إمام المسلمين في وقته.
و كان ابن يعقوب يعتمد أحمد بن سهل أي اعتماد] (2).
و توفي سنة اثنتين و ثمانين و مائتين.
[9646] أحمد بن سهل بن حمّاد الرافقي (3)
من دمشق.
حدث بسنده عن عثمان بن عبد الرحمن بسنده عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«إن اللّه لا يقبض العلم من قلوب الناس فينزعه منهم، و لكن يقبض العلماء بعلمهم حتى لا يبقى في الأرض عالم، فعند ذلك يتخذ الناس رءوسا جهالا فيسألون فيفتون بغير علم فيضلّون و يضلّون»[13970].
قيل في نسبه: الرافقي، و قيل: الدمشقي، فلعله رافقي سكن دمشق، أو دمشقي سكن الرافقة فإنه قد روى عن دمشقي و حراني. و اللّه أعلم.
ص: 161
أبو الحسين الأبار (1) الإمام
إمام مسجد عين الحمى (2).حدث بسنده عن علي أنه قال:
نهاني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و لا أقول نهاكم، عن تختم الذهب و عن لبس القسّي و عن لبس المفدّم (3) و المعصفر (4) و عن القراءة راكعا.
مات أبو الحسين الأبار و دفن يوم الثلاثاء السادس من شوال سنة ست و ثلاثين و خمس مائة. و دفن في مقبرة باب الفراديس. و ذكر أنه ولد سنة ثلاث و سبعين و أربع مائة.
أبو الحسن المروزي
إمام من أئمة أهل مرو. جمع العلم و الأدب و الزهد و الورع، و كانت له رحلة واسعة سمع فيها بدمشق. سمع بدمشق و بمصر و ببلده و ببغداد و روى عنه جماعة.
[حدث عن إبراهيم بن محمد الشافعي، و أحمد بن أبي الطيب المروزي، و إسحاق بن راهويه، و سليمان بن حرب، و صفوان بن صالح الدمشقي، و عبد اللّه بن عثمان عبدان المروزي، و أبي معمر عبد اللّه بن عمرو بن أبي الحجاج المقعد، و عفان بن مسلم، و قتيبة بن سعيد، و محمد بن أبي بكر المقدمي، و أبي جعفر محمد بن خالد الهاشمي
ص: 162
الدمشقي، و محمد بن كثير العيدي، و محمد بن مكي المروزي، و محمد بن يحيى بن عبد العزيز الدوري، و موسى بن مروان الرقي، و هشام بن عمار الدمشقي، و يحيى بن إسحاق المروزي، و يحيى بن سليمان الجعفي، و يحيى بن عبد اللّه بن بكير المصري، و يحيى بن نصر بن حاجب المروزي.
روى عنه: النسائي، و أبو حمزة أحمد بن عبد اللّه بن عمران المروزي، و أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي، و أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام، و حاجب بن أحمد بن يرحم بن سفيان الطوسي، و الحسن بن علي بن نصر الطوسي، و زكريا بن يحيى السجزي خياط السنة، و أبو بكر عبد اللّه بن أبي داود، و عبد اللّه بن ناجية، و أبو بكر عبد بن محمد بن محمد بن محمود، و علي بن الحسين بن الجنيد الرازي، و عمر بن أحمد بن علي المروزي، و عمر بن محمد المروزي، و أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي، و أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، و محمد بن إسماعيل البخاري، و محمد بن عقيل بن الأزهر، و محمد بن المنذر بن سعيد الهروي، و محمد بن نصر المروزي، و يحيى بن محمد بن صاعد] (1).
[قال أبو بكر الخطيب] (2):
[أحمد بن سيار بن أيوب، أبو الحسن المروزي الفقيه، إمام أهل الحديث في بلده علما و أدبا و زهدا و ورعا و كان يقاس بعبد اللّه بن المبارك في عصره] (3).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (4):
[أحمد بن سيار بن أيوب بن عبد الرحمن أبو الحسن المروزي، روى عن عبد اللّه بن عثمان المعروف بعبدان المروزي، و يحيى بن عبد اللّه بن بكير، و محمد بن مكي المروزي، و يحيى بن إسحاق المروزي، و غيره. حدثنا عنه علي بن الحسين بن الجنيد، و رأيت أبي يطنب في مدحه يذكره بالفقه و العلم] (5).
ص: 163
[قال النسائي: ثقة، و قال في موضع آخر: ليس به بأس (1).
و قال الدار قطني: رحل إلى الشام و مصر، و صنف، و له كتاب في أخبار مرو، و هو ثقة في الحديث.
و قال أبو بكر ابن أبي داود: كان من حفاظ الحديث (2).
و قال أحمد بن علك: سألت إبراهيم بن إسحاق الحربي عن أحمد بن سيار و قلت له:
مشايخك مشايخه، فهل كانت بينكما معرفة ؟ قال: ذاك الرجل الفاضل كنا نعرفه حينئذ بالفضل و الورع.
و قال الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ : سمعت أبا العباس أحمد بن محمد الأديب البستي و كان في الوفد الذين خرجوا مع أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة إلى بخارى لزيارة الأمير إسماعيل بن أحمد قال: دخل أبو بكر بن خزيمة على عبد اللّه بن محمود بمرو، فقال له بعض مشايخهم: يا أبا عبد الرحمن قد دخل أبو بكر محمد بن إسحاق منزلك و لم يدخله مثله، فقال: لا تقل، فقد دخله أحمد بن سيار] (3).
[قال أبو أحمد الحاكم النيسابوري] (4):
[أبو الحسن أحمد بن سيار بن أيوب بن عبد الرحمن المروزي.
سمع أبا عبد الرحمن عبد اللّه بن عثمان بن جبلة بن أبي داود العتكي، و يحيى بن سليمان الجعفي. روى عنه أبو عبد اللّه محمد بن إسماعيل الجعفي. نسبه و كناه لنا أبو حفص عمر بن أحمد بن علي الجوهري] (5).
[قال أبو بكر الخطيب] (6):
[أخبرنا عبد اللّه بن عثمان يعني عبدان، حدثنا أبي، عن شعبة، عن سماك بن حرب
ص: 164
قال: كنا مع مدرك بن المهلب بسجستان في سرادقه، فسمعت رجلا يحدث عن أبي سفيان ابن الحارث عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«إن اللّه لا يقدس أمة لا يأخذ الضعيف حقه من القوي و هو غير متعتع»] (1).
[قال الذهبي] (2):
[قد عدّ في الفقهاء الشافعية، و هو صاحب وجه، أوجب الآذان للجمعة فقط ، و أوجب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام كمذهب داود، و قد كان بعض العلماء يشبهه في زمانه بابن المبارك علما و فضلا رحمهما اللّه] (3).
حدث أحمد بن سيار عن عبد اللّه بن عثمان بسنده عن أنس.
أن النبي صلى اللّه عليه و سلم أمر بلالا أن يشفع الأذان و يوتر الإقامة[13971].
و حدث عن هشام بن عمار بن نصير (4) الدمشقي بسنده عن الحارث بن هشام.
أنه قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أخبرني بأمر أعتصم باللّه أو قال: به، قال:«أملك عليك هذا»، و أشار إلى لسانه[13972].
قال عبد الرحمن بن الحارث:
فرأيت ذلك يسيرا، فلما أفطنني له إذا لا شيء أشدّ منه.
أحمد بن سيّار بالياء معجمة بنقطتين من تحتها و الراء. ثقة في الحديث.
[قال أبو نصر ابن ماكولا] (5):[أما سيار أوله سين مهملة ثم ياء معجمة باثنتين من تحتها و آخره راء فهو: أحمد بن سيار بن أيوب بن عبد الرحمن القرشي أبو الحسن، كتب عن علي ابن الحسن بن شقيق أحاديث يسيرة، و سمع عبدان بن عثمان، و أحمد بن عثمان الباهلي و خلقا، كان من الجوالين، و حدث بالعراق و مصر و بلده، و صنف فتوح خراسان،
ص: 165
يروي عن البخاري و النسائي، و ابن صاعد، و أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام] (1).
و كانت أمه من موليات المأمون، و مات في ربيع الأول سنة ثمان و ستين و مائتين، و كان ابن سبعين سنة و ثلاثة أشهر (2).
و كان من حفاظ الحديث. و قيل: كانت وفاته في ربيع الآخر من السنة (3).
ص: 166
ابن مسعود بن يزيد بن الأكبر بن كعب بن مالك بن الحارث
ابن قرط بن مازن بن سنان بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن عامر
أبو الحسن الخزاعي الماخواني
قرية من قرى مرو يقال لها ماخوان، و يقال: هو مولى لبديل بن ورقاء الخزاعي، و شبّويه لقب.
كان يسكن طرسوس، و قدم دمشق و هو ثقة.
[روى عن آدم بن أبي إياس، و إسماعيل بن أبي أويس، و إسماعيل بن علية، و أيوب بن سليمان بن بلال، و حفص بن حميد المروزي، و أبي أسامة حماد بن أسامة، و سفيان بن عيينة، و سليمان بن صالح المروزي، و عبد اللّه بن رجاء الغداني، و عبد اللّه بن عثمان المروزي، و عبد اللّه بن المبارك، و عبد الرحمن بن حماد الشعيثي، و عبد الرحمن بن عبد اللّه ابن سعد الدشتكي، و عبد الرزاق بن همام، و عبد العزيز بن أبي رزمة، و علي بن الحسن بن شقيق، و علي بن الحسين بن واقد، و علي بن المديني،
ص: 167
و الفضل بن موسى السيناني، و محمد ابن مزاحم، و محمد بن يحيى الكناني، و موسى بن مسعود النهدي، و النضر بن شميل، و هاشم ابن مخلد الثقفي، و وكيع بن الجراح، و يزيد بن هارون.
روى عنه: أبو داود، و أحمد بن أبي الحواري، و أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب، و إسحاق بن عاصم المصيصي، و أيوب بن إسحاق بن سافري، و ثابت بن أحمد بن شبويه، و عباس بن الوليد بن صبح، و عبد اللّه بن أحمد بن شبويه، و عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، و علي بن الحسن الهسنجاني، و عمرو بن يحيى بن الحارث، و محمد بن خلف العسقلاني، و أبو بكر محمد بن هاني، و محمد بن يحيى الهذلي، و نوح بن حبيب القومسي، و يحيى بن عثمان بن صالح المصري، و يحيى بن معين.
قال محمد بن عبد الرحمن السامي: سمعت عبد اللّه بن أحمد بن شبويه قال:
سمعت أبي يقول:
من أراد علم القبر فعليه بالأثر، و من أراد علم الخبز فعليه الرأي] (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم].
[أحمد بن شبويه المروزي، أبو الحسن الخزاعي، روى عن وكيع و عبد الرزاق و أبي أسامة، مات بطرسوس سنة ثلاثين و مائتين، حدثنا عبد الرحمن: سمعت أبي و أبا زرعة يقولان ذلك.
قال أبو محمد: و روى عنه. محمد بن هارون أبو نشيط البغدادي، و روى هو عن أبي مزاحم و عبد العزيز بن أبي رزمة، و حفص بن حميد، سمعت أبا زرعة يقول: جاءنا نعيه و أنا بنجران، و لم أكتب عنه، و كذلك سمعت أبي يقول: أدركته و لم أكتب عنه و روى عنه أيوب ابن إسحاق بن سافري نزيل الرملة، و عبد الملك بن إبراهيم الجدي. قال أبو محمد: هو أحمد بن محمد بن شبويه، حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني عنه هكذا] (2).
[قال محمد بن إسماعيل البخاري] (3):
ص: 168
[أحمد بن شبويه المروزي أبو الحسن الخزاعي سمع وكيعا و أبا أسامة مات سنة ثلاثين و مائتين و هو ابن ستين سنة] (1).
[قال أبو أحمد الحاكم النيسابوري] (2):
[أبو الحسن أحمد بن شبويه الخزاعي مولى بديل بن ورقاء المروزي. سمع أبا سفيان وكيع بن الجراح الرؤاسي، و أبا أسامة حماد بن أسامة القرشي.
كناه لنا أبو العباس الثقفي عن محمد بن إبراهيم] (3).
[قال أبو نصر ابن ماكولا] (4):
[أما شبويه بعد الشين المعجمة باء معجمة بواحدة فهو: أحمد بن شبويه بن أحمد بن ثابت بن عثمان بن مسعود بن يزيد بن الأكبر بن كعب بن مالك بن كعب بن الحارث بن قرط ابن مازن بن سنان بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن عامر، و هو خزاعة، أبو الحسن المروزي من قرية ماخوان، و قيل: هو مولى بديل بن ورقاء الخزاعي.
سمع وكيعا و محمد بن يحيى الكناني، و أيوب بن سليمان بن بلال، و الفضل بن موسى و عبد الرزاق و غيرهم. حدث عنه ابنه عبد اللّه، و أبو زرعة الدمشقي، و أبو داود السجستاني، و أبو بكر بن أبي خيثمة و غيرهم.
مات بطرسوس في شهر ربيع الأول سنة تسع و عشرين و مائتين و هو ابن ستين سنة، و قال عبد الغني: أحمد بن محمد بن شبويه] (5).
حدث عن النضر بن شميل بسنده عن جابر أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«العمرى (6) لمن وهبت له»[13973].
ص: 169
حدث ثابت بن أحمد بن شبويه المروزي قال (1):كان يخيل لي أنّ لأبي أحمد بن شبّويه فضيلة على أحمد بن حنبل، للجهاد، و فكاك الأسرى و لزوم الثغور، فسألت أخي عبد اللّه بن أحمد: أيّهما كان أرجح في نفسك (2)؟فقال: أبو عبد اللّه أحمد بن حنبل، فلم أقنع بقوله، و أبيت إلاّ العجب بأبي، فأريت بعد سنة في منامي كأنّ شيخا حوله الناس يسمعون منه، و يسألونه فقعدت إليه، فلما قام تبعته، فقلت: يا عبد اللّه، أخبرني: أحمد بن محمد بن حنبل و أحمد بن شبويه أيهما عندك أعلى و أفضل ؟ فقال: سبحان اللّه! أحمد بن حنبل ابتلي فصبر و أحمد بن شبويه عوفي، المبتلي الصابر كالمعافى ؟ هيهات، ما أبعد ما بينهما.
مات أحمد بن شبويه بطرسوس سنة ثلاثين أو تسع و عشرين و مائتين و هو ابن ستين سنة (3).
أبو عبد الرحمن النّسائي القاضي الحافظ
أحد الأئمة و الأعلام، صنف السّنن و غيرها.
[أحد الأئمة المبرزين و الحفاظ المتقنين و الأعلام المشهورين، طاف البلاد، و سمع بخراسان، و العراق، و الحجاز، و مصر، و الشام، و الجزيرة من جماعة يطول ذكرهم قد ذكرنا روايته عنهم في تراجمهم. و روى القراءة عن أحمد بن نصر النيسابوري المقرئ، و أبي شعيب صالح بن زياد السوسي] (4).
ص: 170
[قال أبو أحمد بن عدي الحافظ : سمعت منصورا الفقيه و أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي يقولان: أبو عبد الرحمن النسائي إمام من أئمة المسلمين.
و قال أيضا: أخبرني محمد بن سعد الباوردي قال: ذكرت لقاسم المطرز أبا عبد الرحمن النسائي، فقال: هو إمام، أو يستحق أن يكون إماما، أو كما قال.
و قال الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ : أخبرنا أبو علي الحافظ حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي الإمام في الحديث بلا مدافعة.
و قال أيضا: سمعت أبا علي الحافظ غير مرة يذكر أربعة من أئمة المسلمين رآهم، فيبدأ بأبي عبد الرحمن.
و قال في موضع آخر: سمعت أبا علي الحافظ يقول: رأيت من أئمة الحديث أربعة في وطني و أسفاري منهم... و أبو عبد الرحمن النسائي بمصر.
و قال أيضا: سمعت جعفر بن محمد بن الحارث يقول: سمعت مأمون المصري الحافظ يقول: خرجنا مع أبي عبد الرحمن إلى طرسوس سنة الفداء، فاجتمع جماعة من مشايخ الإسلام، و اجتمع من الحفاظ : عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، و محمد بن إبراهيم مربع و أبو الآذان و كيلجة و غيرهم، فتشاوروا من ينتقي لهم على الشيوخ، فأجمعوا على أبي عبد الرحمن النسائي، فكتبوا كلهم بانتخابه] (1).
[قال الذهبي]:
[كان من بحور العلم مع الفهم و الاتقان و البصر و نقد الرجال، و حسن التأليف. جال في طلب العلم في خراسان، و الحجاز و مصر، و العراق و الجزيرة و الشام، و الثغور، ثم استوطن مصر، و رحل الحفاظ إليه، و لم يبق له نظير في هذا الشأن.
و كان شيخا مهيبا، مليح الوجه، ظاهر الدم، حسن التشبيه.
قال قاضي مصر أبو القاسم عبد اللّه السعدي: حدثنا أحمد بن شعيب النسائي، أخبرنا إسحاق بن راهويه حدثنا محمد بن أعين قال: قلت لابن المبارك: إن فلانا يقول: من زعم
ص: 171
أن قوله تعالى: إِنَّنِي أَنَا اللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنَا فَاعْبُدْنِي [سورة طه، الآية:14] مخلوق فهو كافر، فقال ابن المبارك: صدق. قال النسائي: بهذا أقول.
و عن النسائي قال: أقمت عند قتيبة بن سعيد سنة و شهرين.
و كان النسائي يسكن بزقاق القناديل بمصر.
و كان نضر الوجه مع كبر السن، يؤثر لباس البرود النوبية و الخضر، و يكثر الاستمتاع، له أربع زوجات، فكان يقسم لهن، و لا يخلو مع ذلك من سرية، و كان يكثر أكل الديوك، تشترى له و تسمّن و تخصى] (1).
قدم دمشق قديما، و سمع بها و روى عن جماعة، و روى عنه جماعة (2).
حدث بمصر عن هشام بن عمّار بسنده عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال:
كنت آتي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بوضوئه و بحاجته، فقال:«سلني». قلت: مرافقتك في الجنة. قال:«أ و غير ذلك ؟» قلت: هو ذلك، قال:«فأعنّي على نفسك بكثرة السجود»[13974].
و حدث أبو عبد الرحمن النسائي في شعبان سنة ثمانين و مائة بدمشق عن أبي عبد اللّه محمد بن رافع بسنده عن عبد اللّه بن مسعود يرفع الحديث إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:
«لا حسد إلاّ في اثنتين: رجل آتاه اللّه مالا فسلّطه على هلكته في الحق، و رجل آتاه اللّه حكمة فهو يقضي بها و يعلمها»[13975].
قال محمد بن موسى بن يعقوب بن المأمون (3):
سمعت أبا بكر بن الإمام الدمياطي يقول لأبي عبد الرحمن النسائي: ولدت في سنة أربع عشرة - يعني و مائتين - ففي أي سنة ولدت يا أبا عبد الرحمن ؟ فقال: أشبه أن يكون في سنة خمس عشرة يعني و مائتين، لأنّ رحلتي الأولى إلى قتيبة كانت في سنة ثلاثين و مائتين، أقمت عنده سنة و شهرين.
ص: 172
قال أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن المأمون (1):
كنت يوما في دهليز الدار التي كان أبو عبد الرحمن يسكنها في زقاق القناديل (2)، و معي جماعة ننتظره لينزل و يمضي إلى الجامع ليقرأ علينا حديث الزهري، فقال بعض من حضر: ما أظنّ أبا عبد الرحمن إلاّ يشرب النبيذ، للنضرة التي في وجهه و الدم الظاهر مع السن، و قال آخرون: ليت شعرنا، ما يقول في إتيان النساء في أدبارهن ؟ فقلت: أنا أسأله عن الأمرين و أخبركم. فلما ركب مشيت إلى جانب حماره، و قلت له: تمارى بعض من حضر في مذهبك في النبيذ، فقال: مذهبي أنه حرام بحديث أم سلمة عن عائشة:«كل شراب أسكر فهو حرام» (3)،فلا يحلّ لأحد أن يشرب منه قليلا و لا كثيرا.
قلت: فما الصحيح من الحديث في إتيان النساء في أدبارهن ؟ فقال: لا يصحّ عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في إباحته و لا تحريمه شيء، و لكنّ محمد بن كعب القرظي حدث عن جدك (4) ابن عباس: أسق حرثك من حيث شئت، فلا ينبغي لأحد أن يتجاوز قوله.
قال: و كان أبو عبد الرحمن يؤثر لباس البرود النوبية الخضر، و يقول: هذا عوض عن النظر إلى الخضرة من النبات فيما يراد لقوة البصر. و كان يكثر الجماع، مع صوم يوم و إفطار يوم، و كان له أربع زوجات يقسم لهن، و لا يخلو مع ذلك من جارية أو اثنتين، يشتري الواحدة بالمائة و نحوها، و يقسم لها كما يقسم للحرائر. و كان قوته في كل يوم رطل خبز جيد لا يأكل غيره، كان صائما أم مفطرا، و كان يكثر أكل الديوك الكبار، تشترى له و تسمّن ثم تذبح فيأكلها، و يذكر أنّ ذلك ينفعه في باب الجماع.
و سمعت قوما ينكرون عليه كتاب «الخصائص» لعلي رضي اللّه عنه و تركه لتصنيف فضائل أبي بكر، و عمر، و عثمان، فلم يكن في ذلك الوقت صنّفها فحكيت له ما سمعت فقال: دخلنا إلى دمشق و المنحرف عن علي بها كثير، فصنف كتاب «الخصائص» رجاء أن يهديهم اللّه، ثم صنّف بعد ذلك فضائل أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قرأها على الناس. و قيل
ص: 173
له، و أنا حاضر: أ لا تخرّج فضائل معاوية ؟ فقال: أيّ شيء أخرج ؟«اللهم لا تشبع بطنه» (1)؟[13976].
و سكت، و سكت السائل.
قال بعض أهل العلم: و هذه أفضل فضيلة لمعاوية لأن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«اللهم إنما أنا بشر، أغضب كما يغضب البشر، فمن لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة و رحمة» (2)[13977].
قال أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي الصوفي (3):
سألت أبا الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ فقلت: إذا حدث محمد بن إسحاق ابن خزيمة و أحمد بن شعيب النسائي حديثا من تقدّم منهما؟ قال: النسائي لأنه أسند، على أني لا أقدم على النسائي أحدا، و إن كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير.
قال علي بن عمر الحافظ غير مرة (4):
أبو عبد الرحمن مقدّم (5) على كلّ من يذكر بهذا العلم من أهل عصره.
قال محمد بن طاهر (6):
سألت الإمام أبا القاسم سعد بن علي الزنجاني بمكة عن حال رجل من الرواة، فوثّقه.
فقلت: إن أبا عبد الرحمن النسائي ضعّفه، فقال: يا بني، إنّ لأبي عبد الرحمن في الرجال شرطا أشدّ من شرط البخاري و مسلم (7).
قال أبو الحسين محمد بن مظفر الحافظ (8):
ص: 174
سمعت مشايخنا بمصر يعترفون (1) لأبي عبد الرحمن النسائي بالتقدم و الإمامة و يصفون من اجتهاده في العبادة بالليل و النهار و لمواظبته على الحج و الجهاد. و أنه خرج إلى الفداء مع والي مصر، فوصف من شهامته و إقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين و احترازه عن مجالسة السلطان الذي خرج معه و الانبساط بالمأكول و المشروب في رحلته، و أنه لم يزل ذلك دأبه إلى أن استشهد رضي اللّه عنه بدمشق من جهة الخوارج.
كان ابن الحداد كثير الحديث، و لم يحدّث عن أحد غير أبي عبد الرحمن النسائي فقط ، و قال: رضيت به حجة بيني و بين اللّه (2).
خرج (3) أبو عبد الرحمن من مصر في آخر عمره إلى دمشق، فسئل بها عن معاوية بن أبي سفيان و ما روي من فضائله. فقال: معاوية (4) لا يرضى رأسا برأس حتى يفضّل ؟ فما زالوا يدفعون في حضنيه (5) حتى أخرج من المسجد، ثم حمل إلى مكة و توفي بها سنة ثلاث و ثلاث مائة و هو مقتول (6).
قال (7):و هذه الحكاية لا تدل على سوء اعتقاد أبي عبد الرحمن في معاوية بن أبي سفيان، و إنما تدل على الكف عن ذكره بكل حال.
فقد (8) روي عن أبي عبد الرحمن النسائي أنه سئل عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: إنما الإسلام كدار لها باب، فباب الإسلام الصحابة، فمن آذى الصحابة
ص: 175
إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الباب. قال: فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة.
[قال الطبراني في معجمه: حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي القاضي بمصر، فذكر حديثا.
و قال أبو عوانة في صحيحه:
حدثنا أحمد بن شعيب النسائي قاضي حمص، حدثنا محمد بن قدامة، فذكر حديثا.
قال الحاكم: كلام النسائي على فقه الحديث كثير، و من نظر في سننه تحير في حسن كلامه.
قال ابن الأثير في أول جامع الأصول:
كان شافعيا له مناسك على مذهب الشافعي، و كان ورعا متحريا. و قال ابن الأثير:
سأل أمير أبا عبد الرحمن عن سننه: أ صحيح كله ؟ قال: لا، قال: فاكتب لنا منه الصحيح، فجرد المجتنى.
و قال أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ : من يصبر على ما يصبر عليه النسائي ؟ عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة، يعني عن قتيبة، عن ابن لهيعة قال: فما حدّث بها.
قال الدارقطني:
خرج حاجا فامتحن بدمشق، و أدرك الشهادة، فقال: احملوني إلى مكة، فحمل و توفي بها، و هو مدفون بين الصفا و المروة، و كانت وفاته في شعبان سنة ثلاث و ثلاثمائة.
قال: و كان أفقه مشايخ مصر في عصره، و أعلمهم بالحديث و الرجال.
قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه:
كان أبو عبد الرحمن النسائي إماما حافظا ثبتا، خرج من مصر في شهر ذي القعدة من سنة اثنتين و ثلاث مائة، و توفي بفلسطين في يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر سنة ثلاث] (1).
ص: 176
خرج النسائي من مصر في ذي القعدة سنة اثنتين و ثلاث مائة، و توفي بفلسطين يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر سنة ثلاث و ثلاث مائة. و قيل مات بالرملة و دفن ببيت المقدس (1).
[قال ابن حجر] (2):
[قال الذهبي في مختصره: عاش ثمانيا و ثمانين سنة، و كأنه بناه على ما تقدم من مولده، فهو تقريب] (3).
ص: 177
له كلام في الزهد و المواعظ .
[روى عنه أحمد بن أبي الحواري، و سعد بن محمد البيروتي] (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):
[أحمد بن صاعد الصوري الزاهد، صاحب حكمة، و زهد، روى عن أحمد بن أبي الحواري و سعد بن محمد البيروتي] (3).
قال محمد بن الحسن الجوهري:
دخلت على أحمد بن صاعد الصوري و هو جالس وحده في مسجده فقلت: ما لي أراك وحدك فقال:
قنعت بعلم اللّه ذخري و واجدي *** بمكنون أسرار تضمّنها صدري
فلو حاز ستر السّر بيني و بينه *** عن القلب و الأحشاء ما علما سرّي
قال أبو عمرو عثمان بن سليمان ابن أخت علي بن داود القنطري:
دخلت مسجد دمشق فرأيت فيه ابن صاعد، فسألته عن مسألة، فأجابني، ثم سألته عن
ص: 178
أخرى فأجابني، ثم قال لي: يا غلام، إنما يغني اللّه بك إذا غنيت بنفسك: إني كنت هاهنا وافد قوم فرأيت أربعة نفر يتكلمون في شيء من العلم لا أفهمه، فالتفت إلي أحدهم فقال:
شغلتك الذّنوب عن فهم علم *** نافع للقلوب يجلو صداها
ثم أمسك، و التفت إليّ الثاني فقال:
إنّ داء الذّنوب داء عييّ *** فإلى اللّه أشتكي ضرّ داها
ثم أمسك، و التفت إليّ الثالث فقال:
فاستقل توبة لعلّك تنجو *** و ازجر النّفس يا أخي عن هواها
ثم التفت إليّ الرابع فقال:
أقر مصر السّلام منّا و زورا *** قبر ذي النّون تنجون من رداها
[مولى الحباب] ابن رحيم البزّاز
قدم دمشق. و حدّث بها عن جماعة.
[سمع بحلب و بغيرها من الثغور أبا بكر محمد بن أحمد بن أبي إدريس الإمام، و أبا أيوب سليمان بن محمد بن إدريس بن رويط ، و أبا بكر محمد بن بركة بن الفرداح برداعس، و عثمان بن محمد بن علي بن علان، و أبا عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي الأَذَني، و أبا الحسين مسدد بن يعقوب القلوسي، و أبا عبد اللّه محمد بن الحكم، و بكر بن أحمد الشعراني، و أبا جعفر محمد بن الحسين بن زيد، و أبا الحسن جعفر بن محمد الحروي، و أبا الحسن علي بن عبد اللّه بن أبي مطر، و أبا إسحاق إبراهيم بن ميمون الصواف، و أبا أحمد جابر بن عبد اللّه بن حاتم الجهازي، و أبا بكر أحمد بن عمرو بن جابر الرملي، و أبا الحسن داود بن أحمد بن مصحح، و أبا الحسين علي بن محمد بن أبي الحديد المصري، و عبد القدوس بن عيسى بن موسى الحمصي، و أبا علي الحسين بن يوسف بن مليح الطرائفي، و إسماعيل بن يعقوب الحراب.
ص: 179
روى عنه أبو الحسين الميداني، و سمع منه بدمشق عبد العزيز و عبد الواحد ابنا محمد ابن عبدويه الشيرازي (1).
روى عن عثمان بن محمد الذهبي بسنده عن محمد الأسفاطي (2) قال (3):
رأيت النبي صلى اللّه عليه و سلم في النوم فقلت: يا رسول اللّه، إن عبد اللّه بن داود حدثنا عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد اللّه بن مسعود عنك بحديث الصادق المصدوق، فهو عنك يا رسول اللّه. فذكر الحديث، قال: رحم اللّه كلّ من حدث به إلى يوم القيامة.
رواه الحافظ بسنده إلى أبي عبد اللّه الأسفاطي (4) من طريق أخرى قال:
رأيت النبي صلى اللّه عليه و سلم في المنام فقلت: يا رسول اللّه، بلغنا عنك حديث الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد اللّه بن مسعود في القدر. فقال: نعم، أنا قلت رحم اللّه الأعمش، و رحم اللّه زيد بن وهب، و رحم اللّه عبد اللّه بن مسعود، و رحم اللّه من حدّث بهذا الحديث.
[قال الحافظ أبو القاسم]:
قرأت بخط الميداني: حدثنا أبو بكر أحمد بن صافي مولى الحباب بن رحيم البزاز قدم علينا من تنيس في سنة ستين و ثلاثمائة بحديث ذكره، فتكون وفاته بعد ذلك و اللّه أعلم] (5).
المعروف بابن الطبري
روى عن جماعة، و روى عنه جماعة. قدم دمشق.
ص: 180
[كان أبوه من أهل طبرستان من الجند، و كان أبو جعفر أحد الحفاظ المبرزين و الأئمة المذكورين.
روى عن إبراهيم بن الحجاج، و أسد بن موسى، و إسماعيل بن أبي أويس المدني، و حرمي بن عمارة بن أبي حفصة، و خالد بن نزار الأيلي، و سفيان بن عيينة. و سلامة بن روح الأيلي، و عبد اللّه بن إبراهيم بن عمر بن كيسان، و عبد اللّه بن نافع الصائغ، و عبد اللّه بن وهب، و عبد الرزاق بن همام، و عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، و عفان بن مسلم الصفار، و عنبسة بن خالد الأيلي، و الفضل بن نعيم بن دكين، و قدامة بن محمد الخشرمي، و محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، و يحيى بن حسان التنيسي، و يحيى بن محمد الجاري.
روى عنه البخاري، و أبو داود، و إبراهيم بن عمرو بن ثور، و أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين، و أحمد بن محمد بن نافع الطحان، و اسماعيل بن الحسن الخفاف، و إسماعيل بن عبد اللّه سمويه، و اسماعيل بن محمد بن قيراط الدمشقي، و صالح بن محمد البغدادي، و العباس بن محمد بن العباس البصري، و عبد اللّه بن أبي داود، و أبو زرعة الرازي، و عبيد بن رجال المصري، و عثمان بن سعيد الدارمي، و علي بن الحسين بن الجنيد، و عمر بن عبد العزيز الخزاعي المصري، و عمر بن أبي عمر العبدي، و عمرو بن محمد بن بكير، و محمد بن إسماعيل الترمذي، و محمد بن عبد اللّه بن نمير، و محمد بن المثنى، و محمد بن مسلم بن وارة، و محمد بن هارون بن حسان البرقي، و محمد بن الهيثم بن حماد، و محمد بن يحيى الذهلي، و محمود بن إبراهيم بن سميع الدمشقي، و محمود بن غيلان المروزي، و موسى بن سهل الرملي، و يعقوب بن سفيان الفسوي، و يوسف بن موسى المروذي.
قال علي بن عبد الرحمن بن المغيرة عن محمد بن عبد اللّه بن نمير: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى - يريد أحمد ابن صالح.
ص: 181
قال أبو الحسن علي بن محمود الهروي قلت لأحمد بن حنبل: من أعرف الناس بأحاديث ابن شهاب ؟ قال: أحمد بن صالح المصري، و محمد بن يحيى النيسابوري] (1).
حدث عن ابن وهب بسنده عن ابن عباس:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم طاف في حجة الوداع على بعيره يستلم الركن بمحجن[13978].
و روى أحمد بن صالح عن عنبسة عن يونس قال (2):
سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه و ما يذكر في ذلك فقال: كان عروة ابن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة عن زيد بن ثابت قال: كان الناس يتبايعون الثمار فإذا جذّ الناس، و حضر تقاضيهم، قال [أبو جعفر: أظنه يقاضيهم] (3) قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدّمان (4)،و أصابه قشام (5)،و أصابه مراض (6)،عاهات يحتجون بها. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«فأما لا تتبايعوا (7) الثمار حتى يبدو صلاحه» (8).كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم[13979].
و روى أحمد بن صالح عن إبراهيم بن الحجاج بسنده عن ابن عباس قال (9):
لما زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم فاطمة من علي عليهما السلام قالت فاطمة: يا رسول اللّه، زوجتني من رجل فقير ليس له شيء، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:«أ ما ترضين أن اللّه اختار لك من أهل الأرض رجلين أحدهما أبوك و الآخر زوجك ؟» (10)[13980].
ص: 182
قال أبو زرعة (1):
ذاكرت أحمد بن صالح مقدمه دمشق سنة سبع عشرة و مائتين قال: و سألني أحمد بن حنبل قديما: من بمصر؟ قلت: بها أحمد بن صالح، فسرّ بذكره و ذكر خيرا و دعا له.
قال صالح بن محمد بن حبيب: قال أحمد بن صالح المصري (2):
كان عند ابن وهب مائة ألف حديث. كتبت عنه خمسين ألف حديث، و لم يكن بمصر أحد يحسن الحديث و الحفظ غير أحمد بن صالح. كان يعقل الحديث و يحسن أن يأخذ.
و كان رجلا جامعا يعرف الفقه، و الحديث، و النحو، و يتكلّم في حديث الثوري و شعبه و أهل العراق. و كان قدم العراق، و كتب عن عفان و هؤلاء. و كان يذاكر بحديث الزهري، و يحفظه.
و قال [أحمد بن صالح المصري] (3):
كتبت عن ابن زبالة (4) مائة ألف حديث، ثم تبين لي أنه كان يضع الحديث فتركت حديثه.
قال يعقوب بن سفيان الفسوي (5):
كتبت عن ألف شيخ و كسر كلهم ثقات، ما أحد منهم أتخذه عند اللّه عز و جل حجة إلاّ رجلين أحمد بن صالح بمصر، و أحمد بن حنبل بالعراق (6).
قال أحمد بن عبد اللّه العجلي (7):أحمد بن صالح ثقة صاحب سنة.
ص: 183
قال محمد بن مسلم بن وارة (1):أحمد بن صالح بمصر، و أحمد بن حنبل ببغداد، و ابن نمير بالكوفة، و النّفيلي بحران. هؤلاء أركان الدين.
قال أحمد بن شعيب النسائي (2):أحمد بن صالح مقرئ ليس بثقة و لا مأمون، تركه محمد بن يحيى، و رماه يحيى بن معين بالكذب و قال: أحمد بن صالح كذاب يتفلسف.
قال مسلمة بن القاسم الأندلسي (3):الناس مجمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه و خيره و فضله. و إن أحمد بن حنبل و غيره كتبوا عنه و وثقوه، و كان سبب تضعيف النسائي له أنّ أحمد بن صالح رحمه اللّه كان لا يحدث أحدا حتى يشهد عنده رجلان من المسلمين أنه من أهل الخير و العدالة، فكان يحدثه و يبذل له علمه، و كان يذهب في ذلك مذهب زائدة بن قدامة، فأتى النسائي ليسمع منه، فدخل بلا إذن، و لم يأته برجلين يشهدان له بالعدالة. فلما رآه في مجلسه أنكره و أمر بإخراجه، فضعّفه النسائي لهذا.
و قال الخطيب (4):[احتج سائر الأئمة بحديث أحمد بن صالح، سوى أبي عبد الرحمن النسائي، فإنه ترك الرواية عنه، و كان يطلق فيه لسانه] (5) و ليس الأمر على ما ذكر النسائي. و كان يقال: آفة أحمد بن صالح الكبر و شراسة الخلق. و نال النسائي منه جفاء في مجلسه، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما.
قال بندار (6):
كتبت إلى أحمد بن صالح خمسين ألف حديث أي: إجازة، و سألته أن يجيز لي أو يكتب إليّ بحديث مخرمة بن بكير فلم يكن عنده من المروءة ما يكتب بذلك إليّ .
قال الخطيب (7):
ص: 184
ترى أن هذا الذي قاله بندار في أحمد بن صالح في تركه مكاتبته مع مسألته إياه ذلك إنما حمله عليه سوء الخلق. و لقد بلغني أنه كان لا يحدث إلاّ ذا لحية، و لا يترك أمرد يحضر مجلسه. فلما حمل أبو داود السجستاني ابنه إليه ليسمع منه - و كان إذ ذاك أمرد - أنكر أحمد ابن صالح على أبي داود إحضاره ابنه المجلس، فقال له أبو داود: هو و إن كان أمرد أحفظ من أصحاب اللحى فامتحنه بما أردت، فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها، فحدثه حينئذ، و لم يحدث أمرد غيره.
[قال أبو بكر الخطيب] (1):
[أحمد بن صالح المقرئ أبو جعفر، طبري الأصل، سمع عبد اللّه بن وهب و عنبسة بن خالد، و عبد اللّه بن نافع، و اسماعيل بن أبي أويس، و كان أحد حفاظ الأثر، عالما بعلل الحديث، بصيرا باختلافه، و ورد بغداد قديما و جالس بها الحفاظ ، و جرى بينه و بين أبي عبد اللّه بن حنبل مذاكرات، و كان أبو عبد اللّه يذكره و يثني عليه، و قيل إن كل واحد منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة حديثا، ثم رجع إلى مصر فأقام بها، و انتشر عند أهلها علمه، و حدث عنه الأئمة] (2).
[قال ابن العديم].
[أنبأنا تاج الأمناء أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة اللّه الشافعي قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن منده قال: أخبرنا أبو طاهر ابن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء.
ح قال الخلال: و أخبرنا ابن منده، أخبرنا حمد بن عبد اللّه الأصبهاني إجازة قالا أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال:
أحمد بن صالح المصري أبو جعفر، روى عن ابن عيينة، و ابن وهب، و عبد الرزاق، سمعت أبي و أبا زرعة يقولان ذلك.
قال: و سمعت أبي يقول: كتبت عنه بمصر و بدمشق و أنطاكية. و قال ابن أبي حاتم:
حدثنا علي بن الحسين بن جنيد قال: سمعت محمد بن عبد اللّه بن نمير يقول: حدثنا
ص: 185
أحمد بن صالح، فإذا جاوزت الفرات فليس أحد مثله، و سئل أبي عن أحمد بن صالح فقال:
ثقة] (1).
[قال محمد بن إسماعيل البخاري] (2):
[أحمد بن صالح أبو جعفر المصري، مات في ذي القعدة سنة ثمان و أربعين و مائتين، سمع ابن وهب و عنبسة بن خالد] (3).
[قال أبو أحمد الحاكم النيسابوري] (4):
[أبو جعفر أحمد بن صالح المصري. سمع أبا محمد عبد اللّه بن وهب القرشي، و عنبسة بن خالد الأيلي ابن أخي يونس بن يزيد.
سمع منه محمد بن مسلم بن وارة الرازي، و عبيد اللّه بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي. كناه. لنا أبو بكر عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث السجستاني] (5).
[سمعت محمد بن سعد السعدي يقول: سمعت أبا عبد الرحمن النسائي أحمد بن شعيب يقول: سمعت معاوية بن صالح يقول: سألت يحيى بن معين عن أحمد بن صالح ؟ فقال: رأيته كذابا يخطب في جامع مصر.
و كان النسائي هذا سيّئ الرأي فيه، و ينكر عليه أحاديث منها عن ابن وهب، عن مالك، عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«الدين النصيحة».
قال ابن عدي: حدثناه العباس بن محمد بن العباس عن أحمد بن صالح بذلك] (6).
[قال ابن عدي:
و أحمد بن صالح من حفاظ الحديث و بخاصة حديث الحجاز، و من المشهورين بمعرفته، و حدث عنه البخاري مع شدة استقصائه، و محمد بن يحيى، و اعتمادهما عليه في
ص: 186
كثير من حديث الحجاز و على معرفته، و حدث عنه من حدث من الثقات فاعتمدوه حفظا و اتقانا، و كلام ابن معين فيه تحامل.
و أما سوء رأي النسائي، فسمعت محمد بن هارون بن حسان البرقي يقول: هذا الخراساني - يعني النسائي - يتكلم في أحمد بن صالح، و حضرت مجلس أحمد بن صالح، و طرده من مجلسه، فحمله ذلك على أن تكلم فيه. و هذا أحمد بن حنبل قد أثنى عليه، فالقول فيه ما قاله أحمد، لا ما قاله غيره فيه] (1).
[قال ابن عدي:
و أحمد بن صالح من أجلة الناس، و ذاك أني رأيت جمع أبي موسى الزمن في عامة ما جمع من حديث الزهري يقول: كتب إلي أحمد بن صالح، حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري] (2).
[قال أبو بكر الخطيب].
[أخبرني أحمد بن سليمان المقرئ أخبرنا أحمد بن محمد بن الخليل أخبرنا أبو أحمد ابن عدي قال: سمعت عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز يقول: سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول: قدمت مصر و أتيت أحمد بن صالح، فسألني: من أين أنت ؟ قلت: من بغداد، قال: منزل من منزل أحمد بن حنبل ؟ قلت: أنا من أصحابه، قال: تكتب لي موضع منزلك فإني أريد أوافي العراق حتى تجمع بيني و بين أحمد بن حنبل، فكتبت له، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة إلى عفان، فسأل عني، فلقيني، فقال: الموعد الذي بيني و بينك ؟ فذهبت به إلى أحمد بن حنبل و استأذنت له فقلت: أحمد بن صالح بالباب. فأذن له، فقام إليه و رحب به و قربه، و قال له: بلغني أنك جمعت حديث الزهري، فتعال نذاكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فجعلا يتذاكران و لا يغرب أحدهما عن الآخر حتى فرغا. قال: و ما رأيت أحسن من مذاكرتهما.
ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: تعال حتى نذاكر ما روى الزهري عن أولاد أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فجعلا يتذاكران أحدهما على الآخر إلى أن قال أحمد بن حنبل
ص: 187
لأحمد ابن صالح: عن الزهري عند محمد بن جبير عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف قال النبي صلى اللّه عليه و سلم:«ما يسرني أن لي حمر النعم و أن لي حلف المطيبين» فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ و تذكر مثل هذا؟ فجعل أحمد بن حنبل يبتسم و يقول: رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح - عبد الرحمن بن إسحاق - فقال: من رواه عن عبد الرحمن ؟ فقال: حدثناه رجلان تقيان - اسماعيل بن علية و بشر بن الفضل - فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: سألتك باللّه إلاّ أمليته عليّ . فقال أحمد: من الكتاب، فقام و دخل و أخرج الكتاب و أملى عليه، فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: لو لم أستفد بالعراق إلاّ هذا الحديث كان كثيرا، ثم ودعه و خرج] (1).
[حدثني أحمد بن محمد العتيقي حدثنا علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى المصري حدثنا أبي قال: كان أحمد بن صالح يكنى أبا جعفر، كان صالح جنديا من أهل طبرستان من العجم، و ولد أحمد بن صالح بمصر في سنة سبعين و مائة، و توفي بمصر يوم الاثنين لثلاث خلون من ذي القعدة سنة ثمان و أربعين و مائتين، و كان حافظا للحديث] (2).
[و قد ذكر ابن حبان أحمد بن صالح في الثقات، و ما أورده في الضعفاء، فأحسن] (3).
ولد أحمد بمصر سنة سبعين و مائة. و توفي بمصر يوم الاثنين لثلاث خلون من ذي القعدة سنة ثمان و أربعين و مائتين.
[روى عن مؤمل بن إسماعيل، و موسى بن معاذ ابن أخي ياسين المكي.
روى عنه الحسن بن الليث المروزي، و أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر، و أبو محمد بن صاعد و غيرهم] (4).
ص: 188
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (1):
[أحمد بن صالح المكي السواق، روى عن المؤمل بن اسماعيل، و نعيم بن حماد، روى عنه الحسن بن الليث] (2).
[ضعفه الدار قطني في غرائب مالك] (3).
حدث بمكة عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي بسنده عن جبير بن مطعم أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«كل عرفة موقف و ارتفعوا عن عرفات، و المزدلفة كلها موقف و ارتفعوا عن نظر محسّر (4)،و كلّ فجاج منى منحر، و كل أيام التشريق منحر»[13981].
سئل أبو زرعة عن أحمد بن صالح المكي، فقال: هو صدوق، و لكن يحدّث عن المجهولين، و يحدث عن الضعفاء (5).
قال أبو محمد [بن أبي حاتم] (6):
روى عن المؤمل بن إسماعيل الثوري أحاديث منكرة في الفتن تدل على توهين أمره.
أبو بكر البغدادي المقرئ البزاز صاحب أبي بكر بن مجاهد
حدث بأطرابلس و حمص و قرأ القرآن. و كان ثقة ضابطا مشهورا.
[قرأ على الحسن بن الحباب، و الحسن بن الحسين الصواف، و محمد بن هارون التمار، و ابن مجاهد.
ص: 189
قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن، و عبد المنعم بن غلبون، و علي بن محمد بن بشر الأنطاكي، و خلف بن قاسم و آخرون] (1).
حدث بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«إن مثل الولد البرّ بوالديه كمثل بلدة طيبة يزكو نباتها، يفرح حاصدها. يا طوبى لمن ضرب له هذا المثل»[13982].
قال أبو بكر الخطيب (2):
أحمد بن صالح انتقل إلى الشام، و نزل أطرابلس و حدث بها و بالرملة [عن جعفر بن عيسى الناقد، و محمد بن الحكم العتكي. و روى عنه الغرباء و ذكر ابن الثلاج أنه سمع منه.
حدثنا يحيى بن علي أبو طالب الدسكري - لفظا، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد ابن الحسن بن مالك الجرجاني بها، حدثني أبو بكر أحمد بن صالح بن عمر المقرئ البغدادي بأطرابلس، حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن الحكم العتكي، حدثنا سليمان يعني ابن سيف، حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة.
قال: كنت جالسا عند عبد اللّه بن زياد فقال: سمعت رسول اللّه يقول:«إن عذاب هذه الأمة في دنياها»] [13983].
هكذا حدثناه أبو طالب من أصل كتابه، و قد سقط منه ألفاظ كثير ففسد بذلك.
و صوابه.
ما أخبرناه أبو عبد اللّه بن الحسين بن الحسن بن محمد بن القاسم المخزومي، حدثنا جعفر بن محمد بن نصر الخالدي (كذا) املاء. حدثنا أبو جعفر محمد بن يوسف التركي حدثنا إسحاق بن موسى قال: سألت أبا بكر بن عياش - و عنده هشام ابن الكلبي - فأخبرنا عن أبي حصين عن أبي بردة قال:
كنت عند عبيد اللّه بن زياد، و أتى برءوس من رءوس الخوارج، فجعلت كلما أتى برأس أقول: إلى النار، إلى النار. فعيرني عبد اللّه بن يزيد الأنصاري و قال: يا بن أخي، و ما
ص: 190
تدري ؟ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«جعل عذاب هذه الأمة في دنياها»[13984].
و كان حيّا إلى سنة تسع و أربعين و ثلاث مائة (1).
ابن ثعلبة بن عمر بن منصور بن حرب، أبو العلاء الأثطّ
المؤدّب التميمي الفارسي الجرجاني
سكن صور، و حدث بدمشق.
حدث بصور عن محمد بن حميد بسنده عن الركين بن الربيع عن أبيه قال: سمعت عليا يقول: استأذن عمار على النبي صلى اللّه عليه و سلم و أنا عنده فقال:«مرحبا بالطيب المطيب»[13985].
و حدث عنه أيضا بسنده عن ابن عمر.
أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يتختم في يمينه[13986].
ص: 191
أبو الحسن المنبجي المقرئ العابد
رجل صالح، عارف بوجوه القراءات و عللها، و له مصنف في القراءات سماه «الحجة» ذكر فيه القراءات السبعة، و بين وجوهها و عللها و هو كتاب حسن.
قرأ القرآن العظيم على أبي القاسم هبة اللّه بن جعفر بن محمد بن الهيثم المقرئ، و أبي طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم، و أبي عيسى بكار بن أحمد بن بكار ابن بنان بن بكار بن زياد، و أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم النحوي، و أبي الحسن علي بن محمد ابن البزاز القلانسي، و أخذ القراءات عنهم دراية و رواية.
و أجاز أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن خالويه، روى عنه: أبو محمد بن عبدان بن عمر بن الحسن المنبجي، و أبو الحسن علي بن محمد بن معيوف العين ثرمائي (1).
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال:
بلغني أن أبا الحسن المنبجي الذي كان بدمشق توفي قبل الستين و ثلاثمائة.
ص: 192
و وقع إليّ جزء بخط بعض الفضلاء من أهل دمشق كتبه بها يتضمن وفاءات جماعة من المحدثين و العلماء قال:
سنة ست و ستين و ثلاثمائة توفي أبو الحسن المنبجي، و هو أحمد بن الصقر بن ثابت صاحب كتاب القراءات في ربيع الآخر من السنة].
ص: 193
الأسدي القردي، مولى أيمن بن خريم
إمام جامع دمشق.
[قال أبو عبد اللّه ابن النجار الحافظ : قال لنا الشيخ زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة اللّه و أبو مسهر و خالد بن عمرو بن محمد بن عبيد اللّه بن سعيد بن العاصي: سمع منه أحمد بن أبي الحواري و هو من أقرانه، و روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد ابن الوليد المري، و أبو حاتم الرازي] (1).
حدث عن خالد بن عمرو بن عبيد اللّه بن سعيد بن العاص بسنده عن سلمة بن نبيط (2) عن أبيه قال:
رأيت النّبي صلى اللّه عليه و سلم يخطب يوم النحر على جمل له أحمر[13987].
و مات في يوم السبت لليلة من ربيع الأول سنة اثنتين و خمسين و مائتين (3).
ص: 194
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (1):
[أحمد بن الضحاك الدمشقي إمام مسجد جامع دمشق. روى عن المخيس بن تميم.
سمع منه أبي بدمشق في الرحلة الثانية] (2).
ابن زياد بن ضياء بن خلاج بن كثير،
أبو الحسن البجلي المسرابي
[من قرية مسرابا.
روى عن أبي الجماهر، و عبد اللّه بن سليمان البعلبكي العبدي، و سليمان بن حجاج الكسائي.
روى عنه أبو الطيب ابن الحوراني، و أبو عمر ابن فضالة، و أبو علي ابن آدم الفزاري] (3).
حدث بمسرابا عن أبي الجماهر بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من حدث حديثا فعطس عنده فهو على حق»[13988].
خلاّج: بالخاء و الجيم.
ص: 195
ابن يزيد، أبو علي النيسابوري
من الرحالة في طلب الحديث. سمع بدمشق و غيرها.
قال أحمد بن طاهر: أنشدني مكحول البيروتي قال: أنشدني أبو الحسن الرهاوي:
إني و إن كان جمع المال يعجبني *** ما يعدل المال عندي صحّة الجسد
في المال عزّ و في الأولاد مكرمة *** و السّقم ينسيك ذكر المال و الولد
توفي أحمد بن طاهر ليلة الاثنين السابع من ذي القعدة سنة ستين و ثلاث مائة.
[حكى عن عبد اللّه بن خبيق الأنطاكي، و لقيه بها.
روى عنه عمر بن المؤمل الطرسوسي أبو القاسم].
[ (1) قال أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اللّه أنبأنا أبو طاهر ابن الحنائي قال: أخبرنا أبو علي الأهوازي المقرئ قال: حدثنا أبو أسامة محمد بن أحمد بن محمد الهروي
ص: 196
المقرئ بمكة قال: حدثنا أبو القاسم عمر بن المؤمل قال: حدثنا أحمد بن طاهر الدمشقي قال: حدثنا] عبد اللّه بن خبيق الأنطاكي الزاهد قال:
سألت يوسف بن أسباط : هل مع حذيفة المرعشي علم ؟ فقال: معه العلم الأكبر؛ خوف اللّه عزّ و جلّ .
اسم أبي أحمد محمد بن المتوكل جعفر بن المعتصم
محمد بن الرشيد هارون بن المهدي محمد بن المنصور
عبد اللّه بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس
ابن عبد المطلب بن هاشم أبو العباس المعتضد باللّه
بويع بالخلافة بعد عمّه المعتمد على اللّه في رجب سنة تسع و سبعين و مائتين (1).و كان قدم دمشق، و هو ولي عهد لمحاربة أبي الجيش بن أحمد بن طولون يوم السبت لليلتين خلتا من شعبان سنة إحدى و سبعين و مائتين (2).
و أمه أم ولد يقال لها نحلة (3)،و يقال: ضرار.
حدث المعتضد باللّه عن أبيه أبي أحمد الموفق قال (4):
كان أمير المؤمنين السفاح يعجبه السّمر، و كان يطول عليه السهر، و تعجبه الفصاحة و منازعة الرجال، فسمر عنده ذات ليلة أناس من اليمن و أناس من مضر، فيهم خالد بن
ص: 197
صفوان التميمي (1) و إبراهيم بن محمد (2) الكندي، فمال بهم الحديث، فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين، إن أخوالك هم الناس، و هم العرب الأول، و الذين دانت لهم الدنيا، كانت لهم اليد العليا. توارثوا الرئاسة (3)،يلبس آخرهم سرابيل أولهم، بيت المجد و مآثر الحمد لهم، منهم النعمانان و المنذران و القابوسان، و منهم عياض صاحب البحر، و منهم الجلندى (4)، و منهم ملوك (5) التيجان، و حماة (6) الفرسان، أصحاب السيوف القاطعة و الدروع الحصينة (7)، إن حلّ ضيف أكرموا، و إن سئلوا أنعموا، فمن ذا مثلهم يا أمير المؤمنين إذا عدّت المآثر، و فخر مفاخر، و نافر منافر؟[فهم] (8) العرب العاربة، و سائر العرب المتعرّبة. فتغيّر وجه السفاح و قال: ما أظن خالدا يرضى بما تقول، فقال: و هل يستطيع أن يقول مثل قولي أو يفخر مثل فخري (9)؟فقال السفاح: ما تقول يا خالد؟ فقال: إن أذن لي أمير المؤمنين، و أمنت الموجدة تكلمت. قال: تكلّم و لا تهب أحدا. فتكلم خالد فقال: خاب المتكلم، و أخطأ المتحكم (10)،و قد قال بغير علم، و نظر (11) بغير صواب. إذ فخر على مضر، و منهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الخلفاء من أهل بيته، و هل أهل اليمن - أصلح اللّه أمير المؤمنين - إلاّ دابغ جلد، أو حائك برد، أو سائس فهد، أو قائد قرد؟! دلّ عليهم الهدهد، و غرّقهم الجرذ، و ملكتهم أم ولد، و هم يا أمير المؤمنين ما لهم ألسنة فصيحة، و لا لغة صحيحة، و لا حجة تدلّ على كتاب اللّه عز و جل، و لا يعرف بها [صواب و إنهم منا لبين إحدى الخلتين] (12) إن
ص: 198
جاوزوا قصدنا أكلوا، و إن أبوا حكمنا عنفوا (1).
ثم التفت إلى الكندي فقال: أ تفخر عليّ بالدرع الحصينة، و الفرس الراتع، و السيف القاطع، و الدرة المكنونة و لا تفخر بخير الأنام محمد صلى اللّه عليه و سلم ؟! فبه أدرك من ذكرت و فخر من فخرت، فأكرم به إذ كانوا أتباعه و أشياعه و به ذكروا و افتخروا، فمنّا النبي المصطفى و سيف اللّه عمه العباس المجتبى، و منا علي الرضى، و أسد اللّه حمزة، و منّا خير المسلمين و ديان الدين (2) و سيد أولاد المهاجرين و أبو الخلفاء الأربعين، و من فقهه اللّه في الدين، و تلقن القرار من الأمين، و لنا السؤدد، و العلياء (3)،و زمزم، و منى، و لنا البيت المعمور، و السقف المرفوع، و الستر المحبور (4)،و لنا البيت الأعظم و السقاية، و الشرف، و لنا [زمزم و] (5)بطحاؤها و صحراؤها و منابتها و كل فناء لها، و لنا غياضها و منابرها و أعلامها و حطيمها و عرفاتها و حرمها و مواقفها، فهل يعدلنا عادل أو يبلغ فخرنا مفاخر، و فينا كعبة اللّه ؟ فمن زاحمنا زاحمناه، و من فاخرنا فاخرناه.
ثم التفت إلى الكندي فقال: كيف علمك بلغة قومك ؟ قال: إني بها لجدّ عالم.
قال: أخبرني عن الشناتر؟ قال: الأصابع.
قال: فأخبرني عن الصّنّارة ؟ قال: الأذن.
قال: فأخبرني عن الجحمتين ؟ قال: العينان.
قال: فأخبرني عن المبزم (6)؟قال: السن.
[قال: فأخبرني عن الزبّ .
قال: اللحية.
قال: فأخبرني عن الفقحة.
ص: 199
قال: الراحة] (1).
قال: أخبرني عن الكتع ؟ قال: الذئب.
قال: أ تؤمن أنت بكتاب اللّه عز و جل ؟ قال: نعم.
قال: إن اللّه تبارك و تعالى يقول في كتابه بِلِسٰانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [سورة الشعراء، الآية:
195] اَلْعَيْنَ بِالْعَيْنِ [سورة المائدة، الآية:45] و لم يقل: الجحمة بالجحمة، و قال جل ثناؤه جَعَلُوا أَصٰابِعَهُمْ فِي آذٰانِهِمْ [سورة نوح، الآية:7] و لم يقل: جعلوا شناترهم في صنّاراتهم. و قال اَلسِّنَّ بِالسِّنِّ [سورة المائدة، الآية:45] و لم يقل: المبزم بالمبزم. و قال فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ [سورة يوسف، الآية:17] و لم يقل: فأكله الكتع. و لكني أسألك عن أربع خصال إن أقررت بها قهرت، و إن أنكرتها قتلت، قال: و ما هي ؟ قال: أسألك عن نبي اللّه المصطفى أمنّا أم منكم ؟ قال: بل منكم.
قال: فأخبرني عن كتابه المنزل علينا أو عليكم ؟ قال: بل عليكم.
قال: فأخبرني عن خلافة اللّه عز و جل أ فينا أم فيكم ؟ قال: بل فيكم (2).
قال: فأخبرني عن بيت (3) اللّه عز و جل المستقبل، لنا أم لكم ؟[قال: بل لكم] (4).
قال: فأي شيء يعادل هذه الخصال ؟ فقال أمير المؤمنين: ما فرغت من كلامك حتى ظننت أنّ سريري قد عرج به إلى السماء، ما لك (5) يا كنديّ و رجال مضر. و أمر له بألف درهم و قال له: الحق بأهلك.
قال عبد اللّه بن الحسين بن سعد:
في سنة إحدى و سبعين و مائتين وجّه الموفق ابنه أحمد المعتضد لحرب أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون فخرج من بغداد مع العساكر، و اتصل الخبر بأبي الجيش فوجه
ص: 200
من مصر عسكرا كبيرا زهاء خمسين ألف رجل من البربر و سائر الناس، فالتقوا بحمص فهزمهم أحمد المعتضد، و لما التقوا جعل أحمد على ميمنته ذا السيفين إسحاق بن كنداجيق و على ميسرته محمد بن أبي الساج، فانهزم المصريون و هربوا إلى مصر و دخل أحمد المعتضد دمشق (1).
قال أحمد بن حميد بن أبي العجائز:
دخل أبو العباس أحمد المعتضد دمشق قبل أن ولي الخلافة، دخلها من باب الفراديس، فلما بلغ إلى باب البريد التفت فنظر إلى مسجد الجامع، وقف و عنّ (2) دابته فقال:
أي شيء هذا؟ فقيل: هذا مسجد الجامع. قال: و أيش هذه الزيادة التي قدامه ؟ فقالوا: هذه تسمى الزيادة، فيها التجار، و يدخل منها إلى مسجد الجامع و لكل باب للمسجد زيادة مثل هذا تشبه الدهاليز، بناء مبني بقناطر و أروقة فاستحسنها و قال: ما في الدنيا مسجد جامع عني به ما عني بهذا المسجد. ثم سار و نزل الراهب على باب دمشق أياما ثم خرج منها إلى حرب أبي الجيش عند طواحين الرملة (3).و واقعه في سنة إحدى و سبعين (4).
قال أبو بكر بن أبي الدنيا (5):
استخلف أبو العباس المعتضد باللّه أحمد بن محمد في اليوم الذي مات فيه المعتمد على اللّه. و له إذ ذاك سبع و ثلاثون سنة.
ص: 201
قال محمد بن أحمد بن البراء (1):
ولي المعتضد باللّه لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع و سبعين و مائتين. و ولد بسرّمن رأى في ذي القعدة سنة اثنتين و أربعين و مائتين.
قال القاضي أبو عمرو محمد بن يوسف (2):
قدّم خادم من وجوه خدم المعتضد باللّه إلى أبي في حكم، فجاء فارتفع في المجلس، فأمره الحاجب بموازاة خصمه، فلم يفعل - إدلالا بعظم محله (3) من الدولة - فصاح أبي عليه و قال: قفاه، أ تؤمر بموازاة خصمك فتمتنع ؟ يا غلام! عمرو بن أبي النخاس الساعة لأتقدم إليه ببيع هذا العبد و حمل ثمنه إلى أمير المؤمنين، ثم قال لحاجبه: خذ بيده و سوّ بينه و بين خصمه، فأخذ كرها و أجلس مع خصمه، فلما انقضى الحكم انصرف الخادم فحدث المعتضد باللّه - و بكى بين يديه - فصاح عليه المعتضد و قال: لو باعك لاخترت (4) بيعه، و ما رددتك إلى ملكي أبدا، و ليس خصوصك بي يزيل مرتبة الحكم، فإنه عمود السلطان، و قوام الأديان.
قال إسماعيل بن إسحاق القاضي (5):
دخلت على المعتضد، و على رأسه أحداث روم صباح الوجوه، فنظرت إليهم، فرآني المعتضد و أنا أتأملهم. فلما أردت القيام أشار إليّ فمكثت ساعة، فلما خلا قال لي: أيها القاضي، و اللّه ما حللت سراويلي على حرام قط .
روى التنوخي (6) قال:
لما خرج المعتضد إلى قتال و صيف الخادم إلى طرسوس و أخذه عاد إلى أنطاكية، فنزل خارجها، و طاف البلد بجيشه، و كنت صبيا إذ ذاك في المكتب. قال: فخرجت مع جملة
ص: 202
الناس، فرايته و عليه قباء أصفر، فسمعت رجلا يقول: يا قوم، الخليفة بقباء أصفر بلا سواد قال: فقال له أحد الجيش: هذا كان عليه و هو جالس في داره ببغداد، فجاءه الخبر بعصيان وصيف، فخرج في الحال عن داره إلى باب الشّمّاسيّة فعسكر به، و حلف ألاّ يغيّر هذا القباء أو يفرغ من أمر وصيف، و أقام بباب الشماسية أياما حتى لحقه الجيش، ثم خرج، فهو عليه إلى الآن ما غيّره.
قال إسماعيل بن إسحاق القاضي (1):
دخلت على المعتضد فدفع إليّ كتابا. نظرت فيه فكأنه قد جمع له الرخص من زلل العلماء و ما احتج به كل منهم لنفسه، فقلت له: يا أمير المؤمنين، مصنف هذا الكتاب زنديق، فقال: لم تصحّ هذه الأحاديث ؟ قلت: الأحاديث على ما رويت، و لكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، و من أباح المتعة لم يبح الغناء و المسكر، و ما من عالم إلاّ و له زلة، و من جمع زلل العلماء ثم أخذ بها ذهب دينه، فأمر المعتضد فأحرق ذلك الكتاب.
مشيت يوما بين يدي المعتضد و هو يريد دور الحرم، فلما بلغ إلى باب شغب (4)،أم المقتدر، وقف يسمع و يتطلع من خلال (5) الستر، و إذا هو بالمقتدر، و له إذ ذاك خمس سنين أو نحوها و هو جالس و حواليه مقدار عشر و صائف من أقرانه في السن، و بين يديه طبق فضة فيه عنقود عنب في وقت فيه العنب عزيز جدا، و الصبي يأكل عنبة واحدة ثم يطعم الجماعة عنبة عنبة على الدّور، حتى إذا بلغ الدّور إليه أكل عنبة واحدة مثل ما أكلوا حتى فني العنقود، و المعتضد يتميّز غيظا. قال: فرجع و لم يدخل الدار، و رأيته مغموما فقلت: يا مولاي، ما
ص: 203
سبب ما فعلته، و ما قد بان عليك ؟ فقال: يا صافي، و اللّه لو لا النار و العار لقتلت هذا الصبي اليوم، فإنّ في قتله صلاحا للأمة. فقلت: يا مولاي، حاشاه، أي شيء عمل ؟ أعيذك باللّه يا مولاي، العن إبليس، فقال: ويحك أنا أبصر بما أقول، أنا رجل قد سست الأمور، و أصلحت الدنيا بعد فساد شديد، و لا بد من موتي، و أعلم أن الناس بعدي لا يختارون غير ولدي، و سيجلسون ابني عليا - يعني المكتفي - و ما أظن عمره يطول للعلّة التي به، يعني الخنازير، فيتلف عن قرب، و لا يرى الناس إخراجها عن ولدي، و لا يجدون بعده أكبر من جعفر، فيجلسونه، و هو صبي، و له من الطبع في السخاء هذا الذي قد رأيت من أنه أطعم الصبيان مثل ما أكل، و ساوى بينه و بينهم في شيء عزيز في العالم، و الشح على مثله في طباع الصبيان، فتحتوي عليه النساء لقرب عهده بهن، فيقسم ما جمعته من الأموال كما قسم العنب، و يبذر ارتفاع الدنيا و يخربها، فتضيع الثغور و تنتشر الأمور، و تخرج الخوارج (1)، و تحدث الأسباب التي يكون فيها زوال الملك عن بني العباس أصلا. فقلت: يا مولاي، بل يبقيك اللّه تعالى حتى ينشأ في حياة منك، و يصير كهلا في أيامك، و يتأدب بآدابك، و لا يكون هذا الذي ظننت. فقال: احفظ عني ما أقوله، فإنه كما قلت. قال: و مكث يومه مهموما، و ضرب الدهر ضربه (2).
و مات المعتضد، و ولي المكتفي فلم يطل عمره، و مات، و ولي المقتدر فكانت الصورة كما قاله المعتضد بعينه. فكنت كلما وقفت على رأس المقتدر و هو يشرب و رأيته قد دعا بالأموال فأخرجت إليه، و حللت (3) البدر و جعل يفرقها على الجواري و النساء و يلعب بها، و يمحقها و يهبها، ذكرت مولاي المعتضد و بكيت.
قال صافي (4):
و كنت يوما واقفا على رأس المعتضد فقال: هاتم فلانا الطيبي، يعني خادما يلي خزانة الطيب، فأحضر فقال: كما عندك من الغالية ؟ فقال: نيف و ثلاثون حبا (5) صينيا مما عمله عدة
ص: 204
من الخلفاء. قال: فأيها أطيب ؟ قال: ما عمله الواثق. قال: أحضرنيه فأحضره حبا عظيما يحمله عدة، ففتح فإذا بغالية قد ابيضّت من التعشيب و جمدت من العتق في نهاية الذّكاء، فأعجبت المعتضد و أهوى بيده إلى حوالي عنق الحب (1)،فأخذ من لطاخته شيئا يسيرا من غير أن يشعث رأس الحب (2)،و جعله في لحيته و قال: ما تسمح نفسي بتطريق التشعيب على هذا الحب، شيلوه، فرفع، و مضت الأيام فجلس المكتفي [للشرب] (3) يوما، و هو خليفة، و أنا قائم على رأسه فطلب غالية فاستدعى الخادم و سأله عن الغوالي، فأخبره بمثل ما كان أخبر به أباه، فاستدعى غالية الواثق، فجاءه بالحب بعينه ففتح فاستطابه، و قال: أخرجوا منه قليلا، فأخرج منه مقدار ثلاثين أو أربعين مثقالا، فاستعمل منه في الحال ما أراد، و دعا بعتيدة (4) له فجعل الباقي فيها ليستعمله على الطعام (5)،و أمر بالحب فختم بحضرته و رفع.
و مضت الأيام و ولي المقتدر الخلافة، و جلس مع الجواري يوما و كنت على رأسه، فأراد أن يتطيّب فدعا الخادم و سأله، فأخبره بمثل ما أخبر به أباه و أخاه، فقال: هات الغوالي كلها، فأحضر الحباب (6) كلها، فجعل يخرج من كل حب مائة مثقال و أقل و أكثر، فيشمّه و يفرقه على من بحضرته، حتى انتهى إلى حب الواثق فاستطابه فقال: هاتم عتيدة حتى يخرج منه إليها ما يستعمل، فجاءوه بعتيدة فكانت عتيدة المكتفي بعينها. و رأى الحب ناقصا و العتيدة فيها قدح الغالية ما استعمل منه كثير شيء فقال: ما السبب في هذا؟ فأخبرته بالسبب (7) على حاله، فأخذ يعجب من بخل الرجلين، و يضع منهما بذلك، ثم قال: فرقوا الحب بأسره على الجواري، فما زال يخرج منه أرطالا أرطالا و أنا أتمزق غيظا، و أذكر حديث العنب و كلام مولاي المعتضد إلى أن مضى قريب من نصف الحب، فقلت له: يا مولاي، إن هذه الغالية أطيب الغوالي و أعتقها و ما لا يعتاض منه، فلو تركت ما بقي منها لنفسك، و فرقت من غيرها كان أولى. قال:- و خرت دموعي لما ذكرته من كلام المعتضد - فاستحيا مني،
ص: 205
فرفعت الحب فما مضت إلاّ سنون من خلافته حتى فنيت تلك الغوالي و احتاج إلى أن عجن غالية بمال عظيم.
قال أبو محمد عبد اللّه بن حمدون (1):
قال لي المعتضد ليلة و قد قدم له عشاء: لقّمني، قال: و كان الذي قدّم فراريج و دراريج، فلقمته من صدر فرّوج فقال: لا، لقّمني من فخذه، فلقمته لقما، ثم قال: هات من الدراريج (2)،فلقّمته من أفخاذها، فقال: ويلك هو ذا تتنادر عليّ ؟! هات من صدورها، فقلت: يا مولاي، ركبت القياس، فضحك، فقلت: إلى كم أضحكك و لا تضحكني ؟ قال:
شل المطرح و خذ ما تحته. قال: فشلته فإذا دينار واحد، فقلت: آخذ هذا؟ فقال: نعم، فقلت: يا للّه هو ذا تتنادر أنت الساعة عليّ ! خليفة يجيز نديمه بدينار؟! فقال: ويلك لا أجد لك في بيت المال حقا أكثر من هذا، و لا تسمح نفسي أن أعطيك من مالي شيئا، و لكن هو ذا أحتال لك بحيلة تأخذ فيها خمسة آلاف دينار، فقبّلت يده، فقال: إذا كان غدا و جاءني القاسم - يعني ابن عبيد اللّه - فهو ذا أسارّك - حتى تقع عيني عليه - سرارا طويلا التفت فيه إليه كالمغضب، و انظر أنت إليه في خلال ذلك كالمخالس لي نظر المترثي له، فإذا انقطع السرار فيخرج و لا يبرح الدهليز أو تخرج، فإذا خرجت خاطبك بجميل و أخذك إلى دعوته، و سألك عن حالك، فاشك الفقر و الخلة و قلة حظك مني، و ثقل ظهرك بالدين و العيال، و خذ ما يعطيك، و اطلب كلّ ما تقع عينك عليه، فإنه لا يمنعك حتى تستوفي الخمسة آلاف دينار، فإذا أخذتها، فسيسألك عما جرى بيننا، فأصدقه، و إياك أن تكذبه و عرّفه أن ذلك حيلة مني عليه حتى وصل إليك هذا، و ليكن إخبارك له بعد امتناع شديد، و أحلاف منه لك بالطلاق و العتاق أن يصدّقه، و بعد أن يخرج من داره كل ما يعطيك (3).
فلما كان من غد حضر القاسم، فحين رآه بدأ يسارّني، و جرت القصة على ما واضعني (4) عليه، فخرجت فإذا القاسم في الدهليز ينتظرني، فقال: يا أبا محمد، ما هذا
ص: 206
الجفاء لا تجيئني و لا تزورني و لا تسألني حاجة ؟! فاعتذرت إليه باتصال الخدمة عليّ ، فقال:
ما تقنعني إلاّ أن تزورني اليوم و تتفرج، فقلت: أنا خادم الوزير، فأخذني إلى طيّارة (1) و جعل يسألني عن حالي و أخباري فأشكو إليه الخلة، و الإضافة، و الدّين، و البنات، و جفاء الخليفة و إمساكه يده، فيتوجع و يقول: يا هذا مالي لك، و لن يضيق عليك ما يتسع علي [أو تتجاوزك نعمة تحصلت لي، أو يتخطاك حظ فإنك في فنائي] (2)،و لو عرّفتني لعاونتك على إزالة هذا كله عنك، فشكرته. و بلغنا داره، فصعد و لم ينظر في شيء و قال: هذا يوم أحتاج أن أختص فيه بالسرور بأبي محمد، فلا يقطعني أحد عنه. و أمر كتابه بالتشاغل بالأعمال، و خلا بي في دار الخلوة، و جعل يجاذبني (3) و ينشطني، و قدمت الفاكهة فجعل يلقّمني بيده، و جاء الطعام، فكان هذا سبيله، فلما جلس للشرب وقع لي بثلاثة آلاف دينار فأخذتها للوقت، و أحضرني ثيابا و طيبا و مركوبا فأخذت ذلك، و كان بين يديه صينية فضة فيها مغسل فضة و خرداذيّ (4)بلور و كوز و قدح بلور، فأمر بحمله إلى طيّاري (5)،و أقبلت كلما رأيت شيئا حسنا له قيمة وافرة طلبته. و حمل إلي فرشا نفيسا و قال: هذا للبنات. فلما تقوض المجلس خلا بي و قال:
يا أبا محمد، أنت عالم بحقوق أبي عليك، و مودتي لك، فقلت: أنا خادم الوزير، فقال:
أريد أن أسألك عن شيء، و تحلف لي أنك تصدقني عنه، فقلت: السمع و الطاعة، فأحلفني باللّه و بالطلاق و العتاق على الصدق، ثم قال: بأيّ شيء سارّك الخليفة اليوم، في أمري ؟ فصدقته عن كل ما جرى حرفا بحرف، فقال: فرجت عني، و لكون هذا هكذا مع سلامة نيته لي انهلّ (6) علي، فشكرته و ودّعته، و انصرفت. فلما كان من الغد باكرت المعتضد فقال:
هات حديثك، فسقته عليه فقال: احفظ الدنانير و لا يقع لك أني أعمل مثلها معك بسرعة.
قال محمد بن يحيى الصولي (7):
ص: 207
كان مع المعتضد أعرابي فصيح يقال له: شعلة بن شهاب اليشكري، و كان يأنس به، فأرسله إلى محمد بن عيسى بن شيخ و كان عارفا به ليرغبه في الطاعة و يحذره العصيان و يرفق به. قال شعلة: فصرت إليه فخاطبته أقرب خطاب، فلم يجبني، فوجهت إلى عمته أم الشريف، فصرت إليها فقالت: يا أبا شهاب، كيف خلّفت أمير المؤمنين ؟ فقلت: خلّفته أمّارا بالمعروف، فعّالا للخير، متعززا على الباطل، متذللا للحق، لا تأخذه في اللّه لومة لائم.
فقالت لي: أهل ذلك هو و مستحقّه (1) و كيف لا يكون كذلك و هو ظل اللّه الممدود على بلاده، و خليفته المؤتمن على عباده، أعز به دينه، و أحيا به سنته، و ثبّت (2) به شرائعه، ثم قالت: يا أبا شهاب، فكيف رأيت صاحبنا؟ قلت: رأيت حدثا معجبا قد استحوذ عليه السفهاء، و استبد بآرائهم، و أنصت لأقوالهم (3)،يزخرفون له الكذب، و يوردونه الندم، فقالت: هل لك أن ترجع إليه بكتابي قبل لقاء أمير المؤمنين، فلعلك تحلّ عقد (4) السفهاء؟ قلت: أجل، فكتبت إليه كتابا حسنا لطيفا أجزلت فيه الموعظة، و أخلصت فيه النصيحة، بهذه الأبيات:
أقبل نصيحة أمّ قلبها وجل *** عليك خوفا و إشفاقا و قل سددا
و استعمل الفكر في قول (5) فإنّك إن *** فكّرت ألفيت في قولي لك الرّشدا
و لا تثق برجال في قلوبهم *** ضغائن تبعث الشنآن و الحسدا
مثل النعاج خمولا في بيوتهم *** حتى إذا أمنوا ألفيتهم أسدا
و داو داءك و الأدواء ممكنة *** و إذا طبيبك قد ألقى عليك (6) يدا
أعط (7) الخليفة ما يرضيه منك و لا *** تمنعه مالا و لا أهلا و لا ولدا
و اردد أخا يشكر ردا يكون له *** ردءا (8) من السوء لا تشمت به أحدا
ص: 208
قال: فأخذت الكتاب و صرت به إلى محمد بن أحمد بن عيسى (1).فلما نظر فيه رمى به إليّ ثم قال: يا أخا يشكر، ما بآراء النساء تتم الأمور (2) و لا بعقولهن يساس الملك، ارجع إلى صاحبك فرجعت إلى أمير المؤمنين فأخبرته الخبر على حقّه و صدقه. فقال: و أين كتاب أم الشريف ؟ فدفعته إليه فقرأه و أعجبه شعرها (3)،ثم قال: و اللّه إني لأرجو أن أشفّعها في كثير من القوم. فلما كان من فتح آمد ما كان أرسل إلي المعتضد فقال: يا شعلة هل عندك علم من أم الشريف ؟ قلت: لا، و اللّه، قال: فامض مع هذا الخادم فإنك ستجدها في جملة نسائها.
قال: فمضيت، فلما بصرت بي من بعيد سفرت عن وجهها و أنشدت:
ريب الزّمان و صرفه *** و عناده (4) كشف القناعا
و أذلّ (5) بعد العزّ منا *** الصّعب و البطل الشجاعا
و لكم نصحت فما أطع *** ت و كم حرصت بأن أطاعا
فأبى بنا المقدار (6) إلاّ *** أن نقسّم أو نباعا
يا ليت شعري هل نرى *** يوما لفرقتنا اجتماعا (7)
قال: ثم بكت حتى علا صوتها، و ضربت بيدها على الأخرى و قالت: يا أبا شهاب، إنا للّه و إنا إليه راجعون، كأني و اللّه كنت أرى ما أرى (8) فقلت لها: إن أمير المؤمنين وجّه بي إليك، و ما ذاك إلاّ لجميل رأيه فيك، فقالت لي: فهل لك أن توصّل لي رقعة إليه ؟ قلت: هل لي فدفعت إليّ رقعة فيها:
قل للخليفة و الإمام المرتضى *** و ابن الخلائف من قريش الأبطح
ص: 209
علم الهدى و مناره و سراجه (1) *** مفتاح كلّ عظيمة لم تفتح
بك أصلح اللّه البلاد و أهلها *** بعد الفساد و طالما لم تصلح
قد زحزحت (2) بك هضبة العرب التي *** لولاك بعد اللّه لم تتزحزح
أعطاك ربّك ما تحبّ فأعطه *** ما قد يحب وجد بعفو (3) و اصفح
يا بهجة الدنيا و بدر ملوكها *** هب ظالمي و مفسديّ لمصلح
فصرت بالرقعة إلى المعتضد (4)،فلما قرأها ضحك و قال: لقد نصحت لو قبل منها و أمر أن يحمل إليها خمسون ألف درهم و خمسون تختا من الثياب، و أمر أن يحمل مثل ذلك إلى محمد بن أحمد بن عيسى.
قال وصيف خادم المعتضد (5):
سمعت المعتضد باللّه ينشد عند موته و قد أخذ بكظمه (6) يقول:
تمتّع من الدّنيا فإنّك لا تبقى *** و خذ صفوها ما إن صفت ودع الرّنقا (7)
و لا تأمننّ الدّهر إنّي أمنته (8) *** فلم يبق لي حالا و لم يرع لي حقّا
قتلت صناديد الرّجال و لم أدع *** عدوّا و لم أمهل على ظنّة (9) خلقا
و أخليت دار الملك من كلّ نازع (10) *** فشرّدتهم (11) غربا و شرّدتهم (12) شرقا
ص: 210
فلمّا بلغت النجم عزا و رفعة *** و صارت (1) رقاب الخلق أجمع لي رقّا
رماني الرّدى سهما فأخمد جمرتي *** فها أنا ذا في حفرتي عاجلا ألقى (2)
و لم (3) يغن عنّي ما جمعت و لم أجد *** لذي ملك الأحياء في حينها رفقا (4)
فأفسدت دنياي و ديني (5) سفاهة *** فمن ذا الذي مني (6) بمصرعه أشقى
فيا ليت شعري بعد موتي ما ألقى *** إلى نعمة للّه أم ناره ألقى (7)
[قال ابن كثير]:
[و روى الحافظ ابن عساكر عن أبي الحسين النوري أنه اجتاز بزورق فيه خمر مع ملاح، فقال: ما هذا و لمن هذا؟ فقال له: هذه خمر للمعتضد، فصعد أبو الحسين إليها فجعل يضرب الدنان بعمود في يده حتى كسرها كلها سوى واحد تركه، و استغاث الملاح، فجاءت الشرطة فأخذوا أبا الحسين، فأوقفوه بين يدي المعتضد، فقال له: من أنت ؟ فقال أنا المحتسب. فقال: و من ولاك الحسبة ؟ فقال: الذي ولاّك الخلافة يا أمير المؤمنين، فأطرق رأسه ثم رفعها، فقال: ما الذي حملك على ما فعلت ؟ فقال: شفقة عليك لدفع الضرر عنك، فأطرق رأسه ثم رفعه فقال: و لأي شيء تركت منها دنا واحدا لم تكسره ؟ فقال: لأني إنما أقدمت عليها فكسرتها إجلالا للّه تعالى، فلم أبال أحدا حتى انتهيت إلى هذا الدن دخل في نفسي إعجاب من قبيل أني قد أقدمت على مثلك فتركته.
فقال له المعتضد: اذهب فقد أطلقت يدك، فغيّر ما أحببت أن تغيره من المنكر.
فقال له النوري: الآن انتقض عزمي عن التغيير، فقال: و لم ؟ فقال: لأني كنت أغير عن اللّه، و أنا الآن أغير عن شرطي. فقال: سل حاجتك، فقال: أحب أن تخرجني من بين يديك
ص: 211
سالما. فأمر به فأخرج فصار إلى البصرة، فأقام بها مختفيا خشية أن يشق عليه أحد في حاجته عند المعتضد، فلما توفي المعتضد رجع إلى بغداد] (1).
[كان ملكا مهيبا، شجاعا، جبارا، شديد الوطأة، من رجال العالم يقدم على الأسد وحده.
و كان أسمر نحيفا، معتدل الخلق، كامل العقل.
و كان قليل الرحمة، إذا غضب على أمير حفر له حفيرة، و ألقاه حيّا، و طم عليه.
و كان ذا سياسة عظيمة.
و كان في المعتضد حرص و جمع للمال، حارب الزنج، و له مواقف مشهودة، و في دولته سكتت الفتن، و أسقط المكس و نشر العدل، و قلل من الظلم] (2).
[قال الصولي: و كانت دريرة جارية المعتضد مكينة عنده لها موضع من قلبه، فتوفيت فجزع عليها جزعا شديدا، و من شعر المعتضد فيها لما ماتت:
يا حبيبا لم يكن يع *** دله عندي حبيب
أنت عن عيني بعيد *** و من القلب قريب
ليس لي بعدك في شي *** ء من اللهو نصيب
لك من قلبي على قل *** بي و إن بنت رقيب
قال الصولي: و اعتل المعتضد في سنة تسع و ثمانين و لم يزل عليلا مذ وقت خروجه إلى الخادم و تزايدت علته.
و قال: إن علته كانت فساد مزاج و جفافا من كثرة الجماع، و كان دواؤه أن يقل الغذاء و يرطب بدنه قليلا قليلا و لا يتعب، فكان يستعمل ضد هذا و يريهم أنه يحتمي... فلم يزل كذلك إلى أن سقطت قوته و اشتدت علته في يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة تسع و ثمانين... ثم توفي ليلة الاثنين] (3).
ولي المعتضد الخلافة لعشر بقين من رجب سنة تسع و سبعين و مائتين. و توفي لثمان
ص: 212
بقين من ربيع الآخر سنة تسع و ثمانين و مائتين. فكانت خلافته تسع سنين و تسعة أشهر و يومين (1).و له من السن خمس و أربعون و عشرة أشهر و أيام (2).
و كان أسمر نحيف الجسم معتدل الخلق، قد وخطه الشيب، في مقدم لحيته طول (3).
قال صافي الحرمي (4):
لما مات المعتضد باللّه كفنته في ثوبين قوهي (5)،قيمتهما (6) ستة عشر قيراطا.
و أم المعتضد أم ولد يقال لها ضرار، و قيل خفير، ماتت قبل خلافته بيسير، و مولده سنة ثلاث و أربعين و مائتين.
و لما مات بويع ابنه محمد المكتفي باللّه ابن المعتضد باللّه.
[قال ابن كثير]:
[و قد عمل أبو العباس عبد اللّه بن المعتز العباسي في ابن عمه المعتضد مرثاة حسنة يقول فيها:
يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحدا *** و أنت والد سوء يأكل الولدا
استغفر اللّه بل ذا كله قدر *** رضيت باللّه ربا واحدا صمدا
يا ساكن القبر في غبراء مظلمة *** بالظاهرية مقصى الدار منفردا
أين الجيوش التي قد كنت تشحنها *** أين الكنوز التي لم تحصها عددا
أين السرير الذي قد كنت تملؤه *** مهابة من رأته عينه ارتعدا
أين القصور التي شيدتها فعلت *** و لاح فيها سنا الإبريز فاتقدا
قد أتعبوا كل مرقال مذكرة *** و جناء تنشر من أشداقها الزبدا
أين الأعادي الألى ذللت صعبهم *** أين الليوث التي صيرتها نقدا
ص: 213
أين الوفود على الأبواب عاكفة *** ورد القطا صفر ما جال و اطردا
أين الرجال قياما في مراتبهم *** من راح منهم و لم يطمر فقد سعدا
أين الجياد التي قد حجلتها بدم *** و كن يحملن منك الضيغم الأسدا
أين الرماح التي غذيتها مهجا *** مذمت ما وردت قلبا و لا كبدا
أين السيوف و أين النبل مرسلة *** يصبن من شئت من قرب و إن بعدا
أين المجانيق أمثال السيول إذا *** رمين حائط حسن قائم قعدا
أين الفعال التي قد كنت تبدعها *** و لا ترى أن عفوا نافعا أبدا
أين الجنان التي تجري جداولها *** و تستجيب إليها الطائر الغردا
أين الوصائف كالغزلان رائحة *** يسجن من حلل موشية جددا
أين الملاهي و أين الراح تحسبها *** ياقوتة كسيت من فضة زردا
أين الوثوب إلى الأعداء مبتغيا *** صلاح ملك بني العباس إذ فسدا
ما زلت تقسر منهم كل قسورة *** و تحطم العاتي الجبار معتمدا
ثم انقضيت فلا عين و لا أثر *** حتى كأنك يوما لم تكن أحدا
لا شيء، يبقى سوى خير نقدمه *** ما دام ملك لإنسان و لا خلدا
ذكرها ابن عساكر في تاريخه] (1).
حدث الحافظ ابن عساكر بسنده عن بعض مشايخ المصريين (1):
أنّ أحمد المعروف بابن طولون، ذكروا أن طولون تبناه [لديانته، و حسن صوته بالقرآن] (2)،و أنه لم يكن ابنه و أنه كان ظاهر النجابة من صغره. و كان له بأهل الحاجات عناية. و كان أبدا يسأله فيهم، فيعجب بذلك منه، و يزداد بصيرة فيه، و أنه دخل إليه يوما، فقال له: ما لك ؟ فقال: بالباب قوم ضعفاء، لو كتبت لهم بشيء. فقال: امض إلى موضع كذا لطاقة في بعض مقاصير القصر، فهنالك قرطاس تأتيني به حتى أكتب لهم بما رغبت فيه، فنهض إلى ذلك الموضع فوجد في طريقه في بعض تلك المقاصير حظية من حظايا الأمير، و قد خلا بها بعض الخدم، فسكت، و أخذ حاجته و انصرف إليه، فكتب له و خرج، و خشيت الحظيّة أن يسبقها بالقول، فأقبلت إلى الأمير من فورها، فأخبرته أن أحمد قد راودها عن نفسها، و ذكرت له المكان الذي وجدها فيه، فوقع في نفسه صدقها من أجل إرساله إياه إلى ذلك الموضع، و الرؤساء يفقدون عقولهم عند أقل شيء يسمعونه في الرئاسة أو في الحرم، و قلما يثبتون عندهما. فلما انصرف أحمد كتب له كتابا إلى أحد خدمه يأمره فيه بقتل حامل الكتاب دون مشاورة (3)،و أرسل أحمد به فخرج أحمد مسرعا بالكتاب.
و رأته الحظية في بعض مجالسها فاستدعته، فأخبرها أنه مشغول بحاجة و أنه كلفه إياها الأمير، و أراها الكتاب، و هو لا يدري ما فيه. فقالت: لا عليك، أنا أرسل به، و اقعد أنت فإني أحتاج إليك، و استدعت ذلك الخادم، فأرسلته بالكتاب إلى المأمور بحمله إليه، و شغلت هي أحمد بكتاب شيء بين يديها، و إنما شغلته ليزيد حنق السيد عليه (4)،و نهض ذلك الخادم بالكتاب فامتثل فيه الأمر و أرسل بالرأس إليه، فلما رآه سأل عن أحمد، فاستدعاه، و قال:
أخبرني بالصدق، ما الذي رأيت في طريقك إلى الموضع الذي أرسلتك إليه غير القرطاس.
فقال: ما رأيت شيئا. فقال: و اللّه إن لم تخبرني لأقتلنك. فأخبره. و سمعت الحظيّة بقتل الخادم، فجرت إلى مولاها مرنبة (5) ذليلة تطلب العفو، و هي تظن أن الأمر قد صحّ عند
ص: 215
مولاها فقال لها: أخبريني بالحق، فبرأت أحمد، و تبين له صحة الأمر، فأمر بقتلها، و حظي أحمد عنده، حتى ولاه الأمر بعده.
حدث أبو عيسى محمد بن أحمد بن القاسم اللؤلؤي.
أن طولون رجل من طغزغز (1)،و أن نوح بن أسد عامل بخارى أهداه إلى المأمون في جملة رقيق حمله إليه في سنة مائتين (2)،و ولد له ابنه أحمد سنة عشرين و مائتين (3).و مات طولون سنة أربعين و مائتين. و نشأ أحمد ابنه على مذهب جميل و طريقة مستقيمة، و طلب العلم و حفظ القرآن، و كان من أدرس الناس للقرآن، و رزق حسن الصوت، و دخل إلى مصر في الأربعاء لسبع (4) بقين من رمضان سنة أربع و خمسين و مائتين.
قال:
و خلّف أحمد بن طولون عشرة ألف ألف دينار (5).و قيل إنه خلف ثلاثة و ثلاثين ولدا، فيهم ذكور سبعة عشر (6).و أطبقت جريدته من الموالي على سبعة آلاف رأس، و من الغلمان على أربعة و عشرين ألف غلام، و من الخيل المروانية (7) على سبعة آلاف رأس، و من الجمال ألف و سبع مائة جمل، و من بغال القباب و الثقل ست مائة بغل، و من المراكب الحربية مائة مركب، و من الدواب لركابه مائة و ثلاثين (8) دابة. و كان خراج مصر في تلك السنة مع ما انضاف إليه من صاع الأمراء بحضرة السلطان أربعة آلاف ألف و ثلاث مائة ألف دينار (9).
و أنفق على الجامع في بنائه و نفقته مائة و عشرين ألف دينار (10)،و على البيمارستان
ص: 216
و مشتغله ستين ألف دينار (1)،و على الميدان مائة و خمسين ألف، و على من ناب بالثغور ثمانين ألف دينار، و كان قائم صدقته في كل شهر ألف (2) دينار.
و راتب مطبخه و علوفته كل يوم ألف دينار، و ما يجريه على جماعة من المستخدمين و أبناء السبيل سوى ما كان يجريه السلطان خمس مائة دينار، و ما يحمل لصدقات الثغور في كل شهر خمس مائة دينار، و ما يقيمه من الأنزال و الوظائف في كل شهر ألفي دينار.
و حكي أن أبا الجيش فرق كسوة أحمد في حاشيته. قال الحاكي: فلحقني منها نصيب، فما خلا ثوب منها من الرفاء و وجدت في بعضها رقعة.
و كان أحمد بن طولون يقول: ينبغي للرئيس أن يجعل اقتصاده على نفسه و سماحته على من يشمله و قاصديه، فإنه يملكهم ملكا لا يزول عن قلوبهم و لا تشذ معه سرائرهم.
و حدث أبو العباس أحمد بن خاقان، و كان تربا لأحمد بن طولون قال:
كان طولون تركيا من جيش يقال لهم طغزغز (3)،و كان نوح بن أسد صاحب خراسان وجهه إلى الرشيد هارون سنة تسعين و مائة. و ولد أحمد في سنة أربع عشرة و مائتين من جارية تسمى هاشم (4)،و توفي طولون سنة ثلاثين و مائتين و لأحمد ست عشرة سنة و نشأ نشوءا حسنا في العفة و التصوّن و الدماثة و سماع الحديث حتى انتشر له حسن الذكر، و تصور في قلوب الناس بأفضل صورة، حتى صار في عداد من يوثق به و يؤتمن على السر و الفروج و المال.
و كان شديد الإزراء (5) على الأتراك و أولادهم فيما يرتكبونه، غير راض بما يفعلونه إلى أن قال يوما: إلى كم نقيم يا أخي على هذا الإثم لا نطأ موطئا إلاّ كتب علينا فيه خطيئة. و الصواب أن نسأل الوزير عبيد اللّه بن يحيى أن يكتب لنا بأرزاقنا إلى الثغر، و نقيم في ثواب، ففعلنا ذلك. فلما صرنا إلى طرسوس سرّ بما رأى من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و أقبل
ص: 217
على الترهب و ذكر بعد هذا أنه عاد إلى العراق فزاد محله عند الأتراك فاختاره بابكباد (1)لخلافته على مصر، فخرج إليها. و ذكر غير هذا (2).
ثم إنه غلب على دمشق بعد وفاة إيماجور (3) أميرها (4).
قال أبو الحارث إسماعيل بن إبراهيم المري:
كان أول دخول أحمد بن طولون دمشق لما سار من مصر إليها في سنة أربع و ستين و مائتين، بعد موت وال كان بها يقال له: أماجور، و أخذ له مال عظيم، و خرج عن دمشق إلى أنطاكية و حاصر بها سيما (5) و أصحابه حتى ظفر به و قتله، و أخذ له مالا عظيما و فتحها عنوة.
و صار إلى طرسوس ثم رجع إلى دمشق في هذه السنة في آخرها، و خرج منها حتى بلغ الرقة في طلب غلام له هرب منه يقال له لؤلؤ (6) خرج إلى أبي أحمد الموفق في الأمان. ثم رجع ابن طولون إلى دمشق فاعتلّ بها و خرج في علته إلى مصر فتوفي بمصر في ذي القعدة سنة سبعين و مائتين.
قال أحمد بن محمد (7) بن أبي العجائز و غيره من مشايخ دمشق (8):
لما دخل أحمد بن طولون دمشق وقع فيها حريق عند كنيسة مريم (9) فركب إليه أحمد
ص: 218
ابن طولون و معه أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو، و أبو عبد اللّه أحمد (1) بن محمد الواسطي كاتبه ينظرون إلى الحريق، فالتفت أحمد بن طولون إلى أبي زرعة، فقال: ما يسمى هذا الموضع ؟ فقال له أبو زرعة: يقال له كنيسة مريم. فقال أبو عبد اللّه: و كان لمريم كنيسة ؟ فقال أبو زرعة: إنها ليست مريم بنت عمران أم عيسى و إنما بنى النصارى هذه الكنيسة فسموها باسمها. فقال أحمد بن طولون لأبي عبد اللّه الواسطي: ما أنت و الاعتراض على الشيخ. ثم أمر بسبعين ألف دينار تخرج من ماله و تعطى كل من احترق له شيء و يقبل قوله و لا يستحلف عليه. فأعطوا و فضل من المال أربعة عشر ألف دينار، و كان يجري ذلك على يد أبي عبد اللّه الواسطي فراجع أبو عبد اللّه أحمد بن طولون فيما بقي من المال، فأمر أن يفرق على أصحاب الحريق على قدر شهامتهم (2) و لا يردّ إلى بيت المال منه شيء.
و ذكر ابن أبي مطر القاضي في كتابه قال:
توفي بكار بن قتيبة (3) يوم الأربعاء بعد صلاة العصر لستّ خلون من ذي الحجة سنة سبعين و مائتين. و مات ابن طولون قبله بشهر و أربعة أيام.
قال محمد بن علي المادرائي (4):
كنت أجتاز بتربة (5) أحمد بن طولون فأرى شيخا عند قبره يقرأ، ملازما القبر، ثم إني لم أره مدة ثم رأيته بعد ذلك، فقلت له: أ لست الذي كنت أراك عند قبر أحمد بن طولون و أنت تقرأ عليه ؟ فقال: بلى، كان ولينا رئاسة في هذا البلد و كان له علينا بعض العدل إن لم يكن الكل، فأحببت أن أقرأ عنده و أصله بالقرآن. قال: قلت له: لم انقطعت عنه ؟ فقال لي:
رأيته في النوم و هو يقول لي: أحبّ ألا تقرأ عندي، فكأني أقول له: لأي سبب ؟ فقال: ما تمرّ بي آية إلاّ قرّعت بها، و قيل لي: ما سمعت هذه ؟!
ص: 219
أبو عبد اللّه الأنطاكي الزاهد
صاحب المواعظ .
سكن دمشق، و روى عن جماعة.
[من كبار المشايخ و زهادهم و أولى الحكمة و اللسان.
روى عن الهيثم بن جميل الأنطاكي، و مخلد بن الحسين، و أبي قتادة، و سفيان بن عيينة، و يوسف بن أسباط ، و أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، و أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنيني، و قيل: إنه رأى الفضيل بن عياض.
روى عنه أحمد بن أبي الحواري، و أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، و أبو عمرو السراج، و أبو حصين محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى التميمي، و عبد العزيز بن مختار، و أحمد بن صالح، و إسحاق بن عبد المؤمن الدمشقي، و علي بن الموفق البغدادي، و محمود بن خالد، و عبد اللّه بن هلال الدومي الربعي، و عبد الواحد بن أحمد الدمشقي، و محمد بن الفيض بن محمد الغساني] (1).
ص: 220
[قال علي بن الحسن بن هبة اللّه الحافظ ] (1).
[أخبرنا أبو عبد الخلال قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مندة، قال: أخبرنا أبو طاهر الحسين بن سلمة الهمذاني قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء.
ح قال ابن منده: و أخبرنا حمد بن عبد اللّه الأصبهاني إجازة قالا: أخبرنا ابن أبي حاتم قال:
أحمد بن عاصم أبو عبد اللّه الأنطاكي، حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت أبي و أبا زرعة يقولان ذلك، قال: و سمعت أبا زرعة يقول: رأيته بدمشق يجالس محمود بن خالد، قال: و سمعت أبي يقول: أدركته، و لم أكتب عنه، و كان صاحب مواعظ و زهد، روى عنه أحمد ابن أبي الحواري، و محمود بن خالد و عبد اللّه بن هلال الدومي، يعد في الدمشقيين.
قال أبو محمد: أحمد بن عاصم الأنطاكي روى عن سفيان بن عيينة و أبي قتادة الحراني، و يوسف بن أسباط ، و الهيثم بن جميل، روى عنه أحمد بن أبي الحواري، و عبد اللّه بن هلال الدومي الربعي] (2).
حدث أحمد بن عاصم عن مخلد بن حسين عن هشام بن حسان قال:
مررت بالحسن في السحر، و هو جالس، قال: قلت: يا أبا سعيد، مثلك يجلس في هذا الوقت ؟ قال: إني توضأت فأردتها أن تقوم فتصلي فأبت علي و أرادتني على أن تنام فأبيت عليها.
قال أحمد بن عاصم (3):كتب أخ ليونس بن عبيد اللّه (4):
أما بعد، يا أخي فاكتب إلي كيف أنت، و كيف حالك ؟ فكتب إليه:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، أما بعد، يا أخي فإنك كتبت إليّ تسألني أكتب إليك كيف أنا، و كيف حالي، و أعلمك يا أخي أن نفسي قد ذلت بصيام اليوم البعيد الطرفين (5)،الشديد
ص: 221
الحر، و لم تذل لي بترك الكلام فيما لا يعنيني (1).
[قال أبو نعيم الحافظ ] (2):
[حدثنا محمد بن أحمد بن محمد، ثنا عبد الرحمن بن داود، ثنا عبد اللّه بن هلال الدومي (3) ببيروت ثنا أحمد بن عاصم قال (4)(5).
التقى فضيل بن عياض و سفيان الثوري فتذاكرا [فبكيا] (6)،فقال سفيان لفضيل: يا أبا علي، إني لأرجو ألا نكون جلسنا مجلسا قط أعظم علينا بركة من هذا المجلس! فقال الفضيل: لكني أخاف ألا نكون جلسنا مجلسا قط أضرّ علينا منه (7).قال: و لمه يا أبا علي ؟! قال: أ لست تخلّصت إلى أحسن حديثك فحدثتني به، و تخلصت أنا إلى أحسن حديثي فحدثتك به ؟ فترتبت (8) لي و ترتبت لك ؟ قال: فبكى سفيان بكاء أشد من البكاء الأول ثم قال: أحييتني أحياك اللّه.
و كنية أحمد بن عاصم، أبو علي، و يقال: أبو عبد اللّه، من متقدمي مشايخ الثغور، و كان أبو سليمان الداراني يسميه «جاسوس القلوب» لحدّة فراسته. و كان من أقران بشر بن الحارث، و السريّ ، و الحارث المحاسبي (9).
قال أحمد بن عاصم (10):إذا طلبت صلاح قلبك فاستعن (11) له بحفظ لسانك.
و قال (12):إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدق، فإنهم جواسيس القلوب،
ص: 222
يدخلون في قلوبكم و يخرجون منها من حيث لا تحتسبون (1).
روي عن أحمد بن عاصم أنه كان يقول (2):
هذه غنيمة باردة، أصلح ما بقي من عمرك يغفر لك ما مضى.
و كان يقول: يسير اليقين يخرج كلّ الشك من القلب، و يسير الشكّ يخرج اليقين كله من القلب (3).
قال أحمد بن أبي الحواري (4):
قال لي أحمد بن عاصم: يا أبا الحسن، أحب أ لا أموت حتى أعرف مولاي لا معرفة الإقرار به و لكن المعرفة التي إذا عرفته استحييت.
قال أحمد بن عاصم:
هممت بترك المخالطة و العزم على السكوت. و كتبت إلى الهيثم بن جميل أشاوره في ذلك، فكتب إلي: إن أبا سلمة حماد بن سلمة همّ بذلك و لزم بيته، فترك إتيان السوق، فقال الناس: أبو سلمة لزم بيته، فنزل السوق فخرج حماد و جعل يقف على الشيء يساوم به لا يريد شراءه، و يقف على القوم يسلم عليهم ليدرأ تلك المقالة عن نفسه، فكسرني عن ذلك.
قال أحمد بن عاصم:
قلة الخوف من قلة الحزن في القلب، و إذا قلّ الحزن في القلب خرب القلب كما أن البيت إذا لم يسكن خرب (5).
قال أبو عبد اللّه الأنطاكي (6):
إن أقلّ اليقين إذا وصل إلى القلب يملأ القلب نورا، و ينفي عنه كل ريب و يمتلئ القلب به شكرا و من اللّه خوفا.
ص: 223
و كان يقول (1):من كان باللّه أعرف كان له أخوف.
و قال (2):كل نفس مسئولة فمرتهنة أو مخلصة، و فكاك الرهون بعد قضاء الديون، فإذا علقت (3) الرهون أكدت الديون، و إذا أكدت الديون استحقوا (4) السجون.
و قال (5):الخير كله في حرفين قلت: و ما هما؟ قال: تزوى عنك الدنيا و يمن عليك بالقنوع، و يصرف عنك وجوه الناس و يمن عليك بالرضا.
قال أحمد بن عاصم:
فرائض القلب: اطّراح الدنيا، و طرح ما يكره اللّه، و طهارة الضمير، و تصحيح العزم، و صيانة العقول، و رعاية النعم في المعاملة، و الفهم عن اللّه فيما يقع التدبير.
و قال: أنفع العقل ما عرّفك نعم اللّه عليك، و أعانك على شكرها، و قام بخلاف الهوى.
سئل (6) أحمد بن عاصم. ما علامة (7) الرجاء في العبد؟ قال: أن يكون إذا أحاط به الإحسان ألهم الشكر راجيا لتمام النعمة من اللّه تعالى عليه في الدنيا، و تمام عفوه في الآخرة.
و قال: خير صاحب لك في دنياك الهمّ ، يقطعك عن الدنيا و يوصلك إلى الآخرة.
قال أحمد بن عاصم الحكيم (8):
الناس ثلاث طبقات: فمطبوع غالب. هؤلاء أهل الإيمان و الإتقان فإذا غفلوا ذكروا فرجعوا من غير أن يذكّروا، و ذلك قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذٰا مَسَّهُمْ طٰائِفٌ مِنَ الشَّيْطٰانِ تَذَكَّرُوا فَإِذٰا هُمْ مُبْصِرُونَ [سورة الأعراف، الآية:201] فهؤلاء الطبقة العليا من أصحاب
ص: 224
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و الطبقة الثانية مطبوع مغلوب، فإذا بصّروا، أبصروا، فرجعوا بقوة الطباع إلى محجة العقلاء (1)،و الطبقة الثالثة مطبوع مغلوب غير ذي طباع و لا سبيل لك أن ترده بمواعظك و أدبك إلى محجة الفضلاء.
قال أحمد بن عاصم:
هممت و لم أعزم و لو كنت صادقا *** عزمت و لكنّ الفطام شديد
و لو كان لي عقل و إيقان موقن *** لما كنت عن قصد الطّريق أحيد
و لا كان في شك اليقين مطامعي *** و لكن عن الأقدار كيف أحيد؟
[أنشد أبو الحسن علي بن متويه لأحمد بن عاصم الأنطاكي:
داعيات الهوى تخف علينا *** و خلاف الهوى علينا ثقيل
لا نرى خائفا فيلزمنا الخو *** ف و لا صادقا كما قد نقول
فقد الصدق في الأماكن حتى *** وصفه اليوم ما عليه دليل
فبقينا مرددين حبارى *** نطلب الصدق ما إليه سبيل] (2)
[و أنشد أبو زرعة الدمشقي لأحمد بن عاصم الأنطاكي:
هون عليك فكل الأمر منقطع *** و خلّ عنك عنان الهم مندفع
فكل همّ له من بعده فرج *** و كل همّ إذا ما ضاق يتسع
إن البلاء و إن طال الزمان به *** فالموت يقطعه أو سوف ينقطع] (3)
[و قال عبد اللّه بن القاسم القرشي: أنشدني أحمد بن عاصم الأنطاكي لنفسه:
أ لم تر أن النفس يرديك شرها *** و أنك مأخوذ بما كنت ساعيا
فمن ذا يريد اليوم للنفس حكمة *** و علما يزيد العقل للصدر شافيا] (4)
[في قصيدة طويلة] (5).
ص: 225
ابن العباس الربعي البرقعيدي (1)
سمع بدمشق و بغيرها.
[سمع بدمشق أحمد بن عبد الواحد بن عبود، و محمد بن حفص صاحب واثلة، و شعيب بن شعيب بن إسحاق، و الهيثم بن مروان العبسي، و بغيرها: معروف بن أبي معروف البلخي، و محمد بن حماد بن مالك، و مؤمل بن إهاب و غيرهم.
روى عنه: أبو أحمد بن عدي، و محمد بن أحمد بن حمدان المروروذي، و أبو محمد الحسن بن علي البرقعيدي و غيرهم.
و كان يسكن نصيبين].
حدث عن أحمد بن عبد الواحد بن عبود بسنده عن ابن عباس.
في قوله أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [سورة النساء، الآية:59] قال: العلماء.
و حدث أيضا عن محمد بن عبد الرحمن الجعفي بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إن أشدّ الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه علمه»[13989].
[كان شيخا صالحا] (2).
توفي بعد سنة ثلاث مائة.
أبو الحسن الطائي حفيد محمود بن خالد
[روى عن جماعة.
روى عن أبيه، و عن الربيع بن سليمان صاحب الشافعي، و أبي زرعة الدمشقي، و أبي بكر ابن الصباغ و غيرهم.
ص: 226
روى عنه أيضا عبد الوهاب الكلابي].
حدث عن محمد بن إسحاق و يعرف بابن الحريص بسنده عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«من قضى لأخيه حاجة كان كمن خدم اللّه عمره»[13990].
روى أحمد بن عامر بسنده عن الشافعي قال:
كنت أناظر محمد بن الحسن فكان له في قلبي وزن لأدبه و فصاحته، حتى ناظرته في صلاة الكسوف، فقام إلى غرفة له توهمت أنه يريد تهيئة الصلاة فسمعته و هو يقول بينه و بين نفسه: يحتج علي بصبي و امرأة، يعني ابن عباس و عائشة. قال الشافعي: فذهب ما كان له في قلبي من وزن.
كان من أهل بيت علم (1)،كان فيه جماعة محدثون من قبل أبيه و أمه.
مات في المحرم سنة ست و عشرين و ثلاث مائة (2).
أبو العباس الأزدي
حدث رجل بدمشق بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«أيّما رجل باع سلعة فوجدها بعينها عن رجل قد أفلس و لم يكن قبض من ثمنها شيئا فهي له، و إن كان قد قبض من ثمنها شيئا فهو أسوة الغرماء»[13991].
أبو بكر البغدادي الحافظ يعرف بابن الفقاعي
حدث بدمشق.
[كان موسوما بالحفظ و المعرفة.
انتقى بمصر على القاضي علي بن الحسين بن بندار، و سمع الناس بانتخابه، و حدث بدمشق عن محمد بن مخلد الدوري، و محمد بن عبد اللّه البغدادي، و هبيرة بن محمد الطبيب.
ص: 227
روى عنه تمام بن محمد الرازي].
روى عن هبيرة بن محمد الطبيب بسنده عن ابن عمر:
أن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم ضرب و غرّب، و أن أبا بكر ضرب و غرب[13992].
ابن عمرو بن نوح بن عمرو بن حويّ بن نافع بن زرعة
ابن محصن بن حبيب بن ثور بن خداش بن سكسك
ابن أشرس بن كندة أبو العباس الكندي المياهي
و قيل في نسبه: أحمد بن الفضل بن حويّ .
قال: و أظنّ أن كنية أبيه: أبو الفضل فأسقط منه أبا.
حدث عن يوسف بن القاسم الميانجي (1) بسنده عن أبي بكرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«الحياء من الإيمان».
أبو العباس العذري البيروتي
حدث عن محمد بن سليمان الأسدي، لوين (2)،بسنده عن حذيفة قال:
كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في جنازة. فلما بلغ القبر قعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على حافة القبر أو على شفته، فجعل ينظر فيه فقال:«يضغط المؤمن في هذا ضغطة تزول منها حمائله، و يملأ على الكافر نارا»[13993].
قال أبو جعفر - يعني لوينا-:
الحمائل (3):ما تقع عليه حمائل السيف.
ص: 228
ابن [بشر بن] (1) ذكوان، أبو عبيدة المقرئ
قرأ القرآن و قرئ عليه.
[أخذ عن أبيه.
روى عنه أحمد بن يزيد الحلواني، و أبو سليمان محمد بن عبد اللّه بن سليمان بن الطيب بن يوسف السعدي الدمشقي شيخ إبراهيم بن أحمد الطبري، قرأ عليه محمد بن عبد اللّه بن القاسم الخرقي شيخ الأهوازي.
قال الداني: لم يشتهر في المتصدرين كاشتهار غيره من أصحاب أبيه].
حدث عن أبيه بسنده عن ابن عباس قال:
لما عزّي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بابنته رقية امرأة عثمان بن عفان قال:«الحمد للّه، دفن البنات من المكرمات»[13994].
مات أبو عبيدة بدمشق في سنة اثنتين و عشرين و ثلاث مائة.
أبو منصور الفرغاني
نزيل مصر، سمع بدمشق.
حدث عن أبي علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك الدمشقي إمام مسجد باب الجابية بدمشق بسنده عن ابن عباس قال:
توفي النبي صلى اللّه عليه و سلم و أنا ابن عشر سنين، و قد قرأت محكم القرآن، يعني المفصل.
[و كان أبوه صاحب محمد بن جرير الطبري. روى أحمد عن أبيه تصانيف محمد بن جرير، و صنّف أبو منصور عدة تصانيف منها «كتاب التاريخ» وصل به تاريخ والده، و كتب:
ص: 229
«سيرة العزيز صاحب مصر» و «سيرة كافور الإخشيدي» و كان مقامه بمصر، و بها مات سنة 398 ه و مولده سنة 327 ه ].
أبو الحسن الدمشقي الواعظ
أصله من الجزيرة، و يعرف بابن الران.
كان صالحا عارفا له مصنفات في الوعظ .
توفي سنة إحدى و عشرين و أربع مائة، و أورد له سبط ابن الجوزي شعرا].
أبو الحسن الشيرازي
حدث ببعلبك في ذي القعدة سنة تسع عشرة و أربع مائة في المسجد المعروف بالقصر، قراءة عليه، و هو ينظر في أصله عن أبي القاسم محمود بن محمد بن عيسى الأصفهاني بشبام (1) اليمن بسنده عن محمد بن علي الحنفي قال: قال المعلّى مولى الصادق:
سألت سيدي جعفر بن محمد الصادق: فقلت: بأبي و أمي، إن العامة يزعمون أن الاختلاج غير صحيح قال: يا معلى هو صحيح. و ذكر كتاب الاختلاج في مقدار ورقتين.
أبو الحسن، الرملي، المعروف بالجبريني
قدم دمشق، و حدث بها عن جماعة.
[أظن أن أصله من بيت جبرين و سكن الرملة.
سمع بحلب أحمد بن محمد بن أبي إدريس إمام جامعها، و بأنطاكية أبا بكر محمد بن الحسن بن فيل، و حدث عنهما و عن أبي محمد عبد اللّه بن أبان بن شداد العسقلاني
ص: 230
و عباس بن محمد ابن الحسن بن قتيبة، و محمد بن عبد الأعلى بن عليك الإمام، و داود بن أحمد بن مصحح العسقلاني، و محمد بن بكار بن يزيد السكسكي الدمشقي.
روى عنه عبد الوهاب بن جعفر الميداني و تمام بن محمد الرازي] (1).
حدث عن أبي محمد عبد اللّه بن أبان بن شداد بعسقلان بسنده عن أبي هريرة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«للّه تسعة و تسعون اسما، مائة إلاّ واحدا، من أحصاها دخل الجنة، إنه وتر يحب الوتر»[13995].
و حدث عن أبي بكر محمد بن الحسن بن فيل بسنده عن أبي علي الحسن بن علي عن الوزير بن القاسم قال:
دخلت الحمام فرأيت عمرو بن هاشم البيروتي في الوزن (2) فقلت له: تدخل الحمام ؟ قال: دخلت الحمام فرأيت الأوزاعي في الوزن فقلت له: تدخل الحمام ؟ فقال: رأيت الزهري جالسا في الوزن فقلت: تدخل الحمام ؟ فقال: رأيت أنس بن مالك في الوزن فقلت له: تدخل الحمام ؟ فقال: دخلت الحمام فرأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جالسا في الوزن و عليه مئزر، فهبت أن أكلمه، فقال:«يا أنس، إنما حرّم الدخول إلى الحمام إلاّ بمئزر»[13996].
و يقال: أحمد بن عبد اللّه بن رزين بن حميد -
أبو الحسن المخزومي البغدادي نزيل مصر
من ولد عمرو بن حريث
سمع بدمشق و بغيرها جماعة.
[شيخ بغدادي سكن مصر.
ص: 231
سمع محمد بن يوسف الهروي، و محمد بن بكار السكسكي، و القاضي المحاملي، و محمد بن مخلد، و أبا علي محمد بن سعيد الرقي، و محمد بن جعفر بن ملاس، و عبد الرحمن بن عبد اللّه بن المقرئ المكي.
انتقى عليه خلف الحافظ .
حدث عنه: سبطه أبو الحسين محمد بن مكي، و رشأ بن نظيف، و عبد العزيز الأزجي، و يوسف بن رباح] (1).
[قال أبو بكر الخطيب] (2):
[أحمد بن عبد اللّه بن رزيق بن حميد أبو الحسين الدلال في البر.
انتقل عن بغداد إلى مصر فنزلها و حدث بها] (3).
روى بإسناده عن أبي العباس محمد بن جعفر بن هشام بن ملاس النميري بدمشق بسنده عن عبد اللّه بن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«الشهر تسع و عشرون ليلة»[13997].
و حدث عن أبي بكر أحمد بن سليمان بن زبّان الكندي (4) بدمشق بسنده عن جويرية بنت الحارث:
أن النبي صلى اللّه عليه و سلم دخل عليها فقال لها:«هل من طعام ؟» قالت: لا إلاّ عظما أعطيته مولاة لنا من الصدقة. قال:«قربيه، فقد بلغت محلها»[13998].
انتقل عن بغداد إلى مصر، و أقام بها إلى أن مات في سنة نيف و تسعين و ثلاث مائة، و قيل: في سنة إحدى و تسعين و ثلاث مائة، يوم الثلاثاء لثمان بقين من ربيع الأول (5)،و قيل يوم الاثنين لسبع خلون منه.
ص: 232
[قال محمد بن علي الصوري] (1):
و كان ثقة مأمونا.
حدث عن جماعة.
روى عن عمر بن محمد بن الحسن النجّاري بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«لكل نبي حرم، و حرمي المدينة، اللهم إني أحرمها كما حرم إبراهيم مكة لا يؤوى فيها محدث (2) و لا يختلى خلاها، و لا يعضد (3) شوكها، و لا تؤخذ لقطتها (4) إلاّ لمنشد»[13999].
ابن عبد اللّه بن صفوان، أبو بكر ابن أبي دجانة النّصري الشاهد
حدث عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بسنده عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«من شرب في إناء من ذهب أو فضّة فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم»[14000].
ولد في رجب سنة ثمانين و مائتين، و توفي يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة مضت من رمضان سنة ست و خمسين و ثلاث مائة.
و كان ثقة مأمونا.
ص: 233
أبو الحسن الدمشقي المقرئ
روى عن جماعة.
الشيخ الصالح الثقة.
حدث عن أبي الجماهر بسنده عن سمرة بن جندب.
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يدعو:«اللهم ضع في أرضنا بركتها و زينتها و سكنها»[14001].
ابن فطانة، أبو بكر الدّهستاني
حدث بدمشق و غيرها.
روى عن أبي نصر أحمد بن عبد الباقي بن الحسن بن [محمد بن عبيد اللّه بن] (1)طوق ابن سلام بن المختار بن سليم الربعي الخيراني (2) بالموصل بسنده عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«من جاء إلى الجمعة فليغتسل»[14002].
و روى عن أحمد بن عبد الباقي بن الحسن الربعي بسنده عن عبد اللّه بن قيس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«جنتان من ذهب و جنتان من فضة آنيتهما و ما فيهما. و ما بين القوم و بين أن ينظروا إلى ربهم إلاّ رداء الكبرياء على وجهه في جنات عدن»[14003].
ص: 234
ابن طاوس بن موسى بن العباس بن طاوس،
أبو البركات المقرئ البغدادي
سمع ببغداد، و قرأ القرآن بروايات كثيرة، و انتقل إلى دمشق في شعبان سنة إحدى و خمسين و أربع مائة، فاستوطنها إلى أن مات بها. و صنف في القراءات. و أقرأ القرآن بروايات. و كان ثقة خيّرا مداوما لتلاوة القرآن ماهرا فيها.
[قرأ القراءات على الحسن بن علي العطار، و أبي بكر محمد بن علي الخياط ، و سمع من عبيد اللّه الأزهري، و أبي طالب بن بكير، و ابن غيلان، و العتيقي، و بدمشق من أبي القاسم الحنائي و غيره.
روى عنه الفقيه نصر المقدسي، و هو أكبر منه، و نصر اللّه بن عبد القوي المصيصي، و حمزة بن كروّس، و قرأ عليه ابنه هبة اللّه بن أحمد، و جماعة] (1).
[نزيل دمشق، ثقة، حاذق مجود.
ولد سنة ثلاث عشرة و أربعمائة] (2).
حدث بدمشق عن أبي طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان بسنده عن أسامة بن زيد قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:
«لا يرث الكافر المسلم و لا المسلم الكافر»[14004].
ختم القرآن سنة ثلاث و عشرين و أربع مائة و عمره عشر سنين أو أقل.
و توفي في يوم الثلاثاء الثالث و العشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين و تسعين و أربع مائة بدمشق.
ص: 235
أبو علي المالكي البغدادي
سكن حلب، و قدم دمشق، و حدث بها.
[حدث عن أبي جعفر الحسن بن علي بن الوليد الفسوي، و أبي شعيب الحراني، و جعفر ابن محمد بن المستفاض الفريابي، و خالد بن عمرو العكبري، و الحسن بن علي بن الوليد الفارسي.
روى عنه محمد بن يونس بن هاشم الإسكاف، و تمام بن محمد بن عبد اللّه الرازي] (1).
[قال أبو محمد عبد الكريم بن حمزة: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد اللّه الرازي قال: حدثنا أبو علي أحمد ابن عبد اللّه بن عمر بن حفص البغدادي و مسكنه حلب قدم دمشق قال: حدثنا أبو شعيب عبد اللّه بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني قال: حدثنا يحيى بن عبد اللّه البابلتي قال: حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن محمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ باللّه من عذاب القبر و عذاب جهنم، و من فتنة المحيا و الممات، و شرّ المسيح الدجال»] (2).
حدث عن أبي شعيب عبد اللّه بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني بسنده عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«المعدة حوض البدن، و العروق إليها واردة، فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحّة، و إذا سقمت المعدة صدرت العروق بالسقم»[14005].
حدث عن عبد اللّه بن ثابت البغدادي بسنده عن محمد بن أبي كبشة قال:
ص: 236
سمعت هاتفا في البحر ليلا يقول: لا إله إلا اللّه، كذب المرّيسي (1) على اللّه. قال:
ثم هتف ثانية فقال: لا إله إلا اللّه، على ثمامة (2) و المرّيسي لعنة اللّه. قال: و كان معنا في المركب رجل من أصحاب المرّيسي فخرّ ميتا.
حدث عن أبي الحسن محمد بن محمد بن النّفّاح بن بدر الباهلي بمصر بسنده عن عبد اللّه بن أبي أوفى أن النبي صلى اللّه عليه و سلم بشّر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا سخب (3) فيه و لا نصب (4)[14006].
أبو بكر القرشي، المعروف بابن البرامي، مولى بني أمية
روى عن جماعة.
روى سنة أربعين و ثلاث مائة عن أبي بكر محمد بن أحمد بن إبراهيم المعافري الرملي بسنده عن أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مشى في الرمل في شدة الحرّ فأحرق قدميه، فقال:«لو لا رمل بين غزة و عسقلان لعنت الرمل»[14007].
كان أبو بكر أحمد بن عبد اللّه مولى الوليد بن عبد الملك بن مروان، و كان كهلا يكتب الحديث، يعرف بابن البرامي. مات سنة ست و أربعين و ثلاث مائة.
ص: 237
ابن محمد بن بشر بن مغفّل بن حسان بن عبد اللّه
ابن مغفّل، أبو محمد المزني المغفّلي الهروي
أمن أعيان أهل خراسان. رحل و سمع بدمشق، و بهراة، و بالعراق، و بمصر جماعة.
و روى عنه جماعة.
[الملقب بالباز الأبيض.
ولد بعد السبعين و مائتين.
سمع أحمد بن نجدة، و علي بن محمد الجكاني، و إبراهيم بن أبي طالب الحافظ ، و عمران بن موسى بن مجاشع، و أبا خليفة الجمحي، و يوسف القاضي، و محمد بن عبد اللّه الحضرمي، و عبيد بن غنام، و إبراهيم بن يوسف الهسنجاني، و الحسن بن سفيان، و عبدان الأهوازي، و علي بن أحمد علان المصري.
و جمع و صنف و تقدم في معرفة الحديث و العلوم حدث عنه أبو العباس بن عقدة، و عمرو بن الربيع بن سليمان، و أبو بكر ابن إسحاق الصبغي، و الحاكم، و أبو بكر القفال، و أبو عبد اللّه الخازن و جماعة سواهم] (1).
حدث عن محمد بن سهل العطار بسنده عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم (2):
«يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنك أن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، و إن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، و إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير و كفّر عن يمينك»[14008].
ص: 238
و حدث ببخارى إملاء عن عبد اللّه بن محمد بن ناجية بسنده عن أبي موسى الأشعري قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:
«ينزل اللّه - عز و جل - إلى السماء الدنيا في النصف من شعبان فيغفر لكلّ مسلم إلاّ مشرك أو مشاحن» (1)[14009].
قال الحاكم: سمعت أبا محمد المزني يقول:
حديث النزول قد ثبت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من وجوه صحيحة. و ورد في التنزيل ما يصدّقه و هو قوله عز و جل: وَ جٰاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [سورة الفجر، الآية:22] و النزول و المجيء صفتان منفيتان من صفات اللّه عز و جل من طريق الحركة و الانتقال من حال إلى حال، بل هما صفتان من صفات اللّه عز و جل بلا تشبيه، جلّ اللّه عما تقول المعطلة بصفاته و المشبّهة بها علوا كبيرا.
و كان أبو محمد أحمد بن عبد اللّه المزني إمام أهل العلم و الوجوه و أولياء السلطان بخراسان في عصره بلا مدافعة. و كان مجاورا بمكة، فورد الكتاب من مصر بأن يحجّ أبو محمد بالناس، و يخطب بعرفات و منى و تلك المشاعر. قال: فصلى بنا بعرفات، و أتم الصلاة، فصاح الناس و عجّوا، فصعد المنبر فقال: أيها الناس، أنا مقيم و أنتم على سفر، و لذلك أتممت (2).
توفي أبو محمد غدوة يوم الثلاثاء السابع عشر من رمضان سنة ست و خمسين و ثلاث مائة. و حمل بعد الظهر تابوته إلى السهلة، فوضع على باب السلطان يعني - ببخارى - و حمل الوزير أبو علي البلعمي تابوته أحد شقيه على عاتقه بعد الصلاة، و قدم ابنه للصلاة عليه، و قدمت البغال و حملوا جثته الطيبة إلى وطنه الذي قتله حبّه، بهراة و دفن بها (3).
قال أبو نصر بشر بن أبي محمد المزني في مأتم أبيه:
ص: 239
إن آخر كلمة تكلم بها أبوه أن قبض على لحيته بيده اليسرى و رفع يده اليمنى إلى السماء فقال: ارحم شيبة شيخ جاءك بتوفيقك على الفطرة.
[قال أبو النضر الفامي في تاريخ هراة:
أبو محمد المغفلي كان إمام عصره بلا مدافعة في أنواع العلوم، مع رتبة الوزارة، و علو القدر عند السلطان.
و من شعره:
نزلنا مكرهين بها فلما *** ألفناها خرجنا كارهينا
و ما حبّ الديار بنا و لكن *** أمرّ العيش فرقة من هوينا
قال الحاكم: و سمعت أبا الفضل السليماني - و كان صالحا - يقول: رأيت أبا محمد المزني في المنام بعد وفاته بليلتين، و هو يتبختر في مشيته و يقول بصوت عال: وَ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ خَيْرٌ وَ أَبْقىٰ [سورة القصص، الآية:60]] (1).
ابن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد بن علي
ابن الحسين بن علي بن أبي طالب. كما زعم
و هو صاحب الخال (2)،أخو علي بن عبد اللّه القرمطي، بايعته القرامطة بعد قتل أخيه بنواحي دمشق، و تسمّى بالمهدي و أفسد (3) بالشام فبعث إليه المكتفي عسكرا في المحرم سنة إحدى و تسعين و مائتين، فقتل من أصحابه خلق كثير، و مضى هو في نفر من أصحابه يريد الكوفة فأخذ بقرب قرية تعرف بالدّالية (4) من سقي الفرات، و حمل إلى بغداد و أشهر، و طيف
ص: 240
به على بعير، ثم بنيت له دكة (1) فقتل عليها هو و أصحابه الذين أخذوا معه يوم الاثنين لسبع بقين من ربيع الأول سنة إحدى و تسعين و مائتين (2).
قال (3) أبو محمد إسماعيل بن علي بن إسماعيل الخطبي (4) قال:
قام مقامه - يعني مقام صاحب الجبل (5)-أخ له في وجهه خال يعرف به، يقال له صاحب الخال. فأسرف في سوء الفعل و قبح السيرة و كثرة القتل حتى تجاوز ما فعله أخوه، و تضاعف قبح (6) فعله على فعله، و قتل الأطفال و نابذ الإسلام و أهله، و لم يتعلق منه بشيء.
فخرج المكتفي باللّه إلى الرّقّة و سيّر إليه الجيوش فكانت له وقائع، و زادت أيامه على أيام أخيه في المدة و البلاء حتى هزم و هرب و ظفر به في موضع يقال له الدالية بناحية الرحبة، فأخذ أسيرا و أخذ معه ابن عم له يقال له: المدثّر، و كان قد رشّحه للأمر بعده، و ذلك في المحرم سنة إحدى تسعين. و انصرف المكتفي باللّه إلى بغداد و هو معه، فركب المكتفي ركوبا ظاهرا في الجيش و التعبئة و هو بين يديه على الفيل و جماعة من أصحابه على الجمال مشهرين بالبرانس، و ذلك يوم الاثنين غرّة ربيع الأول سنة إحدى و تسعين. ثم بنيت له دكّة في المصلّى، و حمل إليها هو و جماع أصحابه فقتلوا عليها جميعا في ربيع الآخر بعد أن ضرب بالسياط ، و كوي جبينه بالنار و قطّعت منه الأربعة ثم قتل، و نودي في الناس فخرجوا مخرجا عظيما للنظر إليه. و صلب بعد ذلك في رحبة الجسر.
و قيل إنه و أخاه من قرية من قرى الكوفة يقال لها الصّوّان (7)،و هما، فيما ذكر، ابنا زكرويه بن مهرويه القرمطي الذي خرج في طريق مكة في آخر سنة ثلاث و تسعين و مائتين،
ص: 241
و تلقى الحاج في المحرم من سنة أربع و تسعين فقتلهم قتلا ذريعا لم يسمع قبل بمثله و استباح القوافل و أخذ شمسة (1) البيت الحرام، و قبل ذلك دخل الكوفة يوم الأضحى بغتة و أخرج منها ثم لقيه جيش السلطان بظاهر الكوفة بعد دخوله إليها و خروجه عنها فهزمهم، و أخذ ما كان معهم من السلاح و العدة فقوي بها، و عظم أمره في النفوس [و هال السلطان] (2) و أجلبت معه كلب و أسد و كان يدعى السيد.
ثم سيّر إليه السلطان جيشا عظيما فلقوه بذي قار بين البصرة و الكوفة في الفراض (3)، فهزم و أسر جريحا ثم مات. و كان أخذه أسيرا يوم الأحد لثمان بقين من ربيع الأول سنة أربع و تسعين بعد أن أسر فقدم به إلى بغداد مشهورا في ربيع الأول و شهرت الشمسة بين يديه ليعلم الناس أنها قد استرجعت و طيف به ببغداد، و قيل إنه خرج يطلب بثأر ابنه المقتول على الدّكّة.
و من شعره في الفخر (4):
سبقت يدي يده بضر *** بة (5) هاشميّ المحتد
و أنا ابن أحمد لم أقل *** كذبا و لم أتزيّد (6)
من خوف بأسي قال بد *** ر ليتني لم أولد
يعني بدر الحمامي الطولوني أمير دمشق.
ص: 242
أبو العباس الأصبهاني الدّستجردي
قدم دمشق، و حدث بها سنة سبع و أربعين و خمس مائة.
[سمع أبا القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل، و غانم بن أبي نصر محمد بن عبيد اللّه البرجي، و هبة اللّه بن محمد بن الحصين البغدادي، و أبوي سعد: أحمد بن عبد الجبار الصيرفي، و محمد بن محمد بن محمد بن عبد اللّه المطرز، و أبا منصور عبد الرحيم بن محمد بن أحمد الشرابي، و القاضي أحمد بن محمد بن الحسين الأرجاني، و عبد القادر بن يوسف البغدادي، و أبوي علي: الحسن بن أحمد الحداد و محمد بن محمد بن المهدي، و طاهر بن محمد بن عبد اللّه الفزاري.
روى عنه: الحافظ أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، و سمع منه بحلب عبد اللّه بن محمد بن سعد اللّه البجلي، و الحافظ أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي، و أبو المواهب بن صصرى، و أبو اليمن الكندي سمع منه بدمشق] (1).
قال الحافظ :
كان يروي كتاب الترغيب و الترهيب، فجلست معه لما شرع في التحديث به حرصا مني على معارضة نسختي مرة ثانية، فكان إذا أخطأ في قراءته رددت عليه، فيشقّ عليه. و لقد جاء في نسخته حديث من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة، فسقط منه ذكر سهيل عن أبيه (2)،فرددت عليه، فأراد أن يماري فيه، فقلت: هذا لا يخفى على الصبيان، و لم أعد للحضور معه.
ص: 243
حدث أبو العباس الأصبهاني عن أبي بكر محمد بن أبي القاسم الفضل بن محمد الفراتي و غيره بسنده عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«إن الرجل ليكون من أهل الصلاة، و الزكاة، و الحج، و العمرة، و الجهاد حتى ذكر سهام الخير؛ و ما يجزى يوم القيامة إلاّ بقدر عقله».
ابن الحارث، أبو الحسن التغلبي الغطفاني
الزاهد أحد الثقات. أصله من الكوفة و سكن دمشق.
روى عن جماعة و أعيان، و روى عنه جماعة و أعيان.
[روى عن سفيان بن عيينة، و أبي معاوية، و حفص بن غياث، و وكيع بن الجراح، و مروان ابن محمد، و عن شيخه و أستاذه أبي سليمان الداراني، و أبي سعد عبد اللّه بن إدريس، و أبي أسامة حماد بن أسامة، و الوليد بن مسلم، و عبد اللّه بن وهب، و عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل، و عمرو بن أبي سلمة، و رواد بن الجراح، و زكريا بن إبراهيم الخصاف، و إسحاق الحناط ، و سليمان بن أبي سليمان الداراني، و محمد بن يوسف الفريابي، و عبد اللّه بن نمير، و إسماعيل بن علية، و جعفر بن محمد، و إسحاق بن خلف، و أبي بكر محمد بن توبة الطرسوسي، و مضاء بن عيسى، و أبي جعفر محمد بن حاتم، و عبد اللّه بن أحمد بن بشير بن ذكوان، و عبد الواحد بن جرير العطار الدمشقي، و أبي مسهر الدمشقي، و سلام بن سليمان المدائني، و عيسى بن خالد اليمامي، و زهير بن عباد، و أحمد بن حنبل، و يحيى بن معين، و أحمد بن ثعلبة، و عبد العزيز بن عمير الدمشقي، و أحمد بن معاوية بن وديع، و علي بن حمزة الكسائي، و إبراهيم بن أيوب.
روى عنه أبو داود، و ابن ماجة، و أبو زرعة، و أبو حاتم الرازيان، و محمود بن إبراهيم
ص: 244
ابن سميع، و أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو، و أبو عبد الملك التستري، و سليمان بن أيوب ابن حذلم، و محمد بن يعقوب، و أبو عبد الرحمن محمد بن العباس بن الوليد بن الدرفس، و أبو الحسن محمد بن إسحاق بن الحريص، و جعفر بن أحمد بن عاصم، و العباس بن أحمد بن مسلمة العذري، و أحمد بن عامر بن المعمر الأزدي، و محمد بن الفيض الغساني، و عبد اللّه ابن عتاب ابن الزفتي، و محمد بن يزيد بن عبد الصمد، و مخمد بن خريم، و محمد بن عون ابن الحسن الوحيدي، و عبد الصمد بن عبد اللّه بن عبد الصمد، و سيار بن نصر، و أحمد بن سليمان بن زبان، و الحسن بن محمد بن بكار بن بلال، و أبو محمد عبد الرحمن بن إسحاق ابن إبراهيم بن الصامدي الدمشقيون، و علي بن الحسين بن ثابت الرازي، و أبو عبد اللّه محمد ابن المعافى الصيداوي، و عبد اللّه بن هلال الدومي، و سعد بن محمد البيروتي، و أبو بكر محمد بن يحيى السماقي، و سعيد بن عبد العزيز الحلبي، و أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب المشغرائي، و أبو عصمة نوح بن هشام الجوزجاني، و أبو بكر محمد بن محمد الباغندي] (1).
روى عن حفص بن غياث بسنده عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«إذا مرض العبد أو سافر أمر أن يكتب له ما كان يعمل و هو صحيح مقيم» (2).
و في رواية أخرى:«كتب له مثل أجره و هو صحيح»[14010].
أبو الحسن أحمد بن أبي الحواري من قدماء مشايخ الشام، من أهل دمشق تكلم في علوم المحبة و المعاملات، و صحب أبا سليمان الداراني، و أخذ طريقة الزهد من أبيه أبي الحواري. و اسم أبي الحواري ميمون، و يقال عبد اللّه بن ميمون. و لأحمد ابن يقال له عبد اللّه، و كان من الزهاد أيضا.
و كان الجنيد يقول (3):أحمد بن أبي الحواري ريحانة الشام.
ص: 245
قال يحيى بن معين - و ذكر أحمد بن أبي الحواري - فقال:
أهل الشام به يمطرون (1).
قال يوسف بن الحسين (2):
طلب أحمد بن أبي الحواري العلم ثلاثين سنة، فلما بلغ منه الغاية حمل كتبه كلها إلى البحر فغرّقها، و قال: يا علم، لم أفعل بك هذا تهاونا بك، و لا استخفافا بحقك، و لكني كتب أطلبك لأهتدي بك إلى ربي، فلما اهتديت بك إلى ربي استغنيت عنك.
قال يوسف بن الحسين (3):
كان بين أبي سليمان و أحمد بن أبي الحواري عقد لا يخالفه في شيء يأمره به، فجاءه يوما و هو يتكلم في مجلسه فقال: إنّ التنّور قد سجر فما تأمر؟ فلم يجبه، فقال مرتين [أو] (4)ثلاثة، فقال أبو سليمان: اذهب فاقعد فيه، كأن ضاق به قلبه. و تغافل أبو سليمان ساعة، ثم ذكر فقال: أطلبوا أحمد فإنه في التنور لأنه على عقد ألاّ يخالفني، فنظروا فإذا هو في التنور لم تحترق منه شعرة.
قال محمد بن الفيض: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول لرجلين و أنا ثالثهما، و سألاه عن شيء فقال:
و اللّه لو لا ما قد جرى أو مضى من السّنّة و سار في الناس من تقدمة أبي بكر، و عمر، و عثمان ما قدّمنا على عليّ أحدا. يعني لسابقته و فضله و قدمته.
قال ابن الفيض:
أدركت من شيوخنا من شيوخ دمشق ممن يربّع بعلي بن أبي طالب، و ذكر قوما فيهم أحمد بن أبي الحواري.
ص: 246
قال عيسى بن عبد اللّه: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول:
لو خيّرني مخيّر بين أن يسجر لي تنور فأرمي بنفسي فيه، فاحترق به و لا أبعث، و بين أن أبعث و لا أحاسب و يؤمر بي إلى الجنة، لظننت أنّي سأموت من الفرح بالتنور من قبل أن أصير إليه، قال: قلت: أنّى و مع البعث إلى الجنة فقال لنا: فأين الوقوف بين يدي اللّه عزّ و جلّ و التوبيخ.
و كان أحمد بن أبي الحواري كريم الأخلاق، و كان من كرم أخلاقه أنه كان لا يزن كسرا و لا يأخذ كسرا، و إذا كان له درهم و كسر أخذ الدرهم و لم يأخذ الكسر، و إذا كان عليه وزن درهم و نصف وزن درهمين.
قال: و أحسن ما سمع منه: جاءه مولود، و لم يكن له شيء من الدنيا، فقال لتلميذ له قد جاءنا البارحة مولود، خذ لنا وزنة دقيق بنسيئة، فقال تلميذه: و اللّه إنّ هذه لمسبّة على علماء الشام و عقلائها إذ لا يفتقدون هذا الشيخ، يجيئه مولود فلا يملك ثمن وزنة دقيق.
قال: و كان بعض التجار قد وجّه متاعا إلى مصر، فنوى إن سلّمه اللّه في ذهابه و مجيئه أنّ لأحمد مائتي درهم صحاحا. فلما جاء المولود جاء المتاع، فدفع التاجر المائتي درهم إلى غلام له و قال: ادفعها إلى أحمد، و قل له: إنّ سيدي نذر إن سلّم اللّه متاعه فلك فيه مائتا درهم، و قد سلّمه اللّه عز و جل، فقال تلميذه: الحمد للّه قد فرّج عن الشيخ، فالدراهم بين يديه، حتى جاءه رجل فقال: يا أحمد البارحة جاءني مولود، عندك من الدنيا شيء؟ فرفع رأسه إلى السماء و قال: يا مولاي، هكذا بالعجلة و دفع المائتي الدرهم إليه، ثم قال لتلميذه:
قم ويحك جئنا بالدقيق (1).
قال أحمد بن أبي الحواري:
قلت لأبي سليمان: صليت صلاة في خلوة فوجدت لها لذة، قال: و أي شيء ألذّك فيها؟ قلت: حيث لم يرني أحد، فقال: إنك لضعيف حيث خطر بقلبك فكر الخلق.
قال محمد بن عوف (2):
ص: 247
رأيت أحمد بن أبي الحواري عندنا بأنطرسوس (1)،فلما أن صلى العتمة (2) قام يصلي على الحائط ، فاستفتح ب اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ اَلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ مٰالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ فطفت الحائط كله، ثم رجعت إليه، فإذا هو لا يجاوز إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ .ثم رجعت فنمت ليلتي جمعاء، فلما كان السحر قبل انشقاق الفجر مررت بأحمد بن أبي الحواري، و هو يقرأ إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ فلم يزل يرددها من العتمة إلى الصبح (3).
قال عبد اللّه بن أحمد ابن أبي الحواري:
كنا نسمع بكاء أبي بالليل حتى نقول قد مات، ثم نسمع ضحكه حتى نقول قد جنّ .
قال الحسن بن حبيب: سمعت أبي يقول:
خرجت مع أحمد بن أبي الحواري إلى رباط بيروت، فلم تزل الهدايا تجيئه من أول النهار إلى نصف النهار، ثم أقامني ففرقها إلى أن غابت الشمس، و قال لي: كن كذا يا حبيب لا تزد على اللّه و لا تدخر عنه (4)،فلما كان في الليل خرجت معه إلى سور البلد، فسمع الحارس يقول: قل لزين الحنان: ردّ السلام، فصاح و سقط ، و قال: قل لكل قلب يلحق حيث يشاء.
قال أحمد بن أبي الحواري:
دخلت على بعض المتعبدين أعوده، فقلت: كيف تجدك ؟ فقال: بحال شريفة، أسير كريم في حبس جواد مع أعوان صدق، و اللّه لو لم يكن مما ترون لي عوض إلاّ ما أودع في قلبي (5) من محبته لكنت حقيقا على أن أدوم على الرضى عنه، و ما الدنيا و ما غاية البلاء فيها؟ هل هو إلاّ ما ترون بي من هذه العلة ؟ و أوشك لئن استبد بي الأمر قليلا لترحّلني إلى سيدي، و لنعمت علة رحلت بمحبّ إلى محبوب قد أضرّ به طول التخلف عنه.
ص: 248
قال أحمد بن أبي الحواري:
لا دليل على اللّه سواه، و إنما العلم يطلب لآداب الخدمة (1).
قال أحمد بن أبي الحواري:
صحبت أبا سليمان طوال ما صحبته فما انتفعت بكلمة أقوى عليّ و أهدى لرشدي و أدلّ على الطريق من هذه الكلمة (2):قلت له في ابتداء أمري: أوصني، فقال: أ مستوص أنت ؟ قلت: إن شاء اللّه، قال: خالف نفسك في كلّ مراد (3) لها فإنها الأمّارة بالسوء، و إياك أن تحقر أحدا من (4) المسلمين، و اجعل طاعة اللّه دثارا و الخوف منه شعارا (5)،و الإخلاص زادا، و الصدق جنة (6)،و أقبل مني هذه الكلمة الواحدة و لا تفارقها و لا تغفل عنها: إن من استحى من اللّه عز و جلّ في كل أوقاته و أحواله و أفعاله بلغه إلى مقام الأولياء من عباده. قال:
فجعلت هذه الكلمة (7) أمامي، ففي كل وقت أذكرها و أطالب نفسي بها (8).
قال أحمد بن أبي الحواري:
علامة حب اللّه حب طاعة اللّه. و قيل: حب ذكر اللّه، فإذا أحبّ اللّه العبد أحبه، فلا يستطيع العبد أن يحب اللّه حتى يكون الابتداء من اللّه بالحب له، و ذلك حين عرف منه الاجتهاد في مرضاته (9).
ص: 249
و قال أحمد:
أفضل البكاء بكاء العبد على ما فاته من أوقاته على غير الموافقة (1)،أو بكاء على ما سبق له من المخالفة.
قال حبيب بن عبد الملك:
كنت عند أحمد بن أبي الحواري جالسا، فقال له رجل: يا أبا الحسن، أثابنا اللّه و إياك على الإسلام و السنة، فقال له أحمد: يا ذا الرجل، إنه من لم يكن مسيئا فما هو مسلم، فقال له: يا أبا الحسن، فما السّنّة عندك ؟ قال: أن يسلم أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم منك و تسلم منهم.
قال أحمد (2):
ما ابتلى اللّه عبدا بشيء أشدّ من الغفلة و القسوة.
و قال (3):من عمل بلا اتباع سنة فباطل عمله (4).
و قال (5):من نظر إلى الدنيا نظر إرادة و حب لها أخرج اللّه نور اليقين و الزهد من قلبه.
و قال (6):من عرف الدنيا زهد فيها، و من عرف الآخرة رغب فيها، و من عرف اللّه آثر رضاه.
ورد كتاب المأمون على إسحاق بن يحيى بن معاذ (7)،و هو يومئذ والي دمشق بمحنة أحمد بن أبي الحواري و عبد اللّه بن ذكوان بالقول بخلق القرآن، و كانا على المسجد و كان ابن أبي دواد يعرفهما، فورد الكتاب على إسحاق، و لهما منه منزلة، فخفف عنهما في المحنة فأجاب عبد اللّه بن ذكوان و أبي أحمد بن أبي الحواري أن يجيب فحبس، ثم وجه إلى امرأته
ص: 250
و صبيانه ليأتوه و يبكوا عليه ليرجع عن رأيه، و قيل له: ما في القرآن من الجبل و الشجر مخلوق. و كان إسحاق مائلا إليه فأجاب على هذا و كتب إسحاق بإجابتهما (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):
[أحمد بن عبد اللّه بن أبي الحواري أبو الحسن الدمشقي، روى عن حفص بن غياث و وكيع و الوليد بن مسلم و عبد اللّه بن وهب، يعد في الدمشقيين، حدثنا عبد الرحمن قال:
سمعت أبي و أبا زرعة يقولان ذلك، و رويا عنه، سمعت أبي يحسن الثنا عليه و يطنب فيه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني حدثني هارون بن سعيد قال: قال يحيى بن معين و ذكر أحمد بن أبي الحواري. فقال: أهل الشام به يمطرون] (3).
[أحمد بن أبي الحواري أحد العلماء الزهاد المشهورين، و العباد المذكورين، و الأبرار المشكورين، ذوي الأحوال الصالحة، و الكرامات الصادقة] (4).
[قال أبو سليمان الداراني لأحمد بن أبي الحواري: يا أحمد إن طرق الآخرة كثيرة و شيخك عارف بكثير منها إلى هذا التوكل المبارك فإني ما شممت منه رائحة.
قال أحمد بن أبي الحواري: سألت أبا سليمان عن السماع، فقال: من اثنين أحب إليّ من الواحد.
و قال أحمد بن أبي الحواري:
رأيت في النوم جارية، ما رأيت أحسن منها، يتلألأ وجهها نورا فقلت: ما أنور وجهك ؟! فقالت: تذكر الليلة التي بكيت فيها؟ فقلت: نعم، فقالت: حملت إليّ دمعتك فمسحت بها وجهي، فصار وجهي هكذا] (5).
قال أحمد: حدثني عبد الخالق بن جبير قال: سمعت أبا موسى الطرسوسي يقول: ما تفرغ عبد للّه ساعة إلاّ نظر اللّه إليه بالرحمة.
ص: 251
و قال: سمعت مضاء بن عيسى يسأل سباعا الموصلي: إلى أي شيء انتهى بهم الزهد؟ فقال: إلى الأنس به.
و قال: ثنا محمد بن ثابت القارئ، قال: من كانت همته في أداء الفرائض لم يكمل له في الدنيا لذة.
و قال: ثنا أبو الموفق الأزدي، قال: قال اللّه تعالى:«لو أن ابن آدم لم يرج غيري ما وكلته إلى غيري، و لو أن ابن آدم لم يخف غيري ما أخفته من غيري».
و قال: سمعت محمودا يقول: سبحان من لا يمنعه سلطانه أن ينظر في صغير سلطانه.
و قال: سمعت مضاء بن عيسى يقول: خف اللّه يلهمك. و اعمل له لا يلجئك إلى دليل.
و قال: كنت أسمع وكيع بن الجراح يقول: يبتدئ قبل أن يحدث فيقول: ما هناك إلاّ عفوه، و لا نعيش إلاّ في ستره، و لو كشف الغطاء انكشف على أمر عظيم.
و قال: قال لي أبو سليمان: جوع قليل، و عري قليل، و ذل قليل، و فقر قليل، و صبر قليل، قد انقضت عنك أيام الدنيا.
و قال يوما: للّه لعبده في أوان معاصيه و إعراضه عن ربه أشد نظرا إليه و حبّا من العبد في أوان تتابع نعمه و كمال كرامته، و عظيم ستره و إحسانه، ثم قال: و هل يليق إلاّ ذلك.
و قال: قلت لأبي بكر بن عياش: حدثنا، قال: دعونا من الحديث فإنا قد كبرنا و نسينا الحديث، جيئونا بذكر المعاد، لو أني أعرف أهل الحديث لأتيتهم إلى بيوتهم حتى أحدثهم.
و قال: سمعت أبا عبد اللّه الواهبي يقول: ما أخلص عبد قط إلاّ أحب أن يكون في جب لا يعرف - و من أدخل فضولا من الطعام أخرج فضولا من الكلام.
و قال: سمعت محمد الكندي يقول: سمعت أشياخنا يقولون: إذا عرض لك أمران لا تدري في أيهما الرشاد فانظر إلى أقربهما إلى هواك مخالفة، فإن الحق في مخالفة الهوى.
و قال: سمعت سلام المديني يقول: سمعت المخرمي يقول عن سفيان الثوري قال: من أحب الدنيا و سرّ بها نزع خوف الآخرة من قلبه.
و قال: حدثني أخي محمد قال: قلت لفضيل بن عياض في قوله تعالى: وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا قال: ممن كانوا، و حيث ما كانوا، و في أي زمان كانوا.
ص: 252
و قال: عن محمد بن عائذ ثنا ابن شابور عن سعيد بن بشير عن قتادة قال: أخيار أمرائكم الذين يحبون قراءكم، و شراركم الذين يحبون أمراءكم.
و قال: حدثني عمر بن سلمة السراج عن أبي جعفر المصري قال: قال اللّه تعالى:
«معشر المتوجهين إليّ بحبي ما ضركم ما فاتكم من الدنيا إذا كنت لكم حظّا، و ما ضركم من عاداكم إذا كنت لكم سلما»] (1).
[قال أبو أحمد الحاكم] (2).
[أبو الحسن أحمد بن عبد اللّه بن أبي الحواري الزاهد الدمشقي.
سمع أبا محمد عبد اللّه بن إدريس، و أبا عمر حفص بن غياث النخعي.
روى عنه زياد بن أيوب أبو هاشم الطرسوسي، و أبو خالد محمد بن إدريس الحنظلي.
كناه لنا أبو الجهم أحمد بن الحسين القرشي] (3).
[قال أبو زرعة الدمشقي: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: قال لي أحمد بن حنبل:
متى مولدك ؟ قلت: سنة أربع و ستين - يعني مائة - قال: و هي مولدي] (4).
و مات أحمد بن أبي الحواري سنة ست و أربعين و مائتين في جمادى الآخرة. و قيل سنة خمس و أربعين و مائتين (5).و قيل سنة ثلاثين و مائتين (6)،و هو وهم. و عمره اثنتان و ثمانون سنة. و مولده سنة أربع و ستين و مائة.
ابن بجير بن عبد اللّه بن صالح بن أسامة،
أبو العباس والد القاضي أبي الطاهر الذّهلي
سمع بدمشق و بغيرها.
ص: 253
[قال أبو بكر الخطيب]:
[أحمد بن عبد اللّه بن نصر بن بجير بن عبد اللّه بن صالح بن أسامة، أبو العباس الذهلي، كان من شيوخ القضاة و متقدميهم، ولي قضاء البصرة و واسط و غيرهما من البلدان و حدث عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، و محمد بن عبد اللّه المخرمي، و محمود بن خداش، و محمد بن حماد الطهراني، و عمران بن بكار، و محمد بن خالد بن خلي الحمصيين، و نحوهم، روى عنه أبو الحسن الدارقطني، و المعافى بن زكريا الجريري، و أبو طاهر المخلص، و كان ثقة] (1).
[قال أبو بكر ابن المقرئ: أخبرنا أحمد بن عبد اللّه بن نصر بن بجير القاضي - قاضي واسط - قال: حدثنا علي بن الموفق الأنباري، عن أحمد بن أبي الحواري عن أبي سليمان قال: لقيت عابدة بمكة فقالت لي: من أين أنت ؟ فقلت: من أهل الشام. قالت: اقرأ على كل محزون مني السلام] (2).
حدث عن ربيعة بن الحارث الجبلاني بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«إني قد ثقلت، فلا تبادروني بالركوع و السجود، فإنّي مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني إذا رفعت، و مهما أسبقكم إذا سجدت تدركوني إذا رفعت»[14011].
مات ابن بجير القاضي سنة اثنتين و عشرين و ثلاث مائة يوم الثلاثاء سلخ ربيع الآخر (3).
ابن هلال، أبو الفضل السلمي
[حدث عن أبيه عبد اللّه بن نصر، و أبي عامر موسى بن عامر المري، و محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث، و إبراهيم بن عتيق، و أحمد بن علي بن يوسف الخزاز، و عمر بن مضر العبسي، و يزيد بن محمد بن عبد الصمد، و أبي حارثة أحمد بن إبراهيم بن
ص: 254
هشام الدمشقيين، و المؤمل بن إهاب الربعي، و وريزة بن محمد الغساني الحمصي، و أبي أمية الطرسوسي، و أبي بكر محمد بن أحمد بن رزقان المصيصي، و أحمد بن محمد بن أبي الخناجر الأطرابلسي، و عبد اللّه بن الحسين بن جابر المصيصي، و أبي سعد إسماعيل بن حمدويه البيكندي، و محمد بن إسماعيل بن علية البصري قاضي دمشق، و محمد بن عبد الرحمن بن علي الجعفي الكوفي نزيل دمشق، و إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، و أبي الخير فهد بن موسى الاسكندراني، و الوليد بن مروان الأزدي الحمصي، و جعفر بن محمد بن حماد القلانسي.
روى عنه أبو الحسين الرازي، و عبد الوهاب الكلابي، و أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن درستويه، و أبو القاسم الحسن بن سعيد بن حليم القرشي، و أبو العباس أحمد بن عتبة بن مكين السلامي الحوثري، و عمران بن الحسن الخفاف الدمشقيون، و أبو الفتح المظفر ابن أحمد بن برهان المقرئ، و أبو بكر بن أبي الحديد، و أبو العباس أحمد بن محمد بن علي ابن هارون البرذعي الصوفي، و أبو علي محمد بن علي الحافظ الأسفرايني و أبو حفص بن شاهين] (1).
حدث عن أبي عبد الرحمن المؤمل بن إهاب بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من أقال أخاه أقال اللّه عثرته يوم القيامة»[14012].
و روى أيضا عن أبي عامر موسى بن عامر بسنده عن أنس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«ليس من بلد إلاّ سيطؤه الدجال إلاّ مكة و المدينة، ليس نقب (2) ممن أنقابها إلاّ عليه الملائكة صافين تحرسها فينزل بالسّبخة (3)،فترجف المدينة ثلاث رجفات، يخرج إليه منها كلّ كافر و منافق».
و حدث (4) عن جعفر بن محمد بن حماد بسنده عن علي بن رباح:
ص: 255
أنّ أعمى كان له قائد بصير فغفل البصير، فوقعا في بئر، فمات البصير و سلم الأعمى، فجعل عمر ديته على عاقلة (1) الأعمى. قال: فسمعته يقول في الحج:
يا أيها الناس لقيت منكرا
هل يعقل (2) الأعمى الصحيح المبصرا
خرّا معا كلاهما تكسّرا
[قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اللّه الشافعي قال: قرأت بخط أبي الحسين نجا العطار فيما ذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنه بدمشق: أبو الفضل أحمد بن عبد اللّه بن نصر بن هلال السلمي] (3).
مات أبو الفضل أحمد بن هلال في جمادى الأولى سنة أربع و ثلاثين و ثلاث مائة (4).
[عاش نيّفا و تسعين سنة] (5).
و الهيثم بن خلف، و أبي بكر الباغندي، و البغوي، و أبي عمر الزاهد، و أبي بكر ابن الأنباري، و أحمد ابن فارس، و ابن دريد، و أحمد بن عبد اللّه السجستاني.
و روى عنه تمام الرازي، و مكي بن محمد بن الغمر (1)،و عبد الوهاب بن عبد اللّه بن الجبان (2)،و محمد بن عبد اللّه الدوري].
[قال أبو بكر الخطيب]:
[أحمد بن عبيد اللّه بن الحسن بن شقير أبو العلاء النحوي، نزل دمشق و حدث بها عن هيثم بن خلف الدوري، و حامد بن محمد بن شعيب البلخي، و محمد بن محمد بن سليمان الباغندي. و روى عنه عبد الوهاب بن عبد اللّه المهدي الدمشقي] (3).
حدث عن أبي بكر محمد بن هارون بن المجدّر ببغداد بسنده عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أنه قضى في الجنين بغرّة عبد أو أمة، أو بفرس أو بغل[14013].
أبو الفتح الحلبي الموازيني
الشاعر، المعروف بالماهر.
قرئ عليه في صفر سنة اثنتين و خمسين و أربع مائة يمدح أبا نصر صدقة بن يوسف (4):
لو سرت حين ملكت سيرة منصف *** لسننت وحدك سنة لم تعرف
من صحّ قبلك في الهوى (5) ميثاقه *** حتى تصحّ ؟! و من وفى حتى تفي ؟!
عرف الهوى في الخلق مذ خلق الهوى (6) *** بمذلة الأقوى و عزّ الأضعف
فلألبسنّ حملت أو لم أحتمل *** فيك السقام عطفت أو لم تعطف
ص: 257
حتى يعاين كلّ لاح عاذل *** مني لجاجة كلّ صبّ مدنف
يا من توقّد في الحشا لصدوده (1) *** نار بغير وصاله ما تنطفي
و هي طويلة.
[و من شعره:
برغمي أن ألوم عليك دهرا *** قليلا فكره بمعنفيه
و أن أرعى النجوم و لست فيها *** و أن أطأ التراب و أنت فيه
و من شعره أيضا:
الشعر كالبحر في تلاطمه *** ما بين ملفوظه و سائغه
فمنه كالمسك في لطائمه *** و منه كالمسك في مدابغه
و منه:
أرى نفسي تجد بها الظنون *** بأن البين بعد غد يكون
و ما ترك الفراق عليّ دمعا *** يسح و لا تسح به الجفون
و جيش الصبر منهزم فقل لي *** عليك بأي دمع أستعين
كأني من حديث النفس عندي *** جهينة عندها الخبر اليقين
و منه أيضا:
أ موجبة الدعوى عليها و لا تفي *** و سامعة الشكوى إليها و لا تشكي
أظن الأسى و الدمع لا يبقيان لي *** فؤادا به أهوى و عينا بها أبكي] (2)
[روى عنه من شعره:
أبو عبد اللّه الصوري، و أبو القاسم النسيب] (3).
مات (4) أبو الفتح أحمد بن عبيد اللّه الماهر في صفر بدمشق (5) سنة اثنتين و خمسين و أربع مائة. و دفن في داره، ثم نقل إلى باب الصغير.
ص: 258
[روى عنه: القاسم بن نصر المخرمي].
روى عن الوليد بن مسلم بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«ما أنعم اللّه على عبد نعمة فأسبغها عليه، ثم وجّه إليه من يطلب المعروف عنده فزبرهم إلاّ و قد تعرّض لزوال تلك النعمة» (1)[14014].
أبو بكر ابن بنت حامد البغدادي
قال ابن النجار: كان معتزليا، أخرج من دمشق.
قلت: و كان حدث عن أحمد بن علي بن سعيد المروزي.
روى عنه: عبد الرحمن بن نصر. ذكره ابن عساكر].
أبو الحسين القيسي النجّاد
حدث عن أبي عبد اللّه محمد بن علي بن الخضر بن سعيد السلمي بسنده عن عبد اللّه قال:
نهانا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن النذر، و قال: إنه لا يردّ من القدر شيئا، و إنما يستخرج به، يعني: من البخيل.
خرج أبو الحسين قاصدا للحج في رجب سنة ثلاث [و] (2) عشرين و خمس مائة فسقط عن البعير قبل وصوله إلى الرحبة، فتوفي و دفن في الرحبة.
ص: 259
العلوي الزيدي المروزي الواعظ الشافعي
قدم دمشق و أملى بها الحديث، و عقد بها مجالس الوعظ و روى عن جماعة.
[قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي:
أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد، أبو بكر العلوي الزيدي المروزي الشافعي الواعظ .
قدم دمشق و أملى بها الحديث، و عقد مجالس الوعظ .
و روى عن أبي منصور محمد بن علي بن محمود نافلة الكراعي، و أبي القاسم عبد الصمد بن محمد بن علي البخاري الهروي، و أبي إبراهيم إسماعيل بن عبد الوهاب الناقدي الخراجي، و أبي بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني المراوزة.
و ارتبت ببعض سماعة، فكتبت إلى أبي سعد ابن السمعاني، فكتب إليّ أنه وجد سماعه على أصول الكراعي و الناقدي] (1).
[و كان قد أقام بدمشق مدة و أخرج منها فمضى إلى بلد الروم، و اجتاز في طريقه بحلب، و كان له قبول في الوعظ ] (2).
[قال أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني: أحمد بن عبد الرحمن الأشرف البكري أبو بكر، ولد بنواحي أبيورد، و تفقه بمرو، و خالط الفقهاء و كتب الحديث الكثير، و قرأه. و خرج إلى ما وراء النهر، و دخل فرغانة و أقام بأوش مدة مديدة... و خرج إلى مازندران و منها إلى العراق و ورد بغداد، و سمعت أنه خرج إلى الشام، و وعظ هو و ابنه بدمشق، و حصل له مبلغ من المال، و انصرف إلى بغداد] (3).
ص: 260
حدث عن الشيخ السديد أبي منصور محمد بن علي بن محمود (1) التاجر بسنده عن جابر بن عبد اللّه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
عرض عليّ الأنبياء، فإذا موسى عليه السلام رجل ضرب (2) من الرجال كأنه من رجال شنوءة. و رأيت عيسى بن مريم عليه السلام، فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود، و رأيت إبراهيم فإذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم، يعني نفسه، و رأيت جبريل فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية.
أخرج أبو بكر العلوي من دمشق في ذي الحجة سنة سبع و أربعين و خمس مائة، و سار إلى ناحية ديار الملك مسعود بن سليمان (3)،فانقطع خبره عنا بعد ذلك. و كان غير مرضيّ الطريقة.
ابن الوليد بن بسر بن أبي أرطأة أبو الوليد القرشي العامري البسري
من أهل دمشق، سكن بغداد و حدّث.
[روى عن حماد بن مالك الأشجعي الحرستاني، و عبد الرزاق بن همام، و عراك بن خالد ابن يزيد بن صالح بن صبيح، و محمد بن عبد اللّه بن بكار، و مروان بن معاوية الفزاري، و الوليد بن مسلم.
روى عنه: الترمذي، و النسائي، و ابن ماجة، و أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى، و أحمد بن علي بن مسلم الأبار، و حاجب بن أركين، و أبو شيبة داود بن إبراهيم بن داود، و سعيد بن عبد اللّه بن أبي رجاء الأنباري، و عبد اللّه بن عبد الرحمن الدارمي، و عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز البغوي، و عبد اللّه بن محمد بن ناجية، و علي بن سعيد بن عبد اللّه العسكري، و علي بن عبد العزيز البغوي، و علي بن محمد بن الحسين
ص: 261
الكازروني، و عمر بن محمد بن نصر الكاغدي، و القاسم بن يحيى بن نصر المخرمي، و محمد بن العباس بن أيوب، و محمد بن عثمان بن أبي شيبة، و محمد بن هارون بن عبد اللّه الحضرمي، و محمد بن هارون بن الهيثم بن يحيى، و يعقوب بن شيبة السدوسي، و يوسف بن موسى بن عبد اللّه المروروذي] (1).
[قال أبو بكر الخطيب]:
[أحمد بن عبد الرحمن بن بكار بن عبد الملك بن الوليد بن بسر بن أبي أرطأة أبو الوليد القرشي الدمشقي، سكن بغداد، و حدث بها عن الوليد بن مسلم، و مروان بن معاوية.
روى عنه علي بن عبد العزيز البغوي، و ابن أخيه عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز، و عبد اللّه بن محمد بن ناجية، و عمر بن محمد بن نصر الكاغدي، و غيرهم] (2).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (3):
[أحمد بن عبد الرحمن أبو الوليد القرشي ثم العامري روى عن الوليد بن مسلم يعد في الدمشقيين. حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت أبي و أبا زرعة يقولان ذلك. و يقولان أدركناه و لم نكتب عنه. قال: و سمعت أبي يقول: كان من ولد بسر بن أبي أرطأة و رأيته يحدث و لم أكتب عنه، و كان صدوقا] (4).
روى عن الوليد بن مسلم القرشي بسنده عن أبي أمامة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«تسوّكوا فإنّ السواك مطيبة للفم، مرضاة للربّ عز و جل، و ما جاءني جبريل عليه السلام إلاّ وصاني بالسّواك حتى لقد خشيت أن يفرضه عليّ و على أمتي. و لو لا أن أشقّ على أمتي لفرضته عليهم، فإنّي لأستاك حتى خشيت أن أحفي (5) مقاديم فمي»[14015].
مات أبو الوليد القرشي يوم الثلاثاء لثلاث بقين من رمضان سنة ثمان و أربعين و مائتين.
و قيل سنة ست و أربعين و مائتين.
ص: 262
قال (1):و هو وهم. و الصواب الأول.
و كان صدوقا (2).
و ذكر الباغندي (3) عن إسماعيل بن عبد اللّه السكري أنه كان سيّئ الحال، و أنه لم يسمع من الوليد بن مسلم شيئا. قال: و كنت أعرفه شبه قاض (4)،و إنما كان محلّلا يحلّل النساء للرجال، و يعطى الشيء فيطلّق.
قال الخطيب (5):و ليس حاله على ما ذكر الباغندي عن هذا الشيخ، بل كان من أهل الصدق، و قد حدث عنه من الأئمة أبو عبد الرحمن النسائي و حسبك به، و ذكره في جملة شيوخه الذين بيّن أحوالهم.
[قال أبو بكر الخطيب]:
[ثم حدثني الصوري، أخبرنا الخصيب بن عبد اللّه قال: ناولني عبد الكريم و كتب لي بخطه - قال سمعت أبي يقول: أحمد بن عبد الرحمن بن بكار دمشقي صالح] (6).
[قال ابن حجر]: [ذكره ابن حبان في الثقات] (7).
أبو الحسين الطرائفي
[عن تمام [الرازي] و ابن أبي نصر، و غيرهما.
ص: 263
و [روى] عنه الخطيب، و ابن الأكفاني و غيرهما].
حدّث عن تمام بن محمد بسنده عن أنس.
أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم دخل يوم الفتح مكة و عليه مغفر. فلما وضعه قيل: يا رسول اللّه هذا المنافق متعلّق بأستار الكعبة، فأمر به، فقتل صبرا (1).
توفي أبو الحسين أحمد الطرائفي يوم الأربعاء السابع من رجب سنة سبع و خمسين و أربع مائة. سمع الكثير من الشيوخ، و كتب و استورق، و لم يحدّث من أول عمره، و لم تطل مدته، و كان مغفلا، و كان مقتّرا على نفسه، و جمع مالا كثيرا. و كان شحيحا على نفسه.
و ذكر أنه قال لزوج بنت أخيه في علته التي مات فيها، و قد حمله إلى عنده: أطعمني شواء فلي عشرون سنة أشتهيه.
و حكي عنه أنه كان له نطع يقعد عليه، فإذا جلس كشف عن مقعدته و جلس على النطع لئلا يتخرق الثوب الذي يكون عليه.
سئل أبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب عن الطرائفي فقال: ما كان إلاّ ثقة (2).
أبو بكر الأنطرطوسي
حدث بدمشق عن كثير بن عبيد الإمام بسنده عن ابن عمر.
أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يسجد على كور العمامة[14016].
ص: 264
ابن القاسم بن معروف بن حبيب بن أبان بن إسماعيل،
أبو علي بن أبي نصر التميمي المعدّل
روى عن جماعة. و روى عنه جماعة.
[حدث عن يوسف الميانجي، و ابن زبر.
حدث عنه:[عبد العزيز بن أحمد] الكتاني، و نجا بن العطار، و سهل بن بشر، و أبو طاهر الحنائي، و الحسن بن سعيد العطار.
قال [عبد العزيز بن أحمد] الكتاني: لم أر أحسن منه، و كان سماعه و سماع أخيه بخط أبيهما] (1).
حدث عن القاضي أبي بكر يوسف بن القاسم الميانجي بسنده عن أبي مسعود عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب اللّه عز و جلّ »[14017].
توفي أبو علي أحمد بن عبد الرحمن في السابع و العشرين من شعبان سنة إحدى (2)و أربعين و أربع مائة.
[قال الكتاني]: و كان ثقة مأمونا، صاحب أصول حسنة.
و كانت له جنازة عظيمة.
حدث بطرابلس قال: أنشدني قاضي القضاة أبو محمد عبيد اللّه بن أحمد بن معروف (1) لنفسه ببغداد، و البيت الأخير مضمّن (2):
أشتاقكم اشتياق الأرض وابلها *** و الأمّ واحدها و الغائب الوطنا
أتيت (3) أطلب أسباب السّلوّ فما *** ظفرت إلا ببيت شفّني و عنى
أستودع اللّه قوما ما ذكرتهم *** إلا تحدّر من عينيّ ما خزنا
قال الخطيب: أنشدني الصوري الأبيات التي ضمن ابن معروف منها هذا البيت و هي:
يا صاحبي سلا الأطلال و الدّمنا (4) *** متى يعود إلى عسفان (5) من ظعنا
إنّ الليالي التي كنّا نسرّ بها *** أبدى تذكّرها في مهجتي حزنا
أستودع اللّه قوما ما ذكرتهم *** إلاّ تحدّر من عينيّ ما خزنا
كان الزمان بنا غرّا فما برحت *** أيدي الحوادث حتى فطّنته بنا
ابن خلف بن قابوس أبو النّمر الأطرابلسي الأديب
حدث بصور سنة ثلاث عشرة و أربع مائة و بأطرابلس عن جماعة. و روى عنه جماعة.
[قال ابن العديم]:
[أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن تاج الأمناء قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال (6):
ص: 266
أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس بن محمد بن خلف بن قابوس، أبو النمر الأطرابلسي الأديب.
حدث بصور سنة ثلاث عشرة و ثلاثمائة و بأطرابلس عن: أبي الحسن علي بن محمد بن عمران الناقد البغدادي، و أبي بكر أحمد بن صالح بن عمر المقرئ البغدادي، و أبي عبد اللّه ابن خالويه، و أبي نصر محمد بن محمد بن عمرو، و أبي محمد الحسن بن أحمد بن إبراهيم البحري، و يوسف بن القاسم الميانجي.
روى عنه أبو عبد اللّه الصوري، و أبو علي الأهوازي.
و قال أبو القاسم (1):
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد أخبرنا جدي أبو محمد قال: حدثنا الحسن بن علي الأهوازي قال: حدثنا أبو النمر الأديب قال: حدثنا القاضي يوسف بن القاسم الميانجي قال:
حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمذاني قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم] (2):
«يا معشر من آمن بلسانه و لم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين و لا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع (3) اللّه عورته، و من يتبع اللّه عورته يفضحه في بيته» (4).
و حدث عن أبي محمد الحسن بن أحمد بن إبراهيم النحوي بسنده عن أبي جحيفة قال: قال عبد اللّه:
ذهب صفو الدنيا فلم يبق منها إلاّ الكدر، فالموت تحفة كل مسلم.
حدث أبو النمر بإسناده عن مسعر قال:
لم يقل لبيد في الإسلام إلاّ هذين البيتين (5):
ص: 267
نجدّد أحزانا لدى كلّ هالك *** و نسرع نسيانا و لم يأتنا أمن
فإنّا و لا كفران للّه ربّنا *** لكالبدن لا تدري متى يومها البدن
عاصر أبو النمر بطرابلس أبا عبد اللّه الحسين بن خالويه (1)،و كان يدرّس العربية و اللغة، و توفي بها، و خلف ولدا شخص إلى العراق و تقدم هناك (2).
قال أبو النمر: أنشدني الحسين بن خالويه قال: أنشدنا محمد بن أبي هاشم لمحمد بن خازم:
اللّه أحمد شاكرا *** فبلاؤه حسن جميل
أصبحت مستورا معا *** فى بين أنعمه أجول
خلوا من الأحزان خفّ *** الظهر يقنعني القليل
حرّا فلا منن لمخ *** لوق عليّ و لا سبيل
لم يشقني حرص و لا *** طمع و لا أمل طويل
سيّان عندي ذو الغنى ال *** متلاف و الرجل البخيل
و نفيت باليأس المنى *** عنّي فطاب لي المقيل
و الناس كلّهم لمن *** خفّت مئونته خليل
ابن هارون أبو بكر الرقي الحافظ نزيل عسكر مكرم
ذكر أنه سمع بدمشق و بحمص جماعة. و روى عنه جماعة.
[قال ابن العديم] (3):
[و ذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن في تاريخه، فيما أنبأنا به تاج الأمناء
ص: 268
أحمد بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال (1):أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الجارود بن هارون، أبو بكر الرقي الحافظ نزيل عسكر مكرم.
سمع بدمشق هشام بن عمار، و أبا زرعة النصري، و محمد بن عوف بحمص، و حدث عنهم و عن أبيه عبد الرحمن بن الجارود، و علي بن حرب، و أحمد بن حرب، و هلال بن العلاء، و أحمد بن شيبان الرملي، و عثمان بن خرزاذ، و عبد اللّه بن نصر الأنطاكيين، و يونس ابن عبد الأعلى، و المزني، و الربيع بن سليمان، و يزيد بن سنان البصري، و الحسن بن عرفة، و الحسن بن محمد بن الصباح، و شعيب بن أيوب الصريفيني، و عيسى بن أحمد البلخي، و محمد بن عبيد بن عتبة الكوفي، و أحمد بن منصور الرمادي، و محمد بن عبد الملك الدقيقي، و أبي زرعة و أبي حاتم الرازيين.
روى عنه القاضي أبو عمر محمد بن الحسين بن محمد البسطامي نزيل نيسابور، و أبو الحسن علي بن الحسن بن بندار ابن المثنى الأسترآباذي، و أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبراني المقرئ الشاهد، و أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه بن أحمد الحافظ ، و أبو علي منصور بن عبد اللّه بن خالد بن أحمد بن خالد الذهلي الخالدي، و أبو علي الحسن بن أحمد بن الليث، و أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن عبد الأعلى الأندلسي الورسي].
حدث بعسكر مكرم عن هشام بن عمار بسنده عن عبد اللّه بن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«من لزم الاستغفار جعل اللّه له من كلّ همّ فرجا، و من كلّ ضيق مخرجا، و رزقه من حيث لا يحتسب»[14018].
و حدث أيضا بعسكر مكرم في ذي القعدة سنة خمس و عشرين و ثلاث مائة عن هشام بن عمار أيضا بسنده عن جابر بن عبد اللّه قال:
قرأ علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سورة الرحمن حتى ختمها، ثم قال:«ما لي أراكم سكوتا، للجنّ كانوا أحسن منكم ردا، ما قرأت هذه الآية من مرة فَبِأَيِّ آلاٰءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ (2) إلاّ قالوا: و لا بشيء من نعمائك يا ربنا نكذب. فلك الحمد»[14019].
و حدث أيضا في عسكر مكرم سنة ست و خمسين بسنده عن أبي هريرة أنّ
ص: 269
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:«صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ (1) بخمس و عشرين درجة»[14020].
[و قال أبو نعيم: ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الجارود الرقي في كتابه - و في القلب منه - ثنا الربيع؛ فذكر حديثا] (2).
و حدث أيضا عن محمد بن عبد الملك الدقيقي و غيره (3) بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يقول اللّه عزّ و جلّ : يا بن آدم أنا بدّك اللازم فاعمل لبدّك. كل الناس لهم بدّ، و ليس لك مني بدّ»[14021].
حدث أحمد بن عبد الرحمن قال: سمعت أبا إبراهيم المزني يقول:
كنا جلوسا عند الشافعي إذ أقبل رجل من أصحاب الحديث، و كان عندنا ممن لا يقام له، فقام إليه الشافعي و أجلسه بجنبه و أنشد:
و لما تبدّى لنا مقبلا *** حللنا الحبا و ابتدرنا القياما
فلا تنكرنّ قيامي له *** فإنّ الكريم يجلّ الكراما
ذكر أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي في كتاب تكملة الكامل في معرفة الضعفاء قال:
أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود الرقي يضع الحديث، و يركبه على الأسانيد المعروفة (4).
و قال أبو بكر الخطيب: هو كذاب (5).
ص: 270
ابن واقد التنوخي البيروتي
حدث ببيروت عن بكر بن سهل بن إسماعيل الدمياطي (1) بسنده عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«طعام السخي دواء، و طعام الشحيح داء».
و في رواية:«طعام السخي شفاء»[14022].
ابن يحيى المعروف بابن ثرثار
حدث عن عبد القدوس بن عبد السلام بن عبد القدوس بن حبيب الدمشقي عن أبيه عن جده عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«الاقتصاد في النفقة نصف العيش، و التودّد إلى الناس نصف العقل، و حسن السؤال نصف العلم»[14023].
قال الحسن بن حبيب: حدثني أبي قال:
دعانا محمد بن عباس الهيتي (2)،و كان من الصالحين، و عنده جماعة منهم أحمد بن عبد الرزاق، فقدّم إلينا خبيص (3)،فأخذ أحمد اللقمة من القصعة فناولني إياها و قال لي:
اجعلها أنت بيدك في فمي، ففعلت؛ فقال: أ تدري لم فعلت هذا، إنه يروى في الحديث:
من لقّم أخاه المسلم لقمة حلاوة، وقاه اللّه مرارة يوم القيامة. و أحببت أن تلقّمني إياها حتى يوقّيك اللّه مرارة يوم القيامة.
ص: 271
أبو الحسين بن أبي الفتح التميمي البزاز
حدث سنة ستين و أربع مائة عن أبي الحسن رشأ بن نظيف بن ما شاء اللّه بسنده عن الأصمعي قال (1):
لما قتل أهل الحرة (2) هتف هاتف بمكة على أبي قبيس مساء تلك الليلة، و ابن الزبير جالس يسمع:
قتل الخيار بنو الخيا *** ر ذوو المهابة و السّماح
و الصّائمون القائمو *** ن القانتون أولو الصلاح (3)
المهتدون المتّقو *** ن (4) السابقون إلى الفلاح
ما ذا بواقم (5) و البقي *** ع من الجحاجحة الصّباح
و بقاع يثرب ويحهنّ *** من النوادب و الصّياح
فقال ابن الزبير لأصحابه: يا هؤلاء، قد قتل أصحابكم فإنا للّه و إنا إليه راجعون.
ذكر ابن ابنه أبو المعالي عبد الصمد بن الحسين بن أحمد الأمين: أنه توفي في حدود سنة سبعين و أربع مائة.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة اللّه بن محمد بن الشيرازي إذنا قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اللّه الشافعي قال: أحمد بن عبد العزيز بن أيوب بن زيد أبو عبد اللّه العرقي الأطروش المعروف بالعجيل، ولد بالموصل.
و حدث بعرقة عن يحيى بن عثمان الحمصي.
روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن زوزان الأنطاكي].
أبو الطيب المقدسي الفقيه الواعظ إمام جامع الرّافقة
[سمع جماعة. و له ديوان شعر حسن أسمع بعضه بالرّافقة.
قدم دمشق غير مرة، و كان شيخا مستورا معيلا مقلاّ.
سمع بشيزر أبا السمع إبراهيم بن عبد الرحمن بن جعفر المعري التنوخي، و بالبيت المقدس: الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي. و بمكة: أبا عبد اللّه الحسين بن علي الطبري.
روى عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي في مصنفاته] (1).
[نقل ابن العديم بسنده عن أبي القاسم ابن عساكر] (2):
[قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اللّه الشافعي قال:
أخبرنا أبو الطيب أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب السلمي المقدسي الواعظ - إمام جامع الرافقة - بقراءتي عليه في المحرم سنة تسع و عشرين و خمسمائة قال: أخبرنا الشيخ الإمام إمام الحرمين أبو عبد اللّه الحسين بن علي الطبري الفقيه بمكة حرسها اللّه في المسجد الحرام سنة سبع و ثمانين و أربعمائة ح.
قال الحافظ أبو القاسم:
و أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن الفضل الفراوي و أبو محمد إسماعيل بن أبي بكر
ص: 273
القارئ بنيسابور قالوا: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي بنيسابور قال:
أخبرنا أبو سهل بشر بن أحمد الفارسي قال:
حدثنا أبو سليمان داود بن الحسين بن عقيل البيهقي بخسروجرد (1) قال: حدثنا يحيى ابن يحيى بن عبد الرحمن التميمي قال: أخبرنا هشيم عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم غير مرة و لا مرتين يقول في آخر صلاته أو حين ينصرف: سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ ، وَ سَلاٰمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ [سورة الصافات، الآيات:180-182].
و قال الحافظ أبو القاسم: أنشدني أبو الطيب لنفسه:
من لصب نازح الدار *** نهب أشواق و أفكار
مستهام القلب محترق *** بهوى أذكى من النار
فنيت بالبعد أدمعة *** فهو يبكي بالدم الجاري
قائلا: جار الزمان على *** مهجتي في فرقة الجار
فإلى من أشتكي زمنا *** غالني في حكمه الجاري
بيد قذافة سلبت *** كل أغراضي و أوقاري
صرت أرضى بعد رؤيتكم *** بخيال أو بأخبار
و قال أبو القاسم علي بن الحسن: أنشدني - يعني أبا الطيب - لنفسه معاتبة (2):
يا واقفا (3) بين الفرات و دجلة *** عطشان يطلب شربة من ماء
إن البلاد كثيرة أنهارها *** و سحابها فغزيرة الأنواء
ما اختلت الدنيا و لا عدم الندى *** فيها و لا ضاقت على العلماء
أرض بأرض و الذي خلق الورى *** قد قسم الأرزاق في الأحياء
قال الحافظ (أبو القاسم ابن عساكر): و أنشدني أيضا لنفسه:
يا ناظري ناظري وقف على السهر *** و يا فؤادي فؤادي مسكن الضرر
ص: 274
و يا حياتي حياتي غير طيبة *** و هل تطيب بفقد السمع و البصر
و يا سروري سروري قد ذهبت به *** و إن تبقى قليل فهو في ثر
فالعين بعدك يا عيني مدامعها *** تسقي مغانيك و ما يغني عن المطر
و القلب بعدك يا قلبي تقلبه *** في النار أيدي الأسى من شدة الفكر
كم يبك قلبي على ما نابه أحد *** في الناس كلهم إلاّ أبو البشر
لو أن أيوب لاقى بعض ما لقيت *** نفسي لبادر يشكو غير مصطبر
و ما مصيبة إسرائيل فادحة *** لأنه كان يرجو فرحة الظفر
قال أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اللّه الدمشقي:
أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب أبو الطيب المقدسي الفقيه الواعظ إمام جامع الرافقة سمع أبا عبد اللّه الحسين بن علي الطبري بمكة و ذكر لي أنه سمع الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، و دخل المغرب مع أبيه و سمع من جماعة من الشيوخ، و لم يكن عنده عنهم شيء.
و كان له ديوان شعر حسن، سمعت منه بعضه بالرافقة، و كان قد قدم دمشق غيرة مرة.
و رأيته في إحدى القدمات و أنا صغير و لم أسمع منه بدمشق شيئا، و كتبت عنه بالرافقة شيئا يسيرا، و كان شيخا مستورا معيلا مقلاّ.
قال أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني:
أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب السلمي، أبو الطيب المقدسي - إمام جامع الرافقة - و هي بلدة على شط الفرات تعرف بالرقة الساعة، و الرقة كانت بجنبها فخربت، كان واعظا ورد بغداد حاجا، و سمع بمكة أبا عبد اللّه الحسين بن علي الطبري و سمع منه رفيقنا أبو القاسم الدمشقي و غيره.
قال الحافظ أبو القاسم:
فارقت أبا الطيب حيّا في سنة تسع و عشرين و خمسمائة و مات بعد ذلك] (1).
حدث بالرافقة عن أبي عبد اللّه الحسين بن علي الطبري بسنده عن عبد اللّه بن عمرو قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
ص: 275
«إن اللّه لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، و لكن يقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا، فإذا سئلوا أفتوا بغير علم فضلّوا و أضلّوا»[14024].
و من شعره من قصيدة:
ينال الفتى بالجود ما لا تناله *** سيوف تقدّ السّابريّ (1) حداد
و بالرّأي إصلاح الأمور و كم بدا *** لتاركه بين الأنام فساد
تأنّ إذا لم يتّضح لك مطلب *** فإنّ التّأنّي في الأمور رشاد
و سرّك فاحفظه و كن كاتما له *** فإنّ ظهور السرّ حين يعاد
و لم أر كالدّنيا لمن كان قادرا *** يساق إليه خيرها و يزاد
[توفي سنة إحدى و ثلاثين و خمسمائة] (2).
حدث عن الوليد بن مسلم بسنده عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه.
أنه قال في محرم بحجّه أصاب امرأته و هي محرمة: يقضيان حجهما و عليهما الحج من قابل من حيث كانا أحرما، و يفترقان حتى يتمّا حجّهما.
قال عطاء:
و عليهما بدنة أطاعته أو استكرهها فإنما عليهما بدنة واحدة.
و حدث عنه أيضا عن عطاء قال:
الحائض و الجنب لا ينقضان عقاصا (3) و لا ضفيرة (4)،و لا تمرّ حائض في المسجد إلاّ مضطرة.
ص: 276
[يروى عن منبه بن عثمان.
روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني] (1).
حدث بدمشق سنة تسع و سبعين و مائتين عن منبّه بن عثمان بسنده عن ابن عمر أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«أشرف الإيمان أن يأمنك الناس، و أشرف الإسلام أن يسلم الناس من لسانك و يدك، و أشرف الهجرة أن تهجر السيئات، و أشرف الجهاد أن تقتل و يعقر فرسك»[14025].
[قال ابن ماكولا: أما] (2) الخيبري (3):أوله خاء معجمة مفتوحة بعدها ياء معجمة باثنتين من تحتها و باء معجمة بواحدة [فهو: أحمد بن عبد القاهر بن الخيبري الدمشقي، حدث عن منبه بن عثمان، روى عنه الطبراني] (4).
ابن بكر أبو صالح النيسابوري المؤذن الحافظ
سمع بدمشق و ببغداد و بخراسان. و روى عنه جماعة. و كان ثقة خيارا.
[قال أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ الدمشقي]:
أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر، أبو صالح المؤذن الحافظ .
ص: 277
سمع بدمشق أبا القاسم ابن الطبيز، و أبا عبد اللّه الحسين بن محمد بن أحمد الحلبي، و مسدد بن علي الأملوكي، و رشأ بن نظيف، و بخراسان أبا نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري، و أبا محمد عبد اللّه بن يوسف بن بامويه، و أبا طاهر محمد بن محمش، و أبا زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي، و أبا بكر محمد بن زهير بن أخطل النسوي، و أبا عبد الرحمن السلمي، و أبا سعيد الصيرفي، و أبا الحسن علي بن محمد بن السقا، و أبا القاسم عبد الرحمن ابن محمد السراج، و أبا القاسم ابن بشران ببغداد، و غيرهم.
روى عنه أبو بكر الخطيب، و حدثنا عنه ابنه أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح، و أبو القاسم زاهر و أبو بكر وجيه ابنا طاهر بن محمد الشحاميان، و أبو علي الحسن بن عمر بن أبي بكر الطوسي البياع، و أبو القاسم عبد الكريم بن الحسن بن أحمد الصفار البسطامي] (1).
[قال أبو بكر الخطيب] (2):
[أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر، أبو صالح المؤذن النيسابوري، قدم علينا حاجا و هو شاب في حياة أبي القاسم ابن بشران، ثم عاد إلى نيسابور و قدم علينا مرة ثانية في سنة أربع و ثلاثين و أربعمائة فكتب عني في ذلك الوقت و كتبت عنه في القدمتين جميعا. و كان يروي عن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفرايني، و محمد بن الحسن العلوي الحسني، و أبي طاهر الزيادي، و عبد اللّه بن يوسف بن بامويه (3)الأصبهاني، و أبي عبد الرحمن السلمي، و من بعدهم.
و قال لي: أول سماعي في سنة تسع و تسعين و ثلاثمائة، و كنت إذ قد حفظت القرآن و لي نحو تسع سنين] (4).
[قال زاهر الشحامي: خرج أبو صالح ألف حديث عن ألف شيخ له.
جمع و صنف، و عمل مسوّدة لتاريخ مرو.
قال أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني:
ص: 278
سمعت محمد بن أبي زكريا المزكي يقول: ما يقدر أحد أن يكذب في هذه البلدة و أبو صالح حي.
و سمعت أبا المظفر منصورا السمعاني يقول: إذا دخلتم على أبي صالح فادخلوا بالحرمة، فإنه نجم الزمان، و شيخ وقته في هذا الأوان.
قال أبو سعد السمعاني:
رآه بعض الصالحين ليلة وفاته، و كأن النبي صلى اللّه عليه و سلم قد أخذ بيده، و قال له: جزاك اللّه عني خيرا، فنعم ما أقمت بحقي، و نعم ما أديت من قولي، و نشرت من سنتي] (1).
حدث عن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري بسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«لكلّ نبيّ دعوة فأريد أن أختبئ دعوتي إن شاء اللّه شفاعة لأمتي يوم القيامة»[14026].
أنشد أبو صالح المؤذن بسنده لمهدي بن سابق:
يا ربّ ساع له في سعيه أمل *** يفنى و لم يقض من تأميله و طرا
ما ذاق طعم الغنى من لا قنوع له *** و لن ترى قانعا ما عاش مفتقرا
العرف من يأته يحمد مغبّته *** ما ضاع عرف و لو أوليته حجرا
قال أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر (2):
أحمد بن عبد الملك أبو صالح المؤذن، الأمين، المتقن، المحدث، الصوفي، نسيج وحده في طريقته و جمعه و إفادته، ما رأينا مثله، حفظ القرآن، و جمع الأحاديث، و سمع الكثير، و صنف الأبواب و المشايخ، و سعى في الخيرات (3)،و صحب مشايخ الصوفية، و أذن سنين حسبة (4)،ولد سنة ثمان و ثمانين و ثلاث مائة. و توفي يوم الاثنين التاسع من رمضان سنة سبعين و أربع مائة.
و كان قد سأل اللّه بمكة أن لا يقبضه إلاّ في شهر رمضان، فكان إذا دخل شهر رجب تفرغ للعبادة إلى أن يخرج شهر رمضان.
ص: 279
[كان يأخذ صدقات الرؤساء و التجار، و يوصلها إلى المستحقين و المستورين من ذوي الحاجات و الأرامل و اليتامى و أولى الضرر.
ما تفرغ لعقد الإملاء من كثرة ما هو بصدده من الأشغال و القراءة عليه] (1).
[قال أبو القاسم الحافظ سنة 559:
أخبرنا إسماعيل بن أبي صالح أخبرنا أبي، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين، أخبرنا عبيد اللّه بن إبراهيم المزكي، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء، حدثنا الحسين بن الوليد، عن قيس عن ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قدم وفد جهينة على النبي صلى اللّه عليه و سلم فقام غلام يتكلم، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم «فأين الكبر؟» (2)[14027].
[قال أبو بكر الخطيب] (3):
حدثني أبو صالح المؤذن، حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي - بنيسابور - أخبرنا أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل المروزي، أخبرنا محمود بن آدم المروزي، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن سالم عن أبيه: أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان إذا طلع الفجر صلى ركعتين] (4).
[قال أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني:
أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر المؤذن، أبو صالح، من أهل نيسابور، الأمين، المتقن، الثقة المحدث، الصوفي، نسيج وحده في طريقته و جمعه و إفادته، و كان عليه الاعتماد في الودائع من كتب الحديث المجموعة في الخزائن الموروثة عن المشايخ، و الموقوفة على أصحاب الحديث، و كان يصونها و يتعهد حفظها، و يتولى أوقاف المحدثين من الخبز و الكاغد، و غير ذلك. و يقوم بتفرقتها عليهم، و إيصالها إليهم، و كان يؤذن على منارة المدرسة البيهقية سنين احتسابا، و وعظ المسلمين و ذكرهم الأذكار في الليالي، و كان في أكثر الأوقات قبل الصبح إذا صعد يكرر هذه الآية و يقول
ص: 280
أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ،و كان حافظا ثقة، دينا خيرا، كثير السماع، واسع الرواية، جمع بين الحفظ و الإفادة و الرحلة، و كتب الكثير بخطه.
و ذكر أبو زكريا يحيى بن منده في تاريخ أصبهان قال:
أبو صالح المؤذن قدم أصبهان، و سمع من أبي نعيم، و أبي بكر بن أبي علي و من في وقتهما، حافظ للحديث، رحل و كتب الكثير و سمع] (1).
[قال أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ :
سألت أبا سعد بن أبي صالح عن وفاة والده فقال: في سنة سبعين و أربعمائة، قيل: في أي شهر؟ فقال: في شهر رمضان] (2).
[و قال الحافظ أبو القاسم:
كتب إليّ أبو نصر إبراهيم بن الفضل بن إبراهيم البئّار قال: أخبرنا أبو عبد الحسين بن محمد الكتبي قال: سنة سبعين و أربعمائة ورد الخبر بوفاة أبي صالح المؤذن الحافظ في رمضان، و كان مولده سنة ثمان و ثمانين و ثلاثمائة] (3).
أبو بكر البيروتي
حدث ببيروت عن أبي خالد يزيد بن عبد اللّه بن موهب بسنده عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا (4) عن الصلاة، فإنّ شدة الحرّ من فيح جهنم»[14028].
حدث ببيروت سنة إحدى و ثمانين و مائتين.
ص: 281
أبو الفضل بن أبي الفتح المعروف بالقائد ابن الكريدي
سمع جماعة، و روى عنه جماعة.
و ذكر أبو محمد بن صابر أنه ثقة، و أنه سأله عن مولده فقال: ولدت في شعبان سنة ثمان عشرة و أربع مائة.
حدث عن أبي بكر محمد بن الجرمي بن الحسين المقرئ بسنده عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«لا تعلّموا النجوم، إنه شعبة من السحر»، و نهى عنه أشد نهي[14029].
كذا روي في هذا الموضع، و إنما هو عن أبي هريرة.
توفي أبو الفضل أحمد يوم الاثنين الرابع عشر من جمادى الأولى سنة تسع و تسعين و أربع مائة.
أبو بكر البجلي المكي من ولد جرير بن عبد اللّه
قدم دمشق.
روى عن جماعة. و روى عنه جماعة.
حدث عن محمد بن المظفر الحافظ بسنده عن أم سلمة قالت:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا أتى امرأة من نسائه غمض عينيه و قنع رأسه و قال للتي تكون تحته:«عليك بالسكينة و الوقار»[14030].
ابن عثمان بن الحكم بن الوليد بن سليمان،
أبو الحسن بن أبي الحديد السلمي العدل
حدث عن جماعة. و حدث عنه جماعة.
ص: 282
و كان ثقة متفقدا لأحوال طلبة العلم و الغرباء [عدلا مأمونا] (1).
[سمع أباه و جده لأمه أبا نصر بن هارون.
حدث عنه أبو بكر الخطيب، و الكتاني، و عمر الرواسي، و أبو القاسم النسيب، و هبة اللّه ابن الأكفاني، و عبد الكريم بن حمزة و جمال الإسلام علي بن المسلم، و طاهر بن سهل، و إسماعيل ابن السمرقندي، و آخرون] (2).
[قال علي بن الحسن الحافظ (3) سنة 551 ببعلبك، أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد، أخبرنا جدي، أخبرنا محمد بن جعفر السامري، أنشدني محمد بن طاهر الرقي:
ليس في كل حالة و أوان *** تتهيأ صنائع الإحسان
فإذا أمكنت فبادر إليها *** حذرا من تعذر الإمكان]
حدث بسنده عن جده بسنده عن أبي هريرة و زيد بن خالد (4) و شبل (5):
أن النبي صلى اللّه عليه و سلم سئل عن الأمة تزني قبل أن تحيض (6) فقال: إن زنت فليجلدها (7) ثم إن زنت فليجلدها فقال في الثالثة أو في الرابعة: إن زنت فليبعها و لو بضفير (8) من شعر (9).
ولد أحمد بن أبي الحديد في ليلة الاثنين بعد الأذان ليلة أربع عشرة من شعبان سنة ثمانين و ثلاث مائة.
ص: 283
و توفي ليلة الخميس الثالث من ربيع الأول سنة تسع و ستين و أربع مائة. و كان ثقة عدلا رضيّ (1).
أبو الحسين السلمي الشاهد
سمع بدمشق و بمصر.
حدث أن بعض الأشراف من بيت إسماعيل العلوي خاف واليا كان ظالما بدمشق، و أنه لما اشتد خوفه هرب إلى بيت جده أبي الفرج الموحّد بن البرّيّ ، و أنه ابتنى له بيتا في سطح داره تفرّد به فيه بنفسه، و أنه أقام في ذلك البيت نحوا من سنتين ينحدر من بيته في كل ليلة جمعة لزيارة الشيخ، و أنه لما كان في بعض الليالي استأذن عليه ليلا فانحدر إليه و قال له: إني رأيت في منامي في هذه الساعة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و عن يمينه أبو بكر و عمر، و خلفه أو قدامه الحسن و الحسين، و بين يديه نعش أو سرير و عليه ميت، فسلمت عليه صلى اللّه عليه و سلم و أنا أعلم أنه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال لي: امض إلى ابن البري و قل له: تغسّل ابني، قال: فلما كمل تفسير المنام على الشيخ و إذا الصوائح على باب الدرب ينعون ولدا للشريف أو أخاه، فلما حدثوه بموته قال له: قم كما أمرك جدي صلى اللّه عليه و سلم فغسّله، فأخذ الشريف بيد الشيخ و مضيا إلى دار الشريف و غسّله، و أخرجت جنازته إلى مقبرة دير البقر، و ركب الوالي في الجنازة، فلما انصرف الناس أنفذ الوالي إلى الشيخ فقال: قل للشريف ينصرف إلى داره فما خفي علينا أنه كان عندك هذه المدة، فودّعه الشيخ بعد أن أوصله إلى داره و انصرف.
أبو عبد اللّه التميمي المعروف بابن عبّود
[روى عن جماعة، و روى عنه جماعة.
ص: 284
روى عن آدم بن أبي إياس العسقلاني، و سلام بن سليمان المدائني، و أبي صالح عبد اللّه بن صالح المصري، و عبد اللّه بن يوسف التنيسي، و أبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني، و عبد الملك بن الحكم الرملي، و عبد الوهاب بن الضحاك العرزمي و عبد الوهاب ابن نجدة الحوطي، و علي بن هارون، و عمرو بن أبي سلمة التنيسي، و محمد بن بكار بن بلال العاملي، و محمد بن خالد المزني، و محمد بن كثير المصيصي، و محمد بن المبارك الصوري، و محمد بن يوسف الفريابي، و مروان بن محمد الدمشقي، و يحيى بن صالح الوحاظي، و يوسف بن شعيب الخولاني. روى عنه أبو داود، و النسائي، و إبراهيم بن دحيم الدمشقي، و أبي صدقة مسرور بن صدقة، و هشام بن إسماعيل العطار، و الوليد بن الوليد القلانسي، و إبراهيم بن عبد الرحمن بن مروان القرشي، و أحمد بن عامر بن عبد الواحد البرقعيدي، و أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل، و أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصاء، و أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي، و أحمد بن المعلى بن يزيد القاضي، و إسماعيل بن محمد بن قيراط ، و جعفر بن محمد بن أحمد بن حماد التميمي، و الحسن بن علي بن روح بن عوانة، و أبو سليمان داود بن الوسيم البوشنجي، و سليمان بن محمد بن إسماعيل الخزاعي، و عبد اللّه بن أحمد بن موسى عبدان الأهوازي، و أبو بكر عبد اللّه بن أبي داود، و عمرو بن محمد بن بجير السمرقندي، و القاسم بن عيسى العصار، و القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب و أبو بشر الدولابي، و محمد بن إسحاق بن الحريص، و محمد بن القاسم بن عبد الخالق، و موسى بن جمهور التنيسي] (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):
أحمد بن عبد الواحد بن عبود بن واقد أبو عبد اللّه التميمي، روى عن الوليد بن الوليد القلانسي و مروان بن محمد و هشام بن إسماعيل العطار، و أبي مسهر، سمع منه أبي بدمشق] (3).
حدث عن محمد بن كثير بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
ص: 285
«لا تنكح البكر حتى تستأذن، و لا تنكح الثيّب حتى تستأمر». قيل: و ما إذنها؟ قال:
«سكوتها»، أو قال:«صموتها»[14031].
[قال أبو نصر ابن ماكولا] (1):
[و أما] (2) عبّود بباء معجمة بواحد [فهو أحمد بن عبد الواحد بن عبود، حدث عنه أبو بكر ابن أبي داود و غيره] (3).
كان أحمد المذكور ثقة (4).[قال النسائي: صالح لا بأس به.
و قال العقيلي و ابن أبي عاصم و غيرهما: ثقة] (5).
توفي ليلة الجمعة لليلتين خلتا من شوال سنة أربع و خمسين و مائتين (6).
أبو عبد اللّه العقيلي الجوبري
من قرية جوبر (7)،دمشقي.
روى عن جماعة، و روى عنه جماعة.
روى عن صفوان بن صالح الدمشقي المؤذن، و عبد اللّه بن أحمد بن بشير بن ذكوان، و عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي، و عبدة بن عبد الرحيم المروزي.
روى عنه: أبو بكر أحمد بن عبد اللّه بن أبي دجانة، و جمح بن القاسم بن عبد الوهاب الجمحي، و الحسن بن منير التنوخي، و عبد اللّه بن عدي الجرجاني، و أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب الهمداني، و الفضل بن جعفر بن
ص: 286
محمد بن أحمد بن حماد التميمي، و محمد بن الحسن بن علي اليقطيني، و محمد بن سليمان بن يوسف الربعي] (1).
حدث عن عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي بسند عن عبد الرحمن بن أبزى أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يقرأ في أول ركعة من وتره ب سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [سورة الأعلى، الآية:1] و في الثانية ب قُلْ يٰا أَيُّهَا الْكٰافِرُونَ [سورة الكافرون، الآية:1]، و في الثالثة ب قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ [سورة الإخلاص، الآية:1].
توفي سلخ شوال سنة خمس و ثلاث مائة.
ابن إسماعيل أبو الحسين المزني
حدث عن القاضي أبي بكر يوسف بن القاسم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«لو لم يبق من الدنيا إلاّ ليلة لملك رجل من أهل بيت النبي صلى اللّه عليه و سلم»[14032].
ابن أحمد بن عبد الغني أبو بكر اللهبي، مولى بني أبي لهب،
و يعرف بابن أخي محمود الكاتب، و يعرف
بابن أبي صدام، و يعرف بالصابوني
حدّث، و حدّث عنه حدث عن محمد بن العباس بن الدّرفس (2) بسنده عن أبي مرثد الغنوي أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:
«لا تجلسوا على القبور و لا تصلوا إليها».
توفي يوم الأحد النصف من ربيع الآخر سنة تسع و ستين و ثلاث مائة.
ص: 287
أبو عبد اللّه الجبلي المعروف بالحوطي
سمع، و أسمع.
[روى عن أحمد بن خالد الوهبي، و أحمد بن شبويه المروزي، و إسحاق بن موسى الأنصاري، و جنادة بن مروان الأزدي، و أبي اليمان الحكم بن نافع البهراني، و داود بن معاذ، و العباس بن عثمان الدمشقي، و عبد العزيز بن موسى اللاحوني، و عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، و عبد الوهاب بن الضحاك العرضي، و أبيه عبد الوهاب بن نجدة، و علي بن عياش الحمصي، و محمد بن عيسى بن الطباع، و محمد بن مصعب القرقساني و يحيى بن صالح الوحاظي، و يزيد بن قبيس السليحي الجبلي.
روى عنه النسائي، و أحمد بن محمد بن إسحاق، و أحمد بن محمد بن يحيى العسكري، و أحمد بن محمد الرشيدي، و جعفر بن محمد بن سعيد العبدري، و جعفر بن محمد بن موسى الأعرج، و الحسن بن علي بن عبد الرحمن بن رزيق، و سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، و سند بن يحيى بن سند المصري، و عبد اللّه بن أحمد بن ربيعة بن زبر الربعي، و عبد الرحمن بن داود بن منصور، و عبد الصمد بن سعيد بن عبد اللّه الكندي، و عبد الملك بن محمود بن إبراهيم بن سميع، و عثمان بن جعفر الهاشمي، و علي بن أحمد بن عسال، و علي بن إسحاق بن إبراهيم الوزير، و علي بن سراج المصري، و عيسى بن محمد الرازي، و محمد بن إسماعيل الفارسي، و محمد بن علي بن حمزة، و موسى بن عبد الرحمن البيروتي، و موسى بن محمد بن مسلم، و الوليد بن حماد الرملي، و يحيى بن محمد ابن سهل الدمشقي] (1).
[قال الدارقطني عنه: لا بأس] (2).
ص: 288
حدث عن أبي المغيرة بسنده إلى عوف بن مالك و خالد بن الوليد.
أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم لم يخمّس السلب[14033].
و حدث عن العباس بن عثمان الدمشقي بسنده عن أنس.
أن النبي صلى اللّه عليه و سلم استبرأ صفية بحيضة[14034].
حدث في جبلة سنة تسع و سبعين و مائتين.
[قال أبو الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد اللّه بن المنادي: مات بجبلة سنة إحدى و ثمانين و مائتين] (1).
أبو بكر الصّفّار الرّعيني الحمصي
سمع بدمشق و غيرها و أسمع.
[يروي عن أحمد بن علي بن سعيد، و محمد بن عبيد اللّه الكلاعي، و الحسن بن مسروق و جماعة.
حدث عنه: ابن مندة، و الحافظ عبد الغني الأزدي، و أبو العباس بن الحجاج، و آخرون مات في سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة].
حدّث بتنّيس سنة سبع و أربعين و ثلاث مائة عن الحسن بن سعيد بن مسروق عن عبد اللّه القرشي الحداد بسنده عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«لا تقوم الساعة حتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانك»[14035].
ص: 289
حدث بدمشق عن محمود بن خالد السلمي (1) بسنده عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال (2):قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«أربعون حسنة أعلاهنّ (3) منحة العنز، لا يعمل العبد (4) خصلة منها رجاء ثوابها و تصديق موعودها إلاّ أدخله اللّه (5) الجنة»[14036].
ذكر الحافظ اختلافا في رجاله.
ص: 290
[أبو عتبة الأزرق العنسي الحمصي، سافر إلى بغداد ثم بعثه المنصور إلى الشام، و دخل أنطاكية، و حكى أنه كان جالسا إلى عاملها و قد ورد عليه كتاب أبي جعفر المنصور يأمره بنبش القبور، فنبشوا في جبل أنطاكية قبر عوذ بن سام بن نوح و عند رأسه مكتوب لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه، أنا عوذ بن سام بن نوح بعثت إلى أهل أنطاكية فكذبوني و قتلوني] (1).
[قال ابن العديم] (2):
[أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد، البغدادي - بقراءتي عليه بحلب - قال:
أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة اللّه بن عبد الواحد بن محمد بن الحصين - بقراءة أخي عليه و أنا أسمع - قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن عيلان البزاز قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم الشافعي قال: حدثني إسحاق بن الحسن الحربي قال:
حدثنا يحيى بن عثمان البصري قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:«إذا فزع أحدكم فليقل: أعوذ بكلمات اللّه التامة من غضبه و عذابه، و من شرّ عباده، و من همزات الشياطين، و أن يحضرون فإنها لن تضره» (3).قال: فكان عبد اللّه يعلمها من بلغ من ولده و من لم يبلغ منهم، كتبها في صك و علقها في عنقه] (4)[14037].
ص: 291
[أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشّحّامي في ببياباد (1)قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي، ح.
قال أبو سعد: و أخبرنا أبو سعد عبد اللّه بن أسعد بن حيان النسوي بنيسابور قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي قالا: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: سمعت عبد الواحد بن بكر الورثاني (2) يقول: سمعت أحمد بن عبد اللّه بن أبي دجانة يقول: حدثنا عبد الصمد بن سعيد قال: حدثنا سليمان بن عبد يقول: سمعت يحيى بن صالح يقول: كنا نأتي إسماعيل بن عياش فيكرمنا و يبرنا و ينزلنا أشرف المنازل، و يقدم إلينا من الفواكه ما نتحير فيه من ألوان التفاحات و الرمان و السفرجل، و يبرد لنا الماء بالثلج و يقول لنا: كلوا يا سادتي فإنّ اللّه تعالى وصف الجنة بصفة الصيف لفواكهها لا بصفة الشتاء فقال تعالى: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ وَ مٰاءٍ مَسْكُوبٍ وَ فٰاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لاٰ مَقْطُوعَةٍ وَ لاٰ مَمْنُوعَةٍ [سورة الواقعة، الآيات:28-33]] (3).
[أخبرنا (4) أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي، قال (5):حدثنا عن عبد اللّه البغوي قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثني أبو مسهر قال: حدثني محمد بن مهاجر الأنصاري قال: كان أخي محمد بن مهاجر يقول لي: لا تسألني كما يسألني هذا الأحمر الحمصي، يعني إسماعيل بن عياش].
[أخبرنا (6) أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال (7):حدثنا محمد بن عبد اللّه بن فضيل
ص: 292
قال: سمعت سعيد بن عمرو يقول: سمعت بقية يقول: كانت إذا جاءت مسألة إلى إسماعيل ابن عياش يقول: اذهبوا بها إلى ذلك الغلام. قال بقية: و إنما بيني و بينه خمس سنين، ولد سنة خمس و مائة و ولدت سنة عشر و مائة].
[قال (1):و أخبرنا أبو أحمد الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عنبسة قال: حدثنا أبو التقى قال: قال لي بقية: قال لي عبد اللّه بن صالح الهاشمي: يا أبا يحمد (2) أيكما أبكر أنت أو إسماعيل بن عياش ؟ قلت: مولد إسماعيل سنة ثمان و مائة، و مولدي سنة اثنتي عشرة و مائة. قال: فقال عبد اللّه: إنكما لترب].
[قال الخطيب (3):أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد اللّه بن جعفر قال:
حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا الفضل بن زياد قال: قال أحمد بن محمد بن حنبل:
ليس أحد أروى لحديث الشاميين من اسماعيل بن عياش، و الوليد بن مسلم].
[قال (4):و حدثنا يعقوب قال (5):كنت أسمع أصحابنا يقولون: علم الشام عند إسماعيل بن عياش و الوليد بن مسلم.
قال (6):و سمعت أبا اليمان يقول: كان أصحابنا لهم رغبة في العلم، و طلب شديد بالشام، و المدينة، و مكة، و كانوا يقولون: نجهد في الطلب، و نتعب أبداننا، و نغيب فإذا جئنا وجدنا كلما كتبنا عند إسماعيل.
قال يعقوب (7):و تكلم قوم في إسماعيل، و إسماعيل ثقة عدل، أعلم الناس بحديث الشام، و لا يدفعه دافع، و أكثر ما تكلموا قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين و المكيين.
أخبرنا (8) أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا
ص: 293
حمزة بن يوسف قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثني أحمد بن زهير قال: سئل يحيى بن معين عن إسماعيل بن عياش فقال: ليس به بأس، من أهل الشام، و العراقيون يكرهون حديثه.
و قال ابن عدي الحافظ (1):حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل قال: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: قلت ليحيى بن معين فاسماعيل بن عياش كيف هو عندك ؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس.
قال ابن عدي (2):حدثنا عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز عن عباس عن يحيى قال:
كان إسماعيل بن عياش أحب إلى أهل الشام من بقية، و قد سمع ابن عياش من شرحبيل، و ابن عياش ثقة و هو أحب إليّ من فرج بن فضالة.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل المكي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد اللّه قال: أخبرنا أبو موسى بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا سليمان بن أشعث قال: سمعت يحيى بن معين قال: إسماعيل بن عياش ثقة (3).
أنبأنا أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن حمة قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثني جدي يعقوب قال: حدثني أحمد بن داود الحراني قال: سمعت عيسى بن يونس، و ذكر إسماعيل بن عياش فقال: أبو عتبة، هو أرشدني إلى الشاميين (4).
قال الخطيب (5):و أخبرنا الحسين بن علي الصيمري قال: أخبرنا علي بن الحسن الرازي قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: سمعت يحيى بن معين يقول: مضيت إلى إسماعيل بن عياش فرأيته قاعدا عند دار الجوهري على
ص: 294
غرفة و ما معه إلاّ رجلين ينظران في كتابه، فرجعت و لم أسمع شيئا، و كان يحدثهم بنحو من خمسمائة في اليوم أكثر أو أقل و هم أسفل و هو فوق، فيأخذون كتابه فينسخونه من غدوة إلى الليل.
أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا الإسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال:
أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال (1):حدثنا البغوي قال: حدثنا عباس عن يحيى قال: مضيت إلى إسماعيل بن عياش فرأيته عند دار الجوهري (2) قاعدا على غرفة و معه رجلان ينظران في كتابه، فيحدثهم خمسمائة في اليوم، أقل أو أكثر، و هم أسفل و هو فوق، فيأخذون كتابه فينسخونه من غدوة إلى الليل، قال يحيى: فرجعت و لم أسمع شيئا.
و قال ابن عدي (3):و ذكر عبد الرحمن بن أبي بكر عن عباس (4) عن يحيى، و ذكر عنده ابن عياش فقال: كان يقعد و معه ثلاثة أو أربعة فيقرأ كتابا و الناس مجتمعون (5)،ثم يلقيه إليهم فيكتبونه جميعا، و لم ينظر في الكتاب إلاّ أولئك الثلاثة أو الأربعة. و شهدت ابن عياش و هو يحدث هكذا فلم أكن آخذ منه شيئا، و لكني شهدته يملي إملاء فكتبت عنه.
قال ابن عدي (6):حدثنا يوسف بن الحجاج قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: لم يكن بالشام بعد الأوزاعي و سعيد بن عبد العزيز مثل إسماعيل بن عياش.
أخبرنا ابن الآبنوسي قال: أخبرنا الإسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا ابن عدي (7) قال: سمعت ابن حماد يقول: قال السعدي: سألت أبا مسهر عن إسماعيل بن عياش و بقية فقال: كل كان يأخذ عن غير ثقة، فإذا أخذت حديثهم عن الثقات فهو ثقة.
قال (8):و قال النسائي: إسماعيل بن عياش ضعيف.
ص: 295
و قال ابن عدي (1):سمعت ابن حماد يقول: إسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين فهو أصح.
و قال ابن عدي (2):حدثنا عبد الوهاب بن أبي عصمة قال: حدثنا أبو طالب أحمد بن حميد قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين صحيح و ما روى عن أهل الحجاز فليس بصحيح.
[قال] (3):و قال ابن أبي عصمة: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين فهو صحيح، و ما روى عن أهل المدينة و أهل العراق ففيه ضعيف يغلط .
[قال ابن العديم] (4):
أخبرنا (5) أبو محمد بن رواج - إذنا - قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: سمعت المبارك بن عبد الجبار الصيرفي يقول: سمعت أبا مسلم الليثي يقول: سمعت علي بن أبي بكر الجرجاني يقول: سمعت مسعود بن علي السجزي يقول: و سمعته - يعني الحاكم أبا عبد اللّه - يقول: إسماعيل بن عياش مع جلالته إذا انفرد بحديث لم يقبل منه لسوء حفظه].
[قال الخطيب] (6):و أخبرنا البرقاني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حسنويه العرزمي (7) قال: أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال: و سألت أحمد عن إسماعيل بن عياش فقال: عمن (8) حدث من مشايخهم ؟ قلت: الشاميين ؟ قال: نعم، فأما حديث غيرهم فعنده مناكير.
و قال الخطيب (9):أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا موسى بن إبراهيم بن النضر
ص: 296
العطار قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سألت عليا - يعني ابن المديني - عن إسماعيل بن عياش فقال: كان يوثق فيما يروي عن أصحابه أهل الشام، فأما ما روى عن غير أهل الشام ففيه ضعف.
قال الخطيب (1):و أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي قال:
و إسماعيل بن عياش ثقة عند يحيى بن معين و أصحابنا فيما روى عن الشاميين خاصة، و في روايته عن أهل العراق و أهل المدينة اضطراب كثير، و كان عالما بناحيته.
قال (2):و أخبرنا ابن الفضل القطان قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا سهل بن أحمد الواسطي قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: و إسماعيل بن عياش إذا حدث عن أهل بلاده فصحيح، فإذا حدث عن أهل المدينة مثل هشام بن عروة، و يحيى بن سعيد، و سهل بن أبي صالح، فليس بشيء.
أخبرنا أبو عبد اللّه الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء، ح.
قال: و أخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد اللّه - إجازة - قالا: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال (3):
سألت أبي عن إسماعيل بن عياش قال: هو ليّن يكتب حديثه، لا أعلم أحدا كف عنه إلاّ أبو إسحاق الفزاري.
قال: و سمعت أبي يقول: و سئل إبراهيم بن موسى عن إسماعيل بن عياش كيف هو في الحديث ؟ قال: كان حسن الخضاب.
و سئل أبو زرعة عن إسماعيل بن عياش فقال: صدوق إلاّ أنه غلط في حديث الحجازيين و العراقيين.
ص: 297
و قال ابن أبي حاتم (1):حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت وكيعا يقول: قدم علينا إسماعيل بن عياش فأخذ مني أطرافا لإسماعيل بن أبي خالد، فرأيته يخلط في أخذه.
قال أحمد بن أبي الحواري (2):قال لي وكيع: يروون عندكم عنه ؟ فقلت: أما الوليد و مروان (3) فيروون عنه. و أما الهيثم بن خارجة و محمد بن إياس فكأنّهم. قال: و أي شيء الهيثم و ابن إياس، إنما أصحاب البلد الوليد و مروان.
[قال ابن العديم] (4):
[كتب (5) إلينا المؤيد بن محمد الطوسي من نيسابور غير مرة قال: أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن الفضل الفراوي، ح.
و أخبرنا أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم - قراءة عليه و أنا أسمع - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الحيّاني قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الغافر بن محمد بن أحمد الفارسي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عمرويه الجلودي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان قال: سمعت أبا الحسين مسلم بن الحجاج يقول:
حدثنا عبد اللّه بن عبد الرحمن الدارمي قال: أخبرنا زكريا بن عدي قال: قال لي أبو إسحاق الفزاري: أكتب عن بقيّة ما روي عن المعروفين، و لا تكتب عنه ما روي عن غير المعروفين، و لا تكتب عن إسماعيل بن عياش ما روي عن المعروفين و لا عن غيرهم].
[قال ابن العديم] (6):
[أنبأنا (7) أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفتح الكروخي قال: أخبرنا أبو
ص: 298
عامر محمود بن القاسم، و أبو نصر الغورجي، و أبو بكر التاجر، قالوا: أخبرنا أبو محمد الحرّاني قال: أخبرنا أبو العباس المحبوبي قال: أخبرنا أبو عيسى الترمذي قال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز و أهل العراق أحاديث مناكير، كأنه ضعف روايته عنهم فيما ينفرد به. و قال: إنما حديث إسماعيل بن عياش عن أهل الشام. و قال أحمد: إسماعيل بن عياش أصلح من بقيّة، و لبقيّة أحاديث مناكير عن الثقات.
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب (1) قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللّه السراج بنيسابور قال: سمعت أبا سعيد بن رميح يقول:
سمعت عمر بن بحير يقول: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن إسماعيل بن عياش فقال: إذا حدث عن أهل بلده فصحيح، و إذا حدث عن غير أهل بلده ففيه نظر.
قال الخطيب (2):أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو جعفر العقيلي قال (3):حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا أبو صالح الفراء قال: قلت لأبي إسحاق الفزاري: إني أريد مكة و أريد أمر بحمص، و ثمّ رجل يقال له إسماعيل بن عياش فأسمع منه ؟ قال: لا ذاك رجلا لا يدري ما يخرج من رأسه.
و قال الخطيب (4):أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد اللّه بن جعفر قال:
حدثنا يعقوب بن سفيان قال: قال علي بن المديني: ضرب عبد الرحمن على حديث إسماعيل بن عياش، و على حديث المبارك بن فضالة (5).
و قال الخطيب (6):أخبرنا علي بن طلحة المقرئ قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم
ص: 299
الطرسوسي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قال: إسماعيل بن عياش ضعيف الحديث.
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد اللّه بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال (1):كتب إليّ محمد بن الحسن بن علي بن بحر: حدثنا عمرو بن علي قال: كان عبد الرحمن لا يحدث عن إسماعيل بن عياش، فقال له رجل مرة: حدثنا أبو داود عن أبي عتبة، فقال له عبد الرحمن: هذا إسماعيل بن عياش، فقال له الرجل: لو كان إسماعيل لم أكتب (2) عنه شيئا، فسألت عنه أبا داود فقال: حدثنا إسماعيل بن عياش أبو عتبة.
قال أبو أحمد بن عدي (3):إسماعيل بن عياش أبو عتبة الحمصي،[و ذكر له أحاديث لم يروها غيره، ثم قال] (4):و هذه (5) الأحاديث من أحاديث الحجاز ليحيى بن سعيد، و محمد بن عمرو، و هشام بن عروة، و ابن جريج، و عمر بن محمد، و عبيد اللّه و الوصّافي، و غير ما ذكرت من حديثهم و من حديث العراقيين، إذا رواه ابن عياش عنهم فلا يخلو من غلط يغلط فيه، إما أن يكون حديثا برأسه أو مرسلا يوصله أو موقوفا يرفعه، و حديثه عن الشاميين، إذا روى عنه ثقة فهو مستقيم، و في الجملة إسماعيل بن عياش ممن يكتب حديثه، و يحتج به خاصة في حديث الشاميين.
[قال ابن العديم] (6):
[أخبرنا (7) أبو القاسم بن محمد القاضي إجازة، عن زاهر بن طاهر، عن أبي بكر البيهقي قال: أبو الفرج سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال: أخبرني أبو بكر
ص: 300
محمد بن جعفر فيما قرأته عليه قال: قرئ على أبي بكر محمد بن إسحاق و أنا أسمع قال: لا أحتج بإسماعيل بن عياش.
و أنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي الحسن علي بن المسلم الفقيه قال أبو الفرج سهل ابن بشر قال: أخبرنا علي بن منير قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي قال: إسماعيل بن عياش ضعيف].
قرأت (1) على أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو بكر الشامي قال: أخبرنا أبو الحسن العقيقي قال: حدثنا يوسف بن أحمد قال: أخبرنا أبو جعفر العقيلي قال: حدثنا زكريا ابن يحيى، و محمد بن زكريا البلخي قالا: حدثنا محمد بن المثنى قال: ما سمعت عبد الرحمن يحدث عن إسماعيل بن عياش شيئا قط .
[قال ابن العديم] (2):
[أنبأنا (3) أبو الحسن بن المقير، عن محمد بن ناصر، عن أبي الفضل التميمي قال:
أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد اللّه قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو عتبة إسماعيل بن عياش الحمصي ليس ممن يعتمد عليه.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (4):
[إسماعيل بن عياش الحمصي، أبو عتبة العنسي، روى عن شرحبيل بن مسلم الخولاني، و محمد بن زياد الألهاني، و بحير بن سعد، و ثور بن يزيد، روى عنه ابن المبارك، و موسى بن أعين، و الوليد بن مسلم، سمعت أبي و أبا زرعة يقولان ذلك.
حدثنا عبد الرحمن: نا أبي، نا سليمان بن أحمد الدمشقي قال: سمعت يزيد بن هارون قال: رأيت شعبة بن الحجاج عند الفرج بن فضالة يسأله عن حديث من حديث إسماعيل بن عياش] (5).
ص: 301
[حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت أبي يقول: سألت أحمد بن حنبل عن إسماعيل بن عياش فقال: في روايته عن أهل العراق، و أهل الحجاز بعض الشيء، و روايته عن أهل الشام كأنه أثبت و أصح.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل فيما كتب إليّ قال: سئل أبي عن إسماعيل بن عياش، فقال: نظرت في كتابه عن يحيى بن سعيد أحاديث صحاحا و في المصنف أحاديث مضطربة.
حدثنا عبد الرحمن قال: قرئ على العباس بن محمد الدوري قال: قيل ليحيى بن معين: إسماعيل بن عياش و بقية أيهما تقدم ؟ قال: ما أقربهما] (1).
[قال محمد بن إسماعيل البخاري] (2).
[قال لنا حيوة مات سنة إحدى و ثمانين و مائة.
و قال إبراهيم بن موسى: قال عبد اللّه بن المبارك: إذا اجتمع إسماعيل و بقية في شيء فبقية أحب إليّ ] (3).
[قال أبو جعفر العقيلي] (4):
[إسماعيل بن عياش الحمصي أبو عتبة.
إذا حدث عن غير أهل الشام اضطرب و أخطأ.
حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت يحيى بن معين ذكر عنده إسماعيل ابن عياش فقال: كان ثقة فيما روى عن أصحابه أهل الشام، و ما روى عن غيرهم يخلط فيه.
حدثنا زكريا بن يحيى أبو يحيى الحلواني قال: حدثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم قال: سمعت علي بن عبد اللّه بن جعفر يقول: رجلان هما صاحبا حديث بلدهما:
إسماعيل بن عياش و عبد اللّه بن لهيعة.
ص: 302
قال أبو صالح: كان الفزاري قد روى عن إسماعيل بن عياش، ثم تركه، و ذلك أن رجلا لجأ إلى ابن إسحاق، فقال: يا أبا إسحاق، ذكرت عند إسماعيل بن عياش، فقال:
إسماعيل أيما رجل لو لا أنه شقي.
حدثنا عبد اللّه [بن أحمد بن حنبل] قال: سئل أبي عن بقية و إسماعيل بن عياش، فقال: بقية أحب إليّ ، نظرت في كتاب إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد أحاديث صحاح، و في المصنف أحاديث مضطربة.
حدثنا عبد اللّه بن أحمد قال: سألت يحيى بن معين عن إسماعيل بن عياش فقال:
إذا حدث عن الشيوخ الثقات مثل محمد بن زياد الألهاني، و شرحبيل بن مسلم، قلت ليحيى: كتبت عن إسماعيل بن عياش ؟ قال: نعم سمعت منه] (1).
[قال يعقوب بن سفيان] (2).
[سمعت أبا اليمان يقول: كتبت كتب إسماعيل بن عياش، و لم أدع شيئا منها في القراطيس، و قدم خراساني و كلم إسماعيل أن يحتال له في نسخة تشترى و يقرأ عليه. قال:
فدعاني إسماعيل فقال: يا حكم إنك لم تحج فهل لك أن تبيع الكتب من هذا الخراساني و تحج و ترجع فتكتب و أقرأ عليك ؟ فقلت: فلعلك تموت. فقال استخر اللّه، و إن قبلت مني فعلت ما أقول لك. قال: فبعت الكتب منه. و كانت في قراطيس بثلاثين دينارا. و حججنا و رجعت و كتبت الكتب بدريهمات و قرأها عليّ .
[قال يعقوب بن سفيان]: فأما الوليد فمضى على سنته محمودا عند أهل العلم متقنا صحيحا صحيح العلم، و تكلم قوم في إسماعيل، و إسماعيل ثقة عدل أعلم الناس بحديث الشام، و لا يدفعه دافع، و أكثر ما تكلموا قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين و المكيين] (3).
[قال عبد الوهاب بن نجدة الحوطي: سمعت إسماعيل بن عياش يقول: كان ابن أبي حسين المكي يدنيني، فقال له أصحاب الحديث: تزال تقدم هذا الغلام الشامي و تؤثره علينا.
فقال: إني أؤمله، فسألوه يوما عن حديث يحدّث به عن شهر،«إذا جمع الطعام أربعا فقد
ص: 303
كمل» فذكر ثلاثة و نسي الرابعة، فسألني عن ذلك، فقال لي: كيف حدثتكم ؟ قلت: حدثتنا عن شهر أنه قال:«إذا جمع الطعام أربعا فقد كمل، إذا كان أوله حلالا، و سمي اللّه عليه حين يوضع، و كثرت عليه الأيدي و حمد اللّه حين يرفع».
فأقبل على القوم، فقال: كيف ترون ؟] (1)[قال أبو زرعة الدمشقي (2):حدثني علي بن عياش قال: حدثنا ابن عياش قال: قال عطاء الخراساني: لا تجالس ثورا] (3).
[قال عبد اللّه بن علي بن المديني سمعت أبي يقول: ما كان أحد أعلم بحديث أهل الشام من إسماعيل بن عياش لو ثبت على حديث أهل الشام، و لكنه خلط في حديثه عن أهل العراق، و حدثنا عنه عبد الرحمن، ثم ضرب على حديثه. قال: و سمعت أبي يقول:
إسماعيل بن عياش عندي ضعيف، و حدث عنه عبد الرحمن بن مهدي قديما و تركه] (4).
[قال الذهبي] (5):
[حديث إسماعيل عن الحجازيين و العراقيين لا يحتج به، و حديثه عن الشاميين صالح من قبيل الحسن، و يحتج به إن لم يعارضه أقوى منه. و قد قال النسائي. ضعيف الحديث.
و قال ابن حبان: كثير الخطأ في حديثه فخرج عن حد الاحتجاج به] (6).
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة (7) قال: حدثني يزيد بن عبد ربه قال: ولد إسماعيل بن عياش سنة ست و مائة، و مات سنة إحدى و ثمانين.
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال (8):قرأت على الحسن بن
ص: 304
أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي قال: مات أبو عتبة إسماعيل بن عياش الحمصي الأزرق عنسي في سنة إحدى و ثمانين و مائة، و كان ينزل بغداد، و ولاه المنصور خزانة الكسوة.
قال الخطيب (1):أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن علي الأبار قال: حدثنا الحسن بن علي قال: سمعت حيوة [بن شريح] (2) يقول:
مات إسماعيل بن عياش سنة إحدى و ثمانين.
و قال الخطيب (3):أخبرنا [أبو الحسين] (4) بن الفضل قال: أخبرنا عبد اللّه بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان (5) قال: سمعت الحجاج بن محمد الخولاني قال: مات إسماعيل بن عياش سنة إحدى و ثمانين و مائة، يوم الثلاثاء لست مضين من جمادى.
[قال ابن العديم] (6):
[أنبأنا (7) عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا محمد بن هبة اللّه قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد اللّه بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: قال أبو عبد اللّه: و ابن عياش فيها مات - يعني سنة إحدى و ثمانين و مائة].
قرأت على (8) أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين بن الطيوري، و أبو الغنائم محمد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني - زاد ابن خيرون و أبو الحسين الأصبهاني - قالا: أخبرنا: أحمد بن عبدان قال:
أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل (9) قال: قال لنا حيوة: مات - يعني إسماعيل بن عياش - سنة إحدى و ثمانين و مائة.
ص: 305
[قال ابن العديم] (1):
[أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن عبيد اللّه بن أحمد الكوفي.
قال أبو حفص المؤدب: و أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي - إذنا إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أحمد بن علي بن عبيد اللّه بن سوار قال: أخبرنا عبيد اللّه بن أحمد الكوفي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران قال: أخبرنا عبد اللّه بن أبي داود قال: حدثنا ابن مصفّى قال: و إسماعيل بن عياش توفي يوم الثلاثاء لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة إحدى و ثمانين و مائة].
أخبرنا (2) أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، و أبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن إسحاق قال: أخبرنا أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال (3):في خامسة أهل الشامات: إسماعيل بن عياش، و يكنى أبا عتبة، حمصي مات سنة اثنتين و ثمانين و مائة.
[قال ابن العديم] (4):
[أنبأنا (5) أبو حفص قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو محمد الصريفيني قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال:
حدثنا عبد اللّه قال: حدثني عباس قال: حدثنا أبو مسلم (6) قال: مات إسماعيل بن عياش سنة اثنتين و ثمانين] (7).
أخبرنا (8) أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو
ص: 306
طاهر المخلص - إجازة - قال: حدثنا أبو محمد عبيد اللّه بن عبد الرحمن السكري قال:
أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيد القاسم بن سلاّم قال (1):سنة اثنتين و ثمانين و مائة، فيها مات اسماعيل بن عياش بحمص.
أخبرنا (2) أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد (3) قال: في الطبقة الخامسة من أهل الشام إسماعيل بن عياش، و يكنى أبا عتبة، حمصي، توفي سنة اثنتين و ثمانين و مائة.
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت (4) قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن عمران الجوري في كتابه إلينا من شيراز قال: حدثنا أحمد بن حمدان بن الخضر قال: حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال: حدثني أبو حسان الزيادي قال: سنة اثنتين و ثمانين و مائة فيها مات إسماعيل بن عياش الحمصي، يكنى أبا عتبة.
قال الخطيب (5):و أخبرنا أبو سعيد بن حسنويه قال: أخبرنا عبد اللّه بن أحمد (6) بن جعفر قال: حدثنا عمر بن أحمد الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: مات إسماعيل ابن عياش سنة اثنتين و ثمانين و مائة.
قال الخطيب (7):أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال:
حدثنا أحمد بن علي الأبّار قال: سألت عمرو بن عثمان عن إسماعيل بن عياش متى مات ؟ قال: سنة إحدى أو اثنتين و ثمانين.
ص: 307
أبو محمد البدليسي الصوفي
من أهل بدليس، إحدى بلاد خلاط (1)،قدم الشام منها و اجتاز بحلب أو ببعض عملها في طريقه.
ذكره الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخه بما أنبأنا به أبو البركات الحسن بن محمد ابن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اللّه قال: إسماعيل بن فضائل ابن سعيد، أبو محمد البدليسي، من أهل بدليس من بلاد أرمينية، قدم دمشق، و نزل دويرة الصوفية (2) مدة ثم جعل إماما في الجامع، و سكن دار الخيل، و كان متصوفا، قليل التبذل، حافظا للقرآن بروايات، ملازما لبيته، فأقام إماما في الجامع نيفا و ثلاثين سنة إلى أن ظهر عليه شيء في اعتقاده من ميله إلى التشبيه، فعزل عن الإمامة في شهر رمضان سنة ثمان و عشرين و خمسمائة و نصب أبو محمد بن طاوس (3) مكانه، و جرت في ذلك تعصبات
ص: 308
و مرافعات إلى الوالي، فاستقر الأمر على أنه لا يتقدم في الجامع غير إمام الشافعية، و إمام الحنفية لا غير، و بقي الأمر كذلك مدة، و كان البدليسي في ابتداء أمره صوفيا مجردا، حكي عنه أنه كان في الدويرة، فإذا أصابه احتلام اغتسل بالماء البارد، فقال له بعض الناس: لو جعلت تحت سجادتك صحيحا تدخل به الحمام، فقال: أنا أظهر التصوف فكيف أدّخر شيئا ثم أثرى بعد ذلك من التجار فيما كان يأخذه من الأجر على الصلاة، و من قبول الصّلات، و اشترى بستانا، و مات، و خلّف قطعة من المال، و كانت وفاته في الثالث من ذي الحجة سنة خمس و ثلاثين و خمسمائة، و دفن ببستانه من أرض كفريامقرى (1).
ص: 309
أبو القاسم الحلبي الخياط المؤدب
و بعضهم ينسبه المصري، كان حلبيا.
[قال ابن العديم] (1):أظنه سكن مصر فنسب إليها، ثم سكن دمشق، و حدث بحلب، و حمص، و حماة، و دمشق.
سمع بحلب أبا العباس يحيى بن علي بن هاشم الكندي، و محمد بن أحمد بن عبد اللّه الرافقي، و علي بن عبد الحميد الغضائري، و أبا الفضل العباس بن الفضل بن حبيب الدباج السامري الحافظ ، و بأنطاكية إسحاق بن أبي عبد الرحمن الأطروش، و أبا الطاهر الحسين ابن أحمد بن إبراهيم بن فيل، و أبا العباس الوليد بن عبد العزيز بن أبان، و أبا الحسن يعقوب ابن إسحاق بن أبي عبد الرحمن العطار الأنطاكيين، و بطرسوس أبا عبد اللّه محمد بن أحمد السوانيطي، و أبا عبد اللّه محمد بن يزيد الذرقي، و بأذنة أبا عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي الأذني، و روى عنهم و عن أبي أحمد العباس بن الفضل بن جعفر المكي، و مكحول البيروتي، و أبي الحسن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد العسقلاني، و ابن خيرة الرقي.
روى عنه: أبو المعمر المسدّد بن علي بن عبد اللّه الأملوكي الحمصي، و أبو القاسم
ص: 310
تمام بن محمد بن عبد اللّه الرازي، و القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد اللّه بن إبراهيم الطرسوسي، و أبو الحسن علي بن محمد بن الطيوري الحلبي الفقيه، و أبو الفتح المؤيد بن أحمد بن علي الخطيب، و أبو نصر عبد الوهاب بن عبد اللّه بن الجبّان، و عبد الوهاب الميداني، و أبو عبد اللّه محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الصيداوي، و أبو الحسين علي بن عبد القاهر الأزدي الصائغ، و أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي الصوفي، و أبو علي الحسن بن علي بن شواش، و شعيب بن عبد الرحمن بن عمر بن نصر، و أبو الحسن عبيد اللّه بن الحسن بن أحمد بن الوراق، و مكي بن محمد بن الغمر، و أبو المجد محمد بن عبد اللّه بن سليمان المعري.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة اللّه بن صصرى الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عساكر بن سرور المقدسي بقراءة أبي عليه قال: أخبرنا القاضي الخطيب أبو عبد اللّه الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السلمي قال: أخبرنا أبو المعمر المسدّد بن علي بن عبد اللّه الأملوكي قال: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل الحلبي بحمص يوم الجمعة لسبع و عشرين ليلة خلت من ذي القعدة سنة سبعين و ثلاثمائة قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الحميد الغضائري قال: حدثنا عبد اللّه بن معاوية الجمحي قال: حدثنا ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس قال: دخل عمر على النبي صلى اللّه عليه و سلم و هو على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا رسول اللّه لو اتخذت فراشا أوثر من هذا؟ فقال:«ما لي و للدنيا، و ما للدنيا و ما لي، و الذي نفسي بيده ما مثلي و مثل الدنيا إلاّ كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح و تركها» (1).
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ قال:
إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل، أبو القاسم المصري الخياط المؤدب، كان يسكن باب كيسان (2).
ص: 311
روى عن محمد بن أحمد بن عبد اللّه الرافقي نزيل حلب، و أبي عمير عدي بن أحمد ابن عبد الباقي الأذني، و أبي الطاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل، و علي بن عبد الحميد الغضائري، و أبي عبد اللّه محمد بن يزيد الدرقي نزيل طرسوس، و مكحول البيروتي، و أبي العباس الوليد بن أبان الأنطاكي، و أبي الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، المعروف بابن بصلة، و أبي العباس يحيى بن علي بن هاشم الكندي الحمصي، و أبي الحسن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد العسقلاني، و أبي يعقوب إسحاق بن أبي عبد الرحمن الأنطاكي العطار، و أبي الفضل العباس بن الفضل الدّبّاج البغدادي (1) نزيل حلب.
روى عنه تمام بن محمد، و عبد الوهاب الميداني، و أبو نصر بن الجبّان، و مكي بن محمد بن الغمر، و أبو الحسين علي بن عبد القاهر الأزدي الصائغ، و أبو المعمر المسدّد بن علي الحمصي، و أبو عبد اللّه محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الصيداوي، و أبو علي الحسن ابن علي بن شواش، و أبو الحسن عبد اللّه بن الحسن ابن أحمد الوراق، و شعيب بن عبد الرحمن بن عمر بن نصر، و أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي الصوفي.
[قال ابن العديم] (2):
كذا قال الحافظ أبو القاسم في ذكر شيوخ أبي القاسم هذا: يحيى بن علي بن هاشم الكندي الحمصي، و ليس بحمصي، بل هو يحيى بن علي بن محمد بن هاشم الخفاف الكندي الحلبي مولدا و دارا.
و ذكر في جملة شيوخه أيضا: أبا الفضل العباس بن الفضل الدّبّاج البغدادي نزيل حلب، فذكرناه نحن أيضا اعتمادا على قول الحافظ ، و تقليدا له، و في النفس منه شيء، فإنني أخشى أن يكون أبا أحمد العباس بن الفضل بن جعفر المكي، فإنه من شيوخ إسماعيل الحلبي، و وقع لنا جزء من حديثه رواه لنا شيخنا أبو القاسم بن صصرى، و قد أوردنا حديثا منه في أول الترجمة، و روى في ذلك الجزء عن العباس بن الفضل بن جعفر المكي، فلعل روايته عن العباس بن الفضل المكي وقعت إلى الحافظ أبي القاسم فظنه العباس بن الفضل الدّبّاج، فعدّه من جملة شيوخه، و ليس منهم، و لم يقع إليّ ما يدل على أنه روى عن الدّبّاج
ص: 312
غير ما ذكره الحافظ . و الدّبّاج هو من أقران أبي القاسم الحلبي فنبهت على ذلك إلى أن يتضح الأمر فيه إن شاء اللّه تعالى.
ابن مسروق أبو قصي العذري
حدث عن أبيه و عمه عبد اللّه، و عن سليمان ابن بنت شرحبيل، و زهير بن عباد.
حدث عنه: أبو سعيد ابن الأعرابي، و الحافظ أبو علي النيسابوري، و الطبراني، و ابن عدي، و أبو عمر بن فضالة، و آخرون.
قيل: كان أصم. مات سنة اثنتين و ثلاث مائة بدمشق] (1).
قال أبو القاسم الطبراني] (2):[حدثنا إسماعيل بن محمد أبو قصي العذري الدمشقي - بدمشق - حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل حدثنا خالد بن يزيد القسري، حدثنا الصلت بن بهرام عن يزيد الفقير عن ابن عمر قال:[أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أن نغتسل يوم الجمعة.
[قال الطبراني]: لم يروه عن الصلت بن بهرام الكوفي إلاّ خالد بن يزيد البجلي ثم القسري. و قسر: فخذ من بجيلة] (3).
أبو علي العذري الدمشقي
سمع بمعرة النعمان مالك بن يحيى التنوخي، و بالمصيصة أحمد بن لقيط المصيصي، و روى عنهما و عن هشام بن عمار، و عبد اللّه بن أحمد بن بشير بن ذكوان، و حرملة بن
ص: 313
يحيى، و يزيد بن محمد الرهاوي، و سليمان بن عبد الرحمن، و أبي الأخيل خالد بن عمرو الحمصي، و أحمد بن صالح و إبراهيم بن العلاء، و محمد بن إسماعيل بن أبي شيبة، و هارون ابن سعيد الأيلي، و عبد الوهاب بن الضحاك، و محمد بن مصفّى الحمصي، و كثير بن عبيد الحذاء الحمصي، و عبد اللّه بن عبد الجبار الخبائري، و عبد الرحمن بن إبراهيم، و صفوان بن صالح، و سليمان بن سلمة الخبائري، و الحسن بن شاكر، و أبي عامر موسى بن عامر، و عمران بن خالد بن أبي جميل، و إبراهيم بن المنذر الحزامي.
روى عنه آباء القاسم: سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، و المظفر بن حاجب بن أركين (1) الفرغاني، و علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب، و أبوا بكر: محمد بن إبراهيم ابن سهل بن حية، و محمد بن الحسين بن عمر بن حفص بن مزاريب القرشي، و أبو عوانة الأسفرائيني، و خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، و أبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، و هارون بن محمد بن هارون، و محمد بن هارون بن شعيب، و الفقيه أبو أحمد عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن الناصح المفسر، و عبيد اللّه بن عبد الصمد بن المهتدي باللّه، و أبو عمر بن فضالة، و إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان، و عبد الرحمن بن جيش الفرغاني (2).
حدثنا (3) أبو محمد عبد العزيز بن الحسين الأندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد اللّه الجوزذانية (4) قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني (5) قال: حدثنا إسماعيل بن قيراط الدمشقي قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن ابنة شرحبيل قال: حدثني الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن أنس بن مالك، عن عمر بن الخطاب قال: نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن حلق القفاء (6) إلاّ للحجامة[14038].
ص: 314
قال الطبراني: لم يروه عن قتادة إلاّ سعيد، تفرد به الوليد بن مسلم (1).
[قال ابن العديم] (2):
[أخبرنا زين الأمناء أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا أبو العشائر محمد بن الخليل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد السلمي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه الدوري قال: حدثنا أبو عمر محمد بن موسى بن فضالة قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن قيراط أبو علي العذري قال: حدثنا أحمد بن صالح المصري قال: حدثنا ابن وهب قال:
أخبرنا بن لهيعة، و سعيد بن أبي أيوب، و الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة أنها قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا أراد النوم جمع يديه فنفث فيهما ب قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [سورة الفلق، الآية:1]، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّٰاسِ [سورة الناس، الآية:1]، ثم يمسح بهما رأسه و جسده (3).قال عقيل: و رأيت ابن شهاب يصنع ذلك.
قال أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ (4):
إسماعيل بن محمد بن عبيد اللّه بن قيراط ، أبو علي العذري حدث عن سليمان بن عبد الرحمن، و أحمد بن صالح، و هارون بن سعيد الأيلي، و حرملة بن يحيى، و هشام بن عمار، و إبراهيم بن العلاء، و عبد الوهاب بن الضحاك، و عبد اللّه بن عبد الجبار الخبائري، و محمد ابن مصفى، و صفوان بن صالح، و عمران بن خالد بن أبي جميل، و سليمان بن سلمة الخبائري، و أبي عامر موسى بن عامر، و إبراهيم بن المنذر الحزامي، و الحسن بن شاكر، و كثير ابن عبيد الحذاء، و محمد بن إسماعيل بن أبي شيبة، و أبي الأخيل خالد بن عمر الحمصي، و يزيد بن محمد الرّهاوي، و عبد اللّه بن أحمد بن بشير بن ذكوان.
روى عنه أبو الحسن بن جوصاء، و خيثمة بن سليمان، و أبو القاسم بن أبي العقب،
ص: 315
و هارون بن محمد بن هارون، و أبو عمر بن فضالة، و محمد بن هارون بن شعيب، و إبراهيم ابن محمد بن صالح بن سنان، و سليمان الطبراني، و أبو بكر محمد بن الحسين بن عمر بن حفص بن مزاريب القرشي، و أبو بكر محمد بن إبراهيم بن سهل بن حية، و عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن الناصح الفقيه، و عبد الرحمن بن جيش الفرغاني، و عبيد اللّه بن عبد الصمد بن المهتدي باللّه، و أبو عوانة الأسفرائيني.
أنبأنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر (1) قال: سنة سبع و تسعين و مائتين، فيها مات إسماعيل بن محمد بن قيراط العذري.
أبو محمد، و قيل: أبو إسحاق الكوفي، ابن بنت السّدّي
و السّدّي اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن (2)،و قيل هو نسيب السدي و ليس بابن ابنته.
سمع (3) بالمصيصة عمر بن شاكر البصري، و بدمشق الوليد بن مسلم، و حدث عنهما و عن مالك بن أنس، و شريك بن عبد اللّه النخعي، و إبراهيم بن سعد الزهري، و عبد السلام ابن حرب الملائي، و عبد الرحمن بن أبي الزناد، و علي بن عابس الكوفي، و عدي بن ثابت، و عباد بن أبي يزيد، و عبد اللّه البجلي.
روى عنه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، و أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، و أبو عبد اللّه ابن ماجة القزويني، و أبو يعلى الموصلي، و أبو عروبة الحسين بن
ص: 316
أبي معشر الحراني، و أبو بكر بن خزيمة، و اسماعيل بن هارون الكوفي، و زكريا بن يحيى الساجي، و الحسن بن الطيب، و قاسم بن زكريا المطرز، و الحسن بن صالح، و الوليد بن أبي ثور الهمداني، و دليل بن عبد الملك الحلبي، و أبو الحسن علي بن الحسين بن بشير الدهقان، و أبو لبيد محمد بن إدريس السرخسي، و أبو جعفر محمد بن الحسين (1) الخثعمي، و علي بن جعفر الرّمّاني، و أبو الأصبغ محمد بن عبد الرحمن القرقساني، و أبو محمد عبيد اللّه بن محمد بن معاوية، و زائدة بن قدامة، و إسماعيل بن هارون الكوفي.
قال علي بن الحسن بن هبة اللّه (2):أخبرنا أبو طاهر الحنائي قال: أخبرنا الشيخان أبو علي أحمد و أبو الحسين محمد ابنا عبد الرحمن بن أبي نصر قالا: أخبرنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي قال: حدثنا إسماعيل بن هارون الكوفي بالكوفة قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري عن عمر بن شاكر عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر» (3)[14039].
[أخبرنا (4) أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن أبي الحسين الكرابيسي، و أبو علي الحسن بن بشير بن عبد اللّه النقاش البلخي - قراءة عليهما و أنا أسمع ببلخ - و أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد اللّه البسطامي ببلخ، و أبو الفتح عبد الرشيد بن النعمان بن عبد الرزاق الولوالجي بسمرقند قالوا:
أخبرنا الدهقان أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد البلخي قال: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي قال:
أخبرنا الأديب أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي قال: حدثنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عبد اللّه بن جعفر قال: كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يأكل القثاء بالرطب] (5).
ص: 317
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد اللّه بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا قال (1):حدثنا علي بن محمد بن كاس (2)النخعي قال: حدثنا علي بن جعفر بن الرّمّاني قال: حدثنا إسماعيل ابن ابنة السدّي (3) قال:
كنت في مجلس مالك أكتب عنه فسئل عن فريضة فيها اختلاف بين أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم فأجاب فيها بجواب زيد بن ثابت فقلت: فما قال فيها علي بن أبي طالب، و عبد اللّه بن مسعود؟ فأومأ إلى الحجبة، فلمّا هموا بي حاضرتهم و حاضروني فأعجزتهم، و بقيت محبرتي و كتبي بين يدي مالك، فلما أراد أن ينصرف، قال له الحجبة: ما نعمل بكتب الرجل و محبرته ؟ قال: اطلبوه و لا تهيجوه بسوء حتى تأتوني به، فجاءوا إليّ و رفقوا بي حتى جئت معهم، فقال لي: من أين أنت ؟ فقلت: من أهل الكوفة، فقال لي: إن أهل الكوفة قوم معهم معرفة بأقدار العلماء، فأين خلّفت الأدب ؟ قال: قلت: إنما ذاكرتك لأستفيد، فقال: إن عليا و عبد اللّه لا ينكر فضلهما، و أهل بلدنا على قول زيد، و إذا كنت بين ظهراني قوم فلا تبدأهم بما لا يعرفون فيبدأك منهم ما تكرهه.
قال: ثم حججت في سنتي، و قدمت الشام، فدخلت دمشق فجلست في حلقة الوليد بن مسلم، فلم أصبر أن سألته عن مسألة، فأصاب، فقلت [له] (4):أخطأت يا أبا العباس، فقال:
تخطّئني في الصواب و تلحن في الإعراب ؟ فقلت [له]: خفضتك كما خفضك ربك، و داخلته بالاحتجاج فمال الناس إليّ و تركوه، و قالوا: أهل الكوفة أهل الفقه و العلم، فخفت أن يندأني منه (5) ما ندأني من مالك بن أنس، فإذا رجل له حلم و دين، وزعة عن الاقدام.
أنبأنا (6) أبو الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين ابن الطيوري، و أبو الغنائم بن النرسي، و اللفظ له، قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني - زاد
ص: 318
ابن خيرون: و أبو الحسين الأصبهاني - قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال (1):إسماعيل بن موسى ابن بنت السّدّي الكوفي الفزاري، أبو إسحاق، سمع شريكا، توفي سنة خمس و أربعين و مائتين.
[قرأت (2) بخط أبي بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني الحافظ في كتاب بيان ما أخطأت فيه محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه المؤلف في تاريخ حملة الآثار عن أبي زرعة عبيد اللّه بن عبد الكريم الرازي و بيان ما وافقه أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي و خالفه، قال: إسماعيل بن موسى الفزاري ابن ابنه السدي، أبو إسحاق، قال أبو زرعة: و إنّما هو أبو محمد.
قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي: و سمعت أبي يقول: ليس هو ابن ابنة السدي (3) أنا سألته، فذكر نسبة طويلة].
أخبرنا (4) أبو عبد اللّه الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر ابن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد الفأفاء، ح.
قال: و أخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد اللّه بن محمد - إجازة - قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (5):
إسماعيل بن موسى الفزاري، أبو محمد، نسيب السّدّي (6)،روى عن مالك،
ص: 319
و شريك، و ابن أبي الزناد، سمعت أبي و أبا زرعة يقولان ذلك، و قالا: يعد في الكوفيين، و سمعت أبي يقول: سألت إسماعيل بن موسى عن قرابته من السدي، فأنكر أن يكون ابن ابنته، و إذا قرابته منه بعيدة، و سألت أبي عنه فقال: صدوق روى عنه أبي و أبو زرعة.
أخبرنا (1) أبو بكر الشقاني قال: أخبرنا أبو بكر المغربي قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول (2):أبو إسحاق إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي الكوفي، سمع مالك بن أنس، و شريك بن عبد اللّه.
أخبرنا (3) أبو الحسن بن المقير إجازة، عن ابن ناصر، عن القاضي أبي الفضل جعفر ابن يحيى بن إبراهيم المكي قال: أخبرنا أبو نصر عبيد اللّه بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوائلي قال: أخبرنا أبو الحسن الخصيب بن عبد اللّه بن محمد بن الخصيب قال: أخبرني عبد الكريم ابن أحمد بن شعيب قال: أخبرني أبي أبو عبد الرحمن قال: أبو إسحاق إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي، كوفي ليس به بأس.
أخبرنا (4) أبو غالب بن البناء - إجازة إن لم يكن سماعا - عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال (5) في الطبقة التاسعة من أهل الكوفة: إسماعيل بن موسى ابن بنت إسماعيل بن عبد الرحمن السّدّي و يكنى أبا محمد، روى عن شريك بن عبد اللّه و غيره.
أخبرنا (6) أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال:
أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال (7):إسماعيل بن موسى
ص: 320
الفزاري الكوفي ابن بنت السدي، سمعت عبدان الأهوازي يقول: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة أو هناد بن السري أنكر علينا ذهابنا إلى إسماعيل هذا، و قال: إيش عملتم (1) عند ذا الفاسق الذي يشتم السلف ؟ [قال ابن عدي] (2):و إسماعيل هذا يحدث عن مالك، و شريك و شيوخ الكوفة. و قد أوصل عن مالك حديثين، و قد تفرد عن شريك بأحاديث، و إنما أنكروا عليه الغلوّ في التشيع، و أما في الرواية فقد احتمله الناس و رووا عنه.
[أنبأنا (3) أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو علي بن المسلمة و أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن فهد قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن عبد اللّه بن سليمان الحضرمي قال (4):مات أبو محمد إسماعيل بن موسى الفزاري سنة خمس و أربعين و مائتين، و كان صدوقا لا يخضب.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي، عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي، عن أبي محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: قال الحسن بن علي: فيها - يعني سنة خمس و أربعين و مائتين - مات إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي.
أخبرنا (5) حسن بن أحمد الأوقي - إذنا - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال:
أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث و أربعين و مائتين - يعني مات فيها - ثم قال بعد ذلك: سنة خمس و أربعين و مائتين (6)،و قيل ابن بنت السّدّي فيها.
ص: 321
غزا الصائفة مع سليمان بن هشام بن عبد الملك (1)،و اجتاز معه في غزاته بناحية حلب، و أخبر عن تلك الغزاة. حكى عنه الوليد بن مسلم.
قال (2) الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن: أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أبو محمد هبة اللّه بن أحمد الأنصاريان قالا: أخبرنا أبو محمد الصوفي قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم القرشي قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: قال الوليد: و أخبرني إسماعيل بن أبي موسى أنه كان فيمن غزا مع سليمان بن هشام صائفة من تلك الصوائف، فقصد إلى عمّورية، فلما دنوا منها نادى مناديه: أيها الناس أظهروا سلاحكم فإنكم ستفضون غدا على عمورية، قال:
فأصبحنا على ظهر قد أظهرنا السلاح فبينا سليمان في موكبه، و خيول الأجناد على راياتهم ميمنة و ميسرة، لم يرعنا إلا بخيول عمورية، نحو من عشرة آلاف، فشدوا على من بين يدي سليمان حتى صيّروهم إلى سليمان، فوقف سليمان و ثارت الأبطال، فشدوا عليهم حتى هزمهم اللّه، و تبعناهم نقتلهم حتى أدخلناهم مدينة عمّورية.
[شاعر، مولى بني تيم بن مرة.
أصله من سبي فارس، اشتهر بشعوبيته و شدة تعصبه للعجم، يفتخر بهم في شعره على العرب.
عاش عمرا طويلا إلى أن أدرك آخر أيام بني أمية و لم يدرك الدولة العباسية] (3).
ص: 322
[حدّثني (1) عمّي قال حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال: حدّثنا مصعب بن عبد اللّه الزّبيريّ قال:
كان إسماعيل بن يسار النّسائيّ مولى بني تيم بن مرّة: تيم قريش، و كان منقطعا إلى آل الزّبير. فلمّا أفضت الخلافة إلى عبد الملك بن مروان، وفد إليه مع عروة بن الزّبير، و مدحه و مدح الخلفاء من ولده بعده. و عاش عمرا طويلا إلى أن أدرك آخر سلطان بني أميّة، و لم يدرك الدولة العبّاسيّة. و كان طيّبا مليحا مندرا (2) بطّالا (3)،مليح الشّعر، و كان كالمنقطع إلى عروة بن الزّبير، و إنّما سمّي إسماعيل بن يسار النّسائيّ ، لأنّ أباه كان يصنع طعام العرس و يبيعه، فيشتريه منه من أراد التعريس من المتجمّلين، و ممن لم تبلغ حاله اصطناع ذلك.
و أخبرني الأسديّ قال: حدّثنا أبو الحسن محمد بن صالح بن النّطّاح قال: إنما سمّي إسماعيل بن يسار النّسائيّ لأنه كان يبيع النّجد و الفرش التي تتّخذ للعرائس؛ فقيل إسماعيل بن يسار النّسائيّ .
و أخبرني محمد بن العبّاس اليزيديّ قال: حدّثنا الخليل بن أسد عن ابن عائشة: أنّ إسماعيل بن يسار النّسائيّ إنّما لقّب بذلك، لأنّ أباه كان يكون عنده طعام العرسات (4)مصلحا أبدا؛ فمن طرقه وجده عنده معدّا.
أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال: حدّثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدّثني الزّبير بن بكّار قال: قال مصعب بن عثمان:
لمّا خرج عروة بن الزّبير إلى الشام يريد الوليد بن عبد الملك، أخرج معه إسماعيل بن يسار النّسائيّ ، و كان منقطعا إلى آل الزّبير، فعادله (5).فقال عروة ليلة من اللّيالي لبعض غلمانه: انظر كيف ترى المحمل ؟ قال: أراه معتدلا. قال إسماعيل: اللّه أكبر، ما
ص: 323
اعتدل الحقّ و الباطل قبل الليلة قطّ ؛ فضحك عروة، و كان يستخفّ إسماعيل و يستطيبه.
أخبرني الحسن بن عليّ : قال حدّثنا أحمد بن سعيد قال: حدّثنا الزّبير قال: حدّثني عمّي (1) عن أيّوب بن عباية المخزوميّ :
أنّ إسماعيل بن يسار كان ينزل في موضع يقال له حديلة (2) و كان له جلساء يتحدّثون عنده، ففقدهم أيّاما، و سأل عنهم فقيل: هم عند رجل يتحدّثون إليه طيّب الحديث حلو ظريف قدم عليهم يسمّى محمدا و يكنى أبا قيس. فجاء إسماعيل فوقف عليهم، فسمع الرجل القوم يقولون: قد جاء صديقنا إسماعيل بن يسار؛ فأقبل عليه فقال له: أنت إسماعيل ؟ قال:
نعم. قال: رحم اللّه أبويك فإنّهما سمّياك باسم صادق الوعد و أنت أكذب الناس. فقال له إسماعيل: ما اسمك ؟ قال: محمد. قال: أو من ؟ قال: أبو قيس. قال: لا! و لكن لا رحم اللّه أبويك؛ فإنّهما سمّياك باسم نبيّ و كنّياك بكنية قرد. فأفحم الرجل و ضحك القوم، و لم يعد إلى مجالستهم، فعادوا إلى مجالسة إسماعيل.
أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثنا أحمد بن الحارث الخرّاز قال: حدّثنا المدائنيّ عن نمير العذريّ قال:
استأذن إسماعيل بن يسار النّسائيّ على الغمر بن يزيد بن عبد الملك (3) يوما، فحجبه ساعة ثم أذن له، فدخل يبكي. فقال له الغمر: مالك يا أبا فائد تبكي ؟ قال: و كيف لا أبكي و أنا على مروانيّتي (4) و مروانيّة أبي أحجب عنك! فجعل الغمر يعتذر إليه و هو يبكي؛ فما سكت حتّى وصله الغمر بجملة لها قدر. و خرج من عنده، فلحقه رجل فقال له: أخبرني ويلك يا إسماعيل، أيّ مروانيّة كانت لك أو لأبيك ؟ قال: بغضنا إيّاهم، امرأته طالق إن لم يكن يلعن مروان و آله كلّ يوم مكان التسبيح، و إن لم يكن أبوه حضره الموت، فقيل له: قل:
لا إله إلاّ اللّه، فقال: لعن اللّه مروان، تقرّبا بذلك إلى اللّه تعالى، و إبدالا له من التوحيد و إقامة له مقامه.
أخبرني عمّي قال: حدّثني أبو أيّوب المدينيّ قال: حدّثني مصعب قال:
ص: 324
قال إسماعيل بن يسار النّسائيّ قصيدته التي أوّلها:
ما على رسم منزل بالجناب (1) *** لو أبان الغداة رجع الجواب
غيّرته الصّبا و كلّ ملثّ (2) *** دائم الودق (3) مكفهرّ السّحاب
دار هند و هل زماني بهند *** عائد بالهوى و صفو الجناب
كالذي كان و الصفاء مصون *** لم تشبه بهجرة و اجتناب
ذاك منها إذ أنت كالغصن غضّ *** و هي رؤد (4) كدمية المحراب
غادة تستبي العقول بعذب *** طيّب الطعم بارد الأنياب
و أثيث (5) من فوق لون نقيّ *** كبياض اللّجين في الزّرياب (6)
فأقلّ الملام فيها و أقصر *** لجّ قلبي من لوعة و اكتئاب
صاح أبصرت أو سمعت براع *** ردّ في الضّرع ما قرى في العلاب (7)
و قال فيها يفخر على العرب بالعجم:
ربّ خال متوّج لي و عمّ *** ماجد مجتدى كريم النّصاب
إنّما سمّي الفوارس بالفر *** س مضاهاة رفعة الأنساب
فاتركي الفخر يا أمام علينا *** و اتركي الجور و انطقي بالصّواب
و اسألي إن جهلت عنّا و عنكم *** كيف كنّا في سالف الأحقاب
إذ نربّي بناتنا و تدسّو *** ن سفاها بناتكم في التّراب (8)
ص: 325
أخبرني الحسين بن يحيى قال: قال حمّاد: قرأت على أبي: حدّثني مصعب بن عبد اللّه قال: سمعت إبراهيم بن أبي عبد اللّه يقول:
ركب فلان من ولد جعفر بن أبي طالب رحمه اللّه بإسماعيل بن يسار النّسائيّ حتّى أتى به قباء (1)؛فاستخرج الأحوص فقال له: أنشدني قولك:
ما ضرّ جيراننا إذ انتجعوا *** لو أنّهم قبل بينهم ربعوا
فأنشده القصيدة. فأعجب بها، ثم انصرف. فقال له إسماعيل بن يسار: أ ما جئت إلاّ لما أرى ؟ قال: لا. قال: فاسمع، فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
ما ضرّ أهلك لو تطوّف عاشق *** بفناء بيتك أو ألمّ فسلّما
يا هند ردّي الوصل أن يتصرّما *** وصلي امرأ كلفا بحبّك مغرما
لو تبذلين لنا دلالك مرّة *** لم نبغ منك سوى دلالك محرما
منع الزيارة أنّ أهلك كلّهم *** أبدوا لزورك غلظة و تجهّما
ما ضرّ أهلك لو تطوّف عاشق *** بفناء بيتك أو ألمّ فسلّما (2)
أخبرني الجوهريّ قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: أخبرني أبو سلمة الغفاريّ قال:
أخبرنا أبو عاصم الأسلميّ قال:
بينا ابن يسار النّسائيّ مع الوليد بن يزيد جالس على بركة، إذ أشار الوليد إلى مولّى له يقال له: عبد الصمد، فدفع ابن يسار النسائيّ في البركة بثيابه؛ فأمر به الوليد فأخرج. فقال ابن يسار:
قل لوالي العهد إن لا لاقيته *** و العهد أولى بالرّشد
إنّه و اللّه لو لا أنت لم *** ينج منّي سالما عبد الصّمد
إنّه قد رام منّي خطّة *** لم يرمها قبله منّي أحد
ص: 326
فهو مما رام منّي كالذي *** يقنص الدّرّاج (1) من خيس (2) الأسد (3)
فبعث إليه الوليد بخلعة سنية و صلة و ترضّاه (4).
أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدّثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: أنشد رجل زبّان السوّاق قول إسماعيل بن يسار:
ما ضرّ أهلك لو تطوّف عاشق *** بفناء بيتك أو ألمّ فسلّما
فبكى زبّان، ثم قال: لا شيء و اللّه إلاّ الضّجر و سوء الخلق و ضيق الصدر، و جعل يبكي و يمسح عينيه.
أخبرني محمد بن جعفر الصّيدلانيّ النحويّ (5) صهر المبرّد (6) قال: حدّثني طلحة بن عبد اللّه بن إسحاق الطّلحيّ قال: حدّثني الزّبير بن بكّار قال: حدّثني جعفر بن الحسين المهلّبيّ قال:
أنشدت زبّان السّواق قول إسماعيل بن يسار النّسائيّ :
إن جملا و إن تبيّنت منها *** نكبا عن مودّتي و ازورارا (7)
شرّدت بادّكارها النّوم عنّي *** و أطير العزاء منّي فطارا
ما على أهلها و لم تأت سوءا *** أن تحيّا تحيّة أو تزارا
يوم أبدوا لي التّجهّم فيها *** و حموها لجاجة و ضرارا
ص: 327
فقال زبّان: لا شيء و أبيهم إلاّ اللّحز (1) و قلّة المعرفة و ضيق العطن (2).
قال عمر بن شبّة: حدّثني إسحاق الموصليّ قال:
غنّي الوليد بن يزيد في شعر لإسماعيل بن يسار، و هو:
حتّى إذا الصبح بدا ضوأه *** و غارت الجوزاء و المرزم (3)
خرجت و الوط ء خفيّ كما *** ينساب من مكمنه الأرقم (4)
فقال: من يقول هذا؟ قالوا: رجل من أهل الحجاز يقال له إسماعيل بن يسار النّسائي؛ فكتب في إشخاصه إليه. فلمّا دخل عليه استنشده القصيدة التي هذان البيتان منها: فأنشده:
كلثم أنت الهمّ يا كلثم *** و أنتم دائي الذي أكتم
أكاتم الناس هوى شفّني *** و بعض كتمان الهوى أحرم
قد لمتني ظلما بلا ظنّة (5) *** و أنت فيما بيننا ألوم
أبدي الذي تخفينه ظاهرا *** ارتدّ عنه فيك أو أقدم
إمّا بيأس منك أو مطمع *** يسدى بحسن الودّ أو يلحم
لا تتركيني هكذا ميّتا *** لا أمنح الودّ و لا أصرم (6)
أوفي بما قلت و لا تندمي *** إنّ الوفيّ القول لا يندم
آية ما جئت على رقبة *** بعد الكرى و الحيّ قد نوّموا
أخافت المشي حذار العدا *** و الليل داج حالك مظلم
و دون ما حاولت إذ زرتكم *** أخوك و الخال معا و العم
ص: 328
و ليس إلاّ اللّه لي صاحب *** إليكم و الصارم اللّهذم (1)
حتّى دخلت البيت فاستذرفت *** من شفق عيناك لي تسجم (2)
ثم انجلى الحزن و روعاته *** و غيّب الكاشح و المبرم (3)
فبتّ فيما شئت من نعمة (4) *** يمنحنيها نحرها و الفم
حتّى إذا الصبح بدا ضوأه *** و غارت الجوزاء و المرزم
خرجت و الوط ء خفيّ كما *** ينساب من مكمنه الأرقم
قال: فطرب الوليد حتّى نزل عن فرشه و سريره، و أمر المغنّين فغنّوه الصوت و شرب عليه أقداحا، و أمر لإسماعيل بكسوة و جائزة سنية، و سرّحه إلى المدينة.
حدّثنا أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: حدّثنا إسحاق الموصليّ قال حدّثنا محمد بن كناسة قال:
اصطحب شيخ و شباب في سفينة من الكوفة؛ فقال بعض الشباب للشيخ: إنّ معنا قينة لنا، و نحن نجلّك و نحبّ أن نسمع غناءها. قال: اللّه المستعان؛ فأنا أرقى على الأطلال (5)و شأنكم. فغنّت:
حتّى إذا الصبح بدا ضوأه *** و غارت الجوزاء و المرزم
أقبلت و الوط ء خفيّ كما *** ينساب من مكمنه الأرقم
قال: فألقى الشيخ بنفسه في الفرات، و جعل يخبط بيديه و يقول: أن الأرقم! أنا الأرقم! فأدركوه و قد كاد يغرق؛ فقالوا: ما صنعت بنفسك ؟ فقال: إنّي و اللّه أعلم من معاني الشعر ما لا تعلمون.
أخبرني الحسن بن عليّ الخفّاف قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال:
حدّثني أبو مسلم المستملي عن المدائنيّ قال:
ص: 329
مدح إسماعيل بن يسار النّسائيّ رجلا من أهل المدينة يقال له عبد اللّه بن أنس، و كان قد اتّصل ببني مروان و أصاب منهم خيرا، و كان إسماعيل صديقا له؛ فرحل إلى دمشق إليه، فأنشده مديحا له و متّ إليه بالجوار و الصداقة؛ فلم يعطه شيئا. فقال يهجوه:
لعمرك ما إلى حسن رحلنا *** و لا زرنا حسينا يا ابن أنس (1)
و لا عبدا لعبدهما فنحظى *** بحسن الحظّ منهم غير بخس
و لكن ضبّ (2) جندلة (3) أتينا *** مضبّا في مكامنه يفسّي
فلمّا أنّ أتيناه و قلنا *** بحاجتنا تلوّن لون ورس (4)
و أعرض غير منبلج لعرف *** و ظلّ مقرطبا (5) ضرسا بضرس
فقلت لأهله أبه كزاز (6) *** و قلت لصاحبي أ تراه يمسي
فكان الغنم أن قمنا جميعا *** مخافة أن نزنّ بقتل نفس
حدّثني عمّي قال: حدّثنا أحمد بن زهير قال: حدّثنا مصعب بن عبد اللّه قال:
وفد عروة بن الزّبير إلى الوليد بن عبد الملك و أخرج معه إسماعيل بن يسار النّسائي، فمات في تلك الوفادة محمد بن عروة بن الزّبير (7)،و كان مطّلعا على دوابّ الوليد بن عبد الملك، فسقط من فوق السطح بينها، فجعلت ترمحه (8) حتى قطّعته، كان جميل الوجه جوادا. فقال إسماعيل بن يسار يرثيه (9):
صلّى الإله على فتى (10) فارقته *** بالشام في جدث الطّويّ (11) الملحد
ص: 330
بوأته بيديّ دار إقامة *** نائي المحلة عن مزار العوّد
و غبرت أعوله و قد أسلمته *** لصفا الأماعز و الصّفيح المسند (1)
متخشّعا للدهر ألبس حلّة *** في النائبات بحسرة و تجلّد
أعني ابن عروة إنّه قد هدّني *** فقد ابن عروة هدّة لم تقصد
فإذا ذهبت إلى العزاء أرومه *** ليرى المكاشح بالعزاء تجلّدي (2)
منع (3) التّعزّي أنّني لفراقه *** لبس العدوّ عليّ جلد الأربد (4)
و نأى الصديق فلا صديق أعدّه *** لدفاع نائبة الزّمان المفسد
فلئن تركتك يا محمد ثاويا *** لبما تروح مع الكرام و تغتدي
كان الذي يزع العدو بدفعه *** و يردّ نخوة ذي المراح الأصيد (5)
فمضى لوجهته و كلّ معمّر *** يوما سيدركه حمام الموعد
قال (6) إسماعيل بن يسار يرثي محمد بن عروة [بن الزبير]
تلك عرسي رامت سفاها فراقي *** و جفتني فما تريد عناقي (7)
زعمت أنما هلاكي مع الما *** ل و أني محالفي إملاقي
و تناست رزية بدمشق *** أشخصت مهجتي فويق التراقي
يوم ندعى إلى ابن عروة نعشا *** فوق أيدي (8) الرجال و الأعناق
مستحثا به سياق إلى القب *** ر و ما إن يحثهم من سياق
ص: 331
بمقام ربح (1) أجنّوا *** شخصه ارتقوا و ليس براق
ثم وليت موجعا قد شجاني *** قرب عهد به و بعد تلاق
و لقد كنت للحتوف عليه *** مشفقا لو أعاذه إشفاقي
فإذا الموت لا يرد بحرص *** لحريص و لا لرقية راق
و غنينا كابني نويرة (2) يوما *** في رخاء و لذة و اتفاق
ثم صرنا لفرقة ذات بعد *** كل حيّ مصيره لفراق
حدّثني عمّي قال: حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال: حدّثنا مصعب بن عبد اللّه عن أبيه:
أن إسماعيل بن يسار دخل على عبد الملك بن مروان لمّا أفضى إليه الأمر بعد مقتل عبد اللّه بن الزّبير، فسلّم و وقف موقف المنشد و استأذن في الإنشاد فقال له عبد الملك:
الآن يا ابن يسار! إنّما أنت امرؤ زبيريّ ، فبأي لسان تنشد؟ فقال له: يا أمير المؤمنين، أنا أصغر شأنا من ذلك، و قد صفحت عن أعظم جرما و أكثر غناء لأعدائك منّي، و إنما أنا شاعر مضحك. فتبسّم عبد الملك؛ و أومأ إليه الوليد بأن ينشد. فابتدأ فأنشد قوله:
ألا يا لقومي للرّقاد المسهّد *** و للماء ممنوعا من الحائم الصّدي
و للحال بعد الحال يركبها الفتى *** و للحبّ بعد السّلوة المتمرّد
و للمرء يلحى في التصابي و قبله *** صبا بالغواني كلّ قرم (3) ممجّد
و كيف تناسي القلب سلمى و حبها *** كجمر غضى بين الشّراسيف موقد
حتى انتهى إلى قوله:
إليك إمام النّاس من بطن يثرب *** و نعم أخو ذي الحاجة المتعمّد
رحلنا لأنّ الجود منك خليقة *** و أنّك لم يذمم جنابك مجتدي
ملكت فزدت النّاس ما لم يزدهم *** إمام من المعروف غير المصرّد (4)
و قمت فلم تنقض قضاء خليفة *** و لكن بما ساروا من الفعل تقتدي
ص: 332
و لمّا وليت الملك ضاربت دونه *** و أسندته لا تأتلي خير مسند
جعلت هشاما و الوليد ذخيرة *** وليّين للعهد الوثيق المؤكّد
قال: فنظر إليهما عبد الملك متبسّما، و التفت إلى سليمان فقال: أخرجك إسماعيل من هذا الأمر. فقطب سليمان و نظر إلى إسماعيل نظر مغضب. فقال إسماعيل: يا أمير المؤمنين، إنما وزن الشعر أخرجه من البيت الأوّل، و قد قلت بعده:
و أمضيت عزما في سليمان راشدا *** و من يعتصم باللّه مثلك يرشد
فأمر له بألفي درهم صلة، و زاد في عطائه، و فرض له، و قال لولده: أعطوه؛ فأعطوه ثلاثة آلاف درهم.
دخل إسماعيل بن يسار يوما على هشام بن عبد الملك في خلافته و هو بالرّصافة (1)جالس على بركة له في قصره، فاستنشده و هو يرى أنه ينشد مديحا له؛ فأنشده قصيدته التي يفتخر فيها بالعجم:
يا ربع رامة (2) بالعلياء من ريم (3) *** هل ترجعنّ إذا حيّيت تسليمي
ما بال حيّ غدت بزل (4) المطيّ بهم *** تخدي (5) لغربتهم سيرا بتقحيم
كأنّني يوم ساروا شارب سلبت *** فؤاده قهوة من خمر داروم (6)
حتّى انتهى إلى قوله:
إنّي و جدّك ما عودي بذي خور *** عند الحفاظ و لا حوضي بمهدوم
أصلي كريم و مجدي لا يقاس به *** و لي لسان كحدّ السّيف مسموم (7)
ص: 333
أحمي به مجد أقوام ذوي حسب *** من كلّ قرم بتاج الملك معموم
جحاجح سادة بلج مرازبة *** جرد عتاق مساميح مطاعيم
من مثل كسرى و سابور الجنود معا *** و الهرمزان لفخر أو لتعظيم
أسد الكتائب يوم الرّوع إن زحفوا *** و هم أذلّوا ملوك التّرك و الرّوم
يمشون في حلق المادي (1) سابغة *** مشي الضّراغمة الأسد اللّهاميم
هناك إن تسألي تنبي بأنّ لنا *** جرثومة قهرت عزّ الجراثيم
قال: فغضب هشام و قال له: يا عاضّ بظر أمّه! أ عليّ تفخر و إيّاي تنشد قصيدة تمدح بها نفسك و أعلاج قومك!! غطّوه في الماء، فغطّوه في البركة حتى كادت نفسه تخرج، ثم أمر بإخراجه و هو بشرّ و نفاه من وقته، فأخرج عن الرّصافة منفيّا إلى الحجاز. قال: و كان مبتلى بالعصبيّة للعجم و الفخر بهم، فكان لا يزال مضروبا محروما مطرودا.
أخبرني عمّي قال: حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال: قال ابن النطّاح و حدّثني أبو اليقظان:
أنّ إسماعيل بن يسار وفد إلى الوليد بن يزيد، و قد أسنّ و ضعف، فتوسّل إليه بأخيه الغمر و مدحه بقوله:
نأتك سليمى فالهوى متشاجر *** و في نأيها للقلب داء مخامر
نأتك و هام القلب، نأيا بذكرها *** و لجّ كما لجّ الخليع المقامر
بواضحة الأقراب (2) خفّاقة الحشى *** برهرهة (3) لا يجتويها المعاشر
يقول فيها يمدح الغمر بن يزيد:
إذا عدّد الناس المكارم و العلا *** فلا يفخرن يوما على الغمر فاخر
فما مرّ من يوم على الدهر واحد *** على الغمر إلاّ و هو في الناس غامر
تراهم خشوعا حين يبدو مهابة *** كما خشعت يوما لكسرى الأساور (4)
ص: 334
أغرّ بطاحيّ (1) كأنّ جبينه *** إذا ما بدا بدر إذا لاح باهر
وقى عرضه بالمال فالمال جنّة (2) *** له و أهان المال و العرض وافر
و في سيبه (3) للمجتدين عمارة *** و في سيفه للدّين عزّ و ناصر
نماه إلى فرعي لؤيّ بن غالب *** أبوه أبو العاصي و حرب و عامر
و خمسة آباء له قد تتابعوا *** خلائف عدل ملكهم متواتر
بهاليل (4) سبّاقون في كلّ غاية *** إذا استبقت في المكرمات المعاشر
هم خير من بين الحجون (5) إلى الصّفا (6) *** إلى حيث أفضت بالبطاح الحزاور (7)
و هم جمعوا هذا الأنام على الهدى *** و قد فرّقت بين الأنام البصائر
قال: فأعطاه الغمر ثلاثة آلاف درهم، و أخذ له من أخيه الوليد ثلاثة آلاف درهم.
أخبرني عمي قال: حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب قال:
لمّا مات محمد بن يسار، و كانت وفاته قبل أخيه، دخل إسماعيل على هشام بن عروة، فجلس عنده و حدّثه بمصيبته و وفاة أخيه ثم أنشده يرثيه:
عيل العزاء و خانني صبري *** لمّا نعى الناعي أبا بكر
و رأيت ريب الدّهر أفردني *** منه و أسلم للعدا صهري
من طيّب الأثواب مقتبل *** حلو الشمائل ماجد غمر
فمضى لوجهته و أدركه *** قدر أتيح له من القدر
و غبرت مالي من تذكّره *** إلاّ الأسى و حرارة الصدر
ص: 335
و خوى (1) يعاودني و قلّ له *** منّي الجوى و محاسن الذّكر
لمّا هوت أيدي الرّجال به *** في قعر ذات جوانب غبر
و علمت أنّي لن ألاقيه *** في الناس حتّى ملتقى الحشر
كادت لفرقته و ما ظلمت *** نفسي تموت على شفا القبر
و لعمر من حبس الهديّ له *** بالأخشبين (2) صبيحة النّحر
لو كان نيل الخلد يدركه *** بشر بطيب الخيم و النّجر (3)
لغبرت لا تخشى المنون و لا *** أودى بنفسك حادث الدّهر
و لنعم مأوى المرملين (4) إذا *** قحطوا و أخلف صائب القطر
كم قلت آونة و قد ذرفت *** عيني فماء شئونها (5) يجري
أنّي و أيّ فتى يكون لنا *** شرواك عند تفاقم الأمر
لدفاع خصم ذي مشاغبة *** و لعائل ترب أخي فقر
و لقد علمت و إن ضمنت جوى *** مما أجنّ كواهج الجمر
ما لامرئ دون المنيّة من *** نفق فيحرزه و لا ستر
قال: و كان بحضرة هشام رجل من آل الزّبير، فقال له: أحسنت و أسرفت في القول، فلو قلت هذا في رجل من سادات قريش لكان كثيرا. فزجره هشام و قال: بئس و اللّه ما واجهت به جليسك؛ فكشره إسماعيل، و جزاه خيرا. فلمّا انصرف تناول هشام الرجل الزّبيريّ و قال: ما أردت إلى رجل شاعر ملك قوله فصرف أحسنه إلى أخيه! ما زدت على أن أغريته بعرضك و أعراضنا لو لا أنّي تلافيته. و كان محمد بن يسار أخو إسماعيل هذا الذي رثاه شاعرا من طبقة أخيه؛ و له أشعار كثيرة. و لم أجد له خبرا فأذكره، و لكن له أشعار كثيرة يغنّى فيها.
منها قوله في قصيدة طويلة:
ص: 336
غشيت الدار بالسّند *** دوين الشّعب (1) من أحد
عفت بعدي و غيّرها *** تقادم سالف الأبد
و لإسماعيل بن يسار ابن يقال له إبراهيم، شاعر أيضا، و هو القائل:
مضى الجهل عنك إلى طيّته *** و آبك حلمك من غيبته
و أصبحت تعجب مما رأي *** ت من نقض دهر و من مرّته
و هي طويلة يفتخر فيها بالعجم.
قال المدائني عن جويرية بن أسماء قال:
قدم الوليد بن يزيد المدينة، فقلت لإسماعيل بن يسار: أخذنا (2) مما أعطاك اللّه، فقال: هلم أقاسمك إن قبلت، فبعث إليّ براوية (3) من خمر.
ص: 337
الذي حذّر على النّبي صلى اللّه عليه و سلم من الروم، و ردّه من أرض بصرى (1)،و كان على دين المسيح، على نبينا و عليه أفضل الصلاة و السلام. توفي قبل البعث، كان يسكن قرية يقال لها: الكفر، بينها و بين بصرى ستة أميال تعرف اليوم بدير بحيرى (2)؛و قيل: كان يسكن البلقاء بقرية يقال لها: ميفعة (3) وراء زيزاء (4).
عن ابن عباس:
إن أبا بكر الصديق صحب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو ابن ثمان عشرة، و النبي صلى اللّه عليه و سلم ابن عشرين، و هم يريدون الشام في تجارة، حتى إذا نزلوا منزلا فيه سدرة (5) قعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم
ص: 338
في ظلّها، و مضى أبو بكر إلى راهب يقال له بحيرى يسأله عن شيء، فقال له: من الرجل الذي في ظلّ السّدرة ؟ فقال له: ذلك محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب، فقال: هذا و اللّه نبي، ما استظلّ تحتها بعد عيسى بن مريم إلاّ محمد. و وقع في قلب أبي بكر اليقين و التصديق، فلما نبّئ النبي صلى اللّه عليه و سلم اتّبعه (1).
حدث أبو داود سليمان بن موسى (2):
أن أبا طالب عمّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خرج به إلى الشام، فلما مروا بقرية يقال لها: ميفعة من أرض البلقاء، و فيها راهب يقال له: بحيرى، فخرج إليهم بحيرى، و كانوا قبل ذلك يقدمون فلا يخرج إليهم و لا يلتفت، فجعل يتخلّلهم (3) حتى انتهى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: هذا سيّد العالمين، هذا رسول ربّ العالمين، هذا الذي بعثه اللّه رحمة للعالمين. فقال شيوخ من قدم معه من قريش: و ما علمك ؟ قال: علمي أنكم لما أشرفتم من العقبة لم يبق شجرة و لا حجر إلاّ خرّ ساجدا و لا يسجد (4) إلاّ لنبي، و أعرفه بالصّفة و بخاتم النبوة مثل التفاحة أسفل من غضروف كتفه، ثم انطلق بحيرى فأتاهم بطعام (5)،و النبي صلى اللّه عليه و سلم في رعيه إبل أصحابه، فقال:
أرسلوا إليه، فأرسلوا إليه، فقال بحيرى: انظروا عليه غمامة تظله! فانتهى إليهم و قد علموه على الشجرة فيء الشجرة، فجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و مال إليه فيء الشجرة، فقال: انظروا إلى فيء الشجرة كيف مال إليه! فبيناهم يأكلون و هو قائم عليهم؛ إذ هو بفوارس (6) من الروم مقبلين، فلما رآهم بحيرى استقبلهم، فقال: ما جاء بكم ؟ فقالوا: جئنا لأنه بلغنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق من طرق الروم إلاّ و قد بعث عليه قوم و بعثنا إلى هذه الطريق. فقال: ما وراءكم أفضل لكم، قال: أ رأيتم أمرا أراد اللّه أن يمضيه يستطيع أحد ردّه ؟
ص: 339
فتبعوه و أقاموا و أتاهم بحيرى فقال: أيكم ولي هذا الغلام ؟ فأشاروا إلى أبي طالب. فقال:
إنهم إن رأوه عرفوه، فقتلوه، فرده أبو طالب.
و ذكر حديث بحيرى لما عمل الطعام و دعاهم إليه، و قد ذكرناه في ترجمة سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و قال في آخره: و كان رجال من يهود (1) قد رأوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؛ و عرفوا صفته، فأرادوا أن يغتالوه، فذهبوا إلى بحيرى فذاكروه أمره فنهاهم أشد النهي، و قال لهم:
أ تجدون صفته ؟ قالوا: نعم. قال: فما لكم إليه سبيل، فصدقوه، و تركوه، و رجع أبو طالب فما خرج به سفرا بعد ذلك خوفا عليه.
ابن سليمان الطّابخي
الكلبي من أهل القلمون (2) من قرية الأفاعي (3).
[روى عن: سعد بن مسهر، و أبيه عبيد بن سلمان.
روى عنه: إسماعيل بن عياش، و حماد أبو يحيى السكوني، و سلمة بن بشر بن صيفي الدمشقي، و سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل، و محمد بن أبي السري العسقلاني، و محمد بن المبارك الصوري، و هشام بن عمار، و الوليد بن مسلم] (4).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (5):[البختري بن عبيد بن سلمان الطابخي روى عن أبيه عن أبي هريرة، روى عنه الوليد بن مسلم، و سليمان بن شرحبيل، و محمد بن المتوكل العسقلاني و هشام بن عمار، سمعت أبي يقول ذلك.
ص: 340
قال أبو محمد: روى عنه إسماعيل بن عياش، و روى هو عن أبيه عن أبي ذر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
سألت أبي عنه: فقال: هو ضعيف الحديث، ذاهب] (1).
حدث البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رجل من الناس:
يا رسول اللّه ما العاديات ضبحا؟ فأعرض عنه، ثم رجع إليه من الغد. فقال: ما الموريات قدحا؟ فأعرض عنه، ثم رجع الثالثة، فقال: ما المغيرات صبحا؟ فرفع العمامة أو القلنسوة عن رأسه بمخصرته (2) فوجده مفزعا (3) رأسه. فقال:«لو وجدته طامّا (4) رأسه لوضعت الذي فيه عيناه» ففزع الملأ من قوله. فقالوا: يا نبي اللّه و لم ؟ قال:«إنه سيكون أناس من أمتي يضربون القرآن بعضه ببعض ليبطلوه و يتبعون ما تشابه منه، و يزعمون أن لهم في أمر ربهم سبيلا و لكلّ دين مجوس، و هم مجوس أمتي و كلاب النار». فكان يقول: هم القدرية[14040].
و عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«سمّوا أولادكم فإنهم من أطفالكم» (5)أفراطكم جمع فرط ، و هو من يسبق القوم ليرتاد لهم الماء و يهيئ لهم الدلاء.(6)-و المحفوظ : أفراطكم (6)[14041].
و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«أشربوا أعينكم الماء و لا تنفضوا أيديكم من الماء، فإنها مراوح الشيطان»[14042].
و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لعلي:
«إنك لأول من يقاتل الخوارج، فلا تتبعن مدبرا، و لا تجهز على جريح»[14043].
و عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
ص: 341
«إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنما و لا تجعلها مغرما»] (1).
[قال أبو نصر ابن ماكولا] (2):
[أما البختري أوله باء مفتوحة معجمة بواحدة و خاء معجمة و تاء معجمة باثنتين فوقها فهو: البختري بن عبيد بن سلمان الطابخي، حدث عن أبيه، حدث عنه هشام بن عمار] (3).
كان فيه ضعف.
[قال أبو أحمد بن عدي] (4).
[بختري بن عبيد بن سلمان الطابخي: روى عنه الوليد بن مسلم و سليمان بن عبد الرحمن، و هشام بن عمار، و محمد بن أبي السري] (5).و روى عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قدر عشرين حديثا عامتها مناكير، فيها:
«اشربوا أعينكم الماء»، و فيها «الأذنان من الرأس» (6).
الملك البابلي. دخل دمشق و مضى منها إلى بيت المقدس فخرّبها و سبى أهلها و حملهم إلى بابل و قيل إنه آمن بعد ذلك.
حدث مجاهد قال:
كان من قصة بخت نصر أنه كان يتيما بأرض بابل لا يؤبه له، و كان فيما ذكروا من جيش
ص: 342
نمرود (1) صاحب إبراهيم، و كان لزنية، بغت أمه فكان من شأنه أن دانيال الأكبر (2) و كان قد قرأ التوراة ذات يوم فأتى على هذه الآية فَجٰاسُوا خِلاٰلَ الدِّيٰارِ وَ كٰانَ وَعْداً مَفْعُولاً [سورة الإسراء، الآية:5] قال: فطوى التوراة فقال: يا رب من هذا الذي يكون خراب بيت المقدس على يديه و هلاك بني إسرائيل ؟ قال (3):فأري في المنام أن يتيما بأرض بابل يقال له بخت نصر عليلا فقيرا قضيت ذلك على يديه فلما أصبح تجهز بمال عظيم، ثم خرج نحو أرض بابل حتى وردها، و ملكها يومئذ سنحاريب (4).
فدخل عليه، فقال: من أنت و من أين أقبلت ؟ قال: أقبلت من أرض بني إسرائيل و حملت معي أموالا أقسمها في فقراء أهل أرضك و يتاماهم. قال: فأنزله و أكرمه، و جعل يلطف اليتامى و الفقراء فيعطيهم و يسأل عن أسمائهم حتى قسم مالا كثيرا فكان لا يظفر ببخت نصّر حتى أعياه ذلك فبعث من يطلبه في قرى بابل و مدائنها فلا يظفر به حتى أيس منه، فأقام ببابل رجاء أن يظفر به. قال: فخرج غلامه ذات يوم إلى بعض قرى بابل للميرة (5)،قال: فمرّ بغلام مريض على طريق الناس قد اتخذ له عريش (6)،و قد فرش له الرماد، به الذّرب (7) يسيل الماء الأصفر منه، فلمّا نظر إليه غلام دانيال رأى منظرا فظيعا فقال له: ما حالك يا غلام ؟ قال: أنا غلام يتيم قد كنت أكد على أمّ لي عجوز حتى أصابني ما ترى فعجزت عني فوضعتني هاهنا يعطف الناس عليّ و المارة فأصيب الشيء و الكسرة. فقال له: و ما اسمك ؟ قال: ما تسأل عن اسمي ؟ قال: إنّ مولاي قسم مالا كثيرا في اليتامى و المساكين فكيف غبت عنه ؟ قال
ص: 343
بخت نصر: هي أرزاق، قال: فأخبرني عن اسمك حتى أخبره بحالك فيعطيك كما يعطي غيرك، قال: اسمي بخت نصر. قال: فلما انصرف الغلام إلى سيده فأخبره بما رأى. قال دانيال: هذا بغيتي و أسرّ في نفسه، و انطلق معه غلامه إليه. فقال له: ما اسمك ؟ قال: اسمي بخت نصّر، و أنا غلام يتيم من أهل بيت شرف، و لكن انقلب علينا الزمان و أصابتنا الشدة فعجزت أمي عني فألقتني هذا الموضع.
قال: فأمر غلامه فغسله و طيّبه و كساه، ثم حمله حتى جاء به إلى أمه، و أجرى عليها حتى برأ و صحّ ، و كان قبل أن ينزل به المرض يخرج مع أتراب له إلى البراري فيحتطب، فكانوا يؤمّرونه على أنفسهم فيحتطبون له، و يحملونه فيما بينهم حتى ينتهوا إلى القرية، فيحتزمون له حزمة فكان يدخلها السوق فيبيعها، فكان منها معيشته و معيشة أمه، فلما صحّ قال له دانيال: يا بخت نصّر هل تعلم أنّي قد أحسنت إليك ؟ قال: نعم. قال: فما رأيك إن وصلت إليّ مكافأتي هل أنت مكافيّ ؟ قال: يا سيدي هل صنع أحد بأحد إلاّ دون ما صنعت بي، و من أين أقدر على مكافأتك! قال: أخبرني إن ملكت يوما من الدهر بابل و غزوت بلاد بني إسرائيل فلي الأمان منك و لأهل بيتي ؟ قال: نعم. غير أنّي أظن أن هذا منك استهزاء! قال دانيال: لا بل هو الجدّ مني. قالت أمه: يا سيدي، إن كان الذي تقول حقا فأنت الملك و هو تبع لك، فقال دانيال: أ تكتب لي كتابا أمانا لي و لأهل بيتي يكون كتابك علامة بيني و بينك و بين أهل بيتي و أعطيك عشرين ألف درهم ؟ قال: نعم.
قال: فكتب له بخت نصّر كتابا أمانا بخط يده و لأهل بيته، و جهز بالذهب، و أعطاه دانيال عشرين ألف درهم، ثم ودّع الملك و لحق ببلاده، فعمد بخت نصّر ففرّق تلك الدراهم في الغلمة الذين كان يترأس عليهم، فكساهم و اشترى لهم الدوابّ ، و كان ظريفا كاتبا أديبا، فانطلق إلى سنحاريب (1) الملك، فانتسب له و لزم بابه في أصحابه، فكان يوجّهه في أموره و كان مظفّرا حتى بدا لسنحاريب أن يغزو بيت المقدس، فبعث جواسيسه يأتونه بخبر الأرض، فانطلق بخت نصّر فركب حمارا ثم جاء حتى دخل على الملك، فقال: أيها الملك إنك تبعث عيونا إلى أرض بني إسرائيل فأحبّ أن أنطلق أنا بنفسي، فإني أنا أعلم منهم بالأمر الذي تدرك به حاجتك. قال له الملك: أ لا أعلمتني فكنت أستعملك عليهم، و لكن امضه. فمضى حتى
ص: 344
وردها، فكان أصحابه يسألون عن الحصون و عن العدة و الرجال و المدخل و المخرج و كان بخت نصّر يسأل بقوله: هل فيكم اليوم أنبياء و كتب تقرءونها؟ قالوا: نعم.
قال: أ فتطيعون أنبياءكم ؟ قالوا: لا. قال: أ فتقيمون كتبكم ؟ قالوا: لا. قال: فانصرف، و انصرف أصحابه، فأعلموا الملك ما عاينوا. و قال بخت نصّر: أيها الملك إنّ فيهم أنبياء لا يطيعونهم و كتبا لا يقيمونها فإن نصرت فبهذا. قال سنحاريب: إنه ليس للقوم بنا يدان، و سأغزوهم بجنود لا قبل لهم بها، و كان من قصته ما كان.
يروى أن بخت نصّر دخل الشام و مصر في ست مائة ألف و هو راكب على أسد أحمر متعمّم بثعبان، متقلّدا سيفا طوله عشرة أشبار في عرض شبر (1)،أخضر النّصل (2)،يقطر منه الماء شبه الشّرر، غمده (3) من ذهب مرصّع بصنوف الجوهر و الياقوت الأحمر، منقوش عليه هذه الأبيات:
و أنت إن لم ترج أو تتّقي *** كالميت محمولا على نعشه
لا تنجش الشرّ فتصلى به *** فقلّ من يسلم من نجشه (4)
و أخمد الشّرّ فإن هجته *** فاحرص لأعدائك في جشّه (5)
للبحر أقراش لها صولة *** فاحذر على نفسك من قرشه (6)
إذا طغى الكبش بشحم الكلى *** أدخل رأس الكبش في كرشه
و ناطح الكبش له ساعة *** تأخذه أنطح من كبشة
فكم نجا من يد أعدائه *** و ميّت مات على فرشه
ص: 345
من يفتح القفل بمفتاحه *** نجا من التّهمة في فشّه (1)
و نابش الموتى له ساعة *** تأخذه أنبش من نبشه
و البغي صرّاع له صولة *** تستنزل الجبّار عن عرشه
قال ابن المبارك:
رئي لقمان يعدو خلف بخت نصّر فراسخ، فقيل له: يا وليّ اللّه تعدو خلف هذا الكافر؟ قال: لعلّي أسأله في مؤمن فيجيبني فيه.
[قال إسحاق بن بشر: قال وهب بن منية] (2):
لما فعل بخت نصّر ما فعل - يعني ما ذكر في ترجمة إرميا (3)-قيل له: كان لهم صاحب يحذّرهم ما أصابهم، و يصفك و خبرك لهم، و يخبرهم أنك تقتل مقاتلتهم، و تسبي ذراريهم، و تهدم مساجدهم، و تحرق كنائسهم، فكذّبوه، و اتهموه، فضربوه، و قيّدوه، و حبسوه، فأمر بخت نصّر فأخرج إرميا من السجن، فقال له: أ كنت تحذّر هؤلاء القوم ما أصابهم ؟ قال: نعم. قال: فأنّى علمت ذلك ؟ قال: أرسلني اللّه تعالى إليهم فكذّبوني. قال:
كذّبوك و ضربوك و سجنوك! قال: نعم. قال: بئس القوم قوم كذّبوا نبيّهم، و كذّبوا رسالة ربّهم، فهل لك أن تلحق بي فأكرمك، و أواسيك، و إن أحببت أنك تقيم في بلادك فقد أمّنتك. قال له إرميا: إنّي لم أزل في أمان اللّه منذ كنت لم أخرج منه ساعة قطّ ، و لو أن بني إسرائيل لم يخرجوا منه لم يخافوك و لا غيرك لو لم يكن لك عليهم سلطان.
فلما سمع بخت نصّر قوله تركه. فأقام إرميا بأرض إيليا (4)،و أخرج أهل بيت دانيال الأكبر كتاب أمان بخت نصّر فأمضاه لهم، و أخرج بهم معه فكانوا خمسة أنفس: دانيال بن
ص: 346
حزقيل و ميشائيل (1)،و ميخائيل، و عيصو، و حربيوس (2)،و يقال: كان عزير (3) معهم، و عزرائيل. و اللّه أعلم. و كانوا شبابا لم يبلغوا الحلم، دانيال بن حزقيل كان أعطاه اللّه الحكمة، و كان عبدا صالحا كريما على اللّه عز و جل.
و قال ابن عباس:
إنه مزّق كتاب دانيال فنشأ هؤلاء الغلمة فكانوا و صفاء و كان أكبرهم دانيال، و هو دانيال الحكيم الذي أنقذ اللّه به بني إسرائيل من أرض بابل فعمد بخت نصّر - حين سمع كلام دانيال و حكمته (4) و نظر إليه - إلى جبّ في فلاة من الأرض، فألقى فيه دانيال مع شبلين، و أطبق عليه الجبّ و هو مغلول، و قتل على دم يحيى بن زكريا سبعين ألف، و ذلك أنّ ما بعث اللّه تعالى بخت نصّر عليهم عقوبة لهم بما قتلوا يحيى و زكريا؛ و ذلك أنه مرّ بالموضع الذي قتل فيه يحيى و زكريا، فرأى دماءهما تغلي، فسأل عن ذلك ؟ فقالوا: هي دماء نبيّين، و لا تسكن حتى يقتل فبكل واحد منهما سبعون ألفا، فلما قتل بخت نصّر على دمائهما هذه العدّة سكنت تلك الدّماء (5).
قال ابن عباس:
لم يقتل كهلا و لا وليدا و لا امرأة، إنما قتل أبناء الحرب و قادة الجيوش حتى استكمل هذه العدّة، و دانيال في الجبّ مع الشّبلين سبعة أيام، فأوحى اللّه إلى نبيّ من بني إسرائيل كان بالشام (6)،فقال: انطلق فاستخرج دانيال من الجبّ ، فقال: يا رب! و من يدلّني عليه ؟ فقال:
هو في موضع كذا و كذا يدلّك عليه مركبك، فركب أتانا له و خرج حتى انتهى إلى ذلك الموضع، فدارت به حمارته ثلاث مرات في أرض ملساء، فعرف أن بغيته فيها، فقال: يا صاحب الجبّ ، فأجابه دانيال، فقال: قد أسمعت فما تريد؟ قال: أنا رسول اللّه إليك
ص: 347
لأستخرجك من هذا الموضع، فقال دانيال: الحمد للّه الذي لا ينسى من ذكره، الحمد للّه الذي لا يكل من توكّل عليه إلى غيره، و الحمد للّه الذي يجزي بالإحسان إحسانا، و الحمد للّه الذي يجزي بالإساءة غفرانا، و الحمد للّه الذي يكشف ضرّنا عن كربنا (1)،ثم استخرجه، و إن الشّبلين لعن يمينه و عن شماله يمشيان معه، و إن ذلك النّبي لفي ناحية يفرق منهما، حتى عزم عليهما دانيال أن يرجعا إلى الغيضة (2).
قال ابن عباس:
من قال عند كل سبع: اللهم ربّ دانيال و رب الجبّ ، و ربّ كلّ أسد مستأسد، احفظني و احفظ عليّ ، لم يضره سبع.
و حدث قتادة عن كعب:
أن بخت نصّر انطلق بدانيال معه إلى أرض بابل يصدر عن رأيه، حتى قيل له: إنه مخالف لك و لا يأكل لحم الخنزير. قال: فدعاه إلى طعامه فأبى أن يأكله، فسجنه في السجن حتى رأى رؤياه التي قطع بها على ما سنذكره.
و حدّث وهب:
أن بخت نصّر سار ببني إسرائيل و كنوز بيت المقدس إلى أرض بابل، فأقام إرميا بأرض إيلياء و هي خراب، فكان يبكي و ينوح على بيت المقدس، و كان يساعده عليه الخطّاف (3)- فيطوف حوله، فمن ثمّ نهي عن قتله، و كانت بقايا من بني إسرائيل متفرقين بلغهم أمر إرميا و مقامه بإيلياء، فاجتمعوا إليه، فقالوا: قد عرفنا الآن أنك نصحتنا، و لو أطعناك لم يصبنا ما أصابنا فمرنا بأمرك. فقال لهم: أقيموا في أرضنا فنستغفر اللّه و نتوب إليه لعله يتوب علينا، فقالوا: إنا نخاف أن يسمع بنا بخت نصّر، فيبعث إلينا من يتخطّفنا، و نحن شرذمة قليلون،
ص: 348
و لكن ننطلق إلى ملك مصر (1)،فنستجيره، و ندخل في ذمته. فقال إرميا: ذمّة اللّه أوفى الذّمم لكم، و إنكم لا يسعكم أمان أحد في الأرض إن أخافكم اللّه، و إن أمان اللّه هو أوسع لكم. قالوا: إن الأمر كما تقول، لو كان اللّه راضيا عنا، و لكن اللّه ساخط علينا، و لسنا نأمن سطوته أن يسلمنا إلى عدوّنا، فانطلقوا إلى ملك مصر. فأوحى اللّه إلى إرميا أنهم لو أطاعوا أمرك ثم كنت أطبقت عليهم السماء و الأرض، لجعلت لهم من بينهما مخرجا، و ما كنت لأخفرك لو أطاعوك، و إنّي لأقسم بعزّتي لأعلمنّهم أنه ليس لهم ملجأ و لا محيص إلاّ طاعتي، و اتّباع أمري، فلما وردوا على ملك مصر شكوا إليه شأنهم. فقال: أنتم في ذمّتي و جواري، فسمع بذلك بخت نصّر، فأرسل إلى ملك مصر أن لي قبلك عبيدا أبقوا (2) مني، فابعث بهم إليّ مصفّدين و إلاّ فأذن بحرب، فكتب إليه ملك مصر: إنك كاذب ما هم بعبيد. إنهم أبناء الأحرار، و أهل النبوّة و الكتاب، و لكنك ظلمتهم و اعتديت، فلما سمع بذلك إرميا رحمهم، فبادر إليهم ليشهدهم. فأوحى اللّه إليه: إني مظهر بخت نصّر على هذا الملك الذي اتخذوه حرزا (3).فقال لهم ذلك إرميا، فإن لم تطيعوني أسركم بخت نصّر و قتلكم، فإنّ آية ذلك أن اللّه قد أراني موضع سرير بخت نصّر الذي يضعه فيه بعد ما يظفر بمصر و ملكها، ثم عمد فدفن أربعة أحجار في الموضع الذي يضع بخت نصّر فيه سريره، ثم قال: تقع كلّ قائمة من سريره على حجر منها. قال: فلجّوا في رأيهم، فسار بخت نصّر، فأسر الملك (4) و بني إسرائيل، و قتل جنوده، و قسم الفيء، و أراد قتل الأسارى و قد وضع سريره في ذلك الموضع، فوقعت كلّ قائمة منه على حجر من تلك الأحجار التي دفن إرميا. فقال له بخت نصّر: أ لا أراك مع أعدائي بعد أن أمّنتك و أكرمتك ؟! قال له إرميا: إنما جئتهم محذّرا أخبرتهم خبرك، و قد وضعت لهم علامة من تحت سريرك، و أ يتهم هذا المكان الذي يوضع فيه سريرك، فإنّ تحت كل قائمة حجرا دفنته، فلما رفع سريره وجد مصداق ما قال، فقال لإرميا: لو أعلم أن فيهم خيرا لوهبتهم لك، و ما بي إلى قتلهم من حاجة، و لكن أقتلهم غضبا
ص: 349
لك إذ كذبوك، و اتهموا نصيحتك، فقتلهم ثم لحق بأرض بابل، فأقام إرميا بمصر، و اتخذ بها جنينة و زرعا يعيش منه. فأوحى اللّه تعالى إليه: إن لك عن الزرع و المقام بأرض مصر شغلا، فكيف تسعك أرض و أنت تعلم سخطي على قومك و لا يحزنك هذا البلاء الذي يصبّ على إيلياء و أهلها، فالحق بها حتى يلغ كتابي أجله، فإنّي رادّ بني إسرائيل تارة أخرى إلى الأرض المقدسة، و مستنقذهم من عدوهم و ناظر كيف يعملون. فخرج أرميا مذعورا حتى أتى بيت المقدس، فأوحى اللّه إليه: سأعمره و أرفعه، و إني باعث ملكا يقال له كورش (1) من أرض فاقرس، حتى ينزل بقومه و رجاله حتى يعمرها، و يبني قصورها و مساجدها، و يكشف عن أنهارها، و يغرس أعنابها و نخلها و زيتونها، فتوجه كورش إليها في جمع له و معه ثلاثون ألف قيّم يستعملون الناس، كل قيّم على ألف عامل و معهم ما يحتاجون إليه، و لما رأى إرميا عمارتها سأل ربه أن يقبضه إليه، فمات إرميا، و أنقذ اللّه بني إسرائيل، بعد مائة سنة، من أرض بابل على يدي دانيال.
و قال كعب:
كان سبب استنقاذ بني إسرائيل من أرض بابل أن بخت نصّر لما من بيت المقدس بالأسارى، و فيهم دانيال و عزير و أربعة و صفاء غلمان لم يبلغوا الحلم غير دانيال، و اتخذ بني إسرائيل خولا (2) زمانا طويلا، و إنه رأى رؤيا فزع منها، فدعا كهنته و سحرته، فأخبرهم بما أصابه من الكرب بما في رؤياه، و سألهم أن يعبروها (3) له، فقالوا له: قصّها علينا. قال: قد أنسيتها فأخبروني بتأويلها. فقالوا: إنا لا نقدر على أن نخبرك بتأويلها حتى تقصها علينا، فغضب، و قال لهم: اخترتكم و اصطفيتكم لمثل هذا، اذهبوا فقد أجّلتكم ثلاثة أيام، فإنّ أتيتموني بتأويلها و إلاّ قتلتكم، و شاع ذلك في الناس، فبلغ دانيال و هو مسجون. فقال لصاحب السجن و هو إليه محسن: هل لك أن تذكرني للملك فإن عندي علم رؤياه. و إنّي لأرجو أن تنال بذلك عنده منزلة تكون سبب عاقبتي. قال له صاحب السجن: إنّي أخاف عليك سطوة الملك، لعل غمّ السجن حملك على أن تتروّح (4) بما ليس عندك فيه علم، مع
ص: 350
أني أظن إن كان أحد عنده من هذه الرؤيا علم فأنت هو. قال دانيال: لا تخف عليّ ، فإن لي ربا يخبرني بما شئت من حاجتي، فانطلق صاحب السجن، فأخبر بخت نصّر بذلك، فدعا دانيال، فأدخل عليه (1)،و لا يدخل عليه أحد إلاّ سجد له، فوقف دانيال فلم يسجد له، فقال الملك لمن في البيت: اخرجوا، فخرجوا، فقال بخت نصّر لدانيال: أخبرني عما يمنعك أن تسجد لي، قال دانيال: إن لي ربا آتاني هذا العلم الذي سمعت به على أن لا أسجد لغيره، فخشيت أن أسجد لك فينسلخ عني العلم، ثم أصير في يديك أميّا لا ينتفع بي، فتقتلني، فرأيت بترك سجدة أهون من القتل، و خطر سجدة أهون من الكرب و البلاء الذي أنت فيه، فتركت السجود نظرا لي و لك، فقال بخت نصّر: لم يكن قطّ أوثق في نفسي منك حين وفيت لإلهك، و أعجب الرجال عندي الذين يوفون لأربابهم بالعهود، فهل عندك علم بهذه الرؤيا التي رأيت ؟ قال: نعم. عندي علمها و تفسيرها. رأيت صنما (2) عظيما رجلاه في الأرض و رأسه في السماء. أعلاه من ذهب، و وسطه من فضة، و سفله من نحاس، و ساقاه من حديد، و رجلاه من فخار (3)،فبينا كنت تنظر إليه قد أعجبك حسنه، و إحكام صنعته، قذفه اللّه حتى طحنه (4)،فاختلط ذهبه، و فضته، و نحاسه، و حديده، و فخّاره، حتى يخيل لك أنه لو اجتمع جميع الإنس و الجن على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا على ذلك، و لو هبّت ريح لأذرته، و نظرت إلى الحجر الذي قذف به يربو و يعظم، و يكبر حتى ملأ الأرض كلها، فصرت لا ترى إلاّ السماء و الحجر، قال له بخت نصّر: صدقت هذه الرؤيا فما تأويلها؟ فقال دانيال: أما الصنم فأمم مختلفة في أول الزمان و في وسطه و في آخره، و أما الذهب فهذا الزمان و هذه الأمة التي أنت فيها، و أنت ملكها، و أما الفضة، ابنك من بعدها تملّكها، و أما النحاس فأما الروم، و أما الحديد ففارس، و أما الفخّار فأمتان تملكها امرأتان، إحداهما في مشرق اليمن، و الأخرى في غربي الشام، و أما الحجر الذي قذف به الصنم، فدين يقذف اللّه به هذه
ص: 351
الأمم في آخر الزمان ليظهره عليها، يبعث اللّه نبيا أمّيا من العرب، فيدوّخ اللّه به الأمم و الأديان كما رأيت الحجر دوّخ أصناف الصنم، و يظهره على الأديان و الأمم، كما رأيت الحجر ظهر على الأرض و انتشر فيها حتى ملأها، فيحق اللّه به الحق، و يزهق به الباطل، و يهدي به أهل الضلال، و يعلّم به الأميين، و يقوّي به الضّعفة، و يعز به الأذلّة، و ينصر به المستضعفين، قال له بخت نصّر: ما أعلم أحدا استعنت به منذ و ليت الملك على شيء غلبني غيرك، و لا لأحد عندي يد أعظم من يدك، و أنا جازيك بإحسانك، فاختر من ثلاث خلال أعرضهن عليك: واحدة إن أحببت أن أردّك إلى بلادك و أعمر لك كل شيء خرّبته، و إن أحببت كتبت لك أمانا تأمن به حيث ما سلكت، و إن أحببت أن تقيم معي، فأواسيك. قال:
أما قولك: تردّني إلى بلادي و تعمر لي ما خربت؛ فإنها أرض كتب اللّه عليها الخراب و على أهلها الفناء إلى أجل معلوم، و ليس تقدر على أن تعمر ما خرب اللّه عز و جل، و لا تردّ أجلا أجّله اللّه حتى يبلغ الكتاب أجله، و ينقضي هذا البلاء الذي كتب اللّه على إيلياء و أهلها، و أما قولك: إنك تكتب لي أمانا آمن به حيث ما توجهت؛ فإنه لا ينبغي أن أطلب مع أمان اللّه أمان مخلوق، و أما ما ذكرت من مواساتك؛ فإن ذلك أوفق لي يومي هذا حتى يقضي اللّه فينا قضاءه، فجمع بخت نصّر ولده و حشمه و أهل العلم و الرأي، فقال لهم: هذا رجل حكيم قد فرّج اللّه عني الكرب الذي عجزت عنه به، و إنّي قد رأيت أن أوليه أمركم، فخذوا من أدبه و حكمته، و أعظموا حقه، فإن جاءكم رسولان أحدهما مني و الآخر من دانيال، فآثروا حاجته على حاجتي، و نزل منه دانيال بأفضل المنازل، و جعل تدبير ملكه إليه، فلما رأى ذلك عظماء أهل بابل حسدوا دانيال، و اجتمعوا إلى بخت نصّر، فقالوا له: لم يكن على الأرض ملك أعزّ من ملكنا و لا أعظم، و لا قوم أهيب في صدور أهل الأرض منا حتى دانت لنا الأرض، و اعترفت لنا الأمم، فليس يطمع فينا أحد، و إنا نخبرك أن الأمم قد طمعوا فينا منذ قلّدت أمر ملكك هذا العبد الإسرائيلي، و إنك لم تفعل هذا حتى أنكرت عقلك و رأيك، و عجزت عن السياسة، و قد نصحناك، فقال لهم بخت نصّر: ما أنكرت عقلي و لا رأيي، و لا تزيدني الأيام إلاّ تجربة و علما، و لكنه كان نزل بي ما رأيتم، فعجز عنه رأيي، و عجزتم أنتم، ففرّج عني، فما ذا تنقمون أن عمدت إلى أحكم أهل الأرض فاستعنت به مع رأيي، و كلّ ذلك أريد به صلاح أمركم و قوام ملككم ؟ قالوا: فإن كان كما تقول، أ فليس يخبرك أن له ربا عظيما هو الذي يدبّر له أمره و يطلعه على الغيب ؟ قال بخت نصّر: بلى، يزعم أنّ له ربا لولاه لم يك شيئا، و لا يعلم شيئا. قالوا له: هذا العبد الضعيف قدر على أن يتخذ إلها يخبره بما شاء،
ص: 352
فكيف لا تقدر أنت في مثل خطرك و عظم ما أوتيت من الملك على أن تتخذ إلها، فيخبرك بحاجتك و يكفيك ما أهمّك، و تستغني به عن الناس، و نحن لك على ذلك مؤازرون ؟ قال بخت نصّر: فأنتم و ذاك. قالوا: فأعطنا الطاعة و السلطان حتى نفرغ مما تريد، ففعل بهم ذلك، فعلموا صنما طوله في السماء سبعون ذرعا و عرضه عشرون ذراعا من الألواح ثم دسروه (1) بالحديد و المسامير، و ألبسوه الذهب، و كلّلوه بالياقوت و ألوان الجوهر، ثم صنعوا له عيدا عظيما، و ذبحوا له الذبائح، و واعدوا الناس لذلك اليوم يجتمعون فيه، فيعبدون ذلك الصنم و يسجدون له، و اتخذوا أخدودا في الأرض، فأوقدوا فيها نارا عظيمة، و هم أصحاب الأخدود، و كانت الأخدود باليمن و ببابل، فأما الذي كان باليمن فاتخذه يوسف ذو نواس الحميري (2)،و هو الذي ملك حمير، و كان صاحب عنفصير (3)،و هو الذي قتل الناس و أحرقهم بالنار ليدعوا الإسلام (4).
و كانت الأخدود الأخرى ببابل اتخذها بخت نصر، فلما اجتمع الناس يوم عيدهم، أمروهم بالسجود لذلك الصنم فسجدوا، فمن أبي حرّقوه في تلك الأخدود، و كان بخت نصّر سبى من إيلياء سبعين ألف غلام، فقسمهم في ملوك بابل، ما خلا دانيال و ميشائيل و ميخائيل و عيصو و مرنيوس (5) فأقاموا بذلك زمانا يستخدمونهم حتى أدرك الوصفاء، فأنكر أهل بابل شأنهم، فقالوا لبخت نصّر: إنا أنكرنا شأننا منذ أدرك عبيدنا، فإنا نحب أن تنفيهم منا فتخرجهم عنا، أو تأذن لنا فنقتلهم. فقال لهم: أنتم و ذاك. قال: فقتلوهم جميعا، و بقي هؤلاء العدّة التي في يدي الملك (6)،فكانوا يدعون اللّه و يقولون: يا رب قد عذبت آباءنا
ص: 353
بذنوبهم فما بالنا؟! فأوحى اللّه إلى دانيال: إنّي مخلّصهم، فعطف عليهم بخت نصّر فلم يقتلهم، فلما أخرجوا صنمهم ليوم عيدهم، دعوا هؤلاء العدّة من بني إسرائيل، فقالوا لهم:
اسجدوا لآلهتنا، فقالوا: إنّ هذا ليس بإله نسجد له، إنما هو خشب عملته الرجال، فإن شئتم سجدنا للذي خلقه فاغتنموا خلافهم ليحرقوهم و ليغيظوا بهم دانيال، فكتفوهم ثم رموا بهم في تلك النار فباتوا فيها حتى أصبحوا، فاطّلع بخت نصّر عليهم من قصره، فرأى فيها خمسة نفر في النار، و رأى خامسهم خلقا عظيما له ريش، فرأى النار قد عادت جليدا، و إذا صاحب الريش يكنفهم و يلحفهم بريشه من برد الجليد، فلما نظر بخت نصّر إلى ذلك امتلأ رعبا، فدعا قومه فقال: كم كنتم ألقيتم في النار؟ قالوا: أربعة. قال: فإنّ معهم خامسا له ريش و هيبة و جسم لا يقدر قدرها. قالوا: ليس لنا به علم، فدعا دانيال، فسأله. فقال: هؤلاء الأربعة أعرفهم فمن الخامس صاحب الريش ؟ قال دانيال: الخامس الذي وكله اللّه بالظّل و البرد و الثلج و الجليد، و هذه الخزائن بيده، فأرسله إلى هؤلاء الفتية حتى صيّر النار جليدا حتى لا يضرّهم برد الجليد. و قيل: إن دانيال قال لبخت نصّر لما سأله عن الخامس، قال: ذاك جبريل بعثه اللّه إليهم يروّح عنهم و يؤنسهم، و قيل: إن بخت نصّر قال لدانيال: أ لا أعلمتني حين عرض لهم فأحول بينهم و بين ما صنعوا بهم! قال دانيال: حملني على ذلك الرفق بك لما أدخل عليك أهل مملكتك و وثقت لهم بنصر اللّه، و أن اللّه لم يخذلهم، و أردت أن يرى قومك عزة اللّه و سلطانه و كيف يعزّ أولياءه، فأمر بهم فأخرجوا من النار.
قال وهب: لما وقفوا بين يدي بخت نصّر قال: كيف بتّم البارحة ؟ قالوا: بأفضل ليلة مرت علينا منذ خلقنا، قال بخت نصّر: و هي أفضل من لياليكم في بلادكم ؟ قالوا له: سبحان اللّه و متى كنا نطمع في بلادنا ملائكة الرحمن أن يلحفونا بالريش، و يردون عنا أذى البرد، و يستغفرون لنا، و يصافحونا! فأمرهم أن يلحقوا بدانيال فأكرمهم، فلم يزالوا حتى أتى على ذلك ثلاث سنين، ثم إن بخت نصّر رأى رؤيا أهول و أعظم مما كان رأى، فأرسل إلى عظماء قومه، فقال لهم: إني قد رأيت في مضجعي هذا و لم أتحوّل عنه رؤيا فيما يخيّل إليّ أشدّ من الأولى، و خشيت أن يكون فيها هلاكي و هلاككم، و ذهاب ملككم و قد نسيتها فما ترون ؟ فجعلوا علة عجزهم دانيال، فقالوا: إنك عمدت إلى أسحر العالمين فوضعته عند رأسك، فهو يفزعك بسحره، و يريك الأحلام لينال منك المنزلة و الكرامة، فشأنك و شأنه، و قد عمّرت قبله زمانا لا ترى شيئا تكرهه. و أنت مستغن برأيك، فأدخلت على نفسك هذا البلاء، فقال لهم بخت نصّر: أ ما عندكم غير هذا؟ قالوا: لا. قال: اخرجوا عني، ثم دعا دانيال، فقال:
ص: 354
إنّي قد رأيت في مضجعي هذا و لم أتحوّل عنه رؤيا قد نسيتها هي عندي أعظم من الأولى فهل عندك علمها؟ قال: نعم. قال: إذا فاقصصها عليّ ، قال دانيال: رأيت شجرة عظيمة أصلها ثابت و فرعها ذاهب في السماء، في فرعها طير السماء كلّه، و في ظلّها و حوش الأرض و سباعها كلّها، فبينا أنت تنظر إليها، و قد أعجبك حسنها و عظمها و خضرتها، و الذي جمع اللّه في فرعها من الطير، و في ظلها من الوحوش؛ إذ أقبل ملك يحمل حديدا كأنه الفأس على عاتقه، و هو يؤمّ الشجرة؛ إذ ناداه ملك من فوقه من باب من أبواب السماء فقال له: ما أمرك ربك في هذه الشجرة ؟ قال: أمرني أن لا أدع منها شيئا، فناداه الملك من فوقه: إنّ اللّه يأمرك أن لا تستأصلها من أصلها خذ بعضها و أبق بعضها، فنظرت إلى الملك قد ضرب رأسها بالفأس فانقطع منها بعض أغصانها، و تفرّق ما كان فيها من الطير، و ما كان في ظلّها من السباع، و بقي الجذع متغيّرا قد تغيّر حسنه و خضرته لا هيئة له. قال بخت نصّر: هذه الرؤيا التي رأيتها فما تأويلها؟ قال دانيال: أنت الشجرة، و ما رأيت في رأسها من الطير فولدك و أهلك و حشمك، و ما رأيت في ظلّها من السباع و الوحوش فخولك و عبيدك و رعيّتك، كانوا في ظلّك و ملكك، و قد أغضبت اللّه فيما بايعت هؤلاء عليه من عمل هذا الصنم، فإنهم لن يأتوا بمثل اللّه أبدا، فذكر اللّه بك عند ما أراد من هلاكك فصفح عنك، ثم رأيت الملك و قد همّ أن يستأصل الشجرة من أصلها، فناداه الآخر من فوقه أن يأخذ منها و يبقي منها، و كذلك يصنع اللّه بك يأخذ منك و يبقي. قال بخت نصّر: و كيف يفعل بي ؟ قال: يبتليك ببدنك، يعرّفك به قدرته، فلا يدع صورة مما خلق و أخرى فيها الروح إلاّ مسخك فيها، فلبثت في ذلك البلاء سبع سنين، و لو شاء أن يجعل ذلك في أوشك من طرفة عين لفعل، و لكن ليطول عليك البلاء و يعرفك أنه ليس لك من دونه وال، و لا يملك لك أحد معه شيئا، ثم لا يحوّلك في صورة من تلك الصور إلاّ كنت ملك ذلك الجنس و تعلوه و تقهره، فإذا انقضت السبع سنين رجعت إنسانا كما كنت أول مرة، فقال بخت نصّر: فهل يقبل ربك مني توبة أو فدية أو رجعة ؟ فقال: لا، حتى يعرّفك قدرته و ينفذ قضاءه فيك. قال: فلما قال هذا اعتزل ملكه و أهله و وكّل ابنه، و أمره أن يكون السائس دانيال، و أغلق عليه أبوابه و قعد يبكي على نفسه، فمكث في البكاء سبعة أيام، فلما غمّه البكاء ظهر فوق بيته يتروّح من غمّ ما هو فيه، فساعة ظهر أنبت اللّه له ريشا و زغبا، و جعل له مخاليب و منقارا، فصار عقابا، ثم ذهب يطير فلا يقوم له طير في السماء إلاّ قهره، و تحدّث به أصحاب النّسور الذين يصيدون الطير فقالوا: إنه حدث في السماء طير عظيم على صورة العقاب لا يقوم له شيء و لا يطيقه إنسان، ثم حوّله
ص: 355
فرسا، فتحدّث به أصحاب الأرمال (1)،و قالوا: إنه حدث في المروج حصان من الخيل ما رأينا مثله عظما و جسما، لا يقوم له شيء، و لا يرومه إنسان، فجعل لا يمسخ في شيء إلا ذكر عظمه و قوته و تحدّث بذلك، فلم يزل في ذلك سبع سنين و ولده و ملكه على حاله لم يتغيروا، و لم يحدثوا فيه شيئا، و كان يأمرهم دانيال أن لا يغيّروا من أمره شيئا حتى يرجع إليهم. و في رواية، و كان إذا مسخ في جنس ذكرا فاشتهى الإناث و اغتلم حوّله أنثى، فأحرم (2) و اشتهى الذكور حوّله اللّه ذكرا، فكان لا يصل إلى شهوته من الجماع، و لا يوصل إليه.
قالوا: و كان آخر خلق مسخ فيه بخت نصّر البعوضة، فأقبل في صورتها يطير حتى دخل بيته، فحوّله اللّه إنسانا، فاغتسل بالماء و لبس المسوح (3)،و ألقى جفن (4) سيفه، ثم خرج به صلتا (5) يتوكأ عليه حتى برز إلى جنّاته، فأمر بجمع قومه فاجتمعوا كأجمع ما كانوا قطّ ، ثم قال: يا أيها الناس إنّي و إياكم كنا نعبد من دون اللّه ما لا يضرنا و لا ينفعنا، و لا يخلقنا و لا يرزقنا، و لا يميتنا و لا يحيينا، و لا يملك لنا من اللّه شيئا، و إنّه قد تبيّن لي من قدرة اللّه في نفسي أن لا إله إلاّ إله بني إسرائيل، فمن بايعني على هذا أو أجابني إليه، فأنا منه و هو مني، و أنا و هو في الحق سواء، و من أبى و خالف ضربته بسيفي هذا، و أشار به إليهم - و كان فيهم مهيبا - حتّى يحكم اللّه بيني و بينه، ألا و إنّي قد أجّلتكم يومي هذا، فإذا أصبحت فأجيبوني، ثم انصرف عنهم، فساعة دخل بيته و قعد على فراشه قبض اللّه روحه.
فقال وهب بن منبّه:
ص: 356
سألني ابن عباس عن قصة بخت نصّر فقصصتها عليه، فقال ابن عباس: ما شبّهت إيمانه إلاّ بإيمان سحرة فرعون حين قٰالُوا: آمَنّٰا بِرَبِّ هٰارُونَ وَ مُوسىٰ [سورة طه، الآية:
70].
و كان وهب بن منبّه يقول:
لما مسخ بخت نصّر كان في ذلك يعقل عقل الإنسان، ثم ردّ اللّه روحه فدعا إلى توحيد اللّه، و قال: كل إله باطل إلاّ إله السماء.
قال بكار:
فقيل لوهب: أ مؤمنا مات ؟ فقال: وجدت أهل الكتاب قد اختلفوا فيه، فقال بعضهم:
قد آمن قبل أن يموت، و قال بعضهم: قتل الأنبياء، و حرّق الكتب، و خرّب بيت المقدس، فلن تقبل منه التوبة.
و قيل:
إن بخت نصّر لما قتل بني إسرائيل و خرّب بيت المقدس، و سار بسبايا بني إسرائيل إلى أرض بابل، فسامهم سوء العذاب، فأراد أن يتناول السماء، فجمع بني إسرائيل و عظماء أهل بابل ممن عنده علم، فقال لهم: إنّي قد قهرت أهل الأرض، فأريد أن أتناول ملك السماء، فهل عندكم علم أو حيلة أصعد إلى السماء؟ فقالوا: لا. فقال لهم: انطلقوا فاطلبوا لي حيلة أصعد بها إلى السماء. فسلّط اللّه عليه بعوضة، فدخلت منخره، فوقعت في دماغه فلم تزل البعوضة تعذّبه و تأكل دماغه، فلم يزل ينطح رأسه على الحجر حتى مات، ثم أوصى أن شقّوا هامته فينظروا ما كان فيه. قال: ففعلوا، فرأوا قدرة اللّه، فإذا هم ببعوضة قد تعلّقت بدماغه.
و اللّه أعلم أي ذلك كان.
قالوا:
و ملك بخت نصّر خمس و أربعون سنة، منها تسع عشرة سنة قبل خراب أورشلم - و هي بيت المقدس - و سباء بابل، و ست و عشرون سنة بعد الخراب. قالوا: كان أمره بعد ما رفع عيسى بن مريم، و قيل: كان قبل عيسى بن مريم، و قيل: كان قبل الاسكندر و المسيح بأكثر من ثلاث مائة سنة. قالوا: و من زمن آدم إلى سبي بابل أربعة آلاف و تسع مائة و ثمان عشرة سنة.
ص: 357
نائب طغتكين (1) على دمشق.
كان ورعا نزها حسن السيرة، وافر الحرمة، يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، كثير المحاسن.
حزن الناس عليه لما مات، و ولي ابنه عمر السلار بعده سنة إحدى عشرة و خمسمائة].
[9738] بخيت بن محمد بن حسّان البسريّ (2)
[9738] بخيت (3) بن محمد بن حسّان البسريّ (3)
[قال ابن ماكولا] (4):
[أما (5)]بخيت أوله باء مضمومة و خاء معجمة مفتوحة و آخره تاء معجمة باثنتين من فوقها هو: بخيت بن أبي عبيد البسري.
[حكى عن أبيه] (6):
من أهل بسر (7).كان أبوه من كبار الزهاد.
[حكى عن أبيه.
روى عنه أبو بكر الهلالي، و أبو العباس أحمد بن معز الصوري الجلودي، و أبو زرعة الحسيني، و معاذ بن أحمد الصوري، و أبو بكر محمد بن منصور بن بطيش الغساني. و أبو بكر بن معمر الطبراني.
ص: 358
حدث عن أبيه بكتاب: قوام الإسلام، و بكتاب الطبيب] (1).
قال أبو بكر الهلالي:
اجتمع أصحاب الحديث بطبريّة إلى بخيت بن أبي عبيد البسري، فسألوا أن يملي عليهم حديثا، فقال: ما أحبّ أن ألقى اللّه و أنا صاحب حديث. قالوا: فاحك لنا عن أبيك شيئا، فقال: سمعت أبي يقول:
البيت خال و الكباش تنتطح *** فمن نجا برأسه فقد ربح (2)
و قيل: بدر بن الهيثم بن نصر مولى بني هاشم الدّمشقي.
حدّث عن سليمان بن عبد الرحمن بسنده عن أبي هريرة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«طاعة الإمام حقّ على المرء المسلم، ما لم يأمر بمعصية اللّه، فإذا أمر بمعصية اللّه عزّ و جل فلا طاعة له»[14044].
مولى المعتضد باللّه المعروف بالحمامي و بالكبير.
قدم دمشق من مصر ممدّا لأميرها طغجّ بن جفّ (3) الفرغاني في خلافة المكتفي من
ص: 359
قبل الطّولونية لما حاصر القرمطيّ (1) دمشق، فلقيه بكناكر (2)،فقتل القرمطي، و انصرف إلى طبريّة راجعا إلى مصر، ثم رجع من الطريق واليا على دمشق من قبل هارون بن خمارويه ابن أحمد بن طولون، فقدمها في شعبان سنة تسعين و مائتين.
[قال أبو بكر الخطيب] (3):أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أبو بكر محمد بن بدر الأمير حدثنا أبي أبو النّجم بدر الكبير عن عبيد اللّه بن محمد بن رماحس قال: حدثنا أبو عمرو زياد بن طارق قال: سمعت أبا جرول زهير بن صرد الجشمي قال (4):
لما أسرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم حنين يوم هوازن، و ذهب يفرّق السّبي، أتيته فأنشأت أقول:
امنن علينا رسول اللّه في كرم *** فإنّك المرء ترجوه و ننتظر (5)
امنن على بيضة قد عاقها (6) قدر *** مشتّت (7) شملها في دهرها غير
أبقت لنا الحرب هتافا (8) على حزن *** على قلوبهم الغمّاء و الغمر (9)
إن لم تداركهم (10) نعماء تنشرها *** يا أرجح الناس حلما حين يختبر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها *** إذ فوك يملؤه (11) من محضها الدّرر
ص: 360
إذ أنت طفل صغير (1) كنت ترضعها *** و إذ يزينك ما تأتي و ما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته (2) *** و استبق منا فإنا معشر زهر
إنا لنشكر للنّعماء إذا كفرت (3) *** و عندنا بعد هذا اليوم مدّخر
فألبس (4) العفو من قد كنت ترضعه *** من أمهاتك إن العفو مشتهر
يا خير من مرحت كمت الجياد به *** عند الهياج إذا ما استوقد الشّرر
إنا نؤمّل عفوا منك تلبسه *** هذي البريّة إذ تعفو و تنتصر
فاعف (5) عفا اللّه عما أنت راهبه *** يوم القيامة إذ يهدى لك الظّفر (6)
فلما سمع هذا الشعر، قال صلّى اللّه عليه و سلّم:«ما كان لي و لبني عبد المطلب فهو لكم». و قالت قريش: ما كان لنا فهو للّه و لرسوله، و قالت الأنصار: ما كان لنا فهو للّه و لرسوله[14045].
قال أبو نعيم الحافظ (7):
بدر الأمير أبو النجم [يعرف ببدر الأستاذ الكبير، مولى أمير المؤمنين المعتضد أحمد بن طلحة] (8) قدم أصبهان سنة ثلاث و ثمانين و مائتين لإخراج عمر بن عبد العزيز أخي أحمد بن عبد العزيز إلى مدينة السلام، و قدمها أيضا واليا عليها سنة خمس و تسعين و مائتين في رمضان، فتولاها إلى صفر من سنة ثلاث مائة، و كان عادلا حسن السيرة، منع من نزول الجند في الدّور إلاّ بالكراء الوافي، و كان يقرّب أهل العلم، و يرفع منهم.
و قال أبو نعيم أيضا:
كان عبدا صالحا مجاب الدّعوة (9).
ص: 361
قال أبو بكر الخطيب (1):
[بدر أبو النجم مولى المعتضد باللّه المعروف بالحمامي، و يسمى بدر الكبير] (2) ولي الإمارة في بلدان جليلة، و كان له من السلطان منزلة كبيرة، و تولّى الأعمال بمصر مع ابن طولون، إلى أن فسد أمر ابن طولون و قتل، فقدم بدر بغداد، فأقام بها مدّة، ثم ولاّه السلطان بلاد فارس، فخرج إلى عمله و أقام هناك إلى أن توفي.
[و قد حدث عن هلال بن العلاء الرقي، و عبيد اللّه بن محمد بن رماحس الرملي.
روى عنه ابنه محمد بن بدر] (3).
حدّث جحظة (4) قال:
كنت بحضرة المعتضد ذات يوم، فأمرني أن أغنّي صوتا فغنّيت، ثم استعاده دفعة أخرى، و طرب له طربا شديدا، فأمر لي بمائة درهم، و قال: عرّجوا به على بدر - يريد صاحب جيشه - فقلت: لعله أن يوجد مما أطلق لي حقّ الجراية (5)،فلما وثب أمير المؤمنين حملني الخادم إلى قصر بدر، فرأيت مجلسا أحسن من مجلس الخليفة، و فيه من الغناء طرائقه، فلما رآني وثب و أجلسني في دسته (6) و قال له الخادم: هذه تحفة أمير المؤمنين، فأكرمني، فغنّيته ثلاثة أصوات، فلما سمعهنّ أمر لي بمائة ألف درهم، و عشرة تخوت (7)ثياب، و شهريّ (8) ليّن الركوب، و غلام أسود. و انصرفت و عدت إلى مجلس أمير المؤمنين في الغد، فغنيته صوتا فأطربه، فأمر لي بالجائزة فقلت: يا أمير المؤمنين و يعرج بي علي بدر، فقال: ذلك لا يعاود.
ص: 362
[قال أبو بكر الخطيب: أنبأنا إبراهيم بن مخلد] (1)،أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي قال (2):
ورد الخبر في ربيع الأول سنة إحدى عشرة و ثلاث مائة بموت بدر غلام ابن طولون المعروف ببدر الحمامي، و كان أميرا على بلاد فارس كلها و كورها، و قد طالت أيامه بها، و صلحت بمكانه، و السلطان حامد لأمره فيها، و شاكر إلى مكانه بها، فورد الخبر بوفاته، و أن ابنه محمدا قام بالأمر هناك، و سكن الناس، و ضبط ما تهيأ له ضبطه، فأمر السلطان أن يكتب إليه بالولاية مكان أبيه [و يكتب إلى من معه من القواد بالسمع و الطاعة، فنفذت الكتب بذلك] (3)،و تأمّر على بلاد فارس، و أطاعه الناس.
و قيل: مات بدر بشيراز و هو أمير على فارس (4).
المعروف بالشّيحي، عتيق عبد المحسن بن محمد قدم دمشق دفعات.
[سمع أبا جعفر ابن المسلمة، و أبا بكر الخطيب، و أبا الغنائم ابن المأمون، و عدة.
روى عنه: السمعاني، و ابن عساكر، و أبو موسى المديني، و ابن الجوزي، و محمد بن هبة اللّه الوكيل] (5).
حدّث عن أبي محمد الصّريفيني بسنده عن شعبة عن ثابت قال:
ص: 363
كان أنس ينعت لنا صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، ثم يقوم فيصلي فإذا قال: سمع اللّه لمن حمده، يقوم حتى نقول قد نسي.
[قال ابن الجوزي] (1):[كان سماعه صحيحا] (2).
[قال الذهبي] (3):[كان عريا من الفضيلة، يقال: طلب منه أن يجيز، فقال: كم ذا! ما بقي عندي إجازة.
عاش ثمانين سنة] (4).
[قال السمعاني] (5):[كتبنا عنه أجزاء] (6).
توفي بدر ببغداد في ليلة السبت التاسع من رمضان سنة اثنتين و ثلاثين و خمسمائة [و دفن بباب حرب عند مولاه] (7).
سنة خمس و خمسين و أربعمائة، فأقام فيها إلى أن جرى بينه و بين الجند و الرعية ما خاف منه على نفسه، فخرج منها هاربا إلى ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من شهر رجب سنة ست و خمسين.
ثم إنه قدمها مرة ثانية في سنة ثمان و خمسين و أربعمائة في يوم الأحد سادس شعبان واليا عليها و على الشام بأسره، فوقع الخلاف بينه و بينهم مرة ثانية في يوم الجمعة تاسع عشرين جمادى الأولى سنة ستين و أربعمائة فهرب و خرب القصر الذي خارج باب الجابية خرابا لم يعمر بعده، و ولي دمشق بعد هروبه عنها. و في المرة الثانية جرت بينهم حروب و أحرق أهل البلد القصر. و نهبوا ما فيه ثم عاد إلى دمشق مقاتلا في يوم الأربعاء ثامن عشرين شهر رمضان سنة ستين، و أقام على مسجد القدم بعسكر يكثر عدده و توجه إلى مصر].
[قال الذهبي] (1):
[قيل (2):بل ركب البحر من صور إلى دمياط لما علم باضطراب أمور مصر، و شدة قحطها فهجمها بغتة، و سرّ بمقدمه المستنصر الإسماعيلي و زال القطوع عنه، و الذل الذي قاساه من ابن حمدان (3) و غيره، فلوقته قتل عدة أمراء كبار في الليل، و جلس على تخت الولاية، و قرأ القارئ: وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّٰهُ بِبَدْرٍ [سورة آل عمران، الآية:123][و لم يتم الآية، فقال المستنصر: لو أتمها ضربت عنقه] (4) وردت أزمة الأمور إليه، فجهز جيشا إلى دمشق، فلم يظفروا بها.
أنشأ بالاسكندرية جامع العطارين، و كان بطلا شجاعا مهيبا من رجال العلم].
[كان من الرجال المعدودين في ذوي الآراء و قوة العزم و الشهامة و كان وزير السيف و القلم، و إليه قضاء القضاة و التقدم على الدعاة، و ساس الأمور أحسن سياسة] (5).
[قصد علقمة بن عبد الرزاق العليمي باب بدر فرأى عليه أشراف الناس و كبارهم
ص: 365
و شعراءهم فلم يحصل لأحد دخول إليه، فبينا هم كذلك إذ خرج بدر يريد الصيد، فخرج علقمة في أثره و أقام إلى أن رجع من صيده، فلما أقبل علا نشزا من الأرض، ثم جعل في عمامته ريشتي نعامة، و لما قرب منه أومأ برقعة كانت معه و أنشأ فيها يقول:
نحن النجار و هذه أعلاقنا *** درّ وجود يمينك المبتاع
قلّب و فتشها بسمعك إنما *** هي جوهر تحتاره الأسماع
كسدت علينا بالشام و كلما *** قلّ النفاق تعطل الصناع
فأتاك يحملها إليك تجارها *** و مطيها الآمال و الأطماع
حتى أناخوها ببابك و الرجا *** من دونك السمسار و البياع
فوهبت ما لم يعطه في دهره *** هرم و لا كعب و لا القعقاع
و سبقت هذا الناس في طلب العلى *** فالناس بعدك كلهم أتباع
يا بدر أقسم لو بك اعتصم الورى *** ولجوا إليك جميعهم ما ضاعوا
فالتفت بدر إلى أصحابه و خاصته و قال: من أحبني فليخلع على هذا الشاعر. قال علقمة: فو اللّه لقد خرجت من عنده و معي سبعون بغلا تحمل الخلع، و أمر لي بعشرة آلاف درهم] (1).
[مات بمصر سنة ثمان و ثمانين و أربع مائة] (2).
مولى الإخشيذ محمد المعروف ببدير
ولي دمشق من قبل مولاه الإخشيذ في أيام الراضي في ذي الحجة سنة سبع و عشرين و ثلاثمائة. فقدم محمد بن رائق و زعم أن المتقي ولاه دمشق، فجلا بدير عن دمشق بعد وقعة وقعت بينهما، ثم وليها ثانية في سنة ست و ثلاثين و ثلاثمائة من قبل كافور، وليها سنة ثم عزل
ص: 366
عنها، و وليها أبو المظفر الحسن بن طغج، و قبض على بدير في سنة سبع و ثلاثين و ثلاثمائة] (1).
ولي إمرة دمشق نيابة عن أبي محمود المغربي (2) الذي كان أمير الأمراء بالشام في أيام المعز يوم الأربعاء لسبع عشرة ليلة خلت من المحرم سنة أربع و ستين و ثلاثمائة، فأقام بها أياما ثم عزل عنها في مستهل ربع الأول من السنة].
ولي إمرة دمشق خلافة لأبي الفتح مظفر المنيري لما استدعي إلى مصر، و ذلك في يوم الاثنين لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى و أربعمائة.
قال ابن النحوي:
ثم وليها في سنة ست و أربعمائة خلافة لأبي عبد اللّه محمد بن بزال (3) حين سار عنها معزولا بساتكين (4)،ثم وليها في شهر رجب سنة إحدى عشرة و أربعمائة بعد فتنة ولي العهد، و ولي بعده أبو المطاع بن حمدان (5) ولايته الثالثة. و كانت مدة ولاية بدر الأولى ستة أشهر إلاّ خمسة أيام، و قدم بدر واليا على الغوطتين (6) و الشرطة، و جبل سنير (7)،يوم الأحد لست خلون من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين و أربعمائة].
ص: 367
كان أمير الأمراء ببغداد إلى أن تغلب بجكم التركي (1) و محمد بن رائق (2) فخرج بدر إلى الشام، فولاه الإخشيذ محمد بن طغج (3) إمرة دمشق سنة ثلاثين و ثلاثمائة في أيام المستكفي، و كانت ولايته لها شهرين، و مات سنة إحدى و ثلاثين و ثلاثمائة، فقلد الإمرة الإخشيذ لأبي عبد اللّه الحسين بن لؤلؤ] (4).
[كان يقال له بديح المليح. و له صنعة يسيرة، و إنما كان يغني أغاني غيره. و قد روى بديح الحديث عن عبد اللّه بن جعفر] (5).من أهل المدينة.
حدث بديح قال: كان عبد اللّه بن جعفر يحدثنا قال: فأقبل علي بن أبي طالب من سفر، فلقيناه غلمة من بني عبد المطلب، فينا الحسن و الحسين، فلما دفعنا إليه تناولني فضمّني إليه، فقال: يا ابن أخي إني معلّمك كلمات سمعتهنّ من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، من قالهنّ عند وفاته دخل الجنة:«لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم - ثلاث مرات - الحمد للّه رب العالمين - ثلاث مرات - تبارك الذي بيده الملك يحيى و يميت و هو على كل شيء قدير»[14046].
و عن بديح:
أن عبد اللّه بن جعفر قدم على عبد الملك بن مروان، فأهدى له رقيقا من رقيق المدينة، فقال له يحيى بن الحكم و هو عنده: إنما أهديت لأمير المؤمنين وحشا من وحش رقيق الحجاز.
ص: 368
و قال له يحيى بن الحكم (1):ما فعلت خبثة (2)-يعني المدينة ؟ قال له عبد اللّه بن جعفر: سماها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم طيبة و سميتها خبثة! و في رواية:
خالفت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، ما رأى اللّه إلاّ سيخالف بينك و بينه (3).
[قال أبو الحسن المدائني:
دخل عبد اللّه بن جعفر على معاوية و معه بديح، فقال لبديح: هات بعض هناتك، فغنّى، فحرك معاوية رجليه، فقال ابن جعفر: ما هذا يا أمير المؤمنين ؟ قال: إن الكريم طروب (4).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (5):
[بديح مولى عبد اللّه بن جعفر روى عن عبد اللّه بن جعفر، روى عنه عيسى بن عمر بن موسى. سمعت أبي يقول ذلك] (6).
قال الأصمعي:
قال الوليد بن عبد الملك لبديح: خذ بنا في المنى، فو اللّه لأغلبنّك قال: لا تغلبني.
قال: بلى لأفعلنّ ، قال: فستعلم، قال الوليد: فإني أبدا أتمنّى ضعف ما تتمنّى أنت فهات، قال: فإني أتمنّى سبعين كفلا من العذاب، و يلعنّي اللّه لعنا كبيرا، فعليك ضعف ذلك. قال:
غلبتني قبّحك اللّه.
[قال ابن ماكولا] (7):
[أما بديح بضم الباء و بالدال المهملة المفتوحة فهو بديح مولى عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب. روى عنه] (8).
ص: 369
[قال المدائني عن ابن جعدبة قال بديح:
أتى ابن قيس الرقيات منزل عبد اللّه بن جعفر عليهما السلام، فقال: يا بديح، استأذن لي، قال: فوجدته نائما، فجئت فوضعت وجهي بين قدميه، ثم نبحت نباح الكلب الهرم، فقال: مالك ويلك ؟ قلت: جعلني اللّه فداك ابن قيس بالباب و كرهت أن يرجع حتى يدخل إليك.
فقال: أحسنت أدخله، فدخل، فأنشده:
تقدت بي الشهباء نحو ابن جعفر *** سواء عليها ليلها و نهارها
تزور فتى قد يعلم اللّه أنه *** تجود له كف يرجى انهمارها
فإن مت لم يوصل صديق و لم تقم *** طريق من المعروف أنت منارها
فقال: يا بديح أجر على الشهباء و صاحبها نزلا واسعا، و أمر لابن قيس بسبع مائة دينار و مطرف خز مملوء ثيابا من خز و وشي] (1).
[قال البخاري]:
[بديح مولى عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي عن عبد اللّه بن جعفر أن النبي صلى اللّه عليه و سلم سمي المدينة طيبة.
قال لنا عمر بن عبد الوهاب عن جويرية، و عن عيسى بن عمر بن موسى، قال عمر:
عن بديح إن شاء اللّه] (2).
أبو الحسن مولى الميانجي
حدّث عن مولاه القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«أحبّوني لحبّ اللّه عز و جل، و أحبّوا أهل بيتي لحبّي»[14047].
ص: 370
[9749] برد (1) بن سنان
أبو العلاء القرشي (2)
مولاهم من أهل دمشق سكن البصرة.
[روى عن إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب الخزاعي، و بديل بن ميسرة العقيلي، و بكير بن فيروز، و راشد بن سعد المقرائي، و سليمان بن حبيب المحاربي، و سليمان بن موسى الدمشقي، و عبادة بن نسي، و عبدة بن أبي لبابة، و عطاء بن أبي رباح، و عطية مولى السلم بن زياد، و عمرو بن شعيب، و محمد بن جحادة، و محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، و مكحول، و ميمون بن مهران، و نافع مولى ابن عمر، و واثلة بن الأسقع، و أبي هارون العبدي.
روى عنه: إسماعيل بن علية، و إسماعيل بن عياش، و بشر بن المفضل، و بقية بن الوليد، و ثابت بن يزيد الأحوال، و حاتم بن وردان، و حفص بن غياث، و حماد بن زيد، و حماد بن سلمة، و سعيد بن أبي عروبة، و سفيان الثوري، و سفيان بن عيينة، و شريك بن عبد اللّه، و طلحة بن زيد الرقي، و العباس بن الفضل الأنصاري، و عبثر بن القاسم، و عبد اللّه بن عقيل الثقفي، و الأوزاعي، و عبد السلام بن حرب، و علي بن عاصم الواسطي، و العلاء بن برد بن سنان، و قدامة بن شهاب، و كهمس بن المنهال، و محرز بن عبد اللّه، و معتمر بن سليمان، و هشام الدستوائي، و يحيى بن حمزة الحضرمي] (3).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (4):
[برد بن سنان أبو العلاء شامي، سكن البصرة روى عن مكحول، و سليمان بن موسى، و نافع، و عبادة بن نسي، و إسحاق بن قبيصة. روى عنه الثوري، و حماد بن سلمة، سمعت أبي يقول ذلك.
ص: 371
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل فيما كتب إليّ قال: سألت أبي عن برد بن سنان فقال: صالح الحديث.
ذكره أبي عن إسحاق بن منصور الكوسج عن يحيى بن معين أنه قال: برد [بن سنان] أبو العلاء ثقة.
سألت أبي عن برد فقال: كان صدوقا و كان قدريا. سئل أبو زرعة عن برد بن سنان فقال: لا بأس به، بصري] (1).
[قال محمد بن إسماعيل البخاري] (2):
[برد بن سنان أبو العلاء الشامي، سمع مكحولا، و عبادة بن نسي، و الزهري، روى عنه الثوري، قال لي عمرو بن علي: مات سنة خمس و ثلاثين و مائة.
قال أبو عبد اللّه: كان برد بن سنان قدم البصرة] (3).
[قال خليفة بن خياط ] (4):
[و ممن أتى الشامات، الطبقة الرابعة، برد بن سنان، مولى قريش مات سنة خمس و ثلاثين و مائة. دمشقي] (5).
[قال إسحاق بن منصور و معاوية بن صالح عن يحيى بن معين: ثقة. و قال عباس الدوري عن يحيى: ليس بحديثه بأس، و كان شاميا نزل البصرة. قيل كما كان حديثه ؟ قال:
نحو مائتي حديث.
قال إبراهيم بن عبد اللّه بن الجنيد: قلت ليحيى بن معين: برد بن سنان، كيف حديثه ؟ قال: ليس به بأس.
قال المفضل بن غسان عن يحيى بن معين: محمد بن راشد ممن هرب من مروان (6)،
ص: 372
و هرب منه برد بن سنان و عيسى بن سنان، و ليس بأخيه، فأقاموا بالبصرة و لم يرجعوا، فذاك سماع البصريين من برد بن سنان، يعني لأجل قتل الوليد.
قال عمرو بن علي عن يزيد بن زريع: ما رأيت شاميا أوثق من برد.
قال يعقوب بن سفيان: سألت عبد الرحمن بن إبراهيم أي أصحاب مكحول أعلى ؟ فقال:- و ذكر جماعة - ثم قال: و لكن زيد بن واقد و برد بن سنان من كبارهم.
و قال النسائي: ليس به بأس] (1).
حدّث عن نافع عن ابن عمر:
أنه كان يؤاجر أرضه حتى ذكر رافع بن خديج أن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم نهى عن كراء الأرضين، فترك ذلك[14048].
و حدّث برد بن سنان عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد اللّه:
أن جبريل أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم يعلّمه الصلاة، فجاء جبريل حين زالت الشمس، فتقدم جبريل، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلفه، و الناس خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فصلّى الظهر، ثم جاءه حين صار الظّل كأنه مثل شخص الرجل، فتقدّم جبريل، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلفه، و الناس خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فصلى العصر، ثم جاءه جبريل حين وجبت (2) الشمس، فتقدّم جبريل، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلفه، ثم جاءه حين غاب الشّفق، فتقدّم جبريل، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلفه، و الناس خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فصلّى المغرب، ثم جاءه حين غاب الشّفق، فتقدم جبريل و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلفه، و الناس خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فصلى العشاء، ثم أتاه اليوم الثاني جبريل حين صار الظّل كأنه مثل شخص الرجل، فتقدم جبريل و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلفه، و الناس خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فصلى الظهر، ثم جاءه حين صار الظّل مثل الرجل، فتقدّم جبريل و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلفه، و الناس خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فصلّى العصر، ثم جاءه حين وجبت الشمس لوقت واحد، فتقدّم جبريل و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلفه، و الناس خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فصلى المغرب. قال: ثم قمنا نحو ثلث الليل، فتقدم جبريل و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلفه، و الناس خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فصلى العشاء الآخرة، ثم جاءه حين أضاء الفجر
ص: 373
و أضاء الصبح، فتقدم جبريل و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلفه، و الناس خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و صلّى الغداة، ثم قال: ما بين صلاتين وقت. قال: فسأل رجل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن الصلاة ؟ فصلى بهم كما صلى به جبريل، ثم قال:«أين السائل عن الصلاة ؟ ما بين الصلاتين وقت»[14049].
توفي برد بن سنان سنة خمس و ثلاثين و مائة (1).
و وثّقه قوم، و ضعّفه آخرون قليلون، و كان قدريّا.
أبو الحسن بن أبي محمد الأنماطي
كان مستورا حافظا للقرآن، و لم يكن الحديث من شأنه.
حدّث عن أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«تجوّزوا في الصلاة فإن خلفكم الضّعيف و الكبير و ذا الحاجة»[14050].
ولد بركات ليلة نصف شعبان سنة خمس و أربعين و أربع مائة بدمشق. قال: و كان شيخا مغفّلا.
حكى أبو الحسين القيسي أنه قال له:
إن الناس يقولون: إن صلاتي كافرة، فقال له: إنما يقولون إنها بدعة. فقال: هو هذا.
و كان يديم الخروج إلى مغارة الدّم، و يصلي بمن يكون فيها النوافل جماعة، و لم يفرّق بين بدعة و كافرة، و حكي أنّه كان يعمّم الصبيان يوم العيد.
توفي يوم السبت ثامن عشر من رمضان سنة إحدى و ثلاثين و خمس مائة.
ابن حميد بن صدقة بن معترف الهمذاني الدّمشقي
سكن مصر.
ص: 374
حدّث عن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بسنده عن عثمان بن عفان قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«من مات و هو يعلم أن لا إله إلا اللّه دخل الجنة»[14051].
ابن مسعود أبو سعد الأردبيلي
قدم دمشق مع أخيه أبي عمرو مسعود سنة إحدى و ثمانين و أربع مائة.
أنشد أبو سعد بركات لأبي القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري:
و إذا سقيت من المحبّة جرعة *** ألقيت من فرط الخمار خماري
كم تبت جهدا ثم لاح عذاره *** فخلعت من ذاك العذار عذاري
[9753] بركة (1) الأردنّيّ و يقال: الأزديّ
[قال محمد بن إسماعيل البخاري] (2):
[بركة الأردني الشامي، سمع مكحولا قوله، روى عنه محمد بن مهاجر] (3).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (4).
[بركة الأزدي روى عن عمر بن عبد العزيز، و مكحول. روى عنه محمد بن مهاجر الأنصاري، سمعت أبي يقول ذلك] (5).
[قال ابن ماكولا] (6):
و أما بركة مثل الذي قبله إلا أن باءه مضمومة وراء ساكنة فهو بركة الأردني. روى عن مكحول. قال البخاري: حدث عن محمد بن مهاجر] (7).
ص: 375
قال:
توضّأ مكحول في منزلي، فأتيته بمنديل، فأبى أن يتمندل، و تمسّح ببرقة (1) قبائه (2)و قال: إنّ فضل الوضوء بركة؛ و أنا أحبّ أن لا تعدو البركة ثوبي.
بركة بضم الباء و تسكين الراء.
ابن الأعرج بن سعد بن رزاح بن عديّ بن سهم بن مازن بن الحارث
ابن سلامان بن أسلم بن أفصى، أبو عبد اللّه، و يقال: أبو سهل،
و يقال: أبو ساسان، و يقال: أبو الحصيب الأسلمي
صاحب سيّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم
أسلم حين اجتاز به النبيّ صلى اللّه عليه و سلم مهاجرا إلى المدينة (3)،و شهد غزوة خيبر، و أبلى يومئذ، و شهد فتح مكة، و كان معه أحد لوائي أسلم، و استعمله النبي صلى اللّه عليه و سلم على صدقات قومه؛ و كان يحمل لوائي أسامة (4) لمّا بعثه النبي صلى اللّه عليه و سلم إلى أرض البلقاء بطلب قتلة أبيه بمؤتة. و خرج مع عمر إلى الشام لما رجع من سرغ (5) أميرا على ربع أسلم (6).
[روى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم روى عنه ابنه سليمان بن بريدة، و عامر الشعبي، و عبد اللّه بن أوس الخزاعي، و ابنه عبد اللّه بن بريدة، و عبد اللّه بن عباس، و عبد اللّه بن مولة، و نفيع أبو داود الأعمى، و أبو المليح بن أسامة الهذلي، و أبو المهاجر] (7).
ص: 376
[قال البخاري] (1):
[بريدة بن حصيب الأسلمي، له صحبة، نزل البصرة. قال لي عياش: حدثنا عبد الأعلى قال: ثنا الجريري عن أبي نضرة قال: كنت بسجستان فإذا بريدة الأسلمي فجلست إليه.
قال لي محمد بن مقاتل: أخبرنا معاذ حدثنا عبد اللّه بن مسلم الباهلي من أهل مرو، سمعت عبد اللّه بن بريدة يقول: مات والدي بمرو و قبره بجصين (2) و قال: هو قائد أهل المشرق يوم القيامة و نورهم.
مات في خلافة يزيد بن معاوية، و مات بعده الحكم بن عمرو الغفاري و دفن إلي جنبه] (3).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم (4).
[بريدة بن الحصيب الأسلمي، أبو سهل، له صحبة، وقع إلى البصرة ثم سكن مرو، و مات بمرو و ولده ثم، روى عنه عبد اللّه بن مولة و ابناه سليمان و عبد اللّه. سمعت أبي يقول ذلك] (5).
حدّث بريدة الأسلمي أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم كان لا يتطيّر من شيء (6) و كان إذا بعث عاملا سأل عن اسمه؛ فإن أعجبه فرح بذلك و رئي بشر ذلك في وجهه؛ و إن كره اسمه رئي كراهية ذلك في وجهه.
روى بريدة:
أنه دخل على معاوية رجل يتناول عليا و يقع فيه؛ قال فقال: يا معاوية، تأذن في الكلام ؟ قال فقال: تكلّم - و هو يرى أنه سيقول مثل ما قال صاحبه - فقال: سمعت
ص: 377
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«إني لأرجو أن أشفع عدد كلّ شجرة و مدرة» أ فترجوها أنت يا معاوية و لا يرجوها عليّ ؟ قال فقال: اسكت، فإنك شيخ قد ذهب عقلك.
قال أحمد بن سنان:
نزل بريدة بن الخصيب الأسلمي مرو عن أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى قاله له:«كن في بعث المشرق، ثم في بعث خراسان، ثم اسكن مدينة مرو». فقدمها، و أقام بها إلى أن توفي.
و أوصى أن لا يدفن على جادّة. فحفر له على جادّة، فسقط ، ثم تنحّوا به عن الجادّة، فدفنوه في زمن معاوية؛ و له عقب من ولده[14052].
و دفن بمرو رجلان من أصحاب سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: بريدة و الحكم الغفاريّ .
قال أحمد بن عثمان - و هو ابن الطّوسي:
بريدة اسمه عامر (1) بن خصيب، بضم الحاء المهملة و فتح الصاد المهملة.
و قيل:
إنّ بريدة مات في زمن يزيد بن معاوية سنة اثنتين أو ثلاث و ستين (2).
حدث بريدة قال:
كانت قريش جعلت مائة من الإبل لمن يأخذ نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و سلم فيردّه عليهم حين توجّه إلى المدينة. فركب بريدة في سبعين راكبا من أهل بيته من بني سهم، فتلقّى نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«من أنت ؟» قال: بريدة. فالتفت إلى أبي بكر فقال:«يا أبا بكر، برد أمرنا و صلح» (3)؛قال:«ثم ممّن ؟» قال: من أسلم؛ قال لأبي بكر:«سلمنا» قال:«ثمّ ممّن ؟» قال: من بني سهم. قال:«خرج سهمك» (4)[14053].
قال: و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يتطيّر، و لكن يتفاءل. و في رواية: قال بريدة للنبيّ صلى اللّه عليه و سلم:
فمن أنت ؟ قال:«أنا محمد بن عبد اللّه، رسول اللّه». فقال بريدة: أشهد أن لا إله إلا اللّه
ص: 378
و أنك عبده و رسوله. فأسلم بريدة و أسلم الذين معه جميعا، فلما أن أصبح قال بريدة للنبيّ صلى اللّه عليه و سلم: لا تدخل المدينة إلاّ معك لواء. قال: فحلّ عمامته ثم شدّها برمح، ثم مشى بين يديه حتى دخل المدينة؛ فقال بريدة: يا رسول اللّه تنزل عليّ ؟ قال:«أما إنّ ناقتي هذه مأمورة». قال: فسارت حتى وقفت على باب أبي أيّوب فبركت. قال بريدة: الحمد للّه الذي أسلمت بنو سهم طائعين غير مكرهين[14054].
حدّث محمد بن عمر الواقدي عمن ذكره من شيوخه قال: قال أبو بكر الصديق (1):
يا رسول اللّه، نعم الرجل بريدة لقومه، عظيم البركة عليهم، مررنا به ليلة مررنا و نحن مهاجرون إلى المدينة، فأسلم معه من قومه من أسلم. فقال: رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«نعم الرجل بريدة لقومه و عزّ قومه (2)،إنّ خير القوم من كان مدافعا عن قومه ما لم يأثم، فإنّ الآثم لا خير فيه»[14055].
و غزا بريدة مع النبي صلى اللّه عليه و سلم ستّ عشرة غزوة (3).
حدّث بريدة قال (4):
شهدت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فتح خيبر، فكنت فيمن صعد الثّلمة (5)،فقاتلت حتى رأى بلائي و مكاني، و أبليت و عليّ ثوب أحمر، و ما علمت أنّي ركبت في الإسلام ذنبا أعظم منه للشّهرة (6).
حدّث بريدة قال:
لما كان يوم خيبر (7) أخذ اللواء أبو بكر، فرجع و لم يفتح له، فلما كان الغد أخذه عمر، فرجع و لم يفتح له، و قتل محمود بن مسلمة (8).فرجع الناس، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
ص: 379
«لأدفعنّ لوائي غدا إلى رجل يحبّ اللّه و رسوله و يحبّه اللّه و رسوله، لن يرجع حتى يفتح له».
فبتنا طيّبة أنفسنا أنّ الفتح غدا. فصلّى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صلاة الغداة، ثم دعا باللواء، و قام قائما فما منّا من رجل له منزلة من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلاّ يرجو أن يكون ذلك الرجل؛ حتى تطاولت أنا لها، فدفعت رأسي لمنزلة كانت لي منه؛ فدعا عليّ بن أبي طالب و هو يشتكي عينه. قال:
فمسحها ثم دفع إليه اللواء؛ و قال بريدة: إنه كان صاحب مرحب (1).
و عن بريدة قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و للحكم الغفاري (2):
«أنتما عينان لأهل المشرق، و بكما يحشر أهل المشرق». فقدما مرو و ماتا بها[14056].
و عنه:
أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال له: يا بريدة إنّه لا يكلّ بصرك، و لا يذهب سمعك، أنت نور لأهل المشرق.
و عن ابن بريدة قال:
كان بريدة ربع الإسلام. قال أبو عبد اللّه: و إنما يعني بقوله ربع الإسلام، أن يكون الأول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و الثاني أبو بكر، و الثالث عامر بن فهيرة مولى أبي بكر، و الرابع بريدة الأسلمي.
حدّث رجل من بكر بن وائل قال (3):
كنت مع بريدة الأسلميّ بسجستان، قال: فجعلت أعرّض بعليّ و عثمان و طلحة و الزّبير لأستخرج رأيه؛ قال: فاستقبل القبلة، فرفع يديه فقال: اللهمّ اغفر لعثمان، و اغفر لعليّ بن أبي طالب، و اغفر لطلحة بن عبيد اللّه، و اغفر للزّبير بن العوام. قال: ثم أقبل عليّ فقال لي: لا أبا لك، أتراك قاتلي!؟ قال فقلت: و اللّه ما أريد قتلك، و لكن هذا أردت منك. قال:
قوم سبقت لهم من اللّه سوابق، فإن يشأ يغفر لهم بما سبق لهم،[فعل] (4)،و إن يشأ يعذبهم بما أحدثوا فعل. حسابهم على اللّه عزّ و جلّ .
ص: 380
و كان بريدة يقول (1):
لا عيش إلا طراد الخيل للخيل.
بينا أنا أسير بالأهواز على دابّة لي، فإذا بين يديّ رجل على دابّة له و هو يقول: اللهمّ ذهب قرني من هذه الأمّة، اللهمّ ألحقني بهم. فلحقته فقلت له: و أنا معك يرحمك اللّه.
قال: اللهم و صاحبي هذا إن أراد ذلك؛ قال: يا بن أخي، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«خير أمّتي قرن بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»[14057].
قال بعض رواته:
و لا أدري ذكر الثالثة أم لا.«ثم يظهر فيهم السّمن، و يزهقون (4) الشهادة و لا يسألونها».
قال: فإذا الرجل بريدة.
قال عبد اللّه بن بريدة (5):
مات والدي بمرو، و قبره بجصّين (6)؛و هو قائد أهل المشرق يوم القيامة و نورهم.
قال لي بريدة: قال النبيّ صلى اللّه عليه و سلم:
«أيما رجل من أصحابي مات ببلدة فهو قائدهم و نورهم يوم القيامة» (7)[14058].
[روي لبريدة نحو من مائة و خمسين حديثا] (8).
ص: 381
[قال ابن سعد] (1):
أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدثني هاشم بن عاصم الأسلمي قال: حدثني المنذر بن جهم قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد علم بريدة بن الحصيب صدرا من سورة مريم، و قدم بريدة ابن الحصيب بعد أن مضت بدر و أحد على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم المدينة فتعلم بقيتها، و أقام مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فكان من ساكني المدينة، و غزا معه مغازيه بعد ذلك.
أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بأسارى المريسيع فكتفوا و جعلوا ناحية و استعمل بريدة بن الحصيب عليهم.
و بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بريدة بن الحصيب على أسلم و غفار يصدّقهم] (2).
عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«يا بريدة ستكون بعوث فعليك ببعث خراسان، ثم عليك مدينة مرو، فإنه لا يصيب أهلها سوء، لأن ذا القرنين بناها»] (3).
فجلست إلى شيخ قد جلس الناس إليه، كأنّ رأسه و لحيته ثغامة (1)،فسلّمت؛ فقال: ممّن ؟ فانتسبت له، فقال: و من أيّ الأجناد؟ فقلت: من الشام. فقال: و اللّه يا أخا أهل الشام، ليخرجنّ إليكم الروم، فليخرجنكم منها كفرا كفرا (2)،و ليقفنّ فوارس من الروم على جبلنا هذا؛ فليتشمّر أهل المدينة، ثم لينزلنّ اللّه نصره.
ص: 383
المقدمة 3 من اسم أبيه على حرف الألف
[9520] أحمد بن أحمد بن وركشين 5
[9521] أحمد بن أبي أحمد الجرجاني 6
[9522] أحمد بن أبّا - و يقال: محمد - أبو جعفر الكاتب 7
[9523] أحمد بن إبراهيم بن حبيب البغدادي 8
[9524] أحمد بن إبراهيم بن الحدّاد الأسدي 9
[9525] أحمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني الشاهد 10
[9526] أحمد بن إبراهيم الرازي المعروف بابن الحطاب 10
[9527] أحمد بن إبراهيم بن أيوب أبو بكر الحوراني 12
[9528] أحمد بن إبراهيم بن تمام بن حبان أبو بكر السكسكي الفقيه المقرئ قاضي بعلبك 12
[9529] أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان ابن حرب بن مهران، أبو بكر البزاز والد أبي علي بن شاذان 12
[9530] أحمد بن إبراهيم بن سعد الخير بن عثمان بن يحيى ابن مسلمة بن عبد اللّه ابن قرط ، أبو عمر الأزدي 14
ص: 384
[9531] أحمد بن إبراهيم بن عبد اللّه القرشي 15
[9532] أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب بن بشير ابن عبد اللّه بن الحسن بن يزيد بن عبد اللّه أبو الطيب المعروف بابن عبادل الشيباني 15
[9533] أحمد بن إبراهيم بن فيل أبو الحسن البالسي ثم الأنطاكي 16
[9534] أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن بكار ابن عبد الملك بن الوليد بن بسر بن أبي أرطاة أبو عبد الملك القرشي البسري 18
[9535] أحمد بن إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان أبو جعفر ابن أبي إسحاق القرشي 20
[9536] أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن علي بن بندار ابن عباد بن أيمن، أبو الحسين بن أبي إسحاق الدينوري 21
[9537] أحمد بن إبراهيم بن موسى المصاحفي 21
[9538] أحمد بن إبراهيم بن هشام بن ملاّس بن قسيم أبو عبد اللّه النميري، و قيل الغسّاني 22
[9539] أحمد بن إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى أبو حارثة الغسّاني 22
[9540] أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن داود بن سليمان ابن أيوب بن سعيد بن سعد بن عبادة بن دحيم أبو الحسن الخزرجي، و يعرف بابن اللحياني 22
[9541] أحمد بن إبراهيم بن يونس بن محمد بن يونس أبو الحسين المقدسي الخطيب 23
[9542] أحمد بن إبراهيم، أبو جعفر الحلواني 23
[9543] أحمد بن إبراهيم، أبو العباس البغدادي المقرئ 23
[9544] أحمد بن إبراهيم، أبو سليمان الحرّاني 25
[9545] أحمد بن إبراهيم، أبو بكر البيروتي المؤدّب 25
[9546] أحمد بن إبراهيم، أبو بكر الصوفي الشيخ الصالح 25
[9547] أحمد بن إبراهيم، أبو العباس الحلبي الصفّار 26
[9548] أحمد بن إبراهيم، أبو بكر السّميرمي 26
ص: 385
[9549] أحمد بن الأزهر بن منيع بن سليط أبو الأزهر العبدي النيسابوري 26
[9550] أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن سلم أبو بكر الملحمي الخزاعي القاضي البغدادي 32
[9551] أحمد بن إسحاق بن إبراهيم، أبو الطيب الرّبعي الدمشقي 33
[9552] أحمد بن إسحاق بن صالح بن عطاء، أبو بكر الوزان 34
[9553] أحمد بن إسحاق بن محمد بن أحمد بن إسحاق ابن عبد الرحمن بن يزيد بن موسى، أبو جعفر الحلبي 35
[9554] أحمد بن إسرائيل بن الحسين أبو جعفر الكاتب 36
[9555] أحمد بن إسماعيل بن القاسم بن عاصم أبو جعفر - و قيل: أبو بكر - الصّدفي المصري العطار الحافظ 37
[9556] أحمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد اللّه ابن أبي البختري وهب بن وهب 38
[9557] أحمد بن أصرم بن خزيمة بن عبّاد بن عبد اللّه ابن حسان بن عبد اللّه بن مغفّل، أبو العباس المغفّلي المزني 38
[9558] أحمد بن أصرم بن طاهر بن محفوظ أبو حامد السّجستاني 40
[9559] أحمد بن أنس بن مالك، أبو الحسن الدمشقي المقرئ 40
[9560] أحمد بن بحر اللّخمي 42
[9561] أحمد بن بشر بن حبيب بن زيد أبو عبد اللّه الصوري التميمي المؤدب 42
من اسم أبيه على حرف الباء [من الأحمدين]
[9562] أحمد بن بشر بن عبد الوهّاب بن بشر أبو طاهر - و يقال: أبو طالب، و يقال: أبو طالوت 43
[9563] أحمد بن تبوك بن خالد بن يزيد بن عبد اللّه ابن يزيد بن تميم بن حجر أبو الميمون السلمي مولى نصر بن الحجاج بن علاط 45
ص: 386
من اسم أبيه على حرف التاء [من الأحمدين]
[9564] أحمد بن ثابت بن عتّاب - و يقال غياث و عراب - أبو يحيى الرازي الناهكي الحافظ المعروف بفرخويه 46
من اسم أبيه على حرف الثاء [من الأحمدين]
[9565][أحمد بن ثعلبة الدمشقي 47
[9566] أحمد بن ثعلبة العاملي 47
[9567] أحمد بن الجحاف، أبو بكر الأزدي النّشويّ 49
من اسم أبيه على حرف الجيم [من الأحمدين]
[9568] أحمد بن جعفر بن أحمد بن حمكان أبو العباس القصوري الكيلي 50
[9569] أحمد بن جعفر بن الحسن، أبو بكر البلدي الواعظ 50
[9570] أحمد بن جعفر بن حمدان، أبو الحسن الطرسوسي 50
[9571] أحمد بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم ابن الرشيد هارون بن محمد المهدي بن عبد اللّه المنصور ابن محمد بن علي ابن عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب أبو العباس الهاشمي الملقب بالمعتمد على اللّه 51
[9572] أحمد بن جعفر بن محمد بن علي، أبو الحسن البغدادي الصّيدلاني 52
[9573] أحمد بن جعفر، أبو العباس الفرغاني المعروف بغياث 53
[9574] أحمد بن جعفر، أبو جعفر الهلالي الزاهد 53
[9575] أحمد بن جواد بن قطن بن كثير بن سويد ابن جعفر التميمي النيسابوري الكبيري 55
[9576] أحمد بن حبيب بن عبد الملك ابن حبيب أخو أبي علي 56
ص: 387
من اسم أبيه على حرف الحاء [من الأحمدين]
[9577] أحمد بن حجيل بن يونس، أبو عبد اللّه الغوثي 57
[9578] أحمد بن حسن بن أحمد بن خميس بن أحمد ابن الحسين بن موسى، أبو بكر السلماني القاضي 57
[9579] أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان ابن سعيد بن القاسم أبو بكر - و يقال:
أبو العباس - الغساني المعروف بابن الطّيّان الدمشقي 58
[9580] أحمد بن الحسن بن أحمد أبو العباس الشاهد، المعروف بابن الوراق 59
[9581] أحمد بن الحسن بن جنيدب أبو الحسن التّرمذي الحافظ 59
[9582] أحمد بن الحسن بن الحسين بن أحمد أبو نصر الحافظ الشيرازي المعروف باللبّاد 61
[9583] أحمد بن الحسن بن روزبه أبو بكر البصري الفارسي 64
[9584] أحمد بن الحسن بن زريق، أبو محمد الحرّاني 65
[9585] أحمد بن الحسن بن علي بن زرعة أبو الفرج الصوري الكاتب 65
[9586] أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان بن يحيى ابن سليمان بن أبي سليمان أبو بكر المعروف بالصّبّاحي البغدادي الغزال مولى أبي موسى الأشعري 66
[9587] أحمد بن الحسن، أبو بكر الأحنف البغدادي الصوفي 67 [9588][أحمد بن الحسن أبو الحسين الطرسوسي 68 [9589][أحمد بن الحسن بن أحمد أبو العباس الكفر طابي 68
[9590] أحمد بن الحسين بن أحمد بن طلاّب بن كثير ابن حمّاد بن الفضل مولى عيسى بن طلحة بن عبيد اللّه، و يقال: مولى يحيى بن طلحة، أبو الجهم المشغراني 69
[9591] أحمد بن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد العقيقي ابن جعفر بن عبد اللّه بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، أبو القاسم
ص: 388
الحسيني العقيقي 70
[9592] أحمد بن الحسين بن أحمد، أبو الحسين البغدادي المعروف بابن السماك الواعظ 73
[9593] أحمد بن الحسين بن أحمد بن القاسم بن أحمد ابن إبراهيم بن عمر، أبو الفضل الثغري الصوري المعروف بابن أخت الكاملي 75 [9594][أحمد بن الحسين بن أحمد أبو بكر المقدسي القطان المقرئ 76
[9595] أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد أبو الطّيّب الجعفي الشاعر المعروف بالمتنبي 76
[9596] أحمد بن الحسين بن الحسن بن علي أبو بكر الأنصاري البروجردي الصوفي 85
[9597] أحمد بن الحسين بن حيدرة أبو الحسين المعروف بابن خراسان الأطرابلسي 85
[9598] أحمد بن الحسين بن داناج أبو العباس الزاهد الإصطخري 86
[9599] أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم أبو العباس مولى بني هاشم يعرف بزبيدة 87
[9600] أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم ابن الحكم بن عبد اللّه أبو زرعة الحافظ الرّازي 87
[9601] أحمد بن الحسين بن علي بن مهدي بن علي بن جابر أبو الحسين الأطرابلسي المعروف بابن الشماع 90
[9602] أحمد بن الحسين بن مهران، أبو بكر الأصبهاني المقرئ 90 [9603][أحمد بن الحسين بن المؤمل أبو الفضل المعروف بابن الشواء 91
[9604] أحمد بن الحسين، أبو الحسين بن التّمار المؤذّن 92
[9605] أحمد بن الحسين، أبو الحسن البغدادي البرتي يعرف بالبسطامي 92
[9606] أحمد بن حفص بن عمر بن صالح بن عطاء ابن السائب بن أبي السائب المخزومي البلقاوي 93
[9607] أحمد بن حفص بن المغيرة بن عبد اللّه ابن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة أبو عمرو و يقال: اسمه: عبد الحميد 93
ص: 389
[9608] أحمد بن الحكم أبو حزية - و يقال: أبو حرب - البلقاوي 94
[9609] أحمد بن حمدون بن إسماعيل ابن داود أبو عبد اللّه الكاتب 94
[9610] أحمد بن حمزة بن محمد بن حمزة بن خزيمة أبو اسماعيل الهروي الحداد الصوفي، المعروف بعمويه شيخ الصوفية بهراة 97
[9611] أحمد بن حميد بن سعيد بن خالد بن حميد ابن صهيب بن طليب بن بخيت بن علقمة بن الصبر أبو الحسن الأزدي، المعروف بابن أبي العجائز، و هو جده سعيد 98
[9612] أحمد بن خالد أبو العباس الدّامغاني 99
من اسم أبيه على حرف الخاء [من الأحمدين]
[9613] أحمد بن خالد، رجل من أهل دمشق 100
[9614] أحمد بن الخضر بن بكر بن حمّاد ابن الخاضب أبو بكر الإمام 101
[9615] أحمد بن خلف [الدمشقي]101
[9616] أحمد بن خلف الدمشقي، نزيل بخارى 102
[9617] أحمد بن خليد بن يزيد، أبو عبد اللّه الكندي الحلبي 102
[9618] أحمد بن الخير الأنطرطوسي الإمام 105
[9619] أحمد بن داود 106
[9620] أحمد بن داود بن أبي نصر - و يقال: ابن نصر و يقال: ابن نصير - أبو بكر الحنظلي القومسي السمناني 106
من اسم أبيه على حرف الدال المهملة [من الأحمدين]
[9621] أحمد بن أبي دؤاد القاضي 108
[9622] أحمد بن ذكوان إمام مسجد دمشق 127
ص: 390
من اسم أبيه على حرف الذال من الأحمدين
[9623] أحمد بن ربيعة بن سليمان بن خالد بن عبد الرحمن ابن زبر والد القاضي أبي محمد 128
من اسم أبيه على حرف الراء [من الأحمدين]
[9624] أحمد بن روح بن زياد بن أيوب أبو الطيّب البغدادي الشعراني 129
[9625] أحمد بن ريحان بن عبد اللّه، أبو الطيّب البغدادي 131
[9626] أحمد بن زكريا بن يحيى ابن يعقوب، أبو الحسن المقدسي 132
من اسم أبيه على حرف الزاي [من الأحمدين]
[9627] أحمد بن سالم المرّي - و يقال: أحمر بالراء 134
من اسم أبيه على حرف السين [من الأحمدين]
[9628] أحمد بن سباع - أحد المتعبدين 135
[9629] أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو إبراهيم الزّهري 136
[9630] أحمد بن سعيد بن الحسن بن النّضر أبو العباس الشّيحي المعدّل 141
[9631] أحمد بن سعيد بن سعد أبو الحسين البغدادي المعروف بالذهبي وكيل دعلج 143
[9632] أحمد بن سعيد بن عبد اللّه أبو الحسن المؤدّب الدمشقي 143
[9633] أحمد بن سعيد بن محمد بن الفرج - و قيل أحمد بن محمد بن سعيد - أبو الحارث المعروف بابن أمّ سعيد 145
[9634] أحمد بن سعيد، أبو بكر الطائي الكاتب 145
ص: 391
[9635][أحمد بن سعيد الشيزري 148
[9636] أحمد بن أبي السفر - و يقال ابن أبي العسر 148
[9637] أحمد بن سلمة بن الضحاك 148
[9638] أحمد بن سلمة بن كامل بن إبراهيم، أبو العباس المرّي 149
[9639] أحمد بن سلمة الأنصاري أبو موسى 149
[9640] أحمد بن سليمان بن أيوب بن داود ابن عبد اللّه بن حذلم أبو الحسن الأسدي القاضي 150
[9641] أحمد بن سليمان بن زبّان بن الحباب و يقال: أحمد بن سليمان بن إسحاق ابن زياد ابن يحيى أبو بكر الكندي المعروف بابن أبي هريرة 152
[9642] أحمد بن سليمان، أبو بكر الزّنبقي الصوري 154
[9643] أحمد بن سليمان البغدادي 159
[9644] أحمد بن سليمان، أبو الفتح الشاعر المعروف بالفخري 159
[9645] أحمد بن سهل بن بحر أبو العباس النيسابوري 160
[9646] أحمد بن سهل بن حمّاد الرافقي 161
[9647] أحمد بن سلامة بن يحيى، أبو الحسين الأبار الإمام 162
[9648] أحمد بن سيّار بن أيوب بن عبد الرحمن أبو الحسن المروزي 162
[9649] أحمد بن شبّويه بن أحمد بن ثابت بن عثمان ابن مسعود بن يزيد بن الأكبر بن كعب بن مالك بن الحارث ابن قرط بن مازن بن سنان بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن عامر أبو الحسن الخزاعي الماخواني 167
من اسم أبيه على حرف الشين [من الأحمدين]
[9650] أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر أبو عبد الرحمن النّسائي القاضي الحافظ 170
[9651] أحمد بن صاعد بن موسى الصوري الزاهد 178
ص: 392
من اسم أبيه على حرف الصاد [من الأحمدين]
[9652] أحمد بن صافي، أبو بكر التّنّيسي [مولى الحباب] ابن رحيم البزّاز 179
[9653] أحمد بن صالح أبو جعفر المصري الحافظ المعروف بابن الطبري 180
[9654] أحمد بن صالح المكي الطحان السواق 188
[9655] أحمد بن صالح بن عمر بن إسحاق أبو بكر البغدادي المقرئ البزاز صاحب أبي بكر بن مجاهد 189
[9656] أحمد بن صالح بن محمد بن صالح بن المثنى ابن ثعلبة بن عمر بن منصور بن حرب، أبو العلاء الأثطّ المؤدّب التميمي الفارسي الجرجاني 191
[9657] أحمد بن الصقر بن أحمد بن ثابت أبو الحسن المنبجي المقرئ العابد 192 [من اسمه أبيه الصقر من الأحمدين
[9658] أحمد بن الضحاك بن مازن أبو عبد اللّه الأسدي القردي، مولى أيمن بن خريم 194
من اسم أبيه على حرف الضاد المعجمة [من الأحمدين]
[9659] أحمد بن ضياء - و قيل أحمد ابن زياد بن ضياء بن خلاج بن كثير، أبو الحسن البجلي المسرابي 195
[9660] أحمد بن طاهر بن عبد اللّه ابن يزيد، أبو علي النيسابوري 196
[9661] أحمد بن طاهر الدمشقي 196
من اسم أبيه على حرف الطاء المهملة [من الأحمدين]
[9662] المعتضد أحمد بن طلحة أبي أحمد الموفّق - و يقال: اسم أبي أحمد
ص: 393
محمد بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد هارون بن المهدي محمد بن المنصور عبد اللّه بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس ابن عبد المطلب بن هاشم أبو العباس المعتضد باللّه 197
[9663] أحمد بن طولون، أبو العباس الأمير 214
[9664] أحمد بن عاصم، أبو عبد اللّه الأنطاكي الزاهد 220
من اسم أبيه على حرف العين المهملة [من الأحمدين]
[9665] أحمد بن عامر بن عبد الواحد ابن العباس الربعي البرقعيدي 226
[9666] أحمد بن عامر بن محمد بن يعقوب بن عبد الملك أبو الحسن الطائي حفيد محمود بن خالد 226
[9667] أحمد بن عامر بن معمّر بن حماد، أبو العباس الأزدي 227
[9668] أحمد بن العباس بن الربيع أبو بكر البغدادي الحافظ يعرف بابن الفقاعي 227
[9669] أحمد بن العباس بن محمد بن الحسين ابن عمرو بن نوح بن عمرو بن حويّ بن نافع بن زرعة ابن محصن بن حبيب بن ثور بن خداش بن سكسك ابن أشرس بن كندة أبو العباس الكندي المياهي 228
[9670] أحمد بن العباس بن الوليد بن مزيد أبو العباس العذري البيروتي 228
[9671] أحمد بن عبد اللّه بن أحمد ابن [بشر بن] ذكوان، أبو عبيدة المقرئ 229
[9672] أحمد بن عبد اللّه بن أحمد، أبو منصور الفرغاني 229 [9673][أحمد بن عبد اللّه بن أحمد أبو الحسن الدمشقي الواعظ 230
[9674] أحمد بن عبد اللّه بن بندار، أبو الحسن الشيرازي 230
[9675] أحمد بن عبد اللّه بن حمدون بن نصير بن إبراهيم أبو الحسن، الرملي، المعروف بالجبريني 230
[9676] أحمد بن عبد اللّه بن حميد بن رزيق و يقال: أحمد بن عبد اللّه بن رزين بن حميد - أبو الحسن المخزومي البغدادي نزيل مصر من ولد عمرو بن حريث 231
ص: 394
[9677] أحمد بن عبد اللّه بن سليمان، أبو علي العبدي 233
[9678] أحمد بن عبد اللّه بن عبد اللّه بن عمرو ابن عبد اللّه بن صفوان، أبو بكر ابن أبي دجانة النّصري الشاهد 233
[9679] أحمد بن عبد اللّه بن عبد الرزاق بن عمر بن مسلم أبو الحسن الدمشقي المقرئ 234
[9680] أحمد بن عبد اللّه بن عراك بن الرّكين بن العلاء ابن فطانة، أبو بكر الدّهستاني 234
[9681] أحمد بن عبد اللّه بن علي ابن طاوس بن موسى بن العباس بن طاوس، أبو البركات المقرئ البغدادي 235
[9682] أحمد بن عبد اللّه بن عمر بن حفص - و يقال جعفر - أبو علي المالكي البغدادي 236
[9683] أحمد بن عبد اللّه بن عمر الدمشقي 236
[9684] أحمد بن عبد اللّه بن عمرو الدمشقي 237
[9685] أحمد بن عبد اللّه بن الفرج بن عبد اللّه أبو بكر القرشي، المعروف بابن البرامي، مولى بني أمية 237
[9686] أحمد بن عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه ابن محمد بن بشر بن مغفّل بن حسان بن عبد اللّه ابن مغفّل، أبو محمد المزني المغفّلي الهروي 238
[9687] أحمد بن عبد اللّه - و يقال عبد اللّه بن أحمد - ابن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب. كما زعم 240
[9688] أحمد بن عبد اللّه بن مرزوق أبو العباس الأصبهاني الدّستجردي 243
[9689] أحمد بن عبد اللّه، أبي الحواري، بن ميمون بن عياش ابن الحارث، أبو الحسن التغلبي الغطفاني 244
[9690] أحمد بن عبد اللّه بن نصر ابن بجير بن عبد اللّه بن صالح بن أسامة، أبو العباس والد القاضي أبي الطاهر الذّهلي 253
ص: 395
[9691] أحمد بن عبد اللّه بن نصر ابن هلال، أبو الفضل السلمي 254
[9692] أحمد بن عبيد اللّه بن الحسن بن شقير أبو العلاء البغدادي النحوي 256
[9693] أحمد بن عبيد اللّه بن فضال أبو الفتح الحلبي الموازيني 257
[9694] أحمد بن عبيد اللّه الدمشقي 259 [9695][أحمد بن عبيد اللّه أبو بكر ابن بنت حامد البغدادي 259
[9696] أحمد بن عبد الباقي بن الحسن، أبو الحسين القيسي النجّاد 259
[9697] أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد أبو بكر العلوي الزيدي المروزي الواعظ الشافعي 260
[9698] أحمد بن عبد الرحمن بن بكار بن عبد الملك ابن الوليد بن بسر بن أبي أرطأة أبو الوليد القرشي العامري البسري 261
[9699] أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن، أبو الحسين الطرائفي 263
[9700] أحمد بن عبد الرحمن بن أبي الحصين، أبو بكر الأنطرطوسي 264
[9701] أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان ابن القاسم بن معروف بن حبيب بن أبان بن إسماعيل، أبو علي بن أبي نصر التميمي المعدّل 265
[9702] أحمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الملك ابن بدد بن الهيثم أبو عصمة اللخمي القاضي 265
[9703] أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس بن محمد ابن خلف بن قابوس أبو النّمر الأطرابلسي الأديب 266
[9704] أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الجارود ابن هارون أبو بكر الرقي الحافظ نزيل عسكر مكرم 268
[9705] أحمد بن عبد الرحمن ابن واقد التنوخي البيروتي 271
[9706] أحمد بن عبد الرحمن ابن يحيى المعروف بابن ثرثار 271
[9707] أحمد بن عبد الرزاق 271
[9708] أحمد بن عبد الصمد بن محمد بن غانم بن الحسن أبو الحسين بن أبي
ص: 396
الفتح التميمي البزاز 272 [9709][أحمد بن عبد العزيز بن أيوب بن زيد 272
[9710] أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب أبو الطيب المقدسي الفقيه الواعظ إمام جامع الرّافقة 273
[9711] أحمد بن عبد العزيز، أبو عمرو 276
[9712] أحمد بن عبد القاهر بن الخيبري اللّخمي الدمشقي 277
[9713] أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد ابن بكر أبو صالح النيسابوري المؤذن الحافظ 277
[9714] أحمد بن عبد الملك بن مروان أبو بكر البيروتي 281
[9715] أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن بندار بن إبراهيم أبو الفضل بن أبي الفتح المعروف بالقائد ابن الكريدي 282
[9716] أحمد بن عبد الواحد بن أحمد أبو بكر البجلي المكي من ولد جرير بن عبد اللّه 282
[9717] أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد ابن عثمان بن الحكم بن الوليد بن سليمان، أبو الحسن بن أبي الحديد السلمي العدل 282
[9718] أحمد بن عبد الواحد بن الموحد بن البرّيّ أبو الحسين السلمي الشاهد 284
[9719] أحمد بن عبد الواحد بن واقد أبو عبد اللّه التميمي المعروف بابن عبّود 284
[9720] أحمد بن عبد الواحد بن يزيد أبو عبد اللّه العقيلي الجوبري 286
[9721] أحمد بن عبد الوهاب بن عوف ابن إسماعيل أبو الحسين المزني 287
[9722] أحمد بن عبد الوهاب بن محمد بن الحسين ابن أحمد بن عبد الغني أبو بكر اللهبي، مولى بني أبي لهب، و يعرف بابن أخي محمود الكاتب، و يعرف بابن أبي صدام، و يعرف بالصابوني 287
[9723] أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة أبو عبد اللّه الجبلي المعروف بالحوطي 288
[9724] أحمد بن عبيد بن أحمد بن عبيد بن سعيد أبو بكر الصّفّار الرّعيني الحمصي 289
ص: 397
[9725] أحمد بن عتاب، أبو العباس الزّفتي 290 [ذكر من اسمه إسماعيل]
[9726] إسماعيل بن عياش بن سليم 291 [حرف الفاء في آباء من اسمه إسماعيل]
[9727] إسماعيل بن فضائل بن سعيد أبو محمد البدليسي الصوفي 308
[9728] إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل الإمام أبو القاسم الحلبي الخياط المؤدب 310 [حرف القاف في آباء من اسمه إسماعيل]
[9729][إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن إسماعيل ابن مسروق أبو قصي العذري 313
[9730] إسماعيل بن محمد بن عبيد اللّه بن قيراط أبو علي العذري الدمشقي 313
[9731] إسماعيل بن موسى الفزاري أبو محمد، و قيل: أبو إسحاق الكوفي، ابن بنت السّدّي 316
[9732] إسماعيل بن أبي موسى 322
[9733] إسماعيل بن يسار النّسائي أبو فائد 322
[9734] بحيرى الراهب 338
حرف الباء
[9735] بختريّ بن عبيد ابن سليمان الطّابخي 340
[9736] بخت نصّر بن بيت بن جوذرز 342 [9737][بختيار السلار 358
[9738] بخيت بن محمد بن حسّان البسريّ 358
[9739] بدر بن الهيثم بن خالد بن عبد الرحمن 359
[9740] بدر بن عبد اللّه أبو النّجم 359
[9741] بدر بن عبد اللّه أبو النّجم الأرمني التاجر 363 [9742][بدر بن عبد اللّه الأرمني المعروف بأمير الجيوش 364
ص: 398
[9743][بدر الإخشيذي مولى الإخشيذ محمد المعروف ببدير 366 [9744][بدر الشّمولي مولى شمول الكافوري 367
[9745] بدر العطار أبو النجم 367 [9746][بدر الخرشني 368
[9747] بديح مولى عبد اللّه بن جعفر 368
[9748] بديع بن عبد اللّه أبو الحسن مولى الميانجي 370
[9749] برد بن سنان أبو العلاء القرشي 371
[9750] بركات بن عبد العزيز بن الحسين بن أحمد أبو الحسن بن أبي محمد الأنماطي 374
[9751] بركات بن عبد الواحد بن محمد بن عمرو ابن حميد بن صدقة بن معترف الهمذاني الدّمشقي 374
[9752] بركات بن علي بن الحسين ابن مسعود أبو سعد الأردبيلي 375
[9753] بركة الأردنّيّ و يقال: الأزديّ 375
[9754] بريدة بن الحصيب بن عبد اللّه بن الحارث ابن الأعرج بن سعد بن رزاح بن عديّ بن سهم بن مازن بن الحارث ابن سلامان بن أسلم بن أفصى، أبو عبد اللّه، و يقال: أبو سهل، و يقال: أبو ساسان، و يقال: أبو الحصيب الأسلمي صاحب سيّدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم 376
[9755] بريد الكلبي ثم العليميّ 382
ص: 399