اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب و الفضائل

اشارة

سرشناسه : محمدبن محمد واعظ قلقشندي، ، 957 - 1035ق.

عنوان و نام پديدآور : اتحاف السائل بمالفاطمه من المناقب و الفضائل

مشخصات نشر : ايران ، تهران : مجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلاميه، مركز التحقيقات و الدراسات الاسلاميه، المعاونيه الثقافيه ، 1427 ق = 2006م. 1385.

مشخصات ظاهري : 150 ص.

فروست : سلسله فضائل اهل البيت عند اهل السنه؛ 2

شابك : 964-8889-64-3

وضعيت فهرست نويسي : فاپا

يادداشت : كتابنامه: ص. 135 - 143؛ همچنين به صورت زيرنويس.

موضوع : فاطمه زهرا(س)، 8؟قبل ازهجرت - 11ق. -- فضايل.

موضوع : فاطمه زهرا(س)، 8؟قبل ازهجرت - 11ق. -- احاديث اهل سنت.

شناسه افزوده : موسوي، محمدكاظم، محقق

شناسه افزوده : مجمع جهاني تقريب مذاهب اسلامي. مركز مطالعات و تحقيقات علمي. معاونت فرهنگي

رده بندي كنگره : BP27/2 /و16الف2

رده بندي ديويي : 297/973

شماره كتابشناسي ملي : م85-28387

تعداد جلد واقعى: 1

زبان: عربى

نوبت چاپ: اول

المقدّمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)

صدق اللّه العلي العظيم

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:5

القول بأنّ أهل البيت عليهم السّلام قد أثّروا أعمق تأثير في حياة المسلمين في العصور الماضية، قول لا يحتاج إلى بيان و لا مناقشة، إذ يثبتها التاريخ بشهادات مؤكّدة يرويها المؤرّخون و المحدّثون و أصحاب التراجم و السير أيضا.

كما أنّ ما يقال عن تأثير الآباء و الأجداد، يقال نظيره عن تأثير و دور الأبناء و الأحفاد؛ لأنّهم يعدّون امتدادا طبيعيا لأولئك العظام الذين جسّدوا الشريعة السمحة، و مثّلوا المرجعية العلمية و الأخلاقية بأفضل تمثيل.

و هذا السلوك الحضاري الّذي سار عليه الأبناء و الأحفاد ظلّ متداخلا و جامعا بين سماحة الشرع المقدّس، و مكارم الخلق المحمّدي الأصيل، و محامد الأدب العلوي الشريف، بصورة لا ينفكّ أحدها عن الآخرين، ضمن

مسير واحد، أفرز عطاءات جمّة، منها ما ساهم في بناء الحضارة الإسلامية، و منها ما شارك في تهيئة المناخات المناسبة لإلهام الأجيال المتعاقبة من الدروس و العبر ما يعينها لمواصلة البناء و التطوير.

و لم يقتصر تأثير أهل بيت محمّد صلّى اللّه عليه و آله على جانب واحد من جوانب حياة

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:6

المسلمين المتعدّدة، و إنّما تجلّى في أكثر من ميدان من ميادين حضارة الإسلام:

الاجتماعية و التربوية و الاقتصادية و الأخلاقية و .. و ..

و بمعونة هذه الآثار الّتي خلّفوها، و المواقف الّتي سجّلوها، استطاع أجيال المسلمين المتلاحقة أن يتجاوزوا محنهم، و يتقدّموا باتجاه مسايرة العالم الآخر، من خلال مواكبة سير الحياة الجديدة القائمة على التقنية الحديثة، و المنهجية المتطورة، فاستلهموا من ثقافتهم الإسلامية الّتي عزّزها أبناء هذا البيت الشريف على مرّ العصور، و استفادوا من تلك التقنيات في توظيف إمكانياتهم من أجل حلّ المشكلات المستحدثة، و القضايا الراهنة، و تقديم الأجوبة المناسبة لها.

أ ليس هذا التحوّل العميق في قضايا المسلمين اليوم، و جوانب التقدّم الّتي أحرزوها على الصعيد العلمي و الثقافي و التربوي و الصحي و .. و .. يعدّ مظهرا من مظاهر التأثّر بالموروثات الأصلية الّتي خلّفها النبيّ الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته المطهّرون الذين لم يعرف عنهم قدح و لا جرح؟

إنّ نظرة شاملة و متقصّية لكلّ توجّهات أئمّة أهل البيت عليهم السّلام و مواقفهم الّتي سجّلها لهم التاريخ، و حفظها عنهم أهل التراجم و السير، و أقوالهم و أحاديثهم الّتي تناقلها أرباب الحديث و الأدب الرفيع، توقفنا جميعا على أنّ هذا السلوك بلغ من السموّ و الرفعة ما لم يبلغه غيرهم، و الاحترام و التجليل ما لا يشهده

سواهم.

و هذه المنزلة الّتي نزّلهم فيها المسلمون جميعا، لم تكن لو لا وجود عنصرين رآهما فيهم الناس، و هما:

1- الأصالة في العقيدة و الفكر و الإبداع، إذ لم يتحرّكوا في موقع من دون منهجية، و لم يبدوا قناعتهم اعتباطا، و إنّما يصاحبونه بالنظر العميق، و الموضوعية التامة، و العناية بالمصلحة الإسلامية العليا. و كلّ ذلك في ظلّ الورع و التقوى، و الخوف من اللّه سبحانه.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:7

و بذلك فقد أسّسوا أشبه بمدرسة همّها الأول تربية الناس على اختلاف مشاربهم، و تخريج كوادر لامعة في حقول الأدب و العلم و المعرفة الإنسانية: النظرية و التطبيقية.

2- النزعة التقريبية في تعاملهم مع الآخرين. فرغم المعاناة الّتي تلقّاها بعضهم، و سوء المعاملة الّتي أبداها بعض السلاطين حيال بعضهم، إلّا أنّهم حافظوا على هدوئهم و تقاربهم مع الناس و لو كانوا على خلاف رأيهم، و إن حدث نقاش و حوار مع أطراف أخرى مالوا نحو أدب الاعتراض القائم على الحوار العلمي و المناقشة الموضوعية، من غير تعصّب و لا عواطف شخصية.

و بذلك جسّدوا بصورة عملية ثقافة التقريب، حيث لم يلتزموا مواقف حادّة تثير التشنّج و الاضطراب في المجتمع الإسلامي، أو القيام بمبادرات من شأنها أن تمزّق وحدة المسلمين، و إضعاف دولة الاسلام الفتية.

لذا دعونا نقول: إنّهم أثبتوا الخطوة الأولى للحركة التقريبية في تاريخ الإسلام.

و لعلّ أوّل شخصية من شخصيات أهل البيت عليهم السّلام الّتي قامت بتثبيت هذه الخطوة، و أسّست الانطلاقة الأولى في هذا الدرب، هي السيدة فاطمة الزهراء عليها السّلام ابنة النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه و آله.

لقد شهدت الزهراء البتول ظروف الدعوة الإسلامية، و تفاصيل انبعاث الفجر المنير، و شطرا من بناء الدولة الإسلامية الحديثة، لكنّها عليها

السّلام رغم ما جرى عليها من أمور متميّزة تتعلّق بجوانب من حقوقها، آثرت ترجيح مصلحة الإسلام و الدولة الفتية على مصلحتها الشخصية رغم حاجتها الماسّة إليها، و فزعت إلى جانب الحوار الهادئ و النقاش الموضوعي الصحيح، و لم تبغ ضجّة و لا اضطرابا في المجتمع الجديد، و كانت بمقدورها ذلك و هي سليلة النبيّ الأكرم، العالمة و المفوّهة الناطقة.

فليس غريبا أن يفرد لها أبوها النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه و آله شطرا كبيرا من وقته ليجالسها

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:8

و يحادثها، و يختصّها بمناقب عظيمة لم و لن تبلغه امرأة في الإسلام.

و ليس عجيبا أن يتهافت المحدّثون و العلماء و أصحاب التراجم و السير إلى تصنيف الكتب الّتي تتحدّث عن فضائلها، و المؤلّفات الّتي تروي شمائلها الرفيعة، و تنقل أحاديث أبيها و هو يمجّدها و يطريها و يدعو لها.

و هذا الكتاب- الماثل بين يديك عزيزنا القارئ- يعدّ إحدى تلك المصنّفات الّتي يعود تاريخها إلى القرن العاشر أو الحادي عشر الهجري، لمؤلّفه محمّد بن محمّد بن عبد اللّه الأكراوي القلقشندي الشافعي (ت 1035 ه) الشهير بالحجازي و بالواعظ، الّتي تحكي عمق العلاقة القائمة بين علماء الأمة و آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله، ممّا ساهمت- كغيرها- في إنشاء تيار من الوعي الثقافي و الفكري و الحضاري للأجيال المتعاقبة، و تعزيز للروابط الصادقة و العواطف السامية بين أبناء الأمّة و أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

فمؤلّف الكتاب أضاف شاهدا آخر على مدى حبّ الأمّة على اختلاف مشاربها و مذاهبها لأهل بيت محمّد صلّى اللّه عليه و آله من أبناء عليّ و فاطمة عليهما السّلام، و تهافت الجميع: سنّة و شيعة على الالتفات حول بيت نبيّهم

حبّا و تجليلا و تقديسا.

و الكتاب و إن روى بعض مناقب و فضائل هذه السيّدة الطاهرة المطهّرة، بضعة النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه و آله، و بيّن مقامها و وجاهتها عند أبيها رسول الإسلام محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و مكانتها في الإسلام الحنيف، إلّا أنّه يثير فينا الأفكار الّتي تدور حول ضرورة متابعة دراسة حياتها أكثر فأكثر، و استخلاص الدروس و العبر من سلوكياتها الرزنة، و مواقفها الشريفة الّتي سجّلتها إبّان العصر الإسلامي الأوّل، و الدرس «التقريبي» الّذي علّمت أجيال المسلمين و حتّى يومنا الحاضر.

فلا غرابة إذا أن يبدي المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، عبر مركزه العلمي، اهتمامه تجاه هذا الأثر الكريم، و يتعاطى معه بدرجة كبيرة

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:9

من العناية الخاصّة على مستوى تحقيقه و إخراجه، و طبعه و نشره بما يوائم و ذوق العصر الحديث.

و لقد أبلى حسنا الأخ الفاضل محمّد كاظم الموسوي في توثيق الكتاب و تخريج مروياته في المصادر المعتمدة الأخرى، و قيامه بالتعليق في بعض الموارد الّتي رآها ضرورية، و بالتعاون مع قسم التاريخ و الرجال التابع للمركز العلمي، تمّ إخراجه بهذه الصورة الجميلة، من أجل أن تعمّ فائدته للجميع، و يزيد من تماسك أبناء الأمّة بعضهم البعض، و الالتفاف حول رموز أهل البيت عليهم السّلام حبّا و جلالة و تقديسا.

و لا يسعنا هنا إلّا تقديم الشكر و التقدير للمحقّق الفاضل على جهوده الّتي بذلها في هذا الكتاب، و لقسم التاريخ و الرجال التابع للمركز بجميع أفراده الذين قدّموا ما بوسعهم من أجل إخراج الكتاب بأجمل صوره، حتّى يظهر بالشكل الّذي يليق باسمه.

نسأل اللّه تعالى التوفيق للاستمرار بتقديم الأفضل من الأعمال الثقافية الّتي من شأنها تعزيز الوحدة

و التحابّ بين المسلمين، و تمتين وشائج الأخوّة بين جميع المسلمين، و الامتثال لأوامر رسولنا الكريم و أهل بيته الطاهرين و أصحابه المنتجبين الذين ساروا على نهجه، و من تابعهم على ذلك، إنّه ولي التوفيق.

مركز التحقيقات و الدراسات العلمية التابع للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:11

كلمة المحقّق

المؤلّف في سطور

هو محمّد بن محمّد بن عبد اللّه الأكراوي القلقشندي الشافعي، المعروف بمحمّد حجازي الواعظ، فقيه عالم بالتفسير و الحديث، ولد سنة 975 ه في أكرى- من منازل الحج على طريق الحجاز- و سكن قلقشندة «1».

قال عنه المحبّي في خلاصة الأثر: الإمام المحدّث المقرئ، خاتمة العلماء، كان من الأكابر الراسخين في العلم، و اشتهر بالمعارف الإلهية، و بلغ في العلوم الحرفية النهاية القصوى ... له مشايخ كثيرون يبلغون ثلاثمائة شيخ، و عنه أخذ عامة شيوخ المتأخّرين بمصر، ألّف كتبا كثيرة نافعة، منها: شرح الجامع الصغير للسيوطي، و شرح ألفية الحديث، و إتحاف السائل، توفّي بمصر سنة 1035 ه، و دفن عند والده في جامع الشيخ محمّد الفارقاني «2».

______________________________

(1). قلقشندة: قرية من قرى الوجه البحري من القاهرة، تابعة لمديرية القليوبية، و تعرف أيضا بقرقشندة، بينها و بين القاهرة مقدار ثلاثة فراسخ. خرج منها علماء و فقهاء و مؤرّخون، أشهرهم: الليث بن سعد إمام أهل مصر في الفقه و الحديث، من أصحاب مالك بن أنس. و منهم: شهاب الدين القلقشندي المعروف بابن أبي غدة، صاحب كتاب نهاية الإرب في معرفة أنساب العرب، و هو أحسن ما ألّف في علم الأنساب، و منهم: أحمد بن علي القلقشندي مؤلّف كتاب صبح الأعشى في الأدب.

(2). خلاصة الأثر 4: 174، و راجع معجم المؤلّفين 9: 177، و إيضاح المكنون 1: 19.

إتحاف السائل، القلقشندى

،ص:12

نسبة الكتاب للقلقشندي

إنّ كلّ من ترجم للأكراوي القلقشندي ذكر له كتاب الإتحاف من بين كتبه و تصانيفه، و نسبه له من دون تردّد، كالمحبّي في «خلاصة الأثر» «1» و عمر رضا كحالة في «معجم المؤلفين» «2». و البغدادي في كتابيه: «إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون» «3» و «هدية العارفين في أسماء المؤلّفين و آثار المصنّفين» «4».

فالجميع نسبوا الكتاب للأكراوي القلقشندي على نحو الجزم و اليقين.

لكن الأستاذ عبد اللطيف عاشور نسب الكتاب في طبعته الأولى إلى العلّامة محمّد بن عبد الرءوف المناوي المتوفّى سنة 1031 ه و المعاصر للقلقشندي.

إلّا أنّا لم نجد أحدا نسب هذا الكتاب للمناوي، و لم يذكره أحد في ضمن تصانيفه و كتبه المذكورة في ترجمته، بل أنّ المحبّي في «خلاصة الأثر» «5» ترجم للمناوي ترجمة وافية مفصّلة، و ذكر جميع مؤلّفاته و تصانيفه على كثرتها، و لم يذكر من بينها هذا الكتاب، بل نسبه للقلقشندي في ترجمته، كما تقدّم.

و كذا فعل البغدادي في «هدية العارفين» فقد ترجم للمناوي و ذكر تصانيفه مفصّلا، و لم يذكر منها كتاب الإتحاف «6».

و قد تنبّه العلّامة المحقّق السيد عبد العزيز الطباطبائي للخطأ الواقع في نسبة الكتاب للمناوي، و قطع بنسبته للقلقشندي «7»، كما هو الصحيح.

و لم يحتمل أحد تعدّد الكتاب، و أنّ كلّا من المناوي و الحجازي ألّف بهذا العنوان،

______________________________

(1). خلاصة الأثر 4: 174.

(2). معجم المؤلّفين 9: 177.

(3). إيضاح المكنون: 1: 19.

(4). هدية العارفين 2: 274.

(5). خلاصة الأثر 2: 421.

(6). هدية العارفين 1: 510.

(7). أهل البيت في المكتبة العربية: 18.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:13

فلم نقف على شاهد في ذلك، و يبعده تطابق النسخ تماما، إلّا في مورد أو موردين، و من البعيد حصول ذلك اتّفاقا، بل

هو من المحال.

و أمّا احتمال اتّحاد المناوي مع الحجازي، و هما اسمان مشتركان لرجل واحد، فهذا هو الّذي احتمله الأستاذ عبد اللطيف عاشور، و دعاه لنسبة الكتاب للمناوي؛ لشهرة هذا اللقب دون غيره، و هما لرجل واحد. لكن هذا باطل جزما، فكلّ كتب التراجم تترجم لرجلين، الأول باسم: عبد الرءوف المناوي، و الآخر: عبد اللّه الأكراوي، و بينهما فوارق كثيرة، و اختلاف في سنة الولادة و الوفاة، و محلّ الدفن، و أسماء المصنّفات، و لكلّ منهما خصوصيات أخرى، و من راجع تراجم الرجلين يقطع ببطلان اتّحادهما.

فالصحيح أنّ كتاب «إتحاف السائل» هو للعلّامة محمّد حجازي الأكراوي القلقشندي الشافعي، كما ذكر المحبّي و البغدادي و غيرهم.

منهج التحقيق

(الف): اعتمدنا في تحقيقنا لهذه الطبعة على ثلاث نسخ.

1- نسخة مطبوعة حقّقها الأستاذ عبد اللطيف عاشور- و هي الّتي نسبها لعبد الرءوف المناوي- و هي مطابقة للنسخة المصوّرة بدار الكتب المصرية برقم 209، فيلم 27395، و رمزنا لها بحرف (م)- مصر.

2- نسخة مصحّحة صحّح متنها على مصوّرة دار الكتب المصرية و مصوّرة المكتبة الأحمدية بجامع الزيتونة بتونس، رقم الفهرس 1: 455 من مجموعة رقمها 5688، و رمزنا لها بحرف (ز)- زيتونة.

3- نسخة على مصوّرة دار الكتب المصرية، و هي الّتي جعلناها متنا و أصلا في

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:14

هذه الطبعة، و هي مطابقة تماما لنسخة الأستاذ عاشور إلّا في موارد نادرة، و رمزنا لها بحرف (ص)- أصل.

(ب): قابلنا النصّ على النسخ الثلاث المتقدّمة، و نبّهنا في الهامش لموارد الاختلاف بين النسخ.

(ج): خرّجنا الأحاديث و الأقوال من أصولها و مصادرها، و علّقنا على بعض الموارد الّتي نراها بحاجة لذلك.

و الحمد لله ربّ العالمين، و نسأله أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، آمين آمين.

إتحاف السائل،

القلقشندى ،ص:15

مقدّمة المؤلّف

بسم اللّه الرحمن الرحيم، و به نستعين

الحمد للّه الّذي انقاد كلّ شي ء لأمره خاضعا ذليلا، و لم يجعل لخلقه إلى معرفته سبيلا، بل ما خطر في الضمائر، و حاك في الخواطر، ما تراه عليه ممتنعا مستحيلا، كل ما في عالم الإمكان ناطق بتمجيده: (وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) «1» كما قال تقدّس (وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) «2».

و أشهد أن لا إله إلّا اللّه، شهادة يكسب قائلها عنده تبجيلا، و يكون نورها لظلام الريب مزيلا، و أنّ محمّدا عبده و رسوله، الممنوح على جميع العالم تفضيلا، المجموع له من المناقب ما لا يستطيع المصقع «3» له تفصيلا صلّى اللّه عليه و آله، و على آله و صحبه الذين أحكموا الشريعة تفريعا و تأصيلا، صلاة و سلاما دائمين بكرة و أصيلا.

و بعد، فقد سألني بعض المتّقين من الأولياء أهل التمكين أن أجمع له ما تيسّر من

______________________________

(1). الإسراء: 44.

(2). النساء: 122.

(3). المصقع: البليغ، يقال: خطيب مصقع، أي خطيب ماهر (تاج العروس 2: 62 و 5: 415).

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:16

مناقب فاطمة الزهراء رضي اللّه عنها، فأجبته إلى ذلك، معتمدا على فيض الربّ المالك، و سمّيتها «إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب و الفضائل». جعله اللّه خالصا لوجهه الكريم، موجبا للفوز بجنّات النعيم.

و ينحصر المقصود في أبواب:

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:17

الباب الأوّل في ولادتها، و تسميتها، و محبّته صلّى اللّه عليه و آله لها و متعلّقات ذلك

اشارة

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:19

في ولادتها و تسميتها

في ولادتها

ذكر أبو عمر «1»: أنّها ولدت سنة إحدى و أربعين من المولد «2»، و تعقّب بما ذكره ابن إسحاق و غيره: أنّ أولاد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ولدوا قبل النبوّة إلّا إبراهيم «3».

______________________________

(1). هو ابن عبد البرّ؛ يوسف بن عبد اللّه القرطبي المالكي، من كبار حفّاظ الحديث، صاحب الاستيعاب و التمهيد و الاستذكار، توفّي في مدينة شاطبة بالاندلس سنة 463 ه

(2). الاستيعاب 4: 448، و راجع: ذخائر العقبى: 64، مستدرك الحاكم 3: 187.

(3). سيرة ابن إسحاق: 82، و فيه: «فولدت له قبل أن ينزل عليه الوحي ولده كلّهم».

غير أنّ أغلب العلماء قد ذهب إلى أنّ فاطمة عليها السّلام ولدت في الإسلام و بعد المبعث، و أنّ خديجة ولدت أكثر أولاده بعد المبعث، و أنّ أصغرهم فاطمة.

ففي الاستيعاب 4: 380: «قال الزبير: ولد لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله القاسم و هو أكبر ولده، ثمّ زينب، ثمّ عبد اللّه و كان يقال له: الطيّب، و يقال له: الطاهر، ولد بعد النبوّة، ثمّ فاطمة، ثمّ رقية، هكذا الأول فالأول». و مثله عن ابن إسحاق نقله في الاستيعاب 4: 380 قال: «قال مصعب الزبيري: ولد لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله القاسم، و به كان يكنّى، و عبد اللّه و هو الطيّب و الطاهر؛ لأنّه ولد بعد الوحي، و زينب، و أم كلثوم، و رقية، و فاطمة».

و في تاريخ اليعقوبي 2: 20 قال: «و ولدت- خديجة- له قبل أن يبعث: القاسم و رقية و زينب و أم كلثوم، و بعد ما بعث: عبد اللّه و هو الطيّب و الطاهر؛ لأنّه ولد في الإسلام، و فاطمة».

هذا و قال الحافظ ابن حجر:

«ولدت فاطمة في الإسلام» (فتح الباري 7: 476). و في مستدرك الحاكم 3: 187 قال: «ولدت سنة إحدى و أربعين من مولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله». و بمثله في ذخائر العقبى لمحبّ الدين الطبري

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:20

و قال ابن إسحاق: ولدت و قريش تبني الكعبة، قال: و بنتها قبل المبعث لسبع سنين و نصف «1».

و قيل: ولدت تمام المبعث. و قيل غير ذلك «2».

كذا نقله الجلال السيوطي عن ابن إسحاق و أقرّه، و فيه بالنسبة لقوله: «قبل المبعث بسبع سنين و نصف» ما فيه، بل لا يكاد يصحّ؛ لأنّ بناء قريش للكعبة،

______________________________

الشافعي 1: 26.

هذا مع اتّفاقهم على أنّ فاطمة أصغر ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. قال ابن كثير في السيرة النبوية 4: 607: «ولدت- خديجة- فاطمة و كانت أصغرهم».

و قال الحافظ المزي: «و الّذي تسكن إليه النفس من ذلك، على ما توارثت به الأخبار في ترتيب بنات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنّ الأولى زينب، ثمّ الثانية رقية، ثمّ الثالثة أمّ كلثوم، ثمّ الرابعة فاطمة» (تهذيب الكمال 35: 284).

و قال عبد الرزاق عن ابن جريج: «قال غير واحد: كانت فاطمة أصغر بنات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أحبّهنّ إليه و قال أبو عمر:

اختلفوا أيّتهنّ أصغر، و الّذي يسكن إليه اليقين: أنّ أكبرهنّ زينب، ثمّ رقية، ثمّ أم كلثوم، ثمّ فاطمة». (الإصابة 4: 377).

و قال الزبير بن بكّار: «الطاهر ولد بعد النبوّة و مات صغيرا، ثمّ أم كلثوم، ثمّ فاطمة». (المعجم الكبير 22: 397 برقم 987). فإذا كانت فاطمة أصغر أولاده صلّى اللّه عليه و آله أو أصغر بناته، و قد صرّح الزبيري و غيره كما

تقدّم أنّ الطاهر و أم كلثوم قد ولدا في الإسلام، و فاطمة أصغر منهما سنّا، بل هي أصغر أولاده صلّى اللّه عليه و آله، فذلك يقتضي أنّها ولدت في الإسلام، و هذا ما يقتضيه التدقيق في عبارات العلماء و الجمع بينها.

(1). لم نعثر عليه في سيرة ابن إسحاق، لكن نقله عنه المزي في تهذيب الكمال 35: 251، و الهيثمي في مجمع الزوائد 9: 339 برقم 15222، و الطبراني في المعجم 22: 399 برقم 998.

(2). ذهبت الإمامية إلى أنّها ولدت بعد الاسلام، و بالتحديد في السنة الخامسة للبعثة؛ لما روي في الخبر الصحيح عن الباقر عليه السّلام، قال حبيب السجستاني: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: «ولدت فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليه و آله بعد مبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخمس سنين، و توفّيت و لها ثماني عشرة سنة و خمسة و سبعون يوما». راجع الكافي 1: 457 حديث 10، و قال الشيخ الكليني قدّس سرّه بعد رواية الخبر: ولدت فاطمة عليها و على بعلها السلام بعد مبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخمس سنين.

و كذا قال ابن شهرآشوب في المناقب 4: 132، و الطبرسي في تاج المواليد: 21، و الأربلي في كشف الغمة 2: 76، و المجلسي في البحار 43: 7، و ابن جرير الطبري في دلائل الإمامة: 79، و ابن الخشّاب في تاريخ مواليد الائمة: 9.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:21

و وضعه صلّى اللّه عليه و آله الحجر في محلّه، كان سنة خمس و ثلاثين من مولده «1» صلّى اللّه عليه و آله، و بعث على رأس الأربعين، فمولدها قبل الإرسال بنحو خمس سنين، كما ذكره ابن الجوزي «2» و

غيره، ذاك أيام بناء البيت، و جزم به المدائني «3».

بم سمّاها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ما سرّ هذه التسمية

و سمّاها فاطمة بإلهام من اللّه تعالى، لأنّ اللّه فطمها عن النار. فقد روى الديلمي عن أبي هريرة، و الحاكم عن عليّ أنّه عليه السّلام قال:

«إنّما سمّيت فاطمة لأنّ اللّه فطمها و محبّيها عن النار» «4»

و اشتقاقها من الفطم و هو القطع، كما قال ابن دريد، و منه: فطم الصبيّ، إذا قطع عنه اللبن، و يقال: لأفطمنّك عن كذا: أي لأمنعنّك «5».

لم سمّيت بالزهراء

و سمّيت بالزهراء؛ لأنّها زهرة «6» المصطفى صلّى اللّه عليه و آله.

______________________________

(1). و هذا هو المنقول عن ابن إسحاق أيضا، قال: «بناء الكعبة و وضع الحجر كان سنة خمس و ثلاثين من مولده صلّى اللّه عليه و آله». (سيرة ابن إسحاق: 109). و بمثله نقل الذهبي في تاريخ الإسلام: 66 عنه.

(2). صفوة الصفوة 1: 63، المنتظم 2: 320 حوادث سنة خمسة و ثلاثين.

(3). انظر الإصابة 4: 377، و المدائني: هو شيابة بن سوار؛ أبو عمر المدائني، قال أبو حاتم: «صدوق يكتب حديثه و لا يحتجّ به» (تهذيب الكمال 12: 348).

(4). فردوس الأخبار 1: 426 برقم 1395 من حديث جابر. و رواه في كنز العمّال 12: 109 برقم 34227 من حديث أبي هريرة، و برقم 34226 من حديث ابن عباس، و في تاريخ بغداد 12: 331 برقم 6772، و في فيض القدير 1: 168، و في ذخائر العقبى: 65.

و أورده القندوزي في ينابيع المودّة 2: 121 برقم 354 من حديث جابر، و قال: «أخرجه الحافظ الغساني»، و في: 320 برقم 924 من حديث علي عليه السّلام، و كذا في: 444 برقم 223، و في: 450 برقم 242 ناقلا له من الصواعق المحرقة. و كذا رواه الشبلنجي في نور الأبصار: 52، و الصدوق في علل

الشرائع: 211 باب: العلّة الّتي من أجلها سمّيت فاطمة فاطمة.

(5). جمهرة اللغة 2: 920.

(6). الأزهر: النيّر، و يسمّى القمر: الأزهر، قال ابن السكّيت: الأزهران: الشمس و القمر، و رجل أزهر:

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:22

لم لقّبت بالبتول

و لقّبت بالبتول؛ لأنّه لا شهوة لها للرجال، أو لأنّه تعالى قطعها عن النساء حسنا و فضلا و شرفا، أو لانقطاعها إلى اللّه «1».

بم كنّيت

و كنّيت بأم أبيها، كما أخرجه الطبراني عن ابن المدائني «2».

______________________________

أي أبيض مشرق اللون، و المرأة زهراء. (الصحاح 2: 674).

و قال الطريحي: «و الزهراء فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليه و آله، سمّيت بذلك لأنّها إذا قامت في محرابها زهر نورها إلى السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، و روي: أنّها سمّيت الزهراء لأنّ اللّه خلقها من نور عظمته.

(مجمع البحرين 3: 321). و لاحظ أيضا علل الشرائع 1: 179 باب: 143 العلّة الّتي من أجلها سمّيت فاطمة الزهراء زهراء.

(1). قال في لسان العرب 1: 160: «و أصل البتل: القطع، و سئل أحمد بن يحيى عن فاطمة رضوان اللّه عليها بنت- سيدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم قيل لها البتول؟ فقال: لانقطاعها عن نساء أهل زمانها و نساء الأمة عفافا و فضلا، و دينا و حسبا. و قيل: لانقطاعها عن الدنيا إلى اللّه عزّ و جلّ». و مثله في النهاية في غريب الحديث 1: 94، و تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي 6: 203.

و قال ثعلب: «و سمّيت فاطمة البتول؛ لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا و دينا و حسبا». (غريب الحديث لابن الجوزي 1: 54). و قال الخطابي في الغريب: فأمّا فاطمة فإنّما قيل لها: بتول؛ لأنّها منقطعة القرين نبلا و شرفا.

(الغريب 2: 330). و قال عبيد الهروي: «سمّيت فاطمة بتولا لأنّها بتلت عن النظير». (بحار الأنوار 43: 16).

و قد ورد من طرق الإمامية: أنّ معنى البتول: هي الّتي لم تر ما تراه النساء من الدم، كما عن عليّ

عليه السّلام: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سئل ما البتول، فإنّا سمعناك يا رسول اللّه تقول: إنّ مريم بتول، و فاطمة بتول؟ فقال: «البتول الّتي لم تر حمرة قطّ» أي الّتي لم تحض، فإنّ الحيض مكروه في بنات الأنبياء. (بحار الأنوار 43: 15 عن معاني الأخبار).

و مثله في علل الشرائع: 144 «العلّة الّتي من أجلها سمّيت فاطمة عليها السّلام البتول»، و تاج المواليد: 20، و كشف الغمة 2: 92.

و في الفتاوى الظهيرية: «أنّ فاطمة لم تحض قطّ، و لمّا ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلّا تفوتها صلاة، و لذلك سمّيت الزهراء» (فيض القدير 4: 422 شرح حديث رقم 5835).

(2). المعجم الكبير 22: 397 برقم 988، و مثله عن مصعب الزبيري برقم 985، و راجع مجمع الزوائد 9: 339 برقم

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:23

بطلان بعض الروايات الخاصّة بالتسمية

و أمّا ما رواه الخطيب البغدادي من: «أنّ جبريل ليلة الإسراء ناول المصطفى صلّى اللّه عليه و آله تفاحة فأكلها، فصارت نطفة في صلبه، فحملت منه بفاطمة، و أنّه كلّما اشتاق إلى الجنّة قبّلها» «1»

فقال الذهبي كابن الجوزي: موضوع «2». و أقرّه الجلال السيوطي فيما تعقّبه على ابن الجوزي، و لم يعترضه «3».

و قال الحافظ ابن حجر: هذا من وضع محمّد بن خليل، فإنّ فاطمة ولدت قبل الإسراء بمدّة «4»، بل قبل النبوّة اتّفاقا «5».

و كذا ما قاله الحاكم في مستدركه، عن سعد بن أبي وقّاص مرفوعا:

«أتاني جبريل بسفرجلة من الجنّة، فأكلتها ليلة أسري بي، فعلقت

______________________________

15225، و تهذيب الكمال 35: 247. و في مقاتل الطالبيّين: 29 بإسناده جعفر بن محمّد: «أنّ فاطمة عليها السّلام تكنّى أم أبيها». و في أسد الغابة 5: 520: «و كانت فاطمة تكنّى أم أبيها، و

كانت أحبّ الناس إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله». و في كتاب السيّدة الزهراء: 108 لمحمّد بيومي قال: «كان سيدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يلقّبها بأم أبيها؛ لحنانها عليه و حبّها الدائم».

(1). تاريخ بغداد 5: 87.

(2). ميزان الاعتدال 3: 540، الموضوعات 1: 413. و ذكر ابن الجوزي: أنّ الدار قطني خرّج الحديث من طريقين، و لم يتكلّم فيه.

(3). اللآلي المصنوعة 1: 393.

(4). لسان الميزان 5: 20 و عبارة ابن حجر تدلّ على أنّ فاطمة عليها السّلام ولدت بعد البعثة، في فتح الباري 7: 476: أنّها ولدت في الإسلام.

(5). و عبارة «بل قبل النبوّة اتّفاقا» ليست من كلام ابن حجر، و هي للمصنّف. و دعوى الاتّفاق على كون ولادتها عليها السّلام قبل النبوّة تفتقر إلى الدقّة، إذ أنّ الكثير من الأعلام قد ذهبوا للقول بأنّ ولادتها كانت بعد البعثة؛ كابن عبد البرّ، و ابن حجر، و مصعب الزبيري، و ابن جريج، و محمّد بن علي المديني، و اليعقوبي، و غيرهم. مضافا إلى ما دلّ على أنّها أصغر أولاد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله- كما تقدّم- بعد الاتّفاق على أنّ ولادة القاسم كانت في الاسلام، و كذا أم كلثوم.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:24

خديجة بفاطمة، فإذا اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت رقبة فاطمة» «1»

ما ذاك إلّا لأنّ فاطمة ولدت قبل الوحي إجماعا، فهو قطعي البطلان «2».

______________________________

(1). مستدرك الحاكم 3: 169 برقم 4738، و راجع كنز العمّال 12: 109 برقم 34228.

و بهذا المعنى روى الطبراني في المعجم الكبير 22: 400 برقم 1000، و الهيثمي في مجمع الزوائد 9: 326 برقم 15197 و قال: «رواه الطبراني، و فيه أبو قتادة الحرّاني، وثّقه أحمد و

قال: كان يتحرّى الصدق، و أنكر على من نسبه للكذب».

(2). دعوى الإجماع غير صحيحة، إذ لا إجماع حاصل في البين، و ذلك لمخالفة كثير من أعلام تراجم الرجال و المؤرّخين فقد ذهبوا للقول بأنّ ولادتها عليها السّلام كانت بعد البعثة؛ كابن عبد البرّ و ابن حجر و مصعب الزبيري و اليعقوبي و الحاكم النيسابوري و محبّ الدين الطبري، و ظاهر عبارة المزي و المديني و ابن جريج أيضا، و قد تقدّم كلّ ذلك.

هذا مع أنّ الخبر روي بطرق أخرى و بألفاظ متعدّدة، و لم ينحصر طريقه بمحمّد بن زكريا، خصوصا ما رواه الطبراني، فليس في سنده من يتكلّم فيه إلّا أبو قتادة الحرّاني، و قد وثّقه أحمد كما تقدّم عن مجمع الزوائد 9:

326 برقم 15197، يضاف إليه الأخبار الكثيرة المروية من طرق الإمامية، مثل الصحيح المروي في الكافي 1:

457 عن الباقر عليه السّلام «إنّما ولدت بعد المبعث بخمس سنين» و أهل البيت أدرى بالّذي فيه.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:25

منزلتها و محبّته صلّى اللّه عليه و آله لها و متعلّقات ذلك

فصل

اشارة

و كانت فاطمة أحبّ أولاده و أحظاهنّ عنده، بل أحبّ الناس إليه مطلقا، و روى الترمذي عن بريدة و عائشة، قالت:

«ما رأيت أحدا أشبه سمتا و دلّا و هديا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من فاطمة في قيامها و قعودها، و كانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبّلها و أجلسها في مجلسه» «1».

و زاد أبو داود في روايته: و كان يمصّ لسانها «2».

روى الطبري في الأوسط عن أبي هريرة:

«أنّ عليا قال: أيّما أحبّ إليك: أنا أم فاطمة؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: فاطمة أحبّ إليّ منك، و أنت أعزّ عليّ منها، و كأنّي بك و أنت على حوضي تذود عنه الناس، و أنّ عليه

لأباريق مثل عدد نجوم السماء، و إنّي و أنت

______________________________

(1). الجامع الصحيح 5: 700 برقم 3872. و رواه الحاكم في المستدرك 3: 167 برقم 4732 باختلاف يسير و قال:

صحيح على شرط الشيخين، و لم يخرّجاه. و قال الذهبي في التلخيص: صحيح.

(2). نقل أبو داود الرواية في السنن برقم 5217 من دون هذه الزيادة.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:26

و الحسن و الحسين و عقيل و جعفر في الجنّة إخوانا على سرر متقابلين (أنت معي و شيعتك في الجنّة) ثمّ قرأ صلّى اللّه عليه و آله (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه» انتهى «1».

هل بين الأحاديث تعارض، و كيف نوفّق بينها لو كان

و لا ينافي ذلك قوله في حديث آخر: «أحبّ النساء إليّ عائشة» «2»، لأنّ المراد بالنساء زوجاته الموجودات عند قوله ذلك «3».

و على فرض خلافه، فهو على معنى «من» «4».

______________________________

(1). المعجم الأوسط 8: 330 برقم 7671، و راجع كنز العمّال 12: 109 برقم 34225. و رواه أيضا في سنن النسائي 5: 150 برقم 8531، و كفاية الطالب: 308 الباب 83، و البيان و التعريف 3: 42 و قال: أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة.

(2). رواه السيوطي في الجامع الصغير 1: 37 برقم 205 عن أنس، و مثله في سير أعلام النبلاء 2: 147 عن عمرو بن العاص.

(3). قال المناوي: «أحبّ الناس إليّ من حلائلي الموجودين بالمدينة آنذاك عائشة، على وزان خبر ابن الزبير:

أوّل مولود في الإسلام، يعني بالمدينة، و إلّا فمحبّة المصطفى لخديجة معروفة، شهدت بها الأخبار الصحاح، ذكره الزين العراقي، و أصله قول الكشّاف، يقال في الرجل: أعلم الناس و أفضلهم، يراد به من في وقته» (فيض القدير 1: 168).

(4). أي: أنّ الإضافة تكون بمعنى (من)، أي: من زوجاته، فتكون

عائشة أحبّ أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إليه، من دون تقييد بزمن الخطاب.

و هذا الفرض لا تساعده الروايات الصحيحة الناطقة بفضل خديجة على جميع نساء الأمة عدا فاطمة عليها السّلام، و أنّها أحبّ أزواجه إليه، على ما ذكره علماء أهل السنّة فضلا عن الشيعة:

أ- قال الذهبي: «نعم، جزمت بأفضلية خديجة عليها (عائشة) لأمور». (سير أعلام النبلاء 2: 140).

و قال أيضا: «و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يثني عليها، و يفضّلها على سائر أمّهات المؤمنين، و يبالغ في تعظيمها، بحيث أنّ عائشة كانت تقول: ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة! من كثرة ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لها». (سير أعلام النبلاء 2: 11).

ب- قال ابن العربي: «إنّه لا خلاف في أنّ خديجة أفضل من عائشة». (فتح الباري 7: 519).

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:27

______________________________

ج- كلام المناوي المتقدّم آنفا، و خصوصا قوله: «و إلّا فمحبّة المصطفى لخديجة معروفة، شهدت بها الأخبار الصحاح». (فيض القدير 1: 168).

د- قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعائشة: «ما أبدلني اللّه خيرا منها، لقد آمنت بي حين كفر الناس، و أشركتني في مالها حين حرمني الناس، و رزقني اللّه ولدها و حرمني ولد غيرها». رواه في سير أعلام النبلاء 2: 117 و فتح الباري 7: 515. فقوله صلّى اللّه عليه و آله: «ما أبدلني خيرا منها» صريح في أنّها خير و أفضل زوجاته، و إلّا لا يكون معنى للنفي في قوله صلّى اللّه عليه و آله: «ما أبدلني».

ه- قول ابن حجر: «و قد أخرج النسائي بإسناد صحيح، و أخرجه الحاكم من حديث ابن عباس مرفوعا: «أفضل نساء أهل الجنّة: خديجة و فاطمة و مريم و

آسية» قال ابن حجر: و هذا نصّ صريح لا يحتمل التأويل.

(فتح الباري 7: 514).

و قال في موضع آخر: «و لم يتزوّج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على خديجة حتّى ماتت، و هذا ممّا لا اختلاف فيه بين أهل العلم بالأخبار، و فيه دليل على عظم قدرها عنده، و على مزيد فضلها؛ لأنّها أغنته عن غيرها». (فتح الباري 7: 517).

و- قال السبكي الكبير: «الّذي لدين اللّه: أنّ فاطمة أفضل ثمّ خديجة». (فتح الباري 7: 519).

ز- قال المناوي: «روى البزّار و الطبراني عن عمّار بن ياسر: «لقد فضّلت خديجة على نساء أمتي كما فضّلت مريم على نساء العالمين» قال: و هو حديث حسن الإسناد». (فيض القدير 3: 432 و قال: لا جرم كانت أفضل نسائه على الأرجح. و أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9: 358 برقم 15270).

ح- قال السهيلي: «إنّ خديجة أفضل من عائشة؛ لأنّ عائشة سلّم عليها جبريل من قبل نفسه، و خديجة أبلغها السلام من ربّها». (فتح الباري 7: 519).

ط- قال القرطبي في التفسير: «و روي من طرق صحيحة أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال فيما رواه عنه أبو هريرة: «خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، و آسية، و خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت محمّد» (جامع أحكام القرآن 4: 82).

ي- أنّ خديجة ورد اسمها في حديث «أفضل نساء أهل الجنّة: خديجة، و فاطمة، و مريم، و آسية» و حديث «خير نساء العالمين أربع» و «سيّدات نساء أهل الجنّة» و «حسبك من نساء العالمين أربع» و سيأتي تفصيل ذلك في الباب الثالث. و هذا ظاهر في الحصر، بل يوجبه تكرار الحديث بصيغ مختلفة، و روايته بطرق متعدّدة، فتكون الأربع أفضل نساء العالمين،

و منهنّ خديجة، فهي أفضل من جميع أزواجه.

هذا فضلا عن أنّ حديث «أحبّ النساء إليّ عائشة» في بعض طرقه خالد الحذّاء، و قد أورده العقيلي في الضعفاء 2: 4 برقم 402 و قال: ضعّف ابن علية أمره. و نقل الذهبي في المغني في الضعفاء 1: 206 فقال: و كان أبو حاتم يقول: لا احتجّ بحديثه. و ذمّه ابن معين في التاريخ 1: 105 برقم 597.

و في بعض طرقه الأخرى: قيس بن أبي حازم، ذكر الذهبي عن علي ابن المديني: أنّ قيس لا يعمل عليه، إنّما

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:28

ففاطمة لها الأحبية المطلقة «1».

سيدة نساء هذه الأمة

و عن أبي هريرة: أنّه عليه السّلام قال:

«إنّ ملكا من السماء لم يكن زارني، فاستأذن اللّه في زيارتي، فبشّرني- أو قال: أخبرني-: أنّ فاطمة سيدة نساء أمتي».

رواه الطبراني «2»، و رجاله رجال الصحيح، غير محمّد بن مروان الذهلي، و قد وثّقه ابن حبّان «3».

______________________________

كان أعرابيا بوّالا على عقبيه. و كان يحيى بن معين يقول عنه: منكر الحديث (سير أعلام النبلاء 11: 53).

و روى وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم أنّه قال: أتيت عليا ليكلّم لي عثمان في حاجة فأبى، فأبغضته!! و في رواية أخرى يقول: فدخل بغضه في قلبي. (شرح النهج 4: 101). و قد اتّفقت الأخبار الصحيحة عند المحدّثين أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعلي: «لا يحبّك إلّا مؤمن، و لا يبغضك إلّا منافق» (شرح السنّة 8: 86 برقم 3907 و قال: حديث صحيح أخرجه مسلم، برقم 3908 و قال: صحيح، و في مجمع الزوائد 9: 180 بطريقين).

(1). أي: على كلا التقديرين، سواء أريد من الحديث زوجاته زمن الخطاب أو زوجاته مطلقا، تكون أفضلية

عائشة بالقياس للزوجات فقط، عدا خديجة. و أمّا فاطمة فهي أحبّ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مطلقا. و الى ذلك أشار ابن حبّان قال: «إنّ أفضلية عائشة مقيّدة بنساء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حتّى لا يدخل فيها مثل فاطمة عليها السّلام؛ جمعا بين هذا الحديث و بين حديث: أفضل نساء أهل الجنّة: خديجة و فاطمة» (فتح الباري 7: 514).

و في شرح الزرقاني على المواهب اللدنية قال: «الزهراء البتول أفضل نساء الدنيا حتّى مريم، كما اختاره المقريزي و الزركشي و القطب الخيضري و السيوطي في كتابيه- شرح النقابة و شرح جمع الجوامع- بالأدلّة الواضحة الّتي منها: أنّ هذه الأمة أفضل من غيرها». (شرح الزرقاني على المواهب اللدنية 2: 357).

و قال أبو بكر ابن داود: «لا أعدل ببضعة رسول اللّه أحدا». (سبل الهدى 10: 328).

(2). المعجم الكبير 22: 403 برقم 1006، و رواه المزي في تهذيب الكمال 26: 391 و اعتبر سنده عاليا جدا، و الحاكم في المستدرك 3: 164 رقم 4722 من حديث حذيفة بلفظ «فبشّرني أنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة»، و مثله في دلائل النبوّة للبيهقي 7: 78، و مجمع الزوائد 9: 324 برقم 15191، و كنز العمّال 13: 675 برقم 37728، و المطالب العالية 4: 67 برقم 3978 و رواه النسائي في السنن 5: 95 برقم 8365 و 5: 146 برقم 8515.

(3). الثقات 7: 409. و قال المزي في تهذيب الكمال 26: 391 برقم 5596: «روى له النسائي، و قد وقع

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:29

أحبّ الأهل

و عن أسامة بن زيد: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«أحبّ أهلي إليّ فاطمة».

رواه أبو داود الطيالسي و الطبراني في الكبير و

الحاكم و الترمذي «1» [و حسّنه، و البغوي في معجمه] «2».

شهادة عائشة لها

و عن عائشة رضي اللّه عنها أنّها قالت:

«ما رأيت أفضل من فاطمة غير أبيها. قالت- و كان بينهما شي ء-: يا رسول اللّه، سلها فإنّها لا تكذب».

رواه الطبراني في الأوسط، و أبو يعلى، لكنّها قالت: ما رأيت أحدا قطّ أصدق من فاطمة. و رجاله رجال الصحيح «3».

______________________________

لنا حديثه عاليا جدا». و قال ابن حجر في التقريب 2: 215: «محمّد بن مهران الذهلي؛ أبو جعفر الكوفي، مقبول».

(1). المعجم الكبير 22: 403 برقم 1007، و عنه كنز العمال 12: 108 برقم 34218، المستدرك على الصحيحين 2: 452 برقم 3652، و رواه المناوي في فيض القدير 1: 168 و قال: «حسّنه الترمذي و صحّحه الحاكم، و رواه عنه الطيالسي و الطبراني و الديلمي و غيرهم»، و السيوطي في الجامع الصغير 1: 37 برقم 203.

و في نظم المتناثر في الحديث المتواتر: 207 برقم 234 قال: «الحقّ أنّ فاطمة لها الأحبية المطلقة، ثبت ذلك في عدّة أحاديث، أفاد مجموعها التواتر المعنوي، و ما عداها فعلى من أو اختلاف الجهة. و قد أخرج الترمذي و صحّحه و الطيالسي و الطبراني و الديلمي و غيرهم عن أسامة بن زيد مرفوعا: «أحبّ أهلي إليّ فاطمة» قال في التفسير: إسناده صحيح» انتهى.

و رواه القندوزي في ينابيع المودة 2: 70 برقم 5 ناقلا له عن كنوز الحقائق للمناوي و 2: 479 برقم 343 أخرجه عن الترمذي و الحاكم عن أسامة بن زيد. و مثله في مسند البزّار 7: 71 برقم 2620.

(2). ما بين المعقوفتين زيادة في نسخة (ز).

(3). المعجم الأوسط 3: 348 برقم 2742، مسند أبي يعلى 8: 153 برقم 2700. و رواه الهيثمي في

مجمع الزوائد

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:30

منزلتها هي و زوجها عند الرسول صلّى اللّه عليه و آله

و عن النعمان بن بشير:

استأذن أبو بكر على المصطفى صلّى اللّه عليه و آله فسمع عائشة عاليا و هي تقول:

و اللّه لقد عرفت أنّ فاطمة و عليا أحبّ إليك منّي و من أبي، مرّتين أو ثلاثا، فاستأذن أبو بكر فأهوى عليها، فقال: يا بنت فلان، ألا سمعتك ترفعين صوتك على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

رواه الإمام أحمد، و رجاله رجال الصحيح «1».

أيّهما الأحبّ و أيّهما الأعزّ

و عن ابن عباس:

دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على عليّ و فاطمة و هما يضحكان، فلمّا رأياه سكتا، فقال لهما النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما لكما كنتما تضحكان، فلمّا رأيتماني سكتّما؟ فبادرت فاطمة فقالت: بأبي أنت يا رسول اللّه، قال هذا ...

قال: أنا أحبّ إلى رسول اللّه منك، فقلت: بل أنا أحبّ إليه منك، فتبسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا بنيّة، لك رقّة الولد، و علي أعزّ عليّ منك.

رواه الطبراني بإسناد صحيح «2».

______________________________

9: 325 برقم 15193، و ابن حجر في المطالب العالية 4: 70 برقم 3986.

(1). مسند أحمد 4: 275، و راجع مجمع الزوائد 9: 325 برقم 15194. و رواه النسائي في السنن الكبرى 5: 139 برقم 8495/ 7، و أبو داود في السنن: 755 برقم 4999 و فيه: «تناولها ليلطمها». و في السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين: 74: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يبعث إلى أبي بكر يشكوه و يقول: إنّ هذه من أمرها كذا و من أمرها كذا، حتّى كسر أبو بكر أنفها و أدماه، و كانت تقول لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اتّق اللّه و لا تقل إلّا حقّا!!».

(2). المعجم الكبير

11: 55 برقم 11063، و راجع مجمع الزوائد 9: 325 برقم 15195 و قال: رجاله رجال الصحيح.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:31

نجاتها هي و ولدها

و عن ابن عباس: أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال لفاطمة:

«إنّ اللّه غير معذّبك و لا ولدك بالنار» «1».

و عن عليّ أنّه كان عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:

أيّ شي ء خير للمرأة؟ فسكتوا، فلمّا رجع قال لفاطمة: أيّ شي ء خير للنساء؟ قالت: لا يراهنّ الرجال. فذكر ذلك للمصطفى صلّى اللّه عليه و آله فقال: إنّما فاطمة بضعة منّي.

رواه البزّار «2». و فيه دليل على فرط ذكائها، و كمال فطنتها، و قوّة فهمها، و عجيب إدراكها.

______________________________

(1). المعجم الكبير 11: 210 برقم 11685، مجمع الزوائد 9: 326 برقم 15198، كنز العمّال 12: 110 برقم 34236، نور الأبصار: 52 و قال: أخرجه الطبراني بسند رجاله ثقات.

(2). مجمع الزوائد 9: 327 برقم 15200، و في كشف الأستار عن زوائد البزّار 3: 235 برقم 2653 من حديث سعيد ابن المسيب عن علي عليه السّلام.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:33

الباب الثاني في تزويجها بعلي عليه السّلام و جهازها و متعلّقات ذلك

اشارة

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:35

في تزويجها بعلي عليه السّلام و جهازها

زواج الطاهرة و تزويجها بعلي عليه السّلام

لمّا شبّت فاطمة و ترعرعت، و بلغت من العمر خمس عشرة سنة، و قيل: ستة عشرة سنة، و قيل: ثماني عشرة سنة، [و قيل: عشرين] «1»، و قيل: إحدى و عشرين، تزوّجها علي عليه السّلام و عمره إحدى و عشرين سنة، و قيل غير ذلك، في رمضان من السنة الثانية من الهجرة «2».

قال الليث: بعد وقعة بدر «3». و قيل: في رجب منها، و قيل: في صفر «4». و قيل بعد وقعة أحد «5».

______________________________

(1). ما بين المعقوفتين زيادة في نسخة (ز).

(2). و هذا هو القول المشهور عند الإمامية، قال المجلسي: «تزوّج في شهر رمضان، و بنى بها في ذي الحجّة من السنة الثانية للهجرة». (بحار الأنوار 43: 136 و نقله عن الذرّية الطاهرة للدولابي). و في الصحيح من السيرة 5: 269 قال: «هذا هو المعتمد و المشهور، و الصحيح أنّ عمرها حين زواجها كان تسع سنين». و هناك أقوال أخر ذكرها المجلسي في الباب الخامس بعنوان (تزويجها عليها السّلام) في المجلّد 43، و كذلك في الصحيح من السيرة المجلّد الخامس.

(3). سير أعلام النبلاء 2: 119، الإصابة 4: 377.

(4). ذكرهما في المنتظم 3: 85 و قال: «و الأول (رجب) أصحّ».

(5). الاستيعاب 4: 448، أسد الغابة 7: 216، تهذيب الكمال 35: 247.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:36

و بنى بها بعد العقد بنحو أربعة أشهر، و قيل: ستة أشهر، و لم يتزوّج قبلها و لا عليها.

قال الليث: فولدت له حسنا و حسينا، و محسنا و مات صغيرا، و أم كلثوم الكبرى الّتي تزوّجها عمر، فولدت له زيدا و رقية، و لم يعقّبا، و تزوّجت بعد عمر عوف بن جعفر، ثمّ بأخيه محمّد، ثمّ بأخيهما عبد اللّه،

و لم تلد إلّا للثاني، فولدت له ابنة صغيرة.

و ولدت فاطمة الزهراء أيضا زينب الكبرى، تزوّجها عبد اللّه بن جعفر، فولدت له عدّة أولاد: فاطمة و لها العقب، فعقب ابن جعفر انتشر من فاطمة و أم كلثوم، ابنتي زينب ابنة فاطمة.

و يقال: لكلّ من ينسب إلى هؤلاء جعفري، و لا ريب أنّ لهم شرفا، لكنّهم لا يوازون «1» شرف المنسوبين للحسنين، و لهذا يوصف «2» العباسيون بالشرف، مع أنّ الأشرفية المطلقة لعقب الحسنين فقط؛ لاختصاص ذريّتهما بشرف النسبة. و عرف مصر أنّ الأشراف لقب لكلّ حسني خاصّة.

تزويجها بأمر اللّه تعالى

و كان تزويج المصطفى صلّى اللّه عليه و آله فاطمة لعلي عليه السّلام بأمر اللّه تعالى «3».

______________________________

(1). في نسخة (ز): لا يحاذون.

(2). في نسخة (ز): ترضّى.

(3). عن أنس قال: «كنت قاعدا عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فغشيه الوحي، فلمّا سري عنه قال: أ تدري يا أنس ما جاء به جبريل من عند صاحب العرش؟ قلت: بأبي و أمي، و ما جاء به جبريل من عند صاحب العرش؟ قال: إنّ اللّه أمرني أن أزوّج فاطمة من علي» رواه في كنز العمّال 13: 683 برقم 37753 و 11: 606 برقم 32929 و قال:

«رواه الخطيب و ابن عساكر عن أنس»، نور الأبصار: 52، كفاية الطالب: 297 في الباب 78 و قال: هذا حديث حسن عال، رواه ابن سويدة».

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:37

فعن ابن مسعود أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«إنّ اللّه تعالى أمرني أن أزوّج فاطمة من علي».

رواه الطبراني، و رجاله ثقات «1».

و عن أنس قال:

جاء أبو بكر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقعد بين يديه، فقال: يا رسول اللّه، قد علمت مناصحتي و قدمي في الإسلام

و إنّي .. قال: و ما ذاك؟ قال تزوّجني فاطمة؟ فأعرض عنه. فرجع أبو بكر إلى عمر، فقال: إنّه ينتظر أمر اللّه فيها، ثمّ فعل عمر ذلك، فأعرض عنه، فرجع إلى أبي بكر، فقال: إنّه ينتظر أمر اللّه فيها، انطلق بنا إلى علي نأمره أن يطلب مثل ما طلبنا.

قال علي: فأتياني، فقالا: بنت عمك تخطب، فنبّهاني لأمر، فقمت أجرّ ردائي، طرفه على عاتقي و طرفه الآخر في الأرض حتّى انتهيت إليه، فقعدت بين يديه فقلت: قد علمت قدمي في الإسلام و مناصحتي،

______________________________

و قال المحبّ الطبري في ذخائر العقبى: 69: «تزويجها بأمر من اللّه و وحي منه»، و في تاريخ اليعقوبي 2: 41:

«قوله صلّى اللّه عليه و آله: ما أنا زوّجته، و لكنّ اللّه زوّجه». و رواه في سبل الهدى و الرشاد 11: 38 و قال: «رواه الطبراني برجال ثقات عن عبد اللّه بن مسعود»، و مجمع الزوائد 9: 330 برقم 15208.

و من طرق الإمامية عن ابن عباس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعلي: «يا علي، إنّ اللّه عزّ و جلّ زوّجك فاطمة». (بحار الأنوار 43: 145 حديث 49). و عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «ما زوّجت فاطمة إلّا بعد ما أمرني اللّه عزّ و جلّ بتزويجها». (بحار 43: 104 برقم 16).

و نقل من كتاب ابن مردويه قال ابن سيرين: قال أبو عبيدة: أنّ عمر بن الخطاب ذكر عليا فقال: «ذا صهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، نزل جبريل على رسول اللّه فقال: إنّ اللّه يأمرك أن تزوّج فاطمة من علي». (بحار الأنوار 43: 111 برقم 24، و مثله في ذخائر العقبى: 71).

و

في حديث خبّاب بن الأرتّ قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «زوّجت فاطمة ابنتي منك بأمر اللّه تعالى». (بحار الأنوار 43: 113)، و يذكر أنّ أكثر روايات الباب تدلّ على أنّ زواجها من أمير المؤمنين عليه السّلام كان بأمر من اللّه تعالى.

(1). المعجم الكبير 10: 156 برقم 10305، و راجع مجمع الزوائد 9: 330 برقم 15208.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:38

و إنّي ... و إنّي ... قال: و ما ذاك؟ قلت: تزوّجني فاطمة؟ قال: و ما عندك؟ قلت: فرسي و بدني- يعني درعي- قال: أمّا فرسك فلا بدّ بك منه، و أمّا بدنك فبعها.

فبعتها بأربعمائة و ثمانين درهما، فأتيته بها فوضعها في حجره، فقبض منها قبضة فقال: يا بلال، أبتع «1» طيبا، و أمرهم أن يجهّزوها، فجعل لها سريرا مشروطا بالشريط، و وسادة من أدم حشوها ليف، و ملأ البيت كثيبا- يعني رملا- و قال: إذا أتتك فلا تحدث شيئا حتّى آتيك.

فجاءت مع أم أيمن فقعدت في جانب البيت، و أنا في الجانب الآخر، فجاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: هاهنا أخي؟ قالت أم أيمن: أخوك و قد زوّجته ابنتك؟! قال: نعم.

فقال لفاطمة: آتني بماء، فقامت إلى قعب في البيت فجعلت فيه ماء فأتته به، فمجّ فيه ثمّ قال: قومي، فنضح بين يديها «2» و على رأسها، و قال: اللّهم إنّي أعيذها بك و ذرّيتها من الشيطان الرجيم.

ثمّ قال: آتني بماء، فعلمت الّذي يريده، فملأت القعب فأتيته به، فأخذ منه بفيه، ثمّ مجّه فيه، ثمّ صبّ على رأس عليّ و بين قدميه، و قال:

اللّهم إنّي أعيذه بك و ذرّيته من الشيطان الرجيم، ثمّ قال: ادخل على أهلك باسم اللّه و البركة.

رواه الطبراني، و فيه:

محسن الأسلمي، ضعيف «3».

______________________________

(1). في نسخة (ز): أبغنا.

(2). في نسخة (ز): بين ثدييها.

(3). المعجم الكبير 22: 408 برقم 1021 و فيه: «يحيى بن يعلى الأسلمي». و رواه في مجمع الزوائد 9: 331 برقم 15210 و فيه: «يحيى بن يعلى الأسلمي» أيضا، و كنز العمّال 13: 684 برقم 37755.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:39

و عن أنس رضي اللّه عنه أيضا:

أنّ عمر أتى أبا بكر فقال: ما منعك أن تتزوّج فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ قال: لا يزوّجني، قال: إذا لم يزوّجك فمن يزوّج، و إنّك من أكرم الناس، و أقدمهم إسلاما؟ فانطلق أبو بكر إلى عائشة فقال: إذا رأيت من محمّد طيب نفسك «1» به و إقبالا- أي عليك- فاذكري له:

أنّي ذكرت فاطمة، فلعلّ اللّه أن ييسّرها لي. فرأت منه طيب نفس و إقبالا، فذكرت ذلك له، فقال: حتّى ينزل القضاء.

فرجع إليها أبو بكر فقالت: ما أتاه «2» وددت أنّي لم أذكر له ما ذكرت، فلقي أبو بكر عمر فذكر له ما أخبرته عائشة، فانطلق عمر إلى حفصة و قال: إذا رأيت منه طيب نفس و إقبالا فاذكريني له، و اذكري فاطمة لعلّ اللّه ييسّرها لي. فرأت منه إقبالا و طيب نفس، فذكرت له فقال:

حتّى ينزل القضاء، فأخبرته و قالت: وددت أنّي لم أذكر له شيئا.

فانطلق عمر إلى عليّ و قال: ما يمنعك من فاطمة؟ قال: أخشى أن لا يزوّجني، قال: إن لم يزوّجك فمن يزوّج و أنت أقرب خلق اللّه إليه؟

فانطلق علي إليه و لم يكن له مقل «3»، قال: إنّي أريد أن أتزوّج فاطمة، قال: فافعل، قال: ما عندي إلّا درعي الحطمية «4»، قال: فاجمع ما قدرت عليه و آتني به، فباعها

بأربعمائة و ثمانين فأتاه بها، فزوّجه

______________________________

(1). في نسخة (ز): طيب نفس.

(2). في نسخة (ز): يا أبتاه.

(3). في نسخة (ز): و لم يكن له مثل عائشة و حفصة.

(4). قال في النهاية: «و هي الّتي تحطم السيوف أي: تكسرها، و قيل: هي العريضة الثقيلة، و قيل: هي منسوبة إلى بطن من عبد القيس يقال لهم: حطمة بن محارب، كانوا يعملون الدروع، و هذا أشبه الأقوال». (النهاية في غريب الحديث 1: 402).

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:40

فاطمة، فقبض ثلاث قبضات فدفعها إلى أم أيمن، فقال: اجعلي منها قبضة في الطيب، و الباقي فيما يصلح للمرأة من المتاع. فلمّا فرغت من الجهاز و أدخلتها بيتا قال: يا علي، لا تحدثنّ إلى أهلك شيئا حتّى آتيك، فأتاهم فإذا فاطمة متعفّفة و علي قاعد و أم أيمن، فقال: يا أم أيمن، آتيني بقدح من ماء، فأتته به، فشرب ثمّ مجّ فيه، ثمّ ناوله فاطمة فشربت، و أخذ منه فضرب جبينها و بين قدميها «1»، و فعل بعليّ مثل ذلك، ثمّ قال: اللّهم أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا «2».

رواه البزّار، و فيه: محمّد بن ثابت، و هو ضعيف، بل لوائح الوضع ظاهرة عليه، فإنّ تزويج فاطمة كان في السنة الثانية اتّفاقا، و بناء المصطفى صلّى اللّه عليه و آله بحفصة بنت عمر إنّما كان في الثالثة «3».

و عن ابن عباس قال:

كانت فاطمة تذكر لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فلا يذكرها أحد إلّا صدّ عنه، فيئسوا منها، فلقي سعد بن معاذ عليا فقال: إنّي ما أراه يحبسها إلّا عليك، فقال: ما أنا بأحد الرجلين: ما أنا بصاحب دنيا يلتمسها منّي و قد علم ما لي صفراء و لا بيضاء، و

ما أنا بالكافر الّذي يترفّق «4» بها

______________________________

(1). في نسخة (ز): ثدييها.

(2). مجمع الزوائد 9: 332 برقم 15211.

(3). قال ابن الأثير الجزري: «تزوّجها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سنة ثلاثة عند أكثر العلماء» (أسد الغابة 7: 68) و مثله في الإصابة و الاستيعاب عند ترجمتها.

و حفصة بنت عمر كانت تحت خنيس بن حذامة السهمي، و كان ممّن شهد بدرا و توفّي بالمدينة، فذكرها عمر لأبي بكر و عرضها عليه، فلم يردّ عليه، فغضب عمر، فعرضها على عثمان، فقال: ما أريد أن أتزوّج اليوم، فذكر عمر ذلك عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فتزوّجها سنة ثلاث للهجرة، و طلّقها تطليقة ثمّ راجعها، و توفّيت سنة إحدى و أربعين.

(4). في نسخة (ز): يترقّقه، يعني يتألّفه بها.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:41

عن دينه، إنّي لأول من أسلم، فقال سعد: عزمت عليك لتفرجها عنّي، فإن لي في ذلك فرجا، قال: أقول ما ذا؟ قال: تقول: جئت خاطبا إلى اللّه و رسوله، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: مرحبا، كلمة ضعيفة.

ثمّ رجع إلى سعد فقال له: لم يزد على أن رحّب بي، كلمة ضعيفة، قال: أنكحك و الّذي بعثه بالحقّ، إنّه لا خلف و لا كذب عنده، أعزم عليك فلتأتينه غدا، فأتاه فقال: يا نبي اللّه، متى تبنيني؟ قال:

الليلة إن شاء اللّه، ثمّ دعا ثلاثا فقال: زوّجت ابنتي ابن عمي، و أنا أحبّ أن يكون سنّة أمتي الطعام عند النكاح، فخذ شاة و أربعة أمداد، و اجعل قصعة اجمع عليها المهاجرين و الأنصار، فإذا فرغت فآذني، ففعل.

ثمّ أتاه بقصعة فوضعها بين يديه، فطعن في رأسها و قال:

أدخل الناس زفّة بعد زفّة «1»، فجعلوا يردّون، كلّما فرغت زفّة وردت

أخرى حتّى فرغوا، ثمّ عمد إلى ما فضل منها، فتفل فيها فوضعها بين يديه و بارك، و قال: احملها إلى أمهاتك، و قل لهنّ: كلن و أطعمن من غشيكنّ.

ثمّ قام فدخل على النساء، فقال: زوّجت بنتي ابن عمي، و قد علمتنّ منزلتها منّي، و أنا دافعها إليه، فدونكنّ، فقمن فطيّبنها من طيبهنّ و ألبسنها من ثيابهنّ و حليّهنّ.

فدخل، فلمّا رأته النساء ذهبن، و تخلّفت أسماء بنت عميس «2»

______________________________

(1). أي: طائفة بعد طائفة.

(2). المراد من «أسماء» في روايات تزويج فاطمة هي أسماء بنت يزيد الأنصارية، أو سلمى بنت عميس أخت

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:42

فقال: على رسلك، من أنت؟ قالت: أنا الّتي أحرس ابنتك، إنّ الفتاة ليلة زفافها لا بدّ لها من امرأة قريبة منها، إن عرضت لها حاجة أو أرادت أمرا أفضت إليها به، قال: فإنّي أسأل إلهي أن يحرسك من بين يديك و من خلفك، و عن يمينك و شمالك من الشيطان الرجيم.

ثمّ خرج بفاطمة، فلمّا رأت عليا بكت، فخشي المصطفى صلّى اللّه عليه و آله أن يكون بكاؤها أنّ عليا لا مال له، فقال لها: ما يبكيك؟ ما ألومك «1» في نفسي و قد أصبت لك خير أهلي، و الّذي نفسي بيده، لقد زوّجتك سيّدا في الدنيا، و إنّه في الآخرة من الصالحين. فدنا منها و قال: يا أسماء، آتيني بالمخضب فاملئيه ماء، فأتت أسماء به فمجّ فيه، ثمّ دعا فاطمة فأخذ كفّا من ماء فضرب على رأسها و بين قدميها «2» ثمّ التزمها، فقال: اللّهم إنّها منّي و إنّي منها، اللّهم كما أذهبت عنّي الرجس و طهّرتني فطهّرها. ثمّ دعا بمخضب آخر فصنع بعليّ كما صنع بها، ثمّ قال: قوما جمع اللّه شملكما، و

أصلح بالكما، ثمّ قام و أغلق عليهما بابهما.

رواه الطبراني بإسناد ضعيف «3».

و عن بريدة قال:

قال نفر من الأنصار لعلي عليه السّلام: عندك فاطمة فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:

______________________________

أسماء بنت عميس، لأنّ أسماء بنت عميس كانت مع زوجها جعفر الطيار في الحبشة، و لم تعد إلى المدينة المنوّرة إلّا عام خيبر. راجع: كشف الغمة 1: 316 و ذكر: سلمى بنت عميس، و الصحيح من السيرة 5: 284.

(1). في نسخة (ز): ما ألوتك.

(2). في نسخة (ز): بين ثدييها.

(3). المعجم الكبير 22: 410 برقم 1022، و رواه الصنعاني في المصنّف 5: 486 برقم 9782، و مجمع الزوائد 9: 333 برقم 15213.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:43

ما حاجة ابن أبي طالب؟ فقال: يا رسول اللّه ذكرت فاطمة، فقال:

مرحبا و أهلا، لم يزد عليها، فخرج علي بن أبي طالب إلى رهط من الأنصار ينتظرونه، فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري، غير أنّه قال:

مرحبا و أهلا، قالوا: يكفيك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إحداهما، أعطاك الأهل و المرحب.

فلمّا كان بعد ما زوّجه، قال: يا علي، إنّه لا بدّ للعروس من وليمة، فقال سعد: عندي كبش، و جمع الأنصار أصوعا من ذرّة، فلمّا كان ليلة البناء قال: لا تحدث شيئا حتّى تلقاني، فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بماء فتوضّأ منه، ثمّ أفرغه على عليّ فقال: اللّهم بارك فيهما، و بارك لهما في بنائهما.

رواه الطبراني بإسناد صحيح «1».

هل هناك تعارض بين الأحاديث

و لا يعارضه ما سبق: أنّ الّذي نبّهه لذلك العمران «2»، و ما في حديث ابن عباس:

أنّه سعد؛ لجواز أنّهما خرجا منه ثمّ لقيه سعد فحثّه عليه، من غير أن يعلم أحدهم بما فعله الآخر. و لا

حديث أسماء، إذ مرادها بوليمة عليّ ما قام به بنفسه، غير ما جاء به الأنصار و سعد، أو أنّ الوليمة تعدّدت، فما دفعه المصطفى صلّى اللّه عليه و آله للنساء، و ذاك للرجال، و بقية حديثها يشهد له. و لا حديث أنس المصرّح بإيقاع الماء عليهما؛ لتغيّر الكيفية، كما أفاده المحبّ الطبري «3».

______________________________

(1). المعجم الكبير 2: 20 برقم 1153، و راجع كنز العمّال 13: 680 برقم 37745، و مجمع الزوائد 9: 335 برقم 15214.

(2). أي أبي بكر و عمر.

(3). ذخائر العقبى: 75 باب تزويج فاطمة.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:44

و عن جابر:

لمّا حضرنا عرس علي و فاطمة عليهم السّلام، فما رأينا عرسا كان أحسن منه، حشونا الفراش الليف، و أتينا بتمر و زبيب فأكلنا، و كان فراشها ليلة عرسها إهاب كبش.

رواه البزّار، و فيه ضعف «1».

و عن علي عليه السّلام قال: خطبت فاطمة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقالت لي مولاة لي: هل علمت أنّ فاطمة خطبت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ قلت: لا، قالت:

فقد خطبت فما يمنعك أن تأتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيزوّجك؟ فقلت: أو عندي شي ء أتزوّج به؟ فقالت: إنّك إن جئته زوّجك.

فو اللّه، ما زالت ترجيني حتّى دخلت عليه- و كانت له جلالة و هيبة- فلمّا قعدت بين يديه أفحمت، فما استطعت أن أتكلّم جلالة و هيبة، فقال: ما جاء بك أ لك حاجة؟ فسكتّ، فقال: لعلّك جئت تخطب فاطمة؟ قلت: نعم، قال: و هل عندك من شي ء تستحلّها به؟ فقلت: لا و اللّه يا رسول اللّه، فقال: ما فعلت درعك سلّحتكها «2»؟ فو الّذي نفس علي بيده إنّها لحطمية، ما قيمتها أربعة دراهم،

فقلت: عندي، فقال:

قد زوّجتكها؛ فابعث بها إليها، فاستحلّها بها، فإن كانت لصداق فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «3».

______________________________

(1). كشف الأستار عن زوائد البزّار 2: 153 برقم 1408، و راجع مجمع الزوائد 9: 336 برقم 15215.

(2). سلّحته و أسلحته: إذا أعطيته سلاحا.

(3). رواه البيهقي في دلائل النبوّة 3: 160، و في السنن الكبرى 7: 234 كتاب الصداق، و المتقي الهندي في كنز العمّال 13: 682 برقم 37751 و قال: «رواه البيهقي في الدلائل و الدولابي في الذرّية الطاهرة»، و ابن الأثير الجزري في أسد الغابة 7: 217.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:45

[رواه البيهقي في الدلائل] «1».

قال المحبّ الطبري: يشبه أنّ العقد وقع على الدرع، و بعث بها علي ثمّ ردّها إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليبيعها، فباعها و أتاه بثمنها «2».

ثمّ هذه الأحاديث وقائع حال فعلية محتملة، فعدم تصريح علي بالقبول فيها لا يدلّ على عدم اشتراطه؛ لاحتمال أنّه قبل ما شاء لمن شاء.

و لا تدلّ أيضا على عدم وجوب تسمية المهر في العقد، بدليل ما رواه أبو داود:

عن ابن عباس قال: لمّا تزوّج علي فاطمة قال له المصطفى صلّى اللّه عليه و آله:

أعطها شيئا، قال: ما عندي شي ء، قال: أين درعك الحطمية؟ «3»

فقوله: «لمّا تزوّج» فيه تصريح بأنّه إنّما ذكر ذلك بعد وقوع العقد.

و روى إسحاق بسند ضعيف:

عن علي عليه السّلام: أنّه لمّا تزوّج فاطمة قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اجعل عامة الصداق في الطيب «4».

و عن أبي يعلى بسند ضعيف:

عن عليّ قال: خطبت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ابنته فاطمة، قال: فباع علي درعا، و بعض ما باع من متاعه، فبلغ أربعمائة

و ثمانين درهما، و أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يجعل ثلثين في الطيب و ثلثا في الثياب، و مجّ في جرّة من ماء، و أمرهم أن يغتسلوا به، و أمرها أن لا تسبقه برضاع

______________________________

(1). ما بين المعقوفتين زيادة في نسخة (ز).

(2). كلام المحبّ الطبري ذكره الزرقاني في شرح المواهب اللدنية 2: 364.

(3). و الخبر يروى أيضا في السنن الكبرى للنسائي 3: 333 برقم 5568، و السنن الكبرى للبيهقي 10: 269 باب متاع البيت، و كنز العمّال 13: 682 رقم 37747، و صحيح ابن حبّان 15: 396 برقم 6945 باب مناقب علي، و مسند أبي يعلى 4: 328 برقم 2439، و الطبقات الكبرى 8: 18 من حديث عكرمة.

(4). كنز العمّال 13: 679 برقم 37739، سبل الهدى 11: 38.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:46

ولدها، فسبقته برضاع الحسين، و أمّا الحسن فإنّه عليه الصلاة و السلام صنع في فيه شيئا لا ندري ما هو، فكان أعلم الرجلين «1».

و عن علي بن أحمد اليشكري «2»:

أنّ عليا تزوّج فاطمة، فباع بعيرا له بثمانين و أربعمائة درهم، فقال المصطفى صلّى اللّه عليه و آله: اجعلوا ثلثين في الطيب، و ثلثا في الثياب.

رواه ابن سعد في الطبقات «3».

و هذا لا ينافيه ما مرّ أنّه أصدقها ذلك الدرع، لأنّ الدرع هو الصداق، و ثمن البعير قام بما لها ممّا عليه من حقوق الوليمة و اللوازم العرفية و العادية و نحو ذلك.

و عن حجر بن عنبس- و كان قد أدرك الجاهلية لكنّه لم ير المصطفى صلّى اللّه عليه و آله- قال:

خطب أبو بكر و عمر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة، فقال رسول اللّه: هي لك يا علي.

رواه الطبراني

بإسناد صحيح «4».

و عن حجر المذكور قال:

خطب علي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة، فقال صلّى اللّه عليه و آله: هي لك يا علي لست بدجّال- أي لأنّه كان قد وعده- فقال: إنّي لا أخلف الوعد.

رواه البزّار، و رجاله ثقات «5».

______________________________

(1). مسند أبي يعلى 1: 291 برقم 353، و راجع كنز العمّال 13: 680 برقم 37742، سبل الهدى 11: 38. و يذكر أنّ هذه الرواية غير موجودة في النسخة (ز).

(2). في النسخة (ز): علي بن احمر اليشكري.

(3). الطبقات الكبرى 8: 16- 18 و فيه: علي بن أحمر، و راجع كنز العمّال 16: 305 رقم 44613.

(4). المعجم الكبير 4: 34 رقم 3571، و راجع مجمع الزوائد 9: 329 رقم 15207 و قال: «رجاله ثقات»، و كنز العمّال 13: 680 رقم 37746، و رواه في الطبقات الكبرى 8: 16، و في كشف الأستار عن زوائد البزّار 2: 151 و فيه:

«قال البزّار: و حجر لا نعلم روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلّا هذا، و قوله هذا يدلّ على أنّه رأى المصطفى صلّى اللّه عليه و آله.

(5). كشف الأستار عن زوائد البزّار 2: 151 رقم 1406، و رواه في المعجم الكبير 4: 34 رقم 3570 و فيه: «هي لك

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:47

و ظاهر حديث حجر الأول أنّ المصطفى لمّا خطبها الشيخان ابتدأ «1» عليا فزوّجه إيّاها بغير طلب.

و ظاهر الباقي أنّه لمّا خطباها علم علي فجاء فخطبها، فأجابه، و يدلّ عليه كثير من الأخبار المارّة.

و الظاهر أنّ الواقعة تعدّدت، فخطباها فلم يجب و لم يردّ، فجاء علي فوعده و سكت، فلم يعلما بوعده فأعاد، فابتدر و زوّجها من علي لسبق إجابته له.

و في

حديث عكرمة: أنّه استأذنها قبل تزويجها منه «2».

فقد روى ابن سعد عن عطاء قال:

خطب علي فاطمة، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ عليا يريد يتزوّجك، فسكتت، فزوّجها «3».

ففيه: أنّه يستحبّ استئذان البكر، و أنّ إذنها سكوتها، و عليه الشافعي «4».

و روى ابن أبي حاتم عن أنس و أحمد عنه بنحوه، قال:

جاء أبو بكر و عمر يخطبان فاطمة إلى المصطفى صلّى اللّه عليه و آله، فسكت و لم

______________________________

على أن تحسن صحبتها»، و في مجمع الزوائد 9: 329 رقم 15206 و قال: «رواه البزّار»، و في الطبقات الكبرى 8: 16 و قال: «يعني لست بكذّاب؛ لأنّه قد وعد علي بها قبل أن يخطبها».

(1). في نسخة (ز): ابتدر.

(2). رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8: 16.

(3). نفس المصدر السابق، و فيه: «أنّ عليا يذكرك».

(4). ذكر مذهب الشافعي في استحباب الاستئذان في البكر، و أنّ إذنها هو سكوتها في:

المجموع للنووي 16: 169 باب: ما يصحّ به النكاح للولي، و في المدوّنة الكبرى 2: 157، و السنن الكبرى للنسائي 3: 281 رقم 5375 و 5377 و فيه: «و كيف إذنها؟ قال: أن تسكت، و إذنها صماتها»، و كنز العمّال 13: 532 رقم 45777.

و هو ما ذهبت إليه الإمامية؛ لما روي في صحيح البزنطي عن عليّ عليه السّلام قال: «في المرأة البكر إذنها صماتها، و الثيّب أمرها إليها» راجع وسائل الشيعة 14: 206 الباب 5 حديث 1. و في العروة الوثقى 2: 647 مسألة 15:

«ورد في الأخبار أنّ إذن البكر سكوتها عند العرض عليها، و أفتى به العلماء».

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:48

يرجع إليهما شيئا، فانطلقا إلى عليّ يأمرانه «1» يطلب ذلك. قال علي عليه السّلام: فنبّهاني لأمر، فقمت

أجرّ ردائي حتّى أتيته صلّى اللّه عليه و آله، فقلت:

تزوّجني فاطمة؟ قال: و عندك شي ء؟ قلت: فرسي و بدني قال: أمّا فرسك فلا بدّ لك منه، و أمّا بدنك- أي درعك- فبعها، فبعتها بأربعمائة و ثمانين، فجئته بها فوضعها في حجره، فقبض منها قبضة فقال: أي بلال، ابتع بها طيبا. و أمرهم أن يجهّزوها، فجعل لها سريرا مشروطا و وسادة من أدم حشوها ليف، و قال لي: إذا أتيت فلا تحدثنّ شيئا حتّى آتيك.

فجاءت أم أيمن فقعدت في جانب البيت و أنا في جانب، فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: هاهنا أخي؟ قالت أم أيمن: أخوك و تزوّجه ابنتك؟

قال: نعم، فدخل فقال لفاطمة: آتيني بماء، فقامت فأتت بقعب- أي:

قدح- في البيت، فأتته فيه بماء، فأخذه و مجّ فيه، ثمّ قال لها: تقدّمي، فتقدّمت، فنفخ بين يديها «2» و على رأسها و قال: اللّهم إنّي أعيذها بك و ذرّيتها من الشيطان الرجيم، ثمّ قال: ادبري، فأدبرت، و صبّ بين كتفيها، ثمّ فعل مثل ذلك مع عليّ ثمّ قال له: ادخل بأهلك باسم اللّه و البركة «3».

و أخرج الخطيب البغدادي في كتاب (التلخيص) عن أنس قال:

بينما أنا عند المصطفى صلّى اللّه عليه و آله إذ غشيه الوحي، فلمّا سري عنه قال لي:

______________________________

(1). ليس المراد من الأمر هنا هو الالزام و الإيجاب، بل المراد الطلب أو أحد معانيه الأخرى كالترجّي مثلا. و قد تقدّم في رواية الطبراني: أنّ سعد بن معاذ طلب من عليّ ذلك، و في رواية بريدة: أنّ نفرا من الأنصار، و في رواية أخرى: مولاة لهم. هذا و روى ابن سعد في الطبقات 8: 16 «أنّ أهل علي قالوا لعلي: أخطب فاطمة».

(2).

في نسخة (ز): ثدييها.

(3). مجمع الزوائد 2: 331 رقم 15210، و رواه القندوزي في ينابيع المودّة 2: 126 مع تفاوت يسير بالألفاظ.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:49

تدري ما جاء به جبريل من عند صاحب العرش؟ إنّ اللّه أمرني أن أزوّج فاطمة من علي، انطلق فادع لي أبا بكر و عمر و عثمان و عبد الرحمن بن عوف و عدّة من الأنصار.

فلمّا اجتمعوا و أخذوا مجالسهم، و كان علي غائبا، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

الحمد للّه المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع سلطانه، المرهوب من عذابه و سطوته، النافذ أمره في سمائه و أرضه، الّذي خلق الخلق بقدرته، و ميّزهم بأحكامه، و أعزّهم بدينه، و أكرمهم بنبيّهم محمّد.

إنّ اللّه تبارك اسمه و تعالت عظمته جعل المصاهرة نسبا لاحقا، و أمرا مفترضا، أوشج به الأرحام- أي: ألّف بينها- و جعلها مختلطة مشتبكة، قال عزّ من قائل: (وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً) «1» فأمر اللّه مجرى «2» إلى قضائه، و قضاؤه مجرى «3» إلى قدره، و لكلّ قدر أجل، و لكلّ أجل كتاب، يمحو اللّه ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب، ثمّ إنّ اللّه أمرني أن أزوّج فاطمة من علي، فاشهدوا عليّ أنّي قد زوّجته على أربعمائة مثقال فضّة إن رضي علي بذلك.

ثمّ دعا بطبق من بسر، ثمّ قال: انتهبوا، فانتهبنا، و دخل علي، فتبسّم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في وجهه ثمّ قال: إنّ اللّه أمرني أن أزوّجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضّة، أرضيت؟ فقال: رضيت.

زاد ابن شاذان في رواية له: ثمّ خرّ علي ساجدا شكرا للّه تعالى،

______________________________

(1). الفرقان: 54.

(2). في نسخة (ز): يجري.

(3).

في نسخة (ز): يجري.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:50

فقال المصطفى صلّى اللّه عليه و آله: جمع اللّه شملكما، و بارك عليكما، و أخرج منكما نسلا طيّبا.

زاد في رواية ابن شاذان: و جعل نسلكما مفاتيح الرحمة، و معدن الحكمة «1».

و هذه واقعة حال محتملة- كما مرّ- لأن يكون عليّ قبل لمّا حضر و علم. و قوله:

«إن رضي» صورة تعليق لا حقيقة؛ لأنّ الأمر منوط برضا الزوج.

على أنّ هذا الحديث قد حكم ابن الجوزي بوضعه، و تبعه الذهبي، و قالا: هو من وضع محمّد بن دينار «2».

و رواه ابن عساكر بنحوه، و قال: غريب لا أعلمه «3».

قال ابن طاهر المقدسي: محمّد بن دينار روى عن هشيم عن يونس عن الحسن عن أنس: تزويج فاطمة، و الراوي عنه فيه جهالة «4». و رواه ابن قانع و غيره من طريق محمّد بن دينار عن جابر.

قال ابن الجوزي: وضع ابن دينار هذا الحديث، فوضع الطريق الأول إلى أنس، و وضع الطريق الثاني إلى جابر «5».

______________________________

(1). تاريخ دمشق 52: 444 رقم 6338، و رواه القندوزي في ينابيع المودّة 2: 61 حديث 48.

(2). يذكر أنّ الموجود في الموضوعات لابن الجوزي 1: 418: «وضعه محمّد بن زكريا، فوضع الطريق الأول إلى جابر، و وضع الطريق الثاني إلى أنس». و أمّا الذهبي في الموضوعات: 148 فقال: «موضوع فيه من الركّة». و لم ينسب الوضع إلى محمّد بن دينار.

(3). تاريخ ابن عساكر 52: 444 و نصّ كلامه: «غريب لا أعلم يروى إلّا بهذا الإسناد».

(4). اللآلي المصنوعة 1: 397.

(5). الموضوعات لابن الجوزي 1: 48 لكن فيه: «وضعه محمّد بن زكريا، فوضع الطريق الأول إلى جابر، و وضع هذا الطريق إلى أنس».

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:51

و أقرّه على الجزم بوضعه

الجلال السيوطي فيما تعقّبه «1» عليه مع تحرّيه الاجتهاد في أحكامه ما وجد بذلك سبيلا «2».

و الحاصل: أنّ هذه الكيفية من الخطبة عند العقد و الاجتماع كذلك، لا أصل له بالكلّية «3».

و أمّا وقوع التزويج بالأمر الإلهي لعليّ، و خطبة الشيخين لها قبل ذلك، و جعل الدرع صداقا، فلا شكّ فيه؛ لوروده من طرق بأسانيد صحيحة «4».

و أمّا ما زعمه الشيخ شهاب الدين ابن حجر من أنّ لذلك أصلا فممنوع، و ما تمسّك به من كلام الحافظ ابن حجر في اللسان «5» فممنوع، فإنّ الحافظ لم يقل فيه:

إنّه غير موضوع «6».

______________________________

(1). اللآلي المصنوعة 1: 397- 398 و فيه: «محمّد بن زكريا بن دينار» و نبّه على ذلك فقال: «نسب في الطريق الأول إلى جدّه».

(2). ما يجدر ذكره هنا هو أنّ محمّد بن دينار اسم يعود إلى رجلين، أحدهما: الغلابي الّذي ذكره العجلي في الثقات و قال: «لا بأس به» (معرفة الثقات 2: 237 رقم 1592)، و في الجرح و التعديل 7: 249 رقم 1367 قال: «سئل يحيى بن معين عن محمّد بن دينار، فقال: ليس به بأس. و سئل أبو زرعة عنه قال: صدوق». و وثّقه عمر بن شاهين في تاريخ أسماء الثقات: 21.

و قال ابن عدي في الكامل: «ينفرد بأشياء، و هو صدوق»، و قال النسائي: «ليس به بأس»، و كذا ابن معين، راجع ميزان الاعتدال 3: 541. و ذكره ابن حبّان في الثقات كما في تهذيب الكمال 25: 179.

روى له أبو داود و الترمذي.

و أمّا الآخر فهو محمّد بن دينار العرقي الّذي يروي عن هشيم فهو الّذي قيل فيه: «لا يدرى من هو» كما في ميزان الاعتدال 3: 542 رقم 7505، و لسان

الميزان 5: 163. و هو الّذي قد نصّ على وثاقته ابن حبّان في الثقات 9: 97 بعنوان: محمّد بن دينار الحمصي، يروي عن هشيم. و تهذيب الكمال 25: 179.

و من هنا وقع الخلط عند ابن الجوزي و السيوطي، فإنّ محمّد بن دينار في سند رواية أنس هو محمّد بن دينار العرقي، و محمّد بن دينار في سند رواية جابر فهو محمّد بن دينار الغلابي، الّذي وثّقه كثير من الأعلام.

(3). بل الأصل هو رواية أنس المتقدّمة، و محمّد بن دينار وثّقه كثير من الأعلام، و سيأتي من المصنّف أنّ ابن حجر اعتبرها أصلا لخطبة العقد.

(4). تقدّمت جملة من هذه الروايات.

(5). لسان الميزان 5: 163.

(6). يفتقد هذا الكلام إلى الدقّة، إذ أنّ السكوت و عدم نفي الوضع لا يدلّ بالضرورة على الوضع.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:52

بل حكي عن ابن عساكر أنّ الراوي عن محمّد بن دينار دمشقي فيه جهالة «1».

على أنّ محمّد بن دينار وضّاع، فمراده زيادة توهين الحديث، و أنّه مع كونه من رواية ابن دينار فالراوي عنه فيه جهالة، فهي ظلمات بعضها فوق بعض، و اللّه العالم.

و أخرج ابن سعد في طبقاته عن عكرمة قال:

لمّا زوج المصطفى صلّى اللّه عليه و آله عليا فاطمة، كان فيما جهّزت به: سرير مشروط، و وسادة من أدم حشوها ليف، و قربة، و قال لعليّ: إذا أتيت بها فلا تقربنّها حتّى آتيك.

و كانت اليهود يأخذون الرجل عن امرأته، فلمّا أتي بها قعدا جنبا في ناحية البيت، ثمّ جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فدعا بماء فأتي به، فمجّ فيه و مسّه بيده، ثمّ دعا عليا فنضح من ذلك على كتفيه و صدره و ذراعيه، ثمّ دعا فاطمة، فأقبلت

تتعثّر في ثوبها حياء من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، ففعل بها مثل ذلك، ثمّ قال لها: يا فاطمة، أما إنّي ما أليت أن أنكحتك خير أهلي «2».

(و أخرج نحوه موصولا من طريق سعيد بن المسيب عن أم أيمن) «3».

و أخرج ابن ماجة عن عليّ قال:

لقد أهديت ابنة الرسول صلّى اللّه عليه و آله، فما كان فراشها ليلة أهديت إلّا إهاب كبش «4».

______________________________

(1). انظر تاريخ دمشق 52: 444، و الحاكي هو محمّد بن طاهر المقدسي في كتاب «تكملة الكامل» قال: «الراوي عنه من أهل الساحل، دمشقي فيه جهالة». فالكلام فيما يبدو ليس لابن عساكر.

(2). الطبقات الكبرى 8: 19.

(3). بين القوسين أثبتناه من النسخة (ز).

(4). سنن ابن ماجة 2: 1319 باب ضجاع آل محمّد، و فيه: «مسك كبش»، و رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 42:

376. و الإهاب: الجلد.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:53

و روى الطبراني:

لمّا أهديت فاطمة إلى علي، لم نجد في بيته إلّا رملا مبسوطا، و وسادة حشوها ليف، و جرّة، و كوز «1».

و روي عن رجل قال: أخبرتني جدّتي أنّها كانت مع النسوة اللاتي أهدين فاطمة إلى علي، قالت:

أهديت في بردين عليها، و دملجان من فضّة مصفرّان، فدخلت بيت عليّ فإذا إهاب كبش، و وسادة فيها ليف، و قربة، و منخل، و قدح «2».

و روى أحمد في الزهد عن عليّ قال:

جهّز رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة في خميلة «3»، و قربة، و وسادة من أدم حشوها ليف «4».

و روي عن عليّ قال:

ما كان لها إلّا إهاب كبش تنام على ناحيته، و تعجن فاطمة على ناحيته «5».

و روى أبو بكر ابن فارس و ابن مشدّد عن ضمرة بن حبيب:

قضى رسول اللّه

صلّى اللّه عليه و آله على ابنته فاطمة بخدمة البيت، و قضى على علي بما كان خارج البيت «6».

______________________________

(1). المعجم الكبير 24: 137 رقم 365، و راجع مجمع الزوائد 9: 336.

(2). الطبقات الكبرى 8: 20 مع تفاوت يسير بالألفاظ.

(3). الخميلة: القطيفة، و هي كلّ ثوب له خمل من أيّ شي ء كان، و قيل: الخميل هو الأسود من الثياب، راجع النهاية لابن الأثير: 2: 81.

(4). صحيح ابن حبّان 15: 398 رقم 6947 و فيه: «قال أبو حاتم: الخميلة: قطيفة بيضاء من الصوف».

(5). تاريخ دمشق 42: 376، سبل الهدى 11: 41.

(6). سبل الهدى 11: 41.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:54

و روى البخاري في الخمس، و مسلم في الدعوات و غيرهما عن علي عليه السّلام:

أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا زوّجه فاطمة، بعث معها خميلة، و وسادة من أدم حشوها ليف، و رحيين «1»، وسقا، و جرّتين. فقال علي لفاطمة ذات يوم: و اللّه لقد سنوت «2» حتّى اشتكيت صدري، و قد جاء اللّه أباك بسبي، فاذهبي فاستخدميه. فقالت: و اللّه، أنا طحنت حتّى مجلت «3» يداي. فأتت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال: ما جاء بك أي بنيّة؟ قالت: جئت لأسلّم عليك، و استحيت أن تسأله و رجعت.

فقال «4»: ما فعلت؟ قالت: استحييت أن أسأله، فأتياه جميعا، فقال علي:

يا رسول اللّه، و اللّه لقد سنوت حتّى اشتكيت صدري، و قالت فاطمة:

قد طحنت فمجلت يداي، و قد جاءك اللّه بسبي وسعة، فأخدمنا، فقال:

و اللّه لا أعطيكما و أدع أهل الصفّة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم، و لكنّي أبيعهم و أنفق عليهم، و أحفظ عليهم إيمانهم.

فرجعا، فأتاهما و قد دخلا في قطيفتهما، إذا غطّت رأسيهما

تكشّفت أقدامهما، و إذا غطّت أقدامهما تكشّف رأساهما، فثارا، فقال: مكانكما، ثمّ قال: ألا أخبركما بخير ممّا سألتماني؟

قالا: بلى، قال: كلمات علّمنيهنّ جبريل، تسبّحان اللّه في دبر كلّ صلاة عشرا، و تحمدان اللّه عشرا، و تكبّران عشرا. و إذا أويتما إلى فراشكما فسبّحا اللّه ثلاثا و ثلاثين، و احمدا ثلاثا و ثلاثين، و كبّرا أربعا و ثلاثين.

______________________________

(1). في نسخة (ز): ورحى.

(2). سنوت: سقيت.

(3). مجلت: تقرّحت.

(4). أي: قال علي عليه السّلام.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:55

قال: فو اللّه ما تركتهنّ منذ علّمنيهنّ رسول اللّه، فقال له ابن الكوّاء «1»:

و لا ليلة صفّين؟ قال: نعم، و لا ليلة صفّين «2».

[فقد اختار عليه السّلام لها النفقة على الغنى، و الآخرة على الدنيا] «3» و سرى ذلك إلى ذرّيتهما.

و لهذا لمّا ذهبت عنهم الخلافة الظاهرة؛ لكونها صارت ملكا، و من ثمّ لم تتمّ للحسنين، عوّضوا منها بالخلافة الباطنة، حتّى ذهب كثيرون إلى أنّ قطب الأولياء لا يكون في كلّ زمن إلّا منهم.

______________________________

(1). في صحيح مسلم: «فقال ابن أبي ليلى».

(2). صحيح البخاري بشرح السندي 3: 516 باب: خادم المرأة من كتاب النفقات رقم 5362، كما رواه من دون الذيل مع اختلاف في الألفاظ في عدّة مواضع من الصحيح 2: 345 رقم 3113 باب: الخمس و 2: 536 رقم 3705 باب: مناقب علي و 3: 515 رقم 5361 و 4: 194 رقم 6318 باب: التكبير و التسبيح عند النوم، صحيح مسلم بشرح النووي 17: 48 رقم 6855، و رواه في الطبقات الكبرى 8: 21.

و هذا الذكر الّذي علّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لفاطمة هو الّذي يسمّى: «تسبيح فاطمة» أو «تسبيح الزهراء». و قد استفاضت الروايات فيه، و رواه أكثر الائمة

و الحفّاظ بطرق متعدّدة و أسانيد صحيحة.

فقد رواه البخاري في كتاب النفقات باب: خادم المرأة، و في كتاب الخمس باب: الخمس لنوّاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و في المناقب باب: مناقب علي عليه السّلام، و في كتاب الدعوات باب: التكبير و التسبيح عند النوم. لاحظ البخاري بشرح الإمام السندي 3: 516 رقم 5362، 5361 و 2: 345 رقم 3113 و: 536 رقم 3705 و 4: 194 رقم 6318، و في شرح النووي على صحيح مسلم 17: 46 رقم 6853، و انظر مستدرك الحاكم 3: 164 رقم 4724 بطريق آخر و قال: صحيح على شرط الشيخين و لم يخرّجاه، و قال الذهبي: على شرط البخاري و مسلم. و سنن الدارمي 2: 232، و الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 6: 75 رقم 2727، و مسند الحميدي 1: 174 رقم 43، و السنن الكبرى للنسائي 6: 203 رقم 10650، 10651، و مسند أبي يعلى 1: 236 رقم 274، و صحيح ابن حبّان 12: 339 رقم 5529.

و رواه الإمام أحمد في عدّة مواضع من المسند 1: 106، 144 و 2: 166، و مسند ابن راهويه 5: 11 رقم 2107 و 2108 و قال: «رجاله رجال الشيخين»، و مجمع الزوائد 10: 123 رقم 16911، و كنز العمّال 15: 501، و سبل الهدى 11: 48.

و قد روي من طرق الإمامية بطرق صحيحة عن ائمة أهل البيت عليهم السّلام مع اختلاف في الكيفية بالتقديم و التأخير و هي: التكبير أولا أربعا و ثلاثين، ثمّ التحميد ثلاثا و ثلاثين، ثمّ التسبيح ثلاثا و ثلاثين. رواه في الكافي 3: 342 باب التعقيب بعد الصلاة رقم 6، 7، 8، 9، 12،

13، من لا يحضره الفقيه 1: 320 رقم 947، كشف الغمّة 2: 99، و غيرها.

(3). ما بين المعقوفتين أثبتناه من النسخة (ز).

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:57

الباب الثالث في فضائلها، و بناء المصطفى صلّى اللّه عليه و آله عليها، و اختصاصه بها، و اهتمامه بشأنها، و تنويهه بذكرها، و تحذيره من إيذائها و بغضها و الأذى لها، و تعليمه إيّاها، و تأديبه و تهذيبه لها، و غير ذلك

اشارة

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:59

فضائلها

الحديث الأول:

اشارة

عن المسوّر بن مخرمة أنّه عليه الصلاة و السلام قال:

«فاطمة بضعة «1» منّي- أي: جزء منّي- فمن أغضبها فقد أغضبني» «2».

رواه البخاري في الصحيح.

______________________________

(1). البضعة: بالفتح، القطعة من اللحم، و قد تكسر، أي: أنّها جزء منّي كما أنّ القطعة جزء من اللحم. (النهاية لابن الأثير: 1: 133). و قال السيوطي: «البضعة، بفتح الباء لا غير، و هي القطعة من اللحم». (الديباج 5: 417).

(2). صحيح البخاري بحاشية السندي 2: 550 رقم 3767 باب: مناقب فاطمة و 2: 538 رقم 3714 باب: مناقب قرابة الرسول. و قال ابن حجر في فتح الباري 7: 477 «أخرجه الترمذي و صحّحه»، مصابيح السنّة 2: 455 رقم 2712، شرح السنّة للبغوي 8: 120 رقم 3956 و قال: «هذا حديث صحيح»، المعجم الكبير 22: 404 رقم 1012، مصنّف ابن أبي شيبة 11: 184 رقم 32808، السنن الكبرى 5: 97 رقم 8372، الجامع الصغير 2: 653 رقم 5858 و قال: «صحيح»، كشف الخفاء 2: 80 رقم 1829 قال: «رواه الشيخان عن المسوّر، و رواه أحمد و الحاكم و البيهقي عنه بلفظ: فاطمة بضعة، و في رواية: مضغة»، فيض القدير 4: 421 رقم 5833 و قال:

«استدلّ به السهيلي على أنّ من سبّها كفر؛ لأنّه يغضبه صلّى اللّه عليه و آله و أنّها أفضل من الشيخين»، كنز العمّال: 12: 108 رقم 34222، فضائل الصحابة: 78، الفردوس 3: 161 رقم 4282، سبل الهدى 10: 327 و قال: «و هو يقتضي تفضيل فاطمة على جميع نساء العالم، و منهنّ خديجة و عائشة و بقية بنات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله»، الآحاد و المثاني 5: 361

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:60

الحكم في من يسبّها:

قال السهيلي: إنّ من سبّها فقد كفر «1».

و

يشهد له: أنّ أبا لبابة حين ربط نفسه، و حلف أن لا يحلّه إلّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و جاءت فاطمة لتحلّه، فأبى من أجل قسمه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّما فاطمة بضعة منّي «2».

و فيه نظر «3».

و قال بعضهم: إنّ كلّ من وقع منهم في حقّ فاطمة شي ء فتأذّت به، فالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله يتأذّى به «4». و لا شي ء أعظم من إدخال الأذى عليها من قبل ولدها، و هذا عرف

______________________________

رقم 2954، البيان و التعريف 1: 116 رقم 217 و قال: «أخرجه الشيخان و النسائي و أبو داود و الإمام أحمد و غيرهم عن المسوّر».

قال ابن حجر: «فيه تحريم أذى من يتأذّى المصطفى صلّى اللّه عليه و آله بتأذّيه، فكلّ من وقع منه في حقّ فاطمة شي ء فتأذّت به، فالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله يتأذّى به بشهادة هذا الخبر». (فيض القدير 4: 421 حديث رقم 5833).

(1). نقله عن السهيلي في فتح الباري 7: 477 في شرح حديث رقم 3767، و إرشاد الساري في شرح البخاري 8: 280 رقم 3767، و تقدّم عن فيض القدير 4: 421 رقم 5833.

و قال ابن حجر: «توجيهه: أنّها تغضب ممّن سبّها، و قد سوّى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بين غضبها و غضبه، و من أغضبه صلّى اللّه عليه و آله يكفر». (فتح الباري 7: 477).

و قد استدلّ البيهقي أيضا بهذا الحديث على أنّ من سبّها فإنّه يكفر. نقله العيني في عمدة القاري شرحه على البخاري 16: 249.

(2). المحلّى لابن حزم: 8: 57 مسألة رقم 1155، سبل الهدى 10: 328 و 5: 9 نقله عن السهيلي و قال:

«فيه: علي بن زيد و هو ابن جدعان، ضعيف، و علي بن الحسين و روايته مرسلة». لكن المتأمّل في كلامه يجده يفتقد إلى الدقّة، فأمّا علي بن زيد (ابن جدعان) فهو من رجال مسلم، و روى له البخاري في الأدب المفرد، و قال الترمذي:

صدوق، و قال العجلي: كان يتشيّع لا بأس به، و قال ابن عدي: لم أر أحدا امتنع من الرواية عنه. (تهذيب الكمال 20: 434). و أما علي بن الحسين فهو الإمام السجاد عليه السّلام، أحد علماء أهل بيت النبوّة الطاهرين، و هو يروي عن أبيه عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

(3). أي في الاستشهاد بخبر أبي لبابة على كلام السهيلي.

(4). و يدلّ عليه كثير من الأخبار، تقدّم بعضها، و سيأتي البعض الآخر بلفظ مثل «من أغضبها أغضبني»، إتحاف السائل، القلقشندى 61 الحكم في من يسبها: ..... ص : 60

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:61

بالاستقراء؛ معالجة من تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا، و لعذاب الآخرة أشد «1».

الحديث الثاني:

عنه أيضا أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«فاطمة بضعة منّي، يقبضني ما يقبضها، و يبسطني ما يبسطها، و أنّ الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي» «2».

رواه الإمام أحمد و الحاكم.

الحديث الثالث:

عنه أيضا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّما فاطمة شجنة «3» منّي، يبسطني ما يبسطها، و يقبضني ما يقبضها» «4».

رواه الحاكم و الطبراني.

______________________________

«يؤذيني ما يؤذيها»، «يقبضني ما يقبضها»، «من آذاها فقد آذاني» رواها أعلام المحدّثين من أهل الصحاح و السنن، مثل مسلم و البخاري و الترمذي و الطبراني و أحمد و النسائي و الديلمي و الحاكم و السيوطي و غيرهم بأسانيد صحيحة ذكرناها في محلّها.

(1). هذا الكلام لابن حجر نقله عنه المناوي في فيض القدير 4: 421 في شرح الحديث رقم 5833، و قاله أيضا في عون المعبود 6: 57.

(2). مستدرك الحاكم 3: 172 رقم 4747 و قال: «حديث صحيح الإسناد، و لم يخرّجاه»، كنز العمّال 12: 108 رقم 34223 و زاد في آخره: «سببي و حسبي»، الجامع الصغير 2: 653 رقم 5859 و قال: «صحيح».

(3). قال الجوهري: «الشجنة و الشجنة: عروق الشجر المشتبكة، و يقال: بيني و بينه شجنة رحم و شجنة رحم، أي:

قرابة مشتبكة. و في الحديث: «الرحم شجنة من اللّه» أي: الرحم مشتقّة من الرحمن، يعني: أنّها قرابة من اللّه، مشتبكة كاشتباك العروق» (الصحاح 5: 2134).

(4). مستدرك الحاكم 3: 168 رقم 4734 و قال: «صحيح الإسناد، و لم يخرّجاه»، المعجم الكبير 20: 25 رقم 30 و 22: 405 رقم 1014، كنز العمّال 12: 111 رقم 34240، و رواه في مسند أحمد 4: 332، الآحاد و المثاني 5: 362 رقم 2956.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:62

الحديث الرابع:

عن أبي حنظلة- مرسلا- أنّه عليه الصلاة و السلام قال:

«إنّما فاطمة بضعة منّي- أي قطعة لحم- فمن آذاها فقد آذاني» «1».

رواه الحاكم.

الحديث الخامس:

عن عبد اللّه بن الزبير قال: قال صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّما فاطمة بضعة منّي، يؤذيني ما آذاها، و يغضبني ما يغضبها» «2».

رواه أحمد و الترمذي و الحاكم و الطبراني بأسانيد صحيحة.

الحديث السادس:

عن ابن مسعود عنه عليه الصلاة و السلام:

«إنّ فاطمة أحصنت فرجها، و إنّ اللّه أدخلها بإحصان فرجها و ذرّيتها الجنّة» «3».

رواه الطبراني في الكبير بإسناد فيه ضعف «4».

______________________________

(1). مستدرك الحاكم 3: 173 رقم 4750 و فيه: «إنّما فاطمة مضغة منّي»، و رواه في السنن الكبرى للبيهقي 10: 201 و قال: «رواه البخاري في الصحيح عن ابن الوليد، و رواه مسلم عن معمر عن سفيان»، كنز العمّال 12: 111 رقم 34241، فضائل الصحابة لأحمد 2: 755 رقم 1324.

(2). مستدرك الحاكم 3: 173 رقم 4751 قال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، و لم يخرّجاه» و فيه:

«و ينصبني ما ينصبها»، المعجم الكبير 22: 405 رقم 1013، فضائل الصحابة لأحمد 2: 756 رقم 1327، الجامع الصحيح للترمذي 5: 698 رقم 3869 و قال: «حديث حسن صحيح».

(3). المعجم الكبير 3: 41 رقم 2625 و فيه: «حصّنت»، كنز العمّال 12: 111 رقم 34239 و فيه: «حصّنت» أيضا، و رواه في الجامع الصغير 1: 270 رقم 2324 بتفاوت يسير، فيض القدير 2: 462 ذكره في ضمن شرح الحديث رقم 2309.

(4). سيأتي الكلام عن سند الحديث في الحديث السابع.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:63

الحديث السابع:

عنه أيضا:

«إنّ فاطمة حصّنت «1» فرجها، فحرّمها اللّه و ذرّيتها على النار» «2».

رواه الحاكم و أبو يعلى و الطبراني بإسناد ضعيف «3»، لكن عضده في رواية البزّار له بنحوه «4»، و به صار حسنا.

و المراد بالنار نار جهنّم، فأمّا هي و ابناها فالمراد في حقّهم التحريم المطلق «5».

أمّا الحديث فهو محمول على أولادها فقط، و به فسّره أحد روايتي أبو كريب و علي بن موسى الرضا عليه السّلام: ذكروا أنّ زيد بن موسى الكاظم خرج على المأمون، فظفر به، فبعث

به لأخيه علي الرضا، فوبّخه الرضا و قال له: يا زيد، ما أنت قائل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا سفكت الدماء، و أخفت السبل، و أخذت المال من غير

______________________________

(1). في النسخة (ز): أحصنت.

(2). مستدرك الحاكم 3: 165 رقم 4726 قال: «هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرّجاه». و فيه: «أحصنت»، المعجم الكبير 3: 42 رقم 2625 و 22: 406 رقم 1018، كنز العمّال 12: 108 رقم 34220 و فيه: «أحصنت»، و رواه في الجامع الصغير 1: 270 رقم 2324 و فيه: «أحصنت»، كشف الأستار عن زوائد البزّار 3: 235 رقم 2651، ذخائر العقبى: 95 و قال: «أخرجه تمام في فوائده، و تمام هو الحافظ أبو القاسم تمام بن محمّد بن عبد اللّه الرازي»، نور الأبصار: 52.

(3). و ضعفه لأجل عمرو بن غياث فقط، قال المناوي: «ضعّفه الدار قطني، و كان من شيوخ الشيعة» (فيض القدير 2:

463). و قال ابن حجر في ترجمته في لسان الميزان: «و هو من شيوخ الشيعة من أهل الكوفة». فالضعف المزعوم إنّما هو لأجل مذهب الرجل، فلا عبرة إذا بهذا التضعيف. و قد أنصف الحاكم حيث قال: «هذا حديث صحيح الإسناد، و لم يخرّجاه» (المستدرك على الصحيحين 3: 165).

هذا و قد عضده البزّار من طريق آخر، و عدّه المصنّف حسنا.

(4). مسند البزّار 5: 223 رقم 1829 من حديث ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ فاطمة أحصنت فرجها، فحرّم اللّه ذرّيتها على النار»، و راجع مختصر زوائد البزّار للعسقلاني 2: 343 رقم 1989.

(5). و هو قول المناوي في فيض القدير 2: 462 في شرح الحديث رقم 2309.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:64

حلّه؟! غرّك أنّه قال:

«إنّ فاطمة أحصنت فرجها، فحرّمها اللّه و ذرّيتها على النار؟» إنّ هذا لما خرج من بطنها فقط «1».

و أخرج أبو نعيم و الخطيب عن محمّد بن يزيد قال: كنت ببغداد، فقال: هل لك في من يدخلك إلى علي ابن الرضا عليه السّلام؟ قلت: نعم، فأدخلني، فسلّمنا عليه و جلسنا، فقلت له: حديثا: «إنّ فاطمة أحصنت فرجها .....» إلى آخره، عامّ أو خاصّ؟

فقال عليه السّلام: بل خاصّ بالحسن و الحسين «2».

الحديث الثامن:

عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لفاطمة:

«إنّ اللّه غير معذّبك و لا ولدك- يعني الحسن و الحسين- بالنار» «3».

رواه الطبراني.

الحديث التاسع:

عن عمر بن الخطاب عنه عليه الصلاة و السلام:

«إنّ فاطمة و عليا و الحسن و الحسين في حظيرة القدس، في قبّة بيضاء، سقفها عرش الرحمن» «4».

______________________________

(1). فيض القدير 2: 462 رقم 2309.

(2). تاريخ بغداد 3: 54 رقم 997، و رواه في فيض القدير 2: 462 في شرح الحديث رقم 2309.

(3). المعجم الكبير 11: 210 رقم 11685، و راجع كنز العمّال 12: 110 رقم 34236، و مجمع الزوائد 9: 326 رقم 15198 و قال: «رواه الطبراني و رجاله ثقات»، و سبل الهدى 11: 5، و السيّدة الزهراء: 74 و 161.

أقول: إنّ الحديث مطلق، و التفسير بالحسن و الحسين من أحد الرواة و هو أبو كريب، و الجميع رووه من دون عبارة «يعني الحسن و الحسين» و يدلّ على ما نقول: تصريح الصالحي الشامي في سبل الهدى و الرشاد 11: 5 حيث قال: «زاد ابن كريب: الحسن و الحسين».

(4). كنز العمّال 12: 98 رقم 34167 و قال: «رواه ابن عساكر عن عمر، و فيه: عمرو بن زياد الثوباني، قال

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:65

رواه ابن عساكر بإسناد ضعيف جدا، بل قيل بوضعه «1».

الحديث العاشر:

عن المسوّر بن مخرمة قال: إنّ عليا خطب بنت أبي جهل، فقال المصطفى صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ فاطمة بضعة منّي، و أنا أتخوّف أن تفتن في دينها، و إنّي لست أحرّم حلالا و لا أحلّ حراما، لكن و اللّه لا تجتمع بنت رسول اللّه و بنت عدوّ اللّه عند رجل واحد أبدا» «2».

رواه أحمد و الشيخان و أبو داود و ابن ماجة.

الحديث الحادي عشر:

عن المسوّر بن مخرمة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول و هو على المنبر:

إنّ بني هاشم بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن لهم، ثمّ لا آذن لهم، ثمّ لا آذن لهم، إلّا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلّق ابنتي و ينكح ابنتهم، و إنّي لست أحرّم حلالا و لا أحلّ حراما، و لكن و اللّه لا تجتمع بنت رسول اللّه و بنت عدوّ اللّه أبدا.

رواه الشيخان «3». زاد في رواية: «فإنّما فاطمة بضعة منّي، يريبني ما رابها، و يؤذيني ما آذاها» «4».

______________________________

الدار قطني: يضع الحديث». هذا و ذكره ابن حبّان في الثقات 8: 488، و ابن حجر في لسان الميزان 5: 305 رقم 6326 و قال: «ذكره ابن حبّان في الثقات».

(1). لم ينصّ أحد على أنّ هذا الحديث موضوع، كما و لم يذكر في كتب الموضوعات، و وصفه بالضعيف إنّما هو لأجل عمرو بن زياد الثوباني، و قد ذكره ابن حبّان في الثقات 8: 488 كما تقدّم.

(2). كنز العمّال 12: 106 رقم 34212. و سيأتي الكلام حول هذا الحديث و الحديث الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر عند الحديث الرابع عشر، لأنّ موضوعها واحد، و هو قصّة خطبة علي

لابنة أبي جهل.

(3). صحيح البخاري 5: 2004 رقم 4932 باب: ذبّ الرجل عن ابنته، صحيح الترمذي 5: 698 رقم 3867.

(4). صحيح البخاري 5: 2004 رقم 4932، المعجم الكبير 22: 404 رقم 1010 و 1011.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:66

الحديث الثاني عشر:

عن سرير بن عقلة «1» قال:

خطب علي بنت أبي جهل، فاستشار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: عن حسبها تسألني؟ قال: لا، و لكن أ تأمرني بها؟ قال: لا، فاطمة بضعة منّي، و لا أحسب إلّا أنّها تحزن أو تجزع، فقال علي: لا آتي بما تكرهه «2».

الحديث الثالث عشر:

عن أسماء بنت عميس قالت:

خطبني علي، فبلغ ذلك فاطمة، فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قالت: إنّ أسماء متزوّجة عليا، قال: ما كان لها أن تؤذي اللّه و رسوله.

رواه الطبراني «3».

الحديث الرابع عشر:

عن ابن عباس:

إنّ عليا خطب بنت أبي جهل، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إن كنت تزوّجتها فردّ علينا ابنتنا. و اللّه لا تجتمع بنت رسول اللّه و بنت عدوّ اللّه تحت رجل واحد.

رواه الطبراني في معاجيمه «4» ... «5»

______________________________

(1). في النسخة (ز): سويد بن غفلة. و هذا هو الصحيح و المطابق لكتب الحديث.

(2). مصنّف ابن أبي شيبة 7: 527 باب: مناقب فاطمة.

(3). المعجم الكبير 22: 405 رقم 1015.

(4). المعجم الصغير 2: 16.

(5). إنّ هذه الأخبار المتقدّمة، و الّتي تتحدّث عن قصة خطبة علي لابنة أبي جهل، ما هي إلّا أخبار موضوعة

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:67

______________________________

و غير معروفة عند أهل النقل، و لإثبات ذلك يقع الكلام في ضمن نقاط:

الأولى: من جهة تاريخية

ذكر ابن حجر: أنّ حادثة الخطبة كانت في السنة السابعة أو الثامنة. (تهذيب التهذيب 10: 138) مع أنّ جويرية بنت أبي جهل كانت في ذلك الزمان كافرة، و كانت بمكّة، و لم تسلم إلّا بعد عام الفتح الّذي هو بالاتّفاق بين المسلمين سنة ثمان للهجرة!

قال في شرح النهج: «عند ما دخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى مكة عام الفتح كانت من الكفّار، و لمّا أذّن بلال قالت: أمّا الصلاة فسنصلّي، و لكن و اللّه لا نحبّ من قتل الأحبّة أبدا!» (شرح النهج 17: 283).

فجويرية كانت كافرة، و كانت في المدينة إلى عام الفتح. و الخطبة المزعومة كانت في السنة السابعة أو الثامنة على قول ابن حجر، فكيف وقعت

الخطبة؟! هذا مضافا إلى التصريح بأنّها كانت تبغض عليا.

و الثانية: من جهة السند

لنتكلّم أولا عن الرواة المباشرين، و الذين يدّعى أنّهم سمعوه من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و رووه بلا واسطة، ثم نتحدّث بعد ذلك عن الرواة غير المباشرين.

(أولا): الرواة المباشرين و الذين يدّعى أنّهم سمعوه من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

1- عبد اللّه بن الزبير

قال الواقدي: «إنّه ولد في السنة الثانية للهجرة» (الإصابة 2: 309)

و في أسد الغابة 3: 242: «أنّه ولد في السنة الأولى أو بعد عشرين شهرا من الهجرة». و في تهذيب الكمال 20: 23 إنّه كان غلاما في خلافة عمر». و في الرسالة للشافعي: «إنّ عبد اللّه بن الزبير كان له عند موت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تسع سنين». (الإصابة 2: 310).

فتكون ولادته على قول الشافعي في السنة الثالثة للهجرة، و قصة خطبة بنت أبي جهل كانت في السنة السابعة أو الثامنة للهجرة على ما تقدّم من قول ابن حجر في التهذيب، فيكون عمر ابن الزبير في تلك السنة هو خمس سنين على قول الواقدي، و أمّا على قول الشافعي و المزي في تهذيب الكمال فسيكون عمره ثلاث أو أربع سنين فقط!!

فكيف سمع من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو بتلك السنّ، و حدّث به مع وجود المئات من الصحابة من مشايخهم و شبّانهم و لم يسمعوه و لم يحدّثوا به؟! مع أنّ الخبر يقول: «إنّ النبيّ صعد المنبر و قال ...»، فهل كان المسجد خاليا من الأصحاب إلّا من صبي لا يتجاوز من العمر الخمس سنين؟!

و أمّا حال عبد اللّه بن الزبير و موقفه من علي بن أبي طالب و أهل البيت عليهم

السّلام، قال في شرح النهج: «كان يبغض عليا و ينتقصه، و ينال من عرضه، و روى الواقدي و الكلبي أنّه ترك أيام ادّعائه الخلافة أربعين جمعة لا يصلّي على النبيّ، و قال: إنّ له أهيل سوء ينغضون رءوسهم عند ذكره!! (شرح النهج 4: 62).

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:68

______________________________

و كان يقول لابن عباس: إنّي لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة! (نفس المصدر). و روى عمر بن شبّة عن سعيد بن جبير قال: «خطب عبد اللّه بن الزبير فنال من علي، فبلغ ذلك محمّد بن الحنفية، فجاء إليه و هو يخطب .....» (المصدر) و قال: «و كان يلعن و يسبّ علي بن أبي طالب» (المصدر: 79).

فمثل هذا الرجل الّذي كان ينال منه و من عرضه، و عرض علي هي فاطمة، و قد تقدّم عن السهيلي و المناوي و ابن حجر أنّ من سبّها يكفر، فلا يقبل قوله؛ لأنّه أوّل المتّهمين بوضع هذه الأخبار، مع أنّ عمره في ذلك الزمان كان أقلّ من خمس سنين.

و أمّا شهادات الآخرين بحقّ عبد اللّه بن الزبير:

* قول معاوية له: «لو لا بغض علي بن أبي طالب لجررت برجلي عثمان». (تاريخ دمشق 28: 201).

* و قول معاوية أيضا و قد سافر معه: «إنّما أنت يا ابن الزبير ثعلب روّاغ، تدخل من جحر و تخرج من جحر» (المصدر السابق).

* و قول عثمان له حين حوصر و قد طلب منه ابن الزبير الخروج إلى مكة، قال عثمان: «سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: يلحد بمكة كبش من قريش، اسمه عبد اللّه، عليه مثل أوزار الناس، و لا أراك إلّا إيّاه». المصدر المتقدّم:

219) و قد رواه ابن عساكر بطرق أخرى عن

عبد اللّه بن عمر و عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص.

* و نقل ابن قتيبة: «إنّ أوّل شهادة زور وقعت في الإسلام كانت شهادة عبد اللّه بن الزبير، حين حلف لعائشة في مسير البصرة، حين نبحتها كلاب الحوأب، فحلف لها ابن الزبير باللّه أنّه خلفه أوّل الليل» (الإمامة و السياسة 1: 57).

* و نقل في الإصابة: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال له و هو صغير: «الويل للناس منك» (الإصابة 2: 37).

* و قال علي بن زيد الجرجاني عنه: «كان بخيلا سيّئ الخلق، حسودا كثير الخلاف». (الاستيعاب 3: 40).

و أخيرا نقول: إنّ عبد اللّه بن الزبير لم يسمع من النبيّ؛ لأنّه كان في سنّ لا تسمح له بالسماع و التحديث، و كان بشهادة ابن قتيبة من الكذّابين، و حذّر منه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بشهادة رواية عثمان و خبر الإصابة.

2- عروة بن الزبير

ولد في خلافة عمر سنة 19 ه كما في تقريب التهذيب 2: 22.

و قال المزي في تهذيب الكمال: «إنّه ولد سنة ثلاث و عشرين. و قال خليفة بن خياط: في آخر خلافة عمر.

و قال الغلابي: ولد لستّ سنين خلت في خلافة عثمان. و قال الأنطاكي: ولد سنة تسع و عشرين».

(تهذيب الكمال 20: 22).

فالكلّ متّفقون على أنّ عروة بن الزبير ولد في خلافة عمر أو في خلافة عثمان، فكيف سمع من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و أمّا حال عروة فهو حال أخيه:

* روى عاصم عن يحيى بن عروة أنّه قال: «كان أبي إذا ذكر عليا نال منه». (شرح النهج 4: 104).

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:69

______________________________

* و روى جرير عن محمّد بن شيبة قال: «شهدت مسجد المدينة فإذا الزهري

و عروة بن الزبير جالسان يذكران عليا و ينالان منه». (المصدر: 102).

و قد شهد الزهري بذلك و هو صاحبه في البغض و العداء، فقد روى عبد الرزاق عن معمر قال: «كان عند الزهري حديثان عن عروة و عائشة في علي عليه السّلام، فسأله عنهما يوما، فقال: ما تصنع بهما و بحديثهما؟ اللّه أعلم بهما أنّي لأتّهمها في بني هاشم!» (المصدر: 64).

* و نقل العسقلاني: «إنّ عروة كان يحدّث بحديث ينتقص به فاطمة، فبلغ ذلك علي بن الحسين، فانطلق إلى عروة فقال: ما حديث بلغني عنك تحدّث به تنتقص فيه حقّ فاطمة ...» (مختصر زوائد البزّار 2: 358 رقم 2009).

* و قال ابن حجر: «حضر الجمل مع عائشة و كان صغيرا». (تهذيب التهذيب، 7: 161).

3- المسوّر بن مخرمة

و أكثر طرق الحديث تنتهي إلى المسوّر هذا، و قد زعم هو أنّه سمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على المنبر يقول ...، كما تقدّم.

و قد قال في الاستيعاب: «قبض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و المسوّر ابن ثمان سنين». (الاستيعاب 3: 455) فتكون ولادته في السنة الثالثة للهجرة.

و قال الذهبي: «ولد بعد الهجرة بعامين». (سير أعلام النبلاء 3: 394) و مثله في تهذيب التهذيب 10: 138.

و تقدّم عن ابن حجر أنّ الخطبة كانت في السنة السادسة للهجرة، فيكون عمر المسوّر آنذاك أربع سنين على رواية الذهبي، و على رواية الاستيعاب عمره سنة واحدة! و على كلا التقديرين لم يسمع المسوّر من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و أمّا حال المسوّر فهو حال خليليه: عبد اللّه و عروة ابنا الزبير. فقد انحاز مع ابن الزبير إلى مكة، و كان ابن الزبير لا يقطع أمرا دونه على حدّ

قول الذهبي. (سير أعلام النبلاء 3: 393).

و قال: «و المرء على دين خليله، و قتل مع ابن الزبير في مكّة، و قد أصابه حجر المنجنيق بالكعبة. و كان المسوّر يرى رأي الخوارج الذين يكفّرون عليا، و كانوا يعظّمونه و يأخذون برأيه. قال الزبير بن بكّار: كانت الخوارج تغشاه و ينتحلونه». (سير أعلام النبلاء 3: 391).

و في الاستيعاب قال: «كانت تغشاه الخوارج، و تعظّمه، و تبجّل رأيه». (3: 456).

و قال عنه صاحبه عروة بن الزبير: «فلم أسمع المسوّر ذكر معاوية إلّا صلّى عليه!» (سير أعلام النبلاء 3: 392).

و قد أنصف ابن حجر هنا حيث قال: «و هو مشكل المأخذ؛ لأنّ المؤرّخين لم يختلفوا أنّ مولده كان بعد الهجرة، و قصّة الخطبة كانت بعد مولد المسوّر بنحو ستّ سنين أو سبع، فكيف يسمّى محتلما؟!» (تهذيب التهذيب 10: 139).

4- سويد بن غفلة

قال ابن حجر في التقريب: «قدم المدينة يوم دفن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله» (1: 328).

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:70

______________________________

و قال في تهذيب التهذيب: «قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله» (4: 252).

فسويد إذا لم يلق النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و لم يره، و لم يسمع منه شيئا.

5- عامر الشعبي

قال ابن حجر: «المشهور أنّ مولده كان لستّ سنين خلت من خلافة عمر». (تهذيب التهذيب 5: 62) فالشعبي لم ير النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و نقل المزي في تهذيب الكمال: «إنّ الشعبي كان من أعوان بني أمية، و تولّى لهم القضاء» (14: 36).

مع أنّ بني أمية و عمّالهم و وعّاظهم هم أوّل المتّهمين بوضع الأحاديث في النيل من علي عليه السّلام و ولده، و سيرتهم شاهد صدق على ذلك.

(ثانيا):

الرواة غير المباشرين

1- محمّد بن مسلم الزهري

قال الذهبي: «كان يدلّس». (ميزان الاعتدال 4: 40).

و قال ابن معين: «الزهري يعمل لبني أمية». (تهذيب التهذيب 4: 204).

و شهد الذهبي بذلك فقال: «إنّ البعض لم يأخذ عن الزهري لكونه مداخلا للخلفاء». (سير أعلام النبلاء 5:

339). هذا و يذكر الذهبي أنّ يزيد بن عبد الملك قد جعله قاضيا في الشام. و جعله هشام بن عبد الملك معلّما لأولاده، و كان الزهري يقول: نشأت و أنا غلام، ثمّ دخلت على عبد الملك بن مروان، ثمّ لزمت هشام بن عبد الملك. (سير أعلام 5: 331، 337).

و كان مكحول يقول: «أفسد نفسه بصحبة الملوك». (المصدر السابق: 339).

هذا و روى جرير بن عبد الحميد عن محمّد بن شيبة قال: «شهدت مسجد المدينة، فإذا الزهري و عروة بن الزبير جالسان يذكران عليا عليه السّلام فنالا منه». (شرح النهج 4: 102).

2- زكريا بن أبي زائدة الّذي يروي خبر الخطبة عن الشعبي.

قال أبو حاتم: «إنّه لم يسمع من الشعبي». (تهذيب الكمال 9: 362).

و قال أبو زرعة: «يدلّس كثيرا عن الشعبي». (المصدر: 361).

و قال ابن حجر: «ليّن الحديث». (تهذيب التهذيب 3: 293).

3- سفيان بن عيينة الّذي يروي خبر الخطبة عن الزهري.

قال الذهبي: «و كان سفيان مشهورا بالتدليس». (سير أعلام النبلاء 8: 465).

و قال أحمد: «دخل سفيان بن عيينة على معن بن زائدة، و لم يكن سفيان تلطّخ بعد بشي ء من أمر السلطان».

(المصدر السابق: 459).

فهذه شهادة من الإمام أحمد عليه، بل أنّ عبارته «تلطّخ» تدلّ على أكثر من الدخول في أمر السلطان.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:71

______________________________

4- عبد اللّه بن أبي مليكة الّذي يروي الخبر عن المسوّر بن مخرمة.

و الرجل كان على رأي عبد اللّه بن الزبير، و كان قاضيه

و مؤذّنه على ما ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء 5: 89.

5- عبيد اللّه بن تمام أبو عاصم الّذي يروي الخبر عن الحذّاء عن عكرمة عن ابن عباس.

قال ابن حجر: «ضعّفه الدار قطني و أبو حاتم و أبو زرعة و غيرهم، و قال أبو حاتم: روى أحاديث منكرة. و قال الساجي: كذّاب، يحدّث بمناكير عن يونس و خالد. و ذكره ابن الجارود و العقيلي في الضعفاء». (لسان الميزان 4:

526 رقم 5437).

كما ذكره ابن حبّان في المجروحين و قال: «لا يحلّ الاحتجاج بخبره». (المجروحين 2: 67)، و ابن الجوزي في الضعفاء و المتروكين 3: 161 رقم 2234، و الذهبي في ديوان الضعفاء 2: 135 رقم 2688، و في المغني في الضعفاء 2: 16 رقم 3915.

هذا و سئل أبو زرعة عن عبيد اللّه بن تمام، فقال: ضعيف الحديث، و أمر أن يضرب على حديثه. (الجرح و التعديل للرازي 5: 309 رقم 1471).

6- عبد اللّه بن لهيعة الّذي يروي الخبر عن ابن أبي مليكة المتقدّم.

قال الذهبي: «روى المناكير، أعرض أصحاب الصحاح عن رواياته، و كان يحيى بن سعيد القطّان لا يراه شيئا، و قال النسائي: ليس بثقة. و قال يحيى بن معين: لا يحتجّ به. و قال ابن حبّان: سبرت أخبار ابن لهيعة، فرأيته كان يدلّس عن أقوام ضعفى». (سير أعلام النبلاء 8: 14).

7- سليمان بن قرم بن معاذ الضبي

و هو من رواة الحديث الثالث عشر الّذي يحكي خطبة علي لأسماء بنت عميس.

قال ابن أبي حاتم عن الدوري: «سمعت يحيى بن معين يقول: سليمان بن معاذ ليس بشي ء، و هو ضعيف».

(الجرح و التعديل 4: 136).

و نقل ابن حجر: «قال ابن معين: ضعيف، و قال النسائي: ضعيف». (تهذيب التهذيب

4: 193 رقم 2694).

هذا و ذكره الذهبي في المغني في الضعفاء 1: 442 رقم 2613.

و النقطة الثالثة: من جهة متن الخبر

يوجد تهافت واضح بين هذه الأخبار من جهات عدّة:

الأولى: تناقض في كيفية الخطبة، فإنّ بعضها يقول: «خطب علي» و بعضها: «ذكر علي ابنة أبي جهل» و بعضها بلفظ: «إنّ أهل المخطوبة استأذنوا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله»! مع أنّ قصة الخطبة لم تتكرّر، بل هي واقعة واحدة.

الثانية: تناقض في كيفية سماع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالخطبة، فإنّ بعض هذه الأخبار تقول: «استأذنوني أهل المرأة»، و بعضها: «إنّ عليا استأذن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله»، و بعضها: «إنّ فاطمة أخبرت النبيّ»، و بعضها: «إنّ الناس قالوا للنبي: ألا تغار لبناتك»!!

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:72

______________________________

الثالثة: تناقض من جهة الحكم الصادر من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الجمع بين بنت رسول اللّه و بنت عدو اللّه، ففي بعضها قال: «لا تجتمع» و هو ليس صريحا في التحريم، و في بعضها قال: «ليس لأحد» و هذا ظاهر في الحرمة لعموم المسلمين، و في بعضها قال: «لم يكن له ذلك» و هذا حكم يختصّ بعليّ فقط.

فهل يعقل أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حادثة واحدة، و كلام واحد، و في قضية واحدة، يعطي ثلاثة أحكام متناقضة؟! حاشا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و النقطة الرابعة: في حال بنت أبي جهل

1- ذكر ابن حجر و غيره: أنّ اسمها «جويرية». (الإصابة 4: 265).

2- أنّها تلقّب بالعوراء، و هذا اللقب ورد في رواية مصنّف عبد الرزاق 7: 300 رقم 13266 قال: «إنّ عليا خطب العوراء»! و واضح أنّ المقام هنا ليس مقام المدح، بل هو

مقام الذم، و كانت العرب تستعمله للذمّ و للتشاؤم، قال الزبيدي في تاج العروس: «الأعور هو الرديّ من كلّ شي ء، و يقال للغراب: أعور على التشاؤم، لأنّ الأعور عندهم مشئوم، و يقال: الكلمة العوراء، أي القبيحة، و فلاة عوراء، أي: لا ماء بها».

و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عند ما يتحدّث أمام الجموع و هو على المنبر و يقول «العوراء» فلا بد أنّ الجميع يفهمون ما المراد، و من هي العوراء، و معنى ذلك أنّها كانت مشهورة بالقبح و الشؤم بين العرب!

3- أنّها أسلمت بعد عام الفتح، أي سنة ثمان للهجرة، و كانت قبل ذلك من الكفّار. راجع شرح النهج 17: 283.

و قصة الخطبة كانت في السنة السابعة للهجرة، كما في تهذيب التهذيب 10: 138.

و هذا وحده كاف في الحكم على هذا الخبر بالوضع، لأنّها كانت في السنة السابعة من الكفّار في مكّة، و حرمة نكاح الكفّار معلوم عند الجميع، فكيف يخفى على رجل مثل عليّ و هو نفس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟!

4- أنّها كانت من المبغضين لعلي عليه السّلام. قال في شرح النهج 17: 283: «و لمّا أذّن بلال قالت: أمّا الصلاة فسنصلّي، و لكن و اللّه لا نحبّ من قتل الأحبّة أبدا.

و النقطة الخامسة: أنّ رواية «فاطمة بضعة منّي، فمن أغضبها أغضبني أو من آذاها آذاني» مروية في الصحاح و المسانيد و كتب الحديث، من دون قصة الخطبة، فقد رواها البخاري بحاشية السندي 2: 550 رقم 3767، و رواه في باب: مناقب قرابة الرسول رقم 3714، و قال ابن حجر في فتح الباري 7: 477: «أخرجه الترمذي و صحّحه»، المعجم الكبير للطبراني: 22: 40 رقم 1012، مصنّف ابن أبي شيبة

7: 526 باب: مناقب فاطمة، السنن الكبرى للنسائي 5: 97 رقم 8372، كنز العمّال 12: 108 رقم 34222، البيان و التعريف 1: 116 رقم 271 و قال: «أخرجه الشيخان و أبو داود و الإمام أحمد و غيرهم»، الفردوس 3: 161 رقم 4282، سبل الهدى 5: 9 و 10: 327، تهذيب الكمال 35: 250، تاريخ دمشق 3: 156 و قال: «رواه مسلم في صحيحه»، كشف الخفاء 2:

80 رقم 1829 و قال: «رواه الشيخان عن المسوّر بن مخرمة، و رواه أحمد و الحاكم و البيهقي».

و غير ذلك من كتب الحديث و المناقب و التراجم؛ كالجامع الصغير للسيوطي، و الآحاد و المثاني، و فضائل

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:73

الحديث الخامس عشر:

عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لفاطمة:

«إنّ اللّه يرضى لرضاك، و يغضب لغضبك» «1».

رواه الطبراني بإسناد حسن.

______________________________

الصحابة لأحمد، و مصابيح السنّة للبغوي، و شرح السنّة، و فيض القدير، و الإصابة، و نظم درر السمطين للزرندي الحنفي، و أمالي أبي نعيم الأصبهاني، و ينابيع المودّة، و غيرها.

و النقطة السادسة:

أنّ خبر الخطبة تكذّبه سيرة علي و فاطمة عليهما السّلام.

فعليّ لم يعهد منه أنّه خالف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوما، و لم ينقل التاريخ أنّه عمل عملا يكرهه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فكيف بأمر يؤذي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟! و هذا الأمر معلوم لمن راجع سيرته مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. و أمّا الزهراء، فإنّ اللّه هو الّذي اختار لها عليا و زوّجها به، و اللّه لا يختار لها من يؤذيها بشي ء أبدا.

ثمّ هي سيدة نساء أهل الجنّة، و سيدة نساء المؤمنين، و لازم ذلك أنّها أفضل

نساء المؤمنين و نساء أهل الجنّة علما و عقلا، و دينا و تقوى، و ورعا و فهما، فكيف يخاف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن تفتن في دينها كما تقول القصة؟! و حاشاه من ذلك.

ثمّ إنّ القصة تسيئ للنبي أيضا، فالزواج من أربع نسوة حلال محلّل، فكيف يتأذّى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله منه؟!

و لو قيل: إنّ الحكم هو: حرمة الجمع بين بنت نبي اللّه و بين بنت عدوّ اللّه، فهذا يكذّبه و يردّه: أنّ عثمان بن عفّان تزوّج رملة بنت عدوّ اللّه شيبة على رقية بنت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله راجع الطبقات الكبرى لابن سعد 8: 239، و أسد الغابة 5: 459، و الإصابة في ترجمة رملة بنت شيبة. فلما ذا لم ينه النبيّ عن ذلك؟ و لما ذا لم يخف على رقية أن تفتن في دينها؟!

و إذا قيل: إنّ هذا الحكم مختصّ بعلي و فاطمة فقط، نقول: أولا: أنّه لا دليل على الاختصاص، و ثانيا: لو سلّم به، كيف لم يعلم به الإمام علي و هو باب مدينة علم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و عيبة علمه، و هو القائل صلّى اللّه عليه و آله: «أعلمكم علي»، و «أقضاكم علي»، و «علي مع الحقّ و الحقّ مع علي، يدور معه حيثما دار»، و «علي يؤدّي عنّي»؟!

(1). المعجم الكبير 1: 108 رقم 182 بتقديم و تأخير، و 22: 401 رقم 1001، و رواه في مستدرك الحاكم 3: 167 رقم 4730 قال: «حديث صحيح و لم يخرّجاه». كنز العمّال 13: 674 رقم 37725، الآحاد و المثاني 5: 363 رقم 2959، ذخائر العقبى: 82، نظم درر السمطين: 177، مجمع الزوائد 9:

328 رقم 15204 قال: «رواه الطبراني و إسناده حسن».

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:74

الحديث السادس عشر:

عن فاطمة الزهراء قالت: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«يا فاطمة، أ ما ترضين أن تأتي يوم القيامة سيدة نساء المؤمنين» «1».

رواه الديلمي.

الحديث السابع عشر:

عن أبي هريرة قال: قال عليه الصلاة و السلام:

«يا فاطمة، اشتري نفسك من اللّه و لو بشقّ تمرة» «2».

رواه الديلمي أيضا.

الحديث الثامن عشر:

عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«يا فاطمة، اصبري على مرارة الدنيا» «3».

رواه ابن لال «4» في المكارم.

______________________________

(1). صحيح البخاري 5: 2317 كتاب الاستئذان، صحيح مسلم 7: 143 باب: فضائل فاطمة، سنن ابن ماجة 1: 518 رقم 1621 باب: مرض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، مسند ابن راهويه 5: 7 رقم 2102، السنن الكبرى للنسائي 5: 96 رقم 8368، مسند أبي يعلى 12: 112 رقم 6745، رياض الصالحين: 345 رقم 687 قال: «متّفق عليه، و هذا لفظ مسلم»، كنز العمّال 12: 107 رقم 34216، سبل الهدى 10: 326 قال: «حديث صحيح». الآحاد و المثاني 5: 367 رقم 2967، تهذيب الكمال 35: 249 رقم 7899، تاريخ دمشق 3: 155، ذخائر العقبى: 84، ينابيع المودّة 2: 75، نظم درر السمطين: 179.

(2). روى المتقي الهندي في الكنز 16: 19 رقم 34752 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قاله لعمّته صفية.

(3). كنز العمّال 12: 422 رقم 35475 قال: «رواه ابن لال و ابن مردويه و ابن النجّار و الديلمي».

(4). في نسخة (ز): ابن بلال. و الصحيح هو ابن لال، كما في كنز العمّال، و ابن لال هو أحمد بن علي بن لال الهمداني الشافعي، ترجم له الذهبي مفصّلا في سير أعلام النبلاء 17: 75.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:75

الحديث التاسع عشر:

عن عكرمة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«يا فاطمة، إنّي ما أليت أن انكحتك خير أهلي» «1».

رواه ابن سعد عنه مرسلا.

الحديث العشرون:

عن أبي هريرة، عنه عليه الصلاة و السلام أنّه قال:

«يا فاطمة، ما لي لا أسمعك بالغداة و العشي تقولين: يا حيّ يا قيّوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كلّه، و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين» «2»

رواه الخطيب.

الحديث الحادي و العشرون:

عن أبي هريرة، عنه عليه الصلاة و السلام قال:

«يا فاطمة بنت محمّد، اشتري نفسك من النار، فإنّي لا أملك لك من اللّه شيئا» «3».

رواه البيهقي.

الحديث الثاني و العشرون:

عن ابن مسعود قال: أصابت فاطمة صبيحة العرس رعدة، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

______________________________

(1). رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 8: 20 مسندا إلى أم أيمن، و رواه في كنز العمّال 11: 606 رقم 32930.

(2). تاريخ بغداد 8: 48 رقم 4106 ترجمة الحسين بن سعيد بن سابور، و ليس فيه «طرفة عين». و رواه في كنز العمّال 2: 169 رقم 3606 و ليس فيه «طرفة عين» أيضا.

(3). كنز العمّال 16: 19 رقم 43752 و هو طرف من حديث طويل، نظم درر السمطين: 237.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:76

«يا فاطمة زوجك سيّد في الدنيا، و إنّه في الآخرة لمن الصالحين» «1».

[رواه أبو نعيم في الحلية] «2».

الحديث الثالث و العشرون:

عن أنس عنه عليه الصلاة و السلام قال:

«يا فاطمة، ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به، أن تقولي: يا حيّ يا قيّوم، برحمتك أستغيث، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، و اصلح لي شأني كلّه» «3».

[رواه البيهقي و ابن عدي] «4».

الحديث الرابع و العشرون:

عن أم سلمة قالت:

بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بيتي إذ قال الخادم: إنّ عليا و فاطمة بالسدّة «5»، فقال صلّى اللّه عليه و آله: قومي فتنحّي عن أهل بيتي. فدخل علي و فاطمة و معهما الحسن و الحسين، فأخذ الصبيّين فوضعهما في حجره، و اعتنق عليا بإحدى يديه و فاطمة بالأخرى، فقبّل فاطمة و قبّل عليا، فأغدف «6»

______________________________

(1). تاريخ بغداد 4: 129 رقم 1805 ترجمة أحمد بن أبي الاخيل، و فيه: «زوّجتك سيدا»، تاريخ دمشق 42: 128 و زاد في آخره: «قالت أم سلمة: فلقد كانت فاطمة تفخر على النساء حين أوّل»، المعتصر من المختصر 2: 247 و فيه: «زوّجتك سيدا في الدنيا و سيّدا في الآخرة، و لا يبغضه إلّا منافق»، كشف الغمة 1: 359.

(2). ما بين المعقوفتين أثبتناه من النسخة (ز).

(3). الأذكار النووية: 83 رقم 230 بتفاوت يسير، السنن الكبرى للنسائي 6: 147 رقم 10405 بتفاوت يسير.

(4). ما بين المعقوفتين أثبتناه من النسخة (ز).

(5). السدّة: باب الدار.

(6). أغدف: أرسل و أرخى، أي: غطّاهم بثوب.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:77

عليهم خميصة «1» سوداء، و قال: «اللّهم إليك لا إلى النار، أنا و أهل بيتي» «2».

رواه أحمد و غيره.

الحديث الخامس و العشرون:

عن زينب بنت أم سلمة «3»:

إنّ المصطفى صلّى اللّه عليه و آله دخل عليه الحسن و الحسين و فاطمة، فجعل الحسن من شقّ، و الحسين من شقّ، و جعل فاطمة في حجره، و قال:

«رحمة اللّه و بركاته عليكم أهل البيت، إنّه حميد مجيد» «4».

رواه الطبراني و غيره.

الحديث السادس و العشرون «5»:

عن أبي الحمراء قال:

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأتي باب فاطمة ستة أشهر، فيقول: (أَنَّما يُرِيدُ

______________________________

(1). الخميصة: قال الأصمعي: ثوب من صوف أو خزّ معلّم، و عن بعض الأعراب: هي الملاءة الليّنة. راجع الفائق في غريب الحديث 2: 131. و في عون المعبود 3: 128: الخميصة كساء مربّع له علمان أو هي ثوب خزّ أو صوف.

(2). مسند أحمد 6: 296 و 305، مصنّف ابن أبي شيبة 7: 501 رقم 41 باب: فضائل علي بن أبي طالب، المعجم الكبير 3: 54 رقم 2667 و فيه: «عطف عليهم خميصة»، ذخائر العقبى: 56، كنز العمّال 13: 644 رقم 37628، و قريب منه رقم 37630، مجمع الزوائد 9: 262 رقم 14969.

(3). في كنز العمّال و غيره: «زينب بنت أبي سلمى»، لكن الصحيح هو: بنت أبي سلمة، كما في ترجمتها في سير أعلام النبلاء 3: 200 و كذا في الاستيعاب و أسد الغابة عند ترجمتها.

(4). المعجم الكبير 24: 281، كنز العمّال 13: 642 رقم 37625، و رواه في سير أعلام النبلاء 3: 201، تاريخ دمشق 3: 209 و 14: 146، سبل الهدى 11: 190، ينابيع المودّة 2: 255 رقم 635، مجمع الزوائد 9: 266 رقم 14984.

(5). هذا الحديث أثبتناه من النسخة (ز)، لوجود مسح في نسخة الأصل (ص).

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:78

اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) «1».

رواه

الطبراني.

______________________________

(1). المعجم الكبير 3: 56 رقم 2672، و مثله برقم 2671 عن أنس، و 22: 402 رقم 1002 بطريق آخر عن أنس.

و رواه في مستدرك الحاكم 3: 172 رقم 4748 من حديث أنس، و قال: «حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرّجاه»، مصنّف ابن أبي شيبة 7: 527 باب: مناقب فاطمة، مسند الطيالسي: 274 رقم 2060 عن أنس و فيه:

«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يمرّ على باب فاطمة أشهرا»، مسند أحمد 3: 259، الجامع الصحيح للترمذي 5: 352 رقم 3206، كنز العمّال 13: 646 رقم 37632، مسند أبي يعلى 7: 59 رقم 1223، تحفة الأحوذي 9: 66 رقم 3206، مجمع الزوائد 9: 267 رقم 14985 و برقم 14986 من حديث أبي برزة، أسد الغابة 7: 218، الدرّ المنثور 6: 607، الآحاد و المثاني 5: 360 رقم 2953، تاريخ دمشق 42: 137 و فيه: «تسعة أشهر»، فتح القدير 4: 280، ميزان الاعتدال 2: 381 و فيه: «سبعة أشهر أو تسعا»، مناقب الخوارزمي: 60 و فيه: «أربعين صباحا»، ذخائر العقبى: 60 من حديث أنس، و قال: «أخرجه أحمد من حديث أبي الحمراء، و أخرجه عبد الحميد»، مناقب ابن مردويه: 403 رقم 489 بلفظ: «رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي و فاطمة فقال: (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)»، و أخرجه ابن مردويه برقم 486 من حديث أنس، و رقم 487 من حديث أبي سعيد الخدري، و رقم 492 من حديث ابن عباس، و رقم 488 بطريق آخر من حديث أنس.

و لا يخفى أنّ التأكيد

من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على تلاوة آية (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) بمسمع و مرأى من الصحابة، و تكرار ذلك الفعل بشكل متواصل و يومي، و لمدة ستة أو سبعة أو تسعة أشهر أو أربعين صباحا، و في وقت الصلاة الّذي يكون عادة حضور الأصحاب فيه متكاملا، له من المداليل المهمّة. و المظنون قويا أنّ هذا الفعل قد تكرّر من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقد فعله أربعين صباحا، ثمّ فعله ستة أشهر، ثمّ سبعة أشهر، و هكذا، و الّذي يدلّ على ذلك كثرة نقل الواقعة، و من أصحاب متعدّدين، مع تعدّد الفترة و اختلاف زمان الفعل.

و هذا إن دلّ على شي ء فإنّما يدلّ على تأكيد من النبيّ لبيان اختصاص عنوان أهل البيت بهم وحدهم دون غيرهم، و كذلك بيان اختصاص إذهاب الرجس و التطهير بهم. و بيان أنّ شأن نزول هذه الآية و من نزلت فيهم هم: علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام.

و يدلّ على ذلك أيضا جملة روايات واردة في شأن نزول آية التطهير، منها:

(1) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «نزلت هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فيّ و في علي و فاطمة و حسن و حسين». (مجمع الزوائد 9: 264 رقم 14976، و مثله برقم 14997، و مختصر البزّار للعسقلاني 2: 332 رقم 1962).

(2) عن سعد بن عامر قال: نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الوحي، فأدخل علي و فاطمة و ابنيهما تحت ثوبه، ثمّ

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:79

الحديث السابع و العشرون:

فاطمة الزهراء قالت:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«كلّ بني آدم ينتمون إلى عصبة «1»، إلّا ولد فاطمة، فأنا وليّهم،

______________________________

قال: «اللّهم هؤلاء أهلي و أهل بيتي» (مستدرك الحاكم 3: 159 رقم 4708).

(3) عن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) و في البيت فاطمة و علي و الحسن و الحسين، فجلّلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكساء كان عليه، ثمّ قال: «هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا.

قال الشوكاني في فتح القدير 4: 279: «أخرجه الترمذي و صحّحه و ابن جرير و ابن المنذر و الحاكم و صحّحه و ابن مردويه و البيهقي في سننه من طرق عن أم سلمة». و قال أيضا: «و قد ذكر ابن كثير في تفسيره لحديث أم سلمة طرقا كثيرة في مسند أحمد و غيره». و قد أطال الشوكاني فيه استعراض الطرق للحديث، تجدر مراجعه.

و كذا فعل السيوطي في تفسيره الدرّ المنثور 6: 603 حيث روى حديث أم سلمة و ذكر طرقه مفصّلا، و رواه في تحفة الأحوذي 9: 65 رقم 3205، و الجامع الصحيح للترمذي 5: 351 رقم 3205 في تفسير سورة الأحزاب، و مسند أحمد 6: 292.

و ما يؤكّد ذلك أيضا: تلاوة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لهذه الآية على علي و فاطمة و الحسن و الحسين دوما أمام زوجاته و أصحابه، و بكيفيات مختلفة، و الروايات من هذا القبيل كثيرة جدا، منها:

(1) كان صلّى اللّه عليه و آله إذا جاء علي و فاطمة و الحسن و الحسين ألقى عليهم كساء، ثمّ قال: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي، اللّهم أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا».

رواه

الطبراني في المعجم الكبير 22: 66 رقم 159 و 160، و أحمد في المسند 4: 107.

(2) و عن عائشة قالت: خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذات غداة و عليه مرط مرجل في شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله معه، ثمّ جاء الحسين فأدخله معه، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها معه، ثمّ جاء علي فأدخله معه، ثمّ قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

السنن الكبرى للبيهقي 2: 149 باب: فضائل أهل البيت، صحيح مسلم بشرح النووي 15: 160 رقم 6211، و مسند ابن راهويه 3: 678، و شرح السنّة للبغوي 8: 87 رقم 3910، و السنّة لابن أبي عاصم: 901.

و راجع أيضا: المعجم الكبير للطبراني 3: 53 رقم 2666 و 3: 54 رقم 2668 و 3: 55 رقم 2669 و 2670، و مسند أحمد 4: 107، و ينابيع المودّة 2: 22 رقم 629 إلى 643. و راجع أيضا كتب التفسير، عند تفسير الآية 33 من سورة الأحزاب.

(1). العصبة: القرابة من قبل الأب، و العصبة: العشرة فما فوقها، و منه قوله: (وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ) و قيل: العشرة إلى

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:80

و أنا عصبتهم» «1». رواه الطبراني و أبو يعلى.

الحديث الثامن و العشرون:

عن عليّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«أنا و فاطمة و علي مجتمعون و من أحبّنا يوم القيامة، نأكل و نشرب حتّى يفرق بين العباد».

فبلغ ذلك رجلا من الناس، فقال: كيف بالعرض و الحساب؟ فقال:

كيف بصاحب يس «2» حين أدخل الجنّة من ساعته «3».

رواه الطبراني.

الحديث التاسع و العشرون:

عن حذيفة عنه عليه الصلاة و السلام قال:

______________________________

الأربعين، و عصبة الرجل: أولياؤه من الذكور من ورثته. راجع الفروق اللغوية لابن هلال العسكري: 107، و غريب الحديث لابن قتيبة 1: 44.

(1). المعجم الكبير 3: 44 رقم 2632 و فيه: «كلّ بني أم ينتمون ....»، مسند أبي يعلى 12: 109 رقم 6741 و فيه: «كلّ بني أم ....»، و راجع في الجامع الصغير 2: 704 رقم 6318، كشف الخفاء 2: 110 رقم 1966 و قال: «له شواهد أيضا عند الطبراني عن جابر مرفوعا: إنّ اللّه جعل ذرّية كلّ نبي في صلبه، و إنّ اللّه جعل ذرّيتي في صلب علي». و رواه في تاريخ بغداد 11: 285 رقم 6054 في ترجمة عثمان بن محمّد المعروف بابن أبي شيبة، فيض القدير 5: 17 رقم 6293.

(2). صاحب يس هو الّذي ورد ذكره في سورة يس، و الّذي قال: (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) فسبق قومه إلى الإيمان فقتلوه، فأدخله اللّه الجنّة من ساعته، فقال: (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)، و اسمه حبيب النجّار و قد ورد في الأخبار: «السبّاق ثلاثة: سبق يوشع إلى موسى، و صاحب يس إلى عيسى، و علي إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله». رواه في الآحاد و المثاني 1: 150 رقم 182. و في كنز العمّال 11: 603 رقم 32898:

«الصدّيقون ثلاثة: حبيب النجّار مؤمن آل يس الّذي قال: يا قوم اتّبعوا المرسلين، و حزقيل مؤمن آل فرعون الّذي قال: أ تقتلون رجلا أن يقول ربي اللّه، و علي بن أبي طالب و هو أفضلهم» رواه أبو نعيم في المعرفة و ابن عساكر، و برقم 32896 رواه ابن مردويه عن ابن عباس.

(3). المعجم الكبير 3: 41 رقم 2623، و راجع كنز العمّال 12: 98 رقم 34166 و قال: «رواه ابن عساكر عن علي».

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:81

«يا فاطمة بنت رسول اللّه، اعملي للّه خيرا فإنّي لا أغني عنك من اللّه شيئا يوم القيامة» «1».

رواه البزّار.

الحديث الثلاثون:

عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«يا فاطمة، أ ما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين و سيدة نساء المؤمنين؟» «2».

رواه الحاكم.

______________________________

(1). مختصر زوائد مسند البزّار 1: 71 رقم 16، و راجع كنز العمّال 16: 19 رقم 43753.

(2). مستدرك الحاكم 3: 170 بلفظ: «ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين، و سيدة نساء هذه الأمة، و سيدة نساء المؤمنين؟» و قال: هذا إسناد صحيح و لم يخرّجاه، و قال الذهبي في التلخيص: صحيح. و رواه في السنن الكبرى للنسائي 5: 146 رقم 8516 بلفظ «...... نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين» و قريب منه برقم 8517، كنز العمّال 12: 110 رقم 34232 بزيادة: «و سيدة نساء هذه الأمة».

و لا يخفى أنّ هذا الوصف لفاطمة ب «سيدة نساء المؤمنين» و «سيدة نساء العالمين» و «سيدة نساء أمتي» و «سيدة نساء أهل الجنّة» و «سيدة نساء هذه الأمة» ورد كثيرا في الروايات، و بطرق عديدة و صحيحة، و بعض الروايات جمعت بين و صفين أو أكثر.

ما ورد بعنوان: «أنّ

فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة» رواه كلّ من: صحيح البخاري 3: 1360 باب: قرابة الرسول و 3: 1374 باب: مناقب فاطمة، مسند أحمد 3: 80 و 5: 391، السنن الكبرى للنسائي 5: 81 و 95 و 45، كنز العمّال 12: 96 و 13: 640، نظم درر السمطين 178، تهذيب الكمال 26: 391، مستدرك الحاكم 3: 164 و 168 و 4: 47، الآحاد و المثاني 5: 365، تاريخ دمشق 12: 269 و 13: 207 و 14: 134 و 47: 482، سبل الهدى 10: 47، ينابيع المودّة 2: 36.

و ما ورد بعنوان: «سيدة نساء المؤمنين» رواه كلّ من: صحيح البخاري 5: 2317 كتاب الاستئذان، صحيح مسلم 7: 143 باب: فضائل فاطمة و 144 من نفس الباب، سنن ابن ماجة 1: 518، مسند أحمد 6: 282، السنن الكبرى للنسائي 4: 252 و 5: 146، رياض الصالحين للنووي: 345، سبل الهدى 11: 46، المعجم الكبير 11: 294.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:82

الحديث الحادي و الثلاثون:

عن علي عليه السّلام:

«إذا كان يوم القيامة نادى منادي من وراء الحجب: يا أهل الجمع، غضّوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمّد حتّى تمرّ» «1».

رواه الحاكم و تمام و غيرهما.

الحديث الثاني و الثلاثون:

عن أبي هريرة مرفوعا:

إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان «2» العرش: أيّها الناس، غضّوا

______________________________

و ما ورد بعنوان: «سيدة نساء العالمين» رواه كلّ من: السنن الكبرى للنسائي 4: 252 و 5: 146، مصنّف ابن أبي شيبة 7: 527 باب: مناقب فاطمة، مسند الطيالسي: 197 من حديث أسامة بن شريك، مستدرك الحاكم 3: 170.

و ما ورد بعنوان: «سيدة نساء هذه الأمة» رواه كلّ من: صحيح البخاري 5: 2317 كتاب الاستئذان، صحيح مسلم 7: 143 و 144 باب: فضائل فاطمة، سنن ابن ماجة 1: 518، السنن الكبرى للنسائي 5: 146، مسند الطيالسي: 197 من حديث أسامة بن شريك، مستدرك الحاكم 3: 170، مسند أحمد 6: 282.

و ما ورد بعنوان: «سيدة نساء أمتي» رواه كلّ من: المعجم الكبير 22: 403، السنن الكبرى للنسائي 5: 146، التاريخ الكبير 1: 222 ترجمة محمّد بن مروان الذهلي.

هذا مع ملاحظة أنّنا لم نتابع أغلب كتب الحديث، و إلّا فهذه الأحاديث مذكورة في معظم كتب الحديث و الرجال و التاريخ و الأنساب و اللغة و التفسير و المناقب، بطرق صحيحة و متعدّدة، و لا يبعد القول ببلوغها حدّ التواتر، كما يشعر به كلام العلّامة الكتّاني في نظم المتناثر في الحديث المتواتر: 207 رقم 234.

(1). مستدرك الحاكم 3: 166 رقم 4728 قال: «حديث صحيح على شرط الشيخين، و لم يخرّجاه»، و راجع كنز العمّال 12: 108 رقم 34219، كشف الخفاء 1: 85 رقم 263 قال: «رواه الحاكم عن علي، و رواه أبو بكر الشافعي

في الغيلانيات عن أبي هريرة بلفظ: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش ...»، و رواه في نظم درر السمطين: 182، فيض القدير 1: 429 رقم 822، أسد الغابة 7: 220، ينابيع المودّة 2: 88 رقم 184 و 137 رقم 386 قال: «أخرجه ابن بشران عن عائشة».

(2). بطنان العرش: وسطه، و قيل: أصله، و قيل: البطنان جمع بطن، و هو الغامض من الأرض، يريد من دواخل العرش.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:83

أبصاركم حتّى تجوز فاطمة إلى الجنّة «1».

الحديث الثالث و الثلاثون:

عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا:

إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع، نكّسوا رءوسكم و غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط. فتمرّ مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمرّ البرق «2».

رواه أبو بكر الشافعي أيضا.

الحديث الرابع و الثلاثون:

عن عائشة مرفوعا:

إذا كان يوم القيامة نادى مناد: معشر الخلائق، طأطئوا «3» رءوسكم حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد، فتمرّ عليها ريطتان «4» خضراوان «5».

رواه الطبراني و الحاكم و أبو نعيم.

______________________________

راجع النهاية 1: 137، و لسان العرب 13: 55، و في مجمع البحرين 1: 213: بطنان العرش بالضم، وسطه و داخله.

(1). كنز العمّال 12: 106 رقم 34210 قال: «رواه أبو بكر في الغيلانيات عن أبي أيوب» و رقم 34211 قال: «رواه أبو بكر في الغيلانيات عن أبي هريرة»، ينابيع المودّة 2: 478 رقم 339 قال: «عن أبي هريرة»، فيض القدير 1:

539 و قال: «و المراد هو إظهار شرف بنت خاتم الأنبياء على رءوس الأشهاد بإسماعهم ذلك و إن كانوا في شغل شاغل عن النظر. و هذا كلام لطيف من العلّامة المناوي»، تاج العروس 5: 174.

(2). كنز العمّال 12: 105 رقم 34209 قال: «رواه أبو بكر في الغيلانيات عن أبي أيوب»، و رواه في ينابيع المودّة 2:

136 رقم 385 قال: «أخرجه الحافظ أبو سعيد في شرف النبوّة، و أخرجه محمّد بن علي بن عمر النقاش في فوائد العراقيين»، سبل الهدى 11: 50.

(3). طأطأ: نكس و خفض.

(4). الريطة: هي كلّ ملاءة إذا كانت قطعة واحدة، و الجمع: رياط. (مجمع البحرين 2: 259) و قال الزبيدي: «الريطة:

كلّ ملاءة ذات قطعة واحدة أو كلّ ثوب ليّن رقيق». (تاج العروس 5: 145). و الملاءة هي الإزار كما في

النهاية لابن الأثير 4: 352.

(5). الظاهر أنّ المصنف جمع بين حديثين، الأول: عن علي عليه السّلام و ليس فيه: «طأطئوا»، و الثاني: عن عائشة،

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:84

الحديث الخامس و الثلاثون:

عن علي عليه السّلام قال: أخبرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أنّ أوّل من يدخل الجنّة: أنا و فاطمة» «1».

رواه ابن سعد.

الحديث السادس و الثلاثون:

عن ابن عباس مرفوعا:

«أفضل نساء أهل الجنّة: خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت محمّد، و مريم بنت عمران، و آسية بنت مزاحم».

رواه أحمد و الترمذي بإسناد صحيح «2».

______________________________

و ليس فيه: «ريطتان». و قد نبّهنا على ذلك في تخريجات الحديث راجع المعجم الكبير 1: 108 رقم 180 و 22:

400 رقم 999 عن علي، و ليس فيهما: «طأطئوا»، المعجم الأوسط 3: 197 رقم 2407 عن علي و ليس فيه:

«طأطئوا» أيضا، سبل الهدى 10: 386 عن عليّ و ليس فيه: «طأطئوا» أيضا، و أخرجه الذهبي في ميزان الاعتدال 1: 548 رقم 2058 في ترجمة الحسين بن معاذ، و ليس فيه: «ريطتان». و كذا في لسان الميزان، و 2: 538 رقم 4765 ترجمة عبد الحميد بن بحر، و كذا في لسان الميزان، و ليس فيهما: «طأطئوا»، و كذا في كنز العمّال 12: 109 رقم 34229 قال: «رواه أبو الحسن ابن بشران عن عائشة». و ليس فيه: ريطتان.

تاريخ بغداد 8: 136 في ترجمة الحسين بن معاذ رقم 4234. و ليس فيه: ريطتان.

(1). كنز العمّال 13: 639 رقم 37614 و زاد في آخره: «و الحسن و الحسين، فقلت: يا رسول اللّه، فمحبّونا؟ قال:

من ورائكم»، و 12: 98 رقم 34166، ينابيع المودّة 2: 202 رقم 583 قال: «أخرجه أبو سعد في شرف النبوّة».

(2). مسند أحمد 1: 392، و راجع مجمع الزوائد 9: 357 رقم 15268 و قال: «رواه أحمد و أبو يعلى و الطبراني، و رجالهم رجال الصحيح»، صحيح ابن حبّان 15: 470 رقم 7010، مستدرك الحاكم 3: 174

رقم 4754 و قال:

«حديث صحيح الإسناد و لم يخرّجاه»، و وافقه الذهبي في التلخيص، و 3: 205 رقم 4852 و قال: «صحيح

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:85

قال الحافظ ابن حجر: هذا نصّ صريح قاطع للنزاع في تفضيل خديجة على عائشة لا يحتمل التأويل «1».

الحديث السابع و الثلاثون:

عن أبي ثعلبة الحسيني «2» قال:

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلّى ركعتين، ثمّ ثنّى بفاطمة، ثمّ يأتي أزواجه. فقدم من سفر فصلّى ركعتين، ثمّ أتى فاطمة فتلقّته على باب القبّة، فجعلت تلثم «3» فاه و عينيه و تبكي، قال:

ما يبكيك؟ قالت: أراك شعثا تعبا قد اخلولقت ثيابك «4»، فقال لها:

لا تبكي، فإنّ اللّه عزّ و جلّ بعث أباك بأمر لا يبقى على ظهر الأرض

______________________________

الإسناد و لم يخرّجاه». و قال الذهبي: صحيح. المعجم الكبير 11: 266 رقم 11928، و 22: 407 رقم 1019 باب: مناقب فاطمة، و 23: 7 رقم 1 باب: مناقب خديجة، السنن الكبرى للنسائي 5: 93 رقم 8355 و 8357 و 8364، الآحاد و المثاني 5: 364 رقم 2962، كنز العمّال 12: 143 رقم 34402، سبل الهدى 10: 327 و قال:

«و هو يقتضي تفضيل فاطمة على جميع نساء العالم، و منهنّ خديجة و عائشة و بقيّة بنات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله»، و 11:

126 ذكره في فضائل خديجة، فتح القدير 5: 257 ذكره في تفسير آخر آية من سورة التحريم، الجامع الصغير 1: 154 رقم 1321، فيض القدير 2: 53 رقم 1307 و قال: «الأولى و الثانية أفضل من الثالثة و الرابعة، أي خديجة و فاطمة أفضل من مريم و آسية، و رجّح بعضهم تفضيل فاطمة؛ نظرا لما فيها من البضعة

الشريفة»، الاستيعاب 4: 450.

(1). فتح الباري 7: 514 باب: تزويج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خديجة، و قال: «استدلّ بهذا الحديث على أنّ خديجة أفضل». و نقله العلّامة المناوي في فيض القدير 2: 53 في شرح الحديث رقم 1307 و 4: 124 في شرح الحديث رقم 4759.

و قد نقلنا في الباب الأول كلمات كثير من الأعلام ممّن قالوا بأفضلية خديجة على عائشة، و الظاهر عدم الخلاف عندهم في ذلك، فراجع.

(2). الصحيح هو: أبو ثعلبة الخشني، كما في كتب الحديث، ترجم له الرازي في الجرح و التعديل 2: 543 رقم 2257 و قال: «اسمه جرثوم بن عمرو، له صحبة».

(3). في النسخة (م): تلتهم.

(4). اخلولق الثوب: إذا بلي.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:86

نبت و لا مدر و لا حجر، و لا وبر و لا شعر، إلّا أدخل اللّه به عزّا أو ذلّا.

رواه الطبراني و أبو نعيم. «1»

الحديث الثامن و الثلاثون:

عن ثوبان:

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا سافر آخر عهده إتيان فاطمة، و أوّل من يدخل عليه إذا قدم فاطمة «2».

رواه أحمد و البيهقي.

الحديث التاسع و الثلاثون:

عن ابن عباس عنه عليه الصلاة و السلام أنّه قال:

«أنا ميزان العلم، و علي كفّتاه، و الحسن و الحسين خيوطه، و الائمة من أمتي عموده، و فاطمة علاقته، توزن فيه أعمال المحبّين لنا و المبغضين لنا» «3».

رواه الديلمي.

______________________________

(1). المعجم الكبير 22: 225 رقم 595، و قريب منه رقم 596، و رواه في مستدرك الحاكم 3: 169 رقم 4737 و قال:

«حديث صحيح الإسناد، و لم يخرّجاه»، مسند الشاميين 1: 299 رقم 523، فيض القدير 5: 155 ذكره في شرح الحديث رقم 6771، الجامع الصغير 2: 752 رقم 6796 ذكر طرفا من الحديث، إلى قوله: «ثمّ يأتي أزواجه»، نظم درر السمطين: 177.

(2). مسند أحمد 5: 275، السنن الكبرى للبيهقي 1: 26 باب: المنع من الادهان، و رواه في تهذيب الكمال 12: 112 ترجمة رقم 2577 و قال: «رواه أبو داود عن مسدّد عن عبد الوارث نحوه فوقع لنا عاليا، و رواه ابن ماجة عن أزهر بن مروان، فوافقناه فيه بعلو، و قد كتبناه في ترجمة حميد الشامي من وجه آخر عن مسدّد».

(3). كشف الخفاء 1: 185 رقم 618 ذكره في ضمن الكلام عن حديث «أنا مدينة العلم و علي بابها»، ينابيع المودّة 2: 242 رقم 679 و قال: «رواه صاحب الفردوس»، و 2: 268 رقم 762.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:87

الحديث الأربعون:

عن ابن عباس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«ليلة عرج بي إلى السماء رأيت مكتوبا على باب الجنّة بالذهب:

لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، علي حبيب اللّه، الحسن و الحسين صفوة اللّه، فاطمة أمة اللّه» «1».

رواه الديلمي.

الحديث الحادي و الأربعون:

عن ابن عباس قال: سألت المصطفى صلّى اللّه عليه و آله عن الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه، فقال:

«سأل بحقّ محمّد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين» «2».

الحديث الثاني و الأربعون:

عن عمران بن حصين:

أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عاد فاطمة و هي مريضة، فقال لها: كيف تجدينك يا بنيّة؟

أ ما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين، قالت: فأين مريم بنت

______________________________

(1). تاريخ بغداد 1: 258 رقم 88 ذكره في ترجمة محمّد بن إسحاق بن مهران، و زاد في آخره: «على باغضهم لعنة اللّه»، مناقب الخوارزمي: 320 رقم 297 و زاد في آخره: «و على مبغضيهم لعنة اللّه»، لسان الميزان 5: 703 في ترجمة محمّد بن إسحاق بن مهران، ميزان الاعتدال 3: 478 رقم 7212 في ترجمة محمّد بن إسحاق، و زاد في آخره: «و على باغضهم لعنة اللّه».

(2). الدرّ المنثور 1: 147 في تفسير الآية: 37 من سورة البقرة، و قال: «أخرجه ابن النجّار عن ابن عباس»، و زاد في آخره: «ألا تبت عليّ، فتاب عليه»، ينابيع المودّة 1: 288 رقم 4 الباب 24 و قال: «رواه ابن المغازلي بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس»، مناقب ابن المغازلي: 105 رقم 89.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:88

عمران؟ قال: تلك سيدة نساء عالمها، و أنت سيدة نساء عالمك، و اللّه لقد زوّجتك سيدا في الدنيا و الآخرة «1».

رواه الحاكم عن عائشة.

الحديث الثالث و الأربعون:

عن علي عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«خير نسائها مريم، و خير نسائها فاطمة» «2».

رواه الترمذي «3».

الحديث الرابع و الأربعون:

عن عروة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«مريم خير نساء عالمها، و فاطمة خير نساء عالمها» «4»

رواه الحارث بن أسامة.

الحديث الخامس و الأربعون:

عن أبي سعيد: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

______________________________

(1). تاريخ دمشق 42: 134 و زاد في آخره: «فلا يحبّه إلّا مؤمن و لا يبغضه إلّا منافق»، المعتصر من المختصر 2: 247 و زاد في آخره: «و لا يبغضه إلّا منافق»، الاستيعاب 4: 449، نظم درر السمطين: 179، ذخائر العقبى:

88، سير أعلام النبلاء 2: 126، ينابيع المودّة 2: 134 و زاد في آخره: «و لا يبغضه إلّا منافق».

(2). سبل الهدى 10: 328 و قال: «رواه الترمذي عن علي»، و 11: 162 و قال: «أخرجه الترمذي موصولا من حديث علي».

(3). الموجود في سنن الترمذي 5: 367 رقم 3980: «خير نسائها خديجة بنت خويلد، و خير نسائها مريم بنت عمران».

(4). الديباج 5: 401 و قال: «أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده»، سبل الهدى 10: 328 و 11: 162 و قال:

«في مسند الحارث بن أسامة»، و في الجامع الصغير 1: 448 رقم 3898 زاد في أوّله: «خديجة خير نساء عالمها»، و مثله في فيض القدير 3: 432 رقم 3883.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:89

«فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة، إلّا ما كان من مريم بنت عمران».

رواه أبو نعيم «1».

الحديث السادس و الأربعون:

عن ابن عباس: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«سيدات أهل الجنّة بعد مريم بنت عمران: فاطمة و خديجة ثمّ بنت مزاحم» «2».

رواه الطبراني في الكبير و الأوسط بسند رجاله رجال الصحيح «3».

الحديث السابع و الأربعون:

عن عائشة قالت:

______________________________

(1). مستدرك الحاكم 3: 168 رقم 4733 قال: حديث صحيح الإسناد و لم يخرّجاه، إنّما تفرّد مسلم بإخراج حديث أبي موسى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «خير نساء العالمين أربع ...». و قال الذهبي في التلخيص: «صحيح»، سبل الهدى 10: 328.

و قد روي هذا الحديث من دون «إلّا ما كان من مريم» في أكثر كتب الحديث، رواه البخاري في الصحيح 3: 1374 باب: مناقب فاطمة، و أورده أيضا في باب: مناقب قرابة الرسول، و الحاكم في المستدرك 3: 164 رقم 4721 و 4722 و قال: «حديث صحيح الإسناد و لم يخرّجاه»، و النسائي في السنن الكبرى 5: 81 رقم 8298 في مناقب أصحاب الرسول، و ابن أبي شيبة في المصنّف 7: 527 رقم 3 باب: فضل فاطمة و ابن حجر العسقلاني في مختصر زوائد البزّار 2: 343 رقم 1988، و الهيثمي في مجمع الزوائد 9: 324 رقم 15191 و قال:

«رجاله رجال الصحيح»، و في كشف الأستار عن زوائد البزّار 3: 234 رقم 2650 بلفظ «ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنّة»، و العلّامة المباركفوري في تحفة الأحوذي 10: 265 رقم 3790 و قال: «أخرجه أحمد و النسائي في فضائل الصحابة و ابن خزيمة»، و ابن أبي عاصم في الآحاد و المثاني 5: 366 رقم 2966.

(2). المعجم الكبير 11: 328 رقم 12179، المعجم الأوسط 2: 65 رقم 1111. و رواه في كنز العمّال 12: 145 رقم

34409 بلفظ «سيدات نساء أهل الجنّة أربع: مريم و فاطمة و خديجة و آسية» عن عائشة، كما في مستدرك الحاكم 3: 205 رقم 4853. و رواه في الكنز أيضا 12: 144 رقم 34406، و في الجامع الصغير 2: 540 رقم 4784 قال: «صحيح»، فيض القدير 4: 124 رقم 4759.

(3). قال الهيثمي في مجمع الزوائد 9: 324 رقم 15190: «رواه الطبراني في الأوسط و الكبير، و رجال الكبير رجال الصحيح».

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:90

اجتمعت نساء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فجاءت فاطمة تمشي، ما تخطى ء مشيتها مشيت أبيها، فقال: مرحبا بابنتي، فأقعدها عن يمينه، فسارّها بشي ء فبكت، ثمّ سارّها فضحكت، فقلت لها: أخبريني بما سارّك، قالت: ما كنت لأفشي عليه سرّا.

فلمّا توفّي، قالت لها: أسألك بما لي عليك من الحقّ، لما أخبرتني بما سارّك، قالت: أمّا الآن نعم، سارّني قال: إنّ جبريل يعارضني بالقرآن في كلّ سنة مرّة، و أنّه عارضني العام مرّتين، و لا أرى ذلك إلّا اقتراب أجلي، فاتّقي اللّه و اصبري، فنعم السلف أنا لك، فبكيت، ثمّ سارّني و قال: أ ما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، فضحكت «1».

رواه الشيخان.

الحديث الثامن و الأربعون:

عن أمّ سلمة قالت:

دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة عام الفتح، فناجاها فبكت، ثمّ حدّثها فضحكت، فلمّا توفّي سألتها، قالت: أخبرني أنّه يموت فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي سيدة نساء أهل الجنّة إلّا مريم بنت عمران، فضحكت «2».

الحديث التاسع و الأربعون:

عن عائشة: حدّثتني فاطمة قالت:

______________________________

(1). صحيح البخاري 5: 2317 رقم 5928 كتاب الاستئذان الباب 43، صحيح مسلم بشرح النووي 16: 225 رقم 6264 باب: فضائل فاطمة، و رواه النسائي في السنن الكبرى 5: 96 رقم 8368 و مثله في: 146 رقم 8516.

(2). المعجم الكبير 22: 422 رقم 1039، كنز العمّال 13: 677 رقم 37734، السنن الكبرى للنسائي 5: 145 رقم 8513 و ليس فيه: «عام الفتح»، ينابيع المودّة 2: 54 رقم 28 قال: «رواه الترمذي».

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:91

أسرّ إليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنّ جبريل كان يعارضني بالقرآن في كلّ سنة مرة، و أنّه عارضني العام مرّتين، و لا أراه إلّا قد حضر أجلي، و إنّك أوّل أهل بيتي لحوقا بي، و نعم السلف أنا لك. قالت: فبكيت، و قال: إلّا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة، أو نساء المؤمنين، فضحكت «1».

رواه الشعبي عن مسروق.

الحديث الخمسون:

عن عائشة قالت:

ما رأيت أحدا أشبه كلاما و حديثا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من فاطمة، كانت إذا دخلت قام إليها فقبّلها، و رحّب بها، و أخذ بيديها و أجلسها في مجلسه، و كانت هي إذا دخل عليها قامت إليه فقبّلته، و أخذت بيده و أجلسته مكانها.

فدخلت عليه في مرضه الّذي توفّي فيه، فأسرّ إليها فبكت، ثمّ أسرّ إليها فضحكت، فقلت: كنت أحسب لهذه المرأة فضلا على النساء، فإذا هي امرأة منهنّ، بينما هي تبكي إذ هي تضحك. فلمّا توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سألتها عن ذلك، قالت: أسرّ لي أنّه ميّت فبكيت، ثمّ أسرّ لي أنّي أوّل أهله لحوقا به فضحكت «2».

رواه ابن حبّان.

______________________________

(1). السنن الكبرى للنسائي 5: 146 رقم

8516، سبل الهدى 10: 327، الآحاد و المثاني 5: 367 رقم 2967، و نقل طرفا منه ابن ماجة في السنن 1: 518 رقم 1621.

(2). صحيح ابن حبّان 15: 403 رقم 6953، و رواه في سنن أبي داود: 785 رقم 5217 باب ما جاء في القيام، و السنن الكبرى للنسائي 5: 96 رقم 8369، و الجامع الصحيح للترمذي 5: 700 رقم 3872 بتفاوت يسير.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:92

و لا تنافي بين هذا الحديث و ما قبله من الأخبار، فلعلّه تعدّد صدور ذلك منه لها، و بكاؤها و ضحكها لم يكن لمجموع الخبرين، و إلّا لما استقلّ به أحدهما كما استقلّ به حديث عائشة، فهو دليل على أنّه لموته فقط لا لكلّ واحد منهما، و إلّا لما ضحكت للثاني.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:93

الباب الرابع في خصائصها و مزاياها على غيرها

اشارة

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:95

في خصائصها و مزاياها

اشارة

و هي كثيرة:

الأولى: أنّها أفضل هذه الأمة، كما يصرّح به ما مرّ «1».

اشارة

روى أحمد و الحاكم و الطبراني عن أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح مرفوعا:

«فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة، إلّا مريم» «2».

______________________________

(1). تقدّمت الأحاديث الدالّة على أنّها سيدة نساء هذه الأمة، و سيدة نساء العالمين، و سيدة نساء المؤمنين، في الباب الثالث مفصّلا. و منها: قوله صلّى اللّه عليه و آله: «يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين، و سيدة نساء هذه الأمة، و سيدة نساء المؤمنين» مستدرك الحاكم 3: 170 رقم 4740 و قال: «هذا إسناد صحيح و لم يخرّجاه».

و قوله: «يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة» صحيح البخاري 5:

2317 كتاب الاستئذان رقم 5928، و صحيح مسلم بشرح النووي 16: 225 رقم 6263 و 6264، و للمزيد راجع الهوامش في الباب الثالث.

(2). فيض القدير 4: 421 رقم 5835 و قال: «فعلم أنّها أفضل من عائشة؛ لكونها بضعة منه»، السنن الكبرى للنسائي 5: 145 رقم 8512 عن عائشة، الآحاد و المثاني 5: 365 رقم 2963.

و روي هذا الحديث من دون عبارة «إلّا مريم»، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة» رواه البخاري في باب: مناقب فاطمة 3: 1374، و الحاكم في المستدرك 3: 164 رقم 4721 و 4722 و قال: «حديث

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:96

و في رواية صحيحة:

«إلّا ما كان من مريم بنت عمران» «1».

فعلم أنّها أفضل من أمّها خديجة. و ما وقع في الأخبار ممّا يوهم أفضليتها عليها «2»، فإنّما هو من حيث الأمومة فقط «3».

______________________________

صحيح الإسناد و لم يخرّجاه»، و ابن حجر في مختصر زوائد البزّار 2: 343 رقم 1988، و الأحوذي في التحفة 10: 265

رقم 3790 و قال: «أخرجه أحمد و النسائي في فضائل الصحابة و ابن خزيمة»، و الهيثمي في مجمع الزوائد 9: 324 رقم 15191 و قال: «رواه الطبراني، و رجاله رجال الصحيح» و رواه أيضا في كشف الأستار عن زوائد البزّار 3: 234 رقم 2650، و النسائي في السنن الكبرى 5: 81 رقم 8298 باب: مناقب أصحاب الرسول، و ابن أبي شيبة في المصنّف 7: 527 باب: فضل فاطمة، حديث 3، و ابن أبي عاصم في الآحاد و المثاني 5: 366 رقم 2966.

(1). رواه في مستدرك الحاكم 3: 168 رقم 4733 من حديث أبي سعيد الخدري و قال في آخره: «حديث صحيح الإسناد و لم يخرّجاه»، و سبل الهدى 10: 328، و قريب منه في السنن الكبرى للنسائي 5: 145 رقم 8514.

(2). أي: أفضلية خديجة على فاطمة، من قبيل رواية عمّار بن ياسر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لقد فضّلت خديجة على نساء أمتي كما فضّلت مريم على نساء العالمين» أخرجها ابن حجر في فتح الباري 7: 514 باب: تزويج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خديجة، و قال: «حديث حسن الإسناد ..»، و في مختصر زوائد البزّار 2: 350 رقم 1998.

هذه الرواية تقتضي أفضليتها على جميع نساء الأمة مطلقا، و منهنّ زوجات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و لمّا كانت توهم الأفضلية على فاطمة، نبّه المصنّف على ذلك، لأنّ أفضلية فاطمة على نساء الأمة، و نساء العالمين، ثبت بالنصوص المستفيضة الصريحة و الصحيحة، فلا بدّ و أن يحمل هذا الحديث على معنى لا يتعارض مع تلك النصوص المستفيضة، فحمله المصنّف على معنى الأفضلية من جهة الأمومة، و كما حمله على

ذلك العلّامة الصالحي الشامي في سبل الهدى 11: 161.

(3). للعلماء هنا كلام لطيف مضافا لما تقدّم، و هو أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام يجب أن لا تذكر في مسألة المفاضلة؛ لأنّها أفضل نساء العالم. قال القطب الخضري: «ينبغي أن يستثنى من إطلاق التفضيل سيدتنا فاطمة ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فهي أفضل نساء العالم» (سبل الهدى 11: 162).

و قال الزركشي: «و يستثنى من الخلاف سيدتنا فاطمة، فهي أفضل نساء العالم؛ لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «فاطمة بضعة منّي» و لا يعدل ببضعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحد» (سبل الهدى 11: 163) و غير ذلك، و سيأتي تفصيله عند كلام المصنّف في تفضيل فاطمة على مريم بنت عمران.

فعلى هذا، لا نحتاج إلى حمل الحديث «فضّلت خديجة على نساء أمتي» على الأفضلية من جهة الأمومة، و ذلك لأنّ الزهراء مستثناة من إطلاق أحاديث التفضيل، لأنّها أفضل نساء العالم، و بضعة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و لا يعدل ببضعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحد.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:97

قال السبكي «1»: الّذي نختاره و ندين اللّه به: أنّ فاطمة أفضل، ثمّ خديجة، ثمّ عائشة. قال: و لم يخف عنّا الخلاف في ذلك، و لكن إذا جاء نهر اللّه بطل نهر العقل «2».

قال الشيخ شهاب الدين بن حجر الهيتمي «3»: و لوضوح ما قاله السبكي، تبعه عليه المحقّقون «4».

و ممّن تبعه عليه: الحافظ أبو الفضل ابن حجر «5» فقال في موضع: هي مقدّمة على غيرها من نساء عصرها و من بعدهنّ مطلقا «6».

______________________________

(1). السبكي: تقي الدين علي بن عبد الكافي المعروف بالسبكي الكبير، محدّث، مفسّر، أصولي، متكلّم، أديب، شاعر

ولد في سبك بمصر سنة 683 ه، انتقل إلى الشام و تولّى القضاء بها سنة 739 ه، ثمّ عاد إلى القاهرة و توفّي بها سنة 756 ه، له مصنّفات كثيرة، منها: شفاء السقام في زيارة خير الأنام، و المسائل الحلبية في فقه الشافعية، و الابتهاج في شرح المنهاج، ترجم له ولده التاج السبكي صاحب طبقات الشافعية ترجمة مفصّلة في الطبقات 10: 139.

(2). نقله العلّامة الصالحي الشامي في سبل الهدى 11: 160 و قال: «هو في ضمن المسائل الّتي ذكرها السبكي في كتابه «الفتاوى الحلبيات» و هي مسائل سألها شيخ حلب شهاب الدين الأذرعي»، و نقله أيضا العلّامة المناوي في فيض القدير 4: 421 في شرح الحديث رقم 5835، و العلّامة المباركفوري في تحفة الأحوذي 10: 349 في شرح الحديث رقم 3887 و زاد في آخره «و لكن الحقّ أحقّ أن يتّبع»، و ابن حجر في فتح الباري 7: 519 باب:

تزويج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خديجة، و الصالحي في موضع آخر من سبل الهدى 11: 161 و عقّب عليه: «قال شيخنا:

الصواب هو القطع بتفضيل فاطمة، و به جزم ابن المغربي في روضته».

(3). أحمد بن محمّد بن حجر الهيتمي؛ شهاب الدين المكّي الشافعي، ولد سنة 899 ه بمحلة أبي الهيتم بمصر و إليها ينسب، و لذا غلط من قال: الهيثمي بالثاء. تتلمذ عند السمهودي و ابن النجّار الحنبلي و غيرهم، ارتحل إلى مكّة سنة 940 ه و بقي بها إلى أن توفّي سنة 973 ه و دفن بالمعلّاة في مقبرة الطبريين. و كان شديد التشنيع على ابن تيمية، له مصنّفات كثيرة، منها: الصواعق المحرقة، و القول المختصر في علامات المهدي المنتظر، و شرح مشكاة المصابيح.

(4).

حكى كلامه العلّامة المناوي في فيض القدير 4: 422 في شرح الحديث رقم 5835.

(5). الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المصري الشافعي، ولد سنة 773 ه، تتلمذ عند الزين العراقي و ابن الملقّن و غيرهم، أصبح قاضي القضاة بمصر على عهد الملك الأشرف برسباي، له أكثر من مائة مصنّف، أهمّها: فتح الباري شرح صحيح البخاري، الإصابة في تمييز الصحابة، تهذيب التهذيب، لسان الميزان، توفّي سنة 852 ه و دفن بين قبر الشافعي و قبر الليث بن سعد.

(6). فتح الباري 7: 477 باب: مناقب فاطمة. و ذكر مثله أيضا في: 519 باب: تزويج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خديجة عند نقله

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:98

مناقشة قول ابن القيّم «1»

و أمّا قول ابن القيّم: إن أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند اللّه، فذلك أمر لا يطّلع عليه، فإنّ عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح «2». و إن أريد كثرة العلم فعائشة «3»،

______________________________

كلام السبكي الكبير.

(1). ابن قيّم الجوزية، و يطلق عليه اختصارا ابن القيّم، هو محمّد بن أبي بكر الحنبلي الدمشقي، ولد في دمشق سنة 691 ه، و توفي بها سنة 751 ه، و دفن في سفح جبل قاسيون، قال ابن حجر في الدرر الكامنة: غلب عليه حبّ ابن تيمية، فكان لا يخرج عن أقواله، و سجن معه، و لم يطلق سراحه إلّا بعد أن توفّي ابن تيمية، له مصنّفات منها:

زاد المعاد، و أعلام الموقعين، و تهذيب سنن أبي داود.

(2). هذا الكلام و إن كان في حدّ نفسه صحيحا، إلّا أنّه في المقام و في أمثاله ليس صحيحا، و ذلك لأنّ الشارع المقدّس كشف لنا أنّ فاطمة أكثر الناس ثوابا بقوله: «إنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة»، فهي أفضل

نساء أهل الجنّة، و لازمه أنّها الأفضل من حيث كثرة الثواب، بل من حيث الكمالات، بل ليس هناك من هو أكثر ثوابا و كمالا منها، لأنّ التفاضل في الآخرة في الجنّة و درجاتها إنّما هو بكثرة الثواب و العمل الصالح و الاعتقادات الحقّة، و لو لم تكن هي الأكثر و الأوفر و الأفضل لما وصفها الشارع بأنّها سيدة نساء أهل الجنّة، و لوصف غيرها بذلك، فلمّا لم يصف غيرها، علمنا بحكم الشارع أنّها أكثر الناس ثوابا، و أكثرهم عملا صالحا و هذا الكلام ينطبق على العلم أيضا، باعتبار أنّ العلم كمال من الكمالات، فهي سيدة النساء من هذه الجهة أيضا، و هكذا بقية الكمالات.

(3). اتّضح الجواب عنها بما تقدّم، من أنّ «سيدة نساء أهل الجنّة» يقتضي أنّها سيدتهنّ في كلّ فضل و كمال، كمّا و كيفا، و العلم من الكمال، بل هو أشرف الكمالات، فلا بد أن تكون سيدة نساء أهل الجنّة حائزة على كلّ الكمالات، أعلاها و أشرفها. فنصّ الشارع كاشف عن الأفضلية المطلقة من جميع الجهات.

ثمّ إنّه إن أراد بكثرة العلم كثرة السماع من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقد اتّفق المؤرّخون على أنّ عائشة عاشت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تسع سنين، و أمّا خديجة فقد عاشت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خمسا و عشرين سنة، و على حدّ قول ابن عبد البرّ: أربعا و عشرين سنة و أربعة أشهر، و هذا يقتضي أنّها أكثر سماعا من عائشة، بل سمعت من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضعفي ما سمعته عائشة و نصف، فهي أكثر علما منها من هذه الجهة، بل أكثر من ذلك: أنّ عائشة عاشت

مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تسع سنين مع تسع زوجات، فكان لها يوم واحد من كلّ تسعة أيام! و معناه: أنّها عاشت مع النبيّ سنة واحدة بحساب الأيام، و عليه فخديجة سمعت من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خمسا و عشرين مرّة بقدر ما سمعته عائشة أو بقية زوجاته رضي اللّه عنهنّ.

و إن أراد بكثرة العلم لزوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مدلول خبر «خذوا شطر دينكم عن الحميراء» أو «ثلثي دينكم» ففيه كلام. حيث قال العجلوني: «رأيت في الأجوبة على الاسئلة الطرابلسية لابن القيّم الجوزية: أنّ هذا الحديث

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:99

و إن أريد شرف الأصل ففاطمة لا محالة، و هي فضيلة لا يشاركها فيها غير أخواتها. إتحاف السائل، القلقشندى 99 مناقشة قول ابن القيم ..... ص : 98

إن أريد شرف السيادة فقد ثبت النصّ لفاطمة وحدها «1».

و ما امتازت به عائشة من فضل العلم، لخديجة ما يقابله و أعظم، و هي أنّها أوّل من أجاب إلى الإسلام و دعا إليه «2»، و أعان على إبلاغ الرسالة بالنفس و المال و التوجّه، فلها مثل أجر من جاء بعدها إلى يوم القيامة «3».

______________________________

كذب مختلق» (كشف الخفاء 1: 333 رقم 1196)، و قال الألباني: «إنّ الحديث موضوع، مكذوب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (إرواء الغليل 1: 10).

و قال العجلوني أيضا: «قال الحافظ عماد الدين: هو حديث غريب جدا، بل هو منكر، سألت عنه شيخنا المزي فلم يعرفه، و قال: لم أقف له على سند إلى الآن، و قال شيخنا الذهبي: هو من الأحاديث الواهية الّتي لا يعرف لها سند». (كشف الخفاء 1: 332 رقم 1196).

و قال ابن كثير: «فأمّا ما

يلهج به كثير من الفقهاء و علماء الأصول من إيراد حديث «خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء» فإنّه ليس له أصل، و لا هو مثبت في شي ء من أصول الإسلام» (البداية و النهاية 8: 100)، و قال العلّامة المباركفوري: «و أمّا حديث «خذوا شطر دينكم عن الحميراء» يعني: عائشة، فقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: لا أعرف له إسنادا و لا رواية في شي ء من كتب الحديث، و ذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير أنّه سأل المزي و الذهبي عنه فلم يعرفاه، و قال السيوطي: لم أقف عليه». (تحفة الأحوذي 10: 354 باب: فضل عائشة)، و ذكر العلّامة الفتني في الموضوعات: 100 مثله، كما ذكره الملّا علي القاري في الأخبار الموضوعة: 198 رقم 185 في حرف الخاء، و نقل نصّ كلام ابن حجر و ابن كثير. و ذكره في كتابه الآخر، الموضوع: 98 رقم 121 و قال: «لا يعرف له أصل».

(1). حكاه العلّامة المباركفوري في تحفة الأحوذي 10: 349 باب: فضل خديجة.

(2). عن أبي رافع قال: «أوّل من أسلم من الرجال علي، و أوّل من أسلم من النساء خديجة»، قال الشيخ: رجاله رجال الصحيح. أخرجه في مختصر زوائد البزّار 2: 350 رقم 1997، و كشف الأستار 3: 236 رقم 2654.

هذا و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «خديجة سابقة نساء العالمين إلى الإيمان باللّه و بمحمّد». أخرجه الحاكم في المستدرك 3: 203 رقم 4846. و عن ابن شهاب: «كانت خديجة أوّل من آمن باللّه وحده و رسوله قبل أن تفرض الصلاة». (مستدرك الحاكم 3: 203 رقم 4845).

(3). هذا الكلام لابن حجر العسقلاني، تعقّب به على كلام ابن القيّم بأنّ العلم لعائشة. قاله المناوي في

فيض القدير 4:

297 رقم 5360، و المباركفوري في تحفة الأحوذي 10: 349.

و لابن حجر كلام آخر في فتح الباري 7: 517 باب: تزويج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خديجة يجدر نقله هنا، قال: «و ممّا

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:100

قال الحافظ ابن حجر: و قيل: انعقد الإجماع على أفضلية فاطمة، فأين ما عدا مريم؟ «1»

أمّا مريم أفضل منها إن قيل- بما عليه القرطبي في طائفة- من أنّها نبيّة «2».

و بقصده «3» استثناءها- أعني: مريم- في عدّة أحاديث مرّ بعضها.

بل روى ابن عبد البرّ، عن ابن عباس مرفوعا: «سيدة نساء العالمين مريم، ثم فاطمة، ثمّ خديجة، ثمّ آسية» «4».

قال القرطبي: و هذا حديث حسن، يرفع الإشكال من أصله، انتهى «5».

و قول الحافظ ابن حجر: «إنّه غير ثابت» «6». إن أراد به نفي الصحة

______________________________

اختصّت به: سبقها نساء هذه الأمة إلى الإيمان، فسنّت ذلك لكلّ من آمنت بعدها، فيكون لها مثل أجرهنّ، لما ثبت أنّ من سنّ سنّة حسنة ...».

(1). حكاه المباركفوري في تحفة الأحوذي 10: 349.

(2). تفسير القرطبي 4: 83 في تفسير قوله: (وَ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ).

و حكاه عنه ابن حجر في فتح الباري 7: 140 رقم 3432 قال: «قال القرطبي: الصحيح أنّ مريم نبيّة»، و قال عياض: «الجمهور على خلافه، و نقل النووي في الأذكار أنّ إمام الحرمين نقل الإجماع على أنّ مريم ليست بنبيّة، و عن الحسن: ليس في النساء نبيّة و لا في الجنّ». «فتح الباري 7: 140 رقم 3432).

هذا و نقل ابن حجر الإجماع على عدم نبوّة النساء في موضع آخر في فتح الباري 6: 111 كتاب أحاديث الأنبياء عند قوله: (وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ).

و في شرح المواهب

اللدنية للزرقاني 2: 357: «و الصحيح أنّ مريم ليست نبيّة، بل حكي الإجماع على أنّه لم تنبأ امرأة» و لهذا قال ابن حجر: «أمّا من قال: ليست نبيّة، فيحمله على عالمي زمانها، و يحتمل أن يراد نساء بني إسرائيل، أو نساء تلك الأمة» (فتح الباري 7: 141 شرح حديث رقم 3432).

(3). في نسخة (ز): و يعضده. أي: و يعضد كلام القرطبي أنّها نبيّة استثناء مريم من بعض أحاديث التفضيل؛ لأنّ الكلام في التفضيل هو في ما دون الأنبياء عندهم.

(4). الاستيعاب 4: 449.

(5). تفسير القرطبي 4: 83 عند تفسير قوله: (وَ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ)، و نقله عنه في فتح الباري 7: 514 باب: تزويج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خديجة، حديث رقم 3821.

(6). قال في فتح الباري 7: 514: «الحديث الثاني الدالّ على الترتيب ليس بثابت» ثمّ بيّن وجه ذلك، و هو أنّ أصل الحديث عند أبي داود و الحاكم بغير صيغة الترتيب، أي بدون «ثم».

و كلام ابن حجر في محلّه تماما، و الحديث روي بصيغ كثيرة لا تدلّ على الترتيب، بل في بعضها تقديم فاطمة

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:101

الاصطلاحية «1» فمسلّم، فإنّه حسن لا صحيح «2».

و نصّ على ذلك الحافظ الجبل «3»، و لفظه عن ابن عباس مرفوعا:

«سيدات نساء أهل الجنّة بعد مريم بنت عمران: فاطمة و خديجة، ثمّ آسية بنت مزاحم امرأة فرعون».

رواه الطبراني في الأوسط، و كذا الكبير بنحوه «4».

قال الحافظ الهيثمي: و رجال الكبير رجال الصحيح «5».

لكن قال بعضهم «6»: لا أعدل ببضعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحدا «7».

______________________________

و هي أصحّ سندا و إسنادا من هذا الحديث المرفوع، مع أنّ أبي داود و الحاكم رووه بغير صيغة

الترتيب. فكلام القرطبي أنّه «يرفع الإشكال» ليس في محلّه كما هو واضح.

(1). أي: معنى الصحيح باصطلاح علماء الحديث. و معنى الصحيح هو: الحديث المسند الّذي يتّصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، و لا يكون شاذّا و لا معلّلا. راجع: تدريب الراوي للسيوطي 1: 61، محاسن الاصطلاح للبلقيني: 12، الباعث الحثيث في علم الحديث: 32.

(2). أي: حديث ابن عباس الّذي أورده القرطبي حسن، و إلّا فالحديث روي بطرق صحيحة.

و المراد من الحديث الحسن: ما عرف مخرجه، و اشتهر رجاله، و عليه مدار أكثر الحديث، و هو الّذي يقبله أكثر العلماء، و يستعمله عامة الفقهاء. انظر الباعث الحثيث: 47، و محاسن الاصطلاح: 34. و قال السيوطي: «أدرج الحاكم و ابن حبّان و ابن خزيمة الحسن في الصحيح». (تدريب الراوي 1: 174).

و قال ابن كثير: «الحسن في الاحتجاج كالصحيح عند الجمهور». (الباعث الحثيث: 46).

(3). في النسخة (ز): الحافظ الجليل، و نسخة (م): الجبل و هو الصحيح. و الحافظ الجبل هو علي بن عمر البغدادي الشافعي، تفقّه على الاصطخري، و روى عن البغوي و المحاملي، و روى عنه البرقاني و الصابوني. ولد سنة 306 ه، و مات سنة 385 ه، و دفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي ببغداد.

(4). المعجم الأوسط 2: 65 رقم 1111، المعجم الكبير 11: 328 رقم 12179 و مثله 23: 7 رقم 2.

(5). مجمع الزوائد 9: 324 رقم 15190 باب: مناقب فاطمة.

(6). و هو العالم الكبير أبو بكر ابن داود و القاضي قطب الدين الخضري. راجع سبل الهدى 10: 328 و 11: 161 حيث قالا بأفضلية فاطمة على مريم عليهما السلام.

(7). قال ابن دحية في مرج البحرين: سئل العالم الكبير أبو بكر

ابن داود بن علي: من أفضل خديجة أم فاطمة؟ فقال:

لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ فاطمة بضعة منّي» و لا أعدل ببضعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحدا. راجع سبل الهدى 10: 328. و جوابه مطلق، و لذا أورده المصنّف هنا في التفضيل بين فاطمة و مريم.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:102

و ممّن صار إلى ذلك «1»: المقريزي «2» و السيوطي «3».

______________________________

(1). أي: إلى تفضيل فاطمة على مريم.

(2). ذكره في كتابه «إمتاع الأسماع» في الخصائص النبوية، قاله الصالحي في سبل الهدى 11: 163.

(3). حكاه عنه العلّامة الزرقاني في شرح المواهب اللدنية للقسطلاني حيث قال: «الزهراء البتول أفضل نساء الدنيا حتّى مريم، كما اختاره المقريزي و الزركشي و القطب الخضري و السيوطي في كتابيه: شرح النقابة و شرح جمع الجوامع». (شرح المواهب 2: 357 باب: ذكر تزويج علي بفاطمة عليه السّلام).

هذا و قد ذهب المصنّف و غيره إلى أنّ فاطمة أفضل من مريم، بل ظاهر عبارات البعض كالقطب الخضري و الزركشي: أنّ فاطمة أفضل حتّى على القول بأنّ مريم نبيّة.

قال القطب الخضري: «ينبغي أن يستثنى من إطلاق التفضيل سيدتنا فاطمة ابنة الرسول صلّى اللّه عليه و آله، فهي أفضل نساء العالم». و هكذا كلام الزركشي حيث قال: «و يستثنى من الخلاف سيدتنا فاطمة، فهي أفضل نساء العالم؛ لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «فاطمة بضعة منّي» و لا يعدل ببضعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحد». (سبل الهدى 11: 162 و 163).

بل ظاهر عبارات البعض الآخر: أنّ بضعة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أفضل و أشرف الموجودات، و لذا قالوا: لا نعدل ببضعة رسول اللّه أحدا.

قال المناوي: «رجّح البعض تفضيل فاطمة على

مريم لما فيها من البضعة الشريفة». (فيض القدير 2: 53 شرح حديث رقم 1307). و هكذا الصالحي في سبل الهدى 10: 327 حيث قال: «و في حديث: «بضعة منّي»، و هو يقتضي تفضيل فاطمة على جميع نساء العالم». و تقدّم كلام الزركشي و كلام أبي بكر ابن داود.

كما استدلّ البعض من أنّها سيدة نساء أهل الجنّة على أفضليتها عليها السّلام على مريم، فمريم من نساء الجنّة، و فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة، فهي أفضل.

قال العلّامة المناوي: «و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة» قال المصنّف: فيه دلالة على فضلها على مريم، سيّما إن قلنا بالأصحّ أنّها غير نبيّة». (فيض القدير 2: 53 شرح حديث رقم 1307) و المراد بالمصنّف هو السيوطي.

و استدلّ آخر من أنّها سيدة نساء هذه الأمة- كما تقدّم- على أفضليتها عليها السّلام على مريم بالبيان الآتي: أنّ هذه الأمة هي أفضل الأمم، ففاطمة إذن أفضل من نساء جميع الأمم، و منها أمة بني إسرائيل و أمة مريم.

قال العلّامة الزرقاني في شرح المواهب للقسطلاني 2: 357: «الزهراء البتول أفضل نساء الدنيا حتّى مريم، كما اختاره المقريزي و الزركشي و القطب الخضري و السيوطي في كتابيه: شرح النقابة و شرح جمع الجوامع، بالأدلّة الواضحة الّتي منها: أنّ هذه الأمة أفضل من غيرها، و الصحيح أنّ مريم ليست بنبيّة، بل حكي الإجماع على أنّه لم تنبأ امرأة، و قال صلّى اللّه عليه و آله «يا بنية، ألا ترضين أنّك سيدة نساء العالمين، قالت: يا أبت فأين مريم؟ قال صلّى اللّه عليه و آله:

تلك سيدة نساء عالمها» ...».

و قال العلّامة الصالحي: «و الّذي اختاره تفضيل فاطمة، و اختار شيخنا أنّ

فاطمة أفضل من مريم». (سبل الهدى

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:103

أمّا نساء هذه الأمة فلا ريب في تفضيلها عليهنّ مطلقا «1».

بل صرّح غير واحد: أنّها و أخاها إبراهيم أفضل من جميع الصحابة حتّى الخلفاء الأربعة «2». و حكى العلم العراقي «3» الاتّفاق عليه «4».

و ذهب الحافظ ابن حجر: أنّها أفضل من بقيّة أخواتها «5»، لأنّها ذرّية المصطفى صلّى اللّه عليه و آله دون غيرها من بناته «6»، فإنّهنّ متن في حياته فكنّ في صحيفته، و مات

______________________________

11: 162).

و أمّا من قال بتفضيل مريم عليها بناء على ما اختاره من أنّها نبيّة؛ كالقرطبي، فإنّه يرد عليه: أنّ الكثير قد نقلوا الإجماع على عدم النبوّة في النساء.

قال عياض: «الجمهور على خلافه، و قال النووي: إنّ إمام الحرمين- الجويني- نقل الإجماع على أنّ مريم ليست نبيّة. و عن الحسن: ليس في النساء نبيّة و لا في الجنّ». (فتح الباري 7: 140 رقم 3432).

و قال ابن حجر: «و نقلوا الإجماع على عدم نبوّة النساء». (فتح الباري 6: 111 كتاب أحاديث الأنبياء).

و قال الزرقاني: «الصحيح أنّ مريم ليست نبيّة، بل حكي الإجماع على أنّه لم تنبأ امرأة». (شرح المواهب اللدنية 2: 357).

(1). تقدّم إثبات ذلك بما لا مزيد عليه، فراجع.

(2). كالعلم العراقي و السهيلي و الشارح العلقمي في شرحه على الجامع الصغير للسيوطي، و غيرهم. قال العلّامة المناوي: «قال الشارح العلقمي: هي و أخوها إبراهيم أفضل من جميع الصحب؛ لما فيها من البضعة». (فيض القدير 2: 53 شرح حديث رقم 1307). و قال أيضا في موضع آخر: «قال العراقي: إنّ فاطمة و أخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة بالاتّفاق». (فيض القدير 4: 442 شرح حديث رقم 5835). و مثله عن السهيلي على ما

حكاه المناوي في فيض القدير 4: 421 شرح حديث رقم 5833.

(3). عبد الكريم بن علي الأنصاري المصري الشافعي، عالم مصر، المعروف بعلم الدين العراقي، و اختصارا بالعلم العراقي، ولد سنة 623 ه بمصر، و برع في فنون العلم و التفسير، كان من مشايخ ابن حجر العسقلاني و المقدسي، قال عنه الأسنوي: كان عالما فاضلا في فنون كثيرة و خصوصا التفسير. كان يدرّس بالمشهد الحسيني، و له مصنّفات في التفسير و الأصول، توفّي سنة 704 ه، و دفن بالقرافة الصغرى، ترجم له ابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية 2: 218 رقم 507.

(4). تقدّم آنفا عن العلّامة المناوي: قول العلم العراقي أنّ فاطمة و أخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة بالاتّفاق.

(5). فتح الباري 7: 477 شرح حديث رقم 3767 حيث قال: «إنّها أفضل بنات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله».

(6). هذا دليل آخر غير ما تقدّم، و هو أنّها سلام اللّه عليها مضافا لكونها بضعة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و سيدة النساء دون أخواتها، فهي ذرّيته دون بقيّة بناته؛ لانحصار ذرّية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بفاطمة و ولدها، و أمّا بقية بناته فلم يعقبن، أو أعقبن و مات

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:104

هو صلّى اللّه عليه و آله في حياتها فكان في صحيفتها «1».

قال: و كنت أقول ذلك استنباطا إلى أن وجدت الإمام ابن جرير الطبري نصّ عليه، فأخرج عن طريق فاطمة بنت الحسين بن علي، عن جدّتها فاطمة قالت:

دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوما و أنا عند عائشة، فناجاني فبكيت، ثمّ ناجاني فضحكت، فسألتني عائشة عن ذلك، فقلت: لا أخبرك بسرّه، فلمّا توفّي سألتني «2»، فذكرت الحديث في معارضة جبرئيل له

بالقرآن مرّتين، و أنّه قال: أحسب أنّي ميّت في عامي هذا، و أنّه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثلها رزيّة، فلا تكوني دون امرأة منهنّ صبرا، فبكيت، فقال: أنت سيدة نساء أهل الجنّة إلّا مريم، فضحكت «3».

و أمّا ما أخرجه الطحاوي «4» و غيره من حديث عائشة في قصة مجي ء زيد بن حارثة بزينب بنت المصطفى صلّى اللّه عليه و آله من مكّة و في آخره: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: هي أفضل

______________________________

العقب، و لم يحصل لهنّ ذرّية بعد ذلك، و لذا عبّر ابن حجر: أنّها ذرّية المصطفى دون غيرها من بناته. و سيأتي ذلك في آخر الباب الرابع.

(1). هذا دليل آخر من ابن حجر على أفضليتها على أخواتها، و هو أنّها تجرّعت ألم فقد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أصيبت به دونهنّ، لأنّهنّ متن في حياته، فكان ذلك في صحيفتها.

و قد تبعه عليه كثير من المحقّقين؛ كالعلّامة المناوي في فيض القدير 4: 422 شرح الحديث رقم 5835، الّذي ذكر دليلا آخر على تفضيلها على بقية أخواتها، و هو أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خصّ فاطمة بالبضعة دون بقية بناته، فلم ينقل أحد أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: «بضعة منّي» لغير فاطمة، و هذا أمتن الأدلّة لتفضيلها على أخواتها و غيرهنّ، بل مطلقا.

(2). في المصدر: «سألت».

(3). فتح الباري 7: 477 باب: مناقب فاطمة، شرح الحديث رقم 3767 و قال: «و أصل الحديث في الصحيح من دون هذه الزيادة: «إلّا مريم». و قد تقدّمت مصادر الرواية، و جميعها من دون عبارة «إلّا مريم»، هذا و رواه المناوي في فيض القدير 4: 422 في شرح الحديث رقم

5835 و قال في آخره: «قال الحاكم: صحيح، و أقرّه الذهبي، و رواه أحمد و الطبراني، و قال ابن حجر: و إسناده حسن، و إذا ثبت ففيه حجّة».

(4). هو الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة الأزدي المصري الشافعي، ولد سنة 229 ه، و توفّي سنة 321 ه، عاصر كلّا من البخاري و الترمذي و النسائي و ابن ماجة، و شاركهم في رواياتهم عن المشايخ، انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر في زمانه، له مصنّفات كثيرة، منها: مشكل الآثار، شرح معاني الأخبار، أحكام القرآن. ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء 15: 27 رقم 15.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:105

بناتي، أصيبت فيّ «1».

فأجاب عنه بعض الائمة- بفرض ثبوته «2»- بأنّ ذلك كان متقدّما، ثمّ وهب اللّه لفاطمة من الأحوال السنية و الكمالات العلية ما لم يطاولها فيه أحد من نساء هذه الأمة مطلقا.

على أنّ البزّار روى عن عائشة أنّها قالت:

______________________________

(1). مشكل الآثار 1: 44 باب في فضل بناته صلّى اللّه عليه و آله.

(2). قول ابن حجر: «بفرض ثبوته» مشعر بعدم ثبوت هذا الخبر، و قد أشرنا سابقا: إنّ هذا الخبر من الأخبار الموضوعة الّتي كان عروة بن الزبير يحدّث به، فبلغ ذلك الإمام علي بن الحسين زين العابدين فانطلق إليه، و قال: ما حديث بلغني عنك تحدّث به تنتقص فيه حقّ فاطمة! فقال عروة: أمّا بعد فلا أحدّث به أبدا. راجع:

كشف الأستار عن زوائد البزّار 3: 242 رقم 2666، و مختصر زوائد البزّار للعسقلاني 2: 358 رقم 2009، و المعتصر من المختصر 2: 246.

و يدلّ على أنّه موضوع أمور:

(ألف) تصريح الإمام علي بن الحسين بأنّ فيه انتقاص لحقّ فاطمة.

(ب) لو كان الخبر صادرا من النبيّ صلّى اللّه

عليه و آله لما تألّم الإمام و اعترض على التحديث به.

(ج) لو كان الخبر ثابتا عند عروة لحاجج علي بن الحسين بذلك، و لاحتجّ بأنّ الخبر مروي بطريق كذا، فلما ذا يقسم أنّه لا يحدّث به بعد ذلك أبدا؟!

(د) أنّ هذا الخبر يكذّب نفسه، فإنّ زينب ماتت في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فلم تصب به، فلا معنى لقول: «أصيبت فيّ» بل كان اللازم أن يقال: أصبت بها.

(ه) أنّ الخبر يقول: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث زيد بن حارثة ليأتي بزينب و أعطاه خاتما علامة على أنّه من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و أتى بها من دون علم زوجها ابن أبي العاص، و هو معارض مع ما رواه في فتح الباري 7: 452 باب: أصهار النبيّ، و في عون المعبود 6: 55، و فيهما: أنّ زوجها ابن أبي العاص لمّا أسر في الحرب شرط عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يبعث بها، ففعل، فكان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول: «وعدني فوفى لي».

(و) أنّ المناوي روى الخبر هكذا: «فاطمة أفضل بناتي، لأنّها أصيبت فيّ»، فيض القدير 4: 422 في شرح الحديث رقم 5835، و مثله سبل الهدى 10: 327، و سيذكره المصنّف أيضا عن البزّار من حديث عائشة.

و من الطريف أنّ الحاكم روى الخبر في مستدركه 4: 47 رقم 6836 لكنّه لمّا رآه لا ينسجم مع ما رواه من مناقب لفاطمة، و أنّها بضعة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و أفضل بناته، و سيدة نساء العالمين قال ص 48: «و يمكن أن يقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أراد بقوله: أفضل،

أي أكبر و أقدم أولادي».

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:106

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لفاطمة: هي خير بناتي، أصيبت فيّ «1».

و عليه، فلا حاجة للجواب المتقدّم بنصّه الصريح على أفضليّتها مطلقا.

الثانية: أنّه يحرم التزويج عليها و الجمع بينها و بين ضرّة

قال المحبّ الطبري: قد دلّت الأخبار- المارّة- على تحريم نكاح علي على فاطمة حتّى تأذن «2».

و يدلّ عليه قوله تعالى: (وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ) «3».

لكن تبيّن من كلام جمع متقدّمين من ائمّتنا الشافعية: أنّ ذلك من خصائص بناته «4»، لا من خصائص فاطمة فقط «5».

و ممّن صرّح به الشيخ أبو علي السنجي «6» في شرح التلخيص، فقال: يحرم

______________________________

(1). فيض القدير 4: 422 في شرح الحديث رقم 5835 و قال: «رواه البزّار عن عائشة» و فيه: «لأنّها أصيبت بي»، و رواه في سبل الهدى 10: 327، و السيّدة الزهراء: 170 و قال: «فحقّ لمن كانت هذه حالها أن تسود نساء أهل الجنّة كما قال أبوها صلّى اللّه عليه و آله، و أن تسود نساء العالمين».

(2). ذخائر العقبى: 82، و نقله المناوي في فيض القدير 4: 421 في شرح الحديث رقم 5833.

(3). الأحزاب: 53.

(4). تقدّم أنّ عثمان تزوّج رملة بنت شيبة- عدوّ اللّه- على رقية بنت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، كما في طبقات ابن سعد 8: 239، و أسد الغابة 5: 459، فلا يتمّ ما ذكروه من كون الحكم من خصائص بناته.

(5). قال المناوي: «قال ابن حجر في الفتح: لا يبعد أن يعدّ من خصائص المصطفى صلّى اللّه عليه و آله أن لا يتزوّج على بناته، و يحتمل أن يكون ذلك خاصّا بفاطمة». (فيض القدير 4: 421 شرح الحديث رقم 5834).

و قال العلّامة الصالحي في ضمن خصائصه: «الثالثة

عشر: بأنّ بناته لا يجوز التزوّج عليهنّ. ثمّ توقّف في عموم الحكم لكلّ بناته، و الظاهر منه اختصاص ذلك بفاطمة». (سبل الهدى 10: 449).

و ذهب السيد سابق إلى الحرمة، و اختصاص الحكم بعلي و فاطمة، و استدلّ بأنّ عدم التزويج عليها شرطا في العقد و إن لم يذكر في صلب العقد، و لو شرطه في العقد لكان تأكيدا لا تأسيسا قال: «و كذلك لو كانت ممّن يعلم أنّها لا يمكن إدخال الضّرة عليها عادة؛ لشرفها و حسبها و جلالتها، كان ترك التزوّج عليها كالمشروط لفظا، و على هذا فسيدة نساء العالمين و ابنة سيد ولد آدم أجمعين أحقّ النساء بهذا، فلو شرطه علي في صلب العقد كان تأكيدا لا تأسيسا». (فقه السنّة 2: 113).

(6). أبو علي الحسين بن شعيب بن محمّد السنجي، فقيه مرو في عصره، كان شافعيا، ولد في سنج من قرى مرو

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:107

التزويج على بنات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أي من ينسب إليه بالنبوّة «1».

لكن استوجه الحافظ ابن حجر أنّه خاصّ بفاطمة «2»، لأنّها كانت أصيبت بأمها و أخواتها واحدة فواحدة، فلم يبق من تأنس به ممّن يخفّف عنها ألم الغيرة «3»، و فيه نظر.

الثالثة: أنّها كانت لا تحيض أبدا

كما في الفتاوى الظهيرية الحنفية «4»: قالت المولّدات: طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلّا تفوتها صلاة، و لذلك سمّيت الزهراء «5».

و من جزم بذلك من أصحاب الشافعية: المحبّ الطبري «6» و أورد فيه حديثين:

«أنّها حوراء آدمية، طاهرة مطهّرة، لا تحيض، و لا يرى لها دم في طمث و لا ولادة» «7».

______________________________

سنة 427 ه، له شرح الفروع لابن الحدّاد، و شرح التلخيص لابن القاصّ، و المجموع، نقل عنه الغزالي في الوسيط.

(1). ذخائر العقبى: 82، و

حكاه في فيض القدير 4: 421.

(2). فتح الباري 9: 270 باب: ذبّ الرجل عن ابنته في الغيرة، لكنّه قال: «لدلالة قوله: بضعة منّي دون أخواتها».

(3). ذكر هذا التعليل في تحفة الأحوذي 10: 340 باب: فضل فاطمة، و عون المعبود 6: 55 باب: يكره ما يجمع من النساء، و فتح الباري 9: 270 باب: ذبّ الرجل عن ابنته، و فيض القدير 4: 421 رقم 5833.

غير أنّه لو علّل الحكم بالاختصاص، بأنّها بضعة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دون بقية أخواتها، لكان أنسب لمقام سيدة نساء العالمين و سيدة نساء أهل الجنّة، من نسبة الغيرة إليها، فليست هي كالنساء، و لا نعدل ببضعة رسول اللّه أحدا.

(4). من مصنّفات القاضي ظهير الدين أبي بكر محمّد بن أحمد المحتسب البخاري الحنفي، فقيه أصولي، تولّى القضاء و الحسبة ببخارا، و توفّي سنة 619 ه، امتازت مصنّفاته في الفقه؛ كالفتاوى الظهيرية، و الفوائد الظهيرية، باهتمام العلماء و الفقهاء، و كثيرا ما يعتمدون آراءه، و خصوصا ابن النجم المصري في البحر الرائق و ابن عابدين في الحاشية.

(5). نقله عن الفتاوى الظهيرية المناوي في فيض القدير 4: 422 شرح الحديث رقم 5835، و الصالحي في سبل الهدى 10: 486.

(6). ذخائر العقبى: 90.

(7). راجع كنز العمّال 12: 109 رقم 34226، و سبل الهدى 10: 486، و تاريخ بغداد 12: 328 رقم 6772 ذكره في

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:108

لكنّ الحديثان المذكوران رواهما الحاكم و ابن عساكر عن أم سليم زوج أبي طلحة، و هما موضوعان، كما جزم به ابن الجوزي «1»، و أقرّه على ذلك جمع منهم:

______________________________

ترجمة غانم بن حميد، و ينابيع المودّة 2: 121 رقم 354 عن جابر، و 2: 450 رقم 243 و

قال: «أخرجه الغساني».

لم يذكر المصنّف الحديثين في المتن، و ما نقله فهو مجموع معنى الحديثين. و الحديثان هما:

الأول: عن جابر و ابن عباس قالا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «ابنتي فاطمة حوراء آدمية، لم تحض و لم تطمث، و إنّما سمّاها فاطمة لأنّ اللّه عزّ و جلّ فطمها و ولدها و محبّيها عن النار».

أخرجه في كنز العمّال 12: 109 رقم 34226، و ينابيع المودّة 2: 124 و 450.

الثاني: عن أسماء قالت: قبّلت- أي ولّدت- فاطمة بالحسن، فلم أر لها دما، فقلت: يا رسول اللّه، إنّي لم أر لفاطمة دما في حيض و لا نفاس! فقال صلّى اللّه عليه و آله: «أ ما علمت أنّ ابنتي طاهرة مطهّرة، لا يرى عليها دم في طمث و لا ولادة».

أخرجه في ذخائر العقبى: 90، و نور الأبصار: 239.

(1). الموضوعات 1: 310، و ممّا يجدر ذكره هنا أنّه لم يذكر الحديثين المتقدّمين، إنّما ذكر حديث ابي قتادة الحرّاني، و الحديث الّذي علّق عليه ابن الجوزي هو عن عائشة قالت: كنت أرى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقبّل فاطمة، فقلت: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، إنّي كنت أراك تفعل شيئا ما كنت أراك تفعله من قبل؟ قال لي: «يا حميراء، إنّه لمّا كان ليلة أسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فوقفت على شجرة من شجر الجنّة، لم أر في الجنّة شجرة هي أحسن منها حسنا، و لا أبيض منها ورقة، و لا أطيب منها ثمرة، فتناولت من ثمرتها فأكلتها، فصارت نطفة في صلبي، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فإذا اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت ريح فاطمة. يا حميراء، إنّ فاطمة

ليست كنساء الآدميّين، و لا تعتلّ كما يعتلّون».

أخرجه في مجمع الزوائد 9: 326 رقم 15197 و قال: «رواه الطبراني، و فيه: أبو قتادة الحرّاني، وثّقه أحمد و قال: كان يتحرّى الصدق، و أنكر على من نسبه للكذب»، و رواه في المعجم الكبير 22: 401 رقم 1000.

و أبو قتادة الحرّاني هو عبد اللّه بن واقد، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب 6: 62 رقم 3811: «قال الميموني عن أحمد: ثقة كان من أهل الخير، لم يكن به بأس، كان يتحرّى الصدق، و أثنى عليه. و قال الدوري عن يحيى:

ثقة». ثمّ إنّ تعليل الجوزي، و دليله على كون الحديث موضوع، غير مقبول، فقد علّل ذلك بأنّ فاطمة ولدت قبل النبوّة، و قد تقدّم أنّ العشرات من الأعلام مثل: ابن عبد البرّ و ابن حجر العسقلاني و مصعب الزبيري و علي المديني و اليعقوبي و المزي و ابن جريج و الحاكم النيسابوري و المحبّ الطبري و غيرهم، ذهبوا إلى أنّ ولادة الزهراء كانت بعد المبعث. مضافا إلى أنّ الرواية ليس فيها من يتكلّم فيه إلّا الحرّاني، و قد وثّقه أحمد و يحيى كما تقدّم.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:109

الجلال السيوطي مع شدّة عليه «1».

الرابعة: أنّها كانت لا تجوع

روى البيهقي في الدلائل عن عمران بن حصين قال:

كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أقبلت فاطمة، فوقفت بين يديه، فنظر إليها و قد ذهب الدم من وجهها، و غلبت عليها الصفرة من شدّة الجوع، فرفع يده صلّى اللّه عليه و آله حتّى وضعها على صدرها في موضع القلادة، و فرّج بين يديه، ثمّ قال: اللّهم مشبع الجاعة، و رافع الوضيعة «2»، ارفع فاطمة بنت محمّد.

قال عمران: فنظرت إليها و قد ذهبت الصفرة

من وجهها، و غلب الدم كما كانت الصفرة غلبت على الدم. قال عمران: فلقيتها بعد فسألتها، قالت: ما جعت بعد يا عمران «3».

و عنه أيضا:

إنّي لجالس عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذ أقبلت فاطمة، فقامت بحذائه مقابلة، فقال: ادني يا فاطمة، فدنت دنوة، ثمّ قال: ادني، فدنت حتّى قامت بين يديه.

قال عمران: فرأيت صفرة قد ظهرت على وجهها، و ذهب الدم، فبسط رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين أصابعه، ثمّ وضع كفّه بين ثدييها، فرفع رأسه فقال: اللّهم مشبع الجوعة، و قاضي الحاجة، و رافع الوضيعة، لا تجع فاطمة بنت محمّد.

فرأيت صفرة الجوع قد ذهبت عن وجهها، و ظهر الدم، ثمّ سألتها بعد، فقالت:

______________________________

(1). اللآلي المصنوعة 1: 360 لكنّه لم يتعقّب الجوزي في حديث: حوراء آدمية.

(2). الوضيعة: النقصان، يقال في المضاربة و الشركة: الوضيعة على رأس المال، و الربح ما اصطلحا عليه، و ذكر ابن هلال العسكري في الفروق اللغوية: أنّ الوضيعة هي النقصان، و فرق بين النقصان و الخسران. راجع الفروق اللغوية: 574 رقم 2318.

(3). دلائل النبوّة لأبي نعيم: 347، و رواه في نظم درر السمطين: 191.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:110

ما جعت بعد ذلك أبدا «1».

رواه الطبراني في الأوسط، و فيه: عقبة بن حميد «2»، وثّقه ابن حبّان و غيره، و ضعّفه بعضهم، و بقية رجاله موثّقون «3».

و روى أحمد عن أنس:

أنّ بلالا أبطأ عن صلاة الصبح، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما حبسك؟ قال: مررت بفاطمة تطحن، و الصبي يبكي، فقلت لها: إن شئت كفيتك الرحى و كفيتني الصبي، و إن شئت كفيتك الصبي و كفيتني الرحى، قالت: أنا أرفق بابني منك، فذلك الّذي حبسني «4».

و

روى الطبراني بسند حسن عن فاطمة:

أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتاها يوما فقال: أين ابناي؟- يعني الحسن و الحسين- قالت:

أصبحنا و ليس في بيتنا شي ء يذوقه ذائق، فقال علي: أذهب بهما، فإنّي أخاف أن يبكيا عليك و ليس عندك شي ء، فذهب بهما إلى فلان اليهودي.

فتوجّه إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوجدهما في سربة «5»، بين أيديهما فضل من تمر، فقال: يا علي، ألا تنقلب بابنيّ قبل الحرّ؟ قال علي: أصبحنا و ليس عندنا شي ء، فلو جلست يا رسول اللّه حتّى أجمع لفاطمة بعض تمرات، فجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى اجتمع لفاطمة شي ء من تمر، فجعله في صرّته، ثمّ أقبل، فحمل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أحدهما و حمل علي الآخر حتّى أقبلهما «6».

______________________________

(1). المعجم الأوسط 5: 11 رقم 4011، و راجع مجمع الزوائد 9: 329 رقم 15205.

(2). في مجمع الزوائد: «عتبة بن حميد».

(3). قاله في مجمع الزوائد.

(4). مسند أحمد 3: 150، و رواه في سبل الهدى 11: 49، إسعاف الراغبين: 188، ينابيع المودّة 2: 139 رقم 391 و قال: «أخرجه أحمد».

(5). السربة: الطريق.

(6). المعجم الكبير 22: 422 رقم 1040، و رواه في سبل الهدى 11: 48، ينابيع المودّة 2: 138 رقم 389 و قال:

«أخرجه الدولابي».

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:111

الخامسة: يقال: إنّها لم تغسّل بعد الموت، و إنّها غسّلت نفسها

لما رواه الإمام أحمد في مسنده و ابن سعد في طبقاته عن أم سلمى «1»، قالت:

اشتكت فاطمة شكواها الّتي قبضت فيها، فكنت أمرضها، فأصبحت يوما، و خرج علي لبعض حاجته، فقالت: يا أمّه، اسكبي لي غسلا، فسكبت لها غسلا، فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل، ثمّ قالت: أعطيني ثيابي الجدد، فلبستها، ثمّ قالت: قرّبي فراشي وسط البيت، فاضطجعت

و استقبلت القبلة، و جعلت يدها تحت خدّها و قالت: يا أمّه، إنّي مقبوضة و قد تطهّرت، فلا يكشفني أحد، فقبضت مكانها، فجاء علي فأخبرته، فقال: لا و اللّه، لا يكشفها أحد، فدفنها بغسلها ذلك «2».

حديث غريب، و إسناده جيد، و لكنّ فيه: ابن إسحاق، و قد تعقّبه. و له شاهد مرسل، و هو: ما رواه عبد اللّه بن محمّد بن عقيل:

أنّ فاطمة لمّا حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا، فاغتسلت و تطهّرت، و دعت بثياب أكفانها، فأتيت بثياب غلاظ خشنة، فلبستها، و مسّت من حنوط، ثمّ أمرت ألّا يكشفها أحد إذا قبضت، و أن تدرج كما هي في ثيابها، فقلت له: هل علمت

______________________________

(1). في نصب الراية للزيلعي: الصواب «سلمى»، و هي زوجة أبي رافع. و في حاشية مجمع الزوائد: «قال الدرويش:

هذا خطأ قديم في المسند، و صوابه: أبي رافع عن أبيه عن أمه سلمى»، (مجمع الزوائد 9: 338 رقم 15220).

(2). مسند أحمد 6: 461، و رواه في نصب الراية 2: 257 باب الجنائز، مجمع الزوائد 9: 338 رقم 15220، سبل الهدى 11: 49، الإصابة 4: 379، القول المسدّد في الذبّ عن مسند أحمد: 43، أسد الغابة 7: 221 و قال: «إنّها اغتسلت لمّا حضرها الموت، و تكفّنت، و أمرت عليا أن لا يكشفها إذا توفّيت، و أن يدرجها في ثيابها كما هي، و يدفنها ليلا»، تاريخ المدينة 1: 109 و في آخره: «فحملها بغسلها ذلك و دفنها»، ينابيع المودّة 2: 141، فيض القدير 4: 422.

و العجيب أنّه مع كثرة نقل هذا الحديث، لم يتعرّض أحد لبحث فقه الحديث، فإنّ المتّفق عليه عند الفقهاء أنّهم لا يجيزون الدفن إلّا بعد الغسل الحادث بعد الوفاة،

إلّا في موارد مذكورة في الفقه، و ليس هذا منها، فلا بد و أن يكون ذلك من مختصّات الزهراء صلوات اللّه و سلامه عليها.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:112

أحدا فعل ذلك؟ قال: نعم، كثير بن العباس، و كتب في أطراف أكفانه: يشهد كثير ابن العباس أنّه لا إله إلّا اللّه «1».

و قد أنكر الحافظ ابن حجر في القول المسدّد في الذبّ عن مسند أحمد على ابن الجوزي في حكمه عليه بالوضع «2».

و قال كثيرون: غسّلها زوجها علي عليه السّلام و أسماء بنت عميس «3»، و صلّى علي عليها، و دفنها ليلا بوصيّة منها «4»، في محلّ فيه ولدها الحسن،

______________________________

(1). مجمع الزوائد 9: 338 رقم 15221، المعجم الكبير 22: 399 رقم 996، مصنّف عبد الرزاق 3: 411 رقم 6126، الآحاد و المثاني 5: 356 رقم 2940، نصب الراية 2: 258 باب: الجنائز، سبل الهدى 11: 49.

(2). حيث قال ابن حجر: «إنّ الحكم بكونه موضوع غير مسلّم، و اللّه أعلم». (القول المسدّد: 44).

(3). نصب الراية 2: 58 و قال: «روى الدار قطني في سننه عن أسماء: أنّ فاطمة أوصت أن يغسّلها زوجها علي و أسماء، فغسّلاها»، مصنّف عبد الرزاق 3: 410 رقم 6122 عن ابن عباس عن أسماء قالت: «أوصت فاطمة إذا ماتت أن لا يغسّلها إلّا أنا و علي، قالت: فغسّلتها أنا و علي»، كنز العمّال 13: 687 رقم 37756 قال: «ثمّ غسّلها علي و أسماء»، مستدرك الحاكم 3: 179 رقم 4769، السنن الكبرى للبيهقي 4: 34 قالت أسماء: «غسّلت أنا و علي فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»، الإصابة 4: 379.

(4). قال البخاري في الصحيح: «دفنها زوجها علي ليلا، و لم يؤذن بها أبا

بكر» (فتح الباري 8: 278 باب غزوة خيبر، حديث رقم 4240). و أضاف ابن حجر: «إنّ سبب ذلك: أنّها لمّا غضبت من ردّ أبي بكر عليها فيما سألته من الميراث، رأى علي أن يوافقها في الانقطاع». انتهى.

و إلى ذلك أشار السمهودي في وفاء الوفاء 2: 92 قال: «و قد ثبت أنّ أبا بكر لم يعلم بوفاة فاطمة، لما في الصحيح:

أنّ عليا دفنها و لم يعلم أبا بكر».

و في صحيح مسلم 5: 154 قال: «فوجدت على أبي بكر فهجرته، فلمّا توفّيت دفنها زوجها علي ليلا، و لم يؤذن بها أبا بكر، و صلّى عليها علي». و مثله في صحيح البخاري: كتاب المغازي، غزوة خيبر، و صحيح ابن حبّان 14:

573.

و في مصنّف عبد الرزاق 3: 52 رقم 6554 قال: «إنّ فاطمة بنت محمّد دفنت بالليل، فرّ بها علي من أبي بكر أن يصلّي عليها، كان بينهما شي ء» و رقم 6555 قال: «إنّها أوصته بذلك»، و مثله في مسند الشاميّين للطبراني 4:

198 رقم 3097.

و في البداية و النهاية 5: 306 و 307 قال: «فغضبت فاطمة و هجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتّى توفّيت، و دفنها علي ليلا بوصيّة منها، و لم يؤذن بها أبا بكر، و صلّى عليها علي» و مثله في مستدرك الحاكم 3: 178 رقم

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:113

تحت محرابها «1».

______________________________

- 4764 عن عائشة، و في التلخيص بهامش المستدرك 3: 177 رقم 4761.

و في الطبقات الكبرى 8: 24: «عن الزهري قال: دفنت فاطمة ليلا دفنها علي، و عن عائشة: أنّ عليا دفن فاطمة ليلا، و عن علي بن الحسين قال: سألت ابن عباس متى دفنتم فاطمة؟ قال: دفناها بليل بعد هدأة، قال علي بن الحسين: قلت:

فمن صلّى عليها، قال: علي». و في الاستيعاب 4: 425: «و كانت أشارت عليه أن يدفنها ليلا» و عبارة أسد الغابة 7: 221: «و أوصت أن تدفن ليلا».

و في السيّدة الزهراء: 176 قال: «دفنت ليلا، و صلّى عليها الإمام علي عليه السّلام، و نزل في قبرها، و لم يكن معه سوى بنو هاشم و الصفوة من أصحابه؛ تنفيذا لوصيّتها»، و في تاريخ المدينة 1: 108: «دفنت ليلا، و لا يعلم بها كثير من الناس».

و راجع أيضا: الثقات لابن حبّان 2: 164، و سير أعلام النبلاء 2: 121، و تاريخ الطبري 2: 448.

(1). ذكر في محلّ دفنها صلوات اللّه عليها عدّة أقوال:

الأول: إنّها دفنت في بيتها في موضع فراشها. قاله النميري في تاريخ المدينة 1: 108.

الثاني: دفنت في بيتها الّذي أدخله عمر بن عبد العزيز في المسجد النبوي. قاله ابن النجّار في الدرّة الثمينة في أخبار المدينة. و انظر ينابيع المودّة 2: 142.

الثالث: إنّ قبر فاطمة بين قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الحجرة، قاله الزهري، نقله ابن حجر في لسان الميزان 2: 123 ترجمة تاج محمّد.

الرابع: إنّها دفنت في البقيع، و يستدلّ له بقول الإمام الحسن عليه السّلام لأخيه الحسين عليه السّلام: «فإن منعوك فادفنّي في البقيع عند أمي فاطمة» قاله الزرندي الحنفي في درر السمطين: 204، و المسعودي في التنبيه و الاشراف: 206.

أقول: يحتمل أنّه عليه السّلام أراد أمه فاطمة بنت أسد.

الخامس: إنّها دفنت في زاوية في دار عقيل أو حذو دار عقيل، ممّا يلي دار الجحشيين، مقابل طريق بني نبيه من بني عبد الدار. قاله ابن سعد في الطبقات 8: 25، و النميري في تاريخ المدينة 1: 105.

و أمّا قول الإمامية

فالمشهور عندهم ثلاثة أقوال: الأول: إنّها دفنت في الروضة بين قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و منبره الشريف، لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «بين قبري و منبري روضة من رياض الجنّة»، و قبرها روضة من رياض الجنّة. و هو مختار الشيخ المفيد نقله الطوسي في التهذيب 6: 9. و قال في الحدائق: «و كان الشيخ المفيد يأمر بزيارتها في الروضة». (الحدائق الناظرة 17: 427).

و قال الشيخ الطوسي: «و ينبغي أن يزور فاطمة من عند الروضة» (المبسوط 1: 386)

و قال المحقّق الحلّي: «يستحبّ أن تزار فاطمة من عند الروضة» (شرائع الاسلام 1: 210).

و قال المجلسي: «من المحقّق أنّ قبر فاطمة الزهراء صلوات اللّه و سلامه عليها إمّا في بيتها أو الروضة النبوية» (بحار الأنوار 48: 298).

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:114

______________________________

- و قال الشهيد الثاني في المسالك: «أبعد الاحتمالات كونها في الروضة»، قاله في الجواهر 20: 86.

الثاني: إنّها دفنت في بيتها، و لمّا زادت بنو أمية في المسجد صار القبر في المسجد، لما روي في الصحيح عن ابن أبي نصر البزنطي قال: سألت الرضا عليه السّلام عن قبر فاطمة عليها السّلام، فقال: «دفنت في بيتها، فلمّا زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد». رواه في وسائل الشيعة 14: 368 كتاب الحج، أبواب المزار، باب 18، الحديث 3، الكافي 1: 461 أبواب التواريخ، باب مولد الزهراء، الحديث 9، التهذيب 3: 255 كتاب الصلاة، فضل المساجد رقم الحديث 705، الفقيه 1: 229 أحكام المساجد، حد مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الحديث 685.

و قال الصدوق: «و الصحيح عندي ما رواه البزنطي، قال: هذا هو الصحيح عندي، و إنّي لمّا حججت بيت اللّه الحرام كان

رجوعي على المدينة بتوفيق اللّه تعالى ذكره، فلمّا فرغت من زيارة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قصدت بيت فاطمة، و هو من عند الاسطوانة الّتي تدخل إليها من باب جبرئيل إلى مؤخّر الحظيرة الّتي فيها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقمت عند الحظيرة و يساري إليها، و جعلت ظهري إلى القبلة، و استقبلتها بوجهي و أنا على غسل، فقلت: السلام عليك يا بنت رسول اللّه السلام عليك يا ... إلى آخر الزيارة» (الفقيه 2: 572).

و قال المجلسي: «قد بينّا في كتاب المزار أنّ الأصح أنّها مدفونة في بيتها». (بحار الأنوار 43: 185)، و قال صاحب الرياض: «و الأصحّ وفاقا للصدوق و جماعة، أنّها دفنت في بيتها، و هو الآن داخل المسجد؛ للصحيح»، ثمّ ذكر رواية البزنطي. (رياض المسائل 7: 116).

و مال إليه السيد العاملي في مدارك الاحكام 8: 278، و الشهيد الأول في الذكرى: 157، و السبزواري في ذخيرة العباد: 707، قال: و الأولى التعويل في ذلك على ما رواه الشيخ، ثمّ ذكر رواية البزنطي.

الثالث: و هو أنّها مدفونة إمّا في بيتها أو الروضة، و هو مختار الشيخ الطوسي، قال: «اختلف أصحابنا في موضع قبرها، فقال بعضهم: إنّها دفنت بالبقيع، و قال بعضهم: إنّها دفنت في الروضة، و قال بعضهم: إنّها دفنت في بيتها، فلمّا زاد بنو أمية- لعنهم اللّه- في المسجد صارت من جملة المسجد، و هاتان الروايتان كالمتقاربتين، و الأفضل عندي أن يزور الإنسان من الموضعين جميعا، فإنّه لا يضرّه ذلك، و يحوز به أجرا عظيما. و أمّا من قال: إنّها دفنت في البقيع، فبعيد عن الصواب». (التهذيب 6: 9).

و في تاج المواليد: 23 قال: «و الأصح و الأقرب أنّها

مدفونة في الروضة أو في بيتها».

و أمّا القول بأنّها قد دفنت في البقيع، قال الشيخ الطوسي: «و روي: أنّها مدفونة في البقيع، و هذا بعيد»، (المبسوط 1: 386)، و مثله قال في التهذيب 6: 9.

و قال في الجواهر: «فأمّا من قال: إنّها دفنت في البقيع فبعيد عن الصواب، و استبعده ابنا سعيد و إدريس و الفاضل في التحرير و غيره». (جواهر الكلام 20: 86).

و الحاصل من ذلك: أنّ قبرها في الروضة بين القبر و المنبر و هو مختار المفيد، أو في بيتها و صار في المسجد و هو مختار الصدوق تبعا لرواية البزنطي عن الرضا عليه السّلام، و بعض حكم بتقارب الروايتين و لم يعين و هو مختار الشيخ الطوسي في التهذيب. و أمّا كون قبرها في البقيع فهذا ما استبعده أكثرهم.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:115

و كان موتها بعد المصطفى صلّى اللّه عليه و آله بستّة أشهر على الصحيح «1»، و قيل: بثمانية «2».

و قيل: بثلاثة «3»، و قيل: بشهرين «4»، ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة «5».

قال الذهبي: و الصحيح أنّ عمرها أربع و عشرون سنة، و قيل: إحدى و عشرين، و قيل: ستّ و عشرون، و قيل: تسع و عشرون، و قيل: ثلاث و ثلاثون، و قيل: خمس و ثلاثون «6».

______________________________

(1). فتح الباري 8: 277 باب: غزوة خيبر رقم 4240، سير أعلام النبلاء 2: 127 عن عائشة.

(2). مستدرك الحاكم 3: 177 قال: «هو قول يزيد بن أبي زياد».

(3). سير أعلام النبلاء 2: 128 و عزاه إلى أبي جعفر، مقاتل الطالبيّين: 31 و قال: «إنّ الثابت في ذلك ما روي عن أبي جعفر محمّد بن علي على أنّها توفّيت بعد ثلاثة أشهر»،

المعجم الكبير 22: 398 رقم 995.

(4). سير أعلام النبلاء 2: 128 و قال: «جاء ذلك عن عائشة»، مستدرك الحاكم 3: 178 رقم 4766 و 4767.

(5). انظر سبل الهدى 11: 49، تهذيب الكمال 35: 252، نظم درر السمطين: 181.

و المشهور عند الإمامية في وفاتها هو في جمادى الآخرة، يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه، سنة احدى عشرة من الهجرة، كما في مصباح المتهجّد للطوسي: 793، و إقبال الأعمال 3: 161، و بحار الأنوار 43: 196، و الأنوار البهية: 58 نقله عن الطبري في دلائل الإمامة عن الإمام جعفر بن محمّد عليه السّلام.

و أنّها بقيت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خمسة و سبعين يوما؛ للصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «أنّ فاطمة مكثت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خمسة و سبعين يوما»، رواه في الكافي 1: 458 باب مولد الزهراء.

و رواه بطريق آخر صحيح في 3: 228 باب: زيارة القبور عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قوله: «عاشت فاطمة بعد أبيها خمسة و سبعين يوما، و لم تر كاشرة و لا ضاحكة ...» و رواه أيضا بطريق آخر صحيح في 4: 561 عن النضر بن سويد عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله.

و في العمدة لابن بطريق: 390 قال: «ذكر الواقدي في كتابه: أنّها بقيت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خمسة و سبعين يوما».

و مثله قال ابن قتيبة في الإمامة و السياسة: 14.

هذا و روي أيضا أنّها بقيت أربعين صباحا، كما في مستدرك الوسائل 2: 210 رقم 1815، و البحار 43: 186، و 78: 256 عن

سلمان و ابن عباس.

(6). ذكر الأقوال جميعا في الطبقات الكبرى لابن سعد 8: 24. لكن يردّ القولين الأخيرين: قول العلّامة الذهبي في سير أعلام النبلاء 2: 121 أنّه قال: «و أكثر ما قيل: إنّها عاشت تسعا و عشرين سنة».

و يردّ جميع الأقوال، عدا القول الثاني- إحدى و عشرين-:

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:116

و قال عبد اللّه بن الحارث: مكثت بعد أبيها ستة أشهر و هي تذوب، و ما ضحكت بعده أبدا «1».

و روى الطبراني بسند رجاله موثّقون- لكن فيه انقطاع- عن جعفر بن محمّد:

مكثت فاطمة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثة أشهر، ما رئيت ضاحكة، إلّا أنّهم قد امتروا في طرف نابها «2».

______________________________

أولا: رواية الحاكم في المستدرك 3: 178 رقم 4765 عن جعفر بن محمّد قال: «ماتت فاطمة و هي ابنة إحدى و عشرين سنة».

و ثانيا: تقدّم في اوائل الكتاب، في بحث تعيين ولادتها: أنّ أغلب العلماء يقولون: إنّها ولدت بعد الإسلام؛ كابن حجر و ابن عبد البرّ و مصعب الزبيري و اليعقوبي و الحاكم النيسابوري و المحبّ الطبري و المزي و ابن المديني ...

و غيرهم، و هذا معناه أنّها لم تتجاوز الواحدة و العشرين. و ذكرنا هناك أيضا أنّ الصحيح: أنّها ولدت بعد المبعث بخمس سنين؛ للصحيح عن أبي جعفر محمّد الباقر عليه السّلام قال: «توفّيت و لها ثمان عشرة سنة و خمسة و سبعون يوما ...» (الكافي 1: 458).

هذا و قال المحبّ الطبري: «ذكر الإمام أبو بكر أحمد بن نصر بن عبد اللّه الدارع في كتاب تاريخ مواليد أهل البيت: أنّها توفّيت و هي ابنة ثمان عشرة سنة و خمسة و سبعون يوما». (ذخائر العقبى: 101).

(1). سير أعلام النبلاء 2: 128.

(2). المعجم

الكبير 22: 398 رقم 995 و فيه عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام، و راجع مجمع الزوائد 9: 320 رقم 15227 حيث قال: «رواه الطبراني، و رجاله رجال الصحيح»، و سبل الهدى 11: 49.

و الحديث مرويّ في أغلب كتب الإمامية؛ كالبحار 29: 390 و 43: 195 و 97: 216، و الكافي 4: 561 و 3:

288، و وسائل الشيعة 3: 224 و 10: 279 و غيرهما عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام، و في مناقب ابن شهرآشوب 3: 119 عن الباقر عليه السّلام: «أنّها عاشت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خمسة و سبعين يوما، لم تر كاشرة و لا ضاحكة». و الجميع رووه من دون عبارة: «إلّا أنّهم قد امتروا في طرف نابها» أي: أنّهم شكّوا في وجود علّة في فمها منعها من الضحك و التبسّم، لا أنّها امتنعت عن الضحك و التبسّم لأجل حزنها على أبيها!!

و الظاهر- و اللّه العالم- أنّ هذه الزيادة موضوعة مدخولة على الحديث للتقليل من أهمية موقف الزهراء تجاه الحوادث الّتي جرت بعد رحيل الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله.

و الّذي يؤكّد ذلك أنّ الرواية مرويّة عن جعفر بن محمّد الصادق صلّى اللّه عليه و آله، و ليس أحد يهتمّ بروايات الصادق أكثر من الإمامية، و كلّ كتب الإمامية خالية عن هذه الزيادة.

و ما يدلّل عليه أيضا أنّ ابن الأثير رواها في أسد الغابة 7: 221 في ترجمة فاطمة من دون هذه الزيادة، و كذلك ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج 16: 280.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:117

السادسة: قال جمع: و هي أوّل من غطّي نعشها «1» في الإسلام

روى ابن سعد عن أم جعفر:

أنّ فاطمة قالت لأسماء بنت عميس: إنّي استقبح ما يصنع بالنساء، يطرح على المرأة

الثوب فيصفها، فقالت أسماء: يا ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنّتها، ثمّ طرحت عليها ثوبا، فقالت فاطمة: ما أحسن هذا! إذا أنا متّ فغسّليني أنت و علي، و لا يدخلنّ عليّ أحد، ثمّ اصنعي بي هكذا.

فلمّا توفّيت صنع بها ما أمرت به أن تغسّلها أسماء و علي «2».

السابعة: انقراض نسب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلّا من فاطمة

لأنّ أمامة بنت بنته زينب تزوّجت بعلي بوصيّة من فاطمة «3»، ثمّ بعده بالمغيرة ابن نوفل، و أتت منهما بأولاد.

______________________________

(1). النعش: القبّة، و يسمّى سرير الميّت نعشا لارتفاعه، و هو شبه المحفّة و مركب النساء كالهودج، فالنعش سرير عليه قبّة أو خيمة أو شي ء عال يستره. راجع عون المعبود 8: 338 و 339 كتاب الجنائز، و قال: «و أوّل من جعل لها النعش فاطمة الزهراء لمّا توفّيت، عملت أسماء بنت عميس ما كانت قد رأته بالحبشة، قاله السيوطي».

(2). عون المعبود 8: 337 باب: أين يقوم الإمام من الميّت إذا صلّى، السنن الكبرى للبيهقي 4: 34، كنز العمّال 13:

686، نصب الراية 2: 258، سير أعلام النبلاء 2: 128، أسد الغابة 7: 221، الاستيعاب 4: 47. و أكثرهم زاد في آخره: «فجاء أبو بكر فوقف على الباب، و قال: يا أسماء ما حملك أن منعت أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يدخلن على ابنة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و جعلت لها مثل هودج العروس؟ فقالت: أمرتني أن لا يدخل عليها أحد، و أمرتني أن أصنع لها ذلك.

و غسّلها علي و أسماء، و هي أوّل من غطّي نعشها في الإسلام، ثمّ زينب بنت جحش».

(3). فتح الباري 2: 176 باب 106 و قال: «و أمامة تزوّجها علي

بعد وفاة فاطمة بوصيّة منها، و لم تعقّب»، عون المعبود 3: 131 باب 167 العمل في الصلاة، و قال: «تزوّجها بعد وفاة فاطمة و لم تعقّب»، السيّدة الزهراء: 101 و 165 و قال: «أمامة تزوّجها علي بعد الزهراء بوصيّة منها، لكنّها لم تنجب أولادا، فلم يكن لسيدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عقب إلّا من الزهراء، و أعظم بها من مفخرة».

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:118

قال الزبير بن بكّار: ثمّ انقرض عقب زينب «1».

______________________________

(1). حكاه الذهبي في سير أعلام النبلاء 2: 122. و قد تقدّم في أوّل الباب الرابع كلام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري 7: 477: «أنّ من خصائص فاطمة الزهراء: أنّها ذرّية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دون بقية أخواتها»، لانحصار الذرّية و العقب من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بها وحدها، و استدلّ به ابن حجر على أنّها أفضل النساء لأنّها ذرّية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:119

الباب الخامس في ما روته من الأخبار و أنشأته من الأشعار

اشارة

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:121

روايتها للحديث

اشارة

اعلم أنّها لسرعة موتها لم ترو من الأحاديث إلّا قليلا، ذكروا أنّ جميع ما روته لا يبلغ عشرة أحاديث «1».

فمن ذلك:

(1) حديث المسارّة المارّ «2».

(2) حديث القول عند دخول المسجد.

رواه الترمذي و ابن ماجة من رواية فاطمة الصغرى عنها مرسلا «3»، و قد ثبت

______________________________

(1). إنّ أيّ مراجعة لكتب الحديث عند أهل السنّة يكشف أنّ أحاديث فاطمة صلوات اللّه عليها أكثر ممّا ذكره المصنّف هنا، فعلى سبيل المثال لا الحصر: ذكر السيوطي في مسند فاطمة (284) حديثا، و في مسند أبي يعلى المجلّد (12) بعنوان: مسند فاطمة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (18) حديثا، و في مسند ابن راهويه المجلّد (5) بعنوان: مسند فاطمة (15) حديثا، و في المعجم الكبير للطبراني 22: 413 بعنوان: ما اسندت فاطمة (23) حديثا، و هذا غير ما ذكره في بقية الفصول و الأجزاء من المعجم، كما في 3: 86 رقم 2742 حديث ترك الوضوء ممّا مسّته النار.

(2). و هو حديث «أسرّ إليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّي أوّل أهله لحوقا به، و أسرّ إليّ أنّي سيدة نساء هذه الأمة أو نساء العالمين» المتقدّم، أخرجه في مسند أحمد 6: 282، و مسند أبي يعلى 12: 111 رقم 6745، و مسند ابن راهويه 5: 6 رقم 2102 و 2103، و غيرها.

(3). أخرجه أحمد في المسند 6: 282 عن فاطمة قالت: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا دخل المسجد قال: بسم اللّه

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:122

أيضا له من طريق آخر عن فاطمة عن أبيها الحسين عنها.

(3) حديث: ألا لا يلومنّ امرؤ نفسه يبيت و في يده ريح غمر «1».

أخرجه ابن ماجة من رواية ابنها الحسين عنها.

(4) حديث ترك الوضوء ممّا مسته النار.

أخرجه أحمد من رواية الحسن بن الحسين عنها مرسلا «2».

(5) حديث ساعة الإجابة يوم الجمعة، و أنّها إذا تدلّت الشمس للغروب «3».

أخرجه البيهقي في الشعب.

______________________________

و السلام على رسول اللّه، اللّهم اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب رحمتك. و إذا خرج قال: بسم اللّه و السلام على رسول اللّه، اللّهم اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب رحمتك».

و أخرجه أيضا ابن راهويه في المسند 5: 4 رقم 2099، و أبو يعلى الموصلي في المسند 12: 121 رقم 6754، و الترمذي في الجامع الصحيح 2: 127 رقم 314، و ابن ماجة في السنن 1: 253 رقم 771، و الطبراني في المعجم الكبير 22: 424 رقم 1044.

(1). سنن ابن ماجة 2: 1096 رقم 3296. و أخرجه في مسند أبي يعلى 12: 115 رقم 6748 و فيه: «بات»، و في كنز العمّال 15: 242 رقم 40759. و الغمر- بفتح الغين و الميم- الدسم و الزهومة من اللحم.

(2). مسند أحمد 6: 283 و فيه: الحسن بن الحسن، و لفظ الحديث عنه عن فاطمة قالت: «دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأكل عرقا، فجاء بلال بالأذان، فقام ليصلّي، فأخذت بثوبه، فقلت: يا أبه ألا تتوضّأ؟ فقال: ممّن أتوضّأ يا بنية؟ فقلت: ممّا مسّته النار، فقال لي: أو ليس أطيب طعامكم ما مسّته النار؟».

و أخرجه أيضا في المعجم الكبير 3: 86 رقم 2742 و فيه: «ناولته كتف شاة»، و في مسند أبي يعلى 12: 108 رقم 6740.

(3). أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 7: 266 رقم 6436 عن مرجانة مولاة علي، قالت: «حدّثتني فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن أبيها قال: إنّ في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل اللّه فيها خيرا إلّا أعطاه إيّاه».

و أخرجه في مجمع الزوائد 2: 377 رقم 3013 و قال: «رواه الطبراني في الأوسط»، و في مسند ابن راهويه 5: 13 رقم 2109.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:123

(6) أخرج أحمد عن محمّد بن علي قال:

كتب إليّ عمر بن عبد العزيز أن افتح له وصيّة فاطمة، فكان في وصيّتها الستر الّذي يزعم الناس أنّها أحدثته، و أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دخل عليها، فلمّا رآه رجع «1».

(7) أخرج الطبراني عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أنّها أتت بالحسن و الحسين إليه في شكواه الّتي توفّي فيها، فقالت: يا رسول اللّه، هذان ابناك فورّثهما شيئا، قال: أمّا الحسن فله هيبتي و سؤددي، و أمّا الحسين فله جودي و جرأتي، فإن بليتم فاصبروا، فإنّه العاقبة للتقوى، انتهى «2».

و رواته ثقات.

(8) و أخرج عن أبي مليكة قال:

كانت فاطمة تنقز الحسن و تقول: بنيّ شبيه لرسول اللّه، ليس شبيها لعلي «3».

(9) و أخرج الدارمي عن أنس أنّها قالت له:

كيف طابت نفوسكم أن تحثوا «4» التراب على رسول اللّه «5».

______________________________

(1). مسند أحمد 6: 283.

(2). المعجم الكبير 22: 423 رقم 1041 و ليس فيه: «فإن بليتم ...» إلى آخره. و أخرجه في الآحاد و المثاني 5: 370 رقم 1054، و كنز العمّال 7: 268 رقم 18839 و 12: 117 رقم 34272 و رقم 34273 و فيه: «أمّا الحسن فقد نحلته حلمي و هيئتي، و الحسين نحلته نجدتي وجودي».

(3). مسند أحمد 6: 283، و سيأتي في فصل (أشعارها) توضيح لهذا الكلام.

(4). تحثوا: من الحثي، و هو رمي التراب باليد.

(5). سنن ابن ماجة 1: 522 رقم 1630 و فيه: «يا أنس، كيف سخت نفوسكم ......»، مجمع الزوائد 8: 605 باب

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:124

فصل و ممّا ينسب إليها من الشعر

(1) قولها ترثي أباها صلّى اللّه عليه و آله كما في سيرة اليعمري:

اغبرّ آفاق السماء و كوّرت شمس النهار و أظلم العصران

فالأرض من بعد النبيّ كئيبةأسفا عليه كثيرة الرجفان

فليبكه شرق البلاد و غربهاو ليبكه مضر و كلّ يماني

و ليبكه الطود المعظّم جوّه و البيت ذو الأستار و الأركان

يا خاتم الرسل المبارك ضوؤه صلّى عليك منزل الفرقان «1» (2) و روى طاهر بن يحيى العلوي و ابن الجوزي في (الوفاء) عن علي عليه السّلام لمّا دفن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جاءت فاطمة فوقفت على قبره، و أخذت قبضة من تراب القبر، و أنشأت تقول- و قيل: بل هو لعلي عليه السّلام-

ما ذا على من شمّ تربة أحمدألّا يشمّ مدى الزمان غواليا

صبّت عليّ مصائب لو أنّهاصبّت على الأيام عدن لياليا «2»

______________________________

في وداعه صلّى اللّه عليه و آله و فيه: «أنّها قالت ذلك لعلي عليه السّلام»، المعجم الكبير 3: 64 رقم 2676 و فيه: «قالت لعلي

عليه السّلام»، مسند ابن راهويه 5: 13 رقم 2110.

(1). عيون الأثر 2: 434 باب: ذكر مصيبة المسلمين بوفاة النبي صلّى اللّه عليه و آله، نور الأبصار: 53.

(2). الوفاء بأحوال المصطفى: 819 رقم 1538، سبل الهدى 12: 337 و فيه: «أخذت قبضة من تراب القبر

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:125

(3) و روي: أنّها تمثّلت أيضا بشعر فاطمة بنت الأحجم «1»:

قد كنت لي جبلا ألوذ بظلّه فتركتني أمشي بأجرد ضاحي

قد كنت ذات حمية ما عشت لي أمشي البراز و كنت أنت جناحي

فاليوم أخضع للذليل و أتّقي منه و أدفع ظالمي بالراح

و إذا دعت قمرية شجنا لهاليلا على فنن دعوت صباحي «2»

______________________________

فوضعته على عينيها»، نظم درر السمطين: 181، نور الأبصار: 53، الإتحاف: 33. و مطلعه:

قل للمغيّب تحت أطباق الثرى إن كنت تسمع صرختي و ندائيا و آخره:

فاليوم اخضع للذليل و أتّقي ضيمي و ادفع ظالمي بردائيا

(1). فاطمة بنت الأحجم الخزاعية، شاعرة إسلامية من الصحابيات، لها أشعار في رثاء إخوتها، و مطلع أبياتها:

يا عين بكيّ عند كلّ صباحي جودي بأربعة على الجراح

قد كنت لي جبلا ألوذ بظلّه فتركتني أمشي بأجرد ضاحي

(2). عيون الأثر 2: 434، سبل الهدى 12: 288 و زاد في آخره:

فاللّه صبّرني على ما حلّ بي مات النبيّ قد انطفى مصباحي و من أشعارها صلوات اللّه عليها أيضا، ممّا لم يذكره المصنّف، قولها بعد وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

قد كان بعدك أنباء و هنبثةلو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلهافاختل قومك فاشهدهم و لا تغب نسبه إليها الزمخشري في الفائق في غريب الحديث 3: 411، و ابن قتيبة في غريب الحديث 1: 267، و ابن الأثير في النهاية 5: 239، و في لسان العرب 2: 198 قال: «إنّ

فاطمة قالته بعد موت أبيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»، و مثله في تاج العروس 1: 654.

و الهنبثة: إثارة الفتنة، و هي من النبث، و الهاء زائدة، و يقال للأمور الشداد: هنابث، يريد ما وقع الناس فيه من الفتن، و هذا البيت يعزى إلى فاطمة عليها السلام. قاله الزمخشري في الفائق 1: 60.

و ممّا ينسب إليها عليها السلام:

إذا ما مات قرم قلّ و اللّه ذكره و ذكر أبي مذ مات و اللّه أزيد

تذكّرت لمّا فرّق الموت بيننافعزّيت نفسي بالنبيّ محمّد

فقلت لها إنّ الممات سبيلناو من لم يمت في يومه مات في غد ذكره في سبل الهدى 12: 289، و القرم: السيد العظيم.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:126

______________________________

و نسب إليها أيضا:

كنت السواد لمقلتي يبكي عليك الناظر

من شاء بعدك فليمت فعليك كنت أحاذر ذكره ابن شهرآشوب في المناقب 1: 208، و في شرح النهج 19: 197 أنّه لعلي عليه السّلام، قاله يوم وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و لها أيضا عليها السلام:

أشبه أباك يا حسن و اخلع عن الحقّ الرسن

و أعبد إلها ذا منن و لا توال ذا الإحن ذكره في ابن شهرآشوب في المناقب 3: 159.

و لها أيضا:

وا بأبي شبه أبي غير شبيه بعلي كانت تقوله للحسين عليه السّلام كما في المناقب 3: 159، و البحار 43: 286، و مستدرك السفينة 5: 473. و تقدّم أنّها كانت تقول للحسن عليه السّلام أشبه أباك يا حسن، فهذا هو ما كانت تقوله الزهراء للحسن و الحسين عليه السّلام.

و أمّا ما تقدّم من رواية ابن أبي مليكة من أنّها كانت تنقز الحسن و تقول: «بنيّ شبيه برسول اللّه ليس شبيها بعلي».

فالظاهر- و اللّه العالم- أنّه إمّا حصل تصحيف في الاسم فجعل «الحسن» بدل

«الحسين»، و إمّا أنّ ابن أبي مليكة نسب هذا القول لفاطمة و هو ليس لها، بل هو لأبي بكر، و يدلّ على ذلك: أنّ أبا بكر كان يقول للحسن و هو صغير:

بأبي شبيه بالنبيّ ليس شبيها بعلي رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 13: 174، و الذهبي في سير أعلام النبلاء 3: 249، و ابن حجر في فتح الباري 7: 257 باب: صفة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رقم الحديث 3542.

و إمّا أنّ الأمر كلّه بترتيب من بني أمية الذين أكّدوا على طمس معالم أهل البيت عليهم السّلام، و بالأخصّ الإمام الحسين عليه السّلام. و من المعلوم أنّ من خصوصياته أنّه شبيه برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«حسين منّي و أنا من حسين، أحبّ اللّه من أحبّ حسينا، حسين سبط من الأسباط».

أخرجه الحاكم في المستدرك 3: 177 باب: استشهاد الحسين يوم الجمعة، و قال: «هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرّجاه»، و سنن الترمذي 5: 324 و قال: «هذا حديث حسن»، و مصنّف ابن أبي شيبة 7: 515 باب ما جاء في الحسن و الحسين، و البخاري في التاريخ 8: 415 ترجمة يعلى بن مرّة الثقفي، و صحيح ابن حبّان 15: 428، و المعجم الكبير 3: 32 رقم 2586 و 22: 473، و كنز العمّال 12: 115 و 120 و 129 و 13: 662، و تهذيب الكمال 6: 402 و 10: 427 قال: «رواه الترمذي» و قال: «و هو حسن»، و تهذيب التهذيب 2: 229 ترجمة الحسين بن علي، و تاريخ دمشق 14: 149 و 64: 35، و نظم درر السمطين 208، و البداية و

النهاية 8: 224 و قال:

«قال الترمذي: هذا حديث حسن»، و سبل الهدى 9: 370 و 11: 72، و مسند الشاميّين للطبراني 3: 184 رقم

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:127

(4) و روى الثعلبي بإسناده:

أنّ الحسن و الحسين مرضا، فعادهما المصطفى صلّى اللّه عليه و آله في أناس، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت، فنذر علي و فاطمة إن شفيا أن يصوما ثلاثا، فشفيا، و لا شي ء عندهم، فاقترض علي من يهودي أصوعا «1»، فصنعت فاطمة طعاما و قدّمته له عند فطره، فوقف بالباب سائل فاستطعمهم، فقال علي:

فاطم ذات المجد و اليقين يا بنت خير الناس أجمعين

أ ما ترين البائس المسكين قد قام بالباب له حنين

يشكو إلى اللّه و يستكين يشكو إلينا جائعا حزين

كلّ امرئ بكسبه رهين و فاعل الخيرات يستعين «2»

موعده جنّة علّيين حرّمها اللّه على الضنين

و للبخيل موقف مهين تهوي به النار إلى سجّين فقالت فاطمة:

أمرك سمع يا بن عم و طاعةما بي من لؤم و لا وضاعة «3»

غذّيت باللّب و بالبراعةأطعمه و لا أبالي الساعة

أرجو إذا أشبعت ذا مجاعةأن ألحق الأخيار و الجماعة

و أدخل الخلد و لي شفاعة ______________________________

2043، و كشف الخفاء 1: 358 و قال: «رواه الترمذي و حسّنه، و رواه أحمد و ابن ماجة في السنن»، و مسند أحمد 4: 172، و سنن ابن ماجة 1: 51 رقم 144، و سير أعلام النبلاء 3: 283، و تاج العروس 5: 148 مادة سبط.

(1). أصوع: جمع صاع، و هو مكيال تكال به الحبوب و غيرها، و وزنه تسعة أرطال، أي حوالي ثلاث كيلوغرامات.

(2). في مناقب الخوارزمي: 268: «يستبين»، و زاد في آخر الأبيات: شرابه الحميم و الغسلين.

(3). في المناقب: 269: «ضراعة»، و الضراعة: من ضرع، بمعنى: خضع و ذلّ و ضعف، و

يقال: رجل ضارع، أي: نحيف.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:128

فأعطوه الطعام، و مكثوا يومهم و ليلتهم لم يذوقوا إلّا الماء. فصنعت مثله، فوقف بالباب يتيم فاستطعمهم، فقال علي:

فاطمة بنت السيد الكريم بنت نبيّ ليس بالزنيم «1»

قد جاءنا اللّه بذا اليتيم من يرحم اللّه فهو رحيم «2»

موعده في جنّة النعيم قد حرّم الخلد على اللئيم

يساق في النار إلى الجحيم شرابه الصديد و الحميم فقالت فاطمة:

إنّي لأعطيه و لا أبالي و أوثر اللّه على عيالي

أمسوا جياعا و هم أشبالي أصغرهما يقتل في القتال

بكربلاء يقتل في اغتيال للقاتل الويل مع الوبال

تهوي به النار إلى سفال مصفّد اليدين بالأغلال

لقوله زادت على الأكيال «3»

فأعطوه الطعام، و أمسكوا يومين و ليلتين لم يذوقوا شيئا إلّا الماء القراح. ففعلت في الثالث ذلك، فوقف بالباب أسير فاستطعم، فقال علي:

فاطمة بنت النبيّ أحمدبنت نبيّ سيّد مسوّد

هذا أسير للنبي المهتدمكبّل في غلّه المقيّد

______________________________

(1). الزنيم: الدعيّ في النسب، و الملصق بالقوم و ليس منهم، و قيل: الموسوم بالشرّ.

(2). في المناقب: 269: «من يرحم اليوم فهو رحيم».

(3). في المناقب: 269: «زادت على الأكبال»، و الأكبال: القيود.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:129 يشكو إلينا الجوع قد تمدّد «1»من يطعم اليوم يجده في غد

عند العليّ الواحد الموحّدما يزرع الزارع سوف يحصد

فأطعمي من غير منّ أو نكدحتّى تجازي بالّذي لا ينفد فقالت فاطمة:

لم يبق ممّا جئت غير صاع قد دميت كفّي من مع الذراع

ابناي و اللّه من الجياع أبوهما للخير ذو اصطناع

فيصنع «2» المعروف بابتداع عبل الذراعين «3» طويل الباع

و ما على رأسي من قناع إلّا عبا نسجتها بصاع «4» فأعطوه الطعام و مكثوا ثلاثا لا يذوقون الأكل و قد قضوا نذرهم، فأخذ عليّ الحسنين، و أقبل على المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و هم يرتعشون من شدّة الجوع، فقال المصطفى صلّى اللّه عليه

و آله: ما أشدّ ما يسوؤني ممّا أرى بكم! انطلق بنا إلى ابنتي فاطمة، فلمّا رآها و قد لصق بطنها بظهرها، و غارت عينها لشدّة الجوع، قال: وا غوثاه! يموت أهل بيت محمّد جوعا «5»، فنزل قوله تعالى: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ إلى قوله: (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ) الآيات «6». انتهى «7».

______________________________

(1). في المناقب: 270: «تمرّد».

(2). في مناقب الخوارزمي: 270: «يصطنع».

(3). عبل الذراعين: عريضهما و ضخمهما.

(4). في المناقب: 270 «إلّا قناع نسجه من صاع».

(5). في مناقب الخوارزمي: 271 زاد: فهبط جبرئيل عليه السّلام فقال: يا محمّد، خذ هنّأك اللّه في أهل بيتك، قال: و ما آخذ يا جبرئيل؟ فأقرأه (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) إلى قوله: (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً) إلى آخر السورة.

(6). الإنسان 7- 9.

(7). رواه الثعلبي في تفسيره الكشف و البيان 10: 98 في تفسير سورة الإنسان، و القرطبي في التفسير 19: 134 في تفسير قوله: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ)، و في مناقب الخوارزمي: 251 من حديث المزني عن ابن مهران، و نهج الإيمان:

174. و رواه ابن الأثير في أسد الغابة 7: 230 من دون الشعر رقم 7210 ترجمة فضّة النوبية، و البغوي في تفسيره معالم التنزيل 5: 309 مختصرا.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:130

و هذا حديث كذب موضوع، قال الحكيم الترمذي: هذا من الأحاديث الّتي تنكرها القلوب، و هو حديث مسروق مفتعل، لا يروّج إلّا على جاهل «1».

و أورده ابن الجوزي في الموضوعات بزيادة على ذلك، و قال: هذا لا يشكّ أحد في وضعه «2».

______________________________

(1). لم نعثر على كلام الترمذي هذا رغم التتبّع الكثير.

(2). الموضوعات 1: 293، لكنّه لم يذكر دليلا على أنّ الحديث موضوع. نعم، ذكر أمرين و هما لا يصلحان

للحكم على الحديث بالوضع، و هما: الأول: ركّة الأشعار، و الثاني: أنّ راويه هو الأصبغ بن نباتة و قال: هو لا يساوي شيئا!!

أمّا الأول: فيردّه أنّ الثعلبي و الخوارزمي و القرطبي، إضافة إلى علماء الإمامية، قد رووا الحديث مع الأبيات الشعرية، و كلّهم معروف بالأدب و نظم الشعر، و لم يصفها أحد منهم بالرّكة، مضافا إلى ذلك أنّ مسألة تقييم الشعر أمر ذوقي، و الشواهد التاريخية على ذلك كثيرة جدا، فقد حكم على أشعار بالرّكة، و حكم غيرهم عليها بالفصاحة و الجزالة، و بالعكس.

و أمّا الثاني: و هو قوله: إنّ الأصبغ بن نباتة لا يساوي شيئا، فيردّه: أنّ العجلي قال عنه: «كوفي تابعي ثقة، و روى له ابن ماجة». (تهذيب الكمال 3: 310، و تهذيب التهذيب 1: 329).

و الظاهر أنّ تضعيف ابن الجوزي و غيره له إنّما هو لأجل كونه من شيعة علي و من خلّص أصحابه، و كان من شرطة أمير المؤمنين عليه السّلام. قال ابن سعد: «كان شيعيا، و كان على شرطة علي». و قال ابن حبّان: «فتن بحبّ علي فأتى بالطامّات، فاستحقّ الترك». راجع تهذيب التهذيب 1: 329.

و يبدو أنّ تضعيفهم لأجل مذهب الرجل، لا أنّه في نفسه ضعيف، و يؤكّده أنّ العجلي وثّقه، و ابن ماجة أيضا، و إلّا لما روى له في السنن.

و قول ابن كثير في البداية و النهاية 5: 351: «إنّ الحديث موضوع؛ لأنّ هذه السورة مكّية، و الحسن و الحسين ولدا في المدينة»!! مردود؛ لتسالم العلماء على أنّ السورة مدنية.

قال السيوطي في الدرّ المنثور 8: 365 «أخرج ابن ضريس و ابن مردويه و البيهقي عن ابن عباس قال: نزلت سورة الإنسان بالمدينة».

و قال الثعالبي في التفسير 5:

527: «قال الحسن و عكرمة: منها آية مكّية، و الباقي مدني».

و قال الشوكاني في فتح القدير 5: 343: «قال الجمهور: هي مدنية».

و في معالم التنزيل للبغوي 5: 307: «قال مجاهد و قتادة: مدنية، و قال الحسن و عكرمة: هي مدنية إلّا آية، و هي قوله: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) ..».

و في شواهد التنزيل 2: 423: «و ما أنزل اللّه بالمدينة: المطفّفين و البقرة و الأنفال و ...... و هل أتى على

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:131

و ممّن جزم بوضعه الذهبي و زين الدين العراقي و الحافظ ابن حجر العسقلاني، و غيرهم «1».

ممّن كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر، لا يحلّ لهم نسبة ذلك للمصطفى صلّى اللّه عليه و آله، و لا إلى فاطمة، و لا إلى علي، و حاشا بلاغتهم من هذه الألفاظ الركيكة، و العبارات المنحطّة الوضيعة، و اللّه سبحانه أعلم.

نجز الكتاب المبارك بحمد اللّه و عونه و حسن توفيقه، رحم اللّه مؤلّفه و مطالعه و مالكه، و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله و صحبه و سلّم.

______________________________

الإنسان ...»، ثمّ عدّ بقية السور.

هذا مضافا إلى أنّ إيراد هذه الرواية من قبل القرطبي و الثعلبي و الخوارزمي و ابن جبر و غيرهم، و فيها الحسن و الحسين في تفسير السورة، دليل على مدنيّتها عندهم.

(1). لم نعثر على كلام هؤلاء في كتبهم، و لم نشاهد هذه النسبة في كتب الآخرين.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:133

الفهارس

اشارة

فهرس مصادر الكتاب فهرس الموضوعات

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:135

فهرس مصادر الكتاب

1. القرآن الكريم

2. إرشاد الساري: لأحمد بن محمّد القسطلاني، دار الفكر.

3. إرواء الغليل: لمحمّد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي.

4. إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار: لمحمّد بن علي الصبّان، دار الفكر.

5. إقبال الأعمال: للسيّد علي بن موسى بن طاوس، الإعلام الاسلامي.

6. الإتحاف بحبّ الأشراف: لعبد اللّه الشبراوي، المطبعة الأدبية- مصر.

7. الآحاد و المثاني: لعمر بن أبي عاصم الضحّاك الشيباني، دار الراية.

8. الأخبار الموضوعة: لملّا علي القاري، المكتب الإسلامي.

9. الأذكار النووية: لمحي الدين بن شرف النووي، دار الفكر.

10. الاستيعاب: ليوسف بن عبد اللّه بن محمّد بن عبد البرّ، دار الكتب العلمية.

11. الإصابة في معرفة الصحابة: لأحمد بن علي بن محمّد العسقلاني المعروف بابن حجر، دار صادر.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:136

12. الأعلام: لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين.

13. الإمامة و السياسة: لعبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوري، دار الكتب العلمية.

14. الأنوار البهيّة: للشيخ عبّاس القمّي، جامعة المدرسين.

15. الباعث الحثيث: لابن كثير الدمشقي، دار الفيحاء- دمشق.

16. البداية و النهاية: لابن كثير الدمشقي، دار إحياء التراث.

17. البيان و التعريف: لابن حمزة، المكتبة العلمية.

18. التاريخ الكبير: لإسماعيل بن إبراهيم البخاري، المكتبة الإسلامية.

19. التنبيه و الاشراف: لعليّ بن الحسين بن عليّ المسعودي، الطبعة الأولى.

20. الثقات: لمحمّد بن حبّان التميمي البستي، مؤسّسة الكتب الثقافية.

21. الجامع الصحيح: لمحمّد بن عيسى بن سورة الترمذي، دار عمران.

22. الجامع الصغير: لجلال الدين السيوطي، دمشق.

23. الجرح و التعديل: لمحمّد بن عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، دار الكتب العلمية.

24. الحدائق الناضرة: لأحمد بن يوسف البحراني، جامعة المدرسين.

25. الدرّ المنثور: لجلال الدين السيوطي، دار الفكر.

26. الدروس الشرعية: لمحمّد بن مكى المعروف بالشهيد الأول، جامعة المدرسين.

27. الديباج على صحيح مسلم: لجلال الدين

السيوطي، دار ابن عفّان.

28. السمط الثمين: للمحبّ الطبري، دار الحديث.

29. السنن الكبرى: لأحمد بن الحسين البيهقي، مكتبة المعارف- الرياض.

30. السنّة: لعمرو بن أبي عاصم الضحّاك الشيباني، دار الصميعي.

31. السيدة الزهراء: لأحمد بيّومي المصري، السفير.

32. السيرة النبوية: لابن كثير الدمشقي، دار المعرفة.

33. الصحاح: لاسماعيل بن حمّاد الجوهري، الأعلمي.

34. الصحيح من السيرة: للسيد جعفر العاملي، دار الهادي.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:137

35. الضعفاء و المتروكين: لعبد الرحمن بن علي بن الجوزي، دار الكتب العلمية.

36. الطبقات الكبرى: لمحمّد بن سعد، دار الكتب العلمية.

37. العروة الوثقى: لمحمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، الأعلمي.

38. العمدة: يحيى بن الحسن الأسدي المعروف بابن بطريق، جامعة المدرسين.

39. الغيلانيات (فوائد البزار): لمحمّد بن عبد اللّه البزّار، أضواء السلف.

40. الفائق في غريب الحديث: لمحمود بن عمر الزمخشري، دار الكتب العلمية.

41. الفردوس: لشرويه بن شهردار بن شرويه الديلمي، دار الكتاب العربي.

42. الفروق اللغوية: لابن هلال العسكري، جامعة المدرسين.

43. القول المسدّد: لابن حجر العسقلاني، دار ابن تيمية- القاهرة.

44. الكافي: لمحمّد بن يعقوب الكليني، دار الكتب الإسلامية.

45. اللآلئ المصنوعة: لجلال الدين السيوطي، دار المعرفة.

46. المبسوط: للشيخ محمّد بن الحسن الطوسي، طهران.

47. المجروحين: لمحمّد بن حبّان، دار المعرفة.

48. المجموع: لمحي الدين بن شرف النووي، دار الفكر.

49. المحلّى: لعلي بن أحمد بن حزم، المكتب التجاري.

50. المدوّنة الكبرى: للإمام مالك بن أنس، السعادة- مصر.

51. المطالب العالية: لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني، دار المعرفة.

52. المعتصر من المختصر: لأبي المحاسن الحنفي، عالم الكتب.

53. المعجم الأوسط: لسليمان بن أحمد الطبراني، دار المعارف.

54. المعجم الصغير: لسليمان بن أحمد الطبراني، دار الكتب العلمية.

55. المعجم الكبير: لسليمان بن أحمد الطبراني، دار إحياء التراث.

56. المغني في الضعفاء: لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، دار الكتب العلمية.

57. المنتظم في تاريخ الملوك و

الأمم: لعبد الرحمن بن عليّ بن الجوزي، دار الكتب العلمية.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:138

58. الموضوعات: لابن الجوزي، المدينة المنوّرة.

59. الموضوعات: للفتني، الطبعة الأولى.

60. الموضوعات: لمحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي، دار الرشد- الرياض.

61. الموضوع: للملّا علي القاري، المطبوعات- حلب.

62. النهاية في غريب الحديث: لمبارك بن محمّد ابن الأثير، دار إحياء التراث.

63. الوفاء بأحوال دار المصطفى: لعبد الرحمن بن عليّ ابن الجوزي، دار الكتب العلمية.

64. إيضاح المكنون: لإسماعيل بن محمّد أمين الباباني البغدادي، الطبعة الأولى.

65. أسد الغابة: لعلي بن أبي أكرم محمّد بن محمّد الشيباني المعروف بابن الأثير، طبع و نشر دار الكتب العلمية.

66. أسماء الثقات: لعمر بن شاهين، الدار السلفية.

67. أهل البيت في المكتبة العربية: لعبد العزيز الطباطبائي، آل البيت.

68. بحار الأنوار: لمحمد باقر المجلسي، دار إحياء التراث.

69. تاج العروس: لمحمّد مرتضى الحسيني الزبيدي، الطبعة الأولى.

70. تاج المواليد: للطبرسي، مكتبة المرعشي.

71. تاريخ ابن معين: ليحيى بن معين بن عون المري البغدادي، دار المأمون- دمشق.

72. تاريخ الطبري: لمحمد بن جرير الطبري، الأعلمي.

73. تاريخ المدينة: لعمر بن شبّة النميري البصري، دار الفكر.

74. تاريخ اليعقوبي: لأحمد بن أبي يعقوب بن واضح، المطبعة الحيدرية.

75. تاريخ بغداد: لأحمد بن علي الخطيب البغدادي، دار الكتاب العربي.

76. تاريخ خليفة بن خياط: لخليفة بن خياط بن هبيرة العصفري، دار الفكر.

77. تاريخ دمشق: لعلي بن الحسن بن هبة المعروف بابن عساكر، دار الفكر.

78. تاريخ مواليد الائمة: لابن الخشّاب، مكتبة المرعشي.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:139

79. تحفة الأحوذي: لمحمد بن عبد الرحمن المباركفوري، دار الفكر.

80. تدريب الراوي: لجلال الدين السيوطي، مكتبة كوثر.

81. تفسير الثعلبي (الكشف و البيان): لأبي اسحاق الثعلبي، دار إحياء التراث العربي.

82. تفسير القرطبي: لمحمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، دار إحياء التراث.

83. تقريب التهذيب: لأحمد بن

علي بن حجر العسقلاني، دار المعرفة.

84. تهذيب الأحكام: للشيخ محمد بن الحسن الطوسي، دار الكتب الإسلامية.

85. تهذيب التهذيب: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار الكتب العلمية.

86. تهذيب الكمال: لأبي الحجّاج يوسف المزي، الرسالة.

87. جمهرة اللغة: لأحمد بن بكر بن دريد، دار العلم للملايين.

88. جواهر الكلام: لمحمّد حسن النجفي الجواهري، دار الكتب الإسلامية.

89. خلاصة الأثر: للمحبّي، دار صادر.

90. دلائل الإمامة: لابن رستم الطبري، مؤسّسة البعثة.

91. دلائل النبوة: لأبي نعيم الأصفهاني، عالم الكتب.

92. دلائل النبوة: لأحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي، دار الكتب العلمية.

93. ديوان الضعفاء: أحمد بن محمد بن عثمان الذهبي، دار القلم.

94. ذخائر العقبى: للمحبّ الطبري، مكتبة الصحابة.

95. ذخيرة المعاد: لمحمّد باقر السبزواري، آل البيت.

96. ذكرى الشيعة: لمحمّد بن مكي الشهيد الأول، جامعة المدرسين.

97. رياض الصالحين: لمحي الدين بن شرف النووي، المكتب الإسلامي.

98. رياض المسائل: لعليّ بن محمّد الطباطبائي، آل البيت.

99. سبل الهدى و الرشاد: لمحمّد بن يوسف الصالحي الشامي، دار الكتب العلمية.

100. سنن ابن ماجة: لأبي عبد اللّه محمّد بن يزيد القزويني، دار الفكر.

101. سنن الدارمي: لعبد اللّه بن بهرام الدارمي السمرقندي، دار الكتب العلمية.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:140

102. سنن النسائي: لأحمد بن شعيب النسائي، دار الكتب العلمية.

103. سنن أبي داود: لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، دار ابن حزم.

104. سير أعلام النبلاء: لمحمّد بن أحمد الذهبي، مؤسّسة الرسالة.

105. سيرة ابن إسحاق: لمحمّد بن إسحاق، دار الفكر.

106. شرائع الإسلام: للمحقّق جعفر بن الحسن الحلي، الاستقلال.

107. شرح الزرقاني على المواهب: لعبد الوهاب الزرقاني، دار الكتب العلمية.

108. شرح السنّة: لأحمد بن الحسين البغوي، دار الفكر.

109. شرح النهج البلاغة: لابن أبي الحديد، دار إحياء الكتب العربية.

110. شواهد التنزيل: للحاكم النيسابوري، مجمع إحياء الثقافة.

111. صحيح ابن حبّان: لمحمّد

بن حبّان التميمي البستي، شرح علاء الدين الفارسي، مؤسّسة الرسالة.

112. صحيح البخاري: شرح العلّامة نور الدين السندي، دار الكتب العلمية.

113. صحيح البخاري: لمحمّد بن إسماعيل الجعفي البخاري، دار ابن كثير.

114. صحيح مسلم بشرح النووي: لمحي الدين بن شرف النووي، دار المعرفة.

115. صحيح مسلم: لمسلم بن الحجّاج، دار الفكر.

116. صفوة الصفوة: لابن الجوزي، دار المعرفة.

117. طبقات الشافعية: لابن قاضي شهبة، عالم الكتب.

118. علل الشرائع: لمحمّد بن عليّ بن الحسين المعروف بالصدوق، دار الحجة للثقافة.

119. عمدة القاري: لبدر الدين العيني، دار الفكر.

120. عون المعبود: للعظيم آبادي، دار الكتب العلمية.

121. عيون الأثر: لابن سيد الناس، مؤسّسة عزّ الدين.

122. غريب الحديث: للخطابي، جامعة أم القرى.

123. غريب الحديث: لابن الجوزي، دار الكتب العلمية.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:141

124. فتح الباري: لابن حجر العسقلاني، دار الفكر.

125. فتح القدير: لمحمّد بن عليّ الشوكاني، عالم الكتب. إتحاف السائل، القلقشندى 141 فهرس مصادر الكتاب ..... ص : 135

1. فضائل الصحابة: لأحمد بن حنبل، دار الكتب العلمية.

127. فقه السنّة: لسيد سابق، دار الكتاب العربي.

128. فيض القدير: للمناوي، دار الفكر.

129. كشف الأستار عن زوائد البزّار: لعليّ بن أبي بكر الهيثمي، الرسالة.

130. كشف الخفاء: لإسماعيل بن محمّد العجلوني، دار الكتب العلمية.

131. كشف الغمّة: لعليّ بن عيسى الإربلي، دار الأضواء.

132. كفاية الطالب: لمحمّد بن يوسف الكنجي الشافعي، دار إحياء التراث.

133. كنز العمال: للمتقي حسام الدين الهندي، الرسالة.

134. لسان العرب: لمحمّد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصري، الرسالة.

135. لسان الميزان: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، الأعلمي- إحياء التراث.

136. مجمع البحرين: لفخر الدين بن محمّد بن عليّ الأسدي الطريحي، النجف.

137. مجمع الزوائد: لعليّ بن أبي بكر الهيثمي، دار الفكر.

138. محاسن الاصطلاح: للبلقيني، دار الكتب العلمية.

139. مختصر زوائد البزّار: لأحمد بن عليّ بن

حجر العسقلاني، مؤسّسة الكتب الثقافية.

140. مدارك الأحكام: لمحمّد بن عليّ الموسوي العاملي، آل البيت.

141. مسالك الافهام: لزين الدين بن عليّ العاملي المعروف بالشهيد الثاني، المعارف.

142. مستدرك الحاكم: لمحمّد بن عبد اللّه الحاكم النيسابوري، دار الكتب العلمية.

143. مستدرك الوسائل: للميرزا حسين النوري الطبرسي، آل البيت.

144. مستدرك سفينة البحار: لعليّ النمازي الشاهرودي، جامعة المدرسين.

145. مسند ابن راهويه: لإسحاق بن راهويه، مكتبة الإيمان.

146. مسند البزّار (البحر الزخّار): البزّار، مكتبة العلوم- المدينة.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:142

147. مسند الحميدي: لعبد اللّه بن الزبير القرشي، دار السقاء.

148. مسند الشاميين: لسليمان بن أحمد الطبراني، الرسالة.

149. مسند الطيالسي: لأبي داود الطيالسي، دار المعرفة.

150. مسند أبي يعلى: لأحمد بن المثنّى الموصلي، دار الثقافة العربية.

151. مسند أحمد بن حنبل: للإمام أحمد بن حنبل، دار الفكر.

152. مشكل الآثار: لأحمد بن محمّد بن سلامة الطحاوي، دار صادر.

153. مصابيح السنّة: للحسين بن مسعود البغوي، دار الكتب العلمية.

154. مصباح المتهجّد: للشيخ محمّد بن الحسن الطوسي، مؤسّسة الفقه- بيروت.

155. مصنّف ابن أبي شيبة: لمحمّد بن عبد اللّه بن أبي شيبة العبسي الكوفي، دار الفكر.

156. مصنّف عبد الرزاق: لعبد الرزاق بن همام الصنعاني، المجلس العلمي.

157. معالم التنزيل: للحسين بن مسعود البغوي، دار الفكر.

158. معجم الشيوخ: لمحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي، دار الصديق.

159. معجم المؤلّفين: لعمر رضا كحالة، دار إحياء التراث.

160. معرفة الثقات: للعجلي، الرياض.

161. مقاتل الطالبيّين: لأبي الفرج الأصفهاني، دار الكتاب- قم.

162. مناقب ابن المغازلي: لعلي بن محمّد المعروف بابن المغازلي، دار الأضواء.

163. مناقب آل أبي طالب: لمحمّد بن علي بن شهرآشوب، الطبعة الأولى.

164. مناقب ابن مردويه: لأحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني، دار الحديث.

165. مناقب الخوارزمي: لموفّق بن أحمد الخوارزمي، جامعة المدرسين.

166. موارد الظمآن: لعليّ بن أبي بكر الهيثمي، دار

الكتب العلمية.

167. ميزان الاعتدال: لمحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي، دار الكتب- الحلبي.

168. نصب الراية: لعبد اللّه بن يوسف الزيلعي، دار الكتب العلمية.

169. نظم المتناثر في الحديث المتواتر: للكتاني، دار الكتب العلمية.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:143

170. نور الأبصار في مناقب آل بيت النّبي المختار لمؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي، دار الفكر.

171. نهج الإيمان: لعليّ بن يوسف بن جبير، مشهد.

172. وسائل الشيعة: للحرّ العاملي، آل البيت.

173. هدية العارفين: لاسماعيل بن محمّد أمين الباباني البغدادي، الطبعة الأولى.

174. ينابيع المودّة: لسليمان بن إبراهيم بن محمّد الحسيني البلخي القندوزي.

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:145

فهرس الموضوعات

المقدّمة 5

كلمة المحقّق 11

المؤلّف في سطور 11

نسبة الكتاب للقلقشندي 12

منهج التحقيق 13

مقدّمة المؤلّف 15

الباب الأوّل في ولادتها، و تسميتها، و محبّته صلّى اللّه عليه و آله لها 17

في ولادتها و تسميتها 19

في ولادتها 19

بم سمّاها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ما سرّ هذه التسمية 21

لم سمّيت بالزهراء 21

لم لقّبت بالبتول 22

بم كنّيت 22

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:146

بطلان بعض الروايات الخاصّة بالتسمية 23

منزلتها و محبّته صلّى اللّه عليه و آله لها و متعلّقات ذلك 25

فصل 25

هل بين الأحاديث تعارض، و كيف نوفّق بينها لو كان 26

سيدة نساء هذه الأمة 28

أحبّ الأهل 29

شهادة عائشة لها 29

منزلتها هي و زوجها عند الرسول صلّى اللّه عليه و آله 30

أيّهما الأحبّ و أيّهما الأعزّ 30

نجاتها هي و ولدها 31

الباب الثاني في تزويجها بعلي عليه السّلام و جهازها 33

في تزويجها بعلي عليه السّلام و جهازها 35

زواج الطاهرة و تزويجها بعلي عليه السّلام 35

تزويجها بأمر اللّه تعالى 36

هل هناك تعارض بين الأحاديث 43

الباب الثالث في فضائلها، و بناء المصطفى صلّى اللّه عليه و آله عليها 57

فضائلها 59

الحديث الأول 59

الحكم في من يسبّها 60

الحديث

الثاني 61

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:147

الحديث الثالث 61

الحديث الرابع 62

الحديث الخامس 62

الحديث السادس 62

الحديث السابع 63

الحديث الثامن 64

الحديث التاسع 64

الحديث العاشر 65

الحديث الحادي عشر 65

الحديث الثاني عشر 66

الحديث الثالث عشر 66

الحديث الرابع عشر 66

الحديث الخامس عشر 73

الحديث السادس عشر 74

الحديث السابع عشر 74

الحديث الثامن عشر 74

الحديث التاسع عشر 75

الحديث العشرون 75

الحديث الحادي و العشرون 75

الحديث الثاني و العشرون 75

الحديث الثالث و العشرون 76

الحديث الرابع و العشرون 76

الحديث الخامس و العشرون 77

الحديث السادس و العشرون 77

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:148

الحديث السابع و العشرون 79

الحديث الثامن و العشرون 80

الحديث التاسع و العشرون 80

الحديث الثلاثون 81

الحديث الحادي و الثلاثون 82

الحديث الثاني و الثلاثون 82

الحديث الثالث و الثلاثون 83

الحديث الرابع و الثلاثون 83

الحديث الخامس و الثلاثون 84

الحديث السادس و الثلاثون 84

الحديث السابع و الثلاثون 85

الحديث الثامن و الثلاثون 86

الحديث التاسع و الثلاثون 86

الحديث الأربعون 87

الحديث الحادي و الأربعون 87

الحديث الثاني و الأربعون 87

الحديث الثالث و الأربعون 88

الحديث الرابع و الأربعون 88

الحديث الخامس و الأربعون 88

الحديث السادس و الأربعون 89

الحديث السابع و الأربعون 89

الحديث الثامن و الأربعون 90

الحديث التاسع و الأربعون 90

الحديث الخمسون 91

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:149

الباب الرابع في خصائصها و مزاياها على غيرها 93

في خصائصها و مزاياها 95

الأولى: أنّها أفضل هذه الأمة، كما يصرّح به ما مرّ 95

مناقشة قول ابن القيّم 98

الثانية: أنّه يحرم التزويج عليها و الجمع بينها و بين ضرّة 106

الثالثة: أنّها كانت لا تحيض أبدا 107

الرابعة: أنّها كانت لا تجوع 109

الخامسة: إنّها لم تغسّل بعد الموت، و إنّها غسّلت نفسها 111

السادسة: هي أوّل من غطّي نعشها في الإسلام 117

السابعة: انقراض نسب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلّا من فاطمة 117

الباب الخامس في ما روته من الأخبار

و أنشأته من الأشعار 119

روايتها للحديث 121

(1) حديث المسارّة المارّ 121

(2) حديث القول عند دخول المسجد 121

(3) حديث: ألا لا يلومنّ امرؤ نفسه يبيت و في يده ريح غمر 122

(4) حديث ترك الوضوء ممّا مسّته النار 122

(5) حديث ساعة الإجابة يوم الجمعة، و أنّها إذا تدلّت الشمس 122

(6) أخرج أحمد عن محمّد بن علي قال 123

(7) ما أخرج الطبراني عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 123

(8) ما أخرج عن أبي مليكة 123

إتحاف السائل، القلقشندى ،ص:150

(9) ما أخرج الدارمي عن أنس 123

فصل ما ينسب إليها من الشعر 125

الفهارس 133

فهرس مصادر الكتاب 135

فهرس الموضوعات 145

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.