ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

قال سیبویه : لیس أحد من العرب إلّا ویقول : تَنَبَّأَ مسیلمة ، بالهمز ، غیر أنّهم ترکوا الهمز فی النَّبِیِ ، کما ترکوه فی الذّرّیّة والبریّة والخابیة ، إلّا أهل مکة فإنهم یهمزون هذه الأحرف الثّلاثة ، ولا یهمزون غیرها ، ویخالفون العرب فی ذلک.

قال الجوهری (1) : «یقال : نَبَأْتُ علی القوم (2) إذا طلعت علیهم ، ونَبَأْتُ من أرض إلی أرض ، إذا خرجت من هذه إلی (3) هذه. قال : وهذا المعنی أراده (4) الأعرابیّ بقوله : یا نَبِیءَ الله ، لأنه خرج من مکة إلی المدینة ، فأنکر علیه الهمز لأنه لیس من لغة قریش».

وقیل : إنّ النّبیّ مشتقّ من النّباوة ، وهی الشیء المرتفع.

ومن المهموز شعر عبّاس بن مرداس یمدحه :

یا خاتم النُّبَآءِ إنّک مرسل

بالحقّ (5) کلّ هدی السّبیل هداکا

ومن الأوّل حدیث البراء «قلت : ورسولک الّذی أرسلت. فردّ علیّ وقال : ونبیّک الّذی أرسلت» إنّما ردّ علیه لیختلف اللّفظان ، ویجمع له الثّناءین ، معنی النّبوّة والرّسالة ، ویکون تعدیدا للنّعمة فی الحالین ، وتعظیما للمنّة علی الوجهین.

والرّسول أخصّ من النبیّ ، لأنّ کلّ رسول نبیّ ، ولیس کلّ نبیّ رسولا.

وقد تکرر فی الحدیث ذکر «النَّبِیذِ» وهو ما یعمل من الأشربة من التّمر ، والزّبیب ، والعسل ، والحنطة ، والشّعیر وغیر ذلک.

یقال : نَبَذْتُ التّمر والعنب ، إذا ترکت علیه الماء لیصیر نبیذا ، فصرف من مفعول إلی فعیل. وانْتَبَذْتُهُ : اتّخذته نبیذا.

وسواء کان مسکرا أو غیر مسکر فإنه یقال له نَبِیذ. ویقال للخمر المعتصر من العنب نبیذ. کما یقال للنّبیذ خمر.

وفی حدیث سلمان «وإن أبیتم نَابَذْنَاکُمْ علی سواء» أی کاشفناکم وقاتلناکم علی طریق مستقیم مستو فی العلم بالمنابذة منّا ومنکم ، بأن نظهر لهم العزم علی قتالهم ، ونخبرهم به إخبارا مکشوفا.

والنَّبْذ یکون بالفعل والقول ، فی الأجسام والمعانی.

ومنه نَبَذَ العهدَ ، إذا نقضه وألقاه إلی من کان بینه وبینه.

وفی حدیث أنس «إنّما کان البیاض فی عنفقته ، وفی الرّأس نَبْذٌ» أی یسیر من شیب ، یعنی النّبیّ صلی الله علیه وسلم.

یقال : بأرض کذا نَبْذٌ من کلإ ، وأصاب الأرض نبذ من مطر ، وذهب ماله وبقی منه نبذ ونُبْذَةٌ : أی شیء یسیر.

(ه) ومنه حدیث أم عطیّة «نُبْذَةُ قسط وأظفار» أی قطعة منه.

ومنه اشتقّ «الْمِنْبَر».

(ه) ومنه الحدیث «إن الجرح یَنْتَبِرُ فی رأس الحول» أی یرم.

وحدیث نصل رافع بن خدیج «غیر أنه بقی منتبرا» أی مرتفعا فی جسمه.

[ه] وحدیث حذیفة «کجمر دحرجته علی رجلک فنفط (1) ، فتراه منتبرا».

النَّبَطِ» النَّبَطُ والنَّبِیطُ : الماء الذی یخرج من قعر البئر إذا حفرت ، یرید أنّه دانی الموعد ، بعید الإنجاز.

(ه) وفی حدیث عمر «تمعددوا ولا تَسْتَنْبِطُوا» أی تشبّهوا بمعدّ ، ولا تشبّهوا بِالنَّبَطِ. النَّبَطُ والنَّبِیطُ : جیل معروف ، کانوا ینزلون بالبطائح بین العراقین.

(س) ومنه حدیثه الآخر «لا تَنَبَّطُوا فی المدائن» أی لا تشبّهوا بالنّبط ، فی سکناها واتّخاذ العقار والملک.

(س) وحدیث ابن عباس «نحن معاشر قریش من النَّبَطِ ، من أهل کُوثَی» قیل : لأنّ إبراهیم الخلیل علیه السلام ولد بها. وکان النّبط (1) سکّانها.

[ه] ومنه حدیث عمرو بن معدیکرب «سأله عمر عن سعد بن أبی وقّاص ، فقال : أعرابیّ فی حبوته ، نَبَطِیٌ فی جِبْوَتِهِ» أراد أنّه فی جبایة الخراج وعمارة الأرضین کالنّبط ، حذقا بها ومهارة فیها ، لأنّهم کانوا سکّان العراق وأربابها.

ومنه حدیث ابن أبی أوفی «کنّا نسلف نَبِیطَ (2) أهل الشّام» وفی روایة «أَنْبَاطاً من أنباط الشام».

وفی حدیث الشّعبی «أن رجلا قال لآخر : یا نَبَطِیُ ، فقال : لا حدّ علیه ، کلّنا نَبَطٌ» یرید الجوار والدّار ، دون الولادة.

وفی حدیث علیّ «ودّ الشُّراة المحکّمة أنّ النَّبْطَ قد أتی علینا کلّنا» قال ثعلب : النَّبْطُ : الموت.

بها ، واحدتها : نبلة ، کغرفة وغرف. والمحدّثون یفتحون النون والباء ، کأنه جمع نَبِیلٍ ، فی التقدیر.

والنَّبَل ، بالفتح فی غیر هذا : الکبار من الإبل والصغار. وهو من الأضداد.

إلّا کنّا نأتی المجلس فَیَسْتَنْتِلُ ویشدّ ثوبه علی صدره» أی یتقدّم.

(ه) وحدیث هند «أنها قالت لأبی سفیان ، لمّا نزلوا بالأبواء فی غزوة أحد : لو نَجَثْتُمْ قبر آمنة أمّ محمد» أی نبشتم.

ومنه حدیث علیّ «محاسن الأمور التی تفاضلت فیها المجداء والنُّجَدَاءُ» جمع مجید ونَجِید. فالمجید : الشریف. والنَّجِیدُ : الشجاع. فعیل بمعنی فاعل.

(ه) وفی حدیث الشّوری «وکانت امرأة نَجُودا» أی ذات رأی ، کأنها التی تجهد رأیها فی الأمور. یقال : نَجِدَ نَجَداً : أی جهد جهدا.

(ه) وفی حدیث أم زرع «زوجی طویل النِّجَادِ» النِّجَادُ : حمائل السیف. ترید طول قامته ، فإنها إذا طالت طال نجاده ، وهو من أحسن الکنایات.

(ه) وفیه «جاءه رجل وبکفّه وضح ، فقال له : انظر بطن واد ، لا مَنْجَدَ ولا متهم ، فتمعّک فیه» أی موضعا ذا حدّ من نجد ، وحدّ من تهامة ، فلیس کلّه من هذه ، ولا من هذه. وقد تقدم فی التاء مبسوطا.

والنَّجْد : ما ارتفع من الأرض ، وهو اسم خاصّ لما دون الحجاز ، ممّا یلی العراق.

(ه) وفیه «أنه رأی امرأة شیّرة وعلیها مَنَاجِدُ من ذهب» هو حلیّ مکلّل بالفصوص. وقیل : قلائد من لؤلؤ وذهب ، واحدها : منجد.

وهو من التّنجید : التّزیین. یقال : بیت منجّد ، ونجوده : ستوره التی تعلّق علی حیطانه ، یزیّن بها.

(س) ومنه حدیث قسّ «زخرف ونُجِّدَ» أی زیّن.

وحدیث عبد الملک «أنه بعث إلی أمّ الدّرداء بِأَنْجَادٍ من عنده» الْأَنْجَادُ : جمع نَجَد ، بالتحریک ، وهو متاع البیت ، من فرش ونمارق وستور.

(ه) وفی حدیث أبی هریرة فی زکاة الإبل «وعلی أکتافها أمثال النَّوَاجِدِ شحما» هی طرائق الشّحم ، واحدتها : ناجدة ، سمّیت بذلک لارتفاعها.

(ه) وفیه «أنه أذن فی قطع الْمِنْجَدَةِ» یعنی من شجر الحرم ، وهی عصا تساق بها الدّوابّ ، وینفش بها الصوف.

(س) وفی شعر حمید بن ثور :

ص: 19

* ونَجَدَ (1) الماءَ الذی تورّدا *

أی سال العرق. یقال : نَجَدَ یَنْجَدُ نَجَداً (2) ، إذا عرق من عمل أو کرب. وتورّده : تلوّنه.

(س) وفی حدیث الشّعبی «اجتمع شرب من أهل الأنبار ، وبین أیدیهم نَاجُودُ خمر» أی راووق. والنَّاجُودُ : کل إناء یجعل فیه الشّراب ، ویقال للخمر : نَاجُود.

وهو جنب ، قال : فَانْتَجَشْتُ منه» قد اختلف فی ضبطها ، فروی بالجیم والشین المعجمة ، من النَّجْشِ : الإسراع. وقد نَجَشَ یَنْجُشُ نَجْشاً.

وروی «فانخنست منه واختنست» بالخاء المعجمة والسین المهملة من الخنوس : التّأخّر والاختفاء. یقال : خنس ، وانخنس ، واختنس.

(س) وفیه ذکر «النّجاشیّ» فی غیر موضع. وهو اسم ملک الحبشة وغیره ، والیاء مشدّدة. وقیل : الصواب تخفیفها.

قال الخطابی : لم أسمع فیه شیئا أعتمده.

یقال : نَجَمَ النّبتُ یَنْجُمُ ، إذا طلع. وکلّ ما طلع وظهر فقد نجم. وقد خصّ بالنّجم منه ما لا یقوم علی ساق ، کما خصّ القائم علی الساق منه بالشّجر.

ومنه حدیث جریر «بین نخلة وضالة ونَجْمَةٍ وأثلة» النَّجْمَةُ : أخصّ من النّجم ، وکأنها واحدته ، کنبتة ونبت.

ومنه حدیث حذیفة «سراج من النار یظهر فی أکتافهم حتی یَنْجُمَ فی صدورهم» أی ینفذ ویخرج من صدورهم.

(س) وفیه «إذا طلع النّجم ارتفعت العاهة».

وفی روایة «ما طلع النّجم وفی الأرض من العاهة شیء».

وفی روایة أخری «ما طلع النّجم قطّ وفی الأرض عاهة إلا رفعت». النَّجْمُ فی الأصل : اسم لکل واحد من کواکب السماء ، وجمعه : نُجُومٌ ، وهو بالثّریّا أخضّ ، جعلوه علما لها ، فإذا أطلق فإنما یراد به هی ، وهی المرادة فی هذا الحدیث.

وأراد بطلوعها طلوعها عند الصبح ، وذلک فی العشر الأوسط من أیّار ، وسقوطها مع الصبح فی العشر الأوسط من تشرین الآخر.

والعرب تزعم أنّ بین طلوعها وغروبها أمراضا ووباء ، وعاهات فی الناس والإبل والثّمار.

ومدّة مغیبها بحیث لا تبصر فی اللیل نیّف وخمسون لیلة ؛ لأنها تخفی بقربها من الشمس قبلها وبعدها ، فإذا بعدت عنها ظهرت فی الشّرق وقت الصبح.

قال الحربی : إنما أراد بهذا الحدیث أرض الحجاز ، لأنّ فی أیّار یقع الحصاد بها وتدرک الثّمار ، وحینئذ تباع ؛ لأنها قد أمن علیها من العاهة.

قال القتیبی : وأحسب أنّ رسول الله صلی الله علیه وسلم أراد عاهة الثمار خاصّة.

وفی حدیث سعد «والله لا أزیدک علی أربعة آلاف مُنَجَّمَة» تَنْجِیمُ الدّین : هو أن یقرّر عطاؤه فی أوقات معلومة متتابعة ، مشاهرة أو مساناة.

ومنه «تنجیم المکاتب ، ونجوم الکتابة» وأصله أن العرب کانت تجعل مطالع منازل

ص: 24

القمر ومساقطها مواقیت لحلول دیونها وغیرها ، فتقول : إذا طلع النّجم حلّ علیک مالی : أی الثّریّا ، وکذلک باقی المنازل.

یرید مناجاة الله تعالی للعبد یوم القیامة. والنّجوی : اسم یقام مقام المصدر.

ومنه حدیث الشّعبی «إذا عظمت الحلقة فهی بذاء ونِجَاءٌ» أی مناجاة. یعنی یکثر فیها ذلک.

(س) وفی حدیث بئر بضاعة «تلقی فیها المحائض وما یُنْجِی الناس» أی یلقونه من العذرة. یقال منه : أَنْجَی یُنْجِی ، إذا ألقی نَجْوَهُ ، ونَجَا وأَنْجَی ، إذا قضی حاجته منه. والِاسْتِنْجَاءُ : استخراج النَّجْوِ من البطن.

وقیل : هو إزالته عن بدنه بالغسل والمسح.

وقیل : هو من نَجَوْتُ الشجرة وأَنْجَیْتُهَا ، إذا قطعتها. کأنه قطع الأذی عن نفسه.

وقیل : هو من النَّجْوَةِ ، وهو ما ارتفع من الأرض. کأنه یطلبها لیجلس تحتها.

(س) ومنه حدیث عمرو بن العاص «قیل له فی مرضه : کیف تجدک؟ قال : أجد نَجْوِی أکثر من رزئی» أی ما یخرج منی أکثر ممّا یدخل.

وفی حدیث ابن سلام «وإنی لفی عذق أُنْجِی منه رطبا» أی النّقط. وفی روایة «أَسْتَنْجِی منه» بمعناه.

(ه) وفیه «لو علم الناس ما فی الصفّ الأوّل لاقتتلوا علیه ، وما تقدّموا إلا بِنُحْبَةٍ» أی بقرعة. والْمُنَاحَبَةُ : المخاطرة والمراهنة.

ومنه حدیث أبی بکر «فی مُنَاحَبَةِ (الم غُلِبَتِ الرُّومُ)» أی مراهنته لقریش ، بین الروم والفرس.

(ه) ومنه حدیث طلحة «قال لابن عباس : هل لک أن أُنَاحِبَکَ وترفع النبیّ صلی الله علیه وسلم» أی أفاخرک وأحاکمک ، وترفع ذکر رسول الله صلی الله علیه وسلم من بیننا ، فلا تفتخر بقرابتک منه ، یعنی أنه لا یقصر عنه فیما عدا ذلک من المفاخر.

(س) وفی حدیث ابن عمر «لمّا نعی إلیه حجر غلبه النَّحِیبُ» النَّحْبُ والنَّحِیبُ والِانْتِحَابُ : البکاء بصوت طویل ومدّ.

(س) ومنه حدیث الأسود بن المطلّب «هل أحلّ النّحب؟» أی أحلّ البکاء.

وحدیث مجاهد «فَنَحَبَ نَحْبَةً هاج ما ثمّ من البقل».

وحدیث علیّ «فهل دفعت الأقارب ، أو نفعت النَّواحِبُ؟» أی البواکی ، جمع نَاحِبَة.

وفی حدیث حذیفة «وکّلت الفتنة بثلاثة : بالحادّ النِّحْرِیرِ» هو الفطن البصیر بکل شیء.

والریح والدخان ، والماء والنار. وکذلک المؤمن له آفات تفتّره عن عمله : ظلمة الغفلة ، وغیم الشکّ ، وریح الفتنة ، ودخان الحرام ، وماء السّعة ، ونار الهوی.

(ه) ومنه حدیث أبیّ «لا یصیب المؤمن مصیبة (1) ذعرة ولا عثرة قدم ، ولا اختلاج عرق ، ولا نُخْبَةُ نملة إلّا بذنب ، وما یعفو الله أکثر».

ذکره الزمخشری مرفوعا. ورواه بالخاء والجیم. وکذلک ذکره أبو موسی فیهما. وقد تقدّم.

(س) وفی حدیث علیّ ، وقیل عمر «وخرجنا فی النّخبة» النُّخْبَة بالضم : المنتخبون من الناس المنتقون. والِانْتِخَابُ : الاختیار والانتقاء.

ومنه حدیث ابن الأکوع «انْتَخِبْ من القوم مائة رجل».

(س) وفی حدیث أبی الدّرداء «بئس العون علی الدین قلب نَخِیبٌ ، وبطن رغیب» النَّخِیبُ : الجبان الذی لا فؤاد له. وقیل : الفاسد الفعل.

(س) وفی حدیث الزبیر «أقبلت مع رسول الله صلی الله علیه وسلم من لیّة فاستقبل نَخْباً ببصره» هو اسم موضع هناک.

(س) وفی حدیث جابر «أنه نَخَسَ بعیره بمحجن».

ومنه الحدیث «ما من مولود إلّا نخسه الشیطان حین یولد إلّا مریم وابنها».

وقد تکرر ذکر «النّخس» فی الحدیث.

ویروی بالباء الموحّدة ، من البدو ، وقد تقدم.

(س) ومنه الحدیث «واجعلنی فی النّدیّ الأعلی» النَّدِیُ ، بالتشدید : النادی. أی اجعلنی مع الملأ الأعلی من الملائکة.

وفی روایة «واجعلنی فی النِّدَاءِ الأعلی». أراد نداء أهل الجنّة أهل النار «أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا».

ومنه حدیث سریّة بنی سلیم «ما کانوا لیقتلوا عامرا وبنی سلیم وهم النَّدِیُ» أی القوم المجتمعون.

وفی حدیث أبی سعید «کنّا أَنْدَاءً فخرج علینا رسول الله صلی الله علیه وسلم» الْأَنْدَاءُ : جمع النادی : وهم القوم المجتمعون.

وقیل : أراد کنّا أهل أنداء. فحذف المضاف.

(س) وفیه «لو أن رجلا نَدَا الناسَ إلی مرماتین أو عرق أجابوه» أی دعاهم إلی النادی. یقال : نَدَوْتُ القوم أَنْدُوهُمْ ، إذا جمعتهم فی النادی. وبه سمّیت دار النَّدْوَةِ بمکة ؛ لأنهم کانوا یجتمعون فیها ویتشاورون.

وفی حدیث الدعاء «ثنتان (1) لا تردّان ، عند النِّدَاءِ وعند البأس» أی عند الأذان بالصلاة ، وعند القتال.

وفی حدیث یأجوج ومأجوج «فبینما هم کذلک إذ نُودُوا نَادِیَةً : (أَتی أَمْرُ اللهِ)» یرید بالنادیة دعوة واحدة ونداء واحدا ، فقلب نداءة إلی نادیة ، وجعل اسم الفاعل موضع المصدر.

وفی حدیث ابن عوف «وأودی سمعه إلّا نِدَایَا» أراد : إلّا نداء ، فأبدل الهمزة یاء ، تخفیفا ، وهی لغة بعض العرب.

(ه) وفی حدیث الأذان «فإنّه أَنْدَی صوتا» أی أرفع وأعلی. وقیل : أحسن وأعذب. وقیل : أبعد.

(ه) وفی حدیث طلحة «خرجت بفرس لی أُنَدِّیهِ (2)» التَّنْدِیَةُ : (3) أن یورد الرجل الإبل

ص: 37

والخیل فتشرب قلیلا ، ثم یردّها إلی المرعی ساعة ، ثم تعاد إلی الماء.

والتَّنْدِیَةُ أیضا : تضمیر الفرس ، وإجراؤه حتی یسیل عرقه. ویقال لذلک العرق : النَّدَی. ویقال : نَدَّیْتُ الفرس والبعیر تَنْدِیَةً. ونَدِیَ هو نَدْواً.

وقال القتیبی : الصواب : «أبدّیه (1)» بالباء ، أی أخرجه إلی البدو ، ولا تکون التَّنْدِیَةُ إلا للإبل.

قال الأزهری : أخطأ القتیبی. والصواب الأول.

ومنه حدیث أحد الحیّین اللّذین تنازعا فی موضع «فقال أحدهما : مسرح بهمنا ، ومخرج نسائنا ، ومُنَدَّی خیلنا» أی موضع تندیتها.

(ه) وفیه : «من لقی الله ولم یَتَنَدَّ من الدم الحرام بشیء دخل الجنّة» أی لم یصب منه شیئا ، ولم ینله منه شیء. کأنه نالته نَدَاوَةُ الدّم وبلله. یقال : ما نَدِیَنِی من فلان شیء أکرهه ، ولا نَدِیَتْ کفّی له بشیء.

وفی حدیث عذاب القبر وجریدتی النخل «لن یزال یخفّف عنهما ما کان فیهما نُدُوٌّ» یرید نداوة. کذا جاء فی مسند أحمد ، وهو غریب (2). إنما یقال : ندی الشیء فهو نَدٍ ، وأرض ندیة ، وفیها نداوة.

(س) وفیه «بکر بن وائل ند» أی سخیّ. یقال : هو یتندّی علی أصحابه : أی یتسخّی.

وأصل الْإِنْذَارِ : الإعلام. یقال : أَنْذَرْتُهُ أُنْذِرُهُ إِنْذَاراً ، إذا أعلمته ، فأنا مُنْذِرٌ ونَذِیرٌ : أی معلم ومخوّف ومحذّر. ونذرت به ، إذا علمت.

(س) ومنه الحدیث «فلمّا عرف أن قد نَذِرُوا به هرب» أی علموا وأحسّوا بمکانه.

(س) ومنه الحدیث «انْذَرِ القومَ» أی احْذَرْ منهم ، واستعدّ لهم ، وکن منهم علی علم وحذر.

وفیه ذکر «النّذر» مکرّرا. یقال : نَذَرْتُ أَنْذِرْ ، وأَنْذُرُ نَذْراً ، إذا أوجبت علی نفسک شیئا تبرّعا ؛ من عبادة ، أو صدقة ، أو غیر ذلک.

وقد تکرر فی أحادیثه ذکر النّهی عنه. وهو تأکید لأمره ، وتحذیر عن التهاون به بعد إیجابه ، ولو کان معناه الزجر عنه حتی لا یفعل ، لکان فی ذلک إبطال حکمه ، وإسقاط لزوم الوفاء به ، إذ کان بالنهی یصیر معصیة ، فلا یلزم. وإنما وجه الحدیث أنه قد أعلمهم أن ذلک أمر لا یجرّ لهم فی العاجل نفعا ، ولا یصرف عنهم ضرّا ، ولا یردّ قضاء ، فقال : لا تَنْذِرُوا ، علی أنکم قد تدرکون بِالنَّذْرِ شیئا لم یقدّره الله لکم ، أو تصرفون به عنکم ما جری به القضاء علیکم ، فإذا نذرتم ولم تعتقدوا هذا ، فاخرجوا عنه بالوفاء ، فإن الذی نذرتموه لازم لکم.

(ه) وفی حدیث ابن المسیّب «أن عمر وعثمان قضیا فی الملطاة بنصف نذر الموضحة» أی بنصف ما یجب فیها من الأرش والقیمة. وأهل الحجاز یسمّون الأرش نَذْراً. وأهل العراق یسمّونة أرشا.

وهو فارسی معرّب. أصله : النَّرْمُ (1). یرید أن الدّرهم یکسو صاحبه اللَّیِّنَ من الثیاب.

وجاء فی روایة «یکسر النّرمق»فإن صحّت فیرید أنه یبلغ به الأغراض البعیدة ، حتی یکسر الشیء اللیّن الذی لیس من شأنه أن ینکسر ؛ لأن الکسر یخصّ الأشیاء الیابسة.

والبعوض والنَّزِّ» النَّزُّ : ما یتحلّب من الماء القلیل فی الأرض. نَزَّ الماءُ یَنِزُّ نَزّاً ، وأَنَزَّتِ الأرضُ ، إذا أخرجت النَّزَّ.

(س) وفی حدیث القرشیّ «أسرنی رجل أنزع» الْأَنْزَعُ : الذی ینحسر شعر مقدّم رأسه ممّا فوق الجبین. والنّزعتان عن جانبی الرأس ممّا لا شعر علیه.

وفی صفة علیّ «البطین الأنزع» کان أنزع الشعر ، له بطن.

وقیل : معناه : الأنزع من الشّرک ، المملوء البطن من العلم والإیمان.

وفی حدیث الجهاد «لا تنزلهم علی حکم الله ، ولکن أنزلهم علی حکمک» أی إذا طلب العدوّ منک الأمان والذّمام علی حکم الله تعالی فلا تعطهم ، وأعطهم علی حکمک ، فإنک ربما تخطئ فی حکم الله ، أو لا تفی به فتأثم. یقال : نَزَلْتُ عن الأمر ، إذا ترکته ، کأنک کنت مستعلیا علیه مستولیا.

وفی حدیث میراث الجدّ «إن أبا بکر أَنْزَلَهُ أبا» أی جعل الجدّ فی منزلة الأب ، وأعطاه نصیبه من المیراث.

(س) وفیه «نَازَلْتُ ربّی فی کذا» أی راجعته ، وسألته مرّة بعد مرّة. وهو مفاعلة من النزول عن الأمر ، أو من النِّزَالِ فی الحرب ، وهو تقابل القرنین.

وفیه «اللهم إنی أسألک نُزْلَ الشّهداءِ» النُّزْلُ فی الأصل : قِرَی الضیف. وتُضَمُّ زایه. یرید ما للشهداء عند الله من الأجر والثواب.

ومنه حدیث الدعاء للمیت «وأکرم نُزُلَهُ» وقد تکرر فی الحدیث.

ومنه حدیث أبی عامر الأشعری «أنه رمی بسهم فی رکبته ، فَنُزِیَ منه فمات» وقد تکرر فی الحدیث.

وفی حدیث علیّ «أمرنا ألّا نُنْزِیَ الحمر علی الخیل» أی نحملها علیها للنّسل. یقال : نَزَوْتُ علی الشیء أَنْزُو نَزْواً ، إذا وثبت علیه. وقد یکون فی الأجسام والمعانی.

قال الخطّابی : یشبه أن یکون المعنی فیه - والله أعلم - أنّ الحمر إذا حملت علی الخیل قلّ عددها ، وانقطع نماؤها ، وتعطّلت منافعها. والخیل یحتاج إلیها للرّکوب والرّکض ، والطّلب ، والجهاد ، وإحراز الغنائم ، ولحمها مأکول ، وغیر ذلک من المنافع. ولیس للبغل شیء من هذه ، فأحبّ أن یکثر نسلها ؛ لیکثر الانتفاع بها.

(س) وفی حدیث السّقیفة «فنزونا علی سعد» أی وقعوا علیه ووطئوه.

ومنه حدیث وائل بن حجر «إنّ هذا انْتَزَی علی أرضی فأخذها» هو افتعل من النَّزْوِ.

والِانْتِزَاءُ والتَّنَزِّی أیضا : تسرّع الإنسان إلی الشرّ.

والحدیث الآخر «انْتَزَی علی القضاء فقضی بغیر علم» وقد تکرر فی الحدیث.

وفیه «إنما الرّبا فی النَّسِیئَةِ» هی البیع إلی أجل معلوم. یرید أنّ بیع الرّبویّات بالتأخیر من غیر تقابض هو الرّبا ، وإن کان بغیر زیادة. وهذا مذهب ابن عباس رضی الله عنهما ، کان یری بیع الرّبویّات متفاضلة مع التّقابض جائزا ، وأنّ الرّبا مخصوص بالنّسیئة.

(ه) وفی حدیث عمر «ارموا فإن الرّمی جلادة (1) ، وإذا رمیتم فَانْتَسُوا عن البیوت» أی تأخّروا. هکذا یروی بلا همز. والصواب «انْتَسِئُوا» بالهمز. ویروی «بنّسوا» أی تأخّروا. یقال : بنّست ، إذا تأخّرت.

(س) وفی حدیث ابن عباس «کانت النُّسْأَةُ فی کندة» النُّسْأَةُ بالضم وسکون السین : النَّسِیءُ ، الذی ذکره الله تعالی فی کتابه ، من تأخیر الشهور بعضها إلی بعض. والنّسیء : فعیل بمعنی مفعول.

وفیه «کانت زینب بنت رسول الله صلی الله علیه وسلم تحت أبی العاص بن الرّبیع ، فلما خرج رسول الله صلی الله علیه وسلم إلی المدینة أرسلها إلی أبیها وهی نَسُوءٌ» أی مظنون بها الحمل. یقال : امرأة نَسْءٌ ، ونَسُوءٌ. ونسوة نِسَاءٌ ، إذا تأخّر حیضها ورجی حبلها ، فهو من التأخیر.

وقیل : هو بمعنی الزیادة ، من نَسَأْتُ اللبن ، إذا جعلت فیه الماء تکثّره به ، والحمل زیادة.

قال الزمخشری : «النَّسُوءُ علی فعول ، والنَّسْءُ علی فعل. وروی «نُسُوء» بضم النون ، فَالنَّسُوءُ (2) کالحلوب ، والنُّسُوءُ (3) تسمیة بالمصدر».

ومنه الحدیث «أنه دخل علی أمّ عامر بن ربیعة وهی نَسُوءٌ ، وفی روایة «نَسْء» ، فقال لها : أبشری بعبد الله خلفا من عبد (4) الله فولدت غلاما ، فسمّته عبد الله».

ص: 45

وقال بعض المتأخرین : هو وهم ، وإنما هو بالحاء المهملة. قال : ومعناه أن ینحّی قشرها عنها وتملس وتحفر.

وقال الأزهری : النَّسْجُ : ما تحاتّ عن التّمر من قشره وأقماعه ، ممّا یبقی فی أسفل الوعاء.

(س) وفی حدیث عمر «قال له رجل : شنقتها بجبوبة حتی سکن نَسِیسُهَا» أی ماتت. والنَّسِیسُ : بقیة النّفس.

هکذا جاء فی روایة. أی متعبّداتها.

وقیل : هو جمع نسمة. أی بعثت فی ذوی أرواح خلقهم الله تعالی قبل اقتراب الساعة ، کأنه قال : فی آخر النّشء (1) من بنی آدم.

(ه) وفی حدیث عمرو بن العاص وخالد بن الولید «استقام الْمَنْسِمْ ، وإنّ الرجل لنبیّ» معناه تبیّن الطریق ، یقال : رأیت مَنْسِماً من الأمر أعرف به وجهه : أی أثرا منه وعلامة. والأصل فیه من الْمَنْسِمِ ، وهو خفّ البعیر یستبان به علی الأرض أثره إذا ضلّ.

ومنه حدیث علیّ «وطئتهم بِالْمَنَاسِمِ» جمع منسم : أی بأخفافها. وقد یطلق علی مفاصل الإنسان اتّساعا.

ومنه الحدیث «علی کلّ مَنْسِمٍ من الإنسان صدقة» أی علی کل مفصل.

ومنه الحدیث «إنما أُنَسَّی لأسنّ» أی لأذکر لکم ما یلزم النَّاسِی ، لشیء من عبادته ، وأفعل ذلک فتقتدوا بی.

(ه) وفیه «فیترکون فی الْمَنْسَی تحت قدم الرحمن» أی یُنْسَوْنَ فی النار.

و «تحت القدم» استعارة ، کأنه قال : یُنْسِیهِمُ الله الخلق ، لئلا یشفع فیهم أحد. قال الشاعر :

أبلت مودّتها اللیالی بعدنا

ومشی علیها الدهر وهو مقیّد

ومنه قوله صلی الله علیه وسلم یوم الفتح «کل مأثرة من مآثر الجاهلیة تحت قدمیّ إلی یوم القیامة».

وفی حدیث عائشة «وددت أنّی کنت نَسْیاً مَنْسِیّاً» أی شیئا حقیرا مطّرحا لا یلتفت إلیه. یقال لخرقة الحائض : نِسْیٌ ، وجمعه : أَنْسَاءٌ. تقول العرب إذا ارتحلوا من المنزل : انظروا أَنْسَاءَکُمْ. یریدون الأشیاء الحقیرة التی لیست عندهم ببال. أی اعتبروها ؛ لئلا تَنْسَوْهَا فی المنزل.

(س) وفی حدیث سعد «رَمَیْتُ سُهَیْلَ بْنَ عَمْرٍو یَوْمَ بَدْرٍ فَقَطَعْتُ نَسَاهُ» النَّسَا ، بوزن العصا : عرق یخرج من الورک فیستبطن الفخذ. والأفصح أن یقال له : النَّسَا ، لا عِرْق النَّسَا.

قال أبو موسی : والمحفوظ بسکون الشین ، کأنه تسمیة بالمصدر.

(س) ومنه الحدیث «ضمّوا نَوَاشِئَکُمْ فی ثورة العشاء» أی صبیانکم وأحداثکم ، کذا رواه بعضهم. والمحفوظ «فواشیکم» بالفاء. وقد تقدّم.

(ه) وفی حدیث خدیجة «دخلت علیها مُسْتَنْشِئَةٌ من مولّدات قریش» هی الکاهنة. وتروی بالهمز ، وغیر الهمز. یقال : هو یَسْتَنْشِئُ الأخبار : أی یبحث (1) عنها ویتطلّبها والِاسْتِنْشَاءُ ، یهمز ولا یهمز.

وقیل : هو من الْإِنْشَاءُ : الابتداء. والکاهنة تستحدث الأمور ، وتجدّد الأخبار.

ویقال : من أین نَشِیتَ (2) هذا الخبر؟ بالکسر ، من غیر همز : أی من أین علمته.

وقال الأزهری : مُسْتَنْشِئَة : اسم علم لتلک الکاهنة التی دخلت علیها ، ولا ینوّن للتعریف والتأنیث.

صوت معه توجّع وبکاء ، کما یردّد الصبیّ بکاءه فی صدره. وقد نَشَجَ یَنْشِجُ.

(ه) ومنه حدیث عمر «أنه قرأ سورة یوسف فی الصلاة ، فبکی حتی سمع نَشِیجُهُ خلف الصّفوف».

(ه) ومنه حدیثه الآخر «فَنَشَجَ حتی اختلفت أضلاعه».

(ه) وحدیث عائشة تصف أباها «شجیّ النَّشِیج» أرادت أنه کان یحزن (1) من یسمعه یقرأ.

مصدر کما ذکرنا ، وأمّا نشدک فقیل : إنه حذف منها التاء ، وأقامها مقام الفعل.

وقیل : هو بناء مرتجل ، کقعدک الله ، وعمرک الله.

قال سیبویه : قولهم : عمرک الله ، وقعدک الله بمنزلة نشدک الله. وإن لم یتکلّم بنشدک الله ، ولکن زعم الخلیل أن هذا تمثیل تمثّل به ، ولعل الراوی قد حرّفه عن ننشدک الله ، أو أراد سیبویه والخلیل قلّة مجیئه فی الکلام لا عدمه ، أو لم یبلغهما مجیئه فی الحدیث ، فحذف الفعل الذی هو أنشدک ، ووضع المصدر موضعه مضافا إلی الکاف الذی کان مفعولا أوّل.

ومنه حدیث عثمان «فَأَنْشَدَ له رجال» أی أجابوه. یقال : نَشَدْتُهُ فَأَنْشَدَنِی ، وأَنْشَدَ لی : أی سألته فأجابنی.

وهذه الألف تسمّی ألف الإزالة. یقال : قسط الرجل ، إذا جار. وأقسط ، إذا عدل ، کأنه أزال جوره ، وهذا أزال نَشِیدَهُ.

وقد تکررت هذه اللفظة فی الحدیث کثیرا ؛ علی اختلاف تصرّفها.

وفی حدیث الوضوء «فإذا اسْتَنْشَرْتَ ، واستنثرت خرجت خطایا وجهک وفیک وخیاشیمک مع الماء» قال الخطّابی : المحفوظ «استنشیت» بمعنی استنشقت ، فإن کان محفوظا فهو من انْتِشَارِ الماء وتفرّقه.

(ه) ومنه حدیث الحسن «أتملک نَشَرَ الماءِ؟» هو بالتحریک : ما انتشر منه عند الوضوء وتطایر. یقال : جاء القومُ نَشَراً : أی منتشرین متفرّقین.

(ه) ومنه حدیث عائشة «فردّ نَشَرَ الإسلام علی غَرِّه» أی ردّ ما انتشر منه إلی حالته التی کانت علی عهد رسول الله صلی الله علیه وسلم ، أرادت أمر الردّة وکفایة أبیها إیّاه ، وهو فعل بمعنی مفعول.

وفیه «أنه لم یخرج فی سفر إلّا قال حین ینهض من جلوسه : اللهم بک انْتَشَرْتُ» أی ابتدأت سفری. وکلّ شیء أخذته غضّا فقد نَشَرْتَهُ وانْتَشَرْتَهُ ، ومرجعه إلی النَّشْرِ ، ضدّ الطیّ. ویروی بالباء الموحدة والسین المهملة.

(ه) وفی حدیث معاذ «إن کلّ نَشْرِ أرضٍ یسلم علیها صاحبها فإنه یخرج عنها ما أعطی نَشْرُهَا» نَشْرُ الأرض بالسکون : ما خرج من نباتها. وقیل : هو فی الأصل الکلأ إذا یبس ثم أصابه مطر فی آخر الصیف فاخضرّ ، وهو ردیء للراعیة ، فأطلقه علی کلّ نبات تجب فیه الزکاة.

(ه) وفی حدیث معاویة «أنه خرج ونَشْرُهُ أمامه» النَّشْرُ بالسکون : الریح الطّیّبة. أراد سطوع ریح المسک منه.

(ه) وفیه «إذا دخل أحدکم الحمّام فعلیه بِالنَّشِیرِ ولا یخصف» هو المئزر ، سمّی به ؛ لأنه یُنْشَرُ لِیُؤْتَزَرَ بِهِ.

ومنه الحدیث «أنه کان إذا أوفی علی نَشَزٍ کبّر» أی ارتفع علی رابیة فی سفره. وقد تسکّن الشین.

(س) ومنه الحدیث «فی خاتم النّبوّة بضعة نَاشِزَةٌ» أی قطعة لحم مرتفعة عن الجسم.

ومنه الحدیث «أتاه رجل نَاشِزُ الجبهة» أی مرتفعها.

وقد تکرر فی الحدیث ذکر «النُّشُوزُ بین الزّوجین» یقال : نَشَزَتِ المرأةُ علی زوجها فهی نَاشِزٌ ونَاشِزَةٌ : إذا عصت علیه ، وخرجت عن طاعته. ونشز علیها زوجها ، إذا جفاها وأضرّ بها (1).

والنُّشُوزُ : کراهة کلّ واحد منهما صاحبه ، وسوء عشرته له.

(ه) وفی حدیث عمر «أنه کان یَنِشُ الناسَ بعد العشاء بالدرّة» أی یسوقهم إلی بیوتهم. والنَّشُ : السّوق الرفیق.

ویروی بالسین (1) ، وهو السّوق الشدید. وقد تقدّم.

(س) وفی حدیث الأحنف «نزلنا سبخة نَشَّاشَةً» یعنی البصرة : أی نزّازة تنزّ بالماء ، لأن السّبخة ینزّ ماؤها ، فَیَنِشُ ویعود ملحا.

وقیل : النَّشَّاشَةُ : التی لا یجفّ ترابها ، ولا ینبت مرعاها.

تسکّن : واحدة النَّشَفُ ، وهی حجارة سود ، کأنها أحرقت بالنار ، وإذا ترکت علی رأس الماء طفت ولم تغص فیه ، وهی التی یحکّ بها الوسخ عن الید والرجل.

ومنه حدیث حذیفة «أظلّتکم الفتن ، ترمی بالنّشف ، ثم التی تلیها ترمی بالرّضف» یعنی أن الأولی من الفتن لا تؤثر فی أدیان الناس لخفّتها ، والتی بعدها کهیئة حجارة قد أحمیت بالنار ، فکانت رضفا ، فهی أبلغ فی أدیانهم ، وأثلم لأبدانهم.

النبی صلی الله علیه وسلم ولا رضاه ، إلا أنه کان معه فنسب إلیه ، ولأن زیدا لم یکن معه من العصمة ما کان مع النبی صلی الله علیه وسلم.

والثانی : أن یکون ذبحها لزاده فی خروجه ، فاتّفق ذلک عند صنم ، کانوا یذبحون عنده ، لا أنه ذبحها للصّنم ، هذا إذا جعل النُّصُبُ الصّنم. فأمّا إذا جعل الحجر الذی یذبح عنده فلا کلام فیه ، فظنّ زید بن عمرو أن ذلک اللحم ممّا کانت قریش تذبحه لأنصابها فامتنع لذلک. وکان زید یخالف قریشا فی کثیر من أمورها. ولم یکن الأمر کما ظنّ زید.

(ه) ومنه حدیث إسلام أبی ذر «فخررت مغشیّا علیّ ثم ارتفعت کأنی نصب أحمر» یرید أنهم ضربوه حتی أدموه ، فصار کالنّصب المحمرّ بدم الذّبائح.

ومنه شعر الأعشی (1) ، یمدح النبی صلی الله علیه وسلم :

وذا النّصب المنصوب لا تعبدنّه

ولا تعبد الشیطان والله فاعبدا

یرید الصّنم. وقد تکرر فی الحدیث.

وذات النُّصْبِ (2) : موضع علی أربعة برد من المدینة.

(س) وفی حدیث الصلاة «لا یَنْصِبُ رأسه ولا یقنعه» أی لا یرفعه. کذا فی سنن أبی داود (3). والمشهور «لا یصبّی ویصوّب». وقد تقدّما.

(س) ومنه حدیث ابن عمر «من أقذر الذنوب رجل ظلم امرأة صداقها ، قیل للّیث : أَنَصَبَ (4) ابن عمر الحدیث إلی رسول الله صلی الله علیه وسلم؟ قال : وما علمه لو لا أنه سمعه منه؟» أی أسنده إلیه ورفعه. والنَّصْبُ : إقامة الشیء ورفعه.

ص: 61

(س) وفیه «فاطمة بضعة منّی یُنْصِبُنِی ما أَنْصَبَهَا» أی یتعبنی ما أتعبها. والنَّصَبُ : التّعب. وقد نَصِبَ یَنْصَبُ ، ونَصَبَهُ غیره وأَنْصَبَهُ.

ومنه حدیث الدّجال «ما یُنْصِبُکَ منه» وروی «ما یضنیک منه» من الضّنا : الهزال والضّعف وأثر المرض. وقد تکرر فی الحدیث.

وفی حدیث السائب بن یزید «کان رباح بن المعترف (1) یحسن غناء النّصب» النّصب بالسکون : ضرب من أغانی العرب شبه الحداء.

وقیل : هو الذی أحکم من النّشید ، وأقیم لحنه ووزنه.

(ه) ومنه حدیث نائل مولی عثمان «فقلنا لرباح بن المعترف (2) : لو نصبت لنا نصب العرب» قال الأصمعی :

وفی الحدیث «کلّهم کان ینصب» أی یغنّی النّصب.

النَّصِیحَةُ : کلمة یعبّر بها عن جملة ، هی إرادة الخیر لِلْمَنْصُوحِ له ، ولیس یمکن أن یعبّر هذا المعنی بکلمة واحدة تجمع معناه غیرها.

وأصل النُّصْحِ فی اللغة : الخلوص. یقال : نَصَحْتُهُ ، ونَصَحْتُ له. ومعنی نَصِیحَةُ الله : صحّة الاعتقاد فی وحدانیّته ، وإخلاص النیّة فی عبادته.

والنَّصِیحَةُ لکتاب الله : هو التصدیق به والعمل بما فیه.

ونَصِیحَةُ رسوله : التصدیق بنبوّته ورسالته ، والانقیاد لما أمر به ونهی عنه.

ونَصِیحَةُ الأئمة : أن یطیعهم فی الحق ، ولا یری الخروج علیهم إذا جاروا.

ونَصِیحَةُ عامّة المسلمین : إرشادهم إلی مصالحهم.

وفی حدیث أبیّ «سألت النبیّ صلی الله علیه وسلم عن التّوبة النَّصُوحِ ، قال : هی الخالصة التی لا یعاود بعدها الذّنب» وفعول من أبنیة المبالغة ، یقع علی الذّکر والأنثی ، فکأنّ الإنسان بالغ فی نصح نفسه بها.

وقد تکرر فی الحدیث ذکر «النّصح والنصیحة» (1).

والنَّصِیرُ : فعیل بمعنی فاعل أو مفعول ، لأن کلّ واحد من الْمُتَنَاصِرَیْنِ نَاصِرٌ ومَنْصُورٌ. وقد نَصَرَهُ یَنْصُرُهُ نَصْراً ، إذا أعانه علی عدوّه وشدّ منه.

ومنه حدیث الضّیف المحروم «فإنّ نصره حقّ علی کل مسلم حتی یأخذ بقری لیلته» قیل : یشبه أن یکون هذا فی المضطرّ الذی لا یجد ما یأکل ، ویخاف علی نفسه التّلف ، فله أن یأکل من مال أخیه المسلم بقدر حاجته الضروریّة ، وعلیه الضّمان.

(ه) وفیه «إن هذه السحابة تنصر أرض بنی کعب» أی تمطرهم. یقال : نَصَرْتُ الأرض فهی مَنْصُورَةٌ : أی ممطورة. ونَصَرَ الغیث البلد ، إذا أعانه علی الخصب والنّبات.

وقیل : هذا الخبر إنما جاء فی قصّة خزاعة ، وهم بنو کعب حین قتلتهم قریش فی الحرم بعد الصلح ، فورد علی النبی صلی الله علیه وسلم وارد منهم مُسْتَنْصِراً ، فقال : «إن هذه السحابة تنصر أرض بنی کعب» یعنی بما فیها من الملائکة ، فهو من النّصر والمعونة.

(ه) وفیه «لا یؤمّنّکم أَنْصَرُ» أی أقلف. هکذا فسّر فی الحدیث.

(ه) ومنه حدیث عمرو بن دینار «ما رأیت رجلا أَنَصَ للحدیث من الزّهری» أی أرفع له وأسند.

(س) وفی حدیث عبد الله بن زمعة «أنه تزوّج بنت السائب ، فلما نُصَّتْ لتهدی إلیه طلّقها» أی أقعدت علی الْمِنَصَّةِ ، وهی بالکسر : سریر العروس.

وقیل : هی بفتح المیم : الحجلة علیها ، من قولهم : نَصَصْتُ المتاع ، إذا جعلت بعضه علی بعض.

وکلّ شیء أظهرته فقد نَصَصْتَهُ.

ومنه حدیث هرقل «یَنُصُّهُمْ» أی یستخرج رأیهم ویظهره.

ومنه قول الفقهاء «نَصُ القرآن ، ونَصُ السّنّة» أی ما دلّ ظاهر لفظهما علیه من الأحکام.

ومنه حدیث ابن الأکوع :

* لم یغذها مدّ ولا نصیف *

(ه) وفی صفة الحور «ولَنَصِیفُ إحداهنّ خیر من الدنیا وما فیها» هو الخمار.

وقیل : المعجر.

وفی حدیث عمر مع زنباع بن روح :

متی ألق زنباع بن روح ببلدة

لی النّصف منها یقرع السّنّ من ندم

النِّصْفُ ، بالکسر : الِانْتِصَافُ. وقد أَنْصَفَهُ من خصمه ، یُنْصِفُهُ إِنْصَافاً.

ومنه حدیث علیّ «ولا جعلوا بینی وبینهم نِصْفاً» أی إنصافا.

وفی حدیث ابن الصّبغاء :

* بین القِرانِ السَّوْءِ والنَّوَاصِفُ *

جمع نَاصِفَة وهی الصّخرة. ویروی «... التّراصف». وقد تقدّم.

وفی قصید کعب :

* شدّ النهار ذراعا (1) عیطل نصف *

النَّصَفُ بالتحریک : التی بین الشابّة والکهلة.

(س) ومنه الحدیث «حتی إذا کان بِالْمَنْصَفِ» أی الموضع الوسط بین الموضعین.

ومنه حدیث التائب «حتی إذا أَنْصَفَ الطریقَ أتاه الموت» أی بلغ نِصْفَهُ. ویقال فیه : نَصَفَهُ ، أیضا.

(ه) وفی حدیث داود علیه السلام «دخل المحراب وأقعد مِنْصَفاً علی الباب» الْمِنْصَفُ بکسر المیم : الخادم. وقد تفتح. یقال : نَصَفْتُ الرّجل ، نِصَافَةً ، إذا خدمته.

ومنه حدیث ابن سلام «فجاءنی مِنْصَفٌ مَنْصَفٌ فرفع ثیابی من خلفی».

ویروی «تَنْصَلِتُ (1)» أی تقصد للمطر ، وقد تقدّم.

وفیه «أنهم کانوا یسمّون رجبا مُنْصِلَ الأسنّة» أی مخرج الأسنّة من أماکنها. کانوا إذا دخل رجب نزعوا أسنّة الرماح ونِصَالَ السهام ، إبطالا للقتال فیه ، وقطعا لأسباب الفتن لحرمته ، فلمّا کان سببا لذلک سمّی به.

یقال : نَصَّلْتُ السّهم تَنْصِیلاً ، إذا جعلت له نَصْلاً ، وإذا نزعت نصله ، فهو من الأضداد. وأَنْصَلْتُهُ فَانْتَصَلَ ، إذا نزعت سهمه.

(ه) ومنه حدیث أبی موسی «وإن کان لرمحک سنان فَأَنْصِلْهُ» أی انزعه.

ومنه حدیث علیّ «ومن رمی بکم فقد رمی بأفوق نَاصِلٍ» أی بسهم منکسر الفوق لا نصل فیه.

یقال : نَصَلَ السهمُ ، إذا خرج منه النّصل. ونَصَلَ أیضا ، إذا ثبت نصله فی الشیء ولم یخرج ، فهو من الأضداد.

(ه) وحدیث أبی سفیان «فامّرط قذذ السّهم وانْتَصَلَ».

(س) وفیه «من تَنَصَّلَ إلیه أخوه فلم یقبل» أی انتفی من ذنبه واعتذر إلیه.

[ه] وفی حدیث الخدریّ «فقام النّحّام العدویّ یومئذ ، وقد أقام علی صلبه نصیلا» النَّصِیلُ : حجر طویل مدملک ، قدر شبر أو ذراع. وجمعه : نُصُلٌ (2).

(ه) ومنه حدیث خوّات «فأصاب ساقه نَصِیلُ حَجَرٍ».

وفی حدیث آخر «ما یُنَصْنِصُ بها لسانه» أی ما یحرّکه.

(ه) ومنه حدیث أبی بکر «نَضَبَ عمره وضحا ظلّه» أی نفد عمره وانقضی.

(ه) ومنه حدیث قتادة «النَّضَحُ من النَّضْحِ» یرید من أصابه نَضْحٌ من البول - وهو الشیء الیسیر منه - فعلیه أن یَنْضَحَهُ بالماء ، ولیس علیه غسله.

قال الزمخشری : هو أن یصیبه من البول رشاش کرؤوس الإبر.

(س) وفیه «أنه قال للرّماة یوم أحد : انْضَحُوا عنا الخیل لا نؤتی من خلفنا» أی ارموهم بالنّشّاب. یقال : نَضَحُوهُمْ بِالنَّبْلِ ، إذا رموهم.

وفی حدیث هجاء المشرکین «کما ترمون نَضْحَ النّبل».

وفی حدیث الإحرام «ثم أصبح محرما یَنْضَحُ طِیباً» أی یفوح. والنَّضُوحُ بالفتح : ضرب من الطیب تفوح رائحته. وأصل النَّضْحِ : الرّشح ، فشبّه کثرة ما یفوح من طیبه بالرّشح. وروی بالخاء المعجمة.

وقیل : هو کاللّطخ یبقی له أثر. قالوا : وهو أکثر من النّضح ، بالحاء المهملة.

وقیل : هو بالخاء المعجمة فیما نحن کالطّیب ، وبالمهملة فیما رقّ کالماء. وقیل : هما سواء. وقیل بالعکس.

ومنه حدیث علیّ «وجد فاطمة وقد نَضَحَتِ البیتَ بِنَضُوحٍ» أی طیّبته وهی فی الحج. وقد تکرر ذکره فی الحدیث.

وقد یرد «النَّضْحُ» بمعنی الغسل والإزالة.

ومنه الحدیث «ونضح الدّم عن جبینه».

وحدیث الحیض «ثم لْتَنْضَحْهُ» أی تغسله.

وفی حدیث ماء الوضوء «فمن نائل ونَاضِحٍ» أی راشّ ممّا بیده علی أخیه.

وفی قصید کعب :

* من کلّ نَضَّاخَةٍ الذّفری إذا عرقت *

یقال : عین نَضَّاخَةٌ : أی کثیرة الماء فوّارة. أراد أنّ ذفری الناقة کثیرة النّضخ بالعرق.

ومنه حدیث علیّ «کلمات لو رحلتم فیهنّ المطیّ لَأَنْضَیْتُمُوهُنَ».

وحدیث ابن عبد العزیز «أنضیتم الظّهر» أی أهزلتموه.

(س) ومنه الحدیث «إن کان أحدنا لیأخذ نِضْوَ أخیه».

(س) وفی حدیث جابر «جعلت ناقتی تَنْضُو الرقاق (1)» أی تخرج من بینها. یقال : نَضَتْ تَنْضُو نُضُوّاً ونُضِیّاً.

وفی حدیث علیّ ، وذکر عمر فقال : «تنکّب قوسه وانْتَضَی فی یده أسهما» أی أخذ واستخرجها من کنانته. یقال : نَضَا السیف من غمده وانْتَضَاهُ ، إذا أخرجه.

(س) وفی حدیث الخوارج «فینظر فی نَضِیِّهِ» النَّضِیُ : نصل السّهم. وقیل : هو السهم قبل أن ینحت إذا کان قدحا ، وهو أولی ، لأنه قد جاء فی الحدیث ذکر النّصل بعد النّضیّ.

وقیل : هو من السهم ما بین الریش والنّصل. قالوا : سمّی نَضِیّاً ؛ لکثرة البری والنّحت ، فکأنه جعل نِضْواً : أی هزیلا.

ومنه الحدیث «لا یَنْتَطِحُ فیها عنزان» أی لا یلتقی فیها اثنان ضعیفان ، لأن النِّطَاحَ من شأن التّیوس ، والکباش لا العنوز. وهو إشارة إلی قضیة مخصوصة لا یجری فیها خلف ونزاع.

والذی جاء فی کتاب الأزهری «لا یخشی إلا جورا» أی لا یخاف فی طریقه غیر الضّلال ، والجور عن الطریق.

(ه) ومنه الحدیث «إنّا نقطع إلیکم هذه النُّطْفَةِ» یعنی ماء البحر.

ومنه حدیث علیّ «ولیمهلها عند النِّطَافِ والأعشاب» یعنی الإبل والماشیة. النِّطَافُ : جمع نطفة ، یرید أنها إذا وردت علی المیاه والعشب یدعها لترد وترعی.

ومنه الحدیث «قال لأصحابه : هل من وضوء؟ فجاء رجل بِنُطْفَةٍ فی إداوة» أراد بها ها هنا الماء القلیل. وبه سمّی المنیّ نُطْفَةً لقلّته ، وجمعها : نُطَفٍ.

ومنه الحدیث «تخیّروا لنطفکم» وفی روایة «لا تجعلوا نطفکم إلّا فی طهارة» هو حثّ علی استخارة أمّ الولد ، وأن تکون صالحة ، وعن نکاح صحیح أو ملک یمین. وقد نَطَفَ الماء یَنْطُفُ ویَنْطِفُ ، إذا قطر قلیلا قلیلا.

(ه) ومنه الحدیث «أنّ رجلا أتاه فقال : یا رسول الله رأیت ظلّة تنطف سمنا وعسلا» أی تقطر.

ومنه صفة المسیح علیه السلام «ینطف رأسه ماء».

ومنه حدیث ابن عمر «دخلت علی حفصة ونوساتها تنطف».

وقیل : کان لها نطاقان تلبس أحدهما ، وتحمل فی الآخر الزاد إلی النبی صلی الله علیه وسلم وأبی بکر ، وهما فی الغار.

وقیل : شقّت نطاقها نصفین فاستعملت أحدهما ، وجعلت الآخر شدادا لزادهما.

(ه) وفی حدیث عائشة «فعمدن إلی حجز مناطقهنّ فشققنها واختمرن بها».

وفی حدیث خیبر «غدا إلی النَّطَاةِ» هی علم لخیبر أو حصن بها ، وهی من النَّطْوِ : البعد. وقد تکرّرت فی الحدیث. وإدخال اللام علیها کإدخالها علی حارث وعباس. کأنّ النّطاة وصف لها غلب علیها.

والمرأة کاظمة بنت مرّ. وکانت متهوّدة قد قرأت الکتب.

وقیل : هی أخت ورقة بن نوفل.

(ه) وفیه «أنه رأی جاریة بها سفعة ، فقال : إن بها نَظْرَةً فاسترقوا لها» أی بها عین أصابتها من نظر الجنّ. وصبیّ مَنْظُورٌ : أصابته العین.

وفی حدیث ابن مسعود «لقد عرفت النَّظَائِرَ التی کان رسول الله صلی الله علیه وسلم یقوم بها : عشرین سورة من المفصّل» النَّظَائِرُ : جمع نظیرة ، وهی المثل والشّبه فی الأشکال ، والأخلاق ، والأفعال ، والأقوال ، أراد اشتباه بعضها ببعض فی الطول.

والنَّظِیرُ : المثل فی کل شیء. وقد تکرّر فی الحدیث.

(ه) وفی حدیث الزّهری «لا تناظر بکتاب الله ولا بسنّة رسول الله صلی الله علیه وسلم» أی لا تجعل لهما شبها ونظیرا ، فتدعهما وتأخذ به ، أو لا تجعلهما مثلا ، کقول القائل إذا جاء فی الوقت الذی یرید : ([«ثُمَ] (1) جِئْتَ عَلی قَدَرٍ یا مُوسی» وما أشبه ذلک مما یتمثّل به ، والأوّل أشبه. یقال : نَاظَرْتُ فلانا : أی صرت له نظیرا فی المخاطبة. ونَاظَرْتُ فلانا بفلان : أی جعلته نظیرا له.

وفیه «کنت أبایع الناس فکنت أُنْظِرُ الْمُعْسِرَ» الْإِنْظَارُ : التأخیر والإمهال. یقال : أَنْظَرْتُهُ أُنْظِرُهُ ، واسْتَنْظَرْتُهُ ، إذا طلبت منه أن یُنْظِرَکَ.

وفی حدیث أنس «نَظَرْنَا النبیّ صلی الله علیه وسلم ذات لیلة حتی کان شطر اللیل» یقال : نَظَرْتُهُ وانْتَظَرْتُهُ ، إذا ارتقبت حضوره.

ومنه حدیث الحج «فإنّی أَنْظُرُکُمَا».

وحدیث الأشعریّین «أن تَنْظُرُوهُمْ» وقد تکرّر ذکر «النّظر ، والانتظار ، والإنظار» فی الحدیث.

خلوص العقیدة ونفی الشّرک ومجانبة الأهواء ، ثم نظافة القلب عن الغلّ والحقد والحسد وأمثالها ، ثم نظافة المطعم والملبس عن الحرام والشّبه ، ثم نظافة الظاهر لملابسة العبادات.

ومنه الحدیث «نَظِّفُوا أفواهکم فإنها طرق القرآن» أی صونوها عن اللّغو ، والفحش ، والغیبة ، والنّمیمة ، والکذب ، وأمثالها ، وعن أکل الحرام والقاذورات ، والحثّ (1) علی تطهیرها من النجاسات والسّواک.

(س) وفیه «تکون فتنة تَسْتَنْظِفُ العرب» أی تستوعبهم هلاکا. یقال : اسْتَنْظَفْتُ الشیء ، إذا أخذته کلّه. ومنه قولهم : استنظفت الخراج ، ولا یقال : نظّفته.

ومنه حدیث الزّهری «فقدّرت أنّی استنظفت ما عنده ، واستغنیت عنه».

أعداء عثمان یسمّونه نعثلا ، تشبیها برجل من مصر (1) ، کان طویل اللحیة اسمه نَعْثَل.

وقیل : النَّعْثَلُ : الشیخ الأحمق ، وذکر الضباع.

ومنه حدیث عائشة «اقتلوا نعثلا ، قتل الله نَعْثَلاً» تعنی عثمان. وهذا کان منها لمّا غاضبته وذهبت إلی مکة.

[ه] وفی حدیث ابن عباس «أعوذ بالله من شرّ عرق نَعَّارٍ» نَعَرَ العرق بالدم ، إذا ارتفع وعلا. وجرح نَعَّارٌ ونَعُورٌ ، إذا صوّت دمه عند خروجه.

(ه) ومنه حدیث الحسن «کلّما نَعَرَ بهم نَاعِرٌ اتّبعوه» أی ناهض یدعوهم إلی الفتنة ، ویصیح بهم إلیها.

ویروی «انتاش الدین فَنَعَشَهُ» بالفاء ، علی أنه فِعل.

وحدیث جابر «فانطلقنا به نَنْعَشُهُ» أی ننهضه ونقوّی جأشه.

* یا خیر من یمشی بنعل فرد *

النَّعْلُ : مؤنثة ، وهی التی تلبس فی المشی ، تسمّی الآن : تاسومة ، ووصفها بالفرد وهو مذکر ؛ لأن تأنیثها غیر حقیقیّ.

والفرد : هی التی لم تخصف ولم تطارق ، وإنما هی طاق واحد. والعرب تمدح برقّة النعال ، وتجعلها من لباس الملوک. یقال : نَعَلْتُ ، وانْتَعَلْتُ ، إذا لبست النّعل ، وأَنْعَلْتُ الخیل ، بالهمزة.

ومنه الحدیث «إنّ غسّان تُنْعِلُ خیلها».

وقد تکرر ذکر «الْإِنْعَالِ والِانْتِعَالِ» فی الحدیث.

ولا موصولة ، کأنه قال : نِعْمَ شیئا المالُ ، والباء زائدة ، مثل زیادتها فی (کَفی بِاللهِ حَسِیباً).

ومنه الحدیث «نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالح» وفی نعم لغات ، أشهرها کسر النون وسکون العین ، ثم فتح النون وکسر العین ، ثم کسرهما.

(س) وفی حدیث قتادة «عن رجل من خثعم ، قال : دفعت إلی النبیّ صلی الله علیه وسلم وهو بمنی ، فقلت له : أنت الذی تزعم أنک نبیّ؟ فقال : نَعِم» وکسر العین. هی لغة فی نَعَم ، بالفتح ، التی للجواب. وقد قرئ بهما.

وقال أبو عثمان النّهدی : «أمرنا أمیر المؤمنین عمر بأمر فقلنا : نعم ، فقال : لا تقولوا : نَعَم ، وقولوا نَعِم» وکسر العین.

(س) وقال بعض ولد الزبیر «ما کنت أسمع أشیاخ قریش یقولون إلّا نَعِمْ» بکسر العین.

(س) وفی حدیث أبی سفیان «حین أراد الخروج إلی أحد کتب علی سهم : نَعَم ، وعلی آخر : لا ، وأجالهما عند هبل ، فخرج سهم نعم ، فخرج إلی أحد ، فلما قال لعمر : أعل هبل ، وقال عمر : الله أعلی وأجلّ ، قال أبو سفیان : أَنْعَمَت ، فعال عنها» أی أترک ذکرها فقد صدقت فی فتواها. وأَنْعَمَتْ : أی أجابت بِنَعَمْ.

(ه) وفی حدیث الحسن «إذا سمعت قولا حسنا فرویدا بصاحبه ، فإن وافق قول عملا فَنَعْمَ ونُعْمَةَ عین ، آخه وأودده» أی إذا سمعت رجلا یتکلم فی العلم بما تستحسنه ، فهو کالداعی لک إلی مودّته وإخائه ، فلا تعجل حتی تختبر فعله ، فإن رأیته حسن العمل فأجبه إلی إخائه ومودّته. وقل له : نعم.

ونُعْمَةُ عین : أی قرّة عین. یعنی أقرّ عینک بطاعتک واتّباع أمرک. یقال : نعمة عین ، بالضم ، ونُعْمَ عین ، ونُعْمَی عین.

(س) وفی حدیث أبی مریم «دخلت علی معاویة فقال : ما أَنْعَمَنَا بک؟» أی ما الذی أعملک إلینا ، وأقدمک علینا ، وإنما یقال ذلک لمن یفرح بلقائه ، کأنه قال : ما الذی أسرّنا وأفرحنا ، وأقرّ أعیننا بلقائک ورؤیتک.

ص: 84

وفی حدیث مطرّف «لا تقل : نَعِمَ الله بک عینا ، فإن الله لا یَنْعَمُ بأحد عینا ، ولکن قل : أَنْعَمَ الله بک عینا» قال الزمخشری : الذی منع منه مطرّف صحیح فصیح فی کلامهم ، وعینا نصب علی التمییز من الکاف ، والباء للتّعدیة. والمعنی : نَعَّمَکَ الله عینا : أی نَعَّمَ عینک وأقرّها. وقد یحذفون الجارّ ویوصلون الفعل فیقولون : نَعِمَکَ الله عینا. وأمّا أنعم الله بک عینا ، فالباء فیه زائدة ، لأنّ الهمزة کافیة فی التّعدیة ، تقول : نَعِمَ زید عینا ، وأَنْعَمَهُ الله عینا (1) ویجوز أن یکون من أنعم ، إذا دخل فی النَّعِیمِ ، فیعدّی بالباء. قال : ولعلّ مطرّفا خیّل إلیه أن انتصاب الممیّز (2) فی هذا الکلام عن الفاعل ، فاستعظمه ، تعالی الله (3) أن یوصف بالحواسّ علوّا کبیرا ، کما یقولون : نَعِمْتُ بهذا الأمر عینا ، والباء للتّعدیة ، فحسب أنّ الأمر فی نعم الله بک عینا ، کذلک.

(س) وفی حدیث ابن ذی یزن :

أتی هرقلا وقد شالت نعامتهم

النَّعَامَةُ : الجماعة : أی تفرّقوا.

قال الزمخشری : (1) فی نَعَایَا ثلاثة أوجه : أحدها : أن یکون جمع نَعِیّ ، وهو المصدر ، کصفیّ وصفایا ، والثانی : أن یکون اسم جمع ، کما جاء فی أخیّة : أخایا ، والثالث : أن یکون جمع نَعَاءِ ، التی هی اسم الفعل ، والمعنی یا نعایا العرب جئن فهذا وقتکنّ وزمانکنّ ، یرید أنّ العرب قد هلکت. والنُّعْیَان مصدر بمعنی النَّعْی. وقیل : إنه جمع نَاعٍ ، کراع ورعیان. والمشهور فی العربیة أن العرب کانوا إذا مات منهم شریف أو قتل بعثوا راکبا إلی القبائل یَنْعَاهُ إلیهم ، یقول : نَعَاءِ فلانا ، أو یا نَعَاء العرب : أی هلک فلان ، أو هلکت العرب بموت فلان. فَنَعَاءِ من نعیت : مثل نظار ودراک. فقوله «نَعَاءِ فلانا» معناه انْع فلانا ، کما تقول : دراک فلانا : أی أدرکه. فأمّا قوله یا نَعَاءِ العرب ، مع حرف النداء فالمنادی محذوف ، تقدیره : یا هذا انع العرب ، أو یا هؤلاء انْعَوا العرب ، بموت فلان ، کقوله تعالی : ألا یا اسجدوا أی یا هؤلاء اسجدوا ، فیمن قرأ بتخفیف ألا.

فَتَنَغَّشَ کما یَتَنَغَّشُ الطیر» أی تحرّک حرکة ضعیفة.

(ه) وفی حدیث المستضعفین بمکة «فَنَفَجَتْ (1) بهم الطریق» أی رمت بهم فجأة ، ونَفَجَتِ الرّیح ، إذا جاءت بغتة.

(س) وفی حدیث أشراط الساعة «انْتِفَاج (2) الأهلّة» روی بالجیم ، من انْتَفَجَ جَنْبَا البعیر ، إذا ارتفعا وعظما خلقة. ونَفَجْتُ الشیء فانتفج : أی رفعته وعظّمته.

ومنه حدیث علیّ «نَافِجاً (3) حِضْنَیْهِ» کنی به عن التّعاظم والتّکبّر والخیلاء.

وفی حدیث عثمان «إنّ هذا البجباج النَّفَّاجَ لا یدری ما الله» النَّفَّاجُ : الذی یتمدّح بما لیس فیه ، من الِانْتِفَاجُ : الارتفاع.

(ه) وفی صفة الزّبیر «کان نُفُجَ الحقیبة» أی عظیم العجز ، وهو بضم النّون والفاء.

[ه] وفی حدیث أبی بکر «أنه کان یحلب لأهله فیقول : أُنْفِجُ أم أُلْبِدُ؟»

الْإِنْفَاجُ : إبانة الإناء عن الضّرع عند الحلب حتی تعلوه الرّغوة ، والإلباد : إلصاقه بالضّرع حتی لا تکون له رغوة.

أحد المتقاتلین من الآخر بحیث یصل نَفْحُ کلّ واحد منهما إلی صاحبه ، وهی ریحه ونفسه. ونَفْحُ الرّیح : هبوبها. ونَفَحَ الطّیب ، إذا فاح.

ومنه الحدیث «إن لربّکم فی أیّام دهرکم نَفَحَاتٍ ، أَلَا فتعرّضوا لها».

(س) وفی حدیث آخر «تعرّضوا لِنَفَحَاتِ رحمة الله تعالی».

(ه) وفیه «أوّل نَفْحَةٍ من دم الشهید» أی أوّل فورة تفور منه.

ومنه الحدیث «حتی یَنْفُذَ النّساء» أی یمضین ویتخلّصن من مزاحمة الرّجال.

والحدیث الآخر «انْفُذْ علی رِسْلِکَ ، وانْفُذْ بسلام» أی انفصل وامض سالما.

(س) وفی حدیث أبی الدّرداء «إِنْ نَافَذْتَهُمْ نَافَذُوکَ» نَافَذْتُ الرجل ، إذا حاکمته : أی إن قلت لهم قالوا لک. ویروی بالقاف والدال المهملة.

ومنه حدیث عبد الرحمن بن الأزرق «ألا رجل یَنْفُذُ بیننا» أی یحکم ویمضی أمره فینا. یقال : أمره نَافِذٌ : أی ماض مطاع.

یقال : أَنْفَرْنَا : أی تفرّقت إبلنا ، وأُنْفِرَ بنا : أی جعلنا مُنْفِرِینَ ذوی إبل نَافِرَة.

ومنه حدیث زینب بنت رسول الله صلی الله علیه وسلم «فَأَنْفَرَ بها المشرکون بعیرها حتی سقطت».

ومنه حدیث عمر «ما یزید علی أن یقول : لا تُنْفِرُوا» أی لا تنفروا إبلنا.

(س) وفی حدیث أبی ذر «لو کان هاهنا أحد من أَنْفَارِنَا» أی من قومنا ، جمع نفر ، وهم رهط الإنسان وعشیرته ، وهو اسم جمع ، یقع علی جماعة من الرّجال خاصّة ما بین الثلاثة (1) إلی العشرة ، ولا واحد له من لفظه.

(س) ومنه الحدیث «ونَفَرُنَا خلوف» أی رجالنا. وقد تکرر فی الحدیث.

(ه) وفی حدیث عمر «أن رجلا تخلّل بالقصب ، فَنَفَرَ فوه ، فنهی عن التّخلّل بالقصب» أی ورم. وأصله من النِّفَارِ ؛ لأنّ الجلد یَنْفِرُ عن اللّحم ، للدّاء الحادث بینهما.

(ه) ومنه حدیث غزوان «أنه لطم عینه فَنَفَرَتْ» أی ورمت.

(س) وفی حدیث أبی ذر «نَافَرَ أخی أنیس فلانا الشّاعر» تَنَافَرَ الرجلان ، إذا تفاخرا ثم حکّما بینهما واحدا ، أراد أنّهما تفاخرا أیّهما أجود شعرا.

والْمُنَافَرَةُ : المفاخرة والمحاکمة ، یقال : نَافَرَهُ فَنَفَرَهُ یَنْفُرُهُ ، بالضم ، إذا غلبه. ونَفَّرَهُ وأَنْفَرَهُ ، إذا حکم له بالغلبة.

وفیه «إنّ الله یبغض العفریة النِّفْرِیَة» أی المنکر الخبیث. وقیل : النِّفْرِیَةُ والنِّفْرِیتُ : إتباع للعفریة والعفریت.

(ه) ومنه الحدیث «لا تسبّوا الرّیح ، فإنها من نَفَسِ الرحمن» یرید بها أنّها تفرّج الکرب ، وتنشیء السّحاب ، وتنشر الغیث ، وتذهب الجدب.

قال الأزهری : النَّفَسُ فی هذین الحدیثین اسم وضع موضع المصدر الحقیقی ، من نَفَّسَ یُنَفِّسُ تَنْفِیساً ونَفَساً ، کما یقال : فرّج یفرّج تفریجا وفرجا ، کأنه قال : أجد تنفیس ربّکم من قبل الیمن ، وإنّ الرّیح من تنفیس الرحمن بها عن المکروبین.

قال العتبی : هجمت علی واد خصیب وأهله مصفرّة ألوانهم ، فسألتهم عن ذلک ، فقال شیخ منهم : لیس لنا ریح.

(ه) ومنه الحدیث «من نَفَّسَ عن مؤمن کربة» أی فرّج.

(س) ومنه الحدیث «ثم یمشی أَنْفَسَ منه» أی أفسح وأبعد قلیلا.

والحدیث الآخر «من نَفَّسَ عن غریمه» أی أخّر مطالبته.

ومنه حدیث عمّار «لقد أبلغت وأوجزت ، فلو کنت تَنَفَّسْتَ» أی أطلت. وأصله أن المتکلم إذا تَنَفَّسَ استأنف القول ، وسهلت علیه الإطالة.

(س) وفیه «بعثت فی نَفَسِ الساعة» أی بعثت وقد حان قیامها وقرب ، إلا أنّ الله أخّرها قلیلا ، فبعثنی فی ذلک النّفس ، فأطلق النّفس علی القرب.

وقیل : معناه أنه جعل للساعة نفسا کنفس الإنسان ، أراد إنّی بعثت فی وقت قریب منها أحسّ فیه بنفسها ، کما یحسّ بنفس الإنسان إذا قرب منه. یعنی بعثت فی وقت بانت أشراطها فیه وظهرت علاماتها.

ویروی «فی نسم الساعة» وقد تقدم.

(ه) وفیه «أنه نهی عن التّنفّس فی الإناء».

(ه) وفی حدیث آخر «أنه کان یَتَنَفَّسُ فی الإناء ثلاثا» یعنی فی الشّرب. الحدیثان صحیحان ، وهما باختلاف تقدیرین : أحدهما أن یشرب وهو یتنفّس فی الإناء من غیر أن یبینه عن فیه ، وهو مکروه. والآخر أن یشرب من الإناء بثلاثة أَنْفَاسٍ یفصل فیها فاه عن الإناء. یقال : أکرع فی الإناء نَفَساً أو نَفَسَیْنِ ، أی جرعة أو جرعتین.

ص: 94

(س) وفی حدیث عمر «کنّا عنده فَتَنَفَّسَ رجل» أی خرج من تحته ریح. شبّه خروج الرّیح من الدّبر بخروج النّفس من الفم.

(ه) وفیه «ما من نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلّا قد کتب رزقها وأجلها» أی مولودة. یقال : نُفِسَتِ المرأةُ ونَفِسَتْ ، فهی منفوسة ونُفَسَاءُ ، إذا ولدت. فأما الحیض فلا یقال فیه إلّا نَفِسَتْ ، بالفتح.

ومنه الحدیث «أنّ أسماء بنت عمیس نَفِسَتْ بمحمد بن أبی بکر» والنِّفَاسُ : وِلَادُ المرأة إذا وضعت.

ومنه الحدیث «فلمّا تعلّت من نفاسها تجمّلت للخطّاب» أی خرجت من أیّام ولادتها. وقد تکرر فی الحدیث.

(س) ومن الأوّل حدیث عمر «أنه أجبر بنی عمّ علی منفوس» أی ألزمهم إرضاعه وتربیته.

(س) وحدیث أبی هریرة «أنه [صلی الله علیه وسلم (1)] صلّی علی مَنْفُوسٍ» أی طفل حین ولد. والمراد أنه صلی علیه ولم یعمل ذنبا.

(ه) وحدیث ابن المسیّب «لا یرث المنفوس حتی یستهلّ صارخا» أی حتی یسمع له صوت.

(ه) وفی حدیث أم سلمة «قالت : حضت فانسللت ، فقال : مَا لَکِ ، أَنَفِسْتِ؟» أی أحضتِ. وقد نفست المرأة تَنْفَسُ ، بالفتح ، إذا حاضت. وقد تکرر ذکرها بمعنی الولادة والحیض.

وفیه «أخشی أن تبسط الدنیا علیکم کما بسطت علی من کان قبلکم ، فَتَنَافَسُوهَا کما تنافسوها» التَّنَافُسُ من الْمُنَافَسَةِ ، وهی الرّغبة فی الشیء والانفراد به ، وهو من الشّیء النَّفِیسِ الجیّد فی نوعه. ونَافَسْتُ فی الشیء مُنَافَسَةً ونِفَاساً ، إذا رغبت فیه. ونَفُسَ بالضم نَفَاسَةً : أی صار مرغوبا فیه. ونَفِسْتُ به ، بالکسر : أی بخلت به. ونَفِسْتُ علیه الشیء نَفَاسَةً ، إذا لم تره له أهلا.

ص: 95

ومنه حدیث علیّ «لقد نلت صهر رسول الله صلی الله علیه وسلم فما نَفِسْنَاهُ علیک».

(س) وحدیث السّقیفة «لم نَنْفَسْ علیک» أی لم نبخل.

(س) وحدیث المغیرة «سقیم النِّفَاسِ» أی أسقمته المنافسة والمغالبة علی الشیء.

(ه) وفی حدیث إسماعیل علیه السلام «أنه تعلّم العربیّة وأَنْفَسَهُمْ» أی أعجبهم. وصار عندهم نَفِیساً. یقال : أَنْفَسَنِی فی کذا : أی رغّبنی فیه.

(ه) وفیه «أنه نهی عن الرّقیة إلّا فی النّملة والحمة والنَّفْسِ» النَّفْسُ : الْعَیْنُ. یقال : أصابت فلانا نَفْسٌ : أی عین. جعله القتیبیّ من حدیث ابن سیرین (1) وهو حدیث مرفوع إلی النبیّ صلی الله علیه وسلم عن أنس.

(ه) ومنه الحدیث «أنه مسح بطن رافع ، فألقی شحمة خضراء ، فقال : إنه کان فیها أنفس سبعة» یرید عیونهم. ویقال للعائن : نَافِسٌ.

(ه) ومنه حدیث ابن عباس «الکلاب من الجنّ ، فإن غشیتکم عند طعامکم فألقوا لهنّ ؛ فإنّ لهنّ أنفسا وأعینا».

(ه) وفی حدیث النّخعی «کلّ شیء لیست له نَفْسٌ سائلة ، فإنه لا ینجّس الماء إذا سقط فیه» أی دم سائل.

(ه) وفی حدیث عبد الله بن عمرو «الحبّة فی الجنة مثل کرش البعیر یبیت نَافِشاً» أی راعیا. یقال : نَفَشَتِ السّائمةُ تَنْفِشُ نُفُوشاً ، إذا رعت لیلا بلا راع ، وهملت ، إذا رعت نهارا.

ومنه الحدیث «إنّی لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الأدیم» أی أجهدها وأعرکها ، کما یفعل بالأدیم عند دباغه.

(س) وفی حدیث «کنّا فی سفر فَأَنْفَضْنَا» أی فنی زادنا ، کأنهم نَفَضُوا مزاودهم لخلوّها ، وهو مثل أرمل وأقفر.

(ه) ومنه الحدیث «الیمین الکاذبة مَنْفَقَةٌ للسّلعة ممحقة للبرکة» أی هی مظنّة لنفاقها وموضع له.

[ه] ومنه حدیث ابن عباس «لا یُنَفِّقُ بعضکم لبعض» أی لا یقصد أن ینفّق سلعته علی جهة النّجش ، فإنه بزیادته فیها یرغّب السامع ، فیکون قوله سببا لابتیاعها ، ومنفّقا لها.

ومنه حدیث عمر «من حظّ المرء نفاق أیّمه» أی من حظّه وسعادته أن تخطب إلیه نساؤه ، من بناته وأخواته ، ولا یکسدن کساد السّلع التی لا تنفق.

(س) وفی حدیث ابن عباس «والجزور نَافِقَةٌ» أی میّتة. یقال : نَفَقَتِ الدابّة ، إذا ماتت.

نَفَلْتُ الرجل عن نسبه ، وانْفُلْ عن نفسک إن کنت صادقا : أی انف عنک ما قیل فیک ، وسمّیت الیمین فی القسامة نفلا ، لأن القصاص ینفی بها.

(ه) ومنه حدیث علیّ «لوددت أنّ بنی أمیّة رضوا ونَفَّلْنَاهُمْ خمسین رجلا من بنی هاشم ، یحلفون ما قتلنا عثمان ، ولا نعلم له قاتلا» یرید نَفَّلْنَا لهم.

(س [ه]) ومنه حدیث ابن عمر «أنّ فلانا انتفل من ولده» أی تبرّأ منه.

(س) وفی حدیث أبی الدّرداء «إیاکم والخیل الْمُنَفِّلَة التی إن لقیت فرّت ، وإن غنمت غلّت» کأنه من النّفل : الغنیمة : أی الذین قصدهم من الغزو الغنیمة والمال ، دون غیره ، أو من النّفل ، وهم المطّوّعة المتبرّعون بالغزو ، والذین لا اسم لهم فی الدّیوان ، فلا یقاتلون قتال من له سهم.

هکذا جاء فی کتاب أبی موسی من حدیث أبی الدرداء. والذی جاء فی «مسند أحمد» من روایة أبی هریرة «أنّ رسول الله صلی الله علیه وسلم قال : إیاکم والخیل الْمُنَفِّلَةَ ، فإنها إن تلق تفرّ ، وإن تغنم تغلل» ولعلّهما حدیثان.

(ه) وفی حدیث محمد بن کعب «قال لعمر بن عبد العزیز ، حین استخلف ، فرآه شعثا ، فأدام النّظر إلیه ، فقال له : ما لک تدیم النّظر إلیّ؟ فقال : انظر إلی ما نفی من شعرک ، وحال من لونک» أی ذهب وتساقط. یقال : نَفَی شعره یَنْفِی نَفْیاً ، وانْتَفَی ، إذا تساقط. وکان عمر قبل الخلافة منعّما مترفا ، فلما استخلف شعث وتقشّف.

وفیه «المدینة کالکیر تنفی خبثها» أی تخرجه عنها ، وهو من النّفی : الإبعاد عن البلد. یقال : نَفَیْتُهُ أَنْفِیهِ نَفْیاً ، إذا أخرجته من البلد وطردته.

وقد تکرر ذکر «النّفی» فی الحدیث.

أقسم بالله أبو حفص عمر

ما مسّها من نقب ولا دبر

أراد بَالنَّقَبِ هاهنا رقّة الأخفاف. وقد نَقِبَ البعیرُ یَنْقَبُ ، فهو نَقِبٌ.

(س) ومنه حدیثه الآخر «أنه قال لامرأة حاجّة : أَنْقَبْتِ وأدبرت» أی نَقِبَ بعیرک ودَبِرَ.

ومنه حدیث علیّ «ولیستأن بالنّقب والضالع» أی یرفق بهما. ویجوز أن یکون من الجرب.

ومنه حدیث أبی موسی «فَنَقِبَتْ أقدامنا» أی رقّت جلودها ، وتنفّطت من المشی.

(ه) وفیه «لا شفعة فی فناء ولا طریق ولا مَنْقَبَةٍ» هی الطّریق بین الدارین ، کأنه نَقْبٌ من هذه إلی هذه. وقیل : هو الطریق الذی یعلو أنشاز الأرض.

(ه) ومنه الحدیث «أنهم فزعوا من الطّاعون فقال : أرجو ألّا یَطْلُعَ إلینا نقابها (1)» هی جمع نقب ، وهو الطریق بین الحبلین. أراد أنه لا یطلع إلینا من طرق المدینة ، فأضمر عن غیر مذکور.

ومنه الحدیث «علی أنقاب المدینة ملائکة ، لا یدخلها الطاعون ولا الدّجال» وهو جمع قلّة لِلنَّقْبِ.

(س) وفی حدیث مجدیّ بن عمرو «أنه میمون النَّقِیبَةِ» أی منجّح الفعال ، مظفّر المطالب. والنَّقِیبَةُ : النّفس. وقیل : الطّبیعة والخلیقة.

(س) وفی حدیث أبی بکر «أنه اشتکی عینه فکره أن یَنْقُبَهَا» نَقْبُ العین : هو الذی یسمّیه الأطبّاء القدح ، وهو معالجة الماء الأسود الذی یحدث فی العین. وأصله أن ینقر البیطار حافر الدّابة لیخرج منه ما دخل فیه.

(ه) وفی حدیث عمر «ألبستنا أمّنا نُقْبَتَهَا» هی السّراویل التی تکون لها حجزة من غیر نیفق (2) ، فإذا کان لها نیفق فهی سراویل.

ص: 102

(س) وفی حدیث ابن عمر «أنّ مولاة امرأة اختلعت من کلّ شیء لها وکلّ ثوب علیها ، حتی نُقْبَتِهَا ، فلم ینکر ذلک».

(ه) وفی حدیث الحجّاج «وذکر ابن عباس فقال : إن کان لَنِقَاباً» وفی روایة «إن کان لَمِنْقَباً» النِّقَابُ والْمِنْقَبُ ، بالکسر والتخفیف : الرجل العالم بالأشیاء ، الکثیر البحث عنها والتَّنْقِیبُ : أی ما کان إلا نقابا.

(س) وفی حدیث ابن سیرین «النِّقَابُ محدث» أراد أن النّساء ما کنّ ینتقبن : أی یختمرن.

قال أبو عبید : لیس هذا وجه الحدیث ، ولکنّ النّقاب عند العرب هو الذی یبدو منه محجر العین. ومعناه أنّ إبداءهنّ المحاجر محدث ، إنما کان النّقاب لاحقا بالعین ، وکانت تبدو إحدی العینین والأخری مستورة ، والنّقاب لا یبدو منه إلا العینان. وکان اسمه عندهم : الوصوصة ، والبرقع ، وکانا من لباس النّساء ، ثم أحدثن النّقاب بعد.

بأصبعی ، أَنْقُدُهُ واحدا واحدا نَقْدَ الدّراهم. ونَقَدَ الطائرُ الحبَ یَنْقُدُهُ ، إذا کان یلقطه واحدا واحدا ، وهو مثل النّقر. ویروی بالراء.

ومنه حدیث أبی هریرة «وقد أصبحتم تهذرون الدنیا ، ونَقَدَ بأصبعه» أی نقر.

(ه) وفی حدیث أبی الدرداء «إن نَقَدْتَ الناس نقدوک» أی إن عبتهم واغتبتهم قابلوک بمثله. وهو من قولهم : نَقَدْتُ الجوزة أنقدها ، إذا ضربتها.

ویروی بالفاء والذال المعجمة. وقد تقدم.

(س) وفی حدیث علیّ «إن مکاتبا لبنی أسد قال : جئت بِنَقَدٍ أجلبه إلی الکوفة» النَّقَدُ : صغار الغنم ، واحدتها : نَقَدَة ، وجمعها : نِقَادٌ.

ومنه حدیثه الآخر «قال یوم النّهروان : ارموهم ، فإنما هم نَقَدٌ» شبّههم بالنّقد.

(ه) ومنه حدیث خزیمة «وعاد النّقاد مجرنثما» وقد تکرر فی الحدیث.

وفیه «أنه عطس عنده رجل فقال : حقرت ونَقِرْتَ» یقال به نقیر : أی قروح وبثر ونَقِرَ : أی صار نقیرا. کذا قاله أبو عبیدة (1).

وقال الجوهری : نَقِیر : إتباع حقیر.

یقال : هو حقیر نقیر. ونَقِرَتِ الشاة ، بالکسر ، فهی نَقِرَةٌ : أصابها داء فی جنوبها.

(س) وفی حدیث عمر «متی ما یکثر حملة القرآن یُنَقِّرُوا ، ومتی ما ینقّروا یختلفوا» التَّنْقِیرُ : التّفتیش. ورجل نَقَّارٌ ومُنَقِّرٌ.

ومنه الحدیث «فَنَقَّرَ عنه» أی بحث واستقصی.

ومنه حدیث الإفک «فَنَقَّرَتْ لی الحدیث» هکذا رواه بعضهم. والمرویّ بالباء الموحدة. وقد تقدّم.

(ه) ومنه حدیث ابن المسیّب «بلغه قول عکرمة فی الحین أنه ستّة أشهر ، فقال : انْتَقَرَهَا عکرمة» أی استنبطها من القرآن. والنَّقْرُ : البحث.

هذا إن أراد تصدیقه. وإن أراد تکذیبه ، فمعناه أنه قالها (2) من قبل نفسه ، واختصّ بها ، من الِانْتِقَار : الاختصاص. یقال : نَقَّرَ باسم فلان ، وانْتَقَرَ ، إذا سمّاه من بین الجماعة.

(س) وفیه «فأمر بِنُقْرَةٍ من نحاس فأحمیت» النُّقْرَةُ : قدر یسخّن فیها الماء وغیره. وقیل : هو بالباء الموحدة. وقد تقدّم.

(ه) وفی حدیث عثمان البتّی «ما بهذه النّقرة أعلم بالقضاء من ابن سیرین» أراد البصرة. وأصل النُّقْرَةِ : حفرة یستنقع فیها الماء.

(س) ومنه الحدیث «یَنْقُزَانِ ، القرب علی متونهما» أی یحملانها ، ویقفزان بها وثبا.

وفی نصب «القرب» بعد ؛ لأن یَنْقُزَ غیر متعدّ. وأوّله بعضهم بعدم (1) الجارّ.

ورواه بعضهم بضم الیاء ، من أَنْقَزَ ، فعدّاه بالهمز ، یرید تحریک القرب ووثوبها بشدّة العدو والوثب.

وروی برفع القرب علی الابتداء ، والجملة فی موضع الحال.

ومنه الحدیث «فرأیت عقیصتی أبی عبیدة تَنْقُزَانِ وهو خلفه».

وفی حدیث ابن عباس «ما کان الله لِیُنْقِزَ (2) عن قاتل المؤمن» أی لیقلع ویکفّ عنه حتی یهلکه ، وقد أَنْقَزَ عن الشیء ، إذا أقلع وکفّ.

وفی حدیث بیع الرّطب بالتّمر «قال : أیَنْقُصُ الرّطب إذا یبس؟ قالو ا : نعم» لفظه استفهام ، ومعناه تنبیه وتقریر لکنه الحکم وعلّته ، لیکون معتبرا فی نظائره ، وإلا فلا یجوز أن یخفی مثل هذا علی النبیّ صلی الله علیه وسلم ، کقوله تعالی : (أَلَیْسَ اللهُ بِکافٍ عَبْدَهُ؟) وقول جریر : (1)

* ألستم خیر من رکب المطایا *

(ه) وفی حدیث السّنن العشر «انْتِقَاصُ الماء» یرید (2) انتقاص البول بالماء إذا غسل المذاکیر به.

وقیل : هو الانتضاح بالماء. ویروی بالفاء. وقد تقدّم.

قال بعض المتأخرین : المضبوط المرویّ عند علماء النّقل أنه بالنون ، وهو کلام مشهور ، یقال عند المبالغة فی الموافقة. وأصله فی الکتابین ، یقابل أحدهما بالآخر ویعارض ، فیقال : ما اختلفا فی نقطة ، یعنی من نقط الحروف والکلمات : أی أنّ بینهما من الاتّفاق مالم یختلفا معه فی هذا القدر الیسیر.

(س) وفی حدیث بدر «رأیت البلایا تحمل المنایا ، نواضح یثرب تحمل السّمّ النَّاقِعَ» أی القاتل. وقد نَقَعْتُ فلانا ، إذا قتلته. وقیل : النَّاقِعُ : الثّابت المجتمع ، من نَقْعِ الماء.

(س) وفی حدیث الکرم «تتّخذونه زبیبا تُنْقِعُونَهُ» أی تخلطونه بالماء لیصیر شرابا. وکلّ ما ألقی فی ماء فقد أُنْقِعَ. یقال : أَنْقَعْتُ الدّواء وغیره فی الماء ، فهو مُنْقَعٌ. والنَّقُوعُ بالفتح : ما یُنْقَعُ فی الماء من اللّیل لیشرب نهارا ، وبالعکس. والنَّقِیعُ : شراب یتّخذ من زبیب أو غیره ، ینقع فی الماء من غیر طبخ.

وکان عطاء یَسْتَنْقِعُ فی حیاض عرفة : أی یدخلها ویتبرّد بمائها.

(ه س) وفی حدیث عمر «ما علیهنّ أن یسفکن من دموعهنّ علی أبی سلیمان ما لم یکن نَقْعٌ ولا لقلقة» یعنی خالد بن الولید. النَّقْعُ : رفع الصّوت. ونَقَعَ الصّوتُ واسْتَنْقَعَ ، إذا ارتفع.

وقیل : أراد بِالنَّقْعِ شقّ الجیوب.

وقیل : أراد به وضع التّراب علی الرءوس ، من النّقع : الغبار ، وهو أولی ؛ لأنه قرن به اللّقلقة ، وهی الصّوت ، فحمل اللفظین علی معنیین أولی من حملهما علی معنی واحد.

(ه) وفی حدیث المولد «فاستقبلوه فی الطریق مُنْتَقِعاً لونه» أی متغیّرا. یقال : انْتَقَعَ لونه وامتقع ، إذا تغیّر من خوف أو ألم ونحو ذلک.

ومنه حدیث ابن زمل «فانتقع لون رسول الله صلی الله علیه وسلم ساعة ثم سرّی عنه».

(س) وفیه ذکر «النَّقِیعَةُ» وهی طعام یتّخذه القادم من السّفر.

(ه) وفی رجز کعب وابن الأکوع :

لکن غذاها حنظل نقیف

أی منقوف ، وهو أنّ جانی الحنظل یَنْقُفُهَا بظفره : أی یضربها ، فإن صوّتت علم أنها مدرکة فاجتناها.

فلان الإحسان ، إذا جعله مما یؤدّیه إلی کفر النّعمة.

(س) ومنه حدیث الزکاة «ما ینقم ابن جمیل إلا أنه کان فقیرا فأغناه الله» أی ما ینقم شیئا من منع الزکاة إلّا أن یکفر النّعمة ، فکأن غناه أدّاه إلی کفر نعمة الله.

(س) ومنه حدیث عمر «فهو کالأرقم ، إن یقتل یَنْقَمْ» أی إن قتله کان له من یَنْتَقِمُ منه. والأرقم : الحیّة ، کانوا فی الجاهلیّة یزعمون أن الجنّ تطلب بثأر الجانّ ، وهی الحیّة الدقیقة ، فربما مات قاتله ، وربما أصابه خبل.

(ه) وفیه «خلق الله جؤجؤ آدم من نقاضریّة» أی من رملها. وضریّة : موضع معروف ، نسب إلی ضریّة بنت ربیعة بن نزار. وقیل : هی اسم بئر.

(ه) وفیه «یحشر الناس یوم القیامة علی أرض بیضاء عفراء کقرصة النَّقِیِ» یعنی الخبز الحوّاری.

ومنه الحدیث «ما رأی رسول الله صلی الله علیه وسلم النّقیّ من حین ابتعثه الله حتی قبضه».

وفیه «تَنَقَّهْ وتوقّه» رواه الطبرانی بالنون ، وقال : معناه تخیّر الصّدیق ثم احذره. وقال غیره : «تبقّه» بالباء : أی أبق المال ولا تسرف فی الإنفاق. وتوقّ فی الاکتساب. ویقال : تبقّ بمعنی استبق ، کالتّقصّی بمعنی الاستقصاء.

وفی حدیث قدوم المستضعفین بمکة «فجاءوا یسوق بهم الولید بن الولید ، وسار ثلاثا علی قدمیه ، وقد نَکِبَ بالحرّة» أی نالته حجارتها وأصابته.

ومنه النَّکْبَةُ : وهی ما یصیب الإنسان من الحوادث.

(س) ومنه الحدیث «أنه نَکِبَتْ إصبعه» أی نالتها الحجارة.

وفیه «کان إذا خطب بالمصلّی تَنَکَّبَ علی قوس أو عصا» أی اتّکأ علیها. وأصله من تَنَکَّبَ القوس وانْتَکَبَهَا ، إذا علّقها فی منکبه.

(س) وفی حدیث ابن عمر «خیارکم ألینکم مَنَاکِبَ فی الصلاة» الْمَنَاکِبُ : جمع مَنْکِبْ ، وهو ما بین الکتف والعنق. أراد لزوم السّکینة فی الصلاة.

وقیل : أراد ألّا یمتنع علی من یجیء لیدخل فی الصّف لضیق المکان ، بل یمکّنه من ذلک.

(س) وفی حدیث النّخعیّ «کان یتوسّط العرفاء والمناکب» الْمَنَاکِبُ : قوم دون العرفاء ، واحدهم : منکب. وقیل : الْمَنْکِبْ : رأس العرفاء. وقیل : أعوانه.

والنِّکَابَةُ : کالعرافة والنّقابة.

(س) وفی حدیث الجمعة «فإذا فیها نُکْتَةٌ سوداء» أی أثر قلیل کالنّقطة ، شبه الوسخ فی المرآة والسّیف ، ونحوهما.

معه الأهوال» أی لم یحارب. والْمُنَاکَرَةُ : المحاربة ، لأنّ کل واحد من المتحاربین یُنَاکِرُ الآخر : أی یداهیه ویخادعه.

والأهوال : المخاوف والشّدائد. وهذا کقوله علیه الصلاة والسلام «نصرت بالرّعب».

(ه) ومنه حدیث أبی وائل وذکر أبا موسی فقال : «ما کان أنکره!» أی أدهاه ، من النُّکْرِ ، بالضم : وهو الدّهاء ، والأمر الْمُنْکَر. ویقال للرجل إذا کان فطنا : ما أشدّ نَکْرَهُ ، بالضم والفتح.

ومنه حدیث معاویة «إنّی لأکره النَّکَارَةَ فی الرجل» یعنی الدّهاء.

(ه) وفی حدیث بعضهم (1) «کنت لی أشدّ نَکَرَةً» النَّکَرَةُ بالتحریک : الاسم من الإنکار ، کالنّفقة من الإنفاق.

وقد تکرر ذکر «الْإِنْکَارُ والْمُنْکَرُ» فی الحدیث ، وهو ضدّ المعروف. وکلّ ما قبّحه الشرع وحرّمه وکرهه فهو مُنْکَرٌ. یقال : أَنْکَرَ الشیءَ یُنْکِرُهُ إِنْکَاراً ، فهو منکر ، ونَکِرَهُ یَنْکَرُهُ نُکْراً ، فهو مَنْکُورٌ ، واسْتَنْکَرَهُ فهو مُسْتَنْکِرٌ. والنَّکِیرُ : الْإِنْکَارُ. والْإِنْکَارُ : الجحود. ومُنْکَرٌ ونَکِیرٌ : اسما الملکین ، مفعل وفعیل.

الأمّة ، وانقضت به عدّة الحرّة» أی إذا قلب وردّ فی الخلق الرابع ، وهو المضغة ؛ لأنه أوّلا تراب ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة.

وفی قصید کعب :

زالوا فما زال أنکاس ولا کشف

الْأَنْکَاسُ : جمع نِکْس ، بالکسر ، وهو الرجل الضّعیف.

ومنه النُّکُولُ فی الیمین ، وهو الامتناع منها ، وترک الإقدام علیها.

[ه] ومنه الحدیث «مضر صخرة الله التی لا تُنْکَلُ» أی لا تدفع عما سلّطت علیه لثبوتها فی الأرض. یقال : أَنْکَلْتُ الرجل عن حاجته ، إذا دفعته عنها.

(س) وفی حدیث ماعز «لَأَنْکُلَنَّهُ عنهنّ» أی لأمنعنّه.

(ه) وفی حدیث علیّ «غیر (1) نَکِلٍ فی قدم» أی بغیر جبن وإحجام فی الإقدام.

وفی حدیث وصال الصّوم «لو تأخّر لزدتکم ، کَالتَّنْکِیلِ لهم» أی عقوبة لهم. وقد نَکَّلَ به تنکیلا ، ونَکَّلَ به ، إذا جعله عبرة لغیره. والنَّکَالُ : العقوبة التی تَنْکُلُ الناسَ عن فعل ما جعلت له جزاء.

وفیه «یؤتی بقوم فی النُّکُولِ» یعنی القیود ، الواحد : نِکْل ، بالکسر ، ویجمع أیضا علی أَنْکَال ؛ لأنها یُنْکَلُ بها : أی یمنع.

من الزّینة والخیلاء ، ولأنه زیّ الأعاجم ، أو لأن شعره لا یقبل الدّباغ عند أحد الأئمة إذا کان غیر ذکیّ ولعلّ أکثر ما کانوا یأخذون جلود النّمور إذا ماتت ، لأن اصطیادها عسیر.

(س) ومنه حدیث أبی أیوب «أنه أتی بدابّة سرجها نمور ، فنزع الصُّفّة» یعنی [المیثرة ، فقیل (1) : الجدیات نمور ، یعنی](2) البداد. فقال : إنما ینهی عن الصّفّة».

وفی حدیث الحدیبیة «قد لبسوا لک جلود النّمور» هو کنایة عن شدّة الحقد والغضب ، تشبیها بأخلاق النّمر وشراسته.

(ه) وفیه «فجاءه قوم مجتابی (3) النّمار» کلّ شملة مخطّطة من مآزر الأعراب فهی نمرة ، وجمعها : نمار ، کأنها أخذت من لون النّمر ؛ لما فیها من السّواد والبیاض. وهی من الصّفات الغالبة ، أراد أنه جاءه قوم لابسی أزر مخطّطة من صوف.

(ه) ومنه حدیث مصعب بن عمیر «أقبل إلی النبی صلی الله علیه وسلم وعلیه نمرة».

وحدیث خبّاب «لکن حمزة لم یکن له إلّا نمرة ملحاء» وقد تکرر ذکرها فی الحدیث ، مفردة ومجموعة.

وفی حدیث الحج «حتی أتی نَمِرَةَ» هو الجبل الذی علیه أنصاب الحرم بعرفات.

وفی حدیث أبی ذر «الحمد لله الذی أطعمنا الخمیر وسقانا النَّمِیرَ» الماء النّمیر : النّاجع فی الرّیّ.

ومنه حدیث معاویة «خبز خمیر وماء نَمِیرٌ».

ومنه حدیث جابر «وأنّی لنا أنماط؟».

فحیث طلّقت زوجها لم یقع ، فکانت کمن یخطئه النّوء فلا یمطر.

(س) وفی حدیث الذی قتل تسعا وتسعین نفسا «فَنَاءَ بصدره» أی نهض. ویحتمل أنه بمعنی نَأَی : أی بعد. یقال : نَاءَ ونأی بمعنی.

(س) ومنه الحدیث «لا تزال طائفة من أمتی ظاهرین علی من نَاوَأَهُمْ» أی ناهضهم وعاداهم. یقال : نَاوَأْتُ الرجل نِوَاءً ومُنَاوَأَةً ، إذا عادیته. وأصله من نَاءَ إلیک ونُؤْتَ إلیه ، إذا نهضتما.

(ه) ومنه حدیث الخیل «ورجل ربطها فخرا وریاء ونِوَاءً لأهل الإسلام» أی معاداة لهم.

من بعد نُوحٍ» قیل : أراد بنوح عُمَرَ ، وذلک أن النبی صلی الله علیه وسلم استشار أبا بکر وعمر رضی الله عنهما فی أساری بدر ، فأشار علیه أبو بکر بالمنّ علیهم ، وأشار علیه عمر بقتلهم ، فأقبل النبی صلی الله علیه وسلم علی أبی بکر وقال : «إن إبراهیم کان ألین فی الله من الدّهن باللّبن (1)» وأقبل علی عمر فقال : «إن نوحا کان أشدّ فی الله من الحجر» فشبّه أبا بکر بإبراهیم حین قال «فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی وَمَنْ عَصانِی فَإِنَّکَ غَفُورٌ رَحِیمٌ» وشبّه عمر بنوح ، حین قال : «لا تَذَرْ عَلَی الْأَرْضِ مِنَ الْکافِرِینَ دَیَّاراً».

وأراد ابن سلام أن عثمان خلیفة عمر الذی شبّه بنوح ، وأراد بیوم القیامة یوم الجمعة ، لأنّ ذلک القول کان فیه.

وعن کعب أنه رأی رجلا یظلم رجلا یوم الجمعة ، فقال : ویحک ، تظلم رجلا یوم القیامة! والقیامة تقوم یوم الجمعة. وقیل : أراد أنّ هذا القول جزاؤه عظیم یوم القیامة.

المراد أن حجابه النّور. وکذا روی فی حدیث أبی موسی. والمعنی : کیف أراه وحجابه النّور : أی إن النّور یمنع من رؤیته.

وفی حدیث الدعاء «اللهم اجعل فی قلبی نُوراً» وباقی أعضائه (1). أراد ضیاء الحقّ وبیانه ، کأنه قال : اللهمّ استعمل هذه الأعضاء منّی فی الحقّ. واجعل تصرّفی وتقلّبی فیها علی سبیل الصواب والخیر.

(ه) وفی صفته صلی الله علیه وسلم «أَنْوَرُ المتجرّد» أی نیّر لون الجسم. یقال للحسن المشرق اللّون : أَنْوَر ، وهو أفعل من النور. یقال : نَارَ فهو نَیِّرٌ ، وأَنَارَ فهو مُنِیرٌ.

وفی حدیث مواقیت الصلاة «أنه نَوَّرَ بالفجر» أی صلّاها وقد استنار الأفق کثیرا.

(ه) وفی حدیث علیّ «نائرات الأحکام ، ومنیرات الإسلام» النَّائِرَاتُ : الواضحات البیّنات ، والْمُنِیرَات کذلک. فالأولی من نار ، والثانیة من أنار ، وأنار لازم ومتعدّ.

(ه) ومنه الحدیث «فرض عمر للجدّ ثم أَنَارَهَا زید بن ثابت» أی أوضحها وبیّنها.

(ه) وفیه «لا تستضیئوا بِنَارِ المشرکین» أراد بالنار هاهنا (2) الرأی : أی لا تشاوروهم. فجعل الرأی مثلا للضّوء عند الحیرة.

(ه) وفیه «أنا بریء من کل مسلم مع مشرک ، قیل : لِمَ یا رسولَ الله؟ قال : لا تراأی ناراهما» أی لا تجتمعان بحیث تکون نار أحدهما مقابل نار الآخر.

وقیل : هو من سمة الإبل بالنار. وقد تقدّم مشروحا فی حرف الراء.

(ه) ومنه حدیث صعصعة بن ناجیة جدّ الفرزدق «قال : وما ناراهما (3)؟» أی ما سمتهما التی وسمتا بها ، یعنی ناقتیه الضالّتین ، فسمّیت السّمة نارا لأنها تکوی بالنار ، والسّمة : العلامة.

(س) وفیه «الناس شرکاء فی ثلاثة : الماء والکلأ والنار» أراد : لیس لصاحب النار

ص: 125

أن یمنع من أراد أن یستضیء منها أو یقتبس.

وقیل : أراد بالنار الحجارة التی توری النار : أی لا یمنع أحد أن یأخذ منها.

وفی حدیث الإزار «وما کان أسفل من ذلک فهو فی النار» معناه أنّ ما دون الکعبین من قدم صاحب الإزار المسبل فی النار ، عقوبة له علی فعله.

وقیل : معناه أنّ صنیعه ذلک وفعله فی النار : أی أنه معدود محسوب من أفعال أهل النار.

وفیه «أنه قال لعشرة أنفس فیهم سمرة : آخرکم یموت فی النار» فکان سمرة آخر العشرة موتا. قیل : إنّ سمرة أصابه کزاز شدید ، فکان لا یکاد یدفأ ، فأمر بقدر عظیمة فملئت ماء ، وأوقد تحتها ، واتّخذ فوقها مجلسا ، وکان یصعد إلیه بخارها فیدفئه ، فبینا هو کذلک خسفت به فحصل فی النار ، فذلک الذی قال له. والله أعلم.

(س) وفی حدیث أبی هریرة «العجماء جبار ، والنار جبار» قیل : هی النار یوقدها الرجل فی ملکه ، فتطیّرها الریح إلی مال غیره فیحترق ولا یملک ردّها ، فتکون هدرا.

وقیل : الحدیث غلط فیه عبد الرزّاق ، وقد تابعه عبد الملک الصّنعانی.

وقیل : هو تصحیف «البئر» ، فإنّ أهل الیمن یمیلون النار فتنکسر النون ، فسمعه بعضهم علی الإمالة فکتبه بالیاء فقرأوه مصحّفا بالباء.

والبئر هی التی یحفرها الرجل فی ملکه أو فی موات ، فیقع فیها إنسان فیهلک ، فهو هدر.

قال الخطابی : لم أزل أسمع أصحاب الحدیث یقولون : غلط فیه عبد الرزّاق حتی وجدته لأبی داود (1) من طریق أخری.

وفیه «فإنّ تحت البحر نارا وتحت النار بحرا» هذا تفخیم لأمر البحر وتعظیم لشأنه ، وأنّ الآفة تسرع إلی راکبه فی غالب الأمر ، کما یسرع الهلاک من النار لمن لابسها ودنا منها.

وفی حدیث سجن جهنم «فتعلوهم نار الأنیار» لم أجده مشروحا ، ولکن هکذا یروی ، فإن صحّت الروایة فیحتمل أن یکون معناه نار النّیران ، فجمع النار علی أَنْیَارٍ ، وأصلها : أَنْوَارٌ ، لأنها

ص: 126

من الواو ، کما جاء فی ریح وعید : أریاح وأعیاد ، من الواو. والله أعلم.

(س) وفیه «کانت بینهم نَائِرَةٌ» أی فتنة حادثه وعداوة. ونار الحرب ونَائِرَتُهَا : شرّها وهیجها.

(س) وفی صفة ناقة صالح علیه السلام «هی أَنْوَرُ من أن تحلب» أی أنفر. والنَّوَارُ : النّفار. ونُرْتُهُ وأَنَرْتُهُ : نفّرته. وامرأة نَوَارٌ : نافرة عن الشّرّ والقبیح.

(ه) وفی حدیث خزیمة «لمّا نزل تحت الشجرة أَنْوَرَتْ» أی حسنت خضرتها ، من الإنارة.

وقیل : إنها أطلعت نَوْرَهَا ، وهو زهرها. یقال : نَوَّرْتُ الشجرة وأَنَارَتْ. فأمّا أنورت فعلی الأصل.

(ه) وفیه «لعن الله من غیّر مَنَارَ الأرض» الْمَنَارُ : جمع مَنَارَة ، وهی العلامة تجعل بین الحدّین. ومَنَارُ الحرم : أعلامه التی ضربها الخلیل علیه السلام علی أقطاره ونواحیه. والمیم زائدة.

ومنه حدیث أبی هریرة «إنّ للإسلام صوی ومَنَاراً» أی علامات وشرائع یعرف بها.

قعب أو غیره ، فهو أبدا یتحرّک.

(س) وفیه «أری اللّیلة رجل صالح أن أبا بکر نِیطَ برسول الله صلی الله علیه وسلم» أی علّق ، یقال : نُطْتُ هذا الأمر به أَنُوطُهُ ، وقد نیط به فهو مَنُوطٌ.

وفیه «بعیر له قد نیط» یقال : نِیطَ الجمل ، فهو منوط ، إذا أصابه النَّوْطُ ، وهی غدّة تصیبه فی بطنه فتقتله.

فإن لم تستطع فنائما» أراد به الاضطجاع. ویدلّ علیه الحدیث الآخر «فإن لم تستطع فعلی جنب».

وقیل : نائما : تصحیف ، وإنما أراد قائما. أی بالإشارة ، کالصّلاة عند التحام القتال ، وعلی ظهر الدّابة.

وفی حدیثه الآخر «من صلّی نَائِماً فله نصف أجر القاعد» قال الخطّابی (1) : لا أعلم أنّی سمعت صلاة النائم إلّا فی هذا الحدیث ، ولا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخّص فی صلاة التّطوّع نائما ، کما رخّص فیها قاعدا ، فإن صحّت هذه الروایة ، ولم یکن أحد الرّواة أدرجه فی الحدیث ، وقاسه علی صلاة القاعد وصلاة المریض إذا لم یقدر علی القعود ، فتکون صلاة المتطوّع القادر نائما جائزة ، والله أعلم.

هکذا قال فی «معالم السّنن». وعاد قال فی «أعلام السّنّة» : کنت تأوّلت هذا الحدیث فی کتاب «المعالم» علی أن المراد به صلاة التطوّع ، إلّا أنّ قوله «نائما» یفسد هذا التأویل ، لأن المضطجع لا یصلیّ التطوّع کما یصلی القاعد ، فرأیت الآن أنّ المراد به المریض المفترض الذی یمکنه أن یتحامل فیقعد مع مشّقة ، فجعل أجره ضعف أجره إذا صلّی نائما ، ترغیبا له فی القعود مع جواز صلاته نائما ، وکذلک جعل صلاته إذا تحامل وقام مع مشقّة ضعف صلاته إذا صلّی قاعدا مع الجواز. والله أعلم.

وفی حدیث بلال والأذان «عد وقل : ألا إنّ العبد نَامَ ، ألا إنّ العبد نام» أراد بِالنَّوْمِ الغفلة عن وقت الأذان. یقال : نَامَ فلان عن حاجتی ، إذا غفل عنها ولم یقم بها.

وقیل : معناه أنه قد عاد لنومه ، إذا کان علیه بعد وقت من اللیل ، فأراد أن یعلم الناس بذلک ، لئلّا ینزعجوا من نومهم بسماع أذانه.

(س) وفی حدیث سلمة «فَنَوَّمُوا» هو مبالغة فی ناموا.

وفی حدیث حذیفة وغزوة الخندق «فلما أصبحت قال : قم یا نَوْمَانُ» هو الکثیر النّوم وأکثر ما یستعمل فی النّداء.

ومنه حدیث عبد الله بن جعفر «قال للحسین ورأی ناقته قائمة علی زمامها بالعرج ، وکان مریضا :

ص: 130

أیّها النَّوْمُ. وظنّ أنه نائم ، وإذا هو مثبت وجعا» أراد أیّها النائم ، فوضع المصدر موضعه ، کما یقال : رجل صوم : أی صائم.

(ه) وفی حدیث علیّ «أنه ذکر آخر الزّمان والفتن ، ثم قال : خیر أهل ذلک الزمان کلّ مؤمن نُوَمَةٍ» النُّوَمَةُ ، بوزن الهمزة : الخامل الذّکر الذی لا یؤبه له.

وقیل : الغامض فی الناس الذی لا یعرف الشّر وأهله.

وقیل : النُّوَمَةُ بالتحریک : الکثیر النّوم. وأما الخامل الذی لا یؤبه له ، فهو بالتّسکین.

ومن الأول :

(ه) حدیث ابن عباس «أنه قال لعلیّ : ما النُّوَمَةُ؟ قال : الذی یسکت فی الفتنة ، فلا یبدو منه شیء».

(ه) وفی حدیث علیّ «دخل علیّ رسول الله صلی الله علیه وسلم وأنا علی المنامة» هی هاهنا الدّکّان التی ینام علیها ، وفی غیر هذا هی القطیفة ، والمیم الأولی زائدة.

وفی حدیث غزوة الفتح «فما أشرف لهم یومئذ أحد إلا أَنَامُوهُ» أی قتلوه. یقال : نَامَتِ الشاة وغیرها ، إذا ماتت ، والنَّائِمَةُ : المیّتة.

(ه) ومنه حدیث علیّ «حثّ علی قتال الخوارج فقال : إذا رأیتموهم فَأَنِیمُوهُمْ».

وقیل : أراد قدر نَوَاةٍ من ذهب کان قیمتها خمسة دراهم ، ولم یکن ثمّ ذهب. وأنکره أبو عبید.

قال الأزهری : لفظ الحدیث یدل علی أنه تزوّج المرأة علی ذهب قیمته خمسة دراهم ، ألا تراه : قال «نَوَاةٌ من ذهب» ولست أدری لم أنکره أبو عبید.

والنَّوَاةُ فی الأصل : عجمة التمرة.

ومنه حدیثه الآخر «أنه أودع المطعم بن عدیّ جبجبة فیها نَوًی من ذهب» أی قطع من ذهب کالنّوی ، وزن القطعة خمسة دراهم.

(س) وفی حدیث عمر «أنه لقط نَوَیَاتٍ من الطریق ، فأمسکها بیده ، حتی مرّ بدار قوم فألقاها فیها وقال : تأکله داجنتهم» هی جمع قلة لنواة التّمرة. والنَّوَی : جمع کثرة.

(ه) وفی حدیث علیّ وحمزة :

* ألا یا حمز للشّرف النّواء *

النِّوَاءُ : السّمان. وقد نَوَتِ الناقة تَنْوِی فهی نَاوِیَةٌ.

وفی حدیث الخیل «ورجل ربطها ریاء ونِوَاءً» أی معاداة لأهل الإسلام.

وأصلها الهمز (1) ، وقد تقدّمت.

(ه) وفی حدیث ابن مسعود «ومن یَنْوِ الدنیا تعجزه» أی من یسع لها یخب. یقال : نَوَیْتُ الشیء ، إذا جددت فی طلبه. والنَّوَی : البُعد.

(ه) وفی حدیث عروة فی المرأة البدویّة یتوفّی (2) عنها زوجها «أنها تَنْتَوِی حیث انْتَوَی أهلها» أی تنتقل وتتحوّل.

ص: 132

وأمور متبدّدة. یقال : غشیت بی النَّهَابِیرُ : أی حملتنی علی أمور شدیدة صعبة ، وواحد النّهابیر : نُهْبُورٌ. والنَّهَابِرُ مقصور منه ، وکأنّ واحده نَهْبَرْ.

(ه) ومنه حدیث عمرو بن العاص «أنه قال لعثمان : رکبت بهذه الأمّة نَهَابِیرَ من الأمور فرکبوها منک ، وملت بهم ، فمالوا بک ، اعدل أو اعتزل».

(س) ومنه حدیث هوازن «ولا ثدیها بِنَاهِدٍ» أی مرتفع. یقال : نَهَدَ الثّدی ، إذا ارتفع عن الصدر ، وصار له حجم.

(ه) وفی حدیث دار النّدوة وإبلیس «نأخذ من کلّ قبیلة شابّا نَهْداً» أی قویّا ضخما.

ومنه حدیث الأعرابی :

یا خیر من یمشی بنعل فرد

وهبة (1) لنهدة ونهد

النَّهْدُ : الفرس الضّخم القویّ ، والأنثی : نَهْدَةً.

(ه) وفی حدیث الحسن «أخرجوا نِهْدَکُمْ ، فإنه أعظم للبرکة وأحسن لأخلاقکم» النِّهْدُ ، بالکسر : ما تخرجه الرّفقة عند الْمُنَاهَدَةِ إلی العدوّ ، وهو أن یقسموا نفقتهم بینهم بالسّویّة حتی لا یتغابنوا ، ولا یکون لأحدهم علی الآخر فضل ومنّة.

(ه) ومنه حدیث أبی الدّحداح.

وانْتَهَزَ الحقّ (1) إذا الحقّ وضح

أی قبله وأسرع إلی تناوله.

وحدیث أبی الأسود «وإن دعی انْتَهَزَ».

(س) وحدیث عمر «أتاه الجارود وابن سیّار یَتَنَاهَزَانِ إمارة» أی یتبادران إلی طلبها وتناولها.

(س) وحدیث أبی هریرة «سیجد أحدکم امرأته قد ملأت عکمها من وبر الإبل ، فَلْیُنَاهِزْهَا ، ولیقتطع ، ولیرسل إلی جاره الذی لا وبر له» أی یبادرها ویسابقها إلیه.

(س) وفیه «من توضّأ ثم خرج إلی المسجد لا ینهزه إلّا الصّلاة غفر له ما خلا من ذنبه» النَّهْزُ : الدّفع. یقال : نَهَزْتُ الرجل أَنْهَزُهُ ، إذا دفعته ، ونَهَزَ رأسه ، إذا حرّکه.

(ه) ومنه حدیث عمر «من أتی هذا البیت ولا یَنْهَزُهُ إلیه غیره رجع وقد غفر له» یرید أنه من خرج إلی المسجد أو حجّ ، ولم ینو بخروجه غیر الصلاة والحجّ من أمور الدّنیا.

(س) ومنه الحدیث «أنه نَهَزَ راحلته» أی دفعها فی السّیر.

(ه) ومنه حدیث عطاء «أو مصدور ینهز قیحا» أی یقذفه. یقال : نَهَزَ الرجل ، إذا مدّ عنقه وناء بصدره لیتهوّع. والمصدور : الذی بصدره وجع.

طائر یشبه الصّرد ، یدیم تحریک رأسه وذنبه ، یصطاد العصافیر ویأوی إلی المقابر.

والأسواف : موضع بالمدینة.

وحدیث أبی هریرة «تُنْتَهَکُ ذمّة الله وذمّة رسوله» یرید نقض العهد ، والغدر بالمعاهد.

(ه) وفی حدیث محمد بن مسلمة «کان من أَنْهَکِ أصحاب رسول الله صلی الله علیه وسلم» أی من أشجعهم. ورجل نَهِیکٌ : أی شجاع.

(س) وفیه «أنه وفد علیه حیّ من العرب ، فقال : بنو من أنتم؟ فقالوا : بنو نهم. فقال : نهم شیطان ، أنتم بنو عبد الله».

ومنه حدیث ابن مسعود «لو مررت علی نهی نصفه ماء ونصفه دم لشربت منه وتوضّأت» وقد تکرر فی الحدیث.

هی جمع نَیْزَک ، وهو الرّمح القصیر. وحقیقته تصغیر الرّمح ، بالفارسیّة.

ومنه حدیث ابن عباس «فی رجل له أربع نسوة ، فطلّق إحداهنّ ولم یدر أیّتهنّ طلّق ، فقال : یَنَالُهُنَ من الطلاق ما ینالهنّ من المیراث» أی إنّ المیراث یکون بینهنّ ، لا تسقط منهنّ واحدة حتی تعرف بعینها ، وکذلک إذا طلّقها وهو حیّ ، فإنه یعتزلهنّ جمیعا ، إذا کان الطلاق ثلاثا. یقول : کما أورّثهنّ جمیعا آمر باعتزالهنّ جمیعا.

[ه] وفی حدیث أبی بکر «قد نَالَ الرّحیل» أی حان ودنا.

ومنه حدیث الحسن «ما نَالَ لهم أن یفقهوا» أی لم یقرب ولم یدن.

ص: 142

(ه) ومنه حدیث قیلة «فَوَأَلْنَا إلی حِوَاءَ» أی لجأنا إلیه. والحواء : البیوت المجتمعة.

[ه] وفی حدیث علیّ «قال لرجل : أنت من بنی فلان؟ قال : نعم ، قال : فأنت من وَأْلَةَ إذا ، قم فلا تقربنیّ» قیل (1) : هی قبیلة خسیسة ، سمّیت بالوألة ، وهی البعرة ، لخسّتها.

(س) ومنه حدیث عبد الرحمن بن عوف «وإنّ جرعة (1) شروب أنفع من عذب موب» أی مورث للوبا. هکذا یروی بغیر همز. وإنما ترک الهمز لیوازن به الحرف الذی قبله ، وهو الشّروب. وهذا مثل ضربه لرجلین أحدهما أرفع وأضرّ ، والآخر أدون وأنفع.

ومنه حدیث علیّ «أمرّ منها جانب فَأَوْبَأَ» أی صار وبیئا. وقد تکرر ذکره فی الحدیث

جمعت له (1) جموعا من قبائل شتّی. وهم الْأَوْبَاشُ والأوشاب.

(ه) وفی حدیث کعب «أجد فی التّوراة أنّ رجلا من قریش أَوْبَشَ الثّنایا یحجل فی الفتنة» أی ظاهر الثّنایا. والْوَبَشُ : البیاض الذی یکون فی الأظفار.

ویروی بالهمزة علی القلب ، وقد تقدّم.

(ه) وفی حدیث علیّ «أهدی رجل للحسن والحسین ، ولم یهد لابن الحنفیّة» فأومأ علیّ إلی وَابِلَةِ محمّد ، ثم تمثّل :

وما شرّ الثّلاثة أمّ عمرو

بصاحبک الّذی لا تصبحینا (1)

الْوَابِلَةُ : طرف العضد فی الکتف ، وطرف الفخذ فی الورک ، وجمعها : أَوَابِلْ.

ومنه حدیث الدعاء «ألّف (1) جمعهم وأَوْتِرْ بین میرهم» أی لا تقطع المیرة عنهم ، واجعلها تصل إلیهم مرّة بعد مرّة.

(ه) ومنه حدیث أبی هریرة «لا بأس أن یُوَاتِرَ قضاء رمضان» أی یفرّقه ، فیصوم یوما ویفطر یوما ، ولا یلزمه التّتابع فیه ، فیقضیه وترا وترا.

(ه) وفی کتاب هشام إلی عامله «أن أصب لی ناقة مُوَاتِرَة» هی الّتی تضع قوائمها بالأرض وترا وترا عند البروک. ولا تزجّ نفسها زجّا فیشقّ علی راکبها. وکان بهشام فتق.

(ه) وفیه «من فاتته صلاة العصر فکأنّما وُتِرَ أهله وماله» أی نقص. یقال : وَتَرْتُهُ ، إذا نقصته. فکأنّک جعلته وترا بعد أن کان کثیرا.

وقیل : هو من الوتر : الجنایة الّتی یجنیها الرجل علی غیره ، من قتل أو نهب أو سبی. فشبّه ما یلحق من فاتته صلاة العصر بمن قتل حمیمه أو سلب أهله وماله.

[و](2) یروی بنصب الأهل ورفعه ، فمن نصب جعله مفعولا ثانیا لوتر ، وأضمر فیها مفعولا لم یسمّ فاعله عائدا إلی الّذی فاتته الصلاة ، ومن رفع لم یضمر ، وأقام الأهل مقام مالم یسمّ فاعله ، لأنّهم المصابون المأخوذون ، فمن ردّ النّقص إلی الرجل نصبهما ، ومن ردّه إلی الأهل والمال رفعهما.

ومنه حدیث محمد بن مسلمة «أنا الْمَوْتُورُ الثّائر» أی صاحب الوتر ، الطّالب بالثّأر. والموتور : المفعول.

(ه) ومنه الحدیث «قلّدوا الخیل ولا تقلّدوها الْأَوْتَارَ» هی جمع وِتر ، بالکسر ، وهی الجنایة : أی لا تطلبوا علیها الأوتار التی وُتِرْتُمْ بها فی الجاهلیة.

وقیل : هو جمع وتر القوس. وقد تقدّم مبسوطا فی حرف القاف.

ومن الأوّل حدیث علیّ ، یصف أبا بکر «فأدرکت أوتار ما طلبوا».

ص: 148

(س) وحدیث عبد الرحمن فی الشّوری «لا تغمدوا السّیوف عن أعدائکم فَتُوتِرُوا ثأرکم» (1) قال الأزهری : هو من الوتر. یقال : وترت فلانا ، إذا أصبته بوتر ، وأوترته : أوجدته ذلک. والثّار هاهنا : العدوّ ؛ لأنّه موضع الثّأر. المعنی لا توجدوا عدوّکم الوتر فی أنفسکم.

وحدیث الأحنف «إنّها لخیل لو کانوا یضربونها علی الأوتار».

ومن الثانی الحدیث «من عقد لحیته أو تقلّد وترا» کانوا یزعمون أنّ التّقلّد بالأوتار یردّ العین ، ویدفع عنهم المکاره ، فنهوا عن ذلک.

ومنه الحدیث «أمر أن تقطع الأوتار من أعناق الخیل» کانوا یقلّدونها بها لأجل ذلک.

وفیه «اعمل من وراء البحر فإنّ الله لن یَتِرَکَ من عملک شیئا» أی لا ینقصک. یقال : وَتَرَهُ یَتِرُهُ تِرَةً ، إذا نقصه.

(س) ومنه الحدیث «من جلس مجلسا لم یذکر الله فیه کان علیه تِرَةً» أی نقصا. والهاء فیه عوض من الواو المحذوفة. وقیل : أراد بِالتِّرَةِ هاهنا التَّبِعَة.

(ه) وفی حدیث العباس «کان عمر لی جارا ، وکان یصوم النّهار ویقوم اللیل ، فلمّا ولی قلت : لأنظرنّ إلی عمله ، فلم یزل علی وَتِیرَةٍ واحدة» أی طریقة واحدة مطّردة یدوم علیها.

(ه) وفی حدیث زید «فی الْوَتَرَةِ ثلث الدّیة» هی وترة الأنف الحاجزة بین المنخرین.

قطعت وتینی ، أری شیأ ینزل علیّ» الْوَتِینُ : عرق فی القلب إذا انقطع مات صاحبه.

(س) وفی حدیث ذی الثّدیّة «مُوتَنُ الید» هو من أَیْتَنَتِ المرأة ، إذا جاءت بولدها یَتْناً ، وهو الذی تخرج رجلاه قبل رأسه ، فقلبت الواو یاء لضمّة المیم. والمشهور فی الرّوایة «مودن» بالدال.

(ه) وفیه «أمّا تیماء فعین جاریة ، وأما خیبر فماء وَاتِنٌ» أی دائم.

الرّاکب تحته علی الرّحال فوق الجمال. ویدخل فیه مَیَاثِرِ السّروج ، لأنّ النّهی یشمل کلّ مِیثَرَةٍ حمراء ، سواء کانت علی رحل أو سرج.

(س) ومنه حدیث ابن عباس «قال لعمر : لو اتّخذت فراشا أَوْثَرَ منه» أی أوطأ وألین.

(س) وحدیث ابن عمر وعیینة بن حصن «ما أخذتها بیضاء غریرة ، ولا نصفا وَثِیرَة».

والواجب والفرض عند الشافعی سواء ، وهو کلّ ما یعاقب علی ترکه ، وفرق بینهما أبو حنیفة ، فالفرض عنده آکد من الواجب.

(ه) وفیه «من فعل کذا وکذا فقد أوجب» یقال : أَوْجَبَ الرجلُ ، إذا فعل فعلا وجبت له به الجنّة أو النّار.

(ه) ومنه الحدیث «أنّ قوما أتوه فقالوا : إنّ صاحبا لنا أوجب» أی رکب خطیئة استوجب بها النّار.

والحدیث الآخر «أوجب طلحة» أی عمل عملا أوجب له الجنّة.

وحدیث معاذ «أَوْجَبَ ذو الثّلاثة والاثنین» أی من قدّم ثلاثة من الولد أو اثنین وجبت له الجنّة.

ومنه حدیث طلحة «کلمة سمعتها من رسول الله صلی الله علیه وسلم موجبة ، لم أسأله عنها ، فقال عمر : أنا أعلم ما هی ، لا إله إلّا الله» أی کلمة أوجبت لقائلها الجنّة ، وجمعها : موجبات.

(ه) ومنه الحدیث «اللهمّ إنّی أسألک مُوجِبَاتِ رحمتک».

وحدیث النّخعیّ «کانوا یرون المشی إلی المسجد فی اللیلة المظلمة ذات المطر والرّیح أنّها موجبة».

ومنه الحدیث «أنه مرّ برجلین یتبایعان شاة ، فقال أحدهما : والله لا أزید علی کذا ، وقال الآخر : والله لا أنقص [من کذا](1) فقال : قد أَوْجَبَ أحدهما» أی حنث ، وأوجب الإثم والکفّارة علی نفسه.

ومنه حدیث عمر «أنّه أَوْجَبَ نجیبا» أی أهداه فی حجّ أو عمرة ، کأنه ألزم نفسه به. والنّجیب : من خیار الإبل.

(ه) وفیه «أنه عاد عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب ، فصاح النّساء وبکین ، فجعل ابن عتیک یسکّتهنّ ، فقال : دعهنّ ، فإذا وَجَبَ فلا تبکینّ باکیة ، قالوا : ما الْوُجُوبُ؟ قال : إذا مات».

ص: 153

(ه) ومنه حدیث أبی بکر «فإذا وَجَبَ ونضب عمره» وأصل الْوُجُوبُ : السّقوط والوقوع.

(س) ومنه حدیث الضّحیّة «فلمّا وَجَبَتْ جنوبها» أی سقطت إلی الأرض ، لأنّ المستحبّ أن تنحر الإبل قیاما معقّلة.

(س) ومنه حدیث علیّ «سمعت لها وَجْبَةَ قلبه» أی خفقانه. یقال : وَجَبَ القلب یَجِبُ وَجِیباً ، إذا خفق.

وفی حدیث أبی عبیدة ومعاذ «إنّا نحذّرک یوما تَجِبُ فیه القلوب».

(س) وفی حدیث سعید «لولا أصوات السّافرة لسمعتم وَجْبَةَ الشّمس» أی سقوطها مع المغیب. والْوَجْبَةُ : السّقطة مع الهدّة.

(س) ومنه حدیث صلة «فإذا بِوَجْبَةٍ» وهی صوت السّقوط.

وفیه «کنت آکل الْوَجْبَةَ وأنجو الوقعة» الْوَجْبَةُ : الأکلة فی الیوم واللّیلة مرّة واحدة.

(س) ومنه حدیث الحسن فی کفّارة الیمین «یطعم عشرة مساکین وجبة واحدة».

(س) ومنه حدیث خالد بن معدان «من أجاب وجبة ختان غفر له».

(س) وفیه «إذا کان البیع عن خیار فقد وَجَبَ» أی تمّ ونفذ. یقال : وَجَبَ البیع یَجِبُ وُجُوباً ، وأَوْجَبَهُ إِیجَاباً : أی لزم وألزمه. یعنی إذا قال بعد العقد : اختر ردّ البیع أو إنفاذه ، فاختار الإنفاذ لزم وإن لم یفترقا.

وفی حدیث عبد الله بن غالب «أنه کان إذا سجد تَوَاجَبَ الفتیان فیضعون علی ظهره شیئا ویذهب أحدهم إلی الکلّاء ویجیء وهو ساجد» تَوَاجَبُوا : أی تراهنوا ، فکأنّ بعضهم أَوْجَبَ علی بعض شیئا.

والکلّاء ، بالمدّ والتّشدید : مربط السّفن بالبصرة ، وهو بعید منها.

وقیل : هو اسم جامع لحصونها. وقیل : اسم واحد منها ، یحتمل أن یکون علی سبیل الحمی له ، ویحتمل أن یکون حرّمه فی وقت معلوم ثم نسخ. وقد تکرر ذکره فی الحدیث.

(س) ومنه حدیث کعب «إنّ وَجّاً مقدّس ، منه عرج الرّبّ إلی السماء».

(س) ومنه الحدیث «لم یَجِدِ الصّائم علی المفطر» وقد تکرر ذکره فی الحدیث ، اسما وفعلا ومصدرا.

وفی حدیث اللّقطة «أیّها النّاشد ، غیرک الْوَاجِدُ» یقال : وَجَدَ ضالّته یَجِدُهَا وِجْدَاناً (1) ، إذا رآها ولقیها. وقد تکرر فی الحدیث.

(ه) وفی حدیث ابن عمر وعیینة بن حصن «والله ما بطنها بوالد ، ولا زوجها بواجد» أی أنّه لا یحبّها یقال : وَجَدْتُ بفلانة وَجْداً ، إذا أحببتها حبّا شدیدا.

ومنه الحدیث «فمن وَجَدَ منکم بماله شیئا فلیبعه» أی أحبّه واغتبط به.

[ه] ومنه الحدیث «أنّه نهی عن الْوَجْسِ» هو أن یجامع الرجل امرأته أو جاریته والأخری تسمع حسّهما.

ومنه حدیث الحسن ، وقد سئل عن ذلک فقال : «کانوا یکرهون الوجس».

وجناء (1) فی حرّتیها للبصیر بها

وفیها أیضا :

غلباء وجناء علکوم مذکّرة

الْوَجْنَاءُ : الغلیظة الصّلبة. وقیل : العظیمة الْوَجْنَتَیْنِ.

(س) ومنه حدیث سواد بن مطرّف «وأد الذّعلب الوجناء».

(س) وفی حدیث الأحنف «أنه کان ناتئ الوجنة» هی أعلی الخدّ.

(س) وفی حدیث أبی الدّرداء «ألا تفقه (1) حتی تری للقرآن وجوها» أی تری له معانی یحتملها ، فتهاب الإقدام علیه.

(ه) وفی حدیث أهل البیت «لا یحبّنا الأحدب الموجّه» هو صاحب الحدبتین من خلف ومن قدّام.

(ه) وفی حدیث أم سلمة «قالت لعائشة حین خرجت إلی البصرة : قد وَجَّهْتُ سدافته» أی أخذت وجها هتکت سترک فیه.

وقیل (2) : معناه : أزلت سدافته ، وهی الحجاب من الموضع الذی أمرت أن تلزمیه وجعلتها أمامک. والْوَجْهُ : مستقبل کلّ شیء.

وفی حدیث صلاة الخوف «وطائفة وُجَاهَ العدوّ» أی مقابلهم وحذاءهم. وتکسر الواو وتضمّ.

وفی روایة «تُجَاهَ العدوّ» والتاء بدل من الواو ، مثلها فی تقاة وتخمة. وقد تکرر فی الحدیث.

(ه) وفی حدیث عائشة «وکان لِعَلِیّ وَجْهٌ من الناس حیاةَ فاطمة» أی جاه وعزّ ، فقدهما بعدها.

(س) وفیه «إنّ الله تعالی لم یرض بِالْوَحْدَانِیَةِ لأحد غیره ، شرار أمّتی الْوَحْدَانِیُ المُعجب بدینه المرائی بعمله» یرید بالوحدانیّ المفارق للجماعة ، المنفرد بنفسه ، وهو منسوب إلی الوحدة : الانفراد ، بزیادة الألف والنون ، للمبالغة.

وفی حدیث ابن الحنظلیّة «وکان رجلا مُتَوَحِّداً» أی منفردا ، لا یخالط الناس ولا یجالسهم.

(س) ومنه حدیث عائشة ، تصف عمر «لله أمّ حفلت علیه ودّرت ، لقد أَوْحَدَتْ به» أی ولدته وحیدا فریدا ، لا نظیر له.

وفی حدیث العید «فصلّینا وُحْدَاناً» أی منفردین ، جمع واحد ، کراکب ورکبان.

(س) وفی حدیث حذیفة «أو لتصلّنّ وحدانا».

وفی حدیث عمر «من یدلّنی علی نسیج وَحْدِهِ؟».

(س) ومنه حدیث عائشة تصف عمر «کان نسیج وحده» یقال : جلس وحده ، ورأیته وحده : أی منفردا ، وهو منصوب عند أهل البصرة علی الحال أو المصدر ، وعند أهل الکوفة علی الظّرف ، کأنک قلت : أوحدته برؤیتی إیحادا : أی لم أر غیره ، وهو أبدا منصوب ولا یضاف إلا فی ثلاثة مواضع : نسیج وحده ، وهو مدح ، وجحیش وحده ، وعییر وحده ، وهما ذمّ. وربّما قالوا : رُجَیْلُ وَحْدِهِ ، کأنک قلت : نسیج أفراد.

(ه) ومنه حدیث علیّ «أنه لقی الخوارج فوحّشوا برماحهم واستلّوا السّیوف».

ومنه الحدیث «کان لرسول الله صلی الله علیه وسلم خاتم من ذهب ، فَوَحَّشَ بین ظهرانی أصحابه ، فَوَحَّشَ النّاسُ بخواتیمهم».

والحدیث الآخر «أنه أتاه سائل فأعطاه تمرة فَوَحَّشَ بها».

(ه) وفیه «لقد بتنا وَحْشَیْنِ (1) ما لنا طعام» یقال : رجل وَحْشٌ ، بالسکون ، من قوم أَوْحَاشٌ ، إذا کان جائعا لا طعام له ، وقد أَوْحَشَ ، إذا جاع ، وتَوَحَّشَ للدّواء ، إذا احتمی (2) له.

وجاء فی روایة التّرمذیّ «لقد بتنا لیلتنا هذه وَحْشَی» کأنه أراد جماعة وحشی (3).

(ه) وفیه «لا تحقرنّ شیئا من المعروف ؛ ولو أن تؤنس الْوَحْشَانَ» الْوَحْشَانُ : المغتمّ وقوم وَحَاشَی ، وهو فعلان ، من الْوَحْشَةِ : ضدّ الأنس. والْوَحْشَةُ : الخلوة والهمّ. وأَوْحَشَ المکان ، إذا صار وَحْشاً. وکذلک تَوَحَّشَ. وقد أَوْحَشْتُ الرّجل فَاسْتَوْحَشَ.

(س) وفی حدیث عبد الله «أنه کان یمشی مع رسول الله صلی الله علیه وسلم فی الأرض وَحْشاً» أی وحده لیس معه غیره.

ومنه حدیث فاطمة بنت قیس «أنّها کانت فی مکان وَحْشٍ ، فخیف علی ناحیتها» أی خلاء لا ساکن به.

ومنه حدیث المدینة «فیجدانها (4) وحشا» کذا جاء فی روایة مسلم.

(س) ومنه حدیث ابن المسیّب «وسئل عن المرأة وهی فی وحش من الأرض».

ص: 161

(س) وفی حدیث النّجاشیّ «فنفخ فی إحلیل عمارة فاستوحش» أی سحر حتی جنّ ، فصار یعدو مع الوحش فی البرّیّة حتی مات.

وفی روایة «فطار مع الوحش».

القسمة ، ولیأخذ کلّ واحد منکما ما تخرجه القرعة من القسمة. یقال : تَوَخَّیْتُ الشیء أَتَوَخَّاهُ تَوَخِّیاً ، إذا قصدت إلیه وتعمّدت فعله ، وتحرّیت فیه. وقد تکرر ذکره فی الحدیث.

أی عن ترکهم إیّاها والتّخلّف عنها. یقال : وَدَعَ الشیء یَدَعُهُ وَدْعاً ، إذا ترکه. والنّحاة یقولون : إنّ العرب أماتوا ماضی یَدَعُ ، ومصدره ، واستغنوا عنه بترک. والنبی صلی الله علیه وسلم أفصح. وإنما یحمل قولهم علی قلة استعماله ، فهو شاذ فی الاستعمال ، صحیح فی القیاس. وقد جاء فی غیر حدیث ، حتی قریء به قوله تعالی مَا وَدَعَکَ رَبُّکَ وَمَا قَلَی بالتخفیف.

(س [ه]) ومنه الحدیث «إذا لم ینکر الناس المنکر فقد تَوَدَّعَ منهم» أی أسلموا إلی ما استحقّوه من النّکیر علیهم ، وترکوا (1) وما استحبّوه من المعاصی ، حتی یکثروا (2) منها فیستوجبوا العقوبة (3).

وهو من المجاز ، لأنّ المعتنی بإصلاح شأن الرجل إذا یئس من صلاحه ترکه واستراح من معاناة النّصب معه.

ویجوز أن یکون من قولهم : تَوَدَّعْتُ الشیء ، إذا صنته فی میدع ، یعنی قد صاروا بحیث یتحفّظ منهم ویتصوّن ، کما یتوقّی شرار الناس.

ومنه حدیث علیّ «إذا مشت هذه الأمّة السّمّیهاء فقد تُوُدِّعَ منها».

(س) ومنه الحدیث «ارکبوا هذه الدّوابّ سالمة ، وایتَدِعُوهَا (4) سالمة» أی اترکوها ورفّهوا عنها إذا لم تحتاجوا إلی رکوبها ، وهو افتعل ، من وَدُعَ بالضم وَدَاعَةً ودَعَةً : أی سکن وترفّه ، وایتَدَعَ فهو مُتَّدِعٌ : أی صاحب دَعَةٍ ، أو من وَدَعَ ، إذا ترک. یقال : اتَّدَعَ وایتَدَعَ ، علی القلب والإدغام والإظهار.

(ه) ومنه الحدیث «صلّی (5) معه عبد الله بن أنیس وعلیه ثوب متمزّق (6) فلما انصرف دعا له بثوب ، فقال : تَوَدَّعْهُ بِخَلَقِکَ هذا» أی صنه به ، یرید البس هذا الذی دفعت

ص: 166

إلیک فی أوقات الاحتفال والتّزیّن. والتَّوْدِیعُ : أن تجعل ثوبا وقایة ثوب آخر ، وأن تجعله أیضا فی صوان (1) یصونه.

(س) وفی حدیث الخرص «إذا خرصتم فخذوا ودَعُوا الثّلث ، فإن لم تَدَعُوا الثّلث فدعوا الرّبع».

قال الخطّابی : ذهب بعض أهل العلم إلی أنه یترک لهم من عرض المال ، توسعة علیهم ؛ لأنه إن أخذ الحقّ منهم مستوفی أضرّ بهم ، فإنه یکون منه السّاقطة والهالکة وما یأکله الطّیر والناس. وکان عمر یأمر الخرّاص (2) بذلک. وقال بعض العلماء : لا یترک لهم شیء شائع فی جملة النّخل ، بل یفرد لهم نخلات معدودة قد علم مقدار ثمرها بالخرص.

وقیل : معناه أنهم إذا لم یرضوا بخرصکم فدعوا لهم الثّلث أو الرّبع ، لیتصرّفوا فیه ویضمنوا حقّه ، ویترکوا الباقی إلی أن یجفّ ویؤخذ حقّه ، لا أنه یترک لهم بلا عوض ولا إخراج.

(ه) ومنه الحدیث «دع دَاعِیَ اللّبن» أی اترک منه فی الضّرع شیئا یستنزل اللّبن ، ولا تستقص حلبه.

(ه) وفی حدیث طهفة «لکم یا بنی نهد وَدَائِعُ الشّرک» أی العهود والمواثیق. یقال : تَوَادَعَ الفریقان ، إذا أعطی کلّ واحد منهما الآخر عهدا ألّا یغزوه. واسم ذلک العهد : الْوَدِیعُ (3). یقال : أعطیته وَدِیعاً : أی عهدا.

وقیل : یحتمل أن یرید بها ما کانوا استودعوه من أموال الکفار الذین لم یدخلوا فی الإسلام : أراد إحلالها لهم ؛ لأنها مال کافر قدر علیه من غیر عهد ولا شرط. ویدل علیه قوله فی الحدیث : «ما لم یکن عهد ولا مَوْعِدٌ».

(س) ومنه الحدیث «أنه وَادَعَ بنی فلان» أی صالحهم وسالمهم علی ترک الحرب والأذی. وحقیقة الْمُوَادَعَةِ : المتارکة ، أی یدع کلّ واحد منها ما هو فیه.

ومنه الحدیث «وکان کعب القرظیّ مُوَادِعاً لرسول الله صلی الله علیه وسلم».

ص: 167

وفی حدیث الطعام «غیر مکفور ولا مُوَدَّعٍ ولا مستغنی عنه ربّنا» أی غیر متروک الطّاعة. وقیل : هو من الْوَدَاعِ ، وإلیه یرجع.

(ه) وفی شعر العباس یمدح النّبیّ صلی الله علیه وسلم :

من قبلها طبت فی الظّلال وفی

مستودع حیث یخصف الورق

الْمُسْتَوْدَعُ : المکان الذی تجعل فیه الودیعة. یقال : اسْتَوْدَعَتْهُ وَدِیعَةً ، إذا استحفظته إیّاها ، وأراد به الموضع الذی کان به آدم وحوّاء من الجنة. وقیل : أراد به الرّحم.

(ه) وفیه «من تعلّق وَدَعَةً لا وَدَعَ الله له» الْوَدَعُ ، بالفتح والسّکون : جمع وَدَعَة ، وهو شیء أبیض یجلب من البحر یعلّق فی حلوق الصّبیان وغیرهم. وإنّما نهی عنها لأنهم کانوا یعلّقونها مخافة العین.

وقوله : «لا وَدَعَ الله له» : أی لا جعله فی دعة وسکون.

وقیل : هو لفظ مبنیّ من الودعة : أی لا خفّف الله عنه ما یخافه.

(س) وفی حدیث زیاد «فی یوم ذی وَدِیقَة» أی حرّ شدید ، أشدّ ما یکون من الحرّ بالظّهائر.

(س) وفی حدیث طهفة «مات الْوَدِیُّ» أی یبس من شدّة الجدب والقحط. الْوَدِیُ بتشدید الیاء : صغار النّخل ، الواحدة : وَدِیَّة.

(س [ه]) ومنه حدیث أبی هریرة «لم یشغلنی عن النبی صلی الله علیه وسلم غرس الودیّ» وقد تکرر فی الحدیث.

وفی حدیث ابن عوف :

وأودی سمعه إلّا ندایا

أَوْدَی : أی هلک. ویرید به صممه وذهاب سمعه.

وقیل : أراد بها القلف ، جمع قلفة الذّکر ، لأنها تقطع.

وفیه «شرّ النساء الْوَذِرَةُ المذرة» هی التی لا تستحیی عند الجماع.

وفی حدیث أم زرع «إنی أخاف ألّا أَذَرَه» أی (1) أخاف ألّا أترک صفته ، ولا أقطعها من طولها.

وقیل (2) : معناه أخاف ألّا أقدر علی ترکه وفراقه ؛ لأنّ أولادی منه ، وللأسباب التی بینی وبینه.

وحکم «یَذَرُ» فی التّصریف حکم «یدع» وأصله : وَذِرَهُ یَذَرُهُ ، کوسعه یسعه. وقد أمیت ماضیه ومصدره ، فلا یقال : وذره ، ولا وذرا ، ولا واذرا. ولکن ترکه ترکا ، وهو تارک.

(ه) ومنه حدیث أبی هریرة «وسئل عن کلب الصّید فقال : إذا وَذَّمْتَهُ وأرسلته وذکرت اسم الله فکل» أی إذا شددت فی عنقه سَیْرا یعرف به أنّه معلّم مؤدّب.

ومنه حدیث عمر «فربط کمّیه بِوَذَمَةٍ» أی سیر.

وحدیث عائشة ، تصف أباها «وأوذم السِّقَاءَ» أی شدّه بالوذمة.

وفی روایة أخری : «وأَوْذَمَ العطلة» (1) ترید الدّلو الّتی کانت معطّلة عن الاستقاء ، لعدم عراها وانقطاع سیورها.

(ه) وفی حدیث علیّ «لئن ولیت بنی أمیّة لأنفضنّهم نفض القصّاب الْوِذَام التربة» وفی روایة «التّراب الْوَذِمَة» (2) أراد بِالْوِذَامِ الحزز من الکرش ، أو الکبد السّاقطة فی التّراب. فالقصّاب یبالغ فی نفضها. وقد تقدم فی حرف التاء مبسوطا.

وفیه «أنه أمر أن یُوَرِّثَ (1) دور المهاجرین النّساء» تخصیص النساء بتوریث الدّور یشبه أن یکون علی معنی القسمة بین الورثة ، وخصّهنّ بها ؛ لأنّهنّ بالمدینة غرائب لا عشیرة لهنّ ، فاختار لهنّ المنازل للسّکنی.

ویجوز أن تکون الدّور فی أیدیهنّ علی سبیل الرّفق بهنّ لا للتّملیک ، کما کانت حجر النّبیّ صلی الله علیه وسلم فی أیدی نسائه بعده.

وحدیثه الآخر «وإذا أشفی ورع» أی إذا أشرف علی معصیة کفّ.

(س) وفی حدیث الحسن «ازدحموا علیه ، فرأی منهم رعة سیّئة ، فقال : اللهمّ إلیک»

یرید بالرّعة هاهنا الاحتشام والکفّ عن سوء الأدب ، أی لم یحسنوا ذلک. یقال : وَرِعَ یَرِعُ رِعَةً ، مثل وثق یثق ثقة.

(س) ومنه حدیث الدعاء «وأعذنی من سوء الرِّعَةِ» أی سوء الکفّ عمّا لا ینبغی.

(س) ومنه حدیث ابن عوف «وبنهیه یَرِعُونَ» أی یکفّون.

(ه) وحدیث قیس بن عاصم «فلا یُوَرَّعُ رجل عن جمل یختطمه» أی یکفّ ویمنع.

(ه) وفیه «کان أبو بکر وعمر یُوَارِعَانِهِ» یعنی علیّا : أی یستشیرانه. والْمُوَارَعَةُ : المناطقة والمکالمة.

(ه) وفیه «ضرس (1) الکافر فی النّار مثل وَرِقَانٍ» هو بوزن قطران : جبل أسود بین العرج والرّویثة ، علی یمین المارّ من المدینة إلی مکّة.

(س) ومنه الحدیث «رجلان من مزینة ینزلان جبلا من جبال العرب یقال له ورقان ، فیحشر النّاس ولا یعلمان».

أراد أنّه کان قد بالغ فی جذب رأسها إلیه ، لیکفّها عن السّیر.

(ه) وفی حدیث عمر «أنه کان ینهی أن یجعل فی وِرَاکٍ صلیب» الْوِرَاکُ : ثوب ینسج وحده ، یزیّن به الرّحل.

وقیل : هی النّمرقة الّتی تلبس مقدّم الرّحل ، ثمّ تثنی تحته.

(ه) وفی حدیث النّخعیّ ، فی الرجل یستحلف «إن کان مظلوما فَوَرَّکَ إلی شیء جزی عنه» التَّوْرِیکَ فی الیمین : نیّة ینویها الحالف ، غیر ما ینویه مستحلفه ، من وَرَّکْتُ فی الوادی ، إذا عدلت فیه وذهبت.

* ولیس وراء الله للمرء مذهب *

ومنه حدیث الشفاعة «یقول إبراهیم : إنّی کنت خلیلا من وراء وراء» هکذا یروی مبنیّا علی الفتح : أی من خلف حجاب.

ومنه حدیث معقل «أنه حدّث ابن زیاد بحدیث ، فقال : أشیء سمعته من رسول الله صلی الله علیه وسلم أو من وَرَاءَ وراءَ؟» أی ممّن جاء خلفه وبعده.

وفی حدیث الشّعبیّ «أنه قال لرجل رأی معه صبیّا : هذا ابنک؟ قال : ابن ابنی. قال : هو ابنک من الوراء» یقال لولد الولد : الْوَرَاءُ.

(ه) وفیه «لأن یمتلیء جوف أحدکم قیحا حتی یریه خیر له من أن یمتلیء شعرا» هو (1) من الْوَرْی : الدّاء ؛ یقال : وُرِیَ یُورَی (2) فهو مَوْرِیٌ ، إذا أصاب جوفه الدّاء.

قال الأزهری : الْوَرْیُ ، مثال الرّمی : داء یداخل الجوف. یقال : رجل مَوْرِیٌ ، غیر مهموز.

وقال الفرّاء : هو الْوَرَی ، بفتح الراء.

وقال ثعلب : هو بالسّکون : المصدر ، وبالفتح : الاسم.

وقال الجوهری : «وَرَی القیحُ جوفه یَرِیَهُ وَرْیاً : أکله».

وقال قوم : معناه : حتی یصیب رئته. وأنکره غیرهم ؛ لأنّ الرّئة مهموزة ، وإذا بنیت منه فعلا قلت : رآه یرآه فهو مرئیّ.

وقال الأزهری : إنّ الرِّئَةَ أصلها من وَرَی ، وهی محذوفة منه. یقال : وَرَیْتُ الرجل فهو مَوْرِیٌ ، إذا أصبت رئته. والمشهور فی الرئة الهمز.

(س) وفی حدیث تزویج خدیجة «نفخت فَأَوْرَیْتَ» یقال : وَرَی (3) الزّند یَرِی ، إذا

ص: 178

خرجت ناره ، وأَوْرَاهُ غیره ، إذا استخرج ناره. والزّند : الواری الذی تظهر ناره سریعة.

قال الحربی : کان ینبغی أن یقول : قدحت فَأَوْرَیْتَ.

(ه) ومنه حدیث علیّ «حتی أَوْرَی قبسا لقابس» أی أظهر نورا من الحق لطالب الهدی.

(س) وفی حدیث فتح أصبهان «تبعث إلی أهل البصرة فَیُوَرُّوا» هو من وَرَّیْتُ النار تَوْرِیَةً ، إذا استخرجتها. واسْتَوْرَیْتُ فلانا رأیا : سألته أن یستخرج لی رأیا.

ویحتمل أن یکون من التَّوْرِیَةِ عن الشّیء ، وهو الکنایة عنه.

(ه) وفی حدیث عمر «أنّ امرأة شکت إلیه کدوحا فی ذراعیها من احتراش الضّباب ، فقال : لو أخذت الضّبّ فورّیته ، ثم دعوت بمکتفة (1) فأملته کان أشبع» ورّیته : أی (2) روّغته فی الدّهن والدّسم ، من قولک : لحم وَارٍ : أی سمین.

(ه) ومنه حدیث الصّدقة «وفی الشّویّ الْوَرِیِ مسنّة» فعیل بمعنی فاعل.

یقال : وُزِرَ فهو مَوْزُورٌ. وإنما قال : مأزورات للازدواج بمأجورات. وقد تکرر فی الحدیث مفردا ومجموعا.

(ه) وفی حدیث السّقیفة «نحن الأمراء وأنتم الْوُزَرَاءُ» جمع وَزِیر ، وهو الذی یوازره ، فیحمل عنه ما حمّله من الأثقال. والذی یلتجیء الأمیر إلی رأیه وتدبیره فهو ملجأ له ومفزع.

وسلم ینظر إلیّ فلا یزعنی» أی لا یزجرنی ولا ینهانی.

وفیه «أنه حلق شعره فی الحجّ ووَزَّعَهُ بین الناس» أی فرّقه وقسّمه بینهم. وقد وزّعته أُوَزِّعُهُ تَوْزِیعاً.

وفی حدیث الضّحایا «إلی غنیمة فَتَوَزَّعُوهَا» أی اقتسموها بینهم.

(ه) ومنه حدیث عمر «أنه خرج لیلة فی شهر رمضان والنّاس أَوْزَاعٌ» أی متفرّقون. أراد أنّهم کانوا یتنفّلون فیه بعد صلاة العشاء متفرّقین.

ومنه شعر حسّان (1) :

* بضرب کإیزاع المخاض مشاشه *

جعل الْإِیزَاعَ موضع التَّوْزِیعِ ، وهو التّفریق. وأراد بالمشاش هاهنا البول.

وقیل : هو بالغین المعجمة ، وهو بمعناه.

[ه] وفیه «أنه کان مُوزَعاً بالسّواک» أی مولعا به. وقد أُوزِعَ بالشیء یُوزَعُ ، إذا اعتاده ، وأکثر منه ، وألهم.

ومنه قولهم فی الدعاء «اللهمّ أَوْزِعْنِی شکر نعمتک» أی ألهمنی وأولعنی به.

وفی روایة «أنّه قال لمّا رآه : اللهمّ اجعل به وزغا» فرجف مکانه وارتعش.

وقیل : أراد أنّ من توسّد الخیطین المکنیّ بهما عن اللیل والنهار لعریض الوساد (1).

(ه) ومنه الحدیث «أنه ذکر عنده شریح الحضرمیّ ، فقال : ذلک رجل لا یَتَوَسَّدُ القرآن» (2) یحتمل أن یکون مدحا وذمّا ، فالمدح معناه أنه لا ینام اللّیل عن القرآن ولم یتهجّد به ، فیکون القرآن مُتَوَسِّداً معه ، بل هو یداوم قراءته ویحافظ علیها. والذّمّ معناه : لا یحفظ من القرآن شیئا ولا یدیم قراءته ، فإذا نام لم یتوسّد معه القرآن. وأراد بِالتَّوَسُّدِ النّوم.

ومن الأول الحدیث «لا تَوَسَّدُوا القرآن واتلوه حقّ تلاوته».

(ه) والحدیث الآخر «من قرأ ثلاث آیات فی لیلة لم یکن متوسّدا للقرآن».

ومن الثانی حدیث أبی الدّرداء «قال له رجل : إنّی أرید أن أطلب العلم وأخشی أن أضیّعه ، فقال : لأن تَتَوَسَّدَ العلم خیر لک من أن تتوسّد الجهل».

(س) وفیه «إذا وُسِّدَ الأمر إلی غیر أهله فانتظر الساعة» أی أسند وجعل فی غیر أهله. یعنی إذا سوّد وشرّف غیر المستحقّ للسّیادة والشّرف.

وقیل : هو من الوسادة (3) : أی إذا وضعت وسادة الملک والأمر والنّهی لغیر مستحقّها ، وتکون إلی بمعنی اللام.

وفیه «خیر الأمور أَوْسَاطُهَا» کلّ خصلة محمودة فلها طرفان مذمومان ، فإنّ السّخاء وَسَطٌ بین البخل والتّبذیر ، والشّجاعة وسط بین الجبن والتّهوّر ، والإنسان مأمور أن یتجنّب کلّ وصف مذموم ، وتجنّبه بالتّعرّی منه والبعد عنه ، فکلّما ازداد منه بعدا ازداد منه تعرّیا. وأبعد الجهات والمقادیر والمعانی من کلّ طرفین وسطهما ، وهو غایة البعد عنهما ، فإذا کان فی الوسط فقد بعد عن الأطراف المذمومة بقدر الإمکان.

(س) وفیه «الولدُ أَوْسَطُ أبواب الجنّة» أی خیرها. یقال : هو من أوسط قومه : أی خیارهم.

ومنه الحدیث «أنه کان من أوسط قومه» أی من أشرفهم وأحسبهم : وقد وَسُطَ وَسَاطَةً فهو وَسِیطٌ.

(س) ومنه حدیث رقیقة «انظروا رجلا وَسِیطاً» أی حسیبا فی قومه. ومنه سمّیت الصلاة الْوُسْطَی ؛ لأنها أفضل الصّلاة وأعظمها أجرا ، ولذلک خصّت بالمحافظة علیها.

وقیل : لأنّها وسط بین صلاتی اللّیل وصلاتی النّهار ، ولذلک وقع الخلاف فیها ، فقیل : العصر ، وقیل : الصّبح ، وقیل غیر ذلک.

(س) ومنه حدیث هشام یصف ناقة «إنها لَمِیسَاعٌ» أی واسعة الخطو ، وهو مفعال ، بالکسر منه.

(س) وفیه «أنه لبث عشر سنین یتبع الحاجّ بِالْمَوَاسِمِ» هی جمع مَوْسِم ، وهو الوقت الذی یجتمع فیه الحاجّ کلّ سنة ، کأنه وُسِمَ بذلک الوسم ، وهو مفعل منه ، اسم للزمان ، لأنه معلم لهم. یقال : وَسَمَهُ یَسِمُهُ سِمَةً ووَسْماً ، إذا أثّر فیه بکیّ.

ومنه الحدیث «أنه کان یَسِمُ إبل الصّدقة» أی یعلّم علیها بالکیّ.

ومنه الحدیث «وفی یده الْمِیسَمُ» ، هی الحدیدة التی یکوی بها. وأصله : موسم ، فقلبت الواو یاء ، لکسرة المیم.

(س) وفیه «علی کل میسم من الإنسان صدقة» هکذا جاء فی روایة ، فإن کان محفوظا فالمراد به أنّ علی کلّ عضو مَوْسُومٌ بصنع الله صدقة. هکذا فسّر.

(ه) وفیه «بئس لعمر الله عمل الشّیخ الْمُتَوَسِّمِ ، والشّابّ المتلوّم» الْمُتَوَسِّمُ : المتحلّی بسمة الشّباب (1).

بالکسر ، وهو بالفتح : الاسم ، والْوَسْوَاسُ أیضا : اسم للشیطان ، ووَسْوَسَ ، إذا تکلّم بکلام لم یبیّنه.

ومنه حدیث عثمان «لما قبض رسول الله صلی الله علیه وسلم وُسْوِسَ ناس ، وکنت فیمن وسوس» یرید أنه اختلط کلامه ودُهِشَ بموته.

(س) وفی حدیث آخر «لا عدمت (1) رجلا وَشَّحَکَ هذا الْوِشَاح» أی ضربک هذه الضّربة فی موضع الوشاح.

(س) ومنه حدیث المرأة السّوداء :

ویوم الوشاح من تعاجیب ربّنا

علی أنه من دارة الکفر نجّانی (2)

کان لقوم وشاح فقدّوه ، فاتّهموها به ، وکانت الحدأة أخذته فألقته إلیهم.

وفیه «کانت للنبی صلی الله علیه وسلم درع تسمّی ذات الوشاح».

ومنه حدیث عائشة «أهدیت لی وَشِیقَةُ قدید ظبی فردّها» وتجمع علی وَشِیقٍ ، ووَشَائِقَ.

ومنه حدیث أبی سعید «کنا نتزوّد من وَشِیقِ الحج».

وحدیث جیش الخبط «وتزوّدنا من لحمه وَشَائِقَ».

(ه) وفی حدیث حذیفة «أن المسلمین أخطأوا بأبیه ، فجعلوا یضربونه بسیوفهم وهو یقول : أبی أبی ، فلم یفهموه حتی انتهی إلیهم ، وقد تَوَاشَقُوهُ بأسیافهم» أی قطّعوه وشائق ، کما یقطّع اللحم إذا قدّد.

ضدّ ذلک کلّه. یقال : وَصَلَ رَحِمَهُ یَصِلُهَا وَصْلاً وصِلَةً ، والهاء فیها عوض من الواو المحذوفة ، فکأنه بالإحسان إلیهم قد وَصَلَ ما بینه وبینهم من علاقة القرابة والصّهر.

وفیه ذکر «الْوَصِیلَةِ» هی الشاة إذا ولدت ستّة أبطن ، أنثیین أنثیین ، وولدت فی السابعة ذکرا وأنثی ، قالوا : وَصَلْتَ أخاها ، فأحلّوا لبنها للرّجال ، وحرّموه علی النّساء.

وقیل : إن کان السابع ذکرا ذبح وأکل منه الرجال والنساء. وإن کانت أنثی ترکت فی الغنم ، وإن کان ذکرا وأنثی قالوا : وَصَلْتَ أخاها ، ولم تذبح ، وکان لبنها حراما علی النساء.

(ه) وفی حدیث ابن مسعود «إذا کنت فی الْوَصِیلَةِ فأعط راحلتک حظّها» هی العمارة والخصب.

وقیل : الأرض ذات الکلأ ، تتّصل بأخری مثلها.

(ه) وفی حدیث عمرو «قال لمعاویة : ما زلت أرمّ أمرک بوذائله ، وأَصِلُهُ بِوَصَائِلِهِ» هی ثیاب حمر مخطّطة یمانیة (1).

وقیل : أراد بالوصائل ما یوصل به الشیء ، یقول : ما زلت أدبّر أمرک بما یجب أن یوصل به من الأمور التی لا غنی (2) به عنها ، أو أراد أنه زیّن أمره وحسّنه ، کأنه ألبسه الوصائل.

(ه) ومنه الحدیث «إنّ أوّل من کسا الکعبة کسوة کاملة تبّع ، کساها الأنطاع (3) ، ثم کساها الْوَصَائِلَ» أی حبر الیمن.

(ه س) وفیه «أنه لعن الْوَاصِلَةَ والْمُسْتَوْصِلَةَ» الْوَاصِلَةُ : التی تصل شعرها بشعر آخر زور ، والْمُسْتَوْصِلَةُ : التی تأمر من یفعل بها ذلک.

وروی عن عائشة أنها قالت : لیست الواصلة بالتی تعنون ، ولا بأس أن تعری المرأة عن الشّعر ، فتصل قرنا من قرونها بصوف أسود ، وإنما الْوَاصِلَةُ : التی تکون بغیّا فی شبیبتها ، فإذا أسنّت وصلتها بالقیادة.

وقال أحمد بن حنبل لمّا ذکر له ذلک : ما سمعت بأعجب من ذلک.

ص: 192

(ه) وفیه «أنه نهی عن الوصال فی الصّوم» هو ألّا یفطر یومین أو أیّاما.

(س) وفیه «أنه نهی عن الْمُوَاصَلَةِ فی الصلاة ، وقال : إنّ امرأ واصل فی الصلاة خرج منها صفرا» قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : ما کنّا ندری ما المواصلة فی الصلاة ، حتی قدم علینا الشافعی ، فمضی إلیه أبی فسأله عن أشیاء ، وکان فیما سأله عن الْمُوَاصَلَةِ فی الصلاة ، فقال الشافعی : هی فی مواضع ، منها : أن یقول الإمام «وَلَا الضَّالِّینَ» فیقول من خلفه «آمین» معا : أی یقولها بعد أن یسکت الإمام.

ومنها : أن یصل القراءة بالتّکبیر.

ومنها : السلام علیکم ورحمة الله ، فیصلها بالتّسلیمة الثانیة ، الأولی فرض والثانیة سنّة ، فلا یجمع بینهما.

ومنها : إذا کبّر الإمام فلا یکبّر معه حتی یسبقه ولو بواو.

(ه) وفی حدیث جابر «أنه اشتری منّی بعیرا وأعطانی وَصْلاً من ذهب» أی صلة وهبة ، کأنه ما یتّصل به أو یتوصّل فی معاشه. ووَصَلَهُ إذا أعطاه مالا. والصِّلَةُ : الجائزة والعطیّة.

(ه) وفی حدیث عتبة والمقدام «أنهما کانا أسلما فتوصّلا بالمشرکین حتی خرجا إلی عبیدة بن الحارث» أی أریاهم أنهما معهم ، حتی خرجا إلی المسلمین ، وتَوَصَّلَا : بمعنی توسّلا وتقرّبا.

(ه) وفی حدیث النّعمان بن مقرّن «أنه لما حمل علی العدوّ ما وَصَلْنَا کتفیه حتی ضرب فی القوم» أی لم نتّصل به ولم نقرب منه حتی حمل علیهم ، من السّرعة.

(ه) وفی الحدیث «رأیت سببا وَاصِلاً من السماء إلی الأرض» أی موصولا ، فاعل بمعنی مفعول ، کماء دافق. کذا شرح. ولو جعل علی بابه لم یبعد.

(ه) وفی حدیث علیّ «صِلُوا السّیوف بالخُطا ، والرّماح بالنّبل» أی إذا قصرت السّیوف عن الضّربیة فتقدّموا تلحقوا. وإذا لم تلحقهم الرماح فارموهم بالنّبل.

ص: 193

ومن أحسن وأبلغ ما قیل فی هذا المعنی قول زهیر (1) :

یطعنهم ما ارتموا حتّی إذا طعنوا

ضاربهم فإذا ما ضاربوا اعتنقا

(ه) وفی صفته صلی الله علیه وسلم «أنه کان فعم الْأَوْصَالِ» أی ممتلئ الأعضاء ، الواحد : وصل (2).

وفیه «کان اسم نبله صلی الله علیه وسلم الْمُوتَصِلَةَ» سمّیت بها تفاؤلا بوصولها إلی العدوّ. والموتصلة ، لغة قریش ، فإنها لا تدغم هذه الواو وأشباهها فی التّاء ، فتقول : موتصل ، وموتفق ، وموتعد ، ونحو ذلک. وغیرهم یدغم فیقول : مُتَّصِلٌ ، ومتّفق ، ومتّعد.

(ه) وفیه «من اتّصل فأعضّوه» أی من ادّعی دعوی الجاهلیّة ، وهی قولهم : یا لفلان. فأعضّوه : أی قولوا له : اعضض أیر أبیک. یقال : وَصَلَ إلیه واتَّصَلَ ، إذا انتمی.

(ه) ومنه حدیث أبیّ «أنه أعضّ إنسانا اتّصل».

(ه س) ومنه الحدیث «أمر بصیام الْأَوَاضِحِ» یرید أیّام اللّیالی الأواضح : أی البیض. جمع وَاضِحَة ، وهی ثالث عشر ، ورابع عشر ، وخامس عشر. والأصل : وواضح ، فقلبت الواو الأولی همزة.

(ه س) ومنه الحدیث «غیّروا الْوَضَحَ» أی الشّیب ، یعنی اخضبوه.

(س) ومنه الحدیث «جاء رجل بکفّه وَضَحٌ» أی برص.

(ه) وفی حدیث الشّجاج ذکر «الْمُوضِحَةِ» فی أحادیث کثیرة. وهی التی تبدی وَضَحَ العظم : أی بیاضه. والجمع : الْمَوَاضِحُ. والتی فرض فیها خمس من الإبل هی ما کان منها فی الرأس والوجه. فأما الْمُوضِحَةُ فی غیرهما ففیها الحکومة.

(ه) وفیه «أنّ یهودیّا قتل جاریة علی أَوْضَاحٍ لها» هی (1) نوع من الحلیّ یعمل من الفضّة ، سمّیت بها ؛ لبیاضها ، واحدها : وَضَحٌ.

(ه) وفیه «أنه کان یلعب مع الصّبیان بعظم وَضَّاحٍ» هی لعبة لصبیان الأعراب. وقد تقدم فی حرف العین. ووَضَّاحٌ : فعّال ، من الْوُضُوحِ : الظّهور.

(س) وفیه «حتی ما أَوْضَحُوا بضاحکة» أی ما طلعوا بضاحکة ولا أبدوها ، وهی إحدی ضواحک الأسنان (2) التی تبدو عند الضّحک. یقال : من أین أَوْضَحْتَ؟ أی طلعت.

ومنه حدیث عمر «إنک والله سقعت الحاجب ، وأَوْضَعْتَ بالراکب» أی حملته علی أن یوضع مرکوبه.

ومنه حدیث حذیفة بن أسید «شرّ الناس فی الفتنة الراکب الْمُوضِعُ» أی المسرع فیها. وقد تکرر فی الحدیث.

(ه) وفیه «من رفع السلاح ثم وَضَعَهُ فدمه هدر» وفی روایة «من شهر سیفه ثم وضعه» أی من قاتل به ، یعنی فی الفتنة. یقال : وَضَعَ الشّیء من یده یَضَعُهُ وَضْعاً ، إذا ألقاه ، فکأنه ألقاه فی الضَّرِیبَةِ.

ومنه قول سدیف للسّفّاح :

فضع السّیف وارفع السّوط حتّی

لا تری فوق ظهرها أمویّا

أی ضَعِ السّیف فی المضروب به ، وارفع السّوط لتضرب به.

ومنه حدیث فاطمة بنت قیس «لا یضع عصاه عن عاتقه» أی أنه ضرّاب للنساء.

وقیل : هو کنایة عن کثرة أسفاره ؛ لأن المسافر یحمل عصاه فی سفره.

وفیه «إنّ الملائکة تَضَعُ أجنحتها لطالب العلم» أی تفرشها لتکون تحت أقدامه إذا مشی. وقد تقدّم معناه مستوفی فی حرف الجیم.

(س) وفیه «إن الله وَاضِعٌ یده لمسیء اللیل لیتوب بالنهار ، ولمسیء النهار لیتوب باللیل» أراد بالوضع هاهنا البسط. وقد صرّح به فی الروایة الأخری «إنّ الله باسط یده لمسیء اللیل» وهو مجاز فی البسط والید ، کوضع أجنحة الملائکة.

وقیل : أراد بِالْوَضْعِ الإمهال ، وترک المعاجلة بالعقوبة. یقال : وَضَعَ یده عن فلان ، إذا کفّ عنه. وتکون اللام بمعنی عن : أی یضعها عنه ، أو لام أجل : أی یکفّها لأجله. والمعنی فی الحدیث أنه یتقاضی المذنبین بالتّوبة لیقبلها منهم.

(س) ومنه حدیث عمر «أنه وَضَعَ یده فی کشیة ضبّ ، وقال : إن النبیّ صلی الله علیه وسلم لم یحرّمه» وَضْعُ الید : کنایة عن الأخذ فی أکله.

(س) وفیه «ینزل عیسی بن مریم علیه السلام فَیَضَعُ الجزیة» أی یحمل الناس علی دین الإسلام ، فلا یبقی ذمّیّ تجری علیه الجزیة.

ص: 197

وقیل : أراد أنه لا یبقی فقیر محتاج ؛ لاستغناء الناس بکثرة الأموال ، فتوضع الجزیة وتسقط ، لأنها إنما شرعت لتزید فی مصالح المسلمین وتقویة لهم ، فإذا لم یبق محتاج لم تؤخذ (1).

ومنه الحدیث «ویَضَعُ العلم» أی یهدمه ویلصقه بالأرض.

والحدیث الآخر «إن کنت وضعت الحرب بیننا وبینهم» أی أسقطتها.

(ه) وفیه «من أَنْظَرَ معسرا أو وضع له» أی حطّ عنه من أصل الدّین شیئا (2).

ومنه الحدیث «وإذا أحدهما یَسْتَوْضِعُ الآخر ویسترفقه» أی یستحطّه من دینه.

وفی حدیث سعد «إن کان أحدنا لیضع کما تضع الشاة» أراد أنّ نجوهم کان یخرج بعرا ؛ لیبسه من أکلهم ورق السّمر ، وعدم الغذاء المألوف.

[ه] وفی حدیث طهفة «لکم یا بنی نهد ودائع الشّرک ، ووَضَائِعُ الملک» الْوَضَائِعُ : جمع وَضِیعَةٍ وهی الوظیفة التی تکون علی الملک ، وهی ما یلزم الناس فی أموالهم ؛ من الصّدقة والزکاة : أی لکم الوظائف التی تلزم المسلمین ، لا نتجاوزها معکم ، ولا نزید علیکم فیها شیئا.

وقیل : معناه ما کان ملوک الجاهلیّة یوظّفون علی رعیّتهم ، ویستأثرون به فی الحروب وغیرها من المغنم : أی لا نأخذ منکم ما کان ملوککم وظّفوه علیکم ، بل هو لکم.

(ه) وفیه «إنه نبیّ ، وإنّ اسمه وصورته فی الوضائع» هی کتب تکتب فیها الحکمة. قاله الأصمعیّ.

وفی حدیث شریح «الْوَضِیعَةُ علی المال ، والرّبح علی ما اصطلحا علیه» الْوَضِیعَةُ : الخسارة. وقد وُضِعَ فی البیع یُوضَعُ وَضِیعَةً. یعنی أن الخسارة من رأس المال.

(س) وفیه «أن رجلا من خزاعة یقال له : هیت کان فیه تَوْضِیعٌ» أی تخنیث.

الْوَضَمُ (1) الخشبة أو الباریة التی یوضع علیها اللحم ، تقیة من الأرض.

وقال الزمخشری : «الوضم : [کلّ](2) ما وقیت به اللحم من الأرض». أراد أنّهنّ فی الضّعف (3) مثل ذلک اللحم الذی لا یمتنع علی أحد إلّا أن یذبّ عنه ویدفع.

قال الأزهری : إنما خصّ اللّحم علی الوضم وشبّه به النساء ؛ لأنّ من عادة العرب إذا نحر بعیر لجماعة یقتسمون لحمه أن یقلعوا شجرا (4) ویُوضَمُ بعضه علی بعض ، ویعضّی اللحم ویوضع علیه ، ثم یلقی لحمه عن عراقه ، ویقطّع علی الوضم ، هبرا للقسم ، وتؤجّج النار ، فإذا سقط جمرها اشتوی من حضر شیئا بعد شیء (5) ، علی ذلک الجمر ، لا یمنع منه أحد ، فإذا وقعت المقاسم حوّل کلّ واحد قسمه عن الوضم إلی بیته ، ولم یعرض له أحد. فشبّه عمر النساء وقلّة امتناعهنّ علی طلّابهنّ من الرجال باللحم مادام علی الوضم.

فی الخرص ، لما ینوبهم وینزل بهم من الضّیفان.

وقیل : الْوَاطِئَةُ : سقاطة التّمر تقع فَتُوطَأُ بالأقدام ، فهی فاعلة بمعنی مفعولة.

وقیل (1) : هی من الْوَطَایَا ، جمع وَطِیئَة ، وهی تجری مجری العریّة ، سمّیت بذلک لأنّ صاحبها وَطَّأَهَا لأهله : أی ذلّلها ومهّدها ، فهی لا تدخل فی الخرص.

ومنه حدیث القدر «وآثار (2) مَوْطُوءَةٌ» أی مسلوک علیها بما سبق به القدر ، من خیر أو شرّ.

(ه) ومنه الحدیث «ألا أخبرکم بأحبّکم إلیّ وأقربکم منّی مجالس یوم القیامة؟ أحاسنکم أخلاقا ، الْمُوَطَّأُونَ أکنافا ، الّذین یألفون ویؤلفون» هذا مثل ، وحقیقته من التَّوْطِئَةِ ، وهی التّمهید والتّذلیل. وفراش وَطِیءٌ : لا یؤذی جنب النّائم. والأکناف : الجوانب. أراد الذین جوانبهم وَطِیئَةٌ ، یتمکّن فیها من یصاحبهم ولا یتأذّی.

(ه) وفیه «أنّ رعاء الإبل ورعاء الغنم تفاخروا عنده ، فَأَوْطَأَهُمْ رِعَاءَ الإبل غلبة» أی غلبوهم وقهروهم بالحجّة. وأصله أنّ من صارعته أو قاتلته فصرعته أو أثبتّه فقد وَطِئْتَهُ وأَوْطَأْتَهُ غیرک. والمعنی أنه جعلهم یُوطَأُونَ قهرا وغلبة.

وفی حدیث علیّ ، لمّا خرج مهاجرا بعد النبیّ صلی الله علیه وسلم «فجعلت أتّبع مآخذ رسول الله صلی الله علیه وسلم فَأَطَأ ذِکْرَهُ حتّی انتهیت إلی العرج» أراد : إنی کنت أغطّی خبره من أوّل خروجی إلی أن بلغت العرج ، وهو موضع بین مکة والمدینة. فکنی عن التّغطیة والإیهام بالوطء ، الذی هو أبلغ فی الإخفاء والسّتر.

(س) وفی حدیث النّساء «ولکم علیهنّ ألّا یُوطِئْنَ فرشکم أحدا تکرهونه» أی لا یأذنّ لأحد من الرجال الأجانب أن یدخل علیهنّ ، فیتحدّث إلیهنّ. وکان ذلک من عادة العرب ، لا یعدّونه ریبة ، ولا یرون به بأسا ، فلما نزلت آیة الحجاب نهوا عن ذلک.

(ه) وفی حدیث عمّار «أن رجلا وشی به إلی عمر فقال : اللهم إن کان کذب فاجعله

ص: 201

مُوَطَّأَ العَقِب» أی کثیر الأتباع. دعا علیه بأن یکون سلطانا أو مقدّما أو ذا مال ، فیتبعه الناس ویمشون وراءه.

(ه) وفیه «إن جبریل صلّی بی العشاء حین غاب الشّفق ، واتَّطَأَ العشاء» هو افتعل ، من وَطَّأْتُهُ. یقال : وَطَّأْتُ الشّیء فَاتَّطَأَ : أی هیّأته فتهیّأ. أراد أنّ الظلام کمل ووَاطَأَ بعضه بعضا : أی وافق.

وفی الفائق : «حین غاب الشّفق وأنطی العشاء» قال : وهو من قول بنی قیس : «لم یأتط (1) الجداد. ومعناه : لم یأت (2) حینه. وقد ائْتَطَی یَأْتَطِی ، کائتلی (3) یأتلی» ، بمعنی الموافقة والمساعفة.

قال : «وفیه وجه آخر : أنه (4) افتعل من الأطیط ؛ لأنّ العتمة وقت حلب الإبل ، وهی حینئذ تئطّ ، أی تحنّ إلی أولادها ، فجعل الفعل للعشاء وهو لها اتّساعا».

وفی حدیث لیلة القدر «أری رؤیاکم قد تَوَاطَتْ فی العشر الأواخر» هکذا روی بترک الهمز ، وهو من الْمُوَاطَأَةِ : الموافقة. وحقیقته کأنّ کلّا منهما وطیء ما وطئه الآخر.

(س) وفی حدیث عبد الله «لا نتوضأ (5) من مَوْطَأٍ» أی ما یوطأ من الأذی فی الطریق. أراد لا نعید (6) الوضوء منه ، لا أنهم کانوا لا یغسلونه.

(ه) وفیه «فأخرج إلینا ثلاث أکل من وطیئة» الْوَطِیئَةُ : الغرارة یکون فیها الکعک والقدید وغیره.

ص: 202

وفی حدیث عبد الله بن بسر «أتیناه بِوَطِیئَةٍ» هی طعام یتّخذ من التّمر کالحیس.

ویروی بالباء الموحدة ، وقیل : هو تصحیف.

لنفسه مجلسا یعرف به. والْمَوْطِنُ : مفعل منه. ویسمّی به المشهد من مشاهد الحرب. وجمعه : مَوَاطِن.

ومنه قوله تعالی (لَقَدْ نَصَرَکُمُ اللهُ فِی مَواطِنَ کَثِیرَةٍ).

(ه) وفی حدیث عائشة «کان المسلمون یُوعِبُونَ فی النّفیر مع رسول الله صلی الله علیه وسلم» أی یخرجون بأجمعهم فی الغزو.

ومنه الحدیث «أَوْعَبَ المهاجرون والأنصار مع النبی صلی الله علیه وسلم یوم الفتح».

[ه] والحدیث الآخر «أوعب الأنصار مع علیّ إلی صفّین» أی لم یتخلّف منهم أحد عنه.

(ه) ومنه الحدیث «نضّر الله امرأ سمع مقالتی فوعاها ، فربّ مبلّغ (1) أوعی من سامع».

(ه) ومنه حدیث أبی أمامة «لا یعذّب الله قلبا وَعَی القرآن» أی عقله إیمانا به وعملا. فأمّا من حفظ ألفاظه وضیّع حدوده فإنه غیر واع له. وقد تکرر فی الحدیث.

(س) وفیه «فَاسْتَوْعَی له حقّه» أی استوفاه کلّه ، مأخوذ من الوعاء.

ومنه حدیث أبی هریرة «حفظت عن رسول الله صلی الله علیه وسلم وِعَاءَیْنِ من العلم» أراد الکنایة عن محلّ العلم وجمعه ، فاستعار له الوعاء.

ومنه الحدیث «لا تُوعِی فَیُوعَی علیک» أی لا تجمعی وتشحّی بالنّفقة ، فیشحّ علیک ، وتجازی بتضییق رزقک.

(س) وفی مقتل کعب بن الأشرف أو أبی رافع «حتی سمعنا الْوَاعِیَةَ» هو الصّراخ علی المیّت ونعیه. ولا یبنی منه فعل.

وقیل : الْوَعْیُ کالوغی : الجلبة والصّوت الشّدید.

(س) ومنه حدیث الإفک «فأتینا الجیش مُوغِرِینَ فی نحر الظهیرة» أی فی وقت الهاجرة ، وقت توسّط الشّمس السّماء. یقال : وَغِرَتِ الهاجرةُ وَغْراً ، وأَوْغَرَ الرّجل : دخل فی ذلک الوقت ، کما یقال : أظهر ، إذا دخل فی وقت الظّهر.

ویروی «مُغَوِّرِینَ». وقد تقدم.

(س) فمن أحادیث الوفد قوله : «وفد الله ثلاثة».

(س) وحدیث الشّهید «فإذا قتل فهو وافد لسبعین یشهد لهم».

وقوله «أجیزوا الوفد بنحو ما کنت أجیزهم».

(س) وفی شعر حمید :

تری العلیفیّ علیها مُوفِدَا (1)

أی مُشْرِفاً.

ومنه الحدیث «أن رجلا من الأنصار جاء إلی النبی صلی الله علیه وسلم فقال : مالی کلّه صدقة ، فأقتر أبواه حتی جلسا مع الْأَوْفَاضِ» أی افتقرا حتی جلسا مع الفقراء.

(ه) وفی کتاب وائل بن حجر «ومن زنی من بکر فاصقعوه واستوفضوه عاما» أی اضربوه واطردوه وانفوه ، من وَفَضَتِ الإبلُ ، إذا تفرّقت.

[ه] ومنه حدیث عائشة «فَوَقَذَ (1) النّفاق» وفی روایة «الشیطان» أی کسره ودمغه.

(ه) وفی حدیثها أیضا (2) «وکان وَقِیذَ الجوانح» أی محزون القلب ، کأنّ الحزن قد کسره وضعّفه ، والجوانح تجنّ القلب وتحویه ، فأضافت الْوُقُوذَ إلیها.

وأظنّ الصّواب «فوقذتنی» بالذّال : أی کسرتنی وهدّتنی.

قبرک» الْوِقَاعَةُ ، بالکسر : موضع وقوع طرف السّتر علی الأرض إذا أرسل ، وهی موقعه وموقعته.

ویروی بفتح الواو : أی ساحة السّتر.

وفی حدیث ابن عباس «نزل مع آدم علیه السلام الْمِیَقَعَةُ والسّندان والکلبتان» هی المطرقة. وقد تقدمت فی المیم.

(س) وفی شعر حمید بن ثور :

* تری العلیفیّ علیها مؤکدا *

أی موثقا شدید الأسر. یقال : أَوْکَدْتُ الشّیء ، ووَکَّدْتُهُ ، وأَکَّدْتُهُ ، إِیکَاداً وتَوْکِیداً وتَأْکِیداً ، إذا شددته.

ویروی «... موفدا». وقد تقدّم.

(ه) وفی حدیث الحسن ، وذکر طالب العلم «قد أَوْکَدَتَاهُ یداه ، وأعمدتاه رجلاه» أَوْکَدَتَاهُ : أی أعملتاه (1). یقال : وَکَدَ فلان أمرا یَکِدُهُ وَکْداً ، إذا قصده وطلبه. تقول : ما زال ذلک وُکْدِی (2) : أی دأبی وقصدی.

حکومة فی شیء بعینه ، کأنه أسلفه دینارا فی قفیز برّ إلی أجل ، فلمّا حلّ طالبه ، فجعله قفیزین إلی أمد آخر ، فهذا بیع ثان دخل علی البیع الأوّل ، فیردّان إلی أوکسهما ، أی أنقصهما ، وهو الأوّل. فإن تبایعا البیع الثّانی قبل أن یتقابضا کانا مربیین.

(س) وفی حدیث معاویة «أنه کتب إلی الحسین بن علی رضی الله عنهما : إنّی لم أخسک ولم أکسک» أی لم أنقصک حقّک ، ولم أنقض عهدک.

(ه) ومنه حدیث عمر «البخیل فی غیر وکف» وقال الزمخشری : «الْوَکَفُ : الوقوع فی المأثم والعیب. وقد وَکِفَ یَوْکَفُ وَکَفاً ، وهو من وَکَفَ المطر ، إذا وقع» وتَوَکَّفَ (1) الخبر إذا انتظر وکفه : أی وقوعه.

(ه) ومنه حدیث ابن عمیر «أهل القبور یَتَوَکَّفُونَ الأخبار» أی یتوقّعونها ، فإذا مات المیّت سألوه : ما فعل فلان ، وما فعل فلان؟

ویکله إلی غیره. وأصله : اوتکل ، فقلبت الواو یاء ، ثم تاء وأدغمت.

(س) وفیه «أنه نهی عن المواکلة» قیل : هو من الاتّکال فی الأمور ، وأن یتّکل کلّ واحد منهما علی الآخر. یقال : رجل وُکَلَةٌ ، إذا کثر منه الِاتِّکَالُ علی غیره ، فنهی عنه ؛ لما فیه من التّنافر والتّقاطع ، وأن یکل صاحبه إلی نفسه ولا یعینه فیما ینوبه.

وقیل : إنما هو مفاعلة من الأکل ، والواو مبدلة من الهمزة. وقد تقدم فی حرفها.

وفیه «کان إذا مشی عرف فی مشیه أنه غیر غرض ولا وکل» الْوَکَلُ والْوَکِلُ : البلید والجبان. وقیل : العاجز الذی یکل أمره إلی غیره.

ومنه مقتل الحسین «قال سنان (1) قاتله للحجّاج : ولّیت (2) رأسه امرأ غیر وکل» وفی روایة «وکلته (3) إلی غیر وکل» یعنی نفسه.

یسقط فیها شیء. یقال : أَوْکَیْتُ السّقاء أُوکِیهِ إِیکَاءً فهو مُوکًی.

(س) ومنه الحدیث «نهی عن الدّبّاء والمزفّت ، وعلیکم بِالْمُوکَی» أی السّقاء المشدود الرأس ؛ لأن السّقاء الموکی قلّما یغفل عنه صاحبه لئلّا یشتدّ فیه الشّراب فینشقّ ، فهو یتعهّده کثیرا.

(س) ومنه حدیث أسماء «قال لها : أعطی ولا تُوکِی فَیُوکَی علیک» أی لا تدّخری وتشدّی ما عندک وتمنعی ما فی یدیک فتنقطع مادّة الرّزق عنک.

(ه) وفی حدیث الزّبیر «أنه کان یُوکِی بین الصّفا والمروة سعیا» أی لا یتکلّم ، کأنه أوکی فاه فلم ینطق.

قال الأزهری (1) : الایکاء فی کلام العرب یکون بمعنی السّعی الشّدید. واستدلّ علیه بحدیث الزّبیر. ثم قال : وإنما قیل للذی یشتدّ عدوه : مُوکٍ ؛ لأنه (2) قد ملأ ما بین خوی رجلیه ، وأَوْکَی علیه.