المفسرون حياتهم و منهجهم

اشارة

سرشناسه : ايازي، محمد علي، - 1333

عنوان و نام پديدآور : المفسرون حياتهم و منهجهم/ محمدعلي ايازي

مشخصات نشر : تهران: وزاره الثقافه و الارشاد اسلامي، موسسه الطباعه و النشر، 1414ق. = []1373.

مشخصات ظاهري : ص 868

شابك : بها:10000ريال ؛ بها:10000ريال

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : كتابنامه: ص. [853] - 868

موضوع : مفسران -- سرگذشتنامه و كتابشناسي

موضوع : تفاسير -- كتابشناسي

شناسه افزوده : ايران. وزارت فرهنگ و ارشاد اسلامي. سازمان چاپ و انتشارات

رده بندي كنگره : BP92/6/الف 9م 7 1373

رده بندي ديويي : 297/192

شماره كتابشناسي ملي : م 74-646

----------------------------

نام كتاب: المفسرون حياتهم و منهجهم

نويسنده: سيد محمد على ايازى

موضوع: روشها و گرايشهاى تفسيرى

تاريخ وفات مؤلف: معاصر

زبان: عربى

تعداد جلد: 1

ناشر: وزارت ارشاد

مكان چاپ: تهران

سال چاپ: 1373 / 1414

نوبت چاپ: اوّل

مقدمة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى محمد و آله الطاهرين.

و بعد فإن من أشرف العلوم قدرا و منزلة هو العلم بمعاني القرآن الكريم و معرفة تفسيره و تأويله. إذ هو الأساس لأصول مباني الإسلام في معارفه و تشريعاته، و كان معجزته الخالدة على مرّ الأيام و الدهور ... و قد تصدى العلماء قديما و حديثا لهذا الجانب الخطير من شئون القرآن المجيد و كانت لهم آثار قيّمة في هذا الباب. و أكثرها نفائس و كنائز من اللئالي و الجواهر الثمينة، كان الواجب إخراجها و عرضها و جعلها في متناول المسلمين عامة و تقديمها لأهل التحقيق خاصّة، دون أن يعرفها نسيان أو يغفلها إنسان.

و قد تعرض كثير لعرض هذه الكتب و المصنفات و بيان أهميتها و ذكر خصوصياتها، لكن إجمالية و ذكر الأهم منها في نظرهم، دون التوسعة و الشمول ... حتّى قام جماعة لاستعراض

هذه التآليف بشكل أوسع و أشمل، و ممن توسع في ذلك و استقصى الموضوع و بلغ أقصاها و أدناها، فضيلة العلامة النشيط، السيد محمد علي الأيازي الخراساني نزيل قم، الذي نهض بأعباء هذه الرسالة الخطيرة و أخذ بساعد الجد في هذا المضمار.

فألف رسالته المختصرة (آشنائى با تفاسير قرآن) بالفارسية أولا، ثم كتابه الجامع

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 14

الكبير «المفسرون، حياتهم و منهجهم» بالعربية الناصعة، فوسّع في جوانب الموضوع و أتى باللباب و العذب الفرات، مما سد به حاجة اللبيب. و مما يعجبني من كتابه هذا هو شموله و احتواؤه على خصوصيات من مؤلفين و مؤلفاتهم ما يجعل المراجع على بصيرة تامة من الكتب و مؤلفيها في ساحة التفسير، و يبين منهج المؤلف و مذهبه و أسلوبه المتخذ في تفسيره. و ما إلى ذلك من خصوصيّات تفيد المراجع فائدة كبيرة في الرجوع الى مثل تلك التفاسير. فللّه دره و عليه أجره.

قم- محمد هادي معرفة 10/ ج 2/ 1415 ه ق 23/ 8/ 1373 ه ش

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 15

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

مقدمة

اشارة

يحتل كتاب اللّه «القرآن» مركز المحور، الذي تنطلق منه المعرفة الاسلامية عامة، من فلسفة و كلام و عرفان و اخلاق و سياسة، و فقه و اصول و أدب و فن، حتى الفكر التجريبي و العملي الذي طرحه المسلمون، حيث ترتهن هذه الفروع المعرفية بالقرآن، و ترتبط به ارتباطا وثيقا.

أجل، فالجو العام للثقافة و الفكر الاسلامي وليد القرآن، و علم التفسير في هذا الجو أخطر العلوم الاسلامية، و هو ميدان التعرف على تعاليم الاسلام النظرية و العملية.

لقد كان ظهور التيارات الثقافية و النشاطات العلمية توأم ولادة الانتاج التفسيري، و هذا الانتاج نفسه

عمد رئيس من اعمدة الثقافة الاسلامية، و كان المفسرون أنفسهم أبرز رجال الفكر الاسلامي، الذين لعبوا دورا رئيسا في مطالع كتاباتهم التفسيرية في ميدان طرح المعرفة القرآنية الاصيلة، و بذلوا جهودا كبيرة على هذا الطريق.

ان شمول وسعة الانتاج التفسيري يمكن أن تحسها من خلال اطلالة سريعة على فهارس المكتبات و ببلوغرافيا التفسير، و الموسوعات العلمية المتخصصة القرآنية. فمنذ ظهور الكتابة حتى اليوم لم يعرف كتاب «كالقرآن» بذلت بصدد معرفته كل تلك الجهود تفسيرا و شرحا و فهرسة و تبويبا.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 16

تشير بعض الاحصاءات إلى أن عدد التفاسير وصل الى 3000 تفسير «1»، و قد بلغ بعضها 100 مجلد و بعضها 50 مجلدا، على ان التفاسير التي لم يتجاوز عدد اجزائها الخمسين مجلدا هي الغالبة، مضافا الى ما نعلمه من آلاف الدراسات التي جاءت لتحديد مناسبات الآيات، أو التعليق عليها أو درس موضوعاتها، و التي تصنف على حقل «التفسير الموضوعي».

على أن كثيرا من التفاسير التي ذكرتها الفهارس لم يعد له وجود سوى اسمه و اسم مؤلفه، و احيانا شيئا حول ما ورد فيه. و ما هو موجود من التفاسير لم تطبع جميعها، و ما طبع منها لم يعد كثير منه في متناول الجميع، و مجموع ما هو في المتناول من التفاسير كثير جدا، حيث لا يمكن تعريفها و تقويمها و عرضها، و لكن يمكن التوفر على عرض موجز لهذه التفاسير و تقويمها بشكل اجمالي. و هناك اعمال مختلفة في اطار ببلوغرافيا التفسير و دراساته، و اليك إشارة اجمالية اليها:

1- ما يشتمل على تعريف اجمالي بالتفسير و المفسرين، حيث أخذ طابع تراجم الطبقات. و أشهر هذه الكتابات من القدماء، طبقات المفسرين للسيوطي (المتوفي

910 ه)، و طبقات المفسرين للداودي (المتوفي 945 ه)، و طبقات المفسرين لاحمد بن محمد الأدنه وي، حيث ذكروا في مؤلفاتهم تراجم المفسرين و بعض أخبارهم و اسماء مؤلفاتهم- و رتبهم طبقات- بادئا باصحاب الرسول «ص» الى من كانت وفاتهم بعد المائة العاشرة. «2» و معجم المفسرين للباحث المعاصر عادل نويهض.

2- ما اهتم بالتعريف بالنسخ الخطية و تحديد اماكنها، أو ما اهتم بالتعريف بالطبع و محله، و تعداد النسخ المطبوعة، و خصوصيات اخرى، و من هذه الكتابات: معجم مصنفات القرآن لعلي شواخ، و الفهرس الشامل للتراث العربي الاسلامي (المخطوط) علوم

______________________________

(1) دور الايرانيين في تفسير القرآن، المقالات الفارسية للمؤتمر الالفي للشيخ المفيد، عدد 54/ 3 لبهاء الدين خرمشاهى.

(2) طبقات المفسرين للداودي، ج 1/ ب.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 17

القرآن و التفسير للمجمع الملكي لبحوث الحضارة الاسلامية (مؤسسة آل البيت)، و معجم الدراسات القرآنية لابتسام مرهون الصفار، و معجم المصنفات القرآنية عند الشيعة الامامية لعامر الحلو، و معجم الدراسات القرآنية لعبد الجبار الرفاعي، و معجم المصنفات القرآنية عند الشيعة الامامية للشيخ الفرقاني، و ببلوغرافيا للدراسات القرآنية في السنوات الاخيرة (بالفارسية).

3- الدراسات التي عكفت على تحليل و نقد مناهج المفسرين، و عرضت مزايا و نقاط ضعف هذه التفاسير بشكل اجمالي. «1»

4- الدراسات التي تناولت تفسيرا خاصّا و عكفت على تحليل منهجه و تقويمه بشكل تفصيلي. «2»

و هناك من حرر لكتب التفسير فهارس للموضوعات و الاعلام و الاحاديث، بغية تسهيل مهمة الباحثين، و هذا النشاط رغم كونه لا يعد دراسة تفسيرية، و لكنه يلعب دور هذه الدراسة، حيث يعرف مضمون التفسير و محتوياته.

التعرف على التفاسير من زوايا مختلفة لون من الوان المعرفة التي تهيئ ارضية معرفة الدين، و توضح

تطور التفسير و مناهجه و تحولات الثقافة الاسلامية، و قراءة مجموعة من التفاسير، و التعرف على مناهجها تفضي إلى الاطلاع على العقائد و مذاهب الفكر و تنوعها في ميدان تلاقح الافكار.

ان الاطلاع التفصيلي للباحث على مجموعة من التفاسير، أو التوفر على قراءة مجموعة الدراسات التي كتبت حول تفسير خاص، هذا الاطلاع أفضل بالبداهة من

______________________________

(1) أمثلة هذه الدراسات كثيرة يمكن النظر فى مصادر هذه الكتب و على سبيل الاشارة: التفسير و المفسرون للذهبي، و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود، و مناهج المفسرين لمساعد مسلم آل جعفر، و دراسات فى التفسير و المفسرون لعبد القهار داود العانى و ...

(2) انظر لائحة مصادر الكتاب و منها: الطباطبائي و منهجه في التفسير، منهج الطبرسي في تفسير القرآن، الآلوسي مفسرا، الرازي مفسرا، القرطبي و منهجه في التفسير، ابن عطية و منهجه في التفسير، الطبري و منهجه فى التفسير، الزمخشري و منهجه فى التفسير و ...

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 18

الاطلاع الاجمالي، و لكن بما ان كثيرا من التفاسير لم تخص بدراسات تعريفية و تقويمية، و بما ان الاطلاع على التفاسير بشكل تفصيلي امر غير ممكن للجميع، فسوف تكون الدراسات الاجمالية مفيدة، و ستوفر الفوائد التالية:

فوائد معرفة التفاسير

1- التعرف على مراحل تطور هذا العلم و التحولات التي مر بها منذ بدايته حتى اليوم.

2- التعرف على المذاهب الاسلامية و مذاهب المفسرين و رؤاهم العقائدية و الكلامية.

3- التعرف على مناهج التفسير المختلفة، و أساليب دخول و خروج المفسر، أو أسلوب فهم القرآن و استنباط مفاهيمه، و إتاحة الفرصة امام القارئ لاختيار أفضل السبل.

4- يهيئ ارضية تحليل التفاسير و الموازنة بينها، لوضوح ارتباط المفسر الوثيق باتجاهه العقائدي و الفكري، و انعكاس وجهته المذهبية

على التفسير.

و هذا امر طبيعي، لان كل الذين يعيشون مع اتجاه عقائدي سيرتهنون اليه و يدافعون حينما يفسرون القرآن، لكن الامر الشاذ و غير الطبيعي هو أن يضيق الانسان ذرعا بالفكر و الاعتقاد المخالف، و يهاجم خصومه بتعصب و عناد، مستخدما لغة دانية، و يمكن ملاحظة هذا الشذوذ مع الأسف في بعض التفاسير.

من هنا فالتعرف على الافكار و العقائد المختلفة يساعد على تصحيح الرؤى و تبادل الاحترام، و يقتضي ان يتابع الانسان خصمه الفكري في ضوء ادلته قبل ان يتناول شخصه و ينظر اليه نظرة الباحث المحقق.

5- يفضي التعرف على التفاسير و حيثياتها الى معرفة قيمة الاعمال الاساسية في قضية التفسير، فرغم ان بعض المفسرين قاموا بمهمتهم على قاعدة الصدق و الاخلاص و بدافع ابلاغ كلام الوحي، لكن الاعمال التكرارية في مجال التفسير كثيرة، فمثلا تجد تفسير حرره شخص، فقام الآخر بتلخيصه، ثم يأتي شخص ثالث ليشرح و يفصل هذا

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 19

التلخيص، و يقوم رابع فيلخص هذا الشرح.

نعم تأتي الاعمال التكرارية احيانا لعدم الاطلاع على اعمال الآخرين، خصوصا في السالف من الأيام، حيث لم تنتشر الطباعة، و لم تتح الفرصة للاطلاع على اعمال الآخرين.

و الحق لا بدّ من الاعتراف بأن الاعمال التكرارية جميعها لم تأت على هذا النحو.

فالبعض حرر تفسيره قاصدا الثواب، أو الفن، أو تأليف تفسير في جنب تأليفات أخرى للمؤلف، و مقدمة بعض التفاسير تثير التأمل، و قد أشار بعضهم لهذه الدوافع في مقدمة تفسيره. و قد سعينا في هذا الكتاب لتثبيت هدف المؤلف في ضوء ما حرره.

على أية حال، فالتعرف على التفاسير يفضي إلى فهم الدوافع و ظروف المفسر الزمنية و حاجات عصره، و يشخص الابتكار و الابداع.

6-

التعرف على التفاسير يوقفنا على الثغرات و الحاجات، فنتعرف على الحقول التي نشط فيها التفسير و الحقول التي لم يتناولها و نتعرف على طبيعة المخاطب الذي كتب له التفسير، و كيفية تجسيد مهمة هداية المخاطب و توجيهه قرآنيا. و في هذا الضوء يقلع عن الاعمال التكرارية و الفجة و غير الهادفة، و يعالج ثغرات التفسير.

7- الوقوف على إنجازات العلماء الافذاذ الذين سعوا في مختلف المذاهب الى رفع لواء الاسلام عبر تحريرهم التفسير.

و التعريف بالتفاسير في حقيقة الامر ثناء على جهود هؤلاء الافذاذ، فالتعرف على التفاسير، تعرف على هؤلاء الافذاذ، و ايضاح نهج كل مفسر، انما هو ثناء على هذا المفسر، و من هنا لا يصح أن نحسب نقد أي مفسر، نقدا لشخصه. بل هو نقد لنهج، و لا ينقص من منزلة أي مفسر تقويم نهجه و نقده، فنحن مدينون لجهود السلف، و نقد المناهج انما يستهدف الكشف عن الحقيقة.

ثم ان التعرف على التفاسير يثبت هذه الحقيقة و هي: ان القرآن موضع اهتمام المسلمين عبر جميع الاجيال و العصور، و يوضح الاعجاز الوجودي لهذا الكتاب السماوي في حياة الفرد المسلم و سلوك الجماعة الاسلامية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 20

و يؤكد الدور الهام الذي يلعبه التفسير في رشد الثقافة الاسلامية. مضافا إلى أنه يوضح اهتمام المسلمين الكبير باحدى جهات التعرف على كتاب اللّه اعني شرحه و بيانه.

هناك دراسات متعددة حررت بشأن التعريف العام و الاجمالي بالتفاسير، و لعل أول و اشمل دراسة هي كتاب: «التفسير و المفسرون» للدكتور محمد حسين الذهبي. و قد تحدث هذا الكتاب اولا عن نشأة التفسير و تطوره و عن مناهج المفسرين و طرائقهم، و عن الوان التفسير عند أشهر طوائف المسلمين

و عن الوان التفسير في هذا العصر الحديث، و من هنا يستحق هذا الجهد تقديرا و احتراما رغم ان بعض الباحثين نعوا على الكتاب اجماله و اقتضابه، أو طابعه المعجمي، إلا انهم لم يلتفتوا الى هدف المؤلف، فمثلا يقول الدكتور عفت الشرقاوي بصدد هذه الدراسة:

«ان جانب التسجيل فيها كان أوفى من جانب التفسير و المقارنة». «1»

و يقول الدكتور محمد إبراهيم الشريف بهذا الصدد:

«فهي تعتبر معجما و سجلا لكتب التفسير المشهورة، و مع هذا فقد ندت عن هذا المعجم و السجل آثار تفسيرية هامة قديمة و حديثة، ربما كانت الخطة الملتزمة و طبيعة الموضوع في مقدمة الأسباب وراء هذه الاغفال». «2»

على أي حال، فرغم ان هذه الدراسة و غيرها انجزت عملا هاما و ملأت فراغا، إلّا انها منيت بنقاط ضعف كثيرة، مما القى على الباحثين مسئولية إتمام هذه الاعمال، و نحن هنا نشير إلى ضرورات تحمل هذه المسئولية:

1- اغفلت هذه الدراسات التعريف بكثير من دراسات السلف، خصوصا التفاسير الخاصة بالمذهب الشيعي.

______________________________

(1) الفكر الدينى فى مواجهة العصر/ 67.

(2) اتجاهات التجديد/ 102.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 21

2- اعقب هذه الدراسات خروج بعض المخطوطات الى عالم النور، و طبع بعض التفاسير المعاصرة.

3- لم يقتف سبيل العدل و الانصاف في تعريف التفاسير المختارة، حيث حمل كثير من المصنفين على اعتقادات مخالفيهم بتعصب و عناد، و النموذج الواضح لهذا النهج هو كتاب: «التفسير و المفسرون» الآنف ذكره، حيث تعامل مع عقائد الشيعة بتعصب و عناد، و من موقف مسبق، قرر منه بطلان عقيدة الشيعة، و تجاوز امره الى إغفال الجوانب الإيجابية التي توفرت عليها تفاسير الشيعة، و التي اقربها لتفاسير أخرى. و حتى فهمه لعقائد الشيعة التي حمل عليها لم

يكن سوى موقف ذاتي لا يورث سوى إذكاء شعلة العداء بين المسلمين. «1»

4- إن افادة الباحث من الاسلوب المعجمي ايسر من متابعة الدراسات التي صنفت التفاسير على اساس مذاهب علم الكلام، أو على اساس حركة التاريخ، خصوصا فيما اذا اتسعت دائرة التفاسير، و ازداد كمها.

منهجنا في هذا الكتاب

1- في ضوء ما تقدم، فقد حرر هذا الكتاب بغية تعريف اجمالي بالتفاسير المطبوعة لدى المذاهب الاسلامية المختلفة، و لم يعتمد المؤلف اساسا اي تفصيل أو إسهاب في التعريف بهذه التفاسير.

على أن التعريف الذي سنقوم به لم يأت على منوال واحد، بل تفاوت حجم وقوفنا على التفاسير، على اساس اختلاف اهميتها وسعة محتواها، أو على اساس ضرورات

______________________________

(1) لأجل إكمال الصورة بصدد موقف هذا الكتاب، راجع كتاب الامام الصادق و المذاهب الاربعة، ج 3/ 390- 435، فسوف تلاحظ موقف الذهبي العدائي للشيعة، حيث أنكر الرواية الاسلامية لمجرد تأييدها الموقف الشيعة، و عدّ روايات فضل أهل البيت عليهم السلام مجعولات شيعية، و لم يطرح في نقده لتفاسير الشيعة سوى الإهانة و الانتقاض، و غيرها من المباحث التفسيرية و العقائدية و المنهجية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 22

التذكير ببعض الافكار.

2- اعتمدنا الاسلوب المعجمي في ترتيب التفاسير، متخذين من اسم التفسير اساسا في هذا الترتيب، لكي نتجنب- مضافا الى تيسير المراجعة- اعتماد أي ارتهان بمذاهب المفسرين و استخدام المذهب الفكري مقياسا في ترجيح بعضهم على بعض لكي يستطيع الباحث دون اي تحميل معرفة اتجاه المؤلف و منهجه من خلال تراكم معلوماته.

3- انحصر هدف هذا الكتاب في تعريف و مقارنة التفاسير المختارة و مناهجها، المتداولة المطبوعة، و من هنا تجنبنا الاحكام التقويمية الكلامية و المذهبية، إلّا بشأن الافادة من الإسرائيليات أو أخبار الضعاف، و رؤية

المفسر الفكرية، فقد نقدنا الموقف هناك، و اكتفينا بالعرض في سائر مواقف المفسر الاخرى.

و واضح أن هذا الاسلوب ييسر للباحث الوقوف على رؤية المفسر الفكرية و معالم منهجه التفسيري.

4- قمنا بالتعريف في هذا الكتاب بالتفاسير الفارسية الحديثة و القديمة، ليتسنى للاخوة الباحثين العرب التعرف على هذه التفاسير و منهجها.

5- مهّدنا قبل التعريف بالتفاسير بمقدمة في بيان مصطلحات علم التفسير و المفسرين و تعرضنا فيها للمراد من المصطلح و تطوره و الفرق بينه و بين مصطلح مماثل يمكن أن يشتبه على القارئ، و ذكر توضيحات حول المصطلح ليستفيد الباحث.

6- جاء ترتيب ابحاث هذا الكتاب على النحو التالي:

- اسم الكتاب و المؤلف و تاريخ ولادته و وفاته، و لغة التاليف و عدد الاجزاء و قد عمدنا الى ذكر اسم المؤلف و ما اشتهر به من كنية أو اسم ايضا.

- سمات الطبع، من عدد الطبعات و محلها و سنة الطبع، و حجم الطبع، و اسم المحقق اذا وجد.

- حياة المؤلف: من موطنه و اسم ابيه و تحصيله العلمي و اساتذته و تلاميذه و محل وفاته، و قد ركزنا على المواقف البارزة في حياة المؤلف.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 23

- آثار المؤلف العلمية. و قد اقتصرنا على أهم الآثار خصوصا التي جاءت في علوم القرآن و الحديث و الفقه بالنسبة للمؤلفين الذين يتعذر احصاء كل آثارهم.

- و قد اشرنا هنا إلى طبيعة طبع الكتاب و لغة التأليف ان لم تكن عربية.

- التعريف العام بالتفسير: حيث يشمل السمات العامة للكتاب من كونه كاملا أو ناقصا، و اذا كان ناقصا فما هو حدود النقص، و هل تم اكماله أم لا؟

مستوى المخاطب، و الهدف من تحرير التفسير، و هل اشار اليه

المؤلف في المقدمة، و هل كانت للتفسير مقدمة، و اذا كانت فما ذا تناولت، و ما هي مصادر المفسر، و ما هي المصادر الهامة التفسيرية، و ما هي التفاسير التي اخذت منه، و تاريخية التفسير، هل كان شرحا أو خلاصة لتفسير آخر، أم انه تفسير مستقل ... كما أشرنا عموما إلى اتجاه المفسر الكلامي و العقائدي.

- بيان و ايضاح منهج المفسر، حيث يشتمل على الأبحاث التالية:

أ- التعريف بطريقة البدء بالتفسير، و اسلوب الدخول فيه، حيث استخدم عموم المفسرين اسلوبا واحدا في هذا المجال، و ابتدءوا من السورة و الآية و الشرح الاجمالي و اللفظي للكلمات و الجملات و جو الآية و ارتباطها بالابحاث السابقة، رغم أن بعض المفسرين خرجوا على هذه القاعدة، و استخدموا اسلوبا مغايرا للسائد من الاساليب، أو اعتمدوا اساليب متعددة في هذا المجال.

ب- حيث ان بعض التفاسير جاءت حاشية أو شرحا لتفسير آخر، أو استهدفت اهدافا خاصة، فقد جاء سبكها بهذه الخصوصية، و سنقوم بتعريف و بيان هذا الامر.

ج- في مرحلة اخرى من التعريف بالمنهج ركزنا على الجهات التالية: هل أفاد المؤلف من منهج تفسير القرآن بالقرآن، ما هي حدود افادته من

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 24

الحديث، و ما هي مصادره الحديثية، الى أي حد اعتمد على اللغة، و هل اهتم بالناحية البلاغية و الفنية؟ ما ذا قال المؤلف بهذا الصدد، و ما ذا قال دارسوه؟

عموما يمثل هذا القسم (دراسة المنهج) أكثر أقسام الكتاب حسّاسية، حيث عكف المؤلف على تعريف عام مراعيا الاختصار، موثقا وجهة نظره احيانا بنصوص من التفسير موضوع البحث.

د- انصب الاهتمام في القسم الثالث على بيان وجهة نظر المفسر العقائدية و المذهبية، و في هذا القسم نشير إلى

اتجاهات المفسر الكلامية، مضافا الى خصوصياته في التعامل مع الروايات خصوصا تعامله مع الاسرائيليات و الاخبار الموضوعة، و حيث بالغ بعض المفسرين المعاصرين بالتفسير العلمي، فسوف نقف هنا على نقد و تحليل لهذا الاتجاه.

- التعريف بالدراسات التي ألقيت على ضوء التفسير، و جاء تحت عنوان:

«دراسات حول التفسير»، و هذه الدراسات اما حاشية و تلخيص للتفسير، و اما دراسات حررت لتحليل و نقد التفسير، و اما فهرس موضوعي، و اما فهارس اخرى، و في هذه الحالة سنعرف ما يصل الى ايدينا و ما نستخبره.

- حضيت بعض التفاسير في بعض الدراسات التفسيرية بالتحليل و الدرس و النقد، و سنشير في هوامش كل فصل الى هذه الدراسات موثقين المصدر ليتبين للباحثين الذين يطلبون مزيدا من الاطلاع الوقوف على هذه المصادر.

على أننا نذكر بأن اسلوبنا المتقدم لم يطبق على كل التفاسير التي عرضنا اليها، ذلك لان بعضها لم تجتمع به كل الشروط التي ذكرت، و لم يتوفر على المعلومات المطلوبة كترجمة حياة المؤلف، أو تحرير دراسات حول التفسير، و بأية حال كأن تكون أهمية التفسير محدودة، فلا يتسنى تعريفه بشكل شامل.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 25

و اخيرا لا بد من الإشارة بجهود كل الذين قدّموا لي العون في قراءة نص الكتاب و تقويمه، أو ساهموا في اثراء و تقويم الكتاب بشكل عام، كما لا بدّ لي من شكر كل الاخوة الذين ساهموا بطبع الكتاب و تصحيحه، طالبا من القراء إبلاغ نقودهم لكي يقوّم هذا الجهد و يكون لهم سهم على هذا الطريق.

و ما توفيقي إلّا باللّه عليه توكلت و اليه أنيب السيد محمد علي ايازي محرم الحرام 1415 ه.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 27

تعاريف ضرورية حول مصطلحات

الكتاب

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 29

* الفرق بين المنهج* التفسير الاجتماعي و الاتجاه و الطريقة و اللون* اللون الأخلاقي في التفسير* في ترتيب التفسير* التفسير الكلامي* التفسير بالمأثور* منهج التقارب بين المذاهب* التفسير بالرأي و الوحدة الاسلامية* التفسير العقلي الاجتهادي* التفسير الإشاري* المنهج الأدبي في التفسير* التفسير الصوفي* المنهج اللغوي* التفسير الباطني* التفسير البلاغي* المنهج الفلسفي* المنهج البياني* المنهج التاريخي* التفسير التحليلي* التفسير عند أهل البيت* التفسير الهدائي* التفسير الفقهي* التفسير المقارن* التفسير العلمي* المنهج الحركي* الإسرائيليات

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 31

تعاريف ضرورية حول مصطلحات الكتاب

اشارة

قبل ان نأتي على تعريف التفاسير لا بد لنا من وقفة لايضاح دلالات الاصطلاحات المستخدمة و التحولات الاساسية التي طرأت عليها. فقد استخدمنا في هذا الكتاب مرات متعددة اصطلاحات وظّفت في الدراسات التفسيرية توظيفا محددا، و لكن هناك موارد لم يتحدد فيها المصطلح، او تبدلت دلالته عبر نمو علم التفسير، او اختلفت الرؤى في تحديده؛ من هنا و بغية ايضاح الموقف ازاء هذا الموضوع و تحديد رؤيتنا بصدده علينا ان نقدم بيانا مناسبا تاركين التفصيل الى الدراسات المختصة.

على أن اشير هنا الى انّنا لم نقصد مجرد شرح الاصطلاح، بل نشير احيانا الى تاريخ و تطبيقات المؤلف و رؤيته بصدد هذا الموضوع، فلو تحدثنا مثلا بشأن التفسير العلمي أو الباطني، لم نكتف بمجرد ذكر الاصطلاح، بل نأتي على التذكير بموقف المؤلف و رؤيته، او الرؤية التي طرحها الباحثون حوله، لكى تتضح حين الإشارة الى المصطلح في متن الكتاب الخلفية و الاتجاه التفسيري الخاص الذي ينطلق منه المؤلف.

بيان في الفرق بين المنهج و الاتجاه و الطريقة و اللون المنهج

أمّا المراد من المنهج التفسيري، فهو المسلك الذي يتبعه المفسر في بيان المعاني و استنباطها من الألفاظ، و ربط بعضها ببعض، و ذكر ما ورد فيها من آثار، و إبراز ما

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 32

تحمله من دلالات و أحكام و معطيات دينية و أدبية و غيرها، تبعا لاتجاه المفسر الفكري و المذهبي، و وفق ثقافته و شخصيته. «1»

و قد يعبّر عنه بالطريقة الموضوعية التي عالج بها المفسر قضايا التفسير المختلفة، مع إبراز رأيه و تحديد موقفه حيال هذه القضايا بكل ما يمكن من الوضوح، بخلاف «الطريقة»، فإنّها مظهر شكلي للطريقة التي سلكها المفسر في تفسيره لآيات القرآن الكريم، أو ما يمكن أن نعبّر عنه بأنّه الناحية الشكلية

التي ترتسم في مخيلة الباحث. «2»

فالمنهج، يفي بالدراسة الموضوعية و المسالك التفسيرية في بيان المعاني، و استنباطها من الألفاظ، و الطريقة، تعنى بالناحية الشكلية التي انتخبها المفسر في ترتيب المباحث و تعيينها.

الاتجاه

هو موقف المفسر و نظره و مذهبه و وجهته التي يوليها من العقائد الدارجة من السّنّة و الشيعة، و المعتزلة و الأشاعرة، سواء كانت وجهته عند تفسير كتاب اللّه تعالى من تقليد أو تجديد، و كذلك من اعتماد على المنقول أو المعقول، أو الجمع بينهما في إطار معين. «3»

و قد يسمى هذا الاتجاه بمدرسة التفسير، و موقف المفسر من مدارس التفسير، و لهذا قد يقول مدرسة التفسير بالمأثور و المنقول، و مدرسة التفسير بالمعقول، و مدرسة أهل السّنّة، و مدرسة أصحاب العقل، و مدرسة أهل البيت.

______________________________

(1) ابن جرير الطبري و منهجه فى التفسير لمحمد بكر إسماعيل/ 29.

(2) ابن جزي و منهجه فى التفسير، ج 1/ 328.

(3) ابن جرير الطبري و منهجه في التفسير/ 29، و أيضا الحاكم الجشمي و منهجه في التفسير لعدنان زرزور/ 353.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 33

اللون

المراد من اللون هو أن الشخص الذي يفسّر نصا، يلوّن هذا النص بتفسيره هو و فهمه إيّاه، إذ انّ المتفهم لعبارة ما هو الذي يحدد بشخصيته المستوى الفكري لها، و هو الذي يعين الأفق العقلي، الذي يمتد إليه معناها و مرماها. يفعل ذلك كله وفق مستواه الفكري و على سعة أفقه العقلي، لأنّه لا يستطيع أن يعدّ ذلك من شخصيته، و لا يمكنه مجاوزته أبدا، فلن يفهم من النص إلّا ما يرقى إليه فكره و يمتد إليه عقله، و بمقدار هذا يحتكم في النص و يحدّد بيانه. «1»

و هذا الاصطلاح نتيجة موقف المفسر و اتجاهه، فعلى سبيل المثال نذكر مثالين من تلون التفسير بالمنهج النقلي و العقلي، فإنّ المتصدي للتفسير النقلي، إنّما يجمع حول الآية من المرويات ما يشعر أنّها متجهة إليه، متعلقة به،

فيقصد الى ما تبادر لذهنه من معناها، و تدفعه الفكرة العامة فيها، فيصل بينها و بين ما يروى حولها في اطمئنان. و بهذا الاطمئنان يتأثر نفسيا و عقليا حينما يقبل مرويّا، و يعنى به، أو يرفض من ذلك مرويّا ... و من هنا نستطيع القول بأنّه حتى في رواج التفسير النقلي و تداوله، تكون شخصية المتغرّض للتفسير هي الملونة له، المروّجة لصنف منه.

أمّا حين يكون التفسير عقليا اجتهاديا، فإنّ هذا التلوين الشخصي يبدو أوضح و أجلى، إذ انّ ثقافته و نوع معارفه هما اللذان يحددان ناحية عنايته، و ميدان نشاطه، و ما ينتفع به في استخراج معاني العبارة، و ما يعنى به قبل غيره من هذه المعاني، فيتأثر بذلك كله.

و كذا في غيرهما من المذاهب و المناهج، سواء كانت المذاهب كلامية أو اجتماعية أو علمية و ... الخ.

______________________________

(1) مناهج التجديد، أمين الخولى/ 296.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 34

في ترتيب التفسير

عند ما نشاهد تفاسير القرآن منذ نشأتها الأولى، نرى القوم يتناولون تفسير القرآن على ترتيب سوره، يقفون منها عند بعض الآية، أو الآية، أو جملة من الآيات، فيبيّنون ما فيها على ضوء اللون الذي يؤثره المتناول، و تتعلق شخصيته في تفسيره.

و ما زال هذا الاسلوب هو السائد و الغالب في تفسير القرآن، و تلك الخطة هي الغالبة في تفسير القرآن.

و لكنه مع ذلك يوجد تفسير آخر يعتمد على ترتيب النزول، فيفسر القرآن زمنيا، بحسب مراحل النزول، و هذا يعني الابتداء بسورة العلق الى آخر ما نزل من القرآن على اختلاف الروايات. و يعبّر عن هذه الطريقة بالترتيب النزولي، أو المنهج التاريخي. و لم أجد- فيما أعلم- من المفسرين القدامى من التزم بهذه الطريقة. «1»

نعم قد سار

بعض المحدثين المعاصرين كالسيد عبد القادر ملا حويش في تفسير:

______________________________

(1) نعم قد ورد في الأخبار أنّ عليا عليه السلام قد جمع القرآن المنزل من أوله الى آخره و ألّفه على حسب النزول، فقدّم المكي على المدني، و المنسوخ على الناسخ، و أضاف شرحا و تفسيرا بما يناسبه و ذكر فيه بيان المحكم و المتشابه و السبب في النزول: تاريخ القرآن للدكتور محمود راميار/ 372، و بحار الأنوار، الطبعة الجديدة، ج 89/ 74.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 35

«بيان المعاني» و محمد عزة دروزة في تفسير: «الحديث» على غراره.

و جماعة تتخذ موضوعا خاصا في تفسير القرآن يجمع آيات متفرقة، سواء كان الموضوع عاما كالمباحث الاقتصادية و السياسية حتى الفقهية، أو موضوعا خاصا، مثل موضوع: «الانسان في القرآن»، فيقصد فيه درس موضوع خاص هو الانسان، قد نظّمه لمعرفة تقييم القرآن للانسان. و هو منهج موضوعي في التفسير يستعان فيه على فهم القرآن بعضه ببعض، فهما يعطي الفكرة الموحدة عن المنهج في القرآن.

و في هذا اللون من التفسير يتطلب جمع كل الآيات المتصلة بالموضوع، و امعان النظر فيها، بوصفها وحدة وحدة، و تركيز النظر في اتجاهاتها، لاستكشاف ما يكون فيها من معان ثانية، و بذلك نقتطف من كل غصن من أغصان ذلك البحث ما يناسبه من الثمار الجمة، حتى تكون فروع ذلك الموضوع الواحد مستوفاة مستكملة، و يكون لكل فرع من الآيات ما يناسبه، ثم ينتقل الى موضوع آخر و هكذا ... حتى تتحقق الأهداف التي توخّاها القرآن، و تبرز وحدة الموضوع، التي قصد إليها هذا التفسير الموضوعي. «1»

و يسمى هذا اللون من التفسير، بالتفسير الموضوعي و فيه مناهج و اتجاهات و ضوابط خارجة عن دراستنا.

و هذه طريقة

جديدة في تفسير القرآن، و طور حديث في وجهته و عرضه، و كتابنا هذا خال من ذكر نموذجه و تعريفه، و إن كان قد يذكر مصطلحه.

______________________________

(1) دراسات فى التفسير الموضوعى للقصص لمصطفى مسلم/ 44.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 36

التفسير بالمأثور

و هو تفسير يعبّر عنه بالتفسير النقلي أو الروائي، و مصدره إمّا أن يكون صادرا عن النبي صلّى اللّه عليه و آله في تفسير القرآن، أو كلام الصحابة بيانا لمراد اللّه تعالى، حيث نجد عند مدرسة أهل السنة، مستندين بما رواه الحاكم في المستدرك أنّ تفسير الصحابي الذي شاهد التنزيل، له حكم المرفوع الى رسول اللّه (ص). «1»

و إمّا أن يكون مصدره أئمة أهل البيت (مدرسة الشيعة)، مستدلّين بما وصّى به رسول اللّه الأمة بالتمسك بكتاب اللّه تعالى و بعترته، حيث يقول: «إنّي مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي، فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» «2»، و إنّ روايتهم رواية النبي (ص) و هم

______________________________

(1) قال الذهبي في كتابه في الفصل الثالث حول قيمة التفسير المأثور عن الصحابة ما ملخصه:

«أطلق الحاكم في المستدرك: أنّ تفسير الصحابي، الذي شهد الوحي، له حكم المرفوع، فكأنّه رواه عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و عزا هذا القول للشيخين ... و لكن قدّ ابن الصلاح و النووي و غيرهما هذا الاطلاق بما يرجع الى أسباب النزول و ما لا مجال للرأي فيه، كما نجد الحاكم نفسه قد صرّح في «معرفة الحديث» بما ذهب إليه ابن الصلاح و غيره و بعد هذا نلخّص:

أولا: تفسير الصحابي له حكم المرفوع، اذا كان مما يرجع الى أسباب النزول، و كل ما ليس للرأي

فيه مجال، و أمّا ما يكون للرأي فيه مجال فهو موقوف عليه ما دام لم يسنده الى رسول اللّه «ص».

ثانيا: ما حكم عليه بأنّه من قبيل المرفوع لا يجوز ردّه اتفاقا، بل يأخذه المفسر و لا يعدل عنه الى غيره باية حال.

و أمّا ما حكم عليه بالوقف، و إن كان يختلف فيه أنظار العلماء، إلّا أنّ وجوب الأخذ به و الرجوع اليه لظن سماعهم له من رسول اللّه (ص) ممّا تميل إليه النفس، و يطمئن إليه القلب. (التفسير و المفسرون، ج 1/ 95).

(2) حديث الثقلين من الأحاديث الصحيحة المتواترة تنتهى سلسلة اسانيده الى جماعة من أجلّة

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 37

أدرى بالقرآن من غيرهم.

فعلى هذا، فإنّ التفسير بالمأثور مصدر من مصادر التفسير، و طريق يأخذه المفسر في تفسيره حصرا أو غير حصر، على اختلاف المناهج. و لكنّ التفسير بالمأثور معرّض غالبا للنقد الشديد؛ لأنّ الصحيح من الروايات قد اختلط بغير الصحيح، و لزنادقة اليهود و الغلاة دور لا يجهله أحد في الدس على الاسلام، و تشويه معالمه. «1»

______________________________

الصحابة، رواه في صحيح مسلم، ج 4/ 1883/ 36 و 37؛ و سنن الترمذي، ج 5/ 3786، و 662 و 663/ 3788؛ سنن الدارمي، ج 2/ 431؛ سنن البيهقي، ج 2/ 148 و ج 7/ 30 و ج 10/ 114؛ و مسند أحمد، ج 3/ 14 و 17 و 26 و 59، و ج 4/ 366 و 371؛ و مستدرك الحاكم، ج 3/ 109 و 148.

(1) انظر: التفسير و المفسرون، ج 1/ 203 و البيان للخوئى/ 398 من طبعة دار الزهراء.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 38

التفسير بالرأي

و قد يعبّر عنه بمنهج الرأي، و المراد به هو

التفسير بالاستحسان و القياس، و الترجيح الظنى، أو الميل النفسي لاتّباع الهوى، و قد يعبّر عنه، ب (التفسير بالرأي المذموم) «1». و لا يستشف منه الاجتهاد أو الاستنباط القائم على أساس الكتاب و السنة. و بعد إحاطة المفسر لكلام العرب و قواعده، فإنّه اذا كان إعمال الرأي بحسب القرائن الحالية و المقالية، المتصلة و المنفصلة، و بحسب دلالة الألفاظ، لا يعدّ من التفسير بالرأي. نعم الاستقلال بالفتوى، و وضع التأويل من قبل النفس و بحسب الظن و الهوى، دون الرجوع الى مستند من النبي و آله- و هم العالمون بخصوص القرآن و عمومه، باعتبارهم قرناء الكتاب كما بيّنا دليله في التفسير بالمأثور- أو الاستبداد بالفهم القرآني، بعيدا عن ظواهر القرآن الكريم، يعتبر من التفسير بالرأي المنهي عنه. قال السيد الإمام الخوئي:

«التفسير هو ايضاح مراد اللّه تعالى من كتابه العزيز، فلا يجوز الاعتماد فيه على الظنون و الاستحسان، و لا على شي ء لم يثبت أنّه حجة من طريق العقل، أو من طريق الشرع، للنهي عن اتّباع الظن، و حرمة إسناد شي ء الى اللّه بغير اذنه، قال اللّه تعالى: قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ «2» و وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ «3»، الى غير ذلك من الآيات و الروايات الناهية عن العمل بغير العلم، و الروايات الناهية عن التفسير بالرأي مستفيضة من الطريقين ...

و لا بد للمفسر من أن يتّبع الظواهر التي يفهمها العربي الصحيح، أو يتّبع ما حكم

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 1/ 265.

(2) يونس/ 59.

(3) الاسراء/ 36.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 39

به العقل الفطري الصحيح، فإنّه حجة من الداخل، كما أنّ النبي حجة من الخارج». «1»

و هذا البيان

نوع من التعبير بالنسبة الى التفسير بالرأي و التفسير الاجتهادي، في قبال من قسّم الرأي الى قسمين، قسم مذموم غير جائز، و قسم ممدوح جائز «2»، و لا مشاحة في الاصطلاح لأنّ الخلاف لفظي.

______________________________

(1) البيان فى تفسير القرآن/ 397، دار الزهراء للطباعة و النشر.

(2) التفسير و المفسرون، ج 1/ 264.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 40

التفسير العقلي الاجتهادي

و هذا مصطلح في قبال التفسير بالرأي المذموم، القائم على أساس الهوى و البدع.

و المراد منه المنهج الاجتهادي القائم على القواعد العقلية القطعية في شرح معاني القرآن، و التدبر في مضامينه و التأمل في ملازمات بيانه.

لكن وقع الخلاف بين المسلمين في مدى صلاحية العقل للاستدلال بالحكم، أو باعتباره طريقا موصلا الى العلم، أو بإلغاء هاتين الصلاحيتين.

و قد اعتبر الامامية و المعتزلة العقل بما هو طريق موصل إلى العلم القطعي، مدركا للحكم و طريقا له، و لكن لا يذهبان الى تحكيم العقل مطلقا. «1»

و المراد من العقل الحكم النظري بالملازمة بين الحكم الثابت شرعا أو عقلا، و بين حكم شرعي آخر، أو الملازمة بين عقيدة ثابتة قطعية، و بين عقيدة أخرى، كحكمه بالملازمة في مسألة الإجزاء و مقدمة الواجب و نحوهما، و كحكمه باستحالة التكليف بلا بيان، اللازم منه حكم الشارع بالبراءة، و كحكمه بوجوب مطابقة حكم اللّه لما حكم به العقلاء في الآراء المحمودة، أو الاعتقادات بتجرد اللّه تعالى، و نفي الحدّ عنه، و استحالة جسمانيته و رؤيته جل جلاله.

و في قباله قد ذهب الأشاعرة الى أنّ التكليف مهما كان، فمنشؤه حكم الشارع لا العقل، و لا يعتمد على العقل في ادراكاته كحكم الشارع. و وافقهم جمع من الإخباريين من الإمامية.

«و لو درسنا سيرة رسول اللّه (ص) و فقهناها

بتفاصيلها، لقطعنا الرأي في أنّ رسول اللّه (ص) قد حوّل التوجيهات القرآنية الى واقع ملموس، و علّم صحابته كيفية الاجتهاد العقلي في فهم النصوص الشرعية، سواء أ كان ذلك في القرآن أو

______________________________

(1) أصول الفقه لمحمد رضا المظفر، الجزء الثانى/ 216، دار النعمان النجف الاشرف.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 41

في السنة». «1»

و لكن التفسير العقلي الاجتهادي في الخارج كان واقعا بين الافراط و التفريط، فنوع منه دخل فيه التأويلات البعيدة، و نوع تجمّد في الاستدلالات الكلامية، و النوع المتوسط و هو الصواب، و هو الذي يتحرك في اطار المنهج الأصولي الذي يعتمد على تفسير القرآن بالقرآن، في ردّ المتشابه الى المحكم، و الى السنة الصحيحة في استنباط الأحكام، أو تأويلها أو ردّ بعضها بسنة أخرى عند ظهور الإشكال.

______________________________

(1) تطور تفسير القرآن لمحسن عبد الحميد/ 98.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 42

المنهج الأدبي في التفسير

و هو دراسة تبدأ بالنظر في مفردات و مركّبات الآية، بالاستعانة بالعلوم الأدبية، من صرف و نحو و لغة و بلاغة، بما هي أدوات لبيان المعنى، و تحديده، و النظر في اتفاق معاني القراءات المختلفة للآية الواحدة، و التقاء الاستعمالات المتماثلة في القرآن كله.

و من هذه الجهة كان التفسير الأدبي لكتاب العربية هو اوّل ما يجب أن يحاوله من لهم بالعربية صلة أدبية بيانية و بلاغية، سواء أ كانوا عربا أو غير عرب.

فيكون منهج التفسير الأدبي صنفين من الدراسة: دراسة «ما حول القرآن» و دراسة «ما في القرآن».

أمّا دراسة «ما حول القرآن»، فهو ما يتصل بالبيئة المادية و المعنوية التي ظهر فيها القرآن و عاش، و فيها جمع و فيها كتب، و فيها قرئ و حفظ، و خاطب أهلها من خاطب، و إليهم ألقى

رسالته لينهضوا بأدائها و إبلاغها إلى شعوب الدنيا. و من هنا لزمت المعرفة الكاملة لهذه البيئة العربية المادية و المعنوية، من ماض سحيق، و تاريخ معروف، و نظام أسرة و قبيلة و عقيدة ...

أمّا دراسة «ما في القرآن»، فهو ما يتصل أولا بالنظر في مفردات الآية في معناها اللفظي اللغوي، ثم انتقل بعده الى معناها الاستعمالي في القرآن، ثم ينظر في المركّبات مستعينا بالعلوم الأدبية، بما هي أدوات لبيان المعنى و تحديده. «1»

و في الحقيقة يدخل في المنهج الأدبي: التفسير اللغوي و البلاغي و البياني، إلّا

______________________________

(1) مناهج تجديد فى النحو و البلاغة لأمين الخولى/ 307.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 43

أنّنا قد نجد من المفسرين من يلوّن تفسيره بأحد هذه المناهج خاصة. و قد ينظر في هذه الدراسات، بما هي صنعة لغوية أو بلاغية أو نحوية، على أنّها عمل مقصود لذاته، كما كان الحال قديما في بعض التفاسير، كتفسير «البحر المحيط» لأبي حيان الأندلسي في المنهج الأدبي.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 44

المنهج اللغوي

هو منهج اهتمّ بالجانب اللغوي في تفسير القرآن، و تمحض لاشتقاق المفردات و جذورها، و شكل الألفاظ و أصولها، فجاء مزيجا من اللغة و النحو و الحجة و الصرف و القراءات، و كان مضماره في الكشف و الابانة، استعمالات العرب و شواهد أبياتهم، و على أساس تطور اللغة العربية في مراحلها التاريخية.

و مهما يكن فقد سخرت طاقات اللغة العربية المتعددة لخدمة القرآن، و استشهد بها على تقرير قاعدة، أو تحقيق نظرية، أو بناء أصل لغوي او نحوي أو صرفي.

و قد أثّر في هذا الجانب هوى المتخصصين، و رغبة العلماء الباحثين، فشكّلوا بذلك مدرسة خاصة بهم، تميزت أبعادها في البحث عن لغة القرآن،

و مجاز القرآن، و غريب القرآن، و معاني القرآن، و مفردات القرآن. «1»

فالمفسر اللغوي في هذا المنهج يقوم أولا و قبل كل شي ء في إظهار معاني اللغة في استعمالات متماثلة، فيشرح شرحا لغويا، ثم يخوض في جوانبه المتعددة من مفرداته و مجازه و غريبه، و يهتم بتطور اللغة العربية في مراحلها التاريخية.

______________________________

(1) المبادئ العامة لتفسير القرآن/ 97.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 45

التفسير البلاغي

هو نظرة بلاغية أدبية فنية، تمثّل الجمال القولي في الأسلوب القرآني، و تستبين معارف هذا الجمال، و تستجلي قسماته، في ذوق بارع، قد استشف خصائص التراكيب العربية، منضمّا الى ذلك التأملات العميقة في التراكيب و الأساليب القرآنية لمعرفة مزاياها الخاصة بها بين آثار العربية، بل لمعرفة فنون القول القرآني و موضوعاته، معرفة تبيّن خصائص القرآن في كل فن منها.

قد ذكرنا تفصيل البيان في المنهج الأدبي، و سأذكر في التفسير البياني قسم آخر من الموضوع، إلّا أنّ من المفسرين من ينهج الى التفسير البلاغي خاصة، و ينظر فيه بما هو صنعة بلاغية، و لهذا خصصنا البحث فيه.

و ممن برع و استوفى البيان في ذلك: «الكشاف» للزمخشري، فإنّ فيه كنزا من فنون الأدب، قد تجلّى فيه ما أضافه من دلالات جمالية في نظم المعاني و روعة البلاغة، و تعلق العبارة بعضها ببعض من وجهة نظر بلاغية، تعتمد على عنايته بالكناية و الاستعارة و التشبيه و المجاز و التمثيل و التقديم و التأخير عناية فائقة. و يشير في تفسيره إشارات دقيقة في التنكير و التعريف و الفصل و الوصل، و المجاز اللغوي و المجاز العقلي. «1»

______________________________

(1) انظر المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم لمحمد حسين الصغير/ 104.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 46

المنهج البياني

هو المنهج الذي تدور مباحثه حول بلاغة القرآن في صوره البيانية من تشبيه و استعارة و كناية و تمثيل و وصل و فصل، و ما يتفرع من ذلك من استعمال حقيقي أو استخدام مجازي أو استدراك لفظي، أو استجلاء للصورة أو تقديم للبيّنة، أو تحقيق في العلاقات اللفظية و المعنوية، أو كشف للدلالات الحالية و المقالية.

و البحث في هذا الجانب يعدّ بحثا أصيلا في جوهر الإعجاز

القرآني، و مؤثرا دقيقا في استكناه البلاغة القرآنية. «1» و استمر هذا المنهج في أوجه حتى القرن الرابع عشر الهجري، و قد يدخل التفسير البياني ضمن المدرسة اللغوية «2» و المنهج البلاغي.

و لكن قد يعبّر بالبياني عن معنى آخر، و هو تفسير كان غرضه فهم مراد القائل من القول، و بيان مقصده، مستعينا بالعلوم الأدبية بما هي أداة لبيان المعنى. بتجديد الدراسات البلاغية السابقة و تخطيط لمنهج جديد في التفسير يعيد للأمة إدراكها و فهمها للسنن الكونية و الاجتماعية.

قال الدكتور محسن عبد الحميد في تجديد المدرسة البيانية ما ملخصه:

«و لم يتم التفكير بتجديد هذه الدراسات، و انقاذها من الحدود و الرسوم و المصطلحات الجافة إلّا في العصر الحديث، ضمن التفكير الجدي بالتجديد الشمولي في العلوم و الدراسات الاسلامية و العربية الذي ظهر انطلاقا من مدرسة «الأفغاني- عبده- رشيد» التفسيرية:

______________________________

(1) المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم لمحمد حسين على الصغير/ 103.

(2) تطور تفسير القرآن، قراءة جديدة لمحسن عبد الحميد/ 52.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 47

الأفغاني، بدعوته الى التجديد في الحياة الاسلامية ... و محمد عبده بالدعوة الى تغيير مناهج الدراسة ... و التخطيط لمنهج جديد في التفسير ....

لقد واجه الشيخ محمد عبده القرآن الكريم بعقلية جديدة، و أسلوب أدبي أصيل، قائم في جانب من جوانبه على استكشاف الأسلوب البياني في القرآن، لا على طريقة الحديث عن التشبيه و الاستعارة و الكناية هنا و هناك، و لا الحديث في جزئيات المعاني، و إنّما على طريقة معالجة كل ذلك في إطار الجو العام للآية، من حيث هو تعبير غايته هداية الناس الى خير الدنيا و الآخرة ....

فهو يعتمد في توجيهه الآيات على خصائص اللغة العربية، و الأسلوب القرآني

في اختيار الألفاظ، و رسم الصورة و تجسيد عنصر التأثير، و لا يتقيد ببيان قواعد البلاغة و مسائل الإعراب إلّا بقدر ما يحتمله المعنى، و يليق بفصاحة القرآن و بلاغته». «1»

و مرادنا من المنهج البياني في هذا الكتاب هو (القسم الثاني)، و أعبّر عن «القسم الأول» بالمنهج البلاغي و اللون الأدبي.

______________________________

(1) نفس المصدر/ 81.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 48

التفسير التحليلي

و المراد به التفسير الذي يتبع فيه المفسر ترتيب المصحف، فيشرح جملة من الآيات، أو سورة، أو القرآن كله على هذا النمط الموضعي، و يبين ما يتعلق بكل آية من مناسباتها و سبب نزولها و مفرداتها، و نحو ذلك مما يتقرر به معناها، و ما ترمي إليه في تراكيبها، و يذكر وجه الربط بين مقاصدها.

و هدفه من التفسير بيان مراده بالتحليل و التشريح و التوضيح، من دون ورود الى مطالب غيره. «1»

و قد يعبّر عن ذلك، بالتفسير البياني التحليلي.

و من خصائص هذا المنهج عدم اهتمام المفسر في هذا اللون من التفسير من حيث الإكثار في بيان الألفاظ و الإعراب و القراءات، و ما يترتب عليها من نكات بلاغية، و إشارات فنية، و تطبيقات أدبية. و كان غرضه من التفسير إلقاء فهم مراد القائل من القول، و بيان مقصده بأسلوب عصري سهل مبسط واضح العبارة، و جيز لا يخل و لا يمل، بعيدا عن المصطلحات الفنية و التعقيدات اللفظية.

و قد يكون هذا اللون من التفسير أقرب الى المنهج التربوي و الهدائي الذي سيأتي توضيحه.

______________________________

(1) دراسات فى التفسير الموضوعى للقصص لمصطفى مسلم/ 38.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 49

التفسير الهدائي

هو تفسير ارشادي يجعل هدفه الأعلى بيان ما أنزل اللّه، بتجلية هدايات القرآن و تعاليمه، و حكم اللّه فيما شرع للناس في القرآن، على وجه يجتذب الارواح و يفتح القلوب، و يدفع النفوس إلى الاهتداء بهدى اللّه.

و في هذا المنهج من التفسير، لا يهتم المفسر بالإكثار من بيان الألفاظ و الإعراب و القراءات، و بيان ما يترتب عليها من نكات بلاغية، و إشارات فنية، و تطبيقات أدبية و ممن اهتم في بيان هذا المنهج، و يدعوا المفسرين لطريقته،

صاحب تفسير «المنار».

قال الإمام محمد عبده:

«التفسير الذي نطلبه هو فهم الكتاب من حيث هو دين يرشد الناس الى ما فيه سعادتهم في حياتهم الدنيا و حياتهم الآخرة، فإنّ هذا هو المقصد الأعلى منه، و ما وراء هذه المباحث تابع له أو وسيلة لتحصيله». «1»

و في كلام آخر قال:

«التفسير الذي قلنا إنّه يجب على الناس على أنّه فرض كفاية، هو ذهاب المفسر الى فهم مراد القائل من القول، و حكمة التشريع في العقائد و الأخلاق و الأحكام على الوجه الذي يجذب الأرواح، و يسوقها الى العمل، و الهداية المودعة في الكلام، ليتحقق فيه معنى قوله: هُدىً وَ رَحْمَةً. فالمقصد الحقيقي وراء تلك الشروط و الفنون هو الاهتداء بالقرآن». «2»

______________________________

(1) المنار، ج 1/ 17.

(2) نفس المصدر.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 50

و يستدل أصحاب هذا اللون من التفسير بأنّ القرآن الكريم أنزله اللّه دستورا لحياة الانسان، و لا بد أن يسعى المفسر في بيانه لتوصيل هداية القرآن الى العقول و القلوب، و ذلك بشرح مبادئه، و بيان الحكمة من شريعته، و توضيحها و تقديمها الى المسلمين و أهل الارض جميعا، من حيث انّها شريعة فطرية تحقق سعادة البشرية و تكفل مصالحها، و الحذر من كل ما يصرفه. «1»

______________________________

(1) انظر مقدمة تفسير الشعراوي في ذلك و كيف نتعامل مع القرآن، لمحمد الغزالي من المعهد العالمي للفكر الاسلامي.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 51

التفسير المقارن

و المراد من هذا المنهج في التفسير القائم على المقارنة، أن يعمد المفسر الى جملة من الآيات القرآنية في مكان واحد، و يستطلع آراء المفسرين متتبعا ما كتب في تفسير تلك الجملة من الآيات- سواء كانوا من السلف، أم كانوا من الخلف، و سواء أ

كان تفسيرهم من التفسير النقلي أم كان من التفسير العقلي أو وجوه و ألوان أخر من التفسير- و يوازن بين المناهج و الطرق في كشف معاني القرآن، و ذكر وجوههم و احتمالاتهم، و يقارن بين الاتجاهات المتباينة و المشارب المتنوعة، فيما يسلكه كل منهم في تفسيره، و ما انتهجه في مسلكه.

و المفسر في هذا المنهج يستهدف نتيجتين مهمتين من خلال تفسيره، و إن كان فيه نتائج أخرى:

1- كشف الواقع من خلال عرض الأفكار و الأدلة.

2- كشف من كان منهم متأثرا بالخلاف المذهبي، و من كان معبّرا عن آراء فرقة معينة، أو مذهب من المذاهب.

و قد يعبر عن هذا التفسير ب «التفسير الموازن».

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 52

المنهج الحركي

هو تفسير تحليلي، يحاول المفسر في ظل بيان مراد اللّه في كتابه العزيز، إحداث تغيير جذري في أوضاع العالم الاسلامي، عن طريق تحويل المنهج الى حركة تقوم بالتخطيط لتغيير الأوضاع الشاذة غير الاسلامية في المجتمعات الاسلامية.

و هذا المنهج يهتم في بيان معالجة أمراض المجتمع الاسلامي الكثيرة، و أسباب تأخره، و حث الأمة على الانتفاض و الثورة ضد أوضاعها المتخلفة و الرواسب الجاهلية، و ذلك بالعودة الى القرآن و تعاليمه الربانية، و بناء مجتمع قرآني على انقاض هذه الأوضاع و تلك الرواسب.

و يصب المفسر اهتمامه في أن يردّ الى الدين اعتباره على اساس تنقيته من الخرافات و الأساطير و الإسرائيليات التي حشيت بها كتب التفسير و الرواية.

و كثيرا ما يسير صاحب هذا المنهج سيرا بيانيا تحليليا الى القرآن، و يتخذ اللون الاجتماعي في التفسير.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 53

التفسير الاجتماعي

و لهذا المصطلح معنيان:

1- تفسير يحاول المفسر من خلاله مدّ النظر في أحوال البشر في أطوارهم و أدوارهم و مناشئ اختلاف أحوالهم، من قوة و ضعف، و عز و ذل، و علم و جهل، و إيمان و كفر، ثم يتلوه بعد ذلك هداية الخلق، أو اصلاح حالهم، أو التشريع لهم، و يميل الى علم الاجتماع و التاريخ.

2- التفسير الاجتماعي بمعنى الخضوع للمفهوم الاجتماعي و لحاجات العصر.

و يؤكد المفسر في هذا المنهج ممازجة الهدف الديني في القرآن للهدف الاجتماعي.

و بعبارة أخرى يعتمد هذا المنهج على تطبيق النظرية القرآنية في المجال الاجتماعي، و إقامة حياة الجماعة البشرية على أساسها، بما يتطلبه ذلك من علاقات اجتماعية و اقتصادية و سياسية، مع ملاحظة تطبيق النظرية هذه في المجال الفردي، و بالتصور الذي يتصل بسلوك الفرد و تصرفاته، و لكن المهم

عند المفسر التوفيق بين الدين الاسلامي و قضايا الانسان المعاصرة، من ناحية عرض القيم القرآنية عرضا اجتماعيا لاثبات صلاح العقيدة و القرآن لحياة الجماعة البشرية، لينتهي الى القول بأنّ الجماعات التي تدين بالقيم القرآنية لا بدّ أن تستمد منها حاجاتها.

و من خصائص هذا المنهج تطبيق فكرة النص، على ملابسات العصر الحديث، و ربطها بظروف المجتمع، و ملاحظة الواقع الحضاري الذي يعيش فيه المفسر، و اثبات التوافق و التلاؤم و الانسجام بين متطلبات الزمن و الفهم القرآني.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 54

اللون الأخلاقي في التفسير

هو نهج يهتمّ مفسره في بيان المقاصد الأساسية للآيات القرآنية، و ذلك لايقاظ الضمائر و إزالة الغشاوة عن النور الفطري، الذي أودعه اللّه فينا، و ذلك بالكشف عن تعاليم الآيات الدقيقة التي تلقّنها للناس، و خاصة بالنسبة للحكم الأخلاقي.

و من هذا الجانب يبيّن المفسر كل ما يشبع حاجة الإنسان المسلم في مجال الأخلاق من الناحية النظرية و العملية، و يحلّ المشكلات الاجتماعية و السياسية، من خلال مفهوم أخلاقي قرآني متناسب مع مراد الآية التي وصل اليها المفسر، و لهذا كان اللون الغالب في تفسيره- بمناسبات مختلفة- هذا المقصد من التفسير.

و قد يختلط هذا اللون بالمنهج الإشاري الذي يذهب إليه أصحاب الإشارات في تفسيرهم، إلّا أنه عصري الأسلوب، و في روعة جديدة.

و الدليل الذي يميل إلى هذا اللون من التفسير ينشأ من جهتين:

1- إنّ فلسفة بعثة الأنبياء لا سيما رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- هي من أجل تربية الإنسان، و تعليمه للوصول به الى الأهداف العالية، و تزكية فكره من الدنس و الأرجاس، و يستدل على ذلك بما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «بعثت لأتمم صالح الاخلاق». «1»

______________________________

(1) و

الحديث معروف و روي مضمونه بالفاظ مختلفة، روى البيهقي في باب بيان مكارم الأخلاق من كتاب الشهادات/ 192، و رواه أيضا مالك في الموطأ باب ما جاء في حسن الخلق ج 2/ 47، و في الأمالي للشيخ الطوسي ج 2/ 209، عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن رسول اللّه (ص) قال:

بعثت بمكارم الأخلاق. و لكن قد روي: بعثت لأتمم حسن الأخلاق أو صالح الأخلاق.

مسند الامام أحمد بن حنبل، ج 2/ 381؛ و موطأ الامام مالك، ج 2/ 904، و بحار الأنوار للعلامة المجلسى، ج 16/ 287 و ج 68/ 382.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 55

2- إنّهم يرون أنّ كل تغيير مطلوب في الانسان و المجتمع، لا بد أن ينشأ من تغيير ثقافي أخلاقي، و أنّ هذا التغيير يستتبع و يؤدي الى تغييرات اجتماعية و سياسية؛ لان مواطن التغيير الحقيقية، و التشكيل الحقيقي في الانسان، هي مواطن التربية و الأخلاق، فهم يفكّرون بأنّ الخلل الذي لحق بالأمة خلل فكري أخلاقي، ثم يسري الى الخلل السياسي و الاجتماعي، و لهذا ينكشف لهم الطريق الإصلاحي و طريق الثورة الأخلاقية.

و قد لحق بهذا الدور من البيان و المنهج، اللون التربوي في تفسير القرآن؛ لأن اللون التربوي في مضامينه و اهتماماته قريب المنشأ للون الأخلاقي.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 56

التفسير الكلامي

و هو تفسير كان لونه الغالب هو الدفاع عن عقيدة المفسر في عرض الآيات التي لها تعلق بالموضوع العقائدي أو الفقهي المذهبي.

فالمفسر في هذا اللون مولع بعرض المباحث الكلامية بأي مناسبة في الآية لإثبات عقيدة، أو تعريض و تفنيد عقيدة أخرى.

و من جهة، كان للقرآن أثر لا ينكر على الدراسات الكلامية من حيث بيانه للعقائد

الاسلامية، و من حيث مناقشته للعقائد و الأفكار المضادة؛ كالدهرية و الوثنية و اليهودية و المسيحية، و احتواؤه على المحكم و المتشابه من الآيات، الأمر الذي أعطى فرصة للاختلاف، حيث يتخذ كل تيار فكري بارز من المذاهب الاسلامية سندا على موافقته للاسلام، و مطابقته لما جاء به الرسول (ص)، و من ثم يحاول كل طرف من هذه المذاهب على اختلاف درجات ثقافتهم و تعصبهم أن يستنتج من الآيات القرآنية ما يثبت به صحة أفكاره و عقائده.

فالذي كان بارزا في تفسيره اللون الكلامي، يخوض في الاختلافات، و يبرز تعصبه العقائدي، و يتمسك بأفكاره التي تتهم المقابل بالتكفير و التعصب، و يتخذ الجانب السلبي من دون إمعان في جوانبه الأخرى.

و إن كان يمكن أن يتجه المفسر في خوضه للمباحث الكلامية، إلى عرض الآراء و الدفاع عن عقيدة خاصة من دون سبّ و تكفير و تعصب.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 57

منهج التقارب بين المذاهب و الوحدة الاسلامية

هو تفسير يحاول مدّعيه القضاء على التعصب المذهبي في المجتمع الاسلامي، و بيان خطره الكبير على وحدة الأمة الاسلامية، من حيث إنّ المفسر يعتقد أنّ ما يصل إليه الانسان المسلم، العالم باجتهاده، هو رأي و ليس دينا، بمعنى أنّه ليس مقدسا، و الرأي معرض للخطأ و الصواب، و لأنه يعبّر عن فهم الشخص، و قد يفهم إنسان آخر من خلال ما يتمتع به من الامكانية و الموهبة و الاطّلاع، أو من خلال نظره الى الموضوع من جوانب أخرى فهما آخر.

و لهذا لا يتمسك صاحب هذا المنهج في تفسيره و في بيان الاختلاف في القضايا الكلامية و الفقهية بمبدإ التحريم و التكفير و التخطي، الذي يوجب سوء الظن بين المسلمين، و الذي يكشف عن ضعف استدلال صاحبه

و عجز بيانه في القضايا الدينية من خلال تخليه عن المنهج العلمي.

و من جهة أخرى، استدل صاحب هذا اللون على أن فتنة التفريق بين المذاهب الاسلامية نشأت و تغذت في أحضان السياسة، و زاد أوار نارها الصليبيون، و يستفيد منها في عصرنا الحاضر أعداء الاسلام و الصهاينة و الاستكبار العالمي الغربي و الملاحدة، فلا ينبغي التعصب المذهبي في المجتمع الاسلامي، و النزاع الديني و افشاء سوء الظن بينهم.

فمنهج التقارب بين المذاهب هو في جوهره محاولة لكسر شوكة التعصب، و جمع كلمة الأمة على أصول عقيدتها و المبادئ الأساسية لدينها.

و مع هذا لا يمنع من صاحب هذا المنهج أن يبين الرأي الصحيح عنده بالبيان الاوفى و الأحسن، و يحكم على بطلان الرأي المقابل بشكل علمي، و يحصره برأي مماثل يعتقد أنّه هو الأصح و الأفضل.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 58

التفسير الإشاري

هو تفسير يشير بغير ظاهره لإشارة خفية تظهر لأرباب السلوك، و يمكن الجمع بينها و بين الظاهر المراد أيضا. «1»

و بتوضيح آخر، هو تفسير يشير الى التأملات التي تحصل عن طريق ما ينفتح في ذهن المفسر العارف، من الأمور اللطيفة التي لها ربط و مناسبة مع ظواهر الآيات القرآنية، إلّا أنّه يفسّر و يؤول الآيات على غير ظاهرها مع محاولة الجمع بين الظاهر و الخفي، فإنّ ظاهر الآية مفهوم منه ما استدل به للآية، و دلت عليه في عرف اللسان، و اما من فتح اللّه قلبه للإيمان فيستطيع فهم باطن الآية و الحديث، و قد جاء في الحديث: «لكل آية ظهر و بطن» «2» و ما روي عن الصادق عليه السلام: «كتاب اللّه عزّ و جل على أربعة أشياء: على العبارة و الإشارة و اللطائف

و الحقائق، فالعبارة للعوام، و الإشارة للخواص، و اللطائف للاولياء، و الحقائق للأنبياء». «3»

و الحق أنّ التفسير بهذا المعنى لا يخالف الشرع و العقل، بل هو محاولة عقلية ذكية تتعمق في معاني الآيات و ما ينطبق منها على الأنفس و الآفاق المرتبطة بالألفاظ و سياق الأسلوب، يساعد في الوصول إليها قوة الايمان و إخلاص العبادة و صفاء النفس و البعد عن الهوى، إلّا أنّه مشروط بشروط أربعة:

______________________________

(1) مناهل العرفان للزرقانى، ج 2/ 78. دار الفكر- بيروت.

(2) المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم لمحمد حسين الصغير/ 110.

(3) بحار الأنوار للمجلسى، ج 89/ 103 و 20.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 59

1- أن لا يكون التفسير منافيا لظواهر النظم القرآني.

2- أن يكون هناك شاهد شرعي يؤيده.

3- أن لا يكون له معارض شرعي أو عقلي.

4- أن لا يدّعي أنّ المراد وحده دون الظاهر. «1»

______________________________

(1) تطور تفسير القرآن لمحسن عبد الحميد/ 153؛ و المبادئ العامة لتفسير القرآن/ 111 نقلا عن: التعبير الفنى فى القرآن لبكري أمين/ 122، و مناهل العرفان، ج 2/ 81.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 60

التفسير الصوفي

و هو لون يعتمد العارف الصوفي فيه على التذوق الوجداني، الذي يدركه في حالة استغراقه في الوجد و الرياضة الروحية، بضرب من الحدس النفسي و الكشف الباطني و الشهود القلبي، من دون ربط و مناسبة مع ظاهر الآية.

و كان منهجه أن يتكلم بلسان الباطن، الذي هو في الحقيقة لسان مذهبي، و يترك الظاهر الذي قد يعبّر عن «عقيدة العوام»، فيخرج المعاني الذي يريدها من الآيات، و الأحاديث بطريقة خاصة في التأويل، فإن كان في ظاهر الآية ما يؤيد مذهبه أخذ بها، و إلّا صرفها الى غير معناها الظاهري.

و قد يعبّر الصوفية

تأويلهم للقرآن بإشارات، لا تفسيرا، حذرا من الجماعة «1».

و من هذا المنطلق يزعمون أنّ القرآن الكريم له تفسيران، تفسير بياني يعرفه علماء الظاهر و الرسوم، و تفسير باطني يعرفه أهل الكشف و أهل الحقيقة، و هو أيضا من اللّه تعالى، لأنهم يدّعون أنّه أخذت بطريق الكشف و الشهود من رسول اللّه أو من اللّه تعالى. «2»

قال الدكتور أبو العلاء العفيفي في حق منهج الصوفية:

«المعروف عن الصوفية إطلاقا أنهم قوم لا يتكلمون بلسان عموم الخلق، و لا يخوضون فيما يخوض فيه الناس من مسائل علم الظاهر، و إنّما يتكلمون بلسان الرمز و الإشارة، إمّا ضنّا بما يقولون على من ليسو أهلا له، و إمّا لأن لغة العموم لا تفي بالتعبير عن معانيهم و ما يحسونه في أذواقهم و مواجدهم، أمّا ما يرمزون إليه

______________________________

(1) الفتوحات المكية لمحيي الدين ابن عربي، ج 1/ 279، انظر تفصيل الكلام في ذيل تفسير رحمة من الرحمن من جمع محمود محمود غراب.

(2) فصوص الحكم، ج 1/ 48.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 61

فحقائق العلم الباطن الذي يتلقونه وراثة عن النبي (ص)، و هذه الحقائق لا يستقل بفهمها عقل و لا بالتعبير عنها لغة.

و هذان الأمران وحدهما كافيان في تفسير الصعوبات التي تعترض سبيل الباحث في فهم معاني الصوفية و مراميهم». «1»

و لكن هذا المنهج ليس من جنس التفسير؛ لأنه تحطيم لضوابط التفسير الأصولي للقرآن الكريم، و خروج من قواعد التأويل، و إعراض عن قواعد العربية، و ادّعاء بلا دليل في قبول الكشف و الشهود.

______________________________

(1) فصوص الحكم لمحيي الدين ابن عربي، من مقدمة أبو العلاء العفيفي/ 15 من طبعة دار الكتاب العربى، بيروت.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 62

التفسير الباطني

تفسير يرفض الظاهر و

يهوي الى الباطن من دون تذوق وجداني و كشف باطني، و يدّعي من فسره أن لكل محسوس ظاهرا و باطنا، فظاهره ما تقع الحواس عليه، و باطنه ما يحويه العلم به بأنّه فيه، و استدلوا بتفسيرهم و منهجم بقوله تعالى: وَ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، و قوله: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً، و قوله: وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ، و استدلوا أيضا بقوله النبي (ص):

«ما نزلت عليّ من القرآن آية إلّا و لها ظهر و بطن». «1»

إنّ التفسير الباطني يقوم على أساس اصطناع نوع من المماثلة بين معنيين لا تربط بينهما أية علاقة حقيقية، لا علاقة لغوية، و لا علاقة عقلية في ايجاد العلة الأصولية المشتركة المنضبطة، أو الاستدلال بالشاهد على الغائب، أو بالحد الأوسط الذي يجمع بين مقدمتي القضية المنطقية». «2»

و من أبرز سمات هذا التفسير، التفاسير الرمزية الموجودة في الآثار، كالتفسير الرمزي للحروف المقطعة، و تفسير مذهب الإسماعيلية و البهائية و ... و لكن لم يبق من الباطنية تفسير كامل، بل الموجود منها تفسير بعض الآيات في كتب الكلامية و التفاسير الدارجة.

و في توضيح هذا البحث نذكر كلاما من الدكتور محسن عبد الحميد تعريفا بهذا المنهج:

«لا ريب أن الباحث المنصف عند ما يستعرض التفاسير الباطنية، و يدرس ما فيها من اتجاهات و أفكار، يوقن أنّ القضية الباطنية لا تتصل بتفسير القرآن، أو محاولة

______________________________

(1) تطور تفسير القرآن الكريم/ 172.

(2) نفس المصدر/ 203.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 63

فهمه، و إنّما تتصل بمذاهب و نحل كوّنتها مصادر الثقافات و الأديان الغريبة عن طبيعة الإسلام، سواء تلك التي تتصل بمبادئه أم مقاصده، أي أنّ الباطنية عند ما رأت أنّ النص

الاسلامي عائق أمامها في سبيل الوصول الى مآربها، ألغته إلغاء تاما، و وضعت تلك الأفكار و الفلسفات و بقايا الأديان المحرّفة بدل النص الذي يمثل دين الاسلام. إذ من غير المقبول و لا المعقول أن يلغي المسلم الذي يريد المحافظة على دين الإسلام اللغة العربية إلغاء تاما من حياة النص الذي نزل بها لا بغيرها كي يبيّن الرسول ما نزل إليه لقومه ...

نعم من الممكن أن يحصل خلاف في فهم المعنى داخل اللغة، معانيها و مقاصدها، هذا شي ء، و قطع النص من حياة اللغة شي ء آخر؛ لأنّه يؤدي إلى إلغاء أصل التفاهم بين البشر، و إدخال الفساد القاطع في أسس الفكر الإنساني». «1»

______________________________

(1) نفس المصدر/ 202.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 64

المنهج الفلسفي

هو منهج يذهب إلى إدراك المقاصد الأساسية للآيات القرآنية التي تتحدث عن مظاهر الوجود و خالقها المبدع، و هو منهج يبقى في داخل الضوابط التي ضبط بها منهجه في فهم القرآن، و لا تصطدم مع أصول و قواعد المنهج الأصولي للتفسير.

و في هذا طريقان:

القسم الأول: قد نجد بعض الفلاسفة يحاولون محاولة عقلية مجردة في التأويل من أجل استخراج الحقيقة النهائية من الآية؛ لكي يطابق نظرية من الفلسفة اليونانية مع القرآن، و يسندوا آراءهم الفلسفية بالآيات القرآنية التي أوّلها تأويلات بعيدة لا علاقة لها بعلم التفسير أو الكشف عن المعاني الحقيقية المرادة لها.

و هذه الفلسفة، قد أثّرت في حياة و تفكير جمع من الفلاسفة المسلمين تأثيرا واضحا، ظنّا منهم أنّها فلسفة عقلية صحيحة في حد ذاتها. مع أنّ كثيرا من مباحثها لا تتلاءم مع اصطلاحات العقائد الاسلامية و خارجة عن دائرتها. و لهذا تكون مباحثه مباحث مستقلة عقلية، و لا يلزم المفسر إخضاع النصوص

القرآنية لهذه القواعد.

و أمّا القسم الثاني: من المنهج بمعنى إدراك المقاصد الأساسية و اتخاذ طريق للتعميق و التحليل الدقيق لمعنى الآية، مطابق لضوابط التفسير، و داخل في القواعد الأصولية للتفسير، كمحاولة عقلية في طريق استخراج المعاني القرآنية من دون تطبيق أو اخضاع للقواعد الفلسفية.

و من أبرز التفاسير في ذلك، تفسير القرآن الكريم لصدر الدين الشيرازي المعروف ب «صدر المتألهين»، الذي جمع بين الحكمة و الفكر الإشاري و يحاول محاولة عقلية في استخراج معاني القرآنية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 65

المنهج التاريخي

للمنهج التاريخي عدة دلالات سنعرض بعضا منها:

1- يميل بعض الباحثين الى تفسير القرآن تفسيرا تاريخيا، و يقصدون منه الجانب التطبيقي في تواريخ الأمم السابقة و القرون الغابرة، و ذلك باستخدام القياس التمثيلي عليها، و إدانة الشاهد بحسب جرائم الغائب على أساس ما ورد مثلا: في ظلم الظالمين و المتجبّرين في الأرض، و الطغيان الفردي الذي اتسم به كل من فرعون و هامان و قارون و أضرابهم، فيدان كل ظالم على اساس ما ورد في تاريخ هؤلاء، و الأمور تقاس بنظائرها. و كذلك الحال بالنسبة للأمم المتعاقبة كمدين و عاد و ثمود و بني إسرائيل، و تحذير كل امة مما أصاب تلك الأمم في ضوء التفسير التاريخي لأعمال أولئك. «1»

و قد يعبّر عن محاولة هذا المنهج باستنباط السنن التاريخية من منظار اجتماعي تربوي في التفسير؛ لأنّ المفسر في هذا المنهج ينظر من ناحية علم الاجتماع في أحوال البشر في أطوارهم و أدوارهم و منا شى ء اختلاف أحوالهم من قوة و ضعف، و عز و ذل، و علم و جهل، و إيمان و كفر، و يميل الى علم الاجتماع و فلسفة التاريخ.

و هذا بحث تفسيري موضوعي حيوي

تحذيري من صميم أهداف القرآن، إلّا أنه خارج عن مقصدنا في التعريف بالمناهج التفسيرية الترتيبية.

2- و قد يراد بالمنهج التاريخي، تفسير للقرآن حسب اعتبارات تاريخية تنظر إلى الامة التي نزل فيها، و إلى لغة تلك الأمة، و كيف طور القرآن من دلالاتها اللغوية، فأكسبها تصرفا جديدا تلقّاه المستعملون لهذه اللغة بالقبول و التطوير، فكانت اللغة

______________________________

(1) المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم لمحمد حسين الصغير/ 118.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 66

أداة للتعبير عن قيم و حضارات لا يمكن تجاهلها.

و بهذا التفسير التاريخي نستطيع أن نصل الى فهم جديد للقرآن على أساس تطور اللغة العربية في مراحلها التاريخية ما دام القرآن قد نزل بلسان عربي مبين، و ما دام فهمه يتوقف على فهم هذه اللغة فهما بعيدا عن مشاكل الاختلاف و الاجتهاد و الرواية، فكأنه ينحو بهذا المنحى إلى ادراك النظرة التاريخية للّغة العربية في مراحل تطورها؛ لانّ ذلك من الأسباب الفاعلة في استكناه المعاني، و تغيير دلالاتها مدى العصور التي مرت على القرآن تاريخيا، فكما يدرك هذا التغيير الزمني الذي مرّ باللغة، فكذلك تفهم معاني القرآن بأسرارها الجمالية على النحو الذي أدركنا به تطور هذه اللغة، فعاد فهم النص القرآني مرتبطا بهذا التطور الذي حدث باللغة العربية من جميع الوجوه. «1»

«و يراد بهذه التاريخية أن يلاحظ المفسر كيف تلقّى الناس قبله هذا النص، و كيف فهموه و استنبطوه، و كيف طبقوا أحكامه و شرائعه، و كيف وقفوا بين عروف البينات التي أنتقل اليها، و بين هذه الأحكام». «2»

و لكن القسم الأخير من التفسير التاريخي ملحق بالمنهج اللغوي، و لا بد أن نبحث عنه في هذا المنهج و قد ذكرناه بطوله لشبهة حصلت فى معنى المصطلح.

______________________________

(1) نفس

المصدر/ 119.

(2) دراسات فى القرآن للسيد أحمد خليل/ 15، نقلا عن المبادئ العامة لتفسير القرآن/ 120.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 67

التفسير عند أهل البيت (ع)

المراد من التفسير عندهم، كل ما ورد عن أهل بيت النبي صلّى اللّه عليه و آله في تفسير القرآن- و التي تعدّ روايتهم رواية النبي، و هم أدرى بالقرآن من غيرهم- بما أنه بيان لمراد اللّه تعالى و شارح لكلامه.

من أجل توضيح الميزات التي تتميز بها مدرسة أهل البيت في مجال التفسير و النصوص المتواترة الدالة على وضع النبي لمبدأ مرجعية أهل البيت في مختلف الجوانب الفكرية للرسالة من التفسير و الفقه، و النتائج الخطيرة التي ترتبت على إبعاد أهل البيت عن هذه المرجعية. لا بدّ أن نذكر بحوثا حول ذلك.

و لمّا كانت دراسة العلامة المعاصر السيد محمد باقر الحكيم (حفظه اللّه) بالنسبة الى: «التفسير عند أهل البيت» مستوفية كافية لا تحتاج الى اضافة معلومات أخرى، لخصّنا قسما من بحوثه التي قد هيأها كمقدمة ل «تفسير نور الثقلين» الذي سيطبع إن شاء اللّه، و فيما يلي ملخصه:

«امتازت مدرسة أهل البيت عليهم السلام بشكل خاص في مجال التفسير و التأويل من معانيه و مفاهيمه، أو التفاعل الروحي و المعنوي مع آياته الكريمة، حيث كان الامام علي عليه السلام أول جامع للقرآن الكريم، سواء على مستوى النص القرآني أو على مستوى تفسيره و تأويله.

كما أنّ الصحابة و التابعين كانوا يرجعون إليه و يتعلّمون منه ذلك، حيث اشتهر منهم بشكل خاص عبد اللّه بن عباس و عبد اللّه بن مسعود و غيرهما ممن تتلمذ على يد الامام علي، أو تأثر به و أخذ منه. «1»

______________________________

(1) شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد، ج 1/ 27.

المفسرون حياتهم و

منهجهم، ص: 68

و على هذا الاساس نجد هذا الاتفاق و التسالم بين علماء المسلمين على اتصاف الامام علي عليه السلام بالعلم و المعرفة بالقرآن الكريم بحيث كان يرجع إليه الصحابة و الخلفاء بشكل خاص في حل المعضلات الشرعية و الدينية التي كانت تواجههم. «1»

و من هنا نلاحظ الفرق الواضح في مسيرة «تفسير القرآن الكريم» و تطوره بين المدرسة العامة لجمهور المسلمين و بين المدرسة الخاصة المتمثلة بمدرسة أهل البيت عليهم السلام.

و من أجل أن نمهد لفهم معالم هذا الفرق و أسبابه يحسن بنا أن نشير بشكل إجمالي الى مسيرة تكون علم التفسير في عصر النبي و الصحابة.

التفسير في عصر الرسول

بالرغم من أنّ القرآن الكريم تميز بأسلوب فريد في اللغة العربية، وصل به إلى مستوى الإعجاز، و لكنه جاء وفقا للنظام العام للّغة العربية، و متفقا مع الذوق العربي العام في فنون الحديث، و على هذا الاساس كان يحظى بفهم إجمالي من معاصري الوحي على وجه العموم، و لأجل ذلك كان البيان القرآني يأخذ بألباب المشركين و يفتح قلوبهم للنور، و كثيرا ما اتفق للشخص أن يشرح اللّه صدره للاسلام بمجرد أن يسمع عدة آيات من القرآن، فلو لا وجود فهم إجمالي عام للقرآن، لم يكن بالامكان أن يحقق القرآن هذا التأثير العظيم السريع في نفوس الأفراد الذين عاشوا البيئة الجاهلية و ظلامها.

و لكن هذا لا يعني إنّ معاصري الوحي وقتئذ كانوا يفهمون القرآن كله فهما كاملا شاملا من ناحية المفردات و التراكيب بنحو يتيح لهم أن يحدّدوا المدلول اللفظي لسائر الكلمات و الجمل و المقاطع التي اشتمل عليها القرآن الكريم، لأن كون الشخص من أبناء لغة معينة لا يعني اطّلاعه عليها اطّلاعا شاملا، و استيعابه

______________________________

(1) حلية

الأولياء، ج 1/ 65، فضائل الخمسة، ج 2/ 269 و 306- 344، و البرهان للزركشى، ج 2/ 173.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 69

لمفرداتها و أساليبها في التعبير، و فنونها في القول، و إنّما يعني فهمه للّغة بقدر الذي يدخل في حياته الاعتيادية.

و من ناحية أخرى، لا يتوقف فهم الكلام و استيعابه على المعلومات اللغوية فحسب، بل يتوقف اضافة الى ذلك على استعداد فكري خاص، و تمرن عقلي يتناسب مع مستوى الكلام، و نوع المعاني التي سيق لبيانها، و إذا كان العرب وقتئذ يعيشون حياة جاهلية من القاعدة إلى القمة، فمن الطبيعي أن لا يتيسر لهم حين الدخول في الاسلام- بصورة تلقائية- الارتفاع ذهنيا و روحيا الى المستوى الذي يتيح لهم استيعاب مدلولات اللفظ القرآني، و معاني الكتاب الكريم الذي جاء ليهدم الحياة الجاهلية، و يقوّض أسسها، و يبني الانسان من جديد.

و من ناحية ثالثة، نحن نعرف أنّ عملية فهم القرآن الكريم لا يكفي فيها النظر الى جملة قرآنية، أو مقطع قرآني، بل كثيرا ما يحتاج فهم هذا المقطع أو تلك الجملة إلى مقارنة بغيره مما جاء في الكتاب الكريم، أو إلى تحديد الظروف و الملابسات، و هذه الدراسة المقارنة لها قريحتها، و شروطها الفكرية الخاصة، وراء الفهم اللغوي الساذج.

و هكذا نعرف أن طبيعة الأشياء تدل على أنّ الصحابة كانوا يفهمون القرآن فهما اجماليا، و أنهم لم يكونوا على وجه العموم يفهمونه بصورة تلقائية فهما تفصيليا يستوعب مفرداته و تراكيبه.

و هذا الذي تدل عليه طبيعة الأشياء أكدته أحاديث و وقائع كثيرة دلت على أنّ الصحابة كانوا كثيرا ما لا يستوعبون النص القرآني و لا يفهمون معناه، إمّا لعدم اطّلاعهم على مدلول الكلمة القرآنية المفردة من

ناحية لغوية، أو لعدم وجود استعداد فكري يتيح لهم فهم المدلول الكامل، أو لفصل الجملة أو المقطع القرآني عن الملابسات و الأمور التي يجب أن يقرن المقطع القرآني بها لدى فهمه. «1»

______________________________

(1) ذكرنا وجود شواهد كثيرة على هذه الحقيقة وردت في كتب الحديث و التفسير مثل الطبرسي في مجمع البيان و صحيح البخاري و المستدرك للحاكم و غيرها.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 70

و هكذا نستنتج أن المسلمين في عصر الرسول (ص) لم يكن الفهم التفصيلي للقرآن ميسّرا لهم على وجه العموم، بل كانوا في كثير من الأحيان بحاجة الى السؤال و البحث و الاستيضاح لفهم النص القرآني.

دور الرسول الأعظم في التفسير

و كان من الطبيعي أن يقوم الرسول الأعظم بدور الرائد في التفسير، فكان هو المفسر الأول، يشرح النص القرآني، و يكشف عن أهدافه، و يقرّب الناس الى مستواه، كلا حسب قابلياته و استعداده الخاص.

و لكن السؤال الذي يطرح بهذا الصدد عادة هو السؤال عن حدود التفسير الذي مارسه الرسول الاعظم صلّى اللّه عليه و آله، و مداه، فهل شمل القرآن كله، بأن كان يفسر الآيات تفسيرا شاملا؟ أو اقتصر على جزء منه؟ أو كان يتناول الآيات التي يستشكل الصحابة في فهمها و يسألون عن معناها فحسب؟ و للاجابة على تلك الأسئلة نقول:

1- هناك من يعتقد أن النبي لم يفسر إلّا آيات من القرآن، و يستند في ذلك أصحاب هذا القول إلى روايات تنفي أن يكون رسول اللّه قد فسر القرآن كله تفسيرا شاملا. «1»

و أهم ما يعزز هذا القول ندرة ما صحّ عن الصحابة من تفسير المأثور عن النبي (ص).

2- و لكن توجد في مقابل ذلك أدلة و شواهد من القرآن الكريم و غيره تشير إلى أنّ

النبي كان يقوم بعملية تفسير شامل للقرآن كله، و لعلّ في طليعة ذلك قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. «2»

______________________________

(1) على رأس هؤلاء السيوطي، فمن تلك الروايات ما أخرجه البزار عن عائشة: «من أنّ رسول اللّه ما كان يفسر إلا آيا بعدد». انظر تفصيل البحث و أقوال المسألة و أدلة الطرفين: التفسير و المفسرون، ج 1/ 45- 53.

(2) سورة النحل/ 44.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 71

و بما أنّ الفهم الإجمالي للقرآن لم يكن كافيا، و القرآن لم يكن في حياة المسلمين مجرد نص أدبي أو عبادي، و إذا ترك القرآن بدون تفسير موجّه توجيها رساليا فسوف يفهم من قبل المسلمين ضمن إطاراتهم الفكرية، و على المستوى الثقافي و الذهني الذي كانوا يعيشونه وقتئذ، و تتحكم في تفسيره كل الرواسب و المسبقات الذهنية التي كانت لا تزال تتحكم في كثير من الأذهان.

و الجمع بين القولين جمعا أقرب الى القبول هو: إنّ النبي (ص) فسر القرآن الكريم على مستويين: عام و خاص، فقد كان يفسره على المستوى العام في حدود الحاجة و متطلبات الموقف الفعلي، و لهذا لم يستوعب القرآن كله، و كان يفسره على مستوى خاص تفسيرا شاملا كاملا بقصد ايجاد من يحمل تراث القرآن و يكون مرجعا بعد ذلك في فهم الأمة للقرآن، و ضمانا لعدم تأثر الأمة في فهمها بإطارات فكرية خاصة و مسبقات ذهنية أو رواسب جاهلية.

و مسئولية النبي في ضمان فهم الأمة للقرآن و صيانته من الانحراف يعبّر عنها المستوى الخاص الذي مارسه من التفسير، فقد كان لا بد من وجود هذا الضمان لهذا المستوى الخاص، و لا يكفي المستوى العام لحصول هذا

الضمان حتى و لو جاء التفسير مستوعبا، لأنه يجي ء عندئذ متفرقا و لا يحصل الاندماج المطلق الذي هو شرط ضروري لحمل أمانة القرآن.

المرجعية الفكرية لأهل البيت (ع)

و هذا الحل المنطقي للموقف تدعمه النصوص المتواترة الدالة على وضع النبي (ص) لمبدأ مرجعية أهل البيت (ع) في مختلف الجوانب الفكرية للرسالة، و وجود تفصيلات خاصة لدى أهل البيت (ع) تلقّوها عن النبي (ص) في مجالات التفسير و الفقه و غيرهما.

أما النصوص التي تمثل مبدأ مرجعية أهل البيت (ع) في الجوانب الفكرية

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 72

للرسالة فهي كثيرة نذكر عدة نصوص منها:

الأول: حديث الثقلين، و قد جاء بصيغ عديدة نذكر منها ما رواه الترمذي في صحيحه بسنده عن أبي سعيد و الأعمش، عن حبيب بن ثابت، عن زيد بن أرقم قالا:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله] و سلم: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر؛ كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي و لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيها». «1»

الثاني: حديث الأمان، فقد روى الحاكم في مستدرك الصحيحين بسنده عن أبي عباس، قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله] و سلم: النجوم أمان لأهل الأرض من الفرق، و أهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس».

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد، كما ذكر ابن حجر في صواعقه و صحيحه. «2»

الثالث: حديث السفينة، فقد روى الحاكم في المستدرك و غيره كثير، انّ النبي (ص) كان يقول: «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلّف عنها غرق». «3»

الرابع: حديث الحق،

فقد روى الترمذي في صحيحه عن النبي (ص) أنه قال:

«رحم اللّه عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار» «4»، كما روي هذا الحديث بصيغ أخرى

______________________________

(1) صحيح الترمذي، ج 2/ 308. و قد روى حديث الثقلين بأسانيد و طرق عديدة عن مجموعة من الصحابة و التابعين مثل زيد بن أرقم و زيد بن ثابت، و أبي سعيد الخدري، و حذيفة بن أسيد الغفاري، و على بن أبى طالب، و أبى هريرة، كما جاء هذا الحديث بصيغ متعددة، انظر هامش الكتاب/ 37.

(2) المستدرك للحاكم، ج 3/ 149، و الصواعق/ 140.

(3) أخرجه الحاكم في المستدرك، ج 2/ 343، و قال إنه حديث صحيح على شرط مسلم، و رواه أيضا بطريق آخر عن حنش عن أبى ذر الغفاري فى: ج 3/ 16.

(4) الترمذي، ج 2/ 298.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 73

منها: «علي مع الحق و الحق مع علي و لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض يوم القيامة». «1»

الخامس: حديث القرآن، فقد روى الحاكم في المستدرك و غيره أنّ النبي قال:

«علي مع القرآن و القرآن مع علي و لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض». «2»

السادس: حديث الحكمة، فقد روى الترمذي في صحيحه و غيره أنّ رسول اللّه (ص) قال: «أنا دار الحكمة و علي بابها»، و قد شرح المنادي في هامش الفيض القدير كلمة (علي بابها): أي علي بن أبي طالب عليه السلام هو الباب الذي يدخل منه إلى الحكمة. «3»

السابع: حديث المدينة، فقد روى الحاكم في المستدرك و غيره عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه (ص): «أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب». قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد. «4»

الثامن: حديث الاختلاف، فقد

روى الحاكم في المستدرك و غيره، أنّ النبي (ص) قال لعلي (ع): «أنت تبيّن لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي». قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. «5»

التاسع: حديث السؤال، فقد روى جماعة من المحدثين منهم المتقي في «كنز العمال»، و ابن سعد في طبقاته، و ابن جرير في تفسيره، و ابن حجر في «تهذيب التهذيب»، و ابن عبد البر في «الاستيعاب» و غيرهم بألفاظ مختلفة أنّ علي بن أبي طالب (و اللفظ للمتقي في كنز العمال)، قال: «سلوني فو اللّه

______________________________

(1) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، ج 14/ 321، و فضائل الخمسة، ج 2/ 122- 124.

(2) المستدرك، ج 3/ 124.

(3) الترمذي، 2/ 299، و رواه غيره، انظر فضائل الخمسة، ج 2/ 279- 280.

(4) المستدرك، ج 3/ 126.

(5) نفس المصدر، ج 3/ 122.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 74

لا تسألوني عن شي ء يكون إلى يوم القيامة إلّا حدثتكم، سلوني عن كتاب اللّه فو اللّه ما من آية إلّا أنا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار، أم في سهل نزلت أم في جبل ...»

الحديث. «1»

و بالإضافة إلى هذه الأحاديث و أمثالها الكثيرة، نجد أنّ الصحابة في عصر الخلافة الأولى كانوا يرجعون إلى علي عليه السلام في مختلف القضايا المهمة و المستعصية و خصوصا في مجال تفسير القرآن و القضاء و معرفة الشريعة، حيث وردت النصوص الكثيرة و التي صححها أصحاب الحديث تؤكد هذا الموقف العملي من الصحابة و هذه الحقيقة الناصعة.

فقد روى البخاري في كتاب التفسير من صحيحه في باب قوله تعالى:

ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، حديثا قال:

فيه: قال عمر: «و أقضانا علي ...» الحديث، و رواه بقية رجال الحديث

مثل الحاكم في المستدرك، و أحمد بن حنبل في مسنده ... «2»

كما روى ابن ماجة في صحيحه حديثا بسندين عن أنس بن مالك قال فيه إنّ النبي قال: «و أقضاهم علي بن أبي طالب»، و في رواية أخرى للحاكم صححه على شرط الشيخين، إنّ ابن مسعود كان يقول: «إنّ أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب».

و قد روى أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قال: «إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلّا ظهر و بطن، و إنّ علي بن أبي طالب عليه السلام عنده علم الظاهر و الباطن». «3»

و قد كان يعترف بهذه الحقيقة حتى أعداء علي عليه السلام، أمثال الطاغية

______________________________

(1) كنز العمال، ج 1/ 228، الفضائل الخمسة، ج 2/ 226- 227.

(2) فضائل الخمسة، ج 2/ 296.

(3) حلية الأولياء، ج 1/ 65.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 75

الحجاج بن يوسف الثقفي، حيث يقول: «إننا لم ننقم على علي قضاءه، قد علمنا انّ عليا كان أقضاهم» «1»، و قد رجع أبو بكر و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان، و حتى معاوية بن أبي سفيان بالرغم من العداء القائم بينهما.

و كذلك الكثير من كبار الصحابة مثل عائشة زوجة النبي (ص) و عبد اللّه بن عمر و غيرهما- ممن كانوا يرجعون أو يدلون الناس على الرجوع إلى علي (عليه السلام)- في عدد كبير من القضايا، ذكرها كبار رجال أهل الحديث و التاريخ أمثال البخاري، و أحمد بن حنبل، و مالك بن أنس، و ابن داود، و الحاكم و البيهقي، و غيرهم، و خصوصا في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب. «2»

لقد كانت هذه المرجعية حقيقة قائمة على مستوى الواقع العملي لدى الخلفاء

و بعض أهل المعرفة من الصحابة، و لكنها كانت عند الضرورة و مواطن الإحراج و الإشكال، و لكنها لم يتم الاعتراف بها- مع الأسف الشديد- على المستوى الرسمي للخلافة و الحكم لأسباب متعددة لا مجال لذكرها في هذا البحث «3»، الأمر الذي جعل الباب مفتوحا أمام الصحابة و التابعين أو غيرهم حتى الأدعياء أن يمارسوا العملية التفسيرية للقرآن الكريم من خلال المستوى العام لفهم القرآن الكريم.

و قد ظهرت معالم الخلل في هذا الانفتاح الواسع على مرجعية الصحابة دون التمييز بين هذه الخصائص الفريدة التي كان يختص بها أهل البيت عليهم السلام و في مقدمتهم علي عليه السلام و بين بقية الصحابة الذين تناولوا القليل من العلم

______________________________

(1) فضائل الخمسة، ج 2/ 296.

(2) نفس المصدر، ج 2/ 306- 344.

(3) لقد حاول الأمويون- أعداء أهل البيت عليهم السلام- بعد ذلك أن يعمقوا حالة الانحراف في الأمة من خلال إصرارهم على طرح الأدعياء من الصحابة كمرجع للأمة في الشئون الدينية فى الوقت الذي أخذوا يطاردون كل من يذكر عليا، أو الأخذ من علي عليه السلام، كما تشير الى ذلك الوقائع و الأحداث و النصوص التاريخية، و استجاب لهذا الخط الانحرافي العباسيون بسبب الشعور بالخوف من غلبة و ظهور أبناء علي عليه السلام على الساحة السياسية إذا ارتبطت الأمة بهم فكريا و مذهبيا.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 76

فضلا عن أولئك الأشخاص الذين لم يكونوا في الحقيقة من أصحاب النبي و إنما كانوا من (الأدعياء) الذين حاولوا أن يتسلقوا على هذا الموقع الروحي المقدس بعد وفاة الرسول (ص) فألصقوا أنفسهم به.

و لعل خير ما يصور لنا بدايات هذا الخلل و وجود هذين المستويين من التفسير ما رواه الكليني و الصدوق

و غيرهما عن سليم بن قيس الهلالي، عن علي عليه السلام، قال سليم: «قلت لامير المؤمنين (ع): أني سمعت من سلمان و المقداد و أبي ذر شيئا من تفسير القرآن و أحاديث عن النبي (ص) غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، و رأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن و من الأحاديث عن نبي اللّه (ص) أنتم تخالفونهم فيها، و تزعمون بأن ذلك كله باطل، أ فترى الناس يكذبون على رسول اللّه (ص) متعمدين و يفسرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل علي و قال:

«قد سألت فافهم الجواب: إنّ في أيدي الناس حقا و باطلا و صدقا و حفظا و وهما و قد كذب على رسول اللّه (ص) على عهده حتى قام خطيبا، فقال: «أيها الناس قد كثرت عليّ الكذابة فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» «1»، ثم كذب عليه من بعده، و إنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس.

رجل منافق يظهر الإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثم و لا يتحرج أن يكذب على رسول اللّه (ص) متعمدا فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب لم يقبلوا منه، و لم يصدّقوه، و لكنهم قالوا: هذا صحب رسول اللّه و رآه و سمع منه، و هم لا يعرفون حاله، و قد أخبره اللّه عن المنافقين بما أخبره و وصفهم بما وصفهم، فقال عزّ و جلّ:

وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ. «2»

ثم بقوا بعده ... فهذا أحد الأربعة.

______________________________

(1) نهج البلاغة من تحقيق الدكتور صبحى صالح/ 325، و مسند أحمد، ج 1/ 165 بتفاوت فى العبارة.

(2) سورة المنافقون/ 4.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 77

و رجل سمع

من رسول اللّه (ص) فلم يحفظه على وجهه و وهم فيه، و لم يتعمد كذبا فهو في يده يقول به و يعمل به و يرويه فيقول: أنا سمعت من رسول اللّه (ص):

فلو علم المسلمون أنّه و هم لم يقبلوه، و لو علم هو أنه و هم لرفضه.

و رجل ثالث: سمع من رسول اللّه (ص) شيئا أمر به ثم نهى عنه و هو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شي ء ثم أمر به و هو لا يعلم، فحفظ منسوخه و لم يحفظ الناسخ، و لو علم أنّه منسوخ لرفضه، و لو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

و آخر رابع: لم يكذب على رسول اللّه (ص) مبغض للكذب خوفا من اللّه، و تعظيما لرسول اللّه (ص) لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به كما سمع، لم يزد فيه و لم ينقص منه، و علم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ و رفض المنسوخ، فإنّ أمر النبي (ص) مثل القرآن ناسخ و منسوخ، و خاص و عام، و محكم و متشابه، قد كان يكون من رسول اللّه الكلام له وجهان، كلام عام و كلام خاص مثل القرآن.

و قال اللّه عزّ و جلّ في كتابه: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «1» فيشتبه على من لم يعرف و لم يدر ما عنى اللّه به و رسوله.

و ليس كل أصحاب رسول اللّه كان يسأله عن الشي ء فيفهم، و كان منهم من لا يسأله و لا يستفهمه حتى ان كانوا يحبّون أن يجي ء الاعرابي و الطاري، فيسأل رسول اللّه (ص) حتى يسمعوا.

و قد كنت أدخل على رسول اللّه (ص) كل يوم دخلة، و

كل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار، و قد علم أصحاب رسول اللّه (ص) أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، فربما كان في بيتي يأتيني رسول اللّه (ص)، و كنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني، و أقام عني نساءه فلا يبقى عنده غيري، و إذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة و لا أحد من بني، و كنت إذا سألته أجابني، و إذا

______________________________

(1) سورة الحشر/ 7.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 78

سكت عنه و فنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول اللّه (ص) آية من القرآن إلّا أقرأنيها و أملاها عليّ فكتبتها بخطي، و علّمني تأويلها و تفسيرها، و ناسخها و منسوخها، و محكمها و متشابهها، و خاصها و عامها، و دعا اللّه أن يعطيني فهمها و حفظها، فما نسيت آية من كتاب اللّه تعالى، و لا علما أملاه عليّ و كتبته منذ دعا اللّه لي بما دعا، و ما ترك شيئا علمه اللّه من حلال و لا حرام، و لا أمر و لا نهي، كان أو يكون، و لا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه و حفظته فلم أنس حرفا واحدا». «1»

النتائج الخطيرة التي ترتّبت على إبعاد أهل البيت (ع) عن هذه المرجعية:

لقد ترتبت نتائج خطيرة في المجتمع الإسلامي و في الثقافة الاسلامية بشكل عام، و المعرفة التفسيرية بشكل خاص، بسبب عدم التمييز بين أهل البيت و بقية الصحابة في أخذ العلوم الاسلامية و بالخصوص تفسير القرآن، و يمكن أن نشير هنا إلى بعض العناوين العامة لهذه النتائج:

1- مواجهة القرآن الكريم في عملية التفسير كمشكلة لغوية. لأن الصحابة حين فقدوا العنصر الخارجي و هو التعلم من الرسول (ص)، كان من الطبيعي

أن ينحصر نتاجهم التفسيري بما يقتضيه المحتوى الداخلي لهم. و لم يكن ذلك المحتوى بالمستوى الذي يمكنه أن يواجه القرآن الكريم بشكل أعمق من المشكلة اللغوية، فجاءت هذه المرحلة و هي لا تعنى بكثير من الجوانب العقلية و الاجتماعية التي اهتمت بها مراحل متأخرة.

2- انفتاح باب الرأي و الاستحسان، الأمر الذي أدى إلى نتائج خطيرة في المعرفة التفسيرية، و انتهى إلى ظهور الصراع التاريخي، بين مذاهب التفسير بالمأثور و التفسير بالرأي.

______________________________

(1) الاصول من الكافى، ج 1/ 62.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 79

3- اعتماد الصحابة على أهل الكتاب في تفسير القرآن نتيجة لعدم الاستيعاب من جانب، و المتطلبات الفكرية التي كانت تواجههم كقادة فكريين من جانب آخر.

4- التأثر بالاطارات الفكرية الخاصة في تفسيرهم للقرآن، أو فهمهم للاستعارة القرآنية بشكل آخر لا ينسجم مع الواقع القرآني. بسبب عدم اطّلاعهم على الاطار الفكري لتلك الاستعارة القرآنية.

5- عدم الدقة في الضبط و الصيانة للمصادر الرئيسية للمعرفة التفسيرية و هي النص القرآني و المأثور عن الرسول (ص) و أقوال الصحابة الذين عاشوا الأحداث الاسلامية التي ارتبط بها النص القرآني.

و نحن نلاحظ مجموعة من نقاط الضعف اكتنفت عملية الاستفادة من هذه المصادر نتيجة للسذاجة في الضبط و الحماية.

1/ 5- ظاهرة تعدد القراءات، حيث حاول بعض العلماء أن يفسر ذلك على أساس أنّ القرآن جاء به الوحي إلى الرسول الأعظم (ص) بهذا الشكل المختلف.

و لكننا لا يمكن أن نقبل مثل هذه المعالجة بشكل مطلق و في جميع الحالات خصوصا في الحالات التي يكون لاختلاف القراءة تأثير على المعنى، كما في «يطهرن» بالتخفيف و «يطّهرن» بالتشديد. إذ في مثل هذه الحالة لا يمكن أن نتعقل الترديد في الحكم الشرعي المستفاد منها. «1»

و

حينئذ نجد أنفسنا أمام تفسيرين لهذه الظاهرة بشكل عام أو على الأقل في بعض الحالات:

الأول: هو إهمال ضبط الكلمات القرآنية بشكل معين في عهد الرسول (ص) من قبل الصحابة أنفسهم أو نسيان الطريقة الصحيحة لنطق اللفظ نتيجة عدم التدوين، كما أشرنا إلى ذلك سابقا.

______________________________

(1) يحسن بهذا الصدد مراجعة «البيان في تفسير القرآن» لآية اللّه الخوئي (المدخل) 1/ 102- 117 و سورة البقرة/ 222.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 80

الثاني: تدخّل عنصر الاجتهاد و الاستحسان في القراءة بعد فقدان حلقة الوصل التي كانت تربط بين بعض الصحابة و الرسول (ص).

و من الممكن أن يكون السببان مشتركين في نشوء هذه الظاهرة.

و يبدو لنا بشكل واضح تأثير اختلاف القراءات على فهم النص القرآني إذا لاحظنا هذا النص التاريخي عن مجاهد أحد كبار مفسري التابعين:

«لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود لم أحتج إلى أن أسأل ابن عباس عن كثير من القرآن» «1».

2/ 5- وجود ظاهرة نسخ التلاوة، حيث لا يمكن تفسير بعض النصوص التي تتحدث عن هذا النسخ، إلّا على أساس أنّ الراوي كان يسمع من النبي (ص) الحديث أو الدعاء، فيتصوره قرآنا أو يختلط عليه الأمر بعد ذلك. و إلّا فكيف نفسر ادّعاء عمر بن الخطاب آية الرجم مع أنه يصرح أنّها مما فات عنه الرسول و هو يقرأ من القرآن؟!!. «2»

3/ 5- و إلى جانب القرآن الكريم تعرض المأثور عن رسول اللّه (ص) إلى هذه الظاهرة، و نلاحظ ذلك في اختلاف ما يروى عن رسول اللّه (ص) في التفسير. «3»

كما نجد مثل هذا الشي ء أيضا في نقل الحوادث التاريخية التي ارتبطت بها

______________________________

(1) الترمذي، ج 11/ 68.

(2) البخاري، 4/ 120 باب رجم الحبلى من الزنا فى كتاب الحدود،

و الاتقان، ج 1/ 85.

(3) و بصدد أسباب النزول نجد علماء التفسير يأخذون قول الصحابي بمنزلة المرفوع في أسباب النزول من دون تردد، و الكثير منهم يعمّم الحكم الى جوانب المعرفة التفسيرية، في الوقت الذي يجب علينا كباحثين أن نميّز بين الصحابة الذين عاشوا هذه الأحداث عن كثب، و شاهدوا تفاصيلها، و بين الذين اعتمدوا في نقلهم لها على الشائعات و الأقاويل، الأمر الذي يؤدي في أكثر الأحيان إلى الالتباس في نقل الخصوصيات، فنحن حين نشاهد بعض المسلمين يختلفون في المسجد الذي أسّس على التقوى هل هو مسجد «قبا» أو مسجد الرسول (ص) في زمن الرسول و يرفعون هذا الاختلاف للرسول الأعظم ليحكم فيه (الترمذي، ج 11/ 245) نسمح لأنفسنا أن نشكّك في كل ما يروى عن الصحابة بهذا الشأن اذا لم يكن الشخص الراوي قد عاش الحادثة بنفسه.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 81

بعض الآيات القرآنية. حيث نلاحظ مفارقات كثيرة في ذلك، مما أدى في بعض العصور المتأخرة الاسلامية إلى نشوء بعض الفرق و المذاهب المختلفة. و يظهر ذلك بمراجعة أي كتاب من كتب أسباب النزول. «1»

6- ظاهرة التفسير لأغراض سياسية أو شخصية.

حيث يلاحظ الباحث في المعرفة التفسيرية لذلك العصر مواقف تفسيرية كثيرة كانت تحقق أغراضا و أهدافا معينة.

و هناك شواهد كثيرة تشير بأكثر من إصبع اتهام أولئك الأشخاص الذين اشتروا بآيات اللّه أثمان قليلة، فراحوا يخدمون جهات معينة سياسية أو شخصية و يتقاضون أجر ذلك منصبا زائلا أو ذهبا رنّانا.

و لعل من أبرز هذه الشواهد هو ما يتضح من المقارنة بين ما يذكره علماء القرآن و الحديث في شأن المفسرين من الصحابة. حيث يذكرون: أنّ عليا (ع) من أكثر الصحابة تفسيرا للقرآن، و

أنّ أبا هريرة من أقلهم تفسيرا «2» ... و بين ما يذكر في كتب التفسير الصحيحة حيث نجد ما يروى عن أبي هريرة أكثر مما يروى عن علي.

إنّ هذه النتائج الخطيرة في الوقت الذي أضرّت بالمعرفة التفسيرية كان لها أضرار كبيرة أيضا على مجمل المعرفة الاسلامية و الأوضاع السياسية و الاجتماعية للمسلمين.

التفسير عند مدرسة أهل البيت عليهم السلام

من أجل أن نوضح المعالم الأساسية و الميزات الخاصة التي تتميز بها مدرسة أهل البيت (ع) في التفسير، لا بد أن نشير إلى نقطتين لهما أهميتهما بهذا الصدد:

الأولى: نظرة أهل البيت (ع) إلى القرآن الكريم.

______________________________

(1) الاتقان، ج 2/ 187.

(2) قارن ما ذكرناه بالروايات المذكورة عن على و أبى هريرة من كتابى التفسير للبخاري و الترمذي.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 82

الثانية: نظرة أهل البيت (ع) العامة الى طرق الإثبات و الوصول الى فهم القرآن الكريم و الشريعة الاسلامية و معرفة السنة النبوية.

موقع القرآن الكريم في نظر أهل البيت

أمّا النقطة الأولى: فيمكن أن نشير فيها الى أمرين رئيسين، بالاضافة الى نظرتهم المتميزة في تقديس القرآن الكريم، حيث يضعونه في المرتبة الثانية بعد اللّه تعالى، و الى اهتمامهم الخاص في حفظ و تعلم القرآن الكريم و قراءته:

ثبوت النص القرآني

الأول: إنّ القرآن الكريم المتداول بين المسلمين هو مجموع ما نزل على النبي (ص) في فترة نبوته و رسالته باعتباره كلاما إلهيا دون زيادة أو نقصان، و هو ما نسمّيه بثبوت النص القرآني و سلامته من التحريف بالزيادة أو النقيصة.

و بهذا الصدد لا بد أن نشير الى ظاهرتين مهمتين توضح الصورة و الموقف تجاه قضية تحريف القرآن الكريم:

1- إنّ المسلمين جميعا سنة و شيعة متفقون على تداول نص واحد من القرآن الكريم و في جميع العصور، بحيث لا نجد في جميع الأصقاع و الأقطار الاسلامية أو غيرها أي نص آخر للقرآن الكريم غير النص الذي يتداولونه بشكل عام.

الأمر الذي يؤكد حقيقة سلامة النص القرآني، و يبطل كل الشبهات و الإثارات التي يتداولها بعض الأشخاص لاتهام فرقة أو جماعة من المسلمين بأنهم يعتقدون بالتحريف.

2- إننا نجد على مستوى الروايات و الأحاديث و كذلك أحيانا على مستوى الإثارة في الأبحاث العلمية و الآراء النظرية ما يمكن أن يوهم بالتحريف و النقيصة، سواء على مستوى علماء و حفّاظ جمهور المسلمين كالبخاري و مسلم و غيره، أو

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 83

مستوى حفّاظ و علماء أتباع مذهب أهل البيت (ع) الأمر الذي لا بدّ من معالجته بالموقف الواضح و التسالم القطعي بين المسلمين على سلامة القرآن من التحريف، أو تأويل هذه الروايات و الأحاديث أو الآراء.

و لا يستفيد من مثل هذه الإثارات إلّا أعداء الاسلام و القرآن من المستشرقين و

المبشّرين و الصهاينة و الاستكبار العالمي الغربي، أو الملاحدة و المرتدين من أوساط المجتمعات الاسلامية.

القرآن هو المرجع العام للرسالة الاسلامية

الثاني: إنّ القرآن الكريم هو المرجع الأول و المصدر العام للرسالة الاسلامية بكل أبعادها، و الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و منها العقيدة و الشريعة الاسلامية و السنن التاريخية و النظرة العامة للكون و الحياة و المجتمع و السلوك الانساني.

و السنة النبوية و إن كانت تمثل المرجع الآخر، إلّا أنّ القرآن الكريم يمتاز على السنة النبوية في ثبوته بنصه يقينا، و قدسيته باعتباره الكلام الالهي، و بالتالي يكون المرجع للسنة عند الشك في ثبوت مضمونها أو نصها، و لا يقبل من الحديث إلّا ما كان موافقا للقرآن الكريم.

كما أنّ أهل البيت عليهم السلام ينظرون الى السنة النبوية القطعية نظرة التقديس، و يضعونها حكما يمكن تمييز صحة حديثهم من خلال موافقتها، كما يمكن ردّ الحديث و الحكم عليه بالبطلان من خلال مخالفته للسنة النبوية فضلا عن مخالفته للقرآن، و لا يجدون أي مبرر للاجتهاد في مقابل النص القرآني.

العلم هو طريق الاثبات

النقطة الثانية: إنّ من الملاحظ أنّ أهل البيت سلام اللّه عليهم قد أكدوا في كثير من الروايات و النصوص على أهمية سلوك طريق العلم و المناهج العلمية في الوصول إلى حقائق الاسلام و القرآن.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 84

و هنا يمكن أن يثار هذا السؤال و هو أننا نعرف بأنّ القرآن الكريم تناول هذا الموضوع بشكل أوسع في مثل قوله تعالى: إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً «1» و قوله تعالى: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا «2» و غير ذلك من الآيات الكثيرة.

كما أنّ السنة النبوية الثابتة لدى المسلمين جميعا أكدت ذلك أيضا خصوصا في مجال

تفسير القرآن، حيث ورد عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنّه: «من فسر القرآن برأيه فقد كفر ...» «3» فما هو السبب في هذا التأكيد الواسع لأهل البيت على هذا الموضوع؟ و هل هو مجرد انسجام مع القرآن الكريم و السنة النبوية أو أنّ الأوضاع التي كان يعيشها المسلمون تقتضي هذا التأكيد؟.

و الذي يبدو من خلال مراجعة التاريخ الاسلامي و خصوصا تاريخ تطور «علم الحديث» من ناحية، و الظروف التي مرّ بها العالم الاسلامي في الصدر الاول للاسلام من ناحية أخرى، و النصوص الكثيرة التي وردت عن أهل البيت عليهم السلام، أنّ هناك مجموعة من القضايا و المشاكل و الظواهر شهدتها الأمة الاسلامية أدت إلى هذه الإثارات و التأكيدات من قبل مدرسة أهل البيت.

فأولا: المنع الذي فرضه الخليفة الثاني عمر على تدوين الحديث و الذي استمر إلى عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز. فإنّ هذا المنع- مع قطع النظر عن تفسير خلفياته و أسبابه- أدى بطبيعة الحال إلى ضياع الكثير من السنة النبوية أو عدم ضبطها بشكل مناسب، الأمر الذي فتح الباب واسعا أمام حركة «الرأي» و «الظن» و «الاجتهاد» للوصول إلى الحكم الشرعي.

______________________________

(1) سورة يونس/ 36.

(2) الاسراء/ 36.

(3) كذلك في الحديث المروي عن النبي (ص)، قال اللّه جلّ جلاله: «ما آمن بي من فسّر برأيه كلامي».

بحار الأنوار، ج 89/ 107، و في حديث آخر عن أبي عبد اللّه (ع): «من فسر آية من كتاب اللّه فقد كفر». نفس المصدر/ 111.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 85

و ثانيا: المشكلات الجديدة التي واجهها العالم الاسلامي بسبب الفتح الاسلامي الواسع، سواء على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي، أو الحكم و ادارته، أو على مستوى الفرد و

الجماعة و العلاقات السياسية و التي تحتاج إلى معالجته على ضوء الشريعة الاسلامية.

و ثالثا: إضفاء الشرعية و الحجية- في القول و العمل- على كل من عاصر النبي أو سمع منه و لو لفترة بسيطة أو في الأماكن العامة بحيث يكون مرجعا للمسلمين في الشئون الدينية استنادا الى فكرة عدالة جميع هؤلاء الافراد على الاطلاق دون وضع أصول و ضوابط في ذلك، مثل الورع و الضبط و الاستيعاب و الاحاطة بالظروف الحالية و المقاليّة التي ورد فيها النص، أو حتى الاطّلاع على النصوص الأخرى، و المعالم المتعددة للسنة النبوية من أقوال و أفعال و إقرار و التي تلقي الضوء على مضمون النص أو تفسره و توضحه و تبيّنه، فكان شأن المسلمين حينذاك في كثير من الأحيان شأن من يحاول استنباط الأحكام الشرعية في العصور المتأخرة بمجرد الرجوع إلى رواية يجدها في أحد الكتب الحديثية دون الفحص عن الروايات الأخرى، أو رجال الحديث الذين رووا هذه الرواية.

إن صحبة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) شي ء مقدس و لها نتائج و إيحاءات روحية و معنوية عظيمة، و لكن إضفاء هذا العنوان على كل من عاصر رسول اللّه أو التقى به أو سمع منه، مع انّ فيهم «المنافق» و «الأعرابي» و «الساذج» أو الذي خلط عملا صالحا بآخر سيّئ، أو عرف من الاسلام مجرد مفاهيم عامة و شعارات و طقوس دون أن يدخل الايمان إلى قلبه، أو يتربى على المعرفة و الأخلاق و العقائد و الآداب الاسلامية، أو دون أن يعرف التقوى حق المعرفة، أو كان ممن بقيت في أعماقه رواسب العادات و الأخلاق الجاهلية و الأفكار الوثنية.

إنّ وجود مثل هذه الأصناف في المجتمع الاسلامي الذي عاصر الرسول

(صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها، حيث تحدث عنها القرآن

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 86

الكريم و السنة النبوية و التاريخ الاسلامي، و دلّت على هذه الحقيقة مجمل الأحداث و التصرفات و المواقف و السلوكيات التي صدرت عن هؤلاء المعاصرين.

و رابعا: الأغراض السيئة لبعض الجماعات و الأفراد التي كان لها مواقع في المجتمع الاسلامي و خصوصا في العهد الأموي من دون فرق بين الأغراض السياسية أو النفعية الذاتية أو الأخلاقية التي تنطلق من الحسد و الحقد و النعرات الجاهلية في الصراعات القبلية الموروثة.

إنّ هذه الأغراض كان لها دور كبير و مهم في إيجاد الفوضى و الاضطراب و استغلال الفراغ الذي تركه عدم تدوين السنة النبوية و عدم تشخيص المرجعية الدينية للمسلمين المتمثلة بأهل البيت سلام اللّه عليهم.

و لا نريد بهذه العجالة أن نشير إلى جميع هذه القضايا و المشاكل، و لكن نريد أن نوضح الأوضاع و الظروف التي ولدت فيها حركة الرأي و الاجتهاد و الحدس الذي لا يعتمد على الضوابط و الأصول.

كما لا نريد هنا أيضا أن نتناول قضية تم بحثها في علم الاصول ترتبط بالأدلة الظنية التي أنكرها أئمة أهل البيت (ع)، مثل «القياس» و «الاستحسان» و «المصالح المرسلة» و «رأي الصحابي» و غيرها، فإنّ بحث هذا الموضوع له مجال آخر، و إنما نريد أن نشير هنا إلى نقطة محورية في هذا البحث و هي:

أنّ «أهل البيت» عليهم السلام، كانوا يرون أنّ طريق الوصول إلى حقائق الاسلام بقي مفتوحا و ميسورا من خلالهم، أي من خلال الامام علي عليه السلام، الذي هو باب مدينة العلم الذي اعتمده النبي صلّى اللّه عليه و آله و علّمه القرآن و

تفسيره، حيث دوّن كل هذه المعلومات في صحيفة جامعة اشتملت على جميع تفاصيل الشريعة حتى ارش الخدش و أحاط بالقرآن الكريم:

في المضمون و في العمق، فهو يعرف ظاهره و باطنه و محكمه و متشابهه.

و في نصه و آفاقه، فهو يعرف ناسخه و منسوخه و عامه و خاصه و مطلقه و مقيده.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 87

و في الظروف المحيطة به و القرائن الحالية التي اقترنت بنزوله، فهو يعرف في أي وقت نزلت و في أي الأشخاص و الجماعات و لأجل أي غرض أو هدف ...

و حتى أولئك الذين يرون صحة الرجوع إلى القياس و غيره من الأدلة الظنيّة، إنّما يصح ذلك في رأيهم، أو يقولون بحجية هذه الأدلة إذا فقدوا الدليل و النص على الحكم الشرعي و المعرفة الاسلامية، أي «إذا انسد باب العلم» إلى هذه الحقائق كما يعبر الاصوليون.

و أما إذا كانت الفرصة قائمة و موجودة للوصول إلى الحكم الشرعي و المعرفة من خلال طريق العلم و وسائل الاثبات اليقينية، فلا يصح ذلك بالاجماع.

و هذا ما أكده أهل البيت (ع) في هذه الروايات الكثيرة و هو الذي كان سببا رئيسيا في هذا القدر من الإنكار و الاستنكار على مدرسة الرأي.

و الايمان بصحة هذا الأمر هو الذي دعا جماعة كبيرة من كبار فقهاء الجمهور في عصور الأئمة المختلفة للرجوع إلى أهل البيت (ع) من أجل أن يعرفوا هذه الحقائق اليقينية و تأثروا بهم في مختلف مجالات المعرفة و خصوصا في التفسير».

هذا آخر ما نذكره عن مدرسة أهل البيت عليهم السلام في تفسير القرآن و في نظرتهم المتميزة في طرق الاثبات و الوصول الى فهم القرآن الكريم و الشريعة الاسلامية و ان طال عليه الكلام.

المفسرون

حياتهم و منهجهم، ص: 88

التفسير الفقهي

هو منهج يهتم مفسره باستنباط الأحكام الشرعية من خلال آيات تعلّق بها حكم شرعي من الأحكام الخمسة.

و الأحكام الشرعية تنقسم الى ثلاثة أقسام:

1- أحكام اعتقادية تتعلق بما يجب على المكلف اعتقاده في اللّه سبحانه و تعالى.

2- أحكام خلقية تتعلق بما يجب على المكلف أن يتحلّى به من الفضائل، و أن يتخلى عنه من الرذائل.

3- أحكام عملية تتعلق بما يصدر عن المكلف من أقوال و أفعال و عقود و تصرفات.

و هذه الأحكام أيضا تنقسم إلى قسمين: أحكام العبادات التي يقصد بها تنظيم علاقة الانسان بربه، و أحكام المعاملات من عقود و تصرفات و عقوبات و غيرها مما يقصد به تنظيم علاقة المكلفين بعضهم ببعض سواء كانوا أفرادا أم أمما أم جماعات.

و الفقه في المعنى الاصطلاحي يطلق على القسم الأخير ب (الأحكام العملية) و إن كان مفاد كلمة الحكم و الفقه يقتضي جميع هذه الأقسام.

فالمفسر الفقيه يحاول استنباط الأحكام العملية التي هي على الغالب مجملة غير مفصّلة و يستعين بالسنة للوصول الى الأحكام العملية التي يتوخاها الفقيه من وراء الآيات القرآنية وفق مقاصده و طبق أصوله و قواعده.

المنهج القرآني في تقرير الأحكام

إنّ معظم الأحكام إنّما نزلت ابتداء من دون أن يكون لنزولها سبب مباشر يفي بحاجات الناس في ذلك الوقت، إلّا أنّ بعض منها نزل مرتبطا بسبب خاص.

و سبب النزول، قد يكون سؤالا وجّه إلى الرسول (ص)، أو حادثة وقعت في

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 89

عهده فتنزل الآية أو الآيات إجابة عن السؤال، أو بيانا لحكم حادثة ما وقعت في ذلك الوقت. و ما نزل إجابة عن سؤال صدر غالبا بكلمة «يسألونك»، أو «يستفتونك». و أمّا ما نزل بيانا لحادثة فهو كثير في الكتاب العزيز.

و أمّا أهم سمات المنهج

القرآني في تقرير الأحكام فهي كما يلي:

1- ايثار الإجمال خاصة في أحكام المعاملات و الاكتفاء في أغلب الأحيان بالإشارة الى مقاصد التشريع و قواعده الكلية و مبادئه العامة دون ذكر لأحكام الجزئيات.

2- المنهج القرآني كما قام على الإجمال غالبا، قام على التوزيع دون التجميع، أي أنّ أحكامه وردت موزّعة على الآيات و السور دون أن تفرد أحكام الموضوع الواحد في سورة واحدة، كموضوع الأسرة مثلا، حيث تجده موزّعا على مجموعة كبيرة من الآيات و السور.

3- لم ترد كل الأحكام في صيغة قاطعة في معنى معين لا يحتمل اجتهادا أو خلافا، فقد وردت بعض الأحكام في صيغة جازمة قاطعة لا تحتمل خلافا، و لا يصح الاجتهاد فيها، و من ذلك آيات وجوب الصلاة و الزكاة و حرمة الربا و السرقة و نحو ذلك، و بعض الأحكام قابلة لاختلاف الأفهام و مجالا للبحث و الاجتهاد و اختلاف الآراء.

و كذا من حيث نوع البيان في بيان الحلال و الحرام، فلم يعبر في كل ما كان واجبا بمادة الوجوب، و لا فيما هو محرم بمادة الحرمة، بل قد يدل على ذلك بالأمر بالفعل أو النهي عنه. «1»

تنوع التفسير الفقهي تبعا لتنوع الفرق الاسلامية:

كان القرنان الثاني و الثالث يمثلان عصر النشأة للمذاهب الفقهية، و هذا العصر من أزهى عصور الاجتهاد في الفقه الاسلامي، و بعد هذا العصر يتنوع التفسير الفقهي تبعا لتنوع الفرق الاسلامية. فلأهل السنة مذاهب فقهية أربعة مشهورة المفسرون حياتهم و منهجهم 89 تنوع التفسير الفقهي تبعا لتنوع الفرق الاسلامية: ..... ص : 89

____________________________________________________________

(1) الفقه فى عصر البعثة، الدكتور محمد الدسوقى، مجلة كلية الدعوة، العدد 4/ 24.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 90

(الحنفي و الشافعي و المالكي و الحنبلي) و للشيعة مذهبان: الجعفري

و الزيدي بالاضافة الى المذهب الأباضي (و هذا المذهب يعزوه الى الخوارج). «1» و كذا مذاهب مندثرة و بعضها اشتهر و له آثار علمية باقية كالمذهب الظاهري. و أهم ما تمتاز به هذه المرحلة هو تنظيم و ترتيب الفقه المذهبي و التفسير الفقهي المذهبي، فقد كان من آثار الدفاع عن المذاهب و الدعاية لها و العمل على نشرها، تأليف الكتب التي تجمع شتات المسائل في المذاهب مع تعليلها و تخريجها حسب أصول معتمدة مأخوذ بها و دعمها بالأدلة، و ذكر المسائل الخلافية مع المذاهب الأخرى، و تحرير أوجه الخلاف و بيان رجحان المذهب.

و يظهر في هذه المرحلة التعصب المذهبي و المناظرة غير العلمية. و ساعد على حدّة التعصب المذهبي النزعات العرفية و الاقليمية، كما ساعد عليه أيضا أهواء بعض الحكام، اولئك الذين اتخذوا من الخلاف و التفرقة وسيلة لحماية استبدادهم و جورهم. «2»

منهج المفسرين في تقرير الاحكام

لقد تطور التفسير الفقهي منذ عصر تدوين التفسير، و تفنن المؤلفون في ذلك في ترتيب كتبهم و مؤلفاتهم حول الآيات التي تتعلق بها أحكام القرآن، و لعل أهم ما تطرق اليه المؤلفون حول آيات الاحكام يبتني على شكلين بارزين:

الأول: طريقة تنظيم الآيات على أساس الموضوعات المبوبة في ابواب الفقه على سياق كتبها. فان المؤلفين مهتمون في ترتيب آيات الاحكام على موضوعها الشرعي الخارجي، كالطهارة و الصلاة و الزكاة و الحج الى الدّيات، على غرار الأبواب الفقهية في تصانيف الفقهاء، فان المفسرين يستخرجون من الآيات كل ما يتعلق بابواب الطهارة و غيرها، فبعد تفسيرها يستنبطون من مجموعها الأحكام التي تتعلق بها،

______________________________

(1) منهج التقارب بين المذاهب الفقهية، الدكتور محمد الدسوقى، مجلة كلية الدعوة، العدد 10/ 69.

(2) نفس المصدر/ 72.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 91

على اختلاف المذاهب و المنهج.

الثاني: طريقة تفسير آيات الاحكام على غرار ترتيب السور و الآيات، فالمؤلفون يسيرون بسير القرآن و ترتيبه من سورة الحمد الى آخره، فيبحثون فيه آية آية كما كان متداولا في التفاسير البيانية.

و من الطبيعي ان تختلف قيمة هذه المؤلفات من الناحية العلمية و المنهجية، اما طريقنا في التعريف، فانّه لم يكن شاملا لجميع الكتب؛ لان منهجنا هو التعريف بالتفسير الترتيبي و على سياق المصحف الموجود، او التعريف على ترتيب النزول.

اما التفاسير الفقهية الموضوعيّة: و ان كان لها الحق في المنهج هذا فى تقرير الاحكام و الدراسات الفقهية، إلّا إنه خارج عن دائرة عملنا؛ لان هذه الكتب و ان كتبت فيها احكام القرآن و آيات الأحكام، إلّا انها في الحقيقة كانت بشكل موضوعي لا ترتيبي.

و اكثر الطرق المتّبعة في احكام القرآن لدى الشيعة هو الطريق الأول، كما كانت اكثر المناهج المتبعة عند اهل السنة هو الطريق الثاني.

و بما ان التعريف بهذه الكتب خارج عن منهجنا، اكتفينا بالتعريف الاجمالي للكتب المترتبة على حسب الموضوعات.

و اما القسم الثاني منها- يعني ترتيبها على غرار ترتيب الآيات و السور- فنعرّفها حسب ترتيب الحروف الهجائية في مكانها و ان كنا نميّزها في فهرست الكتاب.

و اما التفاسير الفقهية الموضوعية فنشير بالتعريف الاجمالى لها:

1- مسالك الافهام الى آيات الاحكام: فاضل الجواد الكاظمي (المتوفى في القرن الحادي عشر)، الشيعي الاثنا عشري، اربع مجلدات، الطبعة الثانية، 1365 ش- 1407 ه، طهران، المكتبة المرتضوية لاحياء الآثار الجعفرية.

2- زبدة البيان في احكام القرآن: أحمد بن محمد الشهير بالمقدس الاردبيلي (المتوفى سنة 993 ه)، الشيعي الاثنا عشري، مجلد كبير، طهران: المكتبة المرتضوية

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 92

لاحياء الآثار الجعفرية.

3- كنز العرفان في فقه

القرآن: جمال الدين المقداد بن عبد اللّه السيورى (المتوفى سنة 826 ه)، الشيعي الاثنا عشري، مجلدان، الطبعة الاولى، طهران، المكتبة المرتضوية لاحياء آثار الجعفرية، سنة 1384 ه.

4- آيات الاحكام: محمد بن علي بن إبراهيم الاسترآبادي (المتوفى سنة 1028 ه) الشيعي الاثنا عشري، مجلد واحد، الطبعة الاولى، طهران، مكتبة المعراجي، 1394 ه.

5- تبصرة الفقهاء: الشيخ محمد الصادقي الطهراني (صاحب تفسير الفرقان، المتولد 1346 ه) الشيعي الاثنا عشري، مجلدان، قم، الطبعة الاولى، انتشارات فرهنگ اسلامي، 1412 ه- 1991 م.

6- آيات الاحكام: (بالفارسية): أحمد ميرخاني، الشيعي الاثنا عشري، الناشر المؤلف، ثلاثة مجلدات، الطبعة الاولى 1366 ش- 1408 ه.

7- احكام القرآن (بالفارسية): الدكتور محمد الخزائلي، الشيعي الاثنا عشري، مجلد كبير، 800 ص، الطبعة الخامسة، طهران، منشورات جاويدان، 1361 ش- 1402 ه.

8- آيات الاحكام او تفسير شاهي (بالفارسية): السيد الامير ابو الفتح الجرجاني (المتوفى سنة 976 ه)، الشيعي الاثني عشري، مجلدان، طهران، انتشارات نويد، بتصحيح ميرزا ولي اللّه اشراقي.

9- تفسير آيات الاحكام: العبادات و المعاملات، العقوبات و الأحوال الشخصية.

الدكتور أحمد محمد الحصري، مجلد واحد، بيروت، دار الجيل، الطبعة الاولى، 1411 ه- 1991 م.

10- احكام القرآن: الامام محمد بن ادريس الشافعي. بيروت، دار الكتب العلمية، مجلدان، 1400 ه- 1980 م.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 93

التفسير العلمي

هو تفسير يذهب قائله الى استخراج جملة العلوم القديمة و الحديثة من القرآن، و يرى في القرآن ميدانا يتسع للعلم الفلسفي و الانساني في الطب و التشريح و الجراحة و الفلك و النجوم و الهيئة و خلايا الجسم و أصول الصناعات و مختلف المعادن، فيجعل القرآن مستوفيا بآياته لهذه الحيثيات، و يحكم الاصطلاحات العلمية في القرآن و يجتهد في استخراج هذه العلوم. «1»

و قد يعبّر

عن التفسير العلمي بربط الحقائق العلمية الثابتة للعوالم الكونية و الطبيعية المختلفة بمعاني الآيات القرآنية بدلالة الألفاظ اللغوية على المعاني في المشهور من المأثور و المعهود في اللغة. «2»

و هذا غير استخراج جملة العلوم القديمة و الحديثة من القرآن و فرق واضح بينهما؛ لأنّ الأول: يعتقد بتضمن القرآن لجميع هذه العلوم من حيث هي علوم و معارف، و الثاني: يعتقد أنّ القرآن حين تناول مظاهر الكون عامة من الشمس و القمر و النبات و المطر، لم يتناولها ليعطينا قواعد علمية عن هذه الاشياء، و لكن ليلفت النظر الى الدليل النظري الذي يدل على عظمة اللّه جل شأنه، و لن نستطيع أن نلفت النظر إن لم نطّلع على العلوم و المعارف، إذ في ضوئها نفهم كثيرا من أسرار القرآن.

و بعد هذا نقول: لقد اتسم التفسير العلمي للقرآن في العصور المختلفة بظهور باحثين ربطوا الآيات القرآنية بنظريات علمية متغيرة، و استفاضوا في إغرابهم

______________________________

(1) مناهج تجديد، أمين الخولى/ 287.

(2) مجلة كلية الآداب جامعة بغداد: التفسير العلمي معالمه و ضوابطه، عبد القهار داود عبد اللّه العاني، العدد السادس و العشرون/ 181.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 94

بتفسير الآيات القرآنية مقمحة مع البحوث العلمية العامة، و كأنهم مصرون على ربط كل ما توصل إليه العلم في حقول الظنيات بالقرآن الكريم الذي هو كتاب الهداية و الاعجاز.

و ذهب آخرون بسبب هذا الاسراف و الشطط و الاغراب الى أن ينحو باللائمة على هذا المنهج، و يبيّنوا آثاره الفكرية السيئة على تفسير القرآن.

و ممن نهج هذا المنهج من السلف «الغزالي» في جواهر القرآن، و «الفخر الرازي» في التفسير الكبير (مفاتيح الغيب)، و «الزركشي» في البرهان و «السيوطي» في الاتقان «1» و «أبو الفضل

المرسي» في تفسيره. «2»

و في العصر الحديث خاصة- حيث تقدم العلم تقدما واضحا و أعجب الناس بثمراته- قد راج لدى جمع من المفسرين، منهم الاسكندراني في «كشف الأسرار النورانية» و الطنطاوي في «الجواهر» و غيرهما.

انقسم الباحثون في العصر الحديث الى فريقين:

فريق منع التوسع في التفسير العلمي و الجري وراء النظريات العلمية القابلة للتغيير، و الاقتصار على الحقائق العلمية و قواعد البحث العلمي.

و فريق آخر ظنّ أنّ التوسع في التفسير العلمي سبب في إيمان الناس بالقرآن الكريم، و لهذا غلب على تفاسيرهم و بحوثهم القرآنية صبغة النظريات العلمية و القوانين الطبيعية، و يحكّم الاصطلاحات العلمية على القرآن و يجتهد في استخراج هذه العلوم من القرآن.

و بعد هذه المقدمة الموجزة حول المنهج العلمي و ذكر أنصاره، نقول:

إنّ القرآن الكريم كتاب هداية، و الغاية من القرآن الكريم هو أن يكون موجّها

______________________________

(1) البرهان في علوم القرآن، ج 2/ 25، و الاتقان، ج 2/ 271 (النوع 65)، و جواهر القرآن/ 32، و مفاتيح الغيب، الجزء 14/ 12.

(2) التفسير و المفسرون، ج 2/ 478.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 95

روحيا يربط الناس بالملإ الأعلى و يعرّفهم باللّه تبارك و تعالى، و لم ينزل ليكون كتابا علميا يتناول الحقائق العلمية، كما تناولته الكتب الاختصاصية، و الموضوعية في عرضه لآيات تتعلق بها مسائل علمية كالمظاهر من الشمس و القمر و النبات و المطر و خلق الانسان و الحيوانات و ... حتى ليخبر عن كيفية تكوين الأرض و السماء و الطب و ... أو ليعطينا قواعد علمية عن هذه الاشياء. بل انّ القرآن الكريم حينما يتناول مظاهر الكون لكي يلفت النظر الى أنّ هذا الكون الدقيق الصنع هو من صنعه و إبداعه و تكوينه

تبارك و تعالى، و أنّ الذي خلق الأرض و ما عليها من عجائب و غرائب، و تفرد بعلمه و عظمته و الوهيته لا يصح أن يعبد معه أحد سواه. و أنّ اللّه يبيّن لنا هذه الموضوعات ليلفت النظر الى الدليل النظري الذي يدل على عظمته جل شأنه.

و مع هذا كله نجد أنّ القرآن الكريم قد تناول بعض الحقائق العلمية باسلوب غاية في الروعة و البلاغة حتى يتيقن العلماء بأنّ هذا الطرح للحقائق فوق مستوى عقولهم، فإنه قد أتى بنواميس علمية تجعل الانسان يعجب و يدهش خصوصا اذا سمعها من نبي عربي أمي أتى بهذا الكتاب المعجز في عصور الجهل و الظلام و قبل خمسة عشر قرنا. «1»

فالصحيح الذي يمكن أن يذهب اليه في التفسير العلمي، هو الاستفادة من تطور العلوم و المعارف في فهم كثير من الآيات الكونية و النفسية في القرآن الكريم، فيحاول في كشف مدلول الآية، أو تفسير آية قرآنية بحقيقة علمية أو نظرية علمية محددة المعالم، كما اكد جمع من المدققين منهم: الدكتور محسن عبد الحميد، حيث قال:

«التفسير العلمي للقرآن يمكن أن يتخذ مظهرين:

______________________________

(1) نظرات في القرآن. الشهيد حسن البنا/ 23، و انظر أيضا من موارده: التفسير العلمي في الميزان لأبى حجر/ 212.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 96

أولهما: تسخير الحقائق العلمية في كشف مدلول الآية القرآنية، فاحتمال الخطأ هنا غير قائم، على سبيل المثال قوله تعالى: فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى «1» فاذا جئنا فسخرنا علم الحياة كلها في تفسير هذه الآية، و بيان عظمة الخلق الالهي و دقته كان حسنا و مفيدا جدا؛ لأننا سنبيّن هنا سر الإعجاز في هذه الآية الكريمة،

فنحن نتحدث فقط عن تفاصيل خلق الكائنات و سبل الهداية المتنوعة الدقيقة و العجيبة التي زود اللّه تعالى بها تلك الكائنات.

و لم ندع أنّ القرآن فيه تفاصيل علم الكائنات؛ لأنّه من المعلوم أنّ تلك التفاصيل متروكة للعقل يكتشف فيها قوانين الحياة الدقيقة المتنوعة المترابطة عبر الزمان و المكان.

و ثانيهما: تفسير آية قرآنية بحقيقة علمية، أو نظرية علمية محددة المعالم، ففي قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها «2»، لا يمكن أن نقطع بأنّ الآية تدل دلالة قطعية على كروية الأرض، أو هي المعنى المقصود من الآية، لعدم قيام الدليل القطعي على ذلك، لا من منطوق الآية و لا من مفهومها، و لكن نستطيع أن نقول إنّه من الاحتمالات أن تكون كروية الأرض ضمن معنى الآية الكريمة.

فإذا جاء المفسر فادّعى أن المقصود بمعنى الآية تلك النظريات أخطأ في مدّعاه، و اذا قال: ليس بعيدا أن يكون ذلك المعنى هو المراد، كان الاحتمال في صدق مدّعاه قائما، و حينئذ لم يفعل شيئا إلّا أنه استأنس بتلك النظريات في إلقاء الضوء على معنى الآية، فإذا أخطأ في التفسير لبطلان تلك النظريات في يوم من الأيام، كان الخطأ خطأ في التفسير، و ليس بطلانا لمعنى القرآن الكريم في آية من آياته». «3»

______________________________

(1) سورة طه/ 49 و 50.

(2) سورة الرعد/ 41.

(3) تطور تفسير القرآن الكريم/ 226.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 97

الاسرائيليات

المراد من الاسرائيليات، كل ما اشتملت عليه أخبار اليهود في التوراة و شروحها، و الأسفار و ما اشتملت عليه في التلمود و شروحه، و الأساطير و الخرافات و الأباطيل التي افتروها، أو كانت من معارف اليهود و ثقافتهم، و من المسيحيات ما في

كتب التفسير من بدء الخلق و المعاد و أخبار الأمم الماضية و الكونيات و قصص الأنبياء.

و أطلقت على جميع ذلك لفظ الاسرائيليات من باب التغليب للجانب اليهودي على الجانب النصراني، فإنّ الجانب اليهودي هو الذي اشتهر أمره، فكثر النقل عنه. «1»

و الاسرائيليات من حيث اعتبار الموافقة و المخالفة لشريعتنا تنقسم الى ثلاثة أقسام:

1- ما يعلم صحته، لأنّه موافق لما عرفناه من شرعنا، إمّا لأنّه قد ورد من أخبار صحيحة، أو كان له من الشرع شاهد يؤيده، و منه تعيين صاحب موسى عليه السلام بأنه الخضر.

2- ما يعلم كذبه، بأن يناقض ما عرفناه من شرعنا، أو يكون مخالفا لما يقرره العقل.

3- هو المسكوت عنه، فلا هو من قبيل الأول، و لا هو من قبيل الثاني.

و أكثر أخبار هذا القسم مما لا فائدة فيه، و لهذا يختلف علماء الاسلام في مثل هذا كثيرا، و يختلف المفسرون عادة بسبب ذلك، و ينقسم المفسرون إلى من يميل اليها و من يعرض عنها. و المثال لهذا القسم- كما يذكرون- أسماء أصحاب الكهف و لون كلبهم وعدتهم و عصا موسى من أي شجر كانت و ... «2»

______________________________

(1) الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 12، و الاسرائيليات و أثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 71.

(2) القرآن و التفسير لعبد اللّه شحاتة/ 250.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 98

فبعد ما ذكرنا من التعريف و الأقسام، قلنا مع الأسف إنّ كثيرا من المفسرين قد اغتروا بالاسرائيليات فنقلوها بجوار تفاسيرهم للاستشهاد أو للاعتقاد، فجاء من بعدهم من المفسرين و ظنّها أنها من تفسير القرآن الكريم، مع أنّ كتاب اللّه غني عن الاسرائيليات التي لا يقبلها العقل و لم يرد بها أثر صحيح. فما

أجدر لتفسير كتاب اللّه أن ينقّى منها، كيف و قد ألصقت بالأنبياء عليهم السلام تهم هم أبعد الناس عنها، فمثلا: أتهم داود بأنه أعجب بامرأة أوريا فأرسل زوجها إلى الحرب حتى قتل ثم تزوج امرأته، فكيف يليق أن ننسب الى داود (ع) عدوانه على الأشخاص و الأعراض، و كذا بالنسبة الى ساير الأنبياء و الملائكة.

قال الدكتور عبد اللّه شحاتة في حق أولئك المفسرين:

«نمت الإسرائيليات و اتسعت في كتب التفسير و خاصة المطولة التي تعتمد المأثور مثل كتب الطبري و البغوي و الخازن و ابن كثير و القرطبي و غيرهم.

و رغم تحذير بعض هؤلاء المفسرين من هذه الإسرائيليات و نقدهم لبعضها في كتبهم، نراهم عند التطبيق قد حشدوا كثيرا من هذه الروايات الإسرائيلية، خصوصا عند توضيح جزئيات قصص القرآن، و عند ذكر الشخصيات و الأحداث، و كيفياتها و وقائعها و ظروفها.

و معظم هذه الروايات تعزى الى كعب الأحبار، و عبد اللّه بن سلام و ثعلبة و محمد القرظيين، و ابن جريح و ابن نوف و أبناء منبّه و غيرهم من مسلمي أهل الكتاب و خاصة مسلمي اليهود». «1»

______________________________

(1) نفس المصدر/ 264.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 99

المفسرون حياتهم و منهجهم

اشارة

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 101

1- آيات الاحكام

اشارة

العنوان المعروف: تفسير آيات الاحكام.

المؤلف: الشيخ محمد علي السائس.

ولادته: ولد في سنة 1319 ه- 1899 م، و توفي في سنة 1396 ه- 1976 م.

مذهب المؤلف: الشافعي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1356 ه.

عدد المجلدات: 4 أجزاء في مجلد واحد.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، سنة 1356 ه- 1937 م.

الطبعة الثانية، القاهرة، سنة 1373 ه- 1954 م.

الطبعة الثالثة، في مطبعة محمد علي صبيح، و كتب في اول صفحة من الكتاب:

أشرف على تنقيحها و تصحيحها فضيلة الاستاذ الشيخ محمد علي السائس، و الكتاب في 814 صفحة، الحجم 24 سم.

حياة المؤلف

ولد الشيخ محمد علي السائس في مدينة مطوبس التابعة لمحافظة كفر الشيخ، إحدى محافظات الوجه البحري لمصر في سنة 1319 ه- 1899 م، حفظ القرآن

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 102

كله في سن التاسعة، و التحق بالأزهر و تدرج فيه حتى حصل على عالمية الأزهر، و عمره آنذاك 28 سنة، و عيّن في مدينة أسيوط، ثم انتقل الى كلية اصول الدين مدرسا فيها، و تدرج في سلم الرقي حتى اصبح عميدا لكلية اصول الدين، ثم عميدا لكلية الشريعة سنة 1957 م، ثم نال الشهادة العالمية (عودلت بالدكتوراه) عام 1927 م، ثم نال تخصص القضاء الشرعي عام 1932، ثم عضوية جماعة كبار العلماء عام 1950 م. و كان عضوا في المجلس الاعلى للأزهر من سنة 1954 م حتى توفي.

و قد توفي بالقاهرة في فجر يوم الأربعاء، اول ذي الحجة 1396 ه- 1976 م.

آثاره و مؤلفاته:

1- تاريخ التشريع الاسلامي.

2- تحديد اوائل الشهور العربية.

3- تنقيح و تصحيح تفسير آيات الاحكام.

مضيفا إلى أنّه أشرف و ناقش عددا كبيرا من الرسائل العلمية. «1»

تعريف عام

تفسير فقهى الف لطلاب كلية الشريعة الجامع الازهر، مقررا لاربع سنوات، و مؤلفه مجهول.

كان التفسير يحوي اربع مقرّر السنة في كلية الشريعة عن الجامع الازهر بالقاهرة و عدد كل صفحاته 814 صفحة.

قال الدكتور فهد الرومي في حق الكتاب و المؤلف:

«و العجيب ان هذا الكتاب لا يعرف له مؤلف، و لعل هذا وضعه أحد المشايخ

______________________________

(1) انظر ترجمته فى اتجاهات التفسير فى القرن الرابع عشر، ج 2/ 462.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 103

لتلاميذه في الازهر ثم تناوبته أيدي المشايخ من بعده بالحذف و الاضافة و التنقيح و التغيير و نحو ذلك، فلم ينسبه أحد لنفسه، فبقي مجهول المؤلف؛ و أشرف على تنقيحها و تصحيحها المدرس بكلية الشريعة و عميدها: الشيخ محمد علي السائس» «1».

كان التفسير شرحا لآيات الاحكام على اساس مذهب اهل السنة و الجماعة (المذاهب الاربعة) و على اساس ترتيب السور و الآيات، غير مبوب بابواب الفقه، بل تعرض لكل آية فيها تعلق بالاحكام.

لم يبدأ المؤلف بمقدمة في بيان غرضه و منهجه، بل التفسير للتعليم، مع عرض شامل لاقوال المذاهب الاربعة و القول الارجح عند المؤلف، و مع ذلك لا تجد فيه التعصب لمذهب خاص الذي سرى في اكثر المؤلفات الفقهية و على الخصوص في قديمها.

منهجه

يبدأ فيه بذكر بعض الآيات التي فيها تعلّق بالأحكام، ثم يذكر معناها، و ينقل الاقوال فيها مع ترجيحه لقول منها، و نقل الآثار عن النبي صلّى اللّه عليه و آله، و الصحابة، و اقوال اصحاب المذاهب الاربعة، ثم شرح المفردات المذكورة في الآية، ثم الأحكام التي تؤخذ منها.

فالتفسير مبسط في بعض جوانبه، و موجز في جوانبه الأخرى، فمثلا عند تعرضه لمسألة السحر أ هو حقيقة أم لا، سرد فيه

الاقوال بشكل واسع، و رجح قول المعتزلة و بعض اهل السنة في انّ السحر لا حقيقة له، فقال:

«و انما اطلنا في هذه المسألة و ذكرنا كثيرا من خدع السحرة و تمويهاتهم، و ذكرنا قول كثير من اهل الملة من ان السحر لا حقيقة له، و ليس في قدرة الساحر شي ء من

______________________________

(1) نفس المصدر/ 464.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 104

الأمور الخارقة؛ لان الناس في مصدر قد دخل عليهم من جراء اعتقادهم في السحر شي ء عظيم. فكثيرا ما خدع السحرة بعض الناس بتخيّلات و تمويهات، و اوهموهم أنّهم يستخرجون لهم كنوزا، او يحوّلون بعض المعادن ذهبا، حتى إذا أمنوا لهم و امكنتهم الفرصة سلبوهم اموالهم» «1».

و في جانبه الآخر، اختصر في بيان ادلة ترجيح القول، او بيان الاقوال و ادلتها.

و ملاحظة اخرى حول هذا الكتاب و هي: أنّه لم يحتو على أي فهرس لإرشاد القارئ الى المواضيع و الآيات الموجودة فيه.

و كذلك لم يشر الى المصادر التي اعتمد عليها في التفسير.

و الخلاصة: كان التفسير كتابا مدرسيا موجزا مفيدا في بيان الاحكام، و يتعرض لكثير من المباحث و الموضوعات العصرية من خلال تفسير آيات الاحكام.

______________________________

(1) تفسير آيات الاحكام، الجزء الاول/ 19.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 105

2- آيات الاحكام

اشارة

العنوان المعروف: تفسير آيات الأحكام المؤلف: السيد محمد حسين الطباطبائي اليزدي ولادته: ولد في سنة 1332 ه، و توفي في سنة 1386 ه.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1385 ه.

عدد المجلدات: 1.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، النجف الاشرف، مطبعة النجف، سنة 1385 ه.

الطبعة الثانية، قم، مكتبة الداوري، سنة 1396 ه، الحجم 24 سم، 474 صفحة.

حياة المؤلف:

هو العلامة الحجة السيد محمد حسين ابن العالم العامل السيد محمود نجل فقيه الطائفة و زعيمها الاكبر آية اللّه العظمى السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي النجفي.

ولد عام 1332 ه في النجف الاشرف في بيت الفقاهة و العلم، توفي والده المرحوم و كان عمره حين وفاة والده اربع سنين، تكفلته والدته المكرمة، فقامت بتربيته احسن قيام، درس المقدمات و السطوح العالية في النجف الاشرف، و حضر

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 106

بحث الخارج فقها و اصولا على اقطاب العلم، كالزعيم الاعلى السيد محسن الطباطبائي الحكيم و الاستاذ الاكبر الشيخ محمد علي الخراساني. الّف عدة كتب بالاضافة الى تقريرات اساتذته.

توفي في بغداد ليلة 21 من رمضان المبارك سنة 1386 ه، فنقل جثمانه إلى النجف الأشرف و شيّع تشييعا فخما تتقدمه المواكب العزائية، و دفن في مقبرة جده المرحوم.

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير آيات الاحكام.

2- التحفة الحسينية في الامامة.

3- تقريرات الاصول و الفقه «1».

تعريف عام

تفسير فقهي موجز على اساس مذهب الامامية الاثني عشرية، مع المقارنة بالمذاهب الاربعة على اساس ترتيب السور و الآيات غير مبوب بابواب الفقه، و غير مستوعب جميع الآيات، بل تعرض لكل آية فيها تعلق بالاحكام.

قد صدر الجزء الاول منه في النجف الاشرف عام 1385 ه و لم يطبع المجلد الثاني إلّا انه نشر بحلقات في مجلة «رسالة القرآن» التي تصدرها دار القرآن الكريم في مدينة قم.

قال المؤلف في بيان دوافعه لتأليف الكتاب:

«و كان سلفنا الصالح من العلماء لم يألوا جهدا في البحث و التحقيق عن كنوزه الخبية، و لم يتركوا شيئا من حكمه و احكامه بقدر طاقتهم البشرية، جزاهم اللّه خير الجزاء، و لكن لم اعثر على كتاب في آيات الاحكام الّف على نسق القرآن العظيم

______________________________

(1) انظر ترجمته تفصيلا عن ابن المؤلف في مقدمة المجلد الاول.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 107

في سوره و آياته من اصحابنا الامامية- قدس اللّه اسرارهم- فبادرت الى تأليف هذا الكتاب على منهاج السور و ترتيب الآيات» «1».

ابتدأ تفسيره بذكر مقدمة في فضل القرآن، و كيفية نزوله، و اشتماله على المحكم و المتشابه و الناسخ و المنسوخ و ...، و حجية ظواهر القرآن، و لزوم عرض الحديث على القرآن، و لزوم الأخذ من العترة الطاهرة بمفاد حديث الثقلين و غير ذلك من المباحث.

منهجه

و اما منهجه في التفسير فكان يبدأ بذكر اسم السورة، مدنية كانت او مكية، و عدد آياتها، ثم بيان مفردات الآيات التي لها تعلق بالاحكام، و ذكر الحكم، و بيان الفائدة.

قال الطباطبائي اليزدي في بيان منهجه:

[لم اقتصر] على بيان الحكم المستفاد من الآية، بل أذكر ما ورد في معنى الآية و بعض خصوصياتها الأخرى، ملتزما في أن

لا أخرج في تفسيري- هذا- عن ظواهر الكتاب و محكماته، و ما ثبت بالتواتر أو بطرق مأثورة عن اهل البيت عليهم السلام، او ما استقل به العقل السليم، الذي جعله اللّه حجة باطنية، كما جعل النبي و الائمة المعصومين- صلوات اللّه عليهم اجمعين- حجة ظاهرية.

و قد تعرضت لبعض آراء فقهاء العامة و مفسريهم، و ما ورد في ذلك من الروايات من طرقهم، مشيرا الى موارد الاتفاق و الاختلاف، لعموم الفائدة و المقارنة بين المذاهب المشهورة، معرفا بقصر الباع و قلة الاطلاع» «2».

و لمّا كانت اكثر كتب التفسير الفقهية الشيعية- كما ذكرنا- مبوب بابواب الفقه و غير منسق على نسق القرآن العظيم في سوره و آياته، فهذا التفسير ممتاز من

______________________________

(1) تفسير آيات الاحكام، ج 1/ 3.

(2) نفس المصدر.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 108

جهة اسلوبه، و كان ككتب التفاسير من حيث تنظيمه.

و مع الأسف لم يكمل العمل حتى الآن، و لم يطبع الا سورة البقرة، و في ما صدر كان منهجه العام، منهجا موضوعيا، يستشهد لاثبات حكم على آيات اخر، كما استفاد في ذلك من المأثورات الواردة في الاحكام الفقهية.

و نموذج من التفسير، نذكر خلاصة من تفسير آية 217 من سورة البقرة:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ بعد ما ذكر من معنى الآية و ذكر مفرداته و سبب نزول الآية نقلا عن تفسير البرهان عن علي بن إبراهيم و اسباب النزول للواحدي قال:

«لما بين سبحانه و تعالى كيفية بذل المال و إنفاقه في سبيله تعالى على اصناف المؤمنين لسدّ حاجاتهم حتى يوجد فيهم روح التعاون بين الأخوّة في الايمان ليكونوا كالأسرة الواحدة، او كالبدن الواحد يصيبه ما أصيب به أخوه المؤمن، فاذا وجد التكافل العام في

الاسرة الاسلامية تصلح جميع اعضائها، و تكون كالبدن السليم لا يشتكي منه عضو من الاعضاء، فيؤدي كلّ عضو وظيفته في المجتمع، و يعمل العمل الذي هيّئ له بمقتضى النظام الأتم الأقدس» «1».

ثم ذكر اسرار الآية في الأخوة و التعاون بين المسلمين، و نقل من بعض المفسرين في زمان نزول الآية و فلسفتها، و ما يرتبط بالموضوع في مسألة القتال و الجهاد في سبيل اللّه، و بحث المرتد و اقسامه، و دلالة الآية على قبول توبة المرتد و ما فيها من البحث في اختلاف الفقهاء في قبول توبة المرتد «2».

و الخلاصة: كان التفسير يقوم على تفسير آيات الاحكام، مع العناية بالتفسير البياني و الأدبي، و على تركيز مذهب الامامية من غير تعصب في بيانه بالمقارنة بين الآراء، غير مبسط في بيانه، و لا يستطرد للمباحث غير الواردة في الآية.

______________________________

(1) رسالة القرآن، العدد الثامن/ 107.

(2) نفس المصدر، العدد العاشر/ 135.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 109

3- احكام القرآن

اشارة

العنوان المعروف: احكام القرآن المؤلف: ابو بكر احمد بن علي الرازي الجصّاص ولادته: ولد في سنة 305 ه، و توفي في سنة 370 ه.

مذهب المؤلف: الحنفي المعتزلي.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 5.

طبعات الكتاب: القاهرة، المطبعة السلفية، ثلاثة اجزاء، بلا تاريخ.

استانبول، نشره مليسالى رفعت، 1335 ه، مطبعة الاوقاف.

بيروت، دار احياء التراث العربي، سنة 1405 ه- 1985 م، تحقيق محمد الصادق قمحاوي في خمسة مجلدات.

و طبعة قديمة في ثلاث مجلدات، مطبعة البهية المصرية، سنة 1347 ه، بحجم كبير.

حياة المؤلف:

هو الامام احمد بن علي ابو بكر الرازي، المعروف ب «الجصاص» (نسبة إلى عمله بالجص) هو إمام الحنفية في عصره، و من المجتهدين البارزين في المذهب.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 110

ولد في بغداد سنة 305 ه، و تفقّه على يد ابي سهل الزجّاج و على يد ابي الحسن الكرخي، و روى الحديث عن عبد الباقي بن قانع.

خرج إلى الأهواز، ثم عاد الى بغداد، ثم خرج الى نيشابور مع الحاكم النيشابوري برأي شيخه ابي الحسن الكرخي، ثم عاد الى بغداد سنة 344 ه و استقر للتدريس بها و خوطب في ان يلي القضاء فامتنع.

انتهت للإمام الزاهد، رئاسة الأصحاب و أخذ عنه، و تفقه عليه الكثيرون و منهم محمد بن يحيى الجرجاني و ابو الحسن الزعفراني.

توفي في السابع من ذي الحجة سنة 370 ه.

آثاره و مؤلفاته:

1- شرح مختصر الكرخي.

2- شرح مختصر الطحاوي.

3- شرح الجامع لمحمد بن الحسن.

4- شرح الأسماء الحسنى.

5- ادب القضاء.

6- اصول الفقه و هو بمثابة المقدمة لكتابه في احكام القرآن «1».

تعريف عام

يعدّ هذا التفسير من أهم كتب التفسير الفقهي خصوصا عند الحنفية؛ لأنّه يقوم على تركيز مذهبهم و الترويج له و الدفاع عنه، و هو يعرض لسور القرآن كلها، و لكنه لا يتكلم الّا عن الآيات التي تتعلق بالأحكام فقط، و هو- و ان كان يسير على ترتيب القرآن- مبوب كتبويب الفقه و كل باب من ابوابه معنون بعنوان تندرج فيه المسائل

______________________________

(1) احكام القرآن، مقدمة القمحاوي/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 111

التي يتعرض لها المؤلف في هذا الباب «1».

مضافا الى ذلك، يتكلم عن الآيات التي لها تعلق بالكلام مع تأييده للرأي الاعتزالي و تأثره بالمعتزلة في تفسيره.

قال الجصاص في صدر هذا الكتاب:

«و قد قدّمنا في صدر هذا الكتاب [مقدمة في اصول الفقه] مقدمة تشتمل على ذكر جمل مما لا يسع جملة من اصول التوحيد و توطئة لما يحتاج اليه من معرفة طرق استنباط معاني القرآن و استخراج دلائله، و إحكام ألفاظه، و ما تتصرف عليه انحاء كلام العرب و الأسماء اللغوية و العبارات الشرعية، اذ كان اولى العلوم بالتقدم معرفة توحيد اللّه و تنزيهه عن شبه خلقه و عمّا نحله المفترون من ظلم عبيده» «2».

و من جانب آخر، هو متعصب لمذهبه الحنفي الى حد كبير، مما جعله في هذا الكتاب يتعسف في تأويل بعض الآيات حتى يجعلها في جانبه، او يجعلها غير صالحة للاستشهاد بها من جانب مخالفيه، و كثيرا ما نراه يرمي مخالفيه بعبارات شديدة «3».

قد اعتمد في تفسيره للآيات على الآثار و المرويات عن النبيّ

(ص) و الصحابة و التابعين و اقوال اصحاب الحنفية من الفقهاء و غيرهم من اصحاب المذاهب الفقهية من دون إشارة الى مصدره.

منهجه

كان منهجه أن يأتي سورة، سورة، و يذكر المباحث في ذيل احكام السورة، فيبتدئ بآية لها تعلق بالأحكام، ثم يذكر الحكم الذي يمكن ان يستنبط من الآية، ثم يذكر

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 2/ 439.

(2) احكام القرآن، ج 1/ 5.

(3) التفسير و المفسرون، ج 2/ 440.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 112

الاقوال بلفظ: «قيل» و تفسير الآية مع بيان الحكم و ترجيحه قول معين و الدفاع عن الحنفية.

و كان التفسير مبسط في بيان الاحكام و ادلتها، و لا يقتصر في تفسيره على ذكر الأحكام التي يمكن أن تستنبط من الآية، بل تراه يستطرد إلى كثير من مسائل الفقه و الخلافيات بين الأئمة، مع ذكره للأدلة بتوسع كبير مما جعل كتابه أشبه ما يكون بكتب الفقه المقارن، و كثيرا ما يكون هذا الاستطراد الى مسائل فقهية لا صلة بها بالآية الّا عن بعد «1».

و كما قلنا هو يتكلم عن الآيات التي تعلق بالكلام مع تأييد لآرائه، مثلا عند ما تعرض لقوله تعالى في سورة الانعام، آية 103: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ، نراه يقول:

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ معناه: لا تراه الأبصار، و هذا تمدح بنفي رؤية الأبصار كقوله تعالى: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ و ما تمدح اللّه بنفيه عن نفسه، فإن اثبات ضده ذم و نقص، فغير جائز اثبات نقيضه بحال، كما لو بطل استحقاق الصفة بلا تأخذه سنة و لا نوم لم يبطل، إلّا الى صفة نقص، فلما تمدح بنفي رؤية البصر عنه لم يجز اثبات ضده و نقيضه بحال؛

اذ كان فيه اثبات صفة نقص. و لا يجوز ان يكون مخصوصا بقوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ، لان النظر محتمل لمعان منه انتظار الثواب، كما روى عن جماعة من السلف» «2».

و هو متفق مع الشيعة في القول على معاوية. و هذا ما نراه عند تفسيره لسورة الحجرات عند قوله تعالى:

وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما «3» قال:

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 2/ 439.

(2) احكام القرآن للجصاص، ج 4/ 169. من طبعة دار احياء التراث العربي.

(3) الحجرات/ 9.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 113

«و ايضا قاتل علي بن ابي طالب رضي اللّه عنه الفئة الباغية بالسيف، و معه من كبراء الصحابة، و أهل بدر من قد علم مكانهم، و كان محقا في قتاله لهم، لم يخالف فيه أحد الّا الفئة الباغية التي قابلته و اتباعها.

و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم لعمار: «تقتلك الفئة الباغية»، و هذا خبر مقبول من طريق التواتر حتى ان معاوية لم يقدر على جحده لما قال له عبد اللّه بن عمر، فقال: إنما قتله من جاء به، فطرحه بين أسنتنا، رواه أهل الكوفة و أهل البصرة و أهل الحجاز و أهل الشام، و هو علم من أعلام النبوة، لانه خبر عن غيب لا يعلم إلّا من جهة علام الغيوب» «1».

و الخلاصة، كان من التفاسير باللون الفقهي الذي يقوم على تركيز الفقه الحنفي مع التعرض لموضوعات شتى من العقائد و التاريخ و الرجال و كثرة المراجعة في مدارسها.

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 5/ 280 من طبعة دار احياء التراث العربى.

(2) انظر ايضا: أثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي/ 174؛ و مباحث في علوم القرآن لمناع

القطان/ 377؛ و منهاج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 61؛ و التفسير و المفسرون، ج 2/ 439.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 114

4- أحكام القرآن

اشارة

العنوان المعروف: أحكام القرآن المؤلف: أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد المعافري الأندلسي المعروف بابن العربي ولادته: ولد في سنة 468 ه- 1075 م، و توفي في سنة 543 ه- 1148 م.

مذهب المؤلف: المالكي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 503 ه.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، مطبعة السعادة، تحقيق علي محمد البجاوي، نشر عبد السلام بن شقرون، 1331 ه.

الطبعة الثانية، القاهرة مطبعة عيسى البابي الحلبي، 1387- 1967 م. و بيروت، دار اليقظة العربية، 1968.

و اعيد طبعه بالافست في بيروت، دار الفكر، على طبعة مصر، 4 مجلد، الحجم 24 سم.

الطبعة الثالثة، القاهرة، 1392 ه- 1972 م.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 115

حياة المؤلف:

هو محمد بن عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن أحمد المعافري الأندلسي، الإشبيلي، المعروف بابن العربي.

ولد أبو بكر سنة 468 ه، و تأدب ببلده و قرأ القراءات، و كان ابوه من فقهاء بلدة اشبيلية و رءوسها. ثم رحل الى مصر و الشام و بغداد و مكة، و كان يأخذ عن علماء كل بلد يرحل اليه حتى اتقن الفقه و الاصول و قيد الحديث، و اتسع في الرواية، و اتقن مسائل الخلاف و الكلام و تبحر في التفسير.

و كان من اهل التفنن في العلوم و التبحر فيها، و الجمع لها، متقدما في المعارف كلها، متكلما في انواعها نافذا في احكامها، و كان يجمع الى ذلك كله آداب الأخلاق مع حسن المعاشرة و لين الجانب.

توفي في ربيع الاول سنة 543 ه، منصرفا من مراكش، و حمل ميّتا الى مدينة فاس و دفن بها.

اهم آثاره و مؤلفاته:

1- أنوار الفجر في تفسير القرآن.

2- قانون التأويل في تفسير القرآن.

3- الناسخ و المنسوخ.

4- أحكام القرآن.

5- كتاب المسالك في شرح مؤطإ مالك.

6- تخليص التلخيص.

7- سراج المريدين و سراج المهتدين «1»

______________________________

(1) انظر مقدمة البجاوي في الطبعة الاولى فى ترجمة ابن العربى؛ و التفسير و المفسرون ج 2/ 448.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 116

تعريف عام:

يعدّ من امّهات الكتب التي تبين أحكام القرآن في الفقه المالكي، عرض فيه المؤلّف آيات الاحكام مرتبة على حسب ورودها في السور، و عقّب على كل آية بما يستخلص منها من احكام، و بيّن اسرار القرآن و مأخذ الاحكام، و يتعرض لسور القرآن كلها، لكنّه لا يتكلم إلّا عن الآيات التي لها تعلّق بالاحكام فقط.

و يقوم ابن العربي على تركيز المذهب المالكي و الترويج له، فظهرت عليه في تفسيره روح التعصب له و الدفاع عنه، كما كان دأب المؤلفين و المفسرين في عصره، و حتى في عصرنا هذا، و على سياق الجصاص في الفقه الحنفي، و الكياهراسي في الفقه الشافعي، إلّا ان الذهبي في كتابه يعتقد:

«انه لم يشتد في تعصبه الى الدرجة التي يتغاضى فيها عن كل زلة علمية تصدر من مجتهد مالكي، و لم يبلغ به التعسف الى الحد الذي يجعله يفنّد كلام مخالفه اذا كان وجيها و مقبولا، و الذي يتصفح هذا التفسير يلمس منه روح الانصاف لمخالفيه احيانا، كما يلمس منه روح التعصب المذهبي التي تستولي على صاحبها فتجعله احيانا كثيرا ما يرمي مخالفه، و ان كان إماما له قيمته و مركزه بالكلمات المقذعة اللاذعة، تارة بالتصريح، و تارة بالتلويح» «1» كان ابن العربي، قد ألف في التفسير كتابين آخرين- لا بعنوان الاحكام- و هما:

«أنوار الفجر في تفسير القرآن»،

و «قانون التأويل في تفسير القرآن».

و لكن مع الأسف لم يصلا الينا، حتى نتخذهما للمقارنة بينهما و بين احكام القرآن في المنهج و الاتجاه.

______________________________

(1) التفسير و المفسرون ج 2/ 449.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 117

منهجه

و طريقته ان يذكر السورة، ثم ياتي بآيات الاحكام مرتّبة في كل سورة، ثم يشرحها و يستخرج ما فيها من احكام، قائلا: الآية الاولى و فيها خمس مسائل، و الآية الثانية و فيها سبع مسائل (مثلا)، و هكذا حتى يفرغ من آيات الاحكام الموجودة في السورة.

و هو يعتمد على اللغة و الحديث، و ما كان من افعال النبي و صحابته المؤيدة للحكم، و يوثقها او يجرح المحدثين بها، و يقارن بين المذاهب و يؤيد رأيه المالكي بالحجّة و الشواهد من الاقوال.

اقتبس منه العلماء و اعتمدوا عليه، و على الخصوص العلماء المغاربة، بل ان بعضهم مثل القرطبي في الجامع لاحكام القرآن ينقل فقرات كاملة و ينسبها الى ابن العربي.

و هو شديد القول في الاسرائيليات و يرفضها كل الرفض، قال ابو شهبة نقلا عنه:

«و الاسرائيليات مرفوضة عند العلماء على البتات، فاعرض عن سطورها بصرك، و أصم عن سماعها اذنيك، فإنها لا تعطي فكرك الا خيالا، و لا تزيد فؤادك إلا خبالا» «1» و من مواقفه من المذاهب الاخرى، ما ذكر الذهبي في حق ابي حنيفة: «و نجده في موضع من كتابه يرمي أبا حنيفة بانه كثيرا ما يترك الظواهر و النصوص للأقيسة، و يقول عنه في موضع آخر انّه: «سكن دار الضرب فكثر عنده المدلس، و لو سكن

______________________________

(1) انظر: الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 281؛ و الإسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 335، نقلا عن القرطبي،

و لكن ما وجدت هذه العبارة في احكام القرآن انظر:

ج 3/ 1266.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 118

المعدن كما قيض اللّه لمالك، لما صدر عنه إلّا إبريز الدين، و إكسير الملة، كما صدر عن مالك».

و الخلاصة: كان التفسير مبسطا في بيان الاحكام، دقيقا في ادلتها، قوي الاسلوب في بيانها، كثير المراجعة في مدارسها. كلاميّا في بيان ما يتعلق بها، يقوم على تركيز المذهب المالكي.

دراسات حول التفسير

1- القاضي ابو بكر بن العربي و منهجه في التفسير. هارون كامل الحاج.

القاهرة، كلية اصول الدين، جامعة الازهر، رسالة جامعية. (رسالة القران العدد العاشر 207) «1»

______________________________

(1) انظر ايضا: التفسير و المفسرون، ج 2/ 453، و منهج ابن عطية في تفسير القرآن لعبد الوهاب فائد/ 371؛ و اثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي لآل جعفر/ 185؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 111.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 119

5- أحكام القرآن

اشارة

العنوان المعروف: احكام القرآن.

المؤلف: عماد الدين ابو الحسن علي بن محمد الطبري، المعروف ب «الكيا الهرّاسي».

ولادته: ولد في سنة 450 ه- 1058 م، و توفي في سنة 504 ه- 1110 م.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعرى.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 4 أجزاء في مجلدين.

طبعات الكتاب: الطبعة الثانية، بيروت، دار الكتب العلمية، سنة 1405 ه- 1985 م، الحجم 24 سم.

القاهرة، دار الكتب الحديثة، 1974 م. تحقيق موسى محمد علي و عزت عبد عطية.

حياة المؤلف:

هو عماد الدين ابو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري، المعروف «الكيا الهرّاسي» الفقيه الشافعي.

ولد في طبرستان، اصله من خراسان، ثم رحل عنها الى نيشابور، و تفقه على امام الحرمين الجويني مدة حتى برع، ثم خرج من نيشابور الى بيهق و درس بها مدة، ثم خرج الى العراق و سكن في بغداد و تولى التدريس بالمدرسة النظامية الى ان توفي.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 120

اتهم بمذهب الباطنية فطرد، و اراد السلطان ان يقتله، فحماه المستظهر و شهد له.

كان الكياهراسي فصيح العبارة، حلو الكلام، محدثا، يستعمل الأحاديث في مناظراته و مجالسه.

توفي سنة 504 ببغداد، و دفن بتربة الشيخ ابي إسحاق الشيرازي و حضر دفنه ابو طالب القزويني «1».

تعريف عام:

يعتبر هذا الكتاب من أهم المؤلفات في التفسير الفقهي عند الشافعية، و اوّل ما وصل الينا مطبوعا من مذهبهم، مع العلم بان كتاب: «احكام القرآن» المنسوب الى الشافعي إنّما هو من جمع «البيهقي» و لا يستوعب آيات الاحكام بكاملها، بينما هذا الكتاب أحاط بها جميعا، و يعرض لجميع سور القرآن وفق اسلوب الباحثين في هذا الفن، و يقوم على تركيز مذهب الشافعية و الترويج له، و الدفاع عنه، بل هو متعصب لمذهب الشافعي، و تهجمه على مذهب الامام ابي حنيفة- كما يفعل مثل ذلك الجصاص في كتابه بالنسبة لمذهب الامام الشافعي و ابن العربي بالنسبة لمذهب الحنفى و الشافعى- و هذا ما يبدو واضحا من مقدمة تفسيره هذا حيث يقول:

«ان مذهب الشافعي رضي اللّه عنه أسدّ المذاهب و اقومها، و ارشدها و احكمها، و ان نظر الشافعي في اكثر آرائه و معظم ابحاثه، يترقى عن حد الظن و التخمين الى درجة الحق و اليقين. و السبب

في ذلك انّه بنى مذهبه على كتاب اللّه تعالى، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، و انه اتيح له درك غوامض معانيه، و الغوص على تيار بحره لاستخراج ما فيه» «2» و انطلاقا من هذا المبدأ، كان منهجه في أحكام القرآن التزام الدفاع عن مذهب

______________________________

(1) انظر: الاعلام للزركلى، ج 4/ 329؛ و التفسير و المفسرون للذهبى، ج 2/ 444؛ و مقدمة الكتاب.

(2) أحكام القرآن/ 2.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 121

الشافعية، اصولا و فروعا و تخريجا، و من ثم قال بعد ما ذكرنا ملخصه:

«و لما رأيت الأمر كذلك، اردت ان أصنف في احكام القرآن كتابا اشرح فيه ما انتزعه الشافعي رضي اللّه عنه، من أخذ الدلائل في غوامض المسائل، و ضممت اليه ما نسجته على منواله، و احتذيت فيه على مثاله ... و رأيت بعض من عجز عن ادراك مستملكاته فهمه ... جعل عجزه عن فهم معانيه، سببا للقدح في معاليه، و لم يعلم أنّ الدّر در برغم من جهله، و أن آفته من قصور فهمه ... و لن يعرف قدر هذا الكتاب، و ما فيه من العجب العجاب، إلّا من وفّر حظه من علوم المعقول و المنقول ... و أعوذ باللّه من الإعجاب بالإبداع، و الميل بالهوى الى بعض الآراء في مظان النزاع» «1»

منهجه:

كان منهجه ان ياتي سورة سورة، و يذكر المباحث في ذيل احكام السورة، مبتدأ بآية لها تعلق بالأحكام، ثم تفسيرها و الوجوه التي يمكن ان تقال فيها موجزا ثم يتعرض للاحكام و الاقوال التي فيها.

و قد اعتمد في تفسيره على الاخبار المأثورة من النبي صلّى اللّه عليه و آله و الصحابة

و التابعين، و قد تعرض للمسائل الخلافيّة التي كانت بين الحنفية و الشافعية و همّه النقاش مع الجصّاص و استدلالاته.

فكثير ما يقول: و ابو حنيفة يقول كذا، و الشافعي يخالفه، و قال: ابو حنيفة كذا، و لكن الشافعي يقول كذا. و ما وجدت كلاما عن سائر المذاهب الاربعة كالامامين احمد و مالك.

و يتعرض في تفسيره لآيات الاحكام و العقائد و المسائل الكلامية، و ما يختلف فيها بين المذاهب، فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى: وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ «2»، قال:

______________________________

(1) نفس المصدر/ 3.

(2) النساء/ 33.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 122

«قال ابن عباس و مجاهد: المولى هاهنا العصبة، و قال السدي: الورثة، و اصل المولى:

من ولي الشي ء يليه، و هو ايصال الولاية في التصرف ... و قد بسط المتكلمون من اهل السنة اقوالهم في هذا في الرد على الامامية، عند احتجاجهم بقوله عليه السلام:

من كنت مولاه فعلي مولاه «1». فمعنى الولاء هاهنا العصبة، لقوله عليه السلام: ما ابقيت السهام فلأولى عصبته ذكر «2» و كذا بالنسبة الى غيره من المباحث الكلامية كتنزيه الانبياء من المعاصي، فما نقل اصحاب الحديث من الاسرائيليات، فان طريقته عدم نقلها و رفضها إلّا ما هو لازم عنده، كما ذكر في تفسير قوله تعالى: وَ هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ «3»:

«ذكر المحققون الذين يرون تنزيه الأنبياء عليهم السّلام عن الكبائر، ان داود عليه السلام كان قد أقدم على خطبة امرأة كان قد خطبها غيره، و يقال: هي أوريا، فمال القوم الى تزويجها من داود راغبين فيه، و زاهدين في الخاطب الاول، و لم يكن لذلك عارفا، و قد كان يمكنه أن يعرف، فيعدل عن هذه

الرغبة و عن الخطبة لها، فلم يفعل ذلك من حيث أعجب بها. و قد كان لداود من النساء العدد الكثير ... فنبّهه اللّه تعالى على ما فعل ... فيعدل عن هذه الطريقة» «4» و الخلاصة: كان التفسير غير مبسط في بيان الاحكام، كثير المراجعة في مدارسها، و لم يتعرض لغير الاحكام فيما تعلق بالآيات غالبا، و يقوم على تركيز مذهب الشافعي و ان نقل من اصحاب المذاهب الاخرى «5»

______________________________

(1) اخرجه الامام احمد في مسنده عن بريدة رضي اللّه عنه، و اخرجه احمد و النسائي و ابن ماجة و الترمذي و ابن حبان و الحاكم في المستدرك عن زيد بن ارقم.

(2) أحكام القرآن ج 1/ 444.

(3) سورة ص/ 21.

(4) أحكام القرآن ج 2/ 359.

(5) انظر: التفسير و المفسرون ج 2/ 444؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 91.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 123

6- احسن الحديث

اشارة

العنوان المعروف: تفسير احسن الحديث.

المؤلف: السيد علي اكبر القرشي.

ولادته: ولد في سنة 1347 ه- 1928 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: الفارسية.

تاريخ التأليف: 1401 ه.

عدد المجلدات: 12.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، طهران، بنياد بعثت (مؤسسة البعثة)، سنة 1400 ه- 1366 ش، الحجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو السيد علي اكبر القرشي ابن محمد من علماء و اساتذة الحوزة العلمية بقم و ارومية من بلاد ايران.

ولد يوم 14 شعبان المعظم سنة 1347 ه في مدينة «بناب» من توابع «مراغة» من محافظة «تبريز» آذربايجان. و اسرته، اسرة علمية، و ابوه من العلماء و امام مسجد من مساجد «بناب».

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 124

تعلم فيها عند والده و غيره، ثم رحل سنة 1324 ش الى مدينة قم و تتلمذ عند اساتذتها في مرحلة السطح مثلا آية اللّه سلطاني و صدوقي و بقي فيها 16 عاما، ثم رجع الى آذربايجان و اقام في مدينة ارومية و اشتغل بالتدريس و التحقيق و التأليف و من اعماله في هذه المدينة مباحثاته بالتفسير مع جمع من زملائه، و هذا الامر ادى الى تأليف التفسير.

آثاره و مؤلفاته:

1- قاموس قرآن. بالفارسية. (دائرة المعارف في لغات القرآن).

2- المعجم المفهرس لالفاظ الصحيفة الكاملة السجادية.

3- الأخلاق و الآداب.

4- معاد از نظر قرآن و علم. (المعاد من نظر القرآن و العلم) بالفارسية.

5- خاندان وحي. (اهل بيت الرسول «ص») «1»

تعريف عام:

تفسير شامل لجميع آيات القرآن، مع سهولة البيان و الأسلوب، يقرب المعاني و العقائد، كان تربويا هدائيا، الف لمتوسطي الفهم من الناس باللغة الفارسية، مجتنبا المباحث الادبية و البلاغية و العلمية حتى لا يكسل مخاطبيه.

قد ابتدأ في التفسير بمقدمة في كلمة القرآن، و معنى السورة و الآية، و الموضوعات المطروحة في القرآن في تقسيمات كلية، و ايضا تقسيمات القرآن الى المكي و المدني و معناها، و تقسيماتها الى قبل الهجرة و بعد الهجرة، و تاريخ جمع القرآن، و الكلام في النزول التدريجي و الدفعي، و مسألة القراءة و فضلها، و قراءة عاصم، و غيرها من المباحث و الموضوعات.

______________________________

(1) مجلة الحوزة، عدد 35، آذر 1368 ش، لقاء مع المفسر/ 31.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 125

و اعتمد في التفسير على تفاسير من سبقه من الشيعة و السنة مثل تفسير مجمع البيان، و الدر المنثور، و المنار، و الميزان، و العياشي، و آلاء الرحمن، و ابن كثير، و الكشاف، و غيرها من التفاسير.

و ما اعتمد عليه في السنة، الاخبار المروية عن طريق اهل البيت عليهم السلام نقلا عن الكافي و الكتب الدارجة عند الشيعة الامامية و اهل السنة.

منهجه:

و منهجه في التفسير، هو ان يشرع بمجموعة من الآيات المرتبطة فيترجمها للفارسية، ثم يبيّن لغاتها و يشرح معانيها، ثم يدخل في تفسير الكلمات و الجمل، و توضيح مدلول الآية في ذيل عنوان: «شرح»، و في نهاية الكلام يورد المباحث و الموضوعات المرتبطة بالآية سواء كان اعتقاديا او اخلاقيا او فقهيا او اجتماعيا.

و الاعتماد في تبيين الآية عنده اولا: تفسير القرآن بالقرآن. ثانيا: الروايات عن طريق اهل بيت النبي «ص». ثالثا: كلمات المفسرين و العلماء البارزين.

و كان موقفه في

التفسير العلمي للقرآن ايضاح الآيات التي لها تعلق بالعقل و العلم و التي جاءت موجهة للعقل الانساني الى دراسة الكائنات التى حوله بتأمل و حرية فكر، و إلى الإقبال على العلوم على اختلاف انواعها و طلب المزيد منها من دون تحميل و اخضاع او توسع للعلم.

و قد تعرض للاحكام الفقهية من دون تبسيط في الآيات التي تتعلق بالاحكام، و كان مجتنبا عن الاخبار الضعاف و الاخبار الإسرائيلية الموجودة في تفاسير من سبقه.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 126

7- ارشاد العقل السليم

اشارة

العنوان المعروف: ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم المعروف ب «تفسير ابي السعود».

المؤلف: ابو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي.

ولادته: ولد في سنة 898 ه- 1493 م، و توفي في سنة 982 ه- 1574 م.

مذهب المؤلف: الحنفي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 974 ه عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: الطبعة الثانية، بيروت، دار احياء التراث العربي، سنة 1411 ه، تسعة اجزاء في اربعة مجلدات، الحجم 28 سم. قام بمراجعة و تصحيح هذا التفسير: الدكتور حسن أحمد مرعي و الشيخ محمد الصادق قمحاوي.

و طبع بهامش كتاب مفاتيح الغيب للرازي، و طبع في مطبعة محمد علي صبيح و اولاده، تحقيق محمد عبد اللطيف.

و طبع بمصر، بولاق، 1275 ه- 1858 م، 1285- 1868. و القاهرة، مطبعة دار العصور 1347 ه- 1928 م.

و الرياض، مكتبة الرياض الحديثة، 1974 م تحقيق عبد القادر احمد عطا.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 127

حياة المؤلف:

هو ابو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي الحنفي. كان من العلماء الترك، المستعربين.

ولد بقرب القسطنطينية- اسطنبول حاليا- و درس و درس في بلاد متعددة، و تقلد القضاء في «بروسا»، ثم قسطنطينية، ثم الروم. و أنيط اليه الإفتاء سنة 952 ه.

كان حاضر الذهن، سريع البديهة، كتب باللغات العربية و الفارسية و التركية، و قد مكنت له معرفته بهذه اللغات الاطلاع على الكثير من الكتب.

قام بتدريس الكتابين المشهورين: الكشاف و البيضاوي، حتى في الاوقات التي كان يخرج فيها مع السلطان سليمان القانوني غازيا، و كان يشتغل بالتدريس الذي لم يفارقه طيلة حياته.

كانت وفاته بالقسطنطينية في سنة 982 ه، و دفن بقرب من مدفن ابي أيوب الانصاري.

آثاره و مؤلفاته:

لم يدع لأبي السعود التدريس و ولاية القضاء و التنقل بين البلاد مجالا للتاليف، و مع هذا ترك لنا هذا التفسير و بعض رسائل نشير اليها:

1- تحفة الطلاب. في آداب المناظرة.

2- رسالة في المسح على الخفين.

3- قصة هاروت و ماروت.

4- رسالة في مسائل الوقوف «1».

______________________________

(1) الاعلام للزركلى، ج 7/ 59.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 128

تعريف عام

كان تفسير ابي السعود، من التفاسير البلاغية و الأدبية الذى يشمل تفسير جميع آيات القرآن و سوره.

و احسن التفسير عنده، تفسير الكشاف و انوار التنزيل البيضاوي. و في الحقيقة، أنه ملحق بهذين التفسيرين، فإنّه صورة اخرى لهما مع بعض تغييرات يسيرة جدا.

قد وصف الذهبى تفسيره:

«إن هذا التفسير غاية فى بابه، و نهاية فى حسن الصوغ و جمال التعبير، كشف فيه صاحبه عن أسرار البلاغة القرآنية، بما لم يسبقه أحد إليه، و من أجل ذلك ذاعت شهرة هذا التفسير بين اهل العلم، و شهد له كثير من العلماء بأنه خير ما كتب فى التفسير» «1» قد ابتدأ قبل التفسير بمقدمة فى بيان سبب تأليفه بعد ما أثنى كثيرا على تفسير «الكشاف» و «أنوار التنزيل» ثم يقول:

«و لقد كان فى سوابق الايام، و سوالف الدهور و الأعوام، أوان اشتغالى بمطالعتهما و ممارستهما، ... و يدور فى خلدى على استمرار ... ان انظم درر فوائدهما فى سمط دقيق، و أرتب غرر فرائدهما على ترتيب أنيق، و اضيف اليهما ما ألفيته فى تضاعيف الكتب الفاخرة من جواهر الحقائق، و صادفته فى اصداف العيالم الزاخرة من زواهر الدقائق، و أسلك خلالها بطريق الترصيع، على نسق انيق و أسلوب بديع، حسبما تقتضيه جلالة شأن التنزيل» «2» و من خصائص تفسيره العناية بذكر اشارات القرآن الى

ما في اسرار الخلق و الايجاد من آيات بيّنات، و لكن يؤكد ان الاستدلال بتلك الآيات و الدلائل،

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 1/ 347.

(2) ارشاد العقل السليم، ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 129

و الاستشهاد بتلك الامارات و المحايل، و التنبيه لتلك الاشارات السرية، و التفطن لمعاني تلك العبارات العبقرية مما لا يطيق به البشر إلّا بتوفيق خلاق القوى و القدر، اذن مدار المراد ليس إلّا كلام رب العباد، اذ هو المظهر لتفاصيل الشعائر الدينية و المفسر لمشكلات الآيات التكوينية.

منهجه

و طريقته في شروع التفسير ذكر اسم السورة، و مدنيها و مكيّها و عدد آياتها، ثم ذكر قطعة من الآيات، فيفسرها بنقل المسائل الادبية و اللغة و القراءات و الوجوه المحتملة في معاني الآيات.

و كان منهجه في الكتاب خالصا للتفسير، خال عن الاستطرادات و التوسّع في المباحث، قد عني فيه عناية بالغة بإبراز جودة البلاغة، و أسرار الإعجاز في القرآن الكريم، و لا سيّما في باب الفصل و الوصل و وجوه المناسبات بين الآيات.

قد ذكر الذهبى في حق عنايته ببلاغة القرآن و منهجه فى ذلك:

«قرأت هذا التفسير، فلاحظت ... انه كثير العناية بسبك العبارة و صوغها، مولع كل الولوع بالناحية البلاغية للقرآن، فهو يهتمّ بان يكشف عن نواحى القرآن البلاغية، و سر اعجازه فى نظمه و أسلوبه و بخاصة فى باب الفصل و الوصل، و الايجاز و الاطناب، و التقديم و التأخير ... كما أنّه يهتمّ بابداء المعانى الدقيقة التى تحملها التراكيب القرآنية بين طياتها» «1» و من مميزاته، خلوّه غالبا من القصص الإسرائيلية، و إذا ذكر شيئا منها، فإنّه يذكره مضعّفا لها، او منكرا او مبطلا، و مبينا منشأها، و ذلك كما

صنع في قصة «هاروت و ماروت» و لهذا قد صنف رسالة مختصة في: «قصة هاروت و ماروت»، و بيّن جهات ضعفها.

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 1/ 349.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 130

نعم قد ذكر بعض الإسرائيليات التي لا تخل بعصمة الأنبياء، و لكن فيها غرابة و بعد، و لم يعقّب عليها، و ذلك مثل ما ذكره في الحجر الذي ضربه موسى- على نبينا و عليه السلام- بعصاه، و ما ذكره في صفة يأجوج و مأجوج «1» و فيما يتعلق بقصة داود و أوريا، فان أبا السعود يرفض الروايات التي تنسب اليه الكبيرة، غير أنّه يقول:

«و أصل القصة ان داود عليه السلام، رأى امرأة رجل يقال له أوريا فمال قلبه اليها، فسأله ان يطلقها، فاستحيى ان يرده، ففعل، فتزوجها و هي ام سليمان عليه السلام»، و قال:

«و كان ذلك جائزا في شريعته معتادا فيما بين امته غير مخل بالمروءة ... خلا انه عليه الصلاة و السلام، لعظم منزلته، و ارتفاع مرتبته و علو شأنه نبه بالتمثيل على انه لم يكن ينبغي له ان يتعاطى ما يتعاطاه آحاد امته، و يسأل رجلا ليس له الّا امرأة واحدة ان ينزل عنها فيتزوجها مع كثرة نسائه» «2» و غير هذه التوجيهات الفاشلة و الضعيفة مما يخل بمقام النبوّة. انظر تفصيله في الكتاب، مع ان الحق في دفع هذه القصص هو الجواب بما أجاب الآلوسي، في روح المعاني بان هذه الروايات ضعيفة، و لا تحتاج الى هذه التوجيهات الباردة، و لذا قال علي كرم اللّه تعالى وجهه على ما في بعض الكتب:

«من تحدث بحديث داود عليه السلام على ما يرويه القصاص جلدته مائة و ستين، و ذلك حد الفرية

على الانبياء صلوات اللّه تعالى و سلامه عليهم اجمعين» «3» و اما بالنسبة الى الاحكام الفقهية، فإنّه يتعرض لها من دون توسع، مع ذكر الآثار

______________________________

(1) الاسرائيليات و الموضوعات فى كتب التفسير لأبي شهبة/ 144.

(2) ارشاد العقل السليم: الجزء السابع/ 222.

(3) روح المعانى: جزء 23/ 185.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 131

المروية المتعلقة بآيات الاحكام، و الاقوال الواردة، و ذكر الأسرار و العلل المفيدة في بيان الحكم، فعلى سبيل المثال، انظر تفسيره في سورة البقرة آية 286: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها، لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ، فانه ذكر بحثا جميلا في وصف الاحكام بالسهولة و السماحة «1» و كان موقفه في الاعتقادات تبعا للبيضاوي اشعريا و يسير بمذهبه و يخالف مذهب الاعتزال و صاحب الكشاف الزمخشري، فقال في معنى الرؤية:

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ «2» البصر حاسة النظر، و قد تطلق على العين من حيث انها محلها، و ادراك الشي ء عبارة عن الوصول اليه، و الإحاطة به، اي لا تصل اليه الأبصار و لا تحيط به، كما قال سعيد بن المسيب، و قال عطاء: كلت أبصار المخلوقين عن الإحاطة به، فلا متمسك فيه لمنكري الرؤية على الاطلاق، و قد روى عن ابن عباس و مقاتل رضي اللّه عنهم: لا تدركه الابصار في الدنيا، و هو يرى في الآخرة «3» فالخلاصة: كان تفسير ابي السعود، خلاصة الكشاف و بسط أنوار التنزيل و من حيث المنهج ملحق بهما في المنهج الادبي و البلاغي و البياني «4»

______________________________

(1) ارشاد العقل السليم، ج 1/ 276. طبعة دار احياء التراث العربى.

(2) سورة الانعام/ 103.

(3) ارشاد العقل السليم، ج 3/ 170.

(4) انظر ايضا: التفسير و المفسرون، ج 1/ 345؛ و مناهج

المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 253، و الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 144؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 169؛ و داود و سليمان في العهد القديم و القرآن الكريم لاحمد عيسى الاحمد/ 358؛ و النحو و كتب التفسير ج 2/ 986.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 132

8- الاساس في التفسير

اشارة

العنوان المعروف: الأساس في التفسير المؤلف: سعيد حوى ولادته: ولد في سنة، و توفي في سنة 1411 ه- 1990 م.

مذهب المؤلف: السني.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1398 ه.

عدد المجلدات: 11.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى: سنة 1405 ه- 1985 م، القاهرة، دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع.

الطبعة الثانية: سنة 1409 ه.

الطبعة الثالثة: سنة 1412 ه.

حياة المؤلف:

كان سعيد حوى من المثقفين و الملتزمين في الدراسات الإسلامية، الذي تحمل التعب الكثير في حياته.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 133

آثاره و مؤلفاته:

1- حزب اللّه اخلاقا و ثقافة.

2- اللّه جل جلاله (دراسات منهجية هادفة).

3- الرسول (دراسات منهجية هادفة).

4- الاسلام (دراسات منهجية هادفة).

5- الاساس فى السنة.

تعريف عام

كان تفسيرا جديدا تفرد باشياء لم يسبق اليها في بيان مناسبات الآيات و السور و تبيينها و تفسيرها و نظمها، شاملا لجميع القرآن، اكد فيه الجهة التربوية و الهدائية للقرآن، مع ملاحظة ما يحتاج اليه العصر بعبارات سهلة.

استعرض لأول مرة نظرية جديدة في موضوع الوحدة القرآنية، فى مناسبات الآيات و السور، لا في مناسبة الآية فى السورة الواحدة، او مناسبة آخر السورة السابقة لبداية السورة اللاحقة، بل فى مناسبة كل القرآن، و بيان الصلة بين جميع آياته و سوره وحدة موضوعية كاملة بحيث تفتح آفاقا جديدا لفهم معان كثيرة فى ضوئه فى خصوص السياق العام للقرآن و السياق الخاص داخل السورة الواحدة.

و هذا شى ء اهتم ببيانه في مقدمة الكتاب، بل في كل فصل من فصول الكتاب، و هذا هو الاساس فى تفسيره و مما هو بارز فى منهجه، و من عبارته فى المقدمة:

«لئن عرّج بعض المفسرين على هذا الموضوع، فان أحدا منهم لم يستوعب القرآن كله بذكر الربط و المناسبة بين الآيات فى السورة الواحدة و بين سور القرآن بعضها مع بعض على ضوء نظرية شاملة ... و سيرى قارئ هذا التفسير أنني بفضل

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 134

اللّه غطيت هذا الموضوع تغطية تامة، و سيرى قارئ هذا التفسير صحة سيرنا فى هذه التغطية كلما قرأ صفحة جديدة من صفحات هذا التفسير» «1» قدّم المؤلف في كتابه حول احتياجات عصرنا بالنسبة للقرآن الكريم من جهة ما ينبغي ان يضاف الى المكتبة القرآنية مستفادا مما قدّمه المؤلفون في عصور سابقة، مع ملاحظة

ما يحتاج اليه العصر، ثم بنى مقدمة اخرى في خصائص هذا التفسير و منهجه، فقال (بتلخيص منّا):

«كل من يرغب في أن يشتغل بالتفسير سيجد نفسه بين امرين:

أ: قسم من التفسير الذي يريده سيجده في أي تفسير معتمد، و هو بالتالي لا يحتاج الى نقله او تبسيطه.

ب: الأغراض الخاصة التي يجب المفسر أن يحققها في تفسيره.

اما بالنسبة الى الموضوع الاول: لم يكن باختياري أنني لتحقيق النوع الأول، اعتمدت في الابتداء على تفسيرين فقط، هما تفسير ابن كثير و تفسير النسفي، اذ لم يتوفر لي في سجني في المرحلة التي ابتدأت فيها العمل الّا هذان التفسيران، فإنّ تفسير ابن كثير تفسير القرآن بالقرآن، و بالمأثور في الغالب، و النسفي يعطي للمعنى الحرفي اهمية، و قد كان هذان التفسيران يستوعبان فوائد التفاسير التي سبقتهما، و لكن في المراحل الأخر اعتمدت على أربعة تفاسير، ابن كثير و النفسي و الآلوسي و الظلال، و تفسير الآلوسي و سيد قطب متأخران، الأول منها استوعب التفسير التقليدي، و في ظلال القرآن، فسر القرآن بلغة العصر، و لكن إن لم أذكر الّا ما له صلة مباشرة بالتفسير، اعتمادا مني على أن أي شي ء آخر يريده طالب المعرفة عن القرآن يستطيع أن يجده في المكتبة القرآنية.

اما بالنسبة الى الموضوع الثاني، يعني الاغراض الخاصة التي يجب المفسر ان يحققها فى تفسيره، فقد حاولت ان اريح القارئ العادى من مثل هذا (يعنى ذكر

______________________________

(1) الاساس في التفسير ج 1/ 24.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 135

الاسانيد و الروايات المتعددة الموجودة فى تفسير ابن كثير) فاخذت خلاصة ما فى هذا التفسير من معان اجمالية، او معان حرفية او فوائد مذكورة فيه ... مضافا اليه تحقيقات و فوائد كثيرة

مبثوثة في تفسير النسفي، فكانت هذه القضايا ميزة لهذا التفسير» «1» ثم بين «المؤلف» الاغراض التي تعقبه،- و شرحها في منهجه و اتجاهاته- ثم يدخل في تفسير القرآن من دون إشارة الى مباحث علوم القرآن، بل فوّض إلى تفاسير من سبقه من العلماء.

و كان اعتماده في التفاسير على التفاسير الاربعة التي ذكرناها: النسفي و ابن كثير و الآلوسي و سيد قطب و غيرها.

منهجه:

و كانت طريقته في التفسير، تقسيم القرآن إلى اربعة اقسام:

1- قسم الطوال.

2- قسم المئين.

3- قسم الثاني.

4- قسم المفصل.

و تفسير القرآن بناء على هذا التقسيم:

ذكر بيان فقرات السورة، ثم بيان تأليف سورة من الفقرات، ثم ذكر هذه الفقرات، ثم يدخل في بيان ما ورد في الفقرة و السورة، ثم بيان المعاني العامّة و الكليّة، ثم بيان المعنى الحرفي، ثم الورود في المباحث و الموضوعات المناسبة للسورة و الفقرة في ذيل فصول الكلام، و في نهاية الفقرة ذكر فوائد السورة و بيان سياق الفقرة.

______________________________

(1) الاساس فى التفسير ج 1/ 11.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 136

قال «المؤلف» في ذكر منهجه:

«و قد تكون ميزته الرئيسة، أنه قدم لأول مرة- فيما اعلم- نظرية جديدة في موضوع الوحدة القرآنية، و هو موضوع حاوله كثيرون، و ألفوا فيه الكتب و وصلوا الى اشياء كثيرة، و لكن اكثر ما اشتغلوا فيه كان يدور اما حول مناسبة الآية في السورة الواحدة، او مناسبة اخرى للسورة السابقة، لبداية السورة اللاحقة، و لم يزيدوا على ذلك- فيما اعلم- هذا، مع ملاحظة أن الموضوع الأول نادرا من استوعبه و التزم به في تفسير كامل للقرآن.

و لقد فصلت فيه استيعاب الآيات في السورة الواحدة، و السور في القرآن كله، على ضوء نظرية شاملة أثبت

البحث صحتها، و هي تعطي الجواب على كثير من الامور مما له صلة بوحدة السورة و وحدة المجموعة القرآنية. و بدون هذه النظرية، فان كثيرا من الصلات التي تحدث عنها المتحدثون إنما تتحقق بنوع من الاستكراه» «1» و مما يبرز فى تفسيره العناية بالتفسير العلمي و اثبات الاعجاز العلمى فى القرآن، اذ هو يربط دائما بين الآيات القرآنية و العلوم الحديثة بما ان الاعجاز العلمى فى القرآن عنده هو من وجوه الاعجاز لأهل هذا الزمان و مزية للعصر الكبرى التخصص، لكن هو ليس ممن يحمل النصوص القرآنية على فرضيات او نظريات لم تثبت، بل ينطبق كل ما هو ثبت قطعا فى العلوم الحديثة، حيث قال فى ذلك:

«و من مميزاته أنه حاول الاستفادة بقدر المستطاع من مزية العصر الكبرى:

التخصص و ما ترتب عليه من علوم و دقائق فى كل جانب من جوانب الحياة و الكون و الانسان، انه في عصرنا، اذ توفرت لنا معان، و تيسرت لنا علوم و اصبح بامكاننا من خلالها أن نلحظ كثيرا من المعجزات القرآنية، و ان نلحظ كثيرا من أسرار هذا القرآن ... فقد حررت هذا التفسير من تأثير ثقافات خاطئة على فهم القرآن، مما نجده عند كثير من المفسرين، و حاولت ألا اقع فى مثل اخطائهم، بحيث

______________________________

(1) نفس المصدر ج 1/ 21.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 137

احمل النصوص القرآنية على فرضيات او نظريات لم تثبت» «1» و على سبيل المثال نذكر نموذجا من تفسيره العلمى و ما يتجه ببيانه فى تفسير قوله تعالى: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها «2»، فانه قال:

«فى قوله تعالى معجزتان علميتان، فالدّحو فى اللغة العربية يفيد التكوير، و لذلك تسمّي العرب بيض النّعام فى الرمل

الأدحية او الادحوة، و القول بكروية الارض لم يكن معروفا فى جزيرة العرب حين تنزل القرآن، فالاشارة اليه دليل على ان القرآن من عند الله، و المعجزة الثانية في الآية أنها ذكرت ان الأرض خلقت بعد المجرّات التى هى سماء بالاصطلاح اللغوى، و هذا الاتجاه تجمع عليه النظريات العلمية الحديثة» «3» و من مميزات هذا التفسير، أنه حاول ان يستفيد من التفاسير و المراجع التي توفرت لدينا مع تعيينه للمكان الذي نقل منه و مصدره.

و كان التفسير مبناه على قراءة حفص في الاصل، و قد تعرض احيانا لبعض القراءات الاخرى، و رأى فيه ما رأى من التقسيمات من جانب الوحدة الموضوعية و غيرها.

و الخلاصة، كان تفسيرا جديدا في نوعه، تربويا هدائيا، يستعرض كثيرا من المباحث المناسبة لعصره، و استخدم قضية الايمان فيه، و يريد صاحبه ان يكون اداة لرفع درجات اليقين، بحيث لا يخلص القارئ من صفحة الى صفحة الّا و قد ارتقى يقينه.

______________________________

(1) الاساس في التفسير ج 1/ 29.

(2) سورة النازعات/ 30.

(3) الاساس في التفسير، ج 11/ 6367.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 138

9- اضواء البيان

اشارة

العنوان المعروف: اضواء البيان في ايضاح القرآن بالقرآن المؤلف: محمد الامين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي.

ولادته: ولد في سنة 1325 ه- 1907 م، و توفي في سنة 1393 ه- 1973 م.

مذهب المؤلف: المالكي السلفي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1386 ه.

عدد المجلدات: 9.

طبعات الكتاب: بيروت، عالم الكتب، سنة 1382 ه، الحجم 24 سم.

و اعيد طبعه بالافست في القاهرة، مكتبة ابن تيمية الطبعة الاولى، سنة 1408 ه- 1988 م، 9 مجلدات، الحجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو محمد الامين بن محمد المختار الجكني الشنقيطى، ولد سنة 1325 ه في «تنبة» من اعمال مديرية «كيفا» في شنقيط، و هي دولة موريتانيا الاسلامية الآن.

توفي والده و هو صغير يقرأ في جزء عمّ، حفظ القرآن على خاله و عمره عشر سنوات، درس الأدب و انساب العرب دراسة واسعة و السيرة النبوية، ثم درس الفقه

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 139

المالكي، و سافر الى الحج و في سفره مال الى فكر ابن تيمية و محمد بن عبد الوهاب، و بقي في جزيرة العرب يدرّس التفسير في مسجد الرسول (ص) بامر الملك عبد العزيز بعد ان كان مقتصرا على المذهب المالكي.

و لما عزم البقاء و بدأ التدريس في المسجد النبوي وجد من يمثل المذاهب الاربعة و من يناقش فيها. و قد اشتغل بتفسير القرآن على أوسع مجال حوالى ثلاثين سنة.

توفي ضحى يوم الخميس من 17 ذي الحجة 1393 ه بمكة المكرمة و دفن بمقبرة المعلاة. «1»

أهم مؤلفاته

1- اضواء البيان في ايضاح القرآن بالقرآن.

2- منع جواز المجاز في المنزّل.

3- مذكرة الاصول على روضة الناظر.

4- آداب البحث و المناظرة.

5- دفع ايهام الاضطراب عن آي الكتاب.

تعريف عام:

كان التفسير باملاء المفسر حتى المجلد السابع، آخر سورة المجادلة، ثم اكمل التفسير- بعد وفاته- تلميذه «عطية محمد سالم» في مجلدين، ثم اضاف و ضم بعض مؤلفات المفسر، و هي رسالة «الناسخ و المنسوخ» و رسالة «منع جواز المجاز عن المنزّل» و رسالة «دفع ايهام الاضطراب»، حتى صارت عشرة مجلدات؛ و في الحقيقة كان التفسير تسعة مجلدات.

ليس التفسير شاملا لجميع القرآن بحيث يتطلب منه تفسير كل ما اشكل عليه،

______________________________

(1) اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، ج 1/ 123؛ و مقدمة المجلد الثامن لتلميذه عطية محمد سالم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 140

بل هو تفسير خاص على منهج مختص به، و هو تفسير ما اجمل من الآيات، ايّا كان سبب إجماله من حيث اللفظ او المعنى، و بيان هذا الاجمال في آيات اخر سواء كان بالمنطوق او المفهوم او الفحوى.

منهج عمل «المتمم» في المجلدين هو نفس منهج المفسر. مع الاحالة الى ما يمكن الاحالة عليه من كلام المفسر، و الاستفادة بما له تعلق فيما لم يأت الشيخ عليه.

اما غرض المفسّر من تأليف هذا التفسير كما ذكر في مقدمة الكتاب:

«لما عرفنا إعراض اكثر المتسمين باسم المسلمين اليوم عن كتاب ربّهم و نبذهم له وراء ظهورهم، و عدم رغبتهم في وعده ... علمنا أن ذلك مما يعين على من اعطاه اللّه علما بكتابه، أن يجعل همته في خدمته من بيان معانيه و اظهار محاسنه، و إزالة الاشكال عما أشكل منه، و بيان احكامه، و الدعوة الى العمل به»، ثم قال في

تتميم كلامه:

«و اعلم ان من أهم المقصود بتأليفه أمرين: بيان القرآن بالقرآن و بيان الاحكام الفقهية في جميع الآيات المذكور فيها الاحكام و أدلتها من السنة، و اقوال العلماء في ذلك و ترجيح ما ظهر له من الراجح بالدليل» «1»

منهجه:

ابتدأ في تفسيره ببيان كلمات الآية التي فيها غموض و ابهام، من دون ذكر اسم السورة و فضلها و قراءتها او بيان جميع لغاتها كما كان منهج اكثر المفسرين.

و كان منهجه كما ذكره، تفسير القرآن بالقرآن، و لا يكاد يتناول آية قرآنية إلّا و بيّن ما تدلّ عليه و ما لا تدلّ عليه، و فصل في آيات الاحكام تفصيلا موسعا، و قد تضمّن بعض المسائل اللغوية، و ما يحتاج اليه من صرف و إعراب، و الاستشهاد بشعر العرب، و تحقيق ما يحتاج اليه من المسائل الاصولية و الكلامية.

______________________________

(1) اضواء البيان ج 1/ 6.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 141

اعتمد في التفسير على القراءات السبع مبتعدا عن القراءات الشاذة.

التزم في التفسير منهج اهل السنة و الجماعة، السلفية في اسماء الصفات و اثبات الرؤية و الاستواء و يد اللّه و القضاء و القدر و كثير من العقائد و الاحكام «1» و مع هذا قد تضمّن هذا التفسير امورا زائدة على ما بيّناه في المنهج، كتحقيق بعض المسائل اللغوية، و ما يحتاج اليه من صرف و إعراب، و الاستشهاد بشعر العرب، و تحقيق ما يحتاج اليه فيه من المسائل الاصولية و الكلام على اسانيد الاحاديث.

كما تعرض في مقدمة الكتاب الى أنواع البيان التي تضمنها القرآن العظيم، و من بحوثه في هذه المقدمة تفصيلا:

- انواع بيان الإجمال الواقع بسبب الاشتراك، و ذكر امثلته.

- بيان الإجمال الواقع بسبب الاحتمال في

مفسر الضمير و شواهده.

- بيان ذكر شي ء في موضع، ثم يقع سؤال عنه و جواب في موضع آخر.

- و من انواع البيان التي ذكرها: الظاهر المتبادر من الآية بحسب الوضع اللغوي غير مراد بدليل قرآني آخر على ان المراد غيره، و ذكر امثلتها، و شواهدها و بيان الحق فيها.

فراجع مقدمة التفسير فإنه بديع في ذكر هذه الانواع و الشواهد.

و قد اعتمد في تفسيره على اقوال الصحابة و التابعين و من المفسرين من بعدهم، مثل الطبري و ابن كثير، و القرطبي و الزمخشري، و في الحديث على الصحاح الستة و اقوال فقهاء المذاهب الاربعة. و اكثر ما نقله فيما يتعلق بالاحكام من القرطبي و النووي و ابن قدامة. و كثيرا ما، يسند كلامه الى بعض العلماء من دون تعيين لاسمائهم.

______________________________

(1) المفسرون بين التأويل و الاثبات في آيات الصفات للمغراوي ج 1/ 275؛ و اتجاهات التفسير للرومي ج 1/ 128.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 142

و كانت طريقته في بيان الاحكام الفقهية: ذكر الأقوال و الأدلة و التوسع فيها، مع ترجيحه لقول ما، و كذلك في المسائل الكلامية و المختلف فيها بين المذاهب الاسلامية فقد ذكرها و يتبع بما وافق اليه مذهب اهل السنة من السلفية.

و في آخر المجلد التاسع من الكتاب يوجد فهرس للموضوعات الفقهية الموجودة في اضواء البيان مرتبة حسب الأبواب الفقهية، و بيّن فيه عنوان البحث و رقم الجزء و الصحيفة و السورة.

و ايضا نشر كتابا مستقلا لفهرس مواضع الآيات المفسرة في اضواء البيان باسم:

«البيان لمواضع الآيات المفسرة في اضواء البيان» من إعداد و ترتيب ابي أسامة حسن بن علي العواجى، المدرس في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة، من منشورات دار الايمان الاسكندرية في 280

ص، 1410 ه، 24 سم «1»

______________________________

(1) انظر تفصيلا حول منهج الكتاب: اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر لفهد الرومي ج 1/ 123؛ و مناهج المفسرين من العصر الاول الى العصر الحديث، للنقراشي/ 190؛ و المجلد الثامن من اضواء البيان بقلم تلميذه عطية محمد سالم؛ و ايضا انظر ترجمة الشيخ: الجزء التاسع من التفسير/ 37؛ و مدرسة التفسير في الاندلس، لمصطفى إبراهيم المشيني/ 872؛ و المفسرون بين التأويل و الاثبات في آيات الصفات للمغراوي ج 1/ 275.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 143

10- اطيب البيان

اشارة

العنوان المعروف: اطيب البيان في تفسير القرآن.

المؤلف: السيد عبد الحسين الطيب.

ولادته: ولد في سنة 1312 ه- 1893 م، و توفي في سنة 1411 ه- 1990 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: الفارسية.

تاريخ التأليف: 1359 ه.

عدد المجلدات: 14.

طبعات الكتاب: طهران، مؤسسة الثقافة الاسلامية (بنياد فرهنگ اسلامي) كوشان پور (مكتبة الاسلام) (و كتابفروشى اسلام)، الطبعة الثانية، 1393 ه، حجم 24 سم.

حياة المؤلف:

كان المؤلف من الفقهاء و المفسرين الإمامية. ولد يوم السابع من المحرم الحرام عام 1312 ق في محلة «نو» من محلات مدينة اصفهان الايرانية.

نشأ الطيب- و هو من بيت آل الرسول (ص) و من طائفة مير محمد صادقي من السادة المعروفين- في- تلك المدينة. مات والده و هو ابن اثنتي عشرة سنة و تكفّلت

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 144

امه الزكية تربيته.

درس عدة سنين في اصفهان في مدرسة ميرزا مهدي و مدرسة صدر و چهارباغ، ثم رحل الى النجف الاشرف و درس فيها حتى بلغ درجة الاجتهاد، و كان بارعا في اكثر العلوم كالتفسير و الفقه و الحديث، و الحكمة و الحساب و الهيئة، و لم يصرف لحظة من عمره إلّا في اكتساب الفضيلة، و وزع أوقاته على العبادة و التدريس و المطالعة.

و كان زاهدا متقللا حافظا مأنوسا بالقرآن، و برع في الوعظ و التفسير و اشتغل بالتفسير أكثر من خمسين سنة.

و من اساتذته السيد محمد باقر درچه اى، و السيد أبو الحسن الاصفهاني، و آقا ضياء العراقي و النائيني، و الشيخ عبد الكريم الحائري.

توفي في محرم الحرام سنة 1411 ه و دفن في مقبرة المعروف في اصفهان.

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير أطيب البيان.

2- الكلم الطيب في العقائد.

3- منجزات المريض (غير مطبوع).

4- العمل الصالح في العقائد و الاخلاق و معاني الكبار.

5- رسالة في صلاة الجمعة. (غير مطبوعة) «1»

تعريف عام

تفسير شامل لجميع القرآن، مبسط، يفهمه الجميع لعباراته السهلة و الدراجة لدى عامة الناس، دقيق في عباراته و كلماته، خال من المصطلحات العلمية و أقوال المفسرون حياتهم و منهجهم 144 تعريف عام ..... ص : 144

____________________________________________________________

(1) مجلة حوزة، العدد 33/ 32.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 145

المفسرين، و كثرة القيل و القال، و التوسع الزائد عن الحاجة. اقتصر على اصح الاقوال غالبا، و من حسنات هذا التفسير، عناية المؤلف بتخريج الصحيح من الاخبار و بيان من رواها عن طريق أهل البيت عليهم السلام، و لا يأخذ من الضعيف، و هو ممن لا يعتقد يتناسب الآي و السور حتى يهتمّ ببيانه.

قد ابتدأ قبل التفسير بمقدمة مبسوطة في علوم القرآن، منها: بيان فضل القرآن و وجوب التمسك به، و مصونية القرآن من التحريف و ردّ قائليها، و منهج المفسرين و بيان اهمّ من فسّر القرآن، و القواعد من التفسير، و في اختلاف القراءات و فضل القراءة و الحفظ و التعليم، و اعجاز القرآن و وجوهه و كيفية نزول القرآن و مراتب النزول.

قال الطيب- في مقدمة تفسيره- في دوافعه لتأليف الكتاب:

«كان يخطر في ذهني من قديم الأيام أن اكتب كتابا في تفسير القرآن، و لأجل هذا التفكير قد اقمت حفائل لتفسير القرآن و كتبت كراسات متفرقة في هذا المجال، و لكن قصر الباع و قلة الاستعداد و الانشغال بالدراسة و الامور الاجتماعية كانت تمنعني من الاقدام بهذا العمل حتى ليلة الثلاثاء 5 جمادي الثاني سنة 1380 ه بعد ان حضرت

في مجلس دعاء التوسل رأيت في المنام اني تشرفت بلقاء ثامن الحجج (ع) و الحجة (ع) و أمراني أن أكتب تفسيرا و وعداني بأن يساعداني في ذلك، و بعد ان افقت من النوم رأيت صدق رؤياي، و ان وعدهما بالمساعدة قد تحقق و انا بدأت بكتابة و تأليف الكتاب». «1»

و طالت مدة كتابته للتفسير ثمان عشرة سنة.

منهجه

كان منهجه في التفسير هو ذكر اسم السورة و معناه- إن ورد فيه بيان- و فضلها و ذكر خواصها و عدد آياتها، ثم الشروع في تفسيرها ذاكرا المعنى اللغوي لها و وجوه

______________________________

(1) أطيب البيان في تفسير القرآن، ج 1/ 2.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 146

الكلام، من دون توسع في بيانه الادبي و اللغوي، و طريقته في بيان المطالب ان يطرح السؤال في معنى الآية و يجيب عنه بما يناسب في بيان الآية و تفسيره، و كذا في غيره من المواضيع.

يستعين المفسر اولا بشكل بارز على القرآن نفسه في استنطاق الآية و الوقوف على معانيها، و في ضوء ذلك، نهج منهجا موضوعيا، و قام بتحديد جملة من المفاهيم القرآنية بتفسير القرآن بالقرآن.

استعان المفسر بالسنة في تأييد و دعم النتائج القرآنية وفق قاعدته الاساسية و ما يفهمه من سياق الآيات.

تناول شرح المفردات القرآنية و الأوجه المهمّة من البلاغة و الإعراب، على القدر الذي يعين على فهم الآية و يكشف عن مدلولها.

و من منهجه في التفسير الإحالة الى البيان من تفسير كلمة أو جملة أو آية، و لا يتكرر كلامه في التفسير و البيان.

و ايضا يذكر سبب نزول الآية و القصص المرتبطة بالآية، و الاحاديث و الاخبار التي وردت عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عن

أهل بيته (ع)، و ما ورد في ذلك من الاخبار المنقولة في الكتب الحديثية كبحار الانوار للعلامة المجلسي، و لكنّه لا يذكر أقوال الفقهاء في آيات الاحكام، بل لم يتعرض للاحكام الفقهية و ادلتها إلّا قليلا، و يدلي برأيه في المسألة و هو أهل ذلك، لأنه من الفقهاء المعروفين في عصرنا.

و يمتاز التفسير بالابحاث التربوية و الاخلاقية لعامة الناس، و يعرضها بصورة درس قرآني. «1»

و يتعرض لاقوال أهل الكلام من الاشاعرة و المعتزلة و يردها بما يتفق مذهب أهل البيت (ع) و يتوسع في ذلك، كمباحث الجبر و الاختيار، و خلود اصحاب الكبائر،

______________________________

(1) و نموذج من هذه المباحث بحث: السجود للّه في المجلد الاول/ 206، و الصدقة/ 227، و اطعام المؤمن/ 233 و ترك اعانة المؤمن/ 351 و غير ذلك من المباحث.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 147

و الامامة، و معنى العرش و الكرسي، و التقية عند الشيعة «1»، و غيرها من المباحث، و اليك نموذج من كلامه حول مسألة الجبر و الاختيار بعد ما ذكر كلام الاشاعرة و المعتزلة في ذلك مؤيدا كلامه بالأخبار الواردة في ذلك، فإنّه قال في تفنيد هذه الاقوال:

«اللازم من القول بالجبر و الجاء العباد في افعالهم الى غيرهم، هو انكار العدل و الحسن و القبح العقلي، و ان تكون بعثة الانبياء لغوا و التكليف كذلك، و ان يكون عقاب المطيع و ثواب العاصي صحيحا، و ان لا يكون فرقا بينهم و بين غيرهم، و هذه كلها من لوازمها الاخرى، و الروايات في ذم هذه الطائفة كثيرة.

و كذلك اللازم من القول بالتفويض و استقلال العبد في اعماله، هي الاهانة لسلطان الحق عزّ و جلّ و اشراك في الافعال معه و

عدم حاجته الى قدرة الباري تعالى و قوته، و ترك الاستعانة به على الاعمال، و طلب التوفيق منه، و الآيات كثيرة في رد هذه الفرقة، و كذلك الروايات المتواترة و المتضافرة». «2»

و الخلاصة: يعتبر التفسير من التفاسير الوسيطة باللغة الفارسية، قد اظهر فيه علم أهل البيت (ع). و يؤثر القول بالمأثور اولا و من اللغة و تبادر العرف ثانيا، و المذهب الكلامي بازاء الفكر الاستدلالي و الاقناعي ثالثا، و مع هذا كان هدفه البعد التربوي و الهدائي من القرآن بالبيان الموضوعي الذي يفهمه عامة الناس.

______________________________

(1) انظر: اطيب البيان: ج 1/ 268 و 294 و ج 3/ 21 و 16 و 166.

(2) أطيب البيان، ج 1/ 270.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 148

11- الاكليل على مدارك التنزيل

اشارة

العنوان المعروف: تفسير الإكليل على مدارك التنزيل.

المؤلف: الحافظ الشيخ محمد عبد الحق اللّه آبادي ولادته: ولد في سنة 1252 ه- 1826 م، و توفي في سنة 1333 ه- 1914 م.

مذهب المؤلف: الحنفي الاشعري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 7.

طبعات الكتاب: مطبعة اكليل المطابع، 1330 ه، الحجم 35 سم.

حياة المؤلف:

هو الشيخ الحافظ محمد عبد الحق بن شاه محمد بن يارمحمد، الله آبادي، الهندي المكي الحنفي.

ولد في سنة 1252 ه في «الله آباد» من بلاد الهند، و تعلّم فيه حتى صار مفسرا و عالما بالفقه الحنفي و اصوله، و له اشتغال بالفلسفة و التصوف على طريقة ابن عربي.

حج سنة 1283 ه، فأقام بالمدينة أربع سنوات، و سكن مكّة و عرف فيها بشيخ الدلائل، لان الحجاج الهنود كانوا يأخذون منه اجازة: «دلائل الخيرات» و يبايعونه.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 149

توفى في سنة 1333 ه- 1915 م بمكة، و صلى عليه خلق كثير، و دفن بمقبرة المعلاة.

آثاره و مؤلفاته:

1- الإكليل على مدارك التنزيل.

2- سراج السالكين (المطبوع) في شرح منهاج العابدين للغزالي.

3- حاشية على شرح السلم (المطبوع) في المنطق «1»

تعريف عام

يعدّ هذا شرحا و حاشية على كتاب مدارك التنزيل و حقايق التأويل لأبي البركات عبد اللّه بن أحمد النسفي الإيذجي، و الحال ان كتاب مدارك التنزيل مختصر من كتاب الكشاف للزمخشري، إلّا انه لم يذكر كل ما يصادفه من قضايا الاعتزال في الكشّاف، و يستخلص منه النكت البلاغية و المعاني العقلية الدقيقة، و أضاف اليه كثيرا من اقوال النحاة و الإعراب و وجوه القراءات و إسناد هذه القراءات الى اصحابها.

فهذا التفسير، شرح لكلمات ابي البركات، شرح بياني أدبي، فيه الطويل الممل، و الحشويات المخلّة به، ممزوج ببعض الكلمات الفارسية.

لم يبدأ الشارح بمقدمة في ذكر غرضه أو منهجه، بل شرع بكلام النسفي و شرح العبارات، و اضاف اليه التوضيحات، و كان عنايته ترجمة الأعلام و المفسرين الذين ذكرهم صاحب التفسير، و توضيح اللغات و الخوض في الإعراب و النحو و البيان، و قد تعرض لشرح ما يتعلق بالاحكام، و استعان باصحاب الفقه الحنفي كالكرخي، و الجصاص و صاحب تفسيرات الاحمدية من فقهاء مذهب الحنفية.

______________________________

(1) الاعلام للزركلى ج 6/ 186.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 150

فعلى سبيل المثال نذكر نموذجا من شرحه عند تفسير كلام النسفى، فكما ذكرنا كان عنايته غالبا ترجمة الاعلام و المفسرين، حيث قال عند كلام النسفى:

«و عند المعتزلة ايجاد الشي ء على تقدير الاستواء»:

« [المعتزلة] هم اول فرقة أسسوا قواعد الخلاف، لما ورد به ظاهر السنة، و جرى عليه جماعة الصحابة في باب العقائد، و ذلك «ان رئيسهم أبا حذيفة واصل بن عطاء اعتزل اى رجع عن مجلس الحسن البصرى، يقرر: ان مرتكب

الكبيرة ليس بمؤمن و لا كافر و يثبت المنزلة بين المنزلتين اى بين الايمان و الكفر»، فقال الحسن البصرى قد اعتزل واصل بن عطاء عنّا، فسموا المعتزلة ...» «1»

الى آخر كلامه و كذا عند ذكر عبد الله بن عباس قال:

«ابن عباس: هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ... الصحابى بن الصحابى المكى ابن عم رسول الله ... كنى بابنه العباس و هو اكبر اولاده، و امه لبابة بنت الحارث الهلالية، و كان يقال لابن عباس «حبر الامة» و البحر بكثرة علمه و دعائه له» «2» و غيره من الموارد من الشروح و الاضافات، فانه لم يذكر الّا من قبيل هذه الموارد.

و الخلاصة، كان منهج صاحب التفسير منهج النسفي إلّا انه أضاف فيه توضيحات خرج عن غرض التفسير فللتعرف على منهجه راجع تفسير النسفي المعروف ب «مدارك التنزيل و حقائق التأويل».

______________________________

(1) الاكليل، ج 1/ 103.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 101.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 151

12- الامثل

اشارة

العنوان المعروف: الأمثل في تفسير كتاب اللّه المنزل.

المؤلف: الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.

ولادته: ولد في سنة 1347 ه- 1926 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1395- 1410 ه.

عدد المجلدات: 20.

طبعات الكتاب: الطبعة باللغة العربية، بيروت، مؤسسة البعثة، الطبعة الاولى، 1413 ه- 1992 م، 24 سم.

و الطبعة باللغة الفارسية، طهران، دار الكتب الاسلامية، 1396 الى 1410 ه، 27 مجلدا، 24 سم.

حياة المؤلف:

هو العلامة الشيخ ناصر المكارم الشيرازي، من العلماء و المدرسين و الباحثين النشيطين في الحوزة العلمية و الدينية للشيعة الاثني عشرية ببلدة قم.

ولد في 22 شعبان 1347 ه (بهمن 1307 ش) ببلدة شيراز من المدن المعروفة

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 152

في ايران، و تدرج في سلم الدراسة الأكاديمية حتى الثانوية فيها، ثم اتجه الى العلوم الدينية في مدارس شيراز، ثم رحل الى مدينة قم، و أقام فيها و استفاد من الاساتذة الكبار، منهم آية اللّه البروجردي، و العلامة الطباطبائي صاحب تفسير «الميزان» و غيرهما حتى نال درجة الاجتهاد.

و في اثناء التحصيل، اشتغل بالتدريس و التأليف.

و كان من اهل التفنن في العلوم و المعارف الاسلامية، و صاحب تأليفات كثيرة، و أخذ على عاتقيه الإجابة على الاسئلة الدينية في هذا العصر.

آثاره و مؤلفاته:

عمدة آثار الشيخ كانت بالفارسية، و لكننا نشير الى بعض آثاره باللغة العربية و الفارسية:

1- القواعد الفقهية (مجلدان).

2- أنوار الفقاهة، كتاب البيع.

3- تعليقات العروة في مجلدين.

4- پيام قرآن. تفسير موضوعي للقرآن نشر منه حتى الآن سبعة مجلدات.

5- فيلسوف نماها (المتفلسفون).

6- آفريدگار جهان (خالق العالم).

7- دارونيسيم (الدارونية) «1»

تعريف عام

كان التفسير اول ما كتب خلال خمس عشرة سنة (1396 الى 1410 ه) باللغة الفارسية في 27 مجلدا بالتعاون مع جمع من الافاضل، و علماء الحوزة العلمية بمدينة

______________________________

(1) أخذنا ترجمته من كتيب نشر في مدرسة امير المؤمنين تحت اشراف صاحب التفسير.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 153

قم المقدسة حتى يستفيد عامة الناس من القرآن و يعود المسلمون اليه.

و لهذا كان التفسير عملا جماعيا، و العلماء الذين عملوا في التفسير، هم:

الشيخ محمد رضا الآشتياني، و الشيخ محمد جعفر الامامي، و الشيخ داود الالهامي، و الشيخ أسد اللّه الايماني، و الشيخ عبد الرسول الحسنى، و السيد حسن الشجاعي، و السيد نور اللّه الطباطبائي و الشيخ محمود العبداللهي، و الشيخ محسن القراءتي، و السيد محمد المهري، و من هذه الجهة تميز من بين التفاسير من حيث العمل الجمعي.

و التفسير شامل لجميع القرآن، سلس العبارة، قابل الفهم لعامة الناس، جمع فيه الوزين و المهم و المناسب مما جاء في تفسير كبار المفسرين، و أضاف اليه القضايا الجديدة المطلوبة من الأسئلة و مشكلات العصر.

اهدافهم

قال الاستاذ مكارم في مقدمة تفسيره في دوافع تأليف التفسير «لكل عصر خصائصه و ضروراته و متطلباته، و هى تنطلق من الاوضاع الاجتماعية و الفكرية السائدة في ذلك العصر، و لكل عصر مشاكله و ملابساته الناتجة عن تغيير المجتمعات و الثقافات، و هو تغيير لا ينفك عن مسيرة المجتمع التاريخية المفكر الفاعل في الحياة الاجتماعية، هو ذلك الذي فهم الضرورات و المتطلبات، و ادراك المشاكل و الملابسات.

واجهنا دوما أسئلة وردت الينا من مختلف الفئات، و خاصة الشباب المتعطش الى نبع القرآن عن التفسير الأفضل.

هذه الأسئلة تنطوي ضمنيا على بحث عن تفسير يبين عظمة القرآن عن تحقيق

لا تقليد، و يجيب على ما في الساحة من احتياجات و تطلعات و آلام و آمال ... تفسير يجدي كل الفئات، و يخلو من المصطلحات العلمية المعقدة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 154

في الواقع نحن نفتقر الى مثل هذا التفسير، فالأسلاف و المعاصرون- رضوان اللّه عليهم- كتبوا في حقل التفسير كثيرا، لكن بعضها مكتوب بأسلوب خاص بعصرها لا يستفيد منه الّا العلماء و الأدباء، و بعضها مدوّن بمستوى علمي لا يدركه سوى الخواص، و بعضها تناول جانبا معينا من القرآن، و كانّها باقة ورد اقتطفت من بستان فردان، فهي قبس من هذا البستان، و ليست البستان.

من هنا لم نجد امام هذه الاسئلة المتدفّقة علينا جوابا مقنعا يرضي هذه الارواح المتعطشة التواقة» «1».

منهجهم:

و كانت طريقتهم في التفسير، أن يبدءوا بذكر اسم السورة و ذكر خصائصها، و الجو العام للسورة و سياقها، و ما يرتبط بها من الاهداف العامة و تناسبها، و بيان اهميتها و ما تحويها من الموضوعات و البحوث المهمة، و التعليل لبيان اسم السورة، و الخصوصيات الواردة في السورة في التفاسير.

ثم يبينون الجو العام الذي نزلت فيه السورة و الآية، و الإشارة الى مضمون الآية بيانا و تحليلا، مع سلاسة البيان و جزالة العبارة، ثم يشيروا الى المسائل الحيوية المادية و المعنوية، و خاصة المسائل الاجتماعية المرتبطة بالآية، بدلا من المباحث الادبية و البلاغية و العرفانية. و في ذيل كل آية يتعرض للمباحث الموضوعية تحت عنوان:

«بحث» المتناسب للمسائل المطروحة في الآية، كالربا و الرّق، و حقوق المرأة، و غيرها.

و المقصود المهم عند نظر المؤلّف و المشاركين معه، بيان المعاني للكلمات و اعطاء فهم صحيح للقرآن، و لو بنقل الحديث، او أسباب النزول الذي

مما له تأثير في الفهم الدقيق لمعنى الآية، مع الاجتناب عن تناول البحوث ذات الفائدة القليلة.

و قد تعرضوا للاحكام، بشكل مختصر و عدم التوسع في الفروع و الاقوال، و ان

______________________________

(1) الامثل ج 1/ 11.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 155

كانوا يعتنون بأسرار الحكم و فلسفته.

و اما التفاسير التي اعتمدوا التي عليها فهي: مجمع البيان، و الجامع لاحكام القرآن، و الميزان، و المنار، و تفسير نور الثقلين، و التفسير الكبير للفخر الرازي و في ظلال القرآن، و تفسير المراغي، و غيرها من التفاسير، مع تأييد و ترجيح او نقد للاقوال.

اما بالنسبة الى اتجاههم في التفسير العلمى فانهم ممن يميلون الى التفسير العلمى، و يحرضون إلى التفكير في آياته لما تضمنه من الاشارة الى أسرار الخلق و ظواهر الطبيعة، و وجه من وجوه اعجاز القرآن، اذ فيها معرفة حقائق، تأخر العلم في الكشف عن معرفتها عدة قرون.

فنذكر أمثلة من تفسيرهم العلمي. فعند قوله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً «1» بعد ما فسر الآية على اثبات كروية الارض و الشمس تعم العالم بنورها، قال:

«ان هذه الآية في الحقيقة تشير الى إحدى المسائل العلمية المرتبطة بالاجرام السماوية، حيث إن البشر في ذلك الزمان كانوا محجوبين عن العلم و لم يدركوا أن للقمر حركة، اما الشمس فلا حركة لها» «2» و كذا في تفسير الآية المباركة: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ «3» روى عن امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام انه قال:

انها تنشق من المجرّة «4». و الحديث يعتبر من الاعجاز العلمى لامير المؤمنين عليه السلام، حيث إنّه قد كشف الستار عن حقيقة علمية قائمة لم يكن قد سبقه

______________________________

(1) سورة يونس/ 5.

(2) الامثل، ج 6/ 280.

(3) سورة الانشقاق/ 1.

(4)

روح المعانى، ج 30/ 87، و الدر المنثور، ج 6/ 329.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 156

من علماء تلك الازمان أحد قبله عليه السلام، و بقيت هذه الحقيقة خافية عن انظار الناس، الى ان تم صنع التلسكوبات الكبيرة، فتوصل علماء الفلك المعاصرون اليها.

فعالم الوجود يتكون من مجموعة مجرّات.

و «المجرّة» عبارة عن مجموعة عظيمة من النجوم و المنظومات الشمسية، و لذا فقد اطلق على المجرّات اسم: «مدن النجوم» ... و كما يقول حديث امير المؤمنين عليه السلام، فان النجوم التى نراها في السماء اليوم ستنفصل عن المجرّة، و بها تنشق السماء» «1» و كذا في تفسير قوله تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ «2» نقل كلاما عن المراغى فى تفسيره «3» بان الآية بصدد ذكر حيمن الرجل و بويضة المرأة، و منهما تتشكل نطفة خلق الانسان، و في الآيتين سر من أسرار التنزيل و وجه من وجوه الاعجاز، اذ فيهما معرفة حقائق علمية، تأخر العلم عن كشفها و معرفة ألغازها مدة 13 قرنا» «4» و الموارد كثيرة لا تحتاج الى بيانها، و لكن نؤكد انهم ليسوا ممن يحمل النصوص القرآنية على فرضيات او نظريات لم تثبت، و اذا كان كذلك، يذكر بنحو الاحتمال.

و ذكروا الاحاديث و المرويات عن النبي (ص) و الأئمة من ولده عليهم السلام ان ورد في الآية حديث، نقلا عن الكافي و نور الثقلين، و من المرويات الواردة من اهل السنة نقلا عن الدر المنثور.

و اما موقفهم بالنسبة الى الإسرائيليات و الموضوعات و الخرافات، فإنّهم يجتنبون عنها، و يشيرون الى وضعها و دسّها، فمثلا في ذيل آية 103 من سورة البقرة في قصة هاروت و ماروت قالوا:

«كثر الحديث بين أصحاب القصص و الأساطير عن

هذين الملكين، و اختلطت

______________________________

(1) الامثل، ج 20/ 55.

(2) الطارق/ 5.

(3) تفسير المراغى، ج 30/ 113.

(4) الامثل، ج 20/ 55.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 157

الخرافة بالحقيقة بشأنهما، حتى ما عاد بالإمكان استخلاص الحقائق مما كتب بشأن هذه الحادثة التاريخية، و يظهر أن أصح ما قيل بهذا الشأن، و أقربه الى الموازين العقلية هو ما يلي ...».

ثم ذكر بيان الواقعة المستفادة من الآية و الأخبار الصحيحة و قال:

«و هذا الذي ذكرناه ينسجم مع العقل و المنطق، و تؤيده أحاديث أئمة آل البيت عليهم السلام.

اما ما تتحدث عنه بعض كتب التاريخ و دوائر المعارف بهذا الشأن، فمشوب بالخرافات و الأساطير، و بعيد كل البعد عما ذكره القرآن» «1» و الخلاصة، كان التفسير من التفاسير التربوية، سهل الفهم لقراء الكتاب- الذي شاع في المدن الإيرانية في طبعاته الكثيرة- بين طبقات المثقفين و المشتاقين لفهم الكتاب العزيز، و قد نشر منه باللغة الفارسية اكثر من عشر طبعات.

دراسات في التفسير

1- و قد نشر فهرس موضوعي مستقل، باهتمام الشيخ أحمد علي بابائي و رضا محمدي باسم: «فهرست موضوعي تفسير نمونه (الأمثل)»، بالفارسية، من منشورات مدرسة الامام امير المؤمنين مدينة قم، 1368 ش، الطبعة الثانية، 584 ص، 24 سم.

2- و من الدراسات المتعلقة بتفسير الامثل، التفسير الموضوعي باسم: «پيام قرآن» (دعوة القرآن)، و قد نشر حتى الآن 7 مجلدات منه.

______________________________

(1) الامثل ج 1/ 275.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 158

13- أنوار التنزيل و أسرار التأويل

اشارة

العنوان المعروف: أنوار التنزيل و أسرار التأويل، المعروف ب «تفسير البيضاوي».

المؤلف: ناصر الدين أبو سعيد عبد اللّه بن عمر بن محمد البيضاوي الشيرازي.

وفاته: اختلف في تاريخ وفاته إما في 685 ه- 1092 م أو 691- 1097.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الاولى، 1408 ه- 1988 م، الحجم 28 سم في مجلدين.

و بيروت، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، الطبعة الاولى، 1410 ه، الحجم 24 سم في اربعة مجلدات.

و بومباي، 1271 ه، و لعل هذه الطبعة من اقدم الطبعات.

و مصر، بولاق، 1283 ه، مع حاشية الخفاجي «عناية القاضي» في ثمانية مجلدات.

حياة المؤلف:

كان ابو سعيد ابو الخير عبد اللّه بن عمر بن محمد بن علي البيضاوي الشيرازي، عالما مشهورا من قرية يقال لها: «البيضاء»، من قرى شيراز الايرانية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 159

كان اماما علامة، عارفا بالفقه و التفسير و اصول الفقه و اصول الدين و العربية و المنطق، و عالما بفنون المناظرة و آداب المناقشة، شافعي المذهب، ولى القضاء بشيراز، و فسر القرآن، و الّف في كثير من الفنون، و قد رحل الى «تبريز» من مدن ايران و توفي فيها.

اختلف في تاريخ وفاته، و يحتمل قويا ان تكون وفاته سنة 685 ه، او سنة 691 ه.

آثاره و مؤلفاته

1- المنهاج في علم الاصول.

2- شرح مختصر ابن الحاجب في الاصول.

3- الايضاح في اصول الدين.

4- الغاية القصوى في الفقه.

5- شرح الكافية لابن الحاجب.

6- انوار التنزيل، و هو من أهم مصنفاته المشهورة باسمه و نحن بصدد تعريفه «1»

تعريف عام

هو من أشهر تفاسير القرآن الكريم في البلاد الاسلامية. كان صغير الحجم، و عظيم الفائدة، جميل الأسلوب، حلو العبارة، اقبل عليه جمهور الافاضل و الفحول بالدرس و التحشية، حتى بلغ عدد الحواشي على التفسير ثلاثا و ثمانين.

من اشهر الحواشي عليه، حاشية شيخ زادة، و حاشية الشهاب الخفاجي «عناية

______________________________

(1) انظر ترجمته في: طبقات المفسرين للداودي، ج 1/ 248؛ و مناهج المفسرين لمساعد آل جعفر/ 74؛ و لمنيع عبد الحليم محمود/ 242. و القاضى البيضاوى لزحيلى/ 9.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 160

القاضي»، و حاشية القونوي عليه.

قال البيضاوي في مقدمة الكتاب في حق تفسيره:

«و لطالما أحدث نفسي بأن أصنف في هذا الفن كتابا يحتوي على صفوة ما بلغني من عظماء الصحابة، و علماء التابعين و من دونهم من السلف الصالحين، و ينطوي على نكت بارعة و لطائف رائعة، استنبطتها أنا و من قبلي من أفاضل المتأخرين، و اماثل المحققين، و يعرب عن وجوه القراءات المعزية إلى الائمة الثمانية المشهورين، و الشواذ المروية عن القراء المعتبرين» «1» و قال ايضا في آخر المجلد الرابع بعد تفسير سورة الناس:

«و قد اتفق إتمام تعليق سواد هذا الكتاب، المنطوي على فرائد فوائد ذوي الألباب، المشتمل على خلاصة اقوال أكابر الائمة و صفوة آراء أعلام الامة، في تفسير القرآن و تحقيق معانيه، و الكشف عن عويصات ألفاظه، و معجزات مبانيه، مع الإيجاز الخالي عن الإخلال، و التلخيص العاري عن الإضلال ... و أسال اللّه تعالى

أن يتمم نفعه للطلاب، و لا يخلي سعي من يتعب فيه من الأجر و الثواب» «2».

و الحق، كان تفسيره مفيدا للطلاب، و المتأمل في تفسيره يجد انّه ملتزم لما اشار اليه في مقدمة الكتاب و مؤخرته، و قد نحا فيه نحو الاختصار، و ركز فيه الافكار، و وجه الأنظار الى ما تشتمل عليه الآيات في كثير من نواحي الإعراب و الفقه و الاصول، و نحو ذلك من القراءات و لطائف الاشارات، و جامعا بين التفسير و التأويل على مقتضى القواعد اللغوية و الشرعية.

و كان مقدمته في التفسير، كتفسيره مختصرة لم يبين فيها إلّا ما كان في بيان

______________________________

(1) انوار التنزيل ج 1/ 4، طبعة مؤسسة الأعلمى للمطبوعات.

(2) نفس المصدر ج 4/ 468.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 161

منهجه، ثم شرع في تفسير القرآن.

و اعتمد في تفسيره على الكشاف للزمخشري و التفسير الكبير للرازى و جامع التفسير للراغب الاصفهاني، قال الذهبي في حق التفسير «قد اختصر البيضاوي تفسيره من الكشاف للزمخشري، و لكنه ترك ما فيه من اعتزالات، و ان كان احيانا يذهب الى ما يذهب اليه صاحب الكشاف» «1» و ايضا قد تأثر بتفسير البيضاوي الكثير من اصحاب التفاسير كصاحب تفسير كنز الدقائق و تفسير الصافي و غيرهما.

منهجه:

كان منهجه بصورة عامة، هو ذكر اسم السورة، ثم نسبتها الى موطن النزول، ثم يبدأ بتفسير الآيات، آية آية. و في آخر السورة يذكر الحديث المروي في بركة السورة او فضلها.

قد لخص من الكشاف ما يتعلق بالإعراب و المعاني و البيان، حتى يقال- كما نقلناه- انه «مختصر الكشاف»، إلّا انه اجتنب عن الاعتزال، و ذهب مذهب الأشاعرة في العقائد و الكلام.

و ايضا قد لخص من التفسير الكبير، ما

يتعلق بالحكمة و الكلام، و من تفسير الراغب ما يتعلق بالاشتقاق و غوامض الحقائق و لطائف الاشارات، و ضم اليه شيئا من بنات الأفكار.

و مع هذا لم يتحرج عن ذكر الاحاديث الموضوعة، او الضعيفة، التي ذكرها في فضائل السور، مع ان رواة هذه الروايات كابي عصمة المروزي، و ابي عمرو عثمان بن الصلاح، اعترفوا و اعتذروا بأن الناس لمّا اشتغلوا بالاشعار و فقه ابي حنيفة و غير ذلك

______________________________

(1) التفسير و المفسرون ج 1/ 297؛ و انظر كشف الظنون ج 1/ 187.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 162

و نبذوا القرآن وراء ظهورهم، اردت ان أرغبهم فيه «1».

و اما الإسرائيليات في هذا التفسير، قليلة جدا، و هو ينسبها الى اليهود، و يوجّهها بأنها من رموز الاوائل. و قد وجّه الذهبي في نقل البيضاوى اخبار الضعاف بقوله:

«و اما اكثر الاحاديث التي اوردها في اواخر السور، فإنّه لكونه ممن صفت مرآة قلبه، و تعرض لنفحات ربه، تسامح فيه، و أعرض عن اسباب التجريح و التعديل، و نحا نحو الترغيب و التأويل، عالما بأنه مما فاه صاحبه بزور و دلى بغرور» «2» «3».

دراسات في التفسير و المفسر

مضافا الى الحواشي و الشروح حول تفسير البيضاوي، فقد كتبت كتب و مقالات و رسائل نشير الى بعضها:

1- الاتحاف بتميز ما تبع فيه البيضاوي صاحب الكشاف. محمد بن علي الداودي.

2- كشف الآيات. السيد محمد بن السيد عبد الغفار الكاشاني الرضوي «4».

3- مختصر تفسير البيضاوي. محمد بن محمد المعروف بامام الكاملية. المتوفى سنة 874 ه «5».

4- الفتح السماوي في تخريج احاديث البيضاوي. الشيخ عبد الرءوف المناوي.

5- وضع العلامة «فل» الآلماني على طبعة فلاشير في لايبسك فهرسا مستوفيا

______________________________

(1) البيان في تفسير القرآن للسيد الامام الخوئى/ 28.

(2) انوار التنزيل، ج

1/ 79، طبعة دار الكتب العلمية.

(3) التفسير و المفسرون ج 1/ 303.

(4) كشف الظنون ج 1/ 193.

(5) نفس المصدر/ 195.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 163

في سنة 1878 م «1».

6- القاضي البيضاوي، المفسر، الاصولي ... الدكتور محمد الزحيلي، دمشق، دار العلم، الطبعة الاولى، 1408 ه- 1988 م، 200 ص، 20 سم «2».

______________________________

(1) اكتفاء القنوع/ 167.

(2) انظر ايضا: التفسير و المفسرون، ج 1/ 296؛ و كشف الظنون لحاجي خليفه، ج 1/ 187؛ و مناهج المفسرين لمساعد مسلم آل جعفر/ 74؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 242؛ و تاريخ التفسير لقاسم القيسي/ 127؛ و الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 135؛ و في علوم القرآن: دراسات و محاضرات لمحمد عبد السلام كفافي/ 159 و 281؛ و اثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي لآل جعفر/ 115؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 110؛ و التفسير و المفسرون ج 1/ 296؛ و الرازي مفسرا لعبد الحميد/ 188؛ و النحو و كتب التفسير لرفيدة ج 2/ 874؛ و المفسرون في آيات الصفات و التأويل للمغراوي ج 2/ 95؛ و اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفنديك 167؛ و الايرانيون و الادب العربى (فى رجال علوم القرآن)، المجلد الاول، القسم الثانى لقيس آل قيس/ 392.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 164

14- انوار درخشان (الانوار الساطعة)

اشارة

العنوان المعروف: انوار درخشان (الانوار الساطعة في تفسير القرآن).

المؤلف: السيد محمد الحسيني الهمداني.

ولادته: ولد في سنة 1322 ه.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: الفارسية.

عدد المجلدات: 18.

طبعات الكتاب: طهران، مكتبة لطفي، الطبعة الاولى، سنة 1380 ه-، تصحيح محمد باقر البهبودي، حجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو السيد محمد بن السيد علي الحسيني النجفي الهمداني (عرب زاده) من العلماء و الفقهاء و المفسرين الإمامية.

ولد في سنة 1322 ه بمدينة النجف الأشرف، و كان والده السيد علي العرب الحسيني من العلماء و المشاهير، و من تلامذة السيد أحمد الكربلائي، و زميل الميرزا جواد الملكي التبريزي، و من معاريف أصحاب المعرفة و أصحاب السلوك.

و العلامة الهمداني كان صهرا للفقيه الأصولي المجاهد، الشيخ ميرزا النائيني

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 165

الذي كان له دور كبير في حركة الدستور.

درس عند والده بعد ما رحل الى ايران في سنة 1330 ه، ثم عاد الى النجف في سنة 1343 ه، و تتلمذ عند السيد المحقق الميلاني و العماد الرشتي، و قد حضر درس المحقق الشيخ النائيني و المحقق محمد حسين الاصفهاني في الفقه و الأصول، حتى نال درجة الاجتهاد. مضيفا الى ذلك، ما استفاده من دروس تفسير المحقق الأصفهاني الذي سبق ذكره.

و السيد العلامة يسكن حاليا في مدينة همدان و يقوم هناك بإلقاء الدروس على المؤمنين.

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير أنوار درخشان. (الأنوار الساطعة).

2- شرح أصول الكافي (5 مجلدات).

3- تقريرات الأصول لأبحاث العلامة النائيني. «1»

تعريف عام

تفسير أدبي أثري، عرفاني شامل لجميع آيات القرآن، قد اعتنى مؤلفه بذكر الصرف و النحو و اللغة و ذكر اللطائف و الاشارات، و الآثار الواردة عن النبي و أهل بيته- صلوات اللّه و سلامه عليه و على أولاده-.

و يتعقب فيه مفاد الآية خلاصة و شرحا، بعبارة قد كان تكون معقدة و ثقيلة بالفارسية، باصطلاح أهل المعنى و المعرفة، و لهذا كان كتابه تفسيرا مختصا لطبقة خاصة و لا يستفيد منه جميع القرّاء.

قال الحسيني الهمداني في مقدمة تفسيره في بيان سبب تأليفه:

______________________________

(1) مجلة «حوزة» بالفارسية العدد 30/ 31.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 166

«منذ أمد بعيد و أنا أفكر في وضع تفسير للقرآن الكريم، مستعينا في ذلك بقبسات المضطلعين الواقفين على أسرار الآيات القرآنية الكريمة، و استخرت اللّه تعالى و تفألت بالكتاب العزيز في ذلك، و اذا بالقرآن ينطق بقوله تعالى: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ «1»، و تضرعت الى الحكيم الحميد بأن يحقق لي هذه الأمنية.

و آمل من اللّه المنّان أن يشفع لي بهذه الصحائف، المقتبسة من رشحات علوم العترة الطاهرة و المزينة بأنوارهم، و يجعلها ديباجة صحيفة أعمالي التي: «لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها» «2» «3».

ابتدأ المفسر بمقدمة موجزة بيّن فيها عظمة القرآن و فضله و قراءته و خصائصه، و كيفية نزوله، و أوّل سورة نزلت في مكة و المدينة و آخرها، ثم شرع في تفسير سورة الحمد الى آخر سورة في القرآن على غرار ترتيب سور المصحف الشريف.

قد اعتمد في تفسيره على الروايات المروية عن طريق أهل البيت عليهم السلام نقلا عن

تفسير العياشي و علي بن إبراهيم و التفسير للامام العسكرى و كتب الحديث الأربعة عند الشيعة: (الكافي، و التهذيب و الاستبصار و من لا يحضره الفقيه) و الخصال و الوافي و الأمالي و غيرها من كتب الحديث الشيعية، و كذلك اعتمد على أقوال الصحابة كابن عباس و ابن مسعود و غيرهما من الصحاح الستة.

منهجه

و أمّا طريقته في التفسير فبعد ما يبدأ باسم السّورة و عدد آياتها و بيان مدنيّها و مكيّها، يشرع بالتفسير اللفظي بذكر جملة من الآيات المرتبطة، ثم ذكر ترجمة الآية بالفارسية في ذيل خلاصة الآيات، ثم بيان شرح الآيات و توضيحها بذكر

______________________________

(1) سورة الزخرف/ 28.

(2) سورة الكهف/ 49.

(3) الأنوار الساطع، ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 167

الصرف و النحو و اللغة تجزئة و تركيبا، و بيان تناسبها لما قبلها و ما بعدها، و تفسيرها و نقل الأحاديث الواردة في معني الآية تفسيرا و تفصيلا.

و منهجه، تفسير القرآن بالقرآن، و ربط بعضه ببعض، و عطف بعضه على بعض، لغة و مدلولا، أو حادثا أو مناسبة أو سبكا، بحيث يمكن أن يستنتج من منهجه دفع اشكالات و رفع شبهات و إزالة الموهمات المتعارضة و الغموضات اللغوية و التاريخية و العقائدية. و ما أحسن ما ذكره المفسّر (عزة دروزة) في شأن هذا المنهج، حيث قال:

«إنّ الأوثق و الأوكد، و الوسيلة الفضلى لفهم مدى القرآن و دلالته و تلقيناته، بل و ظروف نزوله و مناسباته تفسير بعض القرآن ببعض، و عطف بعضه على بعض، و ربط بعضه ببعض، كلما كان ذلك ممكنا لغة أو مدلولا، أو حادثا أو مناسبة أو سبكا أو حكما، أو موقفا أو تقريرا ... فإنّ القرآن يكاد يكون سلسلة

تامة يتصل بعضها ببعض أوثق اتصال فيما تمثل من أدوار السيرة النبوية في عهديها، كما أنّ من شأن عباراته و جمله و أحكامه و مشاهده ... أن يفسر بعضها بعضا و ان يدعم بعضها بعضا» «1».

و من مميزات تفسيره اعتماده الكبير على الأخبار و الآثار الواردة من طريق أهل البيت عليهم السلام، مع مراعاته لعدم الخروج عن تفسيره التحليلي و توضيح المراد من الآيات التي يفسرها.

و يتناول الحسيني الهمداني في تفسيره المسائل المتعلقة بالفقه في مواضيع متعددة، و في اثناء تعرضه لهذه المسائل ينقل الأقوال و الروايات، ثم يضع نفسه حكما يفنّد، و يرجّح و يختار وفق الأسس و الضوابط التي يعتمدها و تبعا لقواعد الفقه الإمامي. و قد يذكر بعد بيان الأحكام، الحكم و الأسرار، و يعلّل و يستشهد بالعلوم الحديثة في تأييد الحكم، كما فعل ذلك في تفسير قوله تعالى:

______________________________

(1) القرآن المجيد (مقدمة مستقلة من تفسير الحديث) لمحمد عزة دروزة/ 209.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 168

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ «1». فإنّه بعد بيان تفسير الآية، يعرض المباحث المتعلقة بأسرار حرمة الخمر مبسّطا مستشهدا بالأحاديث الواردة و أقوال علماء العلم الحديث في مضرّات الخمر و وجه تحريمه عند الشارع المقدس «2».

اهتم المفسر ببيان جملة من المفاهيم و المصطلحات العلمية و الكونية التي ترتبط بهداية الانسان، و هو في تناوله لهذه المسائل لم يتوسع، بل يتناولها بقدر ما يطلبه التفسير و الجهة التربوية، كما تعرض لبحث الليل و النهار و القمر و الأهلّة، و تأثير القلب في بقية الأعضاء، و غيرها من الموارد «3».

و أمّا موقفه من الاسرائيليات، فهو يجتنب ذكرها و يحذر منها، خصوصا اذا كانت تتنافى مع

عصمة الأنبياء و الملائكة و ما يأباه العقل السليم.

و الخلاصة، كانت تفسير «الأنوار الساطعة» (درخشان) من التفاسير البيانية و التحليلية التي لا يفهمها عامة الناس، من دون إغلاق و إبهام، مع ذكر الأخبار و الآثار الواردة عن أهل البيت عليهم السلام، باللون التربوي و الهدائي.

______________________________

(1) سورة البقرة/ 219.

(2) الأنوار الساطعة، ج 2/ 206. و أيضا انظر نفس المصدر، ج 2/ 102.

(3) نفس المصدر، ج 2/ 67 و 140 و 223.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 169

15- أيسر التفاسير

اشارة

العنوان المعروف: أيسر التفاسير.

المؤلف: ابو بكر جابر الجزائري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1406 ه.

عدد المجلدات: 5.

مذهب المؤلف: السلفي الحنبلي.

طبعات الكتاب: القاهرة: دار السلام للطباعة و النشر، الطبعة الرابعة، طبعة خاصة بمصر و فلسطين و المغرب العربي، باشراف راسم للدعاية و الإعلان في جدة.

1412 ه- 1992 م، و بهامشه «نهر الخير»، الحجم 24 سم.

حياة المؤلف:

كان المؤلف واعظا بالمسجد النبوي الشريف، معاصرا، ما وجدت شيئا في ترجمته، و لا من آثاره و مؤلفاته، إلّا «نهر الخير» بهامش هذا التفسير.

تعريف عام:

تفسير موجز لكتاب اللّه تعالى الذي الفه الواعظ الجزائري، تلبية لحاجة

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 170

المسلمين اليوم الى فهم كلام اللّه، و سبيل هدايتهم و عصمتهم من الاهواء و شفائهم من الأدواء، على غرار تفسير الجلالين بحيث يحل محله في المعاهد و دور الحديث، ملتزما فيه العقيدة السلفية، التي خلا منها تفسير الجلالين، ببيان اللفظ القريب من فهم المسلم اليوم، مع رعاية بعده التربوي.

قال المؤلف في مقدمة تفسيره في بيان غرضه من التأليف:

«هذا و نظرا لليقظة الإسلامية اليوم، فقد تعيّن وضع تفسير سهل ميسر يجمع بين المعنى المراد من كلام اللّه، و بين اللفظ القريب من فهم المسلم اليوم.

تبيّن فيه العقيدة السلفية المنجية، و الأحكام الفقهية الضرورية، مع تربية ملكة التقوى في النفوس، بتحبيب الفضائل و تبغيض الرذائل، و الحث على اداء الفرائض و اتقاء المحارم، مع التجمل بالأخلاق القرآنية، و التحلي بالآداب الربانية.

و قد هممت بالقيام بهذا المتعين عدة مرات في ظرف سنوات، و كثيرا ما يطلب مني مستمعو دروسي في التفسير في المسجد النبوي ان لو وضعت تفسيرا للمسلمين سهل العبارة، قريب الاشارة يساعد على فهم كلام اللّه تعالى ... و بهذا الوعد تعنيت و استعنت اللّه تعالى و شرعت» «1» ثم انّ المؤلف في طبعته الثالثة، اضاف بهامشه اضافات و توضيحات تكميلا لحاجة طلبة العلم الى المزيد من المعرفة و بتعبير المؤلف: حاشية كانت أشبه بتعليق على «ايسر التفاسير» و سماه «نهر الخير» مع مراعاة الاختصار ببعض ما يرغب طالب العلم في معرفته و الحصول عليه من

شاهد لغة او بيان او اثر جميل او مستند حديث جليل، او كشف عن وجه لآية ذات وجوه، او الوقوف على سر من اسرار القرآن او عجيبة من عجائب القرآن ... او تصحيح خطأ وقع في التفسير، مع ازالة ابهام، او اضافة بعض الاحكام.

______________________________

(1) ايسر التفاسير ج 1/ 5.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 171

و قال في ختام المجلد الخامس:

«هذا و اقدم اعتذاري ... و هو أني كتبت هذا التفسير في ظروف مختلفة، مرة في الطائرة، و مرة في الحضر، و اخرى في السفر، و مرة و البال مشغول، و ثانية و الجسم معلول، فلذا قد يجد القارئ، احيانا جفافا في الشرح او قلقا في العبارة» «1»

منهجه

كان التفسير يبدأ بذكر اسم السورة، و الاشارة الى مكيها و مدنيها، و عدد آياتها، ثم يذكر جمعا من آياتها، فيشرح كلماتها، و يتعرض لأحكامها ان كان لها تعلق بالحكم، ثم يفسرها تفسيرا موجزا لا تكون فيه المصطلحات العلمية، و يتحدث إلى أهل العصر بلغة العصر، اتبع فيه منهج السلف من اهل السنة و الجماعة.

قال «الجزائري» في بيان تعريف التفسير و مميزاته:

«هذا و إن مميزات هذا التفسير التي بها رجوت أن يكون تفسير كل مسلم و مسلمة، لا يخلو منه بيت من بيوت المسلمين فهي:

1- الوسطية بين الاختصار المخل و التطويل الممل.

2- إتباع منهج السلف في العقائد و الأسماء و الصفات.

3- الالتزام بعدم الخروج عن المذاهب الأربعة في الاحكام الفقهية.

4- اخلاؤه من الإسرائيليات صحيحها و سقيمها، إلّا ما لا بدّ منه لفهم الآية الكريمة، و كان مما تجوز روايته لحديث.

5- إغفال الخلافات التفسيرية.

6- الالتزام بما رجحه ابن جرير الطبري في تفسيره عند اختلاف المفسرين في معنى الآية، و

قد لا آخذ برأيه في بعض التوجيهات للآية.

7- اخلاء الكتاب من المسائل النحوية و البلاغية و الشواهد العربية.

______________________________

(1) نفس المصدر ج 5/ 634.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 172

8- عدم التعرض للقراءات إلّا نادرا جدا للضرورة حيث يتوقف معنى الآية على ذلك.

و بالنسبة للأحاديث، فقد اقتصرت على الصحيح و الحسن منها دون غيرهما، و لذا لم اعزها الى مصادرها إلّا نادرا.

9- خلو هذا التفسير من ذكر الأقوال و ان كثرت، و الالتزام بالمعنى الراجح، و الذي عليه جمهور المفسرين من السلف الصالح.

و في ختام المقدمة ذكر المؤلف مصادره في التفسير: 1- جامع البيان الطبري.

2- تفسير الجلالين. 3- تفسير المراغي. 4- تفسير الكريم السعدي.

و الخلاصة، كان المفسر ملتزما بما قاله في منهج التفسير، و هو تفسير ارشادي تربوي مطابق لعقائد اهل السنة و الجماعة، ملبّيا حاجة المسلم في فهم كتاب اللّه العزيز.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 173

16- بحر العلوم

اشارة

العنوان المعروف: تفسير القرآن الكريم، المعروف ب «بحر العلوم» و تفسير السمرقندي.

المؤلف: ابو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي البلخي.

ولادته: ولد بين سنة 301- 310 ه، و توفي في سنة: 375 ه- 983 م.

مذهب المؤلف: الحنفي الاشعري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 3.

طبعات الكتاب: بغداد، اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجري، الطبعة الاولى، مطبعة الارشاد، دراسة و تحقيق الدكتور عبد الرحيم أحمد الزقة، 1405 ه- 1985 م، 3 مجلدات، ناقص، 24 سم.

الطبعة الاخرى: بيروت، دار الكتب العلمية، 1414 ه- 1993 م، 28 سم، 3 مجلدات، بتحقيق و تعليق الشيخ على محمد معوّض و الشيخ عادل أحمد عبد الموجود و الدكتور زكريا عبد المجيد النّوتي.

حياة المؤلف:

ابو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي، يعرف ب «امام الهدى».

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 174

هو فقيه و محدث و مفسر، ولد في سمرقند من بلاد «ازبكستان»، و إحدى مدن خراسان الكبيرة. و كان قد اشتهر بكثرة الأقوال المفيدة و التصانيف المشهورة.

و كانت ولادته في مطلع القرن الرابع الهجري، ما بين سنة 301 ه الى 310 على وجه التقريب.

و هو يهتم بالفقه الحنفي و لهذا رحل الى بلخ، و تتلمذ على جمع من المشايخ منها على ابي جعفر الهندواني (م 362) و محمد بن الفضل البلخي الامام المفسر (م 319) و الخليل بن أحمد بن اسماعيل (م 368) و محمد بن الحسين الحدادي (م 388).

و كانت وفاته ليلة الثلاثاء لاحدى عشرة ليلة من جمادى الآخرة سنة 395 ه، و دفن نهارا بمدينة بلخ بجوار استاذه ابي جعفر الهندواني.

آثاره و مؤلفاته:

1- خزانة الفقه (مطبوع).

2- تنبيه الغافلين في الوعظ و الاخلاق و التأمل (مطبوع).

3- النوازل في الفتاوى.

4- تأسيس النظائر الفقهية.

5- عيون المسائل في فروع الفقه الحنفي. (مطبوع).

6- بستان العارفين (مطبوع) «1»

تعريف عام

كان التفسير شاملا لجميع آيات القرآن، طبع بدار الكتب العلمية، ببيروت بصورة كاملة و المطبوع في بغداد حتى نهاية سورة الأنعام.

______________________________

(1) انظر ترجمة السمرقندي: تفسير بحر العلوم ج 1/ 45- 99، من مقدمة المحقق، طبعة بغداد؛ و مقدمة التحقيق من طبعة بيروت دار الكتب العلمية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 175

قد جمع فيه صاحبه بين التفسير بالرواية و التفسير بالدراية، و ان كان الأغلب فيه الجانب النقلي، و كان قد ينقل من تفاسير الاثريين و اللغويين، بالاضافة الى مصادر تاريخية ما يتعلق بأسباب النزول، و الناسخ و المنسوخ، و القراءات القرآنية.

لم يبدأ السمرقندي في تفسيره بخطبة او مقدمة في بيان منهجه، او مقدمات مباحث التفسير، إلّا أنه فتح بابا في الحث على طلب التفسير، و فيه ذكر الأخبار الواردة في فضيلة القرآن، و فضيلة التفسير و شرائطه، و النهي عن التفسير بالرأي و الأدلة فيه، ثم ورد في تفسير القرآن مبتدئا بتفسير سورة الحمد.

و كان يعتمد في تفسيره مما نقل عن الصحابة و التابعين (ره) كعبد اللّه بن عباس و عبد اللّه بن مسعود و ابي بن كعب و مجاهد بن جبر و الحسن البصري، و غيرهم من أصحاب التفاسير النقلية كمقاتل بن سليمان و قتادة بن دعامة، و تفاسير اللغويين، كالزجاج و الفراء و ابن قتيبة الدينوري و ابي عبيدة معمر بن مثنى «1»

منهجه

كان منهجه نقل الاحاديث و المرويات عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و الصحابة و التابعين، و شروع التفسير يبدأ باسامي السور، و مكان نزولها و فضلها و احكامها، و تفسيره مبنيا على المأثور مع نقل الطريق و ان كان نقل اقوال اللغة و الأدب فيه موجودا، و ايضا

يهتم بأسباب النزول و القراءات القرآنية.

قال الذهبي في التعريف بالتفسير و منهجه:

«تتبعت هذا التفسير فوجدت صاحبه يفسر القرآن بالمأثور عن السلف، فيسوق الروايات عن الصحابة و التابعين و من بعدهم في التفسير، و لكنّه لا يذكر أسناده الى من يروي عنهم، و يندر سياقه للإسناد في بعض الروايات.

______________________________

(1) بحر العرفان، ج 1/ 146، من مقدمة المحقق عبد الرحيم أحمد الزقة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 176

و قد لاحظت عليه أنه إذا ذكر الاقوال و الروايات المختلفة لا يعقب عليها، و لا يرجح كما يفعل ابن جرير الطبري ...

و هو يعرض للقراءات و لكن بقدر، كما أنه يحتكم الى اللغة احيانا، و يشرح القرآن بالقرآن ان وجد من الآيات القرآنية ما يوضح معنى آية اخرى ...

و وجدته يوجه بعض إشكالات ترد على ظاهر النظم ثم يجيب عنها، كما يعرض لموهم الاختلاف و التناقض في القرآن و يزيل هذا الإيهام» «1» و كان السمرقندي يعتمد على اللغة و يرتكز عليها في فهم معاني التنزيل و يستند فيه على أصحاب اللغة.

«و يلاحظ في تفسير ابي الليث، أنه لا يتقيد بذكر الاسانيد التي اعتنى بها المفسرون بالمأثور قبله كابن جرير الطبري في تفسيره- كما ذكره الذهبي- غير ان أبا الليث بين في مقدمة كتابه «بستان العارفين» سبب حذفه للأسانيد فقال:

«و حذفت أسانيد الأحاديث تخفيفا للراغبين فيه، و تسهيلا للمجتهدين، و التماسا لمنفعة الناس» ... و ليس معنى هذا ان أبا الليث ترك الاسناد في تفسيره مطلقا، بل نجده يذكره في مقدمة تفسيره و في كثير من المواضع اذا اختلف الطريق الذي ذكره اولا في مقدمة تفسيره» «2» و هو يروي احيانا عن الضعفاء، فيخرج من رواية الكلبي و من

رواية اسباط عن السدي و غيرهما، مما لهم ضعف و دس من دون نقد و توضيح.

و هو ايضا يروي من القصص الإسرائيلية بدون تعقيب منه على ما يرويه و بيان ضعفها.

و نموذج مما ذكره من القصص الإسرائيلية هو عند ذكر آية: وَ ما أُنْزِلَ عَلَى

______________________________

(1) التفسير و المفسرون ج 1/ 224.

(2) بحر العلوم ج 1/ 150.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 177

الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ (البقرة/ 102) «1»، و آية فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها (البقرة/ 36) «2»، و آية وَ لَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ (البقرة/ 250) «3»، و غيرها من القصص و الحكايات التي تخالف النصوص الشرعية و لا تتوافق مع العقل السليم «4» و اما طريقته بالنسبة الى تفسير آيات الأحكام، فإنّه مقل فيها، بل كان يورد الاحكام الفقهية بقدر ما يحتاج اليها التفسير، و كان اهتمامه في التفسير المأثور الوارد في ذيل الآيات، ثم بيان اللغة و القراءات القرآنية، و المكية و المدنية من الآيات، و ذكر الناسخ و المنسوخ، و ما الى ذلك من علوم القرآن «5»

______________________________

(1) نفس المصدر/ 435.

(2) نفس المصدر/ 326.

(3) نفس المصدر/ 682.

(4) بحر العلوم، ج 1/ 55.

(5) و لتفصيل هذه الموارد انظر مقدمة المحقق/ 176 من طبعة بغداد، و مقدمة طبعة بيروت ج 1/ 54؛ و التفسير و المفسرون ج 1/ 224؛ و مناهل العرفان للزرقانى ج 2/ 29.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 178

17- البحر المحيط

اشارة

العنوان المعروف: البحر المحيط.

المؤلف: ابو حيان محمد بن يوسف بن حيان الاندلسي الغرناطي.

ولادته: ولد في سنة 654 ه- 1256 م، و توفي سنة 745 ه- 1344 م.

مذهب المؤلف: المالكي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 710 ه.

عدد المجلدات: 8 مجلد.

طبعات الكتاب: القاهرة، مطبعة السعادة، 8

مجلدات، الحجم 30 سم، 1329 ه بتصحيح محمد اسماعيل الذيب.

و اعيد طبعه بالافست في بيروت، دار الفكر، الطبعة الثانية، 1403 ه- 1983 م.

و بيروت، دار الفكر ايضا، بعناية الشيخ عرفان العشا حسّونة، و صدقي محمد جميل، 11 مجلد، الحجم: 24 سم مع الفهارس، 1412 ه- 1992 م.

و بيروت، دار الكتب العلمية، دراسة و تحقيق و تعليق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، و الشيخ علي محمد معوض و غيرهما، 8 مجلدات، 28 سم، الطبعة الاولى، 1413 ه- 1993 م.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 179

حياة المؤلف:

هو اثير الدين ابو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان، الأندلسي الغرناطي، الشهير ب «ابي حيان الاندلسي».

ولد بمطخشارش بالقرب من غرناطة، سنة 654 ه.

بدأ حياته بالقرآن الكريم، حفظا و دراسة، و قد حببت اليه الرحلة لطلب العلم، فكانت رحلاته ببلاد الأندلس و حواضرها المشهورة و مواطن العلم و العلماء في ذلك الوقت، فسمع الحديث بالأندلس و افريقيا و الاسكندرية و مصر و الحجاز من نحو اربعمائة و خمسين شيخا، حتى صار محدثا و مؤرخا و اديبا و مفسر العصر.

و قد انتهت بأبي حيان الحياة بعد عمر مديد في خدمة القرآن و علومه، و كانت وفاته بمصر (القاهرة) سنة 745 ه «1»

آثاره و مؤلفاته:

خلّف ابو حيان مؤلفات كثيرة نذكر منها:

1- البحر المحيط.

2- النهر الماد من البحر المحيط. (تلخيص هذا التفسير الذي نحن بصدد تعريفه).

3- اتحاف الاريب بما في القرآن من الغريب.

4- التذييل و التكميل في شرح التسهيل.

5- غريب القرآن في مجلد واحد.

6- منظومة على وزن الشاطبية في القراءات.

7- لغات القرآن، تقديم و تحقيق سمير مجذوب.

______________________________

(1) مقدمة تفسير البحر المحيط ج 1/ 27 طبعة دار الكتب العلمية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 180

تعريف عام

كان التفسير مميزا من حيث اهتمامه باللغة و النحو و الصرف، و في الحقيقة يعدّ التفسير ديوانا ضخما لشواهد تفسر الكلمات المعجمية التي حواها التفسير، و شواهد على أنماط التعبير العربي و وجوهه الاعرابية.

و كذا مهتما بالقراءات و اللهجات، اذ كان عالما بها. و نقل اقوال الفقهاء الاربعة و غيرهم في الاحكام الشرعية مما فيه تعلق باللفظ القرآني، محيلا على الدلائل التي في كتب الفقه.

قد ابتدأ تفسيره بخطبة ادبية مفصلة، ثم ذكر مقدمة في بيان منهجه في تأليف الكتاب، و العلوم التي يحتاج اليها المفسر، و الشروط الواجب توافرها في المفسر و الكلام في بعض المفسرين، مثل الزمخشري و ابن عطية صاحبي تفسير الكشاف و المحرر الوجيز، ثم ذكر فضائل القرآن و الترغيب في التفسير، و بيان المفسرين من الصحابة و التابعين و تعريف علم التفسير لغة و اصطلاحا.

منهجه

و كانت طريقته في التفسير بعد ذكر الآية، بيان الوجوه الادبية و اللغوية و الشواهد منها في الآيات و الشعر و الامثال.

قال ابو حيان في مقدمة تفسيره في بيان منهجه:

«و ترتيبي في هذا الكتاب، إنّي ابتدأت اولا بالكلام على مفردات الآية التي افسرها لفظة لفظة: فيما يحتاج اليه من اللغة و الاحكام النحوية التي لتلك اللفظة قبل التركيب، و اذا كان لكلمة معنيان او معان، ذكرت ذلك في اول موضع فيه تلك الكلمة لينظر ما يناسب لها من تلك المعاني في كل موضع تقع فيه فيحمل عليه.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 181

ثم أشرع في تفسير الآية ذاكرا سبب نزولها- اذا كان لها سبب- و نسخها و مناسبتها و ارتباطها بما قبلها حاشدا فيها القراءات، شاذها و مستعملها، ذاكرا توجيه ذلك في علم العربية، ناقلا أقاويل

السلف و الخلف في فهم معانيها، متكلما على جليها و خفيّها، بحيث إني لم اغادر منها كلمة و إن اشتهرت، حتى أتكلم عليها مبديا ما فيها من غوامض الإعراب و دقائق الادب، من بديع و بيان مجتهدا ... ثم اختتم الكلام في جملة من الآيات التي افسرها افرادا و تركيبا بما ذكروا فيها من علم البيان و البديع ملخصا» «1» هذا و لكن مع اهتمامه بالمسائل الأدبية، كان من منهجه في تفسير القرآن، ان لا يخضع لمقاييس النحو؛ لان في نظره بلاغة القرآن و هو أعظم من أن تخضع لمقاييس النحو و تخريجات النحاة.

و من جانب آخر، فقد أنكر التفسير العلمي أشد الانكار، و حمل على الفخر الرازي لنزعته العلمية في تفسيره و رفع عقيرته في وجه من ينحو نحو هذا الاتجاه، الذي يسميه فضولا و تخليطا و تخبيطا، على شاكلة قوله في تفسير قول اللّه تعالى:

ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها «2»:

«و قد تكلم المفسرون هنا في حقيقة النسخ الشرعي و اقسامه و ما اتفق عليه منه، و ما اختلف فيه، و في جوازه عقلا و وقوعه شرعا، و بما ذا ينسخ، و غير ذلك من احكام النسخ، و دلائل تلك الأحكام، و طوّلوا في ذلك. و هذا كله موضوع علم اصول الفقه، فيبحث في ذلك كله فيه ... و لا نطوّل بذكر ذلك في علم التفسير، فنخرج عن طريقة التفسير- كما فعله الرازي- و قد ذكرنا في الخطبة، ما يحتاج اليه علم التفسير، فمن زاد على ذلك فهو فضول في هذا العلم» «3» إن أبا حيان ينقل في تفسيره كثيرا من تفسير الزمخشري و تفسير ابن عطية

______________________________

(1) نفس المصدر/ 103.

(2) البقرة/ 106.

(3) البحر

المحيط ج 1/ 341.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 182

«المحرر الوجيز»، و كتاب مكي بن ابي طالب: «الهداية الى بلوغ النهاية» «1»، خصوصا ما كان يتعلق بمسائل النحو و وجوه الاعراب، كما انه يتعقبها كثيرا بالرد و التفنيد.

بل يمكن ان يقال، ان تفسير ابن عطية كان في مقدمة التفاسير التي استفاد منها أبو حيان فائدة عظيمة، و انتفع بها في تفسيره انتفاعا كبيرا، و تأثر به تأثرا بالغا، و دليل على ذلك أن أبا حيان نهج منهجا شبيها بمنهج ابن عطية في تفسيره، و انه كذلك تناول الكثير من كلام ابن عطية بالتعليق و التعقيب عليه «2» اما موقفه بالنسبة الى الاسرائيليات، فان تفسيره، لم يسلم منها، و من الروايات الموضوعة المكذوبة على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و ان كان مقل في ذكرها، و ذلك مثل ما ذكره في حجر موسى، و قصة داود و زوجة أوريا، و كذا في الروايات الباطلة في قصة ارم ذات العماد «3» و لم يلتزم بما قاله في مقدمة تفسيره حيث قال:

«ان الحكايات التي لا تناسب، و التواريخ الإسرائيلية لا ينبغى ذكرها في علم التفسير» «4» و مع هذا فانه قد ينتقدها بعد ذكر اخبارها كما فعل في قصة هاروت و ماروت «5» و لعل في هذا المجال قد استجاب للصحيحة التي اطلقها ابن عطية في تفسيره، اما في مقام النقل و التفسير فلم يلتزم بما قاله.

و خلاصة القول: ان الوجه الغالب في هذا التفسير الناحية الادبية و البلاغية في القرآن، و بيان المعنى اللغوي و الاحكام النحوية مع الاهتمام بذكر جميع القراءات المستعملة و الشاذة، و توجيه هذه القراءات.

______________________________

(1) مكى بن ابى طالب و

تفسير القرآن لاحمد حسن فرحات/ 562.

(2) منهج ابن عطية في تفسير القرآن لعبد الوهاب فائد/ 280.

(3) البحر المحيط، ج 6/ 391، 397، 400، طبعة دار الفكر.

(4) البحر المحيط، ج 1/ 5، طبعة دار الفكر.

(5) البحر المحيط، ج 1/ 498، طبعة دار الكتب العلمية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 183

دراسات حول التفسير

كتبت حول تفسير البحر المحيط كتب و مقالات و رسائل، نشير الى بعض منها و هي:

1- ابو حيان الأندلسي و منهجه في تفسير القرآن، لعلي الشباح، تونس: الكلية الزيتونية للشريعة و اصول الدين، 1981 م، رسالة دكتوراه. (رسالة القرآن العدد الثامن/ 195).

2- ابو حيان المفسر و منهجه و آراؤه في التفسير، لمحمد عبد المنعم محمد الشافعي، رسالة دكتوراه بمكتبة اصول الدين بجامعة الازهر تحت رقم 453، عام 1392 ه- 1972 م.

3- إعراب القرآن في تفسير ابي حيان، للدكتور صبري إبراهيم السيد، مجلدان.

اسكندرية، الطبعة الاولى، دار المعرفة الجامعية، 1409- 1989 م.

4- اختلاف الحروف و الحركات في القراءات المنقولة في تفسير ابي حيان البحر المحيط. للدكتور محمد أحمد خاطر، كلية اللغة العربية في جامعة الازهر، القاهرة، الطبعة الاولى، مطبعة الامانة، 1410 ه- 1990، 118 ص، الحجم 24 سم.

5- فهارس البحر المحيط في التفسير. و يحتوي على فهرس الآيات و الاحاديث و الآثار و فهرس الشعوب و القبائل و الأديان و الاماكن و البلاد و الابيات الشعرية و الامثال و الاعداد. اعداد: مكتب البحوث و الدراسات. بيروت، دار الفكر للطباعة و النشر. 1413 ه- 1992 م، 24 سم، 432 ص «1».

______________________________

(1) انظر: التفسير و المفسرون للذهبي ج 1/ 317؛ مناهج المفسرين لمساعد مسلم آل جعفر/ 129؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 183؛ و الاسرائيليات و الموضوعات في

كتب التفاسير لأبي شهبة/ 141؛ و لمحات في علوم القرآن و اتجاهات التفسير لمحمد الصباغ/ 156؛ و مدرسة التفسير في الأندلس لمصطفى إبراهيم المشيني/ 104، 219، 301، 520، 579، 703؛ و مكي بن ابي طالب و تفسير القرآن لأحمد حسن فرحات/ 562؛ و اتجاهات التفسير في العصر الراهن للمحتسب/ 295؛ و الرازي مفسرا لعبد الحميد/ 189؛ و منهج ابن عطية في تفسير القرآن الوهاب فائد/ 279؛ و الواحدي و منهجه في التفسير لجودة المهدي/ 434؛ و المفسرون بين التأويل و الاثبات في آيات الصفات للمغراوى، ج 2/ 147؛ و مقدمة التفسير، طبعة دار الكتب العلمية، ج 1/ 56؛ و النحو و كتب التفسير لرفيدة، ج 2/ 906.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 184

18- بدائع التفسير

اشارة

العنوان المعروف: بدائع التفسير الجامع لتفسير الامام ابن قيّم الجوزية.

المؤلف: الامام الحافظ شمس الدين ابن القيم.

تاريخ الولادة: ولد في سنة 691 ه- 1292 م؛ و توفي سنة: 751 ه- 1350 م.

مذهب المؤلف: الحنبلي السلفي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: جمعه الكاتب سنة 1413 ه.

عدد المجلدات: 5.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، المملكة العربية السعودية، الدّمام، دار ابن الجوزي 1414 ه- 1993 م، جمعه و وثق نصوصه و خرج احاديثه يسري السيد محمد أحمد علي.

حياة المؤلف:

هو أبو عبد اللّه شمس الدين محمد بن أبي بكر الزرعي ثم الدمشقي الشهير بابن القيم الجوزية.

ولد في السابع من صفر سنة 691 ه، نشأ في بيت علم و دين، و أبوه شيخ صالح عابد و أخذ عن أبيه الفرائض و وجوده بجوار ابيه في جو المدرسة الجوزية (و هي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 185

مدرسة بسوق القمح في دمشق).

و يقول صديقه و تلميذه ابن كثير في حقه:

«سمع الحديث و اشتغل بالعلم و برع في علوم متعددة، و لا سيما علم التفسير و الحديث الاصلين، و لما عاد الشيخ تقي الدين ابن تيمية من الديار المصرية في سنة 712 ه لازمه إلى أن مات الشيخ، فأخذ عنه علما جما، مع ما سلف له من الاشتغال، فصار فريدا في بابه في فنون كثيرة» «1» قد أثر ابن تيمية في ابن القيم، اذ قد لازمه سبعة عشر عاما الى وفاته، و لهذا قد كثّر النقل منه بقوله: «قال لي شيخ الاسلام».

و من اساتذته ايضا: أبو الفداء اسماعيل بن محمد الحراني الفقيه الحنبلي (المتوفى 729) و سليمان تقي الدين أبو الفضل ابن قدامة المقدسي (المتوفى 715).

و من تلامذته: أبو الفداء بن عمر بن كثير الشافعي صاحب التفسير، و الشيخ

ابن رجب عبد الرحمن أبو الفرج بن أحمد (المتوفى 785 ه).

توفي ابن القيم في الثالث عشر من شهر رجب سنة 751 ه و دفن في مدفن امه بمقبرة باب الصغير «2»

آثاره و مؤلفاته:

قد بلغت مؤلفاته فيما احصى بعض الكتاب 66 مؤلفا «3» منها:

1- اجتماع الجيوش الاسلامية على غزو المعطلة و الجهمية.

2- الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية.

______________________________

(1) البداية و النهاية ج 7/ 657.

(2) انظر ترجمته في مقدمة بدائع التفسير من يسري السيد محمد، ج 1/ 27، و ابن القيم من آثاره العلمية للبقري/ 10 و 166.

(3) ابن القيم من آثاره العلمية/ 186.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 186

3- حادي الارواح الى بلاد الأفراح.

4- مفتاح دار السعادة و منشور ولاية العلم و الارادة.

5- شفاء العليل في القضاء و القدر و الحكمة و التعليل.

6- اغاثة اللهفان من مصايد الشيطان.

7- احكام اهل الذمة.

8- التبيان في اقسام القرآن.

9- اعلام الموقعين عن رب العالمين.

10- جلاء الافهام في الصلاة و السلام على خير الانام.

11- مدارج السالكين.

و غيرها من الكتب.

تعريف عام

ليس هذا الكتاب من صنع ابن قيم نفسه و لا من جمعه بهذا النسق، و ليس له تفسير للقرآن مستقلا، و ان تمنى في بعض كتبه ان يكون له تفسير للقرآن «1». بل جمعه و وثق نصوصه و خرّج احاديثه «يسرى السيد محمد»، و قد جمعه سابقا باسم تفسير القيم، محمد اويس الندوي، و لكن كان مختصرا و لم يستوعب تفسير القرآن كله.

فهو تفسير غير شامل لجميع الآيات و السور على منهج أهل السنة و الجماعة من السلفية، قد جمع فيه 109 سور، و لم يذكر سورة القدر و القارعة و الفيل و قريش و الكوثر.

لم يضع مقدمة للتفسير كما صنع ابن تيمية بعنوان مقدمات في تفسير القرآن، حتى يستطيع الباحث معرفة نقاط اساسية في بيان منهجه.

______________________________

(1) بدائع الفوائد، ج 1/ 141.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 187

و مما لا شك فيه تأثر ابن

القيم بابن تيمية في تفسير القرآن و العقائد و الكلام، و بالتالي يندرج هذا التأثر في التأليف و ايضا طريقته في التفسير مع توحد المنبع.

و من الذين تأثروا بابن القيم في طريقته في التفسير الامام محمد عبده، و رشيد رضا، و الشيخ محمود شلتوت، و الشيخ محمد المدني، و الدكتور محمد عبد اللّه دراز، و الشيخ أبو الاعلى المودودي «1».

و كان من الرواد المتأثرين بدعوته و دعوة ابن تيمية في القرن الثاني عشر الهجري محمد بن عبد الوهاب (المتوفى 1206) «2».

منهجه

و كانت طريقته في التفسير أنه يذكر الآيات ثم يفسرها تفسيرا بيانيا تحليليا، فقد أجمل في مكان منه فسر في موضع آخر، و ما اختصر في مكان فقد بسطه في موضع آخر.

أما بالنسبة الى منهجه، فهو يفسر تفسير القرآن للقرآن، و يعتقد بان هذا المنهج من ابلغ المناهج في التفسير «3»، قال يسري السيد محمد في منهج ابن القيم في ذلك:

«ليس معنى هذا المنهج، أن ابن القيم يأتي اولا في تفسير الآية باختها من القرآن ثم يفسرها من السنة ... ليس بهذا الأسلوب الذي نراه عند كثير ممن وضع تفسيرا للقرآن، لكن هذا منهج بالاستقراء تراه بارزا في مؤلفاته، فابن القيم يبرز الأدلة من الكتاب و السنة، و يستنبط الأحكام الشرعية باسلوب سهل مبسط خال

______________________________

(1) بدائع التفسير، ج 1/ 78 من مقدمة الجامع.

(2) ابن القيم من آثاره العلمية/ 191.

(3) التبيان في اقسام القرآن/ 187.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 188

من التعقيد بنوعيه اللفظي و المعنوي» «1» و يهتم ابن القيم بالتفسير الموضوعي في استيفاء جوانب الموضوع و تجلية زوايا الفكرة حتى أنه يكاد يمثل ظاهرة بارزة من ظواهر تفسيره، و عنوان بعض مصنفاته كاف

للدلالة على ذلك مثل «امثال القرآن»، «اقسام القرآن»، «الوابل الصيب من الكلم الطيب» (الذكر في القرآن و السنة)، «حادي الارواح» (الجنة في القرآن) و «عدة الصابرين و ذخيرة الشاكرين».

و كان في تفسيره لبعض آيات السور، يذهب الى التفسير الموضوعي لها، أي ابراز الوحدة الموضوعية المتكاملة للسورة القرآنية، تلك الوحدة التي تربط بين اركان السورة بعضها الى بعض لتخدم الأهداف التي انزلت من أجلها، و التي يمكن أن تكون اساسا لفهم آياتها.

«ثم يفسر القرآن بالسنّة و يتناولها بنفسه بالشرح و البيان و يقول: «و السنّة كلها تفصيل للقرآن و بيان لمراد اللّه منه و تبيين لدلالته ... فلا تعارض السنّة القرآن بوجه ما، فما كان منها زائدا على القرآن، فهو تشريع مبتدأ من النبي- صلّى اللّه عليه و آله و سلم- تجب فيه طاعته، و لا تحل معصيته ...» «2»

ثم ذكر اقساما كثيرة لبيان السنّة للقرآن في بيان الوحي بظهوره على لسانه و بيانه بالتفسير المباشر للآية و بيان بما سئل عنه من الاحكام التي ليست في القرآن «3».

و من منهجه: النظر الى اللفظ و دوره في المعنى، لأنه ليس في القرآن لفظة مهملة، فاللغة هنا لخدمة القرآن الذي نزل بها، لا لاخراج القرآن عن المراد منه، و لهذا يسخّر ابن القيم اللغة تسخيرا بارعا شيقا صحيحا لخدمة القرآن، فهو ليس

______________________________

(1) بدائع التفسير، ج 1/ 80.

(2) منهج أهل السنة في تفسير القرآن الكريم/ 63.

(3) اعلام الموقعين، ج 2/ 314.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 189

المستكثر الممل حتى ليخيل للقارئ أن القرآن إنّما هو كتاب للنحو، و الصرف، و علوم البلاغة، و دقائق و خفايا القضايا المتعلقة بذلك لا غير، و لا هو المقل حتى يظن بعده

عن هذا العلم «1» و اليك ايها القارئ نموذجا من بياناته في تفسير قوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ «2» حيث قال:

«اما «البكم»: جمع أبكم، و هو الذي لا ينطق. و البكم، نوعان: بكم القلب و بكم اللسان، كما ان النطق نطقان: نطق القلب و نطق اللسان، و أشدهما: بكم القلب، كما انّ عماه و صممه أشد من عمى العين و صمم الأذن» «3» و أما بالنسبة الى اتجاهاته و مواقفه، فإنّه يتجه اتجاه السلفية في العقائد و ابطال المذاهب و الفرق، كالجبرية و المعتزلة و الجهمية و الشيعة و الخوارج، و نرى تشابها بين ما ذكر ابن تيمية لرد دعوى هذه المذاهب و بين ما ذكر ابن القيم «4» و من موقفه في التفسير: الاجتناب التام عن ذكر الاسرائيليات و ينتقد بشدته من يعتمد الاسرائيليات في احتجاجه دون الالتفات لمعارضها لاصول الدين أو للصحيح من الآثار. كما نرى يعرض ما يشوب سير انبياء اللّه- صلوات اللّه و سلامه عليهم- مما قد لا يحذر منه كثير من المؤلفين. و أيضا يحذر من التفسير بالاحاديث المعلولة و الموضوعة و ينتقد الجهات السندية و الدلالية لها «5» «و من بياناته في تفسير القرآن، الاشارة إلى الاعجاز العلمي في القرآن في الآيات التي فسرها غيره تفسيرا علميا، و لا بد أن نقرر أنّ ابن القيم لا يفسر الآيات

______________________________

(1) بدائع التفسير، ج 1/ 82.

(2) البقرة/ 18.

(3) بدائع التفسير، ج 1/ 285.

(4) ابن القيم من آثاره العلمية للبقرة/ 56.

(5) منهج أهل السنة في تفسير القرآن/ 152؛ و بدائع التفسير، ج 1/ 94.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 190

تفسيرا علميا بمفهوم اصحابه، كما بين الشاطبي في الموافقات (ج 2/

79) و الذهبي في التفسير و المفسرون (ج 2/ 469) بل يحث المسلمين على التفكر و التدبر و النظر في الكون و الى ما خلق اللّه من شي ء، ثم يبين الحكمة في خلق الانسان من الاعضاء و الجوارح و عجيب صنعها و قدرة تدبيرها، و يذكر الارض مثلا و ما فيها من ارزاق للعباد، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: وَ فِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ «1» في ما يقرب من اربعين فصلا أو أكثر من 120 صفحة في: «التبيان في اقسام القرآن» عن بديع صنع اللّه تعالى في الارض، ثم الانسان، و تكلم عن الاذنين و سرّ شقهما في جانبي الوجه و الأنف و اللسان، و على اى حال يدافع عن القرآن و عن التشريع و ينأى بنفسه عن ربط القرآن بتطورات العلم من نظريات، و يبيّن اعجاز القرآن في تعليم الانسان ما لم يعلم» «2» و من مواقفه التي انفردت بها نظرية ابن القيم في التفسير عن نظرية ابن تيمية الاتجاه الصوفي، فإنّه يكشف عن مظهر بارز من مظاهر تمييز شخصيته عن شخصية استاذه، و يبين ما يقوله اصحاب التصوف ببعديه العلمي و النظري، و التصوف في جانبه العملي يعني في بيان منازل العبودية و اختيار الآخرة الباقية على الحياة الدنيا الفانية و الزهد فيه ممن بينها ابن القيم من دون تقييد بترتيب منازل الآخرة أو حصرها بعدد معلوم فقال:

«كلام ائمة الطريق على هذا المنهاج: كسهل بن عبد اللّه التستري، و ابي طالب المكي، و الجنيد بن محمد، و ابي عثمان النيشابوري ... فانهم تكلموا على اعمال القلوب و على الاحوال كلاما مفصلا جامعا مبينا مطلقا من غير ترتيب

و لا حصر للمقامات بعدد معلوم، فانّهم كانوا أجل من هذا، و همهم أعلى و اشرف، انما حائمون على اقتباس الحكمة و المعرفة و طهارة القلوب و زكاة النفوس و تصحيح المعاملة و لهذا

______________________________

(1) الذاريات/ 20- 21.

(2) بدائع التفسير، ج 1/ 97.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 191

كلامهم قليل فيه البركة.

و اما الاتجاه الاشاري الفيضي في التفسير الصوفي، فانه يدعي القدرة على كشف باطن الآية لا لأن معرفة الظاهر المتاح لاصحاب الاشكال و الرسوم غير كاف لادراك المراد من كلام اللّه تعالى» «1».

دراسات حول التفسير و المفسر

1- ابن القيم من آثاره العلمية. للدكتور أحمد ماهر البقري. القاهرة، الطبعة الرابعة، 1410 ه- 1990 م، مكتبة نهضة الشرق، الحجم 24 سم، 412 صفحة.

2- منهج أهل السنة في تفسير القرآن الكريم. دراسة موضوعية لجهود ابن القيم التفسيرية. للدكتور صبري المتولي، و هي رسالة دكتوراه. القاهرة، دار الثقافة و النشر و التوزيع، الطبعة الاولى، 1986 م، الحجم 24 سم، 470 صفحة.

3- منهج ابن القيم في التفسير. لمحمد أحمد السنباطي. مطبعة الاميرية، القاهرة، 1393 ه- 1973 م.

4- التفسير القيم للامام ابن القيم. جمعه السلفي المحقق الشيخ محمد اويس الندوي الكهنوي بتحقيق محمد حامد الفقى. القاهرة، مطبعة السنة المحمدية، 1368 ه- 1949 م، 24 سم، 631 صفحة.

5- ابن القيم الجوزية حياته، آثاره، موارده. لبكر عبد اللّه أبي زيد.

الرياض، دار العاصمة، الطبعة الاولى، 1412 ه، الحجم 24 سم، 400 صفحة.

______________________________

(1) و تفصيل البحث و بيان موقف ابن القيم في الاتجاه الاشاري و الصوفي انظر: منهج اهل السنة في تفسير القرآن للدكتور صبري المتولي في ذيل عنوان: الاتجاه الصوفي: 98، و مدارج السالكين للمؤلف، ج 1/ 149.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 192

19- برتوي از قرآن (انوار من القرآن)

اشارة

العنوان المعروف: برتوي از قرآن (أنوار من القرآن).

المؤلف: السيد محمود بن ابو الحسن الطالقاني.

ولادته: ولد في سنة 1329 ه، و توفي في سنة 1399 ه.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: الفارسية.

تاريخ التأليف: 1283 ه.

عدد المجلدات: 6.

طبعات الكتاب: ايران، طهران، شركة النشر (شركت سهامي انتشار)، الطبعة الاولى، طبع منه في كل سنة مجلدا واحدا من سنة 1383 الى 1389 ه.

حياة المؤلف:

هو السيد محمود الطالقاني ابن السيد أبو الحسن من العلماء الامامية. ولد سنة 1329 ه في قرية من قرى طالقان (قريب طهران). كان من العلماء المناضلين و المجاهدين ضد الظلم و العدوان، و المهتمين برسالة العودة إلى القرآن.

درس في قم و في سنة 1357 ه و هو فيها، دخل السجن لأول مرة دفاعا عن الحريات في عهد الشاه رضا و ظل مسجونا ستة اشهر، ثم افرج عنه، ثم اتهم في

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 193

عهد الشاه محمد رضا، و سجن ثم افرج عنه بعد شهور، ثم سجن للمرة الثالثة و حكم عليه بالسجن عشر سنوات، و في سنة 1390 ه بعد أن قضى في السجن ثماني سنوات افرج عنه. و لمّا أقيمت الاحتفالات الملكية، كان من الناقمين عليها، فنفي الى مدينة زابل ثم اعيد الى طهران، و ظل ثائرا ناقما لا يهدأ، فأدخل السجن من جديد و سجنوا معه بعض أقربائه و اهل بيته، و ظل مسجونا حتى نجاح الثورة الاسلامية، فافرج عنه، و لكن لم يلبث إلّا قليلا حتى توفي.

توفي سنة 1399 ه و دفن في مقبرة «جنة الزهراء» في طهران. «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير أنوار من القرآن «بالفارسية».

2- الإسلام و المالكية «بالفارسية».

3- نسلك الطريق الى أنفسنا.

4- مرجعيت و روحانيت (المرجعية و الروحانية عند الشيعة).

5- آينده بشريت از نظر مكتب ما. (مستقبل البشرية في الاسلام.)

تعريف عام

تفسير غير تام، يشتمل على سورة الحمد الى سورة النساء آية 28، و جزء الثلاثين من القرآن في ستة مجلدات.

كتبت في سجن الشاه عند ما كان المؤلف مسجونا فيه، سلك فيه المؤلف المنهج البياني و التربوي.

و قد احتل مكانة بارزة عند الايرانيين من حيث منهجه الحركي، و تلبيته لحاجات الناس في هذا العصر.

______________________________

(1) اعيان الشيعة، ج 1 من المستدرك/ 219. و أيضا مقدمة المجلد الثالث من التفسير بالفارسية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 194

اهتم ببيان التناسب الموضوعي في موضوعات السور و البيان التحليلي. لم يذهب الى التعرض للفرق الكلامية و الخوض فيها، بل كانت مهمته هداية المسلمين في واقعيته الجديدة من حياتهم، للتخلص من هيمنة و افكار المدنية الغربية المزيفة في عصرنا الحاضر، و من هذا لا يعتبر «انوار من القرآن» تفسيرا فقط، بل يعد دعوة إلى حياة واقعية جديدة من خلال تفسيره هذا. و لهذا قال العلامة الطالقاني في مقدمة تفسيره:

«كلما اتسعت بحوث القراءة و اللغة و الإعراب و المواضيع الكلامية و الفلسفية فيما يخصّ آيات القرآن، تقيدت اذهان المسلمين من كسب الهداية الواسعة و العامة من القرآن. و هي بذلك تشبه الى حدّ بفوانيس ضعيفة ترتجف في خضمّ ظلمات رهيبة، فهي و ان كانت تنير ما حولها على نطاق ضيّق، إلّا أنها تنحسر دون لمعان النجوم الساطعة المتألقة ...

فان استطاع المسلمون ان يتخلصوا من تراكم غيوم العقائد و الافكار، و ان يفتحوا ابواب و أفق ذلك الفضاء الرّحب الخالي من الدّنس

الفكري و الفطري، بالتركيز و الادراك الصحيحين لاستنباطات المحقّقين الدّالة و المعقولة؛ إذن لغمرت أنوار الهداية نفوسهم، و لاستفزّت دونها العقول الحذرة و الضالة لاستيعاب و درك حقائق الوجود، و الوصول الى سبل تشخيص الخير و الشر.

و ليس المقصود بالعودة الى المجال الفطري البدائي، أن نرجع الى عادات و تقاليد المعيشة للمسلمين الأوائل و محاكاتهم في المأكل و الملبس، بل هو التخلّص من هيمنة آراء و افكار و ظواهر المدنية المتهرّئة في عصرنا الحاضر ...

إنّ الآيات التي كانت تتلى على لسان الرسول و المسلمين المؤمنين الأوائل ... لو أنها شكّلت و مزّجت مع البحوث الادبية و الكلامية، و بالجدل كذلك في تلك الفترة ... فيقينا انها لم تكن لتحصل على تأثير ذاك، فبالقدر الذي توسّعت فيه الامصار الاسلامية، و تغيرت طرز معيشة المسلمين، و بالقدر الذي راجت فيه العلوم

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 195

الجدلية، و خرج على مسرح الوجود اختصاصيون فنيّون، تقيدت معها الاذهان، و تشتت آيات القرآن عبر عدسات المعلومات البيئية، و غدت بلون تلك البلّورات، و حيل بينها و بين ان تكون عاكسا لتمام النور الجامع، و اغنى الهداية بوساطة القرآن الكريم» «1» و لهذا كانت مقدمة تفسيره بيانا لمنهجه التربوي الارشادي الحركي في التفسير، و بيانا لتطور التفسير من عصر النبي صلّى اللّه عليه و آله حتى عصرنا هذا، و قد بيّن المؤلف فيها المنهج الذي سلكه في التفسير و نظرته العامة له، كما تتوضح من مقدمة الكتاب الاهداف و الدوافع التي دعته لتأليف هذا الكتاب، و جعلها الأساس الذي بنى عليه تفسيره.

قد اعتمد في تفسيره على من سبقه من التفاسير مشيرا الى أسمائها، او اسماء مؤلفيها، كتفسير «مجمع البيان» للطبرسي،

و «المنار» للسيد رشيد رضا، و «الجواهر» للطنطاوي الجوهري، و السيد أحمد خان الهندي صاحب تفسير «القرآن و هو الهدى و الفرقان»، و غيرهم، مع توجيه او ترجيح او نقد لبعض الاقوال.

منهجه

و كان منهجه في شروع التفسير، ذكر اسم السورة و محل نزولها و عدد آياتها، ثم ذكر قطعة من الآيات و ترجمتها باللغة الفارسية، ثم الشروع في التفسير ببيان الجو العام الذي نزلت فيه السورة، و الملابسات التاريخية لنزولها، و الحقائق و الاهداف التي تحتوي عليها. ثم ذكر الوجوه و الاحتمالات في معنى الآية، و اقوال المفسرين فيها.

و في بداية جمع من الآيات و بعد ترجمته لعدد منها يبيّن جملة من اللغات المستعملة في الآية، ثم يذكر مناسبتها لما قبلها، ثم يبين معنى الآية، ثم يشير الى الدروس المستفادة من الآية باسلوب تربوي اجتماعي، لكي يستفيد القارئ منها،

______________________________

(1) انوار من القرآن، ج 1/ 11.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 196

و قد ينقل من كتب التأريخ، و ما يرتبط بحياة الانسان و تطوره.

و كان يدعو قارئي تفسيره للعودة الى القرآن العظيم و اتخاذه دستورا لحياتهم.

و من جملة كلامه بشأن القرآن:

«لقد حكم على هذا الكتاب الهادي بالتخلّي عن الحياة العامة و عدم التدخل في أي شأن، بعد ما كان يتحكّم في جميع الشئون النفسية و الأخلاقية، و في الحكومة و القضاء ايضا، كما كان حاله في منتصف القرن الاول للاسلام، ذلك العالم الاسلامي الذي كان قائدا و رائدا لقيادة هذا الكتاب، غدا في عصرنا الحاضر تابعا غير متبوع، و تحوّل الى أثر قديم، بعد ان كان وثيقة ديننا، و حاكما على جميع أمورنا، و اتّخذ كتاب التلاوة صفة التقديس و التبرك و حسب، و آخر

عن صميم الوجود و الحياة العامة و ادخل عالم الاموات و التشريفات الجنائزية» «1».

و من مواقفه في تفسير الآيات، الاعتناء بالتفسير العلمي و تحليل الآيات الكونية، و بيان ما تنطوي عليه من حكم و إشارات و حقائق تزيد المهتدين هدى، كما في تفسير قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ «2» و قد ينقل في تفسيره العلمي من الجواهر للطنطاوي الجوهري، و من كتب العلوم الحديثة ما يتعلق بالآيات. المفسرون حياتهم و منهجهم 196 منهجه ..... ص : 195

ا أنه يكره ان يصبغ القرآن بالفلسفة و تطويعه للنظريات التي تتحدث عن عالم الكون، لكنّه يجب أن يلم بطرف يسير منها ليدل به على القدرة الالهية و يشير اليه للعظة و الاعتبار «3».

و ينقل كثيرا ما جاء في الكتاب المقدس- من العهد القديم و الجديد- في متن

______________________________

(1) نفس المصدر/ 20.

(2) سورة فصلت/ 53.

(3) أنوار من القرآن، ج 1/ 48 و 105 و 207.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 197

الكتاب و هوامشه، انطباقا لما جاء في القرآن، وردا عما حرّف فيهما.

و أما منهجه في بيان مواقفه الكلامية، فهو كما قلنا لم يتعرض للفرق الكلامية و الخوض فيها، بل يكتف بتفسير الآية و ما يراه مناسبا لعقيدته الشيعية الامامية، دون تعصب او تعريض للمذاهب الاخرى.

و كان يذكر الاحكام الفقهية في مناسبات الآية من دون توسع فيها، بل يبين الآية و يذكر آراء الامامية و ينتصر لها، الّا أنه مختصر و مقل في بيانه.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 198

20- البرهان في تفسير القرآن

اشارة

العنوان المعروف: البرهان في تفسير القرآن.

المؤلف: السيد هاشم بن سليمان الحسيني البحراني.

وفاته: توفي في سنة: 1107 ه- 1696 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا

عشري اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1095 ه.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى: طهران، مطبعة آفتاب (الشمس)، 1375، باشراف الحاج ابى القاسم بن محمد تقي المشهور بالسالك، مع مقدمة تفسير مرآة الانوار و مشكاة الاسرار. حجم 35 سم.

الطبعة الثانية: خمسة مجلدات (مع مقدمة تفسير مرآة الانوار) قم، مؤسسه مطبوعاتى اسماعيليان (مؤسسة اسماعيليان للطباعة)، حجم 35 سم.

بيروت، دار الهادي، الطبعة الرابعة، 1412 ه- 1992 م، 24 سم.

و سيصدر قريبا: قم: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة، 1414 ه بالصف الجديد مع تصحيح و تعليق المؤسسة و تقديم الشيخ محمد مهدي الآصفى.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 199

حياة المؤلف:

هو السيد هاشم بن سليمان بن اسماعيل الحسيني البحراني الكتكاني، و هي قرية من قرى توبلي، أحد أعمال البحرين.

كان السيد المذكور محدثا فاضلا، متتبعا للأخبار، لكن لم يتكلم في شي ء مما جمع من الأخبار و الفتاوى على ترجيح في الاقوال، او بحث او اختيار مذهب و قول في ذلك المجال.

و انتهت رئاسة البلد بعد الشيخ محمد بن ماجد الى السيد المذكور، فقام بالقضاء في البلاد، و تولى الأمور الحسبية أحسن قيام، و قمع ايدي الظلمة و الحكّام، و نشر الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و بالغ في ذلك و اكثر، و كان من الأتقياء المتورعين، شديدا على الملوك و السلاطين.

توفي في سنة 1107 ه في قرية نعيم، و نقل نعشه الى قرية توبلي، و قبره مزار معروف «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- البرهان في تفسير القرآن.

2- الهادي و ضياء النادي، في تفسير القرآن (مجلدان).

3- معالم الزلفى في احوال النشأة الأخرى. (مجلد كبير).

4- مدينة المعجزات في النص على الأئمة الهداة.

5- الدرّ النضيد في فضائل الحسين الشهيد.

6- غاية المرام في فضائل امير المؤمنين علي و الأئمة (عليهم السلام). (و هذا كتاب كبير مطبوع).

______________________________

(1) انظر ترجمته تفصيلا في: روضات الجنّات للخوانساري ج 8/ 166، و الاعلام للزركلي ج 8/ 66؛ و المجلد الرابع من تفسير البرهان/ 552.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 200

تعريف عام:

كان تفسير البرهان من التفاسير المأثورة التي قد جمع مؤلفه فيه جملة من الاخبار الواردة في التفسير من الكتب القديمة، و غيرها من دون ان يذكر فيها شيئا من التصحيح و التسقيم و الجرح و التعديل. و في الحقيقة غرضه من التأليف مجرد جمع و تأليف.

مرجع هذا التفسير، كتاب تفسير العياشي، و التفسير المنسوب لعلي بن إبراهيم القمي، و التفسير المنسوب للامام الحسن العسكري، و بعض كتب الاخبار.

و مدار الروايات: بيان المعنى بما ورد من الاخبار عن الائمة الاثني عشر في حق اهل البيت (ع) و غيرها في معنى المراد، و فضيلة السور و مكيّها و مدنيّها من دون أن يذكر فيها شيئا من عند نفسه في توضيحه او تفصيله.

و في خاتمة الكتاب باب في رد متشابه القرآن الى تأويله و فضل القرآن، و حديث اهل البيت صعب مستصعب، و وجوب التسليم لاهل البيت عليهم السلام.

اهدافه

قال المؤلف في مقدمة تفسيره بعد نقل الاحاديث في عظمة القرآن و علو شأنه و منزلته و وضوح برهانه، في غرضه من التأليف:

«فقد رأيت عكوف اهل الزمان على تفسير من لم يرووه عن اهل العصمة- سلام اللّه عليهم- الذي نزل التنزيل و التأويل في بيوتهم، و اوتوا من العلم ما لم يؤته غيرهم، بل كان يجب التوقف حتى يأتي تأويله عنهم، لان علم التنزيل و التأويل في ايديهم مما جاء عنهم عليهم السلام، فهو النور و الهدى، و ما جاء عن غيرهم فهو الظلمة و العمى ...

و قد كنت اولا قد جمعت في كتاب: «الهادي» كثيرا من تفسير اهل البيت

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 201

عليهم السلام قبل عثوري على تفسير الشيخ الثقة محمد بن مسعود العياشي، و تفسير

الشيخ الثقة محمد بن العباس بن ماهيار المعروف بابن الحجام ... و غيرهما من الكتب الآتي ذكرها ...

و كتابي هذا يطلعك على كثير من أسرار علم القرآن، و يرشدك الى ما جهله متعاطي التفسير من اهل الزمان، و يوضح لك عن ما ذكره من العلوم الشرعية و القصص و الاخبار النورانية و فضائل اهل البيت الامامية» «1»

منهجه

بدأ المفسر بمقدمة اثرية مفصلة في فضل العلم و المتعلم، و فضل القرآن، و باب في الثقلين، و ان القرآن لم يجمع كما انزل، و النهي عن تفسير القرآن بالرأي و النهي عن الجدال، و ان القرآن له ظاهر و باطن، و باب فيما نزل عليه القرآن من الاقسام؛ و باب فيما عني به الأئمة في القرآن، و باب في العلّة التي من أجلها نزل القرآن بلغة العرب، و باب ان كل حديث لا يوافق القرآن، و باب اول سورة نزلت و آخر سورة نزلت، و باب في ذكر مصادر الكتاب.

ذكر في باب 16 من ابواب المقدمة، الكتب المأخوذة منها الرواية بلغت ثمانية و خمسين كتابا و مصدرا، ثم نقل ما ذكره علي بن إبراهيم القمي في مطلع تفسيره، الذي سيأتي توضيحه تحت عنوان: «تفسير القمي» و منهجه و عناوين مقدمته.

و ان لم يعثر المؤلف في تفسير الآية من صريح رواية مسندة عن اهل البيت (ع)، ذكر كلام الشيخ علي بن إبراهيم القمي في تفسيره بمنزلة الرواية، و علّل في ذلك بأنه هو منسوب الى مولانا و امامنا الصادق عليه السلام.

كان المؤلف من الاخباريين الذين اعتمدوا على الماثور في التفسير، و ممن منعوا التفسير بالتدبّر و التذوق في كلام اللّه، و نهوا عن تفسير القرآن بغير ما رووا

بدون

______________________________

(1) البرهان ج 1/ 4.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 202

امعان في معنى الرواية او تفحص في سندها، و التأمل في مضمونها، فراجع ما قلنا في منهجهم في تفسير القمي و نور الثقلين.

هذا و كانت مقدمة هذا التفسير، مقدمة لتفسير آخر ألحقت بالكتاب، هو تفسير «مرآة الأنوار و مشكاة الأسرار» لأبي الحسن العاملي الاصفهاني ابن محمد طاهر بن عبد الحميد. و هذه المقدمة كالبرهان من حيث المنهج و المذهب.

قال بعض الافاضل الأجلاء في تقديمه للكتاب في طبعته الجديدة:

«رغم جلالة هذا الجهد العلمي الذي قام به هذا العالم المحدث الجليل، إلّا أن الكتاب يحتوي على طائفة من الروايات الضعيفة في «الغلو»، و «التحريف»، و قد تتبعنا هذه الروايات في الكتاب، فوجدناها مبثوثة في مختلف مواضع التفسير و يبدو أن المؤلف- رحمه اللّه- لم يقم بعملية جرد و تصفية و فرز للاحاديث الصحيحة عن غيرها في هذا الكتاب، أو أنّ جهده في هذا الأمر لم يكن كافيا لاستخلاص الكتاب من الأحاديث الضعيفة و الموضوعة. فهو يعتمد على مصادر متّهمة بالوضع نحو التفسير المنسوب الى الامام العسكري عليه السلام ... كما اعتمد على كتاب الشيخ رجب البرسي مثلا و هو متهم بالغلو عند علمائنا، و كتابه فاقد للاعتبار العلمي، و اعتمد على كتاب «جامع الاخبار»، و لا نعرف مؤلفه فضلا عن اسانيد رواياته» «1» و الخلاصة، كان التفسير من التفاسير الاثرية للاخباريين و اهل الظاهر من الشيعة و كتابه جامع لكثير من الاخبار «2»

______________________________

(1) البرهان في علوم القرآن، مقدمة الشيخ محمد مهدى الآصفى ج 1/ 44.

(2) انظر ايضا: بين الشيعة و السنة دراسة مقارنة في التفسير و اصوله لعلى السالوس: 231.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 203

21- البصائر

اشارة

العنوان

المعروف: تفسير البصائر.

المؤلف: يعسوب الدين رستكار جويبارى.

ولادته: ولد في سنة 1359 ه.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: طبع المجلد الاول منه سنة 1399 ه.

عدد المجلدات: 60.

طبعات الكتاب: ايران، قم، المطبعة الإسلامية، طبع المجلد الاول سنة 1399 ه، و المجلد الأخير من التفسير سنة 1413 ه، حجم 24 سم.

و قد طبع من الكتاب المجلد الأول و المجلد الحادي و العشرون الى المجلد الأربعين و منه الى الستين.

حياة المؤلف:

هو الشيخ العلامة المفسر يعسوب الدين بن أحمد رستكار الجويباري الشيعي الامامي، و هو من العلماء و الباحثين المعاصرين في الحوزة الدينية العلمية بقم.

ولد في شهر رجب المرجب من سنة 1359 ه (1319 ش) في قرية «كلاكر

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 204

محله» جويبار من محافظة مازندران الايرانية.

تربى في بيت عريق و كان أبوه من الصلحاء و العباد. درس سنين في قريته و اشتغل في صباه بكتابة القرآن و ترجمته مما أدى ذلك الى تشجيعه من قبل العلماء و الأقرباء الى الحوزات، و رحل الى «المشهد المقدس الرضوي» و دخل حوزتها و استفاد من كبار أساتذتها، منهم: الأديب النيشابوري، و الميرزا حبيب اللّه الگلبايگاني، و آية اللّه الميلاني، ثم هاجر الى مدينة قم و استفاد من أساتذتها حتى نال درجة الاجتهاد.

اهتم المؤلف كثيرا بالتأليف بحيث صرف جلّ وقته في إتمام تفسيره هذا و كتابة مؤلفاته الأخرى.

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير البصائر: الذي نحن بصدد تعريفه.

2- مفتاح البصائر: مجلدان (فهرس التفسير).

3- تبصرة البصائر و هو الفهرس الموضوعي للبصائر.

4- الحبل المتين من فقه آل ياسين.

5- خلاصة الأصول على أساس الكتاب و السنة.

6- تبويب عناوين نهج البلاغة.

7- أصول پنجگانه دين مبين اسلام (الأصول الخمسة الاعتقادية في الاسلام) بالفارسية. «1»

تعريف عام

يعتبر التفسير من أكبر التفاسير الموجودة، فهو عبارة عن ستّين مجلدا في خمسين ألف صفحة. قد جمع فيه المؤلف الأقوال و الآراء و النظرات التفسيرية

______________________________

(1) ترجمة كتبها المفسر المحترم بعد ما طلبنا منه ذلك.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 205

و الكلامية و الأدبية.

كتب المؤلف على غلاف الكتاب، بأنّه كتاب علمي، فني، أدبي، فقهي، ديني، تاريخي، أخلاقي، اجتماعي، سياسي، روائي، حديث يفسر القرآن بالقرآن، مبتكر في تحليل حكمه و معارفه و مناهجه، و أسراره الكونية و التشريعية، و فريد بابه، يبحث فيه عن العقل و النقل. و في الحقيقة يعتبر تفسير البصائر دائرة معارف للتفاسير الموجودة و إن لم يطبع منه حتى الآن إلّا خمسة و عشرون مجلدا.

قال المؤلف في مقدمة تفسيره:

«و لقد كتب العلماء الكثير حول القرآن المجيد، و كشفوا من غوامضه، و نبّهوا على الجليل من دقائقه، فأحببت أن أتشرّف بالقيام بخدمة متواضعة، فأنظم من دورة سلسلة جامعة، و لمّا كنت متردّدا بين الإقدام و الإحجام، استخرت اللّه جلّ و علا، و توكلت عليه، و سلّمت كل أمري إليه، فتفألت بكتابه العزيز، فجاءت الآية:

وَ كَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَ لِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَ اللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ. (يوسف/ 21) فشمّرت عن ساعد الجدّ بحول اللّه القادر المتعال، و بدأت العمل مستعينا به جلّ و علا» «1».

قد اعتمد في نقل الوجوه و المحتملات و ذكر

الأقوال، على أكثر من ستّين تفسيرا من تفاسير المذاهب الاسلامية، مضافا إلى ذلك، ينقل من كتب اللغة و الأدب و الحديث و الفقه و التاريخ و غيرها، من الكتب التي يحتاج إليها في التفسير.

و المتأمل في التفسير، يقف على أن ما فيه من تفريع و تفصيل و تبويب و توسيع بمثابة الهيكل الموحد الذي تتماسك أعضاؤه. و المؤلف لم يجعل تفسيره للعامة من الناس، و يعتقد بأنّه ليس واجبا على كل مفسر أن يسلك سبيل الإيجاز و الاختصار، و أن يعنى بكشف جزء من معارف القرآن، و لا بدّ من وجود دوائر معارف و تفاسير للقرآن تنقل كل الأقوال و الوجوه و المحتملات و المواضيع التي تفيد في تفسير القرآن

______________________________

(1) تفسير البصائر، ج 1/ 6.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 206

و اكتشاف ما فيه من الهداية.

منهجه

و كان منهجه في التفسير بعد ذكر مقاطع من الآيات بيان عشرين أمرا في فصل و عنوان مستقل يدور عليها في كل مقطع من مقاطع التفسير، كما أشار إليها المؤلف في مقدمة كتابه و هي عبارة عن:

1- فضل كل سورة و خواصها، بعد إمعان النظر فيما ورد فيها من الروايات سندا و متنا و دلالة، و بذل الوسع في إظهار توافقها مع أغراض السّور القرآنية و مساسها بأهدافها.

2- بيان غرض كل سورة و هدفها.

3- النزول و بيان ترتيب السّور و آياتها نزولا و مصحفا على التحقيق.

4- القراءة و وجهها.

5- وجه الوقف و الوصل في الجمل القرآنية و آياتها.

6- بحث لغوي مستقصى.

7- بحث نحوي كامل في الجمل القرآنية و آياتها.

8- بحث بياني فيها.

9- وجه إعجاز كل سورة، بل كل مقطع من مقاطع التفسير.

10- وجه تكرار القصص و الآيات و الكلمات.

11-

التناسب بين السّور نزولا و مصحفا و بين آياتها.

12- بيان الناسخ و المنسوخ و المحكم و المتشابه.

13- ذكر الأقوال و تحقيقها و بيان المختار منها.

14- تفسير القرآن بالقرآن و بيان التأويل.

15- ذكر جملة المعاني.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 207

16- بحث روائي مع إمعان النظر في جوانب الروايات.

17- بحث فقهي مجمل.

18- بحث مذهبي على اختلاف العقائد و تشتت الآراء.

19- بيان الحكم القرآنية و المعارف الإسلامية تفصيلا.

20- استخراج النكات و الدقائق، مذيّلة بتبصرة يذكر فيها خلاصة السّورة.

هذه عناوين الكتاب في تفسير كل قطعة من الآيات و السّور، و ربّما لا يتعرض لعنوان من هذه العناوين؛ لأنّ الآيات لا تتناسب مع العنوان.

و كانت طريقته في التفسير، نقل الروايات مبسّطا من الشيعة و السنة، و قد ينقل من الأخبار في فضائل السّور و الآيات و خواصّها من دون نقد و تمحيص في صحتها و سقمها، و يستظهر أنّ منهجه نقل هذه الروايات و جمعها. و لا ينحصر نقل هذه الروايات بتفسير الآية، بل جمع الأخبار المرتبطة بالموضوع و إن كان خارجا عن دائرة تفسير الآية.

و من منهجه الاهتمام بذكر العلوم الحديثة و تطبيقها، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ بمناسبة الْعالَمِينَ تعرض مبسّطا لمسألة خلق العالم و تكونه، و اصل العالم، و العالم و حدوثه، و شبهات على حدوث العالم، و العلوم الحديثة و استحالة أزلية مادة العالم، و العالم بين الحدوث و القدم و الحكمة في خلق العالم، و تقسيمات العالم «1».

و من الحق لا بدّ أن نقول ليس تمام غرضه من بيان هذه العلوم، التفسير الذي يحكم الاصطلاحات العلمية في عبارات القرآن و يجتهد في استخراج مختلف الآراء العلمية و الفلسفية منها، بل

كان يعنون موضوعا و يطرح الآراء و الأنظار العلمية منها في فصل مستقل «2».

______________________________

(1) تفسير البصائر، ج 1/ 255 الى 292.

(2) انظر بحثه حول حركة الأرض و دوراتها: البصائر، ج 41/ 149.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 208

و كذلك من منهجه، يتعرض لأسرار الحكم و علته في الأحكام الشرعية و الأخلاقية مستندا في ذلك بما روى عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته عليهم السلام و ما نقل عنهم عليهم السلام في علم الأخلاق و الاجتماع بما يرتبط بالموضوع، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ تعرض لبحث شامل في معنى العبد و العبودية و العبادة، ثم ذكر الفطرة و العبادة، و الحكمة و تشريع العبادة، و أقسام العبادة، و أفضل العبادة، و خصائل العابد، و آثار العبادة، و الإخلاص في العبادة، و رؤية اللّه سبحانه، و عبادة الإمام علي أمير المؤمنين، و الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء، و زين العابدين علي بن الحسين عليهم السلام، و العبادة في الدنيا و التنعيم بنعيم الجنة في الآخرة، و في موجبات الإعراض عن العبادة، و سلب التوفيق و الهوى و الاستكبار من موانع العبادة و عوارض ترك العبادة، و غير ذلك من المباحث المرتبطة بموضوع العبادة «1».

و قد نقلنا نموذجا من مباحثه في ذيل تفسير الآيات بتناسب الموضوع و الحكم حتى يتبيّن من منهجه في التفسير الترتيبي (على غرار المصحف) و التفسير الموضوعي، و نقل الكلمات و الوجوه و الروايات في ذلك و درجة توسعه فيها.

و أمّا موقفه من المسائل الاعتقادية و الكلامية، فهو موقف علماء الإمامية في تثبيت آرائهم كما هو شأن كل صاحب مذهب، كمسألة الإمامة، و العصمة، و فضل علي

عليه السلام على سائر الصحابة، و مسألة الأمر بين الامرين في الجبر و الاختيار، و تفسير آيات الصفات، و كذلك في غيرها من المسائل، و على سبيل المثال نذكر كلامه في دلالة آية التطهير «2» و اختصاصها بالائمة من أهل البيت عليهم السلام فإنّه بعد بيان المعاني الواردة في القرآن الكريم للكلمات الثلاث: الرجس، و الأهل و الطهارة و ذكر أقوال من أعلام المذاهب الاسلامية و محققي الشيعة في دلالة

______________________________

(1) نفس المصدر/ 296 الى 345.

(2) سورة الأحزاب/ 33.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 209

الآية على عصمة أهل بيت النبوة و الرسالة، قال:

«و بالجملة قد ظهر من الأحاديث التي قدّمنا نقلها،- و قد حكموا بصحتها- أنّ أهل البيت عليهم السلام هم أصحاب الكساء خاصة، و دخول أزواجه (ص) معهم تحته ممّا لم ينقله أحد، مع انه لا محرمية بينهن و بين علي (ع)، فالظن بدخولهن، أوهن مع من تحرم عليه الصدقة مطلقا في أهل البيت، وهم و تخليط، و الآية الكريمة دالّة على عصمتهم عليهم السلام من الأرجاس بجميع أنواعها بالتأكيدات التي قدّمنا الاشارة إليها من ذكر لفظة إِنَّما و إدخال اللام في الخبر، و اختصاص الخطاب و تكرير المؤدّى، و ايراد المفعول المطلق بعده، و تنكيره الدال على الاهتمام و التعظيم و تقديم ما حقّه التأخير، كتقديم: عَنْكُمُ على: الرِّجْسَ.

ثم ذكر كلام العلامة الطباطبائي في تفسير الآية بقوله:

«و أيّا ما كان، فهو إذهاب الرجس، ادراك نفساني و أثر شعوري من تعلق القلب بالاعتقاد الباطل، أو العمل السيّئ، و إذهاب الرجس- و اللام فيه للجنس- إزالة كل هيئة خبيثة في النفس تخطئ حق الاعتقاد و العمل، فتنطبق على العصمة الالهية التي هي صورة علمية نفسانية تحفظ

الانسان من باطل الاعتقاد و سيّئ العمل» ...

فمن المتعيّن حمل إذهاب الرجس في الآية على العصمة و يكون المراد بالتطهير في قوله: وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً إزالة أثر الرجس بإيراد ما يقابله بعد إذهاب أصله ...» «1».

و كذلك في سائر المسائل الخلافية بين الشيعة و السنة، فإنّه يبسط الكلام و يستدل بأقوال العلماء و الروايات الواردة و البيان اللغوي كما كان منهجه في غيره من الموارد. «2»

و يتعرض للأحكام الفقهية بمناسبة الآية بشكل موجز مستشهدا بالآيات

______________________________

(1) البصائر، ج 32/ 512- 525.

(2) انظر أيضا البصائر: ج 1/ 193 و 357 و 464 و ج 32/ 662 و ج 50/ 500، و ج 60/ 94 و 237 و غيرها من الموارد

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 210

الأخرى و الروايات الواردة في تفسير الآية و تبيينها، و قد يذكر فروع المسألة، و لكنه كان منهجه الاختصار في ذلك، فمثلا عند قوله تعالى: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ «1» في مسألة قبول إقرار المرء على نفسه، قال:

«يستدل بقوله تعالى ... على قبول إقرار المرء على نفسه لأنه شهادة منه عليها.

و قال اللّه تعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ «2» و لا خلاف فيه، لأنّه إخبار على وجه تنتفي التهمة عنه، لأنّ العاقل لا يكذب على نفسه. و أنّ الإقرار هو الإخبار عن حق ثابت على المخبر أو نفي حق له على غيره، و لا يختص بلفظ خاص ... و لمّا عبّر عن كونه شاهدا على نفسه بأنّه على نفسه بصيرة، دلّ ذلك على تأكيد أمر شهادته على نفسه و ثبوتها، فيوجب ذلك جواز عقوده و إقراره و جميع ما اعترف بلزومه على نفسه» «3».

أمّا

موقف المفسر بالنسبة الى التفسير العلمي، فهو موقف من يرى دعوة القرآن الكريم الى التعقل و البحث و التحقيق و الاستنتاج في عالم الوجود و التوصل الى معرفة اللّه جلّ و علا عن طريقها، و دعوة توقظ روح البحث و التفكير العلمي في مجالات الطبيعة و علومها لدى العلماء و الباحثين المسلمين من دون إخضاع و اختصاص، بل طريق الى الهداية، فإنّه قال في شأن هذه العلوم:

«إنّ القرآن الكريم حينما يتحدّث عن العلم و يدعو العقل إلى التحرر و الانطلاق و يحثّه على التأمل و الاستكشاف، لا يقصد بذلك المعارف و العلوم الدينية فحسب، و إنّما يدعوه الى تحصيل كل حقيقة في هذا الكون أيضا، فعلوم الطب و الفلك و الفيزياء و الرياضيات و الحياة ... كلها تكشف عن حقائق كونية، و تتحدّث عن قوانين تسيّر هذا العالم و تنطق بعظمة اللّه تعالى و قدرته ... فالكون و نظام الطبيعة

______________________________

(1) سورة القيامة/ 14.

(2) سورة النور/ 24.

(3) البصائر، ج 50/ 577.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 211

وعاء العلم و كتاب المعرفة الأكبر، يقرأ الانسان على صفحاته غرائب هذا الوجود و أسرار هذا الكون و نواميس هذا العالم، و إنّ ما في العالم و الطبيعة من قوانين و أسرار و نظام كوني مدهش، يعتبر لسانا ناطقا و حقيقة ناصعة، و آية شاهدة على قدرة الخالق و عظمته ... و إنّ المعرفة هي وسيلة وحيدة للانسان المدرك الواعي إلى التأمّل في عظمة اللّه جلّ و علا و التسليم له و الخضوع لارادته و الايمان برسالته ...

فدور المعرفة بأسرار الطبيعة و التأمّل فيها لا يقلّ شأنا عن علوم الفقه و العقيدة و التفسير في ترسيخ الايمان و إصلاح المجتمع

البشري و تحقيق رسالة الدين، بل هي القاعدة لها و الداعي الى الالتزام بها، و لهذا نشاهد القرآن الكريم يوجّه نظرنا الى الكون و الطبيعة و عالم الحياة للتأمّل و التعقّل و الاستنتاج» «1».

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 57/ 533.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 212

22- بيان السعادة في مقامات العبادة

اشارة

العنوان المعروف: تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة.

المؤلف: سلطان محمد بن حيدر محمد بن سلطان محمد الجنابذي (كنابادي).

ولادته: 1251 ه- 1835 م، و توفي في سنة: 1327 ه- 1909 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الصوفي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1311 ه.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، طهران 1314 ه، في مجلد واحد.

الطبعة الثانية: طهران جامعة تهران 1385 ه- 1344 ش حجم: 35 سم. ايضا:

بيروت، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، الطبعة الثانية، 1408 ه و اعيد طبعه بالافست على طبعة جامعة طهران، مع مقدمة للسلطان حسين تابنده الجنابذي.

حياة المؤلف:

هو سلطان محمد بن حيدر محمد بن سلطان محمد الجنابذي (گنابادي) الخراساني، كان من العلماء الصوفية و الشيعة الامامية، المعروف في طريقته بسلطان علي شاه (و هي من الفرق الصوفية الموجودة في ايران)، و كانت ولادته في 28 من

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 213

شهر جمادى الاولى 1251 ه.

و حين بلغ ثلاث سنين، سافر والده الى بعض بلاد ايران و الهند و لم يعرف منه خبر، فاصبح تحت حضانة أخيه مولى محمد علي، و اشتغل بتحصيل العلوم الأدبية في المشهد الرضوي المقدس، ثم ارتحل إلى النجف الأشرف لتكميل العلوم الدينية و العلوم العقلية و الفلسفية، ثم الى سبزوار و استفاد من محضر الحكيم العارف المتألّه الحاج ملا هادي السبزواري، ثم سافر الى اصفهان لأخذ الأذكار القلبية و الدخول في طريقة النعمة اللّهية عند المولى حاج محمد كاظم سعادت علي شاه.

و في سنة 1284 ه صار مفتخرا بأخذ إجازة الارشاد و تلقين الاذكار القلبية، و في سنة 1293 ه توفي شيخه و اصبح هو في مقامه.

توفي سنة 1327 ه، و دفن في مقابر بيدخت من قرى الجنابذ (كناباد)

آثاره و مؤلفاته:

1- مجمع السعادة (بالفارسية).

2- سعادتنامه (بالفارسية).

3- بشارة المؤمنين.

4- الايضاح (بالعربية).

5- بيان السعادة في مقامات العبادة (التفسير الذين نحن بصدد تعريفه).

6- تنبيه النائمين «1».

تعريف عام

تفسير صوفي سلك مؤلفه فيه مسلك الصوفية، مع لون من مذهب الإمامية بنقل احاديث الائمة الاثنى عشر من اهل بيت الرسول صلّى اللّه عليه و آله، بل نراه

______________________________

(1) انظر ترجمته تفصيلا في: مقدمة التفسير لسلطان حسين الجنابذي، ج 1/ ج.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 214

يمزج به التفسير الصوفي الذي يقوم على الرموز و الاشارات و البحوث الفلسفية، مع المبحث اللفظي و الدلالي.

كان التفسير شاملا لجميع الآيات، مبسوطا في بيانه قراءة و إعرابا و لغة و تفسيرا و حديثا.

و قد ترددوا في نسبة هذا التفسير الى مؤلفه، بدعوى أنه انتحال من التفاسير الأخر.

قال: الحاج آغا بزرگ الطهراني صاحب الذريعة في حق هذا التفسير ما ملخصه:

«نبهني العالم البارع المعاصر السيد حسين القزويني الحائري بانتحال وقع في هذا التفسير يكشف عن كونه لغيره و لو في الجملة، فإنّ ما اورده في اوّله من تشقيق وجوه إعراب فواتح السور من الحروف المقطعات، و انهاء تلك الشقوق الى ما يبهر منه العقل، توجد بتمام تفاصيلها و عين عبارتها في رسالة الشيخ علي بن احمد المهايمي الكوكبي النوائين (المولود سنة 776 ه و المتوفى سنة 835) المشهور ب «مخدوم علي المهايمي» صاحب تفسير: «تبصير الرحمن و تيسير المنّان» المطبوع في دهلي سنة 1286 ه و طبعة بولاق سنة 1295 ه (و له شرح لفصوص الحكم لمحيي الدين بن عربي).

و بالجملة المقدار المذكور من رسالة المهايمي في هذا التفسير ليس هو جملة و جملتين او سطرا و سطرين حتى يحتمل فيه توارد الخاطرين و توافق النظرين.

فهذا الانتحال ثبطنا

عن الإذعان بصدق النسبة الى من اشتهر بانه له، و اللّه العالم» «1».

و قد انكر هذا الانتحال أحد احفاده في مقدمة التفسير أشد الانكار، و قال ما ملخصه:

«و ان كان لازم كل تأليف ان يذكر من اقوال المتقدمين و تحقيقاتهم و يستشهد بها، و هذا لا يكون مخالفا للتأليف و نحن نقول: ان جميع ما ذكر من التحقيقات من

______________________________

(1) الذريعة الى تصانيف الشيعة ج 3/ 182.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 215

مبتكرات فكره، بل نقول ان كثيرا من هذه التحقيقات مما سنح بفكره الكامل و لا يكون مذكورا في كتب المتقدمين» «1».

و الحق لحفيده، لان الكتابين، موجودان عندنا، و قايسنا موارد متعددة من المجلدات و لم اجد شيئا مما ذكره صاحب الذريعة نقلا عن السيد حسين القزويني.

و انما نقلنا كلام صاحب الذريعة بطوله و كلام صاحب التقديم- حفيده-، ليتضح الحق و يرفع الابهام عما نسب إلى صاحب التأليف. فراجع: «تبصير الرحمن و تيسير المنّان»، المطبوع في بيروت، عالم الكتب و ما كتبنا حوله في هذا الكتاب.

و من منهجه لم يذكر صاحب التفسير ما اعتمده من التفاسير، و اذا نقل شيئا من مصدر لم يعين موضعه، و كذا في نقل الاحاديث و الروايات عن النبي و ائمة اهل البيت عليهم السّلام، مكتفيا بذكر اسم الكتاب او مؤلفه.

و قد ابتدأ في اول تفسيره بمقدمة في بيان حقيقة العلم، و الجهل المشابه للعلم، و في شرافة هذا العلم و خساسة الجهل، و في أن العلم كلما ازداد ضعفت الانانية؛ و تلازم العلم و العمل، و فضل قراءة القرآن و فضل التوسّل به؛ و في آداب القراءة و كيفيتها، و جواز تفسير القرآن و النظر فيه، و التأمل في

مفاهيمه و التفكر في معانيه، و الفرق بين الظاهر و الباطن، و في تحقيق التفسير بالرأي، و انحصار علم القرآن بتمام مراتبه بمحمد (ص) و اوصيائه عليهم السلام، و في تحقيق ان القرآن ذو وجوه، و جواز نزول القرآن بوجوه مختلفة، و وقوع الزيادة و النقيصة في القرآن، و في ان القرآن نزل تمامه في الائمة الاثنى عشر.

و قال في غرضه من تأليف الكتاب:

«و قد كنت نشيطا منذ أوان اكتسابي للعلوم و عنفوان شبابي بمطالعة كتب التفاسير و الأخبار و مدارستها، و وفقني اللّه تعالى لذلك، و قد كان يظهر لي بعض الأحيان من إشارات الكتب و تلويحات الاخبار، لطائف ما كنت أجدها في كتاب

______________________________

(1) بيان السعادة، ج 1، مقدمة الكتاب/ ح.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 216

و لا اسمعها في خطاب، فاردت ان أثبتها في وريقات، و أجعلها نحو تفسير للكتاب، لتكون تذكرة لي و لإخواني المؤمنين و تنبيها لنفسي و لجملة الغافلين» «1».

منهجه

كان يذكر اسم السورة و عدد آياتها. و مكيّها و مدنيّها، و فضلها و فضل قراءتها، ثم الشروع في تفسير الآيات، مبتدئا بقراءتها و نحوها و لغتها، و الاقوال التي فيها، ثم تفسيرها، و الاستشهاد بمأثورها عن طريق اهل البيت عليهم السلام.

و اما مميزات هذا التفسير:

ربط الآيات و جعل الآيات اللاحقة مربوطة بالسابقة، و الاعتقاد بأن الآيات في الواقع كلها مرتبطة و منتظمة.

و اهتمام المفسر بالجمع و التطبيق بين الاخبار المختلفة في تفسير الآيات و عدم طرح الحديث (و لو كان ضعيفا، او لا يمكن الأخذ به).

و استعمال اصطلاحات الصوفية و العرفاء و مطابقتها على التفسير.

فعلى سبيل المثال نذكر نموذجا من بيانه؛ فانه عند تفسير قوله تعالى: وَ ما أُنْزِلَ

عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ بعد ما فسر الآية و نقل قصة هاروت و ماروت قال:

«اعلم أن امثال هذه من مرموزات الأنبياء و الحكماء السلف، و لذا اختلفت الاخبار و كتب السّير في نقلها، و لما كانت من المرموزات، و قد حملها العامة على مفاهيمها العرفية التي لا يمكن تصحيحها بالنسبة الى مقام الانبياء و الملائكة المعصومين عن الخطأ، قرّرها المعصومون تارة و انكروها اخرى ... و وجه صحتها أن المراد بالملكين القوتان العلامة و العمالة، اللتان انزلهما اللّه من عالم الارواح، و جعل فيهما ما جعل في البشر من التضاد و الشهوات المتخالفة ... و ابتلاهما بالمرأة المتعطرة

______________________________

(1) بيان السعادة ج 1/ 2.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 217

المتزينة التي هي النفس الانسانية» «1».

فيا ليته أعرض عن هذه التوجيهات السخيفة و الروايات الموضوعة، كما كان دأب العلماء في مقام الجرح و التعديل في الفقه و غيرها، و لم يتمسّك بهذه التوجيهات و الكلمات غير المربوطة بالمقام.

و الخلاصة ان ما أخذ عليه هو:

1- اعتماده على اخبار الضعاف، و الموضوع من القول بتحريف القرآن.

2- اشتماله على الغلوّ و عدم تمييز الأخبار الضعيفة و ما نسب الى ائمة اهل البيت عليهم السلام.

3- احتواؤه على الشطحيات الصوفية، و انطباق النظريات العرفانية على القرآن، و توجيه روايات الضعاف و الإسرائيليات على الرموز و الاشارات حتى لا يوجب طرح حديث «2».

______________________________

(1) بيان السعادة ج 1/ 123.

(2) انظر: التفسير و المفسرون ج 2/ 199؛ و الذريعة الى تصانيف الشيعة ج 3/ 182.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 218

23- بيان المعاني

اشارة

العنوان المعروف: بيان المعاني على حسب ترتيب النزول.

المؤلف: عبد القادر ملا حويش آل غازي العاني.

مذهب المؤلف: الحنفي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1355 ه.

عدد

المجلدات: 12 جزءا في 6 مجلدات.

طبعات الكتاب: دمشق، مطبعة الترقي، سنة 1384 ه، حجم 24 سم.

حياة المؤلف

هو السيد عبد القادر ابن السيد محمد حويش بن محمود آل غازي من اولاد الامام موسى الكاظم عليه السلام. لكن لم نجد ترجمة لحياته في المصادر المختصة و لهذا اكتفينا بذكر التعريف العام و منهجه و اتجاهاته في التفسير.

تعريف عام

تفسير شامل لجميع آيات القرآن، لكنه ليس على ترتيب المصحف الشريف، بل حسب ترتيب النزول. و هو المنهج الذي اعتقده المؤلف انه الأفضل و الأنسب للتفسير

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 219

و لفهم القرآن الكريم، كما يمكن للقارئ من خلاله متابعة اطوار التنزيل و مراحله بشكل اوضح، و الحصول على معرفة كيفية نزوله و أسباب تنزيله، و استذواق لذة معانيه، و طعم اختصار مبانيه بصورة سهلة.

و لم يقدم أحد فيما علمناه تفسيرا بهذا الترتيب، و ان كان قد ألّف بعده، «محمد عزة دروزة» تفسيره المسمى ب «تفسير الحديث» بهذا الترتيب.

قال ملا حويش آل غازي في مقدمة تفسيره عن سبب تأليفه للتفسير، ننقلها بطولها لاحتوائها على فوائد جمة:

«إن القرآن العظيم جمع و رتبت سوره و آياته في المصاحف التي بأيدينا طبق مراد اللّه تعالى بأمر من الرسول الأعظم، و دلالة من الامين جبريل المكرم، و حينما تشاور الأصحاب- رضي اللّه عنهم- على نسخه على الوجه المذكور، اراد الإمام علي- كرم اللّه وجهه- ترتيب آياته و سوره بحسب النزول، لا لأنّه لم ير صحة ما أجمعوا عليه، و لا لأنه حاشاه لم يعلم أن ذلك توقيفي لا محل للاجتهاد فيه، بل أراد ان تعلم العامة تاريخ نزوله و مكانه و زمانه، و كيفية إنزاله، و أسباب تنزيله، و وقائعه، و حوادثه، و مقدمه و مؤخره، و عامه و خاصه، و مطلقه و مقيده، و ما يسمى بناسخه و

منسوخه بادئ الرأي، دون تكلف لمراجعة او سؤال، و لمقاصد أخرى ستظهر للقارئ بعد ان شاء اللّه.

و كان مصحفه الذي نسخه على ترتيب النزول، كما قال الإمام جلال الدين السيوطي- رحمه اللّه- في اتقانه في بحث جمع القرآن، نقلا عن الامام ابن حجر و تخريج ابن ابي داود ...

و ليعلم أن تفسيره على رأي الامام علي- كرم اللّه وجه- لا يشك أحد بأنه كثير الفائدة، عام النفع، لأن ترتيب النزول غير التلاوة، و لان العلماء- رحمهم اللّه- لما فسّروه على نمط المصحف اضطروا لأن يشيروا لتلك الأسباب بعبارات مكررة، إذ بين ترتيبه في المصاحف، و ترتيبه بحسب النزول بعد يرمي للزوم التكرار بما أدى

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 220

لضخامة تفاسيرهم ...

و قد علمت بالاستقراء أن أحدا لم يقدم تفسيره بمقتضى ما أشار اليه الإمام عليه السلام، و يكفي القارئ مئونة تلك الاختلافات و تدوينها، و يعرفه كيفية نزوله، و يوقفه على أسباب تنزيله، و يذيقه لذة معانيه، و طعم اختصار مبانيه ... فعن لي القيام بذلك، اذ لا مانع شرعي يحول دون ما هنالك، و أراني بهذا متبعا، مؤملا ان يكون عملي هذا سنة حسنة، فعزمت متوكلا على اللّه تعالى ... مستمدا من روحانية صفيه و مجتباه، على تفسيره على ذلك المنوال» «1».

قد قسّم المفسر كتابه إلى ثلاثة اجزاء، خصص اثنين منهما بما نزل في مكة المكرمة، و الآخر بما نزل في المدينة المنورة.

ابتدأ بمقدمة قبل التفسير بيّن فيها الدوافع التي دفعته لتأليف الكتاب، و منهجه، و مباحث تحتوي على اثني عشر مطلبا، منها:

في بيان مبادئ فن التفسير، و فيما يحتاج اليه المفسر، و الحاجة الى التفسير، و أحوال المفسرين، و معنى التفسير و

التأويل، و النهي عن القول بالرأي، و في التشريع في نهج القرآن و مقاصده و مميزاته، و المكية و المدنية و مميزاتهما، و مسألة النزول و كيفيته و ترتيب سوره و آياته، و عدد السور و تقسيمها و أسماؤها، و غيرها من المباحث الهامة المفيدة.

و كان دأبه في هذه المباحث أن يبيّن موقفه و منهجه، بعد ما نقل كلام المفسرين و اصحاب علوم القرآن.

و قد اعتمد في تفسيره على عدد من كتب التفسير منها: تفسير الخازن و النسفي و البغوي و النخجواني و ابي السعود، و روح البيان، و روح المعاني، و البيضاوي، و الكشاف ...، و تفسير محيي الدين عربي.

و من الكتب الفقهية: المبسوط للسرخسي، و الدّر المختار، و حاشيته لابن عابدين،

______________________________

(1) بيان المعانى، ج 1/ 4.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 221

و الطحاوي، و الدرر.

و من كتب الصوفية: عوارف المعارف للسهروردي، و البهجة السنّية للشيخ الخاني، و نور الهداية و العرفان للصاحب، و الانسان الكامل لعبد الكريم الجيلاني، و احياء العلوم للغزالي، و رسالة ابي القاسم القشيري.

و اعتمد في تحرير السور المكية و المدنية و القراءات على كتاب ابي القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافي، و كتاب ناظمة الزهر للامام الشاطبي و شرحه لأبي عيد رضوان، و كتاب ارشاد القرّاء الكاتبين له» «1».

منهجه

و طريقته في التفسير هو أن يبدأ باسم اول سورة نزولا، ثم التي تليها بالترتيب الزمني من حيث النزول، ثم ذكر معناه و الإشارة إلى الاسماء الاخرى ان روي لها اكثر من اسم، و عدد آياتها و عدد كلماتها و حروفها، و ذكر ناسخها و منسوخها، ثم الاشارة الى الكلمات التي بدأت او ختمت بها السورة، و تكرارها، او

عدد تكرارها، و مكان نزولها، و تاريخ نزولها، و الأقوال التي فيها، ثم يدخل في تفسير الآية تفسيرا بيانيا تحليليا.

و ما اهتم به المفسر هو: اوّل ما نزل الى الفترة (فترة انقطاع الوحي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله)، و الفترة، و سببها، و مدتها و اوّل ما نزل بعدها، و سبب ذلك و تاريخ كل منه، و مكانها، و زمانها، و قصصها، و أخبارها، و أمثالها، و احكامها، و الآيات المكررة و سبب التكرار، و نظائرها مما يناسبها باللفظ و المعنى، و الكلمات التي لم تكرر فيه، و الإشارة الى ما هو موافق للشرع من قبلنا، و المخالف له، و المعمول به منه، و الآيات المقيدة للمطلقة و المخصصة للعامة، و أنواع الاوامر و النواهي الواجبة و المندوبة و المخير فيها.

______________________________

(1) نفس المصدر/ 10- 11.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 222

و كان منهجه في تفسير الآية، تقسيم البحوث إلى الموضوعات مجزأ، و نقل الاقوال معنونا باسم الناقل؛ و الاستشهاد بالمأثورات و الاشعار مستندا، و نقل كلمات العرفاء و الصوفية مؤيدا «1».

و اما موقفه بالنسبة الى الإسرائيليات و الموضوعات، فإنّه مقل في نقلها، و ناقد لسندها، فمثلا عند ذكر قصة الغرانيق و ما فيها، قال:

«فلا عبرة به حيث رواه عنه الكلبي، و هو ضعيف جدا لا يعتمد عليه، و لم يؤيده أحد من أهل الصحة، و لا لسنده ثقة بسند صحيح، و اختلاف الفاظها ... و لا غرو أن كثيرا من المفسرين و المؤرخين و لعون بنقل كل غريب شاذ، لذلك فإنهم ينقلون هذين النوعين لينقل عنهم» «2».

و قد أبسط المفسر في نقل القصص، و لكن دأبه غالبا اختصار هذه القصص و بيان

صحيحها عن سقيمها، و كان قد سكت في نقلها.

و اعتمد في نقل الأحاديث للاستدلال على بعض الآيات او كالشاهد عليها، من كتب الصحاح الستة و موطأ مالك، و بعض الأحاديث الشائعة المتداولة، التي لم يطعن بها، و في القراءات، اعتمد قراءة عاصم، و في الروايات رواية حفص، و إن كان قد يشير الى بعض القراءات الأخرى.

و الخلاصة: يعدّ التفسير جديدا في نوعه، بديعا في بيانه، سهل العبارة، رائع الاسلوب في توضيحه للمعاني، و المسائل العقائدية، و لم يطرحه و لم ينقده الباحثون و المتخصصون بالمناهج و الدراسات التفسيرية؛ مع أن الكتاب طبع قبل ثلاثين سنة.

______________________________

(1) و لتفصيل الموارد و الشواهد انظر: بيان المعانى، ج 1/ 204 و 422 و 481.

(2) بيان المعانى، ج 1/ 212.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 223

24- تأويلات أهل السّنة

اشارة

العنوان المعروف: تفسير الماتريدي: «تأويلات أهل السّنّة»، «تأويلات القرآن».

المؤلف: ابو منصور محمد بن محمود الماتريدي.

ولادته: ولد في سنة 248 ه- 862 م، و توفي في سنة 333 ه- 944 م.

مذهب المؤلف: الحنفى الاشعري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 8.

طبعات الكتاب: القاهرة، المجلس الاعلى للشئون الاسلامية، لجنة القرآن و السنة، سنة 1391 ه- 1971 م، حجم 30 سم. التحقيق و التطبيق من إبراهيم عوضين و السيد عوضين، باشراف محمد توفيق عويضة.

حياة المؤلف:

هو أبو منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي، امام المتكلمين المسمى ب: «مصحّح عقائد المسلمين».

ولد قبل سنة 248 ه في محلة ما تريد في مدينة سمرقند، و درس العلوم الشرعية و العقلية درسا متقنا حتى اصبح كما لقّبوه ب: «امام المتكلمين و مصحح عقائد المسلمين».

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 224

اشتغل بالتدريس و التصنيف، و كرس حياته لنصرة عقيدة أهل السنة و الجماعة و ناظر المعتزلة كثيرا، و كان له رأي وسط بين المعتزلة و الاشاعرة في القول بحسن الافعال و قبحها.

كان الماتريدي معاصرا للاشعري، و قد سبقه بقليل الى نصرة مذهب اهل السنة و الجماعة، و لو دخلنا في مقارنة سريعة بين الاشعري و الماتريدي، وجدناهما يتحركان في اطار منهج واحد من حيث العموم.

توفي سنة 333 ه و دفن بسمرقند «1».

آثاره و مؤلفاته:

1- كتاب التوحيد.

2- كتاب المقالات.

3- الردّ على القرامطة.

4- رد الاصول الخمسة، ردّ على المعتزلة.

5- رد كتاب الامامة، ردّ على الشيعة.

6- تفسير الماتريدي المسمى ب «تاويلات القرآن».

تعريف عام:

كان التفسير، تفسيرا موجزا وضعه مؤلفه وفق عقائد اهل السنة و الجماعة، شاملا لجميع آيات القرآن و هو موجود بتمامه في دار الكتب المصرية و مكتبة كبريلي «2»؛ و لكن الموجود بين أيدينا مجلد منه و لعله لم يطبع حتى الآن بتمامه.

قد ابتدأ تفسيره بسورة الحمد من دون خطبة أو مقدمة، او بيان غرضه من

______________________________

(1) انظر مقدمة التفسير، و كتاب تطور تفسير القرآن لمحسن عبد الحميد/ 122.

(2) تأويلات اهل السنة ج 1/ 28، مقدمة مصحح الكتاب.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 225

التفسير، او ذكر منهجه كما هو المتداول بين المفسرين.

«يعتمد على العقل و النقل معا في تفسير القرآن، و لعله اوّل من سار هذا المسار من علماء اهل السنة، فهو يرد على كل من لا يتفق مع اهل السنة من المعتزلة و المجسمة و الحشوية و غيرهم، و يقرر عقيدة اهل السنة في اثناء تفسيره بالادلة العقلية و النقلية» «1».

منهجه:

عند ما يورد الآية يتعرض للمعنى الاجمالي لها، و يذكر التفسير المأثور دون ذكر السند في الغالب، بل دون ذكر القائل له. ثم يذكر ما كان في هذه الآية من آراء للمتكلمين، و يدحض آراءهم بالحجّة، و قد يورد اسباب النزول. و يكاد يكون غرض الكتاب و المؤلف منصبا على تصحيح الاعتقادات في المسائل التي يخوض فيها أصحاب الجدل من اهل الفرق على وفق عقيدته و مذهبه الذي ذكرناه.

يعتمد على العقل و النقل معا في تفسير القرآن، و يستخلص المسائل الاعتقادية و الفقهية من الآيات، فيقرر بها رأي استاذه و امام مذهبه ابي حنيفة.

يعتقد المفسر، أنه اذا كان هناك دليل على معنى اللفظ في القرآن و تفسيره، و قام دليل مقطوع به، فيصح التفسير، و

إلّا فتفسير بالرأي و هو المنهي عنه.

و يمكن ان يكون علّة تسمية الماتريدي لكتابه باسم: «التأويلات» من هذه الجهة، تبعا لرأيه في التأويل و التفسير.

و اعتمد في تفسيره على تفسير القرآن بالقرآن، فإنّه كثيرا ما يبين و يستدل في تفسيره للآية على آية اخرى، و حقا كان منهجه في التفسير، هو تفسير القرآن بالقرآن.

و قد اعتنى بالأقوال الفقهية و الآراء الاصولية في آيات الاحكام.

______________________________

(1) تفسير تأويلات اهل السنة ج 1/ 27.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 226

و كذا اعتمد في تفسيره على المأثورات الواردة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و الصحابة و التابعين، و من المفسرين اعتمد على ابن عباس، و ابن جريج، و الضحاك، و قتادة، و مقاتل بن سليمان، و الكلبي.

و اما موقفه بالنسبة الى الاسرائيليات، فإنّه مجتنب عن ذكرها، متحقّق في اسانيدها، و معتمد على العقل بارشاد من الشرع، و يستعين به في فهم القرآن و الماثورات الواردة فيه، فبعضها قد نقلها مترددا و بعضها الآخر ردها قطعا.

و نموذج من ذلك ما ورد في ذيل آية 102 من سورة البقرة في قصة سليمان عليه السلام و ما ينسب اليه، حيث قال:

«فلا ندري كيف كانت القصة، غير ان اليهود تركت كتب الانبياء و الرسل، و اتبعوا كتب الشياطين و ما دعوهم اليه من السحر و الكفر» «1».

و في قصة هاروت و ماروت قال:

«فقال الحسن: لم يكونا ملكين، و لكنهما كانا رجلين فاسقين متمردين؛ و ذلك ان اللّه عزّ و جلّ وصف ملائكته بالطاعة له؛ و الائتمار بأمره، بقوله: لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ «2» و كقوله: لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ «3» «4».

و ايضا كان موقفه في الكلام و الاعتقادات، موقف اهل السنة

و الجماعة و يدافع عن مذهبهم، فمثلا عند كلامه عن الرؤية و الكلام النفسي، و العرش و الكرسي و انتساب الافعال الى اللّه و الشفاعة، فانه دافع عن الاشاعرة و نصر مذهب اهل السنة و الجماعة، و ان كان قد يختلف عن ابي الحسن الاشعري المعاصر له «5».

______________________________

(1) تاويلات اهل السنة ج 1/ 233.

(2) التحريم/ 6.

(3) الانبياء/ 27.

(4) نفس المصدر/ 235.

(5) نفس المصدر/ 83 و 160.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 227

و ايضا يعتمد كما ذكرنا على العقل بارشاد من الشرع و يستعين بالعقل في فهم القرآن الكريم، لان النظر العقلي عنده من مصادر العلم، فهو يأخذ بحكم العقل فيما لا يخالف الشرع.

و الخلاصة: كان التفسير مفيدا من الناحية الاعتقادية و الكلامية و قابلا للمراجعة، لانه يعتمد في عصره على العقل في قواعد الدين، فهو يحاول أن يبرهن على المفاهيم و الاستدلالات ببراهين عقلية «1».

______________________________

(1) انظر تفصيل ذلك في: تطور تفسير القرآن لمحسن عبد الحميد/ 126؛ و مناهج المفسرين لآل جعفر 195؛ و مقدمة التفسير من المحققين للتفسير/ 9.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 228

25- تبصير الرحمن و تيسير المنان

اشارة

العنوان المعروف: تفسير القرآن المسمى ب «تبصير الرحمن و تيسير المنّان ببعض ما يشير الى اعجاز القرآن».

المؤلف: علي بن أحمد بن إبراهيم المهايمي. المشهور ب «مخدوم علي المهايمي».

ولادته: ولد في سنة 776 ه- 1374 م، و توفي في سنة 835 ه- 1432 م.

مذهب المؤلف: حنفيّ متصوف.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 2.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، مطبعة بولاق، باجازة وزير الشيخ محمد جمال الدين، سنة 1295 ه، و بهامشه نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن للسجستاني.

و قد اعيد طبعه على الطبعة الاولى بالأفست في بيروت، عالم الكتب، سنة 1403 ه- 1983 م، حجم

20 سم.

حياة المؤلف:

هو العلامة ابو الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم بن اسماعيل المهايمي، المشهور ب «مخدوم علي المهايمي».

كان من كمّل علماء الهند، ذا شهرة باهرة و محاسن زاهرة، و من كبار أرباب

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 229

الطريقة اهل النفس المطمئنة.

ولد سنة 776 ه في قرية مهايم من بنادر كوكن و هي ناحية من الدكن بالهند.

و كان من النوائت، و النوائت: قوم من بلاد الدكن، و قال الطبري: طائفة من قريش خرجوا من المدينة خوفا من الحجاج بن يوسف، فبلغوا ساحل بحر الهند و سكنوا به.

فهو فقيه، متكلم مفسر و من علماء الحنفية الصوفية.

و كانت وفاته في يوم الثامن من جمادي الآخرة سنة 835 ه و مدفنه بقرية المهايم، و يزار قبره الآن «1».

آثاره و مؤلفاته:

1- تبصير الرحمن و تيسير المنّان.

2- زوارف اللطائف في شرح عوارف المعارف.

3- اراءة الدقائق في شرح مرآة الحقائق.

4- شرح النصوص للقونوي.

5- ادلة التوحيد.

6- خصوص النعم في شرح فصوص الحكم.

تعريف عام

يعد تفسيرا موجزا، و ان كان قد فصّل في سورة الحمد و اوائل السور. شاملا لجميع القرآن، يشتمل على التفسير البياني و الاشاري، كما هو دأب اصحاب الصوفية من دون الخروج من ظواهرها و اعتناء لمدلولاتها.

قال المهايمي في مقدمة كتابه:

______________________________

(1) تبصير الرحمن و تيسير المنان ج 1/ من مقدمة الناشر؛ و الاعلام ج 4/ 257؛ و معجم المفسرين لعادل نويهض ج 1/ 352.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 230

«فهذه خيرات حسان من نكت نظم القرآن، لم يطمث اكثرهن إنس قبلي و لا جان ... فامكنني ان ابرزهن من خدورهن، ليرى بمرايا جمالهن صور الإعجاز من بديع ربط كلماته و ترتيب آياته ... و لكن اللّه غالب على أمره ... تفضل عليّ من موجبات شكره، أن بصرني ما يتميز به لباب كتابه من قشره، و يسّر لي الاطلاع على بعض ما خفي من سره ... نسأله من فضله أن يزيدنا بصيرة بأسراره، و غوصا في غماره، و توفيقا لاقتفاء آثاره ... و أن ينفعني بكتابي و الطالبين، و يجعلهم فيه راغبين» «1».

قد ابتدأ في تفسيره بمقدمات في كلام اللّه، و معنى النزول و الانزال، و توضيح حديث: «من فسر القرآن برأيه»، و الفرق بين التفسير و التأويل، و الكلام في الاستعاذة، ثم ورد في تفسيره القرآن مبتدئا من سورة الحمد على ترتيب المصحف.

و اعتمد في تفسيره على كلمات فخر الدين الرازي، و حجة الاسلام الغزالي و محيي الدين بن عربي، و ما نقل من المأثورات عن طرق

أهل السنة، و ان كان النقل فيه قليل و همّه تبيين كلام اللّه من دون تطويل.

منهجه

و طريقته في التفسير بيان معنى السورة، و الإطار العام الذي تعقب فيه، و بيان معنى البسملة في كل سورة بما يناسب السورة، لان في اعتقاده أن البسملة في كل سورة لها معنى جديد.

ثم يذكر المهايمي قطعة من الآية و يفسرها، من دون خوض في إعراب الكلمة و لغتها و قراءتها و نحوها غالبا، و لكنه بسّط الكلام في سورة الفاتحة، و تعرض فيها لاسماء السورة و مناسبتها تفصيلا، ثم ذكر بيان حكم البسملة، و الاقوال فيها عند الحنفية و الشافعية و المالكية و الاستدلال بها، فدخل في تفسيرها مبسّطا مفصلا لا يتناسب مع باقي السور و الآيات.

______________________________

(1) تبصير الرحمن ج 1/ 1.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 231

و ايضا منهجه في التفسير عدم التعرض للمأثورات الموجودة في التفاسير و عدم الأخذ بها.

و كان المهايمي من الصوفية الذين همّهم البيان العرفاني و التربوي في التفسير، و لهذا كان تفسيرا إشاريا، و ان كان تسليما بما جاء به ظاهر الشارع بدون تأويل او تبديل.

و لا يخرج من التفسير الظاهر، و يذكر المعاني الظاهرة، و يعقّبها بالمعاني الإشارية.

و حين يعرض المعاني الإشارية يكون واضحا في كل ما يقوله و لا يستعبد ان تكون مرادة للّه تعالى.

و قد يتعرض للمسائل الفقهية إذا تعلّقت الآيات بالاحكام، و ان كان مقل في ذكرها و ايضا يجتنب الإسرائيليات، و ما نقله بعض المفسرين في كتبهم.

و كان من منهجه، الاهتمام بتناسب السور و الآيات و سرّ البلاغة لاداء المعاني و ترتيبها، فإنه قال في ذلك:

«فأمكنني ان أبرزهن من خدورهن ليرى البرايا جمالهن صور الإعجاز من بديع

ربط كلماته و ترتيب آياته من بعد ما كان يعدّ من قبيل الإلغاز، فيظهر به أنها جوامع الكلمات، و لوامع الآيات لا مبدل لكلماته، و لا معدل عن تحقيقاته، فكل كلمة سلطان دارها، و كل آية برهان جارها، و إن ما توهم فيها من التكرار فمن قصور الأنظار الحاجزة عن الاستكبار، و لا بدّ منه لتوليد الفوائد الجمة من العلوم المهمة، و تقرير الأدلة القويمة و كشف الشبه المدلهمة، مأخوذة من تلك العبارات من غير تأويل لها، و لا تطويل في اضمار المقدمات، و لا إبعاد في اعتبار المناسبات» «1».

و الخلاصة: يعدّ التفسير من التفاسير الموجزة، الذي بيّن فيه المفسر كلام اللّه ببيان جلي، فكان التفسير تزكية للنفوس، و تطهيرا للقلوب، و التحلي بالاخلاق و الفضائل التي أكد عليها القرآن الكريم، و ابتعاده عن القيل و القال و التعصب المذهبي.

______________________________

(1) نفس المصدر.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 232

26- التبيان

اشارة

العنوان المعروف: تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن.

المؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي، المعروف ب «الشيخ الطوسي».

ولادته: ولد في سنة 385 ه- 965 م، و توفي في سنة 460- 1067 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 10.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، طهران، سنة 1406 ه، باهتمام السيد محمد الحجة الكوه كمري التبريزي، في مجلدين، المجلد الاول 869 صفحة، و المجلد الثاني 800 صفحة، و قام بتصحيحه و تهيئته للطبع الحاج ميرزا علي آقا الواعظ الشيرازي، و آقا رحيم ارباب الاصفهاني.

و النجف الاشرف، مطبعة النعمان العلمية، 1376 ه الى 1382 ه، في 10 مجلدات، حجم 24 سم، بتصحيح أحمد حبيب قصير العاملي و أحمد شوقي امين، و هي حاوية على فهارس في نهاية كل مجلد.

و قد اعيد

طبعه بالافست في بيروت، دار احياء التراث العربي، و في قم المقدسة، مركز النشر لدار الاعلام الاسلامي، سنة 1412 ه.

و في قم، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين، سنة 1413 ه، صدر مجلد واحد منه لحد الآن.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 233

حياة المؤلف:

كان أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي فقيه الشيعة الاثني عشرية، و من ابرز علماء الامامية في القرن الخامس، الملقب ب «شيخ الطائفة».

ولد بطوس خراسان سنة 385، و طلب العلم من صباه، ثم هاجر الى العراق، فانضم الى مجلس الشيخ المفيد، الذي كانت له زعامة المذهب الجعفري، فتتلمذ عليه و على علم الهدى السيد المرتضى.

استقل بالامامة بعدهما، و تصدر منصب الزعامة، و اصبح علما للشيعة، و كانت داره في الكرخ- ببغداد- مأوى الامة. جعل له الخليفة القائم بامر اللّه كرسي الكلام و الإفادة في بغداد.

هاجر بعد فتنة الكرخ الى النجف سنة 449 ه، فجعلها مركزا للعلم، و جامعة كبرى للشيعة، و بقي هناك حتى توفي سنة 480، و دفن في النجف و مرقده و مزاره معروف.

آثاره و مؤلفاته:

خلف عددا كبيرا من المؤلفات المعتمدة لدى فقهاء الشيعة و محدثيها، بلغت ما يقرب من سبعة و اربعين كتابا نذكر بعضا منها:

1- اختيار الرجال في معرفة الرجال.

2- الاستبصار فيما اختلف من الأخبار. (أحد الكتب الاربعة و المجاميع القديمة عند الشيعة) 4 مجلدات.

3- تلخيص الشافعي.

4- تهذيب الاحكام في شرح مقنعة الشيخ المفيد. (أحد الكتب الاربعة ايضا) 10 مجلدات.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 234

5- الجمل و العقود في العبادات.

6- الخلاف في الاحكام.

7- العدة في الاصول.

8- الفهرست، ذكر فيه اصحاب الكتب و الاصول.

9- المبسوط في الفقه 10 مجلدات.

10- النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى.

و كلها بحمد اللّه مطبوعة و في متناول أهل العلم و التحقيق «1».

تعريف عام

هو تفسير كامل للقرآن، تعرض الشيخ فيه لعلوم القرآن في شتى المجالات، كالقراءة و اللغة و الإعراب و اسباب النزول و النظم و الناسخ و المنسوخ و المحكم و المتشابه و غيرها باسلوب علمي، و هو أول تفسير شيعي جامع بين النقل و العقل، و بين الرواية و الدراية فيما اعلم.

قد اعتمد عليه كثير من المفسرين من بعده، منهم الطبرسي في مجمع البيان، و هو يشرح مذهب الشيعة الامامية و يدافع عن عقيدتهم، و يكثر النقل عن ائمة أهل البيت عليهم السلام. ذكر الشيخ الطوسي في مقدمة التفسير اهدافه بما ملخصه:

«فان الذي حملني على الشروع في عمل هذا الكتاب، أنّي لم اجد أحدا من اصحابنا قديما و حديثا من عمل كتابا يحتوي على تفسير جميع القرآن، و يشتمل على فنون معانيه، و أن المؤلفين السابقين قد تباينت طرقهم في تفسير القرآن، فاستوعب بعضهم كل ما قيل من الفنون، و قصر آخرون، فاقتصروا على ذكر الغريب و معاني الألفاظ، و سلك الباقون،

المتوسطون في ذلك مسلك ما قويت فيهم منتهم و تركوا ما لا معرفة لهم به، فاهتمّ بعضهم بالإعراب، و الآخرون باللغة، و آخرون

______________________________

(1) انظر ترجمته تفصيلا في مقدمة تفسير التبيان ج 1/ عن صاحب الذريعة الشيخ الطهراني.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 235

بالمعاني الكلامية. و اصلح من سلك في ذلك مسلكا جميلا مقتصرا، محمد بن بحر ابو مسلم الاصفهاني، و علي بن عيسى الرمّاني، غير انهما اطالا الخطب فيه، و أوردا فيه كثيرا مما لا يحتاج.

و أنا أشرع في ذلك على وجه الإيجاز و الاختصار لكل فن من فنونه، و لا أطيل، فيملّه الناظر فيه، و لا أختصر اختصارا يقصر فهمه عن معانيه» «1».

بدأ الشيخ الطوسي (ره) قبل التفسير بمقدمة في ذكر جمل لا بدّ من معرفتها، نشير الى بعضها:

ذكر فضل القرآن و عظمته، و عدم تحريف القرآن، و نزوله بحرف واحد، و معنى ظاهر القرآن و باطنه، و المحكم و المتشابه، و الناسخ و المنسوخ، و ذكر اسامي القرآن و تسمية السور.

و قد اعتمد في تفسيره- مضافا الى ما قاله من تفسير الاصفهاني محمد بن بحر، و الرّماني- على تفسير الطبري، و ما يخص الاعراب فقد نقل عن سيبويه و الزجاج و ابي علي الفارسي، و في اللغة عن الخليل الفراهيدي.

منهجه

في مطلع كل سورة ذكر اسم السورة و سبب تسميتها به، و مكيّها و مدنيّها، و ناسخها و منسوخها، و الحجة عنده من القراءات و الاختلاف فيها، و الإعراب، و مسائل النحو و اللغة بتفصيلها. ثم ورد في تفسير الآية، و ذكر المعاني و الأحكام، و استفاد من الأشعار و كلمات أهل اللغة و بعض من الروايات.

و يقول الشيخ الطوسي في بيان منهجه:

«و

لا ينبغي لأحد ان ينظر في تفسير آية لا ينبئ ظاهرها عن المراد تفصيلا، او يقلّد أحدا من المفسرين إلّا ان يكون التأويل مجمعا عليه، فيجب اتباعه لمكان

______________________________

(1) التبيان، ج 1/ 2.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 236

الإجماع، لأن من المفسرين من حمدت طرائفه، و مدحت مذاهبه، كابن عباس و الحسن و قتادة و مجاهد و غيرهم. و منهم من ذمّت مذاهبه، كابي صالح و السّدي و الكلبي و غيرهم، هذا في الطبقة الاولى، و اما المتأخرون فكل واحد منهم نصر مذهبه، و تأوّل على ما يطابق اصله، و لا يجوز لأحد ان يقلّد أحدا منهم، بل ينبغي ان يرجع الى الأدلة الصحيحة اما العقلية أو الشرعية، من اجماع عليه، أو نقل متواتر به عمن يجب اتباع قوله، و لا يقبل في ذلك خبر واحد، خاصة اذا كان بما طريقه العلم» «1».

و هو ملتزم في منهجه، فإنّه ينقل المأثور النقل القائم على النقد و المحاكمة و الترجيح، و لذلك اشترط في قبوله قيام «اجماع عليه»، أو إنه «نقل متواتر» به عمن يجب اتباع قوله، و لا يقبل في ذلك خبر واحد، لانّ من المفسرين من ذمّت مذاهبه كابى صالح و السّدى و الكلبى و غيرهم، و لذلك كان لا بدّ للنقل المعتبر في منهج الطوسي ان يدعمه الإجماع أو التواتر بشروطهما المقررة.

اما موقفه بالنسبة الى التفسير بالرأي الممدوح، فكان له دور كبير في استعمال العقل في هذا المنهج، فانّه قد اعتمد في شرح معاني القرآن و اهدافه في الرّد على مقالات الفرق و المذاهب المخالفة، و في الدفاع عن عقائد الامامية الاثني عشرية، و دحض ما اورد عليهم من شبهات «2».

اما الاتجاه اللغوي في التفسير،

فانه له دور مهم في منهجه، فإنه يتعرض للغة بشتى فروع الكلمة و اصولها، و بما قاربها او شابهها من الالفاظ. و يتعرض لفقه اللغة، و ان الكلمة هل من اصل عربي، او انها من الكلمات المعربة و الدخيلة «3».

و يتعرض ايضا للنحو و التصريف و الاشتقاق و البلاغة، و غيرها من العلوم

______________________________

(1) التبيان، ج 1/ 6.

(2) انظر تفصيل الموارد: «منهج الطوسى في تفسير القرآن» لآل ياسين/ 38.

(3) الذكرى الالفية للشيخ الطوسى، ج 2/ مقالة عرض للاتجاه اللغوي في تفسير التبيان لآية اللّه زاده 471.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 237

العربية في مناسبة حديثه عن الآيات القرآنية في سعة بسطة و قوة عرض.

و مما ينبغي أن لا نتغافل عنه، ان الشيخ لا يعالج البحوث اللغوية و النحوية من حيث إنها مقصودة بالذات، بل بصفة أنها وسيلة للتفسير، و بها يتمكن من ترجيح بعض الأقوال على بعض، او التوفيق بين المتعارضين.

و يذكر الطوسي القراءات المختلفة بمعانيها النازلة عليها و بوجوهها، و كثيرا ما يورد القراءات التي لا تعتمد على اقوال الائمة الذين يعتبر قولهم حجة عنده، و عند علماء القراءات، ثم يتبعها برأيه في آخر الامر موجها بالدليل.

و اما بالنسبة الى اخبار الإسرائيليات، و روايات كعب الأحبار و وهب بن منبّه و ابن جريج و السّدي، و امثال ذلك مما ينافي عصمة الانبياء و يخالف رسالاتهم، فإنه ينقل الإسرائيليات بتمامها و ينقدها، ثم يثبت ما كان حقا ثابتا في نظره.

فمثلا: عند قوله تعالى في قصة هاروت و ماروت (سورة البقرة/ 102)، ينقل اخبارا اسرائيلية معروفة عند اهل العلم، ثم يقول:

«ان الروايات التي في ان الملكين أخطأ، و ركبا الفواحش، فإنها اخبار آحاد، فمن اعتقد بعصمة الملائكة،

يقطع على كذبها، و من لم يقطع على ذلك، جوّز أن تكون صحيحة، و لا يقطع على بطلانها.

و الذي نقوله: ان كان المكان رسولين، فلا يجوز عليهما ذلك، و ان لم يكونا رسولين، جاز ذلك، و ان نقطع به ...

فأمّا ما روي ان النبي- صلّى اللّه عليه و آله- سحر- و كان يرى أنه يفعل ما لم يفعله- و أنه لم يفعله، فاخبار آحاد لا يلتفت اليها، و حاشى النبي «ص» من كل صفة نقص اذ تنفر من قبول قوله، لانّه حجة اللّه على خلقه و صفيه من عباده، و اختاره اللّه على علم منه، فكيف يجوز ذلك مع ما جنبه اللّه من الغظاظة و الغلظة، و غير ذلك من الاخلاق في الدنيئة ... و قد قال اللّه تعالى: وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 238

النَّاسِ «1»، و قد اكذب اللّه من قال: ان يتبعون إلّا رجلا مسحورا فقال: وَ قالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً «2» فنعوذ باللّه من الخذلان» «3».

و كان الشيخ الطوسي يذكر الآراء الفقهية، و ينتصر لمذهب الامامية من دون تعصب قائما على النقد و المحاكمة و الترجيح، و هو يعتمد على الاثر الوارد عن النبي «ص» و عن الائمة المعصومين عليهم السلام.

دراسات حول التفسير

كتبت حول التفسير من التلخيص و التعليق و بيان المنهج، كتب و رسائل و مقالات، نشير الى بعض منها:

1- مختصر التبيان. لأبي عبد اللّه محمد بن المنصور بن أحمد بن ادريس الحلبي (م 598 ه) صاحب السرائر و هو مطبوع في مجلدين، قم، مكتبة آية اللّه المرعشي، 1409 ه، 24 سم.

2- مختصر التبيان في تفسير القرآن. لأبي عبد اللّه محمد بن هارون المعروف ب

«ابن الكيال». (مقدمة التفسير/ ص ر) 3- منهج الطوسي في تفسير القرآن. لگاصد الزيدي، جامعة القاهرة- كلية الآداب، رسالة دكتوراه، 1974 م.

4- منهج الطوسي في تفسير القرآن. للشيخ محمد حسن آل ياسين بحث مقدم الى المهرجان الألفي للشيخ الطوسي بمدينة مشهد الرضوي، المطبوع في المجلد الثاني، ص 9- 29، 1350 ش- 1391 ه، 24 سم. و ايضا طبع في بغداد، مطبعة المعارف، 1978 م.

______________________________

(1) المائدة/ 67.

(2) الفرقان/ 8.

(3) التبيان ج 1/ 384 طبعة بيروت.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 239

5- الشيخ الطوسي، لحسن عيسى حكيم. ساعدت لطبعه جامعة بغداد، 1975 م، مطبعة الآداب، الطبعة الاولى، 1395 ه- 1975 م، 24 سم.

6- روش شيخ طوسي در تفسير تبيان (بالفارسية) (منهج الشيخ الطوسي في تفسير البيان) لاكبر ايراني قمي، طهران سازمان تبليغات اسلامي (منظمة الاعلام الاسلامي)، 1371 ش الطبعة الاولى، 238 ص، 24 سم.

7- المباحث اللغوية عند الشيخ الطوسي في تفسير التبيان. لناصر كاظم زوير، القاهرة، كلية اللغة العربية، جامعة الازهر، 1981 م. ماجستير، (رسالة القرآن، العدد العاشر/ 209).

8- شيخ طوسي و روش او در تفسير تبيان (الشيخ الطوسي و منهجه في تفسير التبيان) (بالفارسية). لإلياس الكلانتري، رسالة ماجستير، كلية الدراسات الاسلامية، جامعة طهران، سنة 1366 ش.

9- شرح شواهد التبيان في تفسير القرآن. لعلي رضا دل افكار، و احمد نريمي سا، و نصير الدين جوادي (ثلاث رسائل ماجستير) كلية الدراسات الاسلامية (كلية الالهيات)، جامعة طهران، سنة 1369- 1370 ش.

10- الطوسي مفسرا. لخضير جعفر، طهران، كلية الآداب، جامعة طهران، رسالة ماجستير، سنة 1983. (رسالة القرآن، العدد العاشر/ 203). «1»

______________________________

(1) ايضا انظر: مناهج المفسرين لآل جعفر/ 241؛ و مصادر الدراسة عن النجف و الشيخ الطوسي لمحمد هادي الحسيني، النجف، 1382؛

و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 109؛ و مجلة رسالة القرآن، العدد الثاني، سنة 1411 ه: الطوسى و التبيان لاكبر الايرانى/ 47.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 240

27- التحرير و التنوير

اشارة

العنوان المعروف: تحرير المعنى السديد و تنوير العقل الجديد المعروف ب «التحرير و التنوير».

المؤلف: محمد الطاهر بن عاشور.

ولادته: ولد في سنة 1296 ه- 1878 م، و توفي في سنة 1393 ه- 1973 م.

مذهب المؤلف: المالكى الأشعري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: ثلاثون جزءا في 15 مجلدا.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، مطبعة عيسى البابي الحلبي، سنة 1384 ه- 1964 م، حجم 24 سم.

الطبعة الثانية، تونس، الدار التونسية للنشر، بي تا.

و أعيد طبعه بالأفست على الطبعات السابقة في تونس، الدار التونسية و الدار الجماهيرية للنشر و التوزيع و الاعلان.

حياة المؤلف:

هو الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، رئيس المفتين المالكيين بتونس، و من كبار علمائهم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 241

كان مولده بتونس سنة 1296 ه، درس فيها و تخرج بشهادة التطويع سنة 1899 م، ثم عيّن عام 1931 م، شيخا للاسلام مالكيا، و هو من أعضاء مجمع اللغة العربية بمصر و المجمع العلمي العربي بدمشق، و قد أسهم الشيخ إسهاما فعالا في الحركة الوطنية بتونس، و قد تولى القضاء أكثر من عشر سنين، ثم تولى الافتاء، كما تولى مشيخة الجامع الأعظم جامع الزيتونة.

و كان المفسر لغويا، نحويا، أديبا، من دعاة الاصلاح الاجتماعي و الديني، و له أبحاث و دراسات و مقالات كثيرة نشرت في كبريات المجلات بتونس و مصر.

كانت وفاته بتونس سنة 1393 ه «1».

آثاره و مؤلفاته:

1- التحرير و التنوير.

2- مقاصد الشريعة الاسلامية.

3- أصول النظام الاجتماعى في الاسلام.

4- الوقف و آثاره في الإسلام.

5- أصول الإنشاء و الخطابة.

تعريف عام

من أبرز تفاسير القرن الرابع عشر و من أدقّهم في فهم كلام اللّه المجيد. و كان متوسطا في معترك أنظار الناظرين، و في موقف الحكم بين طوائف المفسرين، و في استخراج معاني الكتاب العزيز، و ما حواه من المسائل التي لم يذكرها المفسرون.

و كان ممن استخدم العقل في فهم آيات القرآن.

______________________________

(1) انظر ترجمته التفسير العلمي للقرآن في الميزان لأبي حجر/ 263؛ و معجم المفسرين لنويهض، ج 2/ 541.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 242

قال المؤلف في بيان غرضه من تأليفه:

«أمّا بعد فقد كانت أمنيتى منذ أمد بعيد، تفسير الكتاب المجيد، الجامع لمصالح الدنيا و الدين، و موثق شديد العرى من الحق المتين، و الحاوي لكليات العلوم و معاقد استنباطها، و الآخذ قوس البلاغة من محل نياطها، طمعا في بيان نكت من العلم و كليات من التشريع، و تفاصيل من مكارم الأخلاق، كان يلوح انموذج من جميعها في خلال تدبّره، أو مطالعة كلام مفسّره» «1».

قد ابتدأ بتقديم مقدمات تكون عونا للباحث في التفسير نذكر عناوينها من جهة أهميتها:

1- في التفسير و التأويل و كون التفسير علما، في استمداد علم التفسير و توقفه على معلومات سابقة.

2- في صحة التفسير بغير المأثور و معنى التفسير بالرأي و لو كان التفسير مقصورا على بيان معاني مفردات القرآن من الناحية العربية، لكان التفسير نزرا يسيرا، و نحن نشاهد كثرة أقوال السلف من الصحابة، ممن يليهم، في تفسير آيات القرآن و ما أكثر الاستنباط برأيهم و علمهم، و إنّما المراد من التحذير من التفسير بالرأى وجوها.

3- فيما يحق أن يكون

غرض المفسر.

4- في اسباب النزول.

5- في القراءات و مراتبها الصحيحة و الترجيح بينها.

6- قصص القرآن.

7- في اسم القرآن و آياته و سوره و ترتيبها و أسمائها.

8- و في آيات القرآن و معناها و تحديد مقاديرها، و ترتيب الآيات بعضها عقيب بعض و مسألة توقيفية ترتيبها.

9- معني السّورة و توقيفيتها و أنّ تسوير القرآن من السنة في زمن النبي (ص).

______________________________

(1) التحرير و التنوير، ج 1/ 1.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 243

10- في أنّ المعاني التي تتحمّلها جمل القرآن، تعتبر مرادة بها، و كان حقيقيا بأن يودع فيه من المعاني و المقاصد أكثر ما تحتمله الألفاظ في أقل ما يمكن من المقدار.

11- في إعجاز القرآن و مبتكرات القرآن التي تميّز بها نظمه عن بقية كلام العرب.

و إنّما ذكرنا فهرست عناوين المقدمة بطوله لأهميته و احتوائه على نكات لم يسبق بمثلها.

منهجه:

و كان طريقته في شروع التفسير، أن يبدأ باسم السّورة و فضلها و فضل قراءتها، و ترتيب نزولها، و تعيين سورة قبلها و بعدها، و بيان أغراض السّورة، و عدد آياتها، ثم ذكر محتويات السّورة، ثم يبدأ بتفسير الآية منتخبا جملة منها فيفسرها قطعة قطعة.

اهتمّ المفسر في تفسيره ببيان وجوه الإعجاز و نكت البلاغة العربية، و أساليب الاستعمال، و بيان تناسب اتصال الآيات بعضها ببعض، و هو منحى جليل قد عني به الفخر الرازي و برهان الدين البقاعي في كتابه المسمّى ب «نظم الدرر في تناسب الآيات و السّور»، إلّا أنهما لم يأتيا في كثير من الآي بما فيه مقنع، و مفسرنا جاء بما لم يسبق مثله، فقال في ذلك:

«لم أغادر سورة إلّا بيّنت ما أحيط به من أغراضها، لئلا يكون الناظر في تفسير القرآن مقصورا

على بيان مفرداته و معاني جمله، كأنّها فقر متفرقة، تصرفه عن روعة انسجامه و تحجب عنه روائع جماله و اهتممت بتبين معاني المفردات في اللغة العربية بضبط و تحقيق مما خلت عن ضبط كثير منه قواميس اللغة» «1» يتناول التفسير من أساليب الاستعمال الفصيح ما تصبوا إليه النحارير، بحيث ساوى هذا التفسير على اختصاره و مطولات القماطير.

لا يجمد على التفاسير بالمأثور، و لم يقتصر بسعة معاني القرآن و ينابيع ما

______________________________

(1) نفس المصدر/ 4.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 244

يستنبط من علومه بما آثر عن الصحابة و التابعين، مع أنه ملتزم بالرأي مع الإحاطة بجوانب الآية، و العلم بمواد التفسير.

قد تأثر كثيرا في المباحث الأدبية بتفسير الكشاف، و المحرر الوجيز، و مفاتيح الغيب، و روح المعاني للزمخشري، و ابن عطية، و الفخر الرازي، و الآلوسي. و إن نقل من غير هؤلاء المفسرين.

و قد يرى في كلماته- في مقدمة تفسيره (في المقدمة الرابعة)-: أنّه من العلماء الذين لا يرون مانعا من الاستفادة بما أثبته العلم في إيضاح حقائق القرآن، و كل ما كان من الحقيقة في علم من العلوم، و كان النص القرآني له تعلّق به، فالحقيقة العلمية مرادة سواء فهمت من النص أم لم تفهم. و قد وضع لذلك قيودا حتى لا يصير الأمر مفتوحا لكل ما يسمى علما.

كما يرى أنّ من وجوه الإعجاز في القرآن اشتماله على الحقائق العقلية و العلمية، و حتى لا يرد عليه أنّ الإعجاز بالتحدي، و أنّه ثابت لكل سورة من سور القرآن، صرّح بأنّ هذا الوجه من الإعجاز حاصل من القرآن، و غير حاصل به التحدي صراحة، كما أنّه ثابت للقرآن بمجموعه لا بجميعه، و تطبيقا لهذا نراه في تفسيره

يذكر رأي علماء الهيئة، و قد يعترض عليهم و يرد قولهم.

و أمّا اهتمامه بالأحكام الفقهية، فإنّه متعرض للأحكام الفقهية فيما اذا تعلقت الآية بالأحكام من دون توسع فيها مع حرية كاملة و اجتهاد و دراية فمثلا عند تفسير قوله تعالى في: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ «1» قال في حكم السحر «و قد حذّر الاسلام من عمل السحر و ذمّه في مواضع، و ليس ذلك بمقتضى اثبات حقيقة وجودية للسحر على الاطلاق، و لكنه تحذير من فساد العقائد و خلع قيود الديانة و من سخيف الأخلاق. و قد اختلف علماء الاسلام في إثبات حقيقة السحر و إنكارها، و هو اختلاف في الأحوال فيما أراه، فكل فريق نظر الى صنف من

______________________________

(1) البقرة/ 102.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 245

أصناف ما يدعى بالسحر. و حكى عياض في «اكمال العلم» أنّ جمهور أهل السنة ذهبوا الى اثبات حقيقته.

قلت: و ليس في كلامهم وصف كيفية السحر الذي أثبتوا حقيقته، فإنّما أثبتوه على الجملة ... و المسألة بحذافيرها من مسائل الفروع الفقهية تدخل في عقاب المرتدين. و لا تدخل في أصول الدين» «1» و من خصائص هذا التفسير اعتماده على العقل بارشاد من الشرع و الاستعانة به في فهم الشرع، و لهذا نراه كثيرا ما ينقل العقائد و الآراء و وجوهه في التفسير، مع نقدها نقدا استدلاليا عقليا، و نموذج على ذلك، كلامه في السحر و ما يقال فيه، و ما ذكره في قصة هاروت و ماروت، و الأخبار الإسرائيلية الأخرى التي اعتاد بعض المفسّرين من ذكرها، فإنّه قال في ذلك:

«و لأهل القصص هنا قصة خرافية من موضوعات اليهود في خرافاتهم الحديثة اعتاد بعض المفسرين ذكرها منهم ابن عطية و البيضاوي، و

أشار المحققون مثل البيضاوي و الفخر و ابن كثير و القرطبى و ابن عرفة الى كذبها و أنها من مرويات كعب الأحبار، و قد و هم فيها بعض المتساهلين في الحديث، فنسبوا روايتها عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أو عن بعض الصحابة بأسانيد واهية. و العجب للامام أحمد ابن حنبل رحمه اللّه تعالى، كيف أخرجها مسندة للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و لعلها مدسوسة على الامام أحمد، أو أنّه غرّه فيها ظاهر حال رواتها، مع أنّ فيهم موسى بن جبير و هو متكلم فيه، و اعتذر عبد الحكيم بأنّ الرواية صحيحة، إلّا أنّ المروي راجع الى أخبار اليهود، فهو باطل في نفسه و رواته صادقون فيما رووا و هذا عذر قبيح ...» «2»

و أمّا بالنسبة الى موقفه الكلامي، فإنّه ينهج منهج الأشاعرة من أهل السنة، مع أنّه مقل في ذكر الأقوال و بسطها، و يعتقد أنّه ليست من غرض التفسير بيانها

______________________________

(1) التحرير و التنوير، ج 1/ 637.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 631 و 642.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 246

و التعرض لإعمال الظاهر أو تأويلها، فعلى نموذج من ذلك نقلنا كلامه في بيان رؤية اللّه في الآخرة بعد ما قال في تفسير قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «1»: إنّ عظمة اللّه جلّ عن أن يحيط بها شى ء من أبصار المخلوقين التي هي أجسام محدودة محصورة متحيزة، فكونها مدركة بالأبصار من سمات المحدثات لا يليق بالإلهية:

«و الخلاف في رؤية اللّه في الآخرة شائع بين طوائف المتكلمين، فأثبته جمهور أهل السنة، لكثرة ظواهر الأدلّة من الكتاب و السنة، مع اتفاقهم على أنّها رؤية تخالف الرّؤية المتعارفة ... و أمّا المعتزلة

فقد أحالوا رؤية اللّه في الآخرة، لاستلزامها الانحياز في الجهة، و قد اتفقنا جميعا على التنزيه عن المقابلة و الجهة، كما اتفقنا على جواز الانكشاف العلمي التام للمؤمنين في الآخرة لحقيقة الحق تعالى و على امتناع ارتسام صورة المرئى في العين، أو اتصال الشعاع الخارج من العين بالمرئي تعالى، لأنّ أحوال الأبصار في الآخرة غير الأحوال المتعارفة في الدنيا.

و قد تكلّم أصحابنا بأدلة الجواز و بادلة الوقوع، و هذا مما يجب الايمان به مجملا على التحقيق» «2» و الخلاصة: إنّ تفسيره تحليلي، ادبي، اجتماعي، اهتم بتبيين معاني المفردات في اللغة العربية بضبط و تحقيق مما خلت من ضبط كثير منه قواميس اللغة، جمع بين منهج السلف و الخلف، مبسط في تفسيره، و هو من التفاسير التي تبقى في الأجيال و يستفيد منه الباحثون. «3»

______________________________

(1) الانعام/ 103.

(2) التحرير و التنوير، ج 7/ 415.

(3) انظر حول التفسير و منهجه: التفسير العلمي للقرآن في الميزان لأبي حجر/ 263؛ و الامام محمد عبده و منهجه في التفسير لعبد الغفار عبد الرحيم/ 354، و المفسرون بين التأويل و الاثبات للمغراوي، ج 2/ 355، و النحو و كتب التفسير لرفيدة، ج 2/ 1026.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 247

28- التسهيل لعلوم التنزيل

اشارة

العنوان المعروف: التسهيل لعلوم التنزيل.

المؤلف: ابو القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن جزى الكلبي الغرناطي.

ولادته: ولد في سنة 693 ه- 1293 م، و توفي في سنة 741 ه- 1340 م.

مذهب المؤلف: المالكي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: بعد 735 ه.

عدد المجلدات: 2.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، مصر، المكتبة التجارية الكبرى، سنة 1355 ه، الحجم 28 سم.

الطبعة الثانية، بيروت، دار الكتاب العربي، 1393 ه- 1972 م، اربعة اجزاء في مجلد كبير.

الطبعة الثالثة، القاهرة، دار الكتب

الحديثة، تحقيق عبد المنعم اليونسي و إبراهيم عطوة عوض، سنة 1973 م، الحجم 30 سم.

حياة المؤلف:

هو ابو القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن جزي، الكلبي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 248

الغرناطي، كان من مشاهير العلماء بغرناطة و على طريقة مثلى من العكوف على العلم و الاشتغال بالنظر و التقييد و التدوين. و ايضا من المجاهدين المحاربين. المفسرون حياتهم و منهجهم 248 حياة المؤلف: ..... ص : 247

د سنة 693 ه بغرناطة عاصمة الاندلس، و درس فيها و اشتغل بالفقه و التفسير و جمع بينهما و كثير من الفنون.

و قد ألف كتبا كثيرة في فنون شتى من علوم القرآن، و الفقه، و الاصول و التفسير و الحديث. قرأ ابن جزى على الأستاذ ابي جعفر بن الزبير، و أخذ عنه العربية و الفقه و الحديث و القرآن، و لازم الخطيب أبا عبد اللّه بن رشيد، و من المشايخ الآخرين الذين تلقى العلم عنهم كانوا رجالا مؤثرين في الحياة الأندلسية و المغربية، و علماء عاملين.

مات شهيدا في جمادى الاولى سنة 741 ه، في معركة «طريف» بالقرب من جبل طارق. «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- التسهيل لعلوم التنزيل.

2- اصول القرّاء الستة غير نافع.

3- المختصر البارع في قراءة نافع.

4- القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية، و التنبيه على مذهب الشافعية و الحنفية و الحنبلية (فقه مقارن) (مطبوع).

5- الأنوار السنية في الالفاظ السنية (مخطوط).

6- تقريب الوصول الى علم الاصول.

7- الفوائد العامة في لحن العامة.

8- الدعوات و الأذكار المخرجة من صحيح الاخبار «2».

______________________________

(1) ابن جزى و منهجه في التفسير ج 1/ 139- 184.

(2) نفس المصدر/ 218.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 249

تعريف عام

كان التفسير موجزا شاملا لجميع القرآن، يميل الى مذهب السلف من اهل السنة و الجماعة في العقيدة، و طرح آراء المذاهب الاربعة في المسائل الفقهية، و العناية بسوق الفوائد العامة في نظم القرآن.

و كان يقصد ايضاح المشكلات و بيان المجملات، و التمييز بين بعض اقوال المفسرين. قال ابن جزى في مقدمة تفسيره:

«و صنّفت هذا الكتاب في تفسير القرآن العظيم و سائر ما يتعلق به من العلوم، و سلكت سلكا نافعا، اذ جعلته وجيزا جامعا قصدت به اربعة مقاصد، تتضمن اربعة فوائد:

1- جمع كثير من العلم في كتاب صغير الحجم ... اودعته من فن من فنون علم القرآن اللباب المرغوب فيه، دون القشر المرغوب عنه.

2- ذكر نكت عجيبة و فوائد غريبة، قلّما توجد في كتاب.

3- ايضاح المشكلات ... و بيان المجملات.

4- تحقيق اقوال المفسرين السقيم منها و الصحيح، و تمييز الراجح من المرجوح» «1» قد ذكر المفسر مقدمات في علوم القرآن في اثنى عشر بابا، منها:

في نزول القرآن، السور المكية و المدنية، المعاني و العلوم التي تضمّنها القرآن، في فنون العلم التي تتعلّق بالقرآن، اسباب الخلاف بين المفسرين، في ذكر المفسرين و جوامع القراءة، في الفصاحة و البلاغة و ادوات البيان.

و هي تشبه الى حد كبير بمقدمة تفسير «المحرر الوجيز» لابن عطية.

و قد اعتمد في تفسيره اعتمادا كبيرا على تفسير ابن عطية «المحرر الوجيز» و تفسير الزمخشري «الكشاف». و نقل عن اعلام المفسرين و اللغويين «2»

______________________________

(1) التسهيل لعلوم التنزيل ج 1/ 3.

(2) ابن جزي و منهجه في التفسير لعلى محمد الزبيري ج 1/ 269.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 250

منهجه

كانت طريقة ترتيب تفسيره حسب ترتيب سور المصحف، فيورد جزءا من الآية، فيفسر أهم الجمل فيها مع توضيح مفرداتها، تاركا الواضح منها دون تفسير، و قد يترك في تفسيره الآية، و الآيتين، بدون تفسير، و ذلك إما لانّه قد فسر آية او آيات شبيهة بها، او لأنّها من الوضوح بحيث لا تحتاج الى تفسير، ثم ينقل الاقوال مع الاختصار و يذكر سبب النزول- ان كان لها سبب للنزول- و بيان المناسبات و القراءات و الاعراب و الاشتقاق و نقل الاحكام المتعلقة بالآيات من دون رعاية دقيقة لترتيب هذه الامور.

و قد جمع في تفسيره بين المأثور و الاجتهاد الخاص بحسب ما تقتضيه قواعد اللغة و النحو و سائر ادوات العلوم الاسلامية، و إن كان يغلب جانب الرواية و الأثر على الاجتهاد الشخصي «1» و كان يذكر اقوال التابعين في التفسير من دون أن ينسبها الى اصحابها، و الاكتفاء بعبارة: «قيل» و «روي» و امثالهما، و قد اعترف في خطبة تفسيره و استدل على ذلك و قال:

«إنني لست أنسب الأقوال الى اصحابها إلّا قليلا، و ذلك لقلة صحة إسنادها اليهم، أو لاختلاف الناقلين في نسبتها اليهم» «2» و لقد تعرض ابن جزي للإسرائيليات في تفسيره، و للقصص بصفة عامة، و ان كانت له وقفات محمودة، اذ نقد

بعض المفسرين الذين اكثروا من ذكر الإسرائيليات و حشد القصص الصحيح منها و غير الصحيح، و نبّه إلى انهم قد ذكروا ما لا يجوز ذكره مما فيه تقصير بمنصب الانبياء عليهم السلام، و حكموا ما يجب تنزيههم عنه.

______________________________

(1) نفس المصدر/ 356.

(2) التسهيل ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 251

و لكن كانت له بعض الهفوات التي تؤخذ عليه، من جهة الاكثار في ذكر هذه القصص، و ذكر بعض الإسرائيليات التي تخدش في عصمة الأنبياء، و ايضا اورد روايات تفتقر الى الصحة، فخالف ما ألزم به نفسه من أنه لا يورد من الروايات الّا ما كان صحيحا «1» و اما موقفه بالنسبة الى التصوف، فانّه يرى للتصوّف صلة بالقرآن، و من هنا فهو يقرر في الأصل، و من حيث المبدأ الأخذ بالتفسير الصوفي، لأن القرآن تناول موضوعات التصوف اذ يقول:

«و اما التصوف فله تعلق بالقرآن لما ورد في القرآن من المعارف الإلهية، و رياضة النفوس، و تنوير القلوب و تطهيرها باكتساب الأخلاق الحميدة، و اجتناب الأخلاق الذميمة» «2»

دراسات حول التفسير

1- ابن جزي و منهجه في التفسير. على محمد الزبيري. دمشق، دار القلم، الطبعة الاولى، 1407 ه- 1987 م، في مجلدين، 24 سم.

2- الامام ابن جزي الكلبي و جهوده في التفسير من خلال التسهيل لعلوم التنزيل. عبد الحميد محمد ندا. القاهرة المطبوع بالآلة الكاتبة، رسالة ماجستير، سنة 1400 ه، جامعة الازهر، كليّة اللغة العربية، 300 ص (الاستاذ المناقش محمد سيد طنطاوي) «3» «4»

______________________________

(1) لتفصيل ما ذكره من القصص انظر: ابن جزي و منهجه في التفسير ج 1/ 477.

(2) نفس المصدر ج 2/ 606.

(3) ابن جزي و منهجه في التفسير ج 1/ 19.

(4) انظر: مناهج المفسرين لمنيع عبد

الحليم محمود/ 209؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 124؛ و مدرسة التفسير في الاندلس لمصطفى المشينى/ 102.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 252

29- التفسيرات الاحمدية

اشارة

العنوان المعروف: التفسيرات الاحمدية في آيات الاحكام.

المؤلف: أحمد بن ابي سعيد المدعو بملا جيون.

ولادته: ولد في سنة 1047 ه- 1637 م، و توفي في سنة 1130 ه- 1717 م.

مذهب المؤلف: الحنفي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1069 ه.

عدد المجلدات: مجلد كبير.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، بمباي، مطبعة القاضي عبد الكريم كريمي (الكريمية)، بتصحيح المولى غلام أحمد صاحب التليائي، سنة 1327 ه، مع حواشي مولى رحيم بخش.

الطبعة الثانية، افغانستان، قندهار، دار الاشاعة العربية؛ 744 صفحة، الحجم 28 سم.

حياة المؤلف:

هو الشيخ أحمد بن ابي سعيد بن عبد اللّه بن عبد الرزاق المعروف بملا جيون الحنفي.

كان من العلماء و الشيوخ و اساتذة الحنفية في بمباي من بلاد الهند.

ولد سنة 1047 ه في «اميتهي» من قرى بمباي، حفظ القرآن كله و كان سنه سبع

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 253

سنين ثم درس العلوم الدينية، و اكمل الفنون الشرعية، الى أن بلغ سنه ست عشرة، و شرع في قراءة اصول الشيخ الحسّام، و تأليف كتاب التفسيرات الاحمدية، و حين بلوغه احدى و عشرين ختم هذا الكتاب، مع أنّه قد الّف قبله كتاب شرح مطالع الانوار.

توفي ملاجيون سنة 1130 ه «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- شرح مطالع الانوار.

2- التفسيرات الاحمدية في آيات الاحكام.

تعريف عام

يعدّ هذا التفسير من كتب التفسير الفقهية عند الحنفية، بالمقارنة مع سائر المذاهب الاربعة على اساس ترتيب السور و الآيات، غير مبوب بابواب الفقه، بل تعرض لعدد من الآيات التي لها تعلق بالاحكام، التي لا تتجاوز عنده مائة و خمسين آية.

كان التفسير موجزا مختصرا تعرض للمسائل الخلافية بين اهل السنة و الشيعة كمسألة الوضوء، و المتعة، و مسائل اخر.

قد ابتدأ قبل شروع التفسير بمقدمة في بيان سبب تأليفه و منهجه الذي تعقب في تفسيره فقال:

«و قد كنت قديما أسمع من افواه الرجال الكرام، أن الإمام الغزالي الذي هو من أجلّة علماء الاسلام، قد جمع آيات الأحكام بحسب الطاقة و الامكان حتى بلغت خمسمائة بلا زيادة و نقصان، و كنت على ذلك برهة من الزمان و مدة من الأكوان، حتى وقفت على كتب الاصول للعلماء الفحول، ذكروا فيها تلك القصة البديعة و اوردوا هناك هذه الحكاية العجيبة، فلما زدت ايمانا و كملّت ايقانا، طفقت أتفحص

______________________________

(1) انظر مقدمة المؤلف في التفسيرات الاحمدية/ 8.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 254

تلك الآيات و اتجسسها في العقدة و القيامات، فلم أجد عليها ظفرا، و لم اقف منها اثرا، فامرت بلسان الإلهام، لا كوهم من الأوهام، أن استنبطها بعون اللّه تعالى و توفيقه، و استخرجها بهداية طريقة، فأخذت أجمع الآيات التي استنبطت عنها الأحكام الفقهية، و القواعد الأصولية، و المسائل الكلامية، بالترتيب القرآنية، ثم فسرتها بأحسن وجه من التفسير، و شرحتها باكمل جهة من التحرير، أخذا من الكتب المتداولة لفحول العلماء، و الزبر المتعارفة بين الأئمة و الصلحاء، و ما ذلك من فن و شعب، بل من فنون مختلفة و شعب كثيرة»

«1» ثم ذكر بعد ذلك الكتب التي اعتمد عليها، مثل: «أنوار التنزيل» للبيضاوى و «مدارك التأويل» للنسفى و «الكشاف» للزمخشري و «الاتقان» للسيوطي و تفسير الشيخ ظهير الشريعة الغوري، و الواعظ الكاشفي حيث قال:

«و ضممت اليها من الأبحاث الشريفة، و النكت اللطيفة ما لم اظفر في كلامهم بالتصريح بها، و لم اجد الاشارة اليها. و اخترت الآيات ما تكون المسائل فيها صريحة، او اشير اليها إشارة قريبة؛ اذ آيات القصص و الامثال و ان كان بالاعتبار فيها من صفة الرجال، لكن لا يمكن ذلك إلّا باستيفاء التفسير لأكثر القرآن، و قد ضاقت عليه فرصة البيان، و لعل ما قاله الغزالي راجع الى هذه المثابة، و إلّا فما صرح به صاحب الإتقان من قول البعض ليس بتلك الطريقة، و هو انّ المصرحة فيها المسائل مائة و خمسون، «فذرهم في خوضهم يلعبون» «2»

منهجه

كانت طريقته ان يذكر عنوان المسألة و الحكم الذي يمكن ان يستنبط من الآية، ثم يذكر تمام الآية التي فيها تعلق بالاحكام، ثم يورد الاقوال في المسألة من دون أن

______________________________

(1) التفسيرات الاحمدية/ 7.

(2) نفس المصدر/ 8.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 255

يذكر تفسيرها، و يختار من الأقوال ما كان يتعلق بالمذهب الحنفي، مع بيان ادلة الترجيح و نقض دليل المخالف.

و اعتمد في تفسيره، على الاخبار المأثورة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و الصحابة، و قد تعرض للمسائل الخلافية التي كانت بين اهل السنة و المعتزلة، كالرؤية و ان مرتكب الكبيرة لا يخرج من الايمان، و اطاعة اولي الامر واجبة و ان كان فاسقا، و الإمام لا ينعزل بالفسق، و غيرها من المسائل الكلامية التي فيها لون من الأحكام الفقهية «1» و من

المباحث الخلافية التي تعرض لها مسألة الامامة التي هي من المسائل الخلافية الكلامية بين اهل السنة و الشيعة و تفسير آية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا «2» حيث قال:

«قال اكثر المفسرين لمّا ذكر اللّه اولا النهي عن موالاة من يجب معاداتهم في قوله تعالى: لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصارى أَوْلِياءَ «3» ذكر عقيبه من يجب موالاتهم في قوله تعالى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ. و انما قال: وَلِيُّكُمُ و لم يقل اولياءكم، مع ان المذكور ثلاثة للتنبيه على ان الولاية للّه على الأصالة و لرسوله و للمؤمنين على التبع ...

و استدل بها الشيعة على امامة علي، فزاعمين أن المراد بالولي، المتولي للامور و المستحق للتصرف فيهم، و الظاهر ما ذكرناه، مع أن حمل الجمع على الواحد ايضا خلاف الظاهر، و ان صح انه نزل فيه» «4» و اجيب عن هذا الاشكال، بان لزوم اطلاق الجمع و إرادة الواحد في قوله:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا فرق بين اطلاق لفظ الجمع و إرادة الواحد و استعماله فيه، و بين

______________________________

(1) نفس المصدر/ 51، و 289، 291.

(2) سورة المائدة/ 55.

(3) سورة المائدة/ 51.

(4) تفسيرات الاحمدية/ 359.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 256

إعطاء حكم كلي او الإخبار بمعرف جمعى في لفظ الجمع لينطبق على من يصح ان ينطبق عليه، ثم لا يكون المصداق الذى يصح أن ينطبق عليه إلّا فردا واحدا، و اللغة تأبى عن قبول الاول، دون الثانى على شيوعه فى الاستعمالات.

و ليت شعرى ما ذا يقولون فى مثل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ «1» و قد صح ان المراد به حاطب بن ابى بلتعة في مكاتبته قريشا،

و قوله تعالى: يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ «2»، و قد صح ان القائل به عبد الله بن أبي بن سلول؟

و قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ «3» و السائل عنه واحد، الى غير ذلك من الموارد الكثيرة.

مضافا الى أنّ جل الناقلين لهذه الأخبار هم صحابة النبي (ص) و التابعون المتصلون بهم زمانا و هم من زمرة العرب العرباء، الذين لم تفسد لغتهم و لم تختلط ألسنتهم، و لو كان هذا النحو من الاستعمال لا تبيحه اللغة، و لا يعهده اهلها لم تقبله طباعهم، و لكانوا احق باستشكاله و الاعتراض عليه «4» و تعرض للاخبار الإسرائيلية و انكر منها ما كان يعارض عصمة الملائكة و الانبياء، فمثلا عند نقل قصة داود عليه السلام و امرأة اوريا، نقل هذه القصة اجمالا و عاتب من نقلها لانها تتنافى مع عصمة الانبياء «5» و الخلاصة: ان التفسيرات الأحمدية من التفاسير الموجزة الذي يعتني فيه بالرد على الفرق و المذاهب الاخرى، و مع اعتماده الشديد على المذهب الحنفي.

______________________________

(1) الممتحنة/ 1

(2) المنافقون/ 8

(3) البقرة/ 215

(4) انظر تفصيل هذا البحث و الاستدلال له: الميزان، ج 6/ 9.

(5) نفس المصدر/ 643.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 257

30- تفسير الاثني عشري

اشارة

العنوان المعروف: تفسير الاثني عشري.

المؤلف: حسين بن أحمد الحسيني الشاه عبد العظيمي.

ولادته: ولد في سنة 1318 ه- 1900 م، و توفي في سنة 1384 ه- 1966 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: الفارسية.

تاريخ التأليف: 1376 ه- 1380 ه.

عدد المجلدات: 14.

طبعات الكتاب: طهران، انتشارات ميقات، سنة 1404 ه، الحجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو حسين بن أحمد الحسيني الشاه عبد العظيمي، من العلماء و الفقهاء الإماميين. ولد سنة 1318 ه، بمدينة «ري»- بقرب طهران-.

و الشاه عبد العظيمي نسبة الى مزار السيد عبد العظيم الحسني من أحفاد الامام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام. و هذا غير السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي صاحب تفسير: «منتخب التفاسير»، المذكور في «الذريعة الى تصانيف الشيعة».

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 258

درس مقدمات العلوم الدينية ثم رحل سنة 1349 ه الى قم و اكمل دروسه و استفاد من الشيخ عبد الكريم الحائري و العلامة السيد محمد الحجة، ثم عاد الى مدينة ري و اشتغل بالوعظ و الخطابة و تفسير القرآن.

توفي سنة 1384 ه فجأة عند ما كان مشغولا بالوعظ في المسجد في ري. «1»

تعريف عام:

تفسير فارسي من تفاسير الإمامية الاثني عشرية، قد الفه المؤلف ليستفيد منه من لا يتمكن من الرجوع الى التفاسير العربية. و هو تفسير كامل و شامل، جمع بين الخبر و اللغة، و لكن الخبر فيه اقوى.

ابتدأ بمقدمة في تعريف التفسير، و الفرق بينه و بين التأويل، و فائدة علم التفسير، و فضل القرآن و من يحمل علومه، و منع تفسير القرآن بالرأي، و بين سبب نزول القرآن، و كيفية نزوله و اعجازه و اسمائه و عدد آياته، و فضل قراءة القرآن و ثوابها و آدابها و عدم تحريف القرآن، و كلام في القراءات السبعة.

اعتمد المفسر على عدة تفاسير منها: التبيان و مجمع البيان و البرهان و نور الثقلين و الصافي و منهج الصادقين، و من كتب الحديث على: الكافي للكليني و نهج البلاغة للامام علي بن أبي طالب، و بحار الانوار للمجلسى و غيرها من مصادر

الإمامية.

منهجه

كان منهجه ان يبدأ بذكر السورة باسمها، و يذكر ما كان لها من اسماء ان كان لها اكثر من اسم، مع ترجيح لما نقل عن طريق اهل البيت عليهم السلام، و بعد ذلك

______________________________

(1) آينه دانشوران (مرآة العلماء)/ 515.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 259

يذكر عدد آياتها و فضلها و فضل قراءتها، و لا يترك آية إلّا و ذكر ما روي في تفسيرها عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و اهل بيته عليهم السلام.

و لا يذكر سند الرواية و لا مصدر نقلها، و لا يشير الى صحتها او ضعفها، اذا كان مفادها الكلي لا يتنافى مع العقائد.

ثم يدخل المؤلف في تفسير الآية بشكل تحليلي في معنى الآية من دون أن يتعرض للبحث اللغوي أو وجوه القراءات، و لكنه يهتمّ في جانب آخر و هو الوعي و التدبّر في دعوة القرآن و التنبيه الى الهداية.

و كذلك، فإنّه يذكر أسباب النزول و الاقوال المنقولة عن الصحابة و التابعين من دون نقد او ترجيح.

و كانت طريقته في التفسير، بيان العقائد و المباحث الكلامية من دون تعرض الى اختلافها و الوجوه التي تتحملها الآية.

و كان موقف الشاه عبد العظيمي في جميع المباحث، موقف الشيعة الاثنى عشرية في الامامة و العصمة و صفات الباري، و الجبر و الاختيار و الرؤية و غير ذلك من المباحث، إلّا انه لم يخرج من تفسير الآية، و يكتفي ببيان معنى الآية و الاستشهاد بما روي عن الائمة الاثني عشر «1».

و يذكر المفسر ايضا الاحكام الفقهية، و يتعرض لما تتعلّق بها الآية، من دون توسع فيها، و لا يدخل في البحوث الفقهية و استدلالاتها، بل يكتفي بتفسير الآية و ذكر سبب نزولها و ما

روي عن ائمة اهل البيت في الحكم الفقهي للآية.

و اما موقفه بالنسبة الى الإسرائيليات، فإنّه يجتنب نقلها، بل كان شديدا على من نقل مثل هذه الاخبار التي تتنافى مع عصمة الانبياء و الملائكة، و كذا بالنسبة الى الموضوعات و ما دسّ في الأخبار، فإنّه ينقدها، ثم يثبت ما كان حقا ثابتا

______________________________

(1) و على سبيل المثال: انظر بحث في امتناع رؤية اللّه: تفسير اثنى عشري ج 3/ 346.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 260

في نظره، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ «1»، ذكر ما روي عن ابن عباس و السدي و الكلبي إشارة، و طعن من نقل هذه القصص و الحكايات التي تنافي عصمة الملائكة، و استشهد لعصمة الملائكة بما روى عن ائمة اهل البيت عليهم السلام «2».

و الخلاصة: ان التفسير تفسير يناسب عامة الناس، يحوي شرحا مجملا و موجزا عن دعوة القرآن الى هداية البشرية، و يشتمل على عناوين مستقلة للآيات، يستخرج منها بعد تفسيرها مواضيع، و في ذيل كل موضوع يوجد عنوان: «تنبيه»، ثم يستخرج من مدلول الآية مباحث تفيد القاري، و من هذه الجهة يكون التفسير تحليليا تربويا.

______________________________

(1) سورة البقرة/ 102.

(2) تفسير الاثنا عشري ج 1/ 217.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 261

31- تفسير راهنما (المرشد)

اشارة

العنوان المعروف: تفسير راهنما «المرشد».

المؤلف: اكبر الهاشمي الرفسنجاني، و جمع من المحققين في مركز الثقافة و المعارف القرآنية.

ولادته: ولد في سنة 1355 ه- 1934 م، 1313 الهجري الشمسي.

مذهب المؤلفين: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: الفارسية.

تاريخ التأليف: 1396 ه الى 1411 ه.

عدد المجلدات: 15.

طبعات الكتاب: ايران، قم، دار الاعلام الاسلامي و مركز الثقافة و المعارف القرآنية، الطبعة الاولى، سنة 1413 ه، حجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو الشيخ اكبر بن علي الهاشمي الرفسنجاني رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية، ولد في سنة (1313 ش) في قرية نائية من قرى مدينة رفسنجان، و كان والده رجل دين و فلاح يبذل جهده ليوفر احتياجات عائلته، و بما ان أباه قد درس العلوم الدينية بصورة مبسطة و كان له علم بالقرآن و المعارف الاسلامية، لهذا اصبحت

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 262

عائلة الهاشمي مرجعا في المسائل الدينية لأهالي تلك المنطقة.

قد بدأ الشيخ دروسه في سن الخامسة عند رجل ديني في أحد الكتاتيب، و عند ما بلغ التاسعة من عمره كان يساعد والده في اعمال الزراعة بالاضافة الى الدراسة، ثم رحل في سنة 1948 م الى قم لمتابعة دراسته للعلوم الدينية بتعليم دروس فروع الآداب و دروس السطح على نفس طريقة الحوزة، ثم تابع الدراسة على مستوى الخارج عند الاساتذة المعروفين في حوزة قم العلمية في ذلك الوقت و خاصة سماحة الامام الخميني، آية اللّه البروجردي، العلامة الطباطبائي، و آية اللّه المنتظري.

في سنة (1336 ش) 1975 م قام بالتعاون مع الشيخ باهنر رئيس وزراء ايران الشهيد و عدد من اصدقائه بتأسيس دار نشر بعنوان: «مذهب التشيع» التي اصدرت سبع نشرات سنوية.

و لقد اعتقل مرات عديدة و في آخرها سنة (1354 ش) 1975 م اعتقل للقيام بجهود

فعالة، و قد أمضى ثلاث سنوات في السجن متحملا التعذيب فيها حتى أطلق سراحه ببركة نضال الشعب المسلم في ايران قبل ثلاثة اشهر من انتصار الثورة الاسلامية «1».

آثاره و مؤلفاته:

1- سرگذشت فلسطين (تاريخ فلسطين او صحيفة الاستعمار السوداء). ترجمه من العربية من تأليف اكرم زعيتر.

2- امير كبير قهرمان مبارزه با استعمار (امير كبير بطل النضال ضد الاستعمار) بالفارسية.

3- جهان در عصر بعثت (العالم في عصر البعثة) بالفارسية.

4- تفسير راهنما، عمل جماعي مع جمع من المحققين في مركز الثقافة و المعارف القرآنية.

______________________________

(1) استندنا في كتابة حياة المؤلف على كتيب صغيرة من مكتب رئاسة الجمهورية الاسلامية الايرانية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 263

تعريف عام

يعتبر التفسير منهج جديد في عرض مفاهيم و موضوعات القرآن و مشروع رؤية جديدة لدائرة المعارف القرآنية.

و هذا التفسير هو بالأساس بذرة ولدت في المعتقل و اكتمل المشروع بشكله الاول هناك، قبل أن تتكامل صيغته الاخيرة في الحلية و المضمون. أخذنا بيان مراحل عمله من مقدمة التفسير:

حرّر الشيخ الرفسنجاني طول مدة سجنه- مع ندرة المصادر- دورة كاملة لآيات القرآن وفق الطرح الذي اختاره، و كانت الحصيلة اثنين و عشرين دفترا كبيرا. و يبدو ان هذه الدفاتر لم تأت على مستوى واحد، بل طوت مسيرتها التكاملية. ثم اخذها مركز الثقافة و المعارف القرآنية بغية إكمالها في الحلية و المضمون.

قال الرفسنجاني في المقدمة الاولى من التفسير لبيان دوافعه لتأليف الكتاب:

«ها أنا الحظ في الافق اقتراب تجسيد آمالي القديمة عبر إطلالة الجزء الاول من التفسير الترتيبي للقرآن الى عالم النشر. إنها آمال قديمة، ذلك إنها تجذرت في فكري و روحي منذ بداية دراستي للعلوم الاسلامية ... يحصل احيانا ان نضطر إلى مراجعة القرآن باكمله بغية استيضاح وجهة نظرة بشأن موضوع خاص، و لا بد أن تتكرر هذه المراجعة حينما يراد استخلاص النظرية القرآنية بصدد موضوع آخر.

و من ثم يتطلب البحث في كل موضوع فرصة طويلة، فتتعثر

حركة التحقيق و البحث و تسير ببطء ...

إن التفاسير- التي حررها العلماء و المحققون المسلمون حسب مستوى ثقافة كل عصر- ذخائر ثمينة بين يدينا. إلّا أن الاستفادة من هذه المصادر تستدعي وقتا و جهدا كبيرين، و تترك الباحث دائما في هاجس من عدم استيعابه لكل الأبعاد و النظريات القرآنية ... و هناك كثير من التفاسير الموضوعية و المعاجم

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 264

اللفظية و المعنوية ... إلّا أنها لا تشبع كل ما يحتاجه الباحث القرآني ... حينئذ رأيت انّ الواجب يفرض عليّ ان أبذل الجهد في سبيل تعبيد طريق البحث القرآني، و توفير الوقت و الجهد أمام الباحثين في استلهام القرآن و استكشاف نظراته، و أن أبدأ في إعداد مقدمات هذا العمل لأسد هذا النقص العلمي في ثقافتنا الدينية.

و لكن في ايام الاستبداد المرّة، حيث كانت اكثر طاقاتنا و اوقاتنا تصرف في العمل النضالي، و لم تترك المجال المطلوب لتجسيد هذا الاحساس المقدس و الهدف الرفيع.

خلال مراحل النضال السلبي باسرها كنت أهم بانجاز هذا المشروع، كلما وقعت في شراك السجن و بعد اتمام مراحل التحقيق و الاستجواب ... لكن قصر مدة تلك الفترات لم تكن وافية لتحقيق هذا الهدف ...

في نهاية المطاف استجيب دعائي و توفرت لي فرصة مناسبة و مجال واسع لطرح هذا المشروع و تحقيق هذا التطلع الملح» «1».

قد اعتمد المحققون الباحثون في مركز الثقافة و المعارف القرآنية في إكمال العمل و في تفسيرهم على تفاسير المذاهب المختلفة على اختلاف المناهج و اللون، من دون ذكر مستندهم.

و في اللغة: اعتمدوا على «مفردات الراغب» و «لسان العرب» لابن منظور، و «التحقيق في كلمات القرآن» للمصطفوي، و في الاعراب و النحو و البيان على

«دراسات لأسلوب القرآن» لعبد الخالق عضيمة و «اعراب القرآن» لمحيي الدين درويش، و في نقل الروايات على تفسير «البرهان» للبحراني و «نور الثقلين» للحويزي، و «الدر المنثور» للسيوطي و «تفسير الطبري».

______________________________

(1) تفسير راهنما، ج 1/ 11، من مقدمة سماحة الشيخ الرفسنجاني قبل مقدمة مركز الثقافة و المعارف القرآنية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 265

منهجه

و اما منهجهم: فهو ترتيب ابحاث التفسير على النحو التالي:

1- كتابة الآية بشكل كامل.

2- تثبيت الملاحظات و مواضيعها المستفادة من الآية.

3- توضيح ما يستدعي بيانه حينما تكون الافادة من الآية غير واضحة.

4- كتابة الملاحظات المستفادة من الروايات و التي تتعلق بمتن الآية، و أن أغلب الملاحظات الروائية دونت في ذيل الآية.

5- كتابة بعض الملاحظات المستفادة من عدة آيات او سياقها، او الربط بين مجموعة من الآيات.

و من خصائص هذا التفسير، توفره على تثبيت المصطلحات و العناوين المرتبطة بالآية، المشتقة من الملاحظات التفسيرية.

و رغم ضرورة تثبيت هذه العناوين مقابل كل واحدة من الملاحظات، جاءت هذه المصطلحات و العناوين بشكل مفهرس في نهاية كل آية، و أخذ كل عنوان رقما يعادل الرقم الذي يتعلق بالملاحظة ذات العلاقة.

يعتمد التفسير في المركز كما ذكر في مقدمته: أسلوب العمل الجماعي لتنظيم و ضبط العمل، فكل لجنة رباعية أو خماسية تبدأ بالتدبر في مضمون الآية و دلالته بعد مطالعة و قراءة اكثر من خمسة عشر تفسيرا من تفاسير الشيعة و السنة، ثم تثبيت ما حصلوا عليه، و بعد ذلك، يعقد لقاء للمناقشة مع كل واحد من أعضاء اللجنة باشراف مسئول اللجنة.

و بعد تثبيت الملاحظات المستفادة من الآية، تقوم لجنة الروايات بالمناقشة لتثبيت الملاحظات التي تستخلص من الروايات. فتقرأ الروايات الواردة حول الآية قراءة دقيقة، و حينما يكون

هناك مفهوم جديد تطرحه الرواية يضاف الى ظاهر الآية،

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 266

فسوف يثبت هذا المفهوم حينما توافق عليه اكثرية اللجنة بالشرح الذي ذكره صاحب المقدمة في التفسير.

و اعتمدوا على اسباب النزول حينما تنسجم مع مضمون الآية و ما يحفها من القرائن الداخلية و الخارجية من الآية، و يستدلون بان الرواية يجب دعمها بالآية، فما كان موافقا للآية اخذ به، لا أن تجعل الآية محكومة بالرواية.

و كانت طريقتهم في تفسير الآية تثبيت الملاحظات الاحتمالية في التفسير، و ذكروا لنا منهجهم في ذلك حيث قالوا:

«بما أن مفاهيم القرآن واسعة و عميقة و لا تحضر كلها لدى الذهن، و بما ان كلام الوحي عظيم و خطير و مقدس، فلا يمكن نسبة أي فكرة للقرآن، من هنا فتحنا قسما للملاحظات الاحتمالية، لكي لا تضيع بعض الاستنتاجات ذات الاهمية. و في نفس الوقت نتجنب نسبة المفهوم بشكل قطعي الى القرآن. و نحن نعرف أن كتاب اللّه بامتداده اللانهائي مفتوح امام التفكير و التعقل على الدوام، و تثبيت الملاحظات الاحتمالية ليس إلا لاجل نقدها و ادامة البحث و التفكير.

و هذه الملاحظات على نحوين:

اولا: الملاحظات التي تستند الى الاحتمالات الدلالية، او سبب النزول او آراء بعض المفسرين و يثبت منها الاحتمال الثابت الذي يعقد به.

ثانيا: الملاحظات التي لا تستند الى أي من الاحتمالات السابقة. و التي لا يمكن نسبتها الى الجانب الدلالي، بل تنشأ من عوامل غير لفظية، كالقرائن التاريخية و العقلية، او احتمال الغاء خصوصية المورد.

و في هذه الحالة لا يمكن اغفال هذه الاحتمالات بسهولة، كما لا يمكن نسبتها بشكل قطعي الى القرآن، و من هنا ثبتنا علامة النجمة (*) للدلالة على احتمالية الملاحظة» «1».

______________________________

(1) تفسير راهنما، ج

1/ 67، من مقدمة المؤلف.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 267

و الخلاصة: إنّه تفسير جديد في نوعه، منظم فيه مجموعة من الملاحظات و الاستنتاجات القرآنية، على اساس ترتيب سور القرآن من سورة الحمد حتى آخر السور، و يستبطن هذا التنظيم فوائد متعددة و هي عبارة عن:

1- عرض تفسير كامل للقرآن بلغة ميسرة، مع حذف الأبحاث المتفرقة و الافكار التي لا تتمحور حول التفسير بشكل مباشر.

2- الاستفادة من نهج تصنيف و تنظيم الملاحظات و المفاهيم القرآنية، في مراكز التعليم و البحوث.

3- عرض المواضيع المرتبطة بالآية الواحدة، لأجل البحث و التحقيق.

4- اعداد ارضية للتطوير و تكامل البحوث الموضوعية القرآنية، عبر نشر التفسير الترتيبي بشكل جديد «1»

______________________________

(1) استفادنا من مقدمة سماحة الشيخ الرفسنجاني/ 18.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 268

32- تفسير الشعراوي

اشارة

العنوان المعروف: تفسير الشعراوي، خواطر الشعراوي حول القرآن الكريم.

المؤلف: الشيخ محمد متولى الشعراوي.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 29.

مذهب المؤلف: السني.

طبعات الكتاب: القاهرة: اخبار اليوم ادارة الكتب و المكتبات، 1411 ه- 1991 م.

و مجلة اللواء الاسلامي من سنة 1986 م الى سنة 1989 م، و العدد 251 الى العدد 332 من هذه المجلة، راجع اصله و خرّج احاديثه الدكتور أحمد عمر هاشم.

حياة المؤلف:

هو فضيلة الشيخ الفقيه محمد متولي الشعراوي، أحد العلماء في اللغة العربية، و مفسّر للقرآن الكريم في وقتنا الحاضر.

آثاره و مؤلفاته:

1- المختار من تفسير القرآن الكريم ثلاثة مجلدات.

2- معجزة القرآن الكريم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 269

3- القرآن الكريم معجزة و منهج.

4- الاسراء و المعراج (المعجزة الكبرى).

5- القصص القرآني في سورة الكهف.

6- المرأة في القرآن الكريم.

7- الغيب.

8- معجزات الرسول.

9- الحلال و الحرام.

10- الحج المبرور.

11- خواطر الشيخ الشعراوي حول عمران المجتمع.

12- السحر و الحسد.

تعريف عام

تفسير شامل لجميع آيات القرآن باللون التربوي و الاصلاحي، و لا يسمى عنوان كتابه باسم التفسير، بل يعرّفه بعنوان خواطر الشعراوي، و غرضه بيان ما يفهمه من الآيات القرآنية الكريمة، و لهذا لا يدّعى أنّ ما يقوله تفسيرا للقرآن الكريم و حجة على من يسمعه أو يقرأ ما يفسره، و أنه هو الصواب، و انما يرى انها مجرد خواطر تحتمل الصواب و الخطأ.

و هذا المنهج جدير بالاهتمام من قبل المعنيين بحقل التفسير، فهو منهج يقوم على دعامتين:

الدعامة الأولى: الاعتماد على الاسلام، باعتبار انه وسيلة الاصلاح لما لحق بالمسلمين من تردي و خاصة في مجال الاعتقاد و الفكر و الدعامة الاخرى: العصرنة، التي يتميز بها منهجه في تفسير كل آية بل كل كلمة بل كل حرف من القرآن الكريم في قبال من يستفيد من الحضارة الغربية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 270

و من جهة أخرى، كان الشعراوي يهتم بتثبيت الترابط بين الآيات القرآنية و الحقائق العلمية، و ان كل نظرية علمية لا تتوافق مع القرآن الكريم، فانّها ليست صحيحة إلى أن تصبح حقيقة علمية، فانّها حينئذ لا تتعارض أبدا مع آيات القرآن الكريم.

و عدد مجلدات التفسير وصلت إلى تسعة و عشرين مجلدا الى سورة النساء آية 57، و طبعت اجزاء اخرى بصورة متفرقة و في المجلات و الصحف و بصورة مختارة من اواخر

سور القرآن.

قد ابتدأ بمقدمة في عظمة القرآن و فضله و تاريخه و اعجازه و تحديه، و قال الشعراوي في وصف تفسيره:

«خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيرا للقرآن ... و انما هي هبات صفائية تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات، و لو أن القرآن من الممكن أن يفسر، لكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أولى الناس بتفسيره، لانّه عليه نزل و به انفعل و له بلّغ و به علم و عمل ... و لكن رسول اللّه (ص) اكتفى ان يبيّن للناس على قدر حاجتهم من العبادة التي تبين لهم أحكام التكليف في القرآن الكريم ... هذه هي أسس العبادة للّه سبحانه و تعالى ...

أما الأسرار المكتنزة في القرآن حول الوجود، فقد اكتفى رسول اللّه (ص) ...،

لانها بمقياس العقل في هذا الوقت لم تكن العقول تستطيع أن تتقبلها، و كان طرح هذه الموضوعات سيثير جدلا يفسد قضية الدين، و يجعل الناس ينصرفون عن فهم منهج اللّه في العبادة الى جدل حول قضايا لن يصلوا فيها الى شي ء». «1»

منهجه

و طريقته في التفسير بعد ذكر المقدمة و بيان معنى الاستعاذة و ترتيب نزول القرآن، الشروع في تفسير سورة الحمد مبتدئا بذكر معنى السورة و الحكمة في

______________________________

(1) تفسير الشعراوي ج 1/ مدخل.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 271

معناها و ترتيبها، و الاطار العام الذي يتعقبها في السورة، و الاستفادة من الآيات المرتبطة بالآية في معنى الآية، و لهذا كان ممن يفسر الآيات القرآنية بالقرآن و امثلته كثيرة لا تحتاج الى ذكر مثال.

يهتمّ الشيخ باللغة العربية و بيان معنى الالفاظ التي يورد تفسيرها، فيتعرض دائما لما تفيده الالفاظ الواردة في الآيات القرآنية من معان،

و كثيرا ما تجده يحلّل معاني الألفاظ ليستخرج منها المعنى الذي يرى انّ الآية تدل عليه، و يذكر الشيخ القواعد اللغوية من نحو و بلاغة و غيرهما، بنحو لا يؤثر على القارئ لتفسيره، و لا يقلل من المتعة التي يشعر بها عند استرساله في بيان خواطره.

و يعتقد بأن القرآن الكريم وحدة متماسكة، و لهذا يربط في تفسيره بين الآيات القرآنية المتشابهة أو التي تتكلم عن امر واحد، و قد يرى أن في بعض السور وحدة كاملة، و قد يربط بين الآيات المتشابهة و التي تتكلم عن موضوع واحد و التي وردت في سور متعددة ليستخلص منها العبرة و العظة، أو ليوضح المعنى الذي يغلب أن يكون المدلول منها، فنجده مثلا في بيان معنى قول اللّه تعالى: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِ «1» يعتمد على تفسير معنى «النبأ» على الآيات الاخرى الواردة في سورة «النبأ» و «الاسراء» و يربط بعضها بالبعض. «2»

و بالنسبة الى منهجه في بيان الآراء العقائدية، فان له طريقة خاصة في تفسير آيات العقيدة، و الايمان باللّه تعالى ... حيث نجده- كما فعل من سبقه من المفسرين من امثال الامام محمد عبده، و الشيخ محمد رشيد رضا، و الشهيد سيد قطب- يركز على بيان و تفسير آيات العقيدة، و قد يستخدم الاسهاب و الاطالة من جهة، و الحوار العقلي و العلمي من ناحية اخرى، ليثبت عقيدة التوحيد عند المؤمنين، و يدعو غيرهم الى الدخول في دين اللّه افواجا مخاطبا العقل قبل القلب و العاطفة،

______________________________

(1) سورة المائدة/ 27.

(2) اضواء على خواطر الشيخ الشعراوي، الدكتور محمد أمين إبراهيم التندي/ 20.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 272

و قد يربط تلك الآيات بالادلة العقلية و

العلمية مع التركيز عليها.

و كذا نجد الشيخ يفند افتراءات المشركين المضلين و يرد كيدهم الى نحورهم في افتراءاتهم على اللّه، و يبين كذبهم و اضلالهم في بيان شيق يثير الأذهان و يشحذ الافكار «1» و الشعراوي كان ممن يهتم بالاعجاز العلمي في هذا الزمان، و يربط دائما بين الآيات القرآنية و العلوم الحديثة، و لهذا ألّف كتابا خاصا في: «معجزة القرآن الكريم» (ثلاثة مجلدات) و بين انّ الاعجاز العلمي في القرآن هو أبرز وجوه الاعجاز لاهل هذا الزمان و يفوق الوجوه الاخرى، لكنه لا يعلق القرآن بالنظريات العلمية، بل يعتقد انّ القرآن ليس كتاب علم، بل انّه كتاب عبادة و هداية و منهج للبشر، و ان سبحانه تعالى وضع في كتابه الكريم من الامور الغيبية و المعجزات التي فاقت قدرة البشر على مرّ العصور و الازمنة و التي ردّت كيد الذين يحاربون هذا الدين الى نحورهم و جعلتهم صاغرين. فإنه بعد ما طرح سؤالا في محاولة ربط القرآن بالنظريات العلمية، قال:

«و هذا اخطر ما نواجهه ... ذلك انّ بعض العلماء في اندفاعهم في التفسير و في محاولاتهم ربط القرآن بالتقدم العلمي ... يندفعون في محاولة ربط كلام اللّه بنظريات علمية مكتشفة ... يثبت بعد ذلك انها غير صحيحة ... و هم في اندفاعهم هذا يتخذون خطوات متسرعة، و يحاولون اثبات القرآن بالعلم ... و القرآن ليس في حاجة الى العلم ليثبت، فالقرآن ليس كتاب علم و لكنه كتاب عبادة، و منهج ...

و لكن اللّه سبحانه و تعالى في علمه علم انّه بعد عدة قرون من نزول هذا الكتاب الكريم سيأتي عدد من الناس و يقولون انتهى عصر الايمان و بدأ عصر العلم ...

و لذلك وضع

في قرآنه ما يعجز هؤلاء الناس، و يثبت ان عصر العلم الذي يتحدثون عنه قد بينه القرآن في صورة حقائق الكون، بينه كحقائق كونية منذ أربعة عشر

______________________________

(1) نفس المصدر/ 25.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 273

قرنا ... و لم يكشف العقل البشري معناها إلّا في السنوات الماضية». «1»

و من ابرز ما في تفسيره العناية بحل مشكلات المجتمع الاسلامي في ضوء تفسيره، و من ثم نجده يحاول اصلاح ما افسده الدهر في مجتمعه، محاولة منه في علاج ما أصاب المجتمع خاصة المجتمع الاسلامي، و يتعرض لبعض آفات المجتمع محاولا تارة وصف العلاج الحقيقي للقضاء عليها، و وضع الاصلاحات التي يوجه النظر فيها الى المؤمنين عامة و الحكّام خاصة.

و من امثلة ما يهتمّ ببيانه في القضايا الاسلامية المعاصرة، مشكلة فلسطين و الاراضي المقدسة، و الغزو الثقافي، و مسألة الاختلاف بين المسلمين و الدعوة الى وحدة المسلمين، و الحفاظ على اسرار اوطانهم و بلادهم و وجوب انتصار المسلمين في مختلف المعارك في استخلاص اراضيهم. «2»

و من امثلة ما ذكره في حل المشكلات المجتمع الاسلامي في اجتناب القهر و السوط في حفظ الحكومات و قرار النظم بعد ما فسر قوله تعالى: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ و بعد ما بين أن اللّه لا يريد اعناقا و لو كان يريد اعناقا لما استطاع أحد أن يخرج عن قدرته، قال:

«و نحن نلتفت حولنا، فنجد ان النظم و الحكومات التي تفرض مبادئها بالسوط و القهر، تتساقط تباعا، فعند ما تتخلى هذه الحكومات عن السوط و البطش، فان الشعوب تتخلى عن تلك الافكار». «3»

و الخلاصة: و الحقيقة ان الشيخ في منهجه يعتبر مجددا و مجتهدا في التفسير و ان لم يهمل اهمالا كاملا آراء

السابقين الاولين ممن سبقوه في التفسير، و ملتزما لقارئيه ان يبين ما يفيدهم في اطار العقيدة و الايمان و الاخلاق، و ان ترتبط الآيات

______________________________

(1) معجزة القرآن للشعراوي، الكتاب الاول/ 89.

(2) انظر تفصيل الموارد و الامثلة و البحوث: اضواء على خواطر الشيخ الشعراوي/ 65.

(3) تفسير الشعراوي، ج 10/ 830.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 274

بحياة الانسان و حركاته و سكناته و يهديه بالمنهج التربوي و الهدائي.

دراسات في التفسير

1- اضواء على خواطر الشيخ الشعراوي و منهجه في تفسير القرآن الكريم.

اعداد الدكتور محمد أمين إبراهيم التندي، كلية الدراسات العربية، جامعة المينا، القاهرة مكتبة التراث الاسلامي. حجم 24 سم، 104 ص، 1990 م. «1»

______________________________

(1) انظر أيضا: فكرة اعجاز القرآن منذ البعثة النبوية ... لنعيم الحمصي/ 293؛ و البيان في اعجاز القرآن لصلاح عبد الفتاح الخالدي/ 313.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 275

33- تفسير الشيخ المفيد

اشارة

العنوان المعروف: تفسير الشيخ المفيد المستخرج من تراثه.

المؤلف: محمد بن محمد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد.

ولد في سنة: 336 ه. و توفي في سنة 413 ه.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: مجلد كبير.

طبعات الكتاب: قم- مكتب الاعلام الاسلامي، مركز النشر، 1415 ه- 1994 م، الحجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو العالم الحكيم و المصلح الكبير زعيم المتكلمين الشيعة محمد بن محمد بن النعمان، المعروف ب «الشيخ المفيد».

ولد في الحادي عشر من ذي القعدة عام 336 ه بسويقة ابن البصري من عكبراء قرب بغداد.

ترعرع في كنف ابيه و تعلّم القرآن و بعض المبادئ العربية، و كان والده معلّما، فلذا يدعى بابن المعلم، ثم انحدر مع ابيه الى بغداد، و اشتغل فيها بالقراءة على أبي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 276

عبد اللّه الحسين بن علي البصري المعتزلي، ثم قرأ على أبي ياسر، و بعد مضي عدة سنوات في الدرس و التحصيل سارع الى حضور مجالس اعلام الفقهاء و المحدثين كابن قولويه القمي و ابن حمزة الطبري و الشيخ الصدوق. و قد لقّبه علي بن عيسى الرماني- رأس المعتزلة في عصره- بالمفيد، و ذلك اثر اعترافه بالهزيمة في مناظرة معروفة جرت بينهما.

و قد تصدى الشيخ للذبّ عن مدرسة أهل البيت عليهم السلام عن طريق التصنيف و التأليف و المناظرات و المطارحات العلمية و توجيه الطلاب و إعدادهم، و كان بيته مجلس بحث و مناظرة يحضره علماء المذاهب المختلفة.

توفي ليلة الجمعة الثاني أو الثالث من شهر رمضان عام 413 ه في مدينة بغداد، و قد صلى على جثمانه ثمانون الفا من المشيعين الباكين و دفن بداره ببغداد ثم نقل الى الكاظمية «1»

آثاره و مؤلفاته:

للمفيد تآليف و تصانيف كثيرة تقارب المائتين، في الدفاع عن القرآن و السنة، و الدفاع عن مدرسة أهل البيت عليهم السلام.

نذكر بعض منها:

1- النصرة في فضائل القرآن.

2- البيان في تأليف القرآن.

3- الكلام في وجوه اعجاز القرآن.

4- الارشاد في معرفة حجج اللّه على العباد.

5- المقنعة.

6- الافصاح في امامة امير المؤمنين.

______________________________

(1) مقدمة التفسير من المؤلف/ 9.

المفسرون حياتهم و

منهجهم، ص: 277

7- ايمان أبي طالب.

8- اوائل المقالات في المذاهب و المختارات.

9- الفصول المختارة من العيون و المحاسن.

10- الجمل أو النصرة في حرب البصرة.

تعريف عام

تفسير غير شامل لجميع سور القرآن و آياته بالاتجاه العقائدي و الكلامي، لان الشيخ لم يضع تفسيرا مستقلا مدونا بمنهجية عامة، بل هذا القدر من التفسير جمعته «بالاشتراك» من مجموع ما حرره الشيخ في كتبه العقائدية و التاريخية و الفقهية. و الخصيصة المتمايزة في تفسيره عقلانيته في التعامل مع قضايا الفكر الديني و استنباط الحكم الشرعي.

و من جهة اخرى، كان تفسيره يتضمن عرضا لكثير من آراء الفرق الاسلامية و معتقداتها، و فيه يحدّد موقفه باعتبار انه كان من أحد شيوخ الامامية، لان الشيخ عاش في بغداد في اجواء ساخنة مليئة بالبحث و المناظرة، و كانت الشيعة يومها عرضة لأقسى الهجمات من قبل اعدائها، فسنحت الفرصة للرد على تخرصات هؤلاء في حكومة الديالمة، فانبرى الشيخ للدفاع عن العقائد الشيعية في كل مناسبة و ردّ جميع الشبهات التي اطلقها المخالفون عبر مباحث قرآنية، و لهذا فقد اصطبغت مجموعة مباحثه التي جاءت بصورة موضوعية، أو على شكل حوار بصبغة كلامية.

و قد حاولنا في هذا الكتاب جمع المباحث التفسيرية و ترتيبها طبقا لتسلسل القرآن، و قد صرفنا النظر عن الموارد التي يعدّ فيها ايراد الآية من باب الانطباق و الجري على الموضوع و الاستشهاد، و ليست بالشكل الذي له دخل في التفسير و الفهم القرآني.

يضاف الى ذلك، انّ هذه المباحث، لا تشمل جميع الآيات القرآنية، و لا تعنى بجميع زوايا و ابعاد الآية المطروحة، و عليه يجب أن لا ننظر إلى هذا الكتاب على انّه

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 278

يطرح المباحث التفسيرية بالمعنى

المتداول، أي كلمة بكلمة أو جملة بجملة و آية بآية، و يعنى بتناول مفهوم الآية و توضيحها، ففي بعض الآيات نراه يرد على الشبهات الموجودة حول موضوع الآية، أو كلمة مبهمة فيها، و ان كان فيها مباحث تفسيرية بالمعنى المتداول.

قد اعتمد الشيخ المفيد في تفسيره على الروايات المروية عن طريق أهل البيت عليهم السلام من الطرق الدارجة في عصره، و قد يذكر الاقوال و الآثار الواردة من غيرهم اذا كان مرتبطا بالبحث.

منهجه

ان طريقة طرح المباحث التفسيرية في هذا الكتاب تتم عبر ايراد الآيات طبقا لترتيب المصحف الشريف بدءا بسورة الحمد، حيث اورد الآيات التي تناولها الشيخ بالبحث التفسيري من السورة تباعا، ثم اورد المباحث التفسيرية الخاصة بها، و بالطبع فاذا كانت المباحث متداخلة بالشكل الذي يختل بموجبه تفسيرها لو اختزلت من جهة، و يستلزم بيانها ايراد البحث باكمله من جهة اخرى، اورد جميع المبحث.

بعبارة اخرى، عنى الشيخ احيانا و من اجل اثبات موضوع، أو ردّ شبهة معينة تناول عدة آيات أو الاستشهاد باكثر من آية. و لما كان تفكيك مباحثها لم يمكن و ليس بمفيد، فقد تم ايراد جميع الموضوعات و المباحث في ذيل الآية الاولى، و الإحالة اليها في ذيل الآيات الاخرى منعا من تكرار المباحث.

و اما بالنسبة الى منهجه في التفسير، فان أسلوب الشيخ في التعامل مع النص القرآني اسلوب تسالم عليه علماء الاسلام في تفسير القرآن، فإنّه يعتمد على فهمه بتفسير القرآن بالقرآن، و تفسير القرآن بالسنة و المأثورات الواردة من أهل بيت الرسول، و الشاهد الادبي و المعنى اللغوي، و الاجتناب عن التفسير بالرأي و اخبار الضعاف و الغلاة في الاعتقاد. و لاجل الوقوف على منهجه سنقوم بعرض موجز من

تلك المباحث الرئيسة و ذكر نموذج من تفسيره:

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 279

تفسير القرآن بالقرآن:

إن من ابرز مزايا اسلوب الشيخ المفيد في تعامله مع الآية القرآنية هو اعتماده على النصوص الاخرى في تفسيرها و تحديد أبعادها، فهو لا يترك آية يتناولها في تفسير و بيان إلّا و جمع اليها ما يناسبها و يتصل بها من آي القرآن الكريم، ثم يستخرج المعنى الاوفى الذي تتحد عليه كافة النصوص قيد البحث، و امثلة هذا المنهج كثيرة لا يمكن احصاؤها، و لكن نكتفي بشاهد واحد تبرز فيه هذه المزية:

ففي معنى الاستطاعة في تفسير قوله تعالى: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا «1» بعد ما نقل عن الشيخ الصدوق في اعتقاده بانّ العبد لا يكون مستطيعا إلّا باربع خصال، قال:

«و الاستطاعة في الحقيقة هي الصحة و السلامة، فكل صحيح فهو مستطيع، و انما يعجز الانسان و يخرج عن الاستطاعة بخروجه عن الصحة، و قد يكون مستطيعا للفعل من لا يجد آلة له و يكون مستطيعا ممنوعا من الفعل و المنع لا يضار الاستطاعة و انما يضار الفعل، و لذلك يكون الانسان مستطيعا للنكاح هو لا يجد امرأة ينكحها. و قد قال اللّه تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ «2» فبيّن انّ الانسان يكون مستطيعا للنكاح و هو غير ناكح، و يكون مستطيعا للحج قبل ان يحج، و مستطيعا للخروج قبل ان يخرج، قال اللّه تعالى: وَ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ «3». فخبّر انهم كانوا مستطيعين للخروج فلم يخرجوا.

______________________________

(1) سورة آل عمران/ 97.

(2) النساء/ 25.

(3) سورة التوبة/ 42.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 280

و قال سبحانه: وَ لِلَّهِ عَلَى

النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا «1»، فاوجب الحج على الناس، و الاستطاعة قبل الحج» «2».

و هكذا يظهر بوضوح رجوعه الى النص القرآني لإيضاح النص القرآني و تفسير معناه.

تفسير القرآن بالحديث:

كان منهج الشيخ في تفسيره يرتكز على اعتماده على الروايات الواردة في تفسير النص القرآني اعتمادا واضحا اذا كانت لا تخالف القرآن نصا واضحا، و يردد اذا كان فيه ترديد.

و يظهر بوضوح انّه قد عوّل على الرواية في تفسير النص القرآني تارة، و رجع اليها مستشهدا بها لما انتخبه من المعنى تارة اخرى.

و اذا كان مخالفة عنده للاصول العقائدية و القواعد العقلية و الحقائق التاريخية المتواترة، فيرددها بكلمات قاطعة و يقين راسخ، لانّه عارف خبير بهذا الفن، و يتّبع طريقة مميزة في تعامله مع الحديث، و يستخدم حق النقد المعمول به في رجال السند، و ينهج طريقة عقلية ينقلها من مرحلة الجمود الى مرحلة المرونة.

و من امثلة ما ذكره في معنى الاخبار المروية عن الائمة الهداة أهل بيت النبيّ- عليهم السلام- في الاشباح و خلق اللّه الارواح قبل خلقه آدم بالفي عام و اخراج الذرية من صلبه على صور الذر في ذيل آية: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ «3»، فانه قال:

«إنّ الاخبار بذكر الاشباح تختلف الفاظها و تتباين معانيها، و قد بنت الغلاة

______________________________

(1) آل عمران/ 97.

(2) تفسير الشيخ المفيد/ و تصحيح الاعتقاد: مصنفات الشيخ المفيد، ج 5/ 63.

(3) الاعراف/ 157.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 281

عليها أباطيل كثيرة، و صنّفوا كتبا لغوا فيها، و هزءوا فيما اثبتوا في معانيها، و أضافوا ما حوته الكتب الى جماعة من شيوخ أهل الحق، و تخرّصوا الباطل باضافتها اليهم، من جملتها كتاب سمّوه كتاب: «الاشباح و الاظلة»، و نسبوا

تاليفه الى محمد بن سنان، و لسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه، فان كان صحيحا، فان ابن سنان قد طعن فيه، و هو متهم بالغلو، و ان صدقوا في اضافة الكتاب إليه، فهو ضال بضلاله عن الحق، و ان كذّبوه فقد تحملوا اوزار ذلك» «1» و هكذا منهجه في التفسير اللغوي و الشاهد الادبي، فانه قد اعتمد في تفسيره على البحوث اللغوية و الشعر العربي لايضاح المعنى اللغوي للقرآن، و الشواهد في هذا الباب كثيرة يطول شرحها «2» و اتجاه الشيخ في معاني القرآن غير ما يتجه اليه الآخرون فيها، فانه فسّر الظاهر و الباطن بمعان عقلية و هكذا يفسر الباطن، فانه قال:

«معاني القرآن على ضربين: ظاهر و باطن، و الظاهر: هو المطابق لخاص العبارة عنه تحقيقا على عادات أهل اللسان، كقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَ لكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «3»، فالعقلاء العارفون باللسان، يفهمون من ظاهر هذا اللفظ المراد.

و الباطن: هو ما خرج عن خاص العبارة و حقيقتها الى وجوه الاتّساع، فيحتاج العاقل في معرفة المراد من ذلك الى الادلة الزائدة على ظاهر الألفاظ، كقوله سبحانه: أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ «4»، فالصلاة في ظاهر اللفظ هي الدعاء حسب المعهود بين أهل اللغة، و هي في الحقيقة لا يصح منها القيام. و الزكاة هي

______________________________

(1) تفسير الشيخ المفيد

(2) انظر مقدمتنا في تفسير الشيخ و نموذج من منهجه في تفسير الشيخ المفيد.

(3) سورة يونس/ 44.

(4) النور/ 56.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 282

النمو عندهم، و لا يصح ايضا فيها الاتيان. و ليس المراد في الآية ظاهرها، و انما هو امر مشروع، فالصلاة المأمور بها فيها ليس هي أفعال مخصوصة

مشتملة على قيام و ركوع و سجود و جلوس، و الزكاة المأمور بها فيها هي اخراج مقدار من المال على وجه ايضا مخصوص، و ليس يفهم هذا من ظاهر القول، فهو الباطن المقصود» «1» و الخلاصة: كان تفسيرا كلاميا يقتنص الآيات الكلامية للدفاع عن العقائد الاسلامية و دفع شبهات المخالفين، او ايضاحها في تصحيح عقائد الاسلاميين، و عرضا لكثير من آراء الفرق و الملل مع ما يحتوي من بحوث فقهية و تاريخية.

______________________________

(1) تفسير الشيخ/

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 283

34- التفسير الفريد للقرآن المجيد

اشارة

العنوان المعروف: التفسير الفريد للقرآن المجيد.

المؤلف: محمد عبد المنعم الجمال.

مذهب المؤلف: السني اللغة: العربية تاريخ التأليف: 1952 م.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: القاهرة، دار الكتاب الجديد، 1390 ه، 1970 م، الحجم 28 سم.

حياة المؤلف:

هو العالم الفقيه الدكتور محمد عبد المنعم الجمال، المدير العام لمصلحة الاموال المقررة، و الاستاد بمعهد الدراسات الاسلامية، و عضو المجلس الاعلى للشئون الاسلامية، و عضو لجنة تفسير القرآن الكريم بوزارة الاوقاف سابقا، و عضو لجنة التفسير العلمي للقرآن الكريم المشهور بتفسير «المنتخب».

تعريف عام

تفسير تحليلي موجز شامل لجميع آيات القرآن، اهتم مؤلفه فيه بالتوفيق بين الدين و العلم و ان يفسر القرآن الكريم على ضوء العلم الحديث مسترشدا في ذلك

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 284

بأبحاث من العلماء و المفسرين، من دون بسط و استطراد، قال المفسر في مقدمته لبيان دوافعه من تأليف الكتاب:

«في سنة 1949 م اجتمعت في مدينة لندرة ببعض الانجليز، الذين أسلموا حديثا، و كانوا يلحون عليّ في أن اوافيهم ببعض التفاسير القرآنية، فاضطررت الى اقتناء بعض الكتب التي اهتمت بترجمة و تفسير الآيات القرآنية، و قد لاحظت على كثير منها أنّ الترجمة حرفية لا تستجلي معاني القرآن الكريم و بعضها الآخر، و ان كان عظيما لا يستوعب النواحي العلمية، و لا يكشف عما تنطوي عليه آي الذكر الحكيم من أسرار تشريعية و مكنونات كونية معجزة و اصول علمية دقيقة. لذلك سألت اللّه تعالى أن يوفقني الى تفسير كتابه الكريم على ضوء العلم الحديث ...

و حاولت تفسيره باللغة الانجليزية، ذلك لأن ترجمة آيات القرآن الكريم إلى أي لغة أخرى لا بد و أن تفتقر إلى جمال التصوير ورقة الأسلوب و دقة العبارة و جلال مكنون المعنى، و روعة النظم العربي الذي نزل به الروح الامين من رب العالمين». «1»

قد ابتدأ قبل التفسير بمقدمة في بيان عظمة القرآن و جامعيته، و اثبات ان القرآن الكريم دعوة قائمة على تحرير العقل البشري، و حثه

على النظر في كتاب الكون، ذلك لانّه ليس كتاب هداية و ارشاد فحسب، بل ان معانيه الدقيقة تنطوي على اصول عامة من العلم لكل ما يهم الانسان معرفته و العمل به ليبلغ درجة الكمال جسدا و روحا.

ثم بيّن ملاك التوفيق بين الدين و العلم و حدوده فقال:

«و لا مشاحة في أنّ العلوم مهما تقدمت فهي عرضة للزلل، فينبغي أن لا يطبق على آياته الكريمة إلّا ما يكون قد ثبت منها قطعيا، و كل نظرية علمية تختلف مع آية من آي الذكر الحكيم، لا بدّ أنّها لم تصل بعد الى سبر غور الحقيقة، فلا زالت معجزات القرآن الكريم يكشفها العلم، و لا زالت العلوم كلما تقدمت تجلو الغشاوات

______________________________

(1) التفسير الفريد، ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 285

التي تحجب النور عن عيون الغافلين» «1» و قد ذكر المصادر و المراجع التي اعتمد عليها في مقدمة تفسيره، و تشمل هذه التفاسير التفاسير القديمة كالتفسير الكبير للامام الرازي و الكشاف للزمخشري و تفسير الطبري و الآلوسي و القرطبي و ...

و التفاسير الجديدة: كتفسير المنار، و المصحف المفسر للوجدي، و تفسير المراغي، و تفسير القرآن للاساتذة محمود محمد حمزة و حسن علوان و محمد أحمد برانق، و تفسير الواضح للحجازي، و جواهر التفسير للمصطفى محمد المليجي و الطنطاوي، و غيرها من كتب الحديث و الفقه و السيرة، و ترجمة القرآن بالانجليزية و الفرنسية.

منهجه

منهجه في التفسير هو بيان اسم السورة و رقمها و حدها في اجزاء القرآن و نزولها مكية و مدنية، و عدد آياتها و ذكر خصوصياتها و ملخص تفسير السورة، و بيان اشتمالها على اهداف و مواضيع مهمة، بعبارات رائعة و نكت بارعة.

يقسم محمد عبد المنعم

آيات السورة، و في ذيل كل آية يعتني ببيان مفرداتها من ذكر لغاتها و معناها، و يذكر سبب نزولها اذا كان فيها سبب نزول، و قد يذكر آداب مناسبة الآية. و للتعرف على منهجه نذكر نموذجا من تفسيره في بيان قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ «2». حيث قال:

المفردات: يُقْرِضُ اللَّهَ: يتصدق لوجه اللّه، و سمي المنفق مقرضا للحث على الانفاق و الترغيب فيه ... فَيُضاعِفَهُ لَهُ: يضيف له مثله و مثله الى اضعاف كثيرة جزاء و ثوابا.

وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ: يقبض يقتر و يضيق و يبسط يوسع و يبصط قراءتان.

______________________________

(1) نفس المصدر/ 2.

(2) البقرة/ 245.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 286

المعنى:

تشير الآية الى أن موت الامم له سببان:

[الاولى:] الجبن و ضعف العزيمة.

و الثاني: البخل و عدم الانفاق، و لذا قرن اللّه سبحانه و تعالى الآية السابقة التي تدعو و تحرص على القتال في سبيل اللّه بهذه الآية التي ترغب و تحبب في الانفاق في سبيل اللّه، و قد عبّر عن الانفاق و البذل في سبيل اللّه بالقرض و ...» «1»

و كان منهجه بيان معنى الآية و اهدافها التربوية لنشر الدعوة الاسلامية و التبشير بمبادئها في شتى المجالات التي تحتاج الى التعريف بالاسلام.

و ايضا يحاول ان يبين حكمة الاحكام و فوائدها و يوفق بين بعض الآيات القرآنية و بين ما اثبته الطب الحديث ليكون باعثا للمسلمين بعملها، فمثلا تحت عنوان: وجوب الوضوء استعرض حكمة الوضوء و حكمة غسل البدن، حيث قال:

«حكمة الوضوء: و للوضوء فوائد عظيمة و حكم جليلة، فنظافة الفم مرات متعددة في اليوم و الليلة من أهم أسباب الوقاية من مرض الاسنان و اللثة. و كذلك:

غسل

طائفة الأنف بماء بارد من أهم اسباب الوقاية من الزكام المتكرر، و فوائد غسل الوجه و الاذنين و الأيدي ظاهرة، لكثرة ما يصيب الوجه و الأجزاء المعرضة عادة للأمراض الجلدية و للالتهابات، فان غسل هذه الاعضاء عدة مرات كل يوم أحسن وقاية لها من ذلك، و فوائد غسل القدمين مانع من تسلخاتها و روائحها الكريهة.

و هذه التسلخات مؤلمة و تعوق الانسان عن المشي و تعطله عن أعماله» «2» و اما بالنسبة الى منهجه في التفسير العلمي، فانه يعتقد بان القرآن هو المحور الذي ترتكز عليه نهضة المسلمين، و كان يرى انّ اصلاح الفرد هو اساس صلاح المجتمع، و صلاح الفرد يعتمد على صحة عقيدته و سمو خلقه، و لهذا يرتكز في

______________________________

(1) تفسير الفريد، ج 1/ 241.

(2) نفس المصدر، الجزء 9/ 682.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 287

تفسيره ببيان معنى الآية و تفسيرها من دون اهتمام في التفسير العلمي و انطباق النظريات العلمية على القرآن و يأخذ التفسير العلمي بحذر شديد في كتابه، و لا يتعقب في الآيات الكونية و النفسية و غيرهما بالتفسير العلمي، إلّا انه يعرض علينا صورا من الاعجاز العلمي في بيان يحث القارئ الى التدبّر في القرآن و التعمق في اسراره، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: وَ الْخَيْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً وَ يَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ «1». يفسر يَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ على انها الوسائل الحديثة، حيث قال في ذلك:

«و من مظاهر قدرته و رحمته بعباده ان خلق لهم ايضا دواب الحمل و هي الخيل و البغال و الحمير ليركبوها و يستخدموها في السلم و الحرب، و ينتقلوا بها من مكان الى آخر للركوب و الزينة، و لم

تقف قدرة اللّه عند هذا الحد، بل انه سيخلق ما لا يعلمون غير هذه الدواب، و سيلهم فريقا من عباده ليبتكروا وسائل اخرى للنقل الجوي و البحري و البري لتستخدم في السلم و الحرب كالقطار و السيارات و المناطيد و البواخر ... و غير ذلك مما سيتوصل اليه الانسان بعد ذلك باختراعه، و في هذا دليل على اعجاز القرآن الكريم، و على ان خالقه يعلم ما كان و ما سيكون. فهذه العبارة جمعت وسائل النقل الحديثة من المخترعات التي وجدت و ستجد مما تقصر المدارك عن معرفة كنهها و سبحان اللّه العزيز القادر» «2» و الخلاصة سلك المؤلف في تفسيره المسلك العلمي الاجتماعي، الملائم لثقافة الخمسينات و الستينات في المجتمعات العربية بما يتيسر للناشئة من الشباب المثقف للتعرف على دين الاسلام و يقفوا على اسرار القرآن. و لكن بعد هذا كان التفسير على نسق فريد سهل ميسور لذوي الثقافات المختلفة، خال من الاطالة و من المباحث الادبية المملة و الكلامية المخلة و الاستطرادات التي لا تجدي نفعا.

______________________________

(1) النحل/ 8.

(2) التفسير الفريد، الجزء 21/ 1644.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 288

35- تفسير القرآن

اشارة

العنوان المعروف: تفسير القرآن للصنعاني المعروف ب: «تفسير عبد الرزاق الصنعاني».

المؤلف: عبد الرزاق بن همّام الصنعاني.

ولادته: ولد في سنة 126 ه- 742 م، و توفي في سنة 211 ه- 826 م.

مذهب المؤلف: السني.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، الرياض، مكتبة الرشد للنشر و التوزيع، سنة 1410 ه- 1989 م، تحقيق الدكتور مصطفى مسلم محمد، في اربعة مجلدات، بحجم 24 سم.

و طبعة اخرى، بيروت، دار المعرفة الطبعة الاولى، سنة 1411 ه- 1991 م، في مجلدين، بحجم 28 سم، تحقيق و تعليق الدكتور عبد المعطي امين

قلعجي.

حياة المؤلف

هو الامام ابو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع، ولد بصنعاء اليمن عام 126 ه في عائلة علم و فضل و صلاح، فقد كان والده همام بن نافع يروي الحديث عن سلم ابن عبد اللّه و غيره.

نشأ في اليمن حيث كانت وجهة كثير من العلماء اليها في نهاية القرن الاول

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 289

و بداية القرن الثاني الهجري، ثم سافر الى الشام للتجارة، و اجتمع فيها بكبار ائمتها و أخذ عنهم حديثهم، و الحجاز في اواخر حياته.

و من أشهر شيوخه معمر بن راشد، و سفيان الثوري و سفيان بن عيينة، و عكرمة ابن عمار و أخذ العلم منهم، و كان من تلاميذه الامام أحمد بن حنبل، و يحيى بن معين و ... و روى عنه وكيع و ابو اسامة و ابن عيينة و معتمر، و قالوا بتشيّعه، لأحاديث نقلها في فضائل آل البيت، عليهم السلام و الأحاديث التي رواها في مثالب خصوم علي عليه السلام، و ما صدر عنه من اقوال في حق بعض الصحابة، و نقلت عنه مما فهم منه كان يتشيع للامام علي عليه السلام.

توفي في نصف شوال سنة 211 ه «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- المصنف (الجامع الكبير في الحديث).

2- السنن في الفقه.

3- المغازي.

4- تزكية الارواح عن مواقع الإفلاح.

5- كتاب الصلاة.

6- الأمالي في آثار الصحابة.

7- تفسير القرآن، الذي نحن بصدد تعريفه.

تعريف عام

يعدّ هذا التفسير من قبيل التفسير بالمأثور، غير شامل لجميع السور و الآيات، جمع فيه الصنعاني ما بلغه من التفسير عن النبي «ص»، و الصحابة و التابعين،

______________________________

(1) انظر ترجمته في: مقدمة التفسير، ج 1/ 7- 30؛ طبعة الرياض، و ج 1/ 9 من طبعة دار المعرفة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 290

و المتقدمين من المحدثين الذين تأثروا بكتب التفسير بالمأثور من بعده، بحيث أنّ اغلب هذه الروايات في هذا التفسير بأسانيدها منه الى التابعين و الصحابة و المرفوعة الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أغلب هذه الروايات وردت بنفس الأسانيد في تفسير ابن جرير الطبري و كتاب الدر المنثور السيوطي، و من هذه الجهة يعدّ من أعظم المصادر المسندة للتفسير بالمأثور عند أهل السنة و الجماعة.

بل يمكن ان يقال: أن كتاب تفسير عبد الرزاق واسطة العقد من التفسير في عهد الصحابة و التابعين الى عصر ابن جرير الطبري.

لم يكن في الكتاب مقدمة في بيان منهجه، و ما كان متداولا في الكتب من الشروع في خطبة الكتاب و ذكر الدوافع التي أدت الى تأليفه.

و قد اعتمد في تفسيره على اقوال و روايات شيخه و استاذه سفيان الثوري، قال هاشم عبد ياسين المشهداني في كتابه «سفيان الثوري و اثره في التفسير»:

«و بدراستي لجميع روايات تفسير عبد الرزاق تبين لي: ان الثوري كان راوية الأول او من ضمنهم. و بمراجعة مروياته عن الثوري وجدتها تتطابق سندا و متنا مع الآثار، مع وجود روايات اخرى للثوري في تفسير عبد

الرزاق لم تذكر في تفسير الثوري، لانه يقتصر على عدد من الآيات في عدد من السور.

و لقد احصيت ما رواه عبد الرزاق في تفسيره عن الثوري من اقواله الشخصية، او رواياته فكانت 235 رواية و قولا، فنادر ما تمر صفحة إلّا و فيها نص او نصان عن الثوري مما يدل على كبير اعتماد عبد الرزاق في تفسيره على اقوال و روايات الثوري التفسيرية» «1»

منهجه

اما منهجه فكان يورد الأحاديث تحت السورة و الآية، باعتبار أنها مفسرة لها، أو

______________________________

(1) سفيان الثوري و اثره في التفسير لهاشم عبد ياسين المشهدانى/ 505.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 291

لبيان عام حول السورة، كالناسخ و المنسوخ منها، او سبب نزولها، او بيان مصداقا لكلام من الآية.

لم يدخل في تفسيره سوى ما يتعلق بتفسير الآية من الحديث المرفوع او الموقوف، كما كان منهجه اسناد النصوص النبوية و الموقوفات الى قائليها، من دون بيان لصحيحها او سقيمها، او اضافة شارحة او معترضة في توضيح مفاد المنقول.

«ان هذا التفسير يعطينا صورة عن لون التفسير في هذا العصر حيث كان طابع التفسير بالمأثور هو السائد و لا شي ء غيره، كما أنّ الاسانيد كانت هي العمدة في النقل ... و لم يكن المفسر يتكلف تفسير كلمة او كل آية، كما ان التفسير اللغوي او النحوي لم يكن منتشرا» «1» و اما موقفه بالنسبة الى نقل الاسرائيليات، فإنه ينقلها من دون توسع فيها. قال الدكتور مصطفى مسلم في ذلك:

«و مما أخذ على الصنعاني الذي سلك طريقة المحدثين و تتبع اقوال السلف في معاني الآيات و اسباب النزول و رواها باسانيدها (مع الاهتمام بالسند و اقوال السلف مع تساهلهم في مضمون كثير من الاخبار التي يروونها) قد

روى من جملة ما روي بعض الروايات عن وهب بن منبّه و كعب الاحبار و ابن جريج و غيرهم، من الذين عرفوا برواية الإسرائيليات، و على الرغم من ان الإمام عبد الرزاق لم يكثر من رواية الإسرائيليات هذه، و تجنب ما فيه خدش بعصمة الانبياء عليهم السلام، فنجده في قصة داود عليهم السلام و تسور المحراب عليه، يختار من تلك القصص أسلمها و اقربها الى القبول؛ و كذلك في قصة أيوب، و قصة يوسف عليهما السلام.

و كذلك تجنب رواية الإسرائيليات التي تتنافى مع العقيدة و ظاهر الشريعة،

______________________________

(1) تفسير الصنعانى، ج 1/ 6 من تقديم مصطفى مسلم محمد.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 292

الّا انه لم يسلم من ايراد بعض القصص الإسرائيلي الذي لا نستسيغ روايته عقلا، كما أورد في سورة البقرة آية 102 قصة هاروت و ماروت، و في سورة «ق» و غيرها» «1» و الخلاصة: ان التفسير من أهم مصادر التفسير بالمأثور عند اهل السنة، و تقدم عصر مؤلفه و اتصال اسناده جدير بالاهتمام و العناية.

دراسات حول التفسير

1- الامام عبد الرزاق الصنعاني مفسرا. لحمد بن عبده هادي أزيبي.

مكة المكرمة، كلية الشريعة، جامعة ام القرى، 1404 ه، 476 ص، رسالة ماجستير (رسالة القرآن، العدد الثامن/ 199) «2»

______________________________

(1) نفس المصدر/ 31.

(2) انظر ايضا مقدمة التفسير من طبعة دار المعرفة ج 1/ 23؛ و المدرسة القرآنية في المغرب للكنوني/ 130؛ و مقدمة التفسير من طبعة الرياض؛ و سفيان الثوري و اثره في التفسير للمشهدانى/ 505.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 293

36- تفسير القرآن الحكيم

اشارة

العنوان المعروف: تفسير القرآن الحكيم، المعروف ب «تفسير الخفاجي» المؤلف: محمد عبد المنعم خفاجي ولادته: ولد في سنة 1334 ه- 1915 م.

تاريخ الوفاة:

مذهب المؤلف: السني الاشعري اللغة: العربية طبعات الكتاب: الطبعة الأولى، القاهرة، دار العهد الجديد للطباعة.

حيث طبع منه ثلاثة عشر مجلدا الى سورة النحل.

و يقول المفسر تم كتابة جميع أصول هذا التفسير الكبير، و لكن لم يصل إلينا إلّا هذا المقدار. (انظر 1: 298 من الكتاب). الحجم: 24 سم. بدون تاريخ.

حياة المؤلف:

ولد في قرية من أعمال مركز المنصورة تسمى «تلبانة» في 22/ 7/ 1915 م.

تخرج في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر عام 1940 م. حصل على درجة الدكتوراة في الأدب و النقد عام 1946 م.

عمل في جامعات السعودية، و ليبيا، و عمل في كلية اللغة العربية بجامعة

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 294

الأزهر فرع أسيوط. أسس مع الاستاذ «مصطفي عبد اللطيف السحرتي» رابطة الأدب الحديث بالقاهرة منذ ربع قرن، اشترك في كثير من اللجان العلمية و الادبية، و أسهم في النشاط الأدبي في وطنه بجهود كبيرة، و كتب في مختلف المجلات و الصحف المصرية و العربية و الاسلامية. و له أعمال كثيرة في تحقيق التراث. «1»

أهم آثاره و مؤلفاته:

1- الاسلام و الحضارة الانسانية.

2- الاسلام و نظريته الاقتصادية.

3- الاسلام و حقوق الانسان.

4- سيرة رسول الله (ص).

5- الأدب العربي الحديث و مدارسه.

6- شرح صحيح البخاري (10 أجزاء).

7- قصة الأدب في مصر 8- شرح الإيضاح في البلاغة.

9- دراسات في الأدب و النقد.

10- الحياة الأدبية في العصر الجاهلي.

تعريف عام

تفسير جديد للقرآن الكريم، يشتمل على جميع آياته، يحتوي على تحليل جميع العناصر التي اشتمل عليها هذا الكتاب المعجز العظيم، و شتى الأصول الفكرية و الروحية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية، و تعرض فيه للبحوث في أصول العقائد و الشرائع و الأحكام.

______________________________

(1) مع رجال الفكر في القاهرة، السيد مرتضى الرضوي/ 286.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 295

و كان في تفسيره، يدعو للعودة الى القرآن، و النهج الهدائي و التربوي الذي يتعقبه في تفسيره، هداية للناس و إصلاح العقائد و تهذيب الأخلاق و تبشيرهم بالحياة الطيبة.

قال الخفاجي في مقدمة تفسيره في بيان غرضه من كتابه التفسير:

«و لم أقصد من كتابة هذا التفسير إضافة كتاب جديد الى كتب التفسير، إنّما أردت أن يكون تفسيري هذا وافيا كحاجات العصر و مطالب الفكر، و قريبا الى عقول الناس و أفهامهم، و سهلا في مطالعته و فهمه، و مقرّبا لما خفي على الناس من كتاب اللّه و لما غاب عن المفسرين تناوله من شئون الدين و الدنيا، و الآخرة و الاولى» «1».

ثم ذكر في آخر الجزء الأول في خاتمة الكتاب:

«و هو تفسير جديد لكتاب الله الحكيم، مع روح العصر الحديث في فهم القرآن الكريم، و في تطبيقه على حياة المجتمع البشري المعاصر ... و لم أبدأ بطبع هذا الجزء إلّا بعد الانتهاء من كتابة جميع أصول هذا التفسير الكبير» «2».

ذكر المفسر في مقدمة

تفسيره، مقدمة طويلة حول مباحث علوم القرآن، مثل ان القرآن كتاب البشرية، نزول القرآن، سور القرآن مكية و مدنية، جمع القرآن، حروف القرآن، آثار القرآن في اللغة و الأدب، رأي جديد في فواتح سور القرآن، مناهج المعرفة في القرآن الكريم، إعجاز القرآن في حكم الذوق الأدبي، آراء في الإعجاز، بلاغة القرآن، التحدي بالقرآن.

قد اعتمد في تفسير الآيات و معنى اللغات من التفاسير السابقة المشهورة، و التفاسير المعاصرة من أستاذه الشيخ مصطفى المراغي و تفسير المنار و الشيخ محمد عبده و الاستشهاد بكلام الغربيين و المستشرقين و أصحاب الديانات.

______________________________

(1) تفسير القرآن الحكيم، ج 1/ 12.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 298.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 296

منهجه

و كان منهجه في شروع التفسير، أن يبدأ بالإطار العام من السورة و الموضوعات التي يتعقب فيها، ثم يذكر بيان الآية معنى و دلالة و إرشادا، مع ذكر الآية و الجملة التي يستشهد بها من الآية، و قد يذكر هذا المعنى من التفاسير، مثل الطبري و الزمخشري و الرازي و غيرهم من أصحاب التفسير.

و أيضا يذكر في أول السورة عدد آيات السورة و خصوصيتها و مكيّها و مدنيّها، و ما يتضمن فيها من اصول العقائد و الأخبار، و القصص و الأحكام، و يتجنب التعرض لمشكلات النحو و البلاغة و الكلام، و ما كان متداولا في التفاسير من البحوث الأدبية و الخوض فيها، بل يهتم بشرح كتاب الله و تحليله و ما تضمنه من أصول و قواعد.

و ليس من منهجه النظر الى كتاب الله آية آية، و معنى معنى، و إنّما ينظر إليه فكرة فكرة، و موضوعا موضوعا، يصل اللاحق بالسابق، و يتم السابق باللاحق و يبيّن في بيان و شرح

الآية الهدف و الغاية وراء كل سورة و آية تدل عليه. و هذا هو الفرق بين تفسيره و تفسير سائر المفسرين.

و أيضا كان تفسير الخفاجي، تفسيرا تحليلا مبسّطا يتضمن اتجاها جديدا من كلام الله، مع العناية بعرض الآراء في آيات القرآن و بيان أسباب النزول، و الابتعاد عن التعقيد و الإغراب و التكلف، و عن الخوض في ذكر مصطلحات العلوم من نحو و صرف و بلاغة و ما إليها، معتمدا على أسلوب العصر الحاضر في فهم كتاب الله الكريم، و تقريبها الى أذهان الناس المناسب للحياة الروحية و العقلية و الاجتماعية و السياسية للعصر الحديث.

قال في مقدمة تفسيره:

«إنّه نهج مستقل في تفسير كتاب اللّه، لم نسبق الى مثله، إذ توخّينا فيه عرض

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 297

أصول القرآن العامة و شرحها، و خاصة ما يتصل بحياة الأمم و نهضتها و أسباب قوتها و ازدهارها، و توخّينا فيه كذلك عرض نظريات القرآن الكريم بأسلوب البحث العلمي في القرن العشرين» «1» و من منهجه في شرح الآيات الاهتمام بذكر الوقائع و الحوادث المرتبطة بالآية و ما يتصل بتطورات الملل و الأمم، و تحليل الوقائع، و بيان خصوصيات الأعلام و إن كانت غير مرتبطة بالآية، كما تناول أحداث التاريخ التي عرض لها كتاب الله بالتحقيق التاريخي على ضوء الكتب السماوية و تطبيقها على حياة المجتمع البشري المعاصر، و موارده كثيرة لا تحتاج الى ذكر مثال و شاهد و عليكم بمراجعة التفسير «2» و يتعرض للمباحث الكلامية لا بالشكل المتداول بين المفسرين، بل يهتم ببيانها و يتوسع فيها بما يناسب روح العصر، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ

فَمِنْ نَفْسِكَ «3» في مسألة الجبر و الاختيار و خلق أفعال العباد، بعد نقل كلام المفسرين في معنى الآية على انّها أتتك حيث ارتكبت ما يستوجبها من الذنوب و قالوا: إنّ الحسنة و السيئة كل من عند الله، فالخصب و الجدب و النصر و الهزيمة كلها من عند اللّه، و قوله: فَمِنْ نَفْسِكَ: أي و ما أصابك من سيئة من الله فبذنب نفسك عقوبة لك قال:

«هكذا ذهب المفسرون في تفسير هذه الآية، و أخالفهم في ذلك، ذاهبا الى تفسير الآية على ظاهرها دون تأويل، فليس من المعقول أن يكتب الله عزّ و جلّ الشر على الانسان ثم يحاسبه به، و لا أن يفرض الشقاء عليه و يحاسبه بذلك ... ان العدل الإلهى أمر بديهي تجزم به الفلسفات الدينية عن يقين و ايمان لا يجد الشك اليهما سبيلا، و هو مع ذلك من الضروريات في عالم التفكير الفلسفي الحديث، أو من

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 1/ 12.

(2) انظر: تفسير القرآن الكريم، ج 1/ 223- 235.

(3) النساء: 79.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 298

الأبجديات في قاموس العقل البشرى المنظّم، و لا يستسيغ مفكّر أن يتصور مصير الحياة الانسانية و حاضرها و حياة البشر و نظامهم في عالم مقفر من عدالة السماء ...

و اذا كانت عدالة السماء قد وهبت للإنسان حريته في الحياة، و أمدّته بجميع العناصر الأدبية اللازمة لتكوين شخصيته الإنسانية، و لمساعدته على الكفاح في الوجود، و على الانتصار في معركة الوجود الطاحنة، بعد أن أمدّته بجميع الوسائل التي تساعده على فهم الحياة فهما كاملا ... أ فنقول إنّ ما يصيب الانسان بسبب نفسه أو بسبب المجتمع الذي يعيش فيه من شقاء و آلام نتيجة لهذه الحرية

الموهوبة هو ظلم و جور من الله، لأنّه حدّ من قوته، و لم يعمل بمقتضى قدرته العظيمة القادرة على إسعاد الحياة و الناس؟ كلا ... فذلك منطق لا يستقيم» «1» ثم تفصل الموضوع حتى يثبت أن لأفعال الانسان انتسابين، انتساب من الله و انتساب بالانسان، و كذلك الشقاء الانساني السبب فيه أنفسهم و المجتمع فيهم و العوامل المرتبطة بهم.

و غيره من المباحث الكلامية، يستطرد المباحث الاجتماعية و الفلسفة الدينية بالبيان التربوي و الهدائي من دون خوض في الخلافات المذهبية.

______________________________

(1) تفسير القرآن الحكيم، ج 5/ 92.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 299

37- تفسير القرآن العظيم

اشارة

العنوان المعروف: تفسير ابن ابي حاتم الرازي مسندا عن الرسول (ص) و الصحابة و التابعين.

المؤلف: الامام الحافظ ابو محمد عبد الرحمن بن ابي حاتم الرازي.

ولادته: ولد في سنة 240 ه- 854 م، و توفي في سنة 327 ه- 937 م.

مذهب المؤلف: السني الاشعري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: صدر مجلدان منه.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، سنة 1408 ه، الناشرون: مكتبة الدار بالمدينة المنورة، دار طيبة بالرياض، دار ابن القيم بالدمّام، حقّقه و خرّج احاديثه الدكتور أحمد عبد اللّه العماري الزهراني.

و ما وصل إلينا من التفسير مجلدان كبيران بحجم 28 سم، من سورة البقرة الى 141، و من سورة آل عمران الى آية 167. و يحتمل ان يصدر في 20 مجلدا.

حياة المؤلف:

هو ابو محمد عبد الرحمن بن محمد ابي حاتم ابن ادريس بن المنذر الحنظلي الرازي، كان منزله في درب حنظلة بالري- قرب طهران- فنسب اليهما، فقيل

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 300

«الحنظلي الرازي». عالم بالتفسير و من كبار المحدثين.

ولد سنة اربعين و مائتين، و ارتحل به ابوه فادرك الأسانيد العالية، سمع أبا سعيد الأشبح، و علي بن المنذر الطريقي و ... قال ابو يعلى الخليلي: أخذ علم ابيه و ابي زرعة، و كان بحرا في العلوم و معرفة الرجال، و صنف في الفقه و اختلاف الصحابة و التابعين.

و كان زاهدا يعدّ من الابدال، رحل مع ابيه و حج مع محمد بن حماد الطهراني سنة ستين و مائتين، ثم رحل بنفسه الى الشام و مصر سنة 262 ه، ثم رحل الى اصفهان سنة 264.

توفي في محرم سنة 327 ه بالري، و قد قارب التسعين.

آثاره و مؤلفاته:

1- الجرح و التعديل (8 مجلدات).

2- كتاب التفسير، و انتقاه السيوطي في مجلد (مطبوع منه الى الآن مجلدان).

3- الرّد على الجهمية.

4- علل الحديث: العلل المبوبة على الابواب الفقهية.

5- المراسيل.

6- زهد الثمانية من التابعين «1»

تعريف عام:

هو تفسير بالمأثور، غير شامل لجميع آيات القرآن، بل جمع فيه ما بلغه من التفسير عن النبي (ص) و عن الصحابة و التابعين اتباع التابعين، مرتبا ذلك على خمس مراتب.

______________________________

(1) الايرانيون و الأدب العربى، قسم رجال علوم القرآن ج 1/ 153، و الاعلام للزركلى ج 4/ 99.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 301

و كتابه هذا يعدّ من أعظم المصادر المسندة للتفسير بالمأثور عند اهل السنة و الجماعة، نقل فيه مؤلفه من مصادر هامّة ضاعت و لم تصل الينا.

و هو من أعظم مصادر ابن كثير في تفسيره، و السيوطي في الدر المنثور، و ايضا نقل عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح و البدر في عمدة القارئ «1».

قال ابن ابي حاتم في بيان مقصده من التأليف:

«سألني جماعة من إخواني إخراج تفسير القرآن مختصرا باصح الأسانيد، و حذف الطرق، «و الشواهد و الحروف» و الروايات، و تنزيل السور. و ان نقصد لإخراج التفسير مجردا دون غيره، مقتص تفسير الآي حتى لا نترك حرفا من القرآن يوجد له تفسير الّا اخرج ذلك. فأجبتهم الى ملتمسهم، و باللّه التوفيق، و اياه نستعين، و لا حول و لا قوة الّا باللّه» «2».

ثم ذكر منهجه و ما فيه من الطرق و خصوصياتها، ثم شرع في تفسير القرآن على غرار التفسير بالمأثور من نقل الاخبار و الآثار الواردة في تفسير الآيات من نقلها منفصلا.

منهجه

كان منهجه في التفسير ان يورد الاحاديث في بيان عام للسورة، او فضلها، او سبب نزولها، او الشرح و التوضيح في معنى الآية، او الناسخ و المنسوخ، او بيان مصداق للكلام في ما تعلق بالآية. و لم يقل فيه كلمة مفسرة او جملة شارحة، كما كان الحال في

طريقة عصره في تفسير القرآن.

لم يبين لنا منزلة الاحاديث من الصحة او الحسن او الضعف او الوضع.

قال في بيان طريقته في نقل الآثار:

______________________________

(1) مقدمة الناشرين.

(2) تفسير ابن ابى حاتم ج 1/ 9.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 302

«تحريت اخراج ذلك بأصح الأخبار اسنادا، و أشبعها متنا، فاذا وجدت التفسير عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله سلم)، لم اذكر معه أحدا من الصحابة ممن اتى بمثل ذلك، و اذا وجدته عن الصحابة، فان كانوا متفقين، ذكرته عن اعلاهم درجة بأصح الإسناد بحذف الإسناد. و ان كانوا مختلفين ذكرت اختلافهم، و ذكرت لكل واحد منهم إسنادا، و سميت موافقيهم بحذف الأسانيد، فإن لم أجد عن الصحابة و وجدته عن التابعين، عملت فيما أجد عنهم ما ذكرته من المثال في الصحابة، و كذا أجعل المثال في أتباع التابعين و اتباعهم» «1».

و من طريقته نقل الآثار المروية عن اليهود و نقل قصصها و جعلها مبنى لتوضيح و تفسير الآية، او كقصة شاهدة عليها، و لهذا يؤخذ عليه في نقلها من دون تنبيه على ضعفها او جرحها، كما هو شأن الجوامع الروائية المتداولة في تلك العصور.

و نموذج على ذلك ما نقله في قصة هاروت و ماروت مسندة عن ابن عباس، و كعب و مجاهد و غيرهم «2».

و كان يعتمد في نقل رواياته على الصحابة و التابعين، و تأثر بهم في نقل الآثار، و ممّن تأثر به سفيان الثوري، الذي روى عنه الاحاديث المرويّة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كذلك الروايات المختصة بأسباب النزول و الأخبار المرتبطة بالفقه و التفسير اللغوي و القصص القديمة «3».

______________________________

(1) نفس المصدر.

(2) نفس المصدر ج 1/ 307.

(3) انظر تفصيلا:

سفيان الثوري و اثره في التفسير للمشهدانى/ 517.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 303

38- تفسير القرآن العظيم

اشارة

العنوان المعروف: تفسير القرآن العظيم، المعروف ب «تفسير ابن كثير».

المؤلف: عماد الدين ابو الفداء، اسماعيل بن كثير القرشي البصري الدمشقي.

ولادته: ولد في سنة 701 ه- 1301 م، و توفي في سنة 774 ه- 1372 م.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعري. المفسرون حياتهم و منهجهم 303 38 - تفسير القرآن العظيم ..... ص : 303

لغة: العربية.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: له عدة طبعات منها: الطبعة الاولى: القاهرة، بولاق، مع حاشية فتح البيان في مقاصد القرآن، سنة 1302 ه. و كذلك مع حاشية معالم التنزيل للبغوي، سنة 1342 ه، في مجلدين.

و منها: مع حاشية معالم التنزيل في سنة 1347 ه، في 9 مجلدات، و تمتاز هذه الطبعة بفهرس تفصيلي لجميع آيات القرآن الكريم.

و منها: القاهرة، سنة 1372 ه، في 4 مجلدات.

و منها: القاهرة سنة 1386، في 7 مجلدات، و اعيد طبعه بالافست في بيروت، دار الفكر، سنة 1400 ه- 1980 م.

و منها: القاهرة، سنة 1393 ه، في 8 مجلدات.

و منها: القاهرة، دار الحديث، الطبعة الاولى، سنة 1408 ه، في 4 مجلدات، الحجم 28 سم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 304

و منها: بيروت، دار العلم، 4 مجلدات، باشراف الشيخ خليل الميس، 28 سم.

و منها: بيروت، مكتب التحقيق بدار المعرفة، مع تقديم يوسف عبد الرحمن المرعشلي، 4 مجلدات مع مجلد بفهرست الاحاديث، الطبعة الاولى 1405 ه، الطبعة الثانية 1407 ه- 1987 م، 28 سم.

حياة المؤلف:

هو عماد الدين ابو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصروي- نسبة لبصرى الشام- ثم الدمشقي، الفقيه المورخ، المفسر الشافعي.

ولد سنة 701 ه بقرية شرقي بصرى من اعمال دمشق، بدأ في طلب العلم منذ صغره و رحل في طلبه، مات والده في سنة 703 ه و هو

طفل لم يشب.

تتلمذ على يد كمال الدين عبد الوهاب، و ابن الشحنة، و الآمدي، و ابن عساكر و غيرهم، كما لازم المزي، و قرأ عليه تهذيب الكمال، و أخذ عن ابن تيمية و تأثر به كثيرا، و كان يفتي برأيه في مسألة الطلاق و امتحن و أوذي بسبب ذلك.

كان محدثا فقيها مفسرا نقادا كثير الاستحضار، اشتهر بالضبط و التحرير، و انتهت اليه رئاسة العلم في التاريخ و الحديث، قد كف بصره في آخر عمره.

مات يوم الخميس 26 من شعبان سنة 774 ه، و دفن في مقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية.

آثاره و مؤلفاته:

له مؤلفات كثيرة منها:

1- البداية و النهاية في التاريخ.

2- طبقات الفقهاء الشافعيين.

3- الباعث الحثيث الى معرفة علوم الحديث.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 305

4- رسالة في الجهاد.

5- الفصول في اختصار سيرة الرسول (ص) (مطبوع).

6- فضائل القرآن و تاريخ جمعه و كتابته و لغاته (مطبوع).

7- نهاية البداية و النهاية (تتمة تاريخه) (مطبوع) «1».

تعريف عام:

تفسير موجز شامل، كثير التداول و الانتشار بين المسلمين، كثير الانتشار، له طبعات عديدة في البلاد الاسلامية.

التزم فيه المؤلف بالأثر و ما يناسب ذلك من ادوات فهم القرآن، و الاستشهاد على معاني القرآن بلغة العرب و شعرها.

قال الذهبي في حق التفسير:

«تفسير ابن كثير من أشهر ما دوّن في التفسير بالمأثور، و يعتبر في هذه الناحية، الكتاب الثاني بعد كتاب ابن جرير، اعتنى فيه مؤلفه بالرواية عن مفسّري السلف، ففسر فيه كلام اللّه تعالى بالأحاديث و الآثار، مسندة الى اصحابها، مع الكلام عما يحتاج اليه جرحا و تعديلا» «2».

و قد قدم له مؤلفه بمقدمة تتعلق بفضل التفسير و علم القرآن، ثم يتكلم عن طرق التفسير الصالحة، و طريقة الاستدلال باخبار اهل الكتاب و ما فيه من الكلام و يعقّب على ذلك بشي ء يسير من علوم القرآن، منها المكي و المدني، و عدد آياتها و معنى السورة و الآية.

«و لكن اغلب هذه المقدمة مأخوذ بنصه من كلام شيخه ابن تيمية الذي ذكره

______________________________

(1) انظر ترجمته في: تفسير القرآن العظيم ج 1/ 5. تقديم الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي، طبعة دار المعرفة، و عمدة التفسير لأحمد محمد شاكر ج 1/ 20.

(2) التفسير و المفسرون ج 1/ 244.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 306

في مقدمته في اصول التفسير» «1».

قد اعتمد في تفسيره على تفسير الطبري و ابن ابي

حاتم و تفسير ابن عطية «المحرر الوجيز»، و غيرهم.

منهجه

كان منهجه في تفسير السور منهجا اعتياديا، فهو يذكر السورة و اسمها و فضلها، ثم يذكر تفسيرها آية آية مستعينا اولا بتفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنّة، ثم يستشهد على معاني القرآن بلغة العرب، و شعرها، ذاكرا سبب نزول الآية مع عبارة سهلة موجزة.

يذكر الروايات و أسانيدها الى من اسندت اليه، ان كان في الآية اثر يفسرها، ثم يستدرج في تفسير الآية فيذكر المسائل الفقهية و ينسبها لقائلها، و يخوض في مذاهبهم و أدلّتهم، ان كان لها تعلق في الاحكام، و لكنه مع هذا مقل لا يسرف كما أسرف غيره.

قال ابن كثير في بيان طريق التفسير ما ملخصه:

«ان اصح الطريق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان، فإنه قد بسط في موضع آخر فان أعياك ذلك فعليك بالسنّة، فإنها شارحة للقرآن و موضحة له ... فان لم تجد التفسير في القرآن و لا في السنة، رجعنا في ذلك إلى اقوال الصحابة، فانهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن و الأحوال التي اختصوا بها، و لما لهم من الفهم التامّ و العلم الصحيح و العمل الصالح، لا سيما علماءهم ... إذا لم تجد التفسير في القرآن و لا في السند و لا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الائمة في ذلك الى اقوال التابعين، كمجاهد بن جبر فإنه كان آية في التفسير ... أمّا تفسير القرآن بمجرّد الرأي فحرام ... و أما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة و شرعا فلا حرج عليه» «2».

______________________________

(1) نفس المصدر.

(2) تفسير القرآن العظيم ج 1/ 6- 9، طبعة دار القلم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 307

و من

خصائص هذا التفسير، أنه يعتبر نسيج وحدة في التنبيه على صحة و سقم الخبر، و ترجيح بعضها على بعض، فانه يضعف بعض الروايات، و يصحح بعضا آخر و يعدل بعض الرواة و يجرح بعضا آخر، و ايضا ينبّه الى ما في التفسير المأثور من منكر الاسرائيليات، و يحذر منها على وجه الإجمال تارة، و على وجه اليقين و البيان تارة اخرى.

و ان كان مما أخذ عليه، أنه تجد في تفسيره ذكر كثير من هذه الاسرائيليات التي قد لا يصدقها العقل من دون ان ينكرها و يردها.

فمثلا عند قوله تعالى: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ «1» قال:

«فان قيل: فاذا كانت جنة آدم التي اخرج منها في السماء كما يقول الجمهور من العلماء، فكيف تمكن ابليس من دخول الجنة، و قد طرد من هنالك طردا قدريا، و القدري لا يخالف و لا يمانع؟

فالجواب ان هذا بعينه استدل به من يقول: ان الجنة التي كان فيها آدم في الارض لا في السماء ... و اجاب الجمهور باجوبة ... و لهذا قال بعضهم كما جاء في التوراة إنه دخل في فم الحية إلى الجنة ... و قد اورد القرطبي هاهنا احاديث في الحيّات و قتلهن و بيان حكم ذلك فاجاد و افاد» «2».

و ايضا عند قوله تعالى ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ «3» بعد نقله لاخبار اسرائيلية التي تتنافى مع عصمة الأنبياء و تضعيفها، نقل خبرا آخر ايضا يرفضه العقل و النقل في توجيه القصة، و في حق امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب، قال:

«فهذا اقرب ما روي في شأن الزهرة» «4».

______________________________

(1) البقرة/ 36.

(2) تفسير القرآن العظيم ج 1/ 74 طبعة

دار القلم.

(3) البقرة/ 102.

(4) نفس المصدر ج 1/ 145.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 308

و ايضا نقل في ذيل هذه الآية ان الزهرة امرأة جميلة من اهل فارس ... و علق عليه: «و هذا الاسناد رجاله ثقات و هو غريب جدا»، و قال الشيخ أحمد شاكر:

«مخالفة الحديث واضحة للعقل» «1».

و غير ذلك من المنقولات العجيبة التي لا يكفي صحة اسنادها، بل لا بد من الاحاطة بظروفها و ملابساتها، و انطباقها، مع العقل السليم.

دراسات حول التفسير

بما ان الكتاب كثير التداول بين المسلمين، فقد اختصر التفسير من قبل الكثير من الباحثين و المهتمين بكتب التفسير اشير الى بعض منها:

1- الدرّ المنير، الملخص من تفسير ابن كثير. عفيف الدين بن سعيد المعروف ب «عفيف الكازروني».

2- عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير. أحمد محمد شاكر.

لعله من احسن مختصرات هذا التفسير. القاهرة، مكتبة التراث الاسلامي، 24 سم، 1991 م. الطبعة الاولى: سنة 1977 م.

3- مختصر تفسير ابن كثير. محمد علي الصابوني. 3 مجلدات، 1926 ص، بيروت، دار التراث العربي، الحجم 24 سم.

4- مختصر تفسير ابن كثير. محمد كريم راجح. بيروت، دار المعرفة، مجلدين، 1524 ص، الطبعة الرابعة، 1409- 1988 م.

5- فهرست تفسير القرآن العظيم. يوسف مرعشلي. محمد سليم إبراهيم سمارة، جمال حمدي الذهبي. بيروت، دار المعرفة، الطبعة الثانية، 1407 ه- 1987 م، الحجم 28 سم، 334 ص.

6- الامام ابن كثير المفسر. المطر أحمد مسفر الزهراني. مكة المكرمة، كلية

______________________________

(1) الاسرائيليات و اثرها فى كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 78.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 309

الشريعة، جامعة امّ القرى، 1402 ه، 843 ص، رسالة ماجستير. (رسالة القرآن، العدد الثامن/ 199).

7- ابن كثير و منهجه في التفسير. اسماعيل سالم عبد العال. الرياض، مكتبة الملك فيصل

الاسلامية، 1984 م، 24 سم، 480 ص.

8- موقف ابن كثير من الإسرائيليات في ضوء تفسيره. محمد إبراهيم تراوري.

رسالة ماجستير من الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة. «1» (البرهان في علوم القرآن، تحقيق المرعشلي).

______________________________

(1) انظر: دراسات في التفسير و رجاله للجبوري/ 104؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 223؛ و الإسرائيليات و الموضوعات لأبي شهبة/ 128؛ و و في علوم القرآن، دراسات و محاضرات لمحمد عبد السلام كفافي/ 162 و 292؛ و دراسات في التفسير و المفسرين لعبد القهار العاني/ 101؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 148؛ و الاسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 312؛ و مجلة الحوزة، العدد 27/ 75؛ و التفسير و المفسرون ج 1/ 242؛ و تطور تفسير القرآن لمحسن عبد الحميد/ 94؛ و المفسرون بين التأويل و الاثبات للمغراوي ج 1/ 187.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 310

39- تفسير القرآن الكريم

اشارة

العنوان المعروف: تفسير القرآن الكريم، المعروف ب «تفسير صدر المتألهين».

المؤلف: محمد بن إبراهيم صدر الدين الشيرازي المعروف ب «صدر المتألهين».

ولادته: ولد في سنة 979 ه- 1571 م، و توفي في سنة 1050 ه- 1640 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1030 ه.

عدد المجلدات: 7.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، ايران، قم، سنة 1322 ه- 1901 م، بالحجم الكبير 35 سم، قام بطبعها الشيخ أحمد الشيرازي.

الطبعة الثانية، ايران، قم، انتشارات بيدار، سنة 1408 ه- 1366 ش، مع تصحيح محمد خواجوي و تقديم فخيم مبسوط و ترجمة المؤلف لمحسن بيدارفر.

حياة المؤلف:

هو صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي القوّامي، المشهور على لسان الناس ب «الملا صدرا» و على لسان تلامذة مدرسته ب «صدر المتالهين».

كان من عظماء الفلاسفة الالهيين، الحكيم الذي جمع بين مشرب المشاء و الاشراق.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 311

ولد بشيراز سنة 979 ه و عاش بها عنفوان شبابه، ثم سافر الى اصفهان و استفاد من استاذيه الشيخ البهائي و السيد الداماد، ثم ذهب الى قم، و انعزل فيها للعبادة و الرياضة، ثم رجع الى شيراز و اشتغل فيها بالتدريس و التأليف.

أسس مدرسة الشيرازي في الفلسفة و الحكمة الالهية، و الحركة الجوهرية، و تشكيك الوجود، و حدوث العالم الجسماني، و اتحاد العاقل و المعقول و النفس جسمانية الحدوث و روحانية البقاء، و المعاد الجسماني، و خلود الكفار في العذاب «1».

أهم آثاره و مؤلفاته:

ألّف صدر المتألهين كتبا و رسائل قيّمة في المعارف الالهية، و التفسير و الحديث، تبتني تأليفاته على حصر العلوم الحقيقية (الفلسفة الالهية)، حتى كتبه الدينية التي يعنيه منها تطبيق الشرع على فلسفته و قد بلغت تأليفاته نحو خمسين كتابا و رسالة و من أهم تأليفاته:

1- الحكمة المتعالية في الاسفار الاربعة، و هو من أهم كتبه الذي حوى جميع تأليفاته.

2- المبدأ و المعاد.

3- الشواهد و الربوبية.

4- اسرار الآيات و انوار البيّنات.

5- المشاعر على الطريقة العرفانية.

6- الحكمة العرشية على الطريقة العرفانية.

7- شرح الهيات الشفا.

8- مفاتيح الغيب.

9- شرح اصول الكافي.

10- شرح الهداية الاثيرية.

______________________________

(1) انظر ترجمة المفسر في: الاسفار الاربعة، ج 1، بقلم العلامة الشيخ محمد رضا المظفر، و ترجمة المحقق الفاضل محسن بيدارفر فى المجلد الاول من التفسير 11.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 312

تعريف عام

كان التفسير يشتمل على تفسير جملة من السور و الآيات و لكنه لم يكتمل، و يظهر أنه الفه و كان ينوي تأليف تفسير كامل فلم يمهله الأجل، و تفسير هذه السور و الآيات غير مرتب على النسق الموجود في المصحف الشريف، بل ترتيبه كما يلي:

سورة الحديد، سورة الأعلى، آية الكرسي، سورة السجدة، سورة الطارق، سورة يس، آية النور، سورة الزلزال، سورة الواقعة، سورة الجمعة، سورة الفاتحة، سورة البقرة.

و لكن مع ذلك فانه تفسير مبسّط، تعرض فيه لمعنى مفردات الآية، و اختلاف القراءات و ذكر الاقوال و نقدها، ثم تعرض للمباحث الاشراقية و العرفانية و الفلسفية بعقليته و سمو نفسه و حرية تفكيره و حسن بيانه.

قد ألّف هذه الرسائل المختلفة في فترة لا تقل عن عشرين سنة من عمره الشريف، فتراها مختلفة الكيفية و الجهات، فمنها موجزة مختصرة لا يذهب فيها بعيدا عن مذهب

الجمهور إلّا قليلا، و منها مفصلة ينتهج فيها منهاج التفاسير الذوقية، و لا يعبأ شنعة المشنعين «1».

اهدافه

كان المفسر عازما على تكميل تفسيره، و ابتدأ بكتابة مقدمة تفسيره، فعقدها على فصول و مفاتيح في اسرار الحكمية المتعلقة بالقرآن على طريق اهل العرفان، منها في صفة القرآن، و في الاشارة الى سرّ الحروف، و في الكلام و حقيقته، و في التمثيل، و في الفرق بين التكلم و الكتابة، و في فائدة انزال الكتب و الرسالات السماوية على الخلق، و في كيفية نزول الوحي، و مباحث اخر.

و قال فى مقدمة هذه المباحث في بيان غرضه من التأليف:

______________________________

(1) انظر: تفسير القرآن الكريم ج 1/ 122 مقدمة المترجم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 313

«على إني قد كنت برهة من الزمان متشوّقا الى اظهار معاني هذا القرآن، فاستسعيت في مناهجها سوابق الافكار، و استقريت في مسالكها منازل الأبرار، و كنت أشاور نفسي و أردّد قداح رأيي في أخذ هذا المرام، و اقدّم رجلا و اؤخّر أخرى في طرف السكوت و الإعلام، فلم ترجّح إلى أحد جانبي الإقدام و الإحجام، لكونه امرا عظيما و خطبا جسيما. انّى لمثلى مع قلّة المتاع في المقال، و قصور الباع فيما يتضمن ذلك من علوم الأحوال ... الى ان عنّ لي نور الاستخارة مرّة بعد اخرى بالإشارة، و جدّد لي داعية الحق كرّة بعد أولى في الإنارة بشعلة ملكوتية، و آنست من جانب طور القدس نارا، لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ «1».

منهجه

كان تفسير الشيرازي (صدر المتألهين) على منهج سائر مؤلفاته، منهجا عرفانيا، إشاريا، معنويا. و المراد به، إشارة لفظ خاص يستدل به على معنى آخر يستبطن معناه في سياقه العام بحيث لا يوافق ظاهر الآية و لا يخالفه و من قبيل التطبيق، و هو منهج يخالف

عامة المفسرين في معنى مفردات الآية، و اختلاف القراءات و ذكر اقوالهم و نقدها، و ان كان قد يوجّه فيه ذلك بعقليته العميقة، حيث قال في ذلك:

«و ذكرت فيها لبّ التفاسير المذكورة في معانيها. و لخصّت كلام المفسرين في مبانيها، ثم اتبعتها بزوائد لطيفة يقتضيها الحال و المقام، و اردفتها بفوائد شريفة يفضيها المفضّل المنعام» «2».

و مرجعه في اوائل المباحث و ذكر معاني الكلمات و القراءات: تفسير مجمع

______________________________

(1) مفاتيح الغيب، صدر الدين الشيرازي، مع تصحيح تقديم محمد خواجوي، طهران، مؤسسة مطالعات و تحقيقات فرهنگى، الطبعة الاولى، 1363 ش، ص 3.

(2) تفسير القرآن الكريم ج 6/ 142.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 314

البيان و البيضاوي و الكشاف، و عند ذكر الاقوال و سرد الآراء، تفسير مجمع البيان و الفخر الرازي، و تفسير النيشابوري احيانا، و في المباحث المعنونة العقلية، فالمراجع هي المراجع الكلية في سائر كتب المؤلف، اذ سياق البحث يضاهي ما فيها في الاكثر» «1».

و من مميزات منهجه، اهتمامه بالتفسير الاشارى، فنراه يستخرج من كثير من الآيات المباحث العرفانية و الفلسفية، بعد ما يبين النصوص القرآنية بيانا ظاهريا يخضع قواعد الادب و يعترف بالمعنى الظاهر، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً «2» بعد ما يذكر معنى الهبوط و الاقوال الواردة فى مراد الآية بالهبوط: هل كان هبوط آدم هبوطا ثانيا من سماء الدنيا الى الارض بعد ما هبط من الجنة الى سماء الدنيا؟ فقال:

«إشارة قرآنية: ان فى الآية إشعارا لطيفا باعجب احوال الانسان، فان من عجيب احواله، ان مفارقته عالم القدس و الرحمة و بعده عن درجة المقربين و هبوطه الى دار الدنيا كان صعبا عليه في اول

الامر بمقتضى صفاته الذاتى و فطرته الاصلى، و لم يرض بالكون فى هذا العالم، بل استكرهه و استوحشه، حتى صدر الامر بهبوطه مرة بعد اولى ... و مضت عليه برهة من الزمان، نسى موطنه الاصلى و داره و أحباءه ... و ألف هذا المنزل، و تثبط فيه، و كره الخروج منه، و استأنس باهل الدنيا، و استصعب مفارقتهم» «3».

و لهذا قال في تثبيت منهجه و دفع الشبهة فى دخوله في المبحث الاشارى:

«ما رأيت من نقص و خلل لا تجد له محملا صادقا، او مخلصا في زعمك موافقا، فان كان من باب اللفظ مجردا فاصلحه كرما وجودا، و ان كان من باب المعاني

______________________________

(1) نفس المصدر ج 1/ 122.

(2) البقرة/ 38.

(3) تفسير القرآن الكريم، ج 3/ 160.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 315

المطلوبة، فذره في بقعة الامكان، ما لم يزدك عنه قائم البرهان» (1).

و اما موقفه بالنسبة إلى الإسرائيليات، فإنّه مقل في نقلها و ذاكر ضعفها و ان كان قد يوجّه بشكل لا يناسب المقام و بعيد من شأنه، و نموذج على ذلك ما ورد في قصة آدم عليه السلام حيث قال:

«و اختلف في كيفية وصول ابليس الى آدم و حواء حتى وسوس اليهما فقيل ...

و روي انه أراد الدخول فمنعته الخزنة، فدخل في فم الحية حتى دخلت و هم لا يشعرون. و هذا يشبه قول القصاص.

و يحتمل ان تكون الحية إشارة الى بعض قوى النفس الانسانية التي بوسيلتها يوقع الشيطان الوسوسة في قلب الانسانية، فكأنّه دخل بوسيلتها في روضة قلبه» (2).

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 316

40- تفسير القرآن الكريم

اشارة

العنوان المعروف: تفسير القرآن الكريم.

المؤلفون: محمود محمد حمزة، حسن علوان، محمد أحمد برانق.

مذهب المؤلفين: السني.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1372 ه-

1953 م.

عدد المجلدات: 30 جزءا في 6 مجلدات.

طبعات الكتاب: القاهرة، دار المعارف، الطبعة الاولى، سنة 1982 م، الحجم 24 سم.

حياة المؤلفين:

كان المؤلفون حين التأليف من الموظفين بوزارة التربية و التعليم بمصر، فإنّ محمود محمد حمزة كان مفتشا بالتعليم الثانوي و الفني و استاذا بدار العلوم، و حسن علوان مديرا عاما للتعليم الإعدادي، و محمد أحمد برانق، مفتشا عاما بوزارة التربية و التعليم.

تعريف عام

كان التفسير موجزا من جميع آيات القرآن بشكل سهل مبسّط يفيد الشباب و المتوسطي الثقافة من الناس، و الغرض من تأليفه تبيين و توضيح كلام اللّه بحدّ

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 317

يفيد دعوة القرآن لطبقات الدارسين و المتعلمين، مع عبارات موجزة و بيانات استنتاجية تربوية حتى يجذب الناس الى آيات اللّه و كلماته.

ذكر المؤلفون في مقدمة تفسيرهم بعد ذكر أهمية القرآن و تفسيره و الاستفادة منه، دوافعهم لتأليف الكتاب:

«من أجل هذا عزّ على الدارسين ان يستوعبوا القرآن درسا و بحثا، و أن يبلغوا منه غاية او نهاية، لأن الدرس و البحث من ادوات الناس ... و أن ما بينّاه في شأن كتاب اللّه، هو ما كان يعتلج في نفوسنا، و ما جرّ اليه حديثنا حينما عقد المجلس بين ثلاثتنا، فاتفق الرأي على ان الحياة تجري بسرعة، حتى أوفت بنا على الشيخوخة، او كادت، دون أن نحدث في الحياة ذكرا، او نقدم للناس خيرا، او ندخر عند اللّه اجرا ... و لقد رأينا و نحن نحدد المنهج المرغوب، و نقيم معالم الطريق المستوي للتفسير، ان نرجع اولا الى المفسرين السابقين و المعاصرين، فنقف على ما قالوا، و ما فهموا، و ما رأوا، و نعود الى خاصّة قولنا، و فهمنا و رأينا، ثم نحكّم بيننا و بينهم ما استجد في العلم، و ما تكشف من اسرار الكون، و ما تقضي به العادة و العرف

و سنن الحياة، فتؤيّد مما نثبت من قول و فهم و رأي».

ثم ذكروا في آخر مقدمة التفسير:

«و من غايتنا في هذا التفسير، ان نشير الى الاحداث و النظم، و الاخلاق و العادات التي جرت و تجري بين الناس في هذا الزمان ... حتى يرجع المسلمون الى كتابهم» «1»

منهجهم

و طريقتهم في التفسير هو ان يبدأ باسم السورة، و مكيّها و مدنيّها، ثم ذكر جملة من آياتها، و شرح الفاظها بشكل سهل التناول. و في مقابلها المعنى الذي يستفاد منها، ثم بيان الجو العام الذي يتعقب فيها، ثم بيان مجمل المعنى بالبيانات الكافية

______________________________

(1) تفسير القرآن الكريم ج 1/ 7.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 318

الشافية. و الموجزة و المفهمة للطبقات المختلفة و على الخصوص للشباب و الدارسين، و كل من يريد ان يتفهم القرآن بنهج تربوي هدائي سليم.

قال المؤلفون في بيان منهجهم في مقدمة التفسير:

«رأينا ان الغرض المقصود اولا من معاني الكلمات و العبارات و الجمل، عرضا مجملا، لنخفف على من يبتغي مجرد التلاوة مئونة الاطلاع على المعاني المبسوطة، و الأحكام المفصلة، و الحكم المبنيّة؛ ثم نشرح الآيات شرحا بين القصد و التفصيل، و الإيجاز و التطويل، حتى لا يستغلق و لا يمل، متجنبين التعمق الذي يكد الذهن، مراعين الوضوح الذي يلم بكل الدقائق و الإشارات، و المرامي و الغايات، متوخين ان يكون الرقم الذي في آخر الآية او جملة من الآيات، مطابقا للرقم الذي في مجمل المعنى، ليتيسر للدارس ان يطابق بين ما ورد في القرآن الكريم، و بين ما جاء في مجمل المعنى ...

و قد كان من دأبنا الأخذ بسنة التيسير في التعبير، و في بيان الحدود و الفرائض و الاحكام ... و بيان

اسباب النزول في اسلوب من القصة، و عرض للأحداث و الملابسات التي سبقت نزول الآيات.

و من ثم المخاطبين المفسرين، هم الدارسون و الطلاب، حتى يرجعوا الى كتابهم، فيهديهم الى الحق و الى طريق مستقيم» «1».

و لم يبينوا المصادر التي استفادوا منها إلّا البعض منها، و ما استفادوا من المأثورات بمناسبة الآيات، و مع هذا فقد تعرضوا للموضوعات الاعتقادية و الاجتماعية و الفقهية و الأخلاقية و غيرها.

و الخلاصة: كان من التفاسير التحليلية الهدائية، السهلة المفيدة لمن يتأمل في القرآن في عبارات موجزة من دون تعرض لمواقف الخلاف و الشتات. «2»

______________________________

(1) نفس المصدر.

(2) انظر ايضا: فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 346.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 319

41- تفسير القرآن الكريم

اشارة

العنوان المعروف: تفسير القرآن الكريم و إعرابه و بيانه.

المؤلف: الشيخ محمد علي طه الدّرّة الحمصي السوري.

مذهب المؤلف: السني.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 16.

طبعات الكتاب: دمشق بيروت، دار الحكمة، سنة 1402 ه- 1982 م الى 1412 ه- 1991 م، الطبعة الاولى، الحجم 24 سم.

آثاره و مؤلفاته:

1- فتح رب البريّة في اعراب شواهد جامع الدروس العربية و شرحها (مطبوع).

2- فتح القريب المجيب في اعراب شواهد المغني. (مطبوع) 3- شرح كتاب قواعد اللغة و العربية. (مخطوط) 4- اعراب المعلقات العشر و شرحها (مخطوط).

5- اعراب شواهد همع الهوامع و شرحها.

6- الحج و الحجاج في هذا الزمن. (مطبوع)

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 320

تعريف عام:

كان تفسيرا شاملا لجميع آيات القرآن، موجزا في تفسيره، مهتما في بيان اعرابه و بيانه، لم يسبق مثله في الجمع بين الاعراب و التفسير ايجازا و شمولا، و ان كان قد صنفت في ذلك كتب و لكن على سبيل اعراب بعض الكلمات الصعبة، أو حل بعض المعقد، او توضيح بعض المشكل، كما في إعراب ابي البقاء العكبري، و في إعراب مكي بن ابي طالب القيسي، او صنفت في ذلك مختصا على اعراب جميع آياته مرتبا، كما في «اعراب القرآن و بيانه» لمحيي الدين الدرويش في عشرة مجلدات، و «الجدول في اعراب القرآن» في خمسة عشر مجلدا، مع اضافة فهرسة لها، و ايضا قد صنفت كتب في بيان أسلوب القرآن، كما في كتاب: «دراسات لاسلوب القرآن الكريم» للشيخ محمد عبد الخالق عظيمة في أحد عشر مجلدا كبيرا، و غيرهم، و لكنها متفاوتة من جهة الشمول و الإيجاز، و الجمع بين الإعراب و التفسير.

قال مؤلف الكتاب في بيان دوافعه لتأليف الكتاب:

«إن الإعراب هو الوسيلة الوحيدة لفهم اسرار ذلك الكتاب، و الاطلاع على كنوزه لان الاعراب هو الذي يبين المحذوف و يقدره، او يشير إليه من قريب او بعيد، و لكن لم يصنف أحد منهم كتابا يتضمن الاعراب الكافي الوافي، و انما اقتصروا على إعراب بعض الصعب، او حل بعض المعقد، او توضيح

بعض المشكل ... و من يوم منّ اللّه عليّ بالجلوس على مائدة التأليف، فكرت باعراب كاف واف لكتاب اللّه تعالى، يجد فيه المبتدئ بغيته، و المنتهي أمنيته، و لا سيّما بعد أن طلب ذلك مني الكثير ممن قرءوا كتبي في الاعراب ... حتى استخرت اللّه تعالى كعادتى في جميع اموري و شئوني، فشرح اللّه صدري لهذا العمل». «1»

______________________________

(1) تفسير القرآن الكريم اعرابه و بيانه ج 1/ 4.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 321

منهجه

و أما منهجه في التفسير، فكان يذكر اسم السورة، و مكيّها و مدنيّها، و سبب نزولها، إن كان فيه سبب نزول، و فضلها و عدد كلماتها و حروفها و ترتيب نزولها، ثم يدخل في تفسير الآية بعد ذكر تمام الآية، فيشرحها كلمة كلمة، لغة و اعرابا، نحوا و صرفا، و ما يتعلق بذلك مشبعا، بما وصل الينا من اعراب كلمات القرآن.

و قد اعتمد في تصنيف الكتاب كما ذكر هو على تفسير الخازن، و الكشاف للزمخشري، و تفسير البيضاوي، و تفسير النسفي، و تفسير الجلالين، و حاشية الجمل عليهما (الفتوحات الالهية) و إعراب القرآن لأبي البقاء العكبري، و اعراب مشكل القرآن لمكي بن ابي طالب القيسي.

و كانت طريقته في القراءات، أن يذكر أوجه القراءات، و ما ينتج عنها من وجوه الإعراب، و استدل بان هذا لا يتنافى مع الإيجاز، فان الغاية ان يكون القارئ على علم بجميع وجوه الاعراب، و هو مما يساعد على فهم كتاب اللّه تعالى و الاطلاع على اسراره.

و لم يعتن بذكر الاحكام الفقهية و مذاهب العلماء.

و لقد حاول الشيخ طه الدرّة حقا، ان يجرّد كتابه عن الروايات الضعيفة، و ينتقد ما ذكره منها المفسرون، كما ذكر في قصة هاروت

و ماروت (آية 102) و اليك ما نصه:

«لقد ذكر المفسرون في هاروت و ماروت قصصا و حكايات هي اقرب الى الخرافات من الحقيقة، فأعرض عن ذكرها لتهافتها، و اكتفى بما ذكره البيضاوي في ذلك» «1».

و اما مميزات هذا التفسير و التنبيهات التي اشار اليها المؤلف فهي:

______________________________

(1) نفس المصدر/ 174.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 322

1- ان المتعلم المبتدئ يستفيد من شرح و تفسير كلام اللّه تعالى: افرادا و جملا.

2- بالنسبة للاعراب، لا يستفيد من هذا الكتاب إلّا الملم بقواعد النحو، اعني به معرفة الأفعال الخمسة، و أحوال إعرابها، و احوال اعراب المثنى، و الجمعين السالمين و أسماء الاشارة، و نحو ذلك ...

3- غاية التفسير نفع العامة و الخاصة، لهذا سلك في الاعراب طريق الاختصار بالنسبة لكتب الاعراب خوفا من الإطالة. بينما تجد احيانا توسع في الشرح و التفسير.

4- قد احال في الإعراب و الإعلال على آية سلفت في سورة سبقت، او آية في سورة تأتي بعد، و قد يقع مثل ذلك في التفسير «1».

و الخلاصة: كان التفسير لمن يرغب الجمع بين التفسير البياني و الأدبي، مع سياقة جديدة مفيدة جدا، أضف الى ذلك خلوه من المباحث غير المرتبطة، و الروايات الإسرائيلية التي لا تغني عن الحق شيئا.

______________________________

(1) نفس المصدر/ 5.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 323

42- التفسير القرآني للقرآن

اشارة

العنوان المعروف: التفسير القرآني للقرآن.

المؤلف: عبد الكريم الخطيب.

ولادته: ولد في سنة 1339 ه- 1920 م.

مذهب المؤلف: الشافعى.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1386 ه.

عدد المجلدات: 16.

طبعات الكتاب: القاهرة، دار الفكر العربي، سنة 1388 ه- 1967 م، الحجم 24 سم.

حياة المؤلف:

ولد في محافظة سوهاج من صعيد مصر في 17 مايو سنة 1920 م، تعلم الكتاب في قريته، و حفظ القرآن الكريم، ثم تخرج من مدرسة المعلمين بسوهاج، تخرج من دار العلوم سنة 1937 م، و حصل على شهادة الدراسات العليا في دار العلوم، اشتغل بالتعليم في المدارس الابتدائية و المعلمين و الثانوية. نقل الى وزارة الأوقاف سكرتيرا برلمانيا، و مدير المكتب الوزير عام 1953 م و بعد هذا تفرغ للتأليف.

كان عالما مفسرا فاضلا ضليعا، يتحلى بالمرونة و يتقبل الفكرة و يحترمها. أدّى

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 324

خدمات كبيرة في مجال تفسير القرآن الكريم «1».

آثاره و مؤلفاته:

1- النبي محمد (ص).

2- في طريق الاسلام.

3- نشأة التصوف.

4- السياسة المالية في الاسلامية.

5- محمد بن عبد الوهاب.

6- القضاء و القدر.

7- من آيات الاعجاز في القرآن.

8- التفسير القرآني للقرآن.

9- المسيح في القرآن و التوراة و الإنجيل.

تعريف عام:

يعد تفسيرا شاملا لجميع آيات القرآن، بيانيا تحليليا غير معتمد في تفسيره على الروايات و اقوال السلف، و لهذا صار متمايزا بين التفاسير بالنظر في كلمات اللّه و آياته. قد ابتدأ قبل التفسير بمقدمة بيّن فيها دوافعه لتأليف الكتاب.

اهدافه:

قال المفسر في مقدمة تفسيره: ان أهم عاملين صرفانا عن كتاب اللّه، الخلافات السياسية و المذهبية بين المسلمين، منذ الخلافة الراشدة و التعويل على الفقه تعويلا كاملا، و ربط المسلمين به ربطا محكما حيث تحول الفقه و الفكر الاسلامي الى

______________________________

(1) مع رجال الفكر في القاهرة، للسيد مرتضى الرضوي/ 200.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 325

قوالب جامدة لا تؤثر في حياة المسلمين ...

و من أجل هذا كانت صحبتنا هذه لكتاب اللّه تعالى، على هذا الوجه، الذي لا ننظر فيه الى غير كتاب اللّه، و الى تدبّر آياته، بعيدا عن طنين المقولات الكثيرة التي جاءت الى القرآن من كل صوب ... اننا في صحبتنا هذه للقرآن، لا نقيم نظرنا على غير كلماته و آياته، و لا نخط على هذه الصفحات غير ما يسمح لنا به النظر في كلماته و آياته» «1».

منهجه:

عند ما يتصدى لتفسير سورة من سور القرآن نجده يتكلم عن نزولها، و عدد آياتها و عدد كلماتها و عدد حروفها و اسمائها و محل نزولها مكية و مدنية، و هو في تفسيره لآية قرآنية نراه يتعرض للآيات المتناسبة التي تزيدها بيانا و تفصيلا، و قد يذكر سبب نزول الآية او الآيات، و يذكر صلة او مناسبة الآيات لما قبلها احيانا، و من حيث الاتجاه العلمي يؤكد أن القرآن ليس كتاب علم، و ان الرسالة الاسلامية لم تجئ لتقرير حقائق علمية «2»، و يحذّر مما ورد في التفاسير من الاسرائيليات و الأساطير، و يؤكد «الخطيب»: ان ليس في القرآن نسخ «3».

بيّن المفسر في مقدمة تفسيره، أنه صحب اثناء اعداد تفسيره، القرآن الكريم فقط، و لم ينظر الى غير كلماته و آياته، بعيدا عن طنين المقولات الكثيرة،

التي جاءت الى القرآن من كل صوب، و كادت تخفت صوته ... و أكد كما أشرنا سابقا:

«إننا في صحبتنا هذه للقرآن، لا نقيم نظرنا الى غير كلماته و آياته، و لا نخط

______________________________

(1) التفسير القرآنى للقرآن، التقديم ج 1/ 11.

(2) نفس المصدر/ 66.

(3) نفس المصدر ج 5/ 793.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 326

على هذه الصفحات غير ما يسمح لنا به النظر في كلماته و آياته». «1»

يستفاد من هذه الكلمات و تأكيده المستمر على انه لا ينظر الى غيره- اي القرآن-، موقفه السلبي في استفادته من السنة في التفسير و من مصادر التشريع الاخرى و الكلمات المأثورة و الصحابة و التابعين؛ اذ كان يعتمد على عقله الحر، و لا يستلزم في التفسير كتابا، و انما يعتقد أنه يقرأ في المصحف و يلقي ما يفيض اللّه على قلبه.

و ان كان قلّما يستفيد من الاحاديث في فهم الكلمات او السير و الغزوات «2».

و كان من منهجه في تفسير القرآن ان لا يخضع لمقاييس النحو، لانه قال:

«إنّ بلاغة القرآن أعظم و اسمى من ان تخضع لمقايس النحو و تحريفات النحاة، فليس في كلمات اللّه ما يحتاج الى علل النحاة و مماحكاتهم ليستقيم على علمهم، و لينضبط مع قواعدهم، و حسب القرآن ان يقول قولا، او ينهج اسلوبا، فيكون قوله الحق، و أسلوبه الفصل، و لا عليه ان تضطرب قواعد النحو و تتبلبل عقول النحاة» «3».

و مع هذا يعتمد في تفسيره على البيضاوي و مجمع البيان للطبرسي و غيرهما، مع أنه في كثير مما نقله لم يذكر القائل، او اذا ذكر القائل، لم يعيّن موضع كلامه.

و كان موقفه في التدبر و توجيهه بعض الآيات الكريمة توجيها عقليا بتحكيم العقل في

فهمها، او ايجاد نوع من الربط و التوازن بينها. و نموذج على ذلك ما قاله في بحث الجنة التي اهبط منها آدم، هل كانت في السماء أم في الارض حيث قال:

«و القرائن التي قدمناها في هذا البحث تميل بجنّة آدم الى الجانب الارضي و تقيمها على اي مكان من الارض، و قد سبق بعض قدماء المفسرين الى القول بهذا الرأي، الذي ربما انكره و فزع منه كثير من علماء القرن العشرين، فهذا ابو مسلم

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 1/ 11.

(2) التفسير القرآنى للقرآن، ج 15/ 1328.

(3) نفس المصدر، ج 1/ 36.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 327

الاصفهاني ... يقول عن جنة آدم، هي جنة من جنات الدنيا في الارض» «1». ثم اطال البحث في جواب الاشكال جوابا تدبريا عقليا.

و اما موقفه في المسائل الكلامية كمسألة الرؤية، فانه يعتقد ان المراد بالنظر الى اللّه هو النظر الى رحمة اللّه، و الطمع في رضوانه، و التعلق بالرجاء فيه، و أن عقولنا تلك، إنما خلقت لهذا العالم الارضي، اما عالم الآخرة فعقولنا بمعزل عنه، فكيف بذات اللّه سبحانه و تعالى؟ و كيف بعقولنا المحدودة القاصرة يراد لها ان تحتوي هذا الجلال الذي لا حدود له، و قوله سبحانه: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «2»، إشارة انه سبحانه لطيف لا يرى، اذ لو رئي لتحدّد، و لو تحدّد لتجسم، و لو تجسم لكان مركبا، و لو كان مركبا لكان مخلوقا، و سئل الإمام علي [عليه السلام]: هل رأيت ربك؟ قال: «نور انّي اراه؟» اي هو نور يملأ الوجود، ترى في نور انواره الموجودات ...

اما النور فلا تمسك به عين و لا يحدّه نظر، فكيف يرى هذا النور «3».

و

اما في المسائل العلمية التي ترتبط بالآيات، فانّه يفسر القرآن بالتفسير العلمي المقبول بما يتناسب مع هداية القرآن و فهمه في ضوء ما قال به العلم، و يتلمس الحكمة فيما عبر به و اتفق مع ما جاء به العلم، كمظاهره الطبيعية التي يشاهدها الناس و ذكرها القرآن و استمد منها لما هو غرضه من هداية الناس «4».

و الخلاصة: كان تفسيرا علميا عقليا تحليليا يفيد لمن رجع اليه و يستفيد منه اكثر مما يستفيد من كثير من التفاسير الموجودة المتعارفة «5».

______________________________

(1) التفسير القرآنى للقرآن ج 1/ 75.

(2) سورة الانعام/ 103.

(3) نفس المصدر ج 1/ 4 (الجزء السابع)/ 254، و ج 15 (الجزء التاسع و العشرون)/ 1338.

(4) نفس المصدر، ج 14 (الجزء السابع و العشرون)/ 681.

(5) انظر ايضا حول التفسير: اتجاهات التفسير في عصر الحديث للمحتسب/ 71.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 328

43- تفسير القمي

اشارة

العنوان المعروف: تفسير علي بن إبراهيم القمي.

المؤلف: علي بن إبراهيم بن هاشم القمي.

وفاته: توفي بعد سنة 307 ه- 919 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 2.

طبعات الكتاب: الطبعة الثانية، بيروت، سنة 1387 ه- 1968 م.

الطبعة الثالثة، بيروت، سنة 1404 ه- 1983 م، مع تصحيح و تعليق السيد طيب الجزائري، الحجم 24 سم.

الطبعة الرابعة، قم، مؤسسة دار الكتاب للطباعة و النشر، سنة 1409 ه- 1988 م.

حياة المؤلف:

هو أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن هاشم القمي، عاش الى سنة 307 ه، و هو ثقة و أجل الرواة عند الشيعة الاثني عشرية. و هو الذي روى عنه محمد بن يعقوب الكليني كثيرا، كان في عصر الامام العسكري عليه السلام، و ابوه ابو علي إبراهيم بن هاشم شيخ القميين و وجههم، و قد حكى الشيخ و النجاشي و غيرهما من

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 329

الاصحاب الامامية، أنه اوّل من نشر احاديث الكوفيين بقم. و روى الصدوق في عيون اخبار الرضا عن حمزة بن محمد بن أحمد عن علي بن إبراهيم «1».

آثاره و مؤلفاته:

1- كتاب التفسير.

2- في الناسخ و المنسوخ.

3- المغازي.

4- في الشرائع.

5- كتاب التوحيد و الشرك.

6- كتاب فضائل امير المؤمنين علي (ع).

7- اختيار القرآن.

8- كتاب الانبياء.

و زاد «النديم»: كتاب المناقب و كتاب اختيار القرآن «2».

تعريف عام:

كان تفسير علي بن إبراهيم من اشهر مصادر تفسير الامامية، المتنهج بنهج المأثور، و من اقدم التفاسير المأثورة التي وصلت الينا، واصل من اصول التفاسير، و رواياته مروية عن الصادقين (عليهم السلام)، مع قلة الوسائط و الاسناد، و مؤلفه كان في زمن الامام العسكري عليه السلام، و ابوه الذي روى هذه الاخبار لابنه كان من اصحاب الامام الرضا (عليه السلام)، و متكفّل لبيان كثير من الآيات القرآنية التي يعين على فهم مرادها بمعونة ارشاد اهل البيت (عليهم السلام).

______________________________

(1) تفسير القمي، ج 1/ 10.

(2) بهجة الآمال في شرح زبدة المقال للعلياري ج 5/ 355.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 330

و لكن يرد سؤال هنا هل هذا الكتاب الموجود بايدينا، هو ذلك الكتاب المعروف الموصوف او غيره؟

ذهب جماعة من المحققين المعاصرين الى أن هذا الكتاب غير ما ألّفه علي بن إبراهيم في تفسير القرآن، و هذا التفسير منسوب و منحول اليه، و ليس من علي بن إبراهيم بقرائن و شواهد جلية، كما كان كذلك في التفسير المنسوب الى الامام الحسن العسكري (ع). «1»

قال العلامة الكبير «آغا بزرك الطهراني»، في ذلك ما ملخصه:

«و لخلوّ تفسيره هذا عن روايات سائر الأئمة «عليهم السلام»، قد عمد تلميذه الآتي ذكره، و الراوي لهذا التفسير عنه على ادخال بعض روايات الإمام الباقر «عليه السلام» التي أملاها على «ابي الجارود» في أثناء هذا التفسير و بعض روايات اخر عن سائر مشايخه مما يتعلق بتفسير الآية و يناسب ذكرها في ذيل

تفسير الآية، و لم يكن موجودا في تفسير علي بن إبراهيم، فادرجها في اثناء روايات هذا التفسير ... و التلميذ هو الذي صدر التفسير باسمه في عامة نسخه الصحيحة التي رأيناها ...

و بالجملة يظهر من هذا الجامع، أن بناءه على أن يفصّل و يميّز بين روايات علي ابن إبراهيم، و روايات تفسير ابي الجارود بحيث لا يشتبه الأمر على الناظرين في الكتاب ... و إنما يعرف طبقة ابي الفضل و مقدار معلوماته عن مشايخه و مروياته، و إلّا فلم يوجد لأبي الفضل العباس هذا ذكر في الاصول الرجالية» «2».

و قال الاستاذ محمد هادي معرفة في حق التفسير مستظهرا من تلك العبارات

______________________________

(1) انظر تفصيل الكلام حول التفسير المنسوب الى الامام الحسن العسكرى: خلاصة الرجال للعلامة الحلى/ 256، و آلاء الرحمن للبلاغى/ 49؛ و الاخبار الدخيلة للتسترى، ج 1/ 152؛ و معجم رجال الحديث للامام الخوئى، ج 13/ 159.

(2) الذريعة الى تصانيف الشيعة ج 4/ 302.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 331

و الشواهد الجلية:

«تقدم أنّ هذا التفسير منسوب اليه من غير ان يكون من صنعه، و انما هو تلفيق من املاءاته على تلميذه ابي الفضل عباس بن محمد العلوي، و قسط وافر من تفسير ابي الجارود، و زياد بن منذر، ضمه اليها «ابو الفضل» و أكمله بروايات من عنده، كما وضع له مقدمة، و اورد فيها مختصرا من روايات منسوبة الى امير المؤمنين عليه السلام في صنوف آي القرآن.» «1»

فعلى هذا، يستفاد من هذه العبارة انّ الكتاب من مؤلف آخر غير معلوم عندنا اسمه، مع الاعتراف بان قسما كثيرا من مروياته عن طريق على بن إبراهيم- كما أشار اليه صاحب الفضيلة و التحقيق «آغا بزرك الطهراني» و

اشار اليه اجمالا في تقديمه ايّاه للكتاب- و قسما آخر متخذا عن تفسير ابي الجارود و روايات أخر اخذت من مشايخه.

مضيفا الى ذلك، أن مقدمة الكتاب تشتمل على اعوجاجات و اختلاقات كثيرة، و منها القول بتحريف القرآن، و عدم اسناد الروايات الى علي بن إبراهيم، إلا بواسطة يخفي حال راويه.

و يظهر ان مؤلف الكتاب ممن عاصر الكليني و لم يدرك على بن إبراهيم، و لهذا نقل عن علي بن إبراهيم مع الواسطة، و يمكن ان يكون المؤلف ابو الفضل العباس ابن محمد بن قاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر كما أشار اليه الاستاذ الشيخ هادى معرفة، و هذا الشخص مجهول و لم يوجد له ذكر في الاصول الرجالية، كما مرّ آنفا نقلا عن كلام صاحب الذريعة.

و اعتماد الامامية على تفسير علي بن إبراهيم، لا يدلّ على اعتمادهم على هذا الكتاب و مؤلفه.

و الشاهد على ذلك أن الروايات المنقولة عن علي بن إبراهيم في التفسير لم تكن

______________________________

(1) صيانة القرآن من التحريف/ 187.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 332

موجودة في هذا الكتاب، و اعتماد المتأخرين لا يدل على شي ء «1».

منهج التفسير

كان التفسير الذي وصل بايدينا من التفاسير المأثورة المؤولة الذي ينكرها العقل، و يبعد عن ظاهر اللفظ، و من قبيل الاخبار التي تسير سير التأويل و الانطباق و الجري و التطبيق.

اضف الى ذلك، أن فيه من الاخبار المشتملة على الغلو و الوهن، و هذا ما نجده في نقله للرواية التي في ذيل آية: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها «2» فروى عن معلى بن خنيس عن ابي عبد اللّه (ع):

إن هذا المثل ضربه الله لامير المؤمنين، فالبعوضة امير المؤمنين، و ما

فوقها رسول اللّه «3».

و كذلك كثير من التطبيقات التي نقلها بعنوان الرواية عن الأئمة المعصومين (ع) بمناسبة كل آية و سورة.

و من جهة اخرى كان القمي يسلك في منهجه التفسيري، منهج التفسير بالمأثور كتفسير البرهان للبحراني، و نور الثقلين للحويزي، و الدر المنثور للسيوطي، و الكشف و البيان للثعلبي، و كان هدفهم من ذلك جمع كل ما روي عن النبى (ص) و اهل البيت (ع) و الصحابة بمناسبة الآية، و ان كان الخبر ضعيفا غير موافق مع ظاهر الآية و العقل السليم، و لهذا قد جمعوا الغث و السمين، و هذا العمل و ان كان غير حسن، و لكن لا يدلّ على قبولهم و حجيتها عندهم، و لا يدلّ على اعتقادهم بما رووه في كتبهم.

______________________________

(1) انظر مجلة كيهان انديشه بحث للسيد أحمد الموسوي العدد 32/ 82.

(2) سورة البقرة/ 26.

(3) تفسير القمى، ج 1/ 35 طبعة مؤسسة دار الكتاب.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 333

و كان التفسير مبتدئا بمقدمة في فضيلة القرآن، و التمسك باهل البيت، و اشتمال القرآن على الناسخ و المنسوخ و المحكم و المتشابه، و التحريف و التأويل، و الردود على الفرق و الملل. «1»

______________________________

(1) انظر: الذريعة الى تصانيف الشيعة ج 4/ 302، و بين الشيعة و السنة دراسة مقارنة في التفسير و اصوله لعلي سالوس/ 175، و طبقات مفسران شيعه (بالفارسية) لبخشايشي ج 1/ 567 و ج 2/ 363 و مجلة كيهان انديشه من مقالة السيد احمد الموسوى، العدد 32/ 82، و صيانة القرآن من التحريف لمحمد هادي معرفة/ 187، و التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف للسيد على الحسيني الميلانى/ 110.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 334

44- تفسير كاشف (التفسير الكاشف)

اشارة

العنوان المعروف: تفسير

كاشف (صورة للشكل الموزون لسور القرآن و العلاقة بين آياته) المؤلفان: الدكتور عبد الكريم بى آزار الشيرازى- الدكتور سيد محمد باقر الحجتي.

ولادتهما: ولد الدكتور الحجتي في سنة 1311 ش، و الدكتور الشيرازي في سنة 1323 ش.

مذهب المؤلفين: الشيعي الاثنا عشري اللغة: الفارسية عدد المجلدات: 12.

طبعات الكتاب: طهران: دفتر نشر فرهنگ اسلامى (مكتب النشر للثقافة الاسلامية، الطبعة الاولى، 1363 ش (1404 ه) و الطبعة الثانية 1366 ش (1407 ه)، الحجم: 24 سم

حياة المؤلفين:

1- حياة السيد محمد باقر الحجتي

الدكتور السيد محمد باقر الحجتي، محقق باحث و كاتب شهير، و استاذ علوم القرآن في جامعة طهران (كلية الهيات) ابن حجة الاسلام السيد محمد الحجتي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 335

و حفيد آية الله السيد محمد باقر الحجتي الطبرسي.

ولد في سنة 1311 ش في بيت علم و تقوى في مدينة بابل من محافظة مازندران (طبرستان) الايرانية.

درس الابتدائية و العلوم الدينية في بلدته حتى سنة 1330 ش (1370 ه) ثم دخل الى طهران ليواصل دراسته في مدرسة المروى و بعد مدة قام بتدريس العلوم الدينية لطلاب هذه المدرسة (الاشارات و المطول و المكاسب)، و استفاد من الدروس الفلسفية للسيد ابي الحسن الرفيعي القزويني و العلامة الشعراني و العلامة الشهيد المطهري، و قد حاز درجة الليسانس في الفقه و مبانيه و الماجستير في العلوم التربوية و الدكتوراة في الحكمة و الفلسفة الاسلامية، و عيّن مدرسا في كلية الالهيات في جامعه طهران ثم مدير التحقيقات و عميد كلية القرآن في جامعة «تربيت مدرس».

آثاره و مؤلفاته:

إن كتب المؤلف في علوم القرآن بلغت سبعة و عشرين عنوانا نذكر أهمها:

1- تاريخ القرآن (پژوهشى در تاريخ قرآن كريم) بالفارسية.

2- اسباب النزول (بالفارسية).

3- تاريخ قراءة القرآن الكريم.

4- ابن عباس و مكانته في التفسير.

5- الميثاق في القرآن.

6- درآمدى به اهداف سوره هاى قرآن كريم. (اهداف كل سورة و مقاصدها).

7- فهرست النسخ في علوم القرآن و تفسيره. «1»

2- حياة الشيخ عبد الكريم بى آزار الشيرازي

هو عبد الكريم بى آزار الشيرازى من العلماء و الباحثين المعاصرين و صاحب

______________________________

(1) مجلة مرآة التحقيق (آينه پژوهش) العدد الاول/ 50.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 336

تأليفات كثيرة ولد سنة 1365 ه (1323 ش) في مدينة شيراز، درس مقدمات العلوم الدينية في بلده ثم رحل الى النجف، ثم الى قم ليستفيد من جهابذة العلم، و منهم الامام الخميني، ثم رحل الى «كندا» جامعة «مك جيل» سنة 1354 ش ليواصل دراسته و بحوثه.

شرع بالتدريس في سنة 1361 ش في الجامعات الايرانية، و هو الآن عميد في كلية الشريعة (الهيات) في جامعة الزهراء، و قد الّف اكثر من مائة كتاب.

أهم آثاره و مؤلفاته.

1- الاحكام الشرعية في تنظيم جديد. (رساله نوين) (بالفارسية).

2- الوحدة الاسلامية، او التقريب بين المذاهب السبعة.

3- الميثاق في القرآن (بالانكليزية).

4- الاسلام ديانة وحدة (اسلام و همبستگى) (بالفارسية).

5- الأسس العلمية في ترجمة منتظمة من القرآن (مباني علمى ترجمه پيوسته و تفسيرى قرآن) (بالفارسية). «1»

تعريف عام

يعدّ تفسيرا جديدا في بيان الشكل الموزون لسور القرآن و نظمها و مناسبات الآيات و السور و تبيينها و تفسيرها، مع الاهتمام بالبيان اللغوي، و ترجمة تفسيرية موجزة للقرآن، و ذكر الصور و الاشكال و الجداول الإحصائية و الرسوم الجغرافية لتوضيح المعني بما يتعلق بالآية و السورة.

ذكر المؤلفان في مقدمة الكتاب كلاما يدور حول احتياجات عصرنا بالنسبة الى

______________________________

(1) مجلة كيهان انديشه، العدد 28/ 238.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 337

تفسير موجز من القرآن بحيث يتناسب مع احوال الناس و احتياجاتهم.

قال «بي آزار الشيرازي» في مقدمة تفسير الكاشف حول دوافعه لتأليف الكتاب.

«ان ترجمة كلام اللّه و وضعه على نحو كلام البشر- و ذلك باللغة الفارسية التي هي بالنسبة الى اللغة العربية محدودة جدا- كوضع ماء المحيط في قدح و وزن ضوء الشمس بالمكيال- بالاضافة الى ذلك إنّ كثيرا من الالفاظ قد بدّلت و غيّرت في طول التاريخ، و كثير من الآيات لها ظروف و خصوصيات بدون الالتفات إلى هذه الظروف و الخصوصيات تبقى مبهمة و غير مفهومة و مطالبها مشتبهة و غير مترابطة.

و في هذا الخضم انبرى عدد من المفسرين للحصول على حقائق و علوم هذا الكتاب السماوي بالاعتماد على كتب التفسير، و هذا العمل ليس سهل و مقدور لجميع الناس من جهات:

1- لأن اغلب الناس ليس عندهم الوقت الكافي.

2- أن نفس مطالعة عدة اجزاء من كتب التفسير بالحجم الكبير من المجلدات ممل و

لا يتيسر لجميع الناس.

3- بالاضافة الى طول المباحث التفسيرية التي ادت الى تشتت هذه المباحث، و أدت الى الاحساس بان الآيات القرآنية غير مترابطة مع بعضها البعض.

هذه الامور دفعتني عن طريق الاستفادة من التفاسير المختلفة و الاهتمام بالترابط بين الآيات، أن أضع تفسيرا مترابطا و متماسكا مع ابحاثه التفسيرية و اوسع و اشمل من التفاسير المتداولة، مع اختصاره بطريقة تفسيرية جديدة، و بيان الترابط بين الآيات القرآنية مع تقسيماتها و توضيح مفاهيم بعض الكلمات التي لم تذكر في التفاسير الاخرى، مع بيان علل و اسباب النزول لبعض الآيات و ذلك في هامش الكتاب» «1».

______________________________

(1) تفسير كاشف، ج 1/ 10.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 338

ابتدأ بمقدمة مفصلة في بيان منهجهما التفسيري، و كان العمل في تأليف الكتاب مقسما بينهما، فإن بيان ارتباط السور و تقسيم المواضيع و اشتقاق اللغات و وضع الصور للمناظر الطبيعية و النباتات و القصص و الجداول الاحصائية، و كل ما يرتبط بتوضيح الآية من الاستاذ «بى آزار الشيرازي» و ترجمة القرآن و الشرح اللفظى للكلمات من الدكتور الحجتي.

قد اعتمدا في تفسيرهما على اكثر من مائة مصدر اشار المؤلفان اليها في نهاية المجلد الاول، و هذه المصادر تبحث حول التفسير و علوم القرآن و التاريخ و الأدب و اللغة و المصادر الاجنبية. و من أهم المصادر في التفسير: «التفسير الكبير» (مفاتيح الغيب) للرازي، و تفسير «الكشاف» للزمخشري و «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير، «و روض الجنان و روح الجنان» لأبي الفتوح الرازي، و «تفسير القرآن الكريم» لملا صدرا، و «غرائب القرآن» للنيشابوري، و في «ظلال القرآن» لسيد قطب، و «مجمع البيان» للطبرسي، و «المنار» لمحمد عبده و رشيد رضا.

و من المصادر اللغوية، «لسان

العرب» لابن منظور، و «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس، و «مفردات الراغب» للاصفهاني.

منهجهما

و كانت طريقتهما في التفسير، بيان أهم مواضيع السورة و العناوين العامة فيها، ثم تفسير الآية بترجمتها و توضيحها موجزا و بيان اشتقاق اللغة و الادب و البلاغة، مع الاستشهاد بالاشعار الفارسية و العربية، و بيان معني الكلمة مستشهدا بالآيات و الروايات، و ذكر أسباب النزول، اذا ذكر لها سبب للنزول.

يميل المفسران الى اتباع طريقة معينة في التفسير، تتلخص في: التأكيد على علم المعاني و البيان و الرجوع الى جذور الكلمات لاستنباط المفردات على اكمل وجه. و كذا بيان شرح و توضيح المفردات و المرادفات، خصوصا في الالفاظ التي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 339

كانت من المصطلحات القرآنية، و مفسرة في ذات القرآن مثل: «المتقين»، «الكافرين»، «الظالمين» و «المنافقين»، اذ أنهما استدلا الى أن هذه المصطلحات القرآنية لا يمكن ترجمتها بدقّة إلا بالاستعانة بآيات اخرى، و اماكن استخدامها لاعطاء مفهوم واضح عن تلك المصطلحات.

و من منهجهما في التفسير، الاهتمام بمواطن المعاني. فبالاضافة الى المعاني الانفرادية للكلمات و الآيات، فانّهما يعتقدان أنّها اذا اجتمعت في نظام و قالب واحد في سورة فإنّها تكسب مفاهيم جديدة و علاقة فيما بينها و بين سائر الكلمات و الآيات الاخرى، و مثال على ذلك كلمة: «ولي» و «اولياء» فإنّهما تملكان ستة معان، لكنها تتجسد بمعنى مناسب و مستقل بذاته في كل آية، و لهذا لقد فسرتا طبقا للطريقة المذكورة بدقة و حساسية.

و من الأمور الجديرة بالذكر في هذا التفسير، دراسة و بحث الافكار و التصورات لعرب الجاهلية، مع ظهورها، و التي تبيّن بوضوح الظروف الثقافية و العقائدية لنزول الوحي، التي يمكن من خلالها معرفة الشخصيات التي خاطبها

القرآن، و تهيئة الارضية الصحيحة لنا لفهم مجموعة من الآيات القرآنية.

و من خصائص هذا التفسير، الاهتمام بتوضيح و شرح الترابط و التآليف مع تصانيفها و المفاهيم المتغاضى عنها لبعض الكلمات، من أجل فهم افضل للقرآن.

و لا بدّ ان نشير الى أنّ مسألة الترابط بين الآيات من النقاط المهمة لهذا التفسير، اذ قليلا ما نجد ان تفسيرا أخذ هذه النقطة المهمة بنظر الاعتبار.

لقد اهتمّ بعض المفسرين الأوائل ببيان التنسيق و التناسب الموجود في الآيات و السور، كالامام فخر الدين الرازى في كتابه «مفاتيح الغيب»، و برهان الدين البقاعي في «نظم الدرر في تناسب الآيات و السور» و نظام الدين النيشابوري في تفسير «غرائب القرآن»، و الثعلبي في كتابه «الكشف و البيان» و ابي بكر بن عربي في «احكام القرآن».

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 340

و من المفسرين الجدد من اهتم بذلك امثال العلامة الشيخ محمود شلتوت في «تفسير القرآن الكريم»، و الشهيد سيد قطب في «ظلال القرآن»، و سعيد حوى في «الأساس في التفسير»، و ربّما العلامة الطباطبائي كذلك في تفسير الميزان.

فقد ذكر الشيرازي في مقدمته عن هذا المنهج:

«ان القرآن الكريم، كل مترابط و مجموع متماسك، و كما أشار البروفسور:

«عرفان شهيد» في مقالته الى ذلك قائلا:

«ان الاهتمام و العناية بالعلاقة و الترابط الموجودين بين الآيات في سور القرآن له اهمية كبيرة، حيث أنّ تفكيك آى القرآن و تفسير كل آية او كلمة بمعزل عن السور، يسبّب و قبل كل شى ء ضررا كبيرا للقرآن بحد ذاته».

و ممّا يؤسف له، ان بعض المفسرين و أغلب المستشرقين لم يعيروا أدنى اهتمام بالعلاقة بين الآيات و المقاطع المختلفة للسور. و تصوّروا القرآن كآيات متناثرة، منفصلة بعضها عن البعض. و أنها

جمعت اعتباطا لتكون بهذا الشكل. الا أن نظرة فاحصة في تاريخ النزول للقرآن و طريقة جمعه، توضّح لنا أنه و ان كانت اجزاء معينة في القرآن قد نزلت على الرسول الاكرم في ازمنة مختلفة. خلال نيف و عشرين سنة- فإنّه «ص» كان يعيّن مكان نزول كل آية او سورة بدقة، و قد عمد اصحابه على هذا الأساس بحفظ و تدريس القرآن على المنوال و الترتيب اللذين عيّنهما الرسول «ص».

و في هذا التفسير لا نقتصر فقط باتّباع مسلك الترابط و التآلف و العلاقة بين الآيات و حسب، بل و كذلك الترابط و التآلف بين الاجزاء و الاقسام المختلفة للسور، و ذلك بالاستناد على آيات القرآن نفسها، و تعتبر هذه الطريقة و المنهج جديدة لم يسبق لها مثيل» «1».

و من طريقتهما في التفسير، العناية بتفسير القرآن بالقرآن لفهم معانيه و كلماته، و يمكن ملاحظة هذا الطراز الفريد من التفسير في مختلف البحوث.

______________________________

(1) تفسير كاشف/ 14.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 341

أضف الى ذلك، الاستعانة و الاستشهاد ببعض الاحاديث، كلّما اقتضت الحاجة و الضرورة الى ذلك، و بما أنّ المؤلفين من الشيعة الامامية، فقد رووا معظم أحاديثهم من كتب الحديث الشيعية عن طريق اهل البيت عليهم السلام.

و اهتم المفسران بذكر القصص و الحكايات بمناسبة تفسير الآية، مع وضع الصور الجذابة و المناسبة للقصص، كما فعلا في قصة بني اسرائيل في سورة البقرة «1»، و الخلافة و الامامة في آل إبراهيم «2» و قصة تغيير القبلة «3» و قصة طالوت و جالوت «4» و عزير النبي «5» و غيرها من الموارد الاخرى، و لكنهما اكتفيا بالقصص التي تتطرقت لها الآيات، و عدم الأخذ بالقصص الإسرائيلية و الموضوعة الموجودة في

بعض التفاسير.

و الخلاصة: كان التفسير من التفاسير الجديدة التي تهتم بالمنهج البياني و التحليلي و ترتيب نزول الآيات و التوسع و تكامل الفكرة، من أجل فهم أفضل للقرآن و ايجاد جاذبة أدبية علمية بحيث ينجذب عامة القرّاء الى تفسير كتاب الله العزيز مع الاجتناب عن الأبحاث الطويلة المملة.

______________________________

(1) نفس المصدر/ 86- 112.

(2) نفس المصدر/ 138.

(3) نفس المصدر/ 154.

(4) نفس المصدر/ 246.

(5) نفس المصدر/ 267.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 342

45- التفسير الكبير

اشارة

العنوان المعروف: التفسير الكبير، المعروف ب «تفسير ابن تيمية».

المؤلف: تقي الدين ابو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ... محمد بن تيمية الحراني.

ولادته: ولد في سنة 661 ه- 1262 م، و توفي في سنة 728 ه- 1327 م.

مذهب المؤلف: الحنبلي السلفي.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 7.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، بيروت، دار الكتب العلمية، سنة 1408 ه- 1988 م، الحجم 24 سم، تحقيق عبد الرحمن عميرة.

حياة المؤلف:

هو تقي الدين ابو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ... محمد بن تيمية الحراني، ثم الدمشقي الحنبلي. و تيمية، لقب جدّه الأعلى، ثم اصبحت علما للحفيد.

ولد في حران- بلدة قديمة تقع فى شمالي شرق الجمهورية التركية- سنة 661 ه.

قد عني بدراسة الحديث و علومه؛ و تعلم الخط و الحساب و حفظ القرآن الكريم،

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 343

ثم اقبل على دراسة الفقه، ثم اقبل على التفسير اقبالا كليّا، و بجوار دراسته لهذه العلوم درس علوما اخرى كانت سائدة في عصره، فدرس علوم الرياضة و علوم الجبر و تبحّر في علم المثلثات و الفلك، كان حنبلي المذهب و المسلك، و سلفيا في تفكيره.

توفى في العشرين من ذي القعدة سنة 728 ه، و مات الرجل في سجنه «1».

آثاره و مؤلفاته:

خلف ابن تيمية آثارا و مؤلفات كثيرة نشير الى بعض منها:

1- مقدمة في علم التفسير.

2- التوحيد.

3- منهاج السنة النبوية.

4- شرح العمدة في الفقه.

5- اصلاح الراعي و الرعية، او السياسة الشرعية في اصلاح الراعي و الرعية.

6- الدرة المضيئة في فتاوى ابن تيمية.

7- دقائق التفسير. (الذى جمعه من آثاره الدكتور الجليند)

تعريف عام

تفسير موجز غير شامل لجميع آيات القرآن، غير مطابق لمسماه «الكبير»، صغير الحجم، شامل لجزء من الآيات، بما رآه مشكلا امام نظر العلماء، مما يفيد أنه فسر القرآن، و بيّن ما فيه مختلفا.

و كان اكثر من مجلد منه يحتوي على مقدمات في تفسير القرآن تشتمل على مباحث بعنوان: الفرقان بين الحق و الباطل، و ما جاء من التفسير عن الرسول،

______________________________

(1) انظر ترجمته في: مقدمة التفسير من عبد الرحمن عميرة ج 1/ 37؛ و حقائق التفسير الجامع لتفسير الامام ابن تيمية ج 1/ 27 مقدمة المحقق.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 344

و التحريفات في التوراة و الإنجيل، و موارد جواز اتباع الظن و الاجتهاد، و مناقشة نفاة الصفات و المثبتين، و جماع الفرقان اتباع ما انزل من الرحمن، و بحث أن اهل الضلال هم أهل البدع و الشبهات، و بحث في بطون القرآن و انواع القلوب، و اختلاف العلماء في أن اسماء اللّه و صفاته في المتشابه ام لا؟ و غيرها من المباحث غير المرتبطة بمقدمات علم التفسير و الخارجة عن مدار مباحث علوم القرآن، و ان كان قسم من المباحث التي طبعت مستقلا مرتبطا بالموضوع و موجودا في المجلد الثاني من التفسير.

و كان هذا التفسير مجموعة من آثار ابن تيمية ك «دقائق التفسير» الذي جمعه الدكتور محمد السيد الجليند، بل كان يشبهه في تفسير كثير من

الآيات و المنهج، و لهذا كان تفسيره أقرب ما يكون الى التفسير الموضوعي للقرآن، ان لم يكن هو كذلك.

منهجه

لما كان تفسير ابن تيمية لم يتناول جميع آيات القرآن، و لا يتناول آيات السورة الواحدة بنفس الترتيب الموجود في المصحف، و لم يشغل نفسه بمشكلات الإعراب و البيان، و لا بمشكلات اللغة عموما، إلّا اذا عرضت له تأكيدا لمعنى او ترجيحا لدلالة معينة للكلمة على دلالة اخرى، و انّما صرف وكده الى الاسئلة التي سئل في فتياه، او مشكلات عصره، او تنقيته مما علق به من الشوائب؛ و ما دخل فيه من البدع و المنكرات عنده.

و مع هذا، قد تعرض للبحث الادبي و اللغوي و القراءات، فإنه كان يحتكم الى استقراء الاستعمال العربي و يبني احكامه عليه في اللغة، و لا يتقيد بآراء البصريين او الكوفيين، و اذا وافق أحد الفريقين، فإنّما يوافقه، لأن الاستعمال العربي يؤيد ذلك.

و ألمح إلى أنه كان يرتشف من «الصحاح للجوهري، و «معاني القرآن» للفراء، و «الكتاب» لسيبويه، و كتب ابن فارس، و كتب «معاني القرآن» و «تفسير القرآن»

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 345

للبغوي و الزجاج و المهدوي و ابن قتيبة و ابن الانباري و غيرها «1».

و ايضا قد اهتم بجانب القراءات، فكان يبحث في القراءة الواردة في الآية في ظل موضوع عام يتحدث عن قضية من قضايا العقيدة، او مسألة من مسائل الفقه او بحث من مباحث اللغة.

و كان موقفه بالنسبة الى العقل في تفسير القرآن، عدم تفسير القرآن بالرأي العاري من دليل اصولي، و لهذا لا يرى العقل مستقيم الادراك في الوصول منفردا الى حقائق الدين، بل لا بد من النقل، فهو لا يهمل العقل بل يطلبه،

فمثلا عند مناقشته لقضية وجود اللّه تعالى في العلو، قال ردا على اولئك الذين قالوا انه في السماء، اي بمعنى انه في جوف:

«و من قال، انه في السماء، فمراده انه في العلو، و ليس مراده أنه في جوف السماء، الّا أن بعض الجهّال يتوهم ذلك. و قد ظن طائفة ان هذا أظهر اللفظ، و لا ريب أنه محمول على خلاف هذا بالاتفاق» «2».

و مما يظهر من تفسيره، عنايته للتعرض للمباحث الكلامية، و تثبيت عقائده الحنبلية السلفية، و تهجمه على من خالفه في العقيدة و المذهب، و الاعتقاد بان العقيدة التي تبناها هى الحق الذي لا ريب فيه، و لا بد ان تتبّع، و الّا كان مخالفه عنده مستحقا لانواع الهجمات و التهمات.

قال الدكتور منيع عبد الحليم محمود في حق التفسير:

«و يؤخذ عليه اسهابه المسهب في توضيح رأيه و اكثاره من الاستدلال و التكرار فيما يستدل عليه، و انطلاقه مع فكرته في اسلوب عنيف جارف يستميل العامة، و لا يستسيغه كثير من الخاصة» «3».

______________________________

(1) ابن تيمية و القراءات لصبحى عبد الحميد/ 37.

(2) تفسير الكبير، ج 6/ 129- 141.

(3) مناهج المفسرين/ 200.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 346

و الخلاصة: ان تفسير ابن تيمية ليس تفسيرا بالمعنى المعروف، بل كان كتابا كلاميا جدليا يهتم مؤلفه بالجانب العقائدى و الجواب على المسائل المختلفة فيها، من دون رعاية لترتيب المصحف الشريف، و انما جمع محققه من مجموعة آثاره او تفسير سورة خاصة و سمى كتابه باسم: التفسير الكبير.

دراسات حول المفسر و التفسير

1- قد قام الدكتور محمد السيد الجليند بجمع مباحث التفسير لابن تيمية من مجموع كتبه و سماه ب «دقائق التفسير الجامع لتفسير الامام ابن تيمية». و المجلد الاول منه في مباحث علم

التفسير و علوم القرآن. القاهرة: دار الانصار، 1398 ه- 1978 م، الطبعة الاولى.

2- ابن تيمية و جهوده في التفسير. إبراهيم خليل بركة.

بيروت: المكتب الاسلامي، الطبعة الاولى، 1405، 24 سم.

3- ابن تيمية و منهجه في التفسير. ناصر الحميد.

المدينة المنورة: جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية رسالة دكتوراه، 1405 ه.

4- الامام ابن تيمية، و موقفه من قضية التأويل. محمد السيد الجليند. القاهرة:

الهيئة العامة لشئون المطابع الاميرية، 1393 ه- 1973 م، 451 ص، 24 سم.

5- اصول التفسير بين شيخ الاسلام ابن تيمية و بين غيره من المفسرين. عبد اللّه ديرية ابتدون. رسالة ماجستير من الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة عام 1405 ه- 1985 م.

6- ابن تيمية، و القراءات. دكتور صبحي عبد الحميد محمد عبد الكريم.

القاهرة: الطبعة الاولى، مطبعة الأمانة، 1406 ه- 1986، 206 ص، 24 سم «1».

______________________________

(1) انظر ايضا: تطور تفسير القرآن الكريم لمحسن عبد الحميد/ 127؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 200.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 347

46- تفسير كتاب الله العزيز

اشارة

العنوان المعروف: تفسير كتاب اللّه العزيز المعروف ب «تفسير هود بن محكّم الهوّاري».

المؤلف: الشيخ هود بن محكّم الهوّاري.

ولادته: ولد ما بين العقد الاول و الثاني من القرن الثالث الهجري، و توفي في حوالى 280 ه- 893 م.

مذهب المؤلف: الخارجي الإباضي.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، بيروت، دار الغرب الاسلامي، سنة 1990 م، تحقيق و تعليق بلحاج بن سعيد شريفي، الحجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو الشيخ هود بن محكّم الهواري من العلماء الخوارج الإباضية، عالم عاش في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري.

و لكننا لا نعرف بالتحديد عام مولده، و لكن يحتمل ان يكون في العقد الاول او الثاني من القرن الثالث كما ذكره صاحب التحقيق «بلحاج بن سعيد شريفي».

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 348

كان من قبيلة «هوّارة» من قبائل البرانس البربرية، و قد سكنت بطونها عدة مواطن في افريقية و المغرب (جنوب طرابلس المغرب و جنوب الحدود الجزائرية التونسية في الوقت الحاضر).

كان والده «محكّم» قاضيا عدلا متينا في اخلاقه، يجهر بالحق و لا يخاف في اللّه لومة لائم- كما وصفه الامام افلح بن عبد الوهاب.

نشأ في بادية معظم حياته في جبل اوراس، و في كنف هذا الوالد و تحت رعايته، نشأ الشيخ و قد أخذ العلم عن والده بعد حفظه لكتاب اللّه و غيره، و إنه قد تفقه من مجالس العلم و حلقات الدروس التي كانت تعقد بالمساجد في القرى الجبلية او البوادي.

سنة وفاته غير معلومة، و يحتمل انها كانت في حوالى سنة 280 ه «1».

تعريف عام

أقدم تفسير جزائري من الاباضية وصل الينا كاملا، بل من ثلاثة تفاسير موجودة من الاباضية. كان التفسير على طريقة المتقدمين و بشكل مأثور موجز لم يتعرض فيه للنحو و الإعراب.

قد حقق المقدّم و المحقق للكتاب بلحاج بن سعيد الشريفي عن الشيخ هود و علاقة تفسيره بالنسبة الى تفسير من سبقه و قال:

«لو جاز لي ان أضع للكتاب عنوانا غير الذى وجدته فى المخطوطات لكان العنوان هكذا: تفسير الشيخ هود الهوارى [لانه] مختصر تفسير ابن سلام البصري، لأن تفسير ابن سلام اصل لتفسير الشيخ هود الهواري، ما في ذلك شك» «2».

______________________________

(1) انظر

ترجمته مفصلا: مقدمة بلحاج بن سعيد محقق الكتاب من مجلد الاول من التفسير/ 7- 18.

(2) تفسير كتاب اللّه العزيز، ج 1/ 24 من محقق التفسير.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 349

و في الحقيقة لا بدّ ان يقال: «ان تفسير هود بن محكّم، اوّل مختصر لتفسير يحيى بن سلام البصري في صورته الكاملة او القريبة، إلّا ما لم تنسجم بافكاره و آرائه، كمسائل الكفر و الايمان و النفاق و الشفاعة» «1».

ابتدأ الشيخ هود بمقدمة و لكن الورقة او الورقات الاولى من مخطوطات هذا التفسير قد ضاعت في القرن الثالث الهجري او الرابع، و لم تصل الينا حتى الآن، و لذا لم نقف على أهدافه و مناهجه و معتمده و عمن يأخذ التفسير.

و قد تعرض في مقدمته الناقصة الموجودة في الكتاب حول اول سورة نزلت على النبي «ص»، و آخر ما نزل من القرآن، و اختلاف القراءات، و جمع القرآن، و تقسيم القرآن، و اشتمال القرآن على ظاهر و باطن، و النهي عن تفسير القرآن بالرأي.

منهجه

كانت طريقته ان يذكر سور القرآن كلّها آية آية، و يذكر فيها مكيّها و مدنيّها، ثم يذكر الأحاديث التي تبين الآية و تعين على فهمها.

«لقد اختصر المفسر، أغلب سلاسل الإسناد، او حذفها و اكتفى بذكر الصحابي الذي روى الحديث عن رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم). اما عن اسماء التابعين و تابعيهم و عن شيوخه هو، فلا نعلم عنهم الّا قليلا.

و كان الهوّاري يبدأ الكلام احيانا بقوله:

«قال بعضهم»، لو ذكر عن بعضهم ثم ياتي بالخبر. و ربما قال احيانا: «بلغني كذا و كذا، فيظن القارئ ان العبارة من قوله هو، و لكن عند المقارنة [بين كلامه و تفسير

______________________________

(1) نفس المصدر/

33.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 350

يحيى بن سلام] يتبين ان العبارة لابن سلام» «1».

أهم مصادر تفسير ابن سلام و بالتبع تفسير هود بن محكّم من تفاسير الصحابة:

تفسير ابن عباس، و تفسير ابن عمر، و تفسير ابن مسعود، و تفسير علي بن ابي طالب [عليه السلام] و غيرهم، و من تفاسير التابعين اعتمد كثيرا على تفسير الحسن و تفسير مجاهد.

و ايضا يكثر الرواية عن الكلبي و عن السّدي، و لذلك لا نعجب اذا وجدنا في تفسيره بعض الإسرائيليات التي يوردها بدون ان ينقدها او يعلّق عليها «2».

و من جملة ما رواه من الاسرائيليات في قصة هاروت و ماروت «3» و قصة التابوت «4»، و قصة آدم (ع) «5» و غير ذلك من الموارد المحشوة بالاسرائيليات و المرويات الباطلة التي لا يحصيها العد، و كذلك ما يتعلق بقصص الأمم و الاقوام السابقين، و قد روى عن بعض الصحابة و التابعين من غير بيان و تمييز لصحيحها من ضعيفها، مع حذف سندها و تعيين طريقها، كما كان كذلك في عصره و ما اقتضته ثقافة زمانه.

اما موقفه من حيث اعتقاده و ان كان غير بارز، و لكنه يظهر في موارد كمسألة الكفر و الايمان، و مسألة النفاق و الشفاعة مذهبه الإباضي، و يؤكد في كل مناسبة على ان الأيمان بالقول وحده لا يكفي؛ بل لا بدّ له من العمل الذي يحققه و يتم به، و هو يردّ بذلك على كل من يقول بالإرجاء و ان لم يصرح بلفظه «6».

______________________________

(1) نفس المصدر/ 37.

(2) نفس المصدر/ 29.

(3) تفسير هود بن محكم، ج 1/ 132.

(4) نفس المصدر/ 234.

(5) نفس المصدر/ 98.

(6) نفس المصدر/ 34 من مقدمة المصحح.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص:

351

و اما موقفه في غيرها من المسائل الكلامية و ما يخبر عن اعتقاده، فإنه يستفاد منه أنه كالعدلية يقولون باستحالة الرؤية مطلقا.

فمثلا عند تفسيره في قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «1» قال:

ناضِرَةٌ اي ناعمة، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ اي: تنتظر الثواب، و هي وجوه المؤمنين، و حدثني مسلم الواسطي، قال: سمعت أبا صالح يقول في قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ، قال: تنتظر الثواب من ربها. قال ابو صالح: ما رآه أحد و لا يراه أحد» «2».

______________________________

(1) سورة القيامة/ 23.

(2) تفسير كتاب اللّه العزيز، ج 4/ 444.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 352

47- التفسير لكتاب الله المنير

اشارة

العنوان المعروف: التفسير لكتاب الله المنير.

المؤلف: محمد الكرمي.

ولادته: ولد سنة 1340 ه- 1919 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 8.

طبعات الكتاب: قم، مطبعة العلمية، الطبعة الاولى، 1402 ه

حياة المؤلف:

هو الشيخ العلامة محمد بن محمد طه الكرمي الهويزي، من العلماء و الفقهاء الإماميين المعاصرين. ولد في سنة 1340 ه في «الهويزة» من بلاد محافظة خوزستان الايرانية.

تعريف عام

يعدّ تفسيرا شاملا لجميع آيات القرآن، سلك فيه المؤلف المنهج التحليلي في تفسيره من دون اهتمام لبيان اللغة و الأدب و القراءة و ما هو معروف و متداول بين المفسرين من ذكر قطعة الآية، ثم تفسيرها لغة و جملة، بل كان يتعقب فيه مفاد

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 353

الآية شرحا و توضيحا، بعبارات موجزة و معقدة و تراكيب غير مأنوسة.

قال الشيخ الكرمي في مقدمة تفسيره في بيانه الاجمالي حول تفسيره:

«ففي هذا الكتاب الذي تستعرضه ببصرك اولا؛ لينفذ منه إلى بصيرتك مجموعة أبحاث قام بناؤها على تركيز الحياة وفق الاصول الحيوية الصحيحة، التي ارشد اليها اللّه تعالى، و دعاة طريقه تعزيزا لبدائع العقول، و كان المحور الذي تدور حواليه هو القرآن الكريم الذي أنزله منزّله، ليكون قانونا مصونا تمشي على ضوئه أجيال البشرية.

و إنّما تخصصنا بالمباحث الحيوية الاجتماعية، لأنها الرصيد الأول لأفراد البشر، و ما سواها فعلى الهامش منها، و سوف تقرأ في هذا التفسير الوانا من النكات، و أنواعا من الفوائد، التي مخضت سيرة الكون و طلعت بصفوة كباقة من زهور تهشّ لها النفوس، و يهفو لها النظر» «1».

قد ابتدأ قبل التفسير بمقدمة موجزة في معنى القرآن و عظمته، و تركيبه و اسلوب براهينه و حججه، و كيفية ارشادات القرآن و حكمه و امثاله، و تاريخه و سيره. ثم بيان كيفية نزول القرآن و الخصائص المكية و المدنيّة.

لم يذكر في مقدمة الكتاب و لا تفسيره المصادر التي اعتمد عليها، و لم ينقل أقوال المفسرين في كتابه الا

قليلا، و ما نقل من الاقوال و الاخبار و الآثار، لم يسنده الى كتاب او مسند، و كان دأبه قليل النقل و الاسناد في الروايات. و كان طريق نقله من المرويات، اهل البيت عليهم السلام بقوله: «قد روى الامامية عن ابى جعفر الباقر» و «جاء في الأثر» و غير ذلك من العبارات.

منهجه

و طريقته في التفسير: هو ان يبدأ باسم السورة و محل نزولها و عدد آياتها، ثم بيان فضلها، ثم يذكر آية مع عنوان مختص في موضوع الآية، ثم يذكر سبب نزولها

______________________________

(1) التفسير لكتاب الله العزيز، ج 1/ 1. المفسرون حياتهم و منهجهم 354 منهجه ..... ص : 353

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 354

ان كان لها سبب نزول، و بيان الإطار العام و ما يستفاد من الآية شرحا بيانيا موجزا غير مقيد غالبا بذكر الادب و البلاغة و القراءة، و قد يؤكد على لغة خاصة في بيان معني الآية و تحليلها و تفسيرها اذا كان فيها غموض و ابهام، ثم يذكر بيانا تفصيليّا عن معنى الآية و دعوتها.

و منهجه في تقسيم الآيات بحسب الموضوعات و استخراجها منها، مع العناية بكتابتها في أعلى الصفحة.

و ما يستظهر من تفسيره، أنه يتطرق للأحكام المستنبطة من الآيات بشكل موجز، مكتفيا بذكر رأي الشيعة الامامية فيما يتعلق بالآية من حكم و استدلال و بيان حكم، و ذكر موارد الخلاف بين الشيعة و السنة من دون تعصب او قدح بالمذاهب الأخرى، كما نرى ذلك من خلال ذكره لآية الوضوء عند تفسيره لقوله تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ «1»، و تفسير قوله تعالى:

وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ ... «2» حول جواز المتعة «3»، و غير ذلك مما يختلف فيه

استنباطه، فإنّه يذكر اولا تفسير الآية ثم يبين موقف الشيعة مما يستنبط منها، فمثلا بعد بيان تفسير آية الوضوء قال:

«و قد حدّ [الآية] طولا بما بين قصاص الشعر و الذقن، و عرضا بما دارت عليه الإبهام و الوسطى، و حدّت الآية محل غسل اليد بالمرافق، و هو تحديد واضح، و تفيد كلمة «إلى» ان البدأة تكون من اطراف الاصابع، و لكن هذا الانصراف بدوي، و الحق إنها إنّما تقيد بالقطع تحديد محل الغسل، و انه ما بين الاصابع و المرافق، و لا تعرض لها بمكان الابتداء، و أنه من الاصابع، او من المرافق، و لكن السير الطبيعي قاض بانه من المرافق لانّه هو المنسجم دون العكس، و الغسل امر عرفي، و هو اجراء

______________________________

(1) سورة المائدة/ 6.

(2) سورة النساء/ 24.

(3) التفسير لكتاب الله المنير، ج 2/ 209.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 355

الماء على المحل المغسول ...

و قد قرأ وَ أَرْجُلَكُمْ بالنصب، يعني بالعطف على الوجوه و الأيدي، كما قرأ بالجرّ بالعطف على الرءوس، و هو الحق لجهات ...» «1»

ثم يذكر هذه الوجوه و يؤيّد موقف الشيعة في لزوم مسح الرجل و عدم جواز غسلها.

و ايضا يتعرض للمباحث العقائدية و الكلامية، و باعتبار انه من مفسرى الشيعة الامامية، يدافع عن عقائدهم في مسألة الامامة، و العصمة و الامر بين الامرين في الجبر و الاختيار، و التوحيد، و استحالة الرؤية «2»، و غير ذلك من موارد الخلاف بين الشيعة و اهل السنة من المعتزلة و الاشاعرة.

فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا «3»، تعرض لمسألة الجبر و الاختيار و ترجيح موقف الشيعة فيهما بقوله:

«توجد عقيدتان متضادتان في الوجود، حتى في المعتقدين

بصانع العالم و وجوده.

إحداهما: أن الانسان مجبور في تكاوينه و تكاليفه، فايمان المؤمن بالقسر و القهر، و كفر الكافر مثله.

و ثانيتهما: ان الانسان خلق هو و ما يختاره، و ان كل ما يحصل له، فهو نتيجة جدّه و سعيه، و كلّ ما يتخلّف عنه، فهو نتيجة تخلفه عن السعي و انكماشه.

و لا شك ان العيان يكذب كلا من هاتين العقيدتين.

اما العقيدة بكون الانسان مقهورا في كل أشيائه، فيكذبها وجدان الانسان من نفسه في التكاليف، انّه ان شاء الفعل، فعله، و إن شاء تركه، تركه، و وجدان الانسان

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 3/ 13.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 156، و ج 3/ 61، و 197 و 245.

(3) سورة الانعام/ 148.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 356

أصدق شاهد على ذلك ...

و اما العقيدة بكون الانسان مخيرا في كل أشيائه، و ليس مسيّرا اصلا، فيكذّبها في التكوينات، ان الانسان يرى نفسه تسعى للشي ء من جميع جوانبه و جهاته بكل جهد مقدور، فلا يتيسر له، مع العلم بأن مجاري سعيه صحيحة، و بحسب الجري الطبيعي يجب ان تكون منتجة، و هذا الأمر ممّا يجده كل انسان من نفسه، و ليس هناك شاهد صدق يعدله» «1».

و كان موقفه من الإسرائيليات، الاجتناب عن نقلها و ردّ من ينسب الى انبياء الله و ملائكته، و توجيه ما يوهم مخالفة ظاهره مع تفسير الآية، كما فعل ذلك في قصة هاروت و ماروت و ما نسب الى سليمان «2».

______________________________

(1) التفسير لكتاب الله المنير ج 3/ 245.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 125.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 357

48- تفسير المراغي

اشارة

العنوان المعروف: تفسير القرآن الكريم، المعروف ب «تفسير المراغي».

المؤلف: الشيخ أحمد بن مصطفى المراغي بك.

ولادته: ولد في سنة

1300 ه- 1883 م، و توفي في سنة 1371 ه- 1952 م.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1361 ه الى 1365 ه.

عدد المجلدات: 30 جزءا في 10 مجلدات.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، مطبعة المصطفى البابي الحلبي، سنة 1369 ه- 1950 م.

و قد اعيد طبعه على الطبعة الاولى بالافست في بيروت، دار احياء التراث العربي، سنة 1985 م، الحجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو الشيخ أحمد مصطفى بن محمد بن عبد المنعم المراغي، المفسر، الفقيه، شقيق محمد مصطفى المراغي شيخ الازهر «1»، (و صاحب بحوث تفسيرية).

______________________________

(1) انظر ترجمته و نشاطاته في علوم القرآن: التفسير و المفسرون للذهبي ج 2/ 590، و التفسير العلمي للقرآن في الميزان لأبي حجر/ 229؛ و منهج المدرسة العقلية الحديثة لفهد الرومى/ 188.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 358

ولد بالمراغة من اعمال مديرية جرجا في الصعيد في سنة 1300 ه، و نشأ بها، و تعلم بالقاهرة. تخرج بدار العلوم سنة 1909 م، ثم كان مدرسا بالشريعة الاسلامية بها، و ولى نظارة بعض المدارس، و عين استاذا للعربية و الشريعة الاسلامية بكلية غوردون بالخرطوم. و كان لامع الذكاء منذ طفولته، و عظيم الشخصية، نشأ محبا للاسلام. و من اساتذته و اشياخه: الاستاذ الامام محمد عبده، و محمد بخيت المطيعى، واحد الرفاعى الفيومي، و غيرهم.

توفي سنة 1371 ه- 1952 م بالقاهرة «1».

آثاره و مؤلفاته:

1- الحسبة في الاسلام. (مطبوع) 2- الوجيز في اصول الفقه. (مطبوع) 3- علوم البلاغة. (مطبوع) 4- مقدمة التفسير.

5- بحوث و آراء في فنون البلاغة.

6- الديانة و الاخلاق.

7- تفسير المراغي (الذي نحن بصدد تعريفه).

تعريف عام:

يعدّ تفسيرا شاملا يشاكل حاجة الناس في عصرنا في أسلوبه و طريق رصفه و وضعه، سهل المأخذ، يحوي ما تطمئن اليه النفس تدعمه الحجة و البرهان، و تؤيده التجربة و الاختيار.

و هو تفسير يشرح الالفاظ المفردة التي يصعب على القارئ فهمها لاول وهلة،

______________________________

(1) الأعلام للزركلى ج 1/ 258، و منهج المدرسة العقلية الحديثة لفهد الرومى/ 208.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 359

ثم يذكر المعنى المراد من الآيات بعبارة مختصرة، مع تجنب القصص الإسرائيلية المدسوسة، و الخرافات الدخيلة على علم التفسير، و استدل باحاديث الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بعض المواضيع، و بأشعار العرب و باقوال اهل اللغة و العلماء في البعض الآخر. قال المؤلف في بيان غرضه من التأليف:

«كثيرا ما سئلت أي التفاسير أسهل منالا و أجدى فائدة للقارئ في الزمن القليل؟ فكنت أقف واجما حائرا لا أجد جوابا عن سؤال السائل، علما مني بأن كتب التفسير على ما فيها من فوائد جمّة، و أسرار دينية عظيمة و ايضاح لمغازي الكتاب الكريم، قد حشيت بالكثير من مصطلحات الفنون ... الى أن هذه المؤلفات وضعت في عصور قد خلت باساليب تناسب أهلها ...

من جرّاء هذا رأينا مسيس الحاجة الى وضع تفسير للكتاب العزيز يشاكل حاجة الناس في عصرنا في أسلوبه و طريق رصفه و وضعه» «1».

ابتدأ قبل التفسير بمقدمة تشمل عناية المسلمين بتفسير الكتاب الكريم، و طبقات المفسرين من عصر الصحابة و التابعين الى من بعدهم، و طريق كتابة

القرآن الكريم، و آراء العلماء في التزام الرسم العثماني في كتابة المصاحف، و المنهج الذي سلكه في هذا التفسير، و مصادره من التفسير و اللغة و الادب و التاريخ و العلوم القرآن.

و كان اكثر اعتماده من التفاسير، تفسير الطبري، و الكشاف الزمخشري، و أنوار التنزيل البيضاوي، و غرائب القرآن النيشابوري، و تفسير ابن كثير، و البحر المحيط لأبي حيان، و روح المعاني للآلوسي، و المنار للسيد رشيد رضا، و تفسير استاذه الامام محمد عبده الذي قد صرح المراغي بأن له فضلا كبيرا فيما اقتبسه اثناء تفسير الاجزاء التي فسرها.

______________________________

(1) تفسير المراغى، ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 360

منهجه

و منهجه في التفسير، ذكر اسم السورة و عدد آياتها و محل نزولها و ترتيب نزولها و بيان مناسبتها لما قبلها.

و طريقته في التفسير، تقوم على تقسيم الآيات الى مقاطع جزئية، كل آيتين او ثلاث تكون مقطعا. و يبدأ كلامه حولها بتفسير الكلمات التي فيها بعض الخفاء- إن وجدت- ثم ببيان المعنى الجملي و بالايضاح المفصل لها و تفسيرها تفسيرا تحليليا، ثم يقسّم التفسير لموضوعات هي: شرح المفردات، المعنى الجملي، الايضاح، و في ختام السورة: مقاصد السورة.

و من طريقته ذكر ما ورد من اسباب النزول لهذه الآيات، إن صح عنده شي ء من ذلك، او لدى المفسرين بالمأثور.

و كان منهجه الإعراض عن ذكر الروايات المأثورة إلّا إذا تلقاها العلم بالقبول، و لم ير فيها ما يتنافر مع قضايا الدين التى لا خلاف فيها بين اهله. و الاجتناب عما ذهب اليه جمهور المفسرين مما تناسب اهل العصور السابقة. و الإعراض عن ذكر مصطلحات العلوم من نحو و صرف و بلاغة، الى اشباه ذلك مما ادخله المفسرون في

التفاسير، فقال المراغي في حق العناية بمقتضى حال العصر و لزوم التغيير في الاساليب التى لا بد في كتب التفسير:

«ضربنا صفحا عن ذكر مصطلحات العلوم: من نحو و صرف و بلاغة الى أشباه ذلك، مما أدخله المفسرون في تفاسيرهم، فكان من العوائق التي حالت بين جمهرة الناس و قراءة كتب التفسير، فقد وجدوا طلسمات و ألغازا يصعب عليهم فهمها و السير قدما في استيعاب قراءة التفسير، لأنها من الوان الصناعات التي يخصّ بها قوم من الناس ...

و لمّا كان لكل عصر طابع خاص يمتاز به عن غيره في آداب اهله و أخلاقهم و عاداتهم و طرائق تفكيرهم، وجب على الباحثين في هذا العصر مجاراة اهله في كل

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 361

ما تقدّم، فكان لزاما علينا ان نتلمس لونا من التفسير لكتاب اللّه بأسلوب عصرنا موافقا لأمزجة أهله» «1».

و يتعرض في مناسبات الآية للمسائل العقيدية و الكلامية، مع توجيه الآيات بما يراه صحيحا عنده.

فمثلا عند تفسير قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «2»، قال:

«و بهذا يعلم أنه لا تنافي بين هذه الآية و بين الاحاديث الصحيحة الدالة على رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة ...» «3».

و كذلك تعرض للاحكام الفقهية التي تعلّقت الآية بها، و نقل الروايات و الفتاوى من المذاهب الاربعة من غير توسع و بيان تفصيلي للحكم، بل الغرض تفسير الآيات و الاستدلال للحكم الموجود فيها، و ذكر الاسرار و الأحكام التي يمكن احتمالها في الحكم من الناحية الاجتماعية و العلمية.

و أما موقفه بالنسبة الى الاخبار الإسرائيلية، فإنّه مجتنب عنها، و لم يتعرض لهذه الاخبار حيث اتبع طريقة استاذه الشيخ محمد عبده في ذلك.

و يحذّر المسلمين من الاشتغال بها، فإنّه

قال في مقدمة تفسيره:

«أشار الكتاب الكريم الى كثير من تاريخ الامم الغابرة التى حلّ بها العذاب على ما اجترحت من الآثام، و إلى بدء الخلق و تكوين الارض و السموات، و لم يكن لدى العرب من المعرفة ما يستطيعون به شرح هذه المجملات التى أشار اليها الكتاب، اذ كانوا امة أمية في صحراء نائية عن مناهل العلم و المعرفة و الانسان، بطبعه حريص على استكناه المجهول، و استيضاح ما عزت عليه معرفته، فألجأتهم الحاجة الى الاستفسار من اهل الكتاب من اليهود و النصارى، و لا سيّما مسلمتهم

______________________________

(1) نفس المصدر/ 17.

(2) الانعام/ 103.

(3) تفسير المراغى الجزء السابع/ 207.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 362

كعبد اللّه بن سلام، و كعب الاحبار، و وهب بن منبّه، فقصوا عليهم من القصص ما ظنوه تفسيرا، لما خفى عليهم فهمه من كتابهم، و لكنّهم كانوا في ذلك كحاطب ليل يجمع بين الشذرة و البعرة و الذهب و الشبه ... فساقوا إلى المسلمين من الآراء في تفسير كتابهم ما ينبذه العقل، و ينافيه الدين، و تكذّبه المشاهدة، و يبعده كل البعد ما اثبته العلم في العصور اللاحقة» «1».

اما بالنسبة الى اتجاههم في التفسير العلمي، فمن جهة يؤكد على التحذير من سلوك هذا المنهج و التطرف فيه، لأن ذلك مما يشغل القارئ عن المقاصد العالية و الهداية السامية للقرآن الكريم.

و من جهة يحرض التفكير في آياته لما تضمنه من الاشارة الى أسرار الخلق و ظواهر الطبيعة، ليزداد ايمانا مع ايمانهم، و وجها من وجوه اعجازه، إذ فيها معرفة حقائق علمية تأخر العلم بها و الكشف عن معرفتها و اثباتها ثلاثة عشر قرنا.

فعلى سبيل المثال عند تفسير قوله تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ. خُلِقَ

مِنْ ماءٍ دافِقٍ. يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ «2»، بعد ما بيّن «المراغي» أن الولد يتكون من مني مدفوق من الرجل، فيه جرثومة حية دقيقة لا ترى إلّا بالآلة المعظمة (الميكرسكوب)، و لا تزال تجرى حتى تصل الى جرثومة نظيرتها من جراثيم المرأة و هى البويضة، و متى التقت الجرثومتان، اتحدتا، و كونتا جرثومة الجنين، و نقل عن «عبد الحميد العرابى» وكيل مستشفى الملك سابقا في نظرية الحمل و كيفية تكوين الجنين بما فيه من بيان اسرار التنزيل و وجوه الاعجاز، و اثبات ان في هذين الآيتين معرفة الحقائق العلمية، فقال:

«و اذا هدى الفكر إلى كل هذا في مبدأ خلق الانسان، سهل أن نصدق بما جاء

______________________________

(1) نفس المصدر، الجزء الاول/ 19، و نموذج من تحذيره و تشنيعه في القصص انظر: تفسير المراغى، الجزء التاسع/ 24.

(2) سورة الطارق/ 5 و 6 و 7.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 363

به الشرع، و هو البعث في اليوم الآخر، لأن خلق الانسان من اجزاء منتشرة متفرقة فى الكون، فالماء متولد من الاطعمة التى يتناولها الانسان، مجمعها الله، ثم جمع الابوين، ثم جمع ماءاهما في مكان واحد، ثم خلق منه الولد، و ليس في اعادته مثل ذلك» «1».

و الخلاصة: ان هذا التفسير في بيان الآية كان سهل التناول، واضح الغرض، المتناسب مع حاجة القارئ المتوسط في فهم آيات القرآن الكريم، المهدى بما يناسب هذا العصر و حاجاتهم التربوية و الهدائية. «2».

______________________________

(1) تفسير المراغى، الجزء 30/ 112.

(2) ايضا انظر: فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 387؛ و المفسرون بين آيات الصفات ج 2/ 302؛ و النحو و كتب التفسير ج 2/ 1058، و منهج المدرسة العقلية الحديثة لفهد الرومى/ 208.

المفسرون حياتهم

و منهجهم، ص: 364

49- التفسير المظهري

اشارة

العنوان المعروف: تفسير المظهري.

المؤلف: القاضي محمد ثناء اللّه العثماني المظهري.

ولادته: ولد في سنة 1143 ه، و توفي في سنة 1225 ه- 1810 م.

مذهب المؤلف: حنفي اشعري متصوف.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1196- 1212 ه.

عدد المجلدات: 10.

طبعات الكتاب: باكستان، كويته، المكتبة الحبيبية، الطبعة الاولى، سنة 1412 ه- 1991 م، حجم 28 سم، باهتمام احمد جان بستي.

حياة المؤلف:

هو الشيخ الأكمل مولانا القاضي محمد ثناء اللّه العثماني الحنفي المظهري النقشبندي الفاني فتي.

ولد في سنة 1143 ه ب «فاني فت» (پاني پت) من بلاد الهند اقليم «هريانا»، و نشأ بها فحفظ القرآن و عمره سبع سنين، و اشتغل بأخذ العلوم النقلية و العقلية، فتبحر فيها ثم ارتحل الى دهلي، فلزم العلامة البحر الفهّامة مولانا «الشاه ولي اللّه

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 365

المحدث الدهلوي»، فسمع الحديث منه بتمامه و كماله، و تفقّه فيه، و أخذ الطريقة النقشبندية اولا من شيخ المشايخ مولانا خواجه محمد عابد السنامي، ثم انسلك بخدمة الشهيد مولانا ميرزا جان خانان مظهر، و أخذ منه الطريقة الاحمدية بأكملها، ثم رجع الى وطنه و اقام به و افنى عمره الشريف في نشر العلوم و فصل الخصومات و افتاء الاسئلة، و الّف كتبا عديدة في التفسير و الفقه و غيرها تجاوز عددها الثلاثين توفي المظهري في غرة رجب سنة 1225 ه «1».

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير المظهري.

تعريف عام

يعدّ تفسيرا كاملا شاملا لجميع آيات القرآن، نهج فيه المؤلف المنهج البياني و التوضيحي، مع ذكره للمسائل الفقهية و الكلامية، و العناية بذكر الإعراب و اللغة و وجوه المعاني و القراءات، و التعرض لما ورد من المأثورات عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم و الصحابة و التابعين.

لم يكشف لنا عن غرضه من تأليف الكتاب، و منهجه في التفسير، و لا مقدمة في علوم القرآن، بل بدأ بتفسير القرآن من سورة الحمد الى آخر السور على غرار ترتيب المصحف الشريف.

اعتمد في تفسيره على من سبقه من مفسري الصحابة و التابعين، كعلي ابن ابي طالب عليه السلام و ابن مسعود و ابن عباس و سعيد بن جبير و مجاهد و الحسن و قتادة و غيرهم، و كذا من الطبري، و الزمخشري، و البيضاوي،

______________________________

(1) تفسير المظهري، ج 1/ مقدمة الناشر.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 366

و ابن الجوزي، و البغوي.

كان المظهري، مع أنه صوفي من الطائفة الاحمدية، لا يمزج التفسير بالمباحث الاشارية، و لم يدخل الرموز و الاشارات في التفسير الّا نادرا.

منهجه

و اما طريقته في التفسير: ذكر اسم السورة و محل نزولها و عدد آياتها و عدد ركعاتها (كما هو مصطلح عليه في طبعات المصحف في ديار الهند)، ثم ذكر قطعة من الآية و تفسيرها ببيان لغتها و صرفها و نحوها، و الاقوال التي فيها من الأدب و البلاغة و وجوه المعاني. و ذكر ايضا في هوامش التفسير الاضافات، من التوضيح المفصل، و الآثار التي وردت في فضل السورة و قراءتها و ناسخها و منسوخها، و ما فيها من الامور الكلية من الموضوعات.

و كان منهجه العام: بيان معنى الآية و تفسيرها و ما يرتبط

بالآية من اصول العقائد و الاحكام و القصص و الحكايات و الاخلاق بالبيان المفهم لعامة الناس من دون تعقيد و ابهام في العبارة.

قد اهتمّ في تفسيره بذكر الاخبار و الآثار الواردة عن النبي «ص» و الصحابة و التابعين.

و اما موقفه في المسائل الكلامية، فهو موقف اهل السنة و الجماعة لتفسير الآيات، المختصة بصفات اللّه و كلامه، و الكفر و الايمان، و الجبر و الاختيار، و بيان موقفهم و الرّد على الفرق الاخرى من المعتزلة و الشيعة و القدرية و المرجئة «1».

فمثلا عند تفسير قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «2» قال:

«استدل المعتزلة بهذه الآية على امتناع الرؤية، و أجمع اهل السنة على نفي

______________________________

(1) تفسير المظهري، ج 3/ 316.

(2) سورة الانعام/ 103.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 367

الرؤية في الدنيا، و اثباتها في الآخرة للمؤمنين في الجنة. و الاستدلال بها على الامتناع باطل بوجوه» «1».

ثم ذكر هذه الوجوه و استدل على جواز رؤية اللّه في الآخرة بما ورد من الاخبار، المؤيدة بنظره لرؤية اللّه في القيامة.

و كذا في ساير المباحث الكلامية المختلفة فيها بين اهل السنة و غيرهم من اصحاب المدارس و المذاهب الاخرى.

و كانت طريقته في بيان الاحكام اذا تعلقت الآية بذلك، بسطها و نقل الاقوال و ذكر الاستدلال فيها، و لا يقتصر في تفسيره على ذكر الأحكام التي يمكن أن تستنبط من الآية، بل نراه يستطرد الى كثير من المسائل الفقهية و الخلافات بين الائمة، مع تأييده لآراء اصحاب المذهب الحنفي. فمثلا عند تفسير قوله تعالى:

وَ إِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَ لَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ «2» تعرض بعد تفسير الآية لمسائل يبسط فيها، كمسألة: اذا اتم الرهن بالقبض خرج المرهون من

ملك الراهن يدا و بقي في ملكه رقبة، و مسألة وجوب نفقة المرهون على الراهن، و زوائد المرهون، و فروع مسألة موت الراهن، و ضمان الرهن في يد المرتهن، و فروع اخرى من المسائل الفقهية غير المرتبطة بتفسير الآية و ذكر الاقوال و الآثار فيها «3».

و كان موقفه في نقل الروايات الموضوعة و المدسوسة، بيان ضعفها و نقدها سندا و دلالة، تبعا لكثير من المفسرين، و كذلك في نقل الاسرائيليات، الّا أنّه قد وجّه بعض هذه الروايات، و أوّلها بمعنى إشاري، و نموذج لردّه لبعض هذه الروايات و توجيه بعض منها، هو ما ذكره في نقل قصة هاروت و ماروت بتفصيلها، ثم ذكر أن هذه القصة من أخبار الآحاد، بل من الروايات الضعيفة الشاذة، و لا دلالة عليها في القرآن

______________________________

(1) تفسير المظهري، ج 3/ 274.

(2) سورة البقرة/ 283.

(3) تفسير المظهري، ج 1/ 434.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 368

بشي ء، بل قال: «في بعض روايات هذه القصة ما يأباه النقل و العقل»، ثم وجّه كلام البيضاوي في تأويلها ايّاه، بانها من رموز الاوائل، حيث قال:

«لعلّ المراد بالملكين القلب و الروح و سائر لطائف عالم الامر، و إنّما ذكر الاثنين، مع أنّها خمسة لارادة التعدد، دون العدد المعين، او لأنّه قد ينكشف على بعض السالكين الاثنين منها القلب و الروح، دون البواقي.

فكفى ذلك الرجل عمّا انكشف عليها، و المراد بالمرأة، النفس المنبعثة من العناصر» «1».

و يلاحظ أن المظهري يؤول هذه الروايات الموضوعة التي يرفضها العقل و النقل، مع ما فيها من الضعف بقوله: «ان المراد من الملكين: القلب و الروح، و من المرأة:

النفس المنبعثة» حتى يصحّ عنده دلالة الخبر. فاذا كان الخبر من اخبار الآحاد و الروايات

الضعيفة الشاذة- كما صرّح هذا ... فالأحرى له ردّه و ابطاله، بدلا من الخوض في مثل هذه التأويلات التي هو في غنى عنها «2».

______________________________

(1) نفس المصدر ج 1/ 109.

(2) انظر موارد من هذه التأويلات للاخبار الإسرائيلية في: ارشاد العقل السليم، ج 7/ 222؛ و حاشية شيخ زاده على تفسير البيضاوي، ج 1/ 373؛ و تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة، ج 1/ 123؛ و روح البيان، ج 1/ 191؛ و تفسير الصافى، ج 1/ 160.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 369

50- تفسير النسائي

اشارة

العنوان المعروف: تفسير النسائي.

المؤلف: ابو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي.

ولادته: ولد في سنة 215 ه- 830 م، و توفي في سنة 303 ه- 915 م.

مذهب المؤلف: السني.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 2.

طبعات الكتاب: مكتبة السنة، دار السلفية لنشر العلم، الطبعة الاولى، سنة 1410 ه- 1990 م، حققه و علّق عليه و خرّج احاديثه صبري بن عبد الخالق الشافعي و سيد بن عباس الجليميّ.

حياة المؤلف:

هو الامام الحافظ ابو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي الخراساني، صاحب السنن.

و النسائي، نسبة الى نساء بلدة بخراسان (بين مرو و بلخ و هي قرية حاليا بين اسك آباد و عشق آباد).

ولد في سنة 215 في «نساء»، طلب العلم في صغره، فارتحل الى قتيبة بن

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 370

سعيد، و عمره 15 عاما، فأقام عنده ببغلان- و هي بلدة بنواحي بلخ- مدة سنة و شهرين، فارتحل الى الحجاز و مصر و العراق و البصرة و الكوفة و بغداد ... و أقام بمصر و عمّر و استوطنها، و كان يسكن زقاق القناديل و هي محلة مشهورة بمصر فيها سوق الكتب و الدفاتر، و قد روى في رحلاته هذه عن المحدثين الكبار، و شارك البخاري و مسلما و أبا داود و الترمذي في عدد كبير من الشيوخ و الأساتذة، و مما يذكر له ان رحلته لم تقتصر على أخذ الحديث، بل أخذ كذلك القراءات و الحروف من اهلها المختصين بها.

و قد تولى القضاء بمصر، و قيل بحمص ايضا.

توفي سنة 303 بفلسطين.

آثاره و مؤلفاته:

صنف الإمام النسائي كتبا كثيرة من أبرزها السنن، نذكر للقارئ أهمها:

1- تفسير القرآن الكريم.

2- تسمية فقهاء الأمصار من اصحاب رسول اللّه (ص) و من بعده. (مطبوع) 3- السنن الصغرى. (مطبوع) 4- السنن الكبرى. (مطبوع) 5- الضعفاء و المتروكين. (طبع اكثر من مرة) 6- خصائص عليّ. (طبع أكثر من مرة) 7- فضائل القرآن. «1»

تعريف عام:

يعدّ التفسير تفسيرا بالمأثور، غير شامل لجميع آيات القرآن، و الموجود من المأثور

______________________________

(1) انظر ترجمته تفصيلا في مقدمة التفسير من محققى الكتاب/ 28- 68.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 371

فيه 735 نصا على 105 سور، وزّع و قسم عليها تراجم لكل سورة، بلغت 418 ترجمة بالآيات و غيرها، و كان محتوى هذه النصوص في كل سورة مطابقا للترجمة التي وضعها تحتها.

و تبين لنا محققي التفسير أن كتاب تفسير النسائي من جملة كتب السنن الكبرى، و ليس كتابا منفردا و هو جمع كتاب التفسير، و المرويات المرتبطة به من دون ان يقول فيها كلمة مفسرة، او جملة شارحة، و إنّما التزم التزاما كاملا ان يكون تفسيره جمعا لاحاديث الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و كلام الصحابة.

فقد جمع النسائي النصوص المرفوعة و الآثار الموقوفة بندرتها و غزارة فوائدها، فقد تفرد ب (177) نصا، كرّر منها (8) نصوص، و ليس هذا بمستغرب على الإمام النسائي و حسن تصنيفه، و قد نجد للمصنف في سننه الكبرى- و التفسير جزء منها- كتبا كررها في الصغرى عند اختصاره لها، مثل كتاب الطهارة و الصلاة، اما كتاب التفسير فلا يوجد في الصغرى هذا الكتاب، فهو مما تتميز به الكبرى عن الصغرى. «1»

و لم يبدأ المفسر لهذا الكتاب بمقدمة الّا ذكر اسانيد الكتاب عن طريق المؤلف.

منهجه:

كانت طريقته أن يورد الاحاديث بالشكل التالي: يترجم لآية معينة، ثم يورد تحتها النصوص العامة، ثم يتبعها بما يخصصها او ينسخها؛ لئلا يحدث ذلك خللا عند القارئ المطلع، و لئلا يحشر النصوص في سورة واحدة، او تحت آية واحدة.

كما اتسم تفسيره ايضا بالوحدة الموضوعية، فإنه لم يدخل في تفسيره سوى ما يتعلق بتفسير الآيات المرادة من

الحديث المرفوع او الموقوف، كما كان منهجه إسناد النصوص النبوية و الموقوفات الى قائليها، و دقته في الصناعة الحديثية، و كان يورد

______________________________

(1) لخصناه من مقدمة المحققين فيما يرتبط في التعريف العام التفسير النسائى ج 1/ 103.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 372

حديثا قد تلقّاه من شيخين او اكثر في اسناد واحد، (و هي من الأساليب الفنية في صناعة الإسناد)، و لذا لم يكرر الأحاديث و يكثر طرقها بما لا يفيد.

و كان موقفه في نقل الروايات الإسرائيلية المذكورة في كتب الحديث و التفسير، فانه يجتنب تلك الروايات و لم ينقلها و ان كان قد يروي عن الضعاف.

و لهذا كتب محققا التفسير في مقدمة الكتاب حول منهجه في نقل الاحاديث:

«و تظهر شخصية الامام النسائي في نقده الصريح و الخفي للأحاديث و الآثار و المرويات التي يوردها، و ذلك، لأنه قد اختار هذه المرويات من مجموع مروياته الضخمة جدا و محّصها من بين كثير من الروايات الضعيفة و الموضوعة» «1».

دراسات حول التفسير

1- منهج النسائي في التفسير، مع تحقيق سورة الفاتحة. أحمد زيكتو. (رسالة ماجستير من جامعة الاسكندرية).

______________________________

(1) نفس المصدر/ 98. لخصناه من الفصل الثالث من مقدمتهما: منهج النسائى في كتاب التفسير.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 373

51- تقريب القرآن الى الاذهان

اشارة

العنوان المعروف: تفسير تقريب القرآن الى الأذهان.

المؤلف: السيد محمد الحسيني الشيرازي.

ولادته: ولد في سنة 1347 ه- 1928 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة العربية.

تاريخ التأليف: 1383 ه.

عدد المجلدات: 30 جزءا في 10 مجلدات.

طبعات الكتاب: بيروت، مؤسسة الوفاء، الطبعة الاولى، سنة 1400 ه- 1980 م، حجم 24 سم.

النجف، مطبعة الآداب، 1966 م.

حياة المؤلف:

هو السيد محمد ابن السيد مهدي الحسيني الشيرازي، ابن الميرزا حبيب اللّه الشيرازي ابن آغا بزرك الشيرازي أخ المجدد الشيرازي. و هو من علماء الإمامية البارزين المعاصرين.

ولد عام 1347 ه في النجف الاشرف من أسرة عريقة في العلم و التقوى

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 374

و الجهاد، أسرة أنتجت اعاظم الفقهاء و ربت اجيالا عديدة من العلماء الفطاحل و المجاهدين الكبار.

هاجر من النجف الأشرف الى كربلاء المقدسة بصحبة والده و هو في التاسعة من عمره، ثم هاجر منها الى الكويت و هو في الرابعة و الاربعين، ثم هاجر منها الى قم المقدسة و هو في الثانية و الخمسين من العمر و ذلك في عام 1399 ه. و من كبار اساتذته، والده المعظم، و آية اللّه الميلاني و الشيخ محمد رضا الاصفهاني.

و هو من أبرز رواد الصحوة الاسلامية و يقوم بتوجيه الحركة الإسلامية في كثير من مناطق العالم، و يدعو الحركة الاسلامية الى رفض الظلم و مقاومة التحديات، و قطع دابر الديكتاتورية و الفساد، كما أنه يدعو الى الانفتاح و الحوار و التفاهم بين المسلمين.

آثاره و مؤلفاته:

و اما آثاره العلمية فتبلغ 214 كتابا نشير الى بعض منها:

1- موسوعة الفقه 125 مجلدا. (مطبوع) 2- ايصال الطالب الى المكاسب 16 مجلدا، في شرح مكاسب الشيخ الانصاري. (مطبوع) 3- الوصول الى كفاية الاصول 5 مجلدات (مطبوع) 4- توضيح نهج البلاغة. (مطبوع) 5- الحاشية على العروة الوثقى. (مطبوع) 6- القول السديد في شرح التجريد. (مطبوع) 7- شرح منظومة السبزواري. (مطبوع) 8- هؤلاء اليهود. (مطبوع) 9- تقريب القرآن الى الاذهان، الذي نحن بصدد تعريفه «1»

______________________________

(1) لخصنا ترجمته من كتاب: «اضواء على حياة آية اللّه العظمى السيد محمد الشيرازي»، اعداد اللجنة المشرفة على

احياء الذكرى ...، بيروت، 1412 ه.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 375

تعريف عام:

و هذا تفسير موجز شامل لجميع آيات القرآن الكريم. ألّف باسلوب يسهل على القارئ فهمه.

جمع فيه بين اللغة في توضيح معنى الآية و شرحها، و بين القصص و التاريخ.

مع التجنب عن بسط التفسير و ادخال القصص الإسرائيلية، و التوسع في ابحاث ما لا دخل لها في التفسير.

وضع الناشر، مقدمة للكتاب من كتاب آخر للمؤلف، مسمى ب «حول القرآن الكريم» حول موضوعات القرآن الكريم، ليكون القارئ لهذا التفسير على وعي اكثر و استلهام أعمق.

و من مباحث هذه المقدمة: ان القرآن ملائم لكل عصر و مصر، و مصدر لكل من العقائد و الاحكام، و قابل للتطبيق في كل عصر، و لزوم تطبيق الفكر و العمل على القرآن، و ان القرآن فلسفة كاملة للحياة، و لا فلسفة كاملة غيره.

منهجه:

و امّا منهجه فهو شرح الآيات بتوضيح المعاني بشكل موجز، و بيان الكلمات التي فيها بعض الخفاء و الغموض، و شرح مدلول الآية شرحا اجماليا و إشارة موجزة الى ما روي في مناسبة نزول الآية، او في صددها. ثم بيّن الترابط بين الآيات، و نقل الاخبار و الروايات عن طريق اهل بيت الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في صدد التفسير.

و بما أن المؤلف هو واحد من الفقهاء الاسلاميين، فهو يذكر في الأحكام الفقهية المناسبة للآية، مع تعليل و توضيح بشكل أشمل و اوسع من غيرها؛ و إن كان غير مبسط في ذاتها.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 376

و مذهبه في ذلك، مذهب فقهاء الشيعة الامامية، فمثلا عند تفسير قوله تعالى:

فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ «1»، ذكر رأي الشيعة في لزوم المسح على الرجلين في الوضوء، و قال:

وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ الباء للتبعيض اي بعض

رءوسكم، و هو الربع المقدم من الرأس من المفرق الى قصاص الشعر و امسحوا أَرْجُلَكُمْ، و المراد بهما ظهرهما إِلَى الْكَعْبَيْنِ و هما قبّتا القدمين و انما قرأ بالنصب مع انه معطوف على المجرور باعتبار المحل» «2» و يتعرض بمناسبة الآية للمسائل الاعتقادية و الآراء الكلامية و يذهب في ذلك مذهب الشيعة الاثني عشرية، من دون بسط و تعرض لسائر المذاهب.

و من ذلك كلامه في الرؤية، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «3»، قال:

«فان سبحانه ليس بجسم حتى يكون مرئيا، و هذا لا فرق فيه بين الدنيا و الآخرة، فهو لا يبصر في الدنيا و لا يبصر في الآخرة» «4».

و في تفسير الآية: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «5» قال:

«فاعلموا أن من عمل هنا للآخرة كان حاله هنا لك حسنا، و من لم يعمل كان حاله سيئا.

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ اي: في يوم القيامة، ناضِرَةٌ أي: ناعمة بهيجة حسنة و هي وجوه المؤمنين، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ أي: الى رحمته سبحانه و فضله و لطفه، و هذا كما

______________________________

(1) سورة المائدة/ 6.

(2) انظر: الجزء السادس من تفسير تقريب القرآن/ 54، فى احكام الوضوء.

(3) سورة الانعام/ 103.

(4) تقريب القرآن الى الاذهان، الجزء السابع/ 134.

(5) سورة القيامة 22 و 23.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 377

تقول: «انظر الى فلان» و هو بعيد عنك، تريد الى فضله و رحمته او الى حركاته و اعماله» «1» و الخلاصة: منهجه هو منهج تفسير بياني تربوي بالشرح و التوضيح و الاعتماد على اللغة في التفسير من دون إطناب و تفصيل، مع عدم ذكر المصادر التي اعتمد عليها في تفسيره.

و للمفسر، مؤلفات أخر في توضيح كلام اللّه، منها كتابه

المسمى ب «تسهيل القرآن» في عشرة اجزاء، و «توضيح القرآن» في ثلاثة اجزاء، و كذلك له كتابان آخران في تفسير موضوعات القرآن باسم: «تبيين القرآن»، و «الجنة و النار في القرآن» و هذه المؤلفات كلها لم تطبع الى الآن «2»

______________________________

(1) تقريب القرآن الى الاذهان، الجزء التاسع و العشرون/ 155.

(2) قائمة كتب المؤلف في: «اضواء على حياة آية اللّه العظمى السيد محمد الشيرازي».

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 378

52- تنزيه القرآن عن المطاعن

اشارة

العنوان المعروف: تنزيه القرآن عن المطاعن.

المؤلف: القاضي عبد الجبار الهمداني المعتزلي.

ولادته: ولد في سنة 359 ه- 970 م، و توفي في سنة 415 ه- 1025 م.

مذهب المؤلف: الشافعي المعتزلي.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 1.

طبعات الكتاب: القاهرة، مطبعة الجمالية، سنة 1339 ه.

و بيروت، دار النهضة الحديثة، بدون تاريخ، حجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد بن الخليل الهمداني الأسدآبادي، قاضي القضاة.

ولد في ضواحي مدينة همدان، نشا في أسرة فقيرة رقيقة الحال من أب يعمل حلاجا، رحل و تقدم في طلب العلم الى الرّي حتى فاق أقرانه و اشتهر امره.

تولى القضاء بعد أن اتصل بالصاحب بن عباد، أشهر وزراء دولة بني بويه.

بدأ القاضي، حياته دارسا للاصول على مذهب الشافعي. و قد درس التفسير و اصول الفقه و الحديث و الكلام و غيرها، و ولى القضاء و بقي مواظبا على التدريس

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 379

و التصنيف حتى انتهت اليه رئاسة المعتزلة، و يلقب قاضي القضاة، و لا يطلقون هذا اللقب على سواه و لا يعنون به عند الاطلاق غيره.

توفى القاضي في مدينة الري و دفن فيها بداره سنة 415 ه.

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير المحيط.

2- متشابه القرآن.

3- الخلاف و الوفاق.

4- شرح الاصول الخمسة.

5- المغني في ابواب التوحيد و العدل.

6- تثبيت دلائل نبوة سيدنا محمد (ص).

7- فضل الاعتزال و طبقات المعتزلة.

8- تنزيه القرآن عن المطاعن، الذي نحن بصدد تعريفه «1».

تعريف عام

كان للمفسر، تفسير مبسوط يسمى ب «المحيط» على اساس مذهب المعتزلة، و لكنّه مع الأسف مفقود. و هذا التفسير تفسير موجز لم يشمل جميع آيات القرآن، بل يهدف فيه بيان ما تشابه من آيات القرآن و الفصل بين محكمه و متشابهه، مع بيان وجه خطأ فريق من الناس في تأويلها. و لهذا لم يستوعب الآيات في السورة الواحدة و ان كان قد تناول السور كلها.

قال المؤلف في بيان سببه لتأليف الكتاب:

«فإن أولى ما يتكلفه المرء في أثارة العلوم ما يعظم النفع به في دينه و دنياه،

______________________________

(1) الاعلام للزركلى، ج 3/ 273؛ و مقدمة الكتاب من الناشر/ 5.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 380

فيعرف كيف يعبد ربه ... و ذلك بقراءة القرآن و بالانقطاع الى اللّه، و كل ذلك لا يتم الا بمعرفة معاني ما يقرؤه ... و معلوم انه لا ينتفع به إلّا بعد الوقوف على معاني ما فيه و بعد الفصل بين محكمه و متشابهه، فكثير من الناس قد ضلّ بأن تمسك بالمتشابه ... و قد أملينا في ذلك كتابا يفصل بين المحكم و المتشابه، غرضنا فيه سور القرآن على ترتيبها و بيّنا معاني ما تشابه من آياتها مع بيان وجه خطأ فريق من الناس في تأويلها» «1» وضع المؤلف فقرات الكتاب على هيئة مسائل تبدأ بسؤال ثم الاجابة عليه، و هذه المسائل متماشية مع ترتيب السور و الآيات.

و انما حوى التفسير آراء ابي على الفارسي و

ابي مسلم الاصفهاني و ابي علي الجبّائي، بل كان القاضي من أتباع المدرسة الجبائية و من أشياع ابي هاشم بخاصة. «2»

منهجه

لقد عرض القاضي في تفسيره الآيات التي يتعلق بها المطاعن، و يهدف في تفسيره، توضيح ما أثار الاشكال عليها، و تبين ما يتشابه، و لا يهمّه تتبع كل اللغات و ظواهر الصنعة اللغوية و ما تثيره لفظة دون اخرى من معان و افكار، بل يختص بما كان نظره من حيث عقيدته، سواء كان ذلك من وجوه اللغة او الاعراب، او النظم او المعاني. أبان باسلوب مختصر مبسط عن خطئهم في فهمها و تأويلها.

فعلى هذا، ليس كتابا خاصا بالآيات المتشابهة التي يقطع الطعن فيها بسبب ما يبدو من التناقض في المعاني، بل اعم من ذلك، و انّما خصّ هذا الكتاب بجميع شتات امور متفرقة تتعلق بالمطاعن على القرآن، سواء في ذلك المتشابه و غيره.

و ايضا يهمّه بيان عقائد المعتزلة ورد عقائد مخالفيهم؛ فمثلا عند تفسير قوله تعالى:

______________________________

(1) تنزيه القرآن عن المطاعن/ 7.

(2) الحاكم الجشمى و منهجه في التفسير لزرزور/ 82 و 162.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 381

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «1». عرض قول القائلين برؤية اللّه في الآخرة و قال:

«و ربما قيل في قوله تعالى ... أنه اقوى دليل على ان اللّه تعالى يرى في الآخرة؟

و جوابنا أن من تعلق بذلك ان كان ممن يقول بان اللّه تعالى جسم، فإننا لا ننازعه في أنه يرى، بل في انه يصافح و يعانق و يلمس، تعالى اللّه عن ذلك، و انّما نكلّمه في أنه ليس بجسم، و ان كان ممن ينفي التشبيه على اللّه، فلا بدّ من أن يعترف بان النظر الى اللّه تعالى

لا يصح، لان النظر هو تقليب العين الصحيحة نحو الشي ء طلبا لرؤيته؛ و ذلك لا يصح إلّا في الاجسام، فيجب ان يتأوّل على ما يصح النظر اليه و هو الثواب» «2» و كان منهجه في تفسير ما تشابه، الركون الى التأويل و التركيز على المنهج الكلامي العقلي.

قد ألف المفسر كتاب: «متشابه القرآن» قبل ذلك في تفسير الآيات المتشابه، فاوّلها و بيّن حقيقة المراد منها و هو ايضا على ترتيب القرآن، و هذا الكتاب من اهمّ كتب المعتزلة في الكشف عن منهجهم في تفسير القرآن، و يدافع عن المنهج العقلي في تفسير القرآن.

و ايضا قد تعرض القاضي عبد الجبار للعلوم القرآنية في كتابه: «المغني» الجزء السادس عشر، و تناول فيه اثبات صحة القرآن و النسخ و اعجاز القرآن و غيره من المباحث. «3»

______________________________

(1) سورة القيامة/ 22 و 23.

(2) تنزيه القرآن/ 442.

(3) انظر: التفسير و المفسرون، ج 1/ 391؛ طبقات المفسرين للداودي، ج 1/ 256؛ و مناهج المفسرين لمساعد آل جعفر/ 209؛ و متشابه القرآن للقاضي، مع تحقيق و تقديم عدنان محمد زرزور، القاهرة، دار التراث، الطبعة الاولى/ 34؛ و اثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي لآل جعفر/ 333؛ و اعجاز القرآن في دراسات السابقين لعبد الكريم الخطيب/ 222؛ و الاتجاه العقلي في التفسير دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة، لنصر حامد ابو زيد/ 180؛ و تطور تفسير القرآن لمحسن عبد الحميد 110؛ و مفهوم الاعجاز القرآني لاحمد جمال العمري/ 150؛ و مناهل العرفان للزرقاني، ج 2/ 74؛ و القاضي عبد الجبار و بلاغة القرآن للدكتور محمد علوي مقدم، من مجلة رسالة القرآن، العدد الحادي عشر/ 143؛ و بلاغة القرآن في آثار القاضى

عبد الجبار الهمدانى للدكتور عبد الفتاح لاشين.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 382

53- تهذيب التفسير

اشارة

العنوان المعروف: تهذيب التفسير و تجريد التأويل مما الحق به من الأباطيل و ردّي الأقاويل.

المؤلف: عبد القادر بن شيبة الحمد.

مذهب المؤلف: سني اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1402 ه.

عدد المجلدات: 5.

طبعات الكتاب: الرياض: مكتبة المعارف للنشر و التوزيع، الطبعة الاولى، 1414 ه- 1993 م، الحجم 24 سم. قد نشر من التفسير حتى الجزء التاسع.

حياة المؤلف:

لم نجد لحياة المفسر و ترجمته مصدرا، و لكن المفسر كان سابقا عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات العليا بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة، و مدرسا بالمسجد النبوي الشريف، على ما كتب في ظهر التفسير.

تعريف عام:

يعد تفسيرا شاملا لجميع آيات القرآن موجزا، بيانيا، تربويا، تحليليا، و ان كان

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 383

ناقصا لان المطبوع من التفسير الى الجزء التاسع، قد عرض فيه عقائد اهل السنة و الجماعة، باسلوب يسهل على القارئ فهمه، جمع فيه بين الرواية و الدراية.

و تجنب ما تسرب الى كتب التفسير من الابحاث و الاقوال و الوجوه المحتملة و الروايات الإسرائيلية.

قال المؤلف في اول صفحة من التفسير:

«فهذا التفسير سهل يسير جمعت فيه أصح طرق التفسير بالرواية، و أدق مسالك التأويل بالدراية، و تجنبت ما تسرب إلى كتب التفسير من أقوال رديئة، و روايات موضوعة أو ضعيفة».

لم يبدأ الكتاب بمقدمة حول التفسير، او سبب تأليفه، او إشارة الى علوم القرآن كما هو متعارف في كتب التفسير، فبدأ في تفسير السور حسب ترتيب المصحف.

و قد اعتمد المؤلف في تفسيره على مصادر عديدة منها: «جامع البيان» للطبري، و «مفاتيح الغيب» للرازي، و «الجامع لاحكام القرآن» للقرطبي و غيرها من التفاسير.

و في الاخبار، على الصحاح المعتمدة عند اهل السنة كالبخاري و مسلم و غيرهما، و لهذا فهو يذكر كثيرا بمناسبة الآية او موضوعاتها الآثار المروية عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و من الصحابة و التابعين.

منهجه

و كان منهجه في تفسير القرآن، الشروع باسم السورة و فضلها، و إن روي للسورة اسماء اخرى ذكرها، مع بيان لمعناه و الآثار المرتبطة بفضل السورة، و الاهتمام ببيان المناسبة بين الآيات السابقة و الآيات اللاحقة، ثم تعرض لبيان تفسير السورة آية آية، و جملة جملة، من دون تعرض لنحوها و صرفها و بلاغتها، بل كان همّ المفسر تبيين الآية بعبارة سهلة، يمكن للقارئ فهمها.

فلهذا نجد أن هذا التفسير قام على التعريف

بالمعنى الاجمالي للآيات باوضح

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 384

الالفاظ، و أوجزها و أبسطها تحقيقا للغاية التي وضع هذا التفسير من أجلها.

و مع هذا لم يخل هذا التفسير من المباحث الكلامية و الاعتقادية المستقلة بمناسبة الآية على غرار مذهب اهل السنة و الجماعة. او الإشارة الى العقائد الباطلة عنده، فمثلا عند تعرضه في ذيل آية: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً «1» لمسألة الرؤية و ما فيها من الاقوال، حيث قال:

«هذا و لا شك عند علماء أهل السنة و الجماعة، ان المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة، و ان كانوا يعتقدون أن البشر لن يروا ربهم حتى يموتوا و ان كانت الرؤية ممكنة في الدنيا، و لذلك سألها موسى عليه السلام، و لو كانت مستحيلة لما سألها، و قد أخبر اللّه عزّ و جلّ أن الكفار محجوبون عن رؤية اللّه يوم القيامة ...

و قد ادعى بعض اهل الأهواء، المنحرفين عن سنة رسول اللّه، ان رؤية اللّه مستحيلة في الدنيا و الآخرة، مستدلا بقوله تعالى لَنْ تَرانِي، على ان لَنْ تقتضي النفي على التأبيد و هذا خطأ في فهم اللسان العربي» «2» و قد تعرض للاحكام الفقهية على نحو التلميح اذا كانت الآية تتعلق بالحكم، مع ذكر الحديث المرتبط بالحكم، من دون تبسيط، و تعقيب في الاقوال و المذاهب، او بيان استدلال للحكم، إلّا اذا كان دفع شبهة تقتضي بيانها، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا «3» قال:

«بعد أن أكد اللّه تبارك و تعالى الأمر بتقواه و بيّن أن تقواه عزّ و جلّ سبب لفلاح المتقين، أمر في هذا المقام الكريم بأعلى درجات التقوى و أشد سبلها

و أشقها على النفس الإنسانية، و هو قتال المشركين و جهادهم لإعلاء كلمة اللّه، الذي يستجلب لهم معية اللّه بنصرهم و تأييدهم ... و قد مرّ تشريع الجهاد بأطوار ثلاثة بعدد الأطوار

______________________________

(1) البقرة/ 55.

(2) تهذيب التفسير ج 1/ 144.

(3) سورة البقرة/ 190.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 385

التي مرّ بها تشريع الصيام، حيث كان القتال ممنوعا في اول الاسلام قبل الهجرة، و بعد أن صار للمسلمين دولة في المدينة، أذن لهم بقتال من قاتلوهم، و اخرجوهم من ديارهم، ثم أمروا بالقتال حتى لا تكون فتنة و يكون الدين للّه ...

و قد حاول بعض اعداء الاسلام من اليهود و النصارى و الملاحدة ان يلبّسوا على بعض الأغرار بأن الاسلام إنّما انتشر بالسيف، فقال بعض الناس من المنتسبين للعلم: «إن القتال في الإسلام للدفاع فقط»، و تغافلوا عن الآيات الكثيرة و الاحاديث الثابتة في ان الجهاد الحق انما هو ما كان لإعلاء كلمة اللّه، و نسى هؤلاء أو تناسوا أن الشرائع السماوية السابقة كلها متفقة على الجهاد لإعلاء كلمة اللّه، و انها ما كانت تبيح الأسر إلّا بعد التقتيل الشديد في اعداء اللّه» «1»

______________________________

(1) تهذيب التفسير ج 1/ 428.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 386

54- تيسير التفسير

اشارة

العنوان المعروف: تيسير التفسير للقرآن الكريم.

المؤلف: محمد بن يوسف إطفيش.

ولادته: ولد في سنة 1236 ه- 1820 م، و توفي في سنة 1332 ه- 1914 م.

مذهب المؤلف: الخارجي الإباضي.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 12.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، عيسى البابي الحلبي و شركاءه، سنة 1982، 6 مجلدات، 24 سم.

الطبعة الثانية، سلطنة عمان، وزارة التراث القومي و الثقافة، سنة 1407 ه- 1987 م، الحجم 24 سم، بالصف الجديد. طبع لاول مرة في سنة 1325 ه بالمغرب

و بالقلم المغربي، إلا أنه من المجلد الثالث طبع بالصف الجديد في 12 مجلد.

حياة المؤلف:

هو محمد بن يوسف بن عيسى بن صالح، إطفيش الوهبي، الإباضي.

ولد في بني يسقن، و هو من وادي ميزاب بصحراء الجزائر من بلاد المغرب.

حفظ القرآن و استظهره و هو ابن ثماني سنين.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 387

نشأ بين قومه و عرف عندهم بالزهد و الورع، و اشتغل بالتدريس و التأليف، و هو شاب لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، و انكب على القراءة و التأليف، حتى قيل انه لم ينم في ليلة اكثر من اربع ساعات، و كان يؤلف و هو في السفينة.

له من المؤلفات في شتى العلوم ثروة عظيمة تربو على الثلاثمائة مؤلف. و قد سافر المؤلف الى الديار المقدسة مرتين.

توفي المؤلف في 23 ربيع الثاني سنة 1332 ه، و له من العمر ست و تسعون سنة «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- شرح كتاب التوحيد للشيخ عيسى بن تبغورين، و هو من أهم مؤلفاته في علم الكلام.

2- شرح كتاب العدل و الانصاف في اصول الفقه.

3- وفاء الضمانة باداء الأمانة. (ثلاث مجلدات) 4- جامع الشمل في حديث خاتم الرسل.

5- هميان الزاد الى المعاد. (تفسير كبير).

6- تيسير التفسير. (تفسير صغير).

تعريف عام:

و هذا اختصار لتفسير المؤلف المسمى ب: «هميان الزاد الى دار المعاد» الذي ألّفه في صغره، ثم اختصره، كما ذكره في مقدمة هذا التفسير، فقال:

«أما بعد، فإنّه لما تقاصرت الهمم عن ان يهتم ب «هميان الزاد الى دار المعاد»، الذي ألّفته في صغر السن، و تكاسلوا عن تفسيري داعي العمل ليوم الأمل، انشطت

______________________________

(1) انظر ترجمته: التفسير و المفسرون، ج 2/ 319؛ و اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، ج 1/ 303؛ و الاعلام ج 7/ 156؛ و معجم المفسرين لعادل نويهض، ج 2/ 658.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 388

همتي الى تفسير يغتبط و لا يمل، فان شاء اللّه قبله بفضله و أتمّه قبل الأجل، و انا مقتصر على حرف نافع، و لمصحف عثمان تابع، و أسأل ذا الجلال ان ينعم عليّ بالقبول و الإكمال» «1» كان التفسير شاملا لجميع آيات القرآن، و بارزا لعقائد الاباضية، و من التفاسير الثلاثة الموجودة عن الأباضية، أحدهما: لهود بن محكّم الهواري، الذي قد سبق بيانه، و ثانيها هذا التفسير، و ثالثها، «هميان الزاد» الذي سيأتي تعريفه.

«اما الباقي من التفاسير الأباضية، كتفسير عبد الرحمن بن رستم الفارسي من علماء القرن الثالث، و تفسير يوسف بن إبراهيم الورجلاني من اهل القرن السادس الهجري، فمفقود لا يوجد حتى الآن» «2» لم يذكر المؤلف في مقدمة التفسير من مباحث علوم القرآن كما كان متداولا في

بقية التفاسير، إلّا أنه ذكر في مقدمته الموجزة غرضه من هذا الاختصار، ثم شرع في تفسير سورة الفاتحة.

منهجه

ابتدأ المؤلف في تفسيره بفضيلة السورة و احكامها، ثم ذكر قطعة من الآية و فسرّها تفسيرا موجزا من ذكر المعاني و وجوهها، و المسائل النحوية و اللغوية.

و يناقش احيانا المفسرين في وجوه المعاني، و اعراب الآيات، و يستشهد لصحة وجوه المعاني بالاشعار و الامثال. و قد يستدل لبعض الاقوال في التفسير ببعض القراءات.

و يعتمد «اطفيش» في تفسيره للآيات بذكر الروايات من غير بيان و تمييز لصحيحها من ضعيفها، و من دون ان يذكر سند الرواية، او المروي عنه، و قد ينقل

______________________________

(1) تيسير التفسير، ج 1/ 7.

(2) اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، ج 1/ 301.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 389

القول بلفظ: «قيل» من دون إشارة الى قائله، او الترجيح بما قد يقال فيه.

و لم يسلم تفسيره من الروايات الواهية و المنكرة و الضعيفة و الإسرائيليات، و ما ورد منها في القصص و الأخبار،- مما يصرف القارئ عن تدبّر الآيات و معانيها-، و ما ورد في شأن نزول الآيات.

و العجب منه قد وجّه بعض هذه الروايات بشكل لا يخالف عقائده، كما في قصة هاروت و ماروت «1» و ما نقل فيه من انهما كانا ملكين من اعبد الملائكة فشربا الخمر و سجدا للصنم و قتلا ... و قال: «هذا بعيد و هو ممكن»، ثم وجّه هذه الروايات بشكل عجيب حتى لا يعارض بعصمة الملائكة «2» و اما منهجه في الاحكام الفقهية، سار في التفسير لآيات الاحكام وفق مذهبه الإباضي، الذي يتفاوت في بعض المسائل، و لكن طريقته أن يبيّن هذه الموارد و ينقل عقائد المذاهب الاخرى و

يستدل على مذهبه المختار.

«و غالب آراء المؤلف الفقهية، بل المذهب الأباضي موافق لمذهب ابي حنيفة، لذا كثيرا ما نرى المؤلف يقول: و مذهبنا و مذهب ابي حنيفة، بل قال في أحد المواضع عن ابي حنيفة: «و هو كثير الوفاق بينه و بيننا معاشر الأباضية الوهبيّة في المسائل» «3» اما اتجاه المؤلف في مسائل العقيدة و الكلام في التفسير، فهو موقف الاباضية في عقائدهم و آرائهم، فمثلا عند الكلام عن امكان رؤية اللّه تعالى في الدنيا و الآخرة، فهو ينكرها كالشيعة و المعتزلة (العدلية) و هم يعتقدون أنه سبحانه لا يرى بالابصار لا في الدنيا و لا في الآخرة، فالكرامية و المجسمة الذين يصفونه سبحانه بالجسم و يثبتون له الجهة، جوزوا رؤيته بلا اشكال في الدارين. و اهل الحديث، و الاشاعرة مع

______________________________

(1) التيسير في التفسير، ج 1/ 140.

(2) نفس المصدر/ 141.

(3) اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، ج 1/ 329، و تيسير التفسير، ج 1/ 357.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 391

55- التيسير في احاديث التفسير

اشارة

العنوان المعروف: التيسير في احاديث التفسير.

المؤلف: الشيخ محمد المكي الناصري.

مذهب المؤلف: المالكي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1385 ه.

عدد المجلدات: 6 طبعات الكتاب: بيروت، دار الغرب الاسلامي، الطبعة الاولى، سنة 1405 ه- 1985 م، الحجم: 24 سم.

حياة المؤلف:

هو الشيخ محمد المكي الناصري المغربي، من العلماء المعاصرين في المغرب العربي، ولد في المغرب العربي.

منذ عهد مبكر- كما وصفه المفسر- يسر اللّه له الأسباب للتمرس بالقرآن الكريم، قراءة و تجويدا، تلقيا و تلقينا، دراسة و تدريسا. أخذ علم التفسير من شيوخ كبار، بعضهم في المغرب و بعضهم في المشرق.

و قد القى الناصري في العشرينات و الثلاثينات دروسا و محاضرات في تفسير

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 392

بعض السور و بعض الآيات بمساجد الرباط و مساجد تطوان، و في الأربعينات خلال سنتين متواليتين بالمسجد الاعظم بطنجة، و خلال السنة الثالثة بالمسجد المحمدي و المسجد العتيق بالدار البيضاء.

آثاره و مؤلفاته:

1- المنهج العلمي لتفسير القرآن.

2- كيف يعيش الإنسان طبقا لتعاليم القرآن.

3- دستور العمل في شريعة القرآن.

4- رسالة القرآن رسالة خالدة.

5- اعجاز القرآن على ضوء العلم الحديث «1»

تعريف عام:

كان التفسير تفسيرا موجزا شاملا لجميع القرآن، حدّد بمنتهى الدقّة و الوضوح رسالة القرآن «الأصلية»، خالصة من جميع الشوائب التي تتنافى مع روح القرآن و بيانه، و توضيح ما هو مجمل، و تقييد ما هو مطلق، و تخصيص ما هو عام، و توضيح ما قد يعرض في فهمه اشكال او غموض، بمقارنة الآيات القرآنية الواردة في كل موضوع و كل ميدان.

كان اسلوبه لاملاء هذا التفسير، اسلوبا مبسّطا وسطا يفهمه الأمّي و يرتاح اليه المتعلم، بحيث لا ينزل حتى يبتذل عند الخاصة، و لا يعلو حتى يصعب على العامة، بل هو بين بين. يتجافى عن استعمال الوحشي و الدخيل و الغريب، و يتفادى كل ما فيه تعقيد او غموض ... و يتحدث الى اهل العصر بلغة العصر، و يضع نفسه في جو المشاكل التي يتخبط فيها هذا العصر، و في نفس المستوى الثقافي للعصر «2»

______________________________

(1) التيسير في احاديث التفسير ج 1، مقدمة التفسير.

(2) التيسير في احاديث التفسير ج 1/ 10.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 393

قد ابتدأ قبل التفسير بمقدمة تشتمل على قصة تأليف الكتاب و الاسلوب الذي تطرق فيه و منهجه في ذلك.

اهدافه

فقصة تفسيره و غرضه من التفسير، كتبها المؤلف في مقدمة الكتاب و هي:

«و ذات يوم من أسعد الستينات تلقيت دعوة ملحّة من الإذاعة الوطنية بالمغرب للقيام بالقاء احاديث يومية في تفسير القرآن الكريم، لفائدة المواطنين و المواطنات، و ذلك برواية «ورش» عن نافع، التي هي القراءة المتبعة عند المغاربة منذ عدة قرون، فوجدت هذه الدعوة النبيلة هوى في النفس، و حنيفا في القلب، و استجابة روحية كاملة، لكنني أحسست في نفس الوقت بثقل المسئولية ... فقد تبين لي بما لا يدع مجالا

للشك، أن المهمة الجلية، و الكبرى التي يجب ان تؤديها أحاديث التفسير لجمهور المسلمين الكبير- بصفتها احاديث يومية عامة- هي وضع أيديهم، كل مطلع فجر، على الكنوز التي أودعها اللّه في القرآن و تذكيرهم بالرسالة «الأصليّة» للقرآن، التي هي رسالة الحياة في كل يوم، رسالة التوجيه الإلهي و التربية الرّبانيّة، التي يجب أن يتجلّى اثرها الطيب و الدائم في حياتهم اليومية، ذلك ان آيات القرآن الكريم، ليست قصّة من قصص الماضي السحيق، يكتفى بحكايتها و التبرّك بها في فترات الرّاحة و الاسترخاء ... و انّما هي رسالة الحياة المتجددة في كل عصر و جيل، و قصة اليوم و الغد و الحاضر و المستقبل» «1»

منهجه

كان منهجه القاء تفسير واضح موجز لا تكون فيه المصطلحات العلمية، و لا مرجعا للخلافات المذهبية، و لا معتركا للجدل و الفضول و كثرة القيل و القال،

______________________________

(1) نفس المصدر ج 1/ 7.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 394

و التوسع الزائد عن الحاجة المؤدي الى الملال، و لا مشحّنا بذكر القواعد العلمية، اذ غرضه من هذه الاحاديث اليومية في الاذاعة حول القرآن، المساهمة العلمية و اليومية للتثقيف الشعبي و الديني، و إعداد برنامج إذاعي خاص للتعريف كل يوم برسالة القرآن و هدايته النافعة.

و قبل الشروع في التفسير تمهيديا لقسم من الآيات التي انتخبها «الناصري» صاحب التفسير، القى نظرة عامة عليها، و في هذا المدخل التمهيدي ادرج مسبقا بطريقة تصلح ان تكون شرحا لبعض المفردات المستعملة في تلك الآيات، اعانة له على فهمها، مما لا نجده اليوم مستعملا بكثرة.

و الخلاصة:

ان هذا التفسير من حيث منهجه و اسلوبه مفيد جدا للطبقة المتوسطة من الناس، و لتوضيح فهم كلام اللّه و التوعية الدينية و الثقافية عند عامة الناس، المتميزة في نوع من التفاسير في القاء دعوة الوحي، و الخلو من الحشو و الزوائد، و الاجتناب عن المسائل الخلافية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 395

56- تيسير الكريم الرحمن

اشارة

العنوان المعروف: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان.

المؤلف: عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي.

ولادته: ولد في سنة 1307 ه- 1889 م، و توفي في سنة 1376 ه- 1957 م.

مذهب المؤلف: الحنبلي السلفي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1344.

عدد المجلدات: 7.

طبعات الكتاب:

الطبعة الاولى، سنة 1365 ه، دمشق، مطبعة الترقي. و وزع مجانا على نفقة المؤلف.

الطبعة الثانية، بيروت، عالم الكتب و مكتبة النهضة العربية، سنة 1408 ه، الحجم 24 سم، تحقيق محمد زهري النجار.

و قد سعت الى اعادة طبع هذا الكتاب و توزيعه مجانا، الرئاسة العامة لادارات البحوث العلمية و الافتاء و الدعوة و الارشاد بالمملكة العربية السعودية.

حياة المؤلف:

هو الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد اللّه آل سعدي الناصري التميمي، كان

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 396

من علماء الحنابلة.

ولد في مدينة عنيزه بالقصيم من أهل نجد في 12 محرم سنة 1307 ه، توفيت والدته و هو في الرابعة من عمره، ثم والده و هو في الثانية عشرة، فكفلته زوجة والده، دخل في الرابعة عشرة من عمره في مدرسة تحفيظ القرآن، ثم اشتغل بطلب علم التوحيد و التفسير و الحديث و الفقه و الاصول و النحو و حفظ المتون، ثم بعد ذلك جلس للتدريس، فكان يعلّم و يتعلّم و اشتهر بعلمه، فاقبل طلبة العلم عليه و تلقى العلوم و المعارف.

توفى قبل فجر الخميس 22 جمادى الآخرة سنة 1376 ه في مولده.

آثاره و مؤلفاته:

1- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان.

2- تيسر اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن.

3- القواعد الحسان لتفسير القرآن.

4- الدلائل القرآنية في ان العلوم و الاعمال النافعة العصرية داخلة في الدين.

5- الفتاوى السعدية.

6- المواهب الربانية من الآيات القرآنية «1».

تعريف عام

تفسير موجز يشرح كلام اللّه، يقتصر على حل الالفاظ اللغوية و يبيّن المعنى المقصود، و الاكتفاء باقوال السابقين في حل الفاظ القرآن الكريم و تفسيره، سلك فيه منهج السلفية و اصحاب ابن تيمية و محمد بن عبد الوهاب.

______________________________

(1) الاعلام للزركلى، ج 3/ 340؛ و اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر للرومي، ج 1/ 148؛ و مقدمة التفسير من الناشر.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 397

ابتدأ قبل التفسير بمقدمة في فضل القرآن و بيان اهدافه من التأليف و فوائد مهمّة تتعلق بتفسير القرآن متخذا من كتاب «بدائع الفوائد» لابن القيم.

اهدافه

ذكر آل سعدي في مقدمة تفسيره اهدافه:

«كثرت تفاسير الائمة لكتاب اللّه، فمن مطول خارج في اكثر بحوثه عن المقصود، و من مقتصر يقتصر على حل بعض الالفاظ اللغوية بقطع النظر عن المراد، و كان الذي ينبغي في ذلك ان يجعل المعنى هو المقصود، و اللفظ وسيلة اليه، فينظر في سياق الكلام، و ما سبق الكلام و ما سيق لأجله، و يقابل بينه و بين نظيره في موضع آخر ...

و لمّا منّ الباري عليّ و على اخواني بالاشتغال بكتابه العزيز بحسب الحال اللائق بنا، أحببت أن أرسم من تفسير كتاب اللّه ما تيسر، ما منّ به اللّه علينا، ليكون تذكرة للمحصلين و آلة للمستبصرين، و معونة للسالكين، و لأقيده خوف الضياع، و لم يكن قصدى في ذلك إلّا ان يكون المعنى هو المقصود، و لم اشتغل في حل الألفاظ و العقود، للمعنى الذي ذكرت، و لان المفسرين قد كفوا من بعدهم» «1».

منهجه

كان منهجه في التفسير، الشروع من نفس الآية من دون مقدمة، كما كان متداولا في التفاسير.

يذكر في التفسير عند كل آية ما يحضره من معانيها، و لا يكتفي بذكر ما تعلّق بالمواضع السابقة عن ذكر ما تعلّق بالمواضع اللاحقة. انتخب قطعة من الآية، ثم يفسرها تفسيرا توضيحيا، يشرح لغاتها، و يبيّن مجملها من دون إشارة الى الإعراب

______________________________

(1) تفسير الكريم الرحمن، ج 1/ 13.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 398

و القراءة و النحو و الصرف، و ما يتعلق بها.

اكتفى بوجيز العبارة من غير اطناب ممل، و لا ايجاز مخل، قد اكتفى بقليل من كلمات أهل السنة و الجماعة، قابل الفهم لعامة الناس.

و لم يبين ما اعتمده من المصادر التفسيرية، و اللغوية و الروائية، مع انه

نقل احتمالات و المأثورات. و الردود، من غير إشارة الى مصدرها، و يمكن ان يكون غرض المؤلف اختصار البيان، و يعتقد أن بيان ذكر المصدر ينافي الاختصار.

و اما موقفه بالنسبة الى المسائل الكلامية، فإنّه يتعرض في كل ما يناسب الآية، و يرد مخالفيه متبعا لمذهب أهل السنة و الجماعة و السلفية في العقائد و الاحكام.

و انما نقلنا نموذجا من ذلك في تفسير الآية: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «1» قال:

«أي لا تحيط به الأبصار، و ان كانت تراه في الآخرة، و تفرح بالنظر الى وجهه الكريم. فنفى الادراك، لا ينفي الرؤية، بل يثبتها بالمفهوم، فإنه اذا نفى الإدراك، الذي هو أخص أوصاف الرؤية، دل على ان الرؤية ثابتة؛ فانّه لو أراد نفي الرؤية، لقال: لا تراه الأبصار و نحو ذلك، فعلم أنه ليس في الآية، حجة لمذهب المعطلة، الذين ينفون رؤية ربهم في الآخرة، بل فيها ما يدل على نقيض قولهم» «2».

و يتعرض للاحكام الفقهية، من دون شرح و تفصيل و استدلال أو تفريع في احكامها، بل كان غرضه من البيان، تفسير الآية و الاستنتاج منها وفق مذهب أهل السنة و الجماعة «3».

______________________________

(1) سورة الانعام/ 103.

(2) تيسير الكريم الرحمن، ج 2/ 447.

(3) انظر ايضا: اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر للرومي، ج 1/ 150؛ و المفسرون بين التأويل و الاثبات في آيات الصفات، ج 1/ 281.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 399

57- جامع البيان

اشارة

العنوان المعروف: تفسير الطبري، المسمى ب «جامع البيان في تفسير القرآن».

المؤلف: أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري.

ولادته: ولد في سنة 224 ه- 839 م، و توفي في سنة 310 ه- 925 م.

مذهب المؤلف: الشافعي.

اللغة: العربية تاريخ التأليف: 306 ه.

عدد

المجلدات: 12.

طبعات الكتاب: طبع عدة طبعات منها: القاهرة، مطبعة بولاق، 30 جزءا في 12 مجلدا، سنة 1323 ه، و في حاشيته تفسير النيشابوري (غرائب القرآن)، و قد طبع عدة مرات بالأفست على هذه الطبعة.

و مصر، 30 جزءا في 12 مجلدا، باشراف احمد سعد علي، سنة 1373 ه، مكتبة مصطفى البابي الحلبي.

و بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، سنة 1412 ه- 1992 م، الحجم 28 سم، في 12 مجلدا.

و طبعة اخرى لم تكتمل بعد، بتصحيح و تعليق و مراجعة محمود محمد شاكر و احمد محمد شاكر، طبع منه 15 مجلدا الى آية 18 من سورة يوسف، و هذه الطبعة من احسن الطبعات لاحتوائها على الفهارس و باعتبارها طبعة محققة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 400

حياة المؤلف:

هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، من العلماء و المؤرخين و المفسرين.

ولد عام 224 ه، او اوائل عام 225 ه بآمل عاصمة طبرستان من مدن محافظة مازندران الايرانية.

نشأ الطبري في بيت علم و بيئة دينية؛ حرص على حفظ القرآن و هو ابن سبع سنين، و كان مصليا به الناس و كاتبا للحديث و عمره لم يتجاوز تسع سنين.

كان عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في احكام القرآن، عالما بالسنة و طرقها، و صحيحها و سقيمها و ناسخها و منسوخها، عارفا بايام الناس و اخبارهم.

لقد طاف الطبري في طبرستان و العراق و الشام و مصر، و استقى من ينابيع العلوم في كثير من المدن.

كان الطبري في اوائل امره شافعيا في الفقه، ثم استقل في الرأي و اجتهد في الفقه حتى صار فقيها مستقلا، قد بنى مذهبا يسمى ب «الجريرية».

توفي ببغداد ليومين بقيا من شوال سنة 310

ه، و قد صلّى على قبره عدة من العلماء و رثاه خلق كثير، و دفن في داره.

اهم آثاره و مؤلفاته:

1- تاريخ الامم و الملوك المشهور ب «تاريخ الطبري».

2- اختلاف الفقهاء.

3- تهذيب الآثار.

4- كتاب القراءات. و هو كما يقول ياقوت: كتاب كبير في ثمانية عشر مجلدا.

5- جامع البيان، المشهور ب «تفسير الطبري»، الذي نحن بصدد تعريفه «1».

______________________________

(1) ابن جرير الطبري و منهجه في التفسير لمحمد بكر اسماعيل/ 5- 26.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 401

تعريف عام

يعدّ التفسير من اشهر تفاسير القرآن، بل هو أم التفاسير و بداية لنهضة تفسيرية رائعة، و فتح للعلماء ابوابا واسعة في أساليبه المتقنة، و من أجلّ التفاسير بالمأثور، لان التفاسير قبل ابن جرير لا يذكر فيها إلّا الروايات فقط من غير ان يذكروا من عندهم شيئا، حتى جاء الطبري فزاد توجيه الأقوال، و ترجيح بعضها على بعض، و ذكر الأعاريب و الاستنباطات، و استشهد بأشعار العرب على معاني الالفاظ.

و مما قيل في حق التفسير:

«كان تفسيره موسوعة لم يعرف الناس لها مثيلا و بحرا زخّارا يغترف الباحثون منه على اختلاف تخصصاتهم، و اتجاهه في التفسير لا منحاز الى مدرسة التفسير بالمنقول، و لا هو ميال كل الميل الى التفسير بالمنظور» «1».

ابتدأ قبل التفسير- بمقدمة بعد خطبة الكتاب- تشتمل على دوافعه في تأليف الكتاب، و منهجه في بيان اتفاق معاني آي القرآن و الأحرف التي اتفقت فيها الفاظ العرف و الفاظ غيرها من بعض أجناس الامم، و الكلام في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب و غيرها من المباحث.

قال الطبري في سبب تأليفه و بيان منهجه:

«و نحن في شرح تأويله (كتاب اللّه الذي لا ريب فيه) و بيان ما فيه من معانيه منشئون إن شاء اللّه، ذلك كتابا مستوعبا لكل ما بالناس اليه الحاجة من علمه جامعا، و من سائر

الكتب غيره في ذلك كافيا، و مخبرون في كل ذلك بما انتهى الينا من اتفاق الحجة فيما اتفقت عليه الأمة و اختلافها فيما اختلفت فيه منه، و مبينو علل كل مذهب من مذاهبهم، و موضحو الصحيح لدينا من ذلك بأوجز ما امكن من الايجاز في ذلك، و أخصر ما امكن من الاختصار فيه» «2».

______________________________

(1) نفس المصدر/ 74.

(2) تفسير الطبري ج 1/ 4 من طبعة بولاق القاهرة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 402

و يظهر مما بأيدينا من المراجع، ان هذا التفسير كان أوسع مما هو عليه اليوم، ثم اختصره مؤلفه الى هذا القدر الذي هو عليه الآن.

و ذكر ابن السبكي في طبقاته ان الطبري قال لاصحابه: أ تنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون الف ورقة، فقالوا: هذا ربما تفنى الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة «1».

و يعتمد على تفسير الآيات بما ورد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ثم على ما روي عن الصحابة و التابعين، فيرجح بين آرائهم اذا اختلفت، و يجمع بينها ان قبلت الجمع، و لا يفارق جميع آراء الصحابة ان اختلفوا في مسألة، و انما يتخير منها ان كانت الطرق متوازية في الصحة و قوة السند.

منهجه

و اما منهجه في التفسير، فإنه فسّر جميع آيات القرآن الكريم و لم يغادر آية منه، فبدأ بذكر اسم السورة باسمها، و روى ما كان لها من اسماء ان روي لها اكثر من اسم. و بيان سبب نزول السورة او الآية ان روي لها رواية، و لا يذكر ان السورة او الآية مكيّة هي ام مدنية، بل بعد ذلك يبدأ بتفسير آياتها، و لا يترك آية

إلّا و ذكر ما روي في تفسيرها عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله، او عن الصحابة و التابعين.

و من منهجه في نقل الرواية، إسناد الاثر الى الرسول «ص» او الى ما انتهى اليه السند، و اذا كانت هناك رواية لا يرتضي سندها، أعرض عنها و ذكر أنها «معلولة»، و يعقّب الاقوال جميعا بذكر الرأي الذي يرجّحه، او يجمع بين الآراء.

و لهذا ليس منهجه في التفسير منهج المحدث الذي يجمع الآثار من دون ترجيح و بيان رأي.

قال الذهبي حول منهج الطبري:

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 1/ 209.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 403

«إنه اذا اراد ان يفسر الآية من القرآن يقول: «القول في تأويل قوله تعالى كذا و كذا» ثم يفسر الآية، و يستشهد على ما قاله بما يرويه بسنده الى الصحابة، او التابعين من تفسير المأثور عنهم في هذه الآية. و اذا كان في الآية قولان، او اكثر، فإنّه يعرض لكل ما قيل فيها، و يستشهد على كل قول بما يرويه في ذلك عن الصحابة و التابعين.

ثم هو لا يقتصر على مجرد الرواية، بل نجده يتعرض لتوجيه الأقوال، و يرجّح بعضها على بعض، كما نجده يتعرض لناحية الإعراب إن دعت الحال الى ذلك، كما أنه يستنبط الاحكام التي يمكن ان تؤخذ من الآية، مع توجيه الأدلة و ترجيح ما يختار» «1».

و من منهجه اذا لم يجد نصا صحيحا عنده، ورد في تفسير الآية، و اجتهد في تأويلها وفق ما تقتضيه اللغة، متتبعا في ذلك وجوه القراءات، مرجّحا قراءة على قراءة، و هو يجمع في تفسير الآية على ما وقف عليه من الروايات في القراءات، فيذكرها بأسانيدها في ترتيب عجيب قد طال في ذلك من

غير داع يقتضيه.

«ثم هو يخاصم بقوة أصحاب الرأي المستقلين في التفكير، و لا يزال يشدد في ضرورة الرجوع الى العلم الراجع الى الصحابة او التابعين و المنقول عنهم نقلا صحيحا مستفيضا، و يرى أن ذلك وحده هو علامة التفسير الصحيح، فمثلا عند ما تكلم عن قوله تعالى: ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ «2». نجده يذكر ما ورد في تفسيرها عن السلف، مع توجيهه للأقوال، و تعرضه للقراءات بقدر ما يحتاج اليه تفسير الآية، ثم يعرج بعد ذلك على من يفسر القرآن برأيه، و بدون اعتماد منه على شي ء إلا على مجرد اللغة، فيفند قوله، و يبطل رأيه، فيقول ما نصه:

«و كان بعض من لا علم له باقوال السلف من أهل التأويل، ممن يفسر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب، يوجه معنى قوله: «و فيه يعصرون» إلى «و فيه

______________________________

(1) التفسير و المفسرون ج 1/ 210.

(2) سورة يوسف/ 49.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 404

ينجون ...» و يزعم انه من العصر ... و ذلك تأويل يكفي من الشهادة على خطئه خلافه قول جميع اهل العلم من الصحابة و التابعين» «1».

و يعتمد الطبري في تفسيره للآيات على التحليل اللغوي للالفاظ، فيذكر اصول اشتقاقها و عرف استعمالها، و دلالاتها على المعاني في مواضعها من الجمل، و هو يراعي عند استنباط المعاني صلة الآية بما قبلها و مناسبة المعاني بعضها ببعض.

و اما موقفه من الاخبار الإسرائيلية و الموضوعة، فإنه يكثر في نقلها، من دون إشارة الى ضعفها. قال الشيخ ابو شهبة في ذلك:

«و ما أخذ على تفسير ابن جرير، أنّه يذكر الروايات من غير بيان و تمييز لصحيحها من ضعيفها، و الظاهر أنّه

من المحدثين الذين يرون ان ذكر السنة و لو لم ينص على درجة الرواية، يخلي المؤلف عن المؤاخذة و التبعة.

و لم يسلم تفسير ابن جرير على جلالة مؤلفه من الروايات الواهية و المنكرة، و الضعيفة و الإسرائيليات، و ذلك مثل: ما ذكره من حديث الفتون، و في قصص الأنبياء، و ما ذكره في قصة زواج النبي «ص» بالسيدة زينب بنت جحش، على ما يرويها القصاص و المبطلون، و ان كان ذكر الرواية الصحيحة.» «2».

و الخلاصة: فقد كان تفسير الطبري صورة متكاملة لثقافة عصره كلها، حيث حوى الحديث و الأثر و التفسير و القراءات و اللغة و النحو و الشعر و الفقه و ذلك في منهج عبقري.

دراسات حول التفسير

من جهة اشتهار تفسير الطبري و قدمته و كثرة الرجوع اليه، فقد كتبت و ألّفت حوله كتب و مقالات و رسائل كثيرة، فما من كتاب يبحث في مناهج التفسير إلا

______________________________

(1) التفسير و المفسرون ج 1/ 210؛ و تفسير الطبري، ج 12/ 138 من طبعة بولاق.

(2) الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 123.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 405

و تعرض لتفسير جامع البيان، من حيث الاتجاه و المنهج، لشدة تأثير المفسرين به و اليك بعض ما كتب حول التفسير:

1- الطبري و منهجه في التفسير. الدكتور محمود بن شريف.

2- ابن جرير الطبري و منهجه في التفسير. الدكتور محمد بكر اسماعيل، القاهرة، دار المنار، الطبعة الاولى، سنة 1411 ه 1991 م، 184 ص، 24 سم.

3- يادنامه طبري (ذكرى الطبري بمناسبة الالفية لوفاته) بالفارسية. جمع من الباحثين الايرانيين، طهران، وزارة الثقافة و الارشاد الاسلامي، الطبعة الاولى، سنة 1369 ش- 1411 ه، 751 ص، 24 سم.

4- الطبري قارئا و اصوله في اختيار

القراءات القرآنية. محمد نجيب قباوة، رسالة ماجستير من جامعة دمشق.

5- محمد بن جرير الطبري و منهجه في التفسير. الدكتور محمود محمد شبكة، مخطوطة بكلية اصول الدين، نال بها صاحبها درجة الدكتوراة عام 1976. (ابن جرير الطبري و منهجه في التفسير/ 182).

6- دفاع عن القراءات المتواترة في مواجهة الطبري المفسر للدكتور لبيب السعيد.

7- نشرت مجلة «كيهان انديشه» العدد 25، بالفارسية محورا خاصا حول الطبري بمناسبة ذكرى وفاة الطبري في 120 ص.

8- الشعر الجاهلي في تفسير الطبري. ليلى توفيق العمري، رسالة ماجستير من الجامعة الاردنية بعمان عام 1404 ه- 1984 م.

9- الامام الطبري بحث في التفسير. آل شاكر عبد اللّه بن عبد العزيز المصلح، الرياض، جامعة محمد بن سعود. (معجم الدراسات القرآنية، ابتسام مرهون الصفار/ 136.)

10- القراءات عند ابي جرير الطبري في ضوء اللغة و النحو، كما وردت في كتاب جامع البيان. احمد خالد أبا بكر، مكة المكرمة، جامعة ام القرى، 1403 ه، مجلدان، رسالة دكتوراه (رسالة القرآن، العدد العاشر/ 203)

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 406

11- الجهود النحوية في تفسير الطبري. امان الدين حتحات، حلب، كلية الآداب و العلوم الانسانية، جامعة حلب، 1986 م، رسالة ماجستير. (رسالة القرآن، العدد الثامن/ 208).

12- الطبري النحوي من خلال تفسيره. زكي فهمي احمد الآلوسي، بغداد، كلية الآداب، جامعة بغداد، 1985 م، رسالة دكتوراه «1». (رسالة القرآن، العدد العاشر 203).

المختصرات من تفسير الطبري

قد قام عدد من الاعلام باختصار تفسير الطبري، من أجل أنّ اختصار حجمه يسهّل على القارئ حمله معه متى شاء، منها:

1- مختصر تفسير الطبري لمحمد بن صمادح التجيبي الأندلسي، المتوفى سنة 419 ه و هو من أقدمها. قد حققه و علق عليه محمد حسن ابو العزم الزفيتي، مع اشراف و تقديم

جودة عبد الرحمن الهلالي. القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1400 ه 1980 م، مجلدان، الحجم 28 سم.

و قد حققه و راجعه ايضا مروان سوار، بهامش القرآن الكريم، الطبعة الثانية، دار الفجر الاسلامي دمشق، 1412 ه- 1991 م، الحجم 20 سم.

2- مختصر تفسير الطبري. اختصار و تحقيق الشيخ محمد على الصابوني

______________________________

(1) انظر: التفسير و المفسرون ج 1/ 207؛ و مناهج التفسير للجويني/ 301؛ و مناهج المفسرين لآل جعفر/ 57؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم/ 39؛ و مقدمة محمود محمد شاكر في الطبعة الاخيرة ج 1/؛ و دراسات من التفسير و رجاله للجبوري/ 88؛ و الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 123؛ و لمحات في علوم القرآن و اتجاهات التفسير لمحمد الصباغ/ 182؛ و في علوم القرآن، دراسات و محاضرات لمحمد عبد السلام كفافي/ 159، 281؛ و دراسات في التفسير و المفسّرين لعبد القهار العاني/ 153؛ و الاسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 234؛ و القراءات القرآنية في بلاد الشام للدكتور حسين عطوان/ 332؛ و دراسات و بحوث في الفكر الاسلامي لفتحي الدريني ج 1/ 163؛ و مذاهب التفسير الاسلامى لتسيهر/ 107؛ و النحو و كتب التفسير ج 1/ 566 و 577.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 407

و الدكتور صالح احمد رضا، القاهرة، دار احياء التراث العربي، 1402 ه، مجلدان، 28 سم.

و في الختام نود أن نذكر أن التفسير قد ترجم الى عدة لغات منها: الفارسية و الأردية و الانكليزية و الفرنسية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 408

58- الجامع لاحكام القرآن

اشارة

العنوان المعروف: الجامع لاحكام القرآن المعروف ب «تفسير القرطبي».

المؤلف: أبو عبد اللّه محمد بن احمد الانصاري القرطبي.

ولادته: ولد في سنة 580 ه- 1184 م،

و توفي 671 ه- 1273 م. المفسرون حياتهم و منهجهم 408 58 - الجامع لاحكام القرآن ..... ص : 408

هب المؤلف: المالكي الاشعري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 20.

طبعات الكتاب: طبع عدة طبعات منها:

طبعة بتصحيح أحمد عبد العليم البردوني، سنة 1372 ه- 1952 م.

و بيروت، دار احياء التراث العربي و دار الكتاب العربي، سنة 1967 م، في 20 مجلدا، الحجم 30 سم.

و بيروت، دار الكتب العلمية، سنة 1408 ه، في 20 مجلدا مع الفهارس.

و القاهرة، دار الغد العربي، الطبعة الاولى، سنة 1409 ه- 1988 م، في 10 مجلدات، الحجم 24 سم، تحقيق المجمع الاسلامي بالأزهر الشريف.

حياة المؤلف:

هو أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن ابي بكر بن فراح ... الانصاري الخزرجي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 409

القرطبي من اهل قرطبة.

نشأ في كنف ابيه الذي كان يشتغل بالزراعة في عصر الموحدين (تقريبا 580- 595). و عند ما بلغ القرطبي من العمر حدا يسمح بتلقى التعليم، تعلم العربية و الشعر الى جانب تعلمه القرآن، و استمر هو يدرس و يدرس الى أن قدم الى مصر بعد ما تلقى بها ثقافة واسعة في الفقه، و النحو، و القراءات، و درس البلاغة و علوم القرآن و اللغة؛ و تتلمذ في مصر عند ابن الجميزي علي بن هبة اللّه، و الحسن البكري.

و قد توفي في ليلة الاثنين التاسع من شوال سنة 671 ه بالقاهرة، و له قبر يزار و يتبرك به ب «المينا» بشرق النيل، و قد تمّ في سنة 1971 م بناء مسجد كبير يحمل اسم القرطبي، و يضم هذا المسجد ضريحا نقل رفات القرطبي اليه من الضريح القديم. «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- الجامع لأحكام القرآن.

2- التذكرة في احوال الموتى و امور الآخرة.

3- الأسنى في شرح الاسماء الحسنى.

4- التذكار في افضل الأذكار.

5- شرح التقصي في الحديث النبوي.

6- الاعلام بما في دين النصارى من المفاسد و الاوهام و اظهار محاسن دين الإسلام.

______________________________

(1) انظر ترجمته تفصيلا في القرطبي و منهجه في التفسير، للدكتور القصبي زلط/ 6- 30؛ و مقدمة التفسير من طبعة القاهرة، دار الغد العربى.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 410

تعريف عام

يعدّ التفسير من اوسع تفاسير القرآن، الذي توسع في الأحكام الفقهية، و ذكر مؤلفه كثيرا من الخلافات المذهبية، مع أنه موسوعة عظيمة حوت كثيرا من العلوم الاسلامية من الإعراب و القراءات و الاصول و الناسخ و المنسوخ و غيرها، أسقط منه القصص و التواريخ و البلاغة.

كان مالكيا تعرض للفقه على أساس مذهبه و ناقش كثيرا المذاهب الاخرى، تأثر بابن عطية في كثير من المجالات.

ابتدأ في مقدمة تفسيره بمقدمات مبسوطة في فضائل القرآن و الترغيب فيه و كيفية التلاوة، و تحذير اهل القرآن من الرياء، و المراتب التي ينبغي لحامل القرآن أن يبلغها، و في اعراب القرآن و تعليمه، و ما جاء في فضل تفسير القرآن، و ما جاء في حامل القرآن و ما يلزم قارئ القرآن و حامله من تعظيمه و حرمته، و ما جاء من الوعيد في التفسير بالرأي، و تبيين الكتاب بالسنة، و باب كيفية التعلم و الفقه لكتاب اللّه، و معنى أن: «القرآن نزل على سبعة أحرف»، و باب ذكر جمع القرآن و ما جاء في ترتيب سور القرآن و آياته، و معنى السورة و الآية، و في إعجاز القرآن و شرائط المعجزة، و فيما جاء من الحجة في الردّ على من طعن في

القرآن.

و قال في بيان غرضه من تأليف الكتاب:

«رأيت ان اشتغل به مدى عمري، و استفرغ فيه نيّتي؛ بان أكتب فيه تعليقا وجيزا، يتضمن نكتا من التفسير و اللغات و الاعراب و القراءات؛ و الرّد على اهل الزيغ و الضلالات، و احاديث كثيرة شاهدة لما نذكره من الاحكام و نزول الآيات ...

و عملته تذكرة لنفسي، و ذخيرة ليوم رمسى، و عملا صالحا بعد موتي» «1».

______________________________

(1) الجامع لاحكام القرآن ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 411

منهجه

كان منهجه اذا ابتدأ بتفسير الآية أن يذكر الآية، ثم إعرابها و وجوه من القراءات و المرويات من طرق التابعين و غيرهم، و بعض ما لا يبالي في النقل كوهب بن منبّه و كعب الاحبار و غيرهما، ثم تفسير الآية و يذكر الاقوال التي فيها، و يذكر آيات الاحكام مع طرحه للمباحث الفقهية و التوسع فيها.

كان القرطبي سنّيا أشعريا ينتصر لمذهب اهل السنة، و يدافع عنه، و أنه لم يقتصر على مهاجمة المعتزلة، بل تعرض للهجوم على كثير من الفرق السياسية و الدينية.

لقد استفاد القرطبي من مؤلفات كثير من المفسرين و غيرهم، و كان موقفه من هؤلاء أن يعرض آراءهم، و يعزوها الى من ينقلها، و قد يتعقبها و يناقشها و يرد بعضها.

و من هذه المؤلفات: «إعراب القرآن» و «معاني القرآن» للنحاس، و كتاب «التحصيل لفوائد التفصيل»، للمهدوي (المتوفى 430 ه)، الذي كان استاذا لابن عطية، و تفسير «النكت و العيون» للماوردي، و «تفسير النقاش» (المتوفى سنة 351 ه) و «المحرر الوجيز» لابن عطية، و «احكام القرآن» لكياهراسي (المتوفى 504 ه) و «احكام القرآن» لابن العربي (المتوفى 543 ه) و تفسير مكي بن ابي طالب المسمى ب «الهداية الى

بلوغ النهاية» في علم معاني القرآن و تفسيره «1»، و «مشكل اعراب القرآن»، و كثير من كتب القراءات.

و كان القرطبي يكثر الاستشهاد باشعار العرب و ربما يحتكم الى معاني اللغة في تفسير بعض آيات.

______________________________

(1) انظر: مكى بن إبراهيم و تفسير القرآن لاحمد حسن فرحات/ 557.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 412

و كانت طريقته في التفسير، أنه يخرج الاحاديث، و يعزوها الى من رواها من الأئمة غالبا، كما أنه صان كتابه عن الاكثار من ذكر الإسرائيليات و الأحاديث الموضوعة، كما أنه اذا ذكر بعض الإسرائيليات و الموضوعات مما يخل بعصمة الملائكة، او الانبياء، او يخلّ بالاعتقاد، فإنّه يكر عليها بالإبطال، او يبين انّها ضعيفة، و ذلك كما فعل في قصة هاروت و ماروت، و قصة داود و سليمان، و قصة الغرانيق، و قصة زواج النبي بالسيدة زينب بنت جحش» «1».

و منهجه في اللغة، أنه استخدم كثيرا من المباحث اللغوية في توضيح الآيات، و منها بحث الاشتقاق و الاشتراك و الاطلاق و التقييد، و أنه قد احتكم الى اللغة في كثير من المجالات، فاحتكم اليها في مهاجمة المعتزلة و في مناصرته لبعض المذاهب الفقهية، و لترجيح بعض القراءات، كما اتجه في تفسيره الى النحو.

و عند ما تناول البلاغة في تفسيره، فإنه كان لا يتوسع في الاسرار البلاغية، لأنّ الأندلسيين لم يهتمّوا بهذه الدراسة «2».

مال القرطبي في تفسيره الى التفسير بالرأي و اتخذه منهجا في ذلك، و لم يهمل التفسير بالمأثور، بل بيّن أنه الاساس الذي يرتكز عليه المفسر، ثم بيّن أنه التزم منهجا موفقا في التفسير المأثور عن رسول اللّه «ص».

اما عن موقفه من التفسير المأثور عن الصحابة، فبيّن أنّه كان لا ينتقل اليه بعد التفسير المأثور

عن رسول اللّه «ص»، بل كان يجمع بين اقوال الصحابة و التابعين، و غيرهم من المفسرين، و يقارن بين هذه الاقوال جميعا، و يختار منها ما تؤيده الأدلة و القرائن «3».

______________________________

(1) الاسرائيليات و الموضوعات لكتب التفاسير لأبي شهبة/ 137.

(2) القرطبي و منهجه في التفسير للزلط/ 467.

(3) نفس المصدر/ 467.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 413

دراسات حول التفسير

كتبت حول القرطبي و منهجه في التفسير مقالات و بحوث، منها:

1- القرطبي و منهجه في التفسير. الدكتور القصبي محمود زلط، الاستاذ المساعد بجامعتي الأزهر و قطر، دار العلم الكويت، 1401 ه- 1981، 486 ص، الحجم 24 سم.

2- ابو عبد اللّه القرطبي و جهوده في التفسير. عبد القاهر رحيم الهيتي، بغداد، كلية الآداب، جامعة بغداد، 1985 م، رسالة دكتوراه. (رسالة القرآن، العدد الثامن/ 195).

3- الامام القرطبي شيخ أئمة التفسير. مشهور حسن محمود سلمان، دمشق، دار القلم، الطبعة الاولى، 1413 ه- 1993 م، 262 ص، الحجم 20 سم. «1»

______________________________

(1) انظر ايضا: التفسير و المفسرون ج 2/ 457؛ دراسات في التفسير و المفسرين لعبد القهار العاني/ 124؛ و دراسات في التفسير و رجاله للجبوري/ 109؛ و الاسرائيليات الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 136؛ و الإسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 303؛ و منهج ابن عطية في تفسير القرآن لعبد الوهاب فائد/ 271؛ و مقدمة الطبعة الاخيرة بتحقيق مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر، ج 1/ 7؛ و المفسرون بين التاويل و الاثبات في آيات الصفات، ج 1/ 287؛ و النحو و كتب التفسير لرفيدة، ج 2/ 844.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 414

59- الجديد

اشارة

العنوان المعروف: الجديد في تفسير القرآن المجيد.

المؤلف: الشيخ محمد حبيب الله، المعروف بالسبزواري النجفي.

ولادته: ولد في سنة 1318 ه- 1900 م، و توفي في سنة 1409 ه- 1989 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1404 ه عدد المجلدات: 7.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، سنة 1402 ه- 1982 م، الحجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو الشيخ محمد بن حبيب الله العزيزي، الشهير بالسبزواري النجفي.

كان من العلماء الامامية. ولد سنة 1318 ه في قرية (فريومد) من قرى سبزوار (خراسان)، درس القرآن و العلوم الأولية في قريته ثم تركها الى مشهد الامام الرضا (ع)، و بدأ هناك الدراسة الأولية، و السطوح، و هناك اتصل بالمرجع الشهير السيد حسين الطباطبائي القمي، فكان من خلصائه، و بعد اخراج السيد القمي من مشهد

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 415

بسبب احتجاجه على ما اراده الشاه رضا بهلوي من خروج على الشريعة الاسلامية في بعض الامور، سافر المترجم له معه الى العراق حيث استقر السيد في مدينة كربلاء، فتابع المترجم له الدراسة عنده، ثم ترك مدينة كربلاء الى النجف و تابع الدراسة على كبار علمائها كالشيخ النائيني و السيد عبد الهادي الشيرازي و غيرهما، و بقي في النجف ما يقارب الاربعين سنة يدرس و يدرّس، و في سنة 1380 ه هاجر من النجف الى مدينة قم، و عاود فيها تدريس الفقه و الاصول، و بنى مسجدا كبيرا في قم.

توفي سنة 1409 ه في مدينة قم، و دفن داخل الحرم الشريف لبنت موسى بن جعفر (ع). «1»

أهم آثاره و مؤلفاته:

1- الجديد في تفسير القرآن المجيد.

2- مختصر تفسير الجديد (مجلد واحد)

تعريف عام

تفسير موجز شامل لجميع آيات القرآن، قد نحا فيه نحو الاختصار، و بيان المراد من دون ان يورد في القيل و القال و احتمالات الكلام، و قد كان همّه توضيح المراد و تفهيم المقال، و لو بطرح اللغة و الإعراب و القراءات، بارز لعقائد الامامية.

كان سهل العبارة، يقرّب المعاني و العقائد للاذهان، مع الاشارة احيانا لبعض النظريات و الاقوال في الفقه و الاعتقاد.

لم يبدأ بتقديم مباحث علوم القرآن، او بيان منهجه، او غرضه من التأليف، بل شرع بعد خطبة الكتاب بتفسير سورة الحمد.

______________________________

(1) اعيان الشيعة، المستدركات ج 3/ 212.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 416

و قد اعتمد في تفسيره على من سبقه من التفاسير، من دون ذكر لاسمائها، بل قال: كذا قال مشهور المفسرين، او قال بعض المفسرين، و ان كان في نقل المرويات استند الى اصحاب الكتب، مثل تفسير البرهان و تفسير العياشي و الكافي.

منهجه

كان منهج السبزواري في تفسيره، ان يبدأ اولا بذكر جمع من الآيات، ثم ذكر فضل السورة و ثوابها و نزولها مكية و مدنية، و عدد آياتها، ثم يشرع في التفسير، آية آية، و طريقته خالصة للتفسير، و عموما خال عن الاستطرادات و التوسع في المباحث، و ايضا خال من الإسرائيليات، كما كان كذلك في اكثر تفاسير الشيعة من جهة ان كتب الشيعة تقتصر على روايات المعصومين- رسول الله (ص) و الائمة من اهل بيته- و لا يدخلون فيها غير روايات اهل البيت من الآثار و الآراء، و هي تخلو نسبيا من الاسرائيليات التي يكثر نقلها في الكتب غير الشيعية، و ان كانت بعض الكتب الشيعية تعاني من آفة اخرى و هي الغلو و الدّس.

اما اتجاه المؤلف في مسائل العقيدة

و الكلام و الفقه في التفسير، فهو موقف الإمامية الاثني عشرية في عقائدهم و آرائهم، فمثلا في ذيل آية: وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ ... فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ «1». في مسألة الرؤية، قال:

«ذلك انهم سألوا امرا عظيما عنده سبحانه، إذ طلبوا رؤيته، مع أن المرئي ينبغي ان يكون مواجها، و أن يكون جسما، و هذا محال بحقه تعالى» «2».

و قال في ذيل آية: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ «3»:

«اي من كانوا على تلك الحال، فإن لهم من ربّهم مغفرة و ثناء جميلا. و تفيد

______________________________

(1) سورة البقرة/ 55.

(2) الجديد في تفسير القرآن ج 1/ 80.

(3) البقرة/ 157.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 417

هذه الآية الشريفة ان الصلاة ليست من خصوصيات النبي (ص) فيجوز ان يصلّي على غيره بانفراد، و على آله بطريق أولى. فالذين خسروا انفسهم بترك الصلاة على آله (ص) و القول باختصاص النبي (ص) بها قول بلا وجه» «1».

و يتعرض ايضا للاحكام الفقهية، و بما أن المؤلف كان من فقهاء الشيعة، فهو يستدل على الاحكام في تفسير الآيات التي تتعلق بالاحكام، و قد يعلّل و يبين اسرارها، و يقارن مع بعض الاقوال و المذاهب، و مع هذا كان منهجه في بيان الاحكام الاختصار و الاجتناب عن التوسع و القيل و القال.

و كان موقفه بالنسبة الى الإسرائيليات، الاجتناب عن نقلها، كما كان هو دأب اكثر مفسري الشيعة الامامية، فيما اذا كان مخلا بالاعتقاد، و ما يخل بعصمة الملائكة او الانبياء.

______________________________

(1) نفس المصدر/ 178.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 418

60- جوامع الجامع

اشارة

العنوان المعروف: تفسير جوامع الجامع.

المؤلف: امين الاسلام، ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي الطوسي.

ولادته: ولد في سنة 468 ه- 1076 م، و

توفي 548 ه- 1154 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 543 ه.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، طبع حجرى من الحجم الكبير و في مجلد واحد، طهران؛ 1321 ه منها: مع تصحيح و تعليق الشهيد السيد محمد على قاضى الطباطبائي، الحجم الكبير، 1383 ه.

منها: طهران، الطبعة الاولى، جامعة طهران، و قم المقدسة، مديرية الحوزة العلمية في قم، صححه و علّق عليه الدكتور ابو القاسم كرجي.

الطبعة الثانية، سنة 1409 ه، حجم 34 سم، بالافست على طبعة جامعة طهران.

و بيروت، دار الاضواء، الطبعة الاولى، سنة 1405 ه- 1985 م، 4 اجزاء في مجلدين.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 419

حياة المؤلف:

هو امين الاسلام ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، مؤلف تفسير مجمع البيان، الذي ستأتي ترجمته في ذيل عنوان: «مجمع البيان»، و هو من علماء الإمامية، و هو غير صاحب مكارم الاخلاق و صاحب الاحتجاج، المسميين باسمه و للمؤلف ثلاثة تفاسير:

1- مجمع البيان في تفسير القرآن.

2- الكافي الشافي في تلخيص الكشّاف، و هو تلخيص لكتاب الكشاف لحقائق التنزيل للزمخشري.

3- جوامع الجامع، و هو تفسير وسيط للمؤلف و ان ألّفه بعد الوجيز المسمى ب «الكافي الشافي» «1»

تعريف عام

و هو تفسير وجيز خفيف الحجم، كثير الغنم، يكثر معناه و ان قل لفظه، شامل لجميع آيات القرآن، يستفاد منه في الحوزات الدينية الشيعية، و هو من الكتب الدراسية في الحوزة العلمية بقم.

جمع الى البحث اللغة و الإعراب و بيان النظم، ثم فصّل المعنى تفصيلا لم يكن فيه إطناب ممل، و لا اختصار مخل، و لكنّه غير مبوب كما كان في المجمع، و لم يخصص كل فصل بموضوع خاص، مثل اللغة و الإعراب، و القراءة و المعنى، بل ذكرها كلها في ذيل الآية.

ابتدأ الطبرسي مقدمته. بخطبة ادبية، ذكر فيها علل تأليفاته الثلاثة في التفسير،

______________________________

(1) جوامع الجامع، ج 1، من طبعة طهران، تقديم المحقق و المصحح (بالفارسية)/ 16، (شانزده) (بالفارسية)، و مقدمة الكتاب/ 4.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 420

ثم شرع في التفسير.

اهدافه

قال الطبرسي في مقدمة كتابه بعد ما ذكر عمله في كتاب «مجمع البيان» و «الكافي الشافي»:

«فخرج الكتابان الى الوجود، و قد ملكا أزمّة القلوب، اذ أحرزا من فنون العلم غاية المطلوب، و جادت جدواهما، و تراءت نارهما، و بعد في استجماع جواهر الألفاظ و زواجر المعاني مداهما، فسارا في الأمصار مسير الأمثال و سريا في الاقطار مسرى الخيال، اقترح عليّ من حلّ منّي محلّ السّواد من البصر و الفؤاد، ولدي ابو نصر الحسن ... ان اجرّد من الكتابين كتابا ثالثا يكون مجمع بينهما و محجر عينهما يأخذ باطرافهما و يتّصف باوصافهما و يزيد بأبكار طرائف، و بواكير لطائف عليهما، فيتحقّق ما قيل: انّ الثالث خير، فان الكتب الكبار قد يشق على الشادي حملها و يثقل على الناقل نقلها ... و هممت ان اضع يدي فيه، ثم استخرت اللّه في الابتداء منه بمجموع مجمع

جامع للكلم الجوامع، اسمّيه كتاب جوامع الجامع» «1».

منهجه

أما منهجه في التفسير، فكان يشرع في بيان اسم السورة مكيّها و مدنيّها و معناها و عدد آياتها و فضلها، ثم يدخل في قراءتها و لغتها و نحوها و صرفها و اشتقاقها، و غيرها من علوم العربية، ثم يدخل في الشرح و البيان و التفسير، و نقل الاقوال من دون تقسيم و تنظيم، بل كانت طريقته نفس طريقة صاحب الكشّاف، بأن يذكر عددا من الآيات ثم يفسر قسما منها، ثم يفسر بعد ذلك القسم الآخر منها.

______________________________

(1) جوامع الجامع، ج 1/ 12 من طبعة بيروت.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 421

و لم يتعرض لآيات الاحكام التي لها تعلق بالفقه إلّا موجزا، فيذكرها وفق مذهب الإمامية، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ «1» قال:

«المراد الصاق المسح بالرأس، و اصحابنا يوجبون اقل ما يقع عليه اسم المسح، و هذا مذهب الشافعي، وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ قرئ بالجرّ و النصب. فالجر للعطف على اللفظ، و النصب للعطف على محل الجار و المجرور.

و قال جار اللّه: كانت الأرجل مظنة للإسراف المذموم في صبّ الماء عليها، فعطفت على الممسوح لا لتمسح، لكن النيّة على وجوب الاقتصار في صب الماء عليها.

و هذا كلام فاسد، لأن حقيقة العطف يقتضي ان يكون المعطوف في حكم المعطوف عليه، و كيف يكون المسح في معنى الغسل، و فائدة اللفظين مختلفة، و لفظ التنزيل قد فرق بين الاعضاء المغسولة و الأعضاء الممسوحة ... و قد بسطنا الكلام فيه في كتاب مجمع البيان و لا يحتمل هذا الكتاب» «2» قد اعتمد في تفسيره على الكشاف، فان المؤلف و ان لخص الكشاف في كتاب «الكافي الشافي»، و لكن قد

نقل في هذا الكتاب من الكشاف ايضا. قال محقق الكتاب الدكتور ابو القاسم الگرجى:

«إن اكثر مطالب التفسير أخذ من الكشاف للزمخشري، حتى ما اذا لم يفسر الزمخشري او نقل قراءة من غير «عاصم» و رجّحه و غير ذلك من البيان و التفسير، اتّبع سبيله من دون تغيير او تبديل او بيان» «3» و قال المؤلف في جملة من دوافعه:

«و مما حداني اليه و حثّني و بعثني عليه أن خطر ببالي و هجس بضميري، بل

______________________________

(1) سورة المائدة/ 6.

(2) جوامع الجامع، ج 1/ 363 من طبعة بيروت.

(3) نفس المصدر صفحة تسعة و عشرة من مقدمة المصحح. (نوزده) طبعة جامعة طهران.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 422

القي في روعي محبّة الاستمرار من كلام جار اللّه العلامة، و لطائفه، فان لألفاظه لذّة الجدّة و رونق الحداثة» «1» اما مميزات هذا التفسير بالنسبة الى سائر تفاسيره:

1- الاختصار و حذف الزوائد، و ايجاز العبارات بحيث يوجب تعقيد بعض العبارات.

2- نقل الاخبار من طرق اهل البيت عليهم السلام، و ان كانت اكثر هذه الروايات مخالفة لما نقله صاحب الكشاف.

3- تبيين موضع الخلاف مع ما ذهب اليه صاحب الكشاف من حيث اعتزاله.

الخلاصة: يعتبر جوامع البيان من احسن التفاسير الوجيزة للطلاب، الحاوي على النكات الادبية و البلاغية و التفسيرية، مع الاجتناب عن كل ما هو زائد عنده في تفسير بياني مختصر، و هو مختصر تفسير «مجمع البيان». مع ما يشتمل من المميزات و الفوائد بالنسبة الى تفسير «المجمع».

______________________________

(1) نفس المصدر/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 423

61- جواهر الحسان في تفسير القرآن

اشارة

العنوان المعروف: جواهر الحسان في تفسير القرآن المعروف ب «تفسير الثعالبي».

المؤلف: ابو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي.

ولادته: ولد في سنة 786 ه- 1384 م،

و توفي في سنة 875 ه- 1470 م.

مذهب المؤلف: المالكي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 833 ه.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، الجزائر المطبعة البهية الثعالبية، سنة 1323 ه، و في المجلد الاول بالخط المغربي، الحجم 24 سم، بتصحيح محمد بن مصطفى ابن الخوجة.

و اعيد طبعه بالافست في بيروت، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، الحجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو ابو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الجزائري المغربي المالكي، كان من العلماء المعروفين، المعرضين عن الدنيا و اهلها.

ولد في سنة 786 ه في الجزائر، رحل من الجزائر لطلب العلم في اواخر القرن

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 424

الثامن فدخل بجاية ثم تونس، ثم رحل الى مصر، ثم رجع الى تونس و يقول هو في مواضع من كتبه:

«لم يكن بتونس يومئذ من يفوقني في علم الحديث، اذا تكلمت انصتوا و قبلوا ما ارويه ... و كان بعض المغاربة يقول لي: لأقدمت من المشرق انت آية في علم الحديث».

كان الثعالبي اماما علّامة مصنّفا خلّف للناس كتبا كثيرة نافعة، و هو غير الثعلبي النيشابوري صاحب تفسير الكشف و البيان.

توفي سنة 876 ه و دفن بمدينة الجزائر. «1»

آثاره و مؤلفاته

1- الجواهر الحسان في تفسير القرآن.

2- الانوار في المعجزات النبوية.

3- روضة الانوار و نزهة الاخيار.

4- جامع الامهات في احكام العبادات.

5- الذهب الإبريز في غريب القرآن العزيز.

6- الارشاد في مصالح العباد.

7- رياض الصالحين.

8- تحفة الإخوان في اعراب بعض آيات القرآن.

تعريف عام

كان التفسير موجزا شاملا لجميع القرآن، معتمدا على أساس الادب و اللغة، و يتضح جليّا أن الكتاب مختصرا لتفسير ابن عطية، مع زيادة نقلها عن غيره من

______________________________

(1) انظر ترجمته: الاعلام للزركلى، ج 3/ 331؛ و التفسير و المفسرون، ج 1/ 247.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 425

المفسرين، و أسقط- كما ذكره- كثيرا من التكرار.

و يوضّح الثعالبي في مقدمة تفسيره طريقته في هذا التفسير، بعد خطبة الكتاب و فضل القرآن، فقال:

«فإني قد جمعت لنفسي و لك في هذا المختصر ما أرجو أن يقر اللّه به عيني و عينك في الدارين، فقد ضمنته- بحمد اللّه- المهم مما اشتمل عليه تفسير ابن عطية، و زدته فوائد جمّة، من غيره من كتب الأئمة و ثقات أعلام هذه الأمة، حسبما رأيته او رويته عن الأثبات، و ذلك قريب من مائة تأليف، و ما فيها تأليف إلّا و هو لامام مشهور بالدين، و معدود في المحققين» «1» ثم ذكر مصادره و أبان رموز كتابه، ثم نقل كثيرا مما جاء في مقدمة تفسير ابن عطية، فذكر بابا في فضل القرآن؛ و بابا في فضل تفسير القرآن و إعرابه، و فصلا فيما قيل في الكلام فيه و الجرأة عليه؛ و مراتب المفسرين و معنى أن القرآن على سبعة أحرف، و الألفاظ التي في القرآن مما للغات العجم بها تعلق، و بابا في تفسير اسماء القرآن، و ذكر السورة و الآية.

و في آخر الكتاب معجم

مختصر في شرح ما وقع فيه من الالفاظ الغريبة، ألحقه به مؤلفه، و زاد فيه كلمات اخرى وردت في غيره يحتاج الى معرفتها، و جلّها مما جاء في الموطأ و صحيحي البخاري و مسلم، و غيرهما من كتب السنّة.

و قد انفرد بنقله مضافا الى ما اختصره من تفسير المحرر الوجيز، و مختصر الطبري للشيخ ابي عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن أحمد اللخمي النحوي، و من مختصر ابي حيان في إعراب القرآن للصفاقسي.

منهجه

كانت طريقته ان يبدأ باسم السورة و مكيّها و مدنيّها، و فضلها و ما اشتملت عليه

______________________________

(1) جواهر الحسان، ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 426

من الموضوعات، ثم يشرع في التفسير منتخبا من قطعة الآيات، ثم يذكر الإعراب و الصرف و النحو و القراءة و التفسير، بنحو مختصر مع ذكر اسباب النزول و المرويات من النبي «ص» و الصحابة و التابعين.

و هو ينتهج منهج ابن عطية في تفسير القرآن، و يقوم في أغلب الاحيان على حذف الشواهد الشعرية، و الوجوه النحوية، و الإقلال من ذكر القراءات، و الاكتفاء بقول او قولين من الأقوال الكثيرة، التي يذكرها ابن عطية في تفسير الآية، و تذكر غالبا.

قال الذهبي في حق التفسير:

«و هو إذ يذكر الروايات المأثورة في التفسير، يذكرها بدون ان يذكر سنده الى من يروي عنه، و قد وجدت الثعالبي يذكر بعض الروايات الإسرائيلية، و لكنه يتعقب ما يذكره بما يفيد عدم صحته او على الاقل بما يفيد عدم القطع بصحته، فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى: وَ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ «1»، نجده يذكر بعض الأخبار الإسرائيلية، ثم يقول بعد الفراغ منها: «و اللّه

اعلم بما صح من ذلك» «2» و قد يهتمّ الثعالبي بتخريج الأحاديث التي وردت في تفسير ابن عطية، و كأنّه جهود في التعليق و الزيادة على هذا التفسير، كما انه يزيد بيانا و توضيحا، او تضعيف بعض الاقوال التي يذكرها ابن عطية في تفسيره، او يقوم بالدفاع عنه في قبال ابن حيان في البحر المحيط «3»

______________________________

(1) سورة النمل/ 20.

(2) التفسير و المفسرون، ج 1/ 251.

(3) انظر تفصيل ذلك في: منهج ابن عطية في تفسير القرآن لعبد الوهاب فائد/ 296.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 427

دراسات حول التفسير

1- عبد الرحمن الثعالبي و منهجه في التفسير. عبد الحق عبد الدائم سيف القاضي، المدينة المنورة، الجامعة الاسلامية، سنة 1405 ه، شهادة عالمية «1». (رسالة القرآن، العدد العاشر/ 203).

______________________________

(1) انظر: التفسير و المفسرون، ج 1/ 247؛ و منهج ابن عطية في تفسير القرآن لعبد الوهاب فائد 294؛ و المفسرون بين التأويل و الإثبات في آيات الصفات، ج 2/ 171؛ و النحو و كتب التفسير لرفيدة، ج 2/ 968.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 428

62- الجواهر في تفسير القرآن

اشارة

العنوان المعروف: الجواهر في تفسير القرآن المعروف ب «تفسير الطنطاوي».

المؤلف: الشيخ طنطاوي بن جوهري المصري.

ولادته: ولد في سنة 1287 ه- 1862 م، و توفي في سنة 1358 ه- 1940 م.

مذهب المؤلف: الشافعى الاشعرى.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1344 ه.

عدد المجلدات: 26 جزءا في 13 مجلدا.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، مؤسسة مصطفى البابي الحلبي، سنة 1350 ه- 1929 م، الحجم 30 سم.

الطبعة الثالثة، بيروت، دار الفكر، سنة 1395 ه- 1974 م.

حياة المؤلف:

هو الشيخ طنطاوي بن جوهري المصري. ولد في قرية عوض اللّه حجازي من قرى «الشرقية» بمصر سنة 1287 ه- 1862 م، و قد نشأ محبّا لدينه، ذا رغبة قوية في توجيه المسلمين الى الايمان الراسخ باللّه تعالى عن طريق النظر في ملكوته و آثار نعمه و رحمته.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 429

تلقى تعليمه على يد أبيه و عمه الشيخ محمد شلبي، و درس في المدارس الحكومية، و التحق بالأزهر و اتقن العلوم الدينية، و عني بدراسة الإنكليزية، التي كانت مادة مهمة في ثقافته و سعة معلوماته العلمية.

و القى محاضرات في الجامعة المصرية، و ناصر الحركة الوطنية، فوضع كتابا في «نهضة الامة و حياتها»، نشره تباعا في جريدة «اللواء».

توفي سنة 1385 ه- 1940 م بالقاهرة.

أهم آثاره و مؤلفاته:

1- جواهر العلوم.

2- النظام و الإسلام.

3- التاج المرصع.

4- نظام العالم و الأمم.

5- أين الإنسان.

6- اصل العالم.

7- الحكمة و الحكماء.

8- بهجة العلوم في الفلسفة العربية و موازنتها بالعلوم العصرية.

9- الفرائد الجوهرية في الطرق النحوية. «1»

تعريف عام

يعتبر الشيخ الطنطاوي الجوهري اوّل من فسّر القرآن الكريم كله على ضوء العلم الحديث.

قد فسره على هذا اللون قبله محمد احمد الاسكندراني في كتاب «كشف

______________________________

(1) الاعلام، للزركلى ج 3/ 230.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 430

الاسرار النورانية» الذي سيأتي توضيحه، و لكن تفسيره هذا غير كامل و لا شامل لجميع الآيات، و كذلك فسره بنفس الطريقة العلمية محمد عبد المنعم الجمال في:

«التفسير الفريد للقرآن المجيد»، الذى سبق تعريفه.

و يرى الشيخ الجوهري، أنّ معجزات القرآن العلمية لا زالت تكشف يوما بعد يوم، كلما تقدمت العلوم و الاكتشافات، و يرى أن كثيرا من كنوز القرآن العلمية ما زالت مذخورة لم يوفق أحد لبيانها حتى الآن، لذلك سألت اللّه أن يوفقني الى تفسير القرآن الكريم على ضوء العلم الحديث، مسترشدا في ذلك باقوال العلماء الشرقيين منهم و الغربيين.

و لكن الجوهري تناول آيات القرآن على اساس معطياته، و وقف على آخر اخباره و نظرياته و اكتشافاته، فقدّم لنا تفسيرا علميا شاملا للقرآن.

«ابتدأ تفسير القرآن عند ما كان مدرسا بمدرسة دار العلوم، يلقي تفسير بعض الآيات على طلبتها، و بعضه كان يكتبه في مجلة: «الملاجئ العباسية»، ثم والى عمله في التفسير حتى أتم تفسير القرآن كله» «1».

قال الجوهري في مقدمة تفسيره:

«لمّا تأملت الامة الاسلامية و تعاليمها الدينية، ألفيت اكثر العقلاء و بعض أجلة العلماء، عن تلك المعاني معرضين، و عن التفرج عليها ساهين لاهين، فقليل منهم من فكّر في خلق العوالم و ما أودع فيها من

الغرائب.

فأخذت أؤلف كتبا لذلك شتى، «كنظام العالم و الامم»، و «جواهر العلوم»، و «التاج المرصع»، و «جمال العالم»، و غير ذلك من الرسائل و الكتب، و مزجت فيها الآيات القرآنية بالعجائب الكونية، و جعلت آيات الوحي مطابقة لعجائب الصنع ...

و ترجم منها الكثير الى اللغة الهندية المسماة بالأوردية، و الى لغة قازان بالبلاد الروسية ... و لكن كل ذلك لم يشف مني الغليل، و لم يقم على غنائه من دليل،

______________________________

(1) التفسير و المفسرون ج 1/ 505.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 431

فتوجهت الى ذي العزة و الجلال، أن يوفقني ان أفسر القرآن، و أجعل هذه العلوم في خلاله، و اتفيأ في بساتين الوحي و ظلاله».

و قال في موضع آخر:

«ايها الفطن، ان هذا التفسير نفحة ربانية، و إشارة قدسية، و بشارة رمزية، أمرت به بطريق الالهام، و ايقنت أن له شأنا سيعرفه الخلق، و سيكون من اهم أسباب رقي المستضعفين في الارض» «1».

و الخلاصة: و في نظرة عامة الى التفسير، نجد أنه فسر القرآن تفسيرا شاملا حاويا على كثير من العلوم و المعارف، حيث تضمن شرحا للتاريخ و الأدب و الفلسفة و السياسة و الاجتماع، حتى انه لم يخل من ذكر بعض النظريات المدهشة للاستدلال بها على أن القرآن حق، مع أنه مخلص في ادعائه، و غرضه الدفاع عن الدين و تشجيع المسلمين الى الوقوف على حقائق معاني الآيات البينات في الحيوان و النبات و الارض و السماوات.

و كثيرا ما نجد المفسر يهيب بالمسلمين ان يتأمّلوا في آيات القرآن التي ترشد الى علوم الكون، و يحثّهم على العمل بما فيها و يندد بمن يغفل هذه الآيات على كثرتها، و ينعى على من أغفلها من السابقين الاولين.

و

قال في موضع آخر لخصه صاحب التفسير و المفسرون:

«إن في القرآن من آيات العلوم ما يربو على سبعمائة و خمسين آية، في حين ان علم الفقه لا تزيد آياته الصريحة على مائة و خمسين آية ... يا امة الاسلام آيات معدودات في الفرائض اجتذبت فرعا من علم الرياضيات، فما بالكم ايها الناس بسبعمائة آية فيها عجائب الدنيا كلها ... هذا زمان العلوم، و هذا زمان ظهور نور الاسلام ... لما ذا لا نعمل في آيات العلوم الكونية ما فعله آباؤنا في آيات الميراث» «2».

______________________________

(1) الجواهر في تفسير القرآن الكريم ج 1/ 2.

(2) التفسير و المفسرون للذهبى ج 2/ 506.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 432

قد كتب التفسير في خمسة و عشرين جزءا، و لكن بعد ما تم التفسير، الحق به الجزء السادس و العشرين، المشتمل على ما اغفل عن بيانه في التفسير من العجائب و البدائع المكونات و على ضوء العلم الحديث.

منهجه

و كان منهجه في التفسير، ذكر اسم السورة و مكيّها و مدنيّها و ذكر مقاصد السورة على ضوء العلم الحديث ثم التفسير اللفظي من السورة، و قد يستعرض السؤال و الجواب في بيان المواضيع.

اما طريقته في التفسير، فانه يبدأ بالتفسير اللفظي للآيات التي يعرض لها تفسيرا لفظيا مختصرا، ثم يدخل بالشرح و الايضاح و الكشف في ابحاث علمية مستفيضة يسمّيها هو لطائف او جواهر، توسعا مفرطا في الفنون العصرية و العلوم الكونية، يستشهد بكلام علماء الغرب و الشرق ليبين للمسلمين و غيرهم ان القرآن الكريم قد سبق الى هذه الأبحاث؛ و كثيرا ما يضع في تفسيره صورا للنباتات و الحيوانات و المناظر الطبيعية و التجارب العلمية و الجداول الاحصائية بقصد أن يوضح للقارئ

ما يقوله.

و قد طبّق في تفسيره النظريات العلمية الحديثة على القرآن، و استخرج هذه النظريات من القرآن، فجاء تفسيره مزيجا من علوم الأمم قديما و حديثا، مع التوفيق بين الآراء الحديثة و الافكار الدينية.

قال الذهبي في كتابه التفسير و المفسرون:

«و قد يستشهد احيانا على ما يقول بما جاء في الانجيل (برنابا)، و ايضا يشرح بعض الحقائق الدينية بما جاء عن افلاطون في جمهوريته، او بما جاء عن اخوان الصفا في رسائلهم، كما أنه يستخرج كثيرا من علوم القرآن بواسطة حساب الجمل» «1».

______________________________

(1) التفسير و المفسرون ج 2/ 509.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 433

و كان موقفه في المسائل الاعتقادية و الكلامية تبعا لمنهجه توجيه العقائد و المباحث العلمية باللون العلمي و التجريبي، و الاستشهاد بما قاله علماء الغرب في ذلك، و لكن لا يغفل عن التفسير اللفظي لتلك الآيات، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «1» قال:

«لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ» المركبة من مواد ارضية، لانّ اللّه ليس مادة و لا جسما، و أبصاركم و ابصار الحيوان قاصرة على رؤية الاجسام، و انما ترونه بعيون غير جسمانية اذا صفت نفوسكم و لطفت عقولكم، و تأهلتم لرؤيته بتلك العيون التي لم تخلق، و اذا كان الجن و الشياطين لا ترونهم، و الملك اذا نزل اليكم، كما في اول السورة ينزل في صورة رجل قال اللّه تعالى: وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ «2»، فاللّه اجل من الملائكة، فهو اولى و أحق ألّا يرى بأبصاركم، و اذا كانت الجن جاء فيها: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ «3»، فبالاولى يكون اللّه عز و جل خالق

الجن و خالق الملائكة، و قد جاء في الكشف الحديث، كما ذكرناه اول السورة ما يناسب هذا، و ان الارواح الملكية و الشيطانية لا ترى إلّا اذا استعارت من جسم الوسيط موادّه، فظهرت بهيئة الروح التي كانت عليها في الدنيا» «4».

و يتعرض للاحكام الفقهية عند تفسير الآية من دون بسط في تفسيره، مع البيان العلمي للحكم و اسراره و لطائفه و ما يناسبه باللون العلمي.

و الخلاصة: ان تفسير الجواهر من أظهر التفاسير العلمية التي ظهرت في عصرنا، و تأثر بهذا اللون من التفسير جمع من العلماء في تفاسيرهم و كتبهم. كما

______________________________

(1) سورة الانعام/ 103.

(2) الأنعام/ 9.

(3) الأعراف/ 27.

(4) الجواهر ج 2، الجزء الرابع/ 98.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 434

أثار الاعتراض و المخالفة جمع من العلماء و الباحثين «1».

و لكن في آخر الكلام لا بدّ ان نؤكد و نقول: إن القرآن الكريم كتاب هداية و صلاح الحياة الانسانية و الرجوع به الى اللّه، و ليس كتاب العلوم و الفنون، و ليس غرضه بيانهما. و اذا بيّن شيئا من تلك الامور لا من جهة علمية و إخباره، بل من جهة ارشاده و هدايته.

و ان الذين يعتبرون ان التفسير العلمى هو الذي يبين اعجاز القرآن مخطئون، و لا شك. فالاستناد الى ما تناولته بعض آيات القرآن من حقائق الكون و مشاهده، او إلى دعوة الله للناس بالنظر في كتاب الكون و آياته التي بثّها في الآفاق و فى انفسهم، لاظهار أن القرآن قد جمع علوم الاولين و الآخرين، تأويل غير صحيح، ذلك لان تناول القرآن لحقائق الكون و مشاهده، و دعوته الى النظر في ملكوت السموات و الارض و في انفسهم، لا يراد منه إلّا رياضة وجدانات

الناس، و توجيه عامتهم و خاصتهم الى مكان العظة و العبرة، و لفتهم الى آيات قدرة الله و دلائل وحدانيته. «2»

و حسبنا في ذلك، ان لا يكون في القرآن نص صريح يصادم حقيقة علمية ثابتا «3».

______________________________

(1) التفسير و المفسرون ج 2/ 518.

(2) فى علوم القرآن دراسات و محاضرات/ 341.

(3) انظر تفصيلا: التفسير و المفسرون ج 2/ 505- 519؛ و مناهج المفسرين لآل جعفر/ 259؛ و التفسير العلمي للقرآن في الميزان لأبي حجر/ 178؛ و مدخل الى ظلال القرآن لصلاح الخالدي/ 68؛ و في علوم القرآن دراسات و محاضرات لمحمد عبد السلام كفافي/ 334؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصى/ 223.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 435

63- الجوهر الثمين

اشارة

العنوان المعروف: الجوهر الثمين في تفسير الكتاب المبين.

المؤلف: السيد عبد اللّه شبر.

ولادته: ولد في سنة 1188 ه- 1774 م، و توفي في سنة 1242 ه- 1827 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية تاريخ التأليف: 1239 ه.

عدد المجلدات: 6.

طبعات الكتاب: الكويت، مكتبة الألفين، الطبعة الاولى، سنة 1407 ه- 1986 م، حجم 24 سم، قدّم له الدكتور السيد محمد بحر العلوم.

حياة المؤلف:

هو السيد عبد اللّه شبّر ابن السيد محمد رضا الحسيني الكاظمي النجفي. ولد في النجف الاشرف ايام اقامة والده فيها سنة 1188 ه، واصلهم من «الحلة». قرأ على والده في مشهد الكاظمين عليهما السلام و على السيد محسن الأعرجي، كان يعرف في عصره بالمجلسي الثاني لكثرة تصانيفه. حاز جميع العلوم، التفسير و الفقه و الحديث و اللغة، و صنّف في اكثر العلوم الشرعية من التفسير و الفقه و الحديث

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 436

و اللغة، فأكثر و أجاد و انتشرت كتبه في الاقطار و ملأت الأمصار، و لم يوجد أحد مثله في سرعة التصنيف مع مواظبته على كثير من الطاعات، و لم يصرف لحظة من عمره الّا في اكتساب الفضيلة، و وزّع اوقاته على الأمور النافعة، اما النهار ففي التدريس و المطالعة، و اما الليل فبالعبادة.

توفي بمشهد الكاظمين (ع) في رجب سنة 1242 ه، و دفن مع والده في المشهد الكاظمي. «1»

اهم آثاره و مؤلفاته:

و لصاحب هذا التفسير مؤلفات عديدة ضخمة تبلغ السبعين كتابا، نشير الى أهم مؤلفاته:

1- التفسير الوجيز، المعروف ب «تفسير شبر» مختصر من تفسير الجوهر الثمين.

2- الجوهر الثمين (تفسير وسيط للمؤلف).

3- صفوة التفاسير (تفسير كبير للمؤلف).

4- مصابيح الظلام في شرح مفاتيح شرائع الاسلام.

5- جلاء العيون في ترجمة احوال النبي و الأئمة عليهم السلام.

6- تسلية الفؤاد في بيان الموت و المعاد.

7- جامع المعارف و الاحكام.

8- روضة العابدين، في مجلدين: الاول فيما يتعلق بعمل اليوم و الليلة، و أدعية الاسبوع و سائر ما يحتاج اليه، و الثاني في اعمال السنة.

______________________________

(1) اعيان الشيعة للسيد محسن الامين، ج 8/ 82، و مقدمة تفسير شبر لحامد حنفى داود/ 4، و مقدمة تسلية الفؤاد للسيد أحمد الحسيني/ 6؛ و

روضات الجنات، ج 4/ 461؛ و معجم المؤلفين، ج 6/ 118.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 437

تعريف عام

هذا هو التفسير «الوسط» بين تفسيرين للمؤلف، الجامع بين الجانب النقلي و الجانب العقلي. و هو يهتمّ بشرح الالفاظ اللغوية و المشاكل الاعرابية، و المحاولة التبسيطية في التعبير، و الأسلوب السهل الميسر، الشامل لجميع آيات القرآن بشكل موجز.

قال شبر في مقدمة تفسيره:

«إنّي بعد ما صرفت عمري و افنيت دهري بفضل اللّه و منّه و توفيقه ... اشتد شوقي إلى تفسير الكتاب المجيد، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، و كان يمنعني من ذلك قصور الباع و قلّة الاطلاع في هذه الصناعة ... فرأيت بعد ان استخرت اللّه سبحانه، أن أحرّر تفسيرا يشير الى جملة من النكات اللطيفة و المعاني، و تصحيح القراءة و المباني، و يشتمل على جملة من الأخبار و الآثار، المروية عن النبي و آله الأطهار» «1».

قد اعتمد في تفسيره في بيان اللغة و المعنى على البيضاوي بنقل كلماته، مع توضيح و شرح و نقل الحديث عن طريق اهل البيت عليهم السلام، مع رعاية الاختصار، و الاقتصار بحل مشكلات الكلمات.

و اعتمد في نقل المأثورات على تفسير القمي و بحار الانوار، و لكنه في الاغلب لم يذكر السند أو عمّن نقلها، مع ذكره للامام المعصوم الذي نقل عنه الرواية فقط.

لم يبدأ المؤلف بمقدمة مفصلة حول التفسير او موضوعات علوم القرآن، بل اكتفى ببيان هدفه لتأليف الكتاب و منهجه.

منهجه

اما منهجه في شروع التفسير، فهو يذكر اسم السورة، و عدد آياتها، و بيان المكي و المدني منها و معنى السورة، و فضلها و فضل قراءتها، ثم يذكر جملة من الآيات

______________________________

(1) الجوهر الثمين، ج 1/ 48.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 438

فيفسرها فقرة فقرة، فيجمع بين الدقّة

في اداء المعنى و الإيجاز في إرسال العبارة و تحريرها على غاية من حسن الاختيار، و عنايته المستقصاة بالأداء القرآني في الوجوه المروية عن السلف و المعروفة عند علماء القراءات، و الاستشهاد بروايات ائمة اهل البيت عليهم السلام، و العناية بتوضيح المعاني اللغوية، و تبيين اكثر الكلمات من موقعها الإعرابي، كي يستقيم نطق القارئ، و يتضح المعنى من اللفظ.

كان همّه من موقفه الشيعي، بيان رأيه العقائدي في الموضع المقتضي لذلك، بما ينسجم و طبيعة المهمة التفسيرية، و في حدودها المعقولة و بموضوعية من غير تعصب.

فمثلا عند تفسير قوله تعالى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «1» بعد ما فسر صدر الآية قال:

«قوله تعالى: وَ هُمْ راكِعُونَ، حال من فاعل يؤتون اى يؤتون الزكاة في حال ركوعهم في الصلاة حرصا على الاحسان و مسارعة اليه، و قد أطبق المفسرون و تواترت الأخبار من الخاصة على نزول الآية في علي عليه السلام حين سأل سائل و هو راكع في صلاته، فأومى اليه بخنصره فأخذ خاتمه، و رواه الجمهور مستفيضا.

و الآية نص في امامته و نفي إمامة من تقدمه لحصر الولاية في الله و رسوله و من وصف و لم يتصف بذلك أحد سواه اجماعا، و عبّر عنه بالجمع تعظيما ...» «2»

و كذلك يجمع آراء المفسرين الإمامية المتقدمين منهم و المتأخرين حتى عصره بشكل موجز و يستشهد باقوال بعضهم.

و لا يتعرض للاحكام و الآراء الفقهية في تفسيره، و كان همّه بيان الآية و الاشارة الى الحكم فيما اذا تعلقت الآية بحكم معين.

______________________________

(1) سورة المائدة/ 55.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 189.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 439

و ايضا

تجنّب ذكر الأخبار الإسرائيلية التي ذكرتها بعض التفاسير.

و كذلك يتحرى الموضوعات من الاحاديث، و كل ما لا يتناسب مع القرآن و شأنه.

و الخلاصة: إنّ تفسير الجوهر الثمين، من التفاسير الموجزة للشيعة الامامية، جمع فيه المؤلف- رحمه اللّه- الدقّة و الإيجاز لايصال المعنى للقارئ باسلوب سهل ميسر، مع تطعيم البحث بروايات اهل البيت عليهم السلام و بيان رأيه العقائدي عند تفسيره لآيات الأحكام «1»

______________________________

(1) انظر: بين الشيعة و السنة دراسة مقارنة في التفسير و اصوله لعلي سالوس/ 245؛ و التفسير و المفسرون ج 2/ 191.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 440

64- حاشية شيخ زاده

اشارة

العنوان المعروف: حاشية محيي الدين شيخ زاده على تفسير القاضي البيضاوي.

المؤلف: محيي الدين محمد بن مصطفى القوجوي المعروف ب «شيخ زاده».

وفاته: توفي في سنة 951 ه- 1544 م.

مذهب المؤلف: الحنفي الاشعري اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، آستانة، المطبعة السلطانية بدار الخلافة العلمية، 1282 ه، 3 مجلد، 35 سم، برعاية السيد احمد الطاهر الأفندي و إشراف السيد أحمد كمال الأفندي.

و اعيد طبعه بالافست على طبعة دار الخلافة: بيروت، دار صادر، 35 سم، 4 مجلدات.

و القاهرة، بولاق 1263 ه، 6 مجلدات. ثم في 5 مجلدات، في نفس السنة.

حياة المؤلف:

هو محيي الدين محمد بن مصطفى (مصلح الدين) القوجوي الحنفي، الشهير ب «شيخ زاده».

كان فقيها من فقهاء الحنفية، اديبا، مفسرا و يدرس تفسيره. و كان مدرسا

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 441

بالقسطنطينية (اسطنبول حاليا).

و لم يكتب اصحاب التراجم كالشقائق النعمانية، و شذرات الذهب (8/ 286)، و هدية العارفين (ج 2/ 238) و معجم المؤلفين (ج 12/ 32) عن حياته و تاريخ ولادته شيئا.

توفي في سنة 951 ه.

آثاره و مؤلفاته:

1- حاشية على انوار التنزيل للبيضاوي.

2- شرح الوقاية في الفقه.

3- شرح الفرائض السراجية.

4- شرح المفتاح للسكاكي.

5- حاشية على مشارق الأنوار للصاغاني.

6- شرح البردة. «1» في مدح النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

تعريف عام

هي من اعظم حواشي التفسير (انوار التنزيل) فائدة و اكثرها نفعا و اسهلها عبارة.

فان البيضاوي قد اختصر تفسيره من الكشاف، و مفاتيح الغيب للرازي.

و بما أن كتاب البيضاوي يعدّ من أمهات كتب التفسير، التي لا يستغني عنها من يريد ان يفهم كلام اللّه تعالى و يقف على اسرار معانيه، فلذلك عكفوا عليه بالدرس و التحشية من قبل علماء السنة و الشيعة و من جملة هذه الحواشي حاشية و شرحا و اكثر تداولا، حاشية الشيخ زاده و الخفاجي، و لكن حاشية- شيخ زاده أبسط و أسهل

______________________________

(1) الاعلام، للزركلى، ج 7/ 99؛ و معجم المفسرين لعادل نويهض، ج 2/ 637.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 442

عبارة؛ قال حاجي خليفة في كشف الظنون في حق هذا الكتاب:

«و هي أعظم الحواشي فائدة، و اكثرها نفعا، و أسهلها عبارة، كتبها اولا على سبيل الايضاح و البيان للمبتدئ في ثماني مجلدات، ثم استأنفها ثانيا بنوع تصرف فيه و زيادة عليه، فتلاعب بالنسختين أيدي النساخ حتى كاد أن لا يعرف بينهما «1».

شرح صاحب الكتاب شرحا يفيد للطلاب و المتعلمين، كما كان دأب الشارح كذلك في عباراته الأدبية و البيانية من دون توضيح لدوافعه لهذا التأليف و التحشية، او بيان منهجه.

منهجه

و اما منهجه، فكان يذكر كلام البيضاوي، ثم شرح اقواله، ادبا و قراءة، و قد يذكر من كلمات المفسرين و يقارن بينهما، من دون ترجيح بينهما، فمثلا عند ذكر فضائل السور نقل عن الكشاف:

«سئل الزمخشري جار اللّه، بان قيل لما ذا أوردت الفضائل في اواخر السورة و بعض المفسرين يذكرونها مقدمة على السورة، ثم يشرعون في التفسير، فاجاب بان الفضائل اوصاف السور، و الوصف يستدعي تقديم الموصوف، و من أوردها في الابتداء،

فقد مال الى الترغيب» «2» ثم نقل عن النووي كلاما في الأحاديث الموضوعة في فضل قراءة القرآن و عدم حجيته:

«و من الموضوع، الحديث المروي عن ابي بن كعب في فضل القرآن سورة سورة، و قد اخطأ من ذكره من المفسرين، و زاد الصنعاني مؤلف المشارق، وضعها رجل من اهل عبادان، و قال: لما رأيت الناس اشتغلوا بالأشعار و فقه ابي حنيفة، و غير ذلك

______________________________

(1) كشف الظنون، ج 1/ 187، من طبعة دار الفكر، بيروت، 1402.

(2) حاشية شيخ زاده، ج 1/ 55.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 443

و نبذوا القرآن وراء ظهورهم، أردت ان اضع لكل سورة فضيلة ارغب الناس بها في الاشتغال بالقرآن» «1».

و ايضا عند نقل كلام البيضاوي في قصة هاروت و ماروت و ما ذكر فيها من الاخبار الإسرائيلية نقل عن معالم التنزيل للبغوي كلاما ثم وجه كلام البيضاوي و هذا ملخصه:

«ثم قال: [البغوي] و هذه الرواية فاسدة و مردودة غير مقبولة، لانه ليس في كتاب اللّه ما يدلّ عليها، بل فيه ما يبطلها من وجوه ... و وافقه المصنف في عدم قبول ذلك المروي، و إن خالفه في بعض ما تمسك به في ذلك، لكونه محل بحث. و تمسك في عدم قبوله بعدم ابتنائه على دليل يعول عليه، بل مداره على اليهود.

و لو سلم ابتناؤه على دليل معتبر، فيمكن ان يكون قد عبّر عن العقل و الروح في الرواية بالملكين، و عن النفس الأمارة بالزهرة، و خروج العقل و الروح عن مقتضى ذاتهما بكونهما مغلوبين بالنفس الأمارة، و ميلهما الى ما تدعو اليه النفس بتعشق الرجال للنساء» «2».

و منشأ هذه التوجيهات كما ذكرنا عند تعريفنا لتفسير الصافي، عدم جرأة هؤلاء المفسرين و

من حذا حذوهم لطرد هذه الروايات السخيفة المنقولة من طرق اليهود بدليل المحكمات، ثم يؤولونها بشكل بعيد عن الشرع و العقل، و كم لها من نظير في كتب التفسير و العقائد و التاريخ.

______________________________

(1) نفس المصدر.

(2) نفس المصدر/ 373.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 444

65- حاشية الصاوي

اشارة

العنوان المعروف: حاشية الصاوي على تفسير الجلالين المؤلف: الشيخ أحمد الصاوي ولادته: ولد في سنة 1175 ه- 1761 م، و توفي في سنة 1241 ه- 1825 م.

مذهب المؤلف: المالكي الاشعرى.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1225 ه الى 1228.

عدد المجلدات: 6.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، بيروت، دار الفكر، سنة 1409 ه- 1988 م، الحجم 24 سم، في 6 مجلدات.

و اعيد طبعه بالافست فى بيروت، دار الجيل، 4 أجزاء في مجلدين، الحجم 28 سم، راجع تصحيحها الشيخ علي محمد الصباغ.

حياة المؤلف:

هو العلامة الشيخ احمد بن محمد الصاوي، المصري، الخلوتي، المالكي، المولود في صاء الحجر على شاطي النيل من اقليم الغربية في سنة 1175 ه.

لقد عمل الصاوي في مجالات العلم المختلفة، فقرأ و توسّع و تبحّر و تعمق في

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 445

فروع مختلفة، و لا سيّما في التفسير و الحديث و الفقه و القراءات، ثم عمل على وضع زبدة قراءاته و معارفه.

كان الصاوي اماما من أئمة علماء الازهر، و صوفيا من كبار الصوفية، و مفسرا من مفسري اهل السنة.

و قد توفي بالمدينة المنورة سنة 1241 ه الموافق لعام 1825 م.

آثاره و مؤلفاته:

1- بلغة السالك لاقرب المسالك في فروع الفقه المالكي.

2- حاشية على جوهرة التوحيد للقاني.

3- حاشية على شرح الدردير على رسالته في علم البيان المسماة ب «تحفة الإخوان».

4- الاسرار الربانية و الفيوضات الرحمانية، و هي شرح الصلوات الدرديرية. «1»

تعريف عام

كان التفسير شرحا على تفسير الجلالين، الذي اشترك في العمل به الجلالان (جلال الدين المحلي و جلال الدين السيوطي).

بدأ العلامة المحلي تفسير القرآن مبتدئا بسورة الكهف، و تابع التفسير حتى نهاية المصحف، ثم عاد ففسر فاتحة الكتاب، و من ثم اراد الشروع بسورة البقرة، غير أنه توفي و لم يكمل العمل، فجاء بعده الامام جلال الدين السيوطي ليكمل ما بدأه المحلي، ففسر القرآن من اوّل سورة البقرة حتى نهاية سورة الإسراء، محاولا ان يكون عمله مطابقا لعمل المحلي، و شبيها له في الطريق و الأسلوب.

و هذا التفسير (الجلالين) رغم صغر حجمه و إيجازه يعتبر لبّ لباب التفاسير، فلذا منذ تأليفه حتى يومنا هذا هو مورد الاهتمام و العناية و التقدير، فقد حظي

______________________________

(1) الاعلام للزركلى ج 1/ 246؛ و مقدمة الناشر من طبعة دار الفكر/ 4.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 446

المؤلّف القيم بعناية الشارحين و الدارسين، فقام علماء كبار بشرحه و وضع الحواشي عليه، و من أهم هذه الشروح:

1- مجمع البحرين و مطلع البدرين للشيخ محمد بن محمد الكرخي.

2- الفتوحات الالهية و هو حاشية الجمل على تفسير الجلالين في اربعة مجلدات، الذي سيأتي تعريفه.

3- حاشية الصاوي على تفسير الجلالين، و هو هذا الكتاب الذي كنا في بيان تعريفه:

و كان الصاوي الّف و شرح هذا الكتاب بعد ما كتب الشيخ سليمان الجمل، لأنه قال في مقدمته:

«و كان كتاب الجلالين من أجل كتب التفسير ... و جاءني الداعي الإلهي

بقراءته، فاشتغلت به على حسب عجزي، و وضعت عليه كتابة ملخّصة من حاشية شيخنا العلّامة المحقّق المدقّق الورع، الشيخ سليمان الجمل، مع زوائد و فوائد، فتح بها مولانا من نور كتابه، و إنما اقتصرت على تلخيص تلك الحاشية لكونه وجدتها ملخصة من جميع كتب التفسير التي بايدينا» «1».

و في الحقيقة، كان تفسير الجلالين موجز التفاسير، و الفتوحات الالهية شرحا و تبسيطا لهذا الكتاب، و حاشية الصاوي مختصرا للفتوحات الالهية.

منهجه

طريقته أولا ان يذكر كلام الجلالين، ثم يشرح اقوالهما، و من أن حاشيته ملخصة من حاشية شيخه- الشيخ سليمان صاحب تفسير الفتوحات الالهية- متّبعا اثره، فالصاوي لم يشرح اقوال الجلالين فحسب، و إنّما شرح و ناقش و قارن بين تفسير الجلالين و البيضاوي و حواشيه، و الخازن و الخطيب و غيرهم، مع أنه لم ينسب العبارات لاصحابها غالبا، اكتفاء بنسبة الاصل، و انتقد و بيّن رأيه مستندا إلى اقوال

______________________________

(1) حاشية الصاوي لتفسير الجلالين ج 1/ 7.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 447

الرسول الكريم و الصحابة و التابعين، اذا وجد ذلك لازما، و كثيرا ما يجد القارئ للحاشية عبارات للصاوي تقول: «و كان عليه ان يقول»، «و كان ينبغي له ان يقول».

كما ان من يقرأ الحاشية يحسّ دقة الصاوي في شروحه و تعليقاته، و تبحره في اكثر العلوم الذي تخدم القرآن الكريم، و لا سيّما النحو و الصرف، كما يحسّ سعة اطلاعه على تفاسير القرآن الكريم، و حسن الدراية في هذا العلم الجليل.

و كذلك فإن شرح الصاوي، يحوي على الإعراب بشكل مفصل و دقيق بحيث يكون عاملا مساعدا لفهم المعنى، كما انتبه بان غاية الاعراب خدمة المعنى، كما أن الصاوي لم يغفل الصرف، فأعاد بعض الكلمات الى

اصولها، و ايضا اورد القراءات المتعددة للآية الواحدة سبعية او عشرية في معظم الاحيان، مشيرا الى القراءة التي وردت في بعض الآيات التي ذكرت في التفسير.

و ما اخذ عليه، نقل الاسرائيليات و الموضوعات في القصص و المرويات من دون تمييز لصحيحها و سقيمها، و من جملة ما اورده قصة هاروت و ماروت و ما نقل فيه من فعلهما في تفسير قوله تعالى: وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ «1»، فقال:

«و قد اختلف في صحة هذه القصة و عدمها، فاختار ابن حجر، الاول لورودها من عدة طرق عن الامام احمد بن حنبل، و اختار البيضاوي و من تبعه الثاني، لأنه لم تثبت روايتها الّا عن اليهود» «2».

و كذا في سائر القصص و الأخبار، مع أن التفسير أجلّ من أن يذكر فيه مثل هذه الموارد «3».

______________________________

(1) سورة البقرة/ 102.

(2) حاشية الصاوي، ج 1/ 101.

(3) انظر: مقدمة الناشر على التفسير/ 4؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 289؛ و النحو و كتب التفسير لابراهيم عبد اللّه رفيدة ج 2/ 998.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 448

66- حجة التفاسير

اشارة

العنوان المعروف: حجة التفاسير و بلاغ الإكسير، او من لا يحضره المفسر و التفسير.

المؤلف: السيد عبد الحجة البلاغي ولادته: ولد في سنة 1322 ه- 1274 ش، و توفي في سنة 1399- 1356 ش.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري اللغة: الفارسية.

تاريخ التأليف: 1385 ه الى 1387 ه.

عدد المجلدات: 10.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، قم، مطبعة الحكمة، سنة 1386 ه- 1345 ش، في 10 مجلدات، مجلدان في مقدمة التفسير، و سبعة مجلدات في التفسير، و مجلد واحد في تعليقات التفسير.

حياة المؤلف:

هو السيد عبد الحجة ابن السيد حسن البلاغي الحسيني المظفرآبادي، من علماء الشيعة المعروفين ب «السادات الصادقية» من ولد الامام جعفر الصادق من آل الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 449

ولد في شعبان سنة 1322 ه في مدينة نائين- بين اصفهان و يزد من بلاد ايران-.

أخذ العلم عن العلماء الاعلام و من ابيه و من العلماء و القضاة في مدينة نائين، و علماء مدينة اصفهان، و ابوه كان اماما بمسجد الشيخ المغربي، و مرجعا للقضاء و التدريس حتى نال درجة الاجتهاد.

قد أجاز الرواية من الشيخ الكبير آغا بزرك الطهراني صاحب الذريعة سنة 1363 ه.

كان مفسرا خبيرا عالما و مؤرخا، فاضلا، و يظهر من تفسيره أنه كان مطلعا في العلوم العصرية، و أيضا في الإنجيل و التوراة.

و قد توفى سنة 1399 ه.

آثاره و مؤلفاته:

1- الحجة البالغة في احوال الامام الثاني عشر.

2- گلبهار (كشكول) (بالفارسية).

3- مقلاد الرشاد في المؤنثات السماعية و فى لغات الاضداد.

4- تاريخ النجف و الحيرة (بالفارسية).

5- مشكاة الجنان.

6- مقالات الحنفاء.

7- مقامات العرفاء.

8- تاريخ نائين.

تعريف عام

تفسير موجز شامل لجميع آيات القرآن، بدأ مؤلفه في المجلد الاول ببيان تاريخ الانسان و خلقه و ما يرتبط به، ثم بيان الامور المرتبطة بالقرآن من العلوم و المواضيع

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 450

و المسائل و الاحكام، ثم ذكر تاريخ الانبياء و ما فيه من الحوادث، موضحا ذلك بالخرائط.

و في المجلد الثاني من التفسير، تفصيل بعض الوقائع من ولادة عيسى عليه السلام الى ولادة نبينا صلوات اللّه و سلامه عليه، ثم بيان تاريخ البقاع و الامكنة المقدسة مثل الكعبة و المدينة، ثم ذكر وقائع حياة النبي «ص» و سيرته و آثاره.

و اما المجلدات السبعة الاخرى، فحوت على التفسير، و اما المجلد العاشر من الكتاب حوى على تعليقات التفسير.

و كانت مقدمة التفسير مقدمة مفصلة مطنبة، و كثير منها غير مرتبط بموضوع التفسير.

و قد اعتمد في تفسيره على مجمع البيان و الصافي و تفسير الكاشفي و أنوار التنزيل و المراغي و روح البيان، و من اللغة على مفردات القرآن للراغب الاصفهاني و القاموس في اللغة.

منهجه

و طريقته في التفسير بعد ذكر مقدمة في أهمية السورة و فضلها و فضل قراءتها و ما تشتمل عليه من الموضوعات، الشروع في التفسير بترجمة الآيات باللغة الفارسية، ثم ذكر مسائل حول الآية كتقديم بعض الكلمات على بعض، و عدد الحروف الأبجدية في استعمالها في الآية، و تفسير الكلمات، مستشهدا باللغات و الاشعار و الامثال المستعملة في كلام العرب، ثم بيان امور ترتبط بموضوع الآية، من ذكر القصص و الحكايات و الشواهد من الاخبار و التواريخ.

و كذا طريقته في التفسير، جمع الشتات و نقل كل ما حضر ببال المفسر من الموضوعات، و لو كان بأقل ارتباط بتفسير الآية و القرآن، و

لهذا نجده ينقل من الجواهر للطنطاوي في فنون العلم، و من الصحف اليومية و المجلات، و من

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 451

كتب القصص و غيرها.

و يتعرض للأحكام الفقهية من دون بسط فيها، مع ذكر الاقوال و المذاهب، و المقارنة بينها، و ترجيح مذهب الإمامية في المتفردات، مع الاستدلال و ذكر الاسرار، و أسباب نزولها.

و يجتنب الاسرائيليات و القصص مما دسّ في الروايات الدارجة في كتب التفسير و نسبت الى اصحاب التفسير كابن عباس و مجاهد من الصحابة و التابعين.

و يقسم التفسير الى قسمين، قسم مما نقل المفسر من المفسرين و اهل اللغة و كتب التواريخ، و قسم مما رجّح المفسر بعد ذكر الاقوال.

و الخلاصة: إن تفسير «البلاغي» من التفاسير المتفردة في موضوعها، المشتملة على كثير من المباحث و المواضيع كأنّه دائرة معارف اسلامية و قرآنية، مع اتخاذه المنهج البياني و التربوي و الهدائي، و ذكره للملل و النحل، و بيان اقوال الفرق و المذاهب.

و اما في مباحث التفسير، فكان موجز العبارة، مكتنف البيان، مختصر الرواية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 452

67- الحديث

اشارة

العنوان المعروف: التفسير الحديث.

المؤلف: محمد عزة دروزة النابلسي.

ولادته: ولد في سنة 1305 ه- 1888 م. و توفي بعد عام 1400 ه.

مذهب المؤلف: السني الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1380 ه.

عدد المجلدات: 12 جزءا في 6 مجلدات.

طبعات الكتاب: القاهرة، دار احياء الكتب العربية، سنة 1381 ه- 1962 م، حجم 24 سم.

و القاهرة، عيسى البابي الحلبي و شركائه، سنة 1383 ه، 12 جزءا.

حياة المؤلف:

هو محمد عزة دروزة النابلسي، ولد في نابلس سنة 1305 ه، و أبوه عبد الهادي ابن درويش بن إبراهيم، و موطنه الاصلي قرية «كفرنجة» في لواء عجلون، و هو سوري الجنسية.

درس و تخرج من مدارس نابلس، و لم يوفق للدراسة الجامعية فثقف

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 453

نفسه بنفسه، و في سنة 1956 م، انتخب عضوا مراسلا في مجمع اللغة العربية في القاهرة، و سنة 1958 م عضوا للمجلس الأعلى للفنون و الآداب و العلوم الاجتماعية.

شارك في الحركة الوطنية و الثورية و تنظيمها في فلسطين من سنة 1920 الى 1937 م، و اعتقل اكثر من مرة و حوكم و حكم عليه و سجن من قبل الانكليز، ثم الفرنسيين في كل من فلسطين و دمشق.

في سنة 1948 م أجريت له عملية في المرارة و أصبح بعدها غير قادر على المساهمة الفعلية في النضال الوطني، و لكنه ظل يشارك بلسانه و قلمه.

توفي بعد عام 1400 ه. «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- عصر النبي «ص» و بيئته قبل البعثة من القرآن.

2- سيرة النبي «ص» من القرآن.

3- الدستور القرآني في شئون الحياة السياسية و الجهادية.

4- القرآن المجيد (مقدمة للتفسير الحديث في علوم القرآن).

5- تاريخ بني اسرائيل من القرآن.

6- القرآن و المرأة.

7- القرآن و الانسان الاجتماعي.

8- القرآن و الضمان الاجتماعي.

9- القرآن و الملحدون.

10- تاريخ الجنس العربي في الاسلام تحت راية النبي «ص».

______________________________

(1) مقدمة: «سيرة الرسول» من نفس المؤلف بقلم عبد الله بن إبراهيم الانصاري، ص ب؛ و تفسير الحديث، الجزء الثاني عشر/ 280.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 454

تعريف عام

يعدّ تفسيرا شاملا لجميع القرآن، سلك فيه المؤلف المنهج البياني و التحليلي، يقع ترتيب التفسير حسب النزول، و كتابه «القرآن المجيد» كان بمثابة مقدمة تفسيره.

شرع في التفسير من سورة العلق الى آخر سورة النصر، على حسب ما نزل على الرسول «ص» بمكة و المدينة، مستدلا بأنه رأى هذا يتسق مع المنهج الذي اعتقد أنه الأفضل لفهم القرآن و خدمته، إذ بذلك يمكن متابعة السيرة النبوية زمنا بعد زمن، كما يمكن متابعة أطوار التنزيل و مراحله بشكل اوضح و أدق، و بهذا و ذاك يندمج القارئ في جو نزول القرآن، و جو ظروفه و مناسباته و مداه، و مفهوماته و تتجلى له حكمة التنزيل.

قال دروزة في الدوافع التي دعته الى الميل لهذه الطريقة:

«و قلّبنا وجوه الرأي حول هذه الطريقة، و تساءلنا عما اذا كان فيها مساس بقدسية المصحف المتداول، فانتهى بنا الرأي الى القرار عليها، لان التفسير ليس مصحفا للتلاوة من جهة، و هو عمل فني أو علمي من جهة ثانية، و لان تفسير كل سورة يصح ان يكون عملا مستقلا بذاته لا صلة له بترتيب المصحف، و ليس من

شانه أن يمس قدسية ترتيبه من جهة ثالثة» «1»

منهجه

أما منهجه فهو بدأ في تفسير القرآن من سورة الحمد ثم العلق الى آخر السور على ترتيب النزول، مع ذكر الدليل على وجه ترتيب السورة و الاطار العام من السورة، ثم ذكر فضلها و لغاتها، و تقسيم مدلولات الآية، و تقدير موضوعاتها، ثم بيان موضوعات هامة حول الآية و السورة.

______________________________

(1) التفسير الحديث، ج 1/ 9.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 455

قال دروزة في مقدمة التفسير في بيان منهجه ما ملخصه:

«و لقد اجتهدنا في السير في التفسير وفق المنهج الذي رأيناه خير سبيل الى تفسير القرآن الكريم و فهمه، على ما شرحناه في «القرآن المجيد»، و هذا هو:

1- تجزئة المجموعات و الفصول الى جملة تامة، مع شرح الكلمات و التعابير الغريبة و غير الدراجة، و شرح مدلول الجملة شرحا اجماليا، و إشارة موجزة الى ما روي في مناسبة نزول الآيات او في صددها.

2- الاهتمام لبيان ما بين آيات و فصول السور من ترابط، و الاستعانة بالالفاظ و التراكيب و الجمل القرآنية في صدد التفسير، و الشرح و السياق و التأويل و الدلالات، و شرح الكلمات و المدلولات و الموضوعات المهمة المتكررة، شرحا وافيا و خاليا من الحشو عند اول مرة ترد فيها» «1» كان المؤلف، كثيرا ما ينحو نحو التفسير الموضوعي في مواضع كثيرة، لسبب أنه تفسير القرآن حسب ترتيب النزول و أن السور المكية تشتمل على موضوعات و مواقف لا نراه في السور المدنية و كذلك العكس «2» و قد اهتم في تفسيره ببيان مناسبات القرآن، و تاريخ نزوله، لان تفسيره كان على ترتيبه، و لهذا فهو يذكر ترتيب السورة و ادلتها، و الاقوال التي وردت

فيها، و الشاهد من التاريخ و الروايات و أسباب النزول، على اثبات الترتيب الذي نظمه في تفسيره، قال دروزة في ذلك:

«و قد رأينا بالاضافة الى هذا من المفيد وضع مقدمة او تعريف موجز للسور قبل البدء بتفسيرها، يتضمن وصفها و محتوياتها و أهم ما امتازت به، و ما يتبادر من فحواها من صحة ترتيبها في النزول و في المصحف، و ما في السور المكية من آيات مدنية، و في السور المدنية من آيات مكية حسب الروايات، و التعليق على

______________________________

(1) التفسير الحديث، ج 1/ 6

(2) اتجاهات التفسير و العصر الحديث للمحتسب/ 54.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 456

ذلك حسب المقتضى» «1» و ممن سلك هذا المنهج، الملا حويش آل غازي صاحب تفسير «بيان المعاني»، فإنه ألّف تفسيرا على هذا المنهج، و قد سبق منا تعريفه، و بيان منهجه، و بعض مواقفه، و هو مقدم من حيث التأليف، و ان كان متفاوتا في المنهج و الموقف.

و دروزة من الذين عارضوا التفسير العلمي و مما يأخذه على المفسرين بأن بعضهم يحاول استنباط النواميس العلمية و الفنية، و استخراج الأفلاك، و المطر، و اطوار النشوء و نمو الاحياء، و انفتاق الأرض و السماء و الذرة و الكهرباء من بعض الآيات القرآنية، او يحاولون تطبيق النظريات العلمية و الفنية المتصلة بنواميس الكون و التكوين و الشمس و القمر، و السماء و الارض و الحياة و الكهرباء، و البرق و الرعد على بعض الآيات القرآنية ليدللوا على احتواء القرآن أسس هذه النظريات او نواتها مما أخذ يستفيض في الكتب و المجلات، بل و الصحف منذ أواخر القرن السابق.

و تفسير الجواهر للشيخ طنطاوي الجوهري الذي صدر في اوائل القرن الحاضر مثال عجيب

لهذه المحاولات و التطبيقات.

ثم بين دروزة جوانب الخطأ لهذا الاتجاه حيث قال:

«إن عظمة شأن القرآن هي في روحانيته القوية النافذة، و في قوة هدايته الخالدة، و فيما احتواه من أسس و مبادئ و مثل عليا تستجيب الإنسانية المتنوعة على كر الدهور و تنوع الظروف» «2» و كان موقفه بالنسبة للإسرائيليات، الاجتناب عنها و التنبيه إلى ضعفها، و عدم حجيتها، و من تنبيهاته، ما ذكره في قصة هاروت و ماروت حيث قال:

«و لقد أورد المفسرون القدماء روايات عديدة فيها العجيب الغريب، مختلفة في الصيغة و التفصيل، متفقة في الجوهر ... و لقد اورد ابن كثير رواية عجيبة معزوة الى

______________________________

(1) التفسير الحديث، ج 1/ 8.

(2) التفسير العلمى للقرآن فى الميزان لأبي حجر/ 310.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 457

أم المؤمنين عائشة ... و لقد ذكر القاسمي أن الرازي في تفسيره قرر بطلان الروايات من وجوه عديدة، و ان الامام أبا مسلم احتج على بطلان نزول السحر عليها من وجوه عديدة ايضا لم نر طائلا و ضرورة الى ايرادها» «1» و يتعرض للاحكام الفقهية في الموضع المقتضي لذلك بتفصيل، مع ذكر الاستدلال، و بيان الأسرار في الحكم و الشواهد من الآثار و نقل الاقوال.

و قد اعتمد في تفسيره على مصادر تفسيرية كثيرة، منها: الطبري و البغوي و ابن كثير و مجمع البيان و الخازن و الكشاف و القاسمي و النيشابوري و النسفي، و على كتب اللغة و التاريخ و علوم القرآن، مثل تاريخ العرب قبل الاسلام و تاريخ الجنس العربي من المفسر، و الاتقان و غيرها من الكتب.

دراسات حول التفسير

1- جهود محمد عزة دروزة في تفسيره المسمى: «التفسير الحديث». الحسن عبد الرحمن احمد. القاهرة، كلية الآداب، جامعة عين الشمس،

1984 م، رسالة دكتوراه «2» (رسالة القرآن، العدد الثامن/ 208).

______________________________

(1) التفسير الحديث، الجزء السابع/ 217.

(2) انظر: اتجاهات التفسير في العصر الراهن للمحتسب/ 54 و هو نفس اتجاهات التفسير في العصر الحديث و لكن في طبعة جديدة منقحة للمؤلف؛ و التفسير العلمى للقرآن في الميزان لأبي حجر/ 315.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 458

68- الدر المنثور في التفسير بالمأثور

اشارة

العنوان المعروف: الدر المنثور في التفسير بالمأثور.

المؤلف: جلال الدين، ابو الفضل عبد الرحمن بن ابي بكر السيوطي.

ولادته: ولد في سنة 849 ه- 1445 م، و توفي في سنة 911 ه- 1505 م.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 898 ه.

عدد المجلدات: 8.

طبعات الكتاب: له عدة طبعات منها:

1- القاهرة، المطبعة الميمنية لاحمد البابي الحلبي، سنة 1314 ه، في 6 مجلدات، الحجم 28 سم، مع تصحيح محمد الزهري الغمراوي، و بهامشه كتاب تنوير المقباس في تفسير ابن عباس.

2- و اعيد طبعة بالافست على الطبعة اعلاه، و هي من منشورات مكتبة آية الله العظمي المرعشي النجفي، قم، سنة 1404 ه، في 3 مجلدات.

3- بيروت، دار الفكر للطباعة و النشر، الطبعة الاولى، سنة 1403 ه- 1983 م، الحجم 24 سم، مع ضبط النص و التصحيح و وضع الحواشي و الفهارس، في 8 مجلدات.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 459

4- بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الاولى، سنة 1411 ه- 1990 م، 6 مجلدات، الحجم 28 سم، مع الفهارس.

حياة المؤلف:

هو الامام الحافظ جلال الدين ابو الفضل، عبد الرحمن بن ابي بكر بن محمد السيوطي.

ولد سنة 849 بالقاهرة و توفي والده و هو صغير.

ينتمي الى أسرة كانت مستقرة في مدينة أسيوط منذ عدة أجيال، و ربما كان اصل هذه الأسرة من المشرق، اذ انحدرت من أسرة فارسية كانت تعيش اوّل الأمر في بغداد، ثم استقرت في أسيوط قبل مولده، ثم رحل والده الى القاهرة.

كان السيوطي، صاحب ذاكرة قوية و جدّ و اجتهاد منذ صغره، فحفظ القرآن الكريم، و ما بلغ الثامنة من عمره بعد، و درس على مشايخ و تتلمذ على اساتذة.

و لقد كان قمة من القم التي كانت خصبا في التأليف، و

كتبه بلغ تقديرها اكثر من خمسمائة، مشتملة على فوائد لطيفة، و فوائد شريفة، تشهد كلها بتبحره و سعة نظره و دقة فكره.

و قد توفي يوم الخميس التاسع من شهر جمادي الاولى سنة 911 ه في القاهرة و دفن بها في مقبرة قوصون. «1»

اهم آثاره و مؤلفاته:

امتاز السيوطي من بين سائر المؤلفين بكثرة ما انتجه من المؤلفات، فهو لم يترك فنا من فنون الثقافة المعاصرة له الا و تناوله بالبحث و الكتابة، فمثلا أهم ما كتب في

______________________________

(1) انظر ترجمته في: السيوطى و جهوده في علوم القرآن لعبد الحليم هاشم الشريف/ 59- 78.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 460

علوم القرآن بلغ ثلاثين، و علوم الحديث بلغ عشرين، و علم الفقه و اصوله بلغ اثنتي عشرة، و التصوف، و علم اللغة و علم النحو و هكذا ... «1» المفسرون حياتهم و منهجهم 460 اهم آثاره و مؤلفاته: ..... ص : 459

نشير هنا الى أهمها في علوم القرآن:

1- الاتقان في علوم القرآن.

2- اسرار التنزيل.

3- الاكليل في استنباط التنزيل.

4- شرح الشاطبية في القراءات.

5- لباب النقول في أسباب النزول.

6- معترك الاقران في إعجاز القرآن.

7- مراصد المطالع في تناسب المطالع و المقاطع.

8- الدّر المنثور في التفسير بالمأثور.

9- التحبير في علوم التفسير.

10- مفحمات الأقران في مبهمات القرآن.

تعريف عام

قد ألف السيوطي تفسيرا سمّي ب «مجمع البحرين و مطلع البدرين»،- و ان لم يعلم اتمامه- الجامع لجميع ما يحتاج اليه من التفاسير المنقولة و الاقوال المقولة و الاستنباطات و الإشارات و الأعاريب و اللغات، بحيث لا يحتاج بنظره معه الى غيره اصلا، و جعل الاتقان مقدمة لكتابه «2» و لكنّه بعد هذا لم يقتنع، و قد جمع كتابا مسندا فيه تفاسير النبي (ص) و الصحابة، فيه بضعة عشر الف حديث ما بين مرفوع و موقوف و سماه

______________________________

(1) نفس المصدر/ 81- 105.

(2) الاتقان ج 2/ 420.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 461

ب «ترجمان القرآن» «1» و بعد ذلك قد ألّف تفسير «الدّر المنثور في التفسير بالمأثور» على اساس تفسير «ترجمان القرآن»

و خلاصته؛ لأنّه قال في مقدمة تفسيره:

«فلما ألّفت كتاب ترجمان القرآن، و هو التفسير المسند عن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلم-، و اصحابه- رضي اللّه عنهم- و تم بحمد اللّه في مجلدات، فكان ما اوردته فيه من الآثار بأسانيد الكتب المخرجة منها، رأيت قصور اكثر الهمم عن تحصيله، و رغبتهم في الاقتصار على متون الأحاديث، دون الاسناد و تطويله، فلخّصت منه هذا المختصر، مقتصرا فيه على متن الأثر، مصدرا بالعزو و التخريج الى كل كتاب معتبر، و سميته: بالدر المنثور في التفسير بالمأثور» «2»

منهجه

و طريقته في التفسير، هو ان يبدأ بالمأثورات من محل نزول السورة و فضلها، و فضل قراءتها، ثم ذكر المأثورات الواردة في قراءة الآية و تفسيرها.

و كان «الدّر المنثور» هو أجمع كتاب للتفسير بالمأثور عند اهل السنة حذفت اسانيده، لم يبد فيه الامام السيوطي رأيا، و لم يقل فيه كلمة مفسرة، او جملة شارحة، إلّا ما اضاف الى ذلك كله شذرات لغوية متفرقة نثرها بين تضاعيف الكتاب، و ذلك مما استعمله القرآن، و هو غير شائع في الجزيرة العربية. و ايضا نقل في تفسيره الروايات المختلفة في القراءات المتعددة للآية الواحدة، كما وردت عن الصحابة و اشهر المقرئين.

و إنّما التزم السيوطي التزاما كاملا ان يكون تفسيره جمعا لأحاديث الرسول، و الآثار المنقولة عن الصحابة و التابعين، و هو في جمعه لم يلتزم صحة الاحاديث

______________________________

(1) نفس المصدر ج 2/ 404.

(2) الدر المنثور، ج 1/ 2، من طبعة الميمنية القاهرة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 462

و النقل، و لهذا لم يبين لنا منزلتها من الصحة او الحسن، او الضعف او الوضع، و قلّما ينبّه الى ذلك مشيرا الى ضعفها او خصوصياتها،

و يا ليته بيّن ذلك، و ليس كل قارئ للكتاب يمكنه ان يعرف ذلك بمجرد ذكر السند، و لا سيما في عصرنا هذا.

و لقد أخذ السيوطي رواياته عن البخاري و مسلم و النسائي و الترمذي و احمد و ابي داود و ابن جرير و ابن ابي حاتم و غيرهم ممن تقدمه في نقل الاحاديث التفسيرية.

و الذي يظهر من التفسير، انه من المحدثين الذين يرون أنّ ابراز السند، يخلي من العهدة و التبعة و الا لم ينقل في الكتاب، الاسرائيليات و الموضوعات، و القصص التي تنافي عصمة الانبياء. فلهذا يحتاج الكتاب الى تصفية و تبيين موضع الصحيح من العليل، و تمييز السمين من الغث كما في اكثر الكتب التفسيرية الاثرية.

و نموذج مما ذكره من القصص و الإسرائيليات مما يتنافى مع الادلة و العقل السليم هو ما ذكره في قصة هاروت و ماروت، و في قصة الذبيح، و إنه اسحاق، و في قصة يوسف، و في قصة داود و سليمان، و في قصة الياس، و أسرف في ذكر المرويات في بلاء ايوب عليه السلام، و معظمه مما لا يصح و لا يثبت، و انما هو من اسرائيليات بني اسرائيل، و اكاذيبهم على الأنبياء «1».

دراسات حول التفسير

قد كتبت حول السيوطي و منهجه في التفسير و علوم القرآن كتب و مقالات:

1- السيوطي و جهوده في علوم القرآن. الدكتور عبد الحليم هاشم الشريف، القاهرة، الطبعة الاولى، 1412 ه- 1991 م، الصدر لخدمات الطباعة، 335 ص، 24 سم.

______________________________

(1) الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبى شهبة/ 124.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 463

2- الامام جلال الدين السيوطي. الدكتور علي صافي حسين، القاهرة، دار التحرير، 1972 م.

3- الامام جلال الدين السيوطي و جهوده

في التفسير و علوم القرآن. عبد الفتاح خليفة الغرنواي، رسالة دكتوراه من كلية اصول الدين بجامعة الازهر، 1394 ه- 1974 م. «1»

______________________________

(1) انظر ايضا حول الدر المنثور و منهج السيوطى في التفسير: مناهج المفسرين لآل جعفر/ 62؛ و مناهج المفسرين من العصور الاول للنقراشى/ 91؛ و التفسير و المفسرون ج 1/ 251؛ و الإسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 327؛ و بين الشيعة و السنة دراسة مقارنة لعلي سالوس/ 25؛ و الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفاسير لأبي شهبة/ 124؛ و تطور تفسير القرآن لمحسن عبد الحميد/ 95؛ و مناهج المفسرين للدكتور منيع عبد الحليم محمود/ 247؛ و الامام الشوكاني مفسرا للغماري/ 119.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 464

69- رحمة من الرحمن في تفسير و اشارات القرآن

اشارة

العنوان المعروف: رحمة من الرحمن في تفسير و اشارات القرآن، المسمى ب «تفسير ابن عربي».

المؤلف: محيي الدين محمد بن علي بن محمد بن عبد اللّه العربي، المعروف ب «ابن عربي».

ولادته: ولد في سنة 560 ه- 1165 م، و توفي في سنة 638 ه- 1240 م.

مذهب المؤلف: المالكي الصوفي.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: دمشق، مطبعة نصر، الطبعة الاولى، سنة 1410 ه- 1989 م، حجم 24 سم، جمع و تحقيق الدكتور محمود محمود الغراب.

حياة المؤلف:

هو أبو عبد اللّه محمد بن علي بن محمد بن عبد اللّه العربي الحاتمي الطائي، المعروف ب «الشيخ الاكبر» و «محيي الدين ابن عربي»، و هو مربي العارفين و امام اهل الكشف و الوجود من المتأخرين.

ولد الشيخ ليلة الاثنين، او ليلة 17 من شهر رمضان سنة 560 ه، في مرسية من

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 465

شرق الأندلس في دولة السلطان محمد بن سعد بن مرديس.

قام برحلات كثيرة داخل الأندلس و خارجها الى مراكش و تونس و الحجاز و الإسكندرية و القاهرة، فوصل مكة عام 598 ه، و هناك كتب «الفتوحات المكية».

ثم أقام الشيخ بدمشق اقامة تامة من عام 629 ه إلى أن توفاه اللّه فيها ليلة الجمعة 28 من شهر ربيع الآخر سنة 638 ه، و دفن بسفح جبل «قاسيون» بالصالحية، و قبره مشهور و مقصود من جميع البلدان.

و هو و إن كان مالكيا إلّا أنه إمام صاحب مذهب مستقل في الفقه من مذاهب اهل السنة و الجماعة «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- الفتوحات المكية.

2- فصوص الحكم.

3- ديوان الشيخ.

4- محاضرة الأبرار و مسامرة الأخيار.

5- روح القدس في محاسبة النفس.

6- ايجاز البيان في الترجمة عن القرآن.

7- الجمع و التفصيل في معرفة معاني التنزيل.

8- رد الآيات المتشابهات الى الآيات المحكمات.

تعريف عام

تفسير غير شامل لجميع سور القرآن و آياته بالاتجاه الاشارى و الصوفى، لان

______________________________

(1) الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربي ترجمة حياته من كلامه، جمع و تأليف محمود محمود الغراب، دمشق، دار الإيمان، الطبعة الاولى.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 466

الكتاب جمعه المحقق محمود الغراب في التفسير من آثار و تأليفات «ابن عربي»، فالتفسير لم يشمل جميع الآيات و السور، بل يشمل ما رآه محلا للبحث و الاشارة العرفانية، المتناسب للبحث الموضوعي، و رتّب ما جمعه على السور بحسب الترتيب الموجود في المصحف.

لهذا لم يشغل ابن عربى نفسه بمشكلات الإعراب و البيان و لا باللغة عموما، إلّا اذا اضطر الى تأكيد او ترجيح لمعنى معين.

و هذا التفسير غير التفسير المعروف ب «تفسير محيي الدين ابن عربي»، بل منسوب اليه، و في الحقيقة هو من نشأت و تأويلات ملا عبد الرزاق الكاشاني تلميذ الشيخ، و لكن نسب اليه خطأ «1».

و هذا التفسير يشتمل على تفسيرين، تفسير جمع من آثار المؤلف و على الخصوص «الفتوحات المكية»، و تفسير «الإيجاز و البيان» على هامش هذا التفسير.

و مع هذا، لم يكن التفسير شاملا لجميع الآيات، و لهذا يعدّ تفسيرا موضوعيا قد جمع و رتّب على ترتيب المصحف.

و التفسير في اوّله يحتوي على مباحث تعدّ مقدمات للتفسير، منها:

بحث في نزول القرآن و كيفيته و زمانه و اشتماله على سبعة أحرف، و بيان كلام اللّه، و بيان كون القرآن نورا و ضياء و شفاء و رحمة،

و ... و كلام في تفسير القرآن، و المناسبة بين آي القرآن، و المجاز في القرآن، و وجه الإشارة في كلام العارفين باللّه و اختصاصهم باختيار هذه الطريقة و اللسان.

منهجه

و منهجه في هذا الكتاب منهج أهل الظاهر في بيان معنى السورة و اسمائها- ان روي لها اسماء اخرى-. ثم بيان معنى الآية بالبيان الظاهري و الاشاري، و قد

______________________________

(1) نفس المصدر/ 280؛ و التفسير و المفسرون، ج 2/ 400.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 467

يتعرض للغة و الإعراب و القراءة و المحتملات في بيان الآية.

قال محيي الدين في سبب اختياره لاتجاهه الإشاري:

«اعلم أيدنا اللّه و اياك بروحه منه، أنه ما خلق اللّه أشق و لا أشد من علماء الرسوم على اهل اللّه، المختصين بخدمته، العارفين به من طريق الوهب الإلهي، الذي منحهم أسراره في خلقه، و فهمهم معاني كتابه و إشارات خطابه.

و لمّا كان الأمر في الوجود الواقع على ما سبق به العلم القديم، عدل أصحابنا الى الإشارات، كما عدلت مريم عليها السلام من أجل الإفك و الإلحاد الى الاشارة، فكلامهم في شرح كتابه العزيز اشارات، و ان كان ذلك حقيقة و تفسيرا لمعانيه النافعة، ورد ذلك كله إلى نفوسهم، مع تقريرهم إياه في العموم و فيما نزل فيه ...

فيسمون ما يرونه في نفوسهم إشارة، ليأنس الفقيه صاحب الرسوم إلى ذلك، و لا يقولون في ذلك إنه تفسير، وقاية لشرهم، و تشنيعهم في ذلك بالكفر عليه ... فان اللّه كان قادرا على تنصيص ما تأوله اهل اللّه في كتابه، و مع ذلك ما فعل، بل أدرج في تلك الكلمات الإلهية التي نزلت بلسان العامة علوم معاني الاختصاص التي فهمها عبادة، حين فتح لهم فيها بعين

الفهم الذي رزقهم ...

فاصحابنا، ما اصطلحوا على ما جاء به في شرح كتاب اللّه بالإشارة، دون غيرها من الألفاظ إلّا بتعليم إلهي، جهله علماء الرسوم» «1».

و مع ذلك، كان موقفه في هذا التفسير التسليم بما جاء به ظاهر الشارع بدون تأويل او تبديل، و يجعل تمام الايمان متوقفا على التسليم بكل ما جاء به الرسول على ظاهره، و لا سيّما آيات الصفات و الاحكام.

و اما موقفه في التأويل، فقد يختلف، حين يتكلم بلسان اهل الظاهر، و حين يجعل التأويل موضعا لبيان إشاراته و أنظاره العرفانية، المخالفة لظاهر النص، الموهمة

______________________________

(1) رحمة من الرحمن، ج 1/ 15.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 468

في الفاظه و تعابيره، إلّا أن يوجهوها بانّها معان غير المعاني المتعارفة «1» و مع كل هذا، كان في عباراته غموض و تعقيد و تأويل و صرف عن الظاهر، غير مناسب لما نزل بلسان العامة، و هدفه الهدائي، و الاخبار عمّا سبق من الأمم و الانبياء.

و ان كان فيه نكات و بدائع لم نجدها في غيره من الكتب.

و اما موقفه بالنسبة إلى الأخبار الإسرائيلية، فإنه ينكرها أشد الانكار، و هذا ما نراه، مضافا الى ما ذكره في مقدمة الكتاب، حيث قال في ذيل قصة هارون و ماروت:

«تكلّم بعض المفسرين بما لا ينبغي في حق الملكين، و بما لا يليق بهما، و لا يعطيه ظاهر الآية، و قد شهد اللّه للملائكة بأنهم: لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ «2»، فقد كذّب هؤلاء المفسرون ربّهم في قوله في حق الملائكة» «3» و ايضا قال في قصص اليهود التي تتنافى مع عصمة الانبياء:

«يجب تنزيه الانبياء مما نسب اليهم المفسرون من الطامات مما لم يجئ في

كتاب اللّه ...

و كل ذلك نقل عن اليهود، و استحلوا أعراض الأنبياء و الملائكة بما ذكرته اليهود» «4» و اما موقفه بالنسبة الى المسائل الكلامية، و ما يختلف فيه بين المذاهب في العقائد كرؤية اللّه و الاستواء على العرش و غيرها مما يتعلق بالصفات، فانه يذهب الى ما ذهبت اليه العدلية، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «5» يقول باستحالة الرؤية في الدنيا و الآخرة، و يؤول أحاديث الرؤية في الآخرة، حيث يقول:

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ الضمير يعود على الوجه، و وجهه الشي ء ذاته و حقيقته،

______________________________

(1) انظر تفصيل الموارد: فصوص الحكم، الفص النوحي/ 70، من تصحيح ابي العلاء عفيفي، دار الكتاب العربى، بيروت.

(2) سورة التحريم/ 6.

(3) تفسير رحمة من الرحمن، ج 1/ 166.

(4) نفس المصدر، ج 1/ 388.

(5) سورة الانعام/ 103.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 469

التي قال فيها الحق: «لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره»، و لكن البصر يدركه من حيث التجلي الصوري في الاسماء، من قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «1»، و قوله في الحديث الصحيح:

ترون ربكم لا تدركه الابصار، لأنّه نور، و النور لا يدرك إلّا بالنور، فلا يدرك النور إلّا به ... و لم يحض دارا من دار، بل أرسلها آية مطلقة، و مسألة معينة، فلا يدرك سواه» «2».

و اما بالنسبة إلى الاستواء، فانه قال:

«اما الاستواء العرشي، فهو أنه تعالى قام بالقسط، متعرفا بوحدانيته في عالمين، عالم الخلق، و عالم الامر، و هو عالم التدبير، فكان استواؤه على العرش للتدبير بعد انتهاء عالم الخلق ...» «3»

و الخلاصة: كان التفسير من التفاسير الذي لا يقف مؤلفه عند معاني تلك الالفاظ من الوجهة اللغوية، بل

يلتفت الى التركيب يجعل منه حزمة من نور، يتصدى لها ليكشف عن كنهها و يحيط بأسرارها و يبين ما في بطونها من المعاني «4»

______________________________

(1) سورة القيامة/ 22.

(2) تفسير رحمة من الرحمن، ج 2/ 103.

(3) نفس المصدر، ج 1/ 88 بحث في معنى الاستواء.

(4) انظر ايضا: منهج ابن عربي في التفسير، مقالة نشرت بمجلة الهلال، عدد نوفمبر، سنة 1970 م، و التأويل عند ابن عربي من كتاب الامام ابن تيمية و موقفه من قضية التأويل لجليند/ 311، و التفسير و المفسرون، ج 2/ 411؛ و مناهل العرفان للزرقانى ج 2/ 86.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 470

70- روائع البيان

اشارة

العنوان المعروف: روائع البيان، تفسير آيات الاحكام.

المؤلف: محمد علي الصابوني.

ولادته: ولد في سنة 1347 ه- 1928 م.

مذهب المؤلف: السني الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1391 ه.

عدد المجلدات: 2.

طبعات الكتاب: دمشق، مكتبة الغزالي.

بيروت مؤسسة مناهل العرفان، الطبعة الثالثة، سنة 1400 ه- 1980 م.

و صدرت الطبعة الاولى سنة 1391 ه، بحجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو الاستاذ محمد علي بن جميل الصابوني من الاساتذة في كلية الشريعة و الدراسات الاسلامية بمكة المكرمة.

ولد في مدينة حلب عام 1347 ه- 1928 م، تخرج من الثانوية الشرعية و هي آخر المراحل الدراسية في سوريا، و أكمل دراسته في الأزهر، فنال الشهادة العالمية

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 471

«الليسانس» سنة 1371 ه- 1952 م، و نال شهادة الماجستير في تخصص القضاء الشرعي سنة 1954 م، و كان موفدا من جهة وزارة الاوقاف السورية لإتمام الدراسة العليا «1»

آثاره و مؤلفاته:

كانت اكثر نشاطات الصابوني في علوم القرآن و التفسير، نشير الى ما وصل الينا حتى الآن:

1- صفوة التفاسير (ثلاثة مجلدات).

2- مختصر تفسير ابن كثير (ثلاثة مجلدات).

4- روائع البيان في تفسير آيات الاحكام.

5- النبوة و الانبياء.

6- المواريث في الشريعة الاسلامية على ضوء الكتاب و السنة.

7- مختصر تفسير الطبري.

8- تنوير الاذهان من تفسير روح البيان.

9- قبس من نور القرآن.

تعريف عام

يعدّ التفسير من كتب التفسير الفقهية، من دون ميل لمذهب خاص من المذاهب الاربعة، الذي وصفه المؤلف بانّه: «تفسير خاص لآيات الاحكام، مستمد من أوثق مصادر التفسير القديمة و الحديثة بأسلوب مبتكر و طريقة جديدة مع عرض شامل لأدلة الفقهاء و بيان الحكمة التشريعية».

و يفسر الآيات و يستعرض المباحث المختصة بها وفق ترتيبها الموجود في

______________________________

(1) اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر 2/ 446.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 472

المصحف الشريف، غير مبوّب بابواب الفقه، بل تعرض لكل آية فيها تعلّق بالاحكام.

و للمؤلف تفسير آخر، شامل لجميع آيات القرآن سمّاه: «صفوة التفاسير»، و نشاطات اخر في اختصار التفاسير، و علوم القرآن ذكرناها في آثاره و مؤلفاته.

قال المؤلف في تعريفه لهذا التفسير:

«و جمعت فيه الآيات الكريمة «آيات الأحكام خاصة»، على شكل محاضرات علمية جامعة، تجمع بين القديم في رصانته، و الحديث في سهولته، و سلكت في هذه المحاضرات طريقة ربما تكون جديدة ميسّرة، و هي أنني عمدت الى التنظيم الدقيق، مع التحري العميق» «1» و قد اعتمد في تفسيره على من سبقه من تفاسير اهل السنة، كالطبري و ابن الجوزي و القرطبي و الرازي و ابن كثير، و كتب تفسير آيات الاحكام كالجصاص و ابن العربي و الكياهراسي و الشافعي و الكتب الفقهية المتداولة عند اهل السنة، و الكتب المقارنة

كالفقه على المذاهب الاربعة، و من تفاسير الشيعة على مجمع البيان.

منهجه

كان منهجه أن يذكر الآية التي لها تعلّق بالحكم، ثم التحليل اللفظي لها، مع:

- الاستشهاد باقوال المفسرين و علماء اللغة.

- بيان المعنى الإجمالي للآيات الكريمة بشكل مقتضب.

- ذكر سبب النزول، ان كان للآيات السابقة الكريمة سبب.

- بيان وجه الارتباط بين الآيات السابقة و اللاحقة.

- البحث عن وجوه القراءات المتواترة.

- البحث عن وجوه الإعراب بإيجاز.

______________________________

(1) روائع البيان، ج 1/ 11.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 473

- ذكر لطائف التفسير، و تشتمل على: الأسرار و النكات البلاغية و الدقائق العلمية.

- بيان الأحكام الشرعية و أدلة الفقهاء، مع ترجيح بين الأدلة.

- بيان ما ترشد إليه الآيات الكريمة. باختصار.

- خاتمة البحث، و تشمل «حكمة التشريع» لآيات الأحكام المذكورة.

و قال الصابوني في بيان منهجه:

«و لخصت ما قاله المتقدمون و المتاخرون، و جمعت بين القديم و الحديث، و ما كنت أسطر شيئا حتى أقرأ ما يزيد على خمسة عشر مرجعا من أمهات المراجع في التفسير، عدا مراجع اللغة و الحديث، ثم اكتب هذه المحاضرات، مع التنبيه الى المصادر التي نقلت عنها بكل دقة و امانة» «1» و من طريقته في التفسير نقل الاقوال من المذاهب الاربعة، و ذكر ادلتهم و نقل مروياتهم مع المقارنة و التطبيق، حتى يسهل الاطلاع عليها لقارئ الكتاب، مع الترجيح بين الأقوال.

و قال الدكتور فهد الرومي في حق التفسير ما ملخصه:

«و قد اتسم تفسيره لها بمزية قد لا تجدها في كثير من التفاسير، مثل تفسيره، فقد حرص على أن لا يورد الأحكام جافة من غير أن يدعو الى تطبيقها في المجتمعات الإسلامية، او إزالة ما اصابها من دنس اصحاب الشبهات و الشهوات ...

و ان كانت لي

من ملاحظات إن صحت تسميتها بذلك، فهو لم يتناول كثيرا من آيات الاحكام، و بعضها هام جدا، و لم يتناول كذلك آيات الميراث في سورة النساء، و نحو ذلك.

و ايضا إنه تناول آيات القرآن على شكل محاضرات، و لو يتناولها على طريقة السلف بان يورد السورة، ثم الآيات التي يريد دراستها مرتبة و يشير اليها في الفهارس

______________________________

(1) نفس المصدر/ 12.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 474

على هذا النحو لكان أفضل» «1» و الخلاصة: إن تفسير «روائع البيان» من أبسط التفاسير التي كتبت في تقرير آيات الاحكام، الذي يعتني فيه المؤلف بالرّد الواضح على ما يثار من الشبهات، و يشتمل على بيان حكمة التشريع التي تنفع الباحث عن العلل و فلسفة الاحكام الشرعية.

______________________________

(1) انظر: اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، ج 2/ 461.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 475

71- روح البيان

اشارة

العنوان المعروف: تفسير روح البيان.

المؤلف: الشيخ اسماعيل حقّي البروسوي.

وفاته: توفي في سنة 1127 ه- 1715 م.

مذهب المؤلف: الحنفي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1117 ه.

عدد المجلدات: 30 جزءا في 10 مجلدات.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، تركية، مطبعة العثماني، سنة 1306 ه، في 4 مجلدات.

و بيروت، دار الفكر، حجم 24 سم، في 10 مجلدات.

و بيروت، دار احياء التراث العربي، الطبعة السابعة، سنة 1405 ه، حجم 30 سم، في 10 مجلدات.

حياة المؤلف:

هو الشيخ الامام اسماعيل حقي بن مصطفى البروسوي التركي، ولد

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 476

في «آيدوس» من بلاد تركية، و تعلم العلم في إطار اللغة و النحو و الصرف، و في القسطنطينة (اسطنبول حاليا) تعلم عن طريق العربية التفسير و الحديث و الفقه.

و كان قد انتقل من القسطنطينة الى «بروسة» و أعلن منهجه الاصلاحي و جاهد في سبيله فنفى إلى «تكفور طاغ».

لقد أوذي في نفسه و ماله و استمر الايذاء أمدا من الدهر، ثم عاد الى «بروسة»، فمات فيها.

كان البروسوي من اتباع الطريقة «الخلوتية»، له كتب باللغة العربية و التركية.

توفى في سنة 1127 ه.

آثاره و مؤلفاته:

1- الرسالة الخليلية (في التصوف).

2- الأربعون حديثا.

3- الفروقات.

4- تفسير روح البيان. الذي نحن بصدد تعريفه «1».

تعريف عام

كان تفسيرا لطيفا مفيدا صوفيا، هاديا في دعوته، مع كلمات رائعة و عبارات صافية، و اشارات خفية الى دقائق تنكشف لارباب السلوك، حفظا لظواهر الالفاظ و رعاية لمنهج الدلالات، و تفسيرا للجمل و الكلمات. مستشهدا بنقل كلمات الاعلام و الشعراء الترك و الفرس في تثبيت ما يدعيه و تأييد ما اشار اليه.

______________________________

(1) انظر: الاعلام للزركلى، ج 1/ 313.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 477

قال في مقدمة تفسيره:

«فيقول العبد الفقير، سمي الذبيح الشيخ اسماعيل حقي الناصح المهاجر ...

لم أجد بدا من الوعظ و التذكير في الجامع الكبير و المعبد المنير الشهير، و قد كان مني حين انتواء الاقامة ببعض ديار الروم، بعض صحائف ملتقطة، من صفحات التفاسير، و ادوات العلوم، مشتملة على ما يزيد على آل عمران، من سور القرآن، لكنها مع اطناب الواقع فيها، كانت متفرقة كأيادي سبا، جزء منها حوته الدبور و جزء منها حوته الصبا، اردت ان ألخص ما فرط من الالتقاط، و اخلص الاوراق المتفرقة من مسامحات الالفاظ و الحروف و النقاط، و أضم اليها نبذا مما سنح لي من المعارف، و اجعله في سمط ما انظمه من اللطائف، و اسرد بانملة البراعة، و ان كنت قليل البضاعة» «1».

ثم شرع في تقديم الكتاب في معنى الاستعاذة و الحكمة فيها، و بسط الكلام فيه بحيث اشتملت جميع مقدمته على معنى الاستعاذة و الاقوال فيها، و معنى الشيطان و وسوسته، ثم ورد في تفسير سورة الحمد، و اشتمل تفسيره على جميع آيات القرآن.

و في بعض مجلدات روح البيان فهرس عام شامل بحيث لم يوجد موضوع إلّا و قد

بيّن محلّه.

منهجه

اما منهجه، فهو تفسير لغوي بياني صوفي، قد جمع بين ميزة التفسير العادي الذي يلتزم أسباب النزول و الآثار، و القراءات و اللغة، و ميزة التفسير الصوفي، إلّا أنه خلا من الشطح و المغالاة و التأويل، و التزم القصد و الاعتدال، مع

______________________________

(1) روح البيان، ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 478

الاعتماد على الأثر و اللغة.

و قد مزج المفسر الفارسية و التركية في التفسير، فأورد ابياتا من شعر الشعراء الفرس، كالحافظ الشيرازي، و جلال الدين الرومي، و الشعراء الاتراك، و جملا و امثلة بالفارسية و التركية.

و كان كثير النقل من تفسير مفاتيح الغيب للرازي، و تأثر بكلمات الغزالي و منهجه في الاخلاق.

استفاد من الحديث في منهجه البياني و الاخلاقي و التربوي، لا كما يستفيد المفسرون في معنى الآية، و مع ذلك اذا روى من الإسرائيليات، نبّه الى ضعفها و بطلانها، أو يوجهها بتأويل موافق لعقيدته، كما في قصة هاروت و ماروت، فانّه بعد ردّ القصة و تضعيفها، قد حملها و اوّلها على المعنى الاشاري و قال:

«و ما روي في قصتهما من أنهما شربا الخمر و سفكا الدم، و زنيا و قتلا و سجدا للصنم، فمما لا تعويل عليه، لان مداره رواية اليهود، مع ما فيه من المخالفة لادلة العقل و النقل، و لعله من مقولة الأمثال و الرموز التي قصد بها ارشاد اللبيب الاريب و بالترغيب، و ذلك لان المراد بالملكين العقل النظري و العقل العملي، و المرأة المسماة ب «الزهرة» هي النفس الناطقة الطاهرة في اصل نشأتها، و تعرضهما لها تعليمهما لها ما تستعد به في النشأة الآخرة» «1».

و لا يعتني «البرسوي» بالتفريعات الفقهية و آيات الاحكام، و همّه المباحث الإشارية

و الصوفية.

و قد اعتمد في تفسيره على اقوال الصحابة و التابعين و من سبقه من المفسرين، و ايضا من التفاسير الفارسية ك «مواهب العليّة» للكاشفي، و من التفاسير الصوفية:

______________________________

(1) روح البيان، ج 1/ 191.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 479

«تأويلات» لملا عبد الرزاق الكاشاني المعروف ب «تفسير ابن عربي»، و «التأويلات النجمية» لنجم الدين داية، و تفسير سهل بن عبد اللّه التستري، و «لطائف الاشارات» للقشيري، و غيرها من كتب العرفاء.

و الخلاصة: ان الميزة الاصلية للتفسير، إنه تفسير صوفي سلوكي همّه بيان الوعظ و الارشاد، و التنضير للرحلة التي يقوم بها المريد باتجاه الحقيقة و الحق، مع رعاية قواعد اللغة و الأدب و عدم الخروج من ظواهر اللفظ و الاستشهاد بالمأثورات.

دراسات حول التفسير

1- تنوير الأذهان من تفسير روح البيان. اختصار و تحقيق: الشيخ محمد علي الصابوني، ثلاثة مجلدات، القاهرة، دار الصابوني، الطبعة الاولى، 1408 ه- 1988 م، 24 سم. «1»

______________________________

(1) انظر ايضا: مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 265؛ و المفسرون بين التأويل و الاثبات في آيات الصفات، ج 2/ 281.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 480

72- روح المعاني

اشارة

العنوان المعروف: تفسير روح المعاني.

المؤلف: أبو الثناء شهاب الدين السيد محمود الآلوسي البغدادي.

ولادته: ولد في سنة 1217 ه- 1802 م، و توفي في سنة 1270 ه- 1854 م.

مذهب المؤلف: الحنفي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1263 ه.

عدد المجلدات: 30 جزءا في 15 مجلدا.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، بولاق، سنة 1301 ه.

الطبعة الثانية، في بغداد، ثم في مصر، ادارة الطباعة المنيرية، 30 جزءا في 10 مجلدات، سنة 1353 ه.

و قد اعيد طبعه بالافست على طبعة ادارة الطباعة المنيرية في مصر، دار احياء التراث العربي، الطبعة الاولى، سنة 1405 ه، حجم 24 سم.

و طبع بالافست ايضا على نفس الطبعة السابقة بحجم 28 سم.

حياة المؤلف:

هو العلامة المحقق، ابو الفضل ابو الثناء شهاب الدين السيد محمود الآلوسي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 481

البغدادي. كان مولده في جانب الكرخ من بغداد سنة 1217 ه، أخذ العلم عن العلماء الأعلام و على رأسهم والده و كان من العلماء الكبار.

كان حرصه على العلم و ما وهبه اللّه من قدرة على التحصيل و تمكن من الفهم.

ابتدأ النشاط العلمي الزاخر و هو ابن ثلاث عشرة سنة، و درس في عدة مدارس، و كان حريصا على تبليغ العلم، كما كان حريصا على جمعه.

فكان يشجّع طلاب العلم و يواسيهم بما يملك، و يقدم لهم ما يستطيع من وسائل المعيشة و متطلباتها ليتفرغوا للبحث و التحصيل.

كان الآلوسي عالما باختلاف المذاهب، مطّلعا على الملل و النحل، سلفي الاعتقاد، حنفي المذهب، خلّف كثيرا من المؤلفات المفيدة فضلا عن تفسيره المشهور.

توفي في يوم الجمعة الخامس و العشرين من ذي القعدة 1270 ه، و دفن مع اهله في مقبرة الشيخ الكرخي «1».

اهم آثاره و مؤلفاته:

1- حاشية على القطر في النحو.

2- شرح المسلم في المنطق.

3- الاجوبة العراقية عن الأسئلة اللاهوتية.

4- الأجوبة العراقية على الاسئلة الايرانية.

5- درة الغواص في اوهام الخواص.

تعريف عام

كان تفسير روح المعاني من أوسع التفاسير الموجودة و أبسطها، قد جمع فيه كل ما سبقه من التفاسير و حواشيها، و لا سيّما تفسير الكشاف و حواشيه، فتراه ينقل

______________________________

(1) انظر ترجمة في: التفسير و المفسرون ج 1/ 352؛ و الآلوسي مفسرا/ 28.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 482

عن كثير من مفسري القرآن، و قد حلّ بعض رموز كلماتهم و رموز الآيات و عباراتهم الخفية التي استعصى فهم المراد منها على العلماء، و يجعل نفسه نقادا مدققا على كلماتهم، ثم يبدي رأيه حرا فيما ينقل، و ايضا له استدراكات قيمة و تعقبات دقيقة لآرائهم، و من هذه الجهة ليس مجرد ناقل، بل له شخصيته العلمية البارزة و افكاره النيّرة، و الشاهد على ذلك تعرضه لكثير ما ينقله عن ابي السعود و البيضاوي و ابي حيان و الكشاف و غيرهم في آرائهم البلاغية و الادبية، كما ترى يتعقب الفخر الرازي في كثير من المسائل، و يرد عليه على الخصوص في بعض المسائل الفقهية، انتصارا منه لمذهب ابي حنيفة.

و من جهة اخرى يمكن ان يقال: «أن تفسير الآلوسي هو أعظم تفسير ظهر بعد الرازي على الطريقة القديمة؛ بل يكون نسخة ثانية من تفسير الرازي، مع بعض الزيادة و النقصان، إذ كل من قرأ تفسير الآلوسي يثبت عنده أنه اعتمد تفسير الرازي مصدرا مهمّا من مصادره» «1».

و قال الدكتور محسن عبد الحميد في موضع آخر:

«إن تفسير الآلوسي جمع لنا المادة الاساسية المهمة من جميع التفاسير المتقدمة، و من كتب التراث الاسلامي المتنوعة، بحيث لا

يمكن في اغلب الاحيان للباحث أن يطلع عليها جميعا ... [و مع هذا] أن الآلوسي لا ينقل الآراء فقط، و انما ينصب نفسه حكما عدلا الى حد كبير بين الآراء مناقشا و منقدا و مرجحا» «2».

و الآلوسي اشعري المذهب، سني العقيدة، حنفي الفقه، و لهذا تراه كثيرا ما يتهجم على آراء المعتزلة و الشيعة، و غيرهم من اصحاب المذاهب المخالفة لمذهبه.

قدّم الآلوسي لكتابه بمقدمة مهمّة بيّن فيها منهجه و حدّد فيها سبب تأليفه له، و ألمح الى بعض مظاهر حياته و جوانب شخصيته، فقال في ذلك ما ملخصه:

«و إني و للّه المنة مذ ميطت عن التمائم و نيطت على رأسي العمائم، لم أزل

______________________________

(1) الرازي مفسرا لعبد الحميد/ 170.

(2) نفس المصدر/ 327.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 483

متطلبا لاستكشاف سره المكتوم ... و أنا مع حداثة سني، و ضيق عطني، لا تغرني حالهم، و لا تغيّرني افعالهم ... حتى وقفت على كثير من حقائقه، و وفقت لحلّ وفير من دقائقه، ... و قبل أن يكمل سني عشرين ... شرعت أدفع كثيرا من إشكالات الاشكال، و أدفع و أتجاهر بما ألهمنيه ربي مما لم اظفر به في كتاب من دقائق التفسير ...

و لست أنا اول من منّ اللّه تعالى عليه بذلك، و لا آخر من سلك في هاتيك المسالك ... و كانت كثيرا مما تحدثني في القديم نفسي، ان أحبس في قفص التحرير ما اصطاده الذهن بشبكة الفكر، او اختطفه باز الالهام في جو حدسي، فأتعلل ... الى ان رأيت في بعض ليالي الجمعة من سنة 1252 ه رؤية ... أن اللّه جل شأنه و عظم سلطانه أمرني بطي السموات و الارض، و رتق فتقهما على الطول

و العرض، فرفعت يدا إلى السماء، و خفضت الاخرى إلى مستقر الماء.

ثم انتبهت من نومتي، و أنا مستعظم رؤيتي، فجعلت أفتش لها عن تعبير، فرأيت في بعض الكتب أنها إشارة الى تأليف تفسير، فرددت حينئذ على النفس تعللها القديم، و شرعت مستعينا باللّه تعالى العظيم ... و كان الشروع في الليلة 16 من شعبان المبارك 1252 ه و هي السنة 34 من سني» «1».

ثم شرع الآلوسي بمقدمات لها عدة فوائد و هي:

1- في معنى التفسير و التأويل.

2- فيما يحتاجه التفسير، و معنى التفسير بالرأي، و حدود جوازه، و حكم السادة الصوفية في القرآن، من باب الإشارات إلى الدقائق تنكشف على أرباب السلوك.

3- في أسماء القرآن.

4- في تحقيق معنى ان القرآن كلام اللّه تعالى غير مخلوق، و ما يتعلق بصفته.

5- في بيان المراد بالأحرف السبعة.

6- في بيان وجه اعجاز القرآن.

و قد مكث الآلوسي في تأليف كتابه خمس عشرة سنة.

______________________________

(1) روح المعانى، ج 1/ 4.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 484

منهجه

كان منهجه ان يبدأ اولا باسم السورة مكيّها و مدنيّها، و يذكر الاقوال التي وردت فيها، مع ترجيح لاحد الاقوال، ثم يذكر فضل السورة و خواصّها، ثم يشرع في تفسير السورة آية آية و كلمة كلمة. و يتعرض للغة و الأدب و القراءات، و في القراءات لا يتقيد بالمتواتر منها، كما أنه يهتم باظهار وجه المناسبات بين السور، و كذلك بيّن المناسبات بين الآيات، و يذكر اسباب النزول للآيات التي انزلت لسبب معين.

كان الآلوسي، كثير الاستشهاد باشعار العرب على ما يذهب اليه من المعاني اللغوية. و قال صاحب كتاب التفسير و المفسرون في ذلك:

«انه يستطرد الى الكلام في الصناعة النحوية و يتوسع في ذلك احيانا الى

حد يكاد يخرج به عن وصف كونه مفسرا، و لا احيلك على نقطة بعينها، فإنه لا يكاد يخلو موضع من الكتاب من ذلك» «1».

و من مميزات هذا التفسير توسع المؤلف في التفسير الاشاري و الصوفي، و نقل كلمات العرفاء و الصوفية بمناسبة الآية او غيرها، حتى وردت في نقل كلماتهم في غير مباحثها، فمثلا عند نقله عن بعض مفسري الصوفية في المعاني التي استنبطها من الحروف بطريقة الرمز و الاشارة قال:

«و هذا ما يلوح لامثالنا من أسرار كتاب اللّه تعالى و أين هو مما يظهر للعارفين الغارفين من بحاره، المتضلعين من ماء زمزم اسراره» «2».

«و مع هذا كان الآلوسي يتكلم عن التفسير الاشاري بعد ان يفرغ من الكلام عن كل ما يتعلق بظاهر الآيات» «3».

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 1/ 358.

(2) روح المعانى، ج 1/ 37.

(3) التفسير و المفسرون، ج 1/ 361.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 485

«قد خلا تفسيره من الاغترار بالإسرائيليات و هو انما ذكرها لينبّه الى اختلاقها و بطلانها و تحذير المسلمين و لا سيما طلبة العلم و اهله من التصديق بها» «1».

دراسات حول التفسير و المفسر

قد كتبت حول تفسير الآلوسي كتب و مقالات و أخص بالذكر منها:

1- الآلوسي مفسرا. محسن عبد الحميد. بغداد، مطبعة المعارف، الطبعة الاولى، 1388 ه- 1968 م، رسالة ماجستير بكلية الآداب في جامعة القاهرة، حجم 24 سم، 372 ص.

2- ذكرى ابو الثناء الآلوسي. عباس الغراوي، بغداد شركة التجارة، 1377 ه- 1958 م. «2»

______________________________

(1) الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 146.

(2) انظر: التفسير و المفسرون، ج 1/ 352؛ دراسات في التفسير و المفسرين لعبد القهار العاني/ 146؛ و دراسات في التفسير و رجاله للجبوري/ 112؛ و فكرة اعجاز القرآن

لنعيم الحمصي/ 200؛ و الإسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 146؛ و الاسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 339؛ و الرازي مفسرا لمحسن عبد الحميد/ 169؛ و الواحدي و منهجه في التفسير لجودة المهدي/ 426؛ و مناهل العرفان للزرقاني، ج 2/ 84؛ و التفسير و رجاله لمحمد فاضل بن عاشور/ 127؛ و مدرسة التفسير في الاندلس للمشيني/ 883؛ و المفسرون بين التأويل و الاثبات للمغراوي، ج 2/ 239؛ و النحو و كتب التفسير لرفيدة ج 2/ 1027.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 486

73- روض الجنان و روح الجنان

اشارة

العنوان المعروف: تفسير الشيخ ابو الفتوح الرازي المسمى ب «روض الجنان و روح الجنان».

المؤلف: ابو الفتوح حسين بن علي بن محمد بن أحمد الخزاعي الرازي النيشابوري.

ولادته: عاش بين سنة 480 ه الى 535 ه، و توفي في اوائل القرن السادس الهجري.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: الفارسية.

تاريخ التأليف: 510 ه الى 532 ه.

عدد المجلدات: 20.

طبعات الكتاب: ايران، مشهد المقدسة، مركز البحوث الإسلامية، للآستانة الرضوية المقدسة، الطبعة الاولى، بتصحيح و تحقيق الدكتور محمد جعفر يا حقي و الدكتور محمد مهدي ناصح، سنة 1408 ه، حجم 24 سم.

و منها طهران، سنة 1331 ه، في 5 مجلدات. و قد اعيد طبعه بالافست سنة 1404 ه مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي.

و منها طهران، سنة 1362 ه، تصحيح مهدي الإلهي القمشه اى، في 10 مجلدات.

و منها طهران، الطبعة الثالثة، سنة 1382 ه، صححه ابو الحسن الشعراني، في 12 مجلدا.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 487

حياة المؤلف:

هو جمال الدين، ابو الفتوح حسين بن علي بن محمد الخزاعي النيشابوري، الشيخ الامام الجليل، قدوة المفسرين، ترجمان كلام اللّه، من اولاد نافع بن بديل بن و رقاء الخزاعي من أصحاب الرسول صلّى اللّه عليه و آله.

كان من علماء الامامية و له منزلة رفيعة عندهم، فالرجل و اقوامه الصالحون من اجلاء بيوتات العرب المستوطنين ديار العجم.

و يظهر من التفسير أنه كان معاصرا لصاحب الكشاف الذي كان من مشايخه، و قد بلغه بعض ابيات الكتاب دون اصله.

عاش قطعا بين سنة. 480 ه الى 535 او 555، و توفي بعد سنة 585 ه، و دفن في الري- قرب طهران- بجوار سيدنا عبد العظيم الحسني، و قبره معروف الآن.

آثاره و مؤلفاته:

1- روح الاحباب و روح الألباب في شرح الشهاب.

2- رسالة يوحنا.

3- الرسالة الحسنية.

4- تبصرة العوام في تفاصيل الملل و النحل. «1»

تعريف عام

كان التفسير من أشهر و أقدم التفاسير الفارسية، و قد طبع عدة طبعات في ايران.

و هذا التفسير هو واحد من أقدم التفاسير الخمسة التى كتبت باللغة الفارسية،

______________________________

(1) انظر ترجمته تفصيلا: في مقدمة المصححين في المجلد الاول من التفسير بالفارسية؛ و روضات الجنات، ج 2/ 306، و الذريعة الى تصانيف الشيعة، ج 11/ 274.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 488

و متداولا بين اهل هذه اللغة و هي عبارة عن:

1- ترجمة تفسير الطبري (المنسوب الى الطبري و ليس في الحقيقة ترجمته بل كتاب مستقل).

2- كشف الأسرار و عدة الأبرار لأبي الفضل رشيد الدين الميبدي.

3- منهج الصادقين في الزام المخالفين للشيخ فتح اللّه الكاشاني.

4- تفسير سورآبادي.

و التفسير الذي نحن الآن بصدد تعريفه هو أشمل هذه التفاسير، و هو و ان كتب بالفارسية إلا أنه في وثاقة التحرير، و عذوبة التقرير، و دقة النظر من غير نظير، و إنّما اقتبس من آثاره الإمام فخر الدين الرازي في «تفسيره الكبير» و بنى عليه بنيانه، و ان اضاف اليه بعض تشكيكاته «1». و قد أخذ من تفسير الكشاف ابيات و كان الزمخشري من شيوخه.

و قد تأثر بهذا التفسير و نقل عنه كل من ابي المحاسن الحسين بن الحسن الجرجاني في تفسير المسمى ب «جلاء الاذهان و جلاء الاحزان» المعروف ب «تفسير گازر»، و ملا فتح اللّه الكاشاني في تفسير منهج الصادقين المعروف ب «تفسير ملا فتح اللّه الكاشاني».

و قد ابتدأ التفسير بمقدمة في بيان غرضه من تأليفه و منهجه، و شرائط التفسير، ثم البحث في فصول هي: في اقسام معاني

القرآن؛ و اقسام القرآن (المحكم، و المتشابه، الناسخ، و المنسوخ، الخاص، و العام)؛ و اسماء القرآن و معانيه؛ و معنى السورة و الآية و البحث حول كلماتها و حروفها؛ و فضل قراءة القرآن؛ و فضل علم القرآن، و معنى التفسير و التأويل؛ و الاستعاذة.

كان التفسير يبرز مذهب المؤلف و اعتقاداته وفق مذهب اهل البيت عليهم السلام.

______________________________

(1) روضات الجنات، ج 2/ 308.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 489

منهجه

كانت طريقته ان يبدأ باسم السورة و معناه، و نقل الاقوال و الروايات في ذلك، ثم بيان مدنيّها و مكيّها، ثم في فضل قراءتها، ثم في عدد آياتها، ثم يبدأ بآيات من القرآن، يترجمها الى لغته مع تفسيرها.

و كان منهجه في نقل الروايات، فإنه ينقلها عن اهل البيت عليهم السلام و عن طريق اهل السنة الروايات المختصّة في فضل قراءة القرآن و القصص و الحكايات، و نقل اقوال الصحابة و التابعين في تفسير السورة، و في بعض الأحيان يذكر اصل الحديث و الأثر و نص الرواية، و في أحيان اخرى، ينقل الترجمة بالفارسية فقط، و يذكر اسماء بعض المفسرين من الصحابة و التابعين و من بعدهم، كالطبري محمد ابن جرير، و محمد بن بحر ابي مسلم الاصفهاني، و الطوسي، و ابي عبد الرحمن السّلمى و غيرهم.

و قد اعتنى بذكر اللغة و القراءات و الاعراب و النحو و الصرف و الوجوه و الاحتمالات في مدلول الآية، و بيان مواقف الكلامية و الاعتقادية و ذكر القصص.

و قد تعرض للاحكام الفقهية وفق مذهب الشيعة الامامية، مع نقل الاقوال و ذكر الادلة من غير بسط و اخلال في التفسير، او تعصب في مذهبه، كما ذكر الفرق بين النسخ و البداء، و الاقوال

المذكورة فيهما من الامام ابي حنيفة و الشافعي «1».

و كذلك في سائر الاحكام كالوضوء و المتعة و الطلاق و اشتراط العدالة و غيرها من الامور المختلفة بين الشيعة و السنة.

و مما أخذ عليه، أنه نقل الاخبار الإسرائيلية عن طريق وهب بن منبّه و كعب الاحبار و السدي و الكلبي و غيرهم من الوضاعين، و نقل عنهم من دون جرح

______________________________

(1) روض الجنان و روح الجنان، ج 2/ 102.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 490

و تعديل، و على سبيل المثال، انّه نقل قصة هاروت و ماروت على ما رواهما السدي و الكلبي مما ينافي عصمة الملائكة «1». و ان كان مقلا في نقلها خصوصا اذا كانت تتنافى مع عصمة الانبياء.

دراسات حول التفسير

كتبت حول التفسير ثلاثة كتب هي:

1- تحقيق حول تفسير ابي الفتوح الرازي (تحقيق در تفسير ابو الفتوح رازي).

للاستاذ عسكر حقوقي (بالفارسية). ثلاثة مجلدات. طهران، جامعة طهران، 1346 ش (1388 ه).

2- قيمة تفسير ابي الفتوح الرازي الادبية. (ارزش ادبي تفسير ابو الفتوح رازي).

عسكر حقوقي. طهران، هي مجموعة خطابات القاها في المؤتمر الثاني للتحقيقات الايرانية. جامعة طهران، 1353 ش. (1395 ه).

3- معجم اللغات و المصطلحات لتفسير ابي الفتوح الرازي (فرهنگ لغات و مصطلحات تفسير ابو الفتوح رازي). (كلية الآداب و العلوم الانسانية في جامعة مشهد الرضوي المقدس)، 1351 ش (1393 ه) «2».

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 2/ 82، سورة البقرة، آية 102.

(2) انظر ايضا: طبقات مفسران شيعة (طبقات مفسري الشيعة)، عقيقي بخشايشي، ج 2/ 160؛ و هزار سال تفسير فارسي (التفاسير الفارسية في الف سنة) الدكتور سيد حسن سادات الناصري/ 401؛ و الذريعة الى تصانيف الشيعة، ج 11/ 274.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 491

74- زاد المسير

اشارة

العنوان المعروف: زاد المسير في علم التفسير.

المؤلف: جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمّد الجوزي القرشي البغدادي.

ولادته: ولد في سنة 510 ه- 1116 م، و توفي في سنة 597 ه- 1201 م.

مذهب المؤلف: الحنبلي الاشعري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 8.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، المكتب الاسلامي، بيروت، بتصحيح و تعليق محمد زهير الشاويش، و شعيب الأرناءوط و عبد القادر الأرناءوط، سنة 1384 ه- 1964 م، 9 مجلدات، 24 سم.

و بيروت، دار الفكر، الطبعة الاولى، سنة 1407 ه، في 8 مجلدات، الحجم 28 سم، حققه و راجعه محمد بن عبد الرحمن عبد اللّه و ابو هاجر السعيد بسيوني زغلول.

و قد اعيد طبعه بالافست في بيروت، المكتب الاسلامي، الطبعة الرابعة، سنة 1407 ه- 1987 م، الحجم 24

سم.

حياة المؤلف:

هو جمال الدين، ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبد اللّه

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 492

الجوزي القرشي البغدادي، الفقيه الحنبلي، الواعظ الحافظ المفسر، المعروف بابن الجوزي.

ولد ببغداد سنة 510 ه في أسرة تعمل بالتجارة، و توفي ابوه و له من العمر ثلاث سنين، فتولت عمته الصالحة تربيته، و اتجه الى العلم منذ أن بدأ وعيه بالحياة، و كان زاهدا متقللا، و برع في الوعظ و التذكر، رخيم النغمة مما جعله يؤثر في سامعيه كثيرا، فتزاد حلقاته الوعظية، حتى أن الخليفة كان يسمعه و يجلس في حلقته.

امتحن في آخر عمره فسجن، ثم اخرج من السجن، فلم يلبث إلّا قليلا.

توفي سنة 597 ه، و دفن بباب حرب، بالقرب من مدفن الامام احمد بن حنبل.

اهم آثاره و مؤلفاته:

تصانيف ابن الجوزي كثيرة جدا بلغت فيما يذكر الرواة، خمسين و مائتي كتاب، و أنا نذكر مصنفاته في القرآن و علومه.

1- المغني في التفسير.

2- زاد المسير في علم التفسير.

3- تيسير البيان في تفسير القرآن.

4- تذكرة الأريب في تفسير الغريب.

5- نزهة العيون النواظر في الوجوه و النظائر.

6- فنون الافنان في عيون علوم القرآن.

7- عمدة الراسخ في معرفة المنسوخ و الناسخ.

8- المصفى بأكف اهل الرسوخ في علم الناسخ و المنسوخ. «1»

______________________________

(1) انظر ترجمته في: مقدمة التفسير بقلم محمد زهير الشاويش، من طبعة المكتب الاسلامي، و الاعلام، ج 3/ 317.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 493

تعريف عام

و هذا تفسير اختصره المؤلف من تفسيره الكبير المسمى: «المغني في تفسير القرآن» «1»، يشمل جميع آيات القرآن، و يتناول ذكر معاني الآيات و احكامها، فهو موجزا مع احتوائه على الآراء التفسيرية. معولا في تفسير الآي على ما أثر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الأخبار و على ما نقل عن الصحابة و التابعين.

و قد بيّن في مقدمة كتابه دوافعه لكتابة هذا التفسير، فقال:

«و إني نظرت في جملة من كتب التفسير، فوجدتها بين كبير قد يئس الحافظ منه، و صغير لا يستفاد كل المقصود منه، و المتوسط منها قليل الفوائد، عديم الترتيب، و ربما أهمل فيه المشكل، و شرح غير الغريب، فاتيتك بهذا المختصر اليسير، منطويا على العلم العزيز» «2».

قد ابتدأ بمقدمة في فضيلة علم التفسير، و معنى التفسير و التأويل، و مدة نزول القرآن، و في اول و آخر ما نزل من القرآن بايجاز و اختصار.

و أهم مصادر التفسير التي نقل عنها هي: «جامع البيان» للطبري، و «مشكل القرآن»، و «غريب القرآن» لابن قتيبة، و «معاني القرآن» للفراء

و الزجاج، و «الحجة في القراءات» لأبي علي الفارسي، و «مجاز القرآن» لأبي عبيدة.

و كان يعرض الآراء الفقهية، و يؤكد على فقه الامام احمد بن حنبل، فهو تفسير فقهي وفق المذهب الحنبلي، و كثيرا ما نقل من تفسير «النكت و العيون في تفسير القرآن» للماوردي و تأثر بطريقته في نقل الاقوال و التقسيم و الترتيب فيها.

و للمؤلف ثلاثة تفاسير: «المغني» في تفسير القرآن و هو كبير، و «زاد المسير» في علم التفسير و هو وسيط، و «تذكرة الأريب» في تفسير الغريب و هو مختصر.

______________________________

(1) زاد المسير، ج 9/ 280.

(2) زاد المسير، ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 494

منهجه

و اما منهجه فكان يذكر اسم السورة، و فضيلتها، و نزولها، و عدد آياتها، ثم يبين أسباب النزول، ثم اللغة و الشواهد عليها، ثم معنى الكلمة و مذاهب المفسرين فيها، و الأحكام المأخوذة من الآية، اذا كان لها تعلّق بالأحكام، و الناسخ و المنسوخ و القراءات.

و قد بيّن لنا ابن جوزي في مقدمة كتابه منهجه:

«و قد ادرجت في هذا الكتاب من هذه الفنون المذكورة (الناسخ و المنسوخ و أسباب النزول، بيان المكي و المدني)، مع ما لم أذكره مما لا يستغني التفسير عنه ما أرجو به وقوع الغناء بهذا الكتاب عن اكثر ما يجانسه، و قد حذرت من إعادة تفسير كلمة متقدمة إلا على وجه الاشارة، و لم أغادر من الأقوال التي أحطت بها إلا ما تبعد صحته، مع الاختصار البالغ، فاذا رأيت في فرش الآيات ما لم يذكر تفسيره، فهو لا يخلو من امرين: اما أن يكون قد سبق، و إما ان يكون ظاهرا لا يحتاج الى تفسير» «1».

و هو يقوم على نقل الاقوال

المروية في تفسير الآية، او بيان سبب النزول، او بيان المعنى اللغوي، او البلاغي، او غير ذلك، فينتخب ما تقرب صحته عنده، و كان اكثر ما ينقل عنهم بحكاية لفظهم نفسها، فاذا تجاوز ذلك الى الحكاية بالمعنى، لم يغفل في الغالب الإشارة الى ذلك.

و قد المّ ايضا بمشهور القراءات، و اطراف من شواذّها، و نقل توجيهها في العربية عن ائمة هذه العلم.

هذا و لم يخل تفسيره من الاستشهاد ببعض الأحاديث المنكرة التي لا تصح، و من ايراد طائفة غير قليلة من الاخبار الإسرائيلية الغريبة و الموضوعة، و ان كان قد

______________________________

(1) نفس المصدر/ 7.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 495

أشار اليها بالضعف، كما ذكر في قصة هاروت و ماروت، حيث قال:

«اختلفت العلماء ما ذا فعلا في المعصية على ثلاثة اقوال.

أحدها: أنهما زنيا، و قتلا و شربا الخمرة، قاله ابن عباس.

الثاني: انهما جارا في الحكم، قاله عبد اللّه بن عتبة.

الثالث: انهما همّا بالمعصية فقط ... و في الحديث ان النبي: «لعن الزهرة، و قال انها فتنت ملكين». إلّا أن هذه الاشياء بعيدة عن الصحة و تأول بعضهم» «1».

فهو و ان كان قد يشير الى بعدها عن الصحة، و لكن طريقته العامة في نقلها انه لم يحاول ترجيح خبر على خبر، كما كان رأيه في كثير من منقولاته، و لم يرجح رأيا على رأي، او معنى على معنى، و لا ناقش ما يحكيه من اقوال الا في مواضع قليلة.

دراسات حول التفسير

1- منهج ابن الجوزي في تفسيره. الدكتور عبد الرحيم الطحان، رسالة دكتوراه نوقشت بمصر 1401 ه، مطبوعة بالآلة الكاتبة في مجلدين ضخمين «2».

2- ابن الجوزي بين التأويل و التفويض. احمد عطية الزهراني. مكة المكرمة، كلية الشريعة و الدراسات الاسلامية

بجامعة الملك عبد العزيز، 1396 ه، رسالة ماجستير (رسالة القرآن، العدد الثامن/ 195) «3».

______________________________

(1) زاد المسير، ج 1/ 124 من طبعة بيروت المكتب الاسلامى.

(2) ابن جزي و منهجه في التفسير، ج 1/ 8.

(3) انظر ايضا: مناهج المفسرين لمساعد مسلم آل جعفر/ 157؛ و اثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي لآل جعفر/ 209؛ و مناهج المفسرين من العصر الاول الى العصر الحديث للنقراشي/ 161؛ و مقدمة المراجع و المصحح في المجلد الاول/ 3، و المفسرون بين التأويل و الاثبات للمغراوي، ج 2/ 35.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 496

75- السراج المنير

اشارة

العنوان المعروف: تفسير القرآن الكريم، المعروف ب «تفسير السراج المنير».

المؤلف: شمس الدين محمد بن محمد الشربيني القاهري.

وفاته: توفي في سنة 977 ه- 1570 م.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 961 ه.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: اعيد طبعه بالافست في بيروت، دار المعرفة، على طبعة القاهرة، مطبعة الاميرية، سنة 1299 ه، حجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو العلامة شمس الدين، محمد بن محمد الشربيني، القاهري، الشافعي، الخطيب المعروف ب «الخطيب الشربيني».

ولد في القاهرة، تلقى العلم من أعلام عصره مثل الشيخ احمد البرلسي، و النور المحلي، و لقد أجازوه بالإفتاء و التدريس في حياتهم، فدرس و أفتى في حياة أشياخه.

و لقد كان على جانب عظيم من الصلاح و الورع، و قد أجمع اهل مصر على

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 497

ذلك، و وصفوه بالعلم و العمل، و الزهد و الورع، و كثرة التنسك و العبادة، و كان من عادته ان يعتكف من اوّل رمضان، فلا يخرج من الجامع الّا بعد صلاة العيد. و ما كان يتهافت على المناصب، و لا يقف بابواب الحكام.

و توفي في عصر يوم الخميس 2 شعبان سنة 977 ه.

آثاره و مؤلفاته:

1- شرح كتاب منهاج السنة.

2- شرح كتاب التنبيه.

3- السراج المنير. الذي نحن بصدد تعريفه. «1»

تعريف عام

تفسير موجز، شامل لجميع آيات القرآن، سهل المأخذ، ممتع العبارة، ليس بالطويل الممل، و لا بالقصير المخل، نقل فيه صاحبه بعض تفسيرات مأثورة عن السلف، كما انه يذكر احيانا اقوال من سبقه من المفسرين، كالزمخشري و البيضاوي، و البغوي، و قد يوجّه ما يذكره من هذه الاقوال و يرتضيها، و قد يناقشها، و يردّ عليها، و كثيرا ما يعتمد على التفسير الكبير للفخر الرازي، كما صرّح في مقدمة تفسيره.

و لقد صرّح الشيخ الشربيني عن دوافعه لتاليف كتابه ما ملخصه:

«و لقد ألّف ائمة السلف كتبا في معرفة احكامه و نزوله كل على قدر فهمه، و مبلغ علمه ... ثم خطر لي ان أقتفي اثرهم، و أسلك طريقتهم ... فترددت في ذلك مدة من الزمان ... فاستخرت اللّه تعالى في حضرته، بعد أن صليت ركعتين

في روضته [سيد المرسلين ص]، و سألته أن ييسر لي أمري، فشرح اللّه سبحانه و تعالى لذلك صدري ... ثم سألني بعد ذلك جماعة من اصحابي المخلصين ... فأجبتهم أن

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 1/ 338؛ و الاعلام للزركلى ج 6/ 234.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 498

أجعل لهم تفسيرا وسطا بين الطويل الممل و القصير المخل ... و لكن لا بدّ في كل زمان من تجديد ما طال به العهد، و قصر للطالبين فيه الجد و الجهد، تنبيها للمتوقفين، و تحريضا للمتثبطين، و ليكون ذلك عونا لي و للقاصرين» «1».

لم يذكر المؤلف مقدمة في علوم القرآن و تفسيره، بل شرع في تفسيره بعد خطبة الكتاب، و ذكر غرضه من التأليف و منهجه.

منهجه

اما طريقته في التفسير، فكان يذكر اسم السورة، و مدنيّها و مكيّها، و عدد آياتها و عدد كلماتها و عدد حروفها، ثم يذكر قطعة من الآية، فيفسرها بعد ما يدخل في إعراب الكلمات و اللغات و القراءات السبع المشهورات، و نقل المأثورات عن السلف و اقوال من سبقه من المفسرين، و الاستطراد في ذكر الاحكام الفقهية، و العناية بذكر المناسبات بين الآيات، و الاهتمام بتقرير الأدلة و التوجيهات.

و قد قال في بيان منهجه:

« [و كان تفسيري] مقتصرا فيه على أرجح الاقوال، و إعراب ما يحتاج اليه عند السؤال، و ترك التطويل بذكر أقوال غير مرضية، و أعاريب محلها كتب العربية، و حيث ذكرت فيه شيئا من القراءات، فهو من السبع المشهورات، و قد اذكر بعض اقوال، و أعاريب لقوة مداركها او لورودها، و لكن بصيغة قيل، ليعلم أن المرضي أوّلها ...

و قد تلقيت التفسير بحمد اللّه من تفاسير متعددة رواية و دراية

عن أئمة ظهرت و بهرت مفاخرهم، و اشتهرت و انتشرت مآثرهم، جمعني اللّه و اياهم و المسلمين في مستقر رحمته بمحمد و آله و صحابته» «2».

و كان موقفه من المسائل الفقهية، العناية بذكر الاحكام الفقهية و مذاهب العلماء و أدلتهم، و ان كان مقلا في هذه الناحية، فلا يتوسع و لا يكثر من ذكر الفروع.

______________________________

(1) السراج المنير، ج 1/ 3.

(2) نفس المصدر.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 499

و لقد حاول الشربيني حقا أن يجرّد كتابه عن الروايات الضعيفة و ينتقد ما ذكره منها المفسرون، و لكنه هو لم يسلم من إيراد بعضها، و يلاحظ أن الروايات الضعيفة التي يأتي بها عليها جميعها سمة الوعظ و العبرة.

و ايضا لم يخل تفسير الخطيب من ذكر بعض القصص الإسرائيلية، منها ما يمرّ عليها مرورا مع غرابتها من غير تعقيب لها، او تضعيف او بيان منشئها، و من اين جاءت، و غالب ذلك فيما يحتمل الصدق و الكذب من اخبار بني اسرائيل، و ليس فيه طعن في عصمة الانبياء، و من هذه القصص ما ذكره في قصة سليمان في تفسير قوله تعالى: وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَ قالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ «1»، نراه يروي خبرا طويلا عن كعب الاحبار، فيه انه صاح ورشان عند سليمان الى آخر الحديث مما ذكره من صيحات حيوانات متعددة، و معاني هذه الصيحات، مع كون القصة في نهاية الغرابة و البعد «2»، و لم يعقّب بما يدل على ضعفها او بطلانها.

و كذلك، فانه ذكر قصصا و حكايات تخل بعصمة الانبياء عليهم السلام مما رواها اليهود و قد ذكرها جمع من المفسرين، و مما رواه من ذلك ما نقله في قصة سيدنا

داود عليه السلام «3».

و كان موقفه في العقائد و البحوث الكلامية موقف اهل السنة و الاشاعرة في آيات الصفات و الاتجاه الى منهجهم في تفسيره، و لهذا يذكر كثيرا ما قاله الرازي في التفسير الكبير تأييدا او نقدا على مخالفيهم «4».

______________________________

(1) سورة النمل/ 16.

(2) السراج المنير، ج 3/ 43.

(3) انظر تفصيل ذلك في: الإسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 142.

(4) ايضا انظر: التفسير و المفسرون، ج 1/ 338، و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 259؛ و الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 142؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 172؛ و الاسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 336؛ و الواحدي و منهجه في التفسير لجودة المهدي/ 436؛ و المفسرون بين الاثبات و التأويل، ج 2/ 191؛ و النحو و كتب التفسير لرفيدة، ج 2/ 981.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 500

76- الصافي

اشارة

العنوان المعروف: تفسير الصافي أو الصافي في تفسير كلام اللّه أو الصافي في تفسير القرآن.

المؤلف: ملا محسن محمد بن المرتضى الملقب ب «الفيض الكاشاني».

ولادته: ولد في سنة 1007 ه- 1594 م، و توفي في سنة 1091 ه- 1678 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1075 ه.

عدد المجلدات: 5.

طبعات الكتاب: له عدة طبعات منها: الطبعة الاولى، طبعة حجرية، تبريز، دار الطباعة لمحمد مهدي التبريزي، سنة 1269 ه، جزآن في مجلدين.

و طهران، طبعة حجرية، سنة 1268 ه.

و تبريز، بخط محمد رحيم الهمداني، مطبعة محمد تقي التبريزي، سنة 1272 ه.

و بيروت، الطبعة الاولى، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، في 5 مجلدات، صححه و قدم له و علّق عليه الشيخ حسين الاعلمي، سنة 1399 ه- 1979 م.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 501

حياة المؤلف:

هو الشيخ الفقيه المحدّث، و الفيلسوف المتبحر المولى محمد حسن بن الشاه مرتضى المعروف بالفيض الكاشاني.

ولد في سنة 1007 ه في كاشان من أسرة اهتمّت بالعلم و العلماء، و نشأ في بلدة قم المقدسة، فانتقل الى كاشان، ثم نزل شيراز بعد سماعه بورود العلامة السيد ماجد البحراني هناك، و أخذ العلم منه و من المولى صدر الدين الشيرازي المعروف ب «صدر المتألهين»، و تزوج ابنة المولى صدر الدين في شيراز، و غادرها الى كاشان و بقي هناك، و ألّف كتبا كثيرة في العلوم المختلفة: التفسير و الحديث و الأخلاق و المعارف و الفقه و غير ذلك، مما يقارب مائتي كتاب، ثم صار مرجعا دينيا.

توفي في مدينة كاشان بايران سنة 1091 ه، و دفن هناك، و قبره مشهور اليوم و يزار «1».

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير الكبير و المتوسط و الموجز، المسمّاة بالصافي و الأصفى و المصفى.

(مطبوعة) 2- الوافي، و هو كتاب يشتمل على جميع الاحاديث الواردة في الكتب الاربعة الشيعية. (مطبوع) 3- الشافى، و هو منتخب من الوافي يقع في جزءين. (مطبوع) 4- المحجة البيضاء في احياء الاحياء، او تهذيب الاحياء (مختصر احياء علوم الدين للغزالي). (مطبوع) 5- مفاتيح الشرائع في فقه الإمامية. (مطبوع) 6- علم اليقين في اصول الدين. (مطبوع)

______________________________

(1) تفسير الصافى، ج 1/ 4.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 502

تعريف عام

يعتبر التفسير مزجا من الرواية و الدراية، شاملا لجميع آيات القرآن، موجزا، قد نقل في تفسيره هذا كثيرا من عبارات البيضاوي من تفسيره المسمى: «انوار التنزيل»، و روى الروايات عن طريق اهل البيت عليهم السلام بما جاء عن الامامية، كما فعل تلميذه الميرزا محمد المشهدي في تفسيره المسمى ب «كنز الدقائق».

قال الفيض الكاشاني في بيان دوافعه لتأليف الكتاب ما ملخصه:

«هذا يا إخواني ما سألتموني من تفسير القرآن بما وصل الينا من أئمتنا المعصومين من البيان، آتيتكم به، مع قلة البضاعة، و قصور يدي عن هذه الصناعة على قدر مقدور، فإن المأمور معذور ... فإن ما وصل الينا مما ألّفه قدماؤنا من اهل الحديث فغير تام، لأنّه اما لم يثبت صحته عن المعصوم؛ لضعف رواته، او جهالة حالهم و نكارة بعض مقالهم.

و منه ما أورد جامعه في كثير من المواضع ما لا دخل له في فهم القرآن، و في مواضع اخر ما لا بدّ منه في التفسير و التبيان، لم يأت بنظم يليق، و لا بأسلوب انيق.

و منه ما يشتمل مع ذلك على ما ثبت خلافه في العقل و الأنباء كنسبة الكبائر و السفه إلى الانبياء.

و منه

ما يشتمل على التأويلات البعيدة التي تشمئز عنها الطباع و تنفر عنه الاسماع، و تحجب عن البيان، و تزيد في حيرة الحيران، مما يجب رده اليهم من غير إنكار، كما وردت به الاخبار ...

و منه ما يشتمل على ما يوهم عليه التناقض و التضاد، لتخصيص المعنى تارة ببعض الافراد، كأنه هو هو المراد، و تارة بفرد آخر كان غيره لا يراد ... كيف و لو كان ذلك كذلك لكان القرآن قليل الفائدة ... حاشاه عن ذلك، بل انما ورد ذلك على سبيل المثال، لازاحة الخفاء او ذكر الفرد الأكمل ...

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 503

و بالجملة لم نر الى الآن في جملة المفسرين، مع كثرتهم و كثرة تفاسيرهم، من اتى بتصنيف تفسير مهذّب صاف واف كاف شاف يشفي العليل، و يروي الغليل، يكون منزها عن آراء العوام، مستنبطا من أحاديث اهل البيت عليهم السلام، و ليس لهذا الامر الخطير ... إلّا ناقد و بصير ... فيصحح الاخبار بالمتون دون الأسانيد، و يأخذ العلم من اللّه لا من الاساتيد، حتى يتأتى له تمييز الصافي من الكدر، و تخريج الشافي من المضر ... بحيث يزيل الإبهام لا أن يزيد إبهاما على إبهام ... و إني لأرجو من فضل اللّه و كرمه ان يكون هذا الكتاب هو ذلك التفسير» «1» و لقد قدّم الكاشاني في أوّل الكتاب مقدمات بعد كلامه الذي لخصناه في دوافعه لتأليف الكتاب، و هي:

في فضل القرآن، و في أن علم القرآن كله إنّما هو من عند اهل البيت عليهم السلام، و ذكر معاني وجوه الآيات، و معنى التفسير و التأويل، و المنع من تفسير القرآن بالرأي، و في ما جاء في جمع القرآن،

و تحقيق معنى ان القرآن تبيانا لكل شي ء و زمان نزول القرآن، و في نبذ مما جاء في جمع القرآن و تحريفه و زيادته و نقصه و تأويل ذلك، و كيفية التلاوة و آدابها و غيرها من المباحث.

منهجه

و طريقته في شروع التفسير، أنّه يبدأ باسم السورة و مكيّها و مدنيّها و عدد آياتها ثم يشرع في تفسيرها.

و اما منهجه في التفسير، فهو اول ما يرجع في تفسيره الى محكمات القرآن، فان القرآن يفسر بعضه بعضا، و إلا فحديث معتبر من اهل البيت عليهم السلام في الكتب المعتبرة عنده، و ما لم يظفر فيه بحديث عنهم، فهو يورد ما وصل اليه من غيرهم من علماء التفسير اذا وافق القرآن و فحواه.

______________________________

(1) التفسير الصافى، ج 1/ 14.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 504

يذكر في نهاية تفسير كل سورة، الأحاديث الواردة بشأن فضل هذه السورة، و ما فيها من الأجر، و ما شابه ذلك، و هي في الغالب احاديث ضعيفة.

و قد اعتمد في تفسيره في بيان اللغة و الاعراب و البيان على تفسير البيضاوي، و في المأثور على التفسير المنسوب الى على بن إبراهيم القمي، و التفسير المنسوب الى الامام الحسن العسكري (ع)، و تفسير العياشي، و لهذا نقل روايات ضعافا و مختلقة و الموضوعة الموجودة في هذه التفاسير.

و العجب منه، تشنيعه للمفسرين المتقدمين لابتلائهم باخبار الضعاف، المشتملة على ما يوهم التناقض و التضاد، فهو ايضا ابتلى بذلك، و قد وجّهها بتوجيهات و تأويلات عجيبة بعيدة عن الواقع، بحيث تشمئز عنها الطباع، و تنفّر عنه الأسماع، و تحجب عن البيان، و تزيد في حيرة الحيران، فمثلا عند توجيه الروايات الدالة على تحريف القرآن الواردة في كتب الحديث،

قال:

«المستفاد من جميع هذه الأخبار و غيرها من الروايات من طريق اهل البيت عليهم السلام، ان القرآن الذي بين اظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى اللّه عليه و آله ... و يخطر بالبال ... ان صحت هذه الأخبار، فلعل التغيير إنما وقع فيما لا يخل بالمقصود كثير إخلال، كحذف اسم علي و آل محمد صلى اللّه عليهم، و حذف اسماء المنافقين ... و لا يبعد ايضا ان يقال إن بعض المحذوفات كان من قبيل التفسير و البيان، و لم يكن من اجزاء القرآن، فيكون التبديل من حيث المعنى اي حرّفوه و غيّروه في تفسيره و تأويله» «1» و منشأ هذه التوجيهات، عدم جرأته لطرد هذه الروايات بدليل المحكمات، كما نقل الاخبار الإسرائيلية في ذيل آية 102 من سورة البقرة: وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ، من أنّ الزهرة كانت امرأة فتن بها هاروت و ماروت، فمسخ اللّه تلك المرأة، ثم نقل روايات ايضا عن طريق اهل البيت (ع) في رد هذه الروايات فقال:

______________________________

(1) نفس المصدر/ 46.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 505

«و امّا ما كذّبوه عليهم السلام من امر هاروت و ماروت و مسخ زهرة و قصتهم المشتهرة بين الناس، فقد ورد عنهم عليهم السلام في صحتها ايضا روايات، و الوجه في الجمع و التوفيق أن يحمل روايات الصحة على كونها من مرموزات الاوائل و اشاراتهم، و أنهم لما رأوا ان حكاتها كانوا يحملونها على ظاهرها، كذّبوها، و لا بأس بايرادها و حلّها» «1» و ايضا من عجائب توجيهاته تبعا للبيضاوي و حاشيته «2»، عند ذكر قصة هاروت و ماروت و شربهما الخمر و سجودهما للصنم، و انهما زنيا، المنقولة

من طرق العامة- و لكن بلسان اهل البيت عليهم السلام- قد اوّلها: بالعقل و الروح، و عن النفس الامارة بالزهرة.

و هذا تفصيل قول الكاشاني في ذلك عند ذكر المروي عن الامام الباقر محمد بن علي عليه السلام:

«ان قوما عندنا يزعمون أن هاروت و ماروت ملكان اختارهما الملائكة لما كثر عصيان بني آدم، و انزلهما اللّه مع ثالث لهما الى الدنيا، و انهما افتتنا بالزهرة، و ارادا الزنا بها، و شربا الخمر، و قتلا النفس المحرمة، و ان اللّه تعالى يعذبهما ببابل ... فقال الامام: معاذ اللّه عن ذلك، ان ملائكة اللّه معصومون، محفوظون عن الكفر و القبائح بالطاف اللّه تعالى، قال اللّه عزّ و جلّ فيهم: لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ «3»، و قال: وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ «4»، يعني الملائكة لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا يَسْتَحْسِرُونَ، يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ «5»،

______________________________

(1) نفس المصدر/ 156.

(2) انظر: حاشية شيخ زاده، ج 1/ 373؛ و ارشاد العقل السليم، الجزء السابع/ 222؛ و روح البيان، ج 1/ 191، و غيرها من التفاسير.

(3) سورة التحريم/ 6.

(4) سورة الانبياء/ 19.

(5) سورة الانبياء/ 19، 20.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 506

و قال في حق الملائكة ايضا: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ... «1»

ثم قال: «و في نسبة افتتانهما الى قول الناس دليل على ما قلناه من أنها من المرموزات، و اما حلها، فلعل المراد بالملكين الروح و القلب، فإنهما من العالم الروحاني أهبطا الى العالم الجسماني لإقامة الحق فافتتنا بزهرة الحياة الدنيا، و وقعا في شبكة الشهوة، فشربا خمر الغفلة، و عبدا صنم

الهواء، و قتلا عقلهما الناصح لهما ...» «2».

و في الواقع أن الاشكال في قبول و توجيه هذه الروايات من ناحية عدم قدرة المحدثين و من حذا حذوهم من علماء الشيعة و السنة في ردّ هذه الاخبار، و الأخبار الموضوعة التي تخالف الكتاب و العقل، الموجودة في كتب التفسير و الحديث و العقائد و التاريخ، فأوّلوها بشكل بعيد عن الشرع و العقل. و على سبيل المثال انظر:

تفسير ابي حاتم الرازي و تفسير الصنعاني و تفسير الطبري و الدر المنثور و القمي و البرهان و البغوي و الخازن و الثعلبي، و ابي السعود و غيرهم من التفاسير بالمأثور المملوءة من هذه الأخبار.

دراسات حول التفسير

1- پژوهشي در تفسير صافي و مؤلف آن. (تحقيق حول تفسير الصافي و مؤلفه) باللغة الفارسية. حسن صفري نادري. كلية الدراسات الاسلامية (الهيات) جامعة طهران، 1367 ش «3»

______________________________

(1) سورة الانبياء/ 26 و 27.

(2) تفسير الصافى، ج 1/ 160.

(3) ايضا انظر: التفسير و المفسرون، ج 2/ 145، و بين الشيعة و السنة دراسة مقارنة في التفسير لعلي السالوس/ 227.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 507

77- صفوة التفاسير

اشارة

العنوان المعروف: صفوة التفاسير.

المؤلف: محمد علي بن جميل الصابوني.

ولادته: ولد في سنة 1347 ه- 1928 م.

مذهب المؤلف: السني الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1400 ه.

عدد المجلدات: 3.

طبعات الكتاب: بيروت، دار القلم، جدة، مكتبة جدة، الطبعة الخامسة (منقّحة)، سنة 1406 ه- 1986 م، في 3 مجلدات، حجم 24 سم.

و بيروت، الطبعة الاولى، دار القرآن الكريم، سنة 1400 ه.

حياة المؤلف:

هو الاستاذ محمد علي بن جميل الصابوني، من الاساتذة في كلية الشريعة و الدراسات الاسلامية بمكة المكرمة.

ولد في مدينة حلب عام 1347 ه- 1928 م، تخرج من الثانوية الشرعية، و هي آخر المراحل الدراسية في سوريا، و أكمل دراسته في الأزهر، فنال الشهادة العالمية

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 508

«الليسانس»، سنة 1371 ه- 1952 م، و نال شهادة الماجستير في تخصص القضاء الشرعي سنة 1954 م، و كان موفدا من جهة وزارة الاوقاف السورية لاتمام الدراسة العليا «1»

آثاره و مؤلفاته:

كانت اكثر نشاطات الصابوني في علوم القرآن و التفسير، نشير الى ما وصل الينا منها حتى الآن.

1- صفوة التفاسير و هو الكتاب الذي نحن بصدد تعريفه.

2- مختصر تفسير ابن كثير (في ثلاثة مجلدات).

3- مختصر تفسير الطبري جامع البيان.

4- التبيان في علوم القرآن.

5- روائع البيان في تفسير آيات الاحكام. المفسرون حياتهم و منهجهم 508 آثاره و مؤلفاته: ..... ص : 508

6- النبوة و الانبياء.

7- المواريث في الشريعة الاسلامية على ضوء الكتاب و السنة.

8- تنوير الاذهان من تفسير روح البيان.

9- قبس من نور القرآن (16 جزءا).

تعريف عام

تفسير موجز، شامل لجميع آيات القرآن، كما جاء في عنوان الكتاب: جامع بين المأثور و المعقول مستمد من اوثق كتب التفسير، كالطبري، و الكشاف، و الآلوسي، و ابن كثير، و البحر المحيط، و غيرها باسلوب ميسّر، و تنظيم حديث، مع العناية بالوجوه البيانية و اللغوية.

______________________________

(1) اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر لفهد الرومى، ج 2/ 446.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 509

قال المؤلف في مقدمة تفسيره في بيان غرضه من تأليف الكتاب:

«و اذا كان المسلم قد اضطرته الدنيا ليشغل وقته في تحصيل معاشه، و ضاقت ايامه عن الرجوع الى التفاسير الكبيرة الى خدم بها أسلافنا كتاب اللّه تعالى، تبيانا و تفصيلا لآياته ... فإنّ من واجب العلماء اليوم أن يبذلوا جهدهم ليتيسر فهمه على الناس، بأسلوب واضح، و بيان ناصح، لا حشو فيه و لا تطويل، و لا تعقيد و لا تكلف، و ان يبرزوا ما في القرآن من روعة الإعجاز و البيان، بما يتفق روح الحديث، و يلبّي حاجة الشباب المثقف، المتعطش الى التزود من علوم و معارف القرآن الكريم.

و لم أجد تفسيرا لكتاب اللّه عزّ و جلّ- على ما

وصفت- رغم الحاجة اليه، و السؤال عنه، و رغبتهم فيه، فعزمت على القيام بهذا العمل ... مستعينا باللّه الكريم.

و قد أسميت كتابي «صفوة التفاسير»، و ذلك، لانه جامع لعيون ما في التفاسير الكبيرة المفصّلة، مع الاختصار و الترتيب، و الوضوح و البيان» «1»

منهجه

قد سلك المؤلف لتفسير الكتاب العزيز الأسلوب الآتي:

بدأ باسم السورة و بيان إجمالي لها، و توضيح مقاصدها الأساسية، ثم بيان المناسبة بين الآيات السابقة و الآيات اللاحقة، ثم اللغة، مع بيان الاشتقاق اللغوي و الشواهد العربية و ذكر سبب النزول، ثم ورد في التفسير و البلاغة و الفوائد و اللطائف المربوطة بالآية.

فعلى هذا، كان منهج الصابوني في صفوة التفاسير، جمع ما في التفسير بين المنقول عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و الصحابة و التابعين من كتب اهل السنة

______________________________

(1) صفوة التفاسير، ج 1/ 20.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 510

و الجماعة، و جمع المعقول، بأسلوب واضح، و طريقة حديثة سهلة.

و من مميزاته ذكر خلاصة المقاصد الأساسية لها، و اختيار التفسير من أمهات كتب التفاسير التي هي مرجع عام.

و كان اعتماد الصابوني على التفاسير التي سبق ذكرها مع الإشارة الى اسماء مؤلفيها و الرجوع اليها من دون مقارنة بينها، بل اختيار اقوالهم كان بمعنى الترجيح و التأييد.

و ايضا يذكر الأحكام الفقهية بشكل موجز- و ان كان له تفسير آخر مختص بآيات الأحكام- طبقا لمذهب اهل السنة من دون ترجيح و تأكيد لمذهب خاص.

و كان موقفه في المباحث الكلامية و الاعتقادية موقف الاشاعرة من اهل السنة، كمسألة الرؤية و العرش و تفسير الكرسي و صفة الوجه و الاستواء و غيرها من الموضوعات، و ان خالف في كثير من الموضوعات السلفية «1»، و على

سبيل المثال نقلنا كلامه في ذيل آية: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «2»، حيث قال:

«لما ذكر تعالى ان الناس يؤثرون الدنيا و لذائذها الفانية على الآخرة و مسراتها الباقية، وصف ما يكون يوم القيامة من انقسام الخلق إلى فريقين أبرار و فجار، و المعنى وجوه اهل السعادة يوم القيامة مشرقة حسنة مضيئة من اثر النعيم و بشاشة السرور عليها، كقوله تعالى: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ «3»، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ تنظر الى جلال ربها و تهيم في جماله ...» «4»

فالخلاصة: هو تفسير توسط فيه المؤلف في مسلكه العلمي، ليسهّل فهمه على

______________________________

(1) لمزيد من التفصيل انظر: المفسرون بين التأويل و الاثبات في آيات الصفات، ج 2/ 371.

(2) سورة القيامة/ 22 و 23.

(3) المطففين/ 24.

(4) صفوة التفاسير، ج 3/ 486.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 511

طلبة العلم بأسلوب مبسّط و عبارات ميسّرة، و ايضاحات جديدة جيدة، مع العناية ببذل الجهد ليتيسر فهم كلام اللّه المجيد ببيان تحليلي تربوي.

دراسات حول التفسير

1- تنبيهات هامة على كتاب صفوة التفاسير. محمد زينو.

2- كشف الافتراءات في رسالة التنبيهات حول صفوة التفاسير. الشيخ محمد علي الصابوني. دار الصابوني، الطبعة الاولى، 1409 ه- 1988 م. 166 ص، 20 سم «1».

______________________________

(1) انظر ايضا: المفسرون بين التأويل و الاثبات في آيات الصفات، ج 2/ 369، و اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، ج 1/ 105- 107.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 512

78- في ظلال القرآن

اشارة

العنوان المعروف: في ظلال القرآن.

المؤلف: سيد بن قطب بن إبراهيم.

ولادته: ولد في سنة 1326 ه- 1908 م، و توفي في سنة 1386 ه- 1965 م.

مذهب المؤلف: السني الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1372 ه- 1952 م.

عدد المجلدات: 6 مجلدات.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، دار احياء الكتب العربية لعيسى البابي الحلبي، و صدر الجزء الاول منه في اكتوبر عام 1952 م ثم بعده صدرت الاجزاء الأخرى.

الطبعة الثانية، سنة 1372 ه، صورة طبق الاصل عن الطبعة الاولى.

الطبعة الثالثة، بيروت دار الشروق، تصحيح محمد قطب، و هي طبعة منقحة.

و قد بدأ اصدارها في اواخر الخمسينات، و وصل فيها في عام 1965 م الى نهاية الجزء الثالث عشر و كان في نيته أن يتناول باقي الاجزاء بالتنقيح، لكن الطغاة قضوا عليه قبل تحقق هذه النية «1»

حياة المؤلف:

هو سيد بن قطب بن إبراهيم بن حسين الشاذلي، ولد في قرية موشا في سنة

______________________________

(1) مدخل الى ظلال القرآن، لصلاح خالدي/ 51.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 513

1326 ه، من محافظة أسيوط.

نشأ في بيئة اسلامية، كان والده رجلا مؤمنا تقيا، تلقى دراسته الاولية في القرية، و بعد القضاء على ثورة الشعب المصرى عام 1919 م، ضد الاحتلال الانجليزى، رحل من قريته الى القاهرة.

تخرج من كلية دار العلوم عام 1933 م حاصلا على شهادة الليسانس في الآداب.

التحق بعد تخرجه من الكلية بوظيفة في وزارة المعارف، و لكنه بعد خمس عشرة سنة استقال منها.

اعتقل عام 1365 ه، و بقى في السجن ثلاثة عشر شهرا، ثم اعتقل مرة ثانية في سنة 1374 ه.

استشهد قبل بزوغ فجر يوم الاثنين من 23 جمادى الاولى سنة 1386 ه.

آثاره و مؤلفاته:

1- التصوير الفني في القرآن.

2- مشاهد القيامة في القرآن.

3- العدالة الاجتماعية في الاسلام.

4- هدى الدين.

5- المستقبل لهذا الدين.

6- خصائص التصور الاسلامي.

7- معالم في الطريق «1» و غيرها من الآثار و المقالات.

تعريف عام

تفسير فريد من نوعه، معاصر، قد احتل مكانة بارزة عند المسلمين من حيث منهجه الحركي، يلبي حاجات الناس في هذا العصر. و قد تأثر بمنهجه الحركي الكثير من المفسرين.

______________________________

(1) مدخل الى ظلال القرآن الكريم، لصلاح خالدى/ 51.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 514

اهتم المفسر ببيان التناسب الموضوعي في موضوعات السّورة، و التنسيق الفني في صياغتها و أساليب عرضها.

لم يذهب الى التعرض للفرق الكلامية و الخوض فيها، بل كانت مهمته مهمة القرآن الحركية الواقعية الجديدة في حياة المسلمين و هدايتهم، و من هذا لا يعتبر الظلال تفسيرا فقط، بل يعدّ منهجا للتربية، و كتاب دعوة و بيانا للطريق، و لهذا قال سيد قطب في مقدمة التفسير:

«الحياة في ظلال القرآن نعمة، نعمة لا يعرفها الّا من ذاقها، نعمة ترفع العمر و تباركه و تزكيه ... لقد عشت اسمع اللّه- سبحانه- يتحدث إلي بهذا القرآن ... أنا العبد القليل الصغير ... اى تكريم للانسان هذا التكريم العلوى الجليل؟ اي رفعة للعمر يرفعها هذا التنزيل؟ اى مقام كريم يتفضل به على الانسان خالقه الكريم.

و عشت في ظلال القرآن- أنظر من علو الى الجاهلية التي تموج في الأرض، و إلى اهتمامات أهلها الصغيرة الهزيلة ... و عشت في ظلال القرآن- أحس التناسق الجميل بين حركة الانسان كما يريدها اللّه و حركة هذا الكون الذي أبدعه اللّه ...» «1»

و تعدّ مقدمة التفسير في الواقع من جهة شدة تأثره بالقرآن الكريم، و من جهة بيانا لمنهجه التربوى و الحركي في التفسير،

و بيانا لكيفية تفسيره من حيث تبيين كلام اللّه، و الإطار العام الذي تعقب فيها من دون احتياج الى تصريحها، و ذكر قواعدها. كما تتوضح من مقدمة الكتاب و الآيات التي فسّرها، جملة الاهداف و الدوافع التي دعته لتأليف هذا الكتاب، و جعلها الاساس الذي بنى عليه تفسيره، فانّه يظهر مما تقدم، ان أهدافه من خلال هذا التفسير تتلخص بما يلي:

1- إزالة الفجوة العميقة بين المسلمين المعاصرين، و بين القرآن الكريم، و «الظلال» وسيلة لتقربهم إليه.

2- تعريف المسلمين المعاصرين على المهمة العملية الحركية للقرآن الكريم، و بيان طبيعة الحمية الجهادية.

______________________________

(1) فى ظلال القرآن، ج 1/ 11 من طبعة دار الشروق.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 515

3- تزويد المسلم المعاصر بدليل عمل مكتوب الى سمات الشخصية الاسلامية المنشودة.

4- تربية المسلم تربية قرآنية اسلامية متكاملة.

5- بيان معالم الطريق الذي تسلكه الجماعة المسلمة الى ربّها.

6- بيان الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم «1» فعلى هذا إنّه يعطى القارئ صورة عن الاهداف التي سبق ذكرها عن سبب تأليفه للتفسير.

منهجه

لقد تطور منهج سيد قطب في نظرته إلى القرآن و تفسيره و تعامله معه بحسب اهتمامات صاحبه بين الطبعتين الاولى و المنقحة، و يستخلص من ذلك:

1- ان منهج سيد قطب في شروع التفسير ذكر قطعة من الآيات، ثم بيان الجو العام من السّورة و الملابسات التاريخية لنزولها، أو الحقائق التي تعمها، و الاهداف التي تحققها السّورة أو الآية التي تعقب فيها، و في ضمنها، بيان فضلها، و سبب نزولها، و تناسبها لما قبلها، و ذكر خصوصيات اخرى للسّورة و الآية، ثم يرجع مرة ثانية لتفسير جملة من الآية بالشرح البياني و الاشارة الحركية و التربوية، و احيانا يذكر الآثار الواردة في تفسير

الآية.

2- كما ذكرنا، ان منهجه، منهج فكري، حركي تحليلي في تفسيره، فهو حريص على الّا يغرق القارئ في بحوث لغوية أو كلامية أو فقهية، و إنّما يدور فيه حول النص القرآني، و يسجّل ما يوحيه القرآن من خواطر روحية او اجتماعية او انسانية.

3- في اوائل كل سورة يبيّن مسائل حول تعريف السّورة، تعريفا شاملا موضوعيا، بلاغيا، فنيا، حركيا و تاريخيا، و هو في هذا التعريف و التقديم، يعطى القارئ صورة مجملة وافية عن السّورة التي يقرؤها.

4- كذلك يقارن بين السّورة المكية و المدنية من حيث طبيعة كل منهما و موضوعاتها.

5- يقسم السّور الى دروس، تقسيما موضوعيا، فكل درس يعتبر وحدة موضوعية

______________________________

(1) مدخل الى ظلال القرآن لصلاح الخالدي/ 98.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 516

مكونة من مقاطع جزئيه.

6- تحذيره من الاسرائيليات، و ترك الاختلافات الفقهية و الإغراق في المسائل اللغوية، بل الكلامية و الفلسفية و الخلافات المذهبية.

7- الاجتناب عن التفسير العلمي، بأن تذكر جزئيات من علوم الطب و الكيميا و الفلك، ليعظموه بهذا و يكبروه.

قال سيد قطب عند تفسير قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِ «1»، بعد بيان معني الآية و بيان: ان اللّه حدّثهم عن وظيفه الأهلة في واقعهم و في مدلول حياتهم، و لم يحدثهم عن الدورة الفلكية للقمر و كيف تتم ...

و بيان ان القرآن كان بصدد بيان انشاء تصور خاص و نظام خاص و مجتمع خاص و ذكر غرض القرآن في الإجابة بهذا السؤال، قال:

«و اني لأعجب لسذاجة المتحمسين لهذا القرآن، الذين يحاولون ان يضيفوا إليه ما ليس منه، و أن يحملوا عليه ما لم يقصد إليه، و أن يستخرجوا منه جزئيات في علوم الطب و الكيمياء

و الفلك و ما إليها كأنما ليعظموه بهذا و يكبروه.

إن القرآن، كتاب كامل في موضوعه، و موضوعه أضخم من تلك العلوم كلها، لأنه هو الانسان ذاته الذي يكشف هذه المعلومات و ينتفع بها. و البحث و التجريب و التطبيق من خواص العقل في الانسان، و القرآن يعالج بناء هذا الانسان نفسه، بناء شخصيته و ضميره و عقله و تفكيره، كما يعالج بناء المجتمع الانساني الذي يسمح لهذا الانسان بأن يحسن استخدام هذه الطاقات المدخورة فيه «2»».

قال الدكتور عدنان زرزور في بيان منهج سيد قطب في التفسير ما ملخصه:

نحب أن نؤكد ذلك بالاشارة الى طريقته التي كان يفسر بها القرآن الكريم، و التي كانت تقوم على مرحلتين:

المرحلة الاولى: قراءته للسورة القرآنية كاملة عدة مرات، و ربما عاود قراءتها و النظر

______________________________

(1) سورة البقرة/ 189.

(2) التفسير العلمى للقرآن في الميزان، لأبي حجر/ 319. و في ظلال القرآن، ج 1/ 181. من طبعه دار الشروق.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 517

فيها يوما بعد يوم حتى يهتدى الى موضوعها الرئيسى، و محورها العام الذي تدور حوله سائر موضوعاتها الفرعية الأخرى ... حتى اذا اهتدى الى ذلك و فتح اللّه تعالى عليه به عكف على تفسيرها بأقل قدر ممكن من الجلسات، و لو امكنه أن يفعل ذلك في مقام واحد لفعل ...

المرحلة الثانية: و هي النظر في كتب التفسير، يستدرك بها سببا من أسباب النزول، أو يوضح من خلالها مسألة من مسائل الفقه، أو يستشهد منها بحديث أو رواية صحيحة وردت في تفسير بعض الآيات، و ربما مال الى ترجيح رواية على أخرى، مساوية أو مقاربة لها في درجة الصحة من خلال آفاق النص و نظمه، أو لارتباطه الاوثق ببعض مواقف

السيرة و حياة النبي (ص) كما لاحظناه» «1»

دراسات حول التفسير

قد كتب حول التفسير كتب و مقالات و رسائل و أخص بالذكر منها:- 1- مدخل الى ظلال القرآن، صلاح عبد الفتاح الخالدي. جدة، دار المنارة، الطبعة الأولى، 1406 ه- 1986 م.

2- المنهج الحركي في ظلال القرآن، صلاح عبد الفتاح الخالدي.

3- في ظلال القرآن في الميزان، صلاح عبد الفتاح الخالدي.

4- مفتاح كنوز في ظلال القرآن، محمد يوسف عباس، قم، دار الكتاب الإسلامي، الطبعة الثالثة، 1406 ه.

5- الفهارس الشاملة للظلال، صلاح عبد الفتاح الخالدي.

6- فهارس في ظلال القرآن، محمد علي قطب، بيروت، دار الفتح، الطبعة الأولى، 1392 ه- 1972 م. «2»

______________________________

(1) علوم القرآن لزر زور/ 431.

(2) أنظر أيضا: اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، ج 3/ 989؛ و مناهج المفسرين لمساعد مسلم آل جعفر/ 265؛ و لمحات في علوم القرآن و اتجاهات التفسير لمحمد صباغ/ 168؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 348؛ و الإمام محمد عبده و منهجه في التفسير لعبد الغفار عبد الرحيم/ 409؛ و علم القرآن لزرزور/ 416؛ و التفسير العلمى لأبى حجر/ 319.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 518

79- عناية القاضي و كفاية الراضي

اشارة

العنوان المعروف: عناية القاضي و كفاية الراضي على تفسير البيضاوي، المعروف ب «حاشية الشهاب»، أو ب «حاشية الخفاجي».

المؤلف: أحمد بن محمد بن عمر، شهاب الدين الخفاجي المصري.

ولادته: ولد في سنة 977 ه، و توفي في سنة 1069 ه- 1659 م.

مذهب المؤلف: الحنفي الاشعري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 8.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، بولاق مصر، 1283 ه في 8 مجلدات، حجم 28 سم.

و اعيد طبعه بالافست في بيروت، دار صادر، على طبعة بولاق سنة 1283 ه.

حياة المؤلف:

أحمد بن محمد بن عمر، شهاب الدين الخفاجي المصري: قاضي القضاة، و صاحب التصانيف في الأدب و اللغة. الخفاجي، نسبة الى قبيلة خفاجة من بني عامر.

ولد و نشأ بمصر، و رحل الى بلاد الروم، و اتصل بالسلطان مراد العثماني، فولاه

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 519

قضاء سلانيك، ثم قضاء مصر، ثم عزل عنها، فرحل الى الشام و حلب، و عاد الى بلاد الروم، فنفي الى مصر، و ولي قضاء يعيش منه، فاستقر إلى أن توفي. و له تصانيف كثيرة في الأدب و اللغة و التفسير.

توفي سنة 1069 ه بمصر.

آثاره و مؤلفاته:

1- ريحانة الألباء. (مطبوع). ترجم به معاصريه على نسق اليتيمية.

2- شفاء العليل فيما في كلام العرب من الدخيل (مطبوع).

3- عناية القاضي و كفاية الراضي.

4- شرح درة الغواص في أوهام الخواص للحريري (مطبوع).

5- ديوان الأدب في ذكر شعراء العرب «1».

تعريف عام

تعدّ هذه الحاشية من الحواشي المشهورة على تفسير البيضاوي و شرحا على تفسيره، و على نمط حاشية شيخ زاده، فانها بالاضافة الى انها تعليق و حاشية على الكتاب، فهي شرح لدقائقه و حل رموزه، و هي بمنزلة ديوان علم و أدب، و فيها غاية التحقيقات و التدقيقات الادبية، و البلاغية و المسائل و القضايا العلمية.

قال الخفاجي في مقدمته في وصف كتابه:

«نظمتها في سلك التحرير عقودا، و اجتهدت في أن أقلد بها جيد هذا العصر العاطل تقليدا، فجاءت مواردها صافية من الكدر، و رياضها محروسة بعين القضاء و القدر، لا زالت وجوهها ناضرة، و عيون معانيها الى ربها ناظرة، ما انجلى صدأ القلوب و الافهام بتدبر ما في الذكر الحكيم من الاحكام، فرحم اللّه من استصبح من نور

______________________________

(1) الاعلام، للزركلى، ج 1/ 338.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 520

القرآن، و استضاء بقبس البيان، و جعل ذلك مطية إلى سبل الجنان» «1».

ثم ذكر ترجمة من مصنف الكتاب- اعني القاضي البيضاوي- و آثاره و مؤلفاته و تاريخ وفاته، ثم دخل في شرح خطبة الكتاب بما هو متداول في الشروح و الحواشي من ذكر العبارة و بيان معناها و الوجوه المحتملة فيها من الادب و اللغة.

و كان في شرح الخطبة تفصيل في عظمة القرآن و اعجازه و بيان تحدّيه، و الفرق بين المعجزة و السحر، و معنى التفسير و التأويل، و المحكم و المتشابه، و شرح منهج المصنف في التفسير و

مصادره.

و يعتمد في تفسيره- مضافا الى ما ذكره البيضاوي- على اقوال الصحابة و التابعين و تفسير سفيان بن عيينة و وكيع و شعبة و عبد الرزاق و زيد بن هارون و بعد هؤلاء: الطبري و الزجاج و الرماني و الزمخشري و الرازي، و اقوال الحكماء و الصوفية، و ايضا كلام القرطبي و ابي حيان و الراغب الاصفهاني و غيرهم، و قد يعبّر عن بعض:

«ببعض الفضلاء و بعض المعاصرين».

منهجه

و اما منهجه، فهو يذكر كلام البيضاوي ثم يشرح اقواله مبيّنا معنى قوله مع ذكر الصرف و النحو، و المعاني و البيان، و ذكر القراءات و الوجوه و المحتملات، و الاحاديث الواردة و المأثورات، و ذكر الاشعار و الامثال، و اللطائف و الاشارات من كلمات العرفاء.

و ينطوي فيه على نكت بارعة و لطائف رائعة، و يعتمد على وجوه القراءات المنسوبة الى الأئمة الثمانية المشهورين، و قد يذكر الشواذ المروية.

يذكر في ابتداء السورة معناها و خواصّها، و بيان ما تنطوي السورة عليه، و ذكر مكيّها و مدنيّها و الاقوال الواردة فيها، و عدد آياتها، و ذكر فضل قراءتها، إلّا أنه قام ببيان بعض الروايات الموضوعة، و الضعيفة في فضائل السور التي ذكرها البيضاوي،

______________________________

(1) عناية القاضى، ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 521

كما فعله شيخ زادة في حاشيته على الكتاب، و كذا الشيخ عبد الرءوف المناوي في كتابه: «الفتح السماوي في تخريج احاديث البيضاوي» «1» و كانت طريقته في بيان كلام البيضاوي و تفسير الآية، الخوض و التفصيل و الاطناب المتميز بين الشروح و الحواشي.

«يرى الخفاجي، أن اعجاز القرآن بفصاحته، هو المذهب الحق في الاعجاز، و يقتضي أنّه ليس من كلام البشر، لانهم عاجزون عن الاتيان بمثله،

و قد ردّ احتمال أن يكون النبي (ص)، افصح الناس فقطعهم دونه بالفصاحة، بان خصوم النبي لم يسلموا له بهذا، و لم يقله أحد منهم و هم يناوءونه» «2» و قد عنى الشهاب الخفاجي ببيان الاحكام الفقهية، و ذكر أقوال فقهاء المذاهب الاربعة و ذكر استدلالاتهم، و تأييد مذهب الاحناف في ذلك، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا «3»، بعد ذكر معنى الاستطاعة بالقدرة قال:

«المراد هنا القدرة اما بالبدن أو بالمال أو بهما، و فسّر النبي صلّى اللّه عليه و سلم، الاستطاعة، و قد سئل عنها كما رواه ابن ماجة و غيره بسند حسن بالزاد و الراحلة، و هو بحسب الظاهر مع الشافعي رضي اللّه عنه، حيث قصر الاستطاعة على المالية دون البدنية، و هو مخالف لمالك رحمه اللّه مخالفة ظاهرة، و اما أبو حنيفة رحمه اللّه، فيؤوّل ما وقع في الحديث بأنه بيان لبعض شروط الاستطاعة بدليل أنه لو فقد أمن من الطريق، أو لم تجد المرأة محرما لم يجب» «4» و يتعرض الخفاجي أيضا للمواقف الكلامية و آراء الفرق و الملل مبسطا تبعا

______________________________

(1) الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 136.

(2) فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصى/ 179.

(3) سورة آل عمران/ 97.

(4) عناية القاضى، ج 3/ 49.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 522

للبيضاوي كمسألة: الجبر و الاختيار، و المنزلة بين المنزلين، و الشفاعة، و ذنوب اصحاب الكبائر، و غيرها من المسائل الكلامية المختلفة فيها بين الاشاعرة و المعتزلة، فمثلا عند ذكر قوله تعالى:

وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ «1» بعد نقل كلام البيضاوي في تفسير الآية، و كلام المعتزلة في

نفي الشفاعة لاهل الكبائر قال:

«لا خلاف في قبول الشفاعة للمطيعين في زيادة الثواب و لا في عدم قبولها للكفار، و وجه الاستدلال ما فيه من العموم كما مرّ، و كون الخطاب للكفار، و الآية نازلة فيهم، لا يدفع العموم المستفاد من اللفظ، و قد دفع بأن مواقف القيامة كثيرة و زمانها واسع، و لا دلالة في الكلام على عموم المواقف و الاوقات، و لو سلّم فقد خص شي ء بالواجب من فعل أو ترك و شفاعة بالشفاعة للكفار و اهل الكبائر، حيث قبلت للمؤمنين في زيادة الثواب مع شمول اللفظ اياها نظرا الى نفسه، و العام الذي خص منه البعض ظني، فيخص بغير أهل الكبائر» «2» و لا يكتفي المفسر في تفسيره بنقل البيضاوي في اخبار السيرة النبوية و ملابساتها، بل زاد فيها و نقل الاخبار و ما روته كتب التفسير التي قبله من بعض الاسرائيليات، و من هذه القصص التي يذكرها، القصص المتعلقة بقصة هاروت و ماروت بتفصيلها في ذيل قوله تعالى: وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ «3»، و هو ينسبها لرواتها الاوائل مع ما جاء فيها من الضعف أو المناقشة، و العجيب منه انّه نقل كلام البيضاوي في الجمع و التوفيق بين هذه المرويات و ما ثبت في الاعتقادات من عصمة الملائكة، فانّه قال في ذلك:

«قال المحدثون: و جميع رجاله غير موثوق بهم، لكن قال خاتمة الحفاظ الشهاب

______________________________

(1) سورة البقرة/ 48.

(2) عناية القاضى، ج 2/ 158.

(3) سورة البقرة/ 102.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 523

ابن حجر: اخرجه أحمد في مسنده و ابن حبان في صحيحه و انّ له طرقا كثيرة جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليها، يقطع بصحتها لكثرتها

و قوة مخارجها، و قال بعضهم: بلغت طرقه «نيفا و عشرين»، لكن أهل الكلام اتفقوا على عصمة الملائكة- عليهم الصلاة و السلام-، و طعنوا في هذه القصة، و عدوها من المحالات لمسخ الانسان كوكبا كما بيّنوه في كتبهم.

و المصنف حاول التوفيق بانّها تمثيلات كقصة «ابسال و سلامان» و حرير مقطان و غير ذلك مما وضعه المتقدمون، إشارة الى انّ القوى لو ركبت في تلك لعصت» «1» و الخلاصة، كانت تفسيرا بيانيا ادبيا شرحيا و حاشية على نسق الاقدمين في المختصرات، و الحق هو ديوان علم و ادب و تحقيق و تدقيق في شرح عبارات البيضاوي و حل رموزه. «2»

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 2/ 215.

(2) انظر أيضا: فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 179؛ و الاسرائيليات و الموضوعات لأبي شهبة/ 136؛ و النحو و كتب التفسير لابراهيم عبد اللّه رفيدة، ج 2/ 995.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 524

80- غرائب القرآن و رغائب الفرقان

اشارة

العنوان المعروف: غرائب القرآن و رغائب الفرقان، المعروف ب «تفسير النيشابوري».

المؤلف: نظام الدين الحسن بن محمد بن الحسين القمي النيشابوري.

وفاته: توفي بعد سنة 728 ه- 1328 م.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 10.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، دهلي، 3 مجلدات، سنة 1280 ه، الحجم 35 سم.

(اكتفاء القنوع/ 118).

و طبعة في حاشية تفسير جامع البيان للطبري، 30 جزءا في 12 مجلدا، سنة 1323 ه، الحجم 28 سم.

و القاهرة، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الاولى، سنة 1389 ه- 1962 م، 30 جزءا في 10 مجلدات، الحجم 24 سم، تحقيق و تصحيح إبراهيم عطوة عوض.

حياة المؤلف:

هو نظام الدين الحسن بن محمد بن الحسين القمي النيشابوري، و يقال له الأعرج، اصله من بلدة قم، و منشؤه و مسكنه في نيشابور، تتلمذ عند

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 525

قطب الدين محمد بن مسعود الشيرازي، و ألّف تفسيره بإشارة استاذه، كما ذكر صاحب الاعيان.

كان من كبار الحفّاظ و المفسرين، و قد ذكره صاحب الروضات، من أعيان المائة التاسعة، قريب من عصر السيد الشريف الجرجاني و جلال الدين الدواني، و ابن حجر العسقلاني، و يظهر من تفسيره أنه كان ماهرا في جل العلوم، فهو حكيم في الحكماء، مفسر في المفسرين، نحوي صرفي في النحويين و الصرفيين، رياضي في الرياضيات، أهمها الحساب و الهيئة، منجم في المنجمين.

قد اختلف في تشيعه، و قال صاحب اعيان الشيعة:

«لا شك أن ظاهر حاله في كتابه في التفسير عدم التشيع، الّا ان يكون ذلك لنوع من المداراة» «1» و «النيشابوريون» من اهل التفسير و علوم القرآن كثيرون، و لا مجال للإشارة اليهم، بل بعضهم مثل علي بن عبد الله بن أحمد النيشابوري (المتوفى 458 ه) له ثلاثة تفسير.

اما تاريخ

وفاته فمجهول، و ذكر صاحب كشف الظنون سنة 728 ه (ج 2/ 1195)، و هو مخالف للتاريخ الذي ذكره صاحب روضات الجنات.

و في آخر التفسير (في حواشي تفسير الطبري) ذكر بأنّ في بعض النسخ ببلاد الهند علق مؤلفه في شهر صفر عام 730 ه و الله اعلم.

آثاره و مؤلفاته:

1- غرائب القرآن و رغائب الفرقان.

2- اوقاف القرآن. (مطبوع).

3- لب التأويل (نظير تأويلات المولى عبد الرزاق الكاشاني). (مطبوع).

______________________________

(1) اعيان الشيعة، ج 5/ 248.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 526

4- شرح الشافية في الصرف، المعروف ب «شرح النظام». (مطبوع) «1» 5- توضيح التذكرة، و هو شرح على تذكرة الخواجه نصير الدين الطوسي في الهيئة. (فرغ من تأليفه غرة شهر ربيع الأول سنة 711 ه).

6- البصائر في مختصر تنقيح المناظر.

7- تعبير التحرير، شرح لتحرير المجسطي للطوسي.

8- ترجمة فارسية للقرآن «2»

تعريف عام

هو تفسير جمع فيه زبد تفسير الفخر الرازي و نتف الكشاف، و ضم اليه الكثير من تحقيقاته البديعة و تدقيقاته العزيزة المنال، ففيه أحاديث نبوته، و مستنبطات شرعية فقهية، و شواهد عربيّة و مواعظ و امثال حكميّة، اقتطفها من اوثق امهات اللغة، و جوامع اهل السنة، ناهيك ما فيه من توجيه المذاهب و أدلتها اجمالا و تفصيلا، و ذكر ادلة اهل السنة العقلية و النقلية، و أقوال المذاهب الأخرى الكلامية من الشيعة و المعتزلة و الكرامية، كما كان له ايضا الباع الواسع في الفلسفة التصوفية.

يشهد لذلك ما ذكره في تفسيره هذا من التأويل بلسان اهل الحقيقة في كثير من المواضع، و كذلك في علميّ القراءات و الوقوف مما ثبت لنا بالعيان.

قال النيشابوري في بيان غرضه من التفسير في آخر مجلد من الكتاب:

«و الذي نفسي بيده و ناصيتي بحكمه و مشيئته، عالم بسري و محيط بنيتي، إني لم اقصد في تأليف هذا التفسير مجرد جلب نفع عاجل، لأن هذا الغرض عرض زائل، و لا يفتخر عاقل بما ليس تحته طائل ... و انما كان المقصود جمع المتفرق، و ضبط

______________________________

(1) انظر تفصيل ترجمته في: اعيان الشيعة، ج 5/ 248؛

و الاعلام للزركلي، ج 2/ 216؛ و روضات الجنات (طبعة بيروت)، ج 3/ 96؛ و ترجمة نصر العادلى في آخر المجلد 12 من تفسير الطبري/ 236.

(2) مخطوطات مكتبة مجلس الشورى الاسلامى في طهران، انظر: مجلة حوزة (بالفارسية)، العدد 30/ 98.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 527

المنتشر، و تبيين بعض وجوه الإعجاز، الحاصل في كلام رب العالمين، و حل الألفاظ في كتب بعض المفسرين بقدر وسعي و حد علمي، و على حسب ما وصل اليه استعدادي و فهمي، و القرآن أجل ما وقف عليه الذهن و الخاطر، و أشرف ما صرف اليه الفكر و الناظر، و أعمق ما يغاص على درّه و مرجانه، و أعرق ما يكد في تحصيل لجنيه، و لو لم تكن العلوم الأدبية بانواعها، و الأصولية بفروعها، و الحكمية بجملها و تفصيلها وسيلة الى فهم معاني كتاب اللّه العزيز، و استنباط نكتها من معادنها، و استخراج خباياها من مكامنها، لكنت متأسفا على ما ازجيت من العمر في بحث تلك القواليب، و أملت من الفكر في تأليف ما ألفت في كل أسلوب من أولئك الأساليب، و لكن لكل حالة آلة، و لكل ارب سبب» «1».

و ايضا قال في مقدمة تفسيره:

«و لما كان التفسير الكبير المنسوب الى الإمام الأفضل ... فخر الملة و الحق و الدين محمد بن عمر بن الحسين الخطيب الرازي فيه من اللطائف و البحوث ما لا يحصى، و من الزوائد و الفنون ما لا يخفى، فإنه قد بذل مجهوده، و نثل موجوده، حتى عسر كتبه على الطالبين، و أعوز تحصيله على الراغبين، فحاذيت سياق مرامه، و اوردت حاصل كلامه، و قربت مسالك أقدامه، و التقطت عقود نظامه، من غير اخلال بشي ء

من الفرائد ... و ضممت اليه ما وجدت في الكشاف و في سائر التفاسير من اللطائف المهمات ... و أثبت القراءات المعتبرات، و الوقوف المعللات، ثم التفسير المشتمل على المباحث اللفظيات و المعنويات، مع اصلاح ما يجب اصلاحه، و إتمام ما ينبغي إتمامه» «2» كان المفسر قد ابتدأ قبل التفسير ببيان مقدمات مفصلة، نشير الى أهمها، منها:

في فضل القراءة و القارئ و آداب القراءة، و ذكر القراءات السبعة و من نقلها من الرواة، و الاستعاذة المندوبة، و الكلام في الجن و الشياطين، و إثبات الموجودات غير

______________________________

(1) غرائب القرآن، في حاشية تفسير الطبري ج 12 (الجزء الثلاثون)/ 226.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 6.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 528

المتحيزة، و الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، و في كيفية جمع القرآن، و في معاني المصحف و الكتاب و القرآن، و تقسيمات القرآن (السبع الطوال، و المثاني و المئين و المفصل)، و أقسام الوقف، و الاصطلاحات المهمّة، و العلاقة المعتبرة في المجاز و التشبيه و الاستعارة و العام و الخاص و ...، و بيان كلام اللّه هل هو قديم او حادث.

منهجه

و طريقته في التفسير أن يذكر اسم السورة، مكيّها و مدنيّها، و عدد آياتها، و الاقوال فيها، و عدد كلماتها و حروفها، ثم يذكر الآيات القرآنية، ثم القراءات مع التزامه أ لا يذكر إلّا ما كان منها منسوبا الى الأئمة العشرة، و اضافة كل قراءة الى صاحبها الذي تنسب اليه، ثم بعد ذلك يذكر الوقوف مع التفصيل و التعليل لكل وقف منها- علما بأنّه هو ألّف كتابا في الوقف- ثم بعد ذلك يشرع في التفسير مبتدئا بالتناسب بين الآيات و ربط اللاحق بالسابق، ثم بيّن بعد

ذلك معاني الآيات بأسلوب بديع يشتمل على إبراز المقدرات، و إظهار المضمرات، و تأويل المتشابهات و توضيح الكنايات، و تحقيق المجاز و الاستعارات، و تفصيل المذاهب الفقهية، و بيان التأويلات و الاشارات، غير جازم بأنّها المرادة من الآية. فقال في ذلك:

«و اما التأويل فاكثرها للشيخ المحقق المتقي المتقن، نجم الملة و الدين، المعروف ب «داية» ... و سمحت به ذات يدى غير جازم بأنه المراد من الآية، بل خائف من ان يكون ذلك جرأة مني، و خوضا فيما لا يعنيني، و إنما شجعني على ذلك سائر الامة، الذين اشتهروا بالذوق و الوجدان، و جمعوا بين العرفان و الإيمان، و الاتفاق في معنى القرآن، الذي هو باب واسع، فان أصبت فبها، و ان اخطأت فعلى الامام ما سها، و العذر مقبول عند اهل الكرم و النهى» «1» و اما مواقفه في الكلام، فانّه من الاشاعرة، الذي يرد انتصار اهل السنة و ردّ ما

______________________________

(1) انظر تفصيل الموارد في: التفسير و المفسرون، ج 1/ 325.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 529

يرد عليه من جانب المخالفين.

اما موقفه بالنسبة الى الشيعة، فإنّ من تفحص و أمعن النظر في تفسيره، يجد أنه على مذهب اهل السنة و يذهب مذهبهم، و لكنه يستظهر أنه محب لآل البيت عليهم السلام حبا شديدا يتميز عن كثير من المفسرين. و ما يدل على حبّه الشديد لآل البيت عليهم السلام، ما قاله في خاتمة تفسيره:

«إني أرجو فضل اللّه العظيم، و أتوسل اليه بوجهه الكريم، ثم بنبيّه القرشي الأبطحي، و وليه المعظّم علي» «1» و هذه الجملة الأخيرة كانت اعتقادا منه بحب علي عليه السلام و الاعتراف بولايته و ما قاله عند ترجيح القول بان البسملة من

فاتحة الكتاب، حيث قال: «و به قال علي عليه السلام» ثم قال:

«و كان علي بن أبى طالب يقول:- يا من ذكره شرف للذاكرين- و كان مذهبه الجهر بها في جميع الصلوات و قد ثبت منه تواترا: «و من اقتدى به لن يضلّ»، و قال صلى اللّه عليه و سلّم: «اللّهم أدر الحق معه حيث دار» «2» و ما قاله عند نقل سبب النزول في آية المباهلة، و بيان أصحاب الكساء، حيث قال:

روي عن عائشة: أنّه صلّى اللّه عليه و سلم، لمّا خرج في المرط الأسود، جاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فادخله، ثم فاطمة ثم علي عليه السلام، ثم قال صلّى اللّه عليه و سلم: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. ثم قال:

«و هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين اهل التفسير و الحديث ... و في الآية دلالة على ان الحسن و الحسين- و هما ابنا البنت- يصح ان يقال أنهما ابنا رسول اللّه

______________________________

(1) غرائب القرآن، الجزء الثلاثون، ج 12/ 228.

(2) نفس المصدر، جزء الاول/ 78.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 530

صلّى اللّه عليه و سلم، لانه صلّى اللّه عليه و سلم، وعد ان يدعوا أبناءه، ثم جاء بهما.

و قد تمسك الشيعة قديما، و حديثا بها في ان عليا افضل من سائر الصحابة، لانّها دلت على ان نفس علي مثل نفس محمد ... و انه ليس المراد بقوله: وَ أَنْفُسَنا نفس محمد، لأن الانسان لا يدعو نفسه، فالمراد غيره، و أجمعوا على ان ذلك الغير كان علي بن أبي طالب، فاذا نفس علي هي نفس محمد ... و يوكد [هم] ما يرويه المخالف و الموافق أنه صلّى اللّه عليه و

سلم، قال: «من اراد ان يرى آدم في علمه و نوحا في طاعته و إبراهيم في خلته و موسى في قربته و عيسى في صفوته، فلينظر الى علي بن ابي طالب عليه السلام»، فدل الحديث على انه اجتمع فيه عليه السلام ما كان متفرقا فيهم.

و اجيب، بانه كما انعقد الاجماع بين المسلمين على ان محمدا افضل من سائر الانبياء، فكذا انعقد الاجماع بينهم قبل ظهور هذا الانسان على ان النبي افضل ممن ليس بنبي، و اجتمعوا على ان عليا عليه السلام ما كان نبيا، فعلم ان ظاهر الآية، كما انه مخصوص في حق محمد صلّى اللّه عليه و سلم، فكذا في حق سائر الانبياء.

و اما فضل اصحاب الكساء، فلا شك في دلالة الآية على ذلك، و لهذا ضمهم الى نفسه» «1» و غير ذلك مما يدل على حبه لآل البيت عليهم السلام، و يتميز عمن ينكر او يؤول كل حديث صحيح ورد في فضلهم عليهم السلام.

و الخلاصة: أن تفسيره من أحسن شروح كتاب اللّه المجيد، و اجمعها للفوائد اللفظية و المعنوية، و احوزها للفوائد القشرية و اللبية، كشف فيه المؤلف عن حبه العميق لآل البيت عليهم السلام بأدلة دامغة لا تقبل الشك «2»

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 3/ 213.

(2) انظر حول منهجه: التفسير و المفسرون، ج 1/ 321؛ و اتجاهات التفسير في العصر الراهن للمحتسب/ 253؛ و مناهل العرفان للزرقاني، ج 2/ 68 و 82.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 531

81- الغيب و الشهادة

اشارة

العنوان المعروف: تفسير الغيب و الشهادة من خلال القرآن.

المؤلف: محمّد علي البازوري.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1407 ه.

عدد المجلدات: 8.

طبعات الكتاب: بيروت، دار القارئ، الطبعة الاولى، سنة 1407 ه- 1987 م، حجم 24

سم.

حياة المؤلف:

ما نعرفه عن المؤلف، و الذي يظهر من كتابه هذا أن الاستاذ محمد علي البازوري من الكتّاب الشيعة الإماميين.

كان يميل الى الفلسفة و العرفان، و بياناته تشهد بذلك، و حيث غلب على تفسيره الطابع الفلسفي و الاشاري، و كذلك له اهتمام بالبعد التربوي و الهدائي في التفسير.

و اما عن حياته و آثاره، فلم نجد مصدرا يحدثنا عن ذلك، و الظاهر انه من الكتاب المعاصرين.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 532

تعريف عام

هو تفسير شامل لجميع آيات القرآن، قسم صاحبه مباحث التفسير على قسمين:

الغيب و الشهادة. و المراد من الغيب الامور المعنوية و الدينية، و من الشهادة الامور المادية التي ترتبط بامر الدنيا و المشهودات.

و كان التفسير سهل المأخذ، جميل العبارة، تربويا مرشدا، نقل فيه بعض المأثورات عن السلف، في بيان الموضوع الذي تعقيب فيه، لا في بيان معنى العبارة، و ان كان يذكر فيه احيانا أقوال المفسرين كصاحب المجمع، و في ظلال القرآن، جمع المؤلف فيه ما قرأه من كتب تبحث في امور الدين و الدنيا.

قال المؤلف في مقدمة الكتاب في بيان دوافعه للتأليف:

«و هذا كتاب جمعت فيه بطريقة سهلة، و أمينة من كل ما قرأت من كتب تبحث في امور الدين و الدنيا، و تخوض في شئون الآخرة و الأولى. كتاب يحتوي على خلاصة عشرات الكتب، فيقرأ فيه القارئ، و في زمن وجيز، كل ما يتوق الى معرفته، بل كل ما يجب عليه العلم به، تحقيقا للمقصود من قوله تعالى: أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ «1». ليت شعري هل هناك ما يعتد به في هذه الحياة سوى كتاب مفيد، و قارئ مستفيد ...

لم ابتدع في هذا الكتاب و لم أخترع،

و لكني بذلت في جمعه و تصنيفه جهدا صادقا أرجو أن يتقبل مني، كما أرجو ان يكون فيه نفع لي و لغيري ...» «2»

ابتدأ قبل التفسير ببيان توضيحات لدوافعه لتأليف الكتاب و منهجه المتناسب لبحثه الصوفي التربوي، المستشهد به من كلام ابن عربي، و صدر الدين الشيرازي.

ثم ورد في بيان أسماء القرآن و معانيها، و فضل قراءة القرآن، و فنون القول في القرآن.

______________________________

(1) سورة المؤمنون/ 115.

(2) الغيب و الشهادة، ج 1/ 8.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 533

و كان كثير الاهتمام بالنقل من الكتب العرفانية و الفلسفية و الاخلاقية، و لهذا اعتمد على كتب عديدة منها:

«الفتوحات المكية» لابن عربي، و «الحكمة المتعالية في الاسفار الاربعة» لصدر الدين الشيرازي، و «قوت القلوب» لأبي طالب محمد بن علي المكي، و «احياء علوم الدين» للغزالي، و «الرسالة القشيرية» لعبد الكريم القشيري و صاحب تفسير لطائف الاشارات، و «اللمع» لأبي نصر السراج الطوسي، و «عوارف المعارف» للسهروردي، و مثنوي المولوي، و «حلية الاولياء» للاصفهاني، و «فصوص الحكم» لابن عربي، و نقل ايضا من كتاب «مجمع البيان» للطبرسي و غيره من كتب التفسير.

منهجه

و اما منهجه في التفسير، فكان يبدأ باسم السورة و محل نزولها، و عدد آياتها، مع بيان عام لأهداف السورة و موضوعاتها، و مدى الارتباط بين محور السورة و موضوعاتها من جهة، و بيّن خط سير الدعوة و حياة الجماعة المسلمة و ملابساتها من جهة اخرى ثم ذكر عددا من الآيات، فيفسرها تفسيرا يفهم منه مقصود الآيات.

قسّم كل سورة الى موضوعات، فمثلا قسّم سورة البقرة، الى كتاب العلم و المعرفة، و الذكر و الصبر، و الايمان و الصوم، و الدعاء، و الادعية المأثورة، و الزكاة و الصدقات.

و

قسّم سورة آل عمران الى كتاب المحبة، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و سورة النساء الى كتاب المرأة، و سورة المائدة الى كتاب الولاية. و هكذا الى آخر السور.

و اما موقفه في المسائل الكلامية و الاعتقادية، كمسألة الصفات و مسألة رؤية اللّه، و العرش و الكرسي و غيرها فلم يطرح عقيدته و موقفه فيها.

و كذا في المسائل الفقهية، فاذا وصل الى آية تتعلق بهذه المواضيع، فلا يفسرها،

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 534

و يتجنب الخوض في بيان معناها، بل كان يهتم بالجانب التربوي الارشادي و ان كان قد يبيّن موقفه في بعض المسائل المذكورة «1».

و اما ما يرتبط بنقل الاحاديث و الروايات، فقد نقلها عن السنة و الشيعة، و ان كان نقله عن الشيعة اكثر، و كذلك نقل عن الباحثين الغربيين في تثبيت ما يتعلق بالمواضيع التي تدور حولها، فمثلا عند ذكر المرأة في كتابها في سورة النساء، يتكلم عن سيكولوجية المرأة و ينقل عن «هيمانس»، و «ديدرو» و «ماريون»، و «مدام ديموزا»، و غيرهم، بشكل واسع من دون أن يرتبط بآية خاص، او تفسير موضوع خاص، كما كان دأبه في نقله من العرفاء و الفلاسفة و اصحاب الرموز و الاشارة في تثبيت ما يتعلق بالمواضيع «2».

و الخلاصة: ان كتاب «الغيب و الشهادة»، كتاب تفسير يحتوي على عدة مباحث موضوعية أشبه بالكشكول، مع رعاية الإيجاز في المنهج البياني و التوضيحي في التفسير.

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 3/ 5.

(2) الغيب و الشهادة، ج 2/ 302؛ و ج 3/ 192.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 535

82- فتح البيان

اشارة

العنوان المعروف: فتح البيان في تفسير القرآن.

المؤلف: ابو الطيب السيد محمد بن صديق بن حسن خان القنوجي البخاري.

ولادته: ولد في سنة

1248 ه- 1832 م، و توفي في سنة 1307 ه- 1890 م.

مذهب المؤلف: الشافعي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1289 ه.

عدد المجلدات: 15.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، دار الفكر العربي، 10 مجلدات، 24 سم.

و بيروت، صيدا، شركة ابناء شريف الانصاري و المكتبة العصرية للطباعة و النشر، الدار النموذجية بالصف الجديد، سنة 1412 ه- 1992 م، 15 مجلدا، الحجم 28 سم.

حياة المؤلف:

هو ابو الطيب، السيد محمد صديق بن حسن بن علي بن لطف اللّه الحسيني القنوجي البخاري، المعروف ب «محمد صديق حسن خان».

لقّب بنواب عالي الجاه امير الملك خان بهادر، و هو- فيما يروي ولده- من ذرية

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 536

السبط الاصغر الشهيد الامام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع).

ولد في شهر جمادى الاولى سنة 1248 ه ببلدة قنوج (بالهند) و كان من اجل النعم عليه ... وفقه لتفسير كتابه العزيز و حبله المتين و دراسة سنة نبيه (ص).

أخذ العلم من كبار محدثي اليمن و علماء الهند. و لما حصلت له الإجازة المعتبرة من مشايخ السنة، شمّر عن ساق الجد و الهمّة و لجمع الأحكام، التي نطقت بها ادلة الكتاب، ثم رحل الى بيت اللّه المكرم سنة 1285 ه، ثم رجع من الحجاز، و توّج ملكا على مملكة بهوبال (بوبال) فجلس نائبا في شئون الدولة و انتفع بجوده رجال من جماجم العرب و العجم.

و قد توفي سنة 1307 ه. «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- ابجد العلوم.

2- إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء و المحدثين.

3- إفادة الشيوخ بمقدار الناسخ و المنسوخ.

4- الاكسير في اصول التفسير.

5- اكليل الكرامة في تبيان مقاصد الامامة.

6- شمع انجمن في ذكر شعراء الفرس و اشعارهم (بالفارسية).

7- فتح المغيث لفقه الحديث.

8- فتح البيان في مقاصد القرآن.

9- نيل المرام من تفسير آيات الاحكام.

10- منهج الوصول الى اصطلاح احاديث الرسول.

______________________________

(1) مقدمة نيل المرام للمؤلف، من احمد يوسف/ 14؛ و الأعلام للزركلى، ج 6/ 168.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 537

تعريف عام

يعدّ من التفاسير الشاملة لجميع آيات القرآن، الذي جمع المؤلف فيه بين الرواية و الدراية، مع تجديد القديم في الاسلوب و العرض و البيان، و تقديم المادة العلمية بنحو لا غرابة فيه.

و هو تفسير متوسط، جمع فيه بين الإعراب و اللغة، و الصفوة مما ثبت من التفسير بالمأثور، مع التحري من الإسرائيليات و الخرافات التي يقوم الدليل على بطلانها.

قال المفسر بعد مقدمته التي بيّن فيها فضل القرآن، و فضل التفسير و طبقات المفسرين، و أقسام التفسير و المفسرين منهم:

«و طالما يدور في خلدي أن أحرر في التفسير كتابا يحتوي على أمرين، و يجمع طريقين على الوجه المعتبر في الورد و الصدر، غير مشوب بشي ء من التفسير بالرأي الذي هو من اعظم الخطر ... حتى سألني جماعة من اهل العلم ... و ألحوا عليّ و أظهروا الفقر اليّ، و لم يسعني إلّا اسعاف ما أملوه، و انجاح ما سألوه، فاجبتهم معتمدا على فضل اللّه و تيسيره، ممتثلا بوصية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، فيهم ... و مقتديا بالسلف الماضين في تدوين علوم الدين ابقاء على الخلق و ايفاء للحق.

و ليس على ما جمعوه و صنّفوه مزيد، و

لكن لا بدّ في كل زمان من تجديد ما طال به العهد، و قصر للطالبين فيه الجد و الجهد» «1».

و قد ألّف المفسر كتابا يختص بتفسير الآيات التي فيها تعلّق بالاحكام، و سيأتي تعريفه في ذيل عنوان: «نيل المرام في تفسير آيات الاحكام».

منهجه

كانت طريقته في التفسير ان يبدأ باسم السورة و ذكر معناه، و كان معتمدا أنّ

______________________________

(1) فتح البيان، طبع صيدا، ج 1/ 20.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 538

أسماء السور توقيفية، و كذا ترتيب السور و الآيات و يتوقف نقلها عن النبي «ص»، ثم يذكر فضل السورة و قراءتها ثم يدخل في تفسير السورة مبتدئا بتفسير الآية و ذكر معنى الجملة و الوجوه الاعرابية و النحوية، و نقل الاقوال من الصحابة و المفسرين.

و اما منهجه في النقل، فكان يأخذ بالاخبار الصحيحة المرفوعة الى النبي صلى اللّه عليه و آله، و الثابت من التفسير عن الصحابة و من تبعهم عن طريق اهل السنة و الجماعة و تقديمه على غيره من الاقوال التفسيرية، مع تقديم اللفظ الذي نقله الشرع على المعنى اللغوي، اذا كان المعنيان متغايران، و هذا ما ذكره في مقدمة تفسيره.

فهو ملتزم في التحري عن الأخبار الإسرائيلية، و ان كان في نهاية القول متحيرا في رأيه، فمثلا عند ذكر قصة هاروت و ماروت، و ما نقل من الإسرائيليات، قال:

«و هذا القول يقتضي أن هذه القصة غير صحيحة، و أنها لم تثبت بنقل معتبر، و تبع ابو السعود في ذلك البيضاوي، التابع في ذلك للفخر الرازي ... لكن قال الشيخ زكريا الانصاري: الحق ما افاده شيخنا حافظ عصره الشهاب ابن حجر، أن لها طرقا تفيد العلم بصحتها ...» «1».

و قال ايضا:

«أنا مقتصر فيه على

أرجح الاقوال و إعراب ما يحتاج اليه عند السؤال، و ترك التطويل بذكر اقوال غير مرضية، و قصص لا تصح، و أعاريب محلها كتب العربية، و ما ذكر من القراءات، فهو من السبع المشهورات الا ما شاء اللّه، و قد اذكر بعض اقوال و اعاريب لقوة مداركها، او لورودها» «2».

و قد تعرض في هذا التفسير ايضا للاحكام الشرعية، و أدلة الفقهاء، و آراء الشافعية، مع ترجيح بين الادلة، و التحري عن الجدل المذهبي (بين المذاهب الاربعة)

______________________________

(1) نفس المصدر/ 239.

(2) نفس المصدر/ 23.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 539

و التعصب لمذهبه.

و لقد تأثر كثيرا بكتاب: «فتح القدير» للعلامة الشوكاني حتى أدّى ذلك الى نقل عباراته و كلماته على الترتيب الذي جاء في الكتاب، و قال فيه:

«و من أحسن التفاسير جمعا بين الرواية و الدراية فيما علمت تفسير الامام الحافظ القاضي محمد بن علي بن محمد الشوكاني اليمني» «1». من دون ذكر في انّه اعتمد عليه في التفسير.

و اما موقفه في الآراء الكلامية و المواقف الاعتقادية، فانه يذهب مذهب الاشاعرة، و يؤول بعض الصفات كما في صفة الوجه و الرحمة و الغضب و الحياء «2» و غيرها تبعا للشوكاني في فتح القدير، و قد يرجّح العقائد السلفية و يذهب مذهبهم «3».

______________________________

(1) نفس المصدر/ 20.

(2) انظر تفصيل ذلك في: فتح البيان، ج 1/ 14 و 34 و ج 7/ 181، و ج 9/ 227.

(3) انظر ايضا حول تفسيره: المفسرون بين الاثبات و التأويل، ج 1/ 204؛ و تاريخ التفسير للقيسى/ 137.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 540

83- فتح القدير

اشارة

العنوان المعروف: فتح القدير، الجامع بين فني الرواية و الدراية من علم التفسير.

المؤلف: محمد بن علي بن عبد اللّه الشوكاني.

ولادته: ولد

في سنة 1173 ه- 1759 م، و توفي في سنة 1250 ه- 1834 م.

مذهب المؤلف: الشيعي و الزيدي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1229 ه الى 1232.

عدد المجلدات: 5.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، مطبعة مصطفى الحلبي البابي، سنة 1349 ه.

و اعيد طبعه بالافست على طبعة القاهرة في بيروت، دار المعرفة، و في دار احياء التراث العربي.

و اعيد ايضا طبعه بالافست في بيروت، دار المعرفة، حجم 24 سم، (بدون تاريخ).

و طبع في القاهرة، دار الحديث، الطبعة الاولى، سنة 1413 ه- 1993 م، في 6 مجلدات، حجم 24 سم، حققه و خرّج احاديثه و فهرسها ابو حفص سيد بن إبراهيم بن صادق بن عمران.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 541

حياة المؤلف:

هو محمد بن علي بن محمد بن عبد اللّه الشوكاني ثم الصنعاني، كان اماما من ائمة الزيدية، قاضي قضاة اهل السنة و الجماعة، شيخ الرواية و السماعة، السابق في ميدان الاجتهاد، المطلع على حقايق الشريعة و مواردها.

ولد في سنة 1173 ه بقرية شوكان. (و هي قرية من قرى السحامية إحدى قبائل خولان قريبة من صنعاء).

نشأ بصنعاء، و تربى في حجر أبيه على العفاف و الطهارة، و أخذ في طلب العلم و سماع الاعلام، و فرّغ نفسه للطلب و جدّ و اجتهد في طلب العلم و اشتغل كثيرا، فقرأ القرآن على جماعة المعلمين، و كتب التاريخ و مجامع الأدب و سار على هذه الطريقة ما بين مطالعة و حفظ، و ما بين سماع و تلق، الى ان صار اماما يعول عليه.

و رأسا يرحل اليه، و مفسرا للقرآن لا يبارى، و محدّثا لا يشق له غبار.

توفى ليلة الأربعاء 27 من شهر جمادي الآخرة سنة 1250 ه بصنعاء.

آثاره و مؤلفاته:

1- نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار في الحديث الشريف.

2- أدب الطلب و منتهى الارب.

3- تحفة الذاكرين في شرح عدة الحصن و الحصين.

4- إرشاد الثقات الى اتفاق الشرائع على التوحيد و المعاد و النبوّات.

5- شفاء العلل في حكم الزيادة في الثمن لمجرد الأجل.

6- شرح الصدور في تحريم رفع القبور.

7- فتح القدير في التفسير. و هو الكتاب الذي نحن بصدد الكلام عنه «1».

______________________________

(1) انظر ترجمته تفصيلا في مقدمة فتح القدير، ج 1/ 4- 9.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 542

تعريف عام

هو تفسير شامل موجز للقرآن، و مرجعا مهمّا من مراجعه، و عنوان هذا الكتاب يدلي إلى طريقته في التفسير، فهي ليست طريقة التفسير بالمأثور، حتى يقتصر على ايراد ما ورد في الآية من الآثار، و ليس تفسيرا يجعل كل همه العقليات، بل هو تفسير يجمع بين الرواية و الدراية، و المراد بالرواية هي: إيراد جميع المأثورات، و الدراية هي: ابداء الرأي الشخصى بعد الفهم و التأمل في الآية.

اعتمد في تفسيره هذا على ابي جعفر النحاس، و ابن عطية في تفسيره المحرر الوجيز، و القرطبي في الجامع لإحكام القرآن. و تأثر بتفسيره جمع كثير، و اكثر تاثرا منهم: محمد صديق خان صاحب تفسير: «فتح البيان في تفسير القرآن».

قال الشوكاني في مقدمة تفسيره لبيان تعريف عام لكتابه:

«فهذا التفسير و إن كبر حجمه، فقد كثر علمه، و توفر من التحقيق قسمه، و أصاب غرض الحق سهمه، و اشتمل على ما في كتب التفسير من بدائع الفوائد، مع زوائد فوائد و قواعد شوارد، فإن أحببت أن تعتبر صحة هذا، فهذه كتب التفسير على ظهر البسيطة، انظر تفاسير المعتمدين على الرواية، ثم ارجع إلى تفاسير المعتمدين على الدراية، ثم انظر في

هذا التفسير بعد النظرين، فعند ذلك يسفر الصبح لذي عينين، و يتبين لك أن هذا الكتاب هو لب اللباب، و عجب العجاب، و ذخيرة الطلاب، و نهاية مأرب الألباب» «1».

و الشوكاني، و ان كان زيدي المذهب و ينقل عن علماء مذهبه في الفقه كابن القاسم و المهدوي و غيرهم، و لكنه ايضا يكثر النقل عن فقهاء المذاهب الأخرى، كالشافعي، و ابي حنيفة، و مالك، و احمد، و ابن جرير و غيرهم.

بدأ تفسيره بمقدمة في فضل القرآن، و فضل التفسير، و طبقات المفسرين، و اقسام التفسير و المفسرين منهم.

______________________________

(1) فتح القدير، ج 1/ 13.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 543

منهجه

كان منهجه في التفسير هو: ان يبدأ باسم السورة و معناه، ثم في فضل السورة و قراءتها، و بيان المعنى اللغوي و الإعرابي و البياني، مع ذكر ما في إسناده ضعف من الروايات، لأنه لا يعتقد بكل ما روي، و لا بدّ من الجمع و التوفيق بين الدراية و الرواية منهجها، و قال:

«و لا اعتبار بما لا يصح كالتفسير المنقول باسناد ضعيف، و لا بتفسير من ليس بثقة منهم و إن صح الإسناد اليه، و بهذا تعرف انّه لا بدّ من الجمع بين الامرين» «1».

و هو مخالف لما قيل بالتناسب بين الآيات و قال في ذلك:

«اعلم أن كثيرا من المفسرين جاءوا بعلم متكلف، و خاضوا في بحر لم يكلفوا سباحته، و استغرقوا اوقاتهم في فن لا يعود عليهم فائدة، بل اوقعوا أنفسهم في التكلم بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلقة بكتاب اللّه سبحانه، و ذلك أنهم ارادوا ان يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف، فجاءوا بتكلفات و تعسفات يتبرأ

منها الانصاف، و يتنزّه عنها كلام البلغاء، فضلا عن كلام الرب سبحانه، حتى افردوا ذلك بالتصنيف، و جعلوه المقصد الأهم من التأليف، كما فعله البقاعي في تفسيره» «2».

و يتضح من التفسير، ان مذهبه في الكلام شيعيا زيديا، و ان كان يسلك مسلك اهل السنة و الجماعة في بعض المسائل الكلامية، كما نرى في مسألة الرؤية في ذيل آية: وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ «3»، حيث قال:

______________________________

(1) فتح القدير، ج 1/ 12.

(2) نفس المصدر/ 72.

(3) سورة البقرة/ 55.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 544

«و إنما عوقبوا بأخذ الصاعقة لهم، لأنهم طلبوا ما لم يأذن اللّه به من رؤيته في الدنيا. و قد ذهبت المعتزلة و من تابعهم الى إنكار الرؤية في الدنيا و الآخرة، و ذهب من عداهم على جوازها في الدنيا و الآخرة و وقوعها في الآخرة. و قد تواترت الأحاديث الصحيحة بأن العباد يرون ربهم في الآخرة، و هي قطعية الدلالة لا ينبغي لمنصف ان يتمسك في مقابلها بتلك القواعد الكلامية» «1».

«و كذلك نلاحظ على الشوكاني انه لا يكاد يمرّ بآية من القرآن تنعى على المشركين تقليدهم آباءهم الّا و يطبقها على مقلدي أئمة المذاهب الفقهية، من اهل السنة، و يرميهم بأنهم تاركون لكتاب اللّه، معرضون عن سنة رسوله صلى اللّه عليه و سلم ... فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً «2» يقول ما نصه:

«و في هذه الآية ما يزجر من كان له قلب او ألقى السمع و هو شهيد، عن التقليد في دين اللّه، و ايثار ما يقوله الأسلاف على ما في الكتاب العزيز، و السنة المطهرة، مع مخالفته لما

جاءت به النصوص، و قامت به حجج اللّه و براهينه، و نطقت به كتبه و انبياؤه» «3».

فالخلاصة: الكتاب له قيمة و مكانة، مع إيجازه، و يعطينا الصورة الواضحة للتفسير عند الامامية الزيدية.

دراسات حول التفسير

1- الامام الشوكاني مفسرا. الدكتور محمد الغماري، جدة، دار الشروق، 1401 ه 357 ص، 24 سم.

______________________________

(1) فتح القدير، ج 1/ 87.

(2) سورة التوبة/ 31.

(3) التفسير و المفسرون، ج 2/ 291.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 545

2- الامام الشوكاني و ايراده للقراءات في تفسيره. احمد عبد اللّه المقري، رسالة ماجستير من الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة عام 1405 ه- 1985 م.

3- فهارس فتح القدير. ابو حفص سيد بن إبراهيم بن صادق بن عمران، القاهرة، دار الحديث، الطبعة الاولى، 1413 ه- 1993 م، 24 سم، 368 ص، المشتمل على فهرس اطراف الحديث و الاعلام، و معجم الفاظ الحديث «1».

______________________________

(1) ايضا انظر: مناهج المفسرين لمساعد مسلم آل جعفر/ 165؛ و التفسير و المفسرين، ج 2/ 288؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 199؛ و المفسرون بين التأويل و الاثبات، ج 2/ 223؛ و تاريخ التفسير للقيسى/ 136؛ و النحو و كتب التفسير لرفيدة، ج 2/ 1009 و 1013.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 546

84- الفتوحات الالهية

اشارة

العنوان المعروف: الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفيّة.

المؤلف: سليمان بن عمر العجيلي، الشهير بالجمل.

وفاته: توفي في سنة 1204 ه- 1790 م.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1196 ه.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: القاهرة، الطبعة الاولى، سنة 1303 ه، و في هامشه تفسير الجلالين مع تفسير عبد اللّه بن عباس.

و طبعة اخرى في رمضان سنة 1377 ه و في هامشه تفسير الجلالين و املاء ما منّ به الرحمن من وجوه الاعراب و البيان.

و اعيد طبعه بالافست في بيروت، دار احياء التراث العربي، حجم 30 سم. (بدون تاريخ).

حياة المؤلف:

هو أبو داود سليمان بن عمر بن منصور العجيلي الأزهري، المعروف بالجمل، فاضل من أهل منية عجيل (إحدى قرى الغربية بمصر)، ثم انتقل الى القاهرة. و هو

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 547

مفسّر، فقيه، شارك في بعض العلوم، و كان صوفيا تنعكس افكاره في آثاره، و له تأليفات عديدة، قد طبع بعضها، و البعض الآخر مخطوط.

قد استفاد من مشايخ العرفاء، منهم: الشيخ الشهاب الرملي، و الشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم التتائي المالكي، و الشيخ نصر الدين اللقاني المالكي، و الشيخ المقري المالكي.

توفي في شهر ذي القعدة سنة 1204 ه.

آثاره و مؤلفاته:

1- الفتوحات الإلهية.

2- المواهب المحمدية بشرح الشمائل الترمذية.

3- فتوحات الوهاب. حاشية على شرح المنهج في فقه الشافعية.

4- المنح الإلهيات بشرح دلائل الخيرات «1».

تعريف عام

كان التفسير شرحا على تفسير الجلالين، و على نمط حاشية الصاوي على تفسير الجلالين- قد سبق تعريفه-، و هو يشتمل على جميع آيات القرآن.

و تفسير الجلالين، لجلال الدين المحلي (المتولد 791 ه و المتوفى 864 ه)، و جلال الدين السيوطي (المتولد 849 ه المتوفي 911 ه) اللذين اشتركا في العمل به، لان العلامة المحلي لم يتم التفسير و لم يكمل العمل، فجاء بعده جلال الدين السيوطي ليكمل ما بدأه المحلي من قبل سورة الكهف، ففسر من اول سورة البقرة حتى نهاية سورة الإسراء.

ابتدأ المؤلف تبعا للمؤلفين الجلالين قبل التفسير بمقدمة قال فيها:

______________________________

(1) الاعلام للزركلي، ج 3/ 131؛ و معجم المؤلفين للكحالة، ج 4/ 271.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 548

«بعد فيقول العبد الفقير سليمان الجمل ... هذه حواش تتعلق بتفسير الامامين الجليلين ... جمعها من التفاسير و قواعد المعقول، أسال اللّه ان ينفع بها كما نفع بها المبتدى ... و سميتها الفتوحات الالهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية» «1».

ثم ذكر مقدمة في بيان معنى التفسير، و مبدأ النزول، و كيفيته و ترتيبه، و معنى قوله صلّى اللّه عليه و سلم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف»، و الناسخ و المنسوخ و اقسامهما، و تفصيل حروف القرآن و عدد آياته، و الفرق بين التفسير و التأويل.

و حاشية الصاوي على تفسير الجلالين تلخيص لهذا الكتاب، و الصاوي تلميذ له، و كلاهما من الصوفية، و لهذا نرى ان: حاشية الشيخ الجمل و الصاوي تدلنا بوضوح على روح مؤلفيها الصوفية العميقة التي تتسرب إلى السطور في كثير

من الأحيان «1».

منهجه

و اما منهجه في التفسير، فهو يذكر جملة من تفسير الجلالين، ثم يشرح أقوالهما، و يختار من كلام المفسرين ما يخص الموضوع الذي هو بصدد شرحه، مع مقارنة بين ما ذكره من كلام الجلالين، و الكلام الذي ذكره للمفسرين، و كان يذكر الإعراب و الصرف و القراءات المتعددة، و اقوال المفسرين، و يستدل لشرحه بالأثر و الأدب و القراءات، مع عنايته الكبيرة بذكر القراءات.

و قد اعتمد في تفسيره على المرويات المنقولة عن النبي «ص»، و اقوال الصحابة و التابعين، و اصحاب العرفان، و شيخيه الشهاب الرملي و الكرخي، و المفسرين من سبقه، كالزمخشري في «الكشاف»، و ابي حيان في تفسير «البحر المحيط»، و البغوي في «معالم التنزيل» و ابي السعود في «ارشاد العقل السليم»، و غيرهم، من دون اخضاعهم للنقد و التمحيص، و انما ذكر اقوالهم و وجوه احتمالاتهم و مروياتهم.

______________________________

(1) الفتوحات الالهية، ج 1/ 2.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 549

و تعرض للمباحث الاعتقادية و الكلامية وفق مذهب اهل السنة، و نموذج على ذلك ما قال في تفسير آية: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ «1»:

«و قيل المراد: (لا تحيط به) اي و على هذا القبيل يكون العموم على اطلاقه، فلا يحيط به بصر أحد لا في الدنيا و لا في الآخرة، لعدم انحصاره [قال شيخنا الرملي] ...

قال جمهور المفسرين، معنى الإدراك الإحاطة بكنه الشي ء و حقيقته، و الابصار ترى الباري جل جلاله و لا تحيط به، كما ان القلوب تعرفه و لا تحيط به ...

و قد تمسك، بظاهر الآية قوم من اهل البدع، و هم الخوارج و المعتزلة، و بعض المرجئة، و قالوا: ان اللّه تبارك و تعالى لا يراه أحد من خلقه،

و أن رؤيته مستحيلة عقلا، لان اللّه أخبر ان الابصار لا تدركه و ادراك البصر، عبارة عن الرؤية ... و مذهب اهل السنة ان المؤمنين يرون ربهم في عرصات القيامة.» «2».

و موقفه في الأخذ بالإسرائيليات و الموضوعات، فإنّه و إن ذكرها في مواردها، و لكنه نبّه على ذلك، و نقل عن بعض المفسرين تشنيعهم على الناقلين لهذه الروايات، فمثلا عند ذكر قصة هاروت و ماروت «3» قال:

«و اما ما يحكى من الملائكة عليهم السلام، لمّا رأوا ما يصعد من ذنوب بني آدم عدوهم [إلى آخر القصة] ... فما لا تعويل عليه، لما أنّ مداره رواية اليهود، مع ما فيه من المخالفة لأدلة العقل و النقل، إلى آخره.

[كذا قال] ابو السعود، و مثله في الخازن، ثم قال: و قيل إنّ رجلا من أمة محمد قصدهما ليتعلم السحر منهما، فوجدهما معلقين [الى آخر القصة] و قول ابي السعود:

لما أن مداره رواية اليهود، تقتضي أن هذه القصة غير صحيحة، و أنها لم تثبت بنقل

______________________________

(1) الأنعام/ 102.

(2) الفتوحات الالهية، ج 2/ 72.

(3) البقرة/ 103.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 550

معتبر، و تبع في ذلك البيضاوي، التابع في ذلك، الفخر الرازي و السعد التفتازاني و غيرهما مما أطال في ردها» «1».

و ان كان قد وجّه هذه الروايات، كما هو شأن اصحاب التأويل و الإشارة، و نقل عن شيخه بأنها: «من رموز الأولين» «2».

و لكي تعرف التفسير و تتمة البيان حول منهج الشيخ «الجمل» و تفسير الجلالين و اتجاهاتهم، انظر تفسير: حاشية الصاوي على تفسير الجلالين، الذي بيّنا درجة تأثيره عليه، و منهجه الذي سلكه «3».

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 1/ 88.

(2) نفس المصدر.

(3) انظر أيضا: مقدمة تفسير حاشية الصاوي على تفسير

الجلالين/ 4؛ و النحو و كتب التفسير لابراهيم عبد اللّه رفيدة، ج 2/ 1002.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 551

85- الفرقان

اشارة

العنوان المعروف: الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن و السنة.

المؤلف: الشيخ محمد صادقي الطهراني.

ولادته: ولد في سنة 1346 ه- 1927 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1397 ه الى 1407 ه.

عدد المجلدات: 3.

طبعات الكتاب: بيروت، مؤسسة الوفاء، الطبعة الاولى، سنة 1405 ه- 1985 م.

طهران، انتشارات فرهنگ اسلامي (نشر مؤسسة الثقافة الاسلامية)، الطبعة الثانية، سنة 1407 ه، حجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو الشيخ محمد بن رضا الصادقي الطهراني، من العلماء و المدرسين البارزين في الحوزة الدينية ببلدة قم.

ولد في سنة 1346 ه في طهران عاصمة ايران، و تربى في بيت من بيوت العلم عند والده الذي كان أحد خطباء ايران، و درس القرآن عند والدته العالمة المؤمنة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 552

مات والده و هو ابن اثنتي عشرة سنة. درس عدة سنين في المدارس الرسمية، ثم دخل الحوزة العلمية، و استفاد من كبار الاساتذة، منهم العلامة المفسر الطباطبائي صاحب تفسير الميزان، و السيد البروجردي الفقيه المعروف، حتى أكمل الدراسات الدينية لحد الاجتهاد اصولا و فقها و فلسفة و عرفانا.

ثم هاجر الى موطنه طهران اتصالا بالثورة الاسلامية التي كان رائدها المرحوم السيد ابو القاسم الكاشاني قياما قويما ضد الشاه، و خلال التدخلات العميقة السياسية ركز هو على المعارف القرآنية في الحوزة العلمية و الجامعة بطهران حتى حصل على درجة الدكتوراة من كلية المعارف الإسلامية، و ما زال محققا مدققا حول المعارف القرآنية.

هاجر الى العراق بعد ما حكم عليه نظام الشاه بالاعدام غيابيا، و رجع إلى ايران بعد سقوط الشاه، و قام بتدريس التفسير طيلة حياته العلمية و ما زال حتى اليوم مواظبا على ذلك. «1»

أهم آثاره و مؤلفاته:

1- الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن.

2- حوار بين الالهيين و الماديين.

3- المقارنة العلمية و الكتابية بين الكتب السماوية.

4- تبصرة الفقهاء.

5- تاريخ الفكر و الحضارة.

6- اصول الاستنباط بين الكتاب و السنة.

7- علي و الحاكمون.

8- عقائدنا في التوحيد و النبوة و المعاد بين الكتب السماوية.

______________________________

(1) من ترجمة كتبها المفسر المحترم بعد ما طلبت منه.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 553

تعريف عام

قد ابتدأ بالتفسير بالجزء الثلاثين حتى أكمل الاجزاء الاخرى، التي القاها على طلاب العلوم الدينية في الحوزتين (قم و النجف) بزيادات و تنقيحات لفظية و معنوية. و هذا تفسير كامل شامل للقرآن، اتخذ صاحبه منهج تفسير القرآن بالقرآن، مع اضافة الحديث الذي يوافق القرآن اليه.

قد ابتدأ بذكر مقدمة طويلة في فضل القرآن، و ان الاصل في كل شارد و وارد هو القرآن، و المرجع في التفسير و الحديث هو القرآن، و مسالك التفسير كلها هباء و خواء إلّا تفسير القرآن بالقرآن، و لا سبيل الى الحديث الّا موافقته للقرآن، و ان مدعى التحريف انّما يهرف بما لا يعرف جهلا، و ما يحمله على القرآن من العلوم العصرية و التحقيقات الفلسفية و التأويلات العرفانية، تحميلا عليه ما لا يتحمله، و على المفسر العارف أن يفسر الآيات دون اتكالية على آراء المفسرين.

و ايضا ذكر كلاما حول النسخ و صيانة القرآن عن التحريف، و التفسير بالمأثور، و الظاهر و الباطن، و مسألة الترجمة و التفسير و التأويل.

منهجه

كان منهجه في التفسير، تفسير القرآن بالقرآن بشكل تحليلي اجتماعي تربوي، مع ذكر الاحاديث التى رآها صحيحة و موافقة و ملائمة للقرآن، و لذا احترز من الاخبار الضعاف و الإسرائيليات احترازا شديدا، و يقع باللوم على من اتخذ هذه الروايات سبيلا في التفسير.

ذكر المباحث الفقهية المناسبة للآية و الاختلاف الذي وقع فيها، و المنهج المتفرد فيها؛ و قال في ذلك:

«و اسلوبي في التفسير هو تفسير القرآن بالقرآن، فكما اللّه غني في ذاته عمن

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 554

سواه، كذلك كلامه في ذاته غني عما سواه، فهو المفسر كغيره و لا عكس، فانّه «نور» و «برهان» و «بيان» فما بال نور

الانوار يستنير بانوار اخرى. تجرّد بافكارنا عما قيل او يقال، إلّا الأدب العربي المكين، قبل أن ننظر الى نظرات المفسرين و الروايات الواردة فيه، نراجع القرآن نفسه، ننظر الى الآية التي نعني تفسيرها، ثم الى الآيات التي توسطها، و من ثم الى الآيات التي هي في معناها و مغزاها، فنحصل على صالح المعين منها، مهما امكن الخطأ، و لكنه قليل بجنب سائر أساليب التفسير».

و قال ايضا في بيان منهجه في تفسير القرآن بالقرآن:

«و لا يعني تفسير القرآن بالقرآن ضرب بعضه ببعض، دون رعاية لمناسبات الآيات، و أن تنثر آياته نثر الدقل، دون تأمل في رباطاتها: «و قد رأى رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله و سلّم- قوما يتدارءون فقال: «هلك من كان قبلكم، بهذا ضربوا كتاب اللّه بعضه ببعض، و إنّما نزل كتاب اللّه يصدق بعضه بعضا، فلا تكذبوا بعضه ببعض، فما علمتم منه فقولوا و ما جهلتم فكلوه إلى عالمه».

فعلى المفسر التدبر التام في آي الذكر الحكيم، متحللا عما اثبته هو او اثبتته الطرق العلمية او العقلية أمّاهيه، مستنطقا كل آية بنظائرها في المغزى، فيستفسر عنها اشباهها و نظائرها، مثبتا عن الاحاديث الموافقة الملائمة لها» «1».

و كانت طريقته في التفسير ان يبدأ باسم السورة مكيّها و مدنيّها، و عدد آياتها، ثم بيان معناها و مناسبتها بما قبلها و مدى دلالتها و الهدف العام من نزولها، ثم يذكر عددا من الآيات، و يدخل في تفسيرها موضوعا موضوعا، مقسما ذلك على جوانب من الاعراب و اللغة و اسباب النزول- ان كان فيها سبب للنزول- و نقل الحديث عن الرسول الاعظم (صلى اللّه عليه و آله) و الائمة المعصومين من ولده من طرق الشيعة و السنة،

فيورد جزءا من الآية بالشرح و البيان.

و كان مهتمّا ببيان الأحكام الفقهية، إن كانت الآية لها تعلق بالاحكام و ذكر

______________________________

(1) الفرقان، ج 1/ 18.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 555

الآراء فيها، و ما فيها من رأي مستقل اتخذ من القرآن.

كان الصادقي ممن يخالف تطبيق القرآن على العلوم العصرية لحدّ كأنها هي الأصل و القرآن من فروعها، و لهذا اعترض على الشيخ الجوهري الطنطاوي و قال:

«و من ذلك كثير عند المتفرنجين من المفسرين الذين غرقوا في العلوم و النظريات الجديدة، و نسوا أن القرآن هو علم اللّه، فلن يتبدل، و العلم دوما في تبدل و تحول من خطأ الى صواب و من صواب الى أصوب! فتفسير القرآن بفرضية العلم او رأيه، او رأي العقل غير الضروري، منك أمّن سواك من مفسرين او علماء آخرين، او أحاديث غير ثابتة، و لا ملائمة للآيات، او أيا كان من تفسير للقرآن لغير قرآن، كل ذلك تفسير له بالرأي، دون علم، او أثارة من علم او كتاب منير» «1».

و يتعرض للآراء و الافكار العقائدية و المواقف الكلامية، و يهتمّ ببيانها فيما دخل و ربط في تفسير الآية، فمثلا عند بيان استحالة الرؤية في تفسير آية: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ «2» قال:

«هذه من أمهات الآيات المحكمات تعريفا باللّه تعالى شأنه، مفسرة لكافة المتشابهات التي يخيّل فيها أنه تعالى يبصر ببصر او ببصيرة؛ فالإدراك هو الوصول كيفما كان، و الْأَبْصارُ جمع البصر الشامل لبصر العين، و بصر البصيرة، فطريا او عقليا أو قلبيا أم في أمر الأسرار، فهي أبصر من بصر العين، فلأن المبصر قد يكون محسوسا و أخرى غير محسوس، فالابصار تعم باصرة المحسوسات

و سواها.

وَ هُوَ اللَّطِيفُ بحق اللطافة التي لا تدرك بحقيقة الذات و ذاتيات الصفات بوحدتها مع الذات، بل و لا الأفعال، إلّا ان يرى اللّه من افعاله شطرا بعض عباده المخلصين كما يمكن ان يرى ...

______________________________

(1) نفس المصدر/ 31.

(2) سورة الانعام/ 103.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 556

لا تدركه لا تعنى- فيما عنت- «لا تعرفه» حيث المعرفة الممكنة المأمور بها لا تعني ادراكه بمعرفة كهذا، كما لا تعني الْأَبْصارُ- فقط- أبصار العيون. حيث الجمع المحلّى باللام يحلّق على كافة الأبصار في اي إبصار ... فلان لا تُدْرِكُهُ هي من ميّزاته تعالى عن خلقه ... ذلك، فكما أنه: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ» في ذاته و صفاته و أفعاله، كذلك: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ في ذلك المثلث المقدس، حيث ان إبصاره ادراكا له يشبهه بخلقه المبصرين» «1».

و غيرها من المباحث الكلامية المختلفة بين الشيعة و اهل السنة مع بيان الاستدلال من دون تعصب.

الخلاصة: كان تفسير الصادقي من التفاسير المبسوطة الشاملة الحديثة للشيعة الامامية في القرن الخامس عشر، قد نهج منهج تفسير القرآن بالقرآن، و السنة المؤيدة بالقرآن، مع التدبر و التأمل و الاجتهاد، حسبما تقتضيه قواعد اللغة و النحو، المستفسر و المستنطق آياتها «2» للحصول على معناها من الآيات المتناظرة لها، لا أن تفسير آية بآية اخرى يعني بضرب القرآن بعضه ببعض، بل إنّما يسرد الآيات المتماثلة المغزى، المتشابهة المعنى، المتدبرة فيها.

______________________________

(1) تفسير الفرقان، ج 10/ 183.

(2) إشارة الى كلام الامام علي بن ابي طالب عليه السلام في حق القرآن: «ذلك القرآن فاستنطقوه، و لن ينطق ابدا» نهج البلاغة، خطبة 158، ص 223، طبعة الدكتور صبحى صالح.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 557

86- الفرقان في تفسير القرآن

اشارة

العنوان المعروف: الفرقان في تفسير القرآن.

المؤلف:

الشيخ علي الروحاني النجف آبادي.

ولادته: ولد في سنة 1351 ه.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 22 طبعات الكتاب:

المجلد الاول، النجف الاشرف، مطبعة الآداب، 1972 م، المجلد الثاني، قم، بدون تاريخ، و المجلدات الاخرى طبعت بالرونيو و الآلة الكاتبة و هي موجودة في مكتبة مركز الثقافة و المعارف القرآنية، و مكتبة دار القرآن الكريم بقم.

حياة المؤلف:

هو الشيخ علي الروحاني الاصفهاني النجف آبادي من علماء و اساتذة الحوزة العلمية بقم، و المحقق المدرّس في جامعة النجف سابقا.

ولد في مدينة نجف آباد من عوامل اصفهان سنة 1351 ه، درس على شيوخ بلده و اصفهان ثم هاجر الى النجف الاشرف و هناك أكمل السطح و الخارج و استفاد من

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 558

اساطين العلم و من جملتهم الشيخ محمد تقى آل راضي و الشيخ مجتبى لنكراني و العلامة السبزواري و غيرهم و في الخارج من الفقيه الكبير و المفسر الجليل آية اللّه السيد ابو القاسم الخوئي و آية اللّه الحكيم و الشاهرودي ثم اشتغل بالتحقيق و التأليف، ثم رجع الى ايران سنة 1401 ه و اقام في مدينة قم، و كان من اهل التفنن في العلوم و المعارف الاسلامية، و له مصنفات كثيرة في التفسير و التاريخ و الفقه و اصول الدين.

توفي بقم سنة 1415 ه من شهر رجب المرجب.

آثاره و مؤلفاته:

1- الوصول الى مناقب آل الرسول (المطبوع).

2- الامام الحسين و المناوئون (المطبوع).

3- العقيلة الهاشمية (في قيد الطبع).

4- عبقرية الامام علي عليه السلام.

5- الحجة البالغة.

6- شذرات الذهب الى احاديث المنتخب.

7- تنقيح المقال في شرح الوسيلة.

و غيرها من الآثار بالفارسية و العربية.

تعريف عام

تفسير مختصر محيط بكل الآيات، قد اعتنى مفسّره بذكر ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام في تفسير الآية مع شرح للكلمة و الآية بالشرح البياني مع سهولة في العبارة، و تحقيق ما يحتاج الى توضيحه بالنسبة الى المواضيع مع قصد و خلو من الحشو.

قال السيد محمد صادق آل بحر العلوم في حق التفسير في تقديمه للكتاب:

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 559

«ان مؤلّفنا العلامة الاستاذ البارع ... قد أبدع في تفسيره هذا ... و أجاد غاية الإجادة، و جاء بما يسّر الناظر و يبهج الخاطر، و لا غنى عنه لمن يهمّه الامر و خير شاهد على ذلك ما يجده القارئ الكريم في خلال تفسيره، فقد أبدع في اسلوبه و تنسيقه، أبدع في تبويبه و تنظيمه، و سيخلّد له ذكرا جميلا و ثناء عاطرا مرّ الاعوام ...» «1».

قد ابتدأ قبل التفسير بخطبة و بيان لمنهجه، فقال: المفسرون حياتهم و منهجهم 559 تعريف عام ..... ص : 558

«فيقول خادم الشريعة الفقير الى اللّه في كل موقف ... هذا ما وصل الينا في تفسير القرآن عن ائمتنا المعصومين عليهم السلام، و قد استفدنا من جملة المصادر الصحيحة من كتب الاحاديث و غيرها التي لا تزال تكون مدركا للمفسرين- قدس اللّه ارواحهم- من العامة و الخاصة، من قلة البضاعة و القصور عن هذه الصناعة، اتيت على قدر مقدور، فان الميسور لا يترك بالمعسور» «2».

ثم ورد في مدخل التفسير

اجمالا، و يشتمل على ثلاثة ابواب:

الاول: في أنّ علم القرآن عند أهل البيت عليهم السلام.

الثاني: في أنّ القرآن معجزة خالدة.

الثالث: في الاحاديث الواردة في فضل القرآن.

منهجه

و اما طريقة «الروحاني» في التفسير فهو يبدأ باسم السورة و معني الآية و تفسيرها، و كان من منهجه هو ان يذكر قطعة من الآية ثم يفسرها تفسيرا لغويا و معنويا، ثم يعرض الاحاديث نقلا عن الكتب الاربعة للشيعة و غيرها من كتب الاخبار. و قال المؤلف في بيان منهجه:

______________________________

(1) الفرقان، ج 1/ 15 من مقدمة الكتاب.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 6، من مقدمة المؤلف.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 560

«ذكرت الاحاديث المروية في الباب مما لها ربط بالآيات، و اوردت من الاحاديث المروية عن ائمتنا و عن ائمة أهل السنة، و لا سيّما الاحاديث الواردة في فضائل أهل البيت بمناسبة المقام» «1».

و قد يذكر في تفسيره الاقوال من الصحابة و التابعين و من اصحاب المذاهب، كالامام الشافعي و الامام الحنبلي و غيرهما. و يذكر سبب نزول الآية.

و اليك نموذجا من تفسيره في بيان معنى قوله تعالى: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ «2»:

لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ أي ليس في الدين اكراه من اللّه، و لكن العبد مخير فيه، لان ما هو دين في الحقيقة هو من افعال القلوب اذا فعل لوجه وجوبه، فامّا ما يكره عليه من اظهار الشهادتين، فليس بدين حقيقة. قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ اي قد ظهر الايمان من الكفر، و الحق من الباطل بكثرة الحجج و الآيات الدالة عقلا و سمعا» «3».

و يتعرض المفسر للبحوث الكلامية بصورة مجملة لينصر مذهب الامامية في مسألة الامامة و العصمة و خلق افعال العباد، و في صفات الباري، و عدم

خلود اصحاب الكبائر في النار، و الجبر و القدر، و استحالة رؤية اللّه «4».

و من امثلة ما ذكره في مسألة عدم خلود مرتكب الكبيرة في النار في تفسير قوله تعالى:

بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «5»، قال:

______________________________

(1) نفس المصدر.

(2) البقرة/ 256.

(3) الفرقان، ج 2/ 260.

(4) نفس المصدر ج 11/ 128، 161، 212، 310، و ج 2/ 263

(5) البقرة/ 81.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 561

«قيل: دلالة الآية و ظاهرها يمنع من أن يكون مرتكب الكبيرة مخلد في النار، لأنّه اذا كان مؤمنا مستحقا للثواب الدائم، فلا يجوز أن يستحق مع ذلك عقابا دائما، لأنّ ذلك خلاف ما أجمع عليه المسلمون.

و مبنى الكلام هو أن الإحباط باطل ام لا؟ هذا و اذا كان مع المرتكب الجرائم شي ء من الطاعات، لكان ذلك الشخص مستحقا للثواب، فلا تكون السيئة محيطة به، فلا يكون خالدا في النار ابدا، و معلوم ان قلة الثواب عندنا تثبت، مع كثرة العقاب، و قد ذكر في محله بطلان التحابط بادلة العقل.

و الاقوى أن نقول: بانّ الآية تدل على أنّ المراد بالسيئة الشرك، و الدليل على ذلك، أن سيئة واحدة لا تحبط جميع الاعمال عند اكثر الخصوم، فلا يمكن إذا إجراء الآية على العموم، فيجب أن تحمل الآية على اكبر السيئات و أعظم الخطيئات، و هو الشرك باللّه ليمكن الجمع بين الآيتين» «1».

و يتعرض ايضا في اثناء تفسيره لآراء الفقهاء في المسائل الفرعية، كلّما سنحت الفرصة لذلك من دون بسط و تعقيب مع الاستدلال بالروايات الواردة من طريق أهل البيت عليهم السلام، و من الأمثلة على ذلك ما ذكره في مسألة جواز تأخير البيان عن وقت

الخطاب و الاصل في الاشياء الاباحة، و الإهلال في الذبيحة، و المقدار الذي ينبغي عند الوصية، و مقدار الفدية، و السفر الشرعي، و عير ذلك من المباحث «2».

و ايضا يتعرض للمسائل الخلافية بين الشيعة و السنة.

و كان المؤلف من القائلين بالتفسير العلمي و السالكين منهجه في تفسيره، اذ عند تفسير قوله تعالى:

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً «3». يقول:

______________________________

(1) الفرقان، ج 1/ 212.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 92، 190، ج 2/ 44 و 71.

(3) البقرة/ 22.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 562

لا يمكن الاستدلال بالآية على أنّ الارض ليست بكروية، و ردّ كلام ابي علي الجبّائي في ذلك ثم أكّد على اثبات كروية الارض بقوله:

من الآيات التي تدل على كروية الارض قوله تعالى: وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا «1» ... في البيان قال:

«ففي هذه الآيات دلالة واضحة على تعدد مطالع الشمس و مغاربها، و فيها إشارة الى كروية الارض، فإنّ طلوع الشمس على اي جزء من اجزاء الكرة الارضية يلازم غروبها عن جزء آخر، فيكون تعدد المشارق و المغارب واضحا لا تكلف فيه و لا تعسف» «2» و الخلاصة: إنّ السمة البارزة على تفسير الروحاني أنّه تفسير بالمأثور، مع انّه يتعرض لمباحث اخرى كالمباحث الفلسفية و العلمية و الكلامية و الفقهية، و ان لم يدخل فيها مبسطا، بل كان يشرح و يوضّح المواضيع المرتبطة بالآية بشكل موجز.

______________________________

(1) الاعراف/ 137.

(2) الفرقان، ج 1/ 61.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 563

87- الفواتح الالهية و المفاتح الغيبية

اشارة

العنوان المعروف: الفواتح الإلهية و المفاتح الغيبية الموضحة للكلم القرآنية و الحكم الفرقانية.

المؤلف: نعمة اللّه بن محمود النخجواني.

وفاته: توفي في سنة 920 ه- 1514 م.

مذهب المؤلف: سنّي متصوف.

اللغة: العربية.

تاريخ

التأليف: 902 ه- 1496 م.

عدد المجلدات: 2.

طبعات الكتاب: اسطنبول، المطبعة العثمانية بدار الخلافة العلمية الاسلامية، الطبعة الاولى، بتصديق من مجلس تدقيق المؤلفات الشرعية، سنة 1325 ه، في مجلدين، حجم 28 سم.

حياة المؤلف:

هو نعمة اللّه بن محمود النخجواني (النخشاواني) من علماء الصوفية و أحد مشايخهم. يعرف بالشيخ علوان و الشيخ بابا نعمة اللّه، من اهل «آق شهر» بولاية قرمان. نسبته الى نخجوان من بلاد القفقاز آذربيجان حاليا، رحل الى الأناضول،

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 564

و اشتهر، ثم رجع الى آقشهر و سكن فيها، و نشاطاته في الرياضة و العبادة المتداولة عند اهل المعرفة من الصوفية.

و قد نقل الزركلي عن صاحب الشقائق النعمانية كلاما في حق المفسر قال فيه:

«كتبه بلا مراجعة للتفاسير، و أدرج فيه من الحقائق و الدقائق ما يعجز عن ادراكه كثير من الناس». «1»

توفي بآق شهر سنة 920 ه.

آثاره و مؤلفاته:

1- شرح كتاب گلشن راز «بالفارسية».

2- هداية الإخوان.

3- الفواتح الإلهية و المفاتح الغيبية.

4- حاشية على انوار التنزيل في التفسير.

تعريف عام

تفسير موجز إشاري صوفي يهتمّ المؤلف ببيان المعانى و ذكر المكاشفات و المشاهدات الواردة عليه، كما ادعاه في مقدمة تفسيره، و بيان تفسير القرآن بالمنهج الاشاري و العرفاني، مع الفصاحة في البيان و سلاسة في التعبير، مشتمل على جميع آياته و سوره.

قال النخجواني في مقدمة تفسيره في حق نفسه و بيان دوافعه لتأليف الكتاب:

«و اللّه ما هذا الفقير الحقير من اصحاب القيود، المتشبثين بأذيال الحجج و الحدود، و لا من المتصوفة المتصلفة من الوارد و المورود، المتفوهة عن الواجد و الموجود، بل من خدّام الفقراء، المتسلخين عن جميع الرسوم و العادات، المنتظرين

______________________________

(1) الاعلام للزركلى، ج 8/ 39؛ و معجم المفسرين لعادل نويهض، ج 2/ 703.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 565

بما ظهر لهم من الحق في عموم الاوقات و شمول الحالات ...

ثم لما كان ما ظهر فيه من جمل الفتوحات التي قد فتحها الحق و وهبها من محض جوده، سمى من عنده: «الفواتح الالهية، و المفاتح الغيبية»، الموضحة للكلم القرآنية، و الحكم الفرقانية» «1».

قد ابتدأ قبل التفسير ببيان امور هامّة حول مسألة العرفان و فروعه، الذي يعبّر عنه: باصل كلي جملي يتضمن على سرائر عموم المعارف و الحقائق و المكاشفات و المشاهدات الواردة على قلوب الكمّل، و موضوع الاوامر و النواهي، و عموم التكاليف و الأحكام الواردة من اللّه في الكتب و الصحف الالهية على اساس منظر العرفاء، و بيان اسرار مطلق الإنزال و الإرسال، و حكم عموم الوحي و الإلهام، و مصالح الولاية المطلقة و النبوة و الرسالة، و على وضع الملل و الاديان و

صور الطاعات و العبادات الدنيوية و المعتقدات الاخروية من الحشر و النشر و الجنة و النار.

لم يشر النخجواني الى المصادر التي اعتمد عليها في تفسيره، إلّا أنه قد تأثر بمحيي الدين بن عربي و منهجه في إرجاع المطالب و الموضوعات في القرآن الى المباحث العرفانية و الإشارية، و كان قريب الاتباع و النهج بالتفسير الإشاري القشيري المسمى ب «لطائف الاشارات».

منهجه

و طريقته في شروع التفسير بيان مقدمة لكل سورة حول المسائل العرفانية المرتبطة بالسورة، ثم ورد في تفسير البسملة في كل سورة، المتناسب مع سياق السورة، مستدلا بأن كل سورة من السور القرآنية فاتحة مخصوصة و خاتمة معينة.

ثم شرع بتفسير جزء منتخب من الآية فقرة بعد فقرة بتفسير و توضيح موجز على المنهج الذي يسير عليه، من دون إشارة الى الإعراب و اللغة و القراءة و البيان

______________________________

(1) الفواتح الالهية، ج 1/ 2.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 566

الظاهري من الآية، او الاقوال التي وردت في الآية، او المأثور الذي يمكن ان يستفاد منه في تفسير الآية، او سبب النزول و غير ذلك من الامور المتداولة في أغلب التفاسير و في خاتمة كل سورة بيان اجمالي عمّا قاله في تفسير السورة.

فعلى هذا كان منهجه في التفسير، هو التفسير الإشاري المتضمن للاصطلاحات الصوفية من إشارات من لسان اهل المعرفة، و بيان معاني قولهم أو قضايا أصولهم، سلك طريق الإقلال، معتمدا على قواعد اهل الكشف و الذوق، موجزا أشد الإيجاز.

و على سبيل المثال نذكر ما قاله في فاتحة سورة الكهف و جمل من تفسيره:

«فاتحة سورة الكهف»

«لا يخفى على المحققين المحمديين المتحققين بمقام المعرفة، و التوحيد بمتابعته- صلى اللّه عليه و سلم- المسترشدين من القرآن المجيد المنزل عليه، المفصل لمرتبته- صلى اللّه عليه و سلم- الموضح شأنه في المعارف و الحقائق و المكاشفات و المشاهدات، المبين لعروجه الى معارج العنايات الالهية، و سلوكه في مسالك توحيده على الاستقامة و الاعتدال بلا عوج و انحراف؛ ان من وفق من عند اللّه على سلوك طريق التوحيد من أرباب العناية، قد ظهر عليه و لاح دونه استقامة القرآن المنزل على العدالة و القسط

الالهي و براءته عن العوج و الانحراف ...

«الحمد» المشتمل، المتضمن على عموم الأثنية، و التوصيف بالاوصاف الجميلة، و النعوت الجليلة المطلقة، حقيق لائق «للّه» اي للذات المستجمع لجميع اوصاف الكمال، المستحق لعموم المحامد، استحقاقا ذاتيا و وصفيا بالجميل «الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ» المستجمع لجميع مراتب الكمال، المستظل بظل الألوهية، المستحق لرتبة الخلافة و النيابة عنه سبحانه بالاصالة، يعني محمدا صلى اللّه عليه و سلم» «1».

و لم ينقل المأثورات و الروايات، و لهذا لم يذكر الاسرائيليات و لا يعتمد عليها في تفسير الآية.

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 1/ 470.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 567

و كان موقفه في العقائد و المباحث الكلامية موقف اهل المعرفة، و ان لم يتعرض صريحا نقدا و استدلالا، و لكن يظهر موقفه من العبارة، فمثلا عند تفسير آية:

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «1»، قال:

«لا تُدْرِكُهُ» من غاية ظهوره و جلائه الْأَبْصارُ القاهرة عن إبصار أنواره الباهرة «و» كيف تدركه الأبصار إذ «هو» بذاته يُدْرِكُ الْأَبْصارَ، و يبصرها، و مبصر الابصار لا يبصره الإبصار؛ اذ هو سبحانه من غاية لطافته عين نور العين، و العين لا تدرك نورها الذي به ابصارها، و كيف يدرك و يبصر سبحانه اذ هو اللطيف الدقيق المنزه المتعالى عن المحاذاة و المقابلة و الانطباع و الانقاش و المحاكاة مطلقا» «2».

و ايضا قال في تفسير آية: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «3».

إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ، و بمطالعة لقائه مشرفة مسرورة، و وُجُوهٌ اخر يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ عبوسة كلوحة متغيرة مسودة» «4» «5».

______________________________

(1) سورة الانعام/ 103.

(2) الفواتح الالهية، ج 1/ 229.

(3) سورة القيامة/ 22.

(4) نفس المصدر، ج 2/ 466.

(5) انظر فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصى/ 304.

المفسرون حياتهم و منهجهم،

ص: 568

88- الكاشف

اشارة

العنوان المعروف: تفسير الكاشف.

المؤلف: الشيخ محمد جواد مغنية.

ولادته: ولد في سنة 1322 ه- 1904 م، و توفي في سنة 1400 ه- 1979 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1390 ه- 1970 م.

عدد المجلدات: 7.

طبعات الكتاب: بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة الثانية، سنة 1981 م، 7 مجلدات، حجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو الشيخ محمد جواد مغنية، من علماء الإمامية، كان فقيها، مفسرا، باحثا.

ولد سنة 1322 ه في قرية «طيردبا» من جبل عامل. درس على شيوخ قريته، ثم سافر الى النجف، فانهى هناك دراسته، و كان من أبرز اساتذته السيد حسين الحمامي، ثم عاد الى جبل عامل، فسكن قرية «طير حرفا» ثم عيّن قاضيا شرعيا في بيروت، ثم مستشارا للمحكمة الشرعية العليا، فرئيسا لها بالوكالة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 569

و في خلال رئاسته عرضت على المحكمة قضية تهم أحد النافذين، فعرض النافذ عليه أن يحكم بما يرغب فيه، و في مقابل ذلك يجعله رئيسا اصيلا، فاعرض الشيخ عنه، فانصرف الى التأليف، فأخرج العديد من المؤلفات.

كان مغنية من الدعاة الى التقريب بين الشيعة و السنة، و كتب رسالات و مقالات في مجلة «رسالة الاسلام» التي تصدر عن مجمع التقريب و غيرها.

قد توفي في المحرم سنة 1400 ه في بيروت، و نقل جثمانه الى «طيردبا» حيث دفن فيها. «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير الكاشف.

2- التفسير المبين (تفسير موجز من القرآن في مجلد كبير).

3- الفقه على المذاهب الخمسة.

4- فقه الامام جعفر الصادق.

5- الشيعة و الحاكمون.

6- في ظلال نهج البلاغة.

7- معالم الفلسفة الاسلامية.

8- الشيعة و التشيع.

تعريف عام

يعدّ تفسيرا موجزا شاملا، جديدا في بيانه، ألّفه- كما قال مؤلفه- تلبية لحاجة المسلمين الى فهم كلام اللّه و في سبيل هدايتهم و وقايتهم من الأهواء و شفائهم من الادواء، سلك فيه المؤلف المنهج الهدائي و التربوي، في روعة جديدة و كلمات

______________________________

(1) اعيان الشيعة، ج 9/ 205.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 570

متلائمة اقناعية لعصره، مع تلخيص لكلمات المفسرين الكبار.

قال مغنية في مقدمة تفسيره:

«ايقنت- و أنا ماض في تفسير آي الذكر الحكيم- ان أي مفسر لا يأتي بجديد لم يسبق اليه، و لو بفكرة واحدة في التفسير كله، ايقنت ان هذا المفسر لا يملك عقلا واعيا، و انما يملك عقلا قارئا، يرتسم فيه ما يقرأه لغيره، تماما كما ترتسم صورة الشي ء في المرآة على ما هو من لون و حجم ...؛ ذلك أن معاني القرآن عميقة الى أبعد الحدود، و لا يبلغ أحد نهايتها مهما بلغت مكانة من العلم و الفهم.

و بالتالي، فإني لا أعرف مهمة أشق و أصعب من مهمة المفسر لكلمات اللّه ... إنه يتصدى للكشف عن ارادته، جلت كلمته، و ليس هذا بالشي ء اليسير ... و الذي يهون الخطب أن المفسر يعبر عن فهمه و تصوره لمعاني القرآن و مقاصده، كما هي في ذهنه، لا كما هي في واقعها، تماما كالفقيه المجتهد الذي يؤجر ان أصاب، و يعذر إن أخطأ، بل و يؤجر ايضا على نيته و اجتهاده و عدم تقصيره» «1».

ابتدأ قبل التفسير بمقدمة بيّن فيها جهوده في

طريق الدعوة الى الإسلام حتى انتهى الى تأليف التفسير و الدوافع من تأليفه و المنهج الذي اتبعه فيه، و بيان معنى الاستعاذة و البسملة، و الاقوال التي يمكن أن تقال فيها، ثم شرع في تفسير القرآن من سورة الحمد الى آخر القرآن.

و اعتمد في تفسيره على عدد من التفاسير، أشار اليها باسماء مؤلفيها، مثل الطبرسي صاحب «مجمع البيان»، و فخر المحققين صاحب تفسير «مفاتيح الغيب»، و آخرين يعبّر عنهم يقول: «قال جمهور المفسرين» او «اكثر المفسرين كذا قال».

و قد استند في تفسيره على الروايات المنقولة عن اهل البيت عليهم السلام عن طريق محدثي الشيعة من دون تعيين للمصدر الذي نقل عنه، و يعبّر عنها بقول:

و في الحديث، او نقل مجمع البيان، و امثال هذه التعبيرات.

______________________________

(1) تفسير الكاشف، ج 1/ 10.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 571

منهجه

و طريقته في شروع التفسير بعد ذكر جمع من الآيات، بيان محل نزولها مكية او مدنيّة و الاجتهاد فيها، و ذكر اسماء السورة، ثم شرع في تفسير الآية بالاهتمام ببيان معنى الآية و تفسيرها، و خصص لكل آية فقرة بعنوان «اللغة»، و «الاعراب» و بيان الاحكام النحوية لكلمة مشكلة، مع التأكيد بعدم عنايته غالبا بذكر اللغة، و بيان سرّ إعجاز الكلمة و الأسلوب بالتراكيب الفصيحة و المعاني البليغة، و التجاهل بما جاء من الروايات في أسباب التنزيل الّا قليلا منها، مستدلا بان العلماء لم يمحصوا أسانيدها و يميّزوا بين صحيحها و ضعيفها، كما فعلوا بروايات الأحكام، و لم يتعرض لذكر العلاقة و المناسبة بين الآيات و اتصالها ببعض كما فعل المفسرون.

قال الشيخ مغنية في بيان منهجه و لون تفسيره:

«و اذا كان لكل تفسير لون يغلب عليه، فان اللون الذي

يغلب على تفسيري هذا، هو عنصر الاقناع، اقناع القارئ بأن الدين بجميع اصوله و فروعه، و سائر تعاليمه يستهدف خير الانسان و كرامته و سعادته، و أن من انحرف عن هذا الهدف، فقد انحرف عن حقائق الدين و صراط الحياة القويم ... و كي أصل الى هذه الغاية، حاولت جهدي ان يجي ء الشرح سهلا بسيطا واضحا، يفهمه القارئ في اي مستوى كان.

و اذا اهتم المفسرون القدامى بالتراكيب الفصيحة، و المعاني البليغة اكثر من اهتمامهم باقناع القارئ بالقيم الدينية، فلأن العصر الذي عاشوا فيه، لم يكن عصر التهاون و الاستخفاف بالدين و شريعته و قيمه، كما هو الشأن في هذا العصر ... و من هنا اتجهت بتفسيري الى اقناع الجيل بالدين اصولا و فروعا» «1».

و يتعرض للاصول و العقائد و المشكلات الفلسفية و الكلامية مثل الجبر و الاختيار، و الهدى و الضلال، و الامامة و عصمة الانبياء، و الشفاعة و الاحباط، و رؤية

______________________________

(1) نفس المصدر/ 13.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 572

اللّه، و مرتكب الكبيرة، و حساب القبر «1».

و يتعرض للاحكام الفقهية فيما اذا كانت هناك مناسبة و يستدل لها و يبيّن أسرارها، من دون بسط و شرح إلّا اذا كانت فيها مشكلة عقائدية في المجتمع بالنسبة إلى الحكم «2».

و كان موقفه بالنسبة الى الاسرائيليات، كما أكد المفسر في مقدمة تفسيره، الاجتناب عنها، لأنّها خرافة و أساطير، و لا شي ء أصدق في الدلالة على كذبها و زيفها من نسبتها الى إسرائيل.

و المفسر ممن لا يعتقد بالمناسبة بين الآيات و اتصالها بعضها ببعض، و استدلّ على ذلك، بأنّ القرآن لم يوح الى النبي جملة واحدة، و إنما نزل منجما بين وقت يتابع أحيانا، و يبطئ احيانا اخرى،

و لم ترتب السور و الآيات في القرآن الذي نقرأه حسب نزولها «3».

و الخلاصة: كان تفسير الكاشف من التفاسير الموجزة، العقائدية التربوية، متماشيا مع العصر الحديث، و هو من تفاسير الشيعة الاثني عشرية «4».

______________________________

(1) و على سبيل المثال انظر كلامه في رؤية اللّه: الكاشف، ج 1/ 107.

(2) انظر تفصيل هذه الموارد في بيانه لعنوان: بين الرجل و المرأة في الشريعة الاسلامية، ج 1/ 343.

(3) الكاشف، ج 1/ 15.

(4) انظر ايضا حول التفسير بين الشيعة و السنة لعلى السالوس/ 265؛ و اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر لفهد الرومي، ج 1/ 236.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 573

89- الكشاف

اشارة

العنوان المعروف: الكشّاف عن حقائق غوامض التّنزيل و عيون الأقاويل في وجوه التأويل.

المؤلف: جار اللّه محمود بن عمر الزمخشري.

ولادته: ولد في سنة 467 ه- 1075 م، و توفي سنة 538 ه- 1144 م.

مذهب المؤلف: الحنفي المعتزلي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 526 ه الى 528.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: له عدة طبعات:

منها: كلكتة، سنة 1276 ه- 1856 م، اعتنى بطبعه العلامة «لي» الانكليزي.

(اكتفاء القنوع/ 114).

و منها: القاهرة، بولاق، سنة 1281 ه، و عليه هوامش إبراهيم الدسوقي. (نفس المصدر السابق).

و منها: القاهرة، سنة 1307 ه، في مجلدين كبيرين، و بهامشه كتاب الانتصاف لناصر الدين احمد بن محمد الاسكندري.

و منها: القاهرة، مطبعة الاستقامة، سنة 1953 م، 4 مجلدات، حجم 28 سم، و بهامشه

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 574

كتاب الانتصاف و الكافي الشاف في تخريج احاديث الكشاف لابن حجر العسقلاني، و حاشية الشيخ محمد عليان المرزوقي، و مشاهد الانصاف على شواهد الكشاف للشيخ مرزوقي، مع ارقام الآيات. و قد طبعت هذه الطبعة في كثير من البلدان.

حياة المؤلف:

هو جار اللّه ابو القاسم، محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الزمخشري.

ولد في شهر رجب عام 467 ه في قرية صغيرة تسمى «زمخشر» من قرى خوارزم، فهي ضاحية من ضواحيها، و هي مجهولة الآن.

كان ابوه عالم قريته، و تعلم مبادئ القراءة و الكتابة و حفظ القرآن في قريته و هو بين والديه، ثم رحل الى خوارزم (بخارى) لطلب العلم، و قد قطعت رجله و هو صغير، و في خوارزم اقبل على حلقات العلم، و شيوخ الدين و على منابع الثقافة، مجدّا في التحصيل، مكبّا على الحفظ و القراءة، و في مدة قليلة كان قد المّ بكثير من اصول الفقه و الحديث و التفسير و

التوحيد و المنطق و الفلسفة، ثم سافر الى نيشابور و مكث فيها زمنا، و قابل في هذا المدينة الفقيه الدامغاني، ثم ذهب الى بخارى و خراسان و اصفهان و همدان و مصر.

و من شيوخه محمود بن جرير الضبي الاصفهاني (م 507 ه) في الأدب و علم الاعراب و علم الكلام و التوحيد، و تأثر بمذهبه الاعتزالي، و الشيخ أبو علي الضرير، و الشيخ السديد الخياطي في الفقه، و الحاكم الجشمي (صاحب تفسير: تهذيب التفسير) الزيدي المعتزلي، و ركن الدين محمد الاصولي.

و في سنة 502 ه رحل الى مكة المكرمة و أقام فيها مجاورا بيت اللّه الحرام و لذلك لقّب ب «بجار اللّه». و عاد الزمخشري الى وطنه شيخا كهلا.

توفي سنة 538 ه، و دفن ب «جرجانية» خوارزم «1».

______________________________

(1) الزمخشري لغويا و مفسرا لآيةاللّه زاده/ 83- 118.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 575

آثاره و مؤلفاته:

1- الكشاف (في تفسير القرآن).

2- ديوان الأدب.

3- ربيع الابرار. (مطبوع) 4- اساس البلاغة. (مطبوع) 5- اعجب العجب في شرح لامية العرب. (مطبوع) 6- الانموذج في النحو. (مطبوع) 7- النصائح الصغار.

8- الفائق في غريب الحديث. (مطبوع) 9- مقامات الزمخشري (تدور على الوعظ و الارشاد).

10- نوابع الكلم في اللغة. (مطبوع)

تعريف عام

تفسير لم يسبق مؤلفه اليه، لما أبان فيه من وجوه الإعجاز في آيات القرآن، و لما أظهر فيه من جمال النظم القرآني و بلاغته، و ليس كالزمخشري من يستطيع ان يكشف لنا عن جمال القرآن و سحر بلاغته، لما برع فيه من المعرفة بكثير من العلوم، لا سيما ما برز فيه من الإلمام بلغة العرب و المعرفة باشعارهم، و ما امتاز به من الإحاطة بعلوم البلاغة، و البيان، و الإعراب، و الأدب «1».

من جهة اخرى، يعتبر الكشاف ايضا من اكبر كتب المعتزلة التفسيرية الموجودة، و رائدا في ذلك الاتجاه، و خلاصة دقيقة لأمر تفاسير المعتزلة.

فإنّ تفاسير المعتزلة الاخرى لم تصل الينا، و لكنّ قسما من اقوال هذه التفاسير

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 1/ 432.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 576

موجود في بطون الكتب الاخرى، و من هذه التفاسير: تفسير قاسم بن إبراهيم الرسي (م 247)، و عبد الرحمن بن كيسان (م 235) المعروف ب «ابي بكر الأصم»، و ابي علي محمد بن عبد الوهاب الجبّائي (م 303)، و ابي القاسم عبد اللّه بن أحمد البلخي الكعبي، و محمد بن بحر ابي مسلم الأصفهاني (م 307) المسمى ب «جامع التأويل لمحكم التنزيل»، و علي بن عيسى، ابي الحسن الرّماني (م 384)، و القاضي عبد الجبار صاحب تفسير «المحيط»، و محمد بن محسن الحاكم الجشمي صاحب تفسير «التهذيب في

التفسير»، و ابي يوسف القزويني (م 483 ه) و غيرها من التفاسير الاخرى «1».

لكن يعتبر تفسير الكشاف للزمخشري- و بالنظر الى انه وصل الينا كاملا- شامل لجميع آي القرآن الكريم، و قد تأثر كثير من المفسرين بدقة بلاغته و فصاحته و بيان اعجاز القرآن في ذلك و واقع الثناء كثير من ناحيتها.

قال الزمخشري في بيان غرضه من تأليف الكتاب:

«و لقد رأيت اخواننا في الدين من أفاضل الفئة الناجية العدلية، الجامعين بين علم العربية، و الاصول الدينية، كلما رجعوا إليّ في تفسير آية، فأبرزت لهم بعض الحقائق من الحجب، أفاضوا في الاستحسان و التعجب، و استطيروا شوقا الى مصنف يضم أطرافا من ذلك، حتى اجتمعوا اليّ مقترحين أن أملي عليهم: «الكشف عن حقائق التنزيل، و عيون الأقاويل في وجوه التأويل»، فاستعفيت، فأبوا إلّا المراجعة، و الاستشفاع بعظماء الدين، و علماء العدل و التوحيد، و الذي حداني على الاستعفاء على علمي أنهم طلبوا ما الإجابة اليه عليّ واجبة، لأن الخوض فيه كفرض العين، ما أرى عليه الزمان من رثاثة احواله و ركاكة رجاله، و تقاصر هممهم

______________________________

(1) طبقات المفسرين للداودي، ج 1/ 274 و 423 و 262 و ج 2/ 109؛ و كتاب الحاكم الجشمي و منهجه في التفسير لزرزور/ 125- 140؛ و طبقات المعتزلة لاحمد بن يحيى المرتضى/ 54 و 80 و 88 و 94 و 112. و منهج الزمخشري في تفسير القرآن للصّاوي/ 72.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 577

عن أدنى عدد هذا العلم، فضلا أن تترقى الى الكلام المؤسس على علمي المعاني و البيان، فأمليت عليهم مسألة في الفواتح، و طائفة من الكلام في حقائق سورة البقرة، و كان كلاما مبسوطا كثير السؤال و الجواب،

طويل الذيول و الأذناب، و إنّما حاولت به التنبيه على غزارة نكت هذا العلم، و ان يكون لهم منارا ينتحونه و مثالا يحتذونه، فلما صمم العزم على معاودة جوار اللّه ... فأخذت في طريقة أخصر من الأولى، مع ضمان التكثير من الفوائد، و الفحص عن السرائر» «1».

و اما بالنسبة الى مصادره، و ان كان في اغلب الأمر ينقل الرأي و لا يشير الى مرجعه، و يستدل بالدليل و لا يذكر من أي كتاب أخذه، و لكنه اعتمد في تفسيره على كثير من الكتب، منها: تفسير مجاهد (م 104 ه)، و تفسير عمرو بن عبيد المعتزلي (م 144 ه)، و تفسير ابي بكر الأصم المعتزلي (م 235 ه)، و تفسير الزجاج (م 311 ه)، تفسير الرماني (م 384 ه)، و كتاب سيبويه (م 189 ه)، و اصلاح المنطق لابن السكيت (م 244 ه)، و الكامل للمبرد (م 285 ه)، و كتاب المتمم في الخط و التهجي لدرستويه (م 374 ه)، و كتاب الحجة لأبي علي الفارسي (م 377 ه)، و كتاب المحتسب لابن جني (م 392 ه)، و كتاب التبيان لأبي الفتح الهمداني «2».

و اما بالنسبة إلى تأثره بكتاب «تهذيب التفسير» للحاكم الجشمي و انتحاله له، فهو باعتباره قد تتلمذ على الحاكم، فاطلع على كتابه و استفاد منه، كما استفاد من تفاسير المعتزلة الاخرى و خاصة تفسير ابي مسلم الاصفهاني، و يرجّحها، و لكنّه غير هذه التفاسير و غير منحول من الحاكم كما أكد الدكتور زرزور ذلك، حيث قال:

«طريقة الزمخشري في عرض هذه الوجوه و الآراء و التعبير عنها مغاير لأسلوب الحاكم من كل وجه، فأكثر كلام الزمخشري داخل في حد التعالي و الغموض و التكلف،

و قد أتى في مواضع قليلة بما يشبه أحد وجوه التأويل و التفسير الخاصة،

______________________________

(1) الكشاف، ج 1/ س.

(2) الزمخشري لغويا و مفسرا لآيةاللّه زاده/ 314؛ و منهج الزمخشري في تفسير القرآن للصاوي/ 80.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 578

التي لم نقف على ما يماثلها من كل وجه في كتاب الحاكم» «1».

و لعلهم رموه بهذا الانتحال لشدة تعصبهم عليه. و قد كان حكم بعض العلماء عليه شديدا، فتكلموا عليه بكلام حاد غليظ، و الله اعلم بحقيقة الحال.

منهجه

كان منهجه ان يبدأ باسم السورة، و مكيّها و مدنيّها، و بيان معناها، و ذكر اسمائها ان روي لها اسماء اخرى، مع الاشارة الى فضلها، ثم يدخل في قراءتها و لغتها، و نحوها و صرفها و اشتقاقها و غيرها من العلوم العربية، ثم يشرع في الشرح و البيان و التفسير، و نقل الاقوال، و الاحتجاج، و الرد على من خالفه.

«إنّ الاهتمام الغالب في جهوده التفسيرية، كان في تبيين ما في القرآن من الثروة البلاغية التي كان لها كبير الأثر في عجز العرب عن معارضته، و الإتيان بأقصر سورة من مثله.

و الذي يقرأ ما اورده الزمخشري عند تفسيره لكثير من الآيات من ضروب الاستعارات، و المجازات و الأشكال البلاغية الأخرى، يراه يحرص كل الحرص على أن يبرز في حلة بديعة جمال أسلوبه و كمال نظمه» «2».

و ايضا يفيض في بيان القراءات و وجوها، و اختلاف معاني الاسلوب القرآني نتيجة لها، و لا ينسى في تفسيره ثقافته النحوية التي كان الزمخشري اماما فيها، فنجده يكثر من بيان الاعراب و وجوه النحو و يفيض في هذا المضمار، و يكثر الاستشهاد ببلاغة القرآن الكريم بشعر المحدثين و كلامهم.

«و في الكشاف كثير من الاصطلاحات التي

تعدّ من أهمّ الاصطلاحات البلاغية العربية، و هو يفيض في بلاغة الاستعارة، و التمثيل، و الكناية، و التشبيه، و في بلاغة

______________________________

(1) الحاكم الجشمى و منهجه في التفسير لزرزور/ 477.

(2) التفسير و المفسرون، ج 1/ 442.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 579

مختلف اساليب الكلام، و كثيرا ما يذكر التخييل، في الآيات التي تجي ء من قبيله» «1».

«و يتعرض فيه لوضع كثير من اصول الدراسات اللغوية و البلاغية، فنجده يتحدث عن موسيقى اللفظ، و يتعرض للموازنة اللغوية بين لفظة و أخرى، و يشير الى ما توحي به اللفظة من تأثير و هزة، و يتعرض للنقد اللغوي للكلمة، و يذكر ما جرى فيها من الاتساع، و غير ذلك من وجوه الاتجاهات اللغوية للمفردات» «2».

و من جانب آخر، كان تفسير الكشاف من التفاسير الكلامية التي ينتصر فيه لمذهبه الاعتزالي، و يؤيده بكل ما يملك من قوة الحجة و سلطان الدليل في اصوله و فروعه.

و من هذا الجانب، أثار عليه الغلظة و الشدة من ناحية اهل السنة و الجماعة، و نجد الخصومة بينهم حادة عنيفة، و كلّ يتهم خصمه بالزيغ و الضلال، و يرميه بأوصاف الكفرة و الفجرة، و كل يدّعي: إنّا من الفرقة الناجية، و مخالفونا من اصحاب الهلكة، و الحال: كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ.

و اما في آيات الاحكام و ما لها تعلق بالفقه، فإنّ الزمخشري يتعرض إلى حد ما الى المسائل الفقهية من دون تعصب لمذهبه الحنفي.

و من مميزات هذا التفسير سلامته من القصص الاسرائيلي غالبا، فإنّه مقل في ذكر هذه الروايات، و ما يذكره في ذلك، إما ان يصدره بلفظ روي، و اما ان يفوض علمه الى اللّه سبحانه، كما فعل في قصة داود و سليمان عليهما

السلام، و لكن قد توجد فيه بعض الموضوعات التي لا تدرك بالعقل، و ذلك مثل الحديث الطويل المروي في فضائل السور، سورة سورة، و كذلك ما روى في قصة السيدة زينب بنت جحش، و قد يذكر بعض الإسرائيليات و لا يفندها مثل ما ذكره في قصة يأجوج و مأجوج.

______________________________

(1) الزمخشري لغويا و مفسرا لآية اللّه زاده/ 310.

(2) نفس المصدر/ 313.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 580

و من هذه الجهة نبّه بعض المحدثين الى ما في تفسير الكشاف من الروايات الضعيفة و الموضوعة، فقام باكمال هذا النقص، فقد الّف الفقيه الزيلعي (م 772 ه) رسالة في تخريج أحاديث الكشاف و ما فيه من قصص و آثار، و بيّن فيها الصحيح من غيرها، و قد لخصها الامام الحافظ احمد بن علي بن حجر العسقلاني (م 852 ه) في رسالة سماها: «الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف» و قد طبعت في هوامش بعض طبعات الكتاب «1».

دراسات حول التفسير

كان تفسير الكشاف و لا يزال موضع اهتمام الدارسين و الباحثين، فقد عنى به العلماء الأقدمون، كما عنى به الباحثون في وقت الحاضر، فهو يعدّ ثقافة اسلامية و من الكتب ذات الأهمية في التفسير، فكم من المفسرين تأثروا بهذا التفسير.

و لهذا فقد قام الكثير من الكتّاب و الباحثين بنشاطات مختلفة حول هذا التفسير، فمنهم من لخصّه، و منهم من شرحه، و منهم من هذّبه من العقائد الاعتزالية مع الاعتراض عليه، و منهم من كتب حول منهجه و موقفه في التفسير، و إنّا نشير الى بعض منها:

1- الكافي الشافي: قد لخص الطبرسي- صاحب تفسير مجمع البيان- هذا الكتاب كما ذكره في مقدمة تفسيره جوامع الجامع.

2- أنوار التنزيل و اسرار التأويل لعبد اللّه بن

عمر البيضاوي، و هو معروف لا يحتاج الى بيان.

3- فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب لشرف الدين حسن بن محمد الطيبي (كشف الظنون ج 2/ 1478).

______________________________

(1) انظر ايضا: التفسير و المفسرون، ج 1/ 476، و الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 131، و الإسرائيليات و أثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 286.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 581

4- شرح الكشاف لقطب الدين محمد التحتاني الرازي. (نفس المصدر) 5- الانصاف لاحمد بن محمد الاسكندري. يناقش فيه ما أورده من العقائد على مذهب المعتزلة و يورد ما يقابلها عند اهل السنة، و كذلك يناقشه في كثير من اللغة، و هو مطبوع في هامش التفسير.

6- الدر اللقيط من البحر المحيط للشيخ تاج الدين بن احمد المعروف ب:

«ابن مكتوم».

هو جمع ما اعترض عليه صاحب تفسير «البحر المحيط» ابو حيان التوحيدي الاندلسي.

7- الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف للحافظ ابن حجر العسقلاني.

8- شاهد الانصاف على شواهد الكشاف للشيخ محمد عليان المرزوقي، المطبوع في هامش التفسير «1».

في منهج الزمخشري

1- منهج الزمخشري في تفسير القرآن و بيان اعجازه للدكتور مصطفى الصّاوي الجويني. القاهرة، دار المعارف، 1959 م، 309 ص، حجم 24 سم.

2- النظم القرآني في كشاف الزمخشري للدكتور درويش الجندي. القاهرة، دار النهضة مصر للطبع و النشر، 1969 م، 264 ص، حجم 24 سم.

3- أثر البلاغة في تفسير الكشاف للدكتور عمر الملا حويش. بغداد، مطبعة دار البصري بمساعدة وزارة التربية و التعليم، سنة 1390 ه- 1970 م، 263 ص، حجم 24 سم.

4- التأويل في تفسير الزمخشري و الطبرسي: دراسة مقارنة لقضايا العدل و التوحيد و الإمامة و العصمة لحسين كمال أحمد. القاهرة: كلية الآداب، جامعة عين

______________________________

(1) و لتفصيل الموارد انظر:

كشف الظنون، ج 2/ 1478.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 582

شمس، 1986 م، رسالة دكتوراه (رسالة القرآن، العدد الثامن/ 201).

5- الزمخشري لغويا و مفسرا لمرتضى آية اللّه زاده الشيرازي، مع تقديم الدكتور حسين نصّار. القاهرة، دار الثقافة للطباعة و النشر، 1977 م، 456 ص، حجم 24 سم.

6- البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري و أثرها في الدراسات البلاغية للدكتور محمد محمد ابو موسى. القاهرة، مكتبة وهبة، الطبعة الثانية، 1408 ه- 1988 م، 752 ص، 24 سم.

7- الزمخشري للدكتور أحمد محمد الحوفي. القاهرة، دار الفكر العربي، الطبعة الاولى، 1386 ه «1».

______________________________

(1) و ايضا انظر: مناهج المفسرين لآل جعفر/ 213؛ و طبقات المفسرين للداودي، ج 2/ 314- 316؛ و الايرانيون و الادب العربي لقيس آل قيس، قسم علوم القرآن، ج 2/ 299؛ و دراسات في التفسير و رجاله للجبوري/ 96؛ و الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 130؛ و اثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي لآل جعفر/ 103؛ و اعجاز القرآن في دراسات السابقين للخطيب/ 297؛ و الاسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 286؛ و القراءات القرآنية في بلاد الشام لحسين عطوان/ 332؛ و مذاهب التفسير الاسلامي لجولد تسيهر ترجمة النجار/ 140؛ و الحاكم الجشمي و منهجه في التفسير لزرزور/ 459؛ و بلاغة القرآن في آثار القاضي عبد الجبار لعبد الفتاح لاشين/ 649؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 92؛ و منهج ابن عطية في تفسير القرآن لعبد الوهاب فائد/ 302؛ و قضية الاعجاز القرآني و اثرها في تدوين البلاغة العربية لابن عرفة/ 660؛ و النحو و كتب التفسير لرفيدة، ج 1/ 681.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 583

90- كشف الأسرار النورانية القرآنية

اشارة

العنوان المعروف: كشف

الأسرار النورانية القرآنية، فيما يتعلق بالأجرام السماوية و الارضية و ...

المؤلف: محمد بن أحمد الاسكندراني.

وفاته: توفي في سنة 1306 ه- 1889 م.

مذهب المؤلف: السني الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1290 ه.

عدد المجلدات: 3.

طبعات الكتاب: القاهرة، مطبعة الوهبية، سنة 1297 ه، 3 مجلدات، حجم 28 سم.

حياة المؤلف:

هو محمد بن أحمد الإسكندراني، طبيب باحث من اهل الإسكندرية، عمل في العسكرية البحرية بمصر الى سنة 1256 ه، و رحل الى دمشق، فتولى رئاسة اطباء الجيش الى سنة 1258 ه.

هو من أحد رجال القرن الثالث عشر الهجري، برع في الطب الروحاني و الجسماني، و له علاقة شديدة في رفع شبهات الاجانب التي تثار ضد الدين،

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 584

و رفع شبهة مخالفة الدين مع العلم. اطلع على العلوم الحديثة التي عرفت في زمنه من الطب و الصناعة و من العلوم الطبيعة و الكيميا و طبقات الارض و الحيوان و النبات.

يستظهر من مؤلفاته، أنّه يشعر بفكرة الاعجاز ضمنا حين يدلّه المؤلف على أن القرآن تحدث عن قوة الجاذبية في الطبيعة و عن أطوار خلق الكون.

توفى سنة 1306 ه بدمشق.

آثاره و مؤلفاته:

1- كشف الاسرار النورانية القرآنية فيما يتعلق بالاجرام السماوية و الارضية.

2- تبيان الأسرار الربانية بالنبات و المعادن و الخواص الحيوانية.

3- الأزهار المخبية في مداواة الهيضة الهندية.

4- البراهين البيّنات في بيان حقائق الحيوانات «1».

تعريف عام

هو اول تفسير علمي- فيما أعلم- للقرآن، لا يستوعب تفسيره جميع آياته، بل تعرض فيه الآيات التي ترتبط بالموضوع الذي يطرحه، و هو في ثلاثة أجزاء:

1- جزء يتعلق بالحياة و خلق الحيوانات.

2- جزء يتعلق بالاجرام السماوية و الارض.

3- الجزء الاخير يتعلق ببيان أسرار النباتات و المعادن، من دون رعاية لترتيب سور القرآن.

و قد ذكر الاسكندرانى في هذا الكتاب: أن القرآن يحتوي على علوم جمة، على ما جدّ من نظريات علمية تؤيد اعجاز القرآن، و يثبت ان عصر العلم الذى يتحدثون

______________________________

(1) الاعلام للزركلى، ج 6/ 21.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 585

عنه قد بيّنه القرآن فى صورة حقائق الكون و خلق الحيوان و اسرار النباتات و المعادن.

ذكر المفسر في مقدمة كتابه غرضه من تأليف الكتاب فقال:

«و كنت منذ زالت عني تمام الطفولية، و نيطت بي عمائم الرجولية، ممن شغف بتعلم الطب ليالي و اياما، انهمك في دراسته على قدر الطاقة سنين و اعواما ... ثم أقمت بدمشق الشام معتنيا بمداواة اهلها الأماثل الاعلام، إلى أن اجتمعت في محل حافل سنة تسعين و مائتين و ألف [1290 ه] ببعض الاطباء المسيحيين، فشرعوا يتحادثون في كيفية تكون الأحجار الفحمية، و في أنها هل أشير اليها في التوراة و الانجيل أم لا؟ فبعد الأسئلة و الاجوبة و القيل و القال، و اجراء البحث و الجدال، حكموا و عوّلوا على أنه لا يوجد لها ذكر فيهما أصلا، لا صريحا و لا إشارة تؤخذ منهما و تفهم فهما،

ثم خصصوا بي المقال، و وجهوا إلي السؤال، بأنه هل أشير اليها في القرآن الشريف، أم صرح بذكرها في ذلك الكتاب المنيف، و ان لم يشر اليها فيه بشي ء، فكيف قال تعالى: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «1» و ان أشير اليها فيه، ففي أي موضع أشير اليها، و في أي سورة نص عليها، فتصدرت حينئذ للجواب، و تلطفت في التفهيم و الخطاب، قدر طاقتي و وسعها ...

و تتبعت كلام كثير من العلماء و تصفحت ألوفا من مسائل الفصحاء و البلغاء، و تفردت في طلبه من كتب التفسير و الطب القاصية ... مع زيادة الاجتهاد» «2» و قد اعتمد في تفسيره العلمي على من سبقه، ممّن له العناية بالجانب العلمي في التفسير كالرازي في مفاتيح الغيب و غيره.

ابتدأ تفسيره بعد ذكر أسباب تأليف الكتاب و منهجه، بمقدمة في كيفية تكوين الأحجار الفحمية و ما يتعلق بذلك، ثم شرع بتفسير آيات تتعلق بخلق الحيوانات و ما فيها.

______________________________

(1) سورة الانعام/ 38.

(2) كشف الاسرار، ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 586

منهجه

و كان منهجه في تفسير الآيات، تقسيم الكتاب الى مقالات، فبعد ذكر الآية، قسّم الموضوع الى أقسام و في القسم الاولى ذكر تفسير الآية و الوجوه المحتملة فيها منقولة عن المفسرين و الصحابة و التابعين و من بعدهم، من دون إشارة الى مصدره، و قد يذكر القراءات الواردة فيها، ثم يشرع في تفسيره العلمي في ذكر الكليات من الطب و غيره.

و نموذج على ذلك ما ذكره في المقالة الخامسة عشرة من كتابه حيث قال:

«في قوله عزّ و جلّ: وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَ ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى

... «1» قد ذكرنا مرارا ان الدلائل مع كثرتها و عدم دخولها في عدد محصور منحصرة في قسمين، دلائل الآفاق، و دلائل الأنفس، كما قال تعالى:

سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ «2»، فلمّا ذكر دلائل الآفاق من السموات، و ما يؤتى و يرسل منها من الخيرات، شرع في دلائل الانفس، و قد ذكرنا غالبا ما يتعلق بذلك مع تفسيره مرارا، و ذكرنا أيضا ما قيل من أن قوله: مِنْ تُرابٍ، إشارة الى خلق آدم عليه السلام، ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ إشارة الى خلق اولاده، و بيّنا أن الكلام غير محتاج الى هذا التأويل، بل قوله: خَلَقَكُمْ خطاب عام للناس كلهم، و هم اولاد آدم، و كلهم من تراب، و مِنْ نُطْفَةٍ لأنّهم كلهم من نطفة، و أصل النطفة و حقيقتها، قد تقدم الكلام عليها، فلا حاجة للاعادة.

و اما قوله عز من قائل: وَ ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَ لا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ «3» ففيه إشارة الى كمال العلم، فان ما في الارحام قبل التخليق، بل بعده ايضا ما دام في البطن

______________________________

(1) سورة فاطر/ 11.

(2) سورة فصلت/ 53.

(3) سورة فاطر/ 11.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 587

لا يعلم حاله أحد إلّا هو، كيف و نفس الأم الحاملة به لا تعلم منه شيئا» «1» ثم اورد الكلام في جملة من المسائل العلمية المتعلقة بالآية في خلق الانسان و تركيبه الجسماني و اعضائه الحيوية و بنائها مثل خلق الأسنان، و العظام، و سن البلوغ مع ايراده لجملة شروح متصلة بمراحل حياة الانسان و نموه من الفتوة و الشيخوخة و غيرها.

و في المجلد الاول من التفسير، فسّر جميع الآيات المتعلقة بحياة الحيوان و الانسان من جهاته المختلفة.

و في المجلد

الثاني، فسّر جميع الآيات المتعلقة بالاجرام السماوية.

و في المجلد الثالث، فسر الآيات المتعلقة بالنباتات.

فالخلاصة: كان الاسكندراني يتحدث في تفسيره العلمي الموضوعي عن اعجاز القرآن صراحة و مباشرة، و لكنه يجعل القارئ لتفسيره يشعر بفكرة الإعجاز ضمنا حين يدله المؤلف على أن القرآن تحدث عن اطوار خلق الانسان و الكون و قوة الجاذبية في الطبيعة، و عن تكوّن الحليب من الدم في الثدي و غير ذلك من حقائق العلم الحديث، فينتقل بتفكيره الى أن القرآن قد تحدث بها قبل ان يعرفها العلم البشري، و يستنتج أن القرآن يحوي على أسرار العلوم و الكون، و أن القرآن معجزا باخباره عن كثير من الامور التي ستحدث في المستقبل، و لم يكن اهتمامه في التفسير منصبّا في ايجاد التفسير القرآني بالشكل الدارج و المتعارف عليه، كما انه لم يلحظ مسألة التوجيه التربوي و العقائدي التي تشكل السبب الاول لنزول القرآن.

و لهذا لم نسم هذا الكتاب تفسيرا و ان كان تفسيرا منتخبا علميا شرع فيه المؤلف ببيان معنى التفسير و ذكر بيان الآية، و إعراب الكلمات و القراءات «2»

______________________________

(1) كشف الاسرار، ج 1/ 79.

(2) انظر ايضا: التفسير و المفسرون للذهبى، ج 2/ 497؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصى/ 209.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 588

91- كشف الأسرار و عدة الأبرار

اشارة

العنوان المعروف: كشف الأسرار و عدة الأبرار المعروف ب «تفسير خواجه عبد اللّه الانصاري».

المؤلف: ابو الفضل رشيد الدين أحمد بن ابي سعد الميبدي.

وفاته: توفي في حدود سنة 520 ه- 1126 م.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعري.

اللغة: الفارسية.

تاريخ التأليف: 520 ه.

عدد المجلدات: 10.

طبعات الكتاب: طهران، الطبعة الاولى، سنة 1373 ه، باهتمام علي اصغر حكمت، 10 مجلدات، حجم 24 سم.

و طهران، الطبعة الثانية، مؤسسة امير كبير للنشر، و

الطبعة الرابعة، سنة 1403 ه، حجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو ابو الفضل أحمد بن ابي سعد بن أحمد بن مهريزد، الميبدي نسبة الى ميبد، و هي مدينة في محافظة يزد، و ابوه جمال الاسلام ابو سعد بن أحمد المتوفى سنة

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 589

480 ه في مدينة يزد من بلاد ايران. و كان من الصلحاء و العبّاد، و من بيت العلم و الفضيلة.

و المفسر عاش قطعا بعد سنة 520 ه، كما صرّح هو في مقدمة تفسيره عند الشروع.

و هو من علماء الشافعية فقها و فروعا، و من اصحاب الحديث و قبول الظواهر اصولا و اعتقادا، و من اهل الذوق عرفانا و إشارة، و هو خبير في التفسير و الحديث و الفقه.

و اخوه موفق الدين ابو جعفر بن ابي سعد بن أحمد بن مهريزد المتوفى سنة 570 ه، كان من العلماء و الصلحاء.

فعلى هذا لم يكن تاريخ ولادته و وفاته معروفة، و ان كانت الفترة الزمنية التي عاش بها معلومة.

أهم آثاره و مؤلفاته:

1- كشف الأسرار و عدة الأبرار.

2- الاربعين.

3- الفصول، في احوال الأمراء و الوزراء و السادات و القضاة. «1»

تعريف عام

يعدّ التفسير شرحا و تفصيلا لتفسير «خواجه عبد الله بن محمد الانصاري الهروي» العالم الصوفي الحنبلي (396- 481 ه) صاحب المقامات و الكرامات، و مؤلف كتاب «منازل السائرين» و هو من التفاسير الادبية الممتازة باللغة الفارسية،

______________________________

(1) انظر ترجمته في: يادنامه علامة اميني (ذكرى العلامة الاميني)/ 166، و مجلة الحوزة العدد 25/ 82، بالفارسية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 590

و كثير التداول بين الأدباء و العرفاء.

قال الميبدي في مقدمة تفسيره في بيان سبب تأليفه:

«فإنّي طالعت كتاب شيخ الاسلام فريد عصره و وحيد دهره ابي اسماعيل عبد اللّه ابن محمد بن علي الانصاري في تفسير القرآن و كشف معانيه، و رأيته قد بلغ به حد الإعجاز لفظا و معنى و تحقيقا و ترصيعا، غير أنه اوجز غاية الإيجاز، و سلك فيه سبيل الاختصار، فلا يكاد يحصل غرض المتعلم المسترشد، او يشفي غليل صدر المتأمّل المستبصر، فأردت أن أنشر فيه جناح الكلام، و أرسل في بسطه عنان اللسان، جمعا بين حقائق التفسير و لطائف التذكير، و تسهيلا للامر على من اشتغل بهذا الفن» «1».

قد ابتدأ التفسير بمقدمة موجزة بذكر غرضه من تأليف الكتاب و بيان منهجه في تفسير القرآن ثم شرع في تفسير سورة الحمد، من دون إشارة الى مباحث علوم القرآن و مقدمات التفسير.

كان التفسير من التفاسير الصوفية المهتمّة بذكر وجوه المعاني و القراءة، و سبب النزول، و بيان الأحكام، و ذكر الاخبار و الآثار على غرار مدرسة اهل السنة و الجماعة وفقه الشافعية، و ان كان الشيخ الانصاري الهروي صاحب اصل التفسير في الفقه حنبليا.

و قد اعتمد في

تفسيره على المأثورات المنقولة من الصحابة و التابعين، و من سبقه من المفسرين و اصحاب العرفان، كابي عبد اللّه سهل التستري، و ذو النون المصري، و بايزيد البسطامي، و غيرهم.

منهجه

و طريقته في التفسير تنقسم الى ثلاث مراحل:

1- ابتدأ في النوبة الاولى (بتعبير المفسر)، بترجمة جزء من الآيات.

______________________________

(1) تفسير كشف الاسرار، ج 1/ 1.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 591

2- في النوبة الثانية يشرع الميبدى في تفسير القرآن و يذكر القراءات و أسباب النزول و المأثورات، و اللغة و الادب، و القصص و الحكايات و احكامها اذا تعلقت الآية بالحكم.

3- في النوبة الثالثة، يدخل في بيان الاشارات و الرموز على مذاق اهل الاشارة من الصوفية، و ذكر كلماتهم، مثل خواجة عبد اللّه الانصاري و الجنيد و الشّبلي و بايزيد، و كان كثير النقل و الاستناد على شيخ طريقته و مراده و الشارح لتفسيره، يعنى الشيخ عبد اللّه الانصاري صاحب أصل التفسير.

فكان تفسيره ينطوي على الترجمة الفارسية و التفسير و التأويل بشكل مجزأ و شامل، و ان كان المهم في تفسيره المرحلة الثانية، و ان كانت النوبة الثالثة لا تخلو من اللطافة.

و كان الميبدي، مع أنه من اصحاب الباطن، يخالف التأويل الذي لا يستأنس مع الظاهر، و لهذا كثيرا ما أشار الى ذلك و يسير بسيرة السلف و اصحاب الحديث من اهل السنة و الجماعة، و يخالف في تفسير اليد و الرؤية و انتساب الضلالة و الكفر الى اللّه مع المعتزلة و القدرية. «1» و يعارض الشيعة و المعتزلة في المسائل الكلامية و الاعتقادية.

و كان المفسر يذكر، الأحكام الفقهية في الآيات التي لها تعلق بالاحكام، و ذكر الاحكام مع الميل الى المذهب الشافعي و ترجيحه، و

كان يعنون في ذيل الآيات التي لها تعلق بالاحكام بعنوان مستقل: «فصل»، «الاحكام»، و يفصل المباحث في ذيله.

و من خصائص هذا التفسير بالنسبة الى تفاسير أهل السنة، اظهار المحبة لاهل بيت النبي صلّى اللّه عليه و آله، و الإعلان لحبّهم في آية القربى و غيرها، بخلاف الكثير من مفسري اهل السنة و الجماعة. «2»

و كان يذكر الاخبار و المرويات بشكل مبسّط، من دون إمعان في سندها و دلالتها

______________________________

(1) انظر: كشف الأسرار ج 3/ 168، ج 2/ 639، ج 3/ 446 و 727 و ج 3/ 118.

(2) انظر: كشف الإسرار، ج 3/ 150، و ج 4/ 226، و ج 1/ 209 و 395، و ج 5/ 669، و ج 8/ 215.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 592

و تطابقها مع العقل السليم، و لهذا ذكر كثيرا من المأثورات الموضوعة و الضعيفة، و كذا الاسرائيليات.

و لهذا ذكر الحكايات و القصص التي جاءت من اهل الكتاب، مثل كعب الاحبار و وهب بن منبّه و غيرهما، و لا يعقب بتضعيف او إبطال لها، و نموذج على ذلك ما ذكره في قصة هاروت و ماروت بتفصيلها، مع ما فيها من الوهن، و مخالفة العقل و النقل، و تنافيها مع عصمة الملائكة، و لم يبيّن ضعف هذه المرويات و تدخل اليهود في اخبارنا. «1»

دراسات حول التفسير

1- خلاصة التفسير «گزيده تفسير كشف الأسرار و عدة الأبرار». للدكتور رضا انزابي نژاد. (مؤسسة امير كبير للنشر)، 1364 ش- 1406 ه، الحجم 24 سم.

2- التفسير الادبي و العرفاني من القرآن المجيد. «تفسير ادبي و عرفاني قرآن مجيد».

و هو خلاصة لكشف الأسرار من النوبة الثانية و الثالثة من التفسير. لحبيب اللّه آموزگار.

منشورات اقبال، طهران، الطبعة الثالثة، 1360 ش (1402

ه) الحجم 24 سم.

3- فهارس تفسير كشف الأسرار. للدكتور محمد جواد شريعت، طهران، مؤسسة امير كبير للنشر. 1047 صفحة، الحجم 24 سم. «2»

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 1/ 295.

(2) انظر ايضا: يادنامة علامة اميني (ذكرى العلامة الاميني) مقالة حول تفسير كشف الاسرار للدكتور محمد مهدي ركني يزدي/ 165؛ و مجلة الحوزة، العدد 25/ 69؛ و دريافت عرفاني ميبدي از قرآن (الاكتسابات العرفانية من القرآن الميبدى)؛ و مجموعه سخنرانيهاى دومين كنگره تحقيقات ايراني (مجموع خطابات المؤتمر الثانى للتحقيقات الايرانية) ج 2/ 264؛ (لطائف من القرآن الكريم بالفارسية).

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 593

92- كنز الدقائق

اشارة

العنوان المعروف: تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب.

المؤلف: الميرزا محمد المشهدي.

وفاته: توفي في حدود سنة 1125 ه- 1713 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1102 ه.

عدد المجلدات: 10.

طبعات الكتاب: له عدة طبعات منها: قم، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة، الطبعة الاولى، سنة 1407 ه، 10 مجلدات، حجم 24 سم.

و منها: طهران، وزارة الارشاد الاسلامي، مؤسسة الطباعة و النشر، الطبعة الاولى، تحقيق حسين دركاهي، سنة 1408 ه، 14 مجلدا، حجم 24 سم.

و منها: قم، الطبعة الاولى، 10 مجلدات، تحقيق و تصحيح الشيخ مجتبى العراقي.

حياة المؤلف:

هو الميرزا محمد بن محمد رضا بن اسماعيل بن جمال الدين القمي، المعروف ب «المشهدي». كان من علماء الإمامية في قرن الثاني عشر من الهجرة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 594

ولد في مدينة مشهد الرضا، علي بن موسى الكاظم (ع) و ان كان قمي الاصل، اذ المؤلف يصرّح في كثير من تآليفه أنّه تم تأليفه في مدينة مشهد، و قد يعبّر بالمشهدي مولدا و مسكنا.

قد وصفه صاحب الروضات، بأنه كان فاضلا عالما عاملا جامعا اديبا محدثا فقيها مفسرا ... من علماء زمن سميانا العلامتين السبزواري و المجلسي، و مولانا الفيض الكاشاني.

و يبدو منه أن والد المترجم، كان تتلمذ على العلامة المتبحر الشيخ البهائي (المتوفى سنة 1031). قد أرّخ اكثر تأليفه و تتراوح هذه التواريخ ما بين عام 1074 ه و عام 1104 ه، و لعل هذه الفترة كانت اوفر أيام حياته النابضة بالحركة العلمية الناتجة، و لكن كتابة كتاب «سلّم الدرجات» و كذا تأليف «التحفة الحسينية» في زمان الشاه حسين الصفوي، يعطي أن حياته التأليفية استمرت حتى بعد عام 1106 ه. فعلى هذا لم يكن تاريخ ولادته و

وفاته معروفة، و إن كانت الفترة الزمنيّة التي عاشها معلومة.

أهم آثاره و مؤلفاته:

1- انجاح الطالب، شرح منظومة في البلاغة لابن شحنة الحنفي.

2- الفوائد الشارحة في شرح منظومة صرفية.

3- التحفة الحسينية (بالفارسية) في الأعمال و الآداب و الأدعية و الأذكار.

4- رسالة في احكام الصيد و الذباحة.

5- رسالة في تواريخ الأئمة المعصومين «ع» المسماة ب «كاشف الغمة».

6- سلّم درجات الجنة، في فضائل مولانا امير المؤمنين علي عليه السلام.

7- شرح موجز على الصحيفة السجادية. «1»

______________________________

(1) انظر ترجمة المؤلف في مقدمة التفسير، بقلم استاذي الشيخ محمد هادي المعرفة/ 13، و روضات الجنات، ج 7/ 105.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 595

تعريف عام

تفسير شامل لجميع آيات القرآن و حصيلة ما سبقه من امهات تفاسير الامامية و اهل السنة. فقد مزج في تفسيره بين النقل و العقل، فأتى بالمنقول من احاديث اهل البيت «ع» و ما اختاره من كلام البيضاوي من تفسيره: «أنوار التنزيل و اسرار التاويل»، كما فعله استاذه و شيخه المقدم المولى محسن الفيض الكاشاني في تفسير «الصافي» من قبل، الّا ان صاحب الصافي انتخب بعض كلمات البيضاوي، و لكن المشهدي اختار نفس الكلمات و العبارات فيما اذا لم يعثر على رواية، ثم أضاف اليها كلمات الاصحاب و المفسرين بشرح و بيان.

و من جهة اخرى، يعدّ التفسير من التفاسير البلاغية و الأدبية، و من الحواشي و الشروح على تفسير البيضاوي و ملحق بهذا التفسير و تفاسير الامامية و مأثوراتهم، كما كان كذلك في تفسير ابي السعود: «ارشاد العقل السليم».

قال المشهدي في مقدمة تفسيره:

«و قد كنت فيما مضى قد رقمت تعليقات على التفسير المشهور للعلامة الزمخشري، و أجلت النظر فيه، ثم على الحاشية للعلامة النحرير و الفاضل المهرير الشيخ الكاملي بهاء الدين العاملي، ثم سنح لي أن اؤلف تفسيرا يحتوي على دقائق

اسرار التنزيل و نكات أبكار التأويل، مع نقل ما روي في التفسير و التأويل عن الأئمة الأطهار و الهداة الأبرار، إلّا أنّ قصور بضاعتي يمنعني عن الإقدام و يثبطني عن الانتصاب في هذا المقام، حتى وفقني ربي للشروع فيما قصدته و الإتيان بما أردته» «1».

منهجه

كان منهجه بصورة عامة، هو ذكر اسم السورة و فضيلتها و ثواب قراءتها، و نقل

______________________________

(1) نفس المصدر/ 21.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 596

الرواية في ذلك، ثم يبدأ بتفسير الآية، و قد اختار من «أنوار التنزيل» ما يتعلق بالاعراب و المعاني و البيان و الوجوه التي تحتملها الآية، و الرواية عن طريق اهل البيت عليهم السلام في معنى الآية.

و كان المشهدي إذا لم يجد نصا صحيحا عنده، ورد في تفسير الآية، و اجتهد في تأويلها وفق ما تقتضيه اللغة و إعراب الكلمات، معتمدا على ما قاله المفسرون في ذلك، و ربط بين الآيات و مقاصدها، و قد يرجح بين الأقوال خصوصا اذا كان فيها نص يدلّ عليه.

و يتعرض للعقائد و البحوث الكلامية وفق مذهب الامامية من دون الاشارة الى مخالفيه، بل يفسر الآية مستشهدا بما روي عن ائمة اهل البيت عليهم السلام، فعند ذكر قوله اللّه تعالى:

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «1» بعد نقل كلام البيضاوي في تفسير الآية، ينقل أحاديثا عن طريق اهل البيت (ع) في معنى الآية و المراد من الادراك و استحالة الرؤية، و مثالا على ذلك ما نقله عن ابي عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السلام في تفسير قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ:

قال عليه السلام: احاطة الوهم، أ لا ترى الى قوله: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ، ليس يعني بصر العيون فَمَنْ أَبْصَرَ

فَلِنَفْسِهِ، ليس يعني من أبصر بعينه وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها، لم يعن عمى العيون، إنّما عنى احاطة الوهم، كما يقال: فلان بصير بالشعر، و فلان بصير بالفقه، و فلان بصير بالدراهم، و فلان بصير بالثياب، اللّه اعظم من ان يرى بالعين» «2».

و يتعرض للأحكام الفقهية في آيات الاحكام وفق المنهج الذي سار عليه في تفسيره للآيات. بعد نقله لعبارات البيضاوي، فانه يختار مذهب الإمامية عنده ذكره

______________________________

(1) سورة الانعام/ 103.

(2) تفسير كنز الدقائق، ج 3/ 355.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 597

للاحكام الفقهية، مستدلا بالمأثورات عن طريق اهل البيت عليه السلام من دون اضافة شي ء و كلمة توضيحية، او تفسيرية، او ذكر نقد لمخالفيهم «1».

و اما موقفه في نقل الأخبار الإسرائيلية و الموضوعات، فهو كموقف البيضاوي في الرد عليها و الاجتناب عن نقلها، و الرد على من نقلها من اصحاب التفاسير، من دون تفصيل و توضيح و نموذج على ذلك ما ذكره في قصة هاروت و ماروت حيث قال موجزا:

«و ما روى أنهما مثلا بشرين و ركّب فيهما الشهوة، فتعرّضا لامرأة يقال لها زهرة، فحملتهما على المعاصي و الشرك، ثم صعدت الى السماء بما تعلمت منهما، فمحكي عن اليهود» «2».

فالخلاصة: كان الكتاب له قيمة و مكانة في مزج تفسيره بين الرواية و الدراية، و يعطينا الصورة الواضحة للتفسير عند الامامية الاثنى عشرية، و يشتمل على ما فى كتب التفسير من اللغة و الاعراب و البيان بشكل موجز رائع.

______________________________

(1) انظر نفس المصدر/ 28 في ذيل آية الوضوء من سورة المائدة/ 6.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 310.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 598

93- لباب التأويل في معاني التنزيل

اشارة

العنوان المعروف: لباب التأويل في معاني التنزيل، المعروف ب «تفسير الخازن».

المؤلف: علاء الدين، ابو الحسن،

علي بن محمد بن إبراهيم الشيحي البغدادي.

المعروف ب «الخازن».

ولادته: ولد في سنة 678 ه- 1279 م، و توفي في سنة 741 ه- 1341 م.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 725 ه.

عدد المجلدات: 4 طبعات الكتاب: له عدة طبعات منها:

القاهرة، الطبعة الاولى، سنة 1309 ه، 4 مجلدات، حجم 28 سم، و بهامشه تفسير مدارك التنزيل و حقائق التأويل.

و منها: القاهرة، الطبعة الاولى، مطبعة الاستقامة، المكتبة التجارية، سنة 1374 ه، حجم 28 سم، و بهامشه مدارك التنزيل للنسفي.

و منها: القاهرة، مطبعة الاستقامة، سنة 1381 ه، و بهامشه تفسير معالم التنزيل للبغوي.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 599

حياة المؤلف:

هو علاء الدين، ابو الحسن، علي بن محمد بن إبراهيم الشيحي، نسبة الى «شيحة» قرية من أعمال حلب، بغدادي الاصل، صوفي، كان خازنا للكتب بالمدرسة السميساطية، و لهذا اشتهر بالخازن.

ولد سنة 678 ه ببغداد، و سمع بها من ابن الثعالبي، و قدم دمشق، فسمع من القاسم بن مظفر، و وزيرة بنت عمر، و اشتغل كثيرا بالتحصيل و التأليف، و جمع تفسيرا كبيرا، و كان حسن السّمت و البشر و التودّد للناس.

و الخازن كان عالما بالتفسير، واعظا، متصوفا، و فقهيا من فقهاء الشافعية.

توفي سنة 741 ه بحلب.

آثاره و مؤلفاته:

1- السيرة النبوية.

2- عدة الافهام في شرح عمدة الاحكام، الذي جمع فيه بين مسند الامام احمد و مسند الامام الشافعي.

3- مقبول المنقول.

4- لباب التأويل في معاني التنزيل، الذي نحن بصدد تعريفه «1»

تعريف عام

يعدّ تفسير الخازن، مختصرا لتفسير البغوي لأبي محمد، حسين بن مسعود المعروف ب «الفراء»، المسمى ب «معالم التنزيل» الذي سيأتي تعريفه- و بما أن تفسير البغوي هو مختصر لتفسير الثعلبي، لأحمد بن محمد النيشابوري المسمى ب

______________________________

(1) الاعلام للزركلى، ج 5/ 5، و طبقات المفسرين للداودي، ج 1/ 426.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 600

«الكشف و البيان»، فهذا التفسير بمثابة مختصر لمختصر، و ليس فيه الّا النقل و الانتخاب؛ مع حذف الاسانيد و تجنب التطويل و الإسهاب، فهو تفسير بالمأثور، و لهذا نراه يكثر نقل الروايات التفسيرية الى حدّ ما، مع اعتنائه بتقرير الأحكام و أدلتها، و هو مملوء بالأخبار التاريخية و القصص المروية.

قال الخازن في مقدمة تفسيره في بيان سبب تأليفه و منهجه:

«و لمّا كان كتاب «معالم التنزيل» الذي صنفه الشيخ الجليل ... ابو محمد الحسين ابن مسعود البغوي، من أجلّ المصنفات في علم التفسير و أعلاها، و أنبلها و أسناها، جامعا للصحيح من الأقاويل، عاريا عن الشبه و التصحيف و التبديل، محلى بالاحاديث النبوية، مطرزا بالأحكام الشرعية، موشى بالقصص الغريبة و اخبار الماضين العجيبة، مرصعا بأحسن الاشارات، مخرجا بأوضح العبارات ... أحببت أن أنتخب من غرر فوائده، و درر فرائده، و زواهر نصوصه، و جواهر فصوصه، مختصرا جامعا لمعاني التفسير و لباب التأويل و التعبير ... و لم اجعل لنفسي تصرفا سوى النقل و الانتخاب، مجتنبا حد التطويل و الإسهاب، و حذفت منه الاسناد، لأنه اقرب الى تحصيل المراد» «1».

بدأ بمقدمة في

علوم القرآن و اصول التفسير، ذكر فيها فضيلة التفسير و عدم جواز التفسير بالرأي، و الوعيد لمن تكلم في تفسير القرآن بغير علم، و جمع القرآن، و ترتيبه، و نزوله، و المراد من نزوله على سبعة أحرف، و معنى التفسير و التأويل، و غيرها من المباحث.

منهجه

و كانت طريقته في التفسير أن يذكر اسم السورة و فضيلتها و فضل قارئها، ثم تفسير الآية تفسيرا لغويا و احيانا يستشهد عليها بالشعر، و نقل المأثور عن النبي صلى اللّه عليه و آله، و الصحابة و التابعين.

______________________________

(1) لباب التأويل (تفسير الخازن)، ج 1/ 3.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 601

و قد قال في بيان منهجه في نقل المأثورات:

«فاني اجتهدت في تصحيح ما أخرجته من الكتب المعتبرة عند العلماء، كالجمع بين الصحيحين للحميدي، و كتاب جامع الاصول لابن الأثير الجزري، ثم إنّي عوضت عن حذف الإسناد شرح غريب الحديث و ما يتعلّق به، ليكون أكمل فائدة في هذا الكتاب، و أسهل على الطلاب، و سقته بأبلغ ما قدرت عليه من الإيجاز و حسن الترتيب، مع التسهيل و التقريب» «1».

و لكن مع الأسف قد امتلأ هذا التفسير كأصليه- تفسير البغوي و تفسير الثعلبي- بالقصص و الأخبار، و الاسرائيليات الباطلة، و لا سيّما في قصص الأنبياء و أخبار الأمم الماضية و الفتن و الملاحم.

و من الحق ان نقول هنا: ان الخازن قد يكر على بعض الإسرائيليات و الموضوعات، و لا سيّما ما يتعلّق منها بالطعن في العصمة، و ما يخل بالعقيدة الصحيحة بالإبطال و الإطناب في ذلك، كما فعل في قصة الغرانيق، و قصة هاروت و ماروت.

كما أنه قد يذكر الكثير من الإسرائيليات، المشتملة على العجائب و الغرائب، و التي لا

يشهد لها نقل صحيح، و لا عقل سليم، و لا يعقب بتضعيف، او ابطال «2».

و العجب منه أنه ينقل هذه الروايات التي تخل بعصمة الانبياء، فمثلا عند نقل قصة المرأة التي وقع بصر داود عليه السلام عليها، فأعجبه جمالها، فاحتال على زوجها حتى قتل رجاء ان تسلم له هذه المرأة التي فتن بها، و شغف بحبها كما تقول الرواية، فقال:

«فصل في تنزيه داود عليه الصلاة و السلام عما لا يليق به و ينسب اليه» «3».

و لكنّه لا يعقب عليها، و لم يبيّن غرابتها و تنافيها مع عصمة الانبياء. بل تنافيها

______________________________

(1) نفس المصدر.

(2) الاسرائيليات و الموضوعات و اثرها في كتب التفسير لأبي شهبة/ 138.

(3) لباب التأويل، ج 6/ 38- 42 من طبعة المكتبة التجارية الكبرى.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 602

مع زعامة رجل ديني غير معصوم.

«كذلك نلاحظ على هذا التفسير أنه يفيض في ذكر الغزوات التي كانت على عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم و اشار اليها القرآن.

و كذلك نجده يعتني عناية خاصة بالجانب الفقهي للتفسير، فاذا تكلم عن آية من آيات الاحكام، استطرد الى مذاهب الفقهاء و أدلتهم، و اقحم في التفسير فروعا فقهية كثيرة، قد لا تهمّ المفسر بوصف كونه مفسرا في قليل و لا كثير.

و ايضا يتعرض للمواعظ و الرقائق، و يسوق أحاديث الترغيب و الترهيب، و لعل نزعة الخازن الصوفية، هي التي أثّرت فيه فجعلته يعتني بهذه الناحية و يستطرد إليها عند المناسبات» «1».

و الخلاصة: كان التفسير روائيا حكائيا صوفيا تأثر كثيرا بما يحيطه من العوامل و المؤثرات، بحيث أنّه يخبر عن عصره و ثقافته و بيئة المؤلف، كما أنه نقل فيه عن الكثير من التفاسير من جانبه القصصي، فاكثر عنها

النقل في تفسيره، و من هنا ايضا غلب على تفسيره اللون القصصي.

دراسات حول التفسير

1- مختصر تفسير القرآن الكريم للخازن. المسمى لباب التأويل في معاني التنزيل.

اختصار: محمد علي قطب. بيروت، الطبعة الاولى، في مجلدين، 1987 م، 24 سم «2».

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 1/ 314.

(2) انظر حول منهجه ايضا: التفسير و المفسرون، ج 1/ 314، الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 139؛ و الاسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 312؛ و داود و سليمان في العهد القديم و القرآن الكريم لأحمد عيسى الأجر/ 356؛ و مناهج المفسرين لآل جعفر/ 91.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 603

94- لطائف الإشارات

اشارة

العنوان المعروف: لطائف الإشارات المعروف ب: «تفسير القشيري».

المؤلف: ابو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيشابوري.

ولادته: ولد في سنة 376 ه- 986 م، و توفي في سنة 465 ه- 1074 م.

مذهب المؤلف: شافعيّ اشعريّ متصوف.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 434 ه.

عدد المجلدات: 3.

طبعات الكتاب: القاهرة، الهيئة المصرية العامة، الطبعة الثانية، سنة 1390 ه، حجم 28 سم.

و القاهرة، دار الكتاب العربي للطباعة و النشر، سنة 1971 ه، حجم 28 سم، قام بتصحيحه و تحقيقه الدكتور إبراهيم بسيوني.

حياة المؤلف:

هو ابو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك، زين الاسلام القشيري، النيشابوري، المعروف ب: «ابي القاسم القشيري».

ولد في قرية من نواحي نيشابور، و مات ابوه و هو صغير، فاتجهت به أسرته نحو

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 604

العلم. فبرع في الاصول و الفقه و العربية.

يمثل القشيري اتجاها خاصّا في العلوم الإسلامية، إنه الاتجاه الصوفي في أدق مظاهره، و أنقى صوره. هو جنيدي الطريقة، سري الحقيقة، سار في درب التصوف على يد ابي الحسن بن الدقاق (م 448 ه) من كبار مشايخ الصوفية في عصره الذي أشار عليه ان يحضر دروس ابي بكر الطوسي المتصوف المعروف ب «صاحب اللمع» (م 378 ه) و ابن فورك (م 406 ه) و الأسفراييني الاشعري (م 471 ه) ثم اكمل دروسه بالنظر في كتب الباقلاني الأشعري (م 403 ه)، و في اثناء ذلك، كان يداوم على دروس الدقّاق، و لما توفي انتقل الى دروس عبد الرحمن السّلمي (م 412 ه) حتى أصبح شيخ خراسان بغير منازع، في الفقه على مذهب الشافعي، و الكلام على المذهب الأشعري، مع تصدير في الحديث و الوعظ و الأدب.

و قد توفي سنة 465 ه بمدينة نيشابور.

آثاره و مؤلفاته:

1- التفسير الكبير المعروف ب «التيسير في التفسير».

2- لطائف الإشارات.

3- الرسالة، المعروفة ب «رسالة القشيري».

4- آداب الصوفية.

5- احكام السماع.

6- شكاية اهل السنة بحكاية ما نالهم من المحنة.

7- ترتيب السلوك.

8- حياة الارواح «1».

______________________________

(1) لطائف الاشارات، ج 1، تقديم الدكتور إبراهيم بسيوني في ترجمة المفسر؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 85.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 605

تعريف عام

هو تفسير كامل للقرآن على طريقة الصوفية و أرباب المجاهدات و الأحوال، و المؤلف قد الّف قبله تفسيرا على منهج المفسرين، سماه: «التيسير في التفسير»، ثم الّف تفسيرا يحتوي على تفسير إشاري يحاكي القلوب و العقول باسلوب يتميز عن سائر مؤلفات الصوفية، المتصفة بالتعقيد و اللغز. فأسلوبه أقرب الى الفهم من كثير من التفاسير الصوفية.

«قد اطلق القشيري على تفسيره اسم: «لطائف الإشارات»، لأن الإشارات، لغة المحب مع المحبوب، و الإشارة بعد ذلك تلويح للمراد لا إفصاح عنه، لعدم قدرة الالفاظ على تحمل المراد، فكلام اللّه تعالى أسرار، و هي بمثابة إشارات للصوفية، تحدد فيه العبارة ما يشيرون اليه» «1».

و قد بيّن القشيري طريقته في تأليفه، فقال:

«كتابنا هذا يأتي على ذكر طرف من إشارات القرآن على لسان اهل المعرفة، إما من معاني قولهم، او قضايا اصولهم، سلكنا فيه طريق الإقلال خشية الملال» «2».

إن هذا التفسير يمثل مرحلة اخرى فوق مرحلة التفسير العادي، الذي يعتمد على قواعد اللغة، و الوان العلوم التي يحتاج اليها المفسر، إنه كشف لذوق، و ابراز لاحساس يحصل من المجاهدة.

كان التفسير، سهل المأخذ، واضح العبارة، موجزا أشد الايجاز، قد اعتمد في تفسيره على بيانات اهل الصوفية، من دون إشارة إلى اسمهم او كتابهم، و يعبّر عن الاقوال بتعبير: «يقال».

قد ابتدأ بمقدمة موجزة بعد خطبة الكتاب بيّن

فيها سبب تأليفه و منهجه، ثم شرع في تفسير القرآن على الترتيب الموجود في المصحف الشريف.

______________________________

(1) مناهج في تحليل النظم القرآنى، لمنير سلطان/ 112.

(2) لطائف الاشارات، ج 1/ 53.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 606

منهجه

طريقته في التفسير، الشروع بالبسملة و جزء من الآية، و ذكر معناها، معتمدا على اللغة و الادب و الشعر و نقل الوجوه و الاحتمالات، فهو تفسير بياني إشاري موجز.

و قد ذكر المأثورات غالبا من دون إشارة الى الراوي، او الاشارة الى الاثر، و كذلك في نقل الاقوال، فإنه يذكر الوجوه و الاحتمالات، و يعبّر ب: «قيل» و «يقال»، كما سبق ذكره. و قد ذكر من اصحاب المعرفة كلماتهم مشيرا لها باسمائهم.

و كان يستخرج في كل آية: «الإشارات اللطيفة» المتخذة من موقفه الصوفي، و يعبّر عن ذلك بقوله: «الإشارة منه».

و يستند كثيرا في تفسير الآية و بيان معاني كلماتهم على الأشعار و الامثال. قال الدكتور منير سلطان حول منهج القشيري في تفسيره:

«كان القشيري ينظر الى اللفظة القرآنية، على أنها جوهر يدقّ على الفهم العادي، و لا يقف عند معاني تلك الالفاظ من الوجهة اللغوية، حتى غلبت الامور على تفسيره، بل يلتفت الى التركيب، يجعل منه حزمة من نور، يتصدى لها ليكشف عن كنهها و يحيط بأسرارها، و قد يحتاج احيانا الى التفسير اللغوي المباشر، و هنا تخففت الإشارات، و يتحول الأمر الى شرح غريب الالفاظ.

و هو ايضا قد ينهج الى المنهج اللغوي الذي يشغل باللفظ، او المنهج الكلامي الذي يفتق المعنى، او المنهج الأدبي الذي يختفي بالسياق، و لكنه لا يخرج من محيط النظرة الصوفية للتركيب الفني، لا يفتته، و لا يؤوله، و لا يخضعه لمبادئ مسبقة، و لا يستخرج منه

احكاما، بل يستلهمه، بكتلته المتراصة الأجزاء» «1».

و هو يرى أن في الفاظ القرآن، بل في حروفه، فضلا عن آياته و سوره، معاني متجددة على الرغم من تكرار اللفظ، او الحروف او الآية.

______________________________

(1) مناهج في تحليل النظم القرآنى لمنير سلطان/ 111.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 607

و القشيري كان على المذهب السني في تصوفه، و كان أشعريا في بيان اعتقاده، و لذا نراه يتكلم في المسائل الاعتقادية و الكلامية كمسألة: اثبات صفاته سبحانه زائدة على ذاته، و مسألة الرؤية و خلق القرآن، و مجبورية الانسان في اعماله وفق مذهب الاشاعرة، و خالف العدلية و المعتزلة في ذلك.

لم يطل في ذكر الاحكام الشرعية و الفروع الفقهية، بل ذكر الآراء الفقهية بايجاز، مع ذكره لآراء الشافعية.

و يستند في تفسيره الى الحديث الشريف، و لكنه جمع فيه بين الصحيح و الضعيف، و ايضا ذكر كثيرا من الإسرائيليات و لا سيّما في قصص الانبياء، و أخبار الماضين التي يعارضها العقل و النقل و يستغرب الانسان عند سماعه لها، و مثال لذلك، ما ذكره في قصة فرعون، حيث قال:

«ان حية موسى عليه السلام كادت تلتقم دار فرعون بمن فيه، و وثب فرعون هاربا، و اختفى تحت سريره».

و كذلك ما ذكره في قصة سليمان:

«نرى نملا زهدا و رصفا عجيبا لهدية بلقيس إلى سليمان عليه السلام».

و ذكره لقصة داود عليه السلام مع امرأة اوريا «1» و غيرها من القصص و الآثار، و الاسراف في ذكر هذه المرويات «2».

______________________________

(1) لطائف الاشارات، ج 1/ 110 و ج 3/ 250 و 255.

(2) انظر: طبقات المفسرين للداودي ج 1/ 338؛ و مناهج المفسرين لمساعد مسلم آل جعفر/ 228؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 85؛ و

اثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي لآل جعفر/ 370، و مناهج في تحليل النظم القرآني لمنير سلطان/ 93- 124؛ و مقدمة المصحح و المحقق للتفسير ج 1/ 22- 37.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 608

95- مجمع البيان

اشارة

العنوان المعروف: مجمع البيان في تفسير القرآن.

المؤلف: أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي.

ولادته: ولد في سنة 468 ه- 1076 م، و توفي في سنة 548 ه- 1154 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 536 ه.

عدد المجلدات: 10 أجزاء في 6 مجلدات.

طبعات الكتاب: طبع عدة مرات في ايران و مصر و بيروت و صيدا و العراق و سائر البلدان الاسلامية نشير الى بعض منها:

طهران، المكتبة العلمية الاسلامية، سنة 1338 ه، تصحيح و تعليق أبو الحسن الشعراني.

و منها: طهران، سنة 1382 ه، و هذه الطبعة تمتاز بمقدمة فيها ترجمة المؤلف و حاوية على فوائد ادبية و تاريخية و كلامية و تفسيرية.

و منها: القاهرة، دار التقريب بين المذاهب الاسلامية، بمقدمة الامام الشيخ محمود شلتوت 12 جزءا، حجم 24 سم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 609

حياة المؤلف:

هو أمين الاسلام، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي الطوسي، الشيخ الأجل، الأوحد، الأكمل، كان من نحارير علماء التفسير الشيعة الاثني عشرية، أصله من طبرستان، و قيل من تفرش (طبرس) من نواحي مدينة قم.

ولد في سنة 468 ه و قد عاش في خراسان في سبزوار و المشهد الرضوي من بلاد ايران. المفسرون حياتهم و منهجهم 609 حياة المؤلف: ..... ص : 609

هو رجل من بيت من بيوت العلم و كان الكثيرون من أقربائه و أحفاده من ذوي المكانة العلمية.

هو مفسر، فقيه محدث صاحب تأليفات كثيرة، و أخذ عنه كثير من العلماء و أخذ هو عن قمة من قمم المذهب الشيعي «1».

و توفى سنة 548 ه في ليلة النحر، ثم نقل نعشه الى مدينة المشهد الرضوي المقدس، و قبره الآن ايضا معروف بها.

آثاره و مؤلفاته:

قد ألّف الطبرسي في التفسير ثلاثة كتب:

الاول: هذا الكتاب الذي نحن بصدد تعريفه.

الثاني: تفسير جوامع الجامع الذي سبق و أن أشرنا اليه في منهجه.

الثالث: الكاف الشاف عن الكشاف. و تسمى هذه التفاسير بالكبير و الوسيط و الوجيز.

تعريف عام

من أحسن تفاسير الشيعة و أشهرها، في غاية الاتقان و حسن الترتيب و التبويب،

______________________________

(1) روضات الجنات، ج 5/ 343.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 610

جمع مؤلفه إلى البحث عن اللغة و الإعراب، و بيان النظم و سبب النزول، ثم فصل المعنى تفصيلا لم يكن فيه إطناب ممل و لا اختصار مخل. قدّم له و كتب حوله الامام الاكبر الشيخ محمود شلتوت في مقدمة إحدى طبعات الكتاب فقال:

«إنّ هذا الكتاب نسيج وحده بين كتب التفسير، و ذلك لانّه مع سعة بحوثه و عمقها و تنوعها، له خاصية في الترتيب و التبويب و التنسيق و التهذيب ...

«و من مزايا هذا التنظيم، أنه يتيح لقارئ الكتاب فرصة القصد الى ما يريده قصدا مباشرا، فمن شاء ان يبحث عن اللغة عمد الى فصلها المخصص لها، و من شاء أن يبحث بحثا نحويا، اتجه اليه، و من شاء معرفة القراءات رواية أو تخريجا و حجة، عمد الى موضع ذلك في كل آية فوجده ميسرا محررا و هكذا» «1».

ابتدأ قبل التفسير بمقدمة مفصلة في دوافعه لتأليف الكتاب و منهجه، و مقدمة في علوم القرآن، فقال الطبرسي في سبب تأليفه هذا:

«قد كنت في عهد ريعان الشباب، و حداثة السن، و ريان العيش، و نظارة الغصن كثير النزاع، قلق التشوق، شديد التشوف، إلى جمع كتاب في التفسير، ينتظم أسرار النحو اللطيفة، و لمع اللغة الشريفة، و يفي موارد القراءات من متوجهاتها، مع بيان حججها الواردة من

جميع جهاتها. و يجمع جوامع البيان في المعاني، المستنبطة من معادنها، المستخرجة من كوامنها، إلى غير ذلك من علومه الجمة. مطلعة من الغلق و الأكمة. فيعترض لذلك جوائح الزمان و عوائق الحدثان و واردات الهموم، و هفوات القدر المحتوم» «2».

و اعتمد في تفسير الكتاب على أقوال الصحابة و التابعين مثل، عبد اللّه بن عباس و الحسن البصري، و قتادة بن دعامة و مجاهد بن جبر و الجبّائي و السدّي و عبد

______________________________

(1) مجمع البيان، ج 1/ 1 من طبعة القاهرة، المنقول من كتاب الطبرسي و مجمع البيان لحسين كريمان، ج 2/ 27.

(2) نفس المصدر من طبعة دار المعرفة، ج 1/ 76.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 611

اللّه بن مسعود و غيرهم.

و نقل كثيرا عن كتاب «التبيان» للشيخ الطوسي، بل تأثر به كثيرا حتى عبّر عنه:

«بقدوة استضي ء بأنواره، و أطأ مواقع آثاره».

و اما غيره من اصحاب التفاسير، فلم يصرّح باسمائهم و لا كتبهم، و ان كان النقل و الاستشهاد من التفاسير الشيعية و السنيّة كثيرة «1».

و ايضا ذكر في مقدمة الكتاب بيان الفنون السبعة في تعداد آي القرآن و الفائدة في معرفتها، اسامي القراء المشهورين، و معنى التفسير و التأويل و اسامي القرآن و معانيها، و في فضل القرآن و ما يستحب للقارئ من تحسين اللفظ و تزيين الصوت بقراءته.

منهجه

في مطلع كل سورة ذكر مكيّها و مدنيّها و الاختلاف في عدد آياتها و فضل تلاوتها، ثم أقدم في كل آية على بيان الاختلاف في القراءات، ثم ذكر العلل و الاحتجاجات، ثم ذكر العربية و اللغات، ثم ذكر الإعراب و المشكلات، ثم اسباب النزول، ثم ذكر المعاني و الأحكام و التأويلات و القصص، ثم ذكر انتظام الآيات.

كان

الطبرسي جمع من أنواع العلوم و أحاط بها من اقوال متشتتة في التفسير، مع الاشارة في كل مقام الى ما روي عن أهل البيت عليهم السلام في تفسير الآيات بالوجوه و البيّنة المقبولة، مع الاعتدال و حسن الاختيار في الأقوال و التأدب و حفظ اللسان، مع من يخالفه في الرأي، بحيث لا يوجد في كلامه شي ء ينفّر الخصم، أو يشتمل على التهجين و التقبيح، و قلّ ما يوجد في المصنفين من يسلم كلامه من ذلك.

و يتعرض في تفسيره لبعض القضايا العقائدية و الكلامية مثل افعال العباد، و مسألة الجبر و الاختيار، و الرؤية، و الاسلام و الايمان، و الشفاعة، و العصمة،

______________________________

(1) انظر تفصيل الموارد: الطبرسى و مجمع البيان لحسين كريمان، ج 2/ 36.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 612

و الامامة، و غير ذلك من المباحث، فمثلا يقول عند تفسير قوله تعالى: قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ «1»:

«استدلت المجبرة بقوله تعالى: خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ على أن افعال العباد مخلوقة للّه، لأن ظاهر العموم يقتضي دخول أفعال العباد فيه و بقوله: أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ «1». قالوا: لانه أنكر أن يكون خلق كخلقه.

و أجيب عن ذلك بان الآية وردت حجة على الكفار، اذ لو كان المراد ما قالوا، لكان فيها حجة لهم على اللّه، لأنه اذا كان الخالق لعبادتهم الأصنام، هو اللّه، فلا يتوجه التوبيخ الى الكفار، و لا يلحقهم اللوم بذلك، بل يكون لهم ان يقولوا: انك خلقت فينا ذلك، فلم توبخنا على فعل فعلته فينا! فيبطل حينئذ فائدة الآية» «3».

و كذلك في غيره من الآيات، لا يترك مناسبة إلّا و يرد فيها على المجبرة.

و يذكر الطبرسي اختلاف الفرق في

الرؤية عند تفسيره لقوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «4» قائلا:

«اختلف فيه على وجهين:

أحدهما: ان المراد: إلى ثواب ربّها ناظرة، أي: هي ناظرة الى نعيم الجنة، حالا بعد حال، فيزداد بذلك سرورها، و ذكر الوجوه، و المراد اصحاب الوجوه، روي ذلك عن جماعة من علماء المفسرين من الصحابة، و التابعين لهم و غيرهم، فحذف المضاف و أقام المضاف اليه مقامه، كما في قوله تعالى: وَ جاءَ رَبُّكَ «5» أي أمر ربك، و قوله: وَ أَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ «6»، أي: إلى طاعة العزيز الغفار و توحيده ...

______________________________

(1) سورة الرعد/ 16.

(3) مجمع البيان، الجزء الخامس و السادس/ 285، من طبعة دار احياء التراث العربى.

(4) سورة القيامة/ 22 و 23.

(5) سورة الفجر/ 22.

(6) سورة غافر/ 42.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 613

و الآخر: أن النظر بمعنى الرؤية، و المعنى تنظر إلى اللّه معاينة، رووا ذلك عن الكلبي، و مقاتل و عطاء و غيرهم «1».

ثم يستدل على نفي جواز هذه الرؤية- موافقا لقول الامامية في امتناع رؤية اللّه في الدنيا و الآخرة- من اللغة و العقل، و يؤول ما استدل عليه أهل السنة في ذلك.

و كذلك غيره من المباحث الكلامية و الآراء العقائدية التي نشرها في ثنايا تفسيره.

و اما موقفه بالنسبة الى نقل الاسرائيليات، فلم يخل تفسيره منها، و شأنه في ذلك شأن أي تفسير من التفاسير الأخر، و الغالب ان يعزو الطبرسي الاسرائيليات الى من نقلت عنهم، سواء كانوا من الصحابة و التابعين، أم كانوا من أهل الكتاب الذين أسلموا، مثل وهب بن منبه و كعب الأحبار.

و لكن منهجه في ايراد بعض الاسرائيليات ذكرها لينبه إلى اختلاقها و بطلانها و تحذير المسلمين من التصديق

بها، فقد أفاض في رد هذه الاسرائيليات، كما صنع في رواية ابتلاء داود عليه السلام، بوقوع الحمامة في محرابه، و حكاية امرأة اوريا، حيث قال:

«ان ذلك مما لا شبهة في فساده، لأنه يقدح في العدالة، فكيف يجوز أن يكون انبياء اللّه، الذين هم امناؤه على وحيه و سفراؤه بينه و بين خلقه، بصفة من لا تقبل شهادته، و على حالة تنفر من الاستماع اليه و القبول منه، جلّ انبياء اللّه عن ذلك، و قد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام، انه قال: «لا اوتى برجل يزعم أن داود تزوّج امرأة اوريا إلّا جلدته حدين، حدا للنبوة، و حدا للاسلام» «2».

و ينقل الطبرسي المأثورات الواردة عن طريق أهل البيت، و من كتب أهل السنة و الجماعة، و كانت طريقته في تفسير آيات الاحكام هي: ذكر أقوال المفسرين

______________________________

(1) مجمع البيان، الجزء العاشر/ 398 من طبعة دار احياء التراث العربى.

(2) نفس المصدر، ج 8/ 472. ذيل آية 25 من سورة ص.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 614

و الفقهاء حول الآية، ثم بيان موقف الشيعة منها، و الاستدلال له، من دون تبسيط في نقله و استدلاله، أو التعصب و التعيير لمخالفيه.

و الخلاصة، كان التفسير من أحسن التفاسير البيانية و الأدبية، الذي يعتني بذكر حجج اللغويين و النحويين، و عرض الادلة في مسائل الخلاف بين الشيعة و السنة.

دراسات حول التفسير

كان تفسير مجمع البيان، من التفاسير التي لا تزال موضع اهتمام الدارسين، فقد عنى العلماء بنشاطات مختلفة حول هذا التفسير من جهة التلخيص و بيان المنهج، نشير الى بعض الكتب و الرسائل و المقالات:

1- الطبرسي و مجمع البيان. حسين كريمان. باللغة الفارسية، في مجلدين، طهران، منشورات جامعة طهران، الطبعة الاولى، 1382 ه

(1340 ش) الحجم:

24 سم.

2- منهج الطبرسي في تفسير الالفاظ. صبيح التميمي. مجلة كلية التربية، جامعة الموصل 1978 م.

3- القضايا النحوية في تفسير الطبرسي. كاظم إبراهيم كاظم. رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة. (رسالة القرآن، العدد العاشر/ 209).

4- الطبرسي مفسرا. محمد بسيوني محمد فودة. القاهرة، جامعة الازهر، 1974 م رسالة دكتوراه. (رسالة القرآن، العدد العاشر/ 203).

5- منهج الطبرسي في تفسير مجمع البيان. عبد الزهرة كاظم سمحاق الحجاج.

رسالة ماجستير، مجلس كلية الفقه في جامعة الكوفة، 1410 ه- 1989 م، 341 ص.

6- المنهج اللغوي عند الطبرسي. ناصر كاظم زوير السراجي. رسالة لنيل درجة الدكتوراة بكلية الآداب في الجامعة السورية، 1987 م.

7- تفسير مجمع البيان للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، دراسة

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 615

و تحليلا. حسنية عبد اللّه حسن حويج. رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا في الجامعة الاردنية، 1993 م، 351 ص.

8- قد اختصر مجمع البيان كل من: زين الدين بن علي بن يونس العاملي النباطي البياضي (م 877) (امل الآمل، ج 1/ 135). و محمد بن أحمد الخواجكى الشيرازي (الذريعة، ج 20/ 206)، و الشيخ محمد باقر الناصري في ثلاثة مجلدات، المطبوع ببيروت، سنة 1989 م، و دار النشر التابعة لجامعة مدرسين بقم، 1414 ه «1».

______________________________

(1) انظر ايضا: التفسير و المفسرون للذهبي، ج 2/ 100؛ و مناهج المفسرين لمساعد مسلم آل جعفر/ 161؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 153؛ و الايرانيون و الادب العربي لآل قيس، المجلد الثالث (الفقه و رجاله)؛ و علوم القرآن دراسات و محاضرات لمحمد عبد السلام كفافي/ 318؛ و اثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي لآل جعفر/ 224؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 95؛ و النحو

و كتب التفسير لرفيدة، ج 2/ 777.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 616

96- محاسن التأويل

اشارة

العنوان المعروف: محاسن التأويل، المعروف ب «تفسير القاسمي».

المؤلف: جمال الدين، أبو الفرج محمد بن محمد المعروف ب «القاسمي».

ولادته: ولد في سنة 1283 ه- 1866 م، و توفي سنة 1332 ه- 1914 م.

مذهب المؤلف: السني السلفي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1329 ه عدد المجلدات: 17 جزءا في 10 مجلدات.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية، سنة 1376 ه، حجم 24 سم، 10 مجلدات، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي و محمد بهجت البيطار.

و أعيد طبعه بالأفست على طبعة القاهرة في بيروت، دار الفكر، الطبعة الثانية، سنة 1398 ه- 1978 م، حجم 24 سم.

و منها: بيروت: دار احياء التراث العربي، الطبعة الاولى بالصف الجديد، من تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، 1414 ه، 1993 م، الحجم 28 سم، 7 مجلدات.

حياة المؤلف:

هو محمد جمال الدين أبو الفرج بن محمد المعروف ب: «القاسمي».

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 617

ولد في دمشق سنة 1283 ه.

كان إماما في الفقه و التفسير و الحديث. أحد حلقات الاتصال بين هدى السلف و الارتقاء المدني الذي يقتضيه الزمن. و هو من زعماء الحركة السياسية المناهضة للاستعمار في بلاد الشام.

ألّف كتبا كثيرة، فقد ذكر له الأستاذ رشيد رضا تسعة و سبعين مصنفا في ترجمته. و أنّه من كبار رجال مدرسة الإمام عبده، و تأثر كثيرا في منهجه، مع أنه نمط فريد و نموذج استقلالى إلى حدّ ما.

توفي في يوم السبت 23 من جمادى الاولى 1332 ه، و دفن في مقبرة الباب الصغير بدمشق.

آثاره و مؤلفاته:

1- قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث 2- محاسن التأويل 3- إرشاد الخلق الى العمل بخبر البرق.

4- إصلاح المساجد من البدع و العوائد.

5- تعطير المشام في مآثر دمشق الشام.

6- دلائل التوحيد.

7- رسالة في الجن. «1»

تعريف عام

هو تفسير شامل لجميع القرآن، يتأثر تأثرا كثيرا في منهج الإمام محمد عبده، التزم فيه المؤلف بالتفسير السلفي مبدئيا، أعطى أهمية كبرى لآراء السابقين

______________________________

(1) القاسمى و منهجه فى التفسير لمحمد بكر اسماعيل/ 11.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 618

بذكرها و النص عليها دون تعليق. و لهذا عند ما يتعرض لتفسير آية من الآيات بعد أن يذكر ما قد قيل فيها من آراء، تراه يستشهد بكلام الأستاذ الإمام محمد عبده و كثيرا ما ينهى كلامه بتلخيص عام للآيات بنفس الطريقة التي قام بها الأستاذ.

كان التفسير، رائعا في قوة التركيب و جزالة الألفاظ و دقة الأداء، و دليلا على تمكّنه من لغة العرب و صفاء ذهنه، و مناسبا لأهل العصر على اختلاف درجاتهم في الثقافة و الفهم.

قد جمع بين التفسير بالمأثور و المنظور، لاعتقاده بأن التفسير النقلي لا يكفي لمعرفة كتاب الله تعالى، و هو كتاب هداية و أنّه لم يحجر على أحد أن يستنبط منه ما يشاء بقدر علمه و عقله.

قد بدأ المؤلف تفسيره بمقدمة، و قال في سبب تأليفه فيها:

«و بعد أن صرفت في الكشف عن حقائقه شطرا من عمري. و وقفت على الفحص عن دقائقه قدرا من دهري، أردت أن انخرط في سلك مفسريه الأكابر. قبل أن تبلى السرائر، و تفنى العناصر، و أكون بخدمته موسوما، و في حملته منظوما، فشحذت كليل العزم، و أيقظت نائم الهم، و استخرت الله تعالى في تقرير قواعده، و تفسير مقاصده، في كتاب

اسمه بعون الله الجليل «محاسن التأويل» أودعه ما صفا من التحقيقات ... و أسوق إليه فوائد التقطتها من تفاسير السلف الغابر ... و أوردته من أحاديث الصحاح و الحسان، و بدائعه الباهرة للأذهان ... و لم أطل ذيول الأبحاث بغرائب التدقيقات، بل اخترت حسن الإيجاز في حل المشكلات» «1».

ثم ذكر إحدى عشرة قاعدة منها: في أمهات مآخذه و معرفة صحيح التفسير، و معرفة أسباب النزول و القراءة، و القصص و الاستشهاد بالإسرائيليات- لا الاعتقاد بها- و سرّ التكرار في القرآن، و وجوه التفسير و مراتبه.

قد اعتمد في ما ذكر من مقدمة تفسيره بما جاء في مقدمة المنار كلها، ذاكرا

______________________________

(1) محاسن التأويل، ج 1/ 5.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 619

أهميتها و كونها من وضع الأستاذ الإمام «1».

فقد اعتمد في تفسيره على من سبقه من التفاسير، فهو غالبا ينقل عن ابن تيمية و ابن القيم و ابن كثير و ابن حزم و غيرهم من اهل السلفية، كما تأثر- بما سبق ذكره- من تفسير شيخه و أستاذه محمد عبده، و إن كان ينقل من الطبري و الراغب الاصفهاني و الزمخشري و الرازي و غيرهم.

منهجه

و كانت طريقته في التفسير أن يبدأ باسم السورة و ذكر مكيّها و مدنيّها، و عدد آياتها، و فضلها و فضل قراءتها، نقلا عن الأخبار و الآثار، ثم يشرع بذكر قطعة من الآية و تفسيرها تفسيرا بيانيا توضيحيا، مع بيان اللغة و الإعراب و الصرف و النحو، و ذكر الوجوه المحتملة في الآية، و ما قيل فيها من المباحث و الموضوعات.

قال الدكتور محمد بكر اسماعيل في بيان منهج القاسمي:

«كان الإمام القاسمي من اصحاب الاتجاه الجمعي، فسّر القرآن كله بالمأثور و المنظور، فهو لا

يفتات على ما اثر عن السلف الصالح من أقوال صحّ نقلها عنه في بيان المعاني المرادة من كتاب الله تعالى، و لا يقدم عليها قياسا عقليا و لا لغويا إلّا في الترجيح بينها عند الاختلاف.

و يعتمد على من سبقه من المفسرين و ينقل أقوالهم في تفسير الآية من غير إسهاب، و يرجّح ما يراه راجحا» «2».

ثم قال الدكتور المذكور أيضا حول بيان اعتماد القاسمي على نقل أقوال السلف:

«و قد كان القاسمي يحارب الجمود الفكري و الركود العلمي الذي ساد في عصره بأسلوب سلفي متميز، بمعنى أنّه كان يردّ الناس إلى أمجادهم العلمية

______________________________

(1) الامام محمد عبده و منهجه فى التفسير لعبد الرحيم/ 342.

(2) القاسمى و منهجه فى التفسير/ 38.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 620

السابقة، و يحفّزهم على إحياء تراثهم الديني، و لا سيّما ما كان منها في مجال التفسير و علوم القرآن، لهذا رأيناه قد أكثر النقل عن المفسرين و المحدثين و الفقهاء حتى كأنه لا يأتي بشي ء من عندياته إلّا النذير اليسير.

و مع هذا كان يفتح للناس أبوابا من الاجتهاد كانت مغلقة دونهم، و إن لم يكن قد طرق بابا منها على نحو تميّز فيه عن غيره من علماء عصره ممن أعجب بهم، و تتلمذ على كتبهم كالشيخ جمال الدين الأفغاني و الإمام محمد عبده، و السيد رشيد رضا، فقد كان قادرا على فتح أبواب الاجتهاد، فجاء تفسيره دائرة معارف يجد القارئ فيه من أقوال المفسرين ما يغنيه عن الرجوع إليها أو أكثرها» «1».

أمّا موقف القاسمي بالنسبة الى التفسير العلمي، فهو ممن يعتقد باشتمال القرآن على سائر العلوم، و يحاول أن يحمل القرآن على علوم الأرض و السماء، و أن يجعله دالا عليها بطريق

التصريح أو التلميح، و الشاهد على ذلك أنه افتتح فصلا في مقدمة التفسير في المسائل الفلكية الواردة في القرآن الكريم، و يتعرض لبيان القضايا الكونية من خلق السموات و الأرض و السيارات و وجود الجذب العام للكواكب و غير ذلك، و في آخر الكلام قال:

«من عجيب أمر هذا القرآن أن يذكر أمثال هذه الدقائق العلمية العالية، التي كانت جميع الأمم تجهلها بطريقة لا تقف عثرة في سبيل ايمان أحد به، في أي زمن كان، مهما كانت معلوماته، فالناس قديما فهموا أمثال هذه الآيات بما يوافق علومهم، حتى اذا كشف العلم الصحيح عن حقائق أشياء، علمنا أنهم كانوا واهمين، و فهمنا معناها الصحيح، فكأنّ هذه الآيات جعلت في القرآن معجزات للمتأخرين، تظهر لهم كلما تقدمت علومهم ... و هو معجزات للمتأخرين يشاهدونها و تتجلّى لهم كلما تقدموا في العلم الصحيح» «2».

______________________________

(1) نفس المصدر/ 40.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 337.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 621

و أمّا موقفه بالنسبة الى الإسرائيليات و الأخبار الموضوعة، فلم يذكر منها إلّا ما كان صحيحا عنده، فلهذا لم يذكر من الإسرائيليات على سبيل الجزم شيئا، و ما ذكره على سبيل الترديد قليل، كما ذكر في قصة إخوة يوسف حين ألقوه في الجبّ:

«روي أنّهم نزعوا قميص يوسف الموشى الذي عليه و أخذوه و طرحوه في البئر، و كانت فارغة لا ماء فيها، و جلسوا بعد يأكلون و يلهون الى المساء» «1».

و غيره من الموارد و النقول. و إن كان الحق أن يعلّق و ينبّه على ضعفه.

دراسات حول التفسير

1- القاسمي و منهجه في التفسير. الدكتور محمد بكر اسماعيل، القاهرة، دار المنار، الطبعة الاولى، 1411 ه- 1991 م، 87 ص، 24 سم.

2- القاسمي و منهجه

في التفسير. إبراهيم بن علي الحسن. الرياض: كلية أصول الدين، جامعة محمد بن سعود الاسلامية، 1409 ه- 1989 م، رسالة ماجستير.

(دار القرآن، العدد العاشر/ 207) «2»

______________________________

(1) محاسن التنزيل، ج 9/ 202 من سورة يوسف، آية 15.

(2) انظر أيضا: اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر للرومي، ج 1/ 161؛ و التفسير و التفاسير الحديثة لخرمشاهي/ 77؛ و اتجاهات التفسير فى العصر الحديث للمحتسب/ 41 و 367؛ و الإمام محمد عبده و منهجه في التفسير لعبد الغفار عبد الرحيم/ 340؛ و النحو و كتب التفسير لرفيدة، ج 2/ 1055؛ و المفسرون بين التأويل و الإثبات للمغراوي، ج 1/ 225.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 622

97- المحرر الوجيز

اشارة

العنوان المعروف: المحرر الوجيز، المعروف ب «تفسير ابن عطية».

المؤلف: القاضي أبو محمد بن عبد الحق، ابن عطية المحاربي.

ولادته: ولد في سنة 481 ه- 1088 م، و توفي في سنة 542 ه- 1147 م.

مذهب المؤلف: المالكي الأشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: قبل سنة 540 ه.

عدد المجلدات: 16 طبعات الكتاب: القاهرة، المجلس الأعلى للشئون الاسلامية، أحمد صادق الملاح، حجم 28 سم، طبع منه مجلدان الى سورة آل عمران آية 93.

و المغرب، الرباط، وزارة الأوقاف المغربية، سنة 1395 ه الى 1412 ه، 16 مجلدا، حجم 24 سم، تحقيق المجلس العلمي بفاس.

و بيروت، دار الكتب العلمية، سنة 1413 ه- 1993 م، 5 مجلدات، حجم 28 سم.

حياة المؤلف:

هو القاضى أبو محمد بن عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن غالب، ابن عطية المحاربي، المالكي و هو أحد أعلام الأندلس الحائزين على قصب السبق في الفقه

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 623

و الحديث و التفسير و الأدب.

ولد سنة 481 ه في أول عهد المرابطين بغرناطة، و كان له شغف بالعلم، فتتلمذ على شيوخ من أهمهم والده و كان إماما في الحديث، كان أبوه يتعهده بالعناية و الرعاية، و يشجعه على إعداد تفسيره و العمل على إتمامه.

كان في غاية الذكاء و الدهاء و الهمم في العلم، سرى الهمة في اقتناء الكتب، توخى العدل، و عدل في الحكم و كان يكثر الغزوات في جيش «الملثمين». تولى القضاء بمدينة «المريّة» في الأندلس.

كانت وفاته سنة 542 ه، و يحتمل أن يكون تأليف تفسيره قبل انتهاء دولة المرابطين بالاندلس في «بورقة» في المغرب. «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- المحرر الوجيز في تفسير القرآن.

2- الأنساب. في الانتقاد على «اقتباس الأنوار و التماس الأزهار في أنساب الصحابة» للرشاطي.

3- الفهرست في كتب التراجم الأندلسية و مشايخه.

تعريف عام

المحرر الوجيز، زيادة على اتفاقه في المعاصرة مع تفسير الزمخشري، قد اتفق معه في المنهج العلمي الأدبي و تأسيس ثقافته العامة على أساس الأدب و اللغة، و إن كان يختلف عنه هن أوجه عدة، منها اختلاف المذهب؛ لأنّه مالكى المذهب، و الزمخشري حنفي، و سني اشعري، و الزمخشري معتزلي؛ و منها ابن عطية مغربي و الزمخشري شرقي؛ و منها الاختلاف في استنباط الأحكام. و الاستدلال لها ما بين المذهبين

______________________________

(1) مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم/ 128؛ و منهج ابن عطية فى تفسير القرآن لعبد الوهاب فائد/ 13- 86.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 624

المدني و العراقي من اختلاف في الفقه و في مداركه و اختلاف في المنهج الاجتهادي. «1»

قال أبو حيان في تفسيره في حق محرر الوجيز:

«كتاب ابن عطية أنقل و أجمع و أخلص، و كتاب الزمخشري ألخص و أغوص» «2».

قد استفاد من تفسير المهدوي المسمّى: «التفصيل الجامع لعلوم التنزيل». فقد ذكره ابن عطية في مقدمة تفسيره و وصفه: «بأنّه متقن في التأليف»، و انتقد أسلوب المهدوي من جهة عدم تتبع الألفاظ و إن كان من جهة أسلوبه مفرق للنظر، مشعب للفكر.

و «المهدوي»، هذا من رجال القرنين الرابع و الخامس، اصله تونسي من المهدية، تخرج بالقيروان على يد علي بن الحسن القابسي، ثم رحل الى الأندلس و توفي بدانية، يوجد من تفسيره الآن جزآن بالمكتبة الظاهرية بدمشق «3».

منهجه:

كان منهجه أن يذكر الآية في تفسيره، ثم يفسرها بعبارة عذبة سهلة، ثم يورد من المأثور ما يختص بالآية، و أكثر ما نقله عن الطبري، و يناقش المنقول أحيانا، و يكثر الاستشهاد بالشعر العربي، و يحتكم الى اللغة العربية عند توجيه بعض المعاني، و يهتمّ كثيرا بالصناعة النحوية،

و يتعرض كثيرا للقراءات المختلفة و يفسر بعضها ببعض.

ذكر ابن عطية في مقدمة تفسيره في بيان منهجه:

«فقد ذكرت في هذا الكتاب كثيرا من علم التفسير، و جملت خواطري فيه على الخطير، و عمرت به زمني، و استفرغت فيه منيتي؛ إذ كتاب اللّه تعالى لا يفسر إلّا بتصريف جميع العلوم فيه، و العلوم التي يقصدها نصّ عليها أيضا في مقدمته، و سردت في هذا التعليق، بحسب رتبة الفاظ الآية من حكم، أو نحو، أو لغة، أو

______________________________

(1) التفسير و رجاله لابن عاشور/ 63.

(2) البحر المحيط، ج 1/ 10.

(3) التفسير و رجاله لابن عاشور/ 63.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 625

معنى، أو قراءة. و قصدت تتبع الألفاظ حتى لا يقع طفر كما في كثير من كتب المفسرين، و رأيت أنّ تصنيف التفسير- كما صنع المهدوي رحمه الله- مفرق للنظر، مشعب للفكر. و قصدت ايراد جميع القراءات مستعملها، و شاذها، و اعتمدت بتبيين المعاني و جميع محتملات الألفاظ، كل ذلك بحسب جهدي». «1»

كان ابن عطية جمع في منهجه بين المأثور و الرأى، و حين يذكر المأثور، لا يتقيد بذكر الأسانيد التي عني بها غيره من المفسرين بالمأثور، و خلافا لما جمع ابن جرير في تفسيره كل المنقولات، غير ملتزم بنوع معين منها، بل إنّه جمع ما يرى صحته عنده، و رفض كثيرا مما لا يتفق مع العقل، و لا يصح وروده عن ثقة، و لقد حاول أن يفلت من هذا الإطار الذي حدده لنفسه.

و ليس معنى التفسير بالرأي عنده، أن يفسره بمجرد رأيه من غير أن يحصل العلوم التي يجوز معها التفسير، بل العناية باللغة و الاجتهاد مبنيا على قوانين الأدب و البلاغة و احتمالات الكلام، و لهذا كان

تفسيره من جانب آخر، على اساس اللغة و النحو و هو قوي في بابه، رائع في ميدانه.

و ايضا فهو ملتزم بالنسبة للقراءات، فإنّه يورد القراءات المستعملة و الشاذة، و يهتمّ بتبيين ما تحتمله هذه القراءات من المعاني و توجيهها من الناحية العربية.

و قد تعرض ابن عطية للآيات التي لها تعلق بالاحكام، و سرد الأحكام الفقهية على طريقة المذهب المالكي، لأنّه كان إماما من أئمة المالكية، و فقيها من فقهائهم، فيفصّل القول فيها، و قد يرد على ابن حزم الأندلسي الظاهري و لكن ليس غرضه من التعرض لكلامه، استنباط الأحكام الفقهية- فلهذا لا يسرف في ذكر الأحكام الفقهية و لا يرد على المذاهب الأخرى من المذاهب الاربعة و لا يتعصب فيها.

أمّا موقفه بالنسبة الى الإسرائيليات، لقد قلل ابن عطية في تفسيره من ذكر الروايات الإسرائيلية و عاب على المفسرين إكثارهم منها، و منهجه أنّه لن يذكر من

______________________________

(1) المحرر الوجيز، ج 1/ 5 من طبعة المجلس العلمى بفاس مع تغيير فى ترتيب العبارة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 626

القصص الإسرائيلية إلّا ما لا ينفك معنى الآية إلّا به، و لهذا نجد في مواطن كثيرة من تفسيره يختصر الروايات الإسرائيلية التي أكثر المفسرون منها، و ينقد هذه الروايات بأنها ضعيفة الأسانيد، و قليلة الثبوت، و أنّه لا يصح شي ء منها «1». فمثلا عند ذكر قصة هاروت و ماروت قال:

«هذا كله ضعيف و بعيد على ابن عمر- رضى الله عنهما- و روى إن الزهرة نزلت اليهما في صورة امرأة من فارس ...

«و هذا كله ضعيف و بعيد و هذا القصص يزيد في بعض الروايات و ينقص في بعض و لا يقطع منه بشي ء، فلذلك اختصرته». «2»

و الحق في تلك

الموارد لا بد ان ينتقد و يردّ بشدة و يقال: بأنّ هذه الروايات لا تطابق مع القواعد العقلية و النقلية.

لقد اعتمد ابن عطية في تفسيره على مصادر منها تفسير المهدوي كما ذكره في مقدمة تفسيره، و تفسير مكي بن ابي طالب، فإننا نجد أنّه كثيرا ما ينقل عنه و ينسب إليه ذلك صراحة، كما أنّه في بعض الأحيان ينقل عنه دون أن يشير إليه و في بعض الأحيان، ينقل آراءه و يعلق عليه أحيانا. «3»

قد تأثر بتفسير ابن عطية كثير من المفسرين، منهم: ابن حيان الأندلسي في تفسيره «البحر المحيط»، و القرطبي في «جامع احكام القرآن»، و اختصر الثعالبي المغربي، مع تغييرات و زيادات في كتابه: «الجواهر الحسان في تفسير القرآن» الذي سبق ذكره و تعريفه و تأثره من ابن عطية.

و أمّا موقفه في المسائل الكلامية، فهو من الأشاعرة و خبير بعلم الكلام، و قرّر أصولهم بطرق من جنس ما قرّرت به المعتزلة أصولهم، و ضاهى الزمخشري في

______________________________

(1) منهج ابن عطية فى تفسير القرآن لعبد الوهاب فائد/ 182.

(2) المحرر الوجيز، ج 1/ 309 من طبعة المجلس العلمى بفاس.

(3) مكى بن أبي طالب و تفسير القرآن لأحمد حسن فرحات/ 551.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 627

الشهرة بالنسبة الى تفاسير الأشاعرة. فمثلا عند تفسير قوله تعالى: وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً «1» في معنى صفة الكلام الذي اختلف بين الأشاعرة و غيرهم هل من جنس المسمع أو لا يتصف بحدوث و لا حروف و لا أصوات و لا تكييف و تحديد، فاوّل اللفظ بما يناسب صفة الله خلافا للسلفية فقال:

و كلام الله للنبي موسى عليه السلام دون تكيف و لا تحديد و لا تجويز حدوث و لا

حروف و لا أصوات، و الذي عليه الراسخون في العلم: إنّ الكلام هو المعنى القائم في النفس، و يخلق اللّه لموسى أو جبرئيل ادراكا من جهة السمع يتحصل به الكلام، و كما أنّ اللّه تعالى موجود لا كالموجودات، معلوم لا كالمعلومات، فكذلك كلامه لا كالكلام، و ما روي عن كعب الاحبار و عن محمد بن كعب القرظي و نحوهما: من أنّ الذي سمع موسى كان كأشد ما يسمع من الصواعق، و في رواية أخرى كالرعد الساكن فذلك كله غير مرضي عند الاصوليين» «2».

و كذلك في غيره من الصفات مثل صفة الاستهزاء و الغضب و الحياء و الاستواء و المحبة و الوجه و المجي ء و الإتيان، فيصرفه عن ظاهره الجسماني الماديّ بما يناسب جل جلاله، و يؤول الكلمات «3».

و كذلك قال في مسألة رؤية الله في الآخرة و تأويل قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «4» ردا على من فرّق بين الرؤية و الادراك:

«و هذا كله خطأ لأنّ هذا الادراك ليس بإدراك البصر، بل هو مستعار منه أو باشتراك، و قال بعضهم: إنّ المؤمنين يرون الله تعالى بحاسة سادسة تخلق يوم القيامة، و تبقى هذه الآية في منع الادراك بالإبصار عامة سليمة» «5».

______________________________

(1) النساء/ 164.

(2) المحرر الوجيز، ج 2/ 137، طبعة دار الكتب العلمية.

(3) انظر: المفسرون بين التأويل و الاثبات، ج 2/ 19.

(4) الانعام/ 103.

(5) المحرر الوجيز، ج 2/ 330، طبعة دار الكتب العلمية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 628

دراسات حول التفسير

كتبت حول ابن عطية و تفسيره كتب و رسائل و مقالات كثيرة نشير الى بعض منها:

1- منهج ابن عطية في تفسير القرآن. لعبد الوهاب فائد. القاهرة: طبعة المجلس الأعلى للشئون الاسلامية بمصر، 1394

ه، 414 ص، 24 سم.

2- ابن عطية المفسر و مكانه في حياة التفسير في الأندلس. لعبد العزيز بدوي الزهيري. رسالة ماجستير من جامعة الاسكندرية. كلية الآداب، عام 1380 ه- 1980 م.

3- ابن عطية لغويا و نحويا من خلال كتابه المحرر الوجيز في شرح الكتاب العزيز.

لوالي عبد الغفار بلحسن. رسالة دبلوم من كلية الآداب بجامعة محمد الخامس، الرباط.

4- عبد الحق بن عطية و تفسير المحرر الوجيز. الصاح ابن باجية.

5- قد طبعت مقدمة هذا التفسير و مقدمة كتاب المباني من علماء المغرب، بتصحيح المستشرق الإنجليزي، و استدراكات و تصويبات من عبد الله اسماعيل الصاوي. مكتبة الخانجي، القاهرة، 1392 ه- 1972 م، الحجم 24 سم، 324 صفحة. «1»

______________________________

(1) أيضا انظر: مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 128؛ و التفسير و رجاله لابن عاشور/ 63؛ و مقدمة صادق الملاح مصحح التفسير في المجلد الاول من طبعة القاهرة؛ و مدرسة التفسير في الاندلس، لمصطفى إبراهيم المشيني/ 92، 167، 262، 494، 550؛ و المدرسة القرآنية في المغرب لعبد السلام الكنوني/ 241؛ و إعجاز القرآن في دراسات السابقين لعبد الكريم الخطيب/ 319؛ و فكرة إعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 94؛ و مكي بن أبي طالب و تفسير القرآن لأحمد حسن فرحات/ 550؛ و النحو و كتب التفسير، ج 1/ 750؛ و المفسرون بين التأويل و الاثبات للمغراوي، ج 2/ 19، و مقدمة التفسير، طبعة دار الكتب العلمية، لعبد السلام عبد الشافى محمد/ 19.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 629

98- مخزن العرفان، كنز العرفان

اشارة

العنوان المعروف: مخزن العرفان (في علوم القرآن)- في تفسير القرآن المؤلف: السيدة نصرت بنت محمد علي أمين؛ المعروف ب: «بانوي أصفهاني».

ولادتها: ولدت في سنة 1313 ه، و توفيت في سنة 1403 ه.

مذهب المؤلف: الشيعي

الاثنا عشري.

اللغة: الفارسية.

تاريخ التأليف: 1376 ه عدد المجلدات: 15.

طبعات الكتاب: الطبعة الأولى، اصفهان، مكتبة (كتابفروشي) ثقفي، مطبعة نشاط اصفهان.

الطبعة الثانية، طهران، حركة النساء المسلمات (نهضت زنان مسلمان)، 1403 ه.

حياة المؤلف:

هي السيدة نصرت بنت السيد محمد علي أمين، كانت من كبار علماء الشيعة و فقهائهم.

تفردت أصفهان من بين البلاد الاسلامية بان فيها سيدة انصرفت إلى العلوم الاسلامية انصرافا كاملا حتى بلغت درجة الاجتهاد و نالت إجازته، و من جهة

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 630

أخرى هي من نسائنا المعاصرات اللاتي اسهمن بنصيبهن في تفسير القرآن و الفكر الديني بين النساء.

ولدت في أصفهان سنة 1313 ه و كان والدها من كبار تجار أصفهان، فنشأت في أسرة تجارية جمعت الى جانب الثروة، شدة التدين، قد درست أول الأمر في كتاتيب أصفهان مع لداتها و كان سنّها حين بدأت التعلّم أربع سنين، ثم درست القرآن و اللغة الفارسية و شيئا من آدابها، ثم علوم اللغة العربية، من نحو و صرف و بيان و كذلك علم الهيئة، ثم تابعت دراسة الفقه و الأصول و المنطق و الحكمة و الفلسفة طيلة خمسة عشر عاما بلغت في نهايتا درجة الاجتهاد، و ابتدأت خلال هذه الفترة تكتب و تؤلف. و أول مؤلّف لها كان: «أربعين الهاشمية».

و من العجيب أنّها لم تذكر اسمها على كتبها، بل اكتفت بأن تذكر على الكتاب بأنّه لسيدة ايرانية، و قد علّلت ذلك بأنه زهد منها بالشهرة و ابتعاد عنها. «1»

توفيت في رمضان المبارك سنة 1403 ه بأصفهان و دفنت فيها، و مزارها معروف هناك.

آثارها و مؤلفاتها

1- مخزن العرفان في تفسير القرآن. من أشهر مؤلفاتها.

2- الدرّ و الياقوت. (بالفارسية) في الأخلاق. 1406 ه (1354 ش).

3- الجنة و الرضوان. (بالفارسية)، 1406 ه (1354 ش).

4- نفحات الرحمانية.

5- أربعين الهاشمية. فيه تبيين و تفسير أربعين حديث منقول عن طريق الكليني صاحب الكافي.

______________________________

(1) مجلة الثقافة الاسلامية، السيد حسن الأمين، العدد الحادي عشر 1407

ه- 1987 م/ 59، و أيضا مقدمة التفسير من طبعة نشاط أصفهان.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 631

6- جامع الشّتات. المشتمل على الأحكام الفقهية.

7- مخزن اللآلي في فضائل علي بن ابي طالب (ع).

8- الأخلاق.

تعريف عام

يعدّ تفسيرا موجزا، شاملا لجميع آيات القرآن، قد نهجت فيه المنهج البياني و التحليلي و الهدائي، و تعرضت فيه لكثير من المباحث بشكل موضوعي و تحليلي و كان لسانها لسان أهل المعرفة.

بدأت بالتفسير بذكر مقدمة تشتمل على بيان غرضها من التأليف، و فضل القرآن، و لزوم الأخذ من الراسخين في العلم في فهم معناه، و مسألة منع التفسير بالرأي، و فضيلة القراءة و تدبّرها، و أنّ القرآن ذو مراتب و بطون قد ألقت هذا التفسير قبل كتابته في مجلس درسها، و خصصت له يوم الأربعاء من كل اسبوع، و لا يقل عدد الحاضرات عن الخمسمائة، تلقى الدرس عليهن في بيتها.

اعتنت في تفسيرها بذكر كلمات العرفاء و المتألهين، و أكثرت النقل عن صدر الدين الشيرازي في كل مناسبة، و لا تهتمّ للمباحث و الألفاظ اللغوية في تفسيرها.

و اعتمدت في تفسيرها بصورة رئيسية على التفاسير الشيعية و المرويات عن الأئمة المعصومين عليهم السلام، و إن كانت قد نقلت عن تفاسير أهل السنة و مأثوراتهم، و وجوه احتمالاتهم.

أهدافها

قالت المؤلفة في مقدمة تفسيرها باللغة الفارسية و الذي ترجمناه بما نصه:

«و كنت قد فكرت منذ زمن بعيد أن أؤلف كتابا مختصرا في تفسير القرآن، و الاستعانة من كلمات أهل البيت الكرام عليهم السلام، و في أقوال المفسرين

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 632

العظام، لعل اللّه أن يجعلني من المفسرين و المتدبرين لكتابه، لكن أتردد فيه و كنت بين الخوف و الرجاء، أعدو أحيانا و أتهرب أحيانا أخرى، قد يطلبني الأمر، و قد يخوّفني عظمه، حتى عزمت على تأليف تفسير مختصر إن لم يكن تفسيرا مبسطا، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، و التزمت في نفسي أن اقتبس من مشكاة نور

الولاية، و اقتصرت فيه بترجمان معاني آياته، و توضيح كلماته و الاحتراز من متشابه آياته». «1»

منهجها

و أمّا منهجها في التفسير، فقد ابتدأت بذكر اسم السورة و فضيلتها و اختصاصها، ثم ترجمة الآية التي بها ابتدأت السورة بالفارسية، ثم وردت في توضيح الآية بعبارات سهلة، قابلة للفهم لعامة الناس، مع تقسيمات لكلمات الآية و توضيحها، ثم ذكر مجمل المعنى بعبارات موجزة.

كانت المفسّرة، تخاطب مخاطبيها بخطابات أخلاقية و تربوية، تتضمن شرحا لكلمات القرآن و بيان مقصوده، قد نرى فيه مباحث موضوعية كثيرة بمناسبة الآية، مع الابتعاد عن ذكر المصطلحات الأدبية من نحو و صرف و بلاغة و قراءة.

و من مميزات منهجها عدم نسبة أي مدلول إلى كلام الله، في كثير من الموارد، و اليه يشير قولها: «و لعلّ هذا هو المقصود».

و قد اكتفت بوجيز العبارة من غير إطناب ممل، و لا ايجاز مخل، و عرضت الأحاديث و المرويات و اقوال اصحاب التفسير بقدر الحاجة اليها، و المتناسب لفهم وسط الناس.

و أمّا المصادر التي اعتمدت عليها فمنها: تفسير مجمع البيان و تفسير علي بن إبراهيم و تفسير صدر المتألهين الشيرازي و قد تعبّر بقولها: «و كذلك قال بعض

______________________________

(1) مخزن العرفان، ج 1/ 3 من طبعة نشاط أصفهان.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 633

المفسرين»، أو «كثير من المفسرين» من دون أن تذكر أسماءهم أو مصدرهم، أو تعين الموضع الذي نقلته منه.

و أمّا طريقتها في نقل الروايات: ذكر اسم صاحب الكتاب الذي نقلت عنه، من دون الإشارة الى الراوي و موضع الرواية في المصدر، و كذلك فهي تذكر الإسرائيليات من دون إسراف في نقلها، مع الإشارة الى ضعفها. و إن كان مما أخذ عليها توجيهها هذه الروايات بالشكل الرمزي

و الإشاري متّبعة في ذلك مسلك صدر الدين الشيرازي. و الفيض الكاشاني «1».

و كان موقفها في تفسير آيات تعلّق بها بالمباحث الكلامية، موقف الشيعة الامامية؛ كخلق القرآن و مسألة الرؤية و صفات اللّه و قضية أفعال العباد، هل هي من خلق الله أم من خلق الانسان أم لها شأن آخر، و أيضا الإمامة و مسائل أخرى من دون بسط و توسّع في البيان و نقل الأقوال «2».

و الخلاصة، كان التفسير من التفاسير العرفانية و الفلسفية الذي يهتمّ بذكر المباحث الإشارية و القواعد العقلية، مع العناية بالجهة التربوي و الهدائي في التفسير، و الاهتمام بذكر المأثورات الواردة عن النبي صلى اللّه عليه و آله و أهل بيته؛ و لهذا لم تعن نفسها بمشكلات الاعراب و القراءات و لا بمشكلات اللغة عموما.

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 2/ 14 و انظر بياننا في ذيل تفسير حاشية الشيخ زاده على البيضاوي و تفسير القرآن العظيم لصدر الدين الشيرازي و تفسير الصافى.

(2) مخزن العرفان، ج 1/ 204 و ج 2/ 69 و 266 و 395 و ج 3/ 73 و 213.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 634

99- مدارك التنزيل و حقائق التأويل

اشارة

العنوان المعروف: تفسير القرآن الجليل المسمّى ب «مدارك التنزيل و حقائق التأويل».

المؤلف: أبي البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي.

وفاته: توفي في سنة 710 ه- 1310 م.

مذهب المؤلف: الحنفي الأشعري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 5.

طبعات الكتاب:- له عدة طبعات منها:

بمباي، سنة 1279 ه- 1862 م.

و مصر، سنة 1306 ه- 1888 م.

و بيروت- دمشق المكتبة الأموية، حماه، مكتبة الغزالي، الطبعة الأولى، 5 مجلدات، حجم 24 سم.

و المطبعة الأميرية، بولاق، سنة 1936 م، 3 مجلدات.

و القاهرة، دار إحياء الكتب العربية، 4 أجزاء في مجلدين، حجم 24 سم،

بدون تاريخ.

و القاهرة، مطبعة الاستقامة، سنة 1374 ه، 4 مجلدات، حجم 28 سم، بهامش تفسير لباب التأويل للخازن.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 635

حياة المؤلف:

هو الامام حافظ الدين أبو البركات، عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، الحنفي الأشعري. من أهل ايذج (ايذه)، و هي بلدة بين خوزستان و أصفهان و من محافظة خوزستان.

النسفي نسبة إلى نسف (معرّب نخشب) ببلاد السند، بين جيحون و سمرقند، من بلاد ما وراء النهر.

كان مفسرا، عالما بالفقه و اصول الدين و أصول الفقه، امتازت مؤلفاته بجودة التحري، و دقة التعبير، و حشد المعلومات المتنوعة في حيز بسيط حتى ليعسر على غير المتخصص الأخذ بها.

توفي سنة 710 ه- 1310 م في ايذج.

آثاره و مؤلفاته:

له مؤلفات عديدة طبعت اكثرها و أخذت مسيرها في سوق العلم، حتى اشتهر كمفسر، و فقيه، و باحث في أصول الدين. و من هذه المؤلفات:

1- عمدة العقائد في الكلام.

2- منار الأنوار في أصول الفقه.

3- الكافي في شرح الواقفي في الفقه الحنفي.

4- كنز الدقائق في الفقه الحنفي.

5- كشف الأسرار «1».

تعريف عام

يعدّ تفسيرا مختصرا من الكشاف و البيضاوي، فأخذ من الزمخشري خبرته

______________________________

(1) الاعلام للزركلى، ج 4/ 67؛ و معجم المفسرين لعادل نويهض، ج 1/ 304.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 636

الواسعة باللغة و مناقشته للآراء المتعددة، و اختيار ما يراه صحيحا؛ و مع ذلك بما انّه من علماء أهل السنة و الجماعة، و من الأشاعرة، كانت له مواقف في الردّ على المعتزلة، فحارب ما يخالف المذهب الاشعري فأخذ من البيضاوي في أشعريته، و معناه الدقيق، و إيجازه المركّز. فقد قال في مقدمة كتابه عن السبب الذي دعاه الى تأليف هذا التفسير:

«قد سألني من تتعين إجابته كتابا وسطا في التأويلات، جامعا لوجوه الإعراب و القراءات، متضمنا لدقائق علمي البديع و الإشارات، خاليا بأقاويل أهل السنة و الجماعة، خاليا عن أباطيل أهل البدع و الضلالة، ليس بالطويل الممل، و لا بالقصير المخل. و كنت أقدّم فيه رجلا و أؤخّر أخرى، استقصارا لقوة البشر عن درك هذا الوطر و أخذا لسبيل الحذر ... حتى شرعت فيه بتوفيق الله ... و أتممته في مدة يسيرة» «1».

و لا بدّ أن ننبّه أن النسفي هذا هو غير الإمام أبي حفص نجم الدين عمر بن محمد النسفي الحنفي (462 ه- 538 ه) الذي له تفسير معروف باسمه (تفسير النسفي) في مجلدين، و أيضا من آثاره «العقائد» و منهاج الدراية، و الخصائل في الفروع، و

التيسير في علم التفسير، و الأكمل الأطول في تفسير القرآن، و لكن المطبوع من تفسيره هو ترجمته للقرآن بالفارسية (المطبوع في سنة 1353 ش بتصحيح الدكتور عزيز الله الجويني).

و النسفيون، كثيرون، و هم من الفقهاء و المفسرين، و لكن المعروف منهم أبو البركات عبد الله بن محمد، صاحب مدارك التنزيل، و أبي حفص نجم الدين عمر بن محمد صاحب تفسير النسفي.

لم يبدأ في التفسير بمقدمة في علوم القرآن، بل شرع بعد خطبة الكتاب و ذكر المنهج، بتفسير سورة الحمد الى آخر القرآن.

______________________________

(1) مدارك التنزيل، ج 1/ مقدمة المؤلف.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 637

منهجه

كانت طريقته بصورة عامة، هو ذكر اسم السورة، ثم مكيّها و مدنيّها، ثم يبدأ بتفسير الآيات جملة جملة، مع ذكر وجوه الإعراب و القراءات و الالتزام بالقراءات السبعة، و الإشارة الى الروائع البلاغية للقرآن في عبارات موجزة، و يتعرض لشرح آيات الأحكام، و يبيّن أقوال الفقهاء و آراءهم، و ينتصر لمذهبه الحنفي، و إن كان بالدرجة الأولى، وجهة نظره الدفاع عن عقائد أهل السنة و الجماعة، و الردّ على مخالفيهم، كما أنه لم يتعرض للأحاديث الموضوعة في فضائل السور كما وقع فيه كثير من المفسرين، و منهم صاحب تفسير الكشاف.

أمّا موقفه بالنسبة إلى الإسرائيليات، فإنّه مقل في ذكرها، و إن نقل عن كتب التفسير التي تقدمته بعضا من الإسرائيليات، دون أن يتعقبها، و لكنّه إذا رأى أنّ في السكوت عنها و عدم التنبه عليها خطرا، ينبّه على عدم صحتها، و ذلك، كما صنع في قصة داود، و سليمان و الغرانيق. «1»

و قد يذكر هذه القصص العجيبة الغريبة، المنافية لعصمة الملائكة، كما صنع في قصة هاروت و ماروت. «2»

و من جهة أخرى،

إنّ كتاب «الإكليل على مدارك التنزيل»، للشيخ عبد الحق الله آبادي، شرح لهذا التفسير، و كتاب «الأساس في التفسير» لسعيد حوى ناظر و شارح لكتاب: «مدارك التنزيل»، مع إضافات عصرية، و هذا دليل على أهمية هذا الكتاب، و عناية أهل العلم به.

كما ذكرنا، كان موقفه في الكلام موقف الأشاعرة من أهل السنة، فكان يؤول

______________________________

(1) الإسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 138؛ دراسات في التفسير و رجاله للجبوري/ 108.

(2) مدارك التنزيل، ج 1/ 76، من طبعة المكتبة الأموية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 638

جميع الصفات و يبيّنها بما يناسب عقيدة الأشاعرة؛ فمثلا عند تفسير قوله تعالى:

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ «1»، قال:

«لا تحيط به أبصار من سبق ذكرهم. و تشبث المعتزلة بهذه الآية لا يستتب، لأنّ المنفي هو الادراك لا الرؤية، و الإدراك هو الوقوف على جوانب المرئي و حدوده. و ما يستحيل عليه الحدود و الجهات، يستحيل إدراكه لا رؤيته، فنزل الإدراك من الرؤية منزلة الإحاطة من العلم ... على أن مورد الآية هو التمدح يوجب ثبوت الرؤية، إذ نفي إدراك ما تستحيل رؤيته لا تمدح فيه، لأن كل ما لا يرى، لا يدرك. و إنّما التمدح بنفي الإدراك مع تحقق الرؤية، لأن كل ما لا يرى لا يدرك» «2».

و كذا غيرها من المباحث الاعتقادية و الكلامية من القرآن. «3»

______________________________

(1) سورة الانعام/ 103.

(2) نفس المصدر، ج 2/ 66.

(3) أنظر تفصيلا: دراسات في التفسير و رجاله للجبوري/ 107؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 215؛ و الإسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 137؛ و دراسات في التفسير و المفسرين لعبد القهار داود العانى/ 141؛ و الاسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزى نعناعة/ 310؛

و مباحث في علوم القرآن لصبحي صالح/ 291؛ و التفسير و المفسرون، ج 1/ 306؛ و النحو و كتب التفسير، ج 2/ 884؛ و المفسرون بين التأويل و الاثبات، ج 2/ 111.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 639

100- مراح لبيد

اشارة

العنوان المعروف: مراح لبيد- المعروف ب «تفسير النووي» التفسير المنير لمعالم التنزيل المسفر عن وجوه محاسن التأويل.

المؤلف: الشيخ محمد بن عمر نووي الجاوي.

وفاته: توفي في سنة 1316 ه- 1898 م.

مذهب المؤلف: الأشعري الشافعي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1305 ه عدد المجلدات: 2.

طبعات الكتاب: بيروت، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، سنة 1400 ه- 1980 م، حجم 28 سم، و بهامشه كتاب «الوجيز في تفسير القرآن العزيز» للإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي (م 468 ه).

و أعيد طبعه بالأفست في مطبعة عبد الرزاق، سنة 1305 ه.

حياة المؤلف:

هو الشيخ محمد بن عمر بن عربي بن على نووى الجاوى (أبو عبد المعطي) البنتى إقليما، الثناري بلدا، كان مفسرا متصوفا من فقهاء الشافعية، هاجر الى مكة، عرّفه

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 640

«تيمور» بعالم الحجاز. له مصنفات كثيرة في الفقه و الأدب و التفسير و أصول الدين و التصوف، و في معجم المطبوعات لسركيس: له 38 مؤلفا.

توفي في سنة 1316 ه بمكة.

آثاره و مؤلفاته:

1- مراقي العبودية، شرح لبداية الهداية للغزالى. (مطبوع) 2- قامع الطغيان على منظومة شعب الإيمان. (مطبوع) 3- قطر الغيث في شرح مسائل ابى الليث. (مطبوع) 4- عقود اللجين في بيان حقوق الزوجين. (مطبوع) 5- شرح فتح الرحمن في تجويد القرآن. (مطبوع) 6- نهاية الزين بشرح قرة العين في الفقه. (مطبوع) 7- كاشفة السجا في شرح سفينة النجا، في أصول الدين و الفقه. «1»

تعريف عام

و هو من التفاسير الصوفية الذي استفاد مؤلفه في تأليفه من الفتوحات المكية «لمحيي الدين ابن عربي»، شامل لجميع آيات القرآن، موجز في تفسيره، لم يستفد من لون التفسير الإشاري، بل التزم على التفسير بالظاهر.

لم يبدأ المؤلف فيه بمقدمة لعلوم القرآن، بل ذكر هدفه من تأليف الكتاب، و المصادر التي اعتمد عليها في تفسيره، و الكتب الصوفية و الروائية في التفسير، ثم شرع في التفسير بعد هذه المقدمة.

و قال في بيان غرضه من تأليف الكتاب:

«قد أمرني بعض الأعزة عندي أن أكتب تفسيرا للقرآن المجيد، فترددت في ذلك

______________________________

(1) الأعلام للزركلى، ج 6/ 318؛ و معجم المؤلفين، ج 11/ 87.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 641

زمانا طويلا ... فأجبتهم إلى ذلك للاقتداء بالسلف في تدوين العلم ابقاء على الخلق، و ليس على فعلي مزيد، و لكن لكل زمان تجديد، و ليكون ذلك عونا لي و للقاصرين مثلي، و أخذته من الفتوحات الالهية، و من مفاتيح الغيب، و من السراج المنير، و من تنوير المقباس، و من تفسير أبي السعود، و سميته مع الموافقة لتاريخه: «مراح لبيد لكشف معني القرآن المجيد» و على الكريم الفتّاح، اعتمادي و إليه تفويضي و استنادي» «1».

و من خصائص هذا التفسير ذكر معاني السورة و أسمائها، و بيان ما فيها

من الموضوعات، فمثلا عند ذكره لسورة الكافرون، قال: «و تسمّى ايضا سورة المنابذة، أو المعابدة»، و سورة الاخلاص، أي إخلاص العبادة، و سورة المقشقشة أي المبرئة من النفاق.

منهجه

كانت طريقة النووي، أن يبدأ باسم السورة مكيّها و مدنيّها، و عدد آياتها، و عدد كلماتها، ثم يشرع في تفسيرها كلمة كلمة، بعبارات موجزة و كلمات واضحة، مع الإشارة لمصاديق الآية و تطبيقاتها بشكل مفرط، و لو بنقل ضعيف، و شأن نزول غير معتمد.

و كان أيضا يذكر وجوها من القراءات و المرويات من التابعين و غيرهم، و يبسط الكلام في ذلك من دون ترجيح لقراءة معينة.

و يذكر الروايات المأثورة في التفسير من دون ذكر لسندها، أو الإشارة عمن نقلها، و لا يميّز بين صحيحها و ضعيفها، و لذا لم يسلم من الاسرائيليات، و ما يرويها القصاص من الموضوعات، و ما ذكره اليهود من رموز الحروف و الكلمات و فواتح السور من الحروف المقطعة.

______________________________

(1) مراح لبيد، ج 1/ 2.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 642

و نموذج من ذلك، ما نقله في قصة شرك زوجة سليمان و جهله به، فينسب الجهل الى سليمان عليه السلام، و عدم تدبّره في ملكه، فقال في تفسيره:

وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ «1»: أي تكذيب الشياطين على ملك سليمان من البحر، و كانت الشياطين دفنته تحت كرسيه لما نزع ملكه فلم يشعر بذلك سليمان، فلما مات استخرجوه، و قالوا للناس انما ملككم سليمان بهذا فتعلّموه و أقبلوا على تعلّمه و رفضوا كتب أنبيائهم و فشت الملامة على سليمان، فلم تزل هذه حالهم حتى بعث اللّه تعالى محمدا صلّى اللّه عليه و سلم، و أنزل الله عليه براءة سليمان، و مدة نزع

ملكه اربعون يوما، و سبب ذلك أنّ إحدى زوجاته عبدت صنما أربعين يوما و هو لا يشعر بها، فعاتبه الله تعالى بنزع ملكه أربعين يوما، و ذلك أنّ ملكه كان في خاتمه و هو من الجنة ...» «2». أقول: كيف يكون ذلك، مع التصريح من قبله بعدم علم النبي (سليمان) عليه السلام بذلك، بل و كيف يعاقبه الله تعالى على أمر لم يكن مقصّرا فيه.

و كان موقفه موقف أهل السنة و الجماعة في المسائل الاعتقادية و الكلامية، و يتّبع مذهبهم في الرؤية و العرش و الذنوب الكبيرة، و الجبر و الاختيار، و غير ذلك.

و مما قال النووي في مسألة الرؤية عند تفسير قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «3»:

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ اى لا تراه الأبصار في الدنيا، و هو تعالى يراه المؤمنون في الآخرة، لقوله صلّى اللّه عليه و سلم: سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تصامون في رؤيته، فالتشبيه واقع في تشبيه الرؤية بالرؤية في الوضوح، لا في تشبيه المرئي بالمرئي ... و روي أنّ الصحابة اختلفوا في أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم:

______________________________

(1) سورة البقرة/ 102.

(2) مراح لبيد، ج 1/ 27.

(3) سورة الانعام/ 103.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 643

«هل رأى الله تعالى ليلة المعراج أولا؟ و لم يكفر بعضهم بعضا بهذا السبب، و ما نسبه الى الضلالة. و هذا يدل على أنهم كانوا مجمعين على أنه لا امتناع عقلا في رؤية الله تعالى» «1».

و كان يتعرض للأحكام الفقهية و يتّبع الإمام الشافعي في أقواله من دون بسط في الاستدلال و بيان الأقوال و ذكر الفروع، و من دون تعصب و تنديد لسائر المذاهب الأربعة من أهل

السنة، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ «2» في جواز نكاح أهل الكتاب قال:

« [أهل الكتاب] هن حلّ لكم أيضا و إن كن حربيات، قال الكثير من الفقهاء، إنّما يحلّ نكاح الكتابية التي دانت بالتوراة و الإنجيل قبل نزول القرآن، فمن دان بذلك الكتاب بعد نزول القرآن خرج عن حكم الكتاب و هذا مذهب الإمام الشافعي رضى الله عنه، و أمّا أهل المذاهب الثلاثة فلم يقولوا بهذا التفصيل، بل أطلقوا القول بحلّ أكل ذبائح أهل الكتاب و حلّ التزوج من نسائهم و لو دخلوا في دين أهل الكتاب بعد نسخه» «3».

و لا يوجد في تفسير النووي ميلا الى التصوف و التفسير الاشاري، بل وافق في ذلك منهج العامة من القواعد اللفظية و المعنوية و التمسك بالبيان اللغوي أو المنهج الكلامي.

و الخلاصة، كانت التفسير من التفاسير الموجزة البيانية الذي اهتم مؤلفه أن لا يخرج من سياق اللفظ و بيان مدلول الآية و تفسيرها و ذكر قراءتها و فضل تلاوتها و الآثار الواردة في معناها أو سبب نزولها.

______________________________

(1) مراح لبيد، ج 1/ 255.

(2) المائدة/ 5.

(3) مراح لبيد، ج 1/ 192.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 644

101- معالم التنزيل

اشارة

العنوان المعروف: معالم التنزيل في تفسير القرآن، المشهور ب «تفسير البغوي».

المؤلف: ابو محمد، الحسين بن مسعود بن محمد البغوي الشافعي، الملقب ب «محيي السنة».

ولادته: ولد في سنة 438 ه- 1046 م، و توفي في سنة 516 ه- 1122 م.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 464 ه.

عدد المجلدات: 4.

طبعات الكتاب: طبع للمرة الاولى طبعة حجرية مع تفسير ابن كثير في الهند، بومباي، سنة 1295 ه، في 1006 صفحة، و مرة ثانية في سنة 1296 ه.

و

القاهرة، مطبعة الاستقامة، سنة 1331 ه، بهامش تفسير الخازن.

و المكتبة التجارية الكبرى، سنة 1955 م، و مكتبة البابي الحلبي، سنة 1957 م، 4 مجلدات.

و بيروت، دار المعرفة، الطبعة الثانية، سنة 1407 ه، حجم 24 سم، تحقيق خالد عبد الرحمن العك و مروان سوار، 4 مجلدات.

و طبعة اخرى بسنة 1970 م.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 645

و اعيد طبعه بالافست على طبعة القاهرة في بيروت، دار الفكر، سنة 1405 ه، 5 مجلدات.

حياة المؤلف:

هو ابو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي، الشافعي، المحدث، المفسّر، الملقب «بمحيي السنة» و «ركن الدين»، صاحب التصانيف و «عالم اهل خراسان».

ولد في «بغشور»، (بليدة بين هراة و «مرو الروذ» من بلاد خراسان الكبير) سنة 438 ه، و نشأ شافعي المذهب بحكم البيئة التي عاش فيها، و كانت له آثار في المذهب الشافعي.

سمع الكثير من الحفّاظ، و تفقّه على القاضي حسين و سمع الحديث منه، و قرأ تفسير الكلبي بمرو على استاذه محمد بن الحسن المروزي.

كان زاهدا و رعا، و من ورعه اذا ألقى الدرس لا يلقيه الّا على طهارة، و من زهده اذا أكل لا يأكل إلّا الخبز وحده، ثم عدل عن ذلك، فصار يأكل الخبز مع الزيت. و في طول عمره المديد، لم ينقل أن له صلة بحاكم او امير، او أنه نال من عطياتهم.

توفي في شوال سنة 516 ه بمرو روز، و دفن عند شيخه القاضي حسين بمقبرة الطالقاني «1».

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير معالم التنزيل.

2- شرح السنة في الحديث.

______________________________

(1) انظر تفصيل ترجمته في: مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 134، و التفسير و المفسرون، ج 1/ 234؛ و البغوي الفراء للشريف/ 41- 99، و مقدمة التفسير من طبعة دار المعرفة تحقيق خالد عبد الرحمن العك/ 17.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 646

3- المصابيح في الحديث.

4- التهذيب في الفقه الشافعية.

5- الكفاية في الفقه (بالفارسية).

6- الكفاية في القراءات.

تعريف عام

من أشهر كتب التفسير في العناية بما روى عن مفسري السلف، و هو كتاب متوسط شامل، اكتفى بذكر الاسانيد، في اول الكتاب. و كان شديد التأثر بتفسير الثعلبي: «الكشف و البيان»، بل في الحقيقة، هو أصل تفسيره.

لم يقتصر تفسيره على المأثور فحسب، بل جمع فيه ذكر الوجوه من المعاني و القراءات، و العربية و اللغات، و الإعراب و الموازنات، و التفسير و التأويل، و الاحكام و الفقه، و الحكم و الإشارات، مع تعليقة على الآراء المبتدعة عنده، و الاحاديث الموضوعة التي جاءت في تفسير الثعلبي.

قال البغوي في سبب تأليفه للكتاب:

«فسألني جماعتي من اصحابي المخلصين، و على اقتباس العلم مقبلين كتابا في «معالم التنزيل» و تفسيره، فاجبتهم اليه، معتمدا على فضل اللّه تعالى و تيسره، ممتثلا وصية رسول اللّه «ص» فيهم فيما يرويه ... و اقتداء بالماضين من السلف في تدوين العلم ابقاء على الخلف، و ليس على ما فعلوه مزيد، و لكن لا بد في كل زمان من تجديد ما طال به العهد و قصر الطالبون، فيه الجد و الجهد، تنبيها للمتوقفين و تحريضا للمتثبطين، فجمعت بعون اللّه تعالى و حسن توفيقه فيما سألوا كتابا وسطا بين الطويل الممل و القصير المخل، أرجو ان يكون مفيدا لمن اقبل على تحصيله

مريدا» «1».

و قد قدم لتفسيره مقدمة بيّن فيها منهجه و طريقته، و دوافع تأليفه، ثم ذكر

______________________________

(1) معالم التنزيل، ج 1/ 27، طبعة دار المعرفة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 647

الأسانيد التي اعتمدها في روايات تفسيره و مصنفات عصره، ثم عقد عدة فصول بين يدي التفسير تتمثل فيما يلي: في فضائل القرآن و تلاوته، و وعيد من قال في القرآن برأيه من غير علم.

و قد اعتمد في تفسيره في الجانب الروائي على الثعلبي، و كتب ائمة الحديث و الصحابة و التابعين، و على اللغويين في جانبي معنى الآية و التحليل اللغوي للالفاظ، كالخليل بن أحمد، و سيبويه، و الاخفش، و المبرّد، و نقل عن الشيعة الاوائل من العلويين امثال محمد بن الحنفية و علي بن الحسين زين العابدين، و ابنه، و ابي جعفر محمد الباقر و جعفر بن محمد عليهم السلام، و عن الصوفية الذين يسمّيهم: «ارباب اللسان» و اهل الاشارة من امثال شهر بن حوشب، و إبراهيم بن أدهم، و الفضيل بن عياض، و سهل التستري، و الجنيد، و غيرهم.

اما التفاسير التي سبقته، فلم يذكر منها خلال تفسيره الّا تفسير ابن النقاش المعتزلى، و ابي الحسن الواحدي صاحب تفسيري الوجيز و الوسيط «1».

و قد تأثر بتفسير البغوي هذا، الخازن، كما نص عليه في تفسيره المسمى: «لباب التأويل في معاني التنزيل»، و وصفه بأنه أجل المصنفات في التفسير و أعلاها، كما ذكرنا و سبق تعريفه.

منهجه

و كانت طريقته مثل سائر المفسرين، هو ذكر اسم السورة و معناه، و محل نزولها مكية و مدنية، و ما فيها من الاقوال، ثم الورود في التفسير ببيان اللغة و الاعراب.

و يتعرض للقراءات المشهورة و الشاذة، و أسباب النزول، و كان

يذكر لآيتين أو ثلاثة آيات سببا للنزول، و الناسخ و المنسوخ، و احكام الفقه و اصوله على غرار مذهب الشافعي، و اصول العقيدة على اساس المذهب الاشعري، و في الاثناء

______________________________

(1) البغوي الفراء و تفسيره للقرآن الكريم لمحمد إبراهيم شريف/ 249.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 648

ينقد المذهب المعتزلي.

و قد ذكر الذهبي في حق التفسير:

«و قد لاحظت على هذا التفسير أنه يروي عن الكلبي و غيره من الضعفاء، كما لاحظت انه يتعرض للقراءات، و لكن بدون اسراف منه في ذلك، كما أنه يتحاشى ما ولع به كثير من المفسرين من مباحث الاعراب، و نكت البلاغة، و الاستطراد الى علوم اخرى لا صلة لها بعلم التفسير، و ان كان في بعض الاحيان يتطرق الى الصناعة النحوية ضرورة الكشف عن المعنى، لكنه مقل لا يكثر ... و وجدته يورد بعض الاشكالات على ظاهر النظم ثم يجيب عنها، كما وجدته ينقل الخلاف عن السلف في التفسير، و يذكر الروايات عنهم في ذلك، و لا يرجح رواية على رواية، و لا يضعف رواية و يصحح أخرى» «1».

و اما موقفه بالنسبة الى الاسرائيليات و الموضوعات، فإنه ذكر كثيرا منها كالثعلبي. و ذلك كما صنع في قصة هاروت و ماروت «2»، و قصة داود، و رؤيته لامرأة أوريا، و إعجابه بها «3» و هكذا تورّط البغوي في سرد الإسرائيليات الكثيرة، و لكنه ذكرها بشكل موجز.

قال الدكتور محمد إبراهيم شريف حول موقف البغوي في الاسرائيليات:

«و اخطر من ذلك اضطرابه في تقرير عصمة الأنبياء و تنزيههم عن القبائح و الصغائر و ما لا يليق بقدوتهم الدينية، فنراه يميل الى التأويلات اللائقة بحال الانبياء عليهم السلام ... و مرة أخرى تتحكم فيه الاسرائيليات فيسوق من

خلالها ما يطعن في عصمتهم و يعرضهم للزلل و الخطأ» «4».

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 1/ 237.

(2) معالم التنزيل، ج 1/ 100 طبعة دار المعرفة.

(3) نفس المصدر، ج 4/ 52، و الإسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 128.

(4) البغوي الفراء و تفسيره لمحمد إبراهيم شريف/ 481.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 649

دراسات حول التفسير

1- البغوي الفراء و تفسيره للقرآن الكريم. لمحمد إبراهيم شريف، القاهرة: كلية دار العلوم، جامعة القاهرة، 1406 ه- 1986 م، 516 صفحة، الحجم: 24 سم.

2- البغوي و منهجه في التفسير. عفاف عبد الغفور حميد، مكة المكرمة: كلية الشريعة، جامعة أم القرى، 1400 ه، رسالة ماجستير، بغداد، مطبعة الارشاد. طبع بمساعدة اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجري، 1983 ه، 224 ص، 24 سم.

3- فهرس احاديث تفسير البغوي. اعداد يوسف عبد الرحمن المرعشلي، بيروت، دار النور الاسلامي، دار البشائر الاسلامية، حجم 24 سم، 256 صفحة، يصلح هذا الفهرس لجميع طبعات التفسير «1».

______________________________

(1) انظر ايضا: مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 134؛ و الاسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 263؛ و منهج ابن عطية في تفسير القرآن لعبد الوهاب فائد/ 245؛ و الإسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 125؛ و التفسير و المفسرون، ج 1/ 234؛ و مقدمة التفسير من خالد عبد الرحمن العك، ج 1/ 22؛ و المفسرون بين التأويل و الاثبات للمغراوي، ج 1/ 169.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 650

102- مفاتيح الغيب

اشارة

العنوان المعروف: التفسير الكبير، المسمى ب «تفسير مفاتيح الغيب» و تفسير الرازي.

المؤلف: ابو عبد اللّه محمد بن الحسين الطبرستاني الرازي المعروف ب «فخر الدين الرازي».

ولادته: ولد في سنة 543 ه- 1149 م، و توفي في سنة 606 ه- 1210 م.

مذهب المؤلف: الشافعي الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: حدود 603 ه.

عدد المجلدات: 32 جزءا في 16 مجلدا.

طبعات الكتاب: القاهرة، بولاق، من سنة 1278 ه الى 1289 ه، 6 مجلدات.

(اكتفاء القنوع/ 115).

و القاهرة، سنة 1309 ه، 8 مجلدات، بهامش تفسير إرشاد العقل السليم لأبي السعود العمادي.

و القسطنطينية، سنة 1307 ه. (اكتفاء القنوع/ 115).

و

طهران، محمد حسين علمي، سنة 1335 ه، تصحيح مهدي الهي قمشه اى.

و القاهرة، مطبعة البهية، تحقيق محمد يحيى الدين، سنة 1352 ه- 1357 ه، 32

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 651

جزءا في 16 مجلدا.

و اعيد طبعه بالافست في بيروت، دار احياء التراث العربي، حجم 28 سم، و في ايران، قم، مركز النشر لدار الاعلام الاسلامي، سنة 1405 ه، حجم 24 سم.

و بيروت، دار الكتب العلمية، 32 جزءا في 16 مجلدا، مع جزء مستقل للفهارس، 1411 ه، لابراهيم و احمد شمس الدين، حجم 28 سم.

حياة المؤلف:

هو محمد بن عمر بن الحسين بن علي القرشي التميمى البكري الطبرستاني، ابو المعالي و ابو عبد اللّه ابن خطيب الري، المعروف ب «فخر الدين الرازي».

ولد في 25 رمضان سنة 543 ه بالري (و قيل سنة 544) و كان والده أحد أئمة المسلمين، مقدما في علم الكلام، له فيه كتاب «غاية المرام» في مجلدين.

تربى هو في احضان والده، و درس عليه و كان ملازما له، متأثرا به، فآراؤه في اكثر الأحيان موافقة لآرائه، فهو معجب به و لذا نقل عنه.

قام فخر الدين بعدة رحلات كلفته سنين طويلة، بدأ رحلته بالتوجه الى خوارزم بعد ما مهر في العلوم، فجرى بينه و بين المعتزلة مناظرات عنيفة في المذهب و الاعتقاد، فاخرج منها، ثم قصد بخارى و توجه بعد ذلك الى سمرقند و خجند و ...

ثم عاد إلى بخارى.

و كان في كل هذه البلاد موضع الاحترام و الإكبار، على الرغم من تحريض العلماء الذين كانوا يحاولون ان يهيجوا عليه العامة، و لذلك ترك بخارى، و عاد الى الري، ثم اتصل بالسلطان بهاء الدين سام (م 602 ه)، و غيره من السلاطين من بعده، حتى اتصل

بالسلطان الكبير خوارزم شاه، و استقر عنده بخراسان و أقام بهراة حتى توفي فيها يوم عيد الفطر سنة 606 ه، و قيل ان الكرامية سقوه السم فمات «1».

______________________________

(1) انظر تفصيل ترجمته في كتاب: الرازي مفسرا لمحسن عبد الحميد/ 13- 33.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 652

آثاره و مؤلفاته:

ان ثقافة الرازي واسعة، و يتضح ذلك من تأليفاته، و لقد اهتم بالدرجة الاولى بعلم الكلام، و نشير هنا الى بعض منها:

1- لوامع البيّنات في شرح اسماء اللّه.

2- المطالب العالية.

3- معالم اصول الدين.

4- أسرار التنزيل في التوحيد.

5- المباحث المشرقية.

6- انموذج العلوم.

7- شرح الاشارات.

8- ابطال القياس.

9- المعالم في اصول الفقه.

تعريف عام

تفسير كامل شامل لجميع آيات القرآن، الذي أتمه الرازي كله و قام بتحريره «1».

و هو من أشهر التفاسير و اكثرها تأثيرا بالجانب العقلي، اذ ما من مفسر يعتمد على تفسيره و جاء بعد الرازي إلّا و كان هذا التفسير العقلي مصدرا مهمّا له.

و من جانب آخر، فإن تفسير الرازي فريد بين التفاسير، لا مثيل له من نوعه، لتنوعه و شموله لجوانب مختلف من المباحث و العلوم بحيث لا غنى للدارس عن

______________________________

(1) هناك شبهة في كلام بعض القدماء بان الرازي لم يكمل تفسيره، و لكن قد نقد هذه الشبهة جمع من الباحثين و اثبتوا أن التفسير الذي بين ايدينا هو له و بتحريره. انظر: الرازي مفسرا لمحسن عبد الحميد/ 53- 63.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 653

الاطلاع عليه و دراسته و الاستفادة منه في فهم القرآن.

قال الدكتور محسن عبد الحميد في حق التفسير و المفسّر:

«و لا شك ان القرآن الكريم كتاب هداية، يبيّن لنا جوهر الألوهية، و يقدّم الينا الحقائق الكاملة عن الكون و الحياة، و الرازي حاول أن يبسط لنا في تفسيره هذه المعاني، و يكشف لنا تلك الاسرار، بالبراهين المنطقية و الادلة العقلية، و الاستدلال بخلق السموات و الارض و ما فيها.

و هو في تفسيره يسخّر المعارف الانسانية لتحقيق هدفه، و هو إثبات الاعجاز العقلي و العلمي للقرآن، و اظهاره منزها عن التناقض الفكري و

القصور العقلي، و إثبات حقائق النقل بدقائق العقل» «1».

لم يكتب لنا الرازي مقدمة في تفسيره حتى يبين لنا هدفه من كتابة التفسير، لكن يستفاد من مجموع ما كتب من التفسير، و البيئة التي عاش فيها، أنّ غرضه من التفسير مع جميع تفصيله و تبسيطه هو:

1- «الدفاع عن القرآن الكريم و تبرير جميع ما جاء فيه على ضوء القوانين العقلية، و تأييد استدلالاته في العقيدة بها، و اجابة الطاغين و الرد عليهم، حتى لا يبقى شك عند أحد في كونه من اللّه سبحانه و تعالى.

و على ضوء هذا الهدف يفهم خوضه في المسائل الفلسفية، كردوده على ما قاله الفلاسفة، و بعض المدارس الكلامية، فأنّه كان لغرض تقوية الدين و توريث اليقين و ازالة الشكوك و الشبهات.

2- و من جهة اخرى، فإن الرازي يعتقد ان للّه كونين، كونا منظورا هو الوجود بما فيه من مظاهر عوالم الجماد و الحياة، و كونا مقروءا هو القرآن الكريم، فكلما تعمقنا في العالم الاول، ازددنا فهما للعالم الثاني. و لذلك طبّق اعتقاده العلمي هذا في تفسيره، و سخر جميع ما كان معروفا في ذلك الزمن من حقائق علمية لتفسير

______________________________

(1) الرازي مفسرا/ 192.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 654

آي القرآن الكريم.

3- لقد أدرك الرازي أن الدراسات البلاغية و العقلية من حيث كونها مادة للتفسير، و استعمالها في تأويل الآيات القرآنية، كانت على اصول مذهب معين، و وجد أنّ الوصول الى الانتصار الفكري على المذاهب الأخرى، كان احتكارا بأيدي مفسري المعتزلة، كابي القاسم البلخي، و ابي بكر الأصم، و ابي على الجبّائي، و ابي مسلم الاصفهاني، و القاضي عبد الجبار بن احمد، و عيسى بن علي الرماني، و جار اللّه الزمخشري، فأراد ان

يكسر هذا القيد، فيتبع نفس الاسلوب الذي اتبعوه، و لكن ليس على اصولهم، بل على اصول اهل السنة و الجماعة» «1».

هذه هي العوامل التي يمكن ان تكون غرضه من تأليف التفسير، و التي جعلها للتوسع فيها و بسطها.

و ما قاله ابو حيان في تفسيره: «جمع الامام الرازي في تفسيره اشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير، و لذلك قال بعض العلماء: فيه كل شي ء إلّا التفسير»، لا يمكن ان يجيبه الّا في ضوء هذه الدوافع، و لا بد ان يقال: «ان تفسير الرازي لم يجعل للعامة من الناس، و ليس واجبا على كل مفسر ان يسلك سبيل الإيجاز و الاختصار، و ان يعنى بكشف جزء من معارف القرآن، نبذة من المطالب المودعة في آياته، و لا بدّ من وجود تفاسير كهذه لتساعد المؤمنين على اختلاف مستوياتهم و مداركهم العقلية على اكتشاف ما فيه الكفاية من الهداية السامية حتى يحسن إيمانهم و تقرّ نفوسهم، و تسلم ارواحهم» «2».

و قد اعتمد في تفسيره في المسائل اللغوية على كتاب الزجاج في معاني القرآن، و الفراء و المبرّد، و غريب القرآن لابن قتيبة.

و في التفسير بالمأثور، على ابن عباس، اذ ينقل عنه معاني الكلمات و المعاني

______________________________

(1) نفس المصدر/ 64.

(2) الرازي من خلال تفسيره للمجدوب/ 80.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 655

العامة، و مجاهد و قتادة و السدي، و سعيد بن جبير، و على الطبري في «جامع البيان»، و الثعلبي في «الكشف و البيان»، و المرويات عن النبي صلّى اللّه عليه و آله، و الصحابة و التابعين.

و في التفسير بالرأي، على ابي علي الجبّائي، و ابي مسلم الاصفهاني، و القاضي عبد الجبار، و ابي بكر الاصم، و علي

بن عيسى الرماني، و الزمخشري، و من التفاسير الفارسية، تفسير ابي الفتوح الرازي «1».

و اما ما نقله من هذه المصادر، فيختلف ما بين اعتماد و إعجاب، و نقد و ردود «2».

و من المفسرين الذين تأثروا كثيرا به: النيشابوري في «غرائب القرآن»، و البيضاوي في «انوار التنزيل»، و الآلوسي في «روح المعاني»، و القاسمي في «محاسن التأويل»، و السيد محمد رشيد رضا في «المنار». و الطباطبائي في «الميزان».

منهجه

و طريقته في التفسير، ذكر اسم السورة، و محل نزولها و عدد آياتها، و الاقوال التي فيها، ثم يذكر الآية او الآيتين او مجموعة من الآيات، فيبدأ قبل كل شي ء بشرح موجز يحقّق به الربط بين ما هو بصدد بيانه و بين ما سبق، حتى يهدي القارئ الى الوحدة الموضوعية بين الآيات، فلهذا يمتاز التفسير بذكر المناسبات بين الآيات و السور و بعضها مع بعض، ثم يدخل في بيان المسائل و عددها بقوله مثلا: إنّ في الآية مسائل، و قد تبلغ العشر او اكثر من المسائل، و قد يبين هذه المسائل بعناوين مثل النحو و الاصول، و سبب النزول، و اختلاف أوجه القراءات، و غيرها.

______________________________

(1) مقدمة تفسير روض الجنان و روح الجنان، طبعة «بنياد پژوهشهاى آستان قدس رضوي».

(2) انظر تفصيل هذه الموارد و المصادر، الرازي مفسرا/ 87- 122؛ و الامام فخر الدين الرازي حياته و آثاره لعلي محمد حسن العماري/ 137؛ و تفسير روض الجنان و روح الجنان لأبي الفتوح الرازي ج 1، تقديم الدكتور محمد جعفر يا حقى؛ و روضات الجنات للخوانساري ج 2/ 308.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 656

و قبل أن يتناول الآية بالتفسير، او لفظا من الفاظها، يسوق ما ورد من تفسير نقلي لها،

من النبي صلّى اللّه عليه و آله، و من الصحابة، او التابعين، او التعرض الى مسائل الناسخ و المنسوخ، او المصطلحات الحديثية، من تواتر و آحاد، و ما يتبع ذلك من جرح و تعديل، ثم الورود في تفسير الآية، و ذكر ما فيها من المباحث و العلوم و الافكار، نشير هنا إلى بعض الجوانب المهمة منها:

1- يكثر الاستطراد الى العلوم الرياضية و الفلسفية و الطبيعية و غيرها من العلوم.

2- يتعرض لكثير من آراء الفلاسفة و المتكلمين بالردّ و النقد، فهو على شاكلة اهل السنة من الاشاعرة، و من يعتقد معتقدهم، و يقف دائما للمعتزلة و الكرامية و احيانا الشيعة، و يطرح آراءهم و يردّ حجتهم ما استطاع الى ذلك سبيلا.

و لهذا من مميزات هذا التفسير لونه الكلامي بشكل مبسط، بيد أن النزعة العقلية قد غلبت عليه في استدلالاته.

3- لا يكاد يمرّ بآية من آيات الاحكام إلّا و يذكر مذاهب الفقهاء فيها، مع ترويجه لمذهب الشافعي.

4- و ايضا يستطرد لذكر المسائل الاصولية و المسائل النحوية و البلاغية، و ان كان لا يتوسع في ذلك، كما هو الحال في المسائل الكونية و الرياضية «1».

و اما بالنسبة الى موقفه من التفسيرات الرمزية، فإنّه ينكر أشد الانكار في امكان هذه الامور، لانّها من منظر النزعة العقلية تناقض مع قواعد اللغة حقيقة و مجازا، و توجب ابواب التفسيرات الباطنية «2».

و اما موقفه بالنسبة للاخبار الإسرائيلية، فانه يكاد ان يخلو التفسير منه، و اذا ذكرها شيئا، فذلك لأجل أن يبطلها، كما صنع في قصة هاروت و ماروت، و قصة داود و سليمان عليهما السلام، و غيرهما، كما تعرض بالتزييف و الانكار لبعض

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 1/ 294.

(2) انظر: الرازي مفسرا/

127؛ و مفاتيح الغيب، ج 21/ 179؛ ذيل آية 2 من سورة مريم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 657

المرويات التي تخل بعصمة النبي صلّى اللّه عليه و آله، و أثبت بطلانها بدليل أن العقل يأبى ذلك.

نعم قد ذكر بعض المرويات التي تعتبر من الاسرائيليات، و ذلك مثل ما روي في «ن» و انه الحوت الذي على ظهرت الارض ... و لكنّه لم يعول في التضعيف على مخالفتها للعقل، او ضعفها من جهة النقل او كونها من الاسرائيليات، و إنّما اعتمد على وجه آخر يرجع الى النحو «1».

و يفعل الرازي بالاخبار مثلما فعل بالإسرائيليات، فهو ينقدها نقدا عقليا، و ان كان مخالفا في ذلك لعقيدة اهل السنة و الجماعة، كما ذكر ما روي بأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد سحر، و نقل اقوال المعتزلة في ذلك من دون نقد ورد عليهم «2».

دراسات حول التفسير

كتبت حول التفسير و المفسّر و منهجه الكلامي و الادبي كثير من المؤلفات، و ما يهمنا هنا هو أن نشير الى بعض من تلك الكتب و الرسائل و المقالات:

1- التنوير في التفسير في مختصر التفسير الكبير. محمد بن ابي القاسم الربقي (م 709 ه) «3».

2- الواضح في تلخيص تفسير القرآن للفخر الرازي. محمد بن محمد بن محمد ابو الفضل برهان الدين النسفي (م 687 ه).

3- الرازي مفسرا. الدكتور محسن عبد الحميد، بغداد، دار الحرية للطباعة، 1394 ه- 1974 م، 24 سم، 348 ص.

______________________________

(1) الاسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 134؛ و الرازي مفسرا/ 146.

(2) مفاتيح الغيب، ج 3/ 214.

(3) مجلة الحوزة، العدد 28/ 98.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 658

4- الرازي من خلال تفسيره. عبد العزيز المجدوب، ليبيا و

تونس، الدار العربية للكتاب، الطبعة الثانية، 1400 ه- 1980 م، 222 ص، 24 سم.

5- فخر الدين الرازي في تفسير القرآن. رمزي محمد كمال نعناعة.

6- الامام فخر الدين الرازي، حياته و آثاره. على محمد حسن العماري، الطبعة الاولى، القاهرة، 24 سم.

7- الرازي النحوي من خلال تفسيره. طلال يحيى إبراهيم الطويجي، الموصل؛ كلية الآداب، جامعة الموصل، 1986 م، 281 ص، رسالة ماجستير (رسالة القرآن، العدد العاشر/ 200).

8- المنطلقات الفكرية عند الامام الفخر الرازي. دكتور محمد العريبي، بيروت، دار الفكر اللبناني، الطبعة الاولى، 1992 م، 192 ص، 24 سم.

9- النفس و خلودها عند فخر الدين الرازي. دكتور محمد حسيني ابو سعدة، القاهرة، شركة الصفا للطباعة و الترجمة و النشر، الطبعة الاولى، 1989 م، 416 ص، 24 سم «1».

______________________________

(1) ايضا انظر: التفسير و المفسرون، ج 1/ 290؛ و مناهج المفسرين لآل جعفر/ 189؛ و القرآن العظيم للعرجون/ 223؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 149؛ و طبقات المفسرين للداودي، ج 2/ 213؛ و الإسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة/ 133؛ و التفسير و رجاله لابن عاشور/ 68؛ و دراسات في التفسير و المفسرين لعبد القهار العاني/ 131؛ و في علوم القرآن، دراسات و محاضرات لمحمد عبد السلام كفافي/ 309؛ و اثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي لآل جعفر/ 200؛ و فكرة اعجاز القرآن لنعيم الحمصي/ 99؛ و بلاغة القرآن في آثار القاضي عبد الجبار/ 727؛ و الإسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 296؛ و اتجاهات التفسير في العصر الراهن للمحتسب/ 251؛ و التفسير العلمي في الميزان/ 150؛ و منهج الواحدي في تفسيره لجودة المهدي/ 412؛ و تطور تفسير القرآن لمحسن عبد الحميد/

225؛ و النحو و كتب التفسير لرفيدة، ج 2/ 803؛ و المفسرون بين التأويل و الاثبات للمغراوي، ج 2/ 47.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 659

103- مقتنيات الدرر

اشارة

العنوان المعروف: تفسير مقتنيات الدرر و ملتقطات الثمر.

المؤلف: الحاج مير سيد علي الحائري الطهراني المعروف ب «المفسر».

ولادته: ولد في حدود سنة 1270 ه- 1854 م، و توفي في سنة 1340 ه- 1922 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 12.

طبعات الكتاب: طهران، دار الكتب الاسلامية، الطبعة الاولى، سنة 1377 ه- 1381 ه، حجم 24 سم، 12 جزءا في 6 مجلدات.

حياة المؤلف:

هو الحاج ميرسيد على بن الحسين بن يونس اللاريجاني الحائري من علماء الامامية، كان عالما جليلا، و مفسرا بارعا.

ولد في كربلاء في حدود سنة 1270 ه، و قرأ على علماء كربلاء و النجف الاشرف مدة طويلة، و قرن العلم بالعمل، و فاز منهما بالحظ الأوفى، و هبط سامراء، فحضر بها على المجدد الشيرازي مدة، و هبط طهران باذن منه في سنة 1312 ه و قبل وفاته بفترة وجيزة، و لم يتصد للزعامة، مع أنه كان اهلا لها لشدة تقواه و ورعه و زهده المفسرون حياتهم و منهجهم 660 حياة المؤلف: ..... ص : 659

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 660

في حطام الدنيا، فقد كان على جانب عظيم من الصلاح و العبادة، انزوى عن الخلق و ترك المعاشرة، و عكف على تاليف تفسيره للقرآن حتى أتمه، و كان يدرّسه لجمع من المؤمنين في أول كل ليلة في المسجد الجامع بطهران، و استمر على التدريس و الافادة حتى وافاه الأجل «1». و كانت وفاته سنة 1340 ه بطهران.

آثاره و مؤلفاته:

1- مقتنيات الدرر و ملتقطات الثمر.

تعريف عام

يعدّ هذا التفسير، تفسيرا شاملا لجميع آيات القرآن، قد القاه قبل تدوينه لجمع من المؤمنين ثم دوّنه.

جمع فيه المؤلف من بعض ما سبقه من التفاسير، و ما كان مرتبطا بالبحث الاخلاقي و التربوي، فتراه ينقل عن كثير من المفسرين و الفقهاء و العرفاء و أهل الادب، و لهذا كان تفسيره تفسيرا لطيفا مفيدا، فيه الكثير من المواعظ.

قال الحائري في مقدمة تفسيره في بيان غرضه من التأليف:

«لما رأيت أن يوسف الصديق يباع في سوق العدو و الصديق، و عرض كل غني في شرائه أموالا خطيرة، و حضروا في ذلك السوق و الحظيرة، فساقني الطمع و شاقني حبي الى ذلك المطمع، أن أقدم بين يدي نجواي صدقة بدراهم معدودة، استجديتها برهة من الزمان من هنا و هناك، و أنا ذو بضاعة مزجاة، و ظلّي فيه أقلص من ظل حصاة، فلمت نفسي من هذه الإرادة، و قلت لها قفي مكانك، من أنت و تمنيك و انت أحقر من ذروة، و الصفقة أغلى من الملايين ذرّة، لكني ما استطعت أن أمنعها، لان الذكرى تسوق، و ذو الهوى يتوق، و من يعلق به الحب يصبه.

______________________________

(1) نقباء البشر للطهرانى، ج 4/ 1422، رقم الترجمة 1934، و الذريعة للطهراني، ج 22/ 35.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 661

فغلبني الغرام و الهيام، فالقيت دلوي في الدلاء، رجاء أن ينفعني حب الصديق، فما باليت عذل العدو و الصديق، و أنا أعلم أنه ليس من لمس درهما صيرفيا، و لا من اقتنى درا جوهريا، و مع ذلك اقتنيت دررا من البحور الزاخرة، و التقطت ثمارا جيدة فاخرة من كتب التفاسير من الاساتيد و النحارير، مستعينا باللّه، و ألّفت الملتقطات

...» «1».

قد اعتمد في تفسيره على الروايات المروية عن طريق أهل البيت عليهم السلام، و استشهد باقوال المفسرين من الصحابة و التابعين، و من بعدهم كصاحب الكشاف، و مفاتيح الغيب، و مجمع البيان، و اقوال العرفاء و السالكين و اصحاب الاشارة.

لم يبدأ الحائري في تفسيره بمقدمة لبيان منهجه أو ما يختص بمقدمات التفسير، بل شرع فيه من سورة الحمد، و كان تفسيره مزجيا من العقل و النقل، و ان كان وجه النقل فيه اكثر.

منهجه

و اما منهجه في التفسير، فكان يبدأ باسم السورة احيانا، و مكيّها و مدنيّها، مع ذكر فضل السورة و قراءتها. ثم الشروع بالتفسير اللفظي، آية آية، مع مراعاة الاختصار، و الدخول بالشرح و الايضاح و نقل الأحاديث و اقوال الاعلام و المفسرين الفخام، ففسّر جميع آيات القرآن، و لم يترك آية منها، و اذا نقل رواية لم يذكر سندها، بل قال: «عن رسول اللّه (ص)» أو «أئمة أهل البيت (ع)» و كذا لم يذكر المصدر الذي نقل عنه، كما كانت سيرته في نقل الاقوال من المفسرين.

و ذكر ايضا الروايات المختصة باسباب النزول، و فضل قراءة القرآن في آخر السورة من دون تعيين لصحيحها عن سقيمها. و كذا في المرويات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، و ان كان مخالفا لعقيدة الشيعة في عصمة الملائكة. «2»

______________________________

(1) مقتنيات الدرر، ج 1/ 3.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 256.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 662

و اما موقفه بالنسبة للاخبار الإسرائيلية، فانه يكاد ان لا يخلو التفسير منه و ان كانت من المرويات التي قد دسّت في طريق اخبار أهل البيت عليهم السلام، كما ذكر في قصة هاروت و ماروت، فإنّه بعد ما نقل عن ابي

مسلم الاصفهاني انكاره بان السحر نازل على هاروت و ماروت، و ان السحر لو كان نازلا عليهما، لكان منزّله هو اللّه، و ذلك غير جائز، لأنّ السحر كفر و عبث، و لا يليق به إنزال ذلك، قال:

«و بالجملة فعلى كونهما من الملائكة، قالوا في سبب نزولهما، و اختلفت الروايات في هذه القضية، حتى في رواياتنا الخاصة، فبعض منها يدلّ على وقوعها، و بعض على عدم وقوعها، كما في الصافي، قال الراوي قلت: لأبي محمد الرضا عليه السلام، فان قوما عندنا يزعمون أن هاروت و ماروت ملكان من الملائكة، فانزلهما اللّه الى الدنيا، و انهما افتتنا بالزهرة، و ارادا الزنا بها و شربا الخمر، و قتلا النفس المحرّمة و انّ اللّه يعذّبهما ببابل، و أنّ السحرة منهما يتعلّمون السحر، و أنّ اللّه مسخ تلك المرأة بهذا الكوكب الذي هو الزهرة، فقال الامام: «معاذ اللّه من ذلك، ان ملائكة اللّه معصومون، محفوظون من الكفر و المعاصي بألطاف اللّه، قال اللّه تعالى فيهم: لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ «1»، و قال اللّه تعالى: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ «2».

ثم ذكر الروايات التي تؤيد الوقوع، من دون ترجيح بينهما، بين الروايات المؤيدة للوقوع و المخالفة له و قال «3»:

«و لعلّ اختلاف الاقوال من المرموزات و الذي خوطب بالقرآن أعرف به» «4».

و مما أخذ عليه، نفس هذا المنهج، يعني عدم تطبيقه هذه الروايات على القواعد

______________________________

(1) سورة التحريم/ 6.

(2) سورة الانبياء/ 26 و 27.

(3) نفس المصدر ج 1/ 253.

(4) نفس المصدر/ 256.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 663

الشرعية و العقلية و ترجيح الصواب منها. و كان الافضل للمفسر ان لا يورد هذه

الاخبار الضعيفة لتبقى عظمة شأن القرآن في روحانيته القوية النافذة، و في قوة هدايته الخالدة، و فيما احتواه، و لكي لا يشوب تفسيره بهذه النقولات السقيمة الفاشلة، و المنقولات المدسوسة.

و اما موقفه العقائدي و الكلامي باعتبار انه أحد علماء الشيعة الامامية، فان تفسير «الحائري الطهراني»، يتضمن موقفهم في مسألة خلق القرآن، و عدم سهو الانبياء، و الامامة و العصمة، و الرؤية، و افعال العباد، فمثلا عند تفسير قوله تعالى:

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «1» بعد ما ذكر الاخبار الواردة عن ابن عباس و مجاهد و السدي، و المروي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه في ان الآية نزلت في علي عليه السلام حين تصدق بخاتمه و هو راكع و المرويات الواردة في ذيل الآية قال:

«و لفظ الولي في هذه الآية لا يجوز ان يكون بمعنى الناصر، لان الولاية المذكورة في الآية غير عامة في كل المؤمنين بدليل انّه تعالى ذكر بكلمة إِنَّما و كلمة إنّما للحصر لقوله: إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ، و الولاية بمعنى النصرة عامة لقوله: «و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض»، و هذا يوجب القطع بانّ الولاية المذكورة في هذه الآية ليست بمعنى النصرة، و كانت بمعنى التصرف في الامور، فصار معنى الآية: انما المتصرف في اموركم ايها المؤمنون هو اللّه و رسوله و المؤمنون الموصوفون بالصفة الفلانية، و يجب أن يكون الموصوف بهذه الصفة امام الامة و متصرفا في كل اموركم فثبت بهذه الآية امامة شخص موصوف بهذه الصفة، و قد تظاهرت الرواية على أنّ الآية نزلت في علي، فكانت الآية مخصوصة به و دالة على امامته». «2»

______________________________

(1)

المائدة/ 55.

(2) تفسير مقتنيات الدرر، ج 4/ 41.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 664

104- المنار (تفسير القرآن العظيم)

اشارة

العنوان المعروف: تفسير المنار أو تفسير القرآن الحكيم.

المؤلفان: الشيخ محمد عبده، محمد رشيد رضا.

ولادتهما: ولد الشيخ محمد عبده سنة 1266 ه- 1850 م، و توفي سنة 1323 ه- 1905 م، و ولد السيد محمد رشيد رضا سنة 1282 ه- 1865 م، و توفي سنة 1354 ه- 1935 م.

مذهب المؤلفين: الشافعى الاشعري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1318 ه.

عدد المجلدات: 12.

طبعات الكتاب: القاهرة، دار المنار، سنة 1346 ه، و الطبعة الرابعة سنة 1373 ه.

و اعيد طبعه بالافست في بيروت، دار المعرفة، حجم 24 سم.

حياة المؤلفين:

1- حياة الشيخ محمد عبده.

هو الامام محمد بن عبده بن حسن خير اللّه من آل التركماني، ولد في شنيرا

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 665

في سنة 1266 ه، و نشأ في محلة نصر بالبحيرة في القاهرة.

كان مفتي الديار المصرية و من كبار رجال الاصلاح و التجديد في الاسلام.

تعلم بالجامع الاحمدي بطنطا، ثم بالأزهر، و تصوّف و تفلسف و عمل في التعليم و كتب بالصحف، و اجاد اللغة الفرنسية بعد الاربعين، و لمّا احتل الانكليز مصر ناوأهم و شارك في مناصرة الثورة العرابية، فسجن ثلاثة اشهر للتحقيق، و نفي الى بلاد الشام سنة 1299 ه، و سافر الى باريس، فأصدر مع صديقه و استاذه جمال الدين الأسدآبادي جريدة «العروة الوثقى»، و عاد الى بيروت ثم مصر و تولى منصب القضاء، ثم جعل مستشارا في محكمة الاستئناف، فمفتيا للديار المصرية سنة 1317 ه و استمر الى ان توفي سنة 1323 ه بالاسكندرية و دفن في القاهرة.

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير القرآن الكريم (لم يتمه).

2- رسالة التوحيد.

3- حاشية على شرح الدواني للعقائد العضدية.

4- شرح نهج البلاغة للامام علي بن ابي طالب الذي جمعه السيد الشريف الرضي.

5- الاسلام و النصرانية مع العلم و المدنية «1».

2- حياة محمد رشيد رضا:

هو محمد رشيد بن علي رضا بن محمد، البغدادي الاصل، الحسيني النسب،

______________________________

(1) الامام محمد عبده و منهجه في التفسير لعبد الرحيم/ 19- 111، و منهج الامام محمد عبده في تفسير القرآن الكريم لشحاتة/ 1- 24.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 666

صاحب مجلة المنار، و أحد رجال الاصلاح الإسلامي، من الكتّاب و العلماء الحديث و الأدب و التاريخ و التفسير.

ولد سنة 1282 ه، و نشأ في القلمون (من اعمال طرابلس في لبنان)، و تعلم فيها و في طرابلس، ثم رحل الى مصر سنة 1315 ه، فلازم الشيخ محمد عبده و تتلمذ له.

و كان قد اتصل به قبل ذلك في بيروت، ثم اصدر مجلة المنار في 34 مجلدا و فيها نشر تفسير القرآن الكريم المسمى بالمنار، و لم يكمله.

توفي فجأة سنة 1354 ه في سيارة كان راجعا بها من السويس الى القاهرة، و دفن بالقاهرة.

آثاره و تأليفاته

1- تفسير القرآن الكريم (املاء ما بيّنه الشيخ محمد عبده و ما الّفه).

2- الوحي المحمدي.

3- يسر الاسلام و اصول التشريع العام.

4- الوهابيون و الحجاز.

5- محاورات المصلح و المقلد.

6- ذكرى المولد النبوي «1».

تعريف عام

هو تفسير غير شامل لجميع القرآن ينتهي المجلد الثاني عشر منه عند قوله تعالى في الآية 53 من سورة يوسف: وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ.

اما ما فسّر من اول القرآن فإلى سورة النساء آية 126 بانشاء معاني الشيخ و املاء السيد محمد رشيد رضا، و من بعده سار السيد في التفسير متبعا منهج الشيخ

______________________________

(1) انظر ترجمته في: الاعلام للزركلى، ج 6/ 126، و التفسير و المفسرون، ج 2/ 576.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 667

في تفسيره للآيات.

اما قصة تدوين هذا التفسير، فتنشأ من كتابات الشيخ محمد عبده للتفسير في مجلة «العروة الوثقى»، فان السيد اقترح على الشيخ أن يكتب تفسيرا للقرآن على النهج الذي كان يكتبه في جريدة «العروة الوثقى»، و بعد تبادل كلمات بين الشيخين، اقتنع الاستاذ الإمام بان يقرأ دروسا في التفسير بالجامع الأزهر، و لم يلبث الّا قليلا حتى قام بالقاء دروسه في التفسير على طلابه و مريديه لمدة ست سنوات.

و كان الشيخ رشيد رضا يكتب بعض ما يسمع، و يزيد عليه بما يذكره من دروس الشيخ بعد ذلك، ثم قام بنشر ما كتب على الناس في مجلته «المنار»، و لكنه لم يفعل ذلك الّا بعد مراجعة استاذه لما كتب لكي يقوم بتنقيحه و تهذيبه و لاضافة بعض المطالب.

و كذلك للامام محمد عبده تفسير مشهور لجزء «عم» و سورة «و العصر»، و بحوث تفسيرية عالج فيها بعض الشكوك و الاشكالات، كشرحه لقوله تعالى في الآيات (78 و 79) من

سورة النساء، و آيات اخر.

قال الذهبي في حق الشيخ محمد عبده و تفسيره:

«كان الاستاذ الامام، هو الذي قام وحده من بين رجال الازهر بالدعوة الى التجديد، و التحرر من قيود التقليد، فاستعمل عقله الحر في كتاباته و بحوثه، و لم يجر على ما جمد عليه غيره من افكار المتقدمين و اقوال السابقين، فكان له من وراء ذلك آراء و افكار خالف بها من سبقه، فاغضبت عليه الكثير من اهل العلم، و جمعت حوله قلوب مريديه و المعجبين به.

هذه الحرية العقلية، و هذه الثورة على القديم، كان لهما اثر بالغ في المنهج الذي نهجه الشيخ لنفسه و سار عليه في تفسيره» «1».

______________________________

(1) التفسير و المفسرون، ج 2/ 555.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 668

قد رسم محمد عبده في تفسيره منهجا تربويا للامة الاسلامية، يبعث مقوماتها، و يثير امجادها، و ينادي بآداب القرآن من الشجاعة و الكرامة و الحفاظ. قد حارب جمود الفقهاء و تقليدهم، و تقديم المذاهب على القرآن و السنة مكانهما الاول من التشريع، و دعا المسلمين الى استخدام عقولهم و تفكيرهم «1».

و الناظر في تفسير الشيخ رشيد رضا (من بعد سورة النساء) يجد فيه روح التحرر العقلي و مقصد التربية الاسلامية المستفادة من منهج الشيخ محمد عبده و وقفاته الكريمة لفهم كتاب اللّه العزيز.

و من أجل ذلك، كان رشيد رضا يلوم كثيرا من المفسرين الذين غفلوا عن الغرض الاول للقرآن و راحوا يتوسعون في نواح اخرى من ضروب المعاني و وجوه النحو، و خلافات الفقه، و قال في ذلك:

«كان من سوء حظ المسلمين ان اكثر ما كتب في التفسير يشغل قارئه عن مقاصد القرآن العالية و الهداية السامية، فمنها ما يشغله عن القرآن به

لبحث الإعراب و قواعد النحو و نكت المعاني، و مصطلحات البيان، و منها ما يصرفه عنه بجدل المتظلمين، و تخريجات الاصوليين، و اشتباكات الفقهاء المقلدين، و تأويلات المتصوفين، و تعصب الفرق و المذاهب، بعضها على بعض، و بعضها يلفته عنه بكثرة الروايات و ما مزجت به من خرافات الإسرائيليات» «2».

قد ابتدأ قبل التفسير ببيان عدة امور، منها: صفة القرآن المستفادة من الآيات، و تذكر المسلمين بكتاب اللّه و الحاجة إلى التفسير؛ و سيادة العرب باصلاح القرآن لأنفسهم، و ما في التفاسير من الشواغل عن هداية القرآن، و بحث حول التفسير بالمأثور، و اتصال المؤلف (رشيد رضا) بالاستاذ الامام و اقتراحه التفسير عليه، و تحاورهما في كتابة التفسير او قراءته، و طريقة الامام في قراءة التفسير و طريقة

______________________________

(1) منهج الامام محمد عبده لشحاتة/ ن.

(2) المنار، ج 1/ 7.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 669

المؤلف في كتابته، و بيان نكات حول التفسير مقتبسة من دروس الامام مما يحتاج اليها في التفسير من العلوم و حدوده، و مباحث حول مبلغ معرفتنا بالقرآن و ما نعظمه به، و بقاء الاسلام بالقرآن و لغته، و غيرها من المباحث المفيدة جدا في علم التفسير.

منهجهما

كانت طريقة الامام عبده بالنسبة الى الآيات التي فسرها على ما بيّنه صاحب المنار، تفسير جامع بين الصحيح المأثور و الصريح المعقول، الذي يبين حكم التشريع و سنن اللّه في الانسان و كون القرآن كتاب هداية للبشر.

و هو يتوسع فيه فيما اغفله او قصر فيه المفسرون، و يختصر فيما رووا فيه من مباحث الالفاظ و الإعراب و نكت البلاغة، و يعتمد في ذلك على عبارة تفسير الجلالين الذي هو أوجز التفاسير، فكان يقرأ عبارته، فيقرّها ان كانت

سليمة، و ينتقدها ان كان يرى غير ذلك، ثم يتكلم في الآية او الآيات المنزلة في معنى واحد.

اما بالنسبة الى التفسير الذي فسره محمد رشيد رضا، فقد اشتمل على امرين لم يكونا في تفسير الامام هما:

1- العناية بدعم التفسير بالمأثور عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم.

2- النقل الكثير من المفسرين.

و ان السبب في ذلك- كما ذكره السيد- ان الامام عند ما يلقى درسا، فكان يلقي ما يتمثل في عقله و قلبه و مما قرأ و تأمل و تدبّر في القرآن «1».

و مما نرى في تفسيره هو شديد على الصوفية و افكارهم، رافضا لتفسيراتهم الاشارية و تأويلاتهم البعيدة، و يعزو خطأهم الى ضعفهم في الكتاب و السنة «2».

______________________________

(1) منهج الامام محمد عبده في تفسير القرآن لشحاتة/ ط.

(2) انظر: المنار، ج 6/ 417 و ج 11/ 340 و 341 و 379.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 670

و اشتمل تفسير الامام عبده على وجوه شتى منها:

1- النظر في أساليب الكتاب و معانيه.

2- الإعراب بدون توسع.

3- تتبع القصص و غريب القرآن.

4- المواعظ و الرقائق.

5- التفسير الاشاري او الباطني.

و غرضه لطرح هذه الامور، هو فهم الكتاب من حيث هو دين يرشد الناس الى ما فيه سعادتهم في حياتهم الدنيا و حياتهم الآخرة. و ان يبين بالاجمال ما يشرب القلب عظمة اللّه و تنزيهه، و يصرف النفس عن الشر و يجذبها الى الخير.

قال «جولد تسيهر» في حق منهج الامام من حيث لونه العقلي:

«و اقل ما تعتمده هذه المدرسة فرضا ثابتا لتفسير القرآن على وجه صائب هو ان القرآن لا يمكن ان يحتوي على تعليم يتعارض مع حقائق العلم» «1».

و من خصائص منهجه التوجه الى معالجة اسباب تأخر المجتمع الاسلامى و

امراضه الكثير، و إلى بناء مجتمع قوي، و عودة الامة الى ثورة حقيقية قرآنية على اوضاعها المتخلفة، و مواجهة الحياة مواجهة علمية صحيحة، و العناية التامة إلى الاخذ باسباب الحضارة الاسلامية من جديد، و مواجهة اعدائها، و ردّ الغزوات الفكرية الاستعمارية التى شنت على الاسلام عقيدة و شريعة و تاريخا و حضارة و رجالا، و مناقشتها بالادلة العلمية و الوقائع التاريخية و تفنيدها و اثبات بطلانها من ذاتها. «2»

و ايضا يتجه اتجاه عقلانية واسعة تدقيقا اسلاميا و حضاريا، لتعدى العقلانية المادية الغربية.

______________________________

(1) الامام محمد عبده و منهجه في التفسير لعبد الغفار عبد الرحيم/ 170.

(2) تطور تفسير القرآن/ 222، نقلا عن: المنار، ج 3/ 323، 324، و ج 4/ 142، 381، ج 6/ 431، 475، و ج 7/ 305، 369.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 671

و استشكل على هذا المنهج الدكتور فهد الرومى في كتابه: «المنهج المدرسة العقلية الحديثة» مفصلا و اتصل هذا المنهج بالاتجاه العقلى المعتزلى «1».

و قد اجاب الدكتور محسن عبد الحميد عن هذا الاشكال بما ان العقلانية التى تحركت فيها من أجل توضيح معالم الاسلام و الحاق الهزيمة بالعقلانيات المادية التى انكرت الوحى الالهى، حيث قال:

«العقلانية الواسعة التى أخذت على هذه المدرسة من لدن بعض من لم يدققوا الامور تدقيقا اسلاميا و حضاريا جيدا، يعود الى ضغط العصر الحضارى الجديد الذى واجه المسلمين بعقلانية مادية مغرية غرت الاوساط الثقافية و العلمية في العالم الاسلامى، و كادت أن تؤدى بعقائد الجليل الجديد برمتها، لو لا العقلانية المضادة التى تبنتها مدرسة الافغانى استجابة طبيعية لتحدى تلك العقلانية المادية من أجل إنقاذ البقية الباقية من أبناء الجيل الجديد الذين تربوا في ظل ثقافة تقليدية متأخرة اهتمت

بتمحيص دقائق الفاظ النصوص دون النفوذ إلى حقائقها و مقاصدها، و دون ادراك السنن الكونية و الحضارية فيها ...

إن العقلانية التى تحركت فيها مدرسة (الافغانى- عبده- رشيد) لم تكن غريبة على الاسلام، و إنما تحركت لظروف الحياة الجديدة في أوسع دائرة اصولية تأويلية ممكنة، يمكن ان يلجأ اليها المفسر و المفكر المسلم من أجل توضيح معالم الاسلام و الحاق الهزيمة بالعقلانية المادية التي انكرت الوحى الالهي جملة و تفصيلا» «2».

قد تعرض كثير من الباحثين لعلوم القرآن و تفسيره حول منهج الامام عبده و رشيد رضا، لخصنا كلامهم حول مواقفهما و منهجهما بما يلي:

1- عدم تحكيم قوانين البلاغة في النسق القرآني.

______________________________

(1) منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير/ 70. و بقية صفحات الكتاب.

(2) تطور تفسير القرآن/ 223.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 672

2- عدم وجود تعارض بين القرآن و العلم.

3- الاسلام هو دين العقل و الشريعة و هو مصدر الخير و الصلاح الاجتماعي.

4- القرآن لا يتبع العقيدة و انما تؤخذ العقيدة من القرآن.

5- عدم اغفاله الوقائع التاريخية في سير الدعوة الى الاسلام و عند تفسيره للآيات التي نزلت فيها.

6- اعتبار القرآن جميعه وحدة واحدة متماسكة.

7- التحفظ في الأخذ بما سمي بالتفسير المأثور، و التحذير من الاسرائيليات «1».

دراسات حول التفسير

كتبت حول التفسير مقالات و رسائل و كتب نشير الى بعضها:

5-منهج الإمام محمد عبده في تفسير القرآن الكريم.

الدكتور عبد اللّه محمود شحاتة، القاهرة، نشر الرسائل الجامعية للمجلس الاعلى لرعاية الفنون و الآداب و العلوم الاجتماعية، 1379 ه- 1959 م، 265 ص، 24 سم.

2- الامام محمد عبده و منهجه في التفسير.

الدكتور عبد الغفار عبد الرحيم. القاهرة، المركز العربي للثقافة و العلوم، 1400 ه- 1980 م، 423 ص، 24 سم.

3- دراسة عن

مدرسة المنار (بالفرنسية).

جوية الفرنسي (الإسرائيليات و اثرها في التفسير/ 353).

4- موقف صاحب المنار من المفسرين.

محسن عبد الحميد، مطبعة المعارف في بغداد.

5- رشيد رضا المفسر.

______________________________

(1) نفس المصدر/ 167- 188.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 673

حسيب حسن حسب اللّه السامرائي، رسالة دكتوراه من كلية اصول الدين بجامعة الازهر، 1390 ه- 1970 م «1».

______________________________

(1) انظر ايضا: التفسير و التفاسير الحديثة لخرمشاهي/ 65؛ مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 317؛ و التفسير و رجاله لابن عاشور/ 193؛ و التفسير و المفسرون، ج 2/ 552؛ و منهج المدرسة العقلية الاجتماعية الحديثة في التفسير لفهد الرومي/ 124؛ و اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر لفهد الرومي/ 803؛ و في علوم القرآن، دراسات و محاضرات لمحمد عبد السلام كفافي/ 357؛ و الإسرائيليات و اثرها في كتب التفسير لرمزي نعناعة/ 350؛ و الرازي مفسرا لعبد الحميد/ 182؛ و مذاهب التفسير الإسلامي لتسيهر/ 351؛ و تطور تفسير القرآن لمحسن عبد الحميد/ 211؛ و المنهج البياني في تفسير القرآن لكامل علي سعفان/ 25 و 63؛ و النحو و كتب التفسير لرفيدة، ج 1/ 1043؛ و قضية المرأة في تفسير المنار لمنجي الشملي في مجلة حوليات الجامعة التونسية، العدد الثالث، 1966 م، و المفسرون بين التأويل و الاثبات للمغراوي، ج 1/ 243.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 674

105- منتهى المرام

اشارة

العنوان المعروف: منتهى المرام في شرح آيات الاحكام.

المؤلف: محمد بن الحسين بن الامام القاسم بن محمد.

وفاته: توفي في سنة 1067 ه- 1657 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الزيدي.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 1.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى: صنعاء، 1357 ه.

الطبعة الثانية: الدار اليمنية للنشر و التوزيع، و دار المناهل للطباعة و النشر و التوزيع، 1406 ه- 1986 م.

حياة المؤلف:

هو السيد العلامة الامام محمد بن الحسين بن الامام القاسم بن محمد، الزيدي اليمني.

ولد في بيت العلم من اهل الادب و رعاته، مطلعا على مقاصد الأدباء و مناهجهم، و من مشايخه العلامة عبد الرحمن بن محمد الحيمي، و القاضي العلامة احمد بن صالح العنسي.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 675

التفت في آخر حياته و مدته الى الفقه و كان مع ذلك يحب السنة النبوية و يعظّم اهلها.

كان من أعيان الدولة المتوكلية و من وجوه سادات اهلها في البسطة، و كان بعد موت والده مقيما بالبستان غربي مدينة صنعاء، يحف به الفقهاء و جماعة من الجند.

اجتمع له من الكتب مما لا يجتمع الا للسلاطين حتى بلغت دواوين الشعر مائة و خمسين مجلدا.

توفي في عصر الجمعة 8 شوال سنة 1607 ه، و دفن بمقبرة البستان الى جنب المسجد.

آثاره و مؤلفاته:

1- أحاديث في صفة الجنة.

2- منتهى المرام، في شرح آيات الاحكام «1».

تعريف عام

التفسير موجز لشرح آيات الاحكام على اساس المذهب الزيدى، عرض فيه المؤلف مائتين و اربعين آية، مع أنه ناظر لسور القرآن و آياته، إلا انه لا يتحدث الا عن الآيات التي لها تعلّق بالاحكام فقط، وفقا للترتيب الذي عليه سور القرآن الكريم.

كان التفسير شرحا لكتاب آيات الاحكام التي جمعها السيد المحدث محمد بن إبراهيم الوزير، ففسرها المؤلف، و أضاف عليها ما يعاضدها من السنة و بعض الاضافات الاخرى.

قال في مقدمة كتابه بعد ما وصف الكتب التي دونت في آيات الاحكام:

«و من أحسنهم إجادة و أتمهم افادة ... علامة العترة الاطهار، و فخر آل النبي المختار،

______________________________

(1) منتهى المرام في شرح آيات الاحكام، نبذة من ترجمة المؤلف من الناشر/ 7.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 676

جمال الدين محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى روح الله روحه ... جمع آيات قلّت كمية و عددا، و كثرت في العلوم زخرا و مدّا، منها ما وافق غيره في اعتماده، و منها ما تفرد به بحسن اختياره و اجتهاده ... أحببت أن أتبرك بجمع شرح عليها، و أنظم فرائد يلتفت الطالب اليها ... مضيفا اليها ما عاضدها من السنة التي ما وراءها مذهب لذاهب، عازيا ما فيه من الأخبار إلى اصولها المعتمدة، منبّها في بعض المواضع على ما يحتاج اليه من معرفة أسانيدها المنتقدة ... ملخصا للمقصد مما على آيات الاحكام من شروح، ماحضا للزبدة من اقوال الأئمة التي لها غدو في التحقيق ...» «1».

لم يبدأ المؤلف بمقدمة إلا ما ذكره من وصفه للكتب التي دونت في آيات الاحكام و منهجه في التفسير.

منهجه

و أمّا منهجه فهو يذكر بعض الآية التي لها تعلق بالحكم، ثم يبين تفسيرها، مقتصرا على بيان

الحكم المستفاد من الآية و بعض خصوصياتها، ثم يعرض الاقوال، و الروايات المأثورة من طريق اهل السنة.

قد تعرض المفسر ل (239) آية من آيات الاحكام، و في بداية كل آية ذكر سبب نزولها احيانا، ثم نقل الاخبار المرتبطة بحكم الآية من الصحاح الستة و غيرها، ثم ذكر الاقوال و وجوه المعاني و تفسيرها.

و بما أنّ التفسير كان بالدرجة الأولى مقتصرا على بيان الأحكام المأخوذة من الآيات، فهو لم يتعرض للموارد اللغوية و البلاغية و القراءات، و كذا لم يتطرق للمسائل الكلامية.

و اما منهجه في بيان المسائل الكلامية و الاختلاف فيها بين المذاهب الاسلامية،

______________________________

(1) منتهى المرام/ 10.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 677

فقليلا ما يذكرها، و كذلك في المسائل الفقهية و الاختلاف بين المذاهب الاسلامية فهو يذكرها من دون ترجيح لرأي معين، فمثلا عند ذكره لأحكام الطلاق اذا وقعت فيه الطلقات الثلاث في مجلس واحد و بلفظ واحد، قال:

«و لو جعل الطلقات بلفظ واحد، هل تكون واحدة او ثلاثا، و هذه مسألة اختلف فيها العلماء من الصحابة و التابعين و الأئمة عليهم السلام، فعند القاسم و الهادي و طائفة ممن ذكر، و هو مروي عن علي عليه السلام ان ذلك طلقة واحدة، و عن المؤيد بالله و الفرق الثلاث أنها ثلاث» «1».

ثم ذكر الادلة من دون تعصب او قدح بالمذاهب الاخرى.

و كذلك في مسألة الوضوء و الخلاف الذي وقع فيه بين الشيعة و السنة في مسح الرجلين او غسلهما، يذكر الاقوال و ادلة الطرفين و يرجّح في ذلك مذهبه الفقهي من دون قدح بالمذاهب الاخرى، فقال:

«قوله تعالى: أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ «2»، أمر الله سبحانه و تعالى بغسل الرجلين او مسحهما على اختلاف القراءتين، و قد أجمع

المسلمون على فرضية ذلك، و لكنهم اختلفوا في نوع طهارتهما، فالذي عليه القاسمية و زيد و ابو حنيفة و اكثر الفقهاء، ان طهارتهما الغسل.

و قال النيشابوري في تفسيره، و عن ابن عباس و أنس بن مالك و عكرمة و الشعبي و ابي جعفر محمد بن علي الباقر رحمه الله، ان الواجب فيهما المسح، و هو مذهب الامامية.

و قال داود: يجب الجمع بينهما، و هو قول الناصر للحق عليه السلام من ائمة الزيدية، انتهى.

و في «الثمرات» عن الباقر [ع] مثل قول الناصر، و قال الحسن البصرى و محمد بن

______________________________

(1) نفس المصدر/ 87.

(2) سورة المائدة/ 6.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 678

جرير الطبرى المكلف مخير بين المسح و الغسل.

حجة القائلين بالغسل الاخبار و قراءة النصب ...

اجاب القائلون بالمسح: بان ما بنيتم عليه الدليل من النصب لا يخلو اما ان يكون بالعطف على وُجُوهَكُمْ، او بفعل مقدر، و العطف على وُجُوهَكُمْ مستهجن، اذ لا يقال: ضربت زيدا و عمرا و اكرمت خالدا و بكرا، و تجعل بكرا عطفا على زيد و عمر و المضروبين. هذا على ان الكلام وجد فيه عاملان عطف فيه على الاقرب منهما كما هو مذهب البصريين.

و اما القول بأنه منصوب بفعل مقدر، فانّه إنّما يجوز و يضطر الى التقدير، حيث لم يمكن حمله على اللفظ المذكور كما قلتم، و أما هنا فلا، لانّا نقول هو معطوف على محل بِرُؤُسِكُمْ، و بأن إعراب المجاورة ضعيف جدا لا يليق بكتاب الله تعالى خصوصا و قد انكره اهل العربية.

و الجواب: ان العطف على محل بِرُؤُسِكُمْ ضعيف ... و ان اعراب المجاورة سائغ عند بعض و ان الالتباس هاهنا زائل بالتحديد، فان التحديد انما جاء في الغسل لا

في المسح» «1».

و الخلاصة: يعدّ تفسير منتهى المرام من التفاسير الفقهية الموجزة، تعرض فيه المؤلف لاقوال و آراء المذاهب الاسلامية، من خلال شرحه لآيات الاحكام، من دون تعصب لمذهبه الزيدي.

______________________________

(1) منتهى المرام/ 244.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 679

106- منهج الصادقين في الزام المخالفين

اشارة

العنوان المعروف: تفسير منهج الصادقين في الزام المخالفين المعروف ب «تفسير ملّا فتح الله كاشاني» (القاساني) المؤلف: ملا فتح الله الكاشاني.

وفاته: توفي في سنة 988 ه- 1580 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: الفارسية عدد المجلدات: 10.

طبعات الكتاب: الطبعة الحجرية، ايران، تبريز، 3 مجلدات كبيرة، حجم 34 سم.

و ايران، طهران سنة 1933 م.

و ايران، طهران، الطبعة الثانية 1386 ه، 10 مجلدات، المكتبة الاسلامية، حجم 24 سم، تحقيق و تقديم العلامة أبي الحسن الشعراني.

و ايران، طهران، الطبعة الاولى، سنة 1385 ه، المطبعة العلمية الاسلامية (انتشارات علمية اسلامية) 10 مجلدات، حجم 24 سم، بتصحيح علي أكبر الغفاري و تقديم و تعليق السيد أبي الحسن المرتضوي.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 680

حياة المؤلف:

هو المولى فتح الله بن المولى شكر الله الكاشاني (القاساني)، فقيه متكلم مفسر نبيل، و هو من علماء الامامية في عصر دولة السلطان شاه طهماسب الصفوى.

ولد ببلدة كاشان احدى مدن ايران، صاحب تفسير «زبدة التفاسير» باللغة العربية. تتلمذ عند المفسر الجليل علي بن الحسن الزواره ئى صاحب تفسير «الزواره ئى».

قد روى عنه الشيخ علي بن عبد العالي الكركي.

توفي سنة 988 ه بكشمير.

آثاره و مؤلفاته:

1- زبدة التفاسير (بالعربية) 2- خلاصة المنهج، و هو اختصار هذا التفسير الذي نحن بصدد تعريفه.

3- ترجمة القرآن (بالفارسية).

4- تنبيه الغافلين و تذكرة العارفين في شرح نهج البلاغة.

5- كشف الاحتجاج في ترجمة الاحتجاج للطبرسي. «1»

تعريف عام

هو تفسير شامل لجميع آيات القرآن، باللغة الفارسية، سلس العبارة، مع الايجاز في التعبير، استطاع المؤلف من خلاله بيان منهجه الأدبي و الروائي و الكلامي.

يعدّ هذا التفسير من اشهر و أقدم التفاسير الفارسية الامامية، التي طبع منها

______________________________

(1) انظر ترجمته: روضات الجنات، ج 5/ 330؛ و الذريعة، ج 7/ 233؛ و مقدمة التفسير، ج 1/ 64 من طبعة انتشارات علمية اسلامية.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 681

كثيرا في ايران، و تأثر به كثير من المفسرين، كما تأثر هو بتفسير أبي الفتوح الرازي، المسمّى ب «روض الجنان و روح الجنان».

ابتدأ المؤلف بمقدمة بيّن فيها: فضل القرآن و تفسيره، و غرضه من تأليفه للتفسير، ثم ذكر مقدمات في التفسير و علومه تشتمل على:

1- اسماء القرّاء و أسماء القرآن.

2- معنى السورة و الآية و عدد آياتها.

3- معنى التفسير و التأويل.

4- تفسير الحديث النبوي: «نزل القرآن على سبعة أحرف».

5- التفسير بالرأى.

6- مصونية القرآن من التحريف.

7- جمع القرآن في حياة النبي «ص» و إعجاز القرآن.

8- فضل قراءة القرآن.

و كان يعتمد في تفسير الآيات و معنى اللغات في القراءات، على قراءة أبي بكر ابن عاصم، بدلا من قراءة حفص عن عاصم.

و أمّا أهمّ المراجع التي اعتمد عليها في تفسيره، فهي: «روض الجنان و روح الجنان» للرازي، و «كشف الاسرار» للميبدي، و «الكشاف» للزمخشري و «تفسير البيضاوي»، و ما روى من الصحابة كابن عباس و ابن مسعود و غيرهما.

قال الكاشاني في بيان غرضه من التأليف:

«بناء على هذا، فكان

قصدي الفقير الضعيف الجاني المفتقر الى غفران الله ابن شكر الله، فتح الله الشريف الكاشاني، بعد قراءة التفاسير الفارسية و العربية، و كتب التواريخ و الحديث و الكتب الكلامية و الأصولية و الفقهية، أن أكتب تفسيرا مشتملا على حل المعاني القرآنية، وفق القراءات السبعة، و لا أتعرض لقراءة أخرى، و أذكر أسباب النزول و أحاديث سيد البريات عليه و آله أفضل الصلوات و أكمل التحيات،

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 682

و أذكر الأخبار و القصص و الحكايات المروية عن أئمة أهل البيت عليهم التحيات و التسليمات، و بيان فضل السور و الآيات و وجه ارتباطها ...» «1». و للمفسر تفسير آخر باللغة العربية في 10 مجلدات، ألّفه المفسر بعد تفسيره هذا و تلخيصه، و هو الآن تحت الطبع.

منهجه

و طريقته في التفسير، هو أن يبدأ باسم السورة و معناه، و بيان مكيّها و مدنيّها، و ثواب قراءتها، و ترجمة الآية بالفارسية، ثم يدخل في ذكر المعنى اللغوى و وجوه الإعراب و البيان، اعتمادا على الكشاف و البيضاوي، و القراءات السبعة، من دون تعرض للقراءات الشاذة؛ و ذكر أسباب النزول، و نقل الأحاديث عن النبي «ص» و الأئمة الأطهار من أهل بيته عليهم السلام. و نقل القصص و الحكايات، و الاهتمام بتناسب الآي و السور و بيان نظمها و ترتيبها؛ و بيان المسائل الفقهية فيما يتعلق بالأحكام، و ذكر مناقب أهل البيت (ع) فيما يرتبط بها.

قال العلامة الشعراني صاحب التقديم و التصحيح للكتاب في مقدمة له:

«كان المفسر في الغالب متأثرا بتفسير البيضاوى، و نقل عن تفسير الكشاف و مجمع البيان للطبرسي، إلّا أنّ عمدة ما نقله عن مجمع البيان، يختص بالقصص و الحكايات، و إن كان

المؤلف قد اعتمد أيضا على تفاسير أخرى، كالتبيان للشيخ الطوسي، و روض الجنان للرازي، و جلاء الأذهان للگازر» «2».

و يهتمّ الكاشاني بذكر الإعراب، و الصرف و النحو و يستشهد بأشعار العرب و أمثالهم في بيان معنى الآية و ذكر الوجوه المحتملة في الآية.

و يتعرض للأحكام الفقهية من دون بسط و توسع، و إن كان ينقل الأقوال

______________________________

(1) منهج الصادقين، ج 1/ 68 من طبعة: «انتشارات علمية اسلامية» بتصحيح على أكبر الغفاري.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 3 من طبعة المكتبة الاسلامية بتصحيح العلامة الشعرانى.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 683

و الوجوه المحتملة، و نحا في ذكره للأحكام الفقهية كالوضوء و المتعة و الطلاق و غيرها من المسائل الفقهية الخلافية بين أهل السنة و الشيعة، متماشيا مع مذهبه الإمامي.

كما كان كذلك موقفه في العقائد و المسائل الكلامية، فإنّه يهتمّ ببيانها و يتوسع في ذلك بذكر الادلة، و نقل الروايات الواردة من طرق اهل السنة و الشيعة، كمسألة الإمامة، و عصمة الأنبياء، و الأمر بين الأمرين في الجبر و الاختيار، و امتناع رؤية الله في القيامة و العدل و غيرها من المسائل المطروحة في علم الكلام «1».

و أما مواقفه بالنسبة الى الإسرائيليات و الموضوعات، و إن كانت طريقته نقل القصص و الحكايات، و نقل القصص التي تتنافى مع عصمة الأنبياء و الملائكة إلّا أنّه ينبّه على سخافتها و عدم معقوليتها و انحرافها من صوب الصواب. «2»

دراسات حول التفسير

1- خلاصة منهج الصادقين. ملّا فتح الله كاشاني. تصحيح العلّامة أبو الحسن الشعراني، 8 مجلدات، الطبعة الاولى، 1363 ش، طهران، انتشارات اسلامية.

2- دراسات و بحوث حول تفسير منهج الصادقين في الزام المخالفين. أصغر معظمي رسالة ماجستير، كلية الدراسات الاسلامية (الهيات)، جامعة طهران.

بالفارسية. 1369

ش. «3»

______________________________

(1) انظر تفصيل الموارد و البحوث: منهج الصادقين، ج 1/ 56 و 360 و 250 و 249.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 128؛ و ج 8/ 46 من طبعة انتشارات علمية اسلامية.

(3) انظر أيضا: طبقات مفسران شيعة لعقيقي البخشايشي، ج 2/ 410؛ و هزار سال تفسير فارسي (الف سنة من التفاسير الفارسية) لسادات الناصري/ 699.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 684

107- المنير

اشارة

العنوان المعروف: التفسير المنير في العقيدة و الشريعة و المنهج.

المؤلف: الدكتور وهبة الزّحيلي.

ولادته: ولد في سنة 1351 ه- 1932 م.

مذهب المؤلف: الحنفي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1408 ه.

عدد المجلدات: 16.

طبعات الكتاب: دمشق، دار الفكر، و بيروت، دار الفكر المعاصر، الطبعة الاولى، سنة 1411 ه- 1991 م، حجم 24 سم، 10000 صفحة.

حياة المؤلف:

هو الدكتور وهبة ابن الشيخ مصطفى الزحيلي من العلماء و الباحثين في بلاد الشام.

ولد في بلدة دير عطية من نواحي دمشق (سوريا) عام 1932 ه، و كان والده المغفور له الشيخ مصطفى الزحيلي مزارعا، حافظا للقرآن، شديد الغيرة على دين اللّه و حرماته، كثير العبادة و الصيام، عالي الهمّة.

درس الابتدائية في بلدته و الثانوية الشرعية في الكلية الشرعية بدمشق، و حصل على

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 685

شهادتها عام 1953 م، و نال الشهادة العالمية من كلية الشريعة بالأزهر الشريف عام 1956 م.

عيّن مدرسا في كلية الشريعة بجامعة دمشق سنة 1963 م ثم وكيلا للكلّية، ثم عميدا لها تكليفا ثم رئيس قسم الفقه الإسلامي و مذاهبه فيها، و قد أعير بجامعات بن غازي و الإمارات أكثر من سبع سنين.

و هو خبير في الفقه و التفسير و الدراسات الاسلامية. «1»

أهم آثاره و مؤلفاته:

له أكثر من ثلاثين مؤلفا منها:

1- موسوعات ثلاث هي:

أصول الفقه الاسلامي (مجلدان).

الفقه الاسلامي و ادلته (8 مجلدات).

التفسير المنير، الذي نحن بصدد تعريفه.

2- آثار الحرب في الفقه الاسلامي- دراسة مقارنة.

3- تخريج و تحقيق أحاديث «تحفة الفقهاء»، (أربعة مجلدات).

4- نظرية الضمان أو أحكام المسئولية المدنية و الجنائية في الفقه الإسلامي.

5- الوصايا و الوقف.

6- التنوير في التفسير على هامش القرآن العظيم.

7- القرآن شريعة المجتمع.

تعريف عام

تفسير شامل لجميع القرآن، جديد جامع بين المأثور و المعقول، عصري الأسلوب

______________________________

(1) انظر ترجمة المفسر في كتيب صدر حول التفسير المنير، صدر من دار الفكر المعاصر، و الجزء الثلاثين من التفسير/ 484.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 686

و الفكر و الموضوعات، سهل الأسلوب، واضح العبارة، يقرّب المعاني و العقائد لأذهان الجيل المعاصر، مع الاشارة أحيانا لبعض النظريات العلمية الثابتة الصحة، قديم الاصول و المادة، جمع فيه مؤلفه بين أصالة القديم و عراقته، و روعة الجديد و جاذبيته، ملبّيا حاجة مختلف المستويات الثقافية و التخصصات العلمية.

و قد وصف الزحيلي تفسيره بما يلي:

«ان تفسير المنير، ليس تفسير مجرد جمع و تلخيص، و لا هو إبداع غير مسبوق، و إنّما اعتمد فيه على اصطفاء و اختيار الأصح و الأسلم و الأحكم و الأنفع و الأقرب لروح الآية القرآنية، مما يوجد في مختلف التفاسير القديمة و الحديثة، بالمأثور و المعقول، و تجنّب الاستطرادات و الخلافات النظرية أو الكلامية التي لم يجد اليها حاجة». «1»

أهدافه:

كان غرض المفسر في تأليفه الجمع بين أصالة القديم و روعة الجديد و جاذبيته، كما ذكر لنا في مقدمة كتابه حيث قال:

«من المعلوم إن التفاسير كثيرة قديما و حديثا، و يسأل الناس عادة عن أحسن التفاسير، فان أحيلوا للقديم منها، عجزوا و ضاعوا و ملّوا و تاهوا في ثنايا كثير من القضايا التي لا تهمّهم، و صعب عليهم تحقيق بغيتهم، و إن أرشدوا للجديد منها، لم يجدوا بنحو كاف ايضا ضالتهم المنشودة في دقة البيان و التعرف على وجوه و أسرار و عظمة القرآن و أحكام التشريع المختلفة التي حواها القرآن الكريم؛ لأن غالب التفاسير الحديثة يقع أصحابها بنوع من الشذوذ الفكري، و الانحراف العلمي

بدافع التجديد و المعاصرة، و على التخصيص في تفسير المعجزات و التفسير العلمي للقرآن و أحوال الصحابة، فكان لا بدّ من تجديد القديم في الأسلوب و العرض و البيان،

______________________________

(1) نفس المصدر/ 2.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 687

و التزام منهج الاعتدال، و تقديم المادة العلمية بنحو معاصر لا شذوذ فيه، و لا شطط و لا غرابة». «1»

قد ابتدأ المفسّر قبل التفسير بمقدمة في سبب تأليفه للكتاب و بيان منهجه، ثم ذكر مقدمة مفصلة تشتمل على بعض المعارف الضرورية المتعلقة بالقرآن، و فيها تعرض لموضوع تعريف القرآن و أسمائه، و كيفية نزول القرآن، و المكي و المدني منه، و بيان أول القرآن و آخره نزولا، و من جمع القرآن و مراحل جمع القرآن، و طريقة كتابة القرآن و الرسم العثماني، و الاحرف السبعة و القراءات السبع، و بيان انّ القرآن كلام اللّه و ادامة الاثبات بوجوه الاعجاز و مظاهره، و عربية القرآن، و ترجمته الى اللغات الاخرى و حكمها، و الحروف التي في اوائل السور (الحروف المقطعة)، و في ختام المقدمة ذكر مسألة التشبيه و الاستعارة و المجاز و الكناية في القرآن.

و من مميزات هذا التفسير، تنوع المصادر التي اعتمد عليها، و كثرة ما نقل من الاقوال و الوجوه المحتملة في تفسير الآية من المصادر التفسيرية، و اللغوية، و الحديثية، و الفقهية من المؤلفين القدامى و الجدد، مع بيان موضع النقل و ترجيح ما يراه صوابا.

و من مصادره التفسيرية التي اشار الى اسمائها و بيان مكان ما نقله عنها: تفسير الطبري «جامع البيان»، و الزمخشري: «الكشاف»، و القرطبي: «الجامع لاحكام القرآن»، و فخر الدين الرازي: «التفسير الكبير، مفاتيح الغيب»، و ابي حيان الاندلسي:

«البحر المحيط»، و غيرها.

منهجه

و اما طريقته في التفسير، ففي مطلع كل سورة يبيّن مزاياها، و فضلها و مشتملاتها، و جملة المواضيع التي تتطرق اليها السورة، و تصورا اجماليا عنها.

و يعطي لكل مجموعة متناسقة من الآيات تشكل فيما بينها وحدة موضوعية،

______________________________

(1) نفس المصدر.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 688

و يجعل لهذه الوحدة الموضوعية تفسيرا ذا ثلاثة جوانب:

1- اللغويات: يتناول شرح المفردات القرآنية، و الأوجه الهامّة من البلاغة و الإعراب.

2- التفسير و البيان: يقدم صورة شاملة للآيات، مشيرا لما ورد في معناها من القرآن و صحيح الأحاديث.

3- فقه الحياة و الاحكام: يبرز ما يستنبط من الآيات مما يتصل بشئون الحياة للعمل و التطبيق.

و يقول في أثناء سرده لمزايا تفسيره: انّ تفسيره تفسير للقرآن بالقرآن، و بالصحيح من السنة و المأثور، تقصّ لاسباب النزول و تخريج للأحاديث النبوية، و تجنب للإسرائيليات و الروايات الشاذة و الخلافات النظرية، و التزام للاعتدال و الوسطية.

و يتعرض الزحيلي للمباحث الاعتقادية و المواقف الكلامية، وفق مذهب أهل السنة من دون تعصب، أو قدح لسائر المذاهب، كمسألة الجبر و الاختيار، و ارتكاب الكبائر من الذنوب، و الامامة و صفات اللّه «1».

و على سبيل المثال نذكر نموذجا من بيانه في مسألة رؤية اللّه، بعد ما ذكر، بانه لا تراه بالابصار رؤية احاطة و شمول تعرف كنهه، و هو تعالى يرى العيون الباصرة رؤية ادراك و احاطة و شمول، و هذا عنده لا يتنافى مع رؤيته في الآخرة بالابصار، حيث قال في تفسير قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ «2»:

«و هذه الآية إما مخصوصة بقوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ. «3»

و بالحديث الآتي الدال على رؤية اللّه عزّ و جلّ، أو يقال: إنّه لا تنافي بين

______________________________

(1) التفسير المنير،

الجزء 8/ 10 و الجزء 5/ 37- 40، و الجزء 2/ 434.

(2) سورة الانعام/ 103.

(3) القيامة/ 22.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 689

الآيتين، لان نفي احاطة العلم، لا يستلزم نفي أصل العلم، و كذلك نفي ادراك البصر للشي ء و الإحاطة به لا يستلزم نفي رؤيته مطلقا. و قد ثبت في الصحيحين انّه «ص» قال: «انكم سترون ربّكم يوم القيامة» ... فرؤية اللّه تعالى ثابتة للمؤمنين في عالم الآخرة، و لكن دون احاطة و لا شمول و لا حصر و لا كيفية؛ اذ لو لم يكن جائز الرؤية، لما حصل المدح لعظمة اللّه بقوله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ، لان المعدوم لا تصح رؤيته». «1»

و يعتقد الزحيلي انّ وجوه اعجاز القرآن كثيرة، منها: البلاغة و الفصاحة.

و منها: الاشتمال على الغيبيّات.

و منها: الاحكام الشرعية.

و منها: مواكبة الاكتشاف العلمية الحديثة «2».

و لهذا فانّه يفسر الآيات القرآنية تفسيرا علميا من دون توسع و افراط فيه و تحميل عليه، فعلى سبيل المثال بعد ما فسّر قوله تعالى: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها «3» ببسط الأرض و مهدها و جعلها مفلطحة كالبيضة بعد خلق السماء، فقال:

«دلّ قوله تعالى: فَسَوَّاها على انّ الارض كروية، كما دلّ قوله تعالى:

دَحاها على انّ كروية الارض ليست تامة، بل هي مفلطحة كالبيضة». «4»

و قال في موضع آخر من التفسير:

«لا يفهم من آية: وَ هُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ «5»، و آية: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها «6». انّ الأرض غير كروية، فقد ثبتت كرويتها بالأدلّة العلمية العقلية

______________________________

(1) التفسير المنير، الجزء 7/ 316.

(2) نفس المصدر، الجزء، 12/ 36.

(3) سورة النازعات/ 30.

(4) التفسير المنير، جزء 30/ 47.

(5) سورة الرعد/ 3.

(6) سورة النازعات/ 30.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 690

و الحسيّة، و

دلت أقمار الفضاء الدائرة حول الأرض بما لا يقبل أي شك أو جدل على انّ الأرض كروية، و قد صرّح بكرويتها علماؤنا كالرازي. «1»

فان المقصود أنّ كل قطعة من الأرض تشاهد كالسّطح، و أما مجموعها و حجمها العظيم فهو كرة بدليل تثبيتها في الآية هنا بالجبال الرواسي». «2»

و من منهجه في التفسير، ذكر أقوال الفرق و المذاهب بمناسبة الآية بشكل مجمل، و لم يتعصب في ذلك، كما لم يلتو في عرض حجة المخالف، بل كان يعرضها بدقة و امانة.

و كذا في نقل عقائد و آراء المسيحية و اليهودية، فان الزحيلي نقلها بوضوح و دقة، و هذا نموذج مما قاله عند بيانه لعقائد المسيحية في حق عيسى عليه السلام، حيث قال:

«كانت فرقة اليعقوبية من النصارى هي القائلة بألوهية المسيح عليه السلام، ثم ساد مذهبهم بين طوائف المسيحيين الثلاث المشهورة و هي: الكاثوليك و الارثوذكس و البروتستانت، الذين نشأ مذهبهم منذ اربعة قرون على يد الراهب المصلح «مارتن لوثر» الذي خلّص المسيحيين من كثير من التقاليد و الخرافات و انتشر مذهبه في أمريكا و انجلترا و ألمانيا، و لكنه ظل قائلا بالتثليث و يعد الموحد غير مسيحي، و لكن يؤول الامر في النهاية الى وصف المسيح بانه الرب و الإله ...» «3» الى آخر بيانه.

______________________________

(1) مفاتيح الغيب، ج 19/ 2- 3.

(2) التفسير المنير، جزء 13/ 108.

(3) نفس المصدر جزء 6/ 137.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 691

108- مواهب الرحمن في تفسير القرآن

اشارة

العنوان المعروف: مواهب الرحمن في تفسير القرآن.

المؤلف: السيد عبد الاعلى الموسوي السبزواري.

ولادته: ولد في سنة 1328 ه- 1910 م، و توفي في سنة 1414 ه- 1993 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 30.

طبعات الكتاب: العراق، النجف الاشرف، مطبعة الآداب،

الطبعة الاولى، سنة 1404 ه، حجم 24 سم، طبع منه حتى الآن 11 مجلدا.

حياة المؤلف:

ولد العلامة السبزواري في مدينة سبزوار من عوامل خراسان في الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 1328 ه في أسرة علمية مشهورة بالورع و الاجتهاد. و كان غمّه من كبار المجتهدين في سبزوار.

منذ صباه شغف بطلب العلم، فقد هاجر من مدينة سبزوار و هو في الرابعة عشرة من عمره الشريف الى مدينة مشهد الرضوية بعد تزوده بنمير من العلوم الفقهية و الاصولية على يد والده رحمه اللّه، فحضر في الحوزة العلمية في مدينة مشهد

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 692

دروس كبار علمائها آنذاك مثل الشيخ محمد حسن البرسي، و السيد آغا حكيم و السيد محمد العصار، ثم شدّ الرحال الى جامعة الاسلام الكبرى و معهد العلماء العظام مدينة النجف الاشرف ليرتشف من نمير منبعها الثر، و من عيون الفقه و الاصول و التفسير، فقد حضر درس كبار العلماء هناك، و من جملتها المحقق النائيني و السيد ابو الحسن الاصفهاني و الشيخ محمد حسين الاصفهاني.

توفي صباح يوم الاثنين 27 صفر 1414 و قيل قضي شهيدا بالسم فى العراق، و دفن في مدينة النجف الاشرف.

آثاره و مؤلفاته:

1- تهذيب الاصول، مجلدان. (مطبوع).

2- جامع الاحكام الشرعية في الفقه.

3- مواهب الرحمن في تفسير القرآن.

4- مناسك في الحج.

5- مهذب الاحكام في بيان الحلال و الحرام. (30 مجلدا).

6- إفاضة الباري في نقد ما ألّفه الحكيم السبزواري «1».

تعريف عام

يعدّ تفسيرا شاملا لجميع آيات القرآن، جامعا للابحاث الأدبية و اللغوية و البلاغية و الفقهية و الكلامية بعبارات سهلة صافية، و كلمات رائعة شيّقة، جمع فيه المؤلف بين المأثور و ما اتفق عليه الجميع في التفسير. قد صدر من التفسير حتى الآن أحد عشر مجلدا.

______________________________

(1) مجلة الشهادة، صوت المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، السنة الحادية عشرة، العدد 516، 5 ربيع الاول 1414/ 2.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 693

قد ابتدأ قبل التفسير بمقدمة موجزة بعد خطبة الكتاب، بيّن فيها منهجه و مواقفه في التفسير من دون ذكر لمقدمات التفسير من العلوم القرآنية و المباحث التفسيرية النظرية.

وضح السبزواري في مقدمة تفسيره موقفه العام بالنسبة الى التفسير بما ملخصه:

«فقد شملتني عنايته تعالى لتفسير هذا الكتاب العظيم الذي عجزت العقول عن درك كنهه ... ففي كل سورة منه بحار من المعارف، و يتجلى من كل آية منه أنوار من الحقائق ... و قد ظهر لي بعد مراجعتي لجملة من التفاسير، أنه فسّر كل صنف من العلماء القرآن بما هو المأنوس عندهم، فالفلاسفة و المتكلمون فسروه بمذهبهم من الآراء الفلسفية و الكلامية، و العرفاء و الصوفية على طريقتهم، و الفقهاء همهم تفسير الآيات الواردة في الاحكام، و المحدثون فسروه بخصوص ما ورد من السنة الشريفة في الآيات، كما أن الادباء كان منهجهم الاهتمام بجهاته الأدبية دون غيرها، و العجب إنه كلما كثر في هذا الوحي المبين و النور العظيم من هذه البيانات

و التفاسير، فهو على كرسي رفعته و يزداد على مر العصر تلألؤا و جلالا» «1».

لم يذكر السبزواري المصادر و المراجع التي اعتمدها في التفسير إلّا ما ذكره من الروايات، فإنّه نقل عن التفسير المنسوب لعلي بن إبراهيم، و تفسير العياشي، و التفسير المنسوب الى الامام العسكري، و كتاب «الكافي» للكليني، و «الاحتجاج» للطبرسي، و غيرها من كتب الحديث عند الشيعة، و لم ينقل اقوال المفسرين إلّا نادرا، مثل نقله عن تفسير «مجمع البيان»، إلّا أنه ذكر الوجوه و الاحتمالات و الأقوال من دون ذكر لقائلها، او مصدرها، كما كان دأبه في نقل الروايات، فإنّه لم يبيّن موضع نقلها.

______________________________

(1) مواهب الرحمن، ج 1/ 6.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 694

منهجه

و كان منهجه في التفسير، ذكر اسم السورة و بيان المكي و المدني، و عدد آياتها، و التعرض في تفسير الآية لمضمونها، و بيان مفرداتها، ثم بيان ما يتعلق بها من المباحث.

و قد قسم التفسير عدة فقرات، مع الاهتمام بالمنهج البياني و اللون الأدبي بذكر الصرف و النحو و البلاغة و بيان القراءات.

و طريقته في التفسير غالبا بيان الجو العام من مجموعة من الآيات و ذكر تناسبها مع ما قبلها اذا كان لها تناسب، او ذكر المباحث الكلية بمناسبة الآية «1».

و تطرق بمناسبة الآية لبحوث مستقلة اشتملت عليها الآية، كالبحث الاخلاقي، او الكلامي، او الروائي، او الفلسفي، او الاجتماعي، و غيرها من البحوث الاخرى.

و قد ذكرها تحت عنوان: «المبحث الدلالي» و اراد منه، المعنى العام مما تشير اليه الآية المباركة من الدلالات الظاهرة، او الدقائق العلمية او غيرها.

قال السبزواري في بيان منهجه:

«لم أتعرض لبيان النظم بين الآيات، و ذلك لان الجامع القريب في جميعها موجود، و

هو تكميل النفس، او الهداية، و مع وجوده لا وجه لذكر النظم بين الآيات، لأن الغرض القريب بنفسه هو الجامع و الرابط بين الآيات، كما إني لم أهتم بذكر شأن النزول غالبا، لأنّ الآيات المباركة كليات تنطبق على مصاديقها في جميع الأزمنة، فلا وجه لتخصيصها بزمان النزول او بفرد دون فرد آخر، و كذلك جميع الروايات الواردة عن الأئمة الهداة في بيان بعض المصاديق لها، فهو ليس من باب التخصيص؛ بل من باب التطبيق الكلي على الفرد» «2».

______________________________

(1) و نموذج على ذلك انظر: نفس المصدر/ 173 و 238 و 242 و 205.

(2) نفس المصدر/ 7.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 695

و من مواقفه التفسيرية، الاجتناب عن الاقوال المتفردة في التفسير، معللا بخوف التورط في التفسير بالرأي، و قال في ذلك:

«و قد بذلت جهدي في عدم التفسير بالرأي مهما امكنني ... و قد ذكرت ما يمكن أن يستظهر من الآيات المباركة بقرائن معتبرة، فإن هذا الحديث الشريف لا يشمله، اذ التفسير بالرأي غير الاستظهار من الآيات المباركة بالقرائن، و تركت التعرض للتفاسير النادرة، و الآراء المزيفة و الفروض التي تتغير بمرور الزمان» «1».

و يتعرض للاحكام الفقهية فيما اذا تعلقت الآية بحكم، مبسّطا مبينا ذلك في ذيل عنوان: «البحث الفقهي» مع الاستدلال عليها بآيات الاخرى، او بما روي عن اهل البيت عليهم السلام، معتمدا في بيانه على فقه الشيعة الاثنى عشرية.

و تعرض ايضا للآراء الكلامية و الفلسفية، بالبيان و التأكيد، او الرد و التنقيد، متكئا في ذلك على عقيدته الشيعية، كبحث الجبر و الاختيار، و عصمة الانبياء، و الامامة، و الرؤية، و غيرها من المباحث المختلف فيها بين الشيعة و اهل السنة، و كذلك يذكر غيرها من

المباحث العقائدية بالبيان الكلامي او الفلسفي، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيراً «2» فبعد التفسير البياني للآية، يتطرق لبحث الجبر و التفويض في سيره التأريخي قبل الاسلام، و بيان المذاهب الثلاثة في الجبر و التفويض يعني: مذهب الاشاعرة و مذهب العرفاء و اصحاب الصوفية، و مذهب من يقول بان علم اللّه تعالى علة تامة لحصول معلوماته، و يذكر ادلة القائلين فيه و يناقشها.

ثم يتعرض لمذهب المفوضة المنسوب الى المعتزلة و استدلالهم مع مناقشته لهم.

______________________________

(1) نفس المصدر.

(2) سورة البقرة/ 26.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 696

و في ختام البحث الكلامي، يستعرض مذهب الامامية في مسألة الجبر و الاختيار، و هو الامر بين الامرين، يعني لا جبر و لا تفويض فيقول:

«و المراد ب «الامر بين الأمرين» إنّ اللّه تبارك و تعالى اودع القدرة في عباده و بها بعد وجود الدواعي يصدر الفعل من الفاعل و ينسب الفعل اليه مباشرة، فهو غير مجبور لتعلّق قدرته بطرفي الفعل معا ...» «1».

ثم وضح معنى اصطلاح: «الامر بين الامرين» و ذكر الادلّة من العقل و النقل.

و كذلك في غيرها من المباحث الكلامية و العقائدية، فانه يستطرد في ذكرها و يبسط فيها.

اما موقفه بالنسبة للاخبار الإسرائيلية، فإنه تجنب ذكرها، و اذا ذكر شيئا منها، فذلك لأجل أن يبطله و ينزّه الأنبياء من هذه الخرافات، و هذا ناتج عن منهجه العقلي في تفسير القرآن، كما هو الغالب في تفاسير الشيعة.

و قد يتعرض للمباحث العرفانية بالبيان الاشاري، مع عدم الغفلة عن التفسير الظاهري، و العناية بالمسائل اللغوية و الادبية،

فمثلا بعد تفسير قوله تعالى: وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى «2» قال:

«بحث دلالي: يمكن أن يكون تظليل الغمام إشارة الى مقام تجلي صفاته المقدسة- جلت عظمته- لخلّص عباده، و إنزال المنّ و السلوى، إشارة الى المقامات الحاصلة لهم من التخلي عن الرذائل و التحلي بالفضائل. كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ، إشارة الى قول نبينا الاعظم- صلّى اللّه عليه و آله و سلم-: «للّه في أيام دهركم نفحات أ لا فتعرضوا لها».

و في قوله تعالى: وَ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ إشارة الى قوله تعالى [في الحديث القدسي]: «من دنى إلي شبرا دنوت اليه ذراعا، و من دنى اليّ ذراعا دنوت منه باعا،

______________________________

(1) مواهب الرحمن، ج 1/ 160.

(2) سورة البقرة/ 57.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 697

و من دنا إليّ باعا دنوت اليه هرولة «1»». الى آخر البيان.

و الخلاصة: يعدّ تفسير «مواهب الرحمن» من أحسن التفاسير لكتاب اللّه العزيز و أجمعها للفوائد اللفظية و المعنوية، و هو من التفاسير المعاصرة للشيعة الاثنى عشرية، الذي بيّن لنا فيه المؤلف المباحث العقائدية و الاجتماعية و التاريخية و العقلية، بالاضافة الى المباحث الاخرى. و للأسف الشديد لم يطبع التفسير بتمامه.

______________________________

(1) مواهب الرحمن، ج 1/ 301.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 698

109- مواهب الرحمن

اشارة

العنوان المعروف: مواهب الرحمن في تفسير القرآن.

المؤلف: عبد الكريم محمد المدرس.

ولادته: ولد في سنة 1323 ه- 1905 م.

مذهب المؤلف: الحنفي الصوفي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1404 ه.

عدد المجلدات: 7.

طبعات الكتاب: بغداد، دار الحرية للطباعة، الطبعة الثانية، سنة 1410 ه- 1990 م، نشر محمد على القره داغي، حجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو عبد الكريم بن محمد بن فتاح بن سليمان المدرس، من عشيرة «هوزقاضي» من أكراد مركز ناحية «السيد صادق» في شمال العراق، ولد في شهر ربيع الأول في موسم الربيع سنة 1323 ه.

و لمّا تميّز، بدأ بالدراسة و ختم القرآن و بعض الكتب الصغار الدينية، و توفي والده في هذه الحالة، فأعانه أقاربه و والدته في دوام دراسته في النحو و الصرف، ثم سافر

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 699

الى السليمانية، و رجع بعد ذلك و دخل مدرسة خانقاه «دورود» و خانقاه بياره، و استمر بالدراسة في النحو و العقائد و البلاغة و آداب البحث و التشريح في الفلكيات و الفقه، و أجيز من الاستاذ المعزى بعد ما فتحت عليه آفاق جديدة لكسب العلوم و التدقيق و التحقيق و كتابة الحواشى و التعاليق. ثم اشتغل بالتدريس في «بياره» و في مدة تدريسه فيها من سنة 1347 الى 1371 ه تخرج فيها طلاب أذكياء يقارب خمسة و أربعين طالبا. ثم رحل الى بغداد و تعيّن إماما في الجامع الأحمدي و مدرّسا في جامع حضرة الشيخ علي.

آثاره و مؤلفاته:

قد كتب المؤلف كتبا باللغة الفارسية و الكردية و العربية، بلغت ستة و أربعين مجلدا، نشير الى بعض منها:

1- رسالة شمشير كارى. (بالفارسية) في ردّ من أنكر التقليد و الاجتهاد.

2- الايمان و الاسلام.

3- أساس السعادة في آداب الاسلام و أركان الايمان. (بالكردية).

4- شريعه تي اسلام. ترجمة منهاج النوري في أحكام فقه الامام الشافعي.

(بالكردية).

5- نور القرآن، نظم و نثر في تاريخ القرآن و تجويده.

6- تفسير القرآن باللغة الكردية في تسعة مجلدات.

7- نور الاسلام في الآداب و الأمور الاعتقادية.

8- علماؤنا في خدمة العلم و الدين. «1»

______________________________

(1) انظر تفصيل ترجمته: علماؤنا فى خدمة

العلم و الدين/ 324 من المفسر؛ طبعة فى دار الحرية بغداد، الطبعة الأولى، 1403 ه.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 700

تعريف عام

كان تفسيرا موجزا مشتملا على جميع آيات القرآن متصفا بصفة البيانية و التحليلية في تفسير القرآن، ناقلا من تفاسير السلف و الخلف، منطويا بمأثورات عن النبي (ص) متجنبا الإسرائيليات و ما ورد منها.

قال المدرس في مقدمة تفسيره في بيان هدفه من التأليف:

«و لكن لمّا كان لكل زمان أوضاع خاصة مبيّنة، و مشاكل مهمّة معيّنة، و اقتضى زماننا التعرض لبيان الحق في مهمّات واردة ... طلب مني بعض الأصدقاء أن أكتب تفسيرا يعالج ما كنّا نبغيه. و إنّي مع قلة بضاعتي في هذا الشأن، و ضعف استطاعتي لاقتحام هذا الميدان ... توكّلت على اللّه المنّان، و اعتمدت على حوله و قوّته، و أخذت في التفسير المرغوب، ناقلا أو مستنبطا من تفاسير الأئمة الكبار، كالقرطبي، و الامام الرازي، و البيضاوي ... و غيرهم، و اقتصرت على الرّاجح الذي يطمئن به القلب، ذاكرا بيان أسباب النزول بقدر الإمكان» «1».

قد ابتدأ تفسيره بمقدمة طويلة مبسوطة في علوم القرآن و اعتمد فيها على الإتقان للسيوطى و الجامع لأحكام القرآن للقرطبي و التبيان للإمام النووي، و رسالة التجويد.

و من جملة مباحثه: مبدأ التنزيل و أول زمانه، تنزلات القرآن الكريم، و كيفية أخذ جبريل للقرآن الكريم و عمّن أخذ، و دليل نزوله منجّما، و معنى نزول القرآن على سبعة أحرف، و جمع القرآن الكريم، و ترتيب آيات القرآن و سوره، و أوّل ما نزل و آخر ما نزل، و العلم بالمكي و المدني، و آداب التلاوة و صفات الحروف.

منهجه

و كانت طريقته في التفسير أن يشرع باسم السّورة و محل نزولها، و فضيلتها و ذكر

______________________________

(1) تفسير مواهب الرحمن، ج 1/ 6.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 701

أسمائها، و الأحكام التي تتعلق بها،

و فضل قراءتها و عدد آياتها، ثم الورود في تفسيرها بذكر لغاتها واحدة واحدة و معناها، و فروق لغاتها، و نحوها و الاستشهاد بالأحاديث و المأثورات في معنى الآية و تفسيرها، و ذكر الموضوعات المرتبطة بالآية.

و يذكر الأحكام الفقهية بشكل موجز فيما اذا تعلقت الآيات بالأحكام و مذهبه في الفقه، مذهب أهل السنة من الحنفية، من دون ذكر لأقوال المذاهب، و إن كان قد ينقل من المذاهب كالشافعية و المالكية اذا كان موافقا لمذهبه.

و يتعرض أيضا للحكم في التشريع و أسرار جعله، فمثلا عند تفسير قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ «1»، تعرض لمسألة وجوب الصوم بعنوان أنه أحد الأركان الخمسة للإسلام و أنّه من العبادات الراسخة السابقة في الأديان السماوية، ثم ذكر فلسفة الحكم، فقال: «ففي الصيام تدريب النفس على الجوع و العطش، تدريبا يعود بالنفع له أيام الشدائد و المجاعة و الحروب. و فيه كبح جماح النفس عن الشهوات و تنويرها بأنوار الطاعة و تقريب لها إلى رضاء الباري سبحانه و تعالى. و فيه انتباه لأحوال الجياع العطاش و الترحم بهم، و في ذلك اقتراب من اللّه» «2».

و يتعرض أيضا للمباحث العقائدية و الكلامية التي ترتبط بالآية وفق مذهب أهل السنة، كتفسير آية التطهير و اختصاصها بنساء النبي (ص) «3»، و كذا في المسائل العقائدية كإمكان رؤية اللّه في الدنيا للمؤمنين و وقوعه في الآخرة لهم و تأويل لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ بامتناع رؤيته تعالى من الكافرين، أو في هذه الدنيا لا في الآخرة، أو تأويل برؤية استيعابية إلى أقصى درجة كشفية «4».

______________________________

(1) سورة البقرة/ 183.

(2) مواهب الرحمن، ج 1/ 324.

(3) نفس المصدر، ج 6/ 350.

(4) نفس المصدر، ج 7/ 442.

المفسرون حياتهم

و منهجهم، ص: 702

و قد اعتمد في تفسيره مضافا الى ما أشار إليه في مقدمة كتابه و صرّح بالنقل عنهم، الآلوسي في «روح المعاني» و ابن عطية في «المحرر الوجيز» و الشنقيطي في «أضواء البيان»، و غيرهم من دون تعيين للمكان الذي نقله منه، كما كان كذلك في سائر منقولاته في الحديث و التاريخ و اللغة و أسباب النزول.

أمّا موقفه في نقل الآثار و الأخبار، فإنّه مقلّ غالبا في نقلها و اكتفى في تفسير الآية بالبيان اللغوي و الوجوه الأدبية، و قد يذكر الأقوال و الآثار الواردة من الصحابة و التابعين.

و أمّا موقفه من الإسرائيليات و ما ترتبط بها من الموضوعات الواردة في التفسير، فكان يجتنب ذكرها و نذكر نموذجا من تفسيره في بيان قوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ «1» حيث قال:

«الاسوة، الخصلة، و الصفة و المراد بها الثبات و الصبر على مقاساة الشدائد، و المخاطب عبارة عن المؤمنين المخلصين الذين ظهر في قوله تعالى: يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ أي لا شك أنه كان و حصل و ظهر لكم في شخص رسول اللّه خصلة حسنة من أعظم خصال الانسان و هي الثبات و الصبر، و هذا: لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً «2».

فالخلاصة، كان التفسير، يتوسط في بيانه و مسلكه العلمي، ليسهل فهمه على مخاطبيه بأسلوب موجز مفيد و ايضاحات و فوائد، مع العناية ببيان القرآن لمهمّات واردة و مشاكل عصرية.

______________________________

(1) سورة الأحزاب/ 21.

(2) مواهب الرحمن، ج 6/ 336.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 703

110- الميزان

اشارة

العنوان المعروف: الميزان في تفسير القرآن.

المؤلف: العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي.

ولادته: ولد في سنة 1321 ه- 1903 م، و توفي

في سنة 1402 ه- 1981 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1375 ه.

عدد المجلدات: 20.

طبعات الكتاب: طهران، دار الكتب الاسلامية، الطبعة الاولى 1375 ه، و الطبعة الثانية 1389 ه، و الطبعة الثالثة 1392 ه.

و بيروت، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، الطبعة الثالثة، سنة 1393 ه- 1973 م.

و قم المشرفة، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الاولى، (بدون تاريخ)، 20 جزءا في 10 مجلدات، حجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو السيد محمد حسين بن السيد محمد، المتصل نسبه بشيخ الاسلام الطباطبائي التبريزي، و المنتهي بالحسن المثنى ابن الامام الحسن بن علي بن

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 704

ابي طالب عليه السلام.

أحد رجال اللّه القلائل الذين يفتخر العقل الاسلامي المعاصر بعطائهم الفكرى و العلمي، و هو أحد المفسرين المعاصرين للشيعة الاثني عشرية.

ولد في 29 ذي الحجة سنة 1321 ه- 1903 م في مدينة تبريز الشهيرة بكثرة العلماء و الافذاذ فيها، و قد اشتهرت أسرته قديما بالفضل و العلم و الرئاسة، و كانت سلسلة أجداده الاربعة عشرة كلها من العلماء المعروفين في تبريز من مدن ايران.

بدأ رحلة العلم الطويلة في مسقط رأسه، تبريز، ثم هاجر الى النجف الاشرف سنة 1343 ه و أقام فيها مدة عشر سنوات، انكب اثناءها على تحصيل مختلف العلوم الاسلامية، حتى حاز بهذه الفترة الوجيزة درجة الاجتهاد، ثم عاد الى مسقط رأسه، و بعد ذلك هاجر الى قم و استقر فيها، بدأ نجمه بالظهور و ذاعت شهرته في الآفاق لتتجاوز حدود ايران و خاصة على مستوى تدريس التفسير و الفلسفة.

توفي في 18 محرم من عام 1402 ه و قد شيع تشيعا مهيبا و دفن ببلدة قم فى داخل الحرم الشريف لبنت موسى بن جعفر (ع).

اهم آثاره و مؤلفاته:

1- اصول الفلسفة في خمسة اجزاء.

2- بداية الحكمة.

3- علي و الفلسفة الإلهية.

4- القرآن في الاسلام.

5- نهاية الحكمة.

6- تعليقات على الاسفار لصدر المتألهين الشيرازي.

7- الاسلام و احتياجات العصر.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 705

8- محادثات مع الاستاذ هنري كربان.

9- الشيعة في الاسلام «1»

تعريف عام

يعدّ «الميزان» من أهم تفاسير الشيعة و أجمعها بعد مجمع البيان للطبرسي، و يعتبر أحد التفاسير الاسلامية للقرون الحديثة، و تجلت فيه العصرية بمفهومه الاسلامي، الذي يعني استيعاب ايجابيات العصر، فكانت ظاهرة بارزة فيه من حيث سعة التعاطي مع القضايا العصرية باصالة فكرية متينة، قام عمله على قاعدة تفسير القرآن بالقرآن، متمسكا بقاعدة: «أن القرآن يفسر بعضه بعضا».

قال الدكتور علي الأوسي في حق التفسير:

«جمع المفسر الى جانب الأنماط التفسيرية السائدة لدى قدامى المفسرين امورا مما أثارته النهضة الحديثة في التفسير، فكان يتصدى لما يثيره أعداء الاسلام من شبهات، و ما يضللون به من تشويه للمفاهيم الاسلامية، بروح اجتماعية واعية على أساس من القرآن الكريم و فهم واع لنصوصه الكريمة، و تشهد بذلك عشرات الأبحاث المفهرس لها» «2».

و قال الدكتور فهد الرومي حول تفسير الميزان:

«قراءة قصيرة في هذا التفسير تدرك منها أول ما تدرك أنّ هذا الكتاب لم يؤلف للعامة و انّما للعلماء، نظرا لما فيه من أبحاث دقيقة عميقة، و يقال فيه ما قيل في تفسير الكشاف، أنّه من احسن التفاسير لو لا ما فيه الاعتزال، اما هذا التفسير فهو من احسن التفاسير في العصر الحديث لو لا ما فيه من التشيع المتطرف.

______________________________

(1) انظر ترجمته تفصيلا في: تفسير القرآن بالقرآن عند العلامة الطباطبائي لخضير جعفر/ 10، و الطباطبائي و منهجه فى تفسيره الميزان/ 44.

(2) الطباطبائي و منهجه فى تفسير الميزان/ 8.

المفسرون حياتهم و

منهجهم، ص: 706

و من مزاياه هذه الأبحاث الواسعة الشاملة، التي يوردها في تفسير بعض الآيات مستقصيا لاطراف القضية التي يبحثها، فمن ذلك مثلا تفسيره لقوله تعالى: وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ (مائدة/ 116) فقد جاء تفسيره لها في 137 صفحة ...» «1».

قد اعتمد المفسر على كثير من كتب التفسير و الحديث و السير و التاريخ و اللغة و كتب اخرى، فتعرض لما فيها من آراء، مستعينا ببعض منها في بيان معاني الآيات، و للنقد و التحليل للبعض الآخر، نذكر قسما من هذه المصادر لاهميتها و لكونها تعبر عن واقع شخصيته التفسيرية بين اقوال المفسرين و آرائهم، فمن التفاسير:

1- جامع البيان للطبري.

2- الكشاف للزمخشري.

3- مجمع البيان للطبرسي.

4- مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي.

5- انوار التنزيل للبيضاوي.

6- روح المعاني للآلوسي، و غيرها من التفاسير.

كما اعتمد في بيان اللغة على مجمع البيان و المفردات للراغب الاصفهاني و الصحاح للجوهري و لسان العرب و القاموس المحيط، و استعان في نقل المأثور و الاخبار على: تفسير الطبري و الدر المنثور للسيوطي و البرهان للبحراني و نور الثقلين للحويزي، و غيرها من كتب الحديث «2».

قد ابتدأ قبل التفسير بمقدمة تعرض فيها لألوان التفسير، و مذاهب المفسرين، و تعريفه بها من زمن عهد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و اختلاف المفسرين

______________________________

(1) اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، ج 1/ 249.

(2) انظر تفصيل ذلك في: الطباطبائى و منهجه في تفسير الميزان للأوسى/ 59.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 707

في التفسير من حيث مسالكهم الاثرية، و الكلامية، و الفلسفية، و الصوفية، و العلمية، ثم بيّن لنا المنهج

الحق الذي لا بدّ ان يتّبع، فقال:

«و انت بالتأمل في جميع هذه المسالك المنقولة في التفسير، تجد أن الجميع مشترك في النقص، و بئس نقص، و هو تحميل ما أنتجته الأبحاث العلمية أو الفلسفية من خارج على مداليل الآيات، فتبدل به التفسير تطبيقا، و سمي به التطبيق تفسيرا، و صارت بذلك حقائق من القرآن مجازات، و تنزيل عدة من الآيات تأويلات.

و لازم ذلك- كما أومأنا اليه في اوائل الكلام- أن يكون القرآن الذي يعرّف نفسه بانه: هُدىً لِلْعالَمِينَ و نور مبين، و تبيان لكل شي ء مهديا اليه بغيره و مستنيرا بغيره» «1».

ثم ذكر تفصيلا لمداليل اللفظ، و أنّ القرآن كلام عربي مبين لا يتوقف في فهمه عربي و لا غيره ممن هو عارف باللغة و اساليب الكلام العربي، و ليس بين آيات القرآن ذات إغلاق، و انما الاختلاف في المصداق الذي تنطبق عليه المفاهيم.

ثم ذكر الطباطبائي الى أنّ الطريق الوحيد في استيضاح معنى الآية من نظيرتها، و لا بد من أن نفسر القرآن بالقرآن، و التدبّر المندوب فيه لتشخيص المفاهيم في نفس القرآن، ثم الرجوع الى النبي- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- و عترته و اهل بيته عليهم السلام، الذين اقامهم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في هذا المقام و أشار اليهم في حديث الثقلين، فقال الطباطبائي بعد ذلك:

«و هذا هو الطريق المستقيم و الصراط السوي الذي سلكه معلمو القرآن و هداته» «2».

______________________________

(1) الميزان، ج 1/ 4.

(2) نفس المصدر/ 12.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 708

و قد ترجم «الميزان» الى اللغة الفارسية و الأردية و الانكليزية، و طبع عدة مرات في ايران و بيروت و باكستان.

و البذرة الاولى لتفسير الميزان

بدأت عند ما قام المفسر بالقاء محاضرات على طلبة العلوم الدينية في مدينة قم (ايران)، ثم ألحّ عليه طلابه أن يجمع تلكم المحاضرات لتكون تفسيرا مفيدا و سفرا نافعا، فاستجاب لطلبهم حتى صدر الجزء الاول من الميزان عام 1375 ه- 1956 م، و توالت الأجزاء الاخرى في الصدور حتى اكتمل في عشرين مجلدا.

منهجه

و اما منهجه التفسيري، فهو في بداية تفسير كل سورة ينبّه على مكي الآيات و مدنيّها، ثم يبيّن غرضها الاساسي الذي عالجته، و الأغراض التي تعرضت لها آياتها، مع اهتمام المفسر باستقلالية السور في مضامينها و مقاصدها، ثم يوزّع آيات السورة المراد تفسيرها على مقاطع قرآنية، و قد يكون المقطع آية واحدة او بضع آيات، ثم يشرح في الآية معاني المفردات، المقتضية بيانا لغويا بالقدر الذي يعين على بيان المعنى و كشف المقصود، و يذكر الإعراب و الصور البلاغية في بيان نكتة او فائدة، و يذكر اقوال المفسرين، ثم يبدأ بالنظر في الآية على مبدأ السياق الذي استخدمه المفسر في بيان المعنى.

و من منهجه بشكل بارز، الاستعانة بمنهج تفسير القرآن بالقرآن في فهم كلام اللّه المجيد و الوقوف على معانيه، و في ضوء هذا المنهج، قام بتحديد جملة من المفاهيم القرآنية بمعارضة الآيات الناظرة لها بالنهج الموضوعي، و كذلك، تعرض لاصول العقائد، و القصص القرآنية، و لم يعوّل على الروايات المتناقضة او المتنافية مع العقل السليم «1».

______________________________

(1) انظر بحثه في الميزان ج 7/ 292 و ج 1/ 235، من طبعة بيروت مؤسسة الاعلمى للمطبوعات.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 709

قال الدكتور على الاوسي في حقّ منهجه:

«للسياق اثر واضح في الميزان باعتباره أحد القرائن الحالية على فهم الكلام، فقد اعتمده المفسر اساسا في

الكشف عن معاني الآيات و في رد جملة من آراء المفسرين. المفسرون حياتهم و منهجهم 709 منهجه ..... ص : 708

استعان المفسر بالسنة في تأييد و دعم النتائج القرآنية، و في ضوء قاعدته الأساسية و الاستفادة من سياق الآيات.

كان المفسر يقبل و يرفض ما روى من مظنون السنة التي تعني لديه قول المعصوم و فعله و تقريره.

و لأجل أن يتضح ذلك في تفسيره، عمد الى استقلالية الأبحاث الروائية، و ايراد ما روي حول الآيات من تفسير أثري او اسباب النزول و غيرها في هذه الأبحاث، معلقا عليه بعد كلمة: «اقول»، فان وافقت نتائجه التفسيرية، نبّه عليها بالتأييد، و إلّا ضعفها.

كما استعان الطباطبائي باقوال الصحابة و التابعين في تفسير بعض الآيات، غير أنه يعتقد بأنها فاقدة للحجية بذاتها» «1».

و من مميزات التفسير، المنهج العقلي- إضافة الى المنهج الاثري- المنهج المعتمد على القواعد الشرعية و اللغوية و البراهين العلمية، و يبرز ذلك في مناقشة اقوال المفسرين في جانبه الكلامي و الفلسفي و النزعة العلمية «2».

و يتعرض للمواقف الكلامية و البحوث العقائدية وفقا لمذهب الشيعة الامامية، بمناسبة تفسير الآية، كمسألة توحيد اللّه، و الاعتقاد بعد له و مناقشته لاهل الجبر و التفويض، و عصمة الانبياء، و ردّ المجسمة و المشبّهة، و مسألة الامامة، و غيرها من المباحث، من دون تعصب او قدح لمخالفيهم.

و اما موقفه من النظريات العلمية الحديثة في التفسير، فإن الطباطبائي يذكر أن

______________________________

(1) الطباطبائي و منهجه في تفسير الميزان للأوسى/ 260.

(2) انظر تفصيل البحث و الموارد في نفس المصدر: الجانب العقلى في الميزان/ 173.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 710

القرآن الكريم، معجز من جميع الجهات، فهو آية البليغ و الفقيه و الاجتماعي و العالم و الحكيم

و لجميع العالمين فيما لا ينالونه كالغيب و الاختلاف في الحكم و العلم و البيان، و لكن الطباطبائي على ما يبدو في تفسيره لم يثقله بالنظريات العلمية، و لم يستدل بالآيات على صحة هذه النظريات، و انما يعنى بالآية من حيث دلالة الفاظها و ظواهرها مبسطا القول فيها دون اكتراث بما حققه العلم الحديث من إنجاز و فرضيات علمية حديثة «1».

و أما موقفه من الروايات الإسرائيلية، فإنه حذّر من ذكرها و الاعتماد عليها، و نبّه أن جملة من المفسرين ركنوا الى المأثور دون نظر فيه، فوقعوا في الإسرائيليات و امتلأت تفاسيرهم بها، و لم يروا لمعارف الدين محتدا وراء الحس، و لا للمقامات المعنوية الانسانية كالنبوة و الولاية و العصمة و الإخلاص اصلا إلا الوضع و الاعتبار.

و من جملة ما أشار اليه من الإسرائيليات ما رواه اصحاب التفسير في قصة هاروت و ماروت، و قصة سليمان عليه السلام و السحر و الشياطين، و قصة داود و ما نسب اليه بشأن الحمامة التي وقعت في محرابه و علاقته بامرأة أوريا، و ما نسب الى النبي الاكرم صلّى اللّه عليه و آله في قصة الغرانيق، فيستفاد من جميع ما ينقله و يرفضه، أن موقفه موقف الناقد الحصيف، فلا يأخذ بها إلّا بعد عرضها على الكتاب، و يحتكم الى العقل و المسلمات الاسلامية «2».

دراسات حول التفسير

1- الطباطبائي و منهجه في تفسير الميزان. علي الاوسي، طهران، منظمة الاعلام الاسلامي، الطبعة الاولى، سنة 1405 ه- 1985 م، الحجم 24 سم، 316 ص.

______________________________

(1) انظر الميزان، ج 1/ 60، و ج 11/ 292 و ج 13/ 208 و ج 17/ 89، و الطباطبائي و منهجه في تفسير الميزان 180.

(2) الميزان ج 1/ 238

و 239، و ج 17/ 198، و ج 14/ 396.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 711

2- تفسير القرآن بالقرآن عند العلامة الطباطبائي. الدكتور خضير جعفر. قم، دار القرآن الكريم، الطبعة الاولى، سنة 1411 ه، 400 ص، حجم: 24 سم.

3- مفتاح الميزان. علي رضا ميرزا محمد، طهران، مركز نشر فرهنگي رجاء (مركز رجاء للنشر الثقافي). الطبعة الاولى، 1364 ش- 1406 ه، 3 مجلدات، حجم 24 سم.

4- دليل الميزان في تفسير القرآن. الياس كلانتري، طهران، ترجمه للغة العربية عباس الترجمان، نشر البيان، 1362 ش، الطبعة الثانية، 1412 ه، حجم 24 سم.

5- فهارس الميزان في تفسير القرآن. اعداد ابن فزّوع، قم، صبا، الطبعة الاولى، 1403 ه، الحجم 24 سم «1».

______________________________

(1) انظر ايضا: التفسير و التفاسير الحديثة لبهاء الدين الخرم شاهي/ 91؛ و اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر لفهد الرومي، ج 1/ 239؛ و بين الشيعة و السنة دراسة مقارنة في التفسير و اصوله لسالوس/ 257.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 712

111- نظم الدرر في تناسب الآيات و السور

اشارة

العنوان المعروف: نظم الدرر في تناسب الآيات و السور، يعرف: ب «مناسبات البقاعي» أو «تفسير البقاعي».

المؤلف: برهان الدين أبو الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي.

ولادته: ولد في سنة 809 ه- 1406 م، و توفي في سنة 885 ه- 1480 م.

مذهب المؤلف: الأشعري الشافعي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 865- 875 ه.

عدد المجلدات: 22.

طبعات الكتاب: الهند، دائرة المعارف العثمانية، بمساعدة وزارة المعارف و الشئون الثقافية للحكومة الهندية، الطبعة الأولى، سنة 1396 ه- 1976 م.

و أعيد طبعه بالأفست على الطبعة الأولى، سنة 1413 ه- 1992 م، دار الكتاب الاسلامي بالقاهرة، باشراف شرف الدين أحمد مدير دائرة المعارف العثمانية.

حياة المؤلف:

هو أبو الحسن إبراهيم بن عمر بن حسن الرّباط بن علي بن أبي بكر البقاعي، أصله من البقاع في سورية و ولد بها سنة 809 ه، و سكن دمشق، و رحل الى

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 713

بيت المقدس و القاهرة، ثم عاد الى دمشق. و كان اماما بمسجد رحبة باب العيد في القاهرة. و كان مؤرخا، مفسرا محدثا، أديبا، قد اعتني كثيرا بمقاصد السّور و تناسب الآيات و السّور.

توفي سنة 885 ه بدمشق.

آثاره و مؤلفاته:

1- عنوان الزمان في تراجم الشيوخ و الأقران.

2- أسواق الأشواق.

3- أخبار الجلاد في فتح البلاد.

4- صواب الجواب للسائل المرتاب.

5- القارض لتفكير ابن الفارض.

6- بذل النصح و الشفقة للتعريف بصحبة ورقة.

7- القول المفيد في أصول التجويد.

8- مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السّور.

9- لعب العرب بالميسر في الجاهلية الأولى. «1»

تعريف عام

يعدّ تفسيرا كاملا شاملا لجميع القرآن، مبيّنا لمناسبات ترتيب السّور و الآيات، و هو تفسير قيّم نادر لم تسمع الدهور و الأعصار قبله بمثله، لما حواه من تناسب الآيات و السّور، و سهولة التعرف من خلاله على علل الترتيب و مناسبات الأجزاء، و ثمرته الاطّلاع على الرتبة التي يستحقها الجزء بسبب ما له بما وراءه و ما أمامه من الارتباط

______________________________

(1) الأعلام للزركلي، ج 1/ 56؛ و معجم المطبوعات العربية و المعرّبة ليوسف اليان، ج 1/ 574؛ و آخر مجلد 22 من تفسير نظم الدرر/ 445.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 714

و التعلق، و الاستفادة الكبيرة من ادراك الترابط الموضوعي بين أجزاء القرآن المتسلسلة، قال البقاعي في تعريف الكتاب:

«فهذا كتاب عجاب، رفيع الجناب في فن ما رأيت من سبقني إليه، و لا عول ثاقب فكره عليه؛ أذكر فيه إن شاء اللّه مناسبات ترتيب السّور و الآيات، أطلت فيه التدبر و أمعنت فيه التفكر لآيات الكتاب، امتثالا لقوله تعالى:

لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ، و استنادا بما أشار إليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه و رضي اللّه عنه ...» «1».

قد ابتدأ في تفسيره بمقدمة ذكر فيها هدفه من تأليف الكتاب و غرضه من التفسير و ثمرة منهجه، و تطرق الى من قبله من العلماء الذين اهتموا بمناسبات الآيات و السّور، و ما اعتمده في تفسيره

من كتبهم، مثل كتاب العلامة أحمد بن إبراهيم الأندلسي: «العلم بالبرهان في ترتيب سور القرآن»، و كتاب بدر الدين الزركشي: «البرهان في علوم القرآن»، و كتاب فخر الدين الرازي: «مفاتيح الغيب»، و القاضي ابي بكر بن العربي في: «سراج المريدين في ارتباط آي القرآن بعضها ببعض»، و كتاب: «مفتاح الباب المقفل لفهم القرآن المنزّل»، لعلي بن أحمد بن الحسن التجيبي الحرّ اليّ المغربي، و كتاب: «العروة» لهذا المفتاح، و تفسير ابن النقيب الحنفي الذي يذكر فيه المناسبات- و كما ذكر انّه في ستين مجلدا- و غيرها من التفاسير كالبحر المحيط لأبي حيان و الكشاف للزمخشري و أنوار التنزيل للبيضاوي.

منهجه

و طريقته في شروع التفسير، بيان تناسب اسم السّورة مع ما تحتويه من مطالب رئيسة و بيان هذه المطالب، ثم ذكر التناسب بين الموضوعات المطروحة فيها و الاهتمام

______________________________

(1) نظم الدرر، ج 1/ 2.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 715

بها اهتماما شديدا، و كان كثيرا النقل من كتاب: «مفتاح الباب المقفل»، «للحرّاليّ المغربى»، ثم ذكر المأثورات المرتبطة بتناسب الآيات و نقدها و بيان الصحيح من السقيم، و العلة في وجه تسمية الكلمات و اللغات و ذكرها في الآيات بتأويلات و توجيهات ظنية، بل و بعضها لا يعتد به، و ذكر الإشارات الذوقية و الباطنية معتمدا في ذلك على كلمات أصحاب الإشارة.

قال البقاعي في سبب اهتمامه بذكر مناسبات القرآن ما ملخصه (بتلخيص منّا مع حفظ الكلمات):

«فعلم مناسبات القرآن علم تعرف منه علل ترتيب أجزائه، و هو سرّ البلاغة لأدائه إلى تحقيق مطابقة المعاني لما اقتضاه من الحال، و تتوقف الإجادة فيه على معرفة مقصود السّورة المطلوب ذلك فيها. و يفيد ذلك معرفة المقصود من جميع جلّها، فلذلك كان

هذا العلم في غاية النفاسة، و كانت نسبته من علم التفسير، نسبة علم البيان من النحو ... و عن الامام الرازي أنّه قال:

«و من تأمّل في لطائف نظم السّورة و في بدائع ترتيبها، علم أنّ القرآن، كما أنه معجز بحسب فصاحة ألفاظه و شرف معانيه، فهو أيضا بسبب ترتيبه و نظم آياته، و لعل الذين قالوا إنّه معجز بسبب أسلوبه، أرادوا ذلك؛ الّا أنّي رأيت جمهور المفسرين معرضين عن هذه اللطائف غير متنبهين لهذه الأسرار ...»

أي أنّ المقصود بالترتيب، معان جليلة الوصف، بديعة الرصف، عالية الأمر، عظيمة القدر، مباعدة لمعاني الكلام على أنّها منها أخذت. فسبحان من أنزله و أحكمه و فصّله و غطّاه و جلّاه، و بيّنه غاية البيان و أخفاه ... و من أراد تصديق ذلك، فليتأمّل شيئا من الآيات قبل أن ينظر ما قلته، ثم لينظره، يظهر له مقدار ما تعبت و ما حصل من قبل اللّه، و به أيضا يتضح أنّه لا وقف تام في كتاب اللّه، و لا على آخر سورة: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، بل هي متصلة مع كونها آخر القرآن بالفاتحة التي هي أوّله كاتصالها بما قبلها بل أشد ... و لا تنكشف هذه الأغراض أتم انكشاف إلّا

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 716

لمن خاض غمرة هذا الكتاب و صار من أوله و آخره و أثنائه على ثقة و صواب» «1».

و قد ذكرنا كلامه بطوله لبيان منهجه و اهتمامه بهذا اللون من التفسير الذي هو بيان التناسب بين الآيات و سور القرآن الذي لا يهتمّ بمثله و إن كان لنا فيه كلام في هذه التأويلات و التوجيهات.

و من اتجاهه في تفسير الآية، العناية بالحروف المستعملة فيها، و ذكر

الإشارة إلى المعني الباطني لها، نقلا عن أصحاب الحديث و التفسير، و هذا ما نجده عند تفسيره للحروف المقطعة حيث نقل عن الحرالّيّ في تفسيره «أ لم»:

«الف» اسم للقائم الأعلى المحيط، ثم لكل مستخلف في القيام، كآدم و الكعبة.

و «الميم» اسم للظاهر الأعلى، الذي من أظهره ملك يوم الدين، و اسم للظاهر الكامل المؤتى جوامع الكلم محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، ثم لكل ظاهر دون ذلك، كالسماء و الفلك و الأرض. و «لام» اسم لما بين باطن الإلهية التي هي محار العقول و ظاهر الملك الذي هو متجلي يوم الجزاء من مقتضى الأسماء الحسنى و الصفات العلى» «2».

و أمّا موقفه بالنسبة إلى الإسرائيليات، فإنّه مجتنب عن نقلها، و قد صنّف كتابا باسم: «الأقوال القويمة في حكم النقل من الكتب القديمة»، و قال في ذلك ما ملخصه:

«فإن أنكر منكر الاستشهاد بالتوراة أو بالإنجيل، و عمى عن أنّ الأحسن في باب النظر أن يردّ على الإنسان بما يعتقد، تلوت عليه قول اللّه تعالى استشهادا على كذب اليهود: قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «3»، و أمّا لا يصدقه و لا يكذبه فقد روى ... إنّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «لا تصدقوا أهل الكتاب و لا تكذبوهم» «4».

______________________________

(1) نظم الدرر، ج 1/ 16.

(2) نفس المصدر/ 74.

(3) آل عمران/ 93.

(4) نظم الدرر، ج 1/ 272.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 717

و أمّا منهجه في نقل الأقوال الفقهية- فيما اذا تعلق الآيات بالأحكام-، فإنّه نقل عن الشافعي و أصحابه اثباتا و تأييدا، و ترك أقوال و آراء أصحاب المذاهب الأخرى، و لكنّه لم يتعصب لمذهبه، مع عدم البسط في بيان الأقوال الفقهية و الغوص فيها.

و الخلاصة،

كان اهتمام المفسر في التفسير بيان التناسب بين الآيات و السّور، و لهذا كان يكثر التعبير بقوله: «لمّا»، و «من هذا» و «من ثم» و «ثم» في بيان الكلمات و تفسير الآيات. و يعدّ منهجه هذا فريدا من نوعه من حيث البسط و النقد و التحليل.

و من خصائص الطبعة الجديدة للتفسير، اضافة زيادات من أقوال المفسرين فيما يرتبط بمعاني الكلمات و تفسيرها في هامش الكتاب من قبل المصححين، و كذلك إضافات أخرى من قبيل رقم السّورة و بيان المكي و المدني منها و عدد آياتها في بداية كل سورة، مع الإشارة إلى تصحيحات النسخ الموجودة، و نقل الأصح منها في المتن. «1»

______________________________

(1) و لتفصيل تأييد هذا المنهج أو نقده انظر: الموافقات، المسألة الثالثة عشرة للشاطبي، و النبأ العظيم لدراز/ 159؛ و مدخل الى القرآن الكريم لهذا المؤلف؛ و الأعجاز البياني لمحمد قاسم/ 128؛ و مقدمة تفسير «الأساس في التفسير» لسعيد حوى؛ و الاتقان في علوم القرآن للسيوطي، ج 2/ 234 في مناسبة الآيات و السور؛ و تناسق الدرر في تناسب السور لهذا المؤلف.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 718

112- نفحات الرحمن في تفسير القرآن

اشارة

العنوان المعروف: نفحات الرحمن في تفسير القرآن و تبيين الفرقان.

المؤلف: الشيخ محمد بن عبد الرحيم النهاوندي الطهراني.

ولادته: ولد في سنة 1291 ه- 1874 م، و توفي في سنة 1370 ه- 1951 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: مزجي بالعربية و الفارسية.

تاريخ التأليف: 1369 ه.

عدد المجلدات: 4 مجلدات كبيرة.

طبعات الكتاب: الطبعة الحجرية، طهران، منشورات العلمي، سنة 1357 الى 1370 ه، الطبعة الاولى، 4 مجلدات، حجم 34 سم.

و ستصدر طبعة جديدة للكتاب في قم، مؤسسة البعثة.

حياة المؤلف:

كان الشيخ النهاوندي من العلماء و المحدثين و الفقهاء الامامية، من أسرة علمية معروفة، و صاحب تأليفات عديدة.

و هو نهاوندي الاصل، غروي المولد، و مشهدي المسكن. و كان ابوه آية اللّه ميرزا عبد الرحيم النهاوندي من العلماء و الفقهاء الإماميين.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 719

ولد سنة 1291 ه في النجف عام توجه والده الى ايران، فتربى عند والده الى ان توفي والده، فاشتغل في طلب العلم بطهران، ثم هاجر الى العراق في نيف و عشرين و ثلاثمائة، و حضر ابحاث المحقق الخراساني صاحب كفاية الاصول و الميرزا الشيرازي و غيره، ثم عاد الى ايران بعد وفاة أخيه العالم الشيخ محمد حسن، نزيل المشهد الرضوي، فنزل هو الى المشهد في مقام أخيه الى أن حج حدود 1360 ه و زار العراق، و رجع الى المشهد الى أن توفي بها.

و كان حافظا للقرآن منذ صباه.

و من الامور العجيبة، انه بعد ما أتمّ تفسيره و ذلك في اربع سنوات، أصاب حريق ما كتبه من التفسير، فلم يبق منه شيئا، و لكنّه لم ييأس من ذلك و عزم على كتابته مجددا فوفق لذلك.

و قد توفي في خامس جمادى الاولى سنة 1371 ه.

آثاره و مؤلفاته:

1- نفحات الرحمن في تفسير القرآن.

2- ضياء الأبصار في مباحث الخيار.

3- سراج النهج في مسائل العمرة و الحج.

4- ديوان اشعاره.

5- حاشية على كتاب الصلاة للحائري «1».

تعريف عام

تفسير ملمع فارسي و عربي، شامل لجميع آيات القرآن، حاوي لبيانه، ذاكر اسباب نزوله، و مبيّن لنظم القضايا و الكلمات و كشف المعضلات و شرح الاشارات،

______________________________

(1) انظر ترجمته: الذريعة، ج 9/ 1006، و ج 24/ 247؛ و مقدمة كتاب ضياء الابصار في مباحث الخيار.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 720

معتمد على مذهب الامامية الاثنى عشرية، و متعرض للفقه الجعفري.

ذكر المؤلف في مقدمة الكتاب غرضه من التاليف فقال:

«فقد طال ما جال فكري في أن اكتب للكتاب الكريم تفسيرا كي يكون ذخري لحين فقري و نجاتي في يوم يكون شره مستطيرا، و ان كان لقصور باعي و قلة اطلاعي عليّ عسيرا، إلّا أن شوقي الأكيد هاج روعي و كلّفني السّعي فوق ما في وسعي، فشمّرت للغوص في هذا البحر العميق، فشرعت فيه سائلا من اللّه الإعانة و التوفيق» «1».

قد ابتدأ قبل التفسير، بمقدمات تناول فيها بعض المباحث التي تخصّ التفسير منها: اعجاز القرآن، و معنى المعجزة، و ان القرآن العظيم معجزة عقلية، و دليل صدق النبي (ص)، و في تعدد النزول الدفعي و التدريجي، و بيان اسرار نزول القرآن نجوما، و جمع القرآن كان في عصر النبي صلّى اللّه عليه و آله، و ان كان قد جمع ثلاث مرات، مرة في حياة النبي «ص»، و ان ترتيب سور القرآن و آياته كان بامر اللّه و وحيه، و إنّ ترتيب القرآن ليس بترتيب النزول، بل لمناسبات لطيفة، و في اسماء الكتاب العزيز و وجه مناسبة تسميته بالقرآن، و مصونية القرآن من التحريف،

و غيرها من المباحث و المواضيع المرتبطة بعلوم القرآن و مقدمات التفسير بصورة مفصلة مستندا في ذلك على النقل و العقل حتى بلغت مقدمته 40 مبحثا.

و قد اعتمد في تفسيره على تفاسير الشيعة و السنة، و ما وصل اليه بطرقهم من الروايات، و قال في ذلك:

«فاصطفيت من التفاسير ما هو لبابها، و اكتفيت من الوجوه بما هو صوابها، و بالغت في الجدّ بنقل ما وصل اليّ بطرق الخاصة و العامة من الروايات».

و قال في آخر المقدمة:

«كل ما أودعته من الروايات في كتابي هذا طرائقه و تفسيره فمأخوذ من الكتب

______________________________

(1) نفحات الرحمن، ج 1/ 45 من الطبعة القديمة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 721

التي في غاية الاشتهار، منها كتاب «جوامع الجامع» للطبرسي، و «بحار الانوار» للعلامة المجلسي، و «حواشي اسرار التنزيل» للشيخ البهائي، و كتاب «الصافي» للمحدث الكاشاني، و «مفاتيح الغيب» للامام الرازي، و «الاتقان» للسيوطي، و «تفسير ابي السعود»، و «أنوار التنزيل» للبيضاوي، و «روح البيان» للحقي، و غيرها من كتب التفسير و الروايات» «1».

منهجه

و طريقته في التفسير تقسيم المطالب بالفارسية و العربية، و ايراد موجز من التوضيحات العربية بشكل مبسط مفيد يفهمه عامة الناس، و آخر بالفارسية يتعدى الصفحة، إلّا أنّ اكثر مطالبه بالعربية و بشكل مجزأ.

و كان يبدأ باسم السورة و فضلها، و ما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و اهل بيته عليهم السلام فيما يتعلق بها، ثم توضيح معنى الآية لغة و بيانا، مع بيان وجه النظم بين السور و الآيات، و التعرض لأسباب النزول الواردة في الآثار، و بيان النكت و الأسرار، و أعاريب الكلمات و وجوه القراءات، و التعرض للاحكام الفقهية مبسوطة فيما اذا تعلقت الآيات

بالاحكام.

و أما بالنسبة للمسائل الكلامية و الاعتقادية، فالتزم المؤلف باهتمامه في بيان موقف الشيعة الاثنى عشرية، و ذكر اخبارهم و آثارهم، من خلال تعرضه لهذه المسائل بدون تعصب و تعريض بالمذاهب الاخرى.

و اما موقفه بالنسبة الى الاخبار الإسرائيلية، فهو ينكرها أشد الانكار، و يردها عقلا و نقلا و ردّ ما وجّهه بعض اصحاب الحديث و الاشارة، فمثلا عند ذكر قصة هاروت و ماروت بعد نقل الروايات الصحيحة المنقولة عن اهل البيت عليهم السلام في ردّ هذه الاخبار قال:

______________________________

(1) نفحات الرحمن، ج 1/ 45.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 722

«لا يخفى أن الروايات التي تكون موافقة لما اشتهر بين العامة ... مدارها ما روته اليهود، و اما توجيهها بالذي تكلّفه الفيض «ره». [في تفسير الصافي في ذيل الآية] و بعض العامة ففي غاية البعد، و حملها على كونها اسرارا، لا يناسب رواتها كعطاء و ابن الكوّاء، لبداهة عدم كونهما من اهل السرّ و الفهم، و الحاصل ان الروايات الدالة على عصيان الملكين بالشرك و الزنا و شرب الخمر و قتل النفس و مسخ الزهرة مما يجب ردها، او ردّ علمها اليهم عليهم السلام» «1».

و الخلاصة: كان تفسيرا متوسطا في بيانه، جمع فيه المؤلف اقوال السلف و الخلف، و تعرض من خلاله للمسائل الاعتقادية و الفقهية وفق مذهبه الامامي.

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 1/ 97.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 723

113- النكت و العيون

اشارة

العنوان المعروف: النكت و العيون المعروف ب: «تفسير الماوردي».

المؤلف: ابو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري.

ولادته: ولد في سنة 364 ه- 975 م، و توفي في سنة 450 ه- 1058 م.

مذهب المؤلف: الشافعي المعتزلي.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 6.

طبعات الكتاب: بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الاولى، سنة

1412 ه- 1992 م، مراجعة و تحقيق: السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم، حجم 24 سم، 6 مجلدات.

و الكويت، وزارة الاوقاف، سنة 1402 ه- 1982 م.

حياة المؤلف:

هو ابو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري الشافعي، ولد سنة 364 ه في البصرة.

و الماوردي نسبة الى عمله، و هو ماء الورد الذي كان يعمل به والده و يبيعه.

تلقى علومه الاولى في البصرة على يد ابي القاسم الصيمري، و هو عالم البصرة

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 724

آنذاك، ثم رحل الى بغداد و سكن في درب الزعفراني و فيها سمع الحديث و أخذ الفقه، و انضم الى حلقات أبي حامد الإسفرائيني لاستكمال ثقافته.

و لما بلغ أشده و استوى تصدّر للتدريس في بغداد و البصرة، و تنقّل في بعض المدن الأخرى لنشر علمه، ثم استقر به المقام في بغداد، فدرّس بها عدة سنين و حدّث فيها، و فسر القرآن، و الّف فيها كتبه التي تدل على انه كان عالما بالحديث و الفقه و الأدب و النحو و الفلسفة. و قد ولي القضاء ببلدان كثيرة، و من شيوخه الصيمري (م 486 ه) و الأسفرائيني (م 406 ه) و عبد الله محمد البخاري الباقي (م 398 ه).

كانت وفاته في يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الاول من سنة 450 ه و دفن بباب حرب ببغداد و صلى عليه تلميذه الخطيب البغدادي.

آثاره و مؤلفاته:

1- الاحكام السلطانية. (مطبوع).

2- أدب الوزير «قوانين الوزارة و سياسة الملك.» (مطبوع).

3- أدب الدنيا و الدين. (مطبوع).

4- أدب القاضي، و هو قسم من كتاب الحاوي. (مطبوع).

5- نصيحة الملوك.

6- الامثال و الحكم «1».

تعريف عام

يعدّ تفسيرا موجزا شاملا لجميع آيات القرآن، نهج فيه المؤلف المنهج البياني و الادبي، و اعتنى بالتفسيرات اللغوية، فذكر اصول الكلمات، مع توضيحها بضرب

______________________________

(1) النكت و العيون، ج 1/ 9، من مقدمة السيد بن عبد المقصود، طبعة بيروت.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 725

الامثال و الاستشهاد عليها بالشعر، و ربطها بالمعنى المراد من الآية.

قد جمع فيه من عيون أقاويل السلف و الخلف، و لم يمنعه في الواقع من الشرح و التعليق السريع على سائر آيات الكتاب الكريم تقريبا.

قد ابتدأ قبل التفسير بمقدمة تشتمل على سبب تأليفه و بيان منهجه، ثم بيان اسماء القرآن، و تقسيم السور على اربعة اقسام: الطوال و المثاني و المئين و المفصل، و معنى السورة، و معنى نزول القرآن على سبعة أحرف، و في اعجازه، و جواز الاجتهاد في استخراج معاني القرآن، و لزوم التأمل و التدبر في معانيه، و المعنى الظاهر و الباطن، و الاستعاذة.

قال الماوردي بعد خطبة الكتاب في تعريف تفسيره و بيان عام عن كتابه:

«و لمّا كان الظاهر الجليّ مفهوما بالتلاوة، و كان الغامض الخفي لا يعلم الّا من وجهين: نقل و اجتهاد، جعلت كتابي هذا مقصورا على تأويل ما خفي علمه، و تفسير ما غمض تصوّره و فهمه، و جعلته جامعا بين أقاويل السلف و الخلف، و موضحا عن المؤتلف و المختلف، و ذاكرا ما سنح به الخاطر من معنى يحتمل، عبّرت عنه بأنه محتمل، ليتميّز ما قيل مما قلته، و يعلم ما استخرج ممّا

استخرجته. و عدلت عمّا ظهر معناه من فحواه اكتفاء بفهم قارئه و تصور تاليه، ليكون أقرب مأخذا و أسهل مطلبا» «1».

يعتبر كتاب الماوردي، من أهم التفاسير للقرآن الكريم، و قد تأثر به و نقل عنه الامام ابن الجوزي في تفسيره «زاد المسير»، و الامام القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن»، و تأثر هو بالعقائد الكلامية للمعتزلة و تسميته لتفسيره «بالنكت و العيون»، دليل على عدم اكتفائه بالمأثور، و مال الى تفسير المشكل و المتشابه بالتدبر و التأمل في مفاهيمه، و جواز الاجتهاد في استخراج معانيه من فحوى الفاظه.

______________________________

(1) نفس المصدر/ 21.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 726

منهجه

و اما منهجه في التفسير، فكان يبدأ بذكر اسم السورة، مكيّها و مدنيّها، و بيان المأثورات التي وردت بشأنها، ثم يشرع في شرح الفاظها، مع ذكر سبب نزولها.

قد اعتنى فيه بالتفسيرات البيانية و الاصول اللغوية، و ذكر الامثال و الاستشهاد عليها بالاشعار. فهو يذكر الاقوال الكثيرة في تأويل الآية في عدد، ثم يفصلها بالتقسيم و الترتيب بقوله مثلا في ذلك: اربعة أقاويل، او ثلاثة أقاويل، بحسب الاقوال التي وردت فيها، و ينسب كل قول الى قائله غالبا، مع توجيه و ترجيح لبعض الاقوال، كما أنه يترك الكثير منها بدون توجيه و ترجيح.

و قد اعتنى الماوردي بالقراءات و اختلافها، و اعتمد على كتب القراءات التي كانت موجودة في عصره ككتاب: «القراءات الشاذة» لابن خالويه، و كتاب: «الحجة في علل القراءات السبع» لأبي علي الحسن بن احمد الفارسي، و كتاب: «المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات»، و «الإيضاح»: لأبي الفتح عثمان بن جني.

و من منهجه، أنه يعرض الآراء الفقهية في الآيات التي لها تعلق بالاحكام مستندا باقوال الامام الشافعي، و ان

كان يشير الى اقوال المذاهب الاخرى من اهل السنة و الجماعة.

و كان موقفه، لزوم إعمال الرأي في القرآن الكريم تفسيرا، و لا بدّ في استخراج معانيه من زيادة التأمل فيه، و فضل الرؤية فيه، و لا يقتصر فيه على الاوليات و الضروريات، و لا يقنع فيها بمبادئ الفكرة، و يلوم على المتحرجين، اولئك الذين منعوا من استنباط معاني القرآن بالاجتهاد من دون نص صريح او نقل صحيح فيه، بالتمسك بحديث: من قال في القرآن برأيه فاصاب فقد أخطأ حيث يقول:

«تمسك بعض المتورعة ممّن قلّت في العلم طبقته، و ضعفت فيه خبرته، و استعمل

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 727

هذا الحديث على ظاهر، و امتنع أن يستنبط معاني القرآن باجتهاده، عند وضوح شواهده، إلّا أن يرد بها نقل صحيح، و يدل عليها نص صريح، و هذا عدول عما تعبّد اللّه تعالى به خلقه في خطابهم بلسان عربي مبين، قد نبّه على معانيه ما صرح من اللغز و التعمية، التي لا يوقف عليها إلّا بالمواضعة الى كلام حكيم، أبان عن مراده، و قطع أعذار عباده، و جعل لهم سبلا الى استنباط احكامه، كما قال تعالى: لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «1»، و لو كان ما قالوه صحيحا، لكان كلام الله غير مفهوم، و مراده بخطابه غير معلوم، و لصار كاللغز المعمّى، فبطل الاحتجاج به، و كان ورد النص على تأويله، مغنيا عن الاحتجاج بتنزيله، و أعوذ باللّه من قول في القرآن يؤدي الى التوقف عنه، و يؤول الى ترك الاحتجاج به» «2».

و اما موقفه بالنسبة الى الروايات الإسرائيلية، فإنّه، و ان كان تفسيره موجزا، الّا إنه لم يخل من الاستشهاد ببعض الاحاديث المنكرة التي لا تصح، و من

ايراد طائفة غير قليلة من الأخبار الإسرائيلية الغريبة، كما ذكر قصة هاروت و ماروت بما نقله القصاص من اليهود «3»، و ايضا ما نسب الى سليمان عليه السلام و تكلمه مع الشيطان «4» و غير ذلك من الروايات و الاخبار المدسوسة، من دون الاشارة الى ضعفها، او القدح بها.

و اما موقفه بالنسبة الى الاعتزال، فإنّه و ان كان لا يجاهر بالاعتزال فيما يبدو، و لكنّه كان ينتصر فيه لمذهب المعتزلة على التحقيق، مرة بالاشارة العابرة، و اخرى بوضع القارئ امام وجوه كثيرة في تفسير الآية الواحدة يوردها موجزة ملخصة، و ليس من بينها ما يناقض مذهب المعتزلة بحال.

______________________________

(1) سورة النساء/ 83.

(2) النكت و العيون، ج 1/ 34، و ايضا انظر كتاب دراسات و بحوث في الفكر الاسلامي المعاصر لفتحي الدرينى، ج 1/ 357.

(3) نفس المصدر، ج 1/ 166.

(4) نفس المصدر، ج 5/ 97.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 728

و عقد «السبكى» على ما نقل المحقق الباحث الدكتور عدنان زرزور في ترجمته للماوردي فصلا مقتضبا حول تفسيره، و حمل على تفسيره حملة شديدة فقال:

«و تفسيره عظيم الضرر، لكونه مشحونا بتأويلات اهل الباطل تلبيسا و تدليسا على وجه لا يفطن له غير اهل العلم و التحقيق، مع أنه تأليف رجل لا يتظاهر بالانتساب الى المعتزلة، بل يجتهد في كتمان مواقفهم فيما هو لهم فيه مواقف»، و ختم كلامه بقوله:

«إن الماوردي ليس معتزليا مطلقا، لأنه لا يوافق المعتزلة في جميع اصولهم مثل خلق القرآن، و يوافقهم في القدر».

ثم قال المحقق عدنان زرزور:

«و أيا ما كان الامر، فإنّ الماوردي وضع تفسيره على اصول المعتزلة و منهجهم في التفسير، سواء أخالفهم في بعض المسائل ام لا، سواء أ جاهر فيه

بالاعتزال ام لا». «1»

و لا يتحمل المقام في تفصيل المسأله و ذكر نموذج من اتجاهاته و مواقفه في المسائل الكلامية المختلفة فيه بين الاشاعرة و المعتزلة.

و الخلاصة. امتاز تفسير الماوردي بامور منها:

1- جمعه لأقوال السلف و الخلف التي قيلت في تفسير الآية.

2- تحليلاته اللغوية الدقيقة في بيان مفردات الآية.

3- منهجه الدقيق في حصر الاقوال، و عدم تعيين موضعه في تلك الاقوال الا إشارة و تلويحا.

4- عدم اقتصاره على المأثور فحسب، بل جمع فيه الى المأثور ذكر وجوه المعاني

______________________________

(1) انظر: الحاكم الجشمي و منهجه في التفسير لعدنان زرزور/ 145، و على سبيل المثال، انظر بحثه في تقسيم اقوال العلماء في بحث الرؤية في تفسيره النكت، ج 2/ 152، و ج 6/ 156.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 729

و القراءات و الاحكام الفقهية.

5- مكانة المؤلف في الفقه الشافعي و كونه اماما فردا فيه، و قيمة الاحتجاج بما يرجحه.

6- جمعه للاقوال الكلامية و ترجيح بعضها بما يناسب مذهب اهل السنة «1».

______________________________

(1) انظر حول منهجه: النكت و العيون ج 1/ 7 من تقديم المراجع للتعريف بتفسير الماوردي، و الحاكم الجشمي و منهجه في التفسير/ 145؛ و دراسات و بحوث في الفكر الاسلامي المعاصر، لدرينى، ج 1/ 357.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 730

114- نور الثقلين

اشارة

العنوان المعروف: تفسير نور الثقلين.

المؤلف: الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي.

وفاته: توفي في سنة 1112 ه- 1700 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

عدد المجلدات: 5.

طبعات الكتاب: ايران، قم، مطبعة الحكمة، الطبعة الاولى، سنة 1383 ه، حجم 24 سم، تصحيح و تعليق السيد هاشم الرسولي المحلاتي.

و قم، المطبعة العلمية، الطبعة الثانية، (بدون تاريخ).

و ستصدر قريبا طبعة جديدة مع مقدمة للسيد محمد باقر الحكيم.

حياة المؤلف:

هو الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي، من العلماء و المحدثين الإماميين الاثني عشرية.

ولد في قرية «الحويزة» من قرى خوزستان الايرانية، ثم سكن في شيراز.

و هو معاصر للشيخ الحر العاملى صاحب: «وسائل الشيعة» و البحراني صاحب

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 731

تفسير «البرهان». و هؤلاء العلماء يمثّلون اتجاها عاما في الشريعة و الفقه و الحديث و الاصول و التفسير لدى الامامية الاثنى عشرية يعرف بالاتجاه «الاخباري» المقارب لطريقة السلفية الظاهرية عند اهل السنة.

كان عالما فاضلا فقيها محدثا ثقة و رعا شاعرا اديبا جامعا للعلوم و الفنون، و من تلاميذه السيد نعمة اللّه التستري الجزائري. و لم يثبت اصحاب التراجم، تاريخ ولادته، و لا ذكر خصوصيات من احواله، و لكن يستفاد من كتابه أنّ الحويزي أحد الاعلام البارزين الذين عرفهم القرن الحادي عشر الهجري المهتمين بعملية جمع الأخبار و تدوينها.

توفي رحمه اللّه في شيراز سنة 1112 ه. «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- تفسير نور الثقلين.

2- شرح لامية العجم.

تعريف عام

هو تفسير روائيّ اعتمد فيه مصنفه على المأثور من رواية الرسول الاكرم و اهل بيته الكرام- صلوات اللّه عليه و عليهم اجمعين- بطريقة تكشف عن سعة اطلاعه و كثرة تتبعه للمصادر المختلفة، مهّد الطريق للمحققين الذين يعملون في تحقيق النصوص و استخراج الصحيح منها و فرزها عن الروايات الضعيفة و المضطربة.

قال الحويزي في مقدمة تفسيره:

«و اما ما نقلت مما ظاهره يخالف لاجماع الطائفة المحقة، فلم أقصد به بيان اعتقاد و لا عمل، و إنّما اوردته ليعلم الناظر المطّلع كيف نقل و عمن نقل، ليطلب له من

______________________________

(1) انظر ترجمته: الذريعة، ج 24/ 365؛ و اعيان الشيعة، ج 8/ 29.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 732

التوجيه ما يخرجه من ذلك، مع أنّي لم اخل موضعا من تلك المواضع عن نقل ما يضاده، و يكون عليه المعول في الكشف و الابداء» «1».

و يعتبر أن هذا التفسير جهد علمي موفق لجمع الروايات و مفيد و نافع، مع الفطنة لاضطراب بعض الروايات الضعيفة، و هو أفضل مما جمعه السيد هاشم البحراني صاحب تفسير «البرهان».

قال العلامة الطباطبائي صاحب تفسير «الميزان» في مقدمة التفسير:

«إنه الكتاب القيم الذي جمع فيه مؤلفه شتات الأخبار الواردة في تفسير آيات الكتاب العزيز، و أودع عامة الحديث المأثور عن اهل بيت العصمة و الطهارة- سلام اللّه عليهم- إلّا ما شذّ منها، و لقد أجاد في ضبطها و ترتيبها و الإشارة الى مصادرها و الجوامع المنقولة هي عنها، و بذل جهدا في تهذيبها و تنقيحها، جزاه اللّه عن العلم و أهله خيرا و هدانا بنور الثقلين» «2».

و قد اعتمد في نقل الآثار و الروايات من الكتب المعتبرة لدى الشيعة عن طريق

اهل البيت عليهم السلام كالكتب الاربعة، و كتاب «التوحيد» للصدوق، و كتب اخرى للصدوق مثل «الخصال»، و «معاني الاخبار»، و «كمال الدين و تمام النعمة»، و «علل الشرائع»، و «تفسير العياشي» و «الاحتجاج» للطبرسي و غيرها من كتب الحديث.

هدفه في التأليف

قال الحويزي في مقدمة كتابه في بيان غرضه من تأليف هذا التفسير:

«إنّي لما رأيت خدمة كتاب اللّه، و المقتبسين من انوار وحي اللّه؛ سلكوا مسالك مختلفة، فمنهم من اقتصر على ذكر عربيته و معاني الفاظه، و منهم من اقتصر على

______________________________

(1) تفسير نور الثقلين، ج 1/ 2.

(2) نفس المصدر.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 733

بيان التراكيب النحوية، و منهم من اقتصر على استخراج المسائل الصرفية، و منهم من استفرغ وسعه فيما يتعلق بالإعراب و التصريف، و منهم من استكثر من علم اللغة و اشتقاق الالفاظ، و منهم من صرف همته الى ما يتعلق بالمعاني الكلامية، و منهم من قرن بين فنون عديدة، أحببت أن اضيف الى بعض آيات الكتاب المبين شيئا من آثار أهل الذكر المنتجبين، ما يكون مبديا بشموس بعض التنزيل، و كاشفا عن أسرار بعض التأويل» «1».

لكنّه أسقط اسانيد الروايات، و ترك ذكر الآيات، و لذلك يصعب معرفة الاخبار المتعلقة بكل آية، و حذف كثيرا من متون بعض الروايات «2». و مع هذا استدرك محققه في طبعته الثانية بترقيم الآيات و تسويدها ليبرزها و يسهّل الاستفادة منها.

منهجه

يحتوي تفسير الحويزي الكثير من روايات اهل البيت- عليهم السلام- الواردة في تفسير آي القرآن الكريم، او التطبيق و الجري على طريق الأئمة المعصومين من مصادر مختلفة، و لم يتكلم في تفسير الفاظ الآية و اعرابها و قراءتها، و لا يشمل جميع القرآن، لأنه لم يورد تفسير الكثير من الآيات، لعدم ورود الروايات الخاصة بتفسيرها، و مع فطنته و التفاته لبعض الروايات الضعيفة، إلّا انه اورد بعض الروايات التي لا يمكن الاستسلام لها، كما نقل عن التفسير المنسوب لعلي بن إبراهيم في ذيل آية: إِنَّ اللَّهَ لا

يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها «3» تفسيرا مشوها موهونا عن ابي عبد اللّه عليه السلام «4».

______________________________

(1) تفسير نور الثقلين، ج 1/ 2.

(2) الذريعة الى تصانيف الشيعة للطهرانى، ج 24/ 365.

(3) سورة البقرة/ 26.

(4) تفسير نور الثقلين، ج 1/ 37.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 734

و كذلك نقل اخبارا مشتملة على الغلو و الوهن و التطبيق و الاسرائيليات، كما في قصة هاروت و ماروت فبعد ذكره: أن الملائكة معصومون محفوظون من الكفر و القبائح، و عدم ثبوت صحة ان الزهرة كانت امرأة فمسخت، اورد الروايات و القصص الإسرائيلية الموضوعة التي تؤكد أن الملكين قد زنيا بالمرأة فمسخت، من دون ترجيح و تعين للصحيح من الضعيف «1».

و قد كتب عدد كبير من العلماء و الباحثين من كبار علماء الامامية. بحوثا و كتبا في مناقشة هذا الاتجاه، و من جملة هؤلاء الباحثين من المعاصرين العلامة السيد محمد باقر الحكيم، فانّه كتب مقالة في مقدمة هذا التفسير الذي يشرف على الصدور في طبعة جديدة، حيث قال في ذلك ما ملخصه:

«لا بد ان نسجّل بعض الملاحظات المهمة على الكتاب:

1- ان هدف [المؤلف] كان هو مجرد الجمع، و لذلك جاءت في الكتاب روايات غير مقبولة، و تتعارض في ظاهرها أحيانا، مع ما أجمعت عليه الامامية. و هذه النقطة تشكل ملاحظة كبيرة حول محتوى هذا الكتاب، حيث لا يمكن معرفة النتائج و المعتقدات و المواقف من خلاله، و انما يمثل مادة أولية للباحثين، قام المؤلف بجمعها و ترتيبها و تسهيل تناولها.

و تضم هذه المادة الاولية روايات و أفكار و عقائد و تصورات مرفوضة احيانا من قبل الباحثين من علماء الامامية، او مكذوبة و موضوعة على ائمة اهل البيت، او

تعرضت للخطأ و الاشتباه.

2- ان المصادر التي اعتمد عليها الكتاب، ليست على مستوى واحد من حيث الأهمية و الثقة و حتى الزمان و العصر، و هذا يشكل خللا مهما في مثل هذه المجاميع و الكتب، حيث نلاحظ من الضروري التعريف بهذه المصادر الزمنية، او الوثاقة بين هذه المصادر، و بعضها مقطوع الاسناد، او مجهول المؤلف، او يكون راوي الكتاب كله

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 1/ 91.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 735

من الكذابين ... و قد وجدنا بعض الكتّاب و المؤلفين يتحاملون على مذهب اهل البيت عليهم السلام لمجرد وجود روايات يتضمن ظاهرها شيئا يختلف عن مبتنياتهم العقائدية و الفكرية، فينسبون كل ذلك الى المذهب، مع انهم لا يتعاملون مع كتب الحديث في المذاهب الاخرى بهذه الطريقة، بالرغم من وجود روايات فيها دلالات و ظهور، و منافاة لأبسط العقائد و المسلمات الاسلامية، حيث لا يعتبرون هذه الروايات موقفا مذهبيا، بل ينسبونه الى العالم او الراوي نفسه.

3- إننا يجب أن ننظر الى الكثير من الروايات التي وردت عن ائمة اهل البيت في تفسير القرآن- بعد تمحيصها العلمي، سواء على مستوى الدراية او الرواية- أنّها من التفسير بالمعنى الواسع ... فالتفسير «على قسمين»:

الأول: على مستوى التنزيل و الظاهر و المحكم، و هو بيان المعنى الكلي الظاهر الذي تدل عليه الآية الكريمة، و يرتبط بمصاديقها في عصر نزول القرآن، و العرب الذين خاطبهم القرآن بشكل مباشر، او الأمم الذين تحدث عنهم القرآن الكريم بأسمائهم.

الثاني: تفسير على مستوى الباطن و التأويل و المتشابه، فهو بيان المصاديق التي تنطبق عليها المفاهيم القرآنية بلحاظ مختلف العصور القرآنية، او الابعاد التي يمكن التوصل اليها من خلال المقارنة بين الآيات القرآنية، او أنها على

نحو استنباط الامثلة التي تفهم من القرآن الكريم ...

[و يمكن ان يقال: ان قسما من هذه الروايات الواردة في الكتاب من القسم الثاني]، و أن اختصاص ائمة اهل البيت و الراسخين في العلم بفهم القرآن دون عامة الناس، انما هو في مثل هذه المجالات [و من قبيل الجري و التطبيق.] «1».

______________________________

(1) التفسير عند اهل البيت عليهم السلام للسيد محمد باقر الحكيم/ 49.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 736

115- نيل المرام

اشارة

العنوان المعروف: نيل المرام من تفسير آيات الاحكام المؤلف: ابو الطيب السيد محمد صديق بن حسن خان القنوجي البخاري ولادته: ولد في سنة 1248 ه- 1832 م، و توفي في سنة 1307 ه- 1890 م.

مذهب المؤلف: الشافعي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1287 ه.

عدد المجلدات: 1.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى (بدون تاريخ)، المكتبة التجارية لصاحبها الحاج مصطفى محمد.

و اعيد طبعه بالافست في بيروت، دار الرائد العربي، سنة 1403 ه- 1983 م، 373 صفحة، مع ترجمة لحياة المؤلف لاحمد يوسف.

و طبعة اخرى، سنة 1399، في مجلد واحد، تحقيق و تعليق علي السيد صبح المدني، في 570 صفحة.

حياة المؤلف:

هو ابو الطيب السيد محمد صديق بن حسن بن علي بن لطف الله الحسيني

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 737

القنوجي البخاري، المعروف: ب «محمد صديق حسن خان» المخاطب بالنواب عالي الجاه امير الملك خان بهادر، و هو- فيما يروي ولده- من ذرية السبط الاصغر الشهيد الامام الحسين بن علي بن ابي طالب (ع).

ولد في شهر جمادى الاولى سنة 1248 ه ببلدة قنوج (بالهند)، و كان من أجل النعم عليه ...- كما وصفه المؤلف- التوفيق لتفسير كتابه العزيز و حبله المتين، و دراسة سنة نبيه «ص».

أخذ العلم من كبار محدثي اليمن و علماء الهند. و لمّا حصلت له الاجازة المعتبرة من مشايخ السنة، شمّر عن ساق الجد و الهمّة لجمع الأحكام، التي نطقت بها ادلة الكتاب.

رحل الى بيت الله المكرم سنة 1285 ه فرجع من الحجاز، توّج ملكا على مملكة بهوبال (بوبال) فجلس نائبا في شئون الدولة و انتفع من عمله رجال من العلماء العرب و العجم.

توفي سنة 1307 ه

آثاره و مؤلفاته:

له من المؤلفات نيفا و ستين مصنفا بالعربية و الفارسية و الهندية، و اهمّها:

1- ابجد العلوم 2- اتحاف النبلاء المتقين باحياء مآثر الفقهاء المحدثين.

3- افادة الشيوخ بمقدار الناسخ و المنسوخ 4- الاكسير في اصول التفسير 5- اكليل الكرامة في تبيان مقاصد الامامة.

6- شمع انجمن في ذكر شعراء الفرس و اشعارهم (بالفارسية) 7- فتح المغيث لفقه الحديث.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 738

8- فتح البيان في مقاصد القرآن.

9- نيل المرام من تفسير آيات الاحكام 10- منهج الوصول الى اصطلاح احاديث الرسول «1».

تعريف عام

يعدّ هذا التفسير من كتب التفسير الفقهية الموجزة عند الشافعية، و هو يعرض القرآن الكريم كله، و لكنّه لا يتكلم الّا عن الآيات التي لها تعلّق بالأحكام، وفقا لترتيب سور القرآن، و غير مبوب بابواب الفقه.

و يعتقد ان عدد آيات الأحكام، إنما هي مائتا آية أو قريب ذلك. و على هذا الفرض يفسر الآيات بإيجاز و يركز على بيان الأحكام.

قال حسن خان القنوجي في ذلك:

قال المؤلف في عدد آيات الاحكام:

«فهذه الآيات الّتي يحتاج الى معرفتها راغب في معرفة الاحكام الشرعية القرآنية، و قد قيل إنها خمسمائة آية، و ما صح ذلك، و انما هي مائتا آية او قريب من ذلك، و إن عدلنا عنه و جعلنا الآية كل جملة مفيدة يصح ان تسمى كاملا في عرف النحاة، كانت اكثر من خمسمائة آية» «2».

قد اعتمد في تفسيره على الكشاف و القرطبي و الشوكاني و ان كان اعتماده على الشوكاني أكثر.

منهجه

و طريقته في التفسير: ذكر جزء من الآية التي لها تعلق بالاحكام، ثم تفسيرها

______________________________

(1) مقدمة نيل المرام، من احمد يوسف/ 14؛ و الأعلام للزركلى، ج 6/ 168.

(2) نيل المرام/ 19.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 739

بايجاز، مع ذكر الاقوال التي وردت فيها من دون ترجيح لقول على الآخر. فكثيرا ما ينقل عن الشوكاني و القرطبي و الكشاف، و لم يقحم نفسه في الجدل بين المذاهب الفقهية (المذاهب الاربعة لاهل السنة)، مع أنه شافعي، و لم يتعصب لمذهبه، و لا يهتمّ على تركيز مذهبه و الترويج له. و يقتصر في تفسيره على ذكر الأحكام التي يمكن أن تستنبط من الآيات، و لا يخرج من حدود تفسير الآية و دلالتها، فمثلا عند ذكره لقوله تعالى: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ

الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ «1» قال:

«فيه النهي للمؤمنين عن موالاة الكفار لسبب من الاسباب، و مثله قوله تعالى:

لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ و قوله تعالى: وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ و قوله:

لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ثم سرد الآيات التي ترتبط بهذا الموضوع و فروعه، كجواز التقية مع الخوف من العدو و نقل قول المخالف من دون أن يجيبه» «2».

و من منهجه انّه لم يستقص في تفسيره هذا نوعين من آيات الاحكام: اذا كان مدلوله ضروريا لا يحتاج الى بيان و استنباط حكم، و اذا كان يختلف المجتهدون في مدلوله و صحة الاحتجاج به، و لا يمكن الوصول الى معرفته، فانّه قال في ذلك:

1- ما اذا كان مدلوله بالضرورة كقوله سبحانه تعالى: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ، للأمان من جهله الا ان تشتمل الآية من ذلك على ما لا يعلم بالضرورة، بل بالاستدلال، فأذكرها لأجل القسم الاستدلالي منها، كآية الوضوء و التيمم.

2- ما اختلف المجتهدون في صحة الاحتجاج فيه على امر معين، و ليس بقاطع الدلالة و لا واضحها، فإنّه لا يجب على من لا يعتقد فيه دلالة أن يعرفه، إذ لا ثمرة لإيجاب معرفة الاستدلال به، و ذلك كالاستدلال على تحريم لحوم الخيل بقوله تعالى: لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً «3»، و هذا لا تجب معرفته الا على من يحتج به من المجتهدين،

______________________________

(1) سورة آل عمران/ 28.

(2) نيل المرام/ 115.

(3) النحل/ 8.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 740

إذ لا سبيل إلى حصر كل ما يظن او يجوز فيه استنباط الأحكام من خفي معانيه، و لا طريق الى ذلك الا عدم الوجدان، و هي من أضعف الطرق عند علماء البرهان» «1».

و من منهجه غالبا

في تفسير آيات الاحكام عدم شغفه بذكر الحجج و البراهين و عدم خوضه في فروع الاحكام و اسرار الاحكام و لا يستقص اقوال المسألة.

و الخلاصة: ان الصديق خان تعرض في تفسيره هذا ل 217 آية من القرآن و تكلم عن دلالتها في الاحكام، و ان التفسير موجز يختص بتفسير قسم من آيات الاحكام، لا كلها، و لم يخرج فيه عن آراء المذاهب الاربعة.

و لمزيد من التفصيل في معرفة منهجه و مواقفه في التفسير، انظر بياننا حول تفسيره: المسمى ب: «فتح البيان في مقاصد القرآن».

______________________________

(1) نفس المصدر/ 19.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 741

116- الواضح

اشارة

العنوان المعروف: تفسير الواضح.

المؤلف: الشيخ محمد محمود حجازي.

ولادته: ولد في سنة 1333 ه- 1914 م.

مذهب المؤلف: السني.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1370 ه- 1951 م.

عدد المجلدات: 30 جزءا في 3 مجلدات.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، القاهرة، مطبعة الاستقلال الكبرى، 1370 ه- 1951 م، 3 مجلدات.

الطبعة الثانية، 1371 ه- 1952 م.

و اعيد طبعه بالافست في بيروت، دار الجيل الجديد، الطبعة السادسة، 1389 ه- 1969 م.

حياة المؤلف:

ولد الشيخ في محافظة الشرقية عام 1914 م، و درس العلم في معهد الزقازيق، و كان مثالا للطالب المجد الذي لا شأن له بغير ما قدم اليه و هو العلم، و لما انتهى من

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 742

دراسته في معهد الزقازيق، يمم وجهه شطر القاهرة دارسا بكلية اللغة العربية، و لم يشغله زخرف القاهرة فجدّ حتى نال العالمية، ثم عين مدرسا بمعهد الزقازيق الذي تخرج منه و القريب من بلده.

كتب الشيخ حجازي تفسيره و هو ما زال مدرسا بمعهد الزقازيق، و كان طموحه ان يكون بين اعلام اساتذة كلية اصول الدين، فاخذ يعد رسالة لنيل الدكتوراة و اختار لها موضوعا دقيقا عميقا، و هو: الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم. «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- التفسير الواضح.

2- الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم.

تعريف عام

كان التفسير قريب التناول لعشاق القرآن الحكيم، فهو تفسير موجز يفيد عامة الناس، فيه افهام ينطوي عليه القرآن من معنى ظاهر باوجز لفظ و اسهل اسلوب يغزو شعاعه كل قلب و يعمر هداه كل نفس، خال من الاصطلاحات العلمية العلمية الفنية.

أشار في مقدمة تفسيره إلى اختلاف تفاسير القرآن بحسب اختلاف المناهج و اهداف اصحابها و اصبح الكثير منها موسوعات لا يستفيد منها إلّا من كان ملما بقدر كبير من اللغة و الأدب و الاحكام و الاصطلاحات العلمية، لذلك اصبحت الحاجة ماسة في العصر الحديث الى وضع تفسير للقرآن الكريم.

______________________________

(1) مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 377.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 743

يكتب بلغة سهلة واضحة، لا تعمّق فيها، و لا ابعاد، خالية من الاصطلاحات العلمية الفنية، تفسر للشعب كل فيه موضوع المعنى الإجمالي للآية بلغة العصر، مع البعد عن الحشو و التطويل و الخرافات الإسرائيلية، و الاعتدال في الرأي، لان الناس لا طاقة لهم الآن بالإطالة فيما لا شأن له باصل الغرض من التفسير. «1»

فهو ملتزم بهذا الاسلوب، مجتنب عن التطويل الممل و التقصير المخل، و الخرافات الإسرائيلية، و الموضوعات في الحديث.

و التفسير من التفاسير المتداولة بين الناس، و قد طبع عدة مرات في مختلف البلدان الاسلامية.

لم يبدأ المفسّر بمقدمة في علوم القرآن و تفسيره إلّا بما بيّنه موجزا في منهج القرآن و مقصده من النزول و بيان المعارف و الاحكام.

منهجه

افتتح التفسير باسم السورة و محل نزولها (مكية و مدنية)، و عدد آياتها، ثم انتخب قطعة من الآيات ثم وضح الآيات بمناسبة معنى السورة و كلمات استعملت في آياتها، ثم شرع في توضيح المفردات و تفسيرها في ذيل عنواني: «المفردات»، و «المعنى».

و كانت طريقته

في افتتاح كل سورة بيان الخطوات العام للسورة و مقاصدها و مناهجها و تعيين عنوان لقطعة من الآيات. ثم العناية ببيان المناسبة و الربط بين الآيات و اسباب النزول فيها ان كان فيها سبب للنزول.

و قد نهج في ذيل بعض الآيات النهج الموضوعي و استطرد في الكلام، و فصّل

______________________________

(1) تفسير الواضح، ج 1/ 5.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 744

في ذلك، فمثلا عند ذكر قوله تعالى: وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ «1»، قال:

«و هل يجوز على النبي صلّى اللّه عليه و سلم، النسيان؟ و اذا جاز فهل في كل شي ء أم في شي ء خاص؟ ثم فصل الجواب بجواز النسيان عليه بغير وسوسة من الشيطان، و قال:

«انساء الشيطان للانسان بعض الشي ء ليس من قبيل السلطان عليه و التصرف فيه.

و اما الجواب عن الثاني: ان الصحيح ان النبي (ص) لا ينسى فيما يبلغه عن ربه ... و قيل يجوز ان ينسى و اللّه ينبهه حتما ...». «2»

و من مصادر التفسير «الكشاف» للزمخشري، و «مفاتيح الغيب» للرازي، و «الجامع لاحكام القرآن» للقرطبي، و غيرها من التفاسير الاخرى.

و كان موقفه في تفسير الآيات، هو طرح المباحث العقائدية و الكلامية بشكل موجز من دون ورود في الاستدلال بها، بل يكتفي بالاشارة، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «3» تعرض لمسألة رؤية اللّه يوم القيامة بالبصر بين الموافقين و المخالفين من أهل السنة و العدلية، و يعترض و يقول:

ان هذه الامور غيبية لا نقيسها على الحاضر، و لا يلزمنا الدخول في الاستدلال بها، فقال:

«وقع فيه خلاف كبير بين العلماء قديما، هو: هل نرى ربنا يوم القيامة أولا؟

الجمهور على اثبات الرؤية مستدلا بقوله هنا: إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ و

الاحاديث عن رسول اللّه، و بعض الفرق تمنع الرؤية بالنظر، اذ البصر يحد اللّه و ذاته، و هو

______________________________

(1) الانعام/ 68.

(2) تفسير الواضح، الجزء السابع/ 68.

(3) القيامة/ 22 و 23.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 745

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ «1» على انه يلزم معها الانحصار في زمن وجهة، و اللّه محال عليه ذلك، و الآية هنا تؤول بأن الوجوه تنتظر من اللّه النعم و الفضل و الرضوان، على ان الخطب سهل، فأمور الآخرة امور غيبية لا نقيسها على الحاضر عندنا، بل نؤمن بها، و اللّه اعلم بها». «2»

و هكذا كان منهجه في غيره من المباحث الكلامية المختلف فيها بين المذاهب الاسلامية من دون خوض و استطراد.

اما بالنسبة الى موقفه من التفسير العلمي، فإنه يعتقد أنّ مهمة القرآن ليس الغوص في المسائل العلمية، و إنما كان القرآن له مهمة جاء لها و هي تكوين الفرد المسلم ذاته و تكوين مشاعره و سلوكه و روابطه و بناء شخصيته و ضميره و وجوده على أسس اسلامية سليمة، و تكوين المجتمع الاسلامي على دعائم قويمة، و متى وجدا طوالب المسلم بالنظر و العلم و البحث الدقيق، اذا فليس من مهمة القرآن الكلام في المسائل العلمية، و ان أتى بنظريات علمية فهي عارضة و لا تتعارض مع حقائق العلم في شي ء. «3» و لهذا قال عند تفسير قوله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنازِلَ «4»:

«و القرآن فرّق بين الشمس و القمر في كثير: «و جعل القمر فيهن نورا و جعل الشمس سراجا»، «و جعل فيها سراجا و قمرا منيرا».

و السراج، ما كان نوره من ذاته، و هذا يؤيد من يقول: «ان الضوء ما كان بالذات كالشمس

و النار، و النور ما كان بالعرض و الاكتساب من الغير كنور القمر».

______________________________

(1) الانعام/ 103.

(2) التفسير الواضح، الجزء 29/ 136.

(3) التفسير الواضح، الجزء 2/ 34.

(4) سورة يونس/ 5.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 746

و على العموم فالواجب معرفته و اعتقاده ان تعبير القرآن الكريم للأسرار الالهية قد تخفى علينا حينا من الدهر، و يكشف عنها العلم و البحث، و ليس معنى هذا الجري وراء الاصطلاحات العلمية اذا تعارضت مع النص القرآني؛ فالعلم نظريات قد تسلم اليوم و تنقض غدا». «1»

و غير ذلك من الموارد كالقضايا الكونية و القضايا النفسية.

و الخلاصة: ان هذا التفسير من حيث منهجه و أسلوبه مفيد جدا لمتوسطي الثقافة من الناس، سلك فيه المفسر النهج التربوي و الهدائي و هو متميز بين التفاسير بالاقتصار على ارجح الاقوال و نقل الاخبار فيما ترتبط بتفسير القرآن. «2»

______________________________

(1) نفس المصدر، الجزء 11/ 35.

(2) انظر: مدخل الى ظلال القرآن لصلاح الخالدي/ 74؛ و مناهج المفسرين لمنيع عبد الحليم محمود/ 377.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 747

117- الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

اشارة

العنوان المعروف: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز.

المؤلف: علي محمد علي دخيل.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1405 ه.

عدد المجلدات: 137 من الحجم الصغير.

طبعات الكتاب: بيروت، دار المرتضى، الطبعة الاولى، 1406 ه- 1986 م، في مجلد كبير بحجم 30 سم، 829 ص.

و بيروت، دار المرتضى، 1414 ه- 1993 م، حجم 20 سم.

آثاره و مؤلفاته:

1- ثواب الاعمال و عقابها.

2- علي في القرآن.

3- دراسات في القرآن الكريم.

4- الوجيز في تفسير الكتاب العزيز.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 748

5- قصص القرآن الكريم.

6- المصحف المفسّر.

تعريف عام

تفسير موجز، شامل لجميع آيات القرآن و سوره، باللون التحليلي و التربوي، يفيد للشباب و متوسطي الثقافة من الناس، و الغرض من تأليفه تبيين و توضيح كلام اللّه للشباب و الاطفال حين هم يسمعون القرآن من الراديو و التلفزيون أو غيرهما.

ابتدأ قبل التفسير في الطبعة الجديدة للكتاب بمقدمة مبسوطة في 13 جزءا و كل جزء يحتوي على 24 صفحة و فيها: وصف للقرآن الكريم يشمل جميع جوانبه من لسان القرآن، ثم بيان فضله و فضل تلاوته و حفظه و مصونيته من التحريف، و يستشهد لذلك باقوال المحققين و الاعلام من الشيعة الامامية، ثم يبيّن الآيات العلمية و الطبية و انباء الغيب، ثم يذكر ما يناسب ادب القرآن، و قال في بداية المقدمة في بيان غرضه و مصدره الذي اعتمد عليه في التفسير:

«و بعد فنحن نقدّم للقراء الاعزاء مكتبة القرآن الكريم التي تضم مئات الكراسات يوزّعها ربّ الأسرة على أولاده ليشغلهم بكتاب اللّه جل جلاله عن السفاسف التي يسمعونها من الراديو و التلفزيون، و يكون قد قام ببعض المطلوب من توجيههم و تدريبهم على عمل الخير.

لقد التزمنا في قسم التفسير بنص مجمع البيان، مع مراعاة الاختصار، علما أننا استفدنا كثيرا من «المجمع» في بقية بحوث المكتبة، بل نحن في عملنا عيال عليه، نقتبس من نصوصه، و نترسم خطاه، و نقتفي أثره، و نستضي ء بأنواره، نقول هذا معترفين بأيادي أمين الاسلام الطبرسي- مؤلف مجمع البيان- علينا، كما نعترف بأنّا أقل كفاءة من إعداد مثل هذا العمل الكبير، و لكن

اردنا ان يكون لنا أجر السبق فيقتفي أثرنا بعد حملة القرآن الكريم، و أهل الاختصاص». «1»

______________________________

(1) الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، الجزء 1/ 5. الطبعة الجديدة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 749

و قد ألحق المفسر في آخر اجزاء التفسير دراسات حول العقائد و الاخلاق و القصص في 144 جزءا (من جزء 138- 272)، و هي عبارة عن دراسات موضوعية موجزة متخذة من التفسير و غيره بنهج تربوي ارشادي.

منهجه

و طريقته في التفسير، الشروع باسم السورة، و مكيّتها و مدنيتها و عدد آياتها، و قد يذكر ارتباطها بما قبلها سورة و آية، ثم يبيّن مجمل المعنى بالبيان الكافي و الشافي من دون ان يتوسع في التفسير أو أن يدخل في الادب و البلاغة، بل يشرح الآيات شرحا بين الإيجاز و التطويل. و يذكر المعنى اللغوي نقلا عن أهل اللغة و التفسير مع إشارة الى اسمائهم، و قد يذكر وجوه المعنى و الاحتمالات الواردة في تفسير الآية و معنى الجملة من دون ترجيح لاحد الاحتمالات.

و كان من دأبه نقل الاحاديث الواردة في معنى الآية عن النبي- صلّى اللّه عليه و آله- و أهل بيته- عليهم السلام- و من الصحابة من دون أن يذكر مصدره، و أيضا يذكر الأخبار الواردة في فضل السور.

و يتعرض في تفسيره لآيات الاحكام تبعا لمذهبه ببيان الاحكام و استدلالها، و يقوم على تركيز مذهب الشيعة الاثنى عشرية، فمثلا عند تفسير قوله تعالى:

فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ... «1»، قال:

«هذا امر منه سبحانه بغسل الوجه، و الغسل: هو امرار الماء على المحل حتى يسيل، و المسح ان يبل المحل بالماء من غير ان يسيل. وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ أي:

و اغسل ذلك أيضا، و

المرافق: جمع مرفقة و هو المكان الذي يرتفق به، أي يتكأ عليه من اليد. وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ و هذا أمر بمسح الرأس، و المسح ان تمسح شيئا بيديك كمسح العرق عن جبينك، و الظاهر لا يوجب التعميم في مسح الرأس.

______________________________

(1) المائدة/ 6.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 750

و روي عن ابن عباس انه وصف وضوء رسول اللّه (ص): فمسح على رجليه.

و روي عنه انه قال: «ان في كتاب اللّه المسح و يأبى الناس إلّا الغسل».

و قال: «الوضوء غسلتان و مسحتان». «1»

و الدخيل- كما ذكرنا- من الشيعة الامامية، و يختلف في العقائد مع البعض من أهل السنة في صفات اللّه، و الجبر و الاختيار و عصمة الانبياء و الائمة و افعال العباد و الرؤية و صاحب الكبيرة و الشفاعة و الامامة، و يعتقد أن الامامة من اصول الدين و تثبت بالنص لا بالاختيار، و يستدل على امامة علي عليه السلام بآيات و منها:

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا ... «2» حيث قال في ذلك:

«ثم بين تعالى من له الولاية على الخلق و القيام بامورهم، و تجب طاعته عليهم فقال: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ اي الذي يتولى مصالحكم، و يتحقق تدبيركم هو اللّه تعالى، و رسوله يفعله بامر اللّه وَ الَّذِينَ آمَنُوا.

ثم وصف الذين آمنوا فقال: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ بشرائطها وَ يُؤْتُونَ أي و يعطون الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ أي في حال الركوع. و هذه الآية من أوضح الدلائل على صحة امامة علي عليه السلام بعد النبي بلا فصل.

و الوجه فيه: انه اذا ثبت انّ لفظة وَلِيُّكُمُ تفيد من هو اولى بتدبير اموركم، و يجب طاعته عليكم، و ثبت النص عليه بالامامة و وضح

المعنى الَّذِينَ آمَنُوا هو «علي» بدلالة الرواية الواردة من طريق العامة و الخاصة بنزول الآية فيه، لما تصدق بخاتمه في حال الركوع». «3»

و بالنسبة الى التفسير العلمي و اتجاهه في ذلك، و ان لم يفسر تلك الآيات في تفسيره الّا انه قد فسرها في ختام التفسير، و قد وجدت محاولات كثيرة لشرح

______________________________

(1) الوجيز، الجزء 34/ 4، و الطبعة القديمة/ 136.

(2) المائدة/ 55.

(3) الوجيز/ 148، الجزء 35/ 20 الطبعة الجديدة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 751

النظريات العلمية الحديثة منطبقا على الآيات، أو استفادة هذه الحقائق العلمية من الآيات، و لكنه لا بمعنى انه مسرف في التأويلات للتوفيق بين النصوص القرآنية و بين العلوم الحديثة، بل يشير الى هذه الآيات للحث على التأمل و التدبر و النظر في الآفاق و الانفس لتأكيد اغراضه العقائدية، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ «1»، قال:

«حقا إن هذه الآية وحدها تكفي العالم بأسره ان يؤمنوا باللّه رب العالمين، و انه بعث لهم محمدا صلّى اللّه عليه و آله نبيا و هاديا و مرشدا، و أرسل اليهم القرآن الكريم دستورا و قانونا، و ان الحجة لزمتهم به.

أ تدري أية آية هذه، هي قوله تعالى: بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ، فانت اذا نظرت اليها من زاوية الخلقة تحير فكرك بهذا الخلّاق المبدع، و أنّه كيف خلق ملايين البشر و جعلهم على صور مختلفة و ألوان شتى، فلا تجد اثنين منهما على شكل واحد، اضافة الى هذا كله فأنت تجد الخطوط التي في طرف إصبع كل منهم تختلف عن الآخر، و يستحيل أن تجد شخصين خطوط أصابعهما بالشكل نفسه.

و العالم اليوم بأسره من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب

يعتمد في التحقيق الجنائي و غيره على بصمات الأصابع.

و لو تأملت الآية من زاوية أخرى، لظهر لك الإعجاز متجليا مرّة أخرى في الإخبار نفسه، فقد نبّههم من قبل خمسة عشر قرنا الى ذلك، و لكنهم كانوا آنذاك أبعد من ان يدركوا هذه الحقائق العلمية التي اكتشفها العلم الحديث.

أنظر الى الشيخ الطبرسي- عليه الرحمة- مع جلالته العلمية كيف يفسّر الآية، لأنّ ما ظهر اليوم من العلوم لم يكن له وجود في القديم فقال في الآية: بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ:

«على ما كانت و إن قلت عظامها، و صغرت، فنردّها كما كانت، و نؤلّف بينها

______________________________

(1) القيامة/ 4.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 752

حتى يستوي البنان، و من قدر على جمع صغار العظام فهو على جمع كبارها أقدر».

و أزيدك علما ان العلم اكتشف آية أخرى في البنان، و هذا يؤيد ان الأشواط الكبيرة التي قطعها العلم، و الاكتشافات الكثيرة التي حققها المهرة من الأطباء لم تكن إلّا جزءا صغيرا جدا بالنسبة الى عوالم الجسم، و ما أودع فيه المبدع من ابداع حيّر العقول و ألزمها بالايمان». «1»

و كذا بالنسبة الى غيرها من المباحث العلمية، كالقضايا الكونية لخلق السموات و الارض و الجبال و مسألة الازواج و الشمس و القمر و النجوم، و سعة العوالم العلوية، و يعتقد باننا اذا تأملنا في هذه الآيات يظهر لنا جانبا من عظمة القرآن و ليس في آية من القرآن متعلقة بها تتعارض مع المعطيات العلمية البحتة، و ان اعظم البلغاء ليعجز عن الاتيان ببعض ذلك في صفحات فضلا عن كلمات. «2»

و الخلاصة: كان التفسير من التفاسير التحليلية التربوية لمتوسطي الثقافة من القراء، من دون ان يعتني فيه بالرد على المذاهب و

ذكر اقوالهم أو التعصب عليهم، و يشتمل على عناوين مستقلة للموضوعات العقائدية و التاريخية و الاخلاقية في نهاية التفسير.

______________________________

(1) الوجيز، الجزء 147/ 9.

(2) نفس المصدر، الجزء 150/ 12.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 753

118- من وحي القرآن

اشارة

العنوان المعروف: تفسير من وحي القرآن.

المؤلف: السيد محمد حسين بن السيد عبد الرءوف فضل اللّه. المعروف ب «السيد فضل اللّه».

ولادته: ولد في سنة 1354 ه- 1935 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف: 1399 ه.

عدد المجلدات: 25 جزءا في 11 مجلدا.

طبعات الكتاب: بيروت، دار الزهراء للطباعة و النشر و التوزيع، الطبعة الثانية، سنة 1402 ه- 1982 م، و الطبعة الثالثة سنة 1405 ه- 1985 م، حجم 19 سم.

حياة المؤلف:

هو العلامة السيد محمد حسين ابن السيد عبد الرءوف فضل اللّه، أحد العلماء البارزين المعاصرين و المجاهدين اللبنانيين من الشيعة الامامية.

ولد في سنة 1354 ه في مدينة النجف الاشرف، و درس فيها بإشراف والده الذي كان من العلماء الكبار. و تتلمذ في مرحلة السطح عند أساتذة كرام، منهم

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 754

الشيخ مجتبى اللنكراني و والده، و في مرحلة الخارج عند الامام المرجع الديني السيد ابو القاسم الخوئي، و الشيخ حسين الحلي و السيد محمد الروحاني، و غيرهم من الأساتذة الكبار في الحوزة العلمية في النجف الاشرف، و في نفس الوقت كان يدرّس الكتب الدراسية الحوزوية الشيعية، مثل الكفاية و المكاسب.

رحل من النجف الى لبنان- بعد إقامة ثلاثين سنة فيها- و أقام فيه و أخذ على عاتقه التدريس و الوعظ و الارشاد و الخدمات العامة و التحقيق و المشاركة في المؤتمرات العلمية في لبنان و خارجها. «1»

آثاره و مؤلفاته:

1- من وحي القرآن.

2- قضايا على ضوء الاسلام.

3- الاسلام و منطق القوة.

4- اسلوب الدعوة في القرآن.

5- الحوار في القرآن.

6- خطوات على طريق الاسلام.

7- ديوان في ظلال الاسلام.

8- ديوان قصائد للاسلام و الحياة.

9- تأملات في سيرة العمل و العاملين.

و غيرها من الدراسات و المقالات و الكتب.

تعريف عام

يعدّ التفسير من التفاسير العلمية الحركية، و الارشادية التربوية الرائعة في وقتنا

______________________________

(1) مجلة حوزة (بالفارسية العدد 25، 1409 ه (1367 ش)/ 41.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 755

الحاضر، من دون إطناب و تفصيل في المعاني اللغوية و البلاغية و الإعراب، و نقل الاقوال و الردود، و تفصيل الكلام في الشرح و المعنى.

انطلق فيه المؤلف بعمل يرتكز على احياء الجو القرآني في كل مجالات الحياة، روحية كانت، أو عملية، و لهذا كان نظيرا لتفسير سيد قطب «في ظلال القرآن» في منهجه، الّا انه نحا فيه المنحى الشيعي في التفسير.

قد بدأ «السيد فضل اللّه» تفسيره بمقدمة في بيان غرضه و اسلوبه و الخطوات الاساسية المهمة المتبعة في التفسير، ننقل هنا ملخصا لبيان غرضه من تأليف الكتاب، حيث قال:

«هل هذا كتاب تفسير، و هل نحن بحاجة الى تفسير جديد امام هذا الحشد من التفاسير التي لم تترك جانبا من جوانب المعرفة القرآنية، إلّا و أفاضت في تحليله و توسيعه و تعميقه من الجوانب اللغوية الى الجوانب البلاغية و الفلسفية و النفسية و الاجتماعية ... و ما تزال المحاولات مستمرة في استحداث آفاق جديدة لتفاسير جديدة.

و الجواب: إننا لم نكتب هذه الأبحاث في البداية كمحاولة تفسيرية جديدة، بل كانت دروسا قرآنية تلقى على مجموعة من الطلاب المؤمنين المثقفين، من أجل خلق وعي قرآني يركز الوعي الاسلامي على قواعد ثابتة ...

انطلقت هذه الدروس في خط

عملي متحرك يركز على استيحاء أجواء القرآن من أجل ان نعيش تلك الاجواء في حياتنا الاسلامية الصاعدة، لان القرآن ليس كلمات لغوية تتجمد في معناها اللغوي، بل هي كلمات تتحرك في اجواء روحية و عملية» «1».

فهو تفسير شامل لجميع آيات القرآن، استخدم فيه المفسر الطريقة التجزيئية في التفسير طبقا لترتيب سور المصحف الشريف، و ان كان قد بدأ من سورة البقرة، و ارجأ سورة الفاتحة الى آخر اجزاء الكتاب.

______________________________

(1) تفسير من وحى القرآن، ج 1/ 8. (الطبعة الثالثة).

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 756

منهجه

و كانت طريقته في التفسير، ذكر اسم السورة، و بيان معناه و العلة في تسميتها بهذا الاسم غالبا، و توضيح الخطوط العامة التي تدل عليها آيات السورة، مع اتباع الاسلوب التربوي من خلال طرحه لبيان معنى الآية، و ذكر اقوال المفسرين و المحققين في حقل التفسير، مع توضيح مفردات الآية، ثم الاشارة الى الدروس التي يمكن ان تستفاد من الآيات.

«يغلب على التفسير الطابع التربوي بما لكلمة التربية من معنى اصطلاحي يتجسد في الارتقاء بالانسان في كل مجالاته المختلفة، و يسعى الى إحداث عملية التكيف و التفاعل بين الكائن الآدمي و بيئته الطبيعية و الاجتماعية لتحقيق خلافة اللّه في الأرض» «1».

قال السيد فضل اللّه في بيان ذلك:

«إننا لا نتعامل مع آياته كتعاملنا مع النصوص الأدبية، المجردة التي تتحرك مع الفكرة، بعيدا عن اجواء الواقع، بل إنّنا نشعر انه حياة تتحرك و تعطي و توحي و تهدي و تقود الى الصراط المستقيم. فقد كانت آياته تتنزل في اجواء حركة الدعوة الاسلامية لتراقب نقاط ضعفها و قوتها في خطوات الداعية، و في تحديات الواقع لتضع لها القواعد الحية، التي تقوّي جوانب الضعف، و تحمي

القوة من عوامل الانهيار ...» «2».

«يعتمد المفسر في تفسيره أقرب الطرق و اسلمها في فهم مدلول الكلام، و هو طريق الاعتماد على ظواهر الألفاظ الذي يعتبر طريقا عقلائيا مسلّما به، عند مختلف المدارس الفكرية، إلّا الشاذ منها. يقول المفسر في هذا المجال:

______________________________

(1) رسالة القرآن، العدد الرابع: الملامح العامة لتفسير من وحى القرآن/ 59.

(2) من وحى القرآن، ج 1/ 9.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 757

«ان الخط التفسيري الذي نسير عليه هو العمل بظاهر القرآن فيما توحيه طبيعة الكلمة في معناها الموضوع لها، او في القرائن المحيطة بالكلمة، الّا ان يثبت خلاف ذلك من عقل او نقل» «1».

و ايضا يذكر شبهات المشككين و يرد عليها بالبيان الذي يناسبها، اذا كانت تقصد هذه الشبهات الآيات القرآنية مثل: الايمان بالغيب، و انكار العقل، و الاعتماد على التجربة، الى غير ذلك من الشبهات و التساؤلات.

و يحاول المفسر الاستفادة من القضايا العقلية، و الاخلاقية، و الآراء المحمودة، و ما شابهها في توضيح فكرته، و تقريبها الى ذهن القارئ، كاستخدام قاعدة: «حكم الامثال فيما يجوز و فيما لا يجوز واحد»، و «ان الواحد لا يصدر عنه الّا الواحد»، و «لا يصدق الشي ء في حالة صدق نقيضه» و غيرها، و قد استخدمها المفسر في تفنيد مذهب القائلين بالمنهج التجريبي في كشف الحقائق.

و قد ذكر آراء المفسرين و المحققين لأجل مناقشتها و بيان الخلل و الضعف فيها، و يظهر من الكتاب، اهتمامه بآراء السيد العلامة الطباطبائي صاحب تفسير الميزان، فقد عنون الكثير من المناقشات بعنوان مناقشة مع صاحب الميزان، او مناقشة مع العلامة الطباطبائي.

يمتاز الكتاب باسلوبه الأدبي، مع المزج بينه و بين الاسلوب العلمي المتأدب، مما يجعل الكتاب رائعا يجذب القارئ إليه، و

يجعله يتفاعل معه «2».

اما بالنسبة لذكر الآثار و الاخبار، فان موقفه الاجتناب عن ذكر الأحاديث الموضوعة في الفضائل و غيرها، و كذلك خلا تفسيره من الاغترار بالاسرائيليات، بل عن نقل كل اثر لا يفيد في التفسير، و قد نبّه الى اختلاقها و بطلانها و حذّر المسلمين

______________________________

(1) نفس المصدر، الجزء الثانى/ 52.

(2) مجلة رسالة القرآن، العدد الرابع، للسيد محيى الدين المشعل/ 58. الذي اعتمدنا عليه في دراستنا في تعريف بعض جوانب التفسير.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 758

منها، كما صنع في قصة هاروت و ماروت، حيث قال:

«قد افاض المفسرون في عدة جوانب من الآية، فتحدثوا عن اليهود الذين اتبعوا السحر، هل هم الذين كانوا على عهد سليمان او غيرهم، او تحدثوا عن كلمة:

«تتلوا» هل هي بمعنى تقرأ او تكذب او تتبع، و عن كلمة: «على ملك سليمان» هل هي في عهده، او في نفس ملكه ... و غير ذلك من الابحاث ... و اننا لا نجد مجالا مفيدا للافاضة في اكثر ذلك فيما سيقت له الآية، لان البحث عن شخصية اليهود، او شخصية الملكين لا يجدينا شيئا ما دامت القضية في الآية واردة في سياق إعطاء الصورة للسلوك اليهودي كطابع عام يطبع الشخصية التاريخية و المعاصرة، اما الملكان، فان المقصود من حديثهما هو اعتبارهما مصدرين خيّرين او غير شريرين- على الاقل- من دون دخل لشخصيتهما في الموضوع» «1».

و يتعرض السيد محمد حسين فضل اللّه، للمسائل المرتبطة بالعقيدة و الكلام من دون بسط و تفصيل، و يطبق اصول القواعد وفق مذهب الامامية اذا كان البحث مما يرتبط بالآية و يلزم ان يتعرض للمسألة، كما نرى موقفه في موارد الخلاف بين الشيعة و السنة في مسألة: الامامة، و

العصمة، و الامر بين الامرين في الجبر و الاختيار و تنزيه اللّه عن التجسيم و استحالة رؤية اللّه «2» و غير ذلك من المباحث، و لكن المهم في منهجه، عدم اتساعه لهذه المباحث و احالته الى الكتب الكلامية. فمثلا عند تفسير قوله تعالى:

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ «3». بعد ما سأل في تفسير الآية: من هو الولي للمؤمنين و اجاب بانّ: الآيتين في مقام بيان تحديد خط الولاية الذي يجب ان يلتزمها الناس فيما يلتزمون به في العقيدة و الشريعة

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 2/ 128.

(2) انظر تفصيل ذلك في: من وحى القرآن، ج 8/ 146 و 171 و ج 9/ 172 و 180.

(3) سورة المائدة/ 56.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 759

و القيادة ... و ان اللّه هو الولي ... و الرسول هو الولي في الدعوة و الرسالة ... و القيادة ...

و الذين آمنوا هم اولياء المؤمنين، لأنّهم يمثلون الاخلاص للّه فيما تمثله الصلاة التي يقيمونها من روح الاخلاص و شعاره ... و فيما تمثله الزكاة التي يؤتونها كتعبير عن روحية العطاء ... و الاقتصار على هاتين الصفتين في شخصية الولاية في المؤمنين ...

للإيحاء بأنّهما فيما يعبران عنه من معنى داخلي روحي و عملي يمثلان الانطلاقة الحيّة في الصفات العامة و الخاصة التي ينبغي ان تتوافر في ولي المؤمنين ... ثم قال بعد بيان ذلك ما ملخصه:

«و قد جاء في اكثر من حديث: ان هذه الآية نزلت في علي بن ابي طالب عند ما تصدّق على الفقير الذي سأله الصدقة ... و قد نستوحي من نزولها في نطاق هذه الحادثة ... في ممارسة علي عليه السلام أن الآية تريد

ان تشير الى النموذج الذي تتمثل فيه الفكرة بعمق و امداد ... و قد تكلم المتكلمون و المفسرون كثيرا حول دلالة هذه الآية على ولاية الامام علي عليه السلام فيما تعنيه من معنى الحاكمية التي تعطي صلاحية التصرف في شئون الناس» «1».

ثم استدل المفسر على اختصاص الآية من باب اعطاء حكم كلي او الاخبار بمعرف جمعي في لفظ الجمع لينطبق على من يصح ان ينطبق عليه، و لا يكون المصداق الذي يصح أن ينطبق عليه الا فردا واحدا، و لا يكون من باب اطلاق لفظ الجمع و إرادة الواحد.

و كذلك في مسألة الجبر و الاختيار و الرؤية، كان منهجه منهج البحث العلمي من دون تعصب و قدح لسائر المذاهب، و لم يجعل تفسيره لفرقة او طائفة خاصة، و حق لكل من يريد فهم القرآن و التدبر في معانيه من اي فرقة كان ان يستفيد من هذا التفسير و منهجه.

اما موقفه من النظريات العلمية الحديثة في التفسير، فهو على ما يبدو في

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 8/ 148.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 760

تفسيره لم يثقله بالنظريات العلمية، و لم يدلل بالآيات على صحة هذه النظريات، بل لم يدافع عمن سلك من المفسرين هذا المسلك العلمى في التفسير، و انما يعنى بالآية من حيث دلالة الفاظها و ظواهرها مبسط القول فيها دون اكتراث بما حققه العلم الحديث من انجاز و فرضيات علمية حديثة، لكنه قد يكتفى احيانا بالتلويح الى اشارات علمية يمكن استفادتها من الآيات لتخطط لقارئ المنهج التأملى للعقيدة و الإيمان، ففي تفسير قوله تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ «1» بعد ما بيّن كيفية لقاء صلب الرجل و ترائب المرأة و القوانين المودعة في حركة هذا

الماء الدافق قال:

«و قد تحدث بعض المختصين بأن المكشوفات العلمية لا توافق ان يكون نشوء هذا الماء الدافق من الصلب في الرجل، و الترائب في المرأة، لان هناك من ينكر وجود مني للمرأة، فضلا عن انطلاقه من ترائبها، و اذا كان المراد بذلك بويضة المرأة التى يفرزها جسدها لتلقحها، فإن التعبير لا يلائمها ... ثم ان مصدرها ليس الترائب.

و اذا كنا لا نملك اختصاصا في هذا المجال، فلا نستطيع أن نخوض في حديث علمي تحليلي لهذا الموضوع سلبا و ايجابا ... و لكننا قد نلاحظ بأن الحديث عن إرادة الماء الممتزج من ماء الرجل و المرأة من كلمة الماء الدافق ناشئ من بعض الروايات التى لا تمثل سندا قطعيا، فيما هى الحقيقة الشرعية، كما أن هذا الكشف العلمى الناشئ من تأملات تجريبية لا يفيد إلّا الظن، فلا يمكن لنا أن نتوقف هنا، او هناك لنتحفظ في الحقيقة القرآنية التى لا تصدر من تجربة ظنية، بل هى وحي اللّه الذى لا ياتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ...» «2».

و في آخر الكلام ننقل ما قاله المؤلف في آخر مقدمته:

______________________________

(1) الطارق/ 5.

(2) من وحى القرآن، الجزء 24/ 206.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 761

«و كل ما أرجوه أن تحقق هذه المحاولات بعضا من جدّة العرض و الاسلوب، و بعضا من حركية التفسير في واقعنا المعاصر الذي تحتاج الدعوة الاسلامية فيه الى أن تحرك القرآن في حياتها في كل مجالاتها العلمية في الطريق و في الهدف انها:

«من وحي القرآن» «1».

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 1/ 12.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 762

119- الوسيط

اشارة

العنوان المعروف: التفسير الوسيط للقرآن الكريم.

المؤلف: الدكتور محمد سيد طنطاوي.

مذهب المؤلف: الشافعي.

اللغة: العربية.

تاريخ التأليف:

1393 ه.

عدد المجلدات: 15.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، بن غازي، منشورات جامعة بن غازي، 1394 ه- 1974 م، حجم: 24 سم.

حياة المؤلف:

هو الدكتور محمد سيد طنطاوي استاذ التفسير المساعد بكلية اللغة العربية و الدراسات الاسلامية جامعة بن غازي سابقا و مفتي الديار المصرية حاليا.

آثاره و مؤلفاته:

1- بنو اسرائيل في الكتاب و السنة.

2- الوسيط في تفسير القرآن الكريم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 763

تعريف عام

كان التفسير من التفاسير الشاملة للقرآن، مبسطا، تحليليا، بيانيا، اعتنى بذكر أقوال المفسرين و أخص بالذكر الكشاف و مفاتيح الغيب، من دون أن يدخل في الخلافات النظرية أو الكلامية التي لم يجد اليها حاجة.

و من حيث العبارة، فهو سهل الأسلوب، واضحة العبارة، يقرب المعاني و العقائد بمناسبة الآية، مع الاشارة احيانا لبعض النظريات الموجودة عند المعاصرين.

قد ابتدأ بمقدمة موجزة في فضيلة القرآن و تفسيره، و الغرض من التفسير، و أحسن طرق التفسير، و منهج المؤلف في تفسيره بعد ما عين غرضه من تأليفه.

و الموجود عندنا من التفسير هو المجلد الاول الى نهاية سورة البقرة.

قال المؤلف في مقدمة تفسيره:

«هذا و انت اذا اسرحت طرفك في المكتبة الإسلامية ترى العشرات من كتب التفسير، منها القديم و الحديث، و ترى منها الكبير و الوسيط و الوجيز، و ترى منها ما يغلب عليه طابع التفسير بالمأثور، و ترى ما يغلب عليه طابع التفسير بالرأي، و ترى منها ما تغلب عليه الصبغة الفقهية، أو البلاغية، أو الفلسفية، أو الصوفية، أو العلمية، أو الاجتماعية أو الطائفية ... أو غير ذلك من الإتجاهات، و الميول التي تختلف باختلاف افكار الكاتبين و ثقافتهم و مذهبهم. و ترى منها المحرر من الخرافات، و الاقوال السقيمة، و القصص الباطلة ... كما ترى منها ما هو محشو بذلك.

و لقد انتفعت كثيرا بما كتبه الكاتبون عن كتاب اللّه- تعالى-، و ها أنا ذا- أخي القارئ- أقدم لك تفسيرا وسيطا لسورتي الفاتحة و البقرة، و قد بذلت فيه اقصى جهدي ليكون تفسيرا علميا محققا، محررا من الأقوال الضعيفة و الشبه

الباطلة، و المعاني السقيمة. «1» المفسرون حياتهم و منهجهم 763 تعريف عام ..... ص : 763

______________________________

(1) التفسير الوسيط ج 1/ 11.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 764

و تأثر في تفسيره على من سبقه من التفاسير كالطبري و الزمخشري و أبي حيان و ابن كثير و القرطبي و الرازي و الآلوسي و من المتأخرين الامام محمد عبده و الشيخ أبو زهرة و الطنطاوي و الشيخ محمد طاهر بن عاشور و غيرهم.

منهجه

كان طريقته في التفسير أن يبدأ بشرح الالفاظ القرآنية شرحا لغويا مناسبا، ثم يبين المراد منها- اذا كان الأمر يقتضي ذلك- ثم يذكر سبب النزول للآية أو الآيات- اذا وجد و كان مقبولا عنده- ثم يذكر المعنى الاجمالي للآية أو الجملة، متعرضا لما اشتملت عليه من وجوه البلاغة و البيان، و العظات و الاحكام ...، مدعما ذلك بما يؤيد المعنى من آيات أخرى و من الأحاديث النبوية، و من أقوال السلف الصالح.

و قد تجنب التوسع في وجوه الإعراب، و اكتفى بالرأي أو الآراء الراجعة اذا تعددت الاقوال، و قال:

«و ذلك لانني توخيت فيما كتبت إبراز ما اشتمل على القرآن الكريم من هدايات جامعة، و احكام سامية، و تشريعات جليلة، و آداب فاضلة، و عظات بليغة، و اخبار صادقة، و توجيهات نافعة، و اساليب بليغة، و الفاظ فصيحة». «1»

و كان منهجه ان يذكر المصادر من التفاسير السابقة كالطبري و ابن كثير و الآلوسي، و القاسمي و الزمخشري و أبي حيان و صاحب المنار، و الفخر الرازي و غيرها من التفاسير، من غير ردّ أو ترجيح لاقوالهم.

و لم يهمل التفسير بالمأثور، بل اعتمد عليه في التفسير، و تبين انه التزم منهجا موفقا في التفسير بالمأثور.

و أما موقفه

بالنسبة إلى الإسرائيليات، فإنّه يجتنب نقلها و الاستشهاد بها،

______________________________

(1) نفس المصدر.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 765

بل يفسر الآية بحيث لا يحتاج إلى ذكر هذه المدسوسات.

و من مميزات هذا التفسير توسع المؤلف في تفسير آيات الاحكام و نقل كلمات اصحاب المذاهب الاربعة في فقه أهل السنة بمناسبة الآية التي تعلق فيها حكم، و ذكر الفروع و الوجوه المحتملة في الآية، و ايضا نقل الآثار المناسبة للحكم الفقهي فيها، و قد يذكر الأسرار و الحكم المحتملة في شرحه للاحكام. «1»

فمثلا عند تفسير قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ «2»، توسع في معنى الآية و تفسيرها و سبب نزولها و سير نزولها و الفوائد العامة و حكمة مشروعية الصيام و حدودها و الاحكام الفقهية فيها و نقل الاقوال في حدود مشروعية الافطار و الاحاديث الواردة بمناسبة الآية و بمناسبة الحكم و الموضوع و ذكر أقوال المفسرين فيها. «3»

و يتعرض أيضا للمواقف الكلامية و آراء الفرق و الملل مبسّطا في ذلك، فمثلا عند بيان السحر هل تكون له آثار حقيقية و أن الساحر قد يأتي باشياء غير عادية، عرض قول جمهور أهل السنة و استدل عليه بما روى البخاري في تأثير السحر في جسم الرسول ثم نقل كلاما عن ابن كثير و ابن القيم و القرطبي و محمد فؤاد عبد الباقي في اثبات السحر و حقيقته كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة ثم ذكر موقف المعتزلة في انكار السحر و تمويته و استدلالهم عليه فقال:

«فهذه كلمة ذكرناها عن السحر، لم نقصد بها الخوض في تفصيلاته، و انما قصدنا بها اعطاء القارئ فكرة مختصرة عنه بمناسبة حديثنا عن رذائل اليهود التي

منها نبذهم لكتاب اللّه و اتباعهم للأوهام و الأباطيل و الأكاذيب». «4»

______________________________

(1) نفس المصدر/ 608، فى بحث الأسرة و الزواج، و ايضا بحث الطلاق و بحث التقليد/ 433.

(2) سورة البقرة/ 183.

(3) الوسيط، ج 1/ 473- 486.

(4) نفس المصدر/ 295.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 766

و لا يرغب الطنطاوي بان يسلك مسلك من يطبق القرآن على العلوم، أو العلوم على الآية كي يفسرها تفسيرا علميا، و لكنه مع هذا قد يفسر الآية بما لا يتخالف مع نظريات العلم الحديث، و كأنّه يتخوف من تصادم القرآن مع حقيقة علمية ثابتة، فلهذا يهتم ببيان التوفيق بين القرآن و بين نظريات و قوانين علمية، فمثلا عند تفسير قوله تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً «1»، تعرض لمسألة عدم تنافي الفراشية للأرض مع الكروية، حيث قال:

«و تصوير الأرض بصورة الفراش لا ينافي كونها كروية، لانّ الكرة اذا عظمت جدا كانت القطعة منها كالسطح في امكان الانتفاع بها ... و قدّم خلق الارض على خلق السماء، لأنّ الارض اقرب الى المخاطبين، و انتفاعهم بها اظهر و اكثر من انتفاعهم بالسماء». «2»

و ايضا يهتم الطنطاوي باظهار سر التشريع الاسلامي و حكمة التكليف الإلهي ليظهر محاسن الاسلام، فمثلا عند ما تعرض لآيات الاجتناب عن المحيض في تفسير قوله تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً «3»، قال:

«عليكم أيها المؤمنون أن تمتنعوا عن مباشرة النساء في زمن حيضهن، و لا تجامعوهن حتى يطهرن من ذلك، لان غشيانهن في هذه الحالة يؤذيكم بسبب عدم نقاء المحل الذي يكون فيه الغشيان للمرأة، و المرأة أيضا تتأذى من مباشرتها في زمن الحيض، لانها لا تكون في حالة تستسيغ معها المباشرة، فجهازها التناسلي في حالة اضطراب و

هيئتها العامة في حالة تجعلها من شأنها ان تنفر من الجماع، و الولد الذي يأتي عن طريق الجماع في حالة الحيض ... كثيرا ما يأتي مشوها ضعيفا، لأن النطقة اذا اختلطت بدم الحيض، أخذت البويضات في التخلف قبل وقت صلاحيتها

______________________________

(1) سورة البقرة/ 22.

(2) الوسيط، ج 1/ 90.

(3) سورة البقرة/ 222.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 767

للتخلق النافع الذي يكون وقته بعد انتهاء فترة الحيض، و قد قال بذلك الاطباء الثقاة». «1»

و الخلاصة: كان التفسير من التفاسير البيانية، التحليلية العلمية، الوسيطة بين ذكر الاقوال موسعة و موجزة، مع العناية بشرح الالفاظ القرآنية و المعنى الاجمالي للآية و ذكر العظات و الآداب و الاحكام، من دون العناية بالمشاكل الاجتماعية و العصرية، و من دون عرض لون جديد في تفسير القرآن للقرّاء.

______________________________

(1) الوسيط، ج 1/ 617.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 768

120- من هدى القرآن

اشارة

العنوان المعروف: تفسير من هدى القرآن المؤلف: السيد محمد تقى المدرسي ولادته: ولد في سنة 1366 ه- 1945 م.

مذهب المؤلف: الشيعي الاثنا عشري.

اللغة: العربية تاريخ التأليف: 1405 ه.

عدد المجلدات: 18.

طبعات الكتاب: طهران، دار الهدى، الطبعة الاولى، سنة 1406 ه، حجم 24 سم.

حياة المؤلف:

هو السيد محمد تقي المدرسى، من العلماء و الباحثين و الكتّاب المعاصرين من الشيعة الاثني عشرية.

ولد في مدينة كربلاء المقدسة في العراق سنة 1366 ه في بيت العلم و الفقاهة.

و تابع دراساته الدينية على ايدي علمائها الكبار منهم خاله آية الله السيد محمد الشيرازي، و آية الله الشيخ يوسف الخراساني، و لم يقتصر على دراسة العلوم الدينية، بل اهتمّ بالعلوم الأخرى ايضا.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 769

و كان المفسر من دعاة الاصلاح الاجتماعي، و له عقائد في العلوم الانسانية و الفلسفة و العرفان، و نقد الثقافة الغربية، و له ابحاث و دراسات و مقالات كثيرة نشرت في المجلات العربية في العراق و ايران و لبنان. و عمل على تطوير الحوزات العلمية عن طريق تنظيمها و تحديث برامجها وفق الحاجات الراهنة.

آثاره و مؤلفاته:

1- المنطق الاسلامي، اصوله و مناهجه.

2- الفكر الاسلامي مواجهة حضارية.

3- الفقه الاسلامي.

4- بحوث في القرآن.

5- الإسلام ثورة اقتصادية.

6- محمد (ص) قدوة و أسوة.

7- مع الرسل على الطريق الشائك.

8- الامام الحسين قدوة و أسوة. «1»

تعريف عام

هو تفسير شامل لجميع آيات القرآن، سلك فيه المؤلف المنهج التحليلي و التربوي، من خلال الربط الموضوعي بين الواقع المعاش و بين الحقائق الواضحة و البينة التي صرّح بها القرآن قبل اكثر من اربعة عشر قرنا من الزمان كمنهج تربوي و اخلاقي يستهدف وضع الحلول الناجعة لكل مشكلات العصور المختلفة حتى قيام يوم الدين، و ذلك من خلال اعتماد الاسلوب العلمي الذي بينه- المؤلف- من خلال صفحات

______________________________

(1) من مقالة السيد إبراهيم شبر حول ترجمة المفسر التي أرسلت الينا خاصة.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 770

هذا الكتاب و الى ذلك اشار في مقدمة كتابه، حيث قال:

«و اعتمدت فيه على منهج التدبّر المباشر، انطلاقا مما بينته في التمهيد اي منهج الاستلهام مباشرة من الآيات و العودة الى القرآن ذاته، كلما قصرنا عن فهم بعض آياته وفق المنهج الذي علمنا إياه الرسول الكريم و ائمة اهل البيت- عليهم السلام- حيث أمرونا بتفسير القرآن ببعضه». «1»

قد ابتدأ قبل التفسير- بعد بيان دوافعه لتأليف التفسير و منهجه- بذكر مقدمات علمية حول القرآن مثل:

ما هو القرآن و لما ذا ندعو اليه.

القرآن في آيات الذكر.

القرآن في السنة، و لما ذا ندعو الى القرآن.

مسائل قرآنية حول ضرورة التدبر في القرآن.

القرآن و التفسير بالرأى.

القرآن بين التزكية و التعليم، و بين الظاهر و الباطن و بين المحكم و المتشابه.

القرآن الحكيم و الأحرف السبعة.

القرآن الحكيم و إثبات معانيه.

منهج التدبّر في القرآن و بحوث حوله.

و كانت هذه المقدمات بحوثا تمهيدية تدبّرية لفهم القرآن

و بيان منهج لتفسيره.

و في نهاية المجلد 18، فصل في خاتمة الكتاب فيه شرح لتاريخ تأليف الكتاب و خصوصياته و الجهات المختلفة في سير تفسيره و تغييرات في منهجه، حيث قال فيه:

«منذ بداية توجهي إلى التفسير، لاحظت فراغا فيه من بعدين هامّين:

الاول: اتساع الفجوة بين التفاسير المكتوبة و بين الواقع المعاش للأمة، حيث كان

______________________________

(1) تفسير من هدى القرآن، ج 1/ 5.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 771

هدف أغلب المفسرين إلا نادرا توضيح كلمات القرآن، و ليس تطبيقها على حقائق الزمان، و لم يهتموا اكثر بتأويل القرآن و تنوير الواقع بضيائه ...

الثاني: وجود فجوة بين التفاسير و الأحاديث المأثورة عن النبى و اهل البيت- عليهم السلام- اللهم الا تلك التي تهتم بصورة مباشرة بتفسير آية كريمة، علما بأن كل احاديث الرسول و اهل بيته في الواقع تفسير للقرآن» «1»

منهجه

و طريقته في التفسير، هو ان يبدأ باسم السورة و فضلها، ثم بيان الاطار العام للسورة، ثم يذكر قطعة من الآيات المرتبطة، و يبين لغاتها فيما فيه غموض و إبهام بشكل موجز، معتمدا في ذلك على تفسير «مجمع البيان» الطبرسي، و بيان المعنى الاجمالي للكلمات، ثم يذكر بيانا تفصيليا من هدى الآيات و دعوتها.

و منهجه في تقسيم الآيات، بحسب الموضوعات المستخرجة منها، و التحليل الموضوعي الهدائي لها.

قال المدرسي في بيان منهجه:

«إني أحاول ربط الواقع الراهن بآيات الذكر، حيث ان ذلك هو الهدف من تفسير القرآن. أو ليس مثل القرآن مثل الشمس تطلع كل نهار بإشراقة جديدة على عالم جديد؟.

و لا أدعي انني أبين هنا معاني كلام الله كاملا، بل انما حاولت أن أسجل فقط تلك البصائر التي استفدتها شخصيا عبر تدبري في القرآن ...

[و لكن] كان منهجي

في التفسير تدبر الآيات قبل الرجوع الى التفاسير التي نادرا ما كنت أرجع اليها، و ذلك لاني كنت أخشى أن أضع بيني و بين القرآن حجابا من كلام البشر» «2».

______________________________

(1) نفس المصدر، ج 18/ 479.

(2) نفس المصدر، ج 1/ 8.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 772

و اعتمد- بالاضافة الى «مجمع البيان» للطبرسي- على تفسير «الصافي» للكاشاني، و «الميزان» للعلامة الطباطبائي، و «نور الثقلين» للحويزي و «الجامع للاحكام» للقرطبي و غيرها من التفاسير، و ان كان رجوعه الى مثل هذه التفاسير قليلا.

و لا يتناول التفسير ذكر أسباب النزول، و لا القراءات، و لا إعراب الكلمات، بل ذكر المأثورات الواردة في ذيل الآيات، و هدفه بيان الآيات، و منهجه التربوي و الاخلاقي، لفهم آيات الكتاب العزيز.

و الواضح من تفسيره، أنّه يتطرق للاحكام المستنبطة من الآيات، او ما يتصل منها بالشئون الحياتية للانسان بشكل موجز، مكتفيا بذكر رأي مذهب الشيعة الإمامية فيما يتعلق بالآية من حكم، من دون تعصب، او تعريض بالمذاهب الأخرى، و هذا ما نراه من خلال ذكره لآية الوضوء عند تفسيره لقوله تعالى:

فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ «1». فانّه ربط في تفسيره لها بين طريقة الغسل و العرف العام له في اطار الحديث عن المجتمع الاسلامي، فقال في بيان كيفية الوضوء بما ملخصه:

«و قد سكت القرآن عن بيان طريقة الغسل و ما يغسل به، و لكن بما أن القرآن يتحدث إلى الناس الذين يمارسون الغسل طبيعيا، و يعرفون كيفياته، فان ذلك يكفينا دليلا عن كافة التفاصيل. [اما شرائط الغسل]:

فأولا: الغسل يكون بالماء و ليس بأي سائل آخر.

ثانيا: ان الغسل يكون عادة من الأعلى الى الاسفل، لان الهدف

منه ان يحمل الماء الوسخ في جريانه، و بالطبع فالماء لا يجري الى الأعلى بل يجري الى الأسفل ...

و أتصور ان التفسير الذي يجعل كلمة «الى» في هذه الآية (نهاية عملية الغسل)، و يزعم أن بدايتها الكفّان و ان الغسل ينبغى أن يكون من تحت الى الأعلى، أتصور أنه تفسير ساذج لا يتفق مع بلاغة القرآن، كما أنه يخالف العرف العام ...

______________________________

(1) سورة المائدة/ 6.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 773

أ و ليس اذا قال الأب لابنه: اغسل يدك الى الرسخ، هل يفهم من ذلك ان الغسل يبدأ من الرسخ، فلا يتصور الابن أن والده أمره بأن يقلب كفيه حين يغسل؟ أ و ليس اذا أمرت الصباغ بان يصبغ غرفتك الى السقف، أ و لست تضحك عليه إذا رأيته يأخذ بالصبغ من أسفل الغرفة صاعدا الى السقف، بل قد تنهاه عن ذلك، لأنه يسبب تشويه الغرفة ... كذلك في العرف يعرف كيف تغسل الاشياء، و لكن على الشريعة ان تحدد لهم فقط المقادير» «1».

و اما فيما يتعلق بالعقائد و الكلام، و بما انه من المفسرين الشيعة الامامية، كان موقفه موقفهم في المسائل العقائدية و الكلامية، فمثلا عند ردّ مذهب اليهود بما انهم قدريون آيسون من رحمة الله، و يزعمون ان يد الله مغلولة، قال عند تفسير قوله تعالى: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ «2»:

«من الافكار الخرافية الفاسدة التي شاعت في مثل هذا المجتمع كما عند اليهود انهم يقولون: يد الله مغلولة و إنّه خلق الخلق ثم تركه دون قدرة على تغيير او تطوير، و بهذه الفكرة ألغوا دور الدين في الحياة، و دور الايمان بالله و التوكل عليه في بناء الحضارات» «3».

و لكن ليس منهجه في بيان

العقائد البسط و التفصيل، بل مقل في ذكر المباحث الكلامية و يشير اليها إشارة بيانية تفسيرية.

و الخلاصة: كان التفسير تحليليا تربويا، فلم نجد فيه ما حكى المفسرون من الاسرائيليات، بل يشرح الآيات و يذكر المقاصد العالية و الهداية السامية لها، و يعالج امراض المجتمع بناجع دوائه، باسلوب رائع و بيان واضح.

______________________________

(1) تفسير من هدى القرآن، ج 2/ 307.

(2) المائدة/ 64.

(3) من هدى القرآن ج 2/ 421.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 774

121- هميان الزاد الى دار المعاد

اشارة

العنوان المعروف: هميان الزاد الى دار المعاد.

المؤلف: محمد بن يوسف أطفيّش.

ولادته: ولد سنة 1236 ه- 1820 م، و توفي في سنة: 1332 ه- 1914 م.

مذهب المؤلف: الخارجي الإباضي.

اللغة: العربية.

طبعات الكتاب: الطبعة الاولى، زنجبار، المطبعة السلطانية، 1314 ه.

و اعيد طبعه بالافست في سلطنة عمان، وزارة التراث القومي و الثقافة، 1401 ه، 24 سم.

حياة المؤلف:

كان المؤلف من العلماء الاباضية، و كان هو جزائريا ولد في بلدة يسجن في وادي ميزاب سنة 1236 ه و نشأ بين قومه و عرف عندهم بالزهد و الورع، و اشتغل بالتدريس و التأليف.

قد سبقت منا ترجمته نقلا من بعض المصادر في ذيل تفسيره: «تيسير التفسير» و ان كانت مختصرة فراجع. «1»

______________________________

(1) انظر: التفسير و المفسرون، ج 2/ 319؛ و اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، ج 1/ 303؛ و الاعلام لزركلى، ج 7/ 156.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 775

آثاره و مؤلفاته

1- شرح كتاب التوحيد للشيخ عيسى بن تبغورين، و هو من أهم مؤلفاته في علم الكلام.

2- شرح كتاب العدل و الانصاف في اصول الفقه.

3- وفاء الضمانة باداء الأمانة. (ثلاث مجلدات) 4- جامع الشمل في حديث خاتم الرسل.

5- تيسير التفسير. تفسير صغير.

6- هميان الزاد الى المعاد. تفسير كبير. الذي نحن بصدد تعريفه.

تعريف عام

هو تفسير شامل لجميع آيات القرآن، ألفه مفسره مبسطا قبل تفسير «تيسير التفسير» في صغر السن، و كان بارزا لعقائد الاباضية الوهبية.

قال فيصل بن علي بن فيصل وزير التراث العماني ان تفسير هميان الزاد يقع في 15 جزءا، مع ان الزركلي قاɄ يقع في 14، و التفسير و المفسرون 13 مجلدا كبيرا، و لكن المطبوع في عمان يقع في 15 مجلدا من القطع المتوسط. و في صف جديد.

و قد لخص المصنف منهجه في هذا التفسير فقال:

«و بعد فهذا التفسير لرجل يسجني أباضي وهبى، و يعتمد فيه على اللّه سبحانه و تعالى، ثم على ما يظهر لفكره بعد افراغ وسعه و لا يقلد فيه أحدا إلا اذا حكى قولا أو قراءة أو حديثا أو قصة أو اثرا لسلف، و أما نفس تفاسير الآي و الرّد على بعض المفسرين و الجواب فمنه، إلّا ما تراه منسوبا، و كان ينظر بفكره في الآية أولا ثم تارة يوافق نظر جار اللّه و القاضي [يعني الزمخشري و البيضاوي] و هو الغالب

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 776

و الحمد للّه و تارة يخالفهما، و يوافق وجها أحسن مما أثبتاه أو مثله ... و يتضمن- ان شاء اللّه- الكفاية، في الرد على المخالفين فيما زاغوا فيه و ايضاح مذهب الأباضية الوهبية و اعتقادهم و ذلك بحجج عقلية و نقلية». «1»

قال الدكتور

فهد الرومي في حق التفسير:

«يعتبر هذا التفسير هو المرجع المهم للتفسير عند الإباضية من الخوارج، استمد صاحب التفسير من كتب من سبقة من المفسرين على اختلاف نحلهم و مشاربهم، و استفاد الكثير من معانيها، و هذا تفسير مبسوط تعرض صاحبه لمباحث لا ينبغي التعرض لها في التفسير مثل خواص و فوائد السور و الاطناب فيما ابهم في القرآن كالحروف المقطعة في أوائل السور.» «2»

منهجه:

كان منهجه في أول كل سورة ذكر عدد آياتها، و المكي و المدني منها ثم يذكر فضائل السورة، مستشهدا لذلك في الغالب بالأحاديث الموضوعة في فضائل السور، ثم يذكر فوائد السورة ثم بعد ذلك كله يشرح الآيات شرحا وافيا، فيسهب في المسائل النحوية، و اللغوية، و البلاغية، و يفيض في مسائل الفقه، و الخلاف بين الفقهاء، كما يتعرض لمسائل علم الكلام و يفيض فيها، مع تأثر كبير بمذهب المعتزلة، كما لا يفوته أن يتعرض للابحاث الاصولية و القراءات، و هو مكثر الى حد كبير من ذكر الإسرائيليات التي لا يؤيدها الشرع، و لا يصدقها العقل، كما يطيل في ذكر تفاصيل الغزوات التي كانت على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم. «3»

و من عجيب هذا التفسير ذكر خواص السور و الآيات بشكل مطنب مفرط،

______________________________

(1) هميان الزاد الى الدار المعاد، ج 1/ 5.

(2) اتجاهات التفسير فى القرن الرابع عشر لفهد الرومي، ج 1/ 306.

(3) التفسير و المفسرون، ج 2/ 321.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 777

و ذكر هو لكثير من الآيات هذه الخواص كما قال في تفسير قوله تعالى: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ «1»، و من كانت اشجاره قليلة الأثمار، فليصم

الخميس و يفطر في المغرب على هندبا و يصلي المغرب ثم يكتب هذه الآيات في قرطاس، و لا يتكلم و يمضي الى شجرة تكون في وسط البستان و يعلقها عليها، فان كان فيها ثمر فليأكل منها واحدة، و ان لم يكن لها ثمر فلياكل ورقة من ورقها، و ان لم يكن لها ورق فليأكل من ثمر مثلها، و يشرب عليها ثلاث جرعات من ماء و ينصرف، فانه يرى ما يسره من حسن الثمرة و البركة. ان شاء اللّه». «2»

و نرى المؤلف يتأثر في تفسيره هذا بعقيدته في مسألة التحكيم بين علي و معاوية، فيفسر من الآيات التي تعارضه، كما قال في ذيل آية: وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها ... «3»: لا دليل في الآية على جواز التحكيم، و عند تفسيره لقوله تعالى: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما «4»، قال:

«و الاصلاح بالنصح و الدعاء الى حكم اللّه»، ثم أشار الى كلام علي عليه السلام في محاجته للخوارج و جوابه عليه. «5»

و كان موقف اطفيش بالنسبة الى الخلفاء الراشدين، هو موقف الخوارج في انهم يوالون أبا بكر و عمر و يذمون عثمان و عليا. «6»

______________________________

(1) سورة البقرة/ 25.

(2) اتجاهات التفسير فى القرن الرابع عشر، ج 1/ 310 نقلا عن هميان الزاد، ج 1/ 379.

(3) سورة النساء/ 35.

(4) سورة الحجرات/ 9.

(5) التفسير و المفسرون، ج 2/ 330.

(6) اتجاهات التفسير، ج 1/ 345، نقلا عن هميان الزاد، ج 10/ 280.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 778

و الخلاصة، يعتبر هذا التفسير من المراجع المهمة للتفسير عند الاباضية الوهبية، و بما انّ الكتب التفسيرية للخوارج قليلة جدا، فيعتبر هذا التفسير

مرجعا مهما للتعرّف على عقائدهم و مواقفهم في الكلام و الفقه. «1»

______________________________

(1) و لمزيد البحث انظر: التفسير و المفسرون، ج 2/ 319 الى 336؛ و اتجاهات التفسير لفهد الرومي، ج 1/ 302 الى 356.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 779

فهارس الكتاب

اشارة

1- فهرس الآيات 2- فهرس الأحاديث و الروايات 3- فهرس الكتاب حسب التسلسل التاريخي 4- فهرس الكتاب حسب اسماء المفسرين 5- فهرس كتب التفسير عند المذاهب الإسلامية 6- فهرس كتب التفسير على إختلاف مناهجهم و اتجاهاتهم 7- فهرس المصادر و المراجع

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 781

فهرس الآيات

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 783

فهرس الآيات مرتبة على ترتيب السورة في المصحف و على ترتيب الآية في السورة

السورة/ الآية/ متن الآية/ الصفحة الحمد/ 1/ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ/ 207 الحمد/ 5/ إِيَّاكَ نَعْبُدُ/ 208 البقرة/ 18/ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ/ 189 البقرة/ 22/ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً/ 561، 766 البقرة/ 25/ وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ/ 777 البقرة/ 26/ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ/ 688، 733 البقرة/ 36/ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما/ 177، 307 البقرة/ 38/ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً/ 314 البقرة/ 48/ وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ/ 522 البقرة/ 55/ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً/ 384، 390، 416 البقرة/ 57/ وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ/ 689 البقرة/ 81/ بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ/ 560

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 784

البقرة/ 102/ وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ/ 177، 216، 226، 237، 244، 259، 490، 505، 522، 642 البقرة/ 106/ ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها/ 181 البقرة/ 172/ كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ/ 689 البقرة/ 157/ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ/ 416 البقرة/ 183/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ/ 694، 765 البقرة/ 189/ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ/ 516 البقرة/ 190/ وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ

اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ/ 384 البقرة/ 215/ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ/ 256 البقرة/ 217/ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ/ 108 البقرة/ 219/ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ/ 168 البقرة/ 222/ وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ... وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ/ 79، 222 البقرة/ 245/ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً/ 285 البقرة/ 250/ وَ لَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ/ 177 البقرة/ 255/ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ/ 112 البقرة/ 256/ لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ/ 560 البقرة/ 283/ وَ إِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَ لَمْ تَجِدُوا كاتِباً/ 367 البقرة/ 286/ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها/ 131 آل عمران/ 28/ لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ/ 739 آل عمران/ 97/ وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ/ 279، 280، 521 النساء/ 24/ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ/ 354 النساء/ 25/ وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ/ 279

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 785

النساء/ 33/ وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ/ 121 النساء/ 35/ وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً/ 777 النساء/ 79/ ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ/ 297 النساء/ 83/ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ/ 727 آل عمران/ 93/ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها/ 716 المائدة/ 5/ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ/ 643 المائدة/ 6/ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ/ 354، 376، 421، 677، 749، 772 المائدة/ 51/ لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصارى أَوْلِياءَ/ 255 المائدة/ 55/ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا/ 255، 438، 543، 663، 750، 758 المائدة/ 64/ وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ/ 773

المائدة/ 67/ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ/ 237 الانعام/ 9/ وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا/ 433 الانعام/ 38/ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ/ 585 الانعام/ 91/ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ/ 254 الانعام/ 103/ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ/ 112، 131، 156، 246، 327، 361، 366، 376، 398، 433، 468، 549، 555، 567، 627، 638، 642، 694، 701، 744 الانعام/ 104/ قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ/ 596 الانعام/ 120/ وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ/ 62 الانعام/ 148/ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا/ 355

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 786

الاعراف/ 27/ إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ/ 433 الاعراف/ 137/ وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ/ 562 الاعراف/ 157/ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ/ 280 التوبة/ 31/ اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً/ 544 التوبة/ 42/ وَ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ/ 279 يونس/ 5/ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً/ 155، 745 يونس/ 36/ إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً/ 84 يونس/ 44/ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَ لكِنَّ النَّاسَ/ 281 يونس/ 59/ قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ/ 38 يوسف/ 15/ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَ أَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ/ 621 يوسف/ 21/ وَ كَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ/ 205 يوسف/ 49/ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ/ 403 يوسف/ 53/ وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ/ 663 الرعد/ 3/ وَ هُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ/ 701 الرعد/ 16/ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ/ 612 الرعد/ 41/ أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا

نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها/ 96 النحل/ 8/ وَ الْخَيْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً/ 287، 739 النحل/ 44/ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ/ 71 الاسراء/ 36/ وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ/ 38، 84 الاسراء/ 47/ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا/ 238 المائدة/ 27/ وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِ/ 271 الكهف/ 1/ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ/ 566

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 787

الكهف/ 49/ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها/ 166 طه/ 49 و 50/ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى، قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْ ءٍ/ 96 الانبياء/ 19/ وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ/ 505 الانبياء/ 27/ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ/ 226، 506، 662 المؤمنون/ 53/ كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ/ 579 المؤمنون/ 115/ أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ/ 532 النور/ 24/ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ/ 210 النور/ 56/ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ/ 281، 739 الفرقان/ 8/ وَ قالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً/ 238 النمل/ 16/ وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَ قالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ/ 499 النمل/ 20/ وَ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ/ 426 القصص/ 29/ لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ/ 313 الاحزاب/ 21/ لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ/ 695 الاحزاب/ 33/ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ/ 208، 529 فاطر/ 11/ وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ/ 586 ص/ 21/ وَ هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا

الْمِحْرابَ/ 122 ص/ 29/ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ/ 714 غافر/ 42/ وَ أَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ/ 612 فصلت/ 53/ سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ/ 196، 586 الشورى/ 11/ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ/ 556 الزخرف 28/ وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ/ 166 الحجرات/ 9/ وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا/ 112، 777

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 788

الذاريات/ 20/ وَ فِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ/ 190 الحشر/ 7/ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا/ 77 الممتحنة/ 1/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ/ 256 المنافقون/ 4/ وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا/ 77 المنافقون/ 8/ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ/ 256 التحريم/ 6/ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ/ 226، 468، 505، 662 القيامة/ 4/ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ/ 751 القيامة/ 14/ بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ/ 210 القيامة/ 22 و 23/ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ/ 112، 350، 376، 381، 469، 510، 567، 612، 700، 744 النازعات/ 30/ وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها/ 137، 701 المطففين/ 24/ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ/ 510 الانشقاق/ 1/ إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ/ 155 الطَّارِقِ/ 5 و 6 و 7/ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ/ 156، 362، 760 الفجر/ 22/ وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا/ 612

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 789

فهرس الأحاديث و الروايات

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 791

فهرس الاحاديث و الروايات

مرتبة على حروف الهجاء و حسب اول حرف لمقطع الحديث أو الرواية الموجودين في الكتاب.

لم نأخذ بنظر الاعتبار في اول الكلمة: «ال» و «حروف العطف» و «حروف التفريع» الحديث او الرواية الصفحة

و اقضاهم علي 74 اللهم ادر الحق معه حيث دار 529 انا دار الحكمة و علي بابها 73 انا مدينة العلم و علي بابها 73 انت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي 73 انزل القرآن على سبعة احرف 548 ان في كتاب الله المسح و يأبى الناس إلّا الغسل 750 انكم سترون ربكم يوم القيامة 689 اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي 72 اني مخلف فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بها لن تضلوا 36 انها تنشق من المجرة 155

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 792

ايها الناس قد كثرت علي الكذابة 76 بعثت لا تمم صالح الاخلاق 54 بعثت لأتمم مكارم الاخلاق 54 جاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فادخله 529 رحم الله عليا اللهم ادر الحق معه حيث دار 73 سلوني فو الله لا تسألوني عن شي ء يكون الى يوم القيامة 74 علي مع القرآن و القرآن مع علي و لن يفترقا 73 قد سألت فافهم الجواب: ان في ايدي الناس حقا و باطلا 76 القرآن نزل على سبعة أحرف 410 كتاب الله عز و جل على اربعة اشياء، على العبارة و الاشارة 58 لا اوتى برجل يزعم ان داود تزوج امرأة أوريا 613 لا تدركه الابصار، احاطة الوهم 596 لا تصدقوا اهل الكتاب و لا تكذبوهم 716 لله في ايام دهركم نفحات أ لا فتعرضوا لها 696 لكل آية ظهر و بطن 58 ما ابقيت السهام فلأولى عصبته ذكر 122 ما آمن بي من فسر برأيه كلامي 84 ما نزلت علي من القرآن آية إلّا و لها ظهر و بطن 62 مثل اهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا

72 من اراد ان يرى آدم في علمه و نوحا ... 530

من اقتدى به لن يضل 529

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 793

من تحدث بحديث داود عليه السلام على ما يرويه القصاص 130 من دنا الي شبرا دنوت اليه ذراعا 696 من فسر آية من كتاب الله فقد كفر 84 من فسر القرآن برأيه فقد كفر 84 من قال في القرآن برأيه فاصاب فقد اخطأ 726 من كنت مولاه فعلي مولاه 122 النجوم أمان لاهل الارض من الفرق، و اهل بيتي 72 نزل القرآن على سبعة احرف 681 نوراني اراه 327 هل رأى الله تعالى ليلة المعراج او لا؟ 642 هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله 554 الوضوء غسلتان و مسحتان 750

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 795

فهرس الكتاب حسب التسلسل التاريخي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 797

فهرس الكتاب حسب التسلسل التاريخي

اسم التفسير المؤلف التاريخ/ الصفحة 1- تفسير القرآن/ عبد الرزاق بن همام الصنعاني/ (م 211 ه)/ 288 2- تفسير كتاب اللّه العزيز/ هود بن محكّم الهواري/ (ح 280)/ 347 3- تفسير النسائي/ أحمد بن شعيب بن علي النسائي/ (م 303)/ 369 4- تفسير القمي/ علي بن إبراهيم القمي/ (ح 307)/ 328 5- جامع البيان/ محمد بن جرير الطبري/ (م 310)/ 399 6- تفسير القرآن العظيم/ عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي/ (م 327)/ 299 7- تأويلات أهل السنة/ محمد بن محمد الماتريدي/ (م 333)/ 223 8- أحكام القرآن/ أحمد بن علي الرازي الجصاص/ (370)/ 109 9- بحر العلوم/ نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي/ (م 375)/ 173 10- تفسير الشيخ المفيد/ محمد بن محمد بن النعمان/ (413)/ 275

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 798

11- تنزيه

القرآن عن المطاعن/ القاضي عبد الجبار الهمداني/ (415)/ 378 12- لطائف الاشارات/ عبد الكريم بن هوازن القشيري/ (434)/ 603 13- النكت و العيون/ علي بن محمد بن حبيب الماوردي/ (م 450)/ 723 14- التبيان في تفسير القرآن/ محمد بن الحسن الطوسي/ (460)/ 232 15- معالم التنزيل/ الحسين بن مسعود البغوي/ (464)/ 644 16- أحكام القرآن/ علي بن محمد الطبري الكياهراسي/ (504)/ 119 17- كشف الأسرار/ أحمد بن أبي سعد الميبدي/ (ح 520)/ 588 18- روض الجنان/ أبو الفتوح الرازي/ (ح 510 الى 533)/ 486 19- الكشاف/ جار اللّه محمود الزمخشري/ (م 538)/ 473 20- المحرر الوجيز/ محمد بن عبد الحق بن عطية/ (ح 542)/ 622 21- أحكام القرآن/ محمد بن عبد اللّه بن العربي/ (م 543)/ 114 22- مجمع البيان/ الفضل بن الحسن الطبرسي/ (م 543)/ 608 23- جوامع الجامع/ الفضل بن الحسن الطبرسي/ (م 543) 418 24- زاد المسير/ عبد الرحمن بن علي الجوزي/ (597)/ 49125- 25- مفاتيح الغيب/ محمد بن عمر بن الحسين الرازي/ (ح 603)/ 650 26- رحمة من الرحمن/ محيي الدين ابن عربي/ (م 638)/ 464 27- الجامع لاحكام القرآن/ محمد بن أحمد القرطبي/ (671)/ 408 28- أنوار التنزيل/ عبد اللّه بن عمر البيضاوي/ (م 685 أو 691)/ 158

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 799

29- مدارك التنزيل/ أحمد بن محمود النسفي/ (م 710) 634 30- غرائب القرآن/ الحسن بن محمد النيشابوري/ (ح 728)/ 524 31- التفسير الكبير/ أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية/ (م 728)/ 342 32- لباب التأويل/ علي بن محمد الشيحي (الخازن)/ (م 741)/ 598 33- التسهيل لعلوم التنزيل/ محمد بن أحمد ابن جزي/ (م 741)/ 247 34- البحر

المحيط/ محمد بن يوسف بن حيان/ (745)/ 178 35- بدائع التفسير/ محمد بن ابي بكر ابن القيم/ (751)/ 184 36- تفسير القرآن العظيم/ اسماعيل بن كثير الدمشقي/ (774)/ 303 37- تبصير التفسير/ علي بن أحمد بن إبراهيم المهايمي/ (835)/ 228 38- نظم الدرر/ إبراهيم بن عمر البقاعي/ (865- 875)/ 712 39- الجواهر الحسان/ عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي/ (875)/ 423 40- الدر المنثور/ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي/ (911)/ 458 41- الفواتح الالهية/ نعمة اللّه بن محمود النخجواني/ (930)/ 563 42- حاشية شيخ زاده/ محمد بن مصطفى الشيخ زاده/ (951)/ 440 43- السراج المنير/ محمد بن محمد الشربيني/ (977)/ 496 44- ارشاد العقل السليم/ أبو السعود محمد بن محمد العمادي/ (982)/ 126 45- منهج الصادقين/ ملا فتح اللّه الكاشاني/ (988 ه)/ 679 46- تفسير القرآن الكريم/ صدر الدين الشيرازي/ (1030 ه)/ 310

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 800

47- منتهى المرام/ محمد بن الحسين بن الامام القاسم/ (م 1067 ه)/ 674 48- عناية القاضي و كفاية الراضي/ أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي/ (م 1069 ه)/ 518 49- الصافي/ ملا محسن الفيض الكاشاني/ (1075 ه)/ 500 50- كنز الدقائق/ ميرزا محمد مشهدي/ (ح 1102 ه)/ 593 51- البرهان/ السيد هاشم البحراني/ (1107 ه)/ 198 52- نور الثقلين/ عبد علي بن جمعة العروسي/ (م 1112 ه)/ 730 53- روح البيان/ إسماعيل الحقي البروسوي/ (1117 ه)/ 475 54- التفسيرات الاحمدية/ أحمد بن أبي سعيد ملاجيون/ (1130 ه)/ 252 55- الفتوحات الالهية/ سليمان بن عمر العجيلي/ (1196 ه)/ 546 56- تفسير المظهري/ قاضي محمد ثناء اللّه المظهري/ (م 1225 ه)/ 364 57- فتح القدير/ محمد بن علي الشوكاني/ (1232 ه)/ 540

58- الجوهر الثمين/ السيد عبد اللّه شبّر/ (1239 ه)/ 435 59- حاشية الصاوي على تفسير الجلالين أحمد الصاوي/ (1241 ه)/ 444 60- روح المعاني/ السيد محمود الآلوسي/ (1263 ه)/ 480 61- نيل المرام/ السيد محمد صديق حسن خان القنوجي/ (تأليف 1287 ه)/ 736 62- فتح البيان/ السيد محمد صديق حسن خان القنوجي/ (تأليف 1289 ه)/ 535 63- كشف الاسرار النورانية/ محمد بن أحمد الاسكندراني/ (م 1306)/ 583 64- مراح لبيد/ محمد بن عمر النووي الجاوي/ (م 1216) 639

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 801

65- بيان السعادة/ سلطان محمد بن حيدر الجنابذي/ (م 1327)/ 212 66- هميان الزاد/ محمد بن يوسف اطفيش/ (م 1332)/ 774 67- تيسير التفسير/ محمد بن يوسف اطفيش/ (م 1332)/ 386 68- محاسن التأويل/ محمد بن محمد القاسمي/ (1332 ه)/ 616 69- الاكليل على مدارك التنزيل/ محمد بن عبد الحق اللّه آبادي/ (م 1333 ه)/ 148 70- مقتنيات الدرر/ ميرسيد علي الحائري/ (م 1340 ه)/ 659 71- تيسير الكريم الرحمن/ عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي/ (م 1344)/ 395 72- المنار/ محمد رشيد رضا/ (م 1354 ه)/ 665 73- بيان المعاني/ عبد القادر بن ملاحويش/ (تأليف 1355 ه)/ 218 74- الجواهر في تفسير القرآن/ الطنطاوي الجوهري/ (م 1358)/ 428 75- اطيب البيان/ السيد عبد الحسين الطيب/ (تأليف 1359 ه)/ 143 76- تفسير المراغي/ أحمد بن المصطفى المراغي/ (م 1361)/ 357 77- نفحات الرحمن/ محمد بن عبد الرحيم النهاوندي/ (م 1369)/ 718 78- الواضح/ الشيخ محمود الحجازي/ (تأليف 1370 ه)/ 741 79- تفسير القرآن الكريم/ محمد أحمد برانق- محمود محمد حمزة- حسن علوان (تأليف 1373 ه) 316 80- في ظلال القرآن/ سيد قطب/ (تأليف

1374)/ 517 81- التفسير الفريد للقرآن المجيد/ محمد عبد المنعم الجمال/ (تأليف 1374)/ 283

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 802

82- الميزان/ السيد محمد حسين الطباطبائي/ (تأليف 1375)/ 703 83- الحديث/ محمد عزة دروزة/ (تأليف 1380)/ 452 84- انوار درخشان (الانوار الساطعة)/ السيد محمد الحسيني الهمداني/ (1380- 1384)/ 164 85- اضواء البيان/ محمد أمين بن محمد الشنقيطي/ (تأليف 1383)/ 138 86- تقريب القرآن الى الأذهان/ السيد محمد الحسيني الشيرازي/ (تأليف 1383 ه)/ 372 87- برتوى از قرآن (انوار من القرآن)/ السيد محمود الطالقاني/ (تأليف 1383)/ 192 88- تفسير الاثنى عشري/ الحسيني الشاه عبد العظيمي/ (م 1384 ه)/ 257 89- التيسير في أحاديث التفسير/ محمد المكي الناصري/ (تأليف 1385 ه)/ 391 90- آيات الاحكام/ محمد حسين الطباطبائي اليزدي/ (م 1386)/ 105 91- التفسير القرآني للقرآن/ عبد الكريم الخطيب/ (تأليف 1386 ه)/ 328 92- حجة التفاسير/ السيد عبد الحجة البلاغي/ (تأليف 1387)/ 448 93- روائع البيان/ محمد علي الصابوني/ (تأليف 1391 ه)/ 470 94- الوسيط/ محمد سيد الطنطاوي/ (تأليف 1393)/ 762 95- التحرير و التنوير/ محمد الطاهر بن عاشور التونسي/ (م 1393)/ 240 96- آيات الاحكام/ محمد علي السائس/ (م 1396)/ 101 97- الفرقان في تفسير القرآن/ محمد الصادقي/ (تأليف 1397)/ 551 98- الاساس في التفسير/ سعيد حوى/ (تأليف 1398 ه)/ 132 99- من وحي القرآن/ محمد حسين فضل اللّه/ (ط 1399)/ 753

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 803

100- البصائر/ يعسوب الدين رستكار الجويباري/ (1399 ه)/ 203 101- تفسير القرآن الحكيم/ محمد عبد المنعم الخفاجي/ (ط 1399)/ 293 102- صفوة التفاسير/ محمد علي الصابوني/ (1400 ه)/ 507 103- الكاشف/ محمد جواد مغنية/ (م 1400 ه)/ 568 104- أحسن

الحديث/ السيد علي أكبر القرشي/ (تأليف 1401 ه)/ 123 105- تفسير القرآن الكريم و اعرابه و بيانه/ محمد علي طه الدرّة/ (ط 1402 ه)/ 323 106- تهذيب التفسير/ عبد القادر بن شيبة الحمد/ (ط 1402 ه)/ 382 107- مخزن العرفان/ السيدة نصرة الامين الاصفهاني/ (م 1403 ه)/ 629 108- مواهب الرحمن/ عبد الكريم المدرس/ (ط 1404 ه)/ 698 109- تفسير كاشف (التفسير الكاشف)/ السيد محمد باقر الحجتي- عبد الكريم بى آزار الشيرازي/ (ط 1404)/ 334 110- من هدى القرآن/ السيد محمد تقي المدرسي/ (ط 1405 ه)/ 768 111- الوجيز في تفسير القرآن العزيز/ علي محمد علي الدخيل/ (ط 1405 ه)/ 747 112- الأمثل/ ناصر المكارم الشيرازي/ (تأليف 1405 ه)/ 151 113- أيسر التفاسير/ أبو بكر جابر الجزائري/ (1406)/ 169 114- الغيب و الشهادة/ محمد علي البازوري/ (طبع 1407)/ 531 115- تفسير لكتاب اللّه المنير/ محمد الكرمي/ (طبع 1409)/ 352 116- الجديد في تفسير القرآن محمد بن حبيب السبزواري/ (م 1409 ه)/ 414

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 804

117- تفسير الشعراوي/ محمد المتولي الشعراوي/ (طبع: 1409 ه)/ 268 118- تفسير المنير/ وهبة الزحيلي/ (1411 ه)/ 684 119- الفرقان/ الشيخ علي الروحاني/ (1412 ه)/ 557 120- مواهب الرحمن/ السيد عبد الاعلى السبزواري/ (م 1414 ه)/ 691 121- تفسير راهنما (تفسير المرشد)/ أكبر الهاشمي الرفسنجاني و جمع من الباحثين في مركز الثقافة و المعارف القرآنية/ (طبع 1414 ه)/ 261

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 805

فهرس الكتاب حسب أسماء المفسرين

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 807

فهرس الكتاب حسب اسماء المفسرين

مرتبة على حروف الهجاء و حسب اول حرف لاسم المفسر اسم المفسر الصفحة (أ) إبراهيم بن عمر البقاعي البقاعي* ابن العربي: أبو بكر محمد

بن عبد اللّه ابن العربي «أحكام القرآن» 114* ابن القيم: شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن القيّم «بدائع التفسير» 184* ابن أبو حاتم الرازي: أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي «تفسير القرآن العظيم» 299* ابن تيمية: تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني «تفسير الكبير» 342* ابن جزي: أبو القاسم محمد بن أحمد ابن جزي «التسهيل لعلوم التنزيل» 247* ابن الجوزي: جمال الدين عبد الرحمن بن علي الجوزي ابن الجوزي 491* ابن حيان الاندلسي: أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان الاندلسي «البحر المحيط» 178* ابن عاشور: محمد طاهر بن عاشور التونسي «التحرير و التنوير» 240

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 808

* ابن عربي: محيي الدين بن عربي «رحمة من الرحمن في تفسير و اشارات القرآن» 464* ابن عطية: محمد بن عبد الحق بن عطية المحاربي «المحرر الوجيز» 622* ابن كثير الدمشقي أبو الفداء اسماعيل بن كثير الدمشقي «تفسير القرآن العظيم» 302 أبو الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي البقاعي أبو الحسن علي بن محمد الكياهراسي الكياهراسي أبو السعود محمد بن محمد العمادي العمادي أبو السعود* أبو الفتوح الرازي: الشيخ أبو الفتوح الرازي «روض الجنان و روح الجنان» 486 أبو الفضل رشيد الدين الميبدي الميبدي أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي ابن جزي أبو بكر جابر الجزائري الجزائري أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن العربي ابن العربي أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي الطوسي أبو جعفر محمد بن جرير الطبري الطبري أبو حيان الاندلسي ابن حيان الاندلسي أبو منصور محمد بن محمد الماتريدي الماتريدي أبو الفداء إسماعيل بن كثير ابن كثير الدمشقي أبي حاتم الرازي ابن أبو حاتم الرازي

أبو محمد عبد الرحمن الرازي ابن أبي حاتم الرازي أحمد الصاوي الصاوي أحمد أبي سعيد ملاجيون ملاجيون

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 809

أحمد بن أبي سعد الميبدي الميبدي أحمد بن شعيب بن علي النسائي النسائي أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ابن تيمية أحمد بن علي الرازي الجصاص أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي الخفاجي أحمد بن محمود النسفي النسفي أحمد بن مصطفى المراغي» المراغي* الاسكندراني: محمد بن أحمد الاسكندراني «كشف الأسرار النورانية» 583 إسماعيل الحقي الحقي البروسوي إسماعيل بن كثير ابن كثير الدمشقي* اطفيش (تيسير التفسير): محمد بن يوسف اطفيش «تيسير التفسير للقرآن الكريم» 386* اطفيش (هميان الزاد): محمد بن يوسف اطفيش «هميان الزاد» 774* آل سعدي: عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي «تيسير الكريم الرحمن» 395* آل غازي العاني: عبد القادر بن ملا حويش آل غازي «بيان المعاني» 218* الآلوسي: السيد محمود الآلوسي «روح المعاني» 480 أمين الاسلام الطبرسي الطبرسي* الامين الاصفهاني: السيدة نصرة بنت محمد علي الامين «مخزن العرفان في علوم القرآن» 629 الاندلسي ابن حيان الاندلسي الانصاري (خواجه عبد اللّه) الميبدي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 810

(ب)* البازوري: محمد علي البازوري «الغيب و الشهادة» 531* البحراني: السيد هاشم البحراني «البرهان في تفسير القرآن» 198* برانق: محمد أحمد برانق «تفسير القرآن الكريم» (مع اشتراك محمود محمد حمزة، حسن علوان) 316 البروسوي (الحقي) الحقي البروسوي برهان الدين البقاعي البقاعي* البغوي الفراء: الحسين بن مسعود البغوي الفراء «معالم التنزيل» 644* البقاعي: برهان الدين أبو الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي «نظم الدرر في تناسب الآيات و السور» 712* البلاغي: السيد عبد الحجة البلاغي «حجة التفاسير» 448 بى آزار الشيرازي الحجتي* البيضاوي: ناصر الدين عبد اللّه بن

عمر البيضاوي «أنوار التنزيل» 158 تقي الدين أحمد ابن تيمية ابن تيمية* الثعالبي: عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي «جواهر الحسان» 423 (ج) جار اللّه الزمخشري الزمخشري الجاوي (النووي البنتي) النووي* الجزائري: أبو بكر جابر الجزائري «أيسر التفاسير» 169* الجصاص: أحمد بن علي الرازي الجصاص «أحكام القرآن» 109

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 811

جلال الدين السيوطي السيوطي جمال الدين ابن الجوزي ابن الجوزي* الجمال: محمد عبد المنعم الجمال «التفسير الفريد للقرآن المجيد» 283 الجمل: سليمان بن عمر العجيلي «الشيخ الجمل» «الفتوحات الإلهية» 546* الجنابذي: سلطان محمد بن حيدر الجنابذي «بيان السعادة» 212 الجوهري الطنطاوي طنطاوي الجوهري* الجويباري: يعسوب الدين رستكار الجويباري «البصائر» (تفسير البصائر) 203 (ح)* الحائري الطهراني: مير سيد علي الحائري «مقتنيات الدرر و ملتقطات الأثر» 659* الحجازي: محمد محمود الحجازي «الواضح» 741* الحجتي: محمد باقر الحجتي و عبد الكريم بى آزار الشيرازي «تفسير كاشف» 334 الحسن بن محمد النيشابوري النيشابوري حسن علوان برانق حسين بن أحمد الشاه عبد العظيمي الشاه عبد العظيمي الحسين بن مسعود البغوي البغوي الفراء الحسيني الشيرازي الشيرازي* الحسيني الهمداني: السيد محمد الحسيني الهمداني «أنوار درخشان» (الأنوار الساطعة) 164* الحقي البروسوي: الشيخ اسماعيل الحقي «روح البيان» 475 حمزة محمود محمد حمزة برانق* حوّى: سعيد حوّى «الاساس في التفسير» 132 الحويزي (العروسي) العروسي الحويزي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 812

(خ)* الخازن: علي بن محمد الشيحي «لباب التأويل» 598* الخطيب: عبد الكريم الخطيب «تفسير القرآن للقرآن» 323* الخفاجي (الشهاب): أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي «عناية القاضي و كفاية الراضي» 518* الخفاجي: محمد عبد المنعم الخفاجي تفسير القرآن الحكيم 293 خواجه عبد اللّه الانصاري الميبدي (د)* الدخيل: علي محمد علي دخيل «الوجيز في تفسير

الكتاب العزيز» 474* الدّرة محمد على طه الدّرة «تفسير القرآن الكريم و اعرابه و بيانه» 319* دروزة: محمد عزة دروزة النابلسي «الحديث» (تفسير الحديث) 452 (ر) الرازي الجصاص الجصاص الرازي (ابن أبي حاتم) ابن أبي حاتم الرازي الرازي (أبو الفتوح) أبو الفتوح الرازي الرازي (فخر الدين) فخر الدين الرازي رستكار الجويباري الجويباري رشيد الدين الميبدي الميبدي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 813

* رشيد رضا: محمد رشيد رضا و الشيخ محمد عبده «المنار» (تفسير القرآن العظيم) 664 الرفسنجاني الهاشمي الرفسنجاني* الروحاني النجف آبادي: الشيخ علي الروحاني «الفرقان في تفسير القرآن» 557* الزحيلي: وهبة الزحيلي «المنير» 684* الزمخشري: جار اللّه محمود الزمخشري «الكشاف» 573 (س)* السائس: محمد علي السائس «آيات الاحكام» 101* السبزواري (السيد عبد الاعلى): السيد عبد الاعلى السبزواري «مواهب الرحمن» 691* السبزواري: محمد بن حبيب السبزواري «الجديد في تفسير القرآن» 414 سعيد حوّى حوّى سلطان محمد بن حيدر الجنابذي الجنابذي سليمان بن عمر العجيلي الجمل* السمرقندي: نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي «بحر العلوم» 173 سيد بن قطب سيد قطب السيد عبد الاعلى السبزواري السبزواري السيد عبد الحجة البلاغي البلاغي السيد عبد الحسين الطيب «الطيب» السيد علي أكبر القرشي القرشي* سيد قطب: سيد بن قطب «في ظلال القرآن» (ظلال القرآن) 512 السيد محمد الحسيني الشيرازي الشيرازي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 814

السيد محمد الحسيني الهمداني الحسيني الهمداني السيد محمد بن صديق القنوجي القنوجي السيد محمد تقي المدرسي المدرسي السيد محمد حسين الطباطبائي الطباطبائي السيد محمد حسين فضل اللّه فضل اللّه السيد محمود الآلوسي الآلوسي سيد محمود الطالقاني الطالقاني السيد هاشم البحراني البحراني السيدة نصرة بنت محمد علي الامين الامين الاصفهاني* السيوطي: جلال الدين عبد الرحمن السيوطي

«الدّر المنثور في تفسير المأثور» 458 (ش)* الشاه عبد العظيمي: حسين بن أحمد الحسني الشاه عبد العظيمي «تفسير الاثني عشري» 257* شبّر: السيد عبد اللّه شبّر* الشربيني: محمد بن محمد الشربيني «السراج المنير» 496* الشعراوي: الشيخ محمد متولي الشعراوي «تفسير الشعراوي» 268 شمس الدين محمد ابن القيم بن القيم* الشنقيطي: محمد أمين بن محمد الشنقيطي «اضواء البيان» 138* الشوكاني: محمد بن علي الشوكاني «فتح القدير» 540 الشهاب الخفاجي الخفاجي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 815

* شيبة الحمد: عبد القادر بن شيبة الحمد «تهذيب التفسير» 382 الشيحي الخازن الشيخ الجمل الجمل الشيخ المفيد المفيد الشيخ أبو الفتوح الرازي أبو الفتوح الرازي* شيخ زاده: محيي الدين محمد بن مصطفى شيخ زاده «حاشية شيخ زاده علي البيضاوي» 440 الشيخ محمد عبده رشيد رضا الشيرازي (بى آزار) الحجتي الشيرازي (صدر المتالهين) صدر الدين الشيرازي* الشيرازي: السيد محمد الحسيني الشيرازي «تقريب القرآن الى الأذهان» 372 (ص)* الصابوني (روائع البيان): محمد علي الصابوني «روائع البيان» 470* الصابوني (صفوة التفاسير): محمد علي الصابوني «صفوة التفاسير» 507* الصادقي: الشيخ محمد الصادقي «الفرقان» 551* الصاوي: الشيخ أحمد الصاوي «حاشية الصاوي على الجلالين» 444* صدر الدين الشيرازي: محمد بن إبراهيم (صدر المتالهين) «تفسير القرآن الكريم» 310 صدر المتألهين الشيرازي صدر الدين الشيرازي صديق حسن خان القنوجي* الصنعاني: عبد الرزاق بن همام الصنعاني «تفسير القرآن» 288

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 816

(ط)* الطالقاني: السيد محمود بن أبو الحسن الطالقاني «برتوى از قرآن» (أنوار من القرآن) 192* الطباطبائي اليزدي: محمد حسين الطباطبائي اليزدي «آيات الاحكام» 105* الطباطبائي: السيد محمد حسين الطباطبائي «الميزان في تفسير القرآن» 703* الطبرسي (جوامع الجامع): أمين الاسلام الفضل بن الحسن الطبرسي «جوامع الجامع» 418* الطبرسي

(مجمع البيان): الفضل بن الحسن الطبرسي «مجمع البيان» 608 الطبري الكياهراسي الكياهراسي* الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري «جامع البيان» 399* الطنطاوي الجوهري: الشيخ الطنطاوي بن الجوهري المصري «الجواهر في تفسير القرآن» 428* الطنطاوي: محمد سيد الطنطاوي «الوسيط» 762* الطوسي: أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي «التبيان في علوم القرآن» 232 الطهراني (الحائري) الحائري الطهراني* الطيب: السيد عبد الحسين الطيب «اطيب البيان» 143 (ع) العاني آل غازي العاني عبد الاعلى السبزواري السبزواري عبد الجبار الهمداني القاضي عبد الجبار عبد الحجة البلاغي البلاغي

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 817

عبد الحسين الطيب «الطيب» عبد الرحمن السيوطي السيوطي عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ابن أبي حاتم الرازي عبد الرحمن بن علي الجوزي ابن الجوزي عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي الثعالبي عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي آل سعدي عبد الرزاق بن همّام الصنعاني الصنعاني عبد القادر بن شيبة الحمد شيبة الحمد عبد القادر بن ملاحويش آل غازي آل غازي عبد الكريم الخطيب الخطيب عبد الكريم المدرس المدرس عبد الكريم بن هوازن القشيري القشيري عبد الكريم بى آزار الشيرازي الحجتي عبد اللّه الانصاري الميبدي عبد اللّه بن عمر البيضاوي البيضاوي عبد اللّه شبّر شبّر عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي العروسي الحويزي عبده (محمد) رشيد رضا العجيلي الازهري الجمل* العروسي الحويزي: عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي «نور الثقلين» 730 علوان (حسن) برانق علي الروحاني الروحاني

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 818

علي الكرمي الكرمي علي أكبر القرشي القرشي علي بن إبراهيم القمي القمي علي بن أحمد بن إبراهيم المهايمي المهايمي علي بن محمد الخازن الخازن علي بن محمد الكياهراسي الكياهراسي علي بن محمد بن حبيب الماوردي الماوردي علي

محمد علي دخيل الدخيل* العمادي أبو السعود: أبو الحسن أبو السعود محمد بن محمد العمادي «ارشاد العقل السليم» 126 (ف) فتح اللّه الكاشاني الكاشاني* فخر الدين الرازي محمد بن عمر بن الحسين الرازي «مفاتيح الغيب» (تفسير الكبير) 650 الفراء (البغوي) البغوي الفراء* فضل اللّه (السيد): السيد محمد حسين فضل اللّه «من وحي القرآن» (وحي القرآن) 753 الفضل بن الحسن الطبرسي الطبرسي* الفيض الكاشاني: ملا محسن الفيض الكاشاني «الصافي» 500 (ق)* القاسم بن محمد: محمد بن الحسين بن الامام القاسم بن محمد «منتهى المرام» 674* القاسمي: محمد بن محمد القاسمي «محاسن التأويل» 616

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 819

* القاضي عبد الجبار: القاضي عبد الجبار الهمداني «تنزيه القرآن عن المطاعن» 378 قاضي محمد ثناء اللّه المظهري المظهري* القرشي: السيد علي أكبر القرشي «أحسن الحديث» 123* القرطبي: محمد بن أحمد القرطبي الانصاري «الجامع لاحكام القرآن» 408* القشيري: عبد الكريم بن هوازن القشيري «لطائف الإشارات» 603* القمي: علي بن إبراهيم القمي «تفسير القمي» 328* القنوجي (فتح البيان): السيد محمد بن صديق بن حسن خان القنوجي «فتح البيان» 535* القنوجي (نيل المرام): السيد محمد بن صديق بن حسن خان القنوجي «نيل المرام» 736 (ك) الكاشاني (الفيض) الفيض الكاشاني* الكاشاني: ملا فتح اللّه الكاشاني «منهج الصادقين» 679* الكرمي: علي الكرمي الأهوازي «التفسير لكتاب اللّه المنير» 352* الكياهراسي: أبو الحسن علي بن محمد الكياهراسي «أحكام القرآن» 119 الگنابادي الجنابذي* اللّه آبادي: محمد بن عبد الحق اللّه آبادي «الإكليل على مدارك التنزيل» 148 (م)* الماتريدي: أبو منصور محمد بن محمد الماتريدي «تأويلات أهل السنة» 223* الماوردي: علي بن محمد بن حبيب الماوردي «النكت و العيون» 723 محمد الحسني الهمداني الحسيني الهمداني

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص:

820

محمد الحسيني الشيرازي الشيرازي محمد الصادقي الصادقي محمد المكي الناصري المكي الناصري محمد أحمد برانق برانق محمد أمين بن محمد الشنقيطي الشنقيطي محمد باقر الحجتي الحجتي محمد بن الحسن الطوسي الطوسي محمد بن الحسين الامام القاسم القاسم بن محمد محمد بن العربي ابن العربي محمد بن المرتضى الفيض الفيض الكاشاني محمد بن إبراهيم الشيرازي صدر الدين الشيرازي محمد بن أبي بكر بن قيم ابن القيم محمد بن أحمد الاسكندراني الاسكندراني محمد بن أحمد القرطبي القرطبي محمد بن أحمد بن جزي ابن جزي محمد بن جرير الطبري الطبري محمد بن حبيب السبزواري السبزواري محمد بن حيدر الجنابذي الجنابذي محمد بن عبد الحق اللّه آبادي اللّه آبادي محمد بن عبد الحق بن عطية ابن عطية محمد بن عبد الرحيم النهاوندي النهاوندي محمد بن علي الشوكاني الشوكاني

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 821

محمد بن عمر النووي الجاوي الجاوي محمد بن عمر بن الحسين الرازي فخر الدين الرازي محمد بن محمد الشربيني الشربيني محمد بن محمد العمادي العمادي أبو السعود محمد بن محمد القاسمي القاسمي محمد بن محمد الماتريدي الماتريدي محمد بن محمد بن النعمان المفيد محمد بن مصطفى شيخ زاده شيخ زاده محمد بن يوسف اطفيش اطفيش محمد بن يوسف بن حيان الاندلسي ابن حيان الاندلسي محمد تقي المدرسي المدرسي محمد ثناء اللّه المظهري المظهري محمد جواد مغنية مغنية محمد حسين الطباطبائي الطباطبائي محمد حسين فضل اللّه فضل اللّه محمد رشيد رضا رشيد رضا محمد سيد الطنطاوي الطنطاوي محمد صديق حسن خان القنوجي محمد طاهر بن عاشور ابن عاشور محمد عبد المنعم الجمال الجمال محمد عبد المنعم الخفاجي الخفاجي محمد عبده رشيد رضا

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 822

محمد علي البازوري البازوري

محمد علي السائس السائس محمد علي الصابوني الصابوني محمد علي طه الدّرة الدرة محمد متولي الشعراوي الشعراوي محمد محمود الحجازي الحجازي محمود الآلوسي الآلوسي محمود الزمخشري الزمخشري محمود بن أبو الحسن الطالقاني الطالقاني محمود محمد حمزة برانق محيي الدين ابن عربي ابن عربي محيي الدين شيخ زاده شيخ زاده* المدرس: عبد الكريم المدرس «مواهب الرحمن» 698* المدرسي: السيد محمد تقي المدرسي «من هدى القرآن» (هدى القرآن) 768* المراغي: أحمد بن مصطفى المراغي «تفسير المراغي» 357* المشهدي: ميرزا محمد المشهدي «كنز الدقائق» 593* المظهري: قاضي محمد ثناء اللّه المظهري «تفسير المظهري» 364* مغنية: الشيخ محمد جواد مغنية «الكاشف» 568* المفيد: محمد بن محمد بن النعمان الشيخ المفيد «تفسير الشيخ المفيد» 275* المكارم الشيرازي: ناصر مكارم الشيرازي «الأمثل في تفسير القرآن» 151* المكي الناصري: محمد المكي الناصري «التيسير في أحاديث التفسير» 391

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 823

* ملاجيون: أحمد ابي سعيد ملاجيون «التفسيرات الأحمدية» 252 ملا فتح اللّه الكاشاني الكاشاني ملا محسن الفيض الكاشاني الفيض الكاشاني* المهايمي: علي بن أحمد بن إبراهيم المهايمي «تبصير التفسير» 228* الميبدي: أبو الفضل رشيد الدين أحمد بن أبي سعد الميبدي «كشف الأسرار و عدة الأبرار» 588 ميرزا محمد المشهدي المشهدي مير سيد علي الحائري الحائري الطهراني (ن) ناصر الدين عبد اللّه بن عمر البيضاوي البيضاوي ناصر مكارم الشيرازي مكارم الشيرازي الناصري المكي الناصري النجف آبادي (الروحاني) الروحاني النجف آبادي* النخجواني: نعمة اللّه بن محمود النخجواني «الفواتح الالهية و المفاتح الغيبية» 563* النسائي: أحمد بن شعيب بن علي النسائي «تفسير النسائي» 369* النسفي: أحمد بن محمود النسفي «مدارك التنزيل و حقائق التأويل» 634 نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي السمرقندي نصرة بنت محمد علي الامين

الامين الاصفهاني نظام الدين النيشابوري النيشابوري نعمة اللّه بن محمود النخجواني النخجواني* النووي الجاوي: محمد بن عمر النووي الجاوي «مراح لبيد» 639

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 824

* النهاوندي: محمد بن عبد الرحيم النهاوندي «نفحات الرحمن» 718* النيشابوري: نظام الدين الحسن بن محمد النيشابوري «غرائب القرآن» 524 وهبة الزحيلي الزحيلي (ه) هاشم البحراني البحراني* الهاشمي الرفسنجاني: أكبر الهاشمي «تفسير راهنما» (تفسير المرشد) 261 الهمداني الحسيني الهمداني الهمداني القاضي عبد الجبار* الهوّاري: هود بن محكّم الهوّاري «تفسير كتاب اللّه العزيز» 347 هود بن محكّم الهواري الهوّاري (ي) اليزدي الطباطبائي اليزدي يعسوب الدين رستكار الجويباري الجويباري

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 825

فهرس كتب التفسير عند المذاهب الاسلامية

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 827

فهرس كتب التفسير عند المذاهب الإسلامية حسب التسلسل التاريخي

فهرس كتب تفسير الاباضية (الخوارج)

التفسير/ المؤلف/ التاريخ الصفحة 1- تفسير كتاب اللّه العزيز/ هود بن محكّم الهواري/ (حدود 280 ه)/ 347 2- تيسير التفسير القرآن الكريم/ محمد بن يوسف اطفيش/ (م 1332 ه)/ 386 3- هميان الزاد/ محمد بن يوسف اطفيش/ (م 1332 ه)/ 774

فهرس كتب تفسير الامامية الاثني عشرية

1- تفسير القمي/ علي بن إبراهيم القمي/ (م بعد 307 ه)/ 328 2- تفسير الشيخ المفيد/ محمد بن محمد بن النعمان

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 828

المعروف ب «الشيخ المفيد»/ (م 413 ه)/ 275 3- التبيان في تفسير القرآن/ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي/ (م 460 ه)/ 232 4- روض الجنان و روح الجنان/ أبو الفتوح الرازي/ (متوفى بين 510- 533)/ 486 5- مجمع البيان/ الفضل بن الحسن الطبرسي/ (م 536 ه)/ 608 6- جوامع الجامع/ الفضل بن الحسن الطبرسي/ (م 536 ه)/ 418 7- منهج الصادقين/ ملا فتح اللّه الكاشاني/ (م 988 ه)/ 679 8- تفسير القرآن الكريم/ صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي/ (1030 ه)/ 310 9- الصافي/ ملا محسن محمد بن المرتضى الفيض/ (1070 ه)/ 500 10- كنز الدقائق/ ميرزا محمد المشهدي/ (1102 ه)/ 593 11- البرهان/ السيد هاشم البحراني/ (1107 ه)/ 198 12- نور الثقلين/ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي/ (1112 ه)/ 730 13- الجوهر الثمين/ السيد عبد اللّه الشبر/ (م 1242 ه)/ 435 14- بيان السعادة/ سلطان محمد بن حيدر الجنابذي (كناباذي)/ (م 1327 ه)/ 212 15- مقتنيات الدرر/ ميرسيد علي الحائري/ (م 1340 ه)/ 659 16- نفحات الرحمن محمد بن عبد الرحيم النهاوندي (م 1370 ه) 718 17- تفسير الاثني عشري/ الحسيني الشاه عبد العظيمي/ (م 1384 ه)/ 257 18- الميزان/ محمد حسين الطباطبائي/ (تأليف 1375

ه)/ 703 19- آيات الاحكام/ محمد حسين الطباطبائي/ (م 1385 ه)/ 105 20- حجة التفاسير/ السيد عبد الحجة البلاغي/ (تأليف 1387 ه)/ 448 21- اطيب البيان/ السيد عبد الحسين الطيب/ (تأليف 1359 ه)/ 143

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 829

22- تقريب القرآن الى الأذهان/ السيد محمد الشيرازي/ (تأليف 1383 ه)/ 373 23- برتوى از قرآن (انوار من القرآن)/ السيد محمود الطالقاني/ (تأليف 1383 ه) 192 24- مخزن العرفان/ السيدة الامين الاصفهاني/ (تأليف 1376 ه)/ 629 25- الكاشف الشيخ محمد جواد مغنية/ (تأليف 1390 ه)/ 568 26- انوار درخشان (الانوار الساطعة)/ السيد محمد الحسيني الهمداني/ (تأليف 1380 ه)/ 164 27- البصائر/ يعسوب الدين رستكار الجويباري/ (تأليف 1399 ه)/ 203 28- الامثل/ ناصر المكارم الشيرازي/ (تأليف 1395- 1410 ه)/ 151 29- الجديد في تفسير القرآن/ محمد بن حبيب السبزواري/ (تأليف 1404 ه)/ 414 30- من هدى القرآن/ السيد محمد تقي المدرسي/ (تأليف 1405 ه)/ 768 31- مواهب الرحمن/ السيد عبد الاعلى السبزواري/ (تأليف 1404 ه)/ 691 32- الوجيز في تفسير القرآن العزيز/ علي محمد علي الدخيل/ (تأليف 1405)/ 747 33- الغيب و الشهادة/ محمد علي البازوري/ (تأليف 1407 ه)/ 531 34- من وحي القرآن/ السيد محمد حسين فضل اللّه/ (تأليف 1399 ه)/ 753 35- الفرقان/ محمد صادقي الطهراني (تأليف 1397- 1405 ه) 551 36- الفرقان/ الشيخ علي الروحاني/ (1412 ه) 557 37- التفسير لكتاب اللّه المنير/ علي الكرمي/ (1409 ه) 352 38- أحسن الحديث/ السيد علي أكبر القرشي/ (تأليف 1401 ه)/ 123 39- تفسير كاشف/ محمد باقر الحجتي، بى آزار الشيرازي/ (تأليف 1404 ه)/ 334 40- تفسير راهنما (تفسير المرشد)/ أكبر الهاشمي الرفسنجاني/ (تأليف 1412 ه)/ 261

المفسرون حياتهم

و منهجهم، ص: 830

فهرس كتب تفسير الحنبلية

1- زاد المسير/ جمال الدين عبد الرحمن بن علي الجوزي (م 597 ه)/ 491 2- تفسير الكبير/ تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية (م 728 ه)/ 342 3- بدائع التفسير/ شمس الدين محمد بن أبو بكر ابن القيم (م 751 ه)/ 184 4- تيسير الكريم الرحمن/ عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي/ (1344 ه)/ 395 5- تهذيب التفسير/ عبد القادر بن شيبة الحمد/ (تأليف 1402)/ 382 6- ايسر التفاسير/ أبو بكر جابر الجزائري/ (تأليف 1406)/ 169

فهرس كتب تفسير الحنفية

1- أحكام القرآن/ أحمد بن علي الرازي الجصاص/ (م 370)/ 109 2- بحر العلوم/ نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي/ (م 375)/ 173 3- الكشاف/ جار اللّه محمود الزمخشري/ (م 538)/ 573 4- مدارك التنزيل و حقائق التأويل/ أحمد بن محمود النسفي/ (م 710)/ 634 5- تبصير التفسير/ علي بن أحمد بن إبراهيم المهايمي/ (م 835)/ 228 6- الفواتح الالهية و المفاتح الغيبية/ نعمة اللّه بن محمود النخجواني/ (م 920)/ 563 7- حاشية شيخ زاده على تفسير البيضاوي/ محمد بن مصطفى الشيخ زاده/ (م 951)/ 440 8- ارشاد العقل السليم/ أبو السعود محمد بن محمد العمادي/ (م 982)/ 126

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 831

9- عناية القاضي و كفاية الراضي/ أحمد بن محمد الخفاجي/ (م 1069)/ 518 10- التفسيرات الاحمدية/ أحمد بن أبي سعيد ملاجيون/ (م 1130)/ 252 11- تفسير المظهري/ قاضي محمد ثناء اللّه المظهري/ (م 1225)/ 364 12- روح المعاني/ السيد محمود الآلوسي/ (1263 ه)/ 480 13- الاكليل على مدارك التنزيل/ محمد بن عبد الحق اللّه آبادي/ (م 1333 ه)/ 148 14- بيان المعاني/ عبد القادر بن ملاحويش/ (تأليف 1355 ه) 218 15- مواهب الرحمن/ عبد الكريم

المدرس/ (تأليف 1404 ه)/ 698 16- المنير/ وهبة الزحيلي/ (طبع 1411 ه)/ 684

فهرس كتب تفسير الزيدية

1- منتهى المرام/ محمد بن الحسين بن الامام القاسم/ (م 1067 ه)/ 674 2- فتح القدير/ محمد بن علي الشوكاني/ (تأليف 1232 ه)/ 540

فهرس كتب تفسير الشافعية

1- جامع البيان/ محمد بن جرير الطبري/ (م 310 ه)/ 399 2- تنزيه القرآن عن المطاعن/ القاضي عبد الجبار الهمداني/ (م 415 ه)/ 378 3- لطائف الاشارات/ عبد الكريم بن هوازان القشيري/ (434 ه)/ 603 4- النكت و العيون/ علي بن محمد بن حبيب الماوردي/ (450 ه) 723

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 832

5- معالم التنزيل/ الحسين بن مسعود البغوي/ (464 ه)/ 644 6- أحكام القرآن/ أبو الحسن علي بن محمد الكياهراسي/ (م 504 ه)/ 119 7- كشف الاسرار و عدة الابرار/ رشيد الدين أحمد بن أبي سعد الميبدي/ (520 ه)/ 588 8- مفاتيح الغيب/ محمد بن عمر بن الحسين الرازي (603 ه)/ 650 9- انوار التنزيل/ ناصر الدين عبد اللّه عمر البيضاوي/ (685 ه)/ 158 10- غرائب القرآن/ نظام الدين الحسن بن محمد النيشابوري/ (728 ه) 524 11- لباب التأويل/ علي بن محمد الشيحي الخازن/ (741 ه) 598 12- تفسير القرآن العظيم/ اسماعيل بن كثير الدمشقي/ (م 774)/ 303 13- نظم الدرر في تناسب الآيات و السور/ برهان الدين إبراهيم بن عمر البقاعي/ (875 ه) 712 14- الدر المنثور/ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (911 ه) 458 15- السراج المنير/ محمد بن محمد الشربيني/ (م 977 ه)/ 496 16- الفتوحات الالهية/ سليمان بن عمر العجيلي/ (م 1196 ه)/ 546 17- فتح البيان/ محمد صديق حسن خان القنوجي/ (1289 ه)/ 535 18- نيل المرام/ محمد صديق حسن خان القنوجي/ (1289 ه)/ 736 19- مراح لبيد/ محمد بن عمر النووي الجاوي/ (م

1316 ه)/ 639 20- المنار/ محمد رشيد رضا/ (م 1354 ه)/ 664 21- تفسير المراغي/ أحمد بن مصطفى المراغي/ (1361 ه)/ 357 22- آيات الاحكام/ محمد علي السائس/ (1396 ه)/ 101

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 833

فهرس كتب تفسير الصوفية

1- لطائف الإشارات/ عبد الكريم بن هوازان القشيري/ (م 434 ه)/ 603 2- كشف الأسرار و عدة الأبرار/ أبو الفضل رشيد الدين أحمد بن أبي سعد الميبدي/ (م حدود 520 ه)/ 588 3- رحمة من الرحمن في تفسير و اشارات القرآن/ محيي الدين بن عربي/ (م 638 ه)/ 464 4- تبصير التفسير/ علي بن أحمد بن إبراهيم المهايمي/ (م 835 ه) 228 5- الفواتح الالهية و المفاتح الغيبية/ نعمة اللّه بن محمود النخجواني/ (م 920 ه)/ 563 6- الفتوحات الالهية/ سليمان بن عمر العجيلي/ (م 1196 ه)/ 546 7- تفسير المظهري/ القاضي محمد ثناء اللّه المظهري/ (م 1225 ه)/ 364 8- حاشية الصاوي على الجلالين/ أحمد الصاوي/ (م 1241 ه)/ 444 9- مراح لبيد/ محمد بن عمر النووي الجاوي/ (م 1316 ه)/ 639 10- بيان السعادة/ سلطان محمد بن حيدر الجنابذي/ (م 1327 ه)/ 212 11- بيان المعاني/ ملاحويش آل غازي/ (1355 ه)/ 218 12- مواهب الرحمن/ عبد الكريم المدرس/ (تأليف 1404 ه)/ 698

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 834

فهرس كتب تفسير المالكية

1- المحرر الوجيز/ محمد بن عبد الحق بن عطية المحاربي/ (542 ه)/ 622 2- أحكام القرآن/ محمد بن عبد اللّه ابن العربي/ (543 ه)/ 114 3- الجامع لاحكام القرآن/ محمد بن أحمد القرطبي/ (671 ه)/ 408 4- التسهيل لعلوم التنزيل/ محمد بن أحمد بن جزي/ (741 ه)/ 247 5- البحر المحيط/ أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان/ (745 ه)/ 178 6- جواهر الحسان/ عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي/ (875 ه)/ 423 7- حاشية الصاوي على تفسير الجلالين أحمد الصاوي/ (1241 ه)/ 444 8- اضواء البيان/ محمد أمين بن محمد الشنقيطي/ (1393)/ 138 9- التيسير

في أحاديث التفسير/ محمد المكي الناصري/ (تأليف 1385)/ 391 10- التحرير و التنوير/ محمد الطاهر بن عاشور/ (م 1393 ه)/ 240

فهرس كتب تفسير المعتزلة

1- أحكام القرآن/ أحمد بن علي الرازي الجصاص/ (م 370 ه)/ 109 2- تنزيه القرآن عن المطاعن/ القاضي عبد الجبار الهمداني/ (م 415 ه)/ 378 3- النكت و العيون/ على بن محمد بن حبيب الماوردي/ (م 450 ه) 723 4- الكشاف/ جار اللّه محمود الزمخشري/ (م 538 ه)/ 573

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 835

فهرس كتب التفسير على اختلاف مناهجهم و اتجاهاتهم

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 837

فهرس كتب التفسير على اختلاف مناهجهم و اتجاهاتهم

كتب تفسير الفقهاء

اسم التفسير/ المؤلف/ التاريخ الصفحة 1- أحكام القرآن/ أحمد بن علي الرازي الجصاص/ (م 370 ه)/ 109 2- أحكام القرآن/ علي بن محمد الطبري الكياهراسي/ (م 504 ه)/ 119 3- أحكام القرآن/ أبو بكر محمد بن عبد اللّه ابن العربي/ (م 543 ه)/ 114 4- الجامع لاحكام القرآن/ محمد بن أحمد القرطبي الانصاري/ (م 671 ه)/ 408 5- التفسيرات الاحمدية/ أحمد بن أبي سعيد ملاجيون/ (م 1130)/ 252 6- منتهى المرام/ محمد بن الحسين بن الامام القاسم/ (م 1067 ه)/ 674 7- نيل المرام/ السيد محمد صديق حسن خان القنوجي/ (1287 ه)/ 736 8- آيات الاحكام/ محمد علي السائس/ (م 1396)/ 101 9- آيات الاحكام/ محمد حسين الطباطبائي اليزدي/ (م 1386 ه)/ 105 10- روائع البيان/ محمد علي الصابوني/ (تأليف 1391 ه)/ 470

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 838

تفاسير على حسب ترتيب النزول

1- بيان المعاني/ عبد القادر ملاحويش/ (تأليف 1355 ه)/ 218 2- الحديث/ محمد عزة دروزة/ (تأليف 1380 ه)/ 452

كتب التفسير بالمأثور

1- تفسير القرآن/ عبد الرزاق بن همام الصنعاني/ (م 212 ه)/ 288 2- تفسير كتاب اللّه العزيز/ هود بن محكّم الهواري/ (حدود 280 ه)/ 347 3- تفسير النسائي/ أحمد بن شعيب بن علي النسائي/ (م 303 ه)/ 369 4- تفسير القمي/ علي بن إبراهيم القمي/ (حدود 307)/ 328 5- جامع البيان/ محمد بن جرير الطبري/ (م 310 ه)/ 399 6- تفسير القرآن العظيم/ عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي/ (م 327 ه)/ 299 7- بحر العلوم/ نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي/ (م 375)/ 173 8- معالم التنزيل/ الحسين بن مسعود البغوي/ (م 464)/ 644 9- لباب التأويل/ علي بن محمد الشيحي الخازن/ (م 725 ه)/ 598 10- الجواهر الحسان/ عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي/ (م 875 ه)/ 423 11- الدر المنثور/ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي/ (م 911)/ 458 12- الصافي/ ملا محسن محمد بن المرتضى الفيض/ (1075)/ 500 13- كنز الدقائق/ ميرزا محمد مشهدي/ (1102 ه)/ 593 14- البرهان/ السيد هاشم البحراني/ (1107 ه)/ 198

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 839

15- نور الثقلين/ عبد علي بن جمعة العروسي/ (م 1112 ه)/ 730 16- تفسير الاثني عشري/ حسين بن أحمد الاثنى عشري/ (م 1385 ه)/ 257

التفسير العلمي

على اختلاف الدرجات 1- مفاتيح الغيب/ محمد بن عمر بن الحسين الرازي/ (حدود 603 ه)/ 650 2- كشف الأسرار النورانية/ محمد بن أحمد الاسكندراني/ (م 1306 ه)/ 583 3- الجواهر في تفسير القرآن/ الشيخ الطنطاوي الجوهري/ (م 1358 ه)/ 428 4- التفسير الفريد للقرآن/ محمد عبد المنعم الجمال/ (تأليف 1374 ه)/ 283 5- الامثل/ الشيخ ناصر المكارم الشيرازي/ (تأليف 1395- 1410 ه)/ 151 6- برتوى از قرآن (انوار

من القرآن) السيد محمود الطالقاني/ (تأليف 1383 ه)/ 192 7- الاساس في التفسير/ سعيد حوى/ (تأليف 1398 ه)/ 132 8- تفسير الشعراوي/ الشيخ محمد متولي الشعراوي/ (تأليف 1409 ه)/ 268 9- تفسير المراغي/ أحمد بن مصطفى المراغي/ (تأليف 1361 ه)/ 357 10- الواضح/ محمد محمود الحجازي/ (تأليف 1370 ه)/ 741 11- الميزان/ السيد محمد حسين الطباطبائي/ (تأليف 1375 ه)/ 703 12- الوجيز في تفسير الكتاب العزيز علي محمد علي دخيل/ (تأليف 1399 ه)/ 747 13- البصائر/ يعسوب الدين رستكار الجويباري/ (تأليف 1399 ه)/ 203 14- تفسير كاشف/ محمد باقر الحجتي- 15- (التفسير الكاشف)/ عبد الكريم بى آزار الشيرازي/ (تأليف 1404 ه)/ 334 16- حجة التفاسير/ السيد عبد الحجة البلاغي/ (تأليف 1387 ه)/ 448

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 840

كتب التفسير باللون الادبي

1- الكشاف/ جار اللّه محمود الزمخشري/ (م 538 ه)/ 573 2- المحرر الوجيز/ محمد بن عبد الحق بن عطية/ (قبل 542 ه)/ 622 3- مجمع البيان/ الفضل بن الحسن الطبرسي/ (م 543 ه)/ 608 4- جوامع الجامع/ الفضل بن الحسن الطبرسي/ (م 543 ه)/ 418 5- انوار التنزيل/ ناصر الدين عبد اللّه بن عمر البيضاوي/ (685 ه)/ 158 6- البحر المحيط/ أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان الاندلسي/ (م 745 ه)/ 178 7- تفسير القرآن الكريم إعرابه و بيانه محمد علي طه الدرّة/ (طبع 1402 ه)/ 319

كتب تفسير فيه ذكر من الاسرائيليات

1- تفسير القرآن/ عبد الرزاق بن همام الصنعاني/ (م 212 ه)/ 288 2- تفسير القمي/ علي بن إبراهيم القمي/ (م 307 ه)/ 328 3- جامع البيان/ محمد بن جرير الطبري/ (م 310)/ 399 4- تفسير القرآن العظيم/ عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي/ (م 327)/ 299 5- بحر العلوم/ نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي/ (م 375)/ 173 6- النكت و العيون/ علي بن محمد بن حبيب الماوردي/ (م 450 ه)/ 723 7- معالم التنزيل/ الحسين بن مسعود البغوي/ (م 464 ه)/ 644 8- المحرر الوجيز/ محمد بن عبد الحق بن عطية/ (قبل سنة 542)/ 622 9- لباب التأويل/ علي بن محمد الشيحي الخازن/ (م 741 ه)/ 598

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 841

10- التسهيل لعلوم التنزيل/ محمد بن أحمد ابن جزي/ (741 ه)/ 247 11- البحر المحيط/ أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان/ (745 ه)/ 178 12- الجواهر الحسان/ عبد الرحمن بن مخلوق الثعالبي/ (م 875 ه)/ 423 13- الدر المنثور/ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي/ (م 911 ه)/ 458 14- السراج المنير/ محمد بن

محمد الشربيني/ (م 977 ه)/ 496 15- حاشية الصاوي على تفسير الجلالين أحمد الصاوي/ (م 241 ه)/ 444 16- مراح لبيد/ محمد بن عمر النووي الجاوي/ (م 1316)/ 639 17- تيسير التفسير/ محمد بن يوسف اطفيش/ (م 1332)/ 386

التفسير الهدائي

1- احسن الحديث 123 2- الاساس في التفسير 132 3- اطيب البيان 143 4- الامثل 151 5- برتوى از قرآن (انوار من القرآن) 192 6- تفسير الشعراوي 268 7- التفسير الفريد 283 8- التفسير القرآني للقرآن 323 9- تفسير المراغي 357 10- في ظلال القرآن 512 11- المنار 664

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 842

12- من وحي القرآن 753 13- من هدى القرآن 768

المنهج اللغوي

1- البحر المحيط 178 2- بدائع التفسير 184 3- البصائر 203 4- التبيان 232 5- عناية القاضي 518 6- الكشاف 573 7- مجمع البيان 608

المنهج البلاغي

1- البحر المحيط 178 2- التحرير و التنوير 240 3- تفسير القرآن الحكيم (للخفاجي) 293 4- تفسير القرآن الكريم اعرابه و بيانه 319 5- روح المعاني 480 6- في ظلال القرآن 512 7- عناية القاضي 518

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 843

8- الكشاف 573 9- المحرر الوجيز 622 10- المنار 664 11- نظم الدرر 712

التفسير التحليلي

1- الاساس فى التفسير 132 2- الأمثل 151 3- ايسر التفاسير 169 4- برتوى از قرآن (الانوار من القرآن) 192 5- بيان المعاني 218 6- التفسير الفريد للقرآن المجيد 283 7- تفسير القرآن الحكيم (للخفاجي) 293 8- التفسير القرآني للقرآن 323 9- تفسير المراغي 357 10- تقريب القرآن الى الاذهان 373 11- التيسير في احاديث التفسير 391 12- الجديد في تفسير القرآن 414 13- حجة التفاسير 448 14- في ظلال القرآن 512 15- الفرقان 551

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 844

16- الكاشف (مغنية) 568 17- كشف الأسرار 588 18- المنار 664 19- المنير 684 20- الميزان 703 21- من وحي القرآن 753 22- الوسيط 762 23- من هدى القرآن 768

المنهج الحركي في التفاسير

1- الاساس في التفسير 132 2- برتوى از قرآن (انوار من القرآن) 192 3- تفسير الشعراوي 268 4- في ظلال القرآن 512 5- من وحي القرآن 753

المنهج الفلسفي

1- تفسير القرآن الكريم (لصدر المتألهين الشيرازي) 310 2- مخزن العرفان 629

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 845

المنهج البياني

1- ارشاد العقل السليم 126 2- انوار التنزيل 158 3- التحرير و التنوير 240 4- روح المعاني 480 5- عناية القاضي 518 6- الكشاف 573 7- المنار 664 8- نفحات الرحمن 718

التفسير العقلي الاجتهادي

1- احسن الحديث 123 2- ارشاد العقل السليم 126 3- الاساس في التفسير 132 4- اطيب البيان 143 5- الامثل 151 6- انوار درخشان (الانوار الساطعة) 164 7- البحر المحيط 178 8- بدائع التفسير 184 9- برتوى از قرآن (انوار من القرآن) 192

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 846

10- البصائر 203 11- تأويلات اهل السنة 223 12- التبيان 232 13- التحرير و التنوير 240 14- تفسير الاثني عشري 257 15- تفسير راهنما (تفسير المرشد) 261 16- تفسير الشعراوي 268 17- تفسير الشيخ المفيد 275 18- تفسير القرآن الحكيم (للخفاجي) 293 19- تفسير القرآن الكريم (لصدر الدين الشيرازي) 310 20- التفسير القرآني للقرآن 323 21- التفسير الكبير 342 22- تفسير المراغي 357 23- تفسير المظهري 364 24- تنزيه القرآن عن المطاعن 378 25- جامع البيان 399 26- الجامع لاحكام القرآن 408 27- جوامع الجامع 418 28- الجواهر في تفسير القرآن 428 29- حاشية شيخ زاده على البيضاوي 440 30- الحديث 452 31- روح المعاني 480

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 847

32- روض الجنان 486 33- صفوة التفاسير 507 34- في ظلال القرآن 512 35- غرائب القرآن 524 36- فتح القدير 540 37- الفرقان 551 38- الكشاف 573 39- مجمع البيان 608 40- محاسن التأويل 616 41- المحرر الوجيز 622 42- مخزن العرفان 629 43- مفاتيح الغيب 650 44- المنار 664 45- المنير 684 46- مواهب الرحمن 691 47- نفحات الرحمن 718 48- النكت و

العيون 723 49- الواضح 741 50- من وحي القرآن 753 51- الوسيط 762 52- من هدى القرآن 768 53- هميان الزاد 774

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 848

المنهج الادبي

1- انوار التنزيل 158 2- البحر المحيط 178 3- البصائر 203 4- التبيان 232 5- تفسير القرآن الكريم و اعرابه و بيانه 319 6- جوامع الجامع 418 7- حاشية شيخ زاده على البيضاوي 440 8- روح المعاني 480 9- في ظلال القرآن 512 10- عناية القاضي و كفاية الراضي 518 11- الكشاف 573 12- مجمع البيان 608 13- المحرر الوجيز 622 14- المنار 664

منهج التقارب بين المذاهب

1- الاساس في التفسير 132 2- الامثل 151

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 849

3- برتوى از قرآن (انوار من القرآن) 192 4- بيان معاني 218 5- التبيان 232 6- التحرير و التنوير 240 7- تفسير راهنما (تفسير المرشد) 261 8- تفسير الشعراوي 268 9- التفسير الفريد للقرآن المجيد 283 10- تفسير القرآن الحكيم (للخفاجي) 293 11- التفسير القرآني للقرآن 323 12- تفسير المراغي 357 13- التيسير في احاديث التفسير 391 14- الحديث 452 15- روائع البيان 470 16- صفوة التفاسير 507 17- الغيب و الشهادة 531 18- فتح القدير 540 19- الفرقان (للصادقي) 551 20- الكاشف 568 21- مجمع البيان 608 22- المنار 664 23- المنير 684 24- الميزان 703

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 850

25- من وحي القرآن 753 26- من هدى القرآن 768

التفسير الاشاري

1- انوار درخشان (الانوار الساطعة) 164 2- بيان المعاني 218 3- تفسير القرآن الكريم (لصدر الدين الشيرازي) 310 4- تفسير المظهري 364 5- روح البيان 475 6- روح المعاني 480 7- عناية القاضي و كفاية الراضي 518 8- غرائب القرآن 524 9- الغيب و الشهادة 531 10- الفواتح الالهية 563 11- كشف الاسرار و عدة الأبرار 588 12- لباب التأويل 598 13- لطائف الاشارات 603 14- مخزن العرفان 629 15- مواهب الرحمن (للسبزواري) 691

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 851

دليل المصادر و المراجع

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 853

دليل المصادر و المراجع

اشارة

(أ)- ابن تيمية و القراءات.

الدكتور صبحي عبد الحميد محمد عبد الكريم. القاهرة، مطبعة الامانة، الطبعة الاولى، 1406 ه 1986 م، 206 ص، 24 سم.

- ابن جزي و منهجه في التفسير.

علي محمد الزبيري- دمشق، دار القلم، مجلدين، 1041 ص، الطبعة الاولى، 1407 ه- 1987 م، 24 سم.

- ابن القيم من آثاره العلمية.

الدكتور أحمد ماهر محمود البقري. القاهرة، مكتبة نهضة الشرق جامعة القاهرة.

الطبعة الرابعة، 1410 ه- 1990 م، 412 ص، الحجم 24 سم.

- الإتجاه العقلي في التفسير، دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة.

الدكتور نصر حامد أبو زيد. بيروت، دار التنوير، الطبعة الاولى، 1982 م.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 854

- اتجاهات التجديد في تفسير القرآن الكريم.

محمد إبراهيم شريف، القاهرة: دار التراث، الطبعة الأولى، 1393 ه- 1982 م، 332 ص.

- اتجاهات التفسير في العصر الراهن.

الدكتور عبد المجيد عبد السلام المحتسب، مكتبة النهضة الاسلامية، عمان- اردن، الطبعة الثالثة و المنقحة، 1402 ه- 1982 م، 335 ص، 24 سم.

- اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر.

الدكتور فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرّومي، الطبعة الاولى، الرياض، المؤلف، 1407 ه 1986

م، ثلاث مجلدات، 1238 ص، حجم: 24 سم.

- اتجاهات التفسير في العصر الحديث اتجاهات التفسير في العصر الراهن.

بيروت، دار الفكر، 1393 ه.

- اتجاهات التفسير في مصر في العصر الحديث.

الدكتور عفت محمد الشرقاوي، القاهرة: رسالة ماجستير من كلية الآداب بجامعة عين شمس، 1383 ه، 464 ص.

- أثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي.

الدكتور مساعد آل جعفر. بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1405 ه 1984 م، حجم 24 سم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 855

- الاسرائيليات و أثرها في كتب التفسير.

الدكتور رمزي نعناعة، الطبعة الاولى، نشر و توزيع دار العلم بدمشق و دار البيضاء ببيروت، 1390 ه 1970 م، 494 ص، حجم 24 سم.

- إعجاز القرآن في دراسات السابقين.

عبد الكريم الخطيب، قاهرة، دار الفكر العربي، الطبعة الاولى، 1974 م، حجم: 24 سم.

- إعراب القرآن في تفسير أبي حيان.

الدكتور صبري إبراهيم السيد. مجلدان، اسكندرية، دار المعرفة الجامعية. 1409 ه- 1989 م، حجم: 24 سم، ص.

- الأعلام، قاموس تراجم لأشهر الرجال و النساء من العرب و المستعربين و المستشرقين.

خير الدين الزركلي. بيروت، دار العلم للملايين، الطبقة التاسعة، 1990 م، 7 مجلد، 28 سم.

- اعيان الشيعة.

الامام السيد محسن الامين، المستدركات ابنه حسن الامين. بيروت، دار التعارف، 11 مجلدا مع الفهرس، 4 مجلد المستدركات، 1403 ه- 1983 م، حجم: 35 سم.

- اضواء على خواطر الشيخ الشعراوي و منهجه في تفسير القرآن الكريم.

محمد امين إبراهيم التندي، القاهرة، مكتبة التراث الإسلامي، 104 ص.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 856

- اكتفاء القنوع بما هو مطبوع.

ادوارد فنديك، قم، مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي النجفي، 1409 ه، الطبعة الثانية بطريقة الأفست من طبعة مصر سنة 1313 ه، 680 ص، 24 سم.

- الامام ابن تيمية و

موقفه من قضية التأويل.

الدكتور محمد السيد الجليند. القاهرة، الهيئة العامة لشئون المطابع الاميرية، 1393 ه- 1973 م، 451 ص، 24 سم.

- الامام محمد عبده و منهجه في التفسير.

الدكتور عبد الغفار عبد الرحيم. القاهرة، المركز العربي للثقافة و العلوم، 1400 ه- 1980 م، 423 ص، 24 سم.

- الايرانيون و الادب العربي، رجال علوم القرآن.

قيس آل قيس، تهران، مؤسسة البحوث و التحقيقات الثقافية، مجلدان، 1405 ه- 1984 م، 557 ص، 24 سم.

(ب)- البغوي الفراء و تفسيره للقرآن الكريم.

الدكتور محمد إبراهيم شريف، القاهرة، كلية دار العلوم، جامعه القاهرة، 1406 ه 1986 م، 516 ص، 24 سم، الطبعة الاولى.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 857

- البغوي و منهجه في التفسير.

عفاف عبد الغفور حميد، عمان: دار الفرقان، 1402 ه- 1982 م، 224 ص.

- بلاغة القرآن في آثار القاضي عبد الجبار.

الدكتور عبد الفتاح لاشين. قاهرة، دار الفكر العربي، مطبعة دار القرآن، 1978 م، 832 ص، 24 سم.

- بين الشيعة و السنة دراسة مقارنة في التفسير و اصوله. تفسير الرسول و الصحابة و ما نسب لأئمة الاثني عشرية.

الدكتور علي السالوس. القاهرة، مكتبة ابن تيمية و دار الاعتصام، 1989 م، 316 ص، 24 سم.

(ت)- تاريخ التفسير.

قاسم القيسي، بغداد: مكتبة المجمع العراقي، 1385 ه- 1966 م، 179 ص.

- تاريخ القرآن و التفسير.

عبد اللّه محمود شحاتة، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1392 ه- 1972 م، 198 ص.

- التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف.

السيد علي الحسيني الميلاني. قم. دار القرآن الكريم، الطبعة الاولى، 1410 ه، 371 ص، 24 سم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 858

- تطور تفسير القرآن، قراءة جديدة.

الدكتور محسن عبد الحميد، بغداد. وزارة التعليم العالي و البحث العلمي، جامعة بغداد، 1989 م، 248

ص، 24 سم.

- التفسير العلمي للقرآن في الميزان.

الدكتور أحمد عمر أبو حجر. دمشق: دار قتيبة للطباعة و النشر و التوزيع، الطبعة الاولى، 1411 ه- 1991 م، 563 ص، حجم 24 سم.

- تفسير القرآن بالقرآن عند العلامة الطباطبائي.

الدكتور خضير جعفر، قم: دار القرآن الكريم، 1411 ه، الطبعة الاولى، 400 ص، حجم:

24 سم.

- التفسير و رجاله.

محمد الفاضل ابن عاشور، تونس: دار الكتب الشرقية، 1966 م، 198 ص.

- التفسير و المفسرون.

الدكتور محمد حسين الذهبي، مجلدان، الطبعة الاولى: دار الكتب الحديثة بالقاهرة، و طبعة أخرى: دار احياء التراث العربي، 1396- 1976 م. ج 1، 492 ص، ج 2، 640 ص، الحجم:

24 سم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 859

(ح)- الحاكم الجشمي و منهجه في تفسير القرآن.

الدكتور عدنان زرزور، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1388 ه- 1968 م، 510 ص، 24 سم.

(د)- داود و سليمان في العهد القديم و القرآن الكريم، دراسة لغوية، تاريخية مقارنة.

الدكتور أحمد عيسى الاحمد. رسالة دكتوراه، نوقشت في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، 1410 ه- 1990 م، مطبعة حكومة الكويت، 530 ص، الحجم: 24 سم.

- دراسات في التفسير و المفسرين.

عبد القهار داود العاني. بغداد، مطبعة اسعد، 1987 م، حجم 24 سم، ص.

- دراسات قرآنية: تاريخ القرآن، المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم، المستشرقون و الدراسات القرآنية.

الدكتور محمد حسين علي الصغير، قم: مركز النشر مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الثانية، 1413 ه 544 ص.

- دراسات و بحوث في الفكر الاسلامي المعاصر.

الدكتور فتحي الدريني. مجلدان، بيروت، دار قتيبة للطباعة و النشر، الطبعة الاولى، 1408 ه- 1988 م.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 860

(ز)- الرازي مفسرا، رسالة دكتوراه.

الدكتور محسن عبد الحميد. بغداد، دار الحرية للطباعة، بمساعدة جامعة بغداد على طبعه، 1394 ه- 1974 م،

348 ص، 24 سم.

- الرازي من خلال تفسيره.

عبد العزيز المجدوب، ليبيا، تونس، الدار العربية للكتاب، الطبعة الثانية، 1400 ه، 1980 م، تاريخ التأليف 1394 ه، 224 ص، 24 سم.

- روضات الجنات في أحوال العلماء و السادات.

الميرزا محمّد باقر الموسوي الخوانساري الاصفهاني، بيروت، الدار الاسلامية، الطبعة الاولى، 1411 ه- 1991 م، 8 مجلد، 24 سم. الطبعة المنقحة المصححة.

- الزمخشري لغويا و مفسرا.

مرتضى آيةاللّه زاده الشيرازي. القاهرة، دار الثقافة للطباعة و النشر، 1977 م، 456 ص، 24 سم.

- سفيان الثوري و اثره في التفسير.

هاشم عبد ياسين المشهداني. بغداد، دار الكتاب للطباعة، بمساعدة اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجري في الجمهورية العراقية، الطبعة الاولى، 1401 ه- 1981 م، 590 ص، 24 سم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 861

- الشيخ الطوسي و منهجه في تفسير القرآن.

سعيد احمد أكبرآبادي. مجموعة مقالات المؤتمر الألفي للشيخ الطوسي، المجلد الثاني، المشهد الرضوي، 1350 ش- 1391 ه- 24 سم.

- صيانة القرآن من التحريف.

محمد هادي معرفة، قم، دار القرآن الكريم، الطبعة الاولى، 1410 ه، 24 سم، 244 ص.

(ط)- الطباطبائي و منهجه في تفسير الميزان.

علي الأوسي. تهران، منظمة الاعلام الاسلامي، الطبعة الاولى، 1405 ه، 316 ص، حجم: 24 سم- طبقات المفسرين.

جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1960 م، مجلدان، حجم 24 سم.

- طبقات المفسرين.

الحافظ شمس الدين محمد بن علي الداودي. مكة المكرمة، دار الباز للنشر و التوزيع، مجلدان، و دار الكتب العلمية في بيروت، 24 سم.

- علوم القرآن مدخل إلى تفسير القرآن و بيان إعجازه.

الدكتور عدنان محمد زرزور. بيروت، المكتب الاسلامي، الطبعة الاولى، 1401 ه- 1981 م، 460 ص، 24 سم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 862

(ف)- فكرة إعجاز القرآن منذ البعثة

النبوية حتى عصرنا الحاضر مع نقد و تعليق.

نعيم الحمصي. بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، 1400 ه- 1980 م، حجم:

24 سم، 480 ص.

- الفكر الديني في مواجهة العصر اتجاهات الحديث في العصر الحديث.

لعفت الشرقاوي.

- في علوم القرآن، دراسات و محاضرات.

محمد عبد السلام كفافي، عبد اللّه الشريف، بيروت، دار النهضة العربية، 1972 م.

(ق)- القاسمي و منهجه في التفسير.

الدكتور محمد بكر إسماعيل. القاهرة، دار المنار للطباعة و النشر و التوزيع، الطبعة الاولى، 1411 ه- 1991 م، 89 ص، 24 ص.

- القراءات القرآنية في بلاد الشام.

الدكتور حسين عطوان. بيروت، دار الجيل، الطبعة الاولى، 1402 ه- 1983 م.

- القرآن المجيد.

محمد عزة دروزة. صيدا و بيروت، المكتبة العصرية، 302 ص، الحجم 20 سم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 863

- قضية الإعجاز القرآني و اثرها في تدوين البلاغة العربية.

الدكتور عبد العزيز عبد المعطي عرفة. بيروت، عالم الكتب، الطبعة الاولى، 1405 ه- 1985 م، 822 ص، 24 سم.

- القرطبي و منهجه في التفسير.

القصبي محمود زلط، كويت: دار القلم، 1410 ه- 1981 م، 486 ص.

- لمحات في علوم القرآن و اتجاهات التفسير.

محمد الصباغ، بيروت، المكتب الاسلامي، 1394 ه، حجم: 24 سم، 240 ص.

(م)- مدخل الى ظلال القرآن.

صلاح عبد الفتاح الخالدي، جدة، دار المنارة، الطبعة الاولى، 1406 ه 1986 م.

- مدرسة التفسير في الاندلس.

مصطفى إبراهيم المشيني، بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1406 ه، 925 ص.

- المدرسة القرآنية في المغرب من الفتح الاسلامي الى ابن عطية.

عبد السلام الكنوني. الجزء الاول. الرباط، مكتبة المعارف، الطبعة الاولى، 1401 ه- 1981 م، 24 سم، 327 ص.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 864

- مذاهب التفسير الإسلامي.

دجنتس جولد تسيهر. ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار. القاهرة، مكتبة الخانجي، و بغداد مكتبة المثنى،

مطبعة السنة المحمدية (القاهرة)، 1374 ه، 1955 م، 418 ص، 24 سم.

- معجم الدراسات القرآنية.

الدكتورة ابتسام مرهون الصفار. بغداد، جامعة بغداد، 1984 م، 354 ص، 24 سم.

- معجم المفسرين من صدر الاسلام حتى العصر الحاضر عادل نويهض. مؤسسة نويهض الثقافية للتأليف و الترجمة و النشر. الطبعة الاولى.

1404 ه 1984 م، مجلدان، 1023 ص، 24 سم.

- المفسرون بين التأويل و الاثبات في آيات الصفات.

محمد بن عبد الرحمن المغراوي. الرياض، دار طيبة للنشر و التوزيع. مجلدان، الطبعة الاولى، 1405 ه- 1985 م، 24 سم، 468 ص و 404 ص.

- مكي بن أبي طالب و تفسير القرآن.

الدكتور أحمد حسن فرحات، الأردن، عمان، دار الفرقان، الطبعة الأولى، 404 ه- 1983 م، 628 ص، 24 سم.

- مناهج التجديد في النحو و البلاغة و التفسير و الأدب.

امين الخولي، القاهرة، دار المعرفة، الطبعة الأولى، 1961 م، 364 ص.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 865

- مناهج في تحليل النظم القرآني.

الدكتور منير سلطان، الاسكندرية، منشأة المعارف، 24 سم، 248 ص.

- مناهج المفسرين.

مساعد مسلم آل جعفر، محيي هلال السرحان، بيروت: دار المعرفة، الطبعة الأولى، 1980 م، 278 ص.

- مناهج المفسرين.

الدكتور منيع عبد الحليم محمود، دار الكتاب المصري، القاهرة، 1978 م، 388 ص.

- مناهج المفسرين من العصر الأول الى العصر الحديث.

محمود النقراشي السيد علي، الرياض: مكتبة النهضة، الطبعة الأولى، 1407 ه، 219 ص.

- مناهل العرفان في علوم القرآن محمد عبد العظيم الزرقاني. القاهرة، دار احياء الكتب العربية، فيصل عيسى البابي الحلبي، مجلدان، 1980 م، 24 سم.

- منهج ابن عطية في تفسير القرآن الكريم.

الدكتور عبد الوهاب عبد الوهاب فائد. القاهرة، الهيئة العامة لشئون المطابع الاميرية، 1392 ه- 1973، 414 ص، حجم: 24 سم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص:

866

- منهج الامام محمد عبده في تفسير القرآن الكريم.

الدكتور عبد اللّه محمود شحاتة. القاهرة، نشر الرسائل الجامعية، 1380 ه، 265 ص، 24 سم.

- منهج أهل السنة في تفسير القرآن دراسة موضوعية لجهود ابن القيم التفسيرية.

الدكتور صبري المتولي. القاهرة، دار الثقافة و النشر و التوزيع، 1986 م، 470 ص، 24 سم.

- المنهج البياني في تفسير القرآن الكريم.

كامل علي سعفان. القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة الاولى، 1981 م، 504 ص، حجم: 24 سم.

- منهج الزمخشري في تفسير القرآن و بيان اعجازه.

الدكتور مصطفى الصّاوي الجويني. القاهرة، دار المعارف، 1959 م، 309 ص، 24 سم.

- منهج الطوسي في تفسير القرآن. مجموعة مقالات المؤتمر الالفي للشيخ الطوسي.

الشيخ محمد حسين آل ياسين. المجلد الثاني، المشهد الرضوي، 1350 ش- 1391 ه، 24 سم.

- منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير.

الدكتور فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي. بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1407 ه، 886 ص، الحجم 24 سم.

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 867

(ن)- النحو و كتب التفسير.

الدكتور إبراهيم عبد اللّه رفيدة. مجلدان، ليبيا: الدار الجماهيرية للنشر و التوزيع و الاعلان، الطبعة الاولى، 1982 م، الطبعة الثالثة 1399 ه- 1990 م، 1482 ص، 24 سم.

- نموذج من الأعمال الخيرية في ادارة الطباعة المنيرية.

ادارة الطباعة المنيرية. لمنير الدمشقي. 1349 ه، حجم 24 سم، 402 ص.

- الواحدى و منهجه في التفسير.

الدكتور جودة محمد محمد المهدي. القاهرة، المجلس الاعلى للشئون الاسلامية- لجنة التعريف بالاسلام (وزارة الاوقاف)، 1978 م، 456 ص، 28 سم.

المجلات

1- مجلة «حوزة» (بالفارسية) تنشر في مدينة قم المختصة بالدراسات العلمية بجوانب الحوزات العلمية الشيعية، تصدر من مكتب الإعلام الاسلامي. و الاعداد التي تناولت البحوث القرآنية: العدد 16، 18، 19، 20، 21،

24، 25، 26، 27، 28، 30، 31، 33، في تعريف التفاسير و مناهج المفسرين. سنة 1362 ش 1402 ق الى 1368 ش من سماحة الشيخ محمد علي مهدوي راد.

2- «رسالة القرآن» نشرة فصلية تعنى بالشئون القرآنية، تصدر من مدينة قم، مؤسسة دار

المفسرون حياتهم و منهجهم، ص: 868

القرآن الكريم لفضيلة آية اللّه العظمى الكلبايكاني قدس سره.

3- «كيهان انديشه» نشرة تصدر كل شهرين تعنى بالدراسات الاسلامية. صدرت من مدينة قم، مؤسسة كيهان.

4- «بيّنات» مجلة (بالفارسية) تنشر في مدينة قم المختصة بالدراسات القرآنية، مؤسسة المعارف الإسلامية (الإمام الرضا عليه السلام).

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.