عاشوراء والقرآن المهجور

اشارة

اسم الكتاب: عاشوراء والقرآن المهجور
المؤلف: حسيني شيرازي، محمد
تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش
اللغة: عربي
عدد المجلدات: 1
الناشر: موسسه المجتبي
مكان الطبع: بيروت لبنان
تاريخ الطبع: 1421 ق
الطبعة: اول
بسم الله الرحمن الرحيم
وقال الرسول
يا رب
إن قومي اتخذوا
هذا القرآن مهجورا
سورة الفرقان: 30

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام علي رسول الله (ص)، وعلي آله خير عباد الله، وعلي أعدائهم ومبغضيهم لعائن الله.
هناك كلمات ثلاث، أقضّت مضاجع المستعمرين، وأسهرت لياليهم، وأشقت عليهم أيامهم وحياتهم، وهم يفكرون في التخلص منها، والقضاء عليها، ولكن بدون جدوي.
وتلك الكلمات الثلاث بقيت ولا تزال باقية إلي الأبد، تصك مسامع الناس، وتملأ نفوسهم وقلوبهم، وتهتف بهم بجموعهم، وتستصرخ وجدانهم وضمائرهم، وتستغيث بهم، لنصرتها ومساندتها، والسير علي هداها ونهجها، والحرص علي حياتها وبقائها، والسعي علي دوامها واستمرارها.
وأظنك أيها القارئ العزيز قد عرفت من هذا الوصف ما هي هذه الكلمات الثلاث، فلقد أغناك الوصف عن الاسم، ولكن نذكرها لنتعطّر بعبير اسمها، ونتشرف بقداسة معنويتها.
نعم إن تلك الكلمات الثلاث هي عبارة عن ما يلي:
1: الإمام الحسين (ع).
2: عاشوراء.
3: كربلاء.
أما الإمام الحسين (ع) فغني عن التعريف، انه ريحانة رسول الله(ص) في الدنيا، وانه سيد شباب أهل الجنة، وانه من رسول الله(ص) ورسول الله(ص) منه، وانه مصباح الهدي وسفينة النجاة، وان الله تعالي محب لمن احبه، وناصر لمن نصره.
إنه سيد الشهداء، وأبو الأوفياء الأحرار، ومعلم الأجيال درس الشهادة والإباء، والجهاد في سبيل الله.
إنه المظلوم الذي انتصر وظل منتصراً، والشهيد الذي حيي وبقي حياً.
انه السراج المنير لكل المصلحين، والنبراس المضيء لكل المجاهدين.
فما من مصلح إلا وتعلم من الإمام الحسين (ع) دروس الإصلاح، ولا من مجاهد إلا وتتلمذ في مدرسة الإمام الحسين (ع) وتلقي منه دروس الجهاد في سبيل الله.
وتصريحات المصلحين، واعترافات المجاهدين وتقريراتهم تفصح عن ذلك.
ولذا خافه الطغاة، وحاربوه علي مدي الزمان.
وأما عاشوراء: فحدث ولا حرج، فانه يوم حماس وشجاعة.
ويوم صراع ونزال.
ويوم مقارعة ومصاولة.
ويوم هجوم جيش الشر علي معسكر الخير.
ويوم سطوة الظلم والجور علي صفوة العدل والقسط.
ويوم استشهاد الفضيلة علي أيدي الخني والرذيلة.
وبالتالي هو يوم تعرّي فيه واقع الزيف والباطل، وتجلّي فيه صرح الحق والحقيقة.
ويوم سُجل فيه الانتصار للمظلوم، والاندحار للظالم.
ويوم بقي خالداً بخلود الحق، وماحقاً لغلول الباطل وجيشه المنهزم.
ويوم بقي ولا يزال يخرّج الأبطال والأحرار لينقضوا علي الظالمين والمستبدين.
ومن أجل ذلك هاب المستبدون عاشوراء وحاربوه.
وأما كربلاء: فما أدراك ما كربلاء؟
إنها الأرض المقدسة، إنها قطعة من الجنة، إنها التي باهي بها الله علي الكعبة، وشرفها عليها، إنها مهبط الملائكة، ومزار الأنبياء والصديقين (ع)، إنها التربة التي فيها الشفاء، إنها الأرض التي ارتوت من دم الأنبياء والشهداء، انها البقعة التي احتضنت جثمان ريحانة رسول الله(ص)، فصارت علي أثر ذلك معهد الإيمان، وتربة خصبة لمدرسة الإسلام والقرآن واقترن اسمها بكل هذه الذكريات، بحيث انه كلما ذكر كربلاء تبادر إلي الأذهان معها: الإمام الحسين سيد الشهداء(ع)، وعاشوراء، والاسلام والقرآن، ولذلك أيضاً خافها الطغاة والظالمون وحاربوها أيما محاربة.
وهذا الكتاب الذي بين يديك «عاشوراء والقرآن المهجور» كتبه المرجع الديني الأعلي الإمام الشيرازي (دامت بركاته) جمعاً لهذه الكلمات الثلاث، وبياناً لأهميتها وعظمتها، وتحريضاً علي الاهتمام الأكثر بها، والرعاية الأعظم لشؤونها، حتي يعم خيرها كل المسلمين، بل كل العالم، ويتسبّب هداية غير المسلمين ببركتها إلي الإسلام، إن شاء الله.
ومحاولة لتعميم هذا الخير قمنا بطبع هذا الكتاب، سائلين من الله تعالي التوفيق والقبول.
مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر
بيروت لبنان ص.ب: 6080 شوران
البريد الإلكتروني: almojtaba@shiacenter.com

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله علي أعدائهم أجمعين.
كما ان خواص الأشياء، وقوانين الكون والطبيعة، في مختلف الأمور، وسائر الشؤون من طب وهندسة، وفيزياء وكيمياء وغير ذلك، أمور ثابتة ودائمة، فكذلك خواص التشريع، وقوانين العقائد والأصول، والفقه والقضاء، هي أمور ثابتة ودائمة أيضاً، وهذا لا ينافي فتح باب الاجتهاد في الفروع كما لا يخفي.
ومن باب المثال نقول: كما ان القاعدة لتحصيل مساحة المربع دائماً هو: أن نضرب عدد أمتار أحد أضلاعه الأربعة في ضلعه الآخر، أو ان خواص الأعشاب الطبية وتأثيرها في المعالجات الطبية مسلّم ودائمي إذا توفرت الشروط، فكذلك أحكام الله تعالي وقوانينه التشريعية يكون لها الدوام، ويبقي لها التأثير الدائم في الحياة، سواء علم الناس بذلك أم جهلوا، وسواء اتبعوها وعملوا بها، أم تركوها وأعرضوا عنها، وسواء تلقوها بالقبول، أم أعلنوا رفضها لهم، فإن ذا الأثر يترك أثره علي المجتمع والطبيعة إذا اجتمعت شرائطه وانتفت موانعه دائماً وفي كل الصور والأحوال، نفياً وإيجاباً، ووجوداً وعدماً.
نعم إن الأحكام الإسلامية، والقوانين التشريعية لله تبارك وتعالي، يكون لها الآثار الإيجابية عند تطبيقها والعمل بها، كما انه تترتب الآثار السلبية إذا تركت وأعرض عنها.
والإنسان إذا أراد الخير لنفسه ومجتمعه، وبلاده وأمته عليه أن يأخذ بها كي يحصل علي آثارها الإيجابية ونتائجها الطيبة، وإلا فانه سوف يدفع ضريبة تركها ورفضها، قال الله تعالي: ?ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا?().
نعم إن المعجزة فقط هي التي تكون مستثناة من هذه القوانين والقواعد وان كانت مندرجة في قوانين وقواعد أخري مثل نار إبراهيم الخليل (ع) التي أصبحت عليه برداً وسلاماً بأمر الله عزوجل().
ومثل انفلاق البحر في قصة موسي (ع) ().
ومثل رجوع الميت حياً كما في قصة إحياء أمير المؤمنين علي (ع) لبعض الموتي()، وغير ذلك من المعجزات التي ذكرها القرآن الكريم والأحاديث الشريفة للأنبياء العظام وأوصيائهم الكرام (ع).
ثم لا يخفي ان الإسلام الذي عرفه القرآن الحكيم، وبيّنته السنة المطهرة هو الذي سبّب عزة المسلمين ورفعتهم، وضمن لهم سعادتهم ورفاههم، وصار كما جاء في الحديث الشريف: «الإسلام يعلو ولايعلي عليه» ()، وصار المسلمون كما أخبرهم رسول الله (ص): «تكونوا ملوكاً في دنياكم» ().
وأما هذا اليوم الذي هجر فيه المسلمون القرآن الحكيم، وتركوا أحكامه وراء ظهورهم، وصاروا مسلمين بالاسم والجنسية فقط، فقد خسروا كل الآثار الطيبة للإسلام، وأصابهم جميع الآثار السيئة لترك الاسلام، من فقر وعدم، ومرض وجهل، حتي تحقق فيهم قوله تعالي: ?وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون?().
وهذا الكراس محاولة متواضعة لبيان بعض الفوائد المترتبة علي العمل بالإسلام والقرآن الكريم، راجياً من الله تعالي أن ينفع به وأن يوفق المسلمين للأخذ بأحكام القرآن والعمل بقوانينه الراقية، حتي يستعيدوا عزتهم وشوكتهم، وسيادتهم وسؤددهم، وهو المستعان.
قم المقدسة
محمد الشيرازي

المحرم وواجبنا تجاهه

يلزم شدة الاهتمام في أيام محرم الحرام، وخاصة عشرة عاشوراء، وكذلك في أيام الأربعين، بموضوعين مهمّين إضافة إلي إحياء الشعائر الحسينية المقدسة وهما:
1: وجوب تطبيق كل الأحكام الشرعية وجميع القوانين الإسلامية الثابتة عن طريق القرآن والسنة المطهرة.
2: وجوب هداية الناس جميعاً وخاصة هداية غير المسلمين إلي الإسلام.
وعلي المسلمين عامة، والخطباء والمبلغين وأصحاب القلم والمنبر خاصة، التحدث بهما والكتابة عنهما، حتي ينتشر ذلك في المجتمع الإسلامي، ويتعرف عليه جميع المسلمين.

1 تطبيق القوانين الإسلامية

1 تطبيق القوانين الإسلامية

أما الموضوع الأول وهو وجوب تطبيق كل الأحكام الشرعية، ومطالبة تطبيق جميع القوانين الإسلامية، التي ثبتت عندنا ووصلت إلينا عن طريق القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وسيرة الأئمة الطاهرين(ع) من أهل بيت رسول الله (ص) بما فيها أحاديثهم المباركة.
فان في هذا المجال لابد من بذل الاهتمام الأكثر بمسائل قد تُركت وللأسف الشديد ويلزم السعي في إعادتها إلي المجتمع والحياة اليومية من جديد، والتي من جملتها ثلاث آيات من القرآن الكريم التي قد اُعرض عنها بالمرة، وهي كالتالي:

آية الحريات الإسلامية

أولاً: آية الحريات الإسلامية: قال الله تعالي وهو يصف مهام رسوله (ص) في بعثته الكريمة: ?ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم?().
إن الإسلام هو دين الحرية والتحرر، وقد تنعّم المسلمون الأوائل في صدر الإسلام بهذه النعمة الإلهية الكبري، ولمسوها بقلوبهم وأبدانهم، وتحسّسوا بردها وروحها، بينما اليوم قد كثرت القيود والأغلال بسلب حريات الإسلام عن المسلمين، وقد سلبوها عنهم بالفعل، وأبدلوا مكانها بالضد منها، فعلي المسلمين أن يعملوا لإزاحتها والتخلص منها.
إن الإسلام أعطي كامل الحرية للإنسان، وذلك في غير ما فرضه الله تعالي علي الإنسان لحفظ إنسانيته، وتعالي روحه، ورغد عيشه، وسعادة حياته، من فعل الواجبات وترك المحرمات، وما أقلهما بالنسبة إلي الحريات الإسلامية، فانه فيما عدا ذلك جعل الله الإنسان حراً في أن يفعل ما يشاء، وأن يترك ما يشاء.
فأعطاه الحرية في الفكر والعقيدة، والحرية في العمل والاكتساب، فله أن يختار ما يشاء منها ويترك ما يشاء منها، علي ما يحب هو ويريد.
كما أعطاه الحرية في طلب العلم ومواصلة الدراسة، وفي الاستفادة من الثروات الطبيعية، والمباحات الأصلية، ومن السفر إلي أي بلد شاء، والإقامة في أي بلد أراد، وفي البناء والعمران، وفي إبداء الرأي في المسائل السياسية، وإعلان انتقاداته بالنسبة إلي الحاكم والرئيس، والقادة والوزراء، وكذلك الحرية في الزراعة والصناعة، وغير ذلك من الحريات الكثيرة التي منحها الإسلام للإنسان في حياته اليومية، بلا حاجة إلي اقتناء جنسية، أو جواز سفر، أو هوية، أو جواز عمل، أو ترخيص بناء، أو ما أشبه ذلك من القيود والأغلال.
كما إن الإسلام أعطي الحرية للفرد، والحزب، والتجمعات السياسية، بأن يبدوا آراءهم، ويعلنوا انتقاداتهم، ويقدّموا أطروحاتهم، في كيفية الحكم وطريقته، وفي نوعية السياسة، وفي منهجية الحكومة، عبر كل وسائل البث والنشر، من صحف ومجلات، وراديو وتلفزيون، وكتب ومقالات، وندوات وتجمعات، وغير ذلك.
وبكلمة واحدة: إن الإسلام يضمن لكل الناس حرياتهم المشروعة الأعم من الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

آية الأخوة الإيمانية

ثانياً: آية الأخوة الإسلامية والإيمانية: قال الله تعالي وهو يبين كيف يجب أن تكون العلاقة بين المسلمين والمؤمنين: ?إنما المؤمنون إخوة?().
وهذه الآية وللأسف الشديد قد هجرت بشدة بين المسلمين، وأعرضوا عنها وعن العمل بها.
إن الإسلام هو دين المحبة والألفة، ودين الروابط الحسنة، والعلاقات الأخوية الصادقة، وهو دين الأخوة بما للكلمة من معني.
إن الإسلام يري كل المسلمين، وجميع المؤمنين إخوة، مهما اختلفت أصولهم ولغاتهم، وصورهم وألوانهم، إنه لم يسمح لأحد من المسلمين أن يدعو أخاه المسلم بالأجنبي، ولا أن ينظر إلي أخيه المسلم بعين الازدراء أو التحقير، أو بنظرة الغريب للغريب الذي لا يمتّ إليه بصلة ولا يربطه به شيء من الروابط.
إن الإسلام يري رباط الدين والإيمان بالله ورسوله من أوثق الروابط وأمتنها، وأقوي العلائق وأبرمها، إنه يري لكل من يتشهد بالشهادتين هذه الرابطة بالنسبة إلي أخيه ممن يشهد بهما، فلا يجيز له أن يخرقها أو يوهنها تجاهه، مهما كان ذلك المتشهد بالشهادين من حيث اللسان والأصل، واللون والعرق مختلفاً مع هذا الآخر.
انه أراد أن يكون المسلمون فيما بينهم كأفراد أسرة واحدة، التي يظلها أب واحد وأم واحدة، فأبوهم آدم (ع) وأمهم حواء (ع)، وأراد لهم أن يعيشوا حياة أخوية ينتمون إلي بيت واحد، وعائلة واحدة، يعمر قلوبهم الحب والوداد، والتآلف والتعاون، وينكر عليهم العداوة والبغضاء، والتشاجر والتناحر.
وقد آخي رسول الله (ص) عملياً بعد أن جاء القرآن بآية الأخوة بين المسلمين وأكثر من مرة، ليطبق أمر الله عزوجل ويعلّم المسلمين علي التآخي بينهم.
شواهد ونماذج
فعن ابن عباس وغيره: «انه لما نزل قوله تعالي: ?انما المؤمنون أخوة? () آخي رسول الله (ص) بين أصحابه بأجمعهم علي قدر منازلهم ثم قال (ص) لعلي (ع): أنت أخي وأنا أخوك يا علي» ().
وفي الخبر أيضاً: «لما كان يوم المباهلة آخي النبي (ص) بين المهاجرين والأنصار، وادّخر علياً (ع) لنفسه، فأخذ (ص) بيده (ع) فأرقاه المنبر فقال: اللهم هذا مني وأنا منه، ألا انه مني بمنزلة هارون من موسي، ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، فانصرف علي (ع) قرير العين» ().
وقال الإمام الصادق (ع): «المسلم أخو المسلم، وحق المسلم علي أخيه المسلم أن لا يشبع ويجوع أخوه، ولا يُروي ويعطش أخوه، ولايكتسي ويعري أخوه، فما أعظم حق المسلم علي أخيه المسلم» ().
وقال (ع): «إذا قال الرجل لأخيه: أف، انقطع ما بينهما من الولاية، فإذا قال: أنت عدوي، فقد كفر أحدهما، فإذا اتهمه، انماث في قلبه الإيمان كما ينماث الملح في الماء» ().
وقال أبو عبد الله (ع): «المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إن اشتكي شي منه، وجد ألم ذلك في سائر جسده» ().
وروي عن النبي (ص) أنه قال: «إنما المؤمنون في تراحمهم وتعاطفهم بمنزلة الجسد الواحد، إذا اشتكي منه عضو واحد تداعي له سائر الجسد بالحمي والسهر» ().
وقال الإمام الصادق (ع): «والله ما عبد الله بشيء أفضل من أداء حق المؤمن» ().
وقال (ع) أيضاً: «والله إن المؤمن لأعظم حقاً من الكعبة» ().
وقال (ع): «دعاء المؤمن للمؤمن يدفع عنه البلاء ويدرّ عليه الرزق» ().
وإلي غيرها من الروايات الكثيرة في هذا المجال.
نعم إن الإسلام دين الفتوة والمروّة، ودين المحبّة والأخّوة، ويريد لكل المسلمين أن يعيشوا إخوة متحابين، وأحباباً متصافين. يعني: تماماً بخلاف الذي نراه اليوم ونسمعه بين المسلمين وللأسف الشديد من أن الإيراني المسلم يدعو أخاه المسلم العراقي: أجنبياً، والعراقي أخاه الإيراني بالأجنبي، وهكذا، وهو خلاف صريح للقرآن.

آية الأمة الواحدة

ثالثاً: آية الأمة الواحدة، قال الله تعالي وهو يبيّن كيف يجب أن يكون المسلمون سياسياً ومن حيث الحكم والتركيبة السياسية: ?وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون?().
وهذه الآية الكريمة تعني: إن المسلمين لهم مشتركات كثيرة من أهمها: توحيدهم للخالق وهو الله تبارك وتعالي، وقبولهم نبوة رسول الله (ص)، واعتقادهم بالإسلام والقرآن، والقيامة والمعاد، وهذه المشتركات هي التي تؤكد علي أن يكون المسلمون بكل طوائفهم أمة واحدة، ذات بلد واحد، وحكومة واحدة.
فالأمة الواحدة التي يناشدنا بها القرآن الكريم، ويخاطبنا بها الله تعالي، تتطلب وقبل كل شيء أموراً تالية:

رفع الحواجز النفسية

1: إلغاء الضغائن القلبية ورفع الحواجز النفسية، وذلك بأن تطيب نفوس المسلمين بعضهم تجاه البعض الآخر، وأن يري كل مسلم المسلم الآخر: أخاه في الدين والعقيدة، ونظيره في الخَلق والإنسانية.

إلغاء الحدود الجغرافية

2: إلغاء الحدود الجغرافية المبتدعة، التي أحدثها الغرب في بلاد المسلمين، وقسّمها إلي بلدان صغيرة لا حول لها ولا قوة، ولا شوكة ولاهيبة، حتي يستطيع التغلب عليها، والسيطرة علي منابعها وثرواتها، وقد فعل الغرب ونجح في مخططه هذا، وسيطر وتغلب، وسلب ونهب، وإلا فأين الذهب الأسود والذهب الأحمر الذي هو ملك المسلمين، والمسلمون يموتون جوعاً، ويكابدون الفقر والحرمان، والجهل والمرض.

رفض الجواز والجنسية

3: إلغاء ما يرتبط بالحدود الجغرافية من تبعات، ورفض مثل جواز السفر، والجنسية، والهوية، وضرائب الدخول والخروج من البلد، والجمارك والمكوس، وغير ذلك مما قد ابتلي به المسلمون وللأسف الشديد منذ ستين عاماً وحتي هذا اليوم، علماً بأن كل ذلك مما أوجده الغرب لعرقلة تقدم المسلمين وصدّهم عن تعاليهم، وليس لشيء من ذلك أية شرعية في الإسلام.
بل إن الإسلام يري الأمة الإسلامية أمة واحدة، ويري كل أمر يفرق صفوف المسلمين، ويمسّ وحدتهم، ويهدد اتحادهم وكيانهم، أمراً محرّماً أشد الحرمة، ومرفوضاً رفضاً باتاً، وعلي المسلمين أن يرفضوه بكل صراحة وقاطعية.
وعليه: فيلزم أن لا تكون هناك حواجز نفسية بين المسلمين، ولاحدود جغرافية بين بلادهم، ولا جواز ولا جنسية، ولا تأشيرة دخول وخروج، ولا رسوم ولا ضرائب، ولا جمارك ولا مكوس، فيما بينهم، وعليهم إلغاؤها جميعاً كما ألغي الغرب ذلك أخيراً بين بلادهم، وحذفوا تأشيرات الدخول والخروج، ورسوم الجمارك والمكوس وما إليها فيما بينهم نسبياً.
هذا وقد كان ذلك كله في الإسلام، فان البلاد الإسلامية علي وسعتها كانت بلدة واحدة، ذات حكومة مركزية واحدة، حتي جاء الغرب ففرّقهم أيادي سبا، ومزّقهم بسبب هذه الحدود الجغرافية، وزرع الحواجز النفسية في نفوسهم أيّما تمزيق.
تطبيق سائر القوانين الإسلامية
ثم إن هناك ما يجب علي الجميع الاهتمام به أيضاً، وهو:
العمل علي تطبيق سائر القوانين الإسلامية المتروكة في المسلمين والمهجور فيما بينهم غير ما ذكرناه، تلك القوانين التي يكون في تطبيقها ضمان لسعادة الحياة الإنسانية فرداً ومجتمعاً، اقتصاداً وسياسة، وغير ذلك.

قانون الشوري

فمن تلك القوانين الإسلامية: «قانون الشوري» قال الله تعالي: ?وشاورهم في الأمر?() وقال سبحانه: ?وأمرهم شوري بينهم?().
وإحياء هذا القانون وتطبيقه يلزم أن يكون في كل مجالات الحياة.. من الحياة المنزلية والعائلية، إلي الحياة الاجتماعية والسياسية.
فيلزم علي كل مسلم أن يطبق قانون الشوري في بيته ومع عائلته وأولاده إناثاً وذكوراً، وذلك بأن يشاورهم في الأمور المنزلية والأمور الفردية والعائلية حتي في انتخاب الملبس والمركب، والمأكل والمشرب، ناهيك عن الأمور التربوية والأخلاقية، علماً بأن الأسرة هي لبنة الاجتماع وحجرها الأساسي، فمنها يتكون الاجتماع الكبير، وتتشكل الدول والحكومات، فإذا بني الإنسان حياته علي الشوري وطبقها من أوائل عمره وفي كل شؤونه، تعود عليها عند كبره ولدي دخوله في محيط المجتمع وحين تصديه لإدارة الأمور، أو قيامه بأعباء الحكم والقيادة، والزعامة والرئاسة.
فمن أسباب ظهور الدكتاتوريات الموجودة اليوم في المسلمين هي عدم تطبيق قانون الشوري في الحياة اليومية، الفردية والعائلية، وذلك لأن الخير والشر عادة، كما ورد في الحديث الشريف، وثبت في علم النفس الاجتماعي، فإذا لم يتعوّد الإنسان من صغره علي التشاور في أموره، لم يتمكن أن يلتزم بقانون الشوري فيما يخص الأمة في كبره.
وكيف كان: فان «قانون الشوري» يلزم تطبيقه في مختلف جوانب الحياة، ومنها السياسة، فيلزم إدارة البلاد الإسلامية عبر انتخابات حرّة، وذلك بأن يقوم الناس بانتخاب من يرضونه من بين الفقهاء المراجع، فإذا تم انتخاب شوري الفقهاء المراجع يتصدّي شوري المراجع المنتخب لإدارة البلاد والعباد، ثم يقوم الشوري بالتعاون مع الأحزاب الحرة المنافسة في البناء والتقدم، وعبر الانتخابات الحرة بانتخاب القوة التنفيذية، لتطبيق الأحكام الشرعية والقوانين الإسلامية وتنفيذها في كافة مجالات الدولة وحياة الناس، وذلك لمدة معينة حسب المتفق عليه من مدة أربع أو خمس سنوات، ثم تتجدد الانتخابات للمرة الثانية، والثالثة، وهكذا.

قانون حيازة المباحات

ومن تلك القوانين الإسلامية التي يجب اعادتها إلي التطبيق الخارجي، والتنفيذ العملي في حياة المسلمين: هو قانون حيازة المباحات، وقانون الاستفادة بحرية من المنابع الطبيعية، من البحار، والغابات، والأرض.
فكما ان لكل إنسان الحق في أن يستفاد من الهواء والماء، فكذلك لكل إنسان الحق في أن يستفاد بقدر لا يضر حق الآخرين من البحار بصيد السمك، ومن الغابات بأخذ ما يحتاجه منها، ومن الأرض بحيازة ما يستطيع من عمرانها، سواء عمرها بالزراعة أو بالغرس، أو بالبناء أو بالمشاريع الانتفاعية أو الخيرية، فان هناك بالنسبة إلي حيازة الأرض قانون شرعي يقول: «الأرض لله ولمن عمّرها» () وبالنسبة إلي المباحات الأخري قانون شرعي يقول: ?خلق لكم ما في الأرض جميعاً?().
فالاستفادة من الأرض ومن سائر المباحات جائزة لكل إنسان ضمن حدود نظيفة ونزيهة، وذلك بأن يحوز منها بمقدار لا يتعدي فيه علي حقوق الآخرين، فلا يتملك منها ما هو أكثر من قابليته، ولا ما يوجب ضياع حق غيره، كما قال تعالي: ?خلق لكم?() يعني: للجميع، علي نحو العدل والقسط.

قانون السبق

ومن تلك القوانين الإسلامية التي هجرت فيما بين المسلمين: قانون السبق، القائل: «من سبق إلي ما لا يسبق إليه مسلم فهو أحق به» ().
مثلاً: إذا سبق أحد إلي أرض موات فعمّرها واكتشف فيها النفط فاستخرجه منها، أو سبق إلي أرض فيما الملح فاستخرجه منها، أو غير ذلك من سائر المعادن الموجودة في الأراضي الموات، التي هي ملك لله ورسوله (ص)، وقد وهبها الرسول (ص) للمسلمين، إن حاز أحد منهم شيئاً منها وعمّرها، فإنها تكون له.
فالمسلمون بالنسبة إلي هذه المباحات علي حدٍ سواء، لهم حيازة ما يحتاجون إليه، وما يريدونه بشرط عدم التجاوز علي حقوق الآخرين، وذلك بلا حاجة إلي جواز عمل، أو ترخيص رسمي، أو دفع رسوم وضرائب، أو ما أشبه ذلك.
ولا يخفي أن هذه القوانين وغيرها من الأحكام الشرعية والقوانين الإسلامية الأخري، قد استخرجها واستنبطها كبار علمائنا ومشايخ فقهائنا، طوال القرون الماضية، بجد وجهد كبير، من الكتاب الحكيم والسنة المطهّرة، وجمعوها في مجاميع فقهية، وموسوعات استدلالية، من أمثال كتاب (جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام) وكتاب: (الحدائق الناضرة) وكتاب: (مستند الأحكام) وكتاب: (مصباح الفقيه) وغيرها من الكتب الاستدلالية الفقهية، وجعلوها في متناول أيدينا، فجزاهم الله عن الإسلام وأهله خيراً.

2 هداية غير المسلمين إلي الإسلام

2 هداية غير المسلمين إلي الإسلام

وأما الموضوع الثاني الذي يجب شدة الاهتمام به في أيام محرم الحرام، وخاصة عشرة عاشوراء وكذلك في أيام الأربعين هو: وجوب هداية الناس جميعاً وخاصة هداية غير المسلمين إلي الإسلام.
وإنما يجب هداية الناس وخاصة غير المسلمين إلي الإسلام، لأن الإسلام لم يكن خاصاً بالمسلمين، بل الإسلام جاء لهداية كل الناس وجميع البشر، قال الله تعالي في حق نبيه الكريم ورسالته السماوية: ?وما أرسلناك إلا كافة للناس?().
وقال في حق كتابه الحكيم وآياته المباركة: ?بصائر للناس وهدي ورحمة لعلهم يتذكرون?().
وقال في الهدف من بعث الرسول (ص): ?وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين?().
وقال الرسول (ص): «أنا الرحمة المهداة»، فهذه الهدية التي أرسلها الله تعالي وبعثها رحمة منه، أرسلها رحمة للعالمين كلها، وليس للمسلمين فقط، ولا للناس فحسب، ولا للكرة الأرضية وحدها بل لكل الخلق من الإنس والجن وسائر المخلوقات، ولبقية مخلوقاته في الكواكب والمنظومات والمجرات، وذلك لأن (العالمين) جمع العالم، والعالم هو كل الخلق ومجموع الخلائق.
اذن: فالإسلام ليس خاصاً بالمسلمين فحسب، بل هو نور لكل الناس، وواجبنا نحن المسلمين عامة، والخطباء والمبلغين، والكتاب والعلماء خاصة إيصال الإسلام إلي غير المسلمين وهدايتهم إليه.

رسالة الإسلام رسالة عالمية

وفي التاريخ نري أن الرسول (ص) لم يحصر نفسه، ولم يحبس دينه علي جماعة خاصة، ولا علي بلد خاص، ولا علي قوم خاصّين، وانما سعي سعياً حثيثاً، وجدّ اجتهاداً كبيراً في أن يهدي الناس كافة، من أيّ قوم ولغة كانوا، وفي أيّ بلد ومنطقة سكنوا.
انه (ص) عندما كان في مكة المكرمة كان يلتقي بالناس أيام الموسم حيث كان الناس يتقاطرون علي بيت الله الحرام من كل صوب وجهة، وكان يعرض عليهم الإسلام، ويقرأ علي مسامعهم القرآن الحكيم.
وعندما هاجر (ص) إلي المدينة، كاتب جميع الملوك، وراسل كل رؤساء العالم في ذلك اليوم وبلغهم الإسلام، ودعاهم إليه، كما وأمر(ص) بإجازة الوفود الذين يفدون للمدينة للالتقاء به (ص) فتقاطرت عليه الوفود من كل أطراف الدنيا، حتي سمي ذلك العام: عام الوفود.
ونحن المسلمين أمرنا الله تعالي بأن نقتدي برسوله (ص) في كل شيء، ومنها هداية الناس إلي الإسلام، وخاصة في هذا اليوم، الذي اتسعت فيه شبكة الارتباطات، وسهل التعرف فيه لكل منا علي الآخرين، وأصبح العالم كبيت واحد، وأفراده كأفراد أسرة واحدة، وهذا مما يثقل مسؤوليتنا، ويعظم واجبنا وتكليفنا، ويحتم علينا أن نستفيد من كل هذه الوسائل والامكانات لهداية الناس.. كل الناس إلي الإسلام.

تحرك المسلمين لهداية الغربيين

مثلاً: هناك في الغرب بعض الحريات النسبية التي تساعد علي أداء هذه المهمة، فيجب علينا الاستفادة منها في هداية غير المسلمين إلي الإسلام، ومثالاً علي ذلك نذكر: إن جماعة من المسلمين في أمريكا اتفقوا علي هداية غير المسلمين إلي الإسلام، وخططوا لذلك خطة ومنهاجاً، وكان بعض مناهجهم هو: تبليغ السجناء وهدايتهم إلي الإسلام، فكانوا يذهبون إلي السجون ويلتقون بالسجناء فيها ويتحدثون لهم عن الإسلام وعن أحكامه التقدمية وقوانينه الراقية، وحيث إن الإسلام هو دين الفطرة كان له التأثير البالغ علي أولئك السجناء، حتي إن كثيراً منهم أسلموا، وقد توسّع هذا الأمر في السجون وكثر عدد المهتدين إلي الإسلام مما أثار حفيظة بعض القساوسة واعترضت كنائسهم علي هذا التحرك الإسلامي وقدمت شكوي إلي الرئيس الأمريكي تذكره بخطر الإسلام وانتشاره ومطالبته بالحد من نشاطات المسلمين، وتدعوه إلي منعهم من الالتقاء بالسجناء.
ونزولاً من الرئيس الأمريكي عند طلب المشتكين، أمر بهيئة ثلاثية للقيام بتحقيق حول الأمر وتقديم نتائج التحقيق إليه، وكانت مهمة هذه اللجنة الثلاثية، التحقيق حول انه هل تحرك المسلمين علي السجون وهداية السجناء إلي الإسلام يهدد أمن أمريكا، ويشكل خطراً علي أمنها أم لا؟
فكانت نتائج التحقيق التي قدمتها اللجنة إلي الرئيس ملخصة في: انه لم يكن تبليغ المسلمين الإسلام في السجون يشكل خطراً علي أمن أمريكا أبداً، بل إن له التأثير الكبير في إصلاح نفوس السجناء، ورجوعهم عن العنف والارهاب إلي الرفق واللين، مما يزيد أمن البلاد واستقراره، ولما قرأ الرئيس تقرير لجنة التحقيق ردّ شكوي الكنيسة والقساوسة وقال في جوابهم: ان الذي يهمنا هو: حفظ الأمن واستقرار الدولة، وتبليغ الإسلام في السجون لا يشكل خطراً علي أمننا واستقرارنا.

الإسلام يفتح طريقه بين اليهوديات

وقرأت أخيراً تقريراً في مجلة تصدر وتنشر في الغرب أرسلها لي بعض الأصدقاء وكان التقرير يقول: إن بعض النساء اليهوديات في إسرائيل عدلن عن اليهودية إلي الإسلام، فقامت حكومة إسرائيل بالتحقيق معهن، والتحري عن أسباب عدولهن عن اليهودية، والعلل التي من أجلها اعتنقن الإسلام، فكان جوابهن:
لقد طالعنا أحكام الإسلام بالنسبة إلي المرأة وحقوقها، وحققنا في ذلك، فرأينا أن الإسلام يهتم بحقوق المرأة اهتماماً كبيراً ويحترمها احتراماً عظيماً، ويوفّر لها حقوقاً أكثر، ويضمن كرامتها ضماناً أكبر، فللمرأة في الإسلام حقوق لا يعطيها مثلها أي دين ومبدأ آخر، أما المرأة في غير الإسلام فهي ليست أكثر من متاع تجاري ينتفع به التجار ويستدر عبرها الأرباح، أو لعبة تزيينية تتقاذفها اللحظات والنظرات وتتناوشها الهمسات واللمسات، اضافة إلي انه ليس للنساء في غير الإسلام اطمئنان روحي، ولا أمان جسمي، بينما الإسلام يوفّر للمرأة في ظله كل ذلك، ولهذا تركنا اليهودية واعتنقنا الإسلام.
وجاء في آخر هذا التقرير: أن الحكومة الإسرائيلية قلقة جداً في انتشار الإسلام بين اليهود في إسرائيل.
استنتاج
ومن هذين المطلبين يظهر بوضوح: إن الإسلام علي ما أنزله الله تعالي في الكتاب، وبينه الرسول (ص) والأئمة المعصومين من أهل بيته(ع) في السنّة، لو تعرف عليه الناس وعلموا به، لأثر أثراً كبيراً في أعماقهم، ولحوّلهم إليه، ولجعلهم يؤمنون به، ويسلّمون له تسليماً.
وهذا مما يضاعف مسؤولياتنا تجاه الإسلام، وتجاه نشره.
وعليه: فلابد لنا اليوم من الاهتمام الأكثر بتبليغ الإسلام وإيصاله إلي كل الناس وفي كل المعمورة.
ولنكن علي اطمئنان من مخارج تبليغنا، ووثوق من تأثير عملنا هذا، فانه سوف يأتي بنتائجه الطيبة، وثمراته اليانعة، حين يدخل الناس في دين الله أفواجاً، ويسعدوا في دنياهم وآخرتهم.
من أساليب التبليغ
وان من الأمور التي تساعد علي وصول الإسلام إلي كل الناس وانتشاره في الأرض هو: الطبع والنشر، فان طبع الكتب في هذا المجال ونشرها في مقادير كبيرة وكميات عالية، وبألسنة مختلفة، له تأثير كبير في هداية الناس إلي الإسلام، وتوفقهم لاعتناقه.
كما إن تأسيس منظمة عالمية لها شعب في كافة بلدان العالم، وفروع في كل مناطق الدنيا، تقوم في كل فروعها وشعبها بإقامة مؤتمرات حول الإسلام وإلقاء محاضرات قوية وصائبة فيها، وفتح مراكز للحوار الحر، والمناظرات الأمينة والمسؤولة حول أحكام الإسلام وقوانينه الحكيمة، واستخدام كل وسائل الإعلام الحديثة ك(الانترنيت)، وغيرها في إيصالها وإبلاغها إلي الناس، له تأثير كبير أيضاً في هداية الناس إلي الإسلام.
كما إن علينا أن نعرّف الناس الواجهة الحقيقية للأمويين والعباسيين والعثمانيين ومن أشبههم، ونطلعهم علي ان الإسلام كان في معزل عنهم وبريئاً منهم ومن تصرفاتهم، كما إن الرسول (ص) اليوم هو في معزل عن حكام البلاد الإسلامية وحكومتها، وان اشتهرت بالإسلامية كما اشتهرت تلك، وبريئاً منها ومن تصرفاتها، فانها اليوم تتشدّق بالاسلام، ولكنها تحت غطاء هذا الاسم المقدس، كم جنوا من جناية؟ وكم أجرموا من إجرام؟ انهم يفسدون في الأرض ويجنون علي البلاد والعباد ويجعلونه علي حساب الإسلام، وهذا هو ذنب لا يغفر، لأنه تشويه للإسلام الحنيف، وتمويه لمعالمه الناصعة.
والمدقق في الأمور يري أن هذه الحكومات كأنها قد جاءت باسم الإسلام لأداء هذه المهمة الخطيرة، مهمة: تشويه الإسلام وتنفير الناس عنه، وإلا فلماذا ينسبون تخلفاتهم المخزية، وجناياتهم البربرية، إلي الإسلام مع ان الإسلام بريء منها أشد البراءة؟
وكيف كان: فانه يجب علينا القيام بالتبليغ، واتباع كل أساليبه، والتعريف بالإسلام علي صورته التي أنزلها الله في كتابه، وبلغها رسوله(ص)، وعرفها الأئمة المعصومون من أهل البيت (ع) إلي الناس، وعند ذاك سوف نري الاستقبال الواسع من الناس للإسلام، والدخول فيه، والاهتداء بنوره، ونيل السعادة بسببه.

الحوزات العلمية ومهمتها

ومن المواضيع المهمة التي ينبغي التوجه إليها والاهتمام بها: هو فيما يخص الحوزات العلمية المتواجدة في النجف الأشرف، وكربلاء المقدسة، وقم المشرفة، ومشهد المبجلّة، واصفهان وغيرها من البلاد الإسلامية، فان عليها جميعاً الاهتمام بأمر التبليغ والمبلغين.
كما إن علي رجال الدين السفر إلي أقصي المعمورة، وكل أطراف الأرض، لتبليغ الإسلام فيها، وهداية الناس إليه.
وهناك احصائيات تقول: ان للبابا يوحنا الثاني قائد المسيحيين الكاثوليك في أفريقيا وحدها مليون وخمسمائة ألف مؤسّسة تبشيرية، تبلغ للمسيحية وتدعو الناس إليه، إضافة إلي أن هناك أربعة ملايين ومائة ألف مبلغ مسيحي بين راهب وراهبة يعملون تحت إشراف البابا بالأمور التبشيرية، ويدعون الناس في مختلف أنحاء العالم إلي المسيحية.
وبالمقارنة بين عدد مبلّغيهم ومؤسساتهم التبشيرية، مع عدد مبلغينا ومؤسساتنا التبليغية يظهر الفرق شاسعاً وكبيراً، ويتضح لنا ضرورة اهتمام الحوزات العلمية ورجال الدين الأفاضل بمهمة التبليغ، ووجوب درج مسألة التبليغ والمبلغين في رأس قائمة أعمال الحوزات، وفي مقدمة اهتمام رجال الدين.

المؤسسات والجمعيات الخيرية

ومن المواضيع المهمة التي يجب علي المسلمين الانتباه إليه، والاهتمام به: هو متابعة الوضع المأساوي للمسلمين في كل العالم، ودراسة مأساتهم المدمرة، والمطالبة بحقهم في كل المنظمات والمؤسسات الحقوقية، وإبلاغ مظلوميتهم إلي سمع الأحرار من الناس، وصوتهم إلي آذان كل من له وجدان وضمير.
وهذا بحاجة إلي تأسيس منظمات ومؤسسات، وأحزاب وتجمعات حقوقية، وجمعيات خيرية نشطة، تعمل علي نطاق واسع، وبشكل مكثّف، وبصورة متواصلة، وعلي كل الأصعدة، لتستطيع من إيصال مظلومية المسلمين في كل المجالات: السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية، وغيرها إلي كل العالم والمطالبة بحقوقهم، ومن تقديم الاسعافات الأولية والحاجات الضرورية إليهم.
قال رسول الله (ص): «يد الله مع الجماعة» ()، فان كل عمل كثرت عليه الأيدي سهل وهان، ومن المعلوم، ان المشكلات الكبيرة والكثيرة التي ابتلي بها المسلمون اليوم، لا يمكن لفرد واحد، ولا لأفراد قليلين حلها وتجاوزها والغلبة عليها.
بل لابد من جمعيات خيرية ومؤسسات إصلاحية، في كل ثغر ومكان، وفي كل مدينة وقرية، والتنسيق فيما بينهم، والعمل علي هدف واحد، ووتيرة واحدة، حتي يستطيعوا من إنجاز بعض مهامهم الإنسانية العظيمة، التي من جملتها: إيصال مظلومية المسلمين إلي كل العالم، ومساعدة الفقراء والمعوزين منهم، وتزويج العزاب منهم شباناً وشابات، وتأسيس المكتبات العامة ومحلات بيع الكتب، وإنشاء مراكز ثقافية وتعليمية وغير ذلك.
علي المسلمين استعادة مؤسّساتهم
وفي بعض التقارير: إن في أمريكا وحدها، مليوناً ومائتين وخمسين ألفاً من المؤسّسات الاجتماعية والسياسية وغيرها، باسم مختلف الجمعيات، والهيئات، والأحزاب، والمنظمات، وغير ذلك، وهي تعمل جميعاً وعلي كل الأصعدة، وفي جميع المجالات: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية لحل مشاكلهم وتطور بلادهم.
وهذا أمر لابد منه في البلاد الإسلامية، فان المسلمين الأوائل كانوا هم أساس هذه المؤسسات والجمعيات الخيرية، وعلي المسلمين اليوم جميعاً الاهتمام به، وتأسيس كل هذه المؤسسات والجمعيات، واستعادتها في حياتهم، ليحلوا بها مشاكل المسلمين، ويقدموا لهم الخدمات الانسانية اللائقة بهم.

الإمام الحسين (ع) والشعائر الحسينية

ومن المواضيع المهمة جداً، ولعله هو أهم المواضيع كلها، موضوع استشهاد الإمام الحسين (ع) والشعائر الحسينية، فلقد صرّح في هذا المجال أحد القساوسة الكبار قائلاً: «لو كان لنا نحن المسيحيين الإمام الحسين لاستطعنا أن ننصّر العالم كله تحت رايته».
وهذا التعبير إن دل علي شيء، فانه يدل علي مدي فاعلية قضية الإمام الحسين (ع) والشعائر الحسينية في النفوس، وتأثيرها علي الأرواح والقلوب، وقدرتها علي استعطاف الناس واستهواء الجماهير.
وهذا التعبير هو تعبير عن الحقيقة والواقع، فان قضية الإمام الحسين(ع) والشعائر الحسينية هي كذلك في الواقع الخارجي، بل أكثر من ذلك، وقد تلمّس هذا القس الواقع الخارجي وتحسسه بقلبه ومشاعره ثم فاه بهذه الكلمة وصرّح بهذا التعبير، فان صاحب هذا التعبير لم يكن إنساناً مسلماً حتي يتهم بالغلو وجرّ النار إلي قرصه، ولا إنساناً جاهلاً حتي يقذف بأنه كلام إنسان جاهل لا يعرف الموازين، بل هو كلام قس من قساوسة المسيحيين متعصب ومتحمس للمسيحية والمسيح (ع)، ألا تري أن المسيح (ع) الذي يقول الله تعالي عنه: ?وما قتلوه وما صلبوه?() كيف يفترض المسيحيون له مظلومية واهية، ويمثلون مظلوميته في شعار (الصليب) ويملئون كل العالم بشعارهم هذا؟
نعم علينا أن نعرف عظمة الإمام الحسين (ع) ومظلوميته، وأهمية الشعائر الحسينية، ونؤدي حقها الواجب علينا تجاهها، وان لا نكون بالنسبة إليها أقل مما هو عليه المسيحيون بالنسبة إلي السيد المسيح (ع).
الحداد علي الإمام الحسين (ع)
نعم علينا أن نهتم بكل ما يرتبط بالإمام الحسين (ع)، ويرتبط بالشعائر الحسينية ارتباطاً ما، من ارتداء الملابس السود، وتغطية الجدران والشوارع والبيوت والمساجد والحسينيات وغيرها بالسواد، ورفع الأعلام السود فيها علامة للحزن والحداد علي الإمام الحسين (ع)، إلي اقامة المجالس، ومختلف مواكب العزاء، مما قد تعارف بين الناس من الشعائر الحسينية.
بل وأكثر من ذلك، علينا أن نسعي في تعميم هذه الشعائر في كل العالم وعبر كل وسائل البث المتطورة، والإعلام الجديد والحديث، كيف لا نسعي لذلك وفي الحديث: ان الله تبارك وتعالي عند حلول شهر المحرم يأمر السماوات والأرض، ومن فيهما، وحتي الحور في الجنان باتخاذ الحداد علي الإمام الحسين(ع).

مع المنبر الحسيني

إذن: فعلينا أن نبذل جهدنا في اقامة الشعائر الحسينية بشكل أحسن، وبصورة أكبر، وبشمولية أوسع، وان نعتني بمجالس العزاء والمنبر الحسيني عناية كبري، ونرفع من كمّها وكيفها باستمرار ودوام، وذلك بان نقيم المجالس اقامة حسنة، وان نراعي فيها الكيفية المطلوبة لدي الناس، وخاصة ما يفيد الشباب و الناشئة، وان ندعو الخطباء البارعين، والمبلغين الحسينيين المبرزين، لإدارة المنبر والخطابة في الناس، وإلقاء المحاضرات المفيدة والقوية عليهم، متضمنة متطلبات العصر، وملبّية لحاجيات المجتمع، ومتفاعلة مع النفوس والقلوب، والافكار والعواطف.
فان في سيرة أهل البيت (ع) وسنة رسول الله (ص) وكتاب الله عزوجل ما يروي العطشان الضامي ويشبع السغبان الجائع.
إن فيها الدنيا والآخرة، والعقل والعاطفة، والقوة والمنطق، والميزان والحكمة، والسلم والسلام، والتعاون والتعاطف، والألفة والمحبة، والتقدم والرقي، والرفعة والازدهار.
وبكلمة واحدة فيها كل ما يحتاجه الإنسان في مسيرته الإنسانية، ورحلته التكاملية وحياته اليومية، من سلامة روحه وجسمه، وسعادة حياته، ورغد عيشه، وأمن سفره وحضره، وصلاح دنياه وآخرته.
لكن علي الخطيب البارع، والمبلّغ الجامع، أن يستخرج كل هذه الكنوز والدفائن، ويتعرف علي ما يتطلبه المجتمع وما يحتاج إليه، ثم يطرح شيئاً من ذلك الكنز علي ساحة الأفكار والآراء، وفي معرض الأسماع والأبصار ما ليأخذه منها كل واحد منهم حاجته، وليقتطف من ثمارها ما يعجبه، وبذلك نكون قد أدّينا واجب المجلس، وقمنا بمسؤولية المنبر، ولصار هذا سبباً لالتفاف الناس حول المجلس والمنبر، واعتنائهم بهما أكثر فأكثر.

مجالس العزاء وآثارها الطيبة

وإني لأتذكر جيداً مجالس كربلاء المقدسة ومنابرها الحسينية، فقد كان يقام فيها وفي كل ليلة أحياناً ما يقرب من مائتي مجلس، وان الناس الذين كانوا يحضرون في تلك المجالس، ويتربّون علي مائدة الإمام الحسين (ع) المعنوية والفكرية، والدينية والعقائدية، اصبحوا فيما بعد من مؤسّسي الحسينيات والمساجد والمكتبات والهيئات والمؤسسات الخيرية في كل مكان حلّوا ونزلوا.
إذن: فلابدّ لنا من الاعتقاد بأن إقامة مجالس العزاء علي الإمام الحسين (ع) والشعائر الحسينية، إضافة إلي الأجر والثواب الجزيل الذي فيه، يكون مفيداً لنا في إصلاح دنيانا، ومفيداً لنا في إصلاح آخرتنا.

في ضيافة الإمام الحسين (ع)

وهنا لا بأس بذكر قصة اتفقت في مدينة قم المقدسة، وذلك قبل عدة أعوام لنعرف شيئاً من فوائد هذه المجالس الحسينية.
إن أحد علماء طهران ممن كان يهتم كثيراً بمجالس الإمام الحسين(ع) ويتحمس للشعائر الحسينية، ويشجّع الآخرين علي تأسيس المجالس والمواكب وإقامة هذه الشعائر، كان قد أوصي إلي أولاده بأن يدفنوه في كربلاء المقدسة حين ما مات.
فلما توفي هذا العالم وأراد أولاده العمل بوصيته، صادفهم الاختلاف الموجود بين ايران والعراق، وغلق الحدود المصطنعة فيما بينهم، بحيث لم يسمح لأحد الذهاب إلي العتبات المقدسة في العراق، ولا إلي دفن موتاهم هناك، فتشاور الأولاد فيما بينهم في قصة دفن أبيهم، وقالوا: بما أنا لم نقدر علي تنفيذ وصية والدنا، فعلينا أن ندفنه في بلد مقدس آخر عند جوار واحد من أهل البيت(ع)، فاما ان ندفنه في مشهد الإمام الرضا(ع) في خراسان، أو في جوار مرقد السيدة فاطمة المعصومة (ع) في مدينة قم.
وبعد التشاور اتفق رأيهم علي أن يدفنوه في قم المقدسة، وذلك لأنه اقرب إلي طهران، ويمكنهم زيارته والحضور علي قبره للفاتحة أكثر مما لو دفنوه في غيرها. فجاءوا بجثمان أبيهم ذلك العالم الحسيني إلي قم ودفنوه في إحدي مقابرها.
ومن المتعارف لدي الناس انهم يزورون موتاهم ويحضرون علي قبورهم لقراء الفاتحة علي أرواحهم في اليوم الثالث من موتهم، وكذلك في اليوم السابع، وهكذا في اليوم الأربعين، وأيضا في الذكري السنوية من وفاتهم، وهذا المتعارف مأخوذ من الروايات، ففي الروايات علي ما في كتاب (لئالي الأخبار) وغيره من مصادر الحديث: ان روح الميت بعد مفارقته للجسد، يعود إلي زيارة الجسد في القبر عدّة مرات، في اليوم الثالث، وفي اليوم الخامس وهذا اليوم لم يتعارف فيه زيارة الموتي عند الناس وفي اليوم السابع، وفي اليوم الأربعين، وبعد مرور عام واحد.
والظاهر ان عودة الروح إلي الجسم في القبر هو علي نحو الشعاع مما يلائم عالم البرزخ، وليس عودة حقيقية كما في عالم الدنيا أو عالم الآخرة والقيامة()، فيقف علي جسده ويري ما حلّ به من التفسخ والتفكك، فيعز عليه ذلك ويتأثر بشدة لأنه كان مدة من الزمن مرافقا له، فيخاطبه: أنت الذي لم تكن تتحمل أن يجلس التراب أو الذباب علي وجهك وخدك، فكيف استسلمت لهذا البلاء؟ فهلا كنت قد أعددت لنفسك في الدنيا ما يدفع عنك في هذا اليوم هذه المكاره والشدائد؟
نعم هذه عادة متعارفة وعليه قامت الأدلة.
وأسرة هذا العالم وأولاده كبقية الناس زاروا قبر أبيهم في اليوم السابع من وفاته حسب المتعارف، لكن الذي فاجأهم هو: انهم رأوا جماعة غرباء لم يعرفوهم، قد جلسوا حول قبر والدهم، كجلوس أسرة الميت علي قبر ميتهم، وقد اشتغلوا بقراءة الفاتحة وتوزيع الحلوي والفواكه علي روح الميت، فتقدم أولاد ذلك العالم إلي أولئك الجالسين حول قبر والدهم وسألوهم قائلين: هل انكم اشتبهتم حيث جلستم علي هذا القبر؟
قالوا: لا.
قالوا: هل تعرفون صاحب هذا القبر معرفة صداقة أو قرابة أو جوار أو غير ذلك مما جعلكم من أجله تجلسون علي قبره؟
قالوا: لا، ليست بيننا وبينه أية نسبة ولا صداقة ولا جوار.
قالوا: فما هو سبب جلوسكم علي قبره مع انه ميتنا وليس بميتكم؟
قالوا، وهم يخاطبون أولاد العالم المتوفي: ما نسبتكم أنتم مع صاحب هذا القبر؟
قالوا: نحن أولاده وأسرته.
قالوا: إن لنا في ذلك قصة:
كان لنا والد توفي قبل اثني عشر عاماً وقد دفناه في هذه المقبرة، وحيث انه لم يكن ملتزماً في دينه أيام الدنيا، كان معذباً في برزخه وقبره، ولذا كلما رأيناه في المنام وزرناه في عالم الرؤيا طيلة هذه السنوات، رأيناه في حالة يرثي له من الشدة والعذاب، إلي قبل ليلتين، فقد رأيناه في المنام وهو بحالة جيدة ومرضية، يتوسط بستاناً جميلاً، فيه أنواع الفواكه والطيور، محفوفاً بالأشجار.. تجري من تحتها العيون والأنهار، فتعجبنا من ذلك وسألناه عن حاله وعن تغيّر أوضاعه بعد مرور اثني عشر عاماً، ورجوناه أن يخبرنا عن سببه، وانه هل كان السبب الخيرات التي كنا نبعثها علي روحه، أو شيء آخر؟
فأجاب قائلاً: ان الخيرات كانت مفيدة ومؤثرة، لكن الذي سبب نجاتنا، وهيأ لنا هذه النعم، وعفي الله عن سيئاتنا التي ارتكبناها في الدنيا هو موت أحد العلماء ودفنه في هذه المقبرة، وأشار إلي هذا القبر الذي نحن الآن جلوس عنده. ثم قال: فمن اليوم الذي دفن هذا العالم هنا، رفع الله عنا العذاب ببركة الإمام الحسين (ع)، فانه (ع) جاء إلي زيارة هذا العالم، وعندما دخل هذه المقبرة أمر الله برفع العذاب عن جميع أهل هذه المقبرة المدفونين فيها احتراماً لقدوم الإمام الحسين (ع)، وأجّل حسابنا إلي يوم القيامة.
ثم أضافوا قائلين: ونحن لما عرفناه بأن صاحب هذا القبر قد صار سبباً لرفع العذاب عن أبينا، أقبلنا إلي زيارته وقراءة الفاتحة علي روحه تقديراً وشكراً له علي ذلك.

الإمام الحسين (ع) يكافئ معزّيه

وفي هذا الباب قصص أخري كثيرة، وكلها تؤكد علي ان من يقوم ولو بخدمة بسيطة في مجالس الإمام الحسين (ع) وفي اقامة الشعائر الحسينية، فانها تقع مقبولة ومقدرة عند سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين (ع)، وانه يكافئ عليها، لأن الله تعالي أعطي الإمام الحسين (ع) ذلك وخوّله في المكافأة، فخدمة الإمام الحسين (ع) مفيدة للدنيا والآخرة.
نعم، ان واقعة كربلاء وقصة عاشوراء واستشهاد الإمام الحسين (ع) يلزم أن تبقي حية وفاعلة، وحياتها وبقاؤها يكون بسبب المجالس والمنابر والشعائر الحسينية، ولذا تري الحكومات الظالمة في البلاد الإسلامية وحتي التي تدعي الإسلام منها، تحارب الشعائر الحسينية خوفاً من الاطاحة بعرشها، وكثيراً ما تحاربها للقضاء علي أصل الواقعة ودفن آثارها، ليصفي لها حكمها ويسلم لها عرشها.

الشعائر الحسينية وعزاء التطبير

ولأجل ان نعرف مدي أهمية الشعائر الحسينية ومجالس عزاء الإمام الحسين (ع)، لا بأس بالاشارة إلي هذه القصة التي اتفقت لي مع جماعة من شيعة الهند في قم المقدسة، وذلك قبل سنتين تقريباً، والقصة كالتالي:
زارني جماعة من مسلمي الهند قبل سنتين وكانوا جميعاً من الشباب والكملين الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والثلاثين والخامسة والأربعين سنة تقريباً، فسألتهم عن سبب مجيئهم إلي قم المقدسة.
فقالوا: جئنا للزيارة ونحن في طريقنا إلي العراق لزيارة الإمام الحسين (ع) وسائر الأعتاب المقدسة فيها.
قلت: جيد جداً، وفقكم الله تعالي لذلك وتقبل منكم، ثم قلت لهم: ولأي سبب جئتم لزيارتي؟
قالوا: سمعنا باسمك في الهند، فجئنا لنتعرف عليك من قريب.
قلت: طيب، جئتم أهلاً وسهلاً، ثم التفت إليهم وسألتهم: هل أنت شيعة، أو من أبناء العامة؟ وذلك لأن من المتعارف عند أبناء العامة زيارة الإمام الحسين (ع) أيضاً، فإني لما كنت في كربلاء المقدسة كنت أري أن أبناء العامة أيضاً يأتون إلي كربلاء ويزورون الإمام الحسين (ع)، لأن الإمام الحسين هو سيد شباب أهل الجنة()، كما قال في حقه جده رسول الله(ص)، وأبناء العامة يعترفون بذلك().
فقالوا: نحن شيعة ان شاء الله تعالي؟
قلت: هل انكم تنحدرون عن أصل شيعي، أو انكم تشيعتم ولم يكن أحد من والديكم شيعة؟
فقالوا: لا،لم ننحدر من أصل شيعي، بل كنا من الهندوس وغير ذلك، ثم اخترنا التشيع وأصبحنا شيعة..
قلت: وما السبب في تشيعكم، ولماذا صرتم شيعة؟
فقالوا: نحن من بلاد متفرقة في الهند، فبعضنا من بمباي، وبعضنا من فيض آباد، وبعضنا من لكنهو وكلكته وغير ذلك، فبلادنا مختلفة، ولكن عامل تشيعنا واحد، فان السبب الذي دعانا إلي أن نترك دين آبائنا، ونختار الإسلام ديناً، والتشيع مذهباً، هو: الإمام الحسين (ع).
قلت: وكيف كان الإمام الحسين (ع) سبباً لهدايتكم جميعاً؟
قالوا: ان سبب هدايتنا ما رأيناه من موضوعين يرتبطان بالامام الحسين (ع)، أولهما: التطبير علي الإمام الحسين (ع) فان كثيراً من الناس غير المسلمين في بلادنا يسلمون ويشيعون علي اثر مواكب التطبير.
قلت: وكيف كان عزاء التطبير علي الإمام الحسين (ع) سبباً لهدايتكم؟
فقالوا: نحن كلنا من الطبقة المثقفة، بين مهندس وطبيب، ومحام، وأستاذ، وغير ذلك، وكل منا يعلم بان من يجرح إصبعه ويسيل منه شيء من الدم، عليه ان يضمد اصبعه ويداويه أسبوعاً كاملاً أحياناً، وعليه أن لا يقربه من الماء، وان يحميه من كثير من الأمور، حتي يندمل جرح الاصبع، بينما نري هؤلاء المطبّرين الذي جرحوا رؤوسهم بالقامات والسيوف باسم الإمام الحسين (ع) وشدخوا هاماتهم بها من أجله، نراهم وقد سالت الدماء من جراحات رأسهم وانفلاق هاماتهم، وغرقت بذلك ملابسهم واكفانهم، ومع ذلك وبعد انتهاء عزاء التطبير، يذهبون إلي الحمامات ويغسلون رؤوسهم علي ما بها من الجراحات الكثيرة بالماء فقط، ثم يأتون إلي صلاة الظهر والعصر فيصلونها جماعة، ثم يشتغلون بعد ذلك باللطم علي الإمام الحسين (ع) والمشاركة في سائر الشعائر الحسينية، ويحضرون في المجالس، من دون أيّ معاناة أو مشكلة، أو أذي، حتي كأنه لم يكن منهم شيء من ذلك الذي كان من سيلان الدم ومن الجراحات الكثيرة، أ فلا يكون ذلك معجزة من معجزات الإمام الحسين(ع)، وهذا هو الموضوع الأول الذي سبب هدايتنا وتشيعنا.
ثم قالوا: ان الموضوع الثاني الذي سبب هدايتنا إلي الإسلام، وأوجب تشرفنا بمذهب التشيع هو: عزاء الدخول في النار في يوم عاشوراء باسم الإمام الحسين (ع)، وهذا العزاء متعارف في بلاد الهند والباكستان وبعض بلاد أفريقيا.
قالوا: انا رأينا بأم أعيننا مواكب المعزين رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً، كيف يهتفون (يا حسين يا حسين) ويدخلون في نار لا يمكننا الاقتراب منها من شدة حرارتها وهم حفاة، ويتجاوزونها دون أن يحسوا بألم النار ناهيك عن احتراق أرجلهم بها، أو احتراق جواربهم مثلاً؟
ثم اضافوا قائلين: هذان الموضوعان المرتبطان بالإمام الحسين (ع) سبب هدايتنا إلي دين جده فصرنا مسلمين، وإلي مذهب أهل البيت (ع) فصرنا شيعة معتقدين بهم (ع) وها نحن عازمين إلي زيارة الإمام الحسين(ع) في كربلاء المقدسة.

تقرير الإمام كاشف الغطاء رحمة الله عليه

عن عزاء التطبير
يقول الإمام كاشف الغطاء (قدس سره): إني شاهدت في النجف الأشرف مواكب عزاء التطبير علي الإمام الحسين (ع) في يوم عاشوراء مدة ستين عاماً، فلم أر حتي إنساناً واحداً طيلة هذه الأعوام يتضّرر من ذلك، أو يصيبه أذي.
هذا كلام الإمام كاشف الغطاء (قدس سره)، وأنا أضيف إليه: إنني أيضاً رأيت مواكب عزاء التطبير ستين عاماً في كربلاء المقدسة وفي النجف الأشرف معاً وفي غيرهما من البلاد، ومع ذلك لم أر إنساناً واحداً يتأذي من التطبير، أو يتضرر به، بل علي العكس من ذلك، فقد رأيت كثيراً من اللذين يطبرون مواساة للإمام الحسين (ع) في يوم عاشوراء وبهم أمراض مختلفة قد برؤوا من أمراضهم ببركة الإمام الحسين(ع)، وببركة ما أمر به النبي (ص) من الحجامة علي الرأس وسماها: المنقذة والمنجية، لأنها تنقذ من الموت وتنجي الإنسان منه()، وقد ثبت في علم الطب: ان كثيراً من الأمراض تكون بسبب كثافة الدم وغلظته أو تخثره، والحجامة بالرأس تدفعه، والتطبير علي الإمام الحسين (ع) يكون في موضع الحجامة، فيجتمع ما أمر به النبي (ص) مع ما يحبه (ص) من المواساة لسبطه الشهيد الإمام الحسين (ع) زائداً إلي معجزة الإمام الحسين (ع) وعنايته لمن يواسونه في مصيبته، فينتج السلامة والهداية معاً.

الاشتراك في الشعائر: توفيق إلهي

ان علي المسلمين رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً، شباباً وشيباً، أن يشتركوا كيف ما أمكنهم في مجالس الإمام الحسين (ع) ويهتموا بإقامة الشعائر الحسينية، وذلك لأن في واقعة كربلاء، وفاجعة الطف، كان قد اشترك إلي جانب الإمام الحسين (ع): الرجال والنساء والأطفال والرضعان والشباب والشيوخ، مثل حبيب بن مظاهر الأسدي ومسلم ابن عوسجة وغيرهم، وفي الحديث: ليبك الرجال علي رجال الطف بكربلاء، وليبك النساء علي نسائهم.
ولعل هذا لأجل أن النساء يدركن مصائب النساء أكثر من غيرهن، كما ان الرجال يدركون مصائب الرجال أكثر مما يدركه غيرهم، وهذا لا ينافي أن يبكي كل من الرجال والنساء علي مصائب كل الرجال والنساء لواقعة الطف معاً، كما كانت سيرة الأئمة المعصومين (ع) جارية علي ذلك.
ومعلوم أن للبكاء علي الإمام الحسين (ع) أجراً جزيلاً وثواباً كبيراً، وفي الخبر: «من بكي، أو أبكي، أو تباكي، فله الجنة» ().
ودخول الجنة يكون في البكاء علي الإمام الحسين (ع) أو الإبكاء له أو التباكي عليه، مع شروطه طبعاً، ومن جملة شروطه: انسجام الباكي مع الإمام الحسين(ع) وتطبيق نفسه مع أهدافه الانسانية الرفيعة، وذلك مثل ان نقول: الماء مطهّر، فان الماء يكون مطهراً لكن بشروطه، فاليد التي انجمد عليها النجاسة، وتصلب عليها الدم مثلاً، لا تقبل التطهير مهما صب الماء عليها، بل لابد من ازالة النجاسة وغسل الدم أولاً ثم صب الماء علي اليد فذلك الوقت يكون الماء مطهراً لها، وهكذا البكاء علي الإمام الحسين(ع).
نسأل الله تعالي أن يوفقنا جميعاً لأن نصلح دنيانا وآخرتنا في ظل تعاليم رسول الله (ص) وأهل بيته الطاهرين (ع)، وأن يجعلنا من السعداء في الدنيا والآخرة.
اللهم وفقنا لما تحب وترضي، وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.
قم المقدسة
محمد الشيرازي
رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() سورة طه: 124.
() إشارة إلي قوله تعالي: ?قلنا يا نار كوني برداً وسلاما علي إبراهيم? سورة الأنبياء: 69.
() قال تعالي: ?فأوحينا إلي موسي أن أضرب بعصاك البحر، فانفلق فكان كل فريق كالطود العظيم? سورة الشعراء: 63.
() راجع الفضائل لابن شاذان: ص67.
() من لا يحضره الفقيه: ج4 ص334 ح5719.
() راجع اعلام الوري: ص40، وبحار الأنوار: ج18 ص185.
() سورة النحل: 118.
() سورة الأعراف: 157.
() سورة الحجرات: 10
() سورة الحجرات: 10
() بحار الأنوار: ج38 ص333 ب68 ح4.
() سفينة البحار: ج2 ص12 مادة (اخا) ط القديمة.
() بحار الأنوار: ج71 ص 221 ب15 ح2.
() الكافي: ج2 ص170 ح5.
() الكافي: ج2 ص166 ح4.
() سفينة البحار: ج2 ص13 مادة (اخا) ط القديمة.
() مستدرك الوسائل: ج9 ص39 ب105 ح10145.
() بحار الأنوار: ج65 ص64 ب15 ح115.
() بحار الأنوار: ج71 ص221 ب15 ح2.
() سورة (المؤمنون): 52.
() سورة آل عمران: 159.
() سورة الشوري: 38.
() الكافي: ج5 ص279 ح2.
() سورة البقرة: 29.
() سورة البقرة: 29.
() مستدرك الوسائل: ج17 ص111 ب1 ح20905.
() سورة سبأ: 28.
() سورة القصص: 43.
() سورة الأنبياء: 107.
() راجع الفصول المختارة: ص237، وفيه: «يد الله علي الجماعة».
() سورة النساء: 157.
() راجع كتاب (موسوعة الفقه) المدخل، كتاب العقائد، للإمام الشيرازي دام ظله.
() الأمالي للشيخ الصدوق: ص473، المجلس 72.
() شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج16 ص14. ترجمة الحسن بن علي ?.
() معاني الأخبار: ص247 باب معني الحجامة النافعة والمغيثة والمنقذة. ومكارم الأخلاق: ص 76، الفصل الرابع في الحجامة.
() بحار الأنوار: ح44 ص287 ب34 ح27.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.