موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، المجلد 4

اشارة

سرشناسه : عزاوي، عباس، م - 1888

Azzawi, Abbas

عنوان و نام پديدآور : تاريخ العراق بين احتلالين/ عباس العزاوي

مشخصات نشر : قم: مكتبه الحيدريه، 1425ق = 1383.

مشخصات ظاهري : 8 ج.مصور، نقشه، نمونه

شابك : 964-8163-30-830000 ريال :(دوره) ؛ 964-8163-31-6(ج. 1) ؛ 964-8163-32-4(ج. )2 ؛ 964-8163-32-2(ج. )3 ؛ 964-8163-34-0(ج. )4 ؛ 964-8163-35-9(ج. )5 ؛ 964-8163-36-7(ج. )6 ؛ 964-8163-37-5(ج. )7 ؛ 964-8163-38-3(ج. )8

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : افست از روي چاپ: مصلبعه بغداد، 1353ق = 738ق = 1258 = م 1338

يادداشت : عنوان روي جلد: تاريخ العراق بين الاحتلالين.

يادداشت : كتابنامه

مندرجات : ج. 1. حكومه المغول، 738 - 656ق = 1338 - 1258م .-- ج. 2. حكومه الجلايريه، 814 - 739ق = 1481 - 1338م .-- ج. 3. الحكومات التركمانيه، 941 - 814ق = 1534 - 1338م. .-- ج. 4. العهد العثماني الاول، 1048 - 941ق = 1638 - 1534م. .-- ج. 5. العهد العثماني الثاني، 1163 - 1049ق = 1750 - 1639م. .-- ج. 6. حكومه المماليك، 1247 - 1162ق = 1831 - 1749م .-- ج. 7. العهد العثماني الثالث، 1289 - 1247ق = 1872 - 1831م. .-- ج. 8. العهد الثماني الاخير، 1335 - 1289ق = 1917 - 1872م .-

عنوان روي جلد : تاريخ العراق بين الاحتلالين.

عنوان ديگر : تاريخ العراق بين الاحتلالين

موضوع : عراق - تاريخ

رده بندي كنگره : DS70/9 /ع 43ت 2 1383

رده بندي ديويي : 956/7

شماره كتابشناسي ملي : م 83-19225

[المجلد الرابع]

مقدمة الناشر

ألحق المؤلف بهذا الجزء تعليقات علي الأجزاء 1 و 2 و 3 من هذا الكتاب. و قد رأينا أن نبقي مقدمة هذا المحقق و ما تبعها من تعليقات علي المجلدين الأول و بعضا مما يخص

الثاني ذيلا لهذا الجزء و نضع التعليقات في المجلد الثالث في مواضعها منه.

كما أن المؤلف وضع تعليقات و استدراكات علي هذا الجزء و ألحق قسما منها في الجزء الخامس، سماه (الملحق الرابع) و الآخر في الجزء السادس سماه (الملحق الخامس) و قد رأينا ان نضعهما في مواضعهما التي أشار إليها المؤلف من هذا الجزء. كي تضم المعلومات إلي بعضها لئلا يزهق القاري ء في تتبعها في أكثر من موضع من هذا الكتاب.

الدار العربية للموسوعات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 7

المقدمة

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام علي رسوله محمد و علي آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلي يوم الدين.

و بعد فإن العراق كان أصابته الضربة القاسية من المغول سنة 656 ه- 1258 م فلم يصح منها حتي أعقبته أخري و أخري و لا يزال إلي هذا العهد. تداولته الأيدي القاهرة و تناوبته الأحداث المزعجة، فلم يتمكن من استعادة مجده و استقلاله، بل تواترت عليه الإحن و توالت النكبات، فعبثت به و لم تدع له مجالا للتفكير بشؤونه، بل لم يتنفس الصعداء إلا في 24 جمادي الأول سنة 941 ه- 1534 م إبان الفتح العثماني. دام هذا لأمد محدود، ثم اختلت إدارته بما حدث من حروب بين العراق و إيران، فرأي ضروب الضيم، و أنواع الحيف من الإدارات العاتية. في خلالها خنع مرة، و أبدي الشموس أخري. لكنه كان مهيض الجناح، متأثرا بأوضاع دولته في غالب أحواله و إن كانت له خصوصيته إلي أن حدث احتلال بغداد في 17 جمادي الأولي سنة 1335 ه- 11 آذار سنة 1917 م. و في هذا التاريخ انتهي الحكم العثماني، فقطعت العلاقة

بيننا و بينه كما أنه بعد مدة وجيزة زال من البين، و خلفته (الجمهورية التركية).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 8

و الدولة العثمانية واحدة في أصلها متنوعة في مظاهر إدارتها نظرا لطول عمرها. و لا يمكن بوجه أن تسرد وقائعها من أولها إلي آخرها و لكن حالتها القطعية يصح أن توزع إلي فصول بما حدث من وقائع جليلة و تقسم علي أشهر الحوادث و ما حصل من أهم الوقائع و تعتبر هذه وقفات مهمة.

و موضوع بحثنا مقصور علي ما كان بين فتح بغداد علي يد السلطان سليمان القانوني و بين استعادتها للمرة الثانية أيام السلطان مراد الرابع في 18 شعبان سنة 1048 ه- 1638 م. و هو الحكم المباشر الأول.

المراجع و المآخذ

اشارة

حدثت في هذا العهد وقائع عظيمة في العراق، و تعاقبت إدارات مختلفة متأثرة بالدولة أو بشخصية الوزراء. و في خلال ذلك ضاعت حوادث عديدة، و كثرت فترات متسببة عن انحلال في الدولة، و اضطراب في الحكم، و تدمير للوثائق، فنحن في أشد الحاجة إلي معرفة ما ضاع، و الحصول علي ما فات و التماسه من مظانه … و النهم العلمي لا يهدأ عن الاستزادة، و لا يمنع من نشر الميسور علي أن نكون في تثبيت لما يعثر عليه. و لعل في المعروف ما يبصر بالحالة.

و لا شك أن الوثائق كثيرة و المؤلفات عديدة إلا أنها لا تعين إلا علاقة حروب أو صلة بالحكومة أو بالأهلين فلا تبين أحوال القطر مفصلا بل نراه مبتور الحوادث، تتخلله فواصل فلا نجد الوقائع متسلسلة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 9

للولاة و إن كانت متعلقة بالحكومة. و الكتب التاريخية المعول عليها لا تذكر الولاة علي التوالي بل إن

مراجعة النصوص المتعددة تكشف النقاب عن ولاة غير من ذكروا في (گلشن خلفاء) أو في (تاريخ الغرابي) مع أنهما من المؤلفات المحلية. و بينهم من تكررت ولايته فلم يتعرض لها، أو من ولي العراق و لم نشاهد له ذكرا للفاصلة التي تخللت الحكم العثماني بالمتغلبة و بالمجاورين مع قرب العهد ممن كتبوا. شاهدنا في الوثائق بعض الخلل و لا سبب إلا اختلاف الإدارة، و تعاقب الحكومات و تلف المصادر من جراء ما حدث من ثورات أو استيلاء …

و من الضروري أن نرجع إلي مؤلفات عديدة لرفع الجهالة و أن نكشف الستار عن الثقافة نوعا و نزيل الخفاء بقدر الإمكان عن وقائع هذا القطر الذي له مكانته عندنا، و عند الأقطار العربية و الإسلامية جمعاء.

و هذه التواريخ متفرقة المادة، تهتم بالحكومة و علاقاتها، و لم تذكر الشعب و أوضاعه، و لا تسلسل الوقائع و اطرادها، بل نراها مقصورة علي حياة الولاة أحيانا دون سواهم، و أخلت في الكثير منها. و هذا النقص مشهود إلا أننا من مجموعها حصل لنا ما نعده وافرا فتمكنا من تدوينه مترقبين غيره.

نهجنا نهجا علميا في تسجيل ما عرف و راعينا حالات مسهلة أو موضحة بقدر الإمكان.

اتخذنا الوقائع السياسية الكبري وسيلة لجمع الحوادث و ربطها مع ملاحظة العلاقات مما نعتقد أن لها أثرا بالغا في المعرفة.

و موضوعنا محدد بما بين السلطان سليمان القانوني من أول إدارة العثمانيين في العراق و السلطان مراد الرابع. و قد مر بنا من المراجع في الأجزاء السابقة ما تمتد حوادثها إلي هذا العهد، و هذه لا نعيد القول فيها من جراء استمرارها في هذا الجزء أيضا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 10

و هذه أشهر مراجعنا الجديدة:

1- المراجع المحلية:

و هذه تهمنا في الدرجة الأولي لما تحويه من إيضاح و ضبط للوقائع أو علاقة بالحوادث. و هي علي قلتها جليلة الفائدة عظيمة الأثر لا يصح إهمالها بوجه بل الاستزادة لما يتجدد منها ضرورية. و لما كانت هذه المراجع موضوع بحثنا في خلال سطور الكتاب قد أوضحتها و استوعبت ذكرها في (كتاب التعريف بالمؤرخين) فلا أري ضرورة للتفصيل هنا.

و إنما أذكر من المراجع المحلية:

(1) تاريخ آل افراسياب.

(2) زاد المسافر.

(3) ديوان فضولي.

(4) ديوان روحي.

(5) گلشن شعرا.

(6) تاريخ الغرابي.

(7) گلشن خلفا.

و كل هذه أوسعنا القول فيها عند ورود بحثها في حينه، فلا نري العجلة لا سيما و قد وجدنا بعضها يتأخر الكلام عليه إلي الأجزاء التالية من هذا التاريخ.

2- المراجع الأخري:
اشارة

و هذه من التواريخ الأجنبية و هي كثيرة جدا. و منها للمجاورين أو للأقطار العربية الأخري. و هذه أشهرها:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 11

(1) تاريخ مطراقي:

يتضمن (فتح السلطان سليمان) بغداد و لعله المعروف ب (تحفة غزاة)، يذكر منازل سفر هذا السلطان إلي العراقين ذهابا و إيابا. و فيه ألواح مهمة، و صفحات في تصاوير البلدان العراقية و مراقدها المباركة مما لم يبق له اليوم ذكر، أو رسم إلا قليلا و الكتاب رأيته في (خزانة الجامعة) باستانبول بين نفائس كتب السلطان عبد الحميد الثاني كتب سنة 944 ه أي بعد فتح بغداد بثلاث سنوات، قدم للسلطان سليمان القانوني و الكتاب ينبي ء عن معرفة المؤلف بالرسم و التصوير، و بالتاريخ كما أنه جامع للفنون الجميلة و معلوم أن المؤلف مؤسس لنوع من أنواع الخطوط يقال له (چپ) فيوصف بأنه (چپ نويس) و هذا الخط قريب من الديواني … و عصر هذا السلطان نظرا لعظم حكومته و صولتها يجب أن لا يخلو من أمثال هذا المؤرخ و اطلاعاته القويمة و إتقانه للرسم.

و تصاوير الكتاب تعين صناعة ذلك العصر و كأننا نراها كتبت حديثا لصحة ألوانها و ثبوتها و دوامها إلي هذه المدة … و لعلها خيالية أكثر منها حقيقية. فالكتاب من نفائس الآثار. و من الضروري أن نحتفظ بأمثال هذه الخواطر في العراق كذكري للماضي سواء من ناحية تصوير البلدان العراقية، أو المراقد المباركة، بأن ننقل التصاوير عينا، و نحصل علي نفس التاريخ بالاستعانة برسامين ماهرين … و استنساخه بوضعه الحالي.

كتب عليه إنه (بيان منازل سفر العراقين) و (كتاب تواريخ آل عثمان) لأيام السلطان سليمان. كتبه باللغة التركية نصوح السلاحي المطراقي من رجال السلطان سليمان …

و المؤلف

معدود من المؤرخين العثمانيين. كتب تاريخا في مجلد واحد عن أيام السلطان سليمان القانوني. من حين جلوسه إلي سنة 954 ه ثم شرع في تدوين ما بعد هذا التاريخ إلا أنه لم يوفق لإكماله …

و سمي بالمطراقي لإتقانه لعبة المطراق و مهارته فيها. و هي نوع لعب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 12

بالسلاح يقال له مطراق. و يقال إن كتاب الديوان آنئذ كان يقال لصنف منهم (مطراقي) …

و من مؤلفاته (فتحنامه قره بغدادي)، و نقل تاريخ الطبري إلي التركية باسم السلطان سليمان سنة 926 ه و سماه (مجمع التواريخ) و هذه غير الترجمة المطبوعة و مخالفة لها تماما … و يعد أيضا من مشاهير الرياضيين … و له مؤلفات في الرياضيات و أشعار سلسة و غزل رقيق و أساليب خاصة لا يكاد يضارع فيها. و من مؤلفاته (تقويم نصوحي) في علم النجوم.

(2) تاريخ السلطان سليمان:

تأليف فردي. و هو مما اعتمده هامر في تاريخ الدولة العثمانية، و يقال له (سليماننامه).

(3) سليماننامه:

تاريخ تركي لعهد السلطان سليمان القانوني. و فيه ذكر وقائعه من حين سلطنته إلي يوم وفاته، و بيان علماء عصره و وزرائه …

طبع ببولاق مصر سنة 1248 ه بإذن والي مصر محمد علي باشا الكبير. و الكتاب من تأليفات عبد العزيز آل قره چلبي المتوفي سنة 1068. و هذا التاريخ عولنا عليه في كثير من الحوادث.

قال صاحب عثمانلي مؤلفلري: و هناك سليماننامات أخري إحداها لشمسي البرسي من القضاة و أخري لفردي من الشعراء …

و للمؤلف (روضة الأبرار المبين لحقائق الأخبار). طبع في بولاق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 13

أيضا سنة 1248 ه. و الفصل الرابع منه في دولة آل عثمان.

و له أيضا (روضة الأبرار في فتح بغداد أيام السلطان مراد الرابع) و سماها صاحب (عثمانلي مؤلفلري) ب (ظفرنامه).

و هذه من المراجع المهمة.

(4) مرآة الممالك:

رحلة تركية لسيدي علي رئيس المتوفي سنة 970 ه- 1563 م.

سار من بغداد إلي البصرة بأمل الذهاب إلي مصر بأمر من السلطان سليمان القانوني ليتولي قيادة الأسطول هناك فلقي في طريقه البورتغال فحاربهم، و لم يطق المقاومة بل دمرت غالب سفنه، فاضطر أن يميل إلي الهند و من هناك ساح برّا حتي عاد إلي بغداد حاكيا ما رآه في طريقه.

و سياحته مهمة جدا تنبي ء عن عصر غمضت وقائعه … و فيها حوادث كثيرة عن العراق و بيان عن المشاهد و عن الطريق التي مر بها. وصف بعض أحواله و علاقة العثمانيين به و ما جري عليه في سفره من عناء …

طبعت هذه الرحلة في مطبعة إقدام عام 1313 ه فسدّت ثلمة في تاريخ العراق … كان أتم رحلته في (غلطة) في أوائل شعبان سنة 964 ه- 1557 م و أبرزها في أواسط

صفر سنة 965 ه. أشار إلي ذلك في آخرها.

و المؤلف قائد بحري مشهور، عارف بأمور البحرية معرفة تامة و كاتب أديب شاعر ماهر و يلقب ب (الكاتبي الرومي) … و له مؤلف جمع فيه رسائل ابن ماجد الربان العربي المعروف و غيرها. سماه (المحيط) يتعلق بالبحرية و أحوال بحر الهند المسمي (بحر عمان) كتبه في أحمد آباد باللغة التركية و نقله إلي اللغة الألمانية آل (بارون هامر) و نشر في ويانة (فينة) عاصمة النمسة كما نقلت رحلته إلي الإنكليزية نقلها (ا. فامبيري) عن التركية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 14

و طبعت في لندن سنة 1899 م. و كذا نقلت إلي الفرنسية.

و له مؤلفات منها (مرآة كائنات) في الاسطرلاب، و الربع المجيب، و المقنطرات، و معدل ذات الكرسي.

(5) فذلكة أقوال الأخيار في علم التاريخ و الأخبار:

مجلد في التاريخ عربي العبارة لكاتب چلبي، مصطفي بن عبد اللّه صاحب كشف الظنون، منه نسخة رأيتها في المكتبة العامة باستانبول في كافة دول الإسلام و فيها معلومات وافرة عن حكومة قراقوينلو و العثمانيين و الصفويين و غيرهم … أولها: الحمد للّه الذي أرشد الأولياء إلي إحاطة أخبار الزمان الخ بخط يده. لخص بها تواريخ عديدة و تكلم علي كل حكومة برأسها و بدأ في فصل عن التاريخ و آخر عن الكتب المؤلفة فيه ثم في بدء الخليقة، و في الأنبياء، و في سيرة الرسول صلّي اللّه عليه و سلّم و غزواته و في الخلفاء و من وليهم علي توالي القرون … يذكر النصوص التي جعلها أساس بحثه بالفارسية أو غيرها عينا في هامش الكتاب. رأيته باستانبول.

و هذه النسخة هي التي وصفها صاحب عثمانلي مؤلفلري. قال: «هذا الكتاب طولاني، في قطع متوسط، عربي العبارة، و تاريخ عام

يحتوي علي مقدمة، و ثلاثة فصول، و خاتمة و في آخره بعض فوائد تاريخية و في تتمته ألقاب الملوك و الدول مرتبة علي حروف الهجاء … » ا ه.

و من مؤلفاته المهمة (جهاننما) في الجغرافيا. طبع إبراهيم متفرقة.

و تاريخ الفذلكة التركي اعتمدناها. و له (ميزان الحق) … توفي سنة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 15

1067 ه. و في الطبعة الجديدة من كشف الظنون تفصيل حياته.

(6) روضة الحسين في أخبار الخافقين (تاريخ نعيما):

تاريخ تركي، في الدولة العثمانية تأليف «نعيما أفندي». و له قيمة أدبية، و أسلوب خاص عند الترك، ولد مؤلفه سنة 1065 ه في مدينة حلب و أصل اسمه مصطفي. ورد استانبول بعد أن حصل العلوم و نال مناصب عديدة.

و كان عموجه زاده حسين پاشا ميالا إلي التاريخ فجي ء إليه بكتاب كان في حالة مسودة كتبه أحمد أفندي من أبناء أحد العلماء محمد أفندي (شارح المنار) يتناول الحوادث من عهد السلطان أحمد الأول إلي أيام محمد باشا الكوپريلي، و إن أحمد أفندي الموما إليه لم تتح له الفرصة أن يبيض المسودة فتوفي فكلف عموجه زادة المترجم نعيما أن يتم هذا الكتاب، و يدون الوقائع الرسمية فيكون (وقعه نويس) أي (محرر الوقائع).

و من ثم اتخذ نعيما ذلك الأثر أصلا، و راجع تواريخ و وثائق و حقق ما سمع، و دون ما شاهد فأضاف ما علم … و لم يتحاش من نقد سلفه، فأبرز كتابه. و سماه (روضة الحسين في أخبار الخافقين) إلا أنه عرف (بتاريخ نعيما).

و هذا التاريخ كتب في عهد انحطاط العثمانيين، صور عصره فأبدع تصويره، فلم يتجاوز الحقيقة … و تبتدي ء حوادثه من الألف و تنتهي بسنة 1065 ه- 1655 م. و هذا التاريخ قدمه إلي الصدر الأعظم عموجه

زاده. و بعد وفاة هذا الصدر أتم حوادثه إلي سنة 1070 ه- 1660 م، أيام داماد حسن باشا الصدر الأعظم.

و في مقدمته بين ما يجب علي المؤرخ مراعاته … و بذا عين نهجه التاريخي و خطته التي سار عليها موضحا أن يكون المؤرخ صادق اللهجة، لا يلتفت إلي الأقاويل الزائغة، و أن يكون ملما بالوقائع عن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 16

علم، و لا يلتفت إلي ما يشيع علي ألسنة الناس من الأراجيف، و أن يعتمد الثقات، و يدون الصحيح لا أن يستهويه الرأي العام بأباطيله، و أن لا يتعصب، و أن يترك تزويق الألفاظ و تنميقها بحيث يرتبك الأمر بأن يستخدم البساطة أو قل الفصاحة في البيان، و أن يهمل طريقة العتبي و وصاف … فيراعي النصائح المفيدة التي لا تبلي جدتها الأيام …

طبع في مطبعة إبراهيم متفرقة و طبعات أخري.

(7) منشآت السلاطين:

و هي المعروفة بمنشآت فريدون، (فريدون أحمد باشا) المتوفي سنة 990 ه- 1582 م و المؤلف من الكتاب القدماء و من أشهرهم، كان رئيس الكتاب لدي الوزير الأعظم صوقوللي محمد باشا. فهو مرجع تاريخي للوقائع و مثال مشاهد للآداب في عصره. طبع في مجلدين. و فيه وثائق كثيرة تخص العراق سواء منها ما يتعلق بفتح العراق و غير ذلك …

و الكتاب لا يخلو من غمز، فإنه نسب منشآت عديدة للعثمانيين، منقولة من مراسلات كانت للخوارزميين و غيرهم فقلبها، أو عدل فيها و نسبها إلي السلاطين العثمانيين، و ربما كان كتاب الدواوين اتخذوا تلك المراسلات أصلا في مدوناتهم السلطانية.

و من مؤلفاته الأخري (نزهة الأخبار). يتضمن وقائع سنتين حدثتا بعد واقعة سكتوار. و له (مفتاح جنت) في الأخلاق …

(8) تاريخ رمضان زادة:

تاريخ تركي أوله: الحمد للّه علي ألطافه السنية الخ عندي نسخة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 17

خطية منه كتبت سنة 1006 ه، و فيها بعض التعليقات و تواريخ بعض السلاطين و أخري مطبوعة … يتكلم فيه عن أوائل التاريخ، ثم عن العثمانيين و فصل تاريخهم أكثر. و فيه بيان عن الوزراء و المشاهير و العلماء في أيامهم …

و مؤلفه رمضان زاده نشانچي محمد بك من رجال السلطان سليمان القانوني و من مشاهير المؤرخين. أصله مرزيفوني كان رئيس الكتاب ثم أمين الدفتر … كان يكتب الطغراء في المناشير و يوقع التواقيع السلطانية، و يحرر الطوامير الصادر من الخاقان. و تاريخه معروف بتاريخ (محمد باشا النشانجي) أي من الرماة و له (سبحة الأخيار و تحفة الأخبار) في أنساب الأنبياء و الملوك إلي زمن السلطان سليمان القانوني … توفي سنة 979 ه- 1572 م في استانبول.

(9) تاريخ صولاق زادة:

في مجلد واحد تأليف محمد همدمي چلبي المعروف بصولاق زادة. كتبه من أول تأسيس الدولة العثمانية إلي آخر أيام السلطان سليمان القانوني بإفادة سهلة بسيطة. لم يحو التفصيلات المهمة. طبع عام 1298 ه باستانبول و نسخه الخطية نادرة … أوله: الحمد للّه الذي خلق الخلق و هداهم إلي الصراط المستقيم الخ.. توفي عام 1068 ه في استانبول و له مؤلفات أخري. منها (فهرست شاهان) منظومة في تواريخ آل عثمان، ذيل عليها بعض الأدباء و جاء ذكرها في مقدمة التاريخ. و له تاريخ عام أيضا كما نقل عنه صاحب تذكرة صفائي و له اطلاع واسع علي الموسيقي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 18

(10) مرآة كائنات:

لمحمد القدسي المعروف ب (رمضان زادة). من أحفاد سابقه و هو محمد بن أحمد بن محمد بن رمضان و كان من العلماء. ولي قضاء بغداد لمرتين. و توفي سنة 1031 ه. و تاريخه ينتهي بسلطنة السلطان سليمان القانوني. طبع سنة 1269 ه.

(11) تاريخ عالم آراي عباسي:

من الكتب التاريخية المهمة في اللغة الفارسية. و كنا بينا في المجلدات السابقة بعض التواريخ التي تمتد حوادثها إلي هذه الأيام.

و هذا التاريخ يتكلم في الدولة الصفوية من ابتدائها مجملا ثم يمضي في أيام الشاه عباس الكبير بتفصيل و سماه باسمه. و مؤلفه اسكندر بك التركماني المنشي. شرع بتأليفه سنة 1025 ه و أتمه بوفاة الشاه عباس الكبير في 24 جمادي الثانية سنة 1038 ه. طبع علي الحجر سنة 1314 ه. و فيه توضيح وقائع العراق لما يتصل بإيران.

(12) الإعلام بأعلام بيت اللّه الحرام

للشيخ قطب الدين المكي (محمد بن أحمد المكي النهروالي) الحنفي المتوفي سنة 988 ه- 1585 م و في تاريخ الغرابي توفي سنة 990 ه و (الإعلام بأعلام بيت اللّه الحرام) ألفه سنة 979 ه- 1572 م و أهداه إلي السلطان مراد. و فيه ما يخرج به عن موضوعه مما يتعلق بالخلافة العباسية في مصر و مكانتها، و بين هذه ما يتعلق بالعراق، و بالصفويين. نقله إلي التركية المولي عبد الباقي الشاعر المعروف المتوفي سنة 1008 ه- 1600 م. ذكر فيه أن الوزير محمد باشا العتيق طلب إليه ذلك فلبي الطلب.

طبع الأصل العربي في أوروبا، و في مصر إلا أن طبعة مصر مغلوطة بأغلاط كثيرة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 19

و له: (البرق اليماني في الفتح العثماني) ألفه للوزير سنان باشا، فكان كسابقه أحد مراجعنا و من مباحثه الصلات البحرية بالبرتغال و نقله إلي التركية المولي مصطفي بن محمد المعروف ب (خسرو زاده) المتوفي سنة 998 ه. و له مجموعة الفوائد (رحلته) إلي استانبول رأيتها في خزانة ولي أفندي برقم 2440، نقلها الأستاذ معلم رفعت الكليسي الفاضل المعروف إلي اللغة التركية. و من مؤلفاته أذكار الحج

و العمرة. و له الكنز الأسمي في فن المعمي، و ديوان شعر مما لا يخص التاريخ.

و هناك مراجع أخري مثل النور السافر و الكواكب السائرة، و خلاصة الأثر و كتب أخري عديدة أوضحنا عنها في كتابنا (التعريف بالمؤرخين للعهد العثماني). و من أهم المراجع (منظومة آل افراسياب) تأتي في حينها. و الغرض الاستفادة لا التعداد.

و أما بعض الكتب المعاصرة فإنها كتبت لمهمة سياسية لا للتاريخ المجرد فلا تكون موضوع البحث هنا.

نظرة عامة

في 24 جمادي الأولي سنة 941 ه- 1534 م استولي السلطان سليمان القانوني علي بغداد فقضي علي الحكم الإيراني. و كانت (الأوضاع السياسية العامة) في تلك الأيام تدعو إلي معرفة توصل العثمانيين إلي إبادة حكم العجم من العراق.

كانت بلاد الشرق الأدني إثر انحلال إدارة المغول تناوبت عليها حكومات متعددة و تولت إدارتها جملة سلاطين كل منهم يحكم صقعا.

و في الأيام الأخيرة كانت الإدارة موزعة بين آق قويونلو و بعض

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 20

الحكومات أو الإمارات الصغيرة. أما العثمانيون فلم يكن لهم أمل في هذه الأنحاء، بل كانت آمالهم معطوفة إلي التوسع في جهات الروم و البلقان و ما جاورهما فتوغلوا فيها كثيرا.

و بعد انقراض حكومة (آق قويونلو) قامت الدولة (الصفوية) في إيران بقوة هائلة مستمدة سلطتها من التأثير الديني باعتناق مؤسسها الشاه اسماعيل طريقة (التصوف الغالي) مقرونة بمذهب الشيعة. كما أنه حرك الشعور الوطني القومي الإيراني فتزايد نفوذه و كثر أعوانه و شعر في نفسه بقدرة فتاكة و حكومة عظيمة هددت كيان الحكومات المجاورة … بل إن قوتها فاقت المجاورين في كثير من حروبها و ظهرت عليهم ظهورا بينا لكنها لم تكن في الدرجة التي تصورها هذا الشاه الشاب الممتلي ء نشاطا،

المغرور بقوته و بما ربح من بعض الوقائع، لما رأيناه في الحكومة العثمانية من الانتصار الهائل عليه و كان حكم العثمانيين سابقا لحكمه. و إن هذه الدولة ممرنة علي الحروب و الإدارة و التزام السياسة المكينة. أرعبت الشرق و الغرب و أرهبت المجاورين، و عاملت الشعوب و الملل المحكومة بالحسني.

- نعم لم تر الحكومة الصفوية مزاحما لها بعد انقراض حكومة آق قويونلو سوي (الدولة العثمانية). فحاولت القضاء عليها ليصفو الجو

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 21

لها خالصا بالتوغل في قلب مملكتها بدعايات واسعة النطاق كان يقوم بها رجال الشاه و أعوانه بنشر التصوف، و الدعوة له … و من ثم تولد النزاع بين الحكومتين و كثيرا ما كانت دولة العجم عائقا مهما، و صارفا عظيما للدولة العثمانية من التوغل في جهات الغرب بسبب تدخلها في أمرها، و أطماعها بأمل ابتلاعها، توسع نفوذها في الدولة العثمانية و كان بإزعاج لا مزيد عليه. فتكون علي الدولة خطر.

و أول عمل قامت به الدولة الصفوية كان علي يد (شاه قولي) أي (عبد الشاه) المعروف عند الترك (بشيطان قولي) أي (عبد الشيطان).

استعمل كثيرا.

تنازعتا السلطة و كل واحدة من هاتين الدولتين وجدت الأخري حجر عثرة في طريقها و الفروق بينهما كبيرة تمنع من اندماج الواحدة بالأخري. و أهمها الفروق الدينية و القومية. بقيتا مترافقتي النزاع إلي أن قضي علي الحكومة الصفوية من جانب الأفغان قبيل أيام نادر شاه فخلفتها حكومات جديدة لم تغير من وضعها إلا اسم الأسرة المالكة بحلول غيرها محلها إلي أن جاءت الدولة البهلوية فأحدثت تجددا.

و هكذا بقي الجدال إلي أن انقرضت الدولة العثمانية أيضا بظهور (الجمهورية التركية)، فبدت آمالها كما هو المشهود في الإصلاح لا في

الفتح.

و لا تزال الفروق موجودة إلي اليوم و لكن التقرب- دون الاندماج- مأمول و المصافاة أكيدة. نظرا لتغير الوجهات و تبدل أشكال الحكومات و تطورها لا سيما بعد الحروب العامة لسنة 1914 م و 1939 م. بدت بوادر التقارب السلمي. لأن كل دولة تريد أن تنال حظها من الإصلاح، و أن تلحظ مصلحتها، و ليس لها أمل في التسلط علي غيرها. ففي كل مملكة ما يغنيها عن التطلع إلي الأطماع خارج حدودها، و أن تحصل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 22

السلطان سليمان القانوني- أحمد راسم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 23

علي الرفاه و الثقافة من طريقهما. و هذا لا يتم إلا بالركون إلي الطمأنينة و الراحة. و العدول عما هو أشبه بالغزو العشائري.

رأت الدولة العثمانية في أيام السلطان بايزيد أن قد توسع أمر الصفويين في مملكتها و كون خطرا عليها من جراء أن القدرة علي المقارعة كانت مفقودة نوعا لأن السلطان بايزيد كان خاملا و إدارته منحلة …

ثم ولي السلطان سليم الياوز. و هذا من أعاظم ملوك العثمانيين، كان و لا يزال يحرق الارم علي الإيرانيين. خاف من توسعهم لهذا الحد فتولي إدارة الجيوش بنفسه. و قبل الدخول في المعمعة انتقي الإدارة و أتلف الأعضاء الزائغة وعد كل مخالفة أكبر جريرة حتي فيما وقع من وزيره الأعظم. حدثت بينه و بين العجم (حادثة چالديران). كاد فيها يدمر الإيرانيين و هم في بدء تكونهم و إن صدمة كبري مثل هذه كانت تكفي آنئذ للقضاء علي آمالهم. و الأهلون لم يخلصوا لهم بعد، و بينهم من أكره علي الطاعة، و لكن لم يحصل آنئذ من يشاطرهم السلطة أو له أمل في السيادة … لما نال

الناس من ظلم و قسوة في مختلف الأيام فشغلوا بأنفسهم …

و من نتائج أعمال الدولة العثمانية أن قضت علي نفوذ (المتصوفة في الأناضول) و صار العجم في رعب من صولات الترك. ذاقوا المرارة فعلا، و لم تكتف الدولة العثمانية بهذا الحادث من كسر شوكة إيران بل مالت إلي متفقتها (مصر)، فضربتها الضربة القاضية و دمرتها تدميرا تاما لا عودة بعده فخلصت مصر للدولة العثمانية بل دخلت في حوزتها أنحاء إفريقيا الشمالية.

كانت دولة المماليك في مصر بسبب المجاورة، و توسع الدولة العثمانية تخشي أن ينالها منها ما تحذر، فاتفقت مع إيران أو أن إيران

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 24

أوجدت فيها هذا الخوف مما دعا إلي هذا الاتفاق. ذلك ما أكسب الدولة العثمانية الاهتمام للأمر و أن تقضي علي هاتين الحكومتين قبل أن تستكملا العدة. فالدولة العثمانية كانت ممرنة علي الحروب أكثر من غيرها و إن كانت الدولة الصفوية اكتسبت بعض الممارسة في حروبها للاستيلاء علي كافة أنحاء إيران و علي بغداد.

و قوة السلطان سليم الياوز أعقبتها سطوة أكبر أيام السلطان (سليمان القانوني). و هذا لم يستطع العجم أن يقفوا في وجهه.

و حكومته آنئذ نالت شهرت بلغت الغاية لما وصلت إليه من العز و المنعة في الشرق و الغرب و لكن تدابير العجم السياسية مكنتهم من المحافظة علي الوحدة من جراء أن حكومتهم لم ترتكب الخطأ الأول في (چالديران) للدخول في مقارعة عظيمة لها خطرها و لا تأمن نتائجها …

أو أن تجرب تجربة أخري تجازف بها، فركن الشاه إلي الاختفاء مدة و الحكومة لا تطارد المختفين الهاربين فمالت إلي بغداد و اكتفت بأخذها و ما والاها و عادت ظافرة …

و العراق كان من الضعف و

العجز بمكان، فلم يقدر أن يحرك ساكنا، و الحكومات السابقة أنهكت قواه، لا يختلف عن إيران و سائر الممالك الشرقية الأخري … و لا يزال الخوف مستوليا عليه مما أصابه من أقوام ليس لهم رأفة به و لا رحمة أو شفقة و القوة لا تزيحها إلا القوة. و لم تكن له قدرة النهوض أو بالتعبير الأصح لم يبق من رجاله من ينقاد له الرأي العام ليقوم بالاستقلال و يربح قضيته استفادة من الفرصة السانحة. و لعل ضعف الأهلين كان أهم سبب فلا مجال للقيام و لا قدرة هناك تكفي لصد العدو. و الروح قد أميتت، فركنوا إلي قوة العثمانيين.

انحلت إدارة العراق فتكونت إدارة تركية. و لم يوسع علي الأهلين.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 25

و لولا أن الثقافة مكينة، قائمة علي أسس ثابتة من مدارس موقوفة، و ريع وافر لتأمين إدارتها، و تأكيد معرفتها لكانت في خبر كان.

إن المدارس الموقوفة ثبتت الوضع الثقافي و غيرت الحالة، و لم تدع مجالا للتخريب و القضاء علي الآداب و العلوم. بل حييت حياة طيبة في كل فرصة وجدت فيها راحة و طمأنينة، و إن العثمانيين كانوا في بدء عمل ثقافي، فكانت الاستفادة من هذه المدارس كبيرة لاقتباس نظامها و مراعاة طرق تدريسها … فصار لا يستغني موظف، أو عالم أو أديب عن العلاقة بهذه المدارس للأخذ بالثقافة الصحيحة.

و علي كل حال تيسر للسلطان سليمان القانوني (فتح بغداد) بسهولة دون أن يري أدني عقبة أو صعوبة، و لم يجد مقاومة من عدو و لا قياما من أهلين بل فتحوا له الأبواب مستبشرين، مسرورين.

و الشعب لا يريد إلا الراحة و الطمأنينة، أنهكته الحروب، و تسلطت عليه الأوهام حذر أن

تعود إليه هذه الحروب جذعة.

و الحق أن العراق اكتسب الراحة، و سكن مدة، و لكن بعد قليل دب في الدولة الضعف من جراء استمرار الحروب، و دوام غوائلها، فاضطرت الدولة إلي التضييق علي الأهلين، شعر علماء كثيرون بهذا الخطر، و حذروا الدولة من نتائجه … فظهر التغلب في مواطن عديدة في بغداد و غيرها، فتشوشت الحالة في أواخر هذا العهد، و استفاد منها المجاور و هو بالمرصاد فكان ما كان من وقائع انتهت بدخول السلطان مراد بغداد و انتزاعها من أيدي الإيرانيين …

و في هذا العهد لم يستفد العراق من العلاقات الاقتصادية بأصل الدولة و لا بغيرها فليس هناك ما يستحق الذكر سواء في أيام الراحة أو الاضطراب بل بقي العراق علي حالته المعتادة، فلم يظهر ما يزيد في الاقتصاديات، و لا في السياسة ما يدعو للارتياح.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 26

و لا يسأل عن الثقافة في هذه الزعازع، و الاضطرابات، و أن الفرصة مكنت من استعادتها نوعا في أول العهد إلا أن الأيام الأخيرة حتي استيلاء السلطان مراد قد قضت علي الكثير من آثارها، فصرنا اليوم لا نستطيع أن نعلم عنها إلا القليل النزر. و لعل الأيام تكشف أكثر عما غاب عنا في خزائن الكتب الخاصة، أو في البيوت من مصادر.

دامت بغداد في إدارة العثمانيين إلي أن حدثت حوادث كان آخرها واقعة (بكر الصوباشي) سنة 1028 ه- 1619 م، ثار علي العثمانيين، و أعلن حكومته في بغداد. و لما رأي تضييقا من هذه الدولة طلب المساعدة من إيران، فكان من نتائج ذلك أن استولت إيران علي بغداد.

دخلتها في يوم الأحد 23 ربيع الأول سنة 1032 ه- 1623 م.

جرت هذه إلي حروب و

بيلة و قاسية بين العثمانيين و الإيرانيين.

اكتسبت عنفا و شدة، و نالت وضعا خطرا علي الدولتين، فصارت كل واحدة منهما علي و شك الهلاك، و لم يبق بين الحياة و الموت إلا أنفاس معدودة. جاء السلطان مراد الرابع بنفسه لفتحها، فحدثت المعارك الهائلة و الحروب الطاحنة بين الطرفين مما ولدته الأطماع، كأن قد ذهبت لهم ذاهبة، أو كأن العراق مخلوق لأحدهما. فتمكن السلطان مراد من استعادة بغداد في 18 شعبان سنة 1048 ه- 1639 م و تم الفتح. و من ثم عادت بغداد. و كانت هذه المرة الأخيرة، فلم يتمكن الإيرانيون بعدها من الاستيلاء عليها و إن كانت لم تنقطع الحروب و لا هدأ الأمل.

فتح بغداد

1- بغداد و حاكمها:

كان العراق من الضعف بمكانة، و بغداد قاعدة بلاده. كانت إدارتها بيد العجم، فإن محمد خان تكلو كان حاكم بغداد من إيران و هذا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 27

علم أن جل أماني السلطان أن تتم سفرته بفتح بغداد فارتبك أمره و أصابه الرعب … و أول ما قام به السلطان أن أرسل أولامه بك مع الوزير الأعظم إبراهيم باشا إلي الموصل فاستولوا عليها.

ثم إن أولامه بك بعث بعض رجال قبيلته إلي من هناك من قبيلة (تكلو) برسائل يحث بها علي لزوم إظهار الطاعة للسلطان … و أبدي النصح بوجوب تسليم بغداد بلا حرب و قد صاغ رسائله هذه بتعابير تدل علي الترغيب من جهة و الترهيب من أخري فأبدع في الأسلوب و حسن البيان بقصد جلب القوم و استهوائهم لجانب السلطان …

أما الخان فلم يلتفت و أظهر أنه متأهب للطواري ء، عازم علي القراع، و صار يعد العدة للنضال. و في هذا الحين ورد ابن الغزالي من قبيلة تكلو

أيضا إلي بغداد حاملا رسالة الشاه يخبر بها محمد خان الوالي ببغداد بأن السلطان قد تحرك قاصدا بغداد، و فيها حث بالانصراف عن المدينة و أن يأتي إلي إيران علي وجه العجلة لينجو بنفسه و بمن معه. و علي هذا دعا الخان أعوانه و قص عليهم ما وقع، و شاور في الأمر فلم توافقه قبيلة تكلو علي الذهاب إلي الشاه و امتنعت عن طاعته … فكان مجموع من وافقه نحو ألف فلم ير بدا من الذهاب إلي الشاه و بينا هو يفكر في الأمر إذ ورد كتاب آخر يدعوه الشاه فيه إلي لزوم الإسراع فكان داعية التشوش أكثر. جاء هذا الكتاب مع نديم الشاه (رجب دده) فلم يطق صبرا لا سيما و قد تواترت الأخبار بوصول السلطان و اكتساحه الحدود بجيوشه الجرارة و اجتيازه خانقين و قلة مما زاد في ارتباكه. فدعا جماعة تكلو.

فاوضهم و بالغ في نصحهم. دعاهم للخروج معه من المدينة و اللحاق بالشاه فلم يلب دعوته أحد. فتابعه من أعوان الشاه نحو سبعمائة بيت …

و افقوا و استعدوا للذهاب معه امتثالا للأمر.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 28

و لما ألح في الطلب علي طائفة تكلو قام في وجهه نحو ثلاثة آلاف. ناصبوه العداء و تحصنوا في المدرسة المستنصرية بقرب الجسر تأهبا لمقارعته و كمنوا له هناك.

و كان في نية الخان آنئذ تخريب دورهم و إهلاك أهليهم و متعلقاتهم. و في أمله الهجوم عليهم و التنكيل بهم فخالفه السيد محمد كمونة و سكن الخصام بينهما. و جل غرضهم أن لا يوافقوا الخان و لا ينصاعوا لقوله. تعندوا فلم يمضوا طبق مرغوبه …

لم يبق للخان أمل، و لم ير تدبيرا ناجعا ينقذه من

هذه الورطة فندم علي ما فعل، و أبدي للقوم أنه عدل عما كان عزم من الذهاب إلي الشاه و إنما مال إلي السلطان و أنه مطيع له. فسر الجميع لقوله هذا. و صوب الجماعة رأيه …

و علي هذا ذهب جماعة من رجال تكلو. سارعوا في الوصول إلي السلطان سليمان ليقدموا له مفاتيح بغداد و ليعرضوا الطاعة. و كان هؤلاء من أهل الحل و العقد. رأي الخان الحالة وصلت إلي هذا الحد فلم يبق له أمل في أن يبقي رئيسا كما كان فيحافظ علي مكانته و أن المذكورين قد غلبوه علي أمره. و أنه فقدت منزلته … و رأي الأسلم له أن يعبر الجسر باتباعه و يذهب إلي الشاه من طريق البصرة فتوجه إلي الشاه.

2- السلطان سليمان القانوني:

الدولة العثمانية كانت و لا تزال في حالة توسع إلي هذه الأيام، تترقب الفرص و تتوسل بالأسباب للدخول في معمعة أخري لتكسر شوكة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 29

الصفويين فلا تدع لدولتهم مجالا للدعاية في مملكتها، و إن التشنيع علي إيران من آل الكيلاني من كل صوب، و من المغلوبين و فلولهم مما ذكر بواقعة چالديران، و إن كانت لا تعد أسبابا للدخول في معارك جديدة و إنما قرب الحالة الحربية ما جري علي ذي الفقار من حادث. يضاف إلي ذلك أن أولامه بك من قبيلة تكلو حاكم أذربيجان من جهة الشاه التجأ إلي السلطان سليمان لما وجد من الشاه من خوف، فرغبه في حرب إيران و زاد في نشاطه. و ربما يعد ميله إلي السلطان من أكبر أسباب الاشتباه من والي بغداد محمد خان تكلو، فمالت قبيلته إلي السلطان فعلا. و هذه من قبائل التركمان المعروفة.

كانت هذه من أكبر

المسهلات للدخول في المعمعة مع العجم.

جاء في جامع الدول و في غيره أنه في هذه السنة (940 ه) أمر السلطان بالتجهيز لسفر الشرق و جعل الوزير إبراهيم باشا سردارا فعبر الوزير في جمع من الحرس الملكي (قبو قولي) إلي اسكدار في 2 ربيع الآخر من هذه السنة ثم سار و شتي في حلب و كان سبب ذلك يرجع إلي أمرين:

(1) أن حاكم بغداد ذا الفقار مال إلي السلطان سليمان فأرسل إليه مفاتيح بغداد و أظهر الانقياد و لما بلغ ذلك الشاه طهماسب سار إليه فحاصر بغداد مدة فقاتله ذو الفقار و قتل. فكان الباعث لقصد السلطان.

(2) أن حاكم بدليس (بتليس) شرف خان أعلن العصيان علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 30

السلطان و انقاد للشاه طهماسب كما أن حاكم تبريز أولامه تكلو كان قد تقلد مناصب في إيران إلي أن نال حكومة تبريز. و لما دخلت هذه السنة أوجس خيفة من الشاه طهماسب فهرب إلي الروم. التجأ إلي السلطان فأكرمه و أقطعه بدليس و أمده بعسكر ديار بكر. أرسله إلي قتال (شرف خان) فقاتله قتالا شديدا فقتله، و كسر جيشه ببدليس و أهلك كثيرا من أتباعه. و صار ذلك أيضا سببا لقصد بلاد الشرق.

و في أيام وجود الوزير في مشتي حلب في منزل (سواريك) في أول ذي الحجة من هذه السنة بلغه تسخيروان. ففرح بذلك إلا أنه علم أن العسكر يقولون لا يقاتل السلطان إلا السلطان فخاف من الفتنة فأرسل إلي السلطان يعرفه بالحال و يلتمس قدومه فأجاب السلطان ملتمسه. عبر إلي اسكدار في آخر سنة 940 ه و توجه مبادرا نحو الشرق حتي وصل إلي تبريز في 20 ربيع الأول سنة 941 ه. (جرت

وقائع بين الوزير و العجم في مواقع حتي وصل السلطان و الوزير إلي همذان ثم قطعا بعدها المنازل متوجهين نحو بغداد فوصلا إلي قصر شيرين)، و من ثم دخل السلطان بجيشه الحدود العراقية …

و كل ما عرف عن الوزير في إيران أنه قام بما يجب القيام به لتسهيل الضربة علي الشاه فتعقب أثره و قارعه في بعض المواطن …

فكانت الحروب دامية. أخذ الخوف من العجم أكبر مأخذ كان نهض السلطان من استانبول في 28 ذي القعدة سنة 940 ه- 1534 م و صار يطوي المراحل حتي اتصل بجيش الوزير. وصل إلي السلطانية في 6 ربيع الآخر سنة 942 ه- 1534 م و منها كانت وجهته همذان فوردها في 24 منه. أما الشاه فكان في حالة يرثي لها يفر من ناحية إلي أخري، و يتخفي في الجبال الصعبة، و يميل عن الطرق المعتادة فرارا من وجه السلطان. و الرعب استولي عليه.. و حينئذ أمال السلطان عنان عزمه نحو بغداد و كانت الغاية المقصودة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 31

بين قصر شيرين و بغداد (في طريق بغداد):

لم يتعرض صاحب گلشن خلفا لتفصيل طريق السلطان و لكن ذلك جاء ذكره من مؤرخين كثيرين. قصوا سير السلطان و طريق حركته إلي بغداد و بين هؤلاء المؤرخ نصوح المطراقي و المؤرخ فريدون سوي أن نصوح المطراقي كان مصاحبا للسلطان في سفره هذا، فحكي ما شاهد بل لم يكتف بذلك و إنما صور البلدان و المراقد المباركة التي مر بها بألوان عديدة و عليه عولنا. و لم نهمل أقوال المؤرخين الآخرين ما أمكن الجمع.

إن السلطان كان قد وصل إلي (ماهي دشت) في غرة جمادي الأولي نهض من مرقد أويس القرني إليها. و في السادس منه وصلوا

إلي (قلعة شاهين) و هذا المنزل هو الحد الفاصل بين عراق العرب و بين إيران و من هنا تبدأ حلوان البلدة و المدينة. و هذا المنزل خال من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 32

القري و كان ذلك يوم الخميس و بقوا الجمعة في مكانهم. و هناك دفن نشانجي سيدي بك. و كانت أصابت الجيش في هذا المحل أمطار غزيرة و رعد و برق بما لا يوصف.. و يوم السبت 8 منه وصلوا إلي يكي إمام (يني إمام) أي الإمام الجديد و كانت قلعة خربة آنئذ. حدث هنا من الأضرار ما لا يوصف. و في التاسع منه جاؤوا إلي قصر شيرين و عاد هذا يبابا. وجدت فيه قلعة خالية …

و من قصر شيرين مضوا إلي (نهر شمران) كما في نصوح المطراقي و هو (طقوز أولوم) و جاء في غيره أنهم يوم الاثنين في العاشر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 33

وصلوا إلي خانقين و في هذا المنزل ورد القاضي و معه جماعة أرسلوا من محمد خان حاكم بغداد يبدون أنه طائع منقاد لأوامر السلطان، فأنعم السلطان علي هؤلاء بالخلع و انتظروا يوما واحدا لورود الأثقال و المهمات و في يوم الأربعاء 12 منه وصلوا إلي (طقوز أولوم) و حطوا أثقالهم و جاء أنه (أولوصو) و معناه النهر الكبير و يقصد به (ديالي).

رأوا المياه في فيضان زائد فاضطروا علي البقاء. و في هذا اليوم أصاب الجيش من الغرق ما لا يوصف و من نجا لحقه السيل لحد أن فريدون قال: إن هذه المصيبة لم ينلها جيش في التاريخ و لا رأي مثل هذا الهول. و في 14 منه كان الفيضان مستمرا فلم يستطيعوا العبور و استراحوا

يوم الأحد 16 منه و أنعم السلطان في هذا المنزل علي من رآه بخلعة، ثم جاؤوا إلي كوشك سيلان و منها إلي صحراء بردان فوصلوها في 19 منه ثم عبروا (نهر نارين). هول المؤرخون بالخسائر و الأضرار و أنها لا يمكن تقديرها و كان فيضان ديالي مرعبا جدا. و منها اجتازوا جبل حمرين فجاؤوا إلي قرية شروين المسماة (طاش كوپري) و تعرف ب (دللي عباس) و الآن سميت بناحية (المنصورية). و في 20 منه عبروا نهرا هناك (الخالص)، و في 22 منه وصلوا إلي قرب قرية (الوندية) فلم يقفوا و ساروا في طريقهم و في يوم الأحد 23 منه وصلوا مرقد (الشيخ سكران). و (مرقد لقمان الحكيم) بالقرب منه، و رأوا في طريقهم مرقد (الشيخ مكارم) و في 24 منه وصلوا (الإمام الأعظم) و إن السلطان حينئذ نزل عن فرسه و زار مرقده ثم ركب و مضي بجيوشه إلي (بغداد) …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 34

و كانت المدينة قبل هذا سلمت مفاتيحها إلي (جعفر بك). و جاء في جامع الدول: «و لما قرب الموكب من بغداد هرب حاكمها محمد خان تكلو. تركها خالية فبلغ الخبر إلي الركاب السلطاني فأرسل أولا الوزير فدخلها في 22 جمادي الأولي بلا نزاع و لا قتال، ثم دخلها السلطان بعد يومين في 24 من الشهر المذكور … » ا ه.

و في گلشن خلفا أن الشاه لم يستطع مقاومة السلطان حينما توجه إلي بلاده و توغل في إيران فاستولي علي آذربيجان، و لم يقدر علي صده، فصار يهرب من وجهه إلي هنا و هناك خائفا، متخفيا، و غرضه تعجيز السلطان. و لذا عزم السلطان أن يمضي إلي بغداد، فوصل

الخبر إلي والي بغداد محمد خان تكلو، فأصابه الهلع، و استولي عليه الرعب.

و في هذه الأثناء اكتسح إبراهيم پاشا مع أولامه بك تكلو مدينة الموصل، و أن أولامه بك هذا كتب إلي رجال قبيلته (تكلو) في بغداد رسائل ينصحهم و يحثهم علي تسليم بغداد إلي السلطان، فيها من الترغيب تارة و الترهيب أخري ما يقتضيه المقام و يحذرهم عاقبة العناد، فكان جواب محمد خان تكلو الرد. و أبدي عدم الإذعان و بين أنه مستعد للكفاح إلا أن الشاه بعث إلي والي بغداد بابن الغزالي من تكلو أيضا يوصيه بالعودة إلي إيران و أن ينجو بمن معه. و من ثم دعا الوالي قبيلة تكلو، و استطلع رأي رجالها، فعارضوا في الذهاب إلي إيران، و أصر الكثيرون إلا أن نحو ألف رجل منهم وافق محمد خان تكلو. و في هذا الحين ورد (رجب دده) نديم الشاه يوصيه بالإسراع في العودة. فاضطرب الوالي، و لم يقر له قرار لا سيما و قد سمع أن السلطان وصل إلي خانقين و قله (قولاي) بجنوده، فاضطر أن يدعو قبيلة تكلو مرة أخري

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 35

و ينصحها فلم يجد ذلك نفعا. و في الأثناء سمع أن أهل بغداد لا يستطيعون الحصار، و نادوا بالميل إلي السلطان و أبدوا حبهم له، و أن نحو ثلاثة آلاف من قبيلة تكلو أوقدوا نيران الفتنة، و جاهروا بالمخالفة و تطاولوا، بل إن هؤلاء اتخذوا المستنصرية حصنا لهم. و كان أمل الخان أن يوقع بهؤلاء، و أن يصطدم بهم، فلم يوافقه السيد محمد كمونة بل مانعه أن يقوم بالفتنة و من ثم علم أن قبيلة تكلو أبدت المعارضة و تحصنت في المدرسة المذكورة،

و أنها ليست مع الشاه، فتظاهر بأنه مع السلطان فوجد موافقة، و من ثم و بناء علي موافقة الخان أرسلوا مفاتيح بغداد مع رؤساء قبيلة تكلو، و قدموها للسلطان و أبقوا الخان رئيسا و لكن الخان علم يقينا أن إظهارهم المتابعة ليست إلا أمرا وقتيا و أنهم يضمرون له الكيد، و أنه سوف يري ما لا يرضاه فندم علي ما فعل، الأمر الذي دعا أن يعبر الجسر و يذهب من طريق البصرة إلي مقر الشاه، فذهب مملوءا رعبا. و ترك بغداد.

و إن قائد الجيوش (السر عسكر) لم يفتح الأبواب حذرا من أن ينال الأهلين أذي من الجيش. و أنعم السلطان علي هذا القائد إنعاما عظيما.

4- دخول بغداد:

إن الجيش دخل بغداد بلا حرب و لم يقع أي ضرر، كان جاء الوزير الأعظم إبراهيم پاشا السردار بأربعين ألفا. و أما السلطان فإنه وافي بغداد بمائة ألف إلا أن ما أصاب العساكر من طغيان المياه، و الأمطار و الزعازع أضعاف ما لو كان حرب. و كادت تحبط مساعي القوم.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 36

إن أبناء الترك و من معهم صبروا للمصاب و مضوا حتي ربحوا بغداد. فكان لدخولهم رنة فرح زاد في سرور الأهلين و أنعشهم فلم يروا ضررا من الجيش خلاف ما كان عليه الفاتحون الآخرون في غالب أحوالهم. و أما حاكم بغداد محمد خان فإنه حينما علم بقربهم من بغداد ركب بأهله و عياله السفن و ذهب إلي البصرة. و إن الجيش الإيراني عبر ديالي و سار من جهة درنه و درتنك قاصدا ديار العجم. مضوا إلي أنحاء قم و قاشان.

و عند دخول السلطان المدينة زينت له تزيينا بديعا و ملئت جميع الأبراج بالعساكر فأخذوا

مواقعهم و نشرت في تلك المواقع الطوغات و الأعلام علي اختلاف أنواعها … و أطلقوا له حين دخوله ثلاث طلقات نارية من مدافعهم و بنادقهم إظهارا للسرور، و صارت الطلقات تتري.

فكان لها وقعها في النفوس و احتفل به الأهلون احتفالا لا مزيد عليه.

كذا في أوليا چلبي نقلا عن والده درويش محمد أغا أحد الصاغة في البلاط كان حضر الفتح.

و جاء في گلشن خلفا أن الأهلين استقبلوا السلطان بمهرجان عظيم فنالوا كل التفات و لطف منه. و كان حينما ورد الموكب قصبة الأعظمية و أقام بها منع منعا باتا أن يدخل أفراد الجيش المدينة، أو يلحقوا ضررا ما بأحد، و حظر أن يتطاول شخص أو يمد يده إلي مال آخر. ذلك ما أدي إلي توليد الأمن و راحة الرعايا. و تقدم الشاعر المشهور فضولي البغدادي يمدح السلطان بنادرة مطلعها:

أيد اللهم في الآفاق أمن المسلمين با دوام دولت پاينده ء سلطان دين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 37

نور اللهم في الإسلام مصباح البقا با ثبات حشمت شاهنشه روي زمين

خلد اللهم سلطانا به باهي الزمان شدز فيض أو فضاي ملك فردوس برين

و أورد صولاق زادة للشاعر فضولي البغدادي أيضا في تاريخ هذا الفتح:

گلدي برج أوليايه پادشاه نامدار

و من التواريخ قولهم (فتحنا العراق). و علي كل حال اتخذ السلطان بغداد عاصمة له مدة بقائه.

السلطان سليمان في بغداد
اشارة

كان دخول السلطان بغداد يوم الاثنين 24 جمادي الأولي سنة 941 ه- 1534 م. رافقه أمراء و ولاة كثيرون بينهم أمير أمراء مصر سليمان باشا، و نصوح المطراقي الذي حكي هذا الفتح. ثم تجول السلطان في 28 جمادي الأولي سنة 941 ه في أنحاء عديدة من العراق قضاها في زيارة المراقد المباركة في الكاظمية و

كربلا و النجف و مر في طريقه بالكوفة و الحلة … ثم عاد إلي استانبول من طريق إيران متوجها نحو أذربيجان. و الشاه مال إلي طريق التخفي، و العدول من وجه السلطان فوصل إلي تبريز دون أن يقع حرب. و في خروجه من تبريز جاءه القاصدون من الشاه يتضرعون إليه بإسدال العفو و قبول الصلح فقبل ذلك. و من ثم عاد إلي استانبول.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 38

و في أيام استقراره ببغداد قام بأعمال أهمها:

1- اجتماع الديوان:

كان أثر وصول السلطان اجتمع (الديوان) و أجريت التوجيهات فأكرم الجيش بإنعامات وافرة. و لما كان من أعظم ملوك الأرض فلا يقال في توجيهاته و لا في عطاياه و هباته أكثر من أنها كانت عظيمة.

2- تعميره قصبة الإمام الأعظم- الجامع و المرقد:

إن السلطان سليمان في 5 جمادي الثانية سنة 941 ه زار مرقد الإمام الأعظم و أمر بتعمير قبته لما رآها فيه من حالة الخراب و التدمير، و أنه رأي جدرانها متهدمة النواحي و الأطراف متداعية فعمر المرقد الشريف، و أسس دار ضيافة للوارد و الصادر غداء و عشاء و لم يكتف بهذه، و إنما أمر أن يتخذ سور لحراستها من أيدي المتغلبة و العابثين.

و أوسع من هذا ما جاء في أوليا چلبي قال:

«إن السلطان سليمان خان شرع عام 941 ه في بناء قصبة الإمام الأعظم تبركا. و إن البلدة حينما كانت في يد السلطان حسن الطويل (أوزن حسن) رأي سادن حضرة الإمام الأعظم رؤيا مؤداها أن الإمام الأعظم قال له: ضع الصندوق الذي علي قبري علي الضريح الذي هو في المحل الفلاني. لأن هناك كافرا مستحقا للعذاب. و حينئذ استيقظ السادن و فعل طبق ما أمر الإمام. و كان آنئذ و في ذلك العصر لا توجد علي (قبر الإمام) قباب و لا تكلفات. و ذلك أنه كان قد سجن من قبل المنصور و عمره آنئذ ثمانون عاما فتوفي، و دفن بناء علي وصيته في غرفته

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 39

علي السنة. ثم إنه قد وضع بعض السلاطين علي ضريحه صندوقا. و إن ذلك السادن بناء علي الرؤيا و أمر الإمام وضع هذا الصندوق علي قبر كافر. و لم تمض مدة طويلة حتي استولي الشاه إسماعيل علي العراق.

و حينئذ

كسر الصندوق و فتح عن القبر فوجد جسدا ملوثا. فألقاه في النار فزعم أنه انتقم من الإمام و كفي شره.

و لما جاء السلطان إلي بغداد و بينما هو في طريقه رأي چاوش رؤيا مؤداها أن الإمام ظهر له و قال له إن (طاشقين خواجة) يعلم ضريحي.

و بعد الفتح قد أشار ذلك الرجل إلي أرض الإمام فحفروها فظهر الأساس القديم فأخرجت صخرة كبيرة فرفعوها و من ثم ظهرت منها رائحة طيبة فانتشرت و عطرت جميع أدمغة الحاضرين. أما السلطان سليمان فإنه وضع ذلك الحجر علي حاله و غطاه بتراب و أعاده كما كان.

و أخذ في البناء فبني قبة علي قبر الإمام بصورة لا يستطيع اللسان وصفها. و بني عمارة هناك و مدرسة و عمر في أطرافها قلعة. و اتخذ جامعا و دار ضيافة و حماما و خانا و نحو 40 أو 50 دكانا و عين للقلعة دزدارا (محافظا) و جندا لحراستها يبلغون مائة و خمسين و وضع فيها معدات حربية كافية، و مدافع. و شكل القلعة مربع باستطالة قليلة و محيطها ثمانية آلاف خطوة. و في أطرافها من الخارج بساتين و حدائق.

و قال: و حينما ذهبت مع ملك أحمد باشا عام 1058 ه عمرها في ذلك التاريخ. و هناك اتخذ لها آبارا ذوات سواقي و صنع لها غرفا. و قد أرسل إليها من الآستانة من (قيا سلطان) قنديل ذهبي.

و إن السلطان مراد خان صنع الباب الأسفل و الأعلي و شبكة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 40

الضريح من فضة. و كذا مصراعي الباب فصار الجامع و قبر الإمام كأنه جنة الفردوس.

و من ذلك العصر نري جميع الوزراء و الوكلاء و الأعيان الكبار يزيدون في الآثار الخيرية

من بناء و عمارة و يزينون المحل بأنواع الثريات بصورة بديعة» ا ه.

و مثله في تاريخ پچوي نقلا عن المؤرخ عالي أفندي عن جلال زادة مصطفي النشانجي في كتابه (طبقات الممالك) فلا نري ضرورة لتكراره. و في تاريخ رمضان زاده محمد النشانچي ذكر لأعمال السلطان هذه إلا أنه مختصر جدا. و جاء في تاريخ هامر أن السلطان عين مرقد الإمام الأعظم تخليدا لذكراه دون علم منه يقينا بموضع قبره الذي صيره العجم مزرعة كما أن سلفه السلطان محمد خان الفاتح ابتدع مرقدا في استانبول لأبي أيوب الأنصاري … و لا نعطف اهتماما كبيرا لأمثال هذا. و إنما نذكر في معرض المقابلة ما عملته إيران من انتهاك حرمات القبور، و ما عمله الترك من تعميرها و احترامها و زيارتها. كما أننا لا نري مبررا لاختلاق قبر الإمام الأعظم و ذكراه و شهرته تغني عن تعيين قبره فهو محترم من غالب المسلمين مقلديه و غير مقلديه. و لا يزال مذهبه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 41

مرعيّا في أكثر الممالك الإسلامية. و شيوع فقهه كاف و مغن عن إحياء ذكري أخري. و غالب الصحابة الكرام لا تعرف قبورهم.

و قد ذكر أوليا چلبي أن السلطان خصص مبلغ مائة ألف دينار لهذه التعميرات و لقبة الشيخ عبد القادر الجيلي (الگيلاني).

و هنا قصرنا البحث علي الحادث و إلا ففي كتاب (المعاهد الخيرية) مباحث مسهبة عن (جامع الإمام أبي حنيفة) و مدرسته و ما لحقها من تعميرات.

3- حضرة الشيخ عبد القادر و جامعه:

جاء في سليماننامه: «رأي السلطان أن قد و هي مزار الشيخ عبد القادر، و عاد أنقاضا بالية، فأمر أن ترفع له قبة عالية، و أن تتخذ دار ضيافة للفقراء و الأرامل، و أهل البلد

و من حولهم فقاموا بالأمر..» ا ه.

و لا شك أن الجامع موجود من أيام السلطان سليمان القانوني، تشهد بذلك منارته القديمة البيضاء. و كذا خيراته. إلا أن التعمير العظيم و رفع سمك القبة للمصلي كان أيام سنان باشا المعروف بچغاله زاده.

و جاء في أوليا چلبي أن السلطان سليمان حينما فتح بغداد بني قلعة لمرقد الإمام الأعظم و جامعا و دار ضيافة كما أنه عمر قبة عالية للشيخ عبد القادر الجيلي و جامعا و تكية و عمارة و جدد خيرات أخري،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 42

دخول السلطان سليمان بغداد- قصة الأمم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 43

عين لها أوقافا …

و جاء في تاريخ الغرابي: «في سنة 561 ه توفي الشيخ الجيلي قدس سره في بغداد و هو من أولاد الحسن بن علي بن أبي طالب (رض). و أمه أم الخيرات أمة الجبار فاطمة بنت أبي عبد اللّه الصومعي … (إلي أن قال) و لما مات دفن بمدرسته في بلدة بغداد، و بني علي قبره ميل. و لما جاء السلطان سليمان إلي بغداد هدم الميل و بني عليه قبة شاهقة. و بعد أسس سنان پاشا بجوار القبة جامعا و لم يتفق له إكماله و إنما بني منه مقدار ثلثه و بعد مضي سنوات كمله والي بغداد علي باشا ابن الوند في العقد التاسع من المائة العاشرة، ثم ألحق رواقان أحدهما من جانب الغرب بحذاء الجامع و الآخر من جانب الشرق محاذ لقبة ضريحه قدس سره، و بعد في سنة 1084 ه ألحقت ظلة قدام الجامع و القبة و الرواقين. و في مقابلة هؤلاء حجر متعددة يسكنها الفقراء من أهل التقوي و الصلاح و حضرته

معمورة بتلاوة القرآن، و الأذكار، و مذاكرة العلم بحيث لا تخلو من ذلك ليلا و نهارا. و الحمد للّه الذي جعلنا و آباءنا و أجدادنا من خدام حضرته الشريفة … » اه.

و هذه القبة غير قبة الجامع، لا تزال قائمة بديعة البناء و الصنع شاهدة بمعرفة بانيها، مشيرة إلي قدرته الصناعية. و لعل هذا العمل كان تجاه أعمال الصفوي و صرفه المبالغ في سبيل مراقد الأئمة. و كان الأولي بالاثنين أن يرفهوا علي الأهلين و ينقذوهم مما هم فيه من بلاء الحروب و انتهاك الحرمات و لكن المظاهر آنئذ هي المطلوبة المرغوب فيها لجذب العوام و استهوائهم لجانبهم. و لا تزال قبة الضريح رفيعة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 44

البنيان، عظيمة الأثر و لعلها نفس القبة التي هي من آثار السلطان المشهودة لكنها دخلها الإصلاح بتغطيتها بالكاشي … و الغرض من هذه العمارة بيان احترام السلطان لصاحب المرقد و إجلاله. و أكثر جهود السلاطين مبذولة لهذه الناحية …

و التفصيل في كتاب (المعاهد الخيرية). و جاء في تاريخ رمضان زاده محمد النشانجي أن من حسنات السلطان سليمان أنه عمر مشهد الشيخ عبد القادر الگيلاني و جامعه. و لم يتوسع و إنما راعي الإيجاز في كل مباحثه.

4- تعمير الجامع و الحضرة الكاظمية:

ثم إن السلطان زار مرقدي الإمامين موسي الكاظم و محمد الجواد و رتب لخدام الحضرات وظائف من خزانة بغداد. و كان الشاه إسماعيل بدأ بعمارة الحضرة و الجامع فلم يتمهما فأصدر السلطان فرمانه بتكميلهما.

قال ذلك صاحب كلشن خلفا. و جاء في مساجد بغداد للأستاذ محمود شكري الآلوسي أن الشاه إسماعيل كتب علي جدران المسجد:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم. أمر بإنشاء هذه العمارة الشريفة سلطان سلاطين العالم ظل اللّه علي جميع

بني آدم، ناصر دين جده الأحمدي، رافع أعلام الطريق المحمدي، أبو المظفر الشاه إسماعيل ابن الشاه حيدر ابن جنيد الصفوي الموسوي. خلد اللّه تعالي ألوية الدين المبين بملكه و سلطانه، و أيده لهدم قواعد أهل الضلالة بحجته و برهانه. و حرر ذلك في سادس شهر ربيع الثاني سنة 926 الهلالية».

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 45

و في هذا و في كلشن خلفا، ما يؤيد أن الجامع و الحضرة قد بنيا و لم تتم عمارتهما، فأتم السلطان سليمان ذلك بل لم يتم كل ما هنالك فإن المنارة لم تكمل إلا في سنة 978 ه أيام السلطان سليم الثاني.

أوضحت ما جري علي هذه الحضرة و الجامع من التعميرات لمختلف الأزمان في كتاب (المعاهد الخيرية) و كان ناظم تاريخ بناء المنارة الشاعر فضلي بن فضولي البغدادي.

و جاء في كتاب (تاريخ كاظمين) الفارسي ذكر ما جري من تعميرات تالية منها أن الشاه عباس الكبير أمر سنة 1033 ه بعمل ضريح من فولاذ لحفظ الصناديق من الخاتم كما أنه حدث غرق ببغداد و الكاظمية سنة 1042 ه فتضعضعت جدران الحضرة الكاظمية فأمر الشاه صفي بترميم ما اختل تعميره، و أودع القيام بذلك إلي قزاق خان أمير الأمراء السابق في شيروان. و في سنة 1045 ه أجريت بأمره أيضا بعض الإصلاحات و الترميمات في سلم المنارة و بعض التعميرات في المواطن الأخري المختلة.

و جاء فيه أيضا أن الجيش العثماني عندما اكتسح بغداد نهب ما في الحضرة من قناديل فضية و مرصعة و بعض المزينات. و لم يعين مصدرا.

5- تسجيل المملكة العراقية:

و هذه كانت من أكبر أعمال السلطان. سجل الأملاك و المقاطعات. و هذه السجلات نالت اعتمادا و وثوقا بحيث صار يعمل بمضمونها

بلا بينة. و كانت مرجعا دائما.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 46

فقد جاء في المادة 1737 من مجلة الأحكام العدلية أن قيود الدفاتر الخاقانية معمول بها لكونها أمينة من التزوير. و يقصد منها الدفاتر المدونة و المسجلة أيام هذا السلطان، و جاء عنها في شرح المجلة للأستاذ علي حيدر أنها ما كان خاصا بأيام السلطان سليمان القانوني من تحرير للأراضي و الأملاك و أيام السلطان مراد الثالث. و المقصود منها في العراق ما كان أيام السلطان سليمان. ألف لجنة من أهل الفضل و الاستقامة فحرروا القري و المزارع و المراعي و الأراضي الأخري بعناية تامة و تحقيق زائد خالية من شائبة التزوير و مجموع هذه القيود تبلغ 970 دفترا أو سجلا مخزونة في مكان مقفل بأربعة أبواب الواحد تلو الآخر معمولات من حديد، محكمة الصنع لا يتطرق إليها الخطر. و إذا أريد تبديل حكم أرض أو ملك من هذه الأملاك وجب استحصال إرادة سنية و صدور فرمان فتفتح من أمين الدفتر الخاقاني بواسطة الموظف الموكل بالأمر فيدون خلاصة الفرمان و يوقع في أعلي القيد للأراضي المطلوب تجديد قيدها، ثم يعاد الدفتر إلي محله بعد الإشارة إلي ما حدث، و يحافظ هذا المخزن الموكل بأمر محافظته. و لا يزال أمر العناية بهذه السجلات مرعيا. فلم يطرأ عليها الخلل، و لا دعا أن تداخلها شائبة التزوير و التصنيع. يعمل بها بلا بينة. بين ذلك الشيخ علاء الدين شيخ الإسلام، و هكذا كان إفتاء شيوخ الإسلام علي هذا الوجه و جاءت فتوي ابن عابدين في التنقيح و في رد المحتار، فعملت بذلك المجلة و هذه القيود سجلت فيها الأراضي الأميرية و المؤسسات الخيرية، و لا تشمل ملك

الأفراد من المزارع و لا الأملاك الخاصة، أو ما هو مقيد بالإجارتين.

و القيود الخاقانية يراد بها هذه القيود دون معاملات الطابو الأخري و سنداتها. فهذه لم تكتسب تلك القوة بوجه.

أقر السلطان أمر السجلات في بغداد و ساقها نحو وجهة سالمة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 47

رأي لزوم إدارتها بمنهاج موحد. و طراز إدارة ثابتة. و التشكيلات الإدارية القديمة للمملكة العثمانية ترتكز علي النحو الذي اختطه ببعض التعديل.

و دوائر الطابو تبعت هذه الطريقة في التسجيل لسائر الأملاك و العقارات.

6- نهر الحسينية في كربلاء:

هذا النهر من أعظم أعمال السلطان. كان يسمي باسمه (النهر السليماني) و الآن يسمي (بالحسينية). أجراه إلي كربلا فأحياها. و لم يوفق السلاطين السابقون أيام غازان و غيره و منهم الشاه إسماعيل، و الشاه طهماسب. و اعتقد أن السلطان كان يملك أكابر المهندسين، فتمكن من العمل. و تم المشروع علي يده. و يقال إن هندسته كانت فائقة تدل علي خبرة و مقدرة من أحضرهم من المهندسين و لا شك أنه كان أقرب لاستخدام أعاظم المهندسين و هو من أعظم الملوك و ليس لدينا ما يوضح الأعمال الهندسية و وصف خطورة المشروع و الخطط التي قام بها رجاله و لا علمنا عن هؤلاء المهندسين. و الأعمال تنسب إلي السلطان وحده و النهر بوضعه شاهد العظمة. و الآن كربلاء قائمة بدوامه و العمارة المشهودة في كربلاء و الحياة الزراعية، و البساتين فيها قامت بسبب من هذا الأثر، فتجددت حياة اللواء، و صار يعد من أعظم المشاريع الإصلاحية بل كان حقيقة مشروعا جليلا في حياة البلد و ما جاوره من بقاع تصل مياهه إليها. ثم بعد مشروعه هذا بمدة طويلة قامت (سدة الهندية) و اكتسبت شكلا أعظم و نتائج

مهمة خصوصا بعد اتخاذ الأبواب و استخدام لوازم العمارة و الإرواء الحديثة. فعليه الآن عمارة اللواء و قوام حياته. و علي ما حققه بعض المؤرخين أن المهندسين كانوا يرون أن كربلاء في محل عال و نهر الفرات منخفض عنها فيستحيل إيصال الماء إليها فكان إيصال الماء إليها يحتاج إلي خبرة هندسية كاملة فتمت في عهد هذا السلطان. وعد صاحب گلشن خلفا ذلك كرامة من كراماته و بركة من بركات توفيقه و إقباله. و أظن أنه يقصد بذلك التفاته لهذا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 48

المشروع و اهتمامه في إنجازه …

7- إيالات العراق و ألويته:

و من الإصلاح الذي أجراه السلطان تقسيم العراق إلي إيالات و ألوية متعددة. و بهذا قضي علي الإدارات القديمة، فاعتبر العراق خمس إيالات:

1- إيالة بغداد.

2- إيالة البصرة.

3- إيالة الموصل.

4- إيالة شهرزور.

5- إيالة الأحساء.

و منهم من لم يعد الأحساء من الايالات لضعف العلاقة. و لكل إيالة ألوية. جعل السلطان الإدارة في هذه الايالات مقتبسة من إدارة العاصمة و تشكيلاتها. و يأتي الكلام في التشكيلات الإدارية في آخر الكتاب.

8- صلب إسكندر جلبي الدفتري:

في 8 رمضان 941 ه أمر السلطان بصلب إسكندر جلبي فصلب بإيعاز من الوزير الصدر الأعظم إبراهيم باشا. و ذلك أن هذا الوزير كان يخشي من هذا الدفتري و يعده رقيبا عليه. صار ينتظر الفرص للوقيعة به. يوغر صدر السلطان عليه. كان الدفتري صاحب مال كثير لا يكاد يوجد عند أحد و له أعوان و مماليك يعدون بالآلاف. و له مقدرة فائقة فلا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 49

يحذر الوزير من سواه، فرتب عليه بعض الوسائل للوقيعة به. منها أنه أبدي وجود سراق للخزانة، و تكون شغب كان هيأه و لكن هذا عرف أمره إلا أنه خفي أمره علي السلطان.

و كان أيضا رأي الوزير الأعظم من إسكندر جلبي أنه نهاه أن يلقب نفسه (سردار سلطان) و معناه قائد السلطان و يقرأ بكسر الراء الثانية علي الإضافة الفارسية إلا أنه لو سهل فلم تكسر راؤه لكان معناه السلطان صاحب القيادة العامة … فلم يلتفت لذلك وعده رقابة له.

و مهما كان الأمر أوغر الوزير قلب السلطان علي إسكندر چلبي فعزله قرب همذان ثم زاد في تخويفه من بقائه فصلبه في بغداد في (8 رمضان سنة 941 ه) و هذا أوجب استياء عاما و نفرة من الكل و عرف أن

ذلك بتدبير من الوزير الأعظم. و كذا حذر السلطان من صهره حسين چلبي وسول له قتله فضرب عنقه.

و هذا الحادث- و إن كان أدي إلي الاستيلاء علي ثروة هذا الدفتري و علي مماليكه الذين يبلغون السبعة آلاف- قد أثر في نفس السلطان كثيرا و ندم علي فعلته بمتابعة هذا الوزير حتي أن المؤرخين يقصون أنه رأي رؤيا مزعجة جدا فيها يلومه المقتول لارتكابه الوقيعة به، بحيث إنه شوهدت صيحات عظمي صدرت منه و هو نائم فانتبه مذعورا.

و هذه تعين درجة ما حصل له و في الصباح زار مراقد الأئمة- و يقال إن هذه الزيارة تسكين لما استولي عليه من الاضطراب فأزعجه.

و في عودته كان يكتم عن الوزير الأعظم إبراهيم باشا الوقيعة به و الانتقام منه. و كان إبراهيم باشا استحوذ علي السلطان و ملك سمعه و بصره و لكنه رأي منه بعض أفعال استاء منها فرآه اكتسب طورا مهما.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 50

استبد بالأمور و أبدي المقدرة الكاملة سواء مع السفراء أو الوفود أو غيرهم. و كذا ارتاب من اللقب الذي لقب نفسه به (سردار سلطان).

و لما كانت السلطنة لا تقبل الشركة في النفوذ و التسلط وجب أن يقف عند حد فلم يحتمل السلطان أوضاعه هذه فقتله في 21 رمضان سنة 942 ه أي بعد مضي نحو سنة بسيف الغدر الذي قتل به إسكندر و صهره.

ثم تولي الوزارة سبعة من مماليك إسكندر چلبي، أكبرهم الصوقوللي و كان إبراهيم باشا تقدم عند السلطان بجماله و موسيقاه و بدت حينئذ مواهبه فنال أعز مكانة عرفت في أعز أيام هذه السلطنة و هو رومي ما زال يتقدم و يترقي حتي وصل إلي هذه المنزلة و

لكنه استولي عليه الغرور، و لم يفكر في أصل مكانه الأول، و ما ناله بعد أن كان من المماليك فوصل إلي هذا الموقع الممتاز.

لذا كان سقوطه هائلا، كأن لم يغن بالأمس … كذا قالوا.

و أشاروا أنه أول من خرقت به عادة نصب الوزراء من غير أهل المكانة من الأعيان و الوجوه.

و الملحوظ هنا أن أعوان إسكندر چلبي استفادوا من انفصال السلطان عن الوزير فتمكنوا من إغرائه عليه للوقيعة به، نظرا لتكاتفهم و كانوا عصبة حتي نالوا الوزارات بعده. جاؤوا من الطريق التي توصل بها إلي الحكم.

9- الجامع السليماني- جامع السراي:

و يسمي (جامع جديد حسن باشا). و سميت المحلة أخيرا باسم جديد حسن باشا. و لم نقف علي اسم الجامع القديم قبل تعمير السلطان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 51

له. و جوامع كثيرة طرأ عليها الاندثار ثم جري تعميرها، فلم تحافظ علي اسمها القديم. و هذا الجامع عمره السلطان سليمان القانوني حين ورد بغداد. و إن أوليا چلبي كان جاء إلي بغداد سنة 1067 ه و قد بين جوامع بغداد، و ذكر من جملتها (الجامع السليماني). قال: و فيه منارة.

و يقع أمام باب السراي (دار الحكومة).

و ذكر هذا الجامع (مرتضي آل نظمي) في كتابه (جامع الأنوار) عند كلامه علي الإمام الناصر موضحا أن هذا الإمام تربته متصلة بهذا الجامع و أنه لا يزال يزار. و لعل الخليفة الناصر اتخذت له تربة هناك و لكننا تعوزنا النصوص في بيان محل دفنه. فمن الضروري الاتصال بوثائق أخري لنعلم قيمة ما ذكره أوليا چلبي و مرتضي آل نظمي.

ثم إن هذا الجامع عمره حسن باشا (فاتح همذان)، فعرف باسمه فقيل (جامع جديد حسن باشا) للتفريق بينه و بين حسن باشا الوالي الذي

هو أقدم منه و المسمي بجامع الوزير و في (تاريخ المعاهد الخيرية تفصيل ما جري عليه من تعميرات.

10- السلطان في طريق عودته- قتله أمير صوران:

كان السلطان سليمان نظم إدارة بغداد ثم غادرها في 28 من شهر رمضان سنة 941 ه. سار في طريقه نحو إربل فوصل إلي محل يدعي (كوك تپه). و هناك سمع بأن أمير صوران (سوران) عز الدين شير وردت

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 52

إليه رسالة من الشاه. ذلك ما دعا أن يشتبه السلطان منه فأمر بضرب عنقه في الديوان العالي.

إمارة صوران

من آخر إمارات صوران لما بعد المغول. و هذه الإمارة تكلمت عليها في (عشائر العراق الكردية). و أفردت لواء إربل بكتاب خاص توسعت في إماراتها، و ذكرت ما جاء في مسالك الأبصار من أنهم من بلاد السهرية.

أهلها مشهورون باللصوصية من بلاد شقلاباد (شقلاوة) و الدربند الكبير، لا يبلغ عددهم ألفا و جبالهم عاصية و دربندهم بين جبلين شاهقين يشقهما الزاب الكبير. أميرهم حسام الدين. و جل ما يقال هنا أن عز الدين شير من أسرة الصهرانيين (السورانيين) و لا تعرف علاقته بحسام الدين و أول من علمنا منهم (كلوس) كما لقبه أهل تلك الأنحاء. و يراد به (الأثرم) ساقط الأسنان الأمامية من فمه. و كان في الأصل من قرية هوديان. و يقال لها (يهوديان) أيضا. كان راعيا في تلك القرية. و لما توفي أعقب من الأولاد عيسي و إبراهيم و شيخ أويس. و كان عيسي منهم شجاعا. جمع إليه بعض الأشخاص، فتمكن أن يجذب إليه الجماهير بالإحسان إليهم، فدخلوا في طاعته. و من ثم عادي حاكم البلد آنئذ، و عزم علي مقاومته. و كان يطلق عليه و علي جماعته بطريق الهزء و السخرية (الإمارة)، فتوجه إلي (بالكان).

و إن أهل تلك الناحية أحبوه، و قبلوا إمارته.

و لم تمض مدة حتي تبعه خلق كثير، فعزم علي

فتح قلعة (أوان).

قال في الشرفنامة كان في أطراف تلك القلعة صخور حمراء. يقال لها (سنك سرخ) بالفارسية، فكان عيسي و أصحابه يجلسون علي تلك

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 53

الصخور، و شرعوا يشنعون الغارات، و يقومون بالحروب، فلقبوا ب (سنك سرخي) أي أصحاب الصخور الحمراء. و من جراء كثرة الاستعمال نحت اللفظ فسموا ب (سهراني). فقالوا للسرخ (سهر) فشاع كذلك، و تساهلوا في التصرف باللفظة.

ذكرت في (عشائر العراق الكردية) أن هذا الفظ أقدم مما ذكر في الشرفنامة، و أن البلاد معروفة بهذا الاسم من زمن قديم. و تطلق علي ما بين الزابين. و شاع (سوران)، و (صوران)، و (سهران)، أو (صهران).

و جاء في المسعودي (سحر)، و (القوم السحرة). و كذا في الكتب العربية الأخري. و في مسالك الأبصار سمي بلادهم بالبلاد (السهرية).

تمكن الأمير عيسي من الاستيلاء علي (ولاية السهران). و بعد وفاته خلفه ابنه (شاه علي بك). و هذا دام حكمه مدة. ثم توفي عن أولاد:

1- عيسي.

2- مير بوداق.

3- مير حسين.

4- مير سيدي.

فقسم والدهم في حياته ملكه بينهم. و من هؤلاء عيسي بك طال حكمه. و حارب أمير بابان (مير بوداق) فقتله. ثم مات فخلفه ابنه (پير بوداق). و هذا استولي علي ناحية (سوماقلق) انتزعها من أيدي القزلباشية. ثم توفي عن أولاد:

1- الأمير سيف الدين.

2- الأمير حسين.

فولي بعده (الأمير سيف الدين). و لم يطل أمد حكمه فمات و خلفه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 54

أخوه (الأمير حسين). و هذا توفي. فصار بعده ابنه الأكبر سيف الدين.

و بعد وفاته خلفه عمه (مير سيدي بن شاه علي بك).

و هذا توسع حكمه إلي إربل بل زاد نطاق حكمه إلي أنحاء كركوك و الموصل. و دامت بلاد

سهران مستقلة تحت حكمه. و ترك من الأولاد:

1- أمير سيف الدين.

2- مير عز الدين شير.

3- سليمان.

و من هؤلاء مير عز الدين شير ولي الإمارة بعد والده. و في سنة 941 ه أيام ورود السلطان سليمان إلي (گوگ تپه) قرب إربل بدر منه ما أوجب الشبهة و النفرة، اطلع علي مراسلة بينه و بين الشاه طهماسب، فأمر بقتله.

و من ثم أمر السلطان بنصب (حسين بك الداسني) أميرا حاكما علي إربل. و هو من اليزيدية لكن هذا الحادث لم يفل من عزم الصورانيين، و بقوا في نزاع مع الداسنيين و إن كانوا انحسروا إلي الجبال، و تقلص حكمهم، فاعتزوا بالمواقع الجبلية المستعصية. حفظوا إمارتهم. فخلف عز الدين شير أخوه سليمان بك. و هذا كان له من الأولاد:

1- قلي بك.

2- أمير عيسي.

3- أمير سيف الدين.

و الأخير من هؤلاء اعتز بلواء (سوماقلق). و وقعت حروب دامية بينه و بين حسين بك الداسني، فلم يتمكن من مقاومة الداسنية، فالتجأ إلي أمير أردلان بيكه بك (الظاهر أولاده أو أحدهم) فلم يجد فيهم بغيته، فعاد، فمالت إليه الطوائف الصهرانية فتمكن من اكتساح إربل.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 55

و في هذه الأثناء جمع حسين بك الداسني اليزيدية، فوقعت حرب عظيمة كان من نتائجها أن دارت الدائرة علي اليزيدية، فتغلب عليهم الأمير سيف الدين، و قتل نحو خمسمائة من متميزيهم و أكابر رجالهم.

و حصل علي غنائم لا تحصي. و عادت الحروب مرات، و في كلها كان اليزيدية في خذلان مريع.

دعا السلطان إلي استانبول حسين بك الداسني، فأمر بقتله و لعل ذلك مبدأ السخط علي اليزيدية، و الفتوي من أبي السعود بقتلهم هاج عليهم الكرد و غيرهم من جراء ما قاموا به من

حروب مع المجاورين.

و كان الأمير سيف الدين بتسويل أو ترغيب من يوسف بك برادوست المشهور ب (غازي قران) عزم علي السفر إلي إستانبول طالبا العفو عما بدر، و أن يوليه السلطان (إمارة سهران) الموروثة له من آبائه و أجداده إلا أن السلطان لم يقبل معاذيره فقتله و عين مكانه السلطان حسين أمير العمادية إلا أن إمارة الصورانيين لم تنقطع و بقيت إلي حين.

نقف بهذه الإمارة الآن عند هذا الحد و الملحوظ أن الصهرانيين يضرب المثل (بخناجرهم)، فيقال (خنجر صوراني) لجودته كما يقال عندنا (خنجر صليب) في رداءته.

نظرة و إجمال

في هذا التاريخ دخلت بغداد تحت سيطرة الدولة العثمانية و لم يسبق أن حكمتها و إنما كانت بعيدة عنها كما أذعن بالطاعة سائر الأمراء المجاورين من اللر، و إمارة البصرة، و القطيف و البحرين، و أمير الحويزة مانع المشعشع.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 56

و الممالك الشرقية آنئذ كانت منحلة الإدارة. و من الضروري أن توحد إدارتها و تتبع أعظم قوة و هي القوة التي سحقت إيران و فلت من غربها و لم تكن الإدارة تابعة للسلطة من كل وجه، بل كانت عامة دون تدخل في الشؤون الجزئية، تابعة لمواهب الوالي و قدرته.

و أهم الدواعي الحقيقية لهذا الفتح أنه لم يبق منازع للحكومة التركية بعد خضد شوكة العجم فلا مانع لها من استيلاء علي بغداد.

و الشهرة القديمة من أكبر الدواعي في توليد الآمال. فالنفوس منصرفة إلي حب الاستيلاء علي بغداد و الأنحاء العراقية …

و أما البواعث الظاهرية فهي ما مرت الإشارة إليه.

كان وطد السلطان الأمن و نظم الإدارة كما أراد ثم غادر بغداد في 28 رمضان سنة 941 ه و عسكر في (گوگ تپه) قرب آلتون كوپري

و توجه من هناك نحو إيران لما سمع من ظهور الشاه و استيلائه علي تبريز و محاصرته مدينة وان. جاءته الأخبار بذلك، فوافي متوجها نحو تبريز.

و حينئذ فر من وجهه الشاه طهماسب، و بهذا تمت حوادث بغداد، فبقيت إدارتها بيد الولاة، و وافق السلطان علي طلب الصلح بعد الإلحاح فعاد إلي استانبول فدخلها في 4 رجب سنة 942 ه.

الوالي سليمان باشا

و هذا أول وال علي العراق أودعت إليه الدولة العثمانية منصب إيالة بغداد، نقل عن ولاية ديار بكر فنصب أمير أمراء. و في گلشن خلفا أن السلطان بعد عودته من زيارة المراقد المباركة في النجف و كربلاء نصبه واليا بلقب (بكلربكي). و جاء عنه في قاموس الأعلام أنه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 57

في الأصل مجري، فأسلم. و في سفر إيران كان واليا في ديار بكر. جاء مع السلطان إلي بغداد حين الفتح فنقل لولايتها. و لما فتحت أوفن نصب واليا عليها برتبة الوزارة، و في سنة 952 ه اعتزل المنصب المذكور و لم تمض مدة حتي توفي.

و جاء في السجل العثماني أنه نال منصب الشام ثم منصب حلب و غدر به هناك أتباعه توفي إلا أنه جاء في تاريخ رمضان زاده نال الوزارة سنة 943 ه، و جعل (واليا) علي (بدون) و في السجل وليها سنة 942 ه. و زاد في گلشن خلفا أنه كان قادرا علي إدارة الملك.

و لم نتمكن من العثور علي وقائع أخري غير ما مر سوي أن الشاه كان قد حاصر (وان) فلما علم بمغادرة السلطان بغداد و أنه متوجه نحوه فر منه. و كان خلال سفره هذا توالت رسل الشاه لطلب الصلح. و بعد اللتيا و التي قبل الصلح

و من ثم عاد السلطان إلي عاصمة ملكه كما مر.

حوادث سنة 942 ه- 1536 م

عزل الوالي:

في هذه السنة أو في التي تليها عزل الوالي و لم يحدث تبدل في الوضع و من المؤسف أننا لم نتمكن من معرفة الوالي الذي جاء بعده فخلفه في حكومته. و في تاريخ الدولة العثمانية لم يبقوا علي وال مدة طويلة لما كان من تجارب الماضي و عبره، فلا يريدون أن تبقي الولاية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 58

إقطاعا له، أو لا يرون أن يتمكن الوالي فيها مدة. و لا يعقل أن تكون بغداد خالية من وال للمدة من 942 ه إلي سنة 951 ه و لكن أخبار هؤلاء ضاعت عنا، و لم تعد تعرف.

حوادث سنة 945 ه- 1539 م

اشارة

لم تدون وقائع مهمة للعراق خلال السنين السابقة أو لم نتمكن من الوقوف عليها فنري صاحب گلشن خلفا أول ما يبدأ بحوادث العراق أثناء حكم الولاة بالوقعة التالية:

حاكم البصرة- تسليمه المفاتيح

جاء في نخبة التواريخ أنه في 15 صفر سنة 945 ه كان قد خرج السلطان من استانبول متوجها نحو أدرنة فخيم في صحرائها في أواخر هذا الشهر، و غرضه تأديب (و يودة) بغدان أي حاكمها المدعو (پترو)، و كان يبدي للسلطان الطاعة ظاهرا، و يضمر العداء، و في هذه الأثناء وصل إليه مانع بن راشد (حاكم البصرة) ابن مغامس و معه وزيره الأمير محمد، كان أرسلهما حاكم البصرة راشد لتقديم واجب الطاعة و الخضوع للسلطان. قدما الهدايا و مفاتيح البلاد إليه، و راشد هذا كان أميرا مستقلا، صاحب خطبة و سكة و نال هؤلاء الوفود التفاتا زائدا من السلطان و أبدي لهما لطفا كبيرا …

و لم نقف علي أحوال هذه الإمارة و لا علي نقودها بالرغم من التحريات في مواطن عديدة. و الملحوظ أنها من أمراء المنتفق و أغلب الظن أنهم من الشرفاء. توصلوا إلي الحكم بقوة العشائر و عدم المعارض مما رسخ قدمها و ذاقت لذة الحكم. و في گلشن خلفا ذكر هذه الوقعة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 59

توصلا لما حدث عام 953 ه. و علاقة الشرفاء بالعراق معروفة و مر الكلام علي الشريف أحمد في تاريخ الجلائرية.

و جاء في كتاب الأنساب للسيد ركن الدين الحسني النسابة عن الشريف أحمد. قال إنه قدم إلي البلاد الفراتية من مكة و حكم بالحلة من العراق سبع سنين إلي أن ولي الأمير الشيخ حسن (أبو السلطان أويس) و حاربه و قتله في شهر رمضان سنة 742 ه

و دفن بالمشهد الشريف المرتضوي عند عمه الشريف عبد اللّه في الحضرة الشريفة.

و الشريف عبد اللّه أمه أم ولد نوبية. انتقل من مكة إلي العراق في زمان السلطان خدابنده و أقطعه. و عقبه بالعراق.

ثم إن النسابة المذكور ذكر الشريف أحمد بأنه كان شهما شجاعا كريما فاضلا و له من الأولاد أحمد و سليمان و محمود. و أورد أن لمحمود ابنا اسمه محمد …

و في هذا النص توضيح زائد. و إن ظهور أمراء المنتفق الشبيبيين، و أمراء البصرة مما يجعلنا نري تلك العلاقة بالشرفاء و أنها لم تنقطع، بل قوي اعتقادنا بما سبق لنا القول فيه. و للكلام علي أمراء المنتفق محل آخر.

حوادث سنة 951 ه- 1545 م و ما يليها الوالي فرهاد باشا الصولاق

(ولايته الأولي)

و جهت إليه إيالة بغداد سنة 951 ه و عزل منها في السنة التالية (سنة 952 ه). كان تربي في البلاط الملكي. و في عهد السلطان سليم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 60

الأول كان مرافقا له في الحرب و تقلد مناصب منها (إمارة اليمن)، فحلب، ثم وجهت إليه (إمارة بغداد). و هذا لم يتعرض له صاحب گلشن خلفا لهذه المدة، ثم وجهت إليه مناصب أخري حتي صارت إليه ولاية بغداد للمرة الثانية كما سيجي ء. و لعل السبب في أن صاحب گلشن لم يذكره هذه المرة لأنه لم يجد ما يدونه لأيامه هذه. و بقية أخباره في ولايته الثانية …

و الغرض من بيانه هنا مراعاة التسلسل لأمراء بغداد. و قد غاب عنا الكثير منهم. و الصولاق يعني الحرس الملكي في البلاط، ثم أطلق علي حرس الوالي في مثل بغداد و مصر من الممالك المستقلة، و كان بعض آبائه أو أجداده من هؤلاء فعرف بصولاق زادة أي من آل الصولاق.

هذا. و لم نجد ما

يسد الفراغ بين سليمان باشا و فرهاد باشا الصولاق. و لعل خمول ذكرهم، و عدم ظهور وقائع مهمة مما سبب أن يغفل أمرهم. و كأن صاحب گلشن خلفا، يتطلع إلي قائمة الولاة أمام عينيه فلا يذكر إلا من كانت له مكانة، أو ظهرت في أيامه حوادث تدعو لذكره. أو أنه لم يجد من أسمائهم ما يتمكن من تدوينه.

حوادث سنة 952 ه- 1546 م

الوالي اياس باشا

ضبطه صاحب قاموس الأعلام بمد أوله (آياس) و العرب ينطقون به بلا مد و النطق به معروف. و أصله ألباني. (أرناود، أو أرنبود) تخرج

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 61

في البلاط و نال إمارة الأمراء (بكلربكي). و كانت آدابه و مروءاته في الذروة من الكمال. و هو أخو سنان باشا فاتح اليمن، الصدر الأعظم المشهور. ولي بغداد سنة 952 ه بعد أن عزل صولاق فرهاد باشا، ثم نال الوزارة في واقعة البصرة و يأتي ذكرها.

و في سجل عثماني أنه عهدت إليه بعد ذلك ولاية ديار بكر سنة 956 ه. ثم ولاية أرضروم (أرزن الروم) و توفي سنة 967 ه. و في قاموس الأعلام أنه أعدم في أرضروم لتسهيله هرب الشهزادة بايزيد إلي إيران عام 966 ه. و له من الأولاد محمود باشا و مصطفي باشا و من مماليكه الشاعر (صافي چلبي) المتوفي سنة 997 ه.

حوادث سنة 953 ه- 1546 م

البصرة تدخل في حوزة العثمانيين

إن حاكم البصرة راشدا كان عام 945 ه أظهر الطاعة و انقاد للأمر. أرسل ابنه إلي السلطان إلا أن مؤرخي الترك يقولون إنه نقض العهد فورد الأمر السلطاني إلي والي بغداد بإعداد المعدات الحربية و ما يقتضي من جيوش لحربه فوجه الوالي عزمه نحوه خلال سنة (953 ه).

و ساق الكتائب عليه بوجه السرعة. فالحكومة لم يرق لها أن تجاورها حكومة أو إمارة تمنع من الوصول إلي خليج البصرة أو تحول بينها و بينه ليتصل بالبحر الأحمر. و كانت داخلتها آمال لتوسيع السلطة و تمكنها في سواحل العرب و الهند من طريق البحر فوجدت الضرورة أن تمضي في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 62

جامع الإمام الأعظم- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 63

طريقها و تتخذ الوسائل

للسيطرة علي السواحل.

و في سفر الوالي هذا مر بالنجف لزيارة (مشهد الإمام علي) (رض). و لما كان (شيخ قشعم) سلك طريق العصيان قام بتأديبه و كسر طغيانه بل قضي الوزير علي حياته و أزال فتنته.

ثم سار إلي البصرة. و لما رأي حاكم البصرة أن لا قدرة له علي المقاومة ركن إلي الفرار فدخل الوالي المدينة و قضي علي حكومة راشد و سعي في تنظيمها و ضبط إدارتها. و بذلك انقادت الأطراف و دخل لواء واسط و نواحي الجزائر في حوزة الدولة و صار العراق بحذافيره للدولة العثمانية، و حينئذ تقلص ظل هذه الإمارة أو انقرضت. و كان حاكمها يتصرف بها علي وجه الملكية. إلا أنها عادت بحالة خرجت عن أن تكون بشكل حكومة.

جاء في روضة الأبرار في حوادث سنة 951 ه أن اياس باشا فتح البصرة في تلك السنة. و هذا غير صحيح لما ورد في النصوص السابقة.

فالغلط فيه ظاهر.

و جاء في فضولي من قصيدة مدح بها اياس باشا ذكر جهة البصرة و الاستيلاء علي الجزائر هناك كما في ديوانه التركي. مدح هذا الوالي بقصائد عديدة غير هذه تبلغ سبع قصائد. و لا شك أنها عدد وافر من فضولي الشاعر البغدادي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 64

قبيلة قشعم

معروفة في العراق برياستها القبائلية، و لكن الأيام جردتها من قبائلها فصارت مفردة عن غيرها لمحافظتها علي بداوتها. و أول ما ورد ذكرها في تاريخ العراق في حوادث سنة 953 ه- 1456 م. و أول ذكر لها جاء في قصيدة للشاعر فضولي البغدادي مدح بها اياس باشا والي بغداد في انتصاره علي هذه القبيلة كما أن صاحب گلشن خلفا بين أن هذا الوالي وجد هذه القبيلة سلكت

طريق العصيان فقام بتأديبها. و أعاد القول فيها في حوادث سنة (1018 ه- 1020 ه).

ثم توالي ذكرها في التاريخ لمجلداته الأخري، و لا تزال إلي اليوم. و المعروف أن الرياسة القبائلية كانت لابن قشعم إلا أن القبائل التي تحت سلطته قد انعزلت منه و استقلت بتسميتها، و عرفت بأسمائها الحالية و ضعفت قدرته فتكونت من بيته قبيلة تفرعت إلي أفخاذ. و لم تعرف قبيلة قديمة باسم (قشعم) قبل هذا.

و الظاهر أن هذه القبيلة من الأجود و ابن جشعم أحد رجالها تولي رياستها. و لما سارت قبائلها إلي الحالة الريفية انفصلت من الرياسة العشائرية، و لم تبق علي البداوة، و سألت الشيخ محمدا فقال لي إننا جشعم. و هي أصل. و لم يزد علي ذلك. و اختلف في أصلها. فمنهم يقول إن قشعما هو ربيعة بن نزار من القبائل العدنانية، و منهم من يقول إنهم من بني (ماء السماء) من القبائل القحطانية. و التدوينات جاءت للجهتين. ذكره في مطالع السعود و في القاموس المحيط.

و كان الأستاذ يعقوب سركيس قد ذكر رئيسهم المعاصر عقابا فعدد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 65

أجداده. و رأيت الشيخ محمدا و هو أخو عقاب فذكر لي الشيخ محمد أن أخاه هو الرئيس و هو (عقاب بن صقر بن ثويني بن عبد العزيز بن حبيب ابن صقر بن حمود بن كنعان بن مهنا بن ناصر بن مهنا بن سعد بن المنذر بن قسام بن ما (من) بن قشعم بن سعد بن غزي) و يدعون أنهم نزحوا من نجد في أيامه. و هذه الأسماء يصعب ضبطها. و بين ما ذكرته و ما ذكره الأستاذ يعقوب تفاوت يسير.

و هؤلاء في تسلسلهم ورد ذكر بعضهم

عند الكلام علي وقائعهم.

و تأتي في حينها. و ليس هنا محل بيان الوقائع التالية لما بعد هذا الجزء.

و الملحوظ أن هذه ليست أكثر من إمارة أو رياسة قبائلية فتعد ناظمة القبائل البدوية، و أن المنتفق و إمارتها استقلت بناحيتها ثم فاقت علي الكل، و دخلت هذه و غيرها ضمنها، بل إن الخزاعل صار لهم الذكر بعد ذلك كما كان لقبيلة عبادة قبلا، و لخفاجة … و إن قبائلهم مالت إلي الأرياف، فانفصمت عري القوة، و تبعثرت الإمارة. و هكذا شأن القبائل في تحول مستمر و تطور لا حدود له …

و فروع القشعم، أخذتها عن الشيخ محمد (أخي رئيسهم) و هي:

1- الشيوخ. كنعان و أسرته.

2- الناصر. رئيسهم سلطان بن ناصر.

3- آل چنعان. (هو كنعان) الوارد في عمود نسبهم. رئيسهم سرحان بن چنعان.

4- آل بندر. رئيسهم حسن.

5- اللهيب. رئيسهم شافي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 66

6- آل شليهب. رئيسهم بريچي بن مطلك الرحال. و يلحق بهم:

1- المخالي. رئيسهم شعلان آل صران.

2- الشهبان.

و يساكنهم الجنابيون، و المهناوية منسوبة لجدهم (مهنا) و فيها المسعود و اليسار، و البو براطم. و في أنحاء الكوفة (گرمة الجشعم) معروفة. و وقائعهم في العراق مدونة. و كانت لهم مكانة أذعنت لهم قبائل كثيرة بالطاعة، و تولوا رياستها العامة. و الآن في حالة ضعف، و لكنهم لا يزالون محافظين علي عزة نفوسهم، و لا يفترقون عن البدو في اللهجة، و قصيد البدو و الحداء و سائر أدب البادية. و هم متصلون بالبدو من جهات عديدة. شاهدت الشيخ محمدا. و كان عارفا بأحوال البادية.

و أكثر ما يحفظ شعر (رميزان)، و شعر (راكان) من شعراء البادية.

و يجاورهم بنو مالك في فروع كثيرة منها، و خفاجة،

و الأجود و قبائل أخري.

هذا، و لا مجال للتوسع بأكثر من هذا. و التفصيل في (كتاب عشائر العراق).

الوزير فرهاد باشا الصولاق أيضا

ولي بغداد للمرة الثانية بعد اياس باشا. و هذا معروف بالصلاح و التقوي و ليس له آمال طمع. كان كاملا، عارفا، مؤرخا توفي في بغداد و لم نتحقق تاريخ إمارته و لا زمن وفاته. و له ابن هو محمد باشا الوزير.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 67

الوزير محمد باشا الصولاق

هذا هو ابن الوزير فرهاد باشا الصولاق. قاله في گلشن خلفا.

و كان من أمراء الألوية ثم نال الإمارة في ولايات عديدة و لم يبين صاحب السجل العثماني تاريخ ولايته علي بغداد.

و قال عنه: استشهد في إيران في شعبان سنة 992 ه و نعته بأنه باسل مقدام، صادق مدبر. و لعل هذا هو الذي مدحه فضولي بقصيدة، و لكن الوصف غير منطبق.

حوادث سنة 954 ه- 1547 م

القاص ميرزا

هذا أخو الشاه طهماسب التجأ إلي السلطان سليمان القانوني سنة 953 ه فنال كل احترام و تكريم. و من ثم وجه السلطان عزمه نحو إيران فعبر إلي جانب اسكدار في 18 صفر سنة 955 ه و أرسل القاص ميرزا نحو بلاد الشرق و بعد أيام سار السلطان. سمع الشاه بذلك فتواري عن الأنظار، و كان استولي العجم علي مدينة (وان) باعتبار أنها (مفتاح إيران) فحاصرها السلطان و لما لم تر بدا من التسليم سلمت جيوشها إلي السلطان. و كان أمله أن يضبط تبريز و يجعل القاص ميرزا واليا عليها، و لكنه خاب ظنه فيه لما علم عنه من بعض الأوضاع، و بعد ذلك مال السلطان عن تبريز نحو حلب بأمل أن يقضي الشتاء في أنحاء ديار بكر، و في هذه الأثناء حدثت بعض الوقائع مع الإيرانيين.

و إن السلطان عند عودته إلي ديار بكر أرسل لمحافظة بغداد الوزير الثاني الحاج محمد باشا و سير معه مقدارا من الجيش. و رجع إلي العاصمة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 68

و في هذه الأيام اغتنم القاص ميرزا الفرصة فهاجم أثقال الشاه و خزانته في جهات أصفهان و قم و قاشان فغنم غنائم وافرة بعد أن كان استأذن السلطان و كان مغبرا منه، فلم يشأ أن يشاهده فأذن

له. و كانت هذه الغنائم لا توصف في نفاستها و لا تعد في كثرتها.

و حينئذ شتي السلطان في ديار بكر. ثم مضي إلي حلب. و جاءته الهدايا المرسلة مع عزيز اللّه، فخلع عليه السلطان و أرسل بالخلعة الفاخرة و السيف المرصع و الأوطاغ ثم إن القاص ميرزا شوش أمر إيران و مال إلي أنحاء شهرزور إلي محل يقال له (كسك چنار). و كان قد أصابته حمي هناك، فعلم به رجال الشاه طهماسب. فهاجموه علي غرة فأخذوه أسيرا، فحبسه الشاه في المحل المعروف ب (قهقهة). ثم مات و منهم من قال سم في سجنه. قال ذلك في تاريخ صولاق زادة. و جاء في گلشن خلفا أنه ذهب إلي بغداد فقضي بضعة أيام حتي أنه مال عن السلطان و حاول التقرب من الشاه فكان ذلك وسيلة القبض عليه. فساء مصيره.

الوزير الحاج محمد باشا

الحاج محمد باشا الوزير ولي بغداد في أيام القاص ميرزا و هو الوزير الثاني للدولة كما ذكر في تاريخ صولاق زادة. و لم يتعين لنا بالضبط تاريخ ولايته و لا معرفة أعماله. و لعله ممدوح فضولي في قصيدة له. و لم يظهر لنا التفصيل عن حياته.

والي بغداد تمرد علي باشا

إن صاحب گلشن خلفا ذكر أنه كان واليا علي بغداد ثم خلفه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 69

محمد باشا البالطه چي سنة 956 ه. و في هذا ما يشير إلي أنه كان واليا لما قبل هذا التاريخ. أما صاحب (سجل عثماني) فيذكر عنه أنه «نشأ في البلاط الداخلي و صار أمير العلم و آغا الينكچرية و بتاريخ 948 ه عزل فصار من الأمراء. و في عام 956 ه صار أمير أمراء بغداد. تحارب في البصرة و بعد انتصاره عاد إلي بغداد و في سنة 959 ه عزل. ثم تقلب في مناصب عديدة آخرها ولاية الشام و توفي فيها سنة 978 ه. و هو صاحب دين و خير، و لم يكن من أهل الأطماع» ا ه.

نعته صاحب السجل بأنه غرو علي باشا. و هذا غلط نسخ أو طبع.

و الذي عليه الجمهور أنه (تمرد علي باشا).

وصفه عهدي البغدادي بما نصه:

«كان من باشوات الأناضول، ممن ملي ء علما، و برع في الفروسية، نبغ في الآداب الفارسية فلا نظير له فيها. و معروف في إبداع التواريخ، و له في شروط الفقه نظر تام، و كان من أهل التجرد (الصوفية و النساك) فهو ممتاز بل فريد بين أقرانه، و في حد ذاته زاهد، ذو اعتقاد طاهر، يراعي الأوقات الخمسة، و يقضي أزمانه بالتقوي و الصوم و الصلاة و يعدها حتما عليه. ذهب للحج و

أدي فريضته و له شعر فارسي … » ا ه.

و أورد له صاحب التذكرة جملة صالحة من الشعر و ذكر عهدي أنه قضي مدة معه لتكمل الفضائل منه ليل نهار. و كان الأولي أن يسمي (تجرد علي باشا) لما فيه من صفة التجرد أي علي باشا المتجرد.

و الشيوع لا يقاوم و لا يصد تياره.

و مهما يكن من الأمر فقد كان واليا علي بغداد و لم يظهر له عمل يذكر. ثم خلفه محمد باشا البالطه چي. و لم نجد من الوثائق ما يجلو

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 70

عن حالته أكثر. و هو بالنظر لتوالي النصوص جاءت ولايته تالية للحاج محمد باشا الوزير الثاني السابق الذكر.

حوادث سنة 956 ه- 1549 م

والي بغداد محمد باشا البالطه جي

في هذه السنة ولي بغداد أمير أمراء سيواس سابقا بعد عزل تمرد علي باشا. و هذا من (بوسنة) تربي في البلاط الداخلي ثم حصل علي إمارة أنطاكية و بعدها صار مير لواء سلسترة، ثم اشقودرة و آخرها سيواس. و في سنة 956 ه حصل علي ولاية بغداد للمرة الأولي. و إنما لقب بهذا اللقب لأنه كان خشن الكلام …

واقعة جزائر البصرة

قالوا: و في هذه السنة حدث اضطراب في ايالة البصرة و صار الأعراب يقطعون السبل و يتعرضون بالمارة و يؤذون الخلق. فلما علم السلطان بخبرهم عين (محافظ بغداد) الوزير تمرد علي باشا قائدا للقضاء علي غائلتهم و تأديب ثائريهم و عين لولاية بغداد أمير أمراء سيواس محمد باشا البالطه چي فاهتم كل بما عهد إليه و جهز الوالي مقدارا من الينكچرية، و إن القائد تمرد علي باشا اشتغل بإعداد العدد و تجهيز الجيوش و سار برا و نهرا حتي وصل بلدة واسط فضرب خيامه هناك.

فاستقبله أمير لوائها علي بك بكمال الإجلال و الاحترام فبادرا معا و ذهبا إلي جهة البصرة. و تقدما نهرا فوصلا بلدة (المدينة). مستقر (آل عليان) حكام الجزائر فأحدثا الرعب في تلك الأطراف.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 71

أما الأعراب فإنهم تأهبوا للمقارعة، فحدثت معركة دامية ظهر فيها النصر لجهة الوزير و تبعثر أمر العشائر و تشتت شملهم. و في تلك الليلة قصد العربان العودة و الهجوم ليلا علي الجيش بأمل القضاء عليه و لكنهم لم ينالوا غرضهم و لم يتيسر لهم ما أملوا، فكان أضر بهم ذلك، و دمروا.

و في اليوم التالي بادروا صباحا للدخول في معركة أخري فكان الهول أكبر و قتلت نفوس كثيرة بصورة مرعبة. و في هذه المرة

نالهم ما نالهم في الأولي، فهرب أمير المدينة و لم يطق البقاء. هذا ما قالوه و ليس هناك قطع سبل و إنما هو جدال عن حياة و دفاع عن استقلال أرادت الدولة القضاء عليه.

حوادث سنة 957 ه- 1550 م

بقية الحوادث السابقة:

بعد هذه المعارك و في خلال سنة (957 ه) دخلت (المدينة) في حوزة القائد الوزير و لكن أطرافها لا تزال مأهولة بالعربان فلم يذعنوا بالطاعة. استمروا في الكفاح، فقام الوزير في تعمير البلد و السور و من ثم أطاعت سائر النواحي من الجزائر. و حينئذ أتم الوزير مهمته و عاد إلي بغداد بكمال الأبهة.

و بهذا ولي وزارة بغداد إلا أنه لم يطل أمد بقائه فيها فعزل علي ما سيوضح.

الوالي بهرام باشا

ولي بغداد سنة 957 ه بعد محمد باشا البالطه چي لكنه لم يبق في هذا المنصب كثيرا و كان من متخرجي البلاط الداخلي و من صغره ظهرت مواهبه. و نعته صاحب گلشن خلفا بأنه لا يمنع نفسه عن هوي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 72

يميل إلي الارتشاء أو هو معروف عنه. ثم نال إمارة روم إيلي و توفي بعدها …

والي بغداد تمرد علي باشا

ولي للمرة الثانية سنة 957 ه بعد عودته من أنحاء البصرة. و كان علي خلاف ما عليه بهرام باشا في سلوكه. مرت ترجمته و تبينت مكانته العلمية و الأدبية، و فيها ما يغني عن إعادة القول. بقي في الولاية إلي سنة 959 ه و من ثم حدث اضطراب في أنحاء شهرزور فعرض الأمر علي حكومته فاهتمت له و أودعت حكومة بغداد إلي محمد باشا البالطه چي.

حوادث سنة 959 ه- 1551 م

والي بغداد محمد باشا البالطه چي

إن وقعة شهرزور كانت الباعث لأن يوجه منصب بغداد إليه. و كان واليا في بغداد قبل هذا فهو أبصر بإدارة الحالة، فأودعت إليه هذه المهمة.

حادث شهرزور

كانت شهرزور حين الفتح العثماني أذعنت بالطاعة للسلطان سليمان و إن حاكمها الأمير (بكة) تقدم لخدمة السلطان و تأييدا لهذا الخضوع قدم ابنه (مأمون بك) رهينة ليكون في خدمة السلطان فسلمه إلي والي بغداد آنئذ سليمان باشا و هذا أودع إليه عدة إمارات ألوية متوالية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 73

فكان لواء الحلة من آخرها. بقي فيه. فكانت شهرزور تعد من ممالك الدولة. و كانت مدينتها تدعي (قلعة زلم) لمناعتها و إحكامها، من جراء أنها جبلية، صعبة الاجتياز، يعسر الوصول إليها، محاطة بالكرد من كل جانب. و في سنة 959 ه ظهر في أنحائها تشوش و تدخل القزلباشية. فاضطربت حالتها لما أصاب رعاياها من وقائع مؤلمة. و من انتهاك الحرمات ما لا يوصف سواء في نفوسهم أو أموالهم فأخبر الوالي تمرد علي باشا دار السلطنة بما علم و بالتعبير الأولي أوضح اختلال حالتها، و سهولة الاستيلاء عليها، فكان هذا من بواعث تعيين الوالي الجديد. فوضت القيادة إلي عثمان باشا والي حلب و جهز بمقدار كبير من الينكچرية و كذا أودعت إليه قيادة سائر الجيوش من الايالات الأخري المرسلة لهذه الغاية. و صدر الفرمان بأنه إذا افتتحها يكون أميرا عليها.

استغلوا وقوع النزاع، فقاموا بما قاموا به.

و علي هذا سارت الجيوش من كل صوب. و بعد أن جلس الوزير في حكومة بغداد جهز جيش بغداد بعدد كاملة من مدافع و بنادق مزودين بمعدات حربية أخري. و حينئذ ألحقهم الوالي بجيش عثمان باشا قرب شهرزور و توالي الأمراء من كل صوب من

أكراد و غيرهم و تجمعوا علي المدينة فأرهبوها بمدافعهم، و ضربوا خيامهم في الأنحاء القريبة منها. فوقعت معارك دامية بين الفريقين. و اشتدت نيران الحرب. و علا صوت المدافع و البنادق و مع هذا كله لم يتيسر به الفتح فأيس القوم من الاستيلاء علي المدينة لمناعتها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 74

و كان في النية أن تتخذ قلعة أمامها للمطاولة مع المحصورين و لكن الأجل المحتوم وافي القائد (السردار) فحال دون المرام فرجع الجيش إلي بغداد و كل جيش سار لجهة و ضرب لوجهه فتفرقت الجموع و من ثم عرض الوالي ما جري لدولته و بين ما وقع.

القائم مقام:

علم السلطان بالحالة فأمر الوالي أن يكون سرادارا لفتح تلك القلعة، و تسخير اللواء، فامتثل الأمر. و صار قائدا و حينئذ نصب الوالي مكانه (سهيل بك) أمير لواء الرماحية في بغداد لإدارة شؤون البلدة بالنيابة عنه مدة غيابه. و هذا أول (قائممقام) عرف لحد الآن.

و المصطلح انتقل من أصل الحكومة و شاع في الولاية و يراد به خلف الوالي أو من استخلفه. و في العاصمة يطلق القائممقام علي من ينوب عن الصدر الأعظم عند ما يغادر العاصمة لحرب أو غيره فيخلفه. و كذا من ينوب عن السلطان أيام سفره و مغادرته عاصمته.

الدوام علي حصار شهرزور:

و لما صار الوالي قائدا أمره السلطان بلزوم تسخير المدينة. و علي هذا و بعد مرور بضعة أيام توجه نحو الغاية المطلوبة. و حط رحاله في محل قريب من هناك يقال له (كسك چنار) فنزله. و استراح بضعة أيام.

و كان أخذ صحبته من أمراء الأكراد بكر بك و كان شيخا محترما. و ولي بك من أصحاب التدابير الصائبة. ذهب هؤلاء صحبة الكتخدا إلي حاكم شهرزور (سرخاب بك) بقصد ترهيبه من جهة و ترغيبه من أخري و قدموا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 75

له رسائل فيها نصائح مقنعة بخصوص جلبه للطاعة و الإذعان. و كانت زوجة سرخاب بك قد أسرت أيام عثمان باشا السردار السابق (قائد الحملة). و هذا نظرا لعفته و شهامته أعادها إلي سرخاب بك و بهذا مال لجهة العثمانيين. و رضي عنهم من جراء عملهم هذا. أذعن من تلقاء نفسه و رغب أن يرتبط بالدولة فيخضع لها.

ذلك ما دعا أن يدخل في أمر الصلح فأخرج من البلدة جميع أرزاقه، و قدم طاعته و أبدي إذعانه التام. و في حدود سنة

961 سلم المدينة للحكومة فصارت شهرزور و مضافاتها و توابعها مثل قلعة هاور، و قلعة نقود، و قلعة پاسكه، و قلعة شميران، و قلعة فرنچه من جملة الممالك العثمانية. فافتتحت جميعها و التحق أيضا أوغورلو بك من العجم، و سرخاب بك الأمير السابق و معهم نحو ألفي بيت من أقاربهم و سائر أتباعهم و طوائفهم. و سلموا مفاتيح القلاع الأخري و كانت بأيدي أمرائها محمد سيف بك أمير بانه، و يوسف بك أمير دستاره، و بوداق بك أمير بروج. و كذا القلاع الأخري التي بيد أورخان بك و جهان شاه بك فأبدوا طاعتهم و انقيادهم.

و بهذا نال الباشا توجها و إقبالا، و سعدا. أبقي ما يكفي لإدارة البلدة من عساكر و محافظين و عين لها أمير لواء (ولي بك) ثم توجه نحو همذان بما لديه من قوة. و في هذه الأيام ألقي السلطان الرعب في قلوب الإيرانيين حينما كان في حدود نخچوان و أبدي سلطة و هيبة ثم عاد إلي دار السلطنة. و حينئذ ورد الخبر السريع إلي الوزير يأمره فيه السلطان بالرجوع إلي بغداد نظرا لما علم من أن الشاه طهماسب متأهب للاستيلاء علي بغداد، فكان من الضروري أن يرجع إليها ليأخذ عدته و يتأهب للطواري ء المتوقعة. و علي هذا لم ير بدا من العودة فعاد إليها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 76

شهرزور- إمارة أردلان

إمارات الإقطاع في العراق تكونت من أمد بعيد ترجع به إلي أيام العباسيين. و إن شهرزور كانت بيد أمراء السلجوقيين و آخرهم الأمير قفجاق. ثم انقادت لاتابكة الموصل، و بعدها لآل بكتكين فالعباسيين.

و في أيام المغول تابعوهم و بانحلال هؤلاء تغلبت القبائل و قوي نفوذها.

و في أيام العثمانيين كانت (إمارة

أردلان) هي المسيطرة، و كذا إمارات أخري و لكن لم تكن في قدرتها.

إن لواء شهرزور من ألوية العراق المهمة. و يسمي الآن (لواء السليمانية). و يقطنه الأكراد قبائل و إمارات و في هذا العهد شوهدت (إمارة أردلان)، يجاورها إمارات أخري أو قريبة منها، و لم تكن في الحقيقة إمارة بالوجه الصحيح، و إنما هي عشائرية. و تكونت إمارة أردلان في أواخر أيام المغول، أو بعدها بقليل. و إن مؤسسها (بابا أردلان). كان قد عاش بين قبائل (گوران)، و هو في الأصل من ذرية أحمد بن مروان من ذرية ولاة ديار بكر و منهم من قال أولاد بابك بن ساسان.

و لما توفي بابا أردلان خلفه ابنه (كلول)، ثم توالي أبناء هذا و أحفاده:

1- خضر بن كلول.

2- الياس بن خضر.

3- خضر بن اليس.

4- حسن بن خضر.

5- بابلو بن حسن.

6- منذر بن بابلو.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 77

و إن هذا الأخير وزع ملكه بين أولاده:

1- بيكه بك. و كان نصيبه:

(1) قلعة ضلم. (زلم) أو (قلعة ظالم).

(2) تغر.

(3) شمران. و هذه باسم جبل شمران. و هو معروف في تلك الأنحاء و ينطقون به (شميران) و (شميلان). مر ذكره.

(4) هاوار.

(5) سيمان.

(6) راودان.

(7) كل عنبر (حلبچة).

2- سرخاب بك. و كان سهمه:

(1) لوي.

(2) مشيله.

(3) مهروان (مريوان). و أصل تلفظها (مهربان) فتصرفت اللغة الكردية به.

(4) تنوره.

(5) كلوس.

(6) نشسكان.

3- محمد بك و كانت حصته:

(1) سروجك.

(2) قراطاق. قراداغ أو قرداغ.

(3) شهربازار.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 78

(4) الان.

(5) دمهران.

جاءت وقائع شهرزور في أيام هؤلاء الأخيرين، و إن الدولة العثمانية قارعتهم كثيرا حتي قضت علي إمارتهم بعد أن جادلوا جدالا عنيفا، و أيست الدولة مرات من الاستيلاء عليهم.

و إن بيكه بك كان قد

طال حكمه 42 سنة جاء في الشرفنامه أنه توفي سنة 940 ه. و الصواب أنه أدرك عهد السلطان سليمان و لم يعرف تاريخ وفاته بالضبط. و من أولاده:

(1) إسماعيل.

(2) مأمون. و خلفه ابنه محمد بك. و توفي أثناء حصار قلعة ضلم (زلم).

ظهرت الدولة العثمانية بعد فتح بغداد. و إن (لواء شهرزور) بعد مأمون بك صار بيد عمه (سرخاب بك). و إن الوقائع علمتهم السياسة و كيف يميلون مرة إلي الدولة العثمانية و أخري إلي الدولة الصفوية.

و كانت أطماع الدولتين في العراق و أنحائه علي أشدها.

أعقب سرخاب بك أولادا كثيرين، و عمر طويلا، فخلفه ابنه سلطان علي. و هذا أعقب ولدين تيمور خان، و هلو خان و كانا صغيرين فولي الأمر عمهما (بساط بك بن سرخاب بك). و هذا نازعه ابن أخيه (تيمور خان)، ثم ولي الأمر بعد وفاة عمه بساط بك. و في سنة 998 ه قتل تيمور خان، فقام مقامه أخوه (هلو خان). و دامت إمارته إلي سنة 1005 ه و ما بعدها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 79

و هذه الإمارة لم يعد لها ذكر مدة، ثم ظهرت برياسة عشائرية- علي ما هو المنقول من رجالها- و قطنت المحل المعروف اليوم في جبال (هاورمان)، و تسمي قبائلهم الآن باسم قبائل (هاورمان). يسكنون في لحف الجبل، و قسم منهم تابع لإيران. و القسم الآخر للعراق من لواء السليمانية. فهناك:

1- هاورمان لهون. نصفها عراقية و النصف الآخر إيرانية.

و العراقية داخل خورمال من قضاء حلبچة (البچه).

2- هاورمان رژاو. تابعة لإيران.

3- هاورمان دزلي. لهم قري في العراق، و أخري في إيران.

و تاريخها المحفوظ لديها يرجع إلي سنة 1015 ه إلا أن هذا لم يستند إلي نص تاريخي

و لم يوصل بما مرّ. و منهم من ينكر علاقة هؤلاء بالأردلانيين. ظهرت وقائع هؤلاء كثيرا. و أصلهم ما ذكرت، و لا محل لتفصيل إمارة هؤلاء الموجودة اليوم، و من أهم وقائعهم ما كان أيام (مدحة پاشا) علي ما نتناوله في حينه. و كل ما علمناه أن الدولة العثمانية حاولت أن لا تترك لهم باقية إلا أن لهم صفحة مهمة من تاريخ شهرزور أوضحنا عنها في كتابنا (شهرزور- السليمانية).

حوادث سنة 961 ه- 1553 م

حاكم العمادية:

في سنة 961 ه كان السلطان أرسل حاكم العمادية السلطان حسين بك بشجعان الأكراد إلي جانب آذربيجان. و لما رجع بلغه أنه في موضع يقال له (تخت سليمان) اجتمع بضعة آلاف من القزلباشية مع أبي الفتح سلطان و حمزة سلطان و علي سلطان و خضر و إبراهيم قولي و خليفة.

و كانوا قد قصدوا بغداد و حواليها، فتوجه إليهم حسين بك بمن معه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 80

و قاتلهم قتالا عنيفا، فكسرهم. و من ثم وصل الخبر إلي الركاب الهمايوني عند نزوله قلعة بايزيد ففرح و أكرم حسين بك و زاد في إيالته.

إمارة العمادية

كانت إمارة العمادية أقرب إلي البداوة. يقال لها (إمارة الهكارية).

و (جبال الهكارية) هناك فسميت باسم جبالها. و لم تكن لها إدارة منظمة، و لا راعت لوازم الحكم جاءتنا أخبارها مبتورة، فلم يدون عنها إلا اليسير و إن كانت من أقدم ما عرف.

و لما أراد عماد الدين زنكي أول أتابكة الموصل التسلط علي الهكارية لجأوا إلي مدينة (آشب) و تعرف بقلعة (الشعباني)، فخربتها الحروب و طال الحصار مدة. و في سنة 537 ه أذعنوا بالطاعة للأتابك.

و لكنه لم ينتزعها من يد الهكارية. دامت بأيديهم إلي أيام المغول منقادين له.

و بعد أيام المغول تسلط عليهم (البهدينانية) و هم أولاد عم (الشمدينانية). ذكرتهم في (عشائر العراق الكردية). و لكن الهكارية لا يزالون باقين إلا أنهم ضاقت إمارتهم أو صاروا تابعين. و البهدينانيون يدعون أنهم (عباسيون) مع العلم بأن البهدينانة و الشمدينانية أولاد عم، من الجولمركية و هم أمويون. و بسطنا القول في البهدينانية في (كتاب العمادية).

و كان بدء حكمهم علي العمادية بعد سنة 740 ه إلا أن تاريخ هذه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4،

ص: 81

جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 82

الإمارة غامض في أوائل أمره. و في الشرفنامه أن أول من عرف منهم (زين الدين). و كان في أيام الأمير تيمور لنك و أيام ابنه الشاه رخ. و خلفه ابنه الأمير سيف الدين بن زين الدين. و صار بعده ابنه الأمير حسن و كان أدرك أيام السلطان سليمان و هذا أعقب أولادا ولي الإمارة منهم (السلطان حسين) و هذا أبدي خدمات جلي للسلطان سليمان فنال إمارة إربل و إنعامات أخري. و توفي أيام السلطان سليم ابن السلطان سليمان.

ثم توالي الأمراء بعده. و يأتي الكلام عليهم في حينه. و كانت إمارتهم قد أقرها السلاطين العثمانيون بفرامين. و صارت تابعة لبغداد.

و لقبوا بلقب (باشا). و تكاثرت مدونات الدولة عنهم.

سيدي علي رئيس في بغداد

اشارة

في غياب الوالي و قائممقامية سهيل بك أمير لواء الرماحية أوائل سنة 961 ه- 1553 م ورد سيدي علي رئيس بغداد مارا بها في طريقه إلي البصرة. قال في رحلته: إن السلطان سليمان في أواسط رمضان سنة 960 سار إلي بلاد الشرق. و كان معه فورد حلب. و في عيد الأضحي وجهت إليه قبطانية مصر. و أمر أن يذهب بالسفن الحربية الراسية في البصرة إلي مصر. و قبل هذا كانت جرت وقائع للعثمانيين و حروب مع البرتغال يوضحها:

1- وقائع سليمان باشا:

إن العثمانيين بعد فتح مصر كانوا شعروا بوطأة البرتغال في الهند و الاستيلاء علي تجارته، بل الاستيلاء علي مرافقه المهمة. فكان هذا مما أغضب القوم، و علموا يقينا أنه يولد لهم مشاكل في التجارة و السياسة لا تعد و لا تحصي. يضاف إلي ذلك أن ملك كجرات السلطان محمود قد استعان بالسلطان سليمان القانوني، و طلب منه أن يمده من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 83

جراء أنه سلطان المسلمين و لا يرضي أن يهان ملك مسلم فيتغافل عنه مما زاد في النخوة و حرك أمر الإسراع فأودع هذه المهمة إلي أمير أمراء مصر (واليها) سليمان باشا، و لذا منحه سلطة إصلاح السواحل في الجزيرة العربية، و منع التجاوزات البرتغالية في الهند.

أعد الأمير العدة، و في أواخر محرم الحرام سنة 946 ه نهض من ميناء السويس، بقوة بحرية متكونة من أسطول محتو علي 30 قادرغة، و من سفائن عديدة تحمل العسكر، و لكن ما ذا يؤمل من أمير البحرية (أميرال) إذا كان قد بلغ الثمانين، و نال من العجز حده!.

أراد الأميرال أن يولد رعبا في الأعداء، و يبعث أملا في نفوس رجال الدولة و من علي شاكلتهم،

فمضي من سواحل العرب حتي وصل إلي جدة، و من هناك توجه نحو جزيرة قمران. و في 13 ربيع الأول مخر البحر الأحمر، و في أربعة أيام بلياليها استمر الأسطول سائرا في طريقه، و في 17 منه وصل إلي ميناء عدن. و كانت هذه المدينة بتوابعها يحكمها عامر بن داود، و بتدابير حسنة استولي عليها الأسطول و هناك اتخذ برج أحكم بناؤه، و أقيم فيه محافظون، و وجهت ايالته إلي بهرام بك ثم مضي الأسطول في سبيله إلي الهند.

و في غرة ربيع الأول وصل الأسطول إلي سواحل الهند الغربية.

و افوا أمام قلعة (غوآ)، و في بادي ء الأمر استولي علي هذه، و بعدها سيق الجيش من طريق البحر فحاصر بلدة (كوه) و (كاره) الواقعة في شمال تلك، و بعد التخريب استولي الجيش عليها و علي سابقتها، و في أثناء الحصار و التضييق هلك كثير من البرتغال، فقتل نحو ألف نفر منهم، و هكذا مضوا إلي الشمال فساروا نحو مدينة (ديو)، شرعوا في التضييق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 84

عليها و أخرج إلي البر نحو عشرين ألف جندي، و معهم نحو 50 مدفعا، و كانت هذه محكمة، و فيها خنادق، و ليس من السهل الاستيلاء عليها كما أن المؤونة كانت قليلة، و المصاعب كثيرة، فاستعصي الأمر.

و في هذه الأيام كان أرسل خبر إلي السلطان محمود ملك كجرات ليرسل المؤونة إلا أنه مضي شهر و لم يرد جواب منه الأمر الذي أدي إلي مصاعب و حدوث مجاعة في الجيش حتي تزايد شأنه بل عظم خطره، يضاف إلي ذلك أن المحصورين طيروا خبرا إلي السلطان محمود بأن سليمان پاشا قتل أمير عدن عامرا و هكذا يفعل بك، فالأولي

أن تتفق معنا، و لا ترسل أرزاقا لجيش الباشا و إلا نالك ما نال الأمير المذكور. و من ثم و حذرا من سوء القصد اتفق مع هؤلاء و امتنع من إرسال المؤونة، بل ساعد المحصورين فعلا و مال لجهتهم. فعلم الپاشا بالأمر، فلم ير بدا من رفع الحصار، و تحميل المدافع و الجيوش في السفن، و الإقلاع عن هذه المواطن، فسار في البحر قافلا من الطريق الذي أتي منه، قطع 20 يوما في البحر، فوصل إلي سواحل جزيرة العرب الجنوبية، فحط في الشحر. و كان حاكم البلد قد أبدي طاعة و قام بكل ما يجب من تقديم أرزاق، و مساعدات للجيش، ثم أقلعت السفن من هناك فوافت عدنا، ثم مرت بميناء زبيد. و في هذه الأثناء وجد أن الأمير أحمد استولي علي هذه البقاع، و أعلن إمارته هناك. و كان هذا الشيخ اتخذت معه لطائف الحيل، فاستولت الحكومة علي ما بيده، و قضي علي غائلته، و وجهت ايالة اليمن إلي مصطفي بك آل بيقلي محمد باشا.

أما سليمان باشا فإنه أقام هناك مدة شهر، نظم في خلالها أمور

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 85

الحكومة و طرق محافظتها ثم عاد إلي جدة. فخرج من السفن و مضي لأداء فريضة الحج، و ذهب من طريق البر إلي مصر. و منها مضي إلي استانبول.

و نظرا لما قام به هذا الباشا من الخدمات قبل السلطان منه ما قام به، و أنعم عليه برتبة الوزارة. و صار في عداد رجال الديوان.

هذه أول وقائع العثمانيين في البحر الهندي. و لم تكن هناك علاقة للعراق بهذه الحوادث إلا أن الموضوع قد اتصل بهذه الواقعة اتصالا مكينا … و هنا لا نريد أن

نتعرض إلا لما له مساس بحوادثنا.

2- وقائع بيري رئيس:

مر الكلام علي ما جري لسليمان باشا في الهند من الحوادث.

و في هذه المرة كانت الدولة شعرت بالضعف، و عرفت طريق سياستها، و عدتها الحربية في البحر الهندي، فكان الواجب يدعوها أن تقوم بما يلزم من إعداد العدة و العدد، و تهتم اهتماما أكثر. فإن الاستيلاء علي عدن أعقبه اتفاق العرب هناك مع البرتغال للوقيعة بالجيش التركي، و استعادة البلد منه. تولدت المشادة بسبب الاستيلاء و النهب، و قتل الحاكم هناك مما آلمهم.

و في هذه الحالة سيرت الحكومة أسطولها تحت رياسة أمير بحريتها قائد بحرية مصر (پيري بك) المشهور و هذا صاحب (كتاب البحرية)، و ابن أخت كمال رئيس. سار لاستخلاص البلد و استعادته، فاسترد عدن حربا، الأمر الذي دعا أن يعرض والي مصر داود باشا أمره إلي السلطان ببيان خدماته، و من ثم قبل السلطان ذلك بالقبول الحسن، و زاد في راتبه و جعلت له زعامة بمبلغ (مائة ألف آقچه). ثم أرسل مرة أخري إلي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 86

سواحل جزيرة العرب، لينظم إدارتها، و أن يستعيد المواطن التي استولي عليها البرتغال. ففي سنة 959 ه تحرك من ميناء السويس ب (30) قطعة قاليته، و قادرغة و باشتارده (باشترده)، و قاليون. و من هذه تكون الاسطول، و معهم فرقة من العساكر المصرية، فوافي جدة، ثم إنه اجتاز مضيق باب المندب، و مضي إلي عدن. و هناك أظهر سطوته، ثم توجه نحو شحر و ظفار من طريق رأس الحد، و مسقط التي وقعت في أيدي البرتغال. و بينا هو مجتاز في الأقسام الجنوبية من جزيرة العرب من سواحل الشحر، و ظفار إذ ظهر ريح زعزع فتبعثرت السفن،

و تفرقت نوعا، حتي أن بارچة منها من نوع القاليون اصطدمت في أرض من سواحل الشحر فغرقت و لكن بعد أن سكن هائج الرياح عادت السفن فاجتمعت، و سارت في طريقها، فمضت من رأس الحد، فوصلت إلي أمام قاعدة عمان و هي (مسقط). فافتتحتها هذه القوة البحرية.

و هذه المدينة لها موقع ممتاز في أنها حاكمة علي مدخل خليج البصرة، و أنها تقع علي الطريق. فلها أهمية خاصة، و مكانة لا تنكر.

فأشغلها البرتغال نظرا لأهميتها هذه. ذلك ما دعا پيري بك أن يخرج جيشا إلي البر، و يتخذ التدابير لمحاصرة المدينة و التضييق عليها دون إضاعة وقت. فدافع عنها البرتغال، و لكنهم لم يستطيعوا أن يصدوا الهجوم الذي قام به الجيش العثماني، فتمكنوا من ضبطها و الاستيلاء عليها. و أسروا جيش البرتغال. و من هناك تحركت السفن إلي مضيق هرمز فتمكنوا من ضبطه بعد حرب قوية و هجوم عنيف. و كذا استولوا علي جزيرة هرمز و برخت (كشم)، و من هناك توجهوا نحو البصرة.

و كانت قد دخلت البصرة قبل مدة في حوزة العثمانيين لما رأوا من حاجة لوصل البصرة بمصر.

و في أثناء وصول الأسطول إلي البصرة شاع أن البرتغال عزموا علي قطع خط الرجعة، و أملهم أن يأتوا بقوة عظيمة إلي مضيق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 87

هرمز، فارتاب پيري بك، و أبدي خوفا لا يأتلف و ما كان قد أبداه سابقا. فترك الأسطول في البصرة، و سار بثلاث قطع قادرغة خاصة به، و بمفرزة صغيرة، فعاد إلي السويس. فكانت حركته هذه داعية للارتياب لا سيما و أنه لم يستأذن فيما فعل. فسار بما أخذه فوصل البحرين، و هناك جلست إحدي القادرغات علي البر فتفككت،

و غرقت، و عاد إلي السويس بالباقي و بقيت السفن الحربية الأخري في البصرة، فكان هذا الفرار منه أكبر باعث إلي نكبته. و كانت حكومته تأمل منه أعمالا كبيرة، فخاب الأمل فيه. و من ثم صدر الأمر السلطاني بإعدامه لما ارتكب من هزيمة، فأعدم بمصر. و يقال إنه حاول تهريب الأموال التي استولي عليها. اتهم بذلك في حين أن القوة كانت ضعيفة، و الانتحار محقق، فرأي أن يمضي بالقوة الكافية للنجاة و يتأهب للأمر كما تبين ذلك من تكليف علي بك المصري و كان قائد الحملة و امتناعه من قبول قيادة الأسطول و ما ذلك إلا لعدم صلاح البحرية للمرور و قدرة الدفاع.

و لما أعدم پيري رئيس بمصر وجدت لديه أموال كثيرة، استولت عليها الحكومة. أما أمير الجيش علي بك فلم يوافق علي قيادة الأسطول، و عاد من طريق البر إلي مصر و لم يقبل بتكليف والي البصرة (قباد باشا) في أن يعهد إليه الأسطول. فتبعثر أمر السفن الحربية، و لما سمع والي مصر أخبر الدولة بما جري. فكان ما كان. ثم جاء أهل هرمز إلي مصر فشكوا پيري رئيس، و قالوا: نهب أموالنا و عذبنا، فلم تسمع لهم دعوي و أرسلت الأموال إلي الدولة.

ثم ظهر مؤخرا أن قتله لم يكن بحق. و كانت الأسباب لذلك كثيرة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 88

منها أنه كان من رجال إبراهيم باشا المقتول، و أنه لم يعط إلي قباد باشا دراهم، فكان فداء لخيانات ذلك الزمن. و يعد من أفذاذ الرجال. و كتابه (بحرية) شاهد ذلك.

ألفه سنة 932 ه بأمر من السلطان. و معه أطلس جغرافي. طبع علي الزنك سنة 1935 م بمطبعة الدولة باستانبول و له

مؤلف في بحار الصين و الهند في مجلدين. و هو ابن أخت كمال رئيس القبطان البحري الشهير.

3- واقعة مراد رئيس:

كان هذا سماه صاحب التحفة (مراد قپودان) و هو معزول من لواء القطيف، و كان في البصرة في تلك الأثناء بقي في البصرة حينما عاد پيري بك فوجهت إليه قيادة أسطول مصر (البحر الأحمر) و كان ترك پيري رئيس في البصرة بارچتين و خمس قادرغات و قاليته في بندر البصرة و الباقي سار به نحو السويس حسب الأمر الصادر إليه إلا أن قادرغة واحدة كانت قد احترقت في البصرة. فكان أخذ معه- عدا ما أبقاه و ما غرق- (15 قادرغة). و بارچتين، فتكون أسطول منها، و سار في البحر، فورد مضيق هرمز. تمكن من الوصول إلي هناك دون أن يري عارضة إلا أنه عند المعبر اصطدم بأسطول البرتغال، و كانوا قد تأهبوا للحرب، ينتظرون الأسطول العثماني و يترقبون وروده. فابتدأت الحرب من الصبح و استمرت بشدة إلي المساء، و ذهبت ضائعات كثيرة من الطرفين، و استشهد كل من (سليمان رئيس) فارس سفينة القائد، و (رجب رئيس) فارس سفينة أخري، فكان فقدهما من أعظم الضائعات، و الذين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 89

استشهدوا، و جرحوا من سائر أفراد الجيش كثيرون جدا، و كذا السفن قد تضعضعت كثيرا من جراء طلقات العدو.

ذلك ما جعل الأسطول العثماني لا يستطيع الدوام في الحرب، أيسوا من أوضاعهم. و استفادة من اختلاط الظلام و الكف عن الحرب بسبب الليل عادوا، و من ثم صار مراد بك يفكر في أمر الاحتفاظ بالباقي من السفن، و يراعي سلامتها، فاستفاد من ظلمة الليل فعاد إلي البصرة، دون أن يضيع الفرصة. و نظرا لزيادة الظلمة بسبب الليل

قد اصطدمت إحدي السفن المسماة (بارچة) بالبر في جانب اللار، و إن قسما من الجيوش فيها نجوا سالمين، و قسم منهم مع السفينة صاروا في أسر العدو.

و في هذه الحرب خذل الأسطول العثماني، و لم يتيسر له الانتصار إلا أن هذه لم تكن الحرب الحاسمة و إنما هي رجوع بانتظام، و العدو في هذه الحرب أصابته خسائر كبيرة و ناله ضرر عظيم أيضا إلا أن العثمانيين لم يستطيعوا تعقب أثره لما نالهم من ضعف حذروا من المجازفة. و العدو بالرغم من التلفيات لا تزال قوته كبيرة …

و لما وصل الأسطول إلي البصرة أخبروا الدولة بما جري. ذلك ما دعا أن توجه أميرالية مصر إلي سيدي علي رئيس و من ثم سار في طريقه إلي البصرة.

قبطانية مصر توجه إلي سيدي علي رئيس:

بعد خذلان مراد رئيس عرض الأمر علي السلطان سليمان فعهد بالمهمة إلي (الكاتبي الرومي).

و هذا هو (سيدي علي بن حسين). و كان متضلعا في علم البحار، فتح جزيرة رودس. و من ذلك الحين إلي يومنا هذا كان و لا يزال في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 90

بحر المغرب (البحر الأبيض المتوسط) في كافة الغزوات و الفتوحات بصحبة المغفور لهما (خير الدين باشا) و (سنان باشا) و سائر القبطانية و قام بأنواع الخدمات و تجول في جميع أطراف بحر المغرب و أكنافه فحصل علي جميع ما يتعلق بعلم البحار و اكتسب الخبرة الوافرة. ألف في علم الهيئة و في الحكمة و سائر متعلقات علم البحار تآليف مهمة، و في أحوال النجوم. و مما أهله للمهمة أن أباه و جده و أسلافه من أيام فتح القسطنطينية كانوا كتخدائية دار الصناعة (الترسانة) العامرة في غلطة.

و كل واحد منهم كان ماهرا في العلوم

البحرية فانتقلت هذه إليه إرثا و اكتسابا.

رأي السلطان فيه من الكفاءة و القدرة علي الأمور البحرية فأودع إليه قبطانية مصر في ذي الحجة سنة 960 و أمره أن يذهب بالسفن الموجودة في بندر البصرة إلي مصر. صدر إليه الفرمان بذلك فنهض في أول المحرم سنة 961 من حلب فكانت وجهته البصرة.

سيدي علي في طريقه إلي بغداد:

خرج من حلب متوجها إلي الموصل و بغداد، فعبر الفرات من أمام پيره جك فجاء الرها (أورفة) و زار هناك مقام إبراهيم عليه السّلام و سار في طريقه إلي نصيبين و منها ورد الموصل و زار مراقد يونس عليه السّلام و جرجيس عليه السّلام و الشيخ محمد الغرابيلي، و فتح الموصلي، و قضيب البان الموصلي ثم مضي إلي بغداد و مر بمدينة تكريت و منها جاء إلي سامراء و زار فيها الإمام عليا الهادي و الإمام حسنا العسكري و سار من بلد العاشق و المعشوق و منها مضي في الطريق المار إلي قصبة حربي، و قصر سمكة (سميكة) فبلغ بغداد و عبر دجلة (شط بغداد) من الجسر و زار مدة بقائه يوشع عليه السّلام و الإمام الأعظم، و الإمام أحمد بن حنبل، و الإمام أبا يوسف و الإمام محمدا، و الإمام محمدا الغزالي، و عيص بن إسحاق عليه السّلام و الإمام

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 91

موسي الكاظم، و الإمام محمدا التقي و قنبر علي، و الشيخ عبد القادر الكيلاني، و جنيدا البغدادي، و معروفا الكرخي، و الشيخ الشبلي، و سريّا السقطي، و الحلاج، و بشرا الحافي، و جومرد القصاب، و بهلول دانه و فضيل بن عياض، و الشيخ شهاب الدين السهروردي، و الشيخ داود الطائي، ثم مر من أمام قلعة الطيور و

ذهب إلي قلعة پيره (الظاهر قلعة البير). و عبر الفرات من أمام قصبة المسيب فوصل الحائر (كربلا) و هنا زار حضرة الإمام الحسين، و مشهد الشهداء، و الحر الشهيد، ثم مضي من جهة شفاثة (شفاثي) من طريق البر إلي المشهد و في اليوم الثاني وصل إلي الغري (النجف) و زار آدم و نوحا و شمعون عليه السّلام و الإمام عليا المرتضي (رض)، ثم ذهب إلي الكوفة و هناك زار مسجدها و محاريب الأنبياء عليه السّلام و شهادة الإمام علي المرتضي و مقام قنبر و دلدل ثم جاء إلي قلعة الحسينية و في طريقه زار ذا الكفل بن هارون عليه السّلام و من هناك مضي إلي الحلة و فيها مقام صاحب الزمان (الإمام محمد المهدي)، و الإمام عقيل أخو الإمام علي (رض)، و زار (مسجد شمس) و من هناك عبر الفرات أيضا و عاد إلي بغداد. كل ذلك قصه في رحلته.

سيدي علي رئيس في طريقه إلي البصرة:

ثم ركب السفينة و مضي إلي البصرة و في طريقه مر بالمدائن و رأي طاق كسري و قصر شاه زنان، و زار سلمان الفارسي (رض) ثم عبر خليج العمارة فوصل إلي زكية من طريق واسط و زار العزير عليه السّلام و من هناك وصل قلعة صدر السويب بعد أن مر من قلعة عجل، و قلعة مزرعة. ثم وصل شط البصرة و في آخر صفر سنة 961 ه دخل المدينة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 92

سيدي علي رئيس في البصرة:

في اليوم التالي من وصوله ذهب إلي مصطفي باشا (حاكم البصرة) و قدم له الفرمان و عرفه بما جاء من أجله و حينئذ سلم إليه خمس عشرة قدرغة، و عمر ما تمكن من تعميره مما يحتاج إلي المرمة وحشي المفكك منها فأصلح ما استطاع إصلاحه. و لما لم يحن وقت الذهاب بعد بقي في البصرة نحو خمسة أشهر، في خلالها زار (مسجد الإمام علي)، و (الحسن البصري)، و (طلحة)، و (الزبير)، و (أنس بن مالك)، و (عبد الرحمن بن عوف) و شهداء الصحابة (رض).

و مما أرعبه في بقائه أنه رأي رؤيا مؤداها أنه وجد أن قد فقد سيفه فتطير من ذلك لما علم أن الشيخ محيي الدين بن عربي نقل أن الرسول صلّي اللّه عليه و سلم فقد سيفه فحدثت له هزيمة و حينئذ بادر بالدعاء و الاستغاثة بالرسول. فلاح لقلبه أن عسكر الإسلام منصور فانتبه مذعورا لما رأي إلا أنه لم يقصص هذه الرؤيا علي أحد و اغتم لها كثيرا …

وقعة الحويزة- ابن عليان:

و مما اتفق أن مصطفي باشا عزم أن يفتح الحويزة و ينتزعها من طائفة المشعشعين فسار إليها و أرسل سيدي علي رئيس إلي الجزائر علي بن عليان لئلا يضر ب (البصرة) استفادة من هذه المشغلة فذهب بخمس قدرغات.

و فيها عساكر مصرية فلم يتيسر الفتح. و استشهد من جماعة سيدي علي أكثر من مائة ممن تعودوا ضرب البنادق فاضطرب لهذا الحادث إلا أنه ظن أن الرؤيا صدقت فعلا بهذا الحادث و لكن التقدير غلب التدبير.

و هذا الحادث لم يدون من صاحب گلشن خلفا و لا غيره و إنما انفرد به صاحب مرآة الممالك مما يدل علي أن المؤرخين لم يذكروا إلا

موسوعة تاريخ العراق بين

احتلالين، ج 4، ص: 93

بعض الوقائع و لا تزال خفايا كثيرة مجهولة و وقائع مهملة. و ما نقله صاحب (جامع الدول) أخذ من هذا المرجع. و هكذا غيره ممن تلاه.

سيدي علي رئيس في طريقه إلي مصر

و لما قرب حلول الموسم و اقتضي الذهاب أرسل مصطفي باشا في پركنده أي فرقته(Frigate) رجلا ماهرا في علم البحار يقال له (شريف) إلي هرموز للتفحص فبقي نحو شهر يتجول في السواحل فلم يجد للبرتغاليين سفنا سوي أربع بوارج. و هذه سفن الموسم. فجاء بهذا الخبر. و حينئذ ركبت الجيوش السفن، و توجهت بصحبة سيدي علي رئيس إلي مصر.

أقلعت السفن في أول شعبان لسنة 961 ه- 1554 م و وصلت مع (فرقتة) شريف إلي هرموز. كان رافقهم في طريقهم. أرسل معهم لهذا الغرض، فتحركوا من شط العرب إلي عبادان. و زار مقام الخضر عليه السّلام.

ثم مضي إلي سواحل دسفول و تستر (ششتر) و جاؤوا إلي جزيرة (خارك) و زار فيها محمد بن الحنفية (رض) و شهداء الأصحاب (رض). و من هناك مضي إلي ريشهر (الظاهر أبو شهر) من بنادر شيراز و قطعا سواحل بر فارس. و في طريقهم رأوا جلبة (چكلوه) فاستطلعوا أحوال العدو فلم يتمكنوا من معرفة شي ء. ثم مالوا إلي هجر من بر العرب أي أنهم وصلوا القطيف. و هناك رأوا (شايتي). استطلعوا الأخبار منها فلم يعثروا علي أمر يخص العدو. ثم صاروا إلي البحرين و هناك التقي بحاكمها مراد رئيس فبين له أن ليس في هذا البحر برتغالي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 94

و من غريب ما شاهد هناك و عجب منه أن البحرانيين يأخذون بأيديهم قربة صغيرة (جودا) و يغوصون إلي قعر البحر نحو ثمانية باعات أو أكثر و حينئذ يملأون

ذلك الجود من ماء عذب يخرج من عين داخل البحر يعرفون موقعها و يأتون بالماء دائما إلي مراد رئيس فيشرب منه باردا في الصيف و هو ألطف كل المياه و أعذبها. قدم إلي سيدي علي رئيس منه رعاية له فأعجبه و انبهر من قدرة الباري و نهاية عظمته مما لم ير نظيره في البحار الأخري و يقول الأهلون إن آية مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ وردت فيها حتي أن وجه التسمية بالبحرين كان هذا سببه. ثم رحل فوصل إلي جزيرة قيس أي جزيرة هرموز القديمة و جزيرة برخته، و البحر الأخضر. شاهد كثيرا من الجزائر هناك فلم يتمكن من الحصول علي خبر فعبر هرموز. و عند ذلك أذن (لشريف) و كان رافقه و سار معه من البصرة. كتب كتابا معه إلي مصطفي باشا يذكر فيه أنه عبر هرموز بصحة و سلامة، و بعد ذلك سار من سواحل (جلفار) و (جادي) فمر ب (كيمزار) و (ليمة). ثم وصل إلي قرب مدينة خورفكان و في 10 رمضان بعد أربعين يوما من حركتهم جاءتهم علي حين غرة أساطيل العدو و بينها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 95

أربع قطع (كوه) مما يعادل قراقه، و ثلاث قليونات Galleon وست قراولات بورتغالية و اثنتا عشرة قطعة غربان أي قاليته Galley، و الخلاصة هاجم العدو بخمس و عشرين سفينة و هم في الحال أنزلوا التنتات و تسلحوا و أعدوا آلات الحرب و تهيأوا للكفاح متوكلين علي اللّه و رفعوا الفلانديرات (الرايات الصغيرة)، و نشروا الأعلام فأقدموا للقراع فباشروا الحرب بذكر الرسول صلي اللّه عليه و سلم و الاستغاثة به و أخذوا بالضرب بمدافع و بنادق حتي أنه لا يستطيع المرء وصف هول ما جري فأصيب

قليون للعدو بمدفع فانسحب إلي جزيرة فك الأسداد و غرق.

و أورد سيدي علي لمسيحي:

غالبا كو مدي چشم أنجم بو قدر حادثه عظمايي

بيلمز كيم نيجه تعبير ايده يم سكا بو واقعه كبرايي

يريد أن عين النجم لم تر في غالب أحوالها هولا كهذا فلا أدري كيف أعبر عن هذا الحادث الجلل و هذه الواقعة العظمي …

دامت الحرب إلي العشاء فكانت في أشد ما يتصور. ثم أشعل فانوس القبطان و حينئذ أطلق العدو مدفعا لتنبيه سفنه أن تقلع عن الحرب و علي هذا انسحبت بوارجه بعد أن اختلت آلاتها و رجعت إلي هرموز.

و بهذا تغلب سيدي علي رئيس علي العدو و انتصر عليه. فانهزم.

ثم إنه اشتد الظلام ظهر تشوش في الجو و بدت زوبعة كما حدثت أمطار فابتعدت السفن عن الساحل و سلكت الطريق. ساروا بمشقة حتي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 96

وصلوا مدينة خورفكان في اليوم التالي و بعد أن أخذ الجيش ماءه مضوا في طريقهم حتي وصلوا إلي ولاية عمان، و جاؤوا إلي بلدتها صحار.

ثم مضوا في البحر نحو 17 يوما أيضا. و في 26 من شهر رمضان ليلة القدر فاجأتهم سفن العدو مرة أخري. جاءت من قرب مدينة مسقط و قلهات هاجمتهم سحرا من ميناء مسقط و هي اثنتا عشرة بارجة و اثنان و عشرون غرابا فالمجموع 34 قطعة من السفن. صال بها كوه ابن الحاكم و هو القبطان و معه جيوش لا تحصي فنصب الشراع و تقدم ببوارجه و قليوناته و نصب (مايسترا) أي (شراعا) و پنتة (شراعا صغيرا) لكل منها، و كذا نصبوا للقراولات شراعها، و زين العدو سفنه بفلانديرات (رايات أو أعلام صغيرة) و مشي عليهم، و هم أيضا طلبوا العون

من اللّه و تأهبوا في جانب من الساحل فجاءتهم البوارج فاصطدمت بالقدرغات و اشتعلت نيران البنادق و المدافع فيما بين الفريقين، و تعاطوا رشق السهام و تضاربوا بالسيوف فآل الأمر إلي حالة لا يستطيع المرء وصفها.

كان هولها عظيما حتي هلكت بوارج للطرفين و احترق بعضها و كانت ضائعات سيدي علي بارجة وست قدرغات، لحد أن أنهكت قوي الطرفين و صارت الحرب في أطراف السفن.

و كان من ضايعات العثمانيين (علمشاه رئيس)، و (قره مصطفي)، و (قلفات ممي). و قائد المتطوعين مصطفي بك الدرزي، و سائر أفراد مصر، و أصحاب الآلات، فكان المجموع نحو مائتين. و حينئذ رمي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 97

العرب الذين كانوا من أصحاب المجاذيف بأنفسهم إلي الساحل فاستصرخوا عربان نجد هناك فابتدروا لمعاونة المسلمين فصاروا أدلاءهم لجانب البر، و أخذ البرتغال الذين كانوا في بوارج العدو يرمون بأنفسهم أيضا. و كذا العرب الذين كانوا مستخدمين عندهم انسحبوا إلي بلاد العرب.

قال سيدي علي رئيس: و يعلم اللّه أن (خير الدين باشا) في حربه مع (آندريه طوريه)Andreas Doria لم ير هذه الدرجة من شدة و عظمة.

فاضطر سيدي علي رئيس أن يبتعد عن الساحل فأمر بنصب الشراع ضرورة فانفصل عن بر العرب و دخل في بحر عمان و في النتيجة وصل إلي برجاش من كرمان و ليس في هذه السواحل ميناء يلجأ إليه. و بعد اللتيا و التي وردوا (كيچي) من ولاية (مكران) إلا أنه لم يتيسر الوصول إلي الساحل بسبب الظلام فوقفوا في البحر. و لما أصبح الصباح وصلوا بكل محنة و مشقة إلي الساحل إلي (بندر شهبار). ذهب جماعة منهم فأفهموا الأهلين أنهم مسلمون و طلبوا الماء فوافق ذلك النهار يوم العيد

فصار الحصول علي الماء أكبر عيد لهم. و من هناك و بواسطة الدليل مضوا إلي بندر كوادر. أهلوها من البلوج. ملكهم جلال الدين ابن ملك دينار و أن حاكمها جاء إلي الأسطول و رحب بهم و أحضر لهم ما يحتاجون إليه من عدة كافية كاملة و كتب إلي الملك و طلب منه ربانا و معلما أي دليلا للبحر في عمان و سواحله ففعل و أبدي الطاعة و الانقياد للسلطان.

ثم أقلعوا من بندر كوادر و مضوا إلي بحر الهند و ساعدهم الريح مدة فجاؤوا إلي ساحل اليمن مرة أخري. ساروا في البحر أياما عديدة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 98

و مروا من نحو رأس الحد. جاؤوا إلي ما يقارب ظفار و شحر فعاكستهم الرياح فلم يستطيعوا إدارة الشراع أو ينزلوها لشدة هذه الرياح المسماة ب (طوفان الفيل) مع ريح (داماني) أو كما يقولون (كون باتيسي) أي ريح المغيب هذه تعد الرياح الزعازع في بحر المغرب بالنظر إليها كقطرة من بحر. و من ثم و لشدة هذه الرياح عادوا أو جرفتهم الرياح دون أن يتمكنوا منها فصاروا إلي سواحل الهند مرة أخري.

وصف سيدي علي هولها بأشنع أشكاله و من ثم تغير الوضع و اضطرب الأمر و كان الرئيس ينصح بحارته و يوعز إليهم بلفظ (سوغوريه) أي تأهبوا و كونوا علي بصيرة. عسي العاقبة خيرا داموا عل هذا عشرة أيام. و لا تسل عما أصابهم من ارتباك و لقيهم من رعب و خوف حينما علموا أنهم في مقربة من ديار العدو. ضاق بهم الأمر و لم يبق لهم أمل إلا أن ينظروا ما يجري عليهم من قضاء. و في خلال ذلك كان سيدي علي ينصح القوم و

يوصيهم بالصبر.

مضي علي ذلك عشرة أيام في البحر بين مده و جزره و زوابعه و أمطاره، فوصلوا قريبا من خليج چكد. و حينئذ صاح المعلمون بالويل و الثبور لما رأوا من تغير مياه البحر و ما شاهدوا من حيتانه و حيواناته فظنوا أن هذه سورة بحر الهند و الورطة التي فيه (تيار أودردور). و هي قرب السند و تعرف بتيارها و خطرها لا خلاص للسفن منه فطرحوا الأثقال و بعض آلات و اشتغلوا يوما و ليلة بلا توقف و باستمرار فنجوا من الخطر.

ركد الهواء نوعا و ساروا صباحا فنظروا إلي الأطراف فرأوا أنهم في سواحل ولاية جامهر شاهدوا دار الأصنام لها. و من هناك ساروا فمروا من فورميان و منگلور و مضوا إلي سومنات Some nat ثم وصلوا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 99

إلي (ديو)Dio و كانت بيد البرتغال، فاستولي عليهم الخوف و لا يستطيع القلم أن يعبر عما أصابهم من هول و هلع فكأنهم في يوم محشر …

فوصلوا بشق الأنفس إلي ولاية كجرات من الهند. و هناك صادفهم خطر آخر و هو الشق (السورة) فزاد المصاب و لم ينجوا منه إلا بعد جهد جهيد، فوصلوا إلي (فشت قيدسور) و هذا ما بين (ديو) و (دمن)Daman فلم يستطيعوا الركون إليها فمضوا إلي بندر (دمن) فحمدوا اللّه علي السلامة بعد ما لاقوا كل الأخطار و الصعاب و الأمطار و هذا موسم الأمطار و يقال له بارصاد. و كان ملك كجرات السلطان أحمد و حاكم (دمن) ملك أسد تابعا له. و هذا حذر من البقاء و نصح بالذهاب إلي سورت خوفا من البرتغال فلم يتمكنوا من البقاء فقام سيدي علي رئيس بمن تبعه من البحارة فمضي

بالسفن إلي سورت فوصلوها ففرح المسلمون بهم و قالوا لم نر طوفانا مثل هذا من قديم الزمان، و لا رأينا قرصانا أي قبطانا ماهرا في علم البحار مثلك.

و لا ننكر القدرة العلمية و المهارة الفنية في مثل هذه الأمور و إن كان التوفيق حليف القدرة البحرية في العدد و كمال العدد و قد اتخذ العدو لها الأهبة، و لم يترك وسيلة لا سيما في وقت لم تتغير فنونه الحربية، بل تكاد تكون مشتركة بين الفريقين و لم تختلف إلا في الكمال، و النقصان، و لم تعرف الأوضاع الجديدة بعد مما تعد من أركان السيطرة علي الأمم و البحار …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 100

زيارة السلطان سليمان مشهد الإمام الحسين- كتاب فضولي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 101

ثم تفرق أعوانه و تركوا ما لديهم من سفن و ساروا من طريق البر حتي عادوا إلي بغداد برا بعد سياحات طويلة.

ذلك ما دعا أن يكتب سيدي علي رئيس (مرآة الممالك) فيوضح فيها ما جري عليه من الأهوال و كيف تفرق عنه أعوانه و اضطر أن يبيع السفن و أن ترسل أثمانها إلي السلطان.

و الحاصل شرح قصته و وصف ما رأي من بلاد في ممالك مختلفة فكانت رحلته هذه خير أثر، و فيها الكثير من مصطلحات البحارة و إيعازاتهم و آلاتهم. و سياحته برا أبدع. سار بمن صحبه من جماعته حتي عادوا إلي بغداد.

العلاقة البحرية الأولي بالعراق و السواحل العربية

إن جهود الدول الإسلامية المبذولة- و للعراق النصيب الأوفر منها- في خلال العصور الماضية من سياحات و اكتشافات لأصقاع و ممالك نائية أدت إلي تكوين أساطيل قوية، و توسيع في القدرة البحرية. فسهلت أن تكون تجارتها طليقة، و أوضاعها في صالح نفعها.

و هذه اكتسبت شكلا ثابتا مشت عليه في خلال القرون العديدة فلا يحتاج إلي تجديد عهد، أو مفاوضات مستمرة و لم يكن ليخطر بالبال أن تنتهك حرمة هذا البحر، أو ما يشوش أمر هذه التجارة، أو يحاول أجنبي أن يقضي عليها أو يخرج علي المقرر المعتاد … لذا فكر المحصورون من الغربيين أن يستغنوا عن الاتصال بالهند بواسطة مصر من جراء سيطرة الدولة العثمانية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 102

علي البحر الأبيض المتوسط فالتمسوا أن يكون طريق تجارتهم أوسع أو حرا خالصا لهم، فصاروا يتحرون ما يسهل أمر هذه التجارة و أن يأتوا من طريق أخري لعلهم يستفيدون منها و يخرجوا إلي مواطن جديدة.

فكانت نتائج ذلك أن اكتشف الأسبان أميركا من ناحية نائية لم تمس حقوق التجارة الإسلامية و الشرقية كما أن البرتغال اكتشفوا «رأس الرجاء الصالح» و يسمي (رأس عشم الخير) عند المصريين، فجعلوا سفنهم تتجول في سواحل إفريقيا، و سواحل العرب، و سواحل الهند.. كان ملك البرتغال عمانوئيل الأول قد أمر واسكو دوغاما الأميرال أن يذهب بسفنه لاكتشاف طريق الهند فسار من لشبونة سنة 1497 م- 903 ه خرج إلي سواحل إفريقيا الغربية حتي وافي رأس الرجاء الصالح. و تمكن من السيطرة علي تلك الأنحاء. و إن سلطة العثمانيين كانت قوية في البحر الأبيض المتوسط، و الصلة بمصر للاتصال بالهند كانت مخطرة صعبة جدا علي البرتغاليين، فالتمسوا الطريق إلي الهند، فتمكنوا من الوصول إلي الغرض. و سيطروا علي سواحل المحيط الهندي، و قطعوا الصلة بالتجارة إلا من طريقهم.

ذلك ما هدد تجارتنا و تجارة الهند معا، أو حول وضعها، و مثلها تجارة إيران، و مصر و صرف وجهتها و مبدأ ذلك علي ما

دونه مؤرخونا قد تعين أيام السلطان الغوري. فتغيرت الحالة.

قال في الشذرات: «في آخر أيام الغوري في حدود سنة 920 ه ظهر البرتقال علي بنادر الهند، استطرقوا إليها من بحر الظلمات (البحر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 103

المحيط الأطلسي المعروف بالأتلانتيكي) من وراء جبال القمر منابع النيل (اجتازوا من رأس الرجاء الصالح) فعاثوا في أرض الهند و وصل أذاهم و فسادهم إلي جزيرة العرب و بنادر اليمن و جدة. فلما بلغ السلطان الغوري ذلك جهز عليهم خمسين غرابا مع الأمير حسين الكردي و أرسل معه عسكرا عظيما من الترك و المغاربة و اللوند و جعل له جدة إقطاعا و أمره بتحصينها. فلما وصل حسين الكردي شرع في بناء سورها و إحكام أبراجها و هدم كثيرا من بيوت الناس مع عسف و شدة ظلم بحيث بني السور جميعه في أقل من عام ثم توجه بعساكره إلي الهند في حدود سنة 921 ه. فاجتمع بسلطان كجرات (خليل شاه) فأكرمه و عظمه و هرب الفرنج عن البنادر لما سمعوا بوصوله. ثم عاد حسين الكردي إلي اليمن فافتتحها من (بني طاهر) ملوكها و قتل سلاطينها في هذه السنة و ترك فيها نائبا في زبيد اسمه (برسباي الچركسي). و تم الأمر الذي لا مزيد عليه له و للسلطان الغوري … ثم عاد حسين إلي جدة و قدم مكة فبلغه زوال دولة الغوري. و ورد أمر السلطان سليم بقتل حسين الكردي فأخذه شريف مكة بغتة و قيده و شمت به و أرسله لبحر جدة فغرقه فيه».

و يوضح هذا ما جاء في البرق اليماني في الفتح العثماني:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 104

«وقع في أول القرن العاشر من الحوادث الفوادح النوادر

دخول الفرتقال من طائفة الفرنج … إلي ديار الهند، و كانت طائفة منهم يركبون من زقاق سبتة في البحر و يلجون في الظلمات، و يمرون خلف جبال القمر.. و يصلون إلي المشرق، و يمرون بموضع قريب من الساحل في مضيق أخذ جانبه جبل، و الجانب الثاني بحر الظلمات في مكان كثير الأمواج، لا تستقر به سفائنهم و تنكسر و لا ينجو منهم أحد، و استمروا علي ذلك مدة و هم يهلكون في ذلك المكان و لا يخلص من طائفتهم أحد إلي بحر الهند إلي أن خلص منهم غراب إلي الهند، فلا زالوا يتوصلون إلي معرفة هذا البحر إلي أن دلهم شخص ماهر من أهل البحر يقال له أحمد بن ماجد صاحبه كبير الفرنج و كان يقال له الأملندي و عاشره في السكر فعلمه الطريق في حال سكره. و قال لهم لا تقربوا الساحل من ذلك المكان و توغلوا في البحر ثم عودوا، فلا تنالكم الأمواج، فلما فعلوا ذلك صار يسلم من السكر كثير من مراكبهم، فكثروا في بحر الهند.. ثم أخذوا هرموز و تقووا هناك و صارت الأمداد تترادف عليهم من البرتغال، فصاروا يقطعون الطريق علي المسلمين أسرا و نهبا، و يأخذون كل سفينة غصبا إلي أن كثر ضررهم علي المسلمين و عمّ أذاهم علي المسافرين، فأرسل السلطان مظفر شاه بن محمود شاه بن محمد شاه سلطان كجرات يومئذ إلي السلطان الأشرف قانصوه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 105

الغوري يستعين به علي الإفرنج..» ه.

و جاء في النصوص الغربية ما يؤيد ما ذكره العرب و أوضح عنها الأستاذ محمد ياسين الحموي في رسالته الملاح العربي، و كذا جاء خبر هؤلاء في النور السافر أيضا. و

هذه وثائق معاصرة تعين مبدأ دخول البرتغال، و طريقته إلا أننا نقطع بغلط الرواية القائلة بأن واسكو دوغاما أسكر أحمد بن ماجد فباح له بسر عبور رأس الرجاء الصالح، و اجتياز تياره المحدق بالخطر من جراء أنه أي أحمد بن ماجد يفتخر بأنه حاج الحرمين، و يبين وصفه العلمي، و إذا كان قد جاء من الغزل، أو التغني بشرب الخمر في أوائل منظوماته البحرية فهذا تحبيب لحفظها كما هو شأن العرب في نظمهم و تشبيبهم أو غزلهم، أو تقديم ما ولع به المرء من شرب الخمرة … و جاءت النصوص الغربية المعاصرة و التالية مكذبة لهذا الخبر. و في النور السافر تعرض لذكر بعض وقائعهم. و عبر عنه ب (الإفرنج) فبين وقائعهم في عدن و كذا في الشحر.

إن آمال البرتغال كانت مصروفة إلي النهب و السلب، و الاستعمار و إلي ترويج تجارتها، أو التوسط في تجارة غيرها و نقلها لمن تحتاجه فكانت البذرة الأولي لانتزاع التجارة من المسلمين و تحويلها إلي جانب أوروبا و استعمار البلاد الكثيرة بالقضاء علي استقلالها و قد جاء عن هذا الحادث من ناحية العراق و فارس أيضا في (كتاب وجهة الإسلام) ما نصه:

«لما احتل البرتغاليون هرمز في الخليج الفارسي في القرن السادس

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 106

عشر قطعوا كل صلة بحرية بين الهند و فارس ليفوزوا باحتكار هذا الطريق … » اه.

و أقول بل بين الهند و العراق و مصر أيضا و حولوا وجهتها إلي ناحيتهم فقبضوا عليها بيد من حديد …

و من ثم انتهت حكومة الچراكسة في التاريخ المذكور و كان لهم أسطول. و ابتدأت علاقات الترك العثمانيين البحرية مع حكومة البرتغال فإنهم ورثوا حكومة مصر. و

كانت سابقا تجارة الهند مرتبطة بالغرب من طريق مصر و البندقية (ونديك) و من طريق الشرق بالعراق و بنادر العجم. فالوجهة تغيرت بمزاحمة الإسبان و البرتغال فالأولي اكتشفت أميركا و الأخري وجدت طريقا للهند من جنوبي إفريقيا من رأس الرجاء الصالح. و أول ما عرف من علاقاتهم أنهم عاثوا في أنحاء البحر المحيط الهندي و سواحل العرب و إيران فقام ملك مصر بما قام به علي يد قائده حسين الكردي. كانت قتلته السبب في تمكن البرتغال في تلك الأنحاء دون معارض أو مقاوم. و البحرية العثمانية في ذلك الحين لم تؤسس في البحر الأحمر (بحر القلزم) و مشغوليات العثمانيين في الفتوح و الحروب البحرية الأخري ألهتهم عن الالتفات كثيرا إلي البحرية في تلك الأطراف …

ذلك ما دعا أن تنقطع المواصلات بين الهند و مصر و البندقية و بين الهند و العراق و تتوجه إلي البرتغال من طريق رأس الرجاء الصالح أو علي يدهم في العراق و بذلك تمكنوا من قهر السواحل لهم و إذعانها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 107

لمطالبهم … بقوا بلا مزاحم أو معارض. و لا يزال النبز عندنا ب (پورتكيشي) أي برتغالي معروفا و هذا يعني السفاك المعتدي الأثيم … !!

و الحكومة العثمانية- بعد أن استولت علي أكثر الممالك الإسلامية- صارت تري نفسها المالكة لبلاد المسلمين، الوارثة لها المسيطرة علي مصالح المسلمين بل الحامية لها. فلا يوافق مصلحتها أن تجعل جزيرة العرب و سواحل الهند تحت تحكم البرتغال و عتوهم بل لا ترضي أن يتجاوز أمثال هؤلاء علي مصالح المسلمين و يجعلوها تحت نفوذهم.

ففكر السلطان سليمان القانوني في الأمر و كان آنئذ أكبر ملوك الأرض.

ففي سنة 932 ه نصب قائدا علي

أسطوله في البحر الأحمر أحد المشاهير هناك و هو (سليمان رئيس) و تحت نظارة هذا القائد بدأت الحكومة بتأليف عمارة (أسطول) و تجهيزه في بندر السويس فتمكن من عمل أسطول قوامه من 20 قادرغة.

فكان هذا الأميرال أول من فوض إليه أمر تكوين الأسطول العثماني في البحر الأحمر و هكذا تولي بعده من تولي بالوجه المبسوط.

أما البرتغال فإنهم استفادوا من انحلال حكومة مصر. و العثمانيون كانوا آنئذ في حروب بحرية و برية دامية في البحر الأبيض المتوسط، و الممالك الأخري كمحاصرة فينة و التوغل في تلك الأنحاء مما لم يعد بالفائدة فهمهم المطاحنة مع الأصل لا القرصنة في بحر عظيم لا يدرك له منتهي. و علي هذا فالبرتغال اكتشفوا جزيرة زنكبار عام 1503 قبل كل شي ء، فكانت قاعدة و في عام 1507 وصلوا إلي مسقط من جزيرة العرب، و عام 1508 ضبطوا بوغاز هرمز، و في سنة 1509 نصبوا أميرا لمستملكاتهم في الهند سواء في مليبار، و سرنديب و مالاقه مما لا يسع المقام تفصيله.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 108

و الحكومة العثمانية في هذا الحين لم تنظر إلي ما يهدد سلامة الحكومات الإسلامية في سواحل إفريقيا و الهند إذ لم يصف لها الجو لانشغالها بحروب أخري إلا أن الذي أثار ذلك، و نبه علي الخطر المحدث كان ملك كجرات «الملك محمود» ابن مظفر شاه. فقد استعان بالسلطان سليمان و كانت قد طبقت شهرته الآفاق و حاول الملك محمود بذلك رفع سيطرة أولئك.

و من ثم تأهب السلطان للأمر تأمينا لسواحل العرب و تخلصها للحكومة العثمانية من جهة، و منع تجاوز البرتغال علي الهند من أخري و فوض أمر القيام بذلك لأمير أمراء مصر آنئذ سليمان

باشا عام 937 ه و كان اتخذ له أسطولا اشتغل بإعداده من سنة 932 ه إلا أن الأمر لم يتم و ذلك لأن أمير أمراء مصر رافق السلطان سليمان في فتح بغداد.

فتأخر أمر ذلك لمدة.

و بعد أن تم الفتح عاد سليمان باشا لمهمته الأولي. من جهة أن بهادر شاه حاكم كجرات و هو أخو محمود شاه قد التجأ أيضا إلي السلطان و طلب حمايته من جراء المهاجمة التي أصابته من همايون شاه من آل بابر شاه. و ورد السفراء من بهادر شاه عام 943 ه و بينوا أن مهاجمة همايون شاه و استيلاءه مما يسهل للبرتغال فتوحهم و قوي آمالهم فاكتسحوا بندر ديو من كجرات. ذلك ما عجل القضية و سرع فيها و لم يمكن من إتمامها فسار في أواخر محرم الحرام سنة 946 فيما عهد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 109

إليه بالوجه المذكور فلم يتيسر الاستيلاء نظرا لقلة ذخيرة العسكر، و التجهيزات. و مما عسر الأمر أن جهان شاه قد توفي في الأثناء فخلفه السلطان محمود ملك كجرات فلم يساعد مما صعب الأمر و دعا للعودة. و لم تعرف آنئذ قدرة العثمانيين من جهة أن الأسطول البرتغالي لم يستطع أن يقاومهم، أو يتحارب معهم. و علي كل أصابته الرهبة و الظاهر أنه فر من وجههم خوفا و رعبا، أو لم تكن فيه استطاعة لمقاومته فلم يتأهب للطواري ء، و أن سطوة الأسطول العثماني كانت ظاهرة للعيان من جراء اكتساحها مدينتين عظيمتين من مستملكات الهند.

فكانت هذه السفرة من بواعث الأسفار الأخري فقد دعت إلي آمال السيطرة علي البحر المحيط الهندي …

و من ثم تزايدت علاقات الحكومة العثمانية بالهند و أمرائه ففي سنة 950 ه أرسلت

الحكومة العثمانية سفينة حربية بقيادة (يوسف تركي)، و أخري بقيادة (حسين تركي) إلي حاكم كجرات و فيها من المهمات و آلات الحرب مع عساكر لمعاونة الحاكم المشار إليه إلا أنه لا تعطف أهمية كبري لأمثال هذه و إنما تعد العمارة الكبري ما كانت أيام سليمان باشا فإنها يحسب لها حسابها.

و إن العثمانيين بعد أن سحبوا أسطولهم «أيام سليمان باشا» عاد البرتغال إلي عدن فاتحد الأهلون معهم و سلموا البلد إليهم لما رأوا من العثمانيين ما أبعدهم عنهم. و في تلك الأثناء كان الأميرال في البحر الأحمر (پيري بك رئيس) المشهور فأرسلته الحكومة إلي تلك الأطراف للتنكيل بالعدو فتمكن من استرداد عدن. ذلك ما دعا السلطان أن يبتهج

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 110

به و يزيد في راتبه، و يجعل زعامة البحر الأحمر له و سماه (قبودان بحر القلزم). و في المرة الثانية جرد عمارته و صدر إليه الأمر ليتجول في سواحل جزيرة العرب. و لينظم أمورها و يستعيد المواقع الأخري التي كان قد استولي عليها البرتغال فقام من ميناء السويس عام 959 ه- 1552 م فجري ما مر تفصيله …

و الحاصل أن الحروب الأخيرة قد خذلت العثمانيين و لم يعد بالإمكان إعادة الحياة لهم من جراء ما أصاب (سيدي علي رئيس) من ضربة قاسية و البرتغال اهتموا من عهد الحروب الأولي و اتخذوا العدة الكافية و حكموا السواحل. فلم يكن في الإمكان للعثمانيين أن يستعيدوا نشاطهم فاستولي البرتغال علي السواحل المهمة، و وضعوا أيديهم علي الاقتصاديات فكانت سفرة (سيدي علي رئيس) هي الأخيرة فلم يطيقوا القيام بأخري بعدها أقوي منها لينالوا المركز اللائق في جزيرة العرب و سواحلها، و الهند و ما والاه. و

علي كل كانت أغلاط العثمانيين كبيرة، ابتدأت بقتلة (حسين الكردي)، ثم التعديات و القسوة في سواحل اليمن، ثم في سواحل عدن. و للشائعات الرديئة أثرها في النفوس. و من جهة أنهم لم يهتموا الاهتمام كله بل كانت اشتغالاتهم في الأنحاء الأخري أكبر و هي غير مجدية أيضا.

و لو كان العثمانيون نجحوا علي يد سيدي علي أو غيره لتبدلت الحالة، و لتمكن هؤلاء من تأسيس بحرية صالحة و أسطول مهم، و لكان تعرف القوم بأحوال البحار هناك من طريقها العلمي بما عثر عليه سيدي علي رئيس من مؤلفات بحرية من جهة و استعانة بالعرب ممن مارس الأسفار البحرية من أخري.

هذا، و لم يكن الأمر مقصورا علي البرتغال و إنما دخلت السياسة الغربية في الهند من كل صوب فضيقت الخناق علي التجارة و علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 111

الصلات إلا من طريقها. أعقبت البرتغال دول أخري في التسلط علي الهند من طرق مختلفة فكانت أول شركة للدانيمارك دخلت في سنة 1612 م و انحلت هذه سنة 1634 م، ثم دخلت شركة هو لندية في سنة 1594 م. و هكذا الشركة الإنكليزية دخلت الهند بعد الهولنديين، و سميت (شركة الهند الشرقية). كان ذلك سنة 1610 م و هذه الشركة تملكت مدارس سنة 1639 م. و تمكنت من التوسع سنة 1686 م. و في أيام (أورنك زيب) جرت معركة كادت تقضي علي شركتهم لولا أن إمبراطور المغول صالحهم، فثبت وضعهم. و هكذا دخل الفرنسيون الهند.

و كان البرتغال حاولوا التسلط علي البحر المحيط الهندي من ناحيتين إحداهما أن يجعل لهم مستقر في البحر الأحمر، و آخر في جزيرة هرموز، فتمكنوا من هرموز بعد سعي طال من سنة 1507

م إلي سنة 1515 م فتوصلوا إلي الاستيلاء عليها و لم يشاؤوا إلا أن يسيطروا علي تجارة الهند و أن لا تكون إلا من طريقهم. و هكذا كان عمل الدول الأخري، و لم تكن لهم آمال الاستيلاء علي إيران أو العراق و إنما إيجاد صلات تجارية.

الأسطول العثماني و ما يتألف منه

إن العثمانيين لم يكونوا في الأصل محاربين بحريين، و لا أرباب بحرية، و لا كانت لهم علاقة في محاربة أعدائهم في الأنحاء البعيدة التي يفصل بينهم و بينها البحر. و لهم في المواطن البرية الكفاية. في أول أمرهم استغنوا بالچكديرمات المسماة (قره مرسل). و هذه من نوع زوارق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 112

بحر المرمرة مما يستعمل للنقليات التجارية في أيامنا بصورة معتادة.

و قد مرت الأيام علي ذلك ثم إنهم كونوا بحريتهم الأخيرة التي قارعوا بها أكبر الحكومات البحرية آنئذ. فاحتذوا البندقية (ونديك) في سفنهم الحربية فزادوا في جسامتها و بدلوا أشكالها، و غيروا هيئاتها فتجاوزت أنواعها العشرة و صارت صنوفا عديدة لكل منها اسم و قد مر بنا أسماء بعضها. و هذه بصورة عامة كانت تتحرك بالشراع تارة، و بالمجاذيف أخري. و يفرق بين صنوفها بسهولة بالنظر لما تحتوي عليه من مقاعد للبحارة و ذلك:

1- (فرقته)Frigate و تحتوي علي عشرة مقاعد إلي سبعة عشر.

2- (قرلانغيج) و هي أصغر أنواع (فرقته) و تسير مجاذيفها بواسطة شخصين أو ثلاثة. و هذه سريعة السير. و لها شراع.

3- (الپركنده)Brigantin و فيها 18 مقعدا، أو 19.

4- (القاليته)Galley تحوي 20 إلي 24 مقعدا. و تسير بالمجاذيف و بالشراع.

5- (القادرغه)Galley تحوي علي (25) مقعدا.

و يطلق علي هذه جميعها (عمارة صغيرة).

6- (باستاره)، أو (باشتارده).Bastard تحتوي علي 26 إلي 36 مقعدا.

7- (باشتاردة الباشا) الباشتاردة بعينها و

فيها 36 مقعدا تاما.

8- (ماونة) من نوع سابقتها، و كل مجذاف منها يجذف به خمسة أشخاص، أو ستة، أو سبعة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 113

و تسمي عند الترك ماعونه أيضا. و أصلها معونة العربية و عند البنادقةMahon. و هي الشلندي المعروف عند اللاتين بChelandium و استعملها العرب باسم صندل. قال في تاريخ الأسطول العربي:

«من المراكب الحربية الكبيرة مسطحة لحمل المقاتلين و السلاح.

و تعادل في أهميتها الشونة … و لها ساريتان أو ثلاث سوار. يبلغ طولها 195 قدما و عرضها 33 قدما. و كانوا يجهزونها ب 24 مدفعا و حمولتها 600 شخص».

و الصندل كان يعمل من شجر الصندل فسمي بذلك و هو زورق عريض. و يقال له (فلكه) أو (فولوقه).

9- (كوكه) و (كوه). و هذه تزيد علي الماونة في أنها تحتوي علي مخزن للمدفع أو بالتعبير الأصح الجهة السفلية منها كالماونة و الفوقية كالقاليون. و قد صنع منها أيام السلطان بايزيد الثاني اثنتين لمرة واحدة تحوي كل واحدة منها 1500 (طن).

و السفائن المذكورة كلها من نوع (چكديرمه) أو (چكديري).

10- (القاليون)Galleon. و تحتوي في الأصل علي أكثر من جانب و لا تسير في الغالب إلا بالشراع. و هذه أشهر أنواعها:

(1) قاراقاCarack. استعملت في أيام السلطان سليمان القانوني و حملها بين (1500 و 2000) طن. و الظاهر أنها (الحراقة).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 114

(2) بارچه. و هي من السفن الجسيمة الحربية.

(3) قاراوه لاCaravella سفينة حربية قديمة.

(4) پولاقاPolacca.

(5) پورتون Portolano. استعمل في الأيام الأخيرة أي بعد الألف و يحمل 40 إلي 45 مدفعا.

(6) كوكه (كووه). من نوع قاليون. أول من استخدمها السلطان بايزيد الثاني و تعد من نوع چكديرمه أيضا. مر الكلام عليها.

(7) قپاقا. أحدثت سنة

1093 و تحمل 80 مدفعا.

(8) انبارلي. تحمل 110 مدافع. و كان منها محمودية و سليمية فبقيتا إلي الأيام الأخيرة.

و من ثم يظهر نوع السفن المذكورة في الوقائع التاريخية إلا أن هذه المصطلحات وصلت إلي العثمانيين من البندقية و لم يستعمل إلا لفظ (غراب) في مصطلحات الكتب القديمة و كذا (بارچه) و هي البارجة العربية بعينها. و تسهل المعرفة و المقابلة بالسفن العربية من طريق الحمل أو عدد المقاتلة، أو مقابلة اللغات.

هذا، و أوضح كاتب چلبي في كتابه (تحفة الكبار في أسفار البحار) أنواع السفن البحرية العثمانية، و ما تكون منه أسطولها أيام عزها، و ذكر الوقائع البحرية إلا أن غالبها مما يعود للبحر الأبيض المتوسط، و ليس لوقائع الهند إلا النصيب القليل، فلم يتوسع في الإيضاح. و المصطلحات تابعة لمواطن صنع السفن، و الأخذ به من علمائها و رجال صناعتها، فشاعت ألفاظ، و عارضتها أخري، فنري الاختلاف بينها كبيرا. و في (كتاب أسفار بحرية) تفصيل للمصطلحات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 115

و مقابلة لغاتها و مباحث موسعة في تاريخ السفن البحرية. و تصاوير مهمة.

و في أيام الدولة الأيوبية ذكر لأسماء المراكب البحرية ذكرها ابن مماتي في كتاب قوانين الدواوين و إن أسماء السفن جاء ذكرها في مجلة (العالم الإسلامي البغدادية في المجلد الأول منها). و في لغة العرب، و في رحلة ابن بطوطة و في كتاب (تاريخ الأسطول العربي)، و في كتاب (الملاح العربي)، و في خطط المقريزي. و في كتب و مجلات عديدة.

مؤلفات العرب في علم البحار و كتاب المحيط

اشارة

مؤلفات العرب في الهيئة كثيرة. توغلوا في علومها و تفرعاتها، و إن علم البحار يتناول الوجهة التطبيقية و العملية من هذا العلم مع اتصال بالجغرافية و بالتجارب الفعلية. و هذه

مما يخص علم البحار.

و كان الرئيس سيدي علي في رحلته قد مر بالهند، و هناك رأي آثار العرب القديمة و الحديثة في علم البحار، فصرف أكبر همه في أن يعرف ما يقع نظره عليه، أو تصل إليه يده مما يتعلق بالمحيط الهندي و ما جاوره من بحار كالخليج الفارسي، و بحر القلزم (البحر الأحمر)، و سائر السواحل المتصلة أو كان مما يبحث في علم الأنواء، أو أبعاد البحار أو حالات طبيعية و طرق و مد و جزر و رياح و تعيين جهات … فظفر ببغيته،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 116

و نال رغبته. فنقل ذلك من كتب العرب، و تكونت منها له مجموعة كبيرة سماها ب (المحيط) كما سبقه پيري رئيس في (كتاب البحرية). و ممن نقل آثارهم من مؤلفي العرب:

1- ابن ماجد:

رئيس علم البحر و فاضله، و أستاذ هذا الفن و كامله الشيخ شهاب الدين أحمد بن ماجد بن محمد بن عمر بن فضل بن دويك بن يوسف ابن حسن بن حسين بن أبي معلق السعدي المعقلي، ابن أبي الركائب النجدي. و من هنا نعلم أنه من أهل نهر معقل من البصرة.. و كان من أكابر علماء الفن و والده كان من البحارة العلماء، و كذا جده …

جاء ذكره في النص المنقول من البرق اليماني في الفتح العثماني و علاقته بالبرتغال معلومة و تعين تاريخه.

و مؤلفاته:

(1) كتاب الفوائد في أصول البحر و القواعد. ألفه لركاب البحر و رؤسائه. ألفه سنة 880 ه.

(2) حاوية الاختصار في أصول علم البحار. أرجوزة نظمها سنة 866 ه. و ذكر فيها الرياح و مواعيدها، و المنازل و ما فيها من مصطلحات، و أوضح عن المواسم و أوقاتها، و ذكر

سواحل عديدة، و علاقة الفلك بأقطار عديدة و البلدان التي علي سواحلها.

(3) الذهبية. أرجوزة. و شرحها أيضا. ألفها في سلخ جمادي سنة 865 ه.

(4) المعربة. أرجوزة أيضا.

(5) أرجوزة في تعيين القبلة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 117

(6) أرجوزة بر العرب في خليج فارس.

(7 و 8 و 9 و 10 و 11 و 12 و 13) كلها أراجيز.

(14) السبعية. ألفها سنة 896 ه و جاء اسم مؤلفها في آخرها و هو ابن ماجد الموضوع البحث.

(15) هادية المعالم.

و هذه المجموعة من الرسائل و الأراجيز جاءت في مجموعة خزانة باريس و طبعت بالزنك في مجلدين.

(16) الميل. وجدت في مجموعة الدكتور داود الچلبي. و جاء فيها أن السبعية من مؤلفاته فتعين أنها لأحمد بن ماجد المذكور، فزال الشك فيها. و لا عبرة بغلط الاسم.

(17 و 18 و 19 و 20 و 21 و 22 و 23 و 24 و 25 و 26) و هذه كلها قصائد في أغراض بحرية مختلفة.

ظفر الأستاذ سيدي علي رئيس بمؤلفاته فنقلها إلي التركية و جمعها في كتابه (محيط)، و إن الغربيين استعانوا بآثاره و نقلوا (محيط) إلي اللغة الألمانية. فكانت الاستفادة عامة من كتب ابن ماجد.

2- ماجد بن محمد:

و هذا من مشاهير البحريين العلماء و له من المؤلفات:

(1) الأرجوزة الحجازية. و تتجاوز ألف بيت.

3- سليمان بن أحمد بن سليمان المهري المحمدي:

لم نستطع أن نعين تاريخه و لا التعرف بمعاصريه.

و الملحوظ أنه لم يتعرض لذكر ابن ماجد و مؤلفاته بقبول أو ردّ.

و الظاهر أنه قبله. و من مؤلفاته:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 118

(1) رسالة في علم التواريخ سماها (قلادة الشموس و استخراج قواعد الأسوس). في معرفة السنين المشهورة عند الجمهور القمرية، و الشمسية و الرومية و القبطية و الفارسية.

(2) تحفة العقول في تمهيد الأصول. ذكر فيها أن له كتابا سماه (المنهاج) و شرح تحفة العقول أيضا. و هذا الكتاب في صفة الأفلاك و الكواكب، و المقاييس من درجة، و أزوام، و أصابع، و دبان و مصطلحات أخري.

(3) العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية.

يتناول موضوع هيئة و جغرافية مع بيان علاقتهما بعلم البحار، و المواقيت، و كذا الرياح و مواسمها بالنظر للمواطن التي يجري السفر فيها. و فيه السفر من جدة إلي عدن و هكذا يمضي في ذكر أسفار عديدة.

و المؤلف لم يكتف بالمؤلفات العربية، و إنما كان يعتمد علي كتب الهند و العجم.

(4) كتاب المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر:

جامع لعلم البحور المعمورات. و في كتابه (تحفة العقول في تمهيد الأصول) صرح أن المنهاج له.

و هناك رسائل لم يعرف مؤلفوها جاءت في المجموعة البحرية طبعة باريس، و كذا في مجموعة الأستاذ الدكتور داود الچلبي و هي مصورة.

و هذه المجموعات من الآثار الجليلة المتعلقة بعلم البحار. و لها قيمتها. و فيها ما يكشف عن بعض الغموض عن هذا الفن الجليل.

و باقي الرسائل في مجموعة الدكتور جاءت متأخرة، و قريبة من عصرنا كما يفهم من تواريخها. فكانت مكملة لما في

المجموعة الباريسية …

و في مجموعة الدكتور كتاب (فكرة الهموم و الغموم و العطر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 119

المشموم في العلم المبارك المقسوم و المسافات و النجوم) جاء وصفه في مخطوطات الموصل، و في لغة العرب، و لم يعرف مؤلفه.

و الحاصل أن (سيدي علي رئيس) أخذ الكثير من هذه الرسائل القريبة من عصره و جمعها في كتابه (المحيط). و استفاد من اتجاه كتب العرب و ترجم رسائلهم و جعلها من فصول كتابه لخدمة أمته لعلها تعود مرة أخري. نقله إلي اللغة الألمانية الأستاذ هامر. و طبع و لم يطبع الأصل في تركيا. و الأمل أنه لا يهمل.

و لا شك أن الاستفادة من مؤلفات العرب كان نصيب الأقوام الآخرين انتفع منها الغربيون حتي تقدمت عندهم علوم البحار، و تولدت السفن البخارية. و من ثم تغيرت الوجهة تماما.

و علم البحار في هذا العصر يتصل بناحيتين إحداهما مؤلفات العرب من طريق بحارتهم و علومهم، و ثانيتهما الهنود و ما قاموا به. و أما الإيرانيون فقد كان لهم اتصال بالاثنين إلا أننا لم نقف لهم علي آثار خاصة بعلوم البحار، و لكن (كتب الهيئة) أو (علم الفلك) و التقاويم و تواريخ السنين و ضبط يوم النوروز و ما ماثل مما لها علاقة كبيرة به.

فجاءت آثار العرب المذكورين مجموعة صحيحة في علم البحار، و لكنهم تأثروا ببحارة إيران و مصطلحاتهم باللغة الفارسية و مصطلحات الهيئة الإيرانية كما تأثروا بالهنود أيضا و مصطلحاتهم عين مصطلحات الإيرانيين أو أغلب ما فيها. فلم يلتفت ابن ماجد و المهري إلي علوم العرب وحدها، و إنما أخذوا بما عند غيرهم أيضا فجاء المجموع كاملا. و لو طبعت مجموعة الچلبي، و كتاب فكرة الهموم المذكور

لكملت المجموعة، و تم المراد. و من ثم نلاحظ تقدمات علم البحار عند الغرب و استفادته من العلوم الجديدة و المخترعات العصرية، فنكون قد جمعنا بين المصطلح، و تاريخ العلم، و تطور الفن.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 120

فضولي البغدادي الشاعر- كتاب فضولي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 121

هذا. و الاستفادة من هذه المجموعات كبيرة في تقرير المصطلحات من أسماء السفن في الدولة العباسية و أساطيلها و الأندلس و ما كان فيه، و مثلها ما جاء في الدول التالية في العراق و في المملكة المصرية و التركية العثمانية.

و ابن ماجد اعتمد مؤلفين و مؤلفات عديدة و مهمة في الهئية و علم البحار تتعلق بالأزمنة السابقة له. و لا مجال لنا أن نتوسع في بحثها.

و مراجعة رسائله متيسرة.

حوادث سنة 963 ه- 1555 م

عودة إلي أحوال الوالي

إن أحوال هذا الوالي معلومة، و إنه كان عاد من همذان اتباعا للأمر السلطاني و لكننا لم نسمع عنه شيئا بعد هذا. و في سجل عثماني أنه عزل من إمارة بغداد سنة 968 ه و أن ابنه محمود باشا كان واليا في الموصل. و أن خضر باشا خلفه في (سنة 968 ه). و هذا مخالف لما جاء في النصوص القديمة. ففي گلشن شعرا أن خضر باشا نصب واليا لبغداد سنة 963 ه كما أن صاحب مرآة الممالك عاد إلي بغداد بعد أسفاره البحرية و ضياع سفنه و هلاك أكثر من كان معه فسار في طريق البر من الهند حتي وصل إلي بغداد في سلخ ربيع الآخر سنة 964 ه فشاهد والي بغداد خضر باشا و نال منه أنواع اللطف و الإعزاز ثم عاد إلي بلاد الروم. و في هذا ما يؤيد أن الباشا المشار إليه قد

عزل عام 963 ه و حل محله خضر باشا، فتمكن سيدي علي رئيس من ملاقاته.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 122

والي بغداد خضر باشا

ولي هذا الوزير منصب الولاية سنة 963 ه بالوجه المشروح.

و ذكر صاحب السجل أنه تخرج من البلاط و صار ميراخور ثم وجهت إليه إمارة إيالات عديدة منها بغداد و توفي بعد سنة 975 ه و كان معتدلا، خاليا من الأطماع. كما في گلشن خلفا أيضا. و بين عهدي البغدادي عند الكلام علي (حقيقي). قال إن أصل اسمه أي اسم حقيقي مصطفي بك بن عثمان باشا من أمراء (باشوات) السلطان سليمان ولد في بغداد.

و كان ماهرا في اللغة الفارسية و (قول أغاسي) في بغداد إلا أنه لم يلتئم مع أمير أمراء بغداد خضر باشا الذي كان قد عين لمنصب بغداد سنة 963 ه فترك الديار العراقية و ذهب إلي بلاد الهند للسياحة و له شعر جيد في اللغة التركية … و بهذا عرفنا تاريخ ولاية خضر باشا … و لما لم نقطع في حدود سني ولايته فمن المحتمل أنه ولي بغداد لمرتين إحداهما هذه و الأخري سنة 968 ه. و علي كل نبهنا علي الناحيتين إلي أن يظهر من النصوص ما يزيل الإبهام. و لا نعلم من خلفه في هذه المدة …

الطاعون في بغداد:

في هذه السنة حدث الطاعون في بغداد و الأنحاء العراقية. و فيه توفي الشاعر العراقي المشهور فضولي.

فضولي البغدادي

من أشهر شعراء الترك، عراقي اسمه محمد بن سليمان البغدادي و أصله من قبيلة البيات القديمة السكني في العراق اكتسب الصيت في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 123

بغداد فنسب إليها و يلقب عند العثمانيين ب (رئيس الشعراء) كان و لا يزال من فحول الشعر، مبدعا في نهجه الأدبي. و مكانته في الصف الأول و يعد الترك أكابر أدبائهم المؤسسين (سنان باشا) و فضولي. و له نحو خاص في نظمه و نثره لا يكاد يضارعه فيه أحد. و اليوم نري الترك لا يقدمون عليه أحدا.

و لأدباء إيران في العراق مثل سلمان ساوجي، و خواجو كرماني، و عبيد زاكاني و حافظ … تأثير كبير عليه، و هو أيضا ذو ثقافة كاملة، و فكر وقاد. و القطر مساعد علي التفكير و التأمل يفيض عليه بإلهامه. فلا بدع أن ينبغ كما نبغ سابقوه في آدابهم و مناحي تربيتهم و ثقافتهم.

و الأدب العراقي زاخر به و بأمثاله. و له في اللغة الإيرانية و آدابها المكانة المعروفة، يحتل مركزا لائقا بين شعراء إيران و ديوانه في لغتهم معروف، متداول. و له شعر عربي أيضا.

جاء في گلشن شعرا ما معناه:

«مولانا فضولي البغدادي كامل بكمال المعرفة. فاضل بفنون الفضائل، رقيق الطبع، حلو الصحبة، من أهل الحكمة في علم الحياة و الأبدان، و من خدام شيوخ الطريقة. لا ند له في بلاغته في اللغات الثلاث، قادر علي صنوف الشعر، و طراز المعميات، ماهر في العروض، و أسلوب إنشائه السلس يضاهي أستاذ العالم (خواجه جهان)، و قصائده الفصيحة تضارع الخواجه سلمان، و في النحو المثنوي نري مجنون

ليلاه كالدر المكنون و له رسائل تركية و فارسية عديدة. ترجم روضة الشهداء للمولي حسين الواعظي و سماها (حديقة السعداء). تشهد أنه مبدع في أسلوبه، و برهان ساطع في اختراع معانيه، و حدث عن السبك و لا حرج في صوغ كلماته، فهي أشبه بحلة ذهبية اكتستها المعاني، و أشعاره في العربية ذائعة بين فصحائها، و أقواله مذكورة بين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 124

ترك المغول، و ديوانه الفارسي مقبول لدي أبناء الفرس، و أشعاره التركية مقبولة عند ظرفاء الروم. توفي سنة 963 ه بمرض الطاعون» ا ه. و أورد له جملة صالحة من الشعر التركي و الفارسي و نقل له بيته المشهور:

دوست بي پروا، فلك بي رحم، دوران بي سكون درد چوق هم درد يوق دشمن قوي طالع زبون

نكتفي بإيراده … و معناه عاد الصديق الحميم لا يأبه و لا يبالي، و الفلك ليس له رأفة، و الدهر قاس دائب لا هوادة له و لا سكون. توالت العلل بكثرة و رمت المصائب بفداحة. لا مواسي بها، و العدو قاهر متسلط، قوي و لا مساعد، ليس هناك حظ، بل الطالع في ضعف و وهن. فأين المهرب. أو أين المفر. و هو كثيرا ما يتمثل به.

و من مطالعة كتابه حديقة السعداء و ديوانه الفارسي و التركي يظهر أنه من نوع نسيمي، و من صنف الغلاة في التصوف أو في الابطان. و لا محل لاستقصاء ذلك فله موطن غير هذا.

و من مؤلفاته غير ما ذكر:

1- ديوان فارسي يحتوي علي ثلاثين ألف بيت (كذا). منه نسخة مخطوطة كتبت ببغداد سنة 959 ه في مكتبة المرادية. و أخري في مكتبة خالص أفندي. و مطلعه جاء باللغة العربية:

باسمك اللهم يا

فتاح أبواب المني يا غني الذات يا من فيه برهان الغني

و عندي ديوان فارسي له ناقص قليلا من الأول و من الآخر. لا يبلغ ما ذكر من الأبيات.

2- ديوان عربي رآه لبيب أفندي صاحب الجواهر الملتقطة. منه نسخة في مكتبة لننغراد من متحف آسيا مهداة من ورشچن، ضمن مجموعة تحوي الكثير من آثاره، و بينها:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 125

1) شاه و كدا. فارسي.

2) أنيس القلب. قصيدة فارسية.

و ديوانه العربي الموجود في هذه المجموعة المسماة (كليات فضولي) يحتوي علي 465 بيتا، و أطول قصيدة فيه 63 بيتا، و لا يعرف ما إذا كانت هذه المجموعة تحتوي علي جميع شعره العربي أو أن هناك غيرها.

و هذه النسخة كانت قد دخلت في سلك ملك حسن كدخدا (كتخدا) في مدينة السلام بغداد سنة 997 ه..

و يلاحظ في شعره العربي أنه أراد تبليغ فكرته إلي قراء العربية فكتب ما كتب، و هو متأثر بنسيمي، و أنه عارف بشعره أيضا.

3- رندا و زاهد. محاورة فارسية. جاء ذكرها في كشف الظنون.

4- صحة و مرض. مطبوعة و هي رواية يستنطق بها النفس و الأمزجة و العوامل الروحية. كتبها بأسلوب حكيم. و هذه فارسية إلا أن ترجمتها إلي التركية مطبوعة و لم يذكر مترجمها.

5- مطلع الاعتقاد. في علم الكلام. (لم يعين محل وجوده).

و كان يوضح وضعه في العقيدة و لكن يؤسف لعدم الاطلاع عليه.

6- ترجمة حديث الأربعين لملا جامي ترجمه من الفارسية (ذكره صاحب كشف الظنون).

7- ديوان تركي. طبع مرارا بطبعات مختلفة. و الطبعة التي في تبريز مصدرة بمقدمة للمؤلف و أن النسخة الخطية التي عندي تعين مكانته و طريق نهجه، و شعوره في شعره. هذا مع العلم بأن لغته آذرية

و هي متمكنة في العراق، و قريبة من التركية و قد سبقه نسيمي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 126

8- حديقة السعداء. رأيت في مكتبة فاتح نسخة مصورة منها بتصاوير ملونة و هي برقم 4321 و بخط جميل، فيها عناية زائدة كتبت سنة 1002 ه و لم يعرف كاتبها و لا محل كتابتها و عندي مخطوطة كتبت سنة 998 ه مجذولة بالذهب و هي أولها نقوش بديعة مزينة بأبدع زينة.

9- شكوي (شكايتنامه). كتب بها إلي نشانچي محمد باشا أبدع فيها غاية الإبداع في الصناعة الأدبية. و تلاعب بالبيان. أبرز نفسية فذة، و أبدع إبداعا لا يسع القاري ء إلا أن يميل إليه، فهو الأديب الذي لا يباري. و لو كان منتظم الفكرة لما سبقه سابق.. قال ذلك صاحب (نمونه أدبيات) و عده من الكرد.

10- پنك وباره. منظوم تركي. ذكره في كشف الظنون و لم يتعرض لوصفه.

و ديوانه التركي و كذا الفارسي لا نري مجموعة عراقية فيها منتخبات الشعر الفارسي و التركي إلا و فيها مقطوعات أو مفردات منهما، تأثر به شعراء كثيرون جدا، و هو بمنزلة المتنبي في الشعر العربي و كثرة الاستشهاد. و كثيرا ما نري ذكر شعر له و يتبعه غيره بقولهم (و له، و له..

الخ)..

عندي نسخة مخطوطة من ديوانه التركي ليس لها تاريخ و لكنها أقدم من الطبعة التركية بلا ريب.

11- رسائل فضولي بالتركية. نشرها صديقنا الاستاذ عبد القادر قره خان باسم (فضولي مكثوبلري) بحروف لاتينية مع تصوير أصل الرسائل بحروفها العربية. طبعت سنة 1948 م باستنبول. و كانت عزيزة المنال فكشف بها الاستاذ صفحة عن حياة شاعرنا الكبير، و هو مؤلف كتاب (فضولي) الأثر النفيس.

و نري ترجمة فضولي في كتب كثيرة. و

من الترك اليوم من أفرد له

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 127

ترجمة بكتاب علي حدة … و قد مر بنا ذكر علاقته بولاة بغداد و قضاتها و سائر رجال الدولة و بينهم من ضاع عنا خبره:

1- اياس پاشا والي بغداد.

2- محمد پاشا والي بغداد.

3- فتح الجزائر في البصرة.

4- قاضي بغداد السيد محمد.

5- السلطان سليمان.

6- جعفر بك.

7- قادر چلبي.

8- إبراهيم بك.

9- رستم پاشا.

10- ويسي بك.

11- السلطان إبراهيم. و غيرهم.

ذكر هؤلاء يوضح الوقائع الموجودة في گلشن خلفا و كذا يساعد علي ذلك گلشن شعرا. و هذا الديوان و گلشن شعرا من الوثائق الفريدة في بابها. و من جهة أخري يعين لنا مكانة اللغة التركية و آدابها في العراق، و هو متمم لگلشن شعرا بل يعد من أهم المراجع.

فضلي بن فضولي البغدادي:

و فضلي هذا ابن سابقه. و نعته عهدي البغدادي بقوله:

«صافي الذهن، مستقيم الذكاء و الطبع. لا يزال مشغولا في علوم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 128

الظاهر، معتزلا في زاوية بقناعة تامة، أخذ بنواصي الشعر في اللغات الثلاث و له مهارة في المعمي، و قدرة معجزة في التواريخ، و أبيات عشقية فريدة جاذبة آخذة بمجامع القلوب. و أورد له أمثلة لا محل لإيرادها. و المفهوم أنه كان لا يزال حيا عند تحرير التذكرة (گلشن شعرا).

و من تذكرة عهدي البغدادي و تاريخ بناء جامع المرادية سنة 978 ه أنه لا يزال حيا إلي هذه السنة و الملحوظ أنه بقي إلي ما بعد وفاة عهدي البغدادي.

و التراجم قليلة في بيان أحواله، و قد تحرينا مراجع عديدة فلم نظفر ببغية في تاريخ وفاته.

جاء في كتاب (دانشمندان آذربيجان ص 300 ما يؤيد أن هذا الشاعر استمرت حياته إلي ما بعد سنة 978

ه.

أورد أبياتا بالغة التركية لفضلي في سنة 988 فأكتفي هنا بالإشارة إليها.

رضائي:

هو أخو عهدي البغدادي الأكبر. و له ميل طبيعي للنظم، و قد صاحب أرباب الآداب، و مال إلي الظرفاء و الشعراء بكليته … قضي أوقاته في التجارة و الصناعة حتي توفي في هذه السنة (963 ه). سيرته فاضلة، و صحبته طيبة، و له أسلوب أدبي خاص. فريد في تزيين المجالس بأقواله، و معمياته، و أما غزله فلا يباريه فيه أحد. و له شعر تركي و فارسي. و أورد له جملة أبيات.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 129

حوادث سنة 964 ه- 1556 م

عودة سيدي علي رئيس إلي العراق

في سلخ ربيع الآخر من هذه السنة عاد سيدي علي رئيس المشهور إلي العراق من طريق خراسان و شاهد والي بغداد آنئذ (خضر پاشا) كما صرح في كتابه مرآة الممالك. و أنه رأي منه رعاية زائدة. و كان بعد أن أصابته الضربة من البرتغال و من الرياح العاصفة سار من طريق البر.

تجول في بلاد الهند و الترك ثم عاد إلي بغداد و قد ذكر قصته في كتابه (مرآة الممالك) وصل إلي جبال نهاوند و منها جاء إلي جبل بيستون و ورد الإمام قاسما و زاره و منه مضي إلي (أويس القرني) ثم قصر شيرين و منها إلي قلعة زنجير و منها سار إلي (طقوز أولوم) المعروف بنهر ديالي و منه إلي شهربان ثم بغداد …

رجوعه إلي بلاد الروم:

إن الموما إليه غادر بغداد في أوائل جمادي الأولي سنة 964 ه و منها اجتاز الشط بعبوره في سفينة بعد أن زار المشاهد التي كان قد زارها أولا ثم سار من طريق سميكة، و تكريت- الموصل و ذهب من طريق الموصل القديمة و الجزيرة إلي نصيبين و مر بديار بكر و ماردين، و هكذا مضي. و في آمد لقي إسكندر پاشا و رأي منه لطفا و رعاية كبيرة.

و باقي ما ذكره لا يخص العراق و هو مذكور في كتابه مرآة الممالك.

ملحوظة:

إن عهدي البغدادي ذكر سيدي علي رئيس في گلشن شعرا بعنوان (كاتبي أفندي) و أثني عليه ثناء عاطرا من ناحية اتقانه لعلوم البحار و ما يتعلق بذلك و أشار إلي ما أصابه في سفره من هول و أورد له بعض المنتخبات من شعره و عده من الطبقة العليا … و كان أديبا شاعرا، له

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 130

قدرة علي البيان فهو من أكابر رجال العلم و الأدب و من مؤلفاته مرآة الكائنات و هو كتاب جامع لربع المجيب و الاسطرلاب و ربع المقنطرة و الجيب. و له (ترجمة فتحية) في الهيئة و سماها خلاصة الهيئة، و أصلها رسالة للمولي علاء الدين علي بن محمد المعروف بالقوشجي المتوفي سنة 879 ه، ألفها للسلطان محمد الفاتح لما ذهب إلي محاربة السلطان حسن الطويل من آق قوينلو و كان معه في هذه الحرب و المترجم نقلها إلي التركية. و في كشف الظنون شروح و حواش عليها.

مر بنا الكلام علي المترجم. و مؤلفاته. توفي سنة 970 ه و في عثمانلي مؤلفلري ترجمته و بيان مؤلفاته كما في ج 3 ص 270 و هناك تفصيل.

حوادث سنة 969 ه- 1561 م

قضاء بغداد

في ربيع الآخر من هذه السنة ولي قضاء بغداد دولگرزاده محمد أفندي و في المحرم سنة 974 أحيل للتقاعد و توفي سنة 977 ه.

و المعروف أنه عالم فاضل و شاعر في التركية و العربية و خطاط كتب بخطه تفسير أبي السعود، و التلويح، و الدرر الغرر.

حوادث سنة 974 ه- 1566 م

الوالي اسكندر باشا

ولي بغداد في هذه السنة (974 ه). و عزل الوالي السابق. و إن إسكندر باشا من الچراكسة من قبيلة قبارتاي. كان من مماليك خسرو باشا والي ديار بكر. تخرج و زادت رتبته حتي صار رئيس البوابين، ثم رئيس الجاووشين و لما عزل من هذا المنصب عهدت إليه دفترية حلب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 131

و بعدها دفترية الأناضول. و هكذا حتي صار والي وان و هناك قام بخدمات جلي و أوقع خسائر كبيرة بالعجم. ثم نال إمارة الأناضول فهزم ابن الشاه. و في سنة 958 ه ولي ديار بكر و في سنة 972 عزل منها.

و في سنة 974 ه صار واليا علي بغداد و أطاعته العشائر. و في سنة 977 ه صار واليا علي مصر و بعد سنة و نصف عزل فورد الآستانة.

توفي سنة 977 ه و دفن في جامع قاكليجه و أنشأ بجوار هذا الجامع مدرسة و كتابا و حمامين و أنشأ ببغداد جامعا.

و كان عاقلا، كاملا، صالحا، عدلا شجاعا. و له ابن اسمه أحمد پاشا.

نصب واليا قبل وفاة السلطان سليمان المتوفي في 21 صفر سنة 974 ه.

حوادث سنة 975 ه- 1567 م

البصرة- ابن عليان

كان الوالي إسكندر پاشا من حين ولي بغداد نصب قائدا إلي أطراف البصرة فظهرت له خدمات جلي هناك و ذلك أن آل عليان في البصرة كانوا قد أذعنوا بالطاعة للحكومة قهرا، و أن العشائر في أنحاء البصرة و براريها من أقربائهم، و في تصرفهم بعض القري و النواحي فكان ولاة بغداد و البصرة يقسون عليهم في التكاليف الشاقة التي لا تطاق.

و قبل سنة 974 ه ثاروا عليها مرارا بمن معهم من العشائر فأحدثوا أضرارا كبري في الممالك المجاورة لهم مما يعود تصرفه للحكومة فسيرت عليهم

الدولة ألفين من الينكچرية و ما يكفي من المدفعية و العرباتية و جعل اسكندر پاشا قائد الحملة و معه ولاة شهرزور و البصرة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 132

و الأمراء الذين اختارهم من الأكراد … جهزهم جميعا فتقدموا علي تلك النواحي و القري فأشعلوا فيها نيران النهب و الغارة. و أطاعوا القائد قسرا و بني هناك قلعة سميت (بالاسكندرية) …

ثم عاد ظافرا إلي بغداد و تفصيل الحادث كما جاء في تحفة الكبار في أسفار البحار:

هو أن أنحاء واسط كانت و لا تزال تقطنها العشائر، و أن (ابن عليان) يتولي رياستها منذ أمد، و كان يبدي الطاعة للدولة مرة، و يعصي أخري، و بعد جلوس السلطان سليم الثاني أظهر ابن عليان العصيان.

و كان قد ولي بغداد اسكندر پاشا الجركسي الذي هو عارف بتلك الأنحاء، كان أمير أمراء ديار بكر لمدة خمس عشرة سنة. فاختارته الدولة للقيام بهذه المهمة، و دفع الغائلة التي قام بها ابن عليان، و عهد إلي مظفر پاشا بإيالة (شهرزول) أو شهرزور فأمر أن يلحق به عسكر الأكراد، و عهدت القبطانية إلي جانبولاد بك متصرف (كلس).

و في معبر الفرات عند پيره جك تداركت الحكومة 450 سفينة جعلتها أسطولا مائيا حسب الفرمان الصادر و جهزت ألفين من الينكچرية، و مائتين من المدفعية، كما أن الأمير المزبور جهز جيشا من العرب و الأكراد هناك يبلغ ستة آلاف ليكون في هذه الحملة، فوضعت المهمات و المعدات في السفن المذكورة، و سارت في 4 المحرم سنة 975 ه- 1567 م نهض الجيش و الأسطول من پيره جك، فوصل إلي (بالس)، و بعد الاستراحة يوما أو يومين مضوا في طريقهم فمروا ب (جعبر)، و (الرقة)، و (صفين)،

و (الرحبة)، و (عانة)، و (حديثة)، و (هيت)، و (الفلوجة). و في الفلوجة هذه استراحوا بضعة أيام. ثم مضوا في طريقهم إلي الحلة و هناك أقاموا مدة شهرين للاستراحة بأمل أن يزول الحر، و يحل زمن البرد.

و من جهة أخري إن الوالي اسكندر پاشا كان قائد القوي البرية،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 133

فنهض من بغداد أيضا و سار في طريقه للمحل المطلوب. أما الأسطول فقد تحرك من الحلة إلي لواء الرماحية و السماوة، و في طريقه مر بنهر (أبو كلبين)، اجتاز من صدره، و من هناك مضوا حتي وصلوا إلي ملتقي النهرين (دجلة و الفرات)، جاؤوا إلي محل في رأس الجزائر يقال له (صدر الدار)، و العشائر هناك حاولوا الدفاع، و اتخذوا متاريس، و لكنهم حينما رأوا الأسطول تركوها و مضوا إلي جهتهم. و كانوا قد ذهبوا إلي جزائر الشلب في أسفل من هذه.

و من ثم اجتاز الجيش بسهولة، و لم يدخل حربا. فاتصلوا حينئذ بجيش اسكندر پاشا قرب قلعة (زرتوك)، و هناك وافت نحو 150 سفينة فالتحقت بالأسطول أيضا أتت من بغداد من طريق (دجلة)، و من هناك مضوا إلي الداخل إلي (صدر الدار)، و بنو قلعتين متقابلين في كل جانب و وضعوا بهما قوة، ثم مضوا إلي قرب (زرتوك) فبنوا قلعتين أخريين كل واحدة بجانب و هكذا مضوا إلي جزيرة مشهورة يقال لها (صدر البحران)، و هناك تجمعت الجيوش العربية و وضعوا المتاريس فيها، و من ثم و بلا توقف باشروا الحرب، و من قواد الجيش (جانبولاد) تمكن من الوصول إلي الساحل، هاجم هؤلاء ببسالة، فكان إقدامه مشكورا مما أدي إلي انتصاره و تبعثر جيش العرب، و قتل منهم ما لا

يعد من النفوس. و كذا مات في هذه الحرب جملة من رجال الترك المشاهير.

و بعد أن تمت الهزيمة بنيت قلاع متقابلة أيضا. و في هذه المواطن لا يظهر البرد و في أكثر الجزائر نشاهد القلاع مبنية مثل هذه. و لكن الحرب لم تنقطع مع العرب بل بقيت مستمرة، لا هوادة فيها. و لما كانت عيشة العشائر علي النخيل، و ما يتحصل منها، اضطرت القوة إلي قطع هذه النخيل جميعها، و بذلك أذعنوا و قدموا الطاعة فأظهروا أنهم يسالمون الحكومة، و لكن لا ثبات في أقوالهم، فلم يلتفت إلي ذلك. و كأنهم في ذلك يحاولون القضاء عليهم.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 134

كانت الهجومات و الحروب تتكرر بعد ذلك من الطرفين و وقعت حروب دامية جدا، فانفل جيش العرب، و قتل أكثرهم. و لما تمت القلاع تأهب الجيش للوصول إلي ابن عليان للحرب و حينئذ جاء ابن أخيه يرجو الصلح، و المفتي هناك (محمد الحارث) جاء معه أيضا، و في الديوان المنعقد من جانب اسكندر باشا طلبوا ذلك فخلع عليهم الباشا بخلع ثمينة، و في الديوان الثاني (الجلسة الأخري) قيل لهم إن ابن عليان إذا كان صادقا في طلب الصلح وجب عليه أن يؤدي في كل سنة لخزانة البصرة خمسة عشر ألف دينار ذهبا، و أن يترك رهائن في البصرة جملة من أولاد الشيوخ، فقبل السفراء ذلك و ذهبوا. و بهذا تم تسخير الجزائر جملة، و نهض الجيش و الأسطول من هناك فوصل إلي المحل المسمي (صاعبة)، فجاء حينئذ أخو ابن عليان مير سلطان بخمسين سفينة فأظهر الطاعة و الانقياد، و في هذا المحل وافي أسطول البصرة المتكون من تسعة أغربة مع علي باشا فالتقوا

هناك، فنزلوا قلعة (فتحية)، و من ثم جاء السردار من البر و كذا وافي شيوخ الجزائر و رؤساؤهم إلي الباشا، و أعطوا الرهائن، و أطاعوا و لكن عرب (نهر الطويل) مقابل قلعة الرحمانية لا يزالون علي عنادهم و تصلبهم، و لم يلبوا الدعوة، و أن رئيسهم (فضل) لم يأت إلي الوزير ليبدي طاعته. و من ثم سارت إليه الجيوش، و طالت المحاربات معه نحو خمسة أيام، فهلك من العربان هناك ما لا يحصي، و تشتت الآخرون فانتهب الجيش عيالهم و أموالهم، و أحرق قراهم، و قطع أشجارهم (نخيلهم).

و في محل اجتماع ثلاثة أنهر بنيت قلعة، و قطعت المياه عنهم.

و من ثم أعطي لواء بواب إلي مير سلطان. و في أوائل رمضان عاد الأسطول إلي بغداد، و أذن للجيش بالإجازة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 135

هذا ما قاله كاتب چلبي، و لم نر هذا التفصيل في غيره، و لكن من المؤسف أننا لم نعلم العشائر الموجودة آنئذ، و لم نقف علي أخبارها منه، كما أنه عد هذه الوقعة من الوقائع البحرية، و هي أول تجربة للأنهر استعان بها الجيش للقضاء علي غائلة العشائر، و أبدي أن المحاربة النهرية لم تكن خارجة عن (أسفار البحار)، و قد تدعو الحاجة أن تتكرر أمثالها، و سمي هذه الجزائر ب (جزائر شط العرب) و من ثم نعلم أن الجيش استفاد من الأنهر لدفع الغوائل الداخلية و القضاء عليها، فربح القضية من هذه الطريقة و لكن لم يكن ربحا حقيقيا فقد رأوا من العرب ما رأوا … و ابن عليان هذا من أمراء طيي ء.

سبق في تاريخ العراق ذكر ابن عليان من أمراء الجزائر و أنه من طيي ء القبيلة المعروفة،

و لم تتغير سلطة آل عليان إلي تلك الأيام.

في مجموعة مخطوطة في (خزانة جامع الخلاني) أن الوالي اسكندر باشا كتب كتاب تهديد إلي الأمير علي و محمد بن الحارث و جعفر الدجيلي و سائر مشايخ (معوية) كذا يحذرهم بطش الدولة و عواقب العصيان، فأجابوا أنهم مستعدون للحرب، لا يهابون احدا و ليس في الكتابين تاريخ.

شمسي البغدادي:

لم يعين تاريخ وفاته بالضبط إلا أنه توفي بعد سنة 975 ه فإنه في هذا التاريخ كان حيا و قد ترجمه ابنه عهدي البغدادي فقال:

«من أهل العلم، و والد راقم هذه الحروف (عهدي البغدادي)

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 136

مشغول ليل نهار بالمطالعة للكتب المتداولة … و اختار القناعة فاعتزل الخلق، و صار يدعو للسلطان بالعز و الرفعة و نظم باسم السلطان ثلاثة دواوين علي بحر المثنوي. و كل منها مقبول لدي فصحاء العصر، وفاق به فحول الشعراء، و له قصائد في نعت الرسول و الأئمة الكرام. و له ديوان في الغزل معتبر عند أصحاب العرفان. و كان ممن ملك أزمة البلاغة فانقاد له البيان. و صار يعد في مقدمة الأدباء الأفذاذ … » اه و أورد له بعض المقطوعات الشعرية في الفارسية و التركية، منها:

منجم گر شمارد اختران دائم رقم گيرد أگر روي ترا بيند حساب از ماه كم گيرد

و گر حسن خطت را خوش نويسي در نظر آرد محالست اينكه أز حيرت دگر دستش قلم گيرد

إلي أن يقول:

سيه چشمان بغدادي بشمسي رهنمون گشتد كه در ملك عرب سازد وطن ترك و عجم گيرد

و معناه: أن المنجم أو الفلكي المنهمك بحساب النجوم و المتوغل في تعدادها دائما، لو رأي طلعتك لما تمكن من الحساب و لغلط حتي في

البدر و عده ناقصا. و لو أن الخطاط المتقن الخط شاهد خط محياك لاستحال عليه أن يمسك بالقلم لما أصابه من حيرة و ذهول. إلي أن يقول: إن سود الحدق من البغداديين (يريد العرب الموصوفين بنجل العيون) اهتدوا بشمسي الذي اتخذ بلاد العرب وطنا له في حين أنه من الترك و صار يقتنص العجم.

و قد رأيت له ديوانا باللغة الفارسية في مكتبة كوپريلي قسم الأدبيات رقم 294 سماه (منظر الأبرار) في مجلد واحد بين فيه أنه مغرم بالآداب الصوفية و عاشق لها … و يري أنه ممن تخرج بنظامي و سار علي آدابه … أوله:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 137

بسم اللّه الرحمن الرحيم مطلع پرنو نور كلام قديم

هر كه از و گفت أزل كام يافت دست بهر كار زد اتمام يافت

و فيه مقالات يتخللها حكايات عن الصالحين و غيرهم و فيها ما يتعلق ببغداد. و في خاتمته يذكر اسمه.. و هو بخط ابنه عهدي كتبه في جمادي الأولي سنة 975 و ختمه عهدي بهذا البيت:

دستم بزير خاك چو خواهد شد تباه باري بيادگار بماند خط سياه

و الكتاب من موقوفات الحاج أحمد ابن الوزير الأعظم نعمان و قد نسب لعهدي غلطا. و علي كل مواضيعه تنبي ء عن قيمة الرجل و درجة علمه في إيراده الحكايات عن بغداد و أمرائها و غيرهم … و خط عهدي تعليق جميل و يعد بهذا خطاطا و لم يشر ابنه إلي أن والده قد توفي فالظاهر أنه حي إلي ذلك العهد …

و أولاد شمسي و أقاربه:

1- عهدي ابنه.

2- رضائي ابنه الكبير. مر ذكره.

3- مرادي ابنه الصغير.

و هم من الشعراء و لهم بعض المختارات.

4- رندي البغدادي ابن أخي شمسي. و

نظمه مقبول.

5- عبد الملك البغدادي أبو شمسي.

6- محمد بن عبد الملك المذكور.

و علي كل إن المترجم والد عهدي. و هذا صهر نظمي البغدادي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 138

و الاتصال العائلي موجود و أسرته جماعة و منهم من مر القول فيه و منهم من سيأتي الكلام عليه في حينه.

الوالي مراد باشا:

ثم عهد إيالة بغداد إلي مراد باشا. و هذا لم يبين عنه صاحب گلشن خلفا سوي بناء الجامع المعروف باسمه. و كأنه جاء بهذه المهمة فأتمها كما أتم منارة جامع الكاظمين، و ذهب.

حوادث سنة 977 ه- 1569 م

كتاب من الآستانة

ورد في هذه السنة كتاب من استانبول مؤرخ في 22 شوال سنة 977 إلي والي بغداد في أنه كان قد ورد كتاب الوالي مخبرا أن الأمن و الأمان علي نصابهما، و أنه ساع في تحصيل الأموال الأميرية و توفيرها في حين أن الخزانة العامة الآن في ضرورة إلي المال الوافر سوي أنه من أهم الأمور الحاجة إلي ملح البارود فإذا وصل إليكم الأمر فالسرعة السرعة في إرسال مقدار ثلاثة آلاف قنطار منه و لزوم تحميله علي الإبل و إيصاله بهمة زائدة..

و في هذا ما يعين الحالة و العلاقة معا.

حوادث سنة 978 ه- 1570 م

جامع المرادية

بني الوالي هذا الجامع و أجري له الاحتفال. عمر في محلة الميدان و قد أرخه الشاعر فضلي ابن الشاعر فضولي فقال:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 139

السفن البحرية الحربية- كتاب مصور أسفار بحرية عثمانيه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 140

سلطان جوان بخت سليم أول شه عادل كم در كهنك خادميدر چرخ معلا

أول سرور إسلام خداوند ممالك داراي عبادتكه دين و ملجأ دنيا

بغداده بر أهل كرمي ايلدي والي كم قلدي انوك همتي بو مسجد انشا

پاشاي فلك قدر مراد اولكه أزلدن لطف ايتمش اكا عز و علا حضرة مولي

فضلي ديدي بو مسجد ايچون صدقله تاريخ كل مسجده اي پاك مراد ايله تمني

و ذلك سنة 978 ه. و الملحوظ أن هذه التعميرات كانت من مالية الوقف و كانت تصرف علي المساجد و سائر الأعمال الخيرية. و بهذه التسميات الجديدة تغيرت معالم الأوقاف القديمة و لم يعد يعرف ما كان هناك من مساجد و ما كان أصلها لنعرف الصلة بالماضي و مؤسساته.

و الغاية في الحقيقة مصروفة إلي إزالة تلك المعالم و إظهارها بشكل عليه طابع القوم. و إن

الجامع المذكور لا يزال معروفا بهذا الاسم إلي الآن.

فيسمي بجامع المرادية …

و قد أوضحت عنه في كتاب المعاهد الخيرية. و ذكرت ما لحقه من تعميرات و ما جاء من شعر في تاريخه نطق به فضلي بن فضولي البغدادي فكان التعليق في تاريخ مساجد بغداد غير صحيح لظن المعلق أن فضولي و فضلي واحد.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 141

جامع الكاظمية:

في هذه السنة تمت منارة هذا الجامع و بذلك تم بناؤه في سنة 978 ه. و كان في 6 ربيع الثاني سنة 926 ه قد أتم عمارة مشهد الشاه إسماعيل الصفوي، و لم يتعين لنا تاريخ بناء الجامع و إتمامه أيام السلطان سليمان و لقد استمر إلي أيام السلطان سليم، فتمت منارته أيام هذا الأخير. ينطق تاريخها بذلك بلسان الشاعر فضلي ابن الشاعر فضولي البغدادي. و ما جاء في تاريخ مساجد بغداد مغلوط في التاريخ، و في الأعلام و الألفاظ. أوضحنا ذلك في كتابنا (المعاهد الخيرية). و جاء التاريخ: (أولدي بو جانفزا مناره تمام) في بناء المنارة سنة 978 ه.

و لم يرد لهذه التعميرات ذكر في گلشن خلفا.

الوالي علي باشا الصوفي:

ثم آلت إدارة بغداد إلي الوالي علي باشا الصوفي. و جاء في سجل عثماني أنه وليها عام 977 ه. و هذا لا يأتلف مع تاريخ بناء جامع المرادية أيام سلفه و الظاهر أنه سنة 978 ه. و ذلك بعد بناء الجامع، أو أن هذا تاريخ التعيين لا الدوام في المنصب. و قال عنه إنه توفي سنة 979 ه و هو من أهالي بوسنة، تخرج في البلاط الملكي، و صار متصرفا في بعض الألوية ثم صار مربيا للشهزادة السلطان سليم و تقلب في عدة إمارات و قضي مدة في معية الشهزادة السلطان سليم و أرسل سفيرا إلي إيران و بعد عودته ولي مصر سنة 971 ه و في سنة 973 ه عزل ثم صار أمير أمراء بغداد و كان عدلا مجتنبا الأطماع، صالحا، دينا. و گلشن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 142

خلفا لم يذكر شيئا من وقائعه و إنما بين أنه ولي بعد مراد باشا و وقف

عند ذلك.

الوالي حسين باشا:

قال عنه صاحب گلشن أنه پتور حسين باشا ولي بعد علي باشا الصوفي، و قال عنه صاحب سجل عثماني إنه من أهالي هرسك و هو (بودور حسين باشا) تربي في البلاط و صار مير لواء ثم صار أمير أمراء بودين و في سنة 979 ه ولي بغداد و في سنة 981 ه صار أمير أمراء مصر و تقلد مناصب أخري و توفي بعد سنة 1003 ه و هو مائل للعدل، مبتعد عن الظلم، رافع للبدع. و بني جامعا في پراجه … » ا ه و نعته في گلشن خلفا بأنه كان رافع البدع و جامع الطرفين. و لم يزد علي ذلك.

الوالي عبد الرحمن باشا:

ولي بغداد سنة 981 علي ما جاء في سجل عثماني و قال عنه:

«كان عالما، ثم صار تذكرجي لرستم باشا، و بعدها نال دفترية مصر، ثم تيمار روم ايلي و إثر ذلك وجهت إليه إمارة بروسه، و مرعش. و في سنة 981 ه حصل علي منصب بغداد و انفصل عنه عام 982 ه ثم توفي» ا ه.

و جاء عنه في گلشن خلفا أنه معروف بتصلبه و خشونته فشاع بين الناس ب (عدو الرحمن). نال الولاية من طريق الكتابة و التحرير. و كانت و فاته ببغداد» ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 143

حوادث سنة 982 ه 1574 م

الوالي علي باشا الدرويش

ولي بغداد سنة 982 ه. و هذا الوالي كانت عهدت إليه إدارة الأحساء و ولاية البصرة ثم وجهت إليه ايالة بغداد، و مات فيها. و الظاهر أنه توفي في سنته كما يفهم من تاريخ من أتي بعده.

الوالي الوند زاده علي باشا

نشأ في سلك الأمراء و ولي بغداد سنة 982 ه إثر جلوس السلطان مراد الثالث. و انفصل عنها سنة 995 ه. ثم ولي إدارة نجد و الأحساء و في سنة 1001 ه انفصل من هناك و سكن حلبا و في ربيع الآخر سنة 1007 ه ولي بغداد أيضا، و بعد شهرين في جمادي الثانية توفي و نقل نعشه إلي حلب و كان شيخا جليلا من أهل الثمانين. (كذا في سجل عثماني). و المستفاد من گلشن خلفا أنه أورده في حوادث سنة 984 ه. و لكنه نسب إليه من الحوادث ما جري سنة 982 ه. و قال صاحب گلشن إنه إثر وروده و بأمر من السلطان مراد الثالث عمر جامع الحسين رضي اللّه عنه سنة 984 و مرقده المبارك سنة 991 ه و منارته سنة 982 ه كما أنه عمَّر جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني رحمه اللّه … و يستفاد من نص گلشن خلفا أنه ولي بغداد سنة 991 ه و دام فيها إلي سنة 995 ه … و ليس بصواب بالنظر لتاريخ بناء المنارة.

و هذه المنارة و تعرف بمنارة العبد هدمت قبل بضع سنوات أي قبل الحرب العالمية الثانية في سنة 1356 ه- سنة 1937 م- و لم يبق لها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 144

أثر، و كانت منارة بيضاء بلا كاشي، بنيت في الجهة اليسري من نفس الحضرة.

و الحاصل أن الوقائع لم تردنا مطردة. و علي

كل ندون ما جري علي ترتيب السنين بقدر ما نتمكن من تدوينه علي أن ما ذكره الغرابي في تاريخه يدعو للالتفات فيما يخص جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني.

حوادث سنة 985 ه- 1577 م

حسيني البغدادي

في هذه السنة توفي حسيني البغدادي، و إن الموما إليه كان آباؤه و أجداده من أعيان بغداد، و حصل هو أيضا علي مكانة و غني … إلا أنه مال إلي التصوف و اختار العزلة فقطع العلاقة مع الأمور الدنيوية فتجول كثيرا في الأقطار فاختل عقله. و كان قد نظم في اللغتين الفارسية و التركية وصف بها الجمال و الحسن بأجلي بيان فهو من الشعراء المشاهير ذكره عهدي و أورد له بعض الأشعار و الرباعيات الفارسية و التركية …

و من هذه الترجمة و غيرها يظهر أن عهدي البغدادي قد زاد في گلشن شعرا بعد أن أتمه في سنة 971 ه فمضي به إلي هذا التاريخ.

حوادث سنة 991 ه- 1583 م

عمارة مرقد الحسين (رض) و جامعه

في هذه السنة عمر الوالي مرقد الحسين رضي اللّه عنه و جامعه.

و قد مرت الإشارة إلي ذلك. و ذكرت التفصيلات في (كتاب المعاهد الخيرية). و في كتاب (تاريخ جغرافياي كربلاي معلي) الفارسي بعض التوضيح.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 145

حوادث سنة 992 ه- 1584 م

جاء في كشف الظنون أن الوالي علي باشا غزا المولي سجادا المشعشع في هذه السنة، فكتب نيازي الشاعر كتابا في غزواته باسم (هزنامه علي باشا) و يسمي (ظفرنامه). و الولي سجاد ابن السيد بدران.

ولي سنة 948 ه فأخرجه منها السيد مبارك بن مطلب بن بدران. و توفي سنة 1025 ه- و قيل سنة 1026 ه.

حوادث سنة 993 ه- 1585 م

دفترية عالي أفندي في بغداد

في أواخر هذه السنة نال عالي أفندي دفترية بغداد. و هو أديب كامل و مؤرخ فاضل، صاحب تاريخ (كنه الأخبار) في مجلدات بعضها لا يزال مخطوطا، و له (كتاب مناقب هنروران) و فيه بيان عن الخطوط و الخطاطين و هو أيضا من مشاهير الخطاطين و أمثال هؤلاء الفضلاء تأثروا بالقطر و ثقافته و الأدلة علي ذلك عديدة. و مؤلفاته كثيرة و المطبوع منها (فصول الحل و العقد و أصول الخرج و النقد) و لم يذكر فيه اسم مؤلفه دامت مدة بقائه في الدفترية إلي سنة 994 ه فعزل من بغداد. توفي سنة 1008 ه.

و ترجمه ابن الأمين محمود كمال بك بترجمة ضافية في كتاب مناقب هنروران. و ابن الأمين كان مدير متحف الأوقاف الإسلامية في استانبول رأيته هناك سنة 1934 م، أديب فاضل و له آثار كثيرة. و عالي أفندي عرفنا بخطاطين عراقيين في كتابه مناقب هنروران، و في أوليا چلبي ذكر له بيتين في نخيل بغداد. و الموما إليه تأثر كثيرا بالعراق و كتابه و أدبائه، و نقل الخط و رجاله و دواوين شعرائه و عرف بهم و هكذا فعل في الممالك الأخري مما زاد في الثقافة التركية و أضاف إليها آدابا جديدة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 146

حوادث سنة 995 ه- 1586 م

الوالي جغاله زاده سنان باشا

ولي بغداد و قيادتها للمرة الأولي في هذه السنة. و هذا هو المعروف ب (سنان باشا) و اسمه الأصلي (يوسف). كان قد جاء بجيش عظيم … و إثر وصوله سار إلي محاربة العجم في أنحاء (چمچمال) فساق الجيوش إليها و افتتح قلعتي (بيلور) و (ناور) فانتصر علي العجم و عاد ظافرا …

حوادث سنة 996 ه- 1587 م

دسفول- نهاوند

و في هذه السنة استولي الوالي سنان باشا علي دسفول فافتتحها.

ثم مضي إلي نهاوند فاكتسحها و كانت هذه عاصمة الشاهات. و بعد أن استولي عليها عهد بمنصبها إلي كتخداه محمد باشا و عين لها المهمات و المستحفظين … و توجه نحو همذان و نكل بجيوش العجم كثيرا و دمرهم فعاد إلي بغداد …

و جاء في (عالم آراي) أن چغاله زاده أمير أمراء بغداد ساق جيشا إلي نهاوند و سلب و نهب، و سحب كثيرا من القبائل و العشائر في عليشكر (قطر معروف) إلي جبال اللر فأسكنهم فيها. فأظهر (شاه ويردي) طاعته لحكومة الروم (العثمانيين) و الاتصال بولاة بغداد. و لما تصالحت إيران مع العثمانيين بقي شاه ويردي علي حياله و لكنه أبدي الطاعة لإيران و لم يترك بابا من أبواب الحيل إلا و لجه، و آماله مصروفة إلي أن ينال حكومة إيران يوما … هكذا كانت تحدثه نفسه …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 147

جامع الكيلاني- تعميراته:

كان هذا الجامع في الأصل مدرسة لأستاذه أبي سعيد المخرمي.

يقع في محلة باب الأزج. و لكثرة الاتصال بهذا الجامع صارت المحلة تدعي بمحلة الشيخ أو محلة (باب الشيخ). و منارته البيضاء موجودة من أيام السلطان سليمان القانوني. و قد مر الكلام علي تعمير قبة الشيخ عبد القادر الكيلاني.

و من أعمال الوالي سنان باشا تعمير (جامع الشيخ)، و دار السبيل للحضرة الگيلانية ذكر ذلك روحي البغدادي في ديوانه و بين تاريخا لذلك قال:

«جامع أهل دعا جشمه آب حيات».

قال الغرابي في تاريخه:

«و بعده أسس سنان باشا بحذاء القبة- قبة الشيخ عبد القادر الكيلاني- جامعا و لم يتفق له إكماله، و إنما بني منه مقدار ثلثه، و بعد مضي سنوات كمله والي

بغداد علي باشا الوند في العقد التاسع من المائة العاشرة … » ا ه.

و هذا النص يخالف ما في گلشن خلفا، و من غيره تعين لنا أن التاريخ عن الولاة غير متقن و لا مضبوط.

طال أمد تعمير هذا الجامع حتي ظهر بهذه العظمة. فإن قبة المصلي كبيرة جدا لا يوازيها في الأقطار التي رأيتها ما هو بعظمتها وسعتها و جليل بنائها. و يقال إن باطنها قد ملي ء تبنا و عوض به عن معتمد أو مستند للبنائين في صنع تلك القبة و بنائها دون استخدام (الصقالة) أو (السكلة).

حوي هذا الجامع ريازة معتبرة كما أنه جمع خطوط خطاطين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 148

تصلح أن تعد نموذجا لخطاطينا عدا التزويقات و النقوش …

و في الجامع اليوم مدرستان. و يطول الكلام الآن في التوضيح.

و قد فصلنا القول فيه في كتاب (المعاهد الخيرية).

الطريقة القادرية

تكية الشيخ عبد القادر الكيلاني غير منفكة عن الجامع، و إن الدراويش يسكنون الجامع في حجر خاصة، و تاريخ تكونها قديم يرجع إلي تاريخ تكون الطريقة. فهما متلازمان.

و الشيخ عبد القادر الكيلاني كان ورد العراق شابا، و أخذ العلم من مشاهير علماء بغداد. و من أشهرهم المخرمي صاحب مدرسة باب الأزج و كان أكثر اتصالا به، و اشتهر بالوعظ كما عرف بالزهد و التقوي، فصار من العلماء المعروفين، و الوعاظ المقبولين، خلف أستاذه في التدريس بمدرسته فمالت إليه القلوب، و لهج به الناس، و حصل علي الثقة من كافة الطبقات، و يعد سلوكه المرضي، و زهده و صلاحه (طريقة)، عرفت أخيرا ب (الطريقة القادرية) و نهجها اتباع الكتاب الكريم و الحديث الشريف.

و هكذا مال القوم من قديم الزمان إلي أهل الصلاح و التقوي، بحيث صار

الناس يقتدون بهم في زهدهم و صلاحهم، بل روعيت كافة أعمالهم الدينية، و تعبداتهم، فاتخذت نهجا لما نالوه من منزلة مقبولة في النفوس، فصار ذلك منشأ الطرائق … و منها هذه.

عاصر حضرة الشيخ عبد القادر جماعة من الزهاد الأكابر … ثم دخل كثيرون من أرباب الزيغ من غلاة التصوف هذه الطريقة، فأفسدوا الكثير منها و لم يعهد أن ذم أحد الزهد و الصلاح و التقوي إلا أن دخول أهل الابطان بين صفوفهم أخرجهم عن نهجم، و جعلهم (فلاسفة) من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 149

رجال (الأفلاطونية الحديثة) لا من رجال العبادة و التقوي. و البر معروف، و الفاجر كذلك. و لم ينجح الغلاة في التدخل بهذه الطريقة.

نالت هذه الطريقة رغبة لما عرفت بالصلاح و الزهد، و لم يدخلها الغلو المعروف عن الكثيرين من المتصوفة، فلم تعهد فيها النزعة القائلة بالوحدة، أو بالاتحاد، و الحلول، بل لم يتمكنوا منها … و نتناول هنا ما قامت عليه من أصول الزهد و الصلاح …

كان الشيخ عبد القادر عرف بالصلاح، و ذاعت آثاره، و انتشرت في الأقطار و من كتبه (الغنية)، و (فتوح الغيب)، و جاءت ترجمته في كتب عديدة، و بينها ما خلص لذكر مناقبه في الزهد و التقوي و أنه كان مدرسا معروفا، زاول التدريس و الوعظ في مدرسة شيخه المخرمي، و كان من علماء السلف، حنبلي المذهب، و كذلك كان خلفه الشيخ عبد القادر …

و يهمنا أكثر من كراماته، و ما ينسب إليه من خوارق أمر صلاحه و تقواه، و حوادث وعظه و نصيحته للمسلمين، فإن تلك اعتادتها الطوائف لإكبار صاحب طريقتها أو نحلتها … و ما قيمة من يمشي علي الماء، أو يطير في

الهواء، و لا يذعن لقدرته تعالي و طاعته بل يدعي ما انفرد به الواحد الأحد، و يحاول أن يزاحم الباري في قدرته. فجل ما يصلح أن يكون قدوة للمسلمين التزام الشرع، و ما أوصي بمقتضاه، و خلصت عقيدته فوافقت القرآن، و لم تخرج عليه قيد شعرة، بل إن حسن العقيدة و السلوك المقبول إنما يكون في متابعة أوامر اللّه، و ما قرره في كتابه العظيم من اجتناب نواهيه. و هذه هي سبيل المؤمنين، و طريق المسلمين الصالحين المتقين، و يشتركون في اتباع هذه الطريقة. و لا يهمنا عمل الشخص و التزامه أمورا شاقة ليكون قدوة، و إن كانت لا تخلو من حب تفوق.

و يعين طريقته ما مضت عليه في مختلف العصور من تعاليم قويمة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 150

لمريديها، و الراغبين في سلوكها. أخذها شيوخ عن شيوخ، و من هؤلاء يعرف أن شيوخ الجيلي بل أجل شيوخه أبو سعيد المبارك المخرمي الشمطي الحنبلي، و هو أخذ عن الشيخ أبي الحسن علي بن محمد بن يوسف القرشي الهكاري عن الشيخ أبي الفرج يوسف الطرسوسي عن الشيخ أبي الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي اليماني، عن الشيخ الشبلي، عن الجنيد، عن سري السقطي عن معروف الكرخي عن علي ابن موسي الرضا عن آبائه حتي الإمام علي بن أبي طالب … و هؤلاء شيوخهم معروفون. لكل واحد شيوخ متعددون لا محل لتعدادهم. إلي أن يتصلوا بالرسول صلي اللّه عليه و سلم.

و من تلقيناتهم:

لا إله إلا اللّه حصني فمن قالها دخل حصني، و من دخل حصني أمن من عذابي.

حديث ينقلونه، و يتناقلونه.

«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ».

و الوصايا بالذكر: «يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلي جُنُوبِهِمْ، وَ

يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ … ».

و الصلوات الخمس «أَقِيمُوا الصَّلاةَ … ».

و محبة اللّه. «وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ».

و هذه وصية الشيخ التي يتناقلونها المؤكدة لمراعاة أحكام الكتاب، أوصي بها بعض أولاده فقال:

«أوصيك يا ولدي بتقوي اللّه و طاعته و لزوم الشرع، و حفظ

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 151

حدوده، و اعلم يا ولدي- وفقنا اللّه تعالي و إياك و المسلمين أجمعين- أن طريقتنا هذه مبنية علي الكتاب و السنة، و سهل الصدور، و سخاء اليد، و بذل الندي، و كف الجفا، و حمل الأذي، و الصفح عن عثرات الإخوان.

و أوصيك يا ولدي بالفقر و هو حفظ حرمات المشايخ، و حسن العشرة مع الإخوان، و نصيحة الأصاغر و الأكابر، و ترك الخصومة، لا ترك أمور الدين.

و اعلم يا ولدي- وفقنا اللّه و إياك و المسلمين أجمعين- أن حقيقة الفقر أن لا تفتقر إلي من هو مثلك، و حقيقة الغني أن تستغني عمن مثلك، و أن التصوف حال، لا الأخذ بالقيل و القال، و إذا رأيت الفقير فلا تبدأه بالعلم و ابدأه بالرفق، فإن العلم يوحشه، و الرفق يؤنسه.

و اعلم يا ولدي- وفقنا اللّه و إياك و المسلمين- أن التصوف مبني علي ثماني خصال أولها السخاء، و ثانيها الرضا، و ثالثها الصبر، و رابعها الإشارة، و خامسها الغربة، و سادسها لبس الصوف، و سابعها السياحة، و ثامنها الفقر، فالسخاء لنبي اللّه إبراهيم، و الرضا لنبي اللّه إسحاق، و الصبر لنبي اللّه أيوب، و الإشارة لنبي اللّه زكريا، و الغربة لنبي اللّه يوسف، و لبس الصوف لنبي اللّه يحيي، و السياحة لنبي اللّه عيسي، و الفقر لسيدنا و شفيعنا محمد صلّي اللّه عليه

و سلم.

أوصيك يا ولدي أن تصحب الأغنياء بالتعزز، و الفقراء بالتذلل، و عليك بالإخلاص و هو نسيان رؤية الخلق، و دوام رؤية الخالق، و لا تتهم اللّه في الأسباب و استكن للّه في جميع الأحوال، و لا تضع حوائجك اتكالا بأحد لما بينك و بينه من القرابة و المودة و الصدق، و عليك بخدمة الفقراء بثلاثة أشياء أحدها التواضع، و الثاني حسن الآداب، و الثالث سخاء النفس. و أمت نفسك حتي تحيي، و أقرب الخلق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 152

إلي اللّه أوسعهم خلقا، و أفضل الأعمال رعاية التسري عن الالتفات إلي شي ء يؤذي اللّه. و عليك إذا اجتمعت بالفقراء بالتواصي بالصبر. إن الفقير لا يستغني بشي ء سوي اللّه تعالي.

يا ولدي إن الصولة علي من هو دونك ضعف و علي من هو فوقك فخر، و إن الفقر و التصوف جد فلا تخلطهما بشي ء من الهزل.

هذه وصيتي لك … » اه.

هذه الوصية ليس فيها ما يخالف الشرع، بل كلها تقوي، و أخلاق مرضية و رعاية للسلوك المرضي و تكرار لفظة الشهادة.

جري هؤلاء علي الذكر، و شيخ الذكر يقال له (شيخ الحلقة).

و ليس لديهم إلا ترديد (كلمة الشهادة)، و لا يقصد من ذلك إلا رسوخ التوحيد، و تكرار أمره، و حسن تلقينه و تلقيه.

و إن عاتگة خاتون صاحبة المدرسة رصدت من وقفها بعض الغلة للذكر و شيخ الذاكرين و معه عدد منهم، و الحث علي الوصايا الفاضلة التي تصلح أن تكون سلوكا عاما شاملا.. و في آية فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ما يؤيد هذه الوصايا، و قد اتخذ القوم أعماله قدوة، علي أساس آية و من يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّي.

و هنا نقول إن

القوم و أمثالهم من أرباب الطرق تجاوزوا الحد في الاتباع، و إنما يراد بذلك سَبِيلِ اللَّهِ و ذلك باتباع أوامره و اجتناب نواهيه، و هي سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ يدل علي ذلك آية قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَي اللَّهِ عَلي بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي. فالأخذ رأسا و بلا واسطة هو المطلوب، و هو

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 153

سبيل المؤمنين. فلا نعرف سواه حذر أن يشاد أحد في هذا الدين، أو يكلف نفسه بما لا يطيقه عامة المسلمين فالانقطاع إلي اللّه مقبول ممن كلف نفسه و رغب في ذلك، و اتباع أمره مرضي أيضا في لزوم الأخذ بما خلق المرء لأجله فلا يمنع من ملاذ الحياة المشروعة. نقل القرآن عن عباده المؤمنين دعاءهم:

رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَ قِنا عَذابَ النَّارِ و جاء في أخبار عديدة منها «كل ما ليس عليه أمرنا فهو رد»، و يدل علي التزام الشرع فإذا كان الشيخ رحمه اللّه، و رضي عنه سار علي طريقة المؤمنين، و هي الدين القويم المبين في القرآن الكريم، فلا ريب أن يدعو إلي هذه الدعوة، و أن يسير كل مسلم علي هذا و لن يشاد أحد في هذا الدين إلا غلبه، فلا شك أنه لا يتأخر لحظة عن اتباع القرآن الكريم، و من يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّي …

نعوذ باللّه من الخروج عن جادة الصواب و الغلبة، و في هذه الأيام شاع في اتباع هذه الطريقة من خرج عن الصدد و زاغ عن الطريق السوي، فصارت متابعة الطريقة أشبه بالخروج عن الإسلام لما دخلها من بدع و شذوذ مما لم يؤثر عليها. نعوذ باللّه من شرور أنفسنا و

سيئات أعمالنا. تكلمت في (عشائر العراق الكردية) عن الطريقة. و هي منتشرة في الهند و بلاد الترك و سوريا و مصر و بلاد المغرب …

الأسرة الكيلانية

هذه أسرة قديمة تبتدي ء بحضرة الشيخ عبد القادر الكيلاني المتوفي سنة 561 ه. جاء بغداد من جيل في لواء كركوك و تسمي گيل أو من گيلان و كان من تلاميذ المبارك بن علي بن الحسين بن بندار المخرمي باني مدرسته المعروفة بمدرسة (باب الأزج) أو (مدرسة المخرمي)، ثم عرفت (بمدرسة الشيخ عبد القادر الگيلاني). و تعد أسرته من أقدم الأسر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 154

العراقية، عرف مؤسسها بالوعظ و التدريس من أيام وفاة شيخه المخرمي المذكور سنة 513 ه، و كان الشيخ حنبليا و يعد من أكابر العلماء في عصره، و جاء ذكر معاصريه في كتاب بهجة الأسرار. و دامت الأسرة إلي اليوم تتولي أوقاف الحضرة القادرية.

و في بغداد منها (آل عبد العزيز)، و (آل عبد الرزاق) من أولاد حضرة الشيخ إلا أن التولية و النقابة كانتا و لا تزالان لهذا العهد بيد (أولاد عبد العزيز) ابن الشيخ. و في هذا العهد أصابتهم نكبات من الدولة الصفوية، و ترك الكثيرون منهم بغداد، ذهبوا إلي مختلف الأنحاء إلي حلب، و إلي الشام و مصر، و إلي استانبول.. و كان ذلك في أيام دخول الشاه إسماعيل بغداد سنة 914 ه.

كان تأثيرهم علي العالم الإسلامي كبيرا و كلمتهم مسموعة في بيان فظائع الصفويين. و الحق أن هؤلاء لم يمنعهم حنقهم من الوقيعة و النكاية بالمسلمين لأغراض مذهبية.

و من مشهوري الأسرة جماعة ذكرهم صاحب قلائد الجواهر منهم الشيخ شمس الدين و الشيخ زين الدين، و هم من آل عبد العزيز أهل التولية

و النقابة في الوقت الحاضر. و في خلال المدة بين حكم العجم و العثمانيين لم تنقطع علاقة الأسرة بالحضرة الكيلانية مما يتعلق بإدارة المدرسة أو الجامع، و التكية القادرية. فهم شيوخ الطريقة تؤخذ عنهم و معروفون بالعلم أيضا.

و كل ما عرف من أحوالهم في هذا العهد ما جاء منصوصا عليه في قلائد الجواهر. و أشرنا إليه في تاريخ العراق. و لا نمضي دون بيان أن الموقوفات الموجودة التي يتمتع بها آل الگيلاني كانت من موقوفات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 155

السيد الشيخ شمس الدين الكيلاني و السيد الشيخ زين الدين الكيلاني من أسرة الشيخ عبد القادر من أولاد عبد العزيز ابنه في هذا العهد، و قد أنعم السلاطين العثمانيون إنعامات كثيرة في إعفاء الموقوفات من التكاليف و الرسوم الأميرية بل وقفوا عليها الرسوم وقفا إرصاديا، و جعلوها للحضرة القادرية.

و أما أسرة عبد الرزاق منهم فإنها لم تكن لها نقابة و لا تولية في العهد الذي نكتب عنه، و لم تنل مكانة إلا بعد هذا التاريخ، فقد زاحموا أولاد عبد العزيز و نازعوهم النقابة، فتولاها كثيرون منهم، و في أيام الوالي محمد نجيب باشا سنة 1261 ه عادت النقابة و التولية مستقلة إلي السيد علي ابن السيد سلمان النقيب من آل عبد العزيز، فاستقرت فيهم و لا تزال إلي اليوم غير مزاحمة لطول عهدها بالتولية و النقابة …

و عرف من أسرة (عبد الرزاق) السيد علي، و السيد عبد الرحمن، و السيد عبد العزيز، و السيد رمضان، و السيد محمود بن زكريا و غيرهم.

و أما أسرة عبد العزيز فقد عرف منها السيد علي ابن السيد سلمان، و ابنه السيد سلمان ثم ابنه السيد عبد الرحمن، و

السيد محمود حسام الدين ابن السيد عبد الرحمن، و السيد عاصم. و هو نقيب الأشراف اليوم ابن السيد عبد الرحمن، و متولي الوقف القادري و كان قد زاحمه في التولية فخامة السيد رشيد عالي الكيلاني. فولي الوقف مدة.

و للتفصيل عن الأسرة الگيلانية موطن آخر.

عزل الوالي سنان باشا:

ثم طوي ذكر هذا الوالي و سماه صاحب سجل عثماني (چغاله زاده سنان يوسف باشا) و هو اسم و لقب جمع بينهما و قال: «هو من بوسنة، ابن قبطان الفرنك چغاله. أخذ والده في عصر السلطان سليمان و تربي في البلاط و نال مناصب عديدة منها ولاية بغداد، و قبطانية البحر و آخر ما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 156

عهد إليه سردارية العجم فتوفي بتاريخ رجب سنة 1014 ه. و كان محاربا جسورا، و له ابن اسمه محمود باشا».

دامت ولايته إلي سنة 998 ه فعزل.

الوالي قاضي زادة علي باشا:

ولي بغداد سنة 998 ه، و بعد أن عزل حصل علي منصب بودين و هكذا تقلب في مناصب عديدة و توفي سنة 1032 ه و كان صادقا، متدينا، عاقلا.

و هذا لم يذكره صاحب گلشن خلفا. و إنما مضي رأسا إلي چغاله زاده سنان باشا. و الحال أن روحي البغدادي ذكره في ديوانه ص 15.

و من الغريب أن مرتضي آل نظمي لم ينقل من ديوان روحي البغدادي، و لعله لم يصل إليه. و جاء في روحي البغدادي تاريخ ولايته و تصادف هذه السنة التي ذكرها صاحب سجل عثماني. و تاريخه:

«علي پاشا عادل حامي ء دار السلام أولدي».

قضاء بغداد:

في هذه السنة ولي (قضاء بغداد) رضوان أفندي و هذا جعل الملا غانما البغدادي مدرسا في المدرسة المستنصرية.

حوادث سنة 999 ه- 1590 م

جغاله زادة سنان- ولايته الثانية:

في هذه السنة ولي بغداد چغاله زاده سنان باشا مرة ثانية و كان كاتب ديوانه (حسن أفندي) و لروحي البغدادي قصيدة في مدحه أطري

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 157

فضله و تفوقه في الشعر و الكتابة … و إن الوالي سنان باشا رأي العجم استعادوا نهاوند فتقدم نحوهم و سار إليهم فافتتحها و كان جيشه متكونا من عسكر بغداد و قليل من عسكر شهرزور و من ثم عين لها أمير أمراء، و جيشا و قام بما لزم لتنظيم إدارتها. و في هذه الأثناء كان حاكم لرستان (شاه ويردي خان) و هذا أصابته من الوالي ضربة موجعة كما أن هذا الوالي أسَرَ حاكم همذان قورقمز خان و عاد منصورا، قص ذلك كله في كتاب عرضه لدولته و نقله صاحب گلشن خلفا. مدحه روحي البغدادي بقصيدة في فتح نهاوند و بأخري رحب بها بقدومه …

خان جغان و القهوة و السوق:

و بعد أن أتم حروبه مع العجم عاد إلي بغداد بالغنائم. عمر فيها خانا و قهوة و أسواقا في أطرافهما. قال صاحب گلشن و لا يزال هذا الخان معروفا (بخان چغاله زاده). مدحه عليه شعراء ذلك الزمن بأشعار تركية. و أقول كان هذا الخان قائما و يسمي خان الصاغة أو (خان جغان) بتحوير طفيف في أصل اللفظ و لكنه في سنة 1348 ه- 1929 قلع من أصله و بني مجددا و اتخذت فيه أسواق لبيع الأقمشة الحريرية و ما ماثلها و لم يبق منه للصاغة إلا قسم قليل. امتلكه السيد مناحيم دانيال صاحب المبرات العديدة و الصديق السيد صالح قحطان المحامي و شركاء آخرون.

و كان كتب علي بابه حين بنائه:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 158

خارطة المواقع التي مرّ بها

سيدي علي رئيس من البصرة إلي بر العرب فالهند

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 159

«عمر هذا الخان و ما فيه من البنيان في أيام دولة السلطان ابن السلطان مراد خان خلد اللّه ملكه و سلطانه و أفاض علي كافة العالمين عدله و إحسانه 999» ا ه.

و الملحوظ أن ذلك كان أيام السلطان مراد الثالث، و هو بخط الخطاط العراقي صاحب الثلاث تسعات عبد الباقي المولوي المعروف (بقوسي) و كانت هناك كتابة تركية زالت معالمها و لم يبق إلا ما ذكر مما عثرنا عليه. أوضحت في (تاريخ الخط العربي في العهد العثماني) عن خطاطه.

و أما القهوة فهي الآن الخان المسمي ب (خان الكمرك) و كانت عليها كتابة إلا أن هذه نقلت إلي دار الآثار في القصر العباسي. و هي أبيات تركية ذكرها صاحب گلشن خلفا.

تكية المولوية في بغداد:

هذه التكية تسمي (المولاخانه) أيضا. و الآن تعرف بجامع الآصفية. عمرت في أيام هذا الوالي سنة 999 ه عمرها محمد چلبي كاتب الديوان في بغداد. و هذا يأتي الكلام عليه عند بيان وقائع أحمد الطويل.

تضاربت الأقوال في أصل هذه التكية المسماة في هذه الأيام بالمولاخانه، و في تاريخ تأسيسها. و جل ما تحققناه من نصوص عديدة أن هذه التكية كانت تسمي (رباط دير الروم). و هي من بناء الخليفة المستنصر باللّه العباسي، و تقلبت بها الأحوال حتي صارت تعرف ب (تكية المولوية). و ما جاء في تاريخ الغياثي عن القلندر خانة يستبعد أن يكون هذا المحل مع أننا ظننا أنها قد صارت قلندر خانة (تكية). أوضحنا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 160

ذلك في المعاهد الخيرية. ثم صارت (جامع الآصفية) و التسمية الأخيرة لداود باشا فإنه عمرها فأضيفت إليه باعتبار

أنه آصف وقته.

ذكرنا ما جري عليها في أيامه و أوضحنا الوثائق التي دعت إلي تعميرها.

و محمد چلبي باني التكية لم يعرف عنه شي ء غير قتلته ابن الطويل، و أنه كان كاتب الديوان، و لو لم يتعرض لقتلة الوالي المتغلب لما عرف بل كان في عداد المهملات. و مما علمناه أن (الخطاط قوسي) كان قد كتب لوحا في التكية سنة 999 ه، مما يعين أن هذه التكية كان بناؤها سنة 999 ه. و هذا تاريخ تجديد بنائها من محمد چلبي المذكور.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 161

و الملحوظ أن هذه التكية تخرج منها خطاطون عديدون بل أساتذة أكابر من شيوخها كان لهم الذكر الجميل في جودة الخط و إتقانه. و قد تعرضنا لذكر جماعة منهم في كتابنا (تاريخ الخط العربي في العراق).

و سنتناول بعض المعروفين في الطريقة خاصة و في مواهب أخري.

الطريقة المولوية

و لما تعين لنا بناء تكية هؤلاء المتصوفة في بغداد لزم أن نتكلم في أصل هذه الطريقة و كيف نالت شهرتها في المملكة العثمانية مع أنها لم يستقر لها قدم ثابت في بغداد و لم تنل رواجا، و ذلك أن الموظفين الواردين من الآستانة كان كثير منهم ينتسبون إلي هذه الطريقة إلا أنهم لم يؤثروا التأثير الكافي و لأنهم في عزلة، عن الاحتكاك بالأهلين. و من جهة أخري لم تقبلها نفوس الأهلين و مع هذا لا يزال في هذا الحين و بعده بمدة طويلة لها شيوخ تجري علي مراسيم القوم و تقاليدهم المعروفة. لا سيما و قد رأوا من رجالها خدمة لا تقدر …

و المولوية شائعة في بلاد الترك و كان رئيس الإرشاد يقلد السلطان سيفه إثر جلوسه علي العرض و مؤسس هذه

الطريقة جلال الدين الرومي المتوفي سنة 672 ه اشتهر بكتابه (المثنوي) و يحتوي علي أكثر من 47

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 162

ألف بيت. و له ديوان أيضا في ثلاثين ألف بيت. و هو في الأصل من خراسان. ولد ببلخ. و خراسان في الأصل منبع الغلو و كان قد لقن تصوف (فريد الدين العطار) حفظ كتابه (أسرارنامه). و (تصوف الحلاج)، و أخذ عن ابن عربي، و عن القنوي و الغلاة أمثال هؤلاء.

اتصل (بشمس تبريزي) فلم ينفك أحدهما عن الآخر و المتصوفة يقولون إنه كان قد استولي عليه العشق الإلهي (الجذبة). و غيرهم يقول إنه قد تبله الشمس التبريزي حبا و استأسره في عشقه فامتلك مجامع قلبه حتي إنه يقال إن ديوان الشمس التبريزي قاله جلال الدين علي لسانه و نطق باسمه. و يدل شعره علي أنه من الغلاة أرباب نحلة الاتحاد و الحلول من الباطنية. و نبه العلماء علي لزوم نبذه … أما صناعته الأدبية فهي ليست براقية تماما و لكن الرغبة مصروفة إلي ما فيه من غلو و عقيدة باطنية.

يدعو لنبذ التقليد، و طرح العقيدة الموروثة و يريد أن يستميل بهذه إلي طريقته. و هي لم تكن بالأمر الجديد و لا الغريب.

و من وقف علي آراء فريد الدين العطار، و سائر الغلاة عرف طريقة هؤلاء و تلخص في صد الناس عن القرآن الكريم تارة بتأويل أحكامه، و صريح نصوصه إلي ما يخرجها عن معناها، و طورا بتلقين عقائد وحدة الوجود و الحلول و الاتحاد و آونة بترك الفرائض و الرسوم الشرعية بزعم أنها لا تخصهم و أنهم الواصلون فلا تسري الأحكام عليهم و أمثال ذلك مما يدخل في دعوة أهل الابطان … و

لا يترددون في تسمية أنفسهم أنهم من أهل الباطن، و رجال الشرع و الدين من أهل الظاهر. فلا فرق بين هؤلاء و بين فرق الباطنية المتكتمة إلا أنها جاءت بشكل توهم أنها غير تلك. و أما السماع، و الرقص و ما يتعلق بهما من ناي أو عود فإنه تلاعب باسم الدين و لهو لا يرضي به اللّه اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَ لَعِباً وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا و غرهم باللّه الغرور. و في (رسالة ناصحة الموحدين و فاضحة الملحدين) للعلاء البخاري ما يبين عن أغراضهم و فيه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 163

رد عليه و علي محيي الدين ابن عربي و الحلاج. و الكتب عنهم و عن أضدادهم كثيرة جدا لا محل لاستقصائها …

و من الكتب المؤلفة في المولوية باللغة التركية (حديقة الأولياء)، منها رسالة خاصة (بالمولوية) و لعبد الغني النابلسي (العقود اللؤلؤية في الطريقة المولوية) كتبه باللغة العربية. و باللغة الفارسية نفس (المثنوي)، و (مجالس سبعه مولانا)، و (مكتوبات جلال الدين الرومي). و هذه كتبت باللغة الفارسية. و المخطوطات و المطبوعات في هذه الطريقة كثيرة جدا.

و هؤلاء توغلوا في المملكة العثمانية، و عمروا تكايا اصطادوا بها كثيرين، و نسبوا لشيوخها تصرفات و كرامات … إلا أن العرب لم تمض عليهم مغازي هؤلاء فكانوا في دائرة ضيقة لم تلبث أن زالت من العراق و لم يبق إلا اسمها …

و هذه الطريقة ثلاث شعب:

1- الچلبية.

2- القلندرية.

3- الددوية.

و في إيران الطريقة الجلالية تنسب إلي جلال الدين نفسه. و عندهم المثنوي لا يعادله كتاب. و هم كثيرون. و طبع المثنوي عندهم مرات.

جامع الصاغة أو جامع الخفافين و مدرسته:

يعرف اليوم ب (جامع الصاغة) أو (جامع الخفافين). و كان هذا الوالي قد عمره. و فيه

لوح كتب لمدرسته سنة 999 ه، و هو بخط الخطاط الشهير في ذلك العهد (قوسي البغدادي) و نصه «إِنَّما يَخْشَي اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ … » لا يزال ناطقا بتاريخه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 164

يعد من الجوامع القديمة. و نسي اسمه الأصلي، فتضاربت الآراء فيه. و الصحيح أنه (مسجد الحظائر) من تأسيس أم الخليفة الناصر لدين اللّه العباسي. و المدرسة في هذا الجامع قديمة. و يرجع تاريخ تجديدها إلي هذا العهد. و اللوح المذكور يشير إلي ذلك. و التعميرات الجديدة من عمل آل الپاچه چي. و التفصيل لا يسعه هذا المقام. و التولية علي الجامع اليوم بيد آل مصطفي سليم.

دار القري:

هذه من عماراته أيضا دامت إلي ما بعد السلطان مراد الرابع.

ذكرها أوليا چلبي في رحلته. و لم يبق لها الآن أثر. قال أوليا چلبي إنها لا تزال موجودة أي في أيامه إلي سنة 1067 ه، و لا شك أنها دامت إلي ما بعد هذا التاريخ.

عزل الوالي:

ثم إن هذا الوالي انفصل عن ولاية بغداد و لم يعرف عنه أكثر من أنه حارب العجم، أراد أن يستفيد من حالة إيران المضطربة فلم يتمكن أكثر مما أشير إليه. و بعودته صرف جهوده للعمارة فبني الخان و توابعه.

و لروحي قصائد فيه مذكورة في ديوانه.

حوادث سنة 1000 ه- 1591 م

والي البصرة

جاء في سجل عثماني ج 3 «أن سنان باشا ولي البصرة سنة ألف و عزل منها سنة 1001 و كان رئيس بوابين أيام محمد باشا الصوقوللي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 165

و قد استشهد في الحرب سنة 1007 ه و هو أمير أمراء مرعش. و هذا لم تتعرض له نصوص التواريخ الأخري.

حوادث سنة 1001 ه- 1592 م

الوالي جعفر باشا

و في هذه السنة قد ولي بغداد (خادم جعفر باشا). قال فيه صاحب گلشن خلفا إنه حكم ايالة تبريز لمدة ثماني سنوات فكانت مساعيه هناك مشكورة، و له حروب مع إيران مشهورة. فأنعم عليه السلطان بمنصب بغداد.

حوادث سنة 1002 ه- 1593 م

عهدي البغدادي

في سنة 1002 ه توفي عهدي الشاعر الكاتب المؤرخ المشهور، ابن شمسي البغدادي المذكور في حوادث سنة 975 ه. و أكثر ما عرف برحلته العلمية إلي استانبول (گلشن شعرا) المسماة (تذكرة أرباب الصفا)، و فيها أبدي من المقدرة و العلم الغزير، و الانتباه القوي في نعوت الأدباء و العلماء، و رجال الدولة باستانبول كما أنه عرف بوالده، و ببغداديين كثيرين. عندي نسخة مخطوطة منها، و كذا في المكتبة العامة باستانبول نسخة أخري. و الترك اليوم يعولون عليها في تراجم المعاصرين ممن عرف بهم.

إن المؤلف ذهب إلي استانبول سنة 960 ه و عاد إلي بغداد سنة 971 ه و اتصل في طريقه بمختلف الطبقات و استطلع ما عندهم من علم و أدب و فضل. عاشر ضروب الناس من أرباب المشارب فلم يترك شيخا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 166

إلا تحري ما لديه و لا شابا إلا سبر نياته، و لا أرباب المناصب إلا أخذ من معارفهم و لا أهل التصوف إلا اقتبس منهم فحصل من المعرفة صنوفا، و من العلوم أنواعا فوقف علي ما عند أهل الدنيا، و ما في خزائن أهل الزهد و التقوي من رجال الآخرة …

وصل إلي استانبول فرأي فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت … و بين أنه لم يتمكن من تدوين كل ما رأي من فضل و أدب جم، و معرفة غزيرة. فكانت هذه- كما قال- عجالة سريعة. و نزرا

قليلا تنبي ء عن معين لا ينضب.

اكتسب ما اكتسبه من مجالسة الشعراء المجيدين، و الأمراء الكرام و من معاشرة العلماء الأبرار، و من مصاحبة أهل الفصاحة و البلاغة من عنادل البيان، و من الاطلاع علي أغاريدهم اللطيفة. كل ذلك بطريق المحادثات، أو المطارحات الشعرية، أو المذاكرات العلمية …

و في هذه كان طالبا متتبعا لازم القوم حتي أتقن لغتهم و تمكن أن يحذو حذوهم حتي صار كأحدهم بل صار فريدا في الشعر …

و في سنة 971 ه دعاه داعي الوطن وحبه من الإيمان فقال في التشوق إلي بغداد:

دل از طوربتان روم چون عهدي پريشانست هواي ديدن بغداد و خوبان عجم دارد

يقول إنه مغرم بجمال الروم إلا أن هوي بغداد و الشوق إليها و إلي الحسن الفارسي ملك زمام لبه و أخذ بمجامع قلبه فمال به. و قال:

- إنني عزمت علي العودة فدونت ما خطر لي من خواطر و ما عن لي عن السلاطين العظام، و العلماء الفخام، و أرباب الدولة و الشعراء الأخيار مما جري في مجالسهم و ما عرفته عنهم و ما اقتبسته من صحبتهم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 167

فجعلته في أربع روضات أكتبها حسب الطاقة و أجمعها من أوراق متفرقة …

جعل الروضة الأولي في بيان صفات السلطان العادل و أبنائه ذوي الخصال الجميلة، و الروضة الثانية في علماء زمانه العظام و الموالي الكرام و المدرسين النبلاء، و الروضة الثالثة في الأمراء و الدفتريين و منتخبات أشعارهم، و الروضة الرابعة في مشاهير الشعراء مرتبا لها علي ترتيب حروف الهجاء مع ذكر نتف من أشعارهم.

و في هذه الروضات أورد مقدارا وافرا من شعره … ثم إنه قدم كتابه إلي السلطان متوسلا قبوله. قال:

جمع أيدوب أرباب

نظمي ايتدم أول سلطانه عرض عادت أولمشدر صونر بنده شه دورانه عرض

خاكپايندن بتر مقصودي أرباب دلك نوله صونسه خاكپايه عهدي فرزانه عرض

و المؤلف لم يكتف بذكر رجال الروم و علمائهم بأن تعرض للبغداديين ممن نبغ في أدب أو علم و أضاف ترجمة والده شمسي البغدادي و بعض من لهم به لحمة نسب أو اتصال أدب و كثيرين ممن لا يزالون في خفاء عنا أو لا نعلم عنهم شيئا كثيرا، أو أكثر مما بينه بل لم يقف عند تاريخ هذه التذكرة و إنما زاد عليها. و تجاوز التاريخ المرسوم لها.

و هذه قائمة بأسماء من ذكرهم مع بيان نتف يسيرة عنهم:

1- داعي: بغدادي المولد و في الأصل من الفرس المدرسين. ذكر في كشف الظنون له ديوانا.

2- حقيقي بك: من الأمراء ولد ببغداد و اسمه مصطفي و هو ابن عم عثمان بك ترك بغداد أيام خضر باشا سنة 963 ه لمنافرة حدثت بينه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 168

و بين الوالي و كان (قوللو أغاسي)، و من أمراء الألوية. له شعر في الفارسية و التركية.

3- فكري بك: ولد ببغداد و هو من البيكات الممتازين. أبوه سنان الطويل الذي كان في خدمة السلطان ثم صار واليا ببغداد، و له أشعار في اللغات الثلاث. فقد بين عهدي أحد أولاد سنان باشا المترجم، و لم يعرف له ذكر في المؤلفات الأخري. و سيأتي ذكر ابن سنان الطويل أعني سنان باشا و هو (محمود باشا) الذي تنسب إليه (المحمودية).

4- سليمان أفندي: من العلماء دخل في سلك الحكومة فقام بوظائف كثيرة. ثم صار دفتريا ببغداد. شاعر و أديب.

5- أكرم بك ابن قايتمز بك: من بغداد و أصل نسبه من قره قويونلي. ابن

عم علي باشا والي بغداد. شاعر في اللغات الثلاث صاحب عهدي في الآستانة.

6- محمد بك. من غلمان السلطان سليمان. عين دفتري تيمار اتخذ لقب (فيضي) عنوانا له. مشهور في النظم و النثر.

7- أحمد الحريري من العلماء بغدادي، و هو صوفي مشهور.

8- أحمد ظريف، بغدادي، ينتسب إلي العالم المشهور المولي محمد الشيرازي.

9- آتشي: بغدادي من أرباب الصناعة و هو شاعر.

10- جوهري: بغدادي و هو السيد حسني شاعر أيضا.

11- ابن رفيق: من بندنيج دخل في السپاه ببغداد و هو صوفي شاعر ذهب إلي بلاد الروم عدة مرات.

12- حسيني: من أعيان بغداد و من عشاق المتصوفة. توفي سنة 985 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 169

13- خادمي: بغدادي من محلة قنبر علي شاعر صوفي.

14- ذهني چلبي: بغدادي اسمه عبد الدليل شاعر اشتهر بالموسيقي.

15- روحي البغدادي: أشهر من قفا نبك شاعر معروف اسمه عثمان. رومي الأصل و من مماليك اياس باشا والي بغداد. ولد ببغداد و تزوج فيها. دخل في المتطوعين و توفي سنة 1014 ه و ديوانه مطبوع يأتي ذكره.

16- ضائعي: بغدادي من أهل العلم. ثم مال إلي الشعر بكليته.

17- طرزي: من أهل دزفول. ورد بغداد بأمل السياحة و لكن طاب له الوطن فأقام و هو صديق حميم لعهدي. و يعد من حلالي المشاكل في الآداب.

18- فضولي البغدادي: هو محمد بن سليمان شاعر مشهور في الفارسي و التركي و العربي اشتهرت دواوينه. توفي بالطاعون سنة 963 ه و في كشف الظنون سنة 971 ه. مر الكلام عليه.

19- فضلي بن فضولي البغدادي: شاعر كوالده.

20- كلامي: كربلائي شاعر صوفي كان في الخانقاه في مشهد الحسين (رض) نزعت نفسه إلي التطلع إلي العالم و مشاهدة الأقطار.

يعرف (بجهان دده) و الظاهر

أن آل الدده في كربلاء الآن ممن يمتون إليه و الخانقاه لا يزال في أيديهم. و هم في الأصل من البكتاشية.

21- نادري: بغدادي الأصل سكن الموصل و هو شاعر أيضا.

22- محيطي: من القضاة ولد في جزيرة رودس. و درس العلوم عن بوستان زاده محمد چلبي من الموالي العظام تولي النيابة في الشام و أدرنة و الأستانة أمدا طويلا. و قد تقلب في مناصب شرعية حتي صار

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 170

قاضي الفيلق. و له وقوف علي العلوم العربية و شعر لطيف و عين ابنه أحمد أفندي دفتريا لبغداد سنة 996 ه. ذهب لزيارة مشهد الحسين (رض) و نظم قصيدة في الغزل قدمها للحضرة. شعره في الغزل معروف.

و مقطعاته جميلة رقيقة و له (فتح نامه) تتضمن وصف الحروب في الجبهة الشرقية. فكان ممن توطن بغداد.

23- نصرتي: من الفرس توطن بغداد مدينة السلام مدة طويلة و هو ابن أخت المولي الرازي الشيرازي. و كان يحفظ خيار الشعر.

24- و الهي البغدادي: من زمرة أرباب الأقلام. كان من أهل المعارف و العلوم. و سعي سعيه للتحصيل و له شعر لطيف رقيق.

هذا ما أمكن الاطلاع عليه في تذكرة عهدي من بغداديين.

أما عهدي فإنه شاعر أديب و مؤرخ. أما اطلاعه علي التركية، فمما لا نزاع فيه.. و كذلك يقال عن تضلعه في الفارسية. و لا ريب أنه يتقن اللغة العربية. فإنه عاش في محيط عربي.

ذكره مؤرخون عديدون كصاحب (قاموس الأعلام). و (صاحب سجل عثماني)، و (كشف الظنون) في مادة تذكرة الشعراء و (عثمانلي مؤلفلري) و غيرهم و بينهم روحي البغدادي ذكره في ديوانه و أطراه إطراء عاطرا. و كفي أن يعرف كتابه گلشن شعرا.

و يصح أن يعد من أول

السياحين العراقيين إلي بلاد الترك في عهد العثمانيين كتب رحلته العلمية فجاءت بأفضل المطالب و أجل المباحث و إن كانت ليست من نوع السياحات التي تعين موطن الحركة و القيام و القعود و الأيام و الليالي، و لكنه كتب كل ما أراد، و أوضح عن القطر التركي بل عن استانبول إيضاحا لم يسبق إليه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 171

حوادث سنة 1003 ه- 1594 م

الشيخ عبد اللّه الكردي البغدادي:

اشتغل بالعلوم أولا وفاق بها أقرانه ثم غلب عليه الحال و رمي كتبه في الماء و سلك الطريقة، نزل دمشق و عزيت إليه فيها كرامات. كذا قال صاحب خلاصة الأثر و بئس ما فعل. توفي سنة 1003 ه تقريبا.

حوادث سنة 1005 ه 1596 م

البصرة- حكومة افراسياب

مر بنا ذكر ولاة كانوا حكموا البصرة. أكثرهم لا نعلم عنهم شيئا مهما. و من هؤلاء الولاة (علي باشا) حكمها إلي سنة 1005 ه و أن وقائعها خلال الحكم العثماني متقطعة فلم تصل إلينا تامة، بل بقيت في غموض فالمدونات عنها قليلة جدا تكاد تكون معدومة و غاية ما نعلمه أنها بيد المتغلبة و ليس للوالي أمر أو نهي إلي أن انتزعت تماما … أما بعد هذا التاريخ فقد وصلت إلينا وثائق مهمة مثل (زاد المسافر و لكنة المقيم و الحاضر) و (منظومة في آل أفراسياب) في تاريخ وقائعهم الأخيرة و فيها مطالب مهمة، و كذا (كتاب قطر الغمام) و وقائع تاريخية مفرقة في كتب كثيرة كلها تبحث في أيام تغلب هذه الإمارة علي البصرة. أما العثمانيون فلم يتعرضوا إلا لما وقع في أيامهم و لا يهمهم غير ذلك …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 172

و من مطالعة هذه الوثائق تبين أن والي البصرة (علي باشا) باع البصرة بدراهم معدودة إلي أفراسياب و مضي لوجهه و لم يذكر عنه العثمانيون شيئا يستحق التدوين سوي هذه الصفقة الخاسرة.

يقال إن أفراسياب كان كاتبا للجند المحافظ في البصرة. و إن الأهلين قاطعوا و اليهم، و أضربوا عن الاختلاط به أو الرجوع إليه، و بسبب ذلك قلت مداخله و عجز عن القيام بأرزاق الجند و أقواتهم فلم ير بدا أن يبيع البلدة من أفراسياب بثمانية أكياس رومية و كان

الكيس ثلاثة آلاف محمدية علي أن لا يقطع اسم السلطان من الخطبة فرضي بذلك أفراسياب و اشتري البصرة و ذهب حاكمها إلي استانبول سنة 1005 ه.

و من العبث في حال كهذه أن نلتمس لهذا المتغلب أصلا بعد معرفة الطريقة التي توصل بها أو أن نركن إلي الأقوال في ذلك فهو عصامي حصل علي الحكومة و صارت تدعي باسمه (الافراسيابية) أو (السيبية)، و تنسب إليه بعض العمارات مثل (السيب) و لم نعرف عن حاله السابق أكثر من أنه (ديري) نسبة إلي نهر الدير من أنهار البصرة في شماليها، فاستخدم كاتبا للجند إلا أن صنائعه لم يكتفوا بذلك و إنما استنطقوه، أو أخذوا إشارة من بعض أخلافه فبنوا عليها و قالوا إنه من آل سلجوق. و المتزلفون كثيرون في كل حين. و نسبه إلي آل سلجوق عبد علي الحويزي في كتابه (قطر الغمام)، فهو بصري و عندي أنه لما كان بصريا فالافتخار به أولي من إلصاقه بآخرين من الأجانب. و قال الحويزي إن نسبته إلي الدير باعتبار أن أخواله من هناك.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 173

و المطلوب بيان أعماله، و ما قامت به أسرته من الحضارة أو التخريبات و لا يهمنا ما يتوسل به رجال هذه الأسرة أو المتزلفون لهم من الانتساب إلي أكبر أسرة، أو أعز قوم، أو أشرف قبيلة في حين أن المؤسس إنما قام بمقدرة ذاتية، و مواهب نفسية. و لم يكن المعول عليه النسب في أصل تسنمهم المكانة الرفيعة.

و المعروف عن هذا المؤسس أنه راعي رغبة الأهلين في الأمور النافعة و نشر العدل و العلم فقوي سلطانه و زادت شوكته فحبب نفسه من الأهلين، و فتح القبان. و كان يحكمه رجل

يقال له (بكتاش آغا) فانتزعه منه و قضي علي نفوذ (حاكم الدورق) و هو بدر ابن السيد مبارك و (حاكم الحويزة) السيد مبارك اللذين صار لهما شأن استفادة من ضعف حاكم البصرة. فلما تمكن أفراسياب قضي علي أمثال هؤلاء أو تمكن من فتح أكثر الجزائر، و كذا امتنع من إعطاء الجوائز إلي السيد مبارك و هي رسوم كان يأخذها و كذا رده عما كان يأخذه من شط العرب من القسم الشرقي منه. و استمرت حكومته لمدة سبع سنوات ثم خلفه ابنه (علي باشا) و لم نعثر علي تفاصيل كافية عن أيامه و علي كل تصادف زمن تأسيس حكومة و تنظيم إدارة فلا يؤمل منها أكثر مما عرف عن والده. و يأتي بنا ذكر حوادثهم في حينها.

حوادث سنة 1006 ه- 1597 م

الوالي الوزير حسن باشا

قال في جامع الدول: «في هذه السنة (1006 ه) خرج خارجي من جانب البصرة يقال له السيد مبارك فاجتمع إليه جمع عظيم من أوباش العرب و العجم فنهبوا البلاد و أفسدوا فيها و لما عرض ذلك إلي الباب العالي وجه ايالة بغداد إلي الوزير حسن باشا بن محمد باشا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 174

الطويل (الطوپال) و أمر بدفع غائلة الخارجي و أرسل إلي صوبه» ا ه.

و في فذلكة كاتب چلبي في حوادث سنة 1006 ه اختير هذا الوزير لمنصب بغداد في أوائل شهر رمضان من هذه السنة، و صار سردارا علي الأمراء و الجيش في شهرزور و في الحدود لما قام به السيد مبارك من أعمال نهب و إفساد فتجاوز علي أنحاء البصرة، و سواحل الأحساء و حدودها ليقوم بدفع غائلته، و كان أهل تلك الأصقاع استمدوا من شاه العجم، فكان ضرر جيشهم أكبر، فاستعانوا بالدولة العثمانية.

و

في ذي الحجة من السنة المذكورة كتبت الدولة العثمانية لشاه العجم لدفع غائلته إلا أن صاحب الفذلكة أسدل الستار عن النتائج.

و السيد مبارك هذا هو أمير المشعشعين و له ابن اسمه السيد بدر ولي الدورق، و منهم السيد خلف ذكرهم أبو البحر الخطي في ديوانه.

و مثله في تاريخ نعيما. بين أن حسن باشا عهد إليه بوزارة بغداد في رمضان هذه السنة و عين سردارا علي الأمراء و العساكر في بغداد و شهرزور و في الثغور اختير لدفع غائلة السيد مبارك الذي عاث في أنحاء البصرة بجموعه فانتهب قري البصرة و الأحساء و أحدث فيها ضررا كبيرا و أدي إلي قتل نفوس بريئة في القري و القصبات و البنادر فكانت الخسائر فادحة … و زاد صاحب سجل عثماني أنه أي الوالي الابن الكبير

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 175

لمحمد باشا الطوپال (لا الطويل) الصوقوللي ولي بغداد سنة 1006 ه و عزل سنة 1012 ه و قتل سنة 1513 ه في حرب قره يازيجي من الجلالية و كان چلبيا، شجاعا، ميالا إلي الأبهة، بني في بغداد (جامعا و رواقا). و له كرسي من فضة يجلس عليه، ذو أزهار و أشجار صناعية …

و في گلشن خلفا أنه سنة 1004 ه عهد إلي الوزير حسن باشا بحكومة بغداد و أكثر التواريخ علي أن ولايته كانت سنة 1006 ه.

و في ديوان روحي البغدادي قصيدة في مدح الوزير حسن باشا.

ليس فيها تاريخ.

حوادث سنة 1008 ه- 1599 م

جامع الوزير

بني حسن باشا الجامع المعروف باسمه و يقال له (جامع الوزير) و لا يزال معروفا بهذا الاسم، و بعد تلك الوقائع عاد إلي بغداد و بني الجامع سنة 1008 ه. مكتوبا عليه بخط قديم أنه عمره الوزير حسن

باشا بن محمد باشا، و (تاريخ الجامع) يعين أن ذلك كان سنة 1008 ه و الظاهر أنه تاريخ تمامه.

و المشهور أن هذا الوزير عمر الجامع من أموال التجار المنتهبة من الأعراب، كانوا هاجموا سفن التجار ثم استحصلت منهم. اختلطت فلم يعرف أصحابها و لم يستطيعوا أن يعينوها و باقتراح منهم علي الوزير طلبوا أن يعمر جامعا بها فعمر هذا الجامع من أموال التجار و سمي باسمه. أنقل هذا الخبر عن المرحوم السيد محيي الدين الگيلاني عن والده المرحوم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 176

فخامة السيد عبد الرحمن أفندي الكيلاني نقيب الأشراف ببغداد.

و هذا نص ما كتب في باب المصلي:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. عمر هذا المسجد في أيام خلافة خليفة الرحمن السلطان ابن السلطان، السلطان محمد خان ابن السلطان مراد خان خلد اللّه ملكه و سلطانه. صحب البناء و الإنشاء الغازي الوزير حسن باشا ابن الوزير المعظم المرحوم محمد باشا في سنة 1008 من الهجرة النبوية علي صاحبها أفضل الصلاة و التحية» ا ه.

و الآن لم يبق من هذا الجامع إلا منارته القائمة و رقعته الواسعة.

و لم يعمر بعد. و هذا الجامع لا علاقة له بحسن باشا المذكور في تاريخ مساجد بغداد للأستاذ الآلوسي في صفحة 31 فإن تلك الصفحة في (جديد حسن باشا) الذي مر الكلام عليه باسم (الجامع السليماني).

و أصل هذا الجامع من بناء الخليفة المستنصر باللّه العباسي. و يسمي ب (المسجد ذي المنارة). و في كتابنا (المعاهد الخيرية) تفصيل عنه في ما جري عليه من تعميرات، و ما ورد فيه من نصوص.

كاخ بهشت:

و هذا الوزير مائل إلي استخدام الحشم و الأعوان بحيث

يضارع الملوك في أبهتهم و سائر أوضاعهم فهو معجب بنفسه و معروف بالچلبية و الشجاعة. و لما كان واليا ببغداد اتخذ له سريرا فخما بقيمة أربعين ألفا أو خمسين ألف قرش، سماه (كاخ بهشث) و زينه بأشجار و أثمار من فضة خالصة مما جعل الناس في حيرة من أمره …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 177

جامع الصاغة (مسجد الحظائر)- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 178

ترجمة كتاب مناقب الكردري:

و في أيامه كان مفتي بغداد المولي حسين ابن الحاج حسن الأدرنوي و برغبة من حسن باشا الوزير ترجم إلي التركية مناقب البزازي المعروفة بمناقب الكردري و هو الإمام محمد بن محمد الكردري المعروف بالبزازي المتوفي سنة 727 ه و كتابه المناقب عربي طبع في الهند مع مناقب الموفق. و هذا في أبي حنيفة (رض) و تاريخ حياته.

حوادث سنة 1011 ه- 1602 م

أمير قشعم

أظهر العصيان أمير قشعم فحاربه والي بغداد محمد باشا و انكسر عسكر بغداد. هذا ما ذكره صاحب عمدة البيان في تصاريف الزمان إلا أننا لا نعرف واليا ببغداد لهذا التاريخ بهذا الاسم. نثبت ما ذكره هنا.

و لعل النصوص الأخري تعين ذلك، و كذا ما ذكره عن خان چغاله بين أنه بناه سنان باشا ابن چغاله سنة 1013 ه و هذا ليس بصواب قطعا.

و ذكر أنه بناه للينكچرية.

عزل الوالي:

عزل هذا الوالي. و اختلف في تاريخ عزله. جاء في تاريخ نعيما أنه انفصل سنة 1008 ه و وجهت ايالة بغداد إلي طرنقچي حسن باشا فلم يذهب، ثم وجهت سنة 1009 ه إلي محمد باشا آل سنان باشا.

أما الوزير حسن باشا فإنه قتل سنة 1010 ه. و لم يعرف عنه سوي بناء الجامع، و شراء العرش لإظهار الأبهة و العظمة. كأن أمثال هذه تزيد من خشية الناس له، أو تكبر عقلا، أو ترمز إلي حسن تدبير، أو تعين اقتدارا. و الآراء أمثال هذه موجودة في صنوف من الناس. و ذكر صاحب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 179

سجل عثماني أنه عزل سنة 1012 ه إلا أننا نقطع ببطلان ذلك و الأمر المهم أن صاحب الفذلكة ذكر حربه لليازيجي الجلالي في حوادث سنة 1010 ه فمن المستبعد جدا أن نقبل ما ذكره صاحب سجل عثماني فقد ولي الشام قبل هذا ثم صارت الحرب.

إن حسن باشا بن محمد باشا الوزير ابن الوزير كان نائب الشام.

ولي في مبدأ أمره كفالة حلب، دخلها و لم يلتح أو لم تكمل لحيته، ثم ولي بعدها كفالة الشام سنة 985 ه و عزل عنها و ولي ولاية أناطولي (الأناضول) ثم ولاية أرزن الروم. و كان

الوزير الأعظم فرهاد باشا سردارا علي العساكر العثمانية لغزو العجم فاجتمع به في ولايته المذكورة و وقع بينهما أمور طويلة بسبب أن فرهاد باشا كان بني بعض القلاع في ديار الشرق و دفع حساب كلفته عليها في دفتر و طلب من بقية الأمراء إمضاء ذلك الدفتر فمنهم من أمضاه و منهم من رده و كان صاحب الترجمة ممن رده و عرض علي السلطان أن المبلغ الذي رفع حسابه فرهاد باشا ليس كما ذكر. (و علي هذا) بادر صاحب الترجمة إلي الرحيل فرحل إلي دار السلطنة. (و حينئذ) أقبل السلطان عليه و ولاه الشام للمرة الثانية و كان ذلك في حدود سنة 977 ه و استمر بها حاكما مدة تزيد علي سنتين. ثم عزل و أعيد ثالثا.

و لما عزل صاحب الترجمة عن الشام في هذه المرة سافر إلي دار السلطنة و تقلبت به الأحوال إلي أن صار حاكما في بلاد الروم و استمر هناك و نسبوا إليه في حكومته أمورا لا أصل لها فورد حكم سلطاني بقتله فلم يسلمه العسكر للقتل ثم حضر بعد ذلك إلي جانب السلطنة و بحث عن أصل الحكم الذي ورد بقتله فلم يجد له أصلا. و لم يزل يحاول الخروج من القسطنطينية حتي أعطي ولاية بغداد و ما يليها من بلاد عراق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 180

العرب. فذهب إليها بعسكر جرار و دخلها بأبهة عجيبة و أظهر فيها من الحجاب ما لم يعهد لمثله و لم يزل بها حاكما حتي حدثته نفسه بحفر نهر أخذه من دجلة فأجراه يسقي أماكن كثيرة قيل إن محصولها يزيد في السنة علي عشرين ألف دينار ذهبا. و حدث بينه و بين العسكر العراقي

أمور أدت إلي أن عرض أمرهم علي الحضرة السلطانية فأمروه بالخروج من بغداد فخرج منها خائفا من شق العصا و أقام بالموصل أياما ثم نازلهم منازلة المحارب إلي أن جاءه الأمر بالانفصال بعد أن نهبت جماعته فتوجه إلي ديار بكر فبينا هو فيها إذ بالأمر السلطاني جاءه أن يصير اصفهسلارا (أصله سپهسلار بمعني قائد عام) علي العساكر و يذهب لقتال عبد الحليم اليازيجي الباغي الناجم في نواحي سيواس هو و الطائفة الكيانية.. (فكانت النتيجة) أن قتل في توقات. في سنة 1012 ه.

و قال في (عمدة البيان في تصاريف الزمان) عن حسن باشا ما نصه:

«و هو لما ولي بغداد أجري شعبة من الدجيل، فكان محصولها عشرين ألف دينار» ا ه. ذكر ذلك في حوادث سنة 1012 ه.

و لم يتعرض صاحب گلشن خلفا لهذا الحادث فجاء هذا النص موضحا لما في خلاصة الأثر.

و تاريخ نعيما يفيد أن حسن باشا عين سردارا للقيام بتنكيل عبد الحليم قره يازيجي و الجلالية سنة 1008 ه و لعله تأخر قليلا و ذهب … و هذا هو الأجدر بالقبول، و أن تاريخ العراق غامض من هذه الناحية فلم يعرف بالضبط تاريخ الولاة و لا تاريخ ولايتهم و لا أيام عزلهم.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 181

و في هذه النصوص كلها ما يوضح الوضع أكثر، و يدل بصراحة علي أن الأخبار جاءتنا مبتورة ناقصة … و قد انكشف نوعا بعض الغموض و إن كان هذا المؤرخ أيضا لم يعين تاريخ ولايته علي بغداد و لا تاريخ انفصاله منها. و لعل الصحيح ما بينه نعيما في تاريخه لاستقائه من المنابع الرسمية.

حوادث سنة 1012 ه- 1603 م

الوالي صارقجي مصطفي باشا

هذا ولي بعد الوزير حسن باشا. و الظاهر أنه طرناقجي حسن باشا

و أن صاحب السجل قال عن صارقجي: «تربي في البلاط فصار رئيس البوابين (قپوچي باشي) ثم نال منصب سلحدار. و في 17 ربيع الأول سنة 1005 ه ولي رياسة الينكچرية، و بعد مدة قليلة ولي إمارة وان، ثم صار واليا علي بغداد. و بعد ذلك انفصل منها و جاء الآستانة توفي في شعبان سنة 1011 ه. و قال مشتهر بسوء الاعتقاد» ا ه. و الملحوظ هنا أن صاحب گلشن خلفا أورد شعرا جاء تاريخه (باغ داد) و من مجموع حروفه يتحصل لنا تاريخ (1012) ه و نراه الصحيح اللائق بالقبول و هذا هو والد محمد باشا الطيار. توفي ببغداد و دفن في الأعظمية و ابنه كانت له الأعمال المجيدة في تسهيل الفتح.

وفاة افراسياب:

في هذه السنة تخمينا توفي أفراسياب مؤسس الإمارة الأفراسيابية في البصرة ذكرنا أعماله و بينا أنه كان همه مصروفا إلي تثبيت الملك و تقوية دعائم الاستقلال في البصرة. أما خلفه ابنه (علي باشا) فقد وجد البناء ثابت الأساس فحول وجهه نحو العلوم و الآداب فنالت في أيامه نشاطا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 182

ابن الطويل:

جاء في تاريخ (عيون أخبار الأعيان) في وقائع سنة 1012 ه ما نصه:

«في هذه السنة- سنة 1012 ه- 1603 م ظهر في بغداد محمد بلوك باشي بن أحمد الطويل و استقل بحكومتها، فسار لإزالته والي ديار بكر نصوح باشا مع أربعين ألف مقاتل فبرز إليه ابن الطويل، فتصافا خارج بغداد، فكان الفرار نصيب نصوح باشا. ثم إن كاتب ابن الطويل محمد أفندي دبر قتله بيد زوجته، فجلس مكانه أخوه مصطفي بك …

فأرسل السلطان لإزالته الوزير محمود باشا ابن جغال» ا ه.

و من هنا يفهم أن تاريخ ظهوره في تلك السنة و أن مصافه، و مقاتلته نصوح باشا كان في سنة 1015 ه.

قال في گلشن خلفا:

«كان بلوك باشي أي رئيس كتيبة الخيالة و بسبب سوء إدارة الحكم تغلب و حكم بالاستقلال … » ا ه.

و الملحوظ أن صاحب گلشن خلفا ذكر هذا الحادث سنة 1017 ه، و بين أنه انتصر علي نصوح باشا بسبب خيانة السكبانية.

و إن محمد چلبي باني تكية المولوية غدر به فقتله و نصب أخاه مصطفي مكانه. و لعل واقعة نصوح باشا كانت في تلك السنة التي ذكرها صاحب گلشن خلفا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 183

حوادث سنة 1014 ه- 1605 م

روحي البغدادي

أصل نسبه من الروم إلا أن والده كان من مماليك أمير أمراء بغداد اياس باشا، التحق بجيش المتطوعين ببغداد، و أن ابنه روحي و اسمه عثمان ولد ببغداد فنعت بالبغدادي و أن خلقه مرغوب المحبين، و وجوده طاهر، و ذهنه مستقيم قوي، و بلاغته روضة أريضة، و له نظم جميل منعش، و معرفة لا توصف … غني بالشعر فبرع فيه. و صار يغرد فيه الأدباء فله طبع شعري لا يزاحم، و فيه رقة لا تقدر

… اتفقت الكلمة علي حلو ألفاظه، و حسن انسجام أسلوبه سواء في التركية أو في الفارسية فقد برع في النظم باللغتين … و قد طبع ديوانه التركي سنة 1287 ه كما أن عهدي أورد له جملة من المختارات. نال شعره رغبة فائقة و لا يزال معتبرا حتي أيام عهدي دون عنه في تذكرته. أورد له ضيا باشا في كتابه (خرابات) موشحه المسمي ب (تركيب بند) و عارضه بآخر مثله.

و قال فيه صاحب (قاموس الاعلام) إنه شاعر جذاب، و من مشاهير شعراء القرن العاشر و تركيب بنده مشهور معتبر. و له ميل إلي السياحة يتجول دائما. ذهب مرة إلي الاستانة ثم مضي إلي قونية و منها إلي الشام فتوفي هناك عام 1014 ه.

و قال صاحب خلاصة الأثر: «روحي الشاعر البغدادي المشهور، كان من أعاجيب الدنيا في صنعة الشعر التركي، له التخيلات اللطيفة، و الألفاظ الرشيقة، و ديوانه مشهور، يوجد كثيرا بأيدي الناس و كان علي أسلوب السياح، و له في سياحته ما جريات و وقائع كثيرة، و استقر آخر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 184

أمره بدمشق … كانت وفاته سنة 1014 ه» ا ه.

و لا مجال لذكر ما قيل فيه سوي أننا نقول مع الاعتراف بقدرته الشعرية إنه تصوفي بكتاشي كما يستفاد من قصيدته (قصيده حقيقت انگيز) و من عرف مرامي القوم يقطع بأنه من الحروفية … و لا شك أنه حفظ لنا بعض الوقائع التاريخية و عين لنا أن هناك ولاة لم يذكرهم المؤرخون مثل سليمان باشا حاكم بغداد فإنه مدحه في قصيدة و لم نقف علي ترجمة له … و المهم أكثر في ديوانه أنه عرفنا بعصبة أدب و شعر ليس في أيدينا

من آثار توضح عنها، و ذلك أنه كتب قصيدة من الشام أرسلها إلي رفقائه في بغداد يسأل عن كل واحد منهم. خاطب بها النسيم فجعله رسوله إليهم … حفظ بها ما اندثر أو كاد يندثر.

و ممن ذكرهم (في تلك القصيدة الأدبية):

1- كشفي: أمير الكلام و زبدة الأفاضل.

2- طبعي: صاحب ديوان. و له طبيعة عالية.

3- داعي: ظهير أهل الكمال، و مقري ء القرآن. و هذا مذكور في گلشن شعرا لعهدي البغدادي.

4- فيضي: ذو الذوق، و صاحب الفيض من رجال عهدي.

5- حسن بك الدفتري: لروحي قصيدة في رثائه …

6- أحمد الحريري: من رجال تذكرة عهدي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 185

7- عبد الرحيم: الفائق في الفارسية القديمة.

8- سلمان: الذي ليس له نظير في الفارسية. من رجال التذكرة.

9- كلامي: في كربلاء، منطيق بارع، و عارف وحيد في العالم.

مر في التذكرة.

10- مهدي: عندليب روضة العرفان. الماهر في الغزل.

11- فضلي: مؤرخ الكون. و الظاهر أنه بقي حيا لما بعد عهدي و روحي.

12- رندي: أستاذ في فنون الشعر، نابغة في اللطائف.

13- خاكي بك.

14- طرزي.

15- منلا شريف: شريف الذات و خطاط ماهر.

16- أميني: من المغرمين بفغاني، و له مباراة لقصائده.

17- جوهري: له في المآسي، و البكاء علي جور الزمان. من رجال عهدي في تذكرته.

18- نصرتي: متفوق في تركيب بند، و يأخذ بمجامع القلوب فيجعل سامعه متحيرا … مدون في التذكرة.

19- آتشي: له شعر يكاد يلتهب … من رجال التذكرة.

20- علمي: كامل في الغزل.

21- نقدي: مادح آل الرسول.

22- گاهي: متصوف.

23- حميدي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 186

24- فهمي: مولع في الصناعات الشعرية.

25- ندائي: صاحب غزل. و إنشاد بديع.

26- شيخي: درويش عاشق.

27- حزمي: قاري ء غزل، و مؤانس … رئيس الفقراء و هو مبتلي

بليلاه.

28- منلا حسن: من أهل الغم و البؤس.

29- قاسم علي: من أهل الذوق.

30- حسن سيرين: مولع ببنت العنب.

31- علي خان أكرمي: من إخوان الصفا.

32- محمدي.

33- عثمان: ورد في التذكرة.

34- الأستاذ أحمد.

35- ساقي.

36- مريدي.

37- حاجي.

38- ثاني.

و أعقب قصيدته التي عدد بها هؤلاء الفضلاء بأخري و لم نقطع في سبق إحداهما الأخري جاء فيها يطلب أن يبشره ريح الصبا عن رجال في بغداد و لعل فيها ما يكرر أسماء الماضين و لكنه يذكرهم بأسمائهم الصريحة لا بالمخلص أو علي العكس … و غرضه المداعبة معهم و بيان أوصافهم في نظره و إننا نذكرهم هنا حاذفين المكرر لعل في المستقبل يظهر ما يميط اللثام عن الجهالة …

1- عالي بك دفتري بغداد: هو صاحب مناقب هنروران و كنه الأخبار. مر الكلام عليه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 187

2- سليمان الموري.

3- محمود.

4- علي بك.

5- نعمان: قاضي بغداد.

6- محمد چلبي.

7- حكمي: مخلص صاحب الديوان.

8- محمد بك: فارس ميدان الشطرنج.

9- أهلي بك.

10- لمعي.

11- محمد دده.

12- علي فاقي.

13- محمد چاوش.

14- قني مصلي چلبي.

15- عهدي: هو صاحب التذكرة (گلشن شعرا).

و ممن ذكرهم من أعيان بغداد:

1- أحمد چاوش بياني زاده. رثاه بقصيدة (ص 66).

2- يوسف چلبي.

هذا و الديوان أثر نفيس، خالد، منبعث من روح أدبي وثاب. و قد أفردنا الموضوع في كتاب (تاريخ الأدب التركي في العراق).

ورد ذكر بعض رجال البكتاشية و هنا أبين تكاياهم المعروفة:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 188

تكايا البكتاشية

1- في كربلاء في صحن الإمام الحسين (تكية الددوات) و هي (تكية البكتاشية)، و توليتها بيد (آل الدده). لا تزال موجودة. و كانت بيد السيد الفاضل المرحوم حسين الدده مدة طويلة إلي أن توفي في صيف سنة 1948 م في خراسان

في المشهد الرضوي. و يرجع عهدها إلي أول الفتح العثماني و أن من مشاهيرها (كلامي) المعروف ب (جهان دده). و أن فضولي الشاعر ممن دفن فيها. و هناك مراقد آل الدده. و التولية منحصرة فيهم. و هم شيعة إمامية. و لا تعرف عنهم البكتاشية و لا اعتناق طريقتها.

فهم أصولية.

و هذه التكية من أقدم تكايا البكتاشية في العراق، و لم ينقطع اتصالها بالبكتاشية من الترك إلا بعد الحرب العامة الأولي لسنة 1914.

و زاد الانقطاع بإلغاء التكايا في الجمهورية التركية.

2- في (النجف) تكية للبكتاشية أيضا، و لا شك أنها ترجع في القدم إلي مثل تكية (كربلاء) إلا أننا لا نقطع في تاريخها لما قبل الفتح العثماني. و لعل الوثائق تظهر تاريخها، و تعين وقت تكونها مع العلم بأن الحروفية كانوا يعتقدون بأكابر رجالهم مثل فضل الله الحروفي. و كان في النجف في تكية البكتاشية الحاج السيد أحمد ويراني سلطان. و هذا معتبر عند البكتاشية و الكاكائية معا. ناله الظهور و رفع إلي السماء و صار أسدا. و لا تزال قلنسوته في هذه التكية موضوعة علي دكة يزورونها و يبدون لها غاية الاحترام و الخضوع. فهو من أكابر شيوخ البكتاشية. و لم يعين تاريخه، و لا شك أنه سابق للتاريخ العثماني بل إن تاريخ الحروفية يتحقق في تاريخ فضل الله الحروفي مؤسس الحروفية.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 189

لازم الخلوة و الطريقة في حضرة الإمام علي في النجف مدة طويلة فلا ريب أنهم يرجعون في طريقتهم إليه و هي لا تختلف عن البكتاشية بوجه.

3- في بغداد (تكية البكتاشية) كانت في محلة الجعيفر في القسم الغربي من البلد، و تسمي تكية خضر الياس، استولت عليها مياه دجلة، و

لم يبق لها أثر، و كانت رباطا أنشأه الخليفة الناصر لدين اللّه العباسي.

و التربة المجاورة له تربة سلجوقي خاتون بنت قلج أرسلان ملك الروم و هي الجهة السعيدة للخليفة.

كان تزوجها نور الدين محمد بن قرا أرسلان صاحب حصن كيفا.

فلما توفي تزوجها الخليفة الناصر. توفيت سنة 584 ه فوجد عليها الخليفة وجدا عظيما ظهر للناس كلهم. و بني علي قبرها تربة و إلي جانب هذه التربة بني الرباط و هو في محل يقال له الرملة في باب البصرة من جانب الكرخ من بغداد. بنيت بقربه قلعة الطيور (قلعة الطير). فلما دخل العثمانيون اتخذوا هذا الرباط تكية للبكتاشية. و تاريخ ما جري عليها أوضحناه في موطن غير هذا.

4- تكية بابا گور گور: للبكتاشية أيضا. و الآن زال أثر البكتاشية منها. كانت مسجدا فعادت كذلك. و هي ببغداد.

5- في داقوق (دقوقا) تكية يقال لها تكية دده جعفر. و لا تزال.

6- في كركوك تكية يقال لها تكية مردان علي، كما أن تلعفر و سنجار فيها الكثير من باباواتهم.

و من رجال هذا العهد في البكتاشية (فضولي الشاعر)، و (روحي البغدادي)، و (جهان دده) المذكورون و كلهم حروفية، و قد سبق أن ذكرنا عن هؤلاء، و عن الحروفية أيضا ما فيه الكفاية فلا محل لإعادة القول، و كان قصدنا هنا مصروفا إلي بيان الصلة بين البكتاشية و بين الحروفية.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 190

و يأتي الكلام علي كل تكية بظهور حادث معروف لها في حينه، فلا نعجل بالتفصيل، و قد أفردنا تكايا البكتاشية و طريقتهم بكتاب علي حدة.

طريقة البكتاشية

هذه الطريقة لم تعرف قبل دخول العثمانيين بغداد سنة 941 ه و الطرق في الأنحاء العراقية كثيرة. و في الأصل أسسها

أهل الصلاح من الأهلين و شاعت. و ترجع إلي العهود العباسية في قدمها، و لكن هذه الطريقة جاءتنا من الترك العثمانيين و هي خاصة بهم، فلم تعرف البكتاشية عندنا قبل ورودهم. و إنما كانت الحروفية معروفة علي يد فضل اللّه الحروفي و من كتبها جاودان، و علي يد نسيمي البغدادي و أتباعه …

و طريقة البكتاشية في الحقيقة كانت طريقة زهد و تقوي، لم تدخلها البدع، و لا الابطان إلا من حين دخل الحروفية و الأخية بين صفوفهم.

و كان قد ألغي السلطان محمود الثاني تكايا البكتاشية سنة 1241 ه عند ما قضي علي الينكچرية و لكن ذلك لم يتم إلا أيام رئيس الجمهورية التركية السابق المغفور له أتاتورك (مصطفي كمال)، فكان القضاء المبرم.

لم تنل هذه الطريقة رواجا في العراق و لا في البلاد العربية.

و مؤسسها الأصلي الحاج (بكتاش ولي) المتوفي سنة 738 ه. و الكلمة متفقة علي أنه كان من أهل الصلاح و التقوي، إلا أن الحروفية دخلوها فأفسدوها من جراء أن هؤلاء استغلوا شهرة بكتاش فمالوا إليها.

و بدخول العثمانيين تأسست في العراق، فاتخذت جملة تكايا فتمكنوا من تكوين طريقتهم في بغداد و الأنحاء العراقية الأخري، فتكونت لهم (تكية خضر الياس) و (تكية بابا گور گور). كان مسجدا، فصار تكية لهم. و تكايا أخري في النجف و كربلا و غيرهما.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 191

و هؤلاء أهل ابطان تستروا بالتشيع، و إن مؤلفاتهم التي عرفت لحد الآن تنبي ء عن أنهم من الغلاة دخلوا من طريق التصوف بل إن تصوفهم كان غاليا و في العراق ظهرت بعض حوادثهم. و تأتي في حينها. و عندنا من أهل العناصر القريبة منهم العلي اللهية، و الكاكائية، و القزلباشية،

و الباباوات، و لا يفرقون عن غيرهم إلا بما دخل هذه الطوائف من أمور دخيلة مما فرضه الرؤساء، و قد تكلمنا عليهم في كتاب (الكاكائية في التاريخ). و كلهم اليوم في قلة. و في كركوك تكية للبكتاشية يقال لها (تكية مردان علي)، و في دقوقا (تكية دده جعفر).

و هم في العراق لم يحدثوا تأثيرا كبيرا علي الأهلين بالرغم من وجود مؤسساتهم فهي ضعيفة الأثر. و لما كان بحثنا يتناول الموجود في هذا العهد فلا يسعنا أن نتناول كل تكية بحالها، و لا أن نتكلم علي (تكية باب گور گور) و لا ما حدث بعد هذا التاريخ.

اشتهروا في حكاياتهم التي ينددون بها بالأمور الشرعية، و الفرائض المكتوبة، و يقولون بترك الرسوم الدينية، و تتداول بين الناس هذه الحكايات يحفظها الكثيرون في مقام يعين وضعهم في شرب الخمر و سائر المنكرات و التهاون بالعبادات إلا أنهم يتظاهرون بأنهم اثنا عشرية و هم بعيدون عنهم، فأبطنوا ما أبطنوا. و لو لا ما قامت به السلطة من التنكيل بهم، أو القضاء عليهم فأدي إلي انتشار كتبهم لبقوا علي هذا التكتم مدة أطول.

و من أهم الكتب الموضحة لهذه الطريقة:

1- كاشف أسرار بكتاشيان. للخواجة إسحاق. و هذا يوضح أغراضهم و يرد عليهم. و هو من أجل الآثار في التعريف بهم، و بما يكتمون.

2- دافع المفاسد و كاشف المقاصد. و هذا رد علي سابقه. و فيه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 192

ما يبين مؤلفه أنهم مسلمون، و يتنصل مما عزي إليهم في كتاب كاشف أسرار بكتاشيان.

3- تاريخ البكتاشية. للأستاذ بسيم أتالاي. و يعد من أجل الآثار.

و بعد القضاء علي التكايا أيام المغفور له أتاتورك ظهرت آثارهم و تبين صدق ما أوضح

صاحب كتاب (كاشف أسرار بكتاشيان). و أن كتبهم (كتب الحروفية) و قد أوضحت عنها و قدمت قائمة بأسمائها، و عينت أوضاعها في المجلدات السابقة من (تاريخ العراق بين احتلالين) و لا تزال مخطوطات من مؤلفاتهم عندي و منها ولايتنامه. و بحث الترك العثمانيون كثيرا، و نشروا في بيان هذه الطريقة و أسرارها و ما تكتمت به، فوضح المبهم و لم يبق خفاء. و في دائرة المعارف الإسلامية بحث في البكتاشية.

و عندنا من العارفين بالآداب البكتاشية التركية الأساتذة بهاء الدين نوري، توفيق وهبي، أحمد حامد الصراف، و آخرون لا محل للتوسع في ذكرهم.

حوادث سنة 1015 ه- 1606 م

أحوال بغداد

من سنة 1012 ه إلي هذه السنة السنة (1015 ه) لم تتوضح وقائع الولاة، و لم تعرف بوجه القطع … و من النصوص التاريخية المتقدمة أن طرناقچي حسن باشا قد ولي بغداد بعد أن غادرها الوزير حسن باشا ثم عزل عنها و لا يعرف من خلفه … ثم عاد إليها مرة أخري و جاء في گلشن خلفا أنها وليها بعده صارقچي مصطفي باشا و أرخه في سنة 1012 ه.

و من ثم أسدل الستار عما وقع …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 193

طاعون في الموصل:

جاء في عمدة البيان في تصاريف الزمان أنه حدث في هذه السنة في الموصل طاعون خفيف امتد خمسة أشهر.

نصوح باشا- محمد بن أحمد ابن الطويل

و في 4 المحرم سنة 1015 ه توجه نصوح باشا إلي بغداد بأمر من الوزير الأعظم ليكون واليا علي بغداد، فصدر الأمر السلطاني بذلك.

و لما ورد قرب الفرات لقي في طريقه پيالة باشا المعزول من ولاية البصرة. و هذا بين له أن محمد بن أحمد الطويل قد أبرز أمرا مزورا و به استولي علي بغداد و تابعه الجيش الأهلي الذي تمكن من أن يستميله لجهته و أعلن ولايته فيها … و كان سبب تغلبه سوء التدبير الحاصل من الحكام فاستقل في بغداد.

و من ثم سارع الباشا إلي نصيبين فاستقبله حاكم الجزيرة مير شرف الذي كان أميرها عن وراثة و أمير أمراء الرقة و التزم أن يساعد الوزير في استمالة الأكراد و من ثم قدم نصوح باشا الخلع إلي كل من سيد خان و أمراء سهران من الأكراد، و كذا أمير العربان الأمير أحمد بن أبي ريشة و دعا الكل علي السفر إلي بغداد اتباعا للأمر السلطاني و أن يكونوا مع السردار نصوح باشا …

أما ابن أبي ريشة فإنه خدع القوم و قال لهم: امضوا لجهتكم و نحن نمضي من هذا الجانب و الملتقي في الجانب الغربي من بغداد. و هكذا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 194

فعل سيد خان و سائر الأكراد فكانت مواعيدهم غير صحيحة و أن الباشا توقف، في الموصل نحو أربعين يوما فلم يظهر أثر من أعمال أولئك … و بينا هو في حيرة من أمره منتظرا ما تأتي به الأخبار إليه إذ عثر علي كتاب من سيد خان أرسله إلي محمد الطويل

فقبض عليه و فحواه أننا تمكنا أن نؤخر نصوح باشا هذه المدة، و خذلنا أكراد سهران و منعناهم من الذهاب فعليك أن تثبت كالرجل الشجاع و العاقبة لك فلا تخرج بغداد من يدك، و أن تسعي جهدك.

فلما رأي نصوح باشا ذلك انفعل غاية الانفعال و ارتبك عليه أمره، كانت آماله قوية في الاستيلاء علي بغداد لولا هذه الخيانة فتعسر عليه الأمر … و حينئذ ورد إليه الأمر السلطاني بلزوم إقدامه و الذهاب لافتتاح بغداد فسار اضطرارا و كان معه أمير أمراء شهرزور ولي باشا، و پياله باشا و مير شرف، و لما وصل إلي إربل كتب أيضا إلي أمراء سهران و إلي سيد خان فلم ينل منهم مرغوبا و لم يلتفتوا إلي رسائله. و هكذا فسد عليه أمر طوائف التركمان الذين كانوا صحبوه فاستهووهم بالأموال و بان سوء قصدهم …

و الحاصل أن نصوح باشا اعتمادا علي مواعيد ابن أبي ريشة نزل في أنحاء بغداد في 3 شعبان سنة 1015 ه و كان هذا التاريخ موعد وصول ابن أبي ريشة المذكور فلم يظهر له أثر. أما ابن الطويل فقد جاء المدد من أتباعه و أعوانه و من ابن أبي ريشة و من سيد خان فدخل العربان و الأكراد بغداد و تحصنوا بها … و حينئذ خرج القوم من بغداد صفوفا لمقابلة نصوح باشا. و في هذه الأثناء تمكن ابن الطويل من إرسال ثلاثين ألفا من الدنانير إلي السكبانية ليكونوا معه فاستهواهم. و عند تقابل الجموع في 6 شعبان مال السكبانية إلي جهة البغداديين، انفصلت كتيبة منهم بصورة ظاهرة للعيان و التحق آخرون بناء علي أمر بيت ليلا و الباقون تفرقوا في الصحراء و انهزموا … فأصاب

الجيش و هن و ضعف. أما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 195

الأمراء فقد ثبتوا مدة تحاربوا في خلالها حربا و بيلة فاستشهد ولي باشا أمير أمراء شهرزور و جرح نصوح باشا بجرحين. و كان أكثر رجالهم من أتباع مير شرف فاستشهد أكثر أمرائهم …

و علي هذا انسحب نصوح باشا بمن بقي فعادوا إلي الجزيرة موطن مير شرف فاستراحوا هناك إلي نهاية الشتاء و عرضوا ما جري.

و لم تمض مدة حتي قتل ابن الطويل في بغداد.

و نصوح باشا هذا من قري كوملجنة دخل الحرم و صار من زمرة زلغلو بالطه چي و عين لخدمة أحد ندماء السلطان ثم خرج من الحرم إلي المتفرقة و صار مدة (ويودة) أي متصرفا علي ايالة زيلة ثم صار كهية البوابين سنة 1007 ه، ثم صار أمير آخور صغير ثم صار مير ميران حلب. ثم عين سردارا كرة بعد أخري لدفع غائلة الجلالية فانكسر منهم في كل مرة فولي بغداد فجري بينه و بين عسكر بغداد نزاع أدي إلي القتال ثم نقل إلي ديار بكر و بقي فيها مدة … و كان قد صالح الشاه عباس و رجع إلي دار السلطنة فدخلها في شعبان سنة 1021 ه و أكرم بمصاهرة السلطان و بقي في الوزارة إلي أن قتل في 23 رمضان سنة 1023 ه و كان مرتشيا، سفاكا، جبارا كذا قال عنه صاحب جامع الدول و ترجمته في خلاصة الأثر أيضا.

حوادث سنة 1016 ه- 1607 م

وفاة محمد بن عبد الملك البغدادي

«هو محمد بن عبد الملك البغدادي الحنفي، نزيل دمشق الشام.

الشيخ الإمام المحقق. كان من كبار العلماء خصوصا في المعقولات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 196

لوح بخط قوسي البغدادي في جامع الصاغة- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين،

ج 4، ص: 197

كالإلهيات و الطبيعيات و الرياضيات، و هو من جماعة علامة زمانه منلا مصلح الدين اللاري. قيل أخذ عن أخيه شمسي البغدادي. و كان في الأصول و الفقه علامة. و له اليد الطولي في الكلام و المنطق و البيان و العربية. قدم دمشق سنة 977 ه و حضر دروس البدر الغزي و لازم أبا الفداء إسماعيل النابلسي و قرأ فقه الشافعي علي الشهاب العيثاوي ثم تحنف و ولي وظائف تدريس منها المدرسة الدرويشية، و في الجامع الأموي و تولي تصدير الحديث بالجامع المذكور. و كان له في صندوق السلطنة في كل يوم ما يزيد علي أربعين عثمانيا و تولي مشيخة الجامع فسمي شيخ الحرم الأموي. و تولي تولية الدرويشية و عظم أمره و تردد إلي القضاة. و شمخ بأنفه حين رجع الناس إليه. و كان يحضر درسه أفاضل الوقت. و درس التفسير بالجامع. و كانت في لسانه لكنة عظيمة حتي أنه كان لا يفصح في كلامه أبدا. و شاع ذكره في الأقطار الإسلامية. توفي ليلة الاثنين في العشرين من شعبان لسنة 1016 ه و قد احتال القاضي و النائب هناك لسلب أمواله استفادة من غياب أقاربه عنه. ثم جاء بعد مدة ابن عم له من بغداد إلي دمشق فصالحه النائب علي شي ء من المال ثم ذهب فشكاه إلي الوزير نصوح باشا. و كان الوزير المذكور رأس العساكر إذ ذاك بحلب فوردت الأوامر بطلب النائب بسبب ذلك إلي حلب» انتهي ملخصا من خلاصة الأثر.

و يظهر من ترجمته هذه أنه رجل عظيم لا يقل عن شمسي و عهدي و إن كان لم يعرف له تأليف فخدمته للتدريس و الإرشاد غير قليلة أنجبه العراق و استفادت منه

دمشق و المنفعة حاصلة منه علي كل حال و ليس هذا أول من رباه العراق و اقتطف ثمرته قطر آخر …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 198

حوادث سنة 1017 ه- 1608 م

قتلة ابن الطويل

لم نعثر علي بيان شاف عن تدخلات محمد بك ابن أحمد الطويل في الإدارة و لا عن أسباب حركته هذه و متابعة البغداديين له و كذا غيرهم و عصيانه علي حكومته كما يقولون و كل ما نعلمه عنه أن والده أحمد الطويل كان رئيس كتيبة خيالة (بلوك باشي) فلما توفي والده قام هو مقامه. و قال عنه صاحب سجل عثماني ولي بغداد عام 1013 ه فخلفه في أمور الإدارة أخوه مصطفي فأنقذها منه محمود باشا چغاله زاده.

و أما مصطفي فإنه مضي إلي إيران و توفي هناك.

و أما قتلته فإن المؤرخين لم يبدوا تفصيلات عنها أوسع مما جاء في گلشن خلفا و ذلك أنه في سنة 1017 ه بعد أن خذل نصوح باشا و عاد إلي محله مقهورا لما أصابه من خيانة السكبان استقر الطويل في حكومة بغداد مستقلا و من ثم اغتاله محمد چلبي كاتب ديوانه و محرم أسراره و لم يوضح عن سبب قتلته فخلفه أخوه مصطفي …

و ذكر صاحب الفذلكة خبر وفاة محمد ابن الطويل في حوادث سنة 1016 ه و سيأتي تفصيل حوادثه.

عودة إلي حوادث بغداد الوالي محمود باشا جغالة زاده و استخلاص بغداد

إن هذا الوالي هو ابن سنان باشا المذكور، كما أن له ابنا آخر هو فكري بك و قد مر ذكره. و كذا محمد بك. عهد إليه بمنصب بغداد و أن يقوم بأمر إنقاذها فعين سردارا، فذهب نحو بغداد في غرة شوال سنة 1016 ه و أخذ معه جيشا عظيما و بين هؤلاء حاكم أدنه، و أحمد بن أبي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 199

ريشة و مير شرف من أمراء الأكراد، فقطعوا مراحل للوصول إلي بغداد.

و إن هذا الوالي القائد كانت له معرفة سابقة بآل قشعم، و بسيد خان،

و بحاكم سهران و سائر عشائر الكرد و العرب … و من ثم اختار من صنوف الجيش عسكرا مرتبا و توجه نحو بغداد فوصل إلي الموصل و هناك كتب رسائل إلي البلوكباشية القدماء، و إلي أغوات الجيش.

بعثها إليهم سرا و فيها من الاستمالة و الترغيب الشي ء الكثير … و في الليلة التي جاءتهم الرسائل قتلوا السكبانية و عند الصباح مضوا لإلقاء الحصار علي مصطفي باشا في القلعة الداخلية أمام السراجخانة و أعلموا محمود باشا بما وقع. ذلك ما أنعش الوالي و بعث فيه الفرح و الأمل فعجل بالسير في أوائل ربيع الآخر سنة 1017 ه فوصل حوالي بغداد و قوي نشاط الثائرين كما أن جيوش الوالي هاجمت المحصورين و شددت الحصار عليهم و بتوسط من أرباب المصلحة منح مصطفي باشا لواء الحلة و شتت شمل العصاة في أواخر الشهر المذكور و استقر الوزير في حكومة بغداد. و لا يزال سوق السراجخانة من آثاره. فقضي علي هذه الغائلة.

و هذا الوالي لم يعرف عن وقائعه، و لا عن إدارته و أعماله في العراق و لعله اشتغل بتثبيت الإدارة و ترتيب الحكومة … و قبل وروده إلي بغداد تقلب في مناصب عديدة ففي الأصل كان مير لواء ثم صار أمير أمراء. و في سنة 1013 ه ولي ديار بكر، و في سنة 1016 ه ولي بغداد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 200

ثم رفعت عنه الرتبة و بعدها أعيدت إليه و الحاصل لم ينفع لأمر ما فتوفي سنة 1052 ه كذا قال عنه صاحب السجل.

و جاء في تاريخ الغرابي ما نصه:

«ثم إن كاتب ابن الطويل محمد أفندي أعمل الحيلة في قتله بيد زوجته فجلس مكانه أخوه مصطفي بك

فأرسل السلطان لإزالته الوزير محمود باشا بن چغال. فلما وصل إلي الموصل راسل من تابع مصطفي بك من عسكر بغداد إذ كان له معهم معرفة حين كان واليا بها، فأرسلوا له خبرا أن احضر و نحن معك فلما جاء إلي بغداد أظهروا أنواع الجلادة ثم توسطوا بالصلح فأعطي محمود باشا لابن الطويل حكومة الحلة فرضي بها و خرج إليها، و حكم ابن چغال في بغداد و ذلك في سنة 1017 ه. ثم إن ابن الطويل فر إلي العجم، و بقي هناك. و لما لم يبق في قطر الأناضول من المخالفين أحد قصد الوزير الأعظم بلاد العجم و ذلك في سنة 1019 ه» ا ه.

المحمودية:

اليوم تعد من أقضية بغداد المعمورة و الكبيرة، كانت مقاطعة في تملك والي بغداد محمود باشا چغاله زاده بن يوسف سنان باشا والي بغداد الأسبق، ثم صارت قرية. و الآن هي قضاء. و لا تزال معروفة باسمه. و كانت من أوقاف آل قره علي و آل الغرابي. لهم عقرها مسجل باسمهم و وقفهم هذا علي الذرية. ذكرت نص الوقفية في محل غير هذا، و هناك علقت ما لزم عن أسرة آل قره علي، و عرفت بهم كما أني ذكرت (مدرسة الغرابي) و موقوفاتها مما لا مجال لتفصيلها هنا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 201

حوادث سنة 1019 ه- 1610 م

الوالي قاضي زادة علي باشا

في هذه السنة (1019 ه) ولي بغداد أمير أمراء روم ايلي. و هذا هو المعروف بقاضي زاده. مر الكلام علي ولايته الأولي في بغداد سنة 998 ه و لم يتعرض صاحب گلشن خلفا لحكومته الآنفة الذكر في بغداد كما أن صاحب سجل عثماني لم يبين ولايته الثانية و إنما ذكر أنه صهر قپوجي مراد باشا و كان صادقا، متدينا، عاقلا، و لم يعين تاريخ انفصاله …

حوادث سنة 1022 ه- 1613 م

صلح إيران و شروطه

في هذه السنة عقد الصلح مع الشاه و كان من شروطه أن لا يسب الصحابة و لا الأئمة المجتهدون و لا أم المؤمنين عائشة الصديقة، فتعهد الشاه بذلك كما كان سبق أن تعهد الشاه طهماسب بذلك، و أن يزول العداء لأهل السنة و أن يؤذن لمن أراد المجي ء إلي هذه الأنحاء باختياره فلا يمنع، و أن تراعي الحدود التي كانت أيام السلطان سليمان، فلا يتعرض للقلاع و البقاع، و أن تكون البلدان و الممالك التي بيد مبارك بن سنجار تابعة لبغداد و أن لا يعاون المرقوم، و لا يحمي بوجه و أن البقاع و البلدان التي استولي عليها (هلو خان) من لواء شهرزور إذا كانت قد استردت منه فلا يساعد، و لا يمد بمعاونة ما، و أن يذهب حجاج إيران من طريق حلب و الشام لا من طريق بغداد و البصرة حيث لم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 202

يكن الطريق فيها أمينا. إلي آخر ما جاء مما لا يخص العراق. و في هذه المعاهدة جاء ذكر والي ايالة بغداد الحافظ محمود باشا، و أمير الأمراء محمد باشا و أنهما أودع إليهما أمر تحديد الحدود.

و هذه المعاهدة غالبها يخص العراق و العلاقة به. فهي مما تهمه أحكامها، و تعين

الجهات المختلف فيها.

حوادث سنة 1024 ه- 1615 م

الوالي دولار باشا

هذا ما جاء في گلشن خلفا- ولي بعد علي باشا قاضي زاده فنال منصب حكومة بغداد برتبة وزارة. و الظاهر من سجل عثماني أنه بقي إلي سنة 1024 ه لأنه صار بعدها واليا في ديار بكر في التاريخ المذكور.

و جاء عنه في تاريخ جامع الدول أنه «كان قد تخرج من البلاط برياسة الچاشنگيرية، أي رؤساء الميرة. ثم ولي قبرص و بغداد و ديار بكر ثم صار وزيرا أعظم بعد عزل حسين باشا إلي آخر سنة 1030 ه و قتل يوم 7 أو 9 رجب سنة 1031 ه».

الوالي حافظ أحمد باشا

ثم ولي حافظ أحمد باشا، ذكره صاحب گلشن خلفا و لم يعين تاريخ حكومته في بغداد. و ليس في التراجم الموجودة لدينا ما يعين ولايته أو يشير إلي أنه ولي بغداد في هذه الأيام. و إنما كان حارب العجم، فلم يفلح في حروبه، و لا نعلم عن ولايته شيئا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 203

حوادث سنة 1031 ه- 1621 م

الوالي يوسف باشا

و هذا آخر ولاة الترك في بغداد لهذا العهد و منه انتزعها المتغلبة و في رأسهم بكر صوباشي. و كان النفوذ علي الولاة قبل هذا التاريخ مشهودا إلا أنه لم يظهر كما ظهر في هذه المرة بمجابهة أصل الحكومة و الثورة في وجهها. و هذا الوالي لم يعين صاحب گلشن خلفا تاريخ ولايته إلا أنه ذكره بعد أن أورد حوادث سنة 1026 ه مما يشير إلي أنه كان قبل هذا التاريخ و لعله أورد أسماء الولاة مطردا ثم مال إلي الوقائع في أيامهم. و صاحب السجل يشير إلي أنه ولي بعد سنة 1030 ه لأنه ذكر أنه ولي إمارة روم إيلي سنة 1030 ه و وجد في حرب لهستان ثم عهدت إليه ولاية بغداد فقتل فيها عام 1032 ه في الثورة التي قام بها بكر صوباشي. و كان من بوسنة فتخرج في البلاط ثم صار آغا الينگچرية و بعدها ولي روم إيلي بالوجه المشروح.

بكر صوباشي

1- جداله:

قالوا تزايد نفوذ بكر صوباشي من سنة 1028 ه و كان في بادي ء أمره من أفراد الينگچرية فصار في رتبة (صوباشي)، ثم صار آغا الينگچرية و من ثم جمع له أعوانا في الخفاء و اكتسب نفوذا. تابعه نحو اثني عشر ألفا من الجيش الأهلي (قول بغداد). و كان قد خافه جماعة من الأعيان أيضا فمالوا إليه رهبة لا رغبة و انضم إليه الأهلون من كل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 204

صوب فتأثيره كان كبيرا، و بقي في هذا المنصب مدة حتي نال النفوذ المطلق بحيث صار الوالي يهابه. لا يستطيع مخالفته، و لا يخرج عن رأيه خصوصا حينما رأي الأهلين معه و هم قوة لا يستهان بها و لم يكن

آنئذ للولاة اتصال بحكومتهم. فكانوا يتوقعون منه كل شر. و لما كان عسكر بغداد بيده من مدة فليس للولاة غير الاسم المجرد. و الحكم كله له. و هكذا مضي، و لا يزال يتكامل جمعه، و تقوي عصبته.

استثقل يوسف باشا هذه الحالة و صار يترقب الفرصة للوقيعة به، و في سنة 1031 ه عصي بعض العشائر في الأنحاء القاصية و زاد ضررهم فتحتم إرسال قوة تأديبية لدفع غائلتهم فذهب (بكر صوباشي) بنفسه لتسكين هذه الفتنة و أقام ابنه محمدا مقامه. و كان آنئذ رئيس كتيبة الخيالة (بلوك باشي) و محمد آغا العقيد (البيكباشي) فاستمال يوسف باشا محمد آغا المذكور فهرب أولاد بكر صوباشي و أخذت أموالهم و سدت أبواب بغداد و تهيأ يوسف باشا للقتال. و لما كسر بكر صوباشي تلك العشائر و عاد بلغه الخبر، فحاصر بغداد. انضم إليه جمع عظيم لهذا الغرض و كان من جملة من سافر مع بكر صوباشي (عبد اللّه الرئيس ابن محمد قنبر أغا العزب)، و تفصيل الخبر أن محمد قنبر هذا استفادة من غياب بكر صوباشي صار يشوق الأهلين علي بكر صوباشي و يحثهم أن يقوموا عليه.

فعل ذلك بإغراء الوالي يوسف باشا و بين أن بقاء الحالة بهذا الوضع مما يخل بسمعة البلدة، و يقضي علي مصالح الأهلين و يضر بحقوقهم.

و حينئذ دعا السپاه و العزب و الأشراف و الأعيان ممن في بغداد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 205

و شاورهم في الأمر و اتفقت كلمتهم علي لزوم استئصال بكر و أعوانه و إبادتهم كلهم و وجوب مراعاة النظام و إنهاء هذه الحالة المضطربة.

سمع محمد بن بكر أغا و كتخداه عمر أغا بما وقع عليه الاتفاق فتمكن محمد من

الفرار و أما عمر أغا الكتخدا فإنه جي ء به إلي محمد قنبر أغا فصار يتضرع إليه و يتوسل به. يبكي و يستغيث طالبا أن لا يقتل و أنه يقوم بما يلزم لتأديب بكر و أعوانه. فأبدي بعض الحاضرين لزوم اغتنام الفرصة و أن يقتل لحينه و لكن محمد قنبر قد غر و ظن أنه سيكون من أعوانه، يستميله إليه بالعفو. و عند ذلك أطلق سراحه، و ذهب إلي بيته و من ثم تقلد سيفه و تقدم في المعمعة و صار يترقب ما تأتي به الأقدار. و بهذا غفل محمد قنبر عن مكر الأعداء و غره ما أظهروا.

و حينئذ ذهب الوجوه و الأعيان و كافة الأشياع إلي القلعة و وصلوا إلي الوزير يوسف پاشا فأعلموه بدخائل الأمور و حقائقها و أن الأعداء أشعلوا نيران الفتن و الشرور و أوصوه أن يتخذ ما يلزم من التدابير إلا أن هذه كانت في غير أوانها بل شغل الوزير عن اغتنام الفرص بتوجيه المناصب بدل من شغرت مناصبهم. و كان الأولي به أن يراعي التدابير الواقية حذرا من أن يستفحل الأمر فلم يفعل.

و بهذا تمكن الثائرون من لم شعثهم و من تدارك الأسلحة خلال غفلة هؤلاء. جمعوا الأشياع و الأحزاب و نهضوا. فاحتلّوا منعطفات الطرق و ممر الناس. و كذا المواطن الأخري التي رأوا ضرورة في لزوم احتلالها. و لم يكتفوا بذلك بل أغاروا علي القلعة الداخلية و الميدان و باشروا الجدال. رشقوا أتباع الپاشا بنيران البنادق حتي سقط الكثير منهم قتلي.

و من ثم عاد بكر صوباشي و حاصر البلد بل ضيق الخناق علي الوالي. ذلك ما دعا الوزير أن يخاطر بنفسه و بمن معه فهاجم صوب

موسوعة تاريخ العراق بين

احتلالين، ج 4، ص: 206

الميدان و حمل علي أعدائه فدامت المعركة بين الطرفين بضع ساعات في خلالها قتل خلق لا يحصي. فكانت النتيجة أن انتصر بكر صوباشي و أتباعه و خذل أتباع الوزير. و حينئذ لجأ أعوانه إلي القلعة الداخلية و في الحال اتخذ القوم المتاريس و الخنادق حولهم فحصروهم.

رأي محمد قنبر أغا هذه الحالة بأم عينه و شاهد الخطر المحدق فأخذته الحيرة من خفوق مسعاه و صار لا يدري أين يتوجه. ارتبك عليه الأمر و أضاع رشده. قطع الأمل من النجاة. لا سيما بعد أن علم أن الكتاب الذي أرسله إلي ابنه قبض عليه بكر صوباشي و كان يحثه به أن يسرع بمن معه من العزب، و يتخذ تدبيرا عاجلا، و أن يستأصل بكرا و أتباعه و يأتي بباقي العسكر بلا تأخر. و عندما وقف علي منطوياته أمر بالقبض علي ابنه عبد اللّه الرئيس و كان نائما فاعتذر لنفسه و دافع بكل ما أوتي من بيان فلم ينجع.

و إنما ضرب عنقه. و في الحال تفرق أتباعه من العزب في البراري منهزمين و رجع بكر صوباشي لحينه إلي بغداد فعلم بذلك محمد قنبر أغا و شعر بما حل بابنه من الرزية. و ما سيناله من مصيبة.

إن بكر صوباشي و أتباعه و افوا علي عجل و عبروا دجلة و مالوا ميلة واحدة علي أعدائهم فأذاقوهم و بال أمرهم. و في المعركة قتل الوالي.

كان واقفا علي تل الطوب فأصابته طلقة نارية أردته قتيلا. و استمر الباقون لبضعة أيام علي حصارهم، و قد قيل (المحصور مغلوب) فلم يروا بدا من التسليم و طلب الأمان.

و هنا تلاعبت أقلام كتابهم في بيان أعمال بكر صوباشي و تمثيله بالمحاربين، و قسوته، و

أنه لم يقبل أمانا و إنما غصب و دمر ما شاء أن يدمر. و قالوا نهبت العتاد (الجبه خانه) المخزونة من أيام السلطان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 207

سليمان و من بعده، و ذهبت أموال كثيرة لا يحصيها قلم، و كثر السلب.

فأصبح كثير من الأغنياء و المتمولين لا يملكون شروي نقير.

2- تخلص بغداد له:

و من ثم وقعت بغداد في قبضة بكر صوباشي، فصار حاكمها المستقل. و قالوا إنه بث العيون للاطلاع علي أحوال الناس فصار يذيق المخالفين أنواع العقوبة، و ضروب القسوة. و لم نجد أثرا عراقيا سوي گلشن خلفا يعين نفسية الأهلين تجاه هذا الحادث الذي لم يطل في بغداد أمد حكمه بسبب الهجومات القوية المتوالية عليه من العثمانيين إلا ما جاء في تاريخ الغرابي. قال:

«و فيها- في سنة 1032 ه- تغلب بكر صوباشي في بغداد. فقتل حاكمها يوسف باشا، و أرسل إلي محافظ ديار بكر حافظ أحمد باشا يطلب منه أن يعرض إلي حضرة السلطان مراد … هذه الأحوال و أن يجعله حاكما في بغداد. فلما بلغ هذا الخبر إلي السلطنة جعلت سليمان باشا حاكما علي بغداد، و أمر حافظ أحمد باشا أن يسير بعكسر ديار بكر إلي بغداد و يزيل بكر صوباشي، و يجلس سليمان باشا» ا ه.

3- الوالي سليمان باشا:

و بعد أن تم لبكر صوباشي أمر بغداد حاذر من موقفه هذا و ما سيجر من النتائج فعرض الحال علي السلطان و طلب العفو و ذكر أن يوسف باشا كان السبب فلا يتوجه عليه لوم و التمس أن تنعم عليه الدولة بمنشور الولاية. راجع بذلك والي ديار بكر حافظ أحمد باشا لكن الحكومة اعتبرته عاصيا فلم تمنحه الولاية. فعهدت بإيالة بغداد إلي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 208

سليمان باشا و أرسل هذا (متسلمه) إليها فمنعه بكر صوباشي من الدخول و كان أمله أن يولي هو دون غيره فلما شاهد ذلك قال: «لا حاجة لنا إلي أمير أمراء!» و بهذا عارض رغبة الدولة العثمانية.

أما الوالي فإنه لما سمع من بكر صوباشي الرد و أنه متأهب للقتال عزم

علي حربه و كان معه أمير أمراء الموصل، و والي كركوك، و أمراء الكرد فساروا بعشرين ألفا من الخيالة و تقدموا نحو بغداد فوصلوا إلي قرية الجديدة (ينگيجه) و آمالهم مصروفة إلي حصار بغداد و كانت المدينة آنئذ في قحط عظيم و لكن الوالي بقي في محله و لم يجسر علي التقدم.

دام مكثه بضعة أشهر فاتخذ الشدة تارة و السهولة أخري فلم تظهر نتيجة.

و من ثم قام من مكانه و توجه إلي ما يقابل (بعقوبا) و (بهرز) فاتخذ هذه المواقع مضرب خيامه. و صاروا يعيثون في القري نهبا و غارة.

و لما علم بذلك بكر صوباشي أرسل كتخداه عمر آغا لحراسة القري و صيانتها من التعديات و كان معه من جيش بغداد نحو ثمانية آلاف خرجوا من (الباب الأبيض) المسمي (آق قپو) فعبروا نهر ديالي من شريعة (صفوه) (كذا) و صاروا تجاه الوالي سليمان باشا في محل يقال له (قباب ليث).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 209

و من ثم جرد الوالي عليهم حملة تقدر بخمسة آلاف. عهد بقيادتها إلي بوستان باشا والي كركوك. جاء لمقابلتهم، و صاروا يتضاربون، و اغتنم جيش بغداد الفرصة فعبر النهر و هاجم الجيش العثماني. و في المعركة جرح بوستان باشا. و في تلك الليلة استولي الرعب علي جيش الوالي فانهزم سحرا قبل أن يلتقي الجمعان. فولي الوالي الأدبار. و عاد إلي جهة الشام و أخبر حكومته بما جري فاهتمت للمعضلة و بذلت ما في وسعها للتنكيل بهذا الثائر و دفع غائلته. أرسلت إلي أمير أمراء ديار بكر حافظ أحمد باشا ليكون قائد الحملة …

حوادث سنة 1030 ه- 1620 م

ملا غانم البغدادي

إن بكر صوباشي في هذه السنة قتل أحد العلماء مفتي بغداد (ملا غانم)، و كان لهذا

أقارب في بغداد من العزب. يخشي منه أن يخالفه فغدر به.

أبدع الترك في تمثيل هذه المأساة فرأوا أنه حين قتله كان مشغولا بقراءة القرآن. يقرأ سورة (يس) و قبل أن يتمها قضي نحبه و لكنه- كما قالوا- استمر في القراءة حتي أتمها و هو ميت. و عدوا هذا الحادث كرامة تذكر له. و قالوا إن قتله أحدث حزنا في القلوب، و دعا إلي استياء عام.

قال كاتب چلبي: «ولد في بغداد و حصل العلوم فاستولي عليه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 210

العشق (اعترته الجذبة) فصار يتجول نحو 12 سنة في الصحاري و البراري، ثم إنه وصل إلي الشيخ علاء الدين في عينتاب فسلك عليه.

و لما ولي رضوان أفندي منصب قضاء بغداد سنة 998 ه سمع عنه أوصافا جميلة فمال إليه و من ثم أصلح حاله. فجعله مدرسا في المستنصرية و كانت من أجل مدارس بغداد فصار يقضي أيامه في التدريس. فظهر علمه و بان فضله، و نعت بأعلم العلماء، و في سنة 1030 ه قتل أيام الاضطراب في بغداد.

كان هذا الولي وصل إلي درجة الكمال في علوم الظاهر و الباطن.

و له اليد الطولي في الفقه. صار مرجع الفتوي و من آثاره (ملجأ القضاة) المعروف بترجيح البينات، و كتاب (مسائل الضمانات) و له كتاب في النحو لم يتمه، و له (حصن الإسلام) فيما يتعلق بألفاظ الكفر … ».

القحط:

في هذه السنة استولي القحط علي بغداد فلم تنزل الأمطار و قلت الأعمال بسبب هذه المصائب و أخذ يهجر الناس أوطانهم. و إن العربان عدموا الأمطار و لم يجدوا أثرا للكلأ فرموا بأنفسهم إلي بغداد و صاروا يشكون الجوع فاستولي الغلاء علي البلدة و صار الناس في فقر

و فاقة، فكان المصاب فادحا مؤلما.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 211

حوادث سنة 1032 ه- 1622 م

حافظ أحمد باشا و بغداد

في (سنة 1032 ه) نال السلطان مراد الرابع السلطنة. و كان موصوفا بالشجاعة و السطوة و القوة. و في أيام جلوسه كانت الإدارة في تذبذب و اضطراب لم يعهد مثلهما، و أن الجيش و الينگچرية جمحوا فلم يتمكن أحد من ضبطهم، فحدثت غوائل منها (حادثة بغداد) فأبرز من الشدة و الحزم ما مكنه من إزالة الاضطرابات و إرجاع الإدارة إلي نصابها فتولد نشاط وجدة نوعا …

و قبيل جلوس السلطان كانت الحكومة رأت ما رأت في بغداد من رد متسلمها أرسلت سليمان باشا واليا بالوجه المذكور و هذا خذل.

و حينئذ زاد حنقها و اهتمت أكثر لدفع الغائلة ففوضت حافظ أحمد باشا أمير أمراء ديار بكر و هو من قدماء الوزراء. جعلت معه ولاة مرعش و سيواس و الموصل و أمراء كردستان. فكان من رأي أحمد باشا المداراة و تولية بغداد لبكر صوباشي و إلا فإنه يتوقع أمورا ليست في الحسبان.

و أكثر ما كان يخشي منه أن يميل هذا المتغلب إلي إيران و يسلم بغداد إلي العجم عنادا فيدعو الشاه لصد العثمانيين فيولد مشاكل خارجية فلم يلتفت أعيان الدولة إلي رأيه بل حملوا ذلك علي سوء الظن به.

اتهموه بأنه أخذ مالا من بكر صوباشي من جراء المراجعة و التوسط لحكومته.

و لما وصل خبر ذلك إلي حافظ أحمد باشا سار إلي بغداد فقاتل هذا الثائر. فكسره فتحصنوا في المدينة، و شرع في الحصار و القتال في أطراف بغداد. بدأ بالتضييق علي بغداد و هاجم عدة هجومات، جرت خلالها مصادمات فاضطر أخيرا جيش بغداد إلي الهزيمة، فأضاعوا ثلاثة آلاف و سبعمائة جندي و ألفين و خمسمائة

أسير. أما الأسري فإنهم حينما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 212

حضروا إلي القائد أمر بقتلهم و لم يقبل منهم عذرا، و لا رحم شيخا و لا شابا.

بغداد و شاه العجم:

و لما وصل خبر هذه المغلوبية إلي بكر صوباشي و رأي أن الخناق قد ضاق علي بغداد كتم غيظه و لم يبال بما جري علي القتلي و الأسري و رأي الصواب في أن يسلم مفاتيح بغداد إلي الشاه عباس الكبير. نظرا لما ناله من الحصار و لما أصاب بلاده من القحط الشديد من جراء ذلك.

و علي كل لم يطق بكر صوباشي صبرا علي هذه الحالة و لم تبق له قدرة المقاومة و التزام الجيش لمدة طويلة فاضطر إلي الاستمداد من الشاه عباس و الاستعانة به مبينا له أنه إذا أنقذه من هذه الورطة و خلصه من الترك فسوف يسلم له بغداد خصوصا بعد أن عقد مجلسا للمذاكرة مع أعيانه و اتضح للجميع أن العثمانيين لو ظفروا به و بأعوانه لا ينجو منهم أحد فاستولي اليأس عليهم بسبب الضعف عن المقاومة … و رجحوا أسر العجم علي هلاكهم من جانب الترك فقرروا لزوم تسليم بغداد إلي الشاه صيانة لحياتهم. و افق الكل علي هذا. و كتب بكر صوباشي كتابا يتضمن أنه منقاد لإيران و عرض المفاتيح و الكتاب مع رسول يسمي (عباسا). فذهب هذا لبلاد العجم مسرعا …

جاء في خلاصة الأثر عن هذا الكتاب « … كتب- (بكر صوباشي)- للشاه كتابا يقول له أسلمك بغداد بشرط أن تكون الخطبة و السكة باسمك فقط فرضي الشاه بذلك» ا ه.

و في هذه الأثناء كان الشاه في سفر قندهار فأرسل إليه بريد سريع قدم إليه الرسالة و المفاتيح فخلع الشاه علي

الرسول و أكرمه إكراما زائدا إذ إنه كان يترقب هذه الفرصة آنا فآنا. و لما حصلت بادر للمساعدة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 213

و حينئذ رتب أمير همذان (صفي قولي خان) سردارا و جعل معه كلًّا من حاكم اللر (حسين خان) و حاكم أردلان (أحمد خان) خان أوشار (أفشار)، و قاسم خان و أمراء آخرين. كتب أن يذهبوا معا علي جناح السرعة لإنقاذ بكر صوباشي من مخالب حافظ أحمد باشا و أن يستولوا علي المدينة و عين من يذهب توا لتنفيذ هذا الأمر و إعطائه إلي السردار.

فكان ما أمده به من الجيوش يبلغ نحو ثلاثين ألف جندي.

فلما ورد إليهم الأمر نهضوا مسرعين متوالين الواحد إثر الآخر فذهبوا إلي بغداد و تسابقوا في الوصول إليها فوصلوا إلي خانقين و ضربوا خيامهم هناك. و حينئذ وافي الخبر إلي حافظ أحمد باشا و هذا رأي أن الخطر قد حل به من جهة أن الجيش قد استولي عليه التعب من مشاق السفر و الحروب فإذا سمع بورود الجيوش الإيرانية تولد الوهن في قوته المعنوية. و لو خرجت عليهم الجيوش المحصورة أيضا فلا يتيسر صد الاثنين بوجه. و لا قدرة حينئذ علي مقاومتهما …

و حينئذ فكر في اتخاذ تدبير ناجع للنجاة من هذا المأزق الحرج فرأي أن يؤيد بكر صوباشي و يقره في منصبه بإرسال فرمان إليه بمنصب بغداد مع الخلعة السلطانية الفاخرة. و كان الرسول إليه (سيد خان) حاكم العمادية.

و من ثم أبدي له أن قد عفا السلطان عن جميع أعماله السابقة و جدد المحبة معه بكتاب أرسله إليه موضحا فيه أن الماضي لا يذكر، و أن يحافظ علي مدينة السلطان من تطاول الأيدي إليها. لئلا يؤدي ذلك

إلي وقائع مؤلمة في النفوس. مخربة للبلاد، و أن يهتم بالدفاع بما استطاعه من حول …

إلي آخر ما جاء في الكتاب من النصائح و أضاف إليه ولاية الرقة.

و وجه لواء الحلة لابنه فتمكن من جلبه إليه. و بعد أن بعثه إليه عجل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 214

بالذهاب إلي دار الأمان و النجاة من الخطر بالانسحاب إلي موقع بمعزل عن التقرب إلي أحد الجيشين …

ثم ورد إلي حافظ أحمد باشا سفير من العجم. أتي بكتاب إليه يقول فيه إن بكر خان دخيل الشاه، لا تتحركوا بما يخالف الصلح.

ارحلوا عن بغداد. و إلا يختل السلم.

فأجاب حافظ أحمد باشا أننا لم نكن في مملكة الشاه و إنما عصي أحد رجال السلطان فجئنا لتأديبه. فقال له السفير إن بكر صوباشي استمد بالشاه فلو أن طيرا لجأ إلي قشة لحمته فأجابه أن الطير لا يزال في قفصنا. فلو فر و ذهب إليكم لكان لكم العذر في حمايته. و كان قوله الأخير: أقسم و أقول الحق أنكم إما أن ترحلوا أو أن يأتيكم أمير أمرائنا (خان خانان) بثلاثين ألفا من جنده. و حينئذ استعدوا للنضال. فأجابه:

إذا فسد الصلح فالحكومة العثمانية غير عاجزة عن المقابلة.

و علي هذا نهض السفير و رجع.

دخل بغداد نحو ثلاثمائة من العجم و عرف بواسطة الجواسيس أن السكة ستضرب يوم الجمعة باسم الشاه. فبقي حافظ أحمد باشا متحيرا فاتخذ التدبير الآنف الذكر و وجه ايالة بغداد لبكر صوباشي. بعد أن كان أعلن داخل البلدة أن بغداد للشاه و بكر خان عبد الشاه و ضربت النقود باسم الشاه كما شاع علي الألسنة. و حينئذ ورد إليه فرمان الايالة و فيه «وجهت إليك بغداد فكن علي بصيرة و

ابذل ما تستطيعه من قدرة لحفظ الايالة و حراستها».

قال أوليا چلبي: اضطر بكر صوباشي إلي الالتجاء إلي إيران، فأخبر القائد حافظ أحمد باشا دولته، فاضطر الصدر الأعظم (مره حسين باشا) أن يصدر الفرمان السلطاني بولايته.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 215

فرح كثيرا بمنشور الولاية و ندم علي دعوة الشاه عباس و الركون إليه بالدخالة فاتخذ التدابير لإعادة صفي قولي خان. فكتب إليه يرحب به بعد أن قام بضيافته و قدم له أفخر الهدايا و اعتذر له و لكنه أي صفي قولي خان لم يكن ممن يقعقع له بالشنان أو يكتفي بالمدح الفارغ و الألفاظ اليابسة و إنما كلفه بتسليم المدينة إليه حسبما عهد إليه. و كان قد قال له بكر صوباشي في كتابه:

- إننا عبيد الشاه القدماء و بيننا حقوق الجوار فنشكره علي ما أسداه إلينا من المعاونة و ما أجراه من الالتفات و نذكر له هذا الصنيع و نثني عليه من أجله دائما و نقدم له هدايانا الحقيرة مع ما استطعنا تقديمه من النقود و لا نزال علي عرض العبودية …

أما صفي قولي خان فإنه تهور و أطال لسانه. و يقال إنه قتل بعض من جاءه و ألقي القبض علي آخرين …

مجي ء الشاه عباس إلي بغداد:

إن صفي قولي خان كان قد وصل إلي خانقين. و تقدم نحو بغداد.

فلما سمع بكر صوباشي ندم علي ما فعل. و صار يلتمس الوسائل لرفعهم عن بغداد. و لذا استقبله بواسطة أعيان البلدة لإجراء لازم الضيافة و ترصينا للوداد فأنزلهم خارج الباب المظلم (قراكلق قپو) و قام بضيافتهم ثلاثة أيام و قدم لهم الهدايا و رحب بهم غاية الترحيب و كتب بكر صوباشي بذلك كتابا. و قدم لهم بضعة أكياس من

النقود.

و في گلشن خلفا ذكر أنه استشاط غضبا حينما فتح الكتاب و عرف منطوياته و قال إني لم آت لهذا الغرض و سأخبر الشاه بما وقع فأرسل بعض رجاله بصورة مستعجلة إلي الشاه و أخبره بالحالة. و كان الشاه أتم سفر قندهار و عاد إلي أصفهان عاصمته و صار يترقب الأخبار عن بغداد و بينا هو كذلك إذ جاءه الرسول … و حينئذ تهور أكثر و صار يتطاير من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 216

لوح خطي في جامع الوزير- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 217

عينيه الشرر. و في الحال عين قارجغاي خان قائدا و أرسله و جهز معه من كان لديه من الجنود و أمراء خراسان و گرجستان و گيلان و مازندران ثم توجه هو نحو بغداد بسرعة لا مزيد عليها …

أما بكر صوباشي فإنه تأهب للمقارعة. أعد جيشه و هيأه. و في هذه الأثناء- قبل أن يأتي الشاه- عبر صفي قولي خان إلي الجانب الغربي.

فلما علم بذلك بكر صوباشي أرسل كتخداه عمر آغا، جعله قائد الحملة. و بعد عبورهم من جسر بغداد تحاربا مع عسكر صفي قولي خان و دامت الحرب بضع ساعات و من ثم ظهرت علائم الانكسار في جيش عمر آغا. و أسر من قبل العجم في هذه المعركة. و بعض الأكابر قد اعتقلوا و أرسلوا إلي جانب الشاه.

ثم إن قارجغاي خان وصل إلي بغداد، و حاول افتتاحها فلم يفلح و بعد 14 يوما جاء الشاه بنفسه فحاصرها من جميع أطرافها و اتخذ المتاريس و رتب الأبنية و الألغام و نصب المدافع و صار يطلق النيران علي بغداد و يمطرها بوابل من القنابل.

أما حافظ أحمد باشا فإنه

كان في أثناء الطريق. وصل إلي (درتنك) فأعلمه بكر صوباشي بواسطة رسوله أن يأتي لإمداده. و لكن الباشا كان قد سرح من معه من الجند و في الحال تدارك قسما من السكبانية و العساكر و أرسل إليه من أمراء الموصل حسين باشا المعروف بشجاعته و من قدر علي تجهيزه من الجند و أخبر استانبول بأن الشاه حاصر بغداد.

و لما كان صادف ذلك أيام جلوس السلطان مراد الرابع لم يعبأ رجال الدولة بأمور مهمة مثل هذه بل و لا فكروا فيها فلم يحصل أمل من هذه المخابرة.

و في هذه الأثناء ورد كتاب من متسلم ديار بكر يتضمن أنه من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 218

المحتمل مجي ء إبازه پاشا إلي ديار بكر فاضطر حافظ أحمد باشا أن يتحرك من الموصل و يتوجه نحو ماردين فذهب إليها …

و إن حسين باشا حينما أراد الذهاب إلي بغداد ظهر من أمامه قارجغاي خان و معه بضعة آلاف جندي فتحارب معه في مكان بعيد عن الشط يقال له (قزل خان). و هو خان لا سقف له فحاصر حسين باشا هناك مدة، بقي خلالها بلا مهمات و لا لوازم و عتاد، و حيئذ أرسل إليه قارجغاي خان من يفاوضه في الصلح مبينا أن غرضه إنهاء الصلح مع الحكومة العثمانية و قد بعثني الشاه للمفاوضة في أمر الصلح.

و بأمثال هذه الحيلة تمكن من إغوائه فخرج إليه من حصاره. و هذا القائد لم يراع تعاليم الشاه فلم يؤمن الباشا و قتله في الحال، كما أنه قتل أكثر جنوده و لم يبق إلا القليل و هؤلاء أرسلهم إلي الشاه أحياء.

و لما رآهم الشاه أظهر غضبه- بصورة ظاهرية- علي قائده قارجغاي و عاتبه علي صنيعه.

و لإثبات نواياه و تأييدها أطلق سراح الأسري فأبعد التهمة عن نفسه و أنه لم يرض بقتلهم …

سمع بهذا حافظ أحمد باشا و هو في الطريق فتألم كثيرا و لكنه نظرا لما جاءه من الخبر و لحوق موسم الشتاء اضطر إلي العودة.

و كان ورد إليه كتاب من (بكر باشا) مؤداه أنه قد حفرت الألغام في أماكن متعددة من السور و عدتها 54 لغما فبقي عاجزا عن المقاومة و الدوام علي المحاصرة فطلب الإمداد السريع و النجدة العاجلة. فأجابه الباشا بأن الوزير الأعظم سيوافي بقوة لإمداده و أنه في انتظار مجي ء الخبر إليه من استانبول. فلم يظهر أثر من هذه المخابرة و سمع أيضا بأن ابازه رجع عن الفرات و عاد.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 219

أما القحط في بغداد فإنه بلغ حده حتي أن الأمهات وصلن إلي درجة أكل أبنائهن و بناتهن و بلغت قيمة الحمار ألف أقچه …

و بهذه الصورة بدت- أثناء الحصار- علائم الضعف في بكر صوباشي و قلت ذخائره الحربية و معداته و أن ابنه الكبير محمدا لما شاهد هذه الحالة استولي عليه اليأس …

مضت بضعة أيام و المدينة تحت حراسة محمد بن بكر صوباشي و كان الأمل أن يأتي اللّه بفرج من عنده فلم يجد ما يزيل المصيبة أو يدفع هذا الشر. و عجز القوم عن المقاومة مع أن القوة كانت كافية للمقاومة فأرسل سفيرا إلي الشاه و أبدي أنه يسلم بغداد. و علي هذا أرسل الشاه عيسي خان و معه بضعة آلاف من العساكر الذين كانوا في الصحراء فدخلوا المدينة بلا عناء و لا تعب و تصرفوا بها.

كان استيلاء الشاه عباس الصفوي علي بغداد يوم الأحد 23 من شهر

ربيع الأول سنة 1032 ه و نال عطف هذا الشاه كل من محمد (درويش) بن بكر (صوباشي) و عبد الرحمن جلبي و بعض نفر فتحوا له المدينة فنجوا من القتل. ثم تعقب الآخرين ممن دخلوا في خصام فعاقبهم بضروب العقوبات كما سمي الآخرين ب (باقي الظلمة و أهل العدوان) فأوقع بهم جزاء أعمالهم … ! و وجهت ولاية بغداد إلي صفي قلي.

و تفصيل هذا الحادث في (تاريخ العصامي)، و في (عنوان المجد) لابن بشر، و في (تاريخ الدولة العثمانية) للمستشرق همّر المعروف (ج 9 ص 23)، و مثله في كتاب (أربعة عصور من تاريخ العراق الحديث) ص 61 الطبعة العربية الأولي سنة 1941 م و ما فيها من هامش، و الطبعة الثانية سنة 1949 ص 54 مع الهامش أيضا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 220

و في ذيل عالم آراي عباسي أن بكتاش خان لم يستطع أن يسيطر علي الجيش في تنفيذ شروط التسليم فدخل في معركة و ليس له قدرة و لا زاد و لا عدة ليبرر موقفه، فبقي الوالي في حيرة لعلمه بهلاك الجيش و تيقنه من عدم التمكن من الاحتفاظ به لدولته. و لذا ركن إلي الترياك و عده ترياقا لتسكين اضطرابه إذ لم يجد مخلصا من هذه الخسارة.

فمات. كما أن الشاه نفسه اضطر إلي قبول شروط الصلح.

و في تواريخ تركية عديدة أن هذا الفتح كان في الليلة الثانية من صفر سنة 1033 ه- 1623 م في تشرين الثاني إلا أن صاحب خلاصة الأثر بين أن الاستيلاء و قتل بكر صوباشي و أخاه عمر و ولده كان في سنة 1032 ه و هذا يوافق ما جاء في النصوص المنقولة عن المصادر الإيرانية

ففي مجمل التواريخ و هو كتاب مختصر في التاريخ مفيد عام، فيه تفصيل أمر الصفوية أكثر، كتبه مؤلفه في أيام الشاه عباس الثاني، و منه نسخة خطية لدي الأستاذ عباس اقبال، و أخري في الخزانة العامة لوزارة المعارف الإيرانية. جاء فيه أن الشيخ لطف اللّه العاملي توفي سنة 1032 ه ثم تصرف الشاه عباس في تلك السنة ببغداد. و بين ميرزا عبد اللّه أفندي في كتابه (رياض العلماء) نقلا عن عالم آرا أن الشيخ لطف اللّه توفي في أوائل تلك السنة قبل فتح بغداد و أن تاريخ فتح بغداد جاء في يوم الأحد 23 ربيع الأول سنة 1032 ه- 1623 م.

و علي كل حال إن تاريخ السنة يوافق ما ذكر في خلاصة الأثر ج 1 ص 382 و 455 و لكن ما ورد في رياض العلماء قد وافق ما جاء في عالم آراي عباسي، و خلاصة الأثر، و فيه ضبط للتاريخ …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 221

و من ثم نري تفاوتا بين المنقول عن جامع الدول و عن عالم آراي عباسي و عن رياض العلماء و خلاصة الأثر.

و حينئذ استولي الإيرانيون علي الأبراج و أطلقوا المدافع للإعلام بالاستيلاء علي البلدة فعلم الأهلون بما وقع و اطلعوا علي حقيقة الوضع و استولي عليهم الخوف و الهلع و اضطربوا لهذا المصاب كثيرا حينما رأوا في وجه النهار تبدل الحالة و أطلق الاعجام النيران و قتلوا أكثر أهل السنة …

و بعد أن ألبسوا الخلع إلي محمد بن بكر صوباشي و توابعه و أكرموهم بإنعامات أعلن للعموم بأن يبقي كل في مكانه و باستراحته و أن الشاه آمن الكل و أنه لا ضرر علي الشيعة و السنة

و أن تفتح الأسواق كالمعتاد … ثم ألقوا القبض علي (بكر صوباشي) و علي أخيه (عمر أفندي). و لمدة شهرين عذبوهما بأنواع العذاب فقتلوهما بسيف الغدر الذي قتلوا به محمد قنبر آغا و سائر العزب و أولادهم …

و كان حينما ألقي القبض علي بكر صوباشي جي ء به إلي الشاه فرأي ابنه جالسا قرب الشاه بجانبه و حينئذ عاتب الشاه بكر صوباشي بكلمات منها: قمت بهذه الأعمال الشائنة فأجابه أن الأعمال الرديئة هي من ابن الزنا هذا و أشار إلي ابنه و ابتدر ابنه بالسب و الشتم و بكي. أما الشاه فإنه أمر بحبسه في الحال.

و في تاريخ الغرابي ما نصه:

«فلما أتي حافظ أحمد باشا إلي بغداد ليزيل بكر صوباشي، و يجلس سليمان باشا مكانه بلغ هذا الخبر بكر صوباشي فأرسل إلي الشاه عباس بأني أنقاد لك، فأمدني بعسكر كي أدفع هذه الغائلة، فلما أتي الحافظ إلي بغداد قابله بكر صوباشي خارج بغداد للقتال فلم يكن نصيبه غير الهزيمة، فتحصن في بغداد و بقي الحافظ متوقفا خارج بغداد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 222

من غير قتال راجيا أخذ البلد بالسهولة فبينما هو منتظر التسليم أتاه الخبر بأنه من طرف الشاه أتي إلي مشهد الحسين (رض) خمسة آلاف مقاتل لإمداد بكر صوباشي، و أكثر عساكر الشاه قد اجتمعت في (درنة و درتنك) فخاف سوء العاقبة، و أرسل منشورا إلي بكر صوباشي يتضمن أننا جعلناك واليا علي بغداد فاحفظها و لا تسلمها للشاه، و ارتحل و ذهب إلي ديار بكر ثم إن بكر باشا أخذ في تحصين السور و أرسل خبرا لمن أتي لإمداده من عساكر الشاه أن اذهبوا إلي مكانكم فقد حصل المطلوب.

بلغ هذا الخبر الشاه فاستشاط غضبا. فأتي إلي

بغداد و حاصرها فقام بكر صوباشي بحفظ القلعة أحسن قيام لكن ابنه درويش محمد بعث خبرا إلي الشاه أني أسلمك البلاد إن أنعمت بها عليَّ فوعده الشاه بذلك ففتح لهم باب السر التي في جانب الشط فدخل منها نحو عشرة آلاف شخص و ضربوا البوق وقت السحر فلما تمكنوا من البلد أمسكوا بكر باشا و قتلوه شر قتلة و قتلوا القاضي نوري أفندي، و قتلوا من أهل السنة و الجماعة خلقا كثيرا».

قال الغرابي:

«و لقد رأيت جما غفيرا ممن أدرك هذه الوقعة فكانوا يقولون: ما سلم درويش محمد البلد طمعا فيها بل لما رأي من القحط و الغلاء حيث أكلت الناس الكلاب» ا ه.

و بعد ثلاثة أيام من فتح بغداد و الاستيلاء عليها فرق بدفاتر (أسماء أهل السنة) و (أسماء الشيعة) و دونها و أودع من السنة من لا يحصون بيد الشيعة فعذبوهم بأنواع العذاب و قتلوا فيهم كثيرا ليضطروهم علي بيان أموالهم و سائر ممتلكاتهم. و كان في نية الشاه أن يقضي عليهم جميعا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 223

و لكن الكلدار للإمام الحسين (رض) نقيب الأشراف في بغداد (السيد دراج) من رؤساء الشيعة و له جاه عند الشاه استشفع بالكثيرين إذ إنه أدخلهم في دفتره و بين أنهم من محبي أهل العبا فتمكن من إنقاذهم.

و كان صاحب رحمة و شفقة. فقام بما قام به و أنقذ الكثيرين …

ثم إن السنة المدونين في دفتر الشاه قتلوا جميعا و مثلوا ببعض العلماء و أنالوهم أنواع العذاب و الأذي و قضوا عليهم بصورة يقشعر منها بدن الإنسانية …

و ممن قتل في هذه الوقعة:

1- قاضي بغداد نوري أفندي. كذا في (خبر صحيح) و في تاريخ الغرابي. و

في خلاصة الأثر لم يسمه و في فذلكة كاتب چلبي سماه بهذا الاسم.

2- نائب المحكمة السيد محمد أفندي. و قد نعته صاحب الخلاصة بالخطيب العظيم و هو علي مذهب الإمام الشافعي و خطيب الجامع الكبير (الظاهر أنه جامع الخلفاء) و ذكر له في الخلاصة فتوي في فسخ النكاح بسبب تعذر النفقة كما هو مذهب الشافعية.

و ممن نقل عنهم بعض الحوادث عن بغداد (الشيخ عثمان الخياط البغدادي) و هذا لم نعرف عنه أكثر مما نقله صاحب خلاصة الأثر.

قتلة بكر باشا:

و أما بكر باشا فإنه وضع في قفص من حديد و لم يدعوا له مجالا أن ينام لمدة سبعة أيام و أكرهوه علي إبراز ما عنده من الأموال بطريق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 224

التعذيب و كووه بالنار إلي أن اشتوي لحمه ليبين مواقع أمواله … و أن ابنه يشاهده بهذه الحالة و لا يبالي بل كان يشرب و يضحك علي أبيه المتألم. و بعد أن بين جميع أمواله و لم يبق أمل في إخراج غيرها أمر الشاه أن يوضع في سفينة و يصب في أطرافه النفط و القطران و يشعل بالنار فأحرقه و أخاه عمر.

و جاء عنه في خلاصة الأثر:

«و بكر باشا هذا رومي الأصل سكن بغداد و صار من أكابر عسكرها، تغلب عليها و انبسطت يده علي مملكتها حتي صار إذا جاءت و زراؤها متولين عليها لا ينفذ من حكمهم إلا ما نفذه و هو الذي أدخل الشاه بغداد و قتله الشاه و أخاه عمر و ولده شر قتلة و كان قتلهم سنة 1032 ه.

وقائع و مظالم أخري:

ثم إن ابنه لم ينل حظا من الشاه. سخط عليه بعد ذلك فخابت آماله و خسر و ناله ما نال والده فقتل.

و في تاريخ الغرابي:

«ثم إن الشاه أخذ درويش محمد إلي العجم، و عين له مرسوما يعيش به، فبقي هناك إلي أن هلك» ا ه.

و كذلك هتكت حرمات و أستار و أرملت نساء و أوتمت أطفال و أتلفت ثروات و الحاصل تدمرت البلدة و شوهد ما لم يشاهد و استغاث الناس و تطاول الأشرار حتي علي البيوت فصارت بغداد دار المحنة لا مدينة السلام. و لا تسل عن الجوامع و المساجد و المدارس فإنها دمرت

موسوعة تاريخ العراق

بين احتلالين، ج 4، ص: 225

و جعلت و الأرض البسيطة سواء حتي إن المراقد المباركة مثل مرقد الإمام الأعظم و الشيخ عبد القادر و سائر الأئمة قد أهينت و هدمت و انتهبت منها المعمولات الفضية …

ثم إن الشاه قام علي العشائر و نكل بهم و أجري أنواع المظالم، و قد عدد في خلاصة الأثر أمثال ذلك مما لا محل لإيراده فقد مضي لها من الأعمال الشائنة و فيها من القسوة ما لا يقبلها دين، أو ترضي بها طائفة.

و إثر واقعة بغداد أخذ الشاه عبد الباقي المولوي خطاطا لجامع أصفهان و كان من أساتذة الخط و مشاهيره. و لا تزال إيران و المملكة التركية تنتفع من العراق، من أدبائه و علمائه و خطاطيه كما وقع أيام عالي أفندي الدفتري و غيره بل و لا يزال الترك يتغذون بشعر فضولي، و بشعر روحي و أضرابهما إلي هذه الأيام. و إن الإيرانيين كانوا أقرب إلي الأخذ و ألصق بالعراق، فكان أخذ هذا الخطاط من الوقائع المهمة، و لعله آخر من أخذ من العراق. أوضحت عنه في تاريخ الخط العربي في العراق.

حوادث سنة 1033 ه- 1623 م

الاستيلاء علي البلاد الأخري

1- الموصل و كركوك:

إن الشاه بعد أن استولي علي بغداد شكا أهل الموصل أمرهم له من جراء ما كان ينالهم من ظلم كور حسين باشا و حينئذ سير الشاه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 226

إليهم قاسم خان. أما والي كركوك و هو بستان باشا فإنه حينما علم بالأمر و تيقن أن لا قدرة له علي المقاومة ترك البلدة و توجه نحو ديار بكر، رآها العجم خالية فاستولوا عليها و ذهبوا توا إلي الموصل و كان واليها آنئذ أحمد باشا أخا كور حسين باشا و لم تكن محكمة السور فتمكن قاسم

خان من الاستيلاء عليها في مدة قصيرة فأقام قاسم خان فيها و تولي إدارتها، و سير كتبا إلي أنحاء ديار بكر يدعوهم بها للطاعة …

2- استعادة الموصل:

إن كوچك أحمد كان من أعيان السپاهية أخذ معه جماعة نحو الخمسمائة من السكبان الأرناوود فهاجم بهم الموصل. و لما قرب من المدينة ظن قاسم خان أن السردار قد وافي لمقابلته فهرب إلي جهة بغداد و ترك البلدة بمن معه فعلم أحمد آغا بالأمر فتسلم المدينة بمساعدة الأهلين. و حينئذ جاء إليه أمير سنجار فألقي أحمد آغا القبض عليه و قتله قبل أن يصل إليه المدد. أما أحمد آغا فإنه كتب إلي الوزير السردار أحمد باشا بما جري و التمس أن توجه ايالة الموصل إلي ابن أخيه سليمان بك ففوضت إليه كما طلب …

حوادث سنة 1034 ه- 1624 م

آلتون كوبري- كركوك

إن والي قرمان حسن باشا الچركسي كان قد شتي في الجزيرة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 227

و (حصن كيفا) المسماة عند الترك (حسن كيف)، فعلم أن قد تجمع الأعداء في آلتون كپري و كركوك و علي هذا سار عليهم مع كوچك أحمد. كان هؤلاء في جانب من نهر آلتون كوپري و عدوهم في الجانب الآخر فتضاربوا علي البعد إلي المساء و ظهرت علائم النصر للقزلباشية و حينئذ هاجمهم أحمد آغا بأتباعه فأعادهم إلي الوراء فمزق شملهم في حين أنه كان معه نحو أربعة آلاف و كان القزلباشية اثني عشر ألفا. فر فريق منهم إلي كركوك و هناك لم يستقر لهم قرار فخرجوا من المدينة و انهزموا علي وجههم فجاء بوستان باشا فدخل كركوك. و استعادوها من أيدي العجم …

حكومة صفي قلي خان في بغداد:

إن الشاه عباس قد أسكرته خمرة النصر في بغداد فعزم علي تنفيذ آمال أكبر، و رأي أن يمد يده علي بلاد الگرج. فأودع حكومة بغداد إلي (صفي قولي خان) و عاد هو إلي إيران و هجم بقائده قارجغاي خان علي الگرج و كان معه نحو ثلاثين ألفا فحدثت حرب بينه و بين أقدم حكام الگرج و هو (طهمورث) و كان هذا قد فاجأ العجم علي حين غرة فقتل في هذه المعمعة قرجغاي خان و ابنه و لم يبق من جنده سوي ثلاثة آلاف فروا بأرواحهم و أكثرهم جرحي و هلك الباقون.

أما حكومة بغداد فقد كانت مهددة بهجومات الترك و لم يعرف عن داخليتها أكثر من التحدث بأمر الحرب.

مراد باشا يسير إلي بغداد:

إن مراد باشا كان والي حلب فمنح منصب ديار بكر برتبة الوزارة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 228

و في هذه الأثناء جاءت الأخبار بأن العجم خرجوا من بغداد و ذهب أكثرهم لزيارة الإمام علي (رض) و علي هذا سير قائدا علي حملة تبلغ خمسة عشر ألفا لتكون كمقدمة للجيش إلي الحلة و الكاظمية ليحاصر بغداد و ليمنع اتصال العجم بها … و هكذا ذهبت العساكر بصورة متلاحقة. و أرسلت قوة أخري مع آغا الينگچرية.

و بهذا انتهت هذه السنة.

حوادث سنة 1035 ه- 1625 م

بقية وقائع العثمانيين

جاء في تاريخ الغرابي: «أن الوزير حافظ أحمد باشا سار مع جيوش كثيرة إلي بغداد، فلما أتاها أخذ في محاصرتها، فجاء الشاه عباس، و نزل علي نهر ديالي تقوية لمن في بغداد من العسكر فحاصر الحافظ بغداد تسعة أشهر، فلم يحصل منها بطائل بل رجع خائبا، و هلك أكثر من كان معه لاستيلاء القحط و المرض عليهم، و ألقي كل ما كان معه من الثقل و الآلات» ا ه.

هذا، و في التواريخ العثمانية جاء تفصيل أكثر. و ذلك أن السردار حافظ أحمد باشا في المحرم من هذه السنة نزل بجيوشه كركوك و حينئذ عقد مجلس شوري فاستطلع آراء الأمراء و كبار الجيوش لتعيين الخطة الواجبة العمل و قال: إن مراد باشا ذهب إلي بغداد ليمنع الواردين من دخول بغداد. و مع هذا قد دخل بغداد ثمانية آلاف إيراني مع صارو خان و مير فتاح. و إننا ليس لنا قدرة المحاصرة إذ لم تكن لنا مدافع و من المحتمل أن يوافي الشاه لإمداد المحصورين فهل الأصلح أن نمضي إلي جهة أحمد خان بن جلو خان (هلو خان) و نهاجمها فنصل إلي درنة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4،

ص: 229

و درتنك فنضبط مضايقهما و نمنع الصلة بين المحصورين و إيران ثم نمضي إلي بغداد؟ فوافق جماعة علي هذا الرأي و آخرون لم يوافقوا و ظهر من كل رأس فكر فاضطربت الآراء ثم استقرت في أن يذهبوا إلي بغداد رأسا و يحاصروها نظرا لحلول موسم الخريف و ذلك لأن موسم بغداد الشتاء و لا يتيسر الحرب أيام الصيف من جراء شدة الحر. و قالوا إننا حاضرون أن نفدي بأرواحنا و رؤوسنا فقال لهم السردار مهما كان الأمر فليكن، قوموا بالواجب!

و في اليوم التالي جاءهم ثلاثة أو أربعة من العجم يحملون كتابا من أحمد خان كتب فيه أن بغداد مملكتكم فقبل أن تذهبوا إليها و تخربوها ابعثوا برسول إلي الشاه و اطلبوها بصورة معقولة و أن السفير الوارد هو پياله بك فسألوه عن أحوال الشاه فقال إنه بعد عشرين يوما سيلاقيكم. و في ذلك المنزل سير سليمان باشا والي الموصل لإرسال أرزاق و ذخائر. و أعيد بستان باشا إلي كركوك لمحافظتها. و في اليوم التالي رحلوا و ذلك في 10 صفر فنزلوا قرب الإمام الأعظم … و في اليوم التالي ساروا إلي الجهة الجنوبية من بغداد علي الشط و حطوا أمام (الباب المظلم) (قره كوقپو) و لما مضوا بمجموعهم ضربوهم من القلعة بعدة طلقات من المدافع. أما أراذل الجيش فإنهم صاحوا بالسردار لا نعدل إلا أن نستولي علي المفاتيح و حينئذ ترتبت الجيوش في 12 صفر و دخلوا المتاريس و اجتازوا برج العجم و ذلك أن والي حلب مصطفي باشا صار في ساحل النهر، و آغا الينگچرية و الوزير القبطان تجاه برج العجم، و في الوسط أمير أمراء روم إيلي محمد باشا الگرجي و والي

الأناضول الحاج الياس باشا و والي مرعش نوغاي باشا، و والي سيواس محمد باشا الطيار و والي قرمان حسين باشا الچركسي كل من هؤلاء بسكبانيتهم دخلوا المتاريس. و أرسل إلي ديار بكر، و البصرة لإحضار مهمات … و إن بغداد لم تكن مستحكمة لدرجة فائقة إلا أن النخيل و ما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 230

ماثل قد جعلتها محكمة فاتخذ الجيش تلولا (توابي) و صاروا يشتغلون بالمتاريس و أن حافظ أحمد باشا كان يشجع القوم و ينعم بإنعامات عديدة عليهم و يستميلهم بكل ما أوتي من قوة و الجيش لم يقصر في الخدمة و العمل و كان اشتغالهم لمدة شهرين بسعي متواصل و اتخذوا في هذه المدة ألغاما من اثنين و خمسين موقعا فعلم العدو بها و أجري عليها الماء فبطل عملها و كان العمل متواصلا بشدة من الجانبين و قد قطعت آلاف من النخيل لرميها في الخندق و دفنه بالتراب. و لإتمام المحاصرة قد جرت الإحاطة من كافة الجوانب و نصب جسر فعبروه إلي الجانب الآخر من جهة (قلعة الطيور) (جانب الكرخ).

و في اليوم الثاني و السبعين من أيام المحاصرة ترتب الجيش سحرا و تأهب للهجوم و قد بقي من الألغام واحد فلما اشتعلت فتيلته أخذت جانبا من السور إلا أن العجم كانوا قد اتخذوا خندقا و راءه و جعلوا بعده سياجا (حائطا قويا). فلما اجتاز العسكر تولاه الإيرانيون بالبنادق فاضطروا إلي العودة و قد ذهبت منهم خسائر عظيمة.

أما الشاه فإنه جاءه الخبر فنهض حتي وصل إلي درتنك و منها مضي إلي شهربان و علم الوزير الأعظم أن قد وافي زينل خان بجيوشه.

مر بجسان فعبر ديالي.

و يلاحظ هنا أن قاسم خان أرسل كلب

علي خان بخمسمائة فارس و حملوا بارودا كل واحد حمل كيسا. فاخترقوا سحرا و علي حين غرة صفوف العثمانيين و اجتازوهم فوصلوا إلي المحصورين فأمدوهم. و بهذا رفع قاسم خان عنه عار الهزيمة السابقة. و من ثم عقد العثمانيون مجلس شوري من كبار رجالهم و قال لهم حافظ أحمد باشا إن الشاه جاء لإمداد القلعة و لم يبق من المهمات و البارود إلا القليل. و كان من رأي مصطفي باشا أن ينهضوا و يقارعوا الشاه أو يعودوا لبلادهم و إلا فلا فائدة من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 231

الحصار فلم يوافق الينكچرية و أصروا علي لزوم المحاصرة فحصل الاتفاق علي الدوام في الحصار و كتب إلي إستانبول لإمدادهم بمدافع و مهمات و كذا كتبوا إلي الأطراف و البصرة. و جاءهم الخبر من البصرة بأن ستأتيهم مدافع تطلق أحجارا بوزن 49 أوقية. و قد سبق لهم مثلها …

عزل الدفتري عمر باشا:

في هذه الأثناء وردت من ديار بكر معدات حربية اثنا عشر كيسا و أربعة و عشرون كلكا ذخائر و كانت قد وردت بمحضر القاضي محمد أفندي الحافظ و الدفتري عمر باشا و سائر الأمراء و غيرهم فأمر أن يوزن البارود و يثبت في دفتر و يوضع في قلعة الإمام الأعظم … و في تلك الليلة ظهرت غائلة و ولولة مؤداها أن عمر باشا تبين أنه عدو لنا أعطي الأعداء البارود فانتهبوا خيمته و ألقوا القبض عليه و سلموه إلي القاضي فأمر الوزير بإجراء محاكمته أمام القاضي فتحقق أن لا أصل لما نسب و كان بعضهم فعل فعلته هذه و هو مجنون. و علي هذا أمر بقتل ذلك المجنون و عزل عمر باشا و نصب مكانه عثمان أفندي

الطوقاتلي دفتريا.

و حدوث أمثال هذه الوقائع في جيش مما يمنع أن يؤمل له نجاة و كانوا يتحرون الطريقة لإيجاد الشغب …

و علي كل حال لم تكن القيادة مسيطرة علي الجيش بل كان يسوده الاضطراب.

مجي ء الشاه إلي ديالي و ذهاب مراد باشا إليه:

في غرة رجب وافي الشاه عباس إلي نهر ديالي و في الليلة التي حط رحاله هناك سمع المحصورون فأظهروا فرحا و سرورا و أبدوا مراسم الاحتفال و ظهروا علي السور … و بهذا عرف مقدار الموجود منهم و أن التضييق لما كان قد جري من جميع الأطراف فالجنود هناك في درجة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 232

كافية للحصار. فما كان يعده حافظ أحمد باشا سهلا قد تبين أنه من أصعب المصاعب. و لا مجال من وقوع المقدر و لا مفر من الصبر.

أطلقوا علي المحصورين نيران المدافع بطلقات عديدة و كانت هذه بمقام تسل و عادوا. و في الأثناء عقد الوزير الأعظم مجلس شوري فقر الرأي علي أن يذهب للحرب مراد باشا و والي الأناضول الياس باشا و أعطي لهما سبعة مدافع.

و في هذا الحين جاءهم (مدلج العربي) ببضعة آلاف فذهب مع أولئك فصار مجموعهم نحو العشرة آلاف و كان ذلك اليوم فيه ريح عاصف مملوء بالعج لحد أن الواحد لا يكاد يري الآخر فتحارب مع العجم فغلب و عاد إلي الفيلق مكسورا و أكثر سكبانيته قد غلبوا و تشتتوا و تركوا المدافع.

و في المساء هاجمهم القزلباشية فوصل حافظ أحمد باشا إلي الخندق فانتظروا حتي الصباح و أن الكتخدا للوزير الأعظم و هو حسين آغا قد أرسل ليأتي بالمدافع المتروكة فجاء بها و استشهد بعض الأمراء و حدثت ضايعات كثيرة …

و في تلك الليلة قرب الصباح أطلقت علي بغداد عدة مدافع

و حينئذ حاول بعض الأعجام الدخول إلي المدينة فلم يتمكنوا فقتل بعضهم و أسر الآخرون و بين هؤلاء برخوردار بك كان عظيم الجثة و هو صاحب لغم، و مدفعي فجاؤوا بهم إلي الوزير الأعظم فأمر بسجن المرقوم و قتل الباقين …

و في 2 شعبان كان حافظ أحمد باشا في الامام الأعظم فرأي قيام عجاجة تبين منها كتائب القزلباشية فتأهب الجيش العثماني، فركب الخيالة خيولهم، و دخل المشاة خنادقهم، و أخبر حافظ أحمد باشا بذلك فجاء أحد المشاة من العجم. وافي من جانب الشاه و أعطي إلي الباشا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 233

كتابا كان معه … و طلب الرسول جواب الكتاب فقال له الباشا سأرسل معك الجواب بعد الحرب فتأهب للنضال و اصطفت الجيوش علي الأصول المعهودة فجري بينهم تعاطي بعض نيران المدافع و البنادق و انسحب القزلباشية فكانت الحرب بسيطة.

الغربان و المدافع تأتي من البصرة

و بعد يوم ورد بكر آغا و علي آغا البصريان مع بضع مئات و بعض النجارين فخلع عليهم و أسكنهم في الأعظمية. جاؤوا بثلاث قطع من الغربان (سفن حربية من نوع قدرغة) و لم تكن لها قنوات في مؤخرتها و أعلاها يرفع بألواح عالية، و فيها ثقوب (مزاغيل) لضرب الأعداء، و أن مجاذيفها تسحب من ثقوب فيها و سواريها كالقدرغة. حملوها تمرا وافرا. و في اليوم التالي وردت المدافع أيضا و عهد إلي مراد باشا بأخذها. فذهب بها إلي الجانب الآخر و أخذ معداتها. و كذلك وردت المدافع من الحكومة العثمانية تسمي (بال يمز) فأعدت في رأس الخنادق و وضعت في المتاريس فلم يتمكنوا من استعمالها فأعيدت إلي الفيلق.

و البصرة كانت آنئذ بيد علي باشا بن أفراسياب و هذا بقي محتفظا بالبصرة، أراد

نصرة الدولة العثمانية ليبقي استقلاله مصونا فناصرها بما تمكن منه …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 234

ذهاب عمر باشا لمحافظة الشط:

إن شاه العجم وصل نهر ديالي و بث العساكر في الأطراف و هؤلاء كان غرضهم أن يقطعوا طريق النهر (دجلة) لئلا تصل الكلكات إلي الجيش فتمدهم. وقع فعلا نهبهم بعض الكلكات و من ثم أرسل الوزير الأعظم أحد أتباعه عمر باشا الأرناود لمحافظة تكريت. و هذا لقي الأعداء فحاربهم ألا أنهم تغلبوا عليه و استولوا علي ما معه ففر إلي الموصل. فانتهبوا ما ترك. و كذا انتهبوا المؤونة في الفلوجة فلما سمع حافظ أحمد باشا بما جري أمر بمحافظة هذه المواقع و كتب إلي يعقوب باشا و كان في رأس الكوپري.

رسول الشاه و جواب السردار:

في هذه الأثناء جاء رسول من الشاه يحمل كتابا يقول فيه إنني أخذت بغداد من يد جلالي و إني مرسل إلي السلطان برسول و كتاب راجيا أن يترك بغداد لابني و إذا أبي فإني أسلمها لكم فلا تدخلوا معي الآن في حرب.

أجابه حافظ أحمد باشا بقوله أنا وكيل السلطان المطلق و جوابه عندي فلا حاجة لكتابة كتاب إليه رأسا. نحن لا نترك بغداد بأمثال هذه الأقوال.

و في هذا الحين هب الهواء العاصف و كسر الجسر و اعتلي العج بحيث لا يتمكن الواحد من رؤية الآخر و هكذا استمر الريح العاصف في اليوم التالي و لم يتمكنوا من نصب الجسر إلا بكل صعوبة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 235

الحرب الثانية:

و في الحال علم أن القزلباشية جاؤوا إلي قلعة الطيور (جانب الكرخ) و سيضعون العتاد هناك فكان من رأي الوزير أن يتخذ ما يلزم.

و أرسل بعض رجاله و بينا هم متأهبون إذ ظهرت جيوش العدو للعيان في (جانب الرصافة). جاؤوا من ثلاثة مواقع فتأهبوا للمقارعة و تركوا تلك الإجراءات. مضي إلي جانب الكرخ حسن باشا و في هذا الجانب جرت المضاربات بمدافع و بنادق ثم عاد الطرفان مساء إلي مواطنهم … و في اليوم التالي قتل بعض الأمراء و دخل العدو متاريسهم و استشهد كثيرون ليلا.

ثم أمد الشاه بالعتاد و غيرها. كما جاءت السفن حاملة ما يحتاج إليه الجيش العثماني فاستولوا عليها حربا و بشق الأنفس. و قد فصل صاحب الفذلكة ذلك مما لا نري ضرورة لذكره.

الحرب الثالثة:

و في آخر شعبان شاع خبر دخول الشاه في الحرب و في 12 رمضان هاجم عسكر الشاه من ناحية الشرق و من الغرب و بعض القزلباش تأهبوا للقراع و كانت جيوش العثمانيين كثيرة، و إن كاتب چلبي كان شهد هذه الواقعة. وقف عقب جيش السلحدار علي تل عال فجري الحرب و أطلقت المدافع من ناحية برج العجمي و اشتد القتال إلا أن الحرب سكنت قبيل الظهر. و في هذا الحين تحفز الأفراد للهجوم و طلبوا الإذن لهم في الحرب فكان حافظ أحمد باشا يمنعهم و يقول لهم أنتم لا تعرفون شيئا التزموا مكانكم …

ثم تحاربوا من ثلاثة مواطن فكانت هذه الحرب مؤلمة جدا.

وصف كاتب چلبي هولها و أوضح حالة الجيش العثماني و مغلوبيته، و أن المشاة منهم صدوا الهاجمين و صاروا يذبحونهم في الخنادق … و أما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 236

الغبار فصار لا يستطيع معه

الواحد أن يري الآخر، و أن حافظ أحمد باشا عاد لا يتمكن أن يري جيشه كما و أنه قتل له أمراء كثيرون و دمر له جيش عظيم …

ثم انجلي الغبار فكان الجيش التركي في مكانه و العجم قد انسحبوا … و الجيش التركي ظهرت عليه علائم الهزيمة و صار لا يلوي إلي جهة إلا أن أعداءه لم يعلموا بالخبر لما ثار من الغبار و الريح الزعزع … و لو بقي الجيش علي حالته لساء أمره … حدثت تلفيات من الجانبين كثيرة لا تقدر … فعاد الجيش إلي خيامه …

و في 2 شوال يوم السبت اجتاز العجم دجلة و جاءوا إلي الجسر علي حين غرة و هناك جرت معركة عظيمة، و أن يعقوب باشا (كافر أوغلي) والي الموصل قد جرح عند قلعة الطيور فكانت الحرب مؤلمة بسبب الجهود المبذولة لإيصال العتاد. ثم ورد رسول من الشاه يطلب إرسال رسول من جانب الوزير للمذاكرة في الصلح و بعد ذلك وافي من العجم (توخته خان). و هذا قدم الكتاب باحتفال و انعقد المجلس فلما أعطي الوزير الأعظم كتاب الشاه أخذه و وضعه تحت مخدته و قال له أنت اليوم ضيفنا و غدا نتواجه و ختم المجلس …

و في كتابه يقول:

«قد هلكت الرعية. فما الباعث للنزاع بين المسلمين، أنا انتزعت بغداد من جلالي، و أرجو من السلطان أن يمنحها لابني و أنا وكلت توخته خان في جميع الأمور» ا ه.

و هذه الألفاظ نسمعها دائما في مواطن كهذه. و لا شك أنهم رأوا العطب من العثمانيين …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 237

و لما سأله الوزير الأعظم عن فكره باعتباره وكيلا للشاه أجابه بأن (الصلح خير) جئت للصلح بين

الطرفين فسأله علي أي شي ء نتصالح؟

فلم يتم بينهما صلح.

قال الوزير أنا لم آتكم لأسلم لكم المدينة و حينئذ صاح الجيش لا نرجع حتي نأخذ المدينة …

فصل كاتب چلبي المحادثة بطولها … و في أثناء المذاكرات و بقاء السفير هاج العسكر. قالوا إن الوزير اتفق مع الأعداء و خان السلطان و لم يسكنوهم إلا بشق الأنفس … و احتفظوا بالسفير.

و في يوم 7 شوال الخميس دعا الوزير آغا الينگچرية و سأله عن اللغم. و هذا ثار في اليوم التالي من جهة أنه لم يحكم سده فتوجه نحو العثمانيين عند ما أخذ النار. ولد بعض التخريبات فلم يبق أمل في البقاء فاضطر الوزير علي العودة. حرقوا أثقالهم و أخذوا ما تمكنوا من حمله …

رحلوا يوم الجمعة بعد أن دفنوا بعض المدافع التي تقدر قيمتها بما يعادلها ذهبا و كسروا الأخري ثم إن الشاه عثر أخيرا علي الدفائن منها و أخرجها و أخذها معه إلي أصفهان … أما توخته خان فقد أخذوه معهم حينما عزموا علي الرحيل … و في ثالث منزل سيروا توخته خان.

أعادوه إلي العجم و لكن الجيش الإيراني كان في عقبهم. حارب عدة مرات.

ذكر كاتب چلبي ما أصاب الجيش العثماني من الضرر و ما كابد من تعب و ألم و جوع لحد أنه لم يجر علي جيش قبلهم ما جري عليهم.

مضوا بهذه الحالة و الكثير منهم لم يستطع الدوام. و إنما بقي في محله

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 238

قوات السلطان مراد في حصار بغداد- كتاب قصة الأمم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 239

لشدة ما ناله من الجوع فلما وصلوا الزاب أخذوا راحة، و تيسر لهم أن يجدوا الطعام و الأرزاق فمضوا من

هناك إلي الموصل و حينئذ أعطيت لهم مواجبهم بتمامها … كما منح الوزير ايالة الموصل إلي بكر آغا الذي جاء من البصرة و عين حسن باشا الچركسي لمحافظة الموصل …

و كتب ما وقع إلي الآستانة فجاءه الجواب أن يشتي هناك …

قال كاتب چلبي هذا مجمل ما أمكن إيراده بوجه الاختصار …

و أقول: إن هذا ملخص ما نقل عن كاتب چلبي و التفصيلات تخص الجيش العثماني و وحداته و أسماء أمرائه مما لا يهم العراق كثيرا …

خلاصة في حصار بغداد:

إن الوزير الأعظم حافظ أحمد باشا حاصر بغداد بالوجه المشروح. و كان مدبرا، و مفكرا عميقا … و لم يكن هذا الحصار موافقا لرغبته كما قصه شاهد عيان (كاتب چلبي) و كان من رأيه التسلط علي النقاط الحربية المهمة لقطع طريق إمداد الشاه فلم يفلح فتابع رغبة الأمراء الذين كانوا معه فابتدأ بمحاصرة بغداد … و في خلال الحصار تم الاستيلاء علي الحلة و كربلاء كما أدي إلي حرب دامية قتل فيها الألوف من الطرفين إلا أنه لم يتيسر الاستيلاء علي المدينة و حين سمع الشاه وافي بنفسه و كان هذا ملحوظا. فأرسل في مقدمته زينل خان بثمانين ألفا و لما وصلوا إلي شهربان سير قاسم خان بوجه السرعة ابنه كلب علي خان بخمسمائة من الخيالة و أرسل مع كل واحد كيسا من البارود لإمداد المحصورين فاخترقوا الجبهة سحرا و علي حين غرة فمضوا إلي المحصورين و أمدوهم … و بهذا أنسي ما أصاب والده قاسما في الموصل من كسرة و أن حافظ أحمد باشا صد جيش زينل خان الذي سار من شهربان إلي قرية بهرز ليعبر ديالي … و لكن سار الشاه بقوته لإمداد جيوشه …

موسوعة تاريخ العراق

بين احتلالين، ج 4، ص: 240

كل هذا مما ضعضع قوة الجيش العثماني، و ولد ضعفا أو فتورا فيهم، و كذا قلت أرزاقهم، و عزت المؤونة فاتفق أعداؤهم جميعا علي مهاجمتهم، و الجيش العثماني في حالة دفاع فلم يتمكن العجم أن يخترقوه. إلا أنهم تمكنوا من قطع طريق المواصلة للعثمانيين …

و العثمانيون صابرون، مثابرون علي حرب عدوهم حتي أن الوزير في ساعة الحرج كان طلب من الشاه المبارزة فأجابه أن البازي المفترس لا يصغي لصوت الزاغ و من كان همه صيد الأسود لا يبالي ببنات آوي.

قال صاحب گلشن خلفا (هذا ما نقلته عن الثقة) و الظاهر أنه نقل ذلك عن والده نظمي البغدادي فإنه شهد الحادثة، و كان فر أثناء سقوط بغداد و ذهب مع أمه بصفة درويش إلي كربلاء و الحلة و بقي هناك إلي أن اتصل بحافظ أحمد باشا و مدحه بقصيدة مهمة …

هاجم العجم الترك عدة مهاجمات فلم يتمكنوا بل باؤوا بالفشل إلا أن قطع مواصلة الجيش أثر كثيرا عليهم … و كذلك قطع عنهم طريق الميرة فلم يستطيعوا أن يتصلوا بالخارج فصار المحاصرون محصورين فانعكست الآية … فاستولي الجوع و كان البقاء في محل واحد سبب أمراضا في الجيش بسبب طول البقاء لمدة نحو تسعة أشهر.

دعا ذلك إلي الضجر من الحالة و اضطر الجيش إلي الانسحاب.

و في هذا كله أبدي حافظ أحمد باشا من المهارة الحربية ما أكد قدرته.

احتاط و راعي كل تدبير ناجع لتحقيق غرضه فلم يفلح الأمر الذي جعل أرباب الزيغ يتخذون ذلك وسيلة للطعن به و إسقاط منزلته. و الآستانة آنئذ في هرج و مرج فلم ينل مددا كافيا مع العلم بأن الشاه وجه عليه جميع قوته. و رأت إيران

ما رأت من عطب. و بالرغم من ذلك كاد يتم الصلح بينه و بين الشاه لولا أن الينكچرية لم يصبروا للنتائج فقاموا بعصيان اطلع

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 241

عليه الشاه في حينه فلم يتم. فكانت هذه الحروب دمار الدولتين.

و علي كل لم ينجح في مهمته فغضب عليه السلطان لما شوهوا به سمعته. نزع منه المنصب و جعل خسرو باشا وزيرا أعظم … و هذا أيضا شغل في قضايا أخري كانت تهدد قلب السلطنة. فكانت الدولة في اضطراب لا مزيد عليه …

أما بغداد فإن الجيش حينما انسحب منها ترك مرضي كثيرين فاقتسمهم أغنياؤها و طببوهم حتي شفوا و إن الشاه عباس عاد إلي إيران ظافرا بعد أن طال مقامه. و من ثم لم يعرف عما جري لقلة المدونات، و لا يؤمل من حالة لا تزال حربية و في حالة حصار، مهددة في كل آن بحروب جديدة. بقي فيها الجيش يتوقع ما سيجر إليه ذهاب الوزير الأعظم، أو ما تقوم به السلطنة العثمانية …

حوادث سنة 1036 ه- 1626 م

حالة العراق

إن الحكومة العثمانية- كما قدمنا- شغلت بنفسها في حوادثها الداخلية. و الإيرانيون لم تكن فيهم الهمة الأولي للتوغل في الأنحاء العراقية الأخري فاكتفوا برفع الحصار عن بغداد و عادوا … و من ثم صح أن نقول إن هذا العام قد سكنت فيه حالة العراق نوعا …

حصار البصرة:

كانت البصرة بيد علي باشا آل أفراسياب. و حاول العجم الاستيلاء عليها فوجه الشاه إليها قائده (إمام قولي خان) فحاصرها أشد الحصار و لكنها بذلت كافة جهودها للدفاع فعجز القوم من التمكن منها و رجع القائد خائبا، و ترك خيامه و مدافعه و أموالا عظيمة و راءه …

و الشيخ عبد علي الحويزي مدح علي باشا بقصيدة ذكر فيها الوقعة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 242

و أرخها بنصف بيت و هو (علي دمر الخان سنة 1036 ه). و الحصار طال إلي سنة 1038 ه أي أنه دام إلي أن توفي الشاه عباس الكبير فلما ورد خبر وفاة الشاه عاد إلي مملكته. هذا مع العلم بأن الحكومة العثمانية خذلت أمام الجيوش الإيرانية مرارا مما جعلنا نقطع بأن دفاع البصرة كان دفاع مستميت احتفاظا بها و ذبا عن حريمها بخلاف الترك العثمانيين فلم تهمهم بقدر أهليها. و نراهم يطرون (علي باشا أفراسياب) علي دفاعه هذا.

حوادث سنة 1037 ه- 1627 م

وفاة السيد عمر البصري

هو ابن عبد الرحيم البصري الحسيني الشافعي نزيل مكة المشرفة، الإمام المحقق، أستاذ الأستاذين، كان فقيها عارفا مربيا، كبير القدر، عالي الصيت، حسن السيرة، كامل الوقار … كذا في الخلاصة نقلا عن الشبلي و أطال في وصفه. أخذ عنه خلق كثير. و زاد أنه متمكن في التصوف أيضا. توفي سنة 1037 ه.

و لم نقف علي رجال العراق في هذا العصر. ألهت الحوادث بل الرزايا من تدوينها و لم تخل في وقت من عالم أو أديب.

حوادث سنة 1038 ه- 1628 م

حالة العراق

لا يؤمل أن نري صلاحا أو إصلاحا و الحكومة الإيرانية في حرب و لم تنقطع يد العثمانيين عن مواصلة الزحف و كل ما في الأمر كانت التأهبات عظيمة من الجانبين و الإدارة عسكرية قاسية جدا ابتلي العراق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 243

بأطماع الفريقين إلا أن موت الشاه في جمادي الأولي من هذه السنة (1038 ه) و تبدل الحكم و هجومات الأتراك المتوالية بإزعاج كل ذلك لم يحرك ساكنا في الأهلين للمطالبة باستقلال و اتخاذ تدابير لدفع الحكومتين. و ما قيام بكر صوباشي إلا لهذا الأمل، فخاب خيبة ذريعة.

و العراق صار بين حكومتين إذا رأي ضعفا من واحدة و نزع إلي الاستقلال و حاول التملص منها فاجأته الأخري بجيوشها و هاجمته علي غرة و لم يجد فرصة للنهوض، و لا لتحقيق هذه الأمنية مع العلم بأن حروب الماضي لم تكن تشغل إلا ناحية واحدة مقدرة بقوة الواحدة بالنظر للأخري …

لم نعلم عن حكومة إيران في العراق علما وافيا عن جميع أعمالها حتي هذا التاريخ رغم كثرة المراجع التركية. و هذا شأنهم في تواريخهم.

توضح علاقاتهم مع غيرهم لا أكثر … و مثلها تواريخ إيران لم توضح أكثر من العلاقات العامة،

و لم نجد أثرا يستحق التدوين.

حوادث سنة 1039 ه- 1629 م

السردار خسرو باشا و بغداد

في فترات غير مقطوعة نسمع بعودة الحروب، و التأهب للقراع، كل دولة تستعد لما يؤمن لها الانتصار. و هكذا كان الأمر فعلا، ففي 18 شوال من سنة 1038 ه نهض السردار من استانبول لاستخلاص بغداد و هو الصدر الأعظم خسرو باشا و جعل مكانه قائممقاما رجب باشا.

فوصل قونية في المحرم من سنة 1039 و منها شتي في ديار بكر ثم توجه نحو الموصل فوصل إليها في غرة جمادي الأولي. و من هناك سار في 13 جمادي الثانية. عبر الزاب في 25 منه و في طريقه ضرب العربان الذين كانوا نكلوا بالأهلين و كان أملهم أن يمضوا إلي آلتون كوپري (القنطرة) فذهبوا إلي شمامك و منها جاؤوا إلي قرية ميره بك من أمراء

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 244

صوران ثم ساروا إلي شهرزور في 28 رجب فمروا بكثيرين من أمراء الكرد و كانوا أذعنوا بالطاعة. مروا من سر چنار حتي وصلوا إلي نفس شهرزور فأقاموا فيها. و لما كانت شهرزور تخربت أيام الشاه عباس لم يبق لها أثر فهي صحراء واسعة بين جبال و آثار القلعة المعروفة بظالم قلعة (زلم) موجودة. كان بناها السلطان سليمان. و حاكمها (الشيخ عبد اللّه) و يسمي (شيخو). أذعن بالطاعة و قدم ابنه رهنا. و التفصيل في فذلكة كاتب چلبي.

أعاد القائد تعمير قلعة گلعنبر و هي مركز قضاء و تسمي (حلبچة). كان بناها السلطان سليمان خان. و ينطق بها (ألبجه).

كان تشتت أمراء الكرد و فروا من أيدي العجم. التجأوا إلي الجبال الشاهقة و المواطن الصعبة المرور فاختفي كل من ظالم علي، و مأمون خان، و مراد خان من أمراء أردلان. و لما رأوا الوزير

الأعظم وافي إليهم أطاعوه.

أطاع السردار جماعة من أمراء الكرد و هم حكام هاوار، و كسانه، و شهر بازار، و دمير قپو، و چناد، و خوسير، و هزار ميرد، و دلخوران، و مركاره، و حرير دويز، و نيل، و طاوي، و زنجير گرقپو، و منزل عجور، و ابروان، و پلنكان، و باسكي، و دوان، و قزلجة قلعه و پاوره برند، و قلعه غازي، و نعل لب بإربل، و چنار كدوكي، و مهربان …

قال في الفذلكة إن الأكراد يتابعون القوة، و لا يعتمد عليهم و تغلب عليهم المداراة. و مثل هذه القوي لا تصد.

و لما سمع الشاه بخبر قدوم الصدر الأعظم و رأي أن قد اضطربت

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 245

أفكار الأهلين في همذان جهز الجيش و جعل القائد عليه أمير الأمراء زينل خان و أحمد خان بن هلو خان الأردلاني فمر من جهته و معهم نحو الأربعين أو الخمسين ألفا من الجند فوصل إلي قلعة مهربان (مريوان) و ذلك في رمضان هذه السنة فساق عليه الوزير جيشا لمقابلته تحت قيادة نوغاي باشا أمير أمراء حلب فتقابل الجمعان قرب المدينة و رخصت في هذه المعركة النفوس فلم يدع أحد من قوته شيئا و بذلت المجهودات و دامت المقارعة حتي العصر فوصل المدد للجيش العثماني وقت الحاجة و اشترك في المعمعة فرجحت هذه الكفة علي العجم ففر القليل منهم و هلك كثيرون و تركوا جرحي حتي إن سردارهم زينل خان فر أيضا.

و عند وصوله إلي الشاه غضب عليه فأورده حتفه للحين.

و علي هذا الخبر خلي الشاه همذان و انسحب إلي عاصمته. أما الوزير فإنه توجه نحو مهربان. و لمصلحة اقتضت بقي هناك مدة سبعة أيام أو

ثمانية. ثم عزم إلي همذان فكسر الجيش الإيراني في طريقه.

و منها استولي علي درگزين. و كان في نيته أن يذهب إلي عاصمة إيران و هي أصفهان و لكنه حين وصوله إلي صحراء درگزين اضطر أن يطيع أمر السلطان الوارد إليه القاضي بلزوم ذهابه إلي بغداد. و في هذه الأثناء أصلي نهاوند بنيران حامية.

و في طريقه أمر السردار كلّا من يوسف باشا أمير أمراء روم ايلي و كوچك أحمد باشا أن يدمروا مملكة (رستم خان) ففعلوا و اجتمعت الجيوش في باش دولاب لتتوجه إلي بغداد و تلتحق بجيش السردار للذهاب إلي هناك فخربوا كل ما مر في طريقهم.

و في 10 ذي القعدة توجهوا إلي بغداد. اجتمعوا في باش دولاب.

و لكن المنقول عن بعض الثقات من أهالي بغداد أن (دجلة) كان في حد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 246

النقصان و لذا انتظروا ورود المدافع و المعدات الحربية فمكثوا عدة أيام بلا حرب و لا جدال.

حوادث سنة 1040 ه- 1630 م

بقية حوادث الصدر الأعظم بجانب بغداد

و في أوائل المحرم من سنة 1040 ه مضي إلي المدينة (بغداد) من طريق در گزين، و درتنك و قصر شيرين و حلوان. و هكذا حتي عبر نهر ديالي، فوصل إلي قنطرة (چبوق)، و اللقمانية و في 28 المحرم وافي الشط قرب الأعظمية.

و من الجهة الأخري إن كنج عثمان جاء من طريق الفرات فورد الفلوجة و منها مضي إلي الحلة فهاجمها. و في 20 صفر سنة 1040 ه شرع السردار في حصار بغداد، و أحاطها من جميع جوانبها. و في 3 ربيع الأول سنة 1040 ه هاجمها هجوما شديدا. و ذلك أن كل وال (أمير أمراء) هاجم بما لديه من الأغوات و العساكر فاجتازوا المتاريس و وصلوا إلي قرب السور فكان

دخولهم هذا المأزق مخطرا جدا. و هناك بذلت النفوس مجهودها، و جالدت جلادا عنيفا. و كانت المدافع ترمي علي الأعداء فرمت ما يقرب من ألف قنبلة و لكنها لم تتمكن من التأثير علي السور إلا من جانب و مع هذا دام الحرب لمدة أربعين يوما. فظهر العجز في الجيش العثماني و بدرت بوادر خفوق المسعي رغم الجهود و المعارك الخطيرة. و إن الهجوم الأخير الذي جري قد فل الجيش و بعثره. أتلف الكثير منه بحيث صار لا يدري الواحد بالآخر. و في كل هذه المدة لم يأت مدد. و أعوز البارود و المؤونة و العتاد أكثر من كل شي ء … و ما ورد إليهم لم يف بالمطلوب.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 247

و كان الأولي أن يركنوا إلي الحصار، و أن يمنعوا خروج الجيوش المحصورة، و يقطعوا السابلة و أن لا يمدوا المحصورين استفادة من التجارب العديدة، فلا يجازفوا بالهجوم و يخاطروا … و كأنهم في غفلة عن المخذوليات السابقة.

لم تكن للعدو من القوة ما يكفي للحصار و المقاومة. و إنما أحكم حصاره و أبطل الألغام التي عملها العثمانيون … و كان العجم قد عزموا علي تسليم البلد و لم يجدوا وسيلة للتخلص بغير طلب الأمان. و لكن العثمانيين عجلوا.

و حينئذ قرر الإيرانيون الهجوم من جانب الثلمة التي أثرت فيها المدافع و استمروا في الدفاع بعددهم و مدافعهم و أن يحاربوا حرب المستميت …

و لهذا أول ما قارب العثمانيون المدينة أصلوهم بنيرانهم و منعوا العساكر العثمانية، فقتلوا من تقدم أولا و قطعوا طريق إمدادهم …

و علي كل لم يتيسر الفتح. و يعزو أوليا چلبي الخذلان في هذه الحرب إلي أن الجيش ربح غنائم كثيرة

إلي حد الإشباع، و الأسد لا يكون مفترسا إلا إذا جاع، فلم يهاجموا أثناء الحصار بشدة. و لكن الواقع يؤيد أن أسباب المحاصرة مكينة، فلم يتمكنوا من اختراق الجبهة.

لم يقدر السردار علي المطاولة لا سيما و قد كانت خسائره كبيرة و ضائعاته عظيمة … لم يصبر علي الدوام في الحرب كما فعل حافظ أحمد باشا. و لذا قرر لزوم الرجوع باستشارة الأمراء و ذلك في 8 ربيع الأول من هذه السنة. و في أوليا چلبي تركوا بغداد في 27 صفر سنة 1040 ه فعاد بما لديه من قوة و خيام و غيرها. و في أثناء هذه الحرب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 248

استشهد أمير أمراء الأناضول داود باشا. إلا أن السردار قرر أنه إذا بقيت الحلة في يده أمكنه معاودة الحرب في السنة المقبلة بأمل تسهيل أمر الفتح بناء علي اقتراح بعضهم فوافق عليه، و أرسل أمير آمد خليل باشا مع نحو عشرين ألفا من عسكر ايالته و بينهم الينگچرية. و في كتاب (خبر صحيح) كان معه اثنا عشر ألفا فأرسلوا علي جناح السرعة إلي الحلة. أحاطوا جوانبها بالخنادق لتكون لهم عدة أيام الخطر و المحاصرة.

و في هذا الأوان هاجم قائد العجم توخته خان المسمي (خان خانان) فضبط (درنه و درتنك) ففر المحافظون من الجنود هناك من أمامه … و من جهة أخري إن رستم خان أيضا هاجم الحلة و وجه عزمه إليها فاستمد خليل باشا بالسردار فأرسل إليه بضعة أمراء لكنهم لم يجدوا طريقا للوصول إليه. فكان استعجالهم تسرعا مغلوطا …

مهاجمة شهرزور:

ثم إن العجم هاجموا شهرزور بنحو ثلاثين ألف جندي بقيادة توخته خان و معه أحمد خان و ظالم علي فطردوا من فيها

بالقوة و جعلوها قاعا صفصفا و لم يبقوا فيها بناء ما. و في المعركة قتل محمد باشا بن أرنود و انهزم عمر باشا و ابدال باشا. و هؤلاء أيضا لم ينجوا من سيف السردار فأمر بقتلهم و إن أمراء الكرد مالوا إلي العجم و تابعوهم.

عودة السردار إلي الموصل:

و في هذه الأيام وصل السردار إلي الموصل بتاريخ 7 جمادي الأولي و شرع في إحكام حصارها و منها توجه إلي ماردين.

و هذا الوزير كما نعته كاتب چلبي لم يكن له تدبير صائب. استبدّ

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 249

برأيه، و لم يحسن التصرف كحافظ أحمد باشا فأدي عمله إلي القضاء علي الجيش و مهماته و ذهبت كل التدابير هباء …

مهاجمة الحلة:

هاجم الشاه بنفسه الحلة بنحو أربعين ألف جندي بعد أن رآها استعصت علي جيوشه فحاصرها لمدة ثلاثة أشهر و كان محافظها آنئذ خليل باشا فلم يصل إليه المدد و كان أصاب الدولة العثمانية قحط و بيل فلم تتمكن من معاونته بل كانت في حالة اضطراب من جراء هذا الغلاء. فقطع أمله من المعاونة و لم يفكر إلا في طريقة الخلاص من هذه الغائلة المحدقة به. و كانت مدة الحصار بلغت الثلاثة أشهر أو الأربعة ففي بعض الأيام هجم بما لديه من فوارس علي جبهة من جبهات العدو فخرقها و تمكن من الخروج و لم يتمكن منهم العدو بشي ء فوصل إلي الموصل. كان لهذه الشجاعة التي أبداها في شق الجبهة مما تذكر له و تزيد في سمعته. و حينئذ أوقع العجم بأهل الحلة ما شاؤوا من قتل و نهب.

و في اليوم التالي نادي المنادي بالأمان فانقطع النهب و كفوا عن الغارة و القتل. و إن الجنود التي بقيت في المؤخرة طلبت الأمان.

ثم عاد الشاه و من معه من الجنود العثمانيين الذين طلبوا الأمان إلي بغداد و سير الروم و هم الجنود إلي الموصل و منها توجه إلي إيران.

و لم ينج منهم إلا القليل. سير الجنود الرومية إلي أوطانهم و لطفهم و أذن لهم بالذهاب.

ثم أمر أن يعمر مرقد الإمام علي (رض) فبوشر بالعمل في الحال. و أما الحلة فإنه ضيق عليها و أذل أهليها و أمر أن تبني قلعة محكمة هناك و يتخذ خندق فشرع في العمل فدمرت دور و بساتين و حدائق للأهلين فتضرروا كثيرا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 250

حوادث سنة 1041 ه- 1631 م

حكومة بكتاش خان

بغداد في هذه الأيام:

في هذه الاضطرابات و الحالات الحربية كان الحاكم في بغداد (صفي قولي خان)، و لكنه عاجلته المنية و لم يمهله الأجل. و كان متعصبا في مذهبه كما أنه كان متصلبا في الإدارة. و بلغت مدة حكومته ثماني سنوات تقريبا.

و لما وصل خبر وفاته إلي شاه العجم أظهر حزنا كبيرا و أصابه ألم عظيم. و اتباعا للتقاليد المرعية دعا المنجمين و استطلع رأيهم في معرفة طالع أمرائهم الموجودين فكان طالع (بكتاش خان) غالبا علي الكل …

و علي هذا نصب (بكتاش خان) حاكما علي بغداد. و لكن الطالع ظهرت حقيقته مؤخرا بدخول السلطان مراد خان بغداد و استيلائه عليها و هي في يده و تحت حكمه. فكانت أيام بغداد في سوء و حروب و معامع بل قلاقل عظيمة فلم تهدأ الحالة.

و إن من آثار الوالي السابق بناء السراي (دار الحكومة) المعروف (أيام صاحب گلشن خلفا) بالدفتر خانة.

بكتاش خان:

في هذه السنة ولي بكتاش خان علي بغداد. قال صاحب گلشن خلفا إنه كان مشغولا بالشرب و تعاطي المعاصي و أخذ الهدايا و عدم المبالاة بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فمال الناس في أيامه إلي الأهواء النفسية و انهمكوا في المعاصي و صاروا لا يبالون بانتهاك الحرمات.. و الحالة حربية، فلا يعول علي مثل هذه الإشاعات.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 251

حالة الترك:

إن السردار كان قد صرف همه إلي تعمير القلعة في الموصل و تحكيمها. و في هذه السنة كان يتجول بين ديار بكر و الموصل. و لكنه لم يتمكن من إجراء عمل ما. و إن موسم الشتاء قد حل فوصل إلي مشتاه و انتظر فيه. و في 28 ربيع الأول انتزع منه السلطان الخاتم فصار حافظ أحمد باشا وزيرا للمرة الثانية فأمر بإرجاع الجنود إلي استانبول.

و إثر ذلك حصل قيام عليه من الينگچرية و رؤساء الموظفين فقتل في سنته و كان من أعاظم رجال الدولة. عين مكانه رجب باشا فصار صدرا أعظم. و هذا أيضا قتل من جانب السلطان نظرا لاشتراكه مع الثائرين الذين أصروا علي قتل حافظ أحمد باشا فخلفه محمد باشا و هذا دمر المتغلبين و الثائرين ممن كانوا يضطرون السلطان إلي قتل وزرائه و تبديلهم و بهذه الوسيلة أمنت الحكومة من شرورهم.

و لما أمن السلطان مراد المركز شرع في تسكين الأناضول و التنكيل بالثائرين فتمكن من ذلك أيضا.

حوادث سنة 1042 ه- 1632 م

و في سنة 1042 ه هاجم شاه العجم كرجستان. و كان حاكمها آنئذ (طهمورث) فلم يستطع مقاومة الأعجام فانسحب و ضبطوا كرجستان و منها توجهوا نحو (وان) فوصل خبر ذلك إلي استانبول فأصدرت الأوامر إلي رؤساء الثغور للاهتمام بالأمر و التأهب للطواري ء.

حوادث سنة 1043 ه- 1633 م

غرق بغداد

في هذه السنة طغي ماء دجلة فغرقت من بغداد محلة باب الأزج

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 252

و غيرها. و السبب أن إسماعيل بن نجم كانت بستانه محاذية لبدن القلعة فبثق من البدن بثقا ليسقي بستانه، فاتسع و هدم جانبا من البدن، فتركه و انهزم، فأخبر والي بغداد بكتاش خان، فقام مهرولا حتي وقف عليه، فشاور بعض المهندسين في هذا الأمر، فطلبوا ثلاث طيارات، ملأوها ترابا و حجرا و خسفت في الهدم و ترك خلفها الخشب و الحطب و التراب حتي انقطع سيل الماء، و اطمأن الناس بعدما ذاقوا مشقة عظيمة.

حوادث حربية:

و في ربيع الأول سنة 1043 ه سار توخته خان أمير أمراء العجم بعساكره إلي وان و كانت عدتهم نحو الثلاثين ألفا فهاجمها و ضبطها، و لكن أمير أمراء ديار بكر مرتضي باشا و أمير أمراء أرضروم خليل باشا وافوا إليها. و في 10 ربيع الآخر أنقذوا وان من يد أعدائهم و رجعوا.

فلما سمع الوزير الأعظم و كان قد تحرك أيضا لإمداد الجيش لاستخلاص وان في 11 ربيع الآخر فرح كثيرا و سر الفيلق و قد وصل الصدر الأعظم إلي حلب في 15 جمادي الثانية.

و في أوائل رجب بناء علي الفرمان الصادر قتل والي حلب نوغاي باشا و وجهت الولاية إلي والي ديار بكر محمد باشا الطيار، و إن مرتضي باشا عاد إلي استانبول.

و في هذه الأثناء حصلت بعض الاضطرابات في الفيلق أحدثها رؤساء الينگچرية. و فر رئيسهم إلي استانبول فقتل بأمر من السلطان هو و من معه.

و الحاصل أن الأحوال الإدارية و الاختلالات الداخلية منعت من استعادة بغداد و دعت إلي بقائها في أيدي الإيرانيين مدة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4،

ص: 253

و الملحوظ أن النزاع علي بغداد و تهالك الترك في سبيلها و اهتمام صدورهم في حروبها. و العجم و مجازفتهم في الاحتفاظ بها كل هذه من الأمور الداعية لانتباه الأهلين و لكن أين الانتباه و القوي متكافئة بل راجحة للعجم في الحرص علي العراق و دفاعهم عنها دفاع المستميت في كل مرة … و كذا الترك و مخاطرتهم في الهجوم عليها و لزوم استعادتها …

مال الأهلون كل منهم لناحية فصاروا طعمة نيران هذه الحرب الملتهبة بلا أمل و لا مواعيد شافية، و لا التمكين من أي حق بل نراهم يطلبون من الأهلين المقاتلة معهم. و تسهيل النجاح و الغالبية ليكونوا شهداء لتمكين سلطانهم، أو واسطة لتأمين استعبادهم و قهرهم …

و هكذا نري عدم المبالاة بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. فلا يكاد يظهر لهما أثر في هذا العهد فمال الناس إلي الأهواء النفسية و انهمكوا بالمعاصي. و لذا نري الصلحاء في خوف و ارتباك من الأمر.

كثرت في أراذل الناس الفواحش فصارت هذه بمثابة الحالة الاعتيادية المألوفة …

حوادث سنة 1045 ه- 1635 م

الطاعون في بغداد

توالت الأرزاء، و اختلت الحياة بسبب تكاثر الجيوش، و صارت المعيشة في اضطراب، فكان من لوازم ذلك أن حدث في سنة 1045 ه في اليوم الثالث من شعبان المعظم الطاعون. هاجمت جيوشه الأهلين و استولت علي إقليم العراق و استمر ضرره و دام خطره إلي أول يوم من عيد الفطر.

كانت الضائعات عظيمة جدا فكم دمر من أسرات و قرض من أهلين … ! حتي إنه لم يبق من يدفن الأموات أو يحمل الموتي، فكان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 254

لمصابه خطر عظيم و كثرت الأراجيف و نال الأهلين رعب كبير و من ثم تراهم تركوا المعاصي

فصاروا يميلون إلي الصلاح و إلي تأديب النفوس و الركون إلي الاستغفار و التمسك بالعبادة فلم يبق ملجأ إلا اللّه تعالي …

ورد في تاريخ الغرابي:

«وقع في بغداد طاعون و كثر حتي جروا بعض الموتي من أرجلهم و رموا بهم في دجلة. و بيعت قربة الماء بخمسة عباسيات» ا ه.

ثم خفت وطأته. و استمر إلي يوم عرفة فانقطع و زال خطره و شفي المصابون به فكثرت الموروثات و نال الفقراء الثراء. و بعد أمد يسير أبطر الناس الغني و وسوس لهم الشيطان سوء الأعمال فمالوا إلي المنكرات و عادوا الكرة إلي عمل الموبقات … كذا قال صاحب گلشن خلفا.

حالة العراق:

من هذه الأحوال يظهر أن هذا القطر لم ينل راحة. فهو بين حرب و ظلم و غرق و طاعون … فلا أمل أن نري عمارة، أو عدلا، أو أمنا، أو نموا في الحضارة و لا تمكنا من العلوم و الآداب. و الحالة لا تزال حربية و الاهتمام بالجيش هو المطلوب. و الأخبار المتضمنة هجوم السلطان مراد علي العراق بقصد استعادته من مؤيدات ذلك. تأهب بنفسه و قام علي العجم لصد غائلتهم فلم يتمكنوا من القضاء عليها من مدة بحيث شوشت عليهم داخليتهم و خارجيتهم. فهي بالنظر إليهم أم المسائل أو صارت (قضية الحياة و الممات). دامت هذه الأحوال من الاضطراب إلي أن استولي السلطان علي بغداد.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 255

فيل الشاه صفي:

في هذه السنة بلغ الخبر كوچك أحمد باشا و كان مقيما في الموصل أن أمير آخور الشاه زينل خان أتي إلي بلدة شهرزور و معه فيل أهداه سلطان الهند إلي الشاه صفي، فذهب إليها و انتزعه منه و أرسله إلي السلطان مراد، فبلغ هذا الخبر الشاه فأرسل نحو خمسين ألف فارس، فالتقوا بأحمد باشا عند قلعة مهربان، فاقتتلوا و لم يتزلزل أحمد باشا من مكانه حتي استشهد، و لقبه العجم (بدمير قازوق) لثباته.

حوادث سنة 1046 ه- 1636 م

الحالة العامة

من حين تركت الدولة العثمانية حصار بغداد اشتغلت في تنظيم داخليتها فلم تتمكن. عاث العجم فيها و صاروا في تأهب حربي بل في مقارعات فعلية فلم تدع فرصة للالتفات … إلا أن الحروب كانت في أنحاء (وان) فصارت تتداولها الأيدي. و اشترك السلطان مراد في حربها … و علي كل نري الحكومتين تتقارعان الطالع، و تجازف كل واحدة بقدرتها و ما لديها من قوة و لم تكن هناك الحرب الحاسمة لتعادل القوي، و لم يكن الترجيح فائقا من جهة، و إنما يعوز حسن التدبير للتفوق و الرجحان و يغلب علي العثمانيين الاضطراب في الإدارة مما منع أن تكون كفتهم راجحة بكثرة القوة و كمال العدة. أنهكت الحروب الدولتين و لم تفكر واحدة منهما في الأمر و ما يؤول إليه. و إنما تأمل الواحدة أن تقضي علي الآخري. و لم ينقطع هذا الأمل.

الحرب سجال. و العراق لم يصف له الجو، و حالته ما وصفنا من حروب إلي طواعين إلي قسوة و تعديات و هكذا …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 256

حوادث سنة 1047 ه- 1637 م

اشارة

لم نجد ما يصلح للتدوين عن هذه السنة إلا حادث اهتمام العثمانيين في العودة إلي بغداد و محاولة استردادها و سفر السلطان إليها بنفسه و تجييشه الجيوش العظيمة و قيامه بالمهمات الكبري فلا حديث غير هذا يهم العراق. و حكومة العجم أيضا متأهبة لقمع نفوذ العثمانيين و القضاء عليهم.

السلطان مراد يتأهب لاستخلاص بغداد:

كانت بغداد في أيدي العثمانيين من سنة 941 ه أيام السلطان سليمان و دامت في أيديهم إلي واقعة بكر صوباشي فبقيت نحو المائة سنة تحت حكمهم فحاولت الاستقلال ثم صارت في حكم العجم و قام العثمانيون بهجومات عديدة و عظيمة لاستعادتها فأخفقوا في مساعيهم كلها و استصعب الفتح، و كون هذا الخذلان خطرا عظيما. كانوا قد بذلوا النفس و النفيس في سبيله فظهر عجزهم و بان ضعفهم … و هذا الخذلان كان أكبر محرض، فالسلطان مراد وجد أن الخطر حل و اكتسبت المصيبة شكلا عاما، فعزم بنفسه للقضاء علي هذه الغائلة و هو من أعاظم رجال العثمانيين لم يأت مثله من أيام السلطان سليمان فسار للمقارعة بعد أن قضي علي اضطرابات داخلية و فتن خارجية مهمة و أمن الحالة مع المجاورين الآخرين … و حينئذ تمكن من خضد شوكة العجم وفل غارب نفوذهم في العراق و افتتح مدينة (بغداد). استخلصها للعثمانيين فبقيت في حوزتهم إلي الحرب العظمي و حينئذ خرجت من أيديهم في سنة 1335 ه- 1917 م.

السلطان مراد في طريقه إلي بغداد:

إن السلطان أصدر فرمانا في التأهب لسفر بغداد في أوائل رجب سنة 1047 ه و أوعز في اتخاذ ما يلزم للحرب، و في 8 شوال هذه السنة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 257

السلطان مراد الرابع ببزته الحربية- أحمد راسم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 258

أخرج الطوغ الهمايوني و ركز أمام الحربية فاستعد الوزراء و الأمراء ممن تقرر اشتراكهم في الحرب و نشروا الأعلام الأخري للاطلاع، و في 15 شوال نقل الأوطاغ الهمايوني (خيمة الملك) إلي اسكدار، و في 16 ذي القعدة تحرك الفيلق أيضا إلي اسكدار و في 23 منه يوم الخميس برز السلطان بموكب

زاهر و احتفال عظيم و ذهب إلي اسكدار ممتطيا جواده و علي رأسه مغفر عليه عمامة حمراء من شال، و علي كتفه طيلسان فكان في زي عربي يحكي طراز الصحابة الكرام (رض) في أوضاعهم حينما يتأهبون للغزو و الجهاد و معه الجيوش في أبهة. و حيثما مر من صوب أو التفت إلي جهة أو ناحية من النواحي سمع نداء الأهلين قائلين له (عليك عون اللّه) فكان لوضعه هذا تأثير كبير في النفوس.

و في 23 ذي الحجة يوم السبت رحل السلطان من اسكدار و توجه نحو بغداد و قطع في سفره هذا (115) مرحلة. و في المرحلة الخامسة من هذه المراحل عاد المشيعون إلي استانبول و هم الموالي و المعزولون و المدرسون.

حوادث سنة 1048 ه- 1638 م

السلطان في طريقه أيضا

وصل السلطان إلي حلب الشهباء بتاريخ 11 ربيع الأول من سنة 1048 ه و هنا انضم إليه الجيش المصري بأميرهم رضوان بك. و في 26

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 259

ربيع الأول منه رحل عنها و قطع مراحل حتي وصل پيره جك و هناك أعد قبل هذا عثمان باشا أربعين سفينة و نصب منها جسرا للعبور فعبر عليها الجيش أما السلطان فإنه ركب في زورق و عبر. استصحب المفتي معه إكراما له. و قد صب خمسة مدافع عظيمة اثنان منها كل واحد حشوه عشرون أوقية من البارود و ثلاثة منها حشو كل منها 18 أوقية. و صنع في الفلوجة 800 سفينة لنقل الذخائر و الأطعمة. و هنا التحق بالفيلق أمير أمراء سيواس كور خزينة دار و أمير بوزاوق شمسي بك زاده فانضموا إليه في پيره جك.

و لما وصل منزل جلاب توفي الوزير الأعظم بيرام باشا في 6 ربيع الآخر فتأثر عليه السلطان كثيرا.

و عهد بالوزارة العظمي إلي محمد باشا الطيار. و بعد منزلين ورد أمير أمراء الشام (درويش محمد باشا).

و في 23 ربيع الآخر ورد السلطان ديار بكر فأقام بها للاستراحة عشرة أيام. و بعد يومين من وصوله جاء الوزير الأعظم فأجري له احتفال عظيم و أنعم عليه السلطان بخيمة و خرگاه و أوطاغ و بارگاه. و في ذلك اليوم عهد إلي درويش محمد باشا بإيالة ديار بكر و ألحق به كثير من أمراء الألوية. و كذا التحق بدرويش محمد باشا أمير الصحراء (سلطان البر) ابن أبي ريشة مع باشوات طرابلس و حلب و عدة أمراء ألوية و عين مقدمة الجيش و أرسل في الأمام.

و في 4 جمادي الأولي رحل السلطان عن ديار بكر و كان ذلك في 3 أيلول. و بدل السلطان قيافته فدخل ماردين للتفرج …

و في أثناء مروره بحلب و ديار بكر تقدم الشعراء لمدحه و الدعاء له بالسفر الميمون و كان مدحه الشاعر نظمي أفندي البغدادي حين ورد الرها بقصيدة تركية طويلة جعل كل شطر من أبياتها تاريخا لقدومه و دعا له بالسفر المبارك. و مدح بقصائد و مقاطيع تركية كثيرة ذكر في (تذكرة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 260

رضا) جملة صالحة منها لا نري فائدة في إيرادها لعدم معرفة الكثيرين اللغة التركية …

و في سلخ جمادي الأولي وصل إلي مدينة الموصل.

و لا يهمنا أن نذكر المنازل قبل أن يصل إلي الموصل و إنما نكتفي بما ذكر. و في كتاب (روضة الأبرار في فتح بغداد من قبل السلطان مراد) تأليف قره چلبي زاده عبد العزيز أفندي تفصيل، و هو تاريخ مختصر مخطوط، و منه نسخة برقم 2089 في خزانة أسعد أفندي في

السليمانية باستانبول. كتبه أيام وزارة مصطفي باشا و بين تاريخ حركة السلطان في منازل عددها و نقلنا منه من حين ورود السلطان الموصل. و هذا المؤلف كتب ما هو أشبه بما كتبه مطراقي أيام السلطان سليمان القانوني إلا أنه لم يكن معاصرا و لا كان كتابه مصورا …

و بعد أن أتم ذكر أسفار السلطان قد بين الحوادث التي وقعت في استانبول بغياب السلطان و كان قد جعل السلطان مكانه موسي باشا محافظا و ختم المقال بأوصاف الوزير و جميل مناقبه … عولنا علي كثير من نصوصه في حكاية الفتح و ما يتعلق بها و لم نترك الكتب الأخري المعاصرة أو القريبة منها مثل فذلكة كاتب چلبي و گلشن خلفا و غيرهما …

ورود سفير من الهند:

كان أرسل ملك الهند خرم شاه كتابا إلي السلطان مع هدية بيد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 261

السفير (مير طريف). فورد هذا ميناء جدة فأخبر السلطان بذلك كما أن علي باشا بن أفراسياب عرض قضية مجيئه إلي السلطان بكتاب. و لما وصل السلطان الموصل وافي السفير و قدم الكتاب و الهدايا و بين هذه التحف كمر (هميان) مجوهر تقدر قيمته بمائة و خمسين ألف قرش.

و ترس مصنوع من أذن الفيل و مغطي بجلد الكركدن. و يعتقدون أن هذا لا يؤثر فيه السيف و لا البنادق و أكثر من القول فيه. أما السلطان فإنه أراد أن يجرب قوة سهمه فضربه ضربة كانت قد خرقته. و بهذا كذب دعوي الهنود و اعتقادهم في هذا النوع من الترس فابتهج بعمله هذا مما أزال الاعتقاد. و حينئذ وضع داخل الترس خمسمائة فلوري و أعاده إلي السفير.

كان جاء هذا السفير بأموال وافرة للتصدق بها علي فقراء الحرمين

الشريفين. و إن ملك الهند أيضا كان أشار إلي ذلك بكتابه المرسل كما أنه كان قد سمع بتوجه السلطان إلي بغداد. و لذا قال و نحن أيضا جهزنا جيوشنا علي قندهار و استعادتها من أيدي العجم. و آمل أن يسهل الباري علينا تسخير المملكتين.

و في هذا الأمل ما يدعو إلي إنجاز المهمة التي جاء من أجلها السلطان، فكان عمل الهند ما يشوش الوضع علي إيران من مجاوريها.

و يسهل فتح بغداد. و هكذا فعل الشاه عباس الكبير باتفاقه مع الدول الأوروبية المجاورة للعثمانيين، فلم يظهر لها أثر من جراء أن السلطان عقد الصلح مع بعض المجاورين و أكد وضعه.

و في الحقيقة تم الفتح. و كان أمر السلطان ببقاء السفير و إقامته في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 262

الموصل إلي أن يقضي علي هذه الغائلة و عين له كافة لوازمه.

نقل المدافع- إنعامات:

إن السلطان أنعم علي جميع الجيش. ثم اجتمع الأعيان و الأركان للمشاورة في بعض الأمور المهمة بمحضر من السلطان. تداولوا في كل أمر. و لما انجر الكلام إلي المدافع المعروفة ب (بال يمز) و طريقة نقلها كان رأي الأكثر من أركان الدولة أن الجاموس الذي كان يسحبها قد هلك غالبه و الباقي لا يزال منهوك القوي. و أبدوا صعوبة في النقل من طريق البر. و إن الأولي أن يكون من طريق النهر. و ارتأي آخرون أنه ليس من الجائز تسييرها من طريق النهر بحيث ينتظر الكل ورودها …

أما السلطان و شيخ الإسلام فإنهما قبلا هذا الرأي و وافقا علي أن يسير عشرون مدفعا من طريق البر و الباقي من طريق النهر فتقرر ذلك و توزع الزعماء أرباب التيمار القنابل فيما بينهم لتكون معدات المدافع مهيأة.

ظهر حسن

هذا التدبير بعد وصول الجيش إلي بغداد. و لم ترد المدافع نهرا إلا بعد عشرين يوما من وصول الجيش …

و حينئذ وجه منصب مرعش إلي محمد علي باشا الگرجي المعزول من أرضروم فعين في المؤخرة أو الساقة. و جعل والي ديار بكر في طليعة العسكر (مقدمته). و عين للميسرة عساكر الشام و سيواس. و عين للمدفعية نوغاي باشا زاده.

السير من الموصل:

سار السلطان من الموصل متوجها نحو بغداد فوصل إلي منزل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 263

(يارمجه) و منه إلي (خضر الياس) و منه وصلوا إلي الزاب الأعلي. و هناك نصبوا الخيام ثم إن الجيش عبر الزاب من (المعبر) فوصل إلي (شمامك) و منه إلي بيدرار. و منه إلي اينجه صو ثم إلي آلتون كپري في الثاني من شهر رجب ثم وردوا (كوك دپه).

و قبل المضي إلي المنازل الأخري نذكر الرواية القائلة إن السلطان حينما أراد أن يعبر آلتون كپري (قنطرة الذهب) قال:

كيچمه نامرد كوپريسندن قوي آپارسين صوسني ياتمه تلكي كولگه سنده قوي يه سين أصلان سني

و معناه: دع النهر يجرفك ماؤه و لا تمر من قنطرة الجبان و اترك الأسد يختطفك و لا تركن إلي ظل أبي الحصين (الثعلب).

غالب أهل القنطرة يحفظ هذا البيت. و لعله مقول علي لسانه.

ثم تحركوا من هناك فنزلوا قرب كركوك ثم مضوا في طريقهم حتي حطوا رحالهم في قنطرة چبوق. استراحوا فيها يوما واحدا.

كانت ثلة من العجم تقيم هناك فأخلوا القلعة و فروا …

و في جنوبي كركوك تردد أمراء الجيش في أن يقدم الطوغ (العلم التركي) و هل في تقدمه محذور لأن جيش العدو قريب منهم. أوشكوا أن يصلوا إليه. و لكن لم يكن تقدم الطوغ من القوانين القديمة أو

الاعتيادات المرعية، لذا تركوا الأمر لاختيار السلطان فجاء مصطفي باشا القبودان (القبطان أو الأميرال) إلي حضور السلطان و كان السردار آنئذ خسرو باشا فلم يأذن بتأخر الطوغ حتي يقابل الأعداء. و قال: ينبغي أن لا يخطر علي بالنا الخوف أو الحذر مع وجود السلطان معنا. فأمر أن يتقدم إلي الأمام …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 264

بشائر الانتصار

إن والي أرضروم الوزير كنعان باشا و حاكم اخسخه سفر باشا كانا قد أغارا علي روان و كان حاكمها كلب علي خان فقابلهما بجيش عظيم.

فجرت محاربة قوية تشتت فيها شمل العجم! و رجع كلب علي مجروحا إلي جانب القلعة فارا فتعقب الجيش أثره فقتلوا قسما من عسكره و أسروا آخرين. جاءت بشائر ذلك إلي السلطان مع رؤوس بعض القتلي.

و أيضا كانت قد أرسلت ثلة من العسكر إلي شهرزور فوردت البشائر بانتصارها في عين اليوم الذي وردت فيه تلك البشارة.

ثم سار الجيش إلي ما يقابل بعقوبا و في 7 رجب نزل الفيلق (باش دولاب) أي أول الكرود. و في اليوم التالي أي 8 رجب الموافق 5 تشرين الثاني نزل بجوار الإمام الأعظم قرب بغداد. قطع السلطان في مراحله من أسكدار إلي تاريخ وصوله 197 يوما. و كان من هذه الأيام 76 يوما قضاها في الراحة من عناء السفر.

محاصرة بغداد:

قيل المحصور مغلوب. لم يقدر الجيش الإيراني علي الحرب في ميدان المعارك، فتوسل بالحصار و كانت له المهارة في الدفاع بهذه الطريقة. و لكن القوة الغالبة لا تصد. فكان الجيش التركي مزودا بكل الوسائل و المهمات. و من جهة أخري إن موت الشاه عباس الكبير، و ظهور السلطان مراد الرابع مما أثر علي الوضع، فشعر الإيرانيون بالضعف.

كان السلطان حين وصوله إلي بغداد رتب الأمور و وزع الوظائف خشية إجراء حركة خروج من الجيش المحصور … جعل الوزير الأعظم محمد باشا في الباب الأبيض (آق قپو) و كذا آغا الينگچرية حسن آغا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 265

و أمير أمراء روم إيلي علي باشا بن أرسلان باشا و فوق هؤلاء قپودان باشا و والي سيواس الخزينة دار إبراهيم

باشا و أمراء كستنديل و أولونية و معهم أربعون چوربچيا و رئيس الصامسونجية حسين آغا و رئيس الزغرجية حيدر آغا زاده محمد آغا فدخلوا المتاريس و جعل محمد باشا و أرسلان باشا بن نوغاي باشا في جانب الباب الشرقي (الباب المظلم) و يقال له (قراكوقپو) أو (قراكلق قپو) باللفظ التركي. و ذلك لصد غائلة الهجوم المفاجي ء.

و كانت بغداد قد حوصرت قبل هذا من جانب حافظ أحمد باشا من الباب الشرقي و إن خسرو باشا كان قد حاصرها أيضا من ناحية باب الإمام الأعظم. فأحكم الأعجام هذه المواطن و قووها كثيرا … و أما الباب الوسطاني فإنه بعيد عن النهر فلا يصلح لاتخاذ متاريس. فأغفله العجم و لم يكونوا يعتقدون أن تتخذ متاريس فيه.

علمت قوة العثمانيين بذلك حينما كانت في الموصل. و ذلك أن السلطان لما كان في الموصل خرج (مير محمد) مع اثنين من إخوته فجاء إلي تكريت لجمع أموال الشاه فنزل عند شيخ العربان هناك فألقي القبض عليه و جي ء به إلي السلطان. فقتل إخوته و أتباعه في الحال.

و لكن مير محمد كان امرأ عاقلا عارفا و له صناعة كاملة في الشعر و الأغاني فرجاه سلحدار باشا فعفا عنه، و رافقه إلي بغداد مكبلا فأبان عن أكثر أحوال بغداد و عن الباب الوسطاني و أوضح أن هذا الباب خال من التدابير الحربية …

عرض الوزير الأعظم ذلك كله إلي السلطان فصدر الفرمان بلزوم محاصرة الباب الوسطاني و توجيه القوة نحوه. قال نعيما: إن أوطاغ السلطان (خيمته) نصب أمام مزار الإمام الأعظم و إن دجلة تجري من جانب اليمين. و وضعوا (مقصورة) علي تل عال مشرف علي الأوضاع

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 266

الحربية و

هناك ذبحوا 40 رأسا من الغنم فداء له و تصدقوا بها علي الفقراء …

و إن السلطان قال: إني أستحيي أن أزور الإمام الأعظم بلا فتح و لا ظفر. و لذا لم يدخل مرقده للزيارة حتي أنه لم ينزل في الأوطاغ الهمايوني. و إنما نزل في المقصورة. و هناك كان يوزع الذخائر الحربية و القازمات و الكوركات و البارود و الفتيل و سائر لوازم الحرب. و بعد ثلثي الليل باشروا الدخول في المتاريس في أطراف البلد فدخلها من ناحية الباب الوسطاني كل من الوزير الأعظم و آغا الينگچرية حسن آغا و أمير أمراء روم إيلي أرسلان باشا زاده علي باشا. و من جنوبيهم نحو الباب الشرقي مصطفي باشا و أمير أمراء سيواس كور خزينة دار و أربعون چورباچيا مع رئيس صامسونجية و أمراء كوستنديل و أولونيه و في أسفل هؤلاء أيضا إلي جهة الجنوب كل من أمير أمراء الأناضول حسين باشا و عسكر مصر و أربعون چورباچيا و رئيس الزغرجية حيدر آغا زاده.

دخل هؤلاء جميعهم المتاريس. و عين أيضا حرس (قراولة) كل من كورچي باشي و نوغاي باشا زاده من جانب الباب الشرقي لدفع ما يحتمل و قوعه من هجوم ليلي.

كانت السماء مقمرة فصفت المشاعل أيضا في السور و لم يصبح الصباح إلا و العمل قد تم و أعدت كافة المتاريس و أحاط الجيش بالمدينة من ناحية الشط الغربية إلي الأخري الجنوبية علي شكل قوس.

و في تلك الليلة و الليلة التالية لها جرت محاربات فجرح أوردار علي باشا و قانلي محمد باشا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 267

أحوال العجم في بغداد:

إن الشاه لم يشأ أن يخاطر في معركة كبري مع السلطان خشية المجازفة و احتمال الخذلان مثل

ما وقع مع الشاه إسماعيل فاكتفي أن يضع ببغداد قوة كافية للدفاع و الحصار بغرض أن يشغلهم و يطاول في الأمر لعل هذا تكون عاقبته كأمثاله. فاختار من جيشه نخبتهم و جعل القيادة لأكابر أمرائه، و كان من رؤسائهم (خلف خان) رئيس الرماة المشاة و كان حارب السلطان في أنحاء روان فجعل في أنحاء بغداد.

و كذا كان آغا صادق ابن مير فتاح في حرب روان. فعفا عنه السلطان فأطلقه و أعوانه و لكنه دام في تعنده و لم يخش الوقيعة مرة أخري فجاء باثني عشر ألفا من الرماة بالبنادق فوافي هو و أمراء آخرون للحاق ببكتاش خان (والي بغداد) و نبه الشاه إلي لزوم المحافظة علي بغداد و أكد وجوب صيانتها و انسحب و جماعة من العجم بقصد الإمداد و الإعانة ليكون قوة لهؤلاء فأقام في محل يبعد نحو ست ساعات.

إن المحصورين في المدينة لم يكونوا يعلمون عن حصار بغداد من (الباب الوسطاني) فكانوا في أمان منه … و لم يعلموا بما اتخذ من متاريس فرأوا أن قد هوجموا من محل لم يعهد القوم المهاجمة من ناحيته مما دعا أن يذهلوا فلم يقدروا علي الدفاع إذ لم يكن أتاهم عدوهم من هذه الجهة فصاروا يرمون بالقنابل و البنادق من جانب القلعة و بادروا للدفاع عن حوزتهم من تلك الناحية أيضا.

في هذا الحين وردت للعثمانيين المدافع من طريق البر و ذلك ثاني يوم الحصار مساء فوزعت عشرة منها للوزير الأعظم و ستة إلي قبودان باشا و أربعة إلي حسين باشا. و في تلك الليلة أقروها في مواضعها.

وصوبت وقت السحر علي المدينة من ثلاث جهاتها.

قال المحبي:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 268

«أمر السلطان بحفر لغم عظيم

وضع فيه البارود و أطلقت فيه النار فهدم جانبا عظيما من جدار السور بحيث قيل إنه لم يكن لغم مثله في محاصرة قلعة من القلاع فصار يري من هدم اللغم ما في مدينة بغداد من البيوت لأنه صار في ذلك الجانب جدار السور سهلا مستويا مع سطح الأرض، فلما رأي جيش بغداد ما دهمهم مما لم يعرفوه قط تلاشوا و بعثوا إلي الشاه يريدون التسليم و كان عسكر السلطان قد توانوا في الهجوم و تثبطت همة العجم. و في أثناء ذلك أرسل الشاه رسولا يطلب الصلح و كان الرسول من أعيان عسكر الشاه يسمي جانبك سلطان. و في يوم الجمعة 13 رجب بكرة النهار اجتمع بالوزير الأعظم في ديوان عظيم و دفع إليه كتاب الشاه بالصلح فقري ء بمسمع من الناس و فهم الكل منه ما قصد الشاه من الحيلة فأبي السلطان و جميع الوزراء و الأركان الصلح …

(قال المحبي): و قد رأيت الواقعة بخط الأديب رامي الدمشقي.

ثم أطلق السلطان الأمر بالمحاصرة الشديدة و شدد في ذلك» ا ه.

و كانت في 12 رجب قد أفرزت ثلة من الجيش بحرسها و عدتها الكاملة ذهبت إلي جهة شهربان (المقدادية) مع الوزير سلحدار باشا و التحقت بوالي طرابلس شاهين باشا فبلغ المجموع اثني عشر ألفا.

و حينئذ وصلوا إليها و هذه من مضافات بغداد و مشهورة بالنعمة و البركة.

و مملوءة بالأطعمة و الفواكه. لا سيما رمانها. فالعساكر أغاروا علي شهربان و نواحيها فغنموا غنائم وافرة و عادوا إلي الفيلق.

و قدموا للسلطان نوعا نفيسا من الرمان فوزنت واحدة منه فبلغت أربعمائة درهم. و الترك يسمون الرمان (نارا) و يحكي أنه لما سمع أحدهم المثل (النار فاكهة الشتاء) قال: (خصوصاً شهربان ناري)

أي لا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 269

سيما نار شهربان. فظن أن هذه النار يقصد بها (نار) المراد في لغته، فصارت تتكرر هذه كملحة.

ثم إن السلطان أمر أن يعبر سلحدار باشا مع ثلاثة عشر مدفعا بمن معه من العساكر ففعل و حاذي باب الشط من الجانب الغربي و صار يرمي داخل بغداد من جهة (قلعة الطيور) فخرب أبنية المدينة و أقام القيامة علي رؤوس العجم. و إن سلحدار باشا نصب كتخداه عثمان آغا (باشبوغا) علي العساكر و اللوندات جميعهم ممن في (قلعة الطيور) و أراد هو أن لا ينفك من نظر السلطان فكان يعبر لمرتين يوميا إلي قلعة الطيور و يلاحظ أحوال العساكر و يفتش أمورهم.

و في اليوم الثامن لأيام المحاصرة شاهد كل من الوزير الأعظم و قبودان باشا (أميرال البحرية) و حسين باشا أن قد تخرب أكثر التلول فملأوها بتراب كانوا ينقلونه بالزبابيل (الزنابيل) و سدوا المطلوب منهم.

و تسهيلا للغرض قطع الجيش نحو ألف نخلة فصنع منها توابي (طوابي)، وضعت عليها المدافع و صنعوا تلولا تكاد تضارع الجبال في علوها. و اشترك في هذا جميع العساكر و ملئت الخنادق فتقدموا إلي السور.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 270

و في اليوم 13 ألقي القبض علي (علي الهمذاني) من العجم فاعترف أنه جاسوس. و في حضرة السلطان قال: جئت من رستم خان إلي بغداد و أبرز كتابا. إن شئتم أن تقتلوا أو تمنوا. و سآخذ جواب هذا الكتاب و آتيكم به. فأنقذ نفسه بمثل هذه الحيلة و نجا فدخل المدينة.

السلطان كل يوم يمر بأهل المتاريس من وزراء و أمراء و ضباط و يقول ابذلوا جهودكم في سبيل الدين و الغيرة الإسلامية و لا تقصروا.

هذا

يوم السعي و بذل ما في الوسع … و بأمثال هذه كان يرغبهم و ينفث فيهم روح النشاط و الهمة.

ثم نصب الخيام لجراحين كثيرين للاهتمام بقضية الجرحي و المحاربين، و كان ينعم علي كل من يجرح في الحرب و يحسن إليه.

يطيب القلوب بأنواع الإنعامات و يعني بشؤون الجميع.

و في هذه الأيام تيسر للوزير الأعظم أن يجعل تابية الباب الوسطاني قاعا صفصفا و آغا الينگچرية چغال زاده جعل تابية الزاوية (كوشه قله سي) كذلك و كل من حسين باشا و القپودان تمكن أن يهدم تابيتين. فالجميع قدروا علي هدم أرض تقدر بثمانمائة ذراع سووها بالأرض.

و في يوم 14 منه قرر السير إلي الأمام و الهجوم علي العدو إلا أنه شاع أن هناك خنادق و متاريس عظيمة لا يمكن اجتيازها فرأوا أن الأولي الدخول في المتاريس فانضموا إليها و تأخر الهجوم.

و في يوم 18 منه خرجت ثلة من العجم من ناحية حسين باشا فهاجموا علي حين غرة إلا أن العسكر كان متأهبا مستعدا فعاد الأعجام بخيبة و لم ينالوا مأربا ثم خرج من ناحية القپودان ثلة أيضا فلم تفلح.

و في 19 منه جاءت ثلاثة مدافع من طريق دجلة فوضعت في جهة قلعة الطيور و وجهت علي المتاريس.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 271

و في يوم 20 منه وردت ستة مدافع أيضا فأعطيت ثلاثة منها إلي درويش محمد باشا والي ديار بكر. و حينئذ تقرب من (برج العجمي) و من متاريس الأعداء فتضاربوا بالقنابل مدة فتقدم الباشا مع سبعة من الچورباچية إلي متاريس أخري فأبطلوا مدافع خصومهم.

و في ليلة 23 منه خرج الأعجام بحذافيرهم. ضربوا قنابل و بنادق و عملوا مهر جانا. و سبب ذلك أنه وردت

إليهم من جانب ديالي قوة تقدر باثني عشر ألفا.

و في هذه الأيام هبت رياح عظيمة دامت أربعة أيام و أربع ليال فلم تكد تري بغداد و لا الصحراء من كثرة الغبار فلم يفارق الجيش مقابلة العدو و استمروا في الدفاع و أبدوا إقداما يذكر …

و في يوم 2 شعبان ألقي أمير العرب ابن أبي ريشة القبض علي (علي خان) من أمراء حسين خان اللر فجي ء به فاعتذر بأنه كان جاء إلي العثمانيين فلم تسمع معذرته فقتل.

و في 3 و 4 و 5 من شعبان أبدي الجيش بسالة و إقداما تاما فجرت معركة طاحنة جدا تبادل الطرفان فيها المدافع و البنادق. و في هذه الحرب جرح كور خزينة دار و سقط كتخدا الينگچرية شهيدا و جرح كل من أمير أمراء طربزون و أمراء بوزاوق و چورم.

و في 6 منه و زعت أيضا إلي العساكر نحو (260) هزة (كيسا) لحمل التراب.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 272

و في 7 و 8 منه جمعوا ترابا أمام الخندق كالجبل. و من هؤلاء الغزاة ممن كان مع قپودان باشا استولوا علي الخندق فدخلوه. و إن رئيس الدلية للباشا المذكور جرح و هو راكب فرسه.

و في 10 منه خرجت ثلة دمرت ضعفها من الأعجام.

و في 14 منه كان جاء إلي ساحل ديالي أعجام، فاقتضي إرجاعهم فأرسل محمد باشا والي حلب و شاهين باشا والي طرابلس و أمير الصحراء ابن أبي ريشة مع خيالة العربان فذهب هؤلاء لصد أولئك.

و بوصولهم انسحب الأعجام و قفلوا راجعين.

و في ليلة 15 منه وقع خسوف كلي قرب الصباح. و إلي 16 منه اشتد القتال و دام الحرب فاكتسحت من العدو أماكن كثيرة و استشهد آغا

الينگچرية و السردنكچدية و أمير آلاي چرمن. و ملئت الخنادق بالأتربة من كل صوب فمضي الجيش سائرا إلي الأمام.

و في يوم 17 منه وقت الظهر صار يحرض السردنكچدية الواحد الآخر و هاجموا العدو فتقدموا إلي الأمام و هاجموا التوابي المخربة و هناك اشتبكوا بالعجم و اشتعلت نار الحرب.

قال المؤرخ نعيما: و لما سوي الخندق بالأرض في 16 شعبان.

خاطب السلطان الوزير بأن الجيش وطن نفسه علي الهجوم فلماذا لم تهاجم؟ فأجاب الوزير الأعظم: أيها السلطان لنصبر قليلا. فالفتح قريب. و الهجوم العام له وقت مرهون! فلا نعجل بمحو الجيش.

ثم إن السلطان عاتبه للمرة الثانية قائلا له: أهذه شجاعتك

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 273

و إقدامك. ما هذا الانتظار و ما معني هذا التأخير؟!

و بخه بهذه الكلمات فأجابه:

- أنا حاضر لفداء روحي لسلطاني. فلو مات عبدك الطيار فلا قيمة له. اسأل اللّه أن يسهل الفتح. قال ذلك و قرر التقدم في الغد.

و في 18 منه قام الغزاة بوداع الواحد الآخر و أعدوا أسلحتهم و آلات حربهم و بذلوا ما يستطيعون من قوة و أحضروا ما تمكنوا عليه و صرفوا مجهوداتهم جميعها. و في تلك الليلة لم يقدر أن ينام أحد. فبلغ التكبير و التهليل عنان السماء.

أما العجم فإنهم أيضا كانوا تأهبوا للهجوم و استعدوا للحرب فهاجموا ليلا و استخدموا كل ما استطاعوا من قوة من المدفعية و البنادق و سائر الآلات النارية فدافعوا دفاع مستميت و حاربوا حربا عظيمة. فتقدم الترك علي لسان واحد قائلين: (اللّه اللّه) و اشتبكوا بحرب أنست كل الحروب التي سبقتها.

و حينئذ سار الوزير بعساكره و آغا الينگچرية بمن معه فخرجوا من متاريسهم و تقدموا نحو التوابي من كل صوب، تقدم قسم

و ركز العلم في التابية التي أمامه. فقارعهم الأعجام. اشتبكوا بقتال عنيف، و حرب طاحنة. دام القتال حتي دارت الدائرة علي العجم و ولوا الأدبار …

و في هذا اليوم استشهد كثيرون لكن الغلبة كانت نصيب الترك أحرزوها و ضبطوا التوابي …

شهادة الطيار محمد باشا و فتح بغداد:

إن عساكر الترك تمكنوا من الاستيلاء علي التوابي فاستقروا فيها.

و لكن العجم احتفظوا ببعض المواقع. صاروا يبدلون حراسها في الليلة ثلاث مرات أو أربعا. أما الوزير الأعظم محمد باشا فإنه كان سل سيفه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 274

يوم الخميس 17 شعبان فمشي علي التوابي التي أمامه بما عنده من عساكر في جهته و أعمل في عدوه السيف و أبدي بسالة لا مثيل لها، و لكنه جاءته رصاصة من العدو أردته قتيلا. فنقلوه إلي خيمة. توفي و لم يتيسر له أن يشاهد الفتح.

و محمد باشا الطيار هو ابن مصطفي باشا المعروف بصارقچي والي بغداد الأسبق. كان توفي والده و دفن في مقبرة الإمام الأعظم. و لذا دفن محمد باشا أيضا عند قدم والده، و كان محمد باشا قبل أن ينال الوزارة واليا علي الموصل …

و لما اطلع السلطان علي هذا الحادث قال: آه طيار! أنت لا تقدر بمائة مدينة مثل بغداد. عفا اللّه عنك و أغدق عليك الرحمة و الرضوان!

الدوام في أمر الفتح- وكالة الصدارة العظمي:

و حينئذ أنعم بختم الوكالة العظمي علي مصطفي باشا القپودان و قال له:

- أراك أراك! سيتم الفتح بعونه تعالي علي يدك. أطلب منك الخدمة و المفاداة ليكن اللّه تعالي في عونك!

قال له ذلك و دعا له بالخير. و حينئذ قبل أقدام السلطان و قال أتمني أن يتوجه قلب السلطان نحوي و أرجو منه الأدعية الخيرية. قال ذلك و بكي فخرج من الأوطاغ الهمايوني و ذهب توا إلي متاريس الوزير.

و هذا ولد روحا جديدا و نشاطا في الجيش. و بادروا كالأول في القتال.

سارعوا في الحرب.

إن الصدر الأعظم الجديد تقدم بمن معه من جميع الأغوات و اللوند و الحرس الملكي و مشوا علي عدوهم بعساكر فهاجموا

بهجوم عام فبذلوا نفوسهم قائلين إن الموت إنما يكون في مثل هذا اليوم. و إن كتخدا الوزير رضوان آغا مع جماعة من أغوات البلاط و غيرهم سقطوا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 275

و أما العجم فقد هلك منهم خلق لا يحصي فاكتسحت التوابي القريبة من السور بتمامها و امتلأت بالعساكر. فلم يستطع الإيرانيون الاحتفاظ بها.

و في اليوم التالي سحرا سل العثمانيون سيوفهم و تقدموا نحو العجم. و هناك قطع العجم آمالهم من النجاة. حاربوا حرب المستميت.

و في اليوم الأربعين من أيام المحاصرة في 18 شعبان يوم الجمعة صاح العجم الأمان الأمان و علقوا آمالهم بعفو السلطان.

بكتاش خان والي بغداد في حضرة السلطان

و في هذه الأثناء ظهر إليهم أحد الأعجام قال: الخان يرغب أن يسلم البلد أرسلوا واحدا منكم. فأرسل إليهم (چاووش باشي) طوراق آغا و متصرف نيكده حسن باشا. فوصلا إلي بكتاش خان (حاكم بغداد) فأعلماه بأن من طلب الأمان من السلطان أعطاه كما هو دأب العثمانيين و من رسمهم المعتاد القديم. و طمأنوا الحاكم و جاؤوا به إلي الوزير الأعظم. و بعد الملاقاة معه أحضر إلي السلطان فنبه بلزوم اجتماع العسكر و ترتيب الديوان. و إن الوزير الأعظم بقي ثابت القدم في مقامه و إن الجيوش بين خيمة الوزير و أوطاغ السلطان صفت في الجانبين مثني مثني سواء السپاه أو السلحدارية. و كانت العساكر مصطفة في الجانبين. لا يحصي عددها …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 276

و كان السلطان جالسا علي تخت ذهبي و بلباس أحمر بأبهة لا مثيل لها مزين مكانه بالجواهر، و مرصع بالنفائس و التحف، و علي ركبته سيف مرصع. و عن يمينه و يساره الغلمان المدرعون بالدروع المرصعة و الهميانات الذهبية. و هم

من خيرة الشجعان تراهم مكتوفي الأيدي واقفين أمام السلطان باحترام.

و كذا شيخ الإسلام و الوزراء العظام و سائر أركان الديوان كانوا بوقار و أدب لا مزيد عليه. و كل في موقعه. فترتب الديوان حسب المراسيم المعتادة …

و حينئذ جاء الصدر الأعظم (ببكتاش خان) إلي حضور السلطان و لما رأي الوضع و الأبهة التي عليها السلطان أخذته الرهبة فلم يسعه إلا أن قبل الأرض. و لم يستطع أن يتحرك إلي الأمام و أبدي خضوعا و تذللا.

أما السلطان فإنه أعطاه الأمان قائلا له أمنتكم علي أن تخلوا المدينة في هذا اليوم. إنك لو جئتنا أولا لما رأيت هذا العناء. لكنك قمت بواجب الخدمة لمتبوعك جهد طاقتك فأنت معذور. و أعطاه تاجا (سرتوغا) مرصعا و خلعة سمور و خنجرا مجوهرا و قال له: اذهب إلي المدينة. و ليخرج كل من فيها من الخانات و العساكر علي وجه العجلة.

و من شاء أن يذهب إلي الشاه فليذهب و من شاء أن يكون تابعا لنا فليبق. لا يجبر أحد فهم علي اختيارهم.

و علي هذا أعيد بكتاش خان إلي خيمة الوزير الأعظم فكتب كتابا إلي الخانات الذين هم داخل المدينة و إلي سائر العساكر بأن السلطان أنعم بالأمان، و أن مير فتاح و يار علي و خلف خان و نقد علي خان و سائر البيكباشية (المقدمين) و اليوزباشية (الرؤساء) يجب أن يخرجوا في هذا اليوم إلي وقت العصر إلي الخارج، و أن العسكر أيضا سحرا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 277

يخرجون من (الباب الشرقي) و هو الطريق الذي يذهب إلي الشاه. و من بقي فليخرج من باب الإمام الأعظم كتب الكتاب و أرسله إلي العجم في المدينة و صار ينتظر خروجهم.

ثم

إن بكتاش خان أخبر الوزير الأعظم بأن الجيش الذي هو داخل البلدة علي أغلب احتمال قد اتخذ ألغاما تحت التوابي التي استولي عليها الجيش العثماني و ملأوها بارودا و اتخذوا بذلك حيلة. أما الوزير الأعظم فإنه أخبر جيشه بذلك و نبههم علي حيلة هؤلاء و ما يحاولون إيقاعه. و عجل بلزوم إبطال ما مكروا به.

أوضاع الجيشين

إن الجيش العثماني كان يلتمس وسيلة ما للوقيعة بالعسكر الإيراني. قاموا بأجمعهم و هاجموهم و أعملوا فيهم السيف. و لما وصل كتاب بكتاش خان و أعلم بالأمان بكتابه المرسل إليهم، خافوا و أبوا أن يخرجوا و تعللوا بعلل و بقوا تلك الليلة. و لما رأوا هجوم الجيش تحصنوا في تابية نارين. و حينئذ وقعت مصادمة عنيفة بين الفريقين فلم يروا طريقا للخلاص. فركنوا إلي الفرار.

و في تلك الليلة قتلوا كل من وجدوه من العجم و انتهبوا أموالهم.

و إن بقاياهم اجتمعت في (الباب الشرقي). وقفت هناك. و إن العسكر في تلك الحالة نهب من نهب و لم يمكن المنع من الغارة فعين الجبه جية لحراسة سراي بكتاش خان و دور سائر الخانات و البزازين حفظا لها من النهب.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 278

القتل العام في العجم

ثم إن الوزير الأعظم مع أمرائه و رؤسائه ركبوا وقت السحر فدخلوا بغداد لتسلمها فوجدوها مملوءة بأجساد الأعداء. و ملطخة بدمائهم.

و نحو ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف من العجم حذروا علي أرواحهم فلجأوا إلي (الباب الشرقي) فتحصنوا ببعض التوابي و الأماكن. فلما وصل الوزير الأعظم إلي هناك شاهد بعض عساكر العجم فتعرض بهم. و هؤلاء خافوا، و من حيرتهم دافعوا عن أنفسهم إلا أن عسكر الوزير سار إليهم فاشتعلت نيران الحرب بين الفريقين. و حينئذ و بعد مغلوبية الإيرانيين قام الملتجئون إلي التوابي و غيرها فصاروا يضاربون جيش الوزير بالأحجار و السهام و البنادق فاستشهد من جيش الوزير جماعة حتي أن رئيس الكتاب (إسماعيل أفندي) كان في ركاب الوزير الأعظم فأصابته رمية حجر و أعقبتها رمية سهم فسقط شهيدا.

و إن الموما إليه من أهل طرابزون، كان ذا علم و معرفة و

طبع لطيف و صناعة إنشاء فاق بها أقرانه.

و في ذلك الحين سل أحد الأعجام سيفه و حمل علي سلحدار باشا لكن أحد الغلمان الشجعان و كان شابا أمرد اسمه خليل سل سيفه و هاجم ذلك الرجل فقطع (ذراعه) فانسحب الإيرانيون و تجمعوا في محل و شرعوا في الحرب أيضا.

أما الوزير فإنه حينما رأي ذلك بادر لمحاربة الإيرانيين و من ثم كسروا. و إن راوي هذه القصة إبراهيم آغا كان آنئذ من مقربي الحرم الخاص قال: بعد الفتح أمر السلطان فصاحوا بالأمان و نادوا به و في هذه الأثناء جاء أحد عساكر روم إيلي إلي حضور السلطان فقال:

أنت بذلت الأمان و لكن نحن لا نوافق علي ذلك. و حينئذ استغرب السلطان من جرأته هذه فقال ما هذا الكلام الغريب فأجابه بجرأة أيضا: أيها الملك نحن من سنين نقوم بالأسفار علي بغداد و لم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 279

نكتف بصرف المبالغ الطائلة بل بذلنا النفوس الكثيرة حتي أنه لم يبق لي أب و لا عم و لا إخوة فالكل هلكوا في هذه السبيل. فالآن سنحت الفرصة فلماذا لم نأخذ انتقامنا منهم. فكيف نبذل لهؤلاء (الأمان)، الحق لا تفعل ذلك.

أما السلطان فإنه عجب من قوله هذا و ضحك بقهقهة.

و بينا هو في هذه الحالة إذ دخل الباشوات عليه و أبدوا أن العجم شرعوا في القتال فقتلوا الرئيس و كثيرا من الرجال فاضطر الأمراء علي الحرب.

و في ذلك الحين جاء رجل من علماء بغداد بزي شيخ لابسا طيلسانا و أتي باثنين من العجم مصفدين. فغضب السلطان و قال: أنا أعطيت الأمان لماذا تفعل هذا؟ فعاتبه. فقال أيها الملك إن هؤلاء عادوا للحرب الكرة الثانية و لم يصغوا

للأمان.

و علي هذا بعث السلطان غلاما تتارا ليأتيه بالخبر. و هذا التتار وصل إلي الباب الشرقي فرأي أن الحرب مشتعلة فأخبر السلطان بذلك فأرسل السلطان أمير أمراء روم إيلي حسين باشا و قال له: اذهب إلي هؤلاء الأشرار و ادفع فسادهم فإذا تعندوا فاقتلوهم قتلا عاما …

أما حسين باشا فإنه ذهب إلي محل الواقعة و أخذ معه سلحدار باشا فأتيا إلي التابيتين اللتين كان قد تحصن بهما العجم و أفهموهم بأن السلطان بذل الأمان فلا تخافوا. تعالوا من الخارج. و بذلك استمالوهم فمن هؤلاء مير فتاح و علي يار و خلف خان ذهبوا إلي الخارج فجاؤوا إلي السلطان فسلموا إلي حبس سلحدار باشا و لكن كان لمير

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 280

فتاح ولدان كبيران لم يخرجا من التابية و لا يزالان متمنعين بها مع جماعة من العجم فأظهروا العصيان للمرة الأخري. و حينئذ وجهوا عليهم مدافع ضخمة و شرعوا في قتلهم لعدم قبولهم الأمان. و في بضع ساعات قتل منهم عدة آلاف و أسر منهم ثلة أحياء فجاؤوا بهم إلي السلطان، و أمام خيمة السلطان (أوطاغه) ضربت أعناقهم و في تابية نارين جماعة من العجم طلبوا الأمان فأخبروا بأن يخرجوا أولاد مير فتاح فخرجوا.

أما الباقون فإنهم طلبوا الأمان و حينئذ صدر الفرمان بأن لا يأتوا بالأحياء و لا بالرؤوس.

و في ذلك المحل كان أمير أمراء الأناضول حسين باشا حضر بنفسه مع ثلة من أتباعه إلي السور فقال لجيشه آتوني بمن بقي من هؤلاء فنزل عليهم الجيش. و كانوا قد تألموا من العجم و امتلأت قلوبهم عليهم فلم يصغوا إلي طلبهم الأمان فأخرجوهم من متاريسهم و قتلوا أكثرهم.

و أما الذين نجوا من القتل فقد

بذلوا لهم الأمان. و إن أبناء مير فتاح جاؤوا إلي الفيلق و أما العجم و عدتهم بضع مئات فإنهم خرجوا من الباب الشرقي و توجهوا نحو جهة ديالي. و هؤلاء حينما خرجوا عقب أثرهم عسكر مصر فقتلوا بضع مئات منهم. و لم يسلم منهم إلا القليل فرموا بأرواحهم إلي شهربان و هؤلاء في يوم ماطر دخلوا تحت قبة كبيرة. و هذه القبة قد سقطت عليهم فأهلكت أكثرهم.

و الحاصل لم ينج من مجموع الجيش الإيراني البالغ ثلاثين ألفا إلا نحو ثلاثمائة تمكنوا من الوصول إلي فيلق الشاه و من جيش العجم نحو عشرة آلاف هلكوا بنيران المدافع و البنادق و أما الذين نقضوا الأمان و قدرهم عشرون ألفا فإنهم قتلوا في خلال الثلاثة أيام و كانوا تحاربوا بعد الأمان.

و قال أوليا چلبي إن العجم رفعوا الأعلام البيض و طلبوا الأمان.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 281

فقبل أمانهم علي أن يخرجوا في يومهم و يتركوا أسلحتهم. إلا أن قسما منهم لجأ إلي القلعة الداخلية، و أن قسما آخر مالوا إلي الباب المظلم فحاصروا فيه و شرعوا في القتال … فكانت النتيجة أن قتل في هذه الحرب من العجم (87) ألفا.

و ذكر أوليا چلبي أن اللّه عزيز ذو انتقام كان مرتضي باشا السردار قد توفي في حرب روان فطلب الجيش الأمان من الشاه إلا أنه لم يف بعهده فقتل (12) ألفا من الجند فكان الانتقام منه بعد ثلاث سنوات.

و بعد هذه الوقائع ملئت بغداد من القتلي. و كذا الخارج. و كان هذا القتل لم يسبق له مثيل في تاريخ الحروب الإيرانية.

و بذلك انتقم الترك من الشاه و نال جزاءه و حصل الجيش التركي علي غنائم وافرة جدا.

و أما نفس رعايا بغداد فإنهم تقدموا صفوفا بأطفالهم و نسائهم لطلب الأمان و صاحوا (الداد، أمان). فأصدر السلطان أمانه لهم و أن لا تنهب بغداد و أن كل من عثر علي مال فله أخذه.

و أعلن السلطان الأمان أيضا و منع منعا باتا أن يتعرض أفراد الجيش بأموال الأهلين أو أولادهم. و كل من وجدت في خيمته أموال لأحد فعقابه الإعدام. و لو لم يأمر بهذا لعادت بغداد يبابا، أو أثرا بعد عين.

و الخلاصة أن بغداد أنقذت من أعداء الترك و خلصت للعثمانيين.

و بهذا تم (الفتح).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 282

و جاء خبر ذلك مجملا في تاريخ الغرابي. قال:

«سار السلطان … لاستخلاص بغداد دار السلام (مدينة السلام) … فنزل عليها و حاصرها أربعين يوما. فلما رأي حاكمها بكتاش خان و سائر الخانات أن لا طاقة لهم بمقاومة الهزبر طلبوا الأمان فأعطاهم السلطان ما طلبوا، و خرج بكتاش خان إلي حضرة السلطان بالأمان، ثم إن السلطان أمر أن كل من كان من عسكر القزلباش فليلق السلاح و يخرج عليه الأمان، فما رضوا بذلك فاجتمعوا كلهم عند الباب الشرقي المعروفة ب (قره قاپي) فعين السلطان من أبادهم، فما خرج منهم سوي خمسة و عشرين شخصا توجهوا إلي ممالك العجم، فحين فارقوا بغداد أمطرت السماء، و اشتد المطر، فآووا إلي قبة في الطريق، فخرج أحدهم في الليل لإراقة الماء، فوقعت القبة علي رفقائه فقتلتهم، و ذهب ذلك الرجل إلي العجم فأخبرهم» ا ه.

فكان بحثه مختصرا بل مقتضبا، و قد مر بنا التفصيل من كتب تاريخية عديدة.

زيارة الإمام الأعظم:

و في اليوم التالي ذهب السلطان لزيارة الإمام الأعظم و قال: الآن حقت الزيارة. و كان قال إنني أخجل من

زيارته قبل أن تفتح بغداد.

فقري ء هناك الختم الشريف و تليت الأدعية و ذبحت القرابين و بذلت الصدقات.

التبريكات بالفتح:

و في هذا اليوم رتب الديوان العالي فهنأ السلطان بهذا الفتح

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 283

الجليل كل من الوزير الأعظم و شيخ الإسلام و سائر الوزراء و الصدور و أركان الدولة و الولاة و آغا الينگچرية و الأمراء و ضباط الجيش. فألبس الخلع الفاخرة كلّا من هؤلاء و دعا لهم بالخير.

أرخ هذا الفتح جماعة منهم شيخ الإسلام و غيره كثيرون.

و لما كانت هذه التواريخ تركية لم نر فائدة في نقلها و ذكرها.

و التواريخ العربية كان أكثر الناس من نظمها. قال المحبي وقفت بمكة المشرفة علي تاريخ للقاضي تاج الدين المالكي و هو هذا:

خليفة اللّه مراد غزا قلعة بغداد فأرداها

و عندما حاصرها جيشه اندك للأسفل أعلاها

و أصبح الشاه ذبيحا لما أخبر من كثرة قتلاها

هذا اختصار القول فيها فإن قيل لقد أجملت ذكراها

فلنشرحن فعل مراد بها مؤرخا قد ذبح الشاها

انتهي.

منح رتب و كتب أخبار الفتح:

و في هذا اليوم حرر (كتاب الفتح) و أرسلت كتب أخري و منح الميراخور الكبير خليل آغا رتبة الوزارة و أرسل ببشري الفتح إلي الآستانة. و أمر بنقل (أوطاغ السلطان) إلي باب الإمام الأعظم فأبدل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 284

مكانه. و في اليوم نفسه ابتدي ء بعمارة القلعة و أعلن بواسطة المنادين أن لا يبقي أحد مختفيا و ليظهر كل بلا خوف و لا حذر و أن لا يتعرض أحد بالمختفين. و منح سلحدار باشا منصب القبودانية (القبطانية) و جرت توجيهات أخري لا نري فائدة في ذكرها مما لا يخص أحوال بغداد.

و في هذه الترفيعات نوع منحات …

و من التوجيهات التي أجريت أن والي قسطموني السابق محمد باشا منح منصب ايالة شهرزور.

وفاة بكتاش خان والي بغداد السابق:

و في تلك الليلة توفي بكتاش خان في سرايه بعد العشاء فجأة كذا في نعيما. و في گلشن خلفا أنه انتحر، و ترك زوجته بنت (حسين خان اللر). فأرسلت بجميع أموالها و أتباعها إلي أبيها و لم يتعرض إلي شي ء من أموالها. و هذا الوالي حكم بغداد مدة سبع سنوات. قال صاحب گلشن خلفا و لا يزال سراي الحكومة قائما. فهو من آثاره و له منظر جميل و حديقة غناء … و كذا الحمام من بنائه.

ولاية بغداد:

و في اليوم التالي منحت (ايالة بغداد) إلي كوچك حسن آغا آغا الينگچرية و عهد بأغوية الينگچرية إلي مصطفي آغا الركابدار. و من المدرسين مصطفي أفندي التذكره جي عين قاضيا لبغداد. و إن كتخدا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 285

الينگچرية (بكتاش آغا) عين لمحافظة بغداد و حراستها و جعل معه ثمانية آلاف نفر من الينگچرية.

سرقة حمائل السيف:

و مما يحكي أن شخصا من أكراد العجم يدعي قارچغاي كان يتكلم بلهجة لطيفة. لذا عفا السلطان عن قتله حتي أنه نال شرف مصاحبة السلطان (مرافق الملك) فتطاول و لم يتأدب بحضوره. و في يوم الفتح قدم (بكتاش خان) للسلطان سيفا مرصعا و لما علم قارچغاي المزبور و كان في المجلس قال أنا أذهب به فأقدمه للسلطان فأخذ السيف و له حمائل مذهبة و مجوهرة. و لكنه لخساسة طبعه بدل الحمائل و أوصل السيف إلي السلطان فقبله السلطان منه و قال لسلحدار باشا إني أعجب أن تكون حمائل هذا السيف اللطيف غير متناسبة معه.

أخبر بكتاش بأنه إذا كانت لهذا السيف حمائل مناسبة له فليرسلها.

فأجاب أن حمائل هذا السيف ذهبية و مجوهرة فهي متناسبة معه. و لعلها بدلت. و بالتهديد و التحقيق ظهرت. و اعترف قارچغاي بها و حينئذ غضب السلطان عليه و عده كافر النعمة. و لم يلتفت لكل هذا اللطف حتي طمع و خان فلا يستحق هذه العناية و الرعاية فأمر بقتله فقتل.

خرافة مولوية:

حكي نعيما أنه قبل فتح المدينة ببضعة أيام جاء أحد دراويش المولوية تجاه أوطاغ السلطان و قال له: أيها الملك اسعوا و اجهدوا أن تفتحوا المدينة قبل يوم الاثنين و إلا لو تأخر غرقنا بالسيول فلا يتيسر الفتح. و في ذلك اليوم أمر السلطان طيار باشا بالهجوم و أقنعه بل هدده في لزوم الهجوم فاهتموا له و أقدموا عليه. و في الحقيقة تيسر الفتح يوم الجمعة. أغاروا علي البلدة يوم السبت و في اليوم التالي الأحد بذل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 286

الأمان. و في يوم الاثنين جادت السماء بمطر عظيم امتلأت منه المتاريس و غرقت الخيام فبقيت في الأطيان.

و

بهذا ظهرت كرامة ذلك الدرويش المولوي الكامل. و لو كانت أمطرت هذا المطر قبل الفتح لما أمكن الفتح بل لم يقدروا أن يخرجوا من متاريسهم. فكان هذا التدبير موفقا … فحصل المأمول في أحسن وجه. ثم إنه بعد الفتح توالت الأمطار فأوقفت الحركة خارج الخيام.

و الظاهر أن هذه الحكاية رتبت إثر وقوع الأمطار فأراد هؤلاء أن يستفيدوا منها و لو بعد حين و قد بينا عن هؤلاء و أوضحنا بعض الإيضاح عن طريقهم، و غاية ما يقال إن هذه و أمثالها سبب نكبة المسلمين و إماتة أرواحهم و نفوسهم الجريئة الحية … و لم يذكر هذه الواقعة صاحب الفذلكة.

تعمير مرقدي الإمام الأعظم و الشيخ عبد القادر الكيلاني:

ثم إن السلطان أمر بتعمير مرقدي الإمام الأعظم و الشيخ عبد القادر الكيلاني بنظارة شيخ الإسلام يحيي أفندي. و هذا شرع في العمل. فعمر الأبنية التي في ساحة القبة العليا و زينها بقناديل ذهب و فضة. و كذا عمر صندوقا و قام باللوازم الأخري. و اتخذ ستارا من صوف أخضر و عمامة.

وقائع أخري:

ثم إنه كان عين من العجم قاض في بغداد. تمكنوا من القبض عليه فقتل. و كذا قتل دفتري الموصل (عباس البغدادي) لتحقق تهاونه في إرسال المهمات و للاطلاع علي بعض أحوال منه غير مرضية. و إن محمد باشا المعزول من قسطموني وجهت إليه (ايالة شهرزور).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 287

قتل القزلباشية:

إن الدولة أرادت أن تقطع دابر القزلباشية إذ علمت أن قد جاء أكثر من ثلاثمائة منهم من النجف إلي الكاظمية فأمر بقتلهم و ذلك قبل الفتح و إعطاء الأمان و كذا قتل نحو ألف، ثم قتل نحو أربعمائة.

قتل الواردون من القزلباشية من النجف أيضا لما علم من جاسوس منهم ألقي القبض عليه جاء و كان حاملا كتابا، فيه أنه إذا استولي العثمانيون علي بغداد فأخبرونا لنترك أوطاننا و نذهب إلي ديار العجم.

و بهذه التهمة قتلوا.

و علي كل حال إن العثمانيين أبدوا قسوة في القتل لما رأوا من حنق من الإيرانيين فقابلوهم بأشد منه مما لا ترضاه الشريعة فالضرر ممنوع ابتداء، و كذا المقابلة به. فأضاعوا قاعدة (لا ضرر و لا ضرار).

و ربما كان الحنق من الجيش فلم يستطيعوا صده …

عودة السلطان إلي استانبول:

و بعد ذلك تقرر عودة الركاب الهمايوني إلي الآستانة فعاد في 12 من شهر رمضان و أرسل ابن مير فتاح و سائر خانات العجم المحبوسين إلي ديار بكر.

و كان السلطان حينما أراد العودة تقدم لزيارة الإمام الأعظم. ثم إنه عبر مع الصولاقية و المتفرقة العلوفية و الچاوش و بلوك اليمين إلي جانب الكرخ فمضوا إلي مرقد الإمام موسي الكاظم. و أمر أن تنظم أحوال بغداد و أن يبقي الوزير الأعظم مع عموم العساكر مدة ببغداد للقيام علي العجم و القضاء علي غائلتهم و تأسيس الإدارة المنتظمة …

و بهذا انقطعت حوادث السلطان من بغداد بعد أن أودع الشؤون

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 288

إلي أهلها. بقي الوزير الأعظم و والي بغداد.

السلطان في طريقه إلي عاصمته:

1- إن سفير الهند المذكور سابقا جاء إلي الركاب الهمايوني في تكريت و هنأه بالفتح. أذن له بالعودة و أمر باتخاذ ما يلزم لذلك فذهب إلي الوزير الأعظم …

2- إن سفير إيران المرسل من الشاه كان جاء إلي ماردين، و منها أبقي في الموصل فلما عاد السلطان إلي الموصل في 22 رمضان كتب معه كتابا إلي الشاه صفي. و فيه أن السفير خليفة مقصود أعيد. فعليك أن تبعث بالهدايا و التقدمات. و إلا دمرت مملكتك بجيوشي العظيمة.

و لو كنت شجاعا لما تخلفت عن الظهور … و كتب في رمضان سنة 1048 ه. و ينطوي علي التهديد و التهكم.

3- خرج السلطان من حدود العراق فلا تهمنا حوادث حله و ترحاله و سائر وقائعه. وصل إلي ديار بكر في غرة شوال. و في 10 صفر سنة 1049 ه وصل إلي العاصمة باحتفال مهيب.

حوادث الصدر الأعظم (في العراق)

الصدر الأعظم قرا مصطفي باشا بقي في بغداد 60 يوما بعد رجوع السلطان، و في 16 منه صلي أول جمعة في (جامع الگيلاني). و كان تموين الجيش صعبا جدا. و في خلال المدة توالي ورود المؤونة. و في غرة شوال جاءتهم المؤونة من البصرة في عشر قطع من الأغربة. و جاء سفير العجم، فأعيد إلي الشاه مع حمزة باشا. ثم أرسل مع (سفير الهند) أرسلان آغا المتفرقة. و في 14 شوال تم تعمير القلعة. و في 10 ذي القعدة رحل الصدر الأعظم فنزل (باش دولاب). بقي هناك بضعة أيام.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 289

ثم قصد ديار العجم فتوجه نحو لقمان الحكيم. و في يوم حركته أبقي في بغداد (12000) من الجيش البغدادي و (8000) ينگچري من صنف الحراس (نوبتجي)، و (1000) سپاهي

و في 27 منه حلوا بالقرب من (قنطرة چبوق) من الخالص و هناك اتخذوا مرعي (چايرا)، فبقوا نحو 20 يوما. و لما كان نهر ديالي قد فاض، فقد اتخذوا جسرا من سفن و في 9 ذي الحجة عبر بعض الجند في الكلك من قرية ينگيجه فارين فعلم ذلك و من ثم اتخذت التدابير من أمير أمراء قرمان حسن باشا فمنع وقوع أمثالها، و في اليوم التالي نصب الجسر فعبروا عليه فمضوا نحو شهربان …

و في 19 منه ورد السفراء من رستم خان. و بعد أربعة أيام في منزل (زاوية) ورد ميراخور الشاه (محمد قولي) سفيرا، فاستقبل من چاووش، و في اليوم التالي ورد السفير إلي مجلس الوزير في قزلرباط (السعدية)، فتكلم في الصلح، فسأله الوزير هل جئت بمفاتيح (درتنك) لتطلب الصلح؟ و أبدي أنه لا يتم الصلح ما دام رستم خان في درتنك. و أظهر غضبا علي السفير. و كتب بهذا أيضا إلي الشاه كما كتب إلي رستم خان أن يرحل عن درتنك. أمهلهم أن يأتوا بالجواب خلال ستة أيام و إلا شرع في الحرب.

أما السفير الإيراني فإنه أرسل في الحال رسولا إلي الشاه، و قصد السردار التوجه نحو الهدف المقصود، فجاءه السفير قائلا:

سيدي الصدر!

كان ذهب سفيرنا إليكم، فاتخذتموه دليلا، فأخذتم بغداد. و الآن اجعلوا داعيكم دليلا أيضا لعلكم ترغبون في فتح أصفهان!!

أبدي ذلك للصدر بمقام اللطيفة، و رجا أن لا يعجل بالسفر إلي أن ينتهي الوعد المضروب فيصل جواب الكتاب المرسل. و من ثم يكون

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 290

لكم الأمر. تضرع للوزير أن يؤخر حركته. و في غرة المحرم سنة 1049 ه رحل رستم خان عن درتنك. رجع القهقري فجاء الخبر

بذلك.

و في اليوم التالي 2 المحرم وصل إلي خانقاه الصغير، و فوضت ايالة بغداد إلي (درويش محمد باشا). و في ذلك المنزل ورد الخبر أن صارو خان السفير الكبير من جانب الشاه سيصل قرب قصر شيرين إلي صحراء (زهاو). و هناك كان الشاه أثناء حصار بغداد يترقب الحالة.

و جاء من رستم خان كتاب يشعر بأنه غادر درتنك امتثالا للأمر، و بين فيه أن صارو خان وكيل الشاه سيوافي قريبا.

السفير الإيراني- المعاهدة:

في 11 المحرم ورد صارو خان، جاء إلي الفيلق الثاني، فأرسل لاستقباله من قام بالمهمة، و أعدت له خيمة خاصة، و بعد العصر واجه الصدر الأعظم. و جرت بينهما محادثات. و بعد ذلك تكون الديوان العالي، فألبس و من معه الخلع. و في 14 منه تم الصلح بعد مفاوضات اجتمع في خلالها رجال الجيش و الأمراء في خيمة الوزير الأعظم، و حضر صارو خان وكيل الشاه، و السفير الأول محمد قولي فتفاوضوا في الأمر، و أوضحوا أن الصلح سيد الأحكام و باعث رفاه الأنام.

و كان ما تم عليه الاتفاق بعد أخذ ورد و مفاوضات كثيرة: أن تكون جسان و بدرة و مندلجين (بندنيج) و درنه و درتنك إلي سرمل من ايالة بغداد و ما بينها من صحار في حوزة بغداد و كذا ضياء الديني و هاروني من قبائل الجاف، و أن تكون القري التي في غربي قلعة زنجير للعراق، و هكذا يعتبر من شهرزور ما كان في غربي (قلعة ظالم علي) و ما فوقها من جبال و ما كان ناظرا إلي هذه القلعة من الأطراف إلي الكدوك المار

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 291

إلي شهرزور و كذا قلعة قزلجة و توابعها، فكل هذه تضبط من

جانب الدولة العثمانية. و عدا ذلك فإن أخسخة و وان و شهرزور و بغداد و البصرة و ما يدخل فيها من بقاع و قلاع و نواح و أراض و جبال و تلال فلا يتعرض بها من جانب الشاه قطعا، و لا يتدخل بها و هكذا القلاع بين مندلجين إلي درتنك، و بيره، و زردوي المسماة زمردماوا أيضا و ما كان في شرقي قلعة زنجير من قري و قلاع، و أورمان و توابعها، و مهريان و توابعها فكل هذه تكون في تصرف الشاه و ضبطه. و مثلها حدودها و توابعها و ما يدخل فيها و لا يتدخل فيها من جانب السلطنة العثمانية، و زنجير قلعة تقع في قمة جبل سيكة و ما كان في حدود وان و هي قرتور، و ماكور. و كذا ما كان في جانب قارص و هو مغازبرد فإنها تهدم من الطرفين. و السلام.

هذه المعاهدة صارت أصلا لحل الاختلاف في الحدود. و كانت الدولتان لم تتقيدا بعهد لكل واحدة منهما آمال. فجاءت هذه المعاهدة حاسمة للنزاع و قطعت آمال كل دولة. فوقفت عند نصوصها. و كل تجاوز وقع بعد هذا كان يحل بالاستناد إليها، و بمراجعة نصوصها كما أن حدود الدولة أيام السلطان سليمان صارت أصلا في تكوين هذه المعاهدة.

أرسلت هذه المعاهدة إلي الشاه فأمضاها في 19 المحرم و أعطيت نسختها إلي محمد قولي بك ليذهب بها إلي استانبول لإمضائها أيضا.

و علي هذا أجريت ضيافة للسفير الكبير و السفراء الآخرين. و في اليوم التالي أجري السفير الكبير ضيافة للأمراء. و من ثم ذهب صارو خان إلي الشاه، و بقي في الفيلق محمد قولي بك ليأخذ المعاهدة إلي استانبول للإمضاء. و في اليوم التالي

ذهب من صحراء (حورين).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 292

والي بغداد درويش محمد باشا:

عهد الصدر الأعظم إليه بولاية بغداد في 2 المحرم سنة 1049 ه مكان كوچك حسن باشا و عين هذا لمنصب وان إلا أنه نقل إلي طرابلس … و نال درويش محمد باشا الوزارة أيضا في 15 المحرم.

و في 21 منه ودع الصدر الأعظم، و عاد إلي بغداد من المعبر المسمي (علي كچيدي) من نهر ديالي. و لما وصل الصدر إلي ديار بكر جاءته في 24 صفر برات الوالي. و هذا من حين ذهب إلي بغداد ضبط أمورها و جلس علي سرير الحكم في السراي الذي كان بناه بكتاش خان.

عودة الصدر الأعظم:

و في 25 المحرم عبر الصدر نهر ديالي، و توجه نحو كركوك، و بعث رجب آغا بخبر الصلح. و أنعم علي جعفر باشا (أخي محمد باشا) بإيالة شهرزور و كان والي كركوك آش محمد باشا قد حصلت شكاوي منه، فحبس في القلعة في 2 صفر و أذن لجيش مصر بالعودة. و في 10 منه عبر الزاب علي جسر من سفن، و منحت مملكة سيد خان أمير العمادية إلي أحد أولاده. و في 27 صفر رحل الصدر عن الموصل. و في أسكي موصل ورد (رجب آغا) و جاء بالخط الهمايوني الشريف مشعرا برضا السلطان بالصلح.

جامع القلعة

يراد بالقلعة (القلعة الداخلية). و لا تزال معروفة بهذا الاسم. و هذا الجامع داخلها. و كان شاهد هذه القلعة أوليا چلبي فقال:

«في داخل هذه القلعة بيوت من طين، و جامع السلطان مراد إلا أن بانيه الأول السلطان سليمان» ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 293

و لا شك أن أوليا چلبي كتب عن أصل هذا الجامع ما سمعه، و لم يكن صوابا، فإن هذا الجامع بني أيام دخول السلطان مراد بغداد، فظن أنه من بنائه، و أنه كان من تعمير السلطان سليمان. و جاء التصريح في الوقفية المؤرخة 11 رمضان سنة 1048 ه أن هذا الجامع أنشأه جلال الدين ابن المرحوم بهاء الدين في محلة السكه خانه (دار الضرب) الواقعة في محلة القلعة. و ذكر من حدود الجامع (تكية الملا سعد الدين ابن السيد عبد الجليل الدوري). و هذه التكية لا تزال و لكنها بحالة دمار.

و بقرب جامع القلعة مرقد عليه قبة يقال له (السيد محمد الزمچي).

و ليس لدينا ما يوضح عنه. و الوقفية تنطق بالموقوفات منها ما هو داخل

القلعة، و منها ما هو خارج القلعة. و كان القاضي الذي حكم بصحة الوقف (مذكره چي زاده مصطفي). و هو أول قاض بعد فتح السلطان مراد.

و لا تزال تولية الوقف بيد ذرية الواقف، و المتولي الآن السيد طه ابن السيد شاكر ابن السيد محمود القلعه لي بن رحمة بنت محمد ضياء الدين بن علي بن عبد الرزاق بن عبد القادر بن بهاء الدين ابن الواقف.

و السيد محمود هذا يعرف بالسيد محمود الثنائي. خطاط معروف. غير (محمود الثنائي) المشهور في عهد المماليك. أوضحت ذلك بتفصيل في كتاب (المعاهد الخيرية)، و في (تاريخ الخط العربي في العراق).

و هذا الجامع أنشي ء بتاريخ الوقفية، و لم يكن جامعا آخر كما توهم بعضهم، أو كما ذكره أوليا چلبي نقلا عمن ليس لهم علم.

و الملحوظ أن من شهود الوقفية مدرس المستنصرية إبراهيم، و مدرس مدرسة مرجان أحمد بن عمر، و مدرس مدرسة أبي النجيب محمد بن حسين و آخرون.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 294

حوادث سنة 1049 ه- 1639 م

نقيب السادات و سادن مشهد الإمام الحسين

نقيب سادات بغداد (السيد دراج) كان سادن حضرة الإمام الحسين (رض) و كان من الأعيان المشهورين، و هو صاحب قوة و مكنة، فلما استولي شاه العجم (الشاه عباس) علي بغداد أحسن الظن به و اعتقد فيه الاعتقاد الجميل، فرعاه و أكرمه. فكان في مقام الخدمة. يفكر في العواقب، فلم يغفل أمر العثمانيين. و كان في ذلك الحين أراد الشاه أن يقتل أهل السنة قتلا عاما، فتوسط (السيد دراج) فقال له سأختار محبي آل علي، و ما عداهم فاقتلهم. و بهذه الوسيلة أنقذ خلقا كثيرا من القتل.

و هذا العمل المشكور كله لم يمنع الوالي من الوقيعة به بعلة أنه كان شيعيا معروفا بتشيعه، فلم يتحمل شهرته

و مكانته فاتخذ ذلك وسيلة للقضاء عليه (قتله)، و استولي علي أمواله الوافرة في حين يدعي أنه (درويش)، فلم تردعه هذه الخدمة النبيلة، و لا المكانة المقبولة. أراد هذا الوالي أن يستقل بنفوذ العراق وحده، و أن تكون بغداد و الأنحاء العراقية خالصة للدولة العثمانية. و قد جاء ذكر ذلك في تاريخ نعيما، و في فذلكة كاتب چلبي، و في خبر صحيح. و الآن من بقايا السيد دراج (أسرة نقيب كربلاء). و منهم النقيب الحالي صديقنا السيد الفاضل (حسن النقيب). و هو من الأخيار. و للتفصيل محل آخر.

وفاة السلطان مراد الرابع:

و في 16 شوال سنة 1049 ه توفي السلطان مراد. و كان بعد عودته إلي استانبول قد بني قصرا نفيسا سماه (بغداد كوشكي) أي (قصر بغداد). بذل في عمارته و تزييناته الأموال الكثيرة و استخدم أرباب الفن و الصنعة. كتب فيه الكتابات الخطية النفيسة من آيات محلولة بالذهب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 295

بخط الخطاط الشهير (محمود چلبي الطوبخانه لي). و شغل به كثيرون من أهل المعرفة لتظهر فيه الصنعة و الفن من نقش و تذهيب و تزويق … كتب فيه بالخط الجلي وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ و غيرها.

و هذا القصر عاد متفرجا للمتفرجين. ينظرون إلي ما فيه من صنعة و ريازة. رأيته في سراي طوپقپو باستانبول معروضا لزوار المتاحف.

و هناك (خزانة بغداد) (كوشكي). رأيت بعض كتبها النفيسة النهاية من الصنعة …

و بهذا تمت حوادث هذا العهد. و غالب ما عولنا عليه من المراجع (تاريخ نعيما)، و (فذلكة كاتب چلبي) و (گلشن خلفا) و (خلاصة الأثر) و باقي ما أشير إليه أثناء ذكر المصادر في حينها …

العشائر

اشارة

في هذا العصر لا نري للعشائر إلا ذكرا قليلا لأن المقارعات كانت دولية، و القوي عظيمة بين الحكومتين و استعانتها في الدرجة الأولي بقوتها، و في المملكة لم يتأسس نظام تام لنري به العلاقة مكينة بين العشائر و الحكومة بل إن الحكومة لم تتمكن سلطتها لا علي العشائر و لا علي غيرها، و قد مر بنا في المجلدات السابقة ذكر قبائل عديدة إلا أن القبائل التي سمع لها صوت في هذا العهد أشهرها:

1- قبيلة طيي ء:

إن أمراءها (آل أبي ريشة) من فخذ آل مرا.

1) ظاهر: هو أبو مدلج المترجم في الكواكب السائرة ابن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 296

عساف بن عجل بن نظير بن قدموس كان أمير عرب الشام و هو من فخذ أبي ريشة، و له قوة خارقة بحيث يمسك الدرهم من الفضة بأصبعيه.

يفركه فيذهب نقشه و يفتت الحنطة بين أصبعيه. اشتهر بالبطش و القسوة.

و من عجيب أمره أنه دخل عليه ولده قرموش و هو مريض ليقتله فضربه بسيف فقتله، و شرب شخص لبنا (حليبا) كان لامرأة فشكته إليه و لما سئل أنكر ذلك و حلف بحياته أنه لم يشرب فطعنه برمح كان بيده فإذا اللبن خارج من جوفه فأمر المرأة بأخذ بعير من إبله بدل ما غصب من لبنها.

مات علي فراشه سنة 945 ه. انتهي.

2) أحمد أمير العرب من آل حيار. و هم- كما في خلاصة الأثر- حكام العرب أبا عن جد … و مقام هؤلاء في بلاد سلمية و عانة، و الحديثة. و من عادتهم أن من استولي منهم علي خيمة المال و السلاح يكون حاكما علي العرب جميعهم. و ذلك أن لهم خيمة من الشعر كبيرة جدا و لها حرس يتناوبون في

اليوم و الليلة و كلها صناديق مقفلة بالأقفال الحديدية المحكمة و الصناديق مملوءة من الذهب و الفضة و الجوهر و السلاح و غير ذلك من نفائس الأشياء و كان أحمد استولي عليها. و جاء أنه قتل ظاهرا.

3) شديد بن أحمد. هذا ولي بعد أبيه. و كان ظالما عنيدا متكبرا، خسيسا … و لم يزل حاكما إلي أن مات سنة 1018 ه. و اتفق أنه كان في خيمة في بعض صحاري حلب، و كان ابن عمه مدلج بن ظاهر معه في الخيمة و كان شديد يلعب الشطرنج مع بعض أقاربه و لم يكن عنده من إخوته أحد فاختلس مدلج الفرصة في خلو الأمير فناداه و هو يلعب يا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 297

شديد يا شديد فقال نعم فما أتم قوله (نعم) إلا و مدلج ضربه بخنجر في بطنه، خرج من ظهره فمات.

4) مدلج. هذا هو قاتل شديد انتقاما لأبيه ظاهر الذي قتله أحمد والد شديد فولد المقتول قتل ولد القاتل. و هذا انتزع الإمارة من الأمير حسين بن فياض الحياري فانعقدت له الإمارة. قدم بجماعة من الأمراء فأزاحوا حسينا عن الإمارة و عن خزائن والده و حاولوا قتله فهرب …

و إنما انعقدت له الإمارة لكونه أكبر منه و أقرب إلي سلسلة الإمارة و لكونه كان شريك والده في قتل الأمير شديد ابن عمهما. و في تاريخ نعيما أنه كان أمير العربان من مدة مديدة، و أن العشائر البدوية بين بغداد و الموصل تحت سلطته و إدارته، و كان أيام حافظ أحمد باشا قد مال إلي جانب العجم، و لما ورد خسرو باشا لاستخلاص بغداد عزم علي الوقيعة به و استئصاله من البين فنكل به

و بعشائره و أثناء ذلك سقط من علي فرسه فهلك و طلبت قبائله الأمان فأذعنت بالطاعة. سنة 1040 اه.

و نصب الوزير أميرا علي العربان سعيد بن فياض و كان له شأن في أيامه …

5) الأمير حسين بن فياض الحياري أمير العرب. و هذا كان من أمره أنه لما مات والده ظن أنه ولي عهده في الإمارة فوضع يده علي خزائن والده و احتفت به العرب. و إذا بابن عمه مدلج قد نازعه فأزاحه عن الإمارة.

ثم إن الأمير حسينا نزل علي بعض الكبراء و استظل بظله حتي أصلح بينه و بين مدلج و جعل له جانبا من الولاية قليلا. ثم وقع في بغداد ثلج عظيم لم يعهد مثله قبل ذلك ببغداد و حسين هناك و مدلج بعيد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 298

عنه فأمن مدلج بسبب ذلك فركب حسين في الثلج و ذهب بعد أيام إلي منازل مدلج و نزل خفية حتي يدرك الليل و يدخل إلي نسائه. و كانت زوجة مدلج بنت شديد (مر ذكره) تساهر النساء و كان مدلج يدخل ثملا من الخمر فلبس حسين لباس النساء و دخل بينهن و أطال الجلوس مترقبا الفرصة في قتل ابن عمه و كانت بنت شديد زوجة لوالد حسين فبالفراسة عرفته و تحيرت بين أن تسكت فيقتل زوجها و بين أن تتكلم فيقتل ابن زوجها و إن قالت له اهرب تخاف أن يسمع زوجها فقالت في مؤخر كلامها بمناسبة لا ينبغي المخاطرة في الأمور و ينبغي الاحتفاظ علي النفس من القتل. فلما علم حسين أنها اطلعت عليه خرج من بين النساء هاربا. ثم وقع في خاطرها أنه ربما يقتل زوجها خارج دارها فصبرت ساعة ثم بعثت

لزوجها أنني رأيت بين النساء من يشبه حسينا. و ما تحققت هذا الأمر فاحتفظ علي نفسك فعند ذلك بعث مدلج جماعته فوجدوا حسينا ركب فرسه و انهزم فأتبعه بالعساكر فلم يدركوه.

ثم بعد ذلك كثر أتباع حسين من العرب و وعدته طائفة ممن كانوا عند مدلج أن يتابعوه و يشايعوه فأشار إليه قوم بأن يأخذ من مراد باشا حاكم حلب عرضا في الإمارة ليتقوي من جانب السلطنة بعد ما قال له بعض العرب (إن الأروام لا وفاء لهم بالعهود) فلم يسمع و جاء إلي حلب و قدم الهدايا إلي الباشا و وعده و كتب الوزير إلي مدلج يطلب منه خمسة و عشرين ألفا ليقتل له حسينا فوعده فغدر مراد باشا بحسين و وضعه في سجن القلعة حتي جاءه المال فخنقه ثم بعث عسكره لنهب أمواله و جماعته فقاتلوهم فانهزم أتباع مراد باشا و أخذ عرب حسين جميع ما كان بيد جماعة مراد باشا حتي نزعوا ثيابهم و أدخلوهم إلي بلاد أريحا حفاة ثم إن اللّه سلط الوزير الحافظ حتي قتل مراد باشا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 299

6) خالد العجاج من آل أبي ريشة. كان في محاربات بغداد بعد أن استولي عليها بكر صوباشي.

و كان غالب سكناه في أنحاء هيت و عانة و ما جاور تلك الأطراف.

و قد أسس له ارتباطا مع والي بغداد بكتاش خان الحاكم من جانب إيران فنال احتراما لدي العجم، و له فرس أعطاه للحاكم المشار إليه يسمي عند العرب (كحيلان). و لا يزال هذا الأمير حيا إلي ما بعد الفتح و قتل سنة 1054 ه …

و كلمتنا الأخيرة في هذا الموضوع أن العشائر لم يكن لهم الصوت فيما بين سوريا

و العراق إلا قبيلة طيي ء فإنها حافظت علي مكانتها.

و ظهر فيها أمراء آخرون و لم تنقطع الإمارة منهم من أيام الحكومات السالفة … و لهم فروع متفرقة في أنحاء عديدة. فصلنا القول فيها في كتاب (عشائر العراق).

2- القشعم:

مر بنا أن هناك قبائل أخري مثل (غزية) و آل قشعم، و زبيد و لكنها لم تشترك في الحروب و لم تنتصر لناحية، و لا تزال العشائر محافظة علي أوضاعها السابقة، تخشي الحكومات و تود الابتعاد عنها …

(و القشعم) من هذه القبائل أكثر ذكرا بين قبائل العراق بعد قبائل طيي ء. ينطق بها (الجشعم) و هي معروفة.

3- الجاف:

من القبائل الكردية. جاء ذكرها في المعاهد المعقودة أيام السلطان مراد. أوضحت عنها في (كتاب عشائر العراق الكردية).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 300

4- باجلان:

و باجوان منهم و ذكرتهم في عشائر العراق الكردية. و في كتاب (الكاكائية في التاريخ)، و في رحلة المنشي ء البغدادي. أعانوا الدولة العثمانية في حروب الإيرانيين.

و هناك عشائر أخري عربية و كردية لا محل لذكرها.

إمارات عراقية

1- اليزيدية

ظهروا في هذا العهد أكثر و بدت أعمالهم، أو أن المدونات عرفت عنهم أوضح. و يهمنا بيان ما يتعلق بهم في هذا العهد. و جل ما نعلمه عن هؤلاء وقائع الصورانيين و استمرارهم في حروبهم و هذه لم نجد التفصيل الوافي عنها إلا أننا ذكرنا نتائجها في أنحاء إربل، و أنها كانت قاسية جدا. و لعلها السبب في القضاء عليهم في تلك الجهات. و الباعث المهم في هذا مناصرة الدولة لهم، و دخولهم في السياسة و الحروب.

و من ظواهر هذه المناصرة بل من نتائجها أن عدلت الدولة عنهم، و مالت إلي من هو أقوي منهم أعني (أمير العمادية). و من ثم نجد الصدود عنهم قد ظهر في (فتوي شيخ الإسلام أبي السعود). و هذه الفتوي جاء نصها في مؤلفات عديدة، ذكرناها في (تاريخ اليزيدية)، و تعد أقدم فتوي للعثمانيين. أصلها كتب باللغة التركية، و ذكرت في الرسالة الذهبية للخياط. نقلها إلي اللغة العربية. و لم يعين تاريخها. مع العلم بأن شيخ الإسلام أبا السعود العمادي قد ولي المشيخة سنة 952 ه و أن العلاقة بالعراق كانت سنة 941 ه، بل قبل ذلك كان الاتصال بشمال العراق، و كان هناك يزيدية أيضا. و لا شك أنها كتبت بعد أن ولي المشيخة، و وفاة أبي السعود كانت في سنة 982 ه. و لكن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 301

المؤرخين لم يذكروا حادثا أدي إلي إصدار هذه الفتوي إلا ما وقع بين

الصورانيين و بين الداسنية. و كانت هذه من أهم الوقائع قسا بها كل فريق بالآخر و لعل صدور الفتوي مقرونا بقبيلة الأمير الداسني. و يفهم من فحوي السؤال أنهم تعرضوا بجيش العثمانيين هاجوا لما وقع عليهم و علي أميرهم فحصلت الدولة هذه الفتوي للوقيعة بهم. و هذا أقوي احتمال في إصدار هذه الفتوي.

و لما كانت تحوي مطالب، و عندي نصها التركي في مخطوطة قديمة ثم نقلت إلي اللغة العربية. و التشكيك بها غير صحيح. رجحت أخذ ترجمتها منقولة إلي العربية من (الرسالة الذهبية) للخياط الموصلي. قال:

«ما قول أئمتنا الحنفية، و الشافعية، و المالكية، و الحنابلة، و ما جوابهم عن عسكر المسلمين، إذا غزوا هذه الطائفة الطاغية و قتلوها. أو قتل أحد من المسلمين بأيديهم، هل يكون قاتلهم غازيا و مقتولهم شهيدا. أفتونا مأجورين، مثابين؟

الجواب: و اللّه أعلم بالصواب، أنهم يكون قاتلهم غازيا و مقتولهم شهيدا. لأن قتالهم جهاد أكبر، و شهادة عظيمة، و في هذه الحالة سبب حل قتلهم، و سبب حل سبي نسائهم و ذراريهم. هل السبب الموجب لذلك بغيهم، و خروجهم علي سلطان المسلمين و إشهارهم السيوف علي قتل عساكر المؤمنين، أو السبب بغضهم لحضرة الإمامين الكاملين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 302

الهمامين التقيين النقيين الشهيدين النسيبين، الإمام أبي محمد الحسن السبط و الإمام أبي عبد اللّه الحسين، سيدي شباب أهل الجنة، و عداوتهم المقتضية لاستحلال قتلهم و قتل أولادهم من أهل بيت النبوة، إغاظة لجدهم الرسول عليه الصلاة و السلام، أو السبب في ذلك بغضهم لحضرة قدوة الأولياء، مدينة العلم، الخليفة الرابع علي المرتضي، ابن عم المصطفي صلّي اللّه عليه و سلم المقتضي بغضه بغض اللّه و رسوله، و تحقير علمه

و قرابته من الرسول صلّي اللّه و سلم، أو السبب استحلالهم قتل العلماء الفاضلين، أو استحلال قتل المشايخ الكاملين، و قتل رؤساء الدين المبين، و الاستهتار بكلام اللّه المجيد، و بالكتب الشرعية و التفاسير و الأحاديث و إنكار يوم القيامة و الحشر و النشر، و إنكار أركان الدين الخمسة، أو السبب الموجب لقتلهم اعتقادهم في عدي بن مسافر الأموي أنه الشريك الأغلب لحضرة رب العزة جل شأنه سبحانه. تعالي عن ذلك علوا كبيرا، أو السبب محبتهم التامة مع الشيطان اللعين، و اعتقادهم فيه أنه طاووس الملائكة مشاققة لأخبار اللّه عز و جل، أو السبب في وجوب قتلهم قطعهم طريق عباد اللّه، و إخافة أبناء السبيل بسفك الدماء، و نهب الأموال علي الدوام بلا انقطاع، أخذا من قوله عز و جل: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ الآية، أو السبب هو إباؤهم عن عقود أنكحتهم من أنفسهم، و إنما يفوضون عقودهم إلي رأي رئيسهم الفاجر، أو السبب في ذلك غير هذه الوجوه المذكورة؟ أفتونا الجواب الصحيح تكونوا مأجورين!

الجواب: نعم أسباب حل قتالهم هي جميع الوجوه المذكورة، و غيرها، و هم أشد كفرا من الكفار الأصليين، و قتلهم حلال في المذاهب الأربعة و جهادهم أصوب، و أثوب من العبادات الدينية و تشتيت شملهم، و تفريق جموعهم، و المباشرة في قتالهم و قتل رؤسائهم من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 303

الواجبات الدينية، و حكام الوقت و الولاة الذين يرخصون في قتلهم و يحرضون علي قتالهم، و يرغبون في سبيهم. شكر اللّه سعيهم و أعانهم و ساعدهم علي مقاصدهم و أيدهم

عليهم بنصره العزيز. فلهم أن يقتلوا رجالهم و يستأسروا ذريتهم و نساءهم و يبيعوهم في أسواق المسلمين كأساري سائر الكفار، و يحل لهم أيضا التصرف في أبكارهم و زوجاتهم بعد الاستيلاء بملك اليمين علي ما عليه الفتوي من القول الأقوي، فتحقق حينئذ كفرهم و جواز لعنهم، فأما امتناع الإمام الشافعي (رض) عن لعن يزيد لعنه اللّه فليس بثابت كرواية عنه و لئن سلم بثبوتها عنه، فامتناعه إنما كان لأجل عدم كون ذلك اللعين من عبدة الأوثان، لا لأجل كونه عنده مؤمنا، لأن بعض الأولياء المقربين أخذوا عنه الخبر بحسب المعني من روحه الشريفة و من مرقده العالي، و قد أخذوا عنه أيضا في عالم الرؤيا أخبارا صحيحة في تجويز اللعن علي يزيد. و قد قال الإمام النعمان بن ثابت أبو حنيفة الكوفي عليه رحمة الوفي، في يزيد: ملعون! و وقع هذا اللعن منه في جواب الإمام أبي يوسف عليه الرحمة و هذه الطائفة الطاغية ليست من الاثنتين و السبعين فرقة من الفرق الإسلامية بل هم مرتدون عن الإسلام، خارجون عن الملل كلها، لأنهم مرتكبون علي الدوام الفسوق و الفجور، مبيحون الأعمال القبيحة و الخمور، معتادون قطع السبيل علي عباد اللّه و سفك دمائهم، و غصب أموالهم، و مجموعهم من قبيل أولاد الزناء، و أيضا أجمع علماء الأمصار كلهم كعلماء اليمن، و قره باغ، و علماء التاتار فأفتوا بحل قتلهم و استرقاقهم و سبي نسائهم و ذريتهم بالتأكيد البليغ، و بينوا أن قاتلهم ينال ثواب الدارين و داخلا جنة النعيم دخولا أوليا، صرحوا بذلك حتي مولانا الإمام فخر الدين الرازي في أماكن متعددة من تفسيره الكبير أثبت جواز اللعن علي يزيد مستدلا علي الجواز بدلائل نقلية

و عقلية، و أثبت حل قتلهم، و حصول أجر الغزاة لقاتلهم، و ثواب الشهداء لمقتولهم بهذا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 304

النظر، و أثبت حل التصرف بملك اليمين في أبكارهم و زوجاتهم و إباحة أسر نسائهم و ذراريهم و جواز بيعهم شرعا. قال ذلك في تفسير بعض السور القرآنية، و كذلك الإمام أحمد و الإمام أبو الليث السمرقندي و مولانا عبد الرحمن الجامي أفتوا كلهم بجواز التصرف بهم، حتي أن مولانا المذكور كتب في الإباحة المذكورة رسالة فتوي و إني رأيتها عيانا بخطه. و لا سيما مولانا سعد الدين التفتازاني في شرح عقائده صرح بجواز اللعن علي يزيد، و علي أنصاره، و أعوانه، و كذلك السيد الشريف الجرجاني و أكثر العلماء صرحوا بجواز اللعن علي يزيد، و بالتعجيل علي قتالهم من غير إمهال، و عدوا إهمال قتالهم مذموما، و لا سيما حضرة الشيخ عبد القادر الجيلي قدس اللّه سره العزيز قد قال في وعظه الشريف في بغداد اسمعوا يا معاشر العلماء و الصوفيين، إن يزيد بن معاوية ملعون و عمله باطل، و أعوانه ضالون، و أنصاره باغون يدخلون النار معه بأشياعهم. قال ذلك علي منبره خطيبا مصرحا بتحقيق موته علي الكفر، و قال ألا إن أولياء اللّه و أحباءه و صالحي خلقه أعداء هذا اللعين و باغضوه. نقل ذلك القول عنه محققو أصحابه في كتابه المسمي بالوعظي حتي قال إن قتال هذه الطائفة الضالة أهم من قتال الكفار الأصليين لسراية أضرارهم للناس. حتي يروي عن علي كرم اللّه وجهه أنه لما رجع من قتال الخوارج منصورا، قال: أيها الناس إن كل من عادي أولادي و أهل بيتي الطاهرين، و أهانهم، فكأنه بغض رسول اللّه

و أهان الخلفاء الكرام، و هو عند اللّه فاجر ملعون، و من بعد فكل من كان مؤمنا موحدا لا ينبغي له أن يتردد في إهانتهم و قتالهم و استحلال أطفالهم و أموالهم و الإهانة لهؤلاء الخذلة إكراما للأنبياء و الأولياء و الخلفاء و تفريجا يلحق روحي بعدي، إذ قلع فسادات هذه الطائفة الضارة عن وجه الأرض من الواجبات الشرعية فلأجل ذلك الدافع حررت هذه الفتوي، و أثبتها نقلا و شرعا و اجتهادا، و سلمت هذه الفتوي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 305

بأيدي أهل الجهاد و التقوي حتي تصل إليهم الغيرة علي كتاب اللّه المبين و تحصل لهم النخوة علي الدين المبين، و لا أعلم الغيب و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون» ا ه.

تمت فتواه رحمه اللّه و أرضاه.

هذا و اليزيدية في أيام السلطان سليمان نالوا مكانة كبيرة. تولوا إربل في أيام أميرهم حسين الداسني، و انتزعت الإمارة من الصهرانيين بقتل أميرهم عز الدين شير. و منحت لأمير اليزيدية. و الصهرانيون لم يهدأ لهم بال و أصابتهم غوائل حربية و وقائع لم تثن عزيمتهم، فاستمروا في قتالهم، فكانت النتيجة أن تغلبوا علي الداسنية (اليزيدية)، فأمر السلطان بقتل أميرهم (حسين بك الداسني).

لا يهمنا التعرض لأكثر من هذا. و قد بسطنا القول في (تاريخ اليزيدية) المعد للطبعة الثانية، و ذكرنا وقائعهم عند الكلام علي الصهرانيين.

2- إمارة أردلان

هذه الإمارة تكلمنا عليها في حوادث شهرزور. و كنا وقفنا بها عند ذكر (هلو خان). و في وقائع سنة 1022 ه في الصلح المعقود مع إيران اشترط علي الدولة الإيرانية أن لا تساعد أمير أردلان في شهرزور.

و في حوادث سنة 1032 ه جاء أن أمير أردلان (أحمد خان). و كان في

جهة إيران في المخاصمات مع العثمانيين. مال إليهم. و هذا هو ابن هلو خان أمير شهرزور.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 306

و علي كل حال لم تذعن هذه الإمارة للعثمانيين بسهولة. و إنما ناضلت عن نفسها ما استطاعت. و في أثناء المباحث ورد ذكر أمراء آخرين من الأردلانيين إلا أن الرياسة كانت بيد من ذكروا. و ورد تصريح أيضا في معاهدة السلطان مراد فيما يتعلق بحدود العراق و بذكر هذه الإمارة. و تقف حوادث العراق عند هذا لما يخص هذا العهد.

3- إمارة الصورانيين

و هذه الإمارة وقفنا بها عند قتلة عز الدين شير أميرهم. و الآن نتناول ما جري علي هذه الإمارة بعد ذلك فأقول:

تقلص ظل هذه الإمارة، ففرت من وجه السلطان سليمان، و اختير لإمارة إربل حسين بك الداسني. و هذا جرت في أيامه وقائع أدت إلي تدمير طائفته اليزيدية و تقلص ظلهم بما توالي من معارك دامية.

و ذلك أن قتلة عز الدين شير أدت إلي إقصائهم إلي الجبال. و بعد حروب قاسية مع اليزيدية تمكنوا من الاستيلاء علي إربل. ثم طوي ذكرهم بعد قتلة الأمير سيف الدين من السلطان سليمان. و من ثم عاد ذكرهم و تجدد بصورة عامة، و لم يعين اسما.

و جل ما يعول عليه في هذه الحالة الشرفنامه فإنها توسعت في ذكرهم إلي أيامها. و تفصيل الخبر أن عز الدين شير كان قتله السلطان سليمان سنة 941 ه. و هذا انقطعت به الإمارة عن إربل، و لكن بقيت هذه الإمارة عشائرية، و خلف عز الدين شير من خلف ممن سبق ذكرهم في حوادث السلطان سليمان القانوني.

ثم إن الحكومة أودعت إدارة إربل إلي حسين بك الداسني أمير

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4،

ص: 307

اليزيدية، فانتزع السلطة من الصورانيين. و كانوا لم يهدأوا علي ما جري، و وقعت بينهم حوادث دامية بالوجه المذكور حتي دمروا اليزيدية أيام الأمير سيف الدين بك. و هذا استولي علي إربل.

و بعد ذلك أودع السلطان إمارة إربل إلي أمير العمادية حسين بك.

و إن الأمير قلي بك بن سليمان بك بن مير سيدي مال مؤخرا إلي الدولة العثمانية، و طلب أن تودع إليه مملكة آبائه الموروثة له، فلم تأمن الدولة منه، و منحته لواء السماوة من أعمال البصرة. و بعد أن صار علي إربل أمير العمادية حسين بك تمكن من إعادة الأمير قلي بك فجعله أميرا علي أنحاء حرير من مملكة الصورانيين.

و بهذا أرادت تقريب هؤلاء، و لم تشأ أن تنفرهم. و وقائع إيران مترقبة في كل حين. و بوفاته ترك من الأولاد بوداق بك، و سليمان بك، فخلفه الأول منهما. و هذا حكم (شقلاوة) و سماها في الشرفنامه (شقا آباد). و في هذه الأثناء حدث ما يكدر الصفو بين الأخوين، فلم يستطع الأمير بوداق مقاومة أخيه، فاستنصر أمير العمادية. و كان يأمل المساعدة، فتوفي في العقر من أعمال العمادية.

ولي الأمير سليمان بك مستقلا. و في أيامه حارب قبيلة زرزا فتغلب عليها كما انتصر علي أحد أبناء عمه (قباد بك) سنة 998 ه، كما كان أظهر بعض الانتصارات علي الإيرانيين و قدم الغنائم إلي السلطان مراد فرضي عنه، فكان حاكم صوران. و بوفاته خلفه ابنه (علي بك)، و أيدت الدولة إمارته بفرمان سلطاني. و بقي حاكم صوران إلي ما بعد سنة 1005 ه. و من آخرهم في هذا العهد (ميره بك). كانت حوادثه في سنة 1039 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 308

دامت

هذه الإمارة بحالة عشائرية حتي انتهي هذا العهد.

4- إمارة بابان

و هذه الإمارة كانت في نطاق ضيق لم يظهر لها ما يدعو للتدوين من وقائع العراق إلا ما كان ذا علاقة بالإمارات الأخري لا بالدولة.

و جاء في الوقائع الأخيرة من هذا العهد ذكر إمارات عديدة بأسماء مواطنها، فلم تكن هذه من بينها، أو أنها أشير إليها باسم مواطن حكمها.

و هذه الإمارة كان من آخر أمرائها پير بوداق الببي (الباباني).

و كانت إمارة معروفة المكانة بين إمارات الكرد، لكن هذه الإمارة انتهت و قضي عليها بانتهاء حكم پير بوداق.

ثم خلفها أعوان الأمراء من غير (بيت الإمارة) من تلك الأنحاء. و جاءت حوادثها ضئيلة الأثر في وقائع العراق و لم تقو إلا بعد انحسار الأردلانيين. و حينئذ اتصلت بوقائع العراق المتوالية مما يتعلق بالعهود الأخري.

5- إمارة العمادية

أطاع أمراء الأكراد السلطان سليما، و أن العمادية من جملة الإمارات، و جعل عليها الأمير إدريس البدليسي (البتليسي). و سيطرته عامة. و أن يحصل علي عائدات لا أن يتدخل في الحكم المباشر. و قد تكلمت في (تاريخ العمادية) علي تفصيل الحالة باطراد.

ولي الإمارة إدريس البدليسي في أيام (السلطان حسن). و هذا كان يتولي السلطة الفعلية و ترك من الأولاد:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 309

1- السلطان حسين.

2- سيدي قاسم.

3- مراد خان.

4- سليمان.

5- پير بوداق.

6- ميرزا محمد.

7- خان أحمد.

و في أيام السلطان سليمان القانوني خلفه ابنه السلطان حسين و هذا قام بخدمات عظيمة للدولة، فزادت في سلطته و وسعت نطاق حكمه، فبلغت أيام إمارته نحو ثلاثين سنة. حكم إربل بعد القضاء علي الداسنية. و في أيامه عادت حرير للصورانيين.

و توفي عن أولاده:

1- قباد بك.

2- بيرام بك.

3- رستم بك.

4- خان إسماعيل.

5- السلطان أبو سعيد.

ولي قباد بك بعد والده أيام السلطان سليم الثاني. و بعد

مدة مال أتباعه إلي أخيه بيرام بك فخلع من الإمارة. ثم عاد، و بعدها قتل، فولي الإمارة بيرام بك للمرة الثانية إلا أن سيدي خان و السلطان أبا سعيد ابنا قباد بك ذهبا إلي استانبول يشكون قتل والدهما للسلطان مراد الثالث.

نال بيرام بك الإمارة فجاءه المنشور بالإمارة من الصدر الأعظم عثمان باشا و لكن سيدي بك بن قباد بك قدم شكواه للسلطان ثم فوضت إليه الإمارة فدخل العمادية في أواسط ذي الحجة سنة 993 ه، و أودع

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 310

أمر تحقيق الشكوي إلي فرهاد باشا، فألقي القبض علي بيرام بك و ثبتت إدانته شرعا من جراء قتل قباد بك فحكم عليه بالقصاص سنة 994 ه.

و دام سيدي بك في الإمارة مدة طويلة. و اشترك في حوادث بغداد لسنة 1039 ه.

و لما جاء السلطان مراد الرابع إلي بغداد كان أمير العمادية (يوسف خان) ابن سيدي خان و هذا لم يشترك في حرب بغداد، و لم يكن من بين المهنئين بالفتح. و مثله (عبدال خان) أمير بتليس (بدليس)، فصدر الأمر السلطاني إلي ملك أحمد باشا، للقضاء عليهما، فتمكن من القبض علي أمير العمادية و حبسه في ديار بكر، ففرح السلطان بذلك. جاءه الخبر حين النزع، فدعا للوزير ملك أحمد باشا بالتوفيق. ثم قدم يوسف خان ألف كيس للدولة، فعفت عنه و أعادته إلي إمارة العمادية …

و أما عبدال خان فقد قضي علي إمارته، و استولي الترك علي خزائنه و نفائسه ذكر ذلك أوليا چلبي.

6- إمارة ابن عليان

مر بنا الكلام علي حوادثها. فلا مجال للبسط و التفصيل. فإن المعلومات عنها قليلة جدا.

7- إمارة آل أفراسياب

هذه الإمارة سبق الكلام عليها. و لم ينقطع خبرها. و لا تزال مستمرة إلي ما بعد هذا العهد. فلا نعجل بذكرها.

و الحاصل أن الإمارات في العراق عديدة، و شأنها متفاوت، و قوتها و منعتها غير مستقرة و من أهمها ما كان في الحدود. و كانت إمارة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 311

البصرة بيد (راشد بن مغامس) فقضت عليها الدولة العثمانية. و مثلها إمارات عشائرية كثيرة فدامت أمدا أطول مثل العمادية، و اليزيدية. و منها انقرضت إمارتها … و منها ما لا يزال في بدء التكوين، أو كانت المعرفة بتسلسل أمرائها ناقصة … فلا مجال للتفصيل.

الدولة العثمانية (في هذا العهد)

اشارة

استقلت الدولة العثمانية سنة 699 ه و كانت قبيلة ساعدتها الأوضاع لتظهر بمظهر دولة. و كانت تسمي (قبيلة قايي خان)، و أول سلطان عرف لها في إعلان دولته السلطان عثمان. و توالوا حتي أيام السلطان محمد (فاتح استانبول) سنة 857 ه- 1453 م، و علا شأن هذه الدولة أكثر بمن تلا من سلاطين منهم السلطان سليم الياوز. و هذا الأخير عرف باتصاله بإيران و بالشام و مصر، فدمر جيش الصفوية و علي رأسهم الشاه إسماعيل سنة 920 ه و يقال إن الشاه بقي متألما لهذا الحادث حتي توفي سنة 930 ه. و كان فقد مكانة عظيمة، و اعتراه اليأس، فلم يستعد قدرته كما ذل أتباعه القزلباش في الأناضول و البلاد الأخري.

و اكتسح السلطان الشام و مصر و قضي علي دولة المماليك سنة 923 ه و رسخت قدمه في هذه الأقطار. و في أيام ابنه السلطان سليمان كانت الصولة علي إيران قوية شديدة ففر الشاه طهماسب منه، و صار يتهرب من مكان إلي مكان، فمضي السلطان إلي بغداد فافتتحها سنة

941 ه- 1534 م، و دامت في حكم العثمانيين إلي سنة 1032 ه، فاستولي عليها الشاه عباس الكبير، فانتزعها منه السلطان مراد الرابع

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 312

فانقضي هذا العهد باستعادة بغداد من الشاه صفي. و كانت هذه الحرب و سابقاتها دمرت الدولتين، فطمع الأجانب بهما، و زادت آمالهم في اكتساح الشرق …

قائمة السلاطين العثمانيين (لما قبل الفتح)

1- السلطان عثمان. جلس في 4 جمادي الأولي سنة 699 ه- 1300 م. و توفي 21 شهر رمضان سنة 726 ه- 1326 م.

2- أورخان. جلس في يوم وفاة والده، و توفي في رجب سنة 761 ه- 1360 م.

3- السلطان مراد خداوند كار. جلس يوم وفاة والده. و توفي في 15 شعبان أو أوائل رمضان سنة 791 ه- 1389 م.

4- السلطان يلدرم بايزيد. جلس يوم وفاة والده. و توفي في 15 شعبان سنة 805 ه- 1403 م.

(فاصلة السلطنة).

5- السلطان محمد الچلبي. جلس في المحرم سنة 816 ه- 1413 م و توفي في ربيع الأول سنة 824 ه- 1421 م.

6- السلطان مراد الثاني. جلس يوم وفاة والده و توفي في 5 المحرم سنة 855 ه- 1451 م.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 313

7- السلطان محمد الثاني الفاتح. جلس في 16 المحرم منه و توفي 4 ربيع الأول سنة 886 ه- 1481 م.

8- السلطان بايزيد الثاني. جلس يوم 10 منه. و توفي في 10 ربيع الأول أو الآخر سنة 918 ه- 1512 م.

10- السلطان سليم الياوز. جلس يوم وفاة والده و توفي في 9 شوال سنة 926 ه 1520 م.

قائمة السلاطين (من فتح بغداد)

1- السلطان سليمان القانوني. جلس يوم وفاة والده. و توفي 22 صفر سنة 974 ه- 1566 م.

2- السلطان سليم الثاني. جلس يوم وفاة والده. و توفي 27 شعبان سنة 983 ه- 1575 م.

3- السلطان مراد الثالث. جلس يوم وفاة والده. و توفي 8 جمادي الأولي سنة 1003 ه- 1595 م.

4- السلطان محمد الثالث فاتح اكري. جلس يوم وفاة والده.

و توفي 12 رجب سنة 1012 ه- 1603 م.

5- السلطان أحمد الأول. جلس يوم وفاة والده. و توفي 22

ذي القعدة سنة 1026 ه- 1617 م.

6- السلطان مصطفي الأول. جلس يوم وفاة أخيه، و خلع في غرة ربيع الأول سنة 1028 ه- 1619 م.

7- السلطان عثمان الثاني ابن السلطان أحمد. جلس يوم خلع عمه و في 8 رجب سنة 1031 ه- 1622 م خلع. و في 9 منه توفي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 314

8- السلطان مصطفي الأول ثانية. جلس يوم وفاة ابن أخيه و خلع في 15 ذي القعدة سنة 1032 ه- 1623 م. و توفي في سنة 1048 ه- 1638 م.

9- السلطان مراد الرابع فاتح بغداد ابن السلطان أحمد. جلس يوم خلع سابقه. و توفي 16 شوال سنة 1049 ه- 1640 م.

هؤلاء سلاطين العثمانيين من فتح بغداد إلي آخر أيام السلطان مراد الرابع.

التشكيلات الإدارية

اشارة

سارت الإدارة من حين دخول العثمانيين بغداد سيرة مطردة إلا بعض ما دعا إلي تعديل، أو ما حدث من ثورة أو استقلال.

و هذه الإدارة مصغرة من إدارة أصل الدولة، و كل تبدل في الأصل يؤدي إلي تحول في الولاية. و أما التقسيمات الإدارية فإنها تابعة للحالة التي كانت عليها، و ما طرأ من أمور دعت إلي تغير في التقسيمات …

و تتكون هذه الإدارة من أركان عديدة أهمها:

1- الولاية

يقوم (باشا) بإدارتها. و يغلب عليه لقب (وزير). و لكل وال (كتخدا) أو (كهية) و هو بمنزلة (معاون) له. و في الأكثر يتولي الإدارة باسم الوالي.

تكلمنا علي الولاة فلا نعيد القول. و ينيب الوالي من يقوم مقامه عند الذهاب إلي الحروب، فيسمي (قائممقام الوالي) كما أن الذي يتقدم الوالي لاستلام المنصب يسمي (متسلما)، و كذا يطلق هذا علي المتصرف …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 315

فنكتفي هنا بالإشارة و الولاية لها السلطة علي جميع الفروع، و تتكون تشكيلاتها من الكهية أو الكتخدا، و هو معاون الوالي وردؤه.

كان يأتي معه و يعزل بعزله فإذا سخط الأهلون من عمل من أعماله و رأي الوالي خطرا عدل و خفف من الشدة، فلم يقطع أملا و لا يجعل الأمر حتما … و من رئيس الكتاب، و أقلام المالية، و أقلام التحرير، و قد جمع الديوان الخطاطين البارعين، و المنشئين الماهرين، و أرباب المواهب المختارة.

و كتاب الديوان لهم التفوق في التحرير، و المعرفة المالية، و في أنواع الخطوط مما يبهر في اتقان الصنعة، و هم مزودون بكفاءة علمية و أدبية فائقة. و هناك (كاتب الفارسية)، و (كاتب العربية). و كلها تابعة لرياسة الديوان. و يقال له (ديوان أفنديسي).

هذا و أسماء ولاة بغداد

مرت و أما ولاة الموصل و البصرة و سائر الإيالات الأخري فإننا لا نعرف إلا بعضهم في غالب الأحوال.

2- مالية العراق
اشارة

إننا بكل صعوبة تمكنا من تدوين بعض الحوادث، و بيان الأوضاع السياسية و غيرها فمن العسر جدا أن ندون عن مالية العراق في عهد انقطعت عنا فيه الوسائل، و فقدت الوثائق لا سيما في موضوع الأمور المالية و جل ما تيسر معرفته أن ندرك بعض الحالات المالية، و الموظفين الماليين. و نعلم شيئا عن النقود و الضرائب فتحصل لنا المعرفة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 316

الإجمالية، أو الوقوف نوعا علي ما هنالك لا بوجه الاستقصاء، و جل الوثائق لا تفي بالغرض، و لا تؤدي الحاجة.

التمسنا المعرفة من طريق الضرائب المفروضة، و من بعض الفرامين، و من قوانين آل عثمان مما يتعلق بأصل الدولة، و من ترتيب الدولة في الأمور المالية، و من ذلك الدفتريون، و نوع الضرائب و النقود، و من العلاقات الدولية و العهود و الروابط الاقتصادية.

و من أكبر ما هنالك وضع العراق المالي في ثروته الطبيعية، و في علاقته بإيران و جزيرة العرب، و ما يرتبط به القوم من علاقات بحرية و اتصالات بالهند، و البلدان القريبة و النائية. فمثل هذه لا تنكر حالاتها، و لا تهمل قيمة الأوضاع الحاصلة بسبب دولة البرتغال، و ما ولدت من خلل مالي، و انقطاع الروابط بالهند من جراء الإخلال بما كان مألوفا.

و تصعب جدا المعرفة التاريخية المطردة، و إنما الوقائع في جميع العصور تنبه إلي الحاجة، و تميط اللثام عن وجه الغرض، و تعين الوضع بأجلي مظاهره، بل إن الحروب العظمي الأخيرة قد كشفت عن ماهية العلائق، و أوضحت ما للعراق من مكانة مالية، و ما

عليه من أوضاع متصلة، فندرك حصار المغول الاقتصادي إبان الحروب المتطاولة، و أيام الانقياد لهم و فتح الطريق، و ما تولد من ذلك، كما شوهد مع البرتغال، و كذا العلاقات الاقتصادية بالمجاورين و بالهند، و مثلها بالشام و بالحجاز، و بإيران و الترك و ما وراء ذلك.

لا شك أن الحالة الطبيعية، و الوضع الجغرافي في العراق جعل الصلات المالية مقرونة بأقطار عديدة لا تدع ريبا في مكانتها و أهميتها الاقتصادية، و حالتها التي كانت عليها، و ما فيها من أقوام متنوعي الرغبات، موصولي التاريخ لا انفكاك للواحد عن الآخر.

و كل هذا يؤدي إلي بعض الانكشاف، و يوضح بعض الإيضاح،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 317

فنعرف المعرفة العامة، و لولا التاريخ في وقائعه الكبري لما استطعنا هذه المعرفة.

و من المهم أن نعرف الخصائص الخاصة، و الحوادث لهذا العهد، لنتمكن أكثر، و ننال حظنا من الوقوف علي ما ليتنا أكثر باستنطاق تلك الوسائل، فنعرف المناصب المالية، و الضرائب، و النقود … و بذلك ما يفسر أكثر، و يؤدي إلي هذه المعرفة.

و من الصواب أن لا نقف عند معرفة مالية العراق و علاقتها بالسلم و الحرب و إنما يهمنا أكثر أن نعرف (مالية الدولة العراقية)، و علاقتها بأصل الحكومة العثمانية، و طريق إدارتها، و تشكيلاتها المالية … فإن هذا يهمنا كثيرا، و جل ما نقوله في هذا الباب النشاط لأول الأمر، و أثر الفتح ثم اختلال الحالة في أصل الدولة، و اضطراب المالية عندنا تبعا لها و ما إلي ذلك من أوضاع و ظواهر قطعية.

و من ثم نجد الضرورة ماسة إلي معرفة مالية أصل الدولة العثمانية، و مالية العراق من جراء تلك الصلة إلا أننا يؤسفنا أن

ما تمكنا من تدوينه قليل، يكاد يعد تافها بالنظر للقطر العراقي العظيم في تطوراته، و ربما كان ظهور الثورات و المنازعات أو المشادات بين بغداد و الدولة العثمانية يعد من أجل ظواهر تلك الدولة و علاقاتها بأصل الدولة. و هذا لا شك فيه و لا ريب.

و ما كتب في أصل مالية الدولة من مثل (آصفنامه)، و (قانوننامه آل عثمان)، و ما جاء في التواريخ العثمانية من حوادث كثيرة، و ما ذيلت مؤخرا به تلك القوانين مثل (قانوننامه عثماني) لمؤذن زاده المعروف ب (عيني علي)، و (قوانين أبي السعود) و (قوانين آل عثمان در مضامين دفتر ديوان)، و رسالة قوچي بك، و دستور العمل لإصلاح الخلل، و نصائح الوزراء و الأمراء … كل هذه و أمثالها مما يعين الحالة، و الشكوي في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 318

آخر العهد تدل علي ما عليه الحالة من خلل في المالية … و أن هذا الأمر سري مفعوله إلي العراق فلم ينج منه … و عمت البلوي بما كان ينسب إلي الموظفين من الارتشاء، فكانت البلية أكبر …

1- الدفتريون:

من أجل المناصب المالية في العراق منصب الدفترية، أكبر منصب في المالية، فإذا كان عندنا اليوم وزير المالية، و مدير المالية العام، فإن الدولة كان لها هذا المنصب و يعد بمنزلة وزارة المالية، و عندنا الدفتريون بمكانة أقل نوعا من دفتري الدولة في عاصمتها، و لكنه لا يختلف عنه في مهمة الإيالة مثل بغداد، و إن التشكيلات المالية هنا مصغرة من تلك بلا كبير فرق …

و إن الدفتريين كانوا مجهزين بأكمل المعرفة، و الاطلاع القانوني، و الثقافة البالغة حدها، و الاطلاع المكين علي المعتاد المالي للدولة، و ربما فاق منهم

كثيرون في مختلف الآداب و ولدوا نهضة في مملكتهم، و غالب هؤلاء من متخرجي ديوان المالية، و كلهم عارف بما هنالك من تعاملات محلية لكل قطر و دراسة عملية … فجاءت هذه الأعمال نابعة لنهج مالي، و لفرامين قطعية، و حقوق شرعية في الضرائب، و قوانين آل عثمان، فلا يتجاوزونها مراعين المعاهدات الدولية في العلاقات الخارجية.

و كل هذه تعين مهمتهم، و تبين وضعهم، و تجعلهم في غني عن معرفة أخري، و لا ريب أن ذكر جملة من هؤلاء مما يؤدي إلي الاطلاع علي سيرتهم، و أنهم كانوا مالكين زمام الأمور، و أن النقص في بعضهم غير مؤثر في أصل المنصب و قيام أصحابه بما توحيه الكفاءة، و يلهمه العمل …

و هذا المنصب من أصل تشكيلات الدولة العثمانية و إلا فإن التشكيلات المالية عندنا تابعة رأسا للوزير، و إن رجال الديوان- القسم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 319

المالي- يقومون بها، و يؤدون واجبها، و يعينون الأعمال، و ينظمون الإدارة المالية. و الأصل في هذه المعرفة كفاءة الوزير، و في الغالب يكون من رجال الديوان، أو أنه يعول علي من يقوم بالمهمة ممن اكتسب من التعامل، و من المعرفة و الثقافة المالية، و الاطلاع علي الأحكام الشرعية و قد جهز بكفاءة و قدرة لا مزيد عليهما بل إن هذه المعرفة تكشف للمرء الطريق و تبصره بما لم يكن يعلم. و لا شك أن إلهام العمل مقرونا بالعلم يفتح ما يزيد في اتقان العمل بل يؤدي إلي علم جديد …

و هؤلاء أشهر الدفتريين: 1- عالي أفندي الدفتري. و سماه روحي البغدادي (عالي بك).

2- سليمان أفندي الدفتري و كان شاعرا و أديبا.

3- محمد بك من غلمان السلطان سليمان.

عين دفتري تيمار و لقب (فيضي). و عرف بالنظم و النثر.

4- أحمد أفندي بن محيطي أفندي. عين دفتريا لبغداد سنة 996 ه، و شعره معروف بغزله، و مقطوعاته جميلة و رقيقة و كان ممن توطن بغداد.

5- حسن بك الدفتري. و لروحي البغدادي قصيدة في رثائه.

و مرت الإشارة إلي ذكرهم في الحوادث أو المباحث المذكورة في صلب هذا الكتاب. و هؤلاء لم نتمكن من تواريخهم جميعهم بالضبط، و لا أدركنا أوضاعهم، و قل من عرفنا التفصيل عن حياته مثل ما عرفنا عن عالي أفندي إلا أننا علمنا من نتف حياتهم بعض ما يظهر لنا القدرة و الكفاءة و المعرفة الكاملة في العلوم و الآداب، فإذا كان الديوان قد دربهم إلي المعاملات، و ما كان يجري في الدولة، فإنهم هذبوا أنفسهم بشتي المعارف، و جهزوا القدرة العملية بالمعرفة العلمية و الأدبية،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 320

فنفعوا، و وضعوا أسسا مالية قويمة فسارت الدولة علي نهج مطرد، و ضبطوا تعامل كل قطر، و ما درج عليه من خطة … و كان نصيب العراق منهم وافرا …

و يهمنا أن نشير إلي أن العراق، و أخص ايالة بغداد قد اكتسبت مكانة في التشكيلات المالية كما في التشكيلات الإدارية، فكان يوجه منصب الدفترية في بغداد إلي أكابر رجال الدولة المعروفين في مهمتهم، فيقومون بالغرض أجل قيام، و كانت أوضاعهم محدودة نوعا، فلا يستطيعون التصرف بالمالية كيف شاؤوا أو اختاروا، فقد مشت مالية العراق علي اطراد أشبه بالمألوف من القوانين.

2- الفرامين:

و هذه تعين سيرة الدولة في الأمور المالية، أو المعاهدات المرعية في الضرائب الكمركية، أو التعامل المحلي، و هكذا، و في العراق جرت بعض هذه الفرامين، و سارت علي خطة

مقبولة، و نهج صحيح. و مثل هذه المنقولات في الضرائب، و سائر المعاملات.

و من أقدم ما وصل إلينا من الفرامين ما يبين الحالة المالية في بعض صفحاتها، و جاءت هذه مؤيدة خصوصيتها في العراق، و تدعو للالتفات من جراء أنها تتعلق بماليته …

1) الفرمان المؤرخ في سنة 959 ه- 1551 م. كان قد أصدر إلي والي البصرة قبل حرب البرتغال أيام سيدي علي. و كان العراق آنئذ متصلا بالهند في تجارة معتادة جارية علي سنن مطرد، فأراد البرتغال أن يحولوا الوضع إليهم، و أن تكون التجارة الخارجية علي يدهم …

2) الفرمان المؤرخ في سنة 982 ه- 1574 م. و هذا لا يختلف عن سابقه، فيكادان يتفقان في مضمونهما.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 321

و هذه الفرامين لم تفرق بين الضرائب الخارجية و الداخلية، و عينت مقدار الضريبة و ما يجب أن يستوفي. و كل ما في ذلك بيان و تفصيل لما يؤخذ علي الأموال التجارية داخلا و خارجا … و فيه ما يعين الفروق أيام العباسيين و أيام الدولة العثمانية. و أشارت الفرامين إلي أن المأخوذ قديما كان واحدا من اثني عشر فصار يؤخذ 05/ 0 و في بعضها مثل الجوخ كان يؤخذ عنه 020/ 0 فصار يستوفي واحد من خمسة عشر و الأمتعة الأخري يؤخذ عنها 05/ 0 كما أنه يؤخذ من عينياتها 01/ 0 باسم (غلمانية). و الرسوم و الضرائب لم تكن قاسية، قربتها الدولة من الأحكام الشرعية، و تسهيل أمر الأموال و دخولها المملكة برسوم كمركية قليلة تشويقا لأصحابها ليأتوا بالبضائع …

و علي كل حال إذا كانت رسوم الدولة معروفة في الوثائق المارة، فلا شك أن هذه الفرامين قد عينت بوضوح

ما كان يؤخذ من ضرائب عن الأموال التجارية كما أن المعاهدات من تاريخ فتح بغداد سنة 941 ه- 1535 م إلي سنة 1033 ه- 1624 م قد أوضحت ما جرت عليه الدولة في علاقاتها التجارية.

و الضرائب الأخري لم يختلف المعتاد فيها عن النهج الشرعي، و أن التبدل قد يحدث و لكنه لا يمضي زمن حتي يعود إلي حالته الشرعية في موارد الحكومة في العراق … و جل ما نعلمه أن مقرر الضرائب بوجه عام لا يختلف عما في أصل الدولة، أو التعامل الجاري، أو المعاهدات الدولية المعقودة مما لا مجال لبسط القول فيها هنا.

3- الضرائب:

و هذه يصعب تحديدها من كل وجه، و أن (الضرائب التجارية) قد مرت الإشارة إليها في نصوص الفرامين، و أما الضرائب الأخري فهي علي المعتاد في ضرائب المغروسات، و ضرائب الزروع، و ضرائب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 322

الحيوانات و تسمي (الكودة) و ضرائب الرؤوس (الجزية) … و أن (كتب الفقه) بوجه عام، و الوثائق و القوانين العثمانية تعين طريقة الأخذ و هكذا نهج الموظفين القائمين بأمرها … فهي شرعية أكثر منها حكومية خاصة دون أن يتطرق إليها الخلل … أوضحنا ذلك في (الضرائب و تاريخها) في رسالة خاصة.

4- ممتلكات الدولة:

و هذه تظهر أكثر في الأراضي الأميرية، و في الأموال الأخري من غنائم و غيرها … و في هذه قوانين و حالات مقررة قبل أن ينشر قانون الأراضي.

5- النقود:

و هذه تعتبر كميزان لمعرفة مالية الدولة، و كانت النقود في العراق قد تأثرت بمختلف الدول التي تناوبته، و أثر المالية ظاهر في النقود بصورة قطعية، و لكن بوجه تقريبي لا يحتمل أن يختلف عن الأمر الصحيح المتعين.

و الدولة تأثرت بالفتح و منها تتبين علاقاتنا الاقتصادية، و تتوضح أوضاعنا من وجوهها الأخري كما أن العراق تأثر بنقود المجاورين، و الدول المتصلة بنا من طريق البحر، فالصلات بادية …

و من ثم يتجلي لنا في النقود ثلاث ظواهر نقودنا، و نقود الدولة العثمانية، و النقود الأجنبية فكل هذه تعين الصلات، و بالتعبير الأولي تدل علي العلاقات الاقتصادية و المالية بالعراق و تؤكد ماليته و لو بطريق التقريب.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 323

و النقود العراقية في هذا العهد (الدينار البغدادي) عثر علي المضروب منه سنة 950 ه، و 958 ه و سنة 960 ه في بغداد و الموصل أيام السلطان سليمان. و هكذا في أيام السلطان سليم الثاني.

و مثله أيام السلطان مراد الثالث سنة 982 ه ببغداد، و بالموصل و في عهد السلطان محمد الثالث سنة 1003 ه، و السلطان مراد الرابع سنة 1035 ه و سنة 1043 ه في الحلة و بغداد. و (الدرهم البغدادي) في مختلف أيام السلاطين لهذا العهد، و (الفلوس البغدادية) و هذه لم نعثر علي نماذج منها واضحة.

و نقود الدولة العثمانية (الشاهية السليمانية) من ذهب، و الآقچة العثمانية، أو العثماني أو الدرهم العثماني، و الفلوس العثمانية.

و (الهشتي) و هو ثمن الآقچة. شاع البغدادي

للدرهم، و العثماني للآقچة العثمانية أو الدرهم العثماني.

و أما النقود الأجنبية فالإيرانية منها (الدينار العباسي). و (العباسية) الإيرانية من فضة. و العباسية من الفلوس النحاسية … و (الفلوري) أصله أجنبي.

و لا أطيل القول فإن الدولة في النقود تستوفي ضريبة غير مباشرة، و فيها تدمج السياسة، و يظهر شعار الدولة و قد بسطت البحث في (كتاب النقود العراقية لما بعد العهد العباسي) إلا أني أقول هنا لم يبق تعامل في النقود القديمة و قد شاعت نقود العراق من ضربه، و نقود الدولة، و كذا النقود التي دعت إليها الحالة الاقتصادية للتعامل.

و هنا لا أمضي دون بيان عن النقود المضروبة سنة 926 ه أيام السلطان سليمان القانوني، فهذه كانت ضربت أيام ذي الفقار. استعان بالدولة العثمانية بعد أن ثار علي الشاه طهماسب سنة 934 ه، و دامت حكومته في بغداد إلي سنة 936 ه، ثم استردها منه الشاه طهماسب.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 324

و ضربها في التاريخ المذكور للدلالة علي جلوس السلطان.

و دار الضرب و تسمي (السكه خانه) في هذا العهد كانت في القلعة كما يفهم من وقفية جامع القلعة. و الظاهر أن محلها لم يتغير لما قبل هذا التاريخ. و في أيام المماليك عرفنا أن دار الضرب صارت بقرب خان مرجان في سوق السكه خانه. ثم اندثرت دار الضرب.

3- القضاء في العراق
1- القضاء بوجه عام:

القضاء في المملكة يعين أن السيرة جارية علي شريعة أو ما نسميه (قانونا). فلم تكن الأمور تابعة للأهواء. و القضاة تابعون للقضاء الإلهي، و لم يختلف في الأزمان و تطورها إلا بقدر ما يعرض للفكر البشري من تطور في التفسير الفقهي و هذا قليل جدا.

و العهد العثماني لم يختلف فيه القضاء عما كان عليه في

الأقطار الإسلامية جمعاء، و أن المؤلفات الفقهية من متون و شروح و حواش، و فتاوي، و صكوك و أحكام متماثلة … تعد المرجع للكل، و أن التشكيلات القضائية من استخدام حاكم منفرد جارية في كل الأقطار لقلة الحكام الذين يحملون فكرة حقوقية ناضجة، و التسجيل و تنظيم الإعلامات و الحجج سار علي طريقة مطردة، و سنن واحد، و أن القدرة تابعة للمعرفة و المواهب في التصرف و التوجيه الشرعي مما أيد مكانة القضاء و لم يضطرب أمره. فتعين الغرض الفقهي، و يصح أن يستخدم القاضي في مختلف الأقطار دون أن يري صعوبة في تطبيق الشرع. و وقع ذلك فعلا.

و عندنا الفقهاء في مخلداتهم قاموا بأمر التوجيه، و أعدوا المادة الفقهية للقضاء، و عملهم تطبيقي و تعيين للأحكام في الوقائع النازلة،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 325

و القضايا الخاصة، و يستعين القضاء أحيانا بالمفتين للتبصر بالرأي، و التمكن من الاستدلال الفقهي.

و العهد العثماني التزم مذهبا بعينه و هو مذهب أبي حنيفة، و كان الشائع في العراق و لا يزال (المذهب الشافعي) و قبله كان الصوت للمذهب الحنبلي، و هذا لا يخلو من اعتلال، و إن كان الفقه سار سيرة قانونية، و أدي واجبا ثابتا لا يتزعزع، و لا يعتريه أي خلل في نهجه و في معلومية أحكامه. فالقضاء ارتكز علي هذا الأصل الفقهي، و أن (المشيخة الإسلامية)، و (دار الفتوي) قد سيطرتا علي الحالة، فلم تدعا مجالا للتشويش فمضي الفقه و القضاء علي حالة تطبيقية في مراعاة نهج قطعي لا يتغير.

و الدولة العثمانية رأت المدارس الكثيرة في بغداد، و في الشام، و في مصر فانبهرت بمقاييسها لتمكين الفقه، و تقوية القضاء. فبذلت في هذا السبيل

ما أمكن من قدرة، و حاولت التفوق بالسلاح العلمي و سارت سيرة موفقة، فأسست المدارس، و شيدت صروح العلم، فلم تمض مدة حتي تمكنت من ناصية العلوم، و ظهرت بمظهر العظمة. و هكذا لم يعوز الدولة. و كانت الكل في الكل في إدارة الثقافة فسهلت طريق (خزائن الكتب)، فبدأ السلاطين بالوقف، و بجعلها عامة، و مالت الرغبة إليها، فلم تمض مدة حتي اقتنت آثارا لا تحصي، و لم تكتف بالمدارس و حدها فتكاملت العلوم جمعاء، فنهجت في الفقه نهجا صالحا مقبولا، و أن التجارب جعلتها تستقر علي مؤلفات معتبرة في الفتاوي لتأمين السيطرة القضائية، و أن لا يركن القضاء إلي الميول النفسية، فقبلت الفتاوي المعتبرة لأكابر الفقهاء، و لم تترك الأمر إلي القاضي بلا قيد و لا شرط، فيرجح القول الضعيف باقترانه بحكم الحاكم.

و يخطي ء من يظن أن القضاء لم ينل عناية أو رعاية من العثمانيين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 326

لما رأينا مؤخرا من انحلال. هذا الانحلال لم يقتصر علي ضرب من ضروب الإدارة، بل لم يسلم منه القضاء. و من أهم العوامل الحروب الخارجية و الفتن الداخلية. فالداء كان عاما شاملا في اضطراب جسم الدولة. و في أول الأمر أي في بدء الفتح العثماني للعراق لم تكن الحالة كذلك، فقد سيطرت مؤخرا المشيخة الإسلامية، و دار الفتوي علي المرافق العلمية و الفقهية و من أجل أركانها المدارس و القضاء …

2- القضاء في بغداد:

هذه مكانة القضاء في المملكة العثمانية. كانت احتفظت به الدولة و صارت تنصب القضاة في بغداد و لو كان فيها من الفقهاء الأكابر من يصلح إلا أن سياستها كانت تدعو إلي ذلك. و لعل في هذا و في الدفتريين ما يعين لها

الحالة لأخذ المعلومات، و الانتباه إلي الحوادث بعناية زائدة، كما احتفظ العراق بالإفتاء في أكثر الأحيان، و كانت تختار لقضاء بغداد قضاة متميزين في العلوم معروفين في الفقه و العلوم الإسلامية، فيعدون من الصنف الأرقي، و علاقة القضاء بالسياسة كبيرة جدا، فلا تريد أن تجلب الدولة النقمة عليها من علماء بغداد بحرمانهم من جميع المرافق العلمية، و رجال الإفتاء عندهم كثيرون و صلاح الدولة مرتبط بجميع نواحيه فلم تتهاون في أمر من أمورها.

و هؤلاء القضاة كانت سلطتهم واسعة في الأمور العلمية. و في أول الأمر بهرتهم المدارس و توجيهها، و الأوقاف و حسن إدارتها و استقرارها، و الأوضاع العلمية و حالاتها … فاقتبسوا ما كان، و أصلحوا ما عندهم، و رعوا الأوقاف و المدارس حق رعايتها، و نهجوا بالعلوم و الآداب النهج المشهود، فنقلوا غالب ما وجدوا ضرورة لنقله، و اقتبسوا و خدموا العلوم و الآداب، و صاروا يبذلون الغالي و الرخيص في سبيل الحصول علي ما يرفع المستوي العلمي و الفقهي عندهم، و تجمعت الثقافة في عاصمة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 327

الدولة، و لم تمض مدة حتي بلغت مكانة مقبولة، فظهر من القضاة جماعة توالي ورودهم بغداد، و تكاثر عددهم بتوالي الحكم و امتداده.

و يهمنا من كان في العاصمة و يعدون من أصحاب الدرجة الأولي في المقدرة و يختارونهم ممن عرف بالعلم الوافر من أهل الكمال. و كانت إدارة المدارس بأيديهم أيضا.

و من المؤسف أننا لم نتمكن من معرفة قائمة كاملة في القضاة و لا الوقوف علي كثيرين منهم وقوفا علميا … و لكن معرفة المدارس في أصل الدولة و الاهتمام بمتخرجيها و ظهور جماعة منهم مما يجعلنا نقطع في المعرفة. و

نعين الضعف و مبدأه فينا.

و ممن عرف بالقضاء في بغداد:

1- كان أول قاض ببغداد (المولي مصلح الدين مصطفي النيكساري) مدرس مغنيسا. و أعيد لقضائها سنة 947 ه و عزل سنة 954 ه و توفي سنة 969 ه.

2- منلا كمال چلبي. و كان عالما فاضلا حميد الخصال توفي ببغداد.

3- أمين زاده كوسه سي منلا يحيي. ولي قضاء بغداد. ثم ولي تدريس دار الحديث باستانبول و صار مدرس السلطان. و كان فاضلا كاملا.

كان هؤلاء القضاة في أيام السلطان سليمان القانوني. و هكذا توالوا …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 328

4- السيد محمد قاضي بغداد. ذكره فضولي البغدادي الشاعر في ديوانه.

5- توقيعي زاده لطف اللّه بن أبي الفتوح القاضي ببغداد. و في أيامه أصدر وقفية السيد الشيخ شمس الدين الكيلاني سنة 955 ه.

6- الشيخ عبد اللّه بن محمد أمين توقيعي زاده القاضي ببغداد.

و في أيامه سجلت في 15 رجب سنة 978 ه وقفية السيد الشيخ زين الدين ابن السيد الشيخ شرف الدين القادري المتولي علي أوقاف الحضرة القادرية.

7- يوسف القاضي. ولي قضاء بغداد. كان في أيام السلطان سليمان القانوني و توفي في عهده.

8- القاضي دولگرزاده محمد. ولي قضاء بغداد في ربيع الآخر سنة 969 ه و في المحرم من سنة 974 ه أحيل للتقاعد. و توفي سنة 977 ه. و هو عالم و شاعر بالتركية و العربية. و خطاط أيضا.

9- ميرزا مخدوم. ولي قضاء بغداد و إفتاءها، و التدريس في مدرسة مرجان و ألف كتاب النواقض في بغداد أيام قضائه سنة 987 ه.

و هو في رد الشيعة. و ظهرت ردود عليه جاء ذكرها في خزانة المشهد الرضوي برقم 891 و 1003 و جاء بعضها في كتاب الفوائد

الرضوية عند الكلام علي عبد العالي الكركي. و أصل اسم هذا القاضي معين الدين أشرف الحسني الحسيني. و يرجع نسبه إلي السيد الشريف الجرجاني.

و توفي سنة 995، أو 988 و هو شيرازي حنفي.

10- محمد بن علي المعروف ب (ابن السپاهي) أو (سپاهي زاده).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 329

أصله من بروسة، صار في موطنه مدرسا، و في سنة 992 ه ولي قضاء بغداد، و توفي سنة 997 ه في أزمير. و يعد من القضاة المعروفين، متقنا للغات العربية و التركية و الفارسية، و له قدرة علي النظم.

و من أهم مؤلفاته:

1) أوضح المسالك إلي معرفة البلدان و الممالك. أتمه في رجب سنة 980 ه.

2) نموذج الفنون.

3) حاشية علي شرح التجريد.

4) حاشية علي شرح حكمة العين.

5) تقويم البلدان.

11- فضيل چلبي. و يعرف ب (جمالي زاده) ابن علي الزنبيلي.

ولي قضاء بغداد و بلدان أخري. توفي سنة 991 ه و له مؤلفات عديدة.

12- القاضي رضوان. ولي القضاء و عين الملا غانما البغدادي مدرسا في المستنصرية.

13- يحيي نوعي. من ذرية پير علي نصوح. ولد سنة 940 ه.

و ولي قضاء بغداد. توفي سنة 1003 ه و له مؤلفات عديدة.

14- نعمان القاضي ببغداد. و هذا ذكره روحي البغدادي. وعده من رجال الأدب.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 330

15- سعدي زاده محمد. ولي قضاء بغداد. و هو ابن قلعه حكلي سعدي أفندي. و توفي سنة 1018 ه في المدينة و كان قاضيها.

16- نوري القاضي ببغداد. و كان أيام بكر صوباشي قاضيا و إن نائبه (نائب المحكمة السيد محمد). و في خلاصة الأثر نقل بحثه عن الشيخ عثمان الخياط البغدادي.

17- قاضي بغداد مذكره جي زاده مصطفي. جاء ذكره إثر فتح بغداد من

السلطان مراد الرابع في وقفية جامع القلعة المؤرخة في 11 رمضان سنة 1048 ه. و رأيت ختمه الموقع في هذه الوقفية مؤرخا سنة 1013 ه. و ما جاء في فذلكة كاتب چلبي من أنه موسي غير صواب لما هو مذكور في الوقفية. و في تاريخ نعيما.

18- (محمد قدسي رمضان زاده) محمد بن أحمد بن محمد بن رمضان آل نشانجي. ولي قضاء بغداد للمرة الأولي في جمادي الأولي سنة 1004 ه، و للمرة الثانية في 21 جمادي الثانية سنة 1020 ه. و هو صاحب تاريخ (مرآة الكائنات). توفي سنة 1031 ه.

و من أهم ما رجعنا إليه وقفيات تعين أسماء القضاة منها وقفية السيد شمس الدين الكيلاني و وقفية السيد زين الدين الكيلاني. و هما من أقدم الوقفيات. و وقفيات أخري. و تواريخ، و ربما نحصل علي ما يعين لنا عددا آخر من القضاة. و كل من هؤلاء له المكانة، و كانت الدولة اختارت أكابر الرجال لمثل قضاء بغداد و مصر و الشام موطن الفقه، و محل المباحث العلمية … فلا تريد الدولة أن تضيع سمعتها، و لا أن تشتري التنديد الذي يوجه إليها من استخدام من هو غير صالح بل نري

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 331

أنها اختارت في غالب الأحيان ولاة كانوا صدورا، و لم تهمل أمر القضاء، و جاءت التصريحات بذلك في مواطن عديدة.

و من ثم نقطع أن من أركان التشكيلات الإدارية (القضاء). اكتسب مكانة في أصل الدولة، و عني به عناية كبيرة. و لا يهمنا أن نتعرض لما يتفرع في مواطن أخري من العراق، فإن ذلك بلا ريب كان أقل اهتماما و تدوينا، و إن كان وسيلة لظهور الرجال الأكابر، فكان تجربة

علمية و قضائية معا … و المقصود ذكر (قضاة بغداد) و من عرف أمره منهم، و اشتهر و نشاهد الفواصل طويلة، و لم يتيسر الوقوف علي الكثيرين.

و من مؤلفات العراق في هذا العهد كتاب (ملجأ القضاة في ترجيح البينات) لغانم البغدادي من علماء بغداد وجه به القضاء و لا شك أنه قام بحاجة ماسة. و توالي التأليف في الموضوع. و مثله (كتاب الضمانات) و يعد من أجل الآثار في موضوعه الفقهي و خدمته للقضاء، فلم يقطع العراق أمله، و لا أهمل العلوم النافعة للقضاء و إكمال مهمته.

و التاريخ مبناه النقل، و قد أعوزتنا مطالب عديدة تستدعي توضيح أمر القضاء أكثر. و ليس لدينا ما نستعين به فلم نستطع أن نوضح أكثر مما علمنا. و أما القضاء في البلدان الأخري فإنه بلا شك يستمد قوته من عاصمة العراق. تابع لها فيما سوي الموصل، و البصرة بل إن البصرة تابعة أكثريا لبغداد في قضائها …

4- الجيش

إن الدولة العثمانية عسكرية. لم تتوضح فيها قوة الجيش، و لم تنفصل عن الشرطة إلي أمد قريب منا، و إنما يقوم الجيش بالمهمتين الداخلية لحفظ الأمن، و الخارجية لدفع العوادي. استخدمت قديما جيشا يقال له (الينگچرية) أي الجيش الجديد من سنة 730 ه- 1329 م.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 332

تأسس أيام السلطان أورخان، و اكتسب نظاما، و توزع إلي صنوف.

و بهذا تمكنوا من استخدام جيش غير الجيش التركي تابع لتربيتهم، و أصله من لقطاء أولاد الأجانب، تربوا تربية إسلامية و عودوا علي الحروب، و مالوا إلي هذه التربية لما رأوا من الحاجة لانعدام الكثيرين من رجالهم، فأكلتهم نيران المعارك، و من جهة أخري الحروب المستمرة كانت تتطلب ذلك، و لا

نجد دولة لم تستخدم الأقوام لصالحها و إن كانت ذات قوة و سلطان، و سمي هذا الجيش ب (الينگچرية) و معناه الجيش الجديد (ينگي) جديد و (چري) بمعني جيش أو جند.

و تشكيلات الجيش في العراق لا تختلف عن أصل الدولة من ترتيبات إلا أن الوالي هو المسيطر و أن أمير الجيش التابع له هو (آغا الينگچرية)، و يستخدم الجيش الأهلي أيضا، و هو المعروف بجيش الولاية، و أحيانا يتولي الوالي القيادة بنفسه في القضايا المهمة، و ينيب منابه (قائممقاما) يسمي (قائممقام الوالي)، يتولي أعماله مدة غيابه.

و في القضايا العظيمة و المدلهمات الكبيرة الشأن تعين الدولة الوالي، أو تقوم بنفسها في الحروب، و تدعو الولاة المجاورين. و إن هذه تدل علي التناصر لإخماد ثورة، أو حرب ناشبة، و بعد إنهاء الواجب يعود كل من الولاة المجاورين إلي محله. و في حوادث عديدة ما يشير إلي ذلك.

إن جيش الينگچرية دام إلي ما بعد هذا العهد أي إلي سنة 1241 ه، ثم حل محله (الجيش النظامي) و هذا لحقته تبدلات عديدة و مهمة في تنظيمه، و تحول التمرين الحربي، و تبدلت معداته و أسلحته إلي أن انقطعت العلاقة من العراق سنة 1335 ه- 1917 م.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 333

و الدولة العثمانية معروفة بأنها دولة محاربة، فلها مهارة في التدريب العسكري. و اكتسبت شهرة عالمية و هذا الجيش تمكن من التوغل إلي أواسط أوروبا، فحاصر (فينة) أو (ويانة)، ثم أخفقت في الحروب بعدها و أصابها تحول كبير في الانحلال و التدهور، فقدت المزايا، و أضاعت ممالكها المفتوحة الواحدة بعد الأخري.

حاولت في تجارب عديدة أن تستعيد القوة، أو تحرس المملكة، فلم تفلح، و خذلت مرات عديدة، فكانت

محاولاتها عبثا، و أن الينگچرية كانوا سبب الاحتفاظ بسلطتها، فأدي وضعهم الأخير إلي انحلالها و دمارها، و صارت عبرة المعتبر في نشاطها و في انحلالها، و كلاهما مدار الانتفاع قطعا، فإذا كان جيش المغول لا يخلو من نقص طرأ عليه، و جيش تيمور انحل للسبب نفسه، فالجيش العثماني لا يخلو من بواعث لنشاطه و انحلاله. و مجموع ما هنالك يكون عبرة عظيمة في التنظيم و النقص و السيطرة و التدهور كما أن الجيش العباسي قد طرأ عليه ما طرأ … !

و في هذه التجارب خدمة لإدارة الجيش، و تدارك لما يحتمل أن يطرأ من انحلال بتلافي الأخطار و التجارب و أن لا يقع الخلل و الاضطراب، بل إن جيوش الأمم و تشكيلاتها كلها مدار عبرة العصور، و طريق التوصل إلي الغرض من إصلاح. و في مثل هذه الحالة لا يراعي الترتيب المنطقي و العقلي المجرد، و إنما هناك تجارب عملية خلال عمر طويل مضي علي البشرية لا يستهان بها يصح أن يعول عليها …

و العراق فقدت منه إدارة الجيش و زعامته و قضي عليه من تاريخ التغلب في العهود العباسية، و تسلط المغول و من تلاهم فقد القدرة و السيطرة علي الموقع، و أن يكون سيد بلاده، و قائد جنده، و غاية ما صار جنديا تابعا أي جيشا أهليا تابعا لجيش أصل الدولة ففي سنة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 334

941 ه دخل جيش الترك العثمانيين، فظهر في فتوحه بقدرته. و هذا لم يكن يتصور تسلطه و تغلبه إلا في نظامه و طاعته و حسن إدارته. و متي فقد هذا الجيش السيطرة من قواده، و ركن إلي الجموح و عدم الإذعان من جنده حرم

القدرة من الفتوح، و من حراسة المملكة أو الممالك المفتوحة …

و حياة الأمم قائمة بحياة جيشها، و إدارتها ثابتة بثبوت هذه الحياة، و التمكن من السيطرة علي الجيش حذر أن يجمح و إلا انحل، و انفرط عقده، و تبعثر أمره، و زالت وحدته و حاكميته … و البقاء و دوام الحياة العليلة إنما تكون أحيانا مقرونة بعلة المقابل، و انحلاله فلم تعجل أمور الوفاة، و قد يصح، و تعود له القدرة بسرعة موت المقابل الند له …

و كل هذه مفسرة لحياة الجيش في أطواره، و قد مضت الأمثلة العديدة لأول العهد، و لآخره … و من الأولي في هذه الحالة أن ندرس (نفسية الجيش) في نفسية قواده، و درجة قدرتهم للتمكن من السيطرة علي الموقف، و مراعاة النظام و عدم التهاون به … و الحوادث المارة أمثلة مشهودة.

و الجيش التركي من سلجوقي، و أتابكي، و مغولي، و تركماني … قد عرفت مكانته في القوة و الشجاعة و الفتح. و حب النظام، و الطاعة، مع قوة و تمرن في الأفراد. و من ملك جيشا مثله ملك العالم، بل تمكن في الدرجة الأولي من حفظ استقلاله، و وقف بالأمم عند حدودها، فلا تستطيع أمة معتدية أن تنتهك حرمة مملكته، أو تتجاوز عليه، و قد ظهرت هذه في السيطرة علي أقطار عديدة بما يملك أمراؤها من نفسية، و ما استطاعت بها أن تحمل الجند علي الطاعة التامة، و أن تنسق الجيش تنسيقا في أقصي حدود التنسيق، فأذعنت لها الأمم رهبة أو رغبة.

و الترك العثمانيون لا يختلفون عن سائر الأتراك الذين وصفهم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 335

الجاحظ، و ابن حسول و غيرهما لما ملكوا من سجايا، و

من أهمها الشجاعة، و التنظيم الحربي، و الطاعة الكاملة، و لم تنعدم من هؤلاء تلك الأوصاف، بل لا تزال موجودة بارزة للعيان بالرغم من وجود الضعف و الانحلال، فالمزايا الفردية لا تزول و إنما يذهب أمر الوحدة، و النشاط العام. و التنظيم المشترك. فلا تظهر المزايا الشخصية بل تنقلب إلي ما يعجل بالقضاء علي الأمة، و يسهل للأجنبي أن يحكم أو يتحكم. و هذه السنة موجودة في الكل و لعل في تفوق المقابل ما يدعو لانتصاره، و لكن السجايا الفردية لم تمت، فتري الجيش المغلوب يدمر، و يوقع بالعدو كما يوقع المنتصر … و الوحدة و النشاط نلحظها في نفسية القائد، و في مقدار نشاطه، أو درجة عنايته و عنائه في التنظيم. فالعلاقة غير مقطوعة.

و التعويض عن هذه القدرة بقائد محنك أمر لا ينكر. و الأمم راعت الطريق في الكل و جعلت الحالة سائرة باطراد لإزالة ما وقع فيه الأقوام من انحلال في جيوشها.

و في غالب الحروب يتولي السلطان الأمر بنفسه، و الأمور البحرية في الأكثر يودعها إلي (قپو دان پاشا) أو قبطان باشا و كان هذا يستمد قوته من السلطان، و في بعض الأحيان يودع الأمر إلي الصدر الأعظم و يسمي ب (السردار) و توزع القيادة إلي الولاة في الأكثر لتعدد المواطن، فكل وال قائد جيشه …

و الجيش العثماني يتكون من:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 336

1- الحرس الملكي (قپو قولي).

2- الينگچرية.

3- جيش الولايات.

4- القوة البحرية.

و كل من هذه يتفرع إلي طوائف أو صنوف يقال لكل منها (أوجاق) و هو الجيش الذي تودع إليه مهمة خاصة من أعمال الجندية، فالجيش يوزع إلي صنوف (أوجاق)، و يقال لرئيس هذا الصنف (آغا)، أو (آغا الأوجاق).

و هو الضابط أو الرئيس أو الآمر، و هناك آغا المتفرقة، و أغوات الداخل (الأندرون)، و أغوات الخارج (البيرون) …

و في الولايات كل صنف من هذه يسمي باسم كتلك، فالوضع أشبه بالصنف المصغر من هذه، فهي موجودة في الولايات إلا أنها بقلة و رئيسها يقال له (آغا) و لا يخرج هؤلاء عما هو في أصل الدولة.

و يختص جيش بغداد بل و سائر الولايات ب (جيش الولايات) و بين هؤلاء (الحرس الأهلي) أو ما يسمي (يرلي قولي) و هم مشاة و منهم ما يسمي ب (طوپر اقلي) و هؤلاء خيالة. و يتكون من العزب. و هم غير متزوجين، و يشترط أن يكونوا كذلك و (السكبانية) و هؤلاء دون من سبقهم، ثم أهمل أمر هؤلاء فوضع محلهم البندقيون (التفنگچي)، و يقال لأحدهم (سرحشمه) بل يسمون (احشامات). و هكذا صنف منهم يسمي ب (المأجورين) أو (المتطوعة) و هم مدفعية و رئيسهم (آغا المدفعية)، و منهم اللغمچية أصحاب الألغام، و منهم المسلمون و يسمون قديما (الچرخچية) و يكونون في صحبة الجيش لتسوية الطرق و المعابر و تعميرها … و منهم المرابطون في الثغور و يقال لهم (سر حدلي). و من هؤلاء الدليل و يسميه الترك (دلي)، و المتطوعة … و منهم البسلية و رئيسهم يقال له (دلي باشي)، و (الاي بگي) يتولي عدة وحدات من الدلية، و يقال له

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 337

(سرحشمه) أيضا. و هكذا (الخيالة الطوپراقلية) و هؤلاء يتكونون من جانب أهل التيمار و الزعامة، و يسمي بعضهم (قوريجي) أو متطوع (كوكللي).

هذا. و لا محل لذكر أرزاق الجيش و مخصصاته و لا بيان كسوته فهذه كلها متبدلة، و غالبها لا يهمنا الإطناب في وصفها.

و كذا الأسلحة و التفصيل عنها، فإننا نوضح ذلك عرضا و إلا فالموضوع واسع يحتاج إلي بحث خاص ليس هذا محله.

5- الشرطة

كانت لها المكانة في الدولة العباسية و ما قبلها و كانت تعد من أركان الدولة، و أن الخليفة المنصور كان يعظم أمرها، و يوليها اهتمامه كثيرا. و هكذا امتدت إلي أمد. و في الدولة العثمانية لم تفصل الشرطة عن الجيش إلا في أيام التنظيمات الخيرية، و لم تكن لها تشكيلات خاصة، و إنما آغا الينگچرية يقوم بأمرها كما يقوم بإدارة الجيش لمحاربة العشائر، و يكون تحت سلطة الوالي في المحاربات الدولية …

و علي كل حال في هذا العهد لم نجد تفريقا بين الشرطة، و أعمال الجيش، فلا محل لإفراد هذا الصنف ببحث خاص، و إنما أفردناه لنعين مكانته من الدولة و كيف كانت تقوم بمهمة الأمن الداخلي … ؟!

6- الحسبة

مصلحة إدارية لتنظيم أعمال المدينة، و مراقبة هذه الأعمال لتجري بوجه الصحة، و أن تلاحظ ما يقع من غش في المعاملات، أو ما يضر بالصحة أو بالنظافة، و سائر ما من شأنه أن يراقب مثل البيوعات و سائر الأمور المدنية …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 338

سارت علي النهج الشرعي، و بالوجه المبين في كتب الحسبة، و لم تفترق عما هنالك، و لكنها في الأيام الأخيرة طرأ عليها ما طرأ من تبديل، و ما عرض من تعديل و تحويل مما سنتناوله في مباحث أخري.

علاقة إيران بالعراق في هذا العهد

اشارة

إن الشرق الأدني كانت تتنازعه الحكومة الصفوية و الدولة العثمانية و ابتدأت بينهما المقارعات بحروب و دعايات شديدة لا سيما في العراق.

ففي سنة 914 ه- 1509 م دخل في حوزة إيران و استمر حكمها فيه إلي سنة 941 ه- 1534 م تخلله بعض الاضطراب كثورة ذي الفقار. لم تثبت قدم الصفويين و خلص للعثمانيين. و طال النزاع علي العراق و تداولته الأيدي إلي سنة 1048 ه- 1639 م أيام السلطان مراد الرابع و لعله العامل الوحيد في ضعف الحكومتين لما بذلتاه من الجهود فصار العراق تابعا للحكومة العثمانية …

و خلال هذه المدة لم تتوضح السياسة الخارجية بوجه صريح و غاية ما يقال عن هذه الحكومات أنها مصروفة إلي التغلب و كل حكومة تحاول الانتصار علي الأخري بل القضاء عليها دون أن تتقيد بعهد أو ميثاق استفادة من ضعف إحداهما أو قوة الأخري فلم تدعا وسيلة تتوسلان بها إلا فعلتاها، و استخدمتا المذهب آلة قوية بدافع جذب معتنقيه فصارت الواحدة تكفر الأخري و تستحل دماءها و أموالها و أعراضها كأنها بعيدة عن الإسلام أو غريبة عن الإنسانية، و الفتاوي تصدر تتري

تهييجا لمنتحلي عقيدة كل ناحية، و الغرض الأصلي التغلب و الظفر علي المخالف المنازع، و السعي للقضاء علي أهل الحزبية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 339

الأخري أو عدها محكومة الزوال، و نري القسوة بالغة أشدها.

و في هذا كله نري العراق في حالته الراهنة عند استيلاء أحد الفريقين لم ينل إدارة ذاتية، أو حكومة شعبية و لو لصنف من صنوفه …

إلا أن الحكومة العثمانية كانت أوسع صدرا لإدارة الشعوب المختلفة لتمرنها في مملكتها الأصلية علي مثل هذه الإدارة كما أنها تحترم مقدسات الأخري دون العكس مما خذل سياسة إيران و أحبطها في غالب الأحيان في وقائع تاريخية مختلفة.

مضي ما جري بين الحكومتين فيما يخص العراق و نجد الحكومة العثمانية فلت من غرب الإيرانيين و عركتهم عركة بعثرتهم. و كان ذلك في وقعة چالديران عندما كانوا في إبان نشاطهم و تمكنهم من الاستيلاء علي إيران و العراق و دخولهما في حوزتهم … ثم أعقبت الحكومة العثمانية ذلك بضربة أخري عام 941 ه- 1534 م علي يد السلطان سليمان القانوني فاستولت علي العراق بالوجه المشروح ثم طرأ ضعف علي الحكومتين معا إلا أن الحكومة الصفوية أيام الشاه عباس الكبير (سنة 995 ه- 1587 م: 1038 ه- 1629 م) تمكنت من استعادة النشاط و القوة. هاجمت بغداد فاكتسحتها. انتزعتها من بكر صوباشي. ثم بذلت الحكومة العثمانية جهودها لمحاولة الاستعادة لسنين حتي نهض السلطان مراد الرابع بنفسه بعد أن نظم إدارته الداخلية، و أمن الحالة الخارجية بمعاهدات عقدت مع المجاورين الآخرين و تفرغ بعد ذلك كله لحرب إيران فكانت وقيعته بإيران مؤلمة قاسية جدا لم تقم لإيران بعدها قائمة تذكر مدة حكم الصفويين …

و من ثم عقدت المعاهدة مع

إيران و تأسس الصلح. و بهذا تثبتت المواثيق و العهود فزالت حالة اختلال الموازنة و أن الواحدة كانت تحاول إمحاء الأخري و السيطرة علي ممالكها. كانت آمال كل واحدة قوية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 340

و خيالها واسعا … فلا تريد أن تلتزم بعهد ما …

و علي كل حافظت الدولتان المتجاورتان علي هذا الوضع لمدة …

التقسيمات الإدارية

اشارة

لا تظهر سلطة الدولة إلا في تشكيلاتها الإدارية. و هذه توزع إلي وحدات إدارية يتألف من مجموعها سلطة الولاية، فتتجمع في شخص الوالي.

و التقسيمات الإدارية في العراق و زعت إلي ايالات و اعتبرت وحداتها بوجه عام مقتبسة من أصل تشكيلات الدولة و إن كانت لم تتغير البلدان و ما كان يدخل ضمنها من أعمال.

و هذه تقسم إلي خمس ايالات. و منهم من عدها أربع ايالات بإخراج إيالة الأحساء.

1- ايالة بغداد

و تقسم إلي ثمانية عشر لواء (سنجاقا) و فيها دفتري لخزانتها، و معاون، و دفتري تيمار و أمين الدفتر. و هذه ألويتها:

1) لواء الحلة من الألوية المهمة. و له مكانته في وقائعه و علاقاته الأخري.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 341

2) لواء زنك آباد أو (زنكي آباد). و يراد به معمورة زنكي قال أوليا چلبي: «في خلافة هارون الرشيد كان قد بناها خازنه زنكي فسميت باسمه و قيل لها زنكي آباد أو بلا ياء … » و من توابعها قزلرباط (ناحية السعدية) و لا تزال بعض الآثار قائمة مثل (كوشك زنكي). و إن البلدة اندثرت.

3) لواء الجوازر. (الجزائر) كان بيد ابن عليان أمير طيي ء.

فتغلبت عليه الدولة.

4) لواء الرماحية- جاء بلفظ (روماهية). و في موطن آخر (روم ناحية). و الرماحية معروفة قبل أن يأتي السلطان سليمان إلي العراق.

5) لواء چنكولة. من الألوية المجاورة للعجم. تداولته الأيدي.

و كان مدة في حوزة أمراء الفيلية. و الآن ليس به عمارة. خربته الحروب بين إيران و العراق.

6) لواء قره طاغ. أو قراداغ. و الآن قضاء تابع للواء السليمانية.

و هذه في ألويتها زعامة و تيمار كسائر الممالك. و يقال لها (أرض المملكة).

و باقي الألوية ليس فيها زعامة و لا تيمار إلا أن

فيها خاصا لأمراء الألوية، و تعطي فيها بعض القري و المزارع (المقاطيع) علي وجه التخمين و غالبها عليها مقرر يسمي بساليانه (صليان). و هذه ألويتها:

1) درتنك. الآن بيد العجم. و هي المعروفة قديما ب (حلوان).

و يحوي زهاو و ما جاورها و قلعة شاهين. و قصر شيرين …

2) السماوة. وردت بلفظ (سماوات) و الآن قضاء.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 342

3) البيات. الموقع المعروف الآن. و كان من أماكنهم (بيات، وده ليران). و هو في أيدي العجم و يعود للفيلية و البيات اليوم في لواء كركوك.

4) درنه. الآن بيد العجم. و تجاور درتنك و هما يعدان لواء واحدا.

5) ده بالا. الآن بيد الفيلية. و تقع في أعلي پشتكوه أو (كوركوه).

أي الجبل الكبير.

6) واسط. الآن (لواء العمارة)، و (لواء الكوت).

7) كرند. الآن (بيد العجم). و تلفظ (كرنت).

8) دمير قپوا.

9) قزانية. الآن تعد من مندلي أو (بندنيجين).

10) گيلان العراق. و يسمي گيل و يقع ما بين إيران و كركوك.

11) آل صاح. كذا وردت. و في عيني علي أفندي آل صايح و لعلها الصلاحية (كفري). و كانت تسكنها قبيلة (الصالحية) فهي محرفة عنها. و تسمي هذه القبيلة ب (ساله يي). تسكن هذه القبيلة في (آلتون كوپري).

12) العمادية. في القسم الشمالي من العراق. ليس فيها تيمار و لا زعامة و إنما يتصرف بها بوجه الملكية أمراء بيدهم فرامين سلطانية لا يعزلون. و ينتسبون إلي العباس. قال ذلك أوليا چلبي. و من المقرر أن تشترك العمادية في الحروب تابعة لولاة بغداد.

بلغت هذه الايالة 18 لواء أوضحنا تشكيلاتها الإدارية و تاريخها و خاصها في موطن آخر.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 343

أما الألوية الأخري فإنها تعتبر ملحقة بلواء بغداد و

تحت إدارة أمير أمرائه. يعينون لها أمير لواء ليدبر شؤونها نظرا لبعدها عن المركز و لأنها عاصمة في الأصل.

2- ايالة البصرة

و هذه الايالة كان يتصرف بها علي وجه الملكية. و في سنة 945 ه انقادت للدولة. و في سنة 953 ه صارت تابعة رأسا و انقرضت إمارتها، و اعتبرت ايالة. و لا يزال فيها دفتري لماليتها، و كتخدا الچاووشين و لم يكن فيها تيمار و لا زعامة و لا أمير ألاي و لا (آغا الينگچرية)، و كافة أراضيها في التزام الوالي. ثم تغلب عليها المتغلبون من آل أفراسياب فصارت تابعة اسميا.

3- ايالة الأحساء

يتصرف بها علي وجه الملكية بلا زعامة و لا تيمار و إنما يقدم المتصرف هدايا في كل شهر لوالي بغداد و قبل هذا كان يتصرف بها أمير أمراء من جانب العثمانيين فتغلب عليها المتغلبون. و من آثار أمراء العثمانيين في الأحساء المسجد القديم المعروف ب (مسجد الدبس) لقربه من سوق الدبس و (مسجد الترك) و تاريخ بنائه سنة 962 ه بناه متصرف الأحساء من جانب العثمانيين.

ثم ذكر أوليا چلبي عمان، و كوج، و مكران، و الجزائر فبين أن حكامها يتصرفون بوجه الملكية إلا أنهم يقدمون للسلطان هدايا سنوية و لوزير بغداد تقدمات شهرية كما هو قانون السلطان سليمان. و الأحساء ذو علاقة بنا. و تأتي حوادثه في حينها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 344

4- ايالة الموصل

و هذه في عهد السلطان سليمان كانت ستة ألوية. ليس فيها أرباب ديوان و إنما فيها الاي بكي، و آغا الينگچرية و ألويتها:

1) لواء باجوان. و (باجوان) قبيلة في الموصل. و في خانقين تسمي (باجلان) و جاءت بلفظ (باجوانلو). و تحوي قري عديدة، ذكرتها في عشائر العراق الكردية، و في (الكاكائية في التاريخ).

2) لواء تكريت.

3) لواء اسكي موصل (الموصل القديمة).

4) لواء هرور.

5) لواء بانه.

هذا، فإذا أضيف إليها نفس الموصل بلغت ستة ألوية.

5- ايالة شهرزور

لها أرباب ديوان، و فيها ألاي بكي، و آغا الينگچرية، و هذه ألويتها:

1) سروجك.

2) إربل.

3) كسنان.

4) شهربازار.

5) چنكوله. بعد تكون ايالة شهرزور صارت من ألويتها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 345

6) جبل حمرين.

7) هزار مردود.

8) الحوران. (هورين) هو المعروف اليوم.

9) مركاره.

10) حرير.

11) رودين.

12) تيل طاري.

13) سبه زنجير.

14) عجور.

15) ابرومان.

16) پاق.

17) پرنلي.

18) پلقاص.

19) أوشني.

20) قلعة غازي.

و غالب هذه الألوية لا يعرف اليوم، و لا شك أن نطاق حكمها كان أوسع.

و (شهرزور) يقوم بإدارتها پاشا يستقر في نفس شهرزور. و في اللواء عشائر ليس لها طبل و لا علم. و فيها ما يزيد علي مائة أمير يحكمون كأرباب الزعامة. يحضرون الأسفار مع أمير اللواء و يتوارثون الإمارة تنتقل إلي أولادهم أو أقربيهم و عند الحاجة تعطي لهم الزعامة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 346

و التيمار. و نري تبدلا في التقسيمات و تابعيتها لإيالة شهرزور. هذا و الإيالات المذكورة كما يستفاد من الحوادث جاء ذكرها متأخرا، و إقرارا لما وقع. فلم يكن ذلك كله أيام السلطان سليمان.

الدولة الصفوية

كانت ظهرت علي يد مؤسسها الشاه إسماعيل الأول سنة 907 ه.

و هذا علا سعده، و تمكن بسهولة من الاستيلاء علي بغداد في 20 جمادي الثانية سنة 914 ه. كاد يقضي علي الدولة العثمانية أو يكتسح أكثر ممالكها لولا أن السلطان سليم المعروف ب (ياوز) تمكن من تدمير أعوان الشاه الدعاة له في الأناضول، فكسر شأفتهم كما أنه قهر الشاه في واقعة (چالديران) سنة 920 ه و كانت آماله كبيرة، و أطماعه واسعة المدي. لم يستطع ابنه بعده أن يقف في وجه السلطان سليمان، فكان يتهرب من وجهه و يفر منه حتي استولي علي بغداد سنة 941 ه، و لم

يجسر الإيرانيون أن يجابهوا العثمانيين في حرب حاسمة إلي أن ظهر الشاه عباس الكبير بمظهر عظيم فوجد الفرصة مواتية في نهضة بكر صوباشي فجدد المقارعات. اتخذ وسيلة المساعدة له، فاستولي علي بغداد سنة 1032 ه و لم تمض إلا بضع سنوات علي الفتح حتي توفي الشاه عباس، و دامت بغداد بيد خلفه الشاه صفي مدة قليلة، فلم يطل حكمهم إلي أكثر من سنة 1048 ه. و من ثم استعادها السلطان مراد الرابع، فخلصت العراق للعثمانيين.

و هذه قائمة بأسماء شاهاتهم:

1- الشاه إسماعيل الأول. سنة 907 ه- 1502 م.

2- الشاه طهماسب الأول. سنة 930 ه- 1524 م.

3- الشاه إسماعيل الثاني. سنة 984 ه- 1576 م.

4- الشاه محمد خدا بنده. سنة 985 ه- 1578 م.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 347

5- الشاه عباس الأول (الكبير). سنة 995 ه- 1587 م.

6- الشاه صفي الأول. سنة 1037 ه- 1628 م: 1052 ه- 1642 م.

و هذا الأخير انتزع العثمانيون بغداد منه و بقيت في أيديهم إلي آخر أيامهم في العراق. و تعد الدولة الصفوية الوحيدة المجاورة للعراق.

أزعجته بحروبها، و أقلقت أوضاعه، و شوشت أمره.

و في هذا العهد لم تدون لكل دولة إلا كثرة الفتوح، و زيادة الأطماع. تنهب الدولة الأخري بغزو أشبه بغزو العشائر. فلم تهدأ القلاقل و الحروب بل دامت إلي ما بعد هذا العهد، فكانت سبب دمار الدولتين.

الدول الهندية- البرتغال

الدول الهندية علاقاتها بالعراق و البلاد الإسلامية قديمة جدا. و أن دولة البرتغال شوشت هذه العلاقة و قد ذكرنا ذلك بتفصيل. و جاءت تواريخ الهند و منها تاريخ كجرات و تواريخ ملوك الهند باللغة الفارسية كثيرة و بينها المخطوط و المطبوع. و عندي جملة منها.

و إن الأستاذ الفاضل صديقنا كوركيس

عواد أطلعني علي كتاب (تحفة المجاهدين في أخبار البرتكاليين) للشيخ زين الدين بن عبد العزيز المعبري كان فرغ من تأليفه سنة 993 ه و طبع في مطبعة التاريخ في حيدر آباد دكن سنة 1931 م. و يعد من أقدم المراجع في هذه العلاقات و عين الناشر مكانة هذا الكتاب و نقله إلي اللغات الأجنبية و درجة الاهتمام به.

و فيه بيان علاقات الهند بدول المسلمين في مصر، و غيرها كالدولة العثمانية … و كلامه علي سيدي علي رئيس جاء مبتورا و غير صحيح.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 348

و من المهم بيانه أن الناشر قدم قائمة في تطبيق الأسماء و لما لم أطلع عليها إلا عند طبع هذه الملزمة اقتضي أن أشير إلي لزوم مراجعتها.

هذا. و أشكر الأستاذ علي ما أطلع عليه. فقد كتب باللغة العربية.

و في كتاب (دول إسلامية) ما يعين حكومات الهند. و عندي مخطوط في دولة (أورنك زيب) من ملوك الهند و المطبوعات كثيرة جدا. و فيها ما يوضح العلاقات.

الثقافة أو الآداب و العلوم

اشارة

إن تمكن الثقافة في المملكة، و ظهورها كان كبيرا، و في الوقت نفسه تابعا في الدرجة الأولي للغني و التبدل العظيم في سبيل هذه الثقافة و الطمأنينة و حسن الجوار في العلاقات بين الأقطار القريبة. و كلها فقدت في هذا العهد في عاصمة المملكة العراقية أو أم بلاد القطر، و أعظم سبب آمال المجاورين و طموحهم في الاستيلاء علي مدينة السلام بل قسوتهم فيها و حرصهم الزائد في التغلب عليها مما ألجأ إلي الميل إلي دولة أخري قوية بأمل إيقاف تلك عند حدودها، أو قهرها و إرجاعها خائبة. و بالتعبير الأولي تنازع الصفويون و العثمانيون علي بغداد.

و بعد جدال عنيف، و حروب

طاحنة تسلطت الدولة العثمانية، فلم يجد القطر بدا من الإذعان، و لم ينل حقوقه كاملة موفورة، و لكنها كانت أهون الشرين القتل أو السلب فلم يسع العراق النجاة بوجه، بل لم يخل من تشويش لطلب النجاة، و كلما أراد أو حاول ظهرت الدولة الصفوية بعنفها و قهرها، فلم تدع مجالا له للحياة و لا للراحة. و هكذا كان بتوالي الأزمان ما جري بين الدولتين. و دام النزاع حتي قضي عليهما، بل كان ذلك داعية دمار الشرق كله، و هما متسلطتان عليه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 349

و حالة كهذه في تطاحن و تنازع لا يؤمل منها فلاح، و لا يتيسر نشاط أدبي أو علمي، و إنما طريق النجاح معروف في استقلال المملكة و حياتها الحرة، و هي مفقودة منها، بل منغصة بوقائع مؤلمة تهدد الحياة بحيث لا مجال للالتفات علي قاعدة «و من نجا بنفسه فقد ربح»، فلا مجال للأمة أن تنظر إلي حاجتها العلمية و الأدبية. و لم تجد طمأنينة أو راحة.

و هذا القطر في ثقافته الحاضرة كان نتيجة عهود إسلامية عريقة في ثقافتها، من أول الإسلام إلي أيام دخول العثمانيين العراق سنة 941 ه.

خدمت بغداد الثقافة و غذتها. و خلفت ميراثا أدبيا علميا للأقطار كان من خير المواريث، فكيف محته الحوادث، و أبادت الكثير من آثاره؟

لا شك أن الحوادث لها دخل كبير في هذا التدمير، و أن ضياع الاستقلال قد نقل الآثار إلي المتغلبة، أو قضي عليها و محاها، فصارت نهبا بيد المتسلطين، و لا يهمنا أثر الثقافة و تأثيرها عليهم كما لا تنكر بوجه في هذا. و كل واحدة من الدولتين تريد أن تضارع بغداد في معرفتها. و إن الوقائع الوبيلة

و الحوادث القاهرة قد أنست من الالتفات إلي الثقافة عندنا. و هكذا كان شأن الثروة و الحضارة و سائر المؤسسات مما انتابته أيدي العدوان و الكل ذو علاقة، الأمر الذي جعلنا لا نستطيع أن نعد أدباء أو علماء كثيرين.

و أمر واحد لم يستطع هجوم المتغلبة عليه أو تخريبه أعني (الجوامع و المدارس)، فهذه أصل (مناهج تعليمية ثابتة)، و مؤسسات دينية لا تتناولها أيدي العدوان في الأكثر، و إن الحرمة للمساجد، و المدارس مرتكزة في النفوس و لكنها لم تسلم دائما بل لم يصبها الاعتداء من كل الوجوه، و لا القضاء المبرم، و لا تزال قائمة بالرغم مما وقع من اعتداء.

و من مدارسنا ما قوي علي الأرزاء، و صبر علي المكاره، و بعضها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 350

لا يزال. وصل إلينا الكثير منها من العهد العباسي، أو من عهود المغول و التركمان مما يغذي هذه الثقافة، و لم يكن العهد منفصلا بوجه عن ماضيه ليقال إنه حديث العهد، يحتاج إلي جهود، و في هذا العهد لم تعمر من جديد إلا مدرسة الإمام الأعظم، و مدرسة الشيخ عبد القادر و بعض المساجد التي خربتها أيدي العدوان. و سبق من الحوادث ما يشير إلي العناية بهما أو بالمراقد المباركة لأمور اقتضتها السياسة الجديدة للدولة العثمانية أو لسابقتها. و العراق يملك جملة وافرة من هذه الجوامع و هي محل تدريس في الغالب، و المدارس تقوم بمهمة التعليم و تكمل ثقافة المساجد، فلا يخشي زوال العلم و الآداب منه.

و إن تضعضع الحالة، و ارتباك الأمور لم يدم طويلا، و إن زاد دوامه علي المعتاد في هذه الأيام، فلا تهدأ الحالة حتي تظهر المؤسسات العلمية و الأدبية، أو المعاهد

الخيرية فتؤدي واجبها. و لا نستطيع أن نعد جديدا من هذه المؤسسات لهذا العهد فإن الجوامع و المدارس و التكايا في بغداد لما قبل الفتح العثماني كثيرة جدا. تدل علي عناية الأمة و اتصالها بعقيدتها و بثقافتها و كان عملها كبيرا في سبيل تحقيق الأمرين بث العقيدة و تأكيد الثقافة. و غالب ما عملته الدولة تجديد ما اندرس من هذه المعاهد من الوقف. فاكتسب بعضها اسما جديدا، و البعض الآخر فقد اسمه القديم و عرف باسم من عمره.

و جاء ذكر جملة مما أعيد تجديده و منها:

1- جامع الشيخ عبد القادر و مدرسته.

2- جامع الإمام الأعظم و مدرسته.

3- جامع الوزير. و هو (جامع حسن پاشا و مدرسته).

4- جامع الصاغة و مدرسته.

5- تكية المولوية.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 351

6- جامع الكاظمين.

7- تكية خضر الياس للبكتاشية.

8- جامع السراي. الجامع السليماني أو جامع جديد حسن پاشا.

9- جامع الشيخ شهاب الدين السهروردي و هذا كانت فيه تكية فأمر السلطان مراد بتعميره.

10- جامع القلعة.

و هذه تضاف إلي ما ذكر سابقا مثل مسجد قمرية. و المدرسة النجيبية، و مدرسة السهروردي و مدرسة جامع الفضل، و جامع مرجان، و الوفائية، و مدارس أخري أوضحنا عنها في (تاريخ العراق)، و في تاريخ (المعاهد الخيرية في العراق).

و كل هذه ثروة علمية لا يملكها قطر يعدّ العلماء و الأدباء و لم يكن لأمة نصيب وافر كهذه المدارس في العدد و تكوين الثقافة، و إن رغبة العراق و حبه للثقافة هو الذي أبقاها، و مكّن الأمة منها، فلا تخشي سطوة الجهل، و لا ترضي أن تستبدل بها بديلا.

و هي منبع الأدب، و أس العلوم، و لولاها لما ثبتت أو استقرت لنا ثقافة بل نري الأقطار

الأخري قد بهرتها هذه التشكيلات المنظمة للآداب و العلوم دون عناء أو كلفة، و إنما تتزاحم. و تبدي القدرة، و يقوم كل بواجبه، و يظهر ما هنالك من عظمة و قدرة علمية، و كفاءة بالغة الحد.

تحاول كل مملكة أن يؤسس في أمهات مدنها مثل معاهدها الخيرية للعبادة و الدين و العلوم و الآداب و الكل متلازم.

و مما هو جدير بالذكر أن هذا العهد بالرغم مما حدث قد حفظ قسما من آثاره الأدبية و العلمية، أو احتفظ بها، فكانت غذاء العصور التالية، و لم تنعدم كلها، أو تزول من البين، و لا تزال لحد الآن تتمتع

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 352

بهذه الآثار، و غالبها محفوظ في الجوامع و المساجد، أو لدي بعض الأسرات القديمة أو الحديثة. و أن الحوادث العلمية تعين مقدار العناية بها عناية لا مزيد عليها كما أن أهل البر بين حين و آخر يقدمون للوقف ما عندهم من مؤلفات و كتب و أموال حبا بالأجر و نيل الثواب و الحرص علي ثقافة الأمة.

1- الأدب العربي و الآداب الأخري:

إن الأدب العربي أصل الآداب الأخري. و إن المدارس تمده في التنظيم و التدريب، و الآثار و المخلفات تغذيه بعناية، و إن آداب الأقوام في العراق تستمد من هذا الأدب الذي سار سيرة علمية، و تستقي ثقافتها منه فلم تهاجمه، و في هذا العهد ظهر التوقف في الأدب إلا أن الاتجاه قد غلب الأمة الإيرانية، و الأمة التركية أن تأخذ بنصيب منه، فمالت الهمة إلي ترجمة الكثير من آثاره في اللغة و هي الأصل، و التوغل في القواعد النحوية، و علوم البلاغة …

و الأدب العربي لا يرضي بهذا التوقف، و إن كان الغذاء تاما، و المادة وافية، فلم

يقف عند الماضي و يريد أن يظهر دائما، و ينال السيادة إلا أننا لم نشاهد ما يصلح للتمثيل بكثرة أو يعد نتاج العصور، و موطن الاستفادة.

و لا يخلو الأدب العربي من اتصال بالأدب الفارسي و بالأدب التركي فيقتبس معاني جديدة و يغترف مما عند الأمم. و الكردية متصلة بالفارسية و مثلها التركية. و هكذا الأدب العربي فالتأثير مشهود جدا، و الاتصال مكين.

- نعم إن العصور الماضية أمدته و لكن وثائقنا في الانتفاع منه و الإنتاج قليلة بل لم نطلع علي كل ما هنالك من مخلفات للأسباب التي سردناها. و كفي أن يحتفظ العراق بالغذاء الماضي. و في هذا ربح لنا بل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 353

لو كان الأمر ما ذكر لقلنا بعقم العصر، و توقفه و جموده، بحيث صار في حالة لا نستطيع أن نعد له مخلفات و هيهات …

إننا في سعينا المتواصل و التتبع الكثير و بذل الجهود يتأتي لنا أن نقدم مجموعات كبيرة من هذه الاشتغالات، تعين درجة العناية باللغة العربية و علومها و هذه لم تكن كل ما عرف، فالأمل أن نعثر علي مخلفات عديدة تجلو عن الحالة، و تكشف عن العهد، و بيدنا أسماء آثار من المحتمل القوي أن تنال مكانتها، و تكتسب أهميتها. و لا يترك الميسور الآن بالمعسور. و قد أوضحنا أشهر ما عرف في هذا العهد من المؤلفات في التاريخ العلمي و الأدبي.

و إن شعراء العصور السابقة (شعراء المغول و التركمان) قد خلفوا مقادير وافرة سار التالون علي منوالها، و من أشهر من ظهر:

1- فضولي البغدادي. مر الكلام عليه. و في هذه الأيام و نحن في طبع هذه الملزمة ظهر (كتاب فضولي) باللغة التركية للدكتور عبد

القادر قراخان تناول حياة فضولي بسعة زائدة فكان آخر ما اطلعنا عليه، و هو كتاب مفيد نفيس و مصور طبعته كلية الآداب في جامعة استانبول سنة 1949 فنكتفي بالإشارة إليه، و بيان عناية الترك بفضولي. و سنوضح عنه في كتابنا (تاريخ الأدب التركي في العراق).

2- ابنه فضلي البغدادي.

3- شمسي البغدادي. و له ديوان قدمه للسلطان سليمان نظمه باللغة الفارسية جاري فيه نظامي الشاعر الكبير.

4- عهدي البغدادي.

5- روحي البغدادي.

و آخرون ورد ذكر بعضهم مع بعض الكلمات فيهم. و إن مخلدات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 354

هؤلاء دواوين معروفة. ظهروا في الأدب الفارسي و التركي.

أما الأدب العربي فإن مخلفاته قليلة جدا، و بالتعبير الأولي لم يصل إلينا منها إلا النادر. و القطر لم يخل من أمثال الأدباء في العهود السابقة أو التأثر بهم، و العراق قد حفظ تراثا أدبيا وافرا في البصرة و الأنحاء المجاورة لها، و في الأحساء و البحرين و في النجف و بعض الأنحاء البعيدة عن العدوان و التخريب من جراء الحروب بين الصفويين و الترك العثمانيين.

و يصح أن نعد في النظم:

1- ديوان فضولي. و هو عربي غير دواوينه في الفارسية و التركية.

و الآن موجود في مجموعة محفوظة في ليننغراد.

2- ديوان الخطي. و من له علاقة بهم. و هذا من أهل البحرين.

و كانت تابعة للعراق.

3- قطر الغمام.

4- دواوين بعض أدباء البصرة و الحويزة و مؤلفاتهم.

و للنثر العربي أمثلة كثيرة، من ديباجات الكتب المؤلفة، و بعض الآثار الأدبية. و قد أوسعناه بحثا في (تاريخ الأدب العربي) في العراق.

و لا يهمنا الإكثار منه، أو بيان الأمثلة العديدة، فإنه لم يختلف عن العصور السابقة من مراعاة السجع، و فقدان القدرة، و عدم التمكن لاكتساب سليقة مكينة

و في هذا العهد تهمنا الإشارة إلي أنه حدث فيه تجدد أدبي نوعا.

و من ذلك (البنود العراقية) و قد بحثنا في موضوعها برسالة خاصة.

و الآثار الأدبية الأخري قليلة مثل (زاد المسافر) …

و من أدباء هذا العهد:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 355

1) حسن السنباتي.

2) ولده الشيخ علي بن حسن السنباتي الحميري.

3) محمد بن عبد الملك البغدادي.

4) الشيخ علي بن أحمد الهيتي.

5) فضولي.

6) الخطي.

2- العلوم:

و هذه سارت علي اطراد. و يغلب عليها الفقه، و كتب العقائد، و لم تظهر لنا مؤلفات في الفلسفة، و لا في سائر العلوم إلا أن الكتب المدرسية العامة شائعة و التدريس مقتصر عليها و هي معروفة، و لم يناقش العلماء الآراء في مؤلفات خاصة، و لم تظهر في هذا العهد من المؤلفات ما يدل علي تجدد كبير، و إن كانت قد ظهرت في عهد متأخر عن هذا العهد، أو لم يصل إلينا ما يصلح للبحث.

و هذه العلوم كثيرة إلا أن كل علم بحياله لم تظهر فيه مؤلفات تعين مجراه، أو اتصاله بأكثر من أعمال مدرسية، و أمور لا تتجاوز حدود التعليم. استقرت (الكتب المدرسية)، و لم يدخلها التعديل و التبديل و هكذا تولد الجمود المدرسي، فأعقبه الجمود العلمي، بسطنا القول فيه في (التاريخ العلمي).

و جل ما نقول إنه ظهرت بعض المؤلفات الدينية من جراء خدمتها للسياسة مثل الردود بين أهل السنة و الشيعة و كذا صدرت فتاوي في تحويز قتل أحد الطرفين، و أسر المسلمين مما لم يسبق له نظير في الإسلام. و الردود مثل (النواقض) و (السيف الباتر) في رد الشيعة.

و يطول بنا ذكر ما هنالك بل نري بعض علماء الطرفين حتي الآن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص:

356

متمسكين بمثل هذه استغلالا للعوام و أمل نيل المكانة بينهم. تمكنوا من خدمة السلطة لتوليد العداء. و الآن وجهوها للاستفادة من العوام. فكانوا كما قلت آلة شحناء، و طريق تفرقة، و واسطة عداء علي خلاف ما هو المأمور به شرعا. نفروا و لم يبشروا، و كفروا و لم يتورعوا …

و موضوعنا خاص بالعراق فلا نتجاوز حدود بحثه.

و أكبر خصيصة للعصر أنه حفظ قسما من التراث العلمي السابق، و لا نزال نتمتع به.

و من المؤلفات الفقهية في هذا العهد:

1- كتاب الضمانات.

2- ترجيح البينات.

هذا. و كان عهدنا محدودا بزمان خاص، فلا نتجاوزه، و لكننا نقول كلما تقربنا من العصر الحاضر كثرت المادة، و أمكن البحث بسعة مما يدل علي اندثار وثائق عديدة، و ذهاب مؤلفات إلي خارج المملكة، فنحتاج دائما إلي الإثارة، و إلي التحري الوافي عما هنالك ليضاف إلي الموجود من كل ما يعثر عليه.

و لما كنا أفردنا (رسالة في الموسيقي)، و كتابا في (الخط) فلا نري لزوما للبحث في هذه الصناعات اكتفاء بما كتب.

خاتمة القول

زاد هذا العهد علي المائة سنة و في خلاله كان النزاع بين العثمانيين و الصفويين قائما. بلغت فيه الحروب أقصي حدود قسوتها …

و في خلال ذلك حاول بعض الثوار أن يستقل ببغداد لما شوهد من استقلال (آل أفراسياب) في البصرة. و قيام (الجلالية) في الأناضول علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 357

الحكومة و غيرهما مما شجع قيام (بكر صوباشي) استفادة من ضعف الدولة العثمانية و لكن الإيرانيين اغتنموا الفرصة و استولوا علي بغداد.

و العراق لم يمت أهلوه، و لا انقطع العلم منهم بسبب مدارس الأوقاف، و عناية الدولة بها إرضاء للأهلين. و علماء بغداد و المدرسون فيها ساروا علي ما

سار عليه أسلافهم و لا عبرة بالمقياس القليل، أو الكثير … و النتائج لم تعدم و لا بخل الزمن من ظهور نبغاء في علوم مختلفة و في الآداب العربية إلا أن تغلغل الفارسية و التركية كان قويا جدا. قدمنا جملة صالحة من أدبائهما في هذا العهد. و الكل من المتعلمين المتوغلين في التركية و الفارسية جرفتهم آدابها، و استولت عليهم أفكارها في التصوف و غالبه غال … مما أضر بنشاط الروح، و أخمد الجذوة المتوقدة … و مع هذا لا يخلو العهد من مؤرخين أو خطاطين أو أدباء و شعراء و ما ماثل … و ليس للعربية سوق و لولا أنها لغة الدين، و أنها واسطة تقدم الفارسية و التركية لصارت في خبر كان …

و الحالة ساءت أكثر مما عليه في العصور السابقة. ركد الروح علميا، أو قل انتشر إلي الخارج و استفادت الأقطار الأخري بل اقتطفت ثمارها، و ما ذلك إلا لقلة أيام الراحة، و كثرة الاضطراب و تداول أيدي حكومات مختلفة المشارب و المناهج الإدارية و الثقافية …

و العشائر لم تظهر بمظهر القوة إلا قبيلة طيي ء و قبيلة قشعم. و كذا بعض الإمارات. فهي لا تزال محافظة علي مكانتها إلي هذا الحين و بعده.

و أهل المدن كانوا في عناء و وبال لم يروا راحة بل هم في اضطراب. و الوقائع تعين نفسياتهم و أحوالهم …

كانت الآمال مبشرة بالراحة و الطمأنينة بسبب هذا الفتح ثم عقد الصلح فانتعش الرجاء. و تولد النشاط في الأهلين بالرغم من أنهم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 358

اشتعلوا بنيران الفريقين المتحاربين. نالهم ما نالهم مما لا يستطيع القلم وصفه، أو يسع المقام تعداد ما فيه من نكبات أو

ما أصاب من حيف … مللنا من تعداد ما هنالك بل الذاهب عنا أكثر … و العراق لم يتمكن في هذه المرة من نصيب في الإدارة أوفر … و في هذه الحروب تعينت الحقوق الدولية و أبرمت المعاهدات و استقرت الأحوال نوعا إلي أمد ليس بالقليل …

هذا و أجتزي ء بما تقدم. و اللّه ولي الأمر.

تم المجلد الرابع يبحث في وقائع العراق من سنة 1049 ه- 1639 م إلي سنة 1162 ه 1749 م من سياسية و ثقافية و عشائرية و صلات بين الأقطار و حروب و معاهدات …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 359

الفهارس العامة

اشارة

1- فهرس الأعلام

2- فهرس الشعوب و القبائل و النحل

3- فهرس المدن و الأماكن

4- فهرس الكتب

5- فهرس الألفاظ الدخيلة و الغربية

6- فهرس الصور

7- فهرس الموضوعات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 361

1- فهرس الأعلام

حرف الألف آتشي: 168، 185

آل بارون هامر: 13

الآلوسي: 176

آندريه طوريه: 97

أبدال پاشا: 248

إبراهيم عليه السّلام: 151

إبراهيم (السلطان): 127

إبراهيم أغا: 278

إبراهيم باشا الوزير: 29

إبراهيم بك: 127

إبراهيم پاشا الصدر الأعظم: 27، 34، 35، 48، 49، 50

إبراهيم پاشا كور خزينه دار: 88، 265، 266

إبراهيم البجوي: 41

إبراهيم قولي: 79

إبراهيم كلوس: 52

إبراهيم متفرقة: 16

إبراهيم مدرس المستنصرية: 293

ابن أبي ريشة: 193، 194، 198، 259، 271، 272

ابن الأمين: 145

ابن بشر: 219

ابن بطوطة: 94، 115

ابن حسول: 335

ابن خلكان: 315

ابن رفيق البندنيجي: 168

ابن الساعاتي: 233

ابن السباهي (سپاهي زاده محمد بن علي): 328

ابن عابدين: 46

ابن الغزالي: 27، 34

ابن عليان: 132، 134، 135، 341

ابن قشعم (جشعم): 64، 65

ابن كمال پاشا: 315

ابن لطيف خان: 84

ابن مماتي (أسعد): 106، 115

أبو أيوب الأنصاري (ر ض): 40

أبو البحر انظر: (الخطي)

أبو حنيفة (الإمام): 178، 303، 325

أبو ريشة: 296

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 362

أبو السعود العمادي (شيخ الإسلام):

55، 130، 300، 317

أبو سعيد (السلطان): 309

أبو الفتح سلطان: 79

أبو الليث السمرقندي: 304

أبو نمي(الشريف): 103

أبو يوسف (الإمام): 303

أحمد (الأستاذ): 186

أحمد آل حيار: 296

أحمد بن أحمد (الشريف): 59

أحمد أغا (كوچك): 226، 227

أحمد أفندي: 15

أحمد الأمير: 67

أحمد (والد شديد): 297

أحمد أمير العمادية (خان): 309

أحمد الأول (السلطان): 15، 313

أحمد پاشا (حافظ): 202، 207، 209، 211، 213، 214، 217، 218، 221، 223، 228، 230، 232، 234، 235، 236، 239، 240، 247، 249، 251، 265، 297

أحمد پاشا (ملك): 39، 310

أحمد پاشا: 131، 225، 226

أحمد پاشا (كوچك): 245، 255

أحمد چاووش بياني زاده: 187

أحمد حاكم كجرات (السلطان): 99

أحمد حامد

الصراف (الأستاذ): 192

أحمد الحريري: 168، 184

أحمد بن حنبل (الإمام): 304

أحمد خان الأردلاني: 213، 228، 229، 245، 248، 305

أحمد رفيق: 87

أحمد (الشريف): 59

أحمد الطويل: 159، 198

أحمد ظريف البغدادي: 168

أحمد بن عمر مدرس مرجان: 293

أحمد كامل آكدك: 32

أحمد بن ماجد (شهاب الدين): 13، 104، 105، 116، 117، 119، 121

أحمد محيطي الدفتري: 170، 319

أحمد بن مروان: 76

أحمد بن الوزير الأعظم: 137

أحمد ويراني سلطان (الحاج السيد):

188

إدريس البدليسي (الأمير): 308

أرسلان أغا: 288

أرسلان پاشا بن نوغان: 265

أسامة النقشبندي: 51

إسحاق عليه السّلام: 151

إسحاق (الخواجه): 191

أسد (ملك): 99

إسكندر بك التركماني: 18

إسكندر جلبي: 48، 49، 50

إسكندر پاشا الوالي: 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135

إسماعيل (خان): 309

إسماعيل الأول (الشاه): 20، 39، 43، 44، 47، 141، 154، 267، 346، 311

إسماعيل بيكه: 78

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 363

إسماعيل الثاني (الشاه): 346

إسماعيل رئيس الكتاب: 278

إسماعيل النابلسي: 197

إسماعيل بن نجم: 252

أفراسياب الديري: 171، 172، 173، 181، 193

أكرم بك بن قايتمز: 168

القاص ميرزا: 67، 68

إلياس پاشا: 229، 232

إلياس بن خضر: 76

إمام قولي خان: 241

أميني: 185

أورخان: 75، 312، 332

أورنك زيب: 111، 348

أوغورلو بك: 75

أولامه تكلو: 27، 29، 30، 34

أوليا چلبي: 20، 31، 35، 36، 38، 40، 41، 51، 63، 140، 145، 164، 214، 247، 280، 281، 292، 293، 310، 340، 341، 342، 343

أويس الجلايري (السلطان): 59

أويس القرني: 31

أويس بن كلوس (الشيخ): 52

أهلي بك: 187

إياس پاشا: 60، 63، 64، 66، 127، 169، 183

أيوب عليه السّلام: 151

حرف الباء بابا أردلان: 76

بابر شاه: 108

بابك بن ساسان: 76

بابلو بن حسن: 76

باول هورن: 29، 311

بايزيد (السلطان): 23، 61، 114، 313

پترو: 58

بدر ابن السيد مبارك المشعشع: 173، 174

البدر الغزي: 197

برخوردار بك: 232

برسباي: 103

بريچي بن مالك الرحال: 66

بساط بك: 78

بسيم أتالاي: 192

بشر الحافي: 91

بكتاش أغا:

173، 285

بكتاش خان: 220، 250، 252، 267، 275، 276، 277، 284، 292، 299، 382

بكتاش ولي (الحاج): 190

بكر أغا: 233، 239

بكر صوباشي: 26، 203، 204، 205، 206، 207، 208، 209، 211، 212، 213، 214، 215، 217- 224، 243، 256، 299، 330، 339، 346، 257

بكه (بكر الأمير): 72، 74، 77، 78

بنيامين: 261

بهادر شاه: 108

بهاء الدين نوري (معالي الأستاذ): 192

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 364

بهرام پاشا الوالي: 71، 72، 83

بوداق بك (مير): 53، 75، 307

بوستان پاشا (بستان): 169، 209، 226، 229

بايسنقر: 260

پياله بك: 229

پياله پاشا: 193، 194

بيرام پاشا الصدر الأعظم: 259

بيرام بك: 309، 310

پير بوداق: 53، 308، 309

پير علي نصوح: 329

پيري رئيس: 85، 86، 87، 88، 109، 116

بيله بك: 54

حرف التاء تاج العارفين: 208

تاج الدين المالكي القاضي: 283

توخته خان: 236، 237، 248، 252

توفيق وهبي (معالي الأستاذ): 192

توقيعي زاده: 328

تيمور خان بن سلطان علي: 78

تيمور لنك: 82، 333

حرف الثاء ثاني: 186

حرف الجيم الجاحظ: 335

الجامي (عبد الرحمن): 125، 304

جانيك سلطان: 268

جانبولاد بك: 132، 133

الجرجاني (السيد شريف): 304، 328

جعفر پاشا: 292

جعفر پاشا الخادم: 165

جعفر بك: 34، 127

جعفر الدجيلي: 135

جعفر دده: 189

جعفر بن عبد الجبار الموسوي (السيد):

174

جلاب: 259

جلال الدين بن بهاء الدين: 293

جلال الدين الرومي: 161، 163

جلال الدين بن ملك دينار: 97

الجلالي: 175، 179

جمال الدين المؤرخ: 330

الجنيد: 150

جهان دده: انظر (كلامي)

جهان شاه: 75، 109

جواد صدر: 111

جوهري: 168، 185

الجيلي: انظر عبد القادر الگيلاني

حرف الحاء حاجي: 186

حافظ الشيرازي: 123

الحر العاملي: 8

حزمي: 186

حسام الدين: 52

حسن (منلا): 186

حسن من آل بندر: 65

حسن أغا: 264، 266

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 365

حسن أغا (كوچك): 284

حسن أمير العمادية (السلطان): 308

حسن پاشا (جديد): 51، 176

حسن پاشا: 235، 275

حسن پاشا (كوچك): 292

حسن پاشا أمير أمراء قرمان: 289

حسن

پاشا الچركسي: 226، 239

حسن الجلايري (الشيخ): 65

حسن بن خضر: 76

حسن الدفتري: 184، 319

الحسن السبط (أبو محمد): 302

حسن السنباتي: 355

حسن سيرين: 186

حسن بن سيف الدين: 82

حسن پاشا الصدر الأعظم (داماد): 15

حسن الطويل (السلطان): 38، 130، 173، 174، 175، 178، 179، 181، 192

حسن پاشا الطرناقجي: 175، 178، 176، 192

الحسن بن علي بن أبي طالب (ر ض):

43

حسن كاتب الديوان: 156

حسن كدخدا: 125

حسن نقيب كربلا (السيد): 223، 294

حسين (مير): 53، 54

حسين الأدرنوي مفتي بغداد: 178

حسين أغا: 265

حسين أغا الكتخدا: 232

حسين پاشا: 266، 267، 269، 270

حسين پاشا: الجركسي: 229

حسين پاشا (كور): 225، 226

حسين پاشا أفراسياب: 171

الحسين الإمام (أبو عبد اللَّه): 302

حسين پاشا أمير أمراء روم إيلي: 279، 280

حسين أمير العمادية (السلطان): 55، 79، 307، 309

حسين پاشا پتور، بودور: 142

حسين بك: 80

حسين بن پير بوداق: 53

حسين چلبي: 49

حسين بن حسن بن سيف الدين: 82

حسين خان (حاكم اللر): 213، 271، 284

حسين الدده (السيد): 188

حسين بك الداسني: 54، 55، 305، 306

حسين پاشا الصدر الأعظم: 214

حسين پاشا عموجه زاده: 15

حسين بن فياض الحياري: 297، 298

حسين الكردي (الأمير): 103، 106، 109، 110

حسين الواعظي: 123

حسين پاشا والي الموصل: 217، 218

حسين پاشا الوزير الأعظم: 202

حسني البغدادي: 144، 168

حقيقي: 122، 167

حكمت سليمان (فخامة الأستاذ): 199

حكمي: 187

الحلاج: 162، 163

حمزة پاشا: 288

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 366

حمزة سلطان: 79

حميدي: 185

حيدر آغا: 265، 266

حرف الخاء خادمي البغدادي: 169

خالد العجاج آل أبي ريشة: 299

خاكي: 185

خدابنده (السلطان): 59

خرم شاه: 260

خسرو پاشا: 130، 241، 243، 263، 265، 297

خضر: 79

خضر بن إلياس: 76

خضر پاشا: 121، 122، 129، 167

خضر بن گلول: 76

الخطي (جعفر بن محمد): 174، 354

الخطيب البغدادي: 40، 160

الخفاجي: 233

خلف خان: 267، 276، 279

خلف شوقي: 171

خلف المشعشع: 174

خليفة: 79

خليفة مقصود: 288

خليل: 278

خليل آغا:

283

خليل پاشا: 248، 249، 252

خليل شاه: 103

خواجة جهان: 123

خواجو الكرماني: 123

خير الدين پاشا: 90، 97

حرف الدال داعي: 167، 184

داود پاشا: 85، 160، 248

داود الچلبي (الدكتور): 94، 117، 118، 119

دراج نقيب الأشراف (السيد): 223، 294

درويش المولوي: 285، 286

دلاور پاشا الوالي: 202

حرف الذال ذو الفقار: 29، 323، 338

ذهني چلبي: 169

حرف الراء الرازي الشيرازي: 170

راشد بن مغامس: 58، 61، 63، 311

راكان: 66

رامي الدمشقي: 268

رجب أغا: 292

رجب پاشا: 243، 251

رجب دده: 27، 34

رجب رئيس: 88

رستم پاشا: 127، 142

رستم بك: 309

رستم خان: 245، 248، 270، 289، 290

رشيد عالي الگيلاني (فخامة السيد): 155

رضائي: 128، 137

رضا زادة شفق: 29

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 367

رضوان أغا: 274

رضوان بك: 258

رضوان القاضي: 156، 210، 329

رفعت الكليسي: 19

ركن الدين الحسني: 59

رمضان الگيلاني (السيد): 155

رميزان: 66

رندي: 137، 185

روحي البغدادي: 10، 146، 147، 156، 157، 164، 169، 170، 175، 183، 185، 189، 225، 319، 329، 353

حرف الزاي زكريا عليه السّلام: 151

زلغلو بالطه چي: 195

زمچي (السيد محمد): 293

زنكي: 341

زين الدين: 82

زين الدين الگيلاني (الشيخ السيد):

154، 155، 328، 330

زين الدين المعبري: 347

زينل خان: 230، 239، 245، 255

حرف السين ساقي: 186

سجاد ابن السيد بدران: 145

سرحان بن جنعان: 65

سرخاب بك: 74، 75، 77، 78

سري السقطي: 150

سعد الدين التفتازاني: 304

سعد الدين الدوري: 293

سعدي زاده محمد: 330

سعيد بن فياض: 297

سفر پاشا: 264

سلحدار پاشا: 265، 268، 269، 278، 279، 284، 285

سلطان بن ناصر: 65

سلمان ساوجي: 123

سلمان الفارسي: 209

سلمان: 185

سلمان الكيلاني: 155

سليم الأول الياوز (السلطان): 23، 24، 82، 102، 103، 141، 311، 313، 346

سليم الثاني (السلطان): 45، 132، 308، 309، 313، 323

سليم شاه: 260

سليمان أفندي: 168

سليمان پاشا والي بغداد: 56، 59، 60، 72، 207، 208، 211، 221

سليمان چلبي: 312

سليمان پاشا والي الموصل: 229

سليمان پاشا

والي مصر: 37، 83، 84، 85، 108، 109

سليمان بك الصوراني: 307

سليمان بك والي الموصل: 226

سليمان خان أمير العمادية: 309

سليمان الدفتري: 319

سليمان رئيس: 88، 107

سليمان القانوني (السلطان): 8، 9،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 368

11، 12، 13، 17، 18، 19، 24، 25، 28، 29، 37، 38، 39، 41، 43، 44، 45، 46، 51، 54، 67، 72، 78، 82، 88، 89، 107، 108، 113، 122، 127، 131، 141، 147، 155، 168، 201، 207، 244، 256، 258، 260، 291، 292، 293، 305، 306، 309، 311، 313، 319، 323، 327، 328، 339، 343، 344، 346، 353

سليمان أحمد المهري: 117، 119

سليمان الموري: 187

سليمان بن مير سيدي: 54

سليمان نظيف: 127

سنان پاشا جغال زاده: 19، 41، 43، 61، 90، 123، 146، 147، 155، 156، 157، 164، 168، 178، 270

سهيل بك أمير الرماحية: 74، 82

سيد خان، سيدي خان أمير العمادية:

193، 194، 199، 213، 292، 309، 310

سيدي بك النشانجي: 32

سيدي علي رئيس: 13، 82، 89، 90، 91، 92، 93، 94، 95، 96، 97، 98، 99، 101، 110، 115، 117، 118، 121، 129، 320، 347

سيدي مير: 53، 54

سيف الدين: 53، 54، 55، 306، 307

سيف الدين بن زين الدين: 82

حرف الشين الشافعي الإمام: 198، 223، 303

شافي القشعمي: 65

شاه رخ: 82

شاه قولي (عبد الشاه): 21

شاه ويردي: 146، 157

شاهين پاشا: 268، 272

الشبلي (الشيخ) 150، 242

شديد بن أحمد: 296، 297

شرف خان: 29، 30

شرف (مير): 193، 194، 195، 199

شريف پاشا: 93، 94

شريف الخطاط: 185

شعلال آل صران: 66

شمس تبريزي: 162

شمس الدين سامي: 112

شمس الدين الگيلاني: 154، 155، 328، 330

شمسي البرسي: 12

شمسي البغدادي: 135، 137، 167، 197، 353

شمسي بك زاده: 259

شناسي: 340

شهريار: 260

شيخي: 186

شيطان قولي (عبد الشيطان): 21

حرف الصاد صادق بن

مير فتاح: 267، 287

صارو خان: 288، 290، 291

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 369

صافي چلبي: 61

صالح قحطان (المحامي الأستاذ): 157

صفائي: 17

الصفدي: 161

صفي خان (الشاه): 45، 255، 288، 347

صفي قولي خان: 213، 215، 217، 219، 227، 250

صوقوللي: 50

صولاق زاده: (محمد هدمي)

حرف الضاد ضائعي: 169

ضيا پاشا: 183

حرف الطاء طاشقين خواجه: 39

طبعي: 184

طرزي: 169، 185

طريف (مير): 261

طه ابن السيد شاكر: 293

طهماسب الأول (الشاه): 29، 30، 47، 54، 56، 67، 68، 75، 201، 311، 323، 346

طهمورث: 227، 251

طوراق أغا: 275

طومان باي: 102

حرف الظاء ظالم علي: 244، 248

ظاهر أبو مدلج: 295، 297

ظهير الدين الكازروني: 161

حرف العين عائشة أم المؤمنين: 201

عاتكة خاتون: 152

عاصم الگيلاني (السيد): 155

عالي أفندي الدفتري: 40، 145، 186، 225، 319

عامر أمير عدن: 83، 84، 103

عباس: 212

العباس (رض): 342

عباس إقبال (الأستاذ): 220

عباس دفتري الموصل: 286

عباس الثاني (الشاه): 220

عباس الكبير (الشاه): 18، 45، 195، 212، 215، 219، 221، 227، 228، 231، 241، 242، 244، 261، 264، 294، 311، 339، 346، 347

عبد اللّه أمير بدليس: 310

عبد اللّه (الشريف): 59

عبد اللّه أفندي (ميرزا): 220

عبد اللّه (الشيخ شيخو): 244

عبد اللّه توقيعي زاده: 328

عبد اللّه الكردي البغدادي (الشيخ): 171

عبد اللّه بن محمد قنبر أغا: 204، 206

عبد الملك البغدادي: 137

عبد الواحد التميمي (أبو الفضل): 150

عبد الباقي المولوي (قوسي): 18، 159، 163

عبد الحليم قرايازيجي: 180

عبد الحميد الثاني (السلطان): 11

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 370

عبد الرحمن (من أسرة عبد الرزاق): 155

عبد الرحمن پاشا: 142

عبد الرحمن چلبي: 219

عبد الرحمن الگيلاني (السيد): 155، 176

عبد الرحيم: 185

عبد الرزاق الگيلاني: 155

عبد العالي الكركي: 328

عبد العزيزقرا چلبي: 12، 260

عبد العزيز (من أسرة عبد الرزاق): 155

عبد العزيز الگيلاني: 155

عبد علي الحويزي (الشيخ): 172، 241

عبد الغني النابلسي: 163

عبد القادر الگيلاني (الشيخ):

41، 43، 147، 148، 149، 150، 153، 155، 304

عبد القادر قره خان: 126، 353

عبيد زاكاني: 123

العتبي: 16

عثمان (السلطان): 311، 312، 313

عثمان (كنج): 246، 259

عثمان أغا: 269

عثمان پاشا السردار: 75

عثمان پاشا الصدر الأعظم: 309

عثمان پاشا والي حلب: 73

عثمان الخياط البغدادي (الشيخ): 223، 330

عثمان الطوقاتلي: 231

عز الدين شير: 51، 52، 54، 305، 306

عزيز اللّه: 68

عزيز چلبي: 35

عقاب: 64، 65

علاء الدين (الشيخ): 210

علاء الدين البخاري: 162

علاء الدين شيخ الإسلام: 46

علاء الدين: انظر (القوشجي)

علمشاه رئيس: 96

علمي: 185

علي بن أبي طالب (الإمام): 40، 150، 228، 302، 304

علي بن أحمد الهيتي: 355

علي أغا البصري: 233

علي الأمير: 135

علي باشا: 134، 145

علي باشا أرسلان: 265، 266

علي پاشا أفراسياب: 173، 181، 233، 241، 242، 261

علي پاشا بن ألوند: 43، 147

علي پاشا أوردار: 266

علي پاشا الدرويش: 143

علي پاشا الصوفي: 141، 142

علي پاشا قاضي زاده: 156، 201، 202

علي پاشا والي البصرة: 171، 172

علي پاشا والي بغداد (تمرد): 68، 69، 70، 72، 73

علي بك: 187، 307

علي بك المصري: 87

علي بك أمير واسط: 70

علي بك بن عيسي (شاه): 53

علي حيدر (الأستاذ): 46

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 371

علي خان: 271

علي خان أكرمي: 186

علي بن سرخاب (سلطان): 78

علي (السيد من أسرة عبد الرزاق): 155

علي سلطان: 79

علي السنباتي: 355

علي بن عليان: 92

علي العيني: 317، 340، 342، 343، 344

علي فاقي: 187

علي الگيلاني (السيد): 155

علي بن موسي الرضا (الإمام): 150

علي الهكاري (الشيخ أبو الحسن): 150

علي الهمذاني: 270

عماد الدين زنكي: 80

عمانوئيل الأول: 102

عمر (أخو بكر صوباشي): 220، 221، 224

عمر أغا الكتخدا: 205، 208، 217

عمر پاشا: 248

عمر پاشا الأرناوود: 234

عمر پاشا الدفتري: 231

عمر البصري: 242

عمر رمضان: 315

عهدي البغدادي: 69، 121، 122، 127، 128، 129، 135، 137، 144، 165، 168، 169، 170، 183، 184،

185، 187، 197، 353

العيثاوي: 197

عيسي عليه السّلام: 151

عيسي بك ابن شاه علي بك: 53

عيسي خان: 219

عيسي بن سليمان: 54

عيسي صفاء الدين البندنيجي (السيد): 51

عيسي بن كلوس: 52

عيني علي: انظر علي العيني

حرف الغين غازان: 47

غانم البغدادي المفتي: 156، 209، 329، 331

الغرابي: 18، 144، 147، 222

حرف الفاء فاطمة بنت أبي عبد اللّه الصومعي (أمة الجبار): 43

فامبيري (أ.): 13

فؤاد الكوپريلي: 127

فتاح (مير): 228، 276، 279، 280

فتح الجزائر: 127

فخر الدين الرازي: 303

فردي: 12

فرهاد پاشا: 59، 60، 61، 66، 67، 179، 310

فريد الدين العطار: 162

فريدون (أحمد پاشا): 16، 31، 33

فضل: 134

فضل اللّه الحروفي: 184، 188

فضلي بن فضولي البغدادي: 45، 127، 128، 138، 139، 141، 169، 185، 353

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 372

فضولي البغدادي: 10، 36، 37، 63، 64، 67، 68، 122، 123، 138، 139، 169، 188، 189، 225، 328، 353، 354، 355

فضيل چلبي: 329

فغاني: 185

فكري چغاله زاده: 168، 198

فهمي: 186

فيضي (محمد بك): 168، 184، 319

حرف القاف قادر چلبي: 127

قارچغاي: 217، 218، 225، 227، 285

قاسم (الإمام): 129

قاسم خان: 213، 226، 230، 239

قاسم علي: 186

قانصوه الغوري: 102، 103، 104

قباد پاشا: 87، 88

قباد بك: 307، 309، 310

قبودان پاشا: 265، 267، 269، 272، 335

قرا مصطفي: 96

قرموش: 296

قزاق خان: 45

قطب الدين المكي: 18

قفجاق: 76

قلفات ممي: 96

قلي بك: 54، 307

قني مصلي چلبي: 187

قوچي بك: 317

قور قمز خان: 157

قوسي الخطاط: انظر عبد الباقي المولوي

القوشجي: 130

قيا سلطان: 39

حرف الكاف كاتبي أفندي: (سيدي علي رئيس)

كاتب چلبي: 14، 114، 135، 209، 223، 235، 237، 239، 244، 246، 248، 260، 340

الكاتبي الرومي: 13، 89

الكاتبي القزويني: 13

كاخ بهشت: 176

كاظم صدر: 111

كاهي: 185

كشفي: 184

كلامي (جهان دده): 169، 185، 188، 189

كلب علي خان: 230، 239، 264

كلوس: 52، 77

كلول: 76

كمال رئيس: 85، 88

كمال

چلبي: 327

كنعان من قشعم: 65

كنعان پاشا: 264

كورجي باشي: 266

كور خزينة دار: 259، 271

گورگيس عواد (الأستاذ): 347

كوه القبطان: 96

الكيا الهراسي: 315

الگيلاني: انظر عبد القادر الگيلاني

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 373

حرف اللام لبيب أفندي: 124

لطف اللّه (الشيخ): 220

لقمان الحكيم: 289

لمعي: 187

حرف الميم ماجد بن محمد: 117

مأمون بك: 72، 78

مأمون خان: 244

مانع بن راشد: 58

مانع المشعشع: 55

مبارك بن سجاد المشعشع: 173، 174، 201

المبارك المخرمي (أبو سعيد): 147، 148، 149، 150، 153، 154

مبارك بن مطلب بن بدران: 145

المتنبي: 126

المحبي: 267، 268، 283

محمد رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم: 7، 14، 40، 92، 95، 136، 150، 151، 302

محمد بن أحمد الطويل: 160، 182، 193، 194، 195، 198، 200

محمد أغا (درويش): 36

محمد أغا العقيد: 204

محمد أفندي: 15

محمد أفندي دولگر زاده: 130، 328

محمد أفندي القاضي: 231

محمد أفندي نائب المحكمة: 330

محمد أمير العمادية: 309

محمد پاشا: 209، 265، 284، 286، 292

محمد پاشا (آش): 292

محمد پاشا أرنوود: 248

محمد پاشا البالطه جي: 69، 70، 72

محمد پاشا (درويش): 259، 271، 290، 292

محمد پاشا سنان: 178

محمد الشيخ القشعمي: 64، 65، 66

محمد الشيرازي (المولي): 168

محمد پاشا الصقوللي: 16، 164، 175

محمد پاشا الطيار: 229، 252، 259، 273، 274، 285

محمد پاشا قانلي: 266

محمد پاشا الكتخدا: 146

محمد پاشا الگرجي: 229

محمد پاشا الكوپريلي: 15

محمد پاشا النشانجي: 17، 18، 126

محمد پاشا والي بغداد: 127، 178

محمد پاشا والي حلب: 272

محمد پاشا الوزير: 18، 58، 66، 67، 68، 70، 264، 273

محمد بك: 187، 198

محمد بك: 77، 168

محمد بك بن مأمون: 78

محمد بك الدفتري: انظر (فيضي)

محمد بكر صوباشي (درويش): 204، 205، 219، 221، 222، 224

محمد الثالث (السلطان): 313، 323

محمد چاووش: 187

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 374

محمد چلبي: 187

محمد چلبي (السلطان): 312

محمد چلبي

كاتب الديوان: 159، 160، 182، 198، 200

محمد الحارث المفتي: 134، 135

محمد بن حسين مدرس النجيبية: 293

محمد خان حاكم بغداد: 26، 27، 29، 33، 34، 36

محمد خدا بنده (الشاه): 346

محمد دده: 187

محمد ذخري الموصلي: 301

محمد رؤوف پاشا: 301

محمد سيف بك: 75

محمد شرف الدين (الأستاذ): 335

محمد شكري (الأستاذ): 115

محمد طاهر بك: 301

محمد بن عبد الملك: 137، 195، 355

محمد علي ميرزا: 32

محمد علي پاشا الكبير: 12

محمد علي پاشا الگرجي: 262

محمد الفاتح (السلطان): 40، 130، 172، 311، 313

محمد قاضي بغداد: 127، 328

محمد قدسي رمضان زاده: 18، 330

محمد قرا أرسلان نور الدين: 189

محمد قنبر آغا: 204، 205، 206، 221

محمد قولي خان: 289، 290، 291

محمد كمونة (السيد): 28، 35

محمد بن محمد الكردري: 178

محمد بن محمود الشريف: 59

محمد بن مراد خان: (السلطان): 176

محمد نجيب (شيخ الحلقة): 152

محمد النشانجي رمضان زاده: 40، 44

محمد همدمي صولاق زاده: 17، 37، 56

محمد ياسين الحموي (الأستاذ): 105، 113

محمدي: 186

محمود: 187

محمود پاشا والي الموصل: 121

محمود پاشا ابن إياس پاشا: 61

محمود پاشا ابن سنان: 156، 135، 182، 198، 199، 200، 202

محمود پاشا الطيار: 181

محمود الثاني (السلطان): 190

محمود الثنائي (السيد): 293

محمود چلبي الخطاط: 295

محمود حسام الدين الگيلاني (السيد):

155

محمود بن زكريا الگيلاني (السيد): 155

محمود شكري الآلوسي (الأستاذ): 44

محمود شوكت پاشا: 199

محمود (الشريف): 59

محمود ملك كجرات (السلطان): 82، 84، 108، 109

محيطي: 169

محيي الدين بن عربي: 92، 162، 163

محيي الدين الگيلاني (السيد): 175

مدحة پاشا: 79

مدلج: 232، 296، 297، 298

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 375

مراد پاشا: 142، 227، 228، 231، 232، 233

مراد پاشا حاكم حلب: 298

مراد پاشا القبوجي: 201

مراد الثالث (السلطان): 46، 143، 159، 309، 313، 323

مراد الثاني (السلطان): 312

مراد خان: 244

مراد خان أمير العمادية: 309

مراد خداوند كار: 312

مراد الرابع (السلطان): 8،

9، 13، 18، 25، 26، 39، 164، 207، 211، 217، 250، 251، 254، 255، 256، 260، 264، 293، 294، 299، 307، 310، 311، 314، 323، 330، 338، 339، 346

مراد رئيس: 88، 89، 94

مرادي: 137

مرتضي آل نظمي: 51، 156

مرتضي پاشا: 138، 252، 281

مريدي: 186

المستنصر باللّه العباسي: 159، 161، 176

المسعودي: 53

مصطفي بن أحمد البلغرادي: 41

مصطفي بن محمد خسرو زاده: 19

مصطفي أغا الركابدرا: 284

مصطفي پاشا: 266

مصطفي پاشا (قرا): 288

مصطفي پاشا الأول (السلطان): 313، 314

مصطفي پاشا ابن إياس: 61

مصطفي پاشا ابن الطويل: 182، 198، 199، 200

مصطفي چلبي: 312

مصطفي پاشا حاكم البصرة: 92، 93، 94

مصطفي پاشا صاروقجي: 181، 192

مصطفي پاشا القپودان: 263، 274

مصطفي پاشا والي بغداد: 171

مصطفي پاشا والي حلب: 229، 230

مصطفي پاشا الوزير: 260

مصطفي بك آل بيقلي: 84

مصطفي بك الدرزي: 96

مصطفي التذكره چي: 284

مصطفي جواد: 51، 91، 94، 113، 160، 208، 251

مصطفي كمال أتاتورك (فخامة): 190، 192

مصطفي مذكرچي زاده: 293، 330

مصطفي النشانجي: 32، 40

مصطفي النيكساري (مصلح الدين): 327

مصلح الدين اللاري: 197

مظفر پاشا: 132

مظفر شاه: 103، 104

معاوية بن أبي سفيان (ر ض): 40

معروف الكرخي: 150

المقريزي: 106، 115

ملندي (ميرانتي): 104

مناحيم دانيل: 157

منذر بن بابلو: 76

المنشي البغدادي: 31، 33

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 376

المنصور (الخليفة): 337

مهدي: 185

مهدي عبد الحسين النجم: 51

مهنا: 66

موسي پاشا: 260

موسي چلبي: 312

موسي الكاظم: 9

مير محمد: 265

ميره بك: 243، 307

ميرزا مخدوم: 328

حرف النون نادر شاه: 18

نادري: 169

الناصر من قشعم: 65

الناصر لدين اللّه (الخليفة): 51، 164، 189

ندائي: 186

نسيمي: 124، 125، 184، 190

نصرتي: 170، 185

نصوح پاشا: 182، 193، 194، 195، 197، 198

نصوح المطراقي: 11، 31، 32، 35، 37، 260

نظامي: 136، 353

نظمي البغدادي: 137، 240، 259

نعمان القاضي: 187، 329

نعيما (مصطفي): 15، 180، 265، 272، 275، 281، 285، 299

نقد علي خان:

276

نقدي: 185

نوري القاضي: 222، 223، 330

نوغاي: 229، 245، 252، 262، 266

نيازي: 145

حرف الهاء هارون الرشيد: 341

هاشم ناهيد: 127

هامر الألماني: (الأستاذ البارون): 119، 219

هلو خان أمير أردلان: 78، 201، 305

همايون شاه: 108

حرف الواو واسكودوغاما: 102، 105

والهي: 170

ورشچن: 124

وصاف: 16

ولي پاشا: 194، 195

ولي بك: 74، 75

ويسي بك: 127

حرف الياء يار علي: 276، 279

ياسين بن حمزة البصري: 171

ياقوت: 73، 160، 209

يحيي عليه السّلام: 151

يحيي أمين زاده كوسه سي: 327

يحيي شيخ الإسلام: 286

يحيي نوعي: 329

يزيد بن معاوية: 303، 304

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 377

يعقوب پاشا كافر أوغلي: 234، 239

يعقوب سركيس (الأستاذ): 64، 65، 322

يلدرم بايزيد: 312

يوسف عليه السّلام: 151

يوسف پاشا: 203، 204، 205، 207، 245

يوسف بك أمير برادوست: 55

يوسف بك أمير دستاره: 75

يوسف تركي: 109

يوسف چلبي: 187

يوسف خان أمير العمادية: 310

يوسف الطرسوسي: 150

يوسف قاضي بغداد: 328

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 378

2- فهرس الشعوب و القبائل و النحل

حرف الألف آق قوينلو: 19، 20، 30

آورامان انظر هاورمان

أبو ريشة (آل): 193، 194، 198، 199، 295، 299

أتابكة الموصل: 76، 80

الأجود: 64، 66

أردلان: 79، 201، 213، 244، 305، 306، 308

أرناود، أرناوط، أرنبود: 60

الأسبان: 102، 106

استاجلو: 29

الإسلام، و المسلمون: 14، 36، 37، 40، 41، 83، 92، 96، 97، 99، 101، 104، 105، 107- 109، 149- 154، 197، 236، 262، 301، 303، 347

أفراسياب (آل): 10، 19، 171، 172، 181، 241، 310، 343، 356

الإفرنج، الفرنج: 103، 104، 105، 109

أفشار، أوشار: 29، 213

الأفغان: 21

أكراد سهران: 194

الأمويون: 80، 83

الأوربيون: 60

الإنگليز: 111

أهل القنطرة: 263

أهل الموصل: 225

أهل العبا: 223

الأيوبيون، الدولة الأيوبية: 115، 106

حرف الباء بابان: 308

باجلان، باجوان: 300، 344

پاچه چي (آل): 164

البرامكة: 296

البرتغاليون: 13، 81، 83، 85، 88، 93، 102، 105

البغداديون: 136

بكتكين (آل): 76

بندر (آل): 65

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص:

379

بهارلو: 29

بهدينان (آل): 80

الپهلوية (الدولة): 21

البوبراطم: 66

البيات: 122

حرف التاء التتار: 20، 303

التتار القالماق: 20

الترك، الأتراك: 7، 23، 36، 40، 56، 61، 73، 103، 106، 119، 122، 123، 126، 129، 133، 136، 153، 161، 170، 188، 192، 209، 212، 225، 227، 240، 242، 243، 251، 253، 258، 268، 273، 281، 310، 316، 334، 335، 354

ترك المغول: 124

التركمان: 20، 29، 194، 350، 353

تكلو: 26- 29، 34، 35

حرف الجيم الجاف: 290، 299

الچراكسة: 102، 106، 130

الجغتاي: 20

الجلالية: 163، 195، 356

الجمهورية التركية: 7، 16، 190

الجنابيون: 66

چنعان، كنعان (آل): 65

الجوربه جي (آل): 71

الجولمركية: 80

حرف الحاء الحنابلة: 301، 325

الحنفية: 301

حيار (آل): 296

حرف الخاء الختن: 20

الخزاعل: 65

خفاجة: 65، 66

الخطا: 20

الخوارج: 304

الخوارزميون: 16

حرف الدار الداسنية: اليزيدية

دانشمندي: 20

الدده (آل): 169، 188، 189

ذو القدرية (دلغادر): 29

حرف الراء ربيعة: 64

الرسول (آل): 185

حرف الزاي زرزا (قبيلة): 307

زبيد: 299

حرف السين سالة يي: 342

سلجوق (آل): 20، 76، 172

السورانيون: 52

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 380

حرف الشين الشافعية: 223، 301، 325

شبيب (آل): 59

الشرفاء: 58

شليهب (آل): 66

الشمدينانية: 80

شهاب البصري (آل): 171

الشيوخ: 65

حرف الصاد صاح (آل): 342

الصحابة: 201، 258

الصفويون، الدولة الصفوية: 14، 18، 20، 21، 23، 24، 29، 78، 154، 220، 311، 338، 339، 346، 347، 348، 354، 356

الصهرانيون: 52، 54

صوران، الصورانيون: 54، 55، 300، 301، 305، 309

الصولاق (آل): 60

حرف الضاد ضياء الديني: 290

حرف الطاء طاهر (بنو): 83، 103

طيي ء: 135، 295، 299، 341، 357

حرف العين عبادة: 65

العباسيون، الدولة العباسية: 18، 76، 80، 121، 337

عبد الرزاق (آل): 154

عبد العزيز (آل): 154

العثمانيون: الدولة العثمانية: 7- 9، 12، 11، 12، 13، 14، 15، 16، 17، 19- 26، 41، 47، 51، 55- 57، 61، 63، 67، 72، 75- 79، 82، 85، 86، 88، 89، 96، 101،

102، 106- 111، 114، 123، 146، 154، 155، 161، 163، 170- 174، 179، 189، 190، 193، 207- 214، 218، 230- 242، 245- 249، 255- 258، 260، 261، 265، 267، 271، 275، 281، 287، 291، 294، 301، 305، 306، 311، 314- 319، 323، 325، 331- 334، 337- 340، 343، 346- 349، 354- 357

العجم، الأعجام: 19، 21، 26، 29، 36، 40، 56، 67، 75، 106، 118، 131، 136، 146، 154- 157، 164، 173، 174، 179، 200، 202، 211- 214، 217، 221، 226، 227- 237، 240، 241، 244- 256، 261، 263- 265- 289، 294، 297، 299، 341، 342

العرب، العربان: 61، 83، 85، 97، 105، 110، 113- 116، 119، 132، 133- 136، 163، 173،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 381

199، 265، 296، 297، 298

علي (آل): 294

العلي اللهية: 191

عليان (آل): 70، 92، 131، 132، 134، 135، 310

حرف الغين الغرابي (آل): 99، 101، 117، 200

غزية: 299

حرف الفاء الفرس: 124، 167، 170

الفرنسيون: 111

الفيلية: اللرّ

حرف القاف قاجار: 29

قايي خان: 311

قبارتاي: 130

قراعلي (آل): 200

قراقوينلو: 14، 168

القشعم (الجشعم): 63، 64، 65، 178، 199، 299، 357

حرف الكاف الكرد، الأكراد: 55، 73، 74، 75، 79، 126، 132، 193، 194، 199، 248، 308

الگيلاني (آل): 29، 154، 155

گوران: 76

الكيانية: 180

اللرّ، الفيلية: 55، 146، 213، 271، 341، 342

اللوند: 103، 369

اللهيب: 66

حرف الميم ماء السماء (بنو): 64

مالك (بنو): 66

المالكية: 301

المخالي: 66

مرا (آل): 295

المسعود: 66

المشعشعون، آل المشعشع: 55، 92، 174، 201

المصريون: 102

مصطفي سليم (آل): 164

المغاربة: 103

المغول: 7، 13، 19، 52، 76، 80، 111، 316، 333، 350، 353

المماليك في مصر (دولة): 23، 293، 311، 324

المنتفق: 58، 59، 65

المولوية: 163

حرف النون الناصر: 65

نظمي (آل): 156

حرف الهاء هاروني: 290

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4،

ص: 382

هاورمان: 79

الهكارية: 80

الهنود: 119، 261

الهولنديون: 111

حرف الياء اليزيدية (الداسنية): 54، 55، 300، 301، 305- 307، 309، 311

اليسار: 66

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 383

3- فهرس المدن و الأماكن

حرف الألف آدم عليه السّلام (مقام): 91

آستانة انظر استانبول

آشب: 80

آلان: 78

آلتون كوپري: 56، 226، 227، 234، 243، 263، 342

آمد: 129، 248

آورامان (هاورامان): 291

إبراهيم عليه السّلام (مقام): 90

ابروان: 244

إبرومان: 345

ابن الحنفية (مرقد): 93

أبو شهر: 93

أبو كلبين (نهر): 133

الأحساء: 48، 143، 174، 340، 343، 354

أحمد آباد: 13

أحمد بن حنبل (تربة): 90

أخسخة: 264، 291، 264

أدرنه: 58، 169

أدنه (أطنه): 198

أذربيجان: 29، 34، 37، 79، 51، 52، 54، 82، 194، 244، 300، 305- 307، 309، 344

أردلان: 54، 76، 201، 213، 244

أرضروم (ارزن الروم): 61، 179، 252، 262، 264

أريحا: 298

ازمير: 329

استانبول (الآستانة): 11، 16، 17، 19، 30، 37، 38، 40، 55، 56، 58، 85، 88، 114، 126، 130، 131، 138، 145، 154، 165، 165، 166، 170، 172، 181، 183، 217، 218، 231، 239، 240، 243، 251، 252، 258، 260، 283، 287، 291، 294، 295، 309، 311، 327، 335، 340، 353.

اسكدار: 29، 30، 67، 258، 264

الإسكندرية: 132

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 384

أسكي موصل (الموصل القديمة): 292، 344

أشقودرة: 70

أصفهان: 68، 215، 237، 245، 289

الأعظمية: 36، 181، 233، 246

الأفراسيابية: 181

إفريقية: 23، 94، 102، 106

الأفغان: 21

أكري: 313

ألبانيا (ارناوود): 60

ألوند (نهر): 31

الإمام الأعظم (مرقد): 33، 38، 40، 90، 225، 265، 286

أميركا (أميركة): 102، 106

الأناضول (أناطولي): 23، 69، 131، 179، 200، 232، 248، 251، 266، 280، 311، 346، 356

الأندلس: 121

أنس بن مالك (تربة): 92

أنطاكية: 70

أنقرة: 335

أوان: 52

أورمان: 291

أورپا: 18، 105، 333

أوشني: 345

أوفن (بودين، بدون): 57

أولوصو: انظر ديالي

أولونية: 265، 266

أويس القرني (تربة): 31، 129

أياصوفيا: 31

إيطاليا: 269

أنيجة صو: 263

إيران و الإيرانيون:

7، 18، 23، 29- 33، 36، 37، 40، 46، 57، 61، 67، 68، 75، 79، 97، 102، 106، 111، 119، 123، 141، 146، 157، 163، 164، 165، 198، 201، 225، 227، 229، 230، 237، 240، 241، 243، 247، 249، 252، 261، 264، 277، 278، 280، 287، 288، 299، 305، 307، 311، 316، 338، 339، 341، 342، 346

حرف الباء الباب الأبيض (آق قپو): باب الإمام الأعظم

باب الأزج (محلة): 147، 251

باب الإمام الأعظم: 208، 264، 265، 277، 283

باب البصرة: 189

الباب الشرقي: 215، 229، 265، 266، 277، 278، 279، 280، 281، 282

باب الشط: 269

باب الشيخ: 147

الباب المظلم (قراقاپي): الباب الشرقي

باب المندب: 86، 94

الباب الوسطاني: 265، 266، 267، 270

بابان: 53، 308

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 385

باجوان (باجلان): 344

پاريس: 117، 118، 209

پاسكه (قلعة): 75

باسكي: 244

باش دولاب: 245، 264، 288

پاق: 355

بالس: 132

بالكان: 52

بانه: 75، 344

باورة برند: 244

بايزيد (قلعة): 80

البحر الأبيض المتوسط (بحر المغرب):

90، 102، 107، 114

البحر الأحمر (القلزم): 61، 83، 88، 106، 107، 109، 110، 111، 115

البحر الأخضر: 94

البحر المحيط الأطلسي، أو الأتلانتيكي (بحر الظلمات): 102، 103، 104

بحر عمان: 13، 94، 97

البحر المحيط الهندي: 13، 85، 97، 98، 102، 104، 106، 109، 111، 115

بحر مرمرة: 112

البحرين: 55، 87، 93، 94، 174، 354

بدر (في المدينة المنورة): 40

بدليس (بتليس): 29، 30، 310

بدرة: 290

برجاش: 97

بر العرب: 93، 97

بر فارس: 94

البرتغال: 19، 83، 86، 93، 97، 99، 102، 105، 106، 108، 111، 116، 129، 316، 320، 347

برج العجم، برج العجمي: 228، 235، 271

برخت، برخته (كشم): 86، 94

بردان: 33

پرنلي: 345

بروج: 75

بروسة: 142، 329

پشته: 57

پشتكوه: 342

بشر الحافي (تربة): 91

پشيوه: 31

البصرة: 13، 28، 35، 36، 43، 48، 55، 58، 61، 63، 69، 70، 72، 82، 86-

94، 116، 127، 131، 134، 143، 171، 172، 174، 181، 189، 193، 201، 229، 231، 233، 239، 241، 242، 288، 291، 307، 311، 315، 320، 331، 343، 354، 356

بعقوبا: 32، 207، 209، 264

بغداد: 7، 8، 11، 13، 19، 24- 49، 51، 55- 61، 66- 75، 78، 79، 82، 90، 91، 101، 103، 104، 108، 121- 125، 127، 129- 134، 137- 148،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 386

153- 161، 164- 171، 173، 175، 176، 180- 184، 187- 229، 232، 234، 239- 243، 245، 247، 249- 258، 260- 262، 264- 275، 278- 294، 297، 299، 301، 304، 310- 315، 319، 321- 331، 336، 339- 343، 346، 347- 350، 356، 357

بغداد كوشكي (قصر بغداد): 294

بلخ: 162

بلدروز (براز الروز): 31

پلقاص: 345

البلقان: 20

البلوج: 97

بلوجستان: 97

بلوك اليمين: 287

البندقية (ونديك): 106، 112، 114

بندر عباس: 94

بندنيج (مندلي، مندلجين): 168

بواب: 134

بودا- پشته: 57

بودين: 142، 156

بوزاوق: 259، 271

بوسنه: 70، 141، 155، 203

بولاق: 12

بومبي: 98

بهرز: 208، 239

بهلول دانه (تربة): 91

البيات: 122، 342

بيات وده ليران: 342

بيدرار: 263

بير (قلعة): 91

بيره: 291

پيره جك: 90، 132، 259

بيروت: 51

بيستون (جبل): 129

بيلور: 146

بين كدره (بيكدره): 33

حرف التاء تابية (طابية): 276، 279، 280

تابية الزاوية (كوشه قوله سي): 270

تادده: 146

تامرا: 32

تبريز: 30، 37، 56، 67، 125، 165

تخت سليمان: 79

تربة سلجوقي خاتون: 189

تربة أبي أيوب الأنصاري: 40

تربة الإمام أبي يوسف: 90

تستر (شوشتر): 93

تغر: 77

تكريت: 90، 129، 234، 265، 288، 344

تكية بابا گور گور: 189، 190، 191

تكية البكتاشية: 188، 189

تكية خضر إلياس: 189، 190، 263، 269، 351

تكية الددوات: 169، 188

تكية دده خضر: 189، 191

تكية القادرية: 41، 148، 154

تكية كربلاء: 188

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 387

تكية مردان علي: 189، 191

تكية الملا سعيد الدوري: 293

تكية

المولوية: 159، 160، 182، 350

تلعفر: 189

تنوره: 77

توقات: 180

تيل طاري: 345

حرف الجيم جادي: 94

چالديران: 23، 29، 339، 346

جامع الآصفية: 159، 160، 161

جامع إسكندر پاشا: 131

جامع الإمام الأعظم 38، 39، 40، 41، 350

جامع الإمام الحسين: 143، 144

الجامع الأموي: 197

جامع جديد حسن باشا: 50، 51

جامع الحاج فتحي: 272

جامع الخلفاء: 223

جامع دلي فتح: 272

جامع السراي: 50، 51، 351

الجامع السليماني: 50، 51، 176، 293، 351

جامع الشيخ عمر السهروردي: 351

جامع الصاغة، جامع الخفافين: 163، 350

جامع القلعة: 292، 324، 330، 351

جامع الكاظمين: 440، 45، 138، 141، 351

جامع الگيلاني: 41، 43، 44، 143، 144، 147، 148، 154، 288، 350

جامع المرادية: 128، 138، 140، 141، 292، 293، 351

جامع المرجان: 351

جامع الوزير: 161، 175، 350

جامع الوفائية: 351

جامعة استانبول: 353

جامهر: 98

چبوق (قنطرة): 263، 289

جدة: 83، 85، 94، 103، 118، 261

الجديدة (ينگيجة): 208

جرجس النبي (مشهد): 90

الجزائر: 63، 70، 71، 92، 133، 134، 135، 173، 341، 343

جزائر البصرة: 70

الجزيرة: 129، 193، 226

جزيرة رودس: 89

جزيرة العرب: 83- 86، 103، 107، 110

جزيرة كيشم: 94

الجوازر (الجزائر): 341

جسان: 230، 290

جسر بغداد: 28

جسك: 97

جعير: 132

الجعيفرة (محلة): 189

چكد: 98

جلفار: 94

چمچمال: 146

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 388

چناد: 244

جنار كدوكي: 244

چنكوله: 341، 344

جنيد البغدادي (تربة): 91

الجواد الإمام (مشهد): 44

الچورم: 271

جومرد القصاب (تربة): 91

جيل: 153

حرف الحاء الحائر انظر كربلاء

الحبشة: 94

الحجاز: 316

حديثة: 132، 296

الحر الشهيد (تربة): 91

الحرم: 195، 197، 278

الحربية: 258

الحرمين الشريفين: 105، 261

حرير: 244، 307، 345

الحسن البصري (تربة): 82

الحسينية (قلعة): 91

الحسينية (نهر): 47

حصن كيفا (حسن كيف): 189، 227

حضرة الإمام علي عليه السّلام: 189

الحضرة القادرية: 154

الحضرة الكاظمية: 44، 45، 155، 328

الحضرة الكيلانية: 154

الحلاج (تربة): 91

حلب: 15، 29، 30، 57، 67، 68، 73، 82، 90، 130، 143، 154، 179، 195، 197، 201، 227، 229، 245، 252، 258،

259، 272، 296، 298

حلبجه (ألبجه): 77، 79، 244

الحلة: 37، 59، 73، 91، 132، 133، 199، 200، 213، 228، 239، 240، 246، 248، 249، 323، 340

حلوان: 31، 246، 341

حمرين: (جبل): 31، 33، 345

حورين انظر هورين

الحويزة: 55، 92، 173، 354

حيدر آباد: 347

حرف الخاء خارك (جزيرة): 93

الخالص: 32، 33، 124، 289

خان جغان (خان جغاله زاده): 157

خان الگمرك (القهوة): 159

خان اللاوند (محلة): 103، 269

خان مرجان: 324

الخانقاه الصغير: 290

خانقين: 27، 31، 33، 34، 213، 215، 344

خراسان: 129، 162، 188، 209، 217

خريسان: 32

خزانة أسعد أفندي: 260

خزانة قصر بغداد (بغداد كوشكي): 295

خزانة الجامعة باستانبول: 11

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 389

خزانة جامع الخلاني: 135

الخزانة العامة: 14، 220

خزانة فاتح: 126

خزانة كوپريلي: 137

خزانة المشهد الرضوي: 328

خزانة ولي أفندي باستانبول: 19

الخضر (مقام): 93

الخضيرية (محلة): 160

خليج البصرة (فارس): 61، 105، 115، 117

خورفكان: 94، 96

خورمال: 79

خوسير: 244

حرف الدال دار الآثار: 159

دار الحديث: 327

دار السبيل الگيلانية: 147

دار الأصنام: 98

دار الصناعة (ترسانه): 90

دار الكتب الوطنية: 209

دار القرآن (المستنصرية): 160، 161

دار القري: 164

داقوق: 189

الدانيمارك: 111

داود الطائي (تربة): 91

دجلة: 90، 133، 180، 189، 206، 234، 236، 245، 251، 254، 265، 270

الدجيل: 180

الدربند الكبير: 52

دربند خان: 32

درتنك: 31، 36، 217، 222، 229، 230، 246، 248، 289- 291، 341، 342

درگزين: 245، 246

درنه: 36، 222، 228، 248، 290، 342

دزفول: 169

دستارة: 75

دسفول: 93، 146

دكن: 103

دلخوران: 244

دلدل (مقام): 91

دلي عباس: 33، 272

دمشق: 105، 113، 161، 171، 184، 195، 197

دمن: 99

دمهران: 78

دمير قپوا: 244، 342

ده بالا: 342

دوان: 244

الدورق: 173، 174

ديار بكر: 30، 56، 57، 61، 67، 68، 76، 129- 132، 180، 182، 195، 199، 202، 207، 209، 211، 217، 218، 222، 226، 227، 229، 231، 243، 251، 252، 259، 262، 271، 287، 288، 292، 310

ديالي (نهر):

31، 33، 36، 129، 208، 228، 230، 234، 239،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 390

246، 271، 272، 280، 289، 292

الديو: 83، 99، 108، 109

الدير (نهر): 172

دير الروم: 160

حرف الذال ذو الكفل: 91

حرف الراء رأس الجسر (محلة): 269

رأس الحد: 86، 98

رأس الرجاء الصالح (رأس عشم الخير):

102، 103، 104، 105، 106

راودان: 77

رباط الخليفة الناصر: 189

رباط دير الروم: 159، 160، 161

الرحبة: 132

الرحمانية: 134

رزه (قرية): 33

الرصافة: 235

الرماحية: 74، 82، 133، 341

الرقة: 132، 193، 213

الرملة: 189

روان: 264، 267، 281

رودس (جزيرة): 89، 169

رودين: 345

الروم (بلاد و شعب): 20، 30، 40، 121، 124، 166، 167، 168، 179، 183، 189، 249

روم إيلي: 72، 142، 203، 229، 245، 265، 266، 278، 279

الرها (أورفة): 90

ريشهر: 93

حرف الزاي الزاب: 239، 243، 263، 292

الزاب الكبير: 52، 53

زاوية: 289

زبيد: 84، 103

الزبير (تربة): 92

زردوي: 291

زرنوك: 133

زعامة: 341

زكية: 91

زلم، ضلم، ظالم قلعة: 73، 77، 78، 244

الزمچي (تربة): 293

زمرد ماوا: 291

زنجير (قلعة): 129، 244، 290، 291

زنك آباد، زنكي آباد: 341

زنكبار: 107

زهاو (زهاب): 31، 32، 290، 341

زيلة: 195

حرف السين ساليانة: 314

سامراء: 90

سبتة: 104

سبه زنجير: 345

سدة الهندية: 47

السراجخانه: 199

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 391

سراي بغداد: 250، 284، 292

سراي طوپقپو: 295

سربل: 31

سرچنار: 244

سرمل: 290

سرنديب: 107

سروجك: 77، 343

سري السقطي (تربة): 91

سكتوار: 16

سكه خانه (دار ضرب، و محلة): 293، 324

سكران (الشيخ)، (تربة): 33

سلسترة: 70

السلطانية: 30

سلمان الفارسي (تربة): 91

سلمية: 296

السليمانية: 76، 79، 260، 341

السماوة: 133، 307، 341

سميكة: 94، 129

السند: 98

سنجار: 189، 226

سواحل إفريقيا الغربية: 102، 108

سواحل العرب: 94، 101، 102، 106

سواحل اليمن: 94

سواريك: 30

سور بغداد: 266، 268، 280

سورت: 99، 101

سورية: 153، 299

سوق الدبس: 343

سوماقلق: 53، 54

سومنات: 98

السويب: 91

السويس: 83، 86، 87، 88، 94، 107، 108، 110

سهر، سهران: صوران

السهرية: 52، 53

السهروردي (تربة): 91

السيب: 172

سيروان (نهر):

32

سيكه (جبل): 291

سيمان: 77

سيواس: 70، 180، 211، 229، 259، 262، 265، 266

حرف الشين الشام: 57، 69، 154، 169، 179، 183، 184، 195، 201، 209، 262، 311، 316، 325، 330

شاهين (قلعة): 31، 33، 341

الشركة الإنجليزية: 111

شركة الهند الشرقية: 111

الشيخ الشبلي (تربة): 91

الشحر: 84، 86، 98، 105

شروين: 33

شط بغداد: 90

شط العرب: 93، 135، 173، 234

الشعباني (قلعة): 80

شفاثي: 91

شقلاباد (شقلاوة): 52، 307

شمامك: 243، 263

شمعون (مقام): 91

شميران، شمران، شميلان (نهر): 32، 77

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 392

شميران (قلعة-): 75

شهبار: 97

شهداء الصحابة: 92

شهربازار: 77، 244، 344

شهربان (المقدادية): 31، 129، 230، 239، 268، 269، 280

شهرزور: 84، 68، 73- 76، 78، 79، 131، 132، 157، 174، 194، 195، 201، 244، 248، 255، 264، 284، 286، 290، 291، 292، 305، 344، 345، 346

شيراز: 93

شيروان (سيروان): 45

حرف الصاد صاحب الزمان (مقام): 91

صاعبة: 134

صامسونجية: 266

صحار: 96، 174

صدر البحران: 133

صدر الدار: 133

صفوة (شريعة): 208

صفين: 132

الصلاحية: 342

صوران، صهران، سهر: 51- 55، 193، 194، 199، 244، 307

الصولاقية: 287

الصين: 20، 88

حرف الطاء طاش كوپري: 33

طاق كسري: 91

طاوي: 244

طرابلس: 259، 268، 272، 292

طرابزون: 271، 278

طريق خراسان (نهر): 32

طقوز أولوم (ديالي): 32، 33، 129

طلحة (تربة): 92

طونه (الدانوب): 57

الطويل (نهر): 134

طهران: 29

الطيور (قلعة): 91، 189، 230، 235، 236، 269، 270

حرف الظاء ظالم علي (قلعة): 290

ظفار: 86، 98

حرف العين العاشق و المعشوق: 90

عانة: 132، 296، 299

عبادان: 93

عبد الرحمن بن عوف (تربة): 92

عبد القادر الگيلاني (تربة): 41، 91، 225، 286

عجور: 244، 345

عدن: 83- 86، 105، 108، 109، 110، 118

العراق: 7- 9، 11، 13، 16، 18، 19، 24، 25، 31، 37، 38، 45- 48، 56، 58، 59، 63- 66، 76، 78، 79، 85، 101،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 393

105، 106، 111،

121- 127، 145، 148، 179، 186، 188، 190، 191، 197، 199، 202، 225، 239، 241- 243، 253- 256، 288، 294، 299، 300، 308، 310، 315، 318، 320- 326، 331- 333، 338- 352، 354، 356- 358

العراقان: 11

عرفة: 254

العزير عليه السّلام (تربة): 91

العقبة: 40

العقرة: 307

عقيل الإمام (تربة): 91

علي كجيدي: 292

عليشكر: 146

العمارة: 91، 342

العمادية: 55، 79، 80، 213، 292، 300، 307، 308، 310، 311، 342

عمان: 86، 96، 343

عيص بن إسحاق (تربة): 90

عينتاب: 210

حرف الغين الغري (النجف): 91

غلطة: 13، 90

غوآ (گووه): 83

حرف الفاء فارس: 93، 105، 106

فاس: 88

فتحية: 134

فتح الموصلي (تربة): 90

الفرات: 47، 90، 91، 132، 133، 193، 218، 246

فرنجة (قلعة): 75

فشت قيدسور: 99

فضيل بن عياض (تربة): 91

فك الأسداد (جزيرة): 95

الفلوجة: 132، 234، 246، 259

فلورنسة: 261

فورميان: 98

فينه (ويانه): 13، 107، 333

حرف القاف قارص: 291

قاشان: 36، 68

قاكليجه (جامع): 131

قباب ليث: 208، 209

قبان: 173

القبة: 286

قبر الشيخ صفاء: 208

قبرص: 202

قراباغ: 303

قرتور: 291

قرداغ (قراطاغ): 77، 341

قرمان: 226، 229، 289

قزانية: 342

قزلجة: 244، 291

قزلخان: 218، 225

قزل رباط (السعدية): 289، 341

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 394

قسطموني: 284، 286

القسطنطينية: 40، 90، 179

قصر شاه زنان: 91

قصر شيرين: 30، 31، 32، 129، 246، 290، 341

قضيب البان الموصلي (تربة): 90

القطيف: 55، 88، 93، 174

قلعة الإمام الأعظم: 231

القلعة الداخلية: 199، 205، 206، 281، 292

قلعة عجل: 91

قلعة غازي: 244، 345

قلعة مزرعة: 91

قله (قولاي): 27، 34

قلهات: 96

قم: 36، 68

القمر (جبال): 103، 104

قمران (جزيرة): 83

قنبر (مقام): 91

قنبر علي (المحلة و التربة): 91، 169

قندهار: 212، 215، 261

قنطرة الذهب: 263

قهقهة: 68

قونية: 183، 243

قيس (جزيرة): 94

حرف الكاف كاثياوار: 98

كاره: 83

كاسل بوست (محطة): 208

الكاظمية: 37، 228، 287

كاوروان: 31

كجرات: 82، 84، 99، 101، 103، 104، 108، 109، 347

الكدوك: 290

كربلاء: 37، 47، 56، 91، 169، 185، 188، 190،

239، 240

الگرج، گرجستان: 217، 251، 189، 227، 230، 235، 287

كردستان: 211

كركوك: 54، 153، 189، 191، 208، 209، 225، 226، 227، 228، 229، 263، 292، 342

كرمان: 94، 97

گرمة الجشعم: 66

كرند (كرنت): 342

الكرود: 264

كسانة: 244

كستنديل: 265، 266

كسك چنار: 68، 74

كسنان: 344

كفري: 342

كلس: 132

كلعنبر: انظر حلبجه

كلوس: 77

كمباي: 99

كوادر: 97

الكوت: 342

كوج: 343

گوران: 76

كوركوه (الجبل الكبير): 342

كوستنديل: 266

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 395

كوشك زنكي، كوشك سيلان: 33، 341

الكوفة: 37، 66، 91

گوگ تپه (گوگ دپه): 51، 54، 56، 263

كوملنجة: 195

كوه: 83

كيچي: 97

كيش: 94

گيل، گيلان (جبل): 153، 217، 342

كيمزار: 94

حرف اللام اللار: 89

لرستان: 157

لشبونة: 102

لقمان الحكيم (تربة): 33، 246، 289

لندن: 14

لننغراد: 124، 354

لهستان: 203

لوي: 77

ليمة: 94

حرف الميم ماردين: 129، 218، 248، 259، 288

مازندران: 217

ماكور: 291

مالاقة: 107

ما وراء النهر: 20

ماهي دشت (مايدشت): 31

متحف آسية: 124

متحف الأوقاف الإسلامية باستانبول:

145

متحف طوپقپو باستانبول: 258

المجر: 57

محمد التقي الإمام (مشهد): 91

محمد الشيباني (تربة): 90

محمد الغرابلي (تربة): 90

محمد الغرابيلي (تربة): 90

المحمودية: 168

المحيط الهندي: 115

المدائن: 40، 91

مدرسة الإمام الأعظم: 39، 350

المدرسة التتشية: 160

المدرسة الدرويشية: 197

مدرسة عاتكة خاتون: 152

مدرسة عمر السهروردي (شهاب الدين):

351

مدرسة الغرابي: 200

مدرسة الگيلاني (باب الأزج): 43، 148، 153، 154، 350، 351

مدرسة محمد الفضل: 351

مدرسة المخرمي: 153

مدرسة مرجان: 293، 328

المدرسة المستنصرية: 28، 35، 156، 160، 161، 210، 269، 293

المدرسة النجيبية: 293، 351

المدينة (بالتصغير): 70

المدينة المنورة: 40، 330

مراقد آل الدده: 188

مراقد الأئمة: 43

مرعش: 142، 165، 211، 262

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 396

مرقد الشيخ عبد القادر: 225، 286

مرقد الحسين عليه السّلام: 144

مرقد محمد الجواد: 44

مرقد معروف الكرخي: 91

مرقد الشيخ مكارم: 33

مرقد الإمام علي عليه السّلام: 249

مرقد الإمام موسي الكاظم: 41، 44، 90، 287

مرقد يونس عليه السّلام: 90

مركارة: 244، 345

المستشفي العسكري: 269

المستنصرية: 35، 210، 269، 293، 329

مسجد بابا

گورگور: 190

مسجد الترك: 343

مسجد الحظائر: 164

مسجد الدبس (مسجد الترك): 343

المسجد ذو المنارة: 160، 161، 176

مسجد شمس: 91

مسجد الإمام علي و مشهده: 63، 91، 92

مسجد قمرية: 351

مسجد الكوفة: 91

مسقط: 86، 96، 107

المسيب: 91

مشهد الشاه إسماعيل: 141

مشهد الإمام أبي حنيفة: 160

مشهد الإمام الحسين: 91، 144، 169، 170، 222، 294

مشهد الشريف المرتضوي: 59، 188

مشهد الشيخ عبد القادر اليكلاني: 44

مشهد الإمام علي (رضي): 63

مشهد الشهداء: 91

مشيلة: 77

مصر: 12، 13، 23، 37، 60، 82- 90، 93، 94، 96، 101- 103، 106- 108، 121، 131، 141، 142، 153، 154، 266، 280، 292، 311، 325، 330، 347

مطبعة إبراهيم متفرقة: 16

مطبعة إقدام: 13، 330

المطبعة البحرية: 114

مطبعة التاريخ: 347

مطبعة جريدة الحوادث: 14

مطبعة الدولة: 88

مطبعة الفرات: 171

المطبعة الهاشمية: 105

المعبر: 263

المعشوق: 90

معقل (نهر): 116

مغازبرد: 291

المغرب: 90، 153

مغنيسا: 327

مقام الشيخ (الگيلاني): 271

مقبرة الإمام الأعظم: 274

مقبرة الخلفاء العباسيين: 51

مكتب البحرية: 115

مكتبة المرادية: 124

مكة المشرفة: 59، 103، 242، 283

مكران: 97، 343

مليبار: 107

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 397

منارة العبد: 143

المنتفق: 59

مندلي (بندنيج، بندنيجين): 290، 291، 342

منگلور: 98

المنصورية: 33، 272

مهريان: (مريوان): 77، 244، 245، 255

المهناوية: 66

الموصل: 27، 34، 48، 54، 76، 80، 90، 119، 121، 129، 169، 180، 193، 194، 199، 200، 208، 211، 217، 218، 225، 226، 229، 236، 239، 243، 248، 249، 251، 255، 260، 261، 262، 265، 274، 286، 288، 292، 301، 315، 323، 344

الميدان (محلة): 138، 205، 206

حرف النون نارين (نهر): 33

ناور: 146

نجد: 65، 97، 143

النجف: 37، 56، 63، 188، 189، 190، 287، 354

نخچوان: 75

نديك: 106

نشسكان: 77

نصيبين: 90، 129، 193

نعل لب: 244

نقود (قلعة): 75

النمسا: 13

نهاوند: 129، 146، 157، 245

النهروان: 40، 208

نوح عليه السّلام (مقام): 91

نيكدة: 275

النيل: 103

نيل: 244

حرف الهاء الهارونية: 31، 290

هاور، هاوار (قلعة): 75،

77، 244

هاورمان: 79

هاورمان دزلي: 79

هجر: 93

هرسك: 142

هرور: 344

هرمز، هرموز (جزيرة): 86، 87، 88، 93، 94، 95، 104، 105، 107، 111

هزار مردود (هزار ميرد): 244، 345

الهكارية (جبل): 80

همذان: 30، 49، 51، 75، 121، 146، 157، 213، 245

الهند: 61، 82- 85، 88، 94، 98- 104، 106- 111، 113، 115، 118، 121، 122، 129، 153، 178، 255، 260، 261، 288، 316، 320، 347، 348

هوديان (يهوديان): 52

هورين: 291، 345

هيت: 132، 299

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 398

حرف الواو وادي الحصان: 31

واسط: 63، 70، 91، 132، 342

وان: 30، 57، 67، 131، 181، 251، 252، 255، 291

الوقف القادري: 155

الوندية: 33

حرف الياء يارمجة: 263

يلنكان: 244

اليمن: 60، 61، 83، 84، 94، 97، 103، 110، 303

يكي إمام (يني إمام): 32

ينگيجه: 289

يوشع عليه السّلام (مرقد): 90

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 399

4- فهرس الكتب

حرف الألف آصفنامه: 317

آيينة ظرفا: 330

أذكار الحج و العمرة: 19

أربعة عصور من تاريخ العراق الحديث:

219

أراجيز في علم البحار: 116، 117

أرجوزة بر العرب في خليج فارس: 117

الأرجوزة الحجازية: 117

أرجوزة في تعيين القبلة: 116

أسرار نامه: 162

أسفار بحريه عثمانية: 14، 37، 88، 107، 109، 114، 115

الإعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 18

الأنساب: 59

أنيس القلب: 125

أوضح المسالك: 329

حرف الباء البحرية (كتاب): 85، 88، 116

البرق اليماني في الفتح العثماني: 19، 103، 105، 116

برهان قاطع: 315

بلله تن (مجلة): 335

پنك و پاره: 126

البنود العراقية: 354

بهجة الأسرار: 154

بيان منازل سفر العراقين: 11، 34

حرف التاء تاريخ آل أفراسياب (منظوم): 10

تاريخ الأدب التركي في العراق: 187، 353

تاريخ الأدب العربي في العراق: 354

تاريخ الأسطول العربي: 105، 113، 115

تاريخ أنجمني مجموعه سي: 138

تاريخ البكتاشية: 192

تاريخ پچوي وذيله: 39، 40، 56

تاريخ تركية: 87

تاريخ الخط العربي في العراق: 32، 160، 161، 293، 356

موسوعة تاريخ العراق بين

احتلالين، ج 4، ص: 400

تاريخ الخطيب البغدادي: 40

تاريخ الدولة العثمانية: 219

تاريخ رمضان زاده: 16، 40، 44

تاريخ ابن الساعي: 161

تاريخ سياست خارجي إيران: 111

تاريخ صولاق زاده: 17، 37، 49، 56، 58، 68

تاريخ الطبري: 12

تاريخ عالم آراي عباسي: عالم آراي عباسي

تاريخ عثماني: 32، 188

تاريخ العراق بين احتلالين: 28، 31، 34، 55، 58، 64، 122، 135، 154، 160، 173، 184، 189، 192، 296، 351

تاريخ العصامي: 219

تاريخ العمادية انظر: العمادية

التاريخ العلمي: 355

تاريخ الغرابي انظر: عيون أخبار الأعيان

تاريخ الغياثي: 159

تاريخ الفذلكة: انظر فذلكة كاتب چلبي

تاريخ الكازروني: 161

تاريخ كاظمين: 45

تاريخ كجرات: 347

تاريخ اللر الفيلية: 157

تاريخ مختصر إيران: 29

تاريخ مساجد بغداد: 44، 140، 141، 176

تاريخ مطراقي انظر: بيان منازل العراقين تاريخ المعاهد الخيرية انظر: المعاهد الخيرية في العراق

تاريخ نعيما انظر: روضة الحسين في أخبار الخافقين

تاريخ هامر: 40

تاريخ اليزيدية و أصل معتقدهم: 300، 301، 305

تحفة العقول في تمهيد الأصول: 118

تحفة غزاة: 11

تحفة الكبار في أسفار البحار: 85، 101، 114، 132، 134، 135

تحفة المجاهدين في أخبار البرتكاليين (البرتغاليين): 347

تحفة النظار: 38

تذكرة رضا: 259، 283

تذكرة سهي: 12

تذكرة صفائي: 17

تذكرة عهدي: گلشن شعرا

ترجمة حديث الأربعين: 125

ترجيح البينات: 356

ترك ديلي: 125

تشكيلات و قيافت عسكرية: 199، 203، 204، 226، 258، 266، 269، 271، 275، 279، 281

تصوف الحلاج: 162

التعريف بالمؤرخين: 10، 19

تفضيل الأتراك للجاحظ: 335

تفضيل الأتراك علي سائر الأجناد لابن حسول: 335

تقويم البلدان: 329

تقويم نصوحي: 12

التلويح: 130

التنقيح: 46

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 401

تواريخ آل عثمان: 11

تهذيب التواريخ: 87

حرف الجيم جامع الأنوار: 51

جامع الدول: 29، 34، 35، 93، 173، 174، 195، 202، 206، 208، 220، 221، 226

جغرافياي كربلاي معلي: 144

الجواهر الملتقطة: 124

جهانگشاي جويني: 271

جهاننما: 14، 340

حرف الحاء حاشية علي شرح التجريد: 329

حاشية علي شرح حكمة العين: 329

حاوية الاختصار في

أصول علم البحار: 116

حديقة الأولياء: 163

حديقة السعدا: 123، 124، 126

حصن الإسلام: 210

حقائق الأخبار عن دول البحار: 88، 106

حقائق الدقائق: 315

الحوادث الجامعة: 160، 248

حرف الخاء خبر صحيح: 206، 294

خرابات: 183

الخط العربي في العراق انظر: تاريخ الخط العربي

خطط المقريزي: 106، 115

خلاصة الأثر: 171، 174، 180، 183، 184، 195، 197، 212، 220، 221، 223، 224، 225، 242، 268، 283، 295، 296، 297، 298، 330

خلاصة الهيئة: 130

حرف الدال دائرة المعارف الإسلامية: 61، 192

دافع المفاسد و كاشف المقاصد: 191

الدرر الغرر: 130

الدر المسلوك: 8

دستور العمل لإصلاح الخلل: 317، 340

دول إسلامية: 83، 84، 99، 103، 260، 348

ديوان حكمي: 187

ديوان الخطي: 174، 354

ديوان روحي البغدادي: 10، 146، 147، 156، 157، 164، 175، 184

ديوان شمسي البغدادي انظر: منظر الأبرار

ديوان الغرابي: 10

ديوان فضولي التركي و العربي و الفارسي:

10، 63، 124، 125، 126، 354

ديوان القطب المكي: 19

حرف الذال ذيل عالم آراي عباسي: 220

الذهبية: 116

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 402

حرف الراء رحلة ابن بطوطة: تحفة النظار

رحلة أوليا چلبي: 20، 31، 51، 140، 145، 164، 176، 214، 247، 281، 292، 310، 343

رحلة سيدي علي: 96، 97

رحلة القطب المكي: 19

رحلة المنشي البغدادي: 33، 218، 300، 341

رد المحتار: 46

الرسالة الذهبية في الرد علي اليزيدية:

300، 301، 305

رسالة في الضرائب: 322

رسالة في گمرك بغداد: 322

رسالة في الموسيقي: 356

رسالة قوچي بك: 317

رسالة ناصحة الموحدين: 162

رندا و زاهد: 125

روضة الأبرار: 63، 327

روضة الأبرار في فتح بغداد: 13، 260

روضة الأبرار المبين لحقائق الأخبار: 12

روضة الحسين في أخبار الخافقين: 15، 16، 174، 178، 181، 195، 246، 248، 249، 260، 262، 283، 284، 287، 294، 295، 297، 299، 330

روضة الشهداء: 123

روضة العرفان: 185

رياض العلماء: 220، 221

حرف الزاي زاد المسافر: 10، 171، 242، 354

حرف السين سبحة

الأخيار و تحفة الأخبار: 17

السبعية: 117

سجل عثماني: 39، 57، 60، 61، 66، 67، 69، 70، 103، 121، 130، 131، 141، 142، 143، 155، 156، 164، 165، 170، 174، 175، 179، 198، 200، 201، 202، 203، 284، 327، 328، 329، 330

سليمان نامه: 35، 38

سليمان نامه شمسي: 12

سليمان نامه فردي: 12، 35، 41

سياحتنامه حدود: 31

السيف الباتر: 355

حرف الشين شاه و كدا: 125

شذرات الذهب: 102، 103

شرح تحفة العقول: 118

شرح المجلة: 46

شرفنامه: 52، 53، 72، 73، 78، 82، 306، 307

شط العرب (جريدة): 171

شكايتنامه: 126

شهرزور- السليمانية (كتاب): 79

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 403

حرف الصاد صبح الأعشي: 94، 261

صحة و مرض: 125

الصلات البحرية بالبرتغال: 19

الضمانات انظر: مسائل الضمانات

حرف الطاء طبقات الممالك: 32، 40

الطراز: 233

حرف الظاء ظفرنامه: 13، 145

حرف العين عالم آراي عباسي: 18، 146، 157، 219، 221، 306

العالم الإسلامي (مجلة): 115، 338

عثمانلي مؤلفلري: 12، 13، 14، 16، 17، 87، 130، 170، 330

عشائر العراق الكردية: 52، 53، 66، 80، 127، 153، 299، 344

العقود اللؤلؤية في الطريقة المولوية: 163

العمادية (كتاب): 80، 308

عمدة البيان في تصاريف الزمان: 178، 180، 193

العمدة المهرية في تمهيد الأصول البحرية: 118

عنوان المجد: 219

عيون أخبار الأعيان: 9، 10، 18، 43، 147، 182، 200، 207، 221، 222، 223، 224، 228، 245، 251، 252، 254، 255، 282

حرف الغين غرفة التجارة (مجلة): 322

الغنية: 149

حرف الفاء فاضحة الملحدين و ناصحة الموحدين:

162

فتحنامه قره بغداي: 12، 170

فتوح الغيب: 149

فذلكة أقوال الأخيار في علم التاريخ و الأخبار: 14

فذلكة كاتب چلبي: 14، 156، 174، 179، 195، 198، 199، 202 206، 210، 223، 225، 226، 227، 233، 234، 235، 237، 244، 260، 262، 281، 284، 286، 294، 295، 330

الفريدة السنية في الكشف عن عقائد اليزيدية انظر: الرسالة

الذهبية

فصول الحل و العقد و أصول الخرج و النقد: 145

فضولي (كتاب): 126، 353

فكرة الهموم و الغموم و العطر المشموم:

118، 119

فهرست شاهان و ذيله: 17

الفوائد في أصول البحر و القواعد: 116

الفوائد الرضوية: 328

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 404

حرف القاف قاموس الأعلام: 29، 56، 57، 60، 61، 64، 170، 183

القاموس المحيط: 64

قانوننامه آل عثمان: 317

قانوننامه عثماني: 317

قطر الغمام: 171، 172، 354

قلائد الجواهر: 154

قلادة الشموس و استخراج قواعد الأسوس: 118

قوانين آل عثمان: 317، 340

قوانين أبي السعود: 317

قوانين الدواوين: 114

حرف الكاف كاشف أسرار بكتاشيان: 191، 192

الكاكائية في التاريخ: 188، 191، 300، 311، 328، 344

كشف الظنون: 14، 15، 19، 125، 126، 130، 145، 167، 169، 170

گلشن خلفا: 9، 10، 28، 29، 31، 34، 35، 36، 37، 44، 45، 47، 48، 55، 56، 57، 58، 60، 63، 64، 67، 68، 70، 71، 72، 75، 92، 121، 122، 127، 138، 140، 141، 142، 143، 146، 147، 156، 157، 159، 160، 164، 165، 175، 176، 180، 181، 182، 192، 198، 199، 201، 202، 203، 206، 207، 209، 210، 215، 240، 250، 254، 260، 275، 283، 284، 295

گلشن شعرا: 10، 69، 121، 122، 123، 127، 128، 129، 144، 165، 170، 183، 184، 187

كليات فضولي: 125

الكنز الأسمي في المعمي: 19

كنه الأخبار: 40، 145، 186

الكواكب السائرة: 19، 295

حرف الغين لغة العرب (مجلة): 94، 96، 115، 119، 240

حرف الميم مباحث عراقية: 65

مثنوي: 123، 136، 161- 163

مجالس سبعه مولانا: 163

مجلة الأحكام العدلية: 46

مجمع التواريخ: 12

مجموعة الدكتور داود الچلبي: 118، 119

مجموعة عمر رمضان: 315

مجنون ليلي: 123

محاربات عثمانية: 108

المحيط: 13، 116، 117، 119

مختصر تاريخ إيران: 311

مرآة كائنات: 14، 18، 52، 63، 130، 327، 330

مرآة الممالك: 13، 37، 91،

92،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 405

101، 109، 120، 121، 129

مراصد: 209

مسائل الضمانات: 210، 331، 356

مسالك الأبصار: 31، 52، 53

مطالع الاعتقاد: 125

مطالع السعود: 64

المعاهد الخيرية في العراق: 41، 44، 45، 56، 140، 141، 144، 148، 152، 160، 161، 176، 293، 351

معجم البلدان: 31، 32، 73، 96

المعربة: 116

مفتاح جنت: 16

المقتطف (مجلة): 115

مكتوبات جلال الدين الرومي: 163

الملاح العربي: 104، 105، 115

ملجأ القضاة: 210، 331

المنار و شرحه: 15

مناقب الكردري البزازي: 178

مناقب الموفق: 178

مناقب هنر و هنروران: 145، 186

منشآت فريدون للسلاطين: 16، 34، 38، 101

منظر الأبرار: 136

منظومة آل أفراسياب: 19، 171

المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر:

118

منهل الأولياء: 80

ميزان الحق: 14

الميل (كتاب): 117

حرف النون نخبة التواريخ: 28، 48، 58

نزهة الأخبار: 16

نصائح الوزراء و الأمراء: 317

النقود العراقية: 172، 254، 261

نموذج الفنون: 329

نمونه أدبيات: 126

النواقض: 328، 355

النور السافر: 19، 104، 105، 108، 109

حرف الهاء هنر و هنروران: 40

هادية المعالم: 117

حرف الواو وجهة الإسلام: 105، 106

الوعظي: 304

ولايتنامه: 192

حرف الياء يادگار (مجلة): 220

يانصد ساله خوزستان: 145

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 406

5- فهرس الألفاظ الدخيلة و الغريبة

حرف الألف آقجه (نقد): 68، 197، 323

آق قپو (الباب الأبيض): 208

الاتحاد: 149، 162، 163، 264

الأخية: 190

أزوام: 118

أسطول: 88، 105، 106، 121

أصابع: 118

أصفهلار (قائد): 180

آغا، أغوات: 246، 288، 336

أم ولد: 59

أمير أمراء (رتبة): 162، 201، 208، 209، 211، 229، 245، 246، 248

أمير لواء: 75

أميرال (أمير البحرية): 83، 263

أنبارلي: 114

أوجاق: 336

أهل التجرد: 69

أهل السنة: 201، 222، 223، 294، 355

أوطاغ (خيمة الملك أو الوزير): 68، 258، 265، 280، 283

إيالة: 48، 122، 138، 340

حرف الباء بارجه، بارچه: 88، 89، 114

بارگاه: 259

باش دولاب (رأس الكرود): 288

باشبوغ: 269

باشتارده، باشترده، باستارده: 86، 112

باطنية، ابطان: 162

بالطه (نوع فأس): 69

بالطه جي: 69

بال يمز (نوع مدفع): 233، 262

پركنده: 112

بغداد كوشكي

(قصر بغداد): 294

البكتاشية: 169، 187- 192، 269

بگلربگي (أمير الأمراء)، رتبة فوق أمير الأمراء: 61

بلوكباشية (رؤساء كتيبة الخيالة): 182، 198، 199، 204، 271

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 407

پورتكيشي (برتغالي): 107

پورتون: 114

پولاقا: 114

بيكباشي (عقيد): 204، 276

حرف التاء تابية، طابية: 230، 280

ترسانة (دار الصناعة): 90

تفنك، تفك (بندقية): 73

تفنگچي: 336

تكية (زاوية، رباط): 160

تنته، تنتات (ستائر): 65

التنظيمات الخيرية: 337

التيمار: 142، 204، 319، 337، 341، 343، 346

حرف الجيم الچاشنكيرية (أهل المبرة و المؤونة من الجند): 202

الچاووش: 39، 275، 287، 289، 343

چاير (مرعي): 289

چب (نوع خط): 11

چب نويس (خطاط في الچب): 11

الجبه چية: 277

الجبه خانة: 206

الچرخچية: 336

الجذبة: 162، 210

الجزية: 322

چكديرمه، چكديري: 113

چكلوه، جلبه: 93

الجلالي، الجلالية (ثائر متغلب): 175، 180، 234، 236

چلبي: 312

چلبية: 163

الچورباچية: 265، 266، 271

جيش نظامي: 332

حرف الحاء الحروفية: 184، 188، 189، 190، 192

الحسبة: 337

الحلول: 149، 162

حرف الخاء خان (نزل): 157

خان (أمير، بك): 27، 213، 248

خان خانان (أمير أمراء): 214، 248

خداوند كار (خنكار): 312

خرگاه، خرگه: 259

خط ديواني: 32

خطاطون و خطوط: 145، 146، 147، 159، 160، 161، 163، 225

خط همايوني: 292

خنجر صليب: 55

خنجر صوراني: 55

حرف الدال داسنية (يزيدية): 54، 55

داد أمان: 281، 282

داماني: 98

دار الفتوي: 325

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 408

دبان: 118

الددوية: 163

درويش: 285، 294

دفتري، دفتر دار: 136، 231، 340

دلي، دلي باش: 272، 336

دمير قازوق (وتد حديد): 255

دوننما: أسطول

حرف الراء رباط (تكية): 159، 160، 189

رباعيات: 144

رئيس البوابين، رئيس الحجاب، كهية الحجاب: 164

حرف الزاي زعامة: 341

الزغرجية: 265، 266

حرف السين ساليانه (صليان): 341

سپاه، سپاهية (نوع جند): 168، 204، 226، 289

سپهسلار، صفهسلار (قائد): أصفهسلار:

180

السراي (دار الحكومة): 284

السرحدلي: 336

السرحشمه (أحشامات): 336، 337

السردار، سردار سلطان (قائد عام): 35، 49، 134، 243، 245، 246، 247، 248، 251، 263، 289، 335

السر عسكر: 35

سگبان، سگبانية: 182،

198، 199، 217، 226، 229، 232، 236

السكه خانه (دار الضرب): 293، 324

سلحدار: 181، 235، 269، 275، 278

سماع: 162

سنجاق: لواء

سنك سرخي: 52

سوره (ورطه، تيار، دردور): 98

حرف الشين شاه (ملك إيران، سلطان العجم): 27، 212، 249

شاه قولي (عبد الشاه): 21

الشاهيه (نقد): 323

الشلندي: 112

الشونة: 112

الشهزادة: 61

شيخ الإسلام: 283

شيخ الحلقة، شيخ الذاكرين: 152، 153، 154

الشيطان قولي (عبد الشيطان): 21

الشيعة: 20، 222، 223، 294، 328

حرف الصاد الصقالة (السكلة، الاسكلة): 147

الصندل: 113

الصوباشي: 203

الصولاق: 287

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 409

حرف الطاء الطابق: 12

الطاپو: 46

الطاعون: 122

طريقة التصوف الغالي: 20

الطريقة الجلالية: 163

الطريقة القادرية: 148

الطريقة المولوية: 161

طغراكش (طغرائي): 32

طن: 113

طوپراقلي: 336

طوغ (علم تركي): 36، 258، 263

طوفان الفيل: 98

طيارات (سفن، جساريات): 252

حرف العين عباسية، عباسيات (نقود): 254، 322

عثماني (أقچه): 197

عزب (نوع جند): 204

عزلة: 144

علم البحار: 121

عمارة: أسطول

حرف الغين غراب: 114، 233

غلمانية: 321

الغلو، الغلاة: 149، 162، 190

حرف الفاء فرقته: 93، 94، 112

فرقة: 86

فرمان: 256، 321

فسخ النكاح: 223

فلانديرات: 96

فلك: 119

فلكة أو فولوقة: 113

الفلوري (نقد): 261، 323

حرف القاف قائممقام: 74، 82، 243، 314

قادرغه، قدرغه: 83، 86، 87، 90، 92، 96، 112، 233

قاراق: 114

قارا و هلا: 114

قاليته: 86، 95، 112

قاليون، قليون: 86، 95، 113، 114

قايغ (زورق): 233

قباقا: 114

قبطان، قپودان رئيس، قپودان دريا قپودان پاشا: 82، 90، 155، 263، 267، 270، 284، 335

قپو قولي: 29، 336

قبوجي باشي: 181

قراولة: 266

قرصان، قرصنة: 99، 107

قراكو، قراكلق، قراقپو: 215، 229

قرلانغج: 112

قره قاپي: 282

قره مرسل: 111

قزلباش، القزلباشية: 73، 79، 191، 227، 232، 233، 235، 282،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 410

287، 311

قزمات (نوع معاول): 266

قلندرخانه، قلندرية: 159، 163

قوريجي: 337

قول بغداد: 203

قوللو أغاسي، قول أغاسي: 122، 168

القيود الخاقانية (سجلات الأملاك): 46

قضاء: 341

حرف الكاف كاتب الديوان (ديوان أفنديسي)، رئيس الديوان: 156، 315

كاخ بهشت: 176

كاشي، كاشاني:

44

الكاكائية: 188، 191

كاناكا: 104

كتخدا، كهية: 271، 315، 343

كچيد (ممر، معبر): 50

گرمه: 66

كلك: 231، 234

كمر (هميان): 261

الكودة: 322

كورك، كوركات: 266

كوشه قله سي (تابية الزاوية): 270

كوكلي (متطوع): 337

كوكه، كوه: 95، 113، 114

كهية: كتخدا

كهية البوابين، كهية الحجاب (قپوجيلر كتخداسي): 195

حرف اللام لاوند، لوند: 269، 274

لغم: 232، 237

لواء (سنجاق): 340

حرف الميم ماونة: 112

مايسترا (شراع): 96

متسلم: 208، 217، 314

المتصوفة: 149، 162، 168

المتفرقة: 287

مجلس النيابة: 74

محمد قولي (عبد محد): 289

المسلم: 336

المشعشع: 55، 201

المشيخة الإسلامية: 325

مطراق: 12

معونة، ماونه، ماعونه: 113، 163

ملا، منلا: 156

مولاخانه (تكية المولوية): 160

مير (مخفف أمير): 194، 195، 199

ميرزا: 68

حرف النون نائب جلالة الملك، نائب سمو الوصي:

74

نار (رمان): 268

نشانجي: 32

نوبتجي: 289

نوروز، نيروز: 119

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 411

حرف الهاء الهشتي (نقد): 323

الهمايوني (السلطاني): 258، 274، 287، 288، 292

الهيأة (الهيئة): 121

حرف الواو والي، ولاية: 82، 122، 341

وحدة الوجود: 149، 162

وقعه نويس (مؤرخ رسمي): 15

الوزير الأعظم، الصدر الأعظم (رئيس الوزراء): 35

ويوده: 58، 195

حرف الياء ياوز: 313

يرلي قولي (الجيش الأهلي): 336

اليزيدية: 55

يلدرم، ييلديرم: 312

يوزباشية: 276

الينگچرية: 131، 132، 178، 181، 203، 211، 228، 229، 231، 237، 240، 248، 251، 252، 266، 273، 275، 283، 284، 285، 289، 331، 332، 333، 336، 337، 343، 344

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 412

6- فهرس الصور

- السلطان سليمان القانوني 22

- دخول السلطان سليمان بغداد 42

- جامع الإمام الأعظم 62

- جامع الشيخ عبد القادر الگيلاني 81

- زيارة السلطان سليمان مشهد الإمام الحسين 100

- فضولي البغدادي 120

- السفن الحربية 139

- الخارطة البحرية لمرور سيدي علي رئيس 158

- جامع الصاغة (مسجد الحظائر) 177

- لوح بخط قوسي البغدادي في جامع الصاغة 196

- لوح خطي في جامع الوزير 216

- قوات السلطان مراد في حصار بغداد 238

- السلطان مراد الرابع يبزته الحربية

257

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 413

7- فهرست الموضوعات

مقدمة الناشر 5

المقدمة 7

المراجع و المآخذ 8

حوادث سنة 942 ه- 1536 م 57

حوادث سنة 945 ه- 1539 م 58

حوادث سنة 951 ه- 1545 م و ما يليها 59

حوادث سنة 952 ه- 1546 م 60

حوادث سنة 953 ه- 1546 م 61

حوادث سنة 954 ه- 1547 م 67

حوادث سنة 956 ه- 1549 م 70

حوادث سنة 957 ه- 1550 م 71

حوادث سنة 959 ه- 1551 م 72

حوادث سنة 961 ه- 1553 م 79

حوادث سنة 963 ه- 1555 م 121

حوادث سنة 964 ه- 1556 م 129

حوادث سنة 969 ه- 1561 م 130

حوادث سنة 974 ه- 1566 م 130

حوادث سنة 975 ه- 1567 م 131

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 414

حوادث سنة 977 ه- 1569 م 138

حوادث سنة 978 ه- 1570 م 138

حوادث سنة 982 ه- 1574 م 143

حوادث سنة 985 ه- 1577 م 144

حوادث سنة 991 ه- 1583 م 144

حوادث سنة 992 ه- 1584 م 145

حوادث سنة 993 ه- 1585 م 145

حوادث سنة 995 ه- 1586 م 146

حوادث سنة 996 ه- 1587 م 146

حوادث سنة 999 ه- 1590 م 156

حوادث سنة 1000 ه- 1591 م 164

حوادث سنة 1001 ه- 1592 م 165

حوادث سنة 1002 ه- 1593 م 165

حوادث سنة 1003 ه- 1594 م 171

حوادث سنة 1005 ه- 1596 م 171

حوادث سنة 1006 ه- 1597 م 173

حوادث سنة 1008 ه- 1599 م 175

حوادث سنة 1011 ه- 1602 م 178

حوادث سنة 1012 ه- 1603 م 181

حوادث سنة 1014 ه- 1605 م 183

حوادث سنة 1015 ه- 1606 م 192

حوادث سنة 1016 ه- 1607 م 195

حوادث سنة 1017 ه- 1608 م 198

عودة إلي حوادث

بغداد 198

حوادث سنة 1019 ه- 1610 م 201

حوادث سنة 1022 ه- 1613 م 201

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 415

حوادث سنة 1024 ه- 1615 م 202

حوادث سنة 1031 ه- 1621 م 203

حوادث سنة 1030 ه- 1620 م 209

حوادث سنة 1032 ه- 1622 م 211

حوادث سنة 1033 ه- 1623 م 225

حوادث سنة 1034 ه- 1624 م 226

حوادث سنة 1035 ه- 1625 م 228

حوادث سنة 1036 ه- 1626 م 241

حوادث سنة 1037 ه- 1627 م 242

حوادث سنة 1038 ه- 1628 م 242

حوادث سنة 1039 ه- 1629 م 243

حوادث سنة 1040 ه- 1630 م 246

حوادث سنة 1041 ه- 1631 م 250

حوادث سنة 1042 ه- 1632 م 251

حوادث سنة 1043 ه- 1633 م 251

حوادث سنة 1045 ه- 1635 م 253

حوادث سنة 1046 ه- 1636 م 255

حوادث سنة 1047 ه- 1637 م 256

حوادث سنة 1048 ه- 1638 م 258

بكتاش خان والي بغداد 275

حوادث الصدر الأعظم 288

حوادث سنة 1049 ه- 1639 م 294

الدولة العثمانية 311

قائمة السلاطين العثمانيين 312

قائمة السلاطين 313

علاقة إيران بالعراق 338

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 4، ص: 416

الثقافة 348

1- فهرس الأعلام 361

2- فهرس الشعوب و القبائل و النحل 378

3- فهرس المدن و الأماكن 383

4- فهرس الكتب 399

5- فهرس الألفاظ الدخيلة و الغريبة 406

6- فهرس الصور 412

7- فهرس الموضوعات 413

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.