سرشناسه : نوري، حسين بن محمد تقي ، 1254 - 1320ق.
عنوان و نام پديدآور : خاتمه مستدرك الوسائل/ تاليف حسين النوري الطبرسي؛ تحقيق موسسه آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث.
مشخصات نشر : قم: موسسه آل البيت(ع)، لاحياء التراث ، 1415ق. = -1373.
مشخصات ظاهري : 9 ج.
فروست : موسسه آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث ؛ 30 ، 31 ، 32 ، 35
شابك : 2400 ريال : ج. 1 964-5503-84-1 : ؛ 964-5503-86-8 ؛ 5000 ريال : ج. 6 964-319-017-X : ؛ 8000 ريال : ج. 9 964-319-020-X :
يادداشت : كتاب حاضر خاتمه مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل است كه خود در اصل اضافاتي است بر كتاب وسائل الشيعه حر العاملي.
يادداشت : ج. 6 (چاپ اول: 1416ق. = 1373).
يادداشت : ج. 8 (چاپ اول: 1418ق. = 1376).
يادداشت : ج. 9 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : كتابنامه.
عنوان ديگر : مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل.
عنوان ديگر : وسائل الشيعه.
موضوع : حديث -- علم الرجال
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 12ق.
موضوع : اخلاق اسلامي -- متون قديمي تا قرن 14
شناسه افزوده : حر عاملي، محمد بن حسن، 1033-1104ق . وسائل الشيعه.
شناسه افزوده : موسسه آل البيت(عليهم السلام). لاحياء التراث.
رده بندي كنگره : BP135 /ح4و5018 1373
رده بندي ديويي : 297/212
شماره كتابشناسي ملي : م 74-1602
نام كتاب: خاتمة المستدرك
موضوع: تاريخ فقيهان و راويان
ص: 1
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
الّذي بعد الكافي أصحّ الكتب و أتقنها علي ما صرّح به أئمّة الفنّ.
قال العلامة الطباطبائي في ترجمة الصدوق في كلام له في توثيقه: مضافا إلي ما ذكر، إجماع الأصحاب علي نقل أقواله، و اعتبار مذاهبه في الإجماع و النزاع، و قبول قوله في التوثيق و التعديل، و التعويل علي كتبه خصوصا كتاب من لا يحضره الفقيه، فإنه أحد الكتب الأربعة التي هي في الاشتهار و الاعتبار كالشمس في رابعة النهار، و أحاديثه معدودة في الصحاح من غير خلاف و لا توقّف من أحد، حتي أنّ الفاضل المحقق الشيخ حسن بن الشهيد الثاني مع ما علم من طريقته في تصحيح الأحاديث يعد حديثه من الصحيح عنده و عند الكلّ (1).
ص: 5
و حكي تلميذه الشيخ الجليل الشيخ عبد اللطيف (1) بن أبي جامع في رجاله: أنه سمع منه مشافهة يقول: ان كلّ رجل يذكره في الصحيح فهو شاهد أصل بعدالته لا ناقل، و من الأصحاب من يذهب إلي ترجيح أحاديث الفقيه علي غيره (2) من الكتب الأربعة نظرا إلي زيادة حفظ الصدوق، و حسن ضبطه، و تثّبته في الرواية، و تأخّر كتابه عن الكافي (3) و ضمانه فيه لصحة ما يورده، و أنه لم يقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، و إنّما يورد فيه ما يفتي به، و يحكم بصحّته، و يعتقد أنه حجّة بينه و بين ربّه (4).
و بهذا الاعتبار قيل: إنّ مراسيل الصدوق في الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير في الحجيّة و الاعتبار، و إنّ هذه المزيّة من خواصّ هذا الكتاب لا توجد في غيره من كتب الأصحاب، و قد ذكرنا كلام الأستاد الأكبر في التعليقة و الفوائد، و كلام الشيخ الأعظم في رسالة التعادل في الفائدة السابقة (5).
و قد أطال بعضهم الكلام في الفقيه، و ذكروا قرائن ظنّوا أنّها تفيد رجوع الصدوق عمّا ذكره في أوّله، و عدم وفائه بما جعله علي عهدته، و لكنّ المتأمّلة.
ص: 6
المنصف لعلّه لا يستفيد منها إلّا إبطال ما زعم من قطعيّة آحاد أخباره، للشهادة المذكورة في خطبته و غيرها علي منوال ما مرّ في حال أخيه الأكبر الكافي.
و أمّا صيرورتها سببا للوهن في الوثوق بها و الظن بصدورها فهي أوهي حالا و أضعف بإلا من نيل هذا المقام، و رأينا نقلها و ذكر ما قيل أو يقال فيها خروجا عن الغرض من هذه الفائدة، و هي شرح حال المشيخة علي الطريقة المشهورة، مع أن في التأمّل في الفائدة السابقة ما يكتفي به الطالب، لاشتراك الكتابين في جملة من المطالب.
فنقول: قد سلك كلّ من مشايخنا الثلاثة أصحاب الكتب الأربعة (رضوان اللّه تعالي عليهم) في أسانيد كتابه مسلكا ما سلكه الآخر.
فالشيخ ثقة الإسلام جري في الكافي علي طريقة السلف الصالحين من ذكر جميع السند غالبا، و ترك أوائل الاسناد ندرة اعتمادا علي ذكره في الأخبار المتقدمة عليه في هذا، و قد يتفق له الترك بدون ذلك أيضا، فإن كان للمبتدء بذكره في السند طريق معهود متكرّر في الكتاب كأحمد بن محمّد بن عيسي، و أحمد بن محمّد بن خالد، و سهل بن زياد، فالظاهر البناء عليه، و إلّا كان الحديث مرسلا، و يسمّي مثله في الاصطلاح: معلّقا.
و أمّا رئيس المحدّثين الصدوق فإنّه بني في الفقيه من أوّل الأمر علي اختصار الأسانيد، و حذف أوائل السند، ثم وضع في آخره مشيخة يعرف بها طريقه إلي من روي عنه، فهي المرجع في اتّصال سنده في أخبار هذا الكتاب، و ربّما أخلّ منها بذكر الطريق إلي بعض فيكون السند باعتباره معلّقا، و سنذكر طريقة شيخ الطائفة في الفائدة الآتية إن شاء اللّه تعالي.
ص: 7
ثم إنّهم أطالوا البحث و الفحص عن أحوال المذكورين في المشيخة، و مدحهم و قدحهم، و صحّة الطريق من جهتهم، و لقرائن أخري.
و أوّل من دخل في هذا الباب العلّامة في الخلاصة، و تبعه ابن داود، ثم أرباب المجاميع الرجالية.
و شرّاح الفقيه: كالعالم الفاضل المولي مراد التفريشي، و العالم الجليل المجلسي الأول و غيرهم، و نحن نذكر خلاصة ما ذكروه مع الإشارة إلي ما عندي فيها، ثم نتبعه تنبيهات نافعة تتعلّق بالفقيه، و لتكن هذه الفائدة بمنزلة الشرح للفائدة الأولي من خاتمة الوسائل فإنّا نذكر الطرق علي ترتيبه.
فنقول و باللّه المستعان:
فأبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيي، عن أبي أيوب، عن أبي علي- صاحب الكلل- عنه (1).
و الطريق ضعيف علي المشهور لمكان أبي عليّ، فإنه مجهول.
و أمّا الباقون فمن أجلاء الثقات، و يمكن تصحيح الطريق من وجوه:
أ- رواية ابن أبي عمير عن أبي علي- صاحب الكلل- كما في الكافي في باب حقّ المؤمن علي أخيه (2)، و هي من أمارات الوثاقة كما صرّح به الشيخ (3)، و عليه المحققون.
ص: 8
ب- إنّ في السند صفوان الذي هو من أصحاب الإجماع الذين يحكم بصحّة رواياتهم علي المشهور، و سنوضحه ان شاء اللّه تعالي.
ج- ما أشار إليه المحقق الكاظمي في عدّته: من أنّ ما روي في الفقيه إنّما كان من أصل أبان لا من كتاب التفسير، و لا من كتاب الفضائل (1) لعدم المناسبة، و الأصول- و لا سيّما أصل مثله في أيام الصدوق- كانت مشهورة، فلا يضرّ توسط ما جهل (2).
د- ما أشار فيها أيضا من أنّ بعض المحققين قال: أظنّ أنّ أبا علي هذا هو عبد الرحمن بن الحجّاج لكثرة روايته عن أبان، لكن عبد الرحمن يدعي:
بياع السابري (3)، انتهي، و فيه بعد.
ه- ما في جامع الرواة: من أنّ الظاهر أنّ أبا علي هذا هو بعينه أبو علي صاحب الأنماط الكوفي المذكور في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجال الشيخ (4)، الذي يروي عنه ابن أبي عمير كما في التهذيب في آخر باب الأذان و الإقامة من أبواب الزيارات (5)، و في الكافي في باب ورود تبّع في كتاب الحج (6) (7).
و هذا و إن كان يرجع إلي أوّل الوجوه إلّا أنّ في ذكره الشيخ في رجال الصادق (عليه السّلام) تأكيد للوثاقة لما سنبيّنه ان شاء اللّه من أنّه من أمارات5.
ص: 9
الوثاقة.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد و أيوب بن نوح و إبراهيم بن هاشم و محمّد بن عبد الجبار كلّهم، عن محمّد بن أبي عمير و صفوان بن يحيي، عن أبان بن عثمان الأحمر (1).
و السند في أعلي درجة الصحة.
و أمّا أبان فهو من أصحاب الإجماع، و يأتي بعض الكلام فيه و في إبراهيم (2).
أبوه علي بن بابويه، عن عبد اللّه ابن جعفر الحميري، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه، و يكنّي أبا إسماعيل (3).
و هذا السند أيضا صحيح بالاتفاق.
و أمّا إبراهيم فيروي عنه ابن أبي عمير الذي لا يروي إلّا عن ثقة.
و الحسن بن محبوب، كما في الفقيه في باب المضاربة (1)، و باب الهدية (2)، و في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة (3)، و في الكافي في باب أصول الكفر و أركانه (4)، و هو من أصحاب الإجماع، و هم أيضا لا يروون إلّا عن الثقة كما هو الحقّ عندنا وفاقا للعلامة الطباطبائي في ترجمة زيد النرسي (5)، و قد مرّ- في شرح حال أصل زيد (6) - كلامه، و سنوضحه إن شاء اللّه تعالي في مقام ذكر هؤلاء العصابة.
و يروي عنه أبان بن عثمان، كما في التهذيب في باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات (7)، و هو أيضا من أصحاب الإجماع.
و يروي عنه صفوان بن يحيي، كما في الكافي في باب القول علي العقيقة (8)، و هو شريك الجماعة، و ممّن نصّ عليهم أنّهم لا يروون إلّا عن ثقة.
و يروي عنه إبراهيم بن مهزم في الكافي في كتاب العقيقة (9)، و هو من أجلّاء الثقات.
و أبو أيّوب في الكافي في باب دعوات موجزات (10)، و هو كسابقه، و بعد رواية هؤلاء عنه لا مجال للتأمّل فيه.2.
ص: 11
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي محمود.
و أبوه علي، عن الحسن بن أحمد المالكي، عن أبيه، عنه.
و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (1).
و الطريق الأول: حسن بإبراهيم علي المشهور، صحيح عند المحققين كما سيأتي (2) في الطريق إليه.
و أمّا الثاني: فضعيف علي المشهور، لمكان الحسن بن أحمد المجهولين (3)، و الظاهر كما قيل: انه نسب الي جدّه مالك بن الأحوص الأشعري القميّ، و قد ذكره الشيخ في أصحاب العسكري (عليه السّلام) (4) و فيه مدح، مضافا إلي رواية مثل علي بن بابويه الجليل عنه، فالسند قوي وفاقا للتقي المجلسي (5).
و الثالث: صحيح بالاتفاق.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ظريف بن ناصح، عنه (6).
و كلّهم ثقات و أجلّاء من الإماميّة سوي ابن فضال، و لذا عدّ السند في المشهور من الموثق، و لكنّه من أصحاب الإجماع، و ممن أمر العسكري (عليه
ص: 12
السلام) بأخذ رواياتهم (1)، و قد أخبر محمّد بن عبد اللّه بن زرارة برجوعه عن الفطحية (2)، فدرج السند في سلك الصحاح أولي كما صرّح به في العدّة (3).
و أمّا إبراهيم فهو بعينه إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيي أبو إسحاق المدني مولي الأسلميين، من أصحاب الباقر و الصادق (عليهما السلام) له كتاب مبوّب في الحلال و الحرام عن الصادق (عليه السّلام) و كان خاصّا به خصيصا بحديثنا (4) يروي عنه: حماد كما في التهذيب في كتاب المكاسب (5)، و صرّح به في التعليقة (6)، و هو من أصحاب الإجماع، و من الثقات الأجلّاء.
و عاصم بن حميد كما في الكافي في باب صدقات النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) (7) و باب ما أحل له (صلّي اللّه عليه و آله) من النساء (8).
و الجليل: عبد الرحمن بن محمّد بن أبي هاشم كما فيه في باب آلات الدواب (9)، و في التهذيب في باب ارتباط الخيل (10).
و ظريف بن ناصح كما في الفقيه (11).ة.
ص: 13
و ذكره الشيخ في رجال الصادق (عليه السّلام) (1) و مرّ و يأتي أنّه من الشواهد علي كونه ممّن وثقهم ابن عقدة في رجاله.
و قال أيضا في حقّه: أسند عنه (2)، و جميع ذلك يورث الظنّ القويّ بكونه من ثقاتنا.
محمّد بن عليّ ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن محمّد بن سنان، عنه (3).
و الظاهر أنّ المراد بمحمّد بن علي هو الصيرفي الذي يكنّي أبا سمينة، و قالوا فيه: إنّه من الغلاة الكذّابين، و بعد أن اشتهر بالكذب في الكوفة انتقل إلي قم، و نزل علي أحمد بن محمّد بن عيسي، ثم اشتهر بالغلوّ فأخرجه أحمد من قم (4)، و له كتب مثل كتب الحسين بن سعيد (5).
فالسند ضعيف و إن بنينا علي وثاقة محمّد بن سنان كما هو الحقّ، الّا أنّ في شرح المشيخة: و روي الأصحاب كتبه، إلّا ما كان فيه غلوّ، أو كان منفردا به، و كتبه كثيرة، و الظاهر أنّ مساهلتهم في النقل عن أمثاله لكونهم من مشايخ الإجازة، و الأمر فيه سهل، لأن الكتاب إذا كان مشتهرا متواترا عن صاحبه يكفي في النقل عنه، و كان ذكر السند لمجرّد التيمن و التبرك، مع أن الغلوّ الذي
ص: 14
ينسبونه إليهم لا نعرف أنّه كان الاخبار عاليا دقيقا أو كان موافقا للواقع، لأنا نراهم يذكرون: أنّ أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) مع أن أكثر الأصحاب رووا أحاديثهم، و ما رأينا من أخبار أمثاله خبرا دالا علي الغلو، و اللّه تعالي يعلم (1)، انتهي.
و يؤيد ما ذكره أنّ الصدوق مع قرب عهده به و وقوفه علي حاله، و ما صنع به شيخ الأشعريّين أحمد اعتمد عليه في جملة من طرقه سوي إبراهيم المذكور.
فمنها: طريقه إلي الحسن بن علي بن أبي حمزة (2)، و طريقه إلي محمّد بن سنان (3)، و إلي علي بن محمّد الحضيني (4)، و إلي وهيب بن حفص (5)، و كذا طريقه إلي أبي الجارود (6)، و طريقه إلي عبد الحميد الأزدي (7) - بناء علي كون محمّد بن علي القرشي الكوفي هو بعينه الصيرفي الهمداني (8)، كما استظهره فيف.
ص: 15
منتهي المقال (1) - و طريقه إلي هارون بن خارجة.
هذا و أما إبراهيم بن سفيان فغير مذكور في الرجال، و لا يوجد له رواية في الكتب الأربعة إلّا ما في الفقيه في باب ما يجوز للمحرم إتيانه: عنه، عن أبي الحسن (عليه السّلام) (2) و روي عن الحسين بن سعيد، عنه، عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) في باب ما يجب علي من اختصر شوطا في الحجر (3)، و الأمر سهل.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عنه.
و أبوه أيضا، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عنه (4).
و السندان حسنان في المشهور.
ص: 16
أمّا الأول: فبسعدان، و أمّا الثاني فبابن هاشم، و الحقّ وثاقتهما.
أمّا الثاني فيأتي (1) عن قريب.
و أمّا الأول فلرواية من لا يروي إلّا عن ثقة عنه، مؤيّدة برواية الأجلّاء الكاشفة عادة عنها.
فروي عنه ابن أبي عمير، في الكافي في باب أن الأرض لا تخلو من حجه (2)، و صفوان بن يحيي، كما صرح به الشيخ في الفهرست (3)، و يونس ابن عبد الرحمن في الكافي، في باب البيان و التعريف (4)، و فضالة بن أيوب، في باب النوادر من كتاب الجنائز (5)، و الحسن بن محبوب، في الفقيه، في باب أحكام المماليك و الإماء من كتاب النكاح (6)، و الحسن بن علي بن فضال، في التهذيب، في زيارة الأربعين (7).
و هؤلاء الستة من أصحاب الإجماع، و فيهم ابن أبي عمير، و صفوان.
و يروي عنه العباس بن معروف كما في مشيخة الفقيه (8) في طريقه إليه، و أحمد بن إسحاق كذلك (9)، و عبد اللّه بن الصلت القمّي (10).
و شيخ القميين محمّد بن علي بن محبوب كما في التهذيب في باب6.
ص: 17
الأحداث الموجبة للطهارة من أبواب الزيادات (1).
و الحسن بن علي بن يوسف- المعروف بابن بقاح- فيه في باب اختيار الأزواج (2).
و أحمد بن محمّد [عن محمّد] (3) بن خالد فيه في باب الزيادات من الزكاة.
و الحسين بن هاشم في الكافي في باب إلطاف المؤمن (4)، و هو من الثقات، و إن رمي بالوقف.
و علي بن الحكم فيه في باب فضل فقراء المسلمين (5)، و محمّد بن خالد (6)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (7)، و علي بن أسباط (8) و غيرهم.
و صرّح الشيخ في الفهرست أنّ له أصلا (9)، و قد قال المفيد في رسالة العدد: و أمّا رواة الحديث بأن شهر رمضان شهر من شهور السنة يكون تسعة6.
ص: 18
و عشرين يوما و يكون ثلاثين يوما فهم فقهاء أصحاب أبي جعفر- و عدّ إلي العسكري (عليهم السّلام)- و الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الأحكام، الذين لا يطعن عليهم، و لا طريق إلي ذمّ واحد منهم، و هم أصحاب الأصول المدوّنة و المصنفات المشهورة (1)، انتهي.
و أمّا إبراهيم بن عبد الحميد، فهو الأسدي الكوفي الأنماطي، أخو محمّد ابن عبد اللّه بن زرارة (2) لأمّه، الثقة، لتصريح الشيخ في الفهرست (3)، و رواية الأجلاء عنه مثل: النضر بن سويد (4)، و الحسين بن سعيد (5)، و يعقوب بن يزيد (6)، و جعفر بن محمّد بن سماعة (7)، و عبد اللّه بن محمّد النهيكي (8)، و إبراهيم بن هاشم (9)، و علي بن أسباط (10). و غيرهم، و رميه بالوقف غير مضرّ، مع أنه ضعيف من أصله، مضافا إلي كونه من أرباب الأصول الذين عرفت مقامهم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن
ص: 19
يعقوب بن يزيد، عن حمّاد بن عيسي، عن إبراهيم بن عمر اليماني (1).
و كلّهم من أجلّاء الثقات، و فيهم حمّاد، و هو من أصحاب الإجماع، و منه يظهر حال إبراهيم.
و يروي عنه أيضا ابن أبي عمير كما في الكافي في باب يوم الفطر (2).
و من الأجلّاء: شيخ القميّين محمّد بن علي بن محبوب (3)، و سيف بن عميرة (4)، و علي بن الحكم (5)، و أبان (6)، و الظاهر أنه ابن عثمان، و هو من أصحاب الإجماع.
و قال النجاشي: شيخ من أصحابنا، ثقة، روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) ذكر ذلك أبو العباس و غيره (7).
و قال الشيخ في [أصحاب الباقر عليه السّلام]: له أصول رواها عنه حماد ابن عيسي (8).
و قد عرفت مقام أرباب الأصول عندهم، فقول ابن الغضائري: - إنّه يكنّي أبا إسحاق، ضعيف جدا- لا يصغي اليه، و لذا قال العلّامة في الخلاصة بعد نقل كلام النجاشي و ابن الغضائري: و الأرجح عندي قبول روايته و إن حصل بعض الشك في الطعن فيه (9).5.
ص: 20
قال التقي المجلسي: بل لا يحصل الشكّ لأن أصوله معتمد الأصحاب بشهادة الصدوق و المفيد و وثقه الثقتان، و الجارح مجهول الحال، و لو لم يكن كذلك لكان عليه أن يقدّم الجرح، كما ذكره العلّامة في كتبه الأصولية (1).
أبوه، عن عبد اللّه بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الأصفهاني.
و عن محمّد بن الحسن، عن أحمد بن علويّة الأصفهاني، عنه (2).
و الظاهر اتحاد الأحمدين، و الاشتباه في السند الأول لما في النجاشي (3).
[و] عبد اللّه بن الحسن المؤدّب روي عن أحمد بن علويّة كتب الثقفي، روي عنه علي بن الحسين بن بابويه (4).
و في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) من رجال الشيخ: أحمد بن علوية الأصفهاني المعروف بابن الأسود، روي عن إبراهيم بن محمّد الثقفي كتبه كلّها (5)، مع أنه ليس للأول (6) ذكر في كتب الأصحاب، ثم انّهم لم يوثقوا أحمد ابن علويّة صريحا، إلّا أنّهم مدحوه بما يقرب من التوثيق، و لا أقل من معناه الأعمّ.
ففي النجاشي: أنّ له كتاب الاعتقاد في الأدعية (7)، و ذكر طريقه إليه.
ص: 21
و في من لم يروعنهم (عليهم السّلام): روي عنه الحسين بن محمّد بن عامر، و له دعاء الاعتقاد و تصنيفه (1).
و الحسين هو الأشعري الثقة، و يروي عنه ابن الوليد (2) الجليل المعروف حاله في شدّة التحرز عن الرواية عن غير الثقة.
و قال ابن شهرآشوب في المعالم في ذكر الطبقة الأولي من شعراء أهل البيت (عليهم السّلام): و هم المجاهرون: الشيخ أحمد بن علويّة الأصفهاني (3).
و في إيضاح العلامة: أحمد بن علويّة الأصبهاني- بفتح العين المهملة، و فتح اللام، و كسر الواو، و تشديد الياء المنقطة تحتها نقطتين- له كتاب الاعتقاد في الأدعية، و له النونيّة المسمّاة بالألفية و المحبرة (4)، و هي ثمانمائة و نيّف و ثلاثون بيتا، و قد عرضت علي أبي حاتم السجستاني، فقال: يا أهل البصرة غلبكم و اللّه شاعر أصبهان في هذه القصيدة في أحكامها و كثرة فوائدها (5).
و ذكره ابن داود في القسم الأول من كتابه، و قال: أحمد بن علويّة الأصبهاني الرحّال- بالحاء المهملة- و التضعيف في من لم يرو عنهم (عليهم السلام) في الكشي (6)، سمّي الرحّال لأنه رحل خمسين رحلة من حج إليظ.
ص: 22
غزو (1).
و نقله عنه المحقق الكاظمي في عدّته (2)، و لم يتعرض لما فيه من الاشتباه، فان الرحّال من ألقاب محمّد بن أحمد الراوي عنه دونه.
ففي النجاشي: أحمد بن علويّة الأصبهاني، أخبرنا ابن نوح، قال:
حدّثنا محمّد بن علي بن أحمد بن هشام أبو جعفر القمي، قال: حدثنا محمّد ابن أحمد بن [محمّد بن] (3) بشر البطال بن بشير الرحّال، قال: و سمّي الرحّال لأنّه رحل خمسين رحلة من حجّ إلي غزو، و قال: حدثنا أحمد بن علويّة بكتاب الاعتقاد في الأدعية (4).
و فيه اشتباه آخر من نسبة ذلك إلي الكشي دون النجاشي، و ليس له ذكر في الكشي (5).
و أمّا عبد اللّه بن الحسن المؤدّب- أي معلّم علوم الأدبية كالنحو و الصرف و اللغة- فهو من مشايخ إجازة علي بن بابويه كما صرح به النجاشي (6)، و مرّ فيم.
ص: 23
الفائدة السابقة إجمال علوّ مقامهم (1)، مضافا إلي ذكره النجاشي في كتابه الذي عرفت حاله، و بناءه فيه في ترجمته.
و أمّا إبراهيم بن محمّد الثقفي- صاحب كتاب الغارات المعروف، الذي اعتمد عليه الأصحاب- فهو من أجلّاء الرواة المؤلّفين كما يظهر من ترجمته، و يروي عنه الأجلّاء كالصفّار (2)، و سعد بن عبد اللّه (3)، و أحمد بن أبي عبد اللّه (4).
و في أنساب السمعاني بعد الترجمة: قدم أصبهان و أقام بها، و كان يغلو في الرفض، و له مصنفات في التشيّع، روي عن أبي نعيم الفضل بن دكين، و إسماعيل بن أبان (5).
و قال السيد علي بن طاوس: في الباب الرابع و الأربعين من كتابه الموسوم باليقين- الباب 44- فيما نذكره من تسمية مولانا علي بأمير المؤمنين (عليه السّلام) سمّاه به سيّد المرسلين (صلوات اللّه عليهم أجمعين) روينا ذلك من كتاب المعرفة تأليف أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي من الجزء الأوّل منه، و قد أثني عليه محمّد بن إسحاق النديم في كتاب الفهرست في الرابع (6)، فقال ما هذا لفظه: أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الأصفهاني، من ثقات العلماء المصنفين (7).9.
ص: 24
قال: إن هذا أبا إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي كان من الكوفة، و مذهبه مذهب الزيدية، ثم رجع إلي اعتقاد الإمامية، و صنّف هذا كتاب المعرفة، فقال له الكوفيون: تتركه و لا تخرجه لأجل ما فيه من كشف الأمور، فقال لهم: أيّ البلاد أبعد من مذهب الشيعة؟ فقالوا: أصفهان، فرحل من الكوفة إليها، و حلف أنّه لا يرويه إلّا بها، فانتقل إلي أصبهان، و رواه بها ثقة منه بصحة ما رواه فيه، و كانت وفاته سنة 283 (1)، انتهي.
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (2).
و في بعض نسخ الفقيه: أحمد بن علي بن زياد، و لعلّه من زيادة النسّاخ، و أحمد بن زياد هو الذي قال في حقّه الصدوق في كمال الدين بعد نقل خبر عنه:
لم أسمع هذا الحديث إلّا من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني [- رضي اللّه عنه- بهمدان] (3) عند منصرفي من حجّ بيت اللّه الحرام، و كان رجلا ثقة ديّنا فاضلا، رحمة اللّه عليه و رضوانه (4).
و قد مرّ، و يأتي (5) نقل الاتفاق علي وثاقة إبراهيم من ابن طاوس.
و أمّا إبراهيم فهو من وكلاء الناحية، و كذا أولاده، و روي الكشي توثيقه و جماعة عن الامام (عليه السّلام) و كان قد حجّ أربعين حجّة (6).
و يروي عنه من الأجلّاء: إبراهيم بن هاشم (7)، و علي بن مهزيار كما في
ص: 25
الكافي في باب من يؤاجر أرضا ثم يبيعها (1)، و في التهذيب في باب المزارعة (2)، و يعقوب بن يزيد في التهذيب في باب البينات (3)، و أحمد بن محمّد ابن عيسي في التهذيب في باب أحكام الطلاق (4)، و أحمد بن أبي عبد اللّه في التهذيب في باب الكفاءة في النكاح (5)، و في الكافي في باب تزويج أم كلثوم (6)، و سهل بن زياد (7)، و محمّد بن عيسي (8)، و عمر بن علي بن عمر (9).
أبوه، عن الحميري- يعني عبد اللّه بن جعفر- عنه (10).
و هما من الأجلّاء، و تستظهر وثاقة إبراهيم من أمور:
أ- قول السيد علي بن طاوس في ربيع الشيعة: إنّه من سفراء الصاحب (عليه السّلام) و الأبواب المعروفين الذين لا يختلف الاثنا عشرية فيهم (11).
ب- ما في الكشي: حدّثني أحمد بن علي بن كلثوم السرخسي- و كان من القوم أو الفقهاء- و كان مأمونا علي الحديث، قال: حدثني إسحاق بن محمّد البصري، قال: حدثني محمّد بن إبراهيم بن مهزيار، قال: إنّ أبي لما حضرته
ص: 26
الوفاة دفع إليّ مالا. و أعطاني علامة، و لم يعلم بتلك العلامة إلّا اللّه عزّ و جلّ و قال: من أتاك بهذه العلامة فادفع إليه المال، قال: فخرجت إلي بغداد و نزلت في خان، فلمّا كان في اليوم الثاني إذ جاء شيخ و دقّ الباب، فقلت للغلام: انظر من هذا؟ فقال: شيخ بالباب، فقلت: أدخل، فدخل و جلس و قال: أنا العمري، هات المال الذي عندك، و هو كذا و كذا و معه العلامة، قال: فدفعت إليه المال (1).
ج- رواية الأجلّاء عنه: كعبد اللّه بن جعفر في هذا الطريق (2)، و في الكافي في باب مولد الحسن بن علي (عليه السّلام) (3)، و باب مولد فاطمة الزهراء (عليها السّلام) (4)، و في الفهرست في ترجمة أخيه علي (5)، و سعد بن عبد اللّه كما يأتي في طريق الفقيه إلي علي بن مهزيار (6)، و في الفهرست في ترجمة علي (7)، و في الكافي في البابين المذكورين (8)، و محمّد بن علي بن محبوب في التهذيب في أواخر باب كيفية الصلاة من أبواب الزيادات (9)، و باب وصيّة الإنسان لعبده (10)، و باب الزيادات في فقه الحج (11)، و أحمد بن محمّد- و الظاهر8.
ص: 27
أنه ابن عيسي- في الكافي في باب مولد الحسين (عليه السّلام) (1).
و محمّد بن عبد الجبّار كما في النجاشي في ترجمته (2)، و محمّد بن أحمد بن يحيي في أواخر باب الذبح (3)، و باب الكفارة عن خطأ المحرم (4)، و باب الإقرار في المرض من التهذيب (5)، و في الاستبصار في باب لبس الخاتم للمحرم (6)، و من روايته عنه يظهر الأمر.
د- فإنه صاحب نوادر الحكمة، و لم يستثنوا روايته، و صرّح الأستاذ الأكبر (7) و غيره بأن فيه إشعار بالوثاقة.
ه- ما في التهذيب في كتاب الوصايا: عن محمّد بن علي بن محبوب، عن إبراهيم بن مهزيار، قال: كتبت إليه (عليه السّلام) إنّ مولاك علي بن مهزيار أوصي أن يحجّ عنه من ضيعة صيّر ربعها إلي حجّه (8) في كلّ سنة [إلي] (9) عشرين دينارا، و انه قد انقطع طريق البصرة فتتضاعف المئونة علي الناس، و ليس يكتفون بالعشرين، و كذلك أوصي عدّة من مواليك في حجّتهم؟ فكتب (عليه السّلام): يجعل ثلاث حجج [حجتين] (10) إن شاءه.
ص: 28
اللّه (1). الخبر، و فيه إشعار بأنّه كان وصيّ أخيه علي.
و- إنّ العلّامة حكم بصحّة طريق الصدوق إلي بحر السقّاء، و فيه إبراهيم (2).
محمّد بن الحسن، عن الحسين ابن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسي، عن معاوية ابن عمّار، عنه (3).
و كلّهم من الأجلّاء الذين لم يطعن عليهم بشي ء سوي ابن أبان الذي لم يصرّحوا بتوثيقه، الذي يمكن استفادته:
أولا: من كونه من مشايخ الإجازة كما يظهر من النجاشي (4) و غيره، و مرّ (5) وجهها.
و ثانيا: رواية الأجلّة عنه مثل: محمّد بن الحسن بن الوليد هنا (6)، و في ترجمة محمّد بن أورمة (7)، و أبو علي الأشعري في الكافي في باب أخوّة المؤمنين (8)، و علي بن إبراهيم فيه في باب حقّ المؤمن علي أخيه (9)، و محمّد بن الحسن الصفار في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة (10)، و غيره، و في غيره.
و ثالثا: ما في ترجمة الحسين بن سعيد (رحمه اللّه): من أنه مات في بيته
ص: 29
بقم (1)، و أوصي له بكتبه مع وجود أولاده، و فيهم أحمد دندان، روي عن جميع شيوخ أبيه سوي حمّاد (2) و في هذه الوصيّة من مثله من الدلالة علي علوّ المقام ما لا يخفي.
و رابعا: ما نصّ عليه جماعة من تصحيح العلامة في المختلف (3) و غيره، و جملة من الأصحاب طرق أحاديث في التهذيب و غيره و هو فيها.
و خامسا: نصّ ابن داود علي وثاقته في ترجمة محمّد بن أورمة، قال: روي عنه الحسين بن الحسن بن أبان و هو ثقة (4).
و ما قيل: - إن المراد ان الحسين روي عن محمّد في أيام كون محمّد ثقة- مستبعد جدا، و لذا قال السيد المحقق الكاظمي في عدّته بعد حكمه بصحّة الطريق المذكور: إذ ليس فيه إلّا ابن أبان، و قد وثّقه ابن داود صريحا، و تأويل عبارته مجازفة مع أن العلّامة كثيرا ما يصحح حديث ابن الوليد جميع كتب ابن أبان.
و أمّا إبراهيم ففي شرح المشيخة (5) انّه مجهول الحال، لكن يظهر ممّا ذكره المصنف أنه كان كتابه معتمد الأصحاب (6)، انتهي.
قلت: و يمكن استفادة مدحه القريب من الوثاقة بل وثاقته من أمور:
أ- رواية صفوان عنه كما في الكافي في باب أن الرجل يسلم فيحج قبل أن يختتن (7)، و هو لا يروي إلّا عن ثقة.1.
ص: 30
ب- رواية الأجلّاء عنه، و فيهم بعض أصحاب الإجماع- الذين هم عندنا كصفوان- مثل: حمّاد بن عثمان كما في التهذيب في باب المزارعة (1)، و باب فضل المساجد من أبواب الزيادات (2)، و في الكافي في باب الرجل يؤم النساء (3)، و باب قبالة أرض أهل الذمة (4).
و معاوية بن عمار كما عرفت في التهذيب في باب وقت زكاة الفطرة (5).
و علي بن رئاب في الكافي في باب الكلب يصيب الثوب (6)، و باب فيمن أجنب بالليل في شهر رمضان (7)، و في التهذيب في باب تطهير الثياب من النجاسات (8).
و عبد اللّه بن مسكان في التهذيب في باب الطواف (9)، و باب الكفّارة عن خطأ المحرم (10)، و في الفقيه في باب تحريم صيد الحرم (11)، و باب ما جاء في طواف الأغلف (12).
و أبو المغراء حميد بن المثني الثقة الجليل في الكافي في باب الغنم تعطي2.
ص: 31
بالضريبة (1)، و في التهذيب في باب إبطال العول (2)، و باب المزارعة (3).
و الثقة الجليل عيينة- أو عتيبة- بياع القصب في التهذيب في باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات (4)، و باب الصلاة في السفينة منها (5).
و علي بن أبي حمزة- بناء علي كونه الثمالي الثقة- في [الكافي] (6) في باب فضل الحج و العمرة.
ج- ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجاله (7)، و يأتي إن شاء اللّه كونه من أمارات الوثاقة.
د- ما احتمله الفاضل الشيخ فرج اللّه الحويزاوي في كتاب إيجاز المقال من كونه أخا عبد اللّه بن ميمون القدّاح، قال: و حينئذ فيشمله قول الصادق (عليه السّلام): إنكم من نور اللّه في الأرض (8).
قلت: الصواب الباقر (عليه السّلام) فإنّه أشار بذلك إلي ما رواه الكشي مسندا عن عبد اللّه بن ميمون، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال:
يا ابن ميمون كم أنتم بمكة؟ قلت: نحن أربعة، قال: إنكم نور اللّه (9).
الي آخره. و ردّه السيد في العدّة بأنه يأباه قول ابن حجر: إنّه- يعني إبراهيم-2.
ص: 32
كوفي، فإنّ القدّاح مكّي (1)، قال: مع أنّه إنّما يتم لو أراد عبد اللّه بقوله: نحن أربعة- حين قال له: كم أنتم بمكة-: أربعة بيوت، أمّا لو أراد أربعة أنفس فلا (2).
قلت: في التقريب: إبراهيم بن ميمون كوفي صدوق من السادسة (3)، و قال الذهبي في الميزان: إنّه من أجلّاء الشيعة (4).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري، عنه.
و عن محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه (5).
و قد أطالوا الكلام في ترجمة إبراهيم، و عدّ المشهور حديثه حسنا، و صرح جمع من المحققين بوثاقته و هو الحقّ لأمور:
أ- قول السيد علي بن طاوس في فلاح السائل في حديث نقله عن أمالي الصدوق (6): و رواة الحديث ثقات بالاتفاق (7)، و منهم إبراهيم.
ب- قول ولده الجليل عليّ في أوّل تفسيره: و نحن ذاكرون و مخبرون بما ينتهي إلينا، و رواه مشايخنا و ثقاتنا عن الذين فرض اللّه طاعتهم (8). إلي آخره، و قد أكثر فيه الرواية عن أبيه.
قال السيّد الأجل بحر العلوم في رجاله: و الأصحّ أنه عندي ثقة
ص: 33
صحيح الحديث لوجوه:
الأوّل ما ذكره ولده الثقة الثبت في خطبة تفسيره. و ساقه، و قال: ثم أنه روي معظم كتابه هذا عن أبيه (رضي اللّه عنه) و رواياته كلّها: حدثني أبي، و أخبرني أبي، إلّا النادر اليسير الذي رواه عن غيره، و مع هذا الإكثار لا يبقي الريب في أنه مراد في عموم قوله: مشايخنا و ثقاتنا، فيكون ذلك توثيقا له من ولده الثقة، و عطف الثقات علي المشايخ من باب عطف الأوصاف مع اتّحاد الموصوف و المعني: مشايخنا الثقات، و ليس المراد به: المشايخ غير الثقات، و الثقات غير المشايخ كما لا يخفي علي العارف بأساليب الكلام (1).
ج- رواية أجلّاء المحدّثين المتورّعين عنه:
مثل: سعد بن عبد اللّه (2)، و عبد اللّه بن جعفر (3)، و محمّد بن الحسن الصفار (4)، و محمّد بن علي بن محبوب (5)، و محمّد بن يحيي العطّار (6)، و علي ابن الحسن بن فضّال (7)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (8)، و لم يستثنوه عن رواة كتابه نوادر الحكمة.
و محمّد بن موسي بن المتوكل (9)، و ولده الجليل علي (10)، و الحسن بنة.
ص: 34
متيل (1) - و هو وجه من وجوه أصحابنا- و علي بن بابويه (2)، و محمّد بن الحسن بن الوليد (3)، و أحمد ابن إسحاق (4)، و هؤلاء وجوه الطائفة و عيونهم في هذه الطبقة، كيف يحتمل فيهم الاجتماع علي الرواية و التلقي من غير الثقة؟! و فيهم من كان يتحرّز عن كثير من الثقات لما توهّمه من الطعن الذي لو صدق لم يكن منافيا للوثاقة، مع أنّ أكثرهم من أهل قم، و شدّة انحرافهم عن يونس بن عبد الرحمن أمر معلوم، و إبراهيم كان تلميذ يونس المقتضي للتجنب عنه، و الأخذ عنه مع ذلك ينبئ عن كونه في أعلي درجة الوثاقة، و من ذلك يظهر وجه الأمر الرابع.
د- و هو قولهم في حقّه: و أصحابنا يقولون: إنّه أول من نشر حديث الكوفيين بقم (5)، فان النشر كما صرّح به الأستاذ الأكبر لا يتحقق إلّا بالقبول، و إنّ انتشاره عندهم من حيث العمل و الاعتماد لا من حيث النقل (6).
و قال السيّد الأجلّ بحر العلوم في وجه تقريب دلالته علي التوثيق:
تلقي القميين من أصحابنا أحاديثه بالقبول، إلّا أنّ العمدة فيه ملاحظة أحوال القميين، و طريقتهم في الجرح و التعديل، و تضييقهم أمر العدالة، و تسرعهم إلي القدح و الجرح و الهجر و الإخراج بأدني ريبة كما يظهر من استثنائهم كثيرا من رجال نوادر الحكمة، و طعنهم في يونس بن عبد الرحمن مع جلالته و عظم منزلته، و إبعادهم لأحمد بن محمّد بن خالد من قم لروايته عن المجاهيل و اعتماده علي المراسيل، و غير ذلك ممّا يعلم بتتبع الرجال.9.
ص: 35
فلولا أن إبراهيم بن هاشم عندهم بمكان من الثقة و الاعتماد لما سلم من طعنهم و غمزهم بمقتضي العادة، و لم يتمكن من نشر الأحاديث التي لم يعرفوها إلّا من جهته في بلده، و من ثم قال في الرواشح (1): و مدحهم إيّاه بأنه أول من نشر حديث الكوفيين بقم كلمة جامعة، و كل الصّيد في جوف الفراء (2). انتهي.
و بذلك كلّه يندفع توهّم أن تلك الأحاديث كانت عندهم، و هذه التي نشرها اتفقت الموافقة بينهما، فلا يكون اعتمادا منهم عليه، كما أنّ ظاهر قولهم:
و أصحابنا. إلي آخر الاتفاق، علي أن ذلك مسلّم لديهم و معروف عندهم، فيندفع توهم أنّها شهادة رجل واحد.
ه- حكم العلامة (رحمه اللّه) بصحة طريق الصدوق إلي عامر بن نعيم القمّي، و إلي كردويه الهمداني، و إلي ياسر الخادم (3)، و هو موجود فيها.
و- توثيق جماعة من المتأخرين إياه كالمحقق الأردبيلي في صوم زبدة البيان (4)، و المحقق الداماد في الرواشح (5)، و والد شيخنا البهائي (6)،ه.
ص: 36
و المجلسي في الأربعين (1)، و نقله عن والده عن جماعة و غيرهم.
قال السيد الأجل: و لا يعارضه عدم توثيق الأكثر، لما عرفت من اضطراب كلامهم، و لأن غايته عدم الاطلاع علي السبب المقتضي للتوثيق، فلا يكون حجّة علي المطلع، لتقدم قول المثبت علي النافي، و دعوي حصر الأسباب ممنوع، فان [في] الزوايا خبايا، و كثيرا ما يقف المتأخر علي ما لم يقف عليه المتقدم، و كذا الشأن في المتعاصرين، و لذا قبلنا توثيق كلّ من النجاشي و الشيخ لمن لم يوثقه الآخر و لم يوثقه من تقدم عليهما، نعم يشكل ذلك مع تعيين السبب و خفاء الدلالة، و أكثر الموثّقين هنا لم يستند إلي سبب معيّن فيكون توثيقه معتبرا (2).
ز- دعوي السيد الأجل بحر العلوم اتفاق الأصحاب علي قبول روايته، قال (رحمه اللّه): مع اختلافهم علي حجيّة الحسن، و في الاكتفاء في ثبوت العدالة بحسن الظاهر فلا بد من وجود سبب متّفق علي اعتباره يكون هو المنشأ في قبول الكلّ أو البعض، و ليس إلّا التوثيق، و ذكر (رحمه اللّه) أكثر الوجوه السابقة، و أطال الكلام في نقل كلمات القوم و اختلافهم فيه، و وصف حديثه تارة بالحسن و اخري بالصحة. إلي أن قال: و بالجملة فكلام الجماعة في هذا المقام مضطرب جدّا، لم أجد أحدا منهم استقام علي وصف حديثه بالحسن، و لم يختلف قوله فيه إلّا القليل، و منه يظهر أن دعوي الشهرة في ذلك محل نظر.
و قال في آخر كلامه: و هذه الوجوه التي ذكرناها و إن كان كلّ منها كافيا في إفادة المقصود إلّا أن المجموع مع ما أشرنا إليه من أسباب المدح كنار علي علم (3).5.
ص: 37
أبوه و محمّد بن موسي ابن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عنه (1).
و أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عنه (2).
أما السند الثاني فصحيح بالاتفاق.
و أمّا الأول فحسن بالسعدآبادي عند بعضهم، و ضعيف عن آخرين لجهالته، و وصفه في شرح المشيخة بالقوي (3)، و لكن الحق ما ذكره السيد المحقق الكاظمي، من أنّه و إن كان مسكوتا عنه، لكن أجلّاء المشايخ اعتمدوه، و رووا عنه، كالكليني في العدة (4)، و الصدوق علي بن الحسين (5)، و علي بن إبراهيم (6)، و محمّد بن موسي بن المتوكل (7)، و أبي غالب الزراري الثقة (8)، و كان مؤدّبا له، و الصدوق إذا ذكره ترضي عنه. مع أنه شيخ إجازة، و لم يرو إلّا عن أحمد بن محمّد البرقي (9)، انتهي.
و من رواية هؤلاء الأجلّة عنه يمكن استظهار الوثاقة، و قد مرّ في حال
ص: 38
مشايخ الإجازة ما يؤكده، فلاحظ، بل يدل علي وثاقته كثرة رواية الجليل جعفر بن قولويه عنه في كتاب كامل الزيارة، و قد نصّ في أوّله أنه لا يروي فيه إلّا عن الثقات من أصحابنا (1) كما مرّ في ترجمته في الفائدة [الثالثة] (2)، فراجع.
و أمّا أحمد فقد وثقه الشيخ (3) و النجاشي (4) و غيرهما، و لكن طعنوا فيه أنه كان يروي عن الضعفاء و يعتمد المراسيل، و لذلك أبعده أحمد بن محمّد بن عيسي عن قم، ثم ذكروا أنه أعاده و اعتذر إليه، و أنه لمّا مات مشي في جنازته حافيا حاسرا.
و قال ابن الغضائري: طعن عليه القمّيّون، و ليس الطعن فيه، إنما الطعن فيمن يروي عنه (5).
و بالجملة فهو من أجلّاء رواتنا، و قد نقل عن جامعه الكبير المسمي بالمحاسن كلّ من تأخر عنه من المصنفين و أرباب الجواميع، بل منه أخذوا عناوين الكتب خصوصا أبو جعفر الصدوق، فان من كتب المحاسن: كتاب ثواب الأعمال، كتاب الأعمال، كتاب العلل، كتاب القرائن، و عليه بني كتاب الخصال، و ان قال في أوله: فإني وجدت مشايخي و أسلا في (رحمة اللّه عليهم) قد صنّفوا في فنون العلم كتبا و غفلوا عن تصنيف كتاب يشتمل علي الاعتداد و الخصال الممدوحة و المذمومة (6). الي آخره.
و قال النجاشي في ترجمة محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري: و لمحمد1.
ص: 39
كتب منها: كتاب الحقوق، كتاب الأوائل، كتاب السماء، كتاب الأرض، كتاب المساحة و البلدان، كتاب إبليس و جنوده، كتاب الاحتجاج، أخبرنا أبو عبد اللّه بن شاذان القزويني، قال: حدثنا علي بن حاتم، قال: قال محمّد بن عبد اللّه بن جعفر: كان السبب في تصنيفي هذه الكتب أنّي تفقدت فهرست كتب المساحة التي صنفها أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، و نسختها، و رؤيتها عمّن رواها عنه، و سقطت هذه الستة الكتب عنّي، فلم أجد لها نسخة، فسألت إخواننا بقم و بغداد و الري فلم أجدها عند أحد منهم، فرجعت إلي الأصول و المصنفات فأخرجتها و ألزمت كلّ حديث منها كتابه و بابه الذي شاكله (1)، انتهي.
و هذه الكتب كلّها داخلة في جملة كتب المحاسن، كما أنّ كتاب رجاله الموجود أيضا منها، و عندنا منه نسخة، و لم يصل إلينا من المحاسن إلّا ثلاثة عشر كتابا منه، و الباقي ذهب فيما ذهب، و لو وجد لوجد فيه علم كثير.
قال (رحمه اللّه) في أول المحاسن كما في السرائر: أما بعد فانّ خير الأمور أصلحها و أحمدها و أنجحها، و أسلمها أقومها، و أنشدها أعمّها خيرا، و أفضلها أدومها نفعا، و إنّ قطب المحاسن الدين، و عماد الدين اليقين و القول الرضي و العمل الزكي، و لم نجد في وثيقة المعقول و حقيقة المحصول عند المناقشة و المباحثة لدي المقايسة و الموازنة خصلة لا تكون أجمع لفضائل الدين و الدنيا، و لا أشدّ تصفية لاقذاء العقل، و لا أقمع لخواطر الجهل، و لا ادعي إلي اقتناء كلّ محمود و نفي كلّ مذموم من العلم بالدين، و كيف لا يكون ذلك كذلك ما من اللّه عزّ و جلّ سببه، و رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) مستودعه و معدنه، و أولوا النهي تراجمته و حملته، و ما ظنّك بشي ء الصدق خلّته، و الذكاء و الفهم9.
ص: 40
آلته، و التوفيق و الحكم مريحته (1)، و اللين و التواضع نتيجته، و هو الشي ء الذي لا يستوحش معه صاحبه إلي شي ء، و لا يأنس العاقل مع نبذه بشي ء، و لا منه يستخلف عوضا يوازيه، و لا يعتاض منه بدلا يدانيه، و لا تحول فضيلته، و لا تزول منفعته، و أنّي لك بكنز باق علي الإنفاق، و لا تقدح فيه يد الزمان، و لا تكلمه غوائل الحدثان، و أقل خصاله الثناء له في العاجل مع الفوز برضوان اللّه في الآجل، و أشرف بما (2) صاحبه علي كل حال مقبول، و قوله و فعله محتمل محمول، و سببه أقرب من الرحم الماسّة، و قوله أصدق و أوفق من التجربة و إدراك الحاسة، و هو نجاة من تسليط التهم و تخاذير الندم، و كفاك من كريم مناقبه و رفيع مراتبه أنّ العالم بما أدّي من صدق قوله شريك لكلّ عامل في فعله طول المسند، و هو به ناظر ناطق صامت غائب حيّ ميت و رادع نصب (3)، انتهي.
و كفي في جلالة قدره أن عقد له ثقة الإسلام في الكافي (4) عدّة منفردة، و أكثر من الرواية عنه، و عدّ في أوّل الفقيه كتاب المحاسن (5).
و روي عنه أجلّاء المشايخ في هذه الطبقة:
مثل: محمّد بن الحسن الصفار (6)، و محمّد بن يحيي العطار (7)، و سعد بن9.
ص: 41
عبد اللّه (1)، و محمّد بن علي بن محبوب (2)، و الحسن بن متيل الدقاق (3)، و علي بن إبراهيم بن هاشم (4)، و أبوه إبراهيم (5)، و أحمد بن إدريس الأشعري (6)، و محمّد ابن الحسن بن الوليد (7)، و محمّد بن جعفر بن بطة (8)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (9)، و علي بن الحسين السعدآبادي (10)، و محمّد بن عيسي (11)، و محمّد بن أبي القاسم عبد اللّه- أو عبيد اللّه- بن عمران الجنابي البرقي (12) صهره علي ابنته، و غير هم.
نعم في الكافي في كتاب الحجّة في باب ما جاء في الاثني عشر و النص عليهم- خبر صار سبب الحيرة- صورته: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبي هاشم داود بن قاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام). و ذكر أن الخضر (عليه السّلام) حضر عند أمير المؤمنين (عليه السّلام) و شهد بإمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السّلام) واحدا بعد واحد، يسمّيهم بأسمائهم حتي انتهي إلي الخلف الحجّة (صلوات اللّه عليه) (13).1.
ص: 42
ثم قال الكليني (رحمه اللّه): و حدثني محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن أبي عبد اللّه، عن أبي هاشم مثله سواء. قال محمّد بن يحيي: فقلت لمحمد بن الحسن: يا أبا جعفر وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبد اللّه، قال: فقال: لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين (1). انتهي.
و ظاهره يوهم أنّ أحمد صار متحيّرا في أمر الإمامة، أو خصوص إمامة الخلف (عليه السّلام) و هذا طعن عظيم، و أجاب عنه نقّاد الأحاديث بوجوه:
أ- ما في شرح المولي الخليل القزويني، في شرحه: من أن هذا الكلام من محمّد بن يحيي وقع بعد إبعاده من قم، و قبل إعادته هو زمان حيرة أحمد بن محمّد بن خالد- بزعم جمع- أو زمان تردّده في مواضع خارجة من قم متحيّرا، و ذلك لأنه كان حينئذ متّهما بما قذف به، و لم يظهر بعد كذب ذلك القذف (2).
ب- ما احتمله بعضهم من أن المراد تحيّره بالخرافة لكبر سنّه، و لا يخفي بعده.
ج- ما أشار إليه المولي محمّد صالح في شرحه (3)، و فصّله السيد السند المحقق السيد صدر الدين العاملي فيما علّقه علي رجال أبي علي، فقال- بعد نقل كلام التقي المجلسي في حواشيه علي النقد (4)، و كلام بعضهم في حواشيه علي رجال ابن داود، من فهمهما تحيّر أحمد من الخبر- ما لفظه: من الجائزا.
ص: 43
أن لا يكون الأمر علي ما فهمه المحشيان، بل يكون محمّد بن يحيي إنّما عني أن يكون هذا الخبر بسند ثان و ثالث، بحيث يبلغ حدّ التواتر و الاستفاضة، ليرغم به أنف المنكرين، لا أنه تمنّي أن يكون من جاء به غير البرقي، ليكون قدحا فيه في البرقي، بل هو المتعين بعد الوقوف علي توثيق البرقي، و انتفاء القدح فيه بعد تدقيق النظر في عبارات القوم.
و أمّا قوله: قبل الحيرة، فلم يرد منه أن أحمد بن أبي عبد اللّه قد تحيّر، حاشاه و حاشا محمّد بن يحيي أن يقذفه بذلك، و إنّما المراد بالحيرة زمن الغيبة، و هي السنة التي مات فيها العسكري (عليه السّلام) و تحيّرت الشيعة، و من طالع الكتب التي صنّفت في الغيبة، علم أن إطلاق لفظ الحيرة علي مثل ما قلناه شائع في كلامهم.
و بالجملة فقد أحبّ محمّد بن يحيي أن يكون هذا الخبر قد ورد من طرق متعددة، لأن الإمامة من الأصول، و ليست كالفروع، فأجابه محمّد بن الحسن بما معناه: أن الرواية قد تضمّنت ذكر الغيبة، و قد حدثت بها قبل وقوعها، فأغني ظهور الإعجاز- و هو الإعلام بما لم يقع قبل أن يقع- عن الاستفاضة (1)، انتهي.
قلت: و علي ما حقّقه و هو الحقّ، من أن المراد من الحيرة في ألسنة الرواة أيام الغيبة، و مبدؤها سنة وفاة العسكري (عليه السّلام) فالظاهر أن غرض محمّد بن يحيي من قوله: وددت. الي آخره، أنّ راوي هذا الخبر يكون من الذين لم يدركوا أيام الحيرة، ليكون إخباره بما لم يقع قبل وقوعه خالصا عن التوهم و الريبة. و أتمّ في الدلالة علي المقصود و ظهور الإعجاز.
قال الصدوق في كمال الدين في جملة كلام له: و ذلك أن الأئمة (عليهما.
ص: 44
السلام) أخبروا بغيبته- يعني صاحب الأمر (صلوات اللّه عليه)- و وصفوا كونها لشيعتهم، فيما نقل عنهم في الكتب المؤلّفة، من قبل أن تقع الغيبة بمائتي سنة، فليس احد من أتباع الأئمة (عليهم السّلام) إلّا و قد ذكر ذلك في كثير من كتبه و رواياته، و دوّنه في مصنفاته، و في الكتب التي تعرف بالأصول، مدوّنة مستحفظة عند شيعة آل محمّد (عليهم السّلام) من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنن (1)، انتهي.
فأحبّ محمّد بن يحيي أن يكون الراوي منهم، لا من مثل أحمد الذي أدرك أيام الحيرة، فإنه عاش بعد وفاة العسكري (عليه السّلام) أربعة عشر سنة، و قيل: عشرين، و توفّي سنة أربع و سبعين و مائتين (2)، لا أنّ غرضه الاستكثار من السند، فإن العبارة لا تفيده، بل الجواب لا يلائمه إلّا بتكلّف، و اللّه العاصم.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن الحسن بن زياد، عنه (3).
السند في أعلي درجة الصحة، و محمّد بن الحسن بن زياد هو الميثمي الذي قالوا فيه: ثقة عين (4).
و أمّا أحمد فهو ابن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار أبو عبد اللّه مولي بني أسد، قال النجاشي: قال أبو عمرو الكشي: كان واقفا، و ذكر هذا عن حمدويه، عن الحسن بن موسي الخشاب قال: أحمد بن الحسن
ص: 45
واقف، و قد روي عن الرضا (عليه السّلام) و هو علي كلّ حال ثقة، صحيح الحديث، معتمد عليه (1). الي آخره، و ظاهره توقّفه في نسبة الوقف إليه.
و في الفهرست: كوفيّ، صحيح الحديث، سليم، روي عن الرضا (عليه السّلام) (2).
و قال السروي في المعالم: أحمد بن الحسن. الي آخره، روي عن الرضا (عليه السّلام) (3)، و فيهما إشارة، بل دلالة صريحة في عدم صحّة النسبة لروايته عنه (عليه السّلام) المنافية لطريقة الواقفيّة، و علي كلّ حال فروايته صحيحة بشهادة المشايخ.
و قد روي عنه يعقوب بن يزيد (4)، بلا واسطة محمّد بن الحسن، و عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك (5)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (6)، و أحمد بن محمّد ابن عيسي (7)، و إبراهيم بن هاشم (8)، و غيرهم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد ابن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي الوشاء، عنه (9).
و هؤلاء كلّهم من أجلّاء الثقات عند الأصحاب، سوي الحسن، فلم ينصّ أحد علي توثيقه، و لكن مدحوه بما استفاد منه المحققون الوثاقة، فنقول:
ص: 46
يدل عليها أمور:
أ- رواية ابن أبي عمير عنه، كما صرّح به الأستاذ الأكبر في التعليقة (1).
ب- رواية الأجلّاء عنه، مثل: يعقوب بن يزيد (2)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (3)، و الحسين بن سعيد (4)، و إبراهيم بن هاشم (5)، و أيوب بن نوح (6)، و أحمد بن محمّد بن خالد (7)، و محمّد بن عيسي (8)، و عبد اللّه بن الصلت (9)، و محمّد بن يحيي الخزّاز (10)، و علي بن الحسن بن فضال (11).
ج- قول النجاشي في حقّه: و كان من وجوه هذه الطائفة (12)، فإنّه ممّا يفهم منه فوق الوثاقة.
قال السيد المحقق الكاظمي في عدّته، في ذكر جملة ما يفهم منه التوثيق: و كذا قولهم: عين من عيون هذه الطائفة، و وجه من وجوهها، و ما كان ليكون عينا للطائفة تنظر بها، بل شخصها و إنسانها، فإنه معني العين عرفا، و وجهها الذي به نتوجّه، و لا تقع الأنظار إلّا عليه، و لا تعرف إلّا به،0.
ص: 47
فإن ذلك هو معني الوجه في العرف، ألا و هو بالمكانة العليا، و ليس الغرض من جهة الدنيا قطعا، فيكون من جهة المذهب (1).
في شرح المشيخة: و الظاهر أن قولهم: وجه، توثيق لأن دأب علمائنا السابقين في نقل الأخبار كان لا ينقلون إلّا عمّن كان في غاية الثقة، و لم يكن يومئذ مال و لا جاه، حتي يتوجّهوا إليهم له بخلاف اليوم (2).
و ردّه في العدة بأنّه (رحمه اللّه) جعل الوجه بمعني ما يتوجه إليه، و إضافته إلي الطائفة لأدني ملابسة، أي ما تتوجّه إليه الطائفة، و هو كما تري خلاف ما يعقله الناس، إنّما يعقلون ما ذكرناه (3)، انتهي.
و قال الجليل الشيخ حسين- والد الشيخ البهائي- في رسالة وصول الأخيار: أمّا نحو شيخ الطائفة، و عمدتها، و وجهها، و رئيسها، و نحو ذلك، فقد استعمله أصحابنا فيمن يستغني عن التوثيق لشهرته، إيماء إلي أن التوثيق دون مرتبته (4)، انتهي.
و ظاهره مسلّمية كونه من ألفاظ التوثيق.
د- قول النجاشي في حقّه أيضا: و كان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة- بعد ما نقل قصّة أحمد بن محمّد بن عيسي معه- و قول الحسن في آخرها: لو علمت أن هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه، فإني أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ، كلّ يقول: حدثني جعفر بن محمّد (عليهما السلام) (5) و قد مرّت في أوائل الفائدة الثالثة، و وجه الدلالة كسابقه1.
ص: 48
كما عرفت من السيد.
و قال التقي المجلسي في شرح المشيخة: عين، توثيق، لأن الظاهر استعارته من الميزان باعتبار صدقه، كما كان الصادق (عليه السّلام) يسمّي أبا الصباح: بالميزان، لصدقه (1).
قال في العدّة: فرق بين الميزان و العين، و كأنّه لم يراع العرف، و الوجه ما ذكرناه (2). الي آخره، و الظاهر ما ذكره من كونه استعارة من العين بمعني الباصرة، خصوصا إذ اقترن مع الوجه.
ه- كونه من مشايخ الإجازة، كما صرّح به في التعليقة (3)، و كذا العلامة الطباطبائي في شرحه للوافي (4)، الذي جمعه تلميذه السيد صاحب مفتاح الكرامة، و قد أشرنا سابقا إلي وجه الاستفادة.
و- حكم العلامة بصحة طرق هو فيها، منها الطريق المذكور، و منها طريق الصدوق إلي أبي الحسن النهدي (5)، و في كتاب التدبير من المسالك عند ذكر رواية عنه: أن الأصحاب ذكروها في الصحاح (6).
ثم إنّ الحسن هذا من الذين وقفوا علي الكاظم (عليه السّلام) ثم رجعوا، و أشار إلي ذلك في التعليقة (7)، و أطال الكلام في منتهي المقال (8) بما3.
ص: 49
لا طائل تحته.
و القول الفصل في هذا المقال ما ذكره شيخ الطائفة في كتاب الغيبة، بعد إبطال قول الواقفة: و يبطل ذلك أيضا ما ظهر من المعجزات علي يد الرضا (عليه السّلام) الدالة علي صحّة إمامته، و هي مذكورة في الكتب، و لأجلها رجع جماعة من القول بالوقف، مثل: عبد الرحمن بن الحجاج، و رفاعة بن موسي، و يونس بن يعقوب، و جميل بن درّاج، و حماد بن عيسي، و غيرهم، و هؤلاء من أصحاب أبيه الذين شكّوا فيه (عليه السّلام) (1) ثم رجعوا، و كذلك من كان في عصره، مثل: أحمد بن محمّد بن أبي نصر، و الحسن بن علي الوشاء، و غيرهم ممّن قال بالوقف، ثم التزموا الحجّة، و قالوا بإمامته و إمامة من بعده من ولده، فروي جعفر بن محمّد بن مالك. و ذكر كيفية رجوع البزنطي. إلي أن قال: و كذلك الحسن بن علي الوشاء، و كان يقول بالوقف فرجع، و كان سببه. و ساق الخبر (2).
هذا و في الفقيه: و روي عن الحسن بن علي الوشاء قال: كنت مع أبي و أنا غلام، فتعشّينا عند الرضا (عليه السّلام) ليلة خمس و عشرين من ذي القعدة، فقال (عليه السّلام) له: ليلة خمس و عشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم، و ولد فيها عيسي بن مريم، و فيها دحيت الأرض من تحت الكعبة، فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستّين شهرا (3)، و يظهر منه و ممّا مرّ أن الوقف منه كان عثرة في أوان شبابه انجبرت فيه.
و أمّا أحمد بن عائذ، فقد وثّقه النجاشي (4)، و روي عنه الحسن بن علي6.
ص: 50
ابن فضّال في التهذيب في باب أحكام الطلاق (1)، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي في التهذيب في باب أحكام الجماعة (2)، و هما من أصحاب الإجماع، و الأخير ممّن لا يروي إلّا عن الثقة علي المشهور.
أبوه و محمّد ابن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه.
و أبوه و محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه (3).
و رجال السندين من أجلّاء الثقات، ليس فيهما من يتأمّل فيه، سوي ماجيلويه الذي لم ينصّ أحد علي توثيقه، و لكن العلامة صحّح طريق الصدوق إلي إسماعيل بن رباح (4)، و هو فيه، و عدّوه من مشايخ الإجازة، و أكثر الصدوق من الترحّم عليه و الترضي عنه، مهما (5) أسند الحديث إليه (6)، فلا مجال للتأمّل فيه.
محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عنه (7).
و أحمد هذا هو ابن عقدة الزيدي، المشهور بالجلالة و الوثاقة و الحفظ، حتي قال الشيخ الطوسي: سمعت جماعة يحكون عنه أنّه قال: أحفظ مائة
ص: 51
و عشرين ألف حديثا بأسانيدها، و اذاكر بثلاثمائة ألف حديث (1).
قال النجاشي: هذا رجل جليل في أصحاب الحديث، مشهور بالحفظ، و الحكايات تختلف عنه في الحفظ و عظمه، و كان كوفيّا زيديّا جاروديّا، و علي ذلك مات، و ذكره أصحابنا لاختلاطه بهم، و مداخلته إيّاهم، و عظم محلّه، و ثقته و أمانته (2)، و لغيره من المدح و الإطراء عليه ما يقرب منه.
و عدّ جماعة من جملة كتبه، كتابا في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من الثقات، و أشار إليه الشيخ في أول رجاله (3)، و المفيد في إرشاده (4)، و جماعة أخري سنذكر كلماتهم في محلّها إن شاء اللّه.
و قال ابن شهرآشوب في مناقبه: إن الذين رووا عنه من الثقات كانوا أربعة آلاف رجل، و إن ابن عقدة ذكرهم في كتابه (5)، انتهي.
و اعتمد علي هذا الكتاب- المشتمل علي أربعة آلاف ثقة، و أربعة آلاف حديث، فإنه أخرج فيه لكلّ رجل حديثا- كلّ من تأخر عنه، و قال تلميذه الجليل أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة: و هذا الرجل ممّن لا يطعن عليه في الثقة، و لا في العلم بالحديث، و الرجال الناقلين له (6).
و بالجملة: فجلالة قدره و عظمه و جلالة شأن الذين أخذوا عنه و رووا كتبه، كالنعماني (7)، و التلعكبري (8)، و محمّد بن أحمد بن الجنيد (9)، و محمّد بن أحمد بن7،
ص: 52
داود (1)، و عبد اللّه بن محمّد بن أحمد أبي طاهر الموسوي (2)، و ثقة الإسلام الكليني في الكافي (3)، و أحمد بن محمّد بن الصلت الأهوازي (4)، و أحمد بن الحسين القطان (5)، و عبد اللّه بن أحمد بن جلين أبي بكر الوراق الدوري (6)، و محمّد بن جعفر النحوي (7)، و أبي الحسن التميمي (8)، و جعفر بن محمّد الأديب (9)، و محمّد بن عمر بن يحيي (10)، يغني عن النظر في حال محمّد بن إسحاق (11)، مع أنه من مشايخ الإجازة، و قد أكثر الصدوق من الرواية عنه مترحّما مترضّيا.
و هو الذي روي عنه في العلل حديثا ذكر فيه: أنه كان عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح، فسأل الحسين بن روح رجل: كيف سلّط اللّه علي الحسين (عليه السّلام) قاتله و هو عدوّ اللّه، و الحسين (عليه السّلام) وليّ اللّه؟. و ساق الحديث، و في آخره: قال محمّد بن إبراهيم [بن] (12) إسحاقظ.
ص: 53
(رضي اللّه عنه): فعدت إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (قدّس اللّه روحه) من الغد، و أنا أقول في نفسي: أ تراه ذكر ما ذكر لنا بالأمس من عند نفسه؟ فابتدأني فقال لي: يا محمّد بن إبراهيم، لئن أخّر من السماء فتخطفني الطير، أو تهوي بي الرِّيحُ فِي مَكٰانٍ سَحِيقٍ، أحبّ إليّ [من] أن أقول في دين اللّه تعالي برأيي، و من عند نفسي، بل ذلك عن الأصل، و مسموع عن الحجة (عليه السّلام) (1).
أبوه و محمّد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عنه (2).
و هؤلاء الخمسة من عيون الطائفة، و وجوهها، و العثرة المنقولة عن أحمد من كتمان الشهادة (3) كبعض العثرات المنقولة عن غيره من الأعاظم، فقلّ ما سلموا عنها، إلّا أنّهم جبروها بما تقدم عليها و تأخر منهم، ممّا صار سببا لعدم الاعتناء، و إعراض الأصحاب عنها، و عدم عدّهم إيّاها من قوادح علوّ مقامهم فضلا عن الخلل في عدالتهم.
ص: 54
أبوه و محمّد بن الحسن و سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عنه (1).
في شرح المشيخة: هذا المدح يعني قوله: صاحب. إلي آخره، يكفيه مع ذكر المصنّف أن كتابه معتمد الأصحاب (2).
و في العدّة للسيد الكاظمي (رحمه اللّه) بعدّه الممدوح بهذا القول (3).
و ظاهرهما عدم معروفيّة أحمد إلّا بهذا المدح الذي ذكره الصدوق في أول السند و آخره، و هو كذلك، فإنه غير مذكور فيما عثرنا عليه من الكتب في هذا الفنّ، و اعترف به الفاضل المولي مراد في شرح الفقيه، و لكن كان علي هؤلاء التفحّص عن حاله، و كشف المراد عن لفظ الصاحب، فإنه ليس المراد منه هنا مجرّد الصحابة التي بها يدخل في أصحابه (عليه السّلام) المشاركين له فيها، فما الداعي إلي الإشارة إليها في أوّل كلامه و آخره، و اختصاصه بها، بل الذي ظهر لنا أنه كان القيّم علي أموره (عليه السّلام) الكاشف عمّا فوق العدالة.
فروي الثقة الثبت علي بن الحسين المسعودي في كتاب إثبات الوصية، عن الحميري، عن أحمد بن إسحاق، قال: دخلت علي أبي محمّد (عليه السلام) فقال لي: يا أحمد، ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك و الارتياب؟ قلت: يا سيدي، لما ورد الكتاب بخبر سيدنا و مولده، لم يبق منا رجل و لا امرأة و لا غلام بلغ الفهم إلّا قال بالحق، فقال: أما علمتم أن الأرض لا تخلو من حجة للّه.3.
ص: 55
ثم أمر أبو محمد (عليه السّلام) والدته بالحج في سنة تسع و خمسين و مائتين، و عرفها ما يناله في سنة ستين، و أحضر الصاحب (عليه السّلام) فأوصي إليه و سلّم الاسم الأعظم و المواريث و السلاح إليه، و خرجت أم أبي محمّد (عليه السّلام) مع الصاحب (عليه السّلام) جميعا إلي مكّة، و كان أحمد ابن محمّد بن مطهر أبو علي المتولّي لما يحتاج إليه الوكيل، فلما بلغوا بعض المنازل من طريق مكة، تلقي الأعراب القوافل، فأخبروهم بشدّة الخوف، و قلّة الماء، فرجع أكثر الناس إلّا من كان في الناحية، فإنّهم نفذوا و سلموا، و روي أنه ورد عليهم الأمر بالنفوذ (1).
و ظاهر أنّ من يجعله (عليه السّلام) قيّما علي أمور أهله، الذين فيهم أمّه و من هو مثله في هذا السفر العظيم الطويل، لا بدّ أن يكون بمكان من الوثاقة و الأمانة و الفطانة.
و من هذا الخبر يتبيّن إجمال ما في الكافي في باب مولد أبي محمّد (عليه السّلام) بإسناده عن أبي علي المطهر، أنه كتب إليه بالقادسية يعلمه انصراف الناس، و أنه يخاف العطش، فكتب (عليه السّلام): امضوا و لا خوف عليكم إن شاء اللّه، فمضوا سالمين و الحمد للّه ربّ العالمين (2).
و فيه: في باب تسمية من رآه (عليه السّلام) عن علي بن محمّد، عن فتح مولي الزراري، قال: سمعت أبا علي بن مطهر يذكر أنه رآه و وصف له قدّه (عليه السّلام) (3).
و في الفقيه بإسناده عن سعد بن عبد اللّه، عن موسي بن الحسن، عن5.
ص: 56
أبي علي أحمد بن محمّد بن مطهر، قال: كتبت إلي أبي محمّد (عليه السّلام) أنّي دفعت إلي ستّة أنفس مائة دينار و خمسين دينارا ليحجوا بها، فرجعوا و لم يشخص بعضهم، و أتاني بعض، و ذكر أنّه أنفق بعض الدنانير و بقيت بقيّة، و أنّه يردّ عليّ ما بقي، و أني قد رمت مطالبة من لم يأتني؟ فكتب: لا تعرض لمن لم يأتك، و لا تأخذ ممّن أتاك شيئا مما يأتيك به، و الأجر فقد وقع علي اللّه عزّ و جلّ (1).
و أخرج القطب الراوندي في الخرائج، عن أحمد بن مطهّر قال: كتب بعض أصحابنا إلي أبي محمّد (عليه السّلام) من أهل الجبل، يسأله عمّن وقف علي أبي الحسن موسي (عليه السّلام): أتوّلاهم أم أتبرأ منهم؟ فكتب:
أ تترحم علي عمّك لا رحم اللّه عمّك، تبرأ منه، أنا إلي اللّه منهم بري ء، فلا تتولاهم، و لا تعد مرضاهم، و لا تشهد جنائزهم، و لٰا تُصَلِّ عَليٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً، سواء من جحد إماما من اللّه، أو زاد إماما ما ليست إمامته من اللّه، و جحد أو قال: ثالث ثلاثة، إن الجاحد أمر آخرنا جاحد أمر أوّلنا، و الزائد فينا كالناقص الجاحد أمرنا (2). و يأتي بعض ما يتعلّق به في الفائدة العاشرة.
بلعنه، و نسبوه تارة إلي الغلوّ، و اخري إلي ضدّه النصب، و تارة إلي الوقف علي أبي جعفر (عليه السّلام) و مع ذلك نري الأجلّاء الكبار و المشايخ العظام رووا عنه، و عمد المؤلفين أخرجوا أحاديثه في مجاميعهم، و بتوسطهم وصلت إلينا هذه التوقيعات، و بمرأي منهم هذه الذموم و الجروح.
فممّن روي عنه سعد بن عبد اللّه هنا (1)، و في طريقه [الي] أميّة بن عمرو (2)، و في التهذيب في باب ما تجوز الصلاة فيه (3)، و باب فضل الصلاة من أبواب الزيادات (4).
و عبد اللّه بن جعفر الحميري كما صرّح به في النجاشي (5)، و أبو محمّد عبد اللّه بن العلاء، أو أبي العلاء المذاري الثقة الجليل، الذي في النجاشي:
أنه من وجوه أصحابنا (6) كما صرّح فيه أيضا.
و الجليل محمّد بن علي بن محبوب في التهذيب في باب الأنفال (7).
و موسي بن الحسن بن عامر بن عبد اللّه الأشعري- الذي قالوا فيه: ثقة عين جليل القدر (8) - في التهذيب في باب ما يجب علي المحرم اجتنابه (9)، و في2.
ص: 58
باب الطواف (1)، و في باب ماهيّة زكاة الفطرة، و غيرها (2).
و الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة (3)، و باب التيمم (4)، و باب الدعاء بين الركعات (5)، و غيرها.
و محمّد بن يحيي العطار، في الكافي في باب نوادر الطواف (6).
و إبراهيم بن محمّد الهمداني الثقة، وكيل الناحية، في التهذيب في باب البيّنات (7)، و باب الوصية لأهل الضلال (8)، و في الاستبصار في باب ما تجوز شهادة النساء فيه (9).
و الحسن بن علي الزيتوني، و في نسخة: الحسين (10)، و لعلّه سهو.
و أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، الذي يروي عنه البزنطي في الكافي، في باب أن الآيات هم الأئمة (عليهم السّلام) (11) و باب كراهية ردّ الطيب (12).
و علي بن محمّد، من مشايخ الكليني (13).4.
ص: 59
و محمّد بن عيسي العبيدي، في التهذيب في باب الوصية بالثلث (1)، و باب حكم الجنابة (2)، و غيرها.
و علي بن محمّد بن حفص أبو قتادة القمّي الثقة، كما في التهذيب في باب تلقين المحتضر من أبواب الزيادات (3).
و محمّد بن أحمد بن يحيي، في الكافي في باب من لا يجوز له صيام التطوع (4)، و في التهذيب في باب صلاة الغريق (5)، و باب صلاة المضطر من الزيادات (6)، و غير هؤلاء.
و في الكافي في باب مولد النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله): محمّد بن يحيي، عن سعد بن عبد اللّه، عن جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن هلال (7).
الي آخره، و لا بدّ من الجمع بين رواية هؤلاء المشايخ عنه، الكاشفة عن الاعتماد عليه في النقل و الرواية، و بين ما ورد فيه من الذّمّ، و ما قالوا فيه بأحد وجوه:
أ- عدم اعتنائهم به، و عدم ثبوته عندهم، و لعلّه الظاهر من النجاشي، ففي رجاله: أحمد بن هلال أبو جعفر العبرتائي، صالح الرواية، يعرف منها و ينكر، و قد روي فيه ذموم عن سيدنا الإمام العسكري (عليه السّلام) و لا أعرف له إلّا كتاب يوم و ليله، و كتاب نوادر، أخبرني بالنوادر: أبو عبد اللّه بن شاذان، عن أحمد بن محمّد بن يحيي، عن عبد اللّه بن جعفر، عنه، به.8.
ص: 60
و أخبرني: أحمد بن محمّد بن موسي الجنديّ (1) قال: حدثنا ابن همام، قال: حدثنا عبد اللّه بن العلاء المذاري، عنه بكتاب يوم و ليله، قال علي بن همام: ولد أحمد بن هلال سنة ثمانين و مائة، و مات سنة سبع و ستين و مائتين (2)، انتهي.
و المتأمّل في تمام كلامه، يعلم أنّه عنده- كما قال-: صالح الرواية، و عدم ثبوت ضعفه عنده، و عدم دلالة قوله، و ينكر عليه، كما سننبّه عليه إن شاء اللّه تعالي.
و يظهر هذا من الكليني أيضا، فإنه مضافا إلي إكثاره الرواية عنه في الكافي قال في باب الغيبة: الحسين بن أحمد، عن أحمد بن هلال قال: حدثنا عثمان بن عيسي، عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): لا بدّ للغلام من غيبة، قلت: و لم؟ قال: يخاف- و أومئ بيده إلي بطنه- و هو المنتظر، و هو الذي يشك الناس في ولادته، فمنهم من يقول: حمل، و منهم من يقول: مات أبوه و لم يخلف، و منهم من يقول:
ولد قبل موت أبيه بسنتين، قال زرارة، فقلت: ما تأمرني لو أدركت ذلك الزمان؟ قال: ادع اللّه بهذا الدعاء:
اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك، اللهم عرفني نبيّك، فإنّك إن لم تعرفني نبيّك لم أعرفه قطّ، اللهم عرفني حجّتك،9.
ص: 61
فإنك إن لم تعرفني حجّتك ضللت عن ديني.
قال أحمد بن هلال: سمعت هذا الحديث منذ ست و خمسين سنة (1)، انتهي.
و سبيل قوله: قال أحمد. الي آخره، سبيل ما تقدم في ترجمة أحمد البرقي، من أن الغرض من نقله هذا الكلام عنه لجعله هذا الخبر من الإخبار بالمغيبات، و الإخبار بما لم يقع قبل وقوعه ثم وقع، فيكون حجّة لدعوي العصابة الحقّة، فلولا كونه عنده ممّن يعتمد عليه، و يعوّل علي كلامه، لما أردف الخبر بكلامه.
و في هذا الخبر أيضا ردّ صريح علي من رماه بالنصب، كما نقله الصدوق (2)، و من رماه بالغلوّ أو اتّهمه به، كما في الخلاصة (3) و غيرها، و أنّي للناصبي و الغالي المكفّر عند محققي أصحابنا رواية مثل هذا الخبر؟! و مثله في الردّ عليهما ما رواه أيضا في باب ما جاء في الاثني عشر: عن علي بن محمّد، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن ابن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت عبد اللّه بن جعفر يقول:
كنّا عند معاوية، أنا و الحسن و الحسين (عليهما السّلام) و عبد اللّه بن عباس، و عمر بن أم سلمة، و أسامة بن زيد، فجري بيني و بين معاوية كلام، فقلت لمعاوية: سمعت رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) يقول: أنا أولي بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أخي علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أولي بالمؤمنين من6.
ص: 62
أنفسهم، فإذا استشهد (عليه السّلام) فالحسن بن علي (عليهما السّلام) أولي بالمؤمنين من أنفسهم، ثم ابني الحسين (عليه السّلام) من بعده، أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد (عليه السّلام) فابنة علي بن الحسين (عليهما السّلام) أولي بالمؤمنين من أنفسهم، و ستدركه يا علي، ثم ابنه محمّد بن علي (عليهما السلام) أولي بالمؤمنين من أنفسهم- و ستدركه يا حسين- فتكمله اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين (عليه السّلام) قال عبد اللّه بن جعفر:
و استشهدت الحسن و الحسين (عليهما السلام) [و عبد اللّه بن عباس] (1) و عمر بن أم سلمة، و أسامة بن زيد فشهدوا لي عند معاوية.
قال سليم: و قد سمعت ذلك من سلمان، و أبي ذر، و المقداد، و ذكروا أنّهم سمعوا ذلك من رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (2).
ب- أن لا يكون ما رموه به من الغلوّ أو النصب أو الوقف، و ما ورد فيه مضرّا بما يعتبر فيه عندهم، لصحة الخبر من الصدق و التثبت و الضبط، و هل هو بعد صحّة الرمي إلّا كأحد ثقات الفرق الباطلة، من الزيدية و الفطحية و أضرابهم، الذين اعتمدوا عليهم في الرواية، و إن كانوا في شدّة من النصب و العداوة، و يحتمل هذا أيضا في كلام النجاشي.
ج- أن يكون زمان التلقّي منه و الأخذ عنه أيام استقامته، و قبل انحرافه عن طريقته، فإنّ صريح كلام الصدوق في كمال الدين، أنه رجع من الحق إلي الباطل (3)، و إذا تأمّلنا في تاريخ ولادته و وفاته، و الخبر الذي نقلنا عن الكافي، الدال علي كونه في أيام استقامته، و قوله: منذ ستّ و خمسين سنة، علمنا أن الانحراف كان في أواخر عمره، و هذا لعلّه الأظهر بالنسبة إلي الجماعة6.
ص: 63
المذكورين، مع اختلافهم في طريقتهم، و اطّلاعهم علي حاله، و عدم تفرقتهم بينه و بين غيره، هذا الشيخ الصدوق الناقل عن سعد بن عبد اللّه نصبه بعد التشيع، سلك به في المشيخة ما فعل بغيره من ذكره و ذكر الطريق إليه (1).
قال التقي المجلسي في شرحه: اعلم أنّ المصنّف مع علمه بضعف هذا الرجل، جزم بصحّة ما روي عنه، فهو إمّا أن يكون مضبوطا عنده اخباره قبل الانحراف، و المدار علي الرواية في وقت النقل، و كان صالحا، و إمّا لأنّه كان من مشايخ الإجازة كما يظهر من كلام ابن الغضائري، و إمّا لأنه لو (2) نقل الكتابين إلي كتابه كانوا قابلوا و رأوا صحّته، فعملوا به، و إمّا لأن الذم كان بمعني آخر، و لا ينافي كونه ثقة معتمدا عليه في النقل، كما يظهر من النجاشي (3)، انتهي.
و في كلامه شواهد لجملة ممّا ذكرناه، و أراد بالكتابين ما نقله العلامة عن ابن الغضائري، قال: و توقّف ابن الغضائري في حديثه، إلّا فيما يرويه عن الحسن ابن محبوب من كتاب المشيخة، و محمّد بن أبي عمير من نوادره، و قد سمع هذين الكتابين جلّ أصحاب الحديث و اعتمدوه فيهما (4).
د- أن تكون أخباره و رواياته التي كانت في أيدي الأصحاب ممّا جمعها في كتابه، أو رواها عن حفظة، مضبوطة معيّنة، معروضة علي الأصول التي هي موازين للردّ و القبول، فرأوها صحيحة خالية عن الغثّ و التخليط، فأجازوا النقل عنه، و جميع ما ذكرناه آت في كثير من أضرابه، فكن علي بصيرة فيما ذكروا فيهم من الذموم، و ما فعلوا بهم في مؤلّفاتهم، حتي لا تظنّ المناقضة6.
ص: 64
بين أقوالهم و أفعالهم (1)، و اللّه الهادي.
أحمد بن زياد، عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عنه (2).
السند صحيح بما شرحناه.
و أمّا إدريس فوصفه الصدوق بكونه صاحب الرضا (عليه السّلام) (3) و بذلك عدّوا حديثه حسنا (4).
و عدّه في إيجاز المقال (5) من المهملين، و الحقّ أنه من الثقات، لرواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي عنه، كما في الكافي في باب بيع المرعي (6)، و في التهذيب في باب بيع الماء و المنع منه (7).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن إدريس بن زيد و علي بن إدريس، عن الرضا (عليه السّلام).
كذا في المشيخة (8).
و لعلّ وجه التكرار كما قيل: إن إدريس بن زيد سمع بعض الأخبار منفردا، و سمع بعضها مع علي (9)، و السند صحيح.
ص: 65
و في العدّة كالصحيح، و جعل فيه الصحابة مدحا لعليّ (1)، و هو كذلك خصوصا علي ما ذكرناه في أحمد بن محمّد بن مطهر (2)، مع أن الظاهر عدم انفراده فيما يرويه، و يروي عنه إبراهيم بن هاشم (3)، و محمّد بن خالد (4)، و محمّد بن سهل (5).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن حماد ابن عثمان، عنه (6).
و السند في أعلي درجة الصحة.
و إدريس هذا هو: ابن عبد اللّه بن سعد الأشعري، الذي وثّقه الشيخ (7) و النجاشي (8)، و يروي عنه حمّاد بن عثمان (9) - من أصحاب الإجماع- و سعد بن سعد (10)، و هو والد أبي جرير القمّي زكريا.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عنه (11).
ص: 66
و ليس في السند من يتوقّف فيه إلّا محمّد بن سنان، المختلف فيه غاية الاختلاف، حتّي من شخص واحد.
هذا الشيخ المفيد (رحمه اللّه) جعله في الإرشاد من خاصّة الكاظم (عليه السلام) و من ثقاته، و من أهل الورع و الفقه و العلم من شيعته (1)، و جعله مطعونا فيه في رسالته في الرد علي أصحاب العدد (2).
و هذا شيخ الطائفة، ضعّفه في الفهرست (3) و الرجال (4)، و في الاستبصار في باب لزوم المهر المسمّي بالدخول (5).
و قال في كتاب الغيبة: فصل في ذكر طرف من أخبار السفراء الذين كانوا في حال الغيبة، و قبل ذكر من كان سفيرا في حال الغيبة، فذكر طرفا من أخبار من كان يختص بكلّ إمام، و يتولي له الأمر علي وجه الإيجاز، و نذكر من كان ممدوحا منهم، حسن الطريقة، و من كان مذموما سي ء المذهب، ليعرف الحال في ذلك.
قال (رحمه اللّه): فمن الممدوحين: حمران بن أعين. إلي أن قال:
و منهم علي ما رواه أبو طالب القمي، قال: دخلت علي أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) في آخر عمره، فسمعته يقول: جزي اللّه صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان، و زكريا بن آدم، و سعد بن سعد عنّي خيرا، فقد وفوا لي.
إلي أن قال: و أمّا محمّد بن سنان، فإنه روي عن علي بن الحسين بن داود، قال:
سمعت أبا جعفر الثاني (عليه السّلام) يذكر محمّد بن سنان بخير، و يقول:4.
ص: 67
رضي اللّه عنه برضائي عنه، فما خالفني و ما خالف أبي قطّ (1).
و هذا العلامة قال في الخلاصة بعد نقل تضعيفه عن جماعة: و الوجه عندي التوقف فيما يرويه (2).
و قال في المختلف في مسألة تحديد نشر الرضاع بالعشر بعد نقل رواية الفضيل بن يسار و الاحتجاج بها لما اختاره من النشر: لا يقال في طريقها محمّد ابن سنان، و فيه قول، لأنّا قد بيّنا رجحان العمل برواية محمّد بن سنان في كتاب الرجال (3)، و لعلّه كتابه الآخر غير الخلاصة.
و بالجملة فنقل كلماتهم و ما فيها يحتاج إلي بسط لا يقتضيه الكتاب، إلّا أنه عندنا من عمدة الثقات، و أجلّه الرواة، تبعا للمحققين و نقّاد المحصلين، فنشير إجمالا إلي أسباب مدحه، و نردفه بخلاصة ما جعلوه من أسباب جرحه، و من أراد التفصيل فعليه برجال السيد الأجل بحر العلوم.
أمّا الأولي فهي أمور:
أ- ما ورد فيه من التزكية و الثناء الكامل، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) كما مرّ عن غيبة الشيخ (4).
و قال السيد علي بن طاوس في مفتتح كتاب فلاح السائل: سمعت من يذكر طعنا علي محمّد بن سنان، و لعلّه لم يقف إلّا علي الطعن، و لم يقف علي تزكيته و الثناء عليه، و كذلك يحتمل أكثر الطعون (5).
ثم أشار إلي طعن الشيخ المفيد عليه في الرسالة (6)، و قال: علي أن0.
ص: 68
المشهور من السادة (عليهم السّلام) من الوصف لهذا الرجل، خلاف ما به شيخنا أتاه و وصفه، و الظاهر من القول ضد ماله به ذكر- ثم نقل خبر عبد اللّه ابن الصلت- ثم قال: هذا مع جلالته في الشيعة، و علوّ شأنه و رئاسته، و عظم قدره، و لقائه من الأئمة (عليهم السّلام) ثلاثة، و روي عنهم، منهم أبو إبراهيم موسي بن جعفر، و أبو الحسن علي بن موسي، و أبو جعفر محمّد بن علي (عليهم السّلام) (1). إلي آخره.
و روي الكشي: عن محمّد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمّد، قال: حدثني أحمد بن محمّد، عن رجل، عن علي بن الحسين بن داود القمي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يذكر صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان بخير، و قال: رضي اللّه عنهما، فما خالفاني و لا خالفا أبي قطّ (2).
و عن محمّد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد اللّه القمي، قال:
حدثني أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عيسي، عن رجل، عن علي بن الحسين ابن داود القمي قال: سمعت أبا جعفر الثاني (عليه السّلام) في آخر عمره، فسمعته يقول: جزي اللّه صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان، و زكريا بن آدم عني خيرا، فقد وفوا لي، و لم يذكر سعد بن سعد [قال]: فخرجت فلقيت موفّقا، فقلت له: إن مولاي ذكر صفوان، و محمّد بن سنان، و زكريا بن آدم، و جزاهم خيرا، و لم يذكر سعد بن سعد.
قال: فعدت إليه، فقال: جزي اللّه صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان، و زكريا بن آدم، و سعد بن سعد خيرا، فقد وفوا لي (3).ظ.
ص: 69
و عن محمّد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن هلال، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع: أن أبا جعفر الثاني (عليه السّلام) كان يخبرني بلعن صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان، فقال: إنّهما خالفا أمري فلما كان من قابل قال أبو جعفر لمحمّد بن سهل البحراني: تولّ صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان، فقد رضيت عنهما (1).
و منه يظهر الجواب عمّا رواه فيه: عن محمّد بن مسعود، عن علي بن محمّد القمي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي القمّي، قال: بعث إليّ أبو جعفر (عليه السّلام) غلامه و معه كتاب، فأمرني أن أسير إليه، فأتيته و هو بالمدينة، نازل في دار بزيع، فدخلت عليه و سلّمت عليه، فذكر في صفوان، و محمّد بن سنان، و غيرهما، ما قد سمعه غير واحد، فقلت في نفسي: أستعطفه علي زكريا بن آدم، لعلّه أن يسلم ممّا قال في هؤلاء (2)، الخبر.
مع أن اقترانه مع صفوان، الذي لم يطعن عليه بشي ء، من أوضح الشواهد، من أن المراد بالمخالفة، فعل الصغيرة الغير المنافية للعدالة، فالمراد بعدمها في خبر ابن داود القمّي انتفاء المخالفة بعد توبته، و تجدد الرضا عنه، و أنّ اللعن محمول علي الإبعاد لمصلحة كما ورد مثله في كثير من الأعاظم.
و الظاهر من الشيخ في الغيبة (3)، و السيد في الفلاح (4)، أخذ خبر المدح من كتاب أبي طالب القمّي، و طريقه إليه صحيح في الفهرست (5)، فلا يضرّ0.
ص: 70
ضعف طريق الكشي (1)، مضافا إلي ما ذكره السيد الأجل: من أن الأخبار المذكورة لا تقصر عن خبر واحد صحيح، فإنّها روايات متعددة مشهورة، ذكرها الكشي، و المفيد- في كتاب الاختصاص (2) - [و الشيخ] (3) و اعتمد عليها الشيخان في مدح محمّد بن سنان، و نصّ المفيد علي كونها مشهورة في النقل، و في كلام الكشي ما يؤذن بذلك، حيث أجاب عمّا ورد من الطعن علي الفضل ابن شاذان، بأن ذلك قد تعقبه الرضا من الإمام، كما في صفوان و محمّد بن سنان (4)، و لولا اشتهار الحديث الوارد فيهما، و اعتباره عند الأصحاب، لما حسن التنظير بهما (5).
ب- إكثار جماهير الأجلّاء من الرواية عنه: كالحسن بن محبوب، و هو من أصحاب الإجماع، في التهذيب في باب تلقين المحتضرين (6)، و باب القضاء في الديات (7).
و يونس بن عبد الرحمن، و هو مثله صرّح به في الكشي (8)، و في باب الوقوف و الصدقات من التهذيب (9).
و صفوان بن يحيي، الذي لا يروي إلّا عن ثقة، في التهذيب في باب8.
ص: 71
فضل الصلاة من أبواب الزيادات (1)، و في باب الغرر و المجازفة (2)، و في باب قضاء شهر رمضان (3).
و الحسن بن فضّال، فيه في باب علامة شهر رمضان (4)، و هما أيضا من أصحاب الإجماع.
و أحمد بن محمّد بن عيسي (5)، و أيوب بن نوح (6)، و الحسن بن سعيد (7)، و الحسن بن علي بن يقطين (8)، و الحسين بن سعيد (9)، و العباس بن معروف (10)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (11)، و عبد اللّه بن الصلت (12)، و الفضل ابن شاذان (13)، و محمّد بن إسماعيل بن بزيع (14)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (15)، و محمّد بن عبد الجبار (16)، و موسي بن القاسم (17)، و يعقوب بن0.
ص: 72
يزيد (1)، و إبراهيم بن هاشم (2)، و أحمد بن محمّد بن خالد (3)، و الحسن بن الحسين اللؤلؤي (4)، و شاذان بن الخليل والد الفضل (5)، و علي بن أسباط (6)، و علي بن الحكم (7).
و محمّد بن أحمد بن يحيي (8)، و لم يستثنه القميّون من نوادره (9)، و محمّد ابن خالد البرقي (10)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (11)، و الحسن بن موسي (12)، و حمزة بن يعلي الأشعري (13)، و عمرو بن عثمان الثقفي (14)، و الحسن بن علي بن يوسف، المعروف بابن بقاح (15)، و موسي بن عمر بن يزيد (16).
و علي بن النعمان (17)، الذي قالوا فيه: كان ثقة وجها ثبتا صحيحا، واضح الطريقة (18)، و محمّد بن يحيي (19)، و الحسن بن علي3.
ص: 73
الوشاء (1)، و أحمد بن عمر (2).
و عبد الرحمن بن الحجاج (3)، أستاذ صفوان، كما صرّح به الفاضل الأردبيلي في جامع الرواة (4)، و العالم النبيل السيد حسين القزويني في مشتركاته (5).
و إسماعيل بن محمّد (6)، و الظاهر أنه المكي الجليل الملقب بقنبرة (7).
و يروي عنه جماعة من أرباب الكتب، رموا بعضهم بالضعف الغير الثابت عندنا، و سكتوا عن آخرين، و وجدناهم ممدوحين، تركناهم لعدم الحاجة.
و رواية هؤلاء عن أحد، من أتقن أسباب استفادة الوثاقة، كما سنشرحه إن شاء اللّه تعالي، و قال في الجامع بعد ذكر هؤلاء و غيرهم، و مواضع رواياتهم عنه:
أقول: لا يخفي أن رواية جمع كثير من العدول و الثقات عنه علي ما ذكرناه، تدلّ علي حسن حاله، و ما نقل الميرزا محمّد (رحمه اللّه) عن الخلاصة (8)، أنه قال قبل موته: كلّ ما حدثتكم به لم يكن لي سماعا و لا رواية، و إنّما وجدته (9). إلي آخره، لو كان واقعا، كيف لم يطّلع هؤلاء العدول9.
ص: 74
و الثقات عليه (1)؟
و قال السيد الأجل، بعد ذكر جملة ممّن روي عنه من هؤلاء: أروي الناس عنه: محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب- و قد قال النجاشي فيه: جليل من أصحابنا، عظيم القدر، كثير الرواية، ثقة عين، حسن التصانيف، مسكون إلي روايته (2) - و كذا أحمد بن محمّد بن عيسي الأشعري، مع ما علم من تحفّظه في النقل، و السرعة إلي القدح، و نفيه الأجلّاء بتهمة الغلو و الرواية عن الضعفاء، و كتب الحديث مشحونة برواية محمّد بن سنان، قد رواها جميع أصحابنا الكوفيين و القميين.
و أورده صاحب نوادر الحكمة، و لم يستثنها محمّد بن الحسن بن الوليد و أتباعه منه.
و ملأ بها ثقة الإسلام الكليني (قدّس اللّه سرّه) جامعه الكافي، أصولا و فروعا، و نقلها رئيس المحدثين الصدوق في كتابه الذي ضمن أن لا يورد فيه إلّا ما هو حجّة بينه و بين ربّه.
و ذكر في المشيخة، أن ما يرويه عنه، فقد رواه عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عنه (3).
و أكثر الشيخ في كتابيه من الرواية عنه، و روي في الفهرست (4) كتبه عن جماعة- و منهم المفيد-: عن الصدوق، عن أبيه و محمّد بن الحسن، عن سعدظ.
ص: 75
بن عبد اللّه و الحميري و محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد، عنه (1).
و ذكر الشيخ الثقة الجليل أبو غالب أحمد بن محمّد بن سليمان الزراري في رسالته إلي ولد ولده أحمد بن عبد اللّه بن أحمد، في جملة الكتب التي أوصي بها إليه، و وصّي بحفظها، و أجاز له روايتها، كتابي الطرائف و النوادر من كتب محمّد بن سنان، و قال: حدثني بكتاب محمّد بن سنان [الطرائف] (2) جدّي محمّد بن سليمان، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان.
و حدثني بكتاب النوادر أبو الحسن محمّد بن محمّد بن المغازي، عن جدّي محمّد بن سليمان، عن محمّد بن الحسين، قال: و هو بخطّ جدّي أبي طاهر (3).
و إطباق هؤلاء العلماء العدول علي الرواية عنه، و الاعتناء بأخباره، و تدوينها في الكتب الموضوعة للعمل، كاشف عن حسن حاله، و قبول رواياته (4).
ج- ظهور معجزات أبي جعفر (عليه السّلام) فيه، بعود بصره بعد ذهابه ببركة دعائه، كما رواه الكشي (5)، و ضعف سنده لا يضرّ، لأن عود بصر2.
ص: 76
مثل محمّد بن سنان المعروف المشهور بين الأصحاب بعد ذهابه لو لم يكن صدقا و حقّا لما ذكره في كتابه، و لما أبقاه الشيخ في اختياره.
و وكالته لهم كما نصّ عليه الشيخ في الغيبة (1)، و حاشاهم (عليهم السّلام) ان يوكّلوا الفاسق و الغالي و الكذّاب في أمورهم، و لقائه أربعة منهم (عليهم السّلام) و اختصاصه بهم، و كثرة رواياته في الفروع و الأصول و سلامتها عن الغلوّ و التخليط.
و روايته النصّ الصريح علي الرضا و الجواد (عليهما السّلام) و اقتران نصّه بالإعجاز، بناء علي ما هو الظاهر من إظهاره له قبل أن يولد الجواد (عليه السّلام).
و سلامة مذهبه من الوقف، و من فتنة الواقفة التي أصابت كثيرا من الشيعة، فمنهم من بقي عليه: كالبطائني و أتباعه، و منهم من وقف ثم رجع:
كالبزنطي، و الوشاء، و جميل، و حمّاد، و رفاعة، و عبد الرحمن بن الحجاج، و يونس بن يعقوب، و غيرهم من الأعاظم، و ما ذلك إلّا لدعاء الكاظم (عليه السّلام) له بالتثبت، علي ما رواه ثقة الإسلام في الكافي (2)، و المفيد في الإرشاد (3)، و الكشي في رجاله، بأسانيد متعددة عنه و اللفظ للأول:
قال: دخلت علي أبي الحسن موسي (عليه السّلام) من قبل أن يقدم العراق لسنة، و علي (عليه السّلام) ابنه جالس بين يديه، فنظر إليّ فقال: يا محمّد، أما أنّه سيكون في هذه السنة حركة، فلا تجزع لذلك، قال: قلت:
و ما يكون جعلت فداك، فقد أقلقني ما ذكرت؟ فقال: أصير إلي الطاغية، أما7.
ص: 77
إنّه لا يبدؤني منه سوء، و من الذي بعده، قال: قلت: و ما يكون جعلت فداك؟
قال: يضلّ اللّه الظالمين و يفعل ما يشاء، قال: قلت: و ما ذاك جعلت فداك؟ قال: من ظلم ابني هذا حقّه و جحده إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب (عليه السّلام) حقّه و جحده إمامته بعد رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله).
قال: قلت: و اللّه لئن مدّ اللّه في العمر لأسلمن له حقّه، و لأقرّن له بإمامته، قال: صدقت يا محمّد، يمد اللّه في عمرك، و تسلّم له حقّه، و تقرّ له بإمامته و إمامة من يكون من بعده، قال: قلت: و من ذاك؟ قال: محمّد ابنه قال: قلت: الرضا و التسليم (1).
و زاد الكشي بعد التسليم: قال: كذلك قد وجدتك في صحيفة أمير المؤمنين (عليه السّلام) أما انك في شيعتنا أبين من البرق في الليلة الظلماء، ثم قال: يا محمّد، إن المفضل أنسي و مستراحي، و أنت انسهما و مستراحهما (2)، و حرام علي النار أن تمسّك أبدا (3).
و أما وجوه القدح فيه:
فأوّلها: الغلو، نسبه إليه ابن الغضائري (4)، و الكشي في موضع (5)، و ذكر خلافه في موضع (6) آخر.
و الجواب: أنه إن أراد من الغلوّ ما هو معروف عند جمع من القميين، فثبوته لا يضرّ بالعدالة فضلا عن الإيمان، بل ثبوته عند غيرهم من مكمّلاته،3.
ص: 78
كما نص عليه الشيخ المفيد في شرح عقائد الصدوق (1)، و إن أراد منه المعني المعروف عند الأصحاب الذي حكموا بكفر صاحبه و نجاسته و ارتداده و حرمة ذبيحته، ففيه انه يكذّبه:
أوّلا: سلامة رواياته عنه، و صراحتها في اعتقاده بإمامة الأئمة (عليهم السلام) و إثبات الصفات البشرية لهم، و هي أكثر من أن تحصي و ثانيا: رواية هؤلاء الأجلّة عنه و اعتمادهم عليه، و فيهم جمع من القميين الذين هم أشدّ شي ء في هذا الأمر، سيّما أحمد بن محمّد بن عيسي (2)، و محمّد ابن الحسن بن الوليد (3)، و الصدوق (4) (رحمهم اللّه) كما هو معلوم من طريقتهم، بل و مخالطة الفقهاء له، كأحمد بن محمّد بن أبي نصر (5)، و صفوان ابن يحيي (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7)، كما يعلم من تتّبع الأخبار.
و ثالثا: ما في فلاح السائل للسيد علي بن طاوس قال: رويت بإسنادي إلي هارون بن موسي التلعكبري، بإسناده الذي ذكره في أواخر الجزء السادس من كتاب عبد اللّه بن حماد الأنصاري ما هذا لفظه: أبو محمّد هارون بن موسي قال: حدثنا محمّد بن همام قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي قال: قلت لأحمد بن هليل (8) الكرخي: أخبرني عمّا يقال في محمّد بن سنان من أمر الغلوّ؟
فقال: معاذ اللّه هو و اللّه علّمني الطهور، و حبس العيال، و كان متقشّفاي.
ص: 79
متعبّدا (1).
و أمّا ما في الكشي، قال: وجدت بخط أبي عبد اللّه الشاذاني: سمعت العاصمي يقول: إن عبد اللّه بن محمّد بن عيسي الأسدي الملقب ببنان، قال:
كنت مع صفوان بن يحيي بالكوفة في منزلي إذ دخل علينا محمّد بن سنان، فقال صفوان: هذا ابن سنان، لقد همّ أن يطيّر غير مرّة فقصصناه حتي ثبت معنا (2).
فأجاب عنه النجاشي بعد نقله: بأنه يدل علي اضطراب كان و زال (3)، مع انه لم يعلم أنه أراد أيّ درجة من الارتفاع، فلعلّه أراد منه ما هو محظور عنده دون غيره.
و قد روي أيضا بالسند المذكور، قال: كنّا ندخل مسجد الكوفة، و كان ينظر إلينا محمّد بن سنان، و يقول (4): من أراد المضمئلات فإليّ، و من أراد الحلال و الحرام فعليه بالشيخ- يعني صفوان بن يحيي (5) -.
قال العلامة الطباطبائي: المضمئلات: المشكلات، إن حديث أهل البيت (عليهم السّلام) صعب مستصعب (6)، انتهي، و منه يظهر للناظر السبب لسوء الظن به.
و ثانيها: الكذب، نسبه إليه الفضل بن شاذان، علي ما رواه عنه الكشي في رجاله، ففي موضع منه: و ذكر الفضل أنّ من الكذّابين المشهورين ابن2.
ص: 80
سنان، و ليس بعبد اللّه (1).
و في موضع آخر: و ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه، قال:
الكذابون المشهورون: أبو الخطاب، و يونس بن ظبيان، و يزيد الصانع و محمّد ابن سنان، و أبو سمينة أشهرهم (2).
و الجواب: أما أولا: فبأنّ الظاهر اتحاد المراد في الموضعين، و الموجود في أصل كلام الفضل: ابن سنان، و لذا قال: و ليس بعبد اللّه الجليل المعروف، فانحصر في محمّد، فذكره باسمه في الثاني، ثم عيّنه في محمّد بن سنان الزاهري فذكره في ترجمته، فبعد تسليم كونه محمّدا، فمن الجائز أن يكون مراده محمّد ابن سنان أخا عبد اللّه، الذي له روايات في طبّ الأئمة (عليهم السّلام) و لا قرينة علي التعيين، بل هي علي عكسه أدلّ كما ستعرف.
و أمّا ثانيا: فلأن ابن داود قال في رجاله، في ترجمة محمّد بن علي أبو سمينة: في الكشي: كان يرمي بالغلوّ، و ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه:
أن الكذابين المشهورين أربعة: أبو الخطاب، و يونس بن ظبيان، و يزيد الصائغ، و أبو سمينة أشهرهم (3).
و لولا قوله: أربعة لكان من المحتمل سقوط ابن سنان من قلمه، و معه فهو دالّ علي خروج محمّد بن سنان عنهم.
قال السيد الأجل: و لعل النسخ في ذلك كانت مختلفة، أو أن الزيادة في بعضها من الدسّاسين في كتب الفضل (4)، انتهي، و يحتمل الدس في4.
ص: 81
الكشي.
و أمّا ثالثا: فلأن هذه المبالغة العظيمة في محمّد بن سنان و اقترانه مع أبي الخطاب ممّا يكذّبه الوجدان، فإنّ من نظر إلي الأخبار و عرف الرجال يعلم أنه ليس مثلهم، و لا ممّن يقرب منهم، و أنّه علي تقدير الضعف ليس من الكذابين المشهورين، أو ممّن يحرم الرواية عنه- كما يأتي (1) عن الفضل- إن ثبت تحريم الرواية عن الضعفاء، و يكذّبه أيضا رواية الأجلّاء عنه، بل الفضل و أبيه عنه، بل إكثاره، و بذلك ردّ كلامه الكشي بعد نقل كلامه السابق و كلامه الآتي ما لفظه:
و قد روي عنه: الفضل و أبوه، و يونس، و محمّد بن عيسي العبيدي، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، و الحسن و الحسين ابنا سعيد الأهوازيان، و ابنا دندان، و أيوب بن نوح، و غيرهم من العدول و الثقات من أهل العلم (2)، انتهي.
و صريحه التنافي بين النسبة المذكورة و رواية الجماعة عنه، و هذا واضح بحمد اللّه تعالي.
و أمّا رابعا: فيما رواه الكشي عنه: عن أبي الحسن علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري قال: قال أبو محمّد الفضل بن شاذان: ردّوا أحاديث محمّد بن سنان عنّي، و قال: لا أحلّ لكم أن ترووا أحاديث محمّد بن سنان عنّي ما دمت حيّا، و أذن في الرواية بعد موته، قال أبو عمرو: و قد روي عنه [الفضل]9.
ص: 82
و أبوه (1). إلي آخر ما تقدم.
و منه يظهر أن قوله: و أذن. إلي آخره، من تتمة كلام الفضل لا من كلام الكشي (2)، و إلّا لأخره عن قوله: قال أبو عمرو، الذي هو من كلام نفسه، أو لبعض رجاله و الرواة عنه.
و بعض المحققين استظهر من عدم نقل النجاشي هذه الجملة في رجاله، حيث نقل فيه عن الكشي إلي قوله: حيّا، أنه من كلام الكشي لا الفضل، و فيه تأمّل.
و لو كان لما ضرّ بالمقصود، فإن جزم الكشي باستناد الإذن إليه بعد موته يكفي في منافاته، لكون محمّد من الكذابين المشهورين، فإن الموت كما صرّح به السيد الأجل: لا يحلّ محرما و لا يبيح مكروها محظورا (3)، و ما قيل: أن قوله: ما دمت حيّا متعلّق بقوله: لا أحلّ لكم، لا بقوله: أن ترووا، فيكون من باب السالبة بانتفاء الموضوع، لأنه إذا مات انتفي إن كان التحليل غير بعيد، إلّا أنه مناف لقوله: أذن، إن كان من تتمة كلامه، و لما فهمه الكشي منه، إن كان من كلامه، و كذا غيره من الذين عثرنا علي كلماتهم من المحققين، كالاستاذ الأكبر (4)، و المحقق البحراني (5)، و بحر العلوم (6) و غيرهم.7.
ص: 83
و ثالثها: ما رواه الكشي: عن حمدويه، قال: كتبت أحاديث محمّد بن سنان عن أيوب بن نوح، و قال: لا أستحل أن أروي أحاديث محمّد بن سنان (1).
و عن حمدويه بن نصير، أن أيوب بن نوح دفع إليه دفترا فيه أحاديث محمّد بن سنان، فقال لنا: إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، فإني كتبت عن محمّد بن سنان و لكن لا أروي لكم عنه شيئا، فإنه قال قبل موته: كلّ ما حدثتكم به لم يكن لي سماعا و لا رواية إنّما وجدته (2).
و الظاهر أنّ علة عدم الاستحلال في النقل الأول هي كون أخباره و جادة بقرينة الثاني.
فالجواب: أما أولا: فبأنّ اعتبار الوجادة و عدمه من المسائل الفرعية المختلف فيها، ذهب إلي الأوّل جماعة منا، فالقول به و ابتناء العمل عليه ليس من الصغائر فضلا عمّا فوقها.
و قال السيد الأجلّ في رجاله: و الظاهر اعتبار الوجادة إن كان الكتاب معروف الانتساب إلي مؤلّفه (3)، و قد مرّ بعض الكلام فيه في الفائدة الثالثة (4).
و ثانيا: أنّ لمحمّد بن سنان أخبار لا تحصي مشافهة عن الأئمة (عليهم السّلام) و هي غير داخلة في هذه الكليّة قطعا.
و ثالثا: أنّ له روايات كثيرة مشافهة و سماعا عن أصحابهم (عليهم السّلام) لا يمكن دخولها أيضا في هذه الكلية، قال السيد الأجل: و حمل كلامه.ي.
ص: 84
علي إرادة نفي العموم دون عموم النفي في غاية البعد (1).
و رابعا: أنه كيف حرّم الرواية عنه مع روايته عنه، ففي الكافي في باب أن المؤمن كفو المؤمنة: عدّة من أصحابنا، عن علي بن الحسن بن صالح الحلبي، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن سنان، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (2). الخبر.
و في التهذيب في باب تلقين المحتضرين: أخبرني أحمد بن عبدون، عن علي بن محمّد بن الزبير القرشي، عن علي بن الحسن بن فضّال، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن عجلان، قال: سمعت صادقا يصدق علي اللّه- يعني أبا عبد اللّه (عليه السّلام)- قال: إذا جئت بالميت (3). الخبر.
و خامسا: أنه لو كان صدوقا قادحا كيف خفي علي الفقهاء الأجلّة من نقدة الرواة الذين أخذوا عنه مثل: ابن محبوب (4)، و صفوان (5)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (6)، و ابن فضال (7)، و أضرابهم، و تفرّد به أيوب بن نوح (8).
و سادسا: ما أشار إليه السيد الأجل في رجاله، من أن الكلام المنقول عن أيوب بن نوح هنا متدافع، فإن حمدويه بن نصير حكي عنه أنه دفع إليه.
إلي آخر ما مرّ، و علّل الامتناع بما حكاه عنه، و التدافع في ذلك ظاهر، فإن دفع9.
ص: 85
الدفتر الذي أخرجه إلي حمدويه و قوله: إذا شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، صريح في الرخصة، و قول حمدويه في روايته الأخري: كتبت أحاديث محمّد بن سنان عن أيوب بن نوح، واضح الدلالة علي روايته له أحاديث ابن سنان.
فلو كانت الرواية محرّمة غير جائزة كما ذكره لم يستقم ذلك، و ظني أن الرجل قد أصابته آفة الشهرة، فغمض عليه بعض من عانده و عاداه بالأسباب القادحة من الغلوّ و الكذب و نحوهما، حتي شاع ذلك بين الناس و اشتهر، و لم يستطع الأعاظم الذين رووا عنه، كالفضل بن شاذان، و أيوب بن نوح، و نحوهما، دفع ذلك عنه، فحاولوا بما قالوا رفع الشنعة عن أنفسهم، كما يشهد به صدور هذه الكلمات المتدافعة عنهم.
ثم سري ذلك إلي المتأخرين الذين هم أئمة الفن، مثل الكشي، و النجاشي، و المفيد، و الشيخ، و ابن شهرآشوب، و السيدين الجليلين ابني طاوس، و العلامة، و ابن داود، و غيرهم، فضعفه طائفة، و وثقه أخري (1)، و اضطرب آخرون، فاختلفت كلمتهم فيه كما علمت ذلك مما نقلناه عنهم مفصّلا، و في أقل من هذا الاختلاف و الاضطراب ما يمنع التعويل و الاعتماد علي ما قالوه، فبقيت الوجوه التي ذكرناها أوّلا سالمة عن المعارض، و عاد المدح من بعضهم عاضدا و مؤيدا لها، و استبان من الجميع أن الأصحّ توثيق محمّد بن سنان.
و من طريف ما اتفق لبعض العارفين، أنه تفأل لاستعلام حال محمّد بن سنان من الكتاب العزيز فكان ما وقع عليه النظر قوله تعالي: إِنَّمٰا يَخْشَي اللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ الْعُلَمٰاءُ (2)، و اللّه أعلم بأسرار عباده (3).7.
ص: 86
تنبيه طريف: من ألطاف اللّه المنان بمحمّد بن سنان أن جعل عموديه ممّن يفتخر بهم في الدين.
أمّا الآباء فهو كما في النجاشي: أبو جعفر الزاهري، من ولد زاهر مولي عمرو بن الحمق الخزاعي، ثم نقل عن ابن عيّاش أنه محمّد بن الحسن بن سنان مولي زاهر، مات أبو الحسن و هو طفل، و كفله جدّه سنان فنسب إليه (1).
و الظاهر أن قوله (2): مولي زاهر، سهو، و الصواب: ابن زاهر أو ولده، كما نصّ عليه النجاشي، و زاهر مولي عمرو من شهداء الطف، ففي الزيارة التي خرجت من الناحية المقدسة للشهداء (رضوان اللّه عليهم): السلام علي زاهر مولي عمرو بن الحمق الخزاعي.
و قال ابن شهرآشوب في المناقب: المقتولون من أصحاب الحسين (عليه السلام) في الحملة الأولي: نعيم بن عجلان. إلي أن قال: و زاهر بن عمرو مولي ابن الحمق (3)، كذا في النسخ، و يحتمل أن يكون مقلوبا، و الأصل: زاهر مولي عمرو بن الحمق.
و في الزيارة الرجبيّة المروية في مصباح السيد أيضا: السلام علي زاهر مولي عمرو بن الحمق (4).
و قال الحبر الخبير القاضي نعمان المصري في الجزء السادس من كتاب شرح الأخبار: و ممّن كان مع علي (عليه السّلام) من أصحاب النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) من مهاجري العرب و التابعين الذين أوجب لهم رسول اللّه (صلّي اللّه1.
ص: 87
عليه و آله) الجنّة و سمّاهم بذلك: عمرو بن الحمق الخزاعي، بقي بعد عليّ (عليه السّلام) فطلبه معاوية، فهرب منه نحو الجزيرة و معه رجل من أصحاب علي (عليه السّلام) يقال له: زاهر، فلما نزل الوادي نهش عمروا حيّة في جوف الليل فأصبح منتفخا، فقال: يا زاهر تنحّ عني فإن حبيبي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قد أخبرني: أنه سيشرك في دمي الجنّ و الإنس، و لا بدّ لي من أن أقتل، فبينا هما كذلك إذ رأيا نواصي الخيل في طلبه، فقال: يا زاهر تغيّب، فإذا قتلت فإنّهم سوف يأخذون رأسي، فإذا انصرفوا فاخرج إلي جسدي فواره.
قال زاهر: لا، بل أنثر نبلي ثم أرميهم به، فإذا فنيت نبلي قتلت معك، قال: لا، بل تفعل ما سألتك به، ينفعك اللّه به، فاختفي زاهر، و أتي القوم فقتلوا عمروا و اجتزوا رأسه فحملوه، فكان أوّل رأس حمل في الإسلام و نصب للناس، فلمّا انصرفوا خرج زاهر فواري جسده، ثم بقي زاهر حتي قتل مع الحسين (عليه السّلام) بالطف (1)، انتهي.
فظهر أن زاهر كان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) و من شهداء الطف، فأحري بمحمّد بن سنان أن ينسب إليه، و يقال: أبو جعفر الزاهري.
و في بعض أسانيد طبّ الأئمة (عليهم السّلام): محمّد بن سنان بن عبد اللّه السناني الزاهري (2). إلي آخره.
و بعد ملاحظة ما في النجاشي و غيره يكون نسبه هكذا: محمّد بن الحسن ابن سنان بن عبد اللّه بن زاهر، المقتول في الطف.
و أمّا الأبناء: ففيهم جملة من الرواة، منهم: أبو عيسي محمّد بن أحمد بن محمّد بن سنان، المشتهر بمحمّد بن أحمد السناني، من مشايخ الصدوق، و قد9.
ص: 88
أكثر من الرواية عنه مترحما مترضيا (1)، و يروي عنه أبو عبد اللّه بن عيّاش كما في النجاشي في ترجمة جدّه محمّد (2).
و أبوه أحمد، يروي عنه ابنه محمّد، و سعد بن عبد اللّه، و الحميري، و محمّد ابن يحيي الأشعري كما في الفهرست (3).
و محمّد بن خالد السناني من مشايخ الصدوق (4).
و عبد اللّه بن محمّد بن سنان، في كامل الزيارات: حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة، عن عبد اللّه بن محمّد بن سنان، عن عبد اللّه بن القاسم ابن الحارث (5). إلي آخره.
و في الإقبال: عن محمّد بن علي الطرازي في كتابه، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن عباس (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن سهل المعروف بابن أبي الغريب الضبي، قال: حدثنا الحسن بن محمّد بن جمهور، قال:
حدثني محمّد بن الحسين الصانع، عن محمّد بن الحسين الزاهري- من ولد زاهر مولي عمرو بن الحمق، و زاهر الشهيد بالطف- عن عبد اللّه بن مسكان (6).
إلي آخره.
و لم أعثر علي محمّد في غير هذا الموضع، و يحتمل أن يكون الأصل:
محمّد بن الحسن، و المراد محمّد بن سنان، نسب في هذا الموضع إلي أبيه، و اللّه العالم.3.
ص: 89
و أمّا إدريس بن هلال، فغير مذكور في الرجال، و يظهر من الفقيه في باب ما يجب علي من أفطر أو جامع في شهر رمضان أنه من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (1) فغير بعيد أن يكون من الأربعة آلاف الذين وثّقهم ابن عقدة من أصحابه (عليه السّلام).
و في شرح المشيخة يظهر من المصنف أن كتابه معتمد الأصحاب (2).
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان، عنه (3).
و علي بن إسماعيل هو: علي بن السندي، و السندي لقب إسماعيل الذي نقل توثيقه الكشي عن نصر (4).
و يروي عنه من في طبقة الحميري، مثل محمّد بن أحمد بن يحيي في التهذيب في باب حكم الجنابة (5)، و باب التيمم (6)، و باب تطهير الثياب (7)، و غيرها.
و محمّد بن يحيي العطار في التهذيب (8)، و في الكافي في أبواب كثيرة (9).
و سعد بن عبد اللّه، عنه، عن صفوان في الكافي (10)، في باب أحكام
ص: 90
فوائت الصلاة (1)، و في باب الخمس و الغنائم (2)، و غيرها.
و محمّد بن الحسن الصفار، عنه، عن صفوان، فيه (3) في باب الأئمة (عليهم السّلام) في العلم و الشجاعة و الطاعة (4). إلي آخره.
و في الفهرست: عنه، عن صفوان في ترجمة بسطام الزيات (5)، و ترجمة كليب بن معاوية الأسدي (6).
و أحمد بن أبي زاهر، عنه، عن صفوان، في الكافي في باب التفويض إلي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (7) بل يأتي في طريق زرارة بن أعين:
عبد اللّه بن جعفر، عن علي بن إسماعيل بن عيسي (8).
فمن الغريب بعد ذلك، ما [في] شرح التقي المجلسي حيث قال: عن علي ابن إسماعيل، يمكن أن يكون ما ذكرناه آنفا أنه من وجوه من روي الحديث، و القرينة قرابته من إسحاق، و أن يكون علي بن إسماعيل الميثمي الممدوح الملقّب بالسندي، و سيجي ء أحواله عند ترجمته (9)، انتهي.
و فيه مواضع للاشتباه:
أ- احتمال كونه علي بن إسماعيل بن عمّار، فإنه من أصحاب الكاظم1.
ص: 91
(عليه السّلام) (1) و ممّن يروي عنه ابن أبي عمير (2) كثيرا، و جعفر بن بشير (3)، و هما في طبقة صفوان، فكيف يجوز رواية الحميري عنه.
ب- احتمال أنه الميثمي، فإنه ممّن يروي عنه صفوان بن يحيي كما يأتي (4) في طريق الحسين بن سعيد، و في باب الديون من التهذيب (5) و من في طبقته مثل: علي بن مهزيار (6)، و العباس بن معروف (7)، و الحسن بن راشد (8)، و داود بن مهزيار (9)، بل السكوني كما في الكافي في باب ترتيل القرآن (10)، مع أن الميثمي علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم من أصحاب الرضا (عليه السلام) فكيف يروي عنه الحميري؟
ج- جعل السندي لقبا للميثمي، و المعهود بينهم ما ذكرنا فلاحظ.
و أمّا إسحاق: فهو ابن عمّار بن حيّان، أبو يعقوب الصيرفي، من شيوخ أصحابنا الثقات، و من أرباب الأصول المعروفة، و هو كما في النجاشي: و إخوته يونس و يوسف و قيس و إسماعيل في بيت كبير من الشيعة، و ابنا أخيه علي بن0.
ص: 92
إسماعيل، و بشير بن إسماعيل، كانا من وجوه من روي الحديث (1).
و الحقّ الذي لا مرية فيه، أنّه غير مشترك، و غير فطحيّ، بل واحد ثقة إمامي، و كان العلماء منذ بني أمر الحديث علي النظر في آحاد رجال سنده يعتقدون أنه واحد، إلّا أنه فطحي لما ذكره الشيخ في الفهرست من قوله:
إسحاق بن عمار الساباطي، له أصل، و كان فطحيّا، إلّا أنه ثقة (2).
فجعلوا الخبر من جهته موثقا، إلي أن وصلت النوبة إلي شيخنا البهائي فجعله اثنين (3)، إمامي ثقة و هو ما في النجاشي، و فطحي ثقة و هو ما في الفهرست، فصار مشتركا، و احتاج السند إلي الرجوع إلي أسباب التمييز، و تلقوا منه بالقبول كلّ من تأخر عنه، فوقعوا في مضيق تحصيل أسباب التمييز، إلي أن وصلت النوبة إلي المؤيّد السماوي العلامة الطباطبائي (4) (قدّس سرّه) فاستخرج من الخبايا قرائن واضحة جليّة، تشهد بأنه واحد ثقة إمامي، و أن ما في الفهرست من سهو القلم، و عثرنا بعده علي قرائن أخري كذلك، و لو أردنا الدخول في هذا الباب لخرج الكتاب عن وضعه، و لا أظنّ أحدا وقف عليها فاحتمل غير ما ذكرناه، و اللّه وليّ التوفيق.
و أمّا المثني فترجمناه في الفائدة الثانية (1) في شرح حال كتابه، و إسحاق من أرباب الأصول، و ثقة في النجاشي (2) و الخلاصة (3).
أحمد بن الحسن (4) القطان، عن أبي الحسن (5) محمّد ابن صالح، عن عمرو (6) بن خالد المخزومي، عن أبي نباتة [عن] محمّد بن موسي، عن عمارة بن مهاجر، عن أم جعفر و أم محمّد ابنتي محمّد بن جعفر، عن أسماء بنت عميس، و هي جدّتهما.
و عن أحمد بن محمّد بن إسحاق، عن الحسين بن موسي النخاس، عن عثمان بن أبي شيبة، عن عبد اللّه بن موسي، عن إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسين (عليه السّلام)، عن أسماء بنت عميس (7).
و أغلب رجال السندين من العامة، ذكرهم للردّ عليهم (8)، و ذكره
ص: 94
بطرق أخري معتبرة في العلل (1) و غيره، و غيره بأخري (2) لا حاجة إلي نقلها.
الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن سنان، عن المفضل ابن عمر، عنه (3).
و الحسين من مشايخه الذين قد أكثر النقل عنه مترضيا مترحما، حتي قال الأستاذ الأكبر: قال جدي: ترحم عليه عند ذكره أزيد من ألف مرّة فيما رأيت من كتبه (4).
و يروي عنه أيضا الجليل التلعكبري (5)، و الثقة الجليل محمّد بن أحمد ابن داود (6) القمي صاحب المزار.
و أبوه من وجوه الطائفة و فقيهها الثقة الثبت الذي لا مغمز فيه، و مرّ حال ابني هاشم و سنان (7).
و أمّا المفضّل فالكلام فيه طويل، و عند المشهور ضعيف، و عندنا تبعا لجملة من المحققين، من أجلاء الرواة، و ثقات الأئمة الهداة (عليهم السلام)
ص: 95
و يدلّ عليه أمور:
الأول: الأخبار الكثيرة.
منها: ما رواه الصدوق في العيون: عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي اللّه عنه) عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن أبي الحسن (عليه السّلام) أنه قال في حديث: يا محمّد، إن المفضل كان أنسي و مستراحي، و أنت انسهما و مستراحهما- أي الرضا و الجواد (عليهما السلام) (1) -.
و رواه الكشي في رجاله: عن حمدويه، عن الحسن بن موسي، عن محمّد ابن سنان، عنه (عليه السّلام). مثله (2)، و الحسن: أمّا ابن موسي الخشاب، أو النوبختي و كلاهما ثقة، فالسندان صحيحان.
و منها: ما رواه ثقة الإسلام في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن أحمد ابن محمّد، عن ابن سنان- و هو محمّد-، عن أبي حنيفة [سابق] (3) الحاج، قال:
مرّ بنا المفضل و أنا و ختني (4) نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا:
تعالوا إلي المنزل، فأتيناه فأصلح بيننا بأربعمائة درهم، فدفعها إلينا من عنده، حتي إذا استوثق كلّ واحد منّا من صاحبه قال: أمّا أنّها ليست من مالي، و لكنن.
ص: 96
أبو عبد اللّه (عليه السّلام) أمرني إذا تنازع رجلان في شي ء أن أصلح بينهما و أفتديهما من ماله، فهذا من مال أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (1).
و بالإسناد، عن ابن سنان، عن المفضل قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي (2).
قال في التكملة: و هذان الخبران يدلان علي أنه كان وكيلا و أمينا، و أنه كان يمتثل أمره (عليه السّلام) (3).
و عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم، عن يونس بن يعقوب، قال: أمرني أبو عبد اللّه (عليه السّلام) أن آتي المفضل و اعزّيه بإسماعيل (4)، و قال: اقرأ المفضل السّلام و قل له: إنا أصبنا بإسماعيل (5) فصبرنا، فاصبر كما صبرنا، إنّا أردنا أمرا، و أراد اللّه عزّ و جلّ أمرا، فسلّمنا لأمر اللّه عزّ و جلّ (6).
و منها: ما رواه الكشي: عن محمّد بن مسعود، عن عبد اللّه بن خلف، عن علي بن حسّان الواسطي، عن موسي بن بكر (7) قال: سمعت أبا الحسن (عليه السّلام) لما أتاه موت المفضل بن عمر قال: رحمه اللّه كان الوالد بعد الوالد، أما إنّه قد استراح (8).2.
ص: 97
و عن إسحاق بن محمّد البصري، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن بشير الدهان قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) لمحمّد بن كثير الثقفي: ما تقول في المفضل بن عمر؟ قال: ما عسيت أن أقول فيه، لو رأيت في عنقه صليبا و في وسطه كستيجا (1) لعلمت أنه علي الحقّ بعد ما سمعتك تقول فيه ما تقول (2).
قال (رحمه اللّه): لكن حجر بن زائدة و عامر بن جذاعة أتياني فشتماه عندي فقلت لهما: لا تفعلا فإني أهواه، فلم يقبلا، فسألتهما و أخبرتهما أن الكفّ عنه حاجتي، فلم يفعلا، فلا غفر اللّه لهما، أما إنّي لو كرمت عليهما لكرم عليهما من كرم عليّ، و لقد كان كثير عزّة في مودته لها، أصدق منهما في مودّتهما [لي] (3) حيث يقول:
لقد علمت بالغيب أني أخونها إذا هو لم يكرم عليّ كريمها.
أما إنّي لو كرمت عليهما، لكرم عليهما من يكرم عليّ (4).
و رواه عن نصر بن الصباح، عن أبي يعقوب بن محمّد البصري، عن محمّد بن سنان، عن بشير النبال. مثله، و فيه محمّد بن كثير (5) الثقفي (6).
و رواه ثقة الإسلام في الروضة: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمّد بن4.
ص: 98
يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان قال: قلت للصادق (عليه السّلام): ألا تنهي هذين الرجلين عن هذا الرجل، فقال: من هذا الرجل و من هذين الرجلين (1)؟
قلت: ألا تنهي حجر بن زائدة و عامر بن جذاعة عن المفضل بن عمر؟
قال: يا يونس قد سألتهما أن يكفّي عنه فلم يفعلا، فلا غفر اللّه لهما،- و ساق قريبا ممّا مرّ- و في آخره قال: قال (عليه السّلام): لو أحبّاني لأحبّا ما أحبّ (2).
و روي الكشي أيضا: عن علي بن محمّد، قال: حدثني أحمد بن محمّد، عن الحسين بن [سعيد] (3) عن بعض أصحابنا، عن يونس بن ظبيان قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): جعلت فداك، لو كتبت إلي هذين الرجلين بالكفّ عن هذا الرجل، فإنهما له مؤذيان؟ فقال: إذن أعزّيهما به، كان كثير عزّة في مودتها أصدق منهما في مودتي حيث قال:
لقد علمت بالغيب ألا أحبّها إذا هو لم يكرم عليّ كريمها.
أما و اللّه لو كرمت عليهما لكرم عليهم من أقرب و أوقر (4).
و عن علي بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، يرفعه عن عبد اللّه بن الوليد قال: قال لي أبو عبد اللّه (عليه السّلام):
ما تقول في المفضل؟ قلت: و ما عسيت أن أقول فيه بعد ما سمعت منك، قال8.
ص: 99
(رحمه اللّه): لكن عامر بن جذاعة و حجر بن زائدة (1). إلي آخره.
و عن إبراهيم بن محمّد، قال: حدثني سعد بن عبد اللّه القمي، قال:
حدثني أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد، عن أسد بن أبي العلاء، عن هشام بن أحمر، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و أنا أريد أن أسأله عن المفضل بن عمر- و هو في ضيعة في يوم شديد الحر، و العرق يسيل علي صدره- فابتدأني فقال: نعم و اللّه الذي لا إله إلّا هو، المفضل بن عمر الجعفي، حتي أحصيتها نيفا و ثلاثين مرّة يقولها و يكرّرها لي، قال: إنّما هو والد بعد الوالد (2).
و عن نصر بن الصباح رفعه، عن محمّد بن سنان: أن عدّة من أهل الكوفة كتبوا إلي الصادق (عليه السّلام) فقالوا: إن المفضل يجالس الشطار (3)، و أصحاب الحمام، و قوما يشربون شرابا، فينبغي أن تكتب إليه و تأمره أن لا يجالسهم؟ فكتب إلي المفضل كتابا. و ختمه و دفعه إليهم، و أمرهم أن يدفعوا الكتاب من أيديهم إلي يد المفضّل، منهم: زرارة، و عبد اللّه بن بكير، و محمّد ابن مسلم، و أبو بصير، و حجر بن زائدة، و دفعوا الكتاب إلي المفضل ففكّه و قرأ، و إذا فيه: بسم اللّه الرحمن الرحيم: اشتر كذا و كذا، و اشتر كذا، و لم يذكر فيه قليلا و لا كثيرا ممّا قالوا فيه، فلما قرأ الكتاب دفعه إلي زرارة، و إلي محمّد بن مسلم، حتي دار الكتاب إلي الكلّ.
فقال المفضل: ما تقولون؟ قالوا: هذا مال عظيم، حتي ننظر فيه و نجمع و نحمل إليك ثم تدرك الانزال بعد نظر في ذلك، و أرادوا الانصراف.ر.
ص: 100
فقال المفضل: تغدّوا عندي، فحبسهم (1) لغدائه، و وجّه المفضل إلي أصحابه الذين سعوا بهم، فجاؤا فقرأ عليهم كتاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فرجعوا من عنده، و حبس المفضل هؤلاء ليتغدوا عنده، فرجع الفتيان، و حمل كلّ واحد منهم علي قدر قدرته ألفا و ألفين و أكثر، فحضروا و أحضروا ألفي دينار و عشرة آلاف درهم قبل أن يفرغ هؤلاء من الغداء، فقال لهم المفضل: تأمروني أن أطرد هؤلاء من عندي، تظنون أن اللّه تعالي محتاج إلي صلواتكم و صومكم.
و عن نصر بن الصباح، عن ابن أبي عمير، بإسناده أنّ الشيعة حين أحدث أبو الخطاب ما أحدث، خرجوا إلي أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، فقالوا له: أقم لنا رجلا نفزع إليه من أمر ديننا و ما نحتاج إليه من الأحكام، قال: لا تحتاجون إلي ذلك، متي احتاج أحدكم يخرج إليّ و يسمع منّي و ينصرف، فقالوا: لا بدّ، فقال: قد أقمت عليكم المفضل، اسمعوا منه و أقبلوا عنه، فإنه لا يقول علي اللّه و عليّ إلّا الحق.
فلم يأت عليه كثير شي ء حتي شنعوا عليه و علي أصحابه، و قالوا:
أصحابه لا يصلّون و يشربون النبيذ، و هم أصحاب الحمام، و يقطعون الطريق، و مفضل يقربهم و يدنيهم (2).
و عن حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمّد بن عيسي، عن محمّد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن محمّد بن حبيب، قال: حدثني بعض أصحابنا من كان عند أبي الحسن الثاني (عليه السّلام) جالسا، فلما نهضوا قال لهم:
ألقوا أبا جعفر (عليه السّلام) فسلّموا عليه و أحدثوا به عهدا، فلما نهض القوم التفت إليّ و قال: يرحم اللّه المفضل، إن كان ليكتفي بدون هذا (3).3.
ص: 101
و رواه الشيخ المفيد في الإرشاد، عن جعفر بن محمّد بن قولويه، عن الكليني (1)، عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يحيي بن حبيب الزيات، قال: أخبرني من كان عند أبي الحسن الرضا (عليه السّلام). و ذكر مثله (2).
و عن محمّد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن البرقي، عن عثمان بن عيسي، عن خالد بن نجيح الجوّان، قال: قال لي أبو الحسن (عليه السّلام): ما يقولون في المفضل بن عمر؟ قلت: يقولون فيه هيئة (3) يهوديّا أو نصرانيا و هو يقوم بأمر صاحبكم.
قال: ويلهم ما أخبث ما أنزلوه، ما عندي كذلك و مالي فيهم مثله (4).
و عن علي بن محمّد، قال: حدثني سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن موسي بن بكر، قال: كنت في خدمة أبي الحسن (عليه السّلام) و لم أكن أري شيئا يصل إليه إلّا من ناحية المفضل بن عمر، و لربّما رأيت الرجل يجي ء بالشي ء فلا يقبله منه، و يقول: أوصله إلي المفضل (5).
و عن علي بن محمّد، قال: حدثني محمّد بن أحمد [عن أحمد] (6) بن كليب، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، قال: قد بلغ من شفقة المفضل أنه كان يشتري لأبي الحسن (عليه السّلام) الحيتان، فيأخذ رؤوسها و يبيعها،ه.
ص: 102
فيشتري بها حيتانا شفقة عليه (1).
و عن نصر بن الصباح، قال: حدثني إسحاق بن محمّد بن البصري، قال:
حدثني الحسن بن علي بن يقطين، عن عيسي بن سليمان، عن أبي إبراهيم (عليه السّلام) قال: قلت: جعلني اللّه فداك، خلّفت مولاك المفضل عليلا فلو دعوت اللّه له، قال: رحم اللّه المفضل قد استراح، قال: فخرجت إلي أصحابنا فقلت: قد و اللّه مات المفضّل، قال: ثم دخلت الكوفة فإذا هو قد مات قبل ذلك بثلاثة أيام (2).
و عن حمدويه، عن الحسن بن موسي، عن عليّ بن حسّان اواسطي الخزّاز، قال: حدثني علي بن الحسن (3) العبيدي، قال: كتب أبو عبد اللّه (عليه السّلام) إلي المفضل بن عمر الجعفي- حين مضي عبد اللّه بن أبي يعفور-: يا مفضل عهدت إليك عهدي كان إلي عبد اللّه بن أبي يعفور (صلوات اللّه عليه) (4) فمضي (صلوات اللّه عليه) (5) موفيا للّه عزّ و جلّ و لرسوله و لإمامه بالعهد المعهود للّه، و قبض (صلوات اللّه علي روحه) محمود الأثر، مشكور السعي، مغفورا له، مرحوما برضي اللّه و رسوله و إمامه عنه، بولادتي من رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) ما كان في عصرنا أحد أطوع للّه و لرسوله و لإمامه منه.
فما زال كذلك حتي قبضه اللّه إليه برحمته، و صيّره إلي جنّته، مساكنا فيها مع رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) أنزله اللّه».
ص: 103
بين المسكنين، مسكن محمّد و أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما) و إن كانت المساكن واحدة (و الدرجات واحدة) فزاده اللّه رضي من عنده، و مغفرة من فضله برضائي عنه (1).
و منها ما رواه شيخ الطائفة في كتاب الغيبة: عن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري، عن البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد [عن] (2) أسد بن أبي العلاء، عن هشام بن [أحمر] (3) قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و أنا أريد أن أسأله عن المفضل بن عمر، و هو في مصنعة (4) له في يوم شديد الحر، و العرق يسيل علي صدره، فابتدأني فقال: نعم و اللّه الذي لا إله إلّا هو الرجل المفضل بن عمر، نعم و اللّه الذي لا إله إلّا هو الرجل المفضل بن عمر الجعفي، حتي أحصيت بضعا و ثلاثين مرّة يقولها و يكرّرها، و قال: إنّما هو والد بعد والد (5).
و الظاهر أنه أخذ الخبر من غير كتاب الكشي للاختلاف في مواضع متنا و سندا.7.
ص: 104
و رواه محمّد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات، عن أحمد بن محمّد (1) إلي آخر الخبر متنا و سندا، و في بعض النسخ: في ضيعة له كما في الكشي (2).
و قال: روي عن هشام بن أحمر، قال: حملت إلي أبي إبراهيم (عليه السّلام) إلي المدينة أموالا، فقال: ردّها فادفعها إلي المفضل بن عمر، فرددتها إلي جعفي، فحططتها علي باب المفضل (3).
و عن موسي بن بكر، قال: كنت في خدمة أبي الحسن (عليه السّلام) فلم أكن أري شيئا يصل إليه إلّا من ناحية المفضل، و لربّما رأيت الرجل يجي ء بشي ء فلا يقبله منه، و يقول: أوصله إلي المفضل (4).
و الظاهر أنه أخذ الخبر من كتاب موسي، و طريقه إليه صحيح في الفهرست (5).
و منها ما رواه الشيخ المفيد في كتاب الاختصاص: عن محمّد بن علي،- يعني الصدوق- عن [محمّد بن] (6) موسي بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسي، عن أبي أحمد الأزدي- يعني ابن أبي عمير- عن عبد اللّه بن الفضل الهاشمي، قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) إذ دخل المفضل بن عمر، فلما بصر به ضحك إليه ثم قال: إليّ ياخ.
ص: 105
مفضل فو ربّي إنّي لأحبّك، و أحبّ من يحبّك يا مفضل، لو عرف جميع أصحابي ما تعرف ما اختلف اثنان، فقال له المفضل: يا ابن رسول اللّه لقد حسبت أن أكون قد أنزلت فوق منزلتي.
فقال: بل أنزلت المنزلة التي أنزلك اللّه بها (1)، الخبر.
و في كتاب الإرشاد بعد كلامه الذي يأتي: فروي موسي الصيقل، عن المفضل بن عمر الجعفي (رحمه اللّه) قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فدخل أبو إبراهيم (عليه السّلام) و هو غلام، فقال لي أبو عبد اللّه (عليه السّلام): استوص به، وضع أمره عند من تثق من أصحابك (2).».
ص: 106
هذه جملة من الأخبار التي وقفت عليها في مدح المفضل، بل جلالة قدره و نيابته رواها مثل ثقة الإسلام الكليني، و رئيس المحدثين الصدوق، و الصفار، و الشيخ المفيد، و شيخ الطائفة، و أبو عمر الكشي في كتبهم، بأسانيد فيها صحيح و غيره، و من أصحاب الإجماع، و مثل أحمد بن محمّد بن عيسي المعلوم حاله في شدّة التوقي عن الرواية عمّن ليس بأهله و غيره، فلا مجال للتأمّل و التشكيك فيها.
و أمّا ما ورد في ذمّه فغير قابل للمعارضة من وجوه:
الأول: انفراد الشيخ الكشي بنقله في قبال ما رواه هؤلاء المشايخ في مدحه بل هو أيضا، فيكون من الشاذ النادر الذي يجب تركه.
الثاني: قلّته بالنسبة إلي ما ورد في مدحه، و هي ثلاثة أحاديث:
أ- ما رواه عن جبرئيل بن أحمد، عن محمّد بن عيسي، عن يونس، عن حمّاد بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول للمفضل بن عمر الجعفي: يا كافر، يا مشرك، مالك و لابني- يعني إسماعيل بن جعفر (عليه السّلام)- و كان منقطعا إليه، يقول فيه مع الخطابيّة ثم رجع بعد (1).
ب- و عن حمدويه بن نصير، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم و حمّاد بن عثمان، عن إسماعيل بن جابر، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): ائت المفضل فقل له: يا كافر يا مشرك ما تريد إلي ابني، تريد أن تقتله (2).6.
ص: 107
ج- و عن الحسين بن الحسن (1) بن بندار القمي، قال: حدثني سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف القمي، قال: حدثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب و الحسن بن موسي، عن صفوان بن يحيي، عن عبد اللّه بن مسكان، قال:
دخل حجر بن زائدة و عامر بن جذاعة الأزدي علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فقالا له: جعلنا اللّه فداك، إن المفضل بن عمر يقول: إنّكم تقدرون أرزاق العباد.
فقال: و اللّه ما يقدر أرزاقنا إلّا اللّه، و قد احتجت إلي طعام لعيالي فضاق صدري، و أبلغت الفكرة في ذلك حتي أحرزت قوتهم، فعندها طابت نفسي، لعنه اللّه و بري ء منه، قالا: أ فتلعنه و تبرأ منه؟ قال: نعم، فالعناه و ابرءا منه، برئ اللّه و رسوله منه (2).
و ذكر الكشي أيضا قال: وجدت بخطّ جبرئيل بن أحمد الفاريابي في كتابه: حدثني محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب و إسحاق بن عمّار، قالا: خرجنا نريد زيارة الحسين (عليه السّلام) فقلنا: لو مررنا بأبي عبد اللّه المفضل بن عمر فعساه يجي ء معنا، فأتينا الباب فاستفتحناه فخرج إلينا فأخبرناه، فقال: استخرج الحمار فأخرج، فخرج إلينا فركب و ركبنا، فطلع لنا الفجر علي أربعة فراسخ من الكوفة، فنزلنا فصلّينا و المفضل واقف لم ينزل يصلّي، فقلنا: يا أبا عبد اللّه ألا تصلّي؟ فقال: قد صلّيت قبل أن أخرج من منزلي (3).
و ذكر أيضا بعض الحكايات عن شريك، و عن كتب الطيارة الغالية، و غيرها، غير قابلة للنقل و غير محتاجة للجرح.9.
ص: 108
الثالث: و ها هنا من حيث الدلالة و المضمون فإن حاصل الأخبار الثلاثة كونه من الخطابيّة الغلاة، و كلّ ما ذكر فيه يرجع إليها حتي تركه الصلاة الذي هو من سيرة الخطابية كغير الصلاة من الفرائض، كما أوضحنا ذلك في الفائدة الثانية في شرح حال كتاب دعائم الإسلام (1)، و أنّهم يبيحون جميع المحارم إلي غير ذلك من المناكير، و الذي ظهر لنا من حاله عدم دخوله في الخطابيّة في وقت، و ضعف ما قيل أنه دخل ثمّ رجع و ذلك لوجوه:
أ- ما رواه الكشي في ترجمة هشام بن سالم: عن جعفر بن محمّد، قال:
حدثني الحسن بن علي بن النعمان، قال: حدثني أبو يحيي، عن هشام بن سالم، قال: كنّا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أنا و مؤمن الطاق أبو جعفر، قال: و الناس مجتمعون علي أنّ عبد اللّه صاحب الأمر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا و صاحب الطاق و الناس مجتمعون عند عبد اللّه، و ذلك لأنّهم رووا عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام): أن الأمر في الكبير ما لم يكن به عاهة، فدخلنا نسأله عمّا كنّا نسأل عنه أباه، فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟
قال: في مائتين خمسة، قلنا: ففي مائة؟ قال: در همان و نصف درهم، قال: قلنا له: و اللّه ما تقول المرجئة هذا (2)، قال: فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلي أين نتوجّه أنا و أبو جعفر الأحول، فقعدنا في بعض أزقّة المدينة باكين حياري لا ندري إلي من نقصد، و إلي من نتوجّه، نقول: إلي المرجئة؟ إلي القدرية؟ إلي الزيدية؟ إلي المعتزلة؟ إلي الخوارج؟!.
قال: فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ إليّ بيده، فخفتة.
ص: 109
أن يكون عينا من عيون أبي جعفر (1)، و ذاك أنّه كان [له] (2) بالمدينة جواسيس ينظرون علي من اتفق من شيعة جعفر (عليه السّلام) فيضربون عنقه، فخفت أن يكون منهم، فقلت لأبي جعفر [تنح] (3): فإني خائف علي نفسي و عليك، إنّما يريدني ليس يريدك، فتنح عنّي لا تهلك و تعين علي نفسك، فتنحي غير بعيد، و تبعت الشيخ و ذلك أنّي ظننت أنّي لا أقدر علي التخلص منه، فما زلت أتبعه حتي ورد علي باب أبي الحسن موسي (عليه السّلام) ثم خلاني و مضي، فإذا خادم بالباب فقال لي: ادخل (رحمك اللّه).
قال: فدخلت فإذا أبو الحسن (عليه السّلام) فقال لي ابتداء: لا إلي المرجئة، و لا إلي القدرية، و لا إلي الزيدية، و لا إلي المعتزلة، و لا إلي الخوارج، إليّ إليّ إليّ، قال: فقلت: جعلت فداك مضي أبوك؟ قال: نعم، قال: قلت:
مضي في موت؟ قال: نعم، قلت: جعلت فداك فمن لنا بعده؟ فقال: إن شاء اللّه (4) يهديك هداك، قلت: جعلت فداك إن عبد اللّه يزعم أنه فتن بعد أبيه، فقال: يريد عبد اللّه أن لا يعبد اللّه، قال: قلت له: جعلت فداك فمن لنا بعده؟ فقال: إن شاء اللّه (هداك) (5) يهديك هداك أيضا.
قلت: جعلت فداك أنت هو؟ قال: ما أقول ذلك، قلت في نفسي: لم أصب طريق المسألة، قال: قلت: جعلت فداك عليك إمام؟ قال: لا، قال:
فدخلني شي ء لا يعلمه إلّا اللّه إعظاما له و هيبة أكثر ما كان يحلّ بي من أبيه إذا دخلت عليه، قال: قلت: جعلت فداك أسألك عمّا كان يسأل أبوك؟ قال:ر.
ص: 110
سل تخبر و لا تذع، فإن أذعت فهو الذبح.
قال: فسألته فإذا هو بحر، قال: قلت: جعلت فداك شيعتك و شيعة أبيك ضلّال فألقي إليهم و ادعوهم إليك، فقد أخذت عليّ بالكتمان؟ فقال:
من آنست منهم رشدا فالق إليهم و خذ عليهم بالكتمان، فإن أذاعوا فهو الذبح، و أشار بيده إلي حلقه.
قال: فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر، فقال لي: ما وراك؟ قال:
قلت: الهدي، قال: فحدثته بالقصة، قال: ثم لقيت المفضل بن عمر و أبا بصير، قال: فدخلوا عليه و سلّموا و سمعوا كلامه و سألوه، قال: ثم قطعوا عليه (عليه السّلام) قال: ثم لقينا الناس أفواجا، قال: و كان كلّ من دخل عليه قطع عليه إلَّا طائفة مثل (1) عمّار و أصحابه (2).
ب- ما مرّ عن الكليني: بإسناده عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أنه أمره أن يأتي المفضل، و يبلّغه السّلام و يعزيه بموت إسماعيل و يأمره بالصبر (3).
ج- ما رواه القطب الراوندي في الخرائج: عن المفضل بن عمر قال: لمّا قضي الصادق (عليه السّلام) كانت وصيّته في الإمامة إلي موسي الكاظم (عليه السّلام) فادّعي أخوه عبد اللّه الإمامة، و كان أكبر ولد جعفر (عليه السّلام) في وقته ذلك، و هو المعروف بالأفطح، فأمر موسي (عليه السّلام) بجمع حطب كثير في داره، فأرسل إلي أخيه عبد اللّه يسأله أن يصير إليه، فلما صار عنده و مع موسي جماعة من وجوه الإمامية، فلمّا جلس إليه أخوه عبد اللّه أمر موسي أن يجعل النار في ذلك الحطب كلّه فاحترق كلّه، و لا يعلم الناس7.
ص: 111
السبب فيه حتي صار الحطب كلّه جمرا، ثم قام موسي (عليه السّلام) و جلس بثيابه في وسط النار و أقبل يحدث الناس ساعة ثم قام فنفض ثوبه و رجع إلي المجلس، فقال لأخيه عبد اللّه إن كنت تزعم أنّك الإمام بعد أبيك فاجلس في ذلك المجلس، قالوا: فرأينا عبد اللّه قد تغيّر لونه فقام يجرّ رداءه حتي خرج من دار موسي (عليه السّلام) (1).
د- ما رواه الصدوق في كمال الدين: عن علي بن أحمد الدقاق، عن محمّد بن جعفر الأسدي، عن موسي بن عمران، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن المفضل بن عمر، قال: دخلت علي سيّدي جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فقلت: يا سيّدي لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك؟ فقال لي: يا مفضل، الإمام من بعدي ابني موسي، و الخلف المأمول (م ح م د) بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسي (عليهم السّلام) (2).
ه- ما رواه أيضا في العيون: عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد ابن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن المفضل ابن عمر قال: دخلت علي أبي الحسن موسي بن جعفر (عليهما السّلام) و علي (عليه السّلام) ابنه في حجره، و هو يقبّله و يمصّ لسانه و يضعه علي عاتقه و يضمّه إليه و يقول: بأبي أنت ما أطيب ريحك، و أطهر خلقك، و أبين فضلك، قلت: جعلت فداك لقد وقع في قلبي لهذا الغلام من المودّة ما لم يقع لأحد إلّا لك.
فقال لي: يا مفضل هو منّي بمنزلتي من أبي (عليه السّلام) ذريّة بعضها من بعض و اللّه سميع عليم، قال: قلت: هو صاحب هذا الأمر؟ قال: نعم4.
ص: 112
من أطاعه رشد و من عصاه كفر (1).
و- و ما رواه الشيخ النعماني في كتاب الغيبة: عن عبد الواحد، عن أحمد بن محمّد بن رباح، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحسن بن أيوب، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن [جماعة] (2) الصائغ، قال: سمعت المفضل بن عمر يسأل أبا عبد اللّه (عليه السّلام): هل يفرض اللّه طاعة عبد ثم [يكتمه] (3) خبر السماء؟ فقال له أبو عبد اللّه (عليه السّلام): اللّه أجلّ و أكرم و أرأف بعباده و أرحم من أن يفرض طاعة عبد ثم [يكتمه] (4) خبر السماء صباحا و مساء، قال: ثم [طلع] (5) أبو الحسن موسي (عليه السّلام) فقال له أبو عبد اللّه (عليه السّلام): [أ يسرّك] (6) أن تنظر إلي صاحب كتاب علي (7)؟
الكتاب المكنون الذي قال اللّه عزّ و جلّ: لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (8) (9).ل.
ص: 113
ز- ما رواه محمّد بن الحسن الصفار في البصائر: عن علي بن إبراهيم ابن هاشم، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الوراق، عن محمّد بن سنان، عن صباح المدائني، عن المفضل، أنه كتب إلي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فجاءه هذا الجواب من أبي عبد اللّه (عليه السّلام):
أمّا بعد، فإنّي أوصيك و نفسي بتقوي اللّه و طاعته، فإنّ من التقوي الطاعة و الورع و التواضع للّه، و الطمأنينة، و الاجتهاد، و الأخذ بأمره، و النصيحة لرسله، و المسارعة في مرضاته، و اجتناب ما نهي عنه، فإنه من يتق اللّه فقد أحرز نفسه من النار بإذن اللّه، و أصاب الخير كلّه في الدنيا و الآخرة، و من أمر بالتقوي فقد أفلح الموعظة، جعلنا اللّه من المتقين برحمته.
جاءني كتابك فقرأته و فهمت الذي فيه، فحمدت اللّه علي سلامتك و عافية اللّه إياك، ألبسنا اللّه و إيّاك عافيته في الدنيا و الآخرة.
ص: 114
كتبت تذكر أنّ قوما أنا أعرفهم كان أعجبك نحوهم و شأنهم، و أنّك أبلغت فيهم أمورا تروي عنهم كرهتها لهم، و لم تر لهم إلّا طريقا حسنا، و ورعا و تخشّعا، و بلغك أنّهم يزعمون أن الدين إنّما هو معرفة الرجال، ثم بعد ذلك إذا عرفتهم فاعمل ما شئت.
و ذكرت أنك [قد] (1) عرفت أن أصل الدين معرفة الرجال، فوفّقك اللّه.
و ذكرت أنّه بلغك أنّهم يزعمون: أن الصلاة و الزكاة و صوم شهر رمضان و الحج و العمرة و المسجد الحرام و البيت الحرام و المشعر الحرام و الشهر الحرام هو رجل.
و أن الطهر و الاغتسال من الجنابة هو رجل.
و كلّ فريضة افترضها اللّه علي عباده هو رجل.
و أنهم ذكروا ذلك بزعمهم أنّ من عرف ذلك الرجل فقد اكتفي بعلمه به من غير عمل، و قد صلّي و أتي الزكاة و صام و حجّ و اعتمر و اغتسل من الجنابة و تطهّر و عظّم حرمات اللّه و الشهر الحرام و المسجد الحرام.
و أنّهم ذكروا من عرف هذا بعينه و جسده (2) و ثبت في قلبه جاز له أن يتهاون، فليس له أن يجتهد في العمل، و زعموا أنّهم إذا عرفوا ذلك الرجل فقد قبلت منهم هذه الحدود لوقتها و إن هم لم يعملوا بها.
و أنّه بلغك أنّهم يزعمون أن الفواحش التي نهي اللّه تعالي عنها: الخمر و الميسر و الربا و الميتة و لحم الخنزير هو رجل.
و ذكروا أن ما حرّم اللّه من نكاح الأمهات و البنات و العمّات و الخالات و بنات الأخ و بنات الأخت، و ما حرّم علي المؤمنين من النساء، فما حرّم اللّه إنّما عني بذلك نكاح نساء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و ما سوي ذلك مباح كلّه.ه.
ص: 115
و ذكرت أنّه بلغك أنّهم يترادفون المرأة الواحدة، و يشهدون بعضهم لبعض بالزور، و يزعمون أن لهذا ظهرا و بطنا يعرفونه، فالظاهر ما يتناسمون (1) عنه يأخذون به مدافعة عنهم، و الباطن هو الذي يطلبون و به أمروا بزعمهم.
كتبت تذكر الذي زعم عظيم من ذلك عليك حين بلغك.
و كتبت تسألني عن قولهم في ذلك: إحلال هو أم حرام؟
و كتبت تسألني عن تفسير ذلك، و أن أبيّنه حتي لا تكون من ذلك في عمي و [لا] (2) شبهة.
و قد كتبت إليك في كتابي هذا تفسير ما سألت عنه، فاحفظه كلّه، كما قال اللّه في كتابه: وَ تَعِيَهٰا أُذُنٌ وٰاعِيَةٌ (3) و أصفه لك بحلاله، و أنفي عنك حرامه إن شاء اللّه. كما وصفت، و معرفكه حتي تعرفه إن شاء اللّه، فلا تنكره إن شاء اللّه، و لا قوّة إلّا باللّه، و القوّة للّه جميعا.
أخبرك: أنه من كان يدين بهذه الصفة التي كتبت تسألني عنها فهو عندي مشرك باللّه تعالي، بيّن الشرك لا شكّ فيه.
و أخبرك: أن هذا القول كان من قوم سمعوا ما لم يعقلوه عن أهله، و لم يعطوا فهم ذلك، و لم يعرفوا حدّ ما سمعوا، فوضعوا حدود تلك الأشياء مقايسة برأيهم و منتهي عقولهم، و لم يضعوها علي حدود ما أمروا كذبا و افتراء علي اللّه و رسوله، و جرأة علي المعاصي، فكفي بهذا لهم جهلا، و لو أنّهم وضعوها علي حدودها التي حدّت لهم و قبلوها لم يكن به بأس، و لكنّهم حرّفوها و تعدّوا و كذبوا و تهاونوا بأمر اللّه و طاعته.
و لكنّي أخبرك أن اللّه حدّها بحدودها، لئلا يتعدّي حدوده أحد، و لو كان2.
ص: 116
الأمر كما ذكروا لعذر الناس بجهلهم ما لم يعرفوا حدّ ما حدّ لهم، و لكان المقصر و المتعدي حدود اللّه معذورا، و لكن جعلها حدودا محدودة لا يتعداها إلّا مشرك كافر، ثم قال: تِلْكَ حُدُودُ اللّٰهِ فَلٰا تَعْتَدُوهٰا وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّٰهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ الظّٰالِمُونَ (1).
فأخبرك حقائق أن اللّه تبارك و تعالي اختار الإسلام لنفسه دينا، و رضي من خلقه فلم يقبل من أحد إلّا به، و به بعث أنبياءه و رسله، ثم قال:
وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْنٰاهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ (2) فعليه و به بعث أنبياءه و رسله و نبيّه محمّدا (صلّي اللّه عليه و آله) فأضلّ الذين لم يعرفوا معرفة الرسل و ولايتهم و طاعتهم، هو الحلال المحلّل ما أحلّوا، و المحرم ما حرّموا، و هم أصله و منهم الفروع الحلال و ذلك سعيهم، و من فروعهم أمرهم الحلال و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم شهر رمضان و حجّ البيت و العمرة، و تعظيم حرمات اللّه و شعائره و مشاعره، و تعظيم البيت الحرام و المسجد الحرام و الشهر الحرام، و الطهور و الاغتسال من الجنابة، و مكارم الأخلاق و محاسنها و جميع البر.
ثم ذكر بعد ذلك فقال في كتابه: إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسٰانِ وَ إِيتٰاءِ ذِي الْقُرْبيٰ وَ يَنْهيٰ عَنِ الْفَحْشٰاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (3).
فعدوهم (4) المحرّم و أولياؤهم الدخول في أمرهم إلي يوم القيامة، فهم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، و الخمر و الميسر و الزنا و الربا و الدم و لحم الخنزير، فهم الحرام المحرّم، و أصل كل حرام، و هم الشرّ و أصل كلّ شرّ، و منهم فروع الشر كلّه، و من تلك (5) الفروع الحرام و استحلالهم إيّاها، و من فروعهم تكذيبا.
ص: 117
الأنبياء و جحود الأوصياء، و ركوب الفواحش: الزنا و السرقة و شرب الخمر و المنكر و أكل مال اليتيم و أكل الربا و الخدعة و الخيانة، و ركوب الحرام كلّها، و انتهاك المعاصي، و إنّما أمر اللّه بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربي- يعني مودّة ذي القربي و ابتغاء طاعتهم- و ينهي عن الفحشاء و المنكر و البغي، و هم أعداء الأنبياء و أوصياء الأنبياء، و هم البغي، من مودتهم و طاعتهم يعظكم بهذه لعلّكم تذكرون.
و أخبرك إني لو قلت: [لك] (1) أن الفاحشة و الخمر و الميسر و الزنا و الميتة و الدم و لحم الخنزير هو رجل، و أنت أعلم أن اللّه قد حرّم هذا الأصل و حرّم فرعه و نهي عنه، و جعل ولايته كمن عبد من دون اللّه وثنا و شركا، و من دعا إلي عبادة نفسه فهو كفرعون إذ قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْليٰ (2) فهذا كلّه علي وجه إن شئت قلت: هو رجل، و هو إلي جهنّم، و من شايعه علي ذلك، فافهم مثل قول اللّه: إِنَّمٰا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ* (3) و لصدقت، ثم أنّي لو قلت: أنه فلان ذلك كلّه لصدقت أن فلانا هو المعبود المتعدي حدود اللّه التي نهي عنها أن يتعدي.
ثم إني أخبرك أن الدين و أصل الدين هو رجل، و ذلك الرجل هو اليقين، و هو الإيمان، و هو إمام أمّته و أهل زمانه، فمن عرفه عرف اللّه، و من أنكره أنكر اللّه و دينه، و من جهله جهل اللّه و دينه و حدوده و شرائعه بغير ذلك الإمام، كذلك جري بأن معرفة الرجال دين اللّه، و المعرفة علي وجهتها (4) معرفة ثابتة علية.
ص: 118
بصيرة يعرف بها دين اللّه، و يوصل بها إلي معرفة اللّه، فهذه المعرفة الباطنة.
الثابتة بعينها الموجبة حقّها المستوجبة أهلها عليها الشكر للّه الذي منّ عليهم بها، من منّ اللّه يمنّ به علي من يشاء، مع معرفة الظاهرة، و معرفة في الظاهرة.
فأهل المعرفة في الظاهر الذين علموا أمرنا بالحق علي غير علم لا يلحق بأهل المعرفة في الباطن علي بصيرتهم، و لا يصلوا بتلك المعرفة المقصّرة إلي حقّ معرفة اللّه كما قال في كتابه: وَ لٰا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفٰاعَةَ إِلّٰا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (1) فمن شهد شهادة الحق لا يعقد عليه قلبه علي بصيرة فيه، كذلك من تكلّم لا يعقد عليه قلبه، لا يعاقب عليه عقوبة من عقد عليه قلبه و ثبت علي بصيرة، فقد عرفت كيف كان حال رجال أهل المعرفة في الظاهر، و الإقرار بالحقّ علي غير علم في قديم الدهر و حديثه، إلي أن انتهي الأمر إلي نبيّ اللّه، و بعده إلي من صار، و إلي من انتهت إليه معرفتهم، و إنّما عرفوا بمعرفة أعمالهم و دينهم الذي دانوا اللّه به، المحسن بإحسانه و المسي ء بإساءته، و قد يقال أنه من دخل في هذا الأمر بغير يقين و لا بصيرة خرج منه كما دخل فيه، رزقنا اللّه و إيّاك معرفة ثابتة علي بصيرة.
و أخبرك إنّي لو قلت: أن الصلاة، و الزكاة، و صوم شهر رمضان، و الحج، و العمرة، و المسجد الحرام، و البيت الحرام، و المشعر الحرام، و الطهور، و الاغتسال من الجنابة، و كلّ فريضة كان ذلك هو النبيّ الذي جاء به عند ربّه، لصدقت، ان ذلك كلّه انّما يعرف بالنبيّ، و لو لا معرفة ذلك النبيّ و الإيمان به و التسليم له ما عرف ذلك، فذلك من منّ اللّه علي من يمنّ عليه، و لو لا ذلك لم يعرف شيئا [من هذا] (2).ر.
ص: 119
فهذا كلّه ذلك النبيّ و أصله و هو فرعه، و هو دعاني إليه، و دلّني عليه، و عرفنيه، و أمرني به، و أوجب عليّ له الطاعة فيما أمرني به، لا يسعني جهله، و كيف يسعني جهله و من هو فيما بيني و بين اللّه، و كيف يستقيم لي لولا أنّي أصف أن ديني هو الذي أتاني به ذلك النبيّ أن أصف أن الدّين غيره، و كيف لا يكون ذلك معرفة الرجل و إنّما هو الذي جاء به عن اللّه، و إنّما أنكر الذي من أنكره بأن قالوا: أَ بَعَثَ اللّٰهُ بَشَراً رَسُولًا (1) ثم قالوا: أَ بَشَرٌ يَهْدُونَنٰا فَكَفَرُوا (2) بذلك الرجل و كذّبوا به وَ قٰالُوا لَوْ لٰا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ (3) فقال: قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتٰابَ الَّذِي جٰاءَ بِهِ مُوسيٰ نُوراً وَ هُديً لِلنّٰاسِ (4).
ثم قال في آية أخري: وَ لَوْ أَنْزَلْنٰا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لٰا يُنْظَرُونَ.
وَ لَوْ جَعَلْنٰاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنٰاهُ رَجُلًا (5) تبارك اللّه تعالي، إنّما أحبّ أن يعرف بالرجال، و أن يطاع بطاعتهم، فجعلهم سبيله و وجهه الذي يؤتي منه، لا يقبل اللَّه من العباد غير ذلك، لا يسأل عمّا يفعل و هم يسألون، و قال فيمن أوجب حجته لذلك: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ وَ مَنْ تَوَلّٰي فَمٰا أَرْسَلْنٰاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (6).
فمن قال لك: إنّ هذه الفريضة كلّها إنّما هي رجل و هو يعرف حدّ ما يتكلم به فقد صدق، و من قال علي الصفة التي ذكرت بغير الطاعة، لا يعني التمسك في الأصل بترك الفروع، لا يعني بشهادة أن لا إله إلّا للّه و بترك شهادة أن محمّدا رسول اللّه.0.
ص: 120
و لم يبعث اللّه نبيّا قطّ إلّا: بالبر، و العدل، و المكارم، و محاسن الأخلاق، و محاسن الأعمال، و النهي عن الفواحش ما ظهر و ما بطن، فالباطن منه ولاية أهل الباطن، و الظاهر منه فروعهم، و لم يبعث اللّه نبيّا قطّ يدعو إلي معرفة ليس معها طاعة في أمر و نهي.
فإنّما يقبل اللّه من العباد العمل بالفرائض التي افتراضها اللّه علي حدودها، مع معرفة من جاءهم من عنده و دعاهم إليه، فأوّل من ذلك معرفة من دعا إليه ثم طاعته فيما يقربه بمن لا طاعة له، و أنه من عرف أطاع، حرّم الحرام ظاهره و باطنه، و لا يكون تحريم الباطن و استحلال الظاهر، إنّما حرم الظاهر بالباطن و الباطن بالظاهر معا جميعا، و لا يكون الأصل و الفرع، و باطن الحرام حراما و ظاهره حلالا، و لا يحرّم الباطن و يستحل الظاهر، و كذلك لا تستقيم أن يعرف صلاة الباطن و لا يعرف صلاة الظاهر، و لا الزكاة و لا الصوم و لا الحج و لا العمرة و المسجد الحرام و جميع حرمات اللّه و شعائره.
و إن ترك لمعرفة الباطن، لأن باطنه ظهره، و لا يستقيم أن ترك واحدة منهما إذا كان الباطن حراما خبيثا، فالظاهر منه إنّما يشبه الباطن، و الباطن بالظاهر، فمن زعم أن تلك [انما] (1) هي المعرفة، و أنّه إذا عرف اكتفي بغير طاعة فقد كذب و أشرك ذاك، لم يعرف و لم يطع، و إنّما قيل: اعرف و اعمل ما شئت من الخير، فإنه لا يقبل ذلك منك بغير معرفة، فإذا عرفت فاعمل لنفسك ما شئت من الطاعة قلّ أو كثر، فإنه مقبول منك.
أخبرك أن من عرف أطاع، إذا عرف و صلّي و صام و اعتمر و عظّم حرمات اللّه كلّها، و لم يدع منها شيئا، و عمل بالبر كلّه و مكارم الأخلاق كلّها و يجتنب سيئها، و كل ذلك هو النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) أصله، و هو أصل هذار.
ص: 121
كلّه لأنه جاء و دلّ عليه و أمر به، و لا يقبل من أحد شيئا منه إلّا به.
و من عرف اجتنب الكبائر و حرّم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، و حرّم المحارم كلّها، لأن بمعرفة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و بطاعته دخل فيما دخل فيه النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و خرج ممّا خرج منه النبيّ.
من زعم أنه يملك الحلال و يحرّم الحرام بغير معرفة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) لم يحلّل للّه حلالا و لم يحرّم له حراما، و أنّه من صلّي و زكّي و حجّ و اعتمر فعل ذلك كلّه بغير معرفة من افترض اللّه عليه طاعته لم يقبل منه شيئا من ذلك، و لم يصلّ و لم يصم و لم يزكّ و لم يحج و لم يعتمر و لم يغتسل من الجنابة و لم يتطهّر و لم يحرّم للّه حراما و لم يحلّل للّه حلالا، ليس له صلاة و إن ركع و سجد، و لا له زكاة و إن أخرج لكلّ أربعين درهما، و من عرفه و أخذ عنه أطاع اللّه.
و أمّا ما ذكرت أنّهم يستحلّون نكاح ذوات الأرحام التي حرم اللّه في كتابه، فإنّهم زعموا أنه إنّما حرّم علينا بذلك نكاح نساء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) فإن أحقّ ما بدأ منه تعظيم حقّ اللّه و كرامة رسوله و تعظيم شأنه [و ما] (1) حرّم اللّه علي تابعيه و نكاح نسائه من بعد قوله: وَ مٰا كٰانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّٰهِ وَ لٰا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوٰاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كٰانَ عِنْدَ اللّٰهِ عَظِيماً (2) و قال اللّه تبارك و تعالي: النَّبِيُّ أَوْليٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْوٰاجُهُ أُمَّهٰاتُهُمْ (3) و هو أب لهم، ثم قال: وَ لٰا تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ إِلّٰا مٰا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كٰانَ فٰاحِشَةً وَ مَقْتاً وَ سٰاءَ سَبِيلًا (4).2.
ص: 122
فمن حرم نساء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) لتحريم اللّه ذلك، فقد حرّم اللّه في كتابه العمّات و الخالات و بنات الأخ و بنات الأخت و ما حرّم اللّه من إرضاعه، لأن تحريم ذلك تحريم نساء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله)، فمن حرم ما حرّم اللّه من الأمهات و البنات و الأخوات و العمات من نكاح نساء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و من استحل ما حرّم اللّه فقد أشرك إذ اتخذ ذلك دينا.
و أمّا ما ذكرت أن الشيعة يترادفون المرأة الواحدة فأعوذ باللّه أن يكون ذلك من دين اللّه و رسوله، إنّما دينه أن يحلّ ما أحلّ اللّه و يحرّم ما حرّم اللّه سواء، و إنّ ممّا أحلّ اللّه المتعة من النساء في كتابه، و المتعة في الحج أحلّها ثم لم يحرمهما، فإذا أراد الرجل المسلم أن يتمتع من المرأة فعلي كتاب اللّه و سنّة نبيّه، نكاح غير سفاح، تراضيا علي ما أحبّا من الأجرة و الأجل، كما قال اللّه: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا تَرٰاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ (1) إن هما أحبّا أن يمدّا في الأجل علي ذلك الأجر فآخر يوم من أجلها قبل أن ينقضي الأجل قبل غروب الشمس مدّا فيه، و زادا في الأجل ما أحبّا، فإن مضي آخر يوم منه لم يصلح إلّا بأمر مستقبل، و ليس بينهما عدّة من سواه، فإن اتخذت سواه اعتدّت خمسة و أربعين يوما، و ليس بينهما ميراث، ثم إن شاءت تمتعت من آخر، فهذا حلال لها إلي يوم القيامة، و إن هي شاءت من عشرين إن ما بقيت في الدنيا، كلّ هذا حلال لهما علي حدود اللّه: وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّٰهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ (2).
و إذا أردت المتعة في الحج فأحرم من العقيق و اجعلها متعة، فمتي ما قدمت طفت بالبيت و استلمت الحجر الأسود و فتحت به و ختمت سبعة1.
ص: 123
أشواط، ثم تصلّي ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السّلام) ثم اخرج من البيت فاسع بين الصفا و المروة سبعة أشواط، تفتح بالصفا و تختم بالمروة، فإذا فعلت ذلك فصبرت حتي إذا كان يوم التروية صنعت ما صنعت بالعقيق، ثم أحرم بين الركن و المقام بالحج، فلم تزل محرما حتي تقف بالموقف، ثم ترمي الجمرات، و تذبح، و تحلّ، و تغتسل ثم تزور البيت، فإذا أنت فعلت ذلك فقد أحللت و هو قول اللّه: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (1) أن نذبح.
و أمّا ما ذكرت أنّهم يستحلون الشهادات بعضهم لبعض علي غيرهم، فإن ذلك ليس هو إلّا قول اللّه: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنٰانِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصٰابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ (2).
إذا كان مسافرا و حضره الموت اثنان ذوا عدل من دينه، فإن لم يجدوا فآخران ممّن يقرءا القرآن من غير أهل ولايته تَحْبِسُونَهُمٰا مِنْ بَعْدِ الصَّلٰاةِ فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لٰا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كٰانَ ذٰا قُرْبيٰ وَ لٰا نَكْتُمُ شَهٰادَةَ اللّٰهِ إِنّٰا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ. فَإِنْ عُثِرَ عَليٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقّٰا إِثْماً فَآخَرٰانِ يَقُومٰانِ مَقٰامَهُمٰا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيٰانِ (3) من أهل ولايته فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ لَشَهٰادَتُنٰا أَحَقُّ مِنْ شَهٰادَتِهِمٰا وَ مَا اعْتَدَيْنٰا إِنّٰا إِذاً لَمِنَ الظّٰالِمِينَ. ذٰلِكَ أَدْنيٰ أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهٰادَةِ عَليٰ وَجْهِهٰا أَوْ يَخٰافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمٰانٌ بَعْدَ أَيْمٰانِهِمْ، وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اسْمَعُوا (4).
و كان رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) يقضي بشهادة رجل واحد مع يمين8.
ص: 124
المدعي و لا يبطل حقّ مسلم و لا يرد شهادة مؤمن، فإذا أخذ يمين المدعي و شهادة الرجل قضي له بحقّه و ليس يعمل بهذا، فإذا كان لرجل مسلم قبل آخر حقّ يجحده و لم يكن شاهد غير واحد، فإنّه إذا رفعه إلي ولاية الجور أبطلوا حقّه و لم يقضوا فيه بقضاء رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) كان الحق في الجور أن لا يبطل حقّ رجل فيستخرج اللّه علي يديه حقّ رجل مسلم، و يأجره اللّه و يجي ء عدلا كان رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) يعمل به.
و أمّا ما ذكرت في آخر كتابك أنّهم يزعمون أن اللّه ربّ العالمين هو النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و أنّك شبّهت قولهم بقول الذين قالوا في علي (عليه السّلام) ما قالوا، فقد عرفت أنّ السنن و الأمثال كائنة لم يكن شيئا فيما مضي إلّا سيكون مثله حتي لو كانت شاة بشاة و كان هاهنا مثله.
و اعلم أنه سيضل قوم بضلالة من كان قبلهم، كتبت فتسألني عن مثل ذلك ما هو و ما أرادوا به، أخبرك أن اللّه تبارك و تعالي هو خلق الخلق لا شريك له، له الخلق و الأمر و الدنيا و الآخرة و هو ربّ كلّ شي ء و خالقه، خلق الخلق و أحبّ أن يعرفوه بأنبيائه و احتج عليهم بهم (عليهم السّلام).
فالنبيّ هو الدليل علي اللّه، عبد مخلوق مربوب، اصطفاه بنفسه لرسالته، و أكرمه بها، فجعله خليفته في خلقه، و لسانه فيهم، و أمينه عليهم، و خازنه في السموات و الأرضين، قوله قول اللّه، لا يقول علي اللّه إلّا الحقّ، من أطاعه أطاع اللّه، و من عصاه عصي اللّه، و هو مولي من كان اللّه ربّه و وليّه، من أبي أن يقرّ له بالطاعة فقد أبي أن يقرّ لربه بالطاعة و بالعبودية، و من أقرّ بطاعته أطاع اللّه و هداه بالنبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) مولي الخلق جميعا، عرفوا ذلك أو (1)ه.
ص: 125
أنكروه، و هو الوالد المبرور فيمن أحبّه و أطاعه، و هو الوالد البار و مجانب الكبائر.
و قد كتبت لك ما سألتني عنه، و قد علمت أنّ قوما سمعوا صنعتنا هذه، فلم يقولوها (1) بل حرّفوها و وضعوها علي غير حدودها علي نحو ما قد بلغك، و احذر من اللّه و رسوله، و من يتعصّبون بنا أعمالهم الخبيثة، و قد رمانا الناس بها، و اللّه يحكم بيننا و بينهم، فإنه يقول: الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ الْغٰافِلٰاتِ الْمُؤْمِنٰاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيٰا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِمٰا كٰانُوا يَعْمَلُونَ. يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللّٰهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّٰهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (2).
و أمّا ما كتبت و نحوه، و تخوّفت أن تكون صفتهم من صفته فقد أكرمه اللّه عزّ و جلّ عمّا يقولون علوّا كبيرا، صفتي هذه صفة صاحبنا التي وصفنا له، و عندنا أخذناه، فجزاه اللّه عنّا أفضل الحقّ، فإن جزاءه علي اللّه، فتفهم كتابي هذا و القوّة للّه (3).
و رواه سعد بن عبد اللّه في كتاب البصائر، علي ما في مختصره للحسن بن سليمان الحلّي، عن القاسم بن الربيع الورّاق و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان (4). إلي آخر الخبر سندا و متنا باختلاف يسير.
و رواه القاضي نعمان في دعائم الإسلام، قال: و روينا عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنه كتب إلي بعض أوليائه، قد كتب إليه بحال8.
ص: 126
قوم قبله (1)، و ذكر ملخصّ الخبر كما مرّ (2) في شرح حال دعائم الإسلام.
و بالجملة فالخبر في غاية الاعتبار، و كفي بمتنه شاهدا، و يظهر منه مضافا إلي براءة ساحة المفضّل عن الخطابية، الذين تضمّن الخبر مقالاتهم الفاسدة، و جلالة قدره التي يكشف عنها اهتمامه (عليه السّلام) بجواب كتابه بهذا البيان الطويل، سبب توهم من توهم فيه، فإن الظاهر أنه كان خالطهم و عاشرهم ليعرف مذاهبهم و طريقتهم و يستخرج من طواغيتهم مكنون سريرتهم فينهي أخبارهم إلي إمامه (عليه السّلام) علي بصيرة و روية، فظنّ الجاهل الغبيّ أو الحاسد الغوي (3) أنّه صبا إليهم و تدثّر بمذهبهم، إلي أن وقف عليهم ما أبداه في كتابه إليه (عليه السّلام) ثم صار مأمورا لإظهار البراءة منهم عليّ (4).
ح- ما رواه في الدعائم قال: ثم كان أبو الخطاب في عصر جعفر بن محمّد (صلوات اللّه عليهما) من أجلّ دعاته، ثم أصابه ما أصاب المغيرة، فكفر و ادعّي أيضا النبوّة. إلي أن قال: فبلغ أمره جعفر بن محمّد (صلوات اللّه عليهما) فلم يقدر عليه بأكثر من أن لعنه و تبرأ منه، و جمع أصحابه فعرفهم ذلك و كتب إلي البلدان بالبراءة منه، و عظم أمره علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فاستفظعه و استهاله.
قال المفضل: دخلت يوما علي أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فرأيته مقلوليا (5) متغيّظا مستعبرا، فقلت له: ما لك جعلت فداك؟0.
ص: 127
فقال: سبحان اللّه و تعالي عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا، أي مفضّل، زعم هذا الكذّاب الكافر أنّي أنا اللّه، سبحان اللّه و لا إله إلّا هو ربّي و ربّ آبائي، الذي خلقنا و هو أعطانا و خوّلنا، فنحن أعلام الهدي و الحجّة العظمي، أخرج إلي هؤلاء- يعني أصحاب أبي الخطاب- فقل لهم: إنّا مخلوقون و عباد مربوبون، و لكن لنا من ربّنا منزلة لم ينزلها أحد غيرنا، و لا تصلح إلّا لنا، و نحن من نور اللّه و شيعتنا منّا، و سائر الخلق في النار، و نحن جيران اللّه غدا في داره، فمن قبل منّا و أطاعنا فهو في الجنّة، و من أطاع الكافر الكذاب فهو في النار (1).
و من التأمّل في هذه الأخبار و ما تقدم، يظهر حاله في زمان الصادق (عليه السّلام) و بعده، و بعد وفاة إسماعيل، و في أيام أبي الحسن (عليه السّلام) ففي أيّ وقت صار خطابيّا ثم رجع؟! و أمّا حكاية ترك الصلاة مجاهرة بين أظهر مثل معاوية بن وهب، و إسحاق ابن عمّار، من أجلّاء أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) ثم اعتذاره بما هو أشنع من جرمه لو صحت القصة؟! فعلائم الوضع منها لائحة، فإن المفضل كان في الظاهر معدودا من كبار أصحابه (عليه السّلام) فكيف يتجاهر بترك الصلاة بمرأي منهم؟! فإن كان في أيام خطابيّته فكيف خفي عليهما؟ و لم طلبا منه المرافقة مع أنّهم كانوا مأمورين بالمجانبة و البراءة؟
و لنعم ما قال المحقق السيد صدر الدين العاملي في تعليقته علي رجال أبي علي: الذي يخطر بالبال أن المفضّل كان صلّي و هم مشتغلون بالصلاة فلم يشعروا به، إمّا لأنّهم أطالوا في الصلاة و خفّف، أو لأنّهم اشتغلوا بالمقدمات و كان علي وضوء، أو لأنّهم تشاغلوا بالتعقيب و رأي أن يأتي به و هو راكب علي0.
ص: 128
حماره، أو لنحو ذلك، و لمّا كان قول الرجلين: إلا تصلّي؟ يتضمّن الاعتراض عليه في تغافله عن الصلاة و تكاسله عنها، لاعتقادهما أنه لم ينزل بعد، أجابهما جواب الظريف المداعب: بأنّي قد صلّيت قبل أن أخرج، و قصد صلاة الليل أو صلاة العشاءين أو نحو ذلك، و إلّا فدعوي إيقاع الصلاة قبل الفجر بأربع ساعات أو أكثر إقرار بترك الصلاة البتة، لأن الصلاة قبل وقتها ليست بصلاة، و من لا يستحي من التصريح بترك الصلاة أي شي ء يصنع بزيارة الحسين (عليه السّلام)؟!! الثاني: من الوجوه الدالة علي جلالة قدره تصريح جماعة من الأعلام بها، قال الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد: فممن روي صريح النص بالإمامة من أبي عبد اللّه (عليه السّلام) علي ابنه أبي الحسن موسي (عليه السّلام) من شيوخ أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و خاصّته و بطانته و ظهارته (1) وثاقته الفقهاء الصالحين (رحمة اللّه عليهم) المفضل بن عمر الجعفي، و معاذ بن كثير، و عبد الرحمن بن الحجاج (2). الي آخره، ثم ابتدأ بخبره و ترحم عليه.
و قال شيخ الطائفة في كتاب الغيبة: و قبل ذكر من كان سفيرا حال الغيبة، نذكر طرفا من أخبار من كان يختص بكلّ إمام و يتولّي له الأمر علي وجه من الإيجاز، و نذكر من كان ممدوحا منهم حسن الطريقة، و من كان مذموما سي ء الحال، ليعرف الحال في ذلك، و قد روي في بعض الأخبار أنّهم قالوا: خدّامنا شرار خلق اللّه، و هذا ليس علي عمومه، و إنّما قالوا لأن فيهم من غيّر و بدّل و خان علي ما سنذكره.
و قد روي محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن صالح الهمداني، قال: كتبت إلي صاحب الزمان (عليه السّلام): إنّ أهل8.
ص: 129
بيتي يؤذوني و يقرعوني بالحديث الذي روي عن آبائك (عليهم السّلام) أنّهم قالوا: خدّامنا شرار خلق اللّه، فكتب: و يحكم ما تقرءون ما قال اللّه تعالي:
وَ جَعَلْنٰا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَي الَّتِي بٰارَكْنٰا فِيهٰا قُريً ظٰاهِرَةً (1) فنحن و اللّه القري التي بارك فيها، و أنتم القري الظاهرة.
فمن المحمودين حمران بن أعين. إلي أن قال: و منهم المفضل بن عمر (2)، ثم ساق الأخبار الثلاثة التي تقدمت، فهو عند الشيخ من وكلائهم و قوّامهم الذين لم يغيّروا و لم يبدّلوا و لم يحرّفوا، ممن كان حسن المذهب محمود الطريقة.
و قال ابن شهرآشوب في المناقب، في أحوال الصادق (عليه السّلام):
و من خواصّ أصحابه: معاوية بن عمّار، و زيد الشحام، و عبد اللّه بن أبي يعفور. إلي أن قال: و المفضل بن عمر الجعفي (3). الي آخره.
و عدّه الشيخ إبراهيم الكفعمي من البوابين (4)، و مرادهم من باب الإمام (عليه السّلام) علي ما يظهر من بعض قدماء الأصحاب هو بابه في العلوم و الأسرار.
و روي ابنا بسطام في طبّ الأئمة (عليهم السّلام): عن محمّد بن جعفر ابن علي البرسي، عن محمّد بن يحيي الأرمني، و كان بابا للمفضل بن عمر، و كان المفضل بابا لأبي عبد اللّه الصادق (عليه السّلام) (5) الخبر. الي آخره.8.
ص: 130
قال السيد المحقق صدر الدين العاملي: من نظر في حديث المفضّل المشهور عن الصادق (عليه السّلام) علم أن ذلك الخطاب البليغ و المعاني العجيبة و الألفاظ الغريبة لا يخاطب الإمام بها إلّا رجلا عظيما جليلا كثير العلم زكيّ الحسّ، أهلا لتحمل الأسرار الرفيعة و الدقائق البديعة، و الرجل عندي من عظم الشأن و جلالة القدر بمكان، انتهي.
قلت: قال السيد رضي الدين علي بن طاوس في كتاب الأمان، في ذكر ما يصحبه المسافر معه من الكتب: و يصحب معه كتاب مفضّل بن عمر الذي رواه عن الصادق (عليه السّلام) في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلي، و إظهار إسراره فإنه عجيب في معناه (1).
و قال في كشف المحجة فيما أوصي إلي ولده: انظر كتاب المفضل بن عمر الذي أملاه عليه الصادق (عليه السّلام) فيما خلق اللّه جلّ جلاله من الآثار (2).
و قال التقيّ المجلسي في شرح المشيخة: و اعلم أن للمفضل نسخة معروفة بتوحيد المفضل، كافية لمن أراد معرفة اللّه تعالي، و النسخة شاهدة بصحّتها، فينبغي أن لا يغفلوا عنها، لأن الغالب علي أبناء زماننا أنّهم يعتمدون في أصول الدين علي قول الكفرة، لأن أدلّتها عقلية و ليس فيها تقليد، و إنّما هو إراءة الطريق، و هذا النوع من الإراءة خير من إراءة الحكماء بكثير سيّما للعوام، و هي موافقة لما قال اللّه تعالي في القرآن و جميع كتبه و قاله الأنبياء و الأوصياء (عليهم السّلام) (3) انتهي.2.
ص: 131
قلت: و مضامين الكتاب كما قال (رحمه اللّه): من أقوي الشواهد بصحّتها، و في آخره قال (عليه السّلام): يا مفضّل خذ ما آتيتك و كن من الشاكرين، و لآلائه من الحامدين، و لأوليائه من المطيعين، فقد شرحت لك من الأدلة علي الخلق، و الشواهد علي صواب التدبير و العمل قليلا من كثير و جزءا من كلّ، فتدبّر، و ذكّر فيه و اعتبر به، فقلت: بمعونتك يا مولاي أقوي علي ذلك و أبلغه إن شاء اللّه تعالي، فوضع يده علي صدري فقال: احفظ بمشيّة اللّه [و لا تنس] (1) إن شاء اللّه تعالي، فخررت مغشيّا.
فلمّا أفقت قال: كيف تري نفسك يا مفضل؟ فقلت: قد استغنيت بمعونة مولاي و تأييده عن الكتاب الذي كتبته، و صار ذلك بين يدي كأنّما اقرأه من كفّي، فلمولاي الحمد و الشكر كما هو أهله و مستحقه، فقال: يا مفضل فرّغ قلبك و اجمع ذهنك و عقلك و طمأنينتك، فسألقي إليك من علم ملكوت السموات و الأرض و ما خلق اللّه بينهما، و فيهما من عجائب خلقه، و أصناف الملائكة و صفوفهم و مقاماتهم و مراتبهم إلي سدرة المنتهي، و سائر الخلق من الجن و الإنس إلي الأرض السابعة السفلي و ما تحت الثري، حتي يكون ما وعيته جزءا من أجزاء، انصرف إذا شئت مصاحبا ملكوءا فأنت منا بالمكان الرفيع، و موضعك من قلوب المؤمنين موضع الماء من الصدي، و لا تسألن عمّا و عدتك حتي أحدث لك منه ذكرا (2)، انتهي كلامه الشريف.
و يوجد في بعض المواضع حديث أوله: روي عن الشيخ الثقة الحسين ابن محمّد بن علي الحليّ، عن الشيخ السعيد أبي عبد اللّه الحسين بن أحمد، قال: حدثني جعفر بن مالك الفزاري الكوفي، عن عبد اللّه بن يونس الموصلي،0.
ص: 132
عن محمّد بن صدقة العبدي، عن محمّد بن سنان الزاهري، عن صفوان بن يحيي الكوفي، عن مفضّل بن عمر الجعفي، قال: قلت لمولانا الصادق: الوعد منه إليّ و قد خلوت به فوجدت منه فرصة أتمنّاها أسألك عمّا جري في خاطري. الخبر، و فيه مطالب غريبة غامضة لا توجد في غيره، و يحتمل أن يكون هو ما وعده (عليه السّلام) في آخر الخبر السابق، إلّا أنّي لم أجده في موضع يمكن الاعتماد عليه و النقل منه.
هذا و العالم الجليل الحسن بن علي بن شعبة عقد في كتابه تحف العقول بعد أبواب مواعظ الأئمة (عليهم السّلام) و حكمهم علي الترتيب بابا في مواعظ المفضل بن عمر، و ذكر فيه منه مواعظ شافية، روي أكثرها عن الصادق (عليه السّلام).
و مما فيه قال: و قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) مرّة و أنا معه: يا مفضل كم أصحابك؟ فقلت: قليل، فلما انصرفت إلي الكوفة أقبلت عليّ الشيعة فمزّقوني كلّ ممزق، يأكلون لحمي و يشتمون عرضي، حتي أن بعضهم استقبلني فوثب في وجهي، و بعضهم قعد لي في سكك الكوفة يريد ضربي، و رموني بكلّ بهتان، حتي بلغ ذلك أبا عبد اللّه (عليه السّلام).
فلما رجعت إليه في السنة الثانية، كان أوّل ما استقبلني به بعد تسليمه عليّ أن قال: يا مفضل ما هذا الذي بلغني أن هؤلاء يقولون لك و فيك؟ قلت:
و ما عليّ من قولهم، قال: أجل بل ذلك عليهم، أ يغضبون- بؤسا لهم- أنّك قلت أن أصحابك قليل؟! لا و اللّه ما هم لنا شيعة، و لو كانوا لنا شيعة ما غضبوا من قولك و ما اشمأزوا منه، لقد وصف اللّه شيعتنا بغير ما هم عليه، و ما شيعة جعفر إلّا من كفّ لسانه، و عمل لخالقه، و رجا سيّده و خاف اللّه حقّ خيفته، ويحهم أ فيهم من قد صار كالحنايا من كثرة الصلاة؟ أو قد صار كالتائه من شدّة
ص: 133
الخوف؟ أو كالضرير من الخشوع؟ أو كالضنّي من الصيام؟ أو كالأخرس من طول الصمت و السكوت؟ و هل فيهم من قد أدأب ليله من طول القيام؟ و أدأب نهاره من الصيام؟ أو منع نفسه لذّات الدنيا و نعيمها خوفا من اللّه و شوقا إلينا- أهل البيت- انّي يكونون لنا شيعة؟ و إنّهم ليخاصمون عدوّنا فينا حتي يزيدوهم عداوة، ليهرون هرير الكلب و يطمعون طمع الغراب، أما إنّي لولا أتخوف عليهم أن اغويهم بك لأمرتك أن تدخل بيتك و تغلق بابك ثم لا تنظر إليهم ما بقيت، و لكن إن جاؤك فاقبل منهم، فإن اللّه قد جعلهم حجّة علي أنفسهم و احتج بهم علي غيرهم (1).
و من هذا الخبر و جملة ممّا سبق يظهر كثير من أسباب عداوة أهل عصره له، و حسدهم المورث لافترائهم عليه و بهتانهم به، و نسبته إلي المذاهب الفاسدة التي منشأها كلام الكشي، و دعوي الخطابية و الطيّارة أنه منهم كما هو عادة أمثالهم من عدّ الأجلّاء من زمرتهم لتكثير سوادهم، و الحمد للّه الذي أظهر طهارة ذيله عن هذه الأرجاس بما شرحناه.
الثالث: رواية ابن أبي عمير عنه، قال الفضل بن شاذان في كتاب الغيبة: حدثنا محمّد بن أبي عمير (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: سئل رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) عن الدجّال (2).
الخبر.
و في تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن أبي عمير، عن المفضل، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في قوله تعالي:ه.
ص: 134
وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً (1) (2). الخبر.
و في كمال الدين و العيون بإسناده: عن ابن أبي عمير، عن المفضل، عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله): لمّا اسري بي إلي السماء، أوحي إليّ ربّي جلّ جلاله (3).
الخبر.
الرابع: رواية الأجلّاء عنه مثل: محمّد بن مسلم كما في بصائر الصفار، بإسناده: عن فضالة، عن محمّد بن مسلم، عن المفضل بن عمر، قال: حمل إلي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) مال من خراسان مع رجلين من أصحابه (4). الخبر.
و جعفر بن بشير الجليل، الذي عدّت روايته عن أحد من أمارات الوثاقة لقولهم فيه: روي عن الثقات و رووا عنه، كما في الكافي في باب المؤمن و علاماته (5)، و في الاستبصار في باب من مسّ لحيته فسقط منها شعر (6)، و في كمال الدين (7).
و محمّد بن سنان (8)، و منصور بن يونس (9)، و خلف بن حمّاد (10)، و الحسن6.
ص: 135
ابن رباط (1)، و زرعة (2)، و عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري (3) الذي عدّه النجاشي من شيوخ أصحابنا (4).
و يونس بن عبد الرحمن- من أصحاب الإجماع- في الكافي في كتاب الصوم (5)، و في باب فضل فقراء المسلمين (6).
و عثمان بن عيسي- من أصحاب الإجماع- كما في الكافي في باب اخوة المؤمنين (7)، و في باب الطاعة و التقوي (8).
و عمر بن أبان الكلبي (9).
و روي عنه ابن أبي عمير (10)، و الحسن بن محبوب (11)، و في جملة من الأخبار بواسطة واحدة، و قد أكثر المشايخ كالكليني، و الصفار، و سعد بن عبد اللّه- في كتبهم- و الصدوق- في كتبه- و الشيخ- في كتبه- من نقل رواياته، في أبواب التوحيد، و المعاجز و الفضائل، و الأدعية و الزيارات، و الأحكام، و كلّها سديدة، و منافية لطريقة الغلاة و الطيارة و الخطابيّة، و تلقّاها الأصحاب بالقبول، و انحصار جملة منها في خبره كما لا يخفي، فلا يصغي إلي تضعيف النجاشي، و الغضائري خلافا للشيخين الجليلين، و قد عرفت منشأه الغيري.
ص: 136
القابل لمقاومة ما فصلناه.
و أمّا إسماعيل (1)، فغير مذكور في الرجال، و في العدة: و الظاهر أنه هو الذي قال فيه ابن حجر في مناقبه: إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك والد محمّد، و ذكر أنّهما صدوقان (2)، انتهي، و في التقريب (3) مثله.
و في الفقيه في باب الدين و القرض: و روي إسماعيل بن قديد (4)، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: إن اللّه عزّ و جلّ مع صاحب الدين حتي يؤدّيه، ما لم يأخذه ممّا يحرم عليه (5)، و فيه إشعار بتشيّعه مضافا إلي عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة.
محمّد بن موسي، عن عبد اللّه ابن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسي، عن صفوان بن يحيي، عنه (6).
و السند صحيح، و ليس فيه من يتأمّل فيه، سوي محمّد بن عيسي الذي ضعّفه بعضهم، و توقّف فيه آخرون، و الحقّ أنّه ثقة ثبت جليل لقوّة ما دلّ عليه، و ضعف ما جرحوه به.
أما الأول فهي أمور:
أ- ما في النجاشي: محمّد بن عيسي بن عبيد بن يقطين بن موسي مولي أسد بن خزيمة أبو جعفر، جليل في أصحابنا، ثقة، عين، كثير الرواية، حسن
ص: 137
التصانيف، يروي عن أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) مكاتبة و مشافهة (1).
ب- رواية الأجلّاء عنه، و إكثارهم منها، بحيث يظهر اعتمادهم عليه، مثل: محمّد بن الحسن الصفار (2)، و سعد بن عبد اللّه (3)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (4)، و عبد اللّه بن جعفر الحميري (5)، و علي بن محمّد بن بندار (6) - شيخ ثقة الإسلام الكليني- و محمّد بن علي بن محبوب (7)، و أحمد بن محمّد بن عيسي كما في التهذيب في باب كيفيّة الحكم (8)، و في باب الزيادات في كتاب الوصايا (9)، و غيرها.
و أحمد بن محمّد بن خالد (10)، و علي بن إبراهيم (11)، و أبوه إبراهيم بن هاشم (12)، و سهل بن زياد (13)، و علي بن الحسن بن فضّال (14)، و الشيخ العديم8.
ص: 138
النظير حمدويه ابن نصير (1)، و محمّد بن يحيي (2)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (3)، موسي بن الحسن (4) و هو الأشعري الثقة الجليل، و محمّد بن نصير (5) و الظاهر أنّه الكشي الثقة الجليل، و إبراهيم بن إسحاق الأحمر (6)، و الحسين بن عبيد اللّه (7)، و علي بن محمّد بن شيرة القاساني (8)، و جبرئيل بن أحمد الفاريابي (9).
ج- ما في رجال الكشي، و نقله عنه النجاشي أيضا في رجاله: عن علي ابن محمّد القتيبي، قال: كان الفضل يحبّ العبيدي و يثني عليه و يمدحه و يميل إليه و يقول: ليس في أقرانه مثله (10)، و قال النجاشي بعد نقله: و بحسبك هذا الثناء من الفضل (11)، انتهي، و هو كما قال، فإنه معاصره و شريكه في التّلمّذ و الأخذ عن يونس، و أعرف به من غيره، مع ما هو عليه من علوّ المقام و جلالة القدر و البراءة عن المجازفة في الكلام.
د- ما في النجاشي: في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيي بعد ما نقل عن ابن الوليد، أنه استثني من رجال نوادر الحكمة جماعة عدّهم، و فيهم العبيدي:
قال أبو العباس بن نوح: و قد أصاب شيخنا أبو جعفر (رحمه اللّه) في ذلك كلّه،6.
ص: 139
و تبعه أبو جعفر بن بابويه علي ذلك، إلّا في محمّد بن عيسي بن عبيد، فلا أدري ما رأيه فيه، لأنه كان علي ظاهر العدالة و الثقة (1).
ه- ما في الكشي: في ترجمة محمّد بن سنان ما لفظه: روي عنه الفضل و أبوه، و يونس، و محمّد بن عيسي، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، و الحسن و الحسين ابنا سعيد الأهوازيان، و أيوب بن نوح، و غيرهم من العدول و الثقات من أهل العلم (2)، انتهي، و هذا تصريح منه بوثاقة جماعة، منهم محمّد بن عيسي، و يأتي جملة من مدائحه متفرقا.
و أمّا الثاني فهو أيضا أمور:
أ- ما في النجاشي قال: ذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد أنه قال:
ما تفرّد به محمّد بن عيسي من كتب يونس و حديثه لا يعتمد عليه، و رأيت أصحابنا ينكرون هذا القول و يقولون: من مثل أبي جعفر محمّد بن عيسي، سكن بغداد (3).
ب- ما في الفهرست للشيخ: أنه ضعيف، استثناه أبو جعفر بن بابويه. من رجال نوادر الحكمة و قال: لا أروي ما يختص بروايته (4).
ج- ما فيه أيضا قال: و قيل: أنه كان يذهب مذهب الغلاة (5).1.
ص: 140
و مرجع هذه الوجوه إلي واحد هو استثناء ابن الوليد عن رجال النوادر الذي لم يعلم وجهه، كما اعترف به ابن نوح من أئمة علم الرجال، و يحتمل أن يكون أحد وجهين:
الأول: الغلوّ كما نسبه الشيخ إلي القيل، و هو الأصل غالبا في سبب تضعيفه.
و يردّه مضافا إلي رواية أجلّاء أهل بلده عنه خصوصا الأشعريين، و فيهم مثل: أحمد بن محمّد بن عيسي، و خلو رواياته عمّا يوهمه، و إنكار الأصحاب علي الصدوق، و ردّه متفرداته عن يونس بأنه لا نظير له.
ما رواه الكشي في ترجمة القاسم اليقطيني من كبار الغلاة: عن سعد بن عبد اللّه، قال: حدثني سهل بن زياد الآدمي، عن محمّد بن عيسي، قال:
كتب إليّ أبو الحسن العسكري (عليه السّلام) ابتداء منه: لعن اللّه القاسم اليقطيني، و الآخر علي بن حسكة القمي، إن شيطانا يتراءي للقاسم فيوحي إليه زخرف القول غرورا (1).
و في ترجمة الحسن بن محمّد- المعروف بابن بابا القمّي، و هو أيضا من كبارهم-: قال سعد: حدّثني العبيدي، قال: كتب إليّ العسكري (عليه السلام)، ابتداء منه: أبرأ إلي اللّه من الفهري (2)، و الحسن بن محمّد بن بابا القمي، فابرأ منهما، فإني محذّرك و جميع مواليّ، و إنّي ألعنهما عليهما لعنة اللّه، مستأكلين، يتأكّلان بنا الناس، فتّانين مؤذيين، آذاهما اللّه و أركسهما في الفتنة ركسا، يزعم ابن بابا أنّي بعثته نبيّا، و أنّه باب، ويله لعنه اللّه، سخر منه الشيطان فأغواه،».
ص: 141
فلعن اللّه من قبل منه ذلك، يا محمّد، إن قدرت أن تشدخ رأسه بحجر فافعل، فإنه قد آذاني، آذاه اللّه في الدنيا و الآخرة (1).
و في ترجمة ابن أبي الزبرقاء و غيره: حدثني محمّد بن قولويه و الحسين بن الحسن بن البندار القمي، قالا: حدثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدثني محمّد ابن عيسي بن عبيد، قال: حدثني إسحاق الأنباري، قال: قال لي أبو جعفر الثاني (عليه السّلام): ما فعل أبو السمهري لعنه اللّه؟! يكذب علينا و يزعم أنه و ابن أبي الزبرقاء دعاة إلينا، أشهدكم أنّي أتبرأ إلي اللّه جلّ جلاله منهما، انّهما فتانان (2) ملعونان، يا إسحاق أرحني منهما يرح اللّه عزّ و جلّ بعيشك في الجنّة، فقلت له: جعلت فداك [يحلّ لي] (3) قتلهما؟
فقال: إنّهما فتّانان يفتنان الناس، و يعملان في خيط رقبتي و رقبة موالي، فدماؤهما هدر للمسلمين، و إيّاك و الفتك فإنّ الإسلام قد قيّد الفتك، و أشفق إن قتلته ظاهرا أن تسأل لم قتلته و لا تجد السبيل إلي تثبيت حجته، و لا يمكنك إدلاء الحجة فتدفع ذلك عن نفسك، فيسفك (4) دم مؤمن من أوليائنا بدم كافر، عليكم بالاغتيال، قال محمّد بن عيسي: فما زال، إسحاق يطلب ذلك أن يجد السبيل إلي أن يغتالهما بقتل، و كانا قد حذّراه لعنهما اللّه (5).
و عن سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد و محمّد بن عيسي، عن علي ابن مهزيار، عن فضالة بن أيوب الأزدي، عن أبان بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: لعن اللّه عبد اللّه بن سبإ، أنّه ادّعي الربوبية3.
ص: 142
في أمير المؤمنين (عليه السّلام) و كان و اللّه أمير المؤمنين (عليه السّلام) عبد اللّه طائعا، ويل لمن كذب علينا، و إنّ قوما يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، نبرأ إلي اللّه منهم، نبرأ إلي اللّه منهم (1).
و عن حمدويه و إبراهيم، عن العبيدي، عن ابن أبي عمير، عن المفضل بن يزيد، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام)- و ذكر أصحاب أبي الخطاب و الغلاة فقال لي-: يا مفضّل لا تقاعدوهم، و لا تؤاكلوهم، و لا تشاربوهم، و لا تصافحوهم، و لا تؤاثروهم (2) (3).
و عن حمدويه و إبراهيم، عن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمزة، قال أبو جعفر محمّد بن عيسي: و لقد لقيت محمّدا رفعه إلي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: جاء رجل إلي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) فقال: السّلام عليك يا ربّي! فقال: ما لك لعنك اللّه، ربّي و ربّك اللّه، أما و اللّه لكنت ما علمتك لجبانا في الحرب، لئيما في السلم (4).
و روي في ترجمة بشار الشعيري (5)، و محمّد بن بشير (6)، و محمّد بن فرات (7) - من كبار الغلاة- عنه أخبارا كثيرة، صريحة في اللعن عليهم، و التبري منهم، و فساد مذهبهم، لا حاجة إلي نقلها.
الثاني: ما يظهر من التقي المجلسي في الشرح حيث قال: و الذي يخطر بالبال أن تضعيف الشيخ باعتبار تضعيف ابن بابويه، و تضعيفه باعتبار ابن8.
ص: 143
الوليد كما صرّح به مرارا، و تضعيف ابن الوليد لكون اعتقاده أنه يعتبر في الإجازة أن يقرأ علي الشيخ، أو يقرأ الشيخ و يكون فاهما لما يرويه، و كان لا يعتبر الإجازة المشهورة بأن يقول: أجزت لك أن تروي عني، و كان محمّد بن عيسي صغير السن و لا يعتمدون علي فهمه عند القراءة، و لا علي إجازة يونس له، و لهذا ضعّفه (1)، انتهي، ثم أخذ في ردّه.
و ربّما يؤيد ما ذكره ما في النجاشي، قال: قال أبو عمرو الكشي: نصر ابن الصباح يقول: إنّ محمّد بن عيسي بن عبيد بن يقطين أصغر في السن أن يروي عن ابن محبوب (2).
و فيه: أولا ما صرح به المحقق السيد صدر الدين العاملي: من أن ما ذكره المجلسي من أن محمّدا كان صغير السن و لا يعتمدون علي فهمه عند القراءة و لا علي إجازة يونس له فشي ء لا أعرف من أين أخذه، و قد راجعت رجال النجاشي، و الكشي، و الشيخ في الفهرست، و النقد، و رجال ابن داود، فلم أجد من التصريح بذلك شيئا، و كأن المجلسي استنبط صغره من ذكرهم عدم الاعتداد، انتهي، و هو كما قال.
و راجعت غير ما ذكره من المآخذ فلم نجد له أثرا، نعم ربّما يومئ إليه استثناء خصوص روايته عن يونس، فإنّه لو كان لضعف فيه لعمّ الاستثناء، و لا وجه له إلّا الصغر عند التحمل، و لكن يوهنه ما يأتي.
و ثانيا: أن الصغر حين الأخذ عن ابن محبوب- كما في النجاشي- أو عن يونس لا يوجب الضعف في نفسه بالنسبة إلي الرواية عنهما، فضلا عن الحكم به علي الإطلاق، مع أنه غير واقع من أصله.
أمّا بالنسبة إلي ابن محبوب فلوجوه:6.
ص: 144
أ- إن الموجود في نسخ الكشي الموجودة هكذا: قال نصر بن الصباح:
محمّد بن عيسي من صغار من روي عن ابن محبوب في السن (1)، فما في النجاشي و هم، فكأنّه رآه في الكشي في وقت، و طال العهد، و لم يراجع في وقت التأليف، فأثبت ما في حفظه الذي غيره طول الزمان.
ب- إنّ وفاة ابن محبوب في سنة 224، و كان من أبناء خمس و سبعين سنة، فيكون بعد وفاة أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) بأربع سنين، لكونه في سنة عشرين، و بعد وفاة والده الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) بواحد و عشرين سنة، لكونه في سنة ثلاث و مائتين.
و لم يشكّ أحد في روايته عن الرضا (عليه السّلام) فكيف بمن تأخر عنه (عليه السّلام) بما عرفت، و ذكره الشيخ في أصحاب الرضا (عليه السّلام) و قال: بغدادي (2)، بل الظاهر أنه كان في عصره (عليه السّلام) قابلا لكلّ شي ء.
فروي الشيخ في التهذيب بإسناده عن: محمّد بن أحمد بن يحيي، عن محمّد بن عيسي اليقطيني، قال: بعث إليّ أبو الحسن الرضا (عليه السّلام) رزم ثياب و غلمانا، و حجّة لي، و حجّة لأخي موسي بن عبيد، و حجّة ليونس بن عبد الرحمن، فأمرنا أن نحج عنه، فكانت بيننا مائة دينار أثلاثا فيما بيننا، فلما أردت أن أعبّئ الثياب رأيت في أضعاف الثياب طينا، فقلت للرسول: ما هذا؟ فقال: ليس يوجّه بمتاع إلّا جعل فيه طينا من قبر الحسين (عليه السّلام).
ثم قال الرسول: قال أبو الحسن (عليه السّلام): هو أمان بإذن اللّه، و أمر (عليه السّلام) بالمال بأمور: من صلة أهل بيته،6.
ص: 145
و قوم محاويج لا مئونة لهم، و أمر بدفع ثلاثمائة دينار إلي رحيم (1)م.
ص: 146
امرأته (1)، و أمرني أن أطلّقها عنه، و أمتعها بهذا المال، و أمرني أن اشهد علي طلاقها صفوان بن يحيي و آخر، نسي محمّد بن عيسي [اسمه] (2).
و السند و إن انتهي إليه، لكن بعد وثاقته و عدالته لا يقدح في التمسك به للمطلوب من انّه كان في عصره (عليه السّلام) قابلا لإرسال المال إليه مع كثرته، فإنه كان للمرأة ثلاثمائة دينار، و للحجّة مائة، و للصلة ما لم يذكر قدره، فكيف يكون صغيرا و الإمام (عليه السّلام) يستنيبه للحج عنه؟ و يرسل نفقة النائبين الآخرين إليه، و أحدهما مثل يونس؟ و يرسل إليه صلات أهل بيته و صلات الفقراء؟ و يوكّله في طلاق زوجته؟ و في هذه الأمور من الدلالة علي علوّ شأنه و جلالة قدره و رفعة مقامه فضلا عن عدالته و ثقته ما لا يخفي.
ج- إن محمّد بن عيسي يروي عن حنّان بن سدير كما يأتي (3) في ذكر طريق الصدوق إليه، و حنّان من أصحاب الصادق (عليه السّلام) كما صرّح به النجاشي (4)، و الشيخ في رجاله (5)، بل أدرك الباقر (عليه السّلام).
ففي التهذيب في باب المواقيت للحج: موسي بن القاسم، عن حنّان ابن سدير، قال: كنت أنا و أبي و أبو حمزة الثمالي و عبد الرحيم القصير و زيادظ.
ص: 147
الأحلام فدخلنا علي أبي جعفر (عليه السّلام) (1). الخبر.
فما في الكشي: سمعت حمدويه ذكر عن أشياخه: أنّ حنّان بن سدير واقفي، أدرك أبا عبد اللّه (عليه السّلام) و لم يدرك أبا جعفر (عليه السّلام) (2) فالمراد بأبي جعفر هو الجواد (عليه السّلام) لا الباقر (عليه السّلام) كما صرّح به المجلسي (3)، بل في الكافي في باب ميراث ذوي الأرحام مع الموالي: روي الفضل بن شاذان، قال: روي حنّان، قال: كنت جالسا عند سويد بن غفلة (4)، و مثله في التهذيب في باب ميراث الموالي مع ذوي الأرحام (5)، و سويد مات سنة 80 في عهد الحجاج (6).
د- إنّ محمّد بن عيسي يروي عن السكوني المعروف كما في الكافي في باب ترتيل القران (7)، و في التهذيب في باب تلقين المحتضرين من أبواب الزيادات (8)، و لم يذكر السكوني أحد في غير أصحاب الصادق (عليه السّلام) (9) فلاحظ.
و أمّا الثاني (10): فلأن وفاة يونس كانت بعد وفاة مولانا الرضا (عليهب.
ص: 148
السّلام) بخمس سنين، فمن يروي عن الرضا (عليه السّلام) و يعدّ من أصحابه كيف يكون غير قابل للرواية عن يونس لصغره، مضافا إلي الخبر السابق، و مشاركته معه في النيابة للحج، بل في أصحاب الهادي (عليه السّلام) من رجال الشيخ: محمّد بن عيسي بن عبيد اليقطيني يونسي (1)، و هو شاهد في شدّة اختصاصه به، المحتاج إلي ملازمته إيّاه مدّة، و لا يتحقق ذلك في أيام الصغر.
هذا و روي الكشي: عن سعد بن جناح الكشي، قال: سمعت محمّد ابن إبراهيم الورّاق السمرقندي يقول: خرجت إلي الحج، فأردت أن أمرّ علي رجل من أصحابنا- معروف بالصدق و الصلاح و الورع و الخير- يقال له: بورق البوشنجاني (2)،- قرية من قري هراة- و أزوره و أحدث به عهدي، قال:
فأتيته، فجري ذكر الفضل بن شاذان (رحمه اللّه) فقال بورق: كان الفضل به بطن، شديد العلّة، و يختلف في الليل مائة مرّة إلي مائة و خمسين مرّة.
فقال بورق: خرجت حاجّا فأتيت محمّد بن عيسي العبيدي و رأيته شيخا فاضلا، في أنفه عوج (3)، و هو القنا (4)، و معه عدّة، فرأيتهم مغتمين محزونين، فقلت لهم: ما لكم؟ فقالوا: إن أبا محمّد (عليه السّلام) قد حبس، فقال بورق: فحججت و رجعت، ثم أتيت محمّد بن عيسي، و وجدته قد انجلي عنه ما كنت رأيت به، فقلت: ما الخبر؟ فقال: قد خلّي عنه (5)، الخبر.
و عن جعفر بن معروف، قال: صرت إلي محمّد بن عيسي لأكتب عنه،3.
ص: 149
فرأيته يتقلنس (1) بالسواد، فخرجت من عنده و لم أعد إليه، ثم اشتدت ندامتي لما تركت من الاستكثار منه لما رجعت، و علمت أنّي قد غلطت (2).
هذا خلاصة ما يتعلق بالعبيدي، و من أراد الوقوف علي كلمات القوم و اختلافهم فيه الراجع إلي ما ذكرنا مدحا و قدحا فعليه بتكملة الرجال للعالم الجليل الشيخ عبد النبيّ الكاظمي، و برسالة السيد الأجل الناقد السيد محمّد باقر (3) (قدّس سرّه) فيه.
و أمّا إسماعيل بن جابر: فهو ثقة، من أرباب الأصول التي يرويها عنه صفوان (4)، و يروي عنه أيضا محمّد بن سنان (5)، و علي بن النعمان (6)، و عثمان ابن عيسي (7)، و حمّاد بن عثمان (8)، و عبد اللّه بن المغيرة (9)، و عبد اللّه بن مسكان (10)، و الحسين بن عثمان (11)، و موسي بن القاسم (12)، و ابن أبي عمير (13)، و جعفر بن بشير (14)، و معاوية بن وهب (15)، و إسحاق بن عمّار (16)، و غيرهم من3.
ص: 150
الأجلّاء.
محمّد بن علي ماجيلويه (1)، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد ابن سنان و صفوان بن يحيي، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي (2).
و محمّد بن علي من مشايخ إجازة الصدوق، الذي أكثر من الرواية عنه في المشيخة، و الخصال (3)، و الأمالي (4)، و العيون (5)، و التوحيد (6)، مترحّما
ص: 151
مترضيا في جميع المواضع.
و صحّح العلامة طريق الفقيه إلي: منصور بن حازم (1)، و معاوية بن وهب (2)، و فيهما محمّد بن علي، و وثقه الآميرزا محمّد في باب الألقاب من كتابه تلخيص الرجال (3).
و عمّه محمّد من أجلّاء الثقات، كأحمد البرقي.
و أمّا أبوه محمّد فهو ثقة علي ما صرّح به الشيخ في رجاله (4)، و العلامة في الخلاصة (5)، و صحح طرق الصدوق إلي جماعة هو فيها، كطريقه إلي إسماعيل ابن رباح (6)، و إلي الحارث بن المغيرة النضري (7)، و إلي حفص بن غياث (8)، و إلي حكم بن حكيم (9).
و يروي عنه أجلّاء المشايخ و عيون الطائفة، كالفقيه محمّد بن أحمد بن خاقان النهدي (10)، و محمّد بن الحسن الصفار (11)، و إبراهيم بن هاشم (12)، و جميل بن درّاج، أو جميل بن صالح كما في التهذيب في باب الزيادات في فقه النكاح (13).8.
ص: 152
و محمّد بن علي بن محبوب (1)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (2)، و إبراهيم ابن إسحاق الأحمري النهاوندي (3)، و السندي بن الربيع (4)، الذي يروي عنه صفوان (5)، و محمّد بن عبد الجبار (6)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (7)، و الثقة الثبت الحسن بن علي بن النعمان (8)، و غيرهم.
و يروي عن جعفر بن بشير (9) الذي قالوا فيه: روي عنه الثقات (10).
و قول النجاشي: و كان محمّد ضعيفا في الحديث، و كان أديبا حسن المعرفة بالأخبار و علوم العرب (11)، لا يدلّ علي ضعفه في نفسه، و لذا قدّم العلامة (12) و جملة من المحققين توثيق الشيخ (13) عليه، مع بنائهم علي تقديم قول الجارح خصوصا إذا كان مثل النجاشي الضابط.
و في تكملة الكاظمي: و المشهور بين الفقهاء العمل بروايته كما اعتمده العلامة، و حيث كان الجارح له هو النجاشي و هو أسطوانة أهل هذا الفن، و لا مجال لردّ كلامه، أخذوا في تأويل كلامه (14).9.
ص: 153
و أطال الكلام في نقل كلماتهم، و حاصل ما ارتضاه أن المراد: أنه يروي عن الضعفاء، و هو كلام متين.
و أمّا إسماعيل: فهو الفقيه الذي قالوا فيه: كان وجها في أصحابنا هو و أبوه و عمومته، و أنه أوجههم (1).
و يروي عنه: جميل بن دراج (2) كثيرا، و حمّاد بن عثمان (3)، و أبان بن عثمان (4)، و صفوان بن يحيي (5) - و هؤلاء من أصحاب الإجماع، و روايتهم أو رواية الأخير من أمارات الوثاقة- و محمّد بن سنان (6)، و الثقة الجليل محمّد بن سماعة (7).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عنه (8).
و السند صحيح مرّ ذكر رجاله سوي عليّ، و هو أبو الحسن علي بن محمّد بن أبي القاسم عبد اللّه أو عبيد اللّه الملقب ببندار بن عمران الجنابي البرقي، ابن بنت أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي من مشايخ ثقة الإسلام، المذكور في بعض
ص: 154
عدده، الذي يعبّر عنه في أوّل السند تارة: بعلي بن محمّد (1)، و أخري: بعلي ابن محمّد بن عبد اللّه (2)، و ثالثة: بعلي بن محمّد بن بندار (3).
و قال في حقّه النجاشي: ثقة فاضل فقيه أديب، رأي أحمد بن محمّد البرقي و تأدّب عليه، و هو ابن ابنته (4)، و صحّح العلامة طريق الفقيه إلي الحارث بن المغيرة و هو فيه (5).
و أمّا إسماعيل: فلم يذكر حاله، إلّا أنّه يروي عنه ابن أبي عمير كما هنا، و في التهذيب في باب زيارة البيت (6)، و في باب أوقات الصلوات (7)، و في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة (8)، و لا يروي إلّا عن ثقة.
عنه (1).
و إسماعيل غير مذكور، و يشير إلي مدحه- مضافا إلي عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتبرة و ذكر الطريق إليه- ما في التهذيب في باب الزيادات في الحدود (2)، و في الكافي في كتاب الحدود: عن أحمد بن محمّد بن في مسائل إسماعيل ابن عيسي عن الأخير (عليه السّلام) (3)، في مملوك يعصي صاحبه أ يحل ضربه أم لا؟ فقال (عليه السّلام): لا يحل أن يضربه، إن وافقك فأمسكه، و إلّا فخلّ عنه (4).
و الظاهر أن المراد ابن عيسي، فإنه يروي عن أبيه سعد عنه، كما في التهذيب في باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم شهر رمضان (5)، و في الاستبصار في باب ما تجوز شهادة النساء فيه (6)، و في باب أن الثّيب وليّ نفسها (7)، و فيه مدح ظاهر.
و في الخبر كما في التعليقة إشارة إلي معروفيته و كونه معتمدا و صاحب مسائل معروفة معهودة (8).
جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد اللّه بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن الفضل بن إسماعيل بن الفضل، عن
ص: 156
أبيه إسماعيل بن الفضل الهاشمي (1).
و أمّا جعفر: فهو من مشايخ الصدوق، الذي قد أكثر من الرواية عنه مترحما مترضيا (2).
و الحسين: من أجلّاء مشايخ ثقة الإسلام، و جدّه عامر بن محمّد بن عمران الأشعري، و صرّح في باب المستأكل بعلمه و مواضع أخر باسم جدّه عامر (3)، و في باب النوادر بعده: بكونه أشعريا (4)، و يذكر تارة باسم جدّه عمران فيقال: الحسين بن محمّد بن عمران (5)، ثقة لا مغمز فيه.
و عمّه عبد اللّه: من الثقات المعروفين، و أجلّاء مشايخ أصحابنا الأشعريين (6).
و عبد الرحمن بن محمّد بن أبي هاشم البجلي: ممّن وثقه النجاشي مرتين (7).
و المفضل (8): غير مذكور، و لكن وجود ابن أبي عمير في السند يكفي في الحكم بصحته علي ما هو المختار.
و إسماعيل: ثقة، جليل القدر، و هو ابن الفضل بن يعقوب بن فضل ابن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب.ظ.
ص: 157
في ذكر الحقوق عن علي بن الحسين سيّد العابدين (عليهما السّلام): علي بن أحمد بن موسي (رضي اللّه عنه) عن محمّد بن جعفر الكوفي الأسدي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن عبد اللّه بن أحمد، عن إسماعيل بن الفضل، عن ثابت بن دينار الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) (1) و في بعض النسخ عبيد اللّه بن أحمد.
و حال علي بن أحمد كحال إخوانه من مشايخ الصدوق (2).
و محمّد بن جعفر: من وكلاء الصاحب (عليه السّلام) و من الذين رأوه و وقفوا علي معجزته كما صرّح به الصدوق في كمال الدين (3)، و في النجاشي:
ثقة صحيح الحديث (4)، و هو من مشايخ ثقة الإسلام، و ما قيل فيه غير قابل للجرح و لا للمعارضة.
و صرّح النجاشي بأن البرمكي كان ثقة مستقيما (5)، فلا يصغي إلي تضعيف ابن الغضائري تبعا (6) للعلامة (7) و من تبعه من المحققين.
ص: 158
و أمّا عبد اللّه: فقد صرّح في شرح المشيخة أنه ابن نهيك الثقة الصدوق المعروف (1).
فالسند صحيح، و للنجاشي (2) أيضا إلي كتاب أبي حمزة- و هو المشتمل علي الحديث المذكور- طريق صحيح ذكرناه في أبواب جهاد النفس (3).
[37] لز- و إلي إسماعيل بن مسلم السكوني (4):أبوه و محمّد بن الحسن (رضي اللّه عنه) عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عنه (5).
أمّا النوفلي: فقال النجاشي: كان شاعرا أديبا، و سكن الري و مات بها، و قال قوم من القميين: أنه غلا في آخر عمره و اللّه أعلم، و ما رأينا له رواية تدلّ علي هذا (6)،. إلي آخره، و ذكر الشيخ في الفهرست كتابا له، و ذكر الطريق إليه من غير إشارة إلي غلوّه (7).
و قال فخر المحققين في الإيضاح: احتج الشيخ بما رواه عن السكوني في الموثق عن الصادق (عليه السّلام) قال: السحت: ثمن الميتة (8). إلي آخره، و السند في الكافي (9)، و الشيخ في التهذيب عنه هكذا: علي بن
ص: 159
إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكوني (1)، و فيه شهادة بتوثيق السكوني و النوفلي و إبراهيم بن هاشم، و صرّح بذلك العلامة الطباطبائي، قال: و تبعه علي ذلك ابن أبي جمهور في درر اللآلي (2).
و يروي عنه من الأجلّاء: إبراهيم بن هاشم (3)، و العباس بن معروف (4)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (5)، و الثقة الجليل الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة (6)، و محمّد بن أبي القاسم (7) الثقة، والد عليّ بن محمّد ماجيلويه، و أحمد بن محمّد البرقي (8)، و أبوه (9)، و علي بن إبراهيم القمي (10)، و الثقة الصدوق محمّد بن أحمد بن أبي قتادة عليّ (11).
و من جميع ذلك ربّما يورث الظن بوثاقته، مضافا إلي ما يأتي في السكوني، مع أن الغلوّ في آخر العمر لو سلّم غير مضرّ بأحاديثه كما نصّ عليه الأستاذ الأكبر (12).
و أمّا السكوني: فخبره إمّا صحيح أو موثق، و ما اشتهر من ضعفه فهو كما صرّح به بحر العلوم و غيره: من المشهورات التي لا أصل لها (13)، فإنا لم نجد5.
ص: 160
في ما بأيدينا من كتب هذا الفن و ما نقل عنه منها إشارة إلي قدح فيه، سوي نسبة العامية إليه في بعضها الغير المنافية للوثاقة (1).
و يدلّ علي وثاقته بالمعني الأعمّ بل الأخصّ- عند نقاد هذا الفن- أمور:
أ- قول الشيخ في العدة: - و هو ممّن رموه بالعامية- و لأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث، و غياث بن كلّوب، و نوح بن درّاج، و السكوني، و غيرهم من العامة عن أئمتنا فيما لم ينكروه و لم يكن عندهم خلافه (2).
ب- قوله أيضا في مواضع من كتبه كما يأتي في نقل [بعضها] (3).
ج- قول المحقق في المسألة الأولي من المسائل العزّية في ردّ من ضعف الخبر المعروف: الماء يطهّر و لا يطهر- بأن رواية (4) السكوني- ما لفظه: قوله:
الرواية مسندة إلي السكوني، و هو عامي، قلنا: و هو و إن كان عاميا فهو من ثقات الرواة، و قال شيخنا أبو جعفر في مواضع من كتبه: إن الإمامية مجمعة علي العمل بما يرويه السكوني، و عمّار، و من ماثلهما من الثقات (5)، و لم يقدح المذهب بالرواية مع اشتهار الصدق، و كتب جماعتنا مملوّة من الفتاوي المستندة إلي نقله فلتكن هذه كذلك (6).
د- قول الشيخ في كتاب النهاية في مسألة ميراث المجوسي: و قال قوم:
أنّهم يورثون من الجهتين معا، سواء كان ممّا يجوز في شريعة الإسلام أو لا يجوز،ا.
ص: 161
و هذا القول عندي هو المعتمد. إلي أن قال: مع أنه قد رويت الرواية، و قد أوردناها في كتاب تهذيب الأحكام (1) بأنّهم يورثون من الجهتين جميعا (2)، انتهي.
و لم يذكر هناك سوي حديث السكوني، و في رجال السيد الأجل نقلا عنه: الرواية الصحيحة (3)،. إلي آخره، و هو أدلّ علي المطلوب، و أمّا علي الأول فالوجه أن العمل بما تفرّد بروايته لا يكون إلّا مع صحّتها، و قال السيد (رحمه اللّه): و ما ذكره الشيخ و المحقق ربّما يقتضي الاعتماد علي النوفلي أيضا فإنه الطريق إلي السكوني و الراوي عنه (4).
ه- قول المحقق في المعتبر- في باب النفاس في مسألة أنه لا يكون [الدم] (5) نفاسا حتي تراه بعد الولادة أو معها- بعد نقل خبر عن السكوني ما لفظه: و السكوني عامّي لكنّه ثقة (6).7.
ص: 162
و- قول ابن إدريس في السرائر- و هو من المنكرين علي الشيخ أشدّ الإنكار في عمله برواية السكوني- بعد تسليم جواز العمل بأخبار الآحاد ما لفظه: إسماعيل بن أبي زياد السكوني، بفتح السين، منسوب إلي قبيلة من عرب اليمن، و هو عامّي المذهب بغير خلاف، و شيخنا أبو جعفر موافق علي ذلك، قائل به، ذكره في فهرست أسماء المصنفين و له كتاب يعدّ في الأصول (1)، و هو عندي بخطّي، كتبته من خط ابن أشناس البزاز، و قد قرئ علي شيخنا أبي جعفر و عليه خطّه إجازة و سماعا لولده أبي علي و لجماعة رجال غيره (2)، انتهي كلامه، و فيه فوائد:
منها: أنّ كتابه من الأصول، فيكون معتمدا علي ما هو المشهور المحقق عند المحققين من القدماء و المتأخرين، كما يظهر ممّا ذكروه في وضعها و تعريفها، و كيفيّة عمل الرواة و المفتين بها.
و منها: أنّ هذا الأصل كان موجودا في طبقة الشيخ و من قبله، شائعا متداولا يسمعونه عن الشيوخ و يقرؤنه عليهم، فما رووه عنه و أدرجوه في مجاميعهم مأخوذ من كتابه، فلا يحتاج إلي النظر إلي حال الوسائط بناء علي عدم الحاجة إلي الإجازة و نظائرها في أمثال هذه الكتب، و مع لزوم الحاجة ففيه فائدة أخري و هي وثاقة النوفلي لانتهاء طرق الشيخ إلي الأصل المذكور إليه.9.
ص: 163
ز- رواية الأجلّاء عنه، و فيهم جمع من أصحاب الإجماع، مثل: عبد اللّه ابن المغيرة كما في الفقيه في باب ما جاء في الإضرار بالورثة (1)، و في التهذيب في باب تلقين المحتضرين من أبواب الزيادات (2)، و في باب البينتين يتقابلان (3)، و في باب البينات (4).
و فضالة بن أيوب فيه في باب الحكم في أولاد المطلقات (5) و باب قضاء شهر رمضان (6)، و باب تلقين المحتضرين من الزيادات (7)، و باب التيمم (8)، و باب الحدّ في الفرية و السبّ (9)، و في الكافي في باب حقّ الأولاد في كتاب العقيقة (10).
و عبد اللّه بن بكير في التهذيب في باب التيمم (11).
و جميل بن دارج في الكافي في باب الرجل يحج من الزكاة أو يعتق (12).
و هؤلاء الأربعة من أصحاب الإجماع، و سنبين إن شاء اللّه تعالي أن روايتهم عن أحد من أمارات وثاقته وفاقا للعلامة الطباطبائي.1.
ص: 164
و العباس بن معروف (1)، و هارون بن الجهم (2)، و محمّد بن عيسي (3)، و أبو الجهم بكير بن أعين (4)، و الثقة الجليل سليمان بن جعفر الجعفري (5).
ح- ما تقدّم من الفخر (6) من الحكم بكون السند الذي فيه السكوني موثقا.
ط- ما ذكرناه في خلال حال الجعفريات في الفائدة الثانية، من أن كثيرا من متون أحاديثها موجودة في الكتب الأربعة بطرق المشايخ إلي النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) عن أبيه (7)،. الي آخره، و يظهر منه أنّه كان حاضرا في المجلس الذي كان يلقي أبو عبد اللّه (عليه السلام) سنّة جدّه رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) إلي ولده الكاظم (عليه السلام) بطريق التحديث، و مشاركا معه (عليه السلام) في التلقي عن والده (عليه السّلام) و هذا يدل علي علوّ مقامه و رفعة شأنه و اختصاصه بالصادق (عليه السّلام).
و منه يظهر أن من تشبّث لعاميّته بأسلوب رواياته بأنه عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) في غير محلّه، بل هو علي خلافه أدلّ، مع أنه منقوض في موارد كثيرة.ث.
ص: 165
فروي ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: ما الزهد في الدنيا؟ قال: ويحك حرامها فتنكبه (1).
و عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن الجهم بن الحكم، عن إسماعيل بن مسلم، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال، و لا تحريم الحلال، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما عند اللّه (2).
و الخبران شاهدان صدق علي أن عمله معه (عليه السّلام) لم يكن كعمل الراوي مع الراوي له، كما يراه من رماه بالتسنّن، بل خاطبه (عليه السّلام) بما كان يخاطب به من يعتقد فيه المقام، و يري في كلامه الحجيّة و البرهان.
و روي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: ليس لليهودي و النصراني شفعة (3) ب.
و روي الصدوق في العلل: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: من تعدي في الوضوء كان كناقصه (4) - يروي بالصاد (5) المهملة و الضاد المعجمة- قال المحقق السيد صدر الدين العاملي: فلعلّ خطابه بمثل هذه يشعر بكونه من أهل الأمانة.».
ص: 166
قلت: و ذلك لأنّه (عليه السّلام) أشار في كلامه هذا إلي المخالفين و تعدّيهم في الوضوء بجعل الغسلات ثلاثا ثلاثا، و لذا ذكروا هذا الخبر في هذا الباب، و فيه إشعار بعدم عاميّته ككثير من رواياته المخالفة للعامّة، و له شواهد كثيرة:
منها: ما ذكرناه من مخالفة جملة من رواياته لمذهب المخالفين.
و منها: أنّ الشيخ ذكره في الفهرست (1)، و ذكر كتابه و الطريق إليه، و ذكره أيضا في رجاله في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) و ذكره النجاشي في رجاله و ذكر كتابه (3). و كذا ابن شهرآشوب في معالمه (4)، و لم يشر أحد منهم إلي عاميّته، مع ما علم من دينهم إلي الإشارة إلي مذهب من كان غير إمامي سيّما النجاشي، و إنّما هو شي ء أخذ من الشيخ من غير كتابيه، وكّل من تأخر عنه و صرّح به فمستنده كلامه، فتعداد جماعة نسبوه إلي العامية لا يغني من شي ء إلّا أن يوجد ذلك في كلام من تقدم علي الشيخ أو عاصره، و لم أقف علي من نقله، و قد عرفت وهن المأخذ بتركه و ترك من عرف من سيرتهم الذكر لو كان (5).».
ص: 167
و يؤيد ذلك أن البرقي في رجاله مع عدم بنائه علي ذكر المدح و القدح كثيرا ما يتعرض لعاميّة الراوي، و قد عدّ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) جماعة، و قال: أنه عاميّ، و قال: إسماعيل بن أبي زياد السكوني كوفي، و اسم أبي زياد: مسلم، و يعرف بالشعيري، و يروي عن العوام (1)، انتهي، و لو كان عاميّا لذكره علي عادته.
و منها عدم وثاقته عند المخالفين، فقال ابن حجر في التقريب: إسماعيل ابن زياد، أو أبي زياد الكوفي، قاضي الموصل، متروك، كذبوه من الثامنة (2).
و عن ابن عدي: أنه منكر الحديث (3)، و لا وجه له إلّا إماميته لما مرّ (4) من أن أحدا من أرباب المؤلفين لم ينسبه إلي شي ء من أسباب الجرح غير العاميّة، بل لا يحتمل ذلك بعد اتفاق الطائفة علي العمل برواياته الكاشفة عن وثاقته المنافية للكذب و الوضع و التدليس و الخلط و غيرها، و كذا عدّ كتابه من الأصول، فانحصر الوجه فيما ذكر و هو المطلوب.
و منها أن الشيخ عدّه مع نوح بن درّاج، و غياث بن كلوب، في كونهم من العامّة (5)، و المحقق في الأول التشيّع، فليكن السكوني في مثله، و إنّما جمعتهما القضاوة التي أورثتهما هذه الرزية، بل في عاميّة الأخير أيضا تأمّل يذكر في محلّه.0.
ص: 168
و أمّا ما في نكت النهاية للمحقق، من أنّ الأكثرين يطرحون ما انفرد به السكوني (1)، فهو مضافا إلي معارضته لما نقلنا عنه و احتمال حمله علي من تأخر عن الشيخ أنّه لا ينافي الوثاقة، لأنّهم يذكرون هذا الكلام غالبا في مقام انفراد الراوي بالنقل في مقابل الخبر الذي رواه الثقة المشهور بين الرواة فيصير شاذا، و هذا غير مختصّ به، و العجب ممّن يعمل بالخبر الموثق أو ما وثق بصدوره و يطرح خبر السكوني، فهب أنّه عامّي فهلّا استظهر وثاقته من كلامي الشيخ، و المحقق، و أعجب منه من جمع بين غلوّ النوفلي و تسنّن السكوني و بينهما بعد الخافقين و باللّه التوفيق.
عن محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران، عن أحمد بن محمّد الخزاعي، عن محمّد بن جابر بن عياذ (2) العامري، عن زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام) عن فاطمة (عليها السّلام) (3).
و السند إلي ابن مهران الثقة لا عيب فيه، و أمّا الرجلان اللذان بعده فغير مذكورين لا في رجال الخاصّة و لا ما بأيدينا من رجال العامّة، و لقلّة الحاجة إلي تصحيحه أعرضنا عن التفحص عن حالهما.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن أبي همام إسماعيل بن همام (4).
ص: 169
و هو ابن عبد الرحمن البصري الذي ذكر النجاشي أنه ثقة و أبوه و جدّه (1)، فالسند صحيح بالاتفاق.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الهيثم بن عبد اللّه النهدي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن سعد بن طريف، عنه (2).
و الظاهر أن هذا طريقه إلي أصبغ فيما رواه عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) في عهده إلي الأشتر، و وصيّته إلي ابنه محمّد بن الحنفية كما يظهر من النجاشي، و الفهرست، و من طريقهما إليه يصلح ما فسد من هذا السند.
ففي النجاشي: الأصبغ بن نباتة كان من خاصة أمير المؤمنين (عليه السّلام) و عمّر بعده، روي عنه (عليه السّلام) عهد الأشتر و وصيّته إلي محمّد ابنه.
أخبرنا ابن الجندي، عن علي بن همام، عن الحميري، عن هارون بن مسلم، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بالعهد.
و أخبرنا عبد السّلام بن الحسين بن الأديب، عن أبي بكر الدوري، عن محمّد بن أحمد بن أبي الثلج، عن جعفر بن محمّد الحسني، عن علي بن عبدك، [عن الحسن بن ظريف] (3) عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بالوصيّة (4).
و في الفهرست بعد الترجمة بما يقرب منه: أخبرنا بالعهد ابن أبي جيّد،
ص: 170
عن محمّد بن الحسن، عن الحميري، عن هارون بن مسلم و الحسن بن طريف جميعا، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن سعد (1). إلي آخره.
و أمّا الوصيّة فأخبرنا بها الحسين بن عبيد اللّه، عن الدوري،. إلي آخر ما في النجاشي، و منها يظهر أن ابن علوان يروي العهد و الوصية عن سعد بلا واسطة، فضعف عمرو عند بعضهم غير ضائر.
و السند إلي الحسين صحيح، و الحسين مدحوه و رموه بالعامية (2)، و نقل النجاشي أنه كان مستورا و لم يكن مخالفا (3)، و كيف كان يشهد بوثاقته- مضافا إلي قول ابن عقدة: كان الحسن- يعني أخاه- أوثق من أخيه و أحمد عند أصحابنا (4) - رواية أجلاء الثقات عنه، مثل: الحسين بن سعيد في الفقيه (5)، و التهذيب (6)، و في الكافي في مواضع (7)، و الحسن بن علي بن فضال (8) من العصبة الذين أمروا (عليهم السّلام) بالأخذ بما رووا، و الحسن بن ظريف بن ناصح (9)، و أبو الجوزاء منبه بن عبد اللّه (10)، و جماعة من المشكورين.
و سعد بن طريف بالمهملة، قيل: و ربّما يوجد في بعض النسخ بالمعجمة، قالوا فيه: صحيح الحديث (11)، و قد ذكرنا في الفائدة السابقة دلالة هذه الكلمة7.
ص: 171
علي التوثيق (1)، و يؤيّده رواية جعفر بن بشير عنه كما في الكافي في باب فضل القرآن (2)، و جماعة من الأجلّاء كعاصم بن حميد (3)، و سعد بن أبي خلف (4)، و الجليل هشام بن سالم (5)، و الحسين بن أبي العلاء (6)، و إبراهيم ابن أبي البلاد (7)، و إبراهيم بن عبد الحميد (8)، و الفقيه الشاعر الثقة عبد اللّه ابن غالب الأسدي (9)، و مهران بن محمّد (10) الذي يروي عنه ابن أبي عمير (11)، و منصور بن يونس (12)، و سلام بن أبي عمرة الخراساني (13)، و سيف ابن عميرة (14)، و غيرهم من الرواة إلّا أنّ هؤلاء أجلّاء ثقات، و بعضهم من عيون هذه الطائفة لا يحتمل في حقّهم عادة الاتفاق علي الرواية من غير ثقة.
و الأصبغ و إن لم يوثقوه صريحا إلّا أنه يظهر ممّا رواه الكشي و غيره (15) جلالة5.
ص: 172
قدره و رفعة مقامه عن التوثيق و التزكية.
أحمد بن محمّد بن يحيي العطار (رضي اللّه عنه)، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد ابن هلال، عن أميّة بن عمرو، عن إسماعيل بن مسلم الشعيري (1).
أما أحمد فهو من عظماء مشايخ الإجازة، و روي عنه الصدوق (2)، و أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري (3)، و الحسين بن عبيد اللّه الغضائري (4) المعلوم حاله في التحرّز عن النقل عن المتهم بطعن و جرح فضلا عن غير الثقة، و أبو الحسين ابن أبي جيد (5)، و صحّح العلامة طريق الصدوق و الشيخ في الفقيه (6) و التهذيب (7) إلي جماعة هو فيه، و قد مرّ في
ص: 173
الفائدة (1) السابقة ما يغني عن التطويل في الكلام، و مرّ ما يتعلّق بأحمد بن هلال (2).
و أمّا أميّة بن عمرو فهو واقفي، و ذكر في النجاشي (3) و الفهرست (4) له كتابا و ذكرا طريقهما إليه، و يروي عنه محمّد بن خالد (5)، و محمّد بن عيسي (6)، و الحسن بن علي بن يقطين (7)، و في النجاشي: إن أكثر كتابه عن إسماعيل (8)، و من جميع ذلك يظنّ اعتبار كتابه، و اللّه العالم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عنه (9).
أما الحكم بن مسكين فلم يوثقوه، و يمكن استفادة وثاقته من أمور:
أ- رواية ابن أبي عمير عنه كما في الاستبصار في باب السهو في صلاة المغرب (10)، و في باب الأجر علي تعليم القرآن (11)، و في التهذيب في باب من
ص: 174
يجب عليه الجهاد (1)، و في كتاب المكاسب (2)، و في الكافي في باب إدخال السرور علي المؤمن (3).
ب- رواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي عنه في الكافي في باب الولد إذا كان أحد أبويه مملوكا (4).
ج- رواية الأجلّاء عنه و فيهم: الحسن بن علي بن فضال (5)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (6)، و علي بن أسباط (7)، و معاوية بن حكيم (8)، و علي بن الحكم (9)، و محمّد بن عبد الحميد (10)، محمّد بن الهيثم (11)، و الحسن ابن محبوب (12)، و الحسن بن موسي الخشاب (13).
د- ما في النجاشي في ترجمته: أن أبا العباس- يعني ابن عقدة- ذكره (14)، أي في كتابه الذي جمعه في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و هم أربعة آلاف، و وثّق جميعهم كما ذكره جماعة، و مرّ و يأتي أيضا إن شاء اللّه تعالي.0.
ص: 175
و من هنا يظهر وجه حمل المحقق في المعتبر في مسألة: أقلّ ما تنعقد به صلاة الجمعة، فإنه ذكر خبر محمّد بن مسلم الذي رواه عنه الحكم بن مسكين الدال علي أنه سبعة، و اختاره الشيخ، و رواية زرارة، و ابن أبي يعفور، و منصور التي مفادها أنه خمسة، كما اختاره المفيد و السيد و عارض بينهما ثم رجّح الأخير بوجوه (1)، و لم يطعن في سند الأول كما هو دأبه في غير المقام.
نعم، قال العلامة في المختلف في طريق رواية محمّد بن مسلم: الحكم ابن مسكين و لا يحضرني الآن [حاله] (2) و نحن نمنع صحّة السند و نعارضه بما تقدّم من الأخبار، و يبقي عموم القرآن سالما عن المعارض (3).
و ردّه الشهيد في الذكري بأن: الحكم ذكره الكشي و لم يعرض له بذم، و الرواية مشهورة جدّا بين الأصحاب، لا يطعن (4) فيها كون الراوي مجهولا عند بعض الناس، و المعارضة منتفية بما ذكرنا من الحمل (5).
و انتصر الشهيد الثاني للعلامة و اعترض بأنه: لا يكفي عدم الجرح بل لا بدّ من التوثيق (6).
و أجاب عنه شارح المشيخة بأن: الظاهر أن الشهيد يكتفي في العدالة بحسن الظاهر (7).
قلت: أو يري الاكتفاء بالخبر، أو أوثق بصدوره بما ذكر هنا، و ما أشار3.
ص: 176
إليه في باب الاستخارة في كلامه الذي ذكرناه في الفائدة السابقة (1)، و بما حقّقناه يسقط الاعتراض من أصله، و يأتي في (ريب) في الطريق إلي علي بن بجيل:
محمّد بن الحسن، عن الحسن بن متيل الدقان، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي عبد اللّه الحكم بن مسكين الثقفي، عن علي بن بجيل (2). إلي آخره، و لا يخفي أن ذكر [كنيته] (3) من بين الجماعة يدلّ علي جلالته عنده (4).
و أمّا أيّوب فغير مذكور إلّا في جامع الرواة للفاضل الأردبيلي (5)، و قد أخرج عنه الخبر ثقة الإسلام في الكافي (6)، و الشيخ في التهذيب (7).
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيي الحلبي، عن أيوب بن الحرّ الكوفي الجعفي أخي أديم بن الحرّ، و هو مولي (8).
و النضر و يحيي و أيوب من أجلّاء الثقات، فالسند صحيح بعد ملاحظة
ص: 177
ما مرّ في حال البرقي و أبيه (1).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه و الحميري جميعا، عنه (2).
و أيوب بن نوح ثقة بالاتفاق، و هو الذي قال فيه أبو الحسن العسكري (عليه السّلام)- كما في غيبة الشيخ مخاطبا لعمرو بن سعيد المدائني-: إن أحببت أن تنظر إلي رجل من أهل الجنّة فانظر إلي هذا (3)، يعني أيوب بن نوح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم ابن مهزيار، عن أخيه علي، عن حمّاد بن عيسي، عن حريز، عن بحر السقاء- و هو بحر بن كثير (4) -.
السند صحيح بما مرّ من وثاقة إبراهيم (5)، و الباقي من الأجلّاء.
و أمّا بحر السقاء فغير مذكور إلّا في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجال الشيخ (6)، و قد مرّ و يأتي استظهار كون من يذكر فيه من الأربعة آلاف الذين ذكرهم ابن عقدة في رجال الصادق (عليه السّلام) و وثقهم.
و يشير إلي وثاقته أيضا رواية حمّاد عنه و لو بالواسطة، و رواية حريز الذي
ص: 178
عدّ كلّ كتبه من الأصول، و عدّ كتابه من الكتب المعتمدة، و تضعيف العامّة إياه، في تقريب ابن حجر: بحر بفتح أوله و سكون المهملة، ابن كنيز بنون و زاي، السقاء، أبو الفضل البصري، ضعيف من السابعة، مات سنة ستين أي بعد المائة (1)، و ذكر مثله الذهبي، قال: و ابن حجر وثقه (2)، و قال الدار قطني: متروك (3).
مع إنّا في غني عن ذكر الامارات بعد وجود حمّاد بن عيسي في الطريق و هو من أصحاب الإجماع، فلا حاجة إلي النظر في حال الذين بعده، ثم إنّ الموجود من نسخ الفقيه و المنقول عنه: كثير بالثاء المثلثة، و قد عرفت المضبوط عندهم و الظاهر أنّهم أضبط في أمثال هذه المقامات.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي ابن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن محمّد ابن سنان، عنه (4).
قد مرّ ما يتعلّق بهذا السند و استظهار وثاقة عليّ في حال البرقي (5).
و بزيع المؤذّن ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6)، و ذكر بزيعا آخر مولي عمرو بن خالد، و قال: كوفي (7)، و ذكر أبو عمرو الكشي في
ص: 179
رجاله بزيعا مطلقا، و ذكر أخبارا عن الصادق (عليه السّلام) في لعنه و عدّه في عداد أبي الخطاب و أضرابه (1).
و السيد الأجل صاحب المنهج قال بعد نقل ما في الكشي و الخلاصة: و في أصحاب الصادق (عليه السّلام) بزيع مولي عمرو بن خالد كوفيّ، و بزيع المؤذن، و لا أدري هذا الملعون أيّهما أو غيرهما، ثم نقل عن تاريخ أبي زيد البلخي: أمّا البزيعية فأصحاب بزيع الحائك، أقرّوا بنبوته و زعموا أنّهم كلّهم أنبياء، و زعموا أنّهم لا يموتون و لكن يرفعون، و زعم بزيع أنّه صعد إلي السماء، و أنّ اللّه مسح علي رأسه و مجّ في فيه، و أن الحكمة تنبت في صدره (2).
و في رجاله الوسيط جزم بذلك، و قال في الحاشية: و أمّا الذي لعنه فأصحاب بزيع الحائك (3). إلي آخره، و يعلم منه أنه غيرهما و هو الموافق للاعتبار، فإن بزيع الملعون كان من أصحاب أبي الخطاب و صدّق رسالته، كما نصّ عليه الحسن بن موسي النوبختي في كتاب الفرق (4)، و هو و أصحابه معروفون بالكفر و الزندقة، كيف يحتمل أن يجعله الصدوق في عداد هؤلاء المشايخ و يعدّ كتابه معتمدا؟ و كيف يلقّب بالمؤذن و لا صلاة عندهم فضلا عن آذانها؟
فمن الغريب ما في شرح التقي المجلسي ما لفظه: و ما كان عن بزيع».
ص: 180
المؤذن فهو ضعيف، روي الكشي إخبارا في ذمّه، و منها خبر صحيح فيه لعنه (1)، فيمكن أن يكون نقل الكتاب قبل انحرافه إلي الغلو (2)، انتهي.
و لا أدري ما سبب جزمه بذلك و كيف لم يحتمل كون الملعون هو الكوفي أو غيرهما و هو الحائك؟
الحسين بن احمد بن إدريس (رضي اللّه عنه) عن أبيه، عن محمّد بن أبي الصهبان، عن محمّد بن سنان، عنه (3).
مرّ حال السند سوي ابن أبي الصهبان عبد الجبار، و هو ثقة، و السند صحيح، علي الأصحّ.
و أمّا بشار بن بشار- كما في بعض النسخ، أو الثاني: بالياء و السين المهملة كما في بعضها و المضبوط في الرجال-: ثقة، صاحب أصل، يروي عنه ابن أبي عمير (4)، و أبان بن عثمان (5)، و قال الحسن بن فضّال: هو خير من أبان (6).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن سنان، عنه (7).
السند صحيح علي ما شرحناه.
و أمّا بشير فروي الكشي: عن طاهر بن عيسي الوراق، عن جعفر بن
ص: 181
[أحمد] (1) بن أيّوب، عن أبي الحسن صالح بن أبي حمّاد الرازي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن زيد الشّحام، قال: رآني أبو عبد اللّه (عليه السلام) و أنا أصلّي، فأرسل إليّ و دعاني فقال لي:
من أين أنت؟ فقلت: من مواليك، فقال: فأيّ موالي؟ قلت: من الكوفة، قال: من تعرف من الكوفة؟ قلت: بشير النبال، و شجرة، قال (عليه السلام): كيف صنيعتهما إليك؟ قلت: ما أحسن صنيعتهما إليّ، قال: خير المسلمين من وصل و أعان و نفع، ما بتّ ليلة قطّ و للّه في مالي حقّ يسألنيه (2)، الخبر.
و روي ثقة الإسلام: عن العدة، عن سهل، عن محمّد بن عيسي، عن إسماعيل بن يسار، عن عثمان بن عفّان السدوسي، عن بشير النبال، قال:
سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الحمّام؟ فقال: تريد الحمام؟ قلت: نعم، فأمر بإسخان الحمام، ثم دخل فاتزرنا بإزار و غطّي ركبتيه و سرته (3)، الخبر.
قال بعض المحققين: و لعلّ في اعتناء الإمام (عليه السّلام) به و إدخاله2.
ص: 182
الحمام معه بعد إسخانه نوع مدح (1).
و يروي عنه من الأجلّاء: داود بن فرقد (2)، و الجليل علي بن شجرة (3)، و محمّد بن سنان (4)، و أبان بن عثمان (5) من أصحاب الإجماع، و سيف بن عميرة (6).
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن سنان، عنه (7).
السند صحيح علي الأصح.
و بكار ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8)، و يروي عنه ابن أبي عمير كما في الكافي في باب حبّ النساء (9)، و في التهذيب في الحرّ إذا مات و ترك وارثا مملوكا (10)، و يونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب الخير و الشرّ (11)، و الحسن بن علي بن فضال فيه في باب قضاء حاجة المؤمن (12).
و هؤلاء من أصحاب الإجماع الذين لا يروون إلّا عن ثقة، كما سنحقّقه، و علي المشهور، فيكفي رواية ابن أبي عمير عنه.
ص: 183
و يروي عنه أيضا: محمّد بن سنان (1)، و عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني (2).
و في التعليقة: و يظهر من أخباره حسن عقيدته، و حكم خالي (3) بحسنه لأن للصدوق طريقا إليه، قلت: بل الحقّ وثاقته بما ذكرنا (4).
أبوه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن بكر بن صالح الأزدي (5).
كذا في نسخ الوسائل، و في بعضها في الحاشية: الرازي بدل الأزدي (6)، كما هو الموجود في بعض نسخ الفقيه، و منه نسخة التقي المجلسي (7)، و لذا ضعّف بكر بن صالح الرازي الضبّي لما قال النجاشي في ترجمته من أنه:
ضعيف (8) (جدّا، كثير التفرّد بالغرائب) (9).
و يختلج بالبال أن الأزدي هو الصحيح، و هو غير الرازي الذي ضعّفوه، و أن الموجود في الأسانيد هو الأوّل، و لم نقف علي تقييده بأحدهما، أو أن كتاب
ص: 184
الرازي معتمد معروض علي الأصول، و ذلك لمنافاة رواية الأجلّة عنه و هو بهذا المكان من الضعف.
مثل إبراهيم بن هاشم، و الحسين بن سعيد في الاستبصار في باب من له زميل يظلّل (1)، و علي بن مهزيار فيه في باب جواز أن يحج الصّرورة عن الصرورة (2)، و في التهذيب في باب الزيادات في فقه الحج (3)، و أحمد بن محمّد ابن عيسي في روضة الكافي بعد حديث قوم [صالح] (4)، و في باب ألبان الإبل من كتاب الأطعمة (5)، و في التهذيب في باب صفة الوضوء (6)، و في الاستبصار في باب مقدار ما يمسح من الرأس و الرجلين (7).
و أحمد بن محمّد بن خالد (8)، و علي بن محمّد (9)، و الحسين بن الحسن (10). و غيرهم.
و بالجملة فلا بدّ من القول بالتعدّد، أو اعتبار كتابه، أو تضعيف ما في النجاشي، أو بتعدد الرازي كما يظهر من رجال الوسيط (11)، و أن ما في النجاشي الذي صرّح بأنه يروي عن الكاظم (عليه السّلام) غير ما في الفهرست فإنه لم6.
ص: 185
يضعفه (1)، و ذكره في رجاله في من لم يرو عن الأئمة (عليهم السّلام) (2) كلّ ذلك لمنافاة رواية هؤلاء خصوصا أحمد الأشعري لما فيه.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف و أحمد بن إسحاق بن سعد و إبراهيم بن هاشم جميعا، عنه (3).
و بكر الأزدي من وجوه الطائفة، و رجال السند من أجلّاء الثقات.
أبوه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن بكير بن أعين.
و هو كوفي يكني: أبا الجهم، من موالي بني شيبان، و لمّا بلغ الصادق (عليه السّلام) موت بكير بن أعين قال: أما و اللّه لقد أنزله عزّ و جلّ بين رسوله و بين أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما) (4) كذا في المشيخة.
و روي هذا الخبر الكشي بطريق صحيح (5)، و يروي عنه غير ابن أبي عمير جماعة من وجوه الطائفة مثل [عمر] (6) بن أذينة (7)، و حريز بن عبد اللّه (8)، و علي بن رئاب (9)، و الحسن بن الجهم (10)، و جميل بن
ص: 186
دراج (1)، و عبد الرحمن بن الحجاج (2)، و أخوه زرارة في الكافي في باب طلاق الغائب (3)، و الحسن بن محبوب (4)، و أبان بن عثمان (5)، و جماعة أخري، و السند صحيح علي الأصحّ.
أبوه و محمّد بن الحسن و محمّد بن موسي بن المتوكل، عن عبيد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد اللّه بن محمّد الحجال الأسدي، عن أبي إسحاق ثعلبة بن ميمون.
و عنهم، عن الحميري، عن عبد اللّه بن محمد بن عيسي، عن الحجال، عنه (6).
و أبو محمّد الحجال هو الذي قال فيه النجاشي: ثقة ثقة، ثبت (7).
و عبد اللّه بن، محمّد أخو أحمد بن محمّد بن عيسي يلقب ببنان لم يرد فيه شي ء، و لكنه كما في الشرح من مشايخ الإجازة (8)، و يروي عنه وجوه القميين مثل: محمّد بن يحيي (9)، و محمّد بن علي بن محبوب (10)، و محمّد بن أحمد بن
ص: 187
يحيي (1)، و محمّد بن الحسن الصفار (2)، و أبو علي الأشعري (3)، و أحمد بن إدريس (4)، و سعد بن عبد اللّه (5)، و علي بن إبراهيم (6)، و جعفر بن محمّد الأشعري (7)، و من لم يطمئن بوثاقته من رواية هؤلاء عنه فليعالج نفسه فإنّها مريضة (8).
و أبو إسحاق من وجوه الطائفة و فقهائها و علمائها و عبّادها و زهّادها، أجلّ من أن يزكّي و يوثّق، فالطريق بجملتها صحيحة.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن ثوير بن أبي فاختة، و اسم أبي فاختة: سعيد بن علاقة (9).
السند صحيح علي الأصح، أمّا غير الهيثم من الرجال فثقات بالاتفاق، و الهيثم و إن لم يوثقوه بل مدحوه بقولهم: قريب الأمر، و فاضل (10)، و لكن
ص: 188
يستكشف وثاقته من رواية جماعة عنه، و فيهم: محمّد بن الحسن الصفار (1)، و سعد بن عبد اللّه (2)، و محمّد بن علي بن محبوب (3)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (4)، و أحمد بن محمّد بن خالد (5)، و محمّد (6) بن أحمد بن يحيي (7) - و لم يستثن من نوادره- و موسي بن الحسن (8)، و سهل بن زياد (9)، و من هنا يظهر وجه حكم العلامة بصحّة هذا الطريق في الخلاصة.
و أمّا ثوير بن أبي فاختة أبو جهم، فروي الكشي فيه حديثا يظهر منه كونه من مشاهير الشيعة (10)، و يؤيده ما في ترجمته في تقريب ابن حجر: ثوير- مصغّرا- ابن أبي فاختة- معجمه مكسورة و مثنّاة مفتوحة- سعيد بن علاقة- بكسر المهملة- الكوفي، أبو الجهم، ضعيف، رمي بالرفض من الرابعة (11).
و ذكره ابن داود في القسم الأول و قال: يروي عن أبيه، ممدوح (12).
و في شرح المشيخة بعد ذكر خبر الكشي: اعلم أنه لا شكّ في جلالة أمثال هذا الرجل بأن يكون مشتهرا غاية الاشتهار عند العامة، و أخذ الحق يصير عندهم متّهما سيّما في مثل زمان أبي جعفر (عليه السّلام) فإنه لم يكن7.
ص: 189
الشيعة فيه إلّا قليلا (رضي اللّه تعالي عنهم) (1) انتهي.
و يروي عنه الجليل أبو عبيدة الحذّاء في الكافي في باب الدعاء للإخوان بظهر الغيب (2)، و في الروضة (3).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن سلمة بن الخطاب، عن محمّد بن الليث، عنه (4).
أمّا سلمة، ففي النجاشي: كان ضعيفا في حديثه (5)، و الضعف في الحديث: الرواية عن الضعفاء، و الاعتماد علي المراسيل، و ليس جرحا في نفسه، مع أنه ضعيف من أصله، لإكثار الأجلّاء من الرواية عنه، فروي عنه الصفار (6)، و سعد بن عبد اللّه (7)، و عبد اللّه بن جعفر الحميري (8)، و محمّد بن يحيي الأشعري (9)، و أحمد بن إدريس (10)، و محمّد بن علي بن محبوب (11)، و محمّد ابن أحمد بن يحيي (12) - و لم يستثن من نوادره- و علي بن إبراهيم (13)، و هؤلاء وجوه
ص: 190
الطائفة في طبقتهم و عيونها، قد أجمعوا علي الرواية عنه، فإن خفي علي أحدهم لم يكن يخفي علي الآخر، و احتمال عكوفهم جميعا علي الرواية من (1) الضعيف بعيد غايته، فاللازم عدّه ممّن تقبل روايته.
و قال الشيخ في الفهرست: سلمة بن الخطاب البراوستاني، له كتب- و عدّها و قال-: أخبرنا بجميع [كتبه و] (2) رواياته ابن أبي جيّد، عن ابن الوليد، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري و أحمد بن إدريس و محمّد بن الحسن الصفار، عن سلمة (3).
و ذكره في رجاله في من لم يرو عن الأئمة (عليهم السّلام) و قال: له كتب ذكرناها في الفهرست، روي عنه الصفار، و سعد، و أحمد بن إدريس، و غيرهم (4)، و لم يشر فيها إلي ضعفه، و في رواية ابن الوليد كتبه بتوسط الجماعة من الدلالة علي الاعتماد ما لا يخفي.
و محمّد بن الليث ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و أنه ممن أسند عنه (5)، و ذكرنا في محلّه أن في ذكره فيه و ذكره الكلمة المذكورة في حقّه دلالة علي كونه من الأربعة الآلاف الموثقين في كتاب ابن عقدة، و المعتمد عند جمهور المحققين.
و أمّا جابر فلم أقف علي حاله، و في الشرح: و يظهر من المصنف أنه كان كتابه معتمدا (6).5.
ص: 191
علي بن أحمد بن موسي، عن محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن جعفر بن [أحمد] (1)، عن عبد اللّه بن الفضل، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عنه (2).
أمّا علي فهو الدقاق الذي أكثر الصدوق من الرواية عنه مترضيا (3)، فهو من مشايخه الذين يجري عليهم ما يجري علي إخوانهم من مشايخ الإجازة.
و مرّ الكوفي و البرمكي في لو (4).
و عبد اللّه بن الفضل هو النوفلي الثقة الذي لا مغمز فيه.
و يأتي جابر الجعفي (5).
و أمّا الأنصاري فهو من السابقين الأولين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين (عليه السّلام) (6) و حامل سلام رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) إلي باقر علوم الأولين و الآخرين (7)، و أوّل من زار أبا عبد اللّه الحسين (عليه السّلام) في يوم الأربعين (8)، المنتهي إليه سند أخبار اللوح السمائي الذي فيه نصوص من
ص: 192
اللّه ربّ العالمين علي خلافة الأئمة الراشدين، الفائز بزيارته من بين جميع الصحابة عند سيدة نساء العالمين (1)، و له بعد ذلك مناقب اخري و فضائل لا تحصي (2).
ينسب بعضها إليه، و الأمر ملتبس (1)، و ظاهره أن سبب الضعف نسبة الكذب و الوضع إليه من مجهول لا يعرف حاله، و يكذّبه رواية الأجلّة عنه و اعتمادهم علي تفسير جابر عليه.
فروي عنه الثقة أبو الحسن أحمد بن النضر (2) كثيرا، و محمّد بن خالد الطيالسي (3)، و سيف بن عميرة (4)، و الجليل يونس بن عبد الرحمن، كما في الكافي في باب العفو (5)، و باب برّ الوالدين (6)، و باب أن الميت يمثّل له ماله و ولده (7).
و الحسن بن محبوب فيه في باب الرفق (8)، و باب نصيحة المؤمن (9)، و باب ما أخذه اللّه علي المؤمن (10).
و عثمان بن عيسي (11)، و حمّاد بن عيسي في التهذيب في باب الوصيّة و وجوبها (12)، و في الكافي في باب الإشارة و النص علي الحسن بن علي (عليهما السلام) (13).
و عبد اللّه بن المغيرة فيه في باب فضل الخبز (14)، و هؤلاء الخمسة من1.
ص: 194
أصحاب الإجماع.
و محمّد بن خالد البرقي (1)، و الحسين بن المختار (2)، و علي بن سيف بن عميرة (3)، و إسماعيل بن مهران السكوني (4)، و النضر بن سويد (5)، و نصر بن مزاحم (6)، و الحسين بن علوان (7)، و إبراهيم بن عمر اليماني (8)، و خلّاد السدي الذي يروي عنه ابن أبي عمير (9)، و محمّد بن سنان (10).
و كيف يحتمل في حقّه الضعف بالكذب و الوضع مع اعتماد هؤلاء عليه، و فيهم مثل يونس، و حمّاد الذي بلغ من تقواه و تثبّته و احتياطه أنه كان يقول:
سمعت من أبي عبد اللّه (عليه السّلام) سبعين حديثا، فلم أزل ادخل الشك علي نفسي حتي اقتصرت علي هذه العشرين (11)، و هل يروي مثله عن غير الثقة المأمون، يؤيد ذلك اعتماد علي بن إبراهيم عليه في تفسيره كثيرا (12).9.
ص: 195
و في شرح المشيخة: اعلم أنّ علي بن إبراهيم روي أخبارا كثيرة في تفسيره عن عمرو بن شمر، عن جابر، و كذا باقي الأصحاب، و كان ذلك لما رأوها موافقا (1) لباقي أخبار الأئمة (عليهم السّلام) اعتبروها، و المصنف روي عنه أخبارا كثيرة، و قال: اعتقد أنّها حجّة بيني و بين ربّي (2)، و لم نطلع علي رواية تدلّ علي ضعفه و ذمّه (3).
قلت: و يظهر من الشيخ المفيد (رحمه اللّه) أيضا الاعتماد عليه، فإنّه في كتاب الكافية- المبني علي المسائل العلمية و تنقيد الأخبار و ردّها و قبولها- تلقّي أخباره بالقبول، فقال في موضع سؤال: فإن قالوا: أ فليس قد روي عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السّلام): أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) لمّا دنا [من] (4) الكوفة مقبلا من البصرة، خرج الناس مع قرظة بن كعب يتلقونه (5). الخبر.
و فيه أنه (عليه السّلام) أنكر علي من نسب أهل الجهل إلي الشرك و الكفر، فأجاب عن السؤال بغير ردّ الخبر و تضعيفه كما هو دأبه في غير المقام.
و استدل أيضا لدعواه أنه (عليه السّلام) ظلّل طلحة و الزبير بعد قتلهما، أو شهد عليهما بالنار، بما رواه إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا عمرو، عن جابر، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) (6). الخبر.6.
ص: 196
و قال في جواب من ردّ دعواه كذب الخبر المعروف من بشارة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) عشرة من أصحابه بالجنّة، بأنه لم ينكره المهاجرون و الأنصار، ما لفظه: علي أنّ كثيرا من الشيعة يروون عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام): أن أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) واقف طلحة و الزبير و خاطبهما (1). الخبر.
فاستدل بروايته علي إنكاره (عليه السّلام) الخبر المذكور، و كذا صنع به في رسالته (2) في الردّ علي أصحاب العدد- كما يأتي (3) - و غير ذلك، فالحقّ دخوله في الثقات خصوصا لو بنينا علي كون رواية واحد من أصحاب الإجماع فضلا عن خمسة منهم من أمارات الوثاقة كما صرّح به العلامة الطباطبائي (4)، و يظهر من العلامة في المختلف (5).
و أمّا جابر، فما أشبهه بمحمّد بن سنان في هذا المقام، و الحقّ أنّه من أجلّاء الرواة، و أعاظم الثقات، بل من حملة أسرارهم و حفظة كنوز أخبارهم.
و يشهد لذلك أمور:
أ- ما رواه محمد بن الحسن الصفار في البصائر: عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال، قال: اختلف الناس في جابر بن يزيد و أحاديثه و أعاجيبه، فدخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و أنا أريد أن أسألهع.
ص: 197
عنه، فابتدأني من غير أن أسأله: رحم اللّه جابر بن يزيد الجعفي، كان يصدق علينا، و لعن اللّه المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا (1).
و رواه الشيخ المفيد في كتاب الاختصاص: عن جعفر بن الحسين، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال، قال: اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي، فقلت: أنا أسأل أبا عبد اللّه (عليه السّلام) فلما دخلت ابتدأني فقال: «رحم اللّه جابر الجعفي، كان يصدق علينا، لعن اللّه المغيرة بن [سعيد] (2) كان يكذب علينا» (3).
و رواه الكشي: عن حمدويه و إبراهيم، قالا: حدثنا محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم (4). و ساق مثله، و فيه: المغيرة بن سعيد، و هذه الطرق كلّها صحيحة مروية في الكتب المعتمدة و لا معارض لها، و لو لم يكن في ترجمته غير هذا الخبر الصحيح المتضمن للإعجاز لكفي في إثبات ما ندّعيه.
ب- ما رواه الكشي: عن جبرئيل بن أحمد، حدثني محمّد بن عيسي، عن عبد اللّه بن جبلة الكناني، عن ذريح المحاربي، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن جابر الجعفي و ما روي؟ فلم يجبني، و أظنّه قال: سألته بجمع فلم يجبني، فسألته الثالثة فقال لي: يا ذريح دع ذكر جابر، فإن السفلة6.
ص: 198
إذا سمعوا بأحاديثه شنعوا، أو قال: أذاعوا (1).
و رواه في ترجمة ذريح بإسناده: عن محمّد بن سنان، عن عبد اللّه بن جبلة الكناني، عن ذريح المحاربي، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) بالمدينة:
ما تقول في أحاديث جابر؟ قال: تلقاني بمكّة، فلقيته بمكة، قال: تلقاني بمني، قال: فلقيته بمني، فقال لي: ما تصنع بأحاديث جابر؟ إله عن أحاديث جابر فإنّها إذا وقعت إلي السفلة أذاعوها، قال عبد اللّه بن جبلة:
[فاحتسبت] (2) ذريحا سفلة (3)، و هذا الخبر أيضا كالصحيح لمكان جبرئيل، و فيه من الدلالة علي علوّ مقامه ما لا يخفي.
ج- ما رواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة بإسناده: عن أبي المفضل، عن محمّد بن عبد اللّه الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسي بن سعدان، عن عبد اللّه بن القاسم، عن المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن تفسير جابر، فقال: لا تحدث به، السفلة فيذيعونه، أما تقرأ كتاب اللّه: فَإِذٰا نُقِرَ فِي النّٰاقُورِ (4) إنّ منّا إماما مستترا، فإذا أراد اللّه إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر، فقام بأمر اللّه (5).
و رواه الكشي: عن آدم بن محمّد بن البلخي، قال: حدثنا، علي بن الحسن ابن هارون الدقاق، قال: حدثنا علي بن أحمد، قال: حدثني أحمد بن (6) عليظ.
ص: 199
ابن سليمان، قال: حدثني الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن حسان، عن المفضل بن عمر الجعفي (1). و ساق مثله.
د- ما رواه السيد علي بن أحمد العقيقي العلوي كما في الخلاصة، عن أبيه، عن عمّار بن أبان، عن الحسين بن أبي العلاء، أن الصادق (عليه السّلام) ترحم عليه- يعني جابر- و قال: إنه كان يصدق علينا (2).
ه- ما رواه الحافظ ابن عقدة علي ما في الخلاصة: عن محمّد بن أحمد (3) بن البراء الصائغ، عن أحمد بن الفضل، عن (4) حنّان بن سدير، عن زياد بن أبي الحلال (5): أنّ الصادق (عليه السّلام) ترحم علي جابر و قال:
إنه كان يصدق علينا، و لعن المغيرة و قال: إنه كان يكذب علينا (6).
و- ما رواه ثقة الإسلام في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سئل عن القائم (عليه السّلام) فضرب بيده علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فقال: هذا و اللّه قائم آل محمّد (عليهم السّلام).
قال عنبسة: فلما قبض أبو جعفر (عليه السّلام) دخلت علي أبي عبد اللّه2.
ص: 200
(عليه السّلام) فأخبرته بذلك فقال: صدق جابر، ثم قال: لعلّكم ترون أن ليس كلّ إمام هو القائم بعد الإمام الذي كان قبله (1).
ز- ما رواه فيه في باب أن الجنّ تأتيهم فيسألونهم: عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، عن محمّد بن أورمة، عن أحمد بن النضر، عن النعمان ابن بشير، قال: كنت مزاملا (2) لجابر بن يزيد الجعفي، فلما أن كنّا بالمدينة دخل علي أبي جعفر (عليه السّلام) فودّعه، و خرج من عنده و هو مسرور، حتي وردنا الأخرجة (3) - أوّل منزل تعدل من فيد (4) إلي المدينة- يوم الجمعة فصلّينا الزوال.
فلما نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال (5) أدم معه كتاب فناوله جابر، فتناوله فقبّله و وضعه علي عينيه، و إذا هو من محمّد بن عليّ إلي جابر بن يزيد، و عليه طين أسود رطب، فقال له: متي عهدك بسيدي؟ فقال: الساعة، فقال له: قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ قال: بعد الصلاة.
قال: ففك الخاتم و أقبل يقرأه و يقبض وجهه حتي أتي علي آخره، ثم أمسك الكتاب، فما رأيته ضاحكا و لا مسرورا حتي وافي الكوفة، فلما وافينا الكوفة ليلا بتّ ليلتي، فلما أصبحت أتيته إعظاما له، فوجدته قد خرج و في عنقه كعاب قد علّقها و قد ركب قصبة و هو يقول:1.
ص: 201
أجد منصور بن جمهور أميرا غير مأمور
و أبياتا نحو هذا، فنظر في وجهي و نظرت في وجهه، فلم يقل لي شيئا و لم أقل له، و أقبلت أبكي لما رأيته، و اجتمع عليّ، و عليه الصبيان و الناس، و جاء حتي دخل الرحبة و أقبل يدور مع الصبيان و الناس يقولون: جنّ جابر بن يزيد، جن جابر، فو اللّه ما مضت الأيام حتي ورد كتاب هشام بن [عبد الملك] (1) إلي و اليه: أن انظر رجلا يقال له: جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه و ابعث إليّ برأسه، فالتفت إلي جلسائه فقال لهم: من جابر بن يزيد الجعفي؟ قالوا:
أصلحك اللّه كان رجلا له فضل و علم و حديث و حج فجنّ، و هو ذا في الرحبة مع الصبيان علي القصب يلعب معهم.
قال فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب علي القصب، فقال:
الحمد للّه الذي عافاني من قتله، و لم تمض الأيام حتي دخل منصور بن جمهور [الكوفة] (2) و صنع ما كان يقول جابر (3).
و السند حسن إلي أحمد بن النضر الثقة، و أخرجه الكليني في جامعه الذي عرفت حاله، و فيه ضروب من المعاجز.
و مؤيّد بما رواه الكشي: عن نصر بن الصباح، قال: حدثنا أبو يعقوبه.
ص: 202
إسحاق بن محمّد البصري، قال: حدثنا علي بن عبد اللّه، قال: خرج جابر ذات يوم و علي رأسه قوصرة راكبا قصبة، حتي مرّ علي سكك الكوفة فجعل الناس يقولون: جنّ جابر، جنّ جابر، فلبثنا بعد ذلك أياما، فإذا بكتاب هشام قد جاء بحمله إليه، قال: فسال عنه الأمير، فشهدوا عنده أنّه قد اختلط، و كتب بذلك إلي هشام و لم يعرّض له، ثم رجع إلي ما كان من حاله الأولي (1).
و لا يخفي ما في الخبر من الدلالة علي عظم قدره و جلالة شأنه. و مثله.
ح- ما رواه فيه أيضا: عن عدّة من أصحابنا، عن صالح بن أبي حمّاد، عن إسماعيل بن مهران، عمّن حدثه، عن جابر بن يزيد، عن الصادق (عليه السّلام) قال: قلت له: حدثني محمّد بن علي (عليهما السّلام) بسبعين حديثا، لم أحدث بها أحدا قطّ، و لا أحدث بها أحدا، فلما مضي محمّد بن علي (عليهما السّلام) ثقلت علي عنقي، و ضاق بها صدري فما تأمرني؟ فقال: يا جابر إذا ضاق بك من ذلك شي ء فاخرج إلي الجبّانة، و احفر حفيرة، ثم دلّ رأسك فيها، و قل: حدثني محمّد بن علي بكذا و كذا، ثم طمّه، فإن الأرض تستر عليك.
قال جابر: ففعلت ذلك فخفّ، عنّي ما كنت أجده (2).
و سند الخبر و إن كان ينتهي إليه، إلّا أنه بعد ثبوت صدقه في إخباره بالأخبار المستعصية عن الصادقين) (عليهما السّلام) يكون في الحجيّة كغيره.
قال المحقق السيد صدر الدين العاملي: تأمّل في هذا الخبر لعلّك تهتدي منه و من مثله إلي نوع ما كان ينشد المفيد فيه من الأشعار، و يمكن الجواب بأن ثقل السر عليه إنّما كان حرصا علي إظهار فضل آل محمّد عليهم السّلام، و ظنّه7.
ص: 203
قابليّة بعض الناس لإفشائه، انتهي. و يقرب من هذا الخبر:
ط- ما رواه الكشي: عن جبرئيل بن أحمد: حدثني محمّد بن عيسي، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: حدثني أبو جعفر (عليه السّلام) تسعين (1) ألف حديث، لم أحدث بها أحدا قطّ و لا أحدث بها أحدا أبدا، قال جابر: فقلت لأبي جعفر (عليه السّلام): جعلت فداك إنّك قد حمّلتني و قرأ عظيما بما حدثتني به من سرّكم الذي لا أحدث به أحدا، فربّما جاش صدري حتي يأخذني منه شبه الجنون، قال: «يا جابر فإذا كان ذلك (2) فاخرج إلي الجبال (3)، فاحفر حفيرة و دلّ رأسك فيها»، ثم قل: حدثني محمّد بن علي (عليهما السّلام) بكذا و كذا (4).
و رواه الشيخ المفيد في كتاب الاختصاص بإسناده: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن محمّد بن عيسي مثله، إلّا أنّ فيه: سبعين ألف حديث، و فيه:
فاخرج إلي الجبّان (5). إلي آخره.
ي- ما رواه: عن علي بن محمّد، قال: حدثني محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جميلة، عن جابر قال: رويت خمسين ألف حديث ما سمعه (6) أحد مني.
يا- ما رواه أيضا: عن جبرئيل بن أحمد، حدثني الشجاعي، عن محمّد2.
ص: 204
ابن الحسين، عن أحمد بن النضر، عن، عمرو بن شمر، عن جابر، قال:
دخلت علي أبي جعفر (عليه السّلام) و أنا شابّ فقال: من أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: ممّن؟ قلت: من جعفي، قال: ما أقدمك إلي هاهنا؟
قلت: طلب، العلم، قال: ممّن؟ قلت: منك، قال: فإذا سألك أحد من أين أنت فقل: من أهل المدينة، قال، قلت: أسألك قبل كلّ شي ء عن هذا، أ يحلّ لي أن أكذب؟ قال: ليس هذا بكذب، من كان في المدينة فهو من أهلها حتي يخرج، قال: و، دفع إليّ كتابا و قال لي: إن أنت حدّثت به حتي يهلك بنو أميّة فعليك لعنتي و لعنة آبائي، و إن أنت كتمت منه شيئا بعد هلاك بني أميّة فعليك لعنتي و لعنة آبائي، ثم دفع إليّ كتابا آخر، ثم قال: و هاك هذا فإن حدثت بشي ء منه أبدا فعليك لعنتي و لعنة آبائي (1).
و روي الكشي أخبارا كثيرة في ظهور الكرامات العجيبة منه لم نستشهد بها لضعف أسانيدها و عدم الحاجة إليها.
و في كتاب عيون المعجزات للعالم الجليل الحسين بن عبد الوهاب الشعراني، و ربّما ينسب إلي علم الهدي السيد المرتضي كما احتمله العلامة المجلسي (2)، و جزم به السيد المحدث التوبلي (3):
روي لي الشيخ أبو محمّد الحسن بن محمّد بن نصر (رضي اللّه عنه) يرفع الحديث برجاله إلي البرسي، مرفوعا إلي جابر (رضي اللّه عنه) قال: لمّا أفضت الخلافة إلي بني أميّة (4). إلي آخره.
و في البحار نقلا عن والده، عن كتاب قديم في المناقب، قال: حدثنا8.
ص: 205
احمد بن عبيد اللّه، قال: حدثنا محمّد بن جعفر، قال: حدثنا محمّد بن إبراهيم ابن محمّد الموصلي، قال: أخبرني أبي، عن خالد، عن جابر بن يزيد الجعفي (1).
و قال: حدثنا أبو سليمان بن أحمد، قال: حدثنا، محمّد بن سعيد، عن أبي سعيد سهل بن زياد، قال: حدثنا محمّد بن سنان، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: لمّا أفضت الخلافة (2). و ساق الخبر.
و فيه معاجز كثيرة، و ذكر الخيط و تزلزل المدينة و هلاك جماعة كثيرة، و ذكر بعض مقاماتهم و حقوق الإخوان، و يظهر منه علوّ مقامه عندهم بما لا يطمعه طامع، و لطول الخبر لم نخرجه، و هو مكرر في الكتب القديمة، بل في نوادر المعجزات- و كأنّه مختصر الدلائل للطبري- في باب معاجز السجاد (عليه السلام) ما لفظه:
و منها خبر الخيط، معروف مشهور، روي الشيخ أبو محمّد الحسن بن محمّد بن نصر يرفع الحديث برجاله إلي محمّد بن جعفر البرسي، عن إبراهيم ابن محمّد الموصلي، عن جابر الجعفي (3). إلي آخره.
يب- ما في رجال الكشي في ترجمة يونس بن عبد الرحمن: وجدت بخطّ محمّد بن شاذان بن نعيم، سمعت أبا محمّد القماصي الحسن بن علوية الثقة يقول: سمعت الفضل بن شاذان يقول: حجّ يونس بن عبد الرحمن أربعا و خمسين حجّة، و اعتمر أربعا و خمسين عمرة، و ألّف ألف جلد ردّا علي المخالفين، و يقال: انتهي علم الأئمة (عليهم السلام) إلي أربعة نفر، أوّلهم سلمان الفارسي، و الثاني جابر، و الثالث السيد، و الرابع يونس بن1.
ص: 206
عبد الرحمن (1).
و المراد من الجابر هو الجعفي لا الأنصاري كما نصّ عليه جماعة، بل لم نقف علي من احتمل غيره، ما في الخلاصة قال: قال ابن الغضائري: جابر ابن يزيد الجعفي الكوفي، ثقة في نفسه، و لكن جلّ من روي عنه ضعيف (2).
يج- ما في الفهرست في ترجمته قال: جابر بن يزيد الجعفي، له أصل، أخبرنا به، و ذكر طريقه. ثم قال: و له كتاب التفسير، ثم ذكر طريقه (3). و لم يذكر فيه شيئا يدلّ علي ضعفه. و يأتي (4) في قول المفيد مدح عظيم لأصحاب الأصول.
و منه يظهر أن قول بعضهم: لا يكاد يفهم حسن من قولهم: له كتاب أو أصل أصلا، شطط من الكلام.
يد- ما في رجال الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام): جابر بن يزيد أبو عبد اللّه الجعفي، تابعي، أسند عنه، روي عنهما (5)، و ذكره في أصحاب الباقر (عليه السّلام) أيضا و قال: جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث الجعفي، توفي سنة ثمان و عشرين و مائة علي ما ذكره ابن حنبل، و قال يحيي بن معين: مات سنة اثنتين و ثلاثين [و مائة] (6) و قال القتيبي: هو من الأزد (7)، انتهي.
و لم يشر إلي ضعف فيه، و قد استظهرنا في محله من كلمة أسند عنه أنّه6.
ص: 207
ممّن ذكره ابن عقدة في رجاله، فيكون من الأربعة آلاف الذين وثقهم.
يه- رواية ابن أبي عمير عنه كما في الكافي في باب النوادر من كتاب الصلاة: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) لجبرئيل: يا جبرئيل أيّ البقاع أحبّ إلي اللّه عزّ و جلّ؟ قال: المساجد، و أحبّ أهلها إلي اللّه أولهم دخولا و آخرهم خروجا منها (1).
و تأمّل في السند صاحب جامع الرواة و احتمل الإرسال لبعد ما بين ابن أبي عمير و جابر (2)، و الظاهر أنّه في غير محلّه.
و رواية جملة من الأجلّاء [عنه] منهم: صفوان بن يحيي كما في الخرائج في فصل أعلام الصادق (عليه السّلام) (3).
و عنبسة بن بجاد العبادي (4)، و هشام بن سالم (5)، و النضر بن سويد (6).
و سيف بن عميرة (7)، و عمّار بن مروان (8)، و إبراهيم بن سليمان (9)، و إبراهيم بن عمر اليماني (10)، و عمر بن أبان (11)، و المفضل بن2.
ص: 208
عمر (1)، و الحسن بن السري (2)، و عمرو بن شمر (3)، و عمرو بن عثمان (4)، و عمر بن يزيد (5)، و عبد اللّه بن غالب (6)، و يعقوب السراج (7) الذي قال المفيد فيه: أنه كان من شيوخ أصحاب الصادق (عليه السّلام) و خاصّته و بطانته و ثقاته (8).
و ميسر (9)، و السكوني (10)، و مثني الحنّاط (11)، و صباح المزني (12).
يو- عدّه المخالفون من الكذابين، و تضعيفهم إيّاه و اهتمامهم علي النهي عن الرواية عنه، حتي قال مسلم في أوّل صحيحه: حدثنا أبو غسان محمّد بن عمرو الرازي، قال: سمعت جريرا يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه، كان يؤمن بالرجعة (13) حدثنا حسن الحلواني، حدثنا يحيي بن آدم، حدثنا مسعر، حدثنا جابر- و هو ابن يزيد- قبل أن يحدث ما أحدث (14).
حدثني سلمة بن شبيب، حدثني الحميدي، حدثنا سفيان قال: كان3.
ص: 209
الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر، فلمّا أظهر ما أظهر اتهمه الناس في حديثه، و تركه بعض الناس، فقيل له: و ما أظهر؟ قال: الإيمان بالرجعة (1).
حدثنا حسن الحلواني، حدثنا أبو يحيي الحمّاني، حدثنا قبيصة و أخوه أنّهما سمعا الجراح بن مليح يقول: سمعت جابرا يقول: عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر، عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) كلّها (2).
حدثني حجّاج بن الشاعر، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: سمعت زهيرا يقول: قال جابر- أو سمعت جابرا يقول-: إنّ عندي لخمسين ألف حديث ما حدّثت منها بشي ء، [قال] (3) ثم حدث يوما بحديث فقال: هذا من الخمسين ألفا (4).
حدثني إبراهيم بن خالد اليشكري قال: سمعت أبا الوليد يقول:
سمعت سلام بن أبي مطيع يقول: سمعت جابر الجعفي يقول: عندي خمسون ألف حديث عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) (5).
و حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، قال:
سمعت رجلا سأل جابر عن قوله عزّ و جلّ: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتّٰي يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّٰهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحٰاكِمِينَ (6)؟ فقال جابر: لم يجي ء تأويل هذه الآية، قال سفيان: و كذب، فقلنا لسفيان: و ما أراد بهذا؟ فقال: إن الرافضة تقول: إنّ عليا (عليه السّلام) في السحاب، فلا نخرج مع من خرج من ولده0.
ص: 210
حتي ينادي مناد من السماء- يريد عليا (عليه السّلام) أنه ينادي- اخرجوا مع فلان، يقول جابر: فذا تأويل هذه الآية و كذب، كانت في إخوة يوسف (1).
و حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، قال:
سمعت جابرا يحدّث بنحو من ثلاثين ألف حديث، ما أستحل أن أذكر منها شيئا، و إن كان لي كذا و كذا (2).
ذكر هذه الأخبار في مقام ذكر الكذابين و من لا يجوز الأخذ عنه، كالحارث الأعور الهمداني و غيره.
و قال ابن حجر في التقريب: جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي أبو عبد اللّه الكوفي، ضعيف، رافضي، من الخامسة (3).
و قال الذهبي في الميزان: جابر الجعفي الكوفي، أحد علماء الشيعة، عن سفيان: كان جابر الجعفي ورعا في الحديث، و ما رأيت أورع منه (4)، ثم ذكر بعض ما رواه مسلم.
و قال: و عن يحيي بن يعلي: سمعت زائدة يقول: جابر الجعفي رافضي، شتم أصحاب النبي (صلّي اللّه عليه و آله) (5).
و قال جرير بن عبد الحميد: لا أستحلّ أن أحدث عن جابر الجعفي لأنه كان يؤمن بالرجعة.
و قال في مختصره في الرجال، كما في النهج و غيره، بعد الترجمة: عن أبي الطفيل، و الشعبي، و عنه: شعبة، و السفيانان، من أكبر علماء الشيعة، وثقه3.
ص: 211
شعبة فشذّ، و تركه الحفّاظ (1).
و قال أبو داود صاحب السنن: ليس في كتابي منه شي ء سوي حديث السهو (2).
و عن ابن الجوزي في المنتظم قال: كان جابر بن يزيد الجعفي رافضيا غاليا، مات سنة 128 (3).
إلي غير ذلك من كلماتهم الناشئة عن عداوتهم المنبعثة عن كونه عالما شيعيا رافضيا (4).
يز- عدّه ابن شهرآشوب في المناقب بابا لأبي جعفر الباقر (عليه السّلام)ا.
ص: 212
و كذلك الكفعمي في جنّته (1)، و المراد من الباب بابهم (عليهم السّلام) في علومهم و أسرارهم، و في الأول، و الإرشاد للمفيد، و إعلام الوري للطبرسي، في مقام ذكر فضائل الباقر (عليه السّلام) ما لفظهم: و كان جابر بن يزيد الجعفي إذا روي عن محمّد بن علي (عليهما السّلام) شيئا يقول: حدثني وصيّ الأوصياء و وارث علوم (2) الأنبياء محمّد بن علي (عليهم السّلام) (3).
و روي الكشي: عن حمدويه قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الحميد بن أبي العلاء قال: دخلت المسجد حين قتل الوليد، فإذا الناس مجتمعون، قال: فأتيتهم فإذا جابر الجعفي عليه عمامة خزّ حمراء، و إذا هو يقول: حدثني وصي الأوصياء و وارث علم الأنبياء محمّد بن علي (عليهما السّلام) قال: فقال الناس: جنّ جابر، جنّ جابر (4).
و روي الحسين بن حمدان، عن أحمد بن يوسف بن محمّد، عن أبي سكينة، عن عمرو بن الزهير، عن الصادق (عليه السّلام) قال: إنّما سمّي جابر لأنه جبر المؤمنين بعلمه، و هو بحر لا ينزح، و هو الباب في دهره، و الحجة علي الخلق من حجّة اللّه أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) (5).
و عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن جعفر بن محمّد الخزاز، عن مخول ابن إبراهيم، عن أبي خديجة سالم بن مكرم، عن ميمون بن إبراهيم، عن جابر أنه قال: علّمني ابن فاطمة (عليهما السّلام) كلمات ما أشاء أن أعلم بهن شيئا إلّا علمته، يعني الباقر (عليه السّلام).9.
ص: 213
و بهذا الإسناد، عن ميمون قال: كان جابر قد جنن نفسه، فركب القصب و طاف مع الصبيان حيث طلب للقتل، و كان فيما يدور إذ لقيه رجل في طريقه، و كان الرجل قد حلف بطلاق امرأته في ليلته تلك أنه يسأل عن النساء أوّل من يلقاه، فاستقبله جابر فسأله عن النساء؟ فقال له جابر: النساء ثلاث، و هو راكب القصبة فمسكها الرجل، فقال له جابر: خلّ عن الجواد، فركض مع الصبيان، فقال الرجل: ما فهمت ما قال جابر، ثم لحق به فقال له: ما معني النساء ثلاث؟ فقال جابر: واحدة لك، و واحدة عليك، و واحدة لا لك و لا عليك، و قال له: خلّ عن الجواد.
فقال الرجل: ما فهمت قول جابر، فلحق به و قال: ما فهمت ما قلت؟
فقال له: أما التي لك فالبكر، و أمّا التي عليك فالتي كان لها بعل و لها ولد منه، و التي لا لك و لا عليك فالثيب التي لا ولد عليها (1).
يح- قول الشيخ المفيد في رسالته في الرّد علي أصحاب العدد ما لفظه:
و أمّا رواة الحديث بأن شهر رمضان من شهور السنة يكون تسعة و عشرين يوما و يكون ثلاثين يوما فهم فقهاء أصحاب أبي جعفر محمّد بن علي، و أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد بن علي، و أبي الحسن علي بن محمّد، و أبي محمّد الحسن بن علي ابن محمّد (صلوات اللّه عليهم) و الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الأحكام، الذين لا يطعن عليهم، و لا طريق إلي ذمّ واحد منهم، و هم أصحاب الأصول المدوّنة، و المصنفات المشهورة، و كلّهم قد أجمعوا نقلا و عملا علي أنّ شهر رمضان يكون تسعة و عشرين، نقلوا ذلك عن أئمة الهدي (عليهم السّلام) و عرفوه من عقيدتهم، و اعتمدوه في ديانتهم، و قد فصّلت أحاديثهم في كتابي المعروف ب (مصابيح النور في علامات [أوائل] (2) الشهور)ر.
ص: 214
و أنا أثبت من ذلك ما يدلّ علي تفصيلها إن شاء اللّه.
فممّن روي عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر (عليهما السّلام) أن شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان: أبو جعفر محمّد بن مسلم. إلي أن قال- في عداد من روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)-:
و روي عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:
سمعته يقول. إلي آخره.
ثم ذكر بعده ما رواه ابن أبي يعفور، و معاوية بن وهب، و عبد الأعلي ابن أعين، و سماعة، و عبد اللّه (1) بن زرارة و أضرابهم (2)، فلولا أن جابر عنده من الموصوفين بالنعوت التي قدمها لما أدرج حديثه في حديثهم، و هذا واضح بحمد اللّه تعالي.
و يشهد لذلك ما فعل به في كتاب الاختصاص، فإنه قال فيه: أصحاب محمّد بن علي (عليهما السّلام): جابر بن يزيد الجعفي، حمران بن أعين، و زرارة، [عامر بن] (3) عبد اللّه بن جذاعة، حجر بن زائدة، عبد اللّه بن شريك العامري، فضيل بن يسار البصري، سلام بن المستنير، بريد بن معاوية العجلي، [الحكم] (4) بن أبي نعيم (5)، انتهي. انظر كيف قدّمه في الذكر علي جميعهم.
هذا ما عثرت عليه من أسباب مدحه و وثاقته و علوّ مقامه و درجته.8.
ص: 215
قال التقي المجلسي في الشرح: و الذي يخطر ببالي من تتبع إخباره أنه كان من أصحاب أسرارهما (عليهما السلام) و كان يذكر بعض المعجزات التي لا تدركها عقول الضعفاء، حصل به الغلوّ في بعضهم، و نسبوا إليه افتراء سيّما الغلاة و العامة.
روي مسلم في أول كتابه ذموما كثيرة في جابر (1)، و الكلّ يرجع إلي الرفض، و إلي القول بالرجعة، و كان مشتهرا بينهم، و عمل علي أخباره جلّ أصحاب الحديث، و لم نطّلع علي شي ء يدل علي غلوّه و اختلاطه سوي خبر ضعيف رواه الكشيّ (2)، انتهي.
و المراد من الخبر إن كان هو ما رواه: عن حمدويه و إبراهيم ابني نصير قالا: حدثنا محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن أحاديث جابر؟ فقال: ما رأيته عند أبي قطّ إلّا مرّة واحدة، و ما دخل عليّ قط (3). فهو إمّا محمول علي التقية عن زرارة، و هو في غاية البعد، أو موضوع كما لا يخفي علي من تأمّل فيما قدمناه، كيف و هو من الذين رووا النص من الباقر علي الصادق (صلوات اللّه عليهما) بالسند الصحيح، كما رواه الكليني (4)، و الطبرسي (5)، و المفيد (6)، و السروي (7)، و غيرهم.
و في باب معاجز الباقر (عليه السّلام) ممّا رآه بنفسه و رواه شي ء كثير،8.
ص: 216
و كذا في أخبار الزيارات، و منها زيارة أمين اللّه، و أبواب الفضائل منه ما لا يحصي.
و الظاهر أن الأصل في ما نسب إليه من الضعف و التخليط ما ذكره النجاشي في ترجمته، فلنذكره مع الجواب عنه بعون اللّه تعالي.
قال (رحمه اللّه): جابر بن يزيد أبو عبد اللّه، و قيل: أبو محمّد، الجعفي، عربي قديم، نسبه: ابن الحارث بن عبد يغوث بن كعب بن الحرب بن معاوية ابن وائل بن مرار بن جعفي، لقي أبا جعفر و أبا عبد اللّه (عليهما السّلام) و مات في أيامه سنة ثمان و عشرين و مائة، روي عنه جماعة- غمز فيهم [و] ضعّفوا- منهم: عمرو بن شمر، و مفضّل بن صالح، و منخل بن جميل، و يوسف بن يعقوب، و كان في نفسه مختلطا، و كان شيخنا أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان (رحمه اللّه) ينشدنا أشعارا كثيرة في معناه يدلّ علي الاختلاط ليس هذا موضعا لذكرها، و قلّما يورد عنه شي ء في الحلال و الحرام، له كتب منها التفسير، ثم ذكر طرقه إليه و إلي سائر كتبه (1).
و قال العلامة في الخلاصة بعد نقل ما في النجاشي: و الأقوي عندي التوقف فيما يرويه هؤلاء عنه، كما قاله الشيخ ابن الغضائري (2).
قال السيد الأجل الآميرزا محمّد في المنهج: و اعلم أن ما تقدم من قول الخلاصة: و الأقوي عندي. إلي آخره، مشعر بأنّه قيل ما يرويه عنه الثقات فلعلّه الصواب، فإن تلك الإشعار إن كان ممّا قيل فيه فلعلّ ذلك لسخافة ما نقل عنه هؤلاء الضعفاء، و إن نقلت عنه أو مضمونها فلعلّ ذلك أيضا من فعل هؤلاء، علي أنّ قائل الأشعار غير معلوم الآن لنا، و كان مستند نسبة الاختلاط2.
ص: 217
إليه ليس إلّا هذا، و اللّه تعالي أعلم (1)، انتهي.
قلت: قد كانت جملة من المسائل المتعلّقة بالمعارف عند جماعة من أعاظم هذا العصر من المناكير التي يضلّلون معتقدها و ينسبونه إلي الاختلاط، كوجود عالم الذّر، و الأظلّة عند الشيخ المفيد، و طيّ الأرض عند علم الهدي، و وجود الجنّة و النار الآن عند أخيه الرضي، و أمثال ذلك ممّا يتعلّق بمقاماتهم (عليهم السّلام) و غيره، مع تواتر الأخبار بها و صيرورتها كالضروريات في هذه الأعصار، و ظاهر أنّ من يري الذي يروي خلاف ما اعتقده ينسبه إلي الاختلاط، بل الزندقة، و من سبر روايات جابر في هذه الموارد و غيرها يعرف أن نسبة الاختلاط إليه اعتراف له ببلوغه المقامات العالية، و الذروة السامية من المعارف.
ثم نقول: الظاهر أن الشيخ المفيد أنشد هذه الأشعار من باب الحكاية و النقل من دون اعتقاد بصدق مضمونها فيه، لما تقدم من نصّه علي جلالته و عدم تطرق الطعن إليه بوجه في الرسالة العددية، و اعتماده علي رواياته في إرشاده، و في كتاب الكافية في موارد متعددة أشرنا إلي بعضها في ترجمة عمرو ابن شمر (2).
ثم إن تمسّك النجاشي لاختلاطه بالأشعار كما هو الظاهر من كونها مستندة فيه، مع ما رأي من إكثار أئمّة الحديث مثل: الكليني، و شيخه عليّ، و الصدوق، الصفار، و ابن قولويه، و الشيخ المفيد- شيخه- في الإرشاد و الأمالي و الكافية و الاختصاص و غيرهم من النقل عنه عجيب، و أعجب منه قوله: و قلّما يورد عنه شي ء في الحلال و الحرام (3)، فإن في كثير من أبواب الأحكام منه خبرا.2.
ص: 218
و روي الصدوق في باب السبعين من الخصال عنه خبرا طويلا فيه سبعون حكما من أحكام النساء يصير بمنزلة سبعين حديثا (1).
و كتاب جعفر بن محمّد بن شريح (2) أكثر أخباره عنه، و أغلبها في الأحكام، فلو جمع أحد أسانيد جابر في الأحكام لصار كتابا، فكيف يستقلّ هذا النقاد مروياته في الحلال و الحرام، و مع الغضّ نقول: ليس هذا و هنا فيه، فإنّ القائمين بجمع الأحكام في عصره كان أكثر من أن يحصي، فلعلّه رأي أن جمع غيرها ممّا يتعلّق بالدين، كالمعارف و الفضائل و المعاجز و الأخلاف و الساعة الصغري و الكبري أهمّ، و نشرها ألزم، فكلّها من معالم الدين و شعب شريعة خاتم النبيين، كما أنّ قلّة ما ورد من زرارة و أضرابه في هذه المقامات لا تورث و هنا فيهم، وَ لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهٰا.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي [عن الحسين بن سعيد] (3) عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عنه (4).
رجال السند إلي القاسم من الأجلّاء، و أما القاسم فلم يوثقوه صريحا، و يمكن استظهار وثاقته من رواية النضر عنه، لما قيل في ترجمته من أنّه: صحيح الحديث (5)، و قد مرّ في الفائدة السابقة (6) بيان دلالة هذه الكلمة علي وثاقة
ص: 219
مشايخ من قيلت هذه الكلمة في حقّه، فراجع.
و يؤيّد رواية يونس بن عبد الرحمن عنه في التهذيب في باب ميراث من علا في الآباء (1)، و باب ابن الأخ و جدّه (2).
و حمّاد فيه أيضا (3)، و في الاستبصار في باب أنّ القاذف إذا عرفت توبته قبلت شهادته (4)، و في طريق الصدوق إليه كما يأتي (5)، و هما من أصحاب الإجماع.
و الحسين بن سعيد في التهذيب في باب البيّنات (6).
و أمّا جرّاح، في النجاشي: روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) ذكره أبو العباس، له كتاب يرويه عنه جماعة منهم النضر بن سويد (7).
أما قوله: روي. إلي آخره، ففيه إشارة إلي كونه من أصحاب الأصول كما أشرنا إليه سابقا، و عرف ذلك منه بالاستقراء.
و قوله: ذكره، إشارة إلي كونه من الأربعة آلاف الذين جمعهم أبو العباس و وثقهم و تلقّاه الأصحاب بالقبول.
و عرفت كون رواية النضر من أمارات الوثاقة.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه (8).
ص: 220
السند في أعلي درجة الصحة.
و جعفر من عيون الطائفة و زهّادها، و هو الذي قالوا فيه: روي عن الثقات و رووا عنه (1).
أبوه، عن علي بن موسي الكميذاني، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد ابن أبي عمير، عن أبي جعفر الشامي، عنه (2).
و الكميذاني (3) من مشايخ الكليني، داخل في عدّته عن ابن عيسي، و يكفي في مدحه روايتهما (4) عنه، مع أنه من مشايخ الإجازة، و وجود الطرق الصحيحة إلي أحمد، و إلي ابن سعيد، و إلي ابن أبي عمير للمشايخ الثلاثة (5).
و الكميذاني علي ما يظهر من تاريخ قم كانت إحدي القري السبعة التي كانت مجتمعة قبل بناء قم، و يقال لها: هفت ده- أي سبعة قري- و هي:
ممجان، و قزوان، و مألون، و سكن، و جلينادان (6)، و كميذان (7)، فلما نزل الأشعريون بأرض قم جعلوا السبعة واحدة و سمّوها بقم (8)، فصارت كميذان إحدي محلاتها في شرح يطول، و ذكر في باب ميادين قم: ميدان يحيي بن عمران ابن عبد اللّه الأشعري بكميذان، بقرب المسجد الجامع، و ميدان أبي علوية
ص: 221
الحسن بن يحيي بن عمران الأشعري بكميذان، بقرب قصر مشرف عليه يعرف به (1).
و أبو جعفر الشامي غير مذكور، و لا يضرّ جهالته بعد رواية ابن أبي عمير عنه، كاشتراك جعفر بن عثمان بين الثقة و غيره، لكون ابن أبي عمير من العصابة الذين لا يحتاج إلي النظر إلي من بعده، إذا صحّ السند إليه، مع أن الظاهر من بعض الاتحاد، مضافا إلي النص علي وثاقة أحدهما، و رواية ابن أبي عمير عن الآخر، فالسند في غاية الاعتبار.
محمّد بن الحسن، عن الحسن ابن متيل الدقاق، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير [البجلي] عنه (1).
في النجاشي: الحسن بن متّيل، وجه من وجوه أصحابنا، كثير الحديث (2)، و حكم في الخلاصة بصحّة هذا السند (3).
و ابن ناجية ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4)، و يروي عنه الجليل عبد اللّه ابن مسكان (5)، و جعفر بن بشير (6) الذي قالوا فيه: روي عن الثقات (7)، و في الشرح: و الظاهر من المصنف أن كتابه معتمد (8)، فقول السيد الجليل في العدّة: و جعفر مهمل (9)، في غير محلّه.
و الوشاء (1)، و أبان (2)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (3)، و سيف بن عميرة (4)، و الحسين بن سعيد (5)، و غيرهم من الأعاظم، فالطريق في أعلي درجة الصحة.
أبوه و محمّد ابن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين ابن سعيد، عن أحمد بن عبد اللّه القروي، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن أبي بصير، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري، عن أمّ المقدام الثقفيّة، عن جويرية (6).
قلت: كذا في نسخ المشيخة و في كتابه علل الشرائع، إلّا أن فيه أحمد ابن عبد اللّه القزويني (7)، و يظهر من سائر طرق المشايخ إلي جويرية في قصّة ردّ الشمس عليه (عليه السّلام) بعد وفاته (صلّي اللّه عليه و آله) اختلال في هذا الطريق.
فروي الصفار في البصائر، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد اللّه بن بحر، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي المقادم، عن جويرية (8). إلي آخره.
ص: 224
و روي الجليل محمّد بن العباس الماهيار في تفسيره علي ما نقله عنه في تأويل الآيات: عن أحمد بن إدريس (1)، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن عبد اللّه بن يحيي، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي المقدام (2)، عن جويرية (3).
و يمكن أن يقال: أنّ أبا بصير رواه عن أمّ المقدام بالواسطة، و عن أبي المقدام بدونها، و قد رواه عن جويرية غيرهما.
فرواه محمّد بن علي الطوسي في كتاب ثاقب المناقب: عن داود بن كثير الرقي، عن جويرية (4).
و الصفار في البصائر: عن محمّد بن الحسين، عن عبد اللّه بن جبلة، عن أبي الجارود، عن جويرية (5)، و غيرهما، و لذا لا يحتاج إلي النظر في حال رجاله و لا يضرّه جهالة بعضه و اختلاف بعض متونه بما لا يضرّ بالمقصود.
قال السيد المرتضي في شرح القصيدة البائية للسيد الحميري عند قوله:
و عليه قد حبست ببابل مرة أخري و ما حبست لخلق معرب
(6)5.
ص: 225
هذا البيت يتضمّن الإخبار عن ردّ الشمس في بابل علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) و الرواية بذلك مشهورة.
و قال ابن شهرآشوب في المناقب: و ذكر أنّ الشمس ردّت عليه مرارا، و ذكر ستّة عشر موضعا، ثم قال: و أمّا المعروف مرّتان في حياة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) بكراع الغميم، و بعد وفاته (صلّي اللّه عليه و آله)- إلي أن قال-:
و أمّا بعد وفاته (صلّي اللّه عليه و آله) ما روي جويرية بن مسهر، و أبو رافع، و الحسين بن علي (عليهما السّلام) (1).
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن جهيم بن أبي جهم، و يقال له: ابن أبي جهمة (2).
مرّ توثيق سعدان في (ح) (3) فالسند صحيح.
و أمّا جهيم فأهملوه في الرجال، و يمكن استظهار وثاقته من رواية الحسن ابن محبوب عنه في الكافي في الروضة بعد حديث يأجوج و مأجوج (4)، و يونس ابن عبد الرحمن فيه في باب البداء من كتاب التوحيد (5)، و هما من أصحاب
ص: 226
الإجماع، و علي بن الحكم (1)، و سعدان (2)، و في الشرح: و يظهر من المصنّف أن كتابه معتمد (3).
و ابن المغيرة هو الذي قالوا فيه: ثقة ثقة (1)، و يروي عنه صفوان (2)، و يونس (3)، و ابن أبي عمير (4)، و أبان بن عثمان (5)، و ثعلبة بن ميمون (6)، و أبو أيوب (7)، و يحيي الحلبي (8)، و حماد بن عثمان (9)، و معاوية بن عمّار (10)، و علي ابن النعمان (11)، و عبد اللّه بن مسكان (12)، و محمّد بن الفضيل (13)، و الفضيل بن يسار (14)، و عبد الكريم بن عمرو الخثعمي (15)، و غيرهم من الأجلّاء.
و روي الكشي: عن محمّد بن قولويه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد ابن محمّد بن عيسي، عن عبد اللّه بن محمّد الحجال، عن يونس بن يعقوب، قال: كنّا عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فقال: أما لكم من مفزع؟! أما لكم من مستراح تستريحون إليه؟! ما يمنعكم من الحارث بن المغيرة النصري (16)؟
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن
ص: 228
محمّد بن الوليد الخزاز، عن حمّاد بن عثمان، عنه (1).
أمّا محمّد، ففي النجاشي: أبو جعفر الكوفي ثقة عين. نقيّ الحديث، قال: و عمّر حتي لقيه محمّد بن الحسن الصفار، و سعد (2).
و في الكشي: فطحي، من أجلّة العلماء و الفقهاء و العدول (3).
و حبيب الخثعمي هو الذي قال [فيه] (4) النجاشي: ثقة مرّتين، و يروي عنه ابن أبي عمير (5)، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي (6)، و حمّاد بن عثمان (7)، و هم من أصحاب الإجماع، و القاسم بن محمّد (8)، و علي بن إسماعيل الميثمي (9)، و غيرهم.
و اعلم أنّ من ذكرناه من رجال الطريق هو الموجود في الوسائل (10)، و فيما رأيناه من نسخ الفقيه، و لكن في شرح التقي المجلسي: عن محمّد بن الوليد الخزّاز، و شرح حاله ثم قال: عن محمّد بن عيسي، و هو ابن عبيد اليقطيني، و قد تقدم ثقته (11)، انتهي.6.
ص: 229
و هو غريب منه لاقتصاره علي نسخة مغلوطة، و قد صرّحوا في ترجمة الخزاز، أنه يروي عن حماد بن عثمان (1)، و الموجود في الأسانيد كثيرا رواية محمّد ابن عيسي عن حمّاد بتوسط يونس بن عبد الرحمن (2) فلاحظ، و بالجملة فالسند موثّق كالصحيح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن سنان، عنه (3).
السند صحيح.
و أمّا حذيفة بن منصور [بن] (4) الكثير الخزاعي فمن أجلاء الثقات لوجوه:
أ- ما في النجاشي: ثقة، روي عن أبي جعفر، و أبي عبد اللّه، و أبي الحسن (عليهم السّلام) و ابناه الحسن و محمّد رويا الحديث، له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا (5). إلي آخره.
ب- رواية ابن أبي عمير عنه كما في طريق النجاشي إلي كتابه، و صفوان في التهذيب في باب فرض صلاة السفر (6)، و عبد اللّه بن المغيرة فيه في باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات (7)، و أبان بن عثمان فيه في باب العارية (8)، و حمّاد بن عثمان و جميل بن دراج في الكافي في باب السنّة في المهور (9)
ص: 230
- هؤلاء الستّة من أصحاب الإجماع لا يروون جميعهم أو الأوّلان منهم إلّا عن الثقة- و غيرهم من الثقات: كمحمّد بن سنان (1)، و محمّد بن أبي حمزة (2)، و عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري (3)، و الحكم بن مسكين (4).
ج- ما في الخلاصة قال: و وثقه شيخنا المفيد و مدحه (5). إلي آخره.
قلت: و في الرسالة العددية لم يطعن في السند الذي فيه حذيفة إلّا بمحمّد بن سنان (6)، و لو لا وثاقته عنده لكان أولي بالطعن.
د- ما ذكره الشيخ في التهذيب عند ذكر حديثه في عدم نقصان شهر رمضان: هذا الخبر لا يصح العمل به من وجوه:
أحدهما: أنّ متن الخبر لا يوجد في شي ء من الأصول المصنّفة، و إنّما هو موجود في الشواذ من الأخبار.
و منها: أن كتاب حذيفة بن منصور عري منه، و الكتاب معروف مشهور، و لو كان هذا الحديث صحيحا عنه لضمّنه كتابه (7). إلي آخره.
و في تعليقة الأستاذ الأكبر في كلامه فوائد: منها كون حذيفة جليلا، صحيح الحديث، موثوقا به.
و منها أن الأخبار التي نقلها المشايخ عنه علي سبيل الاعتماد و الإفتاء بها إنّما هي من كتابه المعروف المشهور (8). إلي آخره.3.
ص: 231
ه- ما رواه الكشي: عن حمدويه و محمّد، قالا: حدثنا محمّد بن عيسي، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سأل أبو العباس فضل البقباق (1) لحريز الإذن علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فلم يأذن له، فعاوده فلم يأذن له، فقال: أي شي ء للرجل أن يبلغ في عقوبة غلامه؟ قال، قال:
علي قدر ذنوبه، فقال: قد و اللّه عاقبت حريزا بأعظم ممّا صنع، قال: ويحك إنّي فعلت ذلك أنّ حريزا جرّد السيف (2)، ثم قال: أما لو كان حذيفة بن منصور ما عاودني فيه [بعد] (3) أن قلت: لا (4).
و هذا الخبر رواه ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي العباس، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: ما للرجل يعاقب به مملوكه (5). إلي آخره، باختلاف يسير، و سقط صدره لعلّه لعدم الحاجة، و ذيله لذلك، أو لعدم ذكره البقباق لتضمّنه ذمّه، فالمناقشة في السند بابن عيسي في غير محلّه.
و دلالته علي المدح العظيم، خصوصا اختصاصه (عليه السّلام) حذيفة بخصلة التسليم- الذي هو من أشرف الخصال- من بين أصحابه غير خفيّ علي المنصف البصير.
و من جميع ذلك يظهر أنه لا ينبغي الإصغاء إلي ما حكي عن ابن الغضائري في ترجمته من أن: حديثه غير نقيّ، يروي الصحيح و السقيم،3.
ص: 232
و آمره ملتبس، و يخرج شاهدا (1)، و لا حاجة إلي شرح سقم هذا الكلام كما في الشرح (2) و غيره.
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسي بن عبيد و الحسن بن ظريف و علي بن إسماعيل كلّهم، عن حمّاد بن عيسي، عن حريز بن عبد اللّه (3).
و أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري و محمّد بن يحيي العطار و أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد و علي بن حديد و عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حمّاد بن عيسي الجهني، عنه.
و أبوه و محمّد بن الحسن و محمّد بن موسي بن المتوكل، عن عبد اللّه ابن جعفر الحميري، عن علي بن إسماعيل و محمّد بن عيسي و يعقوب ابن يزيد و الحسن بن ظريف، عن حمّاد بن عيسي، عنه.
و ما كان فيه عن حريز بن عبد اللّه في الزكاة: محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن (علي بن) (4) إسماعيل بن سهل، عن حمّاد بن عيسي، عنه.
و أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عنه (5).
الحسن بن ظريف ثقة، و علي بن إسماعيل الذي يروي عنه الحميري تقدم وثاقته في (كز) (6).
ص: 233
فالسند الأوّل صحيح، و كذا الثاني و إن ضعّفنا علي بن حديد لوجود الجليلين في طبقته، و كذا الثالث، و كذا الخامس بما مرّ في إبراهيم (1).
و أمّا الرابع: ففي نسخ الوسائل: علي بن إسماعيل (2)، و لكن فيما رأينا من نسخ الفقيه و شرح المشيخة: إسماعيل بن سهل، و الأوّل غير مذكور، و الظاهر أنّه من طغيان القلم، و أمّا الثاني فذكره في الفهرست، و ذكر له كتابا، و ذكر طريقه إليه (3) و لم يشر إلي طعن فيه.
و قال النجاشي: ضعّفه أصحابنا (4)، ثم ذكر الكتاب و الطريق، و في نسبته التضعيف إليهم إشعار بتمريضه، و لعلّه في محلّه لرواية الأجلّة عنه خصوصا مثل: أحمد بن محمّد بن عيسي كما في الكافي في باب الاعتراف بالذنوب (5)، و في باب دعوات موجزات (6).
و علي بن مهزيار (7)، و العباس بن معروف (8)، و محمّد بن عبد الجبار (9)، و محمّد بن خالد البرقي (10)، و كيف كان فلا حاجة إلي التجشّم بعد وجود الطريق الصحيح، مع أنّ كتب حريز كلّها تعدّ في الأصول كما في الفهرست (11)، و طرق المشايخ إليها تقرب من التواتر.9.
ص: 234
و حريز من أعاظم الرواة و عيونها، ثقة ثبت، لا مغمز فيه، و حديث الحجب واضح التأويل ظاهر الحكمة مبيّن المراد، قد أكثر الأجلّاء من الرواية عنه، و لعدم الحاجة طوينا الكشح عن عدّهم.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (1).
و الجهم: هو ابن بكير أخو زرارة، و جدّ الشيخ الجليل أبي غالب أحمد ابن محمّد بن محمّد بن سليمان بن الحسن بن الجهم.
و أبو محمّد الحسن ثقة جليل، يروي عنه الأجلّاء، مثل: الحسن بن عليّ ابن فضال (2)، و عبد اللّه بن بكير (3)، و محمّد بن إسماعيل بن بزيع (4)، و سعد ابن سعد، (5)، و محمّد البرقي (6)، و علي بن أسباط (7)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (8)، و إبراهيم بن هاشم (9)، و محمّد بن القاسم بن فضيل بن يسار (10)، و أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد العاصمي (11).
و في الكافي: عن أحمد، عن محمّد بن علي، عن الحسن بن الجهم،
ص: 235
قال: كنت مع أبي الحسن (عليه السّلام) جالسا فدعا بابنه و هو صغير فأجلسه في حجري و قال لي: جرّده فانزع قميصه، فنزعته، و قال لي: انظر بين كتفيه، فنظرت فإذا في أحد كتفيه شبيه بالخاتم داخل في اللحم، ثم قال: أ تري، هذا كان مثله في هذه الموضع من أبي (عليه السّلام) (1).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن القاسم بن يحيي، عن جدّه الحسن بن راشد.
و محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم ابن يحيي عنه (2).
أمّا القاسم: فذكره الشيخ في الفهرست، و ذكر أن له كتابا فيه آداب أمير المؤمنين (عليه السّلام) (3) و ذكر طريقه إليه، و في من لم يرو عن الأئمة (عليهم السّلام) من رجاله (4)، و لم يشر إلي طعن فيه، و كذا في أصحاب الرضا (5) (عليه السّلام)، و كذا النجاشي (6)، و في الخلاصة: ضعيف (7).
قال في التعليقة: أخذه من ابن الغضائري كما في النقد (8)، فلا يعبأ به،
ص: 236
و رواية الأجلّة عنه سيّما مثل أحمد بن محمّد بن عيسي (1) أمارة الاعتماد، بل الوثاقة، و يؤيّده كثرة رواياته و الإفتاء بمضمونها، و يؤيّد فساد كلام ابن الغضائري في المقام عدم تضعيف شيخ من المشايخ العظام الماهرين بأحوال الرجال إيّاه، و عدم طعن من أحد ممّن ذكره في مقام ذكره في ترجمته، و ترجمة جدّه و غيرها (2)، انتهي.
قلت: و يروي عنه: إبراهيم بن هاشم (3)، و أحمد بن أبي عبد اللّه (4)، و محمّد بن عيسي (5)، و محمّد بن خلف (6)، و إبراهيم بن إسحاق (7)، و محمّد بن خالد (8)، و غيرهم.
و أمّا الكتاب المذكور فهو بعينه الحديث المعروف بالأربعمائة كما لا يخفي علي من نظر إلي سنده في الخصال (9)، و تلقّاه الأصحاب بالقبول، و وزّعوا أحكامه و آدابه علي الأبواب المناسبة لها، و لو لا خوف الإطالة لذكرت جملة منها.
و أمّا جدّه الحسن: فاعلم أن المذكور في الكتب الرجالية ثلاثة:0.
ص: 237
الأول: الحسن بن راشد الطغاوي، الذي قال فيه النجاشي: له كتاب النوادر، حسن، كثير العلم (1)، و ذكره في الفهرست (2)، و لم يضعّفاه (3)، و ضعّفه ابن الغضائري (4)، و ليس هو جدّ القاسم لأنّه كوفي مولي لبني العباس، و الطغاوي كما في الخلاصة: منسوب إلي جبّال بن منبّه، و هو أعصر بن سعد ابن قيس. إلي آخره، و أمّ الطغاويين: الطغاوة بنت جرم بن ريان، قال:
و مسكنهم البصرة (5)، مع أنّ الذي في رجال ابن الغضائري و تبعه غيره: الحسن بن أسد الطغاوي لا راشد.
و العجب من شارح المشيخة حيث قال: و ما كان عن الحسن بن راشد الطغاوي ضعيف، ثم ذكر ما في النجاشي، و ابن الغضائري، ثم ذكر الحسن بن راشد أبا علي الثقة. إلي أن قال: و ذكر المصنّف الضعيف بناء علي أنه كان كتابه حسنا معتمدا عليه كما يظهر من الجارحين أيضا (6)، انتهي، و هو فاسد من وجوه.
الثاني: أبو علي البغدادي الوكيل، الحسن بن راشد، مولي المهلب، الثقة الجليل، المذكور في الأسامي و الكني، من أصحاب الجواد و الهادي (7) (عليهما السّلام) و هذا أيضا ليس جدّ القاسم، لأنه من أصحاب الصادق (عليه السّلام) و يروي عنه كثيرا، و بينهما من البعد من جهة الزمان و اختلاف المروي عنه و الراوي ما لا يخفي.0.
ص: 238
الثالث: أبو محمّد الحسن بن راشد مولي بني العباس، و في الخلاصة:
عن ابن الغضائري مولي المنصور (1)، و في رجال البرقي: كان وزيرا للمهدي (2)، و هذا هو الجدّ، ذكره الشيخ في أصحاب الباقر (3) (عليه السّلام) و لم يضعّفه، و في رجال ابن داود عن ابن الغضائري: ضعيف جدّا (4)، و فيه مضافا إلي ضعف تضعيفاته، كثرة رواية ابن أبي عمير عنه، عن الصادق (عليه السّلام).
و في الاحتجاج للطبرسي: بإسناده إلي محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري، أنه كتب إلي صاحب الزمان (صلوات اللّه عليه) يسأله عن التوجه للصلاة يقول: علي ملّة إبراهيم و دين محمّد (صلّي اللّه عليه و آله)؟ فإنّ بعض أصحابنا ذكر: أنه إذا قال: علي دين محمّد (صلّي اللّه عليه و آله) فقد أبدع، لأنّا لم نجده في شي ء من كتب الصلاة، خلا حديثا واحدا في كتاب القاسم بن محمّد، عن جده الحسن بن راشد، أن الصادق (عليه السّلام) قال للحسن:
كيف التوجّه؟ فقال: أقول: لبيك و سعديك، فقال له الصادق (عليه السّلام): ليس عن هذا أسألك، كيف تقول: وجّهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفا مسلما؟
قال الحسن: أقوله، فقال الصادق (عليه السّلام): إذا قلت ذلك فقل: علي ملّة إبراهيم، و دين محمّد (صلّي اللّه عليه و آله) و منهاج علي بن أبي طالب (عليه السّلام) و الائتمام بآل محمّد (عليهم السّلام) حنيفا مسلما و ما أنا من المشركين.
فأجاب (عليه السّلام): التوجّه كلّه ليس بفريضة، و السنة المؤكّدة فيه0.
ص: 239
التي كالإجماع الذي لا خلاف فيه: وجّهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض، حنيفا مسلما، علي ملّة إبراهيم، و دين محمّد (صلّي اللّه عليه و آله) و هدي عليّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) و ما أنا من المشركين إِنَّ صَلٰاتِي. (1)
الآية، أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم اللّه الرحمن الرحيم (2)، الخبر.
و فيه إشارة إلي وثاقتهما كما لا يخفي علي المتأمّل، هذا و لكن طبقته و طبقة الطغاوي بناء علي ضعفه و كونه ابن راشد واحدة، و يشكل التمييز، إلّا أن المطلق كما قيل ينصرف إلي الفرد الكامل.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسن بن زياد الصيقل، و هو كوفي مولي، و كنيته أبو الوليد (3).
مرّ (4) ما يحتاج إلي الشرح من رجال السند، و ظهر أنه في غاية الاعتبار.
و أمّا الحسن فذكره الشيخ في أصحاب الباقر و الصادق (5) (عليهما السّلام) و ذكر له في الفهرست (6) كتابا، و ذكر طريقه إليه، و لكن لم يوثقه، و يمكن استظهار توثيقه من رواية يونس عنه هنا (7).
ص: 240
و حمّاد بن عثمان في الكافي في باب الكذب (1).
و فضالة بن أيوب في الكافي في باب الورع (2)، و في باب ما فرض اللّه عزّ و جلّ من الكون مع الأئمة (عليهم السّلام) (3).
و أبان بن عثمان فيه في باب التفكّر (4)، و في التهذيب في باب لحوق الأولاد بالآباء (5)، و في باب كيفيّة الصلاة من أبواب الزيادات (6)، و في الفقيه في باب أحكام المماليك و الإماء (7)، و هؤلاء الأربعة من أصحاب الإجماع.
و يروي عنه كثيرا الجليل عبد اللّه بن مسكان (8)، و جعفر بن بشير (9) الذي عدّ روايته من أمارات الوثاقة، و الجليل الحلبي كما في التهذيب في باب ما أحلّ اللّه تعالي نكاحه من النساء (10)، و محمّد بن سنان (11)، و مثني بن الوليد الحنّاط (12)، و علي بن الحكم (13)، و حسين بن عثمان (14)، و عبد الكريم بن عمرو (15) الذي يروي عنه ابن أبي نصر.8.
ص: 241
و من الغريب بعد ذلك ما في مشتركات الكاظمي حيث قال: و ابن زياد الصيقل المجهول، عنه إبراهيم بن حيّان (1).
و أعجب منه نقل أبي علي كلامه و عدم تعرّضه له بشي ء (2).
محمّد بن الحسن، عن الحسن ابن متّيل الدقاق، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عنه (3).
هؤلاء كلّهم من الأجلّاء و وجوه الطائفة.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الصيرفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني (4).
هذا السند ضعيف في المشهور بالصيرفي، و هو أبو سمينة، و قد مرّ بعض ما فيه في (ز) (5).
و الحسن مرميّ بالوقف و الكذب، أمّا الأول فغير مضرّ، و أمّا الثاني فبعيد غايته لوجوه:
أ- رواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي- الذي لا يروي إلّا عن ثقة- عنه، و هو من أصحاب الإجماع كما في التهذيب في باب التدبير (6).
ص: 242
ب- رواية الأجلّاء و إكثارهم عنه مثل: الجليل أبي نصر إسماعيل بن مهران السكوني (1)، و أبي جعفر محمّد بن العباس بن عيسي (2)، و إبراهيم بن هاشم (3)، و النوفلي (4)، و أبو الحسن أحمد بن ميثم (5)، و محمّد بن أبي الصهبان (6)، و صالح بن حمّاد (7).
ج- تلقّي الأصحاب رواياته بالقبول، و كفي شاهدا لذلك أن التفسير الذي ألّفه النعماني كلّه خبر أخرجه بإسناده إلي الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) في أنواع الآيات و أقسامها، و ذكر الأمثلة لكلّ قسم منها، و السند ينتهي إلي إسماعيل بن مهران، عنه، عن أبيه (8). إلي آخره.
و ذكر ملخصه علي بن إبراهيم في أوّل تفسيره (9)، و السيد الأجلّ علم الهدي اختصر تفسير النعماني، و يعرف برسالة المحكم و المتشابه، و الشيخ الجليل سعد بن عبد اللّه غيّر ترتيب الخبر، و جعله مبوّبا و فرّقه علي الأبواب، و قال في أوّله بعد الخطبة: روي مشايخنا، عن أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام). إلي آخر ما في تفسير النعماني مع زيادة بعض الأخبار، و كيف يجتمع هذا مع رميه بالكذب، و إن صوّبنا الرامي فلا بدّ من ارتكاب أحد الوجهين:7.
ص: 243
الأول: أن يكون المراد كذبه في دعواه في صحّة مذهبه، فلا ينافي وثاقته في نقله، و إليه يشير ما في ابن الغضائري: أنه واقف بن واقف، ضعيف في نفسه، و أبوه أوثق منه (1)، و قال الشارح: إنّ الطعون باعتبار مذهبه الفاسد، و لذا روي عنه مشايخنا لثقته في النقل (2).
الثاني: أن يكونوا اقتصروا في النقل عن كتبه التي عرضوها علي الأصول فوجدوها سليمة صحيحة، أو جعلوه شيخا للإجازة بناء علي عدم مبالاتهم بضعفه، كما في الشرح و هو أبعد الوجوه.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (3).
السند صحيح، و الحسن من أصحاب الإجماع، و ممّن أمرنا بأخذ ما رواه، حتي قال الأستاذ الأعظم الأنصاري (قدس سره) في مسألة الاحتكار من كتاب المكاسب ما لفظه: و في السند بعض بني فضال، و الظاهر أن الرواية مأخوذة من كتبهم، التي قال العسكري (عليه السّلام) عند سؤاله عنها: «خذوا بما رووا و ذروا ما رأوا» (4) ففيه دليل علي اعتبار ما في كتبهم، فيستغني بذلك عن ملاحظة من قبلهم في السند، و قد ذكرنا أن هذا الحديث أولي بالدلالة علي عدم وجوب الفحص عمّا قبل هؤلاء من الإجماع الذي ادّعاه الكشي (5) علي تصحيح ما يصحّ عن جماعة (6)، انتهي.
ص: 244
و هو كلام متين فحينئذ فلا حاجة إلي الإطالة في الكلام فيه.
أبوه، عن علي بن الحسن ابن علي الكوفي، عن أبيه.
و عن جعفر بن علي بن الحسن الكوفي، عن جدّه الحسن بن علي الكوفي (1).
الحسن بن علي الكوفي: هو الثقة الجليل ابن عبد اللّه بن المغيرة، كما قرّر في محلّه، و ابنه عليّ، و سبطه جعفر غير مذكور في الرجال، و لكن روي كتاب الحسن جماعة صحّ السند إليهم مثل: محمّد بن علي بن محبوب (2)، و أحمد بن محمّد بن خالد (3)، و محمّد بن يحيي (4)، و محمّد بن الحسن الصفار (5)، و الحسن بن متيل (6)، و سعد بن عبد اللّه (7)، و عبد اللّه بن جعفر الحميري (8)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (9)، و محمّد بن عبد الجبار (10)، مع أن إكثار اعتماد الصدوق علي عليّ و جعفر مترحّما مترضّيا في جملة من الطرق (11) ينبئ عن جلالتهما مضافا إلي كونهما من مشايخ الإجازة.
ص: 245
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عنه (1).
الحسن ثقة، صحيح الحديث، فالسند صحيح.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن علي المعروف بابن بنت إلياس (2).
الوشاء: من وجوه هذه الطائفة، و مرّ في (يز) (3)، و جلالة الباقين واضحة.
[81] فا- و إلي الحسن بن [قارن] (4): حمزة بن محمّد بن العلوي (رضي اللّه عنه) عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه (5).
و حمزة هذا هو: ابن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) من أجلّة مشايخ الصدوق كما في الرياض (6)، مع أن طريقه إلي عليّ غير منحصر فيه.
و أمّا الحسن بن قارن- بالراء المهملة كما في نسخة، أو بالزاي المعجمة
ص: 246
كما في أخري- فغير مذكور في الرجال، و يهون الخطب أنه لم يرو عنه خبر إلّا خبر الفقيه في باب الحدّ الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصلاة (1)، رواه عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام).
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (2).
السند صحيح بالاتفاق.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو، عنه (3).
و عبد الكريم هو: الخثعمي الواقفي الثقة بنص النجاشي (4)، و رواية البزنطي (5) عنه، و كذا جعفر بن بشير (6)، و جماعة من الثقات.
و الحسن بن هارون: أربعة [أسماء] مذكورة في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجال الشيخ (7)، و زعم بعضهم أنه الكندي (8)، و يروي عنه الأجلّاء: كسيف بن عميرة (9)، و عبد الكريم (10)، و ثعلبة بن
ص: 247
ميمون (1)، و الظاهر من الصدوق أن كتابه معتمد، مع أن وجود البزنطي في السند يغني عن النظر إلي من بعده.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسي بن سعدان، عن عبد اللّه ابن القاسم، عنه (2).
أمّا موسي: فقال النجاشي: إنّه ضعيف في الحديث (3)، و فيه إشارة إلي عدم ضعفه في نفسه كما عن ابن الغضائري (4)، و ارتضاه [في] الخلاصة و عدّه من الغلاة (5) الموهون (6) بإكثار رواية الجليل محمّد بن الحسين عنه (7)، و الحسن بن علي الكوفي (8)، و أوثق الناس و أصدقهم لهجة- كما في النجاشي (9) - علي بن أسباط (10)، من أرباب الأصول.
و الضعف في الحديث إمّا بنقل غرائب حالاتهم (عليهم السّلام) أو للرواية عمّن ليس بثقة، و لا يضرّ باعتباره في نفسه المعلوم من رواية الأجلّاء عنه، و عدم تعرّض الشيخ لقدح فيه في الفهرست (11)، و أصحاب
ص: 248
الكاظم (1) (عليه السّلام).
و أمّا عبد اللّه بن القاسم: فهو الحضرمي- المعروف بالبطل- بقرينة رواية موسي عنه، و نسبه في النجاشي إلي الغلوّ و الكذب (2)، و في الخلاصة إلي الوقف (3)، و الظاهر أن نسبة الكذب من لوازم نسبة الغلوّ الثابت عندهم برواية ما لا تحتمله عقولهم من شؤونهم و مقاماتهم (عليهم السّلام) و غرائب أفعالهم، و لا محيص لهم حينئذ إلّا الرمي بالكذب المرهون في المقام برواية ابن أبي عمير عنه- كما في الفقيه في آخر أبواب الكتاب (4) - و جملة من الثقات مثل:
سليمان بن سماعة (5)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (6) أو البرقي (7)، و غيرهم.
و في التعليقة (8): عن الفاضل الخراساني (9): أن العلّامة وصف حديثه بالصحة في الخمس.
و روي الصفّار في البصائر: عن محمّد بن الحسين، عن موسي بن سعدان، عن عبد اللّه بن القاسم، عن خالد بن نجيح الحوار (10)، قال: دخلت8.
ص: 249
علي الصادق (عليه السّلام) و عنده خلق، فجلست ناحية فقلت في نفسي:
و يحكم ما أغفلكم عمّن (1) تتكلّمون عند ربّ العالمين؟! فناداني: ويحك يا خالد! إنّي و اللّه عبد مخلوق، ولي ربّ اعبده، و إن لم أعبده عذّبني بالنار، فقلت: لا و اللّه لا أقول فيك أبدا إلّا قولك في نفسك (2).
و هو صريح في عدم غلوّ جميع رجال السند.
و أمّا الوقف فغير مضرّ بالوثاقة، مع أنّه موهون بعدم تعرّض الشيخ له في الفهرست (3)، و نسبة النجاشي (4) إليه ما يضادّه.
و الحسين بن أبي العلاء: هو أبو علي الأعور الخفّاف، الذي قال فيه النجاشي: و أخواه عليّ و عبد الحميد، روي الجميع عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و كان الحسين أوجههم (5)، و أخوه عبد الحميد ثقة (6)، فلو كان الحسين غير ثقة لا يكون أوجه منه.
و في الفهرست: له كتاب يعدّ في الأصول (7)، مع أنّا في غني عن هذا الاستظهار برواية ابن أبي عمير عنه (8)، و صفوان (9)، و عبد اللّه بن المغيرة (10)،5.
ص: 250
و فضالة بن أيوب (1)، و هؤلاء من أصحاب الإجماع، و الأوّلان لا يرويان إلّا عن ثقة (2).
و من الأجلّاء: أحمد بن محمّد بن عيسي (3)، و علي بن الحكم الثقة (4)، و علي بن النعمان (5)، و جعفر بن بشير (6)، و علي بن أسباط (7)، و العباس بن عامر (8)، و القاسم بن محمّد الجوهري (9)، و يحيي بن عمران الحلبي (10)، و موسي بن سعدان (11)، و نقل ابن داود عن شيخه السيد جمال الدين تزكيته في البشري (12)، و مع ذلك كلّه فالتزلزل في وثاقته في غير محلّه.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد
ص: 251
ابن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو، عن الحسين بن حمّاد الكوفي (1).
الطريق صحيح، و الحسين يروي عنه ابن أبي عمير كما في التهذيب في باب كراهية المسألة من كتاب الزكاة (2)، و البزنطي كما صرّح به الأستاذ في التعليقة (3)، و أبان بن عثمان في التهذيب في باب المحرم يقبّل امرأته (4)، و في باب الكفارة عن خطأ المحرم (5)، و هؤلاء من أصحاب الإجماع، و لا يروي الأولان إلّا عن الثقة.
و من الأجلّاء: عبد اللّه بن مسكان كثيرا (6)، و الحسين بن محمّد بن سماعة (7)، و أبو مالك الحضرمي (8)، و موسي بن سعدان (9)، و حميد بن زياد (10)، و عبد الصمد الذي روي أحمد بن محمّد بن عيسي عنه عنه (11)، و إبراهيم بن مهزم (12)، و عبيس بن هشام (13)، و داود بن حصين (14)،4.
ص: 252
و عبد الكريم بن عمرو (1)، و ذكر في الفهرست كتابه و الطريق إليه (2)، كما أن الصدوق عدّه من الكتب المعتمدة، مع أنّ وجود البزنطي في الطريق كاف للحكم بصحّة حديثه.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد ابن يحيي العطار، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (3) (عليهم السّلام).
رجال السند من الأجلّاء، و الحسين هو الملقب بذي الدمعة، كان أبو عبد اللّه (عليه السّلام) تبنّاه و ربّاه و زوّجه بنت الأرقط كما في النجاشي (4)، و في جملة من كتب الأنساب يكنّي: بأبي عاتقة، و إنّما لقب بذي الدمعة لبكائه في تهجده في صلاة الليل، و ربّاه الصادق (عليه السّلام) فأورثه علما جمّا، و كان زاهدا، توفي سنة 135 (5).
و في رياض العلماء: و يروي عنه غير ابن أبي عمير: يونس بن عبد الرحمن كما في الكافي في باب وجوه النكاح (6)، و أبان بن عثمان في باب صوم كفّارة اليمين (7)، و خلف بن حمّاد (8)، و علي بن أسباط (9)، و غيرهم (10)، فظهر أنّه لا
ص: 253
مجال للتأمل في وثاقته.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد اللّه بن جبلة، عن أبي عبد اللّه الخراساني، عنه (1).
عبد اللّه من الثقات، و الخراساني غير مذكور، إلّا أنّ في رواية عبد اللّه بن جبلة عنه (2)، و إبراهيم بن هاشم (3)، كما يأتي في طريقه (4)، و عدّه الصدوق من أرباب الكتب المعتمدة مدح عظيم.
و الحسين مثله في الإهمال و الشركة في الأخيرة، و لذا قال في الشرح:
و الخبر قوي (5).
محمّد بن الحسن، عن الحسين ابن الحسن بن أبان، عنه.
و عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (6).
مرّ استظهار وثاقة [ابن] في (يج) (7) فالسندان صحيحان.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن محمّد القمّي، عن الرضا
ص: 254
(عليه السّلام) (1).
ذكره الشيخ في أصحاب الجواد (عليه السّلام) (2) و في الكافي: محمّد ابن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الحميري، عن الحسين بن محمّد القمّي، قال: قال الرضا (عليه السّلام): من زار قبر أبي (3). إلي آخره.
و في التهذيب: عن علي بن حبشي بن [قوني] (4)، عن علي بن سليمان الرازي، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخيبري، عن الحسن بن محمّد القمي (5). إلي آخره.
و في كامل الزيارات: حدثني أبو العباس محمّد بن جعفر القرشي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن الخيبري، عن الحسين (6) بن محمّد الأشعري القمي (7). إلي آخره.
و في باب فضل زيارة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (8) أيضا حديث بهذا السند، و لكن في الكافي: الحميري (9)، و فيهما الخيبري.1.
ص: 255
و أما ما في التهذيب من ذكر الحسن فهو من سهو القلم كما نصّ عليه في الجامع (1)، و من الثلاثة يظهر أنه يروي عن الرضا (عليه السّلام) بل في الخبر الأخير قال: قال أبو الحسن موسي (عليه السّلام): أدني ما [يثاب] (2) به زائر أبي عبد اللّه الحسين بشطّ فرات إذا عرف حقّه و حرمته و ولايته، أن يغفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر (3).
و في الفقيه في باب ثواب زيارة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) رواية عنه عن الرضا (4) (عليه السّلام)، و من هذه الأخبار يظهر أنه لا يجوز احتمال كونه أبا عليّ الأشعري شيخ ثقة الإسلام، و لكن اعتماد المشايخ الثلاثة عليه و إخراج أحاديثه و عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة يورث الظنّ القوي بحسن حاله و كونه ممّن يعتمد عليه و اللّه العالم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري و محمّد بن يحيي العطار و أحمد بن إدريس جميعا، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن حمّاد بن عيسي، عن الحسين بن المختار القلانسي.
و عن محمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين ابن سعيد، عن حمّاد بن عيسي، عنه (5).
رجال السند من الأجلاء.
ص: 256
و أمّا الحسين: فقال المفيد في الإرشاد: و ممّن روي النص علي الرضا علي ابن موسي (عليهما السّلام) بالإمامة من أبيه، و الإشارة إليه منه بذلك، من خاصته و ثقاته و أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته: داود بن كثير. إلي أن قال: و الحسين بن المختار (1)، انتهي.
و في الخلاصة: قال ابن عقدة عن علي بن الحسن: أنه كوفي ثقة (2)، يروي عنه ابن أبي عمير كما في الكافي في باب ذكر اللّه في الغافلين (3)، و حمّاد بن عيسي كما في النجاشي (4)، و عبد اللّه بن المغيرة في الكافي في باب الإشارة و النص علي أبي الحسن الرضا (5) (عليه السّلام) و يونس بن عبد الرحمن فيه في باب الرواية علي المؤمن (6)، و هؤلاء الأربعة من أصحاب الإجماع.
و من الأجلّاء: عثمان بن عيسي فيه في باب اختلاف الحديث (7)، و محمّد بن سنان (8)، و علي بن الحكم (9)، و أحمد بن حمزة (10)، و موسي بن القاسم (11)، و سليمان بن سماعة (12)، و عبد اللّه بن مسكان (13)، و الحسن بن زياد2.
ص: 257
الوشاء (1)، و أحمد بن عائذ (2)، و إبراهيم بن أبي البلاد (3)، و محمّد بن عبد اللّه ابن زرارة (4)، و محمّد البرقي (5)، فلا مجال للتشكيك في وثاقته بل و جلالته.
نعم ذكره الشيخ في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) و قال: إنّه واقفي (6)، و يوهنه أنه ذكره في أصحاب الصادق (7) (عليه السّلام) و لم ينسبه إليه، و كذا في الفهرست مع ذكره كتابه و طريقه إليه، و كذا النجاشي فإنه قال:
الحسين بن المختار كوفي، مولي أحمس من بجيلة، و أخوه الحسن، ذكرا فيمن روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السّلام) له كتاب يرويه عنه حمّاد بن عيسي و غيره (8). إلي آخره، و لو كان عنده واقفيّا لكان ذكره أهمّ.
و أخرج الصدوق في العيون: عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد ابن عيسي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسين بن المختار، قال: لمّا مرّ بنا أبو الحسن (عليه السّلام) بالبصرة خرجت إلينا منه ألواح [مكتوب] (9) فيها بالعرض: عهدي إلي أكبر ولدي (10).
و روي ثقة الإسلام في الكافي: عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان و علي بن الحكم معا، عن الحسين بن المختار، قال: خرجت4.
ص: 258
إلينا ألواح من أبي الحسن موسي (عليه السّلام)- و هو في الحبس-: عهدي إلي أكبر ولدي أن يفعل كذا و أن يفعل كذا، و فلان لا تنله شيئا حتي ألقاك أو يقضي اللّه عليّ الموت (1).
و رواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الكليني (2)، و استند إليه و إلي نظائره في إثبات موت أبي الحسن (عليه السّلام) و وصايته إلي ابنه الرضا (عليه السّلام) ردّا علي الواقفة المنكرين الموت و الوصاية، فاحتمال كون الحسين منهم من الوهن بمكان.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري الكوفي (3).
الحفص: ثقة، صاحب أصل (4)، يروي عنه ابن أبي عمير (5)، و صفوان ابن يحيي (6)، و عبد اللّه بن سنان (7)، و علي بن الحكم (8)، و هشام بن الحكم كما في الكافي في باب الإبط من كتاب الزي و التجمّل (9).
فالسند في أعلي درجة من الصحة.
ص: 259
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن حفص أبي ولاد بن سالم الكوفي، و هو مولي (1).
رجال السند من الأجلّاء.
و هذا الحفص أيضا ثقة، صاحب أصل (2)، يروي عنه الحسن بن محبوب (3)، و فضالة (4)، و حمّاد بن عثمان (5)، و علي بن الحكم (6)، و محمّد بن أبي حمزة (7).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عنه.
و عن علي بن أحمد بن موسي، عن محمّد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن أبي بشير، قال: حدثنا الحسين بن الهيثم، قال: حدثنا سليمان بن داود المنقري، عنه.
و عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي القاضي (8).
السند الأول: صحيح بما مرّ في البرقي و أبيه (9).
ص: 260
و أمّا الثاني: فعلي من مشايخ الإجازة (1)، و محمّد بن أبي عبد اللّه هو:
محمّد بن جعفر الأسدي الثقة (2)، و ابنا أبي بشير و الهيثم غير مذكورين، و سليمان بن داود وثّقه النجاشي (3)، يروي عنه الحسن بن محمّد بن سماعه (4)، و يحيي الحلبي (5).
و تضعيف ابن الغضائري (6) ضعيف لو انفرد فكيف به إذا عارضه توثيق النجاشي.
و أمّا الثالث: ففيه: القاسم بن محمّد الأصفهاني القمي، المعروف بكاسولا (7)، قال فيه ابن الغضائري: يعرف حديثه تارة و ينكر اخري (8)، و مع ذلك قد أكثر من الرواية عنه إبراهيم بن هاشم (9)، و يروي عنه محمّد بن علي5.
ص: 261
ابن محبوب (1)، و أبو الحسن الفقيه علي بن محمّد بن شيرة القاساني (2)، و سعد ابن عبد اللّه (3)، و قد أكثر في الكافي من الرواية عنه بتوسط مشايخه (4)، و يروي عنه أيضا أحمد بن محمّد البرقي (5).
و حقّ القول في المقام أنه لا حاجة إلي النظر في حال الآحاد، لأن كتاب حفص معتمد عوّل عليه الأصحاب، و الطرق إليه كثيرة.
أمّا الأول: ففي الفهرست: حفص بن غياث، عامي المذهب، له كتاب معتمد (6).
و في معالم السروي: حفص بن غياث القاضي، عامي، له كتاب معتمد (7).
و مثلهما ما في الخلاصة (8).
و قال السيد المحقق في رجاله الكبير، بعد نقل ما في الفهرست، و الخلاصة: و ربّما جعل ذلك مقام التوثيق من أصحابنا (9).
و قال الشيخ في العدة: عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث، و غياث بن كلوب، و نوح بن درّاج، و السكوني. و غيرهم من العامة عن أئمتنا (عليهم السّلام) و لم ينكروه و لم يكن عندهم خلافه (10).0.
ص: 262
أمّا عامّيته و إن كانت غير منافية لوثاقته و اعتبار كتابه، إلّا أنّ الظاهر تفرّد الشيخ بذلك في الفهرست، و ذكره في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و لم يرمه بها (1).
و أمّا النجاشي: فأطال في ذكر نسبه و قضاوته في بغداد و الكوفة، و ذكر كتابه و طرقه إليه، و لم يتعرض لفساد مذهبه، إلّا أن يقال باكتفائه بذكر: قضاوته من قبل هارون (2) عن ذكر مذهبه، و فيه تأمّل.
و يروي عنه الحسن بن محبوب (3)، و جميل بن درّاج (4) من أصحاب الإجماع، و من الثقات: علي بن شجرة (5)، و أبو أيوب (6)، و محمّد البرقي (7)، و محمّد بن حفص ابنه (8). و غيرهم.
و ممّا يبعّد عاميّته و يقرّب إماميّته ما رواه في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دارج، عن يونس بن ظبيان و حفص ابن غياث، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قالا: قلنا: جعلنا فداك أ يكره أن يكتب الرجل في خاتمه غير اسمه و اسم أبيه؟ فقال: في خاتمي مكتوب: اللّه خالق كلّ شي ء، و في خاتم أبي محمّد بن علي- و كان خير محمّدي رأيته بعيني-:
العزّة للّه، و في خاتم علي بن الحسين: الحمد للّه العلي العظيم، و في خاتم0.
ص: 263
الحسن و الحسين: حسبي اللّه، و في خاتم أمير المؤمنين: للّه الملك (1)، و فيه مواضع تشهد بتشيّعه.
و أصرح منه ما رواه الشيخ في التهذيب، و الصدوق في الخصال، و علي ابن إبراهيم في تفسيره، بأسانيدهم: عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين (عليه السّلام)- و كان السائل من محبّينا- فقال أبو جعفر (عليه السّلام): بعث اللّه محمّدا (صلّي اللّه عليه و آله) بخمسة أسياف (2). ثم شرح (عليه السّلام) الخمسة في كلام طويل لم يعهد منهم (عليهم السّلام) إلقائه إلي غير شيعتهم، فلاحظ.
و في التهذيب بالإسناد: عن سليمان [بن] (3) أبي أيوب، عن حفص بن غياث، قال: (كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن مسائل، فسألته) (4) عن الأسير هل يتزوّج في دار الحرب؟ فقال: أكره ذلك، فإن فعل في بلاد الروم فليس هو بحرام، و هو نكاح، و أمّا في الترك و الديلم و الخزر فلا يحلّ له ذلك (5)، و هو كالنص في تشيّعه، و المراد بالإخوان: شيعته الذين كانوا يعتقدون حجيّة كلامه (عليه السّلام).
و يؤيد ذلك روايته عن أبي الحسن موسي (عليه السّلام) أيضا كما نصّ5.
ص: 264
عليه النجاشي (1)، و رواية المخالفين عنه غير معهودة (2).
و أمّا الثاني: فإنّ الصدوق رواه عن طرق ثلاثة، و النجاشي ذكر له طريقين آخرين، و قال: إنّ كتابه سبعون و مائة حديث أو نحوها، و كذا الشيخ في الفهرست ذكر له طريقا (3)، و يظهر منهم أن مشايخ القميين: كابن الوليد، و الصفار، و سعد، و الحميري. و غيرهم رووا كتابه، مضافا إلي عدّه الصدوق من الكتب المعتمدة.
و جميل بن درّاج (1)، و حمّاد بن عثمان (2)، و أبان بن عثمان (3)، و هشام بن سالم (4)، و محمّد بن أبي حمزة (5)، و السندي بن محمّد (6). و غيرهم من الأجلّاء.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عنه (7).
رجال هذا السند و حمّاد من عيون الطائفة.
في وصيّة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) لأمير المؤمنين (عليه السّلام): محمّد بن علي الشاه بمرو الرود، قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن أحمد بن الحسين، قال: حدثنا أبو يزيد أحمد بن خالد الخالدي، قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن صالح التميمي، قال: حدثنا أبي- أحمد بن صالح التميمي- قال: حدثنا محمّد بن حاتم القطان، عن حمّاد بن عمرو، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام).
و عن محمد بن علي الشاه، قال: حدثنا أبو حامد، قال: حدثنا أبو يزيد، قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن صالح التميمي، قال: حدثني (8) أبي، قال: حدثني أنس بن محمّد أبو مالك، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) أنه (صلّي اللّه عليه
ص: 266
و آله) قال (1): يا علي، أوصيك بوصيّة فاحفظها، فلا تزال بخير ما حفظت وصيّتي. و ذكر الحديث بطوله (2).
رجال سند هذه الوصيّة مجاهيل، لا طريق إلي الحكم بصحّتها و اعتبارها من جهته، و لكن متنها ممّا يشهد بصحّتها، مع أن أكثر فقراتها مرويّة في الكتب المعتمدة، و ليس فيه ممّا يوهم الغلوّ و التخليط.
و في المحاسن في كتاب القرائن: عن حمّاد بن عمرو النصيبي، عن السري بن خالد، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن آبائه، عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) قال: قال لعلي (عليه السّلام): يا علي، أوصيك بوصيّة فاحفظها عنّي (3). و ذكر شطرا منها.
و في رسالة أبي غالب الزراري إلي ولد ولده، عند ذكر ما كان عنده من الكتب، و طرقه إليها: كتاب وصيّة النبيّ لأمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما و آلهما) عن أبي العباس بن عقدة- و علي ظهره إجازته لي جميع حديثه بخطّه-:
و قد أجزت لك رواية ذلك (4)، انتهي.
و من جميع ذلك يظهر أنّها كانت معروفة متداولة بينهم داخلة في إجازاتهم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم و يعقوب بن يزيد، عن حمّاد بن عيسي الجهني.
و عن أبيه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه.
و عن أبيه، عن عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن عيسي بن عبيد و الحسن
ص: 267
ابن ظريف و علي بن إسماعيل بن عيسي كلّهم، عنه (1).
الطرق الثلاثة صحيحة، و إن كان عليّ مهملا (2) لوجود الثقة معه.
و حمّاد من عيون هذه الطائفة، و من أصحاب الإجماع، و له مناقب جمّة، و إن قال ابن حجر في التقريب: حمّاد بن عيسي بن عبيدة بن الطفيل الجهني الواسطي، نزيل البصرة، ضعيف من التاسعة، غرق بالجحفة سنة ثمان و مائتين (3)، و عن شيخهم ابن معين أنه قال فيه: شيخ صالح (4)، إلّا أنّ مدحهم كقدحهم لا نفع فيه و لا ضرر (5).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد ابن أبي القاسم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد البرقي، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عنه (6).
الطريق صحيح علي ما أسّسناه.
و ابن مسكان من أجلّاء الثقات.
و أمّا حمّاد: فذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و قال:
ص: 268
روي عنه ابن فضّال (1)، فهو داخل في الأربعة آلاف الموثقين كما مرّ، بل في عموم قوله (عليه السّلام) في بني فضّال: خذوا ما رووا (2)، مضافا إلي عدّ كتابه الصدوق من الكتب المعتمدة.
قال: رويته عن علي بن حاتم إجازة، قال: أخبرنا القاسم بن محمّد، قال. حدثنا حمدان بن الحسين (3)، كذا في النسخ.
و علي من الثقات و إن قال النجاشي بعد التوثيق: إنّه يروي عن الضعفاء (4)، إلّا أن في الفهرست: له كتب كثيرة جيّدة معتمدة (5).
و القاسم مشترك بين الممدوحين في هذه الطبقة.
و حمدان غير مذكور في الكتب، إلّا أنّ الشارح التقي ظنّ أنّه وقع في النسخ تقديم و تأخير (6)، و الأصل: الحسين بن حمدان المعروف الذي ضعّفه النجاشي (7)، و قد شرحنا حاله في الفائدة الثانية عند ذكر كتابه الموسوم بالهداية (8).
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني
ص: 269
(رضي اللّه عنه) عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (1).
و السند صحيح بما قدمناه، و لكن حمدان مشترك بين موثق و ممدوح، ليس فيهم من لقب بالديواني، و لذا جعله في جامع الرواة (2) تبعا للسيد التفريشي (3) غيرهم، و احتمله الشارح (4)، فهو مجهول، إلّا أنّ كتابه معتمد كما يظهر من الصدوق.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران بن أعين مولي بني شيبان الكوفي (5).
رجال الطريق من الأجلاء.
و أمّا حمزة فيكفي في إثبات وثاقته رواية ابن أبي عمير (6) عنه، و كذا صفوان ابن يحيي (7)، و عبد اللّه بن بكير (8)، و جميل بن درّاج (9)، و يونس بن عبد الرحمن (10)،
ص: 270
و عبد اللّه بن مسكان (1)، من أصحاب الإجماع.
و من غيرهم من الأجلّاء: سماعة (2)، و عليّ بن رئاب (3)، و محمّد بن القاسم بن الفضيل (4)، و علي بن النعمان (5)، و عبد الكريم بن عمرو (6)، و عبيد بن زرارة (7)، و عبد اللّه بن سنان (8)، و الحسن بن عليّ بن عبد اللّه (9)، و عليّ بن رباط (10) - و هو ابن الحسن بن رباط-، و هشام بن سالم (11)، و إبراهيم ابن محمّد الأشعري (12)، و أبو ولاد (13)، و محمّد بن سنان (14)، و أبو مالك الحضرمي (15)، و من لم يطمئن بوثاقته بعد رواية هؤلاء الأجلّة عنه فهو بمعزل عن جادة الاستقامة.
[أبوه و] (16) محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عن محمّد بن عيسي
ص: 271
ابن عبيد، عنه.
و عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عبد الصمد ابن محمّد، عنه.
و عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه (1).
السند الأول صحيح، و كذا الأخير بما تقدم.
و أمّا الثاني: فعبد الصمد لم يوثقه أحد، إلّا أنّ رواية الصفار عنه (2)، و كذا محمّد بن علي بن محبوب (3)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (4) - و لم يستثن من نوادره- تورث الظن بوثاقته و لو بالمعني الأعم، مع أنه لا حاجة إليها بعد وجود الطريقين.
و حنّان: ثقة في الفهرست (5)، واقفي في أصحاب الكاظم (6) (عليه السّلام)، و لم يتعرض النجاشي (7) لمذهبه فهو عنده إمامي كما يظهر من ديدنه.
و قد روي عنه من الرواة عيونها فروي عنه: ابن أبي عمير (8)، و صفوان (9)، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي (10)، الثلاثة الذين لا يروون2.
ص: 272
إلّا عن ثقة، و من أضرابهم من أصحاب الإجماع: الحسن بن محبوب (1)، و يونس بن عبد الرحمن (2)، و الحسن بن علي بن فضّال (3).
و من غيرهم من الأجلّة: جعفر بن بشير (4)، و إسماعيل بن مهران (5)، و محمّد بن إسماعيل بن بزيع (6)، و إبراهيم بن هاشم (7)، و موسي بن القاسم (8)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (9)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (10)، و الحسن بن الجهم (11)، و الفضل بن شاذان (12)، و عمرو بن عثمان (13)، و الحسين بن بشار (14)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (15)، و الحسين بن سعيد (16).7.
ص: 273
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (1).
خالد: هو ابن بكار الذي ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و قال: أسند عنه (2)، و يروي عنه من لا يروي إلّا عن ثقة، و رجال الطريق من الأجلّاء، فالخبر صحيح علي الأصحّ.
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن النضر بن شعيب، عنه (3).
محمّد: هو ابن أبي الصهبان القمي الثقة (4).
و خالد: وثّقه النجاشي (5) و غيره.
أمّا النضر: فغير مذكور، إلّا أنّ رواية الأجلّة عنه مثل: محمّد المذكور (6)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب كما في ترجمة خالد (7)، و في الاستبصار في باب الجنب و الحائض يقرءان القرآن (8)، و في أبواب كثيرة (9)، و كذا في الكافي (10) في جملة من الأبواب، تورث الظن بوثاقته و لو بالمعني الأعمّ.
ص: 274
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عنه (1).
خالد بن نجيح: هو الجواز أو الجوّان بالتشديد الذي ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (2) (عليه السّلام) و مرّتين في أصحاب الكاظم (3) (عليه السّلام) من غير إشارة إلي جرح، و في ترجمة المفضّل من الكشي: أنّه هو أهل الارتفاع (4)، الذي هو إلي المدح و علوّ المقام أقرب منه إلي الذم بالمعني الشائع عندهم.
و الغلوّ الحقيقي الذي يكفر صاحبه لا يجوز نسبته إليه بعد رواية ابن أبي عمير عنه (5)، و الخبر الذي أخرجناه من البصائر (6) في (فد) (7) فراجع، مع أنه لا حاجة إلي النظر إليه بعد كون ابن أبي عمير الذي يروي عنه من أصحاب الإجماع.
كذا في نسخ الوسائل (1)، و في بعض النسخ كتب في الحاشية: ابن يزيد بدل بوزيد، و الظاهر أنّ في تلك النسختين اشتباها، و الصحيح أبو زيد كما صرّح به السيد المحقق الكاظمي في العدّة (2)، و النقاد الخبير المولي حاج محمّد في جامع الرواة (3)، و بوزيد غير مذكور في طريق أصلا، و لا اسم له في كتاب، و يأتي الطريق إلي أبي يزيد.
و أبو زيد: وثقه الشيخ في أصحاب الهادي (عليه السّلام) (4)، و في الفهرست: نيشابوري، ثقة، صادق اللهجة، من أهل الدين، و كان من أصحاب علي بن محمّد (عليهما السّلام) (5). إلي آخره، فالخبر صحيح.
و أبو يزيد: كنية لفرقد والد داود (1) الذي قالوا فيه أيضا: ثقة ثقة (2)، و يروي عنه: فضالة (3)، و الحسن بن محبوب (4)، و صفوان (5)، و الحسن بن علي بن فضال (6)، و [علي بن الحسن] (7) الطاطري، و الحسين بن سعيد (8)، [و أبو بكر] (9) الحضرمي، و علي بن أسباط (10)، و غيرهم من الأجلّاء، فالخبر صحيح بالاتفاق.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن محمّد بن
ص: 277
سنان، عنه (1).
مرّ [ت] بحمد اللّه تعالي وثاقة تمام رجال هذا الطريق.
و أمّا داود: فغير مذكور، و لا طريق إلي معرفة حاله إلّا عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة، و لذا قال الشارح: فيكون الخبر قويّا (2).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن داود بن الحصين الأسدي، و هو مولي (3).
أثبتنا وثاقة الحكم في (مب) (4).
و أمّا داود: فوثقه النجاشي (5)، و ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6)، و قال في أصحاب الكاظم (عليه السّلام): إنّه واقفي (7).
و قال المحقق الشيخ محمّد في شرح الاستبصار: إنّ قول النجاشي لا يعارضه قول الشيخ بأنه واقفي إلّا لما ظنّه البعض من أنّه يجوز الجمع بين الوقف و الثقة، بل لأن النجاشي أثبت، فلو علم كون الوقف ثابتا لنقله كما يعلم عادته في الكتاب (8)، انتهي.
و هو كلام متين تلقّاه بالقبول جمّ من المحققين، و هو من الأصول الرجالية التي تتفرع عليها فروع كثيرة.
ص: 278
و يؤيده رواية الأجلّة عنه: كأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي (1)، و صفوان بن يحيي (2)، و علي بن النعمان (3)، و العباس بن عامر (4)، و جعفر بن بشير (5)، و موسي بن [أكيل] (6) و غيرهم.
و في الرواشح: و أمّا داود بن الحصين الأسدي فموثّق اتفاقا، و قد قيل فيه بالوقف و لم يثبت، و لذلك كم من حديث [استصحه] (7) العلامة رحمه اللّه و هو في الطريق، و من ذلك في منتهي المطلب (8) في باب قنوت صلاة الجمعة (9)، انتهي، فالخبر صحيح علي الأصح.
الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي اللّه عنه)، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن عبد اللّه بن محمّد الرازي، عن حريز بن صالح، عن إسماعيل بن مهران، عن زكريا بن آدم، عن داود بن كثير الرقي.
و روي عن الصادق (عليه السّلام) أنه قال: أنزلوا داود الرقي منّي بمنزلة المقداد من رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (10).
ص: 279
مرّ الحسين في (ل) (1).
و أبوه من المشايخ العظام مثل: محمّد بن أحمد بن يحيي الأشعري الجليل، و ظنّ بعضهم أنّ عبد اللّه هو الذي استثناه القميّون من نوادر الحكمة فيكون ضعيفا، و هو فاسد، لأنّ الذي استثنوه ابن أحمد الرازي، فابن محمّد داخل في المستثني منه فيكون ممدوحا (2).
و لكن حريز غير مذكور فلا يغني وثاقة أو حسن من تقدم عليه و جلالة إسماعيل و زكريا بعده، و الذي يهون الخطب أن أصل داود مروي بطريق صحيح، فرواه في الفهرست بإسناده: عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن محبوب، عن داود (3)، و طرقه إلي ابن أبي عمير كثيرة و إن اقتصر في المقام: عن عدّة من أصحابنا، عن أبي المفضّل، عن ابن بطّة، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير.
إنّما الكلام في داود فإنّما اختلفوا فيه كاختلافهم في أضرابه مثل: جابر، و المفضّل، و ابن سنان، و الحقّ وفاقا لجماعة من المحققين كونه من أجلّاء الثقات، و الذي يدلّ علي ذلك أمور:
أ- الخبر الذي نقلناه عن الصدوق (4)، و رواه الكشي في رجاله: عن حمدويه و إبراهيم و محمّد بن مسعود، قالوا: حدثنا محمّد بن نصير، [قال] (5):
حدثنا محمّد بن عيسي، عن يونس بن عبد الرحمن، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (6). مثله.0.
ص: 280
و الظاهر أنّ محمّد بن نصير هو الثقة من أهل كش، الذي يروي عنه الكشي بلا واسطة (1) أيضا، فالخبر صحيح يحتج به، و رواه في موضع آخر هكذا: أنزلوه فيكم بمنزلة المقداد (رحمة اللّه عليه) (2).
ب- ما رواه: عن علي بن محمّد، قال: حدثني أحمد بن محمّد، عن أبي عبد اللّه البرقي رفعه، قال: نظر أبو عبد اللّه (عليه السّلام) إلي داود الرقي و قد ولّي فقال: من سرّه أن ينظر إلي رجل من أصحاب القائم (عليه السّلام) فلينظر إلي هذا (3).
ج- قول الشيخ المفيد في الإرشاد: و ممن روي النص علي الرضا علي بن موسي (عليهما السّلام) بالإمامة من أبيه و الإشارة إليه منه بذلك من خاصته و ثقاته و أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته: داود بن كثير الرقي (4). إلي آخره.
د- قول الشيخ في أصحاب الكاظم (عليه السّلام): داود بن كثير الرقي، مولي بني أسد، ثقة (5).
ه- كونه من أرباب الأصول كما في الفهرست (6)، فيشمله ما ذكرهظ.
ص: 281
الشيخ المفيد في الرسالة العددية في حقّهم من المدائح و المناقب الجليلة (1)، و قد ذكرنا كلامه في (نز) (2).
و- رواية شيوخ الطائفة و أجلّاء الرواة عنه مثل: ابن أبي عمير كما في التهذيب في باب الصلح بين الناس (3)، و الحسن بن محبوب في الفهرست (4) و غيره، و يونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب الحسد (5)، و الحسن بن علي بن فضال (6)، و أبان بن عثمان (7)، و هؤلاء الخمسة من أصحاب الإجماع.
و جعفر بن بشير (8)، و أبو سعيد القماط (9)، و سعدان (10)، و الحسن بن علي الوشاء (11)، و محمّد بن أبي حمزة (12)، و علي بن أسباط (13)، و علي بن الحكم كما في بعض نسخ الكافي في باب لحم الجزور (14).
ز- قول الشيخ أبي عمرو الكشيّ بعد ذكر ما روي فيه قال: و تذكره الغلاة أنه من أركانهم، و قد تروي عنه المناكير من الغلوّ، و تنسب إليه1.
ص: 282
أقاويلهم، و لم أسمع أحدا من مشايخ العصابة يطعن فيه، و لا عثرت من الرواة (1) علي شي ء غير ما أثبتّه في هذا الباب (2)، انتهي.
و فيه من الدلالة علي جلالة قدره ما لا يخفي، إذ قلّ ما يتفق جليل لم يطعن عليه أحد من العصابة كما نصّ عليه الأستاذ الأكبر (3)، فمن سلم من طعنهم فقد فاز بالقدح المعلّي، و تأتي بعض الشواهد و المؤيّدات في الجواب عن جرحه.
فنقول: قال النجاشي (رحمه اللّه): داود بن كثير الرقي، و أبوه كثير يكني أبا خالد، و هو يكنّي أبا سليمان، ضعيف جدّا، و الغلاة تروي عنه، قال أحمد ابن عبد الواحد: قلّما رأيت له حديثا سديدا، له كتاب المزار. إلي أن قال: و له كتاب الإهليلجة.
و أخبرني أبو الفرج محمّد بن علي بن أبي قرّة، قال: حدثنا علي بن عبد الرحمن بن عروة الكاتب، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إلياس، قال:
قلت لأبي عبد اللّه العاصمي: داود بن كثير الرقي ابن من؟ قال: ابن كثير بن أبي خالدة (4)، روي عنه الجماني (5) و غيره، قال: قلت له: متي مات؟ قال:
بعد المائتين، قلت: بكم؟ قال: بقليل بعد وفاة الرضا (عليه السلام) روي عن موسي و الرضا (عليهما السلام) (6).0.
ص: 283
و في الخلاصة: قال ابن الغضائري: إنّه كان فاسد المذهب، ضعيف الرواية، لا يلتفت إليه، و عندي في أمره توقّف، و الأقوي قبول روايته لقول الشيخ الطوسي (رحمه اللّه) و قول الكشي أيضا، و قال أبو جعفر بن بابويه (1).
و ساق الخبر المقدم.
هذا غاية ما ورد في جرحه، و أيّد بأن الجرح مقدّم علي التعديل، و أن النجاشي أضبط من الشيخ.
و الجواب: أن الجرح مقدّم إذا ذكر السبب و عرف سببيّته، إذا بنينا علي إجراء قواعد الشهادة في المقام علي أضعف الوجوه، و إلّا فلا بدّ من إعمال الترجيح و الأخذ بما هو أوثق بناء علي ما هو الحقّ من كون وجه المراجعة إلي أقوالهم كونه من أسباب الوثوق بصدور الخبر، و علي التقديرين لا يقدم قول النجاشي في المقام.
أمّا علي الأول: فلأن السبب هو الغلوّ الذي اعتقده فيه من جهة رواية الغلاة عنه، و ما ذكره أحمد، بل الظاهر أنّه تبع ابن الغضائري في ذلك، و غير خفي علي المنصف أن داود من الرواة المعروفين، فلو كان من الغلاة الكفرة التاركين للعبادة الذاهبين إلي ألوهيّة السادة [عليهم السلام] لما خفي علي عيون الطائفة المعاصرين له الراوين عنه كما عرف، و لما خفي علي الصدوق، بل و شيخه، و إلّا لما كان خالفه، بل و علي شيوخ الإمامية قبل النجاشي بقرون كما نصّ الكشي علي أنّه لم يطعن عليه أحد منهم، و إنّما نسب إليه الغلوّ هو و ابن الغضائري من رواية داود معجزات غريبة شاهدها ممّا لا يحتملها كلّ أحد.
قال المحقق السيد صدر الدين: و هي عندي دليل علوّ الرتبة لا الغلوّ، و يشهد لذلك استشهاده بكلام أحمد، و أنت إذا راجعت أبواب1.
ص: 284
المعاجز و الفضائل و المزار- و له فيها من الرواية ما لا تحصي- لم تر خبرا غير سديد عند أهل السداد.
و العجب أنّ النجاشي نسب إليه كتاب الإهليلجة الذي هو في دلالته علي علوّ مقامه في التوحيد أسطع برهان.
و أمّا قوله: و الغلاة تروي، ففي تكملة الكاظمي: أنه وارد مورد التعليل، و هذا ليس قدحا فيه، فإنه إذا كان معتمدا في نفسه روي عنه كلّ أحد و لو كان هو أيضا منهم لروي عنهم، فعدم روايته عنهم مؤيد لصحّة مذهبه، علي أنّه معارض بكثرة رواية أصحابنا عنه (1).
قلت: و في الكشي: طاهر بن عيسي، قال: حدثني الشجاعي، عن الحسين بن يسار (2)، عن داود الرقي، قال: قال لي داود: تري ما تقول الغلاة الطيارة، و ما يذكرون عن شرطة الخميس عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) [و ما يحكي أصحابه عنه] فذلك (3) [و اللّه] اري [أراني] (4) أكبر منه و لكن أمرني أن لا أذكره لأحد.
قال، و قلت له: إنّي قد كبرت و دقّ عظمي، أحبّ أن يختم عمري بقتل فيكم، فقال: و ما من هذا بدّ إن لم يكن في العاجلة يكن في الآجلة (5).
و فيه أيضا: حدثني خلف بن حماد، قال: حدثني أبو سعيد، قال:
حدثني الحسن بن محمّد بن أبي طلحة، عن داود الرقي، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السّلام): جعلت فداك إنّه و اللّه ما يلج في صدري من6.
ص: 285
أمركم شيئا إلّا حديثا سمعته من ذريح يرويه عن أبي جعفر (عليه السّلام)، قال: قال لي: و ما هو؟ قال: سمعته يقول: سابعنا قائمنا إن شاء اللّه تعالي، قال: صدقت و صدق ذريح و صدق أبو جعفر (عليه السّلام)! فازددت و اللّه شكّا.
ثم قال لي: يا داود بن أبي [خلدة] (1)، أما و اللّه لو لا أن موسي قال للعالم:
ستجدني إن شاء اللّه صابرا ما سأله عن شي ء، و كذلك أبو جعفر (عليه السّلام) لولا أن قال: إن شاء اللّه لكان كما قال، قال: فقطعت عليه (2).
و مع رواية هذه الأخبار و أمثالها مثل النص عن الصادق علي الكاظم و عنه علي الرضا (عليهم السّلام) لا يحتمل فيه الغلوّ.
و أمّا علي الثاني: فإن النجاشي و إن كان أضبط و أثبت بالنسبة إلي الشيخ لو انفرد، و أمّا في المقام فقول الشيخ مؤيد بنصّ شيخهما المفيد و صريح الكشي، و نقله عن العصابة، و كلام الصدوق الكاشف عن رأي شيخه ابن الوليد، و الأخبار المتقدمة، و غير ذلك ممّا مرّ، و لذا قدّمه السروي في المعالم (3)، و العلامة في الخلاصة، و ولده الفخر كما في التكملة، و جماعة من المحققين، و النجاشي منفرد لعدم دلالة قول أحمد علي ضعف في نفسه، و تضعيف ابن الغضائري لا تأييد فيه.
فظهر من جميع ذلك أنّ في قول الشهيد الثاني رحمه اللّه في حواشي الخلاصة: أن قول المصنّف: و الأقوي قبول روايته، و تعليله بقول الشيخ فيه9.
ص: 286
نظر بيّن، لأن الجرح مقدّم علي التعديل، فكيف مع كون الجارح جماعة فضلاء إثبات (1)، مواقع للنظر يعرف ممّا حققناه.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي و عبد الرحمن بن أبي نجران، عن داود بن سرحان العطار الكوفي (2).
داود: ثقة جليل، و رجال الطريق من وجوه الطائفة.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن سعد بن عبد اللّه و علي بن إبراهيم بن هاشم جميعا، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عنه (3).
رجال الطريق ثقات بما تقدم.
و داود ذكره الشيخ من غير توثيق (4)، و لكن يمكن استظهار وثاقته من رواية أحمد بن محمّد بن عيسي و أخيه عبد اللّه، عنه كما في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة (5)، و في باب أوقات الصلاة (6)، و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس (7).
و أحمد فيه في باب فضل زيارة أبي الحسن عليّ بن موسي الرضا (عليهما السّلام) (8)، بعد ملاحظة حال أحمد و سيرته و مداقّته في حال الرواة، و في
ص: 287
التهذيب بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن الحسن [عن عبد اللّه] (1) عن أحمد بن محمّد، عن داود الصرمي قال: قلت له- يعني أبا الحسن العسكري. (عليه السّلام)-: إنّي زرت أباك و جعلت ذلك لكم، فقال: لك من اللّه أجر و ثواب عظيم، و منّا المحمدة (2).
و يروي عنه أحمد بن أبي عبد [اللّه] (3) أيضا كما في الفهرست (4)، و الخبر كالصحيح وفاقا للشارح (5).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي الوشاء، عن درست بن أبي منصور الواسطي (6).
رجال السند من أجلّاء الثقات.
و درست ذكره النجاشي (7)، و [الشيخ في] الفهرست (8) من غير توثيق، و ذكرا له كتابا يرويه جماعة، و تشير إلي وثاقته رواية ابن أبي عمير عنه كما في النجاشي، و أحمد بن أبي نصر البزنطي كما في الكافي في باب ثواب المرض (9)، و لا يرويان إلّا عن ثقة.
ص: 288
و يونس بن عبد الرحمن فيه في باب زكاة المال الغائب (1)، و في التهذيب في باب الحكم في أولاد المطلقات (2)، و الحسن بن محبوب في الكافي في باب مجالسة العلماء (3)، و عبد اللّه بن بكير في التهذيب في باب ديات الأعضاء (4)، و هؤلاء الخمسة من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم من الأجلّاء: النضر بن سويد (5)، و الحسن بن علي الوشاء (6)، و علي بن الحسن الطاطري (7) - الذي قال في ترجمته في الفهرست:
له كتب رواها عن الرجال الموثوق بهم و برواياتهم (8) - و عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك (9)، و محمّد بن عيسي (10)، و أحمد بن عمرو بن أبي شعبة الحلبي (11)، و إسماعيل بن مهران (12)، و محمّد بن علي (13) - الذي يروي عن أحمد بن محمّد ابن عيسي- و الحسين بن زيد (14)، و أبو شعيب المحاملي (15)، و زياد القندي (16)،5.
ص: 289
و محمّد بن إسماعيل بن بزيع (1)، و علي بن أسباط (2)، و ابن رباط (3)، و أبو يحيي الواسطي (4). و غيرهم، و مع رواية هؤلاء عنه لا مجال للتأمّل في وثاقته.
نعم ذكره الشيخ في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) و قال: إنّه واقفي (5)، و تأمّل فيه الأستاذ الأكبر في التعليقة (6)، و هو في محلّه لعدم تعرّض النجاشي له مع ما علم من ديدنه، و روايته عن الكاظم (عليه السّلام) علي نحو الاعتماد كما رأيناه في كتابه، و هو مناف للموقف فلاحظ.
أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن ذريح بن يزيد بن محمّد المحاربي.
و عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن رزين، عنه (7).
السند الأول: صحيح.
و أمّا الثاني: فصالح و إن لم يوثقوه، إلّا أنّ في الفهرست: له أصل (8)، فبه
ص: 290
و برواية ابن محبوب عنه يستظهر وثاقته، و يروي عنه: منصور بن يونس (1)، و محمّد بن معروف (2)، فهو كالصحيح.
و ذريح من أجلّاء الثقات.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسي، عن ربعي بن عبد اللّه بن الجارود [الهذلي] (3)، و هو عربي بصري (4).
ربعي: ثقة، صاحب أصل (5)، يروي عنه: ابن أبي عمير (6)، و حماد ابن عيسي (7)، و حمّاد بن عثمان (8)، و صفوان بن يحيي (9)، و الحسن بن علي ابن فضال (10)، و علي بن إسماعيل الميثمي (11)، و الفضيل بن يسار كما في
ص: 291
التهذيب في باب ما أحلّ اللّه نكاحه من النساء (1)، و حريز (2)، و أبو عبد اللّه البرقي (3)، و علي بن عمران الخزاز المعروف (4) بشفا، و القاسم بن الفضيل (5)، و مسعدة بن صدقة (6)، فالخبر صحيح بالاتفاق.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (7).
و رفاعة: كان ثقة في حديثه، مسكونا إلي روايته، لا يعترض عليه بشي ء من الغمز، حسن الطريقة، كذا في النجاشي (8)، و يروي عنه سوي ابن أبي عمير: صفوان بن يحيي (9)، و الحسن بن علي بن فضال (10)، و عبد اللّه بن المغيرة (11)، و الحسن بن محبوب (12)، و فضالة بن أيّوب (13)، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر (14)، و يونس بن عبد الرحمن (15)، و حمّاد بن عثمان (16)، و عثمان بن عيسي (17)،
ص: 292
و هؤلاء العشرة من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم: أبو شعيب المحاملي (1)، و محمّد بن أبي حمزة (2)، و القاسم بن محمّد الجوهري (3)، و الحكم بن مسكين (4)، و الفضل بن شاذان (5)، و جعفر بن بشير (6)، و سهل بن زياد (7)، و الحسن بن علي بن الوشاء (8)، و إبراهيم بن هاشم (9). و غيرهم.
و لا يخفي أن رواية هؤلاء عنه تكشف عن جلالة قدره و علوّ مقامه زيادة عن وثاقته، بحيث تكون روايته عن أحد كاشفة عن وثاقته و لو بالمعني الأعمّ.
جعفر بن علي بن الحسن ابن علي بن عبد اللّه بن المغيرة الكوفي، عن جدّه الحسن بن علي الكوفي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن غالب بن عثمان، عنه (10).
جعفر: من مشايخه الذين أكثر من الرواية عنه و الترحم عليه.
و غالب: ثقة مثل روح، فالخبر كالصحيح، بل صحيح علي الأصح.
جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد اللّه بن عامر، عن محمّد بن أبي
ص: 293
عمير، عنه (1).
تقدم حال رجاله في (له) (2).
و رومي ثقة نصّا (3) و أمارة، فالخبر صحيح.
أبوه و محمّد بن موسي بن المتوكل و محمّد بن علي ماجيلويه و الحسن بن إبراهيم رضي اللّه عنهم، عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عنه (4).
السند صحيح.
و أمّا الريّان: فهو ثقة صدوق (5)، ورد فيه مدائح، و يروي عنه: محمّد ابن زياد (6) - و هو ابن أبي عمير- و الحسن بن علي بن فضال (7)، و [عبد اللّه] (8) ابن جعفر، و سهل بن زياد (9)، و إبراهيم بن هاشم (10)، بل ابنه علي كما في الكافي في باب مولد أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) (11).
ص: 294
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسي و الحسن بن ظريف و علي بن إسماعيل كلّهم، عن حمّاد بن عيسي، عن حريز بن عبد اللّه، عنه (1).
الحسن: ثقة، لم يغمز عليه بشي ء، و مرّ حال الباقي و أنّهم أجلّاء ثقات إثبات.
و علوّ مقام زرارة أجلّ من أن يذكر، و أشهر من أن يسطر، فالسند المنحل إلي الأسانيد صحيح لا مجال للمقال فيه.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة بن محمّد الحضرمي، عن سماعة بن مهران (2).
هذا أحد الموضعين اللذين انفرد الحسن عن أخيه الحسين في الرواية، فإن في النجاشي: الحسين بن سعيد بن حمّاد بن مهران- مولي علي بن الحسين (عليهما السّلام)- أبو محمّد الأهوازي، شارك أخاه في الكتب الثلاثين المصنّفة، و إنما كثر اشتهار الحسن (3) أخيه بها، و كان الحسين بن يزيد السورائي يقول: الحسن شريك أخيه الحسين في جميع رجاله إلّا في زرعة بن محمّد الحضرمي، و فضالة بن أيوب، فإن الحسين كان يرويه (4) عن أخيه الحسن
ص: 295
عنهما (1)، انتهي.
و لكن في الكافي في باب السهو في الركعتين الأوّلتين (2)، و في باب التطوع في السفر (3)، و في التهذيب في باب البيّنات (4)، و في باب الرجوع إلي مني (5)، و في باب حكم الحيض (6)، رواية الحسين عن زرعة بلا واسطة أخيه، و احتمال سقط: عن أخيه في تمام تلك الأبواب بعيد غايته.
هذا و رجال السند من الأجلّاء.
و زرعة واقفي إلّا أنّه ثقة، صاحب أصل (7)، يروي عنه: يونس بن عبد الرحمن (8)، و الحسن بن محبوب (9)، و النضر بن سويد (10)، و يعقوب بن يزيد (11)، و عثمان بن عيسي (12)، و علي بن الحكم (13)، و محمّد بن أورمة (14)، و الحسين بن محمّد بن عمران الأشعري (15)، و موسي بن القاسم (16).6.
ص: 296
و أمّا سماعة: فسنذكر ما يتعلّق به عند ذكر الطريق إليه (1)، و هو ثقة (2)، مرمي بالوقف (3)، و كيف كان فالخبر موثّق كالصحيح في الاعتبار كما لا يخفي علي البصير النقاد.
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه، عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن إسحاق بن [سعد] (4)، عن زكريا بن آدم القمّي صاحب الرضا (عليه السّلام) (5).
مرّ أحمد بن زياد في (يا) (6).
و أحمد بن إسحاق: هو شيخ القميين و وافدهم، و خاصّة أبي محمّد (عليه السّلام)، و ممّن تشرف بلقاء الصاحب (عليه السّلام)، و من الوكلاء و السفراء و الأبواب المعروفين، و بالجملة فهو في علوّ المقام يشبه زكريا بن آدم الذي قال [فيه] (7) الرضا (عليه السّلام): إنه المأمون علي الدين و الدنيا (8)، و لمّا قال له (عليه السّلام): إنّي أريد الخروج عن أهل بيتي فقد كثر السفهاء فيهم؟ قال (عليه السّلام): لا تفعل فإنّ أهل بيتك يدفع عنهم بك، كما يدفع عن أهل بغداد بأبي الحسن الكاظم (عليه السّلام) (9). إلي غير ذلك من المناقب المحمودة التي لهما، يطلب من محلّها.
ص: 297
الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيي، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي العباس (1) الفضل بن عبد الملك، عنه (2).
و عن أبيه، عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن أحمد، بالإسناد عن زكريا النقاض، و هو زكريا بن مالك الجعفي (3).
اعلم أنّ الصدوق ذكر طريقه إلي زكريا بن مالك الجعفي، و ذكر في موضع آخر قبله طريقه إلي زكريا النقّاض، و صاحب الوسائل لمّا اعتقد اتّحادهما (4) وفاقا للشارح التقي (5)، بل الصدوق أيضا جمع الطريقين في عنوان واحد، و نعم ما فعل، إلّا أنّه كان عليه أن ينبّه علي ذلك.
و محمّد بن أحمد: هو الأشعري الثقة الجليل، و قد مرّت وثاقة الحسين شيخه (6)، و من لم يوثقه يكفيه الطريق الثاني الصحيح إلي محمّد.
و الظاهر أنّ عليّ هو: الميثمي الذي هو من وجوه متكلّمي الأصحاب، أو ابن عمّار الذي هو من وجوه من روي الحديث وفاقا للسيد الكاظمي في العدة (7)، فالسند حسن كالصحيح.
ص: 298
و زكريا: ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) و يروي عنه عبد اللّه بن مسكان بلا واسطة كما في التهذيب في باب تمييز أهل الخمس (2)، فهو إمّا ثقة أو لا تضرّ جهالته لكون ابن مسكان من أصحاب الإجماع.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن القاسم بن محمّد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري- و هو محمّد بن مسلم بن شهاب- عن علي بن الحسين (عليهما السّلام) (3).
مرّ بعض رجاله (4).
و سفيان: من أركان العامّة، و كذا الزهري، فإنه عندهم من أكابر التابعين كابن المسيّب، و مراسيله عندهم كمراسيل ابن أبي عمير عندنا، و لكن كان له انقطاع إلي السجاد (عليه السّلام)، و الظاهر أن سببه ما في كشف الغمّة، قال: قال أبو عمرو الزاهد في كتاب اليواقيت في اللغة: قالت الشيعة: إنّما سمي علي بن الحسين (عليه السّلام) سيّد العابدين لأن الزهري رأي في منامه كأن يده مخضوبة غمسة، قال: فعبرها، فقيل: إنّك تبتلي بدم خطأ، و كان عاملا لبني أميّة، فعاقب رجلا فمات في العقوبة، فخرج هاربا، و توحش و دخل إلي غار و طال شعره.
قال: و حجّ علي بن الحسين (عليه السّلام)، فقيل له: هل لك في الزهري [قال: ان لي فيه] (5) قال أبو العباس: هكذا كلام العرب: إن لي فيه،
ص: 299
لا يقال غيره، قال: فدخل عليه فقال له: إنّي أخاف عليك من قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك، فابعث بدية مسلمة إلي أهله و اخرج إلي أهلك و معالم دينك، قال فقال له: فرّجت عنّي يا سيّدي، و اللّه عزّ و جلّ و تبارك و تعالي أعلم حيث يجعل رسالته، فكان الزهري بعد ذلك يقول: ينادي مناد يوم القيامة، ليقم سيّد العابدين في زمانه، فيقوم علي بن الحسين صلوات اللّه عليهما (1).
و اعلم أنّ هذا الطريق هو طريقه إلي الزهري فيما رواه عنه (عليه السّلام) في وجوه الصوم و هو خبر طويل، و أخرجه ثقة الإسلام في الكافي: عن علي، عن أبيه، عن القاسم (2). إلي آخره، و عليّ في تفسيره: عن القاسم (3). إلي آخره، و الشيخ في التهذيب بإسناده عن الكليني (4)، و الصدوق في الفقيه (5)، و الخصال (6)، و المقنع (7)، و الشيخ المفيد في المقنعة (8)، فيكون الخبر مقبولا بعد تلقّيه هؤلاء المشايخ بالقبول، و الظاهر انحصار الطريق إليه، و إلّا لأشار إليه أحدهم فيكشف عن وثاقة رجاله و لو بالمعني الأعمّ.
بل و للزهري أخبار أخر طويلة شريفة يعرف منها اختصاصه به (عليه السّلام).ة.
ص: 300
منها: الندبة المعروفة له، ذكرها الكفعمي في البلد الأمين، أوّلها: يا نفس حتام إلي الدنيا سكونك (1). إلي آخره.
و قال العلامة في إجازته لبني زهرة: و من ذلك الندبة لمولانا زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السّلام)، رواها الحسن بن الدربي، و ساق السند إلي: سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال: سمعت مولانا زين العابدين علي ابن الحسين (عليهما السّلام) يحاسب نفسه و يناجي ربّه و هو يقول: يا نفس (2). إلي آخره.
و منها: ندبة اخري له (عليه السّلام) ينتهي سندها أيضا إلي ابن عيينة، عن الزهري، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السّلام) يناجي و يقول: قل لمن قلّ عزاؤه و طال بكاؤه. الندبة، و قد أخرجناهما بطولهما في كتابنا الموسوم بمعالم العبر.
و منها الخبر الذي لا زال يستشهد أصحابنا بمثله علي إيمان راويه إلّا أن يعلم خلافه، و هو ما رواه الخزاز القمّي في كفاية الأثر: عن الحسين بن علي، عن محمّد بن الحسين البزوفري، عن محمّد بن علي بن معمّر، عن عبد اللّه بن معبد، عن محمّد بن علي بن طريف، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن معمّر، عن الزهري، قال: دخلت علي علي بن الحسين (عليهما السّلام)- في المرض الذي توفي فيه- إذ قدم إليه طبق فيه الخبز و الهندباء فقال لي: كله، قلت: أكلت يا بن رسول اللّه، قال: إنّه الهندباء، قلت: ما فضل الهندباء؟
قال: ما من ورقة من الهندباء إلّا و عليها قطرة من ماء الجنّة، فيه شفاء1.
ص: 301
من كلّ داء، قال: ثم رفع الطعام و أتي بالدهن، فقال: ادهن يا أبا عبد اللّه، قلت: ادهنت، قال: إنه هو البنفسج، قلت: و ما فضل البنفسج علي سائر الأدهان؟ قال: كفضل الإسلام علي سائر الأديان.
ثم دخل عليه محمّد ابنه (عليهما السّلام) فحدّثه طويلا بالسر، فسمعته يقول فيما يقول: عليك بحسن الخلق، قلت: يا ابن رسول اللّه، إن كان من أمر اللّه ما لا بد منه- و وقع في نفسي أنه قد نعي نفسه- فإلي من يختلف بعدك؟
قال: يا أبا عبد اللّه إلي ابني هذا- و أشار إلي ابنه محمّد- إنه وصيّي و وارثي و عيبة علمي، معدن العلم و باقر العلم، قلت: يا ابن رسول اللّه، ما معني باقر العلم؟ قال: سوف يختلف إليه خلّاص شيعتي، و يبقر العلم عليهم بقراً.
قال: ثم أرسل محمّدا ابنه في حاجة له إلي السوق، فلما جاء محمّد (عليه السّلام) قلت: يا ابن رسول اللّه، هلا أوصيت إلي أكبر أولادك؟ قال: يا أبا عبد اللّه، ليست الإمامة بالصغر و الكبر، هكذا عهد إلينا رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و هكذا وجدناه مكتوبا في اللوح و الصحيفة، قلت: يا ابن رسول اللّه، فكم عهد إليكم نبيّكم أن يكون الأوصياء من بعده؟ قال: وجدناه في الصحيفة و اللوح اثني عشر مكتوبة بإمامتهم (1) و أسامي آبائهم و أمّهاتهم.
ثم قال: يخرج من صلب محمّد ابني سبعة من الأوصياء، فيهم المهدي صلوات اللّه عليهم (2).
و أنت خبير بأن إلقاءه (عليه السّلام) هذه الأسرار إليه ثم روايته ما حمله مع عاميّته في غاية البعد، و اللّه العالم بسرائر عباده.1.
ص: 302
و منها: ما رواه ابن شهرآشوب في المناقب، قال: كان الزهري عاملا لبني أميّة، فعاقب رجل. و ساق ما مرّ عن كشف الغمة إلي قوله: و سألته، ثم قال:
و رجع إلي بيته و لزم علي بن الحسين (عليهما السّلام) و كان يعدّ من أصحابه، و لذلك قال له بعض بني مروان: يا زهري ما فعل نبيّك- يعني علي بن الحسين (عليهما السّلام)- (1).
و منها: ما رواه الخزّاز في كفاية الأثر: عن محمّد بن وهبان، عن أحمد بن محمّد الشرقي، عن أحمد بن الأزهر، عن عبد الرزاق، عن معمّر، عن الزهري، عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، قال: كنت عند الحسين بن علي (عليهما السّلام) إذ دخل علي بن الحسين الأصغر، فدعاه الحسين (عليهما السّلام) و ضمّه إليه ضمّا، و قبّل ما بين عينيه، ثم قال: بأبي أنت ما أطيب ريحك و أحسن خلقك،- فتداخلني من ذلك- فقلت: بأبي أنت و أمّي يا ابن رسول اللّه، إن كان ما نعوذ باللّه أن نراه فيك فإلي من؟ قال: علي ابني هذا هو الإمام أبو الأئمة.
قلت: يا مولاي هو صغير السن! قال عليه السّلام: نعم إن ابنه محمّد يؤتم به- و هو ابن تسع سنين- ثم [أطرق، ثم] (2) قال عليه السّلام: ثم يبقر العلم بقرا (3).
و منها: ما رواه الصدوق في العلل: عن عبد اللّه بن نضر بن سمعان، عن جعفر بن محمّد المكّي، عن عبد اللّه بن محمّد بن عمر الأطروش، عن صالح بن زياد، عن عبد اللّه بن ميمون، عن عبد اللّه بن معن، عن عمران بن سليم، قال: كان الزهري إذا حدث عن علي بن الحسين (عليهما السّلام) قال:4.
ص: 303
حدثني زين العابدين علي بن الحسين، فقال له سفيان بن عيينة: و لم تقول له زين العابدين؟ فقال: لأنّي سمعت سعيد بن المسيب يحدّث عن ابن عباس، أن رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين؟ فكأنّي أنظر إلي ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطو بين الصفوف (1).
هذا و قد روي جملة من معاجز السجاد (عليه السّلام) مذكورة في أبواب معاجزه.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (2).
زياد: ثقة، و رجال السند من الأجلّاء، فالخبر صحيح بالاتفاق.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسي بن عبيد و يعقوب بن يزيد، عنه (3).
أثبتنا وثاقة [ابن] (4) عيسي في (لا) (5). فالسند صحيح.
و أمّا زياد: فهو واقفي (6)، بل من جملة مؤسّسي مذهب الوقف (7)، و لكنه ثقة في النقل، و كتابه معتمد و يشهد لذلك أمور:
أ- ما قاله الشيخ في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) في ترجمة أحمد بن محمّد بن مسلمة الوصّافي البغدادي: روي عنه حميد أصولا كثيرة، منها:
ص: 304
كتاب زياد بن مروان القندي (1)، انتهي.
فإذا عدّ كتابه منها فلا يضرّ ما رآه.
ب- رواية جماعة من الأجلّاء عنه، و فيهم: ابن أبي عمير كما في الكافي في باب السجود (2)، و باب حدّ الرضاع الذي يحرم (3)، و في التهذيب في باب ما يجب أن يخرج من الصدقة (4). و غيرها.
و يونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب ما يجوز للمحرم بعد اغتساله (5)، و في باب إتمام الصلاة في الحرمين في كتاب الحج (6)، و في التهذيب في باب الزيادات في فقه الحج (7)، و في الاستبصار في باب إتمام الصلاة في الحرمين (8) - و هذا ينبئ عن شدّة إنصاف يونس، و تبيّن وثاقة زياد في النقل لما كان بينهما من العداوة الخاصّة من جهة الوقف، كما رواه الكشي (9) - و يعقوب ابن يزيد (10)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (11)، و علي بن الحكم (12)، و إبراهيم بن هاشم (13)، و محمّد بن إسماعيل الزعفراني (14)، و أحمد بن أبي0.
ص: 305
عبد اللّه (1)، و محمّد بن عيسي (2)، و محمّد بن عليّ (3)، و الحسين بن محمّد بن عمران الأشعري كما في التهذيب في باب صيام ثلاثة أيام في كلّ شهر (4).
ج- كلام الشيخ المفيد في الإرشاد، كما تقدم في ترجمة داود الرقّي (5)، فقد عدّه فيه من أضرابه فلاحظ (6)، و كذا كلامه في أرباب الأصول (7)، و عليه بني الشارح التقي حكمه بوثاقته في الشرح، و قال بعد نقل توثيق الإرشاد: فالخبر موثق (8)، و قال المحقّق البحراني في البلغة: و ابن مروان القندي موثق في المشهور (9)، و وثقه المجلسي في الوجيزة (10)، و الأستاذ الأكبر في التعليقة (11).
و الوثاقة بالمعني الأعمّ أي: التحرّز عن الكذب عمدا مع التثبت و الضبط لا ينافيها شي ء من الكبائر سوي التعمد في الكذب، و هذا المعني حاصل فيه بما ذكرناه من القرائن، حتي بعد وقفه و عناده، و أكله ما كان عنده من الأموال، و احتمال رواية هؤلاء عنه قبله صحيح في بعضهم، و أمّا مثل أحمد ابن محمّد بن عيسي المعلوم حاله في التحرّز عن الرواية عن الضعفاء،2.
ص: 306
و الزعفراني، و ابن يزيد، و الحسين الأشعري، و ابن هاشم، فلا، إذ لم يكن أحد منهم من أصحاب الكاظم [عليه السّلام].
و السيد الأجل العلامة الطباطبائي بالغ في ذمّه و جرحه، و جعله من الضعفاء المجروحين، و أجاب عن توثيق المفيد بما حاصله أنّه في مقام المناظرة مع الواقفة، و غرضه أنّ هذا النص الذي يدّعيه قد رواه من هو عندكم بهذه المثابة و المنزلة، و لا أدري كيف استخرج هذا المعني من عبارته، و عن رواية ابن أبي عمير، و يونس عنه: بأنّ الأجلّاء كثيرا ما يروون من (1) الضعفاء، و أنّهم رووا عنه قبل وقفه (2).
و الاحتمال الأول موهون عنده، و عند المشهور في ابن أبي عمير، و كذا في يونس عنده لما ذكره في ترجمة زيد النرسي: أن رواية أحد من أصحاب الإجماع عنه من أمارات الوثاقة (3).
و الاحتمال الثاني غير آت في الذين عددناهم، مع أنّ عدّ كتابه في الأصول مغن عن تكلّف ذكر القرائن، فإنّ الطرق إليه صحيحة في الفقيه، و الفهرست (4)، و موثق في النجاشي، بل فيه: له كتاب يرويه عنه جماعة (5)، و الراوي عنه أصله في هذه الطرق يعقوب بن يزيد، و محمّد بن إسماعيل الزعفراني، و كلاهما من الأجلّاء، و قد عرفت أن روايتهما عنه في حال وقفه، فهي كاشفة عن صحّة كتابه- و لذا عدّ في الأصول- أو وثاقته في النقل، فيتمّ المطلوب.0.
ص: 307
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن زيد الشحام أبي أسامة (1).
محمّد بن عبد الحميد: ثقة، يروي عنه جلّ مشايخ عصره مثل:
سعد (2)، و الصفار (3)، و محمّد بن علي بن محبوب (4)، و موسي بن الحسن (5)، و محمّد بن الحسين (6)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (7)، و عمران بن موسي (8)، و علي بن مهزيار (9)، و محمّد بن عيسي (10)، و عبد اللّه بن محمّد بن عيسي (11)، بل ابن أبي عمير كما في التهذيب في باب مستحق الفطرة (12)، و علي بن الحسن ابن فضّال فيه في باب حكم الساهي و الغالط في الصيام (13)، و في باب تطهير الثياب (14)، و في الاستبصار في باب عرق الجنب يصيب الثوب (15)، و باب من أفطر قبل دخول الليل (16).
ص: 308
و أمّا أبو جميلة: فهو المفضّل بن صالح الأسدي النخّاس أو الحدّاد، من أصحاب جابر، ضعّفه [في] الخلاصة تبعا لابن الغضائري (1)، و نسب إلي الكذب و وضع الحديث، و لا أدري كيف يحتمل الوضع و الكذب مع رواية عيون الطائفة عنه كثيرا، كأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي في الكافي في باب كفّارة ما أصاب المحرم من الطير (2)، و في باب الحلق و التقصير (3)، و في باب صيد البزاة و الصقور (4)، و في باب الرجل يترك الشي ء القليل و عليه دين كثير (5)، و في باب كراهة أن يؤخذ من تراب البيت (6)، و في التهذيب في باب الوصيّة المبهمة (7)، و في الفقيه في باب الرجل يوصي لرجل بسيف (8).
و صفوان بن يحيي فيه في باب النوادر بعد كتاب الزي و التجمّل (9).
و الحسن بن محبوب في التهذيب في باب الأجور و المهور (10)، و في باب صلاة العيدين من أبواب الزيادات (11)، و في الاستبصار في باب ميراث الأبوين مع الزوج (12)، و في باب دية الشفتين (13)، و في الكافي في باب من أوصي بعتق6.
ص: 309
أو صدقة (1)، و في الفقيه في باب الوصيّة بالعتق (2).
و الحسن بن علي بن فضّال في الفهرست (3)، و في أبواب كثيرة في التهذيب (4) و الفقيه (5).
و يونس بن عبد الرحمن في التهذيب في باب الحدّ و السرقة (6)، و باب القضاء في قتيل الزحام (7)، و في الكافي في باب ذمّ الدنيا (8)، و في كتاب الروضة قبل حديث نوح يوم القيامة بحديثين (9).
و ابن أبي عمير، و عبد اللّه بن المغيرة كما صرّح به الأستاذ الأكبر في التعليقة (10)، و هؤلاء السبعة من أصحاب الإجماع، و فيهم: البزنطي، و ابن أبي عمير، و صفوان، و لا يروون إلّا عن ثقة، و ابن فضّال الذي هو من أكمل أفراد معشر أمرنا بأخذ ما رووا.
و من أضرابهم من الأجلّاء: إسماعيل بن مهران (11)، و الحسن بن علي الوشاء (12)، و أبو شعيب المحاملي (13)، و علي بن الحكم (14)، و جعفر بن محمّد بن4.
ص: 310
سماعة (1)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (2)، و عمرو بن عثمان الثقفي (3)، و أبو الفضل عباس بن عامر (4)، و سلمة بن الخطاب (5)، و موسي بن القاسم (6)، و عباس بن هشام (7)، و عبد اللّه بن جبلة (8)، و محمّد بن عبد الجبار (9)، و هارون بن الجهم (10)، و محمّد بن عبد الحميد (11)، و ثعلبة (12).
و أغلب الجماعة من الفقهاء و الأجلّاء لا يرضي المنصف أن يعتقد فيهم الاجتماع علي النقل من الكذّاب و الوضّاع مع كونه في عصرهم، و يبعد غاية البعد خفاء حاله عليهم و اطّلاع ابن الغضائري بعد قرون علي ما خفي عنهم- إنّ هذا الاختلاف- فلا بدّ و أن يكون الوجه في تضعيفه حملا لفعله علي الصحّة ما في التعليقة قال: لعلّ تضعيف الخلاصة من ابن الغضائري في ترجمة جابر (13)، و تضعيفه و اتّهامه بالغلوّ لروايته الدالّة عليه بحسب معتقده و زعمه، و قد مرّ منّا غير مرّة و يأتي أيضا في نصر بن الصباح و غيره التأمّل في ثبوت القدح بذلك و ضعف تضعيفاته.2.
ص: 311
هذا و رواية الأجلّة و من أجمعت العصابة-: كابن أبي عمير، و ابن المغيرة، و الحسن بن محبوب، و البزنطي- في الصحيح يشهد بوثاقته و الاعتماد عليه، و يؤيّده كونه كثير الرواية و سديدها، و مفتي بها، و رواياته صريحة في خلاف الغلوّ، نعم فيها زيادة ارتفاع شأن بالنسبة إليهم، و لعلّه [لهذا] (1) حكم بغلوّه لزعمه أنّ هذا تعدّ علي القدر الذي ينبغي أن ينسب إليهم (عليهم السلام) و لا يخفي فساده (2)، انتهي.
و يؤيّد جميع ذلك أن الشيخ- رحمه اللّه- ذكره في الفهرست (3)، و أصحاب الصادق (عليه السّلام) و لم يضعّفه (4)، و في التهذيب في باب القضاء في الديات بعد أن ذكر ما ورد في مقدار الدية ثم ذكر فتواه و قال: فأمّا ما روي من أنّ صاحب الإبل إذا لم يكن معه إبل أعطي عن كلّ إبل عشرين من فحولة الغنم، فتصير ألفين من الغنم، فيحتمل شيئين (5). إلي أن قال:
و الوجه الثاني: أن يكون ذلك مخصوصا بالعبد إذا قتل حرّا عمدا، فحينئذ يلزمه ذلك (6)، و قد روي ذلك: أحمد [و الحسن] (7) و أبو شعيب، عن أبي جميلة، عن زيد الشحام (8). إلي آخره، و لو لا اعتماده عليه ما كان يجعل خبره شاهدا للجميع.
و اعلم أنه يظهر من النجاشي أن كتاب زيد يرويه جماعة، منهم صفوان5.
ص: 312
ابن يحيي (1)، و الطرق الصحيحة إليه كثيرة فضعف أبي جميلة علي قول ابن الغضائري لا يضرّ بالسند، و زيد ثقة عين ممدوح في الأخبار.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن أبي الجوزاء [المنبه] (2) بن عبد اللّه، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عنه (3).
أبو الجوزاء وثقه العلّامة في باب الكني (4)، و المجلسي في الوجيزة (5)، و في النجاشي أنه صحيح الحديث (6)، و يروي عنه من الأجلّاء: سعد بن عبد اللّه (7)، و الصفار (8)، و أحمد بن محمّد بن خالد (9)، و أبوه (10)، و محمّد بن أحمد ابن يحيي (11)، و إبراهيم بن هاشم (12)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (13)، و صرّح الشيخ بأنّه عامّي (14)، و يبعده: توثيق العلامة، و عدم تعرض النجاشي، و رواية الجماعة.
ص: 313
و قد بيّنا في الفائدة السابقة دلالة قولهم: صحيح الحديث، علي وثاقة الرجل في نفسه (1)، فلاحظ.
و أمّا الحسين بن علوان الكلبي: ففي النجاشي: كوفي عامي، و أخوه الحسن يكنّي أبا محمّد ثقة، رويا عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و ليس [للحسن] (2) كتاب، و الحسن أخصّ بنا و أولي (3).
و في الخلاصة: قال ابن عقدة: إن الحسن كان أوثق من أخيه و أحمد عند أصحابنا (4).
و عدّه في الكشي مع جماعة و قال: هؤلاء من رجال العامّة إلّا أنّ لهم ميلا و محبّة شديدة، و قد قيل: إنّ الكلبي كان مستورا و لم يكن مخالفا (5)، انتهي.
و كيف كان فيشهد بوثاقته في الحديث مضافا إلي ما ذكر رواية الأجلّاء عنه و فيهم: الحسن بن علي بن فضّال كما في الكافي في باب مولد النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) (6) و في التهذيب في باب الأذان و الإقامة من أبواب الزيادات (7) - و فيه جهتان تكشف كلّ واحدة منهما عنها- و الهيثم بن أبي مسروق (8)، و الحسن بن ظريف بن ناصح (9)، و أبو الجوزاء (10).ة.
ص: 314
و أمّا عمرو بن خالد: ففي الكشي: محمّد بن مسعود، قال: حدثني أبو عبد اللّه الشاذاني و كتب به إليّ، قال: حدثني الفضل، قال: حدثني أبي، قال:
حدثنا أبو يعقوب المقري- و كان من كبار الزيدية- قال: أخبرنا عمرو بن خالد- و كان من رؤساء الزيدية- عن أبي الجارود- و كان رأس الزيدية- قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السّلام) جالسا إذ أقبل زيد بن علي (عليه السّلام) فلمّا نظر إليه أبو جعفر (عليه السّلام) قال: هذا سيّد أهل بيتي و الطالب بأوتارهم، و منزل عمرو بن خالد كان عند مسجد سمال (1). و ذكر ابن فضّال:
أنّه ثقة (2)، انتهي.
و تزكية ابن فضّال مقبولة- خصوصا إن جعلنا وجه الحجيّة دخولها في عنوان الخبر الواحد لقولهم (عليهم السّلام): خذوا (3) - و وثاقته و تثبّته و إتقانه، نعم من جعله من باب الشهادة فهو بمعزل عن قبول قوله، و يؤيّده رواية أبان ابن عثمان عنه كما في التهذيب في باب ما يجوز الصلاة فيه من أبواب الزيادات (4)، و في الكافي في باب الطاعة و التقوي (5)، و في باب الصلاة في الكعبة و فوقها (6)، و في تزويق البيوت (7)، و هو من أصحاب الإجماع.2.
ص: 315
و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (1)، و محمّد بن سنان (2)، و نصر بن مزاحم (3)، و لا معارض لوثاقته بالنص و الأمارة إلّا تصريحهم بزيديّته، و غايته كون الخبر موثّقا بالاصطلاح.
و أمّا زيد بن علي (عليه السّلام): فهو عندنا جليل القدر عظيم الشأن كبير المنزلة، و ما ورد ممّا يوهم خلاف ذلك مطروح أو محمول علي التقيّة، و المقام لا يقتضي الشرح أزيد من ذلك.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن عمرو بن أبي نصر الأنماطي، عن سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي (4).
أثبتنا في (مب) وثاقة الحكم (5).
و عمرو: ثقة في النجاشي (6)، و يروي عنه: صفوان بن يحيي في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة (7)، و في الاستبصار في باب وجوب الاستنجاء من الغائط و البول (8)، و يونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب التفرقة بين ذوي
ص: 316
الأرحام من المماليك (1).
و عبد اللّه بن جبلة (2)، و ابن نهيك (3)، و محمّد بن يحيي الخزّاز (4)، و الحسين ابن عثمان (5)، و عبد اللّه بن سنان (6)، و المثني الحنّاط (7)، و مهران بن محمّد بن أبي نصر (8) ابن أخيه الذي يروي عنه ابن أبي عمير (9).
و أمّا سدير: ففي الكشي بطريق صحيح علي الأصح: أن الصادق (عليه السّلام) قال لزيد الشحّام حول الكعبة- و هو (عليه السّلام) في الطواف و كفّه في كفّه و دموعه تجري علي خدّه-: يا شحّام ما رأيت ما صنع ربّي إليّ- ثم بكي و دعا- و قال: يا شحّام إنّي طلبت إلي إلهي في سدير، و عبد السّلام بن عبد الرحمن، و كانا في السجن، فوهبهما لي و خلّي سبيلهما (10).
و يروي عنه من أصحاب الإجماع: الحسن بن محبوب في الكافي في باب إدخال السرور علي المؤمن (11)، و فضالة فيه في باب الغيبة (12)، و عبد اللّه بن مسكان فيه في باب آخر من درجات الإيمان (13)، و في باب التسليم و فضل3.
ص: 317
المسلمين (1)، و في باب آخر من فضل الزراعة (2)، و في كتاب الروضة (3).
و بكر بن محمّد (4)، و العلاء بن رزين (5)، و علي بن رئاب (6)، و عقبة- الذي يروي عنه ابن أبي عمير (7) - و جميل بن صالح (8)، و الحسين بن نعيم الصحّاف (9)، و إبراهيم بن أبي البلاد (10)، و إسحاق بن جرير (11)، و هشام أو هاشم بن المثني (12) - الذي يروي عنه ابن أبي عمير (13) - و عمرو بن أبي نصر (14)، و غيرهم.
و الناظر في أخبارهم بعين التأمّل يعلم أنّه من أكابر الشيعة، و من خواصّ الأئمة (عليهم السّلام) و في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن محمّد ابن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن سدير الصيرفي، و ذكر أنّ الباقر (عليه السّلام) أوصاه بحوائج له في المدينة، فلمّا كان في أثناء الطريق إذا برجل من الجنّ قال: و ناولني كتابا طينه رطب.
قال: فلمّا نظرت إلي الخاتم إذا خاتم أبي جعفر (عليه السّلام)ة.
ص: 318
فقلت: متي عهدك بصاحب الكتاب؟ قال: الساعة، و إذا في الكتاب أشياء يأمرني بها، ثم التفتّ فإذا ليس عندي أحد (1). الخبر.
و لنعم ما قيل أنّ هذا يدلّ علي زيادة اختصاص منه بالإمام، و ما كان الإمام ليرسل كتابه مع الجنّ إلّا لوصف في المرسل إليه.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، [عن] (2) الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عنه (3).
مرّ حال تمام رجال السند في (م) في الطريق إلي الأصبغ (4).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف (5).
الثلاثة من شيوخ الطائفة و عيونها.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن سعيد بن عبد اللّه الأعرج الكوفي (1).
عبد الكريم: ثقة برواية البزنطي عنه (2).
و سعيد: هو بعينه ابن عبد الرحمن الأعرج الثقة الذي يروي عنه:
صفوان (3)، و عبد اللّه بن المغيرة (4)، و أبان بن عثمان (5)، و عثمان بن عيسي (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7) من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم من الأجلّاء: معاوية بن وهب (8)، و علي بن النعمان (9)، و علي بن الحسن بن رباط (10)، و سيف بن عميرة (11)، و محمّد بن أبي حمزة (12)، و إسحاق بن عمار (13)، و محمّد بن الوليد (14)، و إسماعيل بن عبد الخالق (15)
ص: 320
و غيرهم، فهو معدود منهم، فالخبر صحيح.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن عليّ بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عنه (1).
السند صحيح عندنا بما مرّ، و حسن أو ضعيف عند جماعة.
و أمّا سعيد: فغير مذكور، و في الشرح: و يظهر من المصنّف أنّ كتابه معتمد، فالخبر قوي كالصحيح (2).
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن مفضّل، عن سعيد بن يسار العجلي الأعرج الحنّاط الكوفي (3).
مفضّل: مشترك، إلّا أنّ رواية البزنطي عنه تنبئ عن وثاقته، و لكونه من أصحاب الإجماع لا يحتاج إلي النظر في حاله.
و سعيد: ثقة، من أرباب الأصول، يروي عنه شيوخ الطائفة مثل:
صفوان بن يحيي (4)، و عبد اللّه بن مسكان (5)، و حماد بن عثمان (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7)، و أبان بن عثمان (8)، و عبد اللّه بن بكير (9) من أصحاب
ص: 321
الإجماع.
و من ماثلهم من الأجلّة: محمّد بن أبي حمزة (1)، و علي بن النعمان (2)، و الحسن بن موسي الخشاب (3)، و عبد الكريم بن عمرو (4)، و إسحاق بن عمّار (5)، و يونس بن يعقوب (6)، و علي بن عقبة (7). و غيرهم، فهو من عصابة ينبغي أن تعدّ روايته عن أحد من أمارات الوثاقة.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه (8).
السند هكذا في النسخ، أمّا الشارح التقي فما ذكر سلمة بن تمام و لا الطريق إليه، و في عدّة السيد الكاظمي أشار إلي الطريق و صرّح بأن سلمة مهمل (9).
قلت: أمّا السند فمرسل قطعا، فإن ابن أبي الخطاب لا يمكن أن يروي عن أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) فإنه من أصحاب الجواد و الهادي (عليهما السّلام) توفي سنة اثنتين و ستين بعد المائتين.
و سلمة بن تمام: علي ما في التقريب: أبو عبد اللّه الشقري- بفتح
ص: 322
المعجمة و القاف- الكوفي، صدوق من الرابعة (1)، و مراده من الرابعة: الطبقة الثالثة من التابعين، و هذا من الوضوح بمكان، و صرّح الذهبي في الميزان: أنه كان معاصرا للأعمش، و وثقه ابن معين (2).
و أمّا الإهمال فهو كذلك غير مذكور إلّا أن قوله: صاحب أمير المؤمنين (عليه السّلام) مدح اعترف به في العدة كما مرّ، بل ذكرنا في (كا) (3) ما يمكن أن يستظهر منه الوثاقة.
هذا و أخرج منه الشيخ في التهذيب- في باب ضمان النفوس (4)، و باب ديات الأعضاء (5) - خبرين: عن منهال بن الخليل- أو جميل (6) - عنه، عن علي (عليه السّلام).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن سلمة بن الخطاب البراوستاني (7).
مرّ سلمه في (نه) (8) فالخبر صحيح أو حسن كالصحيح.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عنه.
و أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه.
ص: 323
و أبوه، عن الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن، الحسين بن سعيد، عنه (1).
الطرق الثلاثة صحيحة بما مرّ.
و سليمان من أجلّاء الثقات.
أبوه، عن سعد ابن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عنه (2).
قال الشارح التقي في ترجمة سليمان: يظهر من كتاب العيون و غيره أنه كان من علماء خراسان و أوحديهم، و باحث مع أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) و رجع إلي الحق، و كان له مكاتبات إلي الجواد و الهادي و العسكري (عليهم السّلام) و اعتمد المصنّف عليه، و تقدم رواياته عنه، و الطريق إليه صحيح فيكون الخبر حسنا، و ربّما يخطر بالبال أنّهما رجلان لأنّ له روايات عن الكاظم (عليه السّلام) و إن احتمل أن يكون معتقدا للحقّ سابقا، و كانت المباحثة تقيّة من المأمون و العلماء، و الظاهر أن المصنّف يعتقد ثقته (3)، انتهي.
قلت: احتمال الاتحاد ضعيف غايته.
أمّا أولا: فلأن الموجود في التوحيد و العيون مسندا: عن الحسن بن محمّد النوفلي يقول: قال: قدم سليمان المروزي متكلّم خراسان علي المأمون فأكرمه و وصله، ثم قال له: إنّ ابن عمّي علي بن موسي (عليهما السّلام) قدم من الحجاز، و هو يحبّ الكلام و أصحابه، فلا عليك أن تصير إلينا يوم التروية المناظرته، فقال سليمان: يا أمير المؤمنين، إني أكره أن أسأل مثله في مجلسك في جماعة من بني هاشم فينتقص عند القوم إذا كلّمني، و لا يجوز الاستقصاء عليه.
ص: 324
قال المأمون: إنّما وجهت إليك لمعرفتي بقوّتك، و ليس مرادي إلّا أن تقطعه عن حجّة واحدة فقط، فقال سليمان: حسبك يا أمير المؤمنين اجمع بيني و بينه و خلّني و الذم (1). ثم ساق صورة مجلس المناظرة و لم يذكر فيها اسم أبيه أصلا مع ذكر اسمه كثيرا.
و أمّا ثانيا: فلأن المناظرة كانت في مسألة البداء، و كان سليمان ينكره، فأقام (عليه السّلام) الحجّة حتي قال سليمان في آخر كلامه للمأمون: يا أمير المؤمنين لا أنكر بعد يومي هذا البداء، و لا أكذّب به إن شاء اللّه.
و في مسألة حدوث الإرادة و كان ينكرها سليمان أيضا، فأقام (عليه السّلام) البرهان عليه، و في آخر الخبر: فانقطع سليمان، قال المأمون عند ذلك: يا سليمان هذا أعلم هاشمي، ثم تفرّق القوم و لم يظهر منه الإقرار بالحدوث فضلا عن الرجوع إلي الحقّ و الاعتراف بإمامته (عليه السّلام) فما المستند في الحكم به.
و أمّا ثالثا: فلأنه لو رجع إلي الحقّ لأشار إليه الصدوق في كلامه بعد إيراد الخبر، حيث قال: كان المأمون يجلب علي الرضا (عليه السّلام) من متكلمي الفرق و أهل الأهواء المضلّة كلّ من سمع به، حرصا علي انقطاع الرضا (عليه السّلام) عن الحجّة مع واحد منهم، و ذلك حسدا منه له و لمنزلته من العلم، فكان لا يكلمه أحد إلّا أقرّ له بالفضل و التزم الحجّة له عليه، لأن اللّه تعالي ذكره يأبي إلّا أن يعلي كلمته (2). إلي آخر ما قال.
و أمّا رابعا: فلما في كشف الغمّة: بإسناده عن سليمان بن حفص المروزي، قال: كان موسي بن جعفر (عليهما السّلام) سمّي ولده عليا:4.
ص: 325
الرضا، و كان يقول: أدعو إليّ ولدي الرضا، و قلت لولدي الرضا، و قال لي ولدي الرضا، و إذا خاطبه قال: يا أبا الحسن (1)، و هذا كلام من كثرت معاشرته و مخالطته معه (عليه السّلام) و كثر حضوره عنده، و المروزي المناظر ما كان يعرف الرضا (عليه السّلام) فضلا عن أبيه، فضلا عن المعاشرة و الرواية عنه.
و في تقريب ابن حجر: سليمان بن صالح الميثمي، مولاهم، أبو صالح المروزي، ملقب سلمويّه، ثقة من العاشرة، مات قبل سنة عشر و مائتين و قد بلغ مائة (2).
و فيه: سليمان بن عامر بن عمير الكندي المروزي، صدوق من التاسعة (3). و الطبقة تلائم أن يكون المناظر أحدهما.
و أمّا خامسا: ففي العيون: عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد ابن عيسي اليقطيني، عن سليمان بن حفص، قال: كتب إليّ أبو الحسن (عليه السّلام): قل في سجدة الشكر مائة مرّة: شكرا شكرا، و إن شئت: عفوا عفوا، قال الصدوق: قد لقي سليمان موسي بن جعفر و الرضا (عليهما السّلام)، و لا أدري هذا الخبر عن أيّهما (عليهما السّلام) (4).
قلت: بل هو الأول، ففي الكافي: علي بن إبراهيم، عن علي بن محمّد القاساني، عن سليمان بن حفص المروزي، قال: كتبت إلي أبي الحسن موسي ابن جعفر (عليهما السّلام) في سجدة الشكر؟ فكتب إليّ (5). و هذا الخبر8.
ص: 326
كسابقه، و بالجملة فاحتمال الاتحاد فاسد جدّا.
و أمّا ابن حفص المروزي: فيمكن استظهار وثاقته من جملة أمور:
أوّلها: أنّ العلامة ذكر في المختلف خبر سليمان بن حفص المروزي المروي في التهذيب بإسناده: عن الصفار، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عنه، قال: سمعته يقول: إذا تمضمض الصائم (1). الخبر علي ما في النسخ الصحيحة من التهذيب.
و يوجد في بعض النسخ و جملة من الكتب الفقهيّة: سليمان بن جعفر المروزي الغير المذكور في الرجال و لا في الأسانيد، و هو اشتباه من النساخ قطعا، و استدلّ- رحمه اللّه- به علي كون الغبار الغليظ مفطرا يوجب القضاء و الكفارة، ثم قال: و احتج الآخرون: بأصالة براءة الذمّة، و بما رواه عمرو بن سعيد، عن الرضا (عليه السّلام) عن صائم يدخل الغبار في حلقه، قال:
لا بأس.
و الجواب: الأصالة يبطل حكمها مع قيام الدليل المخرج عنها، و قد بيّناه، و عمرو بن سعيد و إن كان ثقة إلّا أن فيه قولا (2). إلي آخره.
فلولا أن سليمان عنده ثقة ما كان يقدّم خبره علي خبر عمرو الثقة، و لو كان وجه التقدم أمورا خارجيّة كالشهرة و غيرها لأشار إليه.
ثانيها: رواية الأجلّاء عنه: كعلي بن محمّد القاساني (3)، و محمّد بن7.
ص: 327
عيسي (1)، و أحمد بن أبي عبد اللّه (2)، و موسي بن عمر بن يزيد (3) الذي يروي عنه وجوه الطائفة و مشايخ القمّيين.
و ثالثها: عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة.
و رابعها: ما يظهر من الأخبار شدّة اختصاصه بهم (عليهم السّلام) كما تقدم بعضها، و يعضد ذلك كله أنّ أخباره سديدة ليس فيها ما يوهم الخلط و الارتفاع.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان ابن خالد البجلي [الأقطع الكوفي] و كان خرج مع زيد بن علي (عليه السّلام) فأفلت (4).
قلت: ثم تاب و رجع إلي الحقّ قبل موته، و رصي أبو عبد اللّه (عليه السّلام) عنه بعد سخطه، و توجّع بموته.
و في النجاشي: كان قارئا فقيها وجها، روي عن الباقر و الصادق (عليهما السّلام) (5)، و في الخلاصة: ثقة (6).
و يروي عنه وجوه الرواة و شيوخ الطائفة: كعبد اللّه بن مسكان (7)،
ص: 328
و حمّاد بن عيسي (1)، و صفوان بن يحيي (2)، و جميل بن درّاج (3)، و الحسن بن محبوب (4)، و محمّد بن أبي عمير (5) من أصحاب الإجماع.
و من ماثلهم من الأجلّاء مثل: هشام بن سالم (6)، و علي بن رئاب (7)، و منصور بن حازم (8)، و عمّار الساباطي (9)، و حريز (10)، و عبد الكريم بن عمرو (11)، و سماعة (12)، و مالك بن عطية (13)، و منصور بن يونس (14)، و سعدان ابن مسلم (15)، و عبد اللّه بن سنان (16)، و إسحاق بن عمّار (17)، و أبي أيوب الخزّاز (18). و غيرهم، فالخبر صحيح لا مرية فيه.
أبوه، عن سعد بن
ص: 329
عبد اللّه، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري المعروف بابن الشاذكوني (1).
مرّ حال القاسم، و [سليمان بن] (2) داود في (صج) (3) فالخبر حسن كالصحيح.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن عبّاد بن سليمان، عن أبيه سليمان الديلمي (4).
عباد غير مذكور.
و أبوه ضعيف في الكشي (5)، و كذا في النجاشي (6)، مع تأمّل منه، و لكن لم نجد ما يتمسك به لإصلاحه غير ما في التعليقة ما حاصله أن المستند هو الغلوّ، قال: و فيه مضافا إلي ما مرّ غير مرّة أن أحاديثه في كتب الأخبار صريحة في خلاف الغلوّ و فساده (7).
قلت: و منها ما في روضة الكافي: عن العدّة، عن سهل، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: بينا رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال له رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله): إنّ فيك شبها من عيسي بن مريم، و لو لا أن يقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصاري في عيسي بن مريم لقلت فيك قولا لا تمرّ بملإ من
ص: 330
الناس إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك، يلتمسون بذلك البركة (1).
الخبر.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أحمد بن علي، عن عبد اللّه بن جبلة، عن علي بن شجرة، عن سليمان بن عمرو الأحمر (2).
أحمد بن علي: مجهول.
و ابن جبلة: ثقة واقفي (3).
و ابن شجرة: من الأجلّاء الثقات (4).
و أمّا سليمان: فذكر الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام): ابن عمر الأزدي الكوفي أبو عمارة (5)، ثم ابن عمرو بن عبد اللّه بن وهب النخعي، أبو داود الكوفي، أسند عنه (6)، و نقل [في] الخلاصة: عن ابن الغضائري، عن ابن عقدة، قال: كان أبو داود النخعي يلقّبه المحدّثون:
كذّاب النخع، و لكن نقل [في] الخلاصة أيضا عن ابن الغضائري: أن أبا داود النخعي المطعون سليمان بن هارون (7)، فيبقي ابن عمرو سليما.
و ينبئ عن مدحه بل و وثاقته رواية الأجلّة عنه، مثل: علي بن
ص: 331
شجرة (1)، و سيف بن عميرة (2)، و علي بن الحكم (3)، و الحسين بن عثمان (4)، و علي بن سيف بن عمرة (5).
أبوه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسي العامري، عنه (6).
أمّا عثمان: فهو ثقة، و أخباره معتمدة، و ما نسب إليه من الوقف و الخيانة غير مضرّ، إمّا لعدم صحّة النسبة، أو لزواله و عوده إلي الاستقامة، أمّا الأول فوجوه:
أ- نقل الكشي الإجماع عن بعض المشايخ: أنّه من الستّة الذين اجتمع أصحابنا علي تصحيح ما يصحّ عنه و تصديقهم، و أقرّوا لهم بالفقه و العلم من أصحاب أبي إبراهيم و أبي الحسن الرضا (عليهما السّلام) (7).
ب- قول الشيخ في العدّة ما لفظه: أمّا إذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل: الفطحيّة و الواقفة و الناووسيّة و غيرهم. إلي أن قال: و إن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه، و لا يعرف من الطائفة العمل بخلافه، وجب أيضا العمل به إذا كان متحرّجا في روايته، [موثوقا به في أمانة] (8)، و إن كان مخطئا في أصل الاعتقاد، فلأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحيّة مثل: عبد اللّه بن
ص: 332
بكير و غيره، و أخبار الواقفة مثل: سماعة بن مهران، و علي بن أبي حمزة، و عثمان ابن عيسي (1). إلي آخره.
ج- إكثار الأجلّاء الثقات- و فيهم من لا يروي إلّا عن ثقة- من الرواية عنه مثل: صفوان بن يحيي في التهذيب في باب حكم الإيلاء (2)، و علي بن الحسن بن فضّال (3)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (4)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (5)، و جعفر بن عبد اللّه المحمدي (6) رأس المذري الفقيه الذي هو وجه أصحابنا و أوثق الناس.
و إبراهيم بن هاشم (7)، و علي بن مهزيار (8)، و العباس بن معروف (9)، و موسي بن القاسم بن معاوية بن وهب (10)، و الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة (11)، و الحسن بن علي بن يوسف و هو ابن بقاح (12)، و يعقوب بن يزيد (13)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (14)، و أحمد بن محمّد بن خالد (15)،0.
ص: 333
و أبوه (1)، و علي بن السندي (2)، و إبراهيم بن عبد الحميد (3)، و الهيثم النهدي (4)، و السندي بن الربيع (5)، و أبو جعفر الأحول محمّد بن علي بن النعمان مؤمن الطاق (6)، و سهل بن زياد (7).
و لا بعد في رواية مثل إبراهيم و أبي جعفر الأحول عنه مع بعد طبقتهما، لأنّه كان من المعمرين. و لا أظنّ أحدا بعد التأمل يحتمل اجتماع هؤلاء- و هم وجوه الطائفة و المتثبتون في النقل- علي الرواية عن غير الثقة.
د- ما في تعليقة الأستاذ الأكبر من أنّا لم نقف علي أحد من فقهائنا السابقين تأمّل في روايته في موضع من المواضع، نعم ربّما يتأمّلون من غير جهته، و يؤيّده كونه كثير الرواية و سديدها و مقبولها، و أن أهل الرجال ربّما ينقلون عنه و يعتدون بقوله، منه في أسامة بن حفص (8)، انتهي.
قلت: فإن العلامة (9) ذكر أسامة في القسم الأول لقول عثمان- علي ما2.
ص: 334
في الكشي (1) و التهذيب (2) - إنه كان قيّما للكاظم (عليه السّلام).
ه- إن العلامة صحّح طريق الصدوق إلي معاوية بن شريح (3) و هو فيه.
و- إنه كان من الوكلاء كما في النجاشي (4) و غيره، و فسقه زال بالتوبة كما يأتي.
ز- إن المحقق استدلّ علي وجوب الغسل علي من رأي في المنام أنه جامع و أمني ثم استيقظ و رأي المني، برواية سماعة عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) ثم قال: و سماعة و إن كان واقفيّا لكن عمل الأصحاب علي مضمون روايته هذه (5)، انتهي.
و السند: ثقة الإسلام، عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة (6)، و عدم اعتذاره عن ابن عيسي كاشف عن سلامته عنده.
و أمّا الثاني: فالأصل في جميع ما نسب إليه هو الكشي كما صرّح في النجاشي، فغيره أقصر منه باعا، فلنذكر ما في الكشي، قال: ما روي في عثمان ابن عيسي الرواسي الكوفي من أصحاب الكاظم و الرضا (عليهما السّلام).
ذكر نصر بن الصباح: أن عثمان بن عيسي كان واقفيا، و كان وكيل موسي أبي الحسن (عليه السّلام) و في يده مال، فسخط عليه الرضا (عليه السّلام) ثم تاب عثمان و بعث إليه (عليه السّلام) بالمال، و كان شيخا عمّر7.
ص: 335
ستين سنة، و كان يروي عن أبي حمزة الثمالي، و لا يتهمون [عثمان بن عيسي] (1).
و قال في موضع آخر: حمدويه قال: قال محمّد بن عيسي: إنّ عثمان بن عيسي رأي في منامه أنه يموت بالحير فيدفن بالحير، فرفض الكوفة و منزله، و خرج إلي الحير و ابناه معه، فقال: لا أبرح منه حتي يمضي اللّه مقاديره، فأقام يعبد ربّه جلّ و عزّ حتي مات و دفن فيه، و صرف (2) ابنيه إلي الكوفة (3).
و في موضع آخر: علي بن محمّد قال: حدثني [محمد بن أحمد] (4) بن يحيي، عن أحمد بن الحسين، عن محمّد بن جمهور، عن أحمد بن محمّد، قال:
أحد القوّام: عثمان بن عيسي، و كان يكون بمصر، و كان عنده مال كثير و ستّ جواري، فبعث إليه أبو الحسن (عليه السّلام) فيهن و في المال، فكتب إليه:
إن أبي قد مات و قد أقسمنا ميراثه، و قد صحّت الأخبار بموته و احتج عليه، قال: فكتب إليه: إن لم يكن أبوك مات فليس لك من ذلك شي ء، و إن كان قد مات علي ما تحكي فلم يأمرني بدفع شي ء إليك، و قد أعتقت الجواري (5)، انتهي.
قال المحقق صاحب المعالم في التحرير الطاووسي بعد نقل ما في الكشي:
و أقول: إنّ جميع ما ذكر له و عليه ضعيف (6)، انتهي.5.
ص: 336
و عليه فيبقي ما ذكرنا من الأمارات خاليا عن المعارض، مع أن نصر لم يلق عثمان فيكون مرسلا، و الناقل غير معلوم، و ليس هو من معشر يقبل مراسيلهم (1)، و في التعليقة: و فسقه ارتفع بالتوبة، بل الظاهر من قولهم: ثم تاب أنه لم يمتدّ الفسق، فحاله حال البزنطي، و ابن المغيرة و غيرهما من الثقات، و التأمل في توبته لأن الناقل نصر ليس بمكانه لاعتماد المشايخ كالكشي و غيره عليه في النقل في تراجم كثيرة لا تعدّ و لا تحصي (2). إلي آخره.
قلت: الذين وقفوا ثم رجعوا من الأجلّاء جماعة كثيرة مثل: عبد الرحمن ابن الحجاج، و رفاعة بن موسي، و يونس بن يعقوب، و جميل بن دارج، و حماد ابن عيسي، و الحسن بن علي الوشّاء، و غيرهم ممّن ذكرهم الشيخ الطوسي في الغيبة، و ذكر كيفيّة وقوفهم و رجوعهم (3).
و ممّا يؤيد و يشهد برجوع عثمان كأضرابه روايته عن الرضا (عليه السلام) علي نسق من يروي عنه ممّن أخذوه إماما و حجّة، ففي الكافي في باب الرجل يأخذ الحجّة فلا يكفيه: بإسناده عن عثمان بن عيسي، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السّلام): ما تقول في الرجل يعطي الحجّة فيدفعها إلي غيره؟ قال: لا بأس به (4).
و أمّا قول النجاشي في صدر ترجمته: كان شيخ الواقفة و وجهها (5)، الظاهر في الدوام، أو كون الوقف في مدّة طويلة، فأجاب عنه المحقق السيد صدر الدين: بإمكان حمل عبارته علي الذين وقفوا في ابتداء الوقف لا فرقه7.
ص: 337
الواقفة و الطائفة الذين هم أحد المذاهب، أن يكون المراد من الواقفة المعني المصدري لا الفرقة، و ذلك أن يكون في الذين وقفوا شيب و شبان أو مشايخ و تلامذة، و يكون عثمان المعمّر في الشيب أو الأعلم في الشيوخ، و يؤيدّه أن النجاشي نقل ما نقله عن الكشي ساكتا عليه، ثم أورد بأن البطائني قائد أبي بصير المظنون أنّه أسنّ من عثمان، و أجاب بأن البطائني كان في الكوفة، و عثمان في مصر، فالمراد أنّ عثمان شيخهم في مصر.
و اعلم أن الفاضل الكاظمي في تكملة الرجال أطال في نقل كلمات بعض الفقهاء في حكمهم بضعف الخبر عن جهة وقف عثمان و خيانته، فاستظهر منه أنّهم لم يلتفتوا إلي رجوعه و توبته (1)، ثم نقل كلاما للشيخ الحرّ في تحرير الوسائل، و قال: و اعلم أنه لم يوثقه أحد من أهل الرجال، و لكن الحرّ يريد أن يلفّق توثيقه من القرائن و عمدتها الوكالة، و ما نقله بعضهم من الإجماع.
و فيه: أوّلا: أن الناقل للإجماع غير معلوم فلا اعتماد عليه.
و ثانيا: أنّه معارض بالشهرة المتأخرة علي ضعفه، و الوكالة مع الخيانة لا تدلّ علي الاعتماد فضلا عن الوثاقة، و قد علم من هذا كلّه اشتباه السبط (2) حيث قال: المعروف بين المتأخرين عدّ الحديث المشتمل عليه موثقا، بل المعروف تضعيفه، ثم قال: بل لم نقف علي توثيقه، و كونه ممن أجمعت العصابة علي تصحيح ما يصحّ عنه، (إنّما هو من قول بعضهم، و البعض غير معلوم الحال، و لو سلّم العلم و الاعتماد عليه فهو من الإجماع المنقول بالخبر الواحد، و للاعتماد عليه كلام و بتقديره لا يفيد إلّا الظن، و الأخبار الواردة في ذمّه منها مار.
ص: 338
هو معتبر فلو لم يكن ظنّه أقوي فهو مساوي، فلا وجه للترجيح (1).
فإن قلت: قد قدمت أن رواية الجليل قرينة الاعتماد، و الحسين بن سعيد يروي عنه فهو قرينة.
قلت: لما ذكرت وجه، إلّا أن الذم الوارد في عثمان بلغ النهاية، و يحتمل أن يقال: إنّ رواية الحسين عنه ربّما كانت قبل وقفه، فيرجح القبول كما في روايته عن محمّد بن سنان المذموم (2)، انتهي.
و فيه مواقع للنظر بل التعجب:
أمّا أولا: فلعدم انحصار القرائن المعتبرة فيما ذكره كما عرفت سابقا.
و ثانيا: أن الناقل للإجماع الكشي عن بعضهم، و لا يرتاب ذو درية أن المراد من البعض في هذا المقام بعض علماء المؤلّفين من مشايخه أو معاصريه العارفين بحال الرواة و أخبارهم و حال الطائفة معهم، و لم يكن لينقل في هذا المقام عن الجهلاء و المجاهيل و الضعفاء، و من احتمله فقد خالف وجدانه.
و ثالثا: أنه مؤيّد بإجماع الطائفة علي العمل برواياته كما نقله الشيخ في العدّة (3).
و رابعا: أن الشهرة المتأخرة التي ادّعاها معارضة بدعوي السبط- و هو الشيخ محمّد شارح الاستبصار- الشهرة علي خلافه، و نسبته إلي الاشتباه اشتباه، فإنه أقدم و أبصر و أعرف.
و خامسا: أن الشهرة المتأخرة في هذا المقام لا تغني من شي ء بعد معلوميّة مستندهم و انتهائه إلي ما في النجاشي و الكشي، و كثرة اختلاف كلماتهم في أمثال1.
ص: 339
هذا المقام المنبئ عن عدم توغّلهم فيه، فلا تورث ظنّا فضلا عن قابليّته لمعارضة الإجماعين من مقاربي عصره الذين من كلامهم وقعوا فيما وقعوا.
و سادسا: أن أخبار الذم هي ما أخرجناه عن الكشي، و روي الثاني منها الصدوق في العلل: عن ابن الوليد، عن محمّد بن يحيي العطار، عن أحمد بن الحسين (1). إلي آخر ما في الكشي.
أمّا مرسل نصر فمع الغضّ عن إرساله و ما قيل في نصر فتوبته مذكورة فيه، فمن أخذ بصدره لا مناص له عن الأخذ بذيله.
و أمّا الثاني: ففي سنده أحمد بن الحسين الذي ضعّفه القميون كما في النجاشي (2)، و محمّد بن جمهور الضعيف عند المشهور (3)، و أحمد بن محمّد غير معلوم، و في العلل: أحمد بن حماد (4)، ففيه اضطراب مع ذلك، و العجب أنه قال: منها ما هو معتبر (5)، و إنّما هو خبران لا قدح نافع في أوّلهما و لا حجيّة في ثانيهما، مع أنّ الناظر لا يرتاب في تقييد الثاني بالأول، و مع هذا كيف يعارض الإجماعين، و ليس الإجماع المذكور من أقسام الإجماع المنقول المذكور في الأصول كما سنوضحه إن شاء اللّه تعالي.
و سابعا: أن الذين رووا عنه من الأجلّاء ممّا وجد في الكتب الأربعة فضلا عن غيرها قريب من عشرين، و فيهم من لا يروي إلّا عن ثقة كصفوان، و من أمروا [عليهم السّلام] بالأخذ بما رووا كابن فضّال، و أحمد بن محمّدر.
ص: 340
الأشعري المعلوم حاله في التثبت و الاحتياط، و ابن عبد اللّه رأس المذري أوثق الناس في الحديث، و غيرهم ممّن عددناهم، و مع ذلك [اقتصر علي الحسين بن سعيد] (1) فإن عثر علي غيره و اقتصر مع ذلك عليه فهو خيانة، و إلّا فلا ينبغي لمن لا يبذل جهده التعرض للجرح و القدح.
و ثامنا: ما ذكره من احتمال كون رواية الحسين عنه قبل وقفه فاسد، فإن الحسين من أصحاب الرضا و الجواد و الهادي (عليهم السّلام) و روايته عنه قبله مستلزمة لكون الحسين من أصحاب الكاظم (عليه السّلام) و ما ذكره أحد من أنه كان في حياة الكاظم (عليه السّلام) من القوّام بمصر، و الحسين كوفي، انتقل منها إلي الأهواز ثم ارتحل من الأهواز إلي قم و توفي بقم كما في الفهرست (2).
و كذا أحمد بن محمّد بن عيسي، و ابن مهزيار- الذي أسلم علي يد الرضا (عليه السّلام)- و رأس المذري، و ابن معروف، و موسي بن القاسم، و ابن أبي الخطاب، و ابن هاشم، فإن رواية هؤلاء الأجلّاء عنه لا بدّ و أن يكون في عهد الرضا (عليه السّلام) إذ ليس أحد منهم من أصحاب الكاظم (عليه السّلام).
فتحصل من جميع ما ذكرنا أن عثمان ثقة صدرت منه عثرة كغيره من الأجلاء و تاب عنها، بل تدارك العثرة بمجاورة قبر الطيب الطاهر (عليه السّلام) و العبادة عنده حتي لقي ربّه.
و أمّا سماعة فيدلّ علي وثاقته- بل جلالته- أمور:0.
ص: 341
أ- ما في النجاشي، قال: روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السّلام) و مات بالمدينة، ثقة ثقة، و له بالكوفة مسجد بحضرموت (1).
ب- و الإجماع الذي نقله الشيخ في العدّة (2) و دلالته علي التوثيق تعرف ممّا أوضحناه في الفائدة السابقة في شرح قولهم: صحيح الحديث (3)، و سنزيده توضيحا إن شاء اللّه عند الكلام في بيان ما يظهر من قولهم: أجمعت العصابة (4).
ج- رواية الأجلّاء- و فيهم من لا يروي إلّا عن ثقة- مثل: ابن أبي عمير (5) كما نصّ عليه في التعليقة (6)، و المشتركات للقزويني.
و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي في الكافي في باب كراهية السرف (7)، و في باب حجّ الصبيان (8)، و في باب المحرم يقبّل امرأته (9)، و في التهذيب في باب البيّنات (10).
و صفوان بن يحيي فيه في باب الاعتكاف (11)، و هؤلاء الثلاثة لا يروون8.
ص: 342
إلّا عن ثقة.
و من ماثلهم من أصحاب الإجماع: الحسن بن محبوب (1)، و يونس بن عبد الرحمن (2)، و عبد اللّه بن المغيرة (3)، و عبد اللّه بن مسكان (4)، و أبان بن عثمان (5)، و ابن فضّال (6)، و عثمان بن عيسي (7)، هؤلاء عشرة من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم من الأجلّاء: عبد اللّه بن جبلة (8)، و هشام بن سالم (9)، و الحسين بن عثمان (10)، و محمّد بن عيسي (11)، و جعفر بن عثمان (12)، و أبو أيوب (13)، و عمّار بن مروان (14)، و محمّد بن سماعة (15)، و علي بن الحكم (16)، و مسمع بن أبي مسمع (17)، و عبد الكريم (18)، و محمّد بن1.
ص: 343
سنان (1)، و مروك بن عبيد (2)، و صباح الحذاء (3)، و إسحاق بن عمّار (4)، و جميل بن صالح (5)، و عبد اللّه بن الوضاح (6)، و ربعي بن عبد اللّه (7)، و يحيي اللحام (8)، و عبد اللّه بن القاسم (9)، و سعدان (10)، و أبو المعزي حميد بن المثني (11)، و جماعة أخري ممدوحون، و بحسب العادة لا يجوّز العاقل أن يجتمع هؤلاء علي الرواية من غير الثقة، نعم رماه الشيخ في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) بالوقف و قال: له كتاب روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) واقفي (12).
و فيه: أوّلا: أنه- رحمه اللّه- متفرّد في هذا الرمي هنا، و في العدة في كلامه المتقدم ما شاركه أحد من أئمة الرجال، خصوصا مثل النجاشي الثبت الخبير الضابط، و ابن الغضائري الذي لم يسلم من طعنه جليل، و كأنّه تبع الصدوق في الفقيه، قال في باب الصلاة في شهر رمضان: و ممن روي الزيادة في التطوع في شهر رمضان زرعة، عن سماعة، و هما واقفيّان، قال: سألته (13)7.
ص: 344
(عليه السّلام). الخبر.
ذكر هذا في مقام توهين الخبر مع أنّه قد أكثر من الرواية عنه فيه، و الاعتماد عليه في كثير من أبوابه، و انحصار المستند فيما رواه، فيحتمل أن تكون التثنية من طغيان القلم، و من البعيد غايته خفاء كلامه عن النجاشي و قوله:
ثقة فيه مرّتين، و كأنّه لم يعتن به لضعف النسبة عنده.
و أمّا ثانيا: فلأن الشيخ قال في أصحاب الصادق (عليه السّلام):
يكنّي أبا محمّد بيّاع القزّ، مات بالمدينة (1)، و الظاهر أنّه أشار بكلامه الأخير إلي ما ذكره أحمد بن الحسين- يعني الغضائري- كما في النجاشي: أنه وجد في بعض الكتب أنه مات سنة خمس و أربعين و مائة في حياة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و ذلك أن أبا عبد اللّه (عليه السّلام) قال له: إن رجعت لم ترجع إلينا، فأقام عنده، فمات في تلك السنة، و كان عمره نحوا من ستين سنة، و ليس أعلم كيف هذه الحكاية، لأنّ سماعة روي عن أبي الحسن (عليه السّلام) و هذا الحكاية تتضمن أنّه مات في حياة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و اللّه أعلم، له كتاب يرويه عنه جماعة كثيرة (2)، انتهي.
فما في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) ينافي ما في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و لا يمكن الجمع بينهما، فإن حدوث مذهب الواقفة بعد وفاة أبي الحسن (عليه السّلام).
و أمّا ثالثا: فلأنه لم يذكر سماعة في أصحاب الرضا (عليه السّلام) و لا غيره، و لا وجد منه حديث رواه عنه (عليه السّلام) نعم في التهذيب:
بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن سماعة بن مهران، قال: سألت الرضا7.
ص: 345
(عليه السّلام) عن المأكول من الطير و الوحش. إلي أن قال لي: يا سماعة السبع كلّها حرام (1). الخبر، لكنه من طغيان القلم، يعرف ذلك بالمراجعة إلي ما في الكافي فإنه رواه عن: علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عنه، قال:
سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) (2). إلي آخر ما في التهذيب حرفا بحرف.
و النجاشي استبعد الحكاية لروايته عن أبي الحسن (عليه السّلام) فلو روي عن الرضا (عليه السّلام) لكان أولي بالاستشهاد، فموته في حياة الصادق أو الكاظم (عليهما السّلام) و معه لا يجوز رميه بالوقف بمعناه المعروف الذي به امتازت الفرقة المعروفة عن غيرها، و حمله علي معناه الآخر الذي يستعملونه في بعض مشتقاته- فيقولون: وقف علي الصادق (عليه السّلام) أو غيره، فيدخل به في زمرة الفطحيّة أو الناووسيّة- فاسد لعدم إطلاقهم علي الذاهب إليه الواقفي، و إن ألجأنا إلي ذكر التوجيه لما في أصحاب الكاظم (عليه السّلام).
فنقول: يحتمل أن يكون مراده أن مذهب سماعة كان الوقف علي أبي الحسن (عليه السّلام) و انقطاع الإمامة به، و كان لا يعتقد الإمامة في ولده كما تقول به الإماميّة، و الكلام حينئذ في تخطئة هذا الاعتقاد و الحكم بدخول صاحبه في زمرة سائر الفرق الباطلة، و هو متوقف علي إثبات أحد الأمرين:
أمّا وجوب الاعتقاد بإمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السّلام) في عصر كلّ إمام و عدم كفاية معرفة إمام زمانه، و من قبله في الحكم بإيمانه أو وصول ذلك إليه متواترا.
أو بطرق أخري قطعيّة بحيث يكون ردّه و عدم الاعتقاد به تكذيبا للنبيّ1.
ص: 346
(صلّي اللّه عليه و آله) و من بعده من الحجج (عليهم السّلام).
و إن لم نقل بوجوبه ابتداء، و كلاهما محل للنظر و التأمّل بل المنع الظاهر، و إلّا لزم تكفير ما لا يحصي من أصحاب كلّ إمام، يعرف ذلك بالمراجعة إلي حالهم بعد وفاة كلّ إمام، بل الذين رووا النصّ علي الاثني عشر كانوا متحيّرين عنده لاحتمالهم البداء فيه، و تمام الكلام في محلّه، و هذا الحمل و إن كان بعيدا إلّا أنّه أحسن من إبقائه علي ظاهره، لأنه يتوقف علي إثبات درك سماعة مولانا الرضا (عليه السّلام) و حدوث مذهب الواقفة المعروفة التي تنعت بالكلاب الممطورة قبله، و كلاهما من الفساد بمكان:
أمّا الأوّل: فبما ذكرنا، حتي أن الشيخ الذي رماه بالوقف لم يذكره في أصحاب الرضا (عليه السّلام).
أمّا الثاني: فغير خفي علي من له خبرة بحال السلف.
و روي الكشي: عن علي بن جعفر، قال: جاء رجل إلي أخي (عليه السّلام) فقال له: جعلت فداك من صاحب هذا الأمر؟ فقال: أما إنهم يفتنون بعد موتي و يقولون: هو القائم، و ما القائم إلّا بعد سنين (1).
و عن: أبي القاسم الحسين بن محمّد، عن عمر بن يزيد، عن عمّه، قال: كان بدو الواقفة أنه كان اجتمع ثلاثون ألف دينار عند الأشاعثة زكاة أموالهم و ما كان يجب عليهم فيها، فحملوه إلي وكيلين لموسي (عليه السّلام) بالكوفة، أحدهما حيّان السراج و الآخر كان معه، و كان موسي (عليه السّلام) في الحبس، فاتخذا بذلك دورا و عقدا العقود و اشتريا الغلات، فلما مات موسي (عليه السّلام)، و انتهي الخبر إليهما أنكرا موته و أذاعا في الشيعة أنه لا يموت لأنه القائم، و اعتمدته طائفة من الشيعة و انتشر قولهم (2) في الناس، حتي كانا.
ص: 347
عند موتهما أوصيا بدفع المال إلي ورثة موسي (عليه السّلام) و استبان للشيعة أنّهما قالا ذلك حرصا علي المال (1).
و قال الشيخ الأقدم أبو محمّد الحسن بن موسي النوبختي- ابن أخت أبي سهل بن نوبخت من علماء الغيبة الصغري- في كتاب مذاهب فرق أهل الإمامة ما لفظه: ثم إنّ جماعة المؤتمين بموسي بن جعفر (عليهما السّلام) لم يختلفوا في أمره، فثبتوا علي إمامته إلي حبسه (عليه السّلام) في المرة الثانية، ثم اختلفوا في أمره فشكوا في إمامته عند حبسه (عليه السّلام) في المرة الثانية التي مات فيها في حبس الرشيد فصاروا خمس فرق:
فرقة منهم زعمت أنه مات في حبس السندي. إلي أن قال: فسمّيت هذه الفرقة القطعيّة، لأنّها قطعت علي وفاة موسي بن جعفر (عليهما السّلام) و علي إمامة علي (عليه السّلام) ابنه بعده، و لم تشكّ في أمرها و لا ارتابت، و مضت علي المنهاج الأول.
و قالت الفرقة الثانية: إنّ موسي بن جعفر (عليهما السّلام) لم يمت و إنّه حيّ لا يموت حتي يملك شرق الأرض و غربها، و يملأ كلّها عدلا. إلي أن قال: و قال بعضهم: أنه القائم و قد مات، و لا تكون الإمامة لغيره حتي يرجع فيقوم و يظهر، و زعموا أنه قد رجع بعد موته إلّا أنه مختف.
إلي أن قال: و قال بعضهم: إنّه قد مات و إنّه القائم، و إنّ فيه شبها من عيسي بن مريم، و إنّه لم يرجع، و لكنّه يرجع في وقت قيامه. إلي أن قال:
فسمّوا هؤلاء جميعا الواقفة لوقوفهم علي موسي بن جعفر (عليهما السّلام)، و أنه الإمام القائم، و لم يأتموا بعده بإمام، و لم يتجاوزوه إلي غيره، قال- رحمه اللّه-:1.
ص: 348
و قد لقّب [الواقفة] (1) بعض مخالفيها ممن قال بإمامة علي بن موسي (عليهما السّلام): الممطورة و غلب عليها هذا الاسم و شاع لها.
و كان سبب ذلك أن علي بن إسماعيل الميثمي، و يونس بن عبد الرحمن ناظر بعضهم، فقال له علي بن إسماعيل- و قد اشتد الكلام بينهم-: ما أنتم إلّا كلاب ممطورة، أراد أنّكم أنتن جيف، لأنّ الكلاب إذا أصابها المطر فهي أنتن من الجيف، فلزمهم هذا اللقب، فهم يعرفون به اليوم، لأنه إذا قيل للرجل أنه ممطور فقد علم (2) أنه من الواقفة علي موسي بن جعفر (عليهما السّلام) خاصّة، لأن كلّ من مضي منهم فله واقفة وقفت عليه، و هذا اللّقب لأصحاب موسي خاصة (3). انتهي.
و بعد التأمل في كلامه و ما قبله تعلم أنه لا شبهة في نسبة من رمي- من لم يدرك الرضا (عليه السّلام) إلي الوقف- إلي الاشتباه، و سماعة لم يدركه، فلا يكون واقفيا حتي بالمعني الذي حملنا عليه كلام الشيخ لما رواه الصدوق في العيون و الخصال و الإكمال: عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عبد اللّه بن الصلت، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة، قال: كنت أنا و أبو بصير و محمّد بن عمران- مولي أبي جعفر (عليه السّلام)- في منزل، فقال محمّد بن عمران: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: نحن اثنا عشر محدّثا، فقال له أبو بصير: لقد سمعت ذلك من أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فحلفه مرّة أو مرتين فحلف أنه سمعه، قال أبو بصير: لكني سمعته من أبي جعفر (عليه السّلام) (4). و أنّي للواقفي6.
ص: 349
بأيّ معني أن يروي هذا الحديث.
و ممّا يشهد أنه لم يدرك الرضا (عليه السّلام) أن البرقي في رجاله يقول:
أصحاب فلان- يعني: أحد الأئمة (عليهم السّلام)- فيذكر أولا من أدركه من أصحاب جدّه، ثم من أدركه من أصحاب أبيه (عليهما السّلام) ثم يذكر من نشأ في عصره من غير ترتيب، فقال في أصحاب أبي الحسن (عليه السّلام): سماعة بن مهران مولي حضرموت، و يقال: مولي خولان كوفي (1).
إلي أن قال: أصحاب أبي الحسن علي بن موسي (عليهما السّلام): من أدركه من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام): حمّاد،. و عدّ جماعة، و قال: و من أصحاب أبي الحسن موسي بن جعفر (عليهما السّلام). وعد جماعة. إلي أن قال: و من نشأ في عصره إسحاق بن موسي بن جعفر (عليهما السّلام) (2). و عدّ جماعة كثيرة، و لو كان سماعة من أصحابه لذكره في إحدي الطائفتين، و هو من الرواة المعروفين الذين لم يكن لينساهم.
و مما يشهد لذلك أنّا لم نقف علي أحد من أصحاب الرضا (عليه السّلام) و من بعده يروي عنه، كأحمد بن محمّد بن عيسي، و ابني سعيد، و علي ابن مهزيار، و العباس بن معروف، و محمّد بن عيسي، و إبراهيم بن هاشم، و أضرابهم من الرواة المكثرين، بل رووا عنه بتوسط عثمان بن عيسي كما تقدم، و من جميع ذلك تبيّن عدم إمكان كونه واقفيا بالمعني المعروف، فمن رماه به فقد ارتكب ما لا يجوز في العادة من غير تأمّل.
و لقد أطال صاحب التكملة في نقل كلمات الفقهاء في الكتب و تضعيفهم الخبر من جهته لوقفه، بل قال في أول الترجمة: و ظاهر الأكثر علي أنّه واقفي،3.
ص: 350
بل ظاهرهم الاتفاق علي وقفه، ثم نقل بعض كلماتهم. إلي أن قال: و بهذا تبطل دعوي ابن الغضائري أيضا أنّه مات في حياة الصادق (عليه السّلام) فإن روايته عن الكاظم (عليه السّلام) مقطوع بها (1).
قلت: نقل كلماتهم في هذا المقام غير نافع بعد العلم بكون المستند كلام الشيخ المعلوم حاله، و لم يكن لهم توغّل في هذه المطالب لاشتغالهم بالأهمّ، و لذا تري لهم فيها من الاختلاف و التناقض ما لا يحصي حتي في المقام، ففي مجمع الفائدة: لكن الرواية ضعيفة بسماعة (2)، مع أن الموثق عنده حجّة، و قبل رواية زرعة و هو أسوء حالا عندهم منه.
و في التكملة عن المولي محمّد صالح: أنه فطحي (3)، و من العجيب أنه ردّ ابن الغضائري بكلماتهم أنه واقفي و بروايته عن الكاظم (عليه السّلام)، فإن مأخذ كلماتهم قول الشيخ في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) فالمعارضة بينهما، و لا ترجيح لولا ثبوت روايته عن الكاظم (عليه السّلام). ثم كيف استدلّ بروايته عن الكاظم (عليه السّلام) علي بطلان دعوي ابن الغضائري و لم يستدل علي عدم دركه الرضا (عليه السّلام) علي بطلان ما في أصحاب الصادق (عليه السّلام)؟ و به يخرب أساس الكلمات و سائر ما قاله صاحب التكملة ممّا لا طائل تحته.
و قد عثرت بعد ما كتبت هذا علي كلام السيد الأجل بحر العلوم في شرحه علي الوافي الذي جمعه تلميذه الجليل صاحب مفتاح الكرامة، قال: و في شرح سند فيه سماعة، و أمّا سماعة: فالظاهر أنه ثقة غير واقفي، كما هو ظاهر6.
ص: 351
النجاشي (1)، و صريح المقدس الأردبيلي (2)، و المحقق الشيخ محمّد (3)، و المحقق البحراني صاحب البلغة (4)، مضافا إلي أنه روي أنّ الأئمة (عليهم السّلام) اثنا عشر، و يؤيّد ذلك أيضا ما روي أنه مات في حياة الصادق (عليه السّلام).
و علي هذا فروايته عن أبي الحسن (عليه السّلام) لعلّه في صغره (5)، و قد وقع مثله كثيرا، و ابن الغضائري ما رماه بشي ء، و السالم من سلم منه، علي أنه مقبول الرواية عند القميين، و علي تقدير تسليم الوقف فإنّما كان في حياة الكاظم (عليه السّلام) و ذلك لا يضر (6)، انتهي.
و لقد أجاد فيما أفاد، و لكن لا يحتاج إلي قوله: لعلّه في صغره، فإنّ مقامه مع أبيه (عليهما السّلام) كان عشرين سنة، و مع ذلك ففي النفس منه شي ء، فإن الصفار روي في بصائره: عن إسماعيل بن مهران، عن ابن عميرة، عن أبي المعزي، عن سماعة قال: قلت لأبي الحسن (عليه السّلام): إنّ عندنا من قد أدرك أباك و جدّك، و إنّ الرجل ليبتلي بالشي ء لا يكون عندنا فيه شي ء فنقيس؟
فقال: إنّما هلك من كان قبلكم حين قاسوا (7). و هذا الكلام كالصريح في أنه كان بعد وفاة أبي عبد اللّه (عليه السّلام).
إلّا أني رأيت الخبر في كتاب درست بن أبي منصور هكذا: عن أبي المعزي، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت:2.
ص: 352
جعلت فداك، إن أناسا من أصحابك قد لقوا [أباك] (1) و جدّك و قد سمعوا عنهما الحديث، و قد يرد عليهم الشي ء ليس عندهم فيه شي ء و عندهم ما يشبهه فيقيسوا علي أحسنه، قال: فقال: ما لكم و القياس، إنّما هلك من هلك بالقياس (2). الخبر.
و الظاهر أنّه قضيّة واحدة، و الاشتباه في أحد الكتابين، و لعلّه بالبصائر أولي لكثرة الوسائط و اللّه العالم.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار و الحسن بن متيل الدقاق، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان، عنه (3).
عليّ: من أجلّاء الثقات و وجوه الطائفة كمن تقدمه.
و سويد: من ثقات الرواة، فالخبر صحيح.
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه (4).
السند صحيح بما مرّ.
و سهل: وثقه النجاشي مرّتين (5)، و هو من وجوه الأشعريين، فالخبر صحيح عندنا، و حسن كالصحيح عند المشهور.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن عبد اللّه البرقي، عن الحسن بن
ص: 353
محبوب، عن الحسن بن رباط، عنه (1).
استظهرنا وثاقة عليّ في يه (2)، مع أن للصدوق طرقا صحيحة إلي البرقي.
و ابن محبوب من شيوخ الطائفة.
و أمّا ابن رباط: فيشير إلي وثاقته رواية ابن محبوب عنه، و أنه من أرباب الأصول كما في الفهرست (3)، فيدخل في معشر مدحهم المفيد في الرسالة العددية (4)، و في الكشي: ما روي في بني رباط، قال نصر بن الصباح: كانوا أربعة إخوة:
الحسن و الحسين و علي و يونس، كلّهم أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و لهم أولاد كثيرة من حملة الحديث (5).
و قال السيد الأجل بحر العلوم في رجاله: بنو رباط أهل بيت كبير بالكوفة، من بجيلة أو من مواليهم، منهم الرواة و الثقات و أصحاب المصنّفات، و من مشاهيرهم: عبد اللّه، و الحسن، و إسحاق، و يونس، أولاد رباط، و محمّد بن عبد اللّه بن رباط، و علي بن الحسن بن رباط، و جعفر بن محمّد بن إسحاق بن رباط، و محمّد بن محمّد بن إسحاق بن رباط، و هو من رجال الغيبة و آخر من يعرف من هذا البيت (6).
و سيف التمار: ثقة في النجاشي (7) و الخلاصة (8)، فالخبر صحيح أو في3.
ص: 354
حكمه، فإن ابن محبوب من أصحاب الإجماع.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن سيف، عن أخيه الحسين، عن أبيه سيف بن عميرة (1).
هكذا السند في الفقيه، و في شرح التقي (2)، و مشيخة الوسائل (3)، و لم يتعرّض أحد لما فيه.
فإن الظاهر أن السند هكذا: أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سيف، عن أخيه علي، عن أبيه، و ذلك لما في النجاشي، قال: الحسين بن سيف بن عميرة: أبو عبد اللّه النخعي، له كتابان، كتاب يرويه عن أخيه علي ابن سيف، و آخر يرويه عن الرجال (4).
و في ترجمة أخيه علي بن سيف بن عميرة النخعي: أبو الحسن كوفي، مولي، ثقة، هو أكبر من أخيه (5)، و لما في أسانيد الأخبار، ففي الكافي في الروضة بعد حديث أبي ذرّ: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين ابن سيف، عن أخيه عليّ، عن أبيه (6)، و كذا بعد حديث نوح يوم القيامة (7).
و في باب النكت: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي حمزة (8)، و في بعض النسخ:
ص: 355
عن الحسن و هو اشتباه فيه، و في أسانيد كثيرة مثله، كما نبّه عليه نقّاد هذا الفن المولي الحاج محمّد في جامع الرواة (1)، و عدم وجود الحسن بن سيف في الرواة، و فيه في باب المؤمن و صفاته: عن إسماعيل بن مهران، قال: حدثني الحسين بن سيف، عن أخيه علي، عن سليمان بن عمرو النخعي (2). إلي آخره.
و في التهذيب في باب الحدّ في نكاح البهائم: محمّد بن علي بن محبوب، عن الحسن بن علي الكوفي، عن الحسين بن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن زيد (3). إلي آخره، إلي غير ذلك من المواضع، و ممّا ذكرنا ظهر حال الأخوين.
أمّا علي: فثقة نصّا (4).
و أمّا الحسين: فبالأمارة لرواية الأجلّة عنه، مثل: أحمد بن محمّد بن عيسي (5) - المتصلّب في النقل و الاحتراز عن المتهمين فضلا عن الضعيف- و علي بن الحكم (6)، و الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة (7)، و إسماعيل بن مهران (8)، و أحمد بن محمّد بن خالد (9)، و إبراهيم بن هاشم (10)، و محمّد بن علي بن محبوب (11)، كما يوجد في جملة من الأسانيد في الاستبصار و غيره، و حمله0.
ص: 356
في الجامع (1) علي السهو، و سقوط الحسن بن علي الكوفي من البين.
و أبو هما سيف: ثقة في الفهرست (2)، و الخلاصة (3)، و النجاشي (4) في نسخة صحيحة عتيقة عندي كتبت في عهده، و كذا نقله عنه ابن داود (5)، و التقي المجلسي في الشرح (6)، و إنكار الآميرزا محمّد في المنهج (7) وجودها في النجاشي كاشف عن سقوط الكلمة من نسخته.
و روي عنه جمع من الأجلّاء- جمّ غفير- مثل: حمّاد بن عثمان (8)، و ابن أبي عمير (9)، و فضالة بن أيوب (10) - من أصحاب الإجماع- و علي بن الحكم (11)، و إسماعيل بن مهران (12)، و محمّد بن عبد الحميد (13)، و محمّد بن خالد الطيالسي (14)، و العباس بن عامر (15)، و موسي بن القاسم (16)، و ابنه5.
ص: 357
علي (1)، و علي بن أسباط (2)، و ابن بقاح (3)، و عبد اللّه بن جبلة (4)، و عبد السّلام بن صالح (5). و غيرهم.
و تفرّد السروي في المعالم (6) فنسبه إلي الوقف و لم يسبقه أحد، و نسب إلي السهو لخلوّ كتب أئمة الرجال عنه، مع أنّهم صرّحوا بأنّه من أصحاب الصادق و الكاظم (عليهما السّلام) (7) فاحتمال الوقف فيه فاسد كما أوضحناه في سماعه (8).
في المناهي (9): حمزة بن محمّد ابن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: حدثني أبو عبد اللّه عبد العزيز بن محمّد بن عيسي الأبهري، قال: حدثنا أبو عبد اللّه محمّد بن زكريا الجوهري الغلابي البصري،
ص: 358
قال: حدثنا شعيب بن واقد، قال: حدثنا الحسين بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: نهي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) عن الأكل علي الجنابة، و قال: إنه يورث الفقر. و ذكر الحديث بطوله (1).
هكذا السند في النسخ، و الظاهر أنه سقط من آخر نسب حمزة: محمّد آخر، فإن جعفر ابن السيد محمّد المحروق ابن محمّد بن زيد (2)، و هذه سلسلة نسب العالم السيد علي خان المدني الشيرازي كما تقدم في الفائدة [الثانية] (3) في شرح حال فقه الرضا (عليه السّلام) و أحمد المذكور هو: أحمد السكين الذي مرّ أن الرضا (عليه السّلام) كتبه لأجله (4)، و الظاهر أن السقط من النساخ لتوهمهم زيادة [أحد] (5) المحمدين.
و حمزة من مشايخ الصدوق و قد أكثر من الرواية عنه مترضيا، و ذكره الشيخ في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) و قال: حمزة بن محمّد القزويني العلوي، يروي عن علي بن إبراهيم و نظرائه، و يروي عنه محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه (6).
و في المجلس (44) من أمالي الصدوق: حدثنا حمزة بن محمّد بن أحمد0.
ص: 359
العلوي رضي اللّه عنه- في رجب سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة- قال: أخبرني علي ابن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إليّ سنة سبع و ثلاثمائة (1). إلي آخره.
و عبد العزيز: غير مذكور.
و أمّا محمّد بن زكريا: ففي النجاشي و الخلاصة كان وجها من وجوه أصحابنا بالبصرة، و كان أخباريا واسع العلم، و صنّف كتبا كثيرة (2)، مات سنة 298 (3). و قد قرّر في محله أنّ قولهم وجها. إلي آخره. يفيد التوثيق و زيادة، فقول الشارح: و أمّا محمّد فممدوح، في غير محلّه، و مناف لطريقته. و مرّ حال الحسين في (فو) (4) و لكن شعيب غير مذكور فالخبر ضعيف علي المشهور، إلّا أنّ في الشرح: و يظهر من الصدوق أن كتابه معتمد، قال: فالخبر قويّ مؤيّد بالأخبار الصحيحة (5).
قلت: و تلوح من متن الخبر آثار الصدق، و ليس فيه من آثار الوضع علامة و اللّه العالم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عنه (6).
شهاب: من أجلّاء الثقات، و من بيت كبير من الشيعة، فيه جمع كثير من ثقات الرواة، فالخبر صحيح أيّ صحيح.
ص: 360
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن صالح بن الحكم الأحول (1).
رجال السند كلّهم من أجلّاء الثقات.
و أمّا صالح: ففي النجاشي: ضعيف (2). إلّا أنّه ضعيف (3) لرواية صفوان بن يحيي عنه كما في التهذيب في باب ما تجوز الصلاة فيه من أبواب الزيادات (4)، و في الاستبصار في باب الشاذكونة تصيبها النجاسة (5)، و حماد بن عثمان (6)، و جميل بن درّاج، و عبد اللّه بن بكير كما في النجاشي (7)، و الأربعة من أصحاب الإجماع، و الأول لا يروي إلّا عن ثقة.
و جعفر بن بشير: الذي قالوا في حقّه: روي عن الثقات (8)، كما في التهذيب في باب الصلاة في السفينة من أبواب الزيادات (9).
فما في التعليقة من أن جعفر بن بشير يروي عنه بواسطة حمّاد بن
ص: 361
عثمان (1) في غير محلّه، و كأنّه- رحمه اللّه- نظر إلي ما في المشيخة و لم يطلع علي ما في التهذيب.
و محمد بن زكريا (2)، مضافا إلي أنّ وجود حمّاد في الطريق يغني عن النظر إلي من بعده، فالخبر صحيح أو في حكمه.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان و يونس بن عبد الرحمن جميعا، عن صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (3).
السند إلي صالح صحيح بما مرّ، و أمّا هو فيشير إلي مدحه بل وثاقته و لو بالمعني الأعمّ أمور:
منها: رواية يونس عنه هنا، و في الكافي في باب ما تجب فيه الدية كاملة (4)، و هو من أصحاب الإجماع.
و منها: رواية محمد بن أحمد بن يحيي عنه كما في التهذيب في باب الكفّارة عن خطأ المحرم (5)، و في الاستبصار في باب من قتل جرادة (6)، و ما استثناه القميون عن نوادره فهو عندهم ممّن يعتمد علي رواياتهم.
ص: 362
و منها: رواية جملة من الثقات عنه غيرهما، كمحمّد بن سنان (1)، و محمّد ابن إسماعيل بن بزيع (2)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (3)، و محمّد بن خالد الطيالسي (4).
و منها: أنه يروي عنه الحسين بن عليّ بن بقاح الجليل (5)، الذي قالوا في حقّه: صحيح الحديث (6)، و مرّ في الفائدة السابقة (7)، و يأتي في (رنط) (8) دلالة هذه الكلمة علي وثاقة كل من يروي عنه فلاحظ.
و منها: أن النجاشي ذكره في كتابه الموضوع لذكر المصنّفين من أصحابنا، و ذكر نسبه و قال: له كتاب يرويه جماعة منهم محمّد بن إسماعيل بن بزيع (9)، ثم ذكر طريقه إليه، و كذا الشيخ في الفهرست (10) ذكره و كتابه و طريقه إليه، و لم يطعنا عليه بشي ء، و كذا السروي في المعالم (11).
و منها: أن الصدوق عدّ كتابه من الكتب المعتمدة (12).
و من جميع ذلك يعلم أنّ ما نقله ابن داود عن ابن الغضائري في ترجمته: ليسه.
ص: 363
حديثه بشي ء، كذّاب غال، كثير المناكير (1)، و مثله في الخلاصة (2) من غير نسبة إليه، و الظاهر أنّه تبعه و أخذه عنه، في غير محلّه، و الغلو الذي يعتقده ابن الغضائري إن لم يزدهم مدحا و علوّا ليس ممّا يجرح به.
و من هنا قال الشارح التقي: و الظاهر أنّ الغلوّ الذي نسبه ابن الغضائري إليه للأخبار التي تدل علي جلالة قدر الأئمة (عليهم السّلام) كما رأيناها، و ليس فيها غلوّ، و يظهر من المصنّف أن كتابه معتمد الأصحاب، و لهذا ذكر أخباره المشايخ و عملوا عليها (3)، و ارتضاه الأستاذ في التعليقة (4).
قلت: و من رواياته الخطبة الشريفة البليغة النبويّة الطويلة الغديرية الجامعة صنوفا من فضائل أهل البيت (عليهم السّلام) المرويّة في الاحتجاج (5)، و كشف اليقين للسيد علي بن طاوس (6) رحمه اللّه، و من رواياته الخبر الشريف في كيفيّة زيارة العاشوراء (7) و ما فيها من الأجر و الثواب، و كذا في البكاء علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (8) الذي تلقّاه الأصحاب بالقبول، بل صار العمل الذي تضمّنه في الشيوع و الاعتماد، و مشاهدة الخيرات العاجلة فيه متفرّدا في جميع الأعمال المستحبّة و السنن الأكيدة، كتفرّد ابن الغضائري من بين جميع المشايخ في جرحه.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن
ص: 364
الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير البجلي، عن حمّاد بن عثمان، عن صباح بن سيابة أخي عبد الرحمن بن سيابة الكوفي (1).
رجال السند من أعاظم الشيوخ.
و أمّا صباح: فتشير إلي وثاقته رواية حمّاد عنه، و كذا رواية معاوية بن عمّار في التهذيب (2)، و في الكافي في مواضع (3)، و أبان بن عثمان (4)، و هو كحمّاد من أصحاب الإجماع، و إبراهيم بن عبد الحميد (5)، و عمر بن أبان (6)، و محمّد ابن سنان (7)، و منصور بن يونس (8)، و في التعليقة: في الكافي رواية تدلّ علي كونه من خواصّ الشيعة (9)، و كذا في آخر الروضة (10) (11).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عنه.
و أبوه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن أحمد بن يحيي، عن
ص: 365
موسي بن عمر، عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال، عنه (1).
السند الأول صحيح بما تقدم.
و أمّا الثاني: فموسي بن عمر إن كان هو ابن بزيع الثقة كما احتمله الشارح (2)، فكذلك (3) لكون الباقي من أجلّاء الثقات.
و إن كان ابن يزيد بن ذبيان الصيقل و قد يعبّر عنه: بموسي بن عمر الصيقل كما هو الظاهر، و صرّح به في جامع الرواة (4)، و الشارح جعله الظاهر، فلم يوثقوه صريحا، إلّا أنّ رواية شيوخ الطائفة عنه تشير إلي وثاقته، فروي عنه:
سعد بن عبد اللّه (5)، و محمّد بن الحسن الصفار (6)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (7)، و محمّد بن علي بن محبوب (8)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (9)، و لم يستثن من نوادره، و الحسين بن عبيد اللّه (10)، و أحمد بن محمّد الأشعري أو البرقي كما في الكافي في كتاب العتق (11)، مع أنّ في النجاشي: موسي بن عمر بن يزيد ابن ذبيان الصيقل، مولي بني نهد، أبو علي، و له ابن اسمه علي، و به كان يكنّي، له كتاب طرائف الأخبار، و كتاب النوادر، أخبرنا: الحسين بن5.
ص: 366
عبيد اللّه، قال: حدثنا أحمد بن محمّد، عن سعد، عن موسي بكتبه (1)، و لم يطعن عليه بشي ء، و ظاهره كما مرّ غير مرّة أنه من أصحابنا المؤلّفين غير مطعون عليه، و كذا في الفهرست (2) ذكره و ذكر كتابه و طريقه إليه.
فالحقّ أن السند الثاني كالأول، و العجب أن أبا علي لم يترجمه في منتهاه (3) أصلا مع وجوده في الأصول المعروفة.
أبوه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (4).
السند صحيح بما مرّ.
و صفوان من معشر يفتخر بهم الشيعة و تبتهج بهم الشريعة، و مناقبه كثيرة مذكورة في الجوامع، و الطرق الصحيحة من الشيوخ إلي كتبه كثيرة لا حاجة إلي نقلها.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن يحيي الخزاز و محمّد ابن سنان جميعا، عنه (5).
السند صحيح بالاتفاق.
ص: 367
و أمّا طلحة: فهو و إن كان عاميّا- علي ما صرّح به الشيخ (1) و غيره (2) - إلّا أنّ كتابه معتمد، و هو ثقة.
أما الأول: ففي الفهرست: عامي المذهب، إلّا أن كتابه معتمد، و في معالم ابن شهرآشوب: طلحة بن زيد، عامي، له كتاب معتمد (3)، و يمكن استظهار ذلك من النجاشي فإنه ذكر كتابه و قال: ترويه جماعة تختلف برواياتهم (4)، فإن رواية الجماعة تكشف عن الاعتناء به، و مراد الشيخ و السروي من قولهما: معتمد، أي عند الأصحاب لا عندي، و من هنا استظهر الشارح دخوله في زمرة ذكرهم في العدّة و قال: عملت الطائفة بما رواه السّكوني، و حفص بن غياث، و غياث بن كلوب، و غيرهم من العامّة عن أئمتنا (عليهم السلام) و لم ينكروه و لم يكن عندهم خلافه (5)، و كذا عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة.
و أمّا الثاني: فرواية صفوان عنه في الكافي في باب حدّ المحارب (6)، و في التهذيب في باب الحدّ في السرقة (7)، و في الفقيه في باب حدّ السرقة (8)، و عبد اللّه بن مسكان في التهذيب في أحكام الجماعة (9)، و عبد اللّه بن المغيرة فيهظ.
ص: 368
في باب من يجب معه الجهاد (1)، و في الكافي في باب صدقة أهل الجزية (2)، و باب ذمّ الدنيا (3)، و موضعين في الاستبصار (4)، و عثمان بن عيسي في الكافي في باب أكل الطين (5)، و في التهذيب في باب الذبائح و الأطعمة (6)، و الأربعة من أصحاب الإجماع، و الأول لا يروي إلّا عن ثقة، و كذلك الثلاثة علي ما هو الحقّ عندنا.
و من أضرابهم من الأعاظم: محمّد بن يحيي الخزاز (7)، و منصور بن يونس (8)، و العباس بن معروف (9)، و إبراهيم بن مهزم (10)، و منصور بن حازم (11)، و إبراهيم بن هاشم (12)، و محمّد بن سنان (13)، مع أنّ وجه اعتمادهم علي كتابه و إن أمكن كونه لعرضهم إياه علي الأصول أو علي الإمام (عليه السلام) و تصديقه، و لكنّه إمكان عقلي لا يساعده- العادة- لبعد الأول غايته، و عدم إشارتهم إلي الثاني، بل الظاهر أنّه لوثاقة صاحبه و ضبطه و إتقانه،ة.
ص: 369
فالحق أنّ خبره يعدّ من الموثق بالاصطلاح الجديد، صحيح عند القدماء، و عليه البناء.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عنه (1).
السند صحيح، و مرّ في الفائدة الثانية شرح حال كتابه و وثاقته و سائر الطرق إليه (2).
(أبوه و) (3) محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن عامر بن جذاعة [الأزدي] و هو عامر بن عبد اللّه بن جذاعة و هو عربي كوفي (4).
استظهرنا وثاقة الحكم في (مب) (5) فالسند صحيح.
و أمّا عامر: فاختلف فيه كلام القوم لتعارض أسباب الجرح و التعديل فيه.
ص: 370
أمّا الثاني (1) فأمور:
أ- الخبر المعروف الذي رواه الكشي: عن محمّد بن قولويه، عن سعد بن عبد اللّه، عن علي بن سليمان بن داود الرازي، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم، قال: قال أبو الحسن موسي بن جعفر (عليهما السّلام): إذا كان يوم القيامة نادي مناد: أين حواري محمّد بن عبد اللّه (صلّي اللّه عليه و آله)، الذين لم ينقضوا العهد و مضوا عليه، فيقوم سلمان، و المقداد، و أبو ذرّ. إلي أن قال: ثم ينادي المنادي: أين حواري محمّد بن علي (عليهما السلام)، فيقوم عبد اللّه ابن شريك العامري، و زرارة بن أعين، و بريد بن معاوية العجلي، و محمّد بن مسلم، و أبو بصير ليث بن البختري المرادي، و عبد اللّه بن أبي يعفور، و عامر بن عبد اللّه بن جذاعة، و حجر بن زائدة، و حمران بن أعين. الخبر (2).
ب- رواية الأجلّة و الثقات عنه مثل: حماد بن عثمان في الكافي في باب النوادر من كتاب الجنائز (3)، و أبان بن عثمان فيه في باب ما يعاين المؤمن و الكافر (4)، و في باب الدعاء عند النوم (5)، و في باب النوادر من كتاب فضل القرآن (6) - و هما من أصحاب الإجماع- و حريز السجستاني (7)، و سيف بن عميرة (8)، و علي بن أسباط (9)، و مالك بن عطيّة (10)، و يعقوب بن سالم4.
ص: 371
الأحمر (1)، و إبراهيم بن مهزم (2)، و إبراهيم بن سليمان الخزّاز (3).
ج- عدّ الصدوق كتابه في الكتب المعتمدة.
و أمّا الأول (4): فهو الخبر الذي رواه الكليني و الكشي بسنديهما إلي الصادق (عليه السّلام) و قد تقدّم في (ل) (5) في ترجمة المفضّل، و فيه أنّه دعا عليه و علي حجر بن زائدة بعدم المغفرة.
و العلامة في الخلاصة قدّم التعديل (6)، و الشهيد ضعّف الخبرين (7) بوجود المجهولين في الأول و بالإرسال في الثاني، ثم جعله من المجاهيل، و توقف بعضهم، و الحقّ هو الأول لأمور:
أ- إن حديث الحواريين كما في التعليقة مقبول (8)، تلقّاه الأصحاب بالقبول بخلاف الثاني، خصوصا مع تضمّنه مدح المفضّل، و المشهور ضعّفوه.
ب- تأيّده برواية الأجلّة عنه خصوصا مثل: حمّاد و حريز و قد مرّ غير مرّة أنه من أمارات الوثاقة.
ج- تضمّن خبر الجرح ذمّ حجر بن زائدة معه، و هو من الأجلّاء و لم6.
ص: 372
يطعنوا عليه بشي ء، ففي النجاشي: حجر بن زائدة الحضرمي أبو عبد اللّه، روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) ثقة، صحيح المذهب، صالح من هذه الطائفة، له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا (1). إلي آخره، و التفكيك ركيك غايته.
د- إنّ في الأخذ بالأول يمكن الجمع- الغير البعيد- بحمل الثاني علي عثرة صدرت فتابا منها فقبلت، كما جرت السيرة في أكثر الأجلّة، و لو أخذنا بالثاني فلا بدّ من طرح الأول، و الجمع أولي منه، فاتضح أنّ الخبر صحيح.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (2).
السند صحيح بما مرّ.
و عامر غير مذكور، و يشير إلي وثاقته رواية ابن أبي عمير عنه، و كذا حمّاد ابن عثمان كما في الكافي في باب الصلاة إلي الكعبة (3)، و في التهذيب في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس من أبواب الزيادات (4)، مع أنّه يغني عن النظر في حاله وجود ابن أبي عمير قبله، فالخبر صحيح.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه و الحميري [جميعا]، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن جميل، عن عائذ بن حبيب الأحمسي (5).
السند صحيح بالاتفاق.
ص: 373
و يشير إلي وثاقة عائذ رواية جميل عنه هنا، و في الكافي في باب النوادر في آخر كتاب الصلاة (1).
و مالك بن عطيّة (2)، و ابنه الثقة أحمد (3) كما مرّ في (يز) (4)، مع أنّ في السند اثنين من أصحاب الإجماع، فالخبر صحيح أو في حكمه.
[161] قسا- و إلي العباس بن عامر [القصباني] (5):أبوه، عن علي ابن الحسن [بن علي] (6) الكوفي، عن أبيه، عنه.
و عن جعفر بن علي بن الحسن بن علي الكوفي، عن جدّه الحسن بن علي، عنه (7).
الحسن بن علي هو ابن عبد اللّه بن المغيرة، من أجلّاء الثقات كوالده الجليل عبد اللّه.
و أما ولده علي، فقال الشارح: يظهر من روايته عنه كثيرا أنّه كان معتمدا، و هو من مشايخ الإجازة (8)، و نقل أبو علي عن الأستاذ الأكبر في حواشيه علي النقد: أنه يظهر من المشيخة توثيقه.
و قال في موضع آخر: يظهر توثيقه من عبارة الصدوق في باب مكان
ص: 374
المصلي (1)، انتهي.
و رواية علي بن بابويه عنه أيضا تشير إلي مدح عظيم.
و ولده من مشايخ الصدوق، و قد أكثر من الرواية عنه مترضيا (2)، و حكمه حكم سائر المشايخ.
و في الفهرست في ترجمة العباس: له كتاب، أخبرنا [به] (3) أبو عبد اللّه، عن محمّد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن الحسن بن علي الكوفي و أيّوب بن نوح، عن العباس بن عامر (4).
و الطريق صحيح بالاتفاق، و يعلم منه أنّ الصدوق ليقتصر علي بعض طرقه.
و أمّا العباس: فهو الشيخ الصدوق الثقة، كثير الحديث، كما في النجاشي (5) و الخلاصة (6).
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عنه.
و أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي جميعا، عنه (7).
السند صحيح.
و العباس من أجلّاء الثقات، يروي عنه سوي الجماعة: محمّد بن
ص: 375
علي بن محبوب (1)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (2)، و سعد بن عبد اللّه (3)، و موسي بن الحسن (4)، و علي بن إبراهيم (5)، و الحسن بن علي الكوفي (6)، و محمّد ابن عبد الجبار (7)، و علي بن الحسن بن فضّال (8).
و في مشتركات الكاظمي و القزويني: و محمّد بن أبي عمير (9)، و لم يذكره الخبير الأردبيلي في الجامع (10)، و لو وجد روايته عنه في الكتب الأربعة لوقف عليها لطول تفحّصه فيها، مع أنّه بعيد غايته، و كيف يجتمع رواية علي بن إبراهيم الموجود بعد ثلاثمائة عنه مع رواية ابن أبي عمير المتوفي سنة 217 عنه (11) و اللّه العالم.
و يقول: رضي اللّه عنه (1)، انتهي. فحكمه حكم مشايخ الإجازة.
و في النجاشي: عبّاس بن هلال الشامي، يروي عن الرضا (عليه السلام) أخبرنا محمّد بن عثمان بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن خاقان- النهدي صاحب القلانس- قال: حدثنا محمّد بن الوليد الخزّاز، قال: حدثنا [علي] (2) بن هلال الشامي، عن الرضا (عليه السّلام)، بنسخة و هي تختلف بحسب الرواة، كذا في نسخ النجاشي.
و في المنهج (3) ناقلا عنه، و لا ريب في كون علي من سهو القلم، فإنه ذكره في باب عباس، و ذكر في العنوان أيضا عبّاس، و بالجملة هذا طريق موثق.
و يروي عن العباس غير إبراهيم بن هاشم و محمّد بن الوليد، علي بن الحسن الميثمي (4)، و محمّد بن عيسي (5)، و يعقوب بن يزيد (6)، فالخبر حسن كالصحيح.
و من العجب أنّ أبا علي أسقط ترجمة عبّاس في منتهاه! و ليس من أغلاط كتابه بعجب.4.
ص: 377
محمّد بن الحسن، عن الحسن بن متيل، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن خالد بن إسماعيل، عنه (1).
رجال السند كلّهم من الأجلّاء إلي خالد، و أمّا هو، فاعلم أوّلا: أن الموجود في الوسائل: خالد بن إسماعيل (2)، و كذا في شرح التقي (3)، و ما رأيناه من نسخ الفقيه، و لكن في جامع الرواة: خالد بن أبي إسماعيل (4).
فعلي الأول، فقال الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام): خالد ابن إسماعيل بن أيوب المخزومي أسند عنه (5)، و في الكافي في باب نوادر آخر كتاب النكاح، روي عنه صفوان (6)، فهو من الذين وثقهم ابن عقدة، و يعضده رواية صفوان عنه و كذا جعفر بن بشير (7)، و هي من أمارات الوثاقة كما مرّ غير مرّة.
و في الفهرست: صاحب أصل يروي عنه صفوان (8).
و علي الثاني: فهو ثقة في النجاشي، يروي عنه صفوان كما فيه (9)،
ص: 378
و الذي أظنّ أنّهما واحد، فإمّا سقطت كلمة أبي من قلم الشيخ أو زادت في قلم النجاشي لعدم ذكر كلّ منهما الآخر، و رواية صفوان عنهما، و كأنّه كذا فهم الشارح، و لذا قال عن خالد بن إسماعيل: كوفي ثقة، النجاشي و الخلاصة (1)، مع أن فيهما خالد بن أبي إسماعيل، ثم ذكر ما في الفهرست، و لو لا فهم الاتحاد لاتّجه عليه أنّه لا ربط لنقل توثيق أحد في ترجمة آخر، و كيف كان فالسند صحيح.
و أمّا عبد الأعلي: فيروي عنه من الأجلّاء: يونس بن عبد الرحمن كما في الكافي في باب الإشارة و النصّ علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (2) و حمّاد بن عثمان في الكافي في باب الحمام من كتاب الدواجن (3)، و يونس عن حمّاد عنه في موضعين منه (4)، و أبان بن عثمان فيه في باب أنّه لا يقع يمين بالعتق (5)، و في الروضة بعد حديث يأجوج و مأجوج (6)، و في التهذيب في باب الإيمان و الأقسام (7)، و عبد اللّه بن بكير في التهذيب في باب حكم المسافر (8)، كلّهم من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم: سيف بن عميرة (9)، و إسحاق بن عمّار (10)، و علي بن4.
ص: 379
الحسن بن رباط (1)، و يحيي بن عمران الحلبي (2)، و علي بن رئاب (3)، و خالد ابن إسماعيل (4)، و موسي بن أكيل (5)، و درست (6)، و مرازم بن حكيم (7)، و ثعلبة بن ميمون (8)، و داود بن فرقد (9)، و موسي بن بكر (10)، و هارون بن حمزة (11)، و علي بن إسماعيل الميثمي (12).
و بعد رواية هؤلاء- و فيهم من الثقات الإثبات و سدنة الرواة من لا يخفي علي أهل الفن- لا يبقي ريب في وثاقته.
و أخرج الكشي: عن حمدويه، قال: حدثنا محمّد بن عيسي بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن عبد الأعلي، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): إنّ الناس يعتبون عليّ بالكلام، و أنا أكلّم الناس، فقال: أمّا مثلك من يقع ثم يطير فنعم، و أمّا من يقع ثم لا يطير فلا (13).
و عبد الأعلي و إن كان مشتركا إلّا أنّ الأصحاب ذكروا الخبر في ترجمته و استظهروا منه المدح مع انّه شهادة لنفسه، إلّا أنّهم كما في التعليقة (14) لم يعتنوا9.
ص: 380
بذلك، و لو لم يكن من القرائن ما يشهد بصحّته لهم لما نقلوه في كتبهم.
و مثله ما أخرجه ثقة الإسلام في باب ما يجب علي الناس عند مضي الإمام (عليه السّلام): عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسي، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: حدّثنا حمّاد، عن عبد الأعلي، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن قول العامّة: إنّ رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قال: من مات و ليس له إمام مات ميتة جاهليّة؟ فقال: الحقّ و اللّه قلت، فإن أمام هلك و رجل بخراسان لا يعلم [من] (1) و سميّه لم يسعه ذلك (2). الخبر، و هو طويل شريف ينبئ عن حسن فهمه و صحّة عقيدته و علوّ قدره عنده (عليه السّلام) فراجع.
ثم إن كان مولي آل سام هو بعينه عبد الأعلي بن أعين- و إن كان يظهر من الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) تعدّدهما- فيدخل حينئذ في جمع مدحهم بما هو فوق التوثيق الشيخ المفيد في الرسالة العدديّة (4) كما مرّ في (نز) (5) في ترجمة جابر.
و وجه استظهار الاتحاد ما رواه في الكافي في باب فضل الأبكار: عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن عبد الأعلي بن أعين مولي آل سام، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (6). إلي آخره.1.
ص: 381
و أمّا التعدد في أصحاب الصادق (عليه السّلام)- ففي التعليقة- فسهل لما ظهر من عادة الشيخ، و صرّح جمع بأنّه يكرّر الذكر (1)، ثم بناء علي الاتحاد فيزيد في عدد الجماعة الذين رووا عنه من الأجلّاء: يونس بن يعقوب الثقة من الوكلاء (2)، و عبد الكريم بن عمرو (3)، و أيّوب بن الحرّ (4)، و يعقوب بن سالم (5)، و مالك بن عطيّة (6)، و محمّد بن سنان (7)، و جابر (8)، فاتضح أنّ الخبر صحيح علي الأصح.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي القرشي، عن إسماعيل بن بشار، عن أحمد بن حبيب، عن حكم الحنّاط، عنه (9).
الأولان ثقتان.
ص: 382
و القرشي هو أبو سمينة مرّ في (ز) (1).
و إسماعيل بن بشار- بالباء الموحّدة و الشين المعجمة كما في بعض النسخ و بعض الأسانيد، أو بالمثنّاة التحتانيّة و المهملة كما في أخري- البصري و قد ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) و قد أشرنا سابقا، و يأتي شرحه إن شاء اللّه تعالي أنّه من أمارات الوثاقة و إن كان الموثق ابن عقدة.
و يؤيّده رواية أبان بن عثمان عنه في الروضة بعد حديث يأجوج و مأجوج (3).
و أحمد غير مذكور، و في الشرح أنه من مشايخ الإجازة (4)، فلا يضرّ في الحكم بصحّة الخبر بعد أن كان صاحب الكتاب ثقة كما في المقام.
و الحكم هو ابن أيمن الخيّاط، له أصل كما في الفهرست، يروي عنه ابن أبي عمير كما فيه (5) و في النجاشي (6).
و صفوان بن يحيي في الكافي في باب الرجل يتقبّل بالعمل (7)، و باب القوم يجتمعون علي الصيد و هم محرمون (8)، و في التهذيب في باب الكفارة عن خطأ المحرم (9)، و عبد اللّه بن المغيرة فيه في باب الأقسامظ.
ص: 383
و الأيمان (1)، و في الكافي في باب أنه لا يحلف الرجل إلّا علي علمه (2).
و من الأجلّاء غير أصحاب الإجماع: الحسين بن سعيد (3)، و محمّد بن سماعة (4)، و إبراهيم بن عبد الحميد (5)، و محمّد بن سنان (6)، و ابن بقاح (7)، فهو ثقة برواية الأولين، مؤيّدة برواية هؤلاء الأجلّة، و عدّ كتابه من الأصول.
و عبد الحميد ثقة في النجاشي (8)، يروي عنه ابن أبي عمير (9)، و صفوان (10)، و هشام بن سالم (11)، و يعقوب بن يزيد (12)، فالخبر ضعيف علي المشهور صحيح علي ما نقلناه عن الشرح.
أبوه (عن سعد
ص: 384
ابن عبد اللّه) (1) عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن أحمد، عن (2) عمران ابن موسي، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عنه (3).
هؤلاء كلّهم ثقات لا خلاف فيه، إلّا ما توهمه بعضهم من احتمال رجوع توثيق النجاشي للحسن بن علي إلي أبيه علي بن النعمان (4) و هو ضعيف غايته، مع أنّه يروي عنه شيوخ عصره مثل: الصفار (5)، و سعد بن عبد اللّه (6)، و محمّد بن علي بن محبوب (7)، و البرقي (8)، و عمران بن موسي (9)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (10)، و سهل (11).
و عبد الحميد بن غواص (12) - بالمعجمتين أو بإعجام الأولي و إهمال الثانية أو بالعكس- ثقة في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) (13)، و الخلاصة (14). منض.
ص: 385
شهداء الرواة كما في النجاشي (1).
و يروي عنه من أصحاب الإجماع: أحمد بن محمّد بن أبي نصر (2)، و ابن أبي عمير (3)، و جميل بن درّاج (4)، و حمّاد بن عثمان (5)، و عبد اللّه بن بكير (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7).
و من أضرابهم: ثعلبة (8)، و الحسين بن سعيد (9)، و محمّد بن سماعة (10)، و القاسم بن عروة (11)، و أبو أيوب الخزاز (12)، و منصور بن يونس (13)، و درست (14) و الحسن بن علي (15). و غيرهم، فالخبر صحيح.
[167] قسز- و إلي عبد الرحمن [بن] (16) أبي عبد اللّه البصري: عن
ص: 386
أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير و غيره، عنه (1).
كلّهم ثقات أجلّاء.
و عبد الرحمن وثقه النجاشي في ترجمة سبطه إسماعيل بن همام بن عبد الرحمن قال: ثقة هو و أبوه وجده (2).
و يروي عنه: ابن أبي عمير (3)، و حمّاد بن عثمان (4)، و صفوان بن يحيي (5)، و أبان ابن عثمان (6)، و عبد اللّه بن مسكان (7)، و عبد اللّه بن بكير (8)، و يونس بن عبد الرحمن (9)، و حمّاد بن عثمان (10)، و الحسن بن محبوب (11)، و فضالة بن أيوب (12)، هؤلاء عشرة من أصحاب الإجماع، و فيهم الثلاثة الذين لا يروون إلّا عن الثقة.1.
ص: 387
و ممّن يدانيهم من الأجلّاء: حريز (1)، و موسي بن القاسم (2)، و علي بن الحكم (3)، و عمر بن أذينة (4)، و سعد بن أبي خلف (5)، و عبد اللّه بن سنان (6)، و الفضيل بن يسار (7)، و ربعي بن عبد اللّه (8)، و أبو عبد اللّه البرقي (9)، فهو معدود من الأجلّاء و الشيوخ.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه.
و أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (10).
رجال السند و عبد الرحمن كلّهم من الأجلّاء الإثبات و الشيوخ لا مغمز فيهم.
أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير و الحسن ابن محبوب جميعا، عن عبد الرحمن بن الحجاج [البجلي] (11) الكوفي و هو مولي،
ص: 388
و قد لقي الصادق و موسي بن جعفر (عليهما السلام) و روي عنهما، و كان موسي (عليه السّلام) إذا ذكره قال: إنّه لثقيل في الفؤاد (1).
هؤلاء كلّهم ثقات أجلّاء لا تأمّل في أحد منهم سوي أحمد العطار، فإنه لم يوثقه أحد، و يمكن استفادة توثيقه بل جلالة قدره من أمور:
أ- حكم العلامة بصحّة طرق (2) هو فيها و هي كثيرة لا يحتمل الغفلة في جميعها، منها طريق الشيخ إلي الحسين بن سعيد في الكتابين (3)، و منها طريقه إلي محمّد بن علي بن محبوب (4)، و منها طريق الصدوق إلي عبد الرحمن (5)، المذكور، و منها طريقه إلي عبد اللّه بن أبي يعفور (6)، و يأتي الجواب عمّا أورد علي هذه القرينة.
ب- نصّ الشهيد الثاني في شرح الدراية (7) علي وثاقته و أمثاله، بل شيوعها في الأعصار السابقة.
ج- رواية المشايخ الأجلّة عنه معتمدا عليه فيما لا يجوز الاعتماد فيه إلّا بتوسط الضابط من الثقات، و منهم من هو في غاية التثبت و الأخذ و التحرز عن8.
ص: 389
النقل إلّا عن الثقة السليم، كالحسين بن عبيد اللّه الغضائري (1) المعلوم حاله في هذا المقام.
و الشيخ الجليل أبو العباس أحمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي (2) المشهور الذي يستند إليه النجاشي و غيره في أحوال الرجال، و قال في ترجمته، إنّه: كان ثقة في حديثه، متقنا لما يرويه، فقيها، بصيرا بالحديث و الرواية، و هو استاذنا و شيخنا و من استفدنا منه (3).
و في ترجمة الحسين بن سعيد في النجاشي بعد عدّ مؤلّفاته: أخبرنا بهذه الكتب غير واحد من أصحابنا من طرق مختلفة كثيرة، فمنها ما كتب به إليّ أبو العباس أحمد بن علي بن نوح السيرافي رحمه اللّه، في جواب كتابي إليه، و الذي سألت تعريفه من الطرق إلي كتب الحسين بن سعيد الأهوازي رضي اللّه عنه، فقد روي عنه أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عيسي الأشعري. إلي أن قال:
فأمّا ما عليه أصحابنا و المعوّل عليه ما رواه عنهما (4) أحمد بن محمّد بن [عيسي] (5)، أخبرنا الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن سفيان البزوفري فيما كتب إليّ في شعبان سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة، قال: حدثنا أبو علي الأشعري أحمد بن إدريس بن أحمد القمي، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد بكتبه الثلاثين كتابا.
و أخبرنا أبو علي أحمد بن محمّد بن يحيي العطار القمّي، قال: حدثنا أبي و عبد اللّه بن جعفر الحميري و سعد بن عبد اللّه جميعا، عن أحمد بن محمّد بنر.
ص: 390
عيسي، ثم ذكر باقي الطرق و قال في آخره: قال ابن نوح: فيجب أن تروي عن كلّ نسخة من هذا ممّا رواه صاحبها فقط، و لا تحمل رواية علي رواية، و لا نسخة علي نسخة لئلا يقع فيه اختلاف (1)، انتهي.
و يظهر من تمام كلامه أنّ نسخ كتب الأهوازي كانت مختلفة بالزيادة و النقيصة في الأحاديث أو في متونها، و في هذا المقام لا بدّ و أن يكون شيخ الإجازة ثقة ضابطا، و إن قلنا بعدم الضرر في ضعفه و جهالته إذا علم بانتساب الكتاب إلي صاحبه و حفظه من الزيادة و النقيصة، لأنّ المخبر في المقام ضامن لصحته، و أمنه من الغلط و التحريف و الزيادة و النقصان و غير ذلك، و لا يجوز الاعتماد فيه علي غير الثقة، و هذا واضح لا مرية فيه.
و الثالث (2): أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن شاذان القمي، من مشايخ النجاشي، يروي عنه كثيرا، و هو يروي غالبا عن أحمد بن محمّد بن يحيي، و اعتمد عليه في طريقه إلي الحسن بن العباس (3)، و الحسين بن علوان (4)، و سلمة بن الخطاب (5)، و داود بن علي اليعقوبي (6)، و محمّد بن جبرئيل الأهوازي (7)، و قد شرحنا علوّ مقام مشايخ النجاشي في الفائدة الثالثة (8) عند ترجمته.
و الرابع: أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري كما نصّ عليه الشيخ في6.
ص: 391
من لم يرو عنهم (1) (عليهم السّلام).
و الخامس: أبو الحسين بن أبي جيد القمي (2).
و السادس: الشيخ الصدوق (3) رحمه اللّه.
و في النجاشي في ترجمة محمّد بن يحيي العطار: أخبرني عدّة من أصحابنا، عن ابنه أحمد، عن أبيه بكتبه (4).
و في ترجمة عبد اللّه بن جعفر الحميري بعد عدّ كتبه: أخبرنا عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، عنه بجميع كتبه (5).
و المراد بالعدّة: أبو العباس بن نوح السيرافي، و أبو عبد اللّه الحسين بن الغضائري، و أبو عبد اللّه بن شاذان.
ففي ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسي: أخبرنا بكتبه الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه، و أبو عبد اللّه بن شاذان، قالا: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيي (6).
و في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيي الأشعري: أحمد بن علي و ابن شاذان و غيرهما، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه (7)، إلي غير ذلك من المقامات التي يظهر منها أنّه معدود من المشايخ العظام، و الأجلّة الكرام الذين هم المرجع و العماد في الطرق و غيرها.
و من هنا قال شيخنا البهائي في مشرق الشمسين: قد يدخل في أسانيد بعض الأحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح و التعديل بمدح و لا قدح،9.
ص: 392
غير أنّ [أعاظم] (1) علمائنا المتقدمين قدّس اللّه أرواحهم قد اعتنوا بشأنه، و أكثروا الرواية عنه، و أعيان مشايخنا المتأخرين طاب ثراهم قد حكموا بصحّة روايات هو في سندها، و الظاهر أنّ هذا القدر كاف في حصول الظنّ بعدالته مثل أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، فإنّ الصدوق روي عنه كثيرا، و هو من مشايخه و الواسطة بينه و بين سعد بن عبد اللّه (2). إلي آخر ما قال.
فمن الغريب بعد ذلك ما في تكملة الفاضل الكاظمي بعد نقله كلامه، قال: و أنت تعلم أنه لا مستند له سوي حسن الظن بالمشايخ، و هذا القدر لا يصلح مستندا شرعيّا. و أمّا ما ادّعاه من الجري علي منوال الأصحاب، فأنت قد علمت الخلاف بين الأصحاب، مع أن المتعرض لحاله منهم قليل فيحتاج في الميل إلي أحد من الطائفتين إلي مرجّح خارجي، مع أنّه في موضع من الحبل، قال: و هذه الرواية ضعيفة بجهالة أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، و لو سكت عن الدلالة علي توثيقه لنفعني ذلك، و كذا المقدّس- يعني الأردبيلي رحمه اللّه- صرّح باعتماده في التوثيق علي التصحيح، فلم يبق سوي توثيق الشهيد في الدراية، و أنا منه علي وجل (3)، انتهي.
و فيه مواقع للنظر:
أمّا أولا: فلأنه لم ينقل من عهد الشيخ إلي عهد صاحب المدارك أن أحدا ردّ الخبر لوجود أحمد في سنده، و العجب أنّه لم ينقل التضعيف للجهالة إلّا منه، و من الكاشاني في معتصم الشيعة (4)، و هو إن قال فبلسان بعضهم و إلّا فهو بمعزل عن هذا الاصطلاح، و ممّن لا يري الأخذ به، بل قال في أوائلا.
ص: 393
الوافي في مقام الإنكار علي أهله: و أيضا فإنّ كثيرا من الرواة المعتنين بشأنهم الذين هم مشايخ لمشايخنا المشاهير الذين يكثرون الرواية عنهم ليسوا بمذكورين في كتب الجرح و التعديل بمدح و لا قدح، و يلزم علي هذا الاصطلاح أن يعدّ حديثهم في الضعيف مع أن أصحاب هذا الاصطلاح أيضا لا يرضون بذلك، و ذلك مثل أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد الذي هو من مشايخ شيخنا المفيد، و الواسطة بينه و بين أبيه (1)، و الرواية عنه كثيرة.
و مثل أحمد بن محمّد بن يحيي العطار الذي هو من مشايخ الشيخ الصدوق، و يروي عنه كثيرا، و الواسطة بينه و بين سعد بن عبد اللّه (2). إلي آخر كلامه.
و صريحه: أنّهم مع بنائهم علي العمل بمصطلحهم يعملون بروايات أحمد، و هو بمنزلة نقل توثيقه منهم، فعدّه من المخالفين فاسد جدّا، و لم يبق إلّا صاحب المدارك، و خلافه غير مضرّ، مع أنّ دعوي عدم المعرفة لا يعارض دعوي المعرفة بالقرائن المتقنة التي عليها مدار المسائل الرجالية.
و أمّا ثانيا: فقوله: و هذا القدر لا يصلح. إلي آخره، فاسد جدّا، فإن اعتماد المشايخ العظام الذين هم في غاية من التثّبت و الإتقان في الأخذ و الرواية و التحرّز عن الرواية عن الضعفاء بل عن المتهمين عن النقل عنهم إذا اجتمعوا علي الرواية عن أحد، و اعتمدوا عليه في طرقهم و أسانيدهم فلا ريب في حصول الظن القوي و الاطمئنان التام بوثاقته و تثبّته و ضبطه، و هذا ظنّ بالعدالة و الوثاقة حاصل من القرائن الداخليّة، و هو حجّة في المقام، سواء بنينا علي حجيّة كلّ خبر موثوق بصدوره، أو حجّية خبر العادل فقط فان بالظن1.
ص: 394
المذكور يحصل الوثوق بالصدور جزما، و الظن بالعدالة الحاصل من أفعال المشايخ و المزكين كالحاصل من أقوالهم حجّة، و عليه عملهم قديما و حديثا في المقام.
نعم لو قلنا بأن وجه العمل بأقوالهم (عليهم السّلام) دخوله في باب البيّنة، و يشترط فيه ما يشترط فيها، فالأمر شديد، و لا كلام لنا مع من يذهب إليه، و بالجملة هو مستند شرعي لا شبهة فيه.
و أمّا ثالثا: فقوله: و كذا المقدّس. إلي آخره، إشارة إلي أن مستند المقدّس الأردبيلي في توثيقه أحمد العطار هو تصحيح العلامة (1) الطرق التي هو فيها، و ظاهره أنّه غير مرضيّ عنده، مع أنّه فصل هذه المسألة في أول الكتاب (2) و جزم علي كونه من طرق التوثيق و التحسين فما عدا ممّا بدا (3)؟! قال فيه (4): حكم العلامة و غيره بتصحيح الطريق، أو بتوثيقها أو بتحسينها، هل يدل علي أنّ جميع رجال طريق الأول عدول إماميّون، و يكون بمنزلة ما لو نصّ علي كلّ واحد واحد من رجاله بأنّه ثقة، و أن رجال الثاني موثّقون، و أن [رجال] (5) الثالث ممدوحون أم لا؟ فلو لم نعثر علي وثاقة رجل).
ص: 395
و رأيناه في طريق الحكم الذي حكم العلامة- رحمه اللّه- بصحّته حكمنا بكونه ثقة عدلا ضابطا إماميّا كأحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، و أحمد بن محمّد ابن يحيي العطار. إلي أن ذكر الخلاف من بعضهم و التفصيل من آخر.
ثم قال: و الحقّ أنّ مبني المسألة علي أنّ توثيق المتأخرين هل هو مقبول أم لا؟ و لم أعثر علي خلاف في هذا، و الحقّ القبول، لأنّا إذا عرفنا من اصطلاحهم أنّ معني الصحيح هو أن يكون جميع سلسلة السند عدولا إماميّين كان معناه الظاهر أن جميع سلسلته ثقات، فحينئذ فلا فرق بين أن ينصّ عليه بالخصوص، أو بمثل المسألة، كما إذا عدّد أشخاصا ثم أطلق عليهم أنّهم ثقات، و الظاهر الإجماع عليه، و لذلك حكم المصنّف بوثاقة الحلبيين كلّهم، بقول النجاشي: و آل أبي شعبة بالكوفة بيت مذكور من أصحابنا. و كانوا جميعهم ثقات مرجوعا إلي ما يقولون (1)، فبعد التصريح بأنّ المراد بالصحيح ذلك فما الفرق بين الصورتين؟ و كذلك بالنسبة إلي التوثيق و التحسين.
فان قلت: قد يطلقون الصحيح علي الحديث المعمول به بين الطائفة، كما قال العلامة في المختلف: إنّ حديث عبد اللّه بن بكير صحيح (2)، و في الخلاصة: إنّ طريق الصدوق إلي أبي مريم الأنصاري صحيح و إن كان في طريقه أبان بن عثمان و هو فطحي، لكنّ الكشي قال: إنّ الصحابة اجتمعت علي تصحيح ما يصح عنه (3).
و عن الشهيد في المسالك وصف حديث الحسن بن محبوب عن غير واحد بالصحة، و علي هذا فالوصف بالصحّة، و لا يدلّ علي المطلوب، إذ هو قد7.
ص: 396
يكون لكونه معمولا به، و قد يكون لكون السند مشتملا علي ثقات، و قد يكون لكونه مشتملا علي مشايخ الإجازة.
قلت: لا شكّ أن الشائع و المعروف المتداول بحيث صار من شعار الطائفة هو أنّه إذا أطلقوا الصحيح مجرّدا عن القرينة فلا يراد و لا يحمل إلّا علي ذلك المصطلح عليه، و استعماله في غيره لقرينة نادرا لا يقدح في ذلك عند الإطلاق، و لم يدع أحد انقلاب الاصطلاح في ذلك، ألا تري أنّ الأصل في الإطلاق الحقيقة، و عند التجرّد يحمل علي المعني الحقيقي بالإجماع، مع أن استعمال المجاز قد كثر و شاع حتي قيل: أكثر اللغة مجازات، و لم يخرجوا عن هذا الأصل، فكيف بالشاذ و النادر و ألفاظ العموم حقيقة فيه، و قد استعملت في المخصوص حتي ضرب مثلا، و لم يعدّه أحد قدحا في كونها عند التجرد تحمل علي العموم، و كذا سائر أهل الاصطلاحات من النحاة و غيرهم كثيرا ما يستعملون الألفاظ المصطلحة في غير المعني الذي اصطلحوا عليه، و لا يقدح ذلك في الاصطلاح، و بهذا يسقط ما فصّله البعض المذكور (1)، انتهي.
و هو كلام متين، و إن كان لنا في أصل المسألة تفصيل لا يقتضي المقام ذكره، و لكنّه في أمثال المقام حقّ، و العجب أنّه مع هذا التحقيق يقول هنا:
فلم يبق إلّا توثيق الشهيد، مع أنّ العلامة صحّح طرقا ستّة هو فيها في آخر الخلاصة (2)، التي بني فيها علي الجري علي الاصطلاح الجديد كما لا يخفي علي الناظر، ثم في قوله: و أنا منه علي وجل، ما لا يخفي من الجسارة علي مثل الشهيد الذي هو- في خصوص أمثال هذا المقام- في نهاية التثبّت و الاحتياط، كما لا يخفي علي من نظر إلي حواشيه علي الخلاصة.ة.
ص: 397
فقد بان بحمد اللّه تعالي أنّ أحمد معدود من أجلّة المشايخ الثقات، و من عدّه من المجاهيل فهو بمعزل عن معرفة خفيّات أسباب الجرح و التعديل.
و أمّا عبد الرحمن فهو من الأجلّاء الإثبات الوكلاء و العلماء المتكلمين، أستاذ صفوان بن يحيي، يطلب شرح حاله و مناقبه من المطوّلات.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسّان الواسطي، عنه، و في بعض النسخ عن عمّه: عبد الرحمن بن كثير الهاشمي (1).
و اعلم أنّ علي بن حسّان الواسطي وثّقه ابن الغضائري مرّتين (2)، و نقل الكشي عن العياشي أنّه سأل [من] (3) ابن فضّال، عن علي بن حسّان؟ فقال:
عن أيّهما سألت؟ أمّا الواسطي فإنه ثقة (4). إلي آخره، و هذا ممّا لا كلام فيه، إنّما الكلام في أنّ لعبد الرحمن بن كثير الهاشمي ابن أخ يسمي علي بن حسّان الهاشمي، و يروي عن عمّه كثيرا، و هو ضعيف عند الجماعة، ثم نسب بعضهم (5) الصدوق إلي السهو في هذا المقام، و أنّ الأصل علي بن حسّان الهاشمي الذي نسبوه إلي الغلوّ و الكذب.
قال في الخلاصة: قال ابن الغضائري بعد تضعيف علي بن حسان بن كثير: و من أصحابنا علي بن حسّان الواسطي ثقة ثقة.
و ذكر ابن بابويه في إسناده إلي عبد الرحمن بن كثير الهاشمي روايته عن
ص: 398
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسّان الواسطي، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، و هو يعطي أنّ الواسطي هو ابن أخي عبد الرحمن، و أظنّه سهوا من قلم الشيخ ابن بابويه أو الناسخ (1)، انتهي.
و اعلم أوّلا: أن النسخ التي رأيناها من الفقيه و الوسائل (2) مختلفة، ففي جملة منها عن علي بن حسان، عن عمّه عبد الرحمن، و في جملة عن علي عن عبد الرحمن، و ليس فيها عن عمّه.
و ثانيا: أنّهما متفقة في وجود الواسطي بعد حسّان، و لا يجوز الجمع بينه و بين قوله: عن عمّه، الموجود في بعض النسخ، فلا بدّ من إسقاط أحدهما، و لا ترجيح لإسقاط الأول الموجود في تمام النسخ كما صرّح به ابن الغضائري، بل الظاهر هو الثاني لوجوده في بعضها، مع تصريح جامع الرواة برواية الواسطي عن عبد الرحمن أيضا (3).
و ثالثا: أن شارح المشيخة صرّح بالاتحاد و أنّه لا منافاة بين كونه هاشميا و واسطيّا، و قد صرّح الصدوق في باب الكبائر من الفقيه و في جملة من كتبه بما يوجب ذلك، قال: عن علي بن حسان الواسطي، عن عمّه عبد الرحمن، و نسبة السهو في جميع المواضع إليه غير جائز، و هو أعرف من عليّ بالرجال (4)، قال- رحمه اللّه-: و أمّا ضعفهما (5) بالغلو فالذي ظهر لي بالتتبع أنّهما كانا من أصحاب الأسرار، و لذا حكم بصحّة أخبارهما الصدوقان، و اللّه تعالي يعلم (6)،2.
ص: 399
انتهي.
قلت: و يؤيّده أنه يروي عن الهاشمي الثقة الجليل الحسن بن علي الكوفي (1)، [عمران بن موسي] (2)، و سهل بن زياد (3)، و محمّد بن الحسن الصفار (4).
و أمّا عبد الرحمن: فيروي عنه الحسن بن محبوب في الكافي في باب العرش و الكرسي (5)، و علي بن الحسن في التهذيب في باب [فضل] (6) زيارة أبي عبد اللّه الحسين بن، علي (عليهما السّلام) (7)، و هو من معشر أمروا- عليهم السّلام- بالأخذ بما رووا، و علي بن الحكم (8)، و علي بن حسان الواسطي (9).
و في الفهرست: روي كتابه عن الحسين بن عبيد اللّه، عن محمّد بن علي ابن الحسين، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن علي بن حسان، عنه.
و عن محمّد بن علي، عن أبيه، عن محمّد بن يحيي و سعد بن عبد اللّه جميعا، عن الحسن بن علي الكوفي، عن علي بن حسان، عنه (10).
قال في التعليقة: و رواية هؤلاء الأجلّة الثقات كتبه تشهد علي الاعتماد.3.
ص: 400
بل الوثاقة كما مرّ في الفوائد، و يعضده رواية المحدثين الأجلّة رواياته في كتب الأخبار، و اعتنائهم بها، و إفتائهم بمضمونها، و إكثارهم من ذلك (1)، انتهي.
قلت: مضافا إلي رواية ابن محبوب عنه- و هو من أصحاب الإجماع- و علي بن الحسن- و هو من بني فضّال- و عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة، و تصريح الشارح جدّه بأن التتبع في الأخبار يشهد أنه كان من أصحاب الأسرار، و منه يظهر ما في النجاشي (2) من التضعيف الذي يظهر بالتأمّل أنه من جهة الغلو المستند إلي نقل الروايات العجيبة، فلاحظ.
جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة الكوفي، عن جدّه الحسن بن علي، عن العباس بن عامر، عن عبد الرحيم القصير الأسدي الكوفي (3).
تقدم حال السند (4).
و أمّا عبد الرحيم فذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5)، و يروي عنه من أصحاب الإجماع: عبد اللّه بن مسكان في الكافي في باب ما يعاين المؤمن و الكافر (6)، و باب ما نصّ اللّه و رسوله علي الأئمة صلوات اللّه عليهم (7)، و في كتاب الروضة (8)، و حمّاد بن عثمان فيه في باب آخر من أن
ص: 401
الإيمان يشرك الإسلام (1)، و باب النهي عن الصفة من كتاب التوحيد (2)، و صفوان، عن منصور، عنه فيه في باب أن الأئمة (عليهم السّلام) هم الهداة (3).
و من الثقات الأجلّاء: إسحاق بن عمّار (4)، و العباس بن عمار (5)، و سعدان بن مسلم (6)، و محمّد بن يحيي الخثعمي (7)، و محمّد بن الفضيل (8)، و عمر بن أبان الكلبي (9)، و زياد بن القندي (10)، و هذه ثلاث أمارات تدلّ علي وثاقته، فالخبر صحيح.
محمّد بن الحسن، عن الحسن بن متيل الدقاق، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن عبد الصمد بن بشير الكوفي (11).
رجال السند من الأجلّاء الثقات.
و عبد الصمد هو الذي قال في حقّه النجاشي: ثقة ثقة (12).
و يروي عنه من أصحاب الإجماع: ابن أبي عمير (13)، و يونس بن
ص: 402
عبد الرحمن (1)، و الحسن بن علي (2)، و فضالة بن أيوب (3)، و عثمان بن عيسي (4).
و من أضرابهم من الأجلّاء: عبيس بن هشام (5)، و ابن نهيك (6)، و جعفر ابن بشير (7)، و الحجال (8)، و القاسم بن محمّد (9)، و محمّد بن سنان (10)، و موسي بن القاسم (11)، و أحمد بن أبي عبد اللّه (12)، و الحسن بن ظريف (13).
محمّد بن موسي ابن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، و كان مرضيا.
و عن علي بن أحمد بن موسي، عن محمّد بن أبي عبد اللّه، عن سهل بن زياد الآدمي، عنه (14). تقدم رجال السند الأوّل.
و علي بن أحمد هو: الدقاق الذي يروي عنه الصدوق كثيرا مترضّيا، و هو من مشايخ الإجازة (15).
ص: 403
و قد صرّح السيد المحقق الكاظمي في العدة: أن ترضي الأجلّاء عن أحد و ترحمهم عليه ما كان ليكون إلّا عن ثقة يرجع إليه الأجلّاء (1).
و محمّد بن أبي عبد اللّه هو: محمّد بن جعفر الأسدي، و قد مرّ في (لو) (2).
و أما سهل بن زياد: فيأتي في (شه) (3).
و أمّا عبد العظيم: فهو من أجلّاء السادات، و سادة الأجلّاء، نقتصر في ذكر حاله علي نقل رسالة من الصاحب بن عبّاد وصلت إلينا بخطّ بعض بني بابويه، تاريخ الخطّ: سنة ستّ عشرة و خمسمائة، صورتها: قال الصاحب رحمة اللّه عليه: سألت عن نسب عبد العظيم الحسني- المدفون بالشجرة، صاحب المشهد قدّس اللّه روحه- و حاله و اعتقاده و قدر علمه و زهده، و أنا ذاكر ذلك علي اختصار و باللّه التوفيق:
هو: أبو القاسم عبد العظيم بن عبد اللّه بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه و علي آبائه السّلام، ذو ورع و دين، عابد معروف بالأمانة، و صدق اللهجة، عالم بأمور الدين، قائل بالتوحيد و العدل، كثير الحديث و الرواية.
يروي عن أبي جعفر محمّد بن علي بن موسي، و عن ابنه أبي الحسن صاحب العسكر (عليهم السّلام) و لهما إليه الرسائل.
و يروي عن جماعة من أصحاب موسي بن جعفر، و علي بن موسي (عليهما السّلام).
و له كتاب يسميه كتاب يوم و ليلة، و كتب ترجمتها روايات عبد العظيم بن5.
ص: 404
عبد اللّه الحسني.
و قد روي عنه من رجالات الشيعة خلق، كأحمد بن أبي عبد اللّه البرقي (1)، و أحمد بن محمّد بن خالد (2)، و أبو تراب الروياني (3).
و خاف من السلطان فطاف البلدان علي أنه قيج (4)، ثم ورد الري، و سكن بساربانان، في دار رجل من الشيعة في سكّة الموالي، و كان يعبد اللّه عزّ و جل في ذلك السرب (5)، يصوم النهار و يقوم الليل، و يخرج مستترا فيزور القبر الذي يقابل الآن قبره، و بينهما الطريق، و يقول: هو قبر رجل من ولد موسي ابن جعفر (عليهما السّلام) و كان يقع خبره إلي الواحد بعد الواحد من الشيعة حتي عرفه أكثرهم.
فرأي رجل من الشيعة في المنام كأن رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قال: إنّ رجلا من ولدي يحمل غدا من سكة الموالي، فيدفن عند شجرة التفاح، في باغ (6) عبد الجبار بن عبد الوهاب، فذهب الرجل ليشتري الشجرة، و كان صاحب الباغ رأي أيضا رؤيا في ذلك، فجعل موضع الشجرة مع جميع الباغ وقفا علي أهل الشرف و التشيع يدفنون فيه، فمرض عبد العظيم رحمة اللّه عليه و مات (7)، فحمل في ذلك اليوم إلي حيث المشهد.
فضل زيارته: دخل بعض أهل الري علي أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السّلام) فقال: أين كنت؟ فقال: زرت الحسين صلوات اللّهف.
ص: 405
عليه، فقال: أما إنّك لو زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين صلوات اللّه عليه.
وصف علمه: روي أبو تراب الروياني، قال: سمعت أبا حمّاد الرازي يقول: دخلت علي علي بن محمّد (عليه السّلام) بسرّ من رأي فسألته عن أشياء من الحلال و الحرام، فأجابني فيها، فلمّا ودّعته قال لي: يا أبا حمّاد إذا أشكل عليك شي ء من أمر دينك بناحيتك فسل عنه عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، و اقرأه منّي السّلام.
ما روي عنه في التوحيد: روي علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد ابن أبي عبد اللّه البرقي، قال: حدثني عبد العظيم الحسني- في خبر طويل- يقول: إنّ اللّه تبارك و تعالي واحد، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ، و ليس بجسم و لا صورة، و لا عرض و لا جوهر، بل هو مجسّم الأجسام و مصوّر الصور، خالق الأعراض و الجواهر (1).
عبيد اللّه بن موسي الروياني، عن عبد العظيم، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قلت للرضا (عليه السّلام): ما تقول في الحديث الذي يروي الناس [عن رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) انه قال:] بأن اللّه ينزل [كل ليلة] إلي السماء الدنيا (2)؟ فقال: لعن اللّه المحرفين الكلم عن مواضعه، و اللّه ما قال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) ذلك، إنّما قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ ينزّل ملكا إلي سماء الدنيا ليلة الجمعة، فينادي: هل من سائل فأعطيه، و ذكرا.
ص: 406
الحديث (1).
و بهذا الإسناد عن الرضا (عليه السّلام) في قوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نٰاضِرَةٌ. إِليٰ رَبِّهٰا نٰاظِرَةٌ (2) قال: مشرقة، منتظرة ثواب ربّها عزّ و جلّ (3).
ما روي عنه في العدل: روي علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد ابن أبي عبد اللّه، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن علي بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن موسي الرضا (عليهم السّلام) قال: خرج أبو حنيفة من عند الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فاستقبله موسي (عليه السّلام) فقال: يا غلام ممّن المعصية؟
فقال: لا تخلو من ثلاث: إمّا أن تكون من اللّه عزّ و جلّ و ليست منه، فلا ينبغي للكريم أن يعذّب عبده بما لم يكتسبه، و إمّا أن تكون من اللّه و من العبد [و ليس كذلك] فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف، و إمّا أن تكون من العبد و هي منه، فإن عاقبه [اللّه] فبذنبه، و إن عفا عنه فبكرمه وجوده (4).
و روي عبيد اللّه بن موسي، عن عبد العظيم، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قال الرضا (عليه السّلام): ثمانية (5) أشياء لا تكون إلّا بقضاء اللّه و قدره: النوم، و اليقظة، و القوّة، و الضعف، و الصحّة، و المرض، و الموت، و الحياة (6).7.
ص: 407
ثبّتنا اللّه بالقول الثابت من موالاة محمّد و آله و صلّي اللّه علي سيّدنا رسوله محمّد و آله و أجمعين (1)، هذا آخر الرسالة.
و قول الصدوق هنا و في كتاب الصوم من الفقيه: و كان مرضيّا (2)، أي كان دينه صحيحا، و الأصحاب يرضون حديثه و يعملون به، كذا في شرح المجلسي (3)، و الظاهر أنّ هذا الوصف مأخوذ من الآية الشريفة و هي قوله:
مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ (4) و لذا استعمل في باب الشهادات.
ففي الباقري المروي في التهذيب: شهادة الأخ لأخيه تجوز إذا كان مرضيّا و معه شاهد آخر (5).
و في تفسير الإمام (عليه السّلام): عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) في قوله تعالي: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ قال: ممّن ترضون دينه و أمانته و صلاحه و عفّته، و تيقّظه فيما يشهد به، و تحصيله و تمييزه، فما كل صالح مميّز و لا محصّل، و لا كلّ محصّل مميّز صالح (6)، فانقدح أنّ هذه الكلمة تدل علي الوثاقة الكاملة.
أبوه، عن سعد ابن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن ليث المرادي، عنه (7).
ص: 408
رجال السند- سوي الخثعمي الآتي ذكره- من الأجلّاء.
و عبد الكريم الهاشمي وثّقه الشيخ في أصحاب الكاظم (1)، و يروي عنه- من أصحاب الإجماع-: أبو بصير ليث المرادي (2)، و زرارة في الكافي في باب الزكاة تبعث من بلد إلي بلد (3)، و في باب دخول عمرو بن عبيد و المعتزلة علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (4)، و في التهذيب في باب الزيادات في الزكاة (5)، و في باب قسمة الغنائم (6).
أبوه (7)، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، و لقبه كرام (8).
في النجاشي: عبد الكريم بن عمرو بن صالح الخثعمي، مولاهم كوفي، روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السّلام)، ثم وقف، كان ثقة ثقة عينا (9).
و يروي عنه البزنطي (10) كثيرا، و أضرابه من الأجلّاء: كجعفر بن
ص: 409
بشير (1)، و الوشاء (2)، و إسحاق بن عمّار (3)، و حفص بن البختري (4)، و جعفر بن محمّد بن سماعة (5)، و محمّد بن سنان (6)، و عبيس بن هشام (7)، و علي بن خالد (8).
و قال المفيد في الرسالة العددية: و أمّا رواة الحديث بأن شهر رمضان شهر من شهور السنة، يكون تسعة و عشرين يوما و يكون ثلاثين يوما، فهم فقهاء أصحاب أبي جعفر محمّد بن علي و أبي عبد اللّه (عليهم السّلام)- و ساق إلي العسكري (عليه السّلام)- و الأعلام و الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الأحكام، لا يطعن عليهم، و لا طريق إلي ذمّ واحد منهم، و هم أصحاب الأصول المدوّنة، و المصنّفات المشهورة.
ثم ذكر رواية جماعة منهم و قال: و روي كرّام الخثعمي و عدّ جماعة آخرهم عبد اللّه بن أبي يعفور، و ممّن لا يحصي كثرة مثل ذلك حرفا بحرف (9)، انتهي.
و روي ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن محمّد و محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ، عن كرّام قال: حلفت بيني و بين نفسي أن لا أكل طعاما بنهار أبدا.
حتي يقوم قائم آل محمّد (عليهم السّلام) فدخلت علي أبي عبد اللّه (عليه4.
ص: 410
السّلام) فقلت له: رجل من شيعتكم جعل للّه أن لا يأكل طعاما بنهار أبدا حتي يقوم قائم آل محمّد (عليهم السّلام).
قال: فصم إذا يا كرّام، و لا تصم العيدين، و لا ثلاثة أيام التشريق، و لا إذا كنت مسافرا، و لا مريضا، فإن الحسين (عليه السّلام) لمّا قتل عجّت السموات و الأرض و من عليها و الملائكة، فقالوا: يا ربّنا ائذن لنا في هلاك الأرض حتي نجدّهم عن جديد الأرض بما استحلّوا حرمتك، و قتلوا صفوتك، فأوحي اللّه إليهم: يا ملائكتي و يا سماواتي و يا أرضي اسكنوا، ثم كشف حجابا من الحجب، فإذا خلفه محمّد و اثنا عشر وصيّا له (عليهم السّلام) و أخذ بيد فلان [القائم] (1) من بينهم، فقال: يا ملائكتي و يا سماواتي و يا أرضي بهذا انتصر، قالها ثلاث مرّات (2).
قال في التعليقة: و في ذلك دلالة علي عدم وقفه، و روي الشيخ هذه الرواية عن عبد الكريم بن عمرو (3) مرّة، و عن كرّام اخري، فدلّ علي أن كرّاما هو عبد الكريم (4)، انتهي.
و مع تسليم الوقف فلا يضرّ العمل برواياته، خصوصا بعد إكثار مثل البزنطي من الرواية عنه، و ما قاله المفيد في حقّه، و توثيق النجاشي مرّتين مع نسبة الوقف إليه.
فما في الخلاصة: قال ابن الغضائري: إنّ الواقفة تدعيه، و الغلاة تروي عنه كثيرا، و الذي أراه التوقف عمّا يرويه (5)، انتهي، محلّ نظر من وجوه.5.
ص: 411
أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عنه (1).
قد أوضحنا وثاقة أحمد في (قسط) (2) فالسند صحيح.
و ابن أبي يعفور من الفقهاء المعروفين الذين هم عيون هذه الطائفة، يعدّ مع زرارة و أمثاله، بل في الكشي بثلاثة طرق عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أنّه قال: و اللّه ما وجدت أحدا يطيعني و يأخذ بقولي- و في لفظ: يقبل وصيّتي و يطيع أمري- إلّا رجلا واحدا رحمة اللّه عليه عبد اللّه بن أبي يعفور، فإنّي أمرته و أوصيته بوصيّة فاتبع أمري و أخذ بقولي (3).
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي بن فضّال، عنه (4).
رجال السند من الأجلّاء.
و ابن فضال مضافا إلي كونه من أصحاب الإجماع هو من معشر أمرنا بالأخذ بما رووا، و لا ننظر إلي أحوالهم.
و ابن بكير من أصحاب الإجماع، و ممّن ادّعي الشيخ في العدّة: أنّ الطائفة عملت برواياتهم (5)، و وثقه أيضا في الفهرست (6).
ص: 412
و في الكشي: قال العياشي: عبد اللّه بن بكير و جماعة من الفطحيّة هم فقهاء أصحابنا (1)، و عدّه المفيد في الرسالة (2) في عداد من وصفهم بما مرّ في (قعه) (3).
و يروي عنه من أصحاب الإجماع: عمّه زرارة (4)، و الحسن بن محبوب (5)، و عبد اللّه بن مسكان (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7)، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي (8)، و فضالة بن أيوب (9)، و الحسن بن علي بن فضال (10)، و صفوان بن يحيي (11)، و جميل بن درّاج (12)، و عبد اللّه بن المغيرة (13)، و هؤلاء عشرة.
و من أضرابهم من الأجلّاء و الثقات: عبد اللّه بن جبلة (14)، و أحمد بن1.
ص: 413
علي بن فضال (1)، و القاسم بن عروة (2)، و منصور بن يونس (3)، و الحسين بن سعيد (4)، و محمّد بن عبد الجبار (5)، و جعفر بن بشير (6)، و حريز (7)، و علي ابن أسباط (8)، و الحجال (9)، و علي بن الحكم (10)، و العباس بن عامر (11)، و علي بن رئاب (12)، و محمّد بن خالد (13)، و أبو أيوب (14)، و محمّد بن سنان (15)، و عمر بن أذينة (16)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (17)، و ابن رباط (18)، و حفص ابن سوقة (19)، و سليمان الجعفري (20)، و عبد اللّه بن سنان (21)، و الحسن بن4.
ص: 414
الجهم (1)، و النضر بن سويد (2)، و محمّد بن عبد اللّه الحلبي (3)، و سيف بن عميرة (4)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (5)، و أحمد بن محمّد بن خالد (6)، و سهل بن زياد (7)، و الحسن بن موسي الخشاب (8)، و محمّد بن عيسي (9)، و عليّ بن عقبة (10)، و إسماعيل بن عمّار (11)، و العلاء بن رزين (12)، و عبد اللّه بن حمّاد (13)، و مروان بن مسلم (14)، و موسي بن القاسم (15)، و الحسن بن راشد (16)، و محمّد بن أبي حمزة (17)، و الحكم بن مسكين (18)، و شهاب (19).
أبوه و محمّد بن الحسن و محمّد بن
ص: 415
موسي بن المتوكل رضي اللّه عنهم، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد ابن عبد الجبار، عنه (1).
رجال السند ثقات بالاتفاق.
و في النجاشي و الخلاصة: كان عبد اللّه واقفا، و كان فقيها ثقة مشهورا (2)، و يروي عنه: الحسن بن محبوب (3)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (4)، و الحسن بن علي الكوفي (5)، و الفضل بن شاذان (6)، و العباس ابن عامر (7)، و حميد بن زياد (8)، و غيرهم.
و عبد اللّه بن جندب جليل القدر رفيع المنزلة لدي أبي الحسن و الرضا (عليهما السلام) و كان وكيلا لهما.
و في الكشي: قال عبد اللّه بن جندب لأبي الحسن (عليه السّلام):
أ لست عنّي راضيا؟ قال: إي و اللّه، و رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و اللّه عنك راض (1).
الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن [محمّد بن أحمد] بن يحيي (2)، عن سهل بن زياد الآدمي، عن الجريري (3) - و اسمه سفيان- عن أبي عمران الأرمني، عنه.
و أبوه و محمّد بن الحسن، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان، عن أبي عمران موسي بن رنجويه الأرمني، عنه (4).
السندان ضعيفان علي الطريق المشهور بجهالة بعضهم، و ضعف آخرين.
و يمكن أن يقال: إنّ محمّد بن حسّان- و هو الرازي أبو عبد اللّه الزبيبي- و إن ضعّفه ابن الغضائري (5)، و قال النجاشي: يعرف و ينكر و يروي عن الضعفاء (6)، إلّا أنّه يروي عنه الأجلّاء مثل:
ص: 417
أحمد بن إدريس (1)، و الحسن بن علي بن النعمان (2)، و أبو علي الأشعري (3)، و سعد بن عبد اللّه (4)، و عبد اللّه بن جعفر الحميري (5)، و محمّد ابن علي بن محبوب (6)، و الحسن بن متيل (7)، و محمّد بن عبد الجبار (8)، و محمّد ابن الحسين بن أبي الخطاب (9)، و محمّد بن أبي عبد اللّه جعفر الأسدي (10)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (11)، و لم يستثن من نوادر الحكمة، و اعتمد عليه الصدوق في طريقه إلي عبد اللّه بن الحكم (12)، و إلي محمّد بن أسلم (13)، و إلي عليّ بن غراب (14)، كلّ ذلك يشير إلي وثاقته كما صرّح به في التعليقة (15).
و هؤلاء الأجلّة عيون الطائفة في عصره، لا يمكن أن يخفي عليهم من حاله ما ظهر لابن الغضائري بعد قرون، و الظاهر أنّ سبب تضعيفه روايته ما0.
ص: 418
يوهم الغلوّ عنده، و النجاشي لم يضعّفه في نفسه، فلا معارض للأمارات المذكورة، و مع ذلك كلّه فهو من مشايخ الإجازة كشيخه أبي عمران الأرمني.
و أمّا عبد اللّه: فقال النجاشي: ضعيف روي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (1)، و لكن يروي عنه ابن أبي عمير (2) كما في التهذيب في باب البيّنات (3)، و في الاستبصار في باب ما تجوز شهادة النساء فيه (4)، و هي أمارة الوثاقة، و لا يعارضها ما في النجاشي، الظاهر كونه للغلوّ (5) كما يظهر من الخلاصة (6).
و قال الشارح: و الخبر ضعيف، و يمكن القول باعتباره: لاعتماد لأصحاب علي كتابه، و إن كان ضعيفا في نفسه، و ضعف مشايخ الإجازة لا يضرّ (7).
محمّد بن موسي بن المتوكّل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي،
ص: 419
عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عنه (1).
السند صحيح علي الأصح بما تقدم (2).
و أمّا عبد اللّه: فقال النجاشي: عبد اللّه بن حمّاد بن الأنصاري، من شيوخ أصحابنا، له كتابان (3)، و ذكره الشيخ [في رجاله]- في أصحاب الكاظم (4).
و الفهرست (5) و لم يذكره بسوء.
فما عن ابن الغضائري: حديثه نعرفه تارة و ننكره اخري (6) -، مع عدم الدلالة علي ضعف في نفسه- غير قابل للمعارضة مما في النجاشي، الدالّة علي وثاقته و جلالته، فالخبر صحيح.
و لعبد اللّه في أبواب الزيارات خبر شريف يظهر منه علوّ مقامه عندهم (عليهم السّلام) (7).
ففي كامل الزيارات: عن محمّد بن عبد اللّه الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمّد بن سليمان، عن محمّد بن خالد، عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري (8)، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قال لي: إنّ عندكم- أو قال: في قربكم- لفضيلة ما أوتي أحد مثلها، و ما أحسبكم تعرفونها كنه معرفتها، و لا تحافظون عليها و لا علي القيام بها، و إنّ لها لأهلا خاصّة قد سمّوا لها، و أعطوها بلا حول منهم و لا قوّة، إلّا ما كان من صنع اللّه لهم، و سعادةل.
ص: 420
حباهم بها، و رأفة و تقدم، قلت: جعلت فداك و ما هذا الذي وصفت؟
قال: زيارة جدّي الحسين (عليه السّلام) فإنه غريب بأرض غربة- و ساق (عليه السّلام) بعض حالاته. إلي أن قال: - فقلت له: جعلت فداك قد كنت آتيه حتّي ابتليت بالسلطان، و حفظ أموالهم، و أنا عندهم مشهور، فتركت- للتقيّة- إتيانه، و أنا أعرف ما في إتيانه من الخير (1). الحديث و هو طويل شريف.
و العجب أن في الخلاصة: قال ابن الغضائري: أنّه يكنّي أبا محمّد، نزل قم، و لم يرو عن الأئمة (عليهم السّلام) (2)، انتهي.
و يروي عنه إبراهيم بن هاشم كما في كامل الزيارات (3).
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيي و محمّد بن أبي عمير جميعا، عنه (4).
السند في أعلي درجة الصحة.
و أمّا [ابن] سليمان فظنّه الشارح: الصيرفي الكوفي، الذي له أصل، و صرّح النجاشي أنه: روي عنه جعفر بن علي (5)، قال: فالخبر قوي كالصحيح، و يمكن الحكم بصحته لاتفاق الأصحاب علي أصله علي ما ذكره المفيد رضي اللّه عنه (6)، و اعتماد الأصحاب علي كتابه مع صحته، عن ابن أبي عمير و صفوان بن يحيي، و هما من أهل الإجماع، و لهذا عمل أكثر أصحابنا المتأخرين
ص: 421
علي العمل بأخباره (1)، انتهي.
و لكن الأقوي وفاقا لجامع الرواة أنه: النخعي الكوفي، الذي يروي عنه: أبان بن عثمان (2)، و صفوان بن يحيي (3)، و ابن أبي عمير (4)، و يونس ابن عبد الرحمن (5)، و عبد اللّه بن مسكان (6)، و النضر بن سويد (7)، و هارون ابن الجهم (8)، و معاذ بن مسلم (9)، و حمزة بن حمران (10)، و الوشاء (11)، و أبو شعيب المحاملي (12)، و يحيي الحلبي (13)، و عبيس بن هشام (14)، و ابن أذينة (15)، و عبد اللّه بن سنان (16)، و محمّد بن الحسن العطار (17).
صرّح بذلك كلّه في الجامع (18)، و منه يظهر وثاقته مع أن رواية صفوان و ابن أبي عمير كافية في الحكم بها، سواء كان هو الصيرفي أو النخعي.6.
ص: 422
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، و هو الذي ذكر عند الصادق (عليه السّلام) فقال: أمّا أنه يزيد علي السّن خيرا (1).
قلت: و هو الذي قالوا فيه: كان خازنا للمنصور و الهادي و المهدي و الرشيد، كوفي، ثقة، من أصحابنا، جليل، لا يطعن عليه في شي ء، و لا عجب أن يعدّ هذا من كراماته، و في النجاشي: له كتب، رواها عنه جماعات من أصحابنا لعظمه في الطائفة و ثقته و جلالته، منهم عبد اللّه بن جبلة (2). إلي آخره.
و رأينا استغناءه عن ذكر من يروي عنه من الأجلّاء، فإنّما نذكرهم في التراجم استظهارا للوثاقة و هو فوقها.
و بالجملة فالخبر صحيح، و رجال السند من الأجلّاء.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن بندار بن حمّاد، عنه (3).
بندار: غير مذكور، و ليس له خبر في الكتب الأربعة كما يظهر من المجامع.
و كذا عبد اللّه، و أخرج عنه في الفقيه خبرا واحدا في باب الحدّ الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصلاة (4)، فالخبر ضعيف.
ص: 423
و في الشرح: و يظهر من المصنّف أنّ كتابه معتمد الأصحاب (1).
[186] قفو- و إلي [عبد اللّه] (2) بن القاسم: عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد بن يحيي، عن أبي عبد اللّه الرازي، عن عبد اللّه بن أحمد [بن] (3)، محمد بن خشنام الأصبهاني، عنه (4).
أبو عبد اللّه الرازي: هو الجاموراني الذي استثنوه من نوادر الحكمة (5)، و لكن يروي عنه سوي محمّد بن أحمد بن يحيي، محمّد بن علي بن محبوب (6)، و أحمد بن محمّد بن خالد (7)، و سهل بن زياد (8).
و عبد اللّه بن أحمد: هو بعينه عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك الثقة الجليل المعروف.
و ابن خشنام، غير مذكور في الرجال، و ليس له رواية في الكتب الأربعة.
فالخبر ضعيف، فلا حاجة إلي تمييز عبد اللّه بن القاسم، المشترك بين الضعفاء.
نعم قال في الشرح: فالخبر ضعيف علي مصطلح المتأخرين، و صحيح علي اصطلاح المصنّف، إمّا لأن الكتاب كان موافقا للأصول، أو لأنه روي عنه
ص: 424
حال استقامته، أو لأنّه لا يعتقد ضعف المذكورين (1).
جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن [عمه] عبد اللّه بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (2).
أثبتناه صحّة السند في (له) (3) و ابن لطيف غير مذكور، و لكنّه ثقة لرواية ابن أبي عمير عنه، فالخبر صحيح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ، عن أبي بكر عبد اللّه بن محمّد الحضرمي و كليب الأسدي (4).
السند صحيح إلي الأصمّ.
و أمّا هو (5): فضعفه النجاشي، و تبعه الخلاصة (6) و رمياه بالغلوّ و الكذب، و في النجاشي: أن له كتاب [المزار] (7)، سمعت من رواه فقال: هو تخليط (8).
و في التعليقة: قال جدّي: يمكن أن يكون حكم النجاشي بالتضعيف لما ذكره بقوله: سمعت من رواه. إلي آخره، و يشكل الجزم به لهذا، و الحال
ص: 425
أنّ أكثر أصحابنا رووا عنه، و لم نجد في أخبارنا ما يدل علي غلوّه، و الظاهر أنّ القائل بذلك ابن الغضائري كما يفهم من قوله و اعتماده في بعض الأخبار عليه (1)، انتهي.
و ما روي في كتاب الأخبار يدلّ علي خلاف الغلوّ و هي كثيرة، نعم فيها ما هو بزعم ابن الغضائري غلوّ، كروايته عنهم: نحن جنب اللّه، و نحن صفوة اللّه، و نحن الذين بنا يفتح و بنا يختم، إلي غير ذلك و الكلّ تعظيم (2)، انتهي.
و يؤيّده أنه يروي عنه ابن فضّال- في الكافي في آخر كتاب المعيشة (3) - و هو من أصحاب الإجماع، و من أمرنا بالأخذ بما رووا، و الجليل إسماعيل بن مهران (4)، و جعفر بن يحيي (5)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (6)، و عبد اللّه ابن حمّاد (7) - من أصحاب الأصول- و له في أبواب الزيارات (8) أخبار شريفة لا تناسب الغلوّ، بل تنبئ عن تدينه و ولوعه بالعبادة، فلاحظ.
و أمّا الحضرمي: فيروي عنه ابن أبي عمير في الكافي في باب اللواط (9)، و صفوان بن يحيي في الفقيه في باب حدّ القذف (10)، و يونس بن عبد الرحمن في التهذيب في باب الحدّ في الفرية و السبّ (11)، و في باب سيرة9.
ص: 426
الإمام في الجهاد (1)، و في الكافي في باب إعطاء الأمان (2)، و جميل بن درّاج فيه في باب دخول المدينة (3)، و في التهذيب في باب ميراث الأولاد (4)، و عبد اللّه ابن مسكان فيه في باب من أحلّ اللّه نكاحه من النساء (5)، و باب صفة الوضوء من أبواب الزيادات (6)، و غيرهما، و عثمان بن عيسي في الكافي في باب طهور الماء (7)، و في التهذيب في باب المياه (8)، و الستة من أصحاب الإجماع، و الأولان لا يرويان إلّا عن ثقة.
و من أضرابهم من الأجلّاء: أبو إسحاق الفقيه ثعلبة بن ميمون (9)، و الحسن بن سيف بن عميرة (10)، و سيف بن عميرة (11)، و عبد الكريم بن عمرو (12)، و أيوب بن الحرّ (13)، و معاوية بن حكيم (14)، و منذر بن جيفر (15)3.
ص: 427
الذي يروي عنه صفوان، و يعقوب بن سالم (1)، و محمّد بن سنان (2)، و منصور ابن يونس (3)، و محمّد بن أبي حمزة (4)، و غيرهم، و حينئذ لا مجال للشبهة في وثاقته.
و قال ابن داود في باب الكني: أبو بكر الحضرمي، من أصحاب الصادق، في الكشي: ثقة، جرت له مناظرة حسنة [مع زيد] (5)، و الظاهر أنّه أخذه من أصل الكشي لا من اختيار الشيخ، فلا وقع لإيراد السيد التفريشي عليه بعدم وجود التوثيق في الكشي (6).
و روي الكشي (7) و غيره بعض الأخبار الدالة علي مدحه لا حاجة إلي نقلها.
و يأتي ذكر كليب في باب الكاف (8) إن شاء اللّه تعالي.
الخلاصة (1)، و الظاهر أنه لكونه من أصحاب جابر، و سريان الغلوّ منه إليه، فيرتفع بارتفاعه عنه، بل أوضحنا جلالته و علوّ مقامه، و يضعفه أيضا (2) رواية جعفر عنه الذي قالوا فيه: روي عن الثقات (3).
و الجليل آدم بن إسحاق الأشعري في الكافي في باب حدّ النبّاش (4)، و في التهذيب في باب الحدّ في نكاح البهائم (5) و في الفقيه في باب نوادر الحدود (6)، و كذا في الاستبصار (7)، و يروي صالح بن عقبة عنه كثيرا (8)، و يظهر من الصدوق أيضا أن كتابه معتمد الأصحاب (9).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب [عن صفوان بن يحيي] عن عبد اللّه بن مسكان [و هو كوفي] من موالي عنزة، و قيل: إنّه من موالي عجل (10).
السند في أعلي درجة الصحّة.
و ابن مسكان: من الأجلّاء، و من أصحاب الإجماع، و قالوا فيه: إنّه أروي أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (11) إلّا أن في النجاشي: ثقة
ص: 429
عين، روي عن أبي الحسن موسي (عليه السّلام) و قيل: إنّه روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و ليس بثبت (1).
و في الكشي: محمّد بن مسعود، قال: حدثني محمّد بن نصير، قال:
حدثني محمّد بن عيسي، عن يونس، قال: لم يسمع حريز بن عبد اللّه من أبي عبد اللّه (عليه السّلام) إلّا حديثا أو حديثين، و كذلك عبد اللّه بن مسكان، لم يسمع إلّا حديث: من أدرك المشعر فقد أدرك الحج. إلي أن قال: و زعم أبو النضر محمّد بن مسعود: أن ابن مسكان كان لا يدخل علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) شفقة الّا يوفيه حقّ إجلاله، و كان يسمع من أصحابه، و يأبي أن يدخل عليه إجلالا و إعظاما له (عليه السّلام) (2)، انتهي.
و في الخلاصة نسب ما في النجاشي إلي الكشي، و ما في الكشي إلي النجاشي (3)، و كيف كان ففيهما من الأوهام الواضحة ما لا يخفي علي الخبير، إذ في روايات الأصحاب ما لا يحصي عنه، عنه (عليه السّلام) بحيث لا يحتمل الإرسال، و لا علينا أن نسوق بعضها:
ففي التهذيب في باب الرجوع في الوصيّة في الصحيح: عنه عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: قضي أمير المؤمنين (عليه السّلام) (4). إلي آخره.
و في آخر أبواب كتاب الوصايا في الصحيح: عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم و علي بن النعمان، عن ابن مسكان جميعا، عن أبي عبد اللّه (عليه2.
ص: 430
السّلام)، قال: قلت له: امرأة أعتقت (1). إلي آخره.
و في الصلاة في الصحيح: عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: في الرجل يرفع يديه (2). إلي آخره.
و في الزيادات في الصحيح: عن عبد اللّه بن مسكان، قال: رأيت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) أذّن و أقام (3). إلي آخره.
و في العتق في الصحيح: عنه، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: من أعتق (4). إلي آخره.
و في الغرر و المجازفة في الصحيح: عن ابن أبي عمير، عن سفيان بن صالح و حمّاد بن عثمان، عن الحلبي، عن هشام بن سالم و علي بن النعمان، عن ابن مسكان جميعا، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام): في الجواز لا يستطيع أن يعدّه (5). إلي آخره.
و في باب الصيد في الصحيح: عنه، عن أبي جعفر (عليه السّلام) أنه قال في الذبيحة تذبح (6). إلي آخره.
و في بيع الربوي في الصحيح: عنه، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أنه سئل عن الرجل يقول: عاوضني (7). إلي آخره.
و في العارية في الصحيح: عنه، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:3.
ص: 431
لا يضمن العارية (1). إلي آخره.
و في الغدوّ إلي عرفات: عنه، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:
سألته عن تلبية المتمتع (2). إلي آخره.
و في الأحداث الموجبة للطهارة: عنه، عنه (عليه السّلام) قال: كان رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (3). إلي آخره.
و في القود بين الرجال و النساء: عنه، عنه (عليه السّلام) قال: إذا قتلت المرأة (4). إلي آخره.
و فيه: عنه، عنه (عليه السّلام): إذا قتل المسلم يهوديّا (5).
و فيه: عنه، عنه (عليه السّلام): إذا قتل العبد (6).
و فيه: عنه، عنه (عليه السّلام) في رجلين قتلا (7).
و فيه: عنه، عنه (عليه السّلام): إذا قتل الرجلان (8).
و فيه: عنه، عنه (عليه السّلام): إذا قتل الرجل (9).
و في الديات: عنه، عنه (عليه السّلام) دية الصيد قيمته (10).ه.
ص: 432
و فيها: عنه، عنه (عليه السّلام) دية العبد قيمته (1).
و في الطهارة: عنه، عنه (عليه السّلام) قال: سألته (عليه السّلام) عن الوضوء ممّا ولغ فيه الكلب (2).
و في الأطعمة: عنه قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن لحوم الحمر (3).
و في باب الأغسال المفترضات: عنه، عنه عليه (عليه السّلام) قال:
سألته عن غسل الميت (4).
و في أحكام البئر: عنه قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عمّا يقع في الآبار (5).
و في آخر باب دخول الكعبة في الصحيح: عن النضر بن سويد، عنه قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) و هو خارج عن الكعبة، و هو يقول (6).
و في ميراث أهل الملل المختلفة: عنه، عنه (عليه السّلام) قال: من أسلم علي ميراث (7).
و في باب بيع الواحد بالاثنين: صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: كان علي (عليه السّلام) يكره عن (8). إلي آخره.0.
ص: 433
و في الاستبصار في باب من لم يجد الهدي و أراد الصوم: عن النضر، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد و علي بن النعمان، عن ابن مسكان، قال:
سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل تمتع فلم يجد هديا (1). إلي آخره.
و في الكافي في باب فرض الزكاة: عن عبد اللّه بن المغيرة، عن ابن مسكان، و غير واحد، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إن اللّه جلّ و عزّ (2). إلي آخره.
و في التهذيب في باب الإجازات: عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في الحمّال يكسر الذي حمل (3). إلي آخره.
و في الاستبصار في باب من فاتته صلاة فريضة: عن فضالة، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إن نام رجل أو نسي (4).
إلي آخره.
و في الكافي في باب فضل سويق الحنطة: عن درست بن أبي منصور، عن عبد اللّه بن مسكان، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول:
شرب السويق (5). إلي آخره.
و في باب من حجّ عن غيره: عن أبي عبد اللّه المؤمن، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت: الرجل يحج عن الآخر (6). إلي2.
ص: 434
آخره.
و في باب الكبائر: عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): ما من عبد إلّا و عليه أربعون جنّة (1). إلي آخره.
و في باب طلب الرئاسة: عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عبد اللّه بن مسكان، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: إيّاكم و هؤلاء الرؤساء (2). إلي آخره.
و في باب غسل الميت: عن النضر بن سويد، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن غسل الميت (3). إلي آخره.
و في التهذيب في باب حدود الزنا: ابن محبوب، عن عبد اللّه بن مسكان، قال: سمعته يقول: حدّ الجلد في الزنا (4). إلي آخره.
و في الكافي في باب مولد أمير المؤمنين (عليه السّلام): عن محمّد بن عبد اللّه بن مسكان، عن أبيه، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): إن فاطمة بنت أسد (5). إلي آخره.
و فيه في كتاب الروضة: عن عبد اللّه بن حمّاد، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: نحن أصل كلّ خير، و من فروعنا كلّ برّ (6). إلي آخره.
و في التهذيب في باب الخروج إلي الصفا: عن محمّد بن سنان، عنة.
ص: 435
عبد اللّه بن مسكان، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل طاف بين الصفا و المروة (1). إلي آخره.
و في الكافي في باب المكارم: عن عثمان بن عيسي، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه خصّ رسله بمكارم الأخلاق (2). إلي آخره.
و في الرسالة العدديّة للمفيد بعد ذكر رواية: عن صفوان بن يحيي، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: صم لرؤية الهلال و أفطر لرؤيته، الخبر.
قال: و روي صفوان بن يحيي، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، مثل ذلك سواء (3).
و في كامل الزيارات في باب ثواب من زار الحسين (عليه السّلام) بإسناده: عن عبد اللّه بن مسكان، عنه (عليه السّلام) قال: من زار قبر الحسين (عليه السّلام) من شيعتنا (4). إلي آخره.
و في باب ما يكون لزائر الحسين (عليه السّلام): عن صفوان بن يحيي، عنه، عنه (عليه السّلام) قال: من أتي قبر الحسين (عليه السّلام) عارفا بحقه (5). إلي آخره.
و في باب (68): عن علي بن النعمان، عن عبد اللّه بن مسكان، قال:4.
ص: 436
قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): إن اللّه ليتجلّي لزوّار قبر الحسين (عليه السّلام) قبل أهل عرفات (1). إلي آخره.
و نقل في التكملة عن بعضهم احتمال الإرسال في رواياته عنه، و أجاب عنه بظهور (عن) في الاتصال، و لزوم عدم الوثوق في جميع الأخبار المعنعنة، في كلام طويل لا فائدة في نقله، بعد صراحة ما فيها من قوله: سألت (2). إلي آخره، في بطلان ما ذكر، فلا حاجة إلي التمسك بالظهور، و لعلّ المتتبع يجد أضعاف ما أثبتناه.
جعفر بن علي الكوفي، عن جدّه الحسن بن علي، عن جدّه عبد اللّه بن المغيرة.
و أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه.
و محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم و أيّوب بن نوح، عنه (3).
السند الأول تقدّم في (قسا) (4).
و الثاني صحيح علي الأصح.
و الثالث صحيح بالاتفاق.
و ابن المغيرة: من أصحاب الإجماع، و في النجاشي: أبو محمّد البجليّ، ثقة ثقة، لا يعدل به أحد من جلالته و دينه و ورعه (5).
أبوه و محمّد بن الحسن،
ص: 437
عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عنه.
و أبوه و محمّد بن موسي بن المتوكل و محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن ميمون القداح المكي (1).
الطريقان صحيحان بما مرّ من توثيق ابن هاشم (2).
و أمّا عبد اللّه: ففي النجاشي: روي أبوه، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه، و روي هو عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و كان ثقة (3)، انتهي.
و يشير إلي وثاقته أيضا رواية عبد اللّه بن المغيرة عنه كما في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة من أبواب الزيادات (4).
و حمّاد بن عيسي فيه في باب كميّة الفطر (5)، و باب حكم العلاج للصائم (6)، و في الكافي في باب ثواب العالم (7)، و في باب ما يجوز للمحرم أن يلبسه (8) و الحسن بن علي بن فضّال فيه في باب الزاني (9)، و في كتاب النكاح (10)، و في باب فضل إطعام الطعام في كتاب الزكاة (11)، و في التهذيب في باب0.
ص: 438
أحكام السهو في الصلاة (1).
و الثلاثة من أصحاب الإجماع.
و من الأجلّاء: إبراهيم بن هاشم (2)، و أحمد بن إسحاق بن سعد (3)، و أبو خالد صالح القماط الذي يروي عنه صفوان (4)، و محمّد بن خالد (5)، و أبو طالب عبد اللّه بن الصلت القمي (6).
و ما في الكشي: عن محمّد بن عيسي أنه كان يقول بالتزيد (7) فضعفه في الخلاصة (8)، و يضعفه أيضا عدم إشارة النجاشي إليه (9)، و لا الفهرست مع ذكره كتابه و طريقه إليه (10).
و يشير إليه أيضا ما في الكشي في الصحيح: عن عبد اللّه بن ميمون، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: يا بن ميمون كم أنتم بمكّة؟ قلت: نحن أربعة، قال: أما إنّكم نور اللّه في ظلمات الأرض (11).
و ما في الخلاصة: أنّ هذا لا يفيد العدالة، لأنّه شهادة منه لنفسه، لكنّ الاعتماد علي ما قاله النجاشي صحيح (12).9.
ص: 439
و لكن في السند صفوان، و مقتضي الإجماع علي تصحيح ما يصحّ عنه:
الحكم بصحّة الخبر، و صدوره عن الإمام (عليه السّلام) و إن كان فيه ما يجرّ النفع إلي الراوي.
هذا و من الغريب ما في كتاب تبصرة العوام للسيد الأجلّ الأقدم السيد مرتضي الرازي في ذكر مذاهب الإسماعيلية من أن: عبد اللّه بن ميمون القداح كان من أصحاب الصادق (عليه السّلام) و أخذ محمّد بن إسماعيل بعد وفاة أبيه و جدّه الصادق (عليه السّلام) إلي مصر (1)، و ذكر شرحا لا يليق بالكتاب، و نسب إليه بعض الزندقة، و لعلّه غيره أو الحكاية موضوعة، فراجع.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عنه (2).
السند في أعلي درجة الصحّة.
و أمّا عبد اللّه: فهو من الأجلّاء، و ذكرنا ما يتعلق به و بكتابه في الفائدة الثانية (3) فراجع.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن أبي كهمس، عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري، الكوفي العربي، و هو أخو أبي مريم عبد الغفار بن القاسم الأنصاري (4).
ص: 440
مرّ توثيق الحكم في (مب) (1).
و أبو كهمس: و إن قيل (2) أنه كنية: للقاسم بن عبيد، و الهيثم بن عبد اللّه، و لكن الإطلاق ينصرف إلي: الهيثم بن عبيد- أو عبد اللّه- الشيباني الكوفي العربي، الذي ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و قال:
أسند عنه (3)، و ذكره النجاشي و قال: ذكره سعد بن عبد اللّه في الطبقات (4)، و الظاهر اتحاده مع الثاني.
و يروي عنه الحسن بن علي بن فضّال كما في التهذيب في باب وقت الزكاة (5)، و في الكافي في باب المؤمن و علاماته (6).
و الحسن بن محبوب فيه في باب الصدق و الأمانة (7).
و حمّاد في التهذيب في باب حكم المغمي عليه في الصيام (8).
و عبد اللّه بن بكير فيه في آخر باب أحكام الطلاق قال رحمه اللّه: و اسمه هيثم بن عبيد، عن رجل من أهل واسط من أصحابنا (9)، و منه أيضا يظهر7.
ص: 441
ضعف الاشتراك.
و من الأجلّاء غير أصحاب الإجماع: حريز (1)، و علي بن الحكم (2)، و محمّد بن مروان (3)، و حنّان (4)، و حجاج بن رفاعة الكوفي الخشاب (5)، و علي بن عقبة (6)، و مروان بن مسلم (7)، و رواية هؤلاء الأجلّاء من أمارات الوثاقة.
و قد ذكرنا غير مرّة أن في ذكر الشيخ أحدا في أصحاب الصادق (عليه السّلام) خصوصا مع قوله فيه: أسند عنه إشارة إلي وجوده في رجال ابن عقدة، فيكون من موثّقاته، و من ذلك كلّه يظهر أنّ السند صحيح.
و عبد المؤمن من الثقات المعروفين: و يروي عنه من أصحاب الإجماع:
الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عنه (8)، و حمّاد بن عيسي (9)، و عبد اللّه بن المغيرة (10)، و عبد اللّه بن مسكان (11)، فالخبر صحيح.4.
ص: 442
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن يونس ابن عبد الرحمن، عن عبد الملك، و كنيته أبو ضريس، و زار الصادق (عليه السّلام) قبره بالمدينة مع أصحابه (1).
السند صحيح بما مرّ.
و أمّا عبد الملك: ففيه مدح و ذم، فمنهم من رجح الأول، و منهم من رجح الثاني، و منهم من أعرض عنهما لضعف مستندهما فعدّه من المجاهيل، و الحق هو الأول لوجوه:
الأول: رواية يونس عنه كما عرفت، و رواية أخيه زرارة عنه كما في التهذيب في باب العمل في ليلة الجمعة من أبواب الزيادات في الجزء الثاني (2)، و فيه في باب صلاة العيدين من أبواب الزيادات عن زرارة: أنّ عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر (عليه السّلام) (3). إلي آخره.
و ليث- و هو أبو بصير البختري- فيه في باب تلقين المحتضرين (4)، و في روايتهم عنه ما لا يخفي من الدلالة علي مدحه، بل وثاقته.
و يؤيّدها رواية حريز (5) عنه، و عبيد بن زرارة (6)، و مثني (7)، و سيف بن عميرة (8).
ص: 443
الثاني: ما مرّ من قول الصدوق جازما به من غير [إحالة] (1) إلي رواية.
الثالث: ما في الكشي: عن حمدويه، عن محمّد بن عيسي، عن (2) أبي نصر، عن الحسن بن موسي، عن زرارة، قال: قدم أبو عبد اللّه (عليه السّلام) مكّة، فسأل عن عبد الملك بن أعين، فقلت: مات، قال: مات؟! قلت: نعم، قال: فانطلق بنا إلي قبره حتي نصلّي عليه، قلت: نعم، فقال:
لا و لكن نصلّي عليه هاهنا، و رفع يده و دعا له، و اجتهد في الدعاء، و ترحم عليه (3).
و رواه الشيخ في التهذيب بإسناده: عن علي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الحسين بن موسي (4)، عن جعفر بن عيسي، قال: قدم أبو عبد اللّه (عليه السّلام) مكّة فسألني عن عبد الملك بن أعين (5)، و ساق مثله.
و في السند: البزنطي، فالخبر صحيح، أو في حكمه، فقول الشهيد:
الروايات التي ذكرها الكشي في المدح و الذم- المقتضي لقلة الأدب- جميعها ضعيفة السند، لا يثبت بها حكم، فأمره علي الجهالة بالحال محتاج إلي التأمّل (6).5.
ص: 444
الرابع: ما رواه في الكشي: عن علي بن الحسن، قال: حدثنا علي بن أسباط، عن علي بن الحسن بن عبد الملك بن أعين، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام)- بعد موت عبد الملك بن أعين-: اللهم إن أبا ضريس كنّا عنده خيرتك من خلقك، فصيّره في ثقل محمّد صلواتك عليه يوم القيامة، ثم قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): أما رأيته؟- يعني في النوم- فتذكرت، فقلت: لا، فقال: سبحان اللّه أين (1) مثل أبي الضريس لم يأت بعد (2).
الخامس: ما في رجال ابن داود قال: عبد الجبار بن أعين أخو زرارة من أصحاب الباقر (عليه السّلام) في رجال الشيخ (3)، هو و أخواه عبد الملك و عبد الرحمن محمودون (4).
السادس: ما ذكره أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه فيما ألحقه برسالة أبي غالب الزراري ما لفظه: وجدت في المنتخبات التي أجازناها جعفر بن محمّد عن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن مروك بن عبيد، عن محمّد بن مقرن الكوفي، قال: حدثني المشايخ من أصحابنا: أنّ حمران و زرارة و عبد الملك و عبد الرحمن بني أعين كانوا مستقيمين، مات منهم أربعة في زمن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و كانوا من أصحاب أبي جعفر (عليه السّلام) و بقي زرارة إلي أن مات أبو عبد اللّه (عليه السّلام) و كان أفقههم (5). إلي آخره.7.
ص: 445
و في التعليقة: مضي في عبد الرحمن أخيه من رسالة أبي غالب مدحه (1)، انتهي، و غرضه هذه العبارة و ليست من الرسالة، فلاحظ.
السابع: ما رواه الكشي في ترجمة أبي حمزة الثمالي قال: حدثني محمّد بن مسعود قال: سألت علي بن الحسن [ابن] فضّال عن الحديث الذي روي عن عبد الملك بن أعين و تسمية ابنه: الضريس، قال: فقال: إنّما رواه أبو حمزة، و أصبغ بن عبد الملك خير من أبي حمزة. إلي آخره، كذا في نسخة الكشي، بخط المولي عناية اللّه مرتّبه، و مؤلّف مجمع الرجال، و كتب تحت أصبغ: كأنه الملقب بضريس (2).
و لكن في التعليقة: و أصبغ عبد الملك خير (3). إلي آخره، و هذا هو المناسب للسؤال عن حال عبد الملك و ما روي فيه ما يدل علي ذمّه كما يأتي، و عليه فيكون عبد الملك عند ابن فضّال من أجلّاء الثقات.
و يؤيد ذلك كلّه ما رواه ثقة الإسلام في الروضة في الصحيح: عن أبي بكر الحضرمي، عن عبد الملك بن أعين، قال: قمت من عند أبي جعفر (عليه السّلام) فاعتمدت علي يدي فبكيت، فقال: مالك؟ قال: كنت أرجو أن أدرك هذا الأمر و بي قوّة، فقال: أما ترضون أن عدوّكم يقتل بعضهم بعضا و أنتم آمنون في بيوتكم، إنه لو قد كان ذلك أعطي الرجل منكم قوّة أربعين رجلا، و جعلت قلوبكم كزبر الحديد لو قذف بها الجبال لقلعتها، و كنتم قوّام الأرض و خزّانها (4).ة.
ص: 446
و مع ذلك يورث الظن القوي بوثاقته، و أمّا ما عدّوه من أسباب ذمّه فهو ما رواه الكشي: عن حمدويه، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن [أبي] عمير، عن علي بن عطيّة، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) لعبد الملك ابن أعين: كيف سميت ابنك ضريسا؟ فقال: كيف سماك أبوك جعفرا؟ قال:
إن جعفرا نهر في الجنّة، و ضريسا اسم شيطان (1).
و لا يخفي أن غاية ما يدل عليه الخبر قلّة أدبه و سوء تعبيره جهلا، و هو غير مناف للوثاقة، مع عدم قابليّته لمعارضة ما سبق خصوصا مع تكذيب ابن فضّال أصل القضيّة كما مرّ فالخبر صحيح أو مثله.
أبوه، عن سعد ابن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن محمّد بن أبي حمزة، عنه (2).
محمّد بن أبي حمزة: ثقة، لا مغمز فيه، و يروي عنه: ابن أبي عمير (3)، و صفوان بن يحيي (4)، و جعفر بن بشير (5)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (6)، و النضر بن سويد (7)، و غيرهم من الأعاظم.
و أمّا عبد الملك: فذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8)، و في الفهرست: له كتاب، أخبرنا به جماعة، عن أبي المفضّل، عن حميد، عن
ص: 447
الحسن بن محمّد بن سماعة، عنه (1). و في رجال ابن داود: عبد الملك بن عتبة اللهبي بكسر اللام و سكون الهاء (2)، منسوب إلي لهب بن إسحاق (3)، بن كعب بن الحارث، قبيلة تعرف بالقيافة و الزجر، من أصحاب الصادق و الكاظم (عليهما السّلام) في الكشي (4) و رجال الشيخ، ثقة (5).
و ذكره أبو العباس بن سعيد فيمن روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السّلام) (6) انتهي، فهو داخل في الأربعة آلاف الذين وثّقهم ابن عقدة.
و يروي عنه: علي بن الحكم (7)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (8)، و الفقيه ثعلبة بن ميمون (9)، فظهر ممّا ذكرنا أنّه ثقة صاحب كتاب.
أمّا الأوّل (10) فلا معارض له.
و أمّا الثاني ففي النجاشي: عبد الملك بن عتبة الهاشمي اللهبي صليب، روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السّلام) ذكره أبو العباس بن سعيد فيمن روي عن أبي عبد اللّه و أبي جعفر (عليهما السّلام) ليس له كتاب،ا.
ص: 448
و الكتاب الذي ينسب إلي عبد الملك بن عتبة هو لعبد الملك بن عتبة النخعي صيرفي كوفي ثقة (1). إلي آخره.
قلت: عدم اطلاعه علي كتاب له، و عدم كون الكتاب المنسوب إليه في عصر النجاشي له، لا ينافي اطلاع الآخرين عليه كالصدوق، و الشيخ، و السروي في المعالم (2)، و كيف كان فالخبر صحيح.
أمّا علي ما في النجاشي فلأن الكتاب الذي ذكر الصدوق الطريق إليه و نسبه إلي الهاشمي فهو للنخعي الصيرفي الثقة، و الطرق إليه كلّها صحيحة.
و علي ما ذكرنا فللنص علي وثاقة الهاشمي في رجال ابن داود، و رجال ابن عقدة كما مرّ غير مرّة، مع أنّ في الطريق ابن فضّال: و قد مرّ في ترجمة الحسن ابن فضال في (عز) (3) أن قولهم (عليهم السّلام) في بني فضّال: خذوا ما رووا، أدلّ و أصرح في عدم الحاجة إلي النظر إلي حال من قبلهم من دلالة الإجماع المعهود عليه، فالخبر صحيح أو في حكمه.
و في المقام أوهام للمترجمين:
منها: عدّ شارح المشيخة: الهاشمي من المجاهيل (4).
و منها: ظنّه: أنّ اللهبي منسوب إلي أبي لهب المعروف.
و منها: جعل السروي في المعالم: الهاشمي و الصيرفي واحدا.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن
ص: 449
عبد الملك بن عمرو الأحول الكوفي، و هو عربي (1).
مرّ توثيق الحكم في (مب) (2)، فالسند صحيح.
و الأحول: يروي عنه: جميل بن درّاج كما في التهذيب في باب النذر (3).
و أبان بن عثمان فيه في باب حكم الحيض (4).
و عبد اللّه بن بكير فيه في باب كيفيّة الصلاة (5).
و ابن مسكان فيه في باب ضروب الحجّ (6)، و في الكافي في باب أصناف الحجّ (7)، هؤلاء أربعة من أصحاب الإجماع.
و من غيرهم من الأعاظم و الثقات: إسحاق بن عمّار (8)، و جميل بن صالح (9)، و الحكم (10)، و لا ريب في كشف رواية هؤلاء عنه، عن وثاقته.
و في الكشي: عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن عبد الملك بن عمرو، قال: قال لي أبو عبد اللّه (عليه السّلام): إنّي لأدعو اللّه لك حتي اسمّي دابّتك، أو قال: أدعو لدابتك (11).
و روي ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن مسكين، عن عبد الملك بن عمرو، قال: قال أبو0.
ص: 450
عبد اللّه (عليه السّلام) مالي لا أراك تخرج إلي هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك؟ قال قلت: و أين؟ قال: جدّة و عبادان و المصيصة و قزوين، فقلت:
انتظارا لأمركم و الاقتداء بكم، فقال: ايّ و اللّه لو كان خيرا ما سبقونا إليه، قال: قلت: فإنّ الزيديّة تقول: ليس بيننا و بين جعفر خلاف، إلّا أنّه لا يري الجهاد؟ فقال: إنّي لا أري، بلي و اللّه إنّي لا أراه، و لكنّي أكره أن أدع علمي إلي جهلهم (1).
و في التعليقة: عن الشيخ عبد النبيّ الجزائري صاحب الحاوي. أنّ العلامة حكم في المختلف في بحث القنوت بصحّة روايته (2).
قلت: و كذا في كفّارة النذر منه (3)، و كذا ولده في الشرح (4)، و الشهيد في الدروس (5)، و قال الشهيد الثاني في المسالك: و الأولي أن يريد بصحّتها توثيق رجال السند إلي عبد الملك، و هي صحّة اضافيّة مستعملة في كلامهم كثيرا (6)، انتهي (7).
قلت: و هو كما قال، إذ فرق بين قولهم: في الصحيح عن فلان، عنه (عليه السّلام) و قولهم: في صحيحة فلان، عنه (عليه السّلام) فإن الصحة في الثاني وصف للخبر، فلا بدّ من أن يكون رجال سنده ثقات، و في الأول وصف للسند مسامحة، فيتبع مقدار الموصوف تمام السند أو بعضه.
و الموجود في المختلف هو الأول، ففي بحث القنوت: و ما رواه في5.
ص: 451
الصحيح عبد الملك بن عمرو قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) و في بحث الكفّارات: لنا ما رواه عبد الملك بن عمرو في الصحيح عن الصادق (عليه السلام). إلي آخره.
و ظاهرهما صحّة السند إليه، و أمّا هو فلا يعلم حاله من كلامه رحمه اللّه.
نعم ما ذكره الشهيد في ردّ الخبر الأول بقوله: السند صحيح و لكنّه ينتهي إليه، فهو شهادة لنفسه، و مع ذلك فهو مرجّح بسبب المدح، فيلحق بالحسن لولا ما ذكرناه (1).
لعلّه في غير محلّه بما في التعليقة، بأن ذكر المشايخ إيّاها و اعتنائهم بها و ضبطها و تدوينها و نقلها في مقام مدحه يدلّ علي ظهور أمارة صحّتها لهم، سيّما و أن الراوي لها ابن أبي عمير، و هي إليه صحيحة.
قال رحمه اللّه: و في رواية ابن أبي عمير و لو بواسطة جميل عنه إشعار بوثاقته، و كذا رواية صفوان و لو بواسطة مثل أبان، و هو كثير الرواية و مقبولها، انتهي.
فالحق أن الخبر صحيح.
فقد رويته عنه (2).
هو من مشايخه المعروفين الذين اعتمد عليهم كثيرا مترضيا، و قال العلامة في التحرير: روي ابن بابويه في حديث صحيح: عن الرضا (عليه السلام) أنه سئل: يا ابن رسول اللّه، قد روي لنا عن آبائك فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفّارات (3). الخبر.
ص: 452
و الصدوق رواه عنه (1)، و في المدارك بعد نقل الخبر: و أقول: إنّ عبد الواحد بن عبدوس و إن لم يوثق صريحا لكنّه من مشايخ الصدوق المعتبرين، الذين أخذ عنهم الحديث، فلا يبعد الاعتماد علي روايته (2)، انتهي.
و كفي به مصححا مع ما علم من مداقّته في السند، و تبعه جماعة، و قد ذكرنا في الفائدة السابقة ما يوضح ما اختاروه (3).
و روي الشيخ في التهذيب بإسناده: عن علي بن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن عبدوس، قال: أوصي رجل بتركته- متاع و غيره- لأبي محمّد (عليه السلام)، فكتبت إليه (4). الخبر.
و الظاهر أنه والد عبد الواحد، و ليس له ذكر في الرجال، لكن رواية ابن فضّال عنه يدلّ علي مدح يقرب من الوثاقة.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين الثقفي، عن عبيد بن زرارة بن أعين، و كان أحول (5).
عبيد: هو الذي قال فيه النجاشي: روي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، ثقة ثقة، عين، لا لبس فيه و لا شكّ، له كتاب يرويه جماعة عنه (6)، انتهي.
ص: 453
و الجماعة كما في الجامعين (1): حمّاد بن عثمان (2)، و أبان بن عثمان (3)، و الحسن بن علي بن فضّال (4)، و عبد اللّه بن بكير (5)، و جميل بن درّاج (6)، و حماد بن عيسي (7)، و يونس بن عبد الرحمن (8)، من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم من الأعاظم: معاوية بن وهب (9)، و إبراهيم بن محمّد الأشعري (10)، و علي بن شجرة (11)، و عبد الرحمن بن الحجاج (12)، و إسحاق بن عمار (13)، و هارون بن مسلم (14)، و أخوه رومي (15)، و علي بن إسماعيل بن عمّار (16)، و علي بن رئاب (17)، و داود بن الحصين (18)، و بكير بن أعين (19)،9.
ص: 454
و حميد بن المثني (1)، و أيوب بن الحرّ (2)، و عمر بن أذينة (3)، و أحمد بن الحسن (4)، و حريز (5)، و زيد النرسي (6)، و علي بن عقبة (7)، و ثعلبة بن ميمون (8)، و يحيي الحلبي (9)، و علي بن الحسن بن رباط (10)، و يعقوب بن شعيب (11)، و غيرهم.
فالسند صحيح بما مرّ في (له) (1).
و أبو أحمد كنية لابن أبي عمير، و روايته عن عبيد اللّه أمارة علي وثاقته، فلا يضرّه عدم ذكرهم له في الرجال، فالخبر صحيح.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن أحمد و عبد اللّه ابني محمّد بن عيسي، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عنه.
و أبوه و محمّد بن الحسن و جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد اللّه بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد ابن عثمان، عنه (2).
السند الأوّل في أعلي درجة الصحّة، و كذا الثاني.
و الحلبي: هو كبير الحلبيين- الذين هم بيت كبير في الشيعة- و أفقههم، و هو صاحب الكتاب الذي عرض علي الصادق (عليه السلام) فصحّحه و استحسنه، و قال عند قراءته: أ تري لهؤلاء مثل هذا؟ و قد رواه عنه جمّ غفير لا حاجة إلي ذكرهم (3).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن فضّال، عنه (4).
السند صحيح أو في حكمه لوجود ابن فضّال، لكونه من أصحاب الإجماع و ممّن أمروا (عليهم السلام) بأخذ رواياتهم.
ص: 456
و الوصّافي: ثقة في النجاشي (1) و الخلاصة (2)، و يروي عنه ابن مسكان أيضا (3)، و الوصافي ضبطه بعضهم: بالمعجمة، و بعضهم: بالمهملة (4)، و هو أظهر.
عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطار النيسابوري، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسي، عن عبد الصمد بن بشير، عنه (5).
الأوّل مرّ حاله (6).
و الثاني (7) من مشايخ أبي عمرو الكشي، و عليه اعتمد في رجاله كما في النجاشي، قال: و هو أبو الحسن، صاحب الفضل بن شاذان و رواية كتبه (8)، و في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام): تلميذ الفضل بن شاذان، نيشابوري، فاضل (9).
و يروي عنه أيضا شيخ القميين: أحمد بن إدريس (10)، و أبو محمّد الحسن بن حمزة العلوي الطبري المرعشي (11) - الذي قالوا في ترجمته: كان من
ص: 457
أجلّاء هذه الطائفة و فقهائها (1)، و كان فاضلا أديبا عارفا فقيها زاهدا و رعا، كثير المحاسن، ديّنا، يروي عنه شيوخ أصحابنا، كالمفيد، و ابن الغضائري، و التلعكبري، و أحمد بن عبدون (2) -.
و يروي هو كتب الفضل بن شاذان بتوسط علي بن محمّد بن قتيبة، و من هنا ذكره العلامة في القسم الأول، و قال في ترجمة يونس بن عبد الرحمن: روي الكشي حديثا صحيحا عن علي بن محمّد القتيبي، قال: حدثني الفضل بن شاذان، قال: حدثني عبد العزيز بن المهتدي- و كان خير قمّي رأيته- إلي آخره.
و في حديث صحيح: عن علي بن محمّد القتيبي، عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن الحسن الواسطي (3). إلي آخره.
و حيث وصف الحديث بالصحّة فلا بدّ من كون رجال سنده ثقات، و الصحّة بالمعني الجديد، لعدم احتمال المصطلح القديم فيهما كما لا يخفي، و كذا ذكره صاحب الحاوي في قسم الثقات، و هو الحقّ الذي لا مجال للتأمّل فيه.
و حمدان: ثقة، من وجوه أصحابنا كما في النجاشي (4) و الخلاصة (5).
و محمّد بن الحسين: هو ابن الخطاب الجليل.
و عثمان بن عيسي: من أصحاب الإجماع، و مرّ في (قمد) (6).
و عبد الصمد: من الثقات.4.
ص: 458
فالسند صحيح علي الأصح أو في حكمه.
و أمّا ابن زياد: فقال الشارح: و كأنّه رواسي الكوفي، يكنّي: أبا الحسين، روي عنه إبراهيم بن عبد الحميد، و يحتمل ثلاثة مجاهيل أخر، و الظاهر أن ما ذكره المصنّف: كان كتابه معتمد الأصحاب. إلي أن قال:
فالخبر قوي كالصحيح أو موثق كالصحيح، باعتبار وصف المصنّف الكتب التي يروي عنها.
و العجب من جماعة يعدّون قولهم: لا بأس به، مدحا، و غفلوا عن وصف المصنّف الكتب و أصحابها، و يطرحون أخبارهم بالضعف، فلا تغفل عمّا غفلنا عنه أيضا لمتابعتهم (1)، انتهي.
و صريح صاحب الجامع أنّه: الهمداني الكوفي (2)، و كيف كان فالخبر في حكم الصحيح لوجود عثمان بن عيسي، و لكون ابن زياد من أصحاب الصادق (عليه السلام) في رجال الشيخ (3)، و قد مرّ غير مرّة استظهار كونه ممّن وثقهم ابن عقدة، مضافا إلي عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (4).
و أبوه: من أجلّاء الأشعريين.
و ابن أبي الصهبان مثله.
و أبو أحمد: هو ابن أبي عمير.
و أبان: من أصحاب الإجماع.
فالسند صحيح، أو في حكمه علي احتمال ضعيف.
و عطاء: يروي عنه حريز (1)، و عمرو بن المقدام (2)، و لا يضرّ جهالته بعد وجود ابن أبي عمير و أبان في السند.
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن خالد، عنه.
و أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن محمّد بن أبي الصهبان، عن صفوان بن يحيي، عنه.
و أبوه، عن علي بن سليمان الرازي (3) الكوفي، عن محمّد بن خالد، عن العلاء بن رزين القلاء.
و محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي بن [فضّال و الحسن بن محبوب] (4)، عنه (5).
السند الأوّل: صحيح بما مرّ في (لب) (6) من وثاقة محمّد بن خالد.
ص: 460
و رجال الثاني: من الأجلاء كالرابع.
و امّا الثالث: ففيه اختلاف غريب، ففي نسخة عندي من الفقيه: علي ابن سليمان الزاري، و كذا في نسخة شارح المشيخة التقي المجلسي (1)، و نسخة صاحب الجامع (2).
و في نسخة اخري عندي: الرازي، و كذا في نسخة صاحب الوسائل (3)، و كذا في نسخة السيد المحقق الكاظمي صاحب العدّة (4)، و الظاهر أنّه:
الزراري لعدم وجود الرازي في الكتب الرجالية، و لقول الشيخ في الفهرست في ترجمة العلاء: و أخبرنا الحسين بن عبيد اللّه، عن محمّد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن سليمان الزراري الكوفي، عن محمّد بن خالد، عن العلاء ابن رزين (5)، و هذا هو السند المتقدم.
فعلي الأول: و هو الصحيح فالسند أيضا صحيح، لكون علي هو: ابن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبو الحسن الزراري، كان له اتصال بصاحب الأمر (عليه السلام) و خرجت إليه توقيعات، و كانت له منزلة في أصحابنا، و كان ورعا، ثقة، فقيها، لا يطعن عليه في شي ء، كذا في النجاشي (6) و الخلاصة (7).
و علي الثاني: فالسند ضعيف لجهالة الرازي، و لذا قال المحقق الكاظمي6.
ص: 461
في العدّة: و الثالث: مجهول بعليّ بن سليمان، فإنه مهمل (1).
و أمّا العلاء فهو من أجلّاء الثقات، و شيوخ الطائفة، جليل القدر، عظيم المنزلة، صحب محمّد بن مسلم و تفقّه عليه (2).
و يروي عنه من أصحاب الإجماع: الحسن بن محبوب (3)، و الحسن بن علي بن فضال (4)، و فضالة بن أيوب (5)، و صفوان بن يحيي (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7)، و أحمد بن محمد بن أبي نصر (8)، و ابن أبي عمير (9)، و عبد اللّه ابن المغيرة (10).
و من أضرابهم من الأجلّاء: عبد الرحمن بن أبي نجران (11)، و الحجال (12)، و علي بن الحسن بن رباط (13)، و جعفر بن بشير (14)، و أحمد بن الحسن (15)، و علي بن رئاب (16)، و محمّد بن عبد الحميد (17)، و علي بن7.
ص: 462
أسباط (1)، و القاسم بن محمّد (2)، و محمّد بن العباس (3)، و الحسين بن سعيد (4)، و السندي بن محمّد (5)، و علي بن الحكم (6)، و محمّد البرقي (7).
و غيرهم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان بن عثمان، عنه (8).
السند صحيح عندنا، موثق في المشهور بأبان، و هو من أصحاب الإجماع.
و أمّا العلاء: فهو غير مذكور بمدح و لا ذمّ، إلّا أنّ الشيخ ذكره في أصحاب، الصادق (عليه السلام) (9)، و يروي عنه ابن أبي عمير كما في الفقيه في باب من يجب ردّ شهادته (10)، و كذا أبان، فهو ثقة علي الأصح، مع أنّ وجود أبان في السند يكفي في اعتبار كتابه الذي عدّه الصدوق من الكتب المعتمدة (11) أيضا.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن
ص: 463
محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن، الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عنه (1).
قدّمنا وثاقة ماجيلويه في (لب) (2) فالسند صحيح.
و أمّا علي: فإن كان الثمالي: فهو ثقة بالاتفاق، و إن كان البطائني- و هو:
أبو الحسن، قائد أبي بصير يحيي، من عمد الواقفة- فكتابه معتمد، و أخباره معتبره لوجوه:
الأول: قول الشيخ في العدّة ما لفظه: و إن كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحيّة و الواقفة و الناووسيّة و غيرهم. إلي أن قال: و إن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه، و لا يعرف من الطائفة العمل بخلافه، وجب أيضا العمل به إذا كان متحرّجا في روايته، موثوقا به في أمانته، و إن كان مخطئا في أصل الاعتقاد، فلأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحيّة مثل: عبد اللّه بن بكير و غيره، و أخبار الواقفة مثل: سماعة بن مهران، و علي بن أبي حمزة، و عثمان ابن عيسي (3). إلي آخره.
الثاني: عدّ الشيخ في الفهرست كتابه من الأصول (4).
الثالث: رواية جماعة عنه- من الذين لا يروون إلّا عن الثقة، نصّا منهم، أو بقرائن معتمدة-: كأحمد بن محمّد بن أبي نصر (5)، و ابن أبي عمير (6)،7.
ص: 464
و صفوان بن يحيي (1)، و يونس بن عبد الرحمن (2)، و فضالة بن أيوب (3)، و عبد اللّه ابن المغيرة (4)، و الحسن بن محبوب (5)، و عثمان بن عيسي (6).
و من أضرابهم: جعفر بن بشير (7) - الذي قالوا في حقّه: روي عن الثقات، و رووا عنه (8) - و علي بن الحسن الطاطري (9) - الذي قالوا في حقّه: له كتب في الفقه، رواها عن الرجال الموثوق بهم و برواياتهم (10) - و الحسين بن سعيد (11)، و الحسن بن علي الوشاء (12)، و علي بن الحكم (13)، و أبو داود سليمان ابن سفيان (14)، و عتيبة بياع القصب (15)، و إبراهيم5.
ص: 465
ابن عبد الحميد (1)، و محمّد بن سنان (2)، و ظريف بن ناصح (3)، [و وهيب] بن حفص (4)، و إسماعيل بن مهران (5)، و محمّد بن خالد الطيالسي (6)، و علي بن أسباط (7)، و درست بن أبي منصور (8)، و موسي بن القاسم (9)، و معاوية بن وهب (10)، و عمرو بن عثمان (11)، و العباس بن عامر (12)، و عبد اللّه بن المفضل النوفلي (13)، و عبد اللّه بن حمّاد (14)، و سليمان بن داود (15).9.
ص: 466
و عبد اللّه بن جبلة (1)، و غيرهم من الممدوحين.
الرابع: دعوي المحقق إجماع الأصحاب علي العمل بروايته، قال في المعتبر في مسألة الأسئار: و أما سؤر الطيور فطاهر إلّا ما كان علي منقاره [نجاسة] (2) دما أو غيره، ثم استدل بروايتي علي بن أبي حمزة، و عمّار، ثم قال:
لا يقال علي بن أبي حمزة: واقفي، و عمّار: فطحي، فلا يعمل بروايتهما، لأنّا نقول: الوجه الذي لأجله عمل برواية الثقة قبول الأصحاب أو انضمام القرينة، لأنّه لولا ذلك لمنع العقل من العمل بخبر الثقة، إذ لا قطع (3) بقوله، و هذا المعني موجود هنا، فإن الأصحاب عملوا برواية هؤلاء كما عملوا هناك، و لو قيل: قد ردّوا رواية كلّ واحد منهما في بعض المواضع، قلنا: كما ردّوا رواية الثقة في بعض المواضع، متعلّلين بأنه خبر واحد، و إلّا فاعتبر كتب الأصحاب فإنّك تراها مملوءة من رواية عليّ المذكور و عمّار (4)، انتهي.
و اعلم أنه ورد في عليّ أخبار، فيها ذمّه و وقفه و اللعن عليه، و منها اشتهر ضعفه، و ضعف الخبر الذي هو فيه، و لا حاجة إلي نقلها و نقل كلماتهم بعد تكرّر نقلها في الكتب، الذي ينبغي أن يقال و يسأل عن الجارحين الذين طرحوا أخباره بما ورد فيه: أنّ هؤلاء الأعاظم المعاصرين له- الذين هم وجوه الطائفة، و حفّاظ الشرع، و نقاد الأخبار، و فيهم الثلاثة الذين لا يروون إلّا عن ثقة، و ثمانية من الذين أجمعوا علي تصحيح ما يصحّ عنهم، و جعفر بن بشير، و الطاطري، و الحسين بن سعيد- كيف أجازوا لأنفسهم الرواية عنه، بل3.
ص: 467
و الإكثار منها في الأحكام الدينية، و تلقوها أصحاب الجوامع الشريفة كالكليني و الشيخ و غيرهما بالقبول، و أودعوها فيها فهل خفي عنهم حاله؟
أو كانوا من الذين لا يبالون من الأخذ عن الكذّاب و الوضّاع؟
أو كانوا لا يرون ما نسب إليه قدحا في رواياته و ضعفا في أخباره؟
و الأول احتمال فاسد، فإنّهم كانوا في عصره معاشرين له مختلطين معه، و ما ورد فيه لو صحّ قد كان بمرأي منهم و مسمع، و بتوسّطهم وصل إلي من بعدهم، فكيف ستر عنهم حاله؟! و الثاني غير لائق بمقامهم، و هم منزّهون عن احتمال ذلك فيهم عند كافّة الأصحاب.
بقي الثالث و هو الحقّ، و عليه فالسبب وجوه أشار إليها التقي المجلسي في الشرح:
الأول: أن يكون العمل بأخباره لموافقتها أخبار الثقات، بأن عرضوا كتبه و منها أصله علي الأصول فوجدوها موافقة، و هذا الوجه لا يتمّ إلّا فيما أخذ عن كتابه لا سماعا عنه، و مع الاشتباه كما في الكافي و مثله ممّا ذكر فيه تمام السند يشكل الأمر، مع أن ظاهر إجماع الشيخ في العدّة: وجوب العمل بأخباره مطلقا (1).
الثاني: أن يكون أخذهم عنه في حال استقامته، و هذا لا يتمّ في الذين لم يدركوا أيام الكاظم (عليه السلام): كالحسين بن سعيد، و موسي بن القاسم، و إسماعيل بن مهران السكوني، فإنّ وقفه كان مقارنا لوفاة الكاظم (عليه السلام) علي ما رواه الكشي في الضعيف: عن يونس بن عبد الرحمن، قال: مات أبو الحسن (عليه السلام) و ليس أحد من قوّامه إلّا و عنده المال1.
ص: 468
الكثير، و كان ذلك سبب وقفهم (1) و جحودهم موته، و كان عند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار (2).
فكلّ من كان من أصحاب الرضا (عليه السلام) روي عنه في أيام وقفه، مع أن حمل تمام أخبار هؤلاء و فيهم من أدرك الجواد (عليه السلام) أيضا علي روايتهم عنه في عهد الكاظم من البعد ما لا يخفي، و يؤيّده عدم تقييد أحد منهم في بعض رواياته روايته عنه بقوله: قبل وقفه (3)، كما كانوا قد يفعلونه في بعض أخبار المنحرفين.
الثالث: كونه ثقة عندهم في غير ما يتعلّق بمذهبه الباطل، و هذا هو الظاهر من طريقتهم و إطلاق إجماع العدّة، و لا ينافيه ما ورد في ذمّه ممّا يتعلّق بمذهبه، نعم ينافيه ما في الكشي، قال: قال ابن مسعود: حدثني أبو الحسن علي بن الحسن بن فضّال، قال: علي بن أبي حمزة كذّاب متّهم (4).
و قال في موضع آخر: قال ابن مسعود: سمعت عليّ بن الحسن يقول:
ابن أبي حمزة كذّاب ملعون، قد رويت عنه أحاديث كثيرة، و كتبت عنه تفسير القرآن كلّه من أوّله إلي آخره، إلّا أنّي لا أستحلّ أن أروي عنه حديثا واحدا (5).
و الجواب: أوّلا: أن قوله و اعتقاده لا يعارض عمل هؤلاء الأعاظم الذين هم فوقه بدرجات لا تحصي، و هو من أمارات الوثاقة من واحد منهم، فكيف بجميعهم، و كيف يجوّز البصير أن يكون ابن فضّال عرف كذبه و لم يعرفه يونس، و البزنطي، و ابن أبي عمير، و صفوان و نظرائهم.6.
ص: 469
و ثانيا: أنّ ما قاله فيه داخل في جملة معتقداته، و معدود من آرائه، و قد قالوا في بني فضّال: ذروا ما رأوا.
و ثالثا: أن التأمل الصادق يشهد أنّه سقط من كلام الكشي هذا شي ء، و إنّ ما قاله ابن فضّال انّما هو في حقّ الحسن بن علي بن أبي حمزة لا في حقّ أبيه، ففي الكشي في ترجمة الحسن هكذا: ما روي في الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني من أصحاب الرضا (عليه السلام): محمّد بن مسعود قال:
سألت علي بن الحسن بن فضّال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، فقال: كذّاب ملعون، رويت عنه أحاديث كثيرة، و كتبت عنه تفسير القرآن [كله] (1) من أوّله إلي آخره، إلّا أنّي لا أستحل أن أروي عنه حديثا واحدا (2).
و في النجاشي: قال أبو عمرو الكشي: فيما أخبرنا به محمّد بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عنه، قال: قال محمّد بن مسعود: سألت علي بن الحسن بن فضّال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، فطعن عليه (3) و لم ينقل في ترجمة أبيه عنه شيئا.
و السيد أحمد بن طاوس ذكر في رجاله في ترجمة عليّ ما في الكشي، فيها:
قال المحقق صاحب المعالم في تحريره: تقدّم إيراد كلام ابن مسعود في الحسن ابن عليّ هذا و ليس في الكلام هنا تصريح بإرادة عليّ، فالظاهر أنّ المراد به الحسن لا أبوه، و العجب أن النجاشي حكاه مصرّحا باسم علي في ترجمة الحسن، و لكنّ الظاهر بل المقطوع أنّ في عبارة كتابه غلطا، و أنّ كلمتي الحسن و ابن سقطتا من سهو القلم أو من النساخ، و ما هنا موافق لما في أصل الاختيار لكتاب الكشي، فإنه أورد الكلام في الحسن مصرّحا باسمه، و في عليّ كما هنا،3.
ص: 470
فأصل التوهم من هناك (1)، انتهي.
و الموجود في نسختي من النجاشي و قد كتبت في عصر مؤلّفه: الحسن بن علي بن أبي حمزة فالسهو من ناسخ كتابه.
و رابعا: أن ظاهر كلامه عدم صحّة أحاديث عليّ مطلقا قبل الوقف و بعده، و كونه كاذبا في جميع حالاته، و جعل هذا الكلام طعنا في القائل أولي من جعله طعنا فيه، فإنّه لا (مسرح) (2) للطعن علي ابن أبي حمزة قبل وقفه، فإنّه كان من قوّام أبي الحسن الأول (عليه السلام) و صاحب الأصل، و قد مرّ كلام المفيد فيما يتعلّق بأرباب الأصول (3)، و قول بعضهم: كون الرجل ذا أصل لا يخرجه عن الجهالة (4). كلام من لا اطلاع له بكلمات السلف الصالحين. و بالجملة فالحق أن أحاديثه معتبرة معتمدة وفاقا للسلف، علي ما يظهر من مؤلّفاتهم و اللّه العالم.
السند صحيح بما مرّ في (لب) (1).
و أمّا ابن أشيم فذكره الشيخ في أصحاب الرضا (2)، و قال العلامة: من أصحاب الرضا (عليه السلام) مجهول (3)، انتهي.
و لكن يروي عنه أحمد بن محمّد بن عيسي كما في الفقيه في باب ميراث المولود يولد و له رأسان (4)، و في التهذيب في باب وقت الزكاة (5)، و في باب حكم المسافر و المريض في الصيام (6)، و في باب الحكم في أولاد المطلقات (7)، و في باب أحكام الجماعة (8)، و في باب الطواف (9)، و في الاستبصار في باب وقت المغرب (10).
و في كامل الزيارات في باب (11)، و من عرف طريقة أحمد في باب الرواية، يطمئن بوثاقة من يروي عنه و لو بالمعني الأعمّ خصوصا إذا أكثر منها.
و يروي عنه أيضا يعقوب بن يزيد، و علي بن مهزيار كما في الكامل فيظ.
ص: 472
الباب التاسع (1)، مضافا إلي عدّ الصدوق كتابه معتمدا (2).
[209] رط- و إلي علي بن إدريس صاحب الرضا (عليه السلام) (3): تقدم السند في (كب) (4) مع إدريس بن زيد شريكه.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه (5).
السند صحيح، و علي وثّقه النجاشي قال: و كان أوثق الناس و أصدقهم لهجة، و ذكر أنّه كان فطحيّا جري بينه و بين علي بن مهزيار رسائل في ذلك، رجعوا فيها إلي أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فرجع علي بن أسباط عن ذلك القول و تركه (6). و صرّح في الفهرست أنّ له أصلا (7).
و روي عنه من الأجلّاء: أحمد بن محمّد بن عيسي (8)، و يعقوب بن يزيد (9)، و الحسين بن سعيد (10)، و علي بن الحسن بن فضال (11)، و الحسن بن موسي الخشاب (12)، و عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني (13)، و علي بن
ص: 473
مهزيار (1)، و الحسن بن علي الوشاء (2)، و الحسن بن علي الكوفي (3)، و منصور ابن حازم (4)، و موسي بن القاسم البجلي (5)، و عمران بن موسي (6)، و علي ابن الحسن الطاطري (7)، و الهيثم النهدي (8)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (9)، و أحمد بن أبي عبد اللّه (10)، و غيرهم.
و بالجملة فلا شكّ في وثاقته عند أحد، إنّما الإشكال في رجوعه عن الفطحية علي ما جزم به النجاشي، و هو عندهم أوثق و أضبط و أعرف، فإنه قد عارضه كلام الكشي قال: كان علي بن أسباط فطحيّا، و لعلي بن مهزيار [اليه] (11) رسالة في النقض عليه مقدار جزء صغير، قالوا: فلم ينجع ذلك فيه و مات علي مذهبه (12)، و من هنا اختلفت كلمات القوم فيه، فبعضهم رجح كلام النجاشي فعدّ أحاديثه في الصحاح، و بعضهم ما في الكشي لعود الضمير إلي جماعة من الأصحاب فعدّها في الموثقات.
و حقّ القول ما قاله بعض المحققين من أنّه لا تناقض بين كلام الكشي و النجاشي، لأنّ الكشي لم يذكر غير رسالة واحدة وصفها بكونها مقدار جزء1.
ص: 474
صغير، و النجاشي ذكر أنّه جري بينهما رسائل، فالذي ذكره الكشي ليس فيه أكثر من أنّه لم يرجع بعد صدور إحدي تلك الرسائل، و قد يفهم من كلام النجاشي مثل هذا أيضا، لأنّها إن أجدت الأولي فما الباعث علي التعدد، بل يلوح من كلام النجاشي أن الرجوع لم يكن بسبب الرسائل بل بسبب الرجوع إلي الإمام الجواد (عليه السلام) و قوله: مات علي مذهبه معلوم أن خبر نشأ عن الاستصحاب، و إلّا فما يدريه بانتفاء الرجوع في الواقع، و لو لم يصل إلينا خبر الثقة برجوعه لحكمنا بمثل ذلك أيضا، انتهي.
و قال ابن داود في رجاله بعد نقل ما في النجاشي ثم الكشي: أقول:
و الأشهر ما قاله النجاشي، لأنّ ذلك شاع بين أصحابنا [و ذاع] (1) [فلا] (2) يجوز بعد ذلك الحكم بأنه مات علي المذهب الأول (3)، و صرّح العلامة: بأني أعتمد علي روايته (4).
و بالجملة فلا إشكال في الوثاقة و الرجوع، و أنه لا ثمرة في تحقيق الثاني عند من يحتج بالموثق إلّا عند التعارض، إنّما الإشكال في أحاديثه قبل الرجوع عند من لا يري حجيّة الموثّق، و قد تعرّض لهذا الإشكال جماعة هنا.
و في ترجمة الحسن بن علي بن فضّال الذي رجع [عن] (5) الفطحيّة قبل موته أو أخبر به عنده. قال الفاضل الكاظمي في التكملة في ترجمة الحسن: لكن يرد الإشكال من جهة أن الرجوع وقع عند موته، فالروايات التي رواها كلّها وقعت أيام فطحيّته، فلا تأثير للرجوع في خروج روايته عن الروايات الفطحيّة، فعليم.
ص: 475
القول بعدم حجيّة الموثق يزداد الإشكال و تسقط أخباره من [الأصل] (1)، و علي الحجيّة يرد الإشكال من جهة الترجيح عند المعارض، لأنه موثق بل من أعلي مراتب الموثق، و العجب ممّن قبل رواياته من القائلين بعدم حجيّة الموثق لم يلتفتوا إلي هذا الإشكال، و لعلّ العذر و التقصّي عنه بأنّ وثاقته تمنعه من سكوته عن بيان الكذب و التحريف في أخباره لو كان، فسكوته دليل علي قبوله لها و يكون كقبول سائر العدول، انتهي (2).
و هذا هو حقّ القول في الجواب، و عليه بناء الأصحاب قديما، أ تري أحدا تأمّل في روايات عبد الرحمن بن الحجاج، و رفاعة بن موسي، و جميل بن درّاج، و حمّاد بن عيسي، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر، و الحسن بن علي الوشاء، و غيرهم ممّن صرّح الشيخ في كتاب الغيبة (3) و غيره بأنّهم وقفوا ثم رجعوا، و كذا في روايات جمّ غفير من أعاظم الصحابة الذين ارتدوا ثم رجعوا، فإن الإشكال المذكور آت في رواياتهم، و لا فرق في قلّة الزمان و طوله و كثرة الروايات و قلّتها، و لم نر أحدا توقف في خبر واحد منهم لاحتمال صدوره عنه في أيام انحرافه، و ليس ذلك إلّا للتقرير المذكور.
التمار، هو الذي قال في حقّه النجاشي: أنّه أوّل من تكلّم علي مذهب الإمامية، و صنّف كتبا في الإمامة، كان كوفيّا و سكن البصرة، و كان من وجوه المتكلمين من أصحابنا، انتهي (1).
و هذا المدح العظيم إذا قرن برواية صفوان عنه و جملة من الأعاظم مثل:
العباس بن عامر (2)، و علي بن مهزيار (3)، و السكوني (4)، يورث الظن القوي بوثاقته و هو المطلوب.
محمّد بن الحسن، عن الحسن ابن متيل الدقاق، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي عبد اللّه الحكم ابن مسكين الثقفي، عن علي بن بجيل بن عقيل الكوفي (5).
مرّ في (مب) (6) توثيق الحكم فالسند صحيح.
و علي ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (7) (عليه السلام)، و مرّ غير مرّة الاعتماد علي مجاهيل أصحاب الصادق (عليه السلام) في رجال الشيخ، و قال الشارح: و يظهر من المصنّف اعتبار كتبه، فالخبر قوي كالصحيح (8).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي
ص: 477
ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (1).
السند صحيح عندنا، و عليّ هو بغدادي انتقل إلي واسط، ثقة يروي عنه الصفار (2)، و محمّد بن عيسي (3)، و سهل بن زياد (4) و غيرهم (5).
و في الكشي: وجدت بخطّ جبرئيل بن أحمد قال: حدثني محمّد بن عيسي اليقطيني، قال: كتب (6) (عليه السلام) إلي علي بن بلال في سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين.
«بسم اللّه الرحمن الرحيم: أحمد اللّه إليك، و أشكر طوله و عوده، و أصلّي علي النبيّ محمّد و آله صلوات اللّه و رحمته عليهم، ثم إنّي أقمت أبا علي (7) مقام الحسين بن عبدربّه، و ائتمنته علي ذلك بالمعرفة بما عنده، و الذي لا يتقدمه أحد، و قد أعلم أنّك شيخ ناحيتك، فأحببت إفرادك و إكرامك بالكتاب بذلك، فعليك بالطاعة له، و التسليم إليه جميع الحقّ قبلك، و أن تحضّ مواليّ علي ذلك، و تعرفهم من ذلك ما يصير سببا إلي عونه و كفايته، فذلك توفير علينا، و محبوب لدينا، و لك به جزاء من اللّه و أجر، فإنّ اللّه يعطي من يشاء، و الإعطاء (8) و الجزاء برحمته، و أنت في وديعة اللّه، و كتبت بخطّي و أحمد اللّهي.
ص: 478
كثيرا» (1).
و فيه في ترجمة إبراهيم بن عبده: حكي بعض الثقات بنيسابور أنّه خرج لإسحاق بن إسماعيل من أبي محمّد (عليه السلام) توقيع (2): «يا إسحاق بن إسماعيل سترنا اللّه و إيّاك بستره»، و ساق التوقيع و هو طويل (3).
و فيه: «و يا إسحاق اقرأ كتابنا علي البلالي رضي اللّه عنه، فإنه الثقة المأمون، العارف بما يجب عليه» (4). إلي آخره.
و المراد به علي بن بلال علي ما صرّح المولي عناية اللّه و غيره.
أبوه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن العمركي بن علي البوفكي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسي بن جعفر (عليهما السلام).
و محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار و سعد بن عبد اللّه جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و الفضل بن عامر و موسي بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسي بن جعفر (عليهما السلام).
و كذلك جميع كتاب علي بن جعفر فقد رويته بهذا الاسناد (5).
كذا فيما عندنا من نسخ الوسائل و فيه غلط فاحش، و الموجود في نسخ الفقيه، و شرح المشيخة (6)، و العدّة للسيد المحقق
ص: 479
الكاظمي (1)، و جامع الرواة: عن موسي بن القاسم البجلي (2) و هو الصحيح.
و في الفهرست في ترجمة موسي: أخبرنا جماعة، عن محمّد بن علي بن الحسين (3) عن محمّد بن الحسن (4)، و أخبرنا ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن الصفار، و سعد بن عبد اللّه، عن الفضل بن عامر، و أحمد بن محمّد، عن موسي بن القاسم، عن رجاله (5).
و يقرب منه ما في مشيخة التهذيب (6).
بل يأتي هنا في الطريق إلي موسي مثل ما فيهما.
و هذا ممّا لا إشكال فيه، كما لا إشكال في صحّة الطريقين المنشعبين إلي طرق كثيرة، فإن العمركي و اسمه- علي ما نقله ابن داود عن شيخه السيد جمال الدين أحمد بن طاوس، و أسنده إلي رواية صحيحة- علي بن البوفكي- و بوفك قرية من قري نيشابور (7) - كما في النجاشي: شيخ من أصحابنا ثقة، روي عنه شيوخ أصحابنا منهم: عبد اللّه بن جعفر الحميري (8).
و قال الشيخ في رجاله: و يقال إنه اشتري غلمانا أتراكا بسمرقند8.
ص: 480
للعسكري (عليه السلام) (1).
و جهالة الفضل بن عامر غير مضرّ بعد كون أحمد معه، مع أن رواية الأجلّاء عنه مثل: سعد بن عبد اللّه (2)، و محمّد بن الحسن الصفار (3)، و الجليل موسي بن الحسن الأشعري كما في الكافي في باب كم يعاد المريض (4)، بل ابن الوليد كما هو محتمل الفهرست (5)، تشير إلي وثاقته.
و في نسخ مشيخة التهذيب خاصّة الفضل بن غانم بالغين و النون، و الظاهر أنّه من سهو القلم (6)، و كيف كان فكتاب علي بن جعفر (عليه السلام) المبوّب و الغير المبوّب الموجود في هذه الأعصار بحمد اللّه تعالي من الأصول المعتبرة المشهورة، الذي رواه عنه كثير من الأعاظم كما لا يخفي علي من أمعن النظر في الفهارس و المجاميع، و هذا واضح كجلالة قدره و عظم منزلته و إدراكه أربعة من الأئمة (عليهم السّلام) و إن كان جلّ رواياته عن أخيه موسي (عليه السلام).
إنّما الإشكال فيما ذكره التقي المجلسي- رحمه اللّه- في الشرح بعد ترجمته و ذكر فضائله ما لفظه: و بالجملة فجلالة قدره أجل من أن يذكر، و قبره بقم مشهور، و سمعت أن أهل الكوفة التمسوا منه مجيئه من المدينة إليهم، و كان في الكوفة مدّة، و أخذ أهل الكوفة الأخبار عنه، و أخذ منهم أيضا، ثم استدعي القميّون نزوله إليهم فنزلها، و كان بها حتي مات بها رضي اللّه عنه و أرضاه، و انتشر أولاده في العالم، ففي أصبهان قبر بعض أولاده منهم السيد كمال الدين في قرية1.
ص: 481
(سين برخوار) و قبره يزار، و سادات [نطنز] (1) أكثرهم من أولاده منهم: السيد أبو المعالي، و السيد أبو علي و أولادهما بأصبهان من الأعاظم في الدين و الدنيا، انتهي (2).
و قال ولده العلامة المجلسي في البحار: ثم اعلم أن المشاهد المنسوبة إلي أولاد الأئمة الهادية و العترة الطاهرة و أقاربهم صلوات اللّه عليهم يستحب زيارتها و الإلمام بها- إلي ان قال- و علي بن جعفر المدفون بقم، و جلالته أشهر من أن يحتاج إلي البيان، و أمّا كونه مدفونا بقم فغير مذكور في الكتب المعتبرة، لكن أثر قبره الشريف موجود و عليه اسمه مكتوب (3)، انتهي.
و إني لأتعجب من هذين الجليلين الماهرين الخبيرين، و احتمالهما كون عليّ مدفونا بقم فضلا عن الظنّ أو الجزم به، لما سمعه الأول مما لا أصل له، و ذكر الثاني من كتابة الاسم علي القبر، بل القرائن الكثيرة المعتبرة تشهد بعدم كونه فيه.
منها ما أشار إليه من عدم ذكر ذلك في الكتب، مع أنّ عليا جمع بين السيادة و الفضل و الجلالة و كثرة الرواية و الاشتهار، و لو كان ممّن هاجر إلي قم و مات فيها لتعرّض له أهل الرجال، كتعرضهم كثيرا في التراجم أنّ فلان كوفي مثلا انتقل إلي البصرة أو هاجر أو سكن بلد كذا، و كذا أهل الأنساب مع أنّهم ذكروا مقامه و جلالته و كتبه و الطريق إليه و ما ورد فيه، و لم يذكر أحدا أنه هاجر إلي العجم.3.
ص: 482
و منها أنّه لو كان في قم خصوصا علي ما ذكر الشارح من أنّ أهلها التمسوا منه المهاجرة إليهم لأخذوا الاخبار عنه، كيف تركوا الأخذ منه و الرواية عنه و هم الذين كانوا يشدّون الرحال إلي أقاصي البلاد لأخذ الحديث من حملته، و هم الذين سافروا من قم إلي أصبهان و هي أبعد البلاد من الشيعة لأخذ الحديث عن إبراهيم الثقفي الذي هاجر من الكوفة إليها، و مع ذلك يتركون أخذ الحديث ممّن نزل فيهم و هو الشيخ الكبير العالم الجليل ابن الإمام و أخوه و عمه، و عنده ما تشتهيه الأنفس و تلذّ القلوب.
و أمّا سند الدعوي فهو واضح لمن نظر إجمالا إلي ترجمته و الفهارس و الجوامع العظام، فإن الذين كانوا يتمكنون من الرواية عنه في عصر الجواد (عليه السلام) من أهل قم مثل: أحمد بن محمّد بن عيسي، و أخوه، و أحمد بن محمّد البرقي، و محمّد بن قولويه، و أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه الأشعري، و أبو جرير إدريس بن عبد اللّه بن سعد الأشعري، و أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، و أحمد بن محمّد بن عبيد الأشعري، و الحسين بن محمّد القمي، و الحسين بن سعيد فإنّه هاجر إلي قم و كان فيها إلي أن مات، و زكريا بن آدم القمي، و عبد اللّه بن الصلت أبو طالب القمي، و محمّد بن إسحاق القمي.
و لم يرو أحد من هؤلاء كتابه عنه، و إلّا لذكره المشايخ في طرقهم، فإن طريق الصدوق كما عرفت ينتهي إلي العمركي، و موسي بن القاسم البجلي، و طريق النجاشي إلي علي بن أسباط بن سالم، و علي بن الحسن، و طريق الشيخ إلي العمركي و البجلي أيضا، بل ليس لأحد من هؤلاء رواية عنه في الكتب الأربعة، بل و لا لأحد من القميين سوي أبي قتادة علي بن محمّد بن حفص القمي في الاستبصار في باب الماء المستعمل (1)، و في باب الثوب يصيب جسد3.
ص: 483
الميت (1)، و في باب من فاتته صلاة الكسوف (2)، و في باب أيام النحر و الذبح (3).
و في التهذيب في باب صفة الوضوء (4)، و أخذه عنه كان في غير قم قطعا، فإنه ليس من أصحاب الرضا (عليه السلام) و لا من أصحاب الجواد (عليه السلام)، و لو صحّت مهاجرة عليّ لكانت في أيام الجواد (عليه السلام)، فكانت روايته عنه قبله، بل في الكافي في باب النص علي العسكري (عليه السلام)، علي بن محمّد، عن موسي بن جعفر بن وهب، عن علي بن جعفر قال: كنت حاضرا أبا الحسن لمّا توفي ابنه محمّد، فقال للحسن (عليه السلام) ابنه (5): «يا بني أحدث للّه شكرا فقد أحدث فيك أمرا» (6)، فلو صحت الهجرة لكانت في أيام الهادي (عليه السلام) فتبصر.
و الذين رووا عن عليّ علي ما في الجامعين: ابنه محمّد (7)، و العمركي (8)، و موسي بن القاسم (9)، و علي بن أسباط (10)، و سليمان بن جعفر (11)، و أبو قتادة (12)،6.
ص: 484
و محمّد بن عبد اللّه بن مهران (1)، و يعقوب بن يزيد (2)، و داود النهدي (3)، و أحمد ابن محمّد بن عبد اللّه (4)، و أحمد بن موسي (5)، و الحسن بن علي بن عثمان (6)، و إسماعيل بن همام (7)، و الحسين بن عيسي (8)، و موسي بن جعفر بن وهب (9)، و الاعتذار بأنه توفي حين وروده قبل الأخذ عنه أبرد من الثلج في الشتاء (10).
و منها أن الفاضل الماهر الخبير الحسن بن محمّد بن الحسن القمّي المعاصر للصدوق قال في كتاب تاريخ قم، الذي ألّفه لكافي الكفاة صاحب بن عبّاد، الباب الثالث في ذكر الطالبيّة- يعني أولاد أبي طالب الذين نزلوا بقم و سكنوا فيها- و ذكر أنسابهم و بعض أخبارهم، ثم ذكر أولا بعض فضائل السادات، ثم ابتدأ بذكر السادة الحسنيين، ثم شرع في السادة الحسينيّة، قال ما معناه:
أوّل من نزل منهم بقم أبو الحسن الحسين بن الحسين بن جعفر بن محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق (عليه السلام) و شرح حاله.
ثم ذكر فاطمة بنت موسي بن جعفر (عليهما السلام) و شرح حالها و وفاتها و مدفنها، ثم ذكر موسي المبرقع و حاله و ذرّيته في كلام طويل، ثم ذكرك.
ص: 485
الحسن بن علي بن محمّد الملقب بالديباج ابن الصادق (عليه السلام) و ذكر ذرّيته و من بقي منهم في قم و من خرج.
ثم شرع في ذكر من نزل بقم من أولاد علي بن جعفر من السادات العريضيّة، فذكر أوّل من نزل منهم بقم الحسن بن عيسي بن محمّد بن علي ابن جعفر الصادق (عليه السلام) و معه ابنه علي، ثم شرح ذرّيته، ثم روي عن بعضهم أن عريض قرية من قري المدينة علي فرسخ منها، و كانت للباقر (عليه السلام) و الصادق (عليه السلام) أوصي بها لولده عليّ و كان عمره عند وفاة الصادق (عليه السلام) سنتين، و لما كبر سكن القرية و لذا يقال لولده العريضية.
ثم ذكر ممّن هاجر منهم من الري إلي قم: علي بن الحسين بن محمّد بن علي بن جعفر (عليه السلام) و شرح حاله و ذرّيته، ثم ذكر منهم أبا الحسين أحمد بن القاسم بن أحمد بن علي بن جعفر (عليه السلام) و كان أعمي، و ذكر له كرامة، ثم ذكر الحسن بن علي بن جعفر بن عبد اللّه بن الحسن بن علي بن جعفر (عليه السلام) و ذكر أنّه كان من الفقهاء و من رواة الأحاديث و لذا ذكره في باب العلماء، انتهي (1).
قلت: قال في فهرست الكتاب: الباب السادس عشر، في ذكر بعض علماء قم و عدد خواصّهم مائتان و ستّة و ستون، و ذكر مصنّفاتهم و رواياتهم و بعض أخبارهم، و هذا الباب فقد مع ما فقد من أبواب هذا الكتاب (2).
و أنت خبير بأنّه لو كان جدّ هؤلاء السادة علي بن جعفر (عليه السلام) ممّن نزل بقم و دفن بها لكان أولي بالذكر من جميعهم، و ما كان ليخفي عليه كما8.
ص: 486
يظهر لمن نظر إلي هذا الكتاب و اطلاعه علي جميع ما يتعلّق بهذه البلدة الطيّبة.
و قرأها، و هذا مما يورث القطع بالعدم.
و الحقّ أنّ قبره بعريض كما هو معروف عند أهل المدينة، و قد نزلنا عنده في بعض أسفارنا و عليه قبّة عالية، و يساعده الاعتبار كما عرفت، و أمّا الموجود في قم فيمكن أن يكون من أحفاده.
ففي عمده الطالب في ترجمة عليّ و نسبته إلي العريض- قرية علي أربعة أميال من المدينة كان يسكن بها- و أمّه أم ولد، يقال لولده العريضيّون و هم كثير، فأعقب من أربعة رجال: محمّد، و أحمد الشعراني، و الحسن، و جعفر الأصغر، أمّا جعفر الأصغر بن علي العريضي. فأعقب من ولده عليّ و لعلي أعقاب (1).
إلي آخره، فهو علي بن جعفر الأصغر بن علي بن جعفر الصادق (عليه السلام).
و يحتمل أن يكون علي بن جعفر بن علي الهادي (عليه السلام) الملقب بالكذّاب، ففي العمدة في ترجمة جعفر أنّه أعقب من ستّة و عدّ منهم عليّ (2).
بل عن كتاب فصل الخطاب لمحمّد البخاري الملقب بخواجه پاسار في ترجمة العسكري (عليه السلام): و لمّا زعم أبو عبد اللّه جعفر بن أبي الحسن علي الهادي رضي اللّه عنه، أنّه لا ولد لأخيه أبي محمّد الحسن العسكري رضي اللّه عنه، و ادّعي أنّ أخاه الحسن العسكري رضي اللّه عنه جعل الإمامة فيه سمّي الكذاب، و العقب من ولد جعفر بن علي هذا في علي بن جعفر، و عقب علي هذا في ثلاثة (3). إلي آخره.
و هذان الاحتمالان جاريان في المدفون في خارج بلدة سمنان، و يعرف أيضا بقبر علي بن جعفر، و عليه قبّة عالية و له صحن في غاية من النزاهة و اللّها.
ص: 487
العالم.
محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسّان الواسطي.
و أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن الحسن بن موسي الخشاب، عن علي ابن حسّان الواسطي (1).
السندان في أعلي درجة الصحّة.
و علي بن حسّان الواسطي من أجلّاء الثقات و تقدّم في (قع) (2) فالخبر صحيح، و لكن صدر من شارح المشيخة، و السيد الكاظمي في العدّة ما يقتضي منه العجب:
أمّا الأول فقال في شرح قوله: و ما كان فيه عن علي بن حسان، ما لفظه:
مشترك بين الواسطي الثقة الثقة، و بين الهاشمي الضعيف، و تقدّم أحوالهما في ترجمة عبد الرحمن بن كثير (3)، لكنّ الظاهر من المصنّف أنّ كتابه معتمد، فيكون الواسطي، و لو كان الهاشمي لكان كتابه معتمدا أيضا (4)، انتهي.
و الموجود في الفقيه و غيره ممّن نقل مشيخة الفقيه توصيف علي بالواسطي في الموضعين (5)، فاحتمال الاشتراك ساقط من أصله، إلّا أن يكون قد سقط من نسخته فيهما و هو بعيد.
و أمّا الثاني فذكر في الطريق الثاني الحسن بن موسي الخشاب ثم قال:
و الأول صحّ، و الثاني مجهول بالخشاب، و عليّ ثقة، انتهي (6).
ص: 488
و الموجود في نسخ صاحب الوافي، و صاحب الوسائل (1)، و التقي المجلسي، و العالم الجليل المولي مراد التفريشي شارح الفقيه، و الخبير بهذا الفن صاحب جامع الرواة (2)، و غيرهم، الحسن بن موسي الخشاب علي ما صرّحوا به.
قال التفريشي: قوله: عن علي بن حسّان صحيح بسنده الأول، صحيح أو حسن بالثاني بالحسن بن موسي الخشاب، و هو من وجوه أصحابنا، مشهور كثير العلم و الحديث (3).
و في الخلاصة: و علي بن حسّان الواسطي ثقة عن الكشي، انتهي (4).
و الترديد لعدم فهم بعضهم التوثيق من قولهم: من وجوه أصحابنا، و هو ضعيف وفاقا للمحققين و التتبع أيضا يشهد بذلك، ففي الكافي في باب أنّ الأئمة ولاة أمر اللّه: أحمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن موسي الخشاب، عن علي بن حسّان (5)، و كذا في باب فيه نكت و نتف من التنزيل (6)، و في باب أنه لم يجمع القرآن كلّه إلّا الأئمة (عليهم السلام) (7) و في باب أن الأئمة (عليهم السّلام) في العلم و الشجاعة و الطاعة سواء (8)، و في باب النوادر بعد باب المياه المنهي عنها: عن الخشاب، عن علي بن حسّان (9).6.
ص: 489
و في التهذيب في باب الوكالات: محمّد بن علي بن محبوب، عن الحسن ابن موسي الخشاب، عن علي بن حسّان (1) إلي غير ذلك، نعم في بعض نسخ النهاية: الحسين، و لا شكّ أنّه من سهو قلم الناسخ، و الاقتصار عليه و الحكم بضعف السند مع عدم ذكر للحسين أصلا في الكتب الرجالية و أسانيد الأحاديث و تصريح هؤلاء الأعلام، و عدم إشارة لهم إلي النسخة، خلاف طريقة مثله من الأعلام في هذا المقام.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (2).
السند صحيح، و علي بن الحكم هو الكوفي الأنباري الثقة الجليل، كثير الرواية، ابن أخت داود بن النعمان بياع الأنماط، و تلميذ ابن أبي عمير، يروي عنه الحسن بن محبوب (3)، و علي بن الحسن بن فضال (4)، و الحسين بن سعيد (5)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (6)، و أحمد بن محمّد البرقي (7)، و عبد اللّه بن محمّد بن عيسي (8)، و محمّد بن السندي (9)، و محمّد بن الحسين (10)، و محمّد بن علي بن محبوب (11)، و علي بن
ص: 490
إسماعيل (1)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (2)، و موسي بن القاسم (3)، و سعد بن عبد اللّه (4)، و عبد اللّه بن جعفر (5)، و عبد اللّه بن الصلت (6)، و هارون بن مسلم (7)، و الحجال (8)، و إبراهيم بن هاشم (9)، و أحمد بن محمّد الكوفي (10)، و علي بن الحسين بن موسي كما في التهذيب في باب فضل الكوفة و هو غريب (11).
و غيرهم من الأعاظم، و احتمال التعدد فيه لأن الكشي ذكره و وصفه بالأنباري (12)، و النجاشي بالنخعي (13)، و الفهرست بالكوفي (14)، توهم فاسد، و قرائن الاتحاد كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة، و ما أشبه حاله في الجلالة و كثرة الرواية و توهم التعدد بإسحاق بن عمّار الصيرفي، و هو ناشئ من قلّة التأمّل و التتبع.6.
ص: 491
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن محبوب، عنه (1).
الطريق المنشعب إلي أربعة كلّها صحيحة.
و علي ثقة جليل القدر صاحب أصل كبير رواه عنه جماعة.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عنه (2).
السند صحيح، و عليّ ثقة من الوكلاء، فالخبر صحيح.
و الموجود في الفهرست (3) و النجاشي (4): رواية علي بن إبراهيم عنه بدون.
توسّط أبيه، فقوله: عن أبيه إمّا زيادة من سهو القلم، أو هو طريق آخر الجواز رواية الولد و الوالد عنه.
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عن علي ابن الحكم، عنه (5).
السند في أعلي درجة الصحّة.
و علي بن سويد السائي- و قد يعبّر عنه بعليّ السائي وثقه الشيخ في
ص: 492
أصحاب الرضا (1) (عليه السلام)، و لأبي الحسن موسي (عليه السلام) رسالة إليه و هو (عليه السلام) في الحبس، يظهر منها علوّ مقامه و قرب منزلته عندهم (2).
و يروي عنه الحسن بن محبوب في الكافي في باب أحكام المتعة (3)، و في التهذيب في باب تفصيل أحكام النكاح (4)، و يونس بن عبد الرحمن بتوسط ابن ثابت- و هو أبو حمزة الثمالي-، و ابن عون، فالخبر صحيح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن حمزة بن محمّد، عن إسحاق ابن عمّار، عنه (5).
كذا في نسخ الوسائل، و الموجود في الشروح، و الوافي و الفقيه: حمزة بن عبد اللّه.
و علي الأول فالسند صحيح علي الأصح حسن عند المشهور، فإن حمزة هو ابن الطيّار، و يروي عنه جميل بن درّاج (6)، و أبان الأحمر (7)، و يونس بن عبد الرحمن، عن حمّاد، عنه (8). و في الصحيح أنّ الصادق (عليه السلام) قال [فيه] (9) بعد موته: «رحمه اللّه تعالي و لقّاه نضرة و سرورا» (10).
و علي الثاني فالسند ضعيف بجهالته كجهالة علي بن عبد العزيز باشتراكه،
ص: 493
إلّا أن صاحب الجامع صرّح بأنّه: علي بن عبد العزيز المزني الخيّاط الكوفي (1)، الذي يروي عنه ابن أبي عمير في الكافي في باب فضل النظر إلي الكعبة (2)، و عبد اللّه بن مسكان فيه في باب ما يجوز للمحرم بعد اغتساله (3)، و في التهذيب في باب صفة الإحرام (4)، و أبان بن عثمان في الكافي في كتاب الروضة بعد حديث علي بن الحسين (عليهما السلام) (5)، و في الفقيه في باب عقد الإحرام و شرطه (6)، و الثلاثة من أصحاب الإجماع، و الأول لا يروي إلّا عن ثقة.
و من غيرهم من الأعاظم: ثعلبة الفقيه (7)، و علي بن الحكم (8)، و إسحاق بن عمّار (9)، و هارون بن حمزة (10)، و الحسين بن المختار (11)، فالخبر علي الأول صحيح، و علي الثاني ضعيف، و في الشرح بعد الحكم بجهالة حمزة و عليّ (12)، فالخبر قويّ و ذلك لعدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (13).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن حسّان، عن علي بن عطيّة الأصمّ
ص: 494
الحنّاط الكوفي (1).
علي بن حسان هو الواسطي الثقة فالسند صحيح، و ابن عطيّة ثقة في النجاشي (2) يروي عنه ابن أبي عمير كما في الفهرست (3)، فالخبر صحيح.
أبوه (4)، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان، عن إدريس بن الحسن، عن علي بن غراب- و هو ابن أبي المغيرة الأزدي (5) -.
قد استظهرنا وثاقة محمّد بن حسّان في (قفا) (6)، و ضعفنا تضعيف ابن الغضائري و غيره، لكن إدريس غير مذكور فالسند ضعيف، إلّا أن يقال ان علي بن غراب ثقة و يروي كتابه عنه جماعة، فلا يضرّ جهالة إدريس لكونه من مشايخ الإجازة في المقام، فالخبر صحيح.
أمّا الأوّل: فقد عرفت أن علي هو ابن أبي المغيرة، و في النجاشي في ترجمة ابنه الحسن بن علي بن أبي المغيرة الزبيدي الكوفي ثقة هو و أبوه، روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) و هو يروي كتاب أبيه عنه (7).
و في الخلاصة، و رجال ابن داود: علي بن أبي المغيرة ثقة (8)، و في الفهرست في ترجمة علي بن غراب: هو علي بن عبد العزيز المعروف بابن غراب (9)، و في أصحاب الصادق: علي بن عبد العزيز الفزاري و هو ابن غراب،
ص: 495
أسند عنه، له كتاب (1)، و فيه: علي بن أبي المغيرة حسّان الزبيدي، أسند عنه (2).
و الظاهر أنّه وقع و هم فيهما، و المعلوم منهما أنّ ابن غراب ممّن أسند عنه، فيكون علي ما استظهرنا في محلّه ممّن وثقهم ابن عقدة في رجاله.
و أمّا الثاني: ففي الفهرست: له كتاب رويناه بالإسناد عن حميد، عن إبراهيم بن سليمان أبو إسحاق الخزّاز، عنه.
و رواه بطريق آخر (3) عن الحسين بن نصر، عن أبيه، عنه.
و رواه بطريق آخر عن علي بن الحسن- يعني ابن فضّال- عن أخيه أحمد، عن أبيه الحسن بن علي، عنه (4).
و في النجاشي أن ابنه الثقة الحسن يروي كتابه عنه (5).
و يروي عنه أيضا بعنوان علي بن أبي المغيرة، أو علي بن المغيرة كما في بعض النسخ، و الظاهر الاتحاد كما نصّ عليه الفاضل الأردبيلي (6)، حمّاد بن عثمان في الكافي في باب صفة الوضوء (7)، و في التهذيب فيه (8)، و إبراهيم بن أبي البلاد (9)، و عاصم بن حميد (10)، و سيف بن عميرة (11)، و غيرهم.4.
ص: 496
أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن الفضل الواسطي صاحب الرضا (عليه السلام) (1).
السند صحيح، و ابن فضل غير مذكور بمدح، لكن مرّ في (كا) (2) استظهار مدح عظيم يقرب من الوثاقة من قوله: صاحب الرضا أو غيره من الأئمة (عليهم السلام) فلاحظ، فالخبر في غاية الاعتبار.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن محمّد بن سنان، عن علي بن محمّد الحضيني (3).
مرّ اعتبار الكوفي في (ز) (4) فالسند لا بأس به.
و أمّا علي فغير مذكور إلّا أنه يروي عنه إبراهيم بن مهزيار (5)، و الفقيه الثقة حمدان القلانسي (6) و محمّد بن سنان (7) فلا بأس به، مضافا إلي عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (8).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عنه (1).
السند صحيح علي الأصحّ، و لكن علي كسابقه، و يروي عنه بعض الأجلّة.
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عنه (2).
السند معتبر بل صحيح عندنا، و لكن علي بن مطر مهمل و لا رواية له في الكتب المعتبرة.
أبوه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار الأهوازي.
و عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار الأهوازي (3).
و عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن العباس ابن معروف، عن علي بن مهزيار الأهوازي.
السند الأخير صحيح بالاتفاق، و الوسط كذلك علي الأصح بما مر في (يب) (4)، و لكن الحسين في السند الأول مجهول و لا ضرر فيه بعد وجود طرق صحيحة هنا، و في سائر الفهارس، و في الشرح ذكر الشيخ أسانيده الصحيحة من طريق الصدوق، و يصير أربعة و عشرين طريقا (5).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن
ص: 498
محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي الوشاء، عنه (1).
السند صحيح علي الأصحّ بما مرّ في (لا) في ترجمة ابن عيسي (2)، و أمّا ابن ميسرة ففي الفهرست و النجاشي: له كتاب رواه عنه أحمد بن أبي عبد اللّه (3)، و فيه دلالة علي إماميّته و عدم ما يوجب القدح فيه و إلّا لذكراه، مضافا إلي رواية الوشاء الجليل عنه، و عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (4)، فالخبر معتبر، و في الشرح: فالخبر حسن كالصحيح، أو قوي كالصحيح (5).
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عنه (6).
السند صحيح، و عليّ هو أبو الحسن الأعلم النخعي، كان ثقة ثبتا صحيحا واضح الطريقة (7)، روي عنه سوي أحمد و إبراهيم: محمّد بن إسماعيل بن بزيع (8)، و الحسين بن سعيد (9)، و أيوب بن نوح (10)، و أحمد بن محمّد بن خالد (11)، و محمّد بن الحسين بن أبي
ص: 499
الخطاب (1)، و محمّد بن خالد (2)، و علي بن حديد (3)، و الهيثم بن أبي مسروق النهدي (4)، و الحسن ابنه (5)، و عبد الحميد بن عوّاض (6)، و موسي بن عمر بن يزيد (7)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (8)، و يعقوب بن يزيد (9)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (10)، و الحسن بن علي بن فضّال (11)، و محمّد بن عبد الجبار (12)، و سهل بن زياد (13).
البزنطي (1)، و أبوهما عليّ من أجلّاء الطائفة، عظيم المنزلة عند الكاظم (عليه السلام)، ورد فيه مدائح عظيمة، يطلب من الكشي (2)، و غيره، فالخبر صحيح.9.
ص: 501