سرشناسه : عزاوي، عباس، م - 1888
Azzawi, Abbas
عنوان و نام پديدآور : تاريخ العراق بين احتلالين/ عباس العزاوي
مشخصات نشر : قم: مكتبه الحيدريه، 1425ق = 1383.
مشخصات ظاهري : 8 ج.مصور، نقشه، نمونه
شابك : 964-8163-30-830000 ريال :(دوره) ؛ 964-8163-31-6(ج. 1) ؛ 964-8163-32-4(ج. )2 ؛ 964-8163-32-2(ج. )3 ؛ 964-8163-34-0(ج. )4 ؛ 964-8163-35-9(ج. )5 ؛ 964-8163-36-7(ج. )6 ؛ 964-8163-37-5(ج. )7 ؛ 964-8163-38-3(ج. )8
وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي
يادداشت : افست از روي چاپ: مصلبعه بغداد، 1353ق = 738ق = 1258 = م 1338
يادداشت : عنوان روي جلد: تاريخ العراق بين الاحتلالين.
يادداشت : كتابنامه
مندرجات : ج. 1. حكومه المغول، 738 - 656ق = 1338 - 1258م .-- ج. 2. حكومه الجلايريه، 814 - 739ق = 1481 - 1338م .-- ج. 3. الحكومات التركمانيه، 941 - 814ق = 1534 - 1338م. .-- ج. 4. العهد العثماني الاول، 1048 - 941ق = 1638 - 1534م. .-- ج. 5. العهد العثماني الثاني، 1163 - 1049ق = 1750 - 1639م. .-- ج. 6. حكومه المماليك، 1247 - 1162ق = 1831 - 1749م .-- ج. 7. العهد العثماني الثالث، 1289 - 1247ق = 1872 - 1831م. .-- ج. 8. العهد الثماني الاخير، 1335 - 1289ق = 1917 - 1872م .-
عنوان روي جلد : تاريخ العراق بين الاحتلالين.
عنوان ديگر : تاريخ العراق بين الاحتلالين
موضوع : عراق - تاريخ
رده بندي كنگره : DS70/9 /ع 43ت 2 1383
رده بندي ديويي : 956/7
شماره كتابشناسي ملي : م 83-19225
من لم تفده عبرا أيامه كان العمي أولي به من الهدي
ابن دريد
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 7
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام علي رسوله الأمين و علي آله
و صحبه و من تبعه بإحسان إلي يوم الدين.
(و بعد) فالتاريخ بيان حياة الأمم فلم نر شعبا أهمل أمره، و يرجع تاريخنا في القدم إلي أبعد العصور، سجل حوادثه الحربية و السياسية، و له الفخر في مضمار السبق في هذا التدوين. و كذا دوّن ثقافة العصور أو تاريخ التفكير، و تعزي إلي التاريخ منافع جمة اجتماعية و تشريعية و أدبية و علمية و سائر ما يتعلق بالحضارة كما نعلم منه نفسيات الأمم.
و مجتمعنا أولي في استفادتنا و أحق بالتفهم، فهو حياتنا في مختلف العصور، و فيه تاريخ نضالنا تجاه العتاة القساة المعتدين و الطامعين المدمرين، فندرك الأخطار التي انتابتنا لنتوقي تكرارها و لا شك أننا نستفيد منه أكثر من تلقين الناصحين و أكبر من وعظ الواعظين، لتلافي النقص، و سدّ الخلل، و كل ما فيه تجارب يعد إهمالها جهلا أو غفلة بل جريرة يؤخر بها سيرنا أمدا طويلا. و العراق طافح بأمثال هذه الحوادث و ليس بعد المعرفة مستعتب من لزوم الذبّ عن حريتنا.
و حوادث هذا العهد تمتد من سنة 1289 ه- 1872 م إلي سنة 1335 ه- 1917 م. و في هذه عبرة كبيرة من المحتم أن نتحاشي تكرار ضررها حذر أن تنطبق علينا آية:
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 8
… لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها، وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ … [سورة الأعراف:
الآية: 179].
أجارنا اللّه تعالي من سوء الأيام و هدانا إلي طريق الرشد و سدد خطانا؛ إنه ولي الأمر.
مشاكل العراق و حوادثه الاجتماعية و السياسية و الثقافية و الاقتصادية كثيرة لا تحصي و ما دوّن منها قليل من
كثير. و ليس في الوسع الإحاطة بها. و كل هذه تحتاج إلي تثبيت بقدر الإمكان و هكذا ما كان متوقعا و مفاجئا، و منها ما هو مألوف معتاد. و العراق تأثر بها، فلم يقف مكتوف اليدين …
ورد بغداد ولاة كثيرون تعاقبوا بعد مدحت باشا و نعجب أن لا يطرأ خلل عظيم علي إدارتهم مع أننا نشعر بخطل منهم علي الأغلب.
و كيف ينجحون و مدحت باشا أتعب من جاء بعده بل إنهم ولّدوا استياء عاما و نفرة شاملة فلم يذكر الولاة بعده بخير الأعمال و جليلها إلا في عهد المشروطية في الأغلب.
نعم أعجز من جاء بعده و ظهر الخذلان الذريع فلم يفلح وال في عمل بل توالي ولاة كان هذا شأنهم مدة ليست بالقصيرة إلي أن أعلن الدستور. فهل كان هذا مقصودا من الدولة أو أنها فقدت الاختيار أو خافت ممن يلي خوفها منه، لما أفزعوها به فحذروها منه فصارت تترقب حدوث الغوائل، و في هذا الخوف ضياع القدرة و الرشد، و موت المزايا الفاضلة.
بعد أمد قصير صار مدحت باشا صدرا أعظم (رئيس الوزراء)
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 9
و أعلن الدستور و تكوّن مجلس الأمة و لم تمض مدة حتي أخفق العمل و انتهك الدستور و صارت الإدارة مستبدة، فتغلب السلطان عبد الحميد علي الأحرار، و الأمة كانت غير متأهبة …
الإدارة غير صالحة، و الثقافة في ركود أو كانت تراعي الظواهر ليقال إن لها مؤسسات ثقافية، و حالة الشعب في هدوء و طمأنينة لا يعلم ما يراد به، و في أمر كهذا لا يقال في الإدارة أكثر من أنها سيئة و لكنها تعلن في صحفها (أسايش بر كمالدر) أي الراحة و الطمأنينة علي أتمهما.
دام
هذا و امتد إلي أيام إعلان المشروطية ثانية في 23 تموز سنة 1908 م (24 جمادي الثانية سنة 1326 ه) و من ثم حصل تبدل فجائي في الدولة فأعلن الدستور مرة أخري و كان توقف العمل به مدة فمال الشعب برغبة لا مزيد عليها إلي أن ينال حقوقه و يحصل علي ما يؤكد مطالبه السياسية و الحياتية من جميع وجوهها.
الأمد قصير إلا أنه أحدث انتباها عظيما، و الشعب حاول الاستفادة من أوضاع الأمم الحرة و ما هي عليه لينال مرغوبه، و كان الأمل فيه كبيرا في انكشاف الثقافة و الانصراف إليها فتأهب للحياة الديمقراطية الحقة و التنظيم الاجتماعي الصالح.
و المهم أنه شوشته الحزبيات. و كانت ضرورة لا بد منها إلا أنها انقلبت إلي مماحكات و اضطرابات فلم تستقر و لم يكبح جماحها من إدارة قويمة حتي جاءت (الحرب العامة الأولي) فقضت علي هذه الفرحة و اجتثتها من أصلها، فحلت الإدارة العسكرية (العرفية) بعد ذلك التوسع علي الناس في الحرية و انقلبت الآية فبلغ التضييق أشده.
ركن العثمانيون إلي الألمان بأمل أن يكون لهم موقع ممتاز بين الدول فأضاعوا ما عندهم و خسروا الحرب و احتلت الدول بلادهم، فكان ما كان، و انتهي الأمر بالتسليم بلا قيد و لا شرط.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 10
كان احتلال بغداد و الاستيلاء علي العراق و انتزاعه من الدولة العثمانية آخر المراحل و أعظمها خطبا و أشدها مصابا لو لا بيان قائد الجيوش البريطانية (السر ستانلي مود) بأنه جاء محررا و لم يكن فاتحا فلم يقطع الأمل و لم يمت الرجاء مما لا يكون موضوع بحث في هذا العهد.
و الحاصل أن المشروطية كانت نعمة و انتهت بنقمة بعد الحرب،
و احتلال بغداد. و الأمة صارت في ريب من أمرها و ساورتها الهموم و الآلام. اليأس قتّال. و الأمر بيد اللّه يصرفه كيف يشاء. وَ عَسي أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [سورة البقرة، الآية: 216] و من كان يدري ماذا يحدث أو لعل الأمة تنال الآمال الكثيرة و يتبدل بؤسها بنعيم و يتغير وجه الأرض و يتحقق وعد القائد. دخلت في جدال عظيم و نضال مستميت ثم هدأت..
تكاثرت الظباء علي خراش فما يدري خراش ما يصيد
تزايدت المراجع و تكاثرت بسبب تكاثر المطبوعات و تأسست خزائن الكتب فوصلت إلي درجة الإشباع و صرت في حالة تردد أو حيرة في الاختيار، و الرغبة توجه الاشتغال، و تذلل الصعاب. و لا شك أن بعض المراجع السابقة امتدت إلي هذه الأيام، و بعضها تجدد ظهوره، و المكررات كثيرة، و المطالعات متوفرة إلا أن العمر قصير و القدرة محدودة … و الاقتصار علي المهم أو الأهم ضروري.
و عهدنا هذا أدركنا الكثير من أيامه و ذقنا حلوه و مره شاهدنا أيام الاستبداد و زمن الدستور و أوقات الحرب بما فيها من غوائل و آلام و محن و ما فيها من أفراح و أتراح. و صفحات هذه الحقبة تدعو إلي تنقل الكاتب تنقلا غير مطرد بل تضطره إلي تحول مضطرب. يري المرء نفسه في
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 11
حاجة ماسة إلي تدوين صفحات قد يكون شاهد عيانها أو من المطلعين علي كثير من أوضاعها و لكن المرء تعوزه المعرفة التاريخية المتقنة الصحيحة أو إلي ما يذكّر بالحالة المشهودة و التبصر بما لم يكن من شهوده.
نعم إن هذه القصة لا يمليها الخيال، و لا تكملها بعض الأوضاع التي
يضطر القصصي إلي اللجوء إليها، أو إلي أن يكتبها تتميما لما يجلب الأنظار و إنما تمليها الحياة الواقعية و الحوادث اليومية بصفحاتها …
كثرت الوثائق فنرانا في حاجة قصوي إلي الاستزادة و منهومان لا يشبعان طالب علم و طالب مال. و الميل إلي تثبيت ما وقع مما هو مشاهد يحتاج في الأغلب إلي سعة اتصال بالحوادث و هذه الضرورة لا مندوحة لنا منها. و لا تزال المراجع غير مجموعة و لا منسقة و العوائق أو الموانع كثيرة لا تحصي و منها ما أدي إلي تشتتها و لا تزال حوادثنا محتاجة إلي تنظيم و تنسيق. و من هنا تولد العناء و التعب. و عندنا جريدة الزوراء تمتد إلي عهدنا هذا و تلازمه حتي نهايته بل إلي آخر يوم منه تقريبا و الأمل أن ينال التتبع مكان من جمع شمل الوثائق و المصادر.
و لخزائن الكتب الفضل في مثل هذا التنظيم أو الجمع مهما كان نوعه.
و العلم كله في العالم كله. و من المستطاع أن تذكر زيادة عما جاء في سابق العهود بعض الوثائق الجديدة.
1- سياحت ژورنالي (تقرير السياحة). رحلة في استنبول إلي الموصل فبغداد فالبصرة و فيها بيان المواقع الأثرية، و الحاضرة إلي أيامه. و ذكر المؤلف فها بعض الشخصيات مفصلا من جراء الاتصال بهم فهي خلاصة موجزة للولايات الثلاث لا سيما بغداد فقد ذكرها بإسهاب و لعلها أوسع سياحة بعد (سياحتنامه ء حدود). و رأينا غالب نظراته صائبة و تدويناته مهمة و الأوضاع التي مر بها نافعة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 12
ألفه عالي بك والي (طربزون) السابق و مدير الديون العامة طبع سنة 1314 ه. نشره رؤوف بك باستنبول، و كانت مدة سياحة المؤلف من سنة
1300 ه إلي سنة 1304 ه. و كان مفتشا عاما لإدارة الديون العامة في ديار بكر و سعرد. ورد أيام الوالي تقي الدين باشا.
2- طريق الحج من الأحساء إلي الرياض فالحجاز (مكة و المدينة). كتبها مفتي العسكر الشيخ داود السعدي و كان مفتيا للجيش في الأحساء، فذهب إلي الحج و دوّن الطرق التي مر بها، و هذه الرسالة طبعت في مطبعة الزوراء أو مطبعة الحكومة سنة 1289 ه ثم أعيد طبعها في لغة العرب، سافر مع القائد نافذ باشا، فقرب هذا القائد ابن سعود لجهة الدولة.
3- تقرير الأحساء. لأحد المتصرفين. و لم يصرح باسمه فلم نتمكن من معرفته و لكنه فصل أحوال الأحساء، من مناطق إدارية، و عشائر، و أحوال معاشية و سائر ما تمكن من تدوينه عن الأنحاء المجاورة.
و هذا التقرير كتب سنة 1304 ه أو سنة 1305 ه. و يكمله كتاب السيد داود السعدي، و من تاريخ دخول الأحساء في حوزة الدولة العثمانية كتبت عدة تقارير و رسائل و كتب.
4- (نجد قطعه سي و أحوال عموميه سي). كتاب مهم في تاريخ نجد كتبه الأستاذ حسين حسني في حرب آل سعود أيام الحاج أحمد فيضي باشا، و يتعرض لوقائع أخري، تهمنا العلاقة بالعراق و كتب آخرون يأتي ذكرهم عند الكلام علي انتزاع الأحساء من الدولة العثمانية.
5- ثروت فنون: مجلة مهمة جدا تعرضت لبعض ولاة بغداد
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 13
و فصلت أحوالهم و تصدت لنواح مهمة من العراق و هي من الصحف المعتني بما تكتب في تقدير القيمة العلمية و الأدبية.
6- رسملي كتاب: من المجلات المهمة في عهد المشروطية و لها علاقة كبيرة بالعراق و اتصال مكين به. ذكرت نواب العراق و
نشرت تصاوير رجاله.
و هناك مجلات كثيرة مثل (مصور محيط) و جرائد عديدة يطول بنا تعدادها. و من أهمها (شهبال) المجلة المعروفة.
7- لغة العرب. من المجلات البغدادية المهمة. و لها مساس عظيم بالعراق و تدوين حوادثه و بيان رجاله البارزين. قام بتحريرها المرحوم الأب أنستاس ماري الكرملي و شارك في تحريرها عراقيون كثيرون و يهمنا منها ما يتعلق بالعهد الذي نكتب فيه. و توفي الأستاذ الأب في 7- 1- 1947 م.
8- الرقيب. من الجرائد المهمة. كتبت في أيامها حوادث عديدة و تعرضت أحيانا للماضي، و شارك فيها جماعة من الكتّاب الأفاضل …
و كان يحررها الأستاذ المرحوم عبد اللطيف ثنيان الكاتب القدير صاحب المؤلفات النافعة. و توفي في 21 نيسان سنة 1944 م.
9- الإيقاظ. جريدة أصدرها في البصرة الأستاذ سليمان فيضي و هي من الجرائد المهمة في أحوال القطر. و توفي الأستاذ في 19- 1- 1951 م.
10- التهذيب. جريدة كان يصدرها معالي الأستاذ الشيخ محمد أمين عالي آل باش أعيان العباسي المتوفي في 29- 5- 1928 م و هي من الجرائد المهمة توضح وقائع القطر. صدر العدد الأول منها في يوم الثلاثاء 13 جمادي الأولي سنة 1327 ه- و ذلك بعد الإيقاظ بشهر واحد. و كان محرر القسم التركي الأستاذ عمر فوزي.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 14
11- صدي بابل. للأستاذ داود صليوا المتوفي 4- 11- 1921 م في مجلدات منها نسخة في خزانة الآثار ببغداد. و هذه الجريدة تتعرض لحوادث كثيرة كشفت عن أوضاع القطر من بعض الوجوه.
12- الروضة. للأستاذ السيد عبد الحسين الأزري و توفي 17- 12- 1954 م و كان صديقنا و هو من الأخيار و صحيفته هذه أسبوعية و حوادثها مهمة جدا
و منها ما يتعلق بالعراق خاصة. عندي نسخة منها.
13- صدي الإسلام. و تتناول أيام الحرب الأخيرة. و لا تخلو من وقائع القطر لم نر سواها، و سوي الزوراء. كان يحررها الأستاذ السيد عطاء جميل آل الخطيب المفتي. و توفي 22- 1- 1929 م.
هذا و الكتب التركية، و التقارير، و الكتب المترجمة بعد الحرب كل هذه تبصر بوقائع القطر لا سيما مذكرات رجال بارزين مثل جاويد باشا و جمال باشا، و حازم بك، و بعض مؤلفات سليمان نظيف بك و مؤلفات أخري لا تحصي. و لا شك أن ما تركه أمثال هؤلاء يرشدنا كثيرا إلي مؤلفات تفسر الأوضاع الحربية و مشاهدة الحرب و معرفة دوافعها و هذه ليست بالقليلة. و حاجتنا إليها كبيرة استعدادا للطوارئ و توقيا من ويلاتها في المستقبل بأن نكون علي أهبة من غوائلها و محنها. و هكذا وثائق عديدة و مجموعات تعين حادثة أو بضع حوادث مما لم يكن عاما مما نذكره في حينه و أقل ما في ذلك التعريف بأوضاعنا. و ما عليه الأمم مما يدعو إلي الاهتمام. و توقي الأخطار و اتخاذ ما يلزم لصيانة العزة القومية و الحياة الفاضلة أن يمسها سوء أو اعتداء.
و علي كل حال إن هذه الوثائق كثيرة لم تنسق و لم تنظم بالوجه المطلوب و قد بذلنا قصاري جهدنا في تثبيتها في كتاب (التعريف بالمؤرخين للعهد العثماني) و بعض هذه لا يستفاد منها إلا القليل و بعضها أكثر فأكثر فأكتفي بالإشارة، و النقل يعين في محله.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 15
الوالي محمد رؤوف باشا: عزل الوزير مدحت باشا في أوائل ربيع الأول سنة 1289 ه- 1872 م فخلفه في الوزارة محمد رؤوف
باشا و إثر وروده بأيام قلائل سافر مدحت باشا إلي استنبول من طريق البحر في 13 مايس سنة 1872 م. و الوالي الجديد لم تبد منه قدرة بل تضاءلت قدرته أو انعدمت تجاه أعمال مدحت باشا و ماذا يؤمل من وال يأتي بعد مدحت؟ فلا شك أن الخذلان يكون حليفه و لا يتصور أن يصل إلي درجة سلفه.
لم نجد لهذا الوالي فرمانا. و يهمنا أن نقف علي ما جري في أيامه من وقائع فهي ظاهرة عمله و ميزان قدرته. فإذا كان مدحت باشا فاق أقرانه من الوزراء بسياسته و ثقافته الكاملة. فإن محمد رؤوف باشا كان من طبقة الوزراء الذين لا تعرف سوي أسمائهم و لا يعرف لهم عمل أو يبدو الخلل أو الخطل في أوضاعهم و أعمالهم..
جاء من نجد، و في طريقه أصابه المرض، و لما ورد بغداد توفي.
و أخبرت جريدة الجوائب أنه قتل في المحاربات مع العرب في نجد.
و هذا غير صحيح.
جري التسجيل في الطابو للأراضي الأميرية خاصة في بعض
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 16
الأنحاء العراقية، و تعيّن مصطفي أفندي لهذا الأمر في بغداد. و كان قائممقام النجف، فصار مأمور الطابو، و من ثم شرع بذلك، و أعدت له العدة، إلا أن النقص ظاهر في العمل و إن كان قد نشر قبل هذا نظام الطابو و تعليماته و قانون الأراضي. فكانت هذه القوانين و الأنظمة طول هذه المدة لم يعمل بها. و الغالب أن التسجيل كان فيما تفوّضه الحكومة.
و كانت تسجيلات البيوع للمسلمين تجري في المحكمة الشرعية، و أما غير المسلمين فكانت تسجل في كنائسهم و بيعهم. و عند اليهود (الشيطار) تعني الحجة أو الوثيقة المشعرة بالبيع و الشراء للأملاك، و تستعمل غالبا في الأملاك، فاستمرت إلي سنة 1298 ه. و كانت السجلات تسمي (شيطاروث) إلي ما قبل إسقاط الجنسية لليهود سنة 1951 و أصل اللفظة من (سطر و تسطير). أو كما يقولون (شيطار) يعني السطر و يقصد به المكتوب أو المدوّن.
و لم يعمل بالتسجيل في الطابو بالوجه الأتم إلا في أيام عبد الرحمن باشا، فإنه يعدّ مؤسسا و إلا فإن التسجيل جري في التفويض أيام مدحت باشا و من بعده و هو أيام معاون الوالي الجديد. و في 20 ذي الحجة سنة 1289 ه قد قيل إن الطابو تأسس منذ سنتين أو ثلاث سنوات في الخطّة العراقية، فتهافت الناس علي هذا التسجيل..
تعد المحاماة في الغرب مهنة محترمة و يعتبر المتصف بها من الطبقة الممتازة. و في هذا العهد أصبحت مهنة و ضيعة في نظر الناس، و تستخدم كنبز، يقولون (أوقات)، أو (أوقاتي) تصرفا بهذا اللفظ، و يعني
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8،
ص: 17
الوكيل بالخصومة. جاء في الزوراء أنها ولّدت استياء في حين أنها مناظرة في الدعوي تابعة لآداب البحث بإظهار كل جانب أدلة موكله.
و هو فقي قادر سلم نفسه للحكومة، فوصل إلي بغداد، و تعهد رئيس عشيرة گوران عزيز اللّه خان من عشائر إيران بتسليم الهماوند، و أن ينكل بهم.
تنبي ء بأن الأمير سعود الفيصل تشتت شمله، و الجيش العثماني في نجد يتمتع بالصحة. و المخابرات جارية من طريق البحر يصل المركب إلي (رأس التنورة) في ثلاثة أيام، و هو أسهل من طريق البر، و صار مركبان يشتغلان في هذه الطريق مناوبة لتسهيل النقل.
و هو ساجر الرفدي قد توفي، فاختارت الحكومة الشيخ عبد المحسن الهذّال، و هذا تعهد بإسكان عشيرته، فكان أميرا عليهم بلقب (قائممقام). شكل له (قضاء المحسنية) باسمه في كربلاء، و كتب إلي متصرف كربلاء بذلك ليختار لهم موطنا لائقا، فلم يتم الأمر، و لا تزال عشائر عنزة إلي اليوم في حالة البداوة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 18
هذه البلدة تكوّنت سنة 1278 ه- 1861 م، و كانت تسكنها عشيرة (دوزاوة) من اللر الفيلية، و جملة عشائر بدوية فأقامت الحكومة البلدة. و كانت بيوتها من الطوف، و إن متصرفها مراد و هو أبو گذيلة أنشأ جسرا له جساريات (دوبات)، و بتشويق من قائممقامها حسين بك شرع الملاكون في بناء بيوتهم من الآجر. و مضت البلدة في التقدم في الأبنية و العمارات بسرعة.
الأنحاء الملحقة ببغداد كانت تقوم إدارتها ب (قائممقامية). و هذه ألغيت كما ألغي منصب معاون الوالي و أودعت مهمته إلي (قائمقام الوالي) و عهد بها إلي (ثابت باشا) قائممقام النواحي سابقا. و ألغيت إدارة النافعة أيضا.
ثم إن متصرفية السليمانية جعلت قائممقامية و ربطت ب (لواء شهرزور). و من ثم كانت الدولة قد اتخذت طريق الاختصار في التشكيلات الإدارية التي جرت أيام مدحت باشا.. و مما جري اختصاره من الألوية أن جعلت ألوية العمارة، و الدليم، و كربلاء. أقضية إلا أن الأمر لم يستمر طويلا حتي أعيدت كما كانت.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 19
و قد أبرق إليه كثيرون من بغداد يهنئونه فشكرهم. و جاءت برقية إلي الولاة يطلب فيها أن يقوموا بالمهمات المودعة إليهم خير قيام، و أن يبدأوا في أعمالهم بما يترتب من الحمية و الاهتمام الزائد.
و المحتكرون تحكموا بالناس الأمر الذي دعا الحكومة أن تمنع تصدير الطعام إلي الخارج لما رأته من التجار في استغلالهم الوضع، و شرائهم كافة الأطعمة.
فأضروا بالأهلين و الآن أخلدوا للسكون و الطمأنينة، و أدوا الميري بسبب رئيسهم أو متصرفهم فرحان باشا و يعرف بالشيخ. و هو أخو الشيخ عبد الكريم الذي قبضت عليه الحكومة و قتلته.
منها في قضاء خراسان (خريسان)، و في قضاء الصلاحية (كفري)، و في أنحاء الحلة و المحاويل و المدحتية و الجربوعية (ناحية القاسم). و في البصرة و خانقين، و نشرت قوائم هذه المقاطعات، فاستمرت الحكومة علي ما قام به مدحت باشا. إذ إن بقاء الأراضي باسم الحكومة خسارة كبيرة.
لأنها محتاجة إلي المال و لم تقصد أنها لم تتداولها الأيدي فتستفيد مما يجري عليها من المعاملات و ما ينالها من الإعمار. و التفويض ببيع
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 20
الأراضي الأميرية خاصة و لا يطلق علي غيرها.
و إن رئيسها موزان المحمد مال إلي إيران ثم عاد بعشيرته البالغة 300 بيت.
أوضحناها بتفصيل في تاريخ اليزيدية المعدّ للطبعة الجديدة. و هذه الوقائع مهمة جدا.
و وردت برقية من الكويت تفيد أن سعودا اغتال أخاه (عبد اللّه الفيصل).. و أن سعودا أبدي طاعته للدولة، و أرسل أخاه (عبد الرحمن الفيصل) إلي متصرفية نجد و قائدها الفريق محمد باشا، فنال الالتفات اللائق، و ما يستحق من احترام و ترحيب. و هو والد جلالة السلطان عبد العزيز آل سعود. و جريدة بدر التي تصدر باستنبول تنحي باللائمة علي المصاريف و الجهود المبذولة في سبيل نجد و تقول ذهبت هباء.. و قد مرّ في المجلد السابع الكلام عليهم.
و نظرا لوضع الرسوم عليه (رسوم الدخانية) ترك الناس الاشتغال به، و في هذه الأيام حصل تشويق لزرعه مرة أخري.
فجرت تشويقات من متصرف لواء الدليم أشرف باشا فجمع إعانة كافية لإقامة هذا الجامع، فشرع بالبناء في شوال سنة 1289 ه، و تم، فجري افتتاحه في 12 ربيع الأول
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 21
سنة 1290 ه و قرئ فيه المولد الشريف، و لما مر صاحب الدولة رؤوف باشا بالرمادي متوجها إلي استنبول شاهده، و استحسن بناءه. و لا يزال موجودا و أجريت عليه تعميرات عديدة.
و أعدّ المخطّط لذلك.
و أصاب الناس ضيق.
توفي السيد علي النقيب يوم السبت 24 ربيع الأول سنة 1289 ه و هو من أسرة الشيخ عبد القادر الگيلاني من ذرية الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ عبد القادر. ولي النقابة بعد وفاة السيد محمود النقيب ابن السيد زكريا من ذرية عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر. و كان قد نظم أمر الموقوفات القادرية و أزال عنها الاضطراب و وحدها فجعلها في إدارته و ساعده كثيرا الوزير محمد نجيب باشا والي بغداد في أيامه.
و كان للسلاطين إنعامات كثيرة علي الوقف القادري لا سيما في أيامه.
و منها الفرمان المؤرخ سنة 1261 ه. و خلفه في النقابة و تولية الأوقاف القادرية ابنه السيد سلمان النقيب في 28 ربيع الأول. و له أولاد كثيرون منهم السيد سلمان و السيد عبد الرحمن و السيد زين الدين و السيد عبد اللّه و السيد أحمد آل الگيلاني. و السيد علي هو ابن السيد سلمان بن مصطفي بن زين الدين الصغير بن محمد درويش بن حسام الدين بن نور الدين بن حسام الدين بن علاء الدين بن زين الدين بن شرف الدين بن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 22
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 23
ولي الدين بن محمد بن شمس الدين بن علي بن محمد الهتاك بن عبد العزيز ابن الشيخ عبد القادر.
و (آل عبد العزيز) في بغداد متفرعون من محمد درويش منهم (آل السيد ياسين) و هم ياسين و حسين و حسن و علي أولاد محمد بن ياسين بن طه بن عبد القادر بن محمود بن عبد القادر ابن السيد محمد درويش. و (آل زكري) بن عبد الرزاق بن طه المذكور. و منهم (آل مراد) و هو ابن
عثمان بن مراد بن محمود بن محمد درويش و فخامة الأستاذ رشيد عالي و معالي الأستاذ المرحوم كامل أولاد عبد الوهاب منه. و منهم (آل نور الدين) بن محمد درويش. و من هؤلاء جماعة في السند، و محمد سعيد بن عبد القادر بن بكر بن إسماعيل ابن عبد الوهاب بن نور الدين المذكور. و منهم (آل خميس) أخو السيد علي النقيب و هم توفيق و محمد صالح أولاد حامد بن محمد صالح بن خميس المذكور. و (آل النقيب) هم أولاد السيد علي النقيب (السيد سلمان)، و (فخامة السيد عبد الرحمن)، و (السيد زين الدين)، و (السيد عبد اللّه)، و (السيد أحمد). و ذريتهم معروفة و توالت النقابة فيهم من أيام السيد علي إلي اليوم.
وضعت بالمزايدة و أعطيت بالالتزام:
القصابية، و الميدان (بيعيّة) و الجسر، و القفاف، وقفة ديالي، و دار الدباغة، و أخشاب التعمير، و صيد السمك، و أرضية الشواطي ء و تعشير
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 24
التمور و الفواكه، و تعشير المخضرات في العلاوي، و الاحتساب، و التمغا (الطمغة)، و الدلالية، و القبّانية، و المصبغة.
و هناك رسوم أخري مثل الأعشار و الدخانية و ضرائب الأغنام (الكودة و غيرها) لم تعط بالالتزام.
تقرر اتباع المقاييس الجديدة اعتبارا من هذه السنة (1290 ه).
و لكن لم يتم العمل بها إلا أنها أبقت أثرا.
في سنة 1860 م هاجر قسم كبير منهم إلي أنحاء الدولة العثمانية و لما أسند منصب ولاية بغداد إلي مدحت باشا و نظرا لما وجد فيهم من الصدق و الإخلاص و الأخلاق الفاضلة و الجرأة و البطولة فإنه جلب معه قسما كبيرا من الچچن، و أسندت إليهم مناصب في الجيش و في قوات الأمن، و لا تزال منهم جماعة في ناحية المنصورية، و في بغداد، و من أشهر شخصياتهم المحترمة الفريق الأول محمد فاضل باشا الداغستاني والد أمير اللواء الركن غازي باشا. و منهم الشيخ شامل المعروف بحروبه لروسية من عام 1820 م حتي منتصف عام 1859 م و لم يأت العراق.
و عند مجيئهم أعطيت لهم مقاطعة زندان و كانت تسمي (قرية الحميدية) و تغلب عليها اسم زندان و هو حصن من عهد الأكاسرة بالقرب من القرية المذكورة و يعتبر من الآثار القديمة و هو تابع المقدادية و لم يزل بأيديهم، و الصقلاوية غربي الفلوجة إلا أنهم لم يتصرفوا بها.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 25
و يقال لها المراشنة و هي (حق الشرب) (حق السقي) و من ثم استفاد الأهلون من زراعتهم، و لم يستأثر البعض بالمياه دون الآخرين و شكروا القائممقام علي عمله هذا. و كانت مياه الخالص تؤخذ للوزيرية أو المشيرية فيتضرر أصحاب المزارع و البساتين.
و حوادثه تتكرر في كل بضع سنين، و المكافحة لا تجدي نفعا. و هو من بلايا الزروع و من أعظم الغوائل عليها، فكثيرا ما جعل الزراع في ريب من أمرهم، و أذهب أتعابهم.
في وثيقة بيع بالمزايدة جاء فيها من الموظفين ذكر:
والي بغداد آنئذ.
و هذا كان ذمّه أحمد بك الشاوي.
و صار واليا ببغداد.
الأستاذ محمد فيضي الزهاوي.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 26
والد فخامة عبد المحسن السعدون.
جد الأستاذ يعقوب سركيس لأمه.
بقي الوالي رؤوف باشا نحو سنة واحدة. فقيل إنه قام بأعمال كثيرة منها (إسكان العشائر)، و لم يتحقق منها شي ء، و لا عرف أن عشيرة بدوية استقرت في محل خاص، و قيل عن عشائر (عنزة) الجشعم (القشعم) و (عشائر الدغارة)، و (عشائر السماوة)، و (عشائر الجاف) أنه قام بإسكانهم.
و الهماوند خربوا قري عديدة، و قتلوا أنفسا كثيرة و رؤساؤهم (جوكل) و (أمين پاخر) و أمثالهما، كان إعدامهم مقررا، أما الوالي فإنه جلبهم و لطفهم بوظائف رئيس ضبطية، و ملازم. و لكنهم لم يلبثوا إلا قليلا حتي عادوا إلي ما كانوا عليه من النهب و السلب، و بسبب توظفهم صارت قوتهم أكبر و أكثر. فاضطرب منهم السكان، و اختل الأمن.
و كل ما يقال في هذا الوالي أنه جاء لتدمير أعمال مدحت باشا. ثم نصب واليا في اليمن و مشيرا للفيلق السابع ثم وجهت إليه نظارة الضبطية باستنبول، فغادر بغداد مسرعا لتسلم منصبه الجديد في 23 ربيع الأول سنة 1290 ه- 21 مايس سنة 1873 م.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 27
و خلفه الوالي رديف باشا والي (بانية) سابقا، عهدت إليه مشيرية الفيلق السادس ببغداد فقام بالوكالة رئيس أركان الفيلق نافذ باشا بإرادة سنية صدرت له إلي أن يأتي الوالي الجديد إلي بغداد.
هذه تحت رئاسة محمد باشا قائممقام گلعنبر. صار أمير لواء، و كان يؤخذ منهم للجيش 8 أفراد سنويا، و في أيام مدحت باشا جعلت 30 نفرا، و منحت الرئاسة لابنه محمود بك علي عشائرهم، و أمراء الجاف الذين نالوا رتبا من الدولة:
1- محمد باشا ابن كيخسرو بك. نال رتبة أمير لواء.
2- محمود بك (ابنه). و منح لقب باشا بعد والده.
3- بهرام بك.
4- قادر
بك.
5- عزيز بك.
6- عثمان بك ابن محمد باشا.
7- سليمان بك ابن محمد باشا.
8- حسن بك ابن محمد باشا.
9- محمد بك من البگزادة أي أبناء الأمراء.
و الملحوظ أن أمراء الجاف نالوا مكانة بعد القضاء علي إمارة بابان و منحتهم الدولة رتبا و حصلوا علي توجه كبير. و كانت قبائل الجاف أو
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 28
إماراتها طوع إرادة أمراء بابان فاستغلتهم الدولة فكانوا قوة لها.
و قبائل الجاف قديمة، و كانت تعرف ب (الجاوية) نسبة إلي منازلهم (جوان رود) أو (جاوان رود) كما يتلفظون به و معناه (نهر جوان) ثم تصرفوا باللفظ فصار يقال لهم (جاف) و لا تزال مواطنهم في (جوانرود) و انتشروا منها إلي أنحاء زهاو و كرمانشاه و العراق في ألوية السليمانية و كركوك و ديالي. و هم مجموعة كبيرة جدا و قد مالت إليهم عشائر من (سنة) و سكنت (جوانرود) قبل أكثر من مائة سنة. و القول بأنهم انقرضوا غير صحيح، و قد تكلمت عليهم في المجلد الثاني من عشائر العراق.
تأسس بين بغداد و حلب بريد من الهجانة.
تأسس، و افتتح للطلاب.
ورد الوالي رديف باشا يوم 22 جمادي الأولي سنة 1290 ه و أجريت له المراسيم المعتادة، و قري ء فرمانه في 26 منه. و هذه ترجمة الفرمان:
«الدستور المكرم، و المشير المفخم، نظام العالم، مدبر أمور الجمهور بالفكر الثاقب، متمم مهام الأنام بالرأي الصائب، ممهد بنيان الدولة و الإقبال، مشيد أركان السعادة و الإجلال، المحفوف بصنوف عواطف الملك الأعلي، والي ولاية (بانية) سابقا المحول بهذه الدفعة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 29
لعهدة استيهاله مشيرية الفيلق السادس مع انضمام ولاية بغداد الحائز و الحامل للوسامين ذي الشانين العاليين العثماني و المجيدي من الرتبة الأولي وزيري سمير الدراية رديف باشا أدام اللّه تعالي إجلاله.
مشير الفيلق السادس الهمايوني مع انضمام ولاية بغداد إلي مشيرية الفيلق السابع الهمايوني مع انضمام ولاية اليمن و بناء علي ما هو مستغني عن التوصيف و البيان أن ولاية بغداد الجسيمة هي من أعظم القطع التي تتركب منها ممالك الدولة العلية المحروسة و حسب الأمور المعلومة المسلمة، أن مقتضي أرضها وسعتها لها قابلية كلية لكل نوع من الأعمار و الترقي و إن استحصال جميع الأسباب من أعمارها مطلوب و ملتزم للغاية و أنت يا أيها المشير سمير الدراية المشار إليه حيث إنك من أصحاب الدراية و الفطانة و لك خبرة بإدارة الأمور الملكية و المواد الجنودية علي الخصوص وقوفك علي آثار أفكار معدلتي الملوكية و بناء علي ما هو معلوم لدي ساحتي السنية من حسن الغيرة و الإقدام الذي أبرزته إلي الآن في خدمات سلطنتي العلية و ما أظهرته في ذلك من آثار الصداقة و الحمية صدرت إرادتي السنية الموهبة للسنوح و الصدور بتوجيه مشيرية الفيلق السادس الهمايوني مع انضمام الولاية
المذكورة بغداد و إحالتها لعهدة حميتك و أهليتك من يوم الثامن عشر من شهر ربيع الأول من سنة 1290 ه. هذا و قد أصدر الأمر الجليل القدر المتضمن لمأموريتك و أعطي من ديواني الهمايوني و عندما تصير الكيفية معلومة لدي رؤيتك الملتزمة تقوم حالا و تتوجه إلي صوب المركز المأمورية و تباشر في رؤية أمور الولاية و العسكرية و مصالح العباد و السكنة و تمشيتها توفيقا علي الشرع الشريف العائدة قواعده إلي السلامة و تطبيقا علي القانون المنيف، و تنظر آنا فآنا في تزايد معمورية الولاية و ثروتها و في حصول رفاه كافة السكنة و العشائر و دوام راحتها و أمنيتها و استحصال الأسباب الموجبة لتوسيع دائرة الزراعة و ترقي الحرف و الصنائع و إدارة كافة الأمراء و الضباط و النفرات الموجودة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 30
في الفيلق المذكور و دوام إكمالها و حسن انتظامها و تصرف الإقدام و الغيرة و تأليف العشائر و العربان و الأهالي الساكنة داخل الولاية و بقائهم بحسن امتزاج البعض مع البعض و أشغالهم بحراثتهم و زراعتهم و أن لا يتعدي أحدهم علي الآخر، و عدم التجاسر منهم علي حقوق الغير المتجاوزة لأحوال الأمنية و الراحة و أن تجري الاهتمام و الدقة في معاملة تبعة جارتنا دولة إيران البهية و في حق المقيمين و الذين يغدون و يروحون منها إلي تلك الحوالي من المترددين و الزوّار تطبيقا علي العقود المرعية بين الطرفين الجارية تيمنا بالصداقة و المصافاة بين الدولتين و أن تجتهد في تزييد توجيهاتي التي غدت لها المكارم الغايات الثابتة في حقك و ترقيها إلي درجة أخري و تنهي الأحوال و الآثار اللازمة الإنهاء إلي دار سعادتي
شيئا فشيئا و تنثر نقد الهمة في ذلك تحريرا في اليوم الحادي و العشرين من شهر ربيع الأول لسنة 1290 ه انتهي.
و هذا الوالي أنعم عليه السلطان بوسام مرصع.. و بوصوله أجري بعض التحويلات، و ذهب إلي الجزائر (في الجنوب) لسد ما هنالك من بثوق.
عثمان سيفي دفتري الولاية وصل إلي بغداد و باشر أعماله.
و هذا غير عثمان سيفي كاتب الديوان أيام علي رضا باشا فإنه توفي.
مجلس الإدارة في أيامه:
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 31
و كان مجلس الإدارة متألفا من أعضاء طبيعيين تحت رئاسة الوالي رديف باشا و هم:
الدفتري سيفي.
المكتوبي حالت.
النائب روحي.
ناصر باشا السعدون.
محمد فيضي الزهاوي مفتي الحنفية.
محاسب الأوقاف محمد درويش الحيدري.
النقيب السيد سلمان الگيلاني.
مفتي الشافعية عبد الغفور الحيدري.
و أما الأعضاء المنتخبون فهم:
أحمد بك الشاوي.
أحمد چلبي الباچه چي.
فتح اللّه عبود.
يوسف كرجي.
كان متصرف العمارة و نقل إلي متصرفية الحلة، فانفصل عنها، و مرض فتوفي. و هو زوج نائلة خاتون صاحبة الأوقاف و الخيرات المعروفة باسمها. دفن في البستان علي طريق الأعظمية فنقلته دائرة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 32
الأوقاف إلي مقبرة الإمام الأعظم مع زوجته بسبب توسيع شارع الإمام أبي حنيفة.
و تعرف ب (الكودة). صارت تؤخذ من هذه السنة بحساب كل رأس (100 پارة) أي قرشان و نصف القرش.
بنيت القشلة و الدپو (المخزن) في كركوك، و للشاعر عبد اللّه صافي أبيات في تاريخها.
من الشعراء المجيدين توفي يوم عرفة من سنة 1290 ه. طبع ديوانه باستنبول سنة 1304 ه كما أنني طبعت مجموعته في (شعر عبد الغني جميل) و فيما قاله من شعر فيه سنة 1949 م و تفصيل ترجمته هناك.
أودعت إلي بزيغ باشا، و المعاونية إلي الحاج محمد بك و منح رتبة متمايز من الرتبة الثانية.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 33
هو رئيس أركان الفيلق السادس ذهب إلي نجد و عاد …
ورد بغداد قبل سنتين، و خصص له راتب، و أعيد معززا فذهب إلي البصرة، و منها ذهب إلي البحرين، فتجمع له بعض الأشخاص و قام علي الحكومة. و هو جد جلالة السلطان سعود بن سلطان عبد العزيز آل السعود. و كان معه ابنه السلطان عبد العزيز.
عاثوا في الحدود، و وقعت منهم بعض حوادث السلب و النهب و ما ماثل من التجاوز علي العراق. و هم من عشائر إيران.
توفي السيد عبد اللّه بهاء الدين الآلوسي. و كان ولد سنة 1248 ه، و هو من العلماء الأفاضل، ولي القضاء في البصرة و غيرها، و من مؤلفاته الروض الخميل في مدائح آل جميل، و كتاب آخر في مدائح آل النقيب السيد علي و أولاده، عندي مخطوطتان و له مؤلفات أخري، و من أولاده (الأستاذ محمود شكري) و آخرون.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 34
وجهت إلي مزيد باشا السعدون برتبة أمير لواء بناء علي استقالة بزيغ باشا بسبب مرضه.
ذهب والي بغداد رديف باشا إلي البصرة.. و لم تمض مدة حتي نقل إلي ولاية (مناستر)، و أثنت الزوراء علي اهتمامه بالعمارات و مهارته في الإدارة. سافر إلي استنبول يوم السبت 9 جمادي الأولي.
و عيّن لولاية بغداد و مشيرية الفيلق السادس محمد رأفت باشا والي (مناستر) و مشير فيلقها الثالث كما أخبرت برقية بذلك. و قبل أن يصل الوالي الجديد إلي بغداد نقل إلي ولاية أنقرة، و صار مكانه لمنصب بغداد عبد الرحمن باشا، و هذا ورد بغداد يوم السبت 16 شهر رمضان سنة 1292 ه. فأجريت له المراسيم المعتادة، و في يوم الأربعاء 8 شعبان وصل مظهر باشا قائممقام مركز ولاية بغداد و وصل قبله ببضعة أيام الفريق محمد باشا قائد البصرة، و ناصر باشا السعدون والي البصرة.
اتخذت البصرة ولاية، و ألحق بها (لواء المنتفق) و (لواء نجد)
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 35
فحصل تعديل في الإدارة، و مضت الدولة علي هذا الترتيب الإداري مدة، فجعلت العمارة تابعة لها.
أثناء قراءة الفرمان أجريت المراسم المعتادة و احتشدت الجموع لاستماعه فتكلم الوالي بما يناسب المقام فقال ما ترجمته:
«إن الأوامر السنية المندرجة في هذا العهد العالي صارت معلومة عند الجميع و رأيت موافقا للمقاوم و لايجاب الحال التبشير بالبعض من الإرادات الجليلة السلطانية السانحة بالشرف شفاها حين نلت شرف تمريغ الوجه و تعفيره بتراب قدمي الملك الأعظم فأقول:
إن مولانا ولي النعمة قد بيّن أن إيصال العمران في هذه الأنحاء إلي الدرجة التي تساعد عليها مطلوب و ملتزم للغاية عند حضرته الملوكية، و إن الإتيان إلي ساحة الوجود بكل نوع من الوسائل و الوسائط التسهيلية من الأسباب التي يتوقف عليها هذا الأمر كفتح الطرق و حفر الجداول فإنها أهم لدي جنابه و ألزم و مع هذا البيان العالي تفضل بالأمر و الإرادة خاصة بإجراء إيجابه.
و الخط السلطاني الذي صدر بالشرف في باب أعمال طريق جديد من دار السعادة إلي بغداد مصروفه من جيبه الملوكي، و الذي يلزم أن يكون حكمه العالي قد زيّن و شنّف إلي الآن مسامع أمنيتكم هو بشارة كبيرة جدا بحق أنظار حضرة الملك اللطيفة و أفكاره العلوية التي سيري حسن تأثيرها و أن يكون العراق مسعود الحال من كل الوجوه يوما فيوما، و أن معرفة قدر هذه البشارة و شكرها تكون بالسعي و الكد أمام ذلك تيمنا بهذا اليمن و السعد مع اتفاق الأيدي إلي صرف الساعي في هذا الباب.
و سائر الوصايا المعتادة تلخص في النظامات و الأوامر المبلغة و
هي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 36
مسموعة بالذات و الأوامر المؤكدة الأخيرة في تأمين الحقوق أعلنت أيضا فلا مجال لتفصيلها و تكرارها، و المطلوب رؤية آثارها فعلا و مادة. و لا شك أن ملتزمي العفة و الاستقامة طالبي الرضي و من يقومون بحسن الخدمة يكونون مظهرا للتلطفات السنية و في خلاف ذلك يشاهد عكس القضية و بقي شي ء و هو أن العساكر السلطانية وهم مدار الأمن و الراحة و أقدم افتخارات الجميع منّا قد فوضت أيضا إدارتهم في الجهات الكلية لنا، أعني أن هذا الشرف أيضا جعل علاوة علي ألطاف ولي النعمة الكثيرة الجليلة الذي أنا بالذات عاجز عن إيفاء ذرة من تشكراتها و من أجل ذلك سأسعي لأداء المحمدة المترتبة علي هذا أيضا بالاهتمام بحسن إدارة الصنوف العسكرية مرفهين و تحكيم الأمنية و الاستراحة العمومية و إدامتها.
و لا أمضي عن هذه الجهة أيضا و هي أن استمدادي في كل أمر و تشبثي هو من عون عناية حضرة الإله الباري العظيم، و من الروحانية الجليلة من النبيّ المصطفي الرؤوف الرحيم، عليه أفضل الصلوات و أكمل التسليم و كذلك موفقية الملك الأعظم كل هذه مدار استنادي و مكان اعتمادي.
ثم إنّا نكتفي بهذا القدر لأن الوقت وقت صيام و الشهر شهر رمضان و نختم القول بالدعاء و المناجاة لجناب مجيب الدعوات بأن يصير الجميع منّا مظهرا للتوفيقات و التأييدات..
و هذه ترجمة الفرمان:
«يا أيها الدستور المكرم، و المشير المفخم، نظام العالم، مدبر
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 37
أمور الجمهور بالفكر الثاقب، متمم مهام الأنام بالرأي الصائب، ممهد بنيان الدولة و الإقبال، مشيد أركان السعادة و الإجلال، المحفوف بصنوف عواطف الملك الأعلي والي ولاية بغداد مع انضمام
نظام عساكري السلطانة الذين هم هناك، الحائز و الحامل للوسامين ذوي الشأن العثماني و المجيدي من الرتبة الأولي وزيري عبد الرحمن باشا أدام اللّه تعالي إجلاله.
ليكن معلوما عند وصول توقيعي الرفيع الملوكي أن معمورية المملكة مع رفاه سكنتها و سعادتهم موقوفة علي أن يكون أفراد الخلق علي العموم آمنين في خصوص محفوظية أموالهم و أنفسهم و أعراضهم و هذا أيضا يكون العدل القائمة و الدائمة استقامته في جميع الزمان كما لا حاجة إلي البيان و التكرار، و بناء علي هذا ففي خطّي الجليل السلطاني المسطر بهذه الكرة و المعلن خطابا لمقام وكالتي المطلقة الجليل زين صحيفة السطور ما نصه أنه كما أن قضية معمورية المسلك و سعادة حال صنوف التبعية ملتزمة لدينا بزيادة، فإن اقتضاء مطلوبنا القطعي أن تكون صنوف تبعتنا السلطانية المتوطنين في دار السعادة و في جميع ممالكنا المحروسة الملوكية علي العموم و الإفراد مظهرا للعدالة و الصيانة من كل الوجوه فعلا و صحيحا و يصيروا مستريحي البال بمحفوظية الحقوق و الناموس دائما و من الجملة أن دائرة الأحكام العدلية مركز مهمّ و معتني به قد شكل بهذه النية الخيرية فتوفيق الحركة علي التوالي من هناك أيضا علي مقصدنا السلطاني هذا الذي له المعدلة آيات أهم و ألزم، فليهتم بتأكيد أفكارنا و نيّاتنا السلطانية في هذا الباب و توثيقها فعلا و إعلانا بكل طرف.
فهذه تنبيهاتي الجليلة و تعليماتي الجديدة السلطانية أيضا تؤيد نياتي الملوكية هاتيك التي لها المعدلة آيات و تؤكدها أما الوسائل و الأسباب التي تأتي بهذا المقصد إلي موقع الفعل و الإجراء صحيحا و حقيقة فهي ما
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 38
يعرفه مأمور الشريعة و الملكية مخلصين من الإقدامات
و ما يصلحونه من الأفكار و النيات ولذي الجهة فمطلوب و ملتزم للغاية لدي حضرة سلطنتنا أن يكون كل صنف من أهالي دولتي العلية و تبعتها مظهرا للعدالة و الأمنية الكاملة بدرجة أخري بأن تري و تسوّي بالسرعة الدعاوي الحقوقية علي العموم من طرف جميع المأمورين، و خصوصا مأموري المحاكم الشرعية و المحاكم النظامية المكلّفة بأحكام الشرع الشريف المنيفة و مأموري عموم تلك الدعاوي المحولة لهاتيك المحاكم سواء كانت في باب سعادتي أم في ممالكي المحروسة السلطانية علي وجه كمال الدقة و الحقانية تطبيقا علي الشرع الشريف، و قوانين دولتي العلية و نظاماتها و من أجل ذلك بينت الكيفية، و أعلنت لجميع ولاياتي السلطانية بإصدار أوامري الجليلة الملوكية كل علي حدة، فأنت أيها الوالي المشار إليه قد سطر و سيّر إليك أيضا أمري هذا الجليل القدر من ديواني السلطاني تنبيها و إعلانا، و أرسلت لطرفك النسخ المتعددة من ورقة المواد الشائعة و المتواترة عن وقوع بعض سوء الاستعمالات المنافية للشرع الشريف و لقانوني و نظاماتي السنية.
فمن اقتضاء أمري السلطاني أيضا المسارعة عند وصول فرماني الملوكي الجليل العنوان إلي تبليغ كيفية أمري و إرادتي الملوكية التي لها المعدلة إفادة لجميع المحاكم و المجالس سواء كانت في مركز الولاية أم في الألوية الملحقة التي هي تحت إدارتها، و لسائر المأمورين و تفهيمها و إعلانها لكل صنف من تابعيتنا السلطانية حرفا حرفا مع توفيق الحركة في كل موضع علي تنبيهاتي هذه السنية الملوكية، كما ينبغي لها و الاهتمام في بابنا العالي بالتحقيقات اللازمة علي الدوام إذ مصمّم تصميما قطعيا أن حالات المأمورين و حركاتهم أي شي ء كانت من حسن و قبيح يعاملون بالنظر إلي تلك فلتعرف أنت أنه
إذا يؤتي إلي ساحة الوقوع بذرة ما من التكاسل و التسامح في ذا الباب يكون بحقك موجبا
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 39
أشد المسؤولية و الوخامة و التصرف ما حصل من اللياقة إلي الحركة بالنظر إلي ذلك و لتعمل بالدقة بالإخبار لبابنا العالي مع المسارعة بلا صحابة بالذين يتحركون بحركة مغايرة لإرادتي الملوكية هذه من المأمورين علي العموم تحريرا في اليوم الحادي من شهر شعبان المعظم سنة 1292 ه».
ثم قري ء الدعاء للسلطان بالوجه المعروف و أجريت مراسم التبريك للوالي، و بعد ذلك انفضّ الجميع..
و هذا الوالي هو السيد عبد الرحمن نور الدين باشا. و فصّل أحواله الأستاذ السيد نعمان خير الدين الآلوسي في هامش نشوة المدام و هو ابن علي باشا الذي أثني عليه الأستاذ أبو الثناء الآلوسي لما رأي منه من لطف. فجاء تعليق الأستاذ نعمان خير الدين في محله و مدحه بأبيات و ذكر أن توجيه منصب بغداد إليه كان في شهر رجب من سنة 1292 ه.
بني في هذه السنة 1292 ه الجسر علي نهر كركوك المسمي ب (الچاي) و قد أرخ ذلك عبد اللّه صافي الشاعر.
إن (الشامي) من النقود العثمانية، و ثمنه الأصلي 9 قروش و 30 پارة، و عند تسليمه إلي الخزانة يقبض بهذا السعر إلا أنه بسبب رواجه بين الناس تداولوه بسعر عشرة قروش، و كذلك يصرف لأجل الرواتب و سائر المصارفات بسعر السوق و لكن الحكومة في هذه المرة قبلت أن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 40
يتداول بما يجري عليه سعر الحكومة فيؤخذ و يعطي بمبلغ 9 قروش و 30 پارة فتأخذه بالسعر الذي تعطيه، و لا تجعل الزيادة واردا هوائيا كما كانت جارية عليه. و كان سعر (الروبية) بعشرة قروش و نصف و هي سكة هندية. و لا شك أنها بقيت علي هذا السعر و لم تتغير من 23 جمادي الأولي سنة 1292 ه أيام الوالي محمد رؤوف باشا..
استقال حسين توفيق نائب الشرع في بغداد فخلفه النائب يونس.
شغلت الوالي مدة..
توفي الحاخام عبيدية (عوبدية) الرئيس الروحاني للإسرائيليين في 23 شوال سنة 1292 ه.
صدرت الإرادة بافتتاح مجلس الأمة (البرلمان) الأعيان و النواب.
و هو أول مجلس للأمة بموجب قرار مجلس الوكلاء (الوزراء) في 5
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 41
شوال سنة 1293 ه (2 تشرين الثاني سنة 1876 م) و وجهت الصدارة إلي مدحت باشا والي بغداد الأسبق في 4 ذي الحجة سنة 1293 ه.
أراد أكابر المفكرين الخير للأمة و أن تجاري الغرب في مضمار تقدمه و لكن لم تتأهب الأمة، و إن استبداد الملوك كان علي أشده مما حال دون استقرار الإدارة الديمقراطية و لم يحصل الانتباه إلا بعد أمد و لذا خذل الأحرار و عاد التحكم بالأمة و نكل بمدحت باشا و أعوانه.
من الشعراء المجيدين في التركية و الفارسية و له بعض الشعر باللغة العربية. و كان ورد العراق مع الوزير علي رضا باشا اللاز، فعاش أمدا طويلا، و له اتصال بأدباء بغداد أمثال الأستاذ عبد الباقي العمري، و بوزراء بغداد، و كان انكشافه الأدبي في العراق، و شعوره فيه كبيرا، و مواهبه عظيمة، فهو أديب، ناظم، ناثر.. فصلت أخباره في (تاريخ الأدب التركي في العراق). و له من المؤلفات:
1- ديوانه. و له صلة قوية بنا. طبع سنة 1290 ه. باستنبول.
2- (سماعخانه ء أدب). قسم كبير منها في مدح الوزير عبد الكريم نادر باشا والي بغداد، طبعت باستنبول أيضا. و قسم منها في علي رضا باشا اللاز والي بغداد الأسبق.
3- رسائله. منها باسم الوزراء و منها خاص به، و هي في المنثور الأدبي، عندي نسختها الأصلية باللغة التركية.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 42
الأستاذ إقبال الدولة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 43
نقل الوالي عبد الرحمن باشا إلي ديار بكر، و خرج من بغداد في 23 ربيع الأول سنة 1294 ه، و وجه منصب بغداد إلي عاكف باشا والي (أدرنة)، و وردها يوم الجمعة 29 ربيع الثاني، و ورد فرمانه في 4 جمادي الأولي فقري ء باحتفال و لم ينشر و لعل السبب حرب روسية مما دعا إلي قلة الورق. فإن الجريدة صارت تنشر بقطع صغير..
صدرت الإرادة بفتحه و افتتح في 4 ربيع الأول كما جاء في جريدة الجوائب. و من نواب بغداد رفعت بك الحاج أحمد آغا جد (فخامة الأستاذ ناجي شوكت، و الدكتور صائب و الدكتور سامي). و مناحيم دانيل و عبد الرزاق الشيخ قادر و هذا عاد إلي بغداد في 23 جمادي الأولي سنة 1295 ه.
و عن الموصل عبد الرحمن وصفي آل شريف بك والد ضياء بك عضو المجلس النيابي و قد توفي. وجد المحامي الأستاذ عبد الرحمن آل شريف.
كما أخبرت الجوائب بذلك..
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 44
فأرسلت الدولة أحد الأعيان للسؤال عن هذا الأمر.
وردت برقية بإعلان روسية الحرب علي الدولة العثمانية و كان من القواد سليمان باشا صاحب المحاكمة المطبوعة، و في فرقة المجاهدين المشير أحمد مختار باشا و الفريق غازي محمد باشا ابن الشيخ شامل و كان معهم محمد فاضل باشا الداغستاني برتبة (قول أغاسي) رئيس أول، و جمعت إعانات و كانت هذه الحرب قاسية علي العثمانيين و في وقت ضيق و ضعف، فأبدي العراقيون تفاديا كبيرا بتطوعهم و تضرر كثير من هؤلاء من الثلوج و البرد فلم يقووا عليه. و لم ينجح العثمانيون في نتائجها، بل كانت وبالا كبيرا و خسارة عظيمة أدمت القلوب، و أنهكت قوة الدولة، و أصابها الحيف، و في خطاب مدحت باشا ما يوضح المغازي.
عين عبد اللّه باشا. و في هذه الأيام وردت مضبطة إلي جريدة الجوائب باستنبول ممضاة من 180 شخصا يستنكرون فيها أعمال واليها السابق ناصر باشا، و أنه مستبدّ جبّار، و منذ انفصاله انتعشت المدينة ورأت حياة جديدة، و عندما سمعوا أنه سيعود، طلبوا أن تنصفهم الدولة و إلا اضطروا إلي الهجرة. و لعل السياسة كان لها الرضا بهذه الأمور أو
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 45
أو عزت بها، و هو الظاهر من الحالة، و جاءت شكاوي عليه من البصرة.. و ندّدت به جريدة (وقت التركية) و غيرها. و هذا يؤيد الإيعاز.
والي بغداد: قيل (ما سلّم حتي ودّع)، عاد الوالي السابق عاكف باشا إلي استنبول من طريق دير الزور في 14 ربيع الأول سنة 1295 ه. و لا نعلم له أثرا يذكر، فصرنا نستقبل الواحد، و لم تمض مدة حتي نودعه، و نحتفل بآخر غيره، فكانت هذه خير ملهاة، مما يدل علي اضطراب وضع الدولة، و ارتباك شؤونها.
و نال منصب بغداد قدري باشا و كان والي (سيواس). قالت الزوراء: مشهور بالحصافة الذاتية و الاستقامة الفطرية الكاملة مما جعل العراقيين مطمئنين لوروده، و لا أدري كيف علم العراقيون بحيث تمكن صاحب الجريدة أن يعلن منوياتهم، بل كتب كما يشاء.
وصل إلي بغداد يوم الخميس 1 ربيع الآخر سنة 1295 ه- 1878 م فاستقبله المشير و أركان الفيلق و الموظفون في الألوية، و سائر المتميزين و الأعيان. باستقبال مهيب، و باشر العمل.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 46
و في يوم السبت قري ء فرمانه و أجريت المراسم علي الأصول و هذه ترجمته:
«أيها الدستور المكرم، و المشير المفخم، نظام العالم، مدبر أمور الجمهور بالفكر الثاقب، متمّم مهام الأنام بالرأي الصائب، ممهّد بنيان الدولة و الإقبال مشيد أركان السعادة و الإجلال، المحفوف بصنوف عواطف الملك الأعلي، والي ولاية سيواس سابقا، الذي وجهت بهذه الدفعة لعهدة استيهاله ولاية بغداد، و الحائز للوسام المجيدي ذي الشأن من الرتبة الأولي، وزيري (قدري باشا) أدام اللّه تعالي إجلاله.
حين وصول توقيعي الرفيع المسعود ليكن معلوما أنه قد وقع بهذه المرة انفصال والي ولاية بغداد، الحائز الحامل للوسام العثماني المجيدي ذي الشأن من الرتبة الأولي، و الدستور المكرم، و المشير المفخم، نظام العالم، وزيري عاكف باشا أدام اللّه تعالي إجلاله، و علي ما لم تكن حاجة
للبيان أنه مطلوب و ملتزم استحصال أسباب الاطمئنان و الراحة لكل صنف من صنوف الأهالي، و تبعتي العلية الساكنين و المتوطنين في ممالكي المحروسة السلطانية، و استكمال وسائل أمانهم و أمنيتهم، مع رؤية المصالح الواقعة و الجارية، و إدارتها بصورة عادلة و محقة، و أنت أيها الوزير السمير، ذو الدراية المشار إليه يحسب كونك من وزراء سلطنتي السنية، أولي الروية، المتصفين بالأوصاف المطلوبة، الواقفين علي أصول الإدارة و الأفكار و المصالح العمومية، و المقتدرين علي إجراء القوانين و النظامات العادلة، قد لمعت نيران توجيهاتي السلطانية التي هي الغايات في المحاسن بحقك من وجه جديد، و نشأ عن ذلك أن ولاية بغداد المذكورة أحيلت و فوضت لعهدة رويتك و استيهالك بموجب أمري الميمون الذي هو بالعناية مقرون، الملوكي الذي زادته موهبة السنوح و الصدور من عواطفي العلية السلطانية،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 47
و عوارفي البهية الملوكية، في اليوم السابع من شهر صفر الخير لهذه السنة، و هي السنة الخامسة و التسعون بعد المائتين و الألف.
فلذا قد أصدر و أعطي أمري هذا الجليل القدر من ديواني المسعود، متضمنا مأموريتك، فأنت أيضا علي اقتضاء كمال المعرفة بالمهام و الفطنة التي صرت مجبولا عليها، و مقتضي وقوفك و معلوماتك الكاملة الظاهرة في الأمور الملكية، ينبغي أن تعزم إلي مركز مأموريتك، و تعمل الدقة و المباشرة برؤية أمور الولاية و مصالح الأهلين و السكنة و تمشيتها تطبيقا علي الشرع الشريف، و القانون المنيف، و أن تصرف الغيرة لاستحصال و استكمال الأسباب و الوسائل الموجبة لتزايد معمورية الولاية و ثروتها آنا فآنا، و رفاه جملة السكنة و العشائر و راحتهم و أمنيتهم مع توسيع دائرة زراعتهم، و حراثتهم و
تجارتهم، و تبذل المقدرة لأن تكون العربان و العشائر الموجودين في داخل الولاية أيضا علي حسن الامتزاج من أحدهم مع الآخر و مع الأهلين الساكنين، أن يشتغلوا بزراعتهم، و حراثتهم، و لا يتعدي أحد علي الآخر بشي ء، و لا يتجاوز علي حقوق الغير، و لا يتجاسر علي إخلال الأمن و إقلاق الراحة، و أن تجري الاهتمام و الدقة بالمعاملة بحقوق تبعة دولة إيران البهية المتحدة معنا بالجوار، و تجارها و زوّارها الواردين إلي تلك الحوالي، و الصادرين منها و المقيمين فيها أيضا تطبيقا علي الصداقة و المصافاة، و عهود الطرفين المرعية الجارية بين الدولتين تيمنا، و تصرف نقد الغيرة لتأييد التوجهات الملوكية التي هي في المكارم الغايات الظاهرة و المستقرة بحقك، و تزييدها مضاعفة، و أن تنهي الأحوال و الآثار اللازمة الإنهاء و الإشعار بها إلي دار سعادتي شيئا بعد شي ء. تحريرا في اليوم الثامن من شهر صفر سنة 1295 ه».
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 48
ثم كتب برقية تتضمن وصوله، و شروعه بالأعمال و تمشيتها، و أنه سيراعي أمر العدل و الاستقامة في الشؤون المودعة إليه لا سيما في هذه الأيام العصيبة.
و كتب إلي أنحاء بغداد أن منصب الولاية قد عهد إليه بحكم الفرمان و بلغ صورته و بيّن أن السلطان محب لرعاياه، و أنه وقع اختياره عليه، و يتطلب منه إجراء العدل و الحق و أنه لم ير حاجة لتفصيل وظائف كل موظف، و أوصي بالمثابرة علي أداء الواجب، تحقيقا لرغبة السلطان و تنفيذا لما أراد.
كما كان في غرة صفر.
للاستفادة من مبالغها، و هي في حاجة. و هذه أشهر ما جري تفويضه:
البدعة و گوت معمر و الكار و حطامان و العجوز و الطوينات و أم الغنم و الغفارية و أبو جويري و أم التمر و الصفاوة و گرمة بني سعيد و الغموقة و الشاهية و المساين و الخنبث وقفة البو سعيد و أم الغشغوش و الركيوة و توابعها و المقيض و الجباسيات و العورة و المهدية و الحصونية و أم التمر و العفير و عونية و الشيح و مسيج و الحجاميات و خصايا الهور.
و كذا الدولاب في الحلة و خيازة و عنكوش و هما في الشامية كما جعل صيد السمك بالالتزام.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 49
و صار يعتني بالسداد في أنحاء دجلة لازدياد مائه.
و صار يتخذ الشقاوة بين العمارة و البصرة ثم أبدي دخالته، و تعهد أن يشتغل بزراعته.
و شياع هذا هو ابن فيصل بن خليفة بن داغر بن لويلو. و وقع الخلاف علي الرئاسة من تاريخ وفاة خليفة. فصار بعده ابنه مشتت بن خليفة فنازعه أخوه فيصل و قتله و تولي الرئاسة، و بعد وفاته صار أخوه منشد رئيسا فنازعه ابن أخيه شياع الفيصل و إخوته. و قوي نفوذ الحكومة فتوزعوا السلطة و التزم كل واحد بعض المقاطعات. و توفي شياع الفيصل سنة 1298 ه. ثم خلفه أخوه يسر. ثم إن الرئاسة صارت موزعة بين وادي بن منشد و آل فيصل. و بعد وفاة يسر صارت الرئاسة لآل منشد و هما وادي و صيهود و من وادي ابنه عريبي والد الشيخ محمد العريبي.
و من صيهود الشيخ فالح و إخوته.
و من ثم عرفت مكانة شياع الفيصل من هؤلاء الرؤساء.
و إن سلفه هاشم بك عاد إلي استنبول من طريق البصرة..
..
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 50
(1) نزاع بين الپلانية و الزند في قضاء الصلاحية (كفري) فأدبتهم الحكومة.
(2) البو سلطان و الجبور. قامتا علي الحكومة، ثم أذعنتا.
(3) خصام بين موسي و الشيخ مزبان من شيوخ بني لام، في العمارة.
(4) فرقة ميكائيلي من الجاف حصلت منها تعديات، فقامت الحكومة بتأديبها بقوة الجيش.
و الوقائع العشارية أمثال هذه جلبت التفات الدولة إلي لزوم بناء قلاع في الحيرة (الجعارة)، و (لواء الحلة)، فكان يعد (بور الأراضي) ناجما من عدم استقرار الأمن، و أن القلاع الدواء الشافي.
أمطرت السماء يوم السبت 18 شعبان سنة 1295 ه الموافق 5 آب سنة 1294 رومية و لم يقع مثل هذا إلا نادرا.
و عاد بإذن أيضا.
و وصل إلي بغداد في 28 شعبان سنة 1295 ه، فأمر بالإقامة ببغداد و اختير لعضوية مجلس الإدارة.
و صاروا لا يجرون علي مقياس يعينه من الذرع، فنبّهوا إلي لزوم ضرب المقياس بتمغا (طمغا)، و أنذر المخالف بعقوبة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 51
و رأيت ختم هذا المكتب و جاء فيه (مدرسة الاتفاق الكاثوليكي الشرقية) سنة 1878 م أي سنة 1295 ه و أول مدرسيه في اللغة التركية الأستاذ عبد اللّه خونده والد الأستاذين جميل و سامي خونده و استمر إلي سنة 1300 ه- 1882 م و كانت الحكومة قد عينته بالإضافة لوظيفته في دائرة ولاية بغداد و توفي في 24 مايس سنة 1917 م.
وجه منصب نظارة الداخلية إلي والي بغداد قدري باشا فغادر العراق في 17 ذي الحجة سنة 1295 ه من طريق البصرة. و كانت الحالة في أيامه مختلة. و مع هذا أودعت إليه نظارة الداخلية و لعل ذلك كان تقديرا لخدماته و هكذا ذهب المكتوبي تحسين بك من طريق البصرة إلي استنبول.
وجهت ولاية بغداد إلي عبد الرحمن باشا والي ديار بكر، و كان واليا ببغداد فعاد إليها.
و قالت الزوراء: إنه من أعاظم الوزراء الجامعين لمحاسن الأوصاف من كمال الحصافة و الاستقامة، و اللياقة. أبدي آثارا نافعة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 52
و مفيدة سواء في الممالك الأخري أو في ولايته الأولي ببغداد، و المأمول أنه في هذه المرة أيضا يوفق لإبراز مآثره.
وصل إلي بغداد يوم الخميس 12 ربيع الأول سنة 1296 ه فأجريت له الاحتفالات المعتادة. و من حين وصوله أوصي المأمورين و الموظفين بلزوم الهمة لقضاء مصالح الناس. و مدحه السيد أحمد شهاب الدين الراوي عم السيد صالح الراوي قاضي بغداد الأسبق بقصيدة.
و كذا مدحه كاتب الفارسية عزيز أفندي بقصيدة تركية.
ورد الفرمان، و قري ء يوم السبت 18 ربيع الأول سنة 1296 ه.
أجريت له الاحتفالات المعتادة و قرأ الأدعية المأثورة المفتي محمد فيضي الزهاوي. و هذا نص الفرمان منقولا إلي اللغة العربية.
«يا أيها الدستور المكرم، و المشير المفخم نظام العالم، مدبر أمور الجمهور بالفكر الثاقب، متمم مهام الأنام بالرأي الصائب، ممهّد بنيان الدولة و الإقبال، مشيد أركان السعادة و الإجلال، المحفوف بصنوف عواطف الملك الأعلي، والي ولاية ديار بكر سابقا، و الذي أحيل ولاء ولاية بغداد، و وجه بهذه الدفعة لعهدة استيهاله، ألا و هو الحائز و الحامل للنيشان (الوسام) ذي الشأن المجيدي من الرتبة الأولي وزيري عبد الرحمن باشا أدام اللّه تعالي إجلاله!
عند وصول توقيعي الرفيع المسعود ليكن معلوما أنه لزم تعيين ذات لولاء ولاية بغداد، و علي ما لم تكن حاجة للبيان أن استحصال أسباب اطمئنان كل صنف من أهالي و تبعة دولتي العلية الساكنين و المتوطنين في
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين،
ج 8، ص: 53
ممالكي المحروسة السلطانية، و راحتهم، و استكمال وسائل استقرارهم و أمنيتهم مع رؤية المصالح الواقعة و الجارية و إدارتها بالصورة المحقة و العادلة إنما هو مطلوب و ملتزم، و إنك أنت أيها الوزير الذي هو للدراية سمير، المشار إليه من ذوي الروية من وزراء سلطنتي السنية المتصفين بالأوصاف المطلوبة، و الواقفين علي أصول الإدارة و الأفكار و المصالح العمومية، و المقتدرين علي إجراء القوانين و النظامات العالية، و من أصحاب الوقوف الكامل علي أحوال تلك الحوالي، و بحسب ذلك أن نيران توجهاتي التي لها المحاسن غايات، قد لمع و أشرق بحقك مجددا، فأحيل ولاء ولاية بغداد المذكورة، و فوض لعهدة رؤيتك و استيهالك بموجب أمري الميمون، الذي هو بالعناية مقرون، الذي زاد موهبة السنوح و الصدور من عواطفي العلية السلطانية، و عوارفي البهية الملوكية، و ذلك في اليوم الرابع و العشرين من شهر صفر الخير لهذه السنة و هي سنة ست و تسعين و مائتين و ألف، فأسطر و أعطي أمري هذا الجليل القدر من ديواني المسعود متضمنا لمأموريتك، فأنت أيضا علي مقتضي ما جبلت عليه من كمال الفطانة و الاطلاع علي المهام و اقتضاء وقوفك و معلوماتك المعلومة في الأمور الملكية ينبغي أن تعزم إلي مركز مأموريتك و تجري الدقة و المباشرة بالأمر الأهم من رؤية أمور الولاية و مصالح الأهالي و السكنة و تمشيتها تطبيقا علي الشرع الشريف و القانون المنيف، و أن تصرف الغيرة بخصوصات تزايد معمورية الولاية و ثروتها آنا فآنا، و رفاه جملة السكنة و العشائر و راحتهم و أمنيتهم مع استحصال و استكمال الأسباب و الوسائل الموجبة لتوسيع دائرة زراعتهم و حراثتهم و تجارتهم، و تبذل المقدرة
لأن يكون العربان و العشائر الموجودين في داخل الولاية أيضا علي حسن الامتزاج أحدهم مع الآخر و مع الأهالي الساكنة، و أن يشتغلوا بزراعتهم و حراثتهم و لا يتعدي أحد علي أحد، و لا يتجاوز علي حقوق الغير، و لا يتجاسر علي إخلال الأمنية و الراحة،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 54
و أن تعمل الاهتمام و الدقة بإبقاء المعاملة بحق الآتين من دولة إيران البهية المجاورة لنا، و الذاهبين و المقيمين من تبعتها و تجارها و زوّارها أيضا تطبيقا لقاعدة المودّة و المصافاة الجارية بين الدولتين تيمنا، و العهود المرعية من الطرفين، و أن توثر نثار نقد الغيرة لتزييد توجهاتي الملوكية التي هي في المكارم غايات الظاهرة و المستقرة بحقك بضعف (بمضاعفة) بعد، و إنهاء الأحوال اللازمة الإنهاء و إشعارها إلي باب سعادتي شيئا يعقب شيئا. تحريرا في اليوم السادس و العشرين من شهر صفر الخير لسنة ست و تسعين و مائتين و ألف» اه.
و الملحوظ: أن هذا الوالي كان السبب في إنشاء المكتب الرشدي العسكري و في هذه المرة زاره.
و قد وصل إلي الموصل في 13 ربيع الثاني سنة 1296 ه.
و مدحه عبد اللّه صافي الكركوكي الشاعر بقصيدة طويلة و جاء أن الموصل قد قامت و قعدت، و كتبت محاضر، و شكت الأمر لإرجاع الألوية، و أرخ هذه السنة، كما أن أكثر موظفي دوائرهم امتلأت من الكركوكيين، و لذا لم يدخروا وسعا في الأمر حتي نالوا مبتغاهم.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 55
وصل إلي بغداد 28 صفر سنة 1296 ه يوم الخميس.
و اتهم بقتله جعفر ابن أخيه فألقي القبض عليه في بغداد.
و خطه جميل و عندي بعض مؤلفاته في النحو و سياحته و مجموعة صالح السعدي بخطه. و المشهور أن حسن الشهيب قتله بإيعاز من الحاج محسن كمونة من جهة مناصرته الحكومة في القرعة و غيرها. و من أولاده قاسم الرشتي و عبود (عبد الحسين) و من أولاد قاسم السيد أحمد و في و فيضي و محمد مهدي. و للتفصيل محل آخر.
و افتتح في 15 ربيع الآخر سنة 1296 ه.
المملكة محتاجة لمثل هذا المستشفي، فكان الوالي الأسبق مدحت باشا قد أنشأه أثناء ولايته في الجانب الغربي و كان منتظما محكما و صرفت عليه مبالغ طائلة. إلا أنه لم يفتح لما حال من الموانع و العوارض، و إن ناظر الداخلية قدري باشا حينما كان واليا ببغداد أحس بالحاجة، فبذلت الهمة في ترتيب مأموريه و ملازميه و تهيئة لوازمه من الأدوية و الآلات و الأدوات الطبية كما أنه كان قد أصابته شقوق في بعض المواطن فأمر الوالي بتعميره و إصلاحه و أن يقوم بإحياء مثل هذه المبرات الخيرية التي أهملت مدة.. فأعيد فتحه بصورة رسمية في 14
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 56
ربيع الآخر سنة 1296 ه و حضر الاحتفال به جمّ غفير.
بناء علي جسامة بغداد، و بالنظر إلي أحكام نظام البلدية الجديد تقرر تشكيل دائرة بلدية أخري في جانب الكرخ و بوشر بالانتخاب، فتم بالوجه الآتي:
الرئيس سعيد بن محمد أمين الكهية و قد نال رتبة مولوية أزمير..
محمود آل جميل ابن الأستاذ عبد الغني جميل، و مصطفي، و إسماعيل بن إبراهيم بن خليل الدفتري و هو جد معالي محمود صبحي ابن فؤاد الدفتري، و محمود الجيبه جي، و بكر بن محمود الإربلي، و عارف الروزنامه جي، و فتاح بن أحمد آغا الكوسة، و محمود جلبي بن عبد القادر جلبي.
الرئيس عبد الرزاق الشيخ قادر. و الأعضاء:
السيد صالح الگيلاني، و السيد عبد الرحمن الأدهمي، و مصطفي النقشلي. جد الأساتذة أنور و سامي و عوني و صبري أولاد حامد، و السيد عبد الرحمن الوتري، و السيد عبد القادر السيد فيض اللّه، و عبد المجيد.
الرئيس عبد اللّه الزيبق. و الأعضاء:
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 57
أحمد الشاوي، و يوسف السويدي، و أحمد الشوّاف، و الحاج عبد اللّه الخنيني، و الحاج إبراهيم التكريتي، و الحاج محمود آغا.
ثم استقال بعض هؤلاء الأشخاص منهم الأستاذ أحمد الشوّاف والد الأستاذ عبد العزيز الشواف. فسد الشاغر ممن حاز آراء أكثر.
1- كانت تقدم العرائض رأسا إلي محكمة الاستئناف من ديوان التمييز ثم إلي محكمة البداية في الألوية. فصارت تعنون إلي مراجعها.
2- إن الإعلامات لا حاجة فيها للإشارة إلي التصديق من مأموري الإدارة و بهذا قطعت الصلة بين الإدارة و القضاء.
و قد وجهت إليه الرتبة الأولي من الصنف الثاني. و تحولت وظيفته إلي مفتش في (سلانيك) و عين مكانه نوري أفندي مكتوبي (گريد).
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 58
مع إجراء معاملاتها المقتضية، جاء من استنبول قبل أيام و معه عارف أفندي. و شكلت لجنة لهذا الغرض. و توالت اجتماعاتها.
و هذا مبدأ استعمالها.
و كان يشغل هذا المنصب بديار بكر.
و مركزها كركوك وجهت إلي ناظم أفندي متصرفها السابق، و متصرفية السليمانية إلي ثابت باشا متصرف شهرزور سابقا.
.موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 59
ألقت الحكومة القبض علي عصابة تزييف النقود و علم أنها قلدت بغاية المهارة (المجيدي)، و روبية الهند (و قيمتها عشرة قروش و خمس عشرة بارة)، و السكة الروسية المسماة مناط (و تساوي 17 قرشا و نصف القرش)، و نشروا كثيرا منها بين العشائر، و أهل القري و القصبات.
و لا تزال حتي الآن.
وتسكنها عشيرة البدير.
علي البضائع الواردة من الخارج 8% فطلبت الدولة تزييده إلي 20% فوافقت إنكلترة علي 15% و أن يؤخذ علي الأموال المصدرة إلي الخارج و إلي البلاد الأجنبية 8% بعد أن كان يؤخذ عليه 1%.
و هو السيد الحاج علي باشا في 14 شهر رمضان من (سنة 1296 ه).
و كان من أصحاب الأخلاق الحسنة.
في زمن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 60
مضايقة الدولة، و هو اليوم سائر إلي الانتظام، و لا وجه للاستغناء عنه و سدّه.. و جاءت المعارضات بين الجرائد له و عليه.
و البو حسان، و العينية، و الدولاب، و الخاتونية في الحلة و تمت، و إن نهر الشاه سوف يتم بعد بضعة أيام.
رأي في استنبول حفاوة كبيرة، و إكراما و التفاتا زائدا من السلطان عبد الحميد و تناقلت الصحف أخباره. و وجهت إليه رتبة استنبول بتاريخ 24 شعبان سنة 1297 ه ثم أنعم عليه بالوسام العثماني من الصنف الأول.
هو محمد سعيد نقيب أشراف البصرة. أنعم علي الفقراء بأطعمة كثيرة، فاكتسب الثناء العظيم.
إن منصور باشا أحد مشايخ المنتفق و من أمرائها جاهر بالعصيان، و إن الباب العالي أرسل إلي رئيس عساكر بغداد الأوامر اللازمة لحفظ الراحة و الأمن.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 61
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 62
ثم ورد الأمر إلي عبد الرحمن باشا والي بغداد أن يتوجه بنفسه إلي البصرة ليعلم أسباب الاضطراب الذي ظهر في المنتفق، و كانت الحكومة أرسلت أربعة أفواج و بقيت الحالة مضطربة في أيامه لاختلاف وجهات النظر بين الجيش و الوالي. و لم تتم الغائلة إلّا في أيام تقي الدين باشا الوالي الذي أتي بعده.
و أنه لا يوصف إلا بأبشع الأوصاف، و أنه قاس مؤلم جدا. يشاهد الموتي في الطرقات، و بيعت البنات و الأولاد إلي آخر ما هنالك. و هذا هو الذي يسمي بمجاعة (البرسمية) أي (جوعان) في اللغة الكردية، فمالوا إلي بغداد و صاروا ينطقون:
(برسيمة).. و توالت أخبار الجوع في بغداد بسبب المهاجرة من الشمال.
و قال الأستاذ محمود الملاح: و تسمي في الموصل (سنة الليرة) لأن وزنة الحنطة بيعت بسعر ليرة.
كان راتب والي بغداد من الدرجة الأولي، و مرتبه 20000 قرش. وراتب والي الموصل و هو من الدرجة الثالثة و مرتبه 15000 قرش. وراتب والي البصرة من الدرجة الثانية قدره 17000 قرش.
و جاء نصها
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 63
في كنز الرغائب في منتخبات الجوائب عدد 999 و تاريخ 11 جمادي الأولي سنة 1297 ه.
فقتلوا بحريا وأحد ركّابها، و ضابطا فأرسل قنصل إنكلترة في البصرة برقية إلي سفيره باستنبول يخبره بذلك، فأبلغ السفير الأمر إلي الباب العالي، فأرسل الباب العالي برقية مشددا بها إلي والي بغداد يأمره فيها أن يرسل قوة عسكرية، و يقبض علي أولئك المعتدين.
و وجهت إليه رتبة استنبول. و كان قاضيا ببغداد.
و تعيّن له واليا.
عزل الوالي عبد الرحمن باشا في غرة ذي الحجة سنة 1297 و بقي بالوكالة فخرج في غرة صفر سنة 1298 و كان أحبه الأهلون لاستقامته و حسن إدارته. فخلفه تقي الدين باشا آل المدرس للمرة الثانية كسلفه، و كان وروده إلي بغداد في 28 المحرم سنة 1298.
و إن الوالي الجديد تقي الدين باشا سبق الكلام عليه أثناء ولايته الأولي، و أنه كان والي الحجاز، ثم عاد إلي بغداد واليا للمرة الثانية.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 64
الأستاذ محمد فيضي مفتي بغداد كان وكيلا عن قاضي بغداد. و في أيام وكالته وجّه تولية هذه التكية إلي دده حسين البكتاشي الطريقة ابن أحمد بن مصطفي في 19 ذي الحجة سنة 1297 ه.
ثم إن قاضي الشرع في بغداد السيد مير محمد أسعد ابن السيد محمد شريف باشا ابن الحاج سليمان آغا أصدر حكمه بعزل (حسين دده) و نصب عبد الرحمن أفندي القره داغي متوليا و مدرسا في 28 صفر سنة 1300 ه.
و من ثم عادت مسجدا كما كانت. و تفصيل أحوال هذا المسجد في كتاب (المعاهد الخيرية). و توفي الأستاذ القره داغي في حزيران سنة 1917 م و دفن في تكية (بابا گورگور). و له ولدان الشيخ محمد و الشيخ علي و أخوه الشيخ محمود القره داغي المدرس في جامع خانقين الكبير. و توفي في تشرين الأول سنة 1924 م. و من أولاده المحامي الشيخ مصطفي متصرف كركوك سابقا، و الشيخ صالح- و هو والد الشيخ حسن القاضي الثاني سابقا في بغداد- و الآن هو قاضي كركوك الأول.
انتشر الوباء في بغداد، و إن واليها اتخذ التدابير اللازمة للإحاطة بالأماكن الموبوءة.. و امتدّ إلي النجف و الهندية و إلي إيران في أنحاء مراغة. و ازداد في العراق.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 65
في كانون الأول صادفت الباخرة بلوص في الغميجة حوتا يبلغ طولها 48 قدما علي مقربة من مشهد العزير، و قد رماها الناس بعدة طلقات بدون جدوي، و كانت قد قربت من الضفة القليلة الغور، فذهب الناس إليها في زوارق بخارية ثم تحركت إلي أن غطست في مياه عميقة، و ظلت تجول، و تقذف المياه عالية في الهواء و سمع صوتها سكان مدينة العزير في الليل فظنوها باخرة إلا أنهم لم يتبيّنوا أضواءها. كذلك شاهدها الناس في القرنة و هي تعوم بسرعة حتي إنها قلبت قاربا في النهر. و قد قتل الحوت في النهاية ربان الباخرة مسكنة المدعو محمد و نوتيتها قرب سدّ (أبو روبة)، و تمكّن الربان من قطع ذيلها و جلبه إلي البصرة و كان طوله 12 قدما …
إن الدولة كانت تخشي من منصور باشا أن يحدث اضطرابا في المنتفق. و لذا أمرته بالإقامة في بغداد و جعلته عضوا في مجلس الإدارة، فهو معزز مكرم ظاهرا، و لكنها كانت تخشي أن يولد قلاقل فهي في حذر منه.
و في أيام عبد الرحمن باشا اغتنم فرصة فعبر ديالي و منها ذهب إلي أنحاء الكوت و منها مضي إلي الحي، فاتصل به ابن أخيه فالح باشا و عشائر المنتفق، فكانت محاولات الحكومة في تقريبه فاشلة، و حدث خلاف بين الوالي و الجيش، فأصر رئيس أركان الجيش الفريق عزت باشا علي لزوم القضاء علي إمارة السعدون.
ذلك ما أدي إلي عزل الوالي عبد الرحمن باشا و نصب الوالي تقي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 66
الدين باشا و إن الفريق أكد الانتصار و جعل الدولة في ارتباك من أمرها من جراء أنه اتهم المسؤولين في الدولة بأن دراهم
السعدون شلت اليد عن العمل.
و كانت الحكومة أرسلت أربعة أفواج لتسكين الحالة. و في هذه المرة صدر أمر بإرسال عشرة أفواج نحو ثمانية آلاف جندي إلا أن هذا المقدار غير كاف للتغلب علي منصور باشا فإنه تجمع لديه نحو عشرة آلاف من الفرسان، و قد قرّ الرأي علي إعادة البصرة متصرفية ملحقة بولاية بغداد. فوجد أن انفصالها عن بغداد لم يكن صوابا. و أن الباب العالي استدعي ناصر باشا أخا منصور باشا غير مرة و كان في استنبول ليجيب عن بعض مسائل تتعلق بأحوال تلك الجهة، فأجاب أول مرة بأن ثورة أخيه لا أهمية لها، ثم قال: إنه يمكن إعادة الراحة بعزل قاسم باشا الزهير أحد أعيان مأموري الدولة في البصرة المتصفين بالصداقة لها ثم أرسل منصور باشا برقية إلي الباب العالي تتضمن أن الهيجان الواقع ناشي ء عن الخلاف بينه و بين قاسم باشا. و أن المشاحنة كانت معلومة بينهما. و لما كان هذا يؤدي إلي تدخلات بعزل زيد و نصب عمرو مما يشوش الإدارة، لا شك أن الباب العالي يراعي الحقوق العامة و يعرف ما في الطوية. فلا يتأثر بمثل ما طلب.
ثم إن الأخبار الواردة من البصرة أنبأت باستقرار الراحة العامة فيها و أن الباب العالي طلب حضور منصور باشا. هذا و إن الدولة شكرت مساعي ناصر باشا. و هذا الإجمال غير واف بالغرض.
شغل هذا الحادث الأفكار مدة، و أن الدولة كانت في ريب من أمرها. أرسلت إلي بغداد و البصرة ثلاثين ألف بندقية من صنع مارتين
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 67
هنري. و إن الواقعة حدثت في مقاطعة أم الشعير في شمالي الحي و التابعة له. و هذه في تصرف الشيخ عبد
اللّه آل محمد الياسين رئيس عشائر ميّاح.. و في كتاب (نجد قطعه سنك أحوال عموميه سي) تفصيل.
جاء فيه:
هذه الحادثة كانت مهمة، قضت فيها الدولة علي الإدارة العشائرية و إمارتها بعد أن رأت مجادلات، و حاولت محاولات عديدة، فصار اللواء تابعا للبصرة. قام آل السعدون بثورة علي الحكومة، و كانت قوة العشائر تتجاوز العشرة آلاف و الجيش كان لا يتجاوز الألفين.
و في هذه الحرب تقدمت العشائر بابل سارت أمامها نحو ألفين أو ثلاثة آلاف بعير. سدّوا آذانها بالزفت، و وضعوا عليها أكياس الرمل، و ركب عليها بعض المتطوّعين، جعلوه في الأمام و آخر خلفها.. و صار يسوقها بعصي من حديد، و بشدة عظيمة، و هاجموا بها الجيش، و الأول صار يذري الرمال من الأحمال التي علي بعيره ليشوّش الهدف بغبار كثيف، فصار لا يشاهد ما وراء الغبار..
و الباقون من المحاربين جاؤوا من وراء الإبل و هاجموا. و كان رئيس الفيلق السادس الفريق عزّت باشا في موقف خطر من هذه الحالة.
كان حاضرا بنفسه، يشجع العسكر، و يحضه علي الثبات، و كات شجاعة الضباط فائقة، و المدافع متهيئة ترمي بانتظام و سرعة.
بذل الرئيس الجهود الكبيرة ليحصل علي النجاح، و ذلك لأن منصور باشا السعدون أعلن نفسه (سلطان البر)، و أعلن استقلاله في لواء المنتفق و صار يتعرض بالعمارة و البصرة، و أما أخوه ناصر باشا فإنه كان في استنبول يغفل هيئة الوكلاء، فصارت الدولة لا تلتفت إلي ما يقوله عزت باشا، بل تقابل ذلك بتوبيخ.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 68
أما القائد الرئيس فإنه كان ثابت العزم، قوي الإرادة فيما قصده، فهو قائد كبير، و الحكومة تخشي العاقبة، و لكنه مقتنع واثق من النجاح، و لم يبال
بكل ما وصل إليه من تقريع فرأي أن سلامة الفيلق تتوقف علي الانتصار علي آل السعدون، فقدم دلائل قوية و أصرّ علي فكرته.
طالت المخابرة، و زادت المطاولات من السعدون. حوصرت الناصرية و كان فيها فوجان كما تقدمت القبائل و تعاهدت. فأزعجت البصرة بما ترميه عليها ليلا و نهارا من طلقات البنادق، فكانت الأوضاع تستدعي أن تحل القضية بقوة السلاح.
و من ثم أبرق القائد الرئيس إلي السلطان:
«أيها السلطان إن ليرات السعدون، و حرص الوكلاء الحاضرين و طمعهم إذا كانا موجودين فلا يمكن إصلاح العراق» ا ه.
كان لهذه البرقية أثرها، فأربكت أمر الحكومة سواء في المابين، أو في دوائر الدولة الأخري، فقيل إن تأديب هؤلاء يحتاج إلي قوة عسكرية متألفة من 150 ألف جندي كما بيّن ذلك رديف باشا في لائحته. و كان جواب البرقية بأن هذه تحتاج إلي قوة مالية، و الحالة لا تساعد علي إدارة مثل هذا الجيش إلا أنكم إذا كنتم تميلون إلي غير ذلك فالمسؤولية تكون في عهدتكم و امضوا بما عندكم من موجود، فإذا قدرتم علي الإصلاح فابدأوا في تأديب الثائرين.
أما القائد فإنه لم يفتر عزمه، و لا خشي من هذا التهديد حتي إنه لم يبال بالحرّ و الموسم صيف، فتدارك ما تيسر له من قوة قليلة، و مضي بنفسه فوصل إلي الحيّ. و بواسطة يهودي قدم إليه مبلغ ثلاثين ألف ليرة من منصور باشا، فلم يتنزل لقبولها، و أمر أن ينقاد إلي مطالب الحكومة و نصحه أن يرجع عما فكر فيه. فانتظر ثلاثة أيام في الحي. و في هذه المدة خابر أمير ربيعة فتمكن القائد من فصله عن آل السعدون.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 69
و لما لم يصل جواب
ما نصحه به تحرك بما لديه من قوة، و بعد مضي ثلاث ساعات شاهد مقاومة العشائر له، فكان ما كان. فانتصر علي السعدون.
هذا. و قد اشتهرت هذه الواقعة، و حفظت فيها أناشيد و أغاني عامية مما يعيّن درجة تأثيرها، و لكننا نجد الآثار المدوّنة من قبل العراقيين قليلة. فقد ذكرها الأستاذ محمود الشاوي في تاريخه.
ثم جاءت الجوائب تذكر أن منصور باشا من أمراء المنتفق سيقدم إلي استنبول. و إن رئيس مجلس التجارة في البصرة قاسم باشا آل زهير ورد بغداد، و نشرت مضبطة مؤيدة لما يهدف، و مندّدة بآل السعدون و أنهم متغلبة و استعرض أهل البصرة تاريخ المنتفق و ما نالهم من السعدون و هذه صورتها:
«إن إمارة المنتفق كانت متغلبة علينا و علي أملاكنا و كثير منا من ترك أملاكه إذ ذاك و نجا بنفسه لكثرة ظلمهم و جورهم عدا الأملاك التي اغتصبوها منّا. و لما منّ اللّه علينا بحكومة منيب باشا في عهد نامق باشا والي بغداد وقتئذ حارب الموجودين من هذه العشيرة في أطراف البصرة، فغلبهم و طردهم و أراحنا من تعديهم و ظلمهم، فملكنا غاية الراحة، غير أنهم بواسطة بقائهم في المشيخة بقيت الأملاك التي اغتصبوها أولا بأيديهم لما ساعدتهم الولاة و غيروا اسم المشيخة باسم (القائممقامية)، ثم (المتصرفية) و ما زالوا علي ما هم عليه. ثم لما أدركتنا العناية الرحمانية بولي أمرنا والينا الأسبق (والي البصرة) عبد اللّه باشا، و بعده ثابت باشا، لم يخرجا عن دائرة العفة و الاستقامة فلما رأي آل السعدون و عشائرهم ذلك سعوا في تغيير الحال و إلا فلا يمكنهم الوصول إلي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 70
مآربهم. و لا يجدون سبيلا للطعن في
الولاة. شرعوا يرجفون بأن مهر (ختم) الولاة في يد قاسم باشا، و أن المحاكم تحت أمره مع أن صدق الباشا في خدمة الدولة و الوطن أشهر من أن يذكر. فمن ذلك أنه أنشأ مكتبا وطنيا و جلب له المعلمين البارعين في العربية و التركية و الفارسية و غيرها من لغات الأجانب. و استجلب جملة قوانين و وزعها ليتصل علم ذلك بإخواننا الأرقاء في أيدي المنتفق. فلهذا صاروا يسعون في دفع الباشا المشار إليه. و إبعاده عن وطنه، و أول من سعي في ذلك ناصر باشا لما كان والي البصرة إلا أنه لم يوفق بسبب العدل الحميدي، و بناء علي براءة الباشا من الأباطيل التي نسبوها إليه و إشعارا بأنه لم يكن له مع المنتفق أدني سوء قصد سوي صداقته لدولته و حبّه لوطنه و إنكاره عليهم سوء تصرفاتهم من ظلم الأهالي و التعدي عليهم. اقتضي ذلك أن قدمنا هذا العرض مسترحمين من العدل الحميدي إرجاعه إلي وطننا معززا مكرما كما هو اللائق بشأن أمثاله» ا ه.
و فيها تواقيع كثيرة جدا، منها للحاج محمود، و للشيخ أحمد باش أعيان، و الحاج طه الياسين و غيرهم. و لا شك أنها من إملاء قاسم باشا.
و هذا ملخص ما قاله الأستاذ الشاوي في تاريخه: إن منصور باشا السعدون بعد عودته من استنبول أمر أن لا يخرج من بغداد، و عيّن عضوا لمجلس الإدارة. بقي ثلاث سنوات. و كان الرئيس علي عشائر المنتفق بندر السعدون، فعزم منصور باشا أن يفرّ إلي المنتفق و ينازع الشيخ بندر، فذهب من طريق سلمان باك- الكوت، فمضي إلي الحي، و جلب ابن أخيه فالح باشا إليه و كان متصرفا في المنتفق من جانب الحكومة
و أعلنوا قيامهم بعشائرهم. فأرسل الوالي و مشير الفيلق السادس
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 71
في بغداد حسين عوني باشا مقدارا كافيا من الجنود النظامية بقيادة رئيس أركان الجيش الفريق عزت باشا فوصل إلي الكوت فعزل منصور باشا فلم يرتدع لما اجتمع عنده من كثرة العشائر. تقابل الجمعان و كان بينهما نهر اليسروفية. فعبره المنتفق و ساقوا إبلهم و جعلوا خلال الإبل من يعتمدون علي شجاعته من فرسانهم. التقي الفريقان. فكان ما كان- هرب قوم السعدون. فالمدافع أصابت الهدف، و هربت الإبل من صوتها و رجعت العشائر فنهبت ميّاح أموال السعدون. فرجع منصور باشا مع من معه لإنقاذ أموالهم و عيالهم من العشائر التي خانت و صار الظفر لعزت باشا. و نهب الجيش غنائم كثيرة فبيعت في بغداد و صارت للخزانة. و من ثم فرّ منصور باشا و ابن أخيه فالح باشا و سائر أقاربه إلي الشامية.
ثم إن منصور باشا بعد مدة طلب العفو و الأمان و جاء إلي بغداد ثم طلب إلي استنبول و عيّن في مجلس الشوري. بقي فيها مدة. و توفي هناك.
هذا و في المجلد الرابع من كتاب العشائر ذكرنا هذا الحادث بتفصيل بعض الجهات.
و كان قد طال النزاع من تاريخ القضاء علي بابان حتي هذه الأيام.
هذا، و إن آل السعدون دامت مكانتهم و استمرت سلطتهم، فظهر منهم رجال أكابر مثل فالح باشا و سعدون باشا و عجمي باشا و فخامة عبد المحسن السعدون و هذا الأخير ظهر بأكبر مما ظهر فيه سابقوه.
و علي كل حال ابتدأت هذه الحوادث الأخيرة سنة 1297 ه أيام عبد الرحمن باشا و انتهت في أواخر صيف سنة 1298 ه أيام تقي الدين باشا. و في
الحقيقة أن بناء الناصرية من مسهلات القضاء علي هذه الإمارة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 72
و هو شيخ الطريقة النقشبندية من خلفاء الشيخ خالد، و لا يزال رجالها معروفين إلي اليوم.
في ربيع الأول تجوّل الوالي في أنحاء العمارة، و البصرة، و المنتفق فتمكن من الحصول علي البقايا الأميرية مما يسمي ب (الخياس) و معناها هالكة أو مائتة في لواء العمارة، و عرف الحالة في البصرة، و ما يقتضي لها من إصلاح الميناء، و مضي إلي المنتفق و كانت هذه التجولات يقصد منها كما يقال نيل المخصصات و إلا فإن النتائج غير مشهودة، علمنا ذلك من المقدمة، و هي لا تخص واليا بعينه. فعاد الوالي من جولته في 2 جمادي الأولي، ثم تجوّل هو و المشير في لوائي الحلة و كربلاء في ذي القعدة.
مشير الفيلق السادس وصل من نجد إلي بغداد في 7 جمادي الأولي.
و يقال (كوت الإمارة). و المستفاد من سياحة الوالي و تجولاته أن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 73
قضاء الكوت يتكوّن من عشائر ربيعة، و بني لام. و هؤلاء لا يعرفون سوي الرؤساء. و لا يؤدّون الضرائب و رسوم الأغنام إلا إليهم. فلا تستفيد الحكومة من رسومها. و يتبع هذا القضاء بدرة، و زرباطية، و جصّان. و فيها عشائر و مزارع. و الملحوظ أن حسين قلي خان يزعج هذه النواحي بتعدياته و تجاوزاته و من الضروري وضع قوة لإيقافه عند حده. شرعت الدولة بالمخابرات الرسمية ليرتدع عما كان و لا يزال علي ما هو عليه.
مركزه قصبة العمارة. و جميع أهليه من العشائر البدوية. و إن الرسوم الأميرية تعطي بالالتزام. وجدت الدولة ضرورة لإجراء ذلك بإقطاعها للمشايخ و هذه القاعدة كانت مرعية من القديم. إلا أن استحصال هذا البدل من الشيوخ يتوقف علي قوة الحكومة و نفوذها..
و كانت الرسوم الأميرية سنة 1298 ه بلغت 000، 90 ليرة، و تنحصر المزروعات أغلبيا في (الشلب)، و زمان استحصال الحصة الأميرية في أيلول و تشرين الأول و الثاني. جاء إليهم الوالي في تجولاته و بلغت التحصيلات 33000 ليرة. و المبالغ التي تبقي عليهم يقال لها في تعبيرهم (خياس) و هذه تتراكم، و لا يحصل منها شي ء و لكن تبقي في الدفاتر، و تحوّل من سنة إلي أخري، فتشغل الدفاتر بلا جدوي. و لكن الوالي حصل هذه البقايا لسنة 1297 رومية خلال بقائه أسبوعين. و عدا ذلك أنه اتخذها قاعدة أساسية للسنة الحالية (1298 رومية)، فتمكن من استحصال أكثر من خمسة عشر ألف ليرة. و كتب أمرا إلي المتصرف ليسير بمقتضاه للسنين المقبلة. و مما بيّن له أن البقايا
من سنة 1281 مالية بلغت ما ينوف علي اثني عشر مليونا و تسعمائة ألف قرش، و تبيّن من التدقيقات المحلية أن البقايا لا تقف عند هذه، و إنما تجاوزت مئات الألوف من الليرات.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 74
و مما أورد من الأسباب من جراء عدم الاستيفاء هو النزاع الواقع بين العشائر و الحالات الحربية بينهم، فإنها تأكل مثل هذه الثروات، أو تمنع من التمتع بالمزروع أو الاستفادة منه، و أحيانا تشل الحركة، و تقضي علي العمل. الأمر الذي يدعو أن لا تستوفي الحصة الأميرية، يضاف إلي هذا تزييد بدلات المقاطعات. هذا عدا ما يؤخذ من هذه العشائر في الخفاء من الرشا.
و لما كان إعطاء الأراضي أو المقاطعات بالالتزام يجب أن يمنع عمن كانت عليه بقايا و لكن لا يزال التساهل جاريا. و إن علي عشيرة السواعد بقايا، و بيّن أن لواء الحلة في الشامية و السماوة و الديوانية منه تجري الذرعة و كذا الهندية التابعة للواء كربلاء تستوفي الحصة الأميرية علي هذه الطريقة.
ثم أوضح أن المقاطعات الجسيمة يجب أن لا تعطي لواحد صفقة واحدة لأن الملتزمين في الغالب يؤجرونها لآخرين أيضا. و هكذا الواحد يؤجر إلي الآخر حتي تبلغ أكثر بكثير من بدل الالتزام.
و صرح الوالي بأن المقاطعات و المزارع في العمارة لا تزال مجهولة فلا تعرف مفرداتها و لا تحصلت الدولة علي معلومات أصلية بخصوصها. فاللواء لا يعرف ذلك و كأنه بعيد عنها و أن المشرح و الچحلة لا تعرف أنهارهما. و في خلال الأيام القلائل عرف ذلك.
المشرّح (كانت بيد السواعد و السودان) و عشر و بحاثة و كصة و جوار و عريض و جريت و ابيجع و رميلي و المجر الصغير
(الميمونة) و غيرها بأسماء أنهارها و مزارعها. و يجب أن يحقق عن الچحلة و المجر الكبير، و الجزرة و ما فيها من أنهار و جسامتها، و بيان مقاديرها. و نبّه الوالي إلي لزوم العناية بالرسوم الأميرية، و التشويق للزراعة و تكثيرها. و أن يجري الالتزام علي كل نهر، و مقاطعة بعينها. و أن لا يسوغ إيداعها كلها إلي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 75
واحد صفقة واحدة و مثل هؤلاء في الغالب يودعونها إلي آخرين بطريق الالتزام أيضا بالاسم المستعار.
هذا و إن مقاطعة (جريت) بسبب خراب صدرها تعطلت زراعتها فيجب تطهير نهرها و إصلاح صدرها. و أن الحكومة تأخذ من العشائر البدوية من شمر و غيرها من كل لواء أو قضاء مقدارا معينا من البغال للشرطة و يطلق عليه (الودي). و الغاية تكثير عساكر الضبطية.
إن ميناء البصرة يستدعي الاهتمام، و تأتي أموال تجارية من الهند و من أوروبا دائما، و ترسو المراكب فله أهمية سياسية و تجارية، و هو في توسع، و لكنه لم ينتظم، كسائر المواني ء، و لم توضع المناير (الفنارات)، فالوالي حينما وصل إلي الفاو بعد تجولاته في البصرة شعر بالحاجة مما استحصله من المعلومات، و ما تيقن من لزوم الإصلاح، فعزم علي إجراء ذلك.
من ألوية العراق المهمة التي تنتفع من الفرات و من الغرّاف المسمي ب (مسرهد) و (شط الحي) المتفرع من دجلة، و هذا اللواء نفوسه كثيرة، و حاصلاته كبيرة جدا. و هو بأيدي (آل السعدون). و كانت إدارته عشائرية. و إن عدم الانتظام أدي إلي الإضرار بالأهلين و ضجرهم سواء كانوا من الأهالي أو من العشائر. و إن الوالي تأيّد له ذلك بنفسه بما أجراه من تحقيقات. إن الحكومة تألفت منه ستة أشهر أو سبعة من
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 76
أواخر سنة 1298 ه، و هي تجري العدل الآن، و استقبل الوالي بكمال الحفاوة. و من ثم علم أن تشكيلات الدولة في تلك السنة.
و كان علي خان أحد رؤساء العشائر التزم مقاطعة الأزيرج سني 1298 ه و 1299 ه، فشكاه الأهلون، و سمع الوالي هذه الشكوي، فأجري التحقيق بنفسه ففسخ التزامه و كانت القضايا تحسم علي الأصول العشائرية من جانب آل السعدون بصورة (الدية) و (التضمينات). و رأوا من التشكيلات العدلية إجحافا في المحاكمات، فاستحصل الوالي أمرا بمراعاة السياسة مع الأهلين. و لهذا رأي أن يطلق المساجين و يجري محاكمتهم حسب العرف العشائري فابتهج الناس بما أصدره الوالي من الأمر.
و إن اللواء كان يديره متصرف من آل السعدون، و اسميا من
قبل نائب و محاسب و مدير تحرير و قائممقامية سوق الشيوخ، و الحي، و الشطرة تدار من قبل قائممقامين و الآن تكاملت الإدارة، و تأسس فيه مجلس الإدارة و المحاسبة و العدلية، و الأعشار و الطابو، و الدوائر الأخري. و إن قائممقامية سوق الشيوخ تأسست فيها ناحية گرمة بني سعيد. و إن قضاء الحمار تأسست فيه ناحية بني أسد. و قضاء الشطرة أسست فيه نواحي: الدچّة، و البدعة. و قضاء الحي تكوّن فيه من النواحي: واسط، و قلعة سكر، و تأسس في كل قضاء نائب و مجلس إدارة و أعشار و ضبطية. و أصلح الوالي أمر الالتزام.
و لها أنهار جسيمة متعددة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 77
سواء في الوزن أو الكيل، و هذه لم تنجح أيضا.
من الألوية المهمة. يجب أن يعتني به. فهو قابل للإعمار إلا أن الدولة لم تستفد منه من جراء أن المقاطعات إذا أودعت أمانة أكلت بتمامها.
و من أقضيته: السماوة و الديوانية و الشامية. و إن إعطاء مقاطعها بالالتزام أولي.
و الملحوظ أن همّ الحكومة أن تحصل علي المبالغ العاجلة. و لا تنظر إلّا علي استحصال البقايا.
أعلن عمل جسر الخر بالمزايدة.
متصرف المنتفق نال رتبة (روم إيلي بگلربگي).
قبيلة الرفيعات في سوق الشيوخ لا تزال عليها رسوم الأغنام.
وجهت ولاية الموصل إلي تحسين باشا. كان سابقا مكتوبي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 78
بغداد. و ظهرت كفايته و قدرته. فهو أهل لهذا المنصب.
عشيرة الهماوند في لواء السليمانية صغيرة لا تتجاوز نفوسها الأربعمائة أو الخمسمائة، كلهم اعتادوا الشقاوة و العصيان و السلب و النهب و اتخذوا دربند بازيان مأوي لهم. و هؤلاء حتي في أيام هدوئهم و راحتهم لا يسكنون و لا يتأخرون عن ردي ء الأعمال، فإذا أرادت الدولة تعقيبهم هربوا من خوفهم، و مالوا إلي النهب و السلب جميعا بلا استثناء.
فإذا ضيقت عليهم الحكومة الخناق مالوا إلي إيران، و إذا اتفقت الدولتان العثمانية و الإيرانية مالوا إلي الدخالة. و وكيل والي الموصل محمد منير باشا من جراء التضييق قد دخلوا عليه و قبل دخالتهم. و هؤلاء لم يهدأوا من غارة القري، و نهب أموالها، و قتل نفوسها.
من ثم فرّ رئيسهم چوكل بجماعة من رجاله و الباقون دمّرهم وكيل الوالي إلا أن هؤلاء أثناء عبورهم قد عاثوا، و التحق بهم عزيز خان و علي خالد. ثم إن المشير ضربهم ضربة أخري لم تصبهم ضربة مثلها من قبل. و إن جوانمير من رؤسائهم هرب إلي إيران. و بذلت الحكومة جهدا لإلقاء القبض عليه.
تحول قائممقام سوق الشيوخ إلي قائممقامية النجف و هو فتاح بك و قائممقام النجف فتاح بك الآخر صار في سوق الشيوخ. و أحد هؤلاء فتاح بك كان قائممقام الشطرة، و اشتري سهاما في مقاطعة المهيدية التي بإزاء الشطرة، و سميت أخيرا باسم (الفتاحية)، و توفي في مرض
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 79
(الهيضة)، و له ابن اسمه محمد بك. و له أخوال في خفاجة.
من مدة لم يعين مدرس للمكتب الرشدي في البصرة فتفرّق طلابه، و سدّ، و الآن ورد له مدرس فافتتح.
عشائر الضفير رئيسهم باذراع و لديهم نحو عشرة آلاف بعير، و هؤلاء بدو كشمر و عنزة، يسكنون الخيام و يتجولون. و كان من الصعب الحصول علي رسوم الودي و بهمة تشكر من متصرف المنتفق حصل علي مائة بعير عينا.
تخرج من مكتب الإعدادي العسكري في هذه السنة 13 طالبا، و لأجل إكمال التحصيل أرسلوا إلي مكتب الحربية باستنبول.
أخذ رسم الودي من الرفيع و الحميد من عشائر المنتفق و هو ضريبة الإبل.
حصلت منازعة بين (حسين قلي خان) و بين مير علي أحد إخوته
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 80
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 81
فالتجأ إلي قضاء كوت الإمارة.
تأسست في بغداد ماكنة الثلج. و الآن أسست في البصرة أيضا.
من أبناء الملوك في إيران. اختار الكاظمية محل إقامة له. و ذهب في هذه السنة إلي الحج.
الغالب أن يتولد النزاع بين عشائرها علي الأراضي. و هذا لم ينقطع في وقت.
كانتا ناحيتين فصارتا قضاءين.
توفي الشيخ داود بن سليمان بن جرجيس في سلخ شهر رمضان سنة 1299 ه. كان نقشبندي الطريقة و من العلماء. ولد سنة 1231 ه.
و له من المؤلفات:
(1) المنحة الوهبية في الرد علي الوهابية.
(2) أشد الجهاد في إبطال دعوي الجهاد، و هذا الأخير ألفه سنة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 82
1293 ه. طبعا معا في بومبي من الهند في المحرم سنة 1305 ه.
و كان صدر أولهما بترجمة الشيخ داود بقلم السيد عبد الوهاب ابن السيد أحمد بن حبيب بن موسي البغدادي.
(3) صلح الإخوان. في الرد علي كتاب جلاء العينين في محاكمة الأحمدين.
(4) كتاب رد الآلوسي (أبي الثناء). ورد عليه الأستاذ السيد نعمان خير الدين الآلوسي في كتابه (شقائق النعمان) و للأستاذ السيد محمود شكري الآلوسي ردّ عليه أيضا.
(5) منظومة في العقائد.
و كان وقف الأستاذ السيد محمد الطبقچه لي مدرسته بكتبها و جعله متوليا و مدرسا. و الآن بيد مديرية الأوقاف العامة.
و اشتهر بردّه علي الأستاذ أبي الثناء الآلوسي. و راجت سوقه مدة و لكن مؤلفاته لم تقو علي الانتصار. و له من الأولاد معالي الأستاذ (الشيخ أحمد) و نال الوزارة فجمع كتب الأوقاف في خزانة الأوقاف العامة و (الشيخ محمد) من العلماء و غيرهما.
من علماء الشيعة توفي، و قيلت فيه المراثي و نشرها صاحب الزوراء متواليا.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 83
بين العمارة، و الكوت. و الآن هو موقع تجاري. يزاول أهلوه التجارة.
كان في العزم ذهابهما إلي العمارة إلا أن المشير قد انحرف مزاجه فتأخر. و المأمول أن يذهب إلي البصرة أيضا.. و لعل حوادث نجد تستدعي هذا التجوّل لمساسها بالحوادث و الاتصال بها مباشرة، و التعرف إلي الخبراء بذلك، و معرفة ماهية الخلاف فلا يكون بعيدا عما يجري و هو يشغل أكبر منصب في العراق.
رئيسهم حسين قلي خان. و في رأس الحدود قبيلة من قبائلهم يقال لها (مل خطاوي) و رئيسها كرم بن مالك ما زال و لا يزال يشن الغارة علي قضاء الكوت و شوهد من الكلهور و السنجابية و علي خالد، مهاجمة بعض القوافل. فأنحت الجريدة باللائمة علي إيران، و إن ذلك مما لا يلتئم و حقوق الجوار.
بنت الحكومة قلعة في قضاء الحمّار للجيش. و هذا بدء الأعمال تجاه العشائر.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 84
عزم الوالي علي إجراء الإصلاحات في العمارة، و لزوم تطبيق أصول الذرعة، فأرسل إليها موظفين، و صار يحسب أصول (القبالة) أو (المشارة) فيؤخذ علي كل واحدة منها 300 أوقية حسب التعامل القديم باعتبار أدني و وسط و أعلي. أما الرؤساء فإنهم قد استصعبوا قرار الأمن في العمارة، فمانعوا في زرعها كلها، فتناقصت الحاصلات عن ذي قبل. فكان الصيفي لهذه السنة نحو 20 مليون أوقية، و هذا سوف يستوفي بتمامه، و من هذه الجهة يرجّح علي غيره.. هذا و خمنت الأوقية من الشلب ب (15 پارة)، فيكون مجموع ما يحصل من الواردات بنسبة 90 ألف ليرة. و هذه أكثر من المأمول. و بهذا تيسّر أن يقال إن ما يستفيده الرؤساء نصف المنافع الأميرية المتحصلة.
عزم الوالي علي تخطيطها و تأسيس بيوت و دكاكين بمعرفة المهندس. من جهة أن نهرها قابل للعمران و كذا يقال عن (نهر شادي).
شكلت فيها إدارة، و ألغيت المشيخة.
صار عضوا في شوري الدولة.. و جاء في الجوائب أنه حلبي المولد، فسكن البصرة و بين في تاريخ 14 جمادي الآخرة أنه بلغ عمره نحو 40 سنة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 85
في 5 صفر سنة 1300 ه- 1883 م توفي الأستاذ الحيدري.
و كان من العلماء و الأدباء الأفاضل و عرف بكثرة مؤلفاته في الأدب مثل شرح سقط الزند، عندي مخطوطته و في الهيئة مثل شرح تشريح الأفلاك و في الهيئة الجديدة و علاقاتها بالإسلام، و في التاريخ و من أهمها عنوان المجد في تاريخ بغداد و البصرة و نجد، و المجد التالد في مناقب الشيخ خالد. و في هذين الكتابين ما يفيد التاريخ العلمي و السياسي و تاريخ الطريقة النقشبندية. و كان غير متعمق في مؤلفاته. و لم يظهر بعده من آل الحيدري إلا الشيخ إبراهيم والد معالي العين داود باشا الحيدري. و ما ذلك إلا لأن الوجهة العلمية تغيرت و اختلفت عما كانت عليه. و منهم في لواء إربل، و ذكرت في المجلد الثالث تاريخ هذه الأسرة.
كان من العلماء الأفاضل و له مؤلفات في أصول الفقه و غيره.
و قال الأستاذ محمود الملاح: كان قاضيا في الموصل و توفي و دفن في مقبرة النبي شيث.
و أسرة آل السنوي معروفة في بغداد متكوّنة من أولاد الشيخ أحمد.
و أصلها من سنة (سنندج). و يقولون إنهم من الأمويين. منهم الأستاذ رأفت السنوي كان من العلماء و صار نائبا في عهد (الدستور). و هو والد الأستاذ نشأت و المحامي كمال. و منهم الأستاذ سليمان السنوي المتوفي 18 آب سنة 1929 م. و كان نائب القاضي ببغداد. و هو من الأخيار.
و ابنه الأستاذ عبد العزيز المحامي و من مشاهيرهم الأستاذ المرحوم عبد القادر السنوي و هو أخو الأستاذ عبد اللّه السنوي المحامي و لا محل هنا للتفصيل.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 86
هذه الجريدة تأسست في الموصل كتب تاريخا لها الشاعر التركي المعروف (عبد اللّه صافي) فرحّب بها، و مدح السلطان عبد الحميد علي هذا العمل الجميل..
صارت رئاسة الغرفة رئاسة كتابة غرفة التجارة.. و أعلنت لزوم قيد الدلالين و السمسارين أسماءهم و أن يحصلوا علي إجازة.
في الناصرية، و متسلطة عليها. فاقتضي صرف مبلغ (30) ألف قرش لها.
كان رئيس التحرير في نظارة الأعشار في الولاية شاكر أفندي قد مرض من مدة، و لازم الفراش فتوفي، يوم الخميس 20 جمادي الآخرة سنة 1301 ه، و إن الموما إليه من أدباء الوطن و أذكيائه و هو ذو إنسانية و لطافة طبع و حسن أخلاق جعلت كل أحد راضيا عنه، فأسف عليه جميع من له معرفة به و مصاحبة له و هو غضّ الشباب …
سافر المشير هدايت باشا إلي البصرة، وفتش جهاتها و رأي أن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 87
القشلة التي كان قد بدي ء بأساساتها كانت في محل راطب فاقتضي بناؤها في محل مرتفع، صالح. فأمر ببنائها و قد تبرع بها سالم البدر أحد وجوه البصرة و صالح دانيال.
أحاط المياه ببغداد من جراء الغرق. كسرت سدة الفرهادية الفرحاتية و الفحامة في الجانب الشرقي، و المتولية في جانب الكرخ.
و كذا حدثت أمطار و ثلوج. و كان السيد سلمان النقيب قد عاون معاونات فعلية، و بذل همة و كذا وجوه البلدة مثل محمد جميل، و محمد الربيعي.
فشكروا علي ما أبدوا.
و هذا الفيضان خرّب الزروع و جعل البلدة في خطر. و حاول بعضهم عمل بطخات للسد فلم تنجح.
والي بغداد الأسبق، سجن بالطائف و توفي لما أصابه من مرض السرطان كما قالت الزوراء ذلك. و لم تزد. و ما ذلك إلا لأن الدولة ساخطة عليه من جراء أنه أراد أن يجعل السلطة للشعب و يقلل سلطة السلطان و يجعله غير مسؤول فاستبد و نكل بمن أراد انتزاع السلطة منه حنقا عليه. فسمي (شهيد الأحرار) و له وصية نشرت و كذا محاكمته.
صدر الأمر بفصل البصرة عن بغداد و تشكيلها ولاية كما في السابق، و إلحاق ألوية العمارة و المنتفق و نجد بها، و تعيين يوسف طليع
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 88
باشا لولايتها. ثم صدرت الإرادة بانفصاله، و أعيد يحيي نزهت متصرف البصرة السابق فصار متصرفا بها. ثم أنيطت بالوكالة إلي الوالي ببغداد تقي الدين باشا.
إن نجيب باشا وصل إلي بغداد لتسوية بعض أشغاله. و هو ابن علي بك ابن نجيب باشا والي بغداد الأسبق، و هذا هو الذي استقبل عالي بك (باشا) حينما ورد بغداد و عالي باشا هو صاحب تقرير السياحة.
بعد الحرب الروسية أوعز الفريق غازي محمد باشا ابن الشيخ شامل إلي السلطان عبد الحميد أن يبقي لديه محمد فاضل باشا الداغستاني و أن الفريق غازي محمد باشا زوج أخته. و أن السلطان لا يستطيع كسر كلامه أو مخالفته.. و عيّنه مرافقا له و كان قد تخرّج من مكتب روسيا العسكري الخاص لمن يتخرج في معيّة الإمبراطور. و في مايس سنة 1298 رومية حصل علي رتبة أمير لواء، و بناء علي طلبه أسندت إليه في شباط سنة 1299 رومية قيادة الخيالة في الفيلق السادس ببغداد. و توجه لمقر وظيفته.
وقعت المعركة بينهم و بين عشائر الجبور و الكروية فسقط ثلاثة أفراد. في أطراف مندلي (بندنيجن). هذا و إن رؤساء الهماوند:
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 89
1- پچاوشين.
2- محمود خله بزه.
3- حمه مام سليمان.
ثم كلفت الحكومة أمير اللواء محمد فاضل باشا الداغستاني لتعقبهم.
جرت مذاكرات بين وزير الخارجية و السفير حول تحديد الحدود.
من رؤساء شمر طوگة. طلب قبول دخالته، و كان مشهورا بقطع الطريق منذ 15 سنة فقبل الوالي دخالته علي أن يركن و عشيرته للزراعة.
تجوّل الوالي في أنحاء الحلة و كربلاء.
بنيت قنطرة علي نهر المسعودي الكبير الواقع في جادة الحلة- كربلاء. و لها أهمية.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 90
يشكون علي لسان حكومتهم بأنهم ينالهم الحيف في العبور و في نزول الخانات و اتفاق أصحابها مع السراق، فترجو السفارة اتخاذ التدابير لصيانة أموالهم و أرواحهم فأخذت تعهدات من أرباب الخانات و أمثالهم في تضمين المسروقات و أن تسدّ الخانات التي لم يعط أصحابها تعهدات. و بلزوم الاعتناء بالزوّار.
1- قصيدة الأستاذ علي علاء الدين الآلوسي.
2- قصيدة الأستاذ عبد الوهاب النائب و كان أمين الإفتاء.
الشطرة قضاء في المنتفق، و شطرة العمارة قضاء في العمارة.
و دفعا للتشوّش سمي الأول (شطرة المنتفق)، و الثاني (شطرة العمارة)، تسهيلا لمصالح البرق و البريد.
1- القرعة.
2- الفيضان.
3- الوباء.
4- المزايدات.
1- نهر الفوار، كان مندرسا، فأجري حفره، و هو بجهة الجزيرة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 91
2- نهر السليمانية في جهة الجزيرة و كان مندرسا.
ذهب إلي كربلاء محاسب الأوقاف عبد القادر و معه سليمان فائق الشواف (صهر آل الشواف). و حرّروا موجودات الخزانة بمعرفة مجلس الإدارة، فوجدت أشياء نفيسة للغاية خمنت بمبلغ ينوف علي 22 ألف ليرة، و يوجد مصحف شريف بخط زين العابدين (رض) كتابته كوفية علي رق غزال، و مصحف آخر مذهب بنقش أبيض علي قرطاس ترمة بالقطع الكبير، و بين أوراقه رق غزال لئلا يأتي خلل علي صفحاته و هما نفيسان للغاية يقال إن قيمتها تساوي نحو ألف ليرة. و من جملة ما في الخزانة شمعدانان كبيران معمولان من الذهب أهداهما السلطان عبد المجيد و كانا بقيمة (2500) ليرة و تاج بقيمة أربعين ألف قرش، و وجدت سجادة نفيسة للغاية مزينة بلؤلؤ و ذهب.
و عند ختام تفتيش المعلقات و سائر النفائس اتخذ المحاسب دفترا ختمه السادن ثم بوشر بتحرير النفائس التي في مشهد العباس (رض)، فوجدت أشياء مهمة و نفيسة، و هي كثيرة فدوّنت و ختم دفترها كليدار العباس.
لواء كربلاء و أقضيته (النجف)، و (الهندية) و نواحي مركز القضاء (المسيب) و (الرحالية) و (شفاثا) و كان متصوّرا قلبها إلي قضاء لأهميتها.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 92
إن كل ما يعرف عن تاريخ هذه القبيلة مملوء بالتعديات بل هو تاريخ التعديات علي الناس من نهب و سلب و قتل.
صدر الأمر بلزوم التسجيل وفق نظام الأملاك. و تعليمات الطابو.
أصيب بنزلة شديدة فتوفي ليلة الخميس 3 جمادي الأولي سنة 1302 ه و كان قبل وفاته قد تبرع بألفي قرش لأجل تعمير تكية الشيخ عبد الرحمن و هي تكية الطالبانية.
عبد الوهاب بن عبد الفتاح الحجازي عاد إلي البصرة.
لم تكن لها مكانة. و قبل سنتين صارت أراضيها سنية، فعادت بالفائدة.
هو محمد سعيد باشا، و إنه مثابر علي حسن الإدارة و القيام بالأعمال الباهرة و السياسة الحكيمة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 93
المتصرف محمد سعيد باشا و جماعة من الموظفين:
النائب عبد المجيد أفندي.
المحاسب عمر أگاه.
مدير الأعشار حميد.
مدير التحرير مصطفي.
و هكذا الكتاب و المحكمة، و الأمراء و الضباط. و سائر العسكريين.
وصل إلي بغداد يوم الأحد في 22 المحرم سنة 1303 ه و سار إلي محل وظيفته يوم الجمعة مساء 25 المحرم من طريق النهر.
و ذكرت له مقطوعة في الغزل باللغة التركية و أخري نشرت في الزوراء أيضا.
فارس الصفوق من أمراء شمر بينما كان نازلا مع أفراد عشيرته في الموقع المسمي (جلعوط) بقرب الخابور و يبعد عن الدير 10 ساعات، و في أثناء ورد إبلهم هاجمهم غزو من السبعة من عنزة و نهبوا منهم نحو 400 بعير، و جرحوا البعض، و أسروا الآخر.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 94
توفي في استنبول أمير المنتفق الكبير ناصر باشا السعدون، و كان قد أحرز رتبة الوزارة و ولي البصرة. و مرت بنا حوادثه العديدة في هذا التاريخ و في المجلد الرابع من عشائر العراق.
عيّن في اللجنة التحقيقية ببغداد في 9 شعبان سنة 1303 ه لينتظر أعمال محاسب الحلة سليمان سيف الدين و كذا في وضع متصرف البصرة و أعماله. و عاد إلي الأحساء في شوال 1308 ه.
و هذا علي ما أعتقد هو صاحب التقرير في أحوال الأحساء و ما أشبه بكتاب في كثرة مباحثه، و اطرادها، فهو تاريخ كامل واف، ذكر أعماله و أعمال من قبله و ينبي ء عن قدرة و خبرة، و لعله هو الذي دعا أن يعود مرة أخري إلي الأحساء متصرفا. فلم يترك أمرا غامضا. و لعله كتبه أو أكمله في المرة الثانية و عندي مخطوطة منه.
وصل القطيف، و منها ذهب إلي مركز اللواء.
من آل عبد الجليل بك أمير الحلة. توفي يوم الجمعة 17 ربيع الآخر سنة 1303 ه كانت له المكانة المقبولة و أسرته معروفة، كتبت عنها في كتاب المعاهد الخيرية.. كان من أعيان بغداد، و من ذوي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 95
البيوت، ينفق علي العلماء، و علي الفقراء. و من جراء سخائه، و بالرغم من كثرة أملاكه مات مدينا. رأينا من أبنائه ماجد بك و مزاحم بك و من أحفاده الأستاذ عبد اللّه مظفر و أولاد مزاحم بك و ماجد بك، و آخرين.
و هو ثامر باشا، حفيد أمير المنتفق ناصر باشا، اغتاله في بغداد رجل يقال له صالح أطلق عليه طلقة فقتله. و ألقي القبض علي القاتل.
هي من تأسيس المشير رشيد باشا الگوزلگي و يقال لها (الوزيرية) و في هذه السنة صار يمر الماء إليها من جدول الخالص الغربي (التحويلة).
أنشي ء، و تم في 27 جمادي الآخرة سنة 1303 ه.
توفي في 18 ذي القعدة سنة 1303 ه و هو أصيل، نجيب، شريف مع حسن الخلق و زيادة الشجاعة و البسالة. شيع نعشه باحترامات لازمة من الوالي تقي الدين باشا و المشير هدايت باشا و أعيان البلدة و أركانها، و دفن في جامع الشيخ عبد القادر الگيلاني. و مرت بنا حوادثه في المنتفق و القضاء علي إمارتها و ما وقع قبل ذلك و بعده. و له من الأولاد:
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 96
1- سليمان بك. و توفي في البصرة سنة 1321 ه.
2- عبد اللّه بك قتل هو و ابنه في حرب ابن رشيد سنة 1319 ه.
3- سعدون بك ثم صار (باشا). و هو والد عجمي باشا السعدون.
4- عمر بك.
5- حامد بك.
6- عبد الرحمن بك.
7- عبد العزيز بك.
صاروا ينهبون و يسلبون في أنحاء خانقين و رئيسهم جوامير أو (چوكل)، و هذا لقّبته إيران ب (جوان مردخان).
أسسها الشيخ عبد الرحمن الطالباني و هي تكية منسوبة إلي الطريقة القادرية. أصابها الخراب، فعمرها ابنه الشيخ علي المقيم في تكية كركوك العائدة لهم أيضا، و يتولي إرشادها. و يجري في كل ليلة جمعة، (حلقة ذكر) و يتجمع فيها كثيرون و يخشي عليهم من تضعضع البناء الأمر الذي دعا إلي تعميرها بنظارة محمود حلمي من مميزي محاسبة الولاية.
مشير الفيلق السادس هدايت باشا نقل إلي الفيلق الرابع، و نصب مكانه نافذ باشا مشير الفيلق الرابع. و ذكرت له الزوراء أعمالا جليلة في
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 97
إصلاح الجندية في العراق. و ناب عنه شعبان باشا بالوكالة و هو فريق مشهور.
جري في هذه السنة من طريق كربلاء- الجبل- (جبل شمر).
خرج نجم الدين (نائب الباب) نائب القاضي من بيته فضرب بخنجر، فمات. و كان في محلة الفضل و ذلك في 13 ربيع الأول و كان منذ ثلاثين سنة (كذا) رئيس كتاب الشرعية. و الشائعات في قتله كثيرة.
و رثاه جميل صدقي بقصيدة.
و في مجموعة الأستاذ محمد درويش كاتب أول المحكمة الشرعية سابقا: أنه قتل العالم الفاضل و الرجل الكامل كاتب نائب المحكمة الشرعية في بغداد نجم الدين في ضحوة نهار الثلاثاء حادي عشر ربيع الأول سنة 1304 و قاتله مصطفي الكاتب في المحكمة المذكورة و كان مأمور صندوق الأيتام.
صدر الفرمان بقتل القاتل. و كان قتله علي مشهد من الناس الذين ينيفون علي عشرة آلاف نسمة. فمن الازدحام ملأوا الجوامع و الأسواق و القهاوي و سطوحها، فهبط سطح السوق الصغير المتصل بجامع الميدان (جامع الأحمدية)، و كان تحته خلق كثير و بعضهم نجوا، و بقي البعض الآخر تحت الأنقاض و بهمة العساكر النظامية و الشرطة أنقذوا من بقي تحت الأنقاض إلا يهودي شيخ هلك، و كذا امرأة مسلمة و كان قد قطع رأسه طه بن ناعور من محلة العوينة في بغداد يوم السبت 19 جمادي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 98
الآخرة سنة 1305 ه. هذا و صورة الفرمان في مجموعة المرحوم محمد درويش و مؤداه: إن الأمر الشاهاني صدر إلي الوالي و المشير في بغداد مصطفي عاصم باشا الوزير المعروف كما خوطب به نائب قضاء بغداد و مفتيه و أعضاء المجلس مبينا أنه لما كان قد ثبت جرم القتل من مصطفي مدير صندوق الأيتام لنائب الباب نجم الدين و ثبت عن محاكمة، و تحقق للشرع الأنور
و عرض علي الذات الشاهانية، و لم يعف ورثة المقتول فطلب إلي المذكورين تنفيذ أحكام الشرع. و من ثم و بعد صدور الفرمان اقتص منه بمحضر المذكورين و كان الفرمان مؤرخا في 12 شهر رمضان سنة 1305 ه.
و كان قتل نجم الدين أحدث ضجة في بغداد، و كان المرحوم الأستاذ محمد فيضي الزهاوي المفتي جاء إلي محل الفاتحة فقال عند دخوله:
يا له من نجم سعد أفلا أفلا نبكي عليه أفلا؟
و كان المفتي الزهاوي معترفا بقدرته الفقهية حينما كان قاضيا بالوكالة، فتأثر الحاضرون، و لم يبق أحد لم يبك عليه.
و الملحوظ أنه كان قبله (يوسف يعقوب) و يسمي هؤلاء الكتّاب باسم (نائب). و لما تقاعد خلفه نجم الدين النائب رئيس الكتاب، ثم صار يلقب معاون القاضي ب (المشاور). و من ذرية يوسف يعقوب الأستاذ المحامي السيد يوسف بن عبد الحق بن محمد أمين بن يوسف المذكور و هو من أهل بروسة. و في أيام الاحتلال أحرقت خزانته خوفا من تفتيش دارهم. هذا ما علمته من المحامي الموما إليه.
وجهت إليه الرتبة الثالثة في 20 ربيع الأول سنة 1304 ه. و كان
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 99
الأستاذ سليمان فائق بك مع ولديه الكبير مراد و الصغير خالد
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 100
عضو محكمة التجارة ببغداد و أصله من كويسنجق من ذوي البيوت. أقام في بغداد مدة، و هو والد التاجر المعروف محمد طيب.
في 21 رجب سنة 1304 ه الموافق يوم الجمعة ليلا المصادف 15 نيسان سنة 1887 م انهار قسم من طاق كسري، و سمع له صوت مريع.
بناء علي استقالته وجهت ولاية بغداد إلي رفعت باشا بالوكالة حتي يأتي الوالي الجديد.
و تقي الدين باشا من أكابر رجال الدولة و أقدم وزرائها، و هو من الصادقين لها. كان عالي القدر، حسن التدبير، صائب الرأي عارفا بمهمام الأمور، مطلعا علي خفايا الأشغال، و غوامض الأحوال. حلب الدهر أشطره. و هو جميل المناقب، محلّي بالعلم، و التقوي و المكرمات. زاول أعمال الدولة نحو 40 سنة. و مدة ولايته ببغداد تزيد علي 6 سنوات من سنة 1298 ه- 1881 م قام بخدمات نافعة. و أهل البلد يلهجون بذكره، و يبتهجون بأيامه.
و في أيام الولاة السابقين شغلت قضية المنتفق الأفكار، و اضطرب لها الأهلون. فانتصر علي هذه الإمارة و قضي عليها في أواخر صيف سنة 1298 ه- 1881 م، و كان المنتفق يبلغون نحو 50 أو 60 ألفا، فشتت شملهم، و أخمد الثورة، فخلص لواء المنتفق للدولة.
و هكذا قضي علي ما حدث في العمارة من اضطراب. و أجريت
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 101
في أيامه تعميرات مهمة.. و عطف نظره علي الوزيرية فأحياها بعد أن أصابها الخراب، و أنشأ الجسور، و نظم الطرق. و أكثر من مراكز الشرطة، مراعيا حالة المارين. و فتح نهر الحميدية في قضاء الحي و أنهار و مقاطعات أخري عديدة.. و كذا أصلح المحل المسمي (بالعوينة) في نفس بغداد. (لا تزال علي خرابها إلي أيامنا). و عمر معاهد عديدة.
قالت ذلك الزوراء وزادت:
ذلك ما دعا أن يسخط الأهلون لقبول استقالته، فطلبوا برقيا إعادته. و لا تزال المجالس
تلهج بذكره إلي وقت قريب منا. و هذا الوالي مشتهر بالعلم و الفضل، و صاحب ضمير وقّاد. و كان موصوفا بشدة الذكاء، و هو شيخ جليل.
و كان مدحه الأستاذ جميل الزهاوي بقصيدة عربية و هي أول قصيدة نظمها الأستاذ، ذكرتها في التاريخ الأدبي. و كان عمره (15 سنة أو 16 سنة) كما مدحه آخرون.
كان يقيم في بغداد أيام ولايته في (قصر النجيبية) و هو المستشفي الملكي المعروف اليوم. و هذا القصر أنشي ء للمرحوم ناصر الدين شاه أثناء سياحته في بغداد، و في أيام مصطفي عاصم باشا اتخذ مستشفي للبلدية، و جعل (مستشفي الغرباء) في الكرخ مدرسة لدار المعلمين الابتدائية.
و في أيام هذا الوزير كان القائد للفيلق السادس المشير هدايت باشا و هو صاحب همة خارقة و حمية فائقة. كما أنه جري في أيامه تعديل في الوزن، و (عيار التقي) لا يزال معروفا و هو من وضعه. و (من
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 102
التقي) 5/ 12 حقة استنبول، و هي تساوي 1228 غراما، و أما الوزنة البغدادية فتعتبر 96 كيلو، فجعلت 100 كيلو، و هذه الوزنة تساوي 78 حقة استنبول فجبرت إلي 80 حقة..
ثم أحيل إلي التقاعد و خرج من بغداد في 4 رجب سنة 1304 ه (29 آذار سنة 1887 م) و ذهب إلي استنبول من طريق حلب و وافاه الأجل المحتوم في 10 شهر رمضان سنة 1310 ه و كان عالما شاعرا و كاتبا إلا أنه كان موصوفا بالبطش، و معروفا بالثراء.
و كان من أهل (كليس) و نشأته علمية و أسرته (آل المدرس) معروفة في حلب و برزت رغبته في الإدارة و جربته الدولة في عدة مناصب.
1- انقطاع المطر.
2- الجراد.
3- الثلج
(الوفر). سقط في بغداد و اشتد البرد.
4- نصب صالح باشا متصرفا لنجد.
والي بغداد الجديد: كانت الولاية قد عهدت إلي رفعت باشا والي (آيدين) السابق إلا أنه قبل سفره إلي بغداد تغيّر أمر تعيينه، فصار والي (اشقودرة) الحاج مصطفي عاصم باشا واليا لبغداد. و كان الناس يرقبون مجيئه و أخبرت الزوراء بقدومه. و في سلخ جمادي الثانية صباحا قرأ فرمانه مكتوبي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 103
الولاية صادق أفندي بمحضر من الوالي و من ذي الدولة نافذ باشا مشير الفيلق السادس مع أركان الجيش و الأمراء و الأعيان، و قرأ فضيلة المفتي الدعاء باللغة العربية.
و في 14 رجب ذهب الوالي للنظر في عمليات سدة الهندية و أناب منابه فضيلة نائب بغداد عمر فهمي.
و إثر ورود الوالي و قيامه بما عهد إليه أنعم عليه السلطان بوسام مرصع عثماني و مدالية ذهبية و أضيف إلي راتبه ثمانية آلاف قرش.
هذا، و لم نتمكن أن نقف علي أحوال هؤلاء الولاة بأكثر مما هو مدوّن في الصحف الرسمية و الدولة كانت متكتمة، فالاستزادة ضرورية من مصادر لم تكن معروفة أو من إلهام الحوادث. و ذكر الأستاذ محمود الشاوي في تاريخه أن غالب هؤلاء لم يقع في أيامهم ما يستحق التدوين.
كانوا منذ مائة سنة لا همّ لهم إلا السلب و النهب. عزمت الدولة مرارا علي التنكيل بهم، فلم تتمكن، لأنهم لم يستقروا في مكان و كلما ضيقت الدولة الخناق عليهم مالوا إلي إيران. و في هذه الأيام عاثوا في أنحاء بازيان و قراداغ. و عيّن القائد محمد فاضل باشا الداغستاني إلي أنحاء خانقين و تعاونت إيران مع الدولة فأرسلت حسام الملك أمير التومان حاكم كرمانشاه فضيقوا الخناق علي رئيسهم جوامير. و من فرقهم (سيته بسر) كان رئيسهم عزيز كاكي و رئيس
رشوند محمود حاجي خان، فقد نكل بهم. و قضت علي الكثير من أكابر رجالهم. و كان شرهم مستطيرا، ففي سنة 1298 ه، و 1301 ه تكررت وقائعهم. نهبوا زوّار
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 104
إيران، و سلبوا البريد قرب المنصورية (دلّي عباس)، و كانت أعمالهم أمثال هذه لا تحصي.
ثم قدم بعض رؤسائهم محمود خضر و جماعته الدخالة لصاحب الدولة إسماعيل باشا مرافق السلطان و كان من المشيرين المأمورين بالإصلاح في كركوك، فسلموا أسلحتهم و أنفسهم. و توفي محمود خضر في الموصل في نحو سنة 1923 م، و قال عنه الأستاذ محمود الملاح: كان قائدا للجندرمة في الموصل، و كان جميل الخلقة مهذبا لا يشبه الأشقياء و وقعت مصاهرة بينه و بين آل توحلة من أغوات الموصل، و كان موقفه حميدا إثر قتل الشيخ سعيد فقد توقع الناس منه شرا فلم يقع منه شي ء. و منهم حمه مام سليمان و عزيز حيدر، و فقي قادر. و الشيخ خسرو و ولداه و أخوه أحمد.
و كان القائد محمد فاضل باشا قد ألقي القبض علي أحد رؤسائهم (حمه مام سليمان) في أنحاء خانقين، و أنعم عليه بفرس و بندقية و أسكنه في خيمته و قام بضيافته و في إحدي الليالي اغتنم فرصة و هرب فرسه و بندقيته.
و لما علم القائد بهروبه تبعه حتي تقرب منه فقال له (حمه مام) إن كنت رجلا فقف أمامي دون أن يحميك الجيش. فوافق القائد و تبدالا إطلاق الرصاص فرماه بطلقة أسقطت عمامته و هرب و تبعه القائد بفرسه و لم يتركه حتي سلّم نفسه في مقر الحكومة في كركوك. و عندئذ عاتبه علي حسن ضيافته و إكرامه له فأجابه قائلا: ماذا يأمل
القائد من (حمه مام) بعد أن ملك بندقية و فرسا؟!. و قال غازي باشا الداغستاني ابن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 105
القائد المومي إليه أنه سافر مع عائلته إلي كركوك، و لما استشهد والده في حرب الكوت و في أثناء عودتهم إلي بغداد قام أولاد (حمه مام) بحراستهم و محافظتهم وفاء بحقوق القائد المشار إليه مما يدل علي شهامتهم.
1- تعمير مرقد الزبير و طلحة و أنس بن مالك (رض).
2- تعمير مرقد الشيخ أحمد الرفاعي.
3- بناء جامع شطرة العمارة.
4- خزانة كتب السيد نعمان خير الدين الآلوسي. وقف ألف كتاب من كتبه النفيسة النادرة لهذه الخزانة.
5- ورد السيد سلمان نقيب أشراف بغداد من استنبول يوم الثلاثاء 6 شوال سنة 1304 ه و استقبل استقبالا رسميا كما أن أخاه السيد عبد الرحمن و سائر إخوته و أقاربه استقبلوه من مسافة عدة أيام.
6- سدة الكنعانية. بقرب الصقلاوية قد تضعضعت من شدة الفيضان فذهب الوالي لمشاهدتها بنفسه.
7- ورد بغداد أمير شمر فرحان باشا.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 106
فوصل في 13 ربيع أول سنة 1305 ه.
و ذهب جماعة بينهم الوالي و الأمراء و الأعيان لتوديعه. و أودعت القيادة بالوكالة إلي قائد الرديف الفريق شعبان باشا.
و لعل تبديل الوالي كان معطوفا إلي هذا السبب.
و هو مهندس الطرق و المعابر في نظارة النافعة. و ذلك بأمل إنشاء سدّها.
ثم ذهب مع الوالي لكشف المحل و أنيب عن الوالي نائب بغداد عمر فهمي، و عاد المهندس في 19 جمادي الأولي.
توفي يوم الاثنين في 8 ربيع الثاني سنة 1305 ه- 21 كانون الأول سنة 1887 م في الكاظمية و دفن في داره بمحلة القطانة بوصية منه، فتم دفنه في داره حسب منطوق وصيته المكتوبة بخط يده في 9 ربيع الأول سنة 1300 ه يوم الخميس في گرارة. و سجلها في السفارة البريطانية باستنبول، و أوصي أن يقوم بها رئيس الخدام الوكيل بعده أبو الحسن القندهاري و أولاده خضر و عباس، و محمد حسين و هذا مات قبل أن يصير وصيا، و توفي أبو الحسن القندهاري بعد إقبال الدولة بمدة قليلة. فصار الأوصياء بعده:
1- خضر بن أبي الحسن القندهاري. توفي سنة 1913 م.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 107
2- عباس بن أبي الحسن. توفي سنة 1935 م.
3- آغا علي بن خضر بن أبي الحسن القندهاري، توفي سنة 1928 م و آلت الوصاية إلي ابنه آغا محمد.
4- محمد جواد بن خضر.
و تتضمن الوصية أن يقوم أبو الحسن القندهاري و خضر و إخوته و ولده نسلا بعد نسل بأمور داره و خدمة قبره بشرط أن يكون عاقلا قابلا، كاملا و لائقا فائقا، تبقي هذه الخدمة في عقبه من سلالة أبي الحسن ممن هو قادر علي القيام بهذا العمل بصورة صحيحة و كاملة إلي النهاية. و جعل القنصل البريطاني ببغداد وكيلا و وصيا و ناظرا من بعده، إلا أنه رفض ذلك لانشغاله بمهامه الرسمية. و أن يكون الناظر النواب ميرزا محمد حسين خان المدراسي
الأركاتي ليقوم بأعماله باتفاق مع الأوصياء، لا بنفاق. و هذا عزل ثم أعيد، و صار وصيا أيضا آغا محمد جواد و توفي، و يقال إن للوصي القندهاري قربي بعيدة بإقبال الدولة إلا أنه كان يكتمها.
و هذا الأمير إقبال الدولة من أمراء الهند، و يسمي (النواب سر إقبال الدولة) ابن النواب شمس الدين حيدر ابن سعادة علي خان، و هم ملوك بنارس و كان ابن عمه (واجد علي شاه) ملكا علي العاصمة (لكناهور)، و القطر التابع لها. فحارب (واجد علي شاه) الإنكليز فانتصروا عليه، و اعتقلوه في كلكتا، و أعطوه أربعة ألكاك روبية شهريا (30000 دينار)، و أخرجوا إقبال الدولة حذرا من أن يفسد عليهم أمرهم أو يولد زعازع و يحرض علي القيام.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 108
و كان قد تزوج بنت ملك مليبار و هو (تيپو سلطان) المشهور بحرب الإنكليز مدة طويلة، و ولد له منها جلال الدين ميرزا و توفي عن 14 سنة و دفن في روضة الكاظمية، و مقبرته معلومة. و كان قد تمكن إقبال الدولة في العراق، و سكن بغداد سنة 1251 ه. و قدم إعانة للدولة أيام حرب روسية ألف ليرة عثمانية.
وإقبال الدولة من أكابر الرجال و أديب فاضل معروف، و شهرته كبيرة، و لا يخلو من اتصال بأدباء العرب و علمائهم، فهو متمكن في الأدبين إلا أن الأدب الإيراني غالب عليه، و إن كان يتلذذ بهما.. و من أصدقائه الملازمين له دوما الأستاذ عبد الباقي العمري، و الأستاذ أبو الثناء محمود الآلوسي و بيته مجمع رجال الأدب و كل واحد من أدبائنا تظهر قدرته و تعرف مزاياه بما يقدمه. تكامل تهذيبه في تجولاته و تنقلاته من الهند إلي
العراق، و الحجاز، ثم الإقامة ببغداد، و بعد ذلك كانت رحلاته إلي استنبول و أوروبا للحضور في المعارض، و زيارة المتاحف فكانت من أجل ما انتفع منه. و لا ريب أن ذلك يؤدي حتما إلي تهذيب و نضج و انتباه لا مزيد عليه. و كانت سياحته الأولي بصحبة الأستاذ أبي الثناء الآلوسي سنة 1267 ه كما جاء في غرائب الاغتراب. و كانت سياحته الثانية إلي باريس و بعض عواصم أوروبا، و بعودته إلي استنبول زار السلطان عبد الحميد الثاني، و حصل علي الوسام المجيدي من الرتبة الأولي، كان خروجه من بغداد في 5 رجب سنة 1295 ه ذهب من طريق ديار بكر، و عاد منها إلي الموصل فوصل إلي بغداد، يوم الأحد 23 رجب سنة 1296 ه.
و كان قد ورد بغداد سنة 1250 ه، و كتب رحلته إلي الحجاز في
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 109
سنة 1251 ه و هي مملوءة من الهزل و اللطائف الكثيرة البديعة. عاش بعدها مدة طويلة قضي غالبها في العراق، و له احترام زائد في نفوس الأهلين، و مكانة مقبولة من الجميع، و بيته مجمع الأدباء. و نوادره و أقواله و لطائفه لا تحصي، يحفظ البغداديون الكثير منها. و تتداولها الألسن، و من المؤسف أنها لم تدوّن، و قد حصلت علي رحلته المذكورة و لعلها كتبت بأمر منه. و ذكر الأستاذ يعقوب سركيس مكاتبات بينه و بين والده نعوم سركيس، محفوظة لديه و فيها من الأدب المفضوح ما يمنع من نشرها و لا تخلو من لطيفة دقيقة، فهو هزلي لما يترك الهزل حتي أواخر أيامه.
و كل ما يقال إنه لا يضيع اللطيفة و لو في أحرج المواقف. و كان
قصره و بستانه في گرارة (قرارة)، ثم بيع إلي سماحة السيد إبراهيم سيف الدين الگيلاني نقيب أشراف بغداد بمبلغ ثمانية آلاف ليرة ذهبا.
و هنا لا نمضي حتي ندوّن بعض ما قيل فيه فقد جاء في (سياحت ژورنالي) ما ترجمته:
«كان من أمراء الهند المشاهير، هاجر إلي بغداد منذ نحو 50 سنة، فاختار الإقامة فيها، فكان من تفرعات سياحتي إلي بغداد مشاهدتي له، فقد ذهبت إلي داره بجوار الباب الشرقي علي ساحل دجلة صحبة متصرف المركز ناظم بك، و الدفتري حسن رضا أفندي، فواجهته و التقيت به، و كان شيخا تجاوز السبعين من عمره و لا يزال قوي الفكرة، حسن الصحبة جيدا، يتكلم باللطائف. و لا تحدّ ثروته، أو لا يمكن إحصاؤها من النقود و المجوهرات مل ء الصناديق. و له في مصرف إنكلترة مبلغ 25 مليون ليرة و لكن بخله و إقتاره مشهور فلا يعرف أنه أنفق دراهم
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 110
في وجوه البر و الخير لأهل بغداد التي اتخذها وطنا ثانيا له منذ 50 سنة في حين أنه من جراء أملاكه الكثيرة يصرف جزافا لوكلاء الدعاوي و يعطي بلا حساب للمحامين و غيرهم مبالغ كثيرة و يقدم هدايا في سبيل ذلك مما لم يمنع منها بخله البالغ حده، فقد وقع أن صرف فيما لا يعني و لأمر تافه، نحو 300 ليرة أو 500، و إن داره مملوءة بجوار عديدة، فلا تخرج واحدة منهن إلي خارج البيت، و لا تتصل بالأسر الأخري و لا بنساء الآخرين، أو تتعرف لهن و لا تخرج واحدة منهن إلي الأزقة، توفي بلا وارث و أنا في بغداد، و لما كان من تبعة الدولة الإنكليزية وضعت القنصلية البريطانية يدها
علي تركته».
و لا شك أن هذه الرحلة عينت أوضاعه و أن صاحبها ورد بغداد في 5 تشرين الأول سنة 1301 رومية و ما قاله لا يخلو من مبالغة نوعا، و لا ينكر أنه شارك في إعانات عديدة. و صاحب هذه السياحة شاهده في آخر أيامه، و أشار إلي قوة نشاط و هزل في جدّ و أدب جمّ إلي آخر ما هنالك، فهو مشهور في مجالسه مرغوب في صحبته، مقبول في رفاقته..
و ذكره الأستاذ أبو الثناء الآلوسي فقال:
«و اتفق أن رافقنا في المسير، غنيا عن رفاقه مأمور و أمير، شامة و جنة الأحباب، حضرة (إقبال) الدولة الشهير (بالنواب) و هو رجل من ملوك الهند سكن العراق، و وافقه صباه و جنوبه غاية الوفاق، و عرف الناس و عرفوه، و ألف الأخيار و ألفوه، حيث كان ذا خلق أرق من دمعة الصب، و طبع ألطف من وابل غيث غب الجدب، و له مع الأحبة منهاج، لا تجد له و لو تتبعت من هاج، و مزاج غير أجاج، هو لمدام الأنس خير مزاج، مع عراقة أصل، و رجاحة عقل، و كمال فضل، يحب
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 111
بشراشره العترة الطاهرة، و ليس له رأس مال سوي ذلك في الآخرة، و لا يقبل منقولا، ما لم يكن لديه معقولا، و له نظم في الفارسية الدريّة رائق، و نثر كالنجوم الدرية فائق، و الذي أوجب سفره، حب رؤية سوق لم يسبق مثله أحدث في لوندرة، و من عادته حبّ رؤية الغرائب، و لو صرف لأجلها جل الرغائب، علي أن ما صرف، و لو بلغ حدّ السرف، قل من جل، و غيض من فيض، فقد يسر اللّه تعالي له
تجارة رابحة، و آتاه مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ [سورة القصص، الآية: 76]، فليس عليه لأحد سوي اللّه تعالي منّة، و لا يري محنة، تعالج بمراهم الدراهم محنة، و لقد آنسنا برفاقته، لغاية لطفه و نجابته، لا زال يسرح في رياض النعم، محفوظا من كل ألم، بحرمة النبي صلي اللّه عليه و سلم» اه.
و زاد المرحوم الأستاذ السيد أحمد شاكر ابن المؤلف و والد الأستاذ المرحوم السيد محمد درويش الآلوسي في الهامش قوله:
«و قد عمر هذا الرجل عمرا طويلا، يقال إنه تجاوز مائة سنة، و توفي في أوائل ربيع الثاني سنة 1305 ه، و دفن في داره في قصبة الإمام موسي الكاظم رضي اللّه تعالي عنه، و كان ذا ثروة عظيمة، ترك شيئا كثيرا من العقار و الأموال و النقود، و لم يعقب ولدا، و ورثه بعض أقاربه و ذوي أرحامه». اه.
في 2 شعبان سنة 1305 ه (14 نيسان سنة 1888 م) سقط برد و لكنه لم يضر بأحد.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 112
تدخل الوالي في أمر الأوقاف القادرية، و أراد الوقيعة بالسيد سليمان النقيب. و ناصر الأسرة كتّاب أفاضل مثل عبد الحميد الشاوي قدم شكاوي بقلمه، فشنّع علي الوالي.
و أشهر الحوادث الأخري:
1- الفيضان في دجلة و الفرات.
2- زوابع شديدة.
3- ظهور الجراد.
4- احتفالات بجلوس السلطان و ولادته، أو ولادات أبناء السلطنة.
5- استقبال الولاة، و الاحتفال بهم، و قراءة فرامينهم. و هذه أمور معتادة، تقع دائما، أو تتكرر أو تحدث لأزمنة وقتية.
6- الدفنية في المشاهد: كربلاء، و النجف.
7- توسيع البريد. و إعلان ذلك بين حين و آخر.
8- تطبيق نظام الجدري علي الموظفين.
9- السباق في 10 شعبان سنة 1306 ه.
انقضت المدة النظامية فاختير من حصل أكثر الآراء:
عبد الرزاق شيخ قادر. لا تزال أسرتهم معروفة.
مصطفي بن عبد الغني آل جميل.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 113
عبد القادر باشا ابن الحاج عبد الرزاق چلبي الخضيري من آل سبهان من قبائل شمر و هو تاجر و ملاك و حصل علي رتبة (باشا) أي (مير ميران) في 21 ذي الحجة 1318 ه، و علي و سام (شير و خورشيد) من مظفر الدين شاه إيران سنة 1318 ه و صدرت الإرادة السنية بحمله في 5 محرم 1320 ه و أوسمة أخري. و توفي يوم 13 شوال سنة 1341 ه.
والد الصديق علي صائب الخضيري.
محمد بك الربيعي ابن مصطفي بك ابن علي بك ابن عبد اللّه بك ابن محمد أفندي ابن علي باشا الشهير بقدوم ابن محمد الطيار باشا.
يوسف شنطوب اليهودي. هو والد مير شنطوب و عم حسقيل شنطوب.
بدروس الأرمني.
السيد سعيد أفندي قائممقام نقيب الأشراف قد استعفي، فخلفه ولده السيد رجب. والد طالب باشا النقيب.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 114
ظهرت الهيضة، و فرّ أكثر الأهلين لا سيما اليهود و أكابر البلد إلي القري، و استمر المرض ثلاثين يوما، ثم أخذ بالتناقص. و بلغ مقدار الوفيات كل يوم ما ينوف علي مائة و ثلاثين نسمة و غلقت الأسواق و لم يبق إلا بعض الدكاكين.
هذه أكبر أمرها الأجانب الذين لا شأن لهم إلا التنديد بأعمال الدولة و ذمّ ولاتها. و في بادي ء أمرها كانت مسألة تافهة لا تستحق الرعاية و الاهتمام. كنت رأيت في مجموعة الأستاذ محمد أمين العمري أن الحاخام أخرجت جثته قبل خروج مصطفي عاصم باشا بليلة واحدة أي يوم 17 ربيع الآخر سنة 1307 ه. قال:
توفي حاخام باشي (رئيس الحاخامين) بهذه العلة (الهيضة)، و خرج اليهود ليلا بجثته، و دفنوه في كنيس النبي يوشع (ع) و ذلك خلاف أمر الوالي مصطفي عاصم باشا و في تلك الليلة وقعت منازعات بين اليهود و بين مأموري البلدية و ضربوا رئيس البلدية عبد اللّه الزيبق و شتموه و ذلك بمساعدة سعيد آغا أمير اللواء (الآي بگي) و كسروا باب تربة النبي يوشع و دفنوا الحاخام. ثم إن الوالي لم يرض بهذه الحالات و أدب اليهود و سجن من تجاسر علي هذه الأفعال و استحصل أمرا من السلطان عبد الحميد بإخراج جثة اليهودي فأخرجت ليلا و دفنت في مقابر اليهود و صادف عزل الوالي قبل ورود هذا الأمر بيومين. و تحول الوالي إلي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 115
ولاية أطنة (أذنة) و قبل أن يصل إليها صار والي الشام. و نصب وكيلا عنه المشير توفيق باشا.
و هذا أضيف إلي المجموعة من جانب ابن أخيه محمد كامل بن محمد طاهر بن يوسف العمري. و تحققت من
مراجع أخري أنه توفي الحاخام عبد اللّه أبراهام سوميخ في أيلول سنة 1889 م في يوم الجمعة ليلة السبت، فتأخر دفنه إلي يوم الأحد. و كان في هذا الموسم هيضة (قوليرا). و كان له موقع ممتاز بين أبناء طائفته، و محترم الجانب، و له تدريس في (مدارش بيت زلخة)، و تآليفه لا تتجاوز الأمور الدينية، و له فضل و تقوي، و أسرته (آل سوميخ) قديمة فاستأذن اليهود من الوالي أن يدفن في (تربة النبي يوشع (ع) و كان المفهوم أن يدفن في مقبرة اليهود خارج تربة النبي يوشع، فأجري له الاحتفال، و جلب الأنظار أكثر.
و كان بعض اليهود المتهوسين ينوون أن يدفن في تربة النبي يوشع داخل المرقد، فعارض السادن (الكليدار)، و أن اليهود لم يقفوا عند حدود ذلك بل إن (إلياهو سموحة الصائغ)، و معه بعض الحاخامين أصروا علي دفنه داخل المرقد، فأدخلوه و دفنوه، فحدثت بين أقارب الكليدار و اليهود مناوشة، فتدخلت الشرطة.
و زاد في الطين بلّة أن زوجة (عاشير سالم) دفنت في اليوم الثاني داخل سور المرقد، فتجددت المشادة، فأدت إلي شكاوي بينهما، و صارت موضوع بحث في استنبول، و توصل اليهود إلي أن تتدخل أم السلطان في الأمر، و كثرت المطالبات من اليهود.
و بعد ثلاثة أشهر أخرج الحاخام من مدفنه ليلا و نقل إلي مقابر اليهود في الجانب الشرقي من بغداد حذرا من تدخل الناس و توتر الحالة. و هي بسيطة، و من السهل تدارك أمرها، و كان في مقدمة اليهود (يهودا زلوف)، و (شاؤول داود) و كان هذا كاتب الحاخامية و هو
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 116
المحامي شاؤول داود، و كانا يحسنان التركية فشاغبوا كثيرا و ساعدهم القائد
و كان يوصي كاتبه تحسين بك بمساعدة اليهود و كان يتصل بالمعلم نسيم. و عكروا بساطة القضية. و أبدي بعض الحاخامين زيادة في التعنّد.
فأوصلوا خبرها إلي الغرب الذي يترقب مثل هذه الأمور، فتدخل فيها بعض اليهود في فرانسة و كأنها من أمهات المسائل.
و جل ما هنالك أن الأنبياء محترمون عند المسلمين و أهل الأديان الأخري فلا يمكن أن يدفن في مراقدهم من سائر الناس، و أن الوالي أذن أن يدفن في مقبرة اليهود، فتولدت المشادة.
أصدر الوالي أمره بتوقيف رئيس الحاخامين اليشاع و رفقائه من هيئة المجلس الجسماني بينهم يوسف شنطوب و صالح كاشي.. ذلك ما وسع نطاق المسألة، و لكن الطائفة لم تستطع أن تبري ء ساحتها من مخالفة الأوامر في الدفن إلا أنها ادعت أن المسبب كان من الرعاع المتهور.
أنهيت القضية بعزل الوالي، و نقله إلي (أطنة)، و بعد ذلك نقل القائد توفيق باشا و حبس المتسبّبون سنة، و سمحت الحكومة أن يكون محل السجن الكنيسة الإسرائيلية لأنهم روحانيون، و يكتفي بتوقيف الوجوه ثلاثة أشهر، هذا ما علمته من بعض اليهود العارفين. و عرفت الدولة خفايا القضية، و ما كان يجري وراء الستار من المشادة بين الوالي و القاضي.
لسدة الهندية، و تطهير دجلة و الفرات. موسيو (پول شندرفر) مهندس الطرق و المصالح، و معاونه (تيودور دروان).
لجميل صدقي الزهاوي قصيدة في جسر قرارة. منها:
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 117
من ذاك جسر قد تمدّ د فوق دجلة بالمهاره
في قرب بغداد بمع برة يقال لها قراره
جمع المتانة و الصيا نة و الرزانة و النضاره
أنشاه عاصم الذي، تزهو بطلعته الوزاره
و قال تاريخه:
إذ تمّ قلت مؤرخا جسر تمدد في قراره
1307 ه
و للأستاذ سليمان البستاني من أدباء بيروت، مقطوعة فيه، و كان مقيما في بغداد. و بعد مدة قليلة تخرب فلم يتقن عمله و كان صرف عليه مبلغ 1600 ليرة.
ذكر لي الفاضل المرحوم عبد المجيد بك القائممقام المتقاعد أن مصطفي عاصم باشا كان نزيها، و من الأخيار جاء برتبة مشير و هو فعال جدا، و له مقدرة، أحسن إدارة بغداد، و كانت داره في شريعة الميدان في الدار المجاورة للقنصلية الإيرانية اليوم تجاه المدرسة الإعدادية. فارق بغداد يوم الخميس 18 ربيع الآخر سنة 1307 ه، فذهب لتوديعه الأعيان و الأمراء. و توفي في 8 ربيع الآخر سنة 1309 ه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 118
السيد سلمان نقيب أشراف بغداد
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 119
نال المنصب الوالي سري باشا في 29 ربيع الأول سنة 1307 ه و كان والي (أطنة) و قدم بغداد في 20 جمادي الأولي و أجريت المراسيم المعتادة. من الأمراء و الأعيان، فهنأوه. ثم ورد إليه منشور الوزارة يوم 25 منه فقري ء بمراسمه المعتادة.
و هذا خطابه مترجما عن التركية:
«أيها السادة!
بشري لكم بالفوز العظيم.
إن اللّه تعالي تفضل عليكم فجعل لكم ظل العدل، و الإحسان الظليل من حضرة أمير المؤمنين فتشكروا، ثم لتشكروا اللّه لما أنالكم هذه النعمة. و اعلموا أن كل ما أمر به أمير المؤمنين فهو واجب الامتثال و دليل سبل الرشد و الهدي. و بالطاعة صلاح الدين و الدنيا.
و اعلموا أن ذلك وارث الملك، و متبوع كافة العثمانيين، و إمامهم المقدس. و هو الذي منّ علي عبده هذا. لولايتكم لطفا منه و عناية.
فأرجو اللّه أن يوفقني لإدامة هذا اللطف و النظر.
و اعلموا أن الوالي هو المتحمل أعباء الأهلين، و لا شك أنه حمل ثقيل، و أرجو من اللّه أن يخفف ذلك عنّي.
ثم اعلموا أن الولاية العلية أمانة، و اللّه الذي أودعنا هذه الأمانة قادر أن يخلق أسباب
حفظها و صيانتها.
منع الأذي، و حفظ الراحة، و تعمير البلاد، و ترفيه العباد كلها من الوظائف الأصلية المتفرعة من تلك الولاية. و هذه أيضا وظيفة كبيرة خطيرة و مشكلة، لكن لي ثلاثة مستندات كبار و هي اللّه و رسوله و سلطانه.
و آمل في طاعتي للأوامر الإلهية و متابعتي للسنة النبوية، و حرمتي لآل
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 120
النبوة، و صداقتي للمليك يسهل بهن كل صعوبة بلطف منه تعالي و كرم.
و التوفيق الإلهي معاضد الهمة و الخلوص إليه تعالي.
و الشريعة المطهرة هي حبل اللّه المتين، و كانت و لا تزال مدار اعتصامنا حالا و استقبالا. و القانون لا ينحرف عن الشرع. و هما ميزان الاعتدال. و ما دمتم ملازمين للصلاح، فلكم أن تأملوا من عمّالكم خيرا، و إن عمالكم أعمالكم كما ورد في الأثر. و الكمال للّه، و العصمة مختصة بأنبيائه. فإذا اعترتني غفلة في أداء الواجب فأيقظوني، و إن بدا منّي قصور فاخطروني، و ليس بعيب ظهور الخطأ من الإنسان، و إنما العيب في الإصرار علي الخطأ. و الحق أحق أن يتبع. و هو بالالتفات أحري، و بالتلقي أولي. سوي إن وظيفتي من الأمور التي اتخذتها أقدس ما يكون في الدنيا. أحب وظيفتي و أودها و ذلك منطبع عندي.
اعلموا أنه لا تكون رئاسة بلا سياسة.
و إني بمشيئة اللّه تعالي و عونه لا أبدي فتورا و لا ضعفا في إجراء السياسة، و إيفاء حق الرئاسة اسم الخليفة الأعظم. طبق الحد الذي عينه الشرع و القانون وها أنا قد عاهدت اللّه ذا الجلال. و أعطيته ميثاقا علي أن أسعي السعي البليغ فعلا لا قولا فقط بأنني ذلك العبد المخلص لولي نعمته. و إني من أصدق
عبيده، و أطوعهم، و أصرف المجهود، و أبذل المستطاع.
هذا. و إني آمل من رفاقي الكرام و أعيان الأهلين أن يؤازروني مؤازرة كاملة في هذا الأمر، و أسأل الباري تعالي أن يزيد في عمر مولانا الملك. و يوفر شوكته و يؤيد ملكه. و يجعل توفيقاته دليل السداد و منهاج الرشاد آمين.
و بعد أن أنهي الوالي خطابه شرع صاحب الفضيلة نعمان خير الدين الآلوسي يتلو دعاء بليغا ضمنه التوسل إلي اللّه بأن يزيد في عمر حضرة المولي الخليفة. و عقب هذا تلا وكيل بطريق ملة السريان أيضا
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 121
الأدعية الخيرية. و كان تلامذة مكتب الكاثوليك أيضا حاضرين فأخذوا يؤدون الدعوات.
و ممن مدحه مهنئا له بقدومه الأساتذة جميل صدقي الزهاوي و أمين الفتوي عبد الوهاب النائب و محمد سعيد التميمي و طه الشواف مفتي سامراء. و رأينا شعرا تركيا في مدحه من نظم نصري ناطق المارديني من وكلاء الدعاوي و هو والد الأستاذ المحامي فهمي نصري و كذا الأستاذ أمين فيضي.
و الملحوظ أن هؤلاء و غيرهم لم يمدحوا بعد المبارحة، و إنما كان المدح قبل أن يروا خيرا منه للتقرب. و هذا الرجل اشتهر أمره في التحرير و الكتابة، كما عرف بأنه عالم فاضل. و تجاوز القوم في مدحه الحدود. و ما ذلك إلا لأنه ذو صفة أدبية من الولاة. حاولوا استغلالها و كان عالي الهمة كامل الحصافة سديد الرأي صائب التدبير.
أصل الهندية ترعة معروفة بهذا الاسم حفرتها أميرة هندية عند زيارتها إلي النجف لما رأت من قلة المياه فشقت هذه الترعة علي نفقتها. و هذه أخذت تتوسع علي مرّ الأيام و يكبر مجراها لحد أن تحولت مياه الفرات إليها و صارت
تدعي نهر الهندية نسبة إلي تلك الأميرة.
و بذلك انحسرت المياه عن نهر الحلة فكان الخطب عظيما. و نادي أهل الحلة بالويل و الثبور و استغاثوا. فانصرف الولاة لإعادة الحالة فكانت أعمالهم غير مجدية التدبير في إعادة الحالة كما أن النفقات كانت كبيرة إلا أنها لم تحصل فائدة منها.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 122
و كان أكبر هم هذا الوالي أن يتم سدة الهندية علي يديه فاستغرقت هذه المهمة غالب أوقاته، فكان اهتمامه بها كبيرا، و عناؤه و عنايته لا يوصفان.
إن سفارة الدولة العثمانية في باريس كانت أجرت مقاولة مع المهندس (شوندرفر) و معاونه (تيودور دروان) و سيرا إلي بغداد بناء علي الإشعار الواقع من الولاية لنظارتي الخزانة الخاصة و النافعة، ليجريا الكشف المقتضي لأجل رفع و إزالة الموانع التي من شأنها أن تصعب المهمة في نهري دجلة و الفرات، و لينظروا في عمل سد الهندية. وصلا إلي بغداد في 19 أيلول سنة 1305 رومية.
و نظرا للحاجة إلي السد و أهميته ذهبا، و أجريا الكشف اللازم لمجري نهر الفرات و مروره نحو الهندية و الحلة في جميع المواسم فعادا إلي بغداد و نظما خارطة و تقريرا، و قدماهما إلي الولاية، فأرسلتهما لنظارة النافعة.
و فهم أن رأي المهندس مصروف إلي لزوم التعديل في الخطة التي عينها المسيو غالان مشاور الفن في نظارة النافعة، فوجد من الضروري الانتظار إلي أن يرد الجواب من النظارة.
و في 1 جمادي الآخرة سنة 1307 ه تحرك المهندس و معاونه من بغداد، و سارا من طريق البر ليكشفا علي نهر الفرات و مضيا إلي مسكنة لتدقيق سير السفن و أن يعاينا كوانين الأحجار في هيت، ثم يعودا إلي بغداد، و يكون رجوعهما
نهرا.
هذا. و مجموع المبالغ التي أخذت من ابتداء تشكيل اللجنة لسدة الهندية إلي نهاية شهر تشرين الثاني استحصلت بموجب سندات مشتركة سواء من صناديق مال مركز الولاية و الملحقات أو من صندوق الأراضي السنية و أصحاب الأملاك قد بلغ 1733998 قرشا و 33 بارة غير أن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 123
محل صرف هذه المبالغ علي وجه المفردات غدا مجهولا علي محاسبة الولاية مع أن اللوازم التي استحضرت ليس بشي ء نظرا لهذه المبالغ.
فمن ألزم الأمور أن تكون الولاية علي الدوام عالمة بمفردات الصرف، مطلعة عليها. و أن تراعي القاعدة المالية في الصرف و أصوله.
لهذه الجهة أصدرت الولاية أمرها لرئاسة اللجنة بذلك، و أن ينظم دفتر مفردات يبين محل صرف تلك المبالغ و مستنداتها. و أن تعطي الأمور الواضحة دوما عن المبايعات و المصروفات. و علم أن المصروفات من بيت المال إلي نهاية تشرين الأول سنة 1305 (1350885) قرشا و 13 بارة و من صندوق السنية 200665 قرشا، و من أصحاب الأملاك 182444 قرشا.
ذلك ما يفسر أعمال الوزير مدة ولايته في بغداد.
و أمر نظارة النافعة ورد بلزوم العمل طبق التقرير الفني للمسيو (شوندرفر) المهندس الموافق في الأساس لما أبداه المشاور الفني المسيو (غالان) و أن تبذل الهمة لاتخاذ التدابير لئلا يقع شي ء من المصاريف الزائدة، و أبان أن العمليات بعد هذا تحتاج إلي صرف 15300 ليرة. و أنفق في هذا السبيل إلي الآن زهاء (15180) ليرة، و طلبت الإيضاحات فكان جواب الوزير:
أن ما أنفق إلي الآن 1922000 قرش منها 779539 قرشا صرفت بمعرفة المجلس الأول في أيام تقي الدين باشا. و 1142461 قرشا أنفقت بمعرفة المجلس الثاني في أيام مصطفي عاصم باشا.
أما العمليات في المجلس
الأول فقد تركت بناء علي ورود الموسيو (غالان)، فذهبت المصروفات هباء، و لم يدوّر منها للمجلس
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 124
الثاني إلا بعض أشياء. و بقاياها أدخلت في مصروفات المجلس الثاني، و أما أعمال المجلس الثاني فهي الحفريات. مع زورقين كبيرين و زورقين صغيرين لأجل النقلية. و بعض الأدوات. و ما عدا هذا بقيت لمتعهدي الحفر و النقليات ما يبلغ 70 ألف قرش.. و بين الوالي أنه سيجري الكشف، و أبدي مطالعات تخمينية.
و ذهب الوالي لمراقبة العمل تاركا مهمات الأمور في الألوية فتوجه عليه اللوم. كما أنه لا موجب لمدحه.
الذين يقاسون الضائقة لعدم تأمين رواتبهم و علي الأخص الشرطة. و هذا يعين الحالة المالية المرتبكة.
و هو والد إسماعيل حقي و ابن عم فخامة الأستاذ أرشد العمري.
و صدرت جريدة (البصرة) باللغتين العربية و التركية، تحت امتياز الأديب الكاتب صاحب الرفعة محمد علي أفندي مميز المحاسبة في ولاية البصرة و هو من أرباب الذكاء و الفطنة و الأدب و الكتابة وردت بغداد نسختها الأولي فكانت روضة أدب تقرّ بها النواظر.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 125
فمدحه الأستاذ عبد الوهاب النائب بقصيدة.
أتته جائزة مدالية ذهب منقوش علي طرف منها رسم ذي الحشمة الملك و علي الطرف الآخر هذه الكلمات:
و معها كتاب من مشير القصر القرالي نيلس فون روزن- سراي استكهولم 6 أيلول سنة 1889 م.
و كان من العلماء، و مدرسا ثانيا للمدرسة القادرية. و كان مثابرا علي التدريس يقصده الطلاب. اشتهر بالورع و الفنون. و هو عم الأستاذ السيد أحمد عبد الغني الراوي المحامي و أما المدرس الأول في الحضرة فكان الأستاذ عبد السلام الشواف.
و كان مريضا لازمه مرضه مدة. و كان من أذكياء العرب و شجعانها ذهب مع أبيه الشيخ صفوق إلي استنبول، و أقام بها مدة طويلة في دائرة المرحوم حافظ باشا، فتعلم اللغة التركية. و كان
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 126
يتكلم بها كأبنائها، و عند ما أدركته الشيخوخة لم يطعه أفراد قبيلته، فاختلت أمورها.
منذ شهر لا يزال الوالي ملازما أمر مراقبة الأعمال. و في 14 المحرم ذهب إليه محمد آل جميل، و النقيب السيد سلمان، و صار يذهب أعضاء مجلس الإدارة إليه مناوبة الواحد بعد الآخر، و عزمه أن يتم العمل ثم يعود إلي بغداد، و صارت الشغل الشاغل، و كثرت أعمدة جريدة الزوراء من مباحثها. و كان اهتمام الوزير كبيرا، و كذا المهندس (مسيو شوندرفر) و زاد بقاء الوالي و كأنه مأمور سداد، لا أنه ينظر إلي الأمور العامة للمملكة. و احتفل بافتتاحها في 11 ربيع الأول سنة 1308 ه. و من ثم ركب الوزير سفينة و معه الأستاذ السيد عبد الرحمن الگيلاني و الدفتري شاكر أفندي و المفتي و غيرهم فاستقبلوا عند وصولهم الحلة و قرأ مفتيها السيد مصطفي نور الدين الواعظ خطبة فيها ثناء للوالي و دعاء للسلطان و مدحه شعراء بالعربية و الفارسية.
و أعدّ ما يلزم له من المدرسين ثم أجري رسم افتتاحه.
و كان مولعا بجمع النقود القديمة فجمع مقدارا وافرا منها. و حصل علي مجموعة لا يستهان بها.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 127
غير ملتفت إلي أهالي نجد و بذل الدراهم، فنصب نفسه أميرا عليهم. أما سعود بن فيصل فإنه قتله النجديون و جاء أخوه عبد اللّه أيضا إلي حائل، فمرض بها ثم سار إلي الرياض فتوفي فيها. و لم يبق من آل سعود سوي عبد الرحمن و محمد ابني فيصل، حفيدي سعود.
توفي ليلة الاثنين من 3 جمادي الأولي سنة 1308 ه و حضر تشييع جنازته الوالي، و المشير و الأشراف و الأعيان، و الأدباء و الفضلاء من علماء و غيرهم.
كان لوفاته وقع كبير علي عالم العلم و الأدب، و يعد شيخ علماء العصر الحاضر و هو ابن مير أحمد بن حسن بك ابن رستم بك ابن خسرو بك ابن الأمير سليمان باشا رئيس الأسرة البابانية. و يعرف المترجم ب (الزهاوي)، و ينتهي نسبه بسيف اللّه خالد بن الوليد (رض).
و كان رحمه اللّه ضليعا في الآداب الفارسية و العربية و في العلوم الدينية لا سيما العقائد. ولي إفتاء بغداد بعد أمين الكهية وطالت مدته في الإفتاء ببغداد 38 سنة، فوفّاه حقه، و عرف به فضله. و له اتصال علمي و أدبي بعلماء بغداد و أدبائهم. و هو من أفذاذ الدهر في ثقافته يضمّ ناديه مختلف الثقافات فلا نجد إلا مطريا له، مادحا لأدبه، مكبرا لعلمه. فلا بدع إن قيل كان الوحيد في عصره.
جاوز عمره التسعين، فأخذ العلوم عن والده و لما توفي قرأ علي الملا محمد الصاوچبلاغي نجل الزكي. فأجازه و هو في العشرين من
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 128
عمره، و درس مدة تزيد علي 33 سنة. فذاع صيته في الآفاق، و طبقت شهرته الأقطار و المدن الإسلامية، و تلامذته لا يحصون. كان بحر علم،
و خزانة عرفان. فكم من عويصة حلّها، و مشكلة دفع غموضها و رفع معضلها. فهو فخر العراق، و من خير من ربّي. بل إن مجلسه لا يخلو أن يزاول آدابه و علومه و فنونه. فيظهر علي الكل في الألسنة المختلفة و مواهبه يعجز واصفها، و حافظه تفوق الحد، و قوة عقله لا تقدر.
إن جدّه الأعلي بقي في (زهاو) مدة، و إن والدته كانت من زهاو من بنات أمرائها، فصارت هذه النسبة سببا في أن يسمّوا بالزهاويين، و إلا فهو من بابان. درّس مدة في السليمانية و في كركوك، و لما ورد علي رضا باشا اللاز بغداد كان قد بلغه صيته في العلم و الكمال فدعاه إلي مدينة السلام بغداد، و كان وروده إليها في سنة 1257 ه و نطق بها في مصراع بيت من الشعر الفارسي (هزار و دويست و پنجاه و هفت)، و ولي الإفتاء في حكومة الوزير رشيد باشا الگوزلگلي، و دام في منصبه حتي توفي، فكان جامع الثقة و الاحترام و الأهلية التامة.
ترجمته الزوراء في الصفحة العربية و التركية، و وردتها مرثيات بليغة فاعتذرت من نشرها.
و جاءت ترجمته في (سجل عثماني)، و من جملة من أبّنه و ذكر محامده و علمه الوزير سري باشا في مجموعة تسمي (نطقلر مجموعه سي). و كذا أبّنه السيد محمد جواد الكليدار في النجف، ورثاه عبد الوهاب النائب بقصيدة لامية. ورثاه السيد أحمد الراوي عمّ صالح القاضي الأسبق بمقطوعة كتبت علي قبره.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 129
عهد إلي محمد سعيد ابن الأستاذ محمد فيضي الزهاوي بالإفتاء، و صدرت الإرادة الملكية. و كان الذين انتخبوا للقيام بهذه المهمة أربعة من العلماء فوقع الاختيار عليه فرجّح
علي غيره. و الأستاذ محمد سعيد والد الأستاذ أمجد الزهاوي و آخرين.
و عيّن الحاج علي أفندي رئيس التحصيل السابق في شهرزور مديرا.
و صرف 13800 قرش.
و الآن هو محتاج إلي ما يقارب الثمانين أو السبعين ألف قرش، فطلب إلي أهل الحمية للقيام بأمر إكماله، فاجتمعوا تحت رئاسة محمد آل جميل من أعضاء مجلس الإدارة فتشكلت لجنة فجمعت مقدارا.
و أجري الاحتفال لتوديعهم.
بذر هؤلاء بذرة سياسية من طريق الدين و كانت آمالهم إيرانية صرفة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 130
فأصابتهم الضربة من إيران و عرف أنهم باطنية، فمالوا إلي هذه البلاد و لا يزال رجال دعوتها من الباطنية.
قالت الزوراء:
«من المذاهب الباطلة. كان قد ظهر هذا المذهب في إيران قبل 30 أو 40 سنة، و ادّعي مؤسسه في ابتداء أمره أنه (رسول المهدي المنتظر). ثم قال إنه (المهدي نفسه)، و أخيرا ادّعي أنه (نبيّ)، فحصل بسبب ذلك نزاع و اختلال في إيران، فقبض عليه و أفتي العلماء بقتله، فقتل و أعدم بتبريز، و فرّ قسم من أتباعه، و مالوا إلي بغداد للنجاة من أيدي الإيرانيين. و هذا كان السبب في ظهور (رئيسهم ببغداد)، فقد بقي مستترا مدة من الزمان. و لم يكتف أن زاد في طغيانه حتي ادّعي (الألوهية) و العياذ باللّه، فاستهوي بعض سخفاء العقول و ضعفاءهم الذين لم ترسخ فيهم العقائد الدينية، فأضلّهم و استمالهم إليه، فكثرت الشكاوي عليهم فطردوا و نفوا إلي جهات متفرقة، و بينهم الحاج محمد حسين بائع الكتب الأصبهاني الأصل، و كان يتولي خدمة الترجمة و التبليغ لهؤلاء، فنفي إلي الموصل، لكنه بعد مدة تمكن من العودة إلي بغداد، و لم يزل منذ عاد إليها يجتمع إليه (البابية)، و يراجعونه في أمورهم و عدّوه بمثابة الخليفة و النائب عن رئيسهم و لم يأل جهدا في إضلال الناس ممن تبعه إلا أنه كان يتوقّي من إظهار نفسه و إعلان دعوته، و بيان منوياته، و ما يخفيه ضميره. لأنه لم تكن له حماية قوية، و بقي مترقبا للفرص إلي أن حصل له التوجه و الحماية من الدولة (بل غفلتها)
فأخذ يتصّدي لدعوة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 131
الخلق علانية، فكثر القال و القيل بين الأهالي، و أخذت تقدّم الرقاع من تبعة الدولة العثمانية و الإيرانية طالبين تبعيده، و تبعيد أتباعه ممن قلّد مذهبه، و أن يطردوا من بغداد، و أن الشهبندر الإيراني طرد الإيرانيين منهم. أما المرقوم الحاج محمد حسين فإن الباب العالي لم يجوز طرده و إن كان إيرانيا و لا وافق علي تسليمه لإيران حسب التماس سفارة إيران، بل نفته الولاية، و طردته إلي الموصل التي هي منفاه القديم، و جاءت الأخبار بوصوله إلي الموصل». عدته ملتجئا سياسيا …
و هذا بذر البذرة. و لم يكن لدعوته تأثير إلا أنه تمكن أن يحتفظ أعوانه بعقائدهم، فكان ربحا لهم. و نعجب من تمكن (عبادة الأشخاص) بعد أن قضي الإسلام عليها و لكن غالب أتباعهم من غلاة التصوّف و أهل الإبطال القائلين بوحدة الوجود و الاتحاد و الحلول و رفع التكاليف. فلم يروا غرابة في عقيدتهم من القول بألوهية البهاء.
كانت مسجلة دارا باسم الحاج محمد حسين الكتبي المذكور.
و لما بقيت بيد البابية استولوا عليها، و في أواخر سنة 1921 م أقام ورثة محمد حسين القندراتي دعوي علي البابية و هم محمد جواد وبيبي أولاد أخت محمد حسين في (محكمة الصلح) برفع اليد، ثم كلفت المحكمة المدعين بلزوم إقامة دعوي الملكية، فأقيمت، و وكيلهم الأستاذ أمجد الزهاوي فاستحصل حكما، و أصبحت حسينية و أن الورثة جعلوها وقفا خيريا.
و محمد حسين هذا هو والد الزعيم المتقاعد منير الوكيل و هو وكيل هذه الطائفة و الممثل لها، فصار خلف والده. و هذه الفرقة اكتسبت بعد
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 132
الحرب العظمي رسوخا و دامت
إلي الوقت الحاضر. و صار أمرها في توسع بسبب مناصرة الغربيين لها بأمل شق العصا، و إحداث الارتباك في عقائد المسلمين. عرف أمرهم و انكشفت عقائدهم، فلم تنل رواجا، و لم تكتسب مكانة لهذا السبب، و هي عقيدة باطنية قديمة لا تعرف سوي (عبادة الأشخاص) و رفع التكاليف إلي آخر ما مرّ الكلام عليه، و قد لقيت من العرب المسلمين نفرة كبيرة جدا.
سجل نصرت باشا باسمه وكالة لميرزا موسي بن مرزا هادي الإيراني الجنسية، فلم تقبل الصدارة لأن وظيفته تمنع من قبول هكذا وكالات. و كان خطاطا معروفا. و هو متهم بالبهائية.
كانت خدمات الشيخ ثعبان رئيس بني حسن و الشيخ منذور آل لوتي شيخ الگريط منحوا رتبا من الرتبة الرابعة و الخامسة. و من أولاد شيخ الگريط رئيسهم اليوم مرهون المنذور.
عاد محمد سعيد الزهاوي من استنبول و عيّن للإفتاء، فاستقبل باحتفال من الأعيان و الأشراف. و لا غرو أنه مزدان بحلية الفضل، و محلّي بالكياسة و العقل مع دماثة أخلاق و حسن طباع.
وضعت بالمزايدة، و أحيلت لراغبها من سنة 1307 ه، و كان يأخذها التجار.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 133
و جاء في مجموعة ابن حموشي أنها أسست أيام سري باشا و قد التزمها مهدي القبانجي المشهور ب (أبي طبرة) ابن إبراهيم فخسرت.
رسالة لأحمد فهمي مأمور محاسبة المعارف في أحوال مسافة الطريق من بغداد إلي استنبول عن طريق دير الزور، أوضح فيها مقدار مسافة المراحل.
في 9 شوال سنة 1308 ه وصل إلي بغداد رجب باشا المشير، قائد الفيلق السادس في بغداد، و صدر الأمر بتعيينه في 18 شعبان سنة 1308 ه و قبل هذا التاريخ كان مشيرا للفيلق الخامس. و استقبل استقبالا باهرا و كان من مرافقي السلطان و ممن تجمعت به الكمالات.
كان في بغداد قبل هذا ضابطا و أميرا، و كانت له معرفة بالكثيرين و لهم حبّ له و اشتياق كبير. لما كان متصفا به من أوصاف الرأفة و الشفقة.
و في 26 شوال سنة 1308 ه بارح العاصمة المشير السابق توفيق باشا.
عزل الشيخ فهد الهذال رئيس عشيرة الجبل من عشائر عنزة في هذه السنة و نصب مكانه عجل بن راكان علي أن يتعهد بالمحافظة علي الأمن، و يؤدي ستين ألف قرش رسوما مقطوعة إلي الدولة، و أن يرأف بأفراد قبائله، و لا يتخذ الغزو مهمته إلي آخر ما هنالك …
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 134
نقل الوالي سري باشا إلي ديار بكر، و توجه إليها في يوم الخميس سلخ ذي الحجة سنة 1308 ه و خرج لتوديعه المشير و أركان الدولة و الأعيان. و صار الحاج حسن باشا مكانه بناء علي موافقة الاثنين فورد الأمر من الصدارة بإيداع الولاية وكالة إلي المشير رجب باشا قائد الفيلق السادس. و سري باشا من العلماء الأدباء، و لم ينقطع من الاتصال بالعلم و الأدب، إلي أن توفي في 24 جمادي الآخرة سنة 1313 ه.
و بمناسبة وفاته ترجمه كثيرون.
«كان من علماء الوزراء، أديب فاضل و له الشعر الجيّد إلا أن نثره أمكن من شعره، و أصله من جزيرة گريت (گريد) من مدينة قندية مسقط رأسه و هو ابن حلواجي زاده صالح أفندي ولد سنة 1260 ه و أخذ العلم عن جوري أفندي و تقلب في مناصب عديدة فولي المكتوبية (رئاسة الكتاب)، ثم صار متصرفا، فواليا في عدة ولايات ثم ولي بغداد. و في أيام ولايته في بغداد ولّد نشاطا أدبيا مدحه الشعراء و الكتاب، و ناصر العلماء، فكان لمجيئه إلي بغداد أثر مقبول في تجديد الأدب و إثارته.
و من مؤلفاته:
1- سرّ قرآن.
2- أحسن القصص.
3- سرّ فرقان.
4- سرّ تنزيل.
5- سرّ استوا.
و هذه المؤلفات اتخذ فيها تفسير الفخر الرازي أصلا، فترجم السور، و فسرها.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص:
135
6- (رؤيت باري حقنده) رسالة. و فيها أبدي خلاصة الآراء للمتكلمين و المعتزلة في رؤية الباري.
7- (شرح عقائد و حاشية لرينك ترجمه سي). ترجم العقائد النسفية و شرحها و حواشيها لعصام و السيلكوتي و غيرهما.
8- نقد الكلام في عقائد الإسلام. عقائد منقحة و مختصرة من تلك الآثار المذكورة في الفقرة السابقة.
9- آراء ملل. في الفرق.
10- روح. بيّن فيها أقوال بعض العلماء و المتكلمين.
11- نور الهدي لمن استهدي. في أبطال الأقانيم الثلاثة، و عيّن تحريف الأناجيل المتداولة في الأيدي.
12- مكتوبات سري. أورد نصوص ما كتب من رسائل و كتب رسمية و غير رسمية مما يتعلق ببغداد أو بالعراق و غيرهما. و هو في ثلاثة أجزاء.
13- غلطات. و هذه تكملة لرسالة الأغلاط لابن كمال. و للوزير الفاضل منيف باشا تقريظ مهمّ لها.
14- سرّ إنسان.
15- نمونه عدالت.
16- (لك دوقه كين). و هذا في الأخلاق و العادات القديمة للألبانيين (أرناؤود).
و رأيت ترجمة حياته في رسالة مطبوعة لدي الأستاذ المرحوم
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 136
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 137
محمد علي عيني (زوج ابنته) المتوفي سنة 1946 م و له ابن مهندس في استنبول. و كان ورد بغداد لعمل سد الكنعانية. و تفصيل ترجمته في كتب كثيرة.
و هنا يلاحظ أن الأهلين ببغداد كانوا يقولون إن سدة الهندية أخذت سمعه و بصره، و ترك الأمور علي مكتوبي الولاية السيي ء السيرة، مما أدي إلي استياء الرأي العام منه. و كان الأولي أن يراقب من كان تحت سلطته فلا يشغل نفسه لهذه الدرجة.
و في أيامه كان في كربلاء و النجف كثيرون يدعون أنهم من تبعة إيران، فأعطي الأمر بلزوم مراعاة الحيطة في التحقيق، و التثبّت من هذه الأمور.
و
في قلم المكتوبي شدّد أن لا يفشوا خبرا، و لا يطلع أحد علي ما جري، و أن لا تنشر الحوادث في الخارج و أن لا يقبل الزوّار، و لا تذاع الأخبار.. و لكن لم يبال أحد بذلك. فالإدارة كانت سيئة، فلم يفد فيها تنبيه أو تهديد لا في أيامه و لا في أيام غيره من الولاة. و لا تخلو المجالس من ذكره بخير أو شر، و لا يتجرّد المرء من ضدّ. و جل ما علمته من العارفين أنه كان موظفا ملكيا فعالا. أثني الكثير علي حسن إدارته.
و قيل في سري باشا و القاضي حقي أفندي، بعض التقولات. و كانا في زمن واحد، قال الشيخ رضا الشاعر الهجّاء المعروف فيهما:
حقي أولنجه قاضي سري أولنجه والي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 138
كل باشكه رعيت ويل لكم أهالي
أي إذا كان القاضي حقي، و الوالي سري فالرماد برأس الأمة و الويل للأهلين.
و الحال أن هذا الوالي نال أكبر شهرة و اكتسب رضا العموم، و ولد حركة أدبية، و فتح ألسن الناس في مدحه. و مثل الشيخ لا يعبأ بهجوه فيعتبر كحقيقة. و تروي أبيات الشيخ رضا بالوجه التالي:
موصل أولدي ولايت نافع أفندي والي
ويل لكم رعيه كل باشكزه أهالي
و لعل هذا هو الصواب. و اللّه يزكي الأنفس.
نصب علي الفرات و أجريت مراسم افتتاحه.
عيّن الأستاذ سليمان فائق لمكتوبية ولاية بغداد و وصل إليها 12 ربيع الأول بعد أن كان مكتوبي ولاية آيدين.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 139
وصل الحاج حسن رفيق باشا والي بغداد يوم الاثنين 19 المحرم سنة 1309 ه و كان وكيل الوالي نصرت باشا المشير المرافق السلطاني، و جماعة من الأعيان و الأمراء، جاؤوا به بواسطة مركب رصافة من الطارمية فعمل له رجب باشا مأدبة. و استراح الوالي تلك الليلة في قصر كاظم باشا. و هكذا أتم الزيارة في الكاظمية و الأعظمية و تلاقي مع نقيب الأشراف السيد سلمان و سائر وجوه البلدة و أعيانها. و في الساعة التاسعة غروبية وصل إلي مقامه. فأطلقت له المدافع 19 طلقة.
و كان الاحتفال باهرا في الجانبين ينظر الأهلون إلي المركب.
و دخل إليه في مقامه رجب باشا و نصرت باشا و الفرقاء الكرام و الأمراء العسكريون و هيئات الدوائر الملكية، و الأعيان و القناصل للدول المتحابة.
و قري ء الفرمان العالي في نحو الساعة الثانية من هذا اليوم في دار الحكومة متضمنا مهمة والي الولاية الوزير الحاج حسن باشا، قرأه مميز المكتوبي مصطفي بمحضر المذكورين.
و بعد أن تم ذلك ألقي الوالي كلمة تتضمن مقاصده الجليلة، و نيّاته الخيرية و يعلن بعلو أفكاره و سموّ هممه. أداه بأنفس طلاقة و أكمل فصاحة.
ثم قرأ الأستاذ سعيد المفتي الزهاوي الدعاء، فقابله الحضّار ب (آمين).
و ترجمة خطاب الوالي: إن ما اشتملت عليه هذه الجمعية المحترمة التي تشكلت منها صنوف الاحترام من خواص الناس و العوام قد شنّفت
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 140
مسامع فخرهم و مسارهم، و زينت باستماع الأوامر و الإرادات السنية الملوكية التي نطق بها الملك الأعظم و عماد الدين
الأقوم حضرة سيدنا و ولي نعمتنا بلا منّة منا، خليفة سيد المرسلين و أشرف الملوك و السلاطين، و صدرت عن قلبه الذي هو مهبط الإلهامات الإلهية، و موضع الفيوضات النبوية.
و العاجز أيضا لم أزل مغمورا بنعمه الجزيلة، مشمولا بعواطفه الجليلة، شاكرا لإحسانه و مراحمه غير المتناهية. و نلت الآن عظيم السعادة، و جميل الفخر و زيادة، إذ صرت بلطف جليل، و إحسان منه مخصوص، مخاطبا بأمره هذا الجليل القدر، النبيل الذكر، موكلا بإنفاذ تلك الإرادات المقدسة و الأوامر العالية.
هذا. و إن أجلّ مقاصد حضرة أمير المؤمنين، و خليفة الرسول الأمين مولانا الذي ازدان به مقام الخلافة، و افتخر بوجوده سرير السلطنة هو عبارة عن حصول العمران في جميع جهات ممالكه المحروسة السلطانية، و تأمين كافة صنوف تبعته الصادقة الملوكية، و كمال استراحتهم و اطمئنانهم و حضورهم و رفاهيتهم.
وها هو حفظه اللّه تعالي و أعز نصره قد أيّد بهذا الأمر المطاع و الفرمان الواجب الاتباع مقصوده ذلك المفروض الشكر المبتني علي نفع التبعة و استراحة الملّة.
و إنني استنادا إلي التأييدات الملوكية مقرونة بأحكام الشريعة المطهرة النبوية و القوانين الموضوعة السنية التي هي دليل سبيل السداد، و مصدر الحق و العدل و الرشاد أرجو عونه و توفيقه تعالي فأكون موفقا بظل حضرة مولانا الخليفة المعظم لاستكمال أسباب عمران هذه الولاية مع رفاه و راحة كل صنف من صنوف التبعة الصادقة الملوكية. و اعتقد أن جميع إخواني و أصحابي أيضا سيلتزمون تلك الغيرة و الاستقامة و يبرزوا
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 141
مآثر الممدوحية في جميع الأحوال و كافة الأمور و الأشغال، و أجعل خاتمة مناجاتي الدعاء لحضرة ظل اللّه علي العالم قائلا: (ليعش سلطاننا عيشا كثيرا).
و
كان في ضيافة نصرت باشا، ثم قرأ الأستاذ جميل صدقي الزهاوي قصيدة فريدة باللغة التركية يرحب فيها بالوالي، و يبارك قدومه.
و وصلت إليه (رتبة الوزارة) كما جاء في الزوراء بتاريخ 15 صفر سنة 1309 ه فأجريت له المراسم و ذكرت فيها. و أطلقت 21 مدفعا.
1- تأسست مطبعة دار السلام ببغداد في 28 ربيع الأول.
2- نال أمير اللواء كاظم باشا رتبة فريق.
3- حصل خصام بين عشائر الندة (الندي) و شمر طوقة و ربيعة و بني ويس في مندلي و خانقين.
و تدخلت الحكومة في أمورها لئلا يقع بينهما قتال، و روعي الفصل بينها علي قاعدة العشائر. و استردت الأموال المنهوبة، و منع أن يتجاوز الواحد علي الآخر.
4- يزرع الأرز في العراق من قديم الزمان و كان معروفا قبل الإسلام و استمر زرعه. و هو من أهم حاصلاته و يحتاج إلي المياه الكثيرة الدائمة الجريان، و الأراضي المنخفضة يتسلط عليها الماء تصلح لزراعته إلا أنها تولد و خامة و ضررا علي الصحة دوما، و لذا يجب أن يزرع في مواطن متفرقة و في أنحاء مختلفة. و في الموصل قليل، و في قضاء
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 142
خراسان (خريسان) يكثر زرعه، و في الهندية و الشامية و السماوة و أكثر ما يزرع في لواء العمارة.
يأتي في السنة منه نحو مائة مليون حقة تقريبا. و تأسيس معامل للجرش من أهم ما يلزم. و لكنها لم تستعمل.
5- من الضرائب طريقة الذرعة. و في هذه السنة حصلت اختلاسات فيها.
6- أنشي ء مخفر الشرطة في (المنطقة) وسط الطريق بين الكاظمية و بغداد. و هذا كان مشهودا من مدة، و لا يزال إلي اليوم.
7- توفي عبد الغني آل رئيس الكتاب عن عمر
يتجاوز السبعين في العمارة و كان قد ذهب إليها لتبديل الهواء. و هو والد عبد الحميد رئيس الكتاب وجد عثمان نوري. و آل رئيس الكتاب معروفون من مدة طويلة. و جامع النعمانية في توليتهم.
8- صدرت الإرادة الملكية بتبديل اسم ناحية المدحتية في الحلة إلي (ممدوحية). حتي لا يذكر مدحت باشا للحنق عليه. و لكنها لا تزال معروفة بالمدحتية.
9- شوهدت آثار وباء في أنحاء الحي.
10- أجري الاحتفال بشعرات الرسول صلي اللّه عليه و سلم و كسوة البيت المحرم في بغداد و كربلاء، و قيلت الأشعار مما لا محل لتفصيله.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 143
11- مددت مدة وظيفة ذي الفضيلة حقي قاضي بغداد و هذا هو الذي هجاه الشيخ رضا الطالباني.
12- وصل هدايت باشا والي البصرة السابق إلي بغداد في مركب الموصل في 7 ذي الحجة، و سافر إلي استنبول من طريق الموصل في 9 منه. و توفي في ماردين. و هو الذي تكلّم عليه متصرف الأحساء في تقريره، و ذمّه كثيرا و ذكر سوء إدارته.
13- من أشراف البصرة يوسف آل باش أعيان. توفي في اليوم الثالث من عيد الأضحي فجأة في بغداد و كان قد جاء لتبديل الهواء.
تأسس في استنبول، و أول من ذهب إليه من العراق الحميدي بن فرحان باشا شيخ شمر، و سليمان بن نصيف الأمير شيخ ربيعة، و علي السليمان البكر شيخ الدليم، و عجيل بن علي السمرمد شيخ زبيد.
الفريق الركن قائد القوة الإصلاحية، وصل إلي الموصل فبدأ بالإصلاحات التي أرسلته الحكومة من أجلها، كإصلاح الجيش، و إخضاع العشائر، و جمع الضرائب. مما كان داخل منهاجه، فصال صولة جبّار علي الأهلين، و سلبهم أمواله، و قضي علي نفسيات عزيزة فأهانها.
و من جملة ما قام به أعماله في اليزيدية لأجل تهذيبهم، فأنفذ إلي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 144
زعمائهم يطلبهم، فلبّوا الطلب، فحضر إليه خلق كثير من القري في شيخان مع زعماء أربعة منهم. و لما قاربوا الموصل خرج لاستقبالهم و معه العلماء و الأعيان، يتقدمهم أمراء الجيش، و الموسيقي العسكرية فدهش القوم لهذا الاحتفاء و الإكرام. حتي وصلوا إلي دار الحكومة، و معهم أميرهم (ميرزا بك). فوقف الفريق مع الوالي، فعرض عليهم أمر الفريق بأن يلعنوا الشيطان فسكتوا، و كرر عليهم الأمر ثلاث مرات، و هم ساكتون. فأمر الفريق الجند بضربهم، فضربوهم ضربا مبرحا حتي مات منهم ثلاثة، و ألقي الجرحي في المستشفيات ليعالجوا، و من سلم من الأذي قربهم فجعلهم عنده و أكرمهم و أحسن مثواهم لعلهم يهتدون.
ثم أبرق بأن عشرين ألفا من اليزيدية اهتدوا بهمة الفريق. و طلب أوسمة للأمير ميرزا بك و إخوته، فأرسلت، و كان ميرزا بك مقيما عنده، و أما بقية اليزيدية فقد رجعوا إلي قراهم رويدا رويدا. فكان ذلك مدعاة لحبوط أعماله.
و من ثم اتخذ طريقة أخري فأرسل معلّمين يعلمونهم القراءة و أصول الدين فطردوهم و هدّدوهم بالقتل إذا لم يرتدعوا.
فلما بلغ عمر باشا ذلك أنفذ ابنه مع كتيبة من الجند إلي قري الشيخان. فنهبوا القري، و استاقوا المواشي و سبوا النساء و الأولاد و ذبحوا من رجالهم خلقا.
و أضرموا النيران في أربع قري من قري الدنادية، فاحترقت بأهليها و مواشيها.
ثم سار الفريق إلي سنجار، فأقام مدة طويلة يحاول فتحها.. و في خلال غيابه أخبر وكلاء الدول الأجنبية سفراءهم باستنبول، فأطلع الباب العالي علي هذه المظالم، فأرسلت لجنة تفتيش بزي جبليين لاستقصاء
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 145
الأحوال. فوقفوا علي صحة الشكاوي، فجاءت الأوامر بعزله، و لزوم عودته إلي استنبول، و لا يزال اليزيدية يذكرون هذه الوقعة بألم.
و قال آخرون إن هذا الفريق ذو سمعة طيبة بين أهل الموصل، أمن الطرق و كسر نفوذ بعض ذوي النفوذ، فما ذكر لا يخلو من مبالغة.
من مماليك داود باشا و كان خازنا عنده و في أواخر أيامه اتخذ العزلة و ركن إلي العبادة و الصلاح. حتي توفي يوم الخميس 26 المحرم.
و هو جد أفهم بن رشيد.
أوصي الوالي بها لدائرة البلدية الثانية كما نصبت في البلدية الأولي.
كان مأمورا بالإقامة ببغداد (مبعدا إليها) و توفي في المحرم سنة 1310 ه، و دفن بقرب الإمام أبي يوسف في الكاظمية. و بعد إعلان المشروطية نقل جثمانه إلي استنبول. و كان من أكابر القوّاد و نال منصب قائد عام للجيوش العثمانية في الروم إيلي سنة 1293 رومية التي حدثت مع الروس. و حكم عليه بالمجلس العرفي فأبعد إلي بغداد في 10 المحرم سنة 1296 ه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 146
و كتب ابنه سامي بك حياته في أجزاء و فصل ترجمته تفصيلا مهما.
و له مؤلفات عديدة منها تاريخ العالم باللغة التركية. و تخرج من مدرسة الحربية سنة 1276 و قام بخدمات جلّي للثقافة و الآداب و العلوم العسكرية و التاريخ. و يهمنا أنه اشتهر بتقريره الذي كتبه لدولته فيما يقوم به الأجانب من التدخلات في جزيرة العرب و ذلك حينما كان في اليمن سنة 1287 رومية برتبة زعيم. و ألحقه في نيسان تلك السنة بتحرير. و فيه ما يعيّن الغرض بوضوح تام.
وردت برقية في ربيع الآخر 1310 ه بنقله من مكتوبية بغداد إلي مكتوبية ديار بكر و سافر في يومه، و صار مكانه محمد شاكر و كان ناظر المطبعة كسابقه.
لبغداد و البصرة و الموصل، عيّن حسني بإرادة سنية، و هو من رجال الدولة المعروفين. وصل يوم الخميس 25 جمادي الأولي سنة 1310 ه.
أعلن عنها، و حذّرت الحكومة الناس من التداول بها.
كان يعلن عنه. و لا يزال.
مرض بالفالج، و في 10 جمادي الآخرة سنة 1310 ه توفي و كان
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 147
رئيس البلدية الثالثة، و هو من أسرة معروفة في العراق و لا تزال. و صار وكيلا عنه الحاج محمود التكريتي. ثم وجهت إليه. و هو من أهل المقدرة و الكفاية و الاستقامة.
مرض فتوفي يوم الأحد 19 رجب سنة 1310 ه. من بني تميم و هو والد الحاج حمد و الحاج صالح. من التجار.
أناب الوالي فضيلة عزيز بك القاضي عنه و تجوّل في أنحاء كربلاء و النجف.
حدثت الهيضة في 1 صفر ثم أخذت تزداد في يوم الخميس 12 صفر سنة 1311 ه. و روعيت التدابير و الاحتياطات اللازمة.
رئيس البلدية الأولي: مصطفي و في آل جميل.
رئيس البلدية الثانية: الشيخ عبد الرزاق الشيخ قادر.
رئيس البلدية الثالثة: الحاج محمود التكريتي. و من أولاده رشيد توفي سنة 1914 م و هو والد الأستاذ الحاج خالد الموظف في وزارة الداخلية.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 148
انحل منصب مديرية المعارف فعيّن بإرادة ملكية عيسي غياث الدين آل جميل، و هو من أعيان بغداد أبا عن جد.
و نال بها منصب قنصل.
ثم ذهب إلي ألمانيا.
عاش 90 سنة و كانت أعماله التجارية منتظمة، و كان عضوا في مجلس الإدارة في بغداد مدة، و من جراء خدماته نال رتبة (فپوچي باشي) (رئيس الحجاب). و هو جد الأستاذ يعقوب سركيس لأمه.
.و المستشفي العسكري اليوم هو نادي الضباط تجاه مسجد أبي النجيب السهروردي.
ابن علي شاه (آغا خان الثاني) ابن حسن علي شاه (آغا خان الأول) و ينتهي نسبه بقاسم شاه بن شمس الدين محمد بن ركن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 149
الدين خورشاه آخر أئمة النزارية في (ألموت). أمر السلطان بالعناية به.
جاء لزيارة الأئمة. و هذا من أئمة الإسماعيلية المعروفين ب (النزارية).
منهم في الهند و إيران و سورية و قليل منهم في العراق.
و أجري لها رسم الافتتاح.
صارت نواحي من الصنف الثاني.
و أجريت التبليغات اللازمة.
و اتخذت (مستشفي عسكريا). و دامت كذلك إلي احتلال بغداد.
.موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 150
و هو والد فخامة عبد المحسن السعدون، و عبد الكريم، و عبد الرزاق، و محمد، و عبد العزيز، و حامد، و عبد اللطيف، و عبد الهادي، و عبد الرحمن، و حمدي، و عبد المجيد.
نقل الحاج حسن باشا إلي ولاية سورية. يوم الخميس 6 المحرم سنة 1314 ه فذهب إلي الشام يوم السبت 15 المحرم. و في هذه الأثناء كانت الدفرة (الفيضان) فركب الباخرة إلي الطارمية و منها سار إلي منصبه الجديد. و صار مكان عطاء اللّه باشا ابن أحد الصدور العظام محمد سعيد الكواكبي. جاء الخبر بأنه صار واليا في 20 المحرم سنة 1314 ه و ورد بغداد يوم الاثنين 15 صفر.
و كان في العراق مدة تتجاوز 12 سنة حصل فيها الوقوف التام علي جميع أحوال الأهلين، ورد بغداد باحتفال، و أطلق له 19 مدفعا.
قري ء فرمانه بعد ظهر يوم الخميس في 4 ربيع الأول. و حضر قائد
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 151
الفيلق السادس رجب باشا و جماعة من الأمراء و الأعيان.
و لم ينشر نص فرمانه في الزوراء. و هذا هو الذي هجاه الشيخ رضا الطالباني فقال:
عمري يوزدن متجاوز نه ايدر بروالي اشته بوندن وز ولور مملكتك أحوالي
ملكك إصلاحنه برميتي ايلر مأمور آفرين قوه دراكه (باب عالي)
و معناه أن الوالي الذي بلغ من العمر عتيا، فتجاوز المائة سنة فلا ريب أن تعيينه يؤدي إلي اضطراب أحوال المملكة و إلا فلا يتصور إصلاح القطر و إحياؤه بأحد الأموات. مرحي لقوة إدراك (الباب العالي) في إدارة الملك و تدبيره … !
ولد باستنبول سنة 1251 ه و ولي وظائف كثيرة في مناصب عديدة من نيابات ولاية ثم نال منصب رئاسة ديوان التمييز في 3 ذي القعدة
سنة 1292 ه. و في 12 شعبان سنة 1297 ه فوّض إليه منصب معاون والي بغداد. و عند تشكيل متصرفية المركز عيّن لها في بغداد. و بقي في هذا المنصب خمس سنوات ثم نقل إلي متصرفية شهرزور التابعة للموصل في 12 شهر رمضان سنة 1301 ه و في 8 ذي الحجة عيّن لمتصرفية لازستان من ولاية طربزون ثم (قاضي عسكر الأنضول). و نال رتبا و أوسمة كثيرة.
المنفصل من
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 152
متصرفية كربلاء وصل إلي بغداد يوم السبت 16 جمادي الآخرة و بارحها إلي محل مأموريته في أوائل شهر رمضان. و كان متصرفا فيها.
و نقل إلي الرصافة الرشدي في المحل الواقع أمام القشلة النظامية (في محل المتصرفية اليوم).
(و هو أحمد الظاهر).
(مير ميران).
و أجريت له مراسم عظيمة للاحتفال بدفنه في الأعظمية).
توفي الأستاذ سليمان فائق بك من أشراف بغداد يوم الخميس 28 جمادي الآخرة سنة 1314 ه. و كان رحمه اللّه مؤرخا كبيرا. و لو لا تاريخه لذهبت أخبار كثيرة تتعلق بالقطر. فأزال الغوامض التاريخية.
و مؤلفاته تاريخ الكولات (المماليك)، و مرآة الزوراء، و رسائل المنتفق
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 153
كل هذه مما جلا عن مبهمات فأصبحت حوادثه لهذه العهود واضحة.
و هو كاتب أديب كامل. و قدرته القلمية باللغة التركية بالغة حدّها. و كان أبصر بالإدارة و دخائلها صار محاسبا و متصرفا مدة كما كان كاتب الديوان. أثني عليه الأستاذ أبو الثناء الآلوسي في رحلاته و مدح سمو أخلاقه و أدبه و كفي ذلك مشعرا بنجابته و شهامته. و أكبر من كل هذا أنه أنجب أعاظم مثل محمود شوكت باشا و نال الصدارة في الدولة العثمانية و مثل فخامة الأستاذ حكمت و نال رئاسة الوزراء في الدولة العراقية، و صار عضوا في مجلس النيابة، و مثل المرحومين مراد بك و معالي خالد.. و التفصيل في كتاب التعريف بالمؤرخين.
من التجار المعتبرين توفي ليلة الجمعة 16 شهر رمضان سنة 1314 ه. و هو والد المرحومين الأستاذين عبد اللطيف ثنيان و عبد اللّه ثنيان.
العضو في لجنة الأملاك السنية في بغداد. وجهت إليه الرتبة الثانية من صنف المتمايز في 22 جمادي الآخرة سنة 1307 ه. و توفي في 13 شوال سنة 1314 ه.
ابتدأت من 14 ذي القعدة سنة 1314 ه. (18 نيسان سنة 1897 م) و دامت إلي 16 ذي الحجة سنة 1314 ه (19 مايس سنة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 154
1897 م) و لم تطل كثيرا، أبدي العثمانيون فيها من البسالة و التفادي أمرا عظيما، فهي صفحة حربية خالدة سجلت لهم الفخر.
كان عضوا في مجلس الإدارة و توفي فخلفه يعقوب عيسائي من التجار المعتبرين في بغداد.
جري الصرف عليه من الخزانة الخاصة، و أجري رسم الاحتفال بوضع حجر أساسه، و صرف لتعميره ستة آلاف ليرة، فسمي ب (الجسر الحميدي)، و كان الاحتفال بافتتاحه يوم الخميس 28 شعبان سنة 1315 ه بدعوة من رجب باشا المشير و رئيس لجنة الأراضي السنية، فحضر الوالي و سائر الأمراء و الأعيان.
توفي السيد عبد القادر ابن السيد مراد الگيلاني العضو في محكمة الاستئناف في بغداد و كان عالما فاضلا، و كان خطه جميلا جدا و في الوقت نفسه متقنا إلا أنه لم يزاول تعليمه فلا يعد من أساتذة الخط و إن كان قد فاق فيه. و من أولاده السادة محمود و عبد المجيد و حسام الدين و شاكر و توفي السيد محمود في 7 المحرم 1331 ه عن أولاده نور الدين و محمد فائق.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 155
الاحتفال بفرمان الوالي مجيد بك
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 156
السيد رجب أفندي نقيب أشراف البصرة نال و سام (المجيدي) من الدرجة الأولي.
كان قائممقام نقيب الأشراف في بغداد. توفي يوم الاثنين في ثاني يوم العيد من ذي الحجة سنة 1315 ه (2 مايس سنة 1898 م) فأجري الاحتفال العظيم بتشييع جنازته، و حضر الوالي و المشير و والي البصرة و الأمراء و الأعيان. و دفن في جامع جدّه الشيخ عبد القادر الگيلاني. له شهرة في السجايا الكريمة. و بلغ (كاتب المابين) أسف السلطان علي وفاته. و أوفد الوالي عطاء اللّه باشا إلي مجلس الفاتحة لتعزية الأسرة.
و للسيد شهاب الدين الموصلي و شعراء كثيرين قصائد في رثائه.
و خلفه أخوه السيد عبد الرحمن في التولية و النقابة. و دام في التولية و النقابة و نال منصب رئاسة الوزراء مرارا. و توفي يوم الأحد في 12 ذي الحجة سنة 1345 ه- 12 حزيران سنة 1927 م.
مشير الفيلق السادس حوّل إلي قيادة فرقة طرابلس في 17 صفر سنة 1316 ه.
و كان في أيامه الفريق شعبان باشا و كان في بغداد أمير لواء. و علي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 157
طلب من رجب باشا نقل إلي كركوك. و كانت وردت برقية إلي رجب باشا من استنبول:
أي رجب صانمة كيم شعباني طوتارلر چوق آدملر واركيم رمضاني يرلر
و معناه: يا رجب لا تظن أن الناس (يصومون) شعبان و إنما الكثير منهم ينتهك حرمة رمضان. ثم إن شعبان باشا طلب من رجب باشا، نقله إلي بغداد مسترحما ذلك منه، فأجابه رجب باشا: (رجب چقمد قچه شعبان كيره مز).
أجابه بأن لا يدخل شعبان ما دام رجب لم يخرج و قد مر بنا أنه ورد بغداد. و توفي في أيام المشروطية بسكتة قلبية و هو وزير دفاع.
و كان كاملا ذكيا، ورد بغداد أيام كان أمير
لواء، ثم صار مشيرا و وكيل الوالي. و هو عظيم في أدبه و في شجاعته، و في كل أحواله.
أحمد فيضي باشا عيّن لهذا المنصب. و كان مشير الفيلق السابع و والي اليمن.. ورد بغداد في 28 ربيع الآخر سنة 1316 ه.
إن عبد الحميد بك الشاوي مميز قلم مكتوبي ولاية البصرة ارتحل إلي دار البقاء بحلول أجله الموعود في 8 ربيع الأول سنة 1316 ه.
و المرحوم من أسرة نجيبة مبجلة من وجوه مملكتنا أشرافها و ذوي بيوتها القدماء موصوفة بالأصالة و النجابة و السخاء و الوفاء و علو الجناب و غيرها من الصفات الممدوحة، و هو في حد ذاته كان ذكيا مستعدا أديبا كاملا سريع البديهة، مشتهرا فيما تقلّد للآن من الخدمات العديدة بالعفة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 158
و الاستقامة و الاقتداء و الكفاية، فإن فقدانه الأبدي استلزم الأسف العظيم.
هذا ما قالته الزوراء. و فصّلت ترجمته في التاريخ الأدبي.
توفي سنة 1316 ه. و هذا الأستاذ كركوكي الأصل، و كان والده ملا درويش محمد من العلماء. و له من المؤلفات:
1- أمثلة تركية.
2- (افترانامه) موجودة في ديوانه. كتبها بعد أو وجهت إليه تهمة في استنبول.
3- ديوانه. عندي نسخته الأصلية.
4- ترجمة أخبار الدول و آثار الأول في ثلاثة مجلدات للقرماني.
5- قسطاس مستقيم. مناظرة جرت له مع قس. و تتضمن إبطال التثليث، و إثبات التوحيد. منشورة في (مجموعة بلبل).
هو والي طرابلس الغرب سابقا، عهد إليه بإيالة بغداد، و هو من أجلّ وزراء السلطنة و له الكفاية التامة في كل مهمة قام بها و مآثر حسنة تشهد له بالمقدرة، و الاستقامة، و الجد، و حسن السلوك، و لا ريب أن هذه الخصال من أكبر المؤهلات لينال هذا المنصب.
و في يوم الخميس 8 المحرم سنة 1317 ه وصل إلي بغداد فاستقبله الوالي السابق عطاء اللّه باشا، و المشير فيضي باشا و الأعيان و الأكابر، و الأهلون استقبالا لائقا. و أجريت له مراسم التبريك.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 159
ثم قري ء الفرمان، و أطلقت المدافع عند قراءته ثم خطب الوالي بالجمع خطابا مشتملا علي نواياه الخيرية و مقاصده و أفكاره في جلب الرفاه و الراحة للأهلين. و هذه ترجمة الفرمان:
«الدستور المكرم، و المشير المفخم، نظام العالم مدبر أمور الجمهور بالفكر الثاقب، متمم مهام الأنام بالرأي الصائب، ممهّد بنيان الدولة و الإقبال، مشيد أركان السعادة و الإجلال، المحفوف بصنوف عواطف الملك الأعلي من هو من وزراء سلطنتي السنية، الوالي بولاية طرابلس الغرب، الذي وجه و أحسن في هذه الدفعة لعهدة استيهاله ولاية بغداد، الحائز، و الحامل للوسامين ذوي الشأن المجيدي من الرتبة الأولي، و العثماني من الرتبة الثانية!.
ليكن معلوما
لدي وصول توقيعي الرفيع الهمايوني أنه لما كانت ولاية بغداد ولاية حائزة الأهمية لما لأراضيها من القابلية، و من المطلوب و الملتزم للغاية لدي خلافتي و سلطنتي إيصال ما هي مستعدة له من العمران و الترقي إلي ساحة الحصول و استكمال أسباب الرفاه و الراحة لصنوف أهاليها الساكنين داخل الولاية، و رؤية المصالح الواقعة و الجارية و تمشيتها بصورة عادلة و محقة، و لما كنت أنت المشار إليه متصفا بالأوصاف اللازمة، و قد أبرزت مآثر الدراية و الغيرة بما تقلدت للآن من خدمات دولتي العلية، و من المأمول و المنتظر أنك في كل وجه ستصرف ما عندك من الوسع و الاقتدار في توفيق الحركة و المعاملة مع رضاي الملوكي المستلزم للسعادة بعد هذا أيضا، فقد وجه لعهدة لياقتك ولاية بغداد بموجب إرادتي السلطانية المعتادة بالإحسان، السانحة و الصادرة شرفا من عواطفي السنية الشاهانة، و عوارفي الجليلة الخاقانية في اليوم التاسع من شهر شوال المكرم لسنة ست عشرة و ثلاثمائة و ألف الحالية و أعطي أمري هذا الجليل القدر من ديوان الهمايوني متضمنا لمأموريتك، فعليك أنت أن تنصب نفس الاهتمام و الاقتدار في حسن رؤية و تمشية
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 160
وظائف و مصالح الولاية بمقتضي درايتك و فطانتك المجبول و المفطور عليهما، و أن تدور الملحقات بالذات حسب الإيجاب، و تتوسل و تتمسك بالشريعة المطهرة النبوية في كل حال مع تطبيق حركاتك علي القوانين و النظامات الموضوعة و تجعل مزيد الاعتناء و الدقة في هذا الأمر الأهم ألا و هو مظهرية عموم الأهالي و السكنة المتمكنين داخل الولاية المذكورة و نائليتهم للعدالة و الحقانية و كمال الأمن و الراحة من كل الوجوه في
ظلّ معدلتي السنية السلطانية و تصرف الإقدام و الغيرة لاستجلاب الدعوات الخيرية من كل أحد لطرفي السلطاني المستجمع للمجد و الشرف، و تبذل المقدرة لدوام و تزايد مكارم توجهاتي الملوكية المقررة في حقك و إشعار المواد اللازمة إلي باب سعادتي شيئا فشيئا تحريرا في 12 شوال سنة 1316» ا ه.
و هذه ترجمة الخطاب الذي ألقاه الوالي:
«من المعلوم لدي العموم أن جلّ آمال حضرة سيدنا ملاذ الخلافة و مأوي العدالة، ولي نعمتنا الأعظم بلا امتنان الشاملة كل خير معطوفة نحو استكمال أسباب العمران في هذه الولاية الواسعة السلطانية حسبما هي مستعدة له، و رفاه حال كل صنف من تبعته و سعادتهم كما هو منطوق فرمانه العالي المنيف الذي قد تلي بالتعظيمات الفائقة فسنسارع بتوفيق اللّه تعالي في كل وجه من الوجوه لصرف المساعي لتمام هذا المقصد العلوي السلطاني الذي هو من أهم الأمور و من جملة نشر أنوار المعارف و تعميمها في كل طرف، و تأسيس أنواع مآثر المدنية و العمران مجددا لمقتضي وجودها بالنظر إلي الإيجابات الزمانية فلذلك ننتظر المعاونة الجدية في هذا الباب من الجميع، و نخطر كافة المأمورين صغيرهم و كبيرهم بأن يتحركوا في وظائفهم الموكولة مع الإقدام و الاستقامة وفق الرضاء العالي، و يصرفوا الاقتدار لاستجلاب الدعوات الخيرية لجانب الحضرة الملوكية الجليلة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 161
فنسأل الحق سبحانه و تعالي أن يؤيد حضرة سيدنا و ولي نعمتنا السلطان الفاروقي الشعار، شمس برج الخلافة و السلطنة، و يديم ظله الظليل الملوكي علي مفارق المسلمين و العثمانيين إلي يوم القيامة، و يوفقنا جميعا لنيل ما أملناه من إبراز الخدمات المبرورة وفقا لمرضاة جلالته العالي». ا ه.
في يوم الأربعاء 7 المحرم
توفي المرحوم الأستاذ السيد نعمان خير الدين الآلوسي أحد علماء بغداد المتبحّرين و فقهائها المدققين، دفن في جامع مرجان.
أما المرحوم فهو شبل المفسر العديم المداني صاحب التفسير (روح المعاني) أبي الثناء السيد محمود شهاب الدين الآلوسي، و لعمري إنه لنعم الخلف لخير السلف. مقتفيا أثر والده الماجد في التأليف و التدريس، و كان رحمه اللّه تعالي حليما، سليما، وقورا، مهيبا، مواظبا علي تدريس العلوم الدينية و الفقهية. فلذا إن فقدانه الأبدي يعدّ من الضايعات العظيمة.
و من أشهر مؤلفاته:
1- جلاء العينين في محاكمة الأحمدين.
2- غالية المواعظ.
3- شقائق النعمان.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 162
4- سلس الغانيات في ذوات الطرفين من الكلمات. و له خزانة كتب عظيمة الآن هي ضمن خزانة الأوقاف العامة. و ترجمته في المسك الأذفر و في تاريخنا العلمي و الأدبي و في المعاهد الخيرية.
عطاء اللّه باشا بارح بغداد يوم السبت في 10 المحرم سنة 1317 ه و ودّع من الوالي اللاحق و سائر الأمراء.
توفي أحمد بك الشاوي مفتي البصرة في الأسبوع الماضي علي أثر داء عضال ألمّ به. أما المرحوم فهو من قدماء الأشراف و ذوي البيوت المشهورين في بلدتنا بالكرم و الوفاء و الشجاعة و البسالة و الأصالة و النجابة. و كان رحمه اللّه أديبا لبيبا كاملا عارفا منفردا في اللغة العربية و أدبياتها، و له اليد الطولي فيهما. فلذا إن فقدانه الأبدي أثر في الجميع.
في الممدوحية. أجري فصل الخصام، و التأليف بينهما.
تزايدت في 20 جمادي الآخرة سنة 1317 ه.
عثر يوم السبت 14 شعبان سنة 1317 ه علي شاطي ء دجلة من
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 163
خضر الياس في الكرخ علي دفينة. مرّ من هناك قفّاف أراد أن يعبر قفّته من هناك فصادف بستوقة فلما مسّها بغرّافته انكسرت فانصبت النقود الذهبية في الشط فأخبرت الحكومة بذلك. فوافت الضابطة و جاء موظفو المعارف، فحافظوا علي المحل و بواسطة غواصين أخرجوا النقود الذهبية من الماء، فبلغت نحو ثلاثة آلاف قطعة من المسكوكات العباسية، و بينها ظهرت قطعة بثقل نحو عشرين ليرة بصورة (سبيكة) ذهبية.
و في جريدة الشعب الغراء الصادرة في 2- 3- 1955 م أن (القفّاف) صالح المشهداني الذي عرف ب (المعتصم) باسم نقود هذا الخليفة التي عثر عليها. أخذها في منديل (كفية) و ثلاثة أكياس.
و المشهداني نسبة إلي عشيرة المشاهدة القاطنين شمال الكاظمية. و كان (حادورة) في (القفّة) المحمل فيها القرع. و الكنز وجد في مسناة بيت السويدي وجدت في حب كبير ضربه في مرديه فانهالت الدنانير، فلم يعلم أحد و فرغ القفة. و في هزيع من الليل عاد فأخذ ما تمكن من أخذه. و من ثم سمي المعتصم و داره تعرف ببيت المعتصم و صارت له ثروة حكاها ابنه (السيد محمد) بن صالح المشهداني.
و جاء تفصيل نوع النقود في مجلة سومر ج 10 ص 180 بقلم السيد الأستاذ ناصر النقشبندي.
و جاء في مسكوكات عثمانية عن هذا الحادث ما ترجمته:
«عثر علي هذه النقود في شاطي ء محلة خضر الياس، و قد تناهبها الناس، فعلمت الحكومة بذلك، و هذه أخذت إلي استنبول و إن ناظر المالية آنئذ أصر علي لزوم إذابتها لما أصابت الدولة آنئذ من ضائقة مالية
و حينئذ اضطر مدير المتحف الأسبق حمدي بك الذي كان شغل هذا
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 164
المنصب نحو 30 سنة أن يذهب إلي الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) خليل رفعت باشا فكان سعيه في سبيل منع وزير المالية مثمرا، فأصدر أمره بأن لا يتعرض لهذه النقود.
وضع الحجر الأساسي لبناء سراي الكاظمية و أجريت المراسم يوم السبت 24 رجب سنة 1318 ه حضره الوالي نامق باشا، و المشير أحمد فيضي باشا و حاكم الشرع كمال الدين بك.
لما احتوي من الخواص المغذية فلم تصدر التشويقات، و الإعفاءات من الرسوم في زرعه في ممالك الدولة العثمانية، حتي صدرت الإرادة الملكية في الإعفاء خمس سنوات اعتبارا من سنة 1313 رومية ثم بوشر باستيفاء العشر عنه. و في هذه المرة أعفي عشر سنوات أيضا. للتشويق علي زرعه.
و كان يدرس العلوم الدينية و اللسان العثماني. و كنت طالبا في أيامه، و هو رجل من أهل الصلاح، و من الأخيار. و من الغريب أنه كان يدرسنا اللغة العربية بالتركية. يدرس (كتاب المشذب).
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 165
و هو مقرر لتدريس أبناء الترك العربية، فصار يدرس فيه أبناء العرب العربية. و هذا درست فيه و تخرجت منه في صيف سنة 1319 رومية.
و بعدي بسنة تخرّج أخي المرحوم علي غالب العزاوي المحامي المتوفي في 30 آب سنة 1945 م و ذلك بعد أن تخرجنا من المكتب الابتدائي المعروف ب (الحميدي).
بين شمر و الدليم كانت و لا تزال الوقائع المؤلمة من حرب و غزو.
و هذا مما يسبّب زوال الأمن و الراحة، فهي في قلق دوما، و أن الحكومة أرادت إصلاح ذات البيت فانعقد مجلس الإدارة بمحضر من الوالي، و كل واحد ترك ما له من حق نحو الآخر. و كان رئيس شمر آنئذ مجول بك، و رئيس الدليم الشيخ سليمان البكر والد الشيخ علي السليمان، فتم الصلح بينهما. و أخذت العهود عليهما، و أن يكونا مسؤولين فيما إذا حصل ما يقلق الراحة. و تحابا و تصافحا علي الأصول.
عثر علي ما يزيد علي ألف قطعة من المسكوكات تخص (آق قوينلو)، و (قره قوينلو) في دار التاجر اليهودي سلمان صالح حينما كان يعمرها، فأرسلت إلي نظارة المعارف. و تبين أن ليس لها قيمة، فأخذ نصفها للمتحف، و الباقي أعيد إلي صاحبها فلم يقبلها و تركها للمكاتب الابتدائية الإسلامية.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 166
من أشراف بغداد و هو ابن أحمد آغا مرض منذ مدة فلم ينج من مرضه، فتوفي في يوم الاثنين 16 ذي الحجة سنة 1317 ه عن عمر يناهز السبعين و كان من بيوت بغداد القديمة، و له مزايا أخلاقية من زهد و تقوي، و حصل علي قائممقاميات متعددة و متصرفيات، فأدي خدمات صادقة. و ابنه شوكت بك قائممقام الحلة. ثم صار شوكت باشا. و له أبناء و هم السادة فخامة ناجي باشا و الدكتوران سامي و صائب.
و هو (مسيو آلفرد راپاپورت) و قدم البرات لمقام الولاية بصورة رسمية، ثم أعاد له الوالي الزيارة في اليوم التالي.
و هو أحد وكلاء الدعاوي المشاهير في بغداد. والد الأساتذة أنور و فؤاد آل الخياط.
فذهب الوالي نامق باشا لحل النزاع و توزيع الأراضي للغرض المشار إليه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 167
في ليلة الاثنين 26 رجب سنة 1318 ه توفي الشهم الهمام، و البطل المقدام، فريد زمانه، و وحيد أوانه محمد آل جميل، أشرف الوجوه من ذوي البيوت المحترمين في بغداد، و أقدم الرجال الكرام الحائزين درجة استنبول الرفيعة.
و كان مماته فجأة، و في صباح اليوم الثاني حضر لتشييع نعشه كل من صاحبي الدولة حضرة والي باشا، و حضرة مشير باشا، و جميع أركان الولاية و مأموريها و أشراف البلدة و متميزيها و السادات و مشايخ الطرق، و جمّ غفير من الأمة، و حمل بكمال الاحتفال. و نقل إلي الجامع الشريف الذي هو من آثار أسلافه، الواقع بإزاء داره و بعد أداء صلاة الجنازة أودع في تربته.
و هو الغيور الكريم الوقور، الطود الشامخ، الأريب الكامل، الأديب البارع، من كرام أركان بيت رفيع العماد، شهير بالعلم و الفضل، متصف بالأصالة و النّجابة، ورث الشرف العظيم من أسلافه الأنجاب الأمجاد، و لا يزال بأخلاقه الحسنة و كمالاته الذاتية و فضائله الإنسانية يزيد عليه حتي بلغ المرتبة العليا. فترك إلي أخلافه في الشأن ما لا يوصف.
و كان له النصيب الأوفر في الخصائل الممتازة كالغيرة و السخاء و السماحة و الوفاء. و علو الجناب و حب الخير لبني نوعه، و تقلّد كثيرا من الخدمات المهمة للحكومة. أظهر في جميعها مآثر الفعالية و آثار الصدق و الاستقامة. و قد توشح و تزين صدره بالوسامين العثماني و المجيدي من الدرجة الثانية.
و حافظته كانت قوية، واسعة جدا مزينة بكثير من المناقب الحكيمة و الأبيات البليغة، فكان يورد في المحافل لكل مقام ما يناسبه من
موسوعة
تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 168
الشواهد الأدبية، و الوقائع التاريخية، و نوادر الأمثال، فيفيض علي الحاضرين أدبا و حكمة.
و أما إقدامه و اهتمامه في الأمور الخيرية و جدّه التام فقد كان مستلزما للفخر العظيم في مملكتنا، فكان فقده ضياعا عظيما لبغداد بل للخطة العراقية بأسرها.
حزن عليه الجميع. توفي عن ابنه النجيب صاحب الفضيلة عيسي غياث الدين أفندي من أعضاء محكمة الاستئناف، و عن أخويه صاحب الفضيلة مصطفي أفندي، و محمود أفندي.
رثاه محمد جابر ابن المرحوم أسعد أفندي المفتي الطبقجهلي من الحلة ببرقية:
بفقد محمد قد جلّ خطب له الأشراف طأطأت الرؤوسا
و إن الصبر في عيسي جميل فتي يجلو بطالعه النحوسا
بموت أبيه مات المجد لكن بإذن اللّه قد أحياه عيسي
و للقزويني:
لأبي عيسي بكت عين المعالي فهوي في فقده بدر الكمال
فلعيسي أسوة بالمصطفي يتسلّي و بمحمود الفعال
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 169
يتفرع من نهر ديالي، و يتشعب إلي الخالص الغربي و التحويلة.
و فيه يقع دائما العطش في بعض الجهات. لا سيما أيام الصيف. و كان قد خرب الخالص الغربي، و لا تزال المنازعات في التطهير و الإصلاح قائمة علي قدم و ساق. و منهم من يري لزوم حفر دوار من (نهر الگوتي) أو أن يسال الماء من جهة الصوجاغ. و ما زال السعي مستمرا، و لكن التدابير لم تكن ناجعة. و من التدابير أيام الصيف عمل السدود، و إعطاء الاستحقاق المعيّن لأهل الأنهار.
صدرت الإرادة بعمله، و لم يكن فيها جسر، و قرر أن ينشأ في محل يبعد نحو ربع ساعة عن البلد إلي الجنوب، و جري الاحتفال بافتتاحه.
جري افتتاحه في يوم الخميس الساعة الثالثة غروبية صباحا في 15 ذي الحجة سنة 1318 ه فحضر الوالي و المشير و جماعة من الأعيان و الأشراف. و قرأ المرحوم الأستاذ محمد فهمي المدرس محرر جريدة الزوراء الدعاء للسلطان و لوزرائه و للوالي. و إن البيانات كانت حول الحاجة إلي مستشفي مثل هذا. ثم اتخذت حديقة أمامه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 170
ابن إبراهيم آغا. أصلهم (ألبان) و هو من بيت علم. مدرس أول في مدرسة الإمام الأعظم. عاش نحو مائة سنة. و من أولاده الحاج أحمد أيضا توفي في سنة 1955 م. و هو خال الأستاذ إبراهيم أدهم الزهاوي. و كان من الزهاد و خلفه في التدريس الشيخ سعيد النقشبندي و هو أخو الأستاذ عبد الوهاب النائب.
و أثنت الجريدة علي أدبه و كماله.
فلم يسمع بنزول مثله في سابق العهود في أنحائنا. و صار يبالغ فيه و لا شك أنه أضر بالأشجار و النباتات.
أخو السيد عبد الرحمن و السيد عبد اللّه و السيد أحمد. توفي يوم
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 171
الثلاثاء 14 شعبان سنة 1319 ه و شيع جنازته الأشراف و الوالي و سائر الأمراء و الأعيان. و دفن في الحضرة الگيلانية.
الطريق الآن هو طريق بغداد- الدليم- عانة- دير الزور. و هو معروف و لكنه لم تمسّه يد التعديل و الإصلاح، و المسافة من بغداد إلي حلب 24 أو 25 يوما و إلي الدير 15 يوما، و هو من الطرق الشاقة التي يصعب سلوكها سواء كانت علي الدواب أو المحمل (تخته روان) و صار بعض المسافرين يركبون العربات، و لكنهم يلاقون المشاق و الصعوبات.
و من ثم أمرت الحكومة بتعديل الطريق و تسويته، فذهب المهندس موسيو (شاوانيس) من جانب الولاية ليلاحظ الطريق. و من طريق الخر أجريت بعض التسوية و لم تتم.
توفي الشيخ عبد اللّه (شيخ الحلقة) في الحضرة القادرية يوم الثلاثاء بعد العصر في 10 ذي القعدة سنة 1319 ه و دفن في الغزالي. و هو والد المرحوم السيد محمد نجيب شيخ الحلقة.
تخرّب هذا الجسر و صار لا يصلح للمرور و عاد بالمضار الكثيرة فاضطرت الدولة إلي تعميره. و نصب في 26 جمادي الأولي سنة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 172
1320 ه- أيلول سنة 1902 م قامت بعمله مدرسة الصنائع ببغداد. و مما قيل فيه:
هي الحضارة ما تعلو بها الرتب و ما سوي العدل في الدنيا لها سبب
و اليوم أضحت بملك ساسه ملك من آل عثمان مضروبا له الطنب
عبد الحميد الذي رامت فما اقتدرت تحصي مناقبه الكتّاب و الكتب
هو المليك فلا تعدل به ملكا سواه إذ ما تساوي النبع و الغرب
أيام دولته الغرّاء تحسبها عقدا تحلّي به أجيادها الحقب
ملك تودّ نزولا عند مربعه لتلثم الكف منه السبعة الشهب
مؤيد بجنود من مهابته أسيافه الرأي لا الهندية القضب
تقلّد العدل سيفا في الأنام و كم له من الحزم فيهم عسكر لجب
أحسن به سيف عدل من تقلّده دانت له الروم و الأعجام و العرب
أدام سيب الندي حتي لقد حسدت ندي يديه بحار الأرض و السحب
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 173
و كيف تنهل سحب قطرها مطر و ليس يحسدن سحبا قطرها ذهب
فأصبح الملك مطلول الرياض به تود من أرضه الخضراء تقترب
هذا العراق أجل طرفا بخطته يبدو لعينيك منه ما هو العجب
و انظر إلي ساحة الزوراء تلق بها لنامق همما زالت بها الكرب
ذاك الوزير الذي دار السلام به ماست من الفخر عطفا هزّه الطرب
كانت مريضة جسم قبله فأتي و هو الطبيب و فيها الداء منتشب
حتي تتبع أقصي
دائها فبدا فيها الشفاء وزال السقم و الوصب
فكم له من أياد في مرابعها و كم له من مساع شكرها يجب
سعي بتجديد جسر من تكسره كانت سفائنه كالماء تضطرب
فعاد جسرا علي الشعري العبور لمن رام العبور عليه التيه و العجب
كل البدائع جاءت في صناعته مستبدع الصنع مأمونا به العطب
كأنه و وضوح في طرائقه مهند منتضي في متنه شطب
كأنما كل فلك في محاسنه خريدة وشيت أثوابها القشب
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 174
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 175
تستوقف العابر العجلان صنعته فيقصر الخطو فيه و هو مرتقب
إن قال واصفه فاق الحديد فلا تعجب فربّ حديد فاقه الخشب
فقلت مذ مدّ منصوبا أورخه جسرا لدجلة في الزوراء قد نصبوا
1320 ه
عزل الوالي: عزل في يوم نصب الجسر في 26 جمادي الأولي سنة 1320 ه فآلمه جدا. و المسموع أنه لم يصرف له مبالغ مهمة فإن أكثر أخشابه جمعها من أهل البساتين و الملاكين. لحاجة الدولة آنئذ. و نري جماعة يذمونه و آخرون يمدحونه. و لا شك أن مالية الدولة لا تتحمل فكلف الملاكين. و جاء في ذمّه بعض أشعار في يوم نصب الجسر و عزله منها:
قوموا بنا يا بني الزوراء نبتهل فعن قريب جميع الخزي يرتحل
اللّه أكبر زال الشك و ارتحلت عنا الهموم و زال الخوف و الوجل
قد جاءكم خير فال من مؤرخه بشري فنامق بعد الجسر ينعزل
رأيت هذه الأبيات في (كتاب شكرية) المخطوطة الموجودة نسختها عندي و لم أقف علي اسم ناظمها.
و مما قاله الأستاذ المرحوم محمد فهمي المدرس:
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 176
و بمعجم الألفاظ أرخ قائلا مرّوا عليه ذا صراط مستقيم
و جاء بحقه بيت بالتركية أنقله عن المرحوم الحاج محمد رفعت المقدم المتقاعد والد الدكاترة أكرم و نهاد و بسيم و لم يعلم من قاله و إنما شاع علي الألسن:
چيقدي نامق بغداد ايچندن منكسر كيچدي قفه ايله كيچمدي فوق الجسر
و كان ذلك في يوم الاحتفال بجلوس السلطان عبد الحميد، و كان جالسا للتبريكات أو قبيلها فبلغ بالعزل و الشائع أنه أجري افتتاح الجسر و حينما أراد المرور منه بلّغ نكاية به. و هذا ليس بصحيح علي ما أكده لي المرحوم محمد رفعت.
و
قال السيد محمود حموشي في مجموعته:
«كثرت عليه الشكاوي. و من جملتها أنه في يوم الجمعة صلي في جامع أحمد باشا الكهية (جامع الميدان)، و أن الخطيب دعا للسلطان ثم للوزير و حينئذ أخذت منه الخطبة و أرسلوها برقيا إلي الصدارة، فجاء البرق مخبرا بعزله … » مما يدل علي الحنق و التألب عليه.
تزوج هذا الوالي عاتكة خاتون بنت المرحوم الأستاذ نعمان خير الدين الآلوسي و ابنه حسن رضا بك من زوجته الأولي سافر إلي ألمانيا لإكمال دراسته و هو مشهور بفرط الذكاء و عاد إلي بغداد مع الوالي ناظم باشا و قتله أسعد باشا الألباني قائد (اشقودرة) حيث كان مدعوا عنده و ذلك أثناء الثورة الألبانية.
و علي كل حال ثبتنا ما سمعنا مؤيدا بشعر منقول، و المرء لا يخلو من
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 177
ضد، و غرضنا تعيين الاتجاهات المختلفة. و لم يرض البغداديون عن وال و لا يخفي المصلح من المفسد. و كانت الأنحاء العراقية في مشادة دوما مع الحكومة، و غالب الولاة يرون تضييقا من الدولة في الحصول علي المال، و تنفيذ ما يمكن دون أن يخسروا شيئا في سبيل الإصلاح، و خير الولاة من كان نهجه أن يأخذ و يفيد كما فعل مدحت باشا. و هناك من لم يستطع أن يقوم بالمهمة و غالبهم أبدي العجز. عرف منهم كثيرون بحسن السمعة.
إن وكالة الولاية عهد بها إلي قاضي بغداد أبي بكر حلمي، و هو الذي أجري المراسم بصفته وكيلا و بقي في الوكالة شهرين ثم وليها بالوكالة بعده المشير أحمد فيضي باشا. و كان سيي ء الأحوال. انفصل من الوكالة في 11 شعبان سنة 1322 ه- 21 تشرين الأول سنة 1904
م.
من الوقائع المهمة ما جري بين ابن الرشيد و ابن السعود و ذلك أنه في سنة 1320 ه ثار أهل القصيم و الرياض علي آل الرشيد لما رأوا من ظلم لا يطاق، و دعوا عبد الرحمن الفيصل من آل السعود، فنابذوا آل الرشيد العداء، و جاهروا بالخصام و الدولة لم تنظر إلي أعمال ابن رشيد و ما قام به رجاله من اعتداء حتي عاد لا يطاق أمرهم.
و هذه كلفت العراق ثمنا غاليا في النفوس و الأموال. فالدولة أرادت أن لا ينهض آل سعود مرة أخري فجهزت جيشا لا يزال العراقيون يذكرونه بتألم لما أصاب أولادهم من ضرر، و من جهة أخري إن وكيل الوالي و هو أحمد فيضي باشا آذي التجار و الأعيان و العلماء فصار يكلف هذا و ذاك للذهاب معه، و أن يقوم بالتشويق للحرب، و لم يترك العلماء من هذا الأمر، و إنما سلبهم بهذه الوسيلة. فوق ما يملكون.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 178
و كانت الإرادة السنية في تجهيز الجيش صدرت في ذي الحجة سنة 1321 ه، و سار الجيش في سنة 1322 ه. و أصابه كل عناء بل هلك و لم يبق منه إلا بعض الأفراد فتولدت فيهم عاهات رافقتهم مدة حياتهم.
و مجمل ما أقوله هنا إن الجيش صار تابعا لأوامر البدو في حركاته و سكناته و لم يحافظ خطوط حركته، و لا التزم ما يقتضي من مخابرة و تموين و عتاد. سار في العلماء فهام في البادية لا يدري إلي أين مصيره فمات من مات.
و يهمنا أن ابن رشيد لم يشأ تدخل الدولة و أراد مدافع و أسلحة …
و الخوف فيه تولّد من حادثة الأحساء أيام مدحت
باشا أعان ابن سعود فاستأثر بالغنيمة.
توفي ليلة الاثنين الساعة الثامنة غروبية و دفن صباح الاثنين في 19 ذي الحجة في تكية البكري. و ترك بنتا. له مجموعة في دروس الوعظ.
و كان من مشايخ القراء في بغداد، درس علي المقري ء المعروف الملا خليل المظفر، و الملا عمر الخضيري و درس عليه كثيرون.
في 17 شعبان سنة 1322 ه ولي بغداد عبد الوهاب باشا أمير أمراء (روم ايلي) و ورد بغداد في يوم الجمعة 8 شوال سنة 1322 ه و كان والي الموصل الأسبق. و هو (ألباني) الأصل. و هذا الوالي راعي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 179
آل الحيدري كثيرا، و اكتسبوا في أيامه نفوذا، و نكب آل الزهاوي.
دامت ولايته نحو سنة. و لم يعرف عنه من الحوادث ما يستحق الذكر.
و مما قيل في وروده:
نسمات العدل هبت أحيت القلب فعاشا
و قلوب الخلق ريا بعد ما كانت عطاشا
عطرت بغداد أرخ بشذا وهاب باشا
1322 ه
و علي الضدّ منها ما جاء باللغة التركية:
خطاي نابجايي يا پديران ظن ايتمه و اليدر بالق باشدن قوقار ضرب مثل معلوم عاليدر
و لآخر:
خطاي نابجايي يا پديران هيچ شبه يوق باريدر مسلمدر قوقار باشدن بالق مراد اللّه بويله جاريدر
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 180
و كان رحمه اللّه من الأخيار. و أخلاقه مرضية. و هو ابن عبد اللطيف بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن داود و هؤلاء توالوا في التولية. ثم خلف نعمان أفندي في الوكالة أخوه الشقيق عبد الباقي ثم توفي مصطفي المذكور عن ابنه أمين ثم إلي ابنه جاهد و بعد وفاته انحلت التولية.
و له مؤلفات عديدة. توفي في 3 شوال سنة 1322 ه. و ترجمته في التاريخ العلمي. و من أحفاده الأستاذ عارف الأعظمي المحامي و الأستاذ فائق الأعظمي ملاحظ محكمة البداية سابقا.
في 22 المحرم من هذه السنة نفي و أبعد كل من السادة ثابت بن نعمان خير الدين الآلوسي، و السيد محمود شكري الآلوسي، و الحاج حمد العسافي. و كان ذلك في أيام عبد الوهاب باشا والي بغداد في الليلة التي وردت برقية بنفيهم. هذا ما جاء في مجموعة السيد محمود حموشي.
و ضبط التاريخ. و كان أمر تبعيدهم إلي بلاد الترك من طريق كركوك، و بيّن أن عبد الرزاق الأعظمي كان مقصودا أيضا إلا أنه اختفي، فلم يذهب معهم.
و لم يطل أمر تبعيدهم و لا تجاوزوا الموصل و إنما تشبث أهل الموصل من علماء و أعيان كما تشبث الأستاذ الحاج علي علاء الدين
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 181
الآلوسي الذي كان في استنبول في إرجاعهم فعادوا بعد مدة قصيرة.
عزل الوالي عبد الوهاب باشا في سلخ شعبان سنة 1323 ه.
و خرج من بغداد يوم الخميس 10 شوال سنة 1323 ه. فخلفه بالوكالة قائد الفيلق المشير سليمان باشا و هذا القائد كان بينه و بين كاظم باشا الفريق الأول نفرة، و كاظم باشا صهر السلطان عبد الحميد، و قائد الخيالة، و كان يتولي الوكالات لبعض الولاة. و في نتيجة النزاع عزل سليمان باشا، و نفي إلي أرزنجان، فلما وصلها أعيد، و كان يعتقد في حساب الجفر، و مما يحكي أن حسن المتقاعد من (الحجر الصحي) أخبره أنه سيعود، فلما عاد أكرمه، فقوي اعتقاده في صحة حساب الجفر. فأسند إلي أعدائه أمورا أثرت في استنبول. و وجدت أذنا صاغية، فقبلت و أعيد.
و الملحوظ أن رئيس أركان الجيش في أيام عبد الوهاب باشا كان فخري باشا.
ثم خلفه الوالي عبد المجيد بك. و كان يعرف ب (مجيد بك)، و
هو كاتب قدير، و رتبته (بالا). ورد بغداد في 28 شوال سنة 1323 ه.
انفصل الفريق مخلص باشا والي البصرة و قائدها، و أحيلت الولاية بالوكالة إلي والي بغداد مجيد بك. و هذا الوالي واقف علي دقائق الأمور و غوامضها، و له تجارب عديدة فيما عهد إليه، و قام بالهمّات
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 182
و المعضلات. و لم تمض مدة حتي عيّن لمنصب البصرة حسن بك فوصل إلي بغداد يوم الجمعة في 14 شوال سنة 1324 ه و في 16 منه توجّه إلي البصرة.
توفي ليلة 28 شهر رمضان سنة 1324 ه و شيّع جثمانه الأهلون، و كان دينا، عاقلا، كاملا محسنا، و إن وفاته ضياع أليم. و كان عالما و أديبا. ذكرته في التاريخ الأدبي. و هو من أشراف بغداد.
صدرت الإرادة بنصب والي مناستر أبي بكر حازم بك واليا لبغداد و أن ينتظر الوالي السابق مجيد بك إلي إشعار آخر.
سافر مجيد بك إلي استنبول يوم السبت 26 ذي الحجة سنة 1324 ه و أجريت له المراسم المعتادة.
و كان سبب عزله حركة كربلاء حينما وجه رشيد باشا ابن الأستاذ محمد فيضي الزهاوي وكيل المتصرف فوقع قتال بين العجم و بين الجند بسبب أخذ الرسوم. و عندي رسالة خطية باللغة الفارسية في تفصيل هذه الواقعة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 183
وصل إلي بغداد يوم الجمعة 3 المحرم سنة 1325 ه فأجريت له المراسم و الاحتفالات المعتادة. و هنأوه بمنصبه. و كان برتبة (بالا).
ولد سنة 1864 م و تقلب في مناصب تحريرية أولها سنة 1294 ه و هو من سلالة مراد باشا صاحب الخيرات العميمة في (نيكده).
و هذا الوالي أصل محلته (تبه و ايران) فصارت تبه يران (تپيران) و هذا ما اتخذه هذا الوالي عنوانا له في أيام أتاتورك.
كان حدث في كربلاء قتل أربعين شخصا من الإيرانيين الأمر الذي دعا إلي توجيه منصب الولاية إليه، فوردها براتب ثلاثين ألف قرش.
و هذه ترجمة الفرمان:
«افتخار الأعالي و الأعاظم، مختار الأكابر و الأفاخم، المستجمع لجميع المعالي و المكارم، المختص بمزيد عناية الملك الدائم، من أعاظم رجال دولتي العلية، والي ولاية مناستر، الذي أحسن بتوجيه إيالة ولاية بغداد لعهدة استيهاله، الحائز و الحامل للوسامين العليّين العثماني و المجيدي حازم بك دام علوه.
لقد بلغك توقيعي الرفيع الملوكي فاعلم أن أقصي آمالي الملوكية هو تزييد العمران في ولاية بغداد و تكثير ثروتها علي حد ما لها في ذلك من الاستعداد و القابلية، و كذا تمهيد سبل الأمن لأهالي الولاية، و توطيد
موسوعة
تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 184
طرق الراحة من جميع الوجوه لقطّانها و تكميل أسباب الرفاه و السعادة فيها فتلك أمور ملتزمة لدي جنابي الملوكي غاية الالتزام، و حيث إن ظهور الخدمات الحسنة منك طبق آمالي السلطانية هو مأمول و مترقب لدي جانبي السلطاني لكونك أنت المشار إليه من المتصفين بالدراية و الروية و من متميزي مأموري سلطنتي السنة الواقفين علي الأصول الإدارية، و إن أحاسن توجيهاتي شاملة لك و مقررة في حقك وجهت إلي عهدة اقتدارك إيالة ولاية بغداد بموجب إرادتي الملوكية السانحة و الصادرة بالشرف من لدن عواطفي السنية، و عوارفي الجليلة السلطانية في اليوم الخامس عشر من شهر شوال المكرم سنة 1324 و أصدر من قبل ديواني الهمايوني جليل أمري هذا ناطقا بمأموريتك، فعليك أنت أيضا حسبما جبلت عليه شيمتك البهية، و بمقتضي ما اتصفت به من الدراية و الأهلية أن تبذل الوسع كما تقتضيه مأموريتك في إيفاء مصالح الولاية و حسن تسوية أمورها وفق أحكام القوانين المؤسسة و النظامات الموضوعة متمسكا و متوسلا في جميع الأحوال بالشريعة المطهرة النبوية و أن تخرج عند اللزوم إلي الملحقات و تطوفها، و أن تخفض للجميع جناح الرأفة و الشفقة فلا تجعل لسبب ما أحدا يؤخذ بالجور و الأذي بغير حق و أن تهتم كل الاهتمام و تعتني غاية الاعتناء بالخصوصات المتعلقة بتزييد الثروة و توفير التجارة، و تنظيم أحوال قطّان الولاية و تبين ما يلزم إنهاؤه إلي سدتي الملوكية مما يقتضي اتخاذه و إجراؤه من التدابير النافعة علي التعاقب و تسعي في أقصر مدة لإظهار ما يكفي للحصول علي المطلوب من الآثار الفعلية و بالجملة فعليك أن تصرف القدرة لجعل مصالح الولاية العمومية علي
الوجه المطابق لمقصدي الملوكي دائرة علي محورها المطلوب، مجدّا في استجلاب الدعوات الخيرية لجانبي الأسني الملوكي تحريرا في اليوم السادس و العشرين من شهر شوال المكرم لسنة أربع و عشرين و ثلاثمائة و ألف». ا ه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 185
قري ء الفرمان يوم الاثنين في 5 المحرم سنة 1325 ه بمراسمه المعتادة و بمحضر من الأشراف و الأمراء و الأعيان و سائر الموظفين.
و بعد انتهائه ألقي الوالي خطابا كانت هذه ترجمته:
«ينتظر مني أن ألقي خطابا موجزا أو مفصلا كما ألقي قبلي أسلافي الكرام، و إنه من المتعذر إيراد الكلام الموزون في مثل هذا الوقت الذي أضحت به ألسنتنا العاجزة، و أفكارنا القاصرة في غاية من البهت و الحيرة لما أصابها من المهابة العظمي المتحصلة من بلاغة فرمان الحضرة الملوكية التي قرطت آذان المستمعين، و عظيم اللذة الحاصلة في قلوب الحاضرين علي أن الأمر الجليل الملوكي أوضح ما لحضرة سيدنا و مولانا أمير المؤمنين من الآمال الخيرية و المقاصد السنية المتعلقة بولاية بغداد كما أنه بيّن وظائف هذا العبد العاجز بتمامها، فمهما أقول فهو شي ء زائد بل عبث.
فنسأل اللّه تعالي رب العباد أن يزيد في عمر حضرة سيدنا و مولانا السلطان الأعظم و الخليفة المعظم و في شأنه و شوكته، و أن يوفق الجميع و لا سيما هذا العاجز لما فيه رضاه و رضاء خليفته إنه هو الجواد الكريم». ا ه.
ثم قرأ أمين الفتوي علي الخوجة الدعاء. و بعدها عاد الوالي إلي محله فهنأه القوم.
و إعطاء الأراضي الأميرية مجانا لراغبي ذلك.
و تقسيم أصنافها.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 186
.و لمحمد صالح الشابندر، و المشروع بشكل (شركة مساهمة) معروفة ب (آنونيم). و يقال: إن المرحوم الباجه جي قال: جئت من استنبول (بمفتاح الكيمياء) يقصد مشروع التراموي أي (المحجة بين النجف و الكوفة).
فكشف عليها الوالي لإجراء ما يجب.
فصدرت له الإرادة في 28 ربيع الآخر سنة 1325 ه و وصل إلي بغداد في 15 جمادي الآخرة سنة 1325 ه.
جاء ذكرهما بمناسبة الفيضان. و إن سدة الحويرة ذكرها الأستاذ
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 187
معروف الرصافي في ديوانه بعنوان (السد في بغداد) و لا شك أن القصيدة نظمت في جمادي الأولي سنة 1325 ه- 1907 م. مدح الوالي بها و جاءت في الديوان المطبوع سنة 1343 ه- 1925 م طبعة ثانية. و له قصيدة (سوء المنقلب)، و هي بعد تلك و جاءت في ص 92 من ديوانه ندب بها حال بغداد و ما أصابها من نكبات متوالية من أشدها قسوة الغرق و تلاقي مياه دجلة و الفرات مما أفزع الناس. بكي علي الكرخ و استبكي.
بعد أن طال مرضه نحو شهرين و دفن في الحضرة الگيلانية و أسرته من المماليك معروفة في بغداد. و هو والد درويش بك وجد الأستاذ فؤاد.
استقبلت الهيئة الإصلاحية و علي رأسها ناظم باشا ذو الدولة.
و هذه قامت بأعمال جليلة في تأسيس ثقافة في العراق. فكانت أعمالها من أجلّ الأعمال.
و لما كان الوالي لم يأتلف مع رئيس الإصلاحات في بغداد طلب نقله، فنقل.
قامت بأجلّ عمل يذكر، فأسست في العراق 24 مدرسة ابتدائية
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 188
للذكور، و ثلاث مدارس للإناث. و فتحت في 14 تموز سنة 1908 م أي قبل إعلان الدستور بتسعة أيام. و أهميتها في أنها وافق فتحها إعلان المشروطية فعادت بالثقافة علي القطر. و تكاملت عند تنسيق المدرسين فكان ذلك عملا مهما. و بذرة إصلاح جميلة.
و إن المدارس لم تكن تعدّ في الحقيقة مدارس، و لم يكن عمل الحكومة صحيحا في إدارتها و في هذه المرة قامت بخير عمل. و تاريخ تأسيس المدارس الرشدية يرجع إلي أيام مدحت باشا إلا أنها كانت بوضع غير مثمر و أما مدرسة الحقوق فإن الدولة العثمانية اتخذت (دار التدريس) في ديوان الأحكام العدلية في ربيع الآخر سنة 1281 ه- 1870 م و دام إلي أن شكلت (مدرسة حقوق) في عاصمتها في 4 صفر سنة 1304 ه- 1886 م و تأخر عندنا إلي قبيل المشروطية و لا شك أن ذلك دعا إلي ضرورة تكوّن عدة مدارس حقوق في البلدان الأخري.
و كانت المحاولات كثيرة في إلغائها و بقيت رغم كل ذلك، فاضطرت الدولة أن تنظر إليها بنظر جدّ و اهتمام. و كانت مدرسة الحقوق مؤسسة عدلية لدرس القوانين و الحقوق و النظامات و الحقوق الأساسية و الإدارية فكانت لها قيمتها في تنبيه الآراء و توجيه الأفكار.
ولي بغداد الوالي نجم الدين منلا. و لا يفرق فرمانه و لا الاحتفال به عن سائر الولاة قبله. دخل بغداد يوم السبت 23 ذي الحجة سنة 1325 ه- 1908 م. و استمر حكمه إلي ما بعد (إعلان الدستور). دام إلي يوم الخميس 23 ربيع الآخر سنة 1327 ه.
موسوعة تاريخ العراق بين
احتلالين، ج 8، ص: 189
من أعظم العهود العثمانية و أجلّها لما حصل فيه من انكشاف فكري في الأقطار التابعة للدولة و منها العراق. و يبدأ في 24 جمادي الثانية سنة 1326 ه- 23 تموز سنة 1908 م. و وقائع هذا العهد أحدثت تغيرا كبيرا في الإدارة، و ظهورا في نفسيات الشعوب، وصولة في تكسير قيود الاستبداد، و سرعة في التطورات السياسية و العلمية و الأدبية. تحاول الأمم أن تعيش حرة طليقة تعول علي نفسها. و العراق لم يكن متأهبا مترقبا للأمر، فلا تزال أوضاعه تتمخض عن حوادث جسيمة من أهمها الرغبة في تبديل السياسة و تحقيق ما تسمو إليه الأمة من عيشة راضية و حياة سعيدة.
و نري حوادث العراق متأثرة بما كان يجري في العالم من الآراء و العقليات و في حياة الأمم المشهودة ما يصلح أن يكون قدوة.
و يهمني هنا أن أوضح حوادثنا الخاصة و لا أتعرض إلا لما له مساس مباشر أو تفسير قطعي. و مراجعنا مستمدة من وثائق عديدة تخصنا أو دوّنت في حينها من الآخرين لمعرفة الأثر و التأثير. و كنت شاهدت الحالة. و الوثائق تذكّر بها. و فيها بيان الآراء المتعاكسة. رجحت ما اعتقدته راجحا، و لم ألتفت إلي ما سواه.
و هذا الوالي أدرك العهدين عهد الاستبداد، و عهد الحرية، و بقي مدة، فلم يحصل منه ما يخالف النهج التشريعي إلا أنه لم يتمكن من القيام بإجراءات مهمة و إصلاحات كبيرة، بل من أكبر ما يعد من حسنات
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 190
أيامه فتح المدارس الابتدائية للذكور و الإناث و مدرسة الحقوق، فكأن الحالة في انتظار هذا الانقلاب، و التأهب للعهد الجديد.
و هو من أشراف يكيشهر (يني شهر) ابن علي طيفور
بك، ولد سنة 1278 ه و تقلّب في مناصب عديدة، منها الموصل، و أرضروم، و ديار بكر، و قسطموني. و نال رئاسة الهيئة الإصلاحية في العراق. ثم عهدت إليه ولاية (يانية) في سنة 1325 رومية. و قبل أن يذهب إلي منصبه الجديد وجهت إليه وزارة العدلية (نظارة العدلية) فاستشهد في حادث 31 آذار في ميدان أيا صوفية.
و من المهم أن نقول: إن الدولة لم تستعض عن رجال إدارتها بغيره، بل لم يسعها ذلك، و الموظفون آلة الوالي، و واسطة تنفيذ قدرته، و هؤلاء عرقلوا سير الأمور جهلا منهم، أو بسبب سوء أعمالهم التي اعتادوها، فاضطرت إلي إبقائهم، علي أن يزاولوا أعمالهم بكل جد و استقامة، و قد عفا اللّه عما سلف، و إنها سوف تحاسب من شذّ.
لم يبال الكثيرون بالتهديد القانوني، و صاروا يستمرون علي سوء أعمالهم، أو جهلهم، و لم يستطيعوا أن يمشوا علي الأوامر المرسومة، فبقي الحال علي ما هو عليه، و الناس لم يسكتوا في أغلب الأعمال، و لا كظموا الغيظ، أطلقت ألسنتهم، فتوسلوا بالشكاوي، و زاد الضجيج بحق و بغير حق، و اعتمدوا الجرائد، و عدّوها لسان حال الأمة، فحصل اضطراب و ترجرج في الإدارة.
و في الوقت نفسه نري أهل الباطل قد علا أيضا صوتهم، و حاولوا أن يظهروا بمظهر المظلوم، و يعودوا إلي سيرتهم الأولي، فالتبس الأمر، أو كاد. و استأجروا بعض الجرائد، و أهل السوء لا يحصون في كل زمان و مكان.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 191
و هذه الحالة لا يقوم بإصلاحها وال من الأخيار، و إن كان يودّ إقامة العدل إذ ليس له من الموظفين إلا من لا خلاق لهم أو من هم جهّال لا قدرة
لهم علي أداء الواجب علي الأغلب و هذا شأن والينا.
كان يضمر الخير، و لكنه مقصوص الجناح، يرغب في الإصلاح ويهمّ به إلا أنه لا يستطيع القيام لضعف في الآلة، و جموح في طمع موظفيه. فلا يكفي أن يكون سديد الرأي و هو أعزل عن الموظفين القديرين.
مضت الحالة علي هذا النمط حتي أواخر أيام هذا الوالي في بغداد.
في 10 تموز سة 1324 رومية و 24 جمادي الثانية سنة 1326 ه (23 تموز سنة 1908 م) أعلن الدستور و تقررت الإدارة المشروطية (التشريعية)، فكان هذا الحادث من أعظم الحوادث، و الناس في الغالب لا يعلمون عنه شيئا، و لا يفهمون له مدلولا إلا أن هذه الحرية ساوت بينهم و بين غير المسلمين، فرأوا في ذلك حيفا بل عدّوا من الإهانة ترديد ألفاظ الحرية و العدالة و المساواة و الأخوة خصوصا أن خط گلخانه (التنظيمات الخيرية) يرمي إلي عين الغرض، ولّد بوقته نفرة و سوء تأثير في النفوس، و آخرون يعلمون حق العلم فائدة في هذه الحرية من جراء اتصالهم بالعالم الخارجي في مطالعة المجلات و الجرائد أو اتصلوا برجال الدعوة، فصار محيطهم أوسع، وثقافتهم أكمل، فلا رقيب عليهم و لا متجسس لأعمالهم.
و كان الإفهام صعبا، و السواد الأعظم جاهل، فكثر الخطباء، و صدرت الجرائد، و كتبت الأعمدة الطويلة في الجرائد تعيّن المراد في المقالات المسهبة في التوضيح و الدعاية في صلاح الإدارة، و التشويق لها، و لكن الغالب لا يزال يعجب مما كان يسمع من شدة الضغط
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 192
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 193
و التضييق في استنبول و الأنحاء المجاورة لها، لعلمه أنه كان بنجوة من الشرور، و من الاستبداد و يكرّرون أن الشريعة إذا كانت موجودة فما وجه الاعتماد علي القانون الأساسي، أو الحقوق الأساسية و ما ذلك إلا من جراء التلقينات التي أشبعوا بها. فالناس بين مصدق و مكذب، أو مثبت و منكر. و كل ما فسرت به أن هذه الإدارة وسيلة لتدخل الأجانب.
و لا غرابة، فالعراق لم ير عناء من عهد الاستبداد
إلا قليلا، و لا أصابته تلك الشدة إلا يسيرا، فكأنه في حلم، أو في غفلة عما كان يجري. إلا أن التلقينات المتكررة و العديدة أدت نوعا إلي التفهم لبعض المعاني، و لا زالت تتكاثر، و انتشرت الفكرة، و أعلن ما كان ينشر في الخفاء من جرائد و مجلات، فظهرت الآراء الحرة، و ذاعت ذيوعا شاملا. وقوتها مدرسة الحقوق ببغداد و المتخرجون العراقيون من كلية الحقوق باستنبول و كلية الملكية الشاهانية.
و من المؤسف أنها فسرت عند بعض الناس في أن يكون حبل المرء علي غاربه يسوغ له أن يتعاطي ما شاء من الموبقات، و أن يرتكب المنكرات، و يسرح و يمرح كما شاء له هواه، فانقلبت الفائدة، و ما ذلك إلا لأن غالب الذين رأيناهم فسحوا لأنفسهم المجال في تعاطي هذه.
حتي صار المفكرون ينددون بهؤلاء الذين فتحوا بابا واسعا لسوء الأحوال و الأعمال الشائنة، و عدم التقيد بواجبات الأسرة و الانهماك في الملذات بحيث اتخذوها وسيلة لقضاء الوطر مستمرا.
و علي كل حال كان الشعب يري لهذا الإعلان مكانته في التنبيه، و أثره في التلقين. فالتناصر تولد نوعا، و صار مشهودا بين الحكومة و بين الأقطار لفك الأغلال مما لم يعرف نظيره، و لا علم مثيله. و تتعين درجة ذلك بالحوادث و الأحوال التي سنتناول موضوعها و نقرر شكلها الواقعي بقدر الإمكان و مساعدة الوثائق.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 194
و العراق غالبه من العشائر، فكان تأثير التلقين مقصورا علي المتعلمين أو علي قسم منهم. و كذا كان الموظفون من رجال الاستبداد لم يعتادوا غير إدارته السابقة، و لا أثروا التأثير الكبير. و المتعلمون العارفون نظرا لقلتهم لم يتغلبوا علي تلك العناصر.
و أعتقد أن في هذا
كفاية لبيان الوضع و الحالة الراهنة، فلا نعجل بأكثر من هذا الإجمال. إلا أننا نقول من ظواهر هذا العهد:
1- الجرائد و المجلات.
2- الكتب و النشرات.
3- التلقينات و المظاهرات.
4- الفائدة الفعلية في انكشاف المواهب.
و لا ينكر أن هذه الحركة مباركة و قهارة، عظيمة الشأن من جراء إقامة صرح الحرية و تنبيه الناس لما لهم و عليهم قام بها نيازي و أنور و محمود شوكت باشا و نعتهم المرحوم الأستاذ حافظ إبراهيم الشاعر بقوله:
ثلاثة آساد يجانبها الردي و إن هي لاقاها الردي لا تجانبه
يصارعها صرف المنون فتلتقي مخالبها فيه و تنبو مخالبه
روت قول بشار فثارت و أقسمت و قامت إلي عبد الحميد تحاسبه
«إذا الملك الجبّار صعّر خدّه مشينا إليه بالسيوف نعاتبه»
و إن المثقفين من العراقيين كانوا يناصرون هذه الحركة و هم كثيرون
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 195
و بذلك يحاولون أن يجدوا ناصرا من جراء هذا التكاتف و التعاون لاستحصال حقوقهم و حسن إدارتهم. و لكن لم تمض مدة حتي صار طلاب الحرية من الترك لا يقصدون إلا حرية مملكتهم و شعبهم، و لا يبالون بالشعوب الأخري، بل قويت شوكتهم و تمكنت عنصريتهم و ساروا علي سياسة غير مألوفة، هي أن لا تعتبر المملكة عثمانية بل تركية، و لا ينظر إلي الشعوب الأخري إلا بنظر من يحاول الانفصال أو يدعو لفكّ العلاقة، و هكذا مما أدي إلي مشادات كثيرة و مخاصمات، و مطالبات بحقوق يصح تلخيصها في:
1- المطالبة باللغة. و كانت اللغة العربية مهملة مع أنها لغة الشعب العربي عامة.
2- الاشتراك في الإدارة، و تساوي التوظيف في المملكة العربية، و أن يكونوا من العرب كما يجب أن يكون في بلاد الترك من هم من العنصر التركي.
3-
أن ينالوا الثقافة اللائقة كما نالها الأتراك، فتكون لهم مؤسسات علمية و أدبية لا تفترق عن غيرها. و صاروا يقدمون الأرقام للمؤسسات التركية.
4- أن يراعي في التوظيف للبلاد العربية ترجيح من يحسن العربية ليتم التفاهم.
و اشتد النزاع، و قوي الجدال وطالت المطالبات و أذعنت الحكومة أحيانا و جاهرت بالإصلاح. حتي سقوط الدولة العثمانية و خروج بلاد العرب من الأيدي فلم يقوموا بأمر إصلاحي فعلي، و اكتفوا في الغالب بالمواعيد. فلم يمكنوا ثقافة الشعوب ليرتبطوا بهم و يكونوا يدا علي من سواهم. فاختلف التلقي لمعني الحرية، و لمفهوم العدالة، و المراد من المساواة، مما كان يلهج به هؤلاء دوما و بإزعاج و إلحاح.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 196
- نعم أعلنت المشروطية، و انتشرت المطبوعات و تنبهت الأفكار فعلمنا الشي ء الكثير، والتفتنا إلي ما لم نكن نحلم به أو نهتم له، و كان لهذا الاحتكاك في الآراء أثره. فخبرنا ما في العالم من أحداث أدّت إلي ما يزيل الغفلة، و إلا فلم يعرض لحريتنا سوء، فنري في هذه الصفحات ما يعين الحالة، و يميط اللثام عن درجة العلاقة بالأهلين و نواحي الاتصال بهم و انكشاف الأمر حتي لم يبق خفاء في العراق و غيره من الأحوال فذاعت مطالب قد تكون أوسع مما مر في عصور، فكأن التاريخ تجمعت عصوره في هذه السنين، زاد المطالعون، و كثر القراء، و انتشرت الجرائد و المجلات، و زادت المدارس.
و لا شك أن المرء يتطلع إلي هذه الأيام التي ابتدأت بيوم إعلان المشروطية و هو يوم الحرية، و يوم إطلاق القيود عن الأفكار، و هو يوم استقلالها، أو خروجها من قفص ضيق. كما أن الأهواء مالت إلي ما ترغب فيه،
و كل نال غرضه.
و لا شك أن الوقائع تميط اللثام عن الحالة بأمثلتها العديدة، و عن الحزبيات و انتشارها، و عن الآراء و تناطحها و هكذا. فظهرت الآراء الحرة. و لم تخل من فائدة و لا من انتباه و يقظة. إلا أن الأيام الأولي للمشروطية مضت و الناس كان عليهم من الصعب جدا أن يفهموها إلا قليلا.
اتخذت الدولة هذا اليوم عيدا مليّا، يحتفل به في كل سنة و تعاد ذكرياته كل عام، و يجري له المهرجان في كل بلد و موطن، و كانت قد قامت ثورة ضد الحرية، و لكنها أخمدت بسرعة، و استمرت فكرتها و رسخت في الأذهان إلا أننا نقول لم تقتصر فائدتها علي الترك وحدهم بل إن العرب استفادوا منها أكثر من الأقوام الآخرين.
و كان تيّار معارض يكره الحرية، و يظنها ضربة علي الإسلام،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 197
و يعدها أمرا منكرا، و ما زالت الآراء تشيع في الخفاء، و في يوم 17 شهر رمضان سنة 1326 ه قام حزب بغداد، و أجري مظاهرة يريد بها الشريعة كأنها نهبت من البين، أو سلبت من الأيدي، و لا قصد لهم سوي المظاهرة علي (حزب الاتحاد و الترقي)، و في هذه الحادثة أوقف معروف الرصافي، و عبد اللطيف ثنيّان بضع ساعات. و كان ذلك أيام الوالي (ناظم باشا).
و من ثم نشاهد من صاحب الرقيب الأستاذ عبد اللطيف ثنيان قلما سيالا، و مقالات ملتهبة في ذم هؤلاء و أمثالهم ممن يحاول ذمّ المشروطية، و القيام عليها أو التنديد بها أو بأصحابها و هكذا..
و الآراء المناصرة قويت، و وجدت تكاتفا، و إن الحكومة لم تبال بمثل هؤلاء، و القوة بيدها، الأمر الذي أدّي أن
تنال الإخفاق التام، و لم يعد لها هبوب أبدا و لا عاد لها ذكر.
و هذا المجلس من أعظم ظواهر الأمة في حالتها التشريعية، و لم ينجح المجلس الأول في أوائل أيام السلطان عبد الحميد.
أعلن الخط السلطاني، و القانون الأساسي (الدستور) في 7 ذي الحجة سنة 1293 ه و لم يعمل بهما إلا مدة قصيرة فتغلب استبداد هذا السلطان، و لم يعد العمل بهما إلا في تموز سنة 1908 م. و صارت الإدارة مشروطية.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 198
و من أوضح ما جري بعد المشروطية انتخاب مبعوثين (نوّاب) من بغداد و الألوية العراقية كسائر البلدان العثمانية للقيام بمهمة التشريع، و ما يقتضي للمملكة من سير الحالة القانونية و حسن جريانها و كان الانتخاب من كل قطر بنسبة نفوسه. ثم صار موضع البحث قضية دخول العشائر في الحساب أو عدم دخولها. و لكن الأمة لا تعلم عن الانتخاب و المنتخبين، و ما كانت أرادته الحكومة قد جري. و هكذا لم ينل هذا القطر حرية انتخابه و بيان رغبته.
افتتح مجلس المبعوثين (النواب) في 23 ذي القعدة سنة 1326 ه 17 كانون الأول سنة 1908 م و هذه هي الدورة الأولي. و انتخب فيها عن العراق:
1- عن لواء بغداد:
(1) الأستاذ إسماعيل حقي بابان.
(2) الحاج علي علاء الدين الآلوسي.
(3) ساسون حسقيل.
2- عن الديوانية:
(1) شوكت باشا ابن رفعت بك والد فخامة الأستاذ ناجي.
(2) السيد مصطفي نور الدين آل الواعظ والد صديقنا الأستاذ إبراهيم الواعظ.
3- عن كربلاء:
(1) الحاج عبد المهدي الحافظ.
4- عن البصرة:
(1) السيد طالب آل النقيب.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 199
(2) أحمد باشا الزهير.
5- عن المنتفق:
(1) رأفت السنوي. والد الأستاذ نشأت السنوي.
(2) خضر لطفي عضو محكمة
البداية في المنتفق.
6- عن الموصل:
(1) محمد علي فاضل حافظ. والد معالي الأستاذ الدكتور عبد الإله حافظ.
(2) داود يوسفاني.
7- عن السليمانية:
(1) الحاج ملا سعيد كركوكلي زاده.
8- عن كركوك:
(1) الحاج علي ابن الحاج مصطفي قيردار. من أشراف كركوك و كان والده رئيس بلديتها و ابنه جميل صار نائبا و حفيده أمين صار نائبا في المجلس.
(2) صالح باشا آل النفطجي كان متصرفا في الحلة.
9- عن العمارة:
(1) عبد المحسن السعدون.
(2) عبد المجيد الشاوي.
و كانت تعزي لهذا المجلس فوائد لا تحصي كما في المجالس النيابية للأمم الدستورية فلم يلبث أن خاب الظن فيه، و تحوّلت إرادة المجلس لخدمة الدولة وحدها، و برزت أوضاع تستدعي النفرة منه،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 200
و قيام الشعوب للمطالبة بحقوقها، و المعارضة لسلوك الدولة.
و من جهة أخري إن الانتخابات لم تكن حرة، و إنما عينت الحكومة من رأته موافقا لرغبتها، و ملائما لسياستها. فصارت تعقب طريقة (هذا من شيعته و هذا من عدوه) و دعا ذلك أحيانا إلي حل المجلس، و دعوة النواب للمرة الأخري. كما أن المجلس وافق الدولة لأحوال حزبية. و كانت أصابت الدولة وقائع منها حرب طرابلس الغرب، و حرب البلقان، فالحرب العامة مما دعا أن لا تكون حرية للنواب، و لا طريقا للمحاسبة..
و بعد أمد وجيز صار ميل النواب إلي التوظف و أن يحرزوا منصبا في الدولة أكبر راتبا من النيابة، و بهذا أهملوا النيابة، و تركوا النضال و الجهاد في سبيل الإصلاح وزال أمل أنهم يكافحون للأمة و إنهاضها فخابت الآمال في الكثير منهم، فكانوا قد فرّوا من ساحات مشرفة، و رأوا الراحة بما يطمئن أغراضهم. و لعل الكثيرين قطعوا بأن لا جدوي من الإصلاح و السعي في
طريقه فمالوا إلي الهدوء.
و النواب كانوا في الأغلب بوضع عدم مبالاة، و نال الكثير منهم الغرور، و مزاولة الخطابة بوجه ما مقبول أو غير مقبول، فكثر الشغب، و تولدت الحزبية و المماحكة، و حدثت مناوشات كلامية و اختلافات شخصية أدت أحيانا إلي الملاكمة. و لم يكن للمجلس نظام داخلي، و لا سلوك مرضي، فلم تدقق القوانين بسبب الجدل و المماحكة.
ثم إن المجلس فسخ بإرادة ملكية في 28 المحرم سنة 1330 ه علي أن يجري الانتخاب الجديد. و هكذا توالت الانتخابات.
و كان قدّم المحامي رؤوف آل كتخدا في الدورة الأولي للمجلس
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 201
رسالة في الإصلاحات و هي لائحة أرسلها إلي النواب، تحوي 52 مادة طبعت في مطبعة ولاية بغداد في ابتداء شباط سنة 1324 رومية ثم ألحقها بمواد أخري نشرها باسم بعض إصلاحات ضمها إلي لائحة الإصلاحات. فأكمل المواد فبلغت 68 مادة طبعت في مطبعة ولاية بغداد أيضا سنة 1325 رومية و هي مهمة في بيان الماضي السابق لعهد المشروطية، و فيها تشريح لحالة الموظفين و بيان نفسيات الأهلين و المطالب الإصلاحية فكانت خير وصية إصلاحية للقطر العراقي و للدولة.
و لم نر فيها إلا حكاية ما وجد المؤلف، و له اتصال بمختلف الطبقات بسبب المحاماة، فكتب عن خبرة و إن كانت لا تخلو من غلو، أو مبالغة أحيانا فيسترسل قلمه، فلا يأخذ بجماحه فهي تبصر أكثر بما عاناه القطر من الآلام.
و القانون الأساسي، و قانون الانتخاب كانا قد نشرا في أول مجلس للأمة أيام السلطان عبد الحميد الثاني. و لا يسعنا هنا الاسترسال في كل ما عرف.
من أهم الظواهر، و أشهر الحوادث للمجتمع نالت من الاهتمام درجة لائقة، و في
العراق في مختلف أصقاعه برزت جرائد عديدة و زادت لدرجة الإشباع لا سيما في بغداد، فصار يتولي التحرير فيها كل أحد، و لا يتحاشي من إصدار جريدة كل من رأي في نفسه قدرة نوعا، و الجرائد و المجلات، خدمت الثقافة العامة، و غالب المتعلمين لا يدرسون الآداب و الشعر، و التحرير و الكتابة إلا من طريقها، فظهر بعض الكتّاب، أو تخرج عليها و تدرّب!.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 202
و الجرائد ظهرت بكثرة. و يصح أن نعد المهم منها:
جريدة الزوراء، و بغداد، و الرقيب، و البصرة، و الإيقاظ، و الزهور، و المصباح، و صدي الإسلام، و صدي بابل، و الروضة، و مصباح الشرق، و التهذيب، و جرائد أخري في الموصل و البصرة. و من المجلات:
لغة العرب، و تنوير الأفكار، و العلم و النور، و الحياة.
و هؤلاء كل ما يقال فيهم قليل، استخدمت الدولة حثالات الناس، فيهم من الجهل، أو سوء الأحوال ما لا يوصف، و الأخيار العارفون بما يجب عليهم قليلون، نقدت الجرائد بحق و بغير حق فخلطوا بها الصالح و الطالح. فشلّت أيديهم عن العمل، كما أنه لم يفسح المجال للمتعلمين من أبنائه، فقد ضجر الناس من هذه الحالة.
و الثقافة العامة لا تصلح لتدريب الناس علي التوظيف، و سدّهم مسدّ العاطلين من هؤلاء و قامت الضجّات عليهم في بغداد و في الأنحاء العثمانية الأخري، و لكن الجمود الثقافي منع من الإصلاح، و الوالي كان بوضع مقصوص الجناح لا يستطيع الحراك و إن كان محبا للإصلاح، و لا يوجد من الموظفين من يصلح للمساعدة و القيام بأعمال من شأنها أن ترفع مستوي القطر.
و لم تبق هذه الحالة مدة، بل جري تنسيق الموظفين من
لجنة باسم (لجنة التنسيقات)، فحصل بعض النشاط نوعا و شمل المعارف و المكاتب. و سارت الإدارة بنطاق أوسع في المعرفة، و لكن لا تزال منحطة، و دخل الالتماس و الرجاء فلم يكن التنسيق كافيا. أما اللغة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 203
العربية فلا تسمع إلا في الجرائد و بين الناس، فالحكومة لم تسمح باللغة العربية في مخابراتها الرسمية، و لا قبول العرائض إلا أحيانا، و من صنف العشائر أو ما ماثل.
ثم جاءت الأوامر بأن العرائض العدلية يصح أن تقدم باللغة العربية و لكن لم يعمل بها إلا قليلا، و في بعض الأحيان. و العدلية و المحاكم الشرعية لم يدخلهما التنسيق. فلم تتعرض لهما الإدارة لصيانة هذه من التدخلات.
و الملحوظ أن التشكيلات الإدارية كانت تعرف من قوائم الموظفين أثناء التنسيق، فإنها تعين الوظائف و أصحابها، علي أنها كانت جارية علي طريقة التشكيلات الإدارية للدولة حتي ظهور (قانون إدارة الولايات).
و هذه زاد الترداد إليها، و أضرت بالأهلين من جهة فساد الأخلاق، و الوقائع المؤلمة، و ابتزاز ثروة الأهلين، فهاج في الناس السفه، و صاروا يؤمونها بانهماك، و كان ما ينفقه المرء في ساعة لا يستطيع أن يربحه في أيام بل في شهر، فكثرت الأسواء و زادت الموبقات.
قامت الجرائد بنقد هذه الأمور، لما بعثت من غائلة، و انصرف ظن الناس إلي أن الحرية اغتنام الشهوات و الملاذ من غير طريقها الشرعي، فلم يكن هناك سامع أو ملتفت، و اشتهرت (طيرة) و (رحلو) و أضرابهما.. و لا همّ لهؤلاء المومسات إلا ابتزاز الثروة.. فمال الناس إليهن ميلة واحدة.. فكثرت الوقائع المؤلمة، فاختلت حالة بيوت كثيرة و ساء مصيرها. و تطاير الشرر و تمكن أكثر كلما طالت الأيام،
و كأنها في تقدم مستمر.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 204
و من ثم اقتنع الناس بأن الحرية ليست إلا مجموعة هذه السفاهات، و ارتكاب الموبقات، و إفساح المجال للنفس أن تنال كل ما ترغب من أهواء، فلا دين يردع، و لا سيطرة عامة يفزع إليها، و لا قوة قاهرة تحول دون التوغل في هذه الأمور فاكتسبت شكل مصيبة. فصار يتألم من حالتها من كان يدعو إليها بالأمس، و يحض علي عملها. فكان أسوأ تفسير لها بالمراقص أو الملاهي و حانات الخمور، فصار الحبل علي الغارب يؤم المرء ما شاء من هذه.
كان لهذا الأمر أثره في انتهاك حرمة الأخلاق و الآداب، و الإخلال بأمور الأسرة و الانشغال عن الواجب، و عن الآداب العامة. فذهبت العائلات ضحية هذا التهاون في الواجب، و نال الكثيرين بؤس و أصابهم شقاء.
ورد في أعداد من الجرائد التنبيه إلي خطر ذلك، فكاد يقطع الأمل من الصلاح و الإصلاح. و هذا ما قاله الأستاذ معروف الرصافي في بيان الحالة و وصف ما كان علة العراق من الحالات التعسة، و الأوضاع الرديئة التي صار إليها. و قد رأي الشام و استنبول و بلادا كثيرة و ما فيها من التبدل، و عاد منها إلي بيروت في 7 شعبان سنة 1327 ه و منها وصل إلي بغداد كما أخبرت الجرائد المحليّة في 18 شهر رمضان سنة 1327 ه قال تحت عنوان (بغداد بعد الدستور):
أري بغداد تسبح في الملاهي و تعبث بالأوامر و النواهي
رمت حملاتها الأرباق حتي تناطحت الكباش مع الشياه
أيا بغداد إن الأمر جدّ فخلّي بعض هزلك في الملاهي
جميع الناس قد نفضت كراها و أبدت للعلي نظر انتباه
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 205
و
فيك معاهد الدستور تشقي بغفلة غافل و بسهو ساهي
إلي آخر ما قال. و كانت نشرت في الرقيب عدد 56 في 29 شهر رمضان سنة 1327 ه.
و أعتقد في هذا كفاية لتصوير الحالة، و ما عليه أمور الناس.. و ما وصلت إليه بعد ذلك حتي وقوع الحرب العامة.
من أهم ظواهر هذا العهد المدارس، و جاءت إصلاحات المدارس في وقت متصل بإعلان المشروطية. و الهيئة الإصلاحية كانت تحت رئاسة ناظم باشا. فتحت المدارس في 13 تموز سنة 1908 م. و أعلنت المشروطية في اليوم 23 تموز سنة 1908 م فكأنها فتحت في هذا العهد. ثم تأسست مدارس أخري رسمية و أهلية سنتعرض لها في حينها.
و كانت توجد مدارس غير هذه مثل المكتب الابتدائي و المكتب الرشدي في الرصافة و في الكرخ، و مكتب رشدي عسكري و مكتب إعدادي و كل هذه سقيمة التدريس و لا يوجد فيها من المدرسين من يصلح للقيام بمهمة ما أودع إليه إلا أن المدارس العسكرية كانت منتظمة أكثر.
1- أخبرت نظارة المعارف مديرية معارف بغداد بأن المطبوعات حرّة، فلا تحتاج إلي إجازة.
2- جرت مقاطعة البضائع النمسوية من جراء قضية إعلان ضم البوسنة و الهرسك إلي النمسة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 206
3- نواب العراق و الأحزاب: (للدورة الأولي).
(1) ساسون أفندي مبعوث بغداد. التحق بجمعية الاتحاد و الترقي.
(2) الحاج عبد المهدي الحاج حبيب الحافظ، مبعوث كربلاء التحق بجمعية الاتحاد و الترقي.
(3) شوكت باشا مبعوث الديوانية. التحق بجمعية الاتحاد العربي.
(4) مصطفي نور الدين آل الواعظ. التحق بجمعية الاتحاد العربي.
(5) الحاج ملا سعيد عن السليمانية. التحق بجمعية الاتحاد و الترقي.
(6) الحاج علي علاء الدين الآلوسي مبعوث بغداد علي الحياد.
(7) رأفت السنوي. والد الأستاذ السيد نشأت السنوي، مبعوث المنتفق. اتحادي.
قال الأستاذ الرصافي في هؤلاء المبعوثين (النواب):
يا أهل بغداد متي ينجلي هذا العمي عنكم و هذا الفتور
قد أعلن الدستور لكنكم لم تظفروا منه و لا بالقشور
يقول من شاهد مبعوثكم سبحان من يبعث من في القبور
ذلك لأنه لم يرهم يتكلمون و يناضلون عن
حقوق الأمة في المجلس و إنما كانوا كما وصفهم لا ينبسون ببنت شفة، و كأنهم خشب مسندة.
4- إسالة الماء. مدت أنابيب متصلة بمضخة الماء من المصبغة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 207
إلي محلات عديدة، و لا تزال المدينة محتاجة إلي أنابيب أخري، و الحكومة عازمة علي القيام بما يلزم. و لا أمل في أن ينتظم الأمر في مدة قريبة.
هؤلاء كل ما يقال فيهم قليل، استخدمت الدولة جهالا في الأغلب و أصحاب سوء أحوال و لا يعلمون لغة البلاد، و إن الحكومة مضت علي الأصول الدستورية مدة، و لم تفسح المجال لأهل القطر أن يتولوا أموره، و ضجر الأهلون من هذه الحالة، و بلغ ما هم عليه من إدارة غاية المنتهي من سوء الحالة. و كذا يقال في المدرسين، فكثرت الشكاوي عليهم، فلم يصلح غالبهم للثقافة و التثقيف. فحصل التذمر، و زادت المنافرات.
الحكومة و في رأسها الوالي لا تريد الإصلاح أو لا تستطيعه، و المجلس لا يلح في المطالبة، بل هو موافق له في كل الأحوال، و الموظفون علي ما هم عليه من سوء إدارة و لكن الجرائد لم تقصر في بث الفكرة و المطالبة بما هو الصواب.
ذلك ما دعا أن يجري التنسيق للموظفين، و قد انتقي منهم الكثير، و استغني عن قسم آخر فكانت الحالة أهون، و لا يزال الوضع علي حاله، و لم يكن هناك كبير فرق إلا أنه أهون الشرّين. فتم بعض الإصلاح من جراء هذا التنسيق سواء في الموظفين أو في المعلمين و صارت تعرف قيمة للمواهب نوعا.
حاولت البلدية في بغداد توحيد الأوزان و المقاييس الأخري
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 208
باستعمال (المقاييس الجديدة)، فكانت هذه المحاولات غير مجدية، و باءت بالفشل كسائر التجارب الأخري و كان العراق و لا يزال يتأثر بصورة متوالية في المقاييس القديمة و ما ذلك إلا من جراء اختلاطه و معاملاته الاقتصادية مع الممالك المجاورة و النائية، فخلفت هذه أثرها المشهود.
يوم الثلاثاء 22 ربيع الأول سنة 1327 ه 31 آذار سنة 1325 رومية حدثت ثورة ارتجاعية علي الحكومة الحاضرة، قامت بها (الجمعية المحمدية)، يناصرها الجيش في استنبول فأوجبت احتلالا عسكريا، فإن جيش الحرية تمكن من السيطرة علي هذه الغائلة فقضي علي آمال الجمعية و نياتها و هو تحت قيادة محمود شوكت باشا أخي فخامة الأستاذ حكمت سليمان. فلم يجد مقاومة، و من ثم لم تعد آمال رجعية، و تسلطت الجمعية الاتحادية علي الحكم، و تمكنت من القضاء علي كل مخالف.
كان للعراق النصيب الوافر في الاشتراك في إعلان الدستور و صيانته أيام الارتجاع، و محمود شوكت باشا من أبطال حمايته و هو عراقي. إلا أن الكثيرين ظن أنه فاروقي، فصار الناس يمدحون، و ينظمون الأشعار بالثناء عليه، و هو أهل لكل مدح، و منشأ هذا التوهم أن المشار إليه كان هو و هادي باشا العمري ابني خالة فظن الناس قرباهم صلبية، و إلا فإن محمود شوكت باشا ابن سليمان بك ابن الحاج طالب كهية. و قد قيل في مدحه:
للّه درّ سلالة الفاروق من عبّا علي أهل الضلال و جنّدا
عصفت به للمكرمات حميّة عربية و بجدّه عمر اقتدي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 209
محمود أنت بما حقنت من الدما أولي الكرام بأن تجلّ و تحمدا
نبّه علي
ذلك صاحب الرقيب، و كذب النسب المزعوم للفاروق و أن يعدّ من سلالته و إن كان قام بما قام به.
و من نتائج هذه الواقعة أن خلع السلطان عبد الحميد الثاني في 7 ربيع الثاني سنة 1327 ه- (14 نيسان سنة 1325 رومي)، بفتوي من شيخ الإسلام محمد ضياء الدين و أعلنت سلطنة محمد رشاد باسم السلطان محمد الخامس، فأجريت له المراسم المعتادة، و الاحتفال العظيم بسلطنته، فأبلغ الصدر الأعظم توفيق باشا الولاية ببرقية يشير فيها إلي لزوم إطلاق 101 من المدافع علي المعتاد. و من ثم أجريت المراسم، و أظهر الأهلون و الحكومة مراسم الزينة.
و كانت هذه الواقعة ضرورة لازمة للقضاء علي أهل الشغب، و من لا يريد الإصلاح أو أهل الارتجاع، و المهم هنا أن القائمين بأمر الدستور لا يعرفون الإدارة، و لا أدركوا خفاياها، فقام محمود شوكت باشا و أعوانه للقضاء علي هؤلاء، و استعادة المشروطية التي حاول السلطان عبد الحميد القضاء عليها.
تشاءم الناس من سلطنة محمد الخامس، و جري علي لسانهم (إذا حكم رشاد ظهر الفساد)، فتلقنوا هذه، و نسبوها إلي محيي الدين بن عربي، تألم أصحاب الطرق لخلع السلطان عبد الحميد فأذاعوا ما أذاعوا.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 210
و كانت ولادة السلطان محمد رشاد في 20 شوال سنة 1261 ه و هو ابن السلطان عبد المجيد، و أخو السلطان المخلوع، و من تاريخ ولادته و سلطنته نعلم أنه جاء علي هرم و كان يرمي بالبلاهة و ضعف الرأي.
و الحالة كانت في اضطراب. فتحت عهود المشروطية أبوابا لقضايا كانت كامنة بظهور وقائع قاسية من المجاورين و غير المجاورين مما أدي إلي تمزيق شمل المملكة و تشويش أمرها. و أهل
القنص وجدوا الفرصة سانحة، فلم يتأخروا و لم يترددوا فيما عزموا عليه استفادة من حالة الاضطراب.
و مما يعزي إلي السلطان الجديد أنه جاءته بعض نساء السلطنة تشكو حالها من جراء الأمر بالإعدام علي قريبها، و كانت تبكي بإجهاش، فصار هو أيضا يبكي، و لم يستطع أن يتدخل في إنقاذه من الإعدام.
و دامت سلطنته أيام الحرب أي ما بعد سقوط بغداد، فتوفي في شهر رمضان سنة 1336 ه- 13 تموز سنة 1918 م فخلفه في التاريخ المذكور السلطان وحيد الدين ابن السلطان عبد المجيد. باسم محمد السادس. و بسبب قيام الكماليين و الانتصار الذي أحرزه المرحوم أتاتورك ألغي المجلس الوطني حكومة استنبول و خلع السلطان وحيد الدين و ذلك 11 ربيع الأول سنة 1341 ه- 1 تشرين الثاني سنة 1922 م. و في 26 ربيع الأول (17 تشرين الثاني) هرب السلطان في سفينة حربية انكليزية.
و في 29 ربيع الأول من السنة المذكورة اختار المجلس الوطني ولي العهد سلطانا باسم السلطان عبد المجيد الثاني ابن السلطان عبد العزيز و يصادف ذلك 19 تشرين الثاني سنة 1922 م باعتباره خليفة. إلا أن المجلس الوطني قرر مؤخرا أن الجمورية تعني عين ما يقصد من
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 211
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 212
الخلافة فقررت إلغاء الخلافة في 26 رجب سنة 1342 ه- 2 آذار سنة 1924. و من ثم تأسست الجمهورية التركية برئاسة المغفور له أتاتورك (مصطفي كمال)، و خلفه عصمت اينونو بالرئاسة ثم فخامة جلال بايار و هو رئيس الجمهورية اليوم.
هو السلطان عبد الحميد الثاني ابن السلطان عبد المجيد، و لا يجهل اسمه أحد، طالت مدة سلطنته، و عصره كان مليئا بالحوادث المهمة، و قام بأعمال قد يقصر عنها غيره، و لكن إلغاء الدستور للمرة الأولي قد حصل عليه شغب من كل صوب، و بعد إعلان الدستور للمرة الثانية نري تركيا الفتاة قد خلعته. و بعد ذلك تطورت الآراء و تغيرت الأحوال، و زادت اتصالات الأمم، فلا يستطيع فرد أو أفراد أن يتغلّبوا و يتحكموا بالأمم فيستطيعوا أن يسيطروا علي العناصر دون أن يكون للأمة اشتراك في الإدارة و أن يتدخل في المقدرات، فقامت الشعوب و حصلت قبل الدستور و في أيامه علي بعض الحقوق أو كلها و الرأي الغربي يناصر هؤلاء الأقوام، و يخولهم حق التدخل، و هكذا استفادت بعض الشعوب و الدول من هذا الاضطراب و التفكك فأظهرت ما عندها و جاهرت بالعداء …
دامت سلطنته إلي يوم 7 ربيع الثاني سنة 1327 ه فخلع و طوي خبره.
كائنة بين نقطة البير و بغداد، و كانت قرية و مزارع معروفة، وضعت
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 213
الجهة العسكرية يدها عليها من أيام رشيد باشا الگوزلگلي و سميت بالوزيرية أو المشيرية نسبة إليه. إلا أن الأملاك المجاورة ضبطت. و كذا الأوقاف فألحقت بها.
قال صاحب الرقيب:
فأما اليوم، و قد عادت المياه لمجاريها، و أن الحكومة دستورية، فالأمل أن تسمع شكاوي المظلومين و إنصافهم، فإن أراضي الغزالية و النعيرية و الفضيلية، و القيارة و الغرابية و غير ذلك منها الملك و منها الوقف و كلاهما مثبت بحجج شرعية لا يجوز لأحد معارضتها، و بذلك يظهر الفضل للحكومة الدستورية علي الحكومة المستبدة، و يسترجع المظلومون حقوقهم.
قال ذلك،
فلم يجد أذنا صاغية لقوله ثم سجلت هذه الأراضي في تسوية حقوق الأراضي، و كانت القرية و المزارع معمورة و لكنها اندثرت من مدة بانقطاع ماء الخالص عنها. و لم يعد في الإمكان إيصال الماء إليها، و نصبت المضخات و صارت تسقي بالواسطة.
رفض المجلس المصادقة علي اقتراح تعيين الموظفين للبلاد العربية من العارفين باللغة العربية، فكان لهذا القرار أسوأ وقع في نفوس العرب و هذا مبدأ المشادة، و المطالبات القوية، و شجع الصحف علي الجهر بالمخالفات. فعلم العرب أن ليس في الإمكان الحصول علي حق، فدعا ذلك إلي تفسيرات، استغلها أهل الأطماع و الشغب و من يعملون لمصلحة الأجانب.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 214
تعين لنظارة العدلية، و غادر بغداد في يوم الخميس سلخ ربيع الآخر سنة 1327 ه سافر إلي استنبول من طريق حلب، فأجريت له مراسم التوديع. و كان حسن النية، فاضلا، عالي الهمة، موصوفا بفرط حب الوطن، فأسف الكثيرون لمفارقته هذه الديار.
و كان الأمل به كبيرا، و أن الناس في الولاية كانوا بحاجة عظيمة إلي وال مقتدر فعّال مثله، يدفع عنهم ما يلاقونه من ظلم و جور و الثناء عليه قبل وروده فاستبشر الناس به خيرا و كان عالما، و لما ورد بغداد رأوه فعلا متصفا بهذه الأوصاف، فتعقب كافة الأمور صغيرها و كبيرها، و ترك راحته و استراحته، و جعل نفسه موقوفة علي طلب راحة الأهلين، و عزم أن يقوم بما من شأنه أن ينفع. زاول أعماله بجد و اهتمام إلا أنه لم يكد يعمل بما نواه، و ما قرر العمل به حتي وردت برقية تشعر بتعيينه لمنصبه الجديد. و كان همّه مصروفا إلي:
1- عمل المحركات (الموتورات) و تسييرها في دجلة فاستحصل رخصة، و شوق الأهلين لتشكيل شركة وطنية للنقل النهري.
2- نقل شركة المنسوجات إلي مكتب الصنائع.
3- إنشاء الطريق إلي قرارة (كرارة).
4- عمّر دار الشفاء التي هي من آثار مدحت باشا.
5- تحويل أعشار الكرود إلي مقطوع كما هو المتعارف في بعضها.
6-
جعل رسوم الأغنام علي الصوف.
7- لغو الذرعة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 215
8- تفويض الأرضين للزراع. و هذه أول خطوة لقانون التسوية.
9- إنشاء رصيف (مسناة) خارج البلد لتحويل المضخات إليها.
هذا. و سياسة الدولة مصروفة إلي أن لا تبقي الوالي إلا بضعة أشهر بحيث لا ينسي مشاق السفر، و لا يتمكن من معرفة الأهلين و احتياجاتهم، و درس أخلاق الشعب العامة و ميوله. فتحوله عند ما يتبصر بالأمور، و يحاول المباشرة بالعمل، و كانت الإدارة المستمرة علي هذه الحالة أن يهدم الوالي الجديد ما بناه سلفه، و يتحرك بعكس نهجه.
و شأنها في الولاة لا يختلف عن أمر القضاة إلا أن هؤلاء أطول مدة.
أودع الوالي أعمال الولاية بالوكالة إلي الفريق الأول محمد فاضل باشا الداغستاني نهار السبت 23 ربيع الآخر سنة 1327 ه، و كان هذا الفريق أمير لواء الخيالة إلي سنة 1320 رومية ثم نال منصب فريق و أرسل قائدا إلي (لاهيجان و بسوه) و بقي ثلاث سنوات و مكافأة لخدماته نصب وكيلا عن المشير في قيادة جيش العراق. ثم إن الوالي السابق توجه في ذلك اليوم إلي كربلاء للزيارة و عاد يوم الاثنين في 25 منه، و سافر إلي استنبول يوم الخميس 29 ربيع الآخر و ذهب معه مكتوبي الولاية إبراهيم فهيم بك، و الأستاذ حمدي بك بابان، و مراد بك آل سليمان فائق صاحب امتياز جريدة بغداد. و هو أخو فخامة الأستاذ حكمت سليمان.
و من هنا نعلم أن الولاة كانوا يتحركون بمشيئة المركز، و لا تهمهم المعرفة و التعرف بالأهلين، و لم يقم هذا الوالي بعمل يذكر، أو فائدة تعود للقطر، و كان يدوّن مذكرات عما في الجرائد، و يتعقب ما فيها و
يحقق صحة ذلك، و يسترشد بما هو الصواب. و لكن مع الأسف لم
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 216
تظهر له مأثرة تستحق التدوين، و لكن صاحب الرقيب أراد أن يلهج بذكره، و بترجيحه علي من جاء بعده ممن أفسد. و قد شهد عهد الاستبداد و عهد الدستور.
و الملحوظ أن الوالي نجم الدين منلا في سنة 1941 م، جاء إلي بغداد مع نواب الترك بصفته نائبا لزيارتها، و يعد من أفاضل الرجال، و الذنب آنئذ ذنب الإدارة التي لم تفسح المجال للعمل، و إلا فهو من الرجال المشاهير الأخيار، و لا يزال موضع احترام وثقة.
ممتاز بك دامت وظيفته نحو سنين، و كان فيها حسن المعاملة، مقبولا من كل مراجع، و عيّن متصرفا لأورفة.
في رجب سنة 1327 ه أعلن قانون الجندية الجديد في الجرائد المحلية، و بموجبه يتحتم علي كل عثماني أن يقوم بالخدمة مسلما أو غير مسلم علي أن يكون قد بلغ 21 سنة من العمر، و مدة الجندية 25 سنة منها 3 سنوات نظامية، و 5 احتياطية، و 12 رديفية، و 5 مستحفظة.
هذا في الجيش البري، و أما البحري فمدته 20 سنة بإسقاط مدة المستحفظية منه. و هناك قوانين صدرت في الجندية و ضباط الجيش تتعلق بعموم المملكة، مدونة في الجلد الأول و الثاني من الدستور الجديد.
فوضت ولاية الموصل و قيادتها لعهدة الفريق الأول وكيل الوالي و قائد الفيلق محمد فاضل باشا الداغستاني، و بعد أن ورد الوالي الجديد و استقبله، سافر إلي الموصل في 27 رجب سنة 1327 ه، و ودعه جماعة من الأعيان و الأشراف.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 217
و هذا القائد الفاضل لم يزل يكرر بأنه رجل عسكري، رجل حرب و ضرب لا رجل كتابة و قلم، و لكنه و الحق يقال أن الأمور مرت في أيامه مرورا حسنا، فجري الأمر علي طبيعته.
جري استقبال والي بغداد الفريق محمد شوكت باشا و وكيل قائد الفيلق، بالوجه المعتاد نهار الاثنين 22 رجب سنة 1327 ه. و صدرت الإرادة السنية بنصبه واليا في 6 جمادي الآخرة سنة 1327 ه، و في 25 رجب قري ء فرمانه بحفاوة لائقة، و لكن هذا الوالي لم يراع ما كان يراعيه أسلافه من إلقاء خطاب يعين نهجه كتفسير لمنطويات الفرمان، فصرت ذلك إلي أنه يحاول أن يقوم بأعمال، فلم يأبه إلي الأقوال، فتوسم القوم خيرا. و لم يؤولوها بالعجز.
كان فريق المدفعية للفيلق الثالث و شاءت الأقدار أن لا يعين لمنصب الولاية في بغداد إلا العسكريون، و ما ذلك إلا لأن الغرض تسكين القلاقل، و الفتن، و ليس هناك غرض إصلاح مدني. يطبلون و يزمرون بخبر تعيينهم، و حركاتهم و سكناتهم، و أنهم في يوم كذا وصلوا المحل الفلاني، و استقبلوا من مكان كذا، و هكذا تتوارد المعلومات عنهم حتي يصلوا إلي بغداد. و والينا هذا جاء من الطريق النهري إلي الفلوجة، و اختار أن يأتي ليلا، و يصبح بغداد لئلا يصيب المستقبلين عناء، و الوقت تموز، فعدّ مأثرة له.
«أمير الأمراء الكرام، كبير الكبراء الفخام، ذو القدر و الاحترام،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 218
صاحب العز و الاحتشام، المختص بمزيد عناية الملك الأعلي من فرقاء فيلقي الأول الهمايوني المتميزين في المدفعية، الذي وجهت إلي عهدة درايته ولاية بغداد، و أحسنت بها إليه شوكت باشا دامت معاليه.
ليكن معلوما لمن يصل إليه توقيعي الرفيع الهمايوني أن ولاية بغداد:
تزيد ثروتها و يكثر عمرانها بدرجة قابليتها و استعدادها، و أن صنوف الأهلين، و سكان الولاية يجب أن ينالوا المساواة و الحرية طبق أحكام القانون الأساسي، و أن يحصلوا
علي الرفاه و السعادة مما هو مطلوب و ملتزم لدي ملوكيتي لدرجة فوق العادة، و أنت أيها الباشا المشار إليه متصف بالمقدرة و الدراية، و واقف علي أصول الإدارة، و من متميزي أمرائي العسكريين آمل منك و أترقب أن تقوم بما هو مطابق لأحكام القانون المذكور، و كما تقتضيه الوجائب المحلية، فتقوم بما يظهر الآثار الجميلة و الخدمات المقبولة، و علي ذلك و بناء علي الاستيذان أصدرت إرادتي السنية في اليوم السادس و العشرين من جمادي الأولي لسنة 1327 ه، فأودعت لعهدة لياقتك ولاية بغداد المارة الذكر و وجهت منصبها إليك، و أصدرت هذا الأمر من ديواني الهمايوني بمهمتك، فعليك أن تمضي بمقتضي وظيفتك، و أهليتك و درايتك، و ما أنت مجبول عليه من شيمة بهية و علي كل حال ينبغي أن تتوسل بشريعة سيد الأنام المطهرة و تتمسك بها، و تقوم بحسن الوظائف، فتشمر عن ساعد الاهتمام و الغيرة، فتبسط علي الجميع جناح الرأفة و الشفقة، و تؤمن المساواة و الحرية بصورة مشروعة و في دائرة القانون المذكور بين سكان الولاية، و توفر أسباب الرفاه و الثروة و تتوسل بالتدابير التي من شأنها أن يحصل بها العمران فتتعهدها و تتشبث بها، فتظهر في مدة يسيرة الآثار الفعلية و تبرز للعيان بما تصرفه من قدرة و روية، و في الأمور التي تدعو الحالة فيها إلي الإنهاء فعليك أن تشير إلي استانتي العلية و تشعر بها، تحريرا
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 219
في 6 جمادي الآخرة سنة 1327». اه.
و بعد قراءة الفرمان، أجريت مراسم الدعاء، و بعد ذلك قدمت التبريكات للوالي.
و هذا الوالي من المهندسخانة البرية الهمايونية، و من الأذكياء المستعدين، و ذهب للتطبيقات، و
وسع المعلومات، فيعد من نوادر الرجال، و له اطلاع واسع علي اللغة الفرنسية و الألمانية. و يلاحظ أن من كان اختصاصه في هذه الأمور كيف ساغ للدولة أن تعينه واليا للإدارة، و كان الواجب أن تجعله في المهمة التي قضي أمدا فيها و أتقنها و لننظر ما ذا عمل!.
و في (صدي بابل) أنه كان قبل نحو 17 سنة مقدما (بيكباشي) في بغداد، و أنه من كبار المصلحين و العلماء العاملين.
وردت برقية بتاريخ 3 ذي القعدة سنة 1327 ه بعزل الوالي شوكت باشا (ولم يكمل السنة) و تنبي ء بتعيين الفريق الأول حسين ناظم باشا عضو الشوري العسكري لمنصب ولاية بغداد بانضمام قيادة الفيلق السادس كما أنه ورد الأمر الرسمي بذلك، و بقي الوالي السابق بالوكالة إلي حين ورود الوالي الجديد.
لا أمل من وال قليل المدة، أو أن تعهد بالوكالة، أو يبقي الوالي كما هو الشأن في والينا هذا بالوكالة ينتظر ورود خلفه، و هو في اضطراب من أمره. و في الحقيقة لم تكن منه فائدة تذكر، و هو لا يزال
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 220
قريب العهد، و لم يدرس الحالة خصوصا أنه قضي أمدا في الهندسة، فلا يصلح أن يكون في يوم واحد واليا. و الفتن قائمة، و الجيش لم يجد راحة. و كان سأله الحاج عبد المهدي الحافظ بصفته مبعوثا عن كربلاء عن أعماله، فاعتذر له بكثرة الأشغال و التحارير، و أنه عمل ما لا يمكن القيام بأكثر منه، و أنه كتب إلي استنبول أن يفتح ببغداد مكتب ملكي، و آخر زراعي و أن يرسل مأمور زراعة، و أن يعطي له الإذن بصرف ما ينوف علي 1800 ليرة لإصلاح الطريق بين بغداد و حلب، و أن يؤلف ضابطة للأمن، و بيّن له أنه سائر نحو الإصلاح. و لم يبال بالفتن، و لا التفت إلي ما حوله. و علي كل حال بقي مغلول اليدين لا يدري ما يفعل، و ينتظر ورود الوالي الجديد.
أما الشعب العراقي فإنه لا يريد إلا أن يقوم الوالي بتقويم المعوجّ، و إصلاح الفاسد و أن يؤمن المخاوف، و يحقن الدماء في عموم الأنحاء، فيسلم القوم من عصيان القبائل
حيث تعذر تأديبهم، و تجرأوا علي أعمال لا يصح السكوت عليها، و وقائع الدليم، و آل أزيرج، و المنتفق بصورة عامة … شاهدة بذلك.
و هنا الهمس و الكلام بخفاء و جهر في الاعتراض علي تعيين وال لا يفهم اللغة العربية، و لا يتمكن من الاتصال بالأهلين مباشرة و استماع شكاواهم. كما أنه يدعي الوالي أنه يقوم بعمل و لا يشاهدون له أثرا، و لا ممن جاء بعده لإكماله. الأمر الذي أطلق الألسن في المطالبة بالإصلاح.
و كانت آمال الوالي شوكت باشا:
1- إصلاح المعارف. و لكن المعلمين مضت عليهم خمسة أشهر و لم يستوفوا رواتبهم.
2- الطرق. لم يرد له الإذن للقيام بالعمل.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 221
3- الأمن العام. و قد كتب إلي المراجع المختصة.
4- تأليف الشركات. فلم يسمع عنها شي ء.
و علي كل حال لم يتحقق أمر من هذه الأمور، و بقي العراق في زوايا النسيان و الأعمال المطلوبة لا تزال ترددها الألسن.
في هذه السنة قرر مجلس الأعيان إلغاء ألفاظ التعظيم. و بهذا زالت عثرة كبيرة من أسلوب التحرير.
بعد خلع السلطان عبد الحميد عادت الأراضي السنية التي كانت في حوزته إلي المالية، و صار يقال لها (الأملاك المدورة)، و هذه استمرت تدعي بهذا الاسم، و هي التي عبّر عنها الوالي الأسبق سليمان نظيف بك بكتابه (جالنمش أولكه) أي (المملكة المسروقة). كاد السلطان عبد الحميد يكوّن له إدارة خاصة، و يستخدم لها الموظفين و الولاة و العسكريين. ففي ربيع الآخر سنة 1327 ه تبلغت الولاية في تحويل إدارة الأملاك السنية إلي المالية. و كان قد صدر قانون بذلك يتضمن تصفية الديون و ما يتعلق بذلك، أن الالحاق وقع في 14 نيسان سنة 1325 بالمالية إلا أنها من حين عهدت إلي المالية أصابها الخراب.
شغلت أفكار الناس قضية بيع الإدارة النهرية لشركة (لنج) بمبلغ
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 222
(250) ألف ليرة حذرا من أن تخرج إدارة النهرين دجلة و الفرات من سيادة الدولة العثمانية، فقامت قيامة الأهلين في بغداد، فاحتج الناس لهذا الحادث، و اضطربوا له، لأن وسائط النقل التجارية تكون منحصرة في أيديهم و تحت أمرهم، يتحكمون فيها. فلو لم تكن المراقبة بين الإدارتين لوصلت الأجرة إلي الحد الذي كانت تبتغيه الشركة، و لكن وجود المراقبة أدي إلي تنازل الأجرة إلي سعر 3 بارات عن (الطن) انحدارا و 6 بارات اصعادا، و هكذا كانت مؤثرة من جهة السياسة و نقل الجنود للأشغال العسكرية.
طلب الأهلون و منهم عبد القادر باشا الخضيري أن لا يرجح الأجانب علي الأهلين فكتبت برقيات عديدة، و تداولها المجلس و طلب نواب العراق أن تعدل الحكومة، فرد طلبهم، و جاءت برقية من الصدر الأعظم يقول فيها لم تكن رغبة الحكومة في أن تبيعها، و إنما غرضها توحيد المساعي بصورة
شركة لا غير.
ثم إنه بعد ذلك بيعت إلي شركة أغلب حصصها إنكليزية، و أخذت تتسلمها رويدا رويدا اعتبارا من 13 آذار سنة 1914 م مبتدئة من البصرة.
هذا. و قد مر بنا ذكر نص الإذن المسموح به للإنكليز في تسيير باخرتين.
شغلت الحكومة وقائع العشائر فيما بينها و بين الحكومة و تستغرق غالب الحوادث المهمة. و وقع في النجف فتن بين (الزگورت و الشمرت)
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 223
و طالت الحروب فيما بينهما. فصاروا مضرب المثل. و كان يعد من المسببين لهذه الحروب (السيد مهدي آل السيد سلمان) رئيس البو سيد سلمان من الزگورت و كان أبوه رئيسا. و في البصرة اشتد الشغب و اضطرب حبل الأمن.
كما أخبرت الجرائد في 11 صفر سنة 1327 ه.
و له اتصال بالرفاعية و أرباب طريقتها في بغداد و بسببه عمر مسجد الشيخ أحمد الرفاعي في محل دفنه، و جامع السيد سلطان علي، و مسجد الروّاس، و صار لهذه الطريقة سوق في أيامه، و كثرت الردود لهم و عليهم مما لا مجال لتفصيله هنا.
و لم نتمكن من معرفة تاريخ وفاته بالضبط.
و له ورثة أثبتوا وراثتهم، و انتقلت إليهم أراضي الفحامة و جامعها، و جامع الفلوجة من مؤسساته.
5- عثمان وفيق بك ابن محمد بك الربيعي كان قد نال الرتبة الثالثة هو و أخوه محمود بك. و توفي في 18 رجب سنة 1327 ه عن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 224
عمر 42 سنة و دفن في مقبرة الإمام الأعظم، و أولاده:
(1) أمير اللواء الركن حسيب باشا، ولد سنة 1906 م و تخرج من كلية الأركان العراقية سنة 1935 م و أوفد إلي كليات انكلترة العسكرية عدة مرات و شغل عدة مناصب كبيرة آخرها المعاون الإداري لرئيس أركان الجيش، توفي ظهر يوم الأحد 23 أيلول سنة 1956 م و شيع جثمانه صباح اليوم التالي باحتفال عسكري مهيب و دفن في مقبرة الإمام الأعظم.
(2) أمير اللواء الركن نجيب باشا قائد الفرقة الثالثة.
6- السيد عبد الرزاق آل السيد مراد. من الأسرة الگيلانية، توفي صبيحة الاثنين 28 شعبان سنة 1327 ه عن عمر ناهز السبعين.
7- الشيخ حسين كمونة في كربلاء. قتل في 16 ربيع الآخر سنة 1327 ه فكان لقتله وقع كبير و شاع أنه قتله أخوه الشيخ عباس من جراء الرئاسة و الأملاك، و كانت الرئاسة قبله للحاج محسن الحاج مهدي والد فخري و محمد علي، ثم صارت للشيخ حسين بن محمد جواد، و بقتله صارت للشيخ فخري.
8- حاخام يوسف حييم إلياهو. توفي يوم الاثنين 13 شعبان سنة 1327 ه عن عمر يناهز الرابعة و السبعين.
9- عبد الوهاب الباچه چي هو أخو الأستاذ موسي كاظم و نعمان و الأستاذ شاكر و والد المرحوم فخامة الأستاذ حمدي الباچه چي. ورد خبر ذلك من
استنبول.
10- الأستاذ عبد الوهاب نيازي الكاتب الأول في المحكمة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 225
الشرعية. و هو والد الصديق الأستاذ أحمد نيازي و كان عالما و خطاطا معروفا و كانت مكتبته من الخزائن المهمة في بغداد بما احتوت عليه من نوادر المخطوطات و الألواح الخطية.
11- عبد الهادي كبة. و آل كبة بيت تجارة و علم.
12- فتح اللّه يوسفاني ابن عم داود يوسفاني من أسرة معروفة في الموصل و من أولاده الأستاذ جبرائيل مدير شركة نفط الموصل.
و قد تطلعت إليه الأنظار، و جاءت الأخبار تتري عن كل حركاته و سكناته. في حله و ترحاله حتي دخل بغداد يوم الخميس 25 ربيع الآخر سنة 1328 ه، و كان الوالي الجديد، و الوالي السابق محمد شوكت باشا قد صليا صلاة الجمعة 26 منه في حضرة الشيخ عبد القادر الگيلاني، و بعد الصلاة جري توديع الوالي السابق. و سار معه أركان جيشه قاصدين استنبول.
و إن الوالي ناظم باشا من الولاة الذين يستحقون البحث في أحوالهم و إدارتهم، و ما قاموا به من أعمال، ويهمنا ما كان أيام حكومته هنا، و كانت الدولة آنئذ في ريب من أمرها و شك من بقائها.
و كل ما علمناه أنه يختلف فرمانه في نصوصه عن فرامين الآخرين من الولاة اختلافا كبيرا، و أذن له بأربعين ألف ليرة زيادة سنوية للإصلاحات اللازمة في الولايات الثلاث بغداد و الموصل و البصرة، و أنه
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 226
سيفتح في بغداد مكتب جندرمة، و آخر للشرطة و ثالث للضباط الصغار.
و أحضر 24 ضابطا بينهم الزعيم الركن حسن رضا بك ابن نامق باشا والي بغداد الأسبق و 32 جنديا برتبة رئيس عرفاء متخرجين من
مكتب صغار الضباط باستنبول و عشرة من الشرطة، و سيكون هؤلاء معلمين لمكتبي الضباط و الشرطة، و كان بصحبته ثمانية من الأطباء العسكريين، و أربعة مدافع رشاشة يطلق كل واحد منها 450 طلقة في الدقيقة، و 6 مدافع جبلية سريعة و ألف بندقية ماوزر حديثة الطراز مع الخراطيش و اللوازم.
هذا عدا ما أرسل قبل وروده من (العتاد). و كانوا قد مدحوه قبلا أو كما يقول المثل البغدادي (طيّروا به البازات:) و هو في الحقيقة كان من رجال الدولة المعروفين. و أن البلدية قدمت للولاية تقريرا بمبلغ سبعة آلاف قرش للمصادقة علي ما يصرف لاستقباله. و كان يوصف بأنه كثير التفكير، قليل الكلام فقويت الآمال فيه. و لما ورد بغداد احتفل القوم به احتفالا شائقا، و أطلق له 19 مدفعا.
و في يوم الأحد 28 ربيع الآخر سنة 1328 ه احتفل بقراءة الفرمان المنبي ء بتعيين ناظم باشا الفريق الأول واليا لولاية بغداد و قائدا للفيلق السادس فكان الاحتفال مهيبا، تلا الفرمان مراد بك المكتوبي و عقبه بالدعاء مسود الفتوي السيد رشيد و عزفت الموسيقي و عاد الوالي لمحله.
و هذا الفرمان جاءت ترجمته كما يلي:
«أحد فرقائي الأول الكرام و عضو الشوري العسكري الذي وجهت إحساني لعهدته ولاية بغداد و قيادة فيلقي السادس الهمايوني ناظم باشا دام علوه. بناء علي رغبتنا في ترقي عمران الولاية المذكورة و تزييد ثروتها و توسيع تجارتها و تنسيق و إصلاح فيلقنا السادس و استحصال
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 227
أسباب تكملة اقتضت إرادتنا ربط الوظيفتين إحداهما بالأخري و إحالتهما لذات مجرب الأطوار، مشهود له بالدراية و الحمية، و حيث إنك أيها المشار إليه متصف بالحمية و الروية و لك الوقوف التام علي
المعاملات الملكية، و إدارة أمور العسكرية، و من متميزي أمرائي العسكريين.
فحسب الاستيذان الواقع قد صدرت إرادتي السنية الملوكية بتوجيه الولاية، و قيادة الفيلق المذكورين و إيداعها ليد اقتدارك مع إبقاء عضوية الشوري العسكري بعهدتك.
فبمنّه تعالي بوصولك للمحل المذكور تفحص أحوال أركان و أمراء و ضباط الفيلق و مأموري الولاية و من لم تجد به الكفاءة اقتدارا و أخلاقا و تراه غير قابل للاستخدام تكف يده عن العمل فورا، و تنتخب سواه و تودع إليه الوظيفة و تخبر دائرته المنسوب إليها لإجراء معاملته بلا تأخير.
و أما ولايتا الموصل و البصرة فلكونهما داخلتين ضمن دائرة الفيلق السادس و لو أن كل وال من ولاتهما مسؤول عن ولايته بأمور الإدارة و الانضباط فعليهما أن يتحدا معكم بالرأي في الأمن العمومي و الضبط بالمخابرة. و لا شك أن في ذلك فوائد و محسنات. و لذا فقد جري التبليغ لهما من الباب العالي لإيفاء هذه المعاملة حقها.
و كذلك أن تجلب الأفواج الأربعة التابعة لفيلقي الرابع الموجودة الآن في الموصل و تبقيها لحين إكمال الانتظام في الفيلق السادس.
و كذلك أن تأخذ من أفراد قرعة الفيلق الرابع ممن يمكن امتزاجه مع هواء العراق المقدار الكافي للفيلق السادس الهمايوني.
و قد حرر للبحرية شراء أربع مدرعات بشرط تسليمها في البصرة بأسرع ما يمكن لاستخدامها في شط العرب، ولدي الإيجاب في نهري دجلة و الفرات لاستعمالهما لسوق العساكر و غيره من الأمور، و بأن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 228
تجري المذاكرة معك عن لوازم الفيلق و كسوة العساكر و النواقص الحربية، و يستحضر ما يقتضي لإكمال النواقص حسب الترقيات الفنية الجديدة من الآلات و الأدوات و ترسلها بوجه السرعة.
و كذا حرر لها بتخصيص و
إرسال ثلاث بواخر و باخرة نقل لتشتغل منحصرا في مضيق البصرة للسوقيات العسكرية تحت أمرك.
و بما أن واردات الولاية غير كافية لإدارة ملكيتها و عسكريتها فقد حرر للمالية بإرسال ما يسد النقص و ما يقتضي صرفه للأمور المهمة شهريا بواسطة البانق بصورة منتظمة.
و كذا حرر بوزارة النافعة بتخصيص مبلغ لا يقل عن 40000 ليرة لتسوية الطرق و المعابر و إنشائها داخل الألوية و إرسال أوراقها علي الأصول من مخصصات النافعة.
و الحاصل أمر بإجراء ما يقتضي من اللوازم سواء للولاية أو للفيلق بالصور اللازمة المستعجلة.
فعليك إجراء الأمر حسب صداقتك و حصافتك المسلّمة و إيفاء ما يجب من الوظائف و المعاملات، و أن تكون مظهرا للعدالة التامة و إعلان الحرية و المساواة حسب القانون الأساسي لدي تبعتي، و أن تجري الدقة في هذا الأمر المهم إذ ذلك مطلوبي المنتظر.
و علي كل حال يلزم أن تتوسل بالمدد من روحانية النبي المحترم، و تهتم بإيفاء الوظائف بأحسن صورة و أتم غيرة. في 17 ذي القعدة سنة 1327» ا ه.
و من الفرق بين تاريخ نصبه و تاريخ وصوله إلي بغداد يظهر أنه
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 229
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 230
تأخر وروده، و اهتمت الحكومة لأمر العراق، و غوائله. و إن إرسال الضباط، و تسليمه القيادة للفيلق السادس و استخدامه بعض جيوش الفيلق الرابع يدل علي شدة العناية و اتخاذ القوة لتأديب العشائر و تسكين الحالة، و أعلنوا عنه كثيرا، و بالغوا في أمره و درجة اهتمامه و تعظيم شأنه. و الحق أنه نال سمعة كبيرة، و حصل علي رهبة من الأهلين و من العشائر، فخافه الناس علي البعد، و أكبروا أمره. و في
أيامه جرت وقائع تعين مكانته، كما أنه في نظر دولته يعد من أفذاذ الرجال و مشاهيرهم.
و لم ينل شهرته من وزراء بغداد إلا مدحت باشا، و الحق أنه يصح أن يعد (مدحت الثاني). و نعته الأستاذ حمدي بابان ب (مدحت زماننا).
و كان بوقته وردت برقية من نائب كربلاء الحاج عبد المهدي الحافظ يبشر بها بتعيين الفريق الأول ناظم باشا أحد أعضاء الشوري العسكرية واليا لولاية بغداد بانضمام قيادة الفيلق السادس لعهدته. بتاريخ 3 ذي القعدة سنة 1327 ه.
و الشعب العراقي لا يريد إلا أن يتولي من يقوّم المعوجّ، و يصلح الفاسد، و يؤمن المخاوف، و يحمي الدماء المهراقة في عموم الأنحاء.
فإن العصيان في العشائر عمّ أنحاء القطر، و صار لا يستطيع الجيش تأديبها. و تجرأوا علي أعمال لا يصح السكوت عليها. و هكذا قل عن سائر الجهات. فهذه عشائر الدليم و وقائعها و آل أزيرج و عشائر أخري لم تستقر علي حالة. و هذه المنتفق و وقائعها.
و هنا نجد الاعتراضات تتري علي تعيين وال لا يفهم العربية، و لا يتمكن أن يطلع علي أحوال الأهلين و استماع شكاواهم رأسا و بلا واسطة. و أمثال هذه الاعتراضات ليس لها من سامع.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 231
و الملحوظ أن كل وال يدعي أنه يقوم بعمل، و في الحقيقة لا يظهر له وجود فصار الناس يطالبون به أو يضجرون من واليهم لأنه لم يقم بعمل ما، و هكذا كان الأمر. و لإطلاق الألسن المكانة المقبولة في طلب الإصلاح.
ورد ناظم باشا واليا و قائدا للفيلق السادس بصلاحية واسعة فيما يختص بالولايات الثلاث الموصل و بغداد و البصرة.. و لم نر واليا نال شهرة، أو اكتسب ذكرا، و
ذاع صيته كهذا الوالي سبقت أخباره وروده بغداد.
و ممن بعث إليه بتبريك والي البصرة سليمان نظيف بك قال:
«الفيلق السادس في انحلال و يحتاج إلي لمّ الشعث، و خراب بغداد من زمان بعيد ينتظر الإصلاح، و علو عزمكم يبعث علي الأمل، فأبارك لكم بإخلاص».
و من هذا يعلم ما نال العراق، و أن والي البصرة الأديب الفاضل أدرك المغزي، و نعم ما طلب من الوالي الجديد. و فيه بعث بهمته و تقوية لعزمه في الإصلاح.
و لا يهمنا الثناء عليه أو مدحه مجردا، و إنما نحاول تثبيت وقائعه لتعرف درجة تصرفه في الإدارة و الجيش. إلا أننا نقول إن الزمن في ولايته غير ما كان في أيام مدحت باشا، فالوضع مختلف و من ثم يصح أن نقول هنا باختلاف الطبع بالنظر لاختلاف الوضع.
و من ثم نري كثرة المطالبات علي لسان الجرائد، و الصحف، و بعرائض كانت تقدم إليه، فكل من ناله حيف صار يلجأ إليه، و أخاف الموظفين بل أرعبهم، فصار لا يجسر أحد أن يقوم بعمل ما غير قانوني، أو مخالف للشرف و الأدب. كما أن رجال العشائر صاروا
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 232
يظنون بكل مجهول أنه ناظم باشا جاء بتبديل القيافة. فنصر بالرعب، و اعتري الناس بهتة من أمره.
و رأينا قصيدة في مدحه لأوسطة علي البناء جاء في آخرها:
إليك من الأمي وافتك مدحة سري ذكرها في نجدها و التهائم
فدم حاكما بين البرية (ناظما) لشمل الهدي من كل ماض و قادم
و للمرحوم الأستاذ (هجري دده) الكركوكي قصيدة فارسية يستبشر بها خيرا بوروده و كذا مدحه المعلم داود صليوا بقصيدة بعنوان (حنين المشتاق إلي لقاء وزير العراق) أدرجها في جريدته صدي بابل علي ورق صقيل. و
كذا مدحه عبد المسيح الأنطاكي بقصيدة. و مدحه في قصيدة ثانية نشرت بالرقيب عدد 131 و مدحه المرحوم الشيخ محمد السماوي في قصيدة نشرت في العدد 133. إلا أن هذه كانت قليلة بالنسبة للعهد السابق. لأن مدح الأتراك صار يعد وصمة فلا يقدر أحد من الأدباء مصادمة الجريان الفكري و التيار القومي.
هذا. و لا ينكر أن بغداد نالها السوء، و أصاب أطرافها الهوان من سفك دماء و هتك أعراض، و غصب حقوق فأخذ منها الفساد مأخذه.
الأعراب يأكل بعضهم بعضا، و لا قدرة للجيش علي دفع صائلتهم. و في الولاية لا يري رادع، و للتغلب و النفوذ حكمه. فصاروا يأملون الخير و الصلاح في الوالي لما بلغ من حالة تعسة و أوضاع رديئة. و يرجون أن يتحقق ما يتمنون من صلاح و إصلاح.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 233
و كانت المطالب مصروفة إلي:
1- تأسيس مخافر.
2- تأمين الأطراف.
و من الجهة الأخري نري الأهلين غافلين عما يفرضه الواجب، فلم يستفيدوا من المجالس العامة للبلدان (المجلس العمومي)، و لا من النواب لأنهم لم يقع اختيارهم علي من يصلح. و في الغالب كانوا يراعون الصلاح الديني، فيختارون الواعظ، و العالم الديني، أو المتنفذ، المتحكم.
نعته سليمان نظيف بك بأنه أكبر جندي في الجيش العثماني، و لم يقبل أن يذل للاستبداد في وقت. و هو آلة خير تحمل الرحمة، و العلم الغزير، و الوقوف التام. فلا شك أنه سيتدارك أمر بغداد، و الظاهر أنه قال ذلك كنشرة. و بيّن أن العراق كان خزانة الأطعمة و تكاد أهلوه تموت جوعا، و كان موطن الفيالق، فصار يتحكم به البدو، فلا يستطيع إفهام أغراضه و آماله. و بلغ به من سوء الإدارة و التخريب
ما اللّه عالم به.
و صار الأمل معقودا بهذا الوالي و زاد النشاط، و تولدت حركة في السوق من جراء قدومه.
و يطول بنا ذكر العموميات، أو المدح، و إنما تهمنا أعماله، و إلا فهذا صاحب مجلة العمران عبد المسيح الأنطاكي مدحه بقصيدتين إحداهما في ديوانية الحضرة الگيلانية بعد أن صلي الجمعة في الحضرة الگيلانية و أخري خاصة و مثل هذه لا تعدّل المسلك، و أن مدح الشعراء لا يغير الواقع. و الجرائد التركية بالغت في إطرائه، و أنه من مشاهير العسكريين، و قد كتب لهذا القطر أن لا يتولي أمره إلا عسكري، أو من ينال السلطة العسكرية و لو كان مدنيا. و كل ما نقوله إنه استتب الأمن في أيامه، ولكنه لم يقم بعمل كبير كشهرته. لا سيما و أنه لم تطل أيامه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 234
الخصام بين العشائر كثير و دائم بصورة مستمرة و كانت تتفق العشائر مع بعضها أو يركن الضعيف منها إلي القوي ليعتز به، و تقع المنازعات بعضها مع بعض علي الأراضي، أو من جراء التعديات و السرقات. و قد تكون المنازعات من جراء ما بينها و بين الحكومة، أو سوء إدارة الموظفين. و الأمثلة كثيرة منها:
اشتد النزاع، و توترت الحالة، و تأهب كل فريق علي الآخر، و تدخل القائممقام في الجزيرة (الصويرة) للحيلولة دون وقوع ما لا يحمد، فلم تجد التدابير، و حصل الصدام في 25 المحرم سنة 1327 ه. و قتل الشيخ رشيد البربوتي ابن وادي رئيس عشائر زبيد، و سبب النزاع كان من أجل الأراضي، و كان رئيس البو سلطان عداي الجريان.
كان في اضطراب و امتناع دوما من أداء الرسوم الأميرية و الأعشار. و ما بين الناصرية و سوق الشيوخ لا يستطيع الجيش اجتيازها.
ذهبت القوة التأديبية تحت قيادة الزعيم يوسف باشا و مظهر بك، إلي العشائر و اهتمت الحكومة لما رأت من ضرب المراكب بين بغداد و البصرة، فاشتدت المعارك، ثم ورد وكيل الشيخ غضبان لأخذ الأمان له و معه مبالغ وافرة، ولكن الحركات العسكرية ابتدأت في 24 ربيع الأول سنة 1327 ه.
و جاء في جريدة التهذيب أن والي البصرة محمد عارف بك المارديني عزل الشيخ غضبان من مشيخة بني لام، و كذا أولاد صيهود
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 235
فالحا و إخوته عن زعامة البو محمد و فسخت جميع المقاطعات التي بأيديهم و التزامهم و حجزت أموالهم. و في أثناء الحرب العامة الأولي أعيد الشيخ غضبان إلي الرئاسة و صار عضوا في المجلس التأسيسي و بوفاته آلت الرئاسة إلي ابنه حاتم.
حدث نزاع طويل دام نحو سبع سنوات من جراء قتل هزاع الناصر من البو موسي من قبيلة العزة و كان من المشاهير في شجاعته و بطولته و كثرت المقاتلات بين الطرفين، ثم إن الحكومة أصلحت ما بينهما.
كثرت وقائعهم في چمچمال بين كركوك و السليمانية و في غيرها بصورة مستمرة. و (چمچمال) محل سكناهم. و كان أصلهم من لورستان و مواطنهم فيها يقال لها چمچمال فسموا بلدهم بين السليمانية و كركوك بهذا الاسم (چمچمال).
وقعت بينهم وقائع عديدة. فلم تستطع الحكومة أن تقوم بمهمة الإصلاح.
حدثت منازعات و مقاتلات، و امتدت بينهما، فاشترك فيها القراغول أيضا. و ذكرت هذه العشائر في (كتاب عشائر العراق).
و هذا النزاع قليل من كثير، و نري الوقائع بين الشبل و الغزالات، و الجبور، و البو محمد و الأزيرج و بني زريج و بني لام إلي آخر ما
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 236
هنالك. و لو تحرينا الأسباب لا نراها تخرج عما ذكرنا أو هي من جراء بعض الوقائع الجوارية أو الحوادث الشخصية. و مثل هذه لا تخلو سنة من السنين من وقائعها، و لا تهدأ الحالة في وقت، فعادت طبيعية في العشائر، و كأنها مجبولة عليها أو مما تقتضيه حياتها. و الدولة لا تستطيع قطع دابر الفتن، أو القضاء علي الآلة الفتاكة (السلاح) فلا تقدر علي منع الأسلحة من دخول العراق، و إنما هي منتشرة في أنحاء البادية و بين العشائر، و المتاجرة بها غير منقطعة، و إنما يراد بها إيقاد الفتن. و مهما أجرت الحكومة من مكافحة فليس في استطاعتها القضاء علي دابر التهريب، بل تعد تقليل انتشارها ربحا لها و هيهات..!
كان انتشار الأسلحة يجري بواسطة الرؤساء فلهم يد في تسهيل المتاجرة بها، و تساهل الموظفين أو عجزهم عن المراقبة أزال الخوف و الحذر.
و هذا الوالي جعل باكورة أعماله إثر وروده بغداد بنحو أسبوع مهمة العشائر و دفع غوائلها فحصل علي فتاوي من العلماء في لزوم تأديب من يستحل الغزو المحرم في الشريعة الغراء و هذا يكون بين القبائل البدوية، أو القبائل المتعادية أثناء الخصام. فصدرت فتاوي علماء السنة بقتل المجاهر بالظلم أي الآخذ أموال الناس علانية بطريق الغلبة و القهر كما
يفعله عصاة الأعراب و غيرهم من النهب و الغارة و تسميتهم ذلك (غزوا) و هو ليس من الغزو في شي ء. و أصدر هذه الفتاوي:
1- مفتي ولاية بغداد محمد سعيد الزهاوي.
2- غلام رسول. من علماء الهند المقيمين ببغداد.
3- سماحة نقيب أشراف بغداد السيد عبد الرحمن النقيب.
4- السيد محمد نافع المفتي (الطبقچه لي).
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 237
5- الشيخ عبد الوهاب النائب مدرس جامع منورة خاتون.
6- السيد محمود شكري الآلوسي مدرس جامع الحيدرخانة.
7- الشيخ محمد سعيد المدرس الأول في جامع الإمام الأعظم.
هو أخو الشيخ عبد الوهاب النائب.
أخذ الوالي هذه الفتاوي من العلماء لمنع الغزو و هو عادة جاهلية، لا تتضمن إلا قتل النفوس، و نهب الأموال، و لا يختلف اثنان في فظاعتها و محاذيرها بل مضراتها المادية و المعنوية كما أنها مخالفة للشرع، و أن مرتكبها يستحق العقاب الشرعي و القانوني.
و أخذ فتاوي من علماء الشيعة فأفتوا بأنه يجب منع العشائر من هذه الأعمال بالنصائح و الوعظ، فإن أبوا فحينئذ يركن إلي التهديد.
و التخويف و إلّا جاز التنكيل بهم. و من بين هؤلاء العلماء:
الشيخ كاظم الخراساني. من النجف.
و الشيخ عبد اللّه المازندراني. من النجف.
و السيد محمد القزويني. من الحلة.
و الشيخ محمد حسين. من كربلاء.
و الشيخ محمد باقر. من كربلاء.
و السيد إسماعيل الصدر. من الكاظمية.
فكان لهذه الفتاوي أثرها، و كانت تعد من التدابير الصائبة تجاه أعمال العشائر. فأرعب القوم و ولّد فيهم الخوف، فسكنوا مدة و هدأوا زمنا لا بأس به.
أبلغ الوالي ناظم باشا هذه الفتاوي إلي العشائر حينما توافدت عليه
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 238
عند مجيئه فحذرها من الاستمرار في الغزو و التمادي في الغيّ و البغي و النزوع إلي الشرور.
و لكن لم
يطل أمد انصياعهم لأمره إلا أيام حكومته في بغداد فعادوا إلي ما كانوا عليه بعد مغادرته العراق.
و من أعمال الوالي ناظم باشا:
1- دفن الخندق.
2- سدة ناظم باشا.
3- استتباب الأمن. و هذا من أكبر أعماله.
و كان يأمل أن يقوم:
1- بتشغيل تراموي الكاظمية- بغداد بالكهرباء.
2- بعمل جسر حديدي لبغداد.
3- تسيير بواخر.
4- إسقاء الولاية بماء مقطر.
5- إصلاح و توسيع طرق المدينة و شوارعها.
6- بناء مستشفيات.
7- عمل حدائق عامة.
8- بناء جسر علي الفرات و إصلاح الجسور الموجودة.
قدم لائحة بذلك.
و هو كأكبر موظف قام بمهمات عديدة إلا أنه منع أن تكتب له العرائض بغير التركية ثم عدل عن ذلك و حصل عليه شغب من جراء
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 239
قضية سارة خاتون بنت أوانيس إسكندر الأرمنية. فطلب أحد أعوانه من الضباط برتبة مهمة أن يتزوجها و هو أرمني أيضا فامتنعت، فحدثت شكاوي عليه من جراء ذلك، و اتخذت وسيلة للتنديد بأعماله. و لكن الأهلين أغلبيا راضون عنه، و ولّد رهبة في قلوب أهل الشقاوة.
و عيّن حالته الأستاذ الزهاوي في قصيدة بعنوان (طاغية بغداد).
تكوّنت في ربيع الآخر سنة 1328 ه (غرفة التجارة) ببغداد، فكانت أول غرفة تجارة بصورة صحيحة. و من ثم صارت مرجعا للأمور التجارية و الاقتصادية في المملكة، و أن تكوّنها كان بسيطا جدا. عيّن مركوريان مدير شعبة المصرف العثماني رئيسا لها، و جعل الرئيس الثاني شاؤول معلم حسقيل، و مستشارا الحاج ياسين باشا الخضيري و مستشارا ثانيا يهودا زلوف، و أعضاء كثيرين منهم شاؤول شعشوع و محمود الأطرقچي، و الحاج عبد المجيد حمودي و توفي سنة 1956 م عن ولديه الحاج باقر و حمودي و من الأعضاء إبراهيم حييم معلم إسحق.
و أعلنت لزوم تسجيل الشركات
و الحصول علي إجازة بالاشتغال اعتبارا من 26 جمادي الأولي سنة 1328 ه.
هذا مع العلم بأن الحكومة ألغت غرفة التجارة السابقة في سنة 1301 كما مرّ. و كتبت ذلك بتفصيل ذكرته في مجلة غرفة التجارة في بغداد.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 240
في جمادي الأولي سنة 1328 ه ورد سليمان نظيف بك بغداد بمناسبة مجي ء الوالي للمذاكرة معه فيما يقتضي عمله من الأمور التي تخص البصرة، فأثني عليه صاحب الرقيب الثناء العاطر من جهة الأدب و السياسة و كان مدحه علي البعد حتي قال إنه مصداق قول الشاعر:
حتي التقينا فلا و اللّه ما سمعت أذني بأحسن مما قد رأي بصري
محمد فاضل باشا الداغستاني ورد بغداد بمناسبة قدوم الوالي للمذاكرة و تلقي الأوضاع المطلوبة منه رأسا فيما هو مقرر من الإدارة المزمع عليها من الحكومة المركزية ثم عاد.
وردت برقية من استنبول تشعر بصدور القرار في لغو رسوم الاحتساب، و شهرية الدكاكين. و هذه الرسوم كانت تنتفع منها الحكومة و عدّتها من الضرائب المهمة، و تطورت كثيرا و أصل وضعها كان لأمور البلدية تنفيذا لقاعدة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لما يتعلق بالموازين، و ملاحظة الأمور الصحية، و الآداب العامة. مما يستدعي القيام به كلفة و مصاريف، فكانت تؤخذ بقدر الحاجة لسد مثل هذه الكلف و المصاريف. ثم تغير الوضع، و انعدم هذا الأمر، أو توجه العمل به إلي نواح عديدة، منها البلدية، و انتزعت السلطة من القضاء الشرعي، في حين أنه كان لا يعين قاض إلا و معه محتسب.
و قد قامت هذه المهمة بأمور مفيدة و نافعة. و لكن التشكيلات الإدارية تبدلت، فأودعت أقسام كبيرة منها إلي النقابات، أو إلي القوانين
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 241
الأخري كقانون العقوبات و غيره …
و رسوم الاحتساب تؤخذ من:
1- رسوم التمغا (الطمغة). تؤخذ علي معمولات الولاية اثنان و نصف من كل ما يساوي مائة علي أساس الزكاة. من قيمتها. ثم توسع الموظفون. و تجاوزوا الحد. و كانت هذه تأتي بمبالغ وافرة، و تعطي كسائر الرسوم بالالتزام و كان آخر الملتزمين السيد عواد والد الفاضل السيد علي السيد عواد. و كانت تؤخذ من الأموال التجارية التي تباع في الأسواق من مفروشات و بضائع. و كانت مؤسسة من أيام داود باشا.
و الصواب أنها قبل ذلك بكثير.
2- رسوم الدلالية. و هذه أيضا تعطي بالتزام.
3- القبانية. رسوم تجارية لما
يوزن في (القبّان).
4- الأرضية. عما يباع في الميادين العامة.
5- الذبحية. و هذه (رسوم المجازر).
6- الرسوم عن كل (قفّة) أو (كلك) أو (شختور) أو سفينة أو طرادة بالنظر لما يحمله من رقي أو بطيخ، أو مخضرات، أو أحطاب، أو بقالية، أو حبوبات أو فواكه.
7- أحمال الدواب من بعير و بغل و حمار تبعا لنوع المحمول من حنطة أو شعير أو ماش أو باقلاء.
و يهمنا أن نقول إن الحكومة كانت تضع الرسوم بصورة متوالية
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 242
و تنوي إلغاء ما سبق من رسوم و لكنها تطمع في إبقاء الاثنين و هكذا حتي تولدت أنواع الضرائب. تنفس الناس الصعداء من جراء إلغاء (رسوم الاحتساب) مع أن الحكومة لم تقم بأمر ديني أو مدني لتتقاضي عنه هذه الرسوم. و صار يعد الجباة في نظر الأهلين (زبانية جهنم).
جري في المحاكم الشرعية تحقيق أحوالهم فقبل الوالي منهم ستة أشخاص و نقم الناس منهم كثيرا، و اشتهروا حتي صاروا مضرب المثل في التزوير و الاحتيال.
احتفل الوالي بفتحه خارج باب المعظم بدعوة من حاخام اليهود داود پاپو و المؤسس، ففتح الوالي بيده بابه، و حضر الاحتفال جملة من الأشراف و الأعيان في يوم 19 شعبان سنة 1328 ه. و إن مؤسسه مير إلياهو توفي بعد مدة قصيرة.
حصلت بينهما مشاجرة، و كل واحد كتب علي الآخر برقية شكوي، و كان السيد طالب باشا النقيب مبعوث البصرة. و علي الأثر استقال الوالي سليمان نظيف بك، فلم يستطع أن يقوم بأعمال مرضية لما رأي من المعاكسات من أهل النفوذ و في مقدمتهم السيد طالب فقد كان الحاكم بأمره، أو الحاكم المطلق.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 243
قبلت استقالته، فخلفه جلال بك متصرف لواء كربلاء. و كان سليمان نظيف بك فائقا في قدرته العلمية و الأدبية، و في انتباهه للوقائع السياسية، و في كل أعماله مقبول الإدارة مرضي السلوك و لكن البصرة كانت ملتهبة بالفتن، فلم يتمكن أن ينجح فيها.
1- الأستاذ ناجي السويدي كان رئيس محكمة التجارة في البصرة و جري تحويله بطلب منه إلي عضوية محكمة الاستئناف في بغداد.
2- فتحت الجادة الرشادية في البصرة.
3- أجريت التنسيقات في المعلمين (مدرسي مدارس الحكومة).
4- عمّر قبر القائد الكبير سليمان باشا الكائن بقرب الإمام أبي يوسف. في الكاظمية. و ابنه سامي بك من أصدقاء سليمان نظيف بك و بسببه جري تعميره.
5- هبت ريح عاصفة في 15 جمادي الأولي سنة 1328 ه و كانت زعزعا، ظنها الناس في بادي ء الأمر غمامة سوداء. كما حجبت الشمس عن الأبصار و كانت هبت ريح مثلها عصر يوم 27 شهر رمضان سنة 1274 ه.
6- عهد إلي محمود شوكت باشا منصب وزارة الدفاع.
7- تأسس في بغداد مكتب الجندرمة. في (باب المعظم) و هو اليوم مديرية السجون العامة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 244
8- توسيع سوق العطارين.
9- الأستاذ جميل صدقي الزهاوي. حدثت ضجة عليه بسبب ما كتب عن المرأة و حقوقها في الإسلام، و اعترض علي حكم (للذكر مثل حظ الأنثيين) فانبري
للرد عليه الشيخ سعيد النقشبندي في رسالة سماها (السيف البارق في عنق المارق) و آخرون.
10- ظهور الهواء الأصفر أو الهيضة (كوليرا).
11- أدخلت وزارة المعارف في برامجها تدريس اللغة العربية.
وكيل مدرس المدرسة المرجانية. توفي يوم الخميس 2 المحرم سنة 1328 ه و عمره يناهز الخمسين سنة و كان أول من قرأت عليه في بداية تحصيلي العلمي. و من أولاده هاشم و مكي.
الشاعر الأديب المعروف في العربية و التركية و الفارسية و الكردية، و يعدّ في الكردية من أبلغ الشعراء. توفي عصر الخميس 9 المحرم سنة 1328 ه و قد رثاه جماعة. و طبع ديوانه للمرة الثانية في بغداد سنة 1946 م. و له ولدان الشيخ محمد و الشيخ عبد اللّه المتوفي سنة 1941 م و هذا أولاده الشيخ رحمة اللّه و سعادة الأستاذ حسن و الأستاذ علي.
من العلماء الأدباء، و له شعر جيد، توفي في البصرة و دفن في مقبرة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 245
الحسن البصري في الزبير يوم الخميس 4 صفر سنة 1328 ه. و كان مفتي البصرة من سنة 1317 ه، و أبناؤه الأساتذة: عبد الملك و الحاج علي، و إبراهيم. و رثاه جماعة.
توفي في الحلة.
توفي في 23 ربيع الآخر سنة 1328 ه كما أخبرت برقية بذلك و هو عم معالي إبراهيم و موسي الشابندر.
يوم الاثنين 6 جمادي الأولي سنة 1328 ه عن عمر يناهز الثمانين.
(من العلماء) ابن الحاج حسين ابن الحاج عثمان البرزانلي. توفي ليلة الأربعاء في 18 شعبان سنة 1328 ه و توفي ولده عبد الرزاق في 26 ذي القعدة سنة 1358 ه. و حفيده محمد ناجي و العائلة تشتغل بالتجارة، و جاء في جريدة الرقيب: أنه كان موصوفا بحسن المعاشرة و الدعة و التودد.
انفصل الوالي ناظم باشا من بغداد، و أودعت الولاية بالوكالة إلي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 246
الفريق يوسف آكاه باشا في يوم الجمعة 16 ربيع الأول سنة 1329 ه، و في يوم الثلاثاء صباحا 19 ربيع الأول ذهب إلي استنبول من طريق البصرة في أحد مراكب شركة (لنج)، و خلف أثرا في النفوس، و كانت أعماله جليلة و فاضلة إلا أنه لم تطلق يده، ثم أودعت إليه وزارة الدفاع إقرارا بفضله، و اعتمادا علي مقدرته، ثم جاء نبأ برقيّ يشعر بأنه قتل و معه اثنان في 24 شباط سنة 1913 م و دفن الجميع بأبّهة عظيمة، و في خاطرات جمال باشا أنه قتل في 23 كانون الثاني سنة 1913 م، و لم تدفن جنازته إلا في اليوم التالي.
و كتب المعلم داود صليوا في حياته رسالة سماها (المحاق في ترجمة شهيد الإصلاح ناظم عقد العراق) جعلها ملحقا لمجلة الغرائب العدد الرابع الصادر في 30 ربيع الآخر سنة 1331 ه و طبعت بمطبعة الآداب في بغداد. كما أنني سمعت أنه كتبت رواية تتضمن ذمه، في حادث سارة خاتون.
أودعت إلي مدير تحرير ولاية البحر الأبيض المتوسط و لم يسمّه.
في أوائل حزيران (أوائل جمادي الآخرة سنة 1329 ه) تمّ تخطيط كلية العراق الإسلامية المعروفة ب (الكلية الأعظمية). و لا زالت عناية الوالي دولة يوسف باشا مصروفة إلي إخراج هذه الكلية إلي عالم المثال. و هي تلك الكلية التي رفعت إلي هذه المرتبة نهار الجمعة 26
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 247
أيار (18 جمادي الأولي سنة 1329 ه) و حضر حفلة افتتاحها جمّ غفير من أكابر البلدة و رجالها الأماثل من عسكريين و ملكيين و مدنيين..
هذا. و قد حصلت معارضات في تكوينها مما أخر العمل، لما قام به أهل الشغب من المعارضة.
جمال بك كان كسائر الولاة المهمين ترد الأخبار عن حركاته في طريقه إلي بغداد حتي وصل يوم السبت في 1 شهر رمضان سنة 1329 ه فخرج لاستقباله إلي الفلوجة معاون الوالي لطفي بك و غيره. و استقبله من الأعظمية:
1- الفريق يوسف أكاه باشا وكيل الوالي و وكيل مفتش الفيلق الرابع الذي انتهت وكالته بورود علي رضا باشا الركابي قائد الفيلق الثالث عشر.
2- الأمراء و الأشراف.
3- ضربت له المدافع كالمعتاد.
و إثر وصوله كتب إلي الملحقات برقيا يخبر بأنه باشر أعماله، فأوصي الموظفين بلزوم الاهتمام بوظائفهم و أن يقوموا بما يتعلق بالأمن و الراحة، و طلب أن يثابروا علي أداء الواجب، و يؤدوا أعمالهم كما يرام.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 248
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 249
يوم الأربعاء في 5 شهر رمضان سنة 1329 ه قري ء باحتفال في الساعة 5/ 9- و كان الجمع حاشدا، و بعد قراءة الفرمان تكلم الوالي عن عمارة الخطة العراقية سابقا، و ما اعتراها من خراب في هذه الأيام و أوضح ما تستدعيه من الجهود لإعادة حالتها..
«افتخار الأعالي و الأعاظم، مستجمع جميع المعالي و المفاخم، المختص بمزيد عناية الملك الدائم والي أطنة جمال بك الذي وجه منصب ولاية بغداد و أودع لعهدة استيهاله دام علوه.
ليكن معلوما أنه يصل توقيعي الرفيع الهمايوني أن بغداد تقبل الترقي و العمران بقدر الاستعداد و نسبة القابلية، فتصبح متوافرة التجارة و الثراء عندما تكون مظهر العدل و الرأفة بصورة متساوية بين صنوف الأهلين و من ثم تنال الرفاه و السعادة. فاقتضي ذلك أن تودع هذه الولاية لمن جربت درايته و أهليته، فأنت لما كنت متصفا بكمال الحمية و الرويّة، و واقفا علي أمور الإدارة، و أنك من متميزي الموظفين في سلطنتي السنية، فإني أودع هذه الولاية ليد اقتدارك بناء علي الاستيذان الواقع، فأصدرت إرادتي السنية الملوكية.
و بوصولك- بمنه تعالي- إلي هناك أن تسحب يد أي موظف يتبين لكم أنه لم يكن حائزا للأوصاف المطلوبة عدا الموظفين العدليين و الشرعيين، فإنهم مستثنون، و أن تعينوا مكانهم من يليق حسب الأصول، و تخبروا عاجلا بما يتمّ للدوائر المتعلقة بهم.
و إن التدابير اللازمة للإصلاح و العمران في بغداد و البصرة إذا مسّت الحاجة تدعون والي البصرة للمذاكرة معه فتوحدوا الفكرة و الحركة، و تقرروا ما يقتضي بصورة مشتركة، و أن تقوموا بالمهمة بسرعة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 250
كاملة للتنفيذ، و كل ما يطلب من جانبك من أي نوع من الوسائط السابحة
و التجهيزات الأخري تجري مبايعتها و ترسل.
هذا و من اللازم تنسيق الجندرمة أيضا في بغداد و البصرة و إصلاح شؤونها و أن ترتبط هيئة التنسيق و التفتيش بمقام الولاية رأسا، و أن يكون قائد كردوس الجندرمة و لجنة التفتيش تنحصر مخابراتهم مع قيادة الجندرمة و المفتشية العامة بواسطة مقام الولاية حصرا، و تنفيذ أمور التنسيق بسرعة، و هكذا قضية التسليمات و التجهيزات للجندرمة، و أن تروج الإشعارات التي تقع من الولاية بخصوص إسكان العشائر، و أن تنسق أمور الشرطة في بغداد و البصرة بتأسيس مكتب لهم، و أن يراعي الانتظام فيه، و أن يكون تحت نظارتك، و أن تهتم بأمور الشرطة و المفوضين، و ما يتعلق بهم من معاشات و تجيهزات، و ما يقتضي لتزييدها حسب اللزوم الذي تراه، و إكمال النواقص.
و إن من أهم القضايا الاجتماعية قضية الأراضي في بغداد، فهذه سوف يصدر بها قانون، و قد عزم علي تنظيمه، فعليك أن تدققه بالسرعة الممكنة و أن تبدي الملاحظات من جميع أطرافها، و تبين نتائجها المستقاة.
و هكذا تنظر الطرق عدا الشوارع العامة. تعمل ذلك، و تقوم بأمر تطهير الأنهار، و كل ما هو لازم من الأمور النافعة. و للقيام بذلك خصص سنويا علي الأقل 40 ألف ليرا، و يصح إبلاغها إلي ما هو أزيد بتقرير من رجال الفن، تقرر ذلك كله، و جرت التبليغات اللازمة للدوائر المختصة. فعليك و أنت ذو الحصافة و الإخلاص المسلّم به أن تقوم بواجبك، و ما يترتب من معاملات و وظائف بالوجه اللائق و الأتم، و أن ينال الأهلون علي اختلاف صنوفهم وفقا للقانون الأساسي أتم العدل، و تتحقق لديهم المساواة و الحرية، و كل ما هو يهمهم، فالعناية
العناية
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 251
بذلك، و هو المطلوب المنتظر من سلطنتي، و علي كل حال استمد من روحانية الرسول صلي اللّه عليه و سلم، و قم بوظائفك أحسن قيام، و اهتم بها خير اهتمام. تحريرا في اليوم الحادي و العشرين من شهر رجب الفرد لسنة 1329 ه» ا ه.
و هذه ترجمة خطابه:
«أيها الوطنيون المحترمون!
لقد تلي عليكم الآن بكمال التعظيم التوقيع السلطاني بتوديع زمام إدارة أمور ولاية بغداد لعهدة العاجز، فها أنا أفتح أعمالي باسمه تعالي ملتجئا بالعناية الصمدانية، و متوكلا بروحانية الرسول صلي اللّه عليه و سلم فأقول: أري نفسي مضطرة أن تذكر لكم ما أحسه قلبي، و أوضح ما حواه صدري عند لقائي أبناء وطني العراقيين، و هو أول لقاء يباهي به في هذا اليوم.
أيها السادة:
أجدني متحسسا بثلاث إحساسات تعود إلي مملكتكم.
الأول- حسن الاحترام و الحيرة العائدة إلي الحال السابق لمملكتكم المباركة.
الثاني- حسن التأثر و الأسف الذي يعود إلي حالها الحاضر.
الثالث- هو عائد لاستقبالها إلا أن هذا الاستقبال الشريف ذا الشأن هو و ترقي العثمانيين و تعاليمهم توأمان.
أما الذي يتعلق بماضي هذه المملكة المباركة فمن قرأ تاريخها لا يسعه إلا أن يطيل وقوفه حائرا إذ بحرارة هذه الشمس انتشأت أدمغة نسل ذلك البشر الذي استبانت خدماته الكبيرة لعالم الإنسانية و المدنية في الأدوار البعيدة الماضية قبل أن تشرق أنوار الإسلامية علي الدنيا، و بعد ظور الإسلام فمدنية الخطة العراقية وصلت إلي نقطة و انتهت إلي غاية لم
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 252
يتيسر الوصول إليها لقطر من أقطار العالم كله. و لما كانت جميع الأقطار تنمحق تحت ظلام كابوس الجهالة فالخطة العراقية كانت إذ ذاك مستغرقة بأنوار الفنون و العلوم،
مشرقة عليها الأشعة المختلفة حتي بدت كأنها روضة غناء و لذلك تركت أنظار العالم معطوفة محتارة بالتدقيق علي ما يعود لذلك الزمان.
فالذي أوجد الساعة لتنظيم أوقات البشر، و الذي أثبت كروية الأرض، و الذي عيّن دائرة نصف النهار، و من خلّد آثارا كثيرة بحيث لا تعد و لا تحصي في الطب و الفلسفة، و الأدب و العلوم الرياضية و الهيئة هم علماء الإسلام الذين كانوا قد نشأوا بهذه الخطة و تنفسوا بهوائها و اصطلوا بذكائها، و ارتووا بمائها، و انتعشوا بما استحضرت هذه الخطة لعالم البشر من المواد الطبيعية فيها.
و لكن الذي يؤسف له هو أن الأخلاف الذين نشأوا بعد ذلك لما أهملوا أمر اقتفاء أثر أسلافهم المبجلين أخذت تلك الشمس المشرقة بالعلوم و الفضائل بالتضاؤل شيئا فشيئا حتي أفلت، فاضمحل ما كان بأيديهم من الثراء و الغناء، و استولي عليهم الجهل و بدلوا الحضارة بالبداوة، و الاجتماع بالتفرق و التشتت، و تعوضوا عن الهدوء و الراحة بالفتن. فمن يقول بأن خراب المملكة بالحاضر هو ناشي ء من ال 33 سنة التي هي الدور الحميدي، و يعطفه علي ذلك الزمن لم يك صادقا في دعواه إذ قد ابتدأ انحطاط الخطة العراقية منذ خمسمائة سنة أو ستمائة تقريبا غير أن الدور الحميدي أوصله غايته، و أبلغه نهايته، مع ما فيه أيها السادة فالملّة بحمد اللّه لما استردت حقوقها بعد هذا الانقلاب الأخير، و تأسست حكومتنا المشروعة و المشروطة فكما أن الخطة العراقية هي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 253
عين تلك الخطة و الهواء ذلك الهواء و الشمس تلك الشمس و النهران اللذان يجريان فضة و ذهبا الفرات و دجلة هما أيضا ذلك الفرات و دجلة و
الأهلون هم أيضا في عين ذلك المحيط ينشأون تحت ذلك المؤثر، و فيه يعيشون آمنين و مطمئنين إلي أن يشرق مستقبل هذه القطعة المباركة، و حسب و سعي ما دمت فيما بينكم أجد و أجتهد في إيصال هذا الأمر إلي الدرجة القصوي.
هذا و إني أمين من جميع الوطنيين من أن يعضدوني، و يؤازروني في إخراج هذه الوظيفة المهمة التي أودعنيها حضرة الخليفة الأعظم من القوة إلي الفعل، لأن قوة الحكومة المشروطة و مدار استنادها هو المجموع المتشكل من الأفراد، و من أجل ذلك كانت الحكومة و الملّة شيئا واحدا، متحد الوجود، و في التشبث للعمران ينبغي أن يكون كل منها ظهيرا و معينا للآخر، فالملّة ينبغي لها أن يكون جميعها في شكل جمع واحد في مقابلة من يهاجمها حتي يسعها أن تكتسب الحياة و تفوز بالقدرة و لذلك تصمّم علي كسر أيدي الخائنين و المنافقين الذين يمدون أيديهم ليورثوا الخراب و الخسار لذلك المجتمع المتحد المحترم.
فالهيئة العثمانية المتركبة من أفراد الملّة لا يفرق بين فقيرهم و غنيّهم و لا تفاوت بين كبيرهم و صغيرهم في نظر الحكومة و القانون، إذ كلهم متساوون، و يحافظ علي حقوق كل منهم، أما مأمورو الحكومة فقد تعينوا لتأمين المناسبات الدائمة الحسنة بين الأفراد، و من أجل ذلك إن معاشاتهم تؤخذ من الأفراد، هم خدم الملة، فبناء علي ذلك ينبغي إن يعلم كل أحد أن باب الحكومة مفتوح لكل أحد و لا تمس حاجة بقدر الذرة إلي توسيط زيد و عمرو عند المراجعة للحكومة.
أيها السادة:
أريد أن أوضح لكم هذا أيضا قبل أن أختم مقالي اعلموا أن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 254
الخطة العراقية باب من حديد للخلافة المعظمة الإسلامية
في مقابلة الجنوب، فالأنظار التي تتوجه أو الأيدي التي تمد من الجنوب نحو الخلافة الإسلامية و السلطة العثمانية يلزم الاجتهاد لمنع دخولهما من هذا الباب و هو وظيفة عموم العثمانيين بيد أنها وظيفة مبجلة لهم بحيث يجتهدون و يكونون متحدين علي أمنية واحدة حتي يفدوا بأرواحهم.
فإذا اجتهدنا لهذا كنا قد هيأنا للإسلامية منافذ تخدم للإشراق نحو الشرق و أسأل اللّه العظيم أن يجعل التوفيق رفيقنا طرّا آمين.» ا ه.
و جاء خطاب الوالي موضحا لمضمون الفرمان، و لكن المطالب عامة، و كانت له صلاحية كبيرة في عزل الموظفين عدا العدليين و الشرعيين، و أن الدولة شعرت بأن الموظفين السابقين لا يصلح غالبهم للعمل، أو أنهم اشتهروا بأمور من شأنها أن تجعل الدولة في وضع منفور و أنها مجموعة سفهاء و أشرار، و خوّل الوالي هذه الصلاحية و لم تقف الدولة عند حدود الفرمان و الخطاب، و إنما بعثت نظارة الداخلية له الخطة التي يسير عليها، فلا تريد أن تدعه يقوم بأعمال كهذه خطيرة دون أن توجه أعماله. و في هذا ما يشعر بأن الخطة العراقية تحتاج إلي اهتمام زائد، و من الضروري أن يكون الموظفون قد حازوا الأوصاف اللازمة.
و في ذلك حث علي السرعة، و أن يتداول مع والي البصرة، فيكون العمل مشتركا.
و لم نجد عملا مثمرا من هذا الاهتمام، و لا صلاحا من الفرمان، و لا من الخطاب و لا من أمر وزارة الداخلية، فكلها ذهبت هباء. و هذه الأمور تذكرنا بحكاية (حمارة القاضي)، فإنه طلب أن تكون أوصافها مقبولة. فأجابه المكلف باختيارها بأن هذه الأوصاف لا توجد في أحد الناس.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 255
هذا. و لا نعجل بإبداء الفكرة في هذا
الوالي حتي نتبين ما قام به من الأعمال في أيام ولايته، و من ثم ندرك النتائج، و درجة تنفيذ ما أمر به، أو ما نطق هو به من منهاج عهد علي نفسه السير بموجبه، و العمل بمقتضاه، فنقطع بالنتائج، و نعلم بالأوضاع. أو لا نقف عند ذلك و إنما نتجاوز موضوع الولاية، و نلاحظ ما هنالك من تيارات معاكسة، و حالات معارضة أو موافقة و هكذا حتي نعلم ما في القطر من صفحات و تيارات نافعة و مهمة جدا …
و رحب بقدومه شاعرنا الشعبي الشيخ علي البغدادي المعمار قال:
مذ حلّ بغداد (جمال) العلي بطلعة تخجل بدر التمام
قد قرّ فيه طرفها بعد ما قد كاد مما نابها لا ينام
و كان أطراه صاحب (سبيل الرشاد) و نسب إليه تأسيس كلية الإمام الأعظم، و جميع الإصلاحات وعده المصلح الوحيد.
هذا. و الملحوظ أن الفرامين لها أسلوب خاص في التحرير، و ألفاظها التفخيمية تختلف عن سائر الكتابات، فهي تابعة لمراسم و أوضاع معتادة، و كذا خطها يكون ديوانيا، و خطاطوها يجب أن يكونوا مختصين بهذا الخط، و من الماهرين فيه، و بينهم من برع فيه بحيث لا يكاد يحسن سواه، أو أنه مهر فيه، و أتقنه بصورة خاصة، فكان يعد من أساتذته و تمتاز هذه الفرامين و أمثالها بما تحتوي من التواقيع السلطانية المسماة ب (الطغرا)، و هي من اختصاص خطاطين عارفين بهذه المهمة بعناية لا مزيد عليها، و يلقب الواحد منهم ب (طغراكش) و قديما
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 256
بالطغرائي، و هو الموقع لها، و لا يصح أن تقلّد، أو تحتذي، أو تزوّر، فالخطاط القائم بها لا يستطيع أن يوازيه أحد. و عرف بهذا المنصب أشخاص اشتهروا
بهذا اللقب، تعرضت لذكرهم في (تاريخ الخط العربي في العراق) و انتشاره في الأقطار الإسلامية التركية و الإيرانية و غيرهما.
أيد هذا الوالي ما كان عمله الوالي ناظم باشا و نشر بيانا في الزوراء عدد 2323 في 15 شهر رمضان سنة 1329 ه أعلنه للعشائر كما فعل ناظم باشا مهدّدا لهم بأن الغزو أمر مرذول، و لا يجوز الإقدام عليه كما ثبت بالفتاوي من العلماء، و مؤكدا لزوم الكف عنه، و أبدي ما يترتب عليه من أمور مقبوحة من إزهاق نفوس، و سلب أموال بالباطل، و تيتم أولاد، و قتل أبناء الأمة. و هكذا.
و هذا نص بيانه:
«تعيّنت واليا علي بغداد تلك البلدة التي كانت في سالف عهدها بفضل أولي السعي و الآباء من السلف المحترم موطن علوم شتي أخذت في عصر الحضارة هذا تسرع في التقدم إسراع البرق المتألق، و منبت الثراء و الغني، و جنّة للعمران دانية القطوف، و التي فقدت بعد تلك الأيام سالف مجدها، و خسرت باهر غناها و زاهر عمرانها عندما تواني الخلف فلم يتبع خطوات سلفه في المشي في طريق الحياة الكثيرة التعاريج و العقبات و أظهر عزا يشين عن مقاومة ما طرأ عليها من العوارض و المصائب فجئت إليها قبل أسبوع و باشرت وظيفتي مستعينا بتوفيق اللّه تعالي.
و لما بحثت عن البواعث التي قضت أن يفتقر هذا القطر الغني بقابليته بل و أن تخرب هذه البقعة المباركة التي جمعت بين حدّيها كل وسيلة لرفاه أهليها و غناهم و سعادتهم و تحرّيت الأسباب التي ولّدت
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 257
ضرورة أبنائها و أطالت أيام شقائهم المؤلم وجدت أحدها و أكبرها ما اعتدتموه مدفوعين إليه بالجهل من القتل و
النهب اللذين تسمونهما (الغزو).
فأردت أن أقول لكم في بلاغي هذا كلمات تفهمكم ما لهذا الاعتياد الذميم من الضرر الفادح و تنذركم لو نفعكم الإنذار بما له من وخيم العاقبة و سوء المصير.
هلّا فهم رؤساؤكم و عقلاؤكم في كل هذه السنين أن الغزوات التي تنتهي تارة بالغلبة و أخري بالخيبة و الفشل تحرم كثيرا من الأبناء آباءهم و كثيرا من الآباء أبناءهم و تسلب الأموال و المواشي من أيدي أصحابها سلبا قاسيا و تتلفهما إتلافا مستمرّا.
كلكم بحمد اللّه تعالي موحّدون ألا يجب أن تعرفوا أن جزاء الذي يقتل النفس التي حرم اللّه و ينهب أموال الناس و يعيث في الأرض فسادا أن يذوق يوم القيامة عذاب الجحيم و يصلي سعيرا.
هل يتصور وجود مسلم عاقل يقرأ بعيني بصيرته قوله تعالي: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا.. [الحجرات: 10] ثم هو لا يدعو الناس إلي السلم و الوفاق أو مؤمن يقرأ وعيده بقوله تعالي: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها.. [النساء: 93] ثم هو يتجرأ علي سفك دم أخيه المؤمن.
إنكم بعملكم الفظيع هذا لتستحقون غضب المنتقم الجبّار و إنكم بعملكم هذا لتخسرون في يوم واحد بل في ساعة واحدة جلّ أموالكم التي جمعتموها بأتعاب أعوام طوال تفقدون أبناءكم الذين ربيتموهم علي أفخاذكم و في أحضان أمهاتهم و زوجاتكم طوال السنين حتي شبّوا فكانوا رجالا.
و إذا كنتم مسلمين و عثمانيين معا فإنكم بعملكم هذا المجحف
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 258
بالجامعتين الإسلامية و العثمانية لتضرون الدولة و الأمة و تضرون الإسلام و المسلمين أضرارا كبيرة و أنتم لا تعلمون.
و إنكم بما تأتونه من الشقاق و النزاع لتقربون الوسائل بأيديكم لتلقوا وطنكم العزيز في خطر الاستيلاء من قبل
أعداء دينكم.
و هل يرضي من كان ذا قلب سليم أو أوتي قليلا من العقل بدوام هذه الحال المطيلة لأيام النكبات و المصائب؟!
و لعلكم فقهتم مما قدمته من الإيضاح أني مأمور دينا و وظيفة بمنع ما يتمادي بينكم من قتل الأنفس و شنّ الغارات و نهب الأموال.
و لذلك أرسلت إليكم في آخر بلاغي هذا صور الفتاوي الشرعية التي بلغكم إياها في السنة الماضية حضرة سلفي المبجّل و المحترم ناظم باشا بعد أن استحصلها من مشاهير العلماء الراسخين و المشايخ الواصلين مؤكدا بذلك لأحكامها الشرعية القطعية إذ ربما كنتم قد نسيتموها لبعد الزمن، و داعيا لكم إلي صراط الحق و سبيل الرشاد و إلي السكينة و الأمن و الوحدة و الاتفاق فإن المملكة اليوم في حاجة كبري إلي كل ذلك.
و إني لموصيكم أن لا يعتدي بعد هذا اليوم بعضكم علي بعض و أن ترجعوا إلي باب الحكومة الرحيب و عدالتها في فصل ما عسي أن تحدثه الميول البشرية من الخلف بينكم و إن أصررتم علي غيّكم، و تماديتم في وحشتكم القديمة من نهب هذا، و قتل ذاك، فاعلموا أن الحكومة السنية تنزل بالمعتدين عقابا شديدا، و تؤدبهم تأديبا يكبح من جماحهم و لا تسامحهم أبدا، و قد أعذر من أنذر.» ا ه.
نشر هذا البيان باللغة التركية، مع ترجمته العربية، و أذيع، و لكن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 259
هل يكفي هذا للقضاء علي أمر الغزو؟ في حين أن ذلك يحتاج إلي حراسة و إلي مراعاة سيطرة كاملة تجتثه من أصله، و الحكومة كانت من الضعف بمكانة، و من الوهن بحيث لا تستطيع تأمين داخلية المدن فضلا عن الخارج.
ذهب هذا الأمر سدي و بلا فائدة كالنصيحة من
ضعيف، أو التوصية من واعظ ليس له سلطة و لا قدرة علي تعديل في الرأي لمتعنت باغ.
و من ثم كان أول عمل لهذا الوالي أن جهز قوة عسكرية بقيادة الرئيس الأول عسكري بك (و صار مؤخرا قائد الجيش في الحرب العامة)، فقام بحرب عشائر الغزالات و آل إبراهيم و الفتلة و الشبل و صارت تحصل علي الضرائب بالقوة.
و هل قضي الجيش علي الغوائل كلها، أو أصابت العشائر رهبة فأذعنوا بالطاعة؟؟
أعلنت إيطاليا الحرب علي الدولة العثمانية في 18 شوال سنة 1329 ه الموافق 29 أيلول سنة 1912 م للاستيلاء علي طرابلس الغرب و بنغازي، و حصلت مظاهرات في كل مكان و تجمع الناس في دار الحكومة، و أبدوا السخط علي أعمال إيطاليا فتكلم الوالي بخطاب بليغ، و خطب الأستاذ جميل الزهاوي باللغة العربية و حث علي الحرب، فاحتشدت الجموع و جاءت البرقيات من كل صوب مظهرة استياء الأمة.
فتوالت وقائعها و استمرت حروبها مدة. فانتهت بالاستيلاء عليها.
لتفتيش أمور الولاية و الملحقات. ذهب الوالي إلي المسيب، فالهندية إلي السدة ثم إلي الحلة، و الديوانية و الشنافية، و إلي أبي صخير الذي هو مركز الشامية، ثم إلي النجف، و كربلاء. ثم عاد، فاستقبله
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 260
بعودته الناس في جسر الخر (المسعودي) و في رحلته هذه شاهد عمليات السدة، و الحفريات في كويرش و بابل، وزار المدارس و أعان بعض الطلاب بالكتب و الألبسة. و هكذا شاهد حفريات الجدول المعروف ب (رشادية) القريب من الديوانية.
نشر الوالي بيانا حول هذه المدرسة و ما شاع من عزم الحكومة علي إلغائها. و هذا البيان يتضمن أن المدارس في سقامة تدريس، و أن نوايا الحكومة مصروفة إلي إصلاح المدارس الموجودة و ترقيتها من الناحية المادية و المعنوية لتكون صالحة لإخراج طلاب أكفاء لمدرسة الحقوق و بسط هذه النوايا بتأسيس مدرسة دار المعلمين و مدارس رشدية للذكور و الأناث، و إصلاح المدرسة الإعدادية، و لكنه في الوقت نفسه بين أن المدارس الموجودة لم تكن فيها التدريسات نافعة و لا تستحق أن تسمي تدريسات. فولد آمالا معسولة، فكأنه قام بالمهمة، و لا نزال نسمع أمثالها. و العراق لم يقنع من هذا البيان، و لكنه أبدي أن الولاية لم تتصور إلغاءها و إنما تقصد إصلاحها.
و الملحوظ أن التدابير كانت سائرة في طريق الإلغاء، ندمت علي تأسيسها … القضاء عليها، و لما رأت التيار قويا في المعارضة أبدت المعاذير و سكتت، و لم تجر أي إصلاح فيها.
فأحاط الماء بها من كل جانب، و تولدت
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 261
حمّي الملارية من جراء ذلك، كما أن الوباء ظهر في البصرة، و ظهرت بعض إصابات الهيضة في العزير.
مع المحافظة علي التدريس باللسان الرسمي العثماني.
و تكرر الحادث يوم الاثنين صباحا و من 40 سنة لم يشاهد نظيره. لحد أن بعضهم سمي ابنه ب (ثلج). و تاريخ ذلك باللغة التركية قال الأستاذ عبد اللّه خونده الأديب المعروف في اللغات العربية و التركية و الفارسية:
نسل حاضر گورمه مش زوراده يا هو مثلني اشبو كانون سكزنده دوشدي تاريخ (ياغدي قار)
1326 رومية (8 كانون الثاني)
و معني البيت لم يشاهد في بغداد مثل هذا الوفر في الثامن من كانون (الثاني) فجاء تاريخه (ياغدي قار) أي أمطرت الوفر.
توفي نهار الاثنين 28 المحرم سنة 1329 ه (29 كانون الثاني سنة 1911 م) و هو أخو محمد سعيد المفتي و الأستاذ جميل صدقي الزهاوي و عبد اللطيف أفندي.. رثاه الأستاذ عبد الرحمن البنّاء بقصيدة مطلعها:
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 262
صبرا جميلا فالزمان يجور و العمر فان و الحياة غرور
و هو والد المرحوم السيد إبراهيم الآلوسي قاضي بغداد الأسبق.
توفي ليلة الثلاثاء 18 ذي القعدة سنة 1329 ه فكان لوفاته حزن عميق في النفوس.
توفي في حلب الشهباء في أوائل شهر كانون الأول سنة 1911 م (ذي القعدة سنة 1329 ه) و هو من أمراء المنتفق. و هو ابن منصور باشا بن راشد بن ثامر ابن الشيخ سعدون الذي سمّي به الكثيرون من آل سعدون. و مرت بنا وقائعه، و يعد من مشاهير رؤساء العشائر، و طاردته الحكومة مدة، و حارب بعض العشائر، فكان المنتصر. ولد نحو سنة 1270 ه- 1853 م. هو والد الشيخ عجمي باشا السعدون.
نسمع بها، و لا نري لها تحققا، و منها إنشاء جسر حديدي لبغداد.
و جسور للمواطن الأخري. و قصد الولاة بها تطمين الأهلين.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 263
عن بغداد:
1- مراد بك آل سليمان بك. والد حزمي بك و أخو فخامة الأستاذ حكمت سليمان.
2- فؤاد أفندي مدير الأملاك المدورة.
3- السيد محيي الدين عبد القادر الگيلاني ابن سماحة نقيب أشراف بغداد السيد عبد الرحمن النقيب.
4- ساسون حسقيل، انتخب للمرة الثانية.
عن البصرة:
1- السيد طالب بك النقيب. أعيد انتخابه للمرة الثانية.
2- عبد اللّه الزهير. صاحب جريدة الدستور.
3- عبد الوهاب باشا القرطاس و هو ملاك مشهور. توفي بالبصرة سنة 1924 م.
4- أحمد نديم رئيس محكمة الجزاء.
عن كربلاء:
1- فؤاد الدفتري البغدادي، والد معالي محمود صبحي الدفتري.
2- نوري بك البغدادي رئيس تحرير القسم التركي في جريدة الزهور البغدادية. لصاحبها الأستاذ رشيد الصفار و هو خال والد الأستاذ ناظم حميد المحامي.
عن الديوانية:
1- الأستاذ إسماعيل حقي بابان.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 264
عن المنتفق:
1- الأستاذ جميل صدقي الزهاوي.
2- عبد المجيد الشاوي.
عن العمارة:
1- عبد الرزاق المير. من ملاكي البصرة.
2- معروف الرصافي.
تعين جلال بك والي البصرة سابقا مفتشا عاما لإصلاح الشؤون العراقية. و لم يبين تاريخ انفصاله من منصب ولاية البصرة.
استعملت في الدوائر الحكومية في ولاية بغداد اعتبارا من منتصف ليلة 30 نيسان سنة 1328 رومية (13 مايس سنة 1912 م) كما يظهر من برقية نظارة الداخلية في استنبول المرقمة 134 و المؤرخة في 30 نيسان سنة 1328 رومية.
في صباح السبت 27 تموز سنة 1912 م كان الاحتفال بوضع الحجر الأول لسكة حديد بغداد في جانب الكرخ بقرب السن، و دعا رئيس الأشغال (مايسز باشا) الألماني والي الولاية جمال بك و القائد و أركان الولاية و سراة الوطنيين و قناصل الدول إلي الاشتراك في
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 265
الاحتفال، و كان عدد المهندسين الموجودين أربعين من أمم مختلفة و أغلبهم من ألمانيا.
و هذه السكة دعت إلي النزاع الاقتصادي، و الرقابة الألمانية- الإنكليزية، و كذا الفرنسية، و دونت آثار عديدة عن هذه الرقابة و الزحام و أدت إلي الحرب العظمي بل هي من أهم العوامل، و كتب أحد الإفرنسيين كتابا عنوانه (سكة حديد بغداد)، و ما هنالك من عوامل..
و هكذا توالت المؤلفات و فيها ما يعين الحالة و يدعو إلي الخصام، و لا محل للإطالة في بحثها، و كفي أن نقول: إن الرقابة الدولية كبيرة، و النفسيات متطلعة. و المعاهدات و الاتفاقيات عينت ما هنالك من آمال.
و ربما تجاوزت حدود الرقابة إلي تكوين خطر.
من مؤسسات شوكت بك دفتري بغداد سابقا 1371 ه- 1854 م، ثم صار باشا، أنه شيّد سنة 1272 ه- 1855 م سبيلا في محلة الميدان بناه من المرمر، ثم توالت النكبات فخرب كما خربت أبنية ذلك الحي، فلما جاء إلي بغداد حفيده قدرت بك مدير الأمور الأجنبية ابن عصمت باشا و رأي ما حل بذلك البناء عزم علي تعميره، فطلب إلي المهندس الفرنسي (الموسيو غودا) أن يخطط رسمه علي هيئة بديعة فلبي طلبه و تم هذا البناء و وزع الماء الزلال علي العطاشي، و قد بلغ مصرفه 108 ليرات، و للبناء واجهتان علي إحداهما أبيات عربية و علي
الأخري أبيات فارسية و تركية و كلها مكتوبة علي الآجر المطلي المعروف ب (الكاشي)، و يحيط بالكتابة أشجار خضراء، و أغصان غضّة، و نقوش عربية، و أثمار
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 266
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 267
بألوانها الطبيعية حتي تخالها حقيقية. هذا. و بفتح جادة خليل باشا (شارع الرشيد) لم يبق له أثر.
أقام الوالي هذا المعرض بهمة معاونه لطفي بك، و اشترك فيه جماعة أيضا.
استقال من ولاية بغداد عند سقوط الوزارة، فقبل استعفاؤه، و في عصر السبت 4 شهر رمضان سنة 1330 ه- 17 آب سنة 1912 م سافر إلي استنبول من طريق حلب، و ودعه كثيرون من مختلف الطبقات.
و كانت بدأت ولايته من نهار السبت 26 آب سنة 1911 م و استكثر صاحب لغة العرب مدة ولايته فقال:
«هذا دليل علي حسن إدارته و درايته إذ قل من يسوس ولايته في هذا العصر، و تطول مدته هذا الطول» ا ه. و بقيت في إدارته مهمات الولاية. و من ثم دعا الموظفين و أبدي لهم أنه راض من سلوكهم و جهودهم في مساعدته، و طلب إليهم أن يستمروا في أعمالهم كما كانوا. لبوا طلبه و تألموا لاستقالته لبذله ما في وسعه من الجهود لترقي المملكة و إعلاء شأنها.
و جاء في مجموعة السيد محمود حموشي ما نصه:
«اشتهر بالمخازي، و رقص الدانص مع مدامة مدير البانق
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 268
العثماني، و كان محل إقامته في قصر عبد القادر الخضيري الكائن علي دجلة قرب الدباغخانة و بيته ملاصق لبيت الوالي» ا ه.
و عرف بين العرب بالسفاح بسبب قتل كثيرين في الشام. و انتسب لجمعية الاتحاد و الترقي فنال متصرفيات و ولايات عديدة حتي صار وزير البحرية، فذهب إلي سورية قائد جبهة، فهاجم قناة السويس فلم يوفق كما أنه لم ينجح في إدارته، سخط عليه القوم. فعاد إلي وزارة البحرية.
و بعد متاركة (موندروس) تغيب عن استنبول، و قضي مدة في أوروبا، ثم سافر إلي الأفغان لأجل تنظيم الجيش، و بعد ذلك عاد إلي برلين ليري أسرته و يقضي
بعض الأشغال و في أثناء عودته إلي الأفغان ظفر به الأرمن في تفليس و اغتالوه مع ولديه. و كان من متخرجي المدرسة الحربية، و من أهل الذكاء، و فعالا جوالا و مستعدا.
صدرت الإرادة في 12 آب سنة 1328 رومية بتعيين محمد زكي باشا مشير الفيلق الرابع بولاية بغداد. و وردها في 3 ذي الحجة سنة 1330 ه يوم الثلاثاء (12 تشرين الثاني سنة 1912 م)، و كان معاون الوالي آنئذ عمر لطفي بك وكيلا للوالي. و في 5 ذي الحجة قري ء الفرمان باحتفال علي المعتاد. و هذه ترجمته:
«الدستور المكرم، و المشير المفخم، نظام العالم، مدبر أمور الجمهور بالفكر الثاقب، متمم مهام الأنام بالرأي الصائب، ممهّد بنيان الدولة و الإقبال، مشيد أركان السعادة و الإجلال، المحفوف بصنوف
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 269
عواطف الملك الأعلي، أحد مشيري سلطنتي السنية العظام، مشير فيلقي الهمايوني الرابع سابقا زكي باشا الذي وجهت لعهدة استئهاله ولاية بغداد مع مفتشية فيلقي الرابع أدام اللّه تعالي إجلاله. ليكن معلوما لمن يصل إليه توقيعي الرفيع الهمايوني أن ولاية بغداد تحصل علي الترقي و العمران بنسبة قابليتها و استعدادها و تتوافر لها التجارة و الثراء، و يكون صنوف الأهلين فيها متساوين في مظهر العدل و ينالون الرأفة، و الرفاه و السعادة فيما إذا كان قد أودع أمرهم إلي وال صاحب دراية و أهلية، و صاحب تجربة. و أنت أيها الباشا المشار إليك و المتصف بكمال الحمية و الروية، و الواقف علي أصول الإدارة، و من المشيرين العظام لسلطنتي السنية. فاقتضي توديع الولاية و المفتشية ليد اقتدارك بناء علي الاستيذان الواقع، فأصدرت إرادتي السنية الملوكية كما سنحت في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان
المبارك لسنة ثلاثين و ثلاثمائة و ألف، و بمنه تعالي و حين وصولك أن تسحب الموظفين الذين في ولاية بغداد ممن لا تراهم حائزين للأوصاف المطلوبة عدا الشرعية و العدلية فإنهم مستثنون من ذلك، و أن تقيم في محلاتهم من يليق مستعجلا و تبعا للأصول، و أن تخبر المراجع (الدوائر) المختصة بذلك. و أما التدابير الإصلاحية و العمرانية التي يجب التوسل بها لتكون مشتركة في ولايتي بغداد و البصرة فعند مسيس الحاجة تدعو والي البصرة إلي بغداد و تتذاكر معه، و توحّد الفكرة و الحركة فيقرر فيما بينكما المواد المطلوبة، و بسرعة يعمل بها في الولايتين معا، و أن تشتري الوسائط النهرية من جانبك، و كذا التجهيزات وسائر الأمور حسبما يقع من طلب و توسل، و أن ينسق أمر الجندرمة و يجري إصلاحه في بغداد و البصرة، و أن تكون هيئات التفتيش مرتبطة رأسا بمقام الولاية، و هكذا إدارتها، و كافة أمور قيادة كردوس الجندرمة و مصالحه، فإن كافة ذلك و التفتيش العمومي تنحصر مخابراتها بالولاية و بواسطتها، و كذا أمور تنسيق الجندرمة و ما يتعلق بذلك من خصوصات
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 270
و علي الأخص الجندرمة و ما يلزم لها من تجهيزات فإنه مما يعود للولاية و يجب ترويجه بسرعة، و مثله العشائر و تنسيق الشرطة، و تأسيسها في بغداد سواء للأفراد أو المفوضين، و تأمين ما يلزم من قبلك لمعاشاتهم و تجهيزاتهم، و حسب اللزوم يزاد في ذلك، و تكمل النواقص، و أن من أهم قضايا العراق الاجتماعية مسائل الأراضي، فقد عزمت علي وضع قانون و تنظيمه، و ما يقتضي لذلك من أساسات يجب إجراؤها بسرعة ممكنة، أن تبدو الملاحظات و
النتائج المستحصلة عنها موضحة من جميع الوجوه و الأطراف، و أن يهتم بالطرق العامة في ولاية بغداد، و عدا ذلك إنشاء الطرق، و تطهير الأنهار، و سائر الأعمال النافعة، و ما يجب لإجرائها فقد خصص في الأقل أربعون ألف ليرة، و أن تصرف في هذا السبيل، و إذا وجد لزوم من جانبك، و بناء علي إقرار الهيئة الفنية في الولاية يصح إبلاغ ذلك إلي الحد المطلوب فيقر ذلك و يبلغ للدوائر العائدة. و علي كل حال إن الأمور المذكورة قد أودعت إلي حصافتك، و صداقتك المسلمة، فلا شك أنك ستقوم بحسن إيفاء الوظائف المترتبة و المعاملات كما يليق، و مما اتخذته دولتنا العلية كمسلك مشت عليه و هو من إيجابات مصلحتها أن يقطع الموظفون عموما علاقاتهم بالجمعيات و الفرق، و أن يطبقوا القوانين الموضوعة علي الوطنيين بحياد كامل، و مساواة تامة، و أن يعتني بذلك بدقة و أن لا يتدخلوا في الانتخابات و أن لا يقوموا بمعاملات من شأنها أن تخالف القانون، و أن يكون الانتخاب بكمال الحرية، و بدائرة الأحكام القانونية فيجري بأصوله، و أن يكون كل صنف من الأهلين في ظل معدلتي الملوكية في حماية و صيانة من كل الوجوه، و أن يصانوا من الأذي و التعدي، و يتوسل بوسائل راحتهم و سعادتهم المهمة و أن تستكمل، و أن تصرف الجهود لاستجلاب الدعوات الخيرية من كل أحد لمقام ملوكيتي المستجمعة للمجد و الشرف، هذا و أن تستمد في جميع الأحوال من روحانية حضرة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 271
النبيّ صلي اللّه عليه و سلم و تؤدي الوظائف بحسن أداء و اهتمام و غيرة. تحريرا في 9 شوال سنة 1330» ا ه.
خطبة الوالي:
و
الملحوظ أن الوالي بعد قراءة الفرمان ألقي خطابا باللغة التركية موجها إلي الحضار، و هذه ترجمته:
«أيها الحضار!»
إن كل نقطة من وطننا العزيز قد صارت مجالا لحياتي العسكرية، فاجتهدت مستعينا باللّه، و بعد أن أجريت وظائفي المقدسة مع ناموسي و وقاري العسكري و نلت أكبر الرتب و الأوسمة اخترت الإحالة علي المعاش وفقا لما أمر به النظام فانزويت، و كنت عندئذ مشغولا بالدعاء لتعالي الوطن و الملّة و سعادتهما.
بيد أني كلفت منذ برهة من الزمان بولاية بغداد المشتهر أهلها بالعرفان و المدنية و بالنجابة و المتانة، و كذلك أودعت إليّ مفتشية الفيلق الرابع، و لما لم تكن تسبق لي خدمة في الخطة العراقية التي هي من أهم أجزاء وطني المقدس و من متمماته فإني قبلت ذلك قصد إيفاء ما تيسر من الخدمات في هذا الجزء المبارك من الوطن أيضا، و بهذه الوسيلة اتصلت مرة أخري بأبناء وطني و بإخواني و أولادي الجنود.
و إني سأسعي مستندا علي اللّه، و ملتجئا إليه و قلبي مطمئن بأن سأكون مظهرا لخدمة و معاونة أرباب الوظائف و كافة أبناء الوطن، و بهذه الأمنية فإني أعدّ نفسي سعيدا.
إن مقصدي تعميم المساواة و العدالة و تأمين رابطة الأخوة و توسيع
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 272
المعارف و الزراعة و ترقي التجارة و الصناعة، و محصل القول هو رفاه حال العراق و سعادته.
و سأصرف الجهد علي قدر الاستطاعة في كل زمان لتلطيف و تسرير من يبرز المعاونة فعلا و يراجع قلما في هذا السبيل، و مع هذا فإني لا أتأخر من مجازاة من يأتي بحركة تخالف المنافع العامة و الوطنية..
و من الجملة فالأجانب ضيوفنا المحترمون، و لذا فإني أرجو من عموم أبناء الوطن
حسن معاملتهم و رعايتهم و تأييد الألفة و الإخلاص..
هلمّوا أيها الإخوان لنسع معا و بكل ما نجده و بأرواحنا لحفظ شأن الحكومة و شرفها، و لرفاه الأمة و سعادتها، فمنا السعي و الغيرة و من اللّه التوفيق.» ا ه.
هذا. و بعد أن ورد الوالي كتب إلي مديرية المعارف يشكر فيها الطلاب و المعلمين للحضور في استقباله، و أنه يتمني لهم كل خير، و أن ينال الطلاب ما يبهج من العلوم و المعارف. كما أنه أوصي الموظفين أن يهتموا بأعمالهم، و يبدوا ما يجب من تفاد نحو وظائفهم، و يقوموا بها بانتظام.
و ناصره مزيد باشا السعدون متصرف الأحساء سابقا في حربه مع الضفير و البدور.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 273
وحنطة الكلك ب (90 قرشا)، و العراقية ب (80 قرشا)، و اللحم كيلو ب (3 قروش)، و الرز الشنبة كل كيلو ب (45 پارة).
و دام إلي 30 منه إلي يوم السبت الساعة الخامسة صباحا و الدقيقة 20 أذانية، و كان ما التهمته النار يربو علي ثلاثة عشر ألف صندوق من النفط، و 250 اسپرتو، و 200 من البانزين. و هذه لم توضع في التأمين (السيگورتاه)، فضمنت البلدية لأصحابها 5500 ليرا.
و بعد أربع ساعات أمكن إطفاؤه و تقدر الأضرار بخمسة آلاف ليرا عثمانية.
فالتهمت النيران جانبي سوق العطارين مقابل خان الدجاج و امتدت النيران إلي جامع مرجان، و دامت نحو أسبوع، و تقدر خسائر الحاج عبد العزيز بنحو اثنين و عشرين ألف ليرة عثمانية.
توفي في 1 تموز سنة 1912 م (سنة 1330 ه). و كان من العلماء. صار مدرسا مدة و أخذ عنه علماء كثيرون.
توفي الساعة السادسة من نهار الاثنين 15 شعبان سنة 1330 ه الموافق 29 تموز سنة 1912 م، و هو
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 274
أحد أشراف بغداد و علمائها عن نحو 50 عاما، و دفن في جامع آل جميل بجوار والده (محمد جميل). و هو والد معالي فخر الدين.
في شهر رمضان سنة 1330 ه. في 19 أيلول سنة 1912 م و كان عضو مجلس المعارف الكبير. و هو من العلماء المشاهير. والد الأستاذ المرحوم السيد محمد درويش وجد الأستاذ السيد هاشم الآلوسي.
توفي في يوم الخميس 1 ذي القعدة سنة 1330 ه- 2 تشرين الأول سنة 1912 م و له من العمر أكثر من 80 سنة كان نائبا في المجلس العثماني. و من مؤلفاته:
كتاب الفارق بين المخلوق و الخالق و ذيله.
كتاب الفارق بين المخلوق و الخالق و ذيله.
و من أولاده:
(1) نعمان جلبي والد جعفر صدقي جلبي الباچه چي.
(2) الأستاذ موسي كاظم بك مدير كلية الحقوق سابقا في بغداد.
5- الشيخ عبد اللّه المازندراني. توفي في الأسبوع الأخير من تشرين الثاني سنة 1912.
استقال المشير محمد زكي باشا من الولاية فقبلت استقالته و لم يعرف سبب ذلك و فوضت الولاية بالوكالة لمعاونه عمر لطفي بك في يوم
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 275
الثلاثاء 7 جمادي الآخرة سنة 1331 ه ثم سافر إلي استنبول يوم الخميس 15 جمادي الثانية سنة 1331 ه فأجريت له المراسم. و هو عسكري متقاعد، و من المحتمل أن تكون له رغبة في الإدارة. فلم يظهر بعمل مقبول، و علي كل ترجمة حياته تدل علي أنه قضي عمره في الجندية، فلا يحتمل أن يقوم بعمل إداري حازم. و لم تمض عليه إلا بضعة أشهر، فلم يدر عن بغداد، و لا دري الأهلون عنه.
ورد الخبر من قائممقام الصدر الأعظم محمد سعيد باشا بتاريخ 29 مايس سنة 1329 (6 رجب سنة 1331 ه) أن قد استشهد الصدر الأعظم محمود شوكت باشا، و لم يقع ما يخلّ بالأمن.
«قتل بطل الحرية البغدادي ناظر الحربية فتوفي باستنبول في 11 حزيران سنة 1913 م- 6 رجب سنة 1331 ه.
و في مذكرات جمال باشا أنه وقع اغتياله في 15 حزيران سنة 1913 م. و كان قد رآه قبل الواقعة بمدة قليلة جدا و تواجه معه،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 276
و جرت مباحث حول ما يتوقع من جرائم ضده، و نبّه في لزوم الاحتفاظ بالنظام، و مراعاة الاحتياط، و ترقب الحوادث..!
هذا الشعور، و توقع المخاطر لم يدفع المقدر، و المرء يحترس بقدر الإمكان، و لا يهمل أمره، و لا يهمه أن يجتاز الأخطار، أو أن يقع فريسة لها و محمود شوكت باشا بطل الحرية المشهور، لهج الناس به و نال شهرة لم ينلها غيره، و العراق يفخر به من جراء ما حصل من مكانة. اعتلي هذا البطل الصدارة العظمي، و وزارة الحربية و صارت المملكة تحت سلطته و تابعة أمره، فكيف يجسر أحد علي اغتياله، أو الغدر به، فما ذا بدله، أو غيّر فكر الأمة حتي ناله ما ناله؟
ذلك نتيجة حوادث متسلسلة يصح الالتفات إليها من تاريخ اغتيال ناظم باشا والي بغداد الأسبق عندما كان وزير الحربية. و إلا فما تقلده محمود شوكت من مناصب الدولة، و ما حصل من مكانة لا يحتاج إلي إيضاح. شاع أمره، و انتشر ذكره في الخافقين. ذاع في الشرق و الغرب و أن هذه الواقعة تفسر بما حدث من حزبيات متطاحنة.
و زوجته سليمة دلشاد خانم خصص
لها مبلغ (6250) قرشا صحيحا شهريا يؤدي لها ما دامت في الحياة. له مذكرات فيها ما يميط اللثام عن حقائق.
و كل ما نعلمه عنه أنه ابن سليمان فائق ابن الحاج طالب كهية من رجال المماليك فهو من الگرج. نال مناصب مهمة في الدولة لم ينلها المماليك في بغداد بفضل التقدم العلمي و العسكري و السياسي.
و جاء في (ثروت فنون) أنه ولد في بغداد سنة 1273 ه. و بعد أن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 277
درس مقدمات العلوم في بغداد ورد استنبول سنة 1293 رومية فدخل المدرسة الحربية و في سنة 1298 تخرج أولا فائقا في صفّه، و صار رئيسا ركنا..
و في التاريخ المذكور صار في الأركان الحربية العامة، ثم ذهب إلي (گريد) ليرسل إلي مصر و بعد عودته من المهمة و في 3 مارت سنة 1299 صار مدرسا في كلية الأركان، و مدرس فن الأسلحة، و بقي مدة في مرافقة (فوندر غولچ باشا) و (قامبوفنر) الألمانيين. و في 1 آب سنة 1300 نال رتبة رئيس أول، و في 22 مارت 1302 صار مقدما. و في هذه المدة أبقي في المدرسة الحربية. و في 9 شباط ذهب إلي ألمانيا لشراء ماوزر و جعل عضوا في الإشراف علي التجارب في هذه الأسلحة.
و في آذار سنة 1305 نال رتبة قائممقام و صار معاونا لرئاسة اللجنة المذكورة. ثم ذهب إلي فرنسا للتدقيقات في الاستحكامات المدرعة و القذائف النارية. و لما عاد نال رتبة زعيم. و في 1 حزيران سنة 1315 عيّن رئيسا في دائرة المدفعية و معاينة تجاربها بالوكالة، و في 5 مايس سنة 1317 حصل رتبة فريق. و في هذه السنة ذهب إلي الحجاز لتمديد خط البرق
بين الحرمين، و عاد بانتهاء السنة إلي منصبه السابق. و في نيسان سنة 1321 جري ترفيعه إلي فريق أول، و عيّن واليا لولاية (قوصوه) و بقي فيها إلي إعلان الدستور. فظهرت مواهبه. و كان ذلك يصادف أيام اضطراب الحالة في (مكدونية) و سوء أوضاعها. و لما أعلنت المشروطية عيّن لقيادة الفيلق الثالث، و جاء بحركة عسكرية إلي استنبول و يسمي (فيلق الحركة) أو (حركت أوردوسي) ثم عهد إليه تفتيش الفيالق الثلاثة الأول و الثاني و الثالث، و في صدارة حقي باشا صار (وزير الحربية).
و له مقالات عسكرية و فنيّة نشرها في عالم المطبوعات و قد أنتج آثارا مهمة خدم بها المملكة و من أشهرها:
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 278
1- (اللغارتمه)، و أصول الهندسة، و الهندسة المجسمة و فن الأسلحة، و محاضرات للضباط في النفير العام، و بنادق الماوزر ب (95 من المليمتر) و الماوزر كوچك چابلي، و أطلس و تشكيلات الجيش و السياسة.
2- التشكيلات و القيافة العسكرية في الجيش العثماني في مجلدين مصورين. و هذا من أجلّ آثاره التاريخية، و عين اللباس العسكري و التشكيلات العسكرية من أوائل العثمانيين حتي التشكيلات الجديدة.
و كان محمود شوكت باشا نال الصدارة يوم السبت في 17 صفر سنة 1331، و عهدت إليه في الوقت نفسه وزارة الدفاع. و دام إلي أن قتل.
مرّ الكلام علي الأحساء أيام مدحت باشا حينما استولي عليها سنة 1287 ه- 1870 م، و الترك يعدونها (لواء نجد) و من ذلك التاريخ حصلت فيها بعض الزعازع و الفتن، و كلها لم تخرجها من يد الدولة حتي هذه الأيام، فوردت الأخبار باستيلاء الأمير عبد العزيز بن سعود عليها.
و علي القطيف أيضا.
و جاء في جريدة
الدستور عن بيانات الأمير عبد العزيز السعود أن (الدولة العلية) غصبت من آبائي هذا اللواء بدون أمر مشروع بحجة دعوة عبد اللّه السعود شقيق والدي، و من بعد أن أخذته لم تحسن إليهم صنعا، و كان والدي يومئذ ولي العهد بعد والده علي إمارة نجد التي يدخل فيها هذا اللواء و ما يتبعه و عمان و سواحله.. و لما اشتد الخصام
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 279
بين سعود و عبد اللّه آل سعود علي الإمارة أرسل الأخير مندوبا إلي بغداد لمفاوضة واليها في مسألته مع أشقائه و بقي ينتظر من الدولة إسعافه و نجدته لإخماد نار الفتنة المتأججة، غير أن الدولة وجدت أن قد آن زمن الاحتلال فوضعت يدها من ذلك الوقت علي الأحساء، و أبعدت أمراءها عنها مع أنه لم تبدر منهم بادرة تستوجب ما أتته، وليت الدولة احتلت ما يداني الأحساء من البلاد كعمان و غيرها التي تركتها هملا، و مكنت الدول الأجنبية من أن تقذف فيها نيران الفتن لتحصل علي ما تنويه.
و منذ ذلك الوقت أخذ سكان هذا اللواء بالسقوط و الهوي لتغلب قطاع الطرق عليه لكثرتهم، و كان الأهلون يرفعون ظلامتهم إلي مقام الولاية، و يذكرون عجز أصحاب الأمر في ذلك الموطن فما كان يسمع صدي لأصواتهم المتكررة، فراجعوني مرارا، فأضربت عنهم صفحا إذعانا لدولتي و إن كان يسوؤني أن أراهم في تلك الحالة. ثم جاءتني محاضر (مضابط) فيها تواقيع كثيرة من العلماء و الوجوه قائلين إن لم تسعفنا نضطر إلي ما لا تحمد عقباه و في تلك المطاوي سمعت أن الدولة تنازلت عن حقوقها في خليج فارس و سواحله، فاستندت حينئذ علي ما لي من الحقوق الشرعية في هذا
القطر بمنزلة أساس فبادرت بتلبية الطلب، ليكونوا في حرز حريز من فتك أرباب الفساد فيهم و إبعاد الأجانب عن ديارهم.
هذه الأمور التي ساقتني إلي ما أتيت، فقدمت الأهم علي المهم، و سرحت موظفي الإمارة محافظا علي حياتهم..».
هذا ملخص ما أبداه، و أنه بذلك حقن الدماء وراعي الحقوق، فصار الأمن ضاربا أطنابه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 280
و جاء بخط الأستاذ الحاج علي علاء الدين الآلوسي علي غلاف كتاب الأنساب للسمعاني ما نصه:
«في أواخر جمادي الأولي سنة 1331 ه احتل عبد العزيز بن سعود مدينة الأحساء و نواحيها و ضبطها بعد أن كاتبه أعيانها و دعوه إلي ذلك، و وعدوه بالنصرة و المؤازرة، فتوجه من الرياض إليها بعسكره، و أخرج المتصرف و عسكر الدولة، و ضبط البلد و الأموال و السلاح و الخزانة للحكومة، و كتب محتجا بأن حال العمال و جورهم و ضجر الأهالي من أعمالهم دعاه إلي ذلك. علي أن الأهالي هم الطالبون لأن يقصدها و يقوم بإدارتها لما له من إماراتها الموروثة من آبائه قبل استيلاء الحكومة العثمانية.
فأشغلها، و هو يعترف بسيادة الخلافة الإسلامية، و أنها تبقي في يده إلي رجوع قوة الدولة و سطوتها، أما الحكومة فلم تجهز عليه جيشا و لا تصدت لحركات عسكرية … » ا ه.
دوّن الأستاذ ذلك في حينه، و هذا شأنه في تسجيل الحوادث علي غلاف كتبه، فلم يترك المهمات.
استقلت استقلالا إداريا، و لم تبق للدولة العثمانية فيها إلا السيادة الاسمية. و عقدت الدولة العثمانية مع الإنكليز معاهدة تنازلت فيها عن جميع حقوقها بما يتعلق ب (قطر و البحرين و مسقط و عمان و سائر ديار الشيوخ الموالين لإنكلترة). و كانت إمارة الكويت قد رأت
من ابن الرشيد وقائع و معه الأمير عبد الرحمن آل سعود فكان الانتصار في
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 281
الغالب لابن الرشيد. ثم علمت الدولة العثمانيد بأن الأمير مبارك الصباح كانت له علاقة حماية بالإنكليز. و هكذا كانت علاقات ابن الرشيد به في حروب دائمة في مساعدته لابن سعود في حادث الرياض الذي جهزت فيه الدولة (جيش العراق).
و لما كانت للأمير مبارك الصباح معارك مع ابن الرشيد في شهر رمضان سنة 1316 ه، و أخري في المحرم سنة 1318 ه، و ثالثة في ذي الحجة سنة 1321 ه لم تر الدولة مندوحة من عقد معاهدة مع الإنكليز بالوجه المذكور، و كانت المعاهدات بين الإنكليز و الكويت تؤيد الحكم لأسرة آل صباح و أن لا تتفق الكويت مع دولة دون موافقة إنكلترا، و أن هذه تحميها من الاعتداء الخارجي علي أن لا تتدخل في أمورها الداخلية.
أصدرته الدولة، و طبع ببغداد بالتركية و العربية. و في هذا ما يعيّن التشكيلات الإدارية و المجالس العمومية و أعمالها و سائر ما يتعلق بالإدارة.
أطلق بعض الأشقياء رصاصا علي فريد بك آمر موقع البصرة، و بديع نوري بك الجابري متصرف الناصرية فمات الأول حالا، و أما الثاني فتوفي بعد بضع ساعات نهار الجمعة 20 حزيران سنة 1913 م (شعبان سنة 1331 ه). و لم يعرف الجناة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 282
و جاء في ثروت فنون: قائد البصرة الزعيم فريد بك قد اغتيل بوحشية مع المتصرف في لواء المنتفق بديع نوري بك. و المرحوم ولد في أرضروم (أرزن الروم)، و درس في المدرسة الابتدائية في مسقط رأسه، و جاء إلي استنبول فتخرج في سنة 1314 رومية من المدرسة الحربية و في سنة 1317 أكمل مدرسة الأركان فتخرج برتبة رئيس، و بعد مدة أرسل إلي العراق، و قضي حياته العسكرية فيه برتبة زعيم و كان غيورا، متفاديا، و مخلصا، فهو جندي ثمين و إن الغدر به بصورة مفجعة من دواعي الألم عليه.
و جاء عن بديع نوري:
«اغتيل في 7 حزيران مع الزعيم فريد بك عند مرورهما من جسر العشار من أشخاص مجهولين فاستشهد من أثر الجرح الذي أصابه كما أن فريد بك استشهد حالا إثر ضربه. و كان فاضلا كاملا، و هو من أبناء المملكة الأفذاذ، و لا شك أن من فتنوا بثقافته و علمه و أدبه سيجرح قلوبهم خبر نعيه و فراقه، و هو من المعروفين لقراء (ثروت فنون) و من المحترمين في نظرهم، و كان ما ينشره نتيجة وقوف و تدقيق و كذا في المجلات و الجرائد الأخري مما يدل علي جوهر عرفانه،
و كمال ثقافته و هو ابن هلال الحلبي تخرج من المدرسة الملكية، و عهدت إليه قائممقاميات في (روم ايلي)، و نال مكتوبية (أدرنة) و مديرية التحرير بولاية استنبول و حصل علي منصب مديرية البلدية في فاتح ثم إنه بطلب منه رجح أن يكون في محل بعيد لا قريب يحتاج إلي إعمار، فوقع الاختيار أن يكون في لواء المنتفق». ا ه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 283
في 16 كانون الأول سنة 1911 م وضع الحجر الأساسي فتم بناؤها علي الطراز الحديث، و في صباح نهار الأحد 29 حزيران سنة 1913 م افتتحت بحضور الوالي و كبار الموظفين و غيرهم. و لا تزال عامرة، و هي دار بريد أيضا لحد اليوم. و تقع تجاه الإعدادية المركزية للبنين.
عيّن لولاية بغداد جلال بك والي ديار بكر كما أخبرت البرقية الواردة من وزارة الداخلية. جاء من طريق الموصل في يوم الأحد 17 رجب سنة 1331 ه و احتفل به.. و قري ء فرمانه في 30 رجب سنة 1331 ه.
و هذه ترجمته:
«افتخار الأعالي و الأعاظم، مختار الأكابر و الأفاخم، مستجمع جميع المعالي و المكارم، المختص بمزيد عناية الملك الدائم، والي ولاية ديار بكر الذي توجه و أحسن لعهدة أهليته منصب ولاية بغداد جلال بك دام علاه.
بوصول توقيعي الرفيع الهمايوني يصير معلومكم نسبة الموقع و أهميته و قابليته المخصوصة المعلومة لولاية بغداد، يلزم تأمين الانضباط و الانتظام و حصول الترقي و العمران لها، و بموجب أحكام القانون الأساسي المنيفة، أن تكون حقوق الأهالي متساوية لمظهر العدالة و الرأفة، و أن ينالوا الرفاه و السعادة و ذلك أخص آمالي الملوكانية، و حيث أنت الأمير المشار إليه، و لكونك من مأموري السلطنة السنية
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 284
الذي أنت من أرباب الأهلية و الدراية و لك وقوف علي أصول الإدارة، فبناء علي مأمولي و منتظري الشاهاني يلزم منك ظهور الخدمات الحسنة و الآثار الجميلة الموافقة للإيجابات المحلية ضمن الشرع الشريف و القوانين و النظامات الموضوعة، و بموجب قرار مجلس الوكلاء الفخام الذي عقد في الخامس من شهر جمادي الآخرة لسنة 1331 ه لدي الاستئذان إرادتي السنية الملوكانية
التي صدرت قد توجهت لعهدة اقتداركم منصب ولاية بغداد، و قد أصدر و أعطي هذا الأمر الجليل القدر من الديوان الهمايوني المتضمن لمأموريتكم و بمقتضي فطانتكم و معرفتكم بكمال مهام الأمور التي أنت مفطور و مجبول عليها و علي كل حال مع التمسك و التوسل بالشريعة المطهرة لحضرة سيد الأنام و توفيقا لأحكام القوانين و النظامات الموضوعة أن تعمل همة و غيرة لإيفاء حسن الوظائف، و تبسط جناح الرأفة و الشفقة علي صنوف الأهالي، و أن تبعتي الملوكانية ينالون السعادة و الحرية بصورة متساوية و يكونون مظهرا لأتم العدالة و الحقانية، و تتكمل الوسائل المهمة علي عموم المأمورين أيضا بأن يطبقوا القوانين الموضوعة علي أبناء الوطن متساويا بلا التزام طرف، و تبدي المقدرة لأجل استجلاب الدعوات الخيرية من كل أحد لجانبي الملوكاني المستجمع المجد و الشرف و تسارع بإنهاء الخصومات المتكونة إلي الباب العالي. تحريرا في اليوم السابع و العشرين من شهر جمادي الآخرة سنة 1331 ه» ا ه. هذا ما قالته الزوراء و هي ترجمة سقيمة ثبتناها علي حالها.
ترجمة خطاب الوالي:
«أريد أن أوضح ما أنويه و أبيّن عما يكنه ضميري و يحويه لدي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 285
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 286
الأشراف المحترمة و الأهالي المجتمعة بسبب تلاوة التوقيع الملوكي الصادر من حضرة ملاذ الخلافة بتوجيه العاجز واليا لولاية بغداد.
فيا أيها الحاضرون:
لا شك و لا مرية في أن الدنيا كانت تحسد هذه الخطة المباركة علي ثروتها و غناها و تغبطها علي سعادتها و علاها إذ هي مهد العلوم و الحضارة و مستودع المعارف و التجارة و اليوم أمست بحالة يرثي لها من التدني لعلل تفصيلها يورث الملل و
أسباب بسطها يستوجب الإطناب و الإسهاب.
و من ثمة وجب علي الولاة الذين يقبلون ولاية بغداد أن يجعلوا نصب أبصارهم و يكون مطمح أنفسهم و أنظارهم إعادة السعادة لهذا المصر و إعمار ما دثر من هذا القطر و لذلك كانت الوظائف التي يتحملونها علي عاتقهم شي ء لا يطاق و الأعباء الثقيلة التي تلزمهم ضيقة النطاق و أنا ممن يعلم كنه ذلك واقفا علي حقائق هذه المسالك.
و لكنما الوطن ينتظر من كل فرد عثماني أن يجعل حليته العزم و زينته الحزم ليقاوم به كل مشكلة تعارضه و يطلب منه أن يقوم بخدمته عند كل مهمة تناهضه و أن لا يتردد و لا يفتر ليكون مرهما لجراحاته التي أبرزها الاستبداد في صدره و أظهرها سوء الإدارة في اقتبال عمره و ما أولداه بطبعهما من سوء الأخلاق و قبح السيرة بين الرفاق. و ها إني قد جئت إلي بغداد متقلدا هذه الوظيفة المهمة متجرئا علي إيفائها باذلا وجودي فيها عند كل ملمة لأني أمين من أن أهل بغداد متحسسون بهذا الحس و الهمة متلبسون بثياب الحمية و الغيرة و الذي ساقني إلي قبولها شيئان، الأول: أداء ما أنا مكلف و مدين به من الخدمة للمملكة و مواطني. الثاني: اطمئناني الكامل بحصول المعاونة من الأهالي طرا و جميع رفقائي المأمورين فابتدأت بمباشرة وظائفي مستعينا بتوفيقه تعالي شأنه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 287
و قبل الشروع في أصل المقصد أعدّ من الوظيفة التبريك لأهالي بغداد علي ما أبدوه من المتانة و التأني و أظهروه من الاعتماد علي الحكومة العثمانية و وقوفهم علي صالح أعمالها و حسن أفعالها بمقصدها الأبوي و نظرها العلوي ليحصل الفرق بين جريان هذه المملكة في زمانه و
الجريان الذي ظهر ببعض الولايات المجاورة في غير أوانه.
فمن المعلوم المسلم عند العموم أن الترقي و التكامل لا يكون إلا تدريجيا فأي مملكة و أي ملّة حصلت علي مساعدة فوق قابليتها و أكثر مما يتحمله عرفانها و لم تتأمل حاجاتها الحقيقة و لم تتبصر بما تمشيه من غلط الخطا فهي (لا سمح اللّه) تقع في هوّة لا تحمد عقباها و لا يسعها إذ ذاك تلافيها، و من يتحرك بخلاف هذه القاعدة الاجتماعية يكون قد ارتكب الخيانة لوطنه. و الذي جري في جهة منتهي غرب (روم إيلي) من الأحوال هو أصح دليل و أوضح برهان و لهذا المقصد اتخذت الحكومة السنية قرارات معقولة في غاية الإصابة، و ما ذاك إلا أن العثمانية المتشكلة من العناصر المختلفة و هي تحت مراقبة المجلس الملّي و وصايته الحافظة و نظارته الشفيقة صارت تتحري الوسائل بالتدريج لتسير بإقدام التجربة و تنظر بعين البصيرة في طريق التكامل و سبل الترقي، و قد أرسلت الآن قانون إدارة الولايات إلي مواضعه و سمحت فيه ببعض الامتيازات و أعطت المساعدات للمجالس العمومية في الولايات و قد أمرت بتطبيق اللسان المحلي في المكاتب و المحاكم بشرط أن يحافظوا علي اللسان الرسمي للحكومة تأمينا للجامعة العثمانية خاصة.
فبناء علي ذلك يجب علي كل من يجب وطنه و قلبه مشحون بحس الحمية و رابطة الأخوة أن يكون معينا و ظهيرا لتشبثات الحكومة و إجراءاتها بكمال الجد و الصد و ينتظر إن شاء اللّه باعتماد تام و اطمئنان كامل عند ترقي عرفان الملة بأنها ستسمح لهم المساعدات المتناسبة مع عرفانهم و لا يعد هذا النوع من الاحتقار إذ هو عين الحقيقة فقد ذهب
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص:
288
زمان الانخداع بالأوهام الباطلة و الأماني الكاذبة.
و أي نوع من الترقي لا يحصل إلا بعد الاعتراف بالنقائص و حينئذ يمكن الاجتهاد بإصلاحه.
و لنرجع الآن إلي ما نحن بصدده: اعلموا أني ما دمت بين ظهرانيكم سيكون همي مصروفا إلي نقاط ثلاث:
الأولي: استتباب الراحة و الأمن بكل طرف من أطراف الولاية.
الثانية: إعمار أراضيها و إحياء مواتها و هو بمنزلة نفخ الروح لهذه الخطة العراقية و إعادة رونق هذه الأراضي الميتة.
الثالثة: هي كيفية تزيين القوي المفكرة للناشئة الجديدة من أبناء الوطن بنور العلم و العرفان.
أما مسألة الأراضي فهو الاهتمام بعمليات الإرواء و الإسقاء و تحري الأسباب لإحياء الموات من الأراضي الواسعة المنبتة العديمة المياه.
فالكل يعلمون أن الحكومة السنية بذلت مئات ألوف من الذهب منذ خمس سنوات لأجل الإسقاء و الإرواء في سدة الهندية فبلطفه تعالي أن هذه الإنشاءات القريب إتمامها ستصل إلي الختام في زمن مأموريتي.
و أسأله تعالي بفضله و كرمه أن ييسر لي ذلك ليكون لي نصيبا من الفرح و السرور من إغاثتي و إمدادي لأهالي الحلة و الديوانية الذين قد حرموا الماء منذ سنين و ساءت أحوالهم و ضاقت بهم الأرض بما رحبت. و من الأمور الطبيعية بعد إكمال سدة الهندية تتشبث بإكمال الإرواء شيئا فشيئا حسبما هو مسطور في المقررات.
و أما مسألة الأراضي فسأجتهد إلي آخر درجة في جعل الفلاحين أو من هو محروم من المعاونة و المظاهرة من فقراء الأهالي أن يكونوا
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 289
أصحاب أراض يستفيدون من ترابها، و إذا حصلت الموفقية في هذا الباب فإن الأمن و الراحة يحصل و يحدث بطبيعته.
و لنأت إلي أمر المعارف لأن انتسابي و حبي إلي هذا المسلك من قبل و خدمتي فيه
مدة و مظاهرة أعضاء المجلس العمومي أولو الحمية الذين لا يمكن أن يشتبه في تقديرهم و علمهم بحاجات المملكة لأنهم أعلم الناس هنالك إذ بحسب قانون إدارة الولايات قد تركت للمواقع (كذا) يقويان أملي باقتطاف ثمراته النافعة بمدة قليلة و برهة يسيرة، لا أري حاجة في بيان ما تصادفه الحكومة السنية و مأمور و المعارف من المشكلات في تطبيق ما أمرت به في تدريس العربي و ندرة المتخصصين من معلميه حتي أنها في مضايقة شديدة من استحصالها كتابا مؤلفا علي هذا المنوال. و لكنها ستصرف مجهودها في إتمام هذا النقصان في أقرب زمان و تسعي في تطبيق هذه الأصول في الدورة المقبلة علينا حسب الإمكان.
و هي تصادف هذه المشكلات بعينها في تطبيق العربي في المحاكم العدلية لأن الجميع يصدق أنه لا يمكن وجود كتبة يحسنون الضبط و ينظمون الأعلام بالعربي في جميع المحاكم فضلا عن المأمورين و رؤساء المحاكم.
و مع ذلك كله فقد راجعت المقام العائد له هذا الأمر في تطبيق هذه الأصول و اتخاذ معاملات العدلية باللسان المحلي من الآن في الأقضية التي أكثر أهاليها وزراعها عربان أو متشكلة من العشائر فهذا مما يجب بالصورة القطعية.
و بواسطة ما تكتسبه الكتبة و المأمورون من المكنة و الممارسة في محاكم الأقضية سيمكن التطبيق لذلك الأمر في الألوية و مراكز الألوية و إلي ذلك الوقت يسهل علي الحكومة انتخاب الرؤساء اللازمين.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 290
فالآن أكتفي بما أوضحته من تفويض الأراضي و ما أبديته في حق المعارف و ما صرحت به علي طريق الاستطراد في أمر اللسان المحلي و ألخص ذلك كله و إن كان مكررا من أني أوقفت وجودي علي عمران البلدة و
ما تقتضيه أهالي المملكة من الاحتياجات في طريق رفاههم و سعادتهم و أن أذني صاغية لاستماع مطالعة كل فرد سواء كان صغيرا أو كبيرا يراجعني بلا استثناء، و أعير سمعي له إذا بث شكواه أو بذل شكره. و من الجملة اجتهد في استخلاص عراقنا العزيز من ربقة إساره الاقتصاد و أبذل و سعي و اهتمامي في إعادة ثروته و معموريته لمساعيه الذاتية و ليطمئن كل منكم في صحة ما أقوله و أفوه به سائلا من المولي تعالي ذي الجلال أن يقرن مساعينا في هذا الباب بتوفيقاته الصمدانية إنه علي كل شي ء قدير و بالإجابة جدير». ا ه.
هذا ما نطق به الوالي، و لننظر ماذا يفعل؟ خصوصا ما يتعلق باللغة في التعليم و المحاكم، و درجة قيامه بأعمال الري و الأراضي، و ما يعود للفلاحين و ما يتعلق بالثقافة.
في 18 رجب سنة 1331 ه.
و بذلك لم تشأ الحكومة أن تقلب تحصيله إلي عربي فكان ذلك تدبيرا اتخذته لإبقاء الحالة علي ما هي عليه. و من هذا السبب لم تتمكن العربية الفصحي في البلاد.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 291
و أعلنت الشروط المطلوبة.
و أنيطت الأشغال بالآمر عزت باشا أمير اللواء الكركوكي الذي أصبح وزيرا للمواصلات و الأشغال في الوزارة النقيبية.
و سافر إليها في 27 تشرين الثاني سنة 1913 م.
و هو والد الأستاذ علي حيدر الركابي.
و اضطرب حبل الأمن فعادت لا تصلح للسكني خصوصا للموظفين الترك. و طالبوا بالإصلاح و قدموا عريضة لمقام الولاية.
و صار يؤمه الناس.
عزل في أول يوم العيد الأضحي 10 أيلول سنة 1913 م و سافر إلي استنبول صباح الأربعاء 26 ذي الحجة سنة 1331 ه فخلفه في الولاية مفتش الفيلق محمد فاضل باشا الداغستاني بالوكالة اعتبارا من يوم سفره إلي يوم 20 صف سنة 1332 ه (18 كانون الثاني سنة 1914 م) و هو يوم ورود الوالي الجديد جاويد باشا.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 292
يوم الأحد 1 شعبان سنة 1331 ه و هو أحد أعضاء مجلس الإدارة و من المعتبرين في بغداد.
و هو المشهور بالحجة الطباطبائي توفي في شعبان سنة 1331 ه (15 حزيران سنة 1913 م).
فتوفي بعد ستة أيام.
توفي مساء الثلاثاء و دفن نهار الأربعاء في تكية البكري في 2 نيسان سنة 1913 م (الموافق 24 ربيع الآخر سنة 1331 ه) و كان من مبعوثي الديوانية سابقا، و من علماء بغداد المشهورين، و هو صاحب عدة مؤلفات.
في مجموعة الأستاذ محمد درويش أنه توفي بتاريخ 23 ربيع الآخر سنة 1331 ه في مساء يوم الثلاثاء عند الغروب، و في يوم الأربعاء صباحا شيع باحتفال لم يشاهد مثله، و احتفاء عظيم، و دفن في تكية الشيخ محمد البكري في مقبرتهم الخاصة و في (الروض الأزهر) أنه توفي يوم الثلاثاء مساء 24 جمادي الآخرة سنة 1331 ه و دفن صبيحة يوم الأربعاء و هو والد الأستاذ السيد إبراهيم الواعظ.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 293
في عام 1326 رومية- 1328 ه انتدبت الحكومة المهندس الشهير السير ويليام ويلكوكس الذي أحيا الأراضي المصرية، فقدم تقريره بما يجب من إصلاح لإرواء أراضي الديوانية و الحلة التي نالها ما نالها من خراب نظرا لتغيّر مجري الفرات. و كذا تناول تقريره الخطة العراقية و نقل إلي العربية و طبع مع خرائطه سنة 1927 م. و بنتيجة المزايدة أودع إلي شركة (جاكسون) للقيام به، و باشرت العمل علي الترتيب المقرر. و لما تم العمل أجري رسم الافتتاح نهار الجمعة (12 المحرم سنة 1332 ه) حضور وكيل الوالي الفريق الأول محمد فاضل باشا و الأعيان و الأمراء، فحضروا موقع العمليات و شهدوا المباني و المشروع، و من ثم فتحوا بعض الأبواب، فجري الماء في شط الحلة. و في هذه الأثناء ألقي وكيل الوالي خطابا باللغة التركية، و ترجمته كما يلي:
«أيها الحضار الكرام:
كل منا يعلم و لا يمتري في أن أهم أقسام
الخطة العراقية إنباتا و أكثرها عمرانا و أوفرها جدة و أعظمها خصبا هو لواء الديوانية و السبب الوحيد لما آلت إليه هذه القطعة الجسيمة من الخراب و الانتكاس و العلة المنفردة فيما صارت إليه هذه البقعة الكريمة إلي الدمار و الاندراس هو فعل الفرات بتبديل مجراه لأنه هو الضمين لذلك العمران و الكفيل بحياة أولئك السكان.
و لما وقفت الحكومة السنية علي حقيقة الحال أخذت بالأهبة و الاهتمام علي ما كان لديها من العوائل و ما انتابها من المهام و المشاغل بإعادة ماء الفرات إلي مجراه القديم و إحياء ما مات من أراضي اللواء الجسيم و حفظ نفوسه من التوزع و التشتت فتفضلت و تعطفت بهذه
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 294
العمليات الجسيمة و بذلت ما يقتضي من المبالغ الوفيرة لها و أسرعت في إنشائها فأثبتت بذلك درجة رأفتها علي هؤلاء الأهالي و أبدت علو عاطفتها علي سكان هذا القطر العالي، أما هذا القسم من السد الذي يعود إلي الهندية و هو نصب أعيننا. فأني بكمال المسرة ابتهج به و استجيده و أشهد بهمة الهيئة الفنية و مهارتهم المصروفة في هذا الباب و حسن اتقانهم.
إلا أني أري أن هذا المصراع المفتوح للمجري القديم من الفرات و الأبواب الستة التي أنشئت في صدر هذه الترعة لا تكفي لنفوس هذا اللواء الجسيم و لا يفي بإسقاء أراضيهم و إرواء مزارعهم، و لذلك أتوكل علي عون الباري سبحانه و تعالي و أعدكم بأني سأسعي بكل جهدي في إكمال ما نقص و إتمام ما يؤمن سعادة هذا اللواء ورد حياته بما يقتضيه من الأعمال. وها إني مستعينا باللّه أفتتح هذه الترعة و أعرض شكري و أبدي منّتي لمن أجاب
الدعوة بتشريفه من الحضار الكرام» ا ه.
و كان هذا العمل في الحقيقة كبيرا مع ضعف في الحكومة، و ضيق حالتها، و الأزمة التي أصابتها في إدارتها و حروبها المتوالية بحيث لم تهدأ لها أمورها.
ثارت علي الحكومة، فأرسل إليها قائممقام قضاء الهندية الأستاذ ناجي السويدي فنصح لهذه العشائر و أتم المهمة بأحسن وجه، فنال تقدير الوالي و مجلس الإدارة. و كان قتل الرئيس خاچي في بعض المعارك، و كانت العشائر الثائرة الزياد و الظوالم و الجياش و الجبور.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 295
قدم بغداد الوالي جاويد باشا في 18 كانون الثاني سنة 1914 م (21 صفر سنة 1332 ه) و قدم معه بهاء الدين بك رئيس أركان الحرب و 18 ضابطا منهم 11 عربيا و الباقون من الترك و قدم معه فؤاد أفندي مدير الأملاك الأميرية سابقا في بغداد و عين مفتشا للأوقاف في العراق براتب (5000) قرش و لمعاونه مصطفي شفيق (3500) قرش، و الأستاذ حكمت بك سليمان قائممقام مركز بغداد و هو أخو محمود شوكت باشا الشهير و معهم خليل هجري بك مدير تحرير الولاية، و عبدي بك قائد الدرك في بغداد. فاستقبل و أطلقت له المدافع. و للوالي سيارة بقيمة 600 ليرة.
ثم عين الوالي مفتشا لفيلق بغداد، كان يسمي الفيلق السادس و لكن التقسيمات الأخيرة جعلته يدعي ب (الفيلق الرابع عشر).
و قبل ورود هذا الوالي شاغبت عليه الجرائد و توسمت فيه الشر علي العراق و أهله و أوجست خيفة منه، و بالغت في أن المقصود الوقيعة بالعراقيين من جراء فعلاته بالألبانيين فكان ذلك داعية معاقبتهم علي هذا التنديد.
و الملحوظ أن هذا الوالي لم يحمل فرمانا، و لا نشرت الجرائد قراءة فرمانه، فصار يعلن البرق عن تعيينه، و يردد تنقله. و لعل فرمانه يحتوي علي مطالب شعر بها الأهلون فلم ترق لأحد، و حاذروا من إعلانها.
قام ببعض التجولات في الألوية التابعة لبغداد. و لم
تمض مدة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 296
طويلة حتي أعلن النفير العام، و تبعه إعلان الحرب، و تبدلت الأمور، و اضطرب العالم أجمع و اختل أمر العراق لما أصابه من حمل ثقيل.
رئيسها السيد طالب باشا النقيب، و نشر (الدستور) في عدد (68) الخطة التي يجري عليها للبلوغ إلي المقصد.
أبلغ والي الولاية جميع الألوية و الأقضية التابعة لولاية بغداد بأن يكون التدريس عموما في دار المعلمين و الحقوق و الإعدادي باللغة العربية ما عدا بعض دروس تركية.. و لكن الإعدادي الملكي قلب إلي مكتب سلطاني فحرم من تدريس اللغة العربية.
بعد أن شغل قائممقامية مركز بغداد مدة وجيزة، صار مدير كلية الحقوق، و وكيلا للمعارف بدل رفعت بك الذي ذهب إلي استنبول.
عيّن لمعاونية الولاية في بغداد هجري بك مدير التحرير (مكتوبيا)، و صار مكانه إسماعيل حقي رئيس مجلس إسكان العشائر.
حضر والي الولاية، و وكيل مدير المعارف الأستاذ حكمت بك
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 297
سليمان و جماعة لوضع الحجر الأساسي في تأسيس مدرسة ابتدائية بالقرب من جامع الخاتون في بغداد في 27 شعبان سنة 1332 ه.
و هي الآن دار المعلمات الابتدائية.
و تعرف ب (الحرب العظمي)، و هذه من أشد الحروب هولا، و أقساها، ولدت في العالم ضجة و ارتباكا، و شوشت علي الأمم أحوالها و لو لم تدخل معامعها، و لم يكن بنجوة منها إلا القليل. و هذا أيضا لا يخلو من ضرر ما. فهي من أعظم ما رأت البشرية لحد إعلانها. و قد قيل (و ما راء كمن سمعا)، أو كما يقال (و ما الحرب إلا ما علمتم و ذقتم) …
أعلنت في أوائل آب سنة 1914 م فاشتبكت الدول العظمي فيما بينها بقتال عنيف، طاحن و كانت ألمانيا في جهة، و الإنكليز و فرنسة و روسية في جهة أخري، و مالت دول أخري لإحدي هاتين الجهتين بعامل المصالح.
كان التطاحن للسيطرة علي البشرية و التحكم في العالم، لتأمين المنافع الاقتصادية، و باقي الأمم أصحاب أطماع و مصالح فلا تري الربح إلا في الانحياز لإحدي هاتين الدولتين.
و الدولة التي تربح هذه الحرب تأمن الغوائل، و تنال السلطة علي اقتصاديات الأقوام الضعيفة مشفوعة بالسيطرة السياسية أو التحكم. و لكن الحالة بعد الحرب العالمية الثانية برهنت علي أن التسلط علي الأمم غير ميسور، و كل أمة تجادل عن نفسها.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 298
و لم يدر هؤلاء أنهم عرضة للبلي، علي حد تعبير أبي العلاء:
روعتم السابح في لجّه و هجتم في الجوّ ذات الجناح
هذا و أنتم عرضة للبلي فكيف لو خلدتم يا وقاح
الدولة العثمانية في وضع لا يخلو من خطر بالنظر للدول العظمي، و كل واحدة يخشي منها أن تخرق الحياد، فتضطرها إلي الدخول في الحرب، و البقاء علي الحياد أمر لا يرتضيه المتحاربون، فصاروا في الحرب العامة الثانية يدعون إلي أن تكون الدولة معهم،
أو في جانب عدوّهم، و لا يعتبر هناك أمر ثالث. و لا شك أن الدولة العثمانية ليس لها أمل في ربح، و هي من الضعف بمكانة، فالتزمت الحياد، و تأهبت للطواري ء بإعلان النفير العام في 11 شهر رمضان سنة 1332 ه- 3 آب سنة 1914 م. و لم تر أن تدخل في المعمعة و ربما كانت هي المقصودة من بين الدول التي تشملها أطماع المتحاربين، أو ربما كانت العامل في تحريك شهوة الحرب. قبلت البدل النقدي من غير المسلمين، و أجلت الديون، وراعت كل التأهبات التي فعلتها الدول الغربية، و تكاثر أمر الاهتمام بالحرب.
حدث النفير العام، فضاق الأمر بالناس و وقع الاضطراب. و توالي سوء الحالة. و بقي الترك علي حيادهم إلي يوم 16 تشرين الأول سنة 1330 رومية. و كانت الحرب علي أشدها و لا شك أن العثمانيين كانوا حجر عثرة في المواصلة بين الروس و حلفائهم، فلم يسهل أمر التعاون
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 299
فيما بينهم و يرون من الضروري اجتياز هذه العقبة، فاتخذوا مناورة الأسطول العثماني في البحر الأسود وسيلة فتعقبوه، و حاولوا وضع ألغام في مضيق البوسفور، و أبدوا المخاصمة. و هذه ترجمة البلاغ.
«إن الأسطول الروسي كان يتعقب الأسطول التركي في كافة حركاته، و يزعج الأوضاع فيما يقومون به من أعمال تطبيقية بصورة متمادية، و في (29 تشرين الأول سنة 1914 م) ابتدر في الخصام. و بناء علي تقدمهم بأعمال عدائية نحو المضيق (البوسفور) بحاملة (ألغام)، و ثلاثة زوارق (طوربيد) و سفينة فحم، قامت السفينة الحربية (غوبن) فأغرقت حاملة الألغام، و أوقع الخسار في طوربيد بصورة ثقيلة، و ضبطت السفينة حاملة الفحم، و أسر ثلاثة ضباط، و 72 جنديا،
و قصفت (سيواستپول) بنجاح.
و إن حاملة الألغام كانت تحمل 700 لغما، و 200 جندي، فأنقذ بعضهم فوصلوا إلي استنبول في 30 منه، و من إفادات الأسري علم أن هؤلاء كان أملهم أن يبثوا الألغام داخل البوسفور ليتمكن الروس من تدمير الأسطول.
و أما (برسلاو) فإنه وافي شرقي مدخل (بحر آزاق) فخرب في مدينة (نوو راسيسق) نحو 50 مخزنا للبترول، و مخازن عديدة للأرزاق و أغرق 14 سفينة نقل عسكرية». ا ه.
و من ثم لم يقبلوا كل معذرة و لا تفاهم من طريق السلم، و عدوا العثمانيين في جانب الألمان من جراء سكة حديد بغداد، فاضطرب الدولة علي المقابلة، و لم تدع مجالا للتدابير في التحقيق عن السبب
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 300
و ماهيته، و لا تيسرت مراجعة روسية للتفاهم، فجلبت هذه سفيرها الكبير دون تأخير، و تقدمت جيوشها و تجاوزت حدود أرضروم (أرزن الروم) في نقاط مختلفة و هكذا فعل الفرنسويون و كذا الإنكليز كانوا في انتظار الحرب معها، فدعوا سفراءهم، و ابتدروا فعلا بالمخاصمات. و من ثم صار (29 تشرين الأول سنة 1914 م) تاريخ إعلان الحرب علي الدولة العثمانية، فدافعت الدولة عن نفسها و اشتبكت أيضا في الحرب..
قالوا: و جاءت نوايا هؤلاء مؤيدة باتفاقية (سازونوف) المتضمنة تقسيم الدولة العثمانية و تأهبات الإنكليز لانتظار هذا اليوم الذي اتخذ وسيلة، و كذا الدول الأخري بضرب (چناق قلعة)، و الفاو، و الدخول في المعارك الفعلية، و دخلت في الحرب. و آمال كل دولة من هذه الدول مؤكدة بماضيها و أعمالها في حروب البلقان و غيرها.
يضاف إلي ذلك أن العثمانيين بينوا أن الحلفاء احتلوا استنبول و لم يستطيعوا أن يوضحوا الأسباب و العوامل، و أكدوا أيضا
بقولهم إن أطماع روسية كانت مصروفة إلي ابتلاع المملكة العثمانية، و إن الوثائق التي نشرتها روسية بعد الانقلاب، كانت تعد من الوثائق السرية المحرم نشرها و قد وردت في النشرة السابقة فأذاعت وثائق برقم 68 و 69 و 70 و منها يقطع بأن لا مجال لحياد العثمانيين، و كان دخولهم ضرورة لا مندوحة منها، و لا يمكن التخلي عنها بوجه.
هذا ما بينه الترك في نشرياتهم من جرائد و صحف و كتب. و كانوا يرون هذه الحرب فرصة سانحة لأخذ الانتقام، و الرأي العام الأوروبي حانق علي الدولة، و يبغي القضاء عليها. فكان كتّاب الترك و أكابر
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 301
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 302
رجالهم يوصون قبل الحرب بأن الرأي العام الأوروبي في تحامل عظيم عليهم، و حانق للانتقام منهم، فلا طريق لمقاومة هذا التيار إلا بالانتصار للأحزاب المعارضة و تقويتها، و فيها ما يمكن من إيقاف ذلك التيار عند حده!. و رأوا الفرصة سانحة، و لعلها السبب في دخولهم و يظهر أن الألمان هم السبب في إثارتها و كانوا قد أعلنوا الحياد فأوقعوهم، و أن استخدام القواد الألمان في السفن البحرية الألمانية المشتراة كان خطأ.
و من المراجع الألمانية أن الروس كانوا يراقبون الحالة و ينتهزون فرصة بث الألغام.. و مع هذا ليس لهم من القدرة ما يقف في وجه الدول إلا بالتزام الحياد، و انتظار النتائج، لتأخذ الدولة راحة. و مع هذا لم تنجح في مسعاها و كان الإنكليز وضعوا اليد علي السفن الحربية المشتراة منهم، و لما اشترت الدولة العثمانية (غوبن) و (برسلاو) قامت قيامتها.
فلم تدعها تعوض ما امتنعت من تسليمه و إثر أخذ هذين المركبين الحربيين
فإن روسية أيضا لم تتحمل عمل تركية، و كأنها دولة غير مستقلة و تابعة لهؤلاء و منقادة لإدارتهم.. حنق الترك علي الروس من جراء تدخلهم و مثلهم الإنكليز و ذلك لأن الترك اتفقوا مع الألمان علي سكة الحديد و غير ذلك مما أدي إلي الميل إلي الألمان..
و بعد انتهاء الحرب العظمي بمخذولية الترك و الألمان صار يتمسك المعارضون للاتحاديين بأدلة خصومهم أن الألمان هم المعتدون، و نسبوا دخول الحرب إليهم. و لكنهم لم يدعوا فرصة للتحقيق، و التفاهم من طريقه. و هذا جاويد باشا بيّن أن الميل إلي الألمان جلب سخط الإنكليز
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 303
و اضطرابهم لما لهم من الآمال في العراق، و في طريق الهند، فكان خط بغداد مبدأ السخط، و هو الذي سبب أن تميل الدولة الإنكليزية إلي مساعدة البلقانيين، و الإيطاليين في أعمالهم. بل إن البلقان و استقلاله في نظر الإنكليز سيكون سدا مانعا من تسلط الألمان علي الهند. كما أن حماية الهند، و آبار النفط في عبادان مما يستدعي أن تكون لها سلطة علي العراق، و أن ذلك هو السبب في الدخول بحرب العراق، بل تجاوز ذلك و كاد يعد أصل الحرب اتفاق الترك و الألمان، و خط حديد (بغداد- برلين)، و الآمال التركية سارت في خيال واسع، تريد أن تستولي علي قفقاسية و تركستان و الهند.. مما لا تستطيع الوصول إليه.
و علي رأي جاويد باشا رجال آخرون من الترك يناوئون الاتحاديين. و لا تزال لم تحل هذه القضية و الآراء مضطربة فيها، و غالبها لا تخلو من ميل للإنكليز، أو عداء لهم. و إلا فلا يسوغ لدولة أن تتحكم في أخري. و تجري طبق رغبتها. فتقول
لها لا تتفقي مع عدوي. و هذا ما نقوله من أن الدول لا تعرف الحياد، و أن تكون دولة تراعي مصلحة كل الدول بقدر الإمكان، و تكون حرة في عقودها و اتفاقياتها. و لا سبب لذلك إلا الضعف و القوة، أو الحكم لمن غلب.
و اختلاف الوجهات في التعليل لا يغير الواقع.
و في كتاب (بطاريه ايله آتش) أيد وجهة الدولة العثمانية في لزوم الحرب، و عدد ويلاتها و ما جرت إليه، و بين أن هذه الحرب علي ما فيها من مصائب أنقذت الأمة الإسلامية من عتوّ الروس و تحكمهم بالبلاد و قهرهم للأمم الإسلامية فلما سدّ العثمانيون البوسفور خذلوا، فدخلهم الاضطراب فتبدل شكل الحكم، و تكوّنت دويلات عديدة فلم تكن دولة موحدة، إلا أن الأيام كشفت بطلان هذه الفكرة، و أن روسية عادت إلي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 304
ما كانت تفكر فيه قديما … و أعادوا قضية الاستيلاء للذاكرة … فكان قوله حلما لذيذا و راحة و استراحة لأمد قصير جدا … و مثل هذا سمعنا عن فريد بك الداماد ما سمعنا من أنهم حرّروا دولا عديدة …
و مهما كان من أمر، فقد دخلت الدولة العثمانية الحرب، و حافظت علي المضايق فلم تمكن من اجتيازها أحدا و وقائعها في (چناق قلعة) من أعظم الحروب العالمية، أوقفت الإنكليز و الفرنسيين و غيرهم عند حدودهم، نري ضعفا في قوة، و تدميرا في هزيمة. و ربما كانوا السبب في انحلال روسية بعد الحرب، لعدم الاتصال بينها و بين متفقيها، و كان وضعهم أضر بالإنكليز و متفقيهم، فصار عليهم بثمن غال، و خطرهم من جراء إعلان الجهاد كان كبيرا جدا..
و لا يهمنا تفصيل الأوضاع الحربية، و جبهات المعارك،
و إنما يدعونا الواجب أن نقرر أوضاعنا في جبهتنا الحربية خاصة.. و سوف نراعي سني الحرب بالتوالي مع ملاحظة ارتباط المباحث بقدر الإمكان.. سوي أننا نقول إن الحرب العامة نفرها الأهلون، و صاروا لا يبالون بالهزيمة، و شاع علي لسانهم (سفر برلك) بلفظ (سفر علّلك) أي (نفير الهزيمة) لا نفير الحرب.. و صاروا يذهبون إلي خط الحرب مكبلين و لا يبالون أن ينهزموا في أحرج المواقف.. فعجزت الحكومة من ضبطهم.. و توالي عدد الفارين و تكاثر.. إلا أن الضباط صبروا علي الحرب و استمروا حتي النهاية، و بقوا صامدين مخلصين للدولة، و كثير منهم داموا علي ذلك حتي آخر أيامهم.. فكانوا مضرب المثل في الحرب و البطولة.
ورد بغداد من استنبول نواب البصرة عبد الرزاق النعمة، و الحاج عيسي روحي الإمام صباح الأحد 16 شوال سنة 1332 ه و مكثا يوما
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 305
و ليلة ثم سافرا إلي البصرة.
هذه الامتيازات لا أصل لها في الحقيقة، و إنما هي منح، فصارت (و جائب قانونية)، فألغيت، و تعد حدثا عظيما في الدولة استفادة من الحرب الطاحنة بين الدول العظمي، إلا أن بعض الدول لم توافق علي هذا الإلغاء، و لكنه قبل مؤخرا، و لم يعد للامتيازات ذكر في الدولة العثمانية و لا في الجمهورية التركية..
في 2 رجب سنة 1332 ه وردت برقية بعزل قاضي بغداد السيد علي وهبي. جاءت من والي بغداد محمد جاويد باشا مؤرخة في 29 جمادي الآخرة. و كانت حدثت عليه شكاوي من جراء أنه طرد وكلاء الدعاوي و لم تفد مراجعاتهم. و هو مشهور بالفقه و لم يكن من أهل الرشوة. و كان عفيفا في غاية العفة.
عين لوكالة دار المعلمين الأستاذ حسن رضا، و هو من متخرجي كلية الحقوق بدرجة (عليّ الأعلي). و هو اليوم عضو محكمة تمييز العراق.
توفي فجأة أثناء التدريس
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 306
في الكلية الشاهانية. و كان شهما فاضلا و كاتبا ضليعا و أستاذا بارعا.
دفن في جامع بايزيد، و كان نائبا عن العراق، و هو من أسرة بابان.
ورد نعيه في صفر سنة 1332 ه ورثاه الأستاذ جميل صدقي الزهاوي بقصيدة مذكورة في ديوانه ص 161 أثني علي أدبه و علمه و رجاحة عقله. و له آثار حقوقية مهمة منها (حقوق أساسية) باللغة التركية و كان من أساتذة الحقوق باستنبول. و هو ابن مصطفي ذهني باشا متصرف طرابلس، و والي ولاية الحجاز. قال الأمير شكيب أرسلان: و إسماعيل حقي بك أحد أركان جمعية الاتحاد و الترقي، مات في حياة والده.
و أخوه نعيم بك من أعضاء مجلس الأعيان في الدولة العثمانية، و كان من الفضلاء، و نقل الأمير عن نعيم بك أنهم و إن كانوا رؤساء الأكراد في السليمانية فنسبهم عربي صريح يرجع إلي خالد بن الوليد (رض).
يوم الثلاثاء 9 صفر سنة 1332 ه. و له من العمر 69 سنة و كان يشتغل بالتجارة و بوفاة والده استمر بالاشتغال بالتجارة سنتين مع أخيه الحاج صالح ثم اقتسما الميراث و اشتغل كل علي حدة. و في شوال 1327 ه ترك الحاج حمد الاشتغال بالتجارة و اختار العزلة عن الناس و ترك من الأولاد الحاج عبد اللّه و الحاج محمد و عبد اللطيف و عبد الصمد. و كان والدهم حريصا علي تعليمهم العلوم الدينية فأرسلهم إلي مدرسة مرجان و كان الحاج محمد المانع مفتش معارف المملكة العربية السعودية يدرسان لدي الأستاذ المرحوم الحاج علي علاء الدين الآلوسي.
و إن الحاج محمد واصل دراسته العلمية و شغل وظائف علمية دينية و آخر
وظيفة شغلها التدريس في جامع العادلية الكبير.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 307
و أما الحاج صالح أخو الحاج حمد فإنه استمر في التجارة و توفي في شهر صفر سنة 1335 ه و عمره (85) سنة و ترك ولديه الحاج عبد الرحمن و عبد العزيز العسافي المتوفي 30 آب سنة 1945 م.
و كان خطاطا معروفا.
في 3 شوال سنة 1332 ه شب الحريق في دار آل جميل ليلة الثلاثاء، فلم يبق شي ء لا من أثاث و لا من كتب، كما كانت قد احترقت أيام الوالي علي رضا باشا و لم يبق من الكتب و كانت نفيسة جدا.
كانت الدولة الإنكليزية في أوائل تشرين الأول سنة 1914 م اتخذت التدابير لمقارعة العثمانيين، و في الحقيقة كان تأهبهم للدخول في الحرب من حين اشتركوا في النضال مع الألمان، لا لحماية نفط عبادان، بل لرعاية مصالحهم في هذه الأنحاء، و البلاد العربية الأخري بل لآمال أكبر من المحافظة، فأرسلت جيشا مختلطا، مؤلفا من القوات الهندية و الإنكليزية برية و بحرية.. و كانت تعلم الدولة الإنكليزية يقينا أن العثمانيين في جهة الألمان..
تجمعت قوتهم في البحرين، و هي في انتظار إعلان الحرب، و تمرنت علي حركات الإنزال. و أعلنت الحرب علي تركية، و جاء إلي القيادة هناك بإعلامهم في اليوم الأول من تشرين الثاني سنة 1914 م و كان القائد للحركات الجنرال (ديلامين) و في 6 تشرين الثاني سنة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 308
1914 م دخل الطراد (أودن) شط العرب تتقدمه رافعات الألغام، و تعقبه بواخر النقل و الزوارق الأخري فكانت هذه مبادي ء الحملة الإنكليزية في العراق.
وقعت المعركة في ذلك اليوم، و كانت هذه المعركة حامية دامت نحو 40 دقيقة، و أسفرت عن إسكات البطرية التركية. و علي أثر ذلك تقدمت البواخر النقلية المؤلفة من الباخرتين البحريتين (فاير فلاي)- (أوماديا و فاريلا) و بعض الزوارق المسلحة، و الأخري البخارية للبارجة (أوشن) تحمل جيوشا للإنزال..
و تتألف هذه من 600 جندي من المشاة، و زهاء (100) جندي من بحارة البارجة أوشن) و بعض رشاشات ماكسيم
و بطرية الساحل و حضيرة مدفعية جبلية. و هذه القوة نزلت قرب محطة البرق فاحتلت مواضع الجيش التركي دون أن تجابه مقاومة، و قطعت آنئذ مسافة لا بأس بها من شط العرب. و كان (الطراد اسبيكل) علي بعد 20 ميلا قطعها من شط العرب.
و إن العثمانيين لم تكن لهم من القوة كفاية، فأمكن للانكليز إنزال جيوشهم، فلم تلق مقاومة و في 14 تشرين الثاني سنة 1914 م وصل (السر ارثر يارت) مع الفرقة 18 الهندية ليستلم قيادة العراق، و جرت عمليات إنزال الجيوش بسرعة، و بلا مقاومة، فعضدوا القوة البرية، و حصل تماسك كبير بينهما. و حصلت مصادمة مع العثمانيين في 15 منه و أوقعت خسائر كبيرة بالجيش العثماني، ثم عززت القوة البحرية بالطراد (لورانس) و كان مسلحا بثمانية مدافع.
و في يوم 16 تشرين الثاني سنة 1914 م عقد البريطانيون اجتماعا قرروا فيه مواصلة الزحف في اليوم التالي و هو 17 منه. أخذت القوات
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 309
البريطانية تتقدم في زحفها نحو البصرة يسند جناحها الأيمن النهر و فيه الاسبيكل و الأودن.
و كانت القوة كبيرة بالنظر للقوة العثمانية التي تعد تجاه القوة الإنكليزية لا شي ء، و كان يظن أن المدفعية في الفاو تستطيع صد هجوم البحرية و إيقافها عند حدها و أن عشائر العراق وحدها في استطاعتها المقاومة، فلا تدعه يطأ أرض العراق، أو بالتعبير الأولي لم تهتم الحكومة بالعراق، و كان خوفها من أنحاء قفقاسية، و من سورية و چناق قلعة، فلم تهتم بهذه الجبهة. و سيق الجيش العراقي إلي قفقاسية و الجهات الأخري و لم يرجع منه إلا القليل، و أصابته أمراض قاسية و حروب ماحقة لا يكاد يحصيها
قلم. فأخلي الترك البصرة قبل أن يدخلها الإنكليز بثلاثة أيام مما لم يكن ليحلم به الإنكليز. و كانوا قد استولوا علي سيحان و كوت الزين بمقاومة قليلة من الجيش العثماني.
و من ثم احتل الإنكليز المدينة بلا مقاومة، فقد كانت قوة العثمانيين ضعيفة، و لم تستطع البقاء. فكان احتلالها يوم 17 تشرين الثاني سنة 1914 م و يعد أول دخولهم العراق، و من ثم ابتدأت حروبهم الطاحنة، و الجيش العثماني أعزل من كل نجدة، و لا قدرة له علي المقاومة إلا بقدر ما عنده من أعتدة حربية و مهمات، فكانت هذه الحرب تجهز أحد طرفيها بأسلحة جديدة و الآخر لا يزال علي حالته القديمة إلا قليلا.
و لا محل للموازنة بين قوي الجيش العثماني، و الجيش الإنكليزي، و من أراد التفصيل فليرجع إلي:
1- حرب العراق تأليف (طاونسند). ترجم إلي التركية و العربية.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 310
2- معارك السفن الحربية علي ضفاف دجلة.
3- عراق سفري (خواطر). تأليف جاويد باشا والي بغداد و القائد العام.
4- (عثمانلي جبهه لري وقائعي). تأليف العقيد الركن محمد أمين بك (هو معالي الأستاذ محمد أمين زكي وزير المواصلات و الأشغال و المعارف) و توفي سنة 1948 م.
و من هذه و غيرها نعلم أن الدولة العثمانية أهملت أمر إدارة العراق من الناحية العسكرية، فلم تترك قوة كافية تستطيع الوقوف في وجه الإنكليز لصد هجومهم، و إيقافهم عند حدهم.
و لا شك أن ذلك نتيجة لازمة لسقوط البصرة. و لكن الحكومة وجهت اللوم علي جاويد باشا القائد العام لأنه لم يقدر علي صد صولة الإنكليز.
و الوقائع الأخري التي تلت هذه الحادثة مؤلمة أكثر. فإن الإنكليز اتخذوا كل تدبير للوصول إلي الغرض بالقضاء علي الجيش
العثماني، و كانوا يظنون أن سوف يكون الأمر بردا و سلاما، و بلا مقاومة كبيرة.
و من جهة أخري إن الإنكليز اتخذوا تدابير تجاه ما ستتخذه الدولة العثمانية من إعلان الجهاد، و إبداء لزوم ما يقوم به كل فرد بالنظر لما يستطيع من قدرة. فلم يدعوا وسيلة إلا توسلوا بها. و هذا نص ما أعلنوه للعشائر العربية:
«قد صدرت من الدولة العثمانية في زماننا هذا أعمال و أفعال متفرقة خلافا لمصالح التجار الإنكليز و منافعهم و يعرف هذا من تحريض
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 311
الألمانيين و تداخلهم في السياسة العثمانية إلي أن تقربنا لقضية الحرب بين الدولة العثمانية و الدولة البريطانية مع الدول المتحدة يعني فرنسا و البلجيك و الجابان و غيرها. و قبل الستين سنة و لما وقع الحرب بين الدولة العثمانية و الدولة الروسية كانت الدولة الإنكليزية و الدولة الفرنساوية تساعد الباب العالي بعساكرهما و حفظت استقلال الدولة العثمانية، و إبقاء بلادها و ممالكها من أعظم مقاصد الدولة الإنكليزية في أمورها السياسية و أما الحين رجال الدولة العثمانية من عدم الفروسية يريدون يدخلون دولتهم في المناقشة الصائرة بين الدولة و غيرها من الدول و بعزة قوتها في ورطة الفناء حتي لا يبقي إبقاء مملكتها علي صحتها بعده إذا صارت نتيجة هذه الأفعال أن الدولة العثمانية ساقت الدولة البريطانية إلي الحرب مع العثمانيين. فإن الواجب علي جميع شيوخ بلاد العرب تأمل علي حالتهم مع الظالم الذي يدعو لنفسه بأنه حافظ المسلمين و حاميهم كان أهل الإسلام محتاجين لحافظ إلي اللّه سبحانه و تعالي.
و أما الشيوخ الذين قد جربوا الظلم و التعدي من الدولة العثمانية لكون بلادهم متصلة ببلادها فلا تحصي حالتهم معها لأن
المخالفة بينهم و إياها كانت موجودة من زمان و هم لا يزالون مجتهدين لاستخلاص أنفسهم من تسلطها و قد حصل لبعضهم الاستقلال و بعضهم باغون عليها الآن.
و لا يخفي علي شيوخ الخليج العجمي أن الدولة البهية الإنكليزية لا تتعرض أبدا لدين المسلمين و لا تخالفه في شي ء و إنما تجتهد لإقامة الصلح و الأمان في جميع البلاد و تشديد روابط الصداقة و الاتفاق مع جيرانها و صار لها مرارا فرصة للاستيلاء علي بعض البلاد و لكنها ما انتهزت الفرصة و إن تعلقاتكم مع الدولة البهية الإنكليزية كانت من زمان فأوعدتكم بأنا سنجتهد في كل أمر متعلق بالحرب الجارية لحماية حريتكم الذاتية و الدينية و لا نفعل فعلا يضر هاتين الحريتين اللتين هما
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 312
حب الإنسان من الحياة البشرية. أما ما قد وقع في جميع البلاد في تعب و اشتداد من تكبر رجال الدولة العثمانية و حماقتهم، و لا نريد شيئا من جنابكم إلا حفظ السكينة و الأمان في بلادكم و أن تأذن للجهال من رعاياكم الذين أن الدولة البهية قد حماهم من زمان من تعدي الظالمين في ارتكاب أعمال تخل السكينة البلاد أو تضر المصالح الانكليزية فإن سلك جنابكم هذا الطريق مستخرج عن قريب من المسائل المحيطة بكم في حال الصحة بل أقوي و أحري مما كنت من قبل و لا تأذن لرعاياكم في الالتفات إلي كلام الجهال داعين إلي الجهاد لأنه ليس في الحرب الجارية ما يتعلق بالأديان إلا أنه مفيد لجميع الأديان استئصال الرجال المتكبرين و الظالمين و تقوية حالات الرجال المطمئنين الذين لا يرون شيئا إلّا الاستقلال و السكون في بلادهم المألوفة بالصلح و الأمان» ا ه
بنصه و فصه.
و من فحواه يفهم أن الإنكليز لم يهدأوا للأمر و لا تهاونوا فيه، و إنما اتخذوا التدابير اللازمة لتوجيه الرأي العام العشائري إلي جهتهم.
و معارضة فتاوي المشيخة الإسلامية و لم يكونوا يأملون أن ينالوا البصرة بهذه السهولة فوقعت بأيديهم.
كانت أرسلت الدولة العثمانية بعض الفتاوي إلي الأنحاء المختلفة و بعض الرسل إلي ابن سعود و إلي الأفغان و لكن مع هذا كانت أعمالها فاشلة، و سياستها بالنظر للمملكة، و للإمارات العربية غير حكيمة، و إن تدارك الأمور في حينها ضروري، فلم يفطنوا إلا بعد فوات الفرصة و أنهم كانوا من الضعف بمكانة … و من أمثلة ذلك أن ابن سعود كتب إلي المرحوم محمد فاضل باشا الداغستاني جوابا لكتاب بعث به إليه جاء فيه:
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 313
«إن الحكومة الاتحادية أعطت ابن الرشيد ما طلب، و لكنها لم تراعني، و لا أبدت لي من الحرمة كشيخ بدوي نال ما نال. فلا اعتماد لي علي دولة متكوّنة من أوغاد». ا ه.
قال جاويد باشا: و في البيانات التي عثر عليها في العراق «إن اتباعنا للترك أو للإنكليز واحد، كلها أسر، و إن الترك باعوا بلادنا، و أخذوا أولادنا إلي أرضروم، و كذا دوابنا، و أطعمتنا و بقيت نساؤنا أرامل، و ساقوا أبناءنا إلي جهة مجهولة فأهلكوهم في الحروب، اقتلوا ضباط الأتراك، و عودوا إلي أوطانكم … » ا ه.
هذه أراها مختلقة علي الأهلين، و إنما هي صادرة من الإنكليز علي لسانهم، ليخوفوهم من العرب، و يشتد التوتر بين الطرفين، و لكن الأهلين نالهم العناء الكبير فصبروا، و ملوا الإدارة التركية. أو بالتعبير الأولي كما قلت أساؤوا التدابير للسياسة الداخلية، و للعرب. و من
ثم حصل التوتر، و قويت المشادة في البصرة و غيرها و في أثناء الحرب صار يفر الجند العرب من صفوف القتال.. و ما قاله جاويد باشا عن الكرد و طلبه متطوعين منهم في أنحاء دهوك بواسطة والي الموصل سليمان نظيف بك، و أنه جمع نحو 700 متطوع فلما علموا أنهم يحاربون الإنكليز أبوا. أمر مبالغ فيه كثيرا، فهؤلاء لا يعرفون الإنكليز و لا علاقة لهم بهم..!
في المحرم سنة 1333 ه (في 15 و 16 تشرين الثاني سنة 1914 م) استولي الماء علي أطراف بغداد بصورة لم يسبق لها مثيل حتي دخل الأزقة، و كانت حادثة مؤلمة، و صادف أيام سقوط البصرة و اهتمام الجيش بإيقاف جيش الإنكليز عند حده.
و في هذا استولت المياه علي مقر الجيش، و علي مواطن عديدة،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 314
و صارت تخريبات وافرة حينما كان عزت الفارسي رئيس بلدية، فقد أزال السدة القديمة فدخلت المياه بغداد، فعزل و تعين للوكالة رفعت بك الچادرچي، و اشترك الأهلون بالسد، فلم يجد نفعا.
لم يعلم الأهلون عن حادث البصرة. و لا أعلن خبرها رسميا إلا أن الحكومة اتخذت تأهبات كبيرة، و جعلت مقر الجيش في جهة الباب الشرقي خارج بغداد، و استعدت للأمر، و أخذت الجيوش و ساقتهم بكل سرعة لما ورد من الأخبار أن الإنكليز تقدموا و الجيش انسحب إلي (العزير).
و جلية الخبر أن الجيش العثماني بعد أن ترك البصرة انسحب قسم منه إلي القرنة و الآخر إلي الناصرية و أن قائد الفرقة 38 اتخذ القرنة محل دفاع له فتحصن فيها بقسم من قوته و تبلغ نحو ألف، و كان معه ثلاثة مدافع، و التزم حالة الدفاع، و لكن العدو في 21 و 26 تشرين الثاني سنة 1330 تعرض به، و أمطر عليه بوابل من نيرانه، فلم يستطع أن يقاوم، و اضطر علي التسليم، فوقع أسيرا بيد العدو.. فلم يكن أمام الإنكليز قوة تدفعهم أو توقفهم، و لكنهم لا يزالون يوجسون خوفا من قوة مكتوبة أو حركة التفاف، أو من كمين.
و في هذه الأثناء كان الفيضان، فاجتمع الأمران معا الفيضان و الحرب و لكن هذه
الحرب أشبه بجهنم متحركة، و الهول كان شديدا، فلم يقدر أن يقوي عليه جيشنا.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 315
في 10 المحرم يوم السبت سافر الأساتذة السيد محمود شكري الآلوسي و ابن عمه الحاج علي علاء الدين الآلوسي و معهما الأستاذ الحاج نعمان الأعظمي لأجل الإصلاح و تقريب ابن سعود و إمالته لجهة الدولة، و الاتفاق معها علي الإنكليز و ذلك سنة 1333 ه فعادوا في 27 جمادي الأولي و لم تنجح مساعيهم. و إنما تعهد لهم ابن سعود بأنه يكون علي الحياد.
أصدرت المشيخة الإسلامية فتاوي شريفة، قرئت في كافة الممالك الإسلامية، و في جوامع بغداد جميعها في 23 المحرم سنة 1333 ه عقب الخطبة من يوم الجمعة. و هذه تتضمن مداهمة الخطر للبلاد الإسلامية و تدعو إلي لزوم جهاد الأعداء من جميع المسلمين. و نصوصها معروفة. و جاء بيان الإنكليز حذرا علي انتشاره بين الأهلين.
في 3 جمادي الأولي سنة 1333 ه ذهب السيد محيي الدين ابن سماحة نقيب أشراف بغداد السيد عبد الرحمن النقيب إلي الأفغان. ثم عاد إلي بغداد.
لا يهمنا التعرض لحروب الدولة العثمانية أو الحرب العامة بكل تفاصيلها، و لا ذكر انتصارات العثمانيين في چناق قلعة أو دفاعهم عنها
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 316
دفاع الأبطال، و لا ما لاقته من الويلات من جراء هذه الحرب إلا أننا نقول إن مصيبة العراق كانت كبيرة جدا، فمن أول إعلان النفير العام ساقوا أبناء العراق إلي أنحاء قفقاسية و إلي جهات (وان) و ما جاورها، فنالهم عناء كبير و لحقهم ضرر لا يستهان به.
نتعرض لما يخصنا، و نقرر شعور أهلينا، و نتائج الحرب بالنظر لما شاهدنا و سمعنا، و لما نطقت به الوثائق. و الملحوظ أن الجرائد العراقية كانت بلاغاتها الرسمية غير صحيحة، و ظهر أنها خلاف الواقع، كانت تكتم الأخبار الموثوقة لأنها مخذوليات متوالية و كوارث فظيعة في الجبهة العراقية.
نعم أصابت الإنكليز صدمات من الجيش، أوقعت به خسارا كبيرا. و لكنها لم تثمر شيئا و لا تمكنت من صدّ الإنكليز من التقدم إلا مدة و ما أكسبته في النفوس و في المعدات لم يؤد إلي تدميره و قهره. و في هذه ربح العثمانيون بعض المعارك و لو لم يكن كذلك لعادت الدولة العثمانية في خبر كان. فالجيش مغلوب و لكنه يعارك عراك الأبطال و يقاوم بشدة، و بسبب أضرارا كبيرة، و لقي الإنكليز من العثمانيين ما لم يلقوه من أمة في حروبها، و رأوا العطب من قتالهم، و كادوا يخذلون في غالب المواقف إلا أن القدرة المالية و السلاح القوي كان يبعث فيهم الآمال. فيعودون إلي
قوتهم، و لكنهم لم ينسوا تلك الضربات، فصاروا في حذر، يخشون الهزيمة، و يخافون المقاومة الأمر الذي دعا أن يتأنوا كثيرا و يعدوا العدة، و يتطلبوا الوقت المناسب و هكذا..
جاءتنا أخبار البصرة غامضة، و لم يعلن احتلالها، و لا ما أصاب العراق من وقائع، و إنما جري الهمس، و الكلام الخفي في أن البصرة سقطت و أن المحاربات في (العزير)، و الناس بين مصدق و مكذب، فكان عزل الوالي ضرورة لازمة لما وقع..
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 317
و كان هذا الوالي قد ولي منصب ولاية بغداد و مفتشية الفيلق الرابع، و هو من الأركان الحربية برتبة أمير لواء، و كتب سنة 1334 رومية كتابا عن أوضاع الحرب العامة و التدابير المتخذة في بغداد سمّاه (عراق سفري) أي (حرب العراق)، وجه علي دولته من الذم ما شاء أن يوجه، و يعد كتابه وثيقة من وثائق الحرب في العراق طبع في السنة المذكورة بمطبعة (مدافعة) في استنبول.
و في مذكراته هذه يبرر موقفه و ينحو باللائمة علي الإدارة الاتحادية و سوء تصرفاتها في الجيش و الإدارة و ما ماثل من صنوف السياسة، و نعت إدارتهم بالظلم، و أن المشروطية كانت زائفة، و أن سقوط البصرة بل و العراق كان من سوء هذه الإدارة و السياسة الخرقاء و الحرب التي لا مبرر لإثارتها..
و في كتابه هذا عين اضطراب الإنكليز لتدخل الألمان في أمور الدولة العثمانية، و مدهم السكة الحديدية نحو البصرة، و رأوا أن قد تهدد كيانهم فقاموا بأعمال ضد الدولة العثمانية لما فعلته من الميل إلي الألمان. كما أن إعلان الجهاد للعالم الإسلامي صار يهدّد مركز الإنكليز في عبادان، و كذا السفن الحربية كوبن و
برسلاو و التجائهما إلي الدولة العثمانية و اشترائهما، و تعدّي الألمان في المناورة علي السفن الروسية.
كل هذه أسباب النضال الإنكليزي، و التقدم في الأنحاء العراقية حربا تبعيدا للألمان عن العراق.
و الدولة العثمانية لم تتخذ أي تدبير من شأنه الوقوف في وجه العدو، و إنما أهملت شأنه بما بينه من قوي الطرفين، فحاول تبرير موقفه، و ترقيع خساراته في البصرة و ما جاورها. و الصحيح أن من أهمها سحب الجيوش العراقية إلي جبهة روسية و تعيين أوضاع الإنكليز في تأمين منافعهم في العراق و ما جاوره، و اتخاذ سد منيع لمحافظة الهند من
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 318
الخطر. و ما ماثل من أمور يتوسل بها أصحاب الأعذار للقضاء علي حرية الشعوب و إلا كان الأولي بهم أن يكونوا قد حرروا الشعب، و نفضوا يدهم منه إلا بمساعدة و ما ماثل..! و لكن جري الأمر علي خلاف المفروض، و ما كان يعلن، فحصل الطمع..
و علي كل حال عزل من القيادة في الجيش، و من ولاية بغداد..
فلم يعد يصلح أن يتولي أمرا مهما مثل هذا، و كان الأولي به أن يهتم للأمر، و يتوقع ما رآه و يتأهب بقدر الحاجة، و ما يتيسر من أمر. و لا شأن له بإيراد ما أورد من جهة أنه قائد عسكري و تابع للأوامر و تنفيذها.
جاء في الزوراء ما نصه: «قد تعين سليمان عسكري بك المقدم من أركان الحرب واليا للبصرة، و قائدا لفرقتها. و الموما إليه من أعاظم الرجال المشتهرين بالدراية و الاقتدار و البسالة».
و سبب ذلك الوقائع المؤلمة التي جرت بالانسحاب من البصرة، و أدت إلي واقعة القرنة، فرجع باقي الجيش إلي شطرة العمارة، و هم نحو
1800 نفر، فأمد هؤلاء ببعض الأفراد، و زاد في القوة، ثم انحدر إلي الجنوب، فوجد العدو لم يتجاوز القرنة، فتماسّ به بصورة ضعيفة.
ذلك ما جعل مقر القيادة العامة ترتبك للحوادث، و تغير في القيادة ظنا منها أن ذلك كان من خرق القيادة، فأودعت ولاية البصرة إلي المقدم سليمان عسكري. و رفعته فجعلته قائد الجبهة العراقية، و في 3 كانون الثاني سنة 1915 م تولي القيادة و زاولها فعلا في (العزير).
و كان هذا القائد يحسب أنه بالعشائر يقضي علي قوة الإنكليز، و يفلّ جيشهم، و يقهر قيادتهم، و لا سبب لذلك إلا أنه كان يجد دولته لم
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 319
تستطع أن تقهر العشائر في زمان فظن أنهم يقدرون علي التنكيل بالإنكليز، و يخرجونهم من هذه الديار، أو أن المقصود تجهيز جيش العشائر لإيقافهم لمدة.
بعد انفصال جاويد باشا، و مفارقته بغداد عهد بوكالة الولاية إلي رشيد بك معاون الوالي، و لما ورد سليمان نظيف بك واليا علي بغداد في 18 صفر سنة 1333 ه 5 كانون الثاني سنة 1915 م ذهب إلي الموصل رشيد بك واليا عليها. و صدرت الإرادة الملكية بتاريخ 10 صفر سنة 1333 ه بتعيين قائد الجندرمة المقدم أحمد بك معاونا للوالي، و كان في بغداد.
و هذه ترجمة الفرمان بولايته:
«افتخار الأعالي و الأعاظم، مختار الأكابر و الأفاخم، مستجمع جميع المعالي و المكارم، المختص بمزيد عناية الملك الدائم، والي ولاية الموصل، و قد أحسن و وجه إلي عهدة استيهاله أن يكون واليا لولاية بغداد، سليمان نظيف بك دام علوه.
فليكن معلوما لدي وصول توقيعي الرفيع السلطاني أن من الواضح ما لموقع ولاية بغداد من الأهمية و ما اختصت به من القابلية،
و بتلك النسبة نخبة آمالي الملوكية تأمين انضباطها و حصول ترقيها و عمرانها، و أن تكون صنوف أهاليها متساوين في ظهور العدل عليهم، و الرأفة بهم حسب الأحكام المبينة في القانون الأساسي، و أن يفوزوا بالرفاه و يحوزوا السعادة.
و من حيث أنت يا أيها الأمير المشار إليه من المتصفين بكمال الحمية و الروية، و الواقفين علي أصول الإدارة من متميزي مأموري
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 320
سلطنتي السنية، و بناء علي مأمولي الملوكي فيك، و ما تنتظره سلطنتي منك أن تظهر الخدمات الحسنة و الآثار الجميلة الموافقة للإيجاب المحلي في دائرة الشرع الشريف و القوانين الموضوعة و النظامات قد أصدر من ديوان سلطنتي هذا الأمر الجليل القدر المتضمن لمأموريتك بتوجيه ولاية بغداد التي ذكرت لعهدة اقتدارك بموجب إرادتي السنية الملوكية الصادرة بالشرف علي القرار الذي استأذن فيه مجلس الوكلاء الفخام في اليوم الحادي عشر من شهر صفر الخير سنة 1333 ه، فبمقتضي ما جبلت و فطرت عليه من المعرفة بمهام الأمور أن تهتم علي كل حال بالتوسل و التمسك بشريعة حضرة سيد الأنام المطهرة، و تبذل الغيرة في توفيق حسن إيفاء الوظائف حسب أحكام القوانين و النظامات الموضوعة، و تبسط جناح الرأفة و الشفقة علي صنوف الأهالي، و أن ينال جميع تبعة سلطنتي السعادة و الحرية و بالصورة المتساوية و أن يكونوا مظهرا لنعم العدالة و الحقانية و أن تستكملوا الوسائل المهمة أيضا في تطبيق القوانين الموضوعة علي السواء من قبل عموم المأمورين في حق عامة المواطنين بكمال الحياد و أن تصرفوا و تبذلوا اقتداركم في استجلاب الدعوات الخيرية لطرفي الملوكي المستجمع للمجد و الشرف، و تسارعوا بالإشعار فيما يقتضي إنهاؤه إلي (بابنا العالي)
و ذلك تحريرا في اليوم الثالث عشر من شهر صفر سنة 1333 ه) اه.
و بعد قراءة الفرمان علي الأصول المعتادة يوم السبت 19 ربيع الآخر سنة 1333 ه- 7 آذار سنة 1915 م. أجريت مراسم التبريك.
و أعقب ذلك الوالي بخطاب ألقاه هذه ترجمته:
«أشكرك اللهم علي ما مننت به عليّ من تتويج طالعي بنصيب من كرمك إذ جعلتني ممن يسعه إيفاء الخدمة في مثل هذا الزمن المستثني المهم في هذه القطعة المباركة التي انطبع علي تربتها الطاهرة الخاطرات الإسلامية و العثمانية الحرية بالإعزاز جدا و يتلوه شكرا علي ما تفضل به
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 321
عليّ حضرة السلطان الأعظم حيث أعدني و مكنني من أداء هذه الخدمة المهمة.
أنا منذ زمن قديم خبير نوعا عارف بهذه الديار لأني كنت مأمورا علي البصرة قبل خمس سنوات و نصف و علي الموصل قبل سنة و نصف السنة و حينما جئت البصرة كان إذ ذاك الانقلاب العثماني جديدا عهد انفلاق و لذلك كان يوقد أنواع المشاعل و المصابيح في آفاقنا الملية و عندما أمّرت علي الموصل أتيتها و أعصابي ترتعش و ترتجف بالمصائب البلقانية و لما أخذت زمام الإدارة في ولايات العراق و أنا بين حسّين متضادين أي تضاد متجليين متعاندين أي عناد علي أني لم أنخدع و أغتر في الأولي للآمال و الخيال و لم أكن في الثانية مقهورا لليأس و الملال.
فالعدو الذي مدّ يد اعتدائه في هذا اليوم إلي بصرتنا التي أهداها و ضمّها حضرة عمر الفاروق رضي اللّه عنه إلي الإقليم الإسلامي هو في ذلك الوقت كان يجد و يجتهد علي الدوام بسعي خائف بحيث لا يكل و لا يمل و كنت أري إذ ذاك
أن غيوم الهواجس لم تزل تزداد كثافة دقيقة منذ عصر و نصف في تلك الآفاق و لا بد و أنها ستحدث في النهاية أعاصير و زوابع.
فها إن هاتيك الأعاصير و الزوابع حدثت و ثارت غير أن الصفحات الزائلة من هذه الحال لا يسعها أن تطرق باب اطمئناننا الأزلي بنوع من التزلزل ففي النتيجة سيري العالم طرا آمال أي الطرفين ستخيب.
فمن الواجب اللازم علينا أن لا نتشكي من الوقائع التي تسوقنا إلي مدافعة ديننا و وطننا بانتباه حقيقي بك نكون ممنونين بذلك فلو لم تحدث هذه الوقائع الأخيرة لأضعنا وقتنا و قوتنا و تركنا حياتنا فيما بين الاختلافات المذهبية و الغائلات و ها نحن اليوم قد تنبهنا من رقدتنا و استيقظنا من سباتنا و اجتمعنا مطمئني البال منشرحي الصدر مثل اجتماع
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 322
آل العبا تحت رداء الجهاد و الشفقة من نبينا صلي اللّه عليه و سلم و لا بد من أن نظفر بالعدو و نظهر عليه و نركز الهلال العثماني لا في البصرة فقط إذ هي مآلنا بل نركزها في الأقطار البعيدة و المواطن الشاسعة و لا تستطيع يد الوقائع أبدا أن تستخرج الراية العثمانية التي ركزت أو التي ستركز في المواقع من تلك الأقطار الإسلامية أقول مقالتي هذه و لست ببانيها علي ما تسوله الظنون أو تتوهمه المخيلات بل هي مبتنية علي المشهودات و المحققات، كيف لا و أنّا قبل أشهر معدودات كنّا نشاهد ما في خليج البصرة و في حوالي السواحل من الشقاق و النفاق ينشآن و ينموان علي التمادي بأيد خفية إلا أن الألواح التي لمعت عند انكشافها أمام بصائرنا في هذه الأيام أهدت إلينا عبرا وطدت بها الاطمئنان
في أفئدتنا هؤلاء شجعان الأتراك و أشاوسها قد جاؤوا مسرعين من شمالي أقسام الوطن يحثون السير ليدافعوا بدمائهم عن القسم الجنوبي منه تحت قيادة قائد شاب لا ندّ له متين منور الفكر يحتقر الحياة بحيث ترك أساطير الأبطال متحيرة بما يبديه من الشجاعة و البسالة و في جانب هذه الكتيبة المجسمة من الحمية من أبناء العرب و الأكراد الذين جمعهم الإخلاص و الإيمان و جادوا بأرواحهم منادين به الدولة والدين فدونك هذا قسم الفيلق الشريف السلطاني الزاحف إلي البصرة فيلزمنا أن نحيّي أولئك الأسود الضياغم في هذا اليوم بتحايا التبجيل و نلقي إليهم الشكر و التمجيد من مكاننا هذا.
و ها أن قلبي ما فاز بما أمله من الآمال النسبية قبل خمس سنوات و نصف في البصرة إلا أنه قد وجد نوعا من جوهر الانشراح في الموصل فإني لما حللتها كانت النوائب تدوي من جهة البلقان فتحدث إذ ذاك عكوسا و زلازل تستلب بها صموت تلك الآفاق المتوكلة و سكونها حيث إن بعض الأراذل و شرذمة من الأنذال العارين عن الوطنية الخالين عن الإيمان الألداء علي سكونة التربة التي ولدوا عليها و المحل الذي نشأوا
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 323
فيه كانوا يجهدون بأن يجعلوا تلك الأرض أيضا مخدعا للخيانة بيد أنهم غير مرتبطين بحسّ وطن من الأوطان و لا متحمسين بشعار قوم من الأقوام و مع ذلك فإنه قد خاب ظنهم و ظل سعيهم حيث إنهم ما وجدوا فسحة و لا انتهزوا فرصة لإفسادهم و إضلالهم في وجدان تلك الولاية المعصومة. لقد كانت دولتنا أعلنت التهيؤ لأسباب حقة جدا و مشروعة، و بعد ذلك بقليل أعلنت الحرب وها أن قلبي حتي الآن ممتلي ء شكرا و
يرتجف من صوت التلبية الصاعد من أعماق قلوب الموصليين إجابة للدعوة التي وقعت من قبل سلطاننا الأعظم للحضور.
فيا أبناء العراق النجباء:
لا يجهل أحد من العالم معرفة خلفائكم و سلاطينكم و ملوككم القدم الذين كانت الملوك و الحكام تمشي في مواكب احتشامهم و كل يعظم أولئك الرجال العظام و يبجلهم إذ كانوا يلقون بأشعة دينهم و يوجهون بمصابيح علومهم إلي جميع الجهات من الدنيا قريبها، و بعيدها فلنكن الآن جاعلين ذلك محتضنا في حجر توقير التاريخ و لنفكر فيما يتعاطونه اليوم من أبنائكم و إخوانكم و مصارعاتهم الموت في الحدود و الثغور و قفقاسية و بمقربة ترعة السويس و أطراف البصرة و لنفخر بذلك وحده.
و من العادات القديمة للولاة أنهم يأتون ببعض الخطب بعد تلاوة أمر نصبهم يذكرون فيه خطتهم التي يرمون انتهاجها و لكني لا يسعني إلا أن أتجرأ علي تعيين ما سأسلك به في معرض الحادثات من هذا المحشر الحاضر إذ نحن الآن مصارعون و مجادلون مع عدوّنا الألد لديننا و عرقنا نريد أن نحفظ بذلك موجودية ديننا و نصون ملتنا عن التعرض منه فإذا انتصرنا في النتيجة (و ذلك حاصل إن شاء اللّه و لا بد منه) فكل من يوجد في مقام الولاية حينئذ سيسعي في ما يحتاج هذا القطر الفياض و الإقليم
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 324
المهمل من العمران و الرفاه وها إني أتمني التوفيق عموما و خصوصا.
و بقيت لي كلمة أخري أني كنت بدأت بخطابي هذا بعبارة أتيت بها جامعا بين الإسلامية و العثمانية في هذه الأسطر نعم: أن العثمانية كما كانت في الماضي و الحال فهي في المستقبل أيضا قوامها و قدرتها بالإسلامية و لو لم تكن كذلك
لانمحت و العياذ باللّه و مع ذلك يجب علينا أن نعترف بالإنصاف و نقول أن الذي حمل عرش إجلال الإسلامية علي كتف حمايته منذ ستمائة سنة هو الدولة العثمانية و لو لم تكن هذه الدولة لبقيت الإسلامية يتيمة فيما بين البشر فلندع المولي تعالي بتعالي شأنهما و لنعمل بالجد و الاجتهاد.» ا ه.
و هذه الخطبة تعين الحالة الحربية، و ما يكابده المسلمون و الأقوام الشرقية من ألم و حرب و ويلات، كانوا هم المقصودين من إثارتها.
و لكن اللّه تعالي لم يشأ أن يهلك الإسلام، و لا أن يذله تجاه الظلم و القسوة. خرجت الدولة العثمانية مخذولة و لكنها استعادت نشاطها بعد مدة يسيرة، و حافظت علي استقلالها، و لا تزال الأمم تجادل عن نفسها.
و سليمان نظيف بك من الأدباء الأفاضل و الكتاب المشاهير، و أصحاب الإدارة الفائقة و العلم الجمّ، و البصيرة بالأمور، و يعد معتدلا في أوضاعه، و لم نشاهد منه معاكسة لرغبات الأهلين، و لكن الاستفادة منه كانت قليلة من جراء حالة الحرب، و الأوضاع الرديئة الناجمة منها.
لم يعلم عنه سوء إدارة، و لا ما شوهد من الولاة الآخرين. و للأسف جاء إلي العراق بل إلي بغداد في وقت عصيب. و يعين حبّه للعراق ما كتبه من آثار بعد ذلك، و من ثم يفهم ما كان يضمره من نوايا طيبة، و ما يتألم به من فراق.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 325
و هذا الوالي ابن سعيد باشا الديار بكري، و كان كتب الدكتور عبد اللّه جودت بك في جريدة (ترجمان حقيقت) أنه كردي الأصل، فأجابه سليمان نظيف بك بأنه من الترك و ليس هناك ما يبعده عنهم في حسّه و فكرته و
يريد أنه غير مانع أن يكون متأثرا بالترك فيما أبدي. و هذا لا يخل بعنصريته. و لذا لم ينكرها. و الذي أعلمه أن أمه يزيدية، و أعاد إليهم (طاووس ملك).
و من مؤلفاته:
1- (فراق عراق). أثر أدبي بليغ.
2- (چالنمش أولكه). في الأراضي السنية المسماة أخيرا ب (الأملاك المدورة).
3- (ناصر الدين شاه و بابيلر).
4- (بطاريه ايله آتش): من مؤلفاته بعد الحرب. و فيه وقائع مهمة عن العراق و الحرب العظمي. طبع باستنبول في المطبعة العامرة سنة 1335 ه و فيه بحث خاص ب (محمد فاضل باشا الداغستاني) و انقلاب الروس و مباحث أخري عديدة.
و كل هذه مما يخص العراق، و يوضح أوضاعه، و يبين الصالح من أموره. فهو شاعر بالعراق و ملتفت إليه، و منتبه إلي أحواله. و نعته صاحب (الزهور) بأنه مشتهر بالإقدام، و الجد في الأعمال.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 326
ليس للناس إلا حديث الحروب و نتائجها و انتهائها فلا يؤمل أن يقوم الوالي بأعمال مدنية، فكان همّ الوالي مصروفا لخدمة الجيش، و تسهيل وسائطه و جمع الإعانات للهلال الأحمر و ما شابه. فلم يظهر له عمل مدني، بل و لا يتصور أن يظهر مثل ذلك.
و من أهم الحوادث التي جلبت الانتباه في بغداد:
1- إعدام يامين بن يعقوب من محلة قنبر علي لفراره من رأس قطعته، و أجري هذا الأمر للتأديب، و لكثرة ما كان يقع من قضايا الفرار من الجيش. و شاهدت عيانا الحادث و أن الحضيرة التي ضربته لم تضربه في محل قاتل فعوقبت من جراء ذلك بالرياضة فكادت تهلك مما أصابها.
2- إعدام أشخاص صلبا في رأس القرية لثبوت التجسس في حقهم و هم: شكوري التاجر، و عزيز شماس جرجيس،
و سليم شماس جرجيس، في الموصل و هؤلاء من أهل ماردين، و كامل عبد المسيح.
3- أوسمة. أنعم بها السلطان علي:
(1) السيد حسن الكليدار في النجف.
(2) السيد جعفر عطيفة. في الكاظمية.
(3) فالح و عبد الكريم و حاتم أولاد صيهود المنشد الخليفة.
(4) زبون اليسر الفيصل الخليفة.
و هؤلاء رؤساء البو محمد.
(5) الشيخ غضبان الخلف الغصيبة، رئيس عشيرة العزة أنعم عليه بمدالية الافتخار.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 327
4- أنعم علي الوالي سليمان نظيف بك بمدالية اللياقة الذهبية بناء علي ما قام به من خدمات منذ ولي الموصل، و ما عرف به من الأيادي المنيفة في حب الوطن، و التفادي في سبيل خدمته، أو قل مساعداته للجيش بجمع الإعانات، و عرف بالعفة و الاستقامة.
كانت خطط القائد سليمان عسكري مصروفة إلي قهر الإنكليز و إخراجهم من العراق، و من تدابيره في ذلك أنه جعل قوة صغيرة جدا أمامه في ساحل دجلة للأشغال فقط، و تثبيت العدو في محله وراعي عين الطريقة في أنحاء كارون للتهديد من المحمرة، و أن يشغل قوة كبيرة هناك فيوزع قدرته، و يتعرض بقواه الكبيرة في البصرة من جهة الفرات أو بالتعبير الأولي من أطراف (الشعيبة).
و هذه الواقعة كان الخطر فيها ناجما من الهجوم، و لم تلتزم الدفاع، فنكبت نكبة مرة، و حادثها صار مؤلما جدا.
كانت هذه تصاميمه أو خططه الحربية، و من ثم تعرض الإنكليز به في 20 كانون الثاني سنة 1915 م في استقامة (الروطة)، فدفع كشفهم التعرضي، ثم حاول تنفيذ خطته المذكورة، و في هذه المصادمة العنيفة جرح سليمان عسكري بك القائد في رجله، فعاد إلي بغداد للتداوي، و منها صار يدير أمر الحركات العسكرية لضرورة اقتضت ذلك. و هو في
المستشفي علي فراش المرض.
و في بادي ء الأمر جعل فوجين و مدفعين، ثم قواهما في جبهة الحويزة و هي الجبهة اليسري، و في 3 آذار سنة 1915 م جرت معركة من الإنكليز أمام ناصرية العجم (الأهواز)، فحصلت القوة العثمانية انتصارا نوعا، إلا أنها بقيت في محلها و لم تتمكن أن تتقدم خطوة واحدة.
و استولت علي مدفع بين النهرين.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 328
و في دجلة في القلب (مركز فولي) أي رتل المركز كانت تهاجم القوة القرنة بين آونة و أخري فكانت تنوي تعجيز الخصم و إزعاجه، فوقفته عند حده. و أما الميمنة فكان سواد العشائر فيها كثيرا جدا، و هم من المتطوعة، و هناك الخطة للحركات الأصلية و تحوي نحو عشرة آلاف جندي منتظم، و مثله من العشائر، و هذه طالت مدة انتظارها إلا أن استحضاراتها كانت ناقصة، و لم تكن متأهبة تماما، و تعوزها المادة، فتقدمت في 13 نيسان سنة 1915 م نحو الشعيبة، و دامت المحاربات نهارين و ليلتين، و من ثم ظهر ضعف هذه القوة و عدم استطاعتها علي التقدم، فرجعت منهزمة بخيبة.
و كان هذا القائد راكبا عربة، و لا يزال مضطربا من جرحه و ينتقل من مكان إلي آخر فيسوق الجيش و يديره، و لكنه بعد أن رأي الجيش موليا الأدبار انتحر في 14 نيسان سنة 1915 م فطوي خبره.
و من ثم خاب ما كان يأمل من العشائر و سوادها من جهة، و من أخري كان الأولي به أن يدرك حقيقة قوته، و قوة عدوه فيتخذ التدابير للدفاع لا للهجوم، و أن تتداخله خيالات فيفكر بعد الانتصار كيف يصل إلي الهند هل يسير من طريق إيران- الأفغان أو من البحر؟!
نال رتبة مير ميران (أمير لواء) مكافأة لخدماته المشهورة و أفعاله الوطنية المبرورة. و هو رئيس عشائر المنتفق و اشتهر أكثر في هذه الأيام.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 329
1- الأستاذ جميل صدقي الزهاوي.
2- توفيق بك الخالدي.
3- نوري بك البغدادي. رئيس تحرير القسم التركي من جريدة الزهور.
4- شوكت باشا والد فخامة الأستاذ ناجي شوكت. و الأساتذة عبد المجيد الشاوي، و معروف الرصافي ذهبوا إلي استنبول الواحد بعد الآخر.
إن الوالي سليمان نظيف بك لم يستطع أن يقوم بأعمال إدارية ملكية و السلطة للجيش، و الوضع حربي و الكلمة فيه لقواد الجيش، فكان من الضروري توحيد السلطتين العسكرية و الملكية، و من ثم أودعت القيادة العامة في العراق، و ولاية بغداد أيضا إلي (نور الدين بك)، و فارق (سليمان نظيف بك) بغداد يوم الأربعاء 24 شعبان سنة 1333 ه (6 تموز سنة 1915 م) و كان عزله في 17 شعبان سنة 1333 ه ذهب متوجها نحو استنبول و كان في توديعه في المحل المعروف ب (المسعودي) كل من وكيل الوالي و القائد يوسف ضياء بك، و الفريق الأول محمد فاضل باشا الداغستاني، و الأعيان و الأشراف. و توفي في آذار سنة 1927 م و جاءت ترجمة حياته في مجلة (سويملي آي) و فيها تصاويره.
أما نور الدين بك فهو الميرالاي ابن المشير إبراهيم باشا والي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 330
طرابلس و قائدها. و بقي في استنبول أكثر من سنة قائد فرقة في (أدرنة)، ثم عين لولاية بغداد، و قيادة عموم الجبهات العراقية.
هذا و كان معاون الوالي شفيق بك، و لما كانت الوقائع الحربية تبلغ بواسطة الجرائد المحلية فلا تعين الحوادث الحقيقية، فمن الضروري الرجوع إلي الآثار التي برزت بعد انتهاء الحرب.
جعلت وكالة القيادة إلي المقدم علي بك و بقي فيها حتي ورود القائد نور الدين بك بغداد فجاء بعد أمد قصير.
سعرت الحكومة الوقية من السكر ب (5، 4) قروش و الكبريت كل دستة (12 عددا) بقرش و نصف و كل صندوق من النفط في 36 قرشا و وقية البن في ثلاثين قرشا إلي آخر ما هناك..
في الساعة الثالثة من نهار السبت سلخ رجب احترق خان العوينة الموضوع فيه النفط و استمر ثلاثة أيام فصارت الصفائح نهبا بين الأهلين.
كانت روسية عينت لهم قنا أي أميرا و أبدوا العداء فنكل بهم الجيش تنكيلا مرّا، و استشهد من العشائر 16 و جرح 80 شخصا، و النسطوريون التجأوا إلي روسية إلي محل يقال له (جولمرك)، و كانت هذه الطائفة ابتدأت بتخريب القري الإسلامية.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 331
من أيام سليمان عسكري بك و انتحاره في 14 نيسان سنة 1915 م توغل الإنكليز في العراق لحد أنهم استولوا علي العمارة و الناصرية، و كان آخر ما استولوا عليه الكوت في 28 أيلول سنة 1915 م، و داهم الخطر العثمانيين من جراء هذا التوغل و الحروب العثمانية كانت تطحن الإنكليز حتي في حالة الهزيمة مما لم يعهد له مثيل في جيش.
نعم أضاعت القيادة العامة في العراق الكوت، و اضطرت إلي الرجوع إلي (سلمان بك)، و بناء علي الأمر الصادر كانت هذه الرجعة لمسافة طويلة تبلغ 150 كيلو مترا في حين أن هناك مواقع تصلح للتحصن، و تعد حربية، و ترجح علي ما اختارته القيادة. و لعل السبب أن العدو- كما يفهم من حروبه- لا يجتاز بسرعة، و لم تكن حروبه خاطفة، و كان يراعي التدابير القطعية، فلا يجازف و لا يخاطر. و مثل هذا البعد يحتاج إلي زمان لتنظيم أمره و حذر من القبائل و بسط سياسة حكيمة كما أن الجيش التركي لا يلجأ إلي محل قريب مثل البغيلة و العزيزية من جهة أنه لا يستطيع تحكيمها في مدة قليلة خصوصا أن قوة العزم في الجيش ضعيفة لما تناوبته من مصائب و نكبات حتي صار يخشي من الإنكليز و قصفهم الذي لا يطاق. فمن المحتمل أنه لو اتخذ المواقع المذكورة لخذل. و من أهم ما
هنالك أن تموين الجيش بالإعاشة و المواد الحربية يسهل له مهمة الدفاع، و يناضل أكثر..!
و علي كل حال اختارت القيادة العراقية هذا المحل علي خلاف رضي القيادة العامة للدولة التركية. نظرا لقربه من بغداد و سهولة تموينه.
و جاء من قائد العراق العام نور الدين بك بيان إلي الولاية في 31 أيلول سنة 1915 م (22 ذي القعدة سنة 1333 ه) مصدرا من بيت عدّاي (بيت عدّاي الجريان) يفيد أن الانسحاب من الكوت إلي غيره لم
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 332
يكن نتيجة مغلوبية، و إنما كان للاستفادة من الوضع العام، فهو تدبير متخذ، و وسيلة لعرقلة أوضاع العدو و جعلها عقيمة، و للّه الحمد ليس هناك ما يوجب التشويش، و ليفهم الأهلون أن لا موجب للاضطراب، و إنما يدعون للسكينة و العزم و الصلابة الدينية. بلغوا الأهلين ذلك، و النصر- إن شاء اللّه- للإسلام.
من أشهر الوقائع المشرفة للدولة العثمانية، و لم تربح حربا، و لا انتصرت في معركة، و لكنها عرفت عدوها بمكانتها الحربية حتي في حالة هزيمتها و انكسارها. و في هذه المعركة حطمت الجيش الإنكليزي و بعثرته بحيث عاد لا يلوي علي شي ء، و صار في خطر كبير، بل في ريب من أمره في حين أنه كان يظن أنه منتصر قطعا علي العراق في كافة حروبه، فأصابته هذه الضربة القاسية، و لم يقف إلا في الكوت، و كادت هذه النكبة تجعلهم في ريب من البقاء، فلم يستطيعوا الهرب إلي ما وراء ذلك، فتحصنوا في الكوت..
إن العدو بعد أن استولي علي الكوت في حملته الأولي مضي إلي العزيزية في طريقه فتمكن من أخذها بعد أربعة أيام أو خمسة فمكث من 3 تشرين
الأول إلي 21 تشرين الثاني سنة 1915 م أي 49 يوما لأسباب سياسية و عسكرية، و أوصي القائد (طاونسند) بلزوم البقاء و التأخر، بل منع رسميا في 5 تشرين الأول سنة 1915 م بأن لا يتحرك نحو بغداد، و لكن آمال افتتاحها لا تزال حية إلا أنها مملوءة بالتردد و الحذر، و أن المشاورة بين رجال الجيش و السياسة بهذه المكانة.
تحرك الإنكليز في 11 تشرين الثاني سنة 1915 م نحو سلمان باك و اشتبكت المعركة في 22 منه، و هذا التأخر كان ناجما من قلة الوسائط
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 333
أو أنها غير كافية نظرا لانخفاض ماء دجلة إلي حد كبير، فحدثت مشاكل مما أدي إلي أن تتقوي ناحية الدفاع التركي و تأتي قوي جديدة.
و الملحوظ أنهم في حروبهم هذه اعتبارا من الشعيبة صاروا مدافعين، و ذهبت آمال الهجوم منهم. و بهذا لم يتعرضوا للخطر، و لكنهم اكتسبوا انتظاما و اقتبسوا من الإنكليز ما كان أساسا للدفاع و الهجوم.. و كانت التحكيمات قوية لحد أن القائد (طاونسند) كان يعتقد أن الجيش صار بإدارة الألمان فاكتسب هذا النجاح في حين أنه لم يكن من الألمان من تدخل في الحرب و في سوق الجيش.
و في كتاب (طاونسند) تفصيل لقوة الإنكليز كما أن (كتاب حرب سلمان باك) للعقيد الركن محمد أمين بك تفصيل لقوة الجيش العثماني.
و من رأيه الانسحاب إلي سلمان باك دون توقف في المواقع الأخري.
و مهما يكن فقد ابتدأ الإنكليز في التعرض، و اكتسبت الحرب شكل ميدان في 22 تشرين الثاني سنة 1915 م، و دامت أربعة أيام بما لم يسبق لها مثيل و كأن هذه الحرب جهنم متحركة، فكان هولها عظيما.
و هلكت فيها
نفوس كثيرة من الطرفين. و تزلزلت الأقدام، و اضطربت حالة الجيشين المتحاربين، و صار يظن كل قائد في جيشه الظنون. بل اعتقد كل واحد أن جيشه خسر المعركة، و وجب أن ينسحب فأعطي أوامره بالانسحاب.
إن الجيش العثماني أمر بالرجوع و الانسحاب و بعد 12 ساعة علم أن عدوّه رجع، و من ثم عاد إلي مواقعه، و لم يكن يعلم عن وضع الإنكليز شيئا، ظنوا أن قد وصل إلي الجيش مدد، فأمروا بالرجعة فانهزم جيشهم هزيمة فاحشة، و بذلك لم يحصل علي النتائج التي كان يتطلبها، بل حصلت واقعة (الدلابحة) و (أم الطبول) و ما تلاها، فلم ير له ملجأ إلا أن يعود إلي (كوت الإمارة) فيتحاصر بها، و قامت عليه العشائر من كل صوب، و دمرته من كل جانب. و بقي محاصرا.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 334
و بهذا حصل الترك أول انتصار علي الإنكليز. و لكن هذا الانتصار كاد يعود بالخيبة علي الجيش، لو لا أن (فون در غولچ باشا) أدركهم و منع من تضييق الحصار، و أن يكونوا بعيدين عن مدي الطلقات و المرمي. و أن يقوموا بضربه كلما حاول الخروج. و جاءت جيوش إنكليزية للإنقاذ و حاولت فك الحصار فلم تفلح، و كبدت خسائر عظيمة.
و الترك لازموا الدفاع كعادتهم..
1- حكم بالإعدام:
(1) علي خضير بن عباس و أربعة من رفقائه في 15 شوال سنة 1333 ه.
(2) علي عبد بن كاظم من عشيرة بني طرف. للتجسس.
(3) في 18 شوال علي سلمان بن حسين العاني لفراره.
(4) في 1 ذي القعدة علي علوان بن حسين لفراره.
(5) في 12 منه علي عبو بن منصور النصراني من محلة السراجخانة في الموصل.
(6) في 15 ذي الحجة علي
الشقي مطلك بن خلف البكر.
(7) في 21 ذي الحجة علي محمد بن مهدي من الكاظمية من محلة الباغات.
2- وردت الطائرات الإنكليزية:
(1) في 27 ذي القعدة سنة 1333 ه يوم الأربعاء لأول مرة في الساعة 10 أذانية و الدقيقة 15.
(2) في 8 ذي الحجة سنة 1333 ه يوم الأحد الساعة 4 و الدقيقة 40.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 335
(3) في 23 منه يوم الاثنين الساعة 7 و الدقيقة 45.
(4) في 27 منه صباح الجمعة الساعة 3 و الدقيقة 15.
(5) في 30 منه يوم الاثنين الساعة 6.
3- في 1 ذي الحجة سنة 1333 ه يوم الأحد مساء ألقي القبض علي الأستاذ عبد اللطيف چلبي ثنيان، و يوم الثلاثاء الساعة الرابعة أبعد إلي الموصل بقصد أن ينفي إلي (درسم) من ملحقات معمورة العزيز.
و في 1 جمادي الثانية سنة 1334 ه أعيد إلي بغداد، لصدور العفو بحقه.
4- في 21 ذي الحجة أجريت مهرجانات، و لهجت الجرائد بدخول الدولة الحرب، و مرور سنة علي ذلك لما أبرزته في خلال المدة من تفاد و عمل جليل. و يصادف 17 تشرين الأول سنة 1331.
5- قبض في 21 ذي الحجة ليلة الأحد علي يوسف في قلم النافعة و علي أخيه المحامي فرج أوفي و جبوري كسبرخان التاجر و سيقوا إلي الإدارة العرفية، و في 24 ذي الحجة في الساعة 5، 11 غروبية مساء قبض علي النصراني كاتب المخصصات في المحاسبة.
6- في 25 ذي الحجة أبعد إلي الموصل عبد الجبار غلام و الأستاذ إبراهيم أحمد صالح شكر و الأستاذ إبراهيم حلمي العمر و شلال ابن حاجي حبيب الأفغاني، و ميخائيل ياغچي و أخوه يوسف و عبد الأحد صاحب الأوتيل و حسقيل طويق،
و إبراهيم حييم و سلمان عنبر، و عزرا سحيق و أخوه و آخرون بلغوا 65 شخصا لينفوا إلي (درسم)، فذهبوا إلي الموصل. ثم صدر العفو عنهم فعادوا إلي بغداد في 6 جمادي الأولي سنة 1334 ه يوم الجمعة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 336
ليلة الاثنين في الساعة السابعة و النصف غروبية في غرة ربيع الآخر سنة 1333 ه و كان ولد سنة 1267 ه. و قبره في الجرة التي يسكنها إمام الشافعية. مات بلا عقب و هو عم فخامة الأستاذ رشيد عالي الگيلاني.
و دفن في تكية عرب مع أبيه و أمه. و هو ابن الحاج عبد القادر الأفغاني قال ابن حموشي و يلقب (آخون زاده) و كان احيل إلي التقاعد في شعبان سنة 1331 ه في تموز سنة 1329 رومية و صار مكانه أحد كتبة الأوقاف عبد العزيز غدارة (سمي باسم والدته) و بعد سنة في تموز أيضا من سنة 1330 رومية عزل و صار مكانه السيد محمد رشيد آل السيد مراد الگيلاني (هو فخامة الأستاذ رشيد عالي).
و كان دخل قلم الأوقاف سنة 1302 رومية. فبلغت خدماته 27 سنة و لما أحيل للتقاعد كان مدير الأوقاف أحمد خيري. و كان للمتوفي خزانة كتب عظيمة لا ندري أين ذهبت فلم يعرف لها عين و لا أثر.
القائد العام للجبهة العراقية، نال و سام الحرب الذهبي لما توج به من مظفريات. و إثر ذلك وقع فصله. و هذا القائد ابن المشير إبراهيم باشا والي طرابلس الغرب و قائدها، ولد في (بروسه) سنة 1291 ه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 337
و تخرج من المدرسة الحربية ملازما ثانيا، ثم دخل دائرة الفيلق الأول، و في 1313 ه صار مرافقا لعثمان باشا الغازي مشير المابين الهمايوني، فذهب إلي سلانيك، و عاد إلي استنبول، فدخل ضمن مرافقي السلطان.
و بعد إعلان المشروطية كان قائممقاما في (مقري كوي)، ثم صار قائد كردوس في (قرق كليسا)، ثم ذهب بكردوسه إلي اليمن، و هناك تولي قيادة الفرقة فقضي أكثر من سنتين في مواقع مختلفة منها. و لما عاد إلي استنبول و بقي فيها مدة أكثر من سنة قائد فرقة في (أدرنة) ثم عيّن لولاية بغداد و قيادة عموم الجبهات العراقية.
فون در غولچ باشا تعين لقيادة الجيش السادس، و أجريت له المراسم لاستقباله ورد بغداد سلخ المحرم سنة 1334 ه، و ممن استقبله وكيل الوالي شفيق بك، و قائد الفيلق يوسف ضيا بك. ثم أجري له احتفال، و خطب في القوم و جاء طلاب المدارس، و حضروا المراسم.
و كان مشتهرا معروفا بعلمه و قدرته الحربية و كان له الأثر الكبير في الأوساط العلمية و العسكرية.
جاء في صدي الإسلام:
«شرف حاضرتنا في المحطة بطريق السكة و استقبله أركان الملكية و العسكرية. و كانت إصلاحاته في الجيش العثماني كبيرة.. فأدخل التنسيق في المدرسة الحربية، و كان عاملا مهما في تنظيم الجيش.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 338
و كانت إدارته رشيدة، و جاء مندوبا عسكريا من قبل القيصر حينما تبادل سلطاننا معه
الوداد..
ولد الجنرال فيلد مارشال قرابه فون در غولچ باشا في 12 آب سنة 1843 م و هو الآن في 72 من العمر، نشأ ضابطا بعد تخرجه من المدرسة الحربية و دخل حروبا منها حرب السبعين و في سنة 1883 م دخل في خدمة الدولة العثمانية بصفة مفتش للمكاتب العسكرية.
و لما توفي (فون كه هله ر) باشا رئيس أركان حربيتنا الثاني أضيف إلي وظيفة الرئاسة الثانية سنة 1886 م، فنظم التجنيد، فأجاد العمل 10 سنوات عاد إلي خدمة بروسية العسكرية سنة 1896 م و تولي منصب قيادة الفرقة الخامسة، و هكذا تقلد مناصب عديدة حتي حصل علي رتبة (فلد مارشال). و في 23 آب سنة 1914 م صار واليا عاما علي بلچيكا، ثم في تشرين الثاني من السنة الماضية تعين إلي المعية الملوكية بصفته مندوبا عسكريا فوق العادة.
و له من الآثار العسكرية (كتاب الملة المسلحة)، و (كتاب وظائف الأركان الحربية)، و (وظائف الأركان الحربية العملية)، و (مخطرة للضباط في الحضر و السفر)، و (كتاب الخدمة السفرية)، و (تاريخ محاربات القلاع) و غيرها التي ألفها باسم الجيش العثماني، و أهداها تذكارا للمدرسة الحربية.
ثم إنه تقديرا لخدماته أمر القيصر أن تسمي المدينة التي ولد فيها
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 339
باسمه و هي مدينة (أولينغ يلكه ن) الملحقة بمتصرفية (لابيه ن) الألمانية مسقط رأسه.
في 5 كانون الأول سنة 1915 م- 27 المحرم سنة 1334 ه وصل إلي بغداد مساء الساعة 1 و الدقيقة 15 جملة أسري من الإنكليز، و بلغوا 8 ضباط و 520 أسيرا، و الناس بين مصدق و مكذب لكثرة ما أشيع من الأخبار، و توالت هزائمهم، و جاءت البشائر بانتصارات في (چناق قلعة)
و هكذا ضيق الجيش الحصار علي الإنكليز في الكوت، و عاقوا كل تقدم لتخليصهم من الحصار. و في 29 المحرم سنة 1334 ه و 7 كانون الأول سنة 1915 م وصل أسيران أيضا. و في 1 صف سنة 1334 ه- 9 كانون الأول سنة 1915 م وصل أسيران أيضا. و في 1 صف سنة 1334 ه- 9 كانون الأول سنة 1915 م وصل ظابطان من الإنكليز و 14 أسيرا آخر، و في 6 صفر سنة 1334 ه يوم الثلاثاء وصل 32 أسيرا مع مركب (فاير كلاس) الذي سمي ب (سلمان باشا). و كان المركب يحمل 9 مدافع و رشاشات. و بروجكتور (كشاف) و في 7 صفر سنة 1334 ه وصل نحو ستمائة أسير في الساعة الخامسة من يوم الأربعاء و مركب يعرف بأبي السلة و سمي (سلمان باك)، و عمر في 17 صفر سنة 1334 ه و في 22 منه ذهب لخط الحرب.
في يوم الاثنين 12 صفر سنة 1334 ه جاءت بغداد بواسطة مركب بغداد من كوت الإمارة مفرزة من المقر العام لصد الجيوش الروسية و الإنكليزية من ناحية الحدود الإيرانية فحلّت في بستان أم البير في محلة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 340
باب الشيخ و منهم نزلوا غرف حضرة الشيخ. و هي ثلاثة أفواج و 4 مدافع متراليوز (رشاش).
ذهب في 22 صفر سنة 1334 ه إلي كرمانشاه و عاد في 23 منه لتفتيش الوضع الحربي. و في 4 ربيع الأول ذهب إلي الجبهة راكبا مركب برهانية في كوت الإمارة. و هذه هي المرة الثانية التي ذهب بها إلي ساحة القتال. و منها كتب إلي الفريق محمد فاضل باشا الداغستاني يشكره فيه علي ما قام به من خدمات و بسالة فائقة و شهامة. و فيه من المدح و الإطراء ما لا مزيد عليه. و هذا الكتاب مؤرخ 7 كانون الثاني سنة 1916 م. و عنوانه (غولچ مرافق السلطان و قائد الفيلق السادس). رأيته لدي نجله غازي باشا أمير اللواء الركن.
هو شفيق بك. نال مدالية الحرب لما بذل من همة في جمع الإعانات و تسهيل مهمة الجيش في تموينه و ما شابه.
ولي بغداد الزعيم خليل بك، و كذا قيادة الجبهة في 6 ربيع الأول سنة 1334 ه الموافق 12 كانون الثاني سنة 1916 م و كان خليل بك قائد الفيلق الثامن عشر و ذلك أن القائد السابق أراد الانسحاب إلي سلمان باك فنجح في مسعاه، و لكنه لم يرق للقيادة العامة إبقاؤه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 341
و مما قاله عبد الرحمن إبراهيم المصري في خليل بك:
يا قائدا جيش العراق لك الثنا و الحمد و الشكران و الإطراء
بك لا بغيرك نسترد بلادنا و بسيف عزمك تمحق الأعداء
فإليك فأل الخير أنشد قائلا ولديه بالعام الجديد وفاء
(يأتي الخليل علي يديه مؤكدا) أرخ تعود البصرة الفيحاء
سنة 1334 ه
. و هو رئيس عشيرة باجلان و بوفاته آلت الرئاسة إلي أخيه عبد اللّه بك و بوفاته آلت الرئاسة إلي شوكت بك ابن عبد اللّه بك.
بناء علي الأمر البرقي من المشيخة الجليلة بسبب تجاوزه الحد النظامي.
فجرت معركة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 342
دامية في الفلاحية و أخذت منهم غنائم وافرة. و رجعوا، و قتل الكثير.
و العثمانيون اعتادوا أن لا يتحركوا من مكانهم، و أن يلازموا خطوط الحرب لا يفارقونها.
أو كما نقول (سدة الهندية).
و تجاوز حده يوم الاثنين 13 منه فأحاط الماء ببغداد من جميع الجوانب، و دخل الماء إدارة الأملاك الأميرية و في 14 منه حدثت كسرات في الرستمية، و في الكريعات و في اليوم التالي أحاط ببغداد الماء من كل الجوانب و حدثت ما يسمي ب (الدفرة).
إن هذا المشير كانت له مزايا عسكرية، و كان معلما فاضلا، ثم صار مرافق السلطان الخاص، و من هنا ولي قيادة الفيلق السادس فجاء بغداد و إن فيلقه في الفلاحية دمر جيش الإنكليز و في 19 نيسان سنة 1916 م، (16 جمادي الثانية سنة 1334 ه) توفي بمرض التيفوس و دام مرضه عشرة أيام. و في 21 نيسان جري الاحتفال بصورة مهيبة. و دفن في المحل المسمي بالسن بصورة أمانة و مؤقتا، و بعد عشرين يوما من وفاته نقل نعشه إلي محل دفنه في الباب الشرقي.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 343
في 28 رجب سنة 1334 ه سلم جيش الإنكليز المحصور في كوت الإمارة بعد أن حاولوا التخلص مرارا، أو إنقاذهم من جيوش إنكليزية عديدة، فاضطروا بعد أن فاوضوا في تأدية مبالغ، فلم يوافق القائد العثماني.
سلّم طاونسند و معه خمسة جنرالية، و 277 ضابطا انكليزيا و 274 ضابطا هنديا و 13300 جندي.
و جرت الاحتفالات في هذه الموفقية في برلين و في سائر الممالك المتفقة و أجريت مظاهرات في النمسة و لهجت الجرائد في الانتصار الباهر.
و إن السلطان بلغ سلامه و قدم التبريك للجيش، و قرأ الفاتحة للشهداء و ترحم عليهم، و ذلك علي أثر وصوله الخبر. و قدم إمبراطور (النمسة و المجر) و سام الصليب الحديدي إلي خليل باشا مع مدالية الحرب من الرتبة الأولي.
في هذه السنة حلقت فوق بغداد طائرات الإنكليز:
1- في 3 المحرم سنة 1334 ه الخميس وقت الظهر وردت طائرتان في آن واحد.
2- في 4 المحرم سنة 1334 ه الجمعة قبيل الظهر.
3- في 5 منه يوم السبت الساعة 6 و الدقيقة 40.
وصل إلي بغداد وكيل رئيس القيادة العامة و ناظر الحربية أنور باشا
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 344
بقطار خاص في 17 رجب سنة 1334 ه و في 19 مايس سنة 1916 فأجريت له المراسم. وصلي الجمعة في حضرة الشيخ عبد القادر الگيلاني، و أهدي لجامعه مصحفا غلافه ذهب مرصع بالجواهر، و الدرة اليتيمة.. و كذا للأعظمية و الكاظمية و قدم لكل منهما مصحفا بعد أن زارهما..
ثم زار جبهات الحرب، و في 25 مايس سنة 1916 م و 23 رجب سنة 1334 ه عاد و كانت مدة بقائه خمسة أيام أو ستة أيام، و قدم مائة ليرة للمراقد التي زارها لتصرف علي الفقراء، و كان لوروده وقع كبير في نفوس الأهلين.
كتب أنور باشا وكيل القائد العام إلي الفريق محمد فاضل باشا يشعر بتعيينه قائدا علي جيش العشائر و أن يقوم بمهمته و يذهب إلي محل عمله. و رأيت هذا الكتاب لدي نجله غازي باشا.
بعد طلوع الشمس نهار الجمعة السادس عشر من شهر ربيع الأول سنة 1334 ه الموافق 22 كانون الثاني سنة 1916 م سقط الثلج في بغداد و استمر نحو أربع ساعات. و في مجموعة الأستاذ محمد درويش:
هب الهواء من الشمال الغربي فتساقط الوفر و ارتفع نحو شبر، و في بعض المواطن لم يذب في خلال 40 ساعة. و ذلك في يوم الجمعة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 345
15 ربيع الأول سنة 1334 ه و 21 كانون الثاني سنة 1916 م.
فتحت بعرض 16 مترا و في مدة وجيزة، و تبتدي ء من الدباغخانة العسكرية، إلي باب الأعظمية، و جري افتتاحها يوم عيد إعلان الدستور 23 تموز سنة 1916 م و في 22 شهر رمضان سنة 1334 ه.
و الملحوظ أنه كتب لوح بالكاشي و بني في الجدار المطل علي الشارع من جامع السيد سلطان علي و بعد احتلال بغداد أزيل، و سمي الشارع ب (شارع الرشيد).
و في 23 المحرم أعدم كل من منشي حسقيل و سلمان عبد اللّه كچرو لفرارهم من فوج العملة (فوج الشغل) و في 22 صفر أعدم داود ساسون و عبد اللّه قطان لهروبهما من سرية الخيالة.
و هو (التيفوس) أي الحمي النمشية فأمرت الحكومة موظفيها أي يلقحوا.
فعملت الولاية غيره و بسعته و كلفها مبلغ 3500 ليرة و نصب فأجريت مراسم الاحتفال و بدأ العبور عليه في 15 ربيع الأول سنة 1334 ه (21 كانون الثاني سنة 1916 م).
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 346
و بموجبه تعتبر الليرة 100 قرش و المجيدي 20 قرشا و أقسامه قرشان و قرش فشرع الناس بتداولها.
فاستقبله الأمراء و الأركان و الأعيان و طلاب المدارس و الجيش و الشرطة.
و صار يعد من أعياد الأمة العربية يحتفل به في كل عام.
توفي في 12 المحرم سنة 1334 ه فخلفه ابنه جابر الثاني.
توفي في 11 صفر سنة 1334 ه و كان من أنصار الخير و الإحسان، و من الرجال المعروفين بالتقوي و الصلاح.
و هو في دائرة النفوس الموظف فيها أصابه ابن أمين أفندي أحد رفقائه في الدائرة، و كان يلعب به فثار و أصاب محمد بك في بطنه. توفي في الساعة التاسعة من ليلته و دفن في مقبرة الشيخ عبد القادر الگيلاني، و كان أخوه
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 347
يوسف بك من الضباط استشهد في أطراف الجعارة (ناحية الحيرة) و كلاهما من أبناء بنت العم المحروم عبد اللّه الآلوسي فلم يتزوجا و أدركهما الأجل و هما في سن الشباب.
فإن ولادته سنة 1271 ه و كان فاضلا عالما رصين الإيمان شافعي المذهب، خلوقا، رقيق القلب بارا كثير الخير، مواظبا علي العبادة، و حفظ القرآن و حج، و أول نشأته في محاسبة الولاية في بغداد ثم صار قائممقام (راوندوز)، ثم (حرام) و (بيره جك) في ولاية حلب ثم متصرفية (فزان) ثم اكتفي بمعاش المعزولية و بقي باستنبول إلي أن أدركه الأجل و ترك ابنين هما أحمد هاشم بك من أساتذة المكتب السلطاني، و له نظم بالتركية مقبول جدا عند أهليها و الآخر الأستاذ عبد اللّه موفق دخل في السلك العسكري بمقتضي القرعة و هو الآن في الجهاد بجهة (چناق قلعة)، و له بنت اسمها فاطمة تزوجها ضابط في الأخبار. و كان من مهرة علماء الحساب و أوجب فقده الحزن و الأسف..
توفي في ربيع الآخر سنة 1334 ه و كان مبعوث كربلاء الأسبق، ذكيا تعلم اللسان الإفرنسي جيدا فأحسن القراءة و الكتابة فيه، و كان ذا سلطة و جرأة. و في
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 348
مقدمة القيام علي مأموري الحكومة في كربلاء و إخراجهم منها بعد نهب أموالهم و إهانتهم حتي أعيدوا إليها بمظاهرة الولاية و سكنت الفتنة أثناء الحرب العامة الأولي.
مبعوث ولاية بغداد في استنبول عن عمر يزيد علي الستين عاما، و كان حسن الاعتقاد مسلما، و قضي أيامه في خدمة الحكومة، و منشأه في قلم مكتوبي بغداد، ثم صار قائممقام الكوت و الحلة، و مكتوبيا في بغداد، ثم صار قائممقام الحلة ثانيا، ثم انتخب في عهد الدستور مبعوثا (نائبا) عن لواء الديوانية و انتخب ثانية عن ولاية بغداد بعد انخراطه في سلك جمعية الاتحاد. و أعقب أولادا هم ناجي و سامي و صائب و رفعت و أختهم زوجة منير بك ابن عباس بك الديار بكري.
استشهد في 6 جمادي الأولي سنة 1334 ه المرحوم الفريق محمد فاضل باشا الداغستاني. و ذلك أنه وقعت في اليوم المذكور حرب بين قطعاتنا الأمامية و بين الجيش الإنكليزي الذي حاول التقدم بقصد رفع الحصار عن كوت الإمارة، و انتهت الحرب بانتصارنا. و في هذه الحرب أحرز الفريق الأول المشار إليه رتبة الشهادة، و كان في ميدان القتال.
أجريت في 7 منه المراسم اللائقة لتشييع جنازة المرحوم، و حضر
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 349
التشييع معاون الوالي و قائد الفيلق و أمراء عسكريون و ملكيون، فكان مهيبا فاشترك فيه الأهلون..
و هذا الرجل من أفاضل الرجال، و هو المعروف ب (محمد باشا الداغستاني) اشتهر بحروبه، و حسن قيادته، و عهدت إليه مرات عديدة وكالة ولاية بغداد و في كل أعماله موضع الحفاوة و الاحترام، و يحبّه الأهلون حبّا جما، فأحدث ضياعه ألما علي الأهلين.. ورثاه الأستاذ عبد الوهاب النائب. و الأستاذ جميل صدقي الزهاوي و غيرهما.
ساءت حالة الأهلين و بلغ بهم الضيق و الجهد حدهما، و كانوا يعانون الأمرين من جراء النقود و التعامل بالأوراق النقدية و هدّدوا بلزوم تقديم الذهب إلي رئيس لوازم الفيلق، و من وجد عنده هدمت داره.
و منع التعامل بالنقود المعدنية، و أمروا بتداول الأوراق النقدية، و أنها لا تفترق عن الذهب و نشرت من الأوراق النقدية الترتيب الرابع.. و هدد المخالف تهديدا مرا، و توالت الأوامر..
و أعلن أيضا للأهلين بأنه من كانت أماكنه مواطن حرب فلا يسوغ له أن يذهب من محل إلي آخر بلا رخصة. و جمعت تبرعات ممن كان يؤمل أنه يستطيع أداءها بوجه..
و علي كل حال كانت أيام بغداد بلغت منتهاها من الضيق و الجور لضرورة الحرب
و صعوبة تسيير الأمور.
كان معاون الوالي سعاد بك، فتعين وكيلا لولاية (بتليس)، و صار
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 350
مكانه فائق بك قائممقام خراسان (لواء ديالي)، و هو سيي ء السيرة، قاس علي الأهلين، لا يبالي بهم، و يستهين بأمورهم.
إن الدولة ألغت التاريخ الرومي و أمرت بتاريخ 7 ربيع الثاني سنة 1335 ه باستعمال التاريخ الجديد و قد وردت برقية جاء فيها:
«لما كان التاريخ المستعمل في البلاد العثمانية لا قيمة فنية له و دوام استعماله نقيصة عزمت الدولة عزما أكيدا أن تتبوا مكانا خاصا في ذروة المدنية العصرية، اقترحت الحكومة علي مجلس النواب العثماني إهمال التقويم المذكور و استعمال التقويم المستعمل من جميع العالم المتمدن فقبل المجلس اللائحة المذكورة. و بناء علي ذلك فسيصير اليوم السادس عشر من شباط سنة 1332 اليوم الأول من آذار سنة 1333».
هذا و أن التواريخ الرومية أبدلت بعربية و ميلادية ليسهل تفهمها.
هذا الوالي انهمك انهماكا شائنا في بعض المومسات فتسلطت عليه، و سلبته لبّه، أو أنها ألهته عن الأمر المهم، و شاع أنه قال لها:
(أنا قائد الجبهة و أنت الحاكم المطلق علي) و لم يتحاش من صرف كلمات أمثال هذه مما لا يليق بمقامه و مكانته و أمره الأهم.. فلم يبال بالوضع، و اشتغل في لذائذه، و أهوائه النفسية. و الناس في ريب من أمرهم، و لبس من حالتهم، و ما يدرون ما تضمره لهم الأيام..
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 351
في 3 المحرم سنة 1335 ه الموافق 31 تشرين الأول سنة 1916 م كانت الحكومة عازمة علي سوق متعب و رفقائه إلي الديوانية. و هم في سجن الحلة فقام بعض رجالهم، و لحقهم عصاة من الأهلين بإغراء منهم، فبلغوا المئات فهاجموا دار الحكومة معتمدين علي ما عندهم من سلاح، و كذا هاجموا الثكنة في الحلة أيضا، فنهبوا ما هناك من أوراق رسمية و نقود، و سلبوا الضباط و نهبوا ما عندهم، و أخذوا أموال التجار، و هكذا قاموا بكسر السجن و فك المسجونين و بينهم المذكورون.
و في حين أن الدولة مشغولة بمقارعة الأعداء في الخارج و النضال معهم، عصي هؤلاء علي الدولة و أجبروها علي ما أوقعوا من أعمال.
نهبوا أرزاق الجيش و لم يبالوا بالصدام العنيف مع العدو، و كان يفادي بنفسه في سوح القتال، الأمر الذي دعا أن أصدر أمري في تأديب أهالي الحلة الذين ارتكبوا تلك الدناءات، و وجهت مفرزة بقيادة عاكف بك قائممقام الخيالة، و هذه متكونة من صنوف مختلفة، فسارت في 14 تشرين الثاني سنة 1916 م (17 المحرم سنة 1335 ه). و هذه القوة شغلت دار الحكومة و
المباني و المؤسسات الأميرية و لم يترك العصاة في هذه الحالة السلاح و لا يزالون موقدين نيران الشر، فاضطروا إلي قصف محلاتهم و هي الجامعين، و الطاقة، و جبران، فشغلها الجيش. و في هذه الواقعة قتل من العصاة (50) و قبض علي مائة. و خربت مواطن (أكواخ) بعضهم، و من البساتين حاول العصاة الدخول إلي البلد، فقتل الكثير منهم، و قتل أحد أفراد الجندرمة الذي سلّم سلاحه إلي والده. و إن طائراتنا قصفت العصاة المتجمعين بين النخيل و ألقت عليهم القنابل، فقتلت ثمانية منهم. و إن خيالتنا تعقبوا العصاة و قتلوا منهم ستة أشخاص. و في 17 تشرين الثاني سنة 1916 م (20 المحرم سنة 1335 ه) جمعت القوة أسلحة الأهلين و استمرت في تخريب بيوت العصاة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 352
و أعدم كل من كان يولد العصيان و يستغل كل فرصة لإيقاع التشويش و هم الذين قاموا بهذا الأمر ساقوا إليه من رؤسائهم و هم محي آغا، و عبد الوهاب، و مهدي النقشبندي، و حاجي أمين علوش، و صالح المهدي، و حاجي علي، و شيخ حسين و ملا إبراهيم، و مختار محلة جبران محمد الحاج سعيد، و ستة أشخاص آخرين كانوا نهبوا النقود، و بلغوا سبعة عشر شخصا، قتلوا صلبا في هذا اليوم و التأديبات مستمرة. العشائر المجاورة مطيعة و هادئة. في 20 تشرين الثاني سنة 1916 م (23 المحرم سنة 1335 ه) بتوقيع قائد الفيلق السادس (خليل).
ثم إن الحكومة سحبت عاكف بك و بعثت عبد المجيد بك القائممقام و هذا طيب خاطر الأهلين، و رأف بهم، و أرسلت هيئة تحقيقية لبيان سبب ما جري لإخماد نيران العداء. فكان المرحوم عبد المجيد
بك خير مرهم لتسكين الحالة. و كان في شعبة التجنيد و إدارة المستشفي في الكاظمية، و هو من الأخيار. و والد المرحومين رشدي و كمال.
نحن في هذه الحالة يهمنا أن ندون واقعة بغداد أو بالتعبير الأولي يجب أن نستعرض وقائع العراق بعد حادث (سلمان باك) المشهور حتي احتلال بغداد من الإنكليز، و حينئذ خلص العراق تقريبا لهم و لم يبق إلا تصفية ما هنالك.
كان حادث سلمان باك ولّد في النفوس أملا، و تيقّن الناس أن الإنكليز غلبوا، و أصابتهم الضربة القوية فلا يستطيعون العودة مرة أخري.. و من أيام محاصرة الكوت حدثت وقائع تخليصية لمرات عديدة، فلم تفلح الدولة الإنكليزية في هجومها، لا سيما أن الجيش
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 353
التركي اتخذ خطة الدفاع، فسببت هذه الهجومات المتوالية ضائعات كبيرة علي الإنكليز حتي انقطع الأمل..
و أعقب ذلك الاستيلاء علي (الكوت) بتاريخ 19 نيسان سنة 1916 م و أخذها من الإنكليز و وقوع أسري كثيرين بيد العثمانيين بينهم الجنرال تاونسند، و هم نحو 13 ألف أسير و وردوا بغداد، و شاهدهم الناس عيانا فقوي الرجاء أكثر، و زاد الأمل. و لكن الوقائع التالية أودت بالجيش التركي، فقد جاء الإنكليز بقوة أكبر، و ضربوا (شيخ سعد) ضربة قوية فلّت منه و دمرت حصانته، و هكذا مضت بوقائع تالية، و متوالية بلا انقطاع و جرت حروب في أنحاء (سلمان باك) للمرة الثانية، و رافقت هذه الحروب رياح قوية مع غبار كاد المرء لا يري فيه راحته فساعد هذا الريح الشرقي الزعزع، و انتهت ب (واقعة بغداد)، و حادث سقوطها علي يد الإنكليز، في 11 آذار سنة 1917 م (17 جمادي الأولي سنة 1335 ه) الساعة
12 أذانية.
و يهمنا أن نقول إن التدابير كانت ناقصة، بل إن القيادة قصرت في تفريق قسم كبير من الجيش المرابط و إرساله إلي إيران، و لم تراع القوات الاحتياطية و كأنها بالاستيلاء علي القوي المحاصرة في الكوت أمنت الأخطار و من ثم داهم الخطر، فصال الإنكليز صولة عظيمة، فاكتسحوا الكوت، و منه مضوا إلي سلمان باك فبغداد.
و من الكتب المعول عليها في توضيح هذا الحادث، و الحوادث الأخري من أوائل الحرب و حرب الفلاحية و الكوت، و سلمان باك، و بغداد غير ما ذكر:
1- (بغداد وصوك حادثة ضياعي). تأليف محمد أمين بك المقدم الركن، و مدير شعبة الاستخبارات في الفيلق السادس للعراق. طبع باستنبول في المطبعة العسكرية سنة 1338- 1341 كتب باللغة التركية.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 354
2- (عراق سفرينه دائر إفشاءات). ترجم إلي التركية من اللغة الإنكليزية باسم (الكتاب الأبيض)، مترجمه رحمي بك الرئيس من أركان البحرية في شعبة الاستخبارات. طبع باستنبول سنة 1332.
3- (بغداده طوغرو و بغدادك ضبطنده كي موفقيتسز لك). مترجم من جريدة تايمس عن تاريخ الحرب تأليف (الكابتن چندلر) ترجمه حسام الدين من أركان الحرب البحريين من شعبة الاستخبارات. طبع سنة 1333.
4- (عراق راپوري). و هو تقرير رسمي كتبه قائد جيش الإنكليز في العراق الجنرال (سرپرسي لايك). و يتضمن الأخطاء العسكرية سنة 1915 م- 1916 م نشر في جريدة (التايمس) سنة 1917 م و ترجمه حسام الدين و طبع باستنبول سنة 1933 م.
5- (كوت الإمارة محاصره سي، و حركات تخليصيه نك أدوار و صفحاتي). و هو تقرير الفريق الأول قائد الجيوش الإنكليزية في العراق (السر برسي لايك). ترجمه حسام الدين المذكور طبع سنة 1332.
6- (إنكليز قوه سفريه سنك بصره
كورفزيله خطه عراقيه ده كي حركات حربيه ستدن باحث راپورلر). و هو يتضمن بيان المدة من أواسط تشرين الأول سنة 1915 م إلي أواسط نيسان سنة 1916 م و فيه بيان الأوضاع و الوقائع الحربية. ترجمه رحمي بك المذكور. طبع سنة 1933 م.
7- كتاب ويلسن. عن حالة العراق منذ الحرب إلي آخر أيام الثورة. و كان مؤلفه الحاكم السياسي العام في العراق المستر ويلسن، كتبه بالإنكليزية، و ترجمت بعض فصوله.
8- أسفار الإنكليز في الشرق الأدني. في الإنكليزية.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 355
9- السفر الطويل نحو بغداد. في الإنكليزية.
10- (بيوك جريده تورك حربي). في ثلاثة مجلدات تأليف العقيد الركن م. لارشه الفرنسي. ترجمه إلي التركية محمد نهاد و طبع سنة 1928 م و فيه مقدمة و تعليقات مهمة لا يستغني عنها بوجه.
11- (بيلديرم). تأليف حسين حسني أمير اللواء في حروب العراق و فلسطين. طبع سنة 1337 باستنبول.
12- (بيلديرمك عاقبتي). تأليف أمير اللواء سداد. طبع سنة 1927 م و هو ذيل علي سابقه.
13- حرب العراق. تأليف فخامة الأستاذ العميد طه باشا الهاشمي، طبع ثانية سنة 1936 م في بغداد.
هذه تعين وجهة نظر الإنكليز و الترك و الحالة معروفة إجمالا إلا أن تفصيل الوقائع يهم في توضيح القوي، و بيان القواد، و حالات الحرب بالنظر لكل من الطرفين، و بين هذه الآثار مؤلفات محمد أمين بك من العارفين بالوقائع و المدركين للحالة، و وجهة الترك و آراؤهم، و الآثار الأخري أو أكثرها تبين وجهة نظر الإنكليز. من رجال زاولوا الحرب، و عرفوا أوضاعها، و صوروا نفسياتهم و أدركوا النقائص فكان لنظراتهم قيمتها. و إن كانت لا تخلو من توجيه. و هناك وثائق أخري.
و نحن في هذه
الحالة تهمنا النتائج، فقد سقطت بغداد بتاريخ 11 آذار سنة 1917 م الموافق 17 جمادي الأولي سنة 1335 ه يوم الأحد، فاستولي عليها الإنكليز، و لم يكونوا ليحلموا بهذا الاستيلاء بعد نكبة الكوت التي أعقبت مخذوليتهم في سلمان باك و ما ذلك إلا لأن الأخبار وصلت بانفصال قوة كبيرة من الجيش التركي بعد سقوط الكوت بأيديهم، فظنوا أنهم أمنوا الغوائل. فجاء من هنا الخطر العظيم، فلم يجد تدبير.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 356
ظهرت ثلاث طائرات في آن واحد في الساعة 6 و الدقيقة 40 أذانية و ألقت 7 قنابل علي الولاية و واحدة علي الثكنة و واحدة علي المدرسة النعمانية قرب دائرة البريد و واحدة في الشط قرب مركب (پنير) للألمان و واحدة علي المحطة. و إن التي سقطت في قشلة المدفعية أصابت واحدا فقتلته و آخر جرحته و التي ألقيت علي القشلة سقطت وراء البلدية في دار أيوب القلمجي التاجر في التبغ فخربت الدار و كسرت زجاج الشبابيك للدور المجاورة.
و ليس لنا أكثر من خمسة آلاف محارب فأمرت الدولة بنقل ما عندها من سجلات و نقود و مهمات أخري إلي سامراء في القطار. و في 12 جمادي الأولي و 6 آذار سنة 1917 م صدر الأمر للموظفين بالنزوح من بغداد فسافر كثير منهم. و ذلك لما علموا أن القوة لا تستطيع المقاومة، و أن الإمداد لم يصل في حينه.
بعد واقعة بغداد تبعثر الجيش العثماني و انحل انحلالا كبيرا إلا أنه لا يزال يحارب في المؤخرة، و يوقع بالجيش الإنكليزي خسائر فادحة إلا أنه لا يؤمل منه استعادة مكانته. توزعت جيوشه إلي جبهات عديدة لا يدري من أيها يأتيه الخطر.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 357
انسحب منها من السماوة إلي الفلوجة في 17 آذار سنة 1917 م.
و في 19 منه تعرض له الإنكليز و شغلوا الفلوجة فاضطر إلي الانسحاب إلي الرمادي. و هذه بقيت هادئة.
و في 11 تموز سنة 1917 م هاجمها الإنكليز إلا أن الحر منعه من التقدم و لم يعد إلي الحرب إلا في 28 أيلول سنة 1917 م و كانت الحرب سجالا. و عرقل الأمر قضية النساطرة و حركاتهم و الأرمن و عصيانهم فكانت خطرا علي الجيش. و هذه أقلقته بضعة أشهر. و في 21 تشرين الأول سنة 1917 م قتل ضابط ألماني من يد مجهولة فاضطر علي إحسان باشا إلي الاستقالة.
و بعد أن تبعثر الجيش و لم يبق منه إلا القليل و أسر أكثره و مزقت الجبهة و صارت فيما وراء عانة. سقطت دمشق في هذه الأثناء و صارت (دير الزور) مهددة بخطر مهاجمة العشائر.
هاجمها الإنكليز في 29 آذار سنة 1917 م بقوة فائقة فانسحبت قوة العثمانيين إلي نهر العظيم. و بعد أن توجه الجيش الإنكليزي نحو خانقين متصلا بالجيش العثماني جرت واقعة (حماية) في جبل حمرين فتكبد الإنكليز خسائر عظيمة في 25 آذار سنة 1917 م و من ثم اتصل (القول اردو 13) بجيش سامراء. و حدثت واقعة العظيم في 18 نيسان سنة 1917 م و عادت المفرزة من العظيم إلي سامراء. و هكذا حدثت حوادث في خرائب الدهوية) بقرب العظيم. و في 30 نيسان سنة 1917 م اضطر (القول اردو 13) إلي الانسحاب إلي الشمال إلي (دواجنات) بعد أن كبد الإنكليز ضايعات كثيرة.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 358
و في جبهة سامراء نفسها كان قد رجع الجيش إلي اصطبلات. و في 21
نيسان سنة 1917 م تعرض الإنكليز له بقوي كبيرة فضايقه و اضطره أن ينسحب و لم يثبت علي القصف الشديد من العدو.
ترك سامراء و محطة القطار. و هذه الواقعة تعرف ب (واقعة السكر) لأن لدي الجيش العثماني في المحطة مقدارا كبيرا من السكر ثم حدثت واقعة (رويضات). و بعدها في أمام دور حدثت معركة في صباح تشرين الأول سنة 1917 م فاضطرت إلي الانسحاب إلي تكريت و في 2 تشرين الثاني حدثت معركة فاضطرت الجيش العثماني إلي أخذ مواقع في الفتحة. و الغريب أن الإنكليز بعد أن ربحوا المعركة رجعوا إلي سامراء لما أصابهم من ضايعات كبيرة فعادت خيالة الجيش العثماني فشغلت تكريت.
إن الجيش في السليمانية صد هجوم الروس الذين جاؤوا من أنحاء سنة فلم يتجاوزوا الحدود. و ذلك في 8 مايس سنة 1917 م في جوار مريوان.
و كانت حروب الروس في نهر ديالي في العشرة الأولي من مايس عبروا نهر ديالي. و هناك أسرع (القول اردو 13) لاتخاذ التدابير. و في خلال يومين تمكن من صدهم فرجعوا من حيث أتوا. و لم يعد الروس مرة أخري.
و لكن بعض الوقائع جرت في أنحاء السليمانية في أواخر مايس و في تموز سنة 1917 م و استولوا علي (پنجوين) بعد التضييق الزائد و أن (القول اردو 13) جاء لإمداد القوة هناك لدفع العدو إلي أنحاء (بانة) و (سنة) و أخذ منه بعض الأسري مع مدافع و رشاشات.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 359
في 3 كانون الأول سنة 1917 م هاجم الإنكليز الجيش العثماني و بسهولة استولوا علي مواقعه في ديالي من جراء ضيق الإعاشة و استولي الإنكليز علي جبل حمرين. و ربح الإنكليز المعركة إلا أنهم انسحبوا.
و كانوا يخشون من حركة التفاف فرجعوا بانتظام في 8 كانون الأول سنة 1917 م و استعاد العثمانيون مواقعهم.
و هكذا كانت الجبهة في أنحاء الموصل في (رايت)، و في الفرات في (هيت). و الجبهات الأخري كما ذكر.
عقدت المتاركة مع رئاسة القيادة في 7 كانون الأول سنة 1917 م، و أن مرخصي (مندوبي) الطرفين اجتمعوا في الموصل و عينوا الشروط الخاصة و الخطوط الفاصلة، فانتهت هذه الغائلة و أمن العثمانيون جهتهم.
هذا، و في سنة 1918 م كان الجيش في حالة سيئة لما أصاب البلاد من قحط، و ما استولي علي الجيش من أمراض، و كثر الفارون الهاربون، و زادت الوفيات و هكذا تولدت عصابات في مواطن عديدة، فأدت إلي ثورات، و زال الأمن في البلاد كما أن الإنكليز استولوا علي هيت في 6 آذار سنة 1918 م و في 26 آذار وقف الجيش و صمد أمام هجوم الإنكليز و تعرضه العنيف، فأحاط بالجند العثمانيين و أسرهم.
و هكذا كان الأمر في قره تپه فقد استولي عليها الإنكليز في أواخر نيسان سنة 1918 م و ضيق الإنكليز علي الجيش العثماني في (طوزخورماتو) فخسروا ضايعات كثيرة و أسر قسم منهم، فهربوا بصورة مبعثرة إلي كركوك.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 360
و في 7 مايس سنة 1918 م انسحب الجيش من كركوك إلي (التون كوپري) و دخلوها.
ثم انسحب الإنكليز عن كركوك فشغلها الترك في 27 مايس سنة 1918 م. و في هذه الحالة كان
الجيش العثماني مقطوع الأمل إلا أنه جاءته قوة فزاد أمله و قوي رجاؤه و ذلك في تموز سنة 1918 م، فتولي خليل باشا قيادة الفيالق الشرقية. و هذا جعل القائد علي إحسان باشا وكيله و صار قائد (القول اردو 13).
و إن علي إحسان باشا ورد الموصل في 11 أيلول سنة 1918 م.
و تولي أمر القيادة فيها.
ثم هاجمه الإنكليز فلم يقدر أن يصمد في وجههم و كان هجومهم قويا. فاستولوا علي كركوك للمرة الثانية في 28 تشرين الأول سنة 1918 م و انسحب العثمانيون إلي (التون كوپري).
أما الإنكليز فإنهم لم يدعوا الجيش مستقرا في (الفتحة)، فقد زادوا في قوتهم و ضاعفوها. تقدموا فاضطر العثمانيون أن يتركوا مواقعهم و مضوا إلي مصب الزاب. و لم يمهلهم الإنكليز فهاجموه بقوة فائقة، فلم ير بدا من الانسحاب إلي الشرقاط في 25 تشرين الأول سنة 1918 م تقدم فيلق الإنكليز بخيالته و سياراته المدرعة فمضي إلي (وادي جرناف) فحاول قطع خط رجعة الجيش العثماني.
و كان الاشتباك بقوات العثمانيين مستمرا إلي 28 منه و في صباح هذا اليوم قطع خط رجعته و بعد أن حوصر الجيش جاءه الإمداد و حدات متعاقبة إلي جنود القيادة فأصابهم عين ما أصاب أولئك.
و هذه الحالة بعثرت الجيش و جعلته غير قادر علي الدفاع فكانت واقعته فادحة و خساراته عظيمة، فلم يبق ما يصح الاستناد إليه.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 361
كانت هذه حالة الجيش في الجهات العراقية، فلم يبق أمل في النجاح و سقط العراق بيد الإنكليز:
1- احتلوا إربل في تشرين الثاني سنة 1918 م.
2- احتلوا راوندوز في 18 أيلول سنة 1918 م.
و في 31 تشرين الأول سنة 1918 م كانت القوي المرابطة
للإنكليز في (خانقين- الصلاحية- كركوك- القيارة- عانة) و لكن الهدنة في هذا التاريخ بشرت بالخير، و زاد الفرح، و بالرغم من ذلك نري الإنكليز استمروا في تقدمهم. و في 8 تشرين الثاني سنة 1918 م استولوا علي الموصل، و طلبوا تخلية أنحاء الموصل حتي أواخر هذا الشهر، و أنذروا الفيلق السادس بذلك. و في نهاية (تشرين الثاني) انسحبت قوات الجيش العثماني إلي الجزيرة و نصيبين. و أعلنت الهدنة في 26 المحرم سنة 1337 ه و 1 تشرين الثاني سنة 1918 م. بعد صلاة الجمعة.
و بهذا طويت صفحة العثمانيين من (تاريخ العراق)، و صار تحت احتلال الإنكليز. و عند ذلك تقف حوادث تاريخنا.
هذه الحرب العامة لسنة 1914 م من أقسي الحروب، بل لم يسبقها مثلها، استعمل القوم العلم، و استخدموه في سبيلها، فتسلحوا بأقوي الأسلحة. و الدولة العثمانية عاجزة ليس في استطاعتها المقاومة فابتلعت بلادها بسهولة. دخل العثمانيون الحرب، و جرت عليهم الويلات، و أصابنا أكثر مما أصابهم مباشرة، و لقينا نصبا شديدا، و آلمنا وقعها في النفوس و الأموال، و بحق كان يصح أن يقال (الطائح رائح).
و ليس في المقدور تصوير ويلاتها بقدر ما صورها شعراؤنا:
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 362
الأستاذ (معروف الرصافي) في قصيدته المنشورة في ديوانه ص 225 الطبعة الثانية، و الأستاذ (خيري الهنداوي) في قصيدته المنشورة في صدي الإسلام بعنوان (الحرب في الأرض) بتاريخ 16 ذي الحجة سنة 1333 ه.
اشترك فيها من الدول من لا رغبة له فيها فاضطروا بين أمرين إما أن يكونوا من شيعتها أو من عدوها، فلا تقبل الحياد من أحد، و لا ترضي أن يكون القوم بنجوة فلا يسمع دليل، و لا يؤبه لمعذرة. فإيران
أعلنت حيادها فصارت مطية المتحاربين لا يبالون بخرق حرمتها و لا يتورعون عن انتهاك حريمها.
و يطول بنا تعداد ويلاتها، فهي أكثر من أن تعد، لا يعرف أصحابها رأفة بالإنسانية، و لا يبالون بإزهاق الأرواح، و لا انتهاك حرمة الدول المجاورة و غير المجاورة، و كان ذلك يعد ضرورة لازمة لحياة الحرب لا محيص منها و لا بد من ركوبها.
و كفي أن أشير إلي الأستاذ جميل صدقي الزهاوي في قصيدته (مشهد من الحرب الكبري) و هي مذكورة في ديوانه مما لا أري حاجة إلي إيرادها. وصفها وصفا لائقا بها. و في قصيدته الأخري بعنوان (القوة آفتها الغرور) صور نفوس الغالبين بإهمالهم ما وعدوا الأمم من حرية، و استبدوا بها و قالوا هذا هو الخير.
و هذه تعين الوعود أثناء الحرب، و شروط (ويلسن)، ثم ما قاموا به منتصرين حتي عتوا عتوّا زائدا، و طغوا في الأرض مفسدين، فاقتسموا الأرض و هكذا مضوا في سبيلهم حتي داهمهم خطر جديد و لا محل لإيراد ما جري بعد الاحتلال.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 363
أثناء المباحث تعرضنا للعشائر و للموظفين و لما ينزع إليه الأهلون.
و كل ما يقال أن العراق كان ساخطا علي الإدارة، و أن اللغة العربية مهملة، و أن التوظيف لم ينل مكانته. و كان التطلع إلي الاستقلال كبيرا.
و مطالب هذا العهد كثيرة حتي نشوب الحرب العامة.
يبدأ هذا العهد من أيام السلطان عبد العزيز و بعده السلطان مراد الخامس، فعبد الحميد و ينتهي بالسلطان محمد رشاد الخامس. و في أيامه كان احتلال بغداد. و قد مر بنا ذلك مفصلا.
هؤلاء أكبر الموظفين في الولاية بيدهم الحل و العقد و يمثلون دولتهم و تشكيلات الحكومة تمثل تشكيلات عاصمة الدولة بصورة مصغرة. و قد وصفنا الولاة بما هم عليه، و ذكرنا نصوص فرامينهم، و بيان وقائعهم بما يغني عن الإعادة. و كل ما نقوله إن الدولة لم ترد إلا الخير و خرق الولاة جلب سوء السمعة.
و الولاية تتفرع إدارتها إلي:
1- المالية. و هذه في رأسها (الدفتري). و هو أكبر موظف مالي.
و من أهم واردها (الأعشار). و كانت في الغالب تجبي، أو تعطي بالالتزام، و أن الخط المعروف ب (خط گلخانه) منع الالتزام و لكن لم يتيسّر المنع. لأن الدولة حينئذ لا تستطيع الجباية ب (طريق الأمانة) و لا تحصل منه علي شي ء لكثرة الاختلاس.
و في جباية الأعشار في (الشلب) تراعي (الذرعة) أحيانا. و في هذه
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 364
لم تنجح أيضا و (طريق المقطوع) للكرود كان أربح لها. و مر بنا من الحوادث ما يشعر بالكثير من الأوضاع المالية. ذكرتها في (كتاب الضرائب).
2- الجيش. لا يزال في اضطراب. و كان يجري من طريق (القرعة) إلي أن تعينت مدة الخدمة بعد إعلان الدستور.
3- الأمن أو إدارة الشرطة لم تنل انتظاما و لا يزال الجندرمة علي حالهم إلا أن عهد المشروطية كان أهون.
4- القضاء. تحددت أعماله، و تأسست المحاكم المدنية. ثم توسعت و لكنها لا تزال معلولة حتي بعد المشروطية. و للتوسع في ذلك موطن آخر.
و لا سبب لاختلال أمر الإدارة إلا
تحكم الأجانب و شنهم الحروب المتوالية مما دعا إلي اضطراب الحالة. و إن الحرب العامة كان تأثيرها أكبر. و لم تقتصر علي المتحاربين. و إنما شملت الأهلين حتي من كان علي الحياد، فغيرت المعالم و بدلت الأوضاع.
أما قانون إدارة الولايات المنشور في المجلد الخامس من (الدستور الجديد) فإنه لم يستقر العمل به حتي اجتاحته الحرب. و كان قد حصل فيه تجدد نوعا. كما أنه في 27 جمادي الأولي سنة 1327 ه أبلغت مخصصات الوالي خمسة آلاف قرش شهريا و صدر قانون بذلك.
رغبة الأمم فائقة في تمكين الثقافة بمقاييس واسعة. و هذا يدل
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 365
علي انتباه الأمم و توجيهها الحق. و يعد ذلك من العوامل الفعالة في فيض المعرفة و قوامها …
و العراق من أقدم الأقطار الثقافية لم ينقطع من العمل لخدمة المعارف. و إن مخلدات أسلافه دليل محسوس في العناية و العناء في سبيلها. و خزائن الكتب تعلن عن الخدمة التي أسدتها في هذا المضمار.
و يهمنا عهدنا الموضوع البحث. و (المدارس العلمية) كانت أصلا في ثقافته. و هي العنصر المهم في ظهور العلماء، و تكثير عدد المتعلمين، و تخريج الموظفين و سائر صنوف المعرفة فقد ظهر علماء كثيرون و أدباء عديدون. و بينهم أصحاب طرق خدموا الثقافة من وجه.
و غالب علمائنا أدباء من جهة و أساتذة أدب من جهة أخري و منهم المتضلع في الأدب الفارسي، أو في الأدب التركي أو فيهما و في الأدب الكردي.
و من العلماء و الأسرات العلمية:
1- الشيخ داود النقشبندي و أولاده.
2- إبراهيم فصيح الحيدري. عالم و أديب، و آل الحيدري لا يزال منهم العالم.
3- الشيخ طه السنوي. و آل السنوي كثيرون من أيام الشيخ
أحمد و من تلاه.
4- الأستاذ محمد فيضي الزهاوي. المفتي. عالم و أديب بالعربي و الفارسي، و آل الزهاوي جماعة منهم محمد سعيد الزهاوي و ابنه الأستاذ أمجد و غيرهما.
5- الأستاذ نعمان خير الدين الآلوسي. أديب و عالم. و آل الآلوسي كثيرون منهم الأستاذ السيد أحمد شاكر.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 366
6- أحمد بك الشاوي. عالم و أديب.
7- الحاج أحمد السمين. مدرس أول في المدرسة الأعظمية.
8- حسين البيشدري.
9- السيد ثابت الآلوسي.
10- السيد جعفر الواعظ.
11- السيد عبد اللطيف الراوي.
12- نجم الدين النائب.
13- مصطفي و في من آل جميل. عالم و أديب. و بينهم العلماء و الأعيان.
14- عبد الوهاب نيازي. عالم و خطاط.
15- الشيخ طه الشواف.
16- السيد مصطفي الواعظ.
و علماء آخرون منهم من بقي حيا إلي ما بعد احتلال بغداد، أو إلي ما بعد الهدنة مثل الأساتذة السيد محمود شكري الآلوسي و السيد علي علاء الدين الآلوسي و عبد الوهاب النائب و هم أدباء أيضا. و عبد الرحمن القرداغي و السيد محمد حسين آل كاشف الغطاء و هو أديب أيضا. و آل كاشف الغطاء جماعة علماء و أدباء. و سنتناول العلماء في كتابنا التاريخ العلمي بسعة.
و من الأدباء:
1- السيد عبد الغفار الأخرس.
2- عبد الحميد الشاوي.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 367
3- السيد حيدر الحلي. و توفي سنة 1304 ه.
4- السيد جعفر الحلي. و توفي سنة 1315 ه.
5- محمد سعيد الإسكافي.
6- محمد سعيد حبوبي. و هو عالم فاضل.
7- عثمان نورس. شاعر تركي.
8- إقبال الدولة. أديب فارسي.
9- سليمان فائق. أديب تركي.
10- عبد اللّه صافي الكركوكي. أديب تركي.
11- السيد أحمد شهاب الدين الراوي.
12- السيد محمود البرزنجي. والد السيدين عارف و نوري.
13- عبد القادر شنون العبادي.
14- الشيخ رضا الطالباني.
في الأدب العربي و التركي و الفارسي و الكردي.
و أدباء آخرون عاشوا إلي ما بعد هذا العهد. و منهم الأساتذة الرصافي و الزهاوي و عبد الحسين الأزري و خيري الهنداوي.
و كل هؤلاء تخرجوا من المدارس العلمية. و الخلل ظهر في صدود الحكومة عن هذه المدارس، فكان إهمالها أعظم عيب في معارفنا.
فكانت الخسارة كبيرة جدا و لم تقم الحكومة بأمر إصلاحها. و قد أوضحت ذلك في التاريخ العلمي و الأدبي في العراق.
و المدارس الجديدة للحكومة، لم تغن عن المدارس العلمية. و إنما تظاهرت بالعمل للثقافة و تبجحت بمؤسساتها الجديدة و هي غير صالحة
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 368
و لا تجاري المدارس العلمية. و من ثم حدث تيار النفرة من جهة، و الجهل من جهة أخري. و بذلك ربحت الدولة إرسال الموظفين إلي العراق من استنبول و من الترك. و إن الأهلين شعروا بما جري. و هذا ما قاله الأستاذ أحمد بك الشاوي في ذم المعارف و التنديد برجالها في أوائل هذا العهد:
الجهل أجمعه بدا ئرة المعارف مستدير
أعضاؤها و رئيسها في الجهل ليس لهم نظير
وافي النذير بعزلهم يا حبذا ذاك النذير
لما أتي أرخت (لا رجعت و لا رجع الحمير)
و أما في أواخره فقد قال الأستاذ الرصافي في مدير معارف بغداد:
معارف بغداد قد جاءها مدير من الطيش في مسرح
حمار ولكنه ناطق صبي و لكنه ملتح
فيا أيها العلم عنها ارتحل و يا أيها الجهل فيها اسلح!
و هذا المدير هو حسن رفيق بك. جاء بعد إعلان الدستور.
و المدارس الجديدة كانت للإعلان لا الثقافة الحقة. و لو لا مدارسنا العلمية القديمة و خزائن كتبها و ما تأسس في هذا العهد مثل (مدرسة نائلة خاتون و خزانة كتبها)، و (خزانة
السيد نعمان خير الدين الآلوسي)، و (خزانة الكهية) و ما ماثل من خزائن الكتب الخاصة و لو لا المدارس التي
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 369
قامت بفتحها الهيئة الإصلاحية لما بقي أثر للثقافة و أن الجرائد لا تسدّ مسدّها بوجه. فالتعليم المنظم ضروري. و إن من برز عندنا من الأفاضل كان نتيجة جد خاص و مواهب فائقة.
تابعت الدولة في تأسيساتها الدول الأخري للتدخل في أمر الثقافة فجاءت ناقصة ضئيلة جدا، فالمعرفة بعد أن كانت أهلية أفسدتها الحكومة في هذه التدخلات و عادت المملكة أمة لو لا ثقافتها المدرسية العلمية كما أن إضافة الأوقاف المندرسة إلي المعارف لم يرفع من مستواها. فالمدارس الجديدة لم يكن لها أثر يذكر.
و قبيل إعلان الدستور تكونت بعض المدارس الابتدائية للذكور و الإناث و مدرسة للحقوق فكانت أهون الشرين. و هذه لا تفي بحاجة لمن لم يتقن لغته الأصلية (العربية) لضرورة البيان. و إن الدولة بعد إزعاج و إلحاح قبلت التدريس باللغة العربية و لكنها قلبت إعدادياتها إلي مكاتب سلطانية ففقدت الفائدة من تقرير اللغة العربية.
و لا ينكر أننا رأينا انكشافا في (عهد الدستور) من نواح أخري من أهمها الصحافة الخارجية و الداخلية، و انتشار المطبوعات العلمية و الأدبية، و الاتصالات بالأقطار القريبة و النائية … فلم يكن الأمر مقصورا علي المدارس الموجودة.
هذا. و إن الأهلين أسسوا مدارس جديدة. و إن نواب الأمة طالبوا بمؤسسات شبيهة بتشكيلات الدولة في ثقافتها، و ألحّوا في لزوم التدريس باللغة العربية. ففتح الدستور بابه للمطالبات بالإصلاح. و من أهم ما هنالك ما يتعلق بالثقافة.
و كان يؤمل تقدم الثقافة لو لا أن الحرب العامة الأولي فاجأت الناس، فدمرت المعاهد و خربت المدارس و قتل في
الحرب الكثير من المثقفين، و زالت معالم الدارسة … فحلّت محلها الإدارة العرفية
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 370
و التضييق إلي أن عقدت الهدنة … و الأمر بيد اللّه يصرفه كيف يشاء.
الدولة الإيرانية الوحيدة المرتبطة بمعاهدات دولية معنا بواسطة العثمانيين. و في أيام مدحت باشا توضحت المشاكل. و حسمت تقريبا.
و اتخذت وسائل المصافاة و مراعاة التجارة و الشؤون الاقتصادية.
و علاقاتنا بإيران كبيرة و كثيرة و كلما حصلت الألفة توسعت العلاقات السياسية و الاقتصادية. و قويت الروابط التجارية و زادها توثيقا حسم المشاكل المعلقة عند سفرة جلالة ناصر الدين شاه لزيارة الأئمة في العراق. و بذلك تمكنت العلاقات بسبب الحفاوة و الاحتفال الكبير به و العناية بأمره في حله و مرتحله. و المهم أن الدولتين تركتا النزاع و الحروب و مالتا إلي المصافاة.
و في سنة 1913 م تجدد أمر (تحديد الحدود) ولكنه لم يتم بسبب الحرب العامة الأولي و إيران راعت الحياد فيها إلا أنها لم تستطع الاحتفاظ بكيانها. و إنما تداولتها أيدي الدول المتحاربة. و صارت تتخذها وسيلة لتمشية نفوذها و سيطرتها علي المواقع.
و هذه قائمة بشاهات إيران:
1- ناصر الدين شاه. مر الكلام عليه في المجلد السابع.
2- مظفر الدين شاه. توفي 24 ذي القعدة سنة 1324 ه.
3- محمد علي شاه. ولي بعد والده. و خلع يوم الأحد سلخ جمادي الآخرة سنة 1327 ه.
4- أحمد شاه. (أحمد رضا شاه). ولي في يوم خلع والده.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 371
و يهمنا أن نقول إنه في شهر جمادي الآخرة سنة 1327 ه حدث اضطراب في إيران بل جهاد لنيل الحرية و الحصول علي الإدارة الديمقراطية. و حاولت الدول الإنكليزية و الروسية التدخل و لكن
الأمة الإيرانية عجلت بخلع الشاه محمد علي بن مظفر الدين شاه يوم الأحد سلخ جمادي الآخرة سنة 1327 ه و نصبت ابنه أحمد رضا شاه مكانه فحصلت علي حريتها ثانية.
و كانت قد نهضت في ربيع الأول سنة 1324 ه مطالبة بفك الأغلال عنها لما أنهكها الظلم. و استبدت بها الدولة. فنالت حريتها إلا أن محمد علي شاه حاول القضاء علي هذه الحرية فأزاحته بعد جدال عنيف فرأي الشاه و من معه معاونة من أرباب الأطماع أعداء الحرية مما أدي إلي خلعه.
نالت الأمة الإيرانية حريتها في ربيع الأول سنة 1324 ه فغصبها الشاه حقها بعد نضال ثلاثة أشهر. فلما أعلنت الدولة العثمانية دستورها ثارت إيران للمطالبة مرة أخري بعد أن قوض الشاه المجلس و كانت هذه المرة الثالثة. و من ثم خلعت الشاه محمد علي و نصبت ولي عهده أحمد رضا شاه. و كان صغيرا فجعلت عليه وصيا حضرة الأسعد عضد الملك و قرر انعقاد البرلمان …
و ما جري علي أحمد شاه بعد الحرب العامة معلوم فانقرضت هذه الدولة علي يد (الأسرة الپهلوية). و الملحوظ أن علاقة المجتهدين من الإيرانيين المقيمين في النجف و كربلاء بإيران كبيرة جدا للروابط المشهودة. و لا محل لذكر هؤلاء العلماء.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 372
إن الأمراء من آل سعود تكلمنا عليهم و رغبة الدولة مصروفة إلي القضاء علي (آل سعود) للخشية منهم أن تتكوّن دولة عربية تهدد كيان العثمانيين كما وقع فعلا في سابق العهد.
ثم إن الأمير عبد الرحمن آل سعود التجأ إلي الدولة بأمل أن تعيد إليه إمارته. جاء البصرة و بغداد و معه الأمير عبد العزيز ابنه. فلم يجد ملبيا لمطالبه. و كانت الدولة تراعي
جانبه. و ترقب الحالة في نجد حذر أن يحدث ما لا تحمده فتستغل وجوده ولكن الأمير عبد الرحمن كان يضمر آمال الإمارة. و هيهات أن يوفق بين الأمرين.
و كان ابنه الأمير عبد العزيز يتوثب للنهوض و يتحين الفرصة للإيقاع بأعدائه (آل الرشيد) و يحاول أن يجد ناصرا و لكنه قطع بأن:
لا يكشف الغماء إلا ابن حرة يري غمرات الموت ثم يزورها
و هذه الأوصاف وجدها في نفسه و كان هذا شأنه. خاطر، و غامر فلم ير بدا من النزال بنفسه دون استغاثته بمن يوجس منه خيفة. فكانت نتائج ذلك أن تمكن من أعدائه و حصل علي مطلوبه لا سيما أن الأحوال ساعدته كثيرا بما حدث من تحول في آل الرشيد. و قد ذكرنا وقائعه.
و إن الدولة لم تجد من يقوم بالمهمة لإيقاف هذا الصائل الجديد الأمير عبد العزيز السعود فكان آخر ما استولي عليه (الأحساء) فلم تشأ الدولة أن تدخل معه في جدال يكلفها أضرارا كبيرة و المشغول لا يشغل بل لا أمل لها في النجاح لما جربته من أسفار شاقة. فاضطرت أن تسكت.
و في كل هذا لا ننسي أن العقيدة المتمكنة في النفوس ساعدته و كان الميل إليه من الأهلين كبيرا. و هذا أقوي ناصر له في مهماته. و لم تمض مدة حتي وقعت الحرب العامة الأولي فحاولت الدولة جذب ابن
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 373
سعود لجانبها و لكنه التزم الحياد. و عند هذا وقفت حوادث آل سعود من جراء علاقاتها بالعراق.
و الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود كان الوحيد الذي تمكن من استعادة أمل آبائه بنشاط فائق و قدرة عظيمة فتم له ما أراد.
مر الكلام عليها. و في آخر
الأيام انقطعت علاقاتها بالدولة، فلا نري حاجة لإعادة القول هنا.
إن الروابط الدولية زادت و المصالح اشتبكت. و في الوقت نفسه قلت المشادة و صارت عامة أكثر. و انتشرت قناصل الدول في الولايات للتبصر في المصالح. و يصعب تحديد العلاقات و غالبها اقتصادية و تجارية و أكبر حدث في الدولة العثمانية إلغاؤها الامتيازات الأجنبية مغتنمة فرصة اتفاقها مع الألمان.
كانت الدولة العثمانية مقيدة بالعهود و الامتيازات القديمة. فألغت هذه العهود فاغتنمت فرصة الحرب العامة و مشت علي قوانين الدولة.
و يعدّ هذا أكبر حدث في الحقوق الدولية للدولة العثمانية و قبلت بعض الدول هذا الإلغاء و تأخر آخرون و بالنتيجة قبله الكل نظرا للمصالح المشتركة.
و الأوضاع الأخري لا تخفي للاتصال بالأجانب و بلغاتها و الأخذ بثقافة الكثير منها فكان ذلك وسيلة التقرب إلا أن الحرب العامة أهاجت زعزعا كبيرا. و كانت من المصائب علي الأمم جمعاء. و الرابح خسران.
و من خذل في الحرب وقع في الهوة و لم يستعد قوته إلا بصعوبة.
و لشعرائنا قصائد عديدة في بيان ويلاتها.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 374
الأحوال السياسية و الحربية و تواليها مما يبصر بكثرة التحولات و سرعتها، و انكشاف الرأي العام، و الانتباه إلي ما لم يكن معروف القدماء إلا أن الحرب العامة و ما جرت من مزعجات قد أضرت بنا فلم تنته إلا بعد أن جرفتنا و لازمتنا مدة طويلة فكأن الناس قطعوا العصور ورأوا مناظر لم تحصل في غير هذا الوقت و فيها تغير عظيم في الشؤون الاجتماعية و الأدبية، و العلمية، و في النفوس و العقليات. و لم ينكشف الأمر بجلاء إلا بعد هذا العهد.
ذلك ما دعا أن يظهر بيننا أكابر الشعراء، فبدلوا أفكارهم، و صاروا يزاولون ما يجاري العصر من مطالب جديدة، فانصرفوا
في الأغلب عن المدح و الهجاء المألوفين إلي الأمر الأهم مما يعود للأمة بما يعتقدون أنه الخير، و هكذا أدباؤنا الكتّاب تركوا السجع و انصرفوا إلي السلاسة في البيان و التعبير و هكذا مضي سائر متعلمينا، و في التاريخ العلمي و الأدبي ما يبصر بمثل هذه. فقد ولّدت انتباها عاما.
و بهذا قد تم المجلد الثامن و به تم تاريخ العراق بين الحتلالين في مجلداته الثمانية.
هذا. و أشكر الأفاضل الذين آزروني بما قاموا به من عمل مهما كان نوعه و مقداره و أخص بالشكر منهم الأستاذ محمود الملاح و الدكتور
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 375
مصطفي جواد و الأساتذة مير بصري و كوركيس عواد و خضر الطائي و إبراهيم الونداوي … فلهم فائق الشكر. و الحمد للّه أولا و آخرا. إنه وليّ الأمر.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 377
1- فهرس الأعلام
2- فهرس الشعوب و القبائل و النحل
3- فهرس المدن و الأماكن
4- فهرس الكتب
5- فهرس الألفاظ الدخيلة و الغريبة
6- فهرس الصور
7- فهرس الموضوعات
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 379
آجوره أوغلي يوسف: 300
آدلر الطبيب: 126
آغوب آل قيومجيان: 292
آلفرد راپا پابورت: 166
آنزه ل.: 265
إبراهيم الآلوسي: 262
إبراهيم أحمد صالح شكر 335
إبراهيم أدهم الزهاوي: 170
إبراهيم باشا المشير: 329، 336
إبراهيم التكريتي: 57
إبراهيم حلمي العمر: 335
إبراهيم حييم: 239، 335
إبراهيم سيف الدين الكيلاني: 109
إبراهيم الشواف: 245
إبراهيم فصيح الحيدري: 85، 365
إبراهيم فهيم بك: 215
إبراهيم الملا: 352
إبراهيم الواعظ: 198، 292
إبراهيم الونداوي: 375
ابن أحمد بن مصطفي: 64
ابن الرشيد: 96، 127، 177، 178، 280، 281، 313
ابن سعود: 12، 177، 178، 312، 315
ابن عثمان بن مراد: 23
ابن كمال: 135
أبو بكر حازم: 182، 183
أبو بكر حلمي: 177
أبو الحسن القندهاري: 106، 107
أبو حنيفة (الإمام): 32
أبو طبرة: 133
أبو العلاء المعري: 298
أبو الفضل ميرزا: 81
أبو يوسف (الإمام): 145، 243
أتاتورك: 183، 210، 212
أحمد: 104
أحمد الباچه چي: 31
أحمد باش أعيان: 70
أحمد باشا: 152
أحمد بك: 58
أحمد بك معاون الوالي: 319
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 380
أحمد توفيق باشا: 105
أحمد الحاج بن أحمد بن إبراهيم: 170
أحمد الحاج فليح العسافي: 307
أحمد خيري: 336
أحمد الراوي: 125، 128
أحمد الرشتي: 55
أحمد الرشدي: 55
أحمد الرفاعي: 223
أحمد الزهير: 199
أحمد السمين: 170، 366
أحمد السنوي: 85، 365
أحمد شاكر الآلوسي: 111، 274، 365
أحمد الشاوي: 25، 31، 57، 152، 162، 366، 368
أحمد شاه (أحمد رضا شاه): 370، 371
أحمد شهاب الدين الراوي: 52، 367
أحمد الشواف: 57
أحمد (الشيخ): 82
أحمد فهمي: 133
أحمد فيضي باشا: 12، 157، 158، 164، 177
أحمد كسروي: 371
أحمد الكيلاني: 21، 23
أحمد مختار باشا: 44
أحمد نيازي: 225
أحمد نديم: 263
أحمد هاشم الآلوسي: 347
أرثر يارت: 308
أرشد العمري: 124
إسحاق: 239
أسعد باشا الألباني: 176
الأسعد عضد الملك:
371
إسماعيل بن إبراهيم بن خليل: 56
إسماعيل حقي: 58، 124، 198، 263، 296، 305، 306
إسماعيل الصدر: 237
أشرف باشا: 20
أغا خان: 148
أكرم محمد رفعت أفهم بن رشيد: 145
إقبال الدولة: 106، 107، 108، 110، 367
إلياهو سموحة: 115، 242
اليشاع: 116
أمجد الزهاوي: 129، 131، 365
أمين پاخر: 26
أمين (حفيد الحاج علي): 199
أمين علوش: 352
أمين فيضي: 121
أمين الكهية: 127
أمين بن مصطفي: 180
انستاس الكرملي (الأب): 13
أنطون: 153
أنور پاشا: 194، 343، 344
أنور بن حامد: 56
أنور خياط: 166
باقر حمودي: 239
بجاوشين: 89
بدروس الأرمني: 113
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 381
بديع نوري: 281، 282
برسي لايك: 354
بزيع پاشا: 32، 34
بسيم محمد رفعت: 176
بطيخ (الشيخ): 89
بكر بن محمود الإربلي: 56
بندر السعدون: 70
بهاء الدين بك: 295
بهرام بك: 27
بول ايمبر: 265
بول شندرفر: 116، 122، 123، 126
بيبي: 131
تاجدار بهو: 107
تحسين أفندي: 57
تحسين پاشا: 77
تحسين بك: 51
تقي الدين پاشا: 12، 62، 63، 65، 71، 88، 95، 100، 123
توفيق پاشا: 115، 116، 133، 209
توفيق بن حامد بن محمد صالح: 23
توفيق الخالدي: 329
تيپو سلطان: 108
تيودور دروان: 116، 122
ثابت الآلوسي: 180، 262، 366
ثابت پاشا: 18، 58، 69
ثامر بك: 95
ثعبان (الشيخ): 132
جابر الصباح (الثاني): 346
جاكسن: 293
جاهد: 180
جاويد باشا: 14، 291، 295، 298، 302، 303، 305، 310، 313، 316، 319
جبرائيل فتح الله يوسفاني: 225
جبوري (كسبر خان): 335
جعفر صدقي الباجه جي: 186، 274
جعفر الحلي: 367
جعفر الرشتي: 55
جعفر عطيفة: 326
جعفر ميرزا: 82
جعفر الواعظ: 178، 366
جلال بايار: 212
جلال بك: 243، 264
جلال الدين ميرزا: 108
جمال باشا: 14، 246
جمال بك: 247، 249، 264، 275
جميل بن الحاج علي: 199
جميل خونده: 51
جميل الزهاوي: 97، 101، 116، 121، 141، 244، 259، 261، 264، 267، 306، 329، 349، 362، 367
جندلر (كابتن): 354
جوامير (جوان مرد): 59، 78، 96، 103
جوري أفندي: 134
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 382
جوكل: 26، 78، 96
حاتم الصيهود: 235، 326
حاخام باشي: 114
حازم بك: 14
حافظ إبراهيم: 194
حافظ پاشا: 125
حالت المكتوبي: 31
حامد: 56
حامد بك: 96
حامد السعدون: 150
حامد بن محمد صالح: 23
حرمي بك: 263
حسام الدين: 354
حسام الدين الگيلاني: 154
حسام الملك: 103
حسقيل: 239
حسقيل شنطوب: 113
حسقيل طويق: 335
حسن: 181
حسن آل ياسين: 23
حسن (ابن الشيخ): 245
حسن باشا (الحاج): 134، 150
حسن بك: 181
حسن بك بن محمد باشا: 27
حسن رضا: 109، 176، 305
حسن رضا بك بن نامق پاشا: 226
حسن رفيق باشا: 139، 368
حسن الشهيب: 55
حسن الطالباني: 244
حسن فرهاد: 265
حسن القره داغي: 64
حسن الكليدار: 326
حسيب پاشا: 224
حسين آل ياسين: 23
حسين بك: 18
حسين البشدري: 180، 366
حسين (الشيخ): 352
حسين توفيق: 40
حسين دده البكتاشي: 64
حسن جلال: 283، 291
حسين حسني: 355
حسين حسني الخطاط: 12
حسين عوني: 71
حسين قلي خان: 73، 79، 83
حسين كمونة: 224
حسين ناظم: ناظم
حقي أفندي: 137
حقي پاشا: 277
حقي القاضي: 138، 143
حكمت سليمان (صاحب الفخامة):
153، 208، 215، 263، 295، 296، 346
حمه مام سليمان: 89، 104، 105
حمد العسافي: 147، 180، 306، 307
حمدي بابان: 215، 230
حمدي الباجه جي: 224
حمدي پاشا: 15
حمدي بك (مدير المتحف): 163
حمدي السعدون: 150
موسوعة تاريخ العراق بين
احتلالين، ج 8، ص: 383
حميد (مدير الأعشار) 93
الحميدي بن فرحان: 143
حمودي حمودي: 239
حيدر الحلي: 367
خاجي الرئيس: 294
خالد: 153
خالد التكريتي: 147
خالد النقشبندي (الشيخ): 72
خالد بن الوليد: 127، 306
خسرو: 104
خضر الطائي: 375
خضر القندهاري: 106، 107
خضر لطفي: 199
خضير بن عباس: 334
خليل بك (پاشا): 340، 341، 343، 345، 350، 352، 360
خليل رفعت پاشا: 164
خليل المظفر: 178
خليل هجري بك: 295
خيري الكتخدا: 150
خيري الهنداوي: 362، 367
داود بابو (الحاخام): 242
داود پاشا: 145، 241
داود پاشا الحيدري: 85
داود ساسون: 345
داود السعدي (الشيخ): 12، 81
داود صليوا: 14، 232، 246
داود النقشبندي: 81، 82، 365
داود يوسفاني: 199، 225
درويش بك: 187
درويش الگيلاني: 170
درويش محمد: 158
دوق ملنبورغ: 341
ديلامين: 307
رأفت پاشا: 34، 85، 199، 206
رؤوف آل كتخدا المحامي: 200
رؤوف پاشا: 21، 26
رؤوف بك: 12
رجب پاشا: 133، 134، 139، 150، 151، 154، 156، 157
رجب (نقيب البصرة): 113، 156
رحمة اللّه الطالباني: 244
رحمي بك: 354
رديف پاشا: 27، 28، 29، 31، 34، 68
رزق اللّه عبود: 154
رشدي أفندي: 49
رشدي عبد المجيد خير: 352
رشيد پاشا الكوزلكلي: 95، 128، 213
رشيد البربوتي: 234
رشيد بك معاون الوالي: 319
رشيد التكريتي: 147
رشيد الزهاوي: 182، 261
رشيد الصفار: 263
رشيد عالي الگيلاني: 23، 336
رشيد مسود الفتوي: 226
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 384
رضا (الشيخ الشاعر): 137، 138
رضا الطالباني: 143، 151، 244، 367
رفعت باشا: 100، 102، 164
رفعت بك: 43، 166، 314، 348
الرواس (بهاء الدين): 223
روحي النائب: 31
ريشارز: 148
زبون اليسر الفيصل: 326
الزكي: 127
زين الدين بن عبد القادر: 21، 23
زين العابدين (رض): 91
ساجر الرفدي: 17
ساره خاتون: 239، 246
سازانوف: 300
ساسون حسقيل: 198، 206، 263
ساسون عبد اللّه: 345
ساطع الحصري: 281
سالم البدر: 87
سامي بك: 146، 243
سامي بن حامد: 56
سامي خونده: 51
سامي شوكت: 43، 166، 348
ستانلي مود: 10
سري پاشا: 119، 128، 133، 134، 137، 138
سعاد بك: 349
سعدون پاشا: 71، 96، 262
سعود بن سلطان عبد العزيز: 33، 279
سعود الفيصل: 17، 20، 127
سعيد آغا: 114
سعيد أفندي: 113
سعيد باشا الديار بكري: 325
سعيد بن محمد أمين الكهية: 56
سعيد المفتي الزهاوي: 139
سعيد النقشبندي: 170، 244
سعيد الكركوكلي: 199، 206
سلطان علي (السيد): 345
سلمان بن حسين العاني: 334
سلمان صالح: 165
سلمان عبد اللّه كجرو: 345
سلمان عنبر: 335
سلمان النقيب: 20، 21، 23، 60، 87، 105، 126، 139، 156
سليم شماس: 326
سليمان آغا: 145، 170
سليمان البستاني: 117
سليمان پاشا: 44، 145، 181، 243، 339، 346
سليمان پاشا الكبير: 113
سليمان بك: 96
سليمان بك بن محمد پاشا: 27
سليمان البكر: 165
سليمان توفيق: 154
سليمان السنوي: 85
سليمان سيف الدين: 94
سليمان عسكري: 318، 327، 331
سليمان فائق: 91، 138، 146، 152،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 385
276، 367
سليمان فيضي: 13
سليمان بن نصيف: 143
سليمان نظيف: 14، 221، 231، 233، 240، 242، 243، 313، 319، 324، 325، 327، 329، 349
سليمان النقيب: 112
سليمة دلشاد خانم: 276
سيفي الدفتري: 31
شاؤول داود: 115، 116
شاؤول شعشوع: 239
شاؤول معلم حسقيل: 239
شاكر أفندي: 86، 126
شاكر الباجه جي: 186، 224
شاكر الگيلاني: 154
شامل (الشيخ): 24
شاوانيس: 171
شعبان پاشا: 97، 106، 156، 157
شفيق بك: 330، 337، 340
شكوري التاجر: 326
شكيب أرسلان: 306
شلال بن حاجي حبيب الأفغاني: 335
شهاب الدين الموصلي: 156
الشهبندر الإيراني: 131
شوكت باجلان: 341
شوكت پاشا: 166، 198، 206، 329، 348
شوكت بك: 265
شوندرفر المهندس: 122، 123، 126
شياع الفيصل: 49
صائب شوكت: 43، 166
صادق أفندي: 103
صالح: 95
صالح أفندي: 21، 134
صالح پاشا: 102
صالح پاشا النفطجي: 199
صالح حقي القاضي: 50
صالح دانيال: 87
صالح الراوي: 52
صالح السعدي: 55
صالح العسافي: 147، 306، 307
صالح القره داغي: 64
صالح كاشي: 116
صالح الكيلاني: 56
صالح المشهداني: 163
صالح المهدي: 352
صبري بن حامد: 56
صفوك: 125
صيهود بن منشد: 49، 223، 234، 326
ضياء بك: 43
طالب النقيب: 113، 198، 242، 263، 296
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 386
طاهر آغا: 98
طاونسند (القائد): 302، 309، 332، 333، 343
طلعت بك: 300
طه السنوي: 85، 365
طه الشواف: 121، 244، 366
طه بن ناعور: 97
طه الهاشمي: 355
طه الياسين: 70
عاتكة خاتون: 176
عارف أفندي: 58
عارف الأعظمي: 180
عارف حكمت الآلوسي: 347
عارف البرزنجي: 367
عارف الروزنامه چي: 56
عاشير سالم: 115
عاصم پاشا: 117
عاصم بك: 54
عاكف پاشا الوالي: 43، 45، 46
عاكف بك: 351، 352
عالي بك (پاشا): 12، 88
عباس القندهاري: 106، 107
عباس كمونة: 224
عبد بن كاظم: 334
عبد الأحد صاحب الأوتيل: 335
عبد اللّه إبراهام سوميخ: 115
عبد اللّه باجلان: 341
عبد اللّه پاشا والي البصرة: 44، 69
عبد اللّه بك: 96
عبد اللّه بهاء الدين الآلوسي: 347
عبد اللّه ثنيان: 153
عبد اللّه جودت بك: 325
عبد اللّه الخنيني: 57
عبد اللّه خونده: 51، 261
عبد اللّه زهدي: 154
عبد اللّه الزهير: 263
عبد اللّه الزيبق: 56، 114، 146
عبد اللّه آل سعود: 278، 279
عبد اللّه السنوي: 85
عبد اللّه شيخ الحلقة: 171
عبد اللّه صافي: 32، 39، 54، 86، 158، 367
عبد اللّه الطالباني: 244
عبد اللّه العسافي: 306
عبد اللّه الفيصل: 20، 126
عبد اللّه القطان: 345
عبد اللّه الگيلاني: 21، 23، 67
عبد اللّه المازندراني: 237، 274
عبد اللّه مظفر: 95
عبد اللّه المكتوبي: 25
عبد اللّه موفق الآلوسي: 347
عبد الإله حافظ: 199
عبد الباقي العمري: 41، 108
عبد الباقي: 180
عبد الجبار جلبي: 268
عبد الجبار خان زاده: 336
عبد الجبار الخياط: 166
عبد الجبار مراد: 336
عبد الجبار غلام: 335
عبد الحسين الأزري: 14، 367
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 387
عبد الحسين الرشتي: 55
عبد الحميد (السلطان): 9، 60، 86، 88، 114، 172، 176، 181، 194، 197، 221، 363
عبد الحميد الثاني (السلطان): 108، 201، 209، 212
عبد الحميد رئيس الكتاب: 142
عبد الرحمن إبراهيم المصري: 341
عبد الحميد الشاوي: 112، 157، 366
عبد الرحمن: 105
عبد
الرحمن الأدهمي: 56
عبد الرحمن پاشا الوالي: 16، 34، 37، 39، 43، 51، 52، 59، 62، 63، 65، 71
عبد الرحمن بك: 96
عبد الرحمن البناء: 261
عبد الرحمن ثنيان: 153
عبد الرحمن السعدون: 150
عبد الرحمن الطالباني: 92، 96
عبد الرحمن العسافي: 307
عبد الرحمن القرداغي: 64، 366
عبد الرحمن الگيلاني: 21، 126، 156
عبد الرحمن النقيب: 23، 236، 263
عبد الرحمن الوتري: 56
عبد الرحمن وصفي: 43
عبد الرزاق الأعظمي: 180، 244
عبد الرزاق البرزانلي: 245
عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر: 21، 56، 112، 147
عبد الرزاق السعدون: 150
عبد الرزاق الشواف: 244
عبد الرزاق السيد آل مراد: 224
عبد الرزاق المير: 264
عبد الرزاق النعمة: 304
عبد السلام الشواف: 125
عبد الصمد العسافي: 306
عبد العزيز آل سعود (الأمير): 20، 33، 278، 280، 372، 373
عبد العزيز بك: 96
عبد العزيز (السلطان): 363
عبد العزيز السعدون: 150
عبد العزيز السنوي: 85
عبد العزيز العسافي: 307
عبد العزيز الشواف: 57
عبد العزيز غدارة: 336
عبد العزيز بن عبد القادر: 21
عبد الغفار الأخرس: 32، 366
عبد الغفور الحيدري: 31
عبد الغني جميل: 32، 56
عبد الغني رئيس الكتاب: 142
عبد القادر: 91
عبد القادر الأفغاني: 336
عبد القادر پاشا الخضيري: 113، 222، 268
عبد القادر السنوي: 85
عبد القادر شنون: 172، 367
عبد القادر فيض اللّه: 56
عبد القادر الگيلاني: 21، 154، 156
عبد الكريم (الشيخ): 19
عبد الكريم السعدون: 150
عبد الكريم الصيهود: 326
عبد الكريم نادر پاشا: 41
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 388
عبد اللطيف أفندي: 57، 261
عبد اللطيف ثنيان: 13، 153، 197، 335
عبد اللطيف الراوي: 125، 366
عبد اللطيف العسافي: 306
عبد اللطيف السعدون: 150
عبد اللطيف القائممقام: 187
عبد الملك الشواف: 245
عبد المجيد: 56
عبد المجيد (السلطان): 91، 210
عبد المجيد بك الوالي: 181، 182
عبد المجيد الثاني ابن السلطان عبد العزيز: 210
عبد المجيد خير بك: 352
عبد المجيد حمودي: 239
عبد المجيد السعدون: 150
عبد المجيد الشاوي: 199، 264، 329
عبد المجيد القائممقام:
117، 352
عبد المجيد الگيلاني: 154
عبد المجيد نائب نجد: 93
عبد المحسن السعدون: 26، 71، 150، 199
عبد المحسن الهذال: 17
عبد المسيح الأنطاكي: 232، 233
عبد بن منصور النصراني: 334
عبد المهدي الحافظ: 198، 206، 220، 230، 347
عبد الهادي الباجه جي: 186
عبد الهادي السعدون: 150
عبد الهادي كبة: 225
عبد الوهاب: 23، 352
عبد الوهاب پاشا القرطاس: 263
عبد الوهاب پاشا: 178، 179، 180، 181
عبد الوهاب الپاچه چي: 224
عبد الوهاب الحجازي: 92
عبد الوهاب ابن السيد أحمد: 82
عبد الوهاب النائب: 90، 121، 125، 128، 170، 237، 349، 366
عبد الوهاب نيازي: 224، 366
عبدي پاشا: 113
عثمان پاشا الغازي: 337
عثمان بك بن محمد پاشا: 27
عثمان سيفي: 30
عثمان نورس: 41، 367
عثمان نوري: 142
عثمان وفيق: 223
عجل بن راكان: 133
عجمي پاشا: 71، 96، 262، 272، 328
عجيل بن علي السمرمد: 143
عداي الجريان: 234، 331
عريبي: 49
عزت پاشا: 65، 67، 71، 291
عزت الفارسي: 314
عزرة سحيق: 335
عزيز أفندي: 52
عزيز اللّه خان: 17، 78
عزيز بك القاضي: 27، 147
عزيز حيدر: 104
عزيز شماس: 326
عزيز كاكي: 103
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 389
عصمت اينونو: 212
عطاء الله أفندي: 63
عطا پاشا الوالي: 150، 156، 158، 162
عطا جميل آل الخطيب: 14
علاء الدين الدروبي: 291
علوان بن حسين: 334
علي آل ياسين: 23
علي إحسان: 357، 360
علي أحمد شكري: 275
علي أفندي: 129
علي پاشا: 59
علي بك المقدم: 330
علي بك بن نجيب پاشا: 88
علي البغدادي المعمار: 255
علي البناء: 232
علي بن الحاج مصطفي: 199
علي حيدر الركابي: 291
علي خالد: 78، 83
علي خان: 76
علي الخوجة: 185
علي رضا باشا: 307
علي رضا پاشا اللاز: 30، 41، 128
علي رضا الركابي: 247، 291
علي رضا العمري: 124
علي السليمان: 143، 165
علي الشواف: 245
علي صائب الخضيري: 113
علي الطالباني (الشيخ): 96، 244
علي علاء الدين الآلوسي: 90، 180، 182، 183، 198، 206، 280، 306، 315، 347، 348، 366
علي السيد عواد:
241
علي غالب العزاوي: 165
علي القره داغي: 64
علي القندهاري: 107
علي النقيب الكيلاني: 21، 23
علي وهبي القاضي: 305
عمر أكاه: 93
عمر بك: 96
عمر الخضيري: 178
عمر شعبان أفندي: 164
عمر فهمي: 103، 106
عمر فوزي: 13
عمر لطفي بك: 268، 274
عمر وهبي باشا: 143، 144
عواد (السيد): 241
عوبديه (الخاخام): 40
عوني بن حامد: 56
عيسي روحي الإمام: 304
عيسي غياث الدين: 148، 168، 273
غازي الداغستاني: 24، 88، 104، 340، 344
غازي ابن الشيخ شامل: 44، 88
غالان: 106، 122، 123
غضبان الغصيبة: 234، 235، 326
غلام رسول: 236، 273
غودا: 265
فائق الأعظمي: 180
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 390
فائق بك (قائممقام ديالي): 350
فاطمة بنت عبد اللّه موفق: 347
فالح پاشا: 65، 70، 71، 223
فالح الصيهود: 49، 235، 326
فارس الصفوك: 93
فتاح بك: 78
فتاح الكوسة: 56
فتح اللّه عبود: 26، 31، 148
فتح اللّه يوسفاني: 225
فخري عمر: 309
فخري پاشا: 181
فخري كمونة: 181، 224
فرج أوفي: 335
فرحان پاشا: 19، 50، 105، 125
فريد بك الداماد: 304
فريد بك الزعيم: 281، 282
فقي قادر: 104
فهد السعدون: 26، 150
فهد الهذال: 133، 186
فهمي نصري المحامي: 121
فؤاد (51 ستاذ): 187
فئاد بك الدفتري: 263
فؤاد الخياط: 166
فؤاد مدير الأملاك: 263
فوندر غولج پاشا: 277، 334، 337، 338، 340، 342
فون كه هله ر: 338
فيصل آل سعود: 127
فيصل بن شياع: 49
فيضي باشا: 54
فيضي الرشتي: 55
فيلد مارشال: 338
قادر بك: 27
قاسم پاشا الزهير: 66، 69، 70، 84
قاسم الرشتي: 55
قاسم شاه: 148
قامپوفنر: 277
قدرت بك: 265
قدري پاشا: 45، 46، 51، 55
كاظم پاشا: 139، 141، 181، 223
كاظم الخراساني: 237
كاظم الرشتي: 55
كامل عبد المسيح: 326
كامل بن عبد الوهاب: 23
كرم بن مالك: 83
كمال السنوي: 85
كمال الدين بك: 164
كمال عبد المجيد خير: 352
كوركيس عواد: 275
لارشه الفرنسي: 355
لطفي بك: 247
ماجد بك: 95
مارتين هنري: 66
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 391
مايسز پاشا: 264
مبارك الصباح: 281، 346
مجول بك: 165
محسن الحاج مهدي كمونة: 55، 224
محمد النبي صلي اللّه عليه و سلم: 36، 111، 142، 251، 271
محمد (النوتي): 65
محمد آغا بن علي القندهاري: 107
محمد آل جميل: 26، 87، 126، 129، 167، 274
محمد آل سعود: 127
محمد أمين باش أعيان: 13
محمد أمين زكي: 310، 333، 353، 355
محمد أمين العمري: 114
محمد پاشا بن كيخسرو: 20، 27، 34، 77
محمد باقر (الشيخ): 237
محمد الباقر الجلالي: 130
محمد بك: 27، 32، 79
محمد بهاء الدين النقشبندي: 72
محمد ثابت: 25
محمد جابر: 168
محمد جابر الطبقجه لي: 245
محمد جواد: 131
محمد جواد بن خضر القندهاري: 107
محمد جواد الكليدار: 128
محمد الحاج سعيد: 352
محمد حسين (الشيخ): 237
محمد حسين (الحاج): 131
محمد حسين آل كاشف الغطاء: 366
محمد حسين القندهاري: 106
محمد حسين خان الأركاتي: 107
محمد حسين الكتبي: 131
محمد حسين القندراتي: 131
محمد الخامس (محمد رشاد): 209، 210، 363
محمد درويش: 23، 25، 31، 97، 98، 274، 292
محمد درويش الآلوسي: 111
محمد راشد الدفتري: 25
محمد رأفت باشا: 34
محمد رؤوف باشا: 15، 25، 40
محمد الربيعي: 87، 113
محمد رشيد رضا: 306
محمد رشيد الكيلاني: 336
محمد رفعت المقدم: 176
محمد زكي باشا: 268، 269، 274
محمد السعدون: 150
محمد سعيد الاسكافي: 367
محمد سعيد پاشا: 92، 93، 94، 151، 275
محمد سعيد التميمي: 121
محمد سعيد حبوبي: 367
محمد سعيد الزهاوي: 129، 132، 236، 239، 261، 341، 365
محمد سعيد بن عبد القادر: 23
محمد سعيد الكواكبي: 150
محمد سعيد بن محمد أمين: 26
محمد سعيد (المدرس): 237
محمد سعيد النقيب: 60
محمد السماوي: 232
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 392
محمد شاه الثالث: 148
محمد شاكر: 146
محمد شوكت باشا: 217، 218، 219، 220، 225
محمد (الشيخ): 82
محمد صالح البرزانلي: 245
محمد صالح
بن حامد: 23
محمد صالح الشابندر: 186، 245
محمد صالح المشهداني: 163
محمد الصاوچپلاغي: 127
محمد ضياء الدين: 209
محمد الطالباني: 244
محمد طاهر: 338
محمد الطباطبائي (الحجة): 292
محمد الطبقچه لي: 82
محمد طيب: 100
محمد عارف والي البصرة: 234
محمد العريبي: 49
محمد العسافي: 147، 306
محمد عطا اللّه: 25
محمد علي شاه: 370، 371
محمد علي عيني: 137
محمد علي فاضل حافظ: 199
محمد علي كمونة: 224
محمد علي مميز المحاسبة: 124
محمد فائق الكيلاني: 154
محمد فاضل پاشا الداغستاني: 24، 44، 88، 89، 103، 215، 216، 240، 290، 291، 293، 312، 325، 329، 340، 344، 348، 349
محمد فهمي المدرس: 169، 175
محمد الفيصل: 127
محمد فيضي الزهاوي: 25، 31، 52، 64، 98، 127، 365
محمد القره داغي: 64
محمد القزويني: 237
محمد كاظم الخراساني: 262
محمد كامل بن محمد طاهر العمري:
115
محمد بك لطف اللّه 346
محمد المانع: 306
محمد منير باشا: 78
محمد بن مهدي: 334
محمد مهدي الرشتي: 55
محمد مهدي الكليدار: 58
محمد ناجي: 245
محمد نافع الطبقنچه لي: 165، 236
محمد نجيب پاشا: 21
محمد نجيب شيخ الحلقة: 171
محمد نهاد: 355
محمد نوري باشا: 94
محمد بن ياسين بن طه: 23
محمود آغا: 57
محمود آل جميل: 56، 168
محمود أبو الثناء الآلوسي: 39، 82، 108، 110، 153، 161
محمود الأطرقچي: 239
محمود البرزنجي: 367
محمود بك: 27
محمود التكريتي: 147
محمود الجيبه جي: 56
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 393
محمود (الحاج): 70
محمود حاجي خان: 103
محمود حلمي: 96
محمود حموشي: 176، 180، 267
محمود خضر: 104
محمود خله بزه: 89
محمود الربيعي: 223
محمود الشاوي: 67، 69، 70، 103
محمود شكري الآلوسي: 33، 82، 125، 180، 237، 315، 366
محمود شوكت پاشا: 153، 194، 208، 209، 243، 275، 276، 295، 346
محمود صبحي بن فؤاد: 56، 263
محمود عبد القادر حلبي: 51
محمود فهمي درويش: 111
محمود القره داغي: 64، 85، 104، 130، 374
محمود الكيلاني: 154
محمود الملاح: 62
محمود النقيب: 21
محيي آغا: 352
محيي الدين
النقيب: 315
محيي الدين بن عربي: 209
محيي الدين الكيلاني: 263
مدحت پاشا: 8، 15، 16، 18، 19، 24، 26، 27، 41، 44، 48، 55، 87، 142، 178، 188، 214، 231، 278
مخلص پاشا: 181
مراد الخامس (السلطان): 363
مراد أبو كذيله: 18، 31
مراد بك: 153، 215، 263
مراد بك المكتوبي: 226
مراد پاشا: 183
مركوريان: 239
مرهون المنذور: 132
مزاحم بك: 95
مزبان (من شيوخ بني لام): 50
مزيد پاشا السعدون: 34، 272، 292
مشتت بن خليفة: 49
مصطفي: 56، 93
مصطفي أفندي: 16، 168، 179، 180
مصطفي شفيق: 295
مصطفي بن عثمان باجلان: 341
مصطفي جواد (الدكتور) 375
مصطفي عاصم: 98، 101، 102، 114، 123
مصطفي عبد الغني آل جميل: 112
مصطفي القرداغي: 64
مصطفي الكاتب: 97، 139
مصطفي النقشلي: 56
مصطفي نور الدين الواعظ: 126، 198، 206، 292، 366
مصطفي وفي آل جميل: 147، 182، 366
مطلك بن خلف البكر: 334
مظفر الدين شاه: 370
مظهر پاشا: 34
مظهر بك: 234
معروف الرصافي: 172، 187، 197، 204، 206، 264، 329، 362،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 394
367
مكي عبد الرزاق الأعظمي: 244
ممتاز بك: 186، 216
مناحيم دانيل: 43
منذور آل لوتي: 132
منشد: 49
منشي حسقيل: 345
منصور پاشا: 50، 60، 65، 66، 67، 68، 69، 70، 71، 95
منيب پاشا: 69
منير بك الديار بكري: 348
منير الدولة: 107
منير الوكيل: 131
منيف پاشا: 135
مهدي آل السيد سلمان: 223
مهدي القباني: 133
مهدي النقشبندي: 352
موزان المحمد: 20
موسي الباچه چي: 186
موسي الشابندر: 245
موسي كاظم الپاچه چي: 224، 274
موسي ميرزا هادي: 132
موسي (من شيوخ بني لام): 50
ميخائيل ياغچي: 335
مير بصري: 375
مير شنطوب: 113
مير علي: 79
مير محمد: 49
مير محمد أسعد القاضي: 64
ميرزا بك: 144
نائلة خاتون: 31
ناجي السويدي: 243، 294
ناجي شوكت (صاحب الفخامة): 43، 166، 198، 339، 348
ناحوم شكومو: 345
نادر آغا: 59
ناصر پاشا السعدون: 31، 34، 44، 66، 67، 70، 94، 95
ناصر الدين شاه: 101، 370
ناصر النقشبندي:
163
ناظم أفندي: 58
ناظم پاشا: 176، 187، 197، 205، 219، 225، 226، 230، 231، 232، 237، 238، 245، 256، 276
ناظم حميد المحامي: 263
نافذ پاشا: 12، 19، 27، 33، 96، 103، 106
نامق پاشا: 69، 158، 164، 166، 175، 176
نجم الدين منلا الوالي: 188، 190، 214، 216
نجم الدين النائب: 97، 98، 366
نجم العبد اللّه آغا: 59
نديم الپاچه چي: 186
نزيه بك: 93، 94
نسيم المعلم: 116
نشأت السنوي: 85، 199، 206
نصرت پاشا: 132، 139، 141، 152
نصري ناطق المارديني: 121
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 395
نعمان الأعظمي: 315
نعمان أفندي: 179، 180
نعمان الپاچه چي: 186، 224، 274
نعمان خير الدين الآلوسي: 39، 82، 105، 120، 161، 176، 365، 368
نعمان سليمان فايق: 346
نعيم بابان: 306
نهاد محمد رفعت: 176
نور الدين بك: 329، 330، 332، 387
نور الدين محمود الكيلاني: 154
نوري أفندي: 57
نوري البرزنجي: 367
نوري البغدادي: 263، 329
نيازي: 194
نيلس فون روزن: 125
هادي پاشا العمري: 208
هاشم الآلوسي: 274
هاشم بك: 49
هاشم عبد الرزاق الأعظمي: 244
هجري بك: 296
هجري دده: 232
هدايت پاشا: 72، 86، 95، 96، 101، 143
هزاع الناصر: 235
واجد علي شاه: 107
وادي بن منشد: 49
وحيد الدين (السلطان محمد السادس):
210
ونفر دنن: 309
ويلس: 354، 362
ويليام ويلكوكس: 293
ياسين پاشا الخضيري: 239
ياسين محمد درويش: 23
يامن بن يعقوب: 326
يحيي نزهت: 88
يسر الفيصل: 49
يعقوب سركيس: 26، 65، 109، 148
يعقوب عيسائي: 154
يهودا زلوف: 115، 239
يوسف آل باش أعيان: 143
يوسف أكاه پاشا: 246، 247
يوسف پاشا: 234، 246
يوسف حييم إلياهو: 224
يوسف السويدي: 57
يوسف شنطوب اليهودي: 113، 116
يوسف ضياء پاشا: 329، 337
يوسف طليع پاشا: 87
يوسف بن عبد الحق: 98
يوسف فرج: 335
يوسف كرجي: 31
يوسف لطف اللّه: 347
يوسف ياغجي: 335
يوسف يعقوب: 98
يونس (النائب) 40
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 396
آق قوينلو: 165
آل الآلوسي: 365
آل إبراهيم: 259
آل أزيرج: 220، 230، 235
آل باش: 13، 112، 143، 147، 148، 182، 273، 307، 366
آل الحيدري: 85، 179، 365
آل حميد: 79
آل الخطيب: 14
آل خميس: 23
آل رئيس الكتاب: 142
آل الرشيد: 177، 372
آل زكري: 23
آل الزهاوي: 179، 365
آل زهير: 69
آل الزيبق: 146
آل سبهان: 113
آل سعدون: 262
آل سعود: 12، 20، 33، 127، 177، 365، 372، 373
آل السنوي: 85، 365
آل سوميخ: 115
آل السيد ياسين: 23
آل شريف بك: 43
آل الشواف: 91
آل صباح: 281
آل العبا: 322
آل عبد الجليل: 94
آل عبد العزيز: 21، 23
آل عثمان: 172، 363
آل فيصل: 49
آل كاشف الغطاء: 366
آل كبة: 225
آل الگيلاني: 21، 112، 224
آل المدرس: 64، 102
آل مراد: 23
آل منشد: 49
آل النفطجي: 199
آل النقيب: 23
آل نور الدين: 23
الأرمن: 268، 357
الإسرائيليون: 40
الأسرة البابانية: 127
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 397
الأسرة البهلوية: 371
الإسلام و المسلمون: 16، 85، 116، 131، 132، 141، 161، 196، 244، 251، 252، 257، 258، 303، 311، 315، 324
الإسماعيلية: 148، 149
الأكاسرة: 24
ألبان: 135، 170، 176، 178، 295
الألمان: 9، 265، 299، 303، 304، 307، 311، 317، 333، 356
الأمويون: 85
الإنكليز: 62، 107، 108، 222، 280، 281، 297، 300، 302، 303، 304، 307- 319، 327، 331- 334، 339،
341- 343، 352- 360، 361
الإيطاليون: 303
بابان: 27، 28، 71، 128، 306
البابية: 129- 131
باجلان: 341
الباطنية: 130
البدير: 59
باذراع: 79
البدو: 17، 73، 75
البكزادة: 27
الپلانية: 50
البلقانيون: 303
بنو حسن: 132
بنو حكيم: 166
بنو زريج: 235
بنو طرف: 334
بنو لام: 50، 73، 234، 235
بنو ويس: 141
البهائية: 130، 131
البو جياش: 166
البو حسان: 60، 166
البو سلطان: 50، 234
البو سيد سلمان: 223
البو محمد: 49، 233، 235، 326
البو موسي: 235
البيات: 59
بيت السويدي: 163
بيت لويلو: 49
الترك: 165، 180، 195، 212، 216، 232، 278، 295، 300، 302، 303، 305، 313، 322، 325، 331، 334، 345، 347، 355، 368
تميم: 147
الجاف: 26، 27، 28، 50
جاوية: 28
الجبل: 133
الجبور: 50، 88، 235، 294
الچچان (الچچن): 24
الجحيش: 234
الجريان: 162
الجشعم: 26
جولمرك: 330
الجياش: 294
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 398
الحنفية: 25، 31
خفاجة: 79
الدغارة: 26، 81
الدليم: 143، 165، 220، 230، 235
الدنادية: 144
دوزاوه (من الفيلية) 18
ربيعة: 68، 73، 141، 143
رشوند: 103
الرفاعية: 223
رفيع: 79
الروس: 145، 298، 299، 302، 303، 325، 330، 358
الروم: 172
زبيد: 143، 234
زكورت: 222، 223
الزند: 50
زوبع: 235
الزياد: 294
السبعة: 93
السريان: 120
السعدون: 65- 71، 75، 76، 262
السماوة: 26، 166، 294
السنة: 28، 236
السنجاوية: 33، 83
السواعد: 20، 74
السودان: 74
سيته بسر: 103
الشافعية: 31، 336
الشبل: 235، 259
شمر: 18، 50، 75، 93، 113، 143، 165، 272
شمر طوگه: 89، 141
شمرت: 222
الشيعة: 82
الصائح: 272
الضفير: 79، 272
الظوالم: 166، 294
عاد: 33
العثمانيون (الدولة العثمانية): 24، 44، 78، 89، 119، 122، 131، 153، 154، 161، 164، 188، 189، 195، 198، 222، 251، 254، 257، 259، 278، 280، 281، 287، 298، 299، 300، 302- 312، 314- 317، 324،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 399
327، 331، 332، 337، 338، 342، 350، 353، 357، 358، 359، 361، 370- 373
العجم: 172، 182
العرب (العربان): 30، 108، 125، 132، 165، 172، 195، 213، 268، 311، 313، 322، 346
عزة: 235، 326
عفك: 81
عمارات: 186
عنبكية: 235
عنزة: 17، 26، 79، 93، 133
العويديون: 162
الغزالات: 235، 259
الفتلة: 259
الفداغة: 235
الفرنسيون: 300، 304
القراغول: 235
القرطال: 235
قره قوينلو: 165
الكرج: 276
الكرد: 306، 313، 322
الگرطان (القرطان): 235
الكروية: 88
الكريط: 132
كشمر: 79
الكلهر: 33، 83، 132
گوران: 7
اللر (لور): 18، 83
مل خطاوي: 83
المشاهدة: 163
المعتزلة: 135
المماليك: 187، 276
المنتفق: 50، 60، 65، 69- 72، 75، 220، 234، 272، 328
الموصليون: 323
مياح: 67، 71
ميكائيلي: 50
النده: 141
النزارية: 149
النساطرة: 330، 357
النصاري: 148
الهماوند: 17، 26، 54، 59، 78، 88، 92، 95، 103
الهندية: 74، 142، 259
يزيدية: 20، 144، 145
اليهود: 6، 16، 114، 115، 116، 242
يونان: 153
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 400
أبو جداحة: 86
أبو جويري: 48
أبو روية: 65
أبو صخير: 259
أبيجع: 74
الأحساء: 12، 20، 94، 143، 151، 178، 272، 278، 279، 280، 372
أدرنة: 43، 282، 330، 337
إربل: 85، 361
أرزنجان: 181
أرضروم (أرزن الروم): 190، 282، 300، 313
أزمير: 56
الأزيرج: 76
استنبول: 10، 11، 15، 20، 21، 26، 32، 34، 41، 44، 45، 49، 50، 51، 57، 58، 60- 63، 66، 67، 69- 71، 79، 94، 102، 105، 106، 108، 115، 125، 129، 132، 133، 137، 143- 145، 151، 157، 158، 163، 167، 170، 171، 181، 182، 186، 193، 204، 208، 210، 214، 215، 220، 223، 224، 225، 246، 247، 264، 267، 268، 274، 275، 277، 282، 291، 296، 299، 300، 304، 306، 325، 329، 330، 337، 338، 347، 348، 353، 354، 368
استكهولم: 125
اشقودرة: 102
اصطبلات: 358
أطنة: 115، 116، 119، 249
الإعدادي العسكري: 59، 79، 205
الإعدادي الملكي: 152، 296
الإعدادية المركزية: 283
الأعظمية: 31، 51، 139، 152، 247 344
الأفغان: 268، 312، 315، 328
ألتون كوبري: 360
ألمانية: 148، 176، 264، 265،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 401
277، 297
ألموت: 149
أم التمر: 48
أم الشعير: 67
أم الطبول: 333
أم الغشوش: 48
أم الغنم: 48
أنقرة: 34
إنكلترة: 59، 63، 109، 280، 281
آنونيم: 186
الأهواز: 327
أورفة: 216
أوروبا: 75، 108، 164، 268
أوستريا (مجارستان): 166
أولينغ يلكه ن: 339
أيا صوفيا: 190
آيدين: 102، 138
إيران و (الإيرانيون): 17، 20، 30، 33، 43، 49، 54، 64، 78، 81، 83، 89، 90، 96، 103، 104، 130، 131، 137، 149، 183، 328، 353، 362، 370، 371
إيطالية: 259
باب الأعظمية: 345
الباب الشرقي: 268
باب الشيخ: 111، 340
الباب العالي: 60، 63، 66، 131
باب المعظم: 242، 243
بابا گورگور (مسجد): 64
بابل: 67، 260
بارمان: 149
باريس: 108، 122
بازيان: 103
الباشية: 60
باعذرا: 144
الباغات: 334
البانق العثماني: 267، 268
بانه: 358
بانية: 27، 28، 190
بتليس: 349
بحاثة:
74
بحر آزاق: 299
البحر الأبيض المتوسط: 246
البحر الأسود: 299
البحرين: 33، 280، 307
بدرة: 73
البدعة: 48، 76
البدير: 59
برلين: 268، 303، 343
بروسة: 170، 336، 338
بريطانيا: 311
البستان: 31
بستان أم ألبير: 339
بسوه: 215
البصرة: 11، 19، 33، 34، 44، 45، 48، 49، 51، 58، 60، 62، 65- 70، 72، 75، 79، 81، 83- 88، 92، 94، 95، 113، 124، 143، 146، 150،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 402
152، 156، 157، 162، 181، 182، 185، 186، 198، 202، 222، 223، 225- 227، 231، 234، 240، 242، 243، 245، 246، 249، 250، 254، 261، 263، 264، 269، 281، 282، 291، 296، 304، 305، 308، 309، 310، 312، 313، 314، 315، 317، 318، 321- 323، 327، 340، 341، 372
بغداد: 14، 16، 17، 18، 19، 21، 23- 31، 33- 35، 37، 40، 41، 43، 46، 48- 52، 54- 56، 58- 60، 62، 64، 66، 70، 78، 85، 87، 88، 94، 95، 97، 98، 100، 102، 103، 105- 111، 114، 117، 119، 122- 135، 137- 139، 141- 143، 145- 154، 156- 159، 162، 164، 166- 168، 170- 172، 176- 188، 191، 197، 198، 201، 204، 206، 207، 212، 214، 216- 220، 222، 223، 225، 226، 228، 230، 234، 236، 238- 240، 243، 245- 247، 249، 250، 255، 260، 261، 265، 267، 269، 271، 274- 276، 279، 281، 283، 286، 287، 292، 295، 297، 303، 305، 310، 313- 315، 317، 318، 319، 324، 326، 327، 329، 330، 331، 332، 334، 337، 339، 340، 342، 343- 345، 347، 348، 349، 352، 353، 355، 356، 366، 368، 372
البغيلة: 84، 92، 331
بلجيكا: 311، 338
البلقان: 200، 273، 300، 303، 322
بنارس: 107
بنجوين:
358
بنغازي: 259
بنو أسد (ناحية): 76، 129
البوسفور: 299، 303
البوسنة: 50، 205
بومبي: 82
البيت الحرام: 142
بيت عدّاي: 331
بيت المعتصم: 163
بيروت: 117
بيرة جك: 347
تبريز: 130
تبيران: 183
التحويلة: 95، 169
تربة النبي يوشع عليه السّلام: 115
ترعة السويس: 323
ترعة الهندية: 121
تركستان: 303
تركيا: 302، 307
تفليس: 268
تكريت: 358
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 403
تكية البكتاشية: 64
تكية البكري: 178، 292
تكية الطالبانية: 92، 96
تكية عرب: 336
تكية كركوك: 96
التومان: 103
جابان: 311
جادة خليل پاشا: 267، 345
جاف (نهر): 28
جامع آل جميل: 274
جامع أحمد الكهية: 176
جامع الإمام الأعظم: 237
جامع بايزيد: 306
جامع الحيدرخانة: 237
جامع الخاتون: 237، 297
جامع خانقين الكبير: 64
جامع الرمادي: 20، 21
جامع السيد سلطان علي: 223، 345
جامع شطرة العمارة: 105
جامع العادلية: 306
جامع الشيخ عبد القادر الگيلاني: 95، 344، 346
جامع الفحامة: 223
جامع الفلوجة: 223
جامع مرجان: 161، 273
جامع المسيب: 21
جامع الميدان: (الأحمدية): 97، 176
الچاي: 39
جامع الهندية: 25
جباسيات: 48
جبل حمرين: 357
جبل شمر: 97
الجحلة: 74
جرام: 347
الجربوعية (ناحية القاسم) 19
الجرة: 336
الجريان: 162
الجريت: 74، 75
الجزائر: 30
الجزرة: 74
الجزيرة: 90، 91، 234، 361
جزيرة العرب: 146
جسر بغداد: 129، 171، 175، 176، 262
الجسر الحميدي: 154
جسر الخر (المسعودي) 77، 154، 260
جسر العشار: 282
جسر الفلوجة: 95
جسر كركوك: 39
جسر الكوت: 169
جصان: 73
جعارة (الحيرة): 50، 347
جلعوط: 93
چمچمال: 235
جمعية الاتحاد: 206، 208، 268، 306
جمعية الإصلاح: 296
الجمعية المحمدية: 208
جمعية معاونة الجرحي: 341
چناق (قلعة): 300، 304، 309،
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 404
315، 339، 347
جوار: 74
جوانرود: 28
جولمرك: 330
حائل: 127
الحجاز: 12، 63، 108، 277، 306
الحچاميات: 48
الحسينية: 131، 170
الحصونية (الحسونية): 48
حضرة العباس: 58
حضرة عمر بن الخطاب: 321
حضرة القادرية: 171
حضرة الشيخ الكيلاني: 171، 187، 225، 233، 340
حطامان: 48
حلب: 28، 84، 102، 171، 214، 220، 262، 267، 347
الحلة: 19، 31، 48، 50، 60، 72، 74، 77، 89، 94، 121، 122، 126، 142، 165، 166، 168، 199، 237، 245، 259، 293، 348، 351
الحمار: 76، 83
حماية: 357
الحميدية: 24، 101، 125، 148، 149، 165، 205
الحويزة: 327
الحي: 65- 68، 75، 76، 142
حيال: 23
الحيرة: 50، 347
الخابور: 93
الخاتونية: 60
الخالص: 25، 95، 169
خان الحاج عبد العزيز: 273
خان الدجاج: 273
خان العوينة: 330
خان النفط: 273
خانقين: 19، 96، 103، 104، 141، 149، 357، 361
خان النهروان: 357
الخر: 171
خرائب الدهوية: 357
خراسان: 19، 142، 350
خزانة الآثار: 14
خزانة الأوقاف العامة: 82، 162
خزانة الكهية: 368
خزانة مشهد الإمام الحسين: 91
خزانة نائلة خاتون: 368
خزانة نعمان الآلوسي: 368
خصايا الهور: 48
الخليج العجمي: 311
خليج فارس: 279، 310
الخنث: 48
الخواص: 149
خيازة: 48
دائرة الأحكام العدلية: 37
دائرة البلدية: 56
دائرة النفوس: 346
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 405
دار أيوب القلمجي: 356
دار البريد و البرق: 283، 356
دار التدريس: 188
دار السبيل: 265، 268
دار السعادة: 35، 37
دار الشفاء: 214
دار المعلمات الابتدائية: 297
دار المعلمين: 260، 296، 305
(الدباغخانة): 23، 268، 345
الدچة: 76
دجلة: 49، 65، 75، 112، 116، 117، 122، 162، 175، 187، 214، 222، 227، 253، 268، 310، 327، 328، 342
دربند بازيان: 78
درسم: 335
الدلابحة: 333
الدليم: 18، 20، 90، 142، 149
دمشق: 357
الدنادية: 144
دوار: 169
دواجنات: 357
الدولاب: 48، 60
دهوك: 49، 313
دوق مكلنبورغ: 341
ديار بكر: 34، 43، 51، 52، 58، 108، 134، 146، 190، 283
ديالي: 28، 65، 169، 358، 359
دير الزور: 45، 133، 171، 357
الديوانية: 74، 77، 198، 256، 259، 260، 263، 293، 348، 351
رأس النتنومة: 17
رأس القرية: 326
راوندوز: 347، 361
رايت: 359
الرحالية: 91، 149
الرستمية: 342
الرشادية: 205، 260
الرشدي العسكري (مكتب): 54، 55، 58، 79، 148، 164، 205
الرصافة: 129، 152، 205
الركيوه: 48
الرمادي: 20، 21، 357
الروسية: 24، 43، 44، 88، 108، 297، 302، 303، 304، 311، 330، 371
روضة الكاظمية: 108
الروطة: 327
روم إيلي: 77، 145، 178، 282، 287
رويضات: 358
الرياض: 12، 127، 177، 281
الزاب: 360
زاخو: 49
الزبير: 81، 245، 306
زرباطية: 73
الزميلي: 74
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 406
زوارق: 65
زندان: 24
زهاو: 28، 128
سامراء: 54، 121، 356، 357، 358
سدة الحويرة: 186
سد الكنعانية: 49، 105، 114، 186
سدة الهندية: 25، 103، 106، 116، 121، 122، 126، 137، 186، 259، 288، 293، 294، 342
السراجخانة: 334
سراي الكاظمية: 164
سرد: 12
السفارة البريطانية: 106
سكة حديد بغداد: 264، 299، 337، 342
سلانيك: 57، 337
سلمان پاك: 70، 331، 332، 333، 336، 339، 340، 345، 352، 353، 355
السليمانية: 18، 28، 54، 58، 72، 78، 91، 128، 199، 206، 235، 306، 358
السماوة: 26، 74، 77، 142، 357
السن: 254، 342
السنجار: 144
السنجاوية: 33
السند: 23
سندية: 357
سنة (سنندج): 85، 358
سورية: 62، 149، 150، 171، 268، 309
سوق البقالين: 307
سوق الشيوخ: 76، 77، 78، 234
سوق العطارين: 244، 273
سيحان: 309
سيواس: 45، 46
سيواستبول: 299
شادي: 84
شارع الإمام أبي حنيفة: 32
شارع الرشيد: 267، 345
شارع الملكة عالية: 223
الشام: 115، 150، 204، 268
الشامية: 48، 71، 74، 77، 142، 259
الشاهية: 48، 60
الشرقاط: 360
شركة جاكسون: 293
شركة المنسوجات: 214
شريعة الميدان: 117
شط الحلة: 293
شط الحي: 75
شط العرب: 227، 308
الشطرة العمارة: 76، 78، 81، 84، 90، 318
شطرة المنتفق: 90
الشعيبة: 327، 328
شفاثا: 91
الشنافية: 259
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 407
شهرزور: 18، 19، 54، 58، 129، 151
الشيح: 48
الشيخان: 144
الشيخ سعد: 353
الصفاوة: 48
الصقلاوية: 24، 105
الصلاحية: 19، 50، 361
الصنائع (مكتب): 214
الطائف: 87
الطارمية: 150
طاق كسري: 100
الطاقة: 351
طرابلس الغرب: 156، 158، 159، 200، 259، 306، 330، 336
طربزون: 112، 151
طوزخورماتو: 359
الطويلة: 72
الطوينات: 48
الظلمية: 60
عانة: 171، 361
العبخانة: 273
عبادان: 303، 307، 317
العجوز: 48
العراق: 13، 24، 28، 33، 35، 39، 41، 44، 45، 51، 68، 69، 75، 83، 97، 108، 109، 110، 128، 135، 141، 143، 147، 149، 150، 152، 173، 177، 187، 189، 190، 193، 194، 198، 201، 206، 208، 215، 221، 222، 227، 231، 233، 238، 272، 276، 282، 295، 296، 303، 305، 306، 308، 309، 310، 315، 316، 317، 321، 323، 324، 325، 327، 329، 331، 332، 340، 341، 352، 353، 354، 355، 361، 363، 365، 368، 370، 373
العريض: 74
العزير: 65، 312، 316، 318
العزيزية: 76، 331، 332
عشر: 74
العفير: 38
علي الغربي: 83
العمارة: 18، 20، 31، 49، 50، 63، 67، 72، 73، 74، 83، 84، 87، 100، 142، 143، 165، 199، 223، 234، 264، 330
عمان: 278، 279، 280
عنكوش: 48
العوادل: 48، 60
العورة: 48
العينية: 60، 162
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 408
الغرابية: 213
الغراف: 75
غرفة التجارة: 239، 240
الغزالي: 171
الغزالية: 213
الغفارية: 48
الغموگة: 48
الغميجة: 65
الفاتحة (محلة): 98
الفاو: 75، 300
الفتاحية: 78
الفتحة: 358، 360
الفحامة: 87، 223
الفرات: 75، 112، 116، 122، 138، 187، 222، 227، 238، 253، 293، 294، 327، 357، 359
فرنسة: 116، 277، 297، 311
الفرهادية (الفرحاتية): 87
فزان: 347
الفضيلية: 213
الفلاحية: 342، 353
فلسطين: 355
الفلوجة: 24، 217، 247، 357
الفوار (نهر): 90
فولي: 328
القاسم (محلة): 19
القاهرة: 275
قبر الإمام أبي يوسف: 243
قبر سليمان باشا: 243
قرا داغ: 103
قرارة: 106، 109، 116، 117، 214
قرق كليسا: 337
القرنة: 65، 314، 318، 328
قره تبة: 359
قزلرباط (السعدية): 59، 152
قسطموني: 190
قسطنطينية: 133
قشلة البصرة: 87
قشلة كركوك: 32
قشلة المدفعية: 356
القشلة النظامية: 152
القصابية: 23
قصبة الإمام موسي الكاظم (رض): 111
قصر عبد الجبار: 268
قصر عبد القادر الخضيري: 268
قصر كاظم باشا: 139
قصيم: 177
القطانة: 106
قطر: 280
القطيف: 94، 278
القفاف: 23
قفة البو سعيد: 48
قفة ديالي: 23
قفقاسبة: 303، 309، 316
قلعة سكر: 76
قلم النافعة: 335
قناة السويس: 268
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 409
قنبر علي (محلة): 326
القندية: 134
القنصلية الإيرانية: 117
القنصلية البريطانية: 110
قوصوه: 277
القيارة: 213، 361
الكار: 48
الكارون: 327
الكاظمية: 81، 106، 139، 142، 145، 163، 164، 237، 243، 326، 334، 344، 352
كربلاء: 17، 18، 55، 72، 74، 89، 91، 97، 107، 112، 137، 142، 147، 149، 152، 182، 183، 198، 206، 220، 224، 230، 237، 243، 259، 263، 347، 348
الكرخ: 51، 56، 87، 101، 152، 163، 187، 265، 205، 276، 291
كركوك: 28، 32، 39، 58، 64، 104، 105، 128، 157، 180، 199، 235، 359، 360، 361
گرمانشاه: 28، 103، 340
گرمة بني سعيد: 48، 76
گريد (كريت): 57، 134، 277
الگريعات: 342
كصة: 74
كفري: 19، 50
كلعنبر: 27
كلكتا: 107
كلية الأركان العراقية: 224، 277، 282
الكلية الأعظمية: 246
كلية الإمام الأعظم: 255
كلية الحقوق: 193، 274، 296، 347، 305
كلية الملكية الشاهانية: 193، 282، 306
كليات إنكلترة العسكرية: 224
كمون (قرية): 49
كنعانية: 40، 137
كنيس النبي يوشع عليه السّلام: 114
الكوت: 65، 70- 73، 81، 83، 105، 169، 309، 331، 332، 333، 339، 340، 341، 343، 346، 348، 352، 353، 355
كوت معمر: 48
الكوفة: 186
الكويت: 20، 280، 281، 346، 373
كويرش: 260
كويسنجق: 100
لابيه ن: 339
لازستان: 151
لاهيجان: 215
لكناهور: 107
لنج (شركة): 221، 246
لندن: 107
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 410
لورستان: 235
ماردين: 113، 143، 326
المبرات الخيرية: 55
متصرفية الموصل: 58
متصرفية نجد: 33، 34، 69، 152
المتولية: 87
المجر: 343
المجر الصغير: 74
المجر الكبير: 74
مجلس المبعوثون (النواب): 197، 198، 206، 213
مجلس المعارف: 274
محكمة البداية: 57، 199
محكمة التجارة: 243
محكمة الجزاء: 263
المحسنية: 17
محكمة الاستئناف: 57، 243
المحاويل: 19، 149
محلة الجامعين: 351
محلة جبران: 351، 352
محلة جديد حسن پاشا: 125
محلة العوينة: 97، 101
محلة الفضل: 97
محلة خضر إلياس: 163
المحمرة: 43، 327
المدحتية: 19، 142
المدارس الرشدية: 188، 260
المدارس العلمية: 365، 367
مدرسة الاتفاق الكاثوليكي: 51
المدرسة الإعدادية: 117، 126
المدرسة الأعظمية: 170، 246، 366
المدرسة الحربية: 146، 268، 277، 282، 337، 338
مدرسة الحقوق: 188، 190، 260، 274، 296
مدراش بيت زليخة: 115
مدرسة الصنائع: 172، 214
مدرسة الطبقچه لي: 82
مدرسة العشائر: 143
المدرسة القادرية: 96، 112، 125
مدرسة الكاثوليك: 121
مدرسة المرجان: 244، 306
مدرسة المسيب: 21
مدرسة نائلة خاتون: 368
مديرية السجون: 243
المدينة المنورة: 12
المراغة: 64
مرقد الشيخ أحمد الرفاعي
مرقد أنس بن مالك: 105
مرقد الزبير: 105
مرقد طلحة: 105
مريوان: 358
المساين: 48
المستشفي: 55، 101، 148، 242
مستشفي مير الياهو: 242
مسجد الرواس: 223
مسجد الشيخ أحمد الرفاعي: 105، 223
مسجد النجيب السهروردي: 148
المسرهد: 75
المسعودي: 89، 329
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 411
مسقط: 280
مسكنة: 57، 122
المسيب: 21، 91، 259
المسيج: 48
المشرح: 74
مشهد العباس (رض): 91
مشهد العزيز: 65
المشيرية: 25، 95، 149، 213
المصبغة: 206
مصر: 275، 277، 293
مطبعة الآداب ببغداد: 246
مطبعة البصرة: 124
مطبعة الكوفة: 12
مطبعة دار السلام: 141، 197
مطبعة الزوراء: 12
المطبعة العامرة: 325
المطبعة العسكرية: 353
مطبعة ولاية بغداد: 201
معمورة العزيز: 335
مقبرة الإمام الأعظم: 32، 224
مقبرة الحسن البصري: 245
مقبرة الغزالي: 223
مقبرة النبي شيت: 85
مقبرة اليهود: 114- 116
المقدادية: 24
مقري كوي: 337
المقيض: 48
مكة: 12
المكتب السلطاني: 296، 347
مكدونية: 277
مليبار: 108
الممدوحية: 142، 162
مناستر: 34، 182، 183
المملكة العربية السعودية: 306، 347
المنتفق:
34، 50، 58، 60، 62، 65- 72، 75، 77، 79، 87، 90، 92، 94، 95، 100، 129، 199، 206، 230، 262، 264، 282
مندلي (بنديجين): 88، 141
المنصورية: 24، 104
المنطقة: 142
الموصل: 11، 43، 44، 54، 58، 62، 77، 78، 85، 86، 104، 108، 131، 138، 143- 146، 150، 151، 178، 179، 180، 190، 199، 202، 216، 225، 227، 231، 240، 283، 292، 313، 319، 321، 322، 326، 327، 334، 335، 359- 361
المهدية: 48
المهيدية: 78
الميدان: 23، 97، 117، 265
الميناء: 72
نادي الضباط: 148
النادي العلمي: 291
الناصرية: 68، 71، 86، 138، 234، 314، 330
ناصرية العجم: 327
نجد: 15، 17، 20، 32، 33، 34، 63، 72، 83، 85، 87، 92- 94، 102، 127، 246، 278
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 412
النجف: 16، 64، 78، 91، 113، 121، 128، 137، 147، 186، 237، 259، 326
النجيبية (قصر): 101، 149
نصيبين: 361
النعمانية (المدرسة) 84، 356
النعيرية: 213
نقطة البير: 213
النمسة: 205، 343
نهر جوان: 28
نهر الشاه: 60، 149
نهر العظيم: 357
نهر الكوتي: 169
نهر اليسروقية: 71
النهرية (إدارة): 221
نوو راسيسق: 299
الهند: 59، 75، 82، 107، 108، 109، 236، 303، 317، 328
الهندية: 64، 91، 121، 122، 132، 149، 294، 342
هيت: 122، 359
وادي جرناف: 360
واسط: 76
وان: 316
وزارة البحرية: 268
وزارة الزراعة: 268
وزارة الشؤون الاجتماعية: 268
الوزيرية: 25، 95، 149، 212، 213
يكيشهر (يني شهر): 190
اليمن: 26، 29، 35، 146، 157، 337.
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 413
آراي ملل: 135
آشيان (مجلة تركية): 265
اجتهاد (مجلة تركية): 325
إخاء أربعين سنة: 306
الأخبار (جريدة): 65، 298
أحسن القصص: 134
أسفار الإنكليز في الشرق الأدني: 354
أشد الجهاد في أبطال دعوي الجهاد: 81
أصول الجندية: 338
أصول العسكرية: 338
أصول الهندسة: 278
أطلس: 278
افترنامة: 158
أمثلة تركية: 158
الأنساب للسمعاني: 280
إنكليز قوه سفريه: 354
الإيقاظ (جريدة): 13، 202
البابية و البهائية: 129
بدر (جريدة): 20
البصرة (جريدة): 202
بطاريه ايله آتش: 303، 325، 349
بغداد (جريدة): 202، 215
بغداد وصوك حادثة ضياعي: 353
بغداده طوغرو: 354
بلبل (جموعة بلبل): 158
بلوغ الأرب: 125
بنادق الماوزر: 278
بيلديرم: 355
بيلد سرمك عاقبتي: 355
بيوك جريده ترك حربي: 300، 355
تاريخ الأدب التركي في العراق: 41
تاريخ الخط العربي في العراق: 256
تاريخ الشاوي: 67، 69، 70
تاريخ العالم: 146
تاريخ العراق بين احتلالين: 18، 19، 44، 63، 85، 113، 130، 209، 278، 346، 350، 361، 374
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 414
التاريخ العلمي: 162، 180، 366، 367، 374
تاريخ الكولات: 152
تاريخ محاربات القلاع: 338
تاريخ مشروطيت: 371
تاريخ الموصل: 145
تاريخ نجد و علاقاته بالعراق: 12، 127
تاريخ اليزيدية: 20، 145
التايمس (جريدة): 354
تبصره عبرت: 26
ترجمان حقيقت (جريدة): 325
ترجمة أخبار الدول و آثار الأول: 158
ترجمة ديوان عمر الخيام: 325
ترجمة شرح عقائد النسفية و حواشيها:
135
تركيا ده بش سنه: 299
تشكيلات الجيش و السياسة: 278
التشكيلات و القيادة العسكرية: 278
التعريف بالمؤرخين: 14، 153
تعليمات الطابو: 92
تقرير الأحساء: 12، 94
تقرير رئيس أركان الجيش السادس: 178
تقرير السياحة: 88
تقرير في جزيرة العرب: 146
تقويم وقائع: 117، 129، 138
تنوير الأفكار (مجلة): 202
التهذيب (جريدة): 13، 202، 234، 235، 243
ثروت فنون: 12، 276، 282، 364
چالنمش أولكه: 221، 325
جرائد سورية: 62
جريدة البصرة: 124
جريدة المعلومات: 170
جلاء العينين: 82، 161
الجوائب (جريدة): 15، 43، 44، 45، 48، 58، 59، 62، 63، 64، 66، 69، 70
حرب جبهه لري: 314، 340
حرب العراق: 309، 355
حرب عمومينك منشأ لري: 300، 302
حقوق أساسية: 306
حنين المشتاق إلي وزير العراق: 232
الحياة (جريدة): 202
خاطرات جمال پاشا: 246، 275، 276، 298
الخدمة السفرية: 338
خزانة كتب نعمان الآلوسي: 105، 162
خزانة الأوقاف العامة: 162
الخط السلطاني: 197
خواطر أبي بكر حازم: 183، 187
الدستور: 277، 364
الدستور (جريدة): 278، 296
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 415
الدستور الجديد: 364
الدول الإسلامية: 212
دولت عثمانية و يونان محاربه سي: 154
ديوان الرصافي: 187، 362
ديوان رضا الطالباني: 244
ديوان الزهاوي: 202، 306، 362
ديوان عبد الباقي العمري: 41
ديوان عبد اللّه صافي: 32، 39، 54، 158
ديوان عثمان نورس: 41
رؤيت باري حقنده: 135
الرد علي العقيدة البهائية: 130
رسائل الصافي: 41
رسائل عبد الباقي العمري: 41
رسائل في المنتفق: 152
رسالة في الأغلاط اللغوية: 135
رسملي كتاب: 13، 43
الرقيب: 13، 197، 202، 205، 209، 213، 215، 221، 222، 224، 228، 230، 231، 232، 238، 242، 245
روح: 135
روح المعاني: 161
الروض الأزهر: 292
الروض الخميل: 33
الروضة: 9، 202، 224، 225، 371
الزوراء: 11، 14، 15- 21، 24، 27، 28، 30- 36، 39، 40، 43، 45، 47، 49، 51، 52، 54، 55- 60، 72، 75- 79، 81- 84، 86- 95، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 108، 113، 117، 123، 124، 126، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 141- 156، 158، 161- 166، 168- 170، 182، 173، 185- 187، 202، 215، 219، 223، 225، 243، 246، 249، 254، 256، 258، 260، 267، 271، 272، 275، 276، 278، 284، 290- 292، 294، 295- 298، 305، 314، 318، 324، 326، 328، 330، 336، 337، 340، 341، 342، 344، 345
الزهور: 202، 263، 325
سالنامه ء بغداد: 31
سالنامه ء ثروت فنون: 190، 200، 221، 364
سبيل الرشاد: 255
سجل عثماني: 41، 63، 102، 128
سراستوا: 134
سر إنسان: 135
سر تنزيل: 134
سر فرقان: 134
سر قرآن: 134
سكة حديد بغداد (كتاب): 265
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 416
السفر الطويل نحو بغداد: 355
سلس الغانيات: 162
سلمان باك محاربه سي: 336
سليمان باشا محاكمه سي: 146
سماعخانه أدب: 41
سومر (مجلة): 100، 163
سويملي آي (الجنة): 329
سياحتنامه حدود: 11
سياحت جورنالي: 11، 101، 109، 110
السيف البارق: 244
شرح تشريح الأفلاك: 85
شرح سقط الزند: 85
شرح عقائد و حاشية لرينك ترجمة سي:
135
الشعب (جريدة): 163
شقائق النعمان: 82، 161
شكرية: 175
شهبال (مجلة): 13
صدي الإسلام: 14، 202، 329، 330، 337، 339، 341، 345، 346، 348، 362
صدي بابل: 14، 202، 219، 230، 232، 238، 239، 241، 244، 245، 282، 349
صلح الإخوان: 82
طريق الحج: 12
العالم الإسلامي (مجلة): 241
عثمانلي جبهه لري وقائعي: 310
عثمانلي مؤلفلري: 41، 137
عراق سفري: 298، 303، 310، 312، 317
عراق سفرينه دائر (الكتاب الأبيض):
354
عشائر العراق: 17، 23، 28، 33، 72، 85، 94، 235
العلم و النور (مجلة): 202
غالية المواعظ: 161
غرائب الاغتراب: 108، 111، 113
الغرائب (مجلة): 246
غرفة تجارة بغداد (مجلة): 239
غولج مرافق السلطان: 340
الفارق بين المخلوق و الخالق: 274
فراق عراق: 325
فن الأسلحة: 278
قانون إدارة الولايات: 203، 281
القانون الأساسي: 197، 201
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 417
قانون الانتخاب: 201
قانون الجندية: 216
القسطاس المستقيم: 158
القضاء (مجلة): 188
كتاب ويلسون: 354
گلشن خلفا: 182، 183
كنز الرغائب: 41، 63
كوت الإمارة محاصره سي: 354
لائحة الإصلاحات: 201
لغة العرب (مجلة): 12، 13، 142، 150، 202، 246، 247، 261، 262، 265، 267، 272، 274، 275، 278- 281، 283، 291، 292، 295، 296، 306، 325
لك دوقه كين: 135
لوغارتمه: 278
ماضي يه برنظر: 302
الماوز كوجك جابلي: 278
المجد التالد: 85
المجد في تاريخ بغداد و البصرة و نجد:
85
مجموعة أختام حسني: 51
مجموعة بلبل: 158
مجموعة حموشي: 63، 87، 133، 150، 164، 176، 179، 180، 182، 267، 274، 305، 315، 336
مجموعة درس و وعظ: 178
مجموعة شوكت پاشا: 278
مجموعة صالح السعدي: 55
مجموعة عبد اللّه خونده: 264
مجموعة عبد الغفار الأخرس: 32، 168
مجموعة عبد الوهاب النائب: 349
مجموعة محمد أمين العمري: 114
مجموعة محمد درويش آل عبد العزيز:
97، 98، 111، 170، 171، 178، 292، 298، 332، 335، 337، 340، 344، 346، 352، 356
محاضرات في النفير العام: 278
المحاق: 246
مخطرة الضباط: 338
مدائح آل النقيب: 33
مذكرات جمال پاشا: 275
مذكرات محمود شوكت: 276
مراحل القسطنطينية: 133
مرآة الزوراء: 152
المسك الأذفر: 161، 162، 274
مسكوكات عثمانية: 163، 164
المشذب: 164
المصباح (مجلة) 202، 295
مصباح الشرق: 202
مصحف شريف: 91
مصور محيط: 13
مصور نوسال: 151
معارك السفن الحربية: 309، 310
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 418
المعاهد الخيرية: 64، 94، 162
معجم البلدان: 347، 348
مفاتيح الغيب (تفسير الرازي): 134
مكتوبات سري پاشا: 133، 135
ملي نوسال: 212، 268
ملت مسلحة: 338
المنثور الأدبي: 41
المنحة الوهبية: 81
مناظرة في إبطال التثليث: 158
منظومة في العقائد: 82
الموصل (جريدة): 86
ناصر الدين شاه وبابيلر: 325
نجد قطعة سنك أحوال عموميه سي:
12، 67، 69، 178
نشوة المدام: 39
نطقلر مجموعه سي: 128
نظام الأملاك: 92
نقد الكلام في عقائد الإسلام: 135
النقود العراقية: 40
نمونه عدالت: 135
النهضة: 295
النور (مجلة): 202
نور الهدي لمن استهدي: 135
نوسال عصر: 137
هامش علي غلاف معجم البلدان: 347، 348
الهندسة المجسمة: 278
وظائف الأركان الحربية: 338
وظائف الأركان العملية: 338
وقت (جريدة): 45
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 419
الالتزام: 23، 73، 74
الأملاك المدورة: 221، 263
الأوقاف العامة: 82
الأوقاف المندرسة: 124
بطخات: 71
البرسيمة (كردية بمعني جوعان): 62
تمغا (طمغة): 24، 241
حزب الاتحاد و الترقي: 197، 206
حزب بغداد: 197
دانس (رقص): 267
الدخانية: 20، 24
دفرة: 150
دوار: 169
ذرعة: 74، 84، 142، 214
روبية: 59
الشيطار: 16
شير و خورشيد (وسام): 113
صوجاق: 169
الضبطية: 26، 75
الطاپو: 15، 16
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 420
طغرا، طغراكش: 255
غرق: 313
قبوچي باشي (رتبة): 148
القسم التركي:
قول أغاسي (رتبة): 44
الكاشي: 265
الكمرك: 59
الكودة: 24، 32
المجيدي: 59، 108
المحكمة الشرعية: 16
المشروطية: 8- 10، 13
مناط (نقد): 59
النظامية: 71
النقشبندية (طريقة): 72، 81، 85
الهمايوني: 29
الهيضة: 79، 114، 147، 244، 261
وباء: 64، 90، 142، 186، 261
ودي: 75، 79
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 421
الوالي عبد الرحمن پاشا 22
الاستاذ إقبال الدولة 42
الوالي الحاج حسن پاشا 61
الوالي عطاء اللّه پاشا 80
الأستاذ سليمان فائق بك مع ولديه الكبير مراد و الصغير خالد 99
السيد سلمان نقيب أشراف بغداد 118
الوالي نامق پاشا الصغير 136
الاحتفال بفرمان الوالي مجيد بك 155
الوالي أبو بكر حازم مع هادي پاشا العمري 174
الوالي ناظم پاشا 192
الفريق محمود شوكت پاشا 211
الوالي محمد زكي پاشا 229
الفريق محمد فاضل پاشا الداغستاني و علي يمينه فارس آغا من رؤساء بيشدر و إخوته 248
الوالي سليمان نظيف بك 266
الوالي نور الدين بك 285
فوندر غولج باشا 301
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 422
مقدمة 7
بقية حوادث سنة 1289 ه- 1872 م ولاية محمد رؤوف باشا 15
حوادث سنة 1290 ه- 1873 م 23
حوادث سنة 1291 ه- 1874 م 32
حوادث سنة 1292 ه- 1875 م 34
حوادث سنة 1293 ه- 1876 م مجلس الأمة 40
حوادث سنة 1294 ه- 1877 م الوالي عاكف باشا 43
حوادث سنة 1295 ه- 1878 م 44
حوادث سنة 1296 ه- 1879 م الوالي عبد الرحمن باشا 51
حوادث سنة 1297 ه- 1880 م 60
حوادث سنة 1298 ه- 1880 م 64
حوادث سنة 1299 ه- 1881 م 72
حوادث سنة 1300 ه- 1882 م 82
حوادث سنة 1301 ه- 1884 م 86
حوادث سنة 1302 ه- 1884 م 89
حوادث سنة 1303 ه- 1885 م 93
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 423
حوادث سنة 1304 ه- 1886 م 96
حوادث سنة 1305 ه- 1887 م 105
حوادث سنة 1306 ه- 1888 م 112
حوادث سنة 1307 ه- 1889 م 114
حوادث سنة 1308 ه- 1890 م 126
حوادث سنة 1309 ه- 1891 م 138
حوادث سنة 1310 ه- 1892 م 145
حوادث سنة 1311 ه- 1893 م 147
حوادث سنة
1312 ه- 1894 م 148
حوادث سنة 1313 ه- 1895 م 149
حوادث سنة 1314 ه- 1896 م والي بغداد عطاء اللّه باشا 150
حوادث سنة 1315 ه- 1897 م 154
حوادث سنة 1316 ه- 1898 م 156
حوادث سنة 1317 ه- 1899 م الوالي نامق باشا الصغير 158
حوادث سنة 1318 ه- 1900 م 166
حوادث سنة 1319 ه- 1901 م 170
حوادث سنة 1320 ه- 1902 م 171
حوادث سنة 1322 ه- 1904 م الوالي عبد الوهاب باشا 178
حوادث سنة 1323 ه- 1905 م 180
حوادث سنة 1324 ه- 1906 م 181
حوادث سنة 1325 ه- 1907 م 183
حوادث سنة 1326 ه- 1908 م 187
حوادث سنة 1327 ه- 1909 م 207
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، ص: 424
حوادث سنة 1328 ه- 1910 م الوالي حسين ناظم باشا 225
حوادث سنة 1329 ه- 1911 م الوالي ناظم باشا 245
حوادث سنة 1330 ه- 1912 م 262
حوادث سنة 1331 ه- 1913 م 274
حوادث سنة 1332 ه- 1913 م 293
حوادث سنة 1333 ه- 1914 م 307
حوادث سنة 1334 ه- 1915 م 336
حوادث سنة 1335 ه- 1916 م 349
خاتمة 374
1- فهرس الأعلام 379
2- فهرس الشعوب و القبائل و النحل 396
3- فهرس المدن و الأماكن 400
4- فهرس الكتب 413
5- فهرس الألفاظ الدخيلة و الغريبة 419
6- فهرس الصور 421
7- فهرس الموضوعات 422