تاريخ مدينة دمشق و ذكر فضلها و تسمية من حلها من الأمائل أو اجتاز بنواحيها من وارديها و أهلها
تصنيف الإمام العالم الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة اللّه بن عبد اللّه الشافعي المعروف بابن عساكر
499 ه-571 ه
تفاصيل النشر: بیروت: دارالفکرالمعاصر؛ دمشق: دارالفکر دمشق: معهد الفتح الاسلامي، 1420ق.= 1999م.= 1378 -
دراسة و تحقيق علي شيري
عدد المجلدات: 80
لسان: العربية
ابراهيم بن عبد اللّه - ارتاش بن تتش
دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع
تصنيف الكونجرس: DS99 /د8 1378 الف243015
تصنيف ديوي: 956/9144
موضوع: تاريخ الإسلام | التاريخ والجغرافيا المحلية | الترجمة الجماعية | رجال
ص: 1
ص: 2
الجزء الثامن و الستين
إمام مسجد عرقة (1).
حكى عنه خصيب بن إبراهيم.
قرأت بخط أبي نصر بن الجبان، أنا تمام بن محمّد الرازي، أنا الضحاك بن يزيد السكسكي، نا وريزة (2) بن محمّد، نا خصيب بن إبراهيم، نا أبو هريرة إمام مسجد عرقة قال:
قدم عبد اللّه بن صالح الحدث (3) فخرجت أسلم عليه، فلم أر طعاما من حار و بارد أكثر من طعامه قال: فقلت له: أيها الأمير، العدس يرض (4) القلب و يحدر الدمعة. قال: فأمر طبّاخه أن يصلح لنا طعام العدس، فلما مرّ يوم و آخر قلت للطباخ: أين ألوانك تلك الطيبة ؟ قال: هذا عملك، خدمت الأمير في العدس حديثا فأخذ به. قال: فقمت فدخلت عليه فقلت: أصلح اللّه الأمير، الحديث الذي حدثتك في العدس إسناده ضعيف، قال: فضحك و دعا الطباخ فقال: أعد عليهم الطعام.
قرأت بخط عبد الوهاب الميداني يوم السبت لاثنين و عشرين ليلة خلت من رجب من
ص: 3
هذه السنة يعني سنة سبع و أربعين و ثلاثمائة مات أبو هشام الإمام و صلّى عليه في المسجد الجامع بعد صلاة العصر، و أخرج إلى المصلى فصلّي عليه، و كان له مشهد كبير.
8898 - أبو همام الشعباني (1)(2)
من أهل دمشق.
روى عن رجل من خثعم، له صحبة.
روى عنه أبو سلام الدمشقي.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد (3)،حدّثني أبي [حدّثنا] (4) عبد الرزاق، نا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي همام الشعباني، حدّثني رجل من خثعم قال:
كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في غزوة تبوك فوقف ذات ليلة و اجتمع إليه أصحابه فقال «إنّ اللّه أعطاني الليلة [الكنزين] (5) كنز فارس و الروم، و أيدني بالملوك ملوك حمير، الأحمرين و لا ملك إلاّ للّه يأخذون من مال اللّه و يقاتلون في سبيل اللّه» قالها ثلاثا.
[قال ابن عساكر:] (6) كذا قال و لم يذكر أبا سلام.
أنبأنا أبو الحسين، و أبو عبد اللّه، قالا: أنا ابن مندة، أنا حمد (7)،إجازة.
ح قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي.
قالا: أنا أبو محمّد قال (8):
أبو همام الشعباني عن...... (9) روى عنه يحيى بن أبي كثير، سمعت أبي يقول ذلك.
ص: 4
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا أبو محمّد اللنباني (1)،أنا أبو القاسم تمام بن محمّد، أنا أبو عبد اللّه الكندي، نا أبو زرعة قال: أبو همام الشعباني، روى عنه أبو سلام.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه قراءة عن أبي الحسين محمّد بن أحمد، أنا عبد اللّه، أنا ابن جوصا، إجازة.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد اللّه الخطيب، أنا الربعي، أنا الكلابي، أنا ابن جوصا، قراءة قال: سمعت محمودا يقول في الطبقة الثالثة أبو همام الشعباني، روى عنه أبو سلام.
أنبأنا أبو جعفر بن أبي علي، أنا الصفار، أنا ابن منجويه، أنا الحاكم قال: فيمن لا أقف على اسمه: أبو همام الشعباني روى عنه يحيى بن أبي كثير، قاله محمّد بن إسماعيل.
أحد الغزاة.
حكى عنه خالد بن دهقان.
قرأت بخط أحمد بن محمّد بن يعقوب البغدادي، أخبرني أبو بكر محمّد بن أحمد بن هارون السامري البزاز، أخبرني إبراهيم بن عبد اللّه بن الجنيد الختلي، نا داود بن رشيد، نا أبو حفص عمر بن سعيد، عن صدقة، عن خالد بن دهقان، عن أبي هنيدة، و كان شهد فتح نهاوند قال:
غزونا مع بعض بني أمية قال: فأقمنا على عمّورية (2) أياما قال: فخرجت يوما في بعض حاجتي فإذا براهب قد صوّت بي من صومعته: يا عبد اللّه. قال: قلت ما تريد يا عدو اللّه ؟ قال: ما أنصفت، أقول لك يا عبد اللّه، تقول لي يا عدو اللّه ؟ إني كذلك و أنت كذلك قال: ما مقامكم على هذه ؟ قال: قلت: أرجو أن أفتحها قال: أخبرني عن خليفتكم هو من أهل بيت نبيكم ؟ إذا قيل ابن فلان كان منهم ؟ قال: قلت: لا. قال: ليس يفتح هذه المدينة إلاّ رجل من أهل بيت نبيكم، كأني بهم يدخلون من هذا الباب، و يخرجون من الباب الآخر، لباسهم مثل هذا، قال: و أخرج صدره فإذا عليه مدرعة سوداء. قال: فانصرفت إلى صاحبي، فأخبرته، فركب إليه حتى سمع الكلام منه، ثم رجع، فأمر بالرحيل.
ص: 5
اسمه عامر بن خريم، تقدم ذكره في حرف العين.
مولى عمر بن عبد العزيز، كان معه إذ كان واليا بالمدينة، ثم كان معه حين كان بالشام، أشهده عمر بن عبد العزيز على نفسه في عدة........ (1) له ذكر.
إمام بني خليد.
روى عنه أبو عوانة الوضّاح (2).
و وفد على عمر بن عبد العزيز.
أنبأنا أبو بكر محمّد بن عبيد اللّه بن نصر، أنبأ أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن عبيد اللّه بن عثمان السكري، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسى بن الصلت الأهوازي، أنبأ أبو عمر حمزة بن القاسم الهاشمي (3)،نا حنبل بن إسحاق، نا خالد يعني بن خداش، نا أبو عوانة، عن أبي يحيى إمام الموصل قال: أرسل إليّ عبد العزيز بن مروان فقال: انظر هل ترى في ولدي خليفة ؟ قال: نعم هذا، لعمر، فلمّا استخلف بعث إليه فقال: أ ما تقول إنّ فينا مهديا (4)،فهل تراني ذلك المهدي، قال: لا، و لكنك رجل صالح، قال: فالحمد للّه الذي جعلني رجلا صالحا.
أنبأنا أبو جعفر بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أحمد بن علي بن منجويه، أنا أبو
ص: 6
أحمد قال: فيمن لا يعرف اسمه أبو يحيى إمام بني خليد بالموصل، قال أرسل عبد العزيز بن مروان إليّ ديواني، روى عنه أبو عوانة الوضاح الواسطي.
قال: و أنا أبو أحمد، أنا أبو العباس الثقفي، نا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدّثني خالد بن خداش، نا أبو عوانة، نا أبو يحيى إمام بني خليد بالموصل.
ذكر أنه دخل دمشق.
حكى عنه أبو عبد اللّه السكري حكاية تقدمت في باب ذكر ما ورد في ذم أهل الشام.
8904 - أبو يزيد المكي (1) المعروف بالغريض (2)
قدم دمشق على الوليد بن يزيد.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلم، عن رشأ بن نظيف، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن الحسين، نا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي، نا أحمد بن إسماعيل بن الخصيب، قال: قال المدائني:
كان الغريض عند النسوة من قريش من العبلات (3):الثريا و أختها أم عثمان، و كان أولا خياطا و كان ظريفا، حلو اللسان، حسن الجرم، فدفعته إلى [ابن] (4) سريج ليعلمه الغناء فقبله، فلما رأى ابن سريج (5) حذقه و حسن خلقه و وجهه و ظرف لسانه و حلاوة منطقه خاف أن يبرز عليه، فنحّاه عن خدمته، فقلن له مواليه: هل لك أن تنوح بالمراثي ؟ ففعل فكان من أشجى الناس نوحا، فكان يدخل المآتم و تضرب دونه الحجب، ثم ينوح فيفتن (6) كل من سمعه فنهته الجن عن ذلك فانتهى، و رجع إلى الغناء، فصار غناؤه شجيا كذلك النوح (7).
ص: 7
قال: و حدّثني بعض المدنيين قال: رأينا بين عمودي سرير مولاته الثّريا و معه نسوة يسعدنه و هو ينوح عليها بقول القائل (1):
ألا يا عين ما لك تدمعينا *** أ من (2) جزع بكيت فتعذرينا
أم أنت مصابة تبكين شجوا *** و شجوك مثله أبكى العيونا
قال فرأيت النساء و قد ألهبت فيهن النيران (3)،و جميع من مع الجنازة من الرجال و النساء.
قال: و قال الزبيري (4):حججنا، فلما كنا بجمع (5) سمعنا أحسن غناء، فعدل الحاج كلهم مصوت إليه، فإذا هو الغريض، فسألوه أن يغني صوتا، فأجابهم، فوقف حيث يسمع و لا يرى يغني بشعر عمر بن أبي ربيعة (6):
أيها الرائح المجد ابتكارا *** قد قضى من تهامة الأوطارا
ليت ذا الدهر كان حتما علينا *** كلّ عامين حجّة و اعتمارا
فما سمع السامعون أحسن من ذلك.
قال: و كانت الجن قد تقدمت إليه مرارا ألاّ ينوح. و قالوا: قد هربت بسكاننا عن الحرم، و أخرجتهم منه. ثم تقدموا إليه و نهوه ألاّ يتغنّى بهذا الشعر، و قالوا: قد ذهب بعقول النساء و هو شعر عبد اللّه بن نمير النميري (7):
و ما أنس م الأشياء (8) لا أنس شادنا *** بمكة مكحولا أسيلا مدامعه
و قال أبو عبد اللّه الجمحي (9):حدّثني مولى (10) لآل الغريض قال: شهدت جنازة
ص: 8
لبعض أهله، فقيل له: تغنّ ، فقال: هو ابن الزانية إن فعل، فقالت بعض موالياته: أنت و اللّه كذلك. قال: و كذلك أنا؟ قال: نعم، قال: أنتن أعرف و أعلم بي، و كان قد أمسك عن الصوت الذي نهته الجن، و تقدموا إليه في ذلك مرارا، فلما أغضبوه موالياته و قلن له، غنّ بهذه الصوت:
و ما أنس م الأشياء لا أنس شادنا *** بمكة مكحولا أسيلا مدامعه
تشرّب لون الرازقي (1) بياضه *** أو الزعفران خالط المسك رادعه
قال: فلويت عنقه و نحن ننظر إليه، فمات في ذلك المجلس، فقال كثير بن كثير السهمي يرثي عبيد بن سريج المغني (2):
ما اللهو بعد عبيد حين يخبره *** من كان يلهو به منه بمطّلب
للّه قبر عبيد ما تضمّن من *** لذاذة العيش و الإحسان و الطرب
لو لا الغريض ففيه من شمائله *** مشابه لم أكن فيه بذي أرب
حدث عن سليمان بن حبيب، و قيل عن رجل عن سليمان بن حبيب.
روى عنه الوليد بن مسلم.
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد الفقيه، و أبو إسحاق إبراهيم بن طاهر بن بركات، و أبو القاسم تمام بن عبد اللّه بن المظفر (3) الظني، قالوا: أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن طاوس المقرئ، أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد بن عبد اللّه بن بشران، أنا أبو بكر أحمد بن سلمان (4) النجاد، نا أبو الليث يزيد بن جهور بطرسوس، نا يعقوب بن كعب، نا الوليد بن مسلم، عن أبي يزيد القاضي قال: سمعت سليمان بن حبيب يقول: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أهل المدائن الحبساء في سبيل اللّه فلا تغلوا عليهم الأسعار، و لا تحتكروا عليهم». خالفه غيره[13643].
قرأت بخط إبراهيم بن عبد اللّه بن حصن الأندلسي، حدّثني عبد الوهاب بن الحسن،
ص: 9
أنا الحسين بن محمّد بن سنان الموصلي بأطرابلس، نا أحمد بن محمّد بن أبي الخناجر، نا محمّد بن المبارك، نا الوليد بن مسلم، حدّثني أبو يزيد الدمشقي، حدّثني شيخ كان يجلس في المقصورة قال: سمعت سليمان بن حبيب المحاربي يحدث عن أبي أمامة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«أهل المدائن حبسى في سبيل اللّه فلا تحتكروا عليهم الطعام، و لا تغلّوا عليهم الأسعار»[13644].
8906 - أبو يعقوب التدمري (1)
كان من علماء أهل الكتاب، ثم أسلم.
حكى عنه هشام بن محمّد بن السائب الكلبي.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف، أنا الحارث بن أبي أسامة، أنا محمّد بن سعد (2)،أنا هشام بن محمّد، قال: و كان رجل من أهل تدمر يكنى أبا يعقوب من مسلمة بني إسرائيل قد قرأ من كتبهم، و علم علمهم (3) فذكر أنّ بورخ بن ناريّا أرميا أثبت نسب معدّ بن عدنان عنده، و وضعه في كتبه و أنه معروف عند أحبار (4) أهل الكتاب، و علمائهم مثبت في أسفارهم.
8907 - أبو يعقوب التميمي (5)
سمع بدمشق هشام بن عمار.
روى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا.
أخبرنا أبو سعد محمّد بن أحمد بن محمّد بن الخليل الأبيوردي الفقيه، أنا خالي أبو الفضل محمّد بن أحمد بن أبي الحسن العارف الميهني، أنا أبو سعيد محمّد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الأصفهاني الصفار، أنا أبو بكر ابن أبي الدنيا، حدّثني أبو يعقوب التميمي، نا هشام بن عمار، نا مسلمة بن علي، نا ابن
ص: 10
جريج، عن حميد الطويل، عن أنس أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان لا يعود [مريضا إلاّ بعد ثلاث] (1)[13645].
حكى عن إسحاق بن سيار.
حكى عنه إبراهيم بن شيبان.
أخبرنا أبو سعد محمّد بن أحمد بن محمّد، أنا الشيخ عبد اللّه بن محمّد المثنى، أخبرنا جدنا الشيخ أبو العباس يعني أحمد بن محمّد بن الخليل، أنا عبد اللّه بن حامد، أخبرني محمّد بن عبد اللّه، قال: سمعت إبراهيم بن شيبان يقول: سمعت أبا يعقوب الدمشقي يقول: سمعت إسحاق بن سيّار يقول: سمعت سويد بن سعيد يقول:
كان رجل بسرّمن رأى رأى يحيى بن أكثم في النوم، فقلت له ما ذا فعل اللّه بك ؟ فقال: أقامني بين يديه و قال: يا شيخ السوء! فقلت له: ما هكذا أبلغت عنك، قال: و كيف أبلغت عني ؟ فقلت: هذا محمّد بن عبد اللّه الأنصاري ذكر عن حميد، عن أنس عن نبيك صلى اللّه عليه و سلم عنك أنك قلت: ما من امرئ يشيب شيبة في الإسلام فأدخله النار إلاّ أن يشرك معي غيري، فقال: صدق حميد، صدق الأنصاري. انطلقوا بعبدي إلى الجنة.
كذا روي من هذا الوجه، و روي من وجهين آخرين أنه قال: حدّثني عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهري، عن أنس؛ و عن معمر، عن قتادة، عن أنس، فاللّه أعلم.
أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل، أنا محمّد بن يحيى بن إبراهيم، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال: أبو يعقوب الدمشقي من أقران ابن.... (2)،و ذكره أبو عبد اللّه بن .... (3) في كتاب المشيخة من الصوفية.
حكى عن إبراهيم بن المولد.
حكى عنه أبو القاسم عبد اللّه بن الحسين الصيرفي.
ص: 11
أخبرنا أبو سعد عبد اللّه بن أسعد بن محمّد الطبيب، أنبأ أحمد بن علي بن عبد اللّه بن خلف، أنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال: سمعت أبا القاسم عبد اللّه بن الحسين الصوفي يقول: سمعت أبا يعقوب الدمشقي يقول: سألت إبراهيم بن المولّد عن مسامرة المحبين فقال: ظنون (1) و أماني، فإذا تحققت المسامرة قتلت ثم أنشد للعباس بن الأحنف (2):
خيالك حين أرقد نصب عيني *** إلى وقت انتباهي لا يزول
و ليس يزورني صلة و لكن *** حديث النفس عنه هو الوصول
قدم على عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو الفتح ناصر بن عبد الرّحمن بن محمّد، ثنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم لفظا، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن الوليد الأنصاري الأندلسي، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد فيما كتب إلي قال: أخبرني جدي عبد اللّه بن محمّد بن علي الباجي اللخمي، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن يونس، أنا بقي بن مخلد، نا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدّثني أسود بن سالم، نا عيينة بن عبد الواحد القرشي، عن أزهر بن النعمان:
أن رجلا من أهل العراق كان يعادي (3) أهل الشام، فذكر لعمر بن عبد العزيز، فأرسل إليه، فأتاه فقال: أنت أبو يعيش الذي ذكرت لي حاجتك ؟ فسكت، قال: حاجتك ؟ قال: قد علمت يا أمير المؤمنين ما يقال في المسألة. قال: إليّ ليست مسألة، إنّما أنا خازن و قاسم. قال: عطائي أتقوّى به على جهازي (4) و أستغني به عن أصحابي قال: قد فرض اللّه لك، فسل. قال عليّ ثماني بنات (5) ما بين بنت إلى [بنت] (6) أخ. قال: قد فرض اللّه لهن، فسل قال: و عليّ من الدين كذا و كذا، قال قد قضى اللّه دينك، فسل، قال: فأمر له بخادم و نفقة.
ص: 12
8911 - أبو يمان المقرائي (1)(2)
حدّث (3) عن أبي منيب (4) الجرشي.
روى عنه يحيى بن حمزة البتلهي.
ذكره الحاكم أبو أحمد، و أبو عمر ابن عبد البر في كتابيهما.
أنبأنا أبو الحسين، و أبو عبد اللّه، قالا: أنا ابن مندة، أنا أبو علي، إجازة.
ح قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي.
قالا: أنا أبو محمّد قال:
أبو اليمان المقرائي سمع أبا المنيب الجرشي، روى عنه يحيى بن حمزة، سمعت أبي يقول ذلك.
ابن هشام بن عبد الملك بن مروان
من أهل دمشق. له ذكر في كتاب أحمد بن حميد بن أبي العجائز.
8913 - أبو يوسف، حاجب معاوية بن أبي سفيان (5)
سمع معاوية، و أبا موسى الأشعري و فضالة بن عبيد.
روى عنه سعيد بن عبد العزيز، و خالد بن يزيد.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا أبو محمّد الكتّاني، أنا تمام بن محمّد، أنا أبو عبد اللّه بن مروان، نا أبو يعلى، نا عبد الرّحمن بن إبراهيم، نا أبو حفص و هو عمرو بن أبي سلمة (6)،عن سعيد، يعني ابن عبد العزيز، عن حاجب معاوية:
ص: 13
أنه قال لمعاوية: إن هاهنا قوم يتحلقون بعد الضحى يذكرون اللّه قال: فإذا رأيتهم فأخبرني بهم. قال: فجاءه، فأخبره فخرج معاوية يجرّ رداءه عجلا في مشيته، ثم وقف عليهم فقال: لا روع عليكم، أما إني لم ألو أن أتشبه (1) لكم برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في سرعة مشيتي، و جرّ ردائي، إني صنعت نحوا مما صنع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: إنّ اللّه ليباهي بكم الملائكة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو طاهر محمّد بن أحمد الأنباري، أنا هبة اللّه ابن إبراهيم، أنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل، نا محمّد بن أحمد بن حماد (2)،حدّثني يزيد ابن عبد الصّمد أبو القاسم الدمشقي، نا يحيى بن صالح الوحاظي، نا سعيد (3) بن عبد العزيز، عن أبي يوسف حاجب معاوية بن أبي سفيان أنّ أبا موسى الأشعري قدم على معاوية فنزل في بعض الدور بدمشق، فخرج معاوية في الليل إلى منزله يمشي حتى سمع قراءته.
أخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد، أنا جدي أبو عبد اللّه، أنا أبو الحسن الربعي، أنا العباس بن محمّد بن حبّان، أنا محمّد بن يوسف الهروي، نا عثمان بن سعيد، نا يعقوب بن كعب الأنطاكي، نا الوليد بن مسلم، عن خالد بن يزيد، عن أبي يوسف حاجب معاوية قال:
قلت لفضالة (4) بن عبيد أجب أمير المؤمنين قال: و ما ذاك ؟ قلت: قدم عليه خصم له من المدينة فقال: ائته فقل له: يا معاوية في... (5) يوما الحكم قال: فذكرتها لمعاوية فقال:
صدق فدفع إليه هو و خصمه في منزله.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز، أنا علي و إبراهيم ابنا محمّد الحنائي، قالا: أنا عبد الوهّاب الكلابي، نا أحمد بن عمير، نا أبو عبيد اللّه معاوية بن صالح، نا هشام ابن خالد، نا الوليد بن مسلم، نا خالد بن يزيد، و سعيد بن عبد العزيز، عن أبي يوسف حاجب معاوية قال:
بينما أنا يوما على باب الخضراء، و قد ارتفع معاوية للقائلة، و افترق عنه الناس، إذا برجل قد أناخ بعيره (6) عند باب الخضراء فقال: استأذن لي على أمير المؤمنين فقلت له: ليس
ص: 14
عليك الساعة إذن، فقال: ما بد من الدخول، فلم يزل مني كلمة و منه كلمة حتى محكني، و ارتفعت أصواتنا، فسمعنا معاوية فبعث إليّ فقال: ما هذا؟ فأعلمته بالقصة، فقال معاوية:
صفة لي، فوصفه، فقال: هذا فلان جاء يتظلم من عاملنا فلان، أدخله، فدخل عليه فإذا هو الرجل الذي قال، فقال له معاوية: بيني و بينك رجل ؟ قال: نعم فاتفقوا على فضالة بن عبيد، فقال لي معاوية: يا أبا يوسف، ادع لنا فضالة، فذهبت إليه و هو في منزله عند سوق التمر، فدخلت عليه، فإذا هو على فراش من هذه المصرية المخططة، و إذا هو على نفيسة.... (1)
موردة، فقلت له: أجب أمير المؤمنين، قال: لما ذا؟ فأخبرته، فقال: انطلق إليه فقل له: قال لك فضالة: في بيته يؤتى الحكم (2) يا معاوية، فانطلقت إليه فأخبرته، فقال معاوية: صدق، فقام معاوية و ذلك الرجل، فخرج الرجل يمشي و معاوية يمشي معه آخذ بخطام ناقته، فقال لي معاوية: تقدم يا أبا يوسف فأخبره إنّا قد جئنا، فتقدّمت، فأخبرته فألقى لهما وسادة بين يديه بالعرض فدخلا عليه فقال له فضالة: اجلس أنت و خصمك يا معاوية، فجلسا بين يديه، فقضى على معاوية، و قال له: انته يا معاوية فإنك ظالم.
قال ابن جوصا: و حدّثت به يزيد بن محمّد، ثنا هشام بإسناده مثله و على لفظه.
أنبأنا أبو الحسين و أبو عبد اللّه، قالا: أنا ابن مندة، أنا حمد (3) إجازة.
ح قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي.
قالا: أنا أبو محمّد (4)،قال:
أبو يوسف مولى معاوية سمع فضالة [بن عبيد و معاوية] (5) سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو محمّد، ثنا أبو محمّد، أنا تمام بن محمّد، نا جعفر، ثنا أبو زرعة قال في الطبقة الثالثة: أبو يوسف الحاجب.
أخبرنا أبو غالب و أبو عبد اللّه، قالا: أنا أبو (6) الحسين بن الآبنوسي، أنا أبو القاسم ابن عتاب، أنا أحمد بن عمير إجازة.
ص: 15
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن الربعي، أنا أبو الحسين الكلابي، أنا ابن جوصا، قراءة، قال: سمعت ابن سميع يقول في الطبقة الثانية: أبو يوسف حاجب معاوية و مولاه، دمشقي.
و بلغني عن أبي مسهر قال: كان أبو يوسف حاجب معاوية، و يزيد، و مروان، و عبد الملك.
8914 - أبو يوسف مولى عبد الملك بن مروان و حاجبه (1)
له ذكر.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا الكتاني، أنا ابن أبي نصر، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة قال (2):فحدثني محمود بن خالد، حدّثني الوليد بن مسلم، عن خالد بن يزيد، عن أبي يوسف الحاجب أن عبد اللّه بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان فبدأ (3) بنفسه، قال فغضبوا عليه قال: قلت: هكذا كان يكتب إلى معاوية، فرضوا.
أخبرنا أبو السعود بن المجلي، نا أبو الحسين بن المهتدي.
ح و أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، أنا أبي أبو يعلى.
قالا: أنا عبيد اللّه بن أحمد بن علي، أنا محمّد بن مخلد بن حفص قال: قرأت على علي بن عمرو، حدثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عياش: و كان عبد الملك بن مروان يأذن عليه أبو يوسف، و كان جدلا - و في نسخة جزلا-.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد ابن عمران، نا موسى، نا خليفة قال (4):في تسمية عمال عبد الملك قال: الحاجب أبو يوسف مولاه.
[قال ابن عساكر:] (5) و أظن أبا يوسف هذا هو الأول الذي يعرف بحاجب معاوية، و قول خليفة: و مولاه وهم، و اللّه أعلم.
ص: 16
اسمه عبد السّلام بن محمّد، تقدم ذكره في حرف العين.
8916 - أبو يونس (1)
حدّث عن أبي معبد (2) المقداد بن الأسود الكندي، و أبي الخطّاب واثلة بن الأسقع الليثي.
روى عنه أبو فروة يزيد بن سنان الرهاوي الجزري (3).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو عمر بن أبي عثمان، و أبو طاهر أحمد بن محمّد بن إبراهيم القصاري.
ح و أخبرنا أبو عبد اللّه بن القصاري، أنا أبي أبو طاهر، قالا: أنا إسماعيل بن الحسن ابن عبد اللّه، ثنا أبو عبد اللّه المحاملي، نا سعيد بن يحيى الأموي، حدّثني أبي، نا يزيد بن سنان، عن أبي يونس الدمشقي قال: رأيت المقداد بن الأسود يحدث الناس يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«إذا بات الضيف محروما حقّ على المسلمين نصرته حتى يأخذوا له قراه من ماله و زرعه أو زرعه و ضرعه»[13646].
أنبأنا أبو الحسين، و أبو عبد اللّه، قالا: أنا ابن مندة، أنبأ حمد إجازة.
ح قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي.
قالا: أبو محمّد (4) قال:
أبو يونس روى عن المقداد بن الأسود عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«إذا بات الضيف محروما فحقّ على المسلمين نصرته حتى يأخذ مثل قراه من ضرعه و زرعه»[13647].
رواه وكيع عن يزيد بن سنان عنه، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو جعفر بن [أبي] (5) علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أحمد بن علي بن منجويه، أنا الحاكم قال: أبو يونس عن أبي معبد (6) المقداد بن الأسود الكندي، و أبي الأسقع واثلة بن الأسقع الليثي، روى عنه أبو فروة يزيد بن سنان الجزري.
ص: 17
من أقران أحمد بن أبي الحواري، و قاسم بن عثمان. له ذكر.
كميت (1)
إذا شجّت و في الكأس وردة *** لها في عظام الشاربين دبيب
تربك القذى من دونها و هي دونه (2)*** لوجه أخيها في الإناء قطوب
فقال له الوليد: شربتها يا ابن الأقرع و رب الكعبة، فقال: يا أمير المؤمنين، لئن كان نعتي لها رابك لقد رابني معرفتك بها.
8920 - ابن البجناكي (3)
ولي إمرة دمشق بعض سنة بعد تمام الدولة سبكتكين (4) و كان يلقب بحسام الدولة و وليها للملقب بالمستنصر.
قرأت بخط أبي محمّد بن الأكفاني: الأمير حسام الدولة ابن البجناكي وصل إلى دمشق واليا عليها يوم الجمعة الثاني و العشرين من جمادى الأولى من سنة ثلاث و خمسين و أربع مائة و نزل المزّة، و سار من دمشق مصروفا عن الولاية ليلة الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان من السنة المذكورة، يعني و جاء بعده الأمير عدّة الدولة ابن حمدان.
8921 - ابن (5) بشر بن البراء بن معرور بن صخر بن خنساء (6)
ابن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن عليّ
ابن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج الأنصاري
كان عند معاوية، و بعثه رسولا إلى ملك الروم.
قرأت بخط عبد الرّحمن بن أحمد بن صابر، قال: وجدت بخط أبي الحسين محمّد بن عبد اللّه بن جعفر، أخبرني أبو العباس محمود بن محمّد بن الفضل، نا إبراهيم بن محمّد الصفار الرافعي، نا سلم (7) بن جنادة، نا أحمد بن بشر، عن مجالد، عن الشعبي قال: كان
ص: 19
جبلة بن الأيهم (1) أحد ملوك غسان، و أسلم زمن عمر فوقع بينه و بين رجل من جهينة كلام فلطم الجهني فلطمه الجهني، فأتى عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين لطمني هذا.
فقال الجهني: لطمني فلطمته، قال عمر: فما تريد؟ قال: أقتله، قال: ليس هذا في ديننا، فرجع إلى الشام ثم رجع عن الإسلام و خرج معه أربعون ألفا من غسان، فكان عمر إذا رأى الجهني قال له: أنت أشأم العرب على العرب، قال ثم إن معاوية بعث ابن بشر بن البراء بن المعرور إلى ملك الروم فقال: هل لك في رجل يحب أن يراك جبلة بن الأيهم ؟ قال: نعم لي فيه، هل بعث معه الملك رسولا و بينه و بين منزل جبلة مسيرة ليلة، قال ابن بشر بن البراء فأتيته، و هو في قصر من رخام، فدخلت عليه فخرجت جاريتان كأنهما قمران، فجلستا، و جاء طائران حتى وقع كل واحد منهما على رأس واحدة، ثم قال لهما غنياني فغنتاه (2):
للّه درّ عصابة نادمتهم *** يوما بجلّق في الزمان الأول
يغشون حتى ما تهرّ كلابهم *** لا يسألون عن السواد المقبل
ثم قال لي تعرف ابن الفريعة (3)؟قلت: نعم، قال: كان لنا مداحا و قد آليت ألاّ أرى أحدا يعرفني إلاّ وصلته، و هذه أربع مائة دينار و تسعة أثواب بزيون (4)،فادفعها إليه، فقلت له: رجعت عن الإسلام و أنت من العرب ؟! قال: وددت أني لم أكن فعلت قلت: فارجع يقبل منك، فقال: قل (5) لمعاوية إن زوجني ابنته، و جعل لي الأمر (6) بعده فعلت، قال:
فقدمت على معاوية فأخبرته فقال: ارجع فقل له: نعم، قلت: يا أمير المؤمنين أهلي بالمدينة ما لم.... (7) المامة، قال: افعل فقدمتها، فلقيت حسان فدفعت إليه ما وجّه معي، ثم أتيت معاوية فقال لي ارجع فقل له: نعم، فقدمت القسطنطينية، فوجدت الملك راكبا قلت: ما هذا؟ قال: امابت (8) جبلة بن الأيهم، قال: فلمّا رجعت قلت لمعاوية: و كيف تفعل يا أمير المؤمنين ؟ قال: لا و لا كرامة، و ما علي أن استنقذه من الشرك ثم لا أفعل.
ص: 20
وفد على معاوية، و شهد لزياد أنه ابن أبي سفيان.
تقدم ذكر وفوده في ترجمة زيد بن أسامة الحرمازي.
غزا القسطنطينية، له ذكر، تقدم في ترجمة أبيه بلال بن سعد.
و أظنه عبد الرّحمن ابن البيلماني (1)،فإن كان هو فهو من أهل اليمن، و كان من موالي عمر.
حدّث عن ابن عمر.
روى عنه ابن أسلم، و سماك بن الفضل اليماني القاضي، و ابنه محمّد بن عبد الرّحمن.
ذكر بعض علماء المغاربة قال: قال ابن البيلماني الأبناوي، و كان أشعر شعراء اليمن في عصره، و هو الذي وفد على الوليد بن عبد الملك، فقرّبه، و أجزل له الحباء (2):
ألا إن أوسا قاتل الجوع قد مضى *** و أورث عزّ الآصال أطاوله مريد (3)
أوس بن عمرو بن مزيد بن فخر.
شاعر حذق و من شعره:
ظعنت بقلب امرئ موجع *** أخي جزع حيث لم يجزع
فباين يوم النوى صيره *** و قد تبت عنه و لم ترجعي
فكم مهجة فيك قد قطعت *** و كم مقلة فيك لم تهجع
ص: 21
غداة فشت شمل الوصال *** فمن يثر باك و مسترجع
و قد كنت أبلي حذار الفراق *** بقلب عليك شجي موجع
إذا رمت كتمان نامي الضلوع *** تنم على أضلعي أدمعي
سماء من الدمع منهلة *** على صحن خدي لم تقلع
و لما ملكت فؤادي صدقت *** قالا صروت (1) و قلبي معي
فيا ريم كم رمت من سلوة *** فلم أر في ذاك من مطمع
إذا قلت يا ريم أن قد *** سلوت ثيابي جنبي عن مضجعي
و مجدولة القد خمصانة *** تلوذ بالكفل الأتلع
تصيد القلوب بلحظ سمور *** و تبسم عن بارق ألمع
ببرقعها سترت حسنها *** فلاح الجمال من البرقع
فسقيا و رميا لأيامها *** و حبل وصالي لم يقطع
إلى أن تبدّى برأسي الشيب *** فأقبح مستحسن أشنع
و في الشيب موعظة للفتى *** إذا ما الفتى كان ممن معي
8925 م - ابن تريل (2)
شاعر، قدم دمشق.
حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن المحسن بن أحمد السلمي من لفظه، و كتبه لي بخطه قال ابن تريل وصل مع أبي من رفنية (3) سنة سبع و ثمانين، و أقام عندنا أشهرا رأيت فيه من النخوة و الأريحية و صدق اللهجة ما لا يماثله فيه بشر، و كان يكتب خطا مليحا، و يترسل بديعا سريعا، و يحفظ من الأشعار لأهل تلك الناحية كثيرا و هو القائل بديها و قد اجتمعنا بمقرى في بستان أبي الحسين بن البخات:
يا ليت أبي بمقرى قضيت من أزماني
و كان ذلك عندي يفوق كل الأماني
ص: 22
ممع كل ظريف ندب من الاخوان
يسعى إلى... (1) من قبل صوت الأذان
صفراء كالشمس أو لا حمراء كالأرجوان
فما تكاد تراني وقتا سوى سكران
هذا هو العيش لأشربها مع الفوعاني
إذا.... (2) في مجلس مع الاخوان
يقول جاموس.... و اردعا ندجاني (3)
حدّث عن أبيه.
روى عنه الحسن بن أبي الحسن.
أنبأنا أبو سعد بن المطرز، و أبو علي الحداد، قالا: أنا أبو نعيم الحافظ ، ثنا عبد اللّه ابن محمّد بن عمر القاضي، نا علي بن سعيد العسكري، نا أبو فروة الرهاوي، حدّثني أبي، عن أبيه، حدّثني الأوزاعي أن حمّاد بن أبي سليمان حدّثه أن الحسن بن أبي الحسن حدّثه قال: حدّثني ابن لأبي ثعلبة الخشني أن أباه حدّثه قال: بينا نحن نصلي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذ جاء رجل في الصف فكبّر فقال: سبحانك اللّهم، و بحمدك، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:«من المتكلم آنفا؟» قال رجل من الأنصار يقال له عيينة: أنا هو، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:«ما خرج آخرها من فيك حتى رأيت اثني عشر ملكا يبتدرها أيهم يكتبها»[13648].
ولي إمرة دمشق من قبل أحمد بن طولون.
ص: 23
قرأت ذلك بخط أبي الحسين الرازي.
شاعر ذكر دير مرّان (1) في شعره.
قرأت في كتاب أبي الحسن علي بن محمّد بن المظفر الشمشاطي، أنشدني أبو العباس المصيصي لابن أبي جبلة الدمشقي:
يا دير مران ما لي عنك مصطبر *** و في فنائك أجفان و أنعام
عمر به للصبي و اللهو معتمر *** و للصبابة إجلال و إعظام
تسحبت فيه أذيال السحاب *** فصرت تقبقب عن جني الورد آكام
و للحمائم افصاح تذكرنا *** أحبابنا و لنا بالشكر اعجام
دير نعمت زمانا في مسارحه *** كأن أيامه في الحسن أحلام
شماسه هو وزان و منتقد *** مطرابه هو خمار و كرام
كايماسه من رحمه و هوى *** و بين مفترسات الكرم أرحام
حتى إذا الكرم أمسى عقده مسحا *** و كان درّا و لم ينظمه نظام
غدا و راح له من دون حليف *** و بين منظومه نقض و إبرام
و طل ببطل في بيع أمانته *** فهل بين عدان يومها عام
رجا خطابها الاكفاء فاجتليت *** حسنا ليس لها عابّ و لا ذامّ
فيه خبيث ثمار اللهو من طرب *** و على جناها سوى الإبريق و الحمام
تشاوقت شوق صب إن تفارقه *** فكل يوم لها بالدير إلمام
يا دير لما فارقتك الساريات *** لها على ربى ربعك المناح ايهام
حكى عن أبيه أبي حسان.
حكى عنه محمّد بن داود الدينوري الدّقّي.
ص: 24
8930 - ابن الحصين بن الحمام بن ربيعة بن مساب (1)
ابن حرام (2) بن وائلة بن سهم بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان
ابن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان
قرأت بخط أحمد بن محمّد الخلال، عن أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني (3)،أنا محمّد بن الحسن بن دريد، أنا أبو حاتم قال أبو عبيدة: قال أبو عمرو (4):كان الحصين بن الحمام سيد بني سهم بن مرة، و كان يقال له: مانع الضيم.
قال (5):و حدّثني جماعة من أهل العلم أن ابنه أتى معاوية بن أبي سفيان فقال لآذنه:
استأذن لي على أمير المؤمنين،[و قل: ابن مانع الضيم، فاستأذن له] (6) فقال: ويحك! لا يكون هذا إلاّ ابن لعروة ابن الورد العبسي، أو ابن الحصين بن الحمام المرّي أدخله. فلمّا أدخل إليه قال له: من أنت ؟ قال: أنا ابن مانع الضيم الحصين بن الحمام، فقال: صدقت، و رفع مجلسه و قضى حوائجه.
كان في صحابة عمر بن عبد العزيز.
روى عنه عبد العزيز بن إسماعيل بن أبي المهاجر المخزومي.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، نا أبو الميمون عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن راشد، نا يزيد بن أحمد السلمي، نا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر، نا الوليد بن مسلم، نا عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد اللّه، عن ابن أبي حفصة قال:
أتاني رجل من بني شيبان أعرف وجهه، و لا أسميه باسمه، عليه سيماء خير فقال: إنّ لأمير المؤمنين عندي نصيحة، فقلت لأمير المؤمنين: إنّ بالباب رجلا يزعم أن لك عنده
ص: 25
نصيحة، فقال: اللّهمّ الق في قلوبهم السمع و الطاعة لك و لكتابك و لرسولك، أدخله، فدخل، فقال: يا أمير المؤمنين هذه وصيتي في هذا الكتاب، فإن شئت قرأته عليك و إن شئت حدّثتك به. قال: فأخذ الكتاب، فنظر فيه، ثم رفع رأسه إليه، فقال: لك حاجة ؟ فقال: لا يا أمير المؤمنين، قال: إن كان لك حاجة فارفعها إلى أمير المؤمنين، قال: ما لي حاجة، قال:
فانصرف، قال: فأقام أياما، قال: ثم قال لي: اطلب لي الرجل، فطلبته و لا أعرف اسمه و لا منزله، فقلت لم أجده، فقال: ويحك! إنّي أخاف أن تكون قد جئتني بشيطان، اطلبه، فبينا أنا أدور وجدته فقلت: ويحك، إنّ أمير المؤمنين قد ساء بك الظن، فائته. قال: فأتاه، فدنا منه حتى أجلسه منه مجلس المسار، قال: ثم استخرج الكتاب، فحدّثه بما فيه، فإذا لا يخالف حتى قام، فجعل ينظر فيه؛ فمرّة أعرف فيه الكراهية، و مرّة أعرف فيه السرور، ثم رفع رأسه إليه، فقال: أ لك حاجة ؟ قال: ما لي حاجة يا أمير المؤمنين، قال: إنّ كانت لك حاجة فارفعها إلى أمير المؤمنين، قال: ما لي حاجة، قال: فاكتم ما جئت به، قال: فتبعته فقلت:
لك اللّه عهدا ألاّ أخبر بما تخبرني به أحدا ما دام أمير المؤمنين حيا، قال: إذا أخبرك، أنا رجل أقوم من الليل فإذا كان عند الفجر نمت، و إنّي قمت قيامي فنمت نومتي، فأتاني آت، فقال: أجب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقلت: و من أنت ؟ فقال: أنا بلال، قال: فذهبت معه حتى أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فإذا هو بين الركن و المقام، فقال: كيف تركت أمتي ؟ قال: قلت: بخير يا رسول اللّه، قال: فكيف رضاءهم بعمر بن عبد العزيز؟ قلت: ما قام عليهم خليفة للّه بعد أبي بكر و عمر يشبهه، قال: ويحك! إنهم ليسوا بخلفاء و لكنهم أمراء المؤمنين، ثم قال: هل أنت مبلغه عني رسالة ؟ قال: قلت: نعم يا رسول اللّه، قال: فاقرئه مني السّلام، و أعلمه أنّ السماوات و الأرض فرحن به يوم قام على الناس أميرا، و أعلمه أنّ اللّه قد جعل له منك عيني عمر بن الخطاب و قلبه، فأمّا عيناه فلا يمدّهما إلى شيء من الدنيا ما كان فيها، و أمّا قلبه فلا يصنع به شيئا من أمر أوليه و مره: فليصلح ثلاثا، فإن أصلحهن فهو في شيء و إن لم يصلحهم (1) فليس في شيء: العرفاء، و أصحاب المكوس، و أصحاب القبالات، و أما العرفاء فيأكلون أموال الأرامل و اليتامى ظلما، و أما أصحاب القبالات فيأكلون الربا، و أما أصحاب المكوس فيأكلون أموال الناس ظلما.
رواها أحمد بن منصور الرمادي، عن أبي النضر (2) إسحاق بن إبراهيم بإسناده نحوه.
ص: 26
حكى عن عمار بن ياسر، و شهد صفين مع معاوية.
أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنا أبو غالب محمّد بن الحسن بن أحمد، أنبأ أبو علي بن شاذان، أنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب، نا إبراهيم بن الحسين الكسائي، نا يحيى بن سليمان، حدّثني نصر بن مزاحم، نا عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر، و زيد بن الحسن بن علي، و رجل قد سمّاه قال: و إن معاوية استعمل على كندة دمشق، فكان ابن حوي السكسكي (1).
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى، نا خليفة قال (2):قال أبو عبيدة: و كان على كندة دمشق ابن حوي السكسكي.
أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنا أبو غالب محمّد بن الحسن الباقلاني، أنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم، أنبأ أحمد بن إسحاق، نا إبراهيم بن الحسين، نا يحيى بن سليمان الجعفي، حدّثني نصر هو ابن مزاحم، ثنا عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، قال (3):
سمعت الشعبي رجع إلى حديثه عن الأحنف بن قيس قال: ثم حمل عمار بن ياسر عليهم، فحمل عليه ابن حوي السكسكي (4)،و أبو الغادية (5) الفزاري قال: و أما [أبو] (6) الغادية فطعنه و أما ابن حوي فاحتز رأسه، و قد كان ذو الكلاع سمع قبل عمرو بن العاص يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لعمّار بن ياسر:«تقتلك الفئة الباغية، و آخر شربة تشربها ضيّاح لبن»، فكان ذو الكلاع يقول لعمرو: ويحك! ما هذا يا عمرو؟ فيقول له عمرو: إنه سيرجع إلينا (7)،فأصيب عمار
ص: 27
بعد ذي الكلاع مع علي، و أصيب ذو الكلاع مع معاوية، قبل ذلك، فقال عمرو بن العاص لمعاوية: و اللّه يا معاوية ما أدري بقتل أيهما أنا أشدّ فرحا، بقتل عمّار أو ذي الكلاع ؟ و اللّه لو بقي ذو الكلاع حتى يقتل عمار لمال بعامّة أهل الشام، و لأفسد علينا جندنا، فكان لا يزال رجل يجيء إلى معاوية و عمرو بن العاص فيقول: أنا قتلت عمارا، فيقول له عمرو: فما سمعته يقول ؟ عند ذلك فيخلطون حتى قال ابن حوي: أنا قتلته، فقال له عمرو: فما كان آخر منطقه ؟ قال ابن حوي: سمعته يقول:
اليوم ألقى الأحبة
محمّدا و حزبه
قال له عمرو: صدقت، أنت صاحبه (1)،ثم قال له: رويدا أما و اللّه ما ظفرت يداك، و لقد أسخطت ربك.
وفد على عبد الملك بن مروان فولاّه عرافة قومه، ثم عزله في الحال.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنا، قالوا: أنا أبو جعفر ابن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، حدّثنا الزبير، حدّثني يعقوب بن محمّد بن عيسى الزهري، حدّثني عبد العزيز بن أبي ثابت الزهري، قال:
خرج قوم من بني عامر بن صعصعة إلى عبد الملك بن مروان يختصمون في العرافة، فتنازعوا فيها، فقال عبد الملك العرافة لي، و أنا أعرّف عليها من رأيت، فنظر إلى فتى منهم شعشاع وقعت عليه عينه، فقال: يا فتى قد وليتك العرافة، فقاموا يقولون: فلح بن خداش، فسمعها عبد الملك، فقال: كلا و اللّه لا يهجونا أبوك في الجاهلية و نشرّفك في الإسلام، فولاّها غيره.
يعني بالهجو، ما:
أخبرناه أبو الحسين و أبو غالب، و أبو عبد اللّه، قالوا: أنا أبو جعفر، أنا المخلّص، نا
ص: 28
أحمد، نا الزبير، قال: و حدّثني محمّد بن حسن عن محمّد بن طلحة، عن عثمان بن عبد الرّحمن قال: أنشد قصيدة خداش رجل من قيس عبد الملك بن مروان فقال: يا شدّة ما شددنا، ثم سكت. فقال عبد الملك: امضه، فإنّا لم نزل نحب السخن، فأنشده (1):
يا شدّة ما شددنا غير كاذبة *** على سخينة لو لا الليل و الحرم (2)
إذ يتقينا هشام (3) بالوليد و لو *** أنا ثقفنا هشاما شالت الخدم (4)
فقال عبد الملك: و اللّه ما أرى صاحبك زاد على التمني (5) و الاستنشاء يا أخا قيس، و هذه الأبيات قالها خداش في وقعة كانت بينهم و بين قريش و ذلك فيما.
أخبرنا أبو الحسين، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه، قالوا: أنا ابن المسلمة، أنا المنجاب الطوسي، نا الزبير، حدّثني الموصلي عمر بن أبي بكر، عن زكريا بن عيسى، عن ابن شهاب قال:
كانت العرب يسمون قريشا سخينة، و كانوا يأكلون هذا السخن، و يأكل العرب الحلوف و الدماء، فلما كانت غزوة غزاها مالك بن عوف النصري أهل تهامة استأجرت بعض.... (6)
حتى قاتلوا فرسانا من فرسان قريش بعرفات حتى إذا بلغوا الحرم انصرفوا عن الحرم، فأخذوا .... (7) حتى استجازوا بمرّ الظهران، حتى أغاروا على بني الملوح بن يعمر و دليلهم كلثوم ابن الأسود بن...... (8) بن يعمر، و هو يطلب ثأره في بني يعمر، و كان جثّامة بن قيس و بلعاء بن قيس و خميصة بن قيس بن ربيعة بن عبد اللّه بن يعمر أصابوا حيا من بني.... (9)
ابن الديل فأقبل كلثوم بهوازن يبتغي غرّة يعمر فقتل منهم...... (10) أدبرت هوازن في طريقهم أي بدوا منها حتى إذا ضمت عليهم جبال....... (11) أخذت عليهم خزاعة
ص: 29
بالنعال (1) و أدركتهم خيل بني بكر، فأصابوا منهم مقتلة و أصابوا ما كان بأيديهم من السبي، حتى رجعوا، و هذا الشعر الذي أبدوا فيه على قريش، و هو الذي قال فيه خداش بن زهير:
يا شدة ما شددنا غير كاذبة *** على سخينة لو لا الليل و الحرم
إذ يتقينا هشام بالوليد و لو *** أنا ثقفنا هشاما شالت الخدم
قال ابن شهاب: و كذب عدو اللّه، لم يصيبوا في تلك الوقعة رجلا واحدا و لا مالا.
حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن المحسن لفظا، و كتبه لي قال:
ابن الخفافي رجل شيخ طاعن في السن، كان كثير الاجتماع و الاختلاط بأبي الفتيان بن حيّوس (2) يحفظ عيون شعره، و ينشد طبعا بلا تلحين أحسن إنشاد، و أطيب نغمة، و كان سافر صحبة أبي الفتيان، و أقام نائبا عن دمشق مدة سنين كثيرة، و بحلب مات، أنشدني بيتا سمعه من أبي الفتيان و قال: هذا ما سمعه أحد غيري من أبي الفتيان، كنا خرجنا نتصيد... (3) لنا و معنا فلان، أمير ذكره، فأرسل بازه فحرم، ثم أرسله ثانية فكان كذلك، و في كلّ مرة يقول:
لا حول و لا قوة إلا باللّه، فقال أبو الفتيان:
مكبر عند صيده قول: لا *** حول، إذا قال غيره: اللّه أكبر
من أهل دمشق.
روى عن عمر بن الخطاب.
روى عنه يزيد بن سعد.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، أنبأ أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن
ص: 30
صصرى، أنبأ عبد الرّحمن بن عمر بن نصر، حدّثني أبي، نا علي بن الحسن بن معروف القضاعي بحمص، نا حيوة، ثنا بقية، عن الفرج بن فضالة، عن يزيد بن سعد، عن ابن دحيريج قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: اللّهمّ احفظني في أهل الشام عامة و في أهل حمص خاصة.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه، قراءة عن أبي الحسين الصيرفي، أنا أبو القاسم بن عتّاب، أنا أحمد بن عمير إجازة.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، أنا أحمد بن عمير قراءة.... (1) ابن سميع يقول في الطبقة الأولى: و ابن دحيريج الأزدي دمشقي.
قدم دمشق.
حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن المحسن لفظا في تسمية من كتبه بدمشق من أهل الأدب، قال: ابن الديواني الطرابلسي: رحل عنك الجسم (2) منسي الاسم وصل إلى دمشق بعد أن ملكت الإفرنج خذلهم اللّه طرابلس، و اجتمعت به و كتب إلي أبياتا منها:
وجيه الملك أنجبت الأماني *** لم أحمى الجود منك إذ بينا
و أظهرت الليالي منك نديا *** جيد عدانه ضربا و طعنا
فداؤك كل من جدواه بشر *** و مني ثم ما أعطى و منا
وردت الماء حرانا زلالا *** فكان عطاؤك من زوجيه أهنا
و له:
وجيه الملك ما وجهني بحرا *** إذا لم ألق مجدك بالمدح
و لم أشكرك ما استنشقت *** ريحها... (3) و ديب في روحي
ص: 31
من بني مالك، أو ذو الخمار بن عوف الجذامي، أو ذو الخمار عبهلة
ابن كعب الأسود العبسي الدوسي باليمن أو ذو الخمار الأسدي
شهد اليرموك، و كان أميرا على كردوس.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، أنا أبو طاهر الدهني، أنا أحمد بن عبد اللّه بن سيف، أنا السري بن يحيى، أنا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر، قال: و ابن ذي الخمار على كردوس يعني باليرموك (1).
ممن وجهه أبو بكر إلى الشام لافتتاحه.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو محمّد بن الأكفاني و غيرهما، قالوا: أنبأ عبد العزيز بن أحمد، أنا أحمد بن علي بن محمّد الدولابي، أنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد الغفار بن ذكوان، أنا إسحاق بن عمار بن.... (2)،نا محمّد بن إبراهيم بن مهدي، نا عبد اللّه بن محمّد القدامي، حدّثني قدامة بن حازم بن سفيان:
أن ابن ذي السهم الخثعمي قدم على أبي بكر من اليمن في جماعة من خثعم دون الألف و فوق السبع مائة، فقال له ابن ذي السهم: إنّا قد تركنا الديار و الأموال، و أقبلنا بنسائنا و أبنائنا و نحن نريد جهاد المشركين، فما ذا ترى لنا في أولادنا و نسائنا أ تخلفهم عندك و نمضي فإذا جاء اللّه بالفتح بعثنا إليهم فأقدمناهم علينا؟ أو ترى أن نخرجهم معنا و نتوكل على اللّه تعالى ؟ فقال أبو بكر: سبحان اللّه يا معشر المسلمين هل سمعت من أحد ممن سار من المسلمين إلى الروم و أرض الشام ذكر من أمر الأولاد و النساء مثل ما تسمعون أخا خثعم ذكر، أما و اللّه إنّي أقسم لك يا أخا خثعم أن لو سمعت هذا القول منك و الناس مجتمعون عندي قبل أن يشخصوا لأحببت أن أحبس عنا لأنهم عندي، و أسرحهم ليس معهم ذراريهم و لك بجماعة
ص: 32
المسلمين أسوة، و أنا أرجو أن يدفع اللّه..... (1) عن حرمة المسلمين، فسر في حفظ اللّه و كنفه، فإنّ بالشام أمراء قد وجهتهم، فأيهم أحببت إن نصحت فاصحب قال: فسار حتى لقي يزيد بن أبي سفيان فكان معه.
روى عن شعيب بن أبي حمزة.
روى عنه نعم بن حمّاد.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة (2)،نا نعيم بن حماد، نا ابن زبان (3) الدمشقي، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري قال: قال عون بن عبد اللّه: نظرنا فيما روى عبد اللّه بن مسعود فوجدناه خمسة و أربعين حديثا.
رواه عبيد بن شريك البزاز عن نعيم و قال: إنّ ابن زبان من أهل حمص.
أخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنا أحمد بن محمّد بن إبراهيم الورّاق، نا عبيد بن شريك، نا نعيم بن حماد، نا ابن زبان من أهل حمص و كان قدريا عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عون بن عبد اللّه قال: أحصينا حديث عبد اللّه بن مسعود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فإذا هو بضع (4) و خمسون حديثا.
و أخبرناه أبو سهل بن سعدويه، أنا أبو الفضل عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن، أنا أبو مسلم محمّد بن أحمد بن علي البغدادي.
ص: 33
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا ابن النقور، أنا عيسى، قالا: نا أبو القاسم البغوي، نا محمّد بن إسحاق، نا نعيم بن حماد، نا ابن زبان (1) و كان قدريا، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عون بن عبد اللّه، قال: أحصينا حديث عبد اللّه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فإذا هو بضع (2) و خمسون حديثا.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أبو حامد الأزهري، أنا محمّد بن عبد اللّه بن حمدون، أنا أبو حامد بن الشّرقي (3)،نا محمّد بن يحيى الذهلي، ثنا نعيم بن حماد، نا ابن زيان (4) شيخ بحمص معروف عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عون بن عبد اللّه قال: أحصينا حديث عبد اللّه بن مسعود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فإذا هي بضعة و خمسون حديثا.
[قال ابن عساكر:] (5) كذا قال ابن زيان بالزاي و الياء.
أنبأنا أبو الحسن سعد الخير بن محمّد بن سهل، أنا أبو طاهر أحمد بن علي بن عبيد اللّه بن سوار المقرئ، أنا أبو الحسين محمّد (6) بن عبد الواحد بن علي بن إبراهيم بن رزمة البزّاز، أنا أبو سعيد الحسن بن عبد اللّه السيرافي النحوي، حدّثني محمّد بن منصور بن مزيد ابن أبي الأزهر النحوي (7)،نا الزبير بن بكار، حدّثني إسحاق بن إبراهيم التميمي قال:
اعترض المأمون عند دخوله إلى الشام رجل فقال: يا أمير المؤمنين إن العرب قد ضاعت بالشام، فقال المأمون: من هذا؟ فقال له المعتصم: هذا ابن زرعة الجذامي يا أمير المؤمنين فقال: ائذن له، فلمّا مثل بين يديه قال له المأمون: إنني و اللّه ما ضيعتها إلاّ أن يكون الملتمس لعزها، فأيّ العرب ضاعت، و في أي العرب تكلمني ؟ أ في عرب اليمن ؟ فقبيلة لا تحبنا أبدا و لا نحبها. أو ربيعة ؟ فو اللّه ما زالت على اللّه غضابا مثل بغض اللّه نبيا من مضر أم
ص: 34
في قيس فو اللّه ما أنزلتها عن ظهور الخيل حتى كادت بيوت (1) الأموال تنفذ. أم قضاعة فراكزة رماحها قابضة على أعنة أخيلها ترتقب السفياني لتكون شيعة له و أنصارا. فقال الرجل: ما ظننت هذا حال القوم عند أمير المؤمنين، قال: فاستبدل بظنك يقينا، و إن استزدت وجدت مزيدا.
إن لم يكن المقداد بن زمل بن عمرو فلا أدري من هو.
وفد على عبد الملك بن مروان و مدحه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر محمّد بن هبة اللّه، و أبو سعد محمّد بن علي بن محمّد الرستمي، قالا: أنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأ عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب ابن سفيان (2)،نا إبراهيم بن المنذر، حدّثني عبد العزيز بن عامر - شيخ من عاملة من أهل تيماء - قال: حدّثني شيخ كان يجالس سعيد بن المسيب قال: مرّ به يوما ابن زمل العذري - و نحن معه - فحصبه سعيد، فجاءه فقال له سعيد: بلغني أنك مدحت هذا - و أشار نحو الشام يعني عبد الملك-؟ قال: نعم يا أبا محمّد قد مدحته أ فتحب أن تسمع القصيدة ؟ قال: نعم، اجلس، قال: فأنشده حتى بلغ:
فما عاتبك في خلق قريش *** بيثرب حين أنت بها غلام
فقال له سعيد: صدقت، و لكنه لما صار إلى الشام بدل.
حدّث عن أبيه.
روى عنه هشام بن عمار.
أخبرنا جدي أبو المفضل يحيى بن علي بن عبد العزيز، و خالي أبو المعالي محمّد بن
ص: 35
يحيى (1)...... (2)،و أبو العشائر محمّد بن خليل بن فارس قالوا: أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو الحسن بن حذلم، نا خالد بن روح، نا هشام بن عمار، نا ابن سعيد بن عبد العزيز، عن أبيه:
أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: أما بعد فإني أوصيكم بتقوى اللّه فيما أحببتم و عند ما تكرهون، و اعلموا أنه من لم يرض عن اللّه فيما كره لم يؤد إليه شكره فيما يحب، و أحذركم الدنيا فإنها دار ابتدع اللّه خلقها بعلمه ليبلو فيها أعمال عباده، فمن تكن الدنيا نيته و يكون عمله فيها لها لا يكون له في الآخرة نصيب، و من تكن الآخرة نيته و يكون (3) عمله في الدنيا لغيرها يكن له عمل في شغل العباد فراغا يطمئن إليه، و اعلموا أن الدنيا قلة لمن أكثر منها، و كثرة لمن أقلّ منها، و تهاون بها التماس ما عند اللّه. فكأنما قد كان من الدنيا لم تكن. و كأنما هو كائن من الآخرة لم يزل، فعليكم بتقوى اللّه فتزودوها في مهلكم قبل شغلكم، فإنّ أمركم إلى غيركم، قد ولاّه اللّه قبض أرواحكم، فمن توفته رسل اللّه على معاصي اللّه، فويل لتلك الأرواح التي خرجت من روح الدنيا، و برد شرابها و لين نعيمها فأبدلت به بؤسا لا يزول شقاؤه و لا يبرد حره و لا تخبو ناره، و ذلك لما كان من غفلتهم في الدنيا حتى نزل بهم الموت و اللّه لهم عدو و هم له مسخطون، فلا دنيا لهم بقيت و لا آخرة لهم صارت، و لا الدنيا حين ذهبت كان يصيبهم منها ما بهم من نعيمها، و لا الآخرة حين عاينوها أصابوا سرورها و أمنوا من عقوبتها، و لكنهم أقلبوا بعد نعيم الدنيا إلى ضيق المنزل من جهنم، فبادروا هذا الموت بالعمل الزكي فإنكم قد رأيتم ما يأتي آخر الدنيا حين يكون أحدكم قريبا للموت مستبسلا قد أيقن بالفراق و التقت الساق بالساق، فصرن لتلك الأرواح التي خرجت من روح الدنيا و برد شرابها إلى نزل الحميم ليس بذائق فيها شرابا و لا تتلاقى الجفون فيها بنوم أبدا، فبادروا بأعمالكم آجالكم، فإنكم عن قليل ميتون أ لا ترون إلى من قد مات، ما أبعد قراره و أنسى منزله و أفقره إلى العمل الصالح، و أندمه على ما كان من شبابه و شدة اغتباطه بكل خير قدمه، فالسعيد من اتعظ بغيره، نسأل اللّه أن يجعل لنا و لكم في كل ما يرضى به عنا حظا و نصيبا، و أن يجعل منقلبنا و إياكم إلى خير دائم لا يزول.
ص: 36
حكى عنه أبو زرعة تاريخ وفاة أبيه سليمان، تقدمت في ترجمة أبيه سليمان.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (1)،حدّثني عبد الرّحمن بن عمرو الدمشقي، حدّثني ابن سليمان بن عتبة قال: مات سليمان سنة خمس و ثمانين و مائة، قال: و سمعت أبا مسهر يوثّقه.
اسمه عبد اللّه، تقدم ذكره في حرف العين.
8945 - ابن طنبية النابلسي (2)
من الصالحين.
حكى عن أبي علي القيسراني (3) الزاهد العالم، بأكواخ (4) بانياس، و قدم عليه زائرا.
حكى عنه علي بن محمّد المقدسي، تقدمت حكايته في ترجمة أبي علي.
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي، و نقلته من خطه، قال حدّثنا الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم قال: ابن طنبية من صالحي شيوخ أهل نابلس.
فارغ
ص: 37
حكى عن أبيه.
روى عنه مروان بن محمّد الطاطري، تقدم ذكره في ترجمة أبيه.
اسمه الحكم، تقدم ذكره في حرف الحاء.
قدم دمشق.
حدّثنا (1) أبو عبد اللّه ابن الملحمي السلمي قال (2) ابن عوف: أعرف وصوله إلى دمشق، و أتحقق فضله، و سمعت إنشاده، و ذكره أخبار الفضلاء و إيراده كثيرا، و كان رجلا يملأ العين،؟؟؟ (3)،و يتطاول إلى خدم السلطان الكبار، و قد بلغ قريبا مما أراد.
شهد مع معاوية صفّين.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى، نا خليفة قال (4):قال أبو عبيدة: قال و كان على الحميريين و الحضرميين ابن عفيف.
حكى عنه يوسف بن مخلد.
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن أحمد بن عمرو بن معاذ العنسي بداريا، نا أبو القاسم بن أبي العقب، نا أبو محمّد جعفر بن محمّد بن عاصم بن الرواس الأنصاري، نا أحمد بن أبي الحواري، نا يوسف بن مخلد، حدّثني ابن عمّار مؤذن زرّا قال:
وجدت (1) في السفر الرابع من التوراة أن اللّه يقول: أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، عيني على كل شيء، أرى أثر النمل في الصفا (2) و أرى وقع الطير في الهوى، و أعلم ما في القلب و الكلى، و أعطي العبد على ما نوى.
[روى] (3) عن أبيه.
وفد على معاوية.
روى عنه ابنه (4).
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن أحمد بن عمر، أنا أبو طالب العشاري، نا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن إسماعيل بن سمعون إملاء، نا أبو بكر بن أبي داود السجستاني، ثنا محمّد ابن آدم، نا ابن المبارك، عن ابن العمياء، عن أبيه قال: قال معاوية: المعرفة نسب من الأنساب، قبّح اللّه معرفة لا تنفع.
أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد قالت: أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن، أنا جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد بن هارون، أنا أبو كريب، نا ابن المبارك،[نا] (5) ابن أبي العمياء، عن أبيه قال: دخلت على معاوية فقال لي: إنّ المعرفة نسب من الأنساب، قبّح اللّه معرفة لا تنفع.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الحسن علي بن أحمد، قالا: نا - و أبو منصور
ص: 39
ابن خيرون قال: أخبرنا - أبو بكر الخطيب (1)،أنا محمّد بن أحمد بن رزق، نا إسماعيل بن علي الخطبي (2)،و أبو بكر محمّد بن الحسن بن مسعود التّمّار الأصم - و اللفظ للخطبي - نا محمّد بن يونس القرشي، نا شهاب بن عباد، نا محمّد بن سليم قال: قلت له: من محمّد بن سليم ؟ قال: لا أدري، نا ابن المبارك، عن ابن العمياء، عن أبيه قال: وفدت إلى معاوية، فنسبني فانتسبت له فعرفني فقال: إنّ المعرفة نسب من الأنساب، ارفع حوائجك، قبح اللّه معرفة لا تنفع.
روى عبد اللّه بن وهب، عن سعيد بن عبد الرّحمن بن أبي العمياء، فاللّه أعلم، هل هو هذا أم غيره ؟ أنبأنا أبو الحسين و أبو عبد اللّه، قالا: أنا ابن مندة، أنا حمد، إجازة.
ح قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي، قالا: أنا أبو محمّد قال (3):
نافع ابن العمياء قال: دخلت على معاوية، روى عنه ابنه، سمعت أبي يقول ذلك.
كان على حرس عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن المحسن، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى، نا خليفة قال (4):في تسمية عمال عمر بن عبد العزيز:
الحرس: ابن أبي عيّاش الألهاني، ثم عزله و ولى عمرو (5) بن المهاجر مولى الأنصار.
روى عنه محمّد بن سليمان بن أبي داود الحرّاني.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، أنا أبو بكر البيهقي.
ح و أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، قال: أخبرنا - و أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، قال: حدّثنا - أبو بكر الخطيب.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري.
قالوا: أنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أنا عبد اللّه بن جعفر بن درستويه، نا يعقوب ابن سفيان (1)،نا عبد الرّحمن بن عمرو الحراني، نا محمّد بن سليمان، عن ابن غنيم البعلبكي، عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«لا يزال هذا الأمر معتدلا قائما بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية»[13649].
رواه غيره عن محمّد بن سليمان، عن صدقة بن عبد اللّه، عن هشام بن الغاز.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (2):و أما غنيم بغين معجمة مضمومة و نون مفتوحة: ابن غنيم البعلبكي، روى عن هشام بن الغاز، حدّث عنه محمّد بن سليمان بن أبي داود الحرّاني.
فقيه على مذهب أبي حنيفة، كان بدمشق.
حكى عن أبيه.
ص: 41
روى عنه أبو علي الحسن بن حبيب الحصائري.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا أبو الحسن بن أبي الحديد.
ح و أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، نا عبد العزيز بن أحمد.
قالا: أنا أبو محمّد بن أبي نصر، نا أبو علي الحسن بن حبيب، نا ابن قاسم الجوعي، نا أبي، عن أبي سليمان الداراني، عن الربيع بن صبيح (1) قال: رأيت الحسن و طاوس و مجاهد في المسجد (2) الحرام في حلقة، و إذا دينار في وسط الحلقة؛ ما منهم أحد أخذه و لا أمر بأخذه، كلهم قام عن الحلقة و تركه (3).
شهد اليرموك مع أبيه، و كان أميرا على طلائع المسلمين.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، أنا أبو طاهر المخلص، أنا أبو بكر بن سيف، أنا السري بن يحيى، أنا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر قال (4):
و كان على الطلائع يعني يوم اليرموك: ابن (5) قباث بن أشيم (6).
موالي بني سرحون، كاتب معاوية.
كتب عنه الرازي.
قرأت بخط نجا ابن أحمد، و ذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنه بدمشق أبو..... (7) ابن قرطاجة مات سنة خمس و ثلاثين و ثلاثمائة.
ص: 42
حكى عنه مكي بن إبراهيم الفارسي.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الحسن بن قبيس، قالا: نا - و أبو منصور بن خيرون، قال: أخبرنا - أبو بكر الخطيب (1)،حدّثني مكي بن إبراهيم الفارسي، أنشدنا ابن كامل الدمشقي لأبي بكر محمّد بن داود بن علي في حبيبه (2) محمّد بن زخرف:
يا يوسف الحسن تمثيلا و تشبيها *** يا طلعة ليس إلاّ البدر يحكيها
من شك في الحور فلينظر إليك فما *** صيغت معانيك إلاّ من معانيها
ما للبدور و للتحذيف (3) يا أملي *** نور البدور عن التحذيف يغنيها
إن الدنانير لا تجلى و إن عتقت *** و لا يزاد على النقش الذي فيها
اسمه عبد اللّه بن أوفى، تقدم ذكره في حرف العين.
كان بدمشق، و ذكر بعض أديارها (4) في شعره.
حكى عنه أبو الحسن علي بن محمّد بن المظفر الشمشاطي.
قرأت في كتاب «الديرة» تأليف الشمشاطي: حدّثني ابن أبي اللقاء قال: أقمت بدمشق مدة، فأحببت أن أمضي إلى هذا الدير - يعني دير صليبا (5)-الذي يعرف بدير خالد، فتواعدنا أنا و إخوان لي على المضي إليه، و المقام فيه يوما و ليلة، فلما رأيناه و حسنه، و كثرة رياضه
ص: 43
و حدائقه، و بنائه، أطربنا و أعجبنا، فأقمنا به شهرا نصطبح و نغتبق و قلت فيه (1):
جنة لقّبت بدير صليبا *** مبدع حسنه جمالا (2) و طيبا
جئته للمقام يوما فظلنا (3) *** فيه شهرا و كان أمرا عجيبا
شجر محدق به و مياه *** جاريات و الروض يبدي ضروبا
من بديع الألوان يضحي به النا *** ظر مما يرى لديه طروبا
كم رأينا بدرا به فوق غصن *** مائس قد علا بشكل كثيبا
و شربنا به الحياة مداما *** تطلع الشمس في الكئوس غروبا
فكأن الظلام فيها (4) نهار *** لسناها تسرّ منا القلوبا(5) لست أنسى ما مرّ فيه و لا أج *** عل مدحي إلاّ لدير صليبا
قال الشمشاطي: و حدّثني ابن أبي اللقاء قال: أخبرت بدير باعنتل (6) و قد خرجت من دمشق إلى حمص، فنزلت أنا و.... (7) كانوا معي، و بتنا فيه ليلنا و أقمنا فيه من الغد، و عاشرنا من رهبانه قوما ظرفاء فيهم شماس اسمه عيسى، ما رأيت أحسن منه وجها، و لا أرق طبعا و لو ساعدني من كان معي لأقمت فيه شهرا، و فارقته و قلبي فيه، و عملت قصيدة منها:
يا دير باعنتل لم يقض له وطره *** من ظبيك الملبس همّا و أحزانا
القلب فيك رهين لا فكاك له *** و الشوق يبدي دموع العين بهتانا
أ يقضى اللّه لي.... (8) إليك *** لقد ملكت زلفى و إنعاما و إحسانا
فسوف أجعل منك...... (9) *** و لا أريم من ربعك........ (10)
*** حتى أنال الذي أرجو أو أمله
ص: 44
من أهل دمشق.
قرأت من شعره في مجموع قديم:
[غرر لكنهم غدر *** إن قرنت الخبر بالخبر] (1)
بقر لكننا لهم *** في امتثال الأمر كالبقر
يشربون الصفو من زمن *** لا يهني فيه بالكدر
ولي قضاء دمشق في خلافة يزيد بن الوليد الناقص.
ذكر محمّد بن خلف وكيع (2)،حدّثني (3) ابن أبي خيثمة أبو بكر، عن الهيثم (4) بن مروان، عن أبي مسهر، عن سعيد يعني ابن عبد العزيز قال: ولّى يزيد بن الوليد الأوزاعي عبد الرّحمن بن عمرو القضاء فجلس مجلسا ثم استعفى، فأعفي و ولّى يزيد ابن أبي ليلى (5)الغساني، فلم يزل حتى قتل بالغوطة أيام زامل (6).
حكى عنه عبدان الأهوازي.
إن لم يكن محمود بن إبراهيم بن محمّد بن القاسم فهو غيره.
وفد على معاوية، و حكى عن أبيه.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف، أنا أبو الحسن بن إسماعيل، نا أحمد بن مروان، نا ابن أبي الدنيا و عبد اللّه بن قتيبة، قالا: نا عبد الرّحمن ابن أخي الأصمعي، عن الأصمعي، أخبرني بعض أصحابنا قال: دخل ابن أبي محجن على معاوية بن أبي سفيان فقال معاوية: أبوك الذي يقول:
إذا متّ فادفني إلى أصل كرمة *** تروّي عظامي بعد موتي عروقها (1)
فقال ابن أبي محجن: لو شئت ذكرت أحسن من هذا يا أمير المؤمنين من شعره ؟ قال:
و ما ذاك ؟ قال: قوله (2):
لا تسأل القوم ما مالي و ما حسبي *** و سائل القوم: ما حزمي و ما خلقي
القوم أعلم أنّي من سراتهم *** إذا تطيش يد الرعديدة الفرق
قد أركب الهول مسدولا عساكره *** و أكتم السرّ فيه ضربة العنق
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد بن العلاّف (3)،و أخبرني أبو المعمر المبارك بن أحمد.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو علي بن أبي جعفر، و أبو الحسن بن العلاّف.
قالا: ثنا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي، نا أبو الفضل الربعي قال: دخل ابن أبي محجن الثقفي على معاوية فقال له أبوك الذي يقول:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة *** تروّي عظامي عند موتي عروقها
فقال ابن أبي محجن: لو شئت ذكرت أحسن من هذا يا أمير المؤمنين من شعره قال:
و ما ذاك ؟ قال: قوله:
ص: 46
لا تسألي القوم عن مالي و كثرته *** و سائلي القوم عن بأسي و عن خلقي
القوم أعلم أني من سراتهم *** إذا تطيش يد الرعديدة الفرق
أعطي السنان غداة الروع حصته *** و عامل الرمح أرويه من العلق
و أركب الهول مسدولا عساكره *** و أكتم السّر فيه ضربة العنق
اسمه سعيد، تقدم ذكره في حرف السين.
شاعر، شهد مع معاوية صفّين.
ذكر أبو عبد اللّه إبراهيم بن محمّد بن عرفة نفطويه قال: كان ابن مقبل في عسكر معاوية و كان يمدح أهل الشام و يحث على الطلب بدم عثمان، و يعرّض بعلي رضي اللّه عنهما، و كان النجاشي في عسكر علي، فمن شعر ابن مقبل قوله للنجاشي (1):
و لو شهدت أم النجاشي ضربنا *** بصفين فدّتنا بكل مكان
و لو كنت وجه الخنفساء شهدتنا *** حملت قناة غير ذات سنان
فأجابه النجاشي (2):
و ما دفنت قتلى سليم (3) و عامر *** بصفين حتى حكم الحكمان
و نجّى ابن حرب سابح ذو علالة *** أجش هزيم و الرماح دواني
إذا قلت أطراف العوالي ينلنه (4) *** مرته به الساقان و القدمان
أخذ عنه يحيى بن حمزة أحاديث محمّد بن سعيد المصلوب (5) في الكتاب الذي:
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا أبو محمّد الكتاني، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة قال: سمعت أبا مسهر يقول: كان يحيى بن حمزة أخذ أحاديث
ص: 47
محمّد بن سعيد، أخذها عن ابن المكاري و منزلهم فيما بين بيت لهيا و باب توما. لا يحمد ذاك أبو مسهر؛ موضوعات كلها.
دمشقي، له شعر في بعض وقائع أبي الهيذام عامر بن عمارة بن خريم، أنشده دعبل بن علي له فيما حكاه محمّد بن داود بن الجراح في كتاب الورقة
مهلاّ يا بني القين بن جس *** ر و لا يغرركم منا السراب
يمنيكم أبو الهيذام نصرا *** و يسلمكم إذا اختلف الضراب
اسمه رماح بن أبرد، تقدم ذكره في حرف الراء.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أنا - و أبو الحسن بن سعيد، قال: نا - أبو بكر الخطيب (1).
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري.
قالا: أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (2)،حدّثني صفوان ابن صالح، نا عمر بن عبد الواحد قال: سمعت الأوزاعي يقول: أتاني شعيب بن إسحاق و ابن أبي مالك، و ابن علاّق، و ابن ناصح، فقالوا: قد أخذنا عن أبي حنيفة شيئا فانظر فيه، فلم يبرح بي و بهم حتى أريتهم فيما جاءوني به أنه قد أحلّ لهم الخروج على الأئمة (3).
8972 - ابن أبي نحيلة العذري - مولاهم - بن عمارة..... (4)
من زهاد أهل دمشق.
حكى عنه سعيد بن عبد العزيز، و المنذر بن نافع.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا أبو محمّد الكتاني، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا
ص: 48
أبو الميمون، نا أبو زرعة (1)،نا أبو مسهر، نا سعيد بن عبد العزيز قال: لم يكن عندنا (2)أزهد من أبي عبد رب، و ابن أبي نحيلة (3) مولى لبني عذرة.
أخبرنا أبو محمّد، نا أبو محمّد، أنا أبو محمّد، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة (4)،نا أبو مسهر، نا محمّد بن شعيب، عن المنذر بن نافع قال: كان ابن أبي نخيلة (5) ربما اشترى لأصحابه الطرفة بدينار.
أخبرنا أبو محمّد الداراني، أنا سهل بن بشر، أنا الخليل بن هبة اللّه، أنا الكلابي، أنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاّب، نا العباس بن الوليد بن صبح الخلال، نا أبو مسهر، حدّثني محمّد بن شعيب، حدّثني المنذر بن نافع قال: كان ابن أبي نحيلة يشتري للرجل من إخوانه الطرفة بدينار فيطعمه إياها.
أخبرنا أبو محمّد المزكي، نا عبد العزيز، أنا تمام بن محمّد، أنا أبو عبد اللّه الكندي، نا أبو زرعة قال في الطبقة الرابعة: ابن أبي نحيلة العذري روى عنه سعيد (6) بن نعيم البغدادي، قدم دمشق.
حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن الحسن السلمي، قال: ابن نعيم البغدادي رجل شيخ أعور وصل إلى دمشق سنة ثمانين و أربع مائة، حسن الحال كثير المال، عزيز أدب النفس و الدرس، قوي في اللغة و النحو و قراءة السبعة، و أقام بدمشق إلى أن باع و اشترى، و طرحت به الثوى و هو الذي يقول فيه صاعد بن الحسين:
ما مقلة ابن نعيم البيضاء مع *** كلف بها معدودة من عينه (7)
إما أن يكون ابنا (8) لعبد الرّحمن بن نمر اليحصبي، أو يكون محمّد بن عبد الرّحمن بن نمران، فسقط منه الألف و النون.
ص: 49
حدّث عن الأوزاعي.
روى عنه سليمان بن عبد الرّحمن.
أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو نصر بن الجبّان، أنا أبو عمر محمّد بن موسى بن فضالة بن إبراهيم القرشي، حدّثني أبي موسى بن فضالة، أنا سليمان بن عبد الرّحمن، نا ابن نمر، نا الأوزاعي، حدّثني عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد اللّه قال:
جعل رجل على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم غلاما له لم يكن له مال غيره حرّا من بعده، فأخذ النبي صلى اللّه عليه و سلم العبد فباعه، ثم أعطاه صاحبه ثم قال:«أنت إلى ثمنه أحوج، و اللّه عنه أغنى»[13650].
سمع عمر بن الخطاب، و عثمان بن عفان، و علي بن أبي طالب، و طلحة، و الزبير، و عبد الرّحمن بن عوف، و خالد بن الوليد، و كان معه بالشام، فأرسله إلى عمر.
روى عنه حميد بن عبد الرّحمن بن عوف الزهري.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، و أبو سهل محمّد بن الفضل بن محمّد الأبيوردي، قالا: أنا أبو حامد بن الحسن بن محمّد الأزهري، أنا أبو سعيد محمّد بن عبد اللّه بن حمدون التاجر، أنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن الحسن الحافظ ، نا محمّد بن يحيى، نا صفوان بن عيسى، عن أسامة بن زيد، و هو الليثي (1)،عن الزهري قال: حدّثني عبد الرّحمن بن أزهر (2)قال (3):
رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم حنين و هو يتخلل الناس يسأل عن منزل خالد بن الوليد، فأتي بسكران فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من كان عنده أن يضربوه بما في أيديهم، و حثا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عليه
ص: 50
التراب فلما كان أبو بكر أتى بسكران فتوخى (1) الذي كان من ضربهم يومئذ، فضرب أربعين.
قال الزهري: فحدّثني حميد بن عبد الرّحمن، عن ابن وبرة الكلبي قال: أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر فأتيته و هو في المسجد، و معه عثمان بن عفان، و عبد الرّحمن بن عوف، و علي، و طلحة، و الزبير، متكئون معه في المسجد، فقلت: إن خالد بن الوليد أرسلني إليك، و هو يقرأ عليك السلام و يقول: إن الناس قد انهمكوا في الخمر و تحاقروا العقوبة، فقال عمر: هم هؤلاء عندك فسلهم، فقال علي: نراه إذا سكر هذا و أدى هذا افترى و على المفتري ثمانين، فقال عمر: أبلغ صاحبك ما قال، قال: فكان عمر إذا أتى بالرجل القوي المنهمك في الشراب جلده ثمانين و إذا أتى بالرجل الضعيف الذي كانت معه الزلة جلده أربعين، ثم جلد عثمان أيضا ثمانين و أربعين.
اسمه إبراهيم بن علي بن سلمة، تقدم ذكره في حرف الألف.
ص: 51
اسمه علي بن المغيرة، تقدم ذكره في حرف العين.
اسمه عبد اللّه بن محمّد بن عبد اللّه، تقدم ذكره في حرف العين.
8978 - الأخطل التغلبي (1) الشاعر
اسمه غياث بن عوف، تقدم ذكره في حرف الغين.
اسمه هارون بن موسى بن شريك، تقدم ذكره في حرف الهاء.
شاعر.
ذكر بكار بن علي بن رباح الرياحي الدمشقي في مجموع جمعه سنة اثنين و تسعين و ثلاثمائة أن من شعره:
لحظ جفون سطا على كبدي *** يبث فيها حرارة الكمد
ص: 52
و ورد...... (1) خشي قمر *** تؤثر فيه إشارة بيد
حنّ إليه حنين و؟؟؟ (2) *** حنين ذي غربة إلى بلد
أصبح عبدا لعبده و به *** شغل عن الوالدين و الولد
اسمه عبد الرّحمن بن هرمز، تقدم ذكره في حرف العين.
اسمه ميمون بن قيس، تقدم ذكره في حرف الميم.
اسمه عبد اللّه بن خارجة، تقدم ذكره في حرف العين.
اسمه عبد الرّحمن بن عبد اللّه، تقدم ذكره في حرف العين.
اسمه عبد الواحد بن نصر، تقدم ذكره في حرف العين.
شاعر من أهل حمص.
قدم دمشق مجتازا إلى مصر مع عبد اللّه بن طاهر.
قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين، عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأ عبد الوهاب الميداني، أنا أبو سليمان بن زبر، أنا عبد اللّه بن أحمد بن جعفر، أنا محمّد بن جرير الطبري قال (1):و ذكر عن الحسن بن يحيى الفهري قال: لقينا البطين الشاعر الحمصي و نحن مع عبد اللّه بن طاهر فيما بين (2) سلمية (3) و حمص فوقف على الطريق و قال لعبد اللّه بن طاهر:
مرحبا مرحبا و أهلا و سهلا *** بابن ذي الجود طاهر بن الحسين
مرحبا مرحبا و أهلا و سهلا *** بابن ذي الغرتين في الدعوتين
مرحبا مرحبا بمن كفّه البح *** ر إذا فاض مزبد الرجوين (4)
ما يبالي المأمون أيده اللّه *** إذا كنتما له باقيين
أنت غرب و ذاك شرق مقيما *** أي فتق يأتي من الجانبين
و حقيق إذ كنتما في قديم *** لزريق و مصعب و حسين
أن تنالا ما نلتماه من المجد *** و أن تعلوا على الثقلين
قال: من أنت ثكلتك أمك ؟! قال: أنا البطين الشاعر الحمصي، قال: اركب يا غلام و انظر كم بيتا؟ قال: قال: سبعة، فأمر له بسبعة آلاف أو بسبعمائة دينار، ثم لم يزل معه حتى دخلوا مصر و الإسكندرية حتى انخسف به و بدابته مخرج، فمات فيه بالإسكندرية.
ص: 54
اسمه بشر بن خداش، تقدم ذكره في حرف الباء.
اسمه عبد العزيز، تقدم ذكره في حرف العين.
اسمه سلمة، تقدم ذكره في حرف السين.
اسمه عمرو بن بحر، تقدم ذكره في حرف العين.
اسمه عمرو بن عبيد، تقدم ذكره في حرف العين.
اسمه جرول بن أوس، تقدم ذكره في حرف الجيم.
كانوا اثني عشر رجلا، جاء في الآثار أنهم كانوا مع عيسى عليه السلام بدمشق عند نهر بردى و لم يسمهن بعضهما (1) فذكرنا هاهنا قطعة من أخبارهم و لم نفصل ذكرهم على ترتيب أسمائهم.
أخبرنا أبو الحسن بركات بن عبد العزيز الأنماطي، و أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة
ص: 55
الوكيل، قالا: أنا أبو بكر الخطيب، أخبرني محمّد بن أحمد بن محمّد بن رزقويه (1)،أنا أحمد بن سندي، نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، أنبأ إسحاق.
قال: و أنا ابن سمعان، أخبرني من له علم بعلم الإنجيل أنهم ثلاثة عشر رجلا، قال إدريس عن وهب أنهم كانوا اثني (2) عشر رجلا فكان ممن حفظ أسماءهم: شمعون، و يحيى، و ابن زبد الحارث، و يومان، و يوفا، و مربوس، و فطرس، و يحنس أخو يعقوب، و يعقوب، و أندراس، و ميثى، و فليبس، و يعقوب بن زبدا. و يقال: إنه كان معهم آخر يقال له سرحس، فاللّه أعلم، غير أن النصارى لا يقرّون به.
قال: و أنا إسحاق، أنا سعيد بن بشير (3)،عن قتادة، عن كعب قال: إنّ عيسى أعطاه اللّه ما أعطاه و بعثه رسولا، فكان أول من اتّبعه الحواريون............. (4) ابن مريم مرّ بالحواريين فيهم: يحيى، و يومان، و يوفا، و مرقوس، و مرينوس، و يعقويس و لم يكن بلغ يحيى يومئذ و هم ؟؟؟ (5) مات الناس من الوسخ فيعيشون بآخر تلك النيات يوما بيوم، فقال لهم عيسى: إنكم لو غسلتم أصحابكم من خطاياهم كان ذلك الأجر الذي لا يزول، و هو خير لكم من الأجر الذي لا يصيبكم منه شيء تفوزون به يوم المعاد، قالوا:
و كيف نغسلهم من خطاياهم ؟ قال: تكونون لي أعوانا عليهم، فنخرجهم من ظلمة الخطايا إلى نور التوبة و الحكمة، قالوا: نفعل، فاتّبعوه فذلك قوله تعالى: كَمٰا (6) قٰالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوٰارِيِّينَ مَنْ أَنْصٰارِي إِلَى اللّٰهِ قٰالَ الْحَوٰارِيُّونَ و هم العالون الذين يبيضون الثياب نَحْنُ أَنْصٰارُ اللّٰهِ (7) فاتبعوه، قال كعب: كانوا اثنا عشر رجلا.
قال: و أنا إسحاق، أنا سعيد بن بشير (8)،عن قتادة، عن كعب قال:
إن عيسى بن مريم كان لا يصحبه غني إلاّ أحب الفاقة لما يرى من زهده، و كانت امرأة
ص: 56
يقال لها مريم، و كانت امرأة صالحة، و كانت من أخيار نساء بني إسرائيل و كانت توصف بجمال فائق، و كانت امرأة كثيرة المال و كانت بها عاهة، و كانت تستحيض الدهر كله، لا تقدر على أن تتزوج للعاهة التي بها، و كان يخطبها الملوك و الأشراف، فامتنعت من العاهة التي كانت بها، و ظنوا أنها ترغب بنفسها و ترفعها عنهم، فأبغضوها و شينوها، و كانت تكتم الذي بها، فلمّا سمعت بعيسى و اجتماع الناس عليه، و ما أظهر من الآيات و العجائب التي كان يتخذها بإذن اللّه من إشفاء المريض و الزّمن، فحدّثت المرأة نفسها و قالت: لو أتيت هذا النبي الذي بعثه اللّه إلى بني إسرائيل، فأستوصفه لذاتي لعل اللّه يشفيني به، أو مسّيت ثوبه أو شيئا من جسده لرجوت أن يشفيني اللّه به و يطهّرني؛ فأقبلت حتى دخلت في غمار الناس، و قد ازدحم المرضى و الزمنى على عيسى ابن مريم، فدخلت متنكرة بينهم في أطمارها، فلم تزل في الزحام حتى وصلت إليه فلمّا رأت نور وجهه، و ما ألبسه اللّه من هيبة سلطانه خافت، و أدركها ما يدرك النساء من الحياء و الخجل، فتحيّرت فلم تتقدم و لم تتأخر، فلما ضاق بها أمرها تحوّلت من خلف عيسى، فوضعت يدها على ثوب (1) عيسى فمسّته ثم أسرعت فتوارت في الزحام و التفت عيسى ساعة مسّت ثوبه فقال لشمعون: من مسّني يا شمعون ؟ قال شمعون: و من لم يمسك الناس أكثر من ذلك ؟ فقال عيسى: لقد مسّني إنسان له في مسي أمل و نية، و لقد أعطاه اللّه ما أمل و نوى، فلمّا سمعت المرأة فرحت بذلك، ثم دنت فأسفرت عن وجهها فقالت: يا نبي اللّه أنا التي مسّتك و طهّرني اللّه بطهرك، و قد أجمعت على خلع الدنيا و الزهد فيها، و صحبتك و الانقطاع إليك، فأقبلت على مالها فأنفقته في سبيل اللّه على ما كان يأمرها عيسى، حتى أنفذته و صارت فقيرة من فقرائهم، و تخلّت للعبادة، و تبتّلت، فكانت تعدّ من أصحاب عيسى ابن مريم، و كان لا يصحب عيسى أحد إلاّ اختار الزهادة للذي أعطاه اللّه من الزهادة، و كانت هذه الامرأة تعدّ في الحواريين فيما زعموا عدتهم ثلاثة عشر، و كان رأس الحواريين سمعون، و هو أول من آمن بعيسى، فقال له: و هو يغسل درّاعة له من صوف، فقال له: يا سمعون هل أنت ناصر ربك ؟ قال: نعم، قال: فقم معي، فقام معه سمعون.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، أنا الحارث بن أبي أسامة، أنا محمّد بن سعد، أنا هشام بن محمّد بن السائب، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال (2):كان بين ميلاد عيسى و النبي صلى اللّه عليه و سلم
ص: 57
خمس مائة سنة و تسع و ستون سنة، بعث في أولها ثلاثة أنبياء و هو قوله إِذْ أَرْسَلْنٰا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمٰا فَعَزَّزْنٰا بِثٰالِثٍ (1) و الذي عزز به سمعون، و كان من الحواريين، و كانت الفترة التي لم يبعث اللّه فيها رسولا أربع مائة سنة و أربعا و ثلاثين (2) سنة، و إنّ حواريي عيسى ابن مريم كانوا اثني عشر رجلا، و كان قد تبعه بشر كثير، و لكنه لم يكن فيهم حواري إلاّ اثنا عشر رجلا، و كان من الحواريين القصار و الصياد و كانوا عمالا يعملون بأيديهم، و إن الحواريين من (3) الأصفياء.
حدّثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن منصور الفقيه، أنا أبو سعد عبيد اللّه بن عبد اللّه ابن محمّد بن حسكويه، أنا أبو سعيد الصيرفي، نا أبو العباس محمّد بن يعقوب الأصم، نا محمّد بن الجهم بن هارون السمري، نا أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء قال:
و الحواريون كانوا خاصة عيسى، و كذلك خاصة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقع عليهم الحواريون، و كان الزبير يقال له حواري رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ربما جاء في الحديث لأبي بكر و عمر و أشباههما حواري، و جاء في التفسير أنهم سمّوا حواريين لبياض ثيابهم.
أخبرنا أبو الوحش سبيع بن المسلم، قراءة، أنا أبو علي الحسن بن علي الأهوازي، نا أبو القاسم عبيد اللّه بن محمّد بن أحمد بن جعفر السّقطي (4)،أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد ابن [عبد اللّه بن يزيد] (5) الدقاق (6).
و أخبرنا أبو بكر يحيى بن سعدون القرطبي، أنا أبو صادق مرشد بن يحيى، أنا أبو الحسين عبد الباقي بن فارس، أنا عبد اللّه بن أحمد بن الحسين، قالا: نا أبو بكر محمّد بن عزيز السجستاني قال: حواريّون، فيه ثلاثة أقوال: صفوة الأنبياء عليهم السلام، قيل: إنهم كانوا قصارين فسمّوا الحواريين لتبييضهم الثياب، ثم صار هذا الاسم مستعملا فيمن أشبههم من المصدقين، و قيل: كانوا صيادين، و قيل كانوا ملوكا و اللّه أعلم، و هم صفوة الأنبياء الذين
ص: 58
خلصوا و أخلصوا في التصديق بهم و نصرتهم، و هي ثلاث لغات صفوة و صفوة و صفوة و الكسر أجودهن.
حدّثنا أبو الفضل بن ناصر لفظا، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أيوب، أنا القاضي أبو العلاء محمّد بن علي الواسطي، أنا أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي، نا أبو إسحاق إبراهيم بن السّري الزجاج (1) قال: قوله جل و عز: قٰالَ الْحَوٰارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصٰارُ اللّٰهِ (2) قال الحذّاق باللغة: الحواريون صفوة الأنبياء الذين خلصوا و أخلصوا في التصديق بهم و بنصرهم فسماهم اللّه الحواريّين، و قد قيل: إنهم كانوا قصارين فسمّوا الحواريين لتبييضهم الثياب، ثم صار هذا الاسم مستعملا فيمن أشبههم من المصدقين يشبهانهم (3)،و قيل إنهم كانوا ملوكا، و قيل: إنهم كانوا صيادين، و الذي عليه أهل اللغة أنهم الصعوي (4)؟؟؟ و يروى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم «الزبير ابن عمتي و حواريّ من أمتي» و يقال لنساء الأمصار (5) حواريات لأنهن تباعدن عن فسق (6) الأعرابيات لنظافتهن، و أنشد أبو عبيدة لابن حلزة النسابة:
فقل للحواريات يبكين عيرنا *** و لا يبكنا إلاّ الكلاب النوابح
أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه اللّه قال:
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد بن أحمد الفقيه، أنا أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي المفسر قال الحواريون قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير كانوا صيادين سموا حواريين لبياض ثيابهم، و قال في رواية عطاء: كانوا قصارين يحوّرون الثياب أي يبيّضونها، اتّبعوا عيسى و صدّقوه، و قال قتادة و الكلبي: الحواريّون خواصّ عيسى و أصفياؤه.
أخبرنا أبو الحسن بركات بن عبد العزيز الأنماطي، و أبو محمّد بن حمزة الحداد، قالا: ثنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرني أبو الحسن بن رزقويه، أنا أحمد بن سندي (7)
ص: 59
ابن الحسن، نا الحسن بن علي القطان، نا إسماعيل بن عيسى بن عطية السعدي، و عبد اللّه ابن زياد بن سمعان، قالا: عن بعض من أسلم من أهل الكتاب: أن عيسى ابن مريم لمّا اتخذ الآيات و العجائب كفروا به و أجمعوا على قتله، و قالوا: ساحر كذاب، و كان سياحا، يسيح في الأرض، لا يأويه بيت و لا قرية، عليه برنس له من شعر، و إزار من شعر، و نعلين من النعال السبتية، و في يده عصا، مأواه حين يأتيه الليل، سراجه ضوء القمر، و ظله ظلمة الليل، و فراشه الأرض، و وسادته حجر الأرض، و نعله و ركابه عشب الأرض، ربما طوى الأيام جائعا، إذا أصابته (1) الشدة فرح و استبشر، و إذا أصابه الرخاء خاف و حزن، و كان اللّه قد أوحى إليه: يا عيسى ابن مريم اذكرني في الدنيا أذكرك في المعاد، عبدي أكحل عينيك بملمول الحرث تتعظ لي في ساعة الليل أسمعني لدادة الإنجيل إذا دخلت مسجدا من مساجدي لتضطرب قليلا (2) خوفا مني، و لتخشع جوارحك لي، و قل لقومك إذا دخلوا مسجدا من مساجدي لا يدخلوا إلاّ بقلوب خائفة، و أبصار خاشعة خافضة، و أيد طاهرة من الدنس، و أخبرهم أنّي لا أستجيب دعاء ظالم حتى يردّ المظلمة إلى صاحبها. يا عيسى إنّي ذاكر كلّ من ذكرني، و ألعن الظالمين إذا ذكروني. يا عيسى لا تجالسن الخاطئين حتى يتوبوا.
فقال عيسى للحواريين: يا معشر الحواريين لا تجالسوا الخاطئين، فإن مجالسهم تقسي القلب، و هي معصية اللّه، حتى يتوبوا من المعاصي، تقرّبوا إلى اللّه بمفارقتهم، يا معشر الحواريين لا تحملوا عليّ اليوم همّ غدا، حسب كلّ يوم همّه و لا يهتم أحدكم لرزق غد، فإنكم لم تخلقوا لغد و إنما خلق [غد] (3) لكم فخالق الغد يأتيكم فيه بالرزق، و لا يقولن أحدكم إذا استقبل الشتاء من أين آكل و من أين ألبس، و إذا استقبله الصيف يقول من أين آكل و من أين أشرب، فإن كان لك في الشتاء بقاء فلك فيه رزق، و إن كان لك في الصيف بقاء فلك فيه رزق، و لا تحمل همّ شتائك و صيفك على يومك، حسب همّ كلّ يوم بما فيه.
يا معشر الحواريين، إنّ ابن آدم خلق في الدنيا في أربعة منازل فهو في ثلاثة منها باللّه واثق، و ظنه باللّه حسن، و في الرابعة سيّئ ظنه بربه، يخاف خذلان اللّه إياه. أما المنزلة الأولى فإنه يخلق في بطن أمه خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث: ظلمة البطن، و ظلمة الرحم،
ص: 60
و ظلمة المشيمة، يدرّ اللّه عليه رزقه في جوف ظلمة البطن، فإذا خرج من البطن وقع في اللبن لا يسعى إليه بقدم، و لا يتناوله بيد، و لا ينهض إليه بقوة، بل يكره عليه حتى يرتفع عن اللبن و ينظم و يقع في المنزلة الثالثة بين أبويه، يكسيان عليه، فإذا ماتا تركاه يتيما، فعطف عليه الناس، يطعمه هذا و يكسوه هذا رحمة للّه، و كذلك اللّه تعالى لا يناوله اللّه العباد شيئا من يده إلى أيديهم، و لكن يرزقهم و ينزل عليهم من خزائن ما عنده، على يدي عباده بقدر ما يشاء، حتى إذا بلغ منزلته الرابعة و استوى خلقه و اجتمع و كان رجلا خشي أن لا يرزقه اللّه اجترأ على الحرام، وعدا على الناس فقتلهم على الدنيا، فسبحان اللّه ما أبعد هذين الأمرين (1) بعضهما من بعض يحسن ظنه باللّه و هو صغير و إذا كبر ساء ظنه فأوثق نفسه في طلب ما كفل له به.
يا معشر الحواريين، اعتبروا بالطير يطير في جو السماء، هل رأيتم طيرا قط يدخر بالأمس رزق غد؟ أ لم تروه (2) يأوي إلى وكره بغير شيء ادّخره ثم يصبح غاديا (3) مستبشرا فيعرض له رزقه، ثم يرجع كذلك إلى وكره، و كذلك البهائم و السباع و الحيتان و الوحوش، و ابن آدم يدّخر رزق الأبد في يوم لو قدر عليه، و لو فارق الدنيا و عاين الآخرة لندم ندامة لا تغني عنه شيئا.
يا معشر الحواريين، إن أبغض العلماء و القرّاء إلى اللّه الذين يحبون أن يسودوا في المجالس، و يذكروا عند الطعام، و يشار إليهم بالأصابع الذين يفرغون جرائب (4) الأرامل أولئك يضاعف اللّه لهم العذاب، يا معشر الحواريين، بحقّ أقول لكم ما الدنيا تحبون و لا الآخرة ترجون، و لو كنتم تحبون الدنيا عملتم العمل الذي تدركون به الدنيا، و لو كنتم ترجون الآخرة لعملتم العمل الذي تدركون به الآخرة، بحق أقول لكم أمسيتم في زمان كلامهم كلام الأنبياء، و فضلهم فضل السفهاء، كلامكم دواء يبرئ الداء و قلوبكم داء لا تقبل الدواء، فقد قتلتم أنفسكم على حب الدنيا، قلوبكم تتلقى من أعمالكم و أعمالكم لا تتلقى من ذنوبكم، اعلموا أن هذه الأرض تحمل الجبال، و هذه الجبال تمسك الأرض، و أجسادكم تحمل قلوبكم، و قلوبكم لا تمسك أجسادكم، بحب الدنيا زاغت فمالت بكم، سحرت الدنيا
ص: 61
أعينكم، أصبحت الدنيا عندكم بمنزلة العروس المجلية (1)،يعشقها كل من رآها و هي بمنزلة الحية ليّن مسها تقتل بسمّها.
يا معشر الحواريين، ليكن همّكم من الدنيا أنفسكم تفوزوا بها، و لا تكن (2) همتكم بطونكم و فروجكم، تضمروا من الطعام و تملّوا من الحكمة.
يا معشر الحواريين لو توكّلتم على اللّه حقّ توكّله لأتاكم بالرزق كما يأتي الطير رزقه في جو السماء تغدو خماصا (3) و تروح بطانا.
يا معشر الحواريين، هل تستطيعون أن تعبدوا زين يعني الدنيا و الآخرة، من طلب الدنيا ترك الآخرة، و من طلب الآخرة ترك الدنيا،... (4) الشعير و ملح الجريش (5)،و اخرجوا من الدنيا سالمين.
يا معشر الحواريين، قد تنطحت لكم الدنيا فجعلتكم فوقها، فليس بنار علم فيها إلاّ اثنان الملوك و النساء، أما الملوك فإن لم تنازعوهم (6) في دنياهم لم ينازعوكم في دينكم، و أما النساء فاستعينوا عليهن بالصيام، و اعلموا أن النظر إلى النساء سهم من سهام إبليس مسموم، و هو يزرع الشهوة في القلب، و كفى بصاحبها خطيئة. إنما قتلت الملوك الأخيار لأنهم دعوهم إلى دنياهم فلم يجيبوهم، و أظهروا الناس على عيوبهم، فقالوا: نقتلهم فنستريح منهم.
يا معشر الحواريين، لا تنازعوا أهل الدنيا في دنياهم فينازعوكم دينكم، فلا دنياهم أصبتم و لا على دينكم استبقيتم. يا معشر الحواريين تنطقوا، بالحكمة التي جعل اللّه لكم في قلوبكم، و لا تدنسوا أبدانكم بعرض الدنيا... (7) الدنيا لا تسروا، و اعلموا أن هذه الحكمة تنوّر القلوب إذا ما مسّها العمل، فلا تفسدوا فتفسدوا الناس، و إن مثل الحكيم الذي يعمل بحكمته كمثل الشمس تضيء (8) للخلائق و لا تحرق نفسها، و إن مثل الحكيم الذي لا يعمل
ص: 62
بحكمته كمثل السراج يضيء من حوله و يحرق نفسه، و مثل الحكيم الذي يعمل بحكمته كمثل الأترجة (1) ريحها طيّب و طعمها طيّب، و إن مثل الحكيم الذي لا يعمل بحكمته كمثل شجرة الدفلى (2) ورقها حسن و طعمها مرّ، و إن مجالسة المؤمن الحكيم كمجالسة المسك إن لم يصبك منه شيء أصابك ريحه، و إنّ مجالسة الرجل السوء بمنزلة مجالسة القبر إن لم يصبك شذاذه أصابك دخانه، فإياكم و مجالسة أهل المعاصي.
يا معشر الحواريين، لا تصفوا البعوض عن شرابكم و تشترطوا القيلة، تنزعون القذى من أعين الناس و تدعون العوارض في أعينكم، تنظرون في ذنوب الناس كأنكم أرباب، لا تنظروا في ذنوب الناس فالأرباب ما نظروا في ذنوبكم كالعبيد؛ ما الناس إلا كالرجلين مبتلى و معافى، فارحموا صاحب البلاء و احمدوا اللّه على العافية.
يا معشر الحواريين إنّ اللّه قال لموسى: يا موسى لا تحلف باسمي كاذبا، و أمر موسى بني إسرائيل: لا تحلفوا باللّه إلاّ و أنتم صادقون، و أنا آمركم أن لا تحلفوا باللّه صادقين و لا كاذبين، و لكن قولوا: نعم، و لا يكفي بالكذب إثما و بالحلف غدرا. يا بني إسرائيل كونوا حكماء، علماء، لا تضعوا الحكمة إلاّ عند أهلها، و لا تكتموها أهلها، فإنكم إن تكلمتم بالحكمة عند غير أهلها جهلتم، و إن منعتموها أهلها فقد ظلمتموها، فكونوا كالطبيب العالم الذي يضع دواءه حيث يعلم أنه ينفع، فقولوا الحكمة و اعلموا بها، و اقبلوها ممن يقولها، و إن أبغضتم قائلها، و اجتنبوا قول السوء و إن أحببتم قائله، حبّوا من أبغضكم و صلوا من قطعكم، و أعطوا من حرمكم، و صلّوا على من لعنكم، فإنكم إن كنتم تحبون من أحبكم و تعطون من أعطاكم كانت تلك مكافأة، فليس لكم فضل على أحد، و لكن أعطوا من منعكم و برّوا بآبائكم و أمهاتكم، ليصرف اللّه عنكم العسر و ييسّر لكم اليسر. اعفوا عن الناس يعف اللّه عنكم، أ لا ترون إلى ربكم كيف تشرق الشمس على أعدائه، و يقسم رزقه لهم، لا يحرمهم أرزاقهم لمعصيتهم إياه، و يدعوهم إلى التوبة على أن يدخلهم الجنة، و اعلموا أنّ لكلّ كلمة حسنة أو سيئة جوابا تعطون جوابها يوم القيامة، و إذا قرّب أحدكم قربانه ليذبحه، فيذكر أن أخاه
ص: 63
... (1) عليه في نفسه فليترك قربانه و ليذهب إلى أخيه فيرضيه، ثم ليذبح قربانه. يا بني إسرائيل كافئوا بالإحسان، و ادرءوا بالحسنة السيئة عند (2) اللّه، حسب كل امرئ إذا أخذ قميص أحدكم فليبسط إزاره أيضا. من لطم خدّه فليملكن (3) خده الآخر فيلطمه، و إن سخّرك رجل ميلا فاذهب معه ميلا آخر، و أيما رجل منكم أصاب الخطيئة بعينه، فإن كان للّه رضا أن ينزعها فلينزعها، و إن أصاب بعينيه جميعا فإن كان للّه (4) رضا أن ينتزعهما جميعا فلينتزعهما، فإنه أريك في الدنيا أعمى و في الآخرة بصير.... (5) له و إن أصاب الخطيئة بيديه و رجليه كان للّه رضا أن يقطعهما فليقطعهما جميعا، فإنه لا يكون له في الدنيا يدان و لا رجلان خير له من أن يكون له يدان و رجلان في النار. يا بني إسرائيل لا تجالسوا الملوك على موائدهم، و لا تأكلوا ما يأكلون، و لا تلبسوا ما يلبسون، و لا تركبوا ما يركبون؛ فإن ذلك منعة لكم عند اللّه، و نقص في الدرجات، يا بني إسرائيل ما يغني عن البيت المظلم السراج على ظهره و باطنه مظلم، فابدوا بيوتكم فأسرجوا فيها قبل أن ينتهب ما فيها فتخرب، و لا تعطوا الناس سرجكم، ابتدوا بأنفسكم فأدّبوها و عظوها، و اعملوا بالحكمة ثم علّموها الناس، ما يغني عن الجسد إذا كان ظاهره صحيحا و باطنه فاسدا، ما تغني عنكم أجسادكم إذا عجبتم و قد فسدت قلوبكم، و ما ذا يغني عنكم أن تبقوا جلودكم و قلوبكم دنسة تخرجون الحكمة إلى الناس، و تمسكون الغلّ في صدوركم، لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيّب و يمسك النخالة، فذلك الحكمة تخرج من أفواهكم و يبقى الغلّ في صدوركم. دعوا الشرّ ثم اطلبوا الخير ينفعكم، فإنكم إذا جمعتم الخير و الشرّ فكيف ينفعكم الخير. إن الذي يخوض الماء لا بدّ أن يصيب ثوبه نضح الماء و إن جهد، فكذلك من يحبّ الدنيا لا ينجو من الخطايا؛ يا عبيد الدنيا طوبى للمجتهدين بالليل، أولئك يؤتون النور الدائم، قاموا في ظلماء الليل فمشوا على أرجلهم، فالتمسوا مساجدهم بأيديهم يتضرّعون إلى ربهم في حسن النفقة، فأجابهم ربهم في الرّخاء فسعدوا في الشدة، صبروا و بالصبر...... (6) من ظلمة خطاياهم، و رعوا في
ص: 64
مساجدهم العمل، و سقوا زرعهم من دموع أعينهم حتى نبت زرعهم، و أدرك الحصاد ليوم فقدهم فوجدوا عاقبة ذلك عند ربهم في يوم يحشر فيه، المبطلون قلوبهم معلقة عند ربهم و أجسادهم في الدنيا منتصبة، قد غلبهم اليوم فخرّوا على وجوههم لما رجوا من رحمته و رهبوا من عذابه، فمن يكون زرعه المرّ لا يحصد حلوا و من يكن الحلو زرعه لا ينبت له المرّ، و من كان زرعه مرّا حصد في آخر زمانه مرّا مثل ما زرعه، و من كان زرعه حلوا فحصد (1) في آخر زمانه مثل زرعه، كما لا يجتنى من الشوك التمر، كذلك لا يجزى السيئ إحسان، بحقّ أقول لكم: إنّ الدنيا خلقت و جعلت مزرعة توزع فيها العباد الخير و الشرّ، فمنفعة الخير يوم حصاده و مزرعة الشرّ شقاء و بلاء و عذاب في يوم حصاده، ضرب اللّه لكم مثل الآخرة خلقت للحصاد، و الدنيا جعلت للزرع، فمن زرع و بذر اليوم فإنه يحصد يوم القيامة، فليتفكّر المتفكّر فيما يضره و ما ينفعه، فإن الخير ينفعه و الشرّ يضره. فأحسن ابن آدم إلى طبيبك يقوم عليك في السقم غدا، فسقمك لا يزال يعتريك (2).... (3) الطبيب لم تفعل فكيف تفعل بك الكرامة، و أنت إياه لم تكرم فصابعوا (4) ربكم اليوم ليوم الأكبر و تجهزوا للعرض عليه، فإنه قد دنا من اللّه إليكم فراغ، فكان منكم كطرفة عين الناظر، لا تمشوا مع الأشرار فتشبّهون بهم، فإن للحكماء فيهم عبرة، و عبرة الحكماء لهو السفهاء، و لهو السفهاء عبرة الحكماء، فالحكيم يعتبر بالجاهل، و الجاهل..... (5) بهواه عليكم ما كسبتم فاجتمعوا عليها و أطيلوا حبسها، لا يخرج من أفواهكم ما لا يحلّ لكم، قد جعل اللّه لألسنتكم أطباقا فأطبقوها. فأعرض للمؤمن الكلام ما لا يحلّ و قد جعل اللّه لأعينكم أطباقا فأطبقوا عند ما لا يحلّ لكم. يا عبيد الدنيا إنه من لا يستعين على حمله لا يستطيع أن يحمله، و من لا يتوب إلى ربه كيف يغفر له، و من لا يغسل (6) فكيف يغنيه، و من لا يتب من الخطايا كيف يقبل منه ؟ و من يركب البحر بغير سفينة كيف ينجو من الغرق ؟ و من لا يترك المعاصي كيف يتخلص من الذنوب ؟ و من لا يتناول الطعام بيده كيف يأكله ؟ و من لا يتواضع لربه كيف
ص: 65
يعبده ؟ و من لا يضر مسسعه (1) كيف (2) يقطع به ؟ و من لا يعمل عملا صالحا كيف ينفعه ؟ و من لا يخشى العقوبات كيف يترك المحارم ؟ و من لا يهمه عيب وجهه كيف ينظر في المرآة ؟ و من لا تهمه الخطايا كيف يترك الذنوب ؟ و من لا يبذل ماله لحليله كيف يحبه ؟ و من لا يطيع ربه كيف يذهبه ؟ يا عبيد الدنيا ما ذا ينقص من نور الشمس من هو قائم فيها، بل ينتفع من مشى فيها، و كذلك اللّه لا ينقص ما أعطى بل يزيد من شكر. يا عبيد الدنيا إنّ العسل ليس في الزق كلّ ساعة، كذلك الحكمة ليس قلوبكم كل ساعة، إنّ الزقّ ما لم ينخرق سوف يساد فيه العسل، كذلك أنتم ما لم تخرق (3) شهوات الدنيا قلوبكم فسوف يعاد فيها الحكمة فلا تفسدوها بالخطايا، و لا يطولن بكم الأمد، إن ابتليتم بشيء من ذلك، و لكن اصبروا على ترك الخطايا، فإن ترك الخطايا أهون من طلب التوبة. يا عبيد الدنيا ما أكثر الشجر و ليس كله يثمر، و ما أكثر العلماء و ليس كلكم يعمل. إن الدابة ما لم ترضّ تستصعب، و إنّ قلوبكم ما لم تلق تتركوا (4)العلم. يا عبيد الدنيا إنكم لا تدركون ما تأملون إلاّ بالصبر على ما تكرهون، و لا تبلغون ما تريدون إلاّ بترك ما تشتهون، و لا ينتظر امرؤ بتوبته لغد فإن من دون غد يوما و ليلة، و أمر اللّه غاد و رائح، إذا كنت في عشرين أعمى كلهم يقولون: لم تطلع الشمس، و أنت تنظر إليها فلا تصدقهم، و إن جاءك أعمى و أنت على الطريق فقال: إن هذا ليس بطريق فعلي كيف تدعوني إلى الطريق و أنت أعمى لا تبصر. يا عبيد الدنيا كيف يكون من أهل الآخرة من لا تنقضي شهوته من الدنيا؟ و من لا تنقطع فيها رغبته ؟ يا عبيد الدنيا لو أن اللّه لم يعذب على الخطايا لكنتم متحققين أن تدعوها شكرا لما أنعم عليه بحق أقول لكم. يا عبيد الدنيا إذا أفسدتم آخرتكم و جعلتم العلم تحت ألسنتكم، و العمل تحت أقدامكم، فلا أنتم تستعتبون، لكن على الناس تطعنون، فأي الناس أخسر منكم لو تعلمون. يا عبيد الدنيا خفتم ربكم على الناس و أمنتموه على أنفسكم، فكيف يبغض أحدكم صاحبه على الظن و يدع نفسه على اليقين ؟ أم كيف يغضب أحدكم إذا ذكر بعض ذنوبه و هي حقّ و يفرح إذا مدح بما ليس فيه بحق أقول لكم ما عمرت أرواح إبليس في شيء ما عمرت فيكم، إنما أعطاكم اللّه الدنيا لتعملوا فيها، و لم تعطلوها لتشتغلوا عن الآخرة، إنما بسطها لكم لتعلموا و لم يبسطها لكم لتضلوا، إنما أعانكم بها على العبادة، و لم يعنكم بها
ص: 66
على الخطايا، و إنما أمركم فيها بطاعته و لم يأمركم فيها بمعصية، و إنما أعانكم فيها على الحلال، و لم يبخل (1) لكم بها الحرام، و إنما وسعها لتواصلوا بها، و لم يوسعها لكم لتعاطوا فيها، إذ كنتم مساكين جياعا عراة، تركتم الإثم و الحرام حين كنتم أغنياء شباعا، بخير وقعتم في الحرام، بئس ما (2) صنعتم بأنفسكم، و نعم ما صنع بكم ربكم حين كنتم هزالى ضعفى، حملتم الأوساق (3) الثقيلة و حين سمنتم عجزتم عنها، و حين كنتم عميان (4) بصركم، و حين أبصرتم عميتم، و حين كنتم صمّا أسمعكم، و حين سمعتم صممتم، و حين كنتم جهالا علّمكم، و حين صرتم معلّمين كلكم جهلتم، و حين كنتم أمواتا أحياكم، و حين أحياكم متم، و حين كنتم ضلالا هداكم، و حين اهتديتم ضللتم، و حين كنتم أذلة مستضعفين سألتم العز و السلطان، و حين أعطيتم كفرتم، و حين كفر الناس استقبحتم، و حين فتح لم ضيعتم، و حين صرفت عنكم الدنيا أخلصتم أعمالكم، و حين فتحها عليكم... (5) يا صاحب العلم إن الأجر محروص عليه و لا يدركه إلاّ من عمل و لا يفتح إلا لمن يسأله، و لا يجده إلاّ من طلبه. يا صاحب العلم إن الشجر يتفاضل في الثمار و كذلك تتفاضل الرجال بالقول و الأعمال. يا صاحب العلم إن الشجر لا يكمل إلاّ بالثمر و طيبه، فكذلك لا يكمل الدين إلاّ بتحرج عن المحارم، يا صاحب العلم إن الماء يطفئ النار، و كذلك ينبغي للعلم أن يطفئ الغضب، يا صاحب العلم إن الزرع لا يصلح إلاّ بالماء و التراب و كذلك الإيمان و العمل.
يا صاحب العلم كل شيء إنما ينبت بالزرع و كذلك اللّه يجزى كل عامل بما عمل.
يا صاحب العلم إنه لا يجتنى الماء و النار في إناء واحد، كذلك لا يجتمع الفقه و الغناء في قلب واحد.
يا صاحب العلم إذا زال القلب عن حب النصر للّه فإنه كالحجر الثقيل يجر من الهبوط إلى الصعود. يا صاحب العلم إنه لا يكون مطر بغير سحاب كذلك لا تكون (6) مرضاة اللّه إلاّ بقلب نقي.
ص: 67
يا صاحب العلم إن السارق إذا اطلع على شيء من عمله و وجدت عنده السرقة يكذب ذلك معذرته و تستبين للناس معرفته كذلك القارئ إذا عمل معصية اللّه استبان للناس أنه لا يريد بقراءته وجه اللّه، يا صاحب العلم إن الزانية إذا حملت يفضحها حملها، و كذلك يفتضح بالعمل من كان يغرّ الناس بالقول الحسن و يقول ما لا يفعل. يا صاحب العلم إن النفس نور كل حي، و إن الحكمة نور كل قلب، و إن النفوس رأس كل حكمة و الحق بابه كل خير و رحمة، اللّه باب كل حق، و مفتاح ذلك الدعاء و التضرع إلى اللّه. و كيف يفتح باب بغير مفتاح.
يا صاحب العلم إن الرجل الحكيم لا يغرس في شجرة إلاّ شجرة يرضاها، و لا يحمل على خيله إلاّ فرسا يرضاه، و لا يحرث إلاّ ببذر يرضاه، فكذلك المؤمن العالم لا يعمل الأعمال إلاّ برضا ربه.
يا صاحب العلم إن الصقالة تصلح السيف و تجلوه، و كذلك الحكمة في قلب الحكيم مثل الماء في الأرض الميتة، و هي في قلب الحكيم مثل النور في الظلمة يضيء به الناس.
يا صاحب العلم إذا عرض لك الشيطان فقال كيف رفع اللّه السماوات بغير عمد؟ فقل:
إن لم تكن شهدت السماوات كيف رفعت و بنيت، فقد رأيت سماء مثلها سحابا ينشطها اللّه ثم يؤلف بينه في ساعة فيكون سماء دون هذه، فبعث اللّه عليه شمسها و قمرها ثم يكشطها عن وجه السماء و كذلك يكشط اللّه عن وجه الأرض يوم القيامة.
يا صاحب العلم إن نقل الحجارة عن رءوس الجبال أهون من أن تحدث من لا يقبل حديثك فيكون مثلك في ذلك كمثل الذي ينقع الحجارة في الماء لتلين. و كمثل الذي يصنع المائدة لأهل القبور، و كمثل المغني عند الميت. و كمثل الذي يريد أن يجتني العنب من الشوك.
يا صاحب العلم احبس الفضل من قولك، الذي يخاف عليك المقت من ربك. يا صاحب العلم لا تحدث حديثا إلا بحكمة تفهمه، و لا تغبط أمرا في قوله حتى يستبين لك عمله. يا صاحب العلم تعلم من العلماء ما جهلت، و علم الجاهل ما علمت، يا صاحب العلم عظم العلماء بعلمهم ودع منازعتهم، و لا تصغر الجهال بجهلهم و لا تطروهم، و لكن علمهم و قربهم.
يا صاحب العلم، اعلم أن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها. يا
ص: 68
صاحب العلم، إن كل معصية عجزت عن نوبتها بمنزلة عقوبة تعاقبها. يا صاحب العلم كرب الموت لا تدرى شيء يغشاك، فاستعد له قبل أن يغشاك.
أخبرنا أبو المظفر بن القشيري، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد ابن أبي عمرو قالا: أنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، نا أبو عبد الرّحمن عبد اللّه بن أحمد ابن حنبل، حدّثني أبي، نا عبد الرّحمن بن مهدي، نا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي ثمامة الواقدي قال قال الحواريون لعيسى بن مريم: من المخلص للّه ؟ قال: الذي يعمل العمل للّه لا يحب أن يحمده الناس عليه.
قال سفيان: حدّثني به منصور عنه يعني عبد العزيز، فلقيته فسألته.
أخبرنا أبو القاسم النسيب، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا محمّد بن أحمد، نا عبد المنعم، عن أبيه، عن وهب قال: قرأت في الإنجيل أن المسيح صلى اللّه عليه و سلم قال للحواريّين من أجلد.... (1) الح ؟؟؟؟ اسه (2) و؟؟؟؟ سسها؟؟؟ (3) كالحمام. قد يروى بعضه مرفوعا، و لا يصح.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا ابن مسعدة، أنا حمزة، أنا ابن عدي (4)،نا قاسم ابن علي الجوهري، نا محمّد بن ميمون بن كامل الحمراوي، ثنا محمّد بن إسحاق يعني العكاشي، حدّثني الأوزاعي، حدّثني مكحول و القاسم أنّهما سمعا أبا أمامة يقول: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:«إن أخي عيسى ابن مريم قال للحواريين [يوما] (5) يا معشر الحواريين كونوا في الشرّ بلها كالحمام، و كونوا في الحذر و الاجتهاد كالوحش إذا طلبها القناص»[13651].
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا ابن النقور، و أبو القاسم البسري، و عبد الباقي بن محمّد ابن غالب، قالوا: أنا أبو طاهر المخلص، حدّثني أبو العباس بن المارستاني، نا مهنى بن يحيى الشامي، نا بقية بن الوليد، عن الزبيدي، عن عبد اللّه بن عاصم، عن وهب بن منبه قال:
ص: 69
وجدت في بعض الكتب أنّ الحواريين أتوا عيسى فقالوا: يا روح اللّه، إن معنا رجلا به شيء من اللمم فإن (1) رأيت أن تدعو له ليذهب عنه قال: و ما هو؟ قالوا: أحمق. فقال: إن جبريل عهد إليّ عن اللّه عز و جل بكلّ شيء، و لم يعهد إليّ في الحمق بشيء، و ما كنت بالذي أعترض على اللّه فيما لم يعهد فيه إليّ بشيء.
أخبرنا أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو سعيد المفضل بن محمّد بن إبراهيم الخندمي، نا إبراهيم بن محمّد الشافعي، نا ابن عيينة، عن محمّد بن سوقة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: حج الحواريّون فلما دخلوا الحرم مشوا تعظيما للحرم.
أخبرنا أبو الحسن بركات بن عبد العزيز، و أبو محمّد بن حمزة، قالا: نا أحمد بن علي بن ثابت، أنا أبو الحسن بن رزقويه (2)،أنا أحمد بن سندي (3)،نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، أنا إسحاق بن بشر قال: و أنبأ ابن سمعان، أنبأ من له علم بالإنجيل:
أن الحواريين (4) فرقهم شمعون بعد عيسى حيث أمره عيسى فوجّه من الحواريين الأتباع الذين كانوا بعد عيسى فوجه فرطوس (5) الحواري و معه يونس من الأتباع و لم يكن من الحواريين إلى الرومية، و وجه أندرايس و ميثا إلى الأرض التي يأكل (6) أهلها الناس، و وجهه مويوس (7) إلى أرض بابل من أرض المشرق، و وجه فيلبس (8) إلى أرض القيروان و طنجة (9)، و هي إفريقية و وجه يحنس إلى أقسوس، قرية الفتية أصحاب الكهف، و وجه يعقوبس إلى أورشلم، و هي إيليا قرية بيت المقدس، و وجه يوفا بن سلقا (10) إلى أرض الحجاز، و وجه يعقوب و معه يهودا و لم يكن يهودا من الحواريين و كان من الأتباع إلى أرض بربر دون
ص: 70
إفريقية، و وجه يحنا بن زبدا و يومان إلى أنطاكية، و ذلك أنهم لما رأوا الآية التي قال لهم عيسى: إنّ الملائكة تلقاكم بمغارف من نور، فلمّا أمرهم شمعون فقاموا ليتفرقوا فلقيتهم الملائكة بمغارف..... (1) النور، يتكلّم كلّ رجل منهم بلغة القوم الذي وجّه إليهم، و دفعتهم الملائكة، فإذا كلّ رجل منهم على باب المدينة التي وجّه إليها من ساعته.
فارغ
9001 - السابق المعري (1) الشاعر
اسمه محمّد بن الخضر، تقدم ذكره في حرف الميم.
فقيه، قدم دمشق مع المتوكل.
قرأنا على أبي عبد اللّه يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمّد، عن أبي عمر ابن حيوية، نا محمّد بن القاسم، نا ابن أبي خيثمة قال: سمعت سجّادة يقول: كنت قاضيا على المدائن فبعث إليّ المأمون بخادم له يوما نصف النهار، فقال: المأمون يأمرك أن تهدم دار فلان و تستخرج منها قبر سلمان، قال: فدعوت صاحبه فسألته عن الدار فقال: دار توارثناه. قال: فكتبت إلى المأمون: أن هذا حقّ في يد رجل لا يخرج إلاّ ببينة قال: فلما كان بعد أيام إذا رسول المأمون قد جاء إلى صاحب العونة فأمره بهدمها، فهدم الدار و استخرج منها قبرا فقالوا: هذا قبر سلمان.
قرأت بخط أبي محمّد عبد اللّه بن محمّد الخطابي الشاعر في أسماء من شخص مع المتوكل إلى دمشق من الفقهاء: سجّادة.
اسمه الربيع بن ربيعة، تقدم ذكره في حرف الراء.
له شعر عجيب، يحكي فيه أصوات الطير و الطبول و غير ذلك، و كان سخيا ماجنا.
حكى عنه أبو نصر بن طلاّب.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، و أبو محمّد بن الأكفاني، و أبو الفرج غيث ابن علي، قالوا: أنا أبو نصر بن طلاّب و نقلته من خطه قال: حكى لي المعروف بصريع الدّلاّء البصري و قد اجتمع هو و عبد المحسن الصوري الشاعر بصيدا و جرى بينهما محاورات و حكايات مضحكات فكان مما حكاه ما روي: أن معلما كان بالشام رقيقا مشهورا بشتم الصبيان، فعوتب على ذلك، فقال لمن عاتبه و أنكر عليه: اقعدوا حتى تسمعوا فإن كنت معذورا، و إلاّ فلوموا، فقرأ عليه... (1)هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاٰ تُنْفِقُوا عَلىٰ مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللّٰهِ (2) فقال له: كذبت يا عاض.... (3) أ تلزم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نفقة لا تجب عليه، لعمري إنه أعجبك كثرة ماله، قبّحك اللّه، ثم قرأ أخرى: عَلَيْهٰا مَلاٰئِكَةٌ غِلاٰظٌ شِدٰادٌ لاٰ (4) يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ (5) مٰا يُؤْمَرُونَ (6)،فقال له: يا ابن الخبيثة ما هؤلاء إلاّ أكراد شهرزور و ليس هؤلاء ملائكة قال: و قلنا له ما نلومك بعد هذا.
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي، أنشدني علي بن سلامة الأشعثي لصريع الدلاء:
خلقت رقيقا إذا ما رقع *** ت بشيء من العقل لم أنتفع
و من كان مستهزئا بالملا *** ح و كان من الصغر صفرا صفع
و لم يدعوه إذا لم يدع *** بأيديهم قطعا أن يدع
اسمه عبد اللّه بن رؤبة، تقدم ذكره في حرف العين.
ص: 73
اسمه علي بن عبد اللّه بن سيف، تقدم ذكره في حرف العين.
فارغ
رجل من موالي بني أمية، له قصة مع المتوكل.
قرأت بخط أبي الحسين الرازي، أخبرني أبو علي الحسن بن القاسم بن دحيم بن إبراهيم الدمشقي (1)،حدّثني محمّد بن سعيد الربعي قال:
لما أراد جعفر المتوكل الخروج من الشام إلى العراق أحب أن يجعل طريقه على البرية، لينظر إلى آثار بني أمية و مصايفهم، و كان في طريقه دير يعرف بدير حنينا (2)،فلما... (3)
على ذلك اتصل خبره ببعض موالي بني أمية فقال: و اللّه لانغصن عليه... (4) بأبيات أخبرها، ثمّ تقدّمه إلى الدير فجعل لصاحب الدير جعلا على أن يدعه يكتب في صدر الهيكل أبياتا، فأذن له، فكتب (5):
أيا منزلا بالدير أصبح خاويا (6) *** تلاعب فيه شمأل و دبور
كأنك لم تقطنك بيض نواعم (7) *** و لم تتبختر في فنائك حور
و أبناء أملاك غياشم سادة *** صغيرهم عند الأنام كبير
إذا نزعوا تيجانهم فضراغم (8) *** و إن لبسوا تيجانهم فبدور
ص: 74
على أنهم يوم اللقاء قساور (1) *** و لكنهم يوم عيد النوال بحور
و لم يصبح الصهريج و الناس حوله (2) *** عليه فساطيط لهم و خدور
و حولك رايات لهم و عساكر *** خيل لها بعد الصهيل شخير
ليالي هشام بالرصافة قاطن (3) *** و فيك ابنه يا دير، و هو أمير
إذ الملك غضّ و الخلافة لدنة *** و أنت خصيب و الزمان طرير (4)
و روضك مرتاض و بيعك بائع *** و رجو بني مروان فيك نضير
بمسلمة الميمون و هو الذي له *** تكاد قلوب المشركين تطير (5)
بلى، فسقيت الغيث صوب مناكير *** إليك يصعد الرواح بكور (6)
تذكرت قومي فيكم فبكيتهم *** و ان شجيا بالبكاء لجدير
تغربت نفسي و هي نفس لها *** إذا جرى ذكر قومي أنة و زفير
رويدك إن اليوم يعقبه غد *** و إن صروف الدائرات تدور
لعل زمانا جار يوما عليهم *** لهم بالذي تهوى النفوس يحور
فيفرح مرتاد و يأمن خائف *** و يطلق من كل الوثاق أسير
فلما قرأه المتوكل قال: و اللّه ما كتب هذا إلاّ رجل من بني أمية يريد أن ينغص علي ما أنا فيه، فمن أتاني به فله ديته، فطلب، فأتي به، و إذا هو رجل من بني أمية من أهل دمشق يعرف بالفرخ (7)،فأمر المتوكل بقتله، و قال: بما قدمت يداك، و ما اللّه بظلام للعبيد.
قال أبو الحسين و راوي هذه الحكاية: يقرأ هذا الكلام: أن المتوكل لما قرأها بكى بكاء شديدا، و أمر بهدم الموضع، فهدم الحائط .
ص: 75
اسمه همام بن غالب، تقدم ذكره في حرف الهاء.
اسمه عمرو بن شهر، تقدم ذكره في حرف العين.
اسمه محمود بن الحسين، تقدم ذكره في حرف الميم.
اسمه جرير بن عبد المسيح، تقدم ذكره في حرف الجيم.
اسمه أحمد بن [حسين بن] (1) الحسن، تقدم ذكره في حرف الألف.
اسمه محمّد بن [عبد السّلام، أبو] (2) عبد الرّحمن، تقدم ذكره في حرف الميم.
اسمه زياد بن ميمون، تقدم ذكره في حرف الزاي.
ص: 76
اسمه عبد الملك بن المخارق، تقدم ذكره في حرف العين.
اسمه مهنى بن علي، تقدم ذكره في حرف الميم.
اسمه قيس بن عمرو، تقدم ذكره في حرف القاف.
اسمه عبد اللّه بن إسماعيل، تقدم ذكره في حرف العين.
ص: 77
حكى عن عمر بن عبد العزيز.
روى عنه ابنه بحدل.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم الحافظ (1)،أنا أبو بكر بن مالك، نا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي قال: قرأت على زيد بن الحباب، حدّثني عياش بن عقبة الحضرمي و هو عمّ ابن لهيعة، حدّثني بحدل الشامي، عن أبيه، و كان صاحبا لعمر بن عبد العزيز، أخبره قال: رأيت عمر بن عبد العزيز على المنبر يتلو هذه الآية وَ نَضَعُ الْمَوٰازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيٰامَةِ (2) حتى ختمها، فمال على أحد شقيه يريد أن يقع.
9020 - جد المطعم (3) بن المقدام بن غنيم الصنعاني الدمشقي
روى عن حذيفة.
روى عنه المطعم.
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو نصر محمّد بن أحمد بن هارون بن الجندي، أنا الفضل بن جعفر بن محمّد التميمي المؤذن، نا محمّد بن العباس بن الوليد بن الدرفس، نا بحر بن نصر قال: قرئ على أسد بن موسى، نا إسماعيل بن عياش الحمصي، عن مطعم بن المقدام، عن جده، عن حذيفة قال: لتأمرنّ
ص: 78
بالمعروف و لتنهين عن المنكر أو ليسلطن اللّه عليكم شراركم يسومونكم سوء العذاب، حتى يجعل أبرار القبيلة يخرجون منها رجالا و ركبان حتى أن الرجل ليقول: أي ربّ أي ربّ لا يمنعه أن يستجاب له إلاّ ما ظهر من المنكر لا ينهى عنه.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه، قراءة، عن أبي الحسين الصيرفي، أنا عبد اللّه بن عتاب، أنا ابن عمير، إجازة.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، أنا أحمد بن عمير، قراءة قال: سمعت ابن سميع يقول جد البطريق بن يزيد الكلبي - و قال ابن عتاب: ابن يزيد (1)-قال: و سمعت ابن سميع يقول في الطبقة الرابعة.
ح و أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه بن أحمد، أنا أبو بكر الخطيب، أنا علي بن الفضل بن طاهر. أخبرنا عبد الوهاب الكلابي، أنا ابن جوصا قال: سمعت ابن سميع يقول:
عمّ البطريق بن يزيد الكلبي، لم يسمّ و قد روى عن عمومته.
من أهل دمشق، كان يغزو مع عمه شهر.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن بشران، أنبأ أبو علي بن صفوان، نا ابن أبي الدنيا، حدّثني محمّد بن إبراهيم الخزاعي، نا أبو بكر بن غزوان بن عاصم، حدّثني أبي، عن شهر بن حوشب قال:
أردت غزاة لي و كان لي ابن أخ مرهق، فكرهت أن أخلفه، فغزوت به معي، فلما قفلنا مرض مرضا شديدا قال: فدخلت بعض تلك الصوامع، فقمت أصلي، فانشقت الصومعة، فدخل ملكان أبيضان و ملكان أسودان فقعد الأبيضان عن يمينه و الأسودان عن يساره، فلمسه الأبيضان بأيديهم فقال الأسودان: نحن أحق به و قال الأبيضان: كلا، فأخذ أحد الأبيضين إصبعيه فأدخلهما في فيه، فقلب لسانه فقال: اللّه أكبر، نحن أحق به قوما، كبّر تكبيره يوم فتح أنطاكية، فخرج شهر بن حوشب، فنادى في الناس: من أراد أن يحضر جنازة رجل من أهل
ص: 79
الجنّة فليحضر جنازة ابن أخي، فقال الناس: جنّ شهر بالأمس يقول ما يقول، و اليوم يقول:
رجل من أهل الجنّة، فبلغ ذلك الأمير فبعث إليه، فأخبره بما رأى، فصلّى عليه و الناس.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو الحسين (1) بن بشران، أنا الحسين بن صفوان، ثنا عبد اللّه بن محمّد، نا محمّد بن عبد العزيز المروزي، نا علي بن الحسن بن شقيق، أنا الحسين بن واقد (2)،عن أبي غالب (3) قال:
كنت اختلف إلى الشام في تجارة، و عظم ما كنت أختلف من أجل أبي أمامة، فإذا فيها رجل من قيس من خيار الناس، فكنت أنزل عليه، و معنا ابن أخ له مخالف لأمره، ينهاه، و يضربه فلا يطيعه، فمرض الفتى، فبعث إلى عمه فأبى أن يأتيه حتى أدخلته عليه فأقبل عليه يشتمه و يقول: أي (4) عدو اللّه الخبيث أ لم تفعل كذا؟ قال: أفرغت أي عمّ ؟ قال: نعم، قال:
أ رأيت لو أن أحدا (5) دفعني إلى والدتي ما كانت صانعة بي ؟ قال إذا كانت و اللّه تدخل الجنة، قال: فو اللّه للّه أرحم لي من والدتي، فقبض الفتى، فخرج عليه عبد الملك بن مروان، فدخلت القبة مع عمه فخطّوا له خطا و لم يلحدوه، قال: نقلنا باللبن فشويناه، قال: فسقط منه لبنة فوثب عمّه فتأخر. قلت: ما شأنك قال: ملئ قبره نورا و فسح له مد البصر.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد ابن عمران، نا موسى، نا خليفة (1)،حدّثني إسماعيل بن سنان (2)،نا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن عمه قال: كنت مع عبد اللّه بن عمرو حين بعثه يزيد بن معاوية إلى عبد اللّه بن الزبير، قال: سمعت عبد اللّه بن عمرو يقول لابن الزبير: تعلم أني أجد في الكتاب أنك ستغنّى و تعنّى، و تدعى الخليفة و لست بخليفة، و إني أجد الخليفة يزيد بن معاوية.
حكى عنه ابن أخيه إبراهيم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي، و علي بن زيد السليمان، قالا: أنا نصر ابن إبراهيم الزاهد، زاد الفرضي، و عبد اللّه بن عبد الرزّاق، قالا: أنا أبو الحسن بن عوف، أنا أبو علي بن منير، أنا أبو بكر بن خريم، نا هشام بن عمار، نا إبراهيم الشيباني قال:
سمعت عمي يقول: إذا أدرت الرب (3) في القدح فعلت صفرته في القدح فهو الحلال.
و قد ذكرت فيما تقدم داود بن نافع (4)،و يقال: ابن نفيع عم إبراهيم بن أبي شيبان، و أخرجت له عنه، فإن (5) كان هذا و إلاّ فهذا غيره، و اللّه أعلم.
اسمه عبد اللّه، تقدم ذكره في حرف العين.
ذكر وفاة جده الوليد بن مسلم.
روى عنه، دحيم، و الوليد بن عتبة.
تقدم ذكر روايته في ترجمة الوليد.
ص: 81
حكى عنه ابن أخته تاريخ وفاة مكحول، تقدمت حكايته في ترجمة مكحول.
حكى عنه أبو مسهر حثه على السماع من الوليد بن مزيد، تقدم ذكر ذلك.
ص: 82
اسمه عبد الرّحمن بن عمرو، تقدم ذكره في حرف العين.
قدم دمشق.
حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن المحسن من لفظه قال: الباهلي الجمالي شيخ قد .... (1) له الشيب.... (2) الكبر يعرف بشاعر أمير الجيوش بدر الجمالي، معه من الخيل العتاق، و الغلمان الرشاق، و التجمل بسائر أصنافه ما يفوق الوصف و يفوق النعت، حضر بين يدي السلطان تاج الدولة، و سمع كلامه و دعاءه، و أجرى عليه ما يقوم به و يكفيه مدة مقامه.
كان بدمشق و كان شاعرا بدويا ليس له في النحو و لا اللغة يديل بشعر طبعا، و لم يتعرض بمدح صغير و لا كبير سوى ما يذكر له و هو قوله في جاره الحاجب عمر بن الخضر:
أعاد عودي بعد يبس حص *** ر يهتز لنا عمر بن الخضر
و امتلاك كفي من جوده *** فما ترى من بعده يفتقر
و اغتدرت أيام دهري به *** و لم يكن من قتله يعتذر
قال: هو الضرغام في بأسه *** و يحجل فيض يديه المطر
و ما سمعنا طيب أوصافه *** إلا وصفها قل طيب القطر
يصطبر العاشق عن حبه *** و ليس عن حب العلي يصطبر
ص: 83
يبادر الحيل و صراحد *** بالبيض حتى يبسي و البذر (1)
اسمه الوليد بن عبيد، تقدم ذكره في حرف الواو.
قدم دمشق، و أقام بها مدة يسيرة، و وعظ في القلعة، و لم يدر في القول حتى عاد الولاة عن كثير من المظالم، و هو الذي ضرب أبو يوسف.
سمع أنس بن مالك بدمشق و روى عنه.
روى عنه ثور بن يزيد الحمصي.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز، لفظا، أنا أبو بكر محمّد بن عبد اللّه ؟؟؟ مس (2)،ثنا أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن مروان القرشي، إملاء، أنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن حمزة، نا محمّد بن عائذ، نا الهيثم بن حميد، نا ثور، عن الحجوري، قال:
سمعت أنس بن مالك و سأله عبد الملك بن مروان بدير (3) مرّان قال له حدثنا حديثا سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليس يزيد و لا نقصان قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«الإيمان يمان إلى هذين الحيين من لخم و جذام، من ربيعة و مضر» قال عبد الملك: قد سمعت بهذا، حدثني غيره، فغضب أنس، و انطلق[13652].
رواه الطبراني في الشاميين عن أحمد بن محمّد بن يحيى بن حمزة، عن أبيه، عن جده، عن ثور بن يزيد، عن الحجوري مختصرا، لم يذكر دير مرّان و لا سؤال عبد الملك.
اسمه محمّد بن مسلم، تقدم ذكره في حرف الميم.
ص: 84
اسمه أحمد بن محمّد بن الحسن، تقدم ذكره في حرف الألف.
أبو بكر محمّد بن الشافعي، تقدم ذكره في حرف الميم.
9038 - العبلي (1) الشاعر
اسمه عبد اللّه بن عمر بن عبيد اللّه، تقدم ذكره في حرف العين.
اسمه عبد اللّه بن عمرو بن عمرو، تقدم ذكره في حرف العين.
قدم دمشق مع المأمون و حكى عنه.
قرأت على أبي القاسم الخضر (2) بن الحسين بن عبدان، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا عبد الوهاب الميداني، أنا أبو سليمان بن زبر، أنا عبد اللّه بن أحمد بن جعفر، أنبأ محمّد بن جرير قال (3):و ذكروا عن العيشي صاحب إسحاق بن إبراهيم قال: كنت مع المأمون بدمشق، و كان قد قل المال عنده حتى ضاق، و شكا ذلك إلى أبي إسحاق المعتصم فقال له: يا أمير المؤمنين كأنك بالمال و قد وافاك بعد جمعة قال: و كان حمل إليه ثلاثون ألف ألف من خراج ما كان يتولاه، فلمّا ورد عليه ذلك المال قال المأمون ليحيى بن أكثم: اخرج بنا ننظر إلى هذا المال. قال: فخرجا حتى أصحرا، و وقفا ينتظرانه (4)،و كان قد هيئ بأحسن هيئة، و حلّيت أباعره، و ألبست الأحلاس الموشّاة و الجلال المصبّغة و قلّدت العهن (5)،و جعلت البدن (6)بالحرير الصيني الأحمر و الأخضر و الأصفر، و أبديت رءوسها قال: فنظر المأمون إلى شيء حسن، فاستكثر ذلك و عظم في عينيه، و استشرفه الناس ينظرون إليه، و يتعجبون منه، فقال
ص: 85
المأمون ليحيى بن أكثم: يا أبا محمّد، ينصرف أصحابنا هؤلاء الذين تراهم الساعة خائبين إلى منازلهم، و ننصرف بهذه الأموال قد ملكناها دونهم، إنّا إذا للئام ثم دعا محمّد بن يزداد فقال:
وقّع لآل فلان بألف ألف، و رجله في الركاب، و لآل فلان بمثلها، و لآل فلان بمثلها، قال:
فو اللّه إن زال كذلك حتى فرق أربعة و عشرين ألف ألف و رجله في الركاب، ثم قال: ادفع الباقي إلى المعلى لعطاء جندنا.
قال العيشي: فخرجت حتى قمت نصب عينيه، فلم أردّ طرفي عنه، لا يلحظني إلاّ رآني بتلك الحال فقال: يا محمّد وقع لهذا بخمسين ألف درهم من الستة الآلاف ألف لا يختلس ناظري. فلم يأت عليّ ليلتان حتى أخذت المال.
وفد على يزيد بن الوليد بن عبد الملك.
قرأت بخط محمّد بن عبد اللّه بن عبد اللّه بن جعفر، أخبرني أبو الطيب محمّد بن حميد بن سليمان، و يعرف بابن الحوراني، نا أحمد بن محمّد بن إسحاق، نا الزبير بن بكار، حدّثني محمّد بن إدريس الشافعي قال: أكل الغاضري عند يزيد بن الوليد فالوذجا فقال له يزيد: لا تكثر منه فإنه يقتلك فقال: منزلي و اللّه يا أمير المؤمنين عند زقاق الجنائز ما رأيت جنازة أحد قتله الفالوذج.
قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أخبرني محمّد بن يعقوب الحافظ ، نا محمّد بن إسحاق الثقفي، نا الزبير بن بكار الزبيري، نا أيوب بن سليمان، حدّثني ابن أبي حازم قال: قدم سفيان الثوري المدينة فسمع الغاضري يتكلم ببعض ما يضحك الناس، فقال: يا شيخ، أ ما علمت أن للّه يوما يحشر فيه المبطلون ؟ قال: فلم يزل تعرف في الغاضري حتى لقي اللّه عزّ و جلّ .
كان بدمشق، و اجتمع بها مع عبد المحسن بن محمّد الصوري، و هو منسوب إلى صحبة مجد الدولة.
حكى عنه بكار بن علي الزجاجي.
ص: 86
له صحبة.
شهد غزوة مؤتة.
روى عنه عبد اللّه بن الزّبير.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا أبو محمّد الحسن بن علي، أنا أبو عمر السوسي، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة، نا محمّد بن شجاع، نا الواقدي (1)،حدّثني نافع بن ثابت، عن يحيى بن عباد، عن أبيه، عن رجل من بني مرة كان في الجيش، قيل له: إن الناس يقولون: إنّ خالدا انهزم من المشركين فقال: و اللّه ما كان ذلك! لما قتل ابن رواحة (2)نظرت إلى اللواء قد سقط ، و اختلط المسلمون و المشركون، فنظرت إلى اللواء في يد خالد منهزما، و اتّبعناه فكانت الهزيمة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، أنا أبو طاهر المخلص، أنا رضوان بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الجبار، نا يونس بن بكير، عن محمّد بن إسحاق (3)، حدّثني يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزبير، عن أبيه عباد، عن رجل من بني مرة بن رباب و يقال: ابن ذبيان قال: كأنّي انظر إلى جعفر حين لحمته (4) الحرب عقر فرسا له شقراء ثم قاتل حتى قتل - و في أصل ابن النقور: حين أقحمته الحرب.
ص: 87
و ذكر ابن إسحاق هذه الحكاية بعينها في موضع آخر، فقال: رجل من بني مرة بن عوف.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي (1)،أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس محمّد بن يعقوب، نا أحمد بن عبد الجبار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدّثني يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزبير، عن أبيه قال: حدّثني أبي الذي أرضعني، و كان أحد بني مرة بن عوف، قال: و اللّه لكأني انظر إلى جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة حتى اقتحم (2) عن فرس له شقراء فعقرها (3)،ثم تقدم، فقاتل حتى قتل.
شهد غزوة مؤتة في عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم رجع، ثم قال في ذلك شعرا.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي بكر، أنا أبو الحسين البزار، أنا أبو طاهر المخلص، أنا رضوان بن أحمد، نا أحمد بن عبد الجبار، نا يونس بن بكير، عن ابن (4) إسحاق قال (5):
و قال رجل من المسلمين ممن رجع عن غزوة مؤتة:
كفى حزنا أني رجعت و جعفر *** و زيد و عبد اللّه في رمس أقبر
قضوا نحبهم لما (6) مضوا لسبيلهم *** و خلفت للبلوى مع المتغبر (7)
9045 - رجل من أمداد (8) حمير
له صحبة، شهد غزوة مؤتة.
حدّثنا أبو الحسن السلمي الفرضي لفظا، و أبو القاسم بن عبدان، قراءة، قالا: أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم،
ص: 88
أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، نا محمّد بن عائذ، أخبرني الوليد قال: فحدّثني صفوان ابن عمرو، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفير (1) الحضرمي، عن أبيه جبير بن نفير. قال الوليد: و حدّثني ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير الحضرمي أن عوف بن مالك الأشجعي حدّثهم:
أنّه كان فيمن خرج في ذلك البعث فلقيهم الروم في جماعة من قضاعة و غيرهم من نصارى العرب فصافّوهم قال: فجعل رجل من الروم على فرس أشقر عليه سلاح مذهب و سرجه مذهب يشدّ على المسلمين و يغري بهم قال عوف: و قد رافقني رجل من أمداد حمير، فكان معنا في مسيرنا ذلك، ليس معه إلاّ سيفه، إذ نحر رجل من المسلمين جزورا فسأله (2) المددي طائفة من جلده، فوهبه له، فبسطه في الشمس و وتد على أطرافه أوتادا، فلما جفّ اتّخذ منه مقبضا و جعل درقة (3) فلما رأى المددي ما يفعل ذلك الرومي بالمسلمين كمن له خلف صخرة، فلمّا مرّ به خرج عليه فعرقب (4) فرسه، فقعد الفرس على رجليه، و خرّ عنه العلج (5)،و شدّ عليه، فعلاه بسيفه، فقتله (6).
أخبرناه أعلى من هذا و أتم أبو القاسم بن السّمرقندي و المبارك بن أحمد بن علي القصار، قراءة، و أبو عبد اللّه يحيى بن الحسن لفظا، قالوا: أنا أحمد بن محمّد بن أحمد بن عبد اللّه، أنا محمّد بن عبد اللّه بن الحسين بن عبد اللّه، نا عبد اللّه بن محمّد بن عبد العزيز، ثنا أبو خيثمة زهير بن حرب (7) بن شداد النسائي، نا الوليد بن مسلم، ثنا صفوان بن عمرو، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي قال:
خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة، فوافقني (8) مددي من أهل اليمن ليس معه غير سيفه فنحر رجل من المسلمين جزورا، فسأله المددي طائفة من جلده، فأعطاه
ص: 89
إياه فاتخذ كهيئة الدرق (1)،و فيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب و سلاح مذهب، فجعل الرومي يغري بالمسلمين، و قعد له المددي خلف صخرة، فمرّ به الرومي فعرقب فرسه فخرّ و علاه فقتله فحاز فرسه و سلاحه، فلما فتح اللّه على المسلمين بعث خالد بن الوليد فأخذ من السلب قال عوف: فأتيته، فقلت: يا خالد، أ ما علمت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قضى بالسلب للقاتل ؟ قال: بلى، و لكنّي استكثرته. قال عوف: فقلت لتردّنّه أو لأعرّفنكها عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟ فأبى أن يرده عليه. قال عوف: فاجتمعنا فقصصت عليه قصة المددي، و ما فعل خالد فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«يا خالد ما صنعت ؟» قال: يا رسول اللّه استكثرته فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«ردّ عليه ما أخذت» فقلت: دونك يا خالد، أ لم أقل لك، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«ما ذلك ؟» فأخبرته، فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قال:«يا خالد لا تردّ عليه، هل أنتم تاركو لي أمرائي، لكم صفوة أمرهم (2) و عليهم كدره»[13653].
قال: و نا أبو خيثمة، نا الوليد قال: سألت ثورا عن هذا الحديث فحدّثني عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك الأشجعي بنحو منه. أخرجه مسلم في صحيحه (3)عن أبي (4) خيثمة.
استشهد يوم مؤتة و آخر من قضاعة كان كافرا ثم أسلم بعد ذلك.
حدّثنا أبو الحسن الفرضي، لفظا، و أبو القاسم بن عبدان قراءة، قالا: أنا أبو القاسم ابن أبي العلاء، أنا علي بن يعقوب بن إبراهيم، أنا أحمد بن إبراهيم بن بشران قال محمّد بن عائذ فأخبرني الوليد قال: فحدّثنا أبو عمرو عن حسان بن عطية.
قال الوليد: و حدثني الوليد بن سليمان عن عطية بن قيس الكلابي أنهما حدثاهما:
أن المسلمين لما لقوهم - يعني - يوم مؤتة، صافّوهم و مرّ رجل من قضاعة يشتم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فبرز إليه رجل من المسلمين فقال: يا هذا، أنا فلان، و أبي فلان و أمي فلانة، و أنا من بني فلان، فسبني و سبّ والدي و سب عشيرتي و اكفف عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قالا: فكأنما أغراه
ص: 90
فقال المسلم: لتنتهين أو لأرجلنك بسيفي، فلم ينته، فشدّ عليه المسلم بسيفه، فضربه و ضربه القضاعي فقتله، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«عجبت لرجل نصر اللّه و رسوله بالغيب، و ألفى ربه متكئا فجلس له» قال: فأسلم ذلك القاتل، فكان يسمى الرّجيل.
هذا منقطع، و معناه إن صح: أن اللّه تلقاه بالإكرام، كما يفعل من قدم عليه من يجلّه و يكرمه، تعالى اللّه عن صفات الأجسام.
له صحبة، شهد غزوة مؤتة.
حدّثنا أبو الحسن السلمي، لفظا، و أبو القاسم الخضر بن الحسين، قراءة، قالا: أنا علي بن محمّد المصيصي، أنا عبد الرّحمن بن عثمان، أنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنا أبو عبد الملك البسري (1)،قال: قال ابن عائذ: فحدّثني الوليد قال: فحدّثني أبو سليمان عبد الرّحمن بن سليمان (2)،عن من حدّثه من مشيختهم عن رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الأشعريين:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعثه مبعثا ركب فيه البحر، حتى خرج إلى أيلة و ما يليها، فلما كان بالمكان الذي هو به من الشام بلغه قدوم زيد بن حارثة و ذلك الجيش البلقاء و من لقيهم من جماعة الروم، و من تبعها من قبائل العرب، فخرجت حتى أتيتهم قال: فلقيناهم و شهدت المعركة، فاقتتلنا قتالا شديدا، و لبس زيد درعا له، و ركب فرسا، و بيده الراية، فقاتل ثم نزل عن الفرس و نزع الدرع و قال: من يأخذ هذا و قتل زيد، و أخذه جعفر (3) فلبس الدرع و ركب الفرس و أخذ الراية فتقدم فقاتل (4).
قال: فحدّثني أبو سليمان عبد الرّحمن بن سليمان عن من حدّثه ذلك الأشعري صاحب
ص: 91
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه لما قتل عبد اللّه بن رواحة جال الناس حوله و أخذ الراية رجل من الأنصار فقاتل بها إذ مرّ به خالد بن الوليد فقال له الأنصاري: يا خالد خذ الراية قال: أنت أحقّ بها أنت أخذتها، و قال الأنصاري أنت أحق بها قاتل، أشجع مني فأخذها خالد.
[قال ابن عساكر:] (1) أظن هذا الأشعري أبا عامر عبيد بن وهب (2)،و اللّه أعلم.
روى عنه محمّد بن كعب القرظي.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أبو القاسم بن أبي حية. أخبرنا محمّد بن شجاع، أنا محمّد بن عمر (3)،حدّثني بكير بن مسمار، عن ابن (4) كعب القرظي، أخبرني من حضر يومئذ، يعني يوم مؤتة قال: ما قتل يعني زيد بن حارثة إلاّ طعنا بالرماح، ثم أخذه يعني اللواء جعفر، فنزل عن فرس له شقراء فعرقبها، ثم قاتل حتى قتل.
9049 - رجل من بني أسد قنّسريني (5)
له صحبة.
وفد على معاوية.
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة، ثنا أبو بكر الخطيب.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري.
قالا: أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب، نا إبراهيم بن العلاء، نا بقية، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان قال:
وفد المقدام معدي كرب و عمرو بن الأسود و رجل من بني أسد من (6) أهل قنّسرين من
ص: 92
أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم إلى معاوية؛ فقال معاوية للمقدام: أعلمت أن الحسن بن علي بن أبي طالب توفي ؟ قال: فرجّع المقدام، فقال له معاوية: أ تراها مصيبة ؟ قال: و لم [لا] (1) أراها مصيبة و قد وضعه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في حجره فقال:«هذا مني و حسين من علي» ثم قال الأسدي: ما تقول أنت ؟ قال: جمرة أطفأها اللّه[13654].
أنبأناه بتمامه أبو علي الحداد، و غيره، قالوا: أنا أبو بكر بن ريذة، أنا سليمان بن أحمد (2)،نا إبراهيم بن محمّد بن عرق، نا محمّد بن مصفى، نا بقية، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان قال:
وفد المقدام بن معدي كرب و عمرو بن الأسود و رجل من الأسد من أهل قنّسرين من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم إلى معاوية؛ فقال معاوية للمقدام: أ ما علمت أن الحسن بن علي توفي ؟ قال: فاسترجع المقدام، فقال له معاوية: أ تراها مصيبة ؟ قال: و لم لا أراها مصيبة ؟ و قد وضعه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في حجره فقال:«هذا مني و حسين من علي»[13655] فقال للأسدي (3):
ما تقول أنت ؟ فقال: جمرة أطفأها اللّه، فقال المقدام: أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك و أسمعك ما تكره، ثم قال: إن أنا صدقت فصدقني، و إن أنا كذبت فكذّبني فقال: افعل، فقال: أنشدك اللّه هل سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينهى عن لبس الذهب ؟ قال: نعم، قال: و أنشدك اللّه هل تعلم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نهى عن لبس الحرير؟ قال: نعم، قال: أنشدك اللّه هل تعلم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نهى عن جلود السباع و الركوب عليها؟ قال: نعم، قال: فو اللّه لقد رأيت هذا كله في بيتك يا معاوية، فقال معاوية: قد عرفت أنّي لن أنجو منك اليوم يا مقدام، قال خالد:
و أمر له معاوية بمال، و لم يأمر لصاحبه، و فرض لابنه قال: ففرّقها المقدام على أصحابه و لم يعط الأسدي شيئا مما أخذ، فبلغ ذلك معاوية فقال: أما المقدام فرجل كريم بسط (4) يديه، و أما الأسدي فرجل حسن الإمساك لنفسه.
له وفادة على النبي صلى اللّه عليه و سلم، و شهد اليرموك.
ص: 93
روى عنه محمّد بن بكير الغساني.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف، أنا الحارث بن أبي أسامة، نا محمّد بن سعد (1)،أنا محمّد بن عمر، نا يحيى بن عبد اللّه بن أبي قتادة، عن محمّد بن بكير الغساني عن قومه غسان (2) قالوا: قدمنا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في رمضان سنة عشر، المدينة، و نحن ثلاثة نفر، فنزلنا دار رملة بنت الحارث، فإذا وفود العرب كلهم مصدّقون بمحمّد صلى اللّه عليه و سلم، فقلنا فيما بيننا: أ ترانا شرّ من [يرى من] (3) العرب ؟! ثم أتينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فأسلمنا و صدّقنا و شهدنا أن ما جاء به حق، و لا ندري أ يتبعنا قومنا أم لا، فأجازهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بجوائز و انصرفوا راجعين، فقدموا على قومهم فلم يستجيبوا لهم، فكتموا إسلامهم حتى مات منهم رجلان مسلمين، و أدرك واحد منهم عمر بن الخطاب عام اليرموك فلقي أبا عبيدة فخبّره بإسلامه، فكان يكرمه.
وفد على معاوية و أظنه عمرو بن مرة الجهني.
روى عنه أبو الشّمّاخ الأزدي.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن محمّد، أنا أبو علي الحسن بن علي، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (4)،نا معاوية بن عمرو، و أبو سعيد، قالا: نا زائدة، نا السائب بن حبيش الكلاعي، عن أبي الشّمّاخ الأزدي، عن ابن عمّ له من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم أتى معاوية فدخل عليه فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من ولي أمرا من أمر الناس، ثم أغلق بابه دون المسكين و المظلوم أو ذوي (5) الحاجة، أغلق اللّه دونه أبواب رحمته عند حاجته و فقره أفقر ما يكون إليها»[13656].
أخبرناه أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، و أبو المظفر بن القشيري، قالا: أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن، أنا أبو عمرو بن حمدان.
ص: 94
ح و أخبرنا أم المجتبى العلوية قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ.
قالا: أنا أبو يعلى الموصلي، نا الحسن بن حمّاد - زاد ابن حمدان: الكوفي - نا أبو أسامة، عن زائدة، عن السائب بن حبيش الكلاعي، عن أبي الشّمّاخ الأزدي، عن ابن عمّ له ..... (1) على معاوية فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من ولي من المسلمين شيئا، فأغلق بابه عن المسكين و الضعيف و ذي الحاجة دون حاجاتهم - زاد ابن حمدان: وفاقتهم، و قالا:- أغلق اللّه عنه باب رحمته يوم حاجته و فاقته أحوج ما يكون إلى ذلك»[13657] لا أدري من القائل:- الأزدي لمعاوية، أو معاوية الأزدي - سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
كان عند يزيد بن معاوية حين أتى برأس الحسين بن علي، إن لم يكن أبا برزة الأسلمي (2) أو زيد بن أرقم فهو غيرهما.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنا خيثمة بن سليمان، نا الفضل بن يوسف، نا سعيد بن عثمان الجزاز، نا عمرو بن شمر، عن محمّد بن سوقة، عن عبد الواحد القرشي قال:
لما أتى يزيد بن معاوية برأس الحسين بن علي، تناوله بقضيب فكشف عن ثناياه فو اللّه ما البرد بأبيض من ثناياه ثم أنشأ يقول:
يفلقن هاما من رجال أعزّة *** علينا و هم كانوا أعقّ و أظلما (3)
فقال له رجل عنده: يا هذا ارفع قضيبك فو اللّه لربما رأيت شفتيّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في مكانه يقبله، فرفعه متذمرا عليه، فغضب.
لم يسمّ ، من أهل الشام، قيل: إنه دمشقي.
روى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم حديثا واحدا.
ص: 95
روى عنه أبو همّام الشعباني (1).
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنا إسماعيل بن محمّد البغدادي، ثنا عبد الكريم بن الهيثم، نا أبو توبة الربيع بن نافع، نا معاوية بن سلاّم (2)،عن زيد بن سلاّم (3) أنه سمع أبا سلاّم حدّثني أبو همّام الشعباني أنه كان مرابطا بتورس (4) و كان فينا رجل من خثعم من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال: إنا أدلجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مقبلين إلى تبوك فذكر الحديث، لم يزد على هذا.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي التميمي، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (5)،ثنا عفان، نا حماد بن سلمة، أنا داود بن أبي هند، عن رجل من أهل الشام يقال له: عمار قال: أدربنا (6) عاما ثم قفلنا، و فينا شيخ من خثعم، فذكر الحجاج، فوقع فيه و شتمه فقلت له: و لم تشتمه (7) و هو يقاتل أهل العراق في طاعة أمير المؤمنين ؟ فقال إنه هو الذي أكفرهم، ثم قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«يكون في هذه الأمة خمس فتن، فقد مضت أربع و بقيت واحدة، و هي الصيلم، و هي فيكم يا أهل الشام، فإن أدركتها، فإن استطعت أن تكون حجرا فكنه، و لا تكن مع واحد من الفريقين، و إلاّ فاتّخذ نفقا في الأرض»- و قد قال حماد: و لا تكن - و قد حدّثنا به حماد قبل ذا. قلنا أنت سمعته من النبي صلى اللّه عليه و سلم ؟ قال: نعم، قلت: يرحمك اللّه، أ فلا كنت أعلمتني أنك رأيت النبي صلى اللّه عليه و سلم حتى أسائلك[13658].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو القاسم بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي (8)،نا محمّد بن أحمد بن المؤمل الصيرفي، نا أبو عبيد اللّه البزاز (9) و هو
ص: 96
يحيى بن محمّد بن السكن، نا حبّان، نا سليمان بن كثير، نا داود بن أبي هند، عن عمارة بن عبد، شيخ من خثعم كبير، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فذكر معنى الحديث.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه قراءة عن أبي الحسين الصيرفي، أنا أبو القاسم بن عتاب، أنا ابن جوصا، إجازة.
ح و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنا الحسن بن أحمد، أنا علي بن الحسن، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا ابن جوصا قراءة قال: سمعت ابن سميع يقول في تسمية الصحابة الذين كانوا بالشام: و رجل من خثعم، قال أبو سعيد: أظنه دمشقي.
حدث عن النبي صلى اللّه عليه و سلم (1)،في مسجد دمشق.
روى عنه القاسم بن مخيمرة الهمداني.
أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمّد بن يوسف، أنا عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل الأزجي، قراءة عليه، نا أبو سعيد الحسن بن محمّد بن جعفر بن الوضاح السمسار، و أبو محمّد عبيد اللّه بن محمّد بن سليمان المخرمي، قالا: نا أبو بكر جعفر بن محمّد بن الحسن الفريابي، نا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة قال:
أتيت مسجد دمشق فإذا فيه ناس جلوس يتحدثون، و إذا فيهم شيخ من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فجلست إليهم، فتحدّثنا حديثا حسنا، ثم تفرّقنا، فلمّا أصبحت من الغد قلت: لآتين جلسائي فأجلس معهم، قال: فلمّا أتيت المسجد إذا فيه (2) الشيخ جالس وحده، فأتيته فقعدت طويلا لا يحدّثني و لا أحدّثه قال: فقلت له: أ لا تحدّثني ؟ فإنّي و اللّه لأحبك و أحب حديثك، قال: آللّه ؟ قلت: آللّه، قال: فإنه من تحابّ في اللّه فإنه في ظل اللّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه. ثم قال: يا بني أو يا ابن أخي، إذا أصبحت فقل: لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، و هو على كلّ شيء قدير، عشر مرّات، فإنّهن يكتبن عشر حسنات، و يمحين عشر سيئات، و يكن عدل أربع نسمات من بني إسماعيل، و يكن حارسا لك من الشيطان إلى أن تمسي، فإذا أمسيت فقلهن يكن لك ذلك حتى تصبح.
ص: 97
حدث عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
روى عنه يزيد بن أبي مالك الهمداني.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو بكر محمّد بن أبي عمرو (1).أنا أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن مروان القرشي، نا أحمد بن المعلى بن يزيد الأسدي، نا صفوان، يعني ابن صالح، نا الوليد، نا خالد بن أبي مالك، عن أبيه قال:
كنا نجلس إلى أبي إدريس (2) الخولاني، فتحدّثنا في شيء من العلم لا نقطعه بغيره حتى يقوم أو تقام الصلاة حفظا لما سمع، فحدّثنا يوما عن بعض مغازي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى استوعب الغزاة، فقال له رجل من ناحية المجلس: أحضرت هذه الغزاة ؟ فقال: لا، فقال الرجل: أنا حضرتها مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لأنت أحفظ لها مني.
حدث بدمشق عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
روى عنه ابن الزبير، تقدم حديثه في ترجمة محمّد (3).
قدم دمشق، حكى عنه عبد الجبار الخولاني.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنا أبو الحسن بن السقا، نا محمّد بن يعقوب، نا عباس، نا يحيى، نا هشيم، عن العوّام بن حوشب، عن عبد الجبار الخولاني قال: قدم علينا رجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم دمشق، فرأى ما فيه الناس يعني من الدنيا فقال: و ما يغني عنهم، أ ليس من ورائهم الفلق ؟ قيل: و ما الفلق ؟ قال: جبّ في النار، إذا فتح هرّ منه أهل النار.
هكذا قال يحيى: هرّ منه أهل النار، لم يقل فرّ منه، و استفهمته، فقال: هرّ منه.
ص: 98
له صحبة، روى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
روى عنه خالد بن الوليد السكسكي (1).
أنبأنا أبو الغنائم بن النرسي، ثم حدّثنا أبو الفضل، أنا أبو الفضل و أبو الحسن، و أبو الغنائم، و اللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد، زاد أحمد و محمّد بن الحسن، قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا البخاري قال: و قال أبو المغيرة، نا صفوان، نا خالد بن الوليد السكسكي، قال: سمعت رجلا من أهل دمشق يحدث ابن أبي كبشة بالهند، و زعم أنه أدرك النبي صلى اللّه عليه و سلم، في الجهاد.
و قال ابن السائب: هو السكسكي.
كان بالشام و بقي إلى خلافة عمر بن عبد العزيز.
روى عنه رجل من أهل الشام.
أنبأنا أبو عبد اللّه الحسين بن نصر بن محمّد بن خميس الموصلي، و حدّثنا أبو الخير صالح بن إسماعيل بن محمّد، نا القاضي أبو نصر محمّد بن علي بن و دعان (2)،نا عمي أبو الفتح أحمد بن عبيد بن ودعان (3)،نا أبو القاسم نصر بن أحمد بن محمّد بن الخليل المرجي (4)،نا أحمد بن علي بن المثنى، نا الوليد بن الحكم القصاب، نا الحسن بن السكن، نا أبو عاصم الشامي، عن رجل من أهل الشام قال:
كنا جلوسا عند عمر بن عبد العزيز فجاء رجل فقال: يا أمير المؤمنين هاهنا رجل قد رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: فقام عمر و قمنا معه قال: أنت رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟ قال: نعم، قال: فهل سمعت منه شيئا؟ أو رأيته يصنع شيئا؟ قال: لا إلاّ أني رأيته عليه كركرة (5) من الناس، و رجل يسأله عن الرؤيا؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «الرؤيا شبه، المرأة خير، و البعير حرن، و اللبن الفطرة، و الخضرة الجنة و السفينة نجاة»[13659].
ص: 99
أرى له صحبة. وفد على عمر بن عبد العزيز.
روى عنه سبطه أبو عبد اللّه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد الخطيب، أنا أبو منصور النهاوندي، أنا أبو العباس، أنا أبو القاسم بن الأشقر، نا البخاري، نا عبد اللّه بن محمّد الجعفي، نا محمّد بن بشر، ثنا أيوب بن النجار، ثنا أبو عبد اللّه، عن جده المزني أنه كانت عنده قطيفة النبي صلى اللّه عليه و سلم، أو قطيفة (1) من النبي صلى اللّه عليه و سلم، فلمّا استخلف عمر بن عبد العزيز أرسل إليه، و أتى بها في أديم، فجعل يمسح بها وجهه.
قال في وقعة كانت بين الروم و غسان بأرض البلقاء، حين توجهت غسان إلى الشام، و كان ذلك بأرض يقال لها بالعة (2):
كأن الجماجم بيض النعام *** بأرض يقال لها بالعه
أقمنا الصفا من رءوس العدى *** يبيض بقربها ناطعه
على كل طرف شديد القفار *** .... (3) سلهبه رائعه
شهد اليرموك.
ذكر أبو مخنف لوط بن يحيى، حدّثني مالك بن قسامة أن شاعر المسلمين قال يوم اليرموك:
؟؟؟ حى حراما و كما كل ؟؟؟ له ؟؟؟ ه (4) *** و استلجم القتل أصحاب البراذين
أدرك النبي صلى اللّه عليه و سلم، شهد اليرموك فأصيبت يده، له ذكر.
ص: 100
بلغني أن عمر بن الخطاب كان يغدي الناس يوما، فجاء رجل فجلس يأكل و يتناول بشماله فقال له عمر:- و كان يتعهده الناس عند طعامهم-: كل بيمينك؛ فلم يجبه، فأعاد عليه فقال: هي يا أمير المؤمنين مشغولة، فلمّا فرغ من طعامه دعا به فقال: ما شغل يدك اليمنى ؟ فأخرجها فإذا هي مقطوعة فقال: ما هذا؟ قال: أصيبت يدي يوم اليرموك، قال: فمن يوضئك ؟ قال: أتوضأ بشمالي، و يعين اللّه، قال: فأين تريد؟ قال: اليمن، إلى أمّ لي لم أرها مذ كذا و كذا سنة، قال: أ و برّ أيضا؟ فأمر له بخادم و خمسة أباعر من إبل الصدقة، و أوقرها له.
له ذكر.
أخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد، أنا جدي أبو عبد اللّه، أنا الحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ، أنا عبد الوهّاب بن الحسن، نا محمّد بن بكار بن يزيد السكسكي، نا أخطل ابن الحكم (1)،نا الوليد بن الجراح يوم اليرموك: إنّي قد أجمعت على أمري أن أشدّ عليهم، فهل توصوني إلى نبيكم صلى اللّه عليه و سلم بشيء، فقال: تقرئه السلام و تخبره: إنّا قد وجدنا ما وعد اللّه و رسوله حقا.
سمع عمر، و أبيّ بن كعب، و أبا الدرداء.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين، أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو عمرو عثمان بن محمّد بن القاسم البزاز المعروف بابن الآدمي، نا أبو بكر عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، نا هشام بن خالد، عن الوليد، نا عبد اللّه بن العلاء بن زبر، عن عطية بن قيس، عن أبي إدريس الخولاني:
أن أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق، و معهم المصحف الذي جاء به أهل دمشق ليعرضوه على أبي بن كعب، و زيد بن ثابت، و علي، و أهل المدينة، فقرءوا على عمر بن الخطاب، فلمّا قرءوا هذه الآية: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ
ص: 101
اَلْجٰاهِلِيَّةِ (1) و لو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام.
فقال عمر: من أقرأكم ؟ قالوا: أبيّ بن كعب، فقال لرجل من أهل المدينة: ادع لي أبيّ ابن كعب، و قال للرجل الدمشقي: انطلق معه، فذهبا، فوجدا أبيّ بن كعب عند منزله يهنأ (2)بعيرا له هو بيده، فسلّما. ثم قال له المديني: أجب أمير المؤمنين، فقال أبيّ : و لم (3)دعاني أمير المؤمنين ؟ فأخبره المديني بالذي كان، فقال أبيّ للدمشقي: ما كنتم تنتهون معشر الركيب أو يسترقني منكم شرّ. ثم جاء إلى عمر و هو مشمر، و القطران على يديه، فلما أتى عمر قال لهم: اقرءوا، فقرءوا، و لو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام، فقال أبي: أنا أقرأتهم، فقال عمر لزيد: اقرأ يا زيد، فقرأ زيد قراءة العامة، فقال عمر: اللّهمّ لا أعرف إلاّ هذا. فقال أبي: و اللّه يا عمر إنك لتعلم أنّي كنت أحضر و يغيبون، و أدعى و يحجبون، و يصنع بي! و اللّه لئن أحببت لألزمنّ بيتي، فلا أحدث أحدا بشيء.
شهد خطبة عمر بن الخطاب بالجابية.
روى عنه خالد بن معدان الكلاعي.
أنبأنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي، و أبو محمّد بن طاوس، و غيرهما، قالوا: أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا عمي أبو علي محمّد بن القاسم، نا أحمد بن علي بن سعيد القاضي، نا علي بن الجعد، نا شعبة، عن يزيد بن خمير قال: سمعت خالد بن معدان فحدّث عن رجل من ثمالة: أنه رأى عمر بن الخطاب بالجابية سجد في إِذَا السَّمٰاءُ انْشَقَّتْ (4).
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن إسماعيل، و أبو المحاسن أسعد بن علي، و أبو بكر أحمد، و أبو........ (1)ابن عيسى، قالوا: أنا عبد الرّحمن بن محمّد، أنا عبد اللّه بن أحمد، أنا عيسى بن عمر، أنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن الدارمي، أنا محمّد بن يوسف، نا سفيان، عن الحسن، عن عمرو، عن غالب بن عبد، عن قيس بن حبتر (2)النهشلي قال:
أتى عبد الملك بن مروان في خالة و عمة. فقام شيخ و قال: شهدت عمر بن الخطاب أعطى الخالة الثلث و العمة الثلثين: قال: فهم إن شئتم (3).قال أين زيد (4)عن هذا؟
في خلافة عمر (5).
له ذكر.
أخبرنا أبو منصور.... (6)بن أحمد بن المفرج الماكسيني (7)بالرحبة، نا أبو عبد اللّه الحسين (8)بن محمّد بن سعدون لفظا، أنا أبو الحسن علي بن عمر الحربي، أنا أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن فهد الأزدي الموصلي، نا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي، نا غسان بن الربيع، عن حمّاد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار:
أن عمر بن الخطاب قال لرجل قاض: من أنت ؟ قال: أنا قاضي أهل دمشق، قال:
فكيف تقضي ؟ قال: أقضي بكتاب اللّه، قال: فإذا جاءك ما ليس في كتاب اللّه ؟ قال: أقضي بسنّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: فإذا جاءك ما ليس في سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟ قال: أجتهد رأيي و أؤامر جلسائي، فقال عمر: أحسنت، و قال: إذا جلست، فقل: اللّهمّ ، إنّي أسألك أن أفتي (9)بعلم، و أقضي بحكم، و أسألك العدل في الغضب، و الرضا. قال: فسار الرجل ما
ص: 103
شاء اللّه أن يسير، ثم رجع إلى عمر فقال: ما رجعك ؟ قال:[رأيت فيما يرى النائم أن] (1)الشمس و القمر يقتتلان و مع كل واحد منهما جنود من الكواكب. فقال: مع أيهما كنت ؟ قال:
كنت مع القمر، قال: يقول اللّه تبارك و تعالى: وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهٰارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنٰا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلْنٰا آيَةَ النَّهٰارِ مُبْصِرَةً (2)لا تلي لي عملا.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنا عبد الوهاب بن محمّد بن إسحاق، أنا أبو محمّد ابن يوه، أنا أبو الحسن اللنباني (3)،نا ابن أبي الدنيا، نا.... (4)بن يزيد، نا حماد بن سلمة، نا عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار:
أن عمر قال لرجل: ممن أنت ؟ قال: أنا قاضي دمشق، قال: كيف تقضي ؟ قال:
أقضي بكتاب اللّه، قال: فإذا جاء ما ليس في كتاب اللّه ؟ قال: أقضي بسنّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: فإذا جاء ما ليس في سنّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟ قال: أجتهد رأيي و أؤامر جلسائي، فقال له عمر: أحسنت، و قال له إذا جلست فقل: اللّهمّ إنّي أسألك أن أقضي بعلم، و أن أفتي بحكم، و أسألك العدل في الغضب و الرضا، قال: فسار ما شاء اللّه أن يسير ثم رجع إلى عمر قال: ما رجعك ؟ قال: رأيت فيما يرى النائم أن الشمس و القمر يقتتلان مع كلّ واحد منهما جنود من الكواكب، قال: مع أيهما كنت ؟ قال: مع القمر، قال عمر: نعوذ باللّه وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهٰارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنٰا إلى مُبْصِرَةً و اللّه لا تلي عملا أبدا.
قال: و زعموا أن ذلك [الرجل] (5) قتل مع معاوية.
أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أيوب، أنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان، نا أحمد بن إسحاق بن نيخاب، نا إبراهيم بن الحسين بن علي، ثنا يحيى بن سليمان، حدّثني عبد (6) بن فضيل، ثنا عطاء بن السائب، حدّثني غير واحد:
ص: 104
أن عمر قال لقاض من قضاة الشام: كيف تقضي ؟ قال: أقضي بكتاب اللّه، قال: فإن جاءك ما ليس في كتاب اللّه ؟ قال: أقضي بما قضى به رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: فإن جاءك ما لم يقض فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟ قال: أشاور رجالا و أجتهد رأيا، قال: فقال عمر: هكذا يكون القضاء، ثم انطلق الرجل، فسار ما شاء اللّه ثم رجع، فقال له عمر: ما ردّك ؟ فقال: يا أمير المؤمنين رؤيا أقطعتني فقال عمر: و ما هي ؟ فقال: رأيت الشمس و القمر يقتتلان و النجوم و الكواكب معهما نصفان. فقال عمر: فمع أيهما كنت ؟ فقال: مع القمر، فقال عمر وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهٰارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنٰا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلْنٰا آيَةَ النَّهٰارِ مُبْصِرَةً ثم قال له عمر: انطلق، فلا تعمل لي عملا أبدا.
قال عطاء بن السائب: فبلغني أن ذلك الرجل قتل مع معاوية بصفين.
لا أعرف وجه هذا الحديث، فإن أول قاض قضى على دمشق أبو الدرداء و لم يزل عليها إلى خلافة عثمان، و هو غير خاف على عمر.
و قد روي من وجه آخر عن الحسن البصري: أن رجلا من مراد كان على قضاء حمص، و ذكر نحوه.
و روي عن جعفر بن عيينة السكري، عن مصبح بن الهليام العجلي، عن محمّد بن فضيل الضبي، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري أن عمر بن الخطاب استقضى على قضاء حمص حابس بن سعد الطائي حابس فيمن قتل بصفين.
حج مع عمر، و استفتاه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو محمّد عبد اللّه بن علي بن أحمد بن عبد اللّه المقرئ، قالا: أنا أبو الحسين بن النّقّور، قال: أخبرتنا أم الفتح أمة السّلام بنت أحمد بن كامل القاضي قالت: ثنا أبو بكر محمّد بن إسماعيل بن علي البندار المعروف (1)،نا .... (2)،نا محمّد بن يحيى القطعي، نا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، نا سعيد، عن قتادة، عن أبي المليح:
ص: 105
أنه كتب إلى أبي عبيدة بن عبد اللّه بن عتبة يسأله عن النعامة يصيبها المحرم [و عن الحمار] (1)،و عن بيض النعام، و عن الجرادة، فكتب إليه: في النعام بدنة، و في الحمار بدنة، قال: و كان عبد اللّه بن مسعود يقول في بيض النعام: في كل بيضة صوم يوم أو إطعام مسكين.
و إن رجلا من أهل دمشق أصاب ثلاث جرادات و هو محرم، فأعطى عن كلّ جرادة درهما، فذكر ذلك لعمر بن الخطاب فقال: إنكم كثيرة دراهمكم يا أهل دمشق، و لتمرة أحبّ إليّ من خمسين جرادة، و قبضة طعام كانت جازية عنك.
روى عن عمر.
هو نبيه بن صواب، تقدم ذكره في حرف النون.
حكى عن عمر.
روى عنه هشام بن عروة.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، و أبو بكر ابن إسماعيل، قالا: نا يحيى بن محمّد بن صاعد، نا الحسين بن الحسن. أخبرنا عبد اللّه، عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عامل لعمر كان على أذرعات قال:
قدم علينا عمر بن الخطاب، و إذا عليه قميص من كرابيس (2) فأعطانيه، فقال: اغسله و ارقعه. قال: فغسلته و رقعته، ثم قطعت عليه قميصا قبطيا فأتيته بهما، فقلت: هذا قميصك، و هذا قميص قطعته عليه لتلبسه، فمسّه فوجده ليّنا. فقال: لا حاجة لنا فيه، هذا أنشف (3)للعرق (4) منه.
قدم الجابية مع عمر بن الخطاب، و روى عنه، و عن معاذ، و سلمان.
ص: 106
روى عنه أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو محمّد أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان، و أبو طاهر أحمد بن محمّد بن إبراهيم.
ح و أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن القصاري، أنبأ أبي أبو طاهر، قالا: أنا أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن عبد اللّه بن الهيثم، نا أبو عبد اللّه المحاملي، نا يوسف يعني ابن موسى، نا جرير، عن مسلم الملائي (1)،عن أبي وائل، عن رجل من قومه قال:
غزونا مع عمر بن الخطاب الشام فنزلنا منزلا فجاء دهقان يستدل على عمر حتى أتاه، فلما أتاه الدهقان، سجد حين رأى عمر؛ فقال عمر: ما هذا السجود؟ قال: هكذا نفعل بعظمائنا. فقال عمر: اسجد للذي خلقك، قال: يا أمير المؤمنين إنّي صنعت لك طعاما لتأتيني، فقال عمر: لعل في بيتك شيئا (2) من زخرف العجم ؟ قال: نعم، قال: لا حاجة لي في بيتك، و لكن ابعث إليّ بلون واحد من طعام، و لا تزيدون عليه، فانطلق، فبعث إليه بطعام، فأكل منه عمر. قال: فاستقبله الناس في ثياب الحرير و الديباج فقال: هذا لباس أهل الشرك، بئس ما استقبلتموني به، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«لا تلبسوا الديباج و لا الحرير، و لا تشربوا في آنية الذهب و الفضة، فإنها لكم في الآخرة، و لهم في الدنيا» ثم أمر بطلاء فصنع له شيء ذهب ثلثاه و بقي ثلثه، فشربه فوافقه، فقال: إني قد أمرت بشراب من العنب فطبخ حتى ذهب ثلثاه و بقي ثلثه، و خفت أن يقولوا: أمر به عمر فيشربون غيره، و إنّي لا آمر لكم إلاّ بمثل هذا.
و هذه القصة كانت بالجابية، كما ورد في غير هذا الحديث.
كان زوج أم شهر بن حوشب.
حكى عن أبي عبيدة، و شهد معه عمواس إن لم يكن عبد الرّحمن بن غنم الأشعري فهو غيره.
حكى عنه ربيبه شهر.
ص: 107
أخبرنا أبو علي بن السبط ، أنا أبو محمّد الجوهري.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب.
قالا: أنا أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (1)،نا يعقوب - يعني: ابن إبراهيم بن سعد - نا أبي، عن محمّد بن إسحاق، حدّثني أبان بن صالح، عن شهر بن حوشب الأشعري عن رابّه (2)-رجل من قومه كان خلف على أمه بعد أبيه كان شهد طاعون عمواس - قال:
لما اشتعل الوجع قام أبو عبيدة بن الجرّاح في الناس خطيبا فقال: أيها الناس، إن هذا الوجع رحمة ربكم، و دعوة نبيّكم، و موت للصالحين قبلكم، و إنّ أبا عبيدة يسأل اللّه أن يقسم له منه حظه، قال: فطعن، فمات، و استخلف على الناس معاذ بن جبل، فقام خطيبا بعده فقال: أيها الناس إنّ هذا الوجع رحمة ربكم، و دعوة نبيّكم و موت الصالحين قبلكم، إن معاذا يسأل اللّه أن يقسم لآل معاذ [منه] (3) حظه، قال: فطعن ابنه عبد الرّحمن، فمات، ثم قام فدعا ربه لنفسه، فطعن في راحته، فلقد رأيته ينظر إليه ثم يقبل ظهر كفه، ثم يقول: ما أحبّ أنّ لي ما فيك شيئا من الدنيا، فلمّا مات استخلف على الناس عمرو بن العاص، فقام فينا خطيبا، فقال: أيها الناس إنّ هذا الوجع إذا وقع، فإنما اشتعل اشتعال النار فتجبّلوا منه في الجبال قال: فقال له أبو واثلة الهذلي: كذبت و اللّه، لقد صحبت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و أنت شرّ من حماري هذا، قال: و اللّه ما أردّ عليك ما تقول، و أيم اللّه لا نقيم عليه، ثم خرج و خرج الناس و تفرقوا عنه، و رفعه (4) اللّه عزّ و جلّ عنهم، قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب من رأي عمرو، فو اللّه ما كرهه.
قال أبو عبد الرّحمن: أبان بن صالح بن عمير (5) جدّ أبي عبد الرّحمن مشكدانة (6).
له ذكر.
ص: 108
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم، أنا أبو الفضل الرازي، أنا جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد بن هارون، نا إسحاق بن شاهين، نا خالد بن عبد اللّه، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة قال: قام رجل من بني عمرو بن أمية في يوم بارد فتوضّا من مطهرة بدمشق، فذهب يقلع خفيه، فقال بلال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يمسح على الموقين و فوق الخمار[13660].
سمع أبا ذر عند معاوية.
روى عنه الأزرق بن قيس الحارثي البصري.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن أحمد بن كيسان النحوي، أنا القاضي أبو محمّد يوسف بن يعقوب الأزدي، نا عبد الواحد بن غياث، نا حمّاد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن رجل من بني تميم قال:
كنا عند باب معاوية و فينا أبو ذر، فقال أبو ذر: إنّي صائم، فلما دخلنا على معاوية و وضعت الموائد جعل أبو ذر يأكل، و جعلت انظر إليه، فقال: ما شأنك يا أحمر، أ تريد أن تشغلني عن طعامي ؟ فقال: أ لم تزعم على الباب أنك صائم ؟ فقال أبو ذر: بلى، ثم قال:
قرأت: مَنْ جٰاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثٰالِهٰا (1) سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«صوم شهر الصبر و ثلاثة أيام من كلّ شهر، صوم الدهر، و يذهب بمغلة الصدر» قلت: و ما مغلة الصدر؟ قال: رجس الشيطان (2)،و قد صمت ثلاثة أيام من كلّ شهر، فأنا صائم الدهر كله[13661].
تابعه أبو داود عن حمّاد.
سمع أبا ذر الغفاري.
روى عنه بسر (3) بن عبيد اللّه الحضرمي، و عطية بن قيس الكلابي.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا محمّد بن أحمد بن
ص: 109
هارون الغساني، و عبد الرّحمن بن الحسين بن الحسن، قالا: أنا علي بن يعقوب بن إبراهيم، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، نا محمّد بن عائذ قال: قال الوليد: و نا صدقة بن خالد، نا زيد بن واقد، عن بسر (1) بن عبيد اللّه قال: حدّثني رجل من أهل دمشق قال:
أتيت أبا ذرّ و هو في جبل الخمر (2) لأسأله، فرأيته و هو مكبّ على نويرة هو و امرأته يعالجها في يوم رشاش (3)،و قد سالت دموعه على لحيته، فلما غشيته ثارت امرأته فدخلت خباءها و أرخت عليها سترها، فقلت: يا أبا ذر، لو أنك اشتريت خادما يكف المئونة عنك و عن أهلك، فقالت امرأته: قد و اللّه قلت له. فقال أبو ذرّ: اللهم غفرا، أنا أبو ذر و هذا عيشي، فإن تصبري فأنا من قد عرفت، و إلاّ فتحت كنف اللّه، فقلت: يا أبا ذرّ أنا رجل ليس لي فضل و إنّما هو عطائي منه (4) فضل يدرك عطائي الآخر، و قد بقي منه شيء، أ فتتخوف عليّ إن أدركني أجلي و عندي منه شيء؟ فقال: و الذي نفسي بيده، لو أدركك أجلك و عندك منه فضل خربصيصة (5) لكويت (6) به. قلت: يا أبا ذر، أنت في أربعمائة دينار فأين يذهب عطاؤك، قال: ترى هذه القرية، فإن لي فيها ثلاثين فرسا أحمل على خمسة عشر في كل عام - أو قال: غزوة - فإذا رجعت، أعقبتها بالأخرى، ثم نظرت إلى ما يصلحها من أعلافها و أجلّتها، و أجرائها، و كلما نفق منها فرس أبدلت مكانه فرسا، ثم نظرت إلى قوتي، و قوت أهلي فحبسته و تصدّقت بالفضل.
موسى بن مروان الرّقّي، نا المعافى بن عمران، عن جعفر بن برقان، نا أبو عبد اللّه أن رجلين من أهل دمشق تنازعا، فعابا (1)،فاستطال أحدهما على الآخر، فعاب (2) المستطال عليه، ثم قام فلقيه أبو الدرداء، فقال: شعرت أنك قد نصرت على صاحبك ؟ قال: بما ذا يا أبا الدرداء؟ قال: كثر ماله و ولده، و من يكثر ماله و ولده تكثر شياطينه.
حكى عنه غيلان بن تميم بن سلمة.
أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن أحمد بن البغدادي، أنا أبو الفضل المطهر بن عبد الواحد بن محمّد البزاني (3)،أنا أبو عمر عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهاب السلمي، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن يزيد الزهري، نا عمي عبد الرّحمن بن عمر و لقبه رستة (4) نا محمّد بن جعفر، نا شعبة، عن يعلى بن عطاء، حدّثني غيلان بن تميم بن سلمة قال:
جاء رجل إلى أبي الدرداء و هو مريض، فقال: يا أبا الدرداء إنّك قد أصبحت على جناح فراق الدنيا، فمرني بأمر ينفعني اللّه به، و أذكرك به، قال: إنك من أمة معافاة، فأقم الصلاة، و أدّ زكاة مال إن كان لك، و صم رمضان، و اجتنب الفواحش، ثم أبشر، فأعاد الرجل على أبي الدرداء، فقال له مثل ذلك. قال شعبة: أحسبه ثلاث مرات، و ردّ عليه ثلاث مرات.
9079 - رجل دخل (5) إلى أبي الدرداء و سأله
حكى سؤاله أبو عبد الرّحمن عبد اللّه بن حبيب السلمي.
أخبرنا أبو القاسم بن أحمد، أنا أبو الفضل عمر بن عبيد اللّه، و أبو محمّد، و أبو الغنائم ابنا أبي عثمان.
ح و أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا أبو الغنائم الدقاق قالوا: أنا عبد اللّه بن عبيد اللّه
ص: 111
ابن يحيى، نا الحسين بن إسماعيل، نا أبو هشام الرفاعي، نا أبو فضيل، نا عطاء، عن أبي عبد الرّحمن قال:
كان من الحي فتى في أهل بيت، فلم يزل.... (1) زوجته ابنة عمّه، فعلق معلقا (2) ثم قالت له: طلّقها فقال: لا أستطيع طلاقها. فقال: طعامك و شرابك عليّ حرام حتى تطلقها.
فخرج إلى أبي الدرداء بالشام، فذكر له شأنه، فقال: ما أنا بالذي آمرك أن تعقّ والدتك و لا آمرك أن تطلّق امرأتك. فأعاد عليه فقال: سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول:«الوالد أوسط أبواب الجنّة» فإن شئت فاحفظه (3)،و إن شئت فضيّعه. قال فرجع و قد طلّقها[13662].
حدّث عن أبي الدّرداء.
روى عنه زيد بن أرطأة الفزاري الدمشقي.
أخبرتنا أم المجتبى بنت ناصر، قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنا محمّد بن إبراهيم، أنا أحمد بن علي بن المثنى، نا عبيد اللّه بن معاذ بن معاذ، نا أبي، نا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أخ لعدي بن أرطأة عن رجل من أصحاب أبي الدّرداء قال: حدثنا أبو الدّرداء قال: عهد إلينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أن أخوف ما أخاف على أمّتي أئمة مضلّون[13663].
شهد وفاة أبي الدّرداء بدمشق، و حدّث عنه.
روى عنه أبو إسحاق السبيعي.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، أنا أبو بكر الخطيب، أنبأ أبو الحسن الحمامي.
ح و أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد التيمي، أنا أبو منصور بن شكرويه، أنا أبو بكر بن مردويه، قالا: أنا أبو بكر الشافعي، نا أبو المثنى معاذ بن المثنى بن معاذ بن معاذ
ص: 112
العنبري (1)،نا أبو الحسن مسدّد بن مسرهد، نا أبو الأحوص، نا أبو إسحاق، عن رجل من النّخع قال:
شهدت أبا الدّرداء حين حضره الموت قال: إنّي محدّثكم حديثا سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لم أكن لأحدثكم به حتى أعلم أنّي ميت؛ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«اعبد اللّه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، و عدّ نفسك في الموتى، و اتّق دعوات المظلوم، فإنها مستجابات، و من استطاع منكم أن يشهد العشاء الآخرة، و صلاة الغداة في جماعة فليفعل، و لو حبوا»[13664].
رواه أبو داود الطيالسي، عن أبي الأحوص.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين، أنا أبو الحسن المقرئ، أنا الحسن بن محمّد، نا يوسف بن يعقوب، نا محمّد بن أبي بكر، نا سليمان بن داود، نا سلام، يعني أبا الأحوص، عن أبي إسحاق، عن رجل من النّخع قال:
شهدت أبا الدّرداء حين حضرته الوفاة قال: أحدثكم حديثا سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«اعبد اللّه كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، و اعدد نفسك في الموتى، و إياك و دعوة المظلوم، فإنها مستجابة، و من استطاع منكم أن يشهد الصلاتين العشاء و الصبح، و لو حبوا، فليفعل»[13665].
له ذكر في حديث.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (2)،نا أبو النّضر، نا عبد الحميد بن بهرام، ثنا شهر بن حوشب، حدّثني عبد الرّحمن بن غنم:
أنه زار أبا الدّرداء بحمص، فمكث عنده ليالي، فأمر بحماره فأوكف، له فقال أبو الدّرداء: لا أراني إلاّ مشيعك (3)،فأمر بحماره، فأسرج، فسارا جميعا على حماريهما، فلقيا
ص: 113
رجلا شهد الجمعة بالأمس عند معاوية بالجابية، فعرفهما الرجل و لم يعرفاه، فأخبرهما خبر الناس، ثم إن الرجل قال: و خبر آخر كرهت أن أخبركما أراكما تكرهانه، فقال أبو الدّرداء:
أ فلعل أبا ذر توفي (1)؟قال: نعم، و اللّه، فاسترجع أبو الدّرداء و صاحبه قريبا (2) من عشر مرّات، ثم قال أبو الدّرداء: ارتقبهم و اصطبر، كما قيل لأصحاب الناقة، اللّهمّ إن كذّبوا أبا ذر، فإني لا أكذّبه، و إن اتهموه فإنّي لا أتهمه، اللّهمّ و إن استغشّوه فإنّي لا أستغشه، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يأتمنه حين لا يأتمن أحدا، و يسرّ إليه حين لا يسر إلى أحد، أما و الذي نفس أبي الدّرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعد الذي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«ما أظلت الخضراء، و لا أقلّت الغبراء (3) من ذي لهجة أصدق من أبي ذر»[13666].
حكى عنه القاسم بن عبد الرّحمن.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أبو بكر القطعي، أنا أبو عبد الرّحمن عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (4)،ثنا علي بن بحر، نا بقية، نا ثابت بن عجلان، حدّثني القاسم مولى بني يزيد، عن أبي الدرداء: أن رجلا مرّ به و هو يغرس غرسا بدمشق، فقال له: أ تفعل هذا و أنت صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟! قال: لا تعجل عليّ ، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من غرس غرسا لم يأكل منه آدمي، و لا خلق من خلق اللّه إلاّ كان له صدقة»[13667].
سمع أبا الدّرداء، و حبيب بن مسلمة.
روى عنه شهر بن حوشب.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن سعدويه، أنا أبو الفضل الرازي، أنا جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد بن هارون الروياني، ثنا محمّد بن مهدي العطار، ثنا عمرو بن أبي سلمة، ثنا صدقة بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن أبي بكرة، عن أبان بن أبي عياش، عن شهر بن
ص: 114
حوشب، عن مولى لأبي الدّرداء قال: سمعت أبا الدّرداء و هو يوصي حبيب بن مسلمة فقال:
إياك و دعوة المظلوم، فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«إنّ العبد إذا ظلم فلم ينتصر، و لم يكن له من ينصره، فرفع طرفه إلى السماء، فدعا اللّه فلبّاه، فقال: لبيك، و إن اللّه يلبيه، و يقول: يا عبدي أنا أنتصر لك عاجلا و آجلا» عورض[13668].
أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه اللّه، قال.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأ أبو علي الحسن بن علي، أنبأ أبو بكر أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (1)،نا وكيع، نا سفيان، عن الأعمش، عن ثابت - أو عن أبي ثابت - أن رجلا دخل مسجد دمشق فقال: اللّهمّ آنس وحشتي، و ارحم غربتي، و ارزقني جليسا صالحا، فسمع أبو الدّرداء فقال: لئن كنت صادقا لأنا أسعد بما قلت منك، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: فَمِنْهُمْ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ (2)يعني الظالم يؤخذ منه في مقامه ذلك فذلك الهمّ و الحزن وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ قال: يحاسب حسابا يسيرا، وَ مِنْهُمْ سٰابِقٌ بِالْخَيْرٰاتِ قال: الذين يدخلون الجنّة بغير حساب»[13669].
و روي من وجه آخر:
أنبأناه أبو الحسن عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن الحسن، أنا جدي أبو عبد اللّه، أنبأ علي بن الحسن الربعي، أنا أبو العباس أحمد بن عتبة بن مكين لفظا، أنا سليمان بن محمّد الخزاعي، و أحمد بن عمير، قالا: أنا محمّد بن وزير.
ح قال: و نا أحمد بن عتبة، نا محمّد بن جعفر بن ملاس، نا أبو عامر، قالا: ثنا الوليد، نا أنس بن عياض، عن رجل من بني هاشم، عن رجل من أهل المدينة قال:
دخلت مسجد دمشق و لم أوافق فيه أحدا، فصلّيت ركعتين ثم قلت: اللّهمّ آمن (3)وحدتي، و آنس وحشتي، و آنسني بجليس صالح تنفعني به، إذ دخل رجل فصلّى ركعتين ثم جلس إليّ ، فإذا هو رجل له هيبة، فأخبرته بدعوتي فقال: و اللّه يا ابن أخي لئن كنت صادقا
ص: 115
فلأنا أسرّ بدعوتك منك، و إن كنت ذلك الرجل الذي سألت لأحدثنك حديثا ما حدثته أحدا قبلك، و لا أحدّث به أحدا بعدك، عسى اللّه أن ينفعك به، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول و قرأ:
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتٰابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنٰا (1) ،الآية قال: فأما سابق فيدخل الجنة بغير حساب، و أما المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا ثم يدخله اللّه الجنّة برحمته، و أما الظالم لنفسه فأولئك الذين يوقفون يوم القيامة موقفا كريها حتى ينال منهم، ثم يطلقهم اللّه برحمته، فهم الذين قالوا:
اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ (2) ،الآية، قال: فهو حزن ذلك اليوم و ذلك الموقف»، قال الرجل: فقلت: من أنت يرحمك اللّه ؟ قال: أنا أبو الدّرداء[13670].
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه، و علي بن الحسن بن الحسين الموازيني (3)، قالا: أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنا جدي أبو بكر، أنا محمّد بن يوسف بن بشر الهروي، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّاد الظهراني، نا عبد الرزّاق بن همام بن نافع الصنعاني، أنا معمر ابن راشد، عن أبان بن أبي عياش قال:
دخل رجل دمشق فقام على باب المسجد فقال: اللّهمّ ارحم غربتي، و آنس وحشتي و صل وحدتي، و ارزقني جليسا صالحا ينفعني؛ ثم صلى ركعتين، ثم جلس إلى شيخ فقال:
من أنت يا عبد اللّه ؟ قال: أنا أبو الدّرداء، فجعل الرجل يكبّر و يحمد اللّه، فقال له أبو الدّرداء: ما لك يا عبد اللّه ؟ قال: دخلت هذه القرية و أنا غريب لا أعرف بها أحدا، فقلت:
اللّهمّ ارحم غربتي، و آنس وحشتي، و صل وحدتي، و ارزقني جليسا صالحا ينفعني، فقال أبو الدّرداء: فأنا أحق أن أحمد اللّه إذ جعلني ذلك الجليس، أما إنّي سأحدّثك بشيء ما حدّثت به أحدا غيرك، أتحفك به، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«نحن السابقون فيدخلون الجنّة بغير حساب، و أما المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا، و نحن الظالم فيحبس حتى يصيبه بحظ العذاب و سوء الحساب ثم يدخل الجنّة»[13671].
حدّث عن عوف بن مالك.
روى عنه معبد بن هلال العنزي.
ص: 116
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين عاصم بن الحسن، و أحمد بن علي ابن أبي عثمان، و الحسين بن أحمد بن محمّد بن طلحة.
ح و أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا عاصم بن الحسن.
قالوا: أنا عبد الواحد بن محمّد بن مهدي، نا الحسين بن إسماعيل المحاملي، نا يوسف بن موسى، نا الحجاج بن المنهال، نا حماد بن سلمة، ثنا معبد بن هلال العبدي (1)، حدّثني رجل من أهل دمشق عن عوف بن مالك، عن أبي ذرّ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال له:«أ لا أدلّك على كنز من كنوز الجنة ؟» قال: ما هو؟ قال:«لا حول و لا قوة إلا باللّه»[13672].
[قال ابن عساكر:] (2) كذا قال و الصواب: العنزي، و هذا مختصر من حديث:
أخبرتنا به بتمامه أم المجتبى العلوية، قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو يعلى أحمد بن علي، ثنا هدبة، نا حماد بن سلمة، عن معبد العنزي، عن رجل من أهل دمشق، عن عوف بن مالك، عن أبي ذر:
أنه جلس إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أو جلس رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال له:«يا أبا ذر هل صلّيت الضحى - أو الضحاء؟-» قال: لا، قال:«قم فصلّ ركعتين» فقام فصلى ثم جلس، فقال له:
«يا أبا ذر نعوذ باللّه من شياطين الإنس و الجن» قال: قلت: يا رسول اللّه للإنس شياطين ؟ قال:
«نعم» قال:«يا أبا ذر أ لا أدلك على كنز من كنوز الجنّة ؟» قال: قلت: نعم، قال: قلت: ما هو؟ قال:«لا حول و لا قوة إلاّ باللّه» قال: قلت: يا رسول اللّه فالصلاة قال:«خير موضوع، فمن شاء استقل، و من شاء استكثر» قال: فالصوم ؟ قال:«فرض مجزى» قال: فالصدقة ؟ قال:«أضعاف مضاعفة و عند اللّه المزيد» قال: قلت: فأي الصدقة أفضل ؟ قال:«جهد المقل أوسر إلى فقير» قال: قلت: فأيما أنزل به عليك أعظم ؟ قال:« اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (3) حتى فرغ من الآية» قال: قلت: كم المرسلون (4)؟قال:«ثلاثمائة و خمسة عشر جما غفيرا» قال: قلت: فآدم كان نبيا؟ قال:«نعم، مكلما»، قال: ثم قال:«أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ »[13673].
ص: 117
روى عنه الزهري.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (1)،نا أبو بكر يعني الحميدي، نا سفيان قال: سمعت الزهري يحدّث عن عائشة قالت: أصبحت أنا و حفصة صائمتين فأهدي لنا طعام فأكلنا منه، قالت عائشة فدخل علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فبدرتني حفصة - و كانت ابنة (2) ابنها - فقالت: يا رسول اللّه أصبحت أنا و عائشة صائمتين فأهدي لنا طعام فأكلنا منه قالت: فتبسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قال:«صوما مكانه»[13674].
قال سفيان: فقيل للزهري هو عن عروة ؟ قال: لا، و كان ذلك عند قيامه من المجلس، و أقيمت الصلاة.
قال سفيان: و قد كنت سمعت صالح بن أبي الأخضر حدّثنا عن الزهري، عن عروة [فلما] (3) قال الزهري: ليس هو عن عروة، فظننت أن صالحا أتى من قبل العرض.
قال: و نا يعقوب (4)،نا أبو بكر الحميدي، أخبرني غير واحد عن معمر أنه قال في هذا الحديث: لو كان من حديث عروة ما نسيته.
و قال: أخبرني غير واحد عن ابن جريج أنه قال: سألت الزهري عن هذا الحديث عن من هو؟ فقال: هو عن رجل من أهل الشام، حدّثنيه على باب عبد الملك بن مروان.
سمعوا أبا هريرة.
روى عنهم عمير بن هانئ العنسي.
أنبأنا أبو طاهر محمّد بن الحسين بن محمّد، و حدّثنا أبو البركات الخضر بن أبي طاهر الفقيه عنه، أنا أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ، نا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد اللّه
ص: 118
ابن عمر بن أيوب المرّي (1)،أنا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصّمد بن إسماعيل السلمي، أنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن هانئ العنسي أنه حدثهما عن شيوخ من عنس حدثوه:
أنهم لما كانوا بصفّين أتوا جبل الجودي ينظرون إلى موضع السفينة منه؛ قال: فبينا نحن ننظر إلى آثارها، و ما بقي من حديدها، إذا نحن بأبي هريرة ينظر إلى ما نظرنا إليه منها، فسلّمنا عليه، فردّ السلام، فقلنا له: أخبرنا عن هذه الفتنة التي نحن فيها، فقال: أما إنكم ستنصرون فيها على عدوكم، ثم سكت، و سكتنا فقال: ما لكم لا تسألون ؟ فقلنا: أخبرنا فقال: أما إنها ستكون بعدها فتن ما هذه عندها إلاّ كالماء بالعسل، تترككم و أنت قليل نادمون (2)،و لتنزلنّ فارس أرضها، يضطرب نشّابها بين لعلع (3) و بارق (4) و لتنزلن الروم (5)أرضها آمنة يضطرب نشّابها و ليخرجنكم من الشام كفرا كفرا إلى سنبك من الأرض يقال له حسمى (6) جذام.
حدّث بدمشق عن رجل آخر عن عبد الرّحمن بن عوف.
روى عنه إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، و أبو بكر ابن إسماعيل، قالا: نا يحيى بن محمّد بن صاعد، حدّثنا الحسين بن الحسن، أنا عبد اللّه بن المبارك (7)،أنا يونس بن يزيد، عن الزهري، أخبرني إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف:
أنه قدم وافدا على معاوية في خلافته قال: فدخلت المقصورة فسلمت على مجلس من أهل الشام ثم جلست، فقال لي رجل منهم: من أنت يا فتى ؟ قلت: أنا إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف، قال: يرحم اللّه أباك أخبرني فلان - لرجل سماه - أنه قال: و اللّه لألحقن بأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلأحدثن بهم و لأكلمنهم قال: فقدمت المدينة في خلافة عثمان بن
ص: 119
عفان فلقيتهم إلاّ عبد الرّحمن بن عوف أخبرت أنه بأرض له بالجرف (1) فركبت إليه حتى جئته فإذا هو واضع رداءه يحوّل الماء بمسحاة في يده. فلما رآني استحيا مني، فألقى المسحاة و أخذ رداءه، فسلّمت عليه و قلت له: جئتك لأمر و قد رأيت أعجب منه، هل جاءكم إلاّ ما جاءنا؟ و هل علمتم إلاّ ما قد عملنا؟ فقال عبد الرّحمن: لم يأتنا إلاّ ما قد جاءكم، و لم نعلم إلاّ ما علمتم. قال: قلت: فما لنا نزهد في الدنيا و ترغبون، و نخفّ في الجهاد و تتثاقلون، و أنتم سلفنا و خيارنا و أصحاب نبينا صلى اللّه عليه و سلم. فقال عبد الرّحمن: لم يأتنا إلا ما قد جاءكم، و لم نعلم إلا ما قد علمتم، و لكنا بلينا بالضرّاء فصبرنا و بلينا بالسراء فلم نصبر.
روى عنه عبد الرّحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي.
أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمّد بن أحمد، و أبو الحسن سعد الخير بن محمّد الأنصاري، قالا: أنا أبو منصور نصر بن عبد الجبار بن عبد اللّه التميمي القزويني الزاهد، قدم علينا بغداد حاجا سنة ست و تسعين و أربع مائة، أنا أبو يعلى الخليل بن عبد اللّه الخليلي القزويني، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن عمر بن العباس، نا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي حاتم. أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهب، أخبرني عبد الرّحمن بن زياد بن أنعم عن رجل من أهل دمشق أن عبد اللّه بن عمر كان يقول:
إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يقول:«من قال هذه الكلمات و دعا بهن فرّج اللّه همّه، و أذهب حزنه، و أطال سروره، أن يقول: اللّهمّ إنّي عبدك ابن عبدك، ابن أمتك، و في قبضتك، ناصيتي في يدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بأحبّ أسمائك إليك، و باسمك الذي سمّيت به نفسك، و بكلّ اسم أنزلته في كتابك، أو علّمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن نور صدري، و ربيع قلبي، و جلاء حزني، و ذهاب همّي»[13675].
حدث عن أبي أمامة الباهلي.
روى عنه يعلى بن عطاء.
ص: 120
أخبرنا أبو القاسم الكاتب، أنا الحسن بن علي الواعظ ، أنا ابن مالك، نا عبد اللّه، حدّثني أبي (1)،نا بهز، نا حماد بن سلمة، أنا يعلى (2) بن عطاء أنه سمع شيخا من أهل دمشق، أنه سمع أبا أمامة الباهلي يقول: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا دخل في الصلاة من الليل كبّر ثلاثا و سبّح ثلاثا و هلّل ثلاثا ثم يقول:«اللّهمّ إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه و نفخه و شركه»[13676].
كان في عصر الصحابة، له ذكر.
أنبأنا أبو محمّد ابن صابر السلمي. أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا علي بن الحسن الربعي، نا أحمد بن عتبة بن مكين [نا محمّد] (3) بن جعفر بن ملاس، نا إبراهيم بن يعقوب، نا صفوان، يعني ابن صالح، نا ضمرة، نا ابن شوذب، عن أبي غالب صاحب أبي أمامة قال:
كنت بدمشق و رجل ينشد المال و رجل من التجار معي، فقال: لقد ذهب لي مال ما مثله يرد، قلت: على ذاك لو أتيناه فسألناه، فأتيناه فسألناه فقال: قد وجدت مالا و هو في المنزل، فذهب بنا إلى منزله، فلما نظر التاجر إلى خرجه قال: ما لي. فدفعه إليه، فقال صاحب المال: خذ منه ما شئت.[قال:] (4) لا أرزؤك منه شيئا، و ما عندي عشاء ليلة، و لقد كنت من مالي في غنى. قال: فإذا هو قد لف الخرج بشريط و طرحه على حجارة في البيت، و كان المال أربعين ألف دينار.
قال: قال أبو غالب: فقلت للتاجر: كيف كان أمر مالك ؟ قال: أتيت باب الفرما (5)فخشيت من العشّارين، فوضعت الخرج على حمار و خليت سبيله، فانطلق الحمار فلم أجده (6).
ص: 121
9093 - رجل رحبي (1)
أظنه من أهل حمص.
سمع واثلة بن الأسقع بدمشق.
روى عنه العلاء بن عتبة اليحصبي.
أنبأنا أبو طاهر بن الحنائي، أنبأ أبو علي الأهوازي، قراءة. أخبرنا عبد الوهاب الكلابي، أنا ابن جوصا، ثنا عمرو بن عثمان، نا الحارث بن عبيدة، عن العلاء بن عتبة اليحصبي، عن رجل من الرحبة، أنه قعد في حلقة بدمشق فيها واثلة بن الأسقع الليثي فحدّث القوم، فلما أرادوا أن يتفرقوا أخذوا في عيب عليّ حتى وصل ذلك إلى ذلك الرجل، و كان آخر من أراد القيام، فتناوله واثلة بثوبه فأقعده فقال له: أ تعرف عليا، هل رأيته ؟ قال: لا، قال: أ فلا أحدّثك عن علي ؟ قال: بلى، قال: أتيت عليا أطلبه في منزله فلم أصبه، فاستجابت لي فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقالت: من تريد؟ قلت: أبا حسن، قالت: الساعة يأتيك من هذه الناحية، قال: فجاء علي و النبي صلى اللّه عليه و سلم معه يتوكأ عليه، فدخل على فاطمة و حسن و حسين، ثم دعا بمرط (2) فغشّاهم به، ثم قال:«اللّهمّ هؤلاء أهلي» ثم قال: «إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (3) قال: قلت: يا رسول اللّه و أنا فاجعلني من أهلك، قال:«و أنت» قال: فو اللّه ما عندي شيء أرجى عندي منها[13677].
9094 - رجل من حجور (4)
سمع أنس بن مالك بدير المرّان.
روى عنه ثور بن يزيد الرحبي.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، و حدّثني أبو مسعود المعدل عنه، أنا أبو نعيم
ص: 122
الحافظ ، نا سليمان بن أحمد، نا أحمد بن محمّد بن يحيى بن حمزة، نا محمّد بن عائذ، نا الهيثم بن حميد، نا ثور بن يزيد، عن الحجوري قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«الإيمان يمان إلى هذين الحيين من لخم و جذام و ربيعة و مضر»[13678].
كذا قال، و قد اختصر متنه فأفسده.
أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو القاسم بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا ابن عدي (1)،نا الفريابي، ثنا محمّد بن عائذ الدمشقي، نا الهيثم بن حميد، ثنا ثور بن يزيد، عن الحجوري قال: سمعت أنس بن مالك يقول: و سأله الوليد بن عبد الملك بدير المرّان:
حدثنا حديثا سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«إن الإيمان يمان إلى هذين الحيين لخم و جذام، و إن الكفر و الجفاء في هذين الحيين ربيعة و مضر».
قال الوليد: قد سمعت هذا، فحدثني غيره، فصمت (2) أنس.
كان في عصر الصحابة.
روى عنه حبان (3) بن زيد الشرعبي.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني شفاها.......... (4) عبد اللّه بن محمود البرزي، و أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن محمّد بن أبي الرضا الأنطاكي، قالا: ثنا سعيد بن عبيد اللّه ابن أحمد بن محمّد بن فطيس، ثنا المظفر بن برهان المقرئ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن سعيد بن فطيس، نا إبراهيم بن عبد الرّحمن بن.... (5)،نا أبي، نا الوليد، أخبرني حريز، عن حبان بن زيد قال: نفرنا مع صفوان بن عمرو - و كان واليا على حمص قبل الاق (6) إلى الجراجمة، فلقيت شيخا كبيرا من أهل دمشق على رحالة، قد سقط حاجباه على عينيه، فيمن أغاث، فأقبلت فسلّمت عليه، فقلت: يا عمّ ، لقد أعذر اللّه إليك، قال: فرفع حاجبيه، فقال:
ص: 123
يا ابن أخي، إنّ اللّه استنفرنا خفافا و ثقالا، إنه من يحبه اللّه يبتليه، ثم يعيذه فيقتنيه إنّما يبتلي اللّه من عباده من صبر و شكر و ذكر، و لم يعبد إلاّ اللّه.
حدّث عن سهل بن الحنظلية (1).
روى عنه عبادة بن محمّد بن عبادة بن الصامت.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، أنا أبو طاهر المخلص، نا عبد اللّه بن محمّد، نا داود بن رشيد، نا حفص بن عمر، يعني أبا سعيد الأنصاري الحلبي عن أبيه، عن عبادة بن محمّد بن عبادة بن الصامت عن رجل كان في حرس معاوية قال:
عرضت على معاوية خيل، فقال لرجل من الأنصار يقال له ابن الحنظلية: يا ابن الحنظلية ما ذا سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول في الخيل ؟ قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، و صاحبها معان عليها، و المنفق عليها كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها»[13679].
وفد على معاوية.
أنبأنا أبو محمّد بن صابر، أنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ، إجازة.
و أنبأناه أبو القاسم، عن رشأ، أنا الشريف أبو جعفر مسلم بن الحسين الجعفري، نا أبو العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي (2)،نا علي بن محمّد بن يونس الرقاشي، قال: قال الأصمعي عبد الملك بن قريب:
خرجت ابنة لمعاوية بن أبي سفيان و جماعة من قريش جلوس، فقال شاب من قريش:
ما أكبر عجيزتها، فدخلت إلى معاوية و هي تبكي، فقال لها: ما يبكيك ؟ قالت: سفل بي أحد القوم الذين بالباب، فخرج معاوية و هو مغضب، فقال: أيكم سفل بالصبية ؟ فسكت القوم، فأعادها، فقال الشاب: أنا مازحتها يا أمير المؤمنين، فقال معاوية: أما و اللّه لقد رأيت أمك
ص: 124
و هي تصرف بصحنها فتؤذي جليسها و ما نظرت نفسها، و إنّي لأعلم قريش [بقريش] (1) فقال له الرجل: مهلا فو اللّه إنّي لأعلم قريش بقريش، فقال معاوية: واحدة بواحدة، و لكم جوائزكم.
وفد على معاوية في الكتاب الذي أخبرنا بنفعه أبو بكر محمّد بن أبي نصر، أنا عبد الوهاب بن محمّد، أنا أبو محمّد بن يوه، أنا أبو الحسن اللنباني (2)،نا ابن أبي الدنيا، حدّثني الفضل بن إسحاق، أنا شبابة بن سوار (3) الفزاري، حدّثني علي بن عاصم، عن عمارة ابن أبي حفصة، عن عبد اللّه بن بريدة:
أن أعرابيا كان على عهد معاوية فقالت له امرأته و بناته: لو أتيت أمير المؤمنين فسألته و أخبرته بمالك، لعل اللّه يرزقك منه شيئا، قال: إنه ليس بيدي شيء، فباعوا.... (4)
و متاعا لهم، و تجهّز حتى أتى معاوية، فدخل عليه و قد نصب في الطريق، فرأى جماعة الناس على معاوية، فلم يقدر على كلامه، فدار خلفه فقعد خلف السرير على متك بين وسادتين، فجعل يخفق برأسه لما لقي من العناء في طريقه. قال ابن بريدة: و الشيخ إذا كان قاعدا كان أكثر لنومه، قال: فنام، فتفرق الناس عن معاوية لما أمسوا، و خرج للمغرب، ثم رجع فتعشّى و خرج لصلاة العشاء، و الشيخ نائم لا يعلم، حتى ذهب هويّ (5) من الليل، فدخل معاوية إلى أهله، فانتبه الشيخ لمّا أصابه برد الليل، فإذا هو بالسّرج و إذا ليس في البيت أحد غيره، فقام فخرج إلى الدار، فإذا الأبواب مقفلة، فاسترجع و قال: إنا للّه، جئت أطلب الخير فالآن أؤخذ بظنّ أني حيث أغتال أمير المؤمنين. فجعل يطلب مكانا يختبئ فيه إلى أن يصبح فلم يجد، فدخل تحت سرير معاوية، فلما ذهب هويّ من الليل إذا معاوية قد أقبل، شيخ ضخم البطن، موشح بملحفة حمراء، حتى قعد على السرير، و الشيخ ينظر و هو يسترجع في نفسه: الآن أقتل، ثم قال معاوية: يا غلام، فأتاه بعض الوصفاء فقال: انطلق إلى ابنة قرظة فادعها،
ص: 125
فأتاها، فقالت: لا أستطيع فردّه إليها، فقال: عزمت عليك، فجاءت تمشي و معها جواري يسترنها، حتى صعدت على السرير معه، فطرب للجواري (1) فكلّمها معاوية ساعة ثم قال:
عزمت عليك إلاّ نزلت فمشيت، و رمى عنها ثيابها، و بقيت في درع رقيق من قزّ يستبين منه جميع جسدها. فمشت، فقال: اقبلي ثم قال: أدبري، فأدبرت و الشيخ ينظر، ثم أقبلت، فإذا هي ببريق عين الشيخ من تحت السرير، فصاحت، و قالت: افتضحت، و قعدت و تقنعت بيديها فقام معاوية إليها فقال: ما لك ويحك، قالت: رجل تحت السرير، فأدخل معاوية يده فأخذ برأسه فإذا شعيرات، فجعل لا يقدر على أن يقبض على شعره، فلمّا علم أنه شيخ كبير تركه، و لبست ابنة قرظة ثيابها و انطلقت إلى بيتها، و خرج الشيخ إلى معاوية فقال: يا أمير المؤمنين لينفعني عندك الصدق، قال: هيه، فقصّ عليه القصة، فقال: لا بأس عليك، و جعل معاوية يضحك و جعل يسائله، فإذا أعرابي منكر لا يسأله عن شيء إلاّ أخبره، فلما أصبح دعا معاوية خصيا له فقال: خذ بيد هذا الشيخ فأدخله على ابنة قرظة فقل لها: إن هذا الشيخ الذي تخلاّك البارحة و للخلوة نحلة، فأعطيه نحلته. فأدخله الخصي عليها، فأخبرها بما قال معاوية، فصاحت بالخادم، فخرج، و حبست الأعرابي و قالت: ويحك ما قصتك ؟ فقصّ عليها القصة، فأعطته و أوقرت راحلته ثيابا و غير ذلك، و قالت له: إذا خرجت من عندي فلا تقيمن في هذه البلاد، فإن رآك أحد بها نكّلت بك، و خافت أن يقيم، فكلما ذكره معاوية دعاه، و ذكر له ما كان، ثم قالت لغلام لها: انطلق فاحمله على الراحلة، و ما معه، ثم انخس به حتى تخرجه من هذه الأرض، فانطلق الأعرابي، و قد أصاب حاجته.
من أهل البصرة، قدم على معاوية، له ذكر.
أخبرنا أبو سهل بن سعدويه، أنا أبو الفضل الرازي، أنا جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد ابن هارون، نا محمّد بن بشار، نا عبد الوهاب، نا أيوب، عن محمّد قال:
كان الذي بين شقيق بن عبد اللّه و بين عبد اللّه بن شقيق حسّ (2)،فأخذ له زياد ساجا (3)بثلاثين ألف درهم فبعث شقيق غلاما له إلى معاوية و قال: إن أتيتني منه بكتاب فأنت حرّ،
ص: 126
فبلغ ذلك زيادا، فأخذ بالرّصد. قال: فأراه قطع النهر بالسباحة، فأتى معاوية، فأخذ منه كتابا إلى زياد بردّ ذلك المال. و كان زياد بالكوفة و خليفته سمرة بن جندب (1) على البصرة، فلما قدم على زياد كتب له إلى سمرة فقال: أصلحك اللّه، عتقت مرتين، و لم أعتق. قال: كيف ذاك ؟ قال: أعتقني مولاي و أعتقني أمير المؤمنين و أقدم على سمرة فيقتلني. قال: أما و اللّه إن كنت لأرجو أن اشتفي منك. قال: فكتب له إلى سمرة، فلما قدم زياد خيره شقيق أو ابن شقيق بين ثلاثين ألفا و بين آنية من فضة، فاختار الآنية، قال: فقدم تجار من دارين (2) فباعهم إياها بالعشر ثلاثة عشر، ثم لقي أبا بكرة (3) فقال: أ لم تر كيف غبنتهم ؟ قال: و كيف ؟ قال:
فذكر له ذلك، قال: أقسمت لتردّنّها فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينهى عن مثل هذا.
شهد عند معاوية لزياد أنه ابن أبي سفيان، تقدم ذكره في ترجمة زياد بن أسامة الحرمازي.
و يدخل على معاوية فيقوم له و يكرمه
قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة، عن عبد العزيز بن أحمد، ثنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني، نا أحمد بن علي بن عبد اللّه الحافظ ، حدّثني عيسى بن أبي سليمان الأندلسي، نا محمّد بن عبد اللّه البصري، نا سهل بن محمّد، نا العتبي محمّد بن عبيد اللّه البصري (4)،عن أبيه قال:
كان معاوية بن أبي سفيان يقوم لشيخ في منزله إذا دخل عليه، فقيل له: أتقوم لهذا الشيخ و أنت أمير المؤمنين ؟ قال: نعم، لأنّي رأيت فيه مشابها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فأنا أقوم لذلك لا له.
و هذا الرجل هو كابس بن ربيعة، و قد تقدم ذكره في حرف الكاف.
ص: 127
كان عند معاوية حين ادّعى زيادا، و كان فيمن شهد لزياد أنه ابن أبي سفيان، تقدم ذكره في ترجمة زياد بن أسامة الحرمازي.
وفد على معاوية.
حكى عنه أبو عبيد اللّه مسلم بن مشكم.
أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمّد بن يوسف، أنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الأزجي، نا الحسن بن جعفر بن (1) الوضاح السمسار، نا أبو بكر جعفر بن محمّد بن الحسن الفريابي، نا عبد الرّحمن بن إبراهيم، نا محمّد بن شعيب، أخبرني يزيد بن أبي مريم، ثنا أبو عبيد اللّه (2) قال:
كنا مع معاوية بالجابية، و كان يخرج إليها أبان العشب، و فينا رجل يقصّ علينا من أهل الأردن، إذ قام رجل من ناحية الناس فقال: أ لا أخبركم بكلم يهتز لها عرش الرحمن و شجر الجنّة قلنا: بلى، قال: لا إله إلاّ اللّه، وحده لا شريك له، بيده الخير، و هو على كل شيء قدير، يهتز لها عرش الرحمن و شجر الجنة، ثم قال في أثر ذلك: سبحان اللّه و بحمده، و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي الكبير، أعوذ بوجه اللّه الكريم من عذابه الأليم.
من أهل البصرة.
وفد على معاوية، له ذكر.
أنبأنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى، أنبأ سهل بن بشر، أنا محمّد بن الحسين بن أحمد بن السري، أنا الحسن بن رشيق، نا يموت (3) بن المزرع، نا محمّد بن حميد، نا أبو عبيدة معمر بن المثنّى قال:
ص: 128
أوفد زياد إلى معاوية وفدا من أهل البصرة فيهم رجل من بني تيم اللّه (1) بن ثعلبة من بكر بن وائل، فلمّا دخلوا على معاوية قام التيمي، فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: يا أمير المؤمنين إنّ السامع المطيع (2) لا حجة عليه، و إن السامع العاصي لا حجة عليه، و إن اللّه إذا أراد بقوم خيرا ولي أمرهم علماؤهم، و قضى بينهم فقهاؤهم، و جعل الأموال في سمحائهم، و إذا أراد بقوم سوءا ولي أمرهم سفهاؤهم و قضى في الأحكام جهلاؤهم و جعل الأموال في بخلائهم، قال: فأحفظ معاوية، ثم دعا له على رءوس الناس بعطية جزيلة، فقال: خذها يا أخا بني تيم، أ بخيل أنا؟ فقال: سبحان اللّه إذ لم تكن بخيلا فأخاف أن تكون مبذرا، أو لكلّ الناس أعطيت كما أعطيتني ؟ قال: لا، و لا يمكن هذا، فقال التيمي: فاجعل (3) نصيبي في هذا الفيء أكثر من نصيب رجل من المسلمين. ففرّق (4) في ذلك الوفد معاوية مالا عظيما، و أمرهم بالشخوص إلى بلدهم، و كتب إلى زياد: لا تزال توجّه إليّ الرجل بعد الرجل فيقف بين يدي مؤنبا، أولى لك. فلمّا قرأ الكتاب زياد قال: عليّ نذر لأصلبن التيمي على أربع جذوع، ثم جعل ينتظر قدومه يوما يوما، و يعدّ له المراحل حتى انتهى التيمي إلى بعض المنازل، فمات به، و بلغ زيادا موته فبعث إلى ابن أخ له من أهل البصرة فقال: عمّك الحروري يؤنب أمير المؤمنين ؟ فقال الفتى: و اللّه أيها الأمير ما استأمرتني فيه حين أردت توجيهه و لا ضمنت لك سقطة إن جاءت على لسانه، و لو انتخبته بعلمك و اخترته برأيك، فإن جاءتك فلا عليك بل على نفسه، و بعد، فمهما كنت صانعا به - أيها الأمير - لو ظفرت به أ هو أكثر من أن تقتله ؟ فقد قتله اللّه و كفاك أمره، فقال زياد: يا سلم، انطلق به، فاحتبسه الليلة حتى ينكّل به غدا على رءوس الناس. فدفعه سلم (5) إلى غلام له فقال: امض به إلى الحبس (6)،فمضى به الغلام، فلمّا كانوا في بعض الطريق أفلته الفتى، و فرّ هاربا و أنشأ يقول:
و أيقنت أني إن تلبثت (7) ساعة *** على باب سلم (8) سار جسمي إلى قبري
ص: 129
جميعا و شتى مدرجا في عباءة *** فرأسي بعيد و هو أقرب من شبر
و جاء البخاريون يبتدرونني *** عيون لهم خزر توقّد كالجمر
عكوف على الأبواب من يؤمروا [به] (1) *** فليس براء أهله آخر الدهر
عشية يدعوهم دويد و من يجب *** دويدا فقد لاقى العظيم من الأمر
و للّه أيام أتين ثلاثة *** غلبن علينا القوم من كل ذي صبر
تحدر فيهن المنايا تحدّرا *** كأن دماء القوم من راحهم تجري
و كان زياد تواعد الناس بالقتل في ثلاثة أيام، فقتل منهم خلقا كثيرا، قال يموت: دويد هذا رجل كان من البخاريين على عذاب زياد.
بعثه معاوية إلى علي بن أبي طالب (2) عن قضية وقعت بالشام، له ذكر.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن محمّد، أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن، أنبأ جعفر بن عبد اللّه بن يعقوب، أنا أبو بكر محمّد بن هارون الروياني، نا خالد بن يوسف ابن خالد أبو الربيع السمتي، نا أبو عوانة، نا سماك (3) عن حنش بن المعتمر:
أن رجلا من أهل الشام قتل امرأته، فأخذه والدها فرفعوه إلى معاوية فلم يدر ما يقول فيها، فأرسل أعرابيا من كلب إلى علي بن أبي طالب فأخبره خبرها فقال: إن شاء أهل المرأة أدوا إلى الرجل ديته ثم قتلوه، و إن أحبوا أخذوا من القاتل نصف الدية، و إنّما هما امرأتان برجل.
شاعر كان في عصر معاوية.
حكى عيسى ابن لهيعة بن عيسى الحضرمي عن أبي خالد علوان بن داود البجلي، و لم يدركه، عن أدهم بن محرز الباهلي، قال:
أجرى معاوية الخيل و فيها فرس له يقال له سالم فقال معاوية:
ص: 130
رأيت لسالم خيرا و شرا *** فلا أدري لأيهما يصير
فقال رجل من كلب من أهل البادية و كان له فرس في الحلبة يقال له المستنير: ائذن لي يا أمير المؤمنين أجبك، و أعطني الأمان، قال معاوية: قد فعلت، فقال الأعرابي:
تصير إلى التي أشفقت منها *** إذا ما قيل جاء المستنير
فجاء فرس اعرابي سابقا، فقال له معاوية: ويحك يا أعرابي، لقد جئت بفأل له شأن، و أعطاه سبقه أربعة آلاف درهم.
من أهل نجران، اليمن.
وفد على معاوية.
أنبأنا أبو محمّد بن السمرقندي، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا الحسين بن صفوان.
أنبأنا أبو العلاء حمد بن مكي بن حسنويه القاضي بزنجان، نا أبو سهل غانم بن محمّد ابن عبد الواحد بن عبيد اللّه الأصبهاني إملاء، ثنا أحمد بن جعفر بن محمّد الفقيه، نا عبد اللّه ابن محمّد بن أحمد السلمي، نا أحمد بن محمّد بن عبيد، نا الحسين بن عبيد، نا الحسين بن علي بن عبد اللّه البزار، عن علي بن عيّاش الحمصي، نا إسماعيل بن عيّاش (1)،عن عبد الرّحمن البجلي و غيره قالوا:
قدم على معاوية رجل من نجران، يقولون: له يوم قدم عليه ما مائتا سنة، فسأله عن الدنيا فقال: سنيات بلاء، و سنيات رخاء، يوم فيوم، و ليلة فليلة، يولد مولود، و يهلك هالك، فلو لا المولد (2) باد الخلق، و لو لا الهالك ضاقت الدنيا بمن فيها، فقال له: سل، فقال: عمر مضى فتردّه، و أجل حضر فتدفعه (3) قال: لا أملك ذلك، قال لا حاجة لي إليك ثم قال (4):
ص: 131
استرزق اللّه خيرا و ارضينّ (1) به *** فبينما العسر إذا دارت مياسير
و بينما المرء في الأحياء مغتبط *** إذ صار رمسا تعفيه الأعاصير
كأنه لم يكن إلاّ تذكّره *** و الدهر أهلكنا منه الدهارير (2)
بعثه معاوية إلى ملك الروم.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة، عن عبد العزيز بن أبي طاهر، أنا عبد الوهاب الميداني، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن أبي الخطاب الملطي، قدم علينا، نا أبو الحسن مزاحم بن عبد الوارث بن إسماعيل بن عباد البصري العطار، نا محمّد بن زكريا الغلابي، نا محمّد بن عبيد اللّه الجشمي، نا الهيثم بن عدي، عن عبد اللّه بن عياش، عن الشعبي قال:
كان أول من سمر من الخلفاء، و اتّخذ له أقوام معاوية، و كان ملك الروم في زمانه فوق ابن مورق بن هرقل بن قيصر بن فوق بن مورق بن الأصفر، و كان معاوية يقول: ما أردت بالشام شيئا قط إلاّ ظننت أنه معي، و كان ملك الروم يقول مثل ذلك. فسمر معاوية ذات ليلة ثم أوى فراشه فأرق فامتنع منه النوم، فأراده فلم يستطعه، حتى أسحر، فسمع أصوات النواقيس فآذته، فلم يزل يتململ على فراشه حتى أصبح، فلمّا صلى الفجر أمر بسريره فأبرز إلى المسجد و نادى في الناس: الصلاة جامعة، فلمّا اجتمعوا أمر مناديا فنادى: من يبيعني نفسه ؟ فقام شاب من غسان فقال: أنا يا أمير المؤمنين. فقال: بكم ؟ فقال: بثلاث ديات: إما دية فلي، و إما دية فاخلفها لأهلي، و إما دية فاشتري لهم بها ضيعة. فأعطاه أربعة آلاف دينار.
ثم قال: قد أجلتك ثلاثا فتهيّأ و افرغ من حوائجك ثم ائتني؛ ففعل، فإذا كتاب بين يدي معاوية إلى ملك الروم، فقال انطلق بهذا إلى صاحب الروم، فإنك تجوز من موضع كذا إلى كذا، و من كذا إلى كذا حتى تنتهي إلى الخليج، فتحبس يوما ثم تجوز ثم تحبس يوما، ثم تدخل عليه و هو جالس على سريره و بطارقته حوله و قد وضع تاجه على رأسه، فإذا عاينته (3)فضع لنا كتابك ثم أدخل يديك (4) في أذنيك، فأذّن و قل: اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهد أن لا إله
ص: 132
إلاّ اللّه، أشهد أن محمّدا رسول اللّه حتى تفرغ قال: فخرج الغساني قال: فو الذي لا إله غيره لكأنّ معاوية كان معه في كل ما كان، حتى أدخلت عليه، و هو على سريره و تاجه على رأسه و بطارقته (1) عنده فلما عاينته وضعت كتابي ثم رفعت صوتي بالآذان، فانتضوا سيوفهم ثم أقبلوا نحوي، و وثب عن سريره، يخصر حتى كان بيني و بينهم، فاستدبرني و استقبلهم ثم قال: أفّ لكم، كنت أظنه يقاس برأيكم، فإذا رأيكم قد عجز عنكم، ارجعوا، فما رجعوا إلاّ بعد شرّ (2)،فلما عادوا إلى مجالسهم قال: أ تدرون ما قصة هذا؟ قالوا: لا، قال: تجدون معاوية أرق فسمع أصوات النواقيس فآذنه، و قد علم أن النصارى بالشام لهم أنصاف منازل المسلمين، و أنصاف مساجدهم، و قد عاهدهم على ذلك من هو أفضل منه من أهل دينه، فلم يستطع نقضه، فقال: من يبيعني نفسه، فتجدون هذا اليابس و لم يأخذ لنفسه ثمنها؟ فوجهه و أمره بما سمعتم لتستحلوا به قتله و يستحل بذلك قتل من بالشام من النصارى، و هدم كنائسهم. قال: يقول الغساني: و الذي لا إله غيره ما علمت ما أراد بي معاوية إلاّ تلك الساعة. قالوا: أيها الملك ما تصنع به ؟ قال: فنحسن جائزته و نرد جواب (3) كتبه و نمضيه إلى صاحبه. فما أتت على معاوية إلاّ ثمانية و أربعين ليلة حتى إذا للغساني عنده فلمّا رآه معاوية قال: أفلت و انحصّ الذّنب (4) قال: يا أمير المؤمنين إنك و اللّه عرضتني للقتل قال: أما و الذي لا إله إلاّ هو لو قتلك ما تركت فيما بين العريش إلى الفرات نصرانيا إلاّ قتلته، و سبيت ذريته، و لا كنيسة إلاّ هدمتها، و لكن اللعين كان أوفى بالذمة (5).
و لقّب أمّ عمّار، له ذكر.
أنبأنا أبو بكر محمّد بن طرخان بن بلبكين، أنا أبو الفضائل محمّد بن أحمد بن عبد الباقي بن طوق قال: قرئ على أبي القاسم عبد اللّه بن علي بن عبيد اللّه الرقي، نا أبو أحمد
ص: 133
عبيد اللّه بن محمّد بن أبي مسلم، أنا أبو عمر محمّد بن عبد الواحد الزاهد، أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي، عن رجاله، عن ابن عياش قال:
خطب معاوية - و كان خليفة - فقال في خطبته، و لم يتم البيت لأنه كان على المنبر (1):
إذ الناس ناس (2) و الزمان بعزّة (3)
و أعادها، و لم يتم البيت لأنه على المنبر، فظنّ بعض العامة أنه أشكل (4) عليه البيت، و أنه يريد من يتممه له فقام قائما فقال:
و إذ أمّ عمار صديق مساعف
قال: فقال له: اسكت يا أمّ عمّار، ما أردنا هذا منك. قال فبقي عليه لقبا، فكان إذا مرّ بالصبيان صاحوا يا أمّ عمّار، يا أمّ عمّار، حتى رمي بالآجر.
حدث له مع معاوية محاورة، و حكى (5) عنه.
قرأت على أبي محمّد عبد اللّه بن أسد بن عمار، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني - و نقلتها من خطه - حدّثني أحمد بن علي الحافظ ، أنا أبو العباس عيسى بن يحيى النحوي، أنا القاسم بن بشّار (6) الأنباري، نا عبد اللّه بن رستم البصري، نا محمّد بن قادم النحوي، عن أبان بن ثعلب، قال:
خطب معاوية يوما فقال في خطبته: إنّ عاملا لنا بمكان كذا و كذا كتب إليّ يذكر أن بني قشير كان منهم إليه أمر، لهمت أن أجد من كان منهم في البر (7) فأحمله في البحر في السفن، ثم أحرقها عليهم، فلا أبقي منهم أحدا. فقام إليه أعرابي من عرض الناس عليه عباءة يرفعها من جانب و تسقط من آخر، فقال: يا معاوية، أما و اللّه لو أردت ذلك لجاءك مائة ألف أمرد
ص: 134
على مائة ألف أجرد، فجعلوا صدرك (1) ترسة لرماحهم (2) فقال: اسكت أيها الغراب الأبقع (3).فقال: إن الغراب الأبقع يحجل إلى الرّخمة البيضاء، فينقر رأسها، و يستخرج دماغها، فيأكله فأعرض عنه معاوية و أخذ في خطبته، فقال له عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، ما هذه الاستكانة ؟ أ ما رأيت ما قال لك ؟ فقال: يا أبا عبد اللّه، و اللّه لنخلي بينهم و بين ألسنتهم ما خلّوا بيننا و بين ملكنا.
أو من بكر بن وائل، حدث له محاورة مع معاوية.
أخبرنا أبو بكر بن كرتيلا، أنا أبو بكر الخياط ، أنا أبو الحسين بن السّوسنجردي (4)، أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب علي بن محمّد الكاتب، حدّثني أبي، حدّثني أبو عمرو محمّد بن مروان السعدي، حدّثني يوسف بن موسى، نا عبد اللّه بن حشف (5)،حدّثني محمّد بن أحمد النرسي، عن أبيه قال:
خطب معاوية بن أبي سفيان الناس فقال: أيها الناس إن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ولاّني بعض ما ولاّه اللّه عليه، فو اللّه ما خنت، ثم وليت الأمر فيما بيني و بين اللّه عز و جل، فهل ترون خللا (6)؟قال: فوثب رجل من كنانة (7) أو من بكر بن وائل فقال: نعم و اللّه يا معاوية خللا كخلل (8) المنخل قال: فقال: اقعد، أقعد اللّه رجليك، كأني بك و قد ارتبطت عشر أعنز في مثل حافر عير معهن تيس تحتلبهن. قال: و اللّه إن قلت ذاك، إن ثمّ (9) لحسبا غير ذميم، و اللّه ما قتلت نفسا (10) حراما و لا أكلت مالا (11) حراما [أنت أذل و أخزى من
ص: 135
ذلك، اسكت، دقّ اللّه فاك، قال: لا، بل أذهب حيث لا أرى شخصك و لا أسمع صوتك.
قال: أبعد و أبعد. قال: لئن طرت بك لأطيرن بك طيرة بعيدا وقوعها. قال] (1) الأعرابي:
فهل إلاّ إلى اللّه، ثم تقع يا معاوية، و أنا أستغفر اللّه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المالكي، و أبو الحسن علي بن المسلم الشافعي، قالا: أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنا جدي أبو بكر، أنا أبو بكر الخرائطي، نا إبراهيم بن هانئ، نا أصبغ بن الفرج المصري، نا عبد اللّه بن وهب.
ح و أخبرنا أبو المظفر بن القشيري، و أبو القاسم تميم بن أبي سعيد، قالا: أنا أبو عثمان سعيد بن محمّد بن أحمد، أنا أبو العباس محمّد بن أحمد بن محمّد السليطي، نا عبد اللّه بن محمّد بن مسلم الأسفرايني، نا يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهب قال: حدّثني - و في حديث الخرائطي: عن - عمر بن محمّد، عن مسلم بن أبي مريم قال:
خرج رجل إلى معاوية - زاد الخرائطي: ابن أبي سفيان - فلقي الخضر، فقال له: لعلك تريد هذا الرجل ؟ قال: نعم، قال: فإذا أردت الدخول عليه فتوضّأ ثم صلّ ركعتين، ثم قل:
اللّهمّ اجعل بدو يومي هذا صلاحا و أوسطه فلاحا و آخره نجاحا، و أسألك باسمك - زاد ابن مسلم (2):الأحد، و قالا:- الكبير الوتر (3) المتعال، ثم سل حاجتك؛ فدخل الرجل على معاوية، و نسي أن يصنع ما أمر به، فلم يلتفت إليه - زاد ابن مسلم: معاوية، قالا:- فلمّا كان بعد صنع الذي أمر به فقال معاوية: سحرتني و الذي نفسي بيده، لقد جئتني و ما أريد أن أعطيك شيئا، فأخبره بالذي قيل له، فأعطاه و أحسن إليه.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد، أنا أحمد بن محمّد بن عمر، نا ابن أبي الدنيا، حدّثني المفضل بن غسان، نا روح بن الزبرقان الثقفي:
ص: 136
أن رجلا طال مقامه بباب معاوية، ثم أذن له، فقال: يا أمير المؤمنين انقطعت إليك بالأمل، و احتملت جفوتك بالصبر، و ليس لمقرب أن يأمن و ليس لمباعد أن يأنس (1)،و كلّ صائر إلى حظه من رزق اللّه، فقال معاوية: هذا كلام له ما بعده، فأمر بعهده له إلى فلسطين فقال الرجل:
دخلت على معاوية بن حرب *** و كنت و قد يئست من الدخول
و ما أدركت ما أمّلت (2) حتى *** حللت محلة الرجل الذليل
و أغضيت العيون على قذاها *** و لم انظر إلى قال و قيل
دخل على معاوية.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد اللّه، أنا أحمد بن أبي طالب علي بن محمّد، حدّثني أبي، حدّثني أبو عمرو محمّد بن مروان بن عمر، حدّثني يوسف بن موسى المرورّوذي، نا عبد اللّه بن خبيق، حدّثني محمّد بن أحمد القرشي قال:
دخل رجل من كلب على معاوية فقال: يا أمير المؤمنين إن لي في بيت مال المسلمين حقا و لي رحم، فقال: أما ما ذكرت فيما لك في بيت مال المسلمين فقد صرفناه (3)،و أما رحمك فما هي ؟ قال: إنّ أم إلياس بن مضر كانت امرأة من كلب، قال: فقال معاوية:
و أبيك (4)،لقد منت برحم بعيدة، و عنده ابن عباس، فقال: لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين، فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«إن اللّه ليعذب على قطيعة الرحم التي تلقاك إلى ثلاثين أبا» قال: فقال له: اللّه عليك، لقد سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟ قال: سل حاجتك. قال: مائة ألف أشتري بها دارا. قال: هي لك، قال: مائة ألف أقضي بها تجارا. قال: هي لك، قال: مائة ألف أشتري بها عقارا، قال: هي لك، قال ابن الأعرابي: يا أبه، أبرمت أمير المؤمنين. قال:
فنتف رأسه بيده ثم قال: اسكت، إنما أمير المؤمنين كما قال خال بني جبار:
ص: 137
نميل على جوانبه كأنا *** إذا ملنا نميل على أبينا
نقلبه لنخبر حالتيه *** فنخبر منهما كرما و لينا
قدم على معاوية.
حكى عيسى بن لهيعة بن عيسى بن لهيعة بن عقبة الحضرمي المصري عن عيسى بن داب، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق قال:
كان لمعاوية فرس يقال له البشير، قد سبق عليه سوابق أهل الشام، فقيدت إليه في خلافة عثمان أفراس العرب في حلبة قد استعدّ لها معاوية، و قدم رجل من مدد همدان، فرأى الناس يحلفون (1) نحو الحلبة فقال لهم: ما هذا؟ فأخبر فبادر إلى معاوية بفرس له يقال له المستطير، قدم راكبا عليه من اليمن، فقال أيها الأمير، قدمت الساعة من شبام (2) على فرسي هذا، و هو يعجبني، فسمعت بهذه الحلبة، فأسرعت به، فقال له معاوية: فرسك مخبّل (3)و ليس بمخبّل، و هو بعد نضي (4) و جيّ (5) فقال: أنشدك اللّه يا ابن الكرام، فأمر بفرسه فختم و أنفذ مع الخيل إلى المقوس (6)،و قعد معاوية يتشوّف (7) لها ثم أنشأ يقول:
أخاف على البشير و أتقيه *** فما أدري إلى ما ذا يحور
فقال الهمداني: أ تأذن لي في جواب ما قلت أيها الأمير؟ قال: هات، للّه أبوك، فقال:
يحور إلى التي أرجو سناها *** إذا ما قيل هذا المستطير
فضحك معاوية و صاح الناس: الخيل، الخيل، و طلع المستطير فرس الهمداني.
و كان معاوية جعل لمن سبق البشير أربعين أوقية ذهب و فريضة في الشرف، و فرائض لعشرة رجال من قرابته أو عشيرته، فشاطر معاوية الهمداني في فريضته، و وفر عليه السبق، و فرائض عشرة من أهل بيته فقال الهمداني:
ص: 138
ألا ليت الرياح إذا استطرت (1) *** تبشر أهلنا كنفي شبام
بأن المستطير أهلّ يهوى *** أمام الخيل في جمع السنام
و لم يسكن و جاه بعد شهر *** و عشر سنين محتفر الظلام
فأبت بسبقه و علوت حدا *** على شرف الفرائض و الكرام
فبعث إليه معاوية، فاشترى منه المستطير بألف دينار، فسبق عليه العرب أيامه كلها.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد، أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن، أنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسين، ثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال: و حدّثني خلاد بن يزيد الجعفي، نا عمرو بن شمر الجعفي، نا جابر الجعفي، عن عامر الشعبي قال:
ادّعى أبو جعفر محمّد بن علي.... (2) خلاّد قال: لما ظهر أمر معاوية بالشام و تابعوه على أمره دعا عليّ رجلا فأمره أن يتجهز، و أن يسير إلى دمشق، و أمره إذا دخل إلى دمشق أناخ راحلته بباب المسجد، ثم يدخل المسجد، و لا يحط عن راحلته من متاعها شيئا، فلا يكفي عن نفسه من.... (3) السفر شيئا، و قال له: إنك إذا فعلت و رأوا أثر الغربة و السفر عليك سيسألونك من أين أقبلت،.... (4) يذكر حكاية قد سقتها في ترجمة معاوية.
أخبرنا أبو القاسم الخضر (5) بن عبدان، أنا محمّد بن علي بن أحمد بن المبارك، أنا عبد اللّه بن الحسين بن عبيد اللّه بن عبدان، أنا عبد الوهاب الكلابي، نا أحمد بن الحسين بن طلاب، نا هشام بن عمار، ثنا الوليد، نا عثمان بن أبي العاتكة:
أن معاوية بن أبي سفيان خرج فاستسقى فجعل يقول: قم يا فلان، قم يا فلان، فقيل له: إن في قرية كذا و كذا رجلا مجاب الدعوة، فأرسل إليه، فأتى على حماره، و هو مسمط (6) إداوة له لأن لا تأتي عليه حالة إلا و هو فيها متوضئ فقال له معاوية: أردنا أن
ص: 139
تستسقي لنا فاستعفاه فأبى أن يعفيه، فأتى إداوته، فأحدث و ضوءا، ثم صلى ركعتين، ثم استسقى، و عزم على ربه فقال: ارفعوا أيديكم، قال: فما فرّق بينهم إلاّ المطر حيث يصلي، حتى جرى الماء من تحته، فأتاه أهل قريته فاحتملوه. و قال: اللّهمّ ، إن معاوية أقامني مقام سمعة و رياء، فاقبضني إليك، فقبض قبل الجمعة.
كان من أصحاب معاوية.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي، أنا أبو بكر محمّد بن علي المقرئ، أنا أحمد بن عبد اللّه بن الخضر، أنا أحمد بن أبي طالب، حدّثني أبي علي بن محمّد، حدّثني أبو عمرو السعيدي، حدّثني جعفر بن أحمد بن معدان، نا الحسن بن جهور، نا القاسم بن عمرو مولى أبي أيوب المكي، عن ابن داب قال:
بلغني أن شابا من قريش من بني جمح،..... (1) الجمحي و كان مع معاوية بصفين، و كان فارس أهلها، و الذي رد الأشتر عن معاوية بعد ما غشيه دخل على معاوية فقال: يا أمير المؤمنين إنا تركنا الحق عيانا، و علي بن أبي طالب يدعو إليه في المهاجرين و الأنصار، و بايعناك على ما قد علمت، ثم طاعنت عنك أشدّ أهل العراق بعد ما غشيك حتى إذا نلت ما رجوت و أمنت ما خفت، جعلت الدهر أربعة أيام يوما لسعيد بن العاص، و يوما لمروان بن الحكم، و يوما لعمرو بن العاص، و يوما للمغيرة بن شعبة، و صرنا لا في [عير و لا في] (2)نفير (3)،ثم خرج من عنده و هو يقول:
أظن قريشا باعثي الحرب مرة *** عليك ابن هند أو تجر الدواهيا
أ يوم لمروان و يوم لصهره *** سعيد و يوم للمغير معاويا؟
و يوم لعمرو و الحوادث جمة *** و قد بلغت منا النفوس التراقيا
أ تنسى بلائي يوم صفين و القنا *** رواء و كانت قبل ذاك صواديا
أو الأشتر النخعي في مرجحنة *** يمانية يدعو ربيسا يمانيا
ص: 140
و طاعنت عنك الخيل حتى تبددت *** بداد بنات الماء أبصرن بازيا
تركنا عليا في صحاب محمّد *** و كان إلى خير الطريقة داعيا
فلما استقام الأمر من بعد ميله *** و زحزح ما تخشى و نلت الأمانيا
دعوت الألى كانوا لملكك آفة *** و خلت مقامي حية و أفاعيا
فبعث إليه معاوية، و عنده وجوه قريش، فقال: يا ابن أخي، إني مثلت بين تركي إياك و بين معاتبتك، فوجدت معاتبتك أبقى لك، و أيم اللّه، ما أخاف عليك نفسي، و لكنني أخاف عليك من بعدي، فإني رأيتك رحب الذراعين بمساءة عمل شديد التقحم عليه، فلتضق به ذرعك، و لتقل عليّ تقحمك، فإنك لست كلما شئت تجد من يحمل سفهك، فخرج الفتى من عنده و قد استحيا و ارتدع، و أنشأ معاوية يقول:
أيا من عذيري من لؤي بن غالب *** فنخشى كلبا كاشر الناب عاويا
فما لي ذنب في لؤي بن غالب *** سوى أنني دافعت عنها الدواهيا
و أني لبست الجود و الحلم فيهم *** و أن من رماهم بالأذى قد رمانيا
فأصبحت ما ينفك صاحب سوأة *** يقوم بها بين السماطين لاهيا
فإن أنا جازيت السفيه بذنبه *** فمنها يميني أفردت من شماليا
و إن أنا لم أجز السفيه بذنبه *** لوى رأسه و ازداد غيّا تماديا
فوليتهم أذني و كانت سجيتي *** ليالي لم أملك و إن كنت واليا
فكم قائل إما هلكت لقومه *** و قائلة لا تبعدنّ معاويا
و إني لكم عود ذلول موقر *** يقل الألى ينهاهم ما نهانيا
قال: و نا السعدي، حدّثني موسى بن محمّد بن عبد اللّه الأنصاري عن أبي مخنف، حدّثني الصقعب عن محمّد بن سليم بمثله و زاد في آخر الخبر بعد الشعر:
ثم دعا بالفتى، فعقد له على كور الشام، و زاد في شعر معاوية بعد البيت الثالث:
أ لم أعف عن أهل الذنوب و أعطهم *** عطية من لا يحسب المال فانيا
حكى عن معاوية.
حكى عنه عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، بقراءتي عليه، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو محمّد بن
ص: 141
أبي نصر، أنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنا أحمد بن إبراهيم البسري، نا ابن عائذ، أخبرني الوليد بن مسلم، أخبرني مبشّر بن إسماعيل، عن جعفر بن برقان، عن أبي عبد اللّه، حرسي (1) عمر بن عبد العزيز قال (2):سمعت عمر بن عبد العزيز يقول:
حدّثني حرسي معاوية: أنه قدم على معاوية بطريق من الروم يفرض عليه جزية الروم عن كلّ من بأرض الروم من كبير أو صغير جزية دينارين إلاّ عن رجلين: الملك و ابنه، فإنه لا ينبغي للملك و ابنه أن يجزيا فقال معاوية و هو في كنيسة من كنائس دمشق: لو قسم (3) لي دنانير جزية حتى يملئوا هذه الكنيسة لا يجزى الملك و ابنه ما قبلتها منكم. فقال الرومي: لا تماكرني فإنه لا يماكر أحد مكرا إلاّ و معه كذب (4) فقال معاوية: أراك تمازحني فقال الرومي:
إنك اضطررتني إلى ذلك، غزوتني في البر و البحر و الصيف و الشتاء؛ أما و اللّه يا معاوية، ما تغلبونا بعدد و لا عدة، و لوددت أن اللّه جمع بينكم و بيننا في مرج، ثم خلا بيننا و بينكم، و رفع عنا و عنكم النصر حتى ترى، قال معاوية: ما له، قاتله اللّه ؟ إنه ليعرف أن النصر من عند اللّه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أحمد بن أبي عثمان، أنا الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر، أنا أبو علي بن صفوان، نا ابن أبي الدنيا، نا أحمد بن إبراهيم، نا مبشر الحلبي، نا جعفر بن برقان قال: حدّثني أبو عبد اللّه الحرسي قال: حدّثني رجل من حرس معاوية قال: بعث طاغية الروم إلى معاوية يفرض عليه الجزية، فقال له الرومي: يا معاوية لا تماكرني لاتخذ مكر (5) إلاّ و معه كذب.
[قال ابن عساكر:] (6) و لم يذكر عمر بن عبد العزيز.
أنبأنا أبو محمّد بن صابر، أنبأ سهل بن بشر، أنا أبو رجاء هبة اللّه بن محمّد بن علي
ص: 142
الشيرازي، أنا أبو العباس عبد الملك بن الحسين الشيرازي، نا الطيب بن علي، نا محمّد بن خلف القاضي، نا محمّد بن أيوب التميمي قال:
سمر الناس عند معاوية، فقال له رجل: أ لا أخبرك عن زوجتيّ ؟ قال: بلى قال: ولدت إحداهما غلاما، و الأخرى جارية فخرجت أم الغلام ترقّصه و هي تقول:
يا ليته راح في الغزيّ
على جواد مشرف عليّ
فآب بالمغنم و السبيّ
فألحق الفقير بالغني
فلم تزل تردد ذلك حتى أغضبت أم الجارية، فخرجت بابنتها ترقصها و هي تقول:
و ما عليّ أن تكون جاريه
تمشط رأسي و تكون الغاليه
و ترفع الفاضل من ردائيه
حتى إذا ما بلغت ثمانيه
زوّجتها عتبة أو معاوية
أصهار صدق و مهور غاليه
فضحك معاوية، و قال: و أبيها، إن عتبة و معاوية عنها لمشغولان، و أمر لها بأربعة آلاف.
وفد على معاوية متظلّما من ابن أخته
أم الحكم، أمير الكوفة
قرأت على أبي منصور محمّد بن عبد الملك، عن أبي محمّد الجوهري، نا محمّد بن العباس بن حيوية، أنا أبو بكر محمّد بن خلف بن المرزبان، حدّثني محمّد بن عبد الرّحمن القرشي، نا محمّد بن عبيد، نا..... (1)،عن هشام بن عروة، قال:
ص: 143
أذن معاوية بن أبي سفيان للناس يوما فكان فيمن دخل عليه فتى من بني عذرة، فلما أخذ الناس مجالسهم، قام الفتى العذري بين السماطين ثم أنشأ يقول:
معاوي يا ذا الفضل و الحلم و العقل *** و ذا البر و الإحسان و الجود و البذل
أتيتك لما ضاق في الأرض مذهبي *** و أنكرت مما قد أصبت به عقلي
ففرج - كلاك اللّه - عني فإنني *** لقيت الذي لم يلقه أحد قبلي
و خذ لي - هداك اللّه - حقي من الذي *** رماني بسهم كان أهونه قتلي
و كنت أرجي عدله إذ أتيته *** فأكثر تردادي مع الحبس (1) و الكبل (2)
فطلقتها من جهد ما قد أصابني *** فهذا أمير المؤمنين من العدل
فقال معاوية: بارك اللّه عليك، ما خطبك ؟ فقال: أطال اللّه بقاء أمير المؤمنين، إنني رجل من بني عذرة تزوجت ابنة عم لي، و كانت لي صرمة (3) من إبل و شويهات فأنفقت ذلك عليها، فلما أصابتني نائبة الزمان رغب عني أبوها. و كانت جارية فيها (4) الحياء و الكرم فكرهت مخالفة أبيها، فأتيت عاملك ابن أم الحكم فذكرت ذلك له، و بلغه جمالها، فأعطى أباها عشرة آلاف درهم، و تزوجها، و أخذني فحبسني و ضيّق عليّ ، فلما أصابني مسّ الحديد و ألم العذاب طلقتها، و قد أتيتك يا أمير المؤمنين و أنت غيث المحروب، و سند المسلوب، فهل من فرج ؟ ثم بكى و قال في بكائه:
في القلب مني نار *** و النار فيها شنار
و في فؤادي جمر *** و الجمر فيه شرار
و الجسم مني نحيل *** و اللون فيه اصفرار
و العين تبكي بشجو *** فدمعها مدرار
و الحب داء عسير *** فيه الطبيب يحار
حملت منه عظيما *** فما عليه اصطبار
فليس ليلي ليلا *** و لا نهاري نهار
ص: 144
فرق له معاوية، و كتب له إلى ابن أم الحكم كتابا عظيما، و كتب في آخره:
ركبت أمرا عظيما لست أعرفه *** أستغفر اللّه من جور امرئ زاني
قد كنت تشبه صوفيا له كتب *** من الفرائض أو آيات فرقان
حتى أتاني الفتى العذري منتحبا *** يشكو إليّ بحق غير بهتان
أعطي الإله عهودا لا أخيس بها *** أو لا فبرئت (1) من دين و إيمان
إن أنت راجعتني فيما كتبت به *** لأجعلنك لحما بين عقبان
طلق سعاد و فارقها بمجتمع *** أشهد على ذلك نصرا و ابن ظبيان
فما سمعت كما بلغت من عجب *** و لا فعالك حقا فعل إنسان
فلما ورد كتاب معاوية على ابن أم الحكم، تنفس الصعداء و قال: وددت أن أمير المؤمنين خلّى بيني و بينها سنة ثم عرضني على السيف، و جعل يؤامر نفسه في طلاقها، فلا يقدر، فلما أزعجه الوفد (2) طلقها ثم قال: يا سعاد اخرجي، فخرجت شكلة (3) غنجة ذات هيئة و جمال، فلما رآها الوفد قالوا: ما تصلح إلا لأمير المؤمنين، لا لأعرابي، و كتب جواب كتابه:
لا تحنثن أمير المؤمنين فقد *** أوفي بعهدك في رفق و حسان
و ما ركبت حراما حين أعجبني *** فكيف سميت باسم الخائن الزاني
و سوف تأتيك شمس لا خفاء بها *** أبهى البرية من انس و من جان
حوراء يقصر عنها الوصف إن وصفت *** أقول ذلك في سري و إعلاني
فلما ورد الكتاب على معاوية قال: إن كانت أعطيت حسن النغمة مع هذه الصفة فهي أكمل البرية، فاستنطقها فإذا هي أحسن الناس كلاما، و أكملهم شكلا و دلاّ، فقال: يا أعرابي، هل من سلو عنها بأفضل الرغبة ؟ قال: نعم، إذا فرقت بين رأسي و جسدي، ثم أنشأ الأعرابي يقول:
لا تجعلني و الأمثال تضرب لي *** كالمستغيث من الرمضاء بالنار
اردد سعاد على حيران مكتئب *** يمسي و يصبح في همّ و تذكار
ص: 145
قد شفّه قلق ما مثله قلق *** و أسعر القلب منه أي إسعار
و اللّه و اللّه لا أنسى محبتها *** حتى أغيّب في رمس و أحجار
كيف السلو و قد هام الفؤاد بها *** و أصبح القلب عنها غير صبار
قال: فغضب معاوية غضبا شديدا، ثم قال لها: اختاري إن شئت أنا، و إن شئت ابن أم الحكم، و إن شئت الأعرابي، فأنشأ سعاد تقول:
هذا، و إن أصبح في أطمار *** و كان في نقص من اليسار
أكبر عندي من أبي و جاري *** و صاحب الدرهم و الدينار
و أخشى إذا غدرت حر النار
فقال معاوية: خذها، لا بارك اللّه لك فيها، فأنشأ الأعرابي يقول:
خلوا عن الطريق للأعرابي
أ لم ترقوا - ويحكم - لأبي ؟
فضحك معاوية، و أمر له بعشرة آلاف درهم و ناقة و وطاء، و أمر بها فأدخلت في بعض قصوره حتى انقضت عدتها من ابن أبي الحكم، ثم أمر بدفعها إلى الأعرابي.
يقال إنه النجاشي، و يقال: هو أبو المهلهل الصدائي.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنا أحمد بن إبراهيم، نا محمّد بن عائذ، نا الوليد، قال: فحدّثني إسماعيل و غيره أن معاوية بن أبي سفيان كان يغزي أهل اليمن دون غيرهم، فاجتمعوا بعكا، فقام رجل فقال:
ألا أيها الناس الذين تجمعوا *** بعكا، أناس أنتم أم أباعر
أ تترك قيس ترتعي في بلادها *** و نحن نسامي البحر، و البحر حاصر (1)
قال ابن عبيد: و قد سمعت من ينشد هذه الأبيات على غير ما ذكرها الوليد:
ألا أيها الناس الذين تجمعوا *** بعكا أناس أنتم أم أباعر
ص: 146
أ تترك قيس ترتعي في بلادها *** و نحن نسامي البحر و هو زاخر
فو اللّه ما أدري و إني لسائل *** أ همدان تحمي ضيمها أم يحابر
أم الشرف الأعلى من أولاد حمير *** بنو مالك إن تستمرّ المرائر
أ أوصى أبوهم بينهم أن تواصلوا *** و أوصى أبوكم بينكم أن تدابروا
و إن قائلها غير النجاشي.
قال إسماعيل: فجمع معاوية الناس على غزو البحر، فحدّثني أن الذي قال هذه الأبيات رجل يقال له النجاشي، و أن معاوية اعتذر إلى الناس فقال: ما أغزيكم دون قيس، إن معكم فيهم لكنانة و خندف، و إني أتيمن بكم و أعرف طاعتكم، و قيس فيهم خلاف و نكد في غزو البحر.
كان في زمان معاوية أو يزيد بن معاوية.
قال حين رجعت قضاعة عن الانتساب إلى معد بن عدنان و انتسبت (1) إلى قحطان ينكر رجوعهم عن المعدّيّة:
أ زينتم عجوزكم و كانت *** عجوزا لا يحل لها إزار
عجوزا لو تلمسها يمان *** للاقى مثلما لاقى يسار
يسار هذا يعرف بيسار الكواعب، كان غلام امرأة من العرب فراودها على نفسها، فقلت: انظر في ذلك، ثم عاودها و ألح عليها، فدعت بموسى فجدعت أنفه، فضربت العرب المثل به.
وفد على يزيد بن معاوية.
ذكر أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد، نا السكن بن سعيد، عن عبد اللّه بن محمّد بن خلف بن عمران البجلي عن ابن الكلبي عن أبيه، عن أبي الهيثم الرحبي - و رحبة بطن من حمير (2)-ابن دريد يقول: قال قدم رجل من طيّئ على يزيد بن معاوية فقال: أتيتك سائلا
ص: 147
في حمالة (1) تحمّلتها عن قومي، و أنا من فرسانهم، فارددني لك شاكرا. فقال يزيد: اشدد فرسك بحزامه، و أشج فاه بلجامه ثم ارم به سواد الليل في عرض الجبل، حتى يقضي اللّه عنك غرمك أو يحمد نجمك.
فقال الرجل: و اللّه لقد خفت هذا منك، و لكني رجوت لين قلبك، و كان الرجل طويل القامة، مختلف الخلق، و أنشأ يزيد يقول:
يا أيها الأعقف (2) المدلي بحجته *** لا حرمة تبتغي عندي و لا نسبا
شد الحزام على حيزوم (3) محتنك *** ذي حارك (4) و لبان (5) يملأ اللببا (6)
و اعص العواذل و ارم الليل عن عرض *** بذي سبيب يقاسي ليله خببا
أقب لم ينقب البيطار سرّته *** و لم يدجه و لم يغمز له عصبا
حتى تصادف مالا أو يقال فتى *** لاقى التي تشعب الفتيان فانشعبا
فقال الطائي:
يا أيها الملك المحروم سائله *** لا تقطع اليوم من سؤالك السببا
قد كنت آمل سجلا من سجالكم *** فاليوم لا فضة أرجو و لا ذهبا
فاستفتح القول شد السرج معترضا *** جور الفلاة بطرف يمعج الخببا
لو كان و الدك الماضي حللت به *** رد الجميل و جلّى عنى الكربا
إن الحريب إذا ما ردّ مطعمه (7) *** بخل الخليفة يوما رده حربا
فتذمم يزيد و أمر له بعشرة آلاف درهم، و كان يقول بعد ذلك، وددت أني فديت ما كان من قولي - حتى تصادف مالا - بما يثقل عليّ ، لأني أعلم كم من فتى فارس كريم سيهلكه هذا البيت و يحمله على غير طباعه عند ضيق المعيشة. قال الرحبي: و صدق لعمري.
ص: 148
ثم من بني وادعة (1)،من أهل الأردن.
كان في الجيش الذي وجهه يزيد بن معاوية من البلقاء لقتال أهل المدينة.
حكى عن عبد الملك بن مروان.
حكى عنه محمّد بن المنتشر.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمّد الجوهري، عن أبي عمر بن حيوية، أنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم، نا حارث بن أبي أسامة، نا محمّد بن سعد، أنا أبو عبيد، عن أبي الجرّاح، أخبرني محمّد بن المنتشر، عن رجل من همدان من وادعة من أهل الأردن قال:
كنا مع مسلم بن عقبة مقدمه المدينة فدخلنا حائطا بذي المروة (2)،فإذا شاب (3) حسن الوجه و الهيئة قائم يصلي، فطفنا في الحائط ساعة، و فرغ من صلاته فقال لي: يا عبد اللّه أ من هذا الجيش أنت ؟ قلت: نعم. قال: أ ترمون (4) ابن الزبير؟ قلت: نعم. قال: ما أحبّ أن لي ما على ظهر الأرض كله و أنّي سرت إليه، و ما على ظهر الأرض اليوم أحد خير منه. قال:
فإذا هو عبد الملك بن مروان، فابتلي به حتى قتله في المسجد الحرام.
[قال ابن عساكر:] (5) لا أدري ما وجه هذه الحكاية فقد روي أن مروان بعث ابنه عبد الملك إلى مسلم يدلّه على عورة أهل المدينة قبل أن يدخل مروان، على مسلم ليلا يستخبر مروان لأنه كان قد حلف لأهل المدينة حين أخرجوه مع بني أمية منها أن لا يظاهر عليهم، فاللّه أعلم.
ابن رباح بن عبد اللّه بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي (6)
وفد على يزيد بن معاوية.
ص: 149
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد ابن عمران، نا موسى، نا خليفة قال (1):قال أبو اليقظان: أقام عثمان بن محمّد الحج سنة [اثنتين و] (2) ستين ثم قدم المدينة، فأقام شهرا، ثم أوفد وفدا إلى يزيد بن معاوية فيهم عبد اللّه بن عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي، و محمّد بن عمرو بن حزم الأنصاري، و رجل من بني سراقة من بني عدي بن كعب في رجال من قريش، فقدموا على يزيد فقضى حوائجهم و فضّلهم، و أذن لهم في الانصراف، فقدموا المدينة فأظهروا شتم يزيد، و البراءة منه، و خلعوه.
أتى به يزيد بن معاوية فكلّمه بكلام شديد.
حكى عنه الهيثم بن الأسود النخعي حكاية تقدمت في ترجمة يزيد.
كلهم كانوا عند يزيد بن معاوية.
حكى أبو محمّد عيسى بن لهيعة بن عيسى بن لهيعة بن عقبة الحضرمي، عن عيسى بن داب - و لم يلقه - عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق قال:
كان يزيد بن معاوية قد أرسل ألف قارح (3) في السباق، فإنه لجالس يوما قبيل الحلبة، إذ رأى رجلين و امرأة جلوسا معهم ثلاثة أفراس، فدعا بهم، فلمّا وقفوا عليه سألهم عن أمرهم فقالوا: يا أمير المؤمنين سمعنا بهذه الحلبة فقدنا هذه الأفراس إليها فقال: قد مضى المضمار (4)،و إنما بيننا و بين المقوس ليال قالوا: تؤخر الحلبة قليلا و ندخل أفراسنا هذه.
قال: فهكذا انظر إلى خيلكم فجرد عليه أحد النفر - و هو قشيري - فرسه، و أخذ مقوده و هو يقول:
ص: 150
كالعدح الا انه منبل (1)
طويل ما يحسن منه الطول
ثم الوظيف (2) قصد و التليل (3)
و قصر الساقان و المفتول
و... (4) المرفق لا يحول
مثل.... (5) حسن جميل
فقال يزيد: اكتبه، ثم جرد عليه الآخر - و هو أحد بني العجلان - فرسه فأخذ بمقوده و هو يقول:
لا عيب إلا خفة الفؤاد
و خفة الروح و طول الهادي
... (6) في الكف غير بادي
و خفة الوقع على البلاد
خير العتاق الضمر الجياد
كانت خيرا جمع العباد
أوفاهم وعدا لذي ميعاد
و خيرهم سيماء بلا سواد
كالورق الأبيض في النجاد
فقال يزيد: اكتبه، ثم ردت عليه المرأة و هي نميرية، فأخذت بمقود فرسها و كانت أنثى و هي تقول:
ص: 151
فتاتنا المعرفة الكريمة
في جيدها و رأسها تميمة
كأنها لروعها مجموعه
... (1) و سحرها هميمة
كأنما سهما.... (2)
.... (3) الطلقة لا مشومة
قال يزيد: اكتبها و مدّ في المضمار، و أجر الحلبة، ثم أرسلن، فجاءت فرس النميرية سابقة، ثم تبعها فرس ليزيد مصليا، فوثب العجير السلولي فقال:
و اللّه ما صلى مصلى مثله
حين سوى رجلها و رجله
و حبلها ملتبس و حبله
إلا العذار فإن شيئا قبله
ثم جاء فرس القشيري ثالثا فوثب أبو السمط القشيري فقال:
فوق في الحبل فكان أفوقا
و قبل في المضمار كان شهرقا
مضى حديدا و تعرى طلقا
وافى به المقوس حين أحلقا
حتى إذا انشق الصباح أبلقا
أرسلن زحما فجرين أفوقا
حين ثلثا اقتسمن أطبقا
ص: 152
حين وفى القصد حين أروقا
كانا حريقين و كان أحرقا
مثل البنان مشفقا أن يلحقا
و وثب الرجاز يجرون بخيلهم، فوثب العجير السلولي فقال:
إن الجواد فارس السرير
السابق الأول في القصور
و سابق في آخر الدهور
لحره و حره مهير
في حجرها أرضع لا نظير
هند و ميسون و للصخور
صخر و حرب فارس الهجير
أرسل في حلبة أهل الخير
قبل الغلاظ و اشتقاق النور
فجاء قبل لامع البشير
و قام يزيد و أمر للعجير بمائة ناقة، و كان جعل للسابق مائة، فأخذتها النميرية.
إن لم يكن نصير فهو غيره
حدث عن أبي إدريس الخولاني.
روى عنه سليمان بن موسى.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، قراءة، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر بن علي الميداني، أنا عبد الجبار بن عبد الصّمد السلمي، أنا أبو بكر القاسم ابن عيسى القصار، نا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، حدّثني أبو الوليد الحنفي، نا إبراهيم ابن عيينة، أنبأ إسماعيل بن رافع، عن سليمان بن موسى، عن مولى ليزيد بن معاوية عن عائذ اللّه رجل من أهل الشام، عن أبي ذرّ قال: قلت يا رسول اللّه أيّ الأنبياء كان أول ؟ قال:«آدم»
ص: 153
قلت: يا نبي اللّه و نبيا كان ؟ قال:«نعم، جبل (1) اللّه تربته، و نفخ فيه من روحه، و خلقه بيده و كلّمه قبلا (2)»[13680].
من أهل اليمامة.
أخبرنا أبو الفضل عبد الواحد بن إبراهيم ابن القرّة، عن عاصم بن الحسن.
ح و أنبأنا أبو القاسم سعيد بن أبي غالب بن البنا، أنا عاصم بن الحسن.
أنا أبو الحسين بن بشران، أنا الحسين بن صفوان، نا ابن أبي الدنيا، نا سليمان بن أبي شيخ، حدّثني نائل (3) بن نجيح قال:
كان باليمامة رجلان ابنا عم، فكثر مالهما فوقع بينهما ما يقع بين الناس، فرحل أحدهما عن صاحبه قال: فإني ليلة قد ضجرت برعي الإبل و الغنم إذ أخذت بيد صبي لي، و علوت في الجبل، فإنّا كذلك إذ أقبل السيل، فجعل ما لي يمرّ بي و لا أملك منه شيئا حتى رأيت ناقة لي قد علق خطامها بشجرة، فقلت: لو نزلت إلى هذه فأخذتها لعلي أنجو عليها أنا و ابني، فنزلت فأخذت الخطام و جذبها السيل، فرجع عليّ غصن الشجرة فذهب بإحدى عيني، و أفلت الخطام من يدي، فذهبت الناقة، و رجعت إلى الصبي فوجدته قد أكله الذئب، فأصبحت لا أملك شيئا، فقلت: لو ذهبت إلى ابن عمي لعله يعطيني شيئا، فمضيت إليه فقال لي: قد بلغني ما أصابك، و اللّه ما أحبّ أنه أخطأك. فكان ذلك أشدّ عليّ مما أصابني.
فقلت: أمضي إلى الشام فأطلب. فلما دخلت دمشق إذا الناس يتحدثون أن عبد الملك بن مروان أصيب بابن له، فاشتد جزعه عليه. فأتيت الحاجب فقلت: إنّي أحدث أمير المؤمنين بحديث يعزّيه عن مصيبته هذه. قال: أذكر ذاك له، فذكر، فقال: أدخله. فأدخلني فحدثته بمصيبتي فقال: قد عزّيتني بمصيبتك عن مصيبتي، و أمر لي بمال، فعدت و تراجعت حالي.
ص: 154
حكى عن عبد الملك بن مروان.
حكى عنه أبو حباب يحيى بن أبي حية الكلبي (1).
أخبرنا أبو بكر (2) محمّد بن عبد الباقي، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن فهم، نا ابن سعد (3)،أخبرني من سمع أبا حباب الكلبي يقول: حدّثني شيخ من كلب قال: سمعت عبد الملك بن مروان يقول: لو لا [أن] (4)أمير المؤمنين مروان أخبرني أنّه هو الذي قتل طلحة ما تركت من ولد طلحة واحدا إلاّ قتلته بعثمان بن عفّان.
وفد على عبد الملك بن مروان.
أخبرنا أبو العزّ بن كادش مناولة و إذنا، و قرأ عليّ إسناده، أنا محمّد بن الحسين، أنا المعافى بن زكريا القاضي (5)،ثنا محمّد بن الحسن بن دريد، أنا أبو عثمان [المازني] (6)،عن التّوزي (7)،عن أبي عبيدة قال:
ولي عبد الملك بن مروان صدقات كلب رجلا من بني أمية، و كانت الروم قد نزعته، و كان أشقر غضّا فدخل أعرابي جلف جاف على عبد الملك في خفة الناس، فلمّا مثل بين يديه قال: يا إنسان إنك مدبّر (8) مربوب. قال: أجل فما تشاء؟ قال: احتجبت بهذه المدرة، و وليت خطابنا أصهب غضّا (9) كالقرعوس طمطمانيا أطوما كأن وجهه جهوة قرد قد قشر بصرها، و كأن فاه سرم (10) أتان قد قاشها عير، فهي ترمز، إن كشرت بسر، و إن خاطبت
ص: 155
نهر، و إن بالغت زبر، فلا الكلام مدفوع، و لا القول مسموع، و لا الحق متبوع، و لا الجور مردوع، و لنا و لك مقام فيه ينصّ الخصام (1)،و تزحف (2) الأقدام، و ينتصف المظلوم، و ينعش المهضوم، ها إن ملكك هناك زائل، و عزّك حائل، و ناصرك خاذل، و الحاكم عليك عادل، فاكبأنّ عبد الملك و تضاءلت أقطاره (3)،و ترادت عبراته في صدره ثم قال: للّه (4) أبوك أيّ ظلم نالك منا حتى أجاءك إلى هذه المقال ؟ قال: ساعيك في السماوة (5)،نهاره لهو، و مقاله (6) لغو، و غضبه سطو، يجمع المناقط و يحتجن المشائط ، و يستنجد العمارط ، فأمر عبد الملك بصرف العامل.
قال القاضي (7):العصب الصم (8).و قال ابن دريد: القرعوس: والد البختية و هو لا ينجب و لا ينفع، و الطمطماني: الأعجم و الأطوم الذي لا يفهم، و لا يفهم، و إنّما أخذ من جلد الأطوم، و هي دابة من دوابّ البحر صليبة الجلد، و قال قوم: هي السلحفاة، قال القاضي:[في] السلحفاة لغتان: سلحفاة و سلحفية. و قوله: جهوة قرد يريد: دبره و ما والاه.
و كذلك هو لكل أربع، و ربما استعمل في الناس. و قوله: قشر بصرها؛ فالبصر قشرة (9) على كل شيء. و قوله: قاشها أي نزا عليها. و الترمز: التحرك. و المشائط : الواحد مشياط ، و هو الذي يسرع إليه السمن. و المناقط : المتفرقة يقال: نقّط هذا أي فرّقه. و العمارط : الواحد عمروط و هو الذي لا يرى شيئا إلاّ اختلسه، و هو اللص. و الوأي (10):الوعد، و الترمز:
التحرك. روي عن أبي حاتم عن أبي عبيدة. قال: كان رجل من بني تميم خليعا يقال له:
عمير بن مالك، فحضر نساء الحي يعدنه، فأطلن الجلوس (11) فقال:
ص: 156
لقلّ غناء عن عمير بن مالك *** ترمز أستاه النساء العوائد
فقمن، و قلن: لا شفاه اللّه.
و قوله: فاكبأن عبد الملك: أي تداخل بعضه في بعض، قال الشاعر (1):
فلم يكبئنّوا إذ رأوني و أقبلت *** عليّ وجوه كالسيوف تهلل
و قوله: تضاءلت أي تصاغرت. و الأقطار: النواحي. و قوله: أجاءك أي اضطرك، و أصله من المجيء، تقول: جاء زيد و أجاءه غيره مثل صار و أصار إليه غيره، و منه:
فَأَجٰاءَهَا الْمَخٰاضُ إِلىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ (2) كأنه جاء بها إليه.
قال القاضي: و في تفسير ابن دريد غريب هذا الخبر في موضع آخر: المناقط أي المتفرق من الماشية، و هو مما نهى عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في كتابه لأكيدر: لا تعد فاردتكم، و لا ترد قاصيتكم. و المشائط واحدتها مشياط و هي الناقة السريعة السمن، يريد أنه يأخذ المشائط في الصدقة، فهذا مما نهى عنه أيضا من قوله [صلى اللّه عليه و سلم]: «لا تأخذوا حزرات أنفس الناس»[13681] يريد خيار أموالهم.
و العمروط : اللص، يقال: لصّ و لصّ .
وفد على عبد الملك بن مروان.
أنبأنا أبو محمّد بن صابر، أنا سهل بن بشر، أنا علي بن بقاء الوراق، إجازة، أنا أبو القاسم المبارك بن سالم، أنا الحسن بن رشيق، نا يموت بن المزرع، نا أبو مسلم يعني عبد اللّه بن مسلم، حدّثني أبي، حدّثني رجل من ثقيف عن أبيه قال:
كنت بباب عبد الملك بن مروان إذ دخل عليه رجل من ولد عثمان فقال: يا أمير المؤمنين لعجب ما رأيت في يومي هذا، قال: و ما رأيت ؟ قال: كنت في الصيد، فبينا أنا بقفرة من الأرض، إذ رأيت شيخا (3) قد سقط حاجباه على عينيه، يتوكأ على عنزة معه، فقلت له: من الشيخ ؟ فقال: امض لشأنك ودع السؤال عما لا أرب لك في علمه، قال: فازددت
ص: 157
لما قال منه ذعرا، فقلت له: أ تروي من أشعار العرب شيئا؟ قال: نعم، و أقول كما قالوا، قلت: نحو ما ذا أصلحك اللّه ؟ فأنشدني (1):
أقول و النجم قد مالت أواخره *** إلى المغيب تبين نظره حار
أ لمحة من سنا برق رأى بصري *** أم وجه نعم بدا لي أم سنا نا
بل وجه نعم بدا و الليل معتكر *** فلاح من بين أثواب (2) و أستار
قال: و قد كنت أعرف الشعر يا أمير المؤمنين و هو لهادر صاحب نابغة بني ذبيان فقلت:
سبقك أخو ذبيان إلى هذا، أيها الشيخ، فضحك ثم قال: بلفظي و اللّه كان ينطق، أنا هادر بن ماهر. ثم اعتمد على عنق فرسي، و قال: ذكرتني صباي، قد و اللّه قلت: الشعر منذ أربع مائة سنة، ثم أنشأ يقول:
وصلت القيان بعهد المسيح *** فأظهرن هجرا بقول قبيح
و ذاك لأني حنيت العصا *** و أبدى الزمان لصحبي كلوحي
فمن لي بوجه و لا ليس لي *** بدا لا بوجه صبيح مليح
ثم نظرت فإذا الأرض منه بلقع. قال له عبد الملك: لقد رأيت عجبا.
وفد على عبد الملك بن مروان.
أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن، أنا سهل بن بشر، أنا عبد الوهّاب بن الحسين بن عمر بن برهان.
ح و أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد الفقيه، ثنا نصر بن إبراهيم الزاهد قال: أنبأني عبد الوهاب بن الحسين البغدادي التاجر، أنا الحسين بن محمّد بن عبيد الدقاق، نا محمّد بن العباس اليزيدي، نا الرياشي، نا مسعود بن بشر، نا رجل في حلقة أبي عبيدة من ولد عمرو ابن مرة الجهني - و كانت له صحبة، يعني لعمرو بن مرة - قال:
وفد على عبد الملك ناس من قضاعة فقال رجل منهم:
و اللّه ما ندري إذا ما فاتنا *** طلب إليك من الذي نتطلب
ص: 158
و لقد ضربنا في البلاد فلم نجد *** أحدا سواك إلى المكارم ينسب
فاصبر لعادتنا التي عودتنا *** أو لا، فأرشدنا إلى من نذهب
فأمر له بألف دينار.
ثم وفد عليه، فقال:
و ربي الذي يأتي من الخير إنه *** إذا فعل المعروف زاد و تمما
و ليس كبان حين تم بناؤه *** تتبّعه بالنقض حتى تهدما
قال: فأعطاه ألفي دينار.
ثم وفد عليه فقال:
إذا استعزروا كانوا معازير بالندى *** يكرون بالمعروف عودا على بدء
قال: أحسنت، و أعطاه أربعة آلاف دينار.
وفد على عبد الملك بن مروان.
9136 - أعرابي تغدى مع عبد الملك (1)
أخبرنا أبو القاسم الحسني، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا إسماعيل بن إسحاق الراد (2)،نا الأصمعي قال:
تغدى مع عبد الملك بن مروان فجعل يضرب بيده في القصعة يمنة و يسرة، فقال له الخادم: يا أعرابي كل مما يليك، فقال الأعرابي: على طعامك هذا حمى ؟ فخجل عبد الملك و قال: ليس فيها حمى، فكل ممن شئت.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي قال: سمعت أبا عبد اللّه الحافظ يقول: سمعت أبا العباس محمّد بن يعقوب يقول: سمعت محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم يقول: سمعت الشافعي يقول:
وقف أعرابي على عبد الملك بن مروان، فسلّم ثم قال: أي رحمك اللّه إنه مرت بنا
ص: 159
سنون ثلاثة، أما إحداها فأهلكت (1) المواشي، و أما الثانية فأنضت اللحم، و أما الثالثة فخلصت إلى العظم، و عندك مال، فإن يكن للّه فأعط عباد اللّه، و إن يك لك فتصدّق علينا، إن اللّه يجزي المتصدقين. قال: فأعطاه عشرة آلاف درهم، و قال: لو أن الناس يحسنون أن يسألوا هكذا ما حرمنا أحدا.
قرأت بخط رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم العلوي، و أبو الوحش المقرئ عنه، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم البغدادي، نا محمّد بن يحيى الصوفي، نا أبو الضياء، نا الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء قال:
دخل أعرابي على عبد الملك بن مروان فقال عبد الملك: يا أعرابي تمنّه، فقال:
العافية يا أمير المؤمنين، فقال: ثم ما ذا؟ قال: ثم رزق في دعة ليس لأحد عليّ فيه منة إلاّ للّه، و لا للّه عليّ فيه تبعة، قال: ثم ما ذا؟ قال: الخمول، فإنّي رأيت السوء إلى ذي النباهة سريعا.
حكي أنه مرّ بالبثنية من أرض دمشق.
و حكى عن عبد الملك بن مروان.
حكى عنه ابن له غير مسمّى.
حكى عن ابنه الليث بن سعد.
وفد على عبد الملك بن مروان.
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد الكاتب (2)،أخبرني عمي الحسن ابن محمّد، نا أحمد بن الحارث، نا المدائني، حدّثني أبو عمران بن عبد الملك بن عمير، عن أبيه، و حدثنيه عوانة أيضا قال:
صنع عبد الملك بن مروان طعاما فأكثر و أطاب و دعا إليه الناس، فأكلوا، فقال
ص: 160
بعضهم: ما أطيب هذا الطعام، ما نرى أنّ أحدا رأى أكثر منه و لا أطيب، فقال إعرابي من ناحية القوم: أمّا أكثر فلا، و أما أطيب فقد و اللّه أكلت أطيب منه، فطفقوا يضحكون من قوله، فأشار إليه عبد الملك فأدني منه فقال: ما أنت بمحقّ فيما تقول إلاّ أن تخبرني بما تبين به صدقك، فقال: نعم يا أمير المؤمنين بينا أنا بهجر (1) في تراب أحمر في أقصى حجر، إذ توفي أبي، و ترك كلاّ (2) و عيالا، و كان له نخل، و كان فيه نخلة لم ينظر الناظرون إلى مثلها، كأن ثمرها أخفاف الرّباع (3)،لم ير قط أغلظ لحاء و لا أصغر نوى و لا أحلى حلاوة منها، و كانت تطرقها أتان وحشية قد ألفتها تأوي بالليل تحتها، فكانت تثبت (4) رجليها في أصلها، و ترفع يديها، و تقطع بفيها، فلا تترك بها إلاّ النبذ و المتفرق، فأعظمني ذلك، و وقع منّي كل موقع، فانطلقت بقوسي و أسهمي، و أنا أظنّ أني راجع من ساعتي، فمكثت يوما و ليلة لا أراها، حتى إذا كان السحر أقبلت، فتهيّأت لها [فرشقتها] (5) فأصبتها و أجهزت عليها، ثم عمدت إلى سرتها فاجتززتها، ثم عمدت إلى حطب جزل فجمعته إلى رضف و عمدت إلى زندي، فقدحت و أضرمت النار في ذلك الحطب، و ألقيت سرّتها فيها، و أدركني نوم السبات، فلم يوقظني إلاّ حدّ الشمس في ظهري، فانطلقت إليها فكشفتها و ألقيت ما عليها من قذى و رماد ثم قلبت مثل الملاءة البيضاء، فألقيت عليها من رطب تلك النخلة المجزّعة (6)و المنصفة، فسمعت لها أطيطا كتداعي عامر و غطفان، ثم أقبلت أتناول الشحمة و اللحمة فأضعها بين التمرتين فأهوي إلى فمي، فيما أحلف أنّي ما أكلت طعاما قط مثله، فقال له عبد الملك: لقد أكلت طيبا فممن أنت ؟ قال: أنا رجل جانبتني عنعنة تميم و أسد و كشكشة و ربيعة و حوشي أهل اليمن و إن كنت منهم. قال: فمن أيهم أنت ؟ قال: من أخوالك من عذرة، قال: أولئك فصحاء الناس، فهل لك علم بالشعر، قال: سلني عما بدا لك يا أمير المؤمنين، قال: أي بيت قالت العرب أمدح ؟ قال قول جرير (7):
ص: 161
أ لستم خير من ركب المطايا *** و أندى العالمين بطون راح
قال: و جرير في القوم: فرفع رأسه و تطاول لها قال: فأي بيت قالته العرب أفخر؟ قال:
قول جرير (1):
إذا غضبت عليك بنو تميم *** حسبت الناس كلهم غضابا
قال: فتحرك جرير ثم قال أي بيت أهجا؟ قال: قول جرير (2):
فغض الطرف إنّك من نمير *** فلا كعبا بلغت و لا كلابا
قال: فاستشرف لها جرير قال: فأي بيت أغزل ؟ قال: قول جرير (3):
إن العيون التي في طرفها حور *** قتلننا، ثم لم يحيين قتلانا
قال: فاهتز جرير و طرب، ثم قال له: فأي بيت (4) قالت العرب أحسن تشبيها؟ قال قول جرير (5):
سرى نحوهم (6) ليل كأن نجومهم *** قناديل فيهن الذبال المفتّل
فقال جرير: جائزتي للعذري يا أمير المؤمنين، فقال له عبد الملك: و له مثلها من بيت المال، و لك جائزتك (7) يا جرير لا ننقص منها شيئا. و كانت جائزة جرير أربعة آلاف درهم و توابعها من الحملان و الكسوة، فخرج العذري و في يده اليمنى ثمانية آلاف درهم و في اليسرى رزمة ثياب.
و قد روي نحو هذه القصة عن أعرابي قالها إلى هشام بن عبد الملك. فاللّه أعلم (8).
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنبأ أبو الغنائم بن أبي عثمان، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي بن صفوان، نا ابن أبي الدنيا، قال: قال محمّد بن الحسين، نا داود بن
ص: 162
المحبّر (1)،نا شبيب بن شيبة، قال: تكلّم رجل من الحكماء عند عبد الملك بن مروان فوصف المنفى. فقال رجل: أبرّ اللّه على خلقه، و أبرّ الآخرة على الدنيا، فلم نكرته المطالب و لم تغبه المطامع، نظر ببصر قلبه إلى معالي إرادته، فبينما نحوها ملتمسا فدهره محزون ببيت إذا نام الناس ذا شجون، و تصبح مغموما في الدنيا، مشجون انقطعت من همّته الراحة دون منقبة، فشفاؤه القرآن و دواؤه الكلمة من الحكمة و الموعظة الحسنة، لا يرى منها الدنيا عوضا، و لا تستريح إلى لذّة سواها، فقال عبد الملك: أشهد بأن هذا رخاء بالا منا و أنعم عيشا.
وفد على عبد الملك بن مروان، تقدم ذكره في ترجمة معاوية.
شهد قتل مسيلمة، و حكاه لعبد الملك، حكى عنه خالد بن دهقان، تقدم ذكره في ترجمة معاوية بن أبي سفيان.
أخبرنا أبو الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين الغساني، أنبأ علي بن طاهر بن جعفر، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد الرّحمن الطرائفي، أنا أبو القاسم تمام بن محمّد الحافظ ، أنبأ إبراهيم ابن محمّد بن صالح بن سنان، حدّثني أبو بكر بن مطر، نا محمّد بن يوسف بن بشر القرشي، حدّثني الوليد بن محمّد الموقري، قال: سمعت محمّد بن مسلم بن شهاب الزهري قال:
كنت عند عبد الملك بن مروان فدخل عليه رجل حسن الفصاحة فقال له عبد الملك:
كم عطاؤك ؟ قال: مائتي درهم، قال: في كم ديوانك ؟ قال: عشرون دينارا، قال: أ ما علمت أنّي قد أمرت أن لا يتكلم أحد [إلاّ] (2) بإعراب قال: ما علمت ذلك يا أمير المؤمنين قال:
فمن العرب أنت أم من الموالي ؟ قال: يا أمير المؤمنين إن تكن العربية آباء فلست منها، و إن تكن لسانا فإني منها، قال: صدقت، قال اللّه عز و جل بِلِسٰانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (3) قال: و قام
ص: 163
الرجل فالتفت إلى عبد الملك فقال: ويحك يا زهري ما ناظرني أحد بمناظرة إلاّ علوته فيها خلا هذا الرجل.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ المقرئ، أنا أبو محمّد المصري، أنا أحمد بن مروان، نا إبراهيم الحربي، نا سعيد بن سليمان الواسطي، عن عبّاد بن العوام، عن عبد اللّه بن سعيد قال:
قال عبد الملك بن مروان لرجل دخل عليه و هو يأكل: هلمّ إلى الغداء قال: ما فيّ فضل، فقال: ما أقبح بالرجل أن يأكل حتى لا يكون [فيه] (1) فضل، فقال: يا أمير المؤمنين عندي مستزاد، و لكني أكره أن أصير إلى الحالة التي استقبح أمير المؤمنين.
حدّثني أبو محمّد بن طاوس لفظا، و أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمّد، قالا:
أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو نصر محمّد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز البقال العكبري بها، ثنا أبي، ثنا أبو بكر الباغندي، حدّثني عبد الملك بن محمّد بن عبد اللّه، نا الرقاشي، نا أبو حفص القديدي قال:
دخل أعرابي على عبد الملك بن مروان و هو يأكل الفالوذج (2) قال: فقال: يا ابن عم ادن فكل من هذا الفالوذج فإنه يزيد في الدماغ. قال: لو كان كما يقول أمير المؤمنين فينبغي أن يكون رأسه مثل رأس البغل، و قد حكيت هذه الحكاية لسليمان بن عبد الملك.
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد بن الأخضر الأنباري - بها - أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي بن صفوان، نا ابن أبي الدنيا، حدّثني أبو محمّد العبدي، عن عبيد اللّه بن محمّد القرشي، حدّثني ابن أبي سميل قال:
دخل رجل على عبد الملك بن مروان ممن كان يوصف بالعقل و الأدب، فقال له عبد
ص: 164
الملك بن مروان: تكلّم. قال: عما أتكلّم ؟ و قد علمت أنّ كلّ كلام يتكلم به المتكلم عليه (1)،إلاّ ما كان للّه. فبكى عبد الملك ثم قال: يرحمك اللّه، لم يزل الناس يتواعظون و يتواصون. قال الرجل: يا أمير المؤمنين، إنّ للناس في القيامة جولة، لا ينجو من غصص مرارتها و معاينة الردى فيها إلاّ من أرضى اللّه بسخط نفسه، قال: فبكى عبد الملك و قال: لا جرم، لأجعلن هذه الكلمات مثالا نصب عيني ما عشت أبدا.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلم عنه، أخبرني أبو الحسين عبد الرّحمن بن أحمد بن معاذ بمصر، أنا أبو العباس أحمد بن محمّد البغوي، أنا أبو الطيب ابن الوشاء محمّد بن إسحاق بن يحيى بن الأعرابي، أنا أحمد بن عبيد، عن هشام بن محمّد الكلبي قال:
بينا عبد الملك بن مروان بالغوطة إذا هو بشاب على فرس يكلّمه من جانب الحرة الآخر: يا أمير المؤمنين إنّي شاب مملق (2) ذو عيال فأعنّي، فقال له عبد الملك: إنّي أرى لك شارة و هيئة، فهل رويت من الشعر شيئا؟ قال: نعم، قال: فما رويت قول الشاعر (3):
اعص العواذل و ارم الليل عن عرض *** بذي سنين تقاسي ليله حسبا
حتى يموّل أو حتى يقال فتى (4) *** لاقى التي تشعب الفتيان فانشعبا؟
قال: بلى، قد كنت رويتها و لكني أنسيتها، ثم ضرب وجه فرسه و مضى، فقال عبد الملك: اطلبوه، فإني أحسبه قد عزم على شيء، فطلب فلم يوجد، و لم يلبث عبد الملك أن خرج خارجي أسعر الأرض شرّا و ألزمه غرما ثقيلا، ثم كتب إليه: يا أمير المؤمنين أنا الشاب صاحب الغوطة، قبلت قولك في الشرّ. فكتب إليه بأمانه و أكد له في ضمانه، فقدم إليه، فكان من جملة أصحابه.
وفد على عبد الملك بن مروان.
ص: 165
ذكر أبو محمّد بن زبر فيما نقلته من كتاب ابنه أبي سليمان (1)،أنبأ أحمد بن عبد اللّه بن سليمان، عن أبي عبد اللّه ابن الأعرابي قال:
كان رجل من الأعراب عاشقا لابنة عمّ له، و أمل أن يتزوّجها، فأصابتهم حطمة (2)أفسدت المال و غيرت الحال و ذلك في خلافة عبد الملك بن مروان فارتحل أهلها إلى بعض مدائن الشام، و كثر خطّاب الجارية، و بذل لها الرغائب، فبلغ ذلك الأعرابي، فأقبل على قعود (3) له، فأغذّ السير، فعطب قعوده، فلم يبق معه إلاّ حلسه و قتبه فأتاهم فذكر قرابة و شرفا فقالوا: المال أحبّ إلينا للحال التي نحن عليها، قال: أي القوم أما إذا أبيتم فأجّلوني شهرا أو شهرين فإن جئتكم بما تحبوه و إلاّ فأنتم من وراء ما تريدون.
قال: فأتى عبد الملك بن مروان فأقام ببابه شهرا لا يصل إليه، ثم أذن له، فدخل و هو يقول:
ما ذا يقول أمير المؤمنين لمن *** أوى (4) إليك بلا قرب و لا نسب
مدله عقله من حب جارية *** موصوفة بكمال الدلّ و الأدب
خطبتها إذ رأيت الناس قد لهجوا *** بذكرها، و الهوى يدعو إلى العطب
فقلت: لي حسب عال و لي شرف *** قالوا: الدراهم خير من ذوي الحسب
قالوا: نريد ألوفا منك أربعة *** و لست أملك غير الحلس و القتب
فالنفس تعجب لما رمت خطبتها *** مني، و تضحك إفلاسي من العجب
لو كنت أملك مالا أو أحيط به *** أعطيتهم ألف قنطار من الذهب
فامنن عليّ أمير المؤمنين بها *** و اجمع بها شمل هذا البائس العزب
فما وراءك بعد اللّه مطلب *** أنت الرجاء و منهى غاية الطلب
فأمر له عبد الملك بعشرة آلاف درهم، و ما يصلح للوليمة.
أنبأنا أبو البركات طلحة بن أحمد بن بادي العاقولي، أنا أبو محمّد الجوهري، نا أبو
ص: 166
عبد اللّه بن بطة، نا أبو بكر بن دريد، نا أبو بكر بن دريد، نا أبو عثمان المازني، عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال:
كان بالحجاز رجل له ابنة جميلة، فهواها (1) ابن عمّ لها فبذل لأبيها أربعة آلاف درهم، فأبى أن يزوجها منه، فأجدبت البادية و انقرض مال الرجل، فتحوّل أبو الجارية بأهله إلى الشام، فكثر خطّابها فبلغ ذلك ابن عمها فصار إلى أبيها فشكا إليه فقال له: قد كنت بذلت لنا أربعة آلاف درهم فأعطناها فهي أحبّ إلينا من قرابتك قال: أجلني شهرا، فلم يكن للأعرابي إلاّ ناقة فركبها و لحق بعبد الملك بن مروان، فأصيب بناقته فحمل الحلس و القتب على عنقه، و دخل على عبد الملك، فلما وضع الحلس و القتب بين يديه أنشأ يقول:
ما ذا يقول أمير المؤمنين لمن *** أدلى إليه بلا قربى و لا نسب (2)
مدله عقله من حب جارية *** موصوفة بكمال الدال و الأدب
خطبتها إذا رأيت الناس قد لهجوا *** بذكرها، و الهوى يدعو إلى العطب
فقلت: لي حسب عالي و لي شرف *** قالوا: الدراهم خير من ذوي الحسب
إنا نريد الوفاء منك أربعة *** و لست أملك غير الحلس و القتب
و النفس تعجب لما رمت خطبتها *** مني، و تضحك إفلاسي من العجب
لو كنت أملك مالا أو أحيط به *** أعطيتهم ألف قنطار من الذهب
فامنن عليّ أمير المؤمنين بها *** و اجمع بها شمل هذا البائس العزب
فما وراءك بعد اللّه مطلب *** أنت الرجاء و منهى (3) غاية الطلب
قال: فضحك عبد الملك و أمر له بأربعة آلاف، فقال: أصدقها هذه، و أربعة آلاف أولم بهذه، و أربعة آلاف قال صلها بهذه، و أربعة آلاف قال: اقتني (4) هذه، فأخذها الفتى و رجع إلى الشيخ فتزوج بابنته.
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد، نا محمّد بن زكريا الغلابي، نا العباس بن الفرج الرياشي، أنا الأصمعي قال:
ص: 167
كان رجل من أهل البادية ذا مال كثير، فأتت عليه سنة فذهبت بماله، و كان محبّا لابنة عمّ له، فلمّا رأى كثرة الخطاب على أبيها أتاه فبذل له أربعة آلاف درهم على أن يؤجله شهرا، فخرج إلى عبد الملك بن مروان فدخل عليه ثم أنشأ يقول، فذكر الأبيات، و قال: فأمر له بأربعة آلاف، و أربعة آلاف، و أربعة آلاف، فأتى أهله فدخل بهم.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا أبو الحسن المقرئ، أنا أبو محمّد المصري، أنا أحمد بن مروان، نا محمّد بن موسى، يعني ابن حماد البصري (1)،نا محمّد بن الحارث قال: سمعت المدائني يقول:
دخل رجل على عبد الملك بن مروان من غسان، فكلّمه في حوائج له، فقضاها فقال:
أ تأذن لي يا أمير المؤمنين في تقبيل يدك، فقال: مه، أ ما علمت أنها من العرب مذلّة و هي من العجم خدعة.
حكى عن رجل من ولد عثمان.
حكى عنه ابنه، تقدمت روايته.
كتب إلى عبد الملك بن مروان حين غلب عمرو بن سعيد بن العاص على دمشق يحرّضه عليه.
ذكر أبو عبد اللّه الحسين بن القاسم الكوكبي الكاتب، نا الحارث بن أبي أسامة و أحمد ابن زهير أبي خيثمة، قالا: أنا أبو الحسن المدائني، قال يعقوب بن عوف الثقفي: قال: لما بايع الناس عمرو بن سعيد كتب رجل من كلب إلى عبد الملك:
أمست فلسطين و الأجيال من أردن *** إلى دمشق و حوران على عطب
بابت نريد مريدا ححدرا فلها (2) *** ينشق عن نبتها سائبة الحجب
ص: 168
صرت نبول به رحل الغراب (1) *** فقد جاءت به علقا لا بادر السحب
و قد تركت بها بيصا لدى و كن *** قد قبضن عن أفرج كالعهن لم يثب
فإني حلفت برب البيت و الحجب *** و الضامن الرزق للعجمان و العرب
لئن وثبت و لم تشدد رحائلها *** بزجرة تنفر السبروت كالشعب
لتشرقن بريق منك تحرصه *** و لا نسوغه بالماذي ال ؟؟؟ عب (2)
فاشدد عليك نجاد السيف مخترما *** لا يلهينك نائي الدار عن قرب
فلما أتاه أذن في الناس بالرحيل، و خرج حتى ضمّ حمائل سيفه بيده اليمنى و كتاب الكلبي بيده اليسرى، فأدنيت إليه دابته فتمثّل:
أ لا تبر نفسك عن براكها
يشدك العرر على أوراكها
يا مانع الهجمة من هلاكها
دراكها (3) من ابل دراكها
قد وقع الموت على أعراكها
فلما ركب تمثل بقول السلمي، يعني عباس بن مرداس (4):
فحارب (5) فإن مولاك حارد نصره *** ففي السيف مولى نصره لا يحارد
و سار عبد الملك حتى أتى دمشق، و قد تحصن عمرو، فقاتله ثلاثة أشهر، و قال بعضهم: قاتله شهرا، و ذكر الحديث.
أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه اللّه قال.
هرب من الحجاج، و استجار بعبد الملك فأجاره.
حكى عبد اللّه بن سعد القطربلي، و قرأته بخطه عن بعض أهل العلم قال: جنى رجل
ص: 169
من أهل الكوفة جناية على الحجاج بن يوسف، فأخذ ليدخل به إليه، و ذلك ليلا، فقال: أقيم لكم كفيلا إلى غد. قالوا: هاته فأعطاهم عريفه و كان يسمى مالكا، فتركوه، و هرب تحت ليلته تلك إلى عبد الملك بن مروان مستجيرا به من الحجاج، و أنشأ يقول:
جعلت الغوابي من مالك *** و لم ينهك الشيب عن ذلكا
و أحكمك الدهر في مره *** و تقريعه هام أسنانكا
أقول لعثمان لا تلحني *** أفق عثم عن بعض بعذالكا
غريب تذكر إخوانه *** فها حواله سقما ناهكا
و كرهنني أرضكم أنني *** رأيت بها مالكا فاتكا
فلما خشيت أظافيره *** نجوت و أرهنتكم مالكا
عريفا مقيما بدار الهو *** ان أهون عليّ به هالكا
و يممت أبلج ذا سور صفا *** ذروة المجد و الحاركا
فأجاره و كتب له إلى الحجاج أن لا يعرض له.
وفد على عبد الملك.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة، عن أبي بكر الخطيب، أنبأ أبو بكر أحمد بن سليمان بن علي المقرئ الواسطي، نا عبيد اللّه بن محمّد البزار، أنا جعفر بن محمّد بن القاسم، نا أبو العباس الطوسي، نا موسى بن عيسى العبدي، أخبرني أحمد بن طالب الكناني كنانة كلب قال:
نصب عبد الملك الموائد يطعم الناس، فجلس رجل من أهل العراق على بعض تلك الموائد، فنظر إليه خادم عبد الملك فأنكره، فقال له: أ عراقي ؟ قال: نعم، قال: فجاسوس ؟ قال: كلا دعني أتهنّى بزاد أمير المؤمنين، ثم إنّ عبد الملك وقف على تلك المائدة فقال: من القائل (1):
إذا الأرطى توسّد أبرديه (2) *** خدود جوازئ (3) بالرمل عين (4)
ص: 170
من قائل هذا البيت و ما معناه ؟ من أجاب فيه أجزناه، و الخادم يسمع، فقال العراقي للخادم: تحب أن أشرح لك من قائله و فيم قاله ؟ قال: نعم، قال: يقوله عدي بن زيد في الخمر، فاتبعه الخادم فقال: يا أمير المؤمنين أنا أجيبك فيما سألت، قال: قل، قال: يقوله عدي بن زيد في الخمر، فتبسم عبد الملك، فقال له الخادم: أخطأت أم أصبت ؟ قال: بل أخطأت، قال: يا أمير المؤمنين هذا العراقي لقّننيه قال: أي الرجال هو؟ قال: أحد القوم الذين وقعت عليهم، فعاد إليه عبد الملك فقال: أنت لقّنت هذا الخادم ؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين قال: فخطأ لقنته أم الصواب ؟ قال: بل الخطأ، قال: و لم ؟ قال: لأنّي كنت متخرما بمائدتك فوقف عليّ ، فقال: عراقي ؟ فقلت: نعم، قال: أنت جاسوس ؟ فقلت: دعني لا تنغصني (1)بزاد أمير المؤمنين قال: فكيف الصواب ؟ قال: يقوله شماخ بن ضرار التغلبي، قال: و فيم قاله ؟ قال: في بقر الوحش و قد تجزأت (2) بالخضير (3) عن الماء قال: صدقت، فأجازه، ثم قال: سل حاجتك، قال: تنحي هذا عن بابك، فإن فيه مشينة.
شاعر وفد على عبد الملك.
قرأت بخط أحمد بن محمّد بن علي الأنباري المؤدب، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد الأزدي، نا أبو معاذ خلف بن أحمد، أنا أبو غسان رفيع بن سلمة دماذ، عن أبي عبيدة قال:
دخل زفر بن الحارث على عبد الملك بعد ما صالحه، فقال:
أتيتك من قيس على رغم راغم *** بجمهوره فطاعة للجماهر
على حين كنا الواترين و لم *** ندع لنا ترة مطلوبة عند واتر
و كان أعرابي من قضاعة في مجلس عبد الملك لا يؤبه له فقال: من هذا المتكلم ؟ قالوا: زفر بن الحارث، فقام الأعرابي فقال:
أتاك ابن قملتين كأنا شناره *** على كل باد من معدّ و حاضر
ص: 171
بأينا من أضحى لدى الحضر ضارعا *** إلى قرد من مقملات الغدائر
و لو أن قيسا قيس عيلان جمعت *** مكائدها لم تدرك رغم واتر
ألا إنما القيسي عتم لنا هب *** إذا جرحت بالريق ذات الحناجر
فخرج زفر منكسرا، فكان سبب توبته.
وفد على الوليد بن عبد الملك للخئولة.
ذكر أبو الحسن المدائني قال: أتى الوليد بن عبد الملك رجل من بني عبس، فسأله عن حاله، و عن سبب ذهاب عينه، فقال: ما كان في الأرض عبسيّ أكثر مني مالا و ولدا و أهلا، .... (1) فلم يبق لي مالا و لا أهلا و لا ولدا إلاّ ذهب به، إلاّ بيتا لي صغيرا و بعيرا، فحملت الصبي وقدت (2) البعير فوضعت الصبي و تبعته، فنفحني برجله ففقأ عيني، و رجعت إلى ابني فإذا الذئب بلغ في بطنه، فقال الوليد: اذهبوا بهذا إلى عروة بن الزبير ليعلم أنّ في الدنيا من هو أعظم مصيبة منه.
أنبأنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن الحسن، أنا عاصم بن الحسن.
و قرأنا على أبي الفضل بن القرة، عن عاصم، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي ابن صفوان، نا ابن أبي الدنيا قال:
و قدم على الوليد بن عبد الملك قوم من بني عبس فيهم رجل ضرير، فسأله عن عينه فقال: بت ليلة في بطن واد، و لا أعلم في الأرض عبسيا يزيد ماله على مالي، فطرقنا سيل فذهب ما كان لي من أهل و ولد و مال، غير صبي مولود و بعير، و كان البعير صعبا فند (3)البعير فوضعت الصبي و اتّبعت البعير، فلم أجاوزه حتى سمعت صيحة الصبي فرجعت إليه و رأس الذئب في بطنه يأكله، و استدبرت البعير لأحبسه فنفحني برجله، فأصاب وجهي فحطمه و ذهبت عيني، فأصبحت لا أهلا و لا مالا و لا ولدا، فقال الوليد: انطلقوا به إلى عروة فيخبره خبره، ليعلم أنّ في الناس من هو أعظم منه بلاء.
ص: 172
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ بن نظيف، أنبأ الحسن بن إسماعيل، نا أحمد بن مروان، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سلام الجمحي قال:
قدم رجل على سليمان بن عبد الملك في خلافته فقال له: ما أقدمك ؟ فقال: ما أقدمني عليك رغبة و لا رهبة. قال: و كيف ذلك ؟ قال: أما الرغبة فقد وصلت إلينا و فاضت في رحالنا و تناولها الأقصى و الأدنى منا، و أما الرهبة فقد أمنّا بعدل أمير المؤمنين، فنحن وفد الشكر و سيأتي سببه بهذه القصة لشاب قدم على عمر بن عبد العزيز.
أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم عبد اللّه بن إبراهيم الخبري (1)،إذنا، قالت: أنبأ [أبو] (2) منصور علي بن الحسن (3) بن الفضل الكاتب، أنا أبو محمّد علي بن عبد اللّه بن العباس الجوهري، أنا أبو الحسن أحمد بن سعيد الدمشقي، حدّثني الزبير بن بكار الزبيري، حدّثني أبو الحسن الأثرم، عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، قال:
قال سليمان بن عبد الملك لرجل أخذ في تقريظه: على رسلك فإنّي لا أحب التزكية في المشاهدة و مديح اللقاء. فقال الرجل: إنّي لست أمدحك، و لكني أحمد اللّه على النعمة.
قيل: فقال سليمان: بلغت بالمديح مناط الإحسان.
سأله سليمان بن عبد الملك عن حاله.
أخبرنا أبو القاسم النسيب، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا إسماعيل بن يونس، نا الأصمعي قال:
دخل سليمان بن عبد الملك مسجد دمشق، فرأى شيخا كبيرا فقال: يا شيخ أ يسرك أن تموت ؟ قال: لا و اللّه. قال: و لم و قد بلغت من السن ما أرى ؟ قال: ذهب الشباب و شرّه،
ص: 173
و جاء الكبر و خيره، فإذا قعدت ذكرت اللّه، و إذا قمت حمدت اللّه، فأحبّ أن تدوم لي هاتان الحالتان.
روى أبو العيناء محمّد بن القاسم هذه الحكاية عن الأصمعي عن سلمة بن بلال، عن مجالد، عن الشعبي: أن سليمان دخل مسجد بيت المقدس، و كذا رواها زكريا المنقري عن الأصمعي.
أخبرنا بها أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين (1) بن النّقّور، و أبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر المخلص، أنا عبيد اللّه السكري، نا زكريا المنقري، نا الأصمعي، نا سلمة بن بلال، عن مجالد، عن الشعبي قال:
دخل سليمان بن عبد الملك بيت المقدس فرأى شيخا كبيرا، فقال له: يا شيخ أ يسرّك أن تموت، قال: لا، قال: لم ؟ قال: ذهب الشباب و شرّه، و جاء الكبر و خيره، فإن قمت حمدت اللّه و إن قعدت ذكرت اللّه، فأنا أحب أن تدوم لي هاتان الحالتان.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، نا أحمد بن مروان، نا محمّد بن عبد العزيز، نا عثمان بن الهيثم المؤذن، عن عوف بن أبي جميلة، و مؤرج قالا: قام أعرابي إلى سليمان بن عبد الملك فقال له: يا أمير المؤمنين إني مكلّمك بكلام فاحتمله إن كرهته، فإن من ورائه ما تحبّه إن قبلته، قال: هات يا أعرابي قال:
فإنّي سأطلق لساني بما خرست عنه الألسن من عظتك لحقّ اللّه و حقّ إمامتك، إنه قد اكتنفك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم، فابتاعوا دنياك بدينهم، و رضاك بسخط ربهم، خافوك في اللّه و لم يخافوا اللّه فيك، فهم حرب الآخرة، سلم الدنيا، فلا تأمنهم على ما ائتمنك اللّه عليه، فإنّهم لن يألوك الأمانة إلاّ تضييعا، و الأمة إلاّ عسفا و القرى إلاّ خسفا، و أنت مسئول عما اجترحوا و ليسوا مسئولين عما اجترحت، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك، فأعظم الناس غبنا يوم القيامة من باع آخرته بدنيا غيره. فقال له سليمان: أما أنت يا أعرابي قد نصحت، و أرجو اللّه يعين على ما يقلدنا.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، أنا أحمد بن محمّد بن أحمد، و عبد
ص: 174
الباقي بن محمّد بن غالب، قالا: أنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العباس، نا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن بن محمّد بن عيسى، نا أبو يعلى المنقري، نا العتبي قال:
دخل أعرابي على سليمان بن عبد الملك، فقال له: يا أمير المؤمنين إنّي مكلّمك بكلام فاحتمله إن كرهته، فإن من ورائه ما تحبّ ، و إن كرهت أوله، قال سليمان: إنّا لنجود بسعة الاحتمال عن من لا نرجو نصيحته، و لا نأمن غشه و أنت الناصح حببا و المأمون غببا فقال: يا أمير المؤمنين أما إذ أمنت بادرة (1) غضبك فسأطلق لساني بما خرست به الألسن عن عظتك تأدية لحقّ اللّه، و حقّ رعيتك، يا أمير المؤمنين إنه قد تكنّفك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم، فابتاعوا دنياك بدينهم، و رضاك بسخط ربهم، خافوك في اللّه، و لم يخافوا اللّه فيك، فهم حرب للآخرة، سلم للدنيا، فلا تأمنهم على ما ائتمنك اللّه عليه، فإنهم لن يألوا للأمانة تضييعا و للأمة عسفا، و أنت مسئول عما اجترحوا، و ليس بمسئولين عما اجترحت فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك، فإن أعظم الناس غبنا من باع آخرته بدنيا غيره، فقال له سليمان: يا أعرابي، أما أنت فقد سللت لسانك فهو أقطع من سيفك، فقال: أجل يا أمير المؤمنين؛ لك، لا عليك.
وفد على سليمان بن عبد الملك متظلما من عامله على الحجاز.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، أنا أبو الفتح نصر بن الحسن (2)الشاشي (3) ببغداد، أنا علي بن المشرف الأنماطي، بالإسكندرية (4)،أنا محمود بن حمود بن عمر بن الدليل، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد الخطيب الواسطي، أنا أبو حفص عمر بن علي ابن الحسن بن محمّد بن إبراهيم العتكي، نا منصور بن الحسن الفقيه فيما قرأت عليه: أن محمّد بن زكريا الغلابي حدّثهم، نا مهدي بن سابق، عن عطاء، عن عاصم بن الحدثان.
قال محمّد بن زكريا و حدّثنا أبو علي الحرمازي عن عبيد بن يحيى الهجرتي، قالا:
ظلم وكلاء رجل من بني أمية له قدر و منزلة من ملوكهم رجلا من العرب في مال له
ص: 175
بالحجاز، فخاصم الرجل وكلاء الأموي في ذلك إلى الوالي الذي كان عليهم، فمال (1) لهم عليه، فقال الرجل: لا أرضى إلاّ بوالي مكة و المدينة، فصاروا إليه، فكتب الأموي إلى الوالي الذي كانوا ارتفعوا إليه، فمال (2) لوكلائه على الرجل أيضا، فقال الرجل: لا أرضى إلاّ بأمير المؤمنين، و أمير المؤمنين يومئذ سليمان بن عبد الملك، فخرج الرجل حتى أتى دمشق، فلم يلق أحدا من جلساء سليمان و لا عظيما من عظماء دمشق إلاّ كان ميلهم إلى الأموي عليه، فطلب الوصول إلى الخليفة، فتعذر عليه، فطفق يشكو ذلك إلى كل من جلس إليه و أنس به حتى شكا ذلك إلى رجل من بوّابي سليمان، فرقّ له البواب و قال له: ما يوصلك إليه أحد إلاّ خصي له أثير عنده و لا يوصلك إليه حتى ترغب له، فقال له الرجل: فأنا أجعل له مائتي دينار على أن يوصلني إليه خاليا، فسفر البواب بينه و بين الخصيّ حتى فهم الخصيّ حاجة الرجل، و ما جعل له من الجعالة، و صيّر البواب أمينا بينهما، و جعل الدنانير على يديه، على أن الدنانير للخصي إذا وصل الرجل إلى سليمان و كلّمه خاليا، قضيت حاجته أم لم تقض، فأمر الخادم الرجل بلزوم الباب، فجعل يغدو، فلا يزال ملازما للمال حتى إذا أمسى انصرف إلى رحله، فلم يزل كذلك يغدو كلّ يوم إلى أن دعا سليمان الخصي يوما، و أمره أن يأتيه بوضوء، فأتاه به، فبينا الخادم يصبّ على سليمان إذ ملأ سليمان يده فضرب بها وجه الخادم، فقال الخادم و عرف منه طيب نفس: أمّا هذا فتحسنه، و أما أن تعطيني أو تدع من يعطيني فلا، فقال له سليمان: هل منعت من عطيتك أحدا؟ فقال: هذا رجل ببابك، قد جعل لي مائتي دينار على أن (3) يكلّمك في حاجة له خاليا، قضيت الحاجة أم لم تقض، فقال له سليمان: أدخله، فمضى الخادم فأدخله. و قام سليمان يصلي، ثم قعد يخطر بإصبعه و يدعو، فدخل الرجل و سليمان يخطر بإصبعه إلى السماء يدعو اللّه، فقال الرجل حين نظر إلى سليمان في تلك الحال: أوّاه أوّاه، أخطأت موضع حاجتي، ثم رجع منصرفا خارجا، و انصرف سليمان و قال للخصي: أين صاحبك ؟ فطلبه، فوجده قد خرج، و قال للبواب: ادفع الدنانير إلى الخادم، فإنه قد وفى بما ضمن، فطلبه الخادم على الباب، فلم يصبه، فرجع إلى سليمان فأخبره بذلك. فقال سليمان للخادم بساطي عليك محرّم أو تجيئني بهذا الرجل. فخرج الخادم و ثقاته
ص: 176
و من كان يطيف به فتفرقوا في طلبه حتى ظفروا به، و هو يقود راحلته خارجا من باب من أبواب دمشق، متوجها إلى أهله، فقال له الخادم: ارجع إلى أمير المؤمنين فقد طلبك، فقال:
لا حاجة لي في الرجوع إليه، و قد أمرت البواب أن يدفع إليك الدنانير، فقال له الخصي: لا بدّ لك من الرجوع إليه، فردّه على كره منه حتى إذا أدخله إلى سليمان قال له سليمان: أ لم أخبر أنك جعلت لهذا مائتي دينار على أن يدخلك إليّ ، فقال الرجل: قد كان ذلك، أصلح اللّه أمير المؤمنين، قال سليمان: أ فلم أرك حين ملأت عيني منك ؟ قال: بلى، قال: فما أخرجك ؟ و اللّه إن لك لخيرا قال: أجل، خير ضخم العنق. إنّ فلانا ظلمني في أرض لي بالحجاز، فاستعديت عليه الوالي علينا و على ناحيتنا، فمال (1) له عليّ فلم أرض بذلك، و استعديت عليه الوالي الأكبر، فمال (2) له عليّ فلم يرض بذلك و قلت: لا أقصّر حتى أنتهي إلى أمير المؤمنين، فلما قدمت إلى دمشق لم أر بها أحدا يفزع إليه إلاّ وجدته معه عليّ ، فجعلت لخادمك هذا الذي جعلت له على أن يوصلني إليك، فلمّا أوصلني رأيتك تخطر بإصبعك إلى السماء تطلب من اللّه حاجتك، و تضرع إليه فعقلت بفعلك موضع حاجتي، و علمت أنّي قد أخطأت في طلبها، و لم آتها من الموضع الذي ينبغي، فرجعت أطلبها من الموضع الذي تطلب أنت حاجتك، فبكى سليمان، ثم قال: إنّ الذي طلبت إليه حاجتك قد قضاها، و أرسل سليمان إلى الأموي في أمره، و أمره بردّ ما يدّعي عليه. فكتب الأموي له بكلّ ما أحبّ ، و أعطاه أيضا ما يصلح به صنعته (3) و ذلك بعد ما وصله سليمان و كساه، و حمّله، و أمر له بفرائض.
أخبرنا أبو القاسم محمود بن أحمد القاضي، أنا محمّد بن أحمد بن عمر بن الحسن، أنا أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه، نا سليمان بن أحمد، نا يحيى بن محمّد الحنائي، نا المعلى ابن حوي بن محمّد بن مهاجر البصري، نا أبو عبيد اللّه بن.... (4) الرقاشي:
أن سليمان بن عبد الملك أخاف رجلا فطلبه ليقتله، فهرب الرجل من عنده، فجعلت
ص: 177
رسله تختلف إلى منزل ذلك الرجل يطلبونه و في جبرانه (1) فلم يظفر به، فهرب الرجل فجعل لا يأتي بلدة إلاّ قيل له قد كنت تطلب هاهنا. فلمّا طال عليه أمره، و خشي أن لا يفلت (2)قال: ما أجد شيئا خيرا من أن أذهب إلى بلاد ليس فيها مملكة، فعزم على ذلك، فأقبل قاصدا إلى أهله حتى طرقهم ليلا، فدقّ الباب فقالت المرأة: من هذا؟ قال: افتحي، أنا فلان، فقالت: ويحك و ما الذي جاءك بك، فو اللّه ما نأمن و لا يأمن جيراننا، و لكن و اللّه أرى الحين (3) جاء بك، ففتحت له و أسرجت له سراجا و نبهت له عياله، و جاءته بعشاء فتعشى، و إنه أرادها على نفسها، فلم تمتنع عليه، فوقع بها و قالت: يا جارية ضعي لمولاك في المتوضأ سراجا و صبي له ماء و اذهبي إلى فلان و فلان أربعة من جيرانها و لا يعلم الرجل، فأتت أبوابهم، فقرعت عليهم، فقالوا لها: ويلك ما لكم أ طرقكم الليل أحد؟ قالت: لا.
قالوا: فلأي شيء بغيتك (4)؟قالت: ما لي به علم، قال: فدق هذا على هذا و قالوا: تعالوا إلى هذه البائسة، فقد استعانت بكم، فأتوها، ففتحت لهم الباب، فقالت: ادخلوا البيت، فدخلوا البيت، فقام إليهم فاعتنقهم. قالوا: ما الذي جاء بك ؟ فو اللّه ما نأمن على منازلنا، و لكنا نرى الحين جاء بك. فقال: يا قوم إنّي لم آت بلدة إلا وجدتني أطلب فيها، فلم أر شيئا خيرا من أن أدخل بلدة ليس له عليها مملكة، و هذا وجهي، و إنّما جئت لأوصي هذه المرأة وصية الموت، لأني إن دخلت بلادا غير بلاد الإسلام لم أقدر أن أخرج منها. فأوصيت إليها و أشهدهم على ذلك، ثم ودّعهم، و قاموا يخرجون فقالوا: أيتها المرأة لأي شيء بعثت إلينا؟ فقالت: أ ليس تعرفون الرجل ؟ إنه زوجي، قالوا: بلى، قال: فإنه قد كان منه الليلة ما يكون من الرجل إلى أهله، فاشهدوا عليّ هذه الليلة، فإنه لا أدري ما يكون هاهنا و أومأت إلى بطنها فيقول الناس: من أين جاءت بهذا و زوجها غائب ؟ قالت: فخرج القوم و هم يقولون: ما رأينا كاليوم امرأة قط أحسن عقلا، و لا أقرب مذهبا. قال: و ودّعوه، و خرج الرجل، ترفعه أرض، و تضعه أخرى، حتى ظنّ أنه قد خرج من مملكته قال: فبينما هو في صحراء ليس فيها شجر و لا ماء إذا هو برجل يصلي، قال: فخفته، و قلت: هذا يطلبني. قال: ثم رجعت إلى
ص: 178
نفسي، فقلت: و اللّه ما معه راحلة و لا دابة و لا قرية. قال: فكأنّي أست فقصدت نحوه، فلمّا صرت بين كتفيه ركع ثم سجد، ثم التفت إليّ و أنا قائم فقال: لعل هذا الطاغي أخافك ؟! قلت: أجل رحمك اللّه، قال: فما يمنعك من السبع ؟ قلت: يرحمك اللّه و ما السبع ؟ قال:
قل: سبحان اللّه الواحد الذي ليس غيره إله، سبحان القديم الذي لا بادي له، سبحان الدائم الذي لا نفاد له (1)،سبحان الذي كلّ يوم هو في شأن، سبحان الذي يحيي و يميت، سبحان الدائم الذي خلق ما يرى و ما لا يرى، سبحان الذي علم كلّ شيء بغير علم، قال: قلها، فقلتها، و حفظتها، فألقى اللّه في قلبي الأمن، و رجعت راجعا من الطريق الذي جئت منه، فلم أر الرجل، و قصدت قاصدا أريد أهلي. فقلت: لآتين باب سليمان بن عبد الملك، فأتيت بابه فإذا هو يوم إذنه و هو يأذن للناس، فدخلت و إنّه لعلى فرشه، فما غدا أن رآني فاستوى على فرشه ثم أومأ (2) إليّ فما زال يدنيني حتى قعدت معه على الفراش، ثم قال: سحرتني ؟ و ساحر أيضا مع ما بلغني عنك ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ما أنا بساحر و لا أعرف السحر، و لا سحرتك، قال: فكيف ؟ فما ظننت أنه يتم ملكي إلاّ بقتلك، فلما رأيتك لم أستقر حتى دعوتك، فأقعدتك على فرشي - و هو يضرب بيده على فخذه - ثم قال: أصدقني أمرك، فأخبره بقصته و خوفه و أمره كله و ما كان فيه. قال: يقول له سليمان: الخضر و اللّه الذي لا إله إلاّ هو علمكها، اكتبوا له أمانه، و أحسنوا له جائزته، و احملوه إلى أهله.
روى عنه أبو عبيد حاجب سليمان.
وفد على عمر بن العزيز.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أبو بكر القطيعي، أنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (3)،نا محمّد بن بكر، أنا عبد الحميد، يعني ابن جعفر، حدّثني الأسود بن العلاء، عن حوي مولى سليمان بن عبد الملك عن رجل أرسل إليه عمر بن عبد العزيز و هو أمير المؤمنين قال: كيف الحديث الذي حدّثتني عن الصنابحي ؟ فقال: أخبرني الصنابحي أنه لقي عمرو بن عبسة فقال: هل من حديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا زيادة فيه و لا
ص: 179
نقصان ؟ قال: نعم، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من أعتق رقبة أعتق اللّه بكل عضو منها عضوا منه من النار، و من رمى بسهم في سبيل اللّه بلغ أو قصر كان عذل رقبة، و من شاب شيبة في سبيل اللّه كان له نورا يوم القيامة»[13682].
كان في عسكر عمر بن عبد العزيز، له ذكر.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (1)،نا سعيد، يعني ابن منصور، حدّثني يعقوب، يعني ابن عبد الرّحمن، عن أبيه قال:
لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة خرج مما كان في يده من القطائع، و كان في يده المكندس (2) و جبل الورس باليمن، و فدك و قطائع اليمامة، فخرج من ذلك كله، و ردّه إلى المسلمين إلا أنّه ترك عينا (3) بالسويداء (4) كان استنبطها بعطائه، فكانت تأتيه غلتها كلّ سنة مائة و خمسين (5) دينارا أو أقل و أكثر، فذكر له يوما مزاحم أن نفقة أهله قد فنيت. فقال: حتى تأتينا غلتنا، قال: فلم ينشب بأن قدم قيّمه بغلّته و بجراب تمر صيحاني (6) و بجراب تمر عجوة، فنثره بين يديه و سمع أهله بذلك، فأرسلوا ابنا له صغيرا فحفن له من التمر، فانصرف و لم ينشب أن سمعنا بكاءه قد ضرب، ثم أقبل يؤم الدنانير، فقال: أمسكوا يديه ثم رفع يديه فقال: اللّهمّ بغّضها إليه كما حبّبتها إلى موسى بن نصير، ثم قال: خلّوه، فكأنما رأى به عقاربا، ثم قال: انظروا الشيخ الجزري المكفوف الذي يغدو إلى المسجد بالأسحار فخذوا له ثمن قائد لا كبير فيقهره و لا صغير فيضعف عنه، ففعلوا، ثم قال لمزاحم: شأنك بما بقي فأنفقه على أهلك.
ص: 180
لم ينسب، دخل على عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا محمّد بن هبة اللّه، أنا محمّد بن الحسين، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (1)،نا أبو بشر، يعني ابن أسماء، عن إسماعيل بن أبي حكيم - فيما أعلم - قال:
قال عمر بن عبد العزيز لآذنه لا يدخلن عليّ اليوم إلاّ مرواني، قال: فلمّا اجتمعوا عنده تكلم فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنكم يا بني مروان قد أعطيتم في الدنيا حظا و شرفا و أموالا إني لأحسب شطر مال هذه الأمة أو ثلثيه في أيديكم، فردّوا ما في أيديكم من هذا المال قال: فسكتوا، قال: أ لا تجيبوني ؟ فسكتوا، قال: أ لا تجيبوني ؟ قال: فتكلم رجل من القوم قال: لا و اللّه لا يكون ذاك أبدا حتى يحال بين رءوسنا و أجسادنا، و اللّه لا نكفر آباءنا و لا نفقّر أبناءنا. قال عمر: أما لو لا أن تستعينوا عليّ بمن أطلب هذا الحق له لأضرعت خدودكم قوموا عني.
حدّث عن مسلم بن يسار.
روى عنه عبد الرّحمن بن سليمان بن أبي الجون.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، و أبو محمّد هبة اللّه بن سهل، قالا: أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن، أنا أبو أحمد الحاكم، أنا محمّد بن محمّد بن سليمان الواسطي، نا هشام بن عمار، نا عبد الرّحمن بن أبي الجون، عن مؤذن لعمر، عن مسلم بن يسار، عن عائشة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان إذا غضبت أخذ بأنفها و قال: يا عويش، قولي: اللّهمّ رب النبي محمّد صلى اللّه عليه و سلم اغفر ذنبي، و أذهب غيظ قلبي، و أجرني من مضلاّت الفتن.
حكى عن عمر.
روى عنه جويرية بن أسماء الضبعي.
ص: 181
قرأت على أبي الفتح نصر اللّه بن محمّد الفقيه، عن نصر بن إبراهيم الزاهد، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن الوليد الأنصاري الأندلسي الفقيه، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد فيما كتب إليّ ، أخبرني جدي عبد اللّه، أنا عبد اللّه بن يونس، نا بقي بن مخلد، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، نا عفان، حدّثني عثمان بن عبد الحميد، نا جويرية بن أسماء، حدّثني كاتب لعمر بن عبد العزيز قال:
كان لا يستريح إلاّ أنّه كان ينام من آخر الليل هنيهة، و يقيل.... (1) من عنده يوما عند القائلة فبعث إلى مزاحم فقال له: يا مزاحم إنّي قد حدّثت نفسي بردّ ما في يدي من القطائع، فقال له مزاحم: عيالك أكثر من ذاك يا أمير المؤمنين، قال: فقال بيده على عينه و دمعت عينه، فينفضها قال: ثم يقول: اللّه لهم، فذكر بعض ما حدثنا به سعيد بن عامر و قال في حديثه قال عبد الملك: يا أمير المؤمنين الساعة، فإن قلبك ليس بيدك، و لا تدري ما يحدث اللّه في الليل و النهار قال: فخرج فدعا بتلك الكتب و دعا بمقاريض فقرضت بها تلك الكتب.
حكى عن عمره.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم (2)،نا أبو حامد بن جبلة، نا محمّد بن إسحاق الثقفي، و اللفظ له.
ح و أخبرنا أبو يعلى حمزة بن علي بن هبة اللّه، نا نصر بن إبراهيم بن نصر الزاهد، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن الوليد الأنصاري الأندلسي الفقيه، أخبرني أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد، فيما كتب إلي، أخبرني جدي عبد اللّه بن محمّد بن علي اللخمي الباجي الأندلسي، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن يونس. أخبرنا بقي بن مخلد.
قالا: نا أحمد بن إبراهيم الدورقي، نا عفان بن مسلم، نا عثمان بن عبد الحميد، نا الوليد، قال:
بلغنا أن رجلا كان ببعض خراسان قال: أتاني آت في منامي فقال: إذا قام أشجّ بني مروان، فانطلق فبايعه فإنه إمام عادل، فجعلت أسأل كلما قام خليفة حتى قام عمر بن عبد
ص: 182
العزيز، فأتاني ثلاث مرات في المنام، فلمّا كان آخر ذلك زبرني و أوعدني، فرحلت إليه، فلمّا قدمت لقيته فحدّثته الحديث، فقال: ما اسمك ؟ و من أين أنت ؟ و أين منزلك ؟ قلت:
بخراسان، قال: و من أمير المكان الذي أنت به ؟ و من صديقك هناك و عدوك ؟ فألطف المسألة ثم حبسني أربعة أشهر، فشكوت إلى مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز فقال: إنه قد كتب فيك، قال: فدعا بي بعد أربعة (1) أشهر، فقال: إني كتبت فيك فجاءني ما أسرّ به من قبل صديقك و عدوك، فهلمّ فبايعني على السمع و الطاعة، و العدل، فإذا تركت ذلك فليس لي عليك بيعة، قال: فبايعته قال: أ لك حاجة ؟ فقلت: لا، أنا غني في المال، إنّما آتيتك لهذا، فودعته و مضيت، زاد بقي بن مخلد: فقلت بيني و بين نفسي و هو يراني، و ذكرت بعد أهلي و طول المسير إليهم فقلت: لو حملني على البريد، فالتفت فرآني فدعاني فقال: أ لك حاجة ؟ فقلت: نعم، شيء إن لم يثقل عليك، ذكرت بعد أهلي، و طول المسير، فقلت: لو حملني على البريد، فقال: و اللّه ما ذاك لك و لا لنا، قال: فمكثت هنيّة (2) ثم قال: هل لك أن تعمل لنا عملا و أحملك ؟ فقلت: نعم، قال: لا تأت على عامل لنا إلاّ نظرت في سيرته، فإن كانت حسنة لم تكتب بها، و إن كانت قبيحة كتبت بها، قال مزاحم: فما زال كتاب منه يجيئنا في عامل فيعزله، حتى قدم خراسان.
كان حرسيا لعمر بن عبد العزيز.
حكى عن عمر.
روى عنه عبد الرزّاق.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني، قالا: أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنا جدي أبو بكر، أنا محمّد بن يوسف بن بشر، أنا محمّد بن حماد، أنا عبد الرزّاق، أنا معمر، أخبرني رجل من أهل الشام ممن كان يحرس عمر بن عبد العزيز و هو من بني أسد، قال: و ما رأيت عمر بن عبد العزيز قتل أسيرا قط إلاّ واحدا من الترك، قال: جيء بأسارى من الترك، فأمر بهم أن يسترقوا، فقال رجل ممن جاء بهم: يا
ص: 183
أمير المؤمنين لو كنت رأيت هذا - لأحدهم - و هو يفتك في المسلمين لكثر (1) بكاؤك عليهم، فقال عمر بن عبد العزيز، فدونك فاقتله، فقام إليه فقتله.
حكى عن عمر.
حكى عنه الأوزاعي.
قرأت على أبي الفتح الفقيه عن نصر بن إبراهيم، أنا عبد اللّه بن الوليد الأنصاري الفقيه، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد، فيما كتب إلي، أخبرني جدي عبد اللّه بن يونس، نا بقي بن مخلد، نا أحمد بن إبراهيم الدورقي، نا محمّد بن كثير، عن الأوزاعي، حدّثني بعض حرس عمر بن عبد العزيز قال:
خرج علينا عمر بن عبد العزيز و نحن ننتظره يوم الجمعة فلمّا رأيناه قمنا، فقال: إذا رأيتموني فلا تقوموا، و لكن توسّعوا ثم قال: أيكم يعرف بيت فلان ؟ فقلنا: كلنا نعرفه، قال:
فليقم أحدثكم سنا. قال: فقام أحدثنا سنّا فدعاه له، فجاء الرجل و قد تهيّأ و شدّ عليه ثيابه، فقال عمر: إنّا بعثناك في أمر عجلة من أمر المسلمين، فلا يحملك استعجالنا إياك على أن تخرج حتى تصلي الجمعة، فإنّ اليوم الجمعة، و إذا حضرت الصلاة، فصلّها لوقتها، فإنك لا محالة أن تصليها، و إنّ اللّه ذكر قوما فقال: أَضٰاعُوا الصَّلاٰةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوٰاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (2) و لم تكن إضاعتهم إياها أن تركوها، و لو تركوها لسمّاهم بتركها كفّارا (3).
له ذكر.
ص: 184
أخبرنا أبو الفتح ناصر بن عبد الرّحمن بن محمّد النجار، ثنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم ابن نصر، أنا عبد اللّه بن الوليد الأنصاري، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد، فيما كتب إلي أخبرني جدي عبد اللّه بن محمّد بن علي اللخمي الباجي، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن يونس، أنا بقي بن مخلد، نا أحمد بن إبراهيم الدورقي، نا منصور بن بشير، نا شعيب، يعني ابن صفوان قال: ذكر الفرات يعني ابن السائب:
أن رسولا لبعض الولاة دخل على عمر بن عبد العزيز و معه حرسي فجعل الرسول إذا كلم عمر و كلمه زجره الحرسي و انتهره حتى فرغ من قراءة كتابه فقال: كن قريبا، ثم دخل رسول آخر و معه ذلك الحرسي، فكلم عمر لا يندهه (1) و لا يمنعه حتى فرغ من قراءة كتابه، فقال: كن قريبا (2)،ثم أرسل عمر إلى الرسول الأول فقال له: أ رأيت الحرسي الذي كان دخل معك، هل تعرفه ؟ قال: لا، قال: إنّ اللّه قد أفطنني لمنعه إياك من الكلام، فنفعك ذلك و لم يضرك، فارفع إليّ حاجتك، فلم يسأله شيئا إلا أعطاه إياه، ثم أرسل إلى الرسول الثاني، فقال: هل بينك و بين الحرسي الذي دخل معك معرفة ؟ قال: نعم هو صديقي و جاري، قال:
أما أنه قد حاباك، و جهد أن ينفعك فألقي في روعي لا تصيب مني شيئا، فلو لا أن يكون مني مراغمة في منع رزق، لم تصب مني شيئا، و سآمر لك بمعروف، ثم أرسل إلى الحرسي فقال: ويلك، و ليت أمر رجلين بين يدي فلم تعدل بينهما، فكيف الأمر على ما ابتليت به ؟ فاختر مني أحد أمرين: إمّا أن تأذن لي فألقبك لقبا، و إما أن أمحوك من الحرس، قال: بل تعفيني قال: لا، قال: فإني أختار أن تلقبني، فسمّاه الجائف (3)،فكان إذا رآه يقول: ادعوا ليّ الجائف، فيقول: يا أمير المؤمنين فيقول ما سببت، هو شرطي عليك، فلم يزل كذلك حتى مات.
حكى عن عمر.
حكى عنه ابن له.
قرأت على أبي الفتح الفقيه، عن أبي الفتح الفقيه، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن الوليد
ص: 185
الأنصاري، أنا محمّد بن أحمد فيما كتب إليّ ، أخبرني جدي عبد اللّه بن محمّد الباجي، أنا عبد اللّه بن يونس، أنا بقي بن مخلد، نا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدّثني سهل بن محمود، حدّثني يحيى بن أبي غنية قال:
سمعت رجلا يذكر في المسجد قال: كان أبي في حرس عمر بن عبد العزيز قال:
فبينما عمر يسير على بغلته بخناصرة (1) إذ جاء رجل متزر ببرد قطري، متعصب بآخر حتى أخذ بلجام بغلته ما ينهنهه أحد فقال:
تدعون حران مظلوما ليأتيكم *** فقد أتاكم لعند الدار مظلوم
فقال: ممن أنت ؟ قال: من أهل حضر موت، قال: ما ظلامتك ؟ قال: أرضي، و أرض آبائي أخذها الوليد و سليمان (2)،فأكلاها، فنزل عمر عن دابته يتكئ حتى جلس بالأرض.
فقال: من يعلم ذلك ؟ قال: أهل البلد قاطبة، قال: يكفيني من ذلك شاهدا عدل. اكتبوا له إلى بلاده، إن أقام شاهدي عدل اكتبوا على أرضه و أرض آبائه و أجداده، فادفعوها إليه، فحسب الوليد و سليمان ما أكلا من غلتها. فلما ولّى الرجل قال: هلمّ هل هلكت لك من راحلة، أو أخلق لك من (3) ثوب، أو نفذ لك من زاد، أو تخرّق لك من حذاء؟ فحسب ذلك فبلغ اثنين و ثلاثين دينارا، أو ثلاثة و ثلاثين دينارا فأتى بها من بيت المال، فكأني انظر إليها تعدّ في يده.
وفد على عمر بن عبد العزيز، و حكى عنه.
حكى عنه الأوزاعي.
أنبأنا أبو عبد اللّه بن أبي العلاء، نا أبو بكر الخطيب، نا أبو الحسين بن بشران، أنا عثمان بن أحمد بن عبد اللّه الدقاق، أنبأ محمّد بن أحمد بن النصر، نا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، حدّثني رجل قال: فقلت على عمر بن عبد العزيز من القسطنطينة، فقلت: يا أمير المؤمنين إنّ بلائي كذا، و من أمري كذا و كذا، فالتفت إلى بعض جلسائه، فقال: أ ما يريد هؤلاء أن يستبقوا لآخرتهم شيئا؟
ص: 186
وفد على عمر بن عبد العزيز.
حكى عنه أبو عبد اللّه حرسي كان لعمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو محمّد بن أبي عثمان، أنا أبو القاسم الحسن ابن الحسن بن علي بن المنذر القاضي (1)،أنا أبو علي بن صفوان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثني محمّد بن الحسين، حدّثني يوسف بن الحكم، أخبرني جعفر بن.... (2) الأزدي، عن أبي عبد اللّه الحرسي قال:
سمعت بعض العلماء ممن قدم على عمر بن عبد العزيز يقول: الصامت على علم كالمتكلم على علم، فقال عمر: إنّي لأرجو أن يكون المتكلم على علم أفضلهما يوم القيامة حالا، و ذلك أن منفعته للناس، و هذا صمته لنفسه، قال: يا أمير المؤمنين و كيف بفتنة (3)المنطق ؟ قال: فبكى عمر بكاء شديدا.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنا جدي أبو بكر، أنا أبو بكر الخرائطي، أنا نصر بن داود، نا يحيى بن يوسف الزّمن، نا إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن مهاجر قال: حدّثني خصي لعمر بن عبد العزيز أن عمر بن عبد العزيز لم يغتسل في داره قط إلاّ بمئزر.
حدّث عن أبي بردة بن أبي موسى.
روى عنه أبو سعد روح بن جناح مولى الوليد بن عبد الملك.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، و أبو المظفر القشيري، قالا: أنا أبو سعد الأديب، أنا ابن حمدان.
ح و أخبرنا أبو عبد اللّه بن عبد الملك، أنا إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ.
ص: 187
قالا: أنا أبو يعلى، نا القاسم بن يحيى، نا الوليد بن مسلم، عن روح بن جناح - و في حديث ابن حمدان: نا أبو سعيد روح بن جناح - مولى - و في حديث ابن المقرئ: عن مولى - لعمر بن عبد العزيز عن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سٰاقٍ (1)، قال «عن نور عظيم يخرّون له سجدا»[13683].
[قال ابن عساكر:] (2) كذا قال، و هو أبو سعد و ليس هو مولى عمر، و إنّما هو مولى الوليد، و يروى هذا الحديث عن مولى لعمر غر مسمّى كما في رواية ابن المقرئ.
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد، أنا أبو بكر البيهقي، أنا محمّد بن موسى، نا محمّد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي قال: أخبرني من أثق به من أهل العلم قال: أخبرني من سمع عمر بن عبد العزيز و هو خليفة في يوم فطر ظهر على المنبر ثم جلس ثم قال: إن شعار هذا اليوم: التحميد، و التكبير، و التمجيد، ثم كبّر مرارا، اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر، و للّه الحمد، ثم يشهّد للخطبة، ثم يفصل بين التشهّد بتكبير.
تقدم ذكر روايته في ترجمة عمر بن عبد العزيز.
وفد من عند عدي بن أرطاة على عمر بن عبد العزيز.
روى عنه صالح بن بشير المري القاضي.
أخبرنا أبو الحسن السلمي، أنا جدي أبو بكر، أنا أبو محمّد بن زبر، نا الحسن بن عليل، نا مسعود بن بشر، نا الأصمعي قال:
دخل أعرابي على عمر بن عبد العزيز فقال: رجل من أهل البادية ساقته الحاجة، و انتهت به الفاقة، و اللّه سائلك عن مقامي هذا، فقال عمر: ما سمعت كلمات أبلغ من قائل، و لا أبلغ لمقول منها.
ص: 188
ذكر أنه رفع إلى عمر بن عبد العزيز و حدّه في الشراب.
حدّث عن محمّد بن عمرو.
أخبرنا أبو النجم هلال بن الحسين بن محمود الخياط ، أنا أبو منصور بن عبد العزيز، أنا أبو محمّد جناح بن نذير بن إسحاق المحاربي، نا عبيد اللّه بن محمّد بن محمّد بن حمدان (1)،ثنا محمّد بن أحمد بن ثابت، نا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الصّمد، نا محمّد بن أبي بكر المقدمي، نا محمّد بن علي الشامي، نا أبو عمران الجوني قال:
قال عمر بن عبد العزيز: لأجلدنّ في الشراب كما فعل جدّي عمر بن الخطاب، ثم أمر صاحب عسسه (2) و ضم إليه صاحب خبره و قال لهما: من وجدتماه سكران فأتياني به. قال:
فطافا ليلتهما حتى انتهيا إلى بعض الأسواق، فإذا هما بشيخ حسن الشيبة، بهي المنظر، عليه ثياب حسنة، متلوث في أثوابه سكران و هو يتغنى:
سقوني و قالوا: لا تغنّ و لو سقوا *** جبال حنين ما سقوني لغنّت
فحركاه بأرجلهما و قالا له: يا شيخ ما تستحي لهذه الشيبة الحسنة من مثل هذه الحال ؟ فقال: ارفقا بي، فإنّ لي إخوانا (3) أحداث الأسنان شربت عندهم ليلتي هذه، فلمّا عمل الشراب فيّ أخرجوني، فإن رأيتما أن تعفوا عني فافعلا، فقال صاحب العسس لصاحب الخبر: أكتم عليّ أمره حتى أطلقه، قال: قد فعلت، قال: انصرف يا شيخ و لا تعد. فقال:
نعم، و أنا تائب، فلمّا كان في الليلة الثانية طافا حتى انتهيا إلى الموضع، فإذا هما بالشيخ على تلك الحالة في الليلة الأولى، و هو يتغنى:
إنما هيج البلا *** حين غضّ السفر جلا
فرماني و قال لي *** كن بعينيّ مبتلا
و لقد قام لحظه *** لي على القلب بالقلى
فحركاه بأرجلهما و قالا له: يا شيخ أين التوبة منك ؟ فقال: ارفقا بي فاسمعاني، إنّ
ص: 189
إخواني الذين ذكرتهم لكم البارحة غدوا عليّ الليلة في يومهم هذا، و حلفوا لي أنه متى ما عمل الشراب مني لم يخرجوني، فعمل فيّ و فيهم فخرجت و هم لا يعلمون، فإن رأيتما أن تزيدا في العفو فافعلا، فقال صاحب العسس لصاحب الخبر: اكتم عليّ أمره حتى أطلقه، قال: قد فعلت قال: انصرف يا شيخ، فانصرف الشيخ، و طافا الليلة الثالثة حتى انتهيا إلى الموضع، فإذا هما بالشيخ على مثل تلك الحال و هو يتغنى:
ارض عني فطالما قد سخطتا *** أنت ما زلت جافيا مذ عرفتا
أنت ما زلت جافيا لا وصولا *** بل بهذا - فدتك نفسي - ألفتا
ما كذا يفعل الكرام بنو النا *** س بأحبابهم فلم كنت أنتا؟
قال: فحركاه بأرجلهما و قالا له: هذه الثالثة و لا عفو، قال: أخطأتما. قالا: كيف ؟ قال: حدّثني محمّد بن عبد الرحيم، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللّه عليه، فإن شربها الثانية لم تقبل له صلاة أربعين ليلة فإن تاب تاب اللّه عليه، فإن [شربها] (1) الثالثة لم تقبل له صلاة أربعين ليلة فإن تاب تاب اللّه عليه، فإن شربها الرابعة لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ثم تاب لم يتب اللّه عليه، و كان حقا على اللّه أن يسقيه من طينة الخبال»[13684] فقال عمر: و ما طينة الخبال ؟ قال: عصارة أهل النار في النار.
قال: فعفو من الثالثة واجب، و من الرابعة غير واجب، فقال صاحب العسس لصاحب الخبر: محنة اكتم عليّ أمره حتى أطلقه، قال: قد فعلت، قال: انصرف، قال: فلمّا كان في الرابعة طافا حتى انتهيا إلى الموضع، فإذا هما بالشيخ على مثل تلك الحال و هو يتغنى:
قد كنت أبكي و ما حنت لهم إبل *** فما أقول إذا ما حمل الثقل
كأنني بك نضو (2) لا حراك به *** تدعى و أنت عن الداعين في شغل (3)
فقلبوك بأيديهم هناك و قد *** سارت بأجمالك المهرية الذلل
حتى إذا استيأسوا من أن تجيبهم *** غطوا عليك و قالوا: قد قضى الرجل
فحركاه بأرجلهما و قالا: هذه الرابعة و لا عفو، قال: لست أسألكما عفوا بعدها فافعلا
ص: 190
ما بدا لكما، قال: فحملاه، فأوقفاه بحضرة عمر بن عبد العزيز، و قصّا عليه قصته من أولها إلى آخرها، فأمر عمر رضي اللّه عنه باستنكاهه (1) فوجد منه رائحة، فأمر بحبسه حتى أفاق، فلما كان الغد أقام عليه الحدّ فجلده ثمانين جلدة، فلمّا فرغ قال له عمر: أنصف يا شيخ من نفسك و لا تعد، قال: يا أمير المؤمنين قد ظلمتني، قال: و كيف ؟ قال: لأنني عبد و قد حددتني حدّ الأحرار، قال: فاغتم عمر و قال: أخطأت علينا و على نفسك، أ فلا أخبرتنا أنك عبد فنحدّك حد العبيد؟ فلمّا رأى اهتمام عمر به ردّ عليه و قال: لا يسوؤك اللّه يا أمير المؤمنين، لتكن (2) لي بقية هذا الحدّ سلفا (3) عندك، لعلّي أرفع إليك مرة أخرى، قال:
فضحك عمر و كان قليل الضحك حتى استلقى على مسنده، و قال لصاحب عسسه و صاحب خبره: إذا رأيتما مثل هذا الشيخ في هيئته و علمه و فهمه و أدبه فاحملا أمره على الشبهة، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:«ادرءوا الحدود بالشبهة»[13685].
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمّد بن الحسن، عن قيس بن صالح:
أن قوما دخلوا على عمر بن عبد العزيز يعودونه في مرضه، و إذا فيهم شاب داثر (4)ناحل الجسم، فقال له عمر: يا فتى ما الذي بلغ بك ما أرى ؟ فقال: يا أمير المؤمنين أمراض و أسقام. قال: سألتك باللّه إلاّ صدقتني. فقال: يا أمير المؤمنين ذقت حلاوة الدنيا فوجدتها مرّة، فصغر في عيني زهرتها و حلاوتها، و استوى عندي حجرها و ذهبها، و كأني انظر إلى عرش ربي، و الناس يساقون إلى الجنّة و النار، فأظمأت لذلك نهاري، و أسهرت له ليلي، و قليل حقير كل ما (5) أنا فيه في جنب ثواب اللّه و عقابه.
وفد على عمر بن عبد العزيز، له ذكر.
ص: 191
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أخبرنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (1)،نا عبد العزيز بن عمران، نا ابن وهب، حدّثني يعقوب يعني ابن عبد الرّحمن، عن أبيه قال:
دخل على عمر بن عبد العزيز من أهل الشام شيخ جليل، فقال: يا أمير المؤمنين إنّي دخلت مصر مع مروان و غزوت دير الجماجم، و غزوة كذا فتأمر لي بشيء؟ فقال: اجلس أيها الشيخ، قال و بثور (2) عند الشيخ يكلمه غلام من الأنصار فقال: يا أمير المؤمنين أنا فلان بن فلان أبي ممن شهد العقبة و شهد بدرا و شهد أحدا حتى ذكر مغازيا، فقال عمر: أين الشيخ ؟ الذي ذكر ما ذكر قال: فجثا الشيخ على ركبتيه أو قام فقال: ها هو ذا يا أمير المؤمنين، فقال:
هذه المكارم لا ما يعد الشيخ منذ اليوم:
تلك المكارم لا قعبان من لبن *** شيبا بماء فصارا بعد أبوالا (3)
خذوا حاجة الفتى.
هذا الأنصاري هو رجل من ولد قتادة بن النعمان، كما ذكر أبو جعفر محمّد بن عمرو العقيلي عن محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، نا عمي القاسم، نا الأصمعي، عن أبي معشر نجيح قال:
وفد أبو بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم بديوان أهل المدينة رجلا من ولد قتادة بن النعمان الأنصاري، قال: فجاء به إلى عمر بن عبد العزيز فلمّا دخل عليه قال له عمر: من الرجل ؟ قال (4):
أنا ابن الذي سالت على أحد عينه *** فردت بكفّ المصطفى أحسن الرد
فعادت كما كانت لأول عهدها (5) *** فيا حسن ما عيني (6) و يا طيب ما يد
قال عمر بن عبد العزيز:
ص: 192
تلك المكارم لا قعبان من لبن *** شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
وفد على عمر بن عبد العزيز.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد بن العلاف، و أخبرني أبو المعمر المبارك بن أحمد عنه.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو علي بن أبي جعفر، و أبو الحسن بن العلاف، قالا: أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد بن بشران، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي، نا أبو الفضل الربعي، نا إسحاق بن إبراهيم، عن الهيثم بن عدي قال:
كانت لفاطمة ابنة عبد الملك بن مروان زوجة عمر بن عبد العزيز جارية ذات جمال فائق، و كان عمر معجبا بها قبل أن تفضي إليه الخلافة، فطلبها منها و حرص، فأبت دفعها إليه، و غارت من ذلك، فلم تزل في نفس عمر بن عبد العزيز، فلما استخلف أمرت فاطمة بالجارية فأصلحت ثم حلّيت، فكانت حديثا في حسنها و جمالها، ثم دخلت فاطمة على عمر فقالت: يا أمير المؤمنين إنك كنت بفلانة جاريتي معجبا و سألتنيها فأبيت ذلك عليك، و إنّ نفسي قد طابت لك بها اليوم، فدونكها، فلمّا قالت ذلك: استنابت الفرح في وجهه ثم قال:
ابعثي بها إليّ ، ففعلت، فلما دخلت عليه نظر إلى شيء أعجبه فازداد بها عجبا، فقال لها:
ألقي ثوبك، فلمّا همّت أن تفعل قال: على رسلك، اقعدي، أخبريني لمن كنت ؟ و من أين أبت لفاطمة ؟ قالت: كان الحجاج بن يوسف أغرم عاملا كان له أهل الكوفة مالا، و كنت في رقيق ذلك العامل، فاستصفاني عنه مع رقيق له و أموال فبعث بي إلى عبد الملك بن مروان، و أنا يومئذ صبية، فوهبني عبد الملك لابنته فاطمة. قال: و ما فعل العامل ؟ قالت: هلك، قال: و ما ترك ولدا؟ قالت: بلى. قال: و ما حالهم ؟ قالت: سيئة، قال: شدّي عليك ثوبك، ثم كتب إلى عبد الحميد، عامله، أن سرح إليّ فلان بن فلان على البريد، فلمّا قدم، قال له:
ارفع إليّ جميع ما أغرم الحجاج أباك، فلم يرفع إليه شيئا إلاّ دفعه إليه، ثم أمر بالجارية فدفعت إليه، فلمّا أخذ بيدها قال: إياك و إياها، فإنّك حديث السن، و لعل أباك أن يكون قد وطئها، فقال الغلام: يا أمير المؤمنين هي لك، قال: لا حاجة لي فيها، قال: فابتعها مني، قال: لست إذا ممن ينهى النفس عن الهوى، فمضى بها الفتى، فقالت الجارية: فأين
ص: 193
موجدتك لي يا أمير المؤمنين ؟ قال: إنها لعلى حالها، و لقد ازدادت، فلم تزل الجارية في نفس عمر حتى مات.
وفد على عمر بن عبد العزيز.
أنبأنا أبو الغنائم، ثم حدّثنا أبو الفضل، أنا أبو الفضل و أبو الحسين، و أبو الغنائم و اللفظ له، قالوا: أنا أحمد - زاد أبو الفضل و محمّد بن الحسن، قالا:- أنا أحمد، أنا محمّد، نا البخاري قال: قال عبد اللّه الجعفي: نا محمّد بن بشر، نا أيوب بن النجار، أنا أبو عبد اللّه الحسن، عن.... (1) المزني أنه كانت عنده قطيفة للنبي صلى اللّه عليه و سلم فلما استخلف عمر بن عبد العزيز أرسل إليه [فأتى بها في أديم] (2) أحمر فجعل يمسح بها وجهه.
أنبأنا أبو الحسين و أبو عبد اللّه، قالا: أنا ابن مندة، أنا حمد إجازة.
ح قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي.
قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال: سمعت أبي يقول هو مجهول (3).
وفد على عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن أحمد، أنا أبو طاهر محمّد بن عبد الرّحمن بن العباس، ثنا رضوان بن أحمد الصيدلاني، حدّثني أبو الهيثم الغنوي، نا الرياشي، نا شيبان بن فروخ قال:
وفد وفد على عمر [بن عبد العزيز] (4) قال: و كان فيهم شاب، فتكلّم الشاب، فنظر إليه عمر فحدّد النظر ثم قال: الكبر، الكبر، قال الشاب: يا أمير المؤمنين ليس بالكبر و لا بالصغر، لو كان بالكبر لقد كان في الناس من هو أكبر منك، قال: صدقت، فتكلّم قال: ما جئناك لرغبة و لا رهبة، قال: فنظر إليه عمر أيضا فقال: أما الرغبة فقد أتتنا في منازلنا، و أما
ص: 194
الرهبة فقد أمنا جورك، و لكنا وفد الشكر، قال: فسرّي عن عمر و قال: يا فتى، أرى لك عقلا، فعظني، قال: إنّ قوما اغتروا (1) باللّه فيك فأثنوا عليك بما ليس فيك، فلا يغرّنّك اغترارهم باللّه فيك مع ما (2) تعرفه من نفسك، قال: فبكى عمر حتى سقط .
أخبرنا أبو علي أحمد بن سعد بن علي العجلي الهمداني المعروف ببديع الزمان ببغداد، أنا أحمد بن عبد الرّحمن الأصبهاني، أنا محمّد بن إبراهيم الجرجاني.
ح و أخبرنا أبو محمّد بن أحمد بن عبد اللّه البغدادي بدمشق، نا الحافظ أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمّد الأصبهاني، لفظا بأصبهان، نا أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني إملاء بأصبهان.
نا أبو علي الحسين بن علي، نا محمّد بن زكريا، ثنا ابن عائشة، حدّثني أبي، عن عمي قال:
قدم وفد العراق على عمر بن عبد العزيز و فيهم غلام، فجعل الغلام يتكلّم، و قال أبو محمّد فجعل الغلام يتحوّس (3) الكلام، فقال عمر: كبّروا، كبّروا، قدموا مشايخكم، فقال الغلام: يا أمير المؤمنين إنه ليس بالكبر و لا بالصغر و لو كان كذلك لولي هذا الأمر من هو أسن منك، قال: فتكلّم عافاك اللّه، قال: يا أمير المؤمنين إنا ما أتيناك لرغبة و لا لرهبة، قال: فما أنتم ؟ قال: نحن وفد الشكر، أتيناك شوقا إليك و شكرا للّه إذ...... (4) علينا، قال: عظني أيها الرجل، قال: يا أمير المؤمنين إنّ من الناس ناسا غرّهم الأمل، و أفسدهم ثناء الناس عليهم، فلا يغرّنّك من اغتر باللّه فيك فمدحك بما علم اللّه خلافه، و ما قال رجل في رجل شيئا إذا رضي إلاّ و هو يقول فيه على حسب ذلك إذا سخط ، قال: فتهلل وجه عمر ثم قال:
تعلم فليس المرء يولد عالما *** و ليس أخو علم كمن هو جاهل
و إن كبير القوم لا علم عنده *** صغيرا إذا التفت عليه المحافل
وفد على سليمان، و كان أول من بايع لعمر بن عبد العزيز.
ص: 195
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (1)،نا أبو بشر يعني بكر بن خلف، نا سعيد بن عامر، نا جويرية يعني ابن أسماء، عن إسماعيل بن أبي حكيم قال:
لما مات سليمان بن عبد الملك صفق أهل الشام قال: فانطلقت أنا و مزاحم إلى نفقة كانت لعمر بن عبد العزيز في رحله فغيبناها، ثم أقبلت أريد المسجد، قال: فلقيني رجل فقال: هذا صاحبك يخطب الناس، فقلت: خليفة ؟ قال: خليفة، فانتهيت إليه و هو على المنبر، فكان أول ما سمعته يقول: يا أيها الناس، إنّي و اللّه ما سألتها اللّه في سرّ و لا علانية قط ، فمن كره منكم فأمره إليه، قال: فقال رجل من الأنصار: يا أمير المؤمنين ذاك و اللّه أسرع مما نكره أبسط يدك فلنبايعك، قال: فكان أول من بايعه الأنصاري هذا، و لا أدري عن إسماعيل هو أو عن غيره. قال: و أظنه عن إسماعيل.
قال: و مشى عمر في جنازة سليمان قال: و دخل قبره، فلمّا أن فرغ من دفنه قال: و قد جيء بمراكب الخلفاء فلم يركب شيئا منها، و قال: بغلتي ؟ فركض إنسان إلى العسكر و قعد عمر حتى جيء ببغلته قال: و قد ضربت أبنية الخلفاء. قال: فأحسبه أنه لم يستظلّ في شيء منها حتى جيء ببغلته، فركبها، ثم رجع.
قال: و قد كان سليمان أمر أهل مملكته أن يقودوا الخيل فيسبق بينهم (2)،فقلّ قرية (3)من المسلمين إلاّ كان قد أخذهم ليقودوا إليه (4) الخيل، فمات من قبل أن تجري الحلبة.
قال: فلما ولي عمر، أبى أن يجريها فقيل له: يا أمير المؤمنين تكلف الناس مئونات عظاما، و قادوها من بلاد بعيدة و في ذلك غيظ للعدو قال: فلم يزالوا يكلمونه حتى أجرى الحلبة، و أعطى الذين سبقوا، و لم يخيّب الذين لم يسبقوا أعطاهم دون ذلك. قال: و قد كان الناس لقوا جهدا شديدا من القسطنطينة من الجوع، فأقفل الناس و بعث إليهم بالطعام.
وفد على عمر بن عبد العزيز.
ص: 196
و حكى عنه.
حكى عنه شعبة بن الحجاج.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم النسيب، و أبو الوحش عنه، أنا أبو القاسم عبد الرزّاق بن أحمد بن عبد الحميد السراري، نا أبو محمّد عبد اللّه بن جعفر ابن محمّد بن ورد، نا أبو إسحاق إبراهيم بن حميد البصري القاضي، نا العباس بن الفرج، حدّثني عبد الملك بن قريب الأصمعي قال: قال شعبة بن الحجاج:
وفد وافد لأهل البصرة على عمر بن عبد العزيز قال: فلمّا أتيت بابه أذن لي، ثم قال لي: ما بك ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أتيتك مستجيرا (1) قال: لما ذا؟ قلت: كبير بالعذبة قال:
و أين العذبة ؟ قلت: على منزلين من البصرة (2)،قال: فقد أخفرتك على أن أول وارد ابن سبيل (3)،ثم دنت الجمعة فقربت من المنبر فلما صعده حمد اللّه، و أثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنكم ميتون، ثم إنكم مبعوثون، ثم إنكم محاسبون، فلئن كنتم صدقتم لقد قصرتم، و لئن كنتم كذبتم لقد هلكتم؛ يا أيها الناس إنّ من يكون له رزق بحضيض (4) الأرض أو بنبوة (5) جبل يأتيه (6)،فأجملوا في الطلب ثم نزل.
وفد على عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه، نا يعقوب، حدّثني سعيد بن أسد، نا ضمرة، عن رجاء هو ابن أبي سلمة، قال:
استعمل عمر بن عبد العزيز رجلا فبلغه أنّه كان عاملا للحجّاج فعزله، فجاءه يعتذر إليه و يقلل ما عمل، فقال له عمر: حسبك من صحبة شرّ و شؤم يوم أو بعض يوم.
ص: 197
وفد على عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد الفقيه، نا نصر بن إبراهيم إملاء، أخبرني الفقيه أبو الفتح سليم بن أيوب في كتابه أن أبا عمرو محمّد بن محمّد بن بكر الهزّاني (1) أخبرهم، نا أبو روق (2) أحمد بن محمّد بن بكر الهزاني، نا العباس بن الفرج الرياشي أبو الفضل، عن الأصمعي قال:
أراد عمر بن عبد العزيز أن يمنع الحلبة، فقيل له: سوق من أسواق العرب، قال:
فتركها أربأ. فلما أرسلت الخيل أقبل أعرابي على فرس و هو يقول:
غابة مجد رفعت فمن لها
نحن احتويناها و كنا أهلها
لو تسفل الطير لجئنا قبلها
فعثرت فرسه، فسقط ، و تقدّمه رجل من ولد أبي بكر الصدّيق بفرسه؛ فقال الأعرابي:
يا أمير المؤمنين، قد رأيت ما جرى، قال: قد رأيت، سبقني و إياك رجل كان أبوه سباقا إلى الخير، رحمة اللّه عليه.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا محمّد بن يونس، نا الأصمعي قال:
رفع رجل قصة إلى عمر بن عبد العزيز فأعرض عنه، فوقف بين السماطين فنادى بأعلا صوته: يا أمير المؤمنين أذكر بمقامي هذا مقاما لا يشغل اللّه عزّ و جل عنك كثرة من يخاصم إليه يوم القيامة، فبكى عمر و قضى حاجته.
و رفع أهل حمص قصة إلى عمر بن عبد العزيز: أن مدينتنا قد خرب حصنها، فوقّع في قصتهم إلى الأمير: ابنها بالعدل، و نقّ طرقها من الأذى.
ص: 198
قرأت على أبي الفتح نصر اللّه بن محمّد، عن نصر بن إبراهيم، أنا أبو محمّد عبد اللّه ابن الوليد الأنصاري. أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد، فيما كتب إليّ ، أخبرني جدي عبد اللّه بن محمّد، أنا عبد اللّه بن يونس، أنبأ بقي بن مخلد، نا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدّثني يعقوب أخي، نا محمّد بن الحسن، نا عبيد اللّه أبو سلمة قال:
صلّى عمر بن عبد العزيز ذات يوم، فلمّا ذهب ليدخل هتف به هاتف: يا أمير المؤمنين قال: فأقبل عليه، أظنه قال: مذعورا، فقال: ويحك، ما شأنك، أتعذر عليك حجّابي، أو قال: آذني ؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، و لكني قدمت الساعة و جئتك مبادرا [قال: مبادرا] (1)ما ذا؟ قال: أن تسبقني بنفسك، قال: و لم ؟ قال: لأني رأيت الخير سريع الذهاب، قال: فجلس عمر ثم قال: حاجتك ؟ فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، اذكر بمقامي هذا مقاما (2) لا يشغل اللّه عنك فيه كثرة من تخاصم إليه من الخلائق يوم تلقاه بلا ثقة من العمل، و لا براءة (3) من الذنب.
قال: فاستبكى، أو قال: بكى، ثم قال: أعد، فأعاد، ثم قال: حاجتك ؟ فأخبره بحاجته.
وفد على عمر بن عبد العزيز.
حكى عنه كتب ابن أبي رقية، تقدم ذكره في ترجمة عبد العزيز.
وفد على عمر بن عبد العزيز، و حكى عنه.
حكى عنه ابن له غير مسمّى.
ذكر أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب «البكاء»، قال: و حدّثني محمّد بن الحسين، نا يونس بن يحيى الأموي أبو نباتة (4)،نا حجاج بن صفوان بن أبي يزيد، حدّثني رجل من أهل المدينة عن أبيه:
ص: 199
أنه قدم مع محمّد بن كعب القرظي على عمر بن عبد العزيز قال: فكان فيما ذاكرنا به أن قال لمحمّد: يا أبا حمزة، ما ضرّ أخاك بسر بن سعيد (1) التقلّل و الانقطاع الذي كان فيه، قال: ثم بكى [بكاء] (2) شديدا حتى قلت: الآن يسقط ، ثم قال: أما و اللّه، لئن كان بسر (3)صبر على القلة و العبادة، لقد صبر على معرفة و علم بما صبر عليه.
وفد على عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي، ثنا نصر بن إبراهيم الزاهد لفظا، و علي ابن محمّد بن أبي العلاء، قراءة: قالا: أنا أبو الحسن بن عوف، نا محمّد بن موسى بن الحسين، أنا ابن خريم، نا حميد بن زنجويه، نا مسلم بن إبراهيم، نا موسى بن المغيرة الزّقاق، نا رياح (4) بن عبيدة الباهلي قال:
كنت عند عمر بن عبد العزيز إذ جاءه أعرابي فقال له: يا أمير المؤمنين جاءت بي الحاجة، و انتهت الغاية، و اللّه سائلك عن ما أقول، فقال له عمر: أعد عليّ ما قلت، فأعاد عليه، فنكس عمر [رأسه] (5)،و أرسل عينيه حتى ابتلت الأرض من دموعه، ثم قال له: ما عيالك ؟ قال: أنا و ثلاث بنات لي، ففرض له في ثلاثمائة، و فرض لبناته لكلّ واحدة مائة درهم، و أعطاه مائة درهم. قال: هذه لك، فإذا خرج عطاء المسلمين أخذت معهم.
و قد رويت هذه من وجه آخر:
أنبأناه أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ، أنا أبو نعيم الحافظ (6)،أنا الحسن بن محمّد بن كيسان، نا إسماعيل بن إسحاق القاضي، نا سليمان بن حرب، نا حماد بن زيد، عن عامر بن عبيدة قال:
ص: 200
أول ما أنكر من عمر بن عبد العزيز أنه خرج في جنازة، فأتى ببرد كان يلقى للخلفاء يقعدون (1) عليه إذا خرجوا إلى جنازة، فألقي له فضربه برجله ثم قعد على الأرض، فقالوا:
ما هذا؟ فجاء رجل فقام بين يديه فقال: يا أمير المؤمنين اشتدت بي الحاجة، و انتهت بي الفاقة، و اللّه سائلك عن مقامي هذا بين يديك، و في يده قضيب قد اتكأ عليه بسنانه فقال: أعد عليّ ما قلت، فأعاد عليه، فقال: يا أمير المؤمنين اشتدت (2) بي الحاجة، و انتهت بي الفاقة، و اللّه سائلك عن مقامي هذا بين يديك، فبكى حتى جرت دموعه على القضيب، ثم قال له: ما عيالك ؟ قال: خمسة، و أنا و امرأتي و ثلاثة أولادي، قال: فإنا نفرض لك و لعيالك عشرة دنانير، و نأمر لك بخمس مائة، مائتين من مالي و ثلاثمائة من مال اللّه، تبلغ بها حتى يخرج عطاؤك.
كان في أيام عمر بن عبد العزيز.
أنبأنا أبو محمّد بن صابر، أنا أبو الفتح نصر بن أحمد الهمداني المعلم، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد السلمي، أنا عبد الرّحمن بن نصر، نا الحسن بن حبيب، نا عبد اللّه ابن عبد الحميد، و كان أديبا من أهل العلم قال:
سرق أعرابي سرقة في خلافة عمر بن عبد العزيز، فأتي به عمر، فأمر بقطع يده، فقال:
يا أمير المؤمنين اسمع مقالتي، ثم افعل ما ترى، فقال له: قل، فأنشأ يقول:
يميني أمير المؤمنين أعيذها *** بعفوك أن تلقى نكالا يشينها
و لا خير في الدنيا و لا في نعيمها *** إذا ما شمال فارقتها يمينها
و لو أن أهلي يعلمون لسيرت *** إليك المطايا عينها و قطينها
فقال له: يا أعرابي هذا حدّ من حدود اللّه، و تركه ذنب، فقال: يا أمير المؤمنين، فاجعل هذا من الذنوب التي تستغفر اللّه منها، قال: فأمر بتخليته.
وفد على عمر بن عبد العزيز متظلما من عامله على اليمامة، و قال رجزا في ذلك.
ص: 201
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد، و سهل بن عبد اللّه ابن علي، و أبو الخير محمّد بن أحمد بن هارون الإمام، و أبو الحسين أحمد بن عبد الرّحمن ابن محمّد الذكواني، و أبو نصر أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن عمير.
ح و أخبرنا أبو بكر محمّد بن جعفر بن محمّد بن مهران، أنا سهل القارئ.
ح و أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، نا سليمان بن إبراهيم قال: ثنا محمّد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني، إملاء، ثنا أبو علي الحسين بن علي، نا محمّد بن زكريا، نا محمّد بن عبد الرّحمن بن حفص بن عمر بن قبيصة بن المهلب، حدّثني عمي، عن أبيه:
أن أعرابيا أتى عمر بن عبد العزيز فقال: يا أمير المؤمنين إنّي قد بلغت غايتي، و اللّه سائلك عن مقامي هذا، قال: قل ويحك، قال: عاملك باليمامة قد غصبني حقي، و اعتدى عليّ في إبلي، قال: فإنّ اللّه قد عزل عنك العامل، و ردّ عليك ظلامتك؛ يا غلام اكتب إليه، فخرج الأعرابي و هو يقول:
يا أيها المظلوم في بلاده *** ائت الأمير عمرا فناده
خليفة اللّه على عباده *** لم يؤثر الدنيا على معاده
قد أشبه الفاروق من أجداده
عزّى عمر بن عبد العزيز عن ابنه عبد الملك بن عمر، تقدم شعره في ترجمة عبد الملك.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه، نا يعقوب (1)،نا الربيع بن روح، نا حنظلة بن عبد العزيز بن ربيع بن سبرة، عن أبيه، عن ابن لعمر بن عبد العزيز:
أن عمر بن عبد العزيز قال حين اشتكى شكواه [الذي] (2) هلك فيه اشتروا من الراهب
ص: 202
موضع قبري، فاشتري منه موضع قبره بستة دنانير (1)،فقال (2) الشاعر و هو يذكر عمر (3)رحمه اللّه:
قد غادر القوم في اللحد الذي لحدوا *** بدير سمعان جريان الموازين
أقول لما نعى لي ناعيا (4) عمرا (5) *** لا يبعدن قضاء العدل [و الدين] (6)
وفد على يزيد بن عبد الملك.
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين (7)،حدّثني أحمد بن عمار، حدّثني علي بن محمّد النوفلي، حدّثني عمي، عن أبيه، عن جده قال:
خرجنا إلى يزيد بن عبد الملك في شيء من أمورنا فألفيناه عليلا علّته التي مات، فيها فكنا نبعث رسولا يأتينا كل يوم بخبره، فجاءنا فقال: هو اليوم يثقل (8) و ما أراه يصبح، فغدونا إليه، و الناس مجتمعون، و سمعنا في الدار همهمة، ثم راحت، فما شعرنا إلاّ سلاّمة قد خرجت إلى الباب تنوح بهذا الشعر:
لا تلمنا إن خشعنا *** أو هممنا بخشوع
وا أمير المؤمنينا، فعلمناه بوفاته.
على يزيد بن عبد الملك
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، و أبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر المخلص، أنا عبيد اللّه السكري، نا زكريا المنقري، نا الأصمعي، نا بعض
ص: 203
ولد أبي عيينة المهلبي قال: قال يزيد بن عبد الملك لبعض ولد المهلب حيث أتى بهم أسرى: كيف رأيتم اللّه صنع بكم ؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين قوم زرعتهم الطاعة، و حصدتهم المعصية.
كان في زمان يزيد بن عبد الملك.
ذكر أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي، نا ابن أبي سعد، نا أحمد بن عبد الرّحمن ابن المفضل، قال:
مات خليفة (1) ليزيد بن عبد الملك فقال: هل ترك من خلف ؟ قالوا: ترك ابنا (2) له، فأمر به فأدخل عليه فلمّا مثل بين يديه قال: يا بني إلى من أوصي بك أبوك ؟ قال: فأطرق ساعة حتى ظنّ يزيد أنه قد أقحم قال: ثم رفع رأسه و هو يقول:
إن مثلي يوصي الرجال إليه *** ليس مثلي يوصي به الآباء
إنني و الذي يحج له النا *** س و من دون بيته البيداء
لمليّ بما يؤمل في المر *** ء و إن كان في أخيك فتاء
قال: فأمر له يزيد بأرزاق أبيه.
وفد على الوليد بن يزيد - و هو ولي عهد - في خلافة هشام.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلم، عن رشأ بن نظيف، أنا عبد الوهاب بن جعفر، أنا أبو سليمان بن زبر، أنبأ أبي، أنا الخضر بن أبان، نا الهيثم بن عدي، عن طريح بن إسماعيل الثقفي قال:
كنت عند الوليد بن يزيد و هو ولي عهد، فدعا بالشطرنج فأخذت معه فيها، إذ دخل الآذن فقال: أيها الأمير بالباب رجل من أخوالك له نبل و هو (3) يستأذن عليك، فقال: أمّا في هذا الوقت فاصرفه، فإنّي مقبل على ما ترى، قال: فقلت: سبحان اللّه يأتيك رجل من
ص: 204
أخوالك مسلّما فتحجبه ؟! قال: كيف بنا و نحن على هذه الحال ؟ فقلت: تأمر برفع الشطرنج و تأذن له، فقال: ذاك لما اتجهت عليك؛ فقلت يغطى بمنديل و تنحرف، فيدخل لحظة و ينصرف، ثم تعود إليها، ففعل، فأذن له، فدخل رجل جسيم معتمر (1) على قلنسوة مشرفة مشمرا ثيابه في زي الفقهاء بين عينيه سجادة (2) فسلّم و جلس، و قال: أيها الأمير خرجت من المدينة أريد عسقلان (3) للرباط بها، فأحببت أن أؤدي من حقّ القرابة و الرحم، فقال له الوليد: وصلك [اللّه] (4) يا خال، و أحسن جزاءك، فقد وصلت و بررت ثم أقبل عليه الوليد فقال: يا خال كيف حفظك لمغازي أهل بلدك لعلك أن تفيدنا منها أحرفا، فقال: ما أحفظ منها شيئا قال: و لم ؟ قال: لأن أبوي أضاعا ذلك مني، قال: فكيف علمك بالسنّة و نظرك في الفرائض ؟ قال: ما نظرت في شيء من ذلك، قال: فكيف روايتك لشعر قومك و غيرهم من الشعراء؟ قال: ما أروي منه شيئا، قال: فكيف علمك بأيام العرب و ما تقدم من أخبارها و آثارها؟ قال: و اللّه لقد أغفل ذاك خالك. قال: فعسى أن يكون همك مصروفا إلى [معنى] (5)آخر من مفاكهات أهل المدينة و مزاحاتهم ؟ قال: خالك يربأ (6) بنفسه عن ذلك. قال الوليد: يا غلام ارفع المنديل، العب يا طريح، فليس معنا أحد، فلمّا سمع الرجل ذلك انصرف.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه، نا يعقوب (7)،حدّثني إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى، حدّثني أبي، عن جدي قال: كنت عند هشام بن عبد الملك جالسا، فأتى رجل فقال: يا أمير المؤمنين إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة فأقرها الوليد و سليمان حتى إذا استخلف عمر - رحم اللّه عمر - نزعها، قال له هشام: أعد مقالتك، قال: يا أمير المؤمنين إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة فأقرها الوليد و سليمان حتى إذا استخلف عمر - رحم اللّه عمر - نزعها، قال: و اللّه إن فيك
ص: 205
لعجبا إنك تذكر من أقطع جدك و من أقرها في يده فلا تترحّم عليه، و تذكر من نزعها فتترحم عليه، فإنا قد أمضينا ما صنع عمر - رحم اللّه عمر - قم.
ابن عبد الملك يتظلّم من بعض عمّاله
ذكر أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد، أنا أبو حاتم يعني السجستاني، عن أبي عبيدة، عن يونس قال:
دخل أعرابي على هشام بن عبد الملك فذكر عاملا له فقال: إن فلانا ممن رفعت خسيسته، و أثبتّ ركنه، و أعليت ذكره، و أمرته بنشر محاسنك فطواها (1)،و إظهار مكارمك فأخفاها، و عمد إلى أمورك في رعيتك فتعدّاها، استخفافا بالحرمة، و قلة شكر النعمة، قد أخرب البلاد، و أضاع الأجناد، و أظهر الفساد، و أخرج الناس من سعة العدل إلى ضيق الجور، حتى باعوا الطارف (2) و التلاد، و هموا ببيع النسل و الأولاد، فقال هشام: يا أعرابي أ حقا ما تقول ؟ قال: نعم، و الذي بلغك أعلى مراتب الشرف، و اللّه لو كان على سويقة من أسواق البحرين ما أجزأها، مع أنه يخلط ذاك بلؤم الحسب، و ذفر النسب، و سوء الأدب.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا عبيد اللّه بن أحمد الصيرفي، إجازة، أنا محمّد بن العباس الخزّاز (3)،أنا محمّد بن خلف بن المرزبان، أنا أبو سعيد عبد اللّه بن شبيب، حدّثني العتبي قال:
كان عند خالد (4) بن عبد اللّه ذات ليلة فقهاء من أهل الكوفة فيهم أبو حمزة الثمالي إذ قال خالد: حدثني حديثا كحديث عشيق ليس فيه فحش، فقال أبو حمزة الثمالي (5):أصلح اللّه الأمير، زعموا أنه ذكر عند هشام بن عبد الملك غدر النساء و سرعة تزويجهن، فقال
ص: 206
هشام: إنّه ليبلغني من ذلك العجب، فقال بعض جلسائه أنا أحدثكم عما بلغني من ذلك، بلغني أن رجلا من بني يشكر يقال له غسان بن (1) جهضم بن العذافر، كانت تحته ابنة عمّ له يقال لها أم عقبة بنت عمرو بن الأبجر، و كان لها محبّا، و كانت له كذلك، فلمّا حضره الموت، و ظنّ أنه مفارق الدنيا قال ثلاثة أبيات، ثم قال لها: يا أم عقبة، اسمعي ما أقول، و أجيبيني بحقّ ، فقد تاقت نفسي إلى مسألتك عن نفسك بعد ما تواريني التراب، فقالت: قل، فو اللّه لا أجيبك بكذب و لأجعلنّه آخر حظك مني، فقال و هو يبكي بكاء يكاد يمنعه الكلام:
أخبريني ما ذا تريدين بعدي *** و الذي تضمرين يا أم عقبه
تحفظيني من بعد موتي لما قد *** كان مني من حسن خلق و صحبه
أم تريدين ذات جمال و مال *** و أنا في التراب في سجن غربه
فأجابته ببكاء و انتحاب:
قد سمعنا الذي تقول و ما قد *** خفته يا غسان من أم عقبه
أنا من أحفظ النساء و أرعاه *** لما قد أوليت من حسن صحبه
سوف أبكيك ما حييت بشجوّ *** و مراثي أقولها و بندبه
قال: فلما قالت ذلك، طابت نفسه، و في النفس ما فيها فقال:
أنا و اللّه واثق بك لكن *** ربما خفت منك غدر النساء
بعد موت الأزواج يا خير من عو *** شر فارعي حقي بحسن الوفاء
إنني قد رجوت أن تحفظي العه *** د فكوني إن مت عند الرجاء
ثم اعتقل لسانه، فلم ينطق حتى مات، فلم تلبث بعده إلاّ قليلا حتى خطبت من كل جانب، و رغب فيها الأزواج لاجتماع الخصال الفاضلة فيها، من العقل و الجمال و العفاف و الحسب، فقالت مجيبة لهم:
سأحفظ غسانا على بعد داره *** و أرعاه حتى نلتقي يوم نحشر
و إني لفي شغل عن الناس كلهم *** فكفوا، فما مثلي بمن مات يغدر
سأبكي عليه ما حييت بعبرة *** تجول على الخدين مني فتكثر
فأيس الناس من إجابتها، فلما مرت بها الأيام نسيت عهده، و قالت: من مات فقد
ص: 207
فات، فأجابت بعض خطابها فتزوجها، فلما كانت الليلة التي أراد الدخول بها، جاءها غسان في النوم، و قد أغفت، فقال:
غدرت و لم ترعي لبعلك حرمة *** و لم تعرفي حقّا و لم تحفظي عهدا
و لم تصبري حولا حفاظا لصاحب *** حلفت له يوما و لم تنجزي وعدا
غدرت به لما ثوى في ضريحه *** كذلك ينسى كل من يسكن اللحدا
فلما قال هذه الأبيات تنبّهت مرتاعة مستحيية منه، كأنه بات معها في جانب البيت، و أنكر ذلك من حضرها من نسائها فقلت: ما لك ؟ و ما حالك ؟ و ما دهاك ؟ فقالت: ما ترك غسان لي في الحياة إربا، و لا بعده في سرور رغبة، أتاني في منامي الساعة فأنشدني هذه الأبيات، ثم أنشدتها و هي تبكي بدمع غزير، و انتحاب شديد، فلما سمعن منها، أخذن بها في حديث آخر لتنسى ما هي فيه، فتغافلتهن ثم قامت فلم يدركنها حتى ذبحت نفسها حياء مما كادت تركب بعده من الغدر به، و النسيان لعهده، فقالت امرأة منهن: قد بلغنا أن امرأة أتاها زوجها في المنام فلامها و أنّبها في مثل هذا، فأما القتل فما سمعنا به، قال: و كانت المرأة القائلة هذا الكلام صاحبة شعر و رجز فقالت:
ما ذا صنعت و ما ذا *** لقيت من غسان
قتلت نفسك حزنا *** يا خيرة النسوان
وفيت من بعد ما قد *** هممت بالعصيان
إن الوفاء من اللّه *** لم يزل بمكان
قال: فلما بلغ زوجها، و كان يقال له: المقدام بن حبيش، و كان قد أعجب بها و رجا أن تصير إليه، فقال: ما كان لي مستمتع بعد غسان و قال: هكذا فليكن النساء في الوفاء، و قلّ من يحفظ ميتا، إنّما هي أيام قلائل حتى ينسى و عنه يسلى، فقال هشام: صدق و برّ، لجاد ما أدركه عقله، و حسن عزاؤه حين فاتته طلبته، و أحسنت المرأة و وفت، و أحسن الرجل و صبر.
كان في صحابة هشام بن عبد الملك، و من ثقاته.
قرأت بخط أبي الحسن المقرئ، و أنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش المغربي، عنه، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت، نا محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن
ص: 208
قريش الحكيمي، نا أبو العيناء (1)،نا الأصمعي، حدّثني إبراهيم بن الحسن بن سهل، عن أبيه:
أن أبا جعفر المنصور وجه إلى شيخ من أهل الشام و كان بطانة هشام فساءله عن تدبر هشام في بعض حروبه للخوارج، فوصف له الشيخ ما دبر، فقال: فعل رحمه اللّه كذا، و صنع رحمه اللّه كذا، قال له المنصور: قم، عليك لعنة اللّه، تطأ بساطي و تترحم على عدوي ؟ فقال الرجل و هو مولى: إنّ نعمة عدوك لقلادة في عنقي لا ينزعها إلاّ غاسلي. فقال له المنصور:
ارجع يا شيخ، فرجع فقال: أشهد أنك نهيض حرّ، و غراس شريف، عد إلى حديثك. فعاد الشيخ في حديثه حتى إذا فرغ دعا له بمال فأخذه، فقال: و اللّه يا أمير المؤمنين ما بي حاجة إليه، و لقد مات من كنت في ذكره آنفا، فما أحوجني إلى وقوف على باب أحد بعده، و لو لا جلالة أمير المؤمنين و إيثار طاعته ما لبست لأحد بعده ثوبا، فقال له المنصور: مت إذا شئت، للّه أنت، فلو لم يكن لقومك غيرك كنت قد أبقيت لهم مجدا مخلدا، و ذكرا باقيا.
و بلغني عن أبي جعفر أحمد بن يوسف بن إبراهيم الكاتب، قال: حدّثني أحمد بن أبي يعقوب، حدّثني أبي أبو يعقوب، عن جدي واضح مولى المنصور قال:
كنت بين يدي المنصور و قد أحضر رجلا كان من رجال هشام بن عبد الملك و هو يسائله عن سيرة هشام لأنها كانت تعجب المنصور، فكان الرجل يترحم على هشام عند كل جاز من ذكره فاحفظ ذلك جماعتنا فقال له: ارجع كم تترحم على عدو أمير المؤمنين، فقال الرجل للربيع: مجلس أمير المؤمنين - أيّده اللّه - أحقّ المجالس بشكر المحسن و مجازاة المجمل، و لهشام في عنقي قلادة لا ينزعها إلاّ غاسلي. فقال له المنصور: و ما هذه القلادة ؟ قال: قدّمني في حياته و أغناني عن غيره بعد وفاته، فقال له المنصور: أحسنت بارك اللّه عليك و بحسن المكافأة تستحق الصنائع، و تزكو العوارف، ثم أدخله في خاصّته.
روى عنه الزهري.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي الحسن العلوي، أنبأ رشأ المقرئ، أنا أبو محمّد المصري،
ص: 209
أنا أحمد بن مروان، نا إبراهيم الحربي، نا محمّد بن الحارث، عن المدائني قال: قال صالح ابن كيسان:
خرج علينا الزهري من عند هشام بن عبد الملك فقال: لقد تكلم اليوم رجل عند أمير المؤمنين ما سمعت كلاما أحسن منه قال له: يا أمير المؤمنين اسمع مني أربع كلمات فيهن صلاح دينك، و ملكك، و آخرتك، و دنياك، قال: ما هنّ ؟ قال: لا تعدنّ أحدا عدة و أنت لا تريد إنجازها، و لا يغرّنّك مرتقى سهل إذا كان المنحدر و عرا، و اعلم أن الأعمال آخرا فاحذر العواقب، و إنّ الدهر تارات فكن على حذر.
وفد على هشام.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين الموازيني، قراءة، أنا أبو عبد اللّه القضاعي، إجازة، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمرو بن شاكر القطان، نا الحسن بن رشيق، نا محمّد بن رمضان بن شاكر الحميري، نا محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أنا الشافعي:
أن رجلا من ولد علي بن أبي طالب كان طويل اللسان بليغا، فاستأذن على هشام بن عبد الملك و هو خليفة، فأذن له، و هو في موضع مشرف و أمر ليجعل به ليقطعه ذلك عن بلاغته، فلما دخل على هشام سلّم فقال: إيها تكلّم قال: حتى يذهب عني بهر (1) الدرجة، و بهجة الخلافة.
وفد على هشام بن عبد الملك.
أنبأنا أبو علي بن نبهان.
و حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، و محمّد بن إسحاق بن إبراهيم، و ابن نبهان.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أحمد بن الحسن، قالوا: أنا أبو علي بن
ص: 210
شاذان، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن مقسم المقرئ، نا أبو العباس أحمد بن يحيى، نا عمر بن شبة (1)،حدّثني ابن عائشة قال: سمعت أبي يقول:
كانت دار محمّد بن سليمان لرجل من بني مخزوم فوفد إلى هشام فقال: يا أمير المؤمنين إنّ دار عبد اللّه بن نافع بن الحارث في وجه داري، فأذن لي أن أقدّم داري حتى تستوي بها، فقال: و أين دارك ؟ قال: في مربد (2) البصرة، قال: لا و اللّه و لا شبرا.
وفد على هشام بن عبد الملك.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، و أبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر المخلص، أنا عبيد اللّه السكري، ثنا زكريا المنقري، نا الأصمعي، قال:
حدّثنا عن أبي جناب قال:
كنت جالسا عند هشام بن عبد الملك و دخل عليه أعرابي من بني أسد، فسلّم عليه ثم قال: يا أمير المؤمنين، أتت علينا سنون ثلاث ذهبت بالأموال، و نحتت القلوب، أما الأولى فأذابت الشحم، و أما الثانية فنحضت (3) اللحم، و أما الثالثة فهاضت (4) العظم، و في يديك فضول أموال، فإن تك للّه فبثها في عباد اللّه، و إن تك لهم، ففيم تحبسها عنهم ؟ و إن تك لك فتصدّق علينا، إنّ اللّه يجزي المتصدقين، فأمر له بعشرة آلاف درهم، فقال: و اللّه لا أقبلها، لبئس وافد القوم إذا أنا إن ذهبت إلى قومي غنيا و هم فقراء، فكتب هشام إلى خالد بن عبد اللّه القسري يحمل إلى البادية ما يكتفون به.
أخبرنا أبو القاسم العلوي، أنا رشأ، أنا الحسن، أنا أحمد بن مروان، نا محمّد بن يونس قال: سمعت الأصمعي يقول:
قام أعرابي بين يدي هشام فقال: يا أمير المؤمنين أتت على الناس سنون أما الأولى فلحت اللحم، و أما الثانية فأكلت الشحم، و أما الثالثة فهامت العظم، و عندكم فضول أموال فإن كانت للّه فاقسموها بين عباده، و إن كانت لهم ففيم تحظر عليهم، و إن كانت لكم
ص: 211
فتصدّقوا، فإنّ اللّه يجزي المتصدقين، فأمر له هشام بمال و قسم مالا بين الناس، فقال الأعرابي: أ كلّ المسلمين له مثل هذا؟ قال: لا يقوم بذلك بيت المال، قال: فلا حاجة لي فيما آخذ من بيت مال المسلمين، و لا يأخذه غيري، فمضى و تركه.
قرأت على أبي محمّد عبد اللّه بن أسد بن عمار، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا عبد الوهاب بن جعفر، و نقلته من خطه، حدّثني أحمد بن علي بن عبد اللّه، حدّثني أبو الحسن محمّد بن سليمان السليماني، نا أبو بكر بن دريد، نا أبو حاتم، عن العسي (1) عبيد اللّه قال:
بلغ هشام بن عبد الملك عن رجل كلام، فأتي به فتكلّم بحجته، فقال هشام: أو تتكلم أيضا؟! فقال: يا أمير المؤمنين إنّ اللّه يقول: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجٰادِلُ عَنْ نَفْسِهٰا (2)، أ فنجادل اللّه جدالا و لا تكلم أنت كلاما، قال: يا ويحك، فتكلم بما أحببت.
9213 - شيخ راجز (3) من بني والية من بني أسد
وفد على هشام بن عبد الملك.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم النسيب، و أبو الوحش المقرئ عنه، أنا أبو مسلم محمّد بن أحمد بن علي الكاتب، ثنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد، أنبأ أبو حاتم، حدّثني الأصمعي، أخبرني محمّد بن حرب الهلالي، قال:
خرجت مرّة أريد مكة، فنزلت بحيّ من بني أسد، ثم من بني والبة، فإذا أنا بشيخ كبير السن، حسن اللباس، فسلّمت عليه، ثم جلست فسألته عن سنّه، فقال: خلفت عشرين و مائة [سنة] فسألته عن طعمه فقال: ما أزيد على الصّبوح (4) و الغبوق شيئا. فسألته عن الباه فقال:
أيهات و اللّه لقد وفدت على هشام و هو في رصافته يشرب اللبن، و ذلك أنّي ذكرت له فسألني عن طعمي فقلت: الصّبوح و الغبوق، و سألني عن الباه ؟ فقلت: و اللّه إن لي لثلاث نسوة، بتّ عند إحداهن ليلة و أصبحت غاديا إلى الأخرى و في رأسي أثر الغسل، فقالت: امط عني،
ص: 212
أفرغت ما في صلبك. فقلت: و اللّه لأوفينّك ما وفيتها، فلاعبتها ثم تورّكتها، حتى إذا أردت الإنزال أخرجته فأمسكته، فنزا الماء حتى حاذى رأسها، فقلت: أ يكون هذا ممن أفرغ ما صلبه ؟ ثم تناولت عشر حصيات فكلّما صرت إلى الفراغ ناولتها حصاة حتى أتيت على العشر، فسألتها كم في يدك ؟ فقالت: تسع، فقلت: لا بل عشر، فقالت: و اللّه لا أحسب لك ما لم يصل إليّ ، فضحك هشام حتى استلقى على فراشه ثم إنّي سألته كيف أنت اليوم ؟ فقال:
هيهات، و اللّه إنّي لأظل اليومين و الثلاثة و ما في الثاني طائل (1)،ثم ضرب بيده على فخذه و قال:
قد كبرت بعد شباب سني *** و أضعف الأزلم (2) مني ركني
و الدهر يبلي جدّه و يفني *** و أعرضت أم عيالي عني
إذ عزّ عندي ما تريد مني *** و قالت الحسناء يوما ذرني
و لم ترد ذرني و لكن نكني *** لكنها عن ذاك كانت تكني
وفد على هشام.
وفد على هشام بن عبد الملك و وعظه.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد اللّه، إذنا و مناولة، و قرأ علي إسناده، أنا محمّد بن الحسين، أنا المعافى بن زكريا القاضي (3)،نا محمّد بن الحسن بن دريد، نا أبو عثمان، عن العتبي قال:
صعد رجل إلى هشام بن عبد الملك في خضراء معاوية، فمثل بين يديه لا يتكلم، فقال له هشام: ما لك لا تتكلم ؟ قال: هيبة الملك و بهر الدّرج، فلمّا رجعت نفسه إليه قال له هشام: تكلّم و إياك و مدحنا، فقال: لست أمدحك (4) إنّما أحمد اللّه فيك، ثم قال: إن الدنيا ذمّت بأعمال العباد إذا أساءوا (5)،و لم تحمد بأعمالهم فيها إذا أحسنوا، و إن الدنيا لم تكتم
ص: 213
بما فيها فتذمّ و لكن إنّما جهرت به، فأخذها من أخذها بذلك و هي عليه، و تركها من تركها لذلك و هي له، و إنّ الدنيا نادت أهلها بأنها تاركة من أخذها و مفارقة من صحبها، و مخربة عمران من عمرها، فمن زرع فيها شرورا (1) حصد حزنا، و من أبرّ فيها هوى اجتنى ندامة، و إنما هي لمن زهد فيها اليوم و أعرض عنها و آثر الحق عليها، و أخذها من أخذها بعد البيان منها و الإخبار عن نفسها، فغرّ نفسه و سماها غرّارة و كذّب نفسه و سماها كذابة، و زهد فيها آخرون فصدّقوا مقالتها، و رأوا آثارها في فعالها فأخذوا منها قليلا، و قدّموا فيها كثيرا، و سلموا من الباطل، و صارت لهم عونا على الحق في غيرها، فلم تحمد بإحسان من أحسن فيها و هي له، و ذمّت بإساءة من أساء فيها و هي عليه، فأنت أحق بإساءتك فيها إذ كان الإحسان لك دونها، فأطرق هشام يفكّر في كلامه و امّلس الرجل فلم يره.
قال القاضي (2):من أبر فيها هوى أي لقح، يقال: أبرت النخل و أبرته إذا لقحته (3) و منه قول النبي صلى اللّه عليه و سلم:«من باع نخلا مؤبرا»[13686] و قوله: سكة مأبورة، و قال الشاعر (4):
لا تأمنن قوما وترتهم *** و بدأتهم بالغشم و الظلم
أن يأبروا نخلا لغيرهم *** و الشيء تحقره و قد ينمي
و قوله: فاملس معناه زال عن موضعه بسهولة، و هو مأخوذ من الملاسة، يقال: أملس من كذا و تملّس أي زال بسرعة لملاسة موضعه و أنه ليس فيها أجزاء لها نتوء و نبوّ و تضاريس و يقال في هذا المعنى انملص و تملّص، و كأنه من الدحض و الزلق؛ و يقال: إنّ هذا الوجه أفصح الكلامين و منه انملصت المرأة فأزلقت إذا أسقطت جنينها، و منه الخبر الوارد أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قضى في إملاص المرأة [بغرّة] (5) عبد أو أمة، و ذلك إذا ضربت فأسقطت جنينا ميتا.
و هذا الخبر مما ينبه على الحذر من غرور الدنيا، و قال اللّه تعالى ذكره: يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ إِنَّ وَعْدَ اللّٰهِ حَقٌّ فَلاٰ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيٰاةُ الدُّنْيٰا وَ لاٰ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللّٰهِ الْغَرُورُ (6).
ص: 214
9215 - رجل من ولد خبّاب (1)
وفد على هشام بن عبد الملك.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا نصر بن الحسن الشاشي ببغداد، أنا علي بن المشرف الأنماطي، أنا محمّد بن حمود بن عمرة، أنا محمّد بن أحمد الخطيب، أنا عمر بن علي بن الحسن العتكي، نا منصور بن الحسن الفقيه، أن محمّد بن زكريا حدّثهم، نا أبو سليمان قال:
خرج رجل من ولد سعيد بن العاص و رجل من ولد أبي معيط يريدان هشام بن عبد الملك فلحقهم رجل من ولد خبّاب بن الأرتّ فلما قدموا دمشق قيل للسعيدي: أين تنزل ؟ قال: على آل أبي أحيحة و قيل للمعيطي: أين تنزل ؟ قال: على آل أبي معيط ، و قيل للخبّابي:
أين تنزل ؟ قال: لا أدري، و لكن أنزل على ربي، فجاء حتى قعد على باب هشام، و جاءت هدايا من عند ابن الحبحاب (2) عامل مصر، فأدخلت على هشام، فأخذ الخبّابي رزمة ثم دخل، فلما صار بين يدي هشام، انتسب له، فسأل عنه فوجد أمره صحيحا، فما أمسى حتى كتب ثلاث صحائف إلى عامل المدينة؛ صحيفة بجائزته (3) و صحيفة بقطيعته و صحيفة بأرزاقه، و بقي السعيدي و المعيطي يغدوان و يروحان.
حدّث عن مسلمة.
روى عنه هشام بن الغاز.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، نا يحيى بن محمّد، حدّثنا الحسين بن الحسن، أنا عبد اللّه (4)،أنا هشام بن الغاز قال: حدّثني مولى لمسلمة بن عبد الملك قال: حدّثني مسلمة قال:
دخلت على عمر بن عبد العزيز بعد صلاة الفجر في بيت كان يخلو فيه بعد الفجر، فلا يدخل عليه أحد، فجاءته جارية بطبق عليه تمر صيحاني و كان يعجبه التمر، فرفع بكفيه منه
ص: 215
فقال: يا مسلمة أ ترى لو أن رجلا أكل هذا ثم شرب عليه من الماء، فإن الماء على التمر طيب أ كان مجزيه إلى الليل ؟ قال: فقلت: لا أدري، قال: فرفع أكثر منه، فقال: فهذا؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، كان كافيه دون هذا حتى ما يبالي أن لا يذوق طعاما غيره، قال: فعلام تدخل النار؟ قال: فقال مسلمة: فما وقعت مني موعظة ما وقعت مني هذه.
وفد على الوليد بن يزيد.
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني (1)،حدّثني محمّد بن يحيى الصولي، نا خالد بن النضر القرشي بالبصرة، نا أبو حاتم السجستاني، نا العتبي قال:
كانت للوليد بن يزيد جارية يقال لها صدوف فغاضبها ثم لم يطعه قلبه، فجعل يتسبب (2) لصلحها (3) فدخل عليه رجل قرشي من أهل المدينة فكلّمه في حاجة و قد عرف خبره، فبرم به فأنشده:
أعتبت أن عتبت عليك صدوف *** و عتاب مثلك مثلها تشريف
لا تقعدن تلوم نفسك دائما *** فيها و أنت بحبها مشغوف
إن القطيعة لا يقوم بمثلها *** إلاّ القوي و من يحب ضعيف
الحب أملك بالفتى من نفسه *** و الذّلّ (4) فيه مسلك مألوف
قال: فضحك و جعل ذلك سببا لصلحها، و أمر بقضاء حوائج القرشي كلّها.
قيل اسمه مهدي.
قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين، عن عبد العزيز الكتاني، أنا عبد الوهاب الميداني، أنا أبو محمّد بن زبر، أنا عبد اللّه بن أحمد بن جعفر، أنا محمّد بن جرير (5) قال:
ص: 216
قال الوليد بن يزيد فيما زعم الهيثم بن عدي شعرا يوبخ به أهل اليمن في تركهم نصرة خالد بن عبد اللّه.
[قال] (1) و أما أحمد بن زهير فإنه حدّثني عن علي بن محمّد عن (2)[محمّد بن] (3)سعيد العامري، عامر كلب، أن هذا الشعر قاله بعض شعراء اليمن على لسان الوليد يحرض عليه اليمانية:
أ لم تهتج فتذكر الوصالا *** و حبلا كان متصلا فزالا
بلى فالدمع منك له سجام *** كماء المزن (4) ينسجل انسجالا
فدع عنك ادكارك آل سعدى *** فنحن الأكثرون حصى (5) و مالا
و نحن المالكون الناس قسرا *** نسومهم المذلّة و النكالا
وطئنا الأشعرين بعزّ قيس *** فيا لك وطأة لن تستقالا
و هذا خالد فينا أسيرا *** أ لا منعوه إن كانوا رجالا
عظيمهم و سيدهم قديما *** جعلنا المخزيات له ظلالا
فلو كانت قبائل ذات عزّ *** لما ذهبت صنائعه ضلالا
و لا تركوه مسلوبا أسيرا *** يسامر من سلاسلنا الثقالا
و رواه المدائني: يعالج من سلاسلنا.
و كنده و السكون فما استقالوا *** و لا برحت خيولهم الرحالا
بها سمنا البرية كل خسف *** و هدّمنا السهولة و الجبالا
و لكن الوقائع ضعضعتهم *** و جذّتهم وردتهم شلالا
و ما زالوا لنا أبدا (6) عبيدا *** نسومهم المذلة و السفالا
فأصبحت الغداة عليّ تاج *** لملك الناس ما يبغي انتقالا
ص: 217
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد اللّه السلمي، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، ثنا أبو بكر محمّد بن القاسم بن الأنباري، نا أبو الحسن بن البراء، أنا أبو الفضل العباس بن الفضل الربعي، نا مبارك الطبري، حدّثني الفضل بن الوضاح صاحب قصر الوضاح، عن أبيه قال:
خرجت مع أبي جعفر المنصور إلى مروان بن محمّد فصحبنا في الطريق رجل ضرير كان عنده أدب و معرفة فاستجلاه أبو جعفر و قال له: من تقصد؟ قال: أمير المؤمنين مروان، قال: في أي شيء؟ قال: في شعر أمتدحه به، قال: إن سهل عليك أن تنشدنيه فافعل، قال:
فأنشده:
ليت شعري أ فاح رائحة المس *** ك و ما إن أخال بالخيف أنسي
حين غابت بنو أمية عنه *** و البهاليل من بني عبد شمس
خطباء على المنابر فرسا *** ن عليها و قالة غير خرس
لا يعابون صامتين و إن قا *** لوا أصابوا و لم يقولوا بلبس
بحلوم إذا الحلوم استخفّت *** و وجوه مثل الدنانير ملس
قال أبو جعفر: فما أتمّها حتى ظننت أن العمى قد أخذني من حسدي بني أمية عليها.
قال الوضاح: ثم حجّ أبو جعفر سنة ثلاث و أربعين و مائة، و هو خليفة، فحججت معه، و قد كان نوى أن يمشي حتكا (1) فرودا (2)،فإنه ليمشي إذ بصر بالضرير فقال: يا مسيب عليّ بالأعمى، فأتي به فقال: ما صنع بك مروان ؟ قال: أغناني، و لا أسأل و اللّه بعده أحدا شيئا، قال: ما أعطاك ؟ قال: أربعة آلاف دينار، و عشرة غلمان، و عشر جوار، و حملني على عشرة من الدواب، و أوقر لي خمسة أبغل خرثيا (3) ثم تنفس الصعداء و أنشأ يقول:
آمت نساء بني أمية منهم *** و بناتهم بمضيعة أيتام
نامت خدودهم و أسقط نجمهم *** و النجم يسقط و الخدود تنام
خلت المنابر و الأسرة منهم *** فعليهم حتى الممات سلام
ص: 218
فقال له أبو جعفر: أ ما تعرفني ؟ قال: ما أنكرك من سوء، من أنت ؟ قال: أنا أمير المؤمنين المنصور، فأخذ الضرير أفكل - يعني رعدة - و قال: يا أمير المؤمنين، إنّ القلوب جبلت على حبّ من أحسن إليها، و بغض من أساء إليها، قال: صدقت، خلوا عنه، ثم تتبعته نفسه بعد فطلبه، فكأنّ البيداء بادت به.
قال أبو بكر: البيت الذي أوله:«لا يعابون» و البيت الذي أوله:«خطباء المنابر» لم أكتبهما عن أبي الحسن (1) بن البراء، سمعناهما بغير هذا الإسناد، رواها الصولي عن إسماعيل المادراني عن عبيد اللّه بن أحمد الرصافي قال: سمعت أبي يقول سمّي عندي أبو الفضل العباس بن وضاح فحدّثني عن أبيه: أن أبا جعفر المنصور قال: صحبت رجلا ضريرا إلى الشام، فذكرها.
دخل على عبد اللّه بن علي بن عبد اللّه بن عباس.
أخبرنا أبو العزّ بن كادش، قراءة عليه، أنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن علي بن عبد اللّه بن محمّد الورّاق، قال: قرئ على أبي الحسن محمّد بن عمر بن بهتة البزاز قيل له:
سمعت أبا بكر محمّد بن القاسم ابن الأنباري يقول: حدّثني أبي، حدّثني أحمد بن عبيد، أنا المدائني قال:
كان في ولد أبي سفيان رجل به وضح (2) و مرض؛ ذكر لعبد اللّه بن علي بن عبد اللّه بن العباس أنه قال: أنا السفياني الذي يذهب ملك بني العباس على يده، فطلبه عبد اللّه فتوارى، فأمر عبد اللّه بإخراج نساء أبي سفيان و التماسه منهن. فلما هتك الحرم وافى باب عبد اللّه بن علي على بغل و معه ابناه على فرسين م ؟؟؟ ا؟؟؟ ن حد؟؟؟ (3) فقال للحاجب: عبد اللّه هذا جالس ؟ و لم يقل الأمير. قال: لا، قال: أ فتأذن في الجلوس إليك ؟ قال: نعم، فنزل و نزل ولداه، فجلسوا مع الحاجب، فنظر للحاجب فإذا أحسن خلق اللّه حديثا، و أحلاهم كلاما، فغلب على قلبه، ثم عرف الحاجب جلوس عبد اللّه. قال: فدخل إليه، و قال: أنا أذكرك له فقد أحببتك و ملت إليك ثم خرج إليه، فقال له: يقول: ما اسمك ؟ فقال: قل له رجل يأتيك بما
ص: 219
تحب، فدخل إليه ثم خرج فقال: قال لي: فتّشه و أدخله، فضحك، فقال: ليس هذا الخبر قبلك، فلمّا دخل قال له لمن دلّك على فلان - و ذكر اسمه - من الجبابرة قال: حكمه. قال:
فأنا فلان، و هذان ابناي، فما دعاك إلى أن برزت أسوق (1) بنات (2) عمك يراهنّ أنباط الشام في طلبي ؟ قال عبد اللّه: أ تدري ما قال جابر؟ قال: لا، قال: فإنه يقول (3):
جرد (4) السيف و ارفع السوط حتى *** لا ترى فوق ظهرها أمويا
قال: إن شاعركم قال: لكم ما تحبون، أ فتدري ما قال شاعرنا؟ قال: لا، قال: فإنه يقول (5):
شمس (6) العداوة حتى يستقاد لهم *** و أعظم الناس أحلاما إذا قدروا
و أنا أعلم إن حكمت بما لا تهواه أنك (7) لا تجيز حكمي، فتركتك قال: اقتلوه. قال:
فإن كنت فاعلا فابني قبلي، فقتلا ثم قتل من بعدهما، رحمهم اللّه.
حكى عن عبد اللّه بن سوار.
أخبرنا أبو العزّ السلمي، مناولة و إذنا و قرأ علي إسناده، أنا محمّد بن الحسين، أنا المعافى بن زكريا، نا محمّد بن الحسن بن دريد، أنا أبو حاتم قال: سمعت بعض أصحابنا يحدّث عن عبد اللّه بن سوار، قال:
كنت غلاما بين يدي يحيى بن خالد، فدخل عليه شيخ ضخم جميل الهيئة فأعظمه يحيى و أقعده إلى جانبه و حادثه ثم قال له: ما بالكم كنتم تكتبون الكتب إلى عمّالكم في سائر أموركم فلا تطيلون، و إنّما الكتاب بقدر الفضل من كتبنا، و نحن نطيل إطالة لا يمكننا غير ذلك، فقال: اعفني، فأبى عليه إلاّ أن يجيبه (8) فقال: و أنت غير ساخط؟ قال: نعم، قال: إن
ص: 220
بني أمية كانت لا تكتب في الباطل أنه حق، و لا في الحق أنه باطل، و لا تعقب أمرا قد نفذ بخلافه أمر، فلا يحتاجون إلى الإطالة و طلب المعاذير و التلبيس و أنتم تكتبون في الشيء الحقّ أنه باطل، و الباطل أنه حق، ثم تعقبون ذلك بخلافه، فلا بدّ لكم من الإطالة.
قال عبد اللّه بن سوار: فسألت عن الشيخ فقيل لي: هذا رجل من كتّاب بني أمية القدماء، من أهل الشام.
ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية
كان يسكن الشراة (1) من أرض البلقاء من أعمال دمشق.
حكى عنه علي بن مافنة، تقدمت حكايته في ترجمة علي (2).
أدرك خلافة عثمان، و سمع كعب الأحبار.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، و محمّد بن موسى، قالا: نا أبو العباس بن يعقوب، نا الربيع بن سليمان، نا ابن وهب، أنا سليمان بن بلال، عن قدامة بن موسى، عن ابن دينار:
أن كعب الأحبار جلس يوما يقصّ بدمشق حتى إذا فرغ قال: إنا نريد أن ندعو، فمن كان منكم يؤمن باللّه و كان قاطعا إلاّ قام عنّا، فقام فتى من القوم فولّى إلى عمّة [له] (3) كان بينه و بينها محرم، فدخل عليها فصالحها، فقالت: ما بدا لك ؟ قال: سمعت كعبا يقول كذا و كذا، و قال كعب: إنّ الأعمال تعرض كلّ يوم خميس و اثنين إلاّ عمل قاطع يتجلجل بين السماء و الأرض.
أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه اللّه قال:
ص: 221
حدث عن كعب الأحبار.
روى عنه سليمان بن حبيب المحاربي، قاضي دمشق.
أنبأنا أبو طاهر محمّد بن الحسين بن محمّد، و حدّثنا أبو البركات الخضر بن شبل الفقيه عنه، أنا أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي، نا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد اللّه بن عمر بن أيوب المرّي (1)،أنا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصّمد السلمي، أنا أحمد ابن عمير بن يوسف بن جوصا، نا أبو عامر موسى بن عامر المزني، نا الوليد بن مسلم، حدّثني كلثوم بن زياد، عن سليمان بن حبيب المحاربي، عن رجل من قومه أنه سمعه من كعب يقول: يلتقون بعمق عكا فيقتتلون ثم يتهايبون و ينحازون ثم يقتتلون، ثم يتهايبون حتى ينتهوا إلى عمق أنطاكية فيقيمون به لا ينهزم هؤلاء و لا هؤلاء و يبعث المسلمون فيستمدون إلى عدن أبين (2) و يبعث الروم إلى من يمدهم من رومية.
حكى عن كعب الأحبار.
حكى عنه الشعبي.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه، نا يعقوب (3)،حدّثني يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد اللّه بن موهب الفلسطيني، نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، أخبرني عبد الملك بن أبجر قال: سمعت الشعبي يقول:
لما قدمت الشام نزلت بعبد العزيز بن مروان، فبينا أنا جالس في المسجد ذات يوم دخل شيخ قصير أحمر أصلع أقرع، فاشرأبوا له، فقالوا: هذا غلام العلماء، فجعل يجلس في الحلق و ينتقل فيها، فقلت: اللهم جيء (4) به، فجاء حتى جلس في الحلقة التي أنا فيها، فقال: حدّثنا ذو الكتابين أن السماء على منكب ملك قلت: أكذبك كتاب اللّه، فكادوا أن
ص: 222
يثوروا إليّ أو ثاروا إليّ ، ثم قالوا: ما تريد إلى ضيف أمير المؤمنين ؟ قال: فترادوا، ثم قال:
حدّثنا ذو الكتابين أن صورا بالمشرق و صورا بالمغرب فينفخ في أحدهما فيموت الناس و ينفخ في الآخر فيحيون، فقلت: أكذبك كتاب اللّه، فكادوا أن يثوروا، أو ثاروا، ثم ترادوا و قالوا:
ما تريدون إلى ضيف أمير المؤمنين ؟ قال: فأقبلت عليهم فقلت: ما تعجبون من أن أكذب من أكذبه اللّه، زعم هذا أن السماء على منكب ملك، و اللّه يقول: رَفَعَ السَّمٰاوٰاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهٰا (1)،و زعم هذا أن صورا بالمشرق و صورا بالمغرب ينفخ في أحدهما فيموت الناس، و ينفخ في الآخر فيحيون و اللّه يقول: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّٰ مَنْ شٰاءَ اللّٰهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرىٰ (2) إنما هو واحد، قال: فقال لي: ممن أنت ؟ فأخبرته، فقال: أما ان ذا الكتابين حدّثنا أن نساءكم سيسبين فيؤتى بهن حتى يوقفن على الدرج و يكشف عن سوقهن، فقلت: أما إني أرجو أن تكون الآخرة مثل الأوليين.
روى عنه أبو سلام الأسود.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنا، قراءة على أبي الحسين بن الآبنوسي، أنا أبو القاسم بن عتاب، أنا أحمد بن عمير، إجازة.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، أنا أحمد بن عمير قراءة قال: سمعت ابن سميع يقول في الطبقة الثالثة رجل من أهل دمشق روى عنه أبو سلام.
حكى عنه ربيعة بن يزيد القصير الدمشقي.
قرأنا على أبي عبد اللّه بن البنا، عن أبي الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد، أنا علي ابن محمّد بن خزفة (3).
ح، و عن أبي الحسين بن الآبنوسي، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل، قراءة.
ص: 223
قالا: أنا محمّد بن الحسين بن محمّد الزعفراني، نا ابن أبي خيثمة، نا الحوطي عبد الوهاب بن نجدة، نا بقية بن الوليد، نا سعيد بن عبد العزيز، حدّثني ربيعة بن يزيد قال:
قعدت إلى الشعبي بدمشق في خلافة عبد الملك فحدث رجل من الصحابة أو رجل من التابعين عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:«اعبدوا ربكم و لا تشركوا به شيئا، و أقيموا الصلاة، و آتوا الزكاة، و أطيعوا الأمراء، فإن كان خيرا فلكم، و إن كان شرّا فهو عليهم و أنتم منه براء» فقال الشعبي: كذبت.
روى عن يزيد بن نمران.
روى عنه سعيد بن عبد العزيز، و قيل اسمه سعيد.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنا أبو بكر البيهقي (1)،أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أحمد ابن علي بن الحسن المقرئ، نا أحمد بن عيسى التنيسي، نا عمرو بن أبي سلمة، نا سعيد بن عبد العزيز، حدّثني مولى ابن نمران [عن ابن نمران] (2) قال:
رأيت مقعدا بتبوك، فسألته عن إقعاده فقال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يصلّي فمررت بين يديه فقال:«قطع صلاتنا قطع اللّه أثره» قال: فأقعدت قال: و كان على أتان أو على حمار[13687].
[قال ابن عساكر:] (3) كذا قال، و خالفه غيره فرواه عن سعيد، عن مولى ابن نمران عن ابن (4) نمران، و قد تقدم في ترجمة يزيد بن نمران و في ترجمة سعيد.
روى عن عمرو بن قيس السكوني.
روى عنه الهيثم بن حميد.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو محمّد بن الأكفاني، و أبو تراب حيدرة بن
ص: 224
أحمد المقرئ، قالوا: ثنا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنا أبو عبد الملك، نا ابن عائذ.
قال: و حدّثني الهيثم بن حميد، حدّثني شيخ من السكاسك، حدّثني عمرو بن قيس (1)قال:
و لأني عمر (2) الصائفة، و أوصاني بتقوى اللّه و بالمسلمين خيرا، و قال: إن رابطت (3)حصنا فلا تقم عليه إلاّ يوما و ليلة، فإن طمعت فيه و إلاّ فارتحل، فإن أرادوك على فداء ما في يديك من أساراهم رجلا برجل، فافده، فإن أبوا فرجل برجلين، فإن أبوا فرجل بثلاثة، فإن أبوا فأعطهم جميع ما في يدك برجل من المسلمين.
حدّث عن إسماعيل بن عبيد اللّه بن أبي المهاجر المخزومي.
روى عنه إسماعيل بن رافع.
أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد الباقي بن الدوري (4)،نا أبو محمّد الحسن بن علي الجوهري، قراءة، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن زيد بن علي بن مروان الأنصاري الكوفي، أنا أبو جعفر محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي الأشناني (5)،ثنا عباد بن يعقوب الأسدي، أنا المحاربي، يعني عبد الرّحمن بن محمّد، عن إسماعيل بن رافع، عن رجل من أهل دمشق، عن إسماعيل بن عبيد اللّه، عن عبد اللّه بن عمرو قال:
من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه إلاّ أنّه لا يوحى إليه، و من قرأ القرآن فرأى أن أحدا من الخلق أعطي أفضل مما أعطي فقد حقّر ما عظم اللّه، و عظم ما حقّر اللّه، ليس ينبغي لحامل القرآن أن يجهل فيمن يجهل، و لا يجد فيمن يجد، و لكن يعفو و يصفح لحقّ القرآن.
ص: 225
روى عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة.
روى عنه بقية بن الوليد.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنا جدي أبو محمّد، قراءة عليه، نا أبو الحسن علي بن محمّد بن شجاع الربعي، أنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن علي ابن فراس العبقسي، نا أبو علي عبيد اللّه بن محمّد بن أبي رجاء الزيات بمكة، نا أبو قرصافة محمّد بن عبد الوهاب العسقلاني، نا آدم بن أبي إياس، نا بقية بن الوليد، حدّثني شيخ من أهل دمشق، حدّثني إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة الأنصاري، عن أنس بن مالك قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«العلم (1) فريضة على كلّ مسلم»[13688].
حكى عنه الوليد بن مسلم.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، و ابن السمرقندي، قالا: ثنا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب، أنا أبو عبد الملك أحمد ابن إبراهيم القرشي، نا محمّد بن عائذ، أخبرني الوليد قال:
فحدّثني شيخ من أهل دمشق أنّه كان فيمن غزا معه يعني مروان بن (2) محمّد إلى الخزر قال: فسحنا (3) في بلادهم و نسبي من أدركناه، و لم نلق لهم جمعا، فشكوت إلى بيطار العسكر سعالا بفرسي أو علة، فأمر لي بورق القصباء الأخضر، فذهبت انظر، فإذا بغيضة بيننا و بينها نحو من أربعة أميال، فدعاني الأمر الذي كنا فيه إلى أن خرجت إلى تلك الغيضة على فرسي، فبينا أنا آخذ من الورق إذا؟؟؟ ل ؟؟؟ (4) إلى من رءوس القصب فإذا أنا ببريق الأسنة خلف القصب، فقمت على سرجي لأتمكن من النظر، فإذا بحرة سوداء من القنا، فجلست على سرجي و أخذني منهم آخذ، فغدوت على فرسي حتى دخلت على مروان، فأخبرته ما رأيته،
ص: 226
فدعا، بعض هضائلة (1) أرمينية (2) فأخبرهم بما جئت من خبره، فقالوا: هذا فلان الطرخان (3)،عامل هذه البلاد، و أساورته عشرة آلاف، نحن نرى أن ضعف رأيه، و نظره لنفسه دعاه إلى أن كمن في هذه الغيضة، ليشد على ساقة العسكر، قال: فأمر مروان قائدا من قوّاده ليخرج في أصحابه فنودي في العسكر: من أراد الأجر و العصمة (4) فليلحق بفلان، فسار إليهم، حتى وقف على باب مدخل الغيضة، و أتوا بالنيران و النفط ، فألقي في الغيضة، و هاجت الريح بالنار، و دخل المسلمون بالسيوف، قال ذلك الشيخ قال الذي حدّثني:
فأهلكهم اللّه جميعا حريقا و قتلا، و أسرا، و أسرنا طرخانهم أسيرا، فضربت عنقه، ثم بعث حتى نفد برأسه من رءوس أصحابه إلى هشام.
قال الشيخ: أنا رأيت ذلك الرأس بعد أن قفلنا يطاف به في دمشق.
حدّث عن عطاء بن قرة.
روى عنه الوليد بن مسلم.
حدّث عن موسى بن وردان.
روى عنه الوليد بن مسلم.
أنبأنا أبو طاهر ابن الحنّائي، و حدّثنا أبو البركات الخضر ابن (5) أبي طاهر الفقيه، أنا أبو علي الأهوازي، نا عبد الوهاب المرّي (6)،أنا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصّمد، أنا أبو الحسن بن جوصا، نا موسى بن عامر، نا الوليد قال:
حدّثني شيخ من أهل دمشق، عن موسى بن وردان و خرج إلى نفير إلى الإسكندرية
ص: 227
فقال له أصحابه: هذا يوم الإسكندرية، قال: لا، إنما يوم الإسكندرية إذا رأيت أهل مصر قد خافوا من مسير النوبة إليهم، و رأيت أهل الفسطاط قد ضربوا عليهم الخندق، و جعلوا حرسا فيما بينهم و بين أرض النوبة.
قال موسى بن وردان: و ذلك أن صاحب الروم يكتب إلى صاحب النوبة - و هو على النصرانية - فيستنفره (1) فيعده ذلك و يواعده وقتا، فيعجل الروم بالخروج إلى الإسكندرية، و تبطئ النوبة عن الخروج، فإذا كان ذلك سار المسلمون إلى الإسكندرية، فيقاتلون بها، فينصرهم اللّه، ثم يرجعون، و تخرج عليهم النوبة.
روى عنه الوليد بن مسلم.
حدّثنا أبو الحسن علي بن المسلم الشافعي، لفظا، و أبو الفتح الخضر بن الحسين، قراءة، قالا: أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا علي بن يعقوب بن إبراهيم، أنا أحمد بن إبراهيم قال: قال محمّد بن عائذ: حدّثني الوليد، قال: فحدّثني رجل من أهل البلقاء، قال: فلما التقوا بين مؤتة (2) و عمقة تقدم زيد يسوّي الصفوف، إذ جاءه [سهم] (3) غرب (4) فقتله، و أخذ الراية جعفر.
ابن عبد اللّه الحكمي حين قاتل الترك
حكى عنه الوليد بن مسلم، و وفد على هشام بن عبد الملك.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي، نا محمّد بن عائذ، قال:
سمعت الوليد بن مسلم يذكر عن رجل كان في عسكر الجراح [قال: لما قتل الجراح] (5)استعصينا و جرّدنا سيوفنا، فأوجعنا في القوم، فقال لهم الطاغية: إنكم لن تصلوا إلى قتلهم
ص: 228
حتى تقتلوا أضعافهم (1)،فافرجوا لهم، ثم اتبعوهم في هذه الشجر قال: فلحقت بالجبل، فإذا بقرية قد انجلى أهلها، قال: فأتيت بيتا، فدخلته، فإذا فيه أثر نار و حطب، فأوقدت و جلست و بي جهد شديد، فلم ألبث حتى سمعت صهيل الخيل، فإذا بخيل الترك، قال:
فدخلت و أطفأت النار ثم جلست، فأقبل رجل منهم، فلم يزل يتبع النار حتى وجدها، و كان حسب أن في البيت أقواما، فجعل يأخذ في زاوية و آخذ في أخرى، ثم سلّ سيفه فقلت:
لئن (2) خرجت لأقطّعنّ و ما من شيء أمثل من أن استأسر له قال: فجئته فأخذ بناصيتي، قال:
ثم أجلسني عند النار، قال: و أشار إليّ أن أوقد، فأوقدت، فنظر فيّ فعرفت الرقة قال: و بي جهد شديد، فأتاني بكسر فأكلت، ثم ضربوا طبولهم، فأسرج ثم ركب ثم أشار إليّ فارتدفت خلفه، ثم تركهم حتى ساروا، ثم سار بي قدر أربعة أميال، ثم وقف و أشار إليّ ، فنزلت، ثم أشار: اذهب كيف شئت.
قال: فبينا نحن عند الحرسي و هو يقتل الأسارى إذ نظرت إليه فعرفته، فقمت إليه، فقلت: أ تعرفني ؟ فقال: نعم، فتقدمت إلى الحرسي فقصصت عليه أمري، ثم دعاه، فكلّمه الترجمان، فأخبره بمثل خبري، فقال: قد حقنا لك دمه، و إن هذا.... (3) يبعث إلى أمير المؤمنين، قال: فبعثني و بعث به فسألني هشام، فأخبرته، ثم دعاه فأخبره بمثل خبري، ففرض (4) له في قبيلتي فكان في عدادي.
حكى عن عمر بن هبيرة.
حكى عنه الوليد بن مسلم.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني، و أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد بن محمّد، و أبو تراب حيدرة بن أحمد بن الحسين.
قالوا: ثنا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان، أنا علي بن
ص: 229
يعقوب، أنا أحمد بن إبراهيم القرشي، نا ابن عائذ قال: فحدّثني شيخ من موالي ابن هبيرة عن عمر بن هبيرة قال:
كنا قد بلغنا من حصارهم ما بلغنا، و كان بنا من الأزل (1) و المرض نحوا (2) مما بهم و أشدّ، و كنت نازلا (3) بجماعة سفن على ساحلهم مما يلي عسكر المسلمين، في مركبي، فيه مبيتي إلاّ أن أركب إلى مسلمة فأشهد أموره، فإذا لم أركب خرجت في برد النهار إلى مجلس على تلّ مشرف على مراكبي، و على عسكر المسلمين، و يخرج إليّ أمراء أجنادي، و أهل الهيئة منهم، فكان ذلك التل من تلك الساعات لنا مجلسا و متحدثا، فبينا أنا ذات غداة - أو قال: عشية - جالس عليه في جماعة، إذ بقارب قد خرج من بابه (4) ميناء القسطنطينة يقصد إلينا، فيه رجال من الروم عليهم الديباج قال: فقلت: رسول الطاغية إليّ في أمر يكلمني به، فإن أتانا في مجلسنا أشرف على (5) رثاثة سفننا و سوء حالنا، سرّه ذلك، و ازداد قوة علينا، فقمت إلى مركبي فجلست مجلسي فيه و جلس معي أمراء أجنادي، و أهل الهيئة من الناس، و أمرت أهل السفن أن يواروا ما قدروا عليه من سوء حالهم، فلما دنوا نادونا بالأمان، فجعلته لهم، فأقبل رسول الطاغية في أصحابه في هيئة و تملّك في أنفسهم، حتى صعد إليّ فسلّم، و أذنت له فجلس، و جلسوا، ثم أنشأ يقول: إنا بعثنا لأمر فنذكره لكم، و رأيت منكم شيئا عرفت به سوء حالكم، و إنك أردت بقيامك عن التل و مجلسك الذي كنت فيه أ لا آتيك فيه، فأشرف على رثاثة سفنكم و سوء حالكم، ثم تهيأت لي بما أرى مما ليس خلفه قوة (6) و قد صرتم من حالكم إلى أسوأ مما نحن فيه. إن الملك يقرأ عليك السلام و يقول: إنه قد كان من نزولكم علينا و إقامتكم إلى هذا اليوم ما قد علمتم، و قد بلغ منا و منكم، و ما أنتم فيه أشد، و قد عرضت على مسلمة فدية صلح على كل إنسان بالقسطنطينة من رجل و امرأة و صبي دينارا دينارا على أن ترحلوا عنا إلى بلادكم، فإن شئتم اقتسمتم هذه الدنانير بينكم مغنما، و إن شئتم ذهبتم بها إلى خليفتكم فأدخله بيت ماله فصنع ما أراد، فسخط ذلك مسلمة و تأبى علينا،
ص: 230
و زعم أن لا يبرح دون أن نؤدي الجزية عن صغار، أو يدخله عنوة، و الصغار - الجزية - ما لا تطيب به أنفسنا أبدا، و أنت من خليفتك و من مسلمة و من علية العرب بالمنزلة التي أنت بها في الشرف و الأمانة، فانظر فيما عرضته على مسلمة، فإن رأيته رأيا أشرت به عليه و رددته إليه.
قال عمر بن هبيرة: أصاب مسلمة و ذلك ما أمرنا اللّه به، و لا أخالفه فيه، و أنا عونه عليه حتى يحكم اللّه بيننا و بينكم، قال: فصلّب على وجهه، و انصرف مغضبا إلى أصحابه.
حكى عن أبيه.
حكى عنه الوليد بن مسلم.
أنبأنا أبو القاسم العلوي، و أبو تراب (1) المقرئ، و غيرهما، قالوا: ثنا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنا أبو عبد الملك، نا ابن عائذ قال: قال الوليد.
فحدّثني شيخ من الجند عن أبيه و لا أعلم إلاّ أني قد سمعت أباه يذكر أنّه حضر عمر بن عبد العزيز بدابق (2) حين استخلف، و قطع البعث ما جهز من العير لا يظهر للناس أنه أمر بقفلهم، و لكنه إنّما وجه معاوية.... (3) على الإقامة يعني لحبس مسلمة.
و حكى شيئا من أمرها عن كتاب عمر بن عبد العزيز
حكى عنه الوليد بن مسلم.
أخبرنا أبو القاسم العلوي، و أبو محمّد بن الأكفاني، و غيرهما، إذنا، قالوا: أنا أبو محمّد الكتاني لفظا، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا علي بن يعقوب، أنا أحمد بن إبراهيم، أنا محمّد بن عائذ، عن الوليد قال: فحدّثني شيخ من الجند قال:
ص: 231
كنت فيمن حاصر القسطنطينة، فبلغنا من حصارها و بلغ منا الجوع نحوا مما سمعتم، فو اللّه إنا لفي بأس من القفل إذا بمرقبة (1) لأهل القسطنطينة على جبل ممتنع، قد أوقدوا عليها، فيشرف لذلك أهل القسطنطينة و راعهم فصالنا عما رأينا من تلك النار و عما راعهم من ذلك، فقالوا: هذه مرقبة توقد الناس للجيش يدخل من الشام، فيوقد لها مما يلي الدرب من المراقب و المسالح إلى أن يصل القتال... (2) الخير فيأتينا بذلك، و لا يشذّ أن جيشا قد أقبل منكم فانظروا ما ذا يأتيكم به، قال: فلم يلبث إلاّ أياما يسيرة حتى جاءنا رسول عمر بن عبد العزيز في نحو من أربعة آلاف بكتاب إلى مسلمة يأمره بالقفول، فقرأه مسلمة فلم يقفل، و كتب إلى عمر بن عبد العزيز يخبره ما قد بلغ من جهدهم، و ما أشرف من معشر المسلمين من الفرج بما قد قرب من حصاد ذلك الزرع، و يشير عليه بتركهم حتى يحكم اللّه بينهم، قال:
فقفل رسوله بذلك إلى عمر بن عبد العزيز فغضب، و قال: مسلمة في أمره عظيمة يكره فراقها، ورد الرسول يأمره بالقفل.
روى عن عمرو بن مهاجر.
روى عنه الوليد بن مسلم.
له حكاية تقدمت في ترجمة عمرو.
حدّث عن العلاء بن عبد الرّحمن بن يعقوب.
روى عنه الوليد بن مسلم.
أخبرنا أبو الحسن سعد الخير بن محمّد بن سهل، أنا أحمد بن محمّد بن أحمد بن موسى بن مردويه، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن عبد الرّحمن، أنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم العسّال (3)،نا محمّد بن أحمد بن راشد، نا أبو عامر موسى بن عامر، نا الوليد بن مسلم، نا شيخ من أهل دمشق، عن العلاء بن عبد الرّحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
ص: 232
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«هذا الأمر في قريش يليه برّهم ببرّهم، و فاجرهم بفاجرهم، حتى يدفعوه إلى عيسى ابن مريم».
رواه أبو الحسن بن جوصا، عن أبي عامر، بإسناده مثله، إلا أنّه قال: ثلاثة برّهم ببرّه، و فاجرهم بفجوره، و هو الأصح.
حدّث عن عطاء الخراساني.
روى عنه الوليد بن مسلم.
أنبأنا أبو طاهر محمّد بن الحسين، و حدّثنا أبو البركات الفقيه عنه، أنا أبو علي الأهوازي، أنا أبو نصر عبد الوهّاب بن عبد اللّه بن عمر بن أيوب المرّي (1)،أنا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصّمد السلمي، أنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف، أنا أبو عامر موسى بن عامر، نا الوليد بن مسلم. قال: و نا شيخ من أهل دمشق أنه سمع عطاء الخراساني يرويه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم [قال (2):
«يأتونكم في ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا، الروم فيهم كالمخيلة غير أنهم الرءوس و القادة».
من قدماء الجند ممن كان يلزم الجهاد.
حدّث أن أهل الشام كانوا إذا غزوا الصوائف ينزلون أجنادا كما كان أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم إذا ساروا إلى الشام ينزلون أرباعا، و كما كان بنو إسرائيل تنزل مع موسى عليه الصّلاة و السّلام و بعده أسباطا. قال: و بين كل جند فرجة و طريق و مجال للخيل.
من الجند، أخبر عن أميرهم في غزاتهم أرض الروم أنه كان إذا وقف على الدرب قافلا قال: الحمد للّه الذي لم يجعلنا فتنة للقوم الظالمين، و نجانا برحمته من القوم الظالمين.
ص: 233
من دمشق.
قال: طلقت امرأة لي كان وجهها ذريا و جسدها رحبا، فدخل عليّ سارق بالليل، و ثيابي عند رأسي، فذهب إلى المشجب فلم يجد شيئا، فلما رأى ذلك بسط كساءه ثم دخل إلى خابية الدقيق، فجذبت الكساء فجعلته تحت رأسي، ثم خرج بالدقيق، فصبه في الأرض، و طلب طرفي الكساء، ثم جعل يجمعه، فلم يجد الكساء، فخرج. فقلت له: أغلق الباب، لا يخرج القط ، قال: من حسن صنيعك بي. قلت: ليس هذا وقت عتاب. قال: فبعت الكساء بخمسة دراهم.
من أهل دومة الجندل.
حدّث أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كتب لأكيدر هذا الكتاب (1):
بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمّد رسول اللّه لأكيدر حين أجاب إلى الإسلام، و خلع الأنداد و الأصنام مع خالد بن الوليد سيف اللّه في دومة الجندل (2)و أكنافها (3):إن لنا الضاحية (4) من الضحل و البور و المعامي، و أغفال الأرض، و الحلقة، و السلاح، و الحافر، و الحصن، و لكم الضامنة من النخل، و المعين من المعمور بعد الخمس، لا تعدل سارحتكم، و لا تعد فاردتكم، و لا يحظر عليكم النبات، و لا يؤخذ منكم إلاّ عشر البتات، تقيمون الصلاة لوقتها، و تؤتون الزكاة بحقها، عليكم بذلك العهد و الميثاق، و لكم بذلك الصدق و الوفاء، شهد اللّه و من حضر من المسلمين.
الضحل الذي فيه الماء القليل، و البور: ما ليس فيه زرع؛ و المعامي: ما ليست له حدود معلومة. و الأغفال: مثله. و لا تعد فاردتكم يعني ما لم تبلغ الأربعين، و الحافر: الخيل، و المعين: الماء الظاهر، و قيل: الجاري. و الضامنة من النخل: التي قد نبتت عروقها في
ص: 234
الأرض (1)،و لا يحظر عليكم النبات: لا تمنعون أن تزرعوه، و لا تعدل سارحتكم: لا تنحى عن الرعي. و النبات: النخل القديم الذي قد ضرب عروقه] (2) في الأرض، و نبت.
قال: و كانت دومة و أيلة و تيماء قد خافوا النبي صلى اللّه عليه و سلم لما رأوا العرب قد أسلمت.
حكى عن رجل غير مسمى.
حكى عنه عبد الرّحمن بن الحسام، تقدمت روايته.
حكى قصته عمرو بن أبي سلمة الدمشقي، نزيل تنيس.
قرأت على أبي الفضل عبد الواحد بن إبراهيم بن قرة، عن أبي الحسن علي بن محمّد ابن الخطيب، أنا أبو الحسين محمّد بن الفضل القطان، أنا دعلج بن أحمد السجزي، أنا أبو العباس أحمد بن علي الأبّار، نا عبيد اللّه بن محمّد المقدسي، نا عمرو بن أبي سلمة قال:
لما كانت فتنة أبي الهيذام كان رجل ديدبان يجلس على المنارة، فلما كان ذات ليلة نظر رؤيا قد هالته كأنه قد نصب على ظهر قبة المسجد رمح فيه كتاب بيّن، و نصب فوق الرمح رمح فيه كتاب بيّن، و نصب فوق رمح فيه كتاب بيّن، فإذا في الأول: إنّ المجرمين في سقر، و في الثاني: طوبى لمن ابتلي و صبر، و في الثالث: الملك للّه من شاء نصر.
قال: فتاب ذلك الرجل توبة لم يكن يعرف بدمشق مثله.
حكى عن رجل من بصراء العرب بالخيل.
حكى عنه عبد الملك بن قريب الأصمعي.
حكى عن إسماعيل بن عبيد اللّه بن أبي المهاجر المخزومي.
ص: 235
حكى عنه أبو مسهر.
تقدمت حكايته في ترجمة الجرّاح بن عبد اللّه الحكمي.
9251 - شيخ من حكم بن سعد العشيرة (1)
حكى عن الجرّاح بن عبد اللّه الحكمي.
حكى عنه أبو مسهر.
تقدمت حكايته في ترجمة الجرّاح.
حكى عنه أبو مسهر.
أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن، أنا سهل بن بشر، أنا الخليل بن هبة اللّه بن الخليل، أنا عبد الوهاب الكلابي، أنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب، نا العباس بن الوليد بن صبح، نا أبو مسهر، نا شيخ من الجند من أهل دمشق قال:
كان يقال: إن دعتك نفسك يوما إلى صحبة الرجال فلا تصحب إلاّ لمن إن صحبته زانك (2)،و إن حملته مئونة أمانك، و إن رأى منك ثلمة سدّها، و إن رأى منك حسنة عدّها، و إن سألته أعطاك، و إن تعفّفت عنه ابتداك، و إن عاتبك لم يحرمك، و إن تباعدت عنه لم يرفضك.
حكى عن رجل من بني أمية.
روى عنه غسان بن المفضل الغلابي.
قرأت على أبي الفتح نصر اللّه بن محمّد الفقيه، عن نصر بن إبراهيم المقدسي، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن الوليد الأنصاري الأندلسي، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد، فيما كتب إليّ ، أخبرني جدي عبد اللّه بن محمّد بن علي اللخمي الباجي، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن يونس، أنا بقي بن مخلد، نا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدّثني غسان بن المفضل الغلابي، حدّثني رجل من أهل دمشق، عن رجل من بني أمية قال:
ص: 236
استعمل عمر بن عبد العزيز رجلا على الصدقة، يقال (1) له: رزق، أحمر كريه المنظر، فرجع إلى عمر، و لم يأته بشيء، فقال عمر: أين ما بعثناك فيه ؟ قال: أخذته من حيث أمرتني (2)،فقال عمر: وَ لاٰ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللّٰهُ خَيْراً (3).
روى عن الهذيل بن عمرو.
روى عنه هشام بن عمار.
أخبرنا أبو الحسن الفرضي، أنا نصر بن إبراهيم، و عبد اللّه بن عبد الرزّاق، قالا: أنا أبو الحسن بن عوف، أنا أبو علي بن.... (4)،أنا أبو بكر بن خريم، ثنا هشام بن عمار في مشايخه الدمشقيين، ثنا شيخ قال: ثنا الهذيل بن عمرو، عن أبي محمّد الهمداني، عن محمّد ابن الحطيئة، عن علي بن أبي طالب قال: من ابتلي بزمانة في جسده تمنعه من العمل، كانت كفارة لذنوبه، و عمله فضلا.
حكى عنه العباس بن الوليد بن مزيد، أظنه مروانيا.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن عمر الصفار، نا جدي عبد اللّه بن أحمد بن القاسم.
ح و أنبأنا أبو منصور محمود بن إسماعيل الصيرفي، أنا محمّد بن عبد اللّه بن أحمد ابن شاذان الأعرج، إجازة، أنا عبد اللّه بن محمّد بن محمّد المقرئ، نا إبراهيم بن محمّد بن الحسن بن متويه، نا عباس، أخبرني شيخ لنا قال:
أقبل الأوزاعي حتى نزل بأخ له، فحضر العشاء، و وضع المائدة، و مد (5) الأوزاعي يتناول، فقال الرجل: تعذرنا يا أبا عمرو، جئتنا في وقت ضيق. فردّ يده في كمه، و أبى،
ص: 237
فقال الرجل: و اللّه ما أفدت (1) بعدك مالا إلاّ المورث الذي تعرف، ما ذنبي ؟ قال: ما كنت لأصيب طعاما قلّ شكر اللّه عليه، أو كفرت نعمة اللّه عليه.
قال عباس: و أخبرت أنه كان يومئذ صائما.
حكى عنه محمّد بن عائذ.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، قراءة، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو القاسم الهمداني، أنبأ أبو عبد الملك البسري، نا محمّد بن عائذ قال: سمعت عبد الأعلى يعني أبا مسهر يسأل شيخا من طيّئ: ما شعاركم ؟ قال: يا قناص.
حكى عن الأوزاعي.
حكى عنه العباس بن الوليد بن مزيد.
أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن، أنا سهل بن بشر، أنا أبو بكر الخليل بن هبة اللّه، أنا عبد الوهاب الكلابي، نا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب، نا أبو موسى عمران بن موسى الطرسوسي، نا عباس بن الوليد بن مزيد، حدّثني صاحب لنا من أهل العلم، قال:
جاء كتاب من الخليفة إلى محمّد بن إبراهيم (2) و هو على الموسم: ابعث إليّ سفيان الثوري، قال: و قد كان بعث محمّد إلى سفيان في شيء من أمر الموسم، و هو عنده، فلما قرأ الكتاب قال: يا أبا عبد اللّه هذا كتاب أمير المؤمنين، قال: فمه، قال: كتب إلينا أن نبعث بك إليه، قال: السمع و الطاعة، فقال للرسول: هذا سفيان بن سعيد، و ها هو يجيء معك، و أنت أعلم، فخرج سفيان إلى الرسول و عليه إزاران متزر بأحدهما و الآخر على كتفه، فلمّا بلغ الباب قال للرسول: أعلم الأمير، قال: فرجع معه، قال: رحمك اللّه، من هاهنا إلى العراق بغير نفقة ؟ قال: يا أبا عبد اللّه، و تريد نفقة ؟ قال: نعم، قال: يا غلام هات كيسا،
ص: 238
قال: فجاء بكيس فيه ألف دينار، قال: يا أبا عبد اللّه، إن أردت أذناك (1)،قال: لا، في هذا بلاغ، قال: فأخذ الكيس و خرج، قال: فلمّا كان في بعض الطريق و الرسول يذهب به إلى دار البريد مرّوا بخربة. قال: فلفّ سفيان الكيس في إزاره و وضعه على باب الخربة، و قال للرسول: أبصر هذا حتى أبول، و دخل فأقام الرسول ما شاء اللّه، فلمّا لم يره حمل الإزار و دخل فلم ير شيئا، فحمل الإزار و مضى إلى محمّد بن إبراهيم، فلما رآه ضحك، قال: ويك ما لك ؟ قال: خدعني، قال: كيف ؟ فقص عليه القصة.
ذكره لنا أبو موسى قال: فذهب، قال: قال له: ويلك، و لم تركته ؟ قال: لم أظن أنه قد [يذهب] (2) عريان و يدع الكيس، فلا ثكلتك أمك، إنّي أحسب لو كان جميع ما يملك لتركه.
كان من أهل الجهاد و الخير.
حكى أبو محمّد عبد اللّه بن سعد القطربلي أظنه عن الواقدي قال: حدّثني أبو المنهال ابن... (3):
أن المهدي قال لطازاد الرومي: أخبرني ببعض ما رأيت، فقال: كنت يوما أسير على شاطئ نهر لا ينقطع إلا من موضع فيه صعوبة، فإذا أنا برجل قائم يصلي، فخفف من صلاته لمّا رآني، فقلت له: كأنك أضللت أصحابك، فإن أحببت أرشدتك للطريق، تقبل (4) منه إليهم. فعلت ؟ قال: فقال كالمنتهر: امض لشأنك، فقلت له: كأني أراك معجبا بنفسك، فهل لك في البراز؟ فقال: نعم، ثم وثب على فرس له أنثى ثم أوثبها النهر فإذا هو معي، ثم تجاولنا فلم أقدر عليه لثقافته (5) ثم قلت له: هل لك في المصارعة ؟ فقال: ذاك إليك، قال:
فألقينا ما علينا من سلاح و متاع، فلمّا تجرد ازدريته لنحافته و قلت: إنا نحتمله بأهون أمر، أو قاتله أو اذهب به أسيرا، و آخذ فرسه و سلاحه، ثم اتحدنا، فلم أصل منه إلى شيء حتى
ص: 239
اعتقلني، فإذا أنا تحته، ثم تناول سكينا في خفة ليذبحني بها، فقلت له: هل لك إلى خير مما تريد بي ؟ قال لي: و ما هو؟ قلت: تعتقني فأكون مولاك، و أضمن لك لا أدع حفظك في كل مسلم أقدر عليه، فقال لي: و من أنت ؟ فقلت: طازاد، فنهض عني و ضربني برجله استخفافا، ثم مال إلى النهر فغسل وجهه، ثم لبس سلاحه و ركب فرسه ثم جاز النهر إلى الموضع الذي كان فيه، فقلت له: إنّي قد صرت مولاك، فتبسم لي و أخبرني بموضعك و منزلك، فلما أخبرني من ذلك بما أردت كتبته بطرف سكيني على صفّة سرجي (1) قال: و كان طازاد رجلا أيدا يأخذ الكبشين فيعلقهما بيده حتى ينتطحا، ثم قلت له: إن من أصحابي عدة أمامك، فأبقهم فقال: امض لشأنك، قال: ثم عرض له ناس من أصحابي، فحمل عليهم، فقتل منهم أربعة، ثم أدركتهم فمنعت من بقي منهم من قتاله، ثم أمرت رجلا من أصحابي أن يدخل عسكر المسلمين فيحرص على أن يسرق فرسه و يأتيني بها، فدخل عسكرهم مستأمنا فأقام أياما لا يقدر على سرقة فرسه، ثم عاد إليّ فقال: لم أقدر على سرقة فرسه، و ذلك أنه كان يركبها نهارا و يسرجها ليلا، و يضع لجامها على قربوسه، و مخلاتها في رأسها و يصف قدميه حتى يصبح، فقال له المهدي: لبئس ما كافأته به يا طازاد، فقال: سألتني فصدقتك، قال:
فأمر المهدي بالكتاب إلى عامل دمشق في إقدام الرجل عليه، فقدم، و لا علم لطازاد بشيء من أمره، فأمر المهدي بعرض الجند، فاعترضوا عليه، و الرجل فيهم، فلما رآه طازاد قال: يا أمير المؤمنين ما أشبه هذا بالرجل الذي وصفت لك، فدعاه المهدي، فلما قرب منه سأله طازاد أن يدنو منه، فأذن له، فقبّل رجله و ركبته و أذكره بلاءه (2) عنده، فأراد المهدي صلته فلم يقبلها، و صرفه إلى بلاده.
ساحا في جبل لبنان (3).
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد بن عبد اللّه، أنا عاصم بن الحسن بن محمّد، أنا أبو السهل محمود بن عمر بن جعفر، نا أبو الحسن علي بن الفرج بن علي العكبري، نا عبد اللّه بن محمّد بن أبي الدنيا، حدّثني عمر بن عبد اللّه، عن سليمان بن عبد الرّحمن
ص: 240
الدمشقي، نا عمر بن حفص بن سعيد الكلاعي، أن رجلا أعور خرج يبتغي من فضل اللّه، فصحب رجلا في بعض الطريق، فسأله عن مخرجه فأخبره خبره، فقال له الرجل: أنا و اللّه أخرجني الذي أخرجك، فانطلق بنا إلى اللّه نلتمس من فضله، فخرجا في جبال لبنان (1)يؤمّان (2) بيت المقدس، فأتيا على بعض المنازل، فنزلا في قصر خرب، فانطلق أحدهما ليأتي بطعام فقال المتخلف منهما في الرحل: ألقيت (3) نفسي، و جعلت انظر بناء ذلك القصر و هيئته و خرابه بعد العمارة، و جعلت و اللّه أذكر سفري و تركي عيالي، فإذا أنا بلوح من رخام تجاهي في قبلة حائط القصر فيه كتاب، فاستويت جالسا، فإذا فيه:
لما رأيتك جالسا مستقبلي *** أيقنت أنك للهموم قرين
فارقص بها و تعرّ من أثوابها *** إن كان عندك بالقضاء يقين
فالهمّ سيماه مشيب شامل *** و يكون مثوى الضر حيث يكون
هون عليك و كن بربك واثقا *** فأخو التوكل شأنه التهوين
طرح الأذى عن نفسه في رزقه *** لما تيقن أنه مضمون
فجعلت أقرؤهن و أتدبرهن إذ جاء صاحبي، فقلت: أ لا أعجبك ؟ قال: بلى، قلت:
انظر ما على هذا اللوح، فنظر و نظرت، فلم نر لوحا و لا شيئا، فجعلت أطوف في القصر و أتتبع ما فيه، فلم أر شيئا.
كان بأذرعات (4) من أعمال دمشق.
حكى عنه أبو معاوية يمان الأسود العائذ.
أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكي، أنا أبو عبد اللّه الحسين بن يحيى بن إبراهيم المكي، أنا أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن محمّد الشيرازي، أنا أبو الحسن علي بن عبد اللّه بن الحسن، نا أبو الحسن علي بن الحسن الحذاء، نا عمر بن الحكم، حدّثني عبد الرّحمن بن عمرو بن عثمان الأزدي، قال:
ص: 241
خرج أبو معاوية الأسود إلى عابد بأذرعات قال: فأقمت عليه ثلاثة أيام لا يكلمني، فقلت: اللّهمّ وفّقه لكلامي،: و أقبل عليّ و قال: يا أسود، من أين قدمت ؟ من الحج أو من العمرة ؟ أو نفدت (1) نفقتك ؟ قال: قلت: ما جئت من حج و لا عمرة، و لا نفذت نفقتي، قال: فما جاء بك ؟ قلت: جئت لعلّي أسمع منك كلمة أنتفع بها، قال: فقال لي: يا أسود أنت بمطر بليطا (2) النصراني أوثق منك باللّه عزّ و جلّ ؟ قلت: معاذ اللّه، فقال: الساعة تقر، أخبرني لو أن مطر (3) بليطا النصراني قال لك: اجعل غداءك و عشاءك عندي، أ كنت واثقا به ؟ قلت: نعم، قال: فاللّه قد ضمن لك الغداء و العشاء، فهل ألقيت همّ ذلك عنك ؟ قلت:
حسبي.
حكى عنه ذو النون.
أنبأنا أبو عبد اللّه الفراوي و غيره، عن أبي عثمان الصابوني، أنا أبو القاسم بن حبيب قال: سمعت أحمد بن عمر بن أبا بكر السوادي يقول: سمعت أبا يعقوب الآبنوسي يقول:
حكي عن ذي النون المصري أنه قال: رأيت شيخا مجنونا بدمشق مصفارا، بيده ركوة و عكّازة، و قد كتب على جبته من ورائه:
حتى متى يا شيخ لا تستحي *** يراك مولاك مع الغافلين
ما تستحي منه و ما ترعوي *** غطى خطاياك عن العالمين
مشاك بين الناس في ستره *** و أنت معكوف مع الفاسقين
و على كمه الأيمن مكتوب:
عجبت لمن ينام و ذو المعالي *** ينادي يا عباد أنا البذول
و هل يجد الخلائق مثل ربي *** و كل فعاله حسن جميل
و على كمه الأيسر مكتوب:
إن للّه عبادا *** كشفوا فيه القناعا
ص: 242
هل رأيتم خادما عا *** مل مولاه فضاعا
سوف أرويكم حديثا *** قد سمعناه سماعا
من دنا من ربه شب *** را دنا منه ذراعا
من أهل جوسية (1) من أعمال حمص.
كان يواظب على حضور الجمعة بدمشق، له ذكر.
أنبأنا أبو القاسم النسيب، و غيره، قالوا: ثنا عبد العزيز [بن] (2) أحمد، أنا تمام بن محمّد، أنا محمّد بن سليمان الربعي، نا محمّد بن الفيض الغساني قال: سمعت هشام بن عمار بن نصير يقول: كان في جوسية رجل من شرعب قبيلة من قبائل اليمن، و كان له بغل، يدلج على بغله من جوسية و هي قريبة من حمص يوم الجمعة، فيصلي الجمعة في مسجد دمشق، ثم يروح فيبيت في أهله، فكان الناس يعجبون منه.
قال لنا (3) هشام بن عمّار: ثم أن بغله ذلك نفق، فنظروا إلى جنبيه فإذا ليس له أضلاع إنّما صفحتين عظما مصمتا (4).
قال أبو الحسن محمّد بن الفيض: و سمعت جدي محمّد بن الفياض و بكار بن محمّد ابن بكر.... (5)،حدّثني اليتيم يذكر أن حديث الشرعبي كما حدّثنا هشام بن عمار.
أبي نصر يقول: حدّثني أبي أن رجلا حدثه كان يصحب ابن جوصا، عن نفسه أو عن شيخ حدّثه أنه كان يرابط بالساحل في صخرة موسى (1) فبينا هو على السور ينظر إلى البحر، فرأى غرابا قد انحط على سمكة مطروحة على الشط ، فأدخل في عين السمكة مخلابه ثم اكتحل به، فتعجبت من ذلك، ثم انحدرت إلى السمكة، و أخرجت ميلا فاكتحلت من عينها، فرأيت أشياء لم أكن أراها من قبل ذلك، و رأيت عجائب، فبينا أنا في بعض الأيام في جنازة، و قد وضعت، و إذا رجل يضحك في وجوه الناس و يتلهّى فكثر ذلك منه، فاغتظت عليه فلحقته عند انصراف الناس من الجنازة فقلت: يا عبد اللّه، قف علي، فالتفت إليّ فقال لي: ما لك ؟ فقلت: ما تستحي من اللّه ؟ الناس في الجنازة و أنت تضحك و تتلهّى في وجوه الناس ؟ فقال:
أنت تراني ؟ فقلت: نعم، قال: و تبصرني ؟ قلت: نعم، و قد رأيتك تضحك في وجوه الناس، فقال: يا هذا أنا الأمل، بعثني اللّه في هذه الصورة، أضحك في وجوه الناس، و ما هو ضحك، و إنّما أسلّيهم (2) و أبسط لهم الأمل حتى يرجعوا إلى ما كانوا عليه حتى لا تخرب الدنيا، و لو لا ذاك ما عمرت الدنيا، ثم غاب عنّي.
حكى عنه معروف الكرخي.
أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد المكي، أنا الحسين بن يحيى، أنا الحسين بن علي.
ح و كتب إلى أبو الحسن الموازيني يخبرني عن عبد العزيز بن بندار.
و كتب إليّ أبو سعد (3) بن الطيوري يخبرني (4) عن عبد العزيز الأزجي، قالا: أنا أبو الحسن بن جهضم، نا أبو الطيب محمّد بن جعفر، نا يحيى بن الحسن بن سعيد الرازي، حدّثني أبو بشر الطالقاني، حدّثني بعض أصحاب معروف الكرخي عن معروف قال:
رأيت رجلا في البادية شابا، حسن الوجه، له ذؤابتان حسنتان، و على رأسه رداء
ص: 244
قصب (1)،و عليه قميص كتان، و في رجله نعل طاق. قال معروف: فتعجبت منه في مثل ذلك المكان، و من زيه، فقلت له: السّلام عليك و رحمة اللّه، فقال: و عليك السّلام و رحمة اللّه يا عمّ ، فقلت: الفتى من أين ؟ قال: من مدينة دمشق، قلت: و متى خرجت منها (2)؟قال:
ضحوة النهار، قال معروف: فتعجبت منه، و كان بينه و بين الموضع الذي رأيته فيه مراحل كثيرة، فقلت له: و أين المقصد؟ فقال: مكة، إن شاء اللّه، فعلمت أنه محمول، و قلت في نفسي: لو علم أنه يساق إلى الموت سوقا (3) لرفق بنفسه، فودّعته، و مضى، و لم أره حتى ذهب ثلاث سنين، فلما كان ذات يوم أنا جالس في منزلي أتفكر في أمره، و ما كان منه بعدي إذا بإنسان يدق الباب، فخرجت إليه، فإذا بصاحبي، فسلّمت عليه، و قلت: مرحبا و أهلا، و أدخلته المنزل، فرأيته ذاهبا خالفا عليه..... (4) حافيا حاسرا (5).فقلت: هي أيش الخبر؟ فقال: يا أستاذ، لم تخبرني بما يفعل بمعامليه. قلت: فأخبرني ببعض خبرك، قال: نعم، لاطفني حتى أدخلني الشبكة، ثم ضربني و رماني، فمرة يلاطفني، و مرة يهينني، و [مرة] (6)يجيعني و يطعمني أخرى، فليته أوقفني على بعض أسرار أوليائه، ثم ليفعل بي ما شاء، و بكى بكاء شديدا. قال معروف: فأبكاني كلامه، فقلت له: فحدّثني ببعض ما جرى عليك مذ فارقتني، فقال: هيهات أن أبديه و هو يريد أن يخفيه و لكن بديا ما فعل بي في طريقي إليك مولاي و سيدي، ثم استفرغه البكاء، فقلت: و ما فعل بك ؟ قال: جوّعني ثلاثين يوما، ثم جئت إلى قرية فيها مقثاة قد نبذ منها المدود - زاد المكي: و الفاسد، و قالوا - و طرح، فقعدت آكل منه، فبصرني صاحب الشاة، فأقبل إليّ - زاد المكي: بسوط ، و قالوا - يضرب ظهري و بطني و يقول: يا لص، ما خرب مقثاتي غيرك، منذ كم أنا أرصدك حتى وقعت عليك، فبينا هو يضربني أقبل فارس نحوه مسرعا إليه، و أفلت السوط في رأسه و قال: تعمد إلى وليّ من أولياء اللّه تضربه - زاد المكي: و تهينه، و قالوا:- و تقول له: يا لص، فأخذ بيدي صاحب المقثاة فذهب بي إلى منزله، فما بقي من الكرامة شيئا إلاّ عمله - زاد المكي بي، و قالوا:-
ص: 245
و تستحلني فبينا كنت عنده لصا إذ كنت وليا و جعل صاحب المقثاة مقثاته للّه و لأصحاب معروف، فقلت له: صف لي معروفا، فوصف لي الصفة، فعرفتك بما قد كنت شاهدته من صفتك، قال معروف: فما استتم كلامه حتى دق صاحب المقثاة الباب و دخل إلي و كان موسرا، فأخرج جميع ماله و دنياه و أنفقه على الفقراء، و صحب الشاب سنة و خرج إلى الحج فماتا بالربذة (1).
حكى عن إبراهيم بن أدهم.
حكى عنه عبد اللّه بن خبيق الأنطاكي.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد المغربي، و أبو الحسين محمّد بن محمّد بن الفراء، قالا: نا أبو بكر الخطيب، حدّثني أبو القاسم الأزهري.
ح و أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو محمّد أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان، أنا أبو محمّد الحسن بن محمّد الخلال، قالا: نا محمّد بن العباس الخزاز (2)،ثنا ابن أبي داود، نا عبد اللّه بن خبيق قال: سمعت شيخا من أهل دمشق يقول: قال إبراهيم بن أدهم: أعربنا في الكلام فما نلحن، و لحنّا في الكلام، فما ولجنا في الكلام فما نعرب.
روى أبو الحسن (3) بن جوصا هذه الحكاية عند ابن خبيق قال: حدّثني عبد الملك شيخ من أهل دمشق قال: قال إبراهيم بن أدهم، فذكرها.
9266 - شيخ كان (4) بكناكر من أعمال دمشق
حكى عنه أحمد بن أبي الحواري.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر فيما أرى عن أبي سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجستاني، أنا أبو سعيد عثمان بن محمّد بن أحمد النوقاني السجستاني، نا والدي أبو عمر محمّد بن أحمد بن محمّد بن سليمان، نا الحصين بن عمر، نا العباس بن حمزة، نا أحمد بن
ص: 246
أبي الحواري قال: سمعت شيخا بكناكر و هو يقول: قال موسى: سافروا و أملوا في أسفاركم البركة، فإنّي قد سافرت، و ما أؤمل كلّ ما أتاني.
كان ضيفا للقاسم الجوعي.
حكى عنه قاسم الجوعي.
قرأت على فضائل بن خلف بن سرور بن الحداد، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا علي ابن الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، نا محمّد بن عبد الأعلى بن محمّد الإمام قال:
سمعت قاسم الجوعي يقول:
بينا أنا جالس ذات يوم إذ وقف عليّ غلام، فسلّم، فرددت عليه السّلام، فقال: يا معلم الخير، كنت مع فلان بأنطاكية، فلمّا حضرته الوفاة قلت: أرشدني إلى من أكون معه، فقال: عليك بقاسم الجوعي، فأشرت بيدي إلى أصحابي أن يوسعوا له، فلم يزل حتى صلينا عشاء الآخرة، فنهضت، و نهض معي حتى جئت البيت، فقلت للمرأة: قومي إلى البيت الذي حذاء باب الدار، فاطرحي فيه حصيرا، و اجعلي فيه سراجا، و كوز ماء و طعاما، فإنه قد جاءنا ضيف، ففعلت ذلك، فأقام عندي شهرين، أقل أو أكثر، فلمّا كان ليلة من الليالي أنسيت المرأة أن تؤدي إليه سراجا و طعاما حتى مضى من الليل ما مضى، فأويت إلى فراشي، و نمت فأطفأت المرأة السراج، و جاءت لتأوي إلى فراشها، فذكرت أنّها لم تؤدّ إلى الغلام طعاما و لا سراجا، فوثبت مسرعة، فقدحت و أسرجت و أخذت سراجا و طعاما و مضت إلى الغلام، فوجدته قائما مستقبلا (1) القبلة، و قنديلا (2) يسرج فأخذت تمسح عينيها و تحدّ النظر، فإذا الغلام قائم و القنديل يسرج، فرجعت إلى قاسم فأنبهته، فلمّا انتبه من نومه قالت له: انظر أنا نائمة أو منتبهة، قال لها: ما لك ؟ ذهب عقلك و اختلطت ؟ قالت: قم حتى أريك، فلبست ثوبي و نهضت معها فقالت لي: إنّ هذا الغلام أنسيت أن أؤدي إليه سراجا و طعاما إلى هذا الوقت حتى أطفأت (3) السراج و جئت آوي إلى فراشي، فذكرت فقمت مسرعة، فقدحت و أسرجت، ثم أخذت السراج و الطعام و مضيت إليه فرأيته على هذه الحالة، فنظرت إلى
ص: 247
الغلام فإذا هو قائم و قنديل يسرج، فقلت لها: سألتك بحقّ كذا و كذا الذي كنت تخصيني به خصّي به هذا الغلام، متى كنت أؤمل أن انظر أو أرى مثل هذا؟ هذا وليّ من أولياء اللّه، فلمّا أصبحنا خرجت أنا و الغلام إلى المسجد، فلم نزل إلى أن صلينا العشاء الآخرة، ثم نهضت و نهض معي فأحببت الاعتذار إليه و أعذر المرأة. فقلت: يا حبيبي، إنّ المرأة البارحة أنسيت تجيئك بطعام و سراج حتى مضى من الليل ما مضى، و أطفأت السراج و جاءت تأوي إلى فراشها، فذكرت أنها لم تأتك بطعام و لا سراج، فنهضت مسرعة فقدحت و أسرجت و جاءتك بطعام و سراج فرأتك على حالة فرجعت إليّ و أنبهتني من نومي، ثم قالت لي: إنّ هذا الغلام أنسيت أن أؤدّي إليه طعاما و سراجا إلى هذا الوقت، و أطفأت السراج و جئت آوي إلى فراشي فذكرته فنهضت مسرعة فقدحت و أسرجت فرأتك على حالة جميلة، فقال لي: يا قاسم عليك السّلام، فقلت له: إلى أين تريد الساعة و لا أحد يذهب و لا يجيء، فقد مضى من الليل ما مضى، فلم أزل أتضرع إليه على أن يبيت عندي تلك الليلة، ففعل، و أجابني إلى ذلك، فقمت إلى مزود (1) عندي، فجعلت فيه فتيتا و ركوة كانت لي و عشرة دراهم، فلمّا أصبحنا غدوت و غدا الغلام معي إلى المسجد، فلمّا صلينا الغداة نهض الغلام و نهضت معه، فمضينا حتى صرنا إلى الموطأة فقلت له: إلى أين تومي ؟ فقال: إلى بيت المقدس، فقال لي: ما مشيت معي اليوم و غدا و بعده أ ليس ترجع ؟ فقلت: بلى، فقال لي: ارجع من هاهنا و لا تتغني، فقلت: يا حبيبي خذ هذا الفتيت تشربه في الطريق، و هذه الركوة تتوضأ فيها للصلاة، و هذه العشرة دراهم أخبرك ما كان عندي غيرها، و لكن يرزق اللّه، فقال لي: يا قاسم ما لي فيها حاجة، و أقبلت أطلب إليه و أتملّقه، فبعد حين أخذ الركوة فقال: هذه أتوضأ فيها للصلاة، و أذكرك بها، فقلت: فخذ هذا الفتيت و هذه الدراهم، فأدخل يده في كمّه، فأخرج كفه مملوءة دنانير، ثم قال لي: يا قاسم، من كان هذا معه أيش يعمل بدراهمك ؟ فأقبلت انظر إلى الدنانير في كفه (2)،ثم رمى بها إلى الأرض فنظرت إلى الموضع الذي رماه ثم التفتّ فإذا ليس بالغلام، فقال أصحابه: ما كان قاسم الجوعي يحدّثنا في اليوم حديثين أو ثلاثة أكثره، فلمّا رأى من الغلام تلك الليلة ما رأى لم يزل يحدّثنا من غدوه إلى عشيه و عينيه في عين الغلام ما تطرف عنه.
ص: 248
رواها أبو محمّد إبراهيم بن الخضر، عن عبد الوهاب.
من أهل العراق من الأبدال، صحبه أبو عبيد البسري.
قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي، قال أبو أحمد عبد اللّه بن بكر بن محمّد الطبراني، حدّثني عبد المنعم بن عبد الملك، حدّثني أبو العباس الجلودي، قال: سمعت ؟؟؟ ح ؟؟؟ (1) بن أبي عبيد يذكر أول حجة حجّها أبوه رحمه اللّه قال:
قدم إلى دمشق، فلقي قاسم بن عثمان الجوعي، فأعلمه أنه قد نوى الحج، فقال له:
فائتني إذا أردت الخروج، اقعد إليّ حتى أوصي بك بعض إخواني من أهل العراق لتصحبه في طريقك، قال: فلمّا قرب وقت الحج وافى أبي رحمه اللّه إلى قاسم و معه جريب (2) فيه رطل سويق و خمسة دنانير، فقال له قاسم: ما هذا؟ قال: شيء زوّدته من المنزل، فبينا هو عنده، إذ قدم الرجل العراقي، فسلّم عليه قاسم و وصّاه بأبي قال: أتى أبو عبيد فخرجت معه، فلمّا صرت في بعض الطريق قال لي: ما هذا معك ؟ فأخبرته، فقال: ضعه هاهنا قال: فتركته في ذلك الموضع، ثم مضيت معه فكنا إذا احتجنا إلى الطعام وجدناه، حتى قدمنا مكة، فلمّا قضينا الحج قال لي في يوم الزيارة: إنّي غدا عند العصر أموت، فكفّنّي في عباءتي هذه و ادفنّي فقلت له: يرحمك اللّه، قد صحبتك من الشام إلى هاهنا فلم أسألك عن اسمك، فإن رأيت أن تعرّفني. فقال لي: لا تحتاج إلى هذا، و لكن إذا صرت إلى بيت المقدس، فادخل الصخرة فإنّك ترى شيخا جالسا عن يمينك فهو يسلّم عليك، و يعزّيك بي و يخبرك من أنا.
قال أبو عبيد: فلمّا صرت إلى بيت المقدس و دخلت من باب الصخرة وجدت الشيخ على ما ذكر لي، فقام إليّ ، فسلّم عليّ و عزّاني برفيقي، و قال لي: إنّه كان أحد السبعة، و أنه لمّا قبضه اللّه جعلك بدله؛ و قال: أنا أبو العباس الخضر، فكان ذلك أول شيخ رأيته.
حكى عنه أبو العباس أحمد بن محمّد بن مسروق.
أنبأنا أبو القاسم النسيب، و أبو محمّد بن الأكفاني و غيرهما، عن أبي بكر الخطيب،
ص: 249
أنا أبو الحسن بن رزقويه (1)،قراءة عليه، أنا عثمان بن أحمد الدقاق، نا أبو العباس بن مسروق، قال: قال لي بعض أصحابنا: رأيت على صخرة منقورا (2) ببيروت:
خذ [ها] (3) فقد أسمعك الصوت *** بادر و إلاّ فهو الفوت
و انهج بما شئت و عش آمنا *** آخر هذا كله الموت
حكى عنه أبو الحارث الأولاسي (4).
قرأت بخط عبد الوهاب الميداني، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد بن عبد الغفار بن أحمد بن إسحاق بن ذكوان، نا محمّد بن هارون البغدادي، قال: قال أبو الحارث الأولاسي: ذكر لي عن رجل بدمشق فضل، و معه إجابة فصرت إليه، فالتقينا خارج دمشق في مسجد فقال لي: قم بنا نصير إلى الساحل، فمضيت معه، فلمّا سرنا في بعض الطريق إذا امرأة تصرخ في غابة، و إذا معها شرطي، قد صحر (5) حمارها، و هو يراودها عن نفسها، فصرخت، فصاح به الرجل مرتين أو ثلاثة، فلم ينته و تهاون بكلامه، قال أبو الحارث:
فرأيته يحرك شفتيه، فإذا الشرطي يغيب (6) في الأرض و أنا انظر إليه، فسقطنا جميعا فما أفقت إلا بعد مدة، فقمت و أنا أقول: لا إله إلاّ اللّه، فقال الرجل: لا إله إلاّ اللّه، فمضيت و قلت: ليس أصحبك بعد هذا، فقال: إيه، و رأيته مثل النادم على فعله، و بقي كأنه مستعتب من فعله.
حكى عنه الأولاسي.
أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكي، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم، أنا الحسين بن علي بن محمّد.
ص: 250
ح و أنبأنا أبو سعد بن الطيوري، عن عبد العزيز الأزجي.
ح و أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، عن عبد العزيز بن بندار.
قالوا: أنا أبو الحسن بن جهضم، نا الحسين بن يحيى، كنّاه المكي، أنا علي، ثنا النسائي، عن أبي الحارث الأولاسي قال:
بلغني أن بجبل لبنان رجلا تطوى له الأرض من يومه إلى بيت المقدس، و وصف لي مكانه، فصرت إليه، فإذا هو رجل قد التبس سلامه، فسألته من أين المطعم ؟ فدعا بظبية كانت قريبة منه في الجبل، فجاء بها إلى صخرة فيها نقرة، فحلبها عليها، و سقاني من اللبن.
حكى عنه أبو بكر محمّد بن داود الدينوري المعروف بالدّقّي الصوفي.
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد، نا نصر بن إبراهيم، نا أبو رجاء هبة اللّه بن محمّد بن علي الشيرازي، إجازة، أنا أبو الحسن علي بن عبد اللّه بن جهضم، نا أبو بكر محمّد بن داود قال:
كان بدمشق رجل له بغل يكريه من دمشق إلى تل الزّبداني (1)،و يحمل عليه الناس، فذكر أنه أكرى بغله مرّة رجل يحمل عليه متاعا له بأجرة معلومة، فلمّا صار خارج الدرب، لقيه رجل و سأله أن يحمله على رأس الحمل و يأخذ منه أجرته، قال: فرغبت في الكراء، و حمله فوق الحمل، و لزمت المحجّة، قال: فلمّا صرنا ببعض الطريق قال لي: هل لك أن تأخذ بنا هذا الطريق فإنه مختصر، و يجيء عند مفرق طريقين قال: فقلت له: أنا لا أخبر هذا الطريق و لا أعرفه، فقال: أنا أعرفه، و قد سلكته مرارا كثيرة، قال: فأخذت في ذلك الطريق، فأشرفت على موضع وعر وحش و واد عظيم هائل، و استوحشت، و جعلت انظر يمنة و يسرة، و لا أرى أحدا و لا أرى أي إنسان، فبينا أنا كذلك إذا به يقول لي: امسك برأس البغل حتى أنزل، فقلت له: أيش تنزل في هذا الموضع ؟ مر بنا نلحق البلد بوقت، فقال: خذ ويلك برأس البغل حتى أنزل، و قد أشرفت على واد عظيم، يخايل لي أن فيه أقواما موتى، فأمسكت برأس البغل حتى نزل، ثم شدّ على نفسه ثيابه و أخرج سكينا عظيما من وسطه، و قصدني به ليقتلني، فعدوت من بين يديه و أنا أقول: يا هذا، خذ البغل و ما عليه، فقال: هذا هو لي،
ص: 251
و إنّما أريد أقتلك، فخوفته باللّه عزّ و جلّ ، و تضرّعت إليه و بكيت، و حذرته من عقوبة (1)تلحقه، فأبى و قال: ليس بدّ من قتلك، فاستسلمت في يده و قلت: دعني أصلي ركعتين، ثم افعل ما بدا لك، فقال: افعل، و لا تطول، فابتدأت بالتكبير، و أرتج عليّ القراءة حتى لم أذكر من القرآن حرفا واحدا، و أنا واقف متحيّر و هو جالس بحذائي يقول: هيه أفرغ، فأجرى اللّه على لساني بعد وقت فقرأت أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذٰا دَعٰاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ (2) فإذا أنا بفارس قد أقبل من نحو الوادي، و بيده حربة، فرمى بها الرجل، فما أخطأت فؤاده، و خرّ صريعا، فتعلّقت بالفارس و هو منصرف، و قلت له: باللّه، من أنت ؟ الذي منّ اللّه بحياتي بظهورك ؟ فقال: أنا رسول أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذٰا دَعٰاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ ،قال: فأخذت البغل و الحمل، و رجعت إلى دمشق سالما.
قرئ على قبره بدمشق حكمة.
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي، و نقلته من خطه، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو القاسم رضوان بن محمّد بن الحسن الدينوري، قال: سمعنا عبد الواحد بن الحارث الفقيه الصوفي يقول: سمعت أبا نعيم البزاز يقول: سمعت البردعي الفقيه يقول: قال لي صاحب لنا أنّه قرأ على قبر بدمشق: نعم المسكن لمن أحسن.
9273 - رجل صالح من أهل قرية سمسكين (3) من أعمال دمشق
حكى عنه أبو الحسن بن حفص، تقدمت روايته في ترجمة أبي الحسن بن حفص و ممن قال شعرا أو رواه.
شاعر من أهل نجد، كان بأذرعات.
أخبرنا أبو السعود بن المجلى، بقراءتي عليه، نا القاضي الشريف أبو الحسين محمّد
ص: 252
ابن علي بن محمّد المهتدي، أنا أبو أحمد طالب بن عثمان بن محمّد المقرئ الأزدي، نا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباري، إملاء، قال: أنشدني أبي لأعرابي (1):
ألا أيها البرق الذي بات يرتقي *** و يجلو دجى (2) الظلماء ذكرتني نجدا
و هيجتني من أذرعات و ما أرى *** بنجد على ذي حاجة طرب بعدا (3)
أ لم تر أن الليل يقصر طوله *** بنجد و تزداد الرياح به بردا؟
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنا، قالوا: أنا أبو جعفر ابن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، أنا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار، قال (4):
و كان خالد بن يزيد يتعصب (5) لأخوال أبيه من كلب، يعينهم على قيس في حرب كانت بين قيس عيلان و بني كلب، فقال شاعر قيس:
يا خالد بن أبي سفيان قد قرحت (6) *** لنا القلوب و ضاق السهل و الجبل
أ أنت تأمر كلبا أن تقتلنا (7) *** جهلا و تمنعهم منا إذا قتلوا
ها إنّ ذا لا يقر الطير ساكنه *** و لا تبرك من نكرائه (8) الإبل
أنبأنا أبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار بن إبراهيم الدينوري، أنبأ أبي أبو المعالي، أنا أبو القاسم عبيد اللّه بن أحمد بن عثمان الصيرفي، أنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، أنا أبو عبد اللّه إبراهيم بن محمّد بن عرفة، أنا أحمد بن يحيى، عن الرياشي قال: بينا معاوية ابن عبد اللّه بن جعفر بدمشق، إذ سمع رجلا ينشد:
لعمرك إني في دمشق و أهلها *** و إن كنت فيها ثاويا لغريب
ص: 253
ألا حبذا صوت الفضاء حين أحر *** ست بحيطانه جنح الظلام جنوب
فقال عبد اللّه بن معاوية: من أنت ؟ فقال: رجل غريب، فقال لغلامه: كم معك ؟ فقال: خمس مائة دينارا، فقال: ادفعها إليه.
كان هواه مع بني أمية عند خروج أبي العميطر بدمشق.
قرأت بخط أبي الحسين الرازي، أخبرني أبو الفضل العباس بن أحمد بن محمّد بن صالح بن محمّد بن صالح بن بيهس، حدّثني أبي عن أبيه عن جده قال: كان محمّد بن صالح ابن بيهس قد بعث رجلا من بني أبي معيط و كتب معه إلى المأمون، فهو ينتظر رجعة الرسول، و أبو العميطر في ذلك يبعث و يغزو قيس، و بعث رجلا من أهل بيته يقال له يزيد بن هشام في عشرة آلاف إلى حوران، فأقام في حوران، و لقيه جمع لقيس عند قرية يقال لها الثعلة فنصر عليهم و أكثر فيهم من القتل، و قتل أحمد بن أيوب بن حبيب، و قال.... (1)
قيس و انهزم صدقة بن عثمان المزني إلى طبرية و حصن عمارة بأذرعات و انكشف محمّد بن صالح إلى قريته و كان يوما غليظا على قيس، فقال شاعر بني أمية:
تنافس بنعمة المختار منا *** أكف بني أسد و القلوب
و سارت تحت ألوية ابن حرب *** جنود اللّه ليس لها ضريب
سارعت الشام إلى علي *** و شرق الأرض و الحرب الرحيب
و عاد الملك في أبناء صخر *** طوال الدهر ما سرت الجنوب
فقل لبني أمية و الليالي *** لها في كل سائمة نصيب
إذا سلمت بنو العباس منكم *** مواليها و سادتها النجيب
لم يسم.
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي، أنا أبو بكر الخطيب، أنشدني أبو طاهر اليزيدي الرازي لبعض أهل دمشق (2):
ص: 254
و دعوتني فأكلت عندك لقمة *** و شربت شرب من استتم خروفا
و سألتني في إثر ذلك دعوة *** ذهبت بمالي تالدا و طريفا
فجعلت أفكر قبل باقي ليلتي *** ما كنت تفعل لو أكلت رغيفا
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنا جدي أبو محمّد، نا أبو علي الأهوازي، أنشدنا أبو القاسم بن بشرى، أنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنشدني بعض أصحاب الحديث:
كم من أخ لك لم يلده أبوكا *** و أخ أبوه أبوك قد يجفوك
كم اخوة لك لم يلدك أبوهم *** و كأنما آباؤهم ولدوك
لو رمت حملهم على مكروهة *** تخشى الحتوف بها لما خذلوكا
و أقارب لو عاينوك منوطا *** بنياط قلبك ثم ما نصروكا
فالناس ما استغنيت كنت أخا لهم *** فإذا افترقت إليهم رفضوكا
أخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا جدي، أنشدنا أبو القاسم العطار، أنشدنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنشدني بعض أصحاب الحديث:
ذهب الرجال المقتدى بفعالهم *** و المنكرون لكل أمر منكر
و بقيت في خلف يزين بعضهم *** بعضا ليسكت معور عن معور
9281 - صديق لأبي القاسم بن أبي العقب (1)
أنا.... (2)،أنا الأهوازي، نا عبد الرّحمن بن محمّد الجوبري، نا أبو القاسم بن أبي العقب، أنشدني صديق لي هذه الأبيات:
كم المقام و كم تعتافك العلل *** ما ضاقت الأرض في الدنيا و لا السبل
إن كنت تزعم أرض اللّه واسعة *** فيها لغيرك مرتاد و مرتحل
فارحل فإن بلاد اللّه ما خلقت *** إلاّ ليسكن منها السهل و الجبل
ص: 255
اللّه عودني الحسنى فما برحت *** عندي له نعم تترى و تتصل
إن ضاق بي بلد أبدلته عوضا *** و إن نبا منزل بي كان لي بدل
و إن تغير لي عن ودّه رجل *** أصفى المودة لي من بعده رجل
لم يقطع اللّه لي من صاحب أملا (1) *** إلاّ تجدد لي من صاحب أمل
لا تبتذل أبدا وجهك في طمع *** فما لوجهك ماء حين يبتذل
أنبأنا أبو بكر محمّد بن الحسين المقرئ، أنا أبو منصور محمّد بن محمّد بن أحمد ابن الحسين العكبري، أنا أبو القاسم آدم بن محمّد بن علي الزبدي العلوي، أنا أبو بكر محمّد ابن الحسين الاحرن (2) قال:
رأيت منذ سنين كثيرة مع عجوز.... (3) أخبرتني أن شابا من أهل دمشق كان محبوسا في المطبق مظلوما (4) و أنه نسخ هذين، و نسخ على حضرتهما شيء من الشعر في الغرباء على الأول منهما:
غريب يقاسي الهم في أرض غربة *** فيا رب قرب دار كل غريب
و على الثاني منهما:
أنا الغريب فلا ألام على الام *** على البكاء إن البكاء حسن بكل غريب
أنبأنا أبو بكر محمّد بن الحسين المقرئ، أنا أبو منصور محمّد بن محمّد بن أحمد ابن الحسين العكبري، أنا أبو القاسم آدم بن محمّد بن آدم بن الهيثم السلحي، أنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني. قال: و قال لي أبو الحسن الواسطي الصوفي: قرأت على حائط دير بأذربيجان: حضر فلان ابن فلان الدمشقي و هو يقول:
لئن كان سخط البين فرق بيننا *** فقلبي ثاو عندكم و مقيم
ص: 256
ألا ليت شعري هل إلى جمع شملنا *** سبيل فنلقي العيس و هو سليم
ذكر أنه قرأ على حائط سورة مدينة صور مكتوبا:
دع الدنيا فإني لا أراها *** لمن يرضى بها دارا بدار
و دارك إنما اللذات فيها *** معلقة بأيام قصار
9285 - شاعر من الماذرائيين (1) الكتّاب الذين كانوا بمصر
قدم دمشق و أقام بها مدة مختفيا بدير مرّان (2) لأجل ضمان ضمنه بمصر.
حكى عنه أبو الفرج عبد الواحد بن نصر الببغاء الشاعر (3).
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي جعفر بن المسلمة، أنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين الثوري المحتسب، قراءة عليه، نا أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمّد المخزومي قال (4):
تأخرت بدمشق عند سيف الدولة مكرها و قد سار عنها في بعض وقائعه، و كان الخطر شديدا على من أراد اللحاق به من أصحابه، حتى إن ذلك كان مرديا إلى النهب و طول الاعتقال، فاضطررت إلى إعمال الحيلة في ذلك يخدمه من بها من رؤساء الدولة الإخشيديّة و كان انقطاعي منهم إلى أبي بكر علي بن صالح الرودباري لتقدمه في الرئاسة، و مكانه من الفضل و الصناعة، فأحسن تقبلي (5) و بالغ في الإحسان إليّ ، و عملت تحت الضرورة في المقام، فتوفرت على قصد البقاع الحسنة و المتنزهات المطروقة تسليا و تعللا. فلما كان في بعض الأيام عملت على قصد دير مران، و هذا الدير مشهور الموقع منها في الجلالة و حسن المنظر، فاستصحبت بعض من كنت آنس به، و تقدمت بحمل ما يصلحنا، و توجّهنا، فلمّا
ص: 257
نزلناه قدمنا أمرنا و أخذنا في شأننا (1)،و كنت اخترت من رهبانيته لعشرتنا من توسمت فيه رقة الطبع و سماحة الأخلاق، حسب ما جرى الرسم به في غشيان (2) الاعمار و طروق الدّيرة من التطرف بعشرة أهلها و الأنسة بسكانها فانصرفت في نظرة إلى بعض الرهبان فوجدته إلى خطابه متوثبا و لنظري إليه مترقبا فلمّا أخذته عيني أكب يزعجني بخفي الغمز و وحي الإيماء، فاستوحشت لذلك و أنكرته و نهضت عجلا و استحضرته فأخرج إليّ رقعة مختومة و قال لي: قد سقط فرض الأمانة مما تضمنته هذه الرقعة و ونى و سقط ذمام كاتبها في سترها بك عني، ففضضتها، فإذا فيها بأحسن خط و أملحه و أقواه و أوضحه:
بسم اللّه الرحمن الرحيم.
لم أزل فيما تؤديه هذه المخاطبة يا مولاي: بين حزم يحث على الانقباض عنك، و حسن ظن يحض (3) على التجاور (4) عن نفيس الحظ منك إلى أن استنزلتني الرغبة على حكم الثقة بك من غير خبرة، فرفعت بيني و بينك سجف الحشمة، فأطعت بالانبساط أوامر الأنسة، و انتهزت في التوصل إلى مودتك فائت الفرصة، و المستماح منك - جعلني اللّه فداك - زوره ارتجع ما اغتصبته الأيام من المسرة مهنأة بالانفراد إلاّ من غلامك [الذي هو مادة مسرتك] (5):
و ما ذاك عن خلق يضيق بطارق *** و لكن لأخذي باجتناب العوائق
فإن صادف ما خطبته منك - أيدك اللّه - قبولا، و لديك نفاقا، فمنّة غفل الدهر عنها، و فارق مذهبه بما أهداه إلي منها، و إن جرى على رسمه في المضايقة فيما أوثره و أهواه و أترقبه من قربك و أترجاه، فذمام المروءة يلزمك رد هذه الوقعة و سترها و تناسيها و اطراح ذكرها إن شاء اللّه و إذا بأبيات تتلو الخطاب و هي:
هل لك في صاحب تناسب بال *** غربة أخلاقه و بالأدب
أوحشه القرب (6) فاستراح إلى *** قربك مستنصرا على النوب
ص: 258
فإن تقبلت ما حباك به *** لم تشن الظن فيك بالكذب
و إن أبى الدهر دون بغيتنا (1) *** فكن كمن لم يقل و لم يجب
قال [أبو الفرج:] فورد عليّ ما [حيرني] (2) و تحصل لي في الجملة أن أغلب الأوصاف على صاحبها الكتابة خطا و نظما و نثرا، فشاهدت بالفراسة من ألفاظه، و خبرت أخلاقه قبل الخبرة من رقعته، و قلت للراهب: ويحك من هذا؟ و كيف السبيل إليه ؟ فقال: أما ذكر حاله فإليه إذا اجتمعنا، و أما السبيل إلى لقائه فمتسهل إن شئت (3)،قلت: دلني، قال: و تتصيد عذرا تفارق أصحابك منصرفا، فإذا حصلت بظاهر الدير عدلت بك إلى باب خفي تدخل منه، فرددت الرقعة عليه، و قلت: ارفعها إليه ليتأكد أنسه لي، و سكونه إلي، و عرفه أن التوفر على إعمال الحيلة في المصير إلى حضرته على ما أوثره أولى من التشاغل بإصدار جواب، أو قطع وقت بمكاتبته، و مضى الراهب، و عدت إلى أصحابي بغير النشاط الذي ذهبت به، و أنكروا ذلك، فاعتذرت إليهم بشيء عرض لي، و استدعيت ما أركبه، و تقدمت إلى من كان معي ممن يخدم بالتوفر على خدمتهم، و قد كنا عملنا على المبيت، فاجتمعوا على تعجل الانصراف، و خرجت من باب الدير، و معي صبي مملوك كنت آنس بخدمته، و تقدمت إلى الشاكري برد الدابة، و ستر خبري و مباكرتي، و تلقاني الراهب، فعدل بي إلى الطريق الضيق الذي وصفه، و أدخلني إلى الدير من باب غامض، و صار لي إلى باب قلاية (4) متميز عما يجاوره من الأبواب نظافة و حسنا، فقرعه بحركات مختلفات كالعلامة، فابتدرنا منه غلام و تلوته (5)، و الراهب إلى صحن القلاية، فإذا أنا إلى بيت فضي الحيطان، رخامي الأركان، حلوقي الجدران، يضمن طارقه خيش ريح تظاهر بخيش يمده بالماء من كثافته، مفروش بحصر مستعملة له، و في صدره مقعد سامان (6) مقرون في دقة الدبيقي و بياضه و سامد (7) ما تجاوره
ص: 259
من الفرش طبري فوثب إلينا منه فتى مقتبل الشبيبة، حسن الصورة، ظاهر النبل و الهيئة، متزيّ (1) من اللباس [بزي غلامه] فلقيني حافيا يعثر في سراويله، و اعتنقني ثم قال لي: إنما استخدمت هذا الغلام في تلقيك يا سيدي لأجعل ما لعلك استحسنته من وجهه مصانعا عما ترد عليه من قبح وجهي، فاستظرفت اختصاره الطريق إلى بسطي، و ارتجاله النادرة على نفسه حرصا في تأنيسي، و أفاض في شكري على المسارعة إلى أمره، و أنا واصل خلل سكناته بالتعبد له، و المبالغة في الاعتداد به بتفضله و قال لي: أنت يا سيدي مكدود بمن كان معك و الاستمتاع بمحادثتك لا يتم إلا بالتوصل إلى راحتك، و قد كان الأمر على ما ذكر، فاستلقيت يسيرا ثم نهضت فخدمت في حالتي النوم و اليقظة الخدمة التي ألفتها في دور أكابر الملوك و جلة الرؤساء، و أحضرنا خادم له لم أر أحسن وجها و لا سوادا منه طبقا يضم ما يتخذ للعشاء مما خف و ظرف، فقال لي: الأكل مني يا سيدي للجوع، و منك للممالحة و المساعدة، فنلنا شيئا، و أقبل الليل ففتحت مناظر ذلك البيت إلى فضاء أدى إلينا محاسن الغوطة، و حبانا بذخائر رياضها من المنظر الجناني و النسيم العطري، و اقتعدنا غارب اللذة، و جرينا في ميدان المفاوضة فلم يزل يناهبني نوادر الأخبار و ملح الأشعار، و نخلط ذلك من المزاح بأظرفه، و من التودد بألطفه ثم قال لي: أنا و اللّه يا سيدي أحب ترفيهك و لا أبطأ عما أنت متوفر عليه فقد عرفت الاسم و النسب و الصناعة و اللقب و قد كنت أوثر أن نسمة ليلتنا بشيء يكون لها طررا، و لذكرها معلما، فأخذت دواة و كتبت ارتجالا:
و ليلة أوسعتني *** حسنا و لهوا و أنسا
إذا طلع الدير سعدا *** لم يبق مذ لاح (2) نحسا
فصار للروح مني *** روحا و للنفس نفسا
فطرب على قولي:«للروح روحا و للنفس نفسا» و أخذ الأبيات و جعل يرددها ثم جذب دواة و كتب إجازة لها:
و لم أكن لغريمي *** و اللّه أبذل فلسا
لو ارتضى لي خصمي *** بدير مران حبسا
و دفعه إليّ فقلت له: إذا ما كان و اللّه أحد يؤدي حقا و لا باطلا و عرفت في الجملة أنه
ص: 260
مستتر عن دين [قد ركبه] و قال لي: قد خرج لك أكثر الحديث، فإن عذرت، و إلا ذكرت الحال لتعرفها على صورتها، فتبينت ما يؤثره من كتمان نفسه، فقلت له: يا سيدي، كل ما لا يتعرف بك نكرة، و قد أغنت المشاهدة عن الاعتذار، و نابت الخبرة عن الاستخبار، و جاء الخادم ببردعة فرشها بازاء بردعته فنهضت إليها و قام يتفقد أمري بنفسه و غلب عليّ النوم إلى أن أيقظني هو السحر، فأردت توديعه و حاذرت إزعاجه، فخرجت، و لقيني الخادم يريد إنباهه، و تعريفه انصرافي، فأقسمت عليه أن لا يفعل، و وجدت غلامي قد بكر بالدابة كما أمرته، فركبت منصرفا و محدثا نفسي بالعودة إليه و التوفر على مواصلته و أخذ الحظ منه، و متوهما أن ما كنت فيه مناما (1) لطيبه و قرب أوله من آخره، و اعترضتني أشغال أدت إلى اللحاق بحضرة سيف الدولة فسرت على أتم حسرة بما فاتني من لقائه و معرفة حقيقة خبره و قلت في ذلك:
و يوم كأن الدهر سامحني (2) به *** فصار اسمه ما بيننا هبة الدهر
جرت فيه أفراس الصبا بارتياحنا *** إلى دير مران المعظم و العمر
بحيث هواء الغوطتين معطر ال *** نسيم بأنفاس الرياحين و الزهر
فمن روضة بالحسن ترفد روضة *** و من نهر بالفيض يجري على نهر
و أهدت لي الأيام فيه مودة *** دعتني في ستر فلبيت في ستر
أتى من شريف الطبع أصدق رغبة (3) *** تخاطبني من منطق النظم و النثر
فكان جوابي طاعة لا مقالة *** و من ذا الذي لا يستجيب إلى اليسر
فلاقيت ملء (4) العين نبلا و هيئة *** محلّى السجايا بالطلاقة و البشر
فأحشمني بالبر حتى ظننته *** يريد اختداعي عن جناني و لا أدري
و نزه عن غير الصفاء اجتماعنا *** فكنت و إياه كقلبين في صدر
مضى و كأني كنت فيه مهوّما (5) *** يحدث عن طيف الخيال (6) الذي يسري
ص: 261
و هل يحصل الإنسان من كل ما به *** تسامحه الأيام إلاّ على الذكر
و لم أزل على أتم قلق و أعظم حسرة و أشد تلهف على ما سلبته من عظم النعمة بفراق الفتى، لا سيما و لم أحصل منه على حقيقة علم و لا يقين خبر يؤدياني إلى الطمع في لقائه و يعقدان الأماني بترجي مشاهدته إلى أن عاد سيف الدولة إلى دمشق فما بدأت بشيء قبل المصير إلى الدير، فوقفت بظاهره، و انفدت ممن أحضرني الراهب، و قال لي: ما أراك تسألني عن صديقك ؟ و اللّه ما لي فكر ينصرف عنه، و لا أسف يتجاوز ما حرمته منه، و لا سررت بعودي إلى هذا البلد إلاّ من أجله و لذلك بذات قصدك، فاذكر لي خبره، فقال: أما الآن فنعم، هذا فتى من المادرائيين جليل القدر عظيم النعمة، كان ضمن من السلطان بمصر ضياعا بمال عظيم، فخاس به ضمانه لصعود الخصب و السعر، و أشرف على الخروج من نعمته، فاستتر و اشتد البحث عنه فخرج مختفيا إلى أن ورد هذا البلد بزيّ تاجر، و كان استتاره عند بعض إخوانه ممن أخدمه، فإني يوما عنده إذ ظهر لي و قال لصديقه: إني أريد الانتقال إلى هذا الراهب إن كان عليّ مأمونا فذكر له صديقه مذهبي و أظهرت المسرة بما رغب فيه من الأنس بي و أنا لا أعرفه غير أن صديقي أمرني بخدمته و بالجد في ذلك تأكيدا عرفت منه جلالة قدره و كبر محله و حصل في قلايتي يواصل الصوم إلى أن ورد عليه غلمانه بالبغال و الآلة الحسنة، و كتب أهله باجتماعهم على الإخشيذ و تعريفهم إياه الحال في بعده عن وطنه لضيق يده عما يطالب به و التوقيع بحطيطة المال عنه، و بعوده إلى بلده فلما عمل على المسير قال لغلامه: سلم جميع ما بقي معك من نفقتك إلى الراهب ليصرفها في مصالح الدير إلى أن تواصل بفقده من مستقرنا، و سار و ما له حسرة غيرك، و لا أسف إلا إليك بقطع الأوقات بذكرك و هو بمصر على أفضل حال و أجملها ما يخل بتفقدي و لا يغفل عني، فتعجلت بعض السلوة بما عرفته من حقيقة خبره.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنا جدي أبو محمّد، أنشدنا أبو علي الأهوازي، أنشدنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن نصر بن محمّد، أنشدني بعض إخواني:
وجدت أخص إخواني عدوي *** إذا ما الدهر أحوجني إليه
سلمت من العدو و ما دهاني *** سوى من كان معتمدي عليه
ص: 262
قرأت بخط أبي علي الأهوازي، و أنبأنيه أبو القاسم العلوي و غيره، عن أبي علي الأهوازي، أنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي الميداني، أنشدني بعض إخواني:
ما لك لا تفعل الجميل و قد *** صوّرك اللّه أحسن الصور
ليس جمال الفتى بنافعه *** إلاّ بنشر الجميل في البشر
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد المزكي شفاها، عن محمّد بن علي الحداد، قال:
كتب رجل شريف إلى الشيخ أبي الحسن أحمد بن عبد اللّه بن.... (1) هذه الأبيات و سأله الإجازة و هي:
أحبك يا ابن الران في اللّه خالصا *** محبة من في دينه يتلطف
لأنك قرد في زمانك كله *** و بحر علوم زاخر ليس يترف
و أنشده في حبك بيتا مصدقا *** على فرط حبي فيك فالقلب مدنف
لعمري لقد أحببتك الحب كله *** و زدتك حبا لم يكن قط يعرف
جزاك إله الخلق خيرا عن *** الذي تمن به و اللّه بالعبد أعرف
و لكنني أشكو من الجوى غراما *** كما يشكو الهوى المتلهف
قساوة قلب دونها الصخر عنده *** سوى عليه لينه و التعفف
يمر عليه الوعظ صحفا كأنه *** به صمم عنه و للجهل يألف
مضى زمني في الفي و البين و الخنا *** و أصبح قلبي في البطالة يشرف
أبا حسن كيف الخلاص و كيف لي *** برقة قلب ظالم ليس ينصف
فقد أصبح المسكينة في الويل و البلى *** فقد كاد من ذكر العتمة يتلف
إذا ذكر الأهوال أصبح *** على ما مضى من فعله يتلهف
لعل الذي فوق السماوات عرشه *** يخلصه من شر ما يتخوف
فقد وعد الرحمن بالفضل عنده *** و في وعده الحق الذي ليس يخلف
فجد بدعاء منك يصلح قلبه *** إله الورى فاللّه بالعبد أرأف
ص: 263
فأجابه الشيخ أبو الحسن:
بحمد إلهي في الورى انصرف *** و بالغر من أهل الهدى أتشرف
و قولي لمن أبدى إليّ مودة *** بصدق لسان ليس في القوم يسرف
صدقت و قد قامت شواهد حبنا *** بما قلته و القلب بالقلب أعرف
إذا قابل المرآة شخص بصورة *** يقابله شخص له منه ألطف
إذا غاب هذا غاب ذاك و إن *** بدا تبدا له (1) منه مثال مؤلف
فيعرفه عند التقابل هكذا *** قلوب الورى في الملتقى تتعارف
فيا بن رسول اللّه و السادة التي *** لهم بحر علم ليس بالفهم يترف
بهم و نحيبهم و بالقرب منهم *** أرجى النجاء من كل ما أتخوف
هم العروة الوثقى الذي بحبهم *** أصاب الهدى قوم و لم يتعسفوا
و حب الفتى للّه في اللّه خالصا *** عزيزة طبع لم يشبه التكلف
دعا اللّه أرواح الورى قبل خل *** قهم فالفها في غيبه فتألفوا
و قال اعرفوني ها أنا اللّه ربكم *** بحق و ما اسفرت إلا لتعرفوا
أ لست على التحقيق منكم إلهكم *** قالوا بلى طوعا و لم يتخلفوا
و قد قلت فيما قلته من شكاية *** لقلت ظلوم جائر ليس ينصف
قلوب الورى في قبضة اللّه كونها *** يباعد منها ما يشاء و يزلف
.... (2) في جنح الظلام فإنه *** خبير بداء القلب يشفي و يلطف
و قل يا بني قلبي تعطف بنظرة *** عليه عسى يا رب بالعطف تعطف
فقد جلت البلوى و غربة الشقاء *** سقيم فما برحاء عليك و مدنف
محمّد بالشفاء يا ذا المعارج و العلى *** لقلب حزين والد يتهلف
رجاك و ما يرجوك إلاّ لنظرة *** تزيل العمى عن ناظريه و تكشف
فها أنا بين الخوف وقف مع الرجا *** ببابك يا مولاي و القلب يرجف
إذا عنّ لي بأنين تحاذاني *** الرجاء فلا مسرع جدا و لا متوقف
أشاهد ما أرجوه مثل نوهما *** فلا مجمل عني و لا تتكشف
ص: 264
و امل لطفا ثم عطفا و رأفة *** و من منك يا مولاي بالعبد أرأف
سلام من الراني تتلوه رحمة *** على عصبة بالحب منه تألفوا
أولئك حزب اللّه و اللّه حزبهم *** شموس ضياء أنوارهم ليس تكشف
أصون لساني عن مديح سواهم *** و تعرف نفسي عنه جدا و تأنف
و لي عند ذكراهم لسان لصارم *** يغد الصفا عصب صقيل و مرهف
أروم جزيلا من نوال مهيمن *** عظيم الحبا و اللّه يعطي و يضعف
كتب إلى أبي الحسن بن الران [الواعظ ] (1).
أنبأنا أبو محمّد ابن الأكفاني، أنا أبو بكر محمّد بن علي الحداد - إجازة - قال: و كتب رجل إليه - يعني أبا الحسن ابن الران-:
عجبت و مثلي لا يعجب *** طربت و مثلي لا يطرب
لليل يكر على فجره *** و عمري بينهما يذهب
و ما تبت للّه من زلة *** فأين من اللّه لي مهرب
و لا خفت سطوته إذ خلوت *** بأقبح شيء له أركب
فوا حزني ثم وا حسرتي *** على مكسب شر ما يكسب
و يا لهف نفسي على توبة *** تقرب مني الذي أطلب
و كيف السبيل إلى ما طلبت *** و أنت خبير بما يطلب
و قل لي يا طربي تارة *** و يا عجبي ما الذي يعجب
و إني لفي شغل عنهما *** بأمر عظيم هو الأغلب
فللّه درك من واعظ *** يرغب فيما له يرغب
فأجابه - يعني الشيخ أبا الحسن ابن الران الواعظ -:
عجبت لذي اللب إعجابه *** و أسباب غفلته أعجب
فإن كنت أبصرت قصد الطريق *** يقينا و صح لك المطلب
فخذ في مسيرك ذات اليمين *** تفوز و تحظى بما تطلب
ص: 265
و أكثر من الزاد قبل المعاد *** لعلك تنجو و لا تعطب
فما الخير للمرء في لذة *** تبيد و أيامه تذهب
نهار يمر و ليل يكر *** و يومان (1) بينهما تسلب
و عما قليل يكون الحريص *** في القبر رهنا بما يكسب
و تطلب من دينه مهربا *** و هيهات عز به المهرب
و أصبح في قعر مرموسه *** توعر من دونها المطلب
و ليس بها ضوء شمس يبين *** و لا ضوء بدر و لا كوكب
فيا عجبا من فتى لاعب *** و أيدي المنون به تلعب
و يضحك من عبر سنّه *** و عين الزمان له تندب
و يبعده العيش في كل يوم *** و أسباب منيته تقرب
و يغفل عن مرّ أيامه *** و صرف الزمان له يلعب
و يفرح للشمس إذ أشرقت *** و شمس بشاشته تغرب
قال فيما جرى بدمشق سنة إحدى عشرة و أربع مائة عند فتنة ولي العهد عبد الرحيم بن الناس، أنبأنا منها:
تقضى أوان الحرب و الطعن و الضرب *** و جاء أوان الوزن و الصفع و الضرب
و أضحت (2) دمشق في مصاب و أهلها *** لهم خبر قد شاع في الشرق و الغرب
حريق و جوع دائم و بلية *** و خوف فقد حقّ البكاء مع الندب
كأن دمشقا حين تنظر أهلها *** و قد حشروا حشر القيامة للكتب
فلو كان من يجني يقاد بذنبه (3) *** لكنا براء من قياد و من ذنب
فوا أسفي أن المدينة أحرقت *** و طاف عليها طائف السخط من ربي
و أضحت (4) تلألأ قد تمحت رسومها *** كبعض ديار الكفر بالخسف و القلب
ص: 266
و أحرقت الأبواب من كل جانب *** فأصبحت بعد الأنس ينكرها قلبي
إلى أين أسعى من دمشق و أرضها *** بها جنة الفردوس للأكل (1) و الشرب
و جامعها إحدى العجائب في الورى *** له الخبر المنعوت في سائر الكتب
إليكم جميع المسلمين نعيتها (2) *** و إن كنت قد أقصرت في نعتها خطبي
قرأت هذه الأبيات مع غيرها بخط أبي محمّد عبد الرّحمن بن أحمد بن علي بن صابر فيما نقله من أخبار دمشق.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي العباس السوسي، أنا جدي أبو محمّد، أنشدني أبو علي الأهوازي، أنشدنا بعض الشيوخ لأبي العتاهية (3):
ما للمقابر لا تجي *** ب إذا دعاهنّ الكئيب
حفر مسقفة علي *** هن الجنادل و الكثيب (4)
فيهن ولدان و أطفا *** ل و شبان و شيب
كم من خليل (5) لم تكن *** نفسي لفرقته تطيب
غادرته في بعضه *** ن مجدلا و هو الحبيب
و لهوت (6) عنه و إنما *** عهدي برؤيته قريب
قال شعرا في دير كان خارج باب الفراديس من أبواب دمشق.
قرأت في كتاب أبي الحسن علي بن محمّد بن المظفر الشمشاطي: أنشد فيه:
يا دير باب الفراديس المسح لي *** بلابلا ببلاله و أسحاره
و مفلسا لي من مالي و من *** و من يشي بما أناكره
ص: 267
من خمر حماره لو عشت تسعين عاما فيك مصطبحا لما قضى مثل... (1)
أنبأنا أبو الحسن الفرضي، أنا أبو نصر بن طلاب الخطيب، أنشدني صديق لي من أهل الأدب لبعضهم:
قد سجنا نفوسنا في البيوت *** و قنعنا من دهرنا بالقوت
و رضينا من الصديق إذا ما *** ناب خطب بعيننا بالسكوت
بعونه تعالى تم الجزء الثامن و الستون من تاريخ دمشق و يليه الجزء التاسع و الستون و أوله: ذكر من اسمها: اسماء
ص: 268
8896 - أبو هريرة 3
8897 - أبو هشام الإمام 3
8898 - أبو همام الشعباني 4
8899 - أبو هنيدة 5
8900 - أبو الهيذام 6 حرف اللام ألف فارغ حرف الياء
8901 - أبو يحيى 6
8902 - أبو يحيى الموصلي 6
8903 - أبو يحيى السكري 7
8904 - أبو يزيد المكي المعروف بالغريض 7
8905 - أبو يزيد القاضي مولى بني أمية 9
8906 - أبو يعقوب التدمري 10
8907 - أبو يعقوب التميمي 10
8908 - أبو يعقوب 11
8909 - أبو يعقوب 11
8910 - أبو يعيش 12
8911 - أبو يمان المقرائي 13
8912 - أبو يمن السراج مولى مسلمة بن هشام بن عبد الملك بن مروان 13
8913 - أبو يوسف، حاجب معاوية بن أبي سفيان 13
ص: 269
8914 - أبو يوسف مولى عبد الملك بن مروان و حاجبه 16
8915 - أبو يوسف القزويني 17
8916 - أبو يونس 17 ذكر من نسب إلى الآباء و لم يعرف بالكنى و لا الأسماء
حرف الألف
8917 - ابن أسباط 18
8918 - ابن أبي الأصبغ الصوفي 18
8919 - ابن الأقرع 18 حرف الباء
8920 - ابن البجناكي 19
8921 - ابن بشر بن البراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن عليّ بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج الأنصاري 19
8922 - ابن أبي بصير الثقفي 21
8923 - ابن بلال بن سعد بن تميم السكوني 21
8924 - ابن البيلماني 21 حرف التاء
8925 - ابن التربج الدمشقي 21 8925 م - ابن تريل 22 حرف الثاء
8926 - ابن أبي ثعلبة الخشني 23 حرف الجيم
8927 - ابن جيفويه 23
8928 - ابن أبي جبلة 24 حرف الحاء
8929 - ابن أبي حسان بن حسان ابن أخي أبي عبيد البسري 24
ص: 270
8930 - ابن الحصين بن الحمام بن ربيعة بن مساب بن حرام بن وائلة بن سهم بن مرة بن عوف ابن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان 25
8931 - ابن أبي حفصة 25
8932 - ابن حوي السكسكي 27 حرف الخاء
8933 - ابن خداش بن زهير 28
8934 - ابن الخفافي 30 حرف الدال
8935 - ابن دحيريج الأزدي 30
8936 - ابن الديواني الأطرابلسي 31 حرف الذال
8937 - ابن ذي الخمار سبيع بن الحارث، أو أخيه أحمد بن الحارث من هوازن من بني مالك، أو ذو الخمار بن عوف الجذامي، أو ذو الخمار عبهلة بن كعب الأسود العبسي الدوسي باليمن أو ذو الخمار الأسدي 32
8938 - ابن ذي السهم الخثعمي 32 حرف الراء فارغ حرف الزاي
8939 - ابن زبان الدمشقي و يقال الحمصي 33
8940 - ابن زرعة الجذامي 34
8941 - ابن زمل العذري 35 حرف السين
8942 - ابن سعيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى التنوخي 35
8943 - ابن سليمان بن عتبة الغساني 37 حرف الشين
8944 - ابن شوذب 37
ص: 271
حرف الصاد و حرف الضاد فارغان حرف الطاء
8945 - ابن طنبية النابلسي 37 حرف الظاء فارغ حرف العين
8946 - ابن عبد اللّه بن أبي عائشة 38
8947 - ابن عبدل 38
8948 - ابن عرس 38
8949 - ابن عفيف الحمصي 38
8950 - ابن عمار 38
8951 - ابن العمياء، و يقال: نافع بن العمياء، و يقال: أبو العمياء 39
8952 - ابن أبي عياش الألهاني 40 حرف الغين
8953 - ابن غنيم البعلبكي 40 حرف الفاء
8954 - ابن الفرغاني 41 حرف القاف
8955 - ابن قاسم بن عثمان الجوعي 41
8956 - ابن قباث بن أشيم 42
8957 - ابن قرطاجة 42 حرف الكاف
8958 - ابن كامل 43
8959 - ابن الكوا 43
ص: 272
حرف اللام
8960 - ابن أبي اللقاء الشاعر 43
8961 - ابن لؤلؤ الكاتب 45
8962 - ابن أبي ليلى الغساني 45 حرف الميم
8963 - ابن محمّد بن القاسم بن عيسى بن سميع 45
8964 - ابن مافنّة 45
8965 - ابن أبي محجن الثقفي 46
8966 - ابن مسحج 47
8967 - ابن مقبل 47
8968 - ابن المكاري 47
8969 - ابن المنيب الكلبي 48
8970 - ابن ميّادة الشاعر 48 حرف النون
8971 - ابن ناصح 48
8972 - ابن أبي نحيلة العذري - مولاهم - بن عمارة 48
8973 - ابن نمر 49 حرف الواو
8974 - ابن وبرة الكلبي 50 حرف الهاء
8975 - ابن هرمة الشاعر 51 حرف اللام الألف و حرف الياء: فارغان ذكر أصحاب الألقاب التي غلبت على الأسماء و الأنساب
حرف الألف
8976 - الأثرم النحوي 52
8977 - الأحوص الشاعر 52
ص: 273
8978 - الأخطل التغلبي الشاعر 52
8979 - الأخفش المقرئ 52
8980 - الأركون الدمشقي 52
8981 - الأعرج 53
8982 - الأعشى الكبير 53
8983 - أعشى بن أبي ربيعة 53
8984 - أعشى همدان 53
8985 - أعشى بني تغلب 53
8986 - الأعور الشّنّي 53
8987 - الأقيشر الأسدي 53 حرف الباء
8988 - ببغاء أبو الفرج الشاعر 54
8989 - بطين 54
8990 - البعيث الشاعر 55
8991 - بشكست المقرئ النحوي 55
8992 - البيذق 55 حرف التاء و حرف الثاء فارغان حرف الجيم
8993 - الجاحظ 55 حرف الحاء
8994 - الجرين الديلي 55
8995 - الحطيئة 55
8996 - حواريو عيسى ابن مريم عليهم السلام 55
ص: 274
حرف الخاء فارغ حرف الدال
8997 - الدميك السلمي 71
8998 - الديباج 71 حرف الذال
8999 - ذو ظليم 71
9000 - ذو الرمة 71 حرف الزاي فارغ حرف السين
9001 - السابق المعري الشاعر 72
9002 - سجّادة 72
9003 - سطيح الكاهن 72 حرف الشين فارغ حرف الصاد
9004 - صريع الدّلاّء بصري 72 حرف الضاد و حرف الظاء فارغة حرف العين
9005 - العجاج الراجز 73
9006 - علوية المغني 74 حرف الغين فارغ حرف الفاء
9007 - الفرخ 74
ص: 275
9008 - فرزدق الشاعر 76 حرف القاف
9009 - القطامي الشاعر 76 حرف الكاف
9010 - كشاجم الشاعر 76 حرف الميم
9011 - المتلمس الشاعر 76
9012 - المتنبي الشاعر 76
9013 - مكحول البيروتي 76 حرف النون
9014 - النابغة الذبياني 76
9015 - نابغة بني شيبان 77
9016 - الناظر المعرّي الشاعر 77
9017 - النجاشي الشاعر 77 حرف الواو
9018 - وضاح اليمن 77 حرف الهاء و حرف اللام ألف و حرف الياء فارغة ذكر من عرف بالقرابات و لم يذكروا بالتسميات
9019 - والد بحدل 78
9020 - جد المطعم بن المقدام بن غنيم الصنعاني الدمشقي 78
9021 - جد البطريق بن يزيد الكلبي و يقال عمه 79
9022 - ابن أخي شهر بن حوشب 79
9023 - ابن أخي رجل من قيس 80
9024 - عم يعلى بن عطاء العامري 80
9025 - عم إبراهيم بن أبي شيبان العبسي 81
ص: 276
9026 - عم أبي قصي العدوي 81
9027 - ابن بنت الوليد بن مسلم 81
9028 - خال عبد اللّه بن راشد 82
9029 - صهر الأوزاعي 82
9030 - الأوزاعي 83
9031 - الباهلي الجمالي شاعر 83 ذكر المنسوبين إلى القبائل و الإضافات من غير ذكر التسميات
9032 - البحتري الشاعر 84
9033 - البلخي المعروف بسيف الدين 84
9034 - الحجوري 84
9035 - الزهري 84
9036 - الصنوبري الشاعر 85
9037 - الصنويري 85
9038 - العبلي الشاعر 85
9039 - العرجي الشاعر 85
9040 - العيشي أو العنسي صاحب إسحاق بن إبراهيم الموصلي 85
9041 - المضحك الغاضري المدني 86
9042 - المجدي الشاعر 86
9043 - رجل من بني مرة بن عوف و يقال: مرة بن رباب، و يقال: ابن ذبيان 87 و هذا ذكر من ذكر لنا من المجهولين و سأذكرهم على ترتيب الأزمان و السنين
9044 - رجل 88
9045 - رجل من أمداد حمير 88
9046 - رجل له صحبة 90
9047 - رجل من الأشعريين 91
9048 - رجل حضر مؤتة 92
9049 - رجل من بني أسد قنّسريني 92
9050 - رجل من غسان 93
ص: 277
9051 - رجل من الأزد من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم 94
9052 - رجل له صحبة 95
9053 - رجل من خثعم من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم 95
9054 - رجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم 97
9055 - رجل له صحبة 98
9056 - رجل له صحبة 98
9057 - رجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم 98
9058 - رجل من أهل دمشق 99
9059 - رجل رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و صحبه 99
9060 - رجل من مزينة 100
9061 - شاعر من غسان جاهلي 100
9062 - شاعر 100
9063 - رجل من أهل اليمن 100
9064 - رجل شهد اليرموك و استشهد بها 101
9065 - رجل من أهل دمشق 101
9066 - رجل من الأزد من ثمالة 102
9067 - شيخ شهد عمر 102
9068 - قاضي دمشق 103
9069 - رجل من أهل دمشق 105
9070 - رجل من مهرة 106
9071 - عامل لعمر بن الخطاب على أذرعات من البلقاء من أعمال دمشق 106
9072 - رجل من بني أسد 106
9073 - رجل من الأشعريين 107
9074 - رجل سمع بلال بن رباح المؤذن بدمشق 108
9075 - رجل من بني تميم 109
9076 - رجل من أهل دمشق 109
9077 - رجلان من أهل دمشق كانا في زمان أبي الدرداء 110
9078 - رجل سأل أبا الدرداء 111
9079 - رجل دخل إلى أبي الدرداء و سأله 111
9080 - رجل من أصحاب أبي الدّرداء 112
ص: 278
9081 - رجل نخعي من أهل الكوفة 112
9082 - رجل سمع أبا الدّرداء بحمص و معاوية بالجابية 113
9083 - رجل جرت بينه و بين أبي الدّرداء محاورة بدمشق في الغرس 114
9084 - مولى لأبي الدّرداء 114
9085 - رجل سمع أبا الدّرداء 115
9086 - رجل من أهل دمشق 116
9087 - رجل حدّث عن عائشة 118
9088 - شيوخ من بني عنس من أهل داريا 118
9089 - رجل من أهل الشام 119
9090 - رجل حدّث عن عبد اللّه بن عمر 120
9091 - شيخ من أهل دمشق 120
9092 - رجل من أهل دمشق 121
9093 - رجل رحبي 122
9094 - رجل من حجور 122
9095 - شيخ كبير من أهل دمشق 123
9096 - حرسي كان لمعاوية بن أبي سفيان 124
9097 - شاب من قريش 124
9098 - رجل من أهل البادية 125
9099 - مولى لشقيق أو ابن شقيق 126
9100 - رجل من بني المصطلق من خزاعة 127
9101 - رجل شيخ كان يشبّه بالنبي صلى اللّه عليه و سلم و يدخل على معاوية فيقوم له و يكرمه 127
9102 - رجل من بني عمرو بن شيبان 128
9103 - رجل قاصّ من أهل الأردن 128
9104 - رجل من بني تيم اللّه بن ثعلبة 128
9105 - رجل من كلب 130
9106 - رجل من كلب 130
9107 - رجل من المعمّرين 131
9108 - رجل شاب من غسان 132
9109 - رجل كان في زمان معاوية 133
9110 - أعرابي 134
ص: 279
9111 - رجل من كنانة 135
9112 - رجل وفد على معاوية فلقي الخضر عليه السّلام 136
9113 - رجل دخل على معاوية بعد طول مقامه ببابه و قال في ذلك شعرا 136
9114 - رجل من كلب 137
9115 - رجل من همدان شاعر 138
9116 - رجل أرسله علي إلى معاوية رضي اللّه عنه 139
9117 - رجل استسقى به معاوية كان مجاب الدعوة 139
9118 - رجل من ولد خلف الجمحي 140
9119 - حرسي لمعاوية 141
9120 - رجل كان يسمر عند معاوية 142
9121 - رجل من بني عذرة وفد على معاوية متظلّما من ابن أخته بن أخته أم الحكم، أمير الكوفة 143
9122 - شاعر أغزاه معاوية 146
9123 - شاعر من كلب 147
9124 - شاعر من طيّئ 147
9125 - رجل من همدان 149
9126 - رجل من بني عدي من آل سراقة بن المعتمر بن أنس بن أذاة بن رباح بن عبد اللّه بن قرط ابن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي 149
9127 - رجل من الخوارج 150
9128 - رجل من بني قشير، و رجل من بني العجلان و امرأة من بني نمير 150
9129 - مولى ليزيد بن معاوية إن لم يكن نصير فهو غيره 153
9130 - رجل وفد على عبد الملك بن مروان 154
9131 - شيخ كلبي 155
9132 - أعرابي من كلب 155
9133 - رجل من ولد عثمان بن عفان 157
9134 - قضاعي 158
9135 - أعرابي 159
9136 - أعرابي تغدى مع عبد الملك 159
9137 - أعرابي دخل على عبد الملك 160
9138 - رجل من أهل الشام 160
9140 - رجل من بني عذرة 160
ص: 280
9141 - رجل حكيم تكلم عند عبد الملك 162
9142 - رجل من بني حنيفة 163
9143 - رجل حكى عن رجل من بني حنيفة 163
9144 - رجل فصيح دخل على عبد الملك بن مروان 163
9145 - رجل دخل على عبد الملك بن مروان و هو ببغداد 164
9146 - أعرابي دخل على عبد الملك 164
9147 - رجل حكيم وعظ عبد الملك بن مروان 164
9148 - شاب له قصة مع عبد الملك بن مروان 165
9149 - رجل من شعراء البادية 165
9150 - رجل من غسان دخل على عبد الملك 168
9151 - رجل من ثقيف 168
9152 - شاعر من كلب 168
9153 - رجل شاعر من أهل الكوفة 169
9154 - رجل من أهل العراق 170
9155 - أعرابي من قضاعة 171
9156 - رجل من بني عبس 172
9157 - رجل وفد على سليمان بن عبد الملك 173
9158 - رجل كان عند سليمان فمدحه 173
9159 - شيخ من أهل دمشق 173
9160 - أعرابي وعظ سليمان بن عبد الملك فأحسن الموعظة 174
9161 - رجل من أهل الحجاز 175
9162 - رجل طلبه سليمان بن عبد الملك فهرب منه 177
9163 - رجل حدّث عن عبد الرّحمن بن عسيلة الصّنابحي 179
9164 - شيخ من أهل الجزيرة ضرير من الملازمين للمسجد 180
9165 - رجل من بني مروان بن الحكم 181
9166 - مؤذن لعمر بن عبد العزيز 181
9167 - كاتب لعمر بن عبد العزيز 181
9168 - رجل وفد على عمر بن عبد العزيز من خراسان 182
9169 - رجل من بني أسد 183
9170 - رجل من حرس عمر بن عبد العزيز 184
ص: 281
9171 - حرسي من حرس عمر بن عبد العزيز لقبه عمر بالجائف 184
9172 - رجل من حرس عمر بن عبد العزيز 185
9173 - رجل ممن كان في جيش مسلمة بن عبد الملك في غزوة القسطنطينية 186
9174 - رجل من العلماء 187
9175 - خصي لعمر بن عبد العزيز 187
9176 - مولى لعمر بن عبد العزيز 187
9177 - رجل سمع عمر بن عبد العزيز 188
9178 - رجل وفد على عمر بن عبد العزيز و أخبره برؤيا رآها له 188
9179 - رجل من الأزد من أهل البصرة 188
9180 - أعرابي دخل على عمر بن عبد العزيز 188
9181 - شيخ 189
9182 - شاب دخل على عمر بن عبد العزيز في خلافته 191
9183 - فتى من الأنصار 191
9184 - شاب من أهل الكوفة 193
9185 - رجل من مزينة 194
9186 - شاب من أهل العراق 194
9187 - رجل من الأنصار 195
9188 - رجل من أهل البصرة 196
9189 - رجل من عمال الحجّاج 197
9190 - أعرابي من كلب 198
9191 - رجل وفد على عمر بن عبد العزيز 198
9192 - رجل وفد على عمر بن عبد العزيز و وعظه 199
9193 - رجل من بني شيبان 199
9194 - رجل من أهل المدينة 199
9195 - أعرابي 200
9196 - أعرابي شاعر 201
9197 - رجل من أهل اليمامة 201
9198 - شاعر من بني كلاب 202
9199 - شاعر رثى عمر بن عبد العزيز 202
9200 - رجل من بني نوفل 203
ص: 282
9201 - بعض آل المهلب الذين قدم بهم على يزيد بن عبد الملك 203
9202 - شاعر 204
9203 - شيخ من ثقيف من أهل الحجاز 204
9204 - رجل أتى هشام بن عبد الملك متظلما 205
9205 - أعرابي وفد على هشام بن عبد الملك يتظلّم من بعض عمّاله 206
9206 - رجل من جلساء هشام بن عبد الملك 206
9207 - شيخ من أهل الشام 208
9208 - رجل كان في صحابة هشام 209
9209 - رجل من ولد علي بن أبي طالب 210
9210 - رجل من بني مخزوم بصري 210
9211 - أعرابي 211
9212 - رجل دخل على هشام بن عبد الملك 212
9213 - شيخ راجز من بني والية من بني أسد 212
9214 - رجل من الفصحاء 213
9215 - رجل من ولد خبّاب 215
9216 - مولى لمسلمة بن عبد الملك 215
9217 - شاعر من قريش مدني 216
9218 - شاعر من شعراء اليمن 216
9219 - شاعر وفد على مروان بن محمّد 218
9220 - رجل من ولد أبي سفيان 219
9221 - شيخ من كتّاب بني أمية 220
9222 - رجل من بني أمية شاعر من آل الحارث بن الحكم بن أبي العاص بن أمية 221
9223 - رجل من أهل دمشق 221
9224 - رجل من محارب 222
9225 - رجل 222
9226 - رجل من أهل دمشق 223
9227 - رجل 223
9228 - مولى لبني نمران 224
9229 - شيخ من السكاسك 224
9230 - رجل من أهل دمشق 225
ص: 283
9231 - شيخ من أهل دمشق 226
9232 - شيخ من أهل دمشق 226
9233 - شيخ من أهل دمشق 227
9234 - شيخ من أهل دمشق 227
9235 - شيخ من أهل البلقاء 228
9236 - شيخ كان في عسكر الجراح بن عبد اللّه الحكمي حين قاتل الترك 228
9237 - شيخ من موالي بني فزارة ثم لعمر بن هبيرة 229
9238 - شيخ من أهل دمشق 231
9239 - شيخ آخر من أهل دمشق ممن حاصر قسطنطينة مع مسلمة و حكى شيئا من أمرها عن كتاب عمر بن عمر بن عبد العزيز 231
9240 - شيخ من الأوزاع 232
9241 - شيخ من أهل دمشق 232
9242 - شيخ من أهل دمشق 233
9243 - شيخ 233
9244 - شيخ 233
9245 - شيخ 234
9246 - شيخ 234
9247 - رجل من بني مرة من أهل حوران 235
9248 - رجل من أهل دمشق 235
9249 - شيخ من غطفان من أهل دمشق 235
9250 - شيخ من جند دمشق 235
9251 - شيخ من حكم بن سعد العشيرة 236
9252 - شيخ من أهل دمشق 236
9253 - رجل من أهل دمشق 236
9254 - شيخ من أهل دمشق 237
9255 - شيخ 237
9256 - شيخ من طيّئ 238
9257 - رجل من أهل العلم 238
9258 - رجل من أهل دمشق لم ينته إلينا اسمه 239
9259 - رجلان من أهل الشام 240
ص: 284
9260 - رجل من العباد 241
9261 - شيخ متعبد غلب على عقله 242
9262 - رجل من شرعب 243
9263 - رجل كان يصحب ابن جوصا 243
9264 - رجل صالح من أهل دمشق 244
9265 - شيخ من أهل دمشق 246
9266 - شيخ كان بكناكر من أعمال دمشق 246
9267 - شاب من الصالحين 247 9267 م - صديق للقاسم بن عثمان الجوعي 249
9268 - رجل متصوف دخل بيروت في سياحته 249
9269 - رجل له فضل، مستجاب الدعاء 250
9270 - رجل صالح كان يكون بجبل لبنان 250
9271 - رجل 251
9272 - رجل 252
9273 - رجل صالح من أهل قرية سمسكين من أعمال دمشق 252
9274 - أعرابي 252
9275 - شاعر من قيس 253
9276 - شاعر دخل دمشق 253
9277 - شاعر من أهل دمشق 254
9278 - شاعر من أهل دمشق 254
9279 - رجل من أصحاب الحديث 255
9280 - رجل آخر 255
9281 - صديق لأبي القاسم بن أبي العقب 255
9282 - رجل من أهل دمشق 256
9283 - رجل من أهل دمشق 256
9284 - رجل من أهل بيروت 257
9285 - شاعر من الماذرائيين الكتّاب الذين كانوا بمصر 257
9286 - رجل آخر 262
9287 - رجل آخر 263
9288 - رجل شريف شاعر 263
ص: 285
9289 - رجل شاعر 265
9290 - شاعر من أهل دمشق 266
9291 - رجل آخر 267
9292 - شاعر 267
9293 - رجل آخر 268
ص: 286