منازل الآخره والمطالب الفاخره:در توصيف مرگ وحوادث عالم پس از مرگ

اشارة

‏عنوان و نام پديدآور : منازل الآخره والمطالب الفاخره:در توصيف مرگ وحوادث عالم پس از مرگ/ عباس قمي
‏مشخصات نشر : قم: صلوات، ۱۳۸۶
‏مشخصات ظاهري : ۱۶۰ص.
‏وضعيت فهرست نويسي : در انتظار فهرستنويسي
‏شماره كتابشناسي ملي : ۱۱۴۵۸۰۳

الإهداء

الإهداء بسم الله الرحمن الرحيم إلي الصامدين بوجه الباطل، دفاعا عن قباب علي والحسين والعباس ومسلم..
إلي الطالبين بثار الشهيد الصدر وجميع الشهداء الأبرار..
إلي المقاومين الأبطال الجنود المجهولين في الأرض المعروفين في السماء..
إلي من يقاتل علي أرض العراق نيابة عن كل مسلم في الدنيا..
إلي المجاهدين الذين امتلأ العراق منهم، واتحد الغرب والشرق علي سلب حقهم، واخماد جذوتهم واطفاء نورهم، ويأبي الله تعالي إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون..
إليكم يا شرف العراق أحمل جهدي المتواضع هذا أقدمه هدية في درب الحق والدفاع عن أهل البيت (عليهم السلام)..
إليكم جميعا: من بقي يقاتل حتي الرمق الأخير يقاوم ويتحمل عطش الهجير وجوع الأيام وارهاب صدام..
والي من استشهد في هذا الطريق وسجل اسمه في سجل الشهداء وبقي اسمه في الخالدين، وإن كان عند الناس جنديا مجهولا لم يعرفوه ولم يعرفوا مقاومته، ولم يعرفوا عطشه وجوعه وبسالته وشجاعته، مع أنه جاهد نيابة عنهم جميعا واستشهد مدافعا عن مبادئهم جميعا وعن شرفهم الديني جميعا.. لأنه قاتل من أجل تحرير عتبات أهل البيت (عليهم السلام) في العراق من احتلال الكفار ومن هدمها..
(٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، دولة العراق (4)، الباطل، الإبطال (1)، القتل (3)، الشهادة (4)
وبقيت قباب علي والحسين والعباس ومسلم تشهد علي الكفار وحشيتهم وتشهد لأولئك الأبرار انهم أنصار الله عز وجل وأنصار رسوله (صلي الله عليه وآله) وأنصار أهل البيت (عليهم السلام).
لا يهمكم يا رفقاء الدرب فالمشوار مهما طال فالنصر لكم بإذن الله عز وجل..
وهنيئا لكم أيها المجاهدون فإن لكم في الجنة بابا يقال له باب المجاهدين، وتدخلون الجنة وأنتم متقلدين سيوفكم، والجمع بعد في الموقف لم يتم حسابهم وما يجري عليهم من الأهوال، فتسبقوا الكل، وتسبق إليكم ملائكة الجنة مرحبة بكم … (1).
(1) اقتباس من الحديث الشريف المروي في الأمالي للشيخ الصدوق: ص 462.
(٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشهادة (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)

مقدمة التحقيق والتعريب

مقدمة التحقيق والتعريب:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي سيدنا ونبينا محمد وعلي آله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم ومنكري فضائلهم أجمعين من الأولين إلي قيام يوم الدين.
يعيش العالم الاسلامي والمسلمون عموما من يوم الغزو الاستعماري والفكري للبلاد الاسلامية صراعا شديدا مع العدو الغازي، وقد تنوعت أساليب الصراع بتنوع الظروف ووجهات المعارك العسكرية والفكرية، وباختلاف أشكال الحروب الفكرية الشرقية والغربية، وقد خرج الاسلام الحنيف والأمة المرحومة منتصرة بجميع معاركها المقدسة التي خاضتها ضد الكفار والمنافقين مع ما كابدته الأمة من ألم وعذاب وفقدان الأحبة وتحمل مشاق الغربة وما إلي ذلك، وما زالت المعارك مستمرة، فإن الاستعمار لا يريد أن ينفض يده من هذه الأرض الطيبة ومن استعمار واستعباد هذا الشعب المسلم العظيم.
وتفنن الاستعمار بأساليبه العدوانية، وأكد علي ضرورة ايجاد حواجز عقائدية وفكرية ونفسية بين الانسان المسلم وبين شخصيته الاسلامية، ودخل إليه من جميع الجوانب المختلفة ليخترق هذا الكيان العظيم، وقد وفق لفترات من الزمن أن يسيطر أو يخترق بعض السواتر أو الحواجز والموانع، ولكنه ببسالة أهل الحق عاد خائبا خاسرا أكثر مواقعه التي احتلها بصعوبة ومشقة.
(٧)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الصّلاة (1)، الطهارة (1)
وكان أبرز سلاح استخدمه العدو الكافر والمنافق في حروبه الاستعمارية هو الرجوع إلي المادية بشكليها الشرقي (الالحادي) والغربي بالابتعاد عن المثل الأخلاقية والقيم الانسانية وابدالها بالابتذال والخلاعة واحياء النوازع الذاتية والأنانية في الانسان، وابعاد العنصر الغيبي والروحي من تفكيره.
وكان الشيطان أكبر معين للعدو، وقد وقف إلي جنبه يعينه بما يستطيع لينجح بمشروعه المادي، فإنهما قد اجتمعا علي هدف واحد بل هما في الواقع حركة واحدة.
وجاءت المفاجأة العظمي بانتصار الحركة الروحية والدينية بغتة بقيادة الامام الخميني (رحمه الله)، فتراجعت تلك الجيوش المادية أمام قوة الروحانية العظيمة التي بعثتها حركة الامام الخميني (قدس سره) في المجتمع الاسلامي وفي الانسان المسلم في كل أرجاء العالم.
ولكن العدو استخدم شتي الأساليب لقمع تلك القوة التي كسرته وأبشع أسلوب أكد عليه مرة أخري هو مشروع المادية.
وأنا علي يقين بأنه سوف يعود مرة أخري خائبا خاسرا أمام قوة الطرح الاسلامي، وأصالته الروحية الاسلامية.
وأعتقد أن من أهم العناصر التي تنجح معركتنا الكبيرة هو عرض الاسلام بشتي مواضيعه إلي المسلمين والي العالم كافة.
ومن أهم تلك الجوانب هو التأكيد علي تثبيت الروحانية الأصيلة في نفوس المسلمين، وليس هنا محل تفصيل لهذا الموضوع المهم، ولكننا ملزمون بالتأكيد عليه لأننا ما زلنا نعيش المعركة المادية بضراوتها وقوتها. ولابد أن ندحر الفكر المادي بشتي أشكاله ونخلص المسلمين من شره، لأننا إذا أردنا أن نحافظ علي الشخصية الاسلامية فان من أهم مرتكزاتها ومميزاتها هو روحانيتها وعمق علاقتها بالغيب، ولا يمكننا أن نوفق بالنجاح في معركتنا هذه إلا بعد أن ندحر ما حاوله العدو من التشكيك بهذه الأصالة واختراق العقل المسلم بالتشكيك
صفحه(٨)
بالروحانية وانها تمثل نوعا من أنواع اللا واقعية والفردية والانزواء والتخلف.
ولا يمكنني أن أحصر وجهة الدفاع عن الروحانية بنوع خاص من الأساليب والطروحات، وانما الصحيح العكس، فإننا نحتاج إلي أساليب متنوعة ومتعددة من اجل الحفاظ علي تلك الأصالة والدفاع عنها لنحتفظ بالتالي بشخصية إنساننا المسلم كما كان دائما قويا بفكره وعقيدته وشخصيته وبنائه للحضارة الانسانية.
ووجدت في كتاب (منازل الآخرة) للعلامة الأخلاقي الكبير والمحدث الجليل الشيخ عباس القمي (رحمه الله) معينا يمكننا أن نطرحه للجيل المسلم ليساهم في بناء الحصانة الدفاعية في شخصيته، ولذلك عجلت بنقل الكتاب من اللغة الفارسية التي كتب بها إلي اللغة العربية مع أعمال أخري أضفتها إلي الترجمة لأضفي عليه ما يمكنه أن يعين في زيادة فائدته.
واستعنت بروحانية مؤلفه الرجل الجليل الذي أثري المكتبة الاسلامية بنفائس مؤلفاته وتحقيقاته وما زالت تأخذ موقعا كبيرا في حركتنا الفكرية والأخلاقية، وأبرز تلك الكتب التي خرجت من يراعه الشريف كتابه (مفاتيح الجنان) الذي هو المنهاج الروحي طبق ما ورد عن أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام)، والذي حظي برواج كبير بين أتباع المذهب الحق، ولا تكاد تجد بيتا من بيوتهم يخلو منه.
ويتلخص عملنا في هذا الكتاب بالأمور التالية:
1 - قمنا بترجمة هذا الكتاب (منازل الآخرة) من اللغة الفارسية إلي اللغة العربية، وقد راعينا المحافظة علي المعني الفارسي بما يؤديه من الألفاظ العربية مع المحافظة علي الأصل العربي من الروايات والأخبار والقصص التي ترجمها المؤلف من العربية إلي الفارسية، ولذلك فقد قمنا بقدر الوسع بتتبع تلك الأخبار لارجاعها إلي الأصل العربي. وعليه فان جميع الآثار الواردة في هذه الترجمة قد نقلناها من أصولها التي ترجمت منها إلي الفارسية.
2 - قمنا بتحقيق روايات وأحاديث الكتاب إضافة إلي التعليق علي بعض
(٩)
صفحهمفاتيح البحث: الوسعة (1)
المطالب التي ظننا وجود حاجة للتعليق عليها.
3 - ذكرنا في الهامش بعض الروايات التي اختزلها المؤلف، أو التي أشار إليها ولم يذكرها. وكذلك ذكرنا بعض الروايات التي رأينا فائدة في ذكرها.
4 - أضفنا في آخر الكتاب فصلا في الجنة وأحوالها كما ألمحنا إليه في عنوان (موضوع الكتاب) من هذا التقديم.
5 - كتبنا ترجمة بأحوال المؤلف (قدس سره) تحت عنوان (حياة العلامة الشيخ القمي (رحمه الله)).
6 - كتبنا بحثا حول موضوع الكتاب بمقدار ما تصورناه من ضرورة لتكوين رؤية متكاملة عن الموضوع عند القارئ المثقف.
مع أني أرتقب من القارئ الكريم غض الطرف عن الزلل والنقص لان الممكن محكوم بهما، ولكن أنتظر النقد الذاتي والموضوعي لأجل تلافي الأخطاء بالطبعات القادمة إن شاء الله تعالي.
والله عز وجل الموفق للصواب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قم المقدسة عش آل محمد (صلي الله عليه وآله) ياسين الموسوي غفر الله تعالي له ولوالديه بمحمد وآله الطاهرين
(١٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (1)، الطهارة (1)

حول موضوع الكتاب

كلمة المترجم حول:
موضوع الكتاب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي محمد وآله الطاهرين.
عندما نريد التعرف علي الرؤية الاسلامية للكون والانسان والحياة فإننا لابد وأن ننطلق من أحد طريقين أولهما الطريق الأتم والأكمل الذي يبدأ الحركة النزولية بالنفوس النزولي من المبدأ إلي الانسان، لأن الرؤية الاسلامية تؤكد علي دور الانسان من الخلق والوجود بحيث اعتبرته خليفة الله عز وجل وأن الله تعالي خلقه علي صورته ولا يتم الإيمان بالله عز وجل وتوحيده إلا بالإيمان بالانسان الكامل (وهو النبي والأوصياء (عليهم السلام)).
والرؤية الثانية صعودية حيث تنطلق من الانسان لمعرفة الله عز وجل والتقرب إليه، وهذه الطريقة هي الأسلوب العام لهداية البشر، فقد بعث الله تعالي الأنبياء وتبعهم بالأئمة والأوصياء (عليهم السلام) وجعلهم القدوة للعالمين (1)، ويمكن لعامة الناس أن يتبعوا الرسل وأوصياءهم (عليهم السلام) ويقتدوا بهم ليتوصلوا إلي القرب بعد
(1) قال تعالي في سورة الأحزاب آية 21: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) *.
وقال تعالي في سورة الممتحنة آية 4: * (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه) *.
وقال تعالي في سورة الممتحنة آية 6: * (لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد) *.
(١١)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (1)، الطهارة (1)، سورة الأحزاب (1)، سورة الممتحنة (2)
المعرفة للحق تعالي: (من أراد الله بدأ بكم) (1).
والرؤية الاسلامية واحدة بكلا الطريقين، فإن المعادلة الفلسفية الكونية الاسلامية ترتكز علي فهم العلاقة بين الله تعالي والانسان سواء كان انسانا كليا كاملا - وهم كمل الخلق - أو كان انسانا عاديا في طريق الكدح إلي الله تعالي صعوديا أو تسافليا. والصعودي هم المؤمنون الذين يسعون جاهدين لارتقاء مدارج الكمال والتسافل (2) مختص بمن سلك الطريق المعاكس لأولئك السالكين.
وفي الرؤية الاسلامية الكونية أن لموقع الانسان الكوني المركزي والمهم صار الانسان خليفة الله تعالي وصار حرا بسلوكه الفكري والحركي ومسؤولا عن عقائده وأعماله وتصرفاته وحركاته وسكناته.
ولهذا الموقع المهم للانسان اهتمت العقيدة الاسلامية بتربيته ليكون أهلا للمسؤولية الكبري التي وقعت علي عاتقه بإدارة كثير مما خلق الله تعالي لأنه عز وجل سخر كل شئ له وجعله رهن إرادة الانسان وحركته كما نصت علي ذلك كثير من الآيات الكريمة منها قوله تعالي: * (ألم تروا ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) * (3).
ومنها قوله تعالي: * (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) * (4).
ومنها قوله تعالي: * (وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين) * (5).
ومنها قوله تعالي: * (ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلي الأرض التي
(١) الزيارة الجامعة الكبيرة / التهذيب: ج ٦، ص ٩٩. الفقيه: ج ٢، ص 596.
(2) قال تعالي في سورة التين الآية 4 - 6: * (لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون) *.
(3) سورة لقمان: الآية 20.
(4) سورة الجاثية: الآية 13.
(5) سورة الأنبياء: الآية 79.
(١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)، الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام (1)، سورة الأنبياء (1)، سورة الجاثية (1)، سورة التين (1)، سورة لقمان (1)
باركنا فيها وكنا بكل شئ عالمين) * (1).
ومنها قوله تعالي متحدثا عن داود (عليه السلام): * (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والاشراق * والطير محشورة كل له أواب * وشددنا ملكه وأتيناه الحكمة وفصل الخطاب) * (2).
ومنها قوله تعالي متحدثا عن سليمان (عليه السلام): * (فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب * والشياطين كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين في الأصفاد * هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) * (3).
والانسان مجمع العوالم ومظهر الكمالات وقد صدق من قال:
وتحسب انك جرم صغير وفيك * انطوي العالم الأكبر (4) وقد ساعدت العقيدة الاسلامية الانسان للتعرف علي كيفية ترقيه الكمالي ليكون مؤهلا للتصدي إلي موقعه الطبيعي الذي أراده الحق تعالي من خلقه له.
كما أن الرؤية الاسلامية قد وضحت للانسان مفهوم الحياة التي أكسبته القدرة والحيوية والحركة والفعل، لأن الانسان بدون حياة غير قادر علي الفعل والاختيار وغير قادر علي القيام بالمهمات الكبري وغيرها. إذ أن الحياة هي الجهاز المحرك للانسان.
ولكن: هل معني ذلك أن مهمة الانسان ودوره سوف ينتهي بموته؟ وينهدم كل شئ بناه عندما كان يتحرك وعندما كانت حياته معطاءة؟
وهنا توضح الرؤية الاسلامية أن الانسان هو مركز التلقي للإرادة الإلهية إما مباشرة - وهم الأنبياء والرسل والمحدثون - وإما بواسطة، وهم باقي الناس.
وتوضح أيضا أن الانسان هو مركز الحركة الكونية.
(1) سورة الأنبياء: الآية 81.
(2) سورة ص: الآية 18 - 20.
(3) سورة ص: الآية 36 - 39.
(4) نسب هذا البيت من الشعر للإمام علي (عليه السلام).. راجع الديوان المنسوب للإمام علي (عليه السلام) جمع وترتيب عبد العزيز الكرم: ص 57.
(١٣)
صفحهمفاتيح البحث: النبي سليمان عليه السلام (1)، التصديق (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، سورة الأنبياء (1)، عبد العزيز (1)، سورة ص (2)، الكرم، الكرامة (1)
كما أنها توضح أيضا أن الانسان خلق ليتحرك ويدير المركز الحركي الكوني بمعني من المعاني الصحيحة التي لا مجال إلي بيان تفصيلها في هذه العجالة، بل بينت الرؤية الاسلامية - طبق نظام تفصيلي - المركز الحركي الكوني للانسان الكامل والانسان العادي، والعلاقات الكونية بالانسان وغير ذلك.
كما أن النظام التفصيلي تعرض لشرح مفهوم الحياة للانسان باعتباره فاعل الحركة الكونية الكبيرة.
وذكرت أن الانسان خلق ليبقي وأنه لا ينتهي ولا يفني بمجرد أن تنتهي مهمته في هذه الدنيا (1) التي تشكل أولي المراحل الحياتية له.
وأكدت علي أن هذه الحياة مهمة في طريقه الحركي نحو الصعود والتكاثر، لأنها المكان الذي يستطيع أن يبني الانسان فيه موقعه في العوالم الأخري التي سوف تلي هذه الدنيا التي يعيش فيها.
ومن الفوارق الأساسية بين هذه الدنيا والعوالم الأخري، هو أن الانسان جاء إلي هذه الدنيا بغير اختياره وبدون طلب أو إرادة منه، ولكن سكناه في هذه الدنيا وبقاءه فيها انما هي بإرادته.
وأما العوالم الأخري فإنه سوف يعمرها ويدخلها بإرادته ويختار موقعه في تلك العوالم بإرادة تامة منه.
وللانسان أن يبني تلك العوالم وهو في هذه الدنيا لأن (الدنيا مزرعة الآخرة) (2).
(١) روي الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتابه علل الشرائع: ج ١، ص 11 باب 9، ح 5 بسند صحيح عن مسعدة بن زياد. قال: قال رجل لجعفر بن محمد: يا أبا عبد الله، إنا خلقنا للعجب؟! قال:
وما ذاك، لله أنت. قال: خلقنا للفناء؟! فقال: مه، يا بن أخ! خلقنا للبقاء، وكيف تفني جنة لا تبيد، ونار لا تخمد، ولكن قل: انما نتحرك من دار إلي دار.
وروي الشيخ الطوسي في أماليه ج 1، ص 220، المجلس 8، ح 27 بإسناده إلي أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في كلام له (عليه السلام): (أيها الناس إنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء، ولكنكم من دار إلي دار تنقلون، فتزودوا لما أنتم صائرون عليه وخالدون فيه).
(2) عوالي اللآلي لابن أبي جمهور: ج 1، ص 267، الفصل 10، ح 66.
(١٤)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب علل الشرايع للصدوق (1)، ابن أبي جمهور (1)، الشيخ الصدوق (1)، مسعدة بن زياد (1)، الشيخ الطوسي (1)، جعفر بن محمد (1)
فقد يولد الانسان في هذه الدنيا وبدون اختيار منه في عائلة غنية أو فقيرة، ولكنه قادر علي أن يغير طريقة حياته في هذه الدنيا بإرادته علي ضوء حركته الذاتية فإنه * (ليس للانسان إلا ما سعي) * (1) و * (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) * (2) وقال تعالي: * (ومن أراد الآخرة وسعي لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا) * (3).
وقال تعالي: * (إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزي كل نفس بما تسعي) * (4) وكذلك فان الانسان يولد في العوالم الأخري بإرادته ويحدد المكان والبيئة والموقع الاجتماعي فيها باختياره وهو في الدنيا، فان العوالم الأخري انما تبني بأعمال الانسان في هذه الدنيا التي يعيش فيها.
روي ثقة الاسلام الكليني في الكافي الشريف بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
جاء رجل إلي أبي ذر، فقال: يا أبا ذر مالنا نكره الموت؟
فقال: لأنكم عمرتم الدنيا، وأخربتم الآخرة، فتكرهون ان تنقلوا من عمران إلي خراب.
فقال له: فكيف تري قدومنا علي الله؟
فقال: أما المحسن منكم فكالغائب يقدم علي أهله، وأما المسئ فكالآبق يرد علي مولاه … " (5).
* وروي عن سويد بن غفلة أنه قال: " دخلت علي أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد ما بويع بالخلافة وهو جالس علي حصير صغير ليس في البيت غيره، فقلت: يا أمير المؤمنين بيدك بيت المال ولست أري في بيتك شيئا مما يحتاج إليه البيت؟
فقال (عليه السلام): " يا بن غفلة! أن اللبيب العاقل لا يتأثث في دار النقلة، ولنا دار أمن
(1) سورة النجم: الآية 39.
(2) سورة الملك: الآية 15.
(3) سورة الإسراء: الآية 19.
(4) سورة طه: الآية 15.
(5) الكافي: ج 9، ص 458، ح 20.
(١٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، سويد بن غفلة (1)، الموت (1)، الإختيار، الخيار (1)، سورة الإسراء (1)، سورة النجم (1)، سورة الملك (1)، سورة طه (1)
قد نقلنا إليها خير متاعنا، وإنا عن قليل إليها صائرون.. " (1).
وعلي ضوء الرؤية الاسلامية للانسان وللحياة وللكون فان حياة الانسان سوف لا تنتهي بموته، بل بالعكس فان هذه الحياة الأولي التي يعيش فيها ضيقة وصعبة، وسوف يتخلص من كثير من صعوباتها وضيقها بانتقاله إلي العوالم الأخري ولكن ذلك يعتمد علي ما يبذله من جهد في بناء مواقعه الحياتية في العوالم الأخري وهو في الدنيا.
كما أنه سوف يعاني الامرين والأشد في تلك العوالم فيما إذا لم يهتم في هذه الدنيا ببناء عوالمه تلك لأنه قد يمكنه تجاوز كثير من الأخطاء العمدية في هذه الحياة الدنيا، ويمكنه أن يتخلص بالتواءاته من كثير من المواقف الحرجة والحسابات القانونية والاجتماعية، لأن هذه الدنيا هي دنيا العمل بلا حساب، وأما تلك العوالم فهي بالعكس تماما فلا ينفعه دهاؤه ولا تنفعه حيله، لأن تلك العوالم حساب بلا عمل، إضافة إلي أن هذه الدنيا يحكمها الغموض ويسيطر عليها قانون التمويه لاختفاء الحقائق وراء مظاهر لا تمثلها ولا تمت إليها بصلة، ولكن العوالم الأخري بعكس ذلك فهي عوالم الحقائق * (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * (2).
وذلك اليوم * (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلي السجود فلا يستطيعون) * (3) والحقائق تكشفت، فيسعي الانسان جاهدا إلي أن يتحرك ويعمل ليعوض عما سبق ويتخلص من الورطات الجديدة التي وقع فيها ولكنه لا يستطيع.
ولذلك ففي الرؤية الاسلامية أن الحياة الحقيقية هي تلك الحياة التي سيعيشها الانسان بعد انتقاله إليها بعد بالموت، وقد عبر القرآن الكريم عن تلك الحياة * (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) * (4) أي أن الانسان في تلك العوالم
(١) عدة الداعي لابن فهد الحلي: ص 109، باب 2. وعنه في البحار: ج 70، ص 321، 322.
(2) سورة ق: الآية 22.
(3) سورة القلم: الآية 42.
(4) سورة العنكبوت: الآية 64.
(١٦)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، السجود (1)، الموت (2)، كتاب عدة الداعي لابن فهد الحلي (1)، سورة العنكبوت (1)، سورة القلم (1)، سورة ق (1)
مملوء حياة وحركة، فإن لفظة الحيوان علي وزن فعلان الذي يتضمن الكثرة والفوران، فالحياة الحقيقة المملوءة حيوية وحركة انما هي بعد الموت.
ولو قرأت الروايات التي تحدثت عن تلك العوالم لرأيت أحداثا كثيرة جدا لابد له أن يمر عليها.
الانسان وهو في هذه الدنيا يجهل تلك الأحداث والعوالم والمنازل، لأنه بعيد عنها مكانا وزمانا، فان المكان الذي يعيشه في هذه الحياة الدنيا يختلف عن المكان الذي سوف يعيشه في تلك العوالم * (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار) * (1).
وان الزمان الذي يحكمه في هذه الدنيا يختلف كليا عن الزمان الذي يكون في تلك العوالم فمن تلك الأيام ما تطول فتكون خمسين ألف سنة كما في قوله تعالي: * (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) * (2).
ومنها ما يقصر فيكون ألف سنة كما في قوله تعالي: * (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) * (3).
وقال تعالي: * (في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) * (4).
z z z ولأهمية تلك الأحداث في حياة الانسان فقد جد للتعرف عليها بشتي الطرق والوسائل العلمية، وقد أثرت أهداف كل باحث في انتخاب طريقته الخاصة به للتعرف علي تلك العوالم، فالفيلسوف مثلا يحاول أن يبحث بأدواته العلمية للتعرف علي تلك العوالم لتتم في عقله ونفسه الصورة العقلية والفكرية عن الانسان والحياة والعوالم الغيبية الأخري التي لم يدركها ببصره وحواسه.
بينما ينهج الأخلاقي بدراسة تلك العوالم لأجل أن ينذر أو يبشر نفسه والآخرين الذين يهتم بوعظهم وصلاحهم، فيحسنوا ويصلحوا أحوالهم وأعمالهم.
(1) سورة إبراهيم: الآية 48.
(2) سورة المعارج: الآية 4.
(3) سورة الحج: الآية 47.
(4) سورة السجدة: الآية 5.
(١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (1)، الهدف (1)، الجهل (1)، سورة ابراهيم (1)، سورة المعارج (1)، سورة السجدة (1)، سورة الحج (1)
ومهما اختلف القوم فالمسألة ليست داخلة ضمن معدودات الترف الفكري، بل انها من المسائل الحياتية المهمة جدا سواءا نوقشت بالطريقة الفلسفية أو بالطريقة الأخلاقية أو غيرها.
وبما أن بداية العوالم الأخري تبتدأ بالموت وتنتهي بالمعاد فلذلك كانت مسألة الموت والمعاد من المسائل المهمة التي عولجت بعدة طرق من البحث، فقد اهتم بها الفكر الاسلامي والعقيدة الاسلامية فعدت خامس أصول الدين بعد التوحيد والعدل والنبوة والإمامة، ولأهميتها فقد اهتم بها الفكر الفلسفي والكلامي الاسلامي وقد نوقشت قضايا المعاد لإثبات النشأة الآخرة وحشر الأجسام ونشر الأرواح والنفوس، والمعاد الجسماني، أو الروحاني، والبحث في بقاء النفوس وتجردها والنفوس التي تحشر والنفوس التي لا تحشر، وهل أن الأجسام التي ترزق المعاد هي تلك الأجسام التي أحسنت في الدنيا، وهي التي عصت الحق تعالي فيها، أم انها أجسام أخري لم تكن في الدنيا ولم تحسن فيها ولم تسئ فيها.
وقد اتفق العلمان في بعض مسائلهما وقد اختلفا في مسائل أخري كما هو ديدنهما، ولكن كالعادة لكل منهما طريقته بالاستدلال والبرهنة - وليس هنا محل الإطالة والاطناب والتفصيل - ولكن الشئ الذي لابد من الإشارة إليه هنا هو ان العلمين قد ناقشا قضايا الموت والمعاد من وجهة عقائدية طبق قوانين الاثبات، يعني أن قضايا الموت والمعاد التي نوقشت في هذين العلمين - وإن اختلف الحجم الكمي للمسائل أو الأسلوب الاستدلالي وطريقته - ولكنهما حصرا البحث بمقدار ما يرتبط بالاثبات أو النفي لما يراد معرفته، أو بما يتعلق بالعقيدة الاسلامية.
أما الفكر العرفاني الاسلامي فقد ركز اهتماماته علي مسائل الموت والمعاد باعتبار أن بها يتحقق الوصول إلي وطن سلوك العارفين (1)، وأن الموت وما بعده
(1) الوطن عند العرفاء هو محل هبوط الحقيقة التي تهوي إليها النفوس الكلية، وهو دار هجرة السالكين في طي منازل السلوك وأعظمها هجرتهم من وجودهم الاعتباري والرحيل إلي الوطن الحقيقي فيكون بالله بعد أن يفني في الله تعالي.
(١٨)
صفحهمفاتيح البحث: أصول الدين (1)، الموت (6)
غاية تجوهر نفوسهم ووصولها إلي الغاية القصوي بلقاء الله تعالي.
فان للسالك غايتان أقربهما غاية تجوهر النفس بقطعها وطيها المراحل الأولي التي هي مقدمة الغاية القصوي، ولا يمكنه أن يحصل الغاية القصوي إلا بعد حصوله علي الغاية الأولي والغاية القصوي هي لقاء الله تعالي.
بينما الغاية الأولي هي لقاء أعماله وما كسبته يداه وتتم بالموت والمعاد، قال عز وجل: * (ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا) * (1) وصار الموت والقبر وما بعده والمعاد غاية أولي، لأن الانسان سوف يبعث كما مات لما روي عن الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله) انه قال: " كما تعيشون تموتون، وكما تموتون تبعثون "، وفي الخبر عنه (صلي الله عليه وآله): " يبعث كل عبد علي ما مات عليه " وفي الخبر الآخر عنه (صلي الله عليه وآله): " يموت الرجل علي ما عاش عليه ويحشر علي ما مات عليه ".
وغاية السالك أن يبذل جهده لتقوم عليه قيامته وقد تحققت تمام انسانيته ليحشر يوم القيامة وهو انسان مبصر وقد ذكر أهل المعرفة انه لا يمكن للسالك أن ينال غايته القصوي بلقاء الله عز وجل إلا بعد أن تقوم عليه قيامات، وكلما تقوم عليه قيامة من قياماته في الأولي (2) فقد تمت له حركة من حركاته السلوكية - وذلك إذا أمكنه أن يحافظ علي مقامها أو يرتقي إلي الأعلي منها إلي حين تقوم عليه قيامته بموته الطبيعي - وانقضي عنه مقام من مقامات القرب، وإذا لم يتمكن السالك من طي تلك المقامات فإنه سوف يطويها - إن وفقه الحق تعالي وكان ذلك العبد محسوبا عنده تبارك وتعالي من السالكين - في الآخرة ولكنه سوف يطويها بالقهر والقوة والغلبة، بينما طويه لها في الأولي - لو وفق لها بلطفه تعالي وتوفيقه العبد للمجاهدات وقطع فيافي السلوك - سوف تكون علي نحو آخر وقد يكون التوفيق الإلهي نصيبه بأنه يطويها أو يطوي بعضها وهي خامدة باختلاف أحوال
(1) سورة الكهف: الآية 49.
(2) (الأولي) بالاصطلاح أوسع مفهوما من (الدنيا)، فإن الانسان السالك قد يكون في الأولي ولكنه لا يكون في هذه الدنيا ولا عكس.
(١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، الموت (6)، البعث، الإنبعاث (2)، سورة الكهف (1)
السائرين ومقاماتهم.
وتبتدئ القيامات بالقيامات الأنفسية وهي القيامة الأنفسية الصغري ثم الوسطي، ثم الكبري، وتنتهي بالقيامات الآفاقية (1)، وقد عبر الشيخ الكاشاني عن القيامة بمعناها العام انها: (الانبعاث بعد الموت إلي حيوات أبدية) (2)، ويشير ب (الحيوات) إلي تعدد الحياة بعد تعدد القيامة، فإنه بعد كل قيامة حياة غير الحياة التي عاشها قبل قيامته تلك.
وقد قسمها الكاشاني إلي ثلاثة أقسام:
أولها: الانبعاث بعد الموت الطبيعي إلي حياة أحد البرازخ العلوية أو السفلية بحسب حال الميت في الحياة الدنيوية لقوله (عليه السلام): " كما تعيشون تموتون، وكما تموتون تبعثون ".
وهي القيامة الصغري المشار إليها في قوله (عليه السلام): " من مات فقد قامت قيامته ".
وثانيها: الانبعاث بعد الموت الارادي إلي الحياة القلبية الأبدية في العالم القدسي، كما قيل مت بالإرادة تحيا بالطبيعة.
وهي القيامة الوسطي، المشار إليها في قوله تعالي: * (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا … ) * (3).
وثالثها: الانبعاث بعد الفناء في الله إلي الحياة الحقيقية عند البقاء بالحق.
وهي القيامة الكبري المشار إليها بقوله تعالي * (فإذا جاءت الطامة الكبري) * (4) (5).
فالقيامة لا تبتدأ عند أهل المعرفة من موت الانسان الطبيعي وانما هي معه في
(1) قد وضحنا ذلك في شرحنا علي رسالة السير والسلوك المنسوبة إلي الآية العظمي السيد محمد مهدي الطباطبائي الملقب ببحر العلوم (قدس سره): 1155 - 1212 ه ق.
(2) اصطلاحات الصوفية للشيخ كمال الدين عبد الرزاق القاشاني: ص 146.
(3) سورة الأنعام: الآية 122.
(4) سورة النازعات: الآية 34.
(5) اصطلاحات الصوفية للقاشاني: ص 146.
(٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (5)، سورة النازعات (1)، سورة الأنعام (1)
الحياة الدنيا، ووفقا لهذا القانون الكوني فإنهم يثبتون ان الجنة والنار تلازم صاحبها في هذه الدنيا ابتداءا من جنة الأعمال ونار الأعمال ولكن قد حجبتهما الحجب الظلمانية عند الانسان فلا يراهما إلا بعد الممات، وذلك لأنه يتخلص من الحجب الظلمانية وأغلظها الجسم العنصري الذي حبس روحه ونفسه وعقله فيه فلم ير الحقائق إلا بعد أن يتخلص منه وينطلق في العوالم الأخري التي تسكن إليها وفيها الأرواح والنفوس فتنكشف لها بعض الحقائق الكبري طبق المواصفات النسبية مع التكامل الروحي والنفسي لكل إنسان.
وأما نار الأعمال وجهنمها في هذه الدنيا وكذلك جنة الأعمال وفردوسها فهي محجوبة عن الناس إلا النفوس الكلية والنفوس القوية التي منحها الحق تعالي قدرة رؤية تلك الحقائق.
واستشهد علي هذه الحقيقة بعدة آيات منها قوله تعالي: * (يستعجلونك بالعذاب وان جهنم لمحيطة بالكافرين) * (1) وقوله تعالي: * (أحاط بهم سرادقها) * (2).
فالمقصود بالإحاطة هي الإحاطة المطلقة ابتداءا من هذه الدنيا إلي ذلك العالم الآخر والعوالم التي تلي عالم الحياة الدنيا.
كما أن هناك نصوص كثيرة جدا تشهد علي هذه الحقائق يحتاج تفصيلها إلي بحوث مستقلة.
ولم ينكر أهل المعرفة تلك العوالم التي يلاقيها الانسان بعد موت جسمه بل العكس من ذلك فإنهم يعتبرون أن الأرواح عندما تتجرد عن أجسامها تكون أقدر علي معرفة تلك الحقائق الثابتة، وحينئذ فمن الطبيعي أن تكون النفوس التي قطعت القيامات الأنفسية أقدر علي ادراك القيامات الآفاقية، ولذلك فهي تكون أسرع في قطع القيامات التي قطعتها في الأولي، وسوف تمر بها كالبرق الخاطف، وقد أشارت إلي هذه الحقائق مجموعة من الروايات الشريفة فمنها الروايات التي
(1) سورة العنكبوت: الآية 54.
(2) سورة الكهف: الآية 29.
(٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (1)، الشهادة (1)، سورة العنكبوت (1)، سورة الكهف (1)
وردت لأخذ الاستعداد والتهيؤ لدخول القبر، لأن الانسان قادم علي عالم لم يدخله من قبل ولم يتعرف عليه.
* روي ثقة الاسلام الكليني في الكافي الشريف بإسناده عن محمد بن عجلان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " لا تفدح ميتك بالقبر ولكن ضعه أسفل منه بذراعين، أو ثلاثة، ودعه يأخذ أهبته " (1).
* وروي عنه بإسناده عن يونس قال: حديث سمعته عن أبي الحسن موسي (عليه السلام) ما ذكرته وأنا في بيت إلا ضاق علي، يقول: " إذ أتيت بالميت شفير قبره فامهله ساعة فإنه يأخذ أهبته للسؤال " (2).
* وروي الشيخ الطوسي (رحمه الله) في تهذيب الأحكام بمضمرة أبي عطية قال:
" إذا أتيت بأخيك إلي القبر فلا تفدحه، ضعه أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة حتي يأخذ أهبته ثم ضعه في لحده … " (3).
وذكر الصدوق (رحمه الله) في الفقيه قال: " وإذا حمل الميت إلي قبره فلا يفاجأ به القبر لأن للقبر أهوالا عظيمة ويتعوذ حامله بالله من هول المطلع، ويضعه قرب شفير القبر، ويصبر عليه هنيئة ثم يقدمه ويصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته ثم يقدمه إلي شفير القبر " (4).
والرواية صريحة بان روح الميت المجردة تدرك ما لم تدركه في هذه الحياة الدنيا.
وقد يكون الانسان قد تعرف علي هذا المنزل من خلال مجاهداته ورياضاته النفسية والروحية، ولكنه يبقي غير واصل إلي مقام حساب منكر ونكير فلذلك فعليه ان يستعد لحسابهما، وأما لو كان ذلك الانسان قد جاهد نفسه وقطع ذلك
(١) الكافي: ج ٣، ص ١٩١، كتاب الجنائز، باب (في وضع الجنازة دون القبر)، ح ١.
(٢) الكافي: ج ٣، ص 191، كتاب الجنائز، باب (في وضع الجنازة دون القبر)، ح 2.
(3) تهذيب الأحكام للطوسي: ج 1، ص 312، باب 13، ح 75، ورقم الحديث العام 907.
(4) من لا يحضره الفقيه للصدوق: ج 1، ص 107، تحت الرقم 44، والرقم 497، باب 25 (الصلاة علي الميت).
(٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي (2)، الشيخ الصدوق (2)، أبو عبد الله (1)، الشيخ الطوسي (1)، القبر (7)، الموت (2)، الصلاة علي الميّت (1)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (1)، الجنازة (4)
المنزل بمجاهداته في الأولي فحينئذ يكفي حسابهما كما دلت عليه الروايات التي أشارت بعضها إلي الأعمال التي تدفع هول حساب منكر ونكير (1).
وهكذا بالنسبة للمنازل البرزخية الأخري، وحتي هول يوم القيامة وما فيه من مواقف يمر بها الانسان فإن كان قطعها في الأولي فإنه يكفاها في الآخرة، وقد وضحت هذه الحقيقة مجموعة من الروايات منها التي وردت في الصراط فإنه ان كفيه الانسان في الأولي فإنه يمر عليه يوم القيامة كالبرق الخاطف.
وحتي جهنم ولزوم المرور عليها والورود فيها الذي نص عليه القرآن الكريم بقوله تعالي: * (وان منكم إلا واردها كان علي ربك حتما مقضيا) * (2)، فان هناك من لا يمر عليها بالآخرة، لأنه مر بها وعليها في الأولي، كما ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري (رحمه الله) ان النبي (صلي الله عليه وآله) سئل عنه (3) فقال: " إذا دخل أهل الجنة الجنة قال بعضهم لبعض: أليس قد وعدنا ربنا ان نرد النار؟ فيقال لهم: قد وردتموها وهي خامدة " (4).
(١) منها ما رواه الصدوق (رحمه الله) في كتاب (فضائل الشيعة): ص ٤٦، ح ١، بإسناده عن ابن عمر قال: سألنا النبي (صلي الله عليه وآله) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) فغضب (صلي الله عليه وآله) ثم قال:
والحديث الشريف طويل، إلي أن يقول: " ألا ومن أحب عليا بعث الله إليه ملك الموت كما يبعث إلي الأنبياء، ودفع الله عنه هول منكر ونكير، وبيض وجهه، وكان مع حمزة سيد الشهداء.. الحديث ".
وفي حديث آخر عنه (صلي الله عليه وآله) قال: " ألا ومن مات علي حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير.. ". رواه الزمخشري في الكشاف: ج ٤، ص ٢٢٠، في تفسير الآية ٢٣ من سورة الشوري.
ونقله المجلسي في البحار: ج ٢٣، ص ٢٣٣، وفي: ج ٢٧، ص ١١١، عن الكشاف نقله الرازي في تفسيره، والسيد ابن طاووس في الطرائف، وفي البحار: ج ٦٨، ص ١٣٧، ح ٧٦، عن جامع الأخبار.
(٢) سورة مريم: الآية ٧١.
(٣) يعني سئل عن قوله تعالي: * (وان منكم إلا واردها كان علي ربك حتما مقضيا) *.
(٤) تفسير البيضاوي: ج ٣، ص 61، في تفسير الآية 71 من سورة مريم. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 8، ص 250.
(٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (2)، القرآن الكريم (1)، جابر بن عبد الله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب تفسير البيضاوي للبيضاوي (1)، السيد إبن طاووس (1)، الزمخشري (1)، العلامة المجلسي (2)، الشيخ الصدوق (1)، سورة الشوري (1)، سورة مريم (2)، الموت (1)، البعث، الإنبعاث (1)
* وروي الفيض الكاشاني (رحمه الله): لما سئل بعض أئمتنا (عليهم السلام) عن عموم الآية المذكورة فقال: " جزناها وهي خامدة " (1).
وأما إذا لم يقطع الانسان تلك المنازل في الأولي فإنه مضطر لا محالة إلي قطعها بعد تجرد روحه وموته وانقطاعه عن الجسم العنصري، لأنه حين انكشاف ما غطي عليه، ويري كل ما كان يسمع به كما قال تعالي: * (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * (2) فعندما تقوم قيامته الصغري وقيامته الكبري فسوف يري تلك المنازل - التي لم يقطعها ولم يتعرف عليها أو لم يصدق بها - رأي العين، وعليه أن يقطعها ولكنه يتحمل صعوبة ومشاق كسله في الأولي، أو جهله، أو عناده وكفره، فسوف يمر عليها جاهلا ويقع فيها مظلما، لأنه لم يهيئ لسفره هذا نورا يمشي به وفيه عندما يدخل الآخرة فلذلك تجده أعمي بلا هادي ولا دليل كما قال تعالي: * (ومن كان في هذه أعمي فهو في الآخرة أعمي وأضل سبيلا) * (3).
وقال تعالي: * (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي * ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمي * قال رب لم حشرتني أعمي وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسي) * (4).
وقال تعالي: * (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) * (5).
والعرفاء الصالحون اعتبروا قطع تلك المنازل في الأولي السبب الأساس لقطع تلك المنازل في الآخرة بيسر وسهولة، لأنهم رأوا من أخبر به النص الشريف من ضرورة الاعداد لسفر الآخرة ومنازله ومواقفه، ولا يتم ذلك الاعداد إلا بمعرفة السفر ومعرفة مراحله ومنازله وأخذ العدة لكل مرحلة ولكل منزل ثم يسير تلك المنازل منزلا فمنزلا وموقفا فموقفا وقطعها في الأولي بالمجاهدات والرياضات كما أخبر به الهادي، وان اتباع الهادي في الأولي سوف يؤمن وجوده في الآخرة
(١) علم اليقين: ج 2، ص 971، المقصد الرابع، الباب 9، الفصل 2 (في معني الصراط).
(2) سورة ق: الآية 22.
(3) سورة الإسراء: الآية 72.
(4) سورة طه: الآية 123 - 126.
(5) سورة النور: الآية 40.
(٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الجهل (1)، الضلال (1)، السب (1)، سورة الإسراء (1)، سورة النور (1)، سورة طه (1)، سورة ق (1)
ويقطع تلك المراحل بهديه وهدايته وبنوره وحضوره كما دل عليه العقل والنص الشريف المتواتر عند جميع طوائف المسلمين بوجوب طاعة النبي (صلي الله عليه وآله) والأئمة الاثني عشر من بعده (عليهم السلام).
وليس معني ذلك أنه لا يوجد عذاب القبر ولا يوجد حساب القبر وضغطته والبرزخ وغير ذلك، بل العكس تماما فعلي المؤمن أن يؤمن بالموت الحقيقي وعذاب القبر ومسألة منكر ونكير والمعاد الجسماني.
قال الشيخ الصدوق (رحمه الله): " اعتقادنا في المسألة في القبر انها حق " (1).
وقال الشيخ المفيد (رحمه الله): " جاءت الآثار الصحيحة عن النبي (صلي الله عليه وآله) ان الملائكة تنزل علي المقبورين فتسألهم عن أديانهم " (2).
ولكن لكل واحد من تلك الأمور مقامات وحالات تختلف باختلاف مقامات وحالات الانسان نفسه الذي يمر بها.
وطريقة العرفاء بمعرفة أحوال الموت وما بعده انما هي شرح للأحاديث الشريفة المروية عن النبي (صلي الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام)، وليس فيها أكثر من ذلك. وإذا وجد في كلام أحد منهم - أعوذ بالله تعالي - غير ذلك فهو غير صحيح قطعا وانما هو من تخيلاته.
فإنك تجد المعارف الجليلة التي وردت عن أهل البيت (عليهم السلام) مشروحة عند من رزقه الله تعالي تلك المعارف. ولا يصح لأي عارف أن يحصل علي تلك المعارف والعلوم إلا من طريق أهل البيت (عليهم السلام) " من أتاكم نجي ومن لم يأتكم هلك إلي الله تدعون وعليه تدلون وبه تؤمنون وله تسلمون وبأمره تعملون والي سبيله ترشدون وبقوله تحكمون، سعد من والاكم، وهلك من عاداكم وخاب من جحدكم، وضل من فارقكم، وفاز من تمسك بكم وأمن من لجأ إليكم، وسلم من صدقكم، وهدي من اعتصم بكم، من اتبعكم فالجنة مأواه، ومن خالفكم فالنار مثواه، ومن جحدكم كافر ومن حاربكم مشرك، ومن رد عليكم في أسفل
(1) تصحيح الاعتقاد: ص 77.
(2) المصدر السابق.
(٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، الشيخ الصدوق (1)، الموت (2)، القبر (4)، الهلاك (1)
درك من الجحيم.. " (1).
وكذلك: " من أراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه بكم.. " (2).
نعم ان طريقة أهل المعرفة تختلف عن طريقة الفلاسفة والأخلاقيين بفهم الحقائق، لأنهم يعتمدون علي المشاهدة الصحيحة التي تحصل بعد المجاهدات السلوكية فتنكشف لهم الحقائق ويرونها بالضبط كما وردت عن الشارع الحكيم سلام الله عليه، وهي نفس النتائج التي يحصل عليها الفيلسوف عندما يستخدم القوانين العقلية والأسس المنطقية، ولكن الفرق بينهما هو في الاقناع العقلي والمشاهدة العقلية والتي تسمي بالمشاهدة القلبية أيضا. وألطف بيان لهذه الحقيقة
(١) لا تغفل ان توحيد الحق تعالي الصرف لا يتوفر إلا لمحمد وآل محمد (عليهم السلام) كما ورد في الروايات المستفيضة. منها ما روي عن النبي (صلي الله عليه وآله): " يا علي ما عرف الله إلا انا وأنت، وما عرفني إلا الله وأنت، وما عرفك إلا الله وانا ". مختصر بصائر الدرجات للشيخ حسن الحلي:
ص ١٢٥.
وروي عن النبي (صلي الله عليه وآله) انه قال: " يا علي، ما عرف الله حق معرفته غيري وغيرك، وما عرفك حق معرفتك غير الله وغيري ". مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: ج ٣، ص ٢٦٧ - ٢٦٨، في (فصل: في المفردات). ونقله المجلسي في البحار: ج ٣٩، ص ٨٤.
وانتبه وتدبر واعرف واعلم أن أركان التوحيد هي معرفتهم صلوات الله عليهم جميعا كما ورد في الروايات المستفيضة منها: ما رواه الصدوق بسند صحيح في معاني الأخبار عن أبي حمزة الثمالي عن سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) في حديث طويل قال فيه: " ونحن أركان توحيده، ونحن موضع سره ".
وروي الشيخ الطوسي بسند صحيح عن الإمام الرضا (عليه السلام): ".. فإنهم معادن كلماتك وأركان توحيدك.. " مصباح المتهجد: ص ٣٦٦.
ورواه السيد ابن طاووس في جمال الأسبوع: ص ٥٠٦ - ٥١١، الطبعة الحجرية. وفي:
ص ٥١٢ - ٥١٩. ورواه الكفعمي في المصباح: ص 548 الطبعة الحجرية.
(2) راجع الزيارة الجامعة المروية عن الإمام الهادي (عليه السلام) في التهذيب للشيخ الطوسي: ج 6، ص 98. وفي من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق: ج 2، ص 372. ورواها الصدوق في عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 274. ونقلها المجلسي في البحار: ج 102، ص 129، 130.
(٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عاشوراء (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (1)، كتاب مناقب آل أبي طالب عليه السلام (1)، السيد إبن طاووس (1)، العلامة المجلسي (2)، الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام (1)، الشيخ الصدوق (3)، ابن شهرآشوب (1)، الشيخ الطوسي (2)، الصّلاة (1)
ما نقل عن ابن سينا وأبي سعيد (ان الرجلين تلاقيا في موضع، فلما افترقا، سئل كل منهما عن صاحبه، فقال الشيخ أبو سعيد: ما أنا أراه هو يعلم. وقال الشيخ أبو علي:
ما أعلمه هو يراه..) (1). وأما اختلاف طريقة أهل المعرفة عن طريقة الأخلاقيين ان أولئك يشرحون أحوال الانسان وسلوكه وفق ما جاء به التنزيل وطبق قوانين السير والسلوك النظري والعملي بتكميل قلب الانسان ليصل بالأحوال والمقامات بحيث يكون قادرا علي تلقي الفيوضات الإلهية والمعارف الكلية لتطهير روحه وقلبه وعقله من كل غريب ونجس واخلاص نفسه للتوحيد الصرف ولقاء الحق عز وجل، وعرفوا قوانين الوجود التكوينية ورأوا رأي العين وادركوا خفاياها وأسرارها، وكلها خفايا وأسرار. والعرفان فلسفة كاملة فيها جميع الأجوبة الثبوتية عن كل شئ ولا يوجد العرفان في ورق ولا في كتاب وانما هو في قلب العبد المؤمن كما ورد في النص الشريف في الحديث القدسي: " لم تسعني سمائي ولا أرضي، ووسعني قلب عبدي المؤمن " (2).
كما أن العرفان العملي هو المدرسة السلوكية للانسان الطالب أو السالك أو الواصل لإيصاله إلي غايته الأولي والقصوي، ولا يتم له ذلك بالنظري قطعا وانما لابد من العمل والكدح كما ورد في الروايات المستفيضة عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" العلم مقرون إلي العمل فمن علم عمل ومن عمل علم، والعلم يهتف بالعمل فان أجابه وإلا ارتحل عنه " (3).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " ان العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا " (4).
وعن الإمام السجاد (عليه السلام) انه قال: " مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا علم
(١) روضات الجنات: ج ٣، ص ١٨٤.
(٢) راجع المحجة البيضاء: ج ٥، ص ٢٦، وفيه (أرضي ولا سمائي). البحار: ج ٥٨، ص ٣٩.
(٣) الكافي: ج ١، ص 44، (باب استعمال العلم)، ح 2.
(4) المصدر السابق.
(٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، الحديث القدسي (1)
مالا تعلمون ولما تعملوا بما علمتم، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلا كفرا ولم يزدد من الله إلا بعدا " (1).
وأما طريقة الأخلاقيين فإنها تعتمد علي الأساليب الوعظية والتنبيهية ويستفيدون من القصة كأسلوب خطابي يشد السامع أو القارئ إلي تذكر الله عز وجل، كما أنهم يستشهدون بالروايات والآثار والمنقولات والمسموعات لأجل تلك الغاية الكريمة.
وطريقة الأخلاقيين مفيدة جدا للعامة لتقويمهم وارجاعهم إلي الطريق المستقيم وتعريفهم بالصحيح والخطأ، ولكنها غالبا ما تكون مؤقتة بزمان الموعظة وما بعدها بفترات محدودة باختلاف حالات السامعين والقارئين، لأن طريقة الأخلاقيين لا تدخل إلي عمق الانسان وتعرف مقامه ثم ترقيه مرقاة فمرقاة وتزيل الملكات الظلمانية وتحييه بالملكات النورانية وترقيه في مدارج الكمال كما تفعله الطريقة العرفانية. أضف إلي ذلك أن الأخلاقيين غالبا ما يستخدمون أسلوبا واحدا في الوعظ لمجاميع مختلفين في الأحوال والملكات والمقامات بل غالبا ما يستخدمون أسلوبا واحدا مع الانسان في جميع أحواله وملكاته بينما أن لكل انسان واردات وأحوال ومقامات تختلف باختلاف مجاهداته.
وعلي كل حال فإننا لا نريد هنا أن نبين جميع خصوصيات الطريقة العرفانية وطريقة الأخلاقيين، وانما أردنا أن نوضح ان هناك فوارق عدة بين الطريقتين، وكليهما مفيدة بل أن العرفاء وأهل السير والسلوك لا يستغنون عن استخدام الأسلوب الأخلاقي في تكميل النفوس خصوصا في مخاطباتهم للعامة، فإنه أجدي لمثل ذلك المقام عند الخطاب لعامة الناس وأنفع.
ولكن هناك مؤاخذة أخري علي الأسلوب الأخلاقي لفهم قضايا الموت والعالم الآخر إضافة للملاحظة السابقة بأنه يهتم بالجانب التحذيري والتخويفي بذكر الأهوال، والمصاعب التي سوف يلاقيها الانسان ابتداءا من سكرات الموت
(1) المصدر السابق.
(٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)، الموت (1)
فما بعدها، مما يولد عند الانسان السامع أو القارئ حالة من الرهبة والخوف فتعكس علي شخصيته فتؤدي في أحيان كثيرة إلي حالة تشاؤمية وقد توقعه بالانعزال عن الحياة العامة وتعميق الشعور الفردي والإنزوائي واللاأبالية عنده فيخرج من قانون السلوك المتوازن إلي حالة التطرف الواحدي.
وبالتأكيد فان أي باحث موضوعي لا يمكنه أن يطرح الأحكام بشكل قطعي وعمومي في مثل هذه الحالات التي تتعرض لموضوع واسع وشائك، فإن الأسلوب الأخلاقي يختلف من شخص لآخر، وقد تكون الملاحظة المتقدمة ظاهرة عند أغلب الأخلاقيين ولكنها لا تصلح أن تبقي بلا استثناء، مع اني أظن أن الملاحظة لم تخلو من مبالغة وتضخيم وإن كانت بشكل عام لم تخلو من واقعية، بل إن الأسلوب التخويفي للانسان المكلف ضروري لتقويمه واعادته لجادة الصراط المستقيم، وقد رأينا الكتاب الكريم قد هدد العباد وحذرهم وأوعدهم بما يجري عليهم بعد هذه العوالم منها قوله تعالي: * (وإياي فارهبون) * (1).
وقال تعالي: * (ويحذركم الله نفسه والي الله المصير) * (2).
وقال تعالي: * (قل اني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم) * (3).
وكذلك كان موقف السنة المطهرة فقد روي الكليني (رحمه الله) في الكافي الشريف بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " من خاف الله أخاف الله منه كل شئ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ " (4).
وروي أيضا بإسناده عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
" يا إسحاق خف الله كأنك تراه وان كنت لا تراه فإنه يراك، فان كنت تري انه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك " (5).
(١) سورة البقرة: ٤٠.
(٢) سورة آل عمران: الآية ٢٨.
(٣) سورة الأنعام: الآية ١٥.
(٤) الكافي: ج ٢، ص ٦٨، كتاب الإيمان والكفر، باب (الخوف والرجاء)، ح 3.
(5) المصدر السابق.
(٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب الصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي (1)، أبو عبد الله (1)، إسحاق بن عمار (1)، الكرم، الكرامة (1)، الوسعة (1)، الخوف (2)، الطهارة (1)، الايمان والكفر (1)، سورة آل عمران (1)، سورة الأنعام (1)، سورة البقرة (1)
وروي أيضا بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " المؤمن بين مخافتين: ذنب قد مضي لا يدري ما صنع الله فيه، وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك فهو لا يصبح إلا خائفا ولا يصلحه إلا الخوف " (1).
وأجاد العلامة المازندراني في شرح معني الخوف الذي ورد في هذه الروايات الشريفة حيث قال:
(الخوف حالة نفسانية موجبة لتألمها بسبب توقع مكروه سببه ممكن الوقوع أو توقع فوات أمر مرغوب فيه، ولو كان وقوع سببه معلوما، أو مظنونا ظنا غالبا يسمي ذلك انتظار المكروه أيضا كما يسمي خوفا، والتألم فيه أزيد.
وأما الخوف والتألم بسبب توقع مكروه علم قطعا عدم وقوع شئ من أسبابه فذلك وسواس وماليخوليا …
وسبب الخوف من الله معرفته، ومعرفة جلاله، وعظمته، وكبريائه، وغنائه عن الخلق، وغضبه، وقهره، وكمال قدرته علي الخلق، وعدم مبالاته بتعذيبهم واهلاكهم، ومعرفة عيوب نفسه، وتقصيره في الطاعات والأخلاق، والآداب مع التفكر في أمر الآخرة وشدائدها.
وكلما زادت تلك المعارف زاد الخوف وثمرته في القلب والبدن والجوارح، إذ بالخوف يميل القلب إلي ترك الشهوات، والندامة علي الزلات، والعزم علي الخيرات، ويخضع ويراقب، ويحاسب، وينظر إلي عاقبة الأمور، ويحترز من الرذائل كالكبر والحسد والبخل، ويذبل البدن، ويصفر اللون من الغم والسهر، وتشتغل الجوارح بوظائفه ويحصل له بترك الشهوات العفة والزهد، وبترك المحرمات التقوي، وبترك ما لا يعني الورع والصدق والاخلاص، ودوام الذكر والفكر، ويترقي منها إلي مقام المحبة، ثم منه إلي مقام الرضا … ) (2).
(1) المصدر السابق ص 71.
(2) شرح أصول الكافي وروضته للعلامة محمد صالح المازندراني المتوفي سنة 1081 ه أو 1086 ه: ج 8، ص 205 - 206.
(٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الكراهية، المكروه (1)، الشهوة، الإشتهاء (2)، الخوف (6)، الزهد (1)، كتاب أصول الكافي للشيخ الكليني (1)
(والخوف غير القنوط) (1).
وان الاشكال المتقدم انما هو علي القنوط وليس علي الخوف، لأن الخوف لم يترك الأمل وهو الرجاء، بل يقف إلي جانبه يوازنه، لأن الأمل - الرجاء - بلا خوف معناه الغرور والحماقة.
وعلي كل حال فالخوف أسلوب مطلوب لتأديب النفس ولكنه لابد وأن يلازمه الرجاء ليتوازن ميزان النفس فلا افراط ولا تفريط، فكلما ازداد الخوف ازداد الرجاء والأمل.
وعلي السالك أن ينتبه إلي حالة الخوف أن لا تكون ملكة نفسانية عنده، وكذلك الرجاء، بحيث يكونا الداعي إلي عبادته تعالي، كما يلزم المرشد أن ينتبه في وعظه وارشاده وهديه أن لا يكون تأكيده علي الخوف والرجاء بحيث تكونا ملكة عند من يرشده ويعظه. فان حالة الخوف وحالة الرجاء مع أهميتهما لاستقامته ولكنهما ليستا غايتين تامتين، وانما الغاية التامة أن يكون السالك يعبد الحق لغاية أسمي وهي ارادته للحق عز وجل ومعرفة معني العبودية والمعبود والعابد والعبادة ليتم معني الشكر كما في كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام): " إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا طمعا في ثوابك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك " (2).
وفي رواية أخري عنه (عليه السلام): " ما عبدتك خوفا من نارك، ولا طمعا في جنتك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك " (3).
وفي نهج البلاغة عنه (عليه السلام) قال: " ان قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار " (4).
z z z
(1) المصدر السابق.
(2) راجع البحار: ج 41، ص 14.
(3) راجع البحار: ج 7، ص 186. وفي: ص 197. وفي: ص 234. وفي: ج 72، ص 278.
(4) نهج البلاغة شرح محمد عبده: ج 4، ص 53.
(٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب نهج البلاغة (2)، الشكر (1)، الخوف (6)
وعلي كل حال فقد أصاب بعض الباحثين عندما جمع بين الطرق الثلاثة - الفلسفية والعرفانية والأخلاقية - في عرض تلك العوالم المهمة من حياة الانسان، فان لكل طريقة خصوصياتها المتميزة التي تساعد الانسان للتعرف عليها.
كتاب منازل الآخرة والمطالب الفاخرة ويدخل كتاب (منازل الآخرة) للعلامة الثقة المحدث الشيخ عباس القمي (قدس سره) في ضمن الكتب الأخلاقية المهمة التي تحدثت عن العوالم التي سوف يلاقيها الانسان بعدما ينتهي من هذه الحياة الدنيا التي عاشها، وقد أجاد المؤلف (رحمه الله) في استقصائها بشكل منظم ومرتب ابتداءا من سكرات الموت، وانتهاءا بدخول الجنة أو النار، خصوصا انه اعتمد فيها علي ما جاء عن النبي الأعظم (صلي الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، وقد حاول جاهدا أن يبتعد عن ما نقله الآخرون من خرافات الصوفية أو قصص الإسرائيليات والوضاعين التي شحنت بها الكتب الأخلاقية المؤلفة بهذا المجال ككتاب الاحياء، وغيره.
كما أن المؤلف القمي (رحمه الله) أجاد عندما لم يطنب بالتخويف بل أوجز بما يؤدي الغرض الوعظي والتأديبي وانه أحسن كثيرا عندما أضاف (المنجيات) من تلك المصاعب والأهوال إلي جنب الأهوال التي سوف يقع بها الانسان في الآخرة.
ويتبين بموضوع المنجيات بنحو من الأنحاء ما بيناه سابقا عندما تحدثنا عن الطريقة العرفانية بفهم عوالم الآخرة بأنها أحوال القيامات التي يراها الانسان في قياماته الأنفسية في الأولي وقبل الدخول في الآخرة.
وان المؤلف (رحمه الله) قد استخدم الأسلوب الصحيح في موعظته حينما استفاد من الخوف والرجاء الذي ورد في الروايات وأكدت عليه الأحاديث الشريفة بضرورة توفرهما جميعا بقلب المؤمن ليحصل علي النجاة بسلوكه الرباني منها:
ما رواه الكليني (رحمه الله) في الكافي الشريف بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: " كان أبي (عليه السلام) يقول: انه ليس من عبد مؤمن إلا في قلبه نوران: نور خيفة، ونور رجاء،
(٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب منازل الآخرة والمطالب الفاخرة للشيخ عباس القمي (1)، الموت (1)، الجنابة (1)
لو وزن هذا لم يزد علي هذا، ولو وزن هذا لم يزد علي هذا " (1).
وروي الكليني أيضا في الكافي الشريف بإسناده عن الحسن بن أبي سارة قال:
" سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتي يكون خائفا راجيا، ولا يكون خائفا راجيا حتي يكون عاملا لما يخاف ويرجو " (2).
قال المجلسي (رحمه الله): (لابد أن يكون العبد دائما بين الخوف والرجاء لا يغلب أحدهما علي الآخر إذ لو رجح الرجاء لزم الأمن لا في موضعه، وقال تعالي:
* (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) * (3).
ولو رجح الخوف لزم اليأس الموجب للهلاك كما قال سبحانه: * (انه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) * (4).
وقيل: يستحب أن يغلب في حالة الصحة الخوف، فإذ انقطع الأجل يستحب أن يغلب الرجاء ليلقي الله علي حالة هي أحب إليه إذ هو سبحانه الرحمن الرحيم، ويحب الرجاء.
وقيل ثمرة الخوف: الكف عن المعاصي، فعند دنو الأجل زالت تلك الثمرة فينبغي غلبة الرجاء.
وقال بعضهم: (الخوف ليس من الفضائل والكمالات العقلية في النشأة الآخرة، وانما هو من الأمور النافعة للنفس في الهرب عن المعاصي، وفعل الطاعات ما دامت في دار العمل. وأما عند انقضاء الأجل والخروج من الدنيا فلا فائدة فيه.
وأما الرجاء فإنه باق أبدا إلي يوم القيامة لا ينقطع، لأنه كلما نال العبد من رحمة الله أكثر كان ازدياد طمعه فيما عند الله أعظم وأشد لأن خزائن جوده وخيره ورحمته غير متناهية لا تبيد ولا تنقص..) (5).
(١) الكافي: ج ٢، ص ٦٧.
(٢) الكافي: ج ٢، ص 70.
(3) سورة الأعراف: الآية 99.
(4) سورة يوسف: الآية 87.
(5) مرآة العقول للعلامة المجلسي: ج 8، ص 32.
(٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، العلامة المجلسي (2)، الحسن بن أبي سارة (1)، الإستحباب (1)، الخوف (6)، اليأس (1)، سورة الأعراف (1)، سورة يوسف (1)
وقد علق المجلسي (رحمه الله) بقوله: (والحق أن العبد ما دام في دار التكليف لابد له من الخوف والرجاء. وبعد مشاهدة أمور الآخرة يغلب عليه أحدهما لا محالة بحسب ما يشاهده من أحوالها) (1).
* ولكن مع ذلك فإن المؤلف (رحمه الله) قد خالف طريقته حيث ركز في آخر الكتاب علي الخائفين وأمثلتهم، ولم يذكر من أحوال الرجاء والجنة ووصفها شيئا ليتوازن الخوف بالرجاء، ولذلك ارتأينا ان نذكر مقتطفات من المأثور في الرجاء والجنة ليكون قلب القارئ مستقيما في ميزانه. خصوصا انك قد قرأت قبل قليل ما نقله العلامة المجلسي (رحمه الله) عن بعضهم انه كان يقول: (يستحب أن يغلب في حالة الصحة الخوف، فإذا انقطع الأجل يستحب أن يغلب الرجاء ليلقي الله علي حالة هي أحب إليه إذ هو سبحانه الرحمن الرحيم ويحب الرجاء … الخ) (2).
وقد رأينا ان الأنسب أن نلحق تلك الروايات حول الجنة بفصل في آخر الكتاب تحت عنوان (ذكر عدة اخبار في وصف الجنة ونعيمها).
هل للآخرة منازل؟
ان للآخرة منازل تبتدئ من منزل الموت ثم القبر وأحواله والبرزخ والحشر والنشور والحساب والعرض والصراط والميزان والشفاعة ومنازل النيران ومنازل الجنة وما إلي ذلك.
وقد فصل العلامة السيد هاشم البحراني المتوفي سنة 1107 أو 1109 ه. ق الحديث عن جميع تلك المنازل وغيرها في كتابه معالم الزلفي.
أما المؤلف القمي فإنه اختصر تلك المنازل في كتابه الكريم (منازل الآخرة)، وأجاد بجمعها وعرضها بما يمكن لكل انسان أن يقرأ ويتعرف علي تلك العوالم
(١) المصدر السابق.
(٢) راجع نهج البلاغة: ج ٢، ص 183، تحقيق محمد عبدة، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
ج 11، ص 5. الارشاد للشيخ المفيد: ج 1، ص 234، الطبعة المحققة. ونقله المجلسي في البحار: ج 73، ص 106، ح 102. وفي: ج 73، ص 134، ح 138.
(٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: العلامة المجلسي (3)، الكرم، الكرامة (1)، الإستحباب (2)، الموت (1)، الخوف (3)، القبر (1)، الوفاة (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، كتاب نهج البلاغة (1)
ويستفيد منها بشكل مختصر مفيد.
وقد استلهم المؤلف (رحمه الله) عنوانه هذا من الروايات الشريفة التي تحدثت عن تلك العوالم، منها ما ذكره هو في مقدمة هذا الكتاب عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كان ينادي في كل ليلة حين يأخذ الناس مضاجعهم للمنام، بصوت يسمعه كافة أهل المسجد ومن جاوره من الناس " تزودوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل، وأقلوا العرجة علي الدنيا، وانقلبوا بصالح ما يحضركم من الزاد فان أمامكم عقبة كؤودا ومنازل مخوفة مهولة لابد من الورود [المرر. خ. ل] عليها والوقوف عندها [عليها. خ. ل] ".
والمنزل جمعه منازل وهو مكان النزول ويطلق علي الدار أيضا، وقد سميت أماكن نزول القوافل والمسافرين منازل أيضا، كما انها تطلق علي مسافة معينة من الطريق.
سفر القيامة والاستعداد له:
ولأن الانسان مسافر في حياته (1) إلي الله تعالي فعليه ان يعد مؤنة السفر
(١) فأما أن الانسان مسافر في هذه الدنيا إلي الآخرة بسفر القيامة فقد تظافرت الروايات الشريفة في ذلك فمنها:
* في النهج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: " من تذكر بعد السفر استعد " (نهج البلاغة:
ج ٤، ص 68، شرح محمد عبدة.).
* وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: " قام فينا رسول (صلي الله عليه وآله) خطيبا، فقال: يا أيها الناس انكم في دار هدنة، وأنتم علي ظهر سفر، والسير بكم سريع، فعدوا الجهاز لبعد المسافة " (كنز العمال للمتقي الهندي: ج 16، ص 136، رقم الحديث العام 244163).
* وروي الشيخ الصدوق (رحمه الله) بإسناده إلي سفيان بن عيينة انه قال: رأي الزهري علي بن الحسين (عليه السلام)، ليلة باردة مطيرة، وعلي ظهره دقيق وحطب وهو يمشي، فقال له: " يا بن رسول الله ما هذا؟! قال: أريد سفرا أعد له زادا أحمله إلي موضع حريز. فقال الزهري: فهذا غلامي يحمله عنك. فأبي، قال: أنا أحمله عنك، فإني أرفعك عن حمله. فقال علي بن الحسين: لكني لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري، ويحسن ورودي علي ما أرد عليه، أسألك بحق الله لما مضيت لحاجتك، وتركتني. فانصرفت عنه فلما كان بعد أيام، قلت له: يا بن رسول الله لست أري لذلك السفر الذي ذكرته أثرا؟ قال: بلي يا زهري، ليس ما ظننته، ولكنه الموت، وله كنت استعد، انما الاستعداد للموت تجنب الحرام، وبذل الندي والخير " (علل الشرائع:
ص 231، ح 5. ونقله المجلسي في البحار: ج 46، ص 65، ح 27. والبحراني في العوالم:
مجلد أحوال الإمام زين العابدين (عليه السلام): ص 106).
(٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الوقوف (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب علل الشرايع للصدوق (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، العلامة المجلسي (1)، سفيان بن عيينة (1)، الشيخ الصدوق (1)، المتقي الهندي (1)، علي بن الحسين (1)، الموت (2)
ويهتم بها خصوصا أن السفر طويل ولا عودة منه ولا محالة من قطعه.
وقد اهتم علماء الآخرة لهذا السفر الشريف فابتدأوه بإرادتهم قبل أن يحل في ساحتهم، وطووا كثيرا من منازله وما زالت أبدانهم تعيش في هذه الحياة الدنيا، وقد انكشفت لهم كثير من تلك المنازل وتعرفوا علي عوالم عظيمة منها ولا يمكن لأحد ان يعلمها أو يشاهدها أو يدركها إلا بعد مجاهدات سلوكية ومقامات سيرية.
وقد ثبتوا بعضا من تلك المنازل والمقامات والأحوال تحت عنوان (السير والسلوك) ولعل أفضلها ما ثبت في رسالة " السير والسلوك " المنسوبة لآية الله العظمي السيد محمد مهدي بحر العلوم (قدس سره).
وسواء جاهد الانسان واختار آخرته وهو بعد في الدنيا ولم يرحل منها، أو ترك الأمور تجري عليه ضمن قوانين القدر المحتوم والقضاء المبرم، فإنه سوف يلاقي يومه الذي وعد به، ويحل عليه السفر الطويل ويري تلك المنازل رأي العين عندما يتحقق قوله تعالي: * (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * (1).
وذلك اليوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تؤمن من قبل ولم تهيئ لسفرها عدته، ونجي المخفون.
ولذلك أكدت الروايات الكثيرة جدا علي ضرورة الاعداد لسفر الآخرة (2).
(١) سورة ق: الآية ٢٢.
(٢) وأما الاستعداد للموت فمن تلك الروايات:
* روي الصدوق (رحمه الله) في أماليه عن الإمام العسكري (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) انه قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): ما الاستعداد للموت؟ قال: " أداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتمال علي المكارم، ثم لا يبالي أوقع علي الموت، أم وقع الموت عليه " (الأمالي للصدوق: ص 97، المجلس 23، ح 8. ونقله عنه في البحار: ج 71، ص 263، ح 1).
* وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في خطبة خطبها بعد وفاة النبي (صلي الله عليه وآله) بتسعة أيام:
" وان من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد، لن ينجو من الموت غني بماله، ولا فقير لاقلاله.. " (الأمالي للصدوق: ص 263 - 264، المجلس 52، ح 9. ونقله عنه في البحار:
ج 71، ص 263، ح 2).
* وروي الشيخ الطوسي في أماليه بإسناده عن أبي إسحاق الهمداني قال: لما ولي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) محمد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتابا، وأمره أن يقرأه علي أهل مصر وليعمل بما وصاه به فيه … وكان من جملة ما جاء فيه: " يا عباد الله ان الموت ليس منه فوت، فاحذروه قبل وقوعه، واعدوا له عدته، فإنكم طرد الموت، إن أقمتم له أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم، هو الزم لكم من ظلكم.. " (الأمالي للطوسي: ص 27.
ونقله عنه في البحار: ج 71، ص 264، ح 6.
(٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب أمالي الصدوق (3)، الشيخ الصدوق (1)، محمد بن أبي بكر (1)، الشيخ الطوسي (1)، سورة ق (1)، الموت (6)، الوفاة (1)
ضرورة ذكر الموت:
إضافة إلي أن طريقة أهل البيت (عليهم السلام) ألزمت المؤمن - كما توضحه الروايات الشريفة - أن يعيش الموت ويديم ذكره له ليعد ليومه ذلك الذي ينتظره لا محالة، فان انحراف الانسان عن الجادة المستقيمة ينشأ من الطغيان الذي يعتريه، وقد يصل به إلي مستوي بحيث يعمي عن كل الحقائق وما يحيط به، ولا تنفعه لتخفيف نسبة طغيانه وغروره كل النصائح والتوجيهات لأن طغيانه قد يكبر عليها ولكنه يصطدم بصخرة تتكسر عليها كل مراتب الطغيان والغرور وهي صخرة الموت وما بعد الموت، وقد صور كتاب الله المجيد هذه الحقيقة بقوله تعالي: * (ان الانسان ليطغي * ان رآه استغني * ان إلي ربك الرجعي) * (1).
فمهما اعتور الانسان الموحد (2) من الطغيان والغرور والانحراف عن الأوامر
(1) سورة العلق: الآية 6 - 8.
(2) أما الانسان الملحد فإن رؤيته لله وللآخرة لا تقل عن رؤية الموحدين لأنه يحس بفطرته وجود عالم آخر بعد انتهائه من رحلته في عالم الدنيا كما أن جميع القوانين العقلية تنص عليه.
ومهما أنكر الملحد بطغيانه حقائق الوجود والعلة فإنه يعترف أن لحياته نهاية، ولكنها نهاية لمشوار قطعه وعرف شيئا من مجرياته، وبقيت ألغازه وأسراره تحتاج إلي توضيح وشرح وهو يقر بباطن نفسه أن لتلك الألغاز والاسرار أجوبة، ولا يوجد لغز أو سر يبقي في الكتمان وانما لابد له من يوم يظهر ويعرف، ولذلك فهو يقر بقرارة نفسه أن هناك يوما تنكشف فيه تلك الحقائق.
فليس الموت نهاية الانسان، وانما فيه اسرار وألغاز سوف تنكشف له بعد موته.
وهذا التصوير يفسر الدليل العقلي الذي يقيمه علماء الكلام علي ضرورة وجود الآخرة والمعاد، فإن الظلم في الدنيا لابد له من حكم عدل وإن مات الظالم علي ظلمه فليس من العدل إسدال الستارة علي ظلمه إلي الأبد، وانما يحكم العقل بضرورة وجود ذلك اليوم.
(٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الغني (1)، الموت (7)، سورة العلق (1)، الظلم (2)
الإلهية فهو يعلم جازما انه لا محالة من موته ورجوعه إلي الحق عز وجل وسوف يحاسبه علي جميع القضايا التي صدرت منه سواءا كانت كبيرة أو صغيرة، فلذلك ورد في الحديث الشريف: " كفي بالموت واعظا " (1).
وحبا بالانسان ورأفة به فقد جاءت الأخبار المتظافرة ناصحة الانسان الموحد أن يديم ذكر الموت، منها:
* روي الحسين بن سعيد الأهوازي: بسند صحيح عن أبي عبيدة الحذاء قال:
قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك حدثني بما انتفع به.
فقال: " يا أبا عبيدة، أكثر ذكر الموت فما أكثر ذكر الموت انسان إلا زهد في الدنيا " (2).
* وروي الصدوق بإسناده إلي أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في حديث الأربعمائة:
" … أكثروا ذكر الموت، ويوم خروجكم من القبور، وقيامكم بين يدي الله عز وجل تهون عليكم المصائب.. " (3).
* وروي في مصباح الشريعة عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
(١) رواه الكليني في الكافي: ج ٣، ص ٢٧٥، ح ٢٨. وقريب منه في: ج ٢، ص ٨٥، ح ١.
والطوسي في الأمالي: ج ١، ص ٢٧، المجلس ١، ح ٣١. ونقله المجلسي في البحار في عدة مواضع منها: ج ٦، ص ١٣٢، ح ٣٠. وفي: ج ٣٣، ص ٥٤٥، ح ٧٢٠. وفي: ج ٦٤، ص ٢٩، ح ٨. وفي ج ٧١، ص ٢٠٩، ح ٢١. وفي: ج ٧١، ص ٢٦٤، ح ٤، وفي ج ٧١، ص ٣٢٥، ح ٢٠.
وفي ٧٣، ص ٣٤٢، ح ٢٥. وفي ٧٧، ص ١٣٩، ح ١. وفي ج ٧٧، ص ٣٩٠، ح ١١.
(٢) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي: ص ٧٨، باب ١٤، ح ٢١٠. وعنه في البحار:
ج ٦، ص ١٢٦. وفي: ج ٧١، ص ٢٦٦.
(٣) الخصال: ص 616. ونقله عنه في البحار: ج 6، ص 132.
(٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الحسين بن سعيد الأهوازي (1)، الشيخ الصدوق (1)، الموت (6)، الفدية، الفداء (1)، القبر (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، العلامة المجلسي (1)، الزهد (1)
" ذكر الموت يميت الشهوات في النفس، ويقطع منابت الغفلة، ويقوي القلب بمواعد الله، ويرق الطبع، ويكسر أعلام الهوي، ويطفئ نار الحرص، ويحقر الدنيا، وهو معني ما قال النبي (صلي الله عليه وآله): فكر ساعة خير من عبادة سنة، وذلك عندما تحل اطناب خيام الدنيا، وتشدها في الآخرة، ولا يشك [ولا يسكن نزول علي ذكر.
خ. 7] بنزول الرحمة علي ذاكر الموت بهذه الصفة. ومن لا يعتبر بالموت، وقلة حيلته، وكثرة عجزه، وطول مقامه في القبر، وتحيره في القيامة، فلا خير فيه ".
قال النبي (صلي الله عليه وآله): " اذكروا هادم اللذات.
فقيل: وما هو يا رسول الله؟
فقال (صلي الله عليه وآله): الموت.
فما ذكره عبد علي الحقيقة في سعة إلا ضاقت عليه الدنيا، ولا في شدة إلا اتسعت عليه.
والموت أول منزل من منازل الآخرة، وآخر منزل من منازل الدنيا، فطوبي لمن أكرم عند النزول بأولها، وطوبي لمن أحسن مشايعته في آخرها.
والموت أقرب الأشياء من بني آدم وهو يعده أبعد، فما أجرأ الانسان علي نفسه وما أضعفه من خلق.
وفي الموت نجاة المخلصين وهلاك المجرمين، ولذلك اشتاق من اشتاق إلي الموت، وكره من كره.
قال النبي (صلي الله عليه وآله) من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " (1).
* وروي عن النبي (صلي الله عليه وآله) انه قال:
" أفضل الزهد في الدنيا ذكر الموت. وأفضل العبادة ذكر الموت. وأفضل التفكر ذكر الموت، فمن أثقله ذكر الموت وجد قبره روضة من رياض الجنة " (2).
(١) مصباح الشريعة: ص 171 - 172. ونقله في البحار: ج 6، ص 133.
(2) جامع الأخبار: ص 165، الفصل 131. ونقله عنه في البحار: ج 6، ص 137، ح 41.
(٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الغفلة (1)، الوسعة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الشهوة، الإشتهاء (1)، الموت (10)، القبر (2)، الزهد (1)
وفي نفس الوقت فان الحق تعالي يطلب من الانسان التوازن في تفكيره، وحياته، وشخصيته، وفهمه لجميع الأشياء الكونية. فهو يأمر الانسان بتعمير الأرض والسعي الجاد، قال تعالي: * (وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون) * (1).
وقال تعالي: * (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم) * (2).
وقال تعالي: * (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) * (3).
وقال تعالي: * (انا جعلنا ما علي الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) * (4).
وقال تعالي: * (انا لا نضيع أجر من أحسن عملا) * (5).
وقال تعالي: * (ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش) * (6).
وقال تعالي: * (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) * (7).
وقال تعالي: * (وجعلنا النهار معاشا) * (8).
* وروي الكليني في الكافي، والطوسي في التهذيب بإسنادهما عن المعلي بن خنيس قال: " سأل أبو عبد الله (عليه السلام) عن رجل وأنا عنده، فقيل له قد اصابته الحاجة.
قال: فما يصنع اليوم؟ قيل: في البيت يعبد ربه عز وجل.
قال: فمن أين قوته؟!
قيل: من عند بعض اخوانه.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): والله للذي يقوته أشد عبادة منه " (9).
(١) سوره التوبة: الآية ١٠٥.
(٢) سورة المؤمنون: الآية ٥١.
(٣) سورة هود: الآية ٧.
(٤) سورة الكهف: الآية ٧.
(٥) سورة الكهف: الآية ٣٠.
(٦) سورة الأعراف: الآية ١٠.
(٧) سورة الجمعة: الآية ١٠.
(٨) سورة النبأ: الآية ١١.
(٩) التهذيب: ج ٦، ص ٣٢٤، باب ٢٢، ج ١٠. الكافي: ج ٥، ص 78، ح 4.
(٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: أبو عبد الله (2)، الصّلاة (1)، الحاجة، الإحتياج (1)، سورة البراءة (1)، سورة الأعراف (1)، سورة المؤمنون (1)، سورة الجمعة (1)، سورة النبإ (1)، سورة الكهف (2)، سورة هود (1)
* وروي الصدوق في الفقيه عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلي الله عليه وآله):
" عليكم بالطلب، ثم قال: اني لأبغض الرجل فاغرا فاه إلي ربه يقول: ارزقني، ويترك الطلب " (1).
* وروي الكليني في الكافي بإسناده عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال:
" اني لأبغض الرجل، أو أبغض للرجل أن يكون كسلانا عن أمر دنياه، ومن كسل عن أمر دنياه فهو عن آخرته أكسل " (2).
* وروي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال:
" إن قامت الساعة وفي يد أحدكم الفسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم الساعة حتي يغرسها فليغرسها " (3).
* وروي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) انه قال: " من غرس غرسا فأثمر أعطاه الله من الأجر قدر ما يخرج من الثمرة " (4).
* وروي عنه (صلي الله عليه وآله) انه قال: " إن الله حين اهبط آدم إلي الأرض أمره أن يحرث بيده فيأكل من كده.. " (5).
ومع اهتمام الرؤية الاسلامية من خلال نصوص الشريعة بتعمير الأرض والعمل لبناء الحضارة والمدنية الانسانية الصالحة، فان الاسلام يؤكد علي تعمير الآخرة وبنائها كما تقدمت بعض النصوص الشريفة المؤكدة لهذه الحقيقة، لأنها تكشف أن الحياة الحقيقية هي الحياة الخالدة والتي تكون بعد الموت، ولذلك فان عمران الدنيا لابد وأن ينسجم بالتوازي مع عمران الآخرة مع ملاحظة أخذ الشرط
(١) الفقيه: ج ٣، ص ١٩٢، ح ٣٧٢١.
(٢) الكافي: ج ٥، ص ٨٥، ح ٤.
(٣) مستدرك الوسائل للشيخ النوري: ج ١٣، ص ٤٦٠ كتاب المزارعة والمساقاة باب: ١، ح ٥ وعنه في جامع أحاديث الشيعة: ج ١٨، ص ٤٣١، أبواب المزارعة والمساقاة باب: ١، ح ١٠.
(٤) مستدرك الوسائل: ج ١٣، ص ٤٦٠، أبواب المزارعة والمساقاة، باب ١، ح ٤. وعنه جامع أحاديث الشيعة: ج ١٨، ص ٤٣١، أبواب المزارعة والمساقاة، باب ١، ح ٩.
(٥) مستدرك الوسائل: ج ٥٤، ص ٤٧٥ باب: ١٨، ح ٥٢٠٣. جامع أحاديث الشيعة: ج ١٨، ص ٤٣٤ أبواب المزارعة والمساقاة باب: ٥، ح ٢. تفسير العياشي: ج ١، ص 40، ح 24.
(٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الشيخ الصدوق (1)، الموت (1)، الخلود (1)، كتاب مستدرك الوسائل (3)
الغائي في العمران الدنيوي وهو الآخرة، قال تعالي: * (وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) * (1).
وبما أن هدف الآخرة لا ينسجم مع الانسياب وراء الدنيا واغراءاتها فلذلك كان الموقف العقائدي والأخلاقي الاسلامي أن يحدد السعي الدنيوي، وليس هذا التحديد من حيث الكم، وانما هو من حيث النوع والنية والأهداف.
وهو المعبر عنه في كثير من النصوص الاسلامية بطول الأمل، وحب الدنيا.
وأهم الفوارق بين التحديد الكمي والتحديد النوعي هو أن الاسلام العظيم يشجع علي العمران والبناء الحضاري بمختلف أوجه النشاط المتعلق به ضمن قانون (العمل الصالح).
ولكنه يشترط في ذلك العمل أن يكون لخدمة الأهداف الإلهية، ولأجل رقي الحضارة الانسانية وتقدمها واصلاح نقاط الخلل في البني الاجتماعية الانسانية والحضارية.
وأما الأهداف الشخصية فإنها محددة بالكم، يعني أن لا يركض الانسان وراء هدف صغير بجمع المال لنفسه وأهله الخاصين به، بل لابد وأن تكون حركته في هذا المجال محدودة بمقدار الحاجة، وعليه ان يصب جل اهتماماته بالخدمة العامة.
ونكتفي بهذا المقدار من توضيح معالم الرؤية الاسلامية المقدسة لهذا الموضوع الفكري والحياتي المهم.
مع التأكيد علي أن ما سجلته هنا بهذه الأوراق لا يعدو عن أكثر من طرح الخطوط العامة لهذا الموضوع الفكري والعقائدي المهم، وقد يرزقنا الله تعالي التوفيق لتفصيله بموضوع مستقل من جهة المفهوم الاسلامي للعالم.
(1) سورة القصص: الآية 77.
(٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الحاجة، الإحتياج (1)، سورة القصص (1)

حياة المؤلف (قدس سره)

حياة العلامة الشيخ القمي (رحمه الله) الحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام علي سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين.
وبعد، يقول العبد الفقير ياسين الموسوي غفر الله تعالي ذنبه وأحسن عاقبته وحشره مع أجداده الطاهرين انه جرت العادة بين المحققين والمترجمين أن يكتبوا ترجمة عن المؤلف وأحواله وقد اقتفينا أثرهم في ذلك، فخرجت من قلمنا هذه الأوراق المتواضعة عن المرحوم المؤلف، وقد راعينا فيه الاختصار سائلين المولي عز وجل أن يتقبله منا بقبول حسن وأن يديم لطفه علينا بمحمد وآله وهو حسبي.
هويته الشخصية:
اسمه: الشيخ عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم القمي (1).
أسرته: والده الحاج محمد رضا كان من صلحاء أهل قم وزهادهم، وله تعلق بحضور مجالس الوعظ والارشاد ومجالس سيد الشهداء (عليه السلام)، وكان يرجع إليه بعض معارفه لمعرفة بعض الأحكام الشرعية، مع أنه كان يمتهن الاشغال الحرة (2).
وأما أمه: فقد كانت من النساء الصالحات وكان الشيخ القمي دائما يذكرها
(١) الفوائد الرضوية للقمي: ص 220.
(2) حاج شيخ عباس قمي مرد تقوي وفضيلت (فارسي) للشيخ علي الدواني: ص 35.
(٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الأحكام الشرعية (1)، الطهارة (1)، الصّلاة (1)، الحج (1)
بالخير ويقول إن القسم المهم من التوفيق الذي حصل لي يعود إلي أمي فإنها كانت تمتنع عن ارضاعي بالمقدار الممكن إذا كانت غير طاهرة، وكانت تسعي دائما إلي ارضاعي وهي علي طهارة.
وكان يقول: إن أمي من النساء المتقيات وكانت تمتاز بعدم تفويتها الصلاة في وقتها (1).
وأما ولادته: فقال (رحمه الله): (ولادتي علي الظاهر سنة 1294) (2).
وقال العلامة الطهراني: (ولد في قم في نيف وتسعين ومائتين وألف … ) (3).
نشأته العلمية:
ولد القمي في وسط اجتماعي امتاز بالتدين وحب العلم، وكانت قم تمتلئ بمجالس الذكر والوعظ وقد انتشرت فيها مظاهر إقامة الشعائر الدينية، وفتح القمي عينيه في حضن الجو الروحي فتأثر به، وقد نقل عنه انه كان ضعيف البنية ولكنه كان قوي الروح وصاحب قلب مطمئن بالله عز وجل، وقد تشبعت نفسيته بحب البحث والمعرفة من طفولته.
ووصف في طفولته بأنه كان يتكلم ويتحدث وكأنه رجل صاحب تجارب.
ومع أنه كان طفلا ولكنه لم تكن لديه عادات الأطفال من حب اللعب وغيره.
كما نقل انه حينما كان يرغب إليه أترابه أن يشاركهم في لعبهم البرئ، كان الطفل عباس يرفض ذلك، وحينما يصرون عليه يجيبهم بشرط أن يقص عليهم بعض القصص الدينية، وبما أن طبع الأطفال يميل إلي القصة فكانوا يحلقون حوله ويقص عليهم من قصص الصالحين، ثم يذكرهم بأنهم يعيشون في مكان مقدس فهو يحتضن مرقد السيدة المطهرة المعصومة فاطمة بنت الإمام موسي بن جعفر (عليهم السلام)، كما أنه مدفن جماعة كثيرة من عظماء الدين وعلماء الشيعة. ثم يدعوهم لترك الألعاب غير اللائقة والأعمال اللامرضية لئلا يهتكوا حرمة هذا المكان المقدس،
(١) محدث قمي حديث إخلاص تأليف عبد الله زاده: ص ١٥.
(٢) الفوائد الرضوية للقمي: ص 220.
(3) نقباء البشر: ج 3، ص 998.
(٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، إقامة وتعظيم الشعائر (1)، الطهارة (2)
ثم يعرجون بدعوة منه إلي زيارة مرقد السيدة الطاهرة سلام الله عليها (1).
عند الشيخ أرباب:
وبما انه كان متعلقا من نعومة أظفاره بطلب العلوم الاسلامية وتحصيل المعارف الدينية، فقد نشأ علي حب العلم وأهله، فقرأ مقدمات العلوم، وسطوح الفقه والأصول علي عدد من علماء قم وفضلائها كالميرزا محمد الأرباب وغيره (2).
وقد أثرت شخصية أستاذه فيه، ويعتبر المؤثر الأول في نشأته العلمية، ولذلك لم يذكر لنا التاريخ اسما من أساتذته الآخرين في تلك المرحلة غير الشيخ محمد أرباب. علما ان قم لم تكن آنذاك قد افتخرت بالحوزة العلمية الكبيرة التي فارقتها منذ زمن طويل نسبيا وانتقلت إلي مدينة (سلطان آباد).
(والشيخ محمد الأرباب من تلاميذ الميرزا الشيرازي الكبير (رحمه الله)، وقد حضر عنده عدة سنوات، ثم أكمل دراسته في النجف الأشرف، وبقي هناك سنوات عدة، ثم رجع إلي قم وكان بها من المروجين المحققين المصنفين) (3).
ووصف أيضا: بأنه كان من أعاظم علماء قم، وأكابر فقهاء وأدباء الدهر، فهو الخطيب الفحل والواعظ الشهير، ونادرة العصر في فن الخطابة، وكان له الدور البارز في تأسيس الجامعة العلمية مع المرحوم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري ولكنه لم يعمر في هذه الحوزة الفتية فقد توفي بعد سنة من تأسيسها 1341 ه. ق (4).
وقد تأثر المؤسس الحائري (رحمه الله) لوفاته كثيرا، فخاطب عائلته ضمن تعزيته لهم بأنكم لستم وحدكم صرتم يتامي بل إني فقدت أخا.
وقد تتلمذ علي يدي الشيخ الأرباب كثير من الفضلاء وأساتذة قم من أمثال
(1) محدث قمي حديث اخلاص: ص 24 - 25 باختصار.
(2) نقباء البشر: ج 3، ص 998.
(3) هدية الرازي: ص 147 - 148.
(4) محدث قمي: ص 28.
(٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: زيارة القبور (1)، مدينة النجف الأشرف (1)، الميرزا الشيرازي (1)، الحوزة العلمية (1)، عبد الكريم (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
المرحوم آية الله الفيض (1).
وقد نقل عن كتاب (تحفة الفاطميين) ما ترجمته ملخصا:
( … المرحوم الحاج الميرزا محمد صاحب كتاب الأربعين الحسينية من الآيات الإلهية والبراهين القاطعة.. له من الفقاهة والاجتهاد مقام سامي، ورتبة عالية، وقد سافر في أوائل شبابه إلي العتبات الشريفة. وحضر عند الميرزا الشيرازي، واستفاد منه وكانت عمدة تلمذه في الفقه والأصول علي يد الحاج الميرزا حبيب الله الرشتي، والملا كاظم الخراساني، وبعدما أكمل دراسته للعلوم الدينية وحصل علي القوة القدسية وأجيز بالاجتهاد.. عاد إلي وطنه (قم)، وظهرت له الرئاسة العامة والشهرة التامة، وذاعت شهرة فقاهته وفضيلته جميع الأصقاع، وقرعت كل الأسماع..) (2).
وقال الشيخ عباس القمي عن أستاذه الأرباب وقد عنونه تحت (محمد بن محمد تقي القمي: شيخنا العالم الفاضل الفقيه المحدث الحكيم المتكلم الشاعر المنشي الأديب الأريب، حسن المحاضرة، جيد التقرير والتحرير، جامع المعقول والمنقول أدام الله تعالي بقاءه، صاحب الأربعين الحسينية، وشرح قصيدة " لام عمرو " للسيد الحميري، وشرح البيان للشيخ الشهيد، ورسالة في الرد علي البابية، وتعليقات وحواشي كثيرة علي العلوم، وله أشعار لطيفة في مرثية مولانا أبي عبد الله (عليه السلام).
وكان حفظه الله تعالي كمحمد بن أحمد بن عبد الله البصري الملقب بالمفجع المعروف بكثرة بكائه وتفجعه علي أهل البيت (عليهم السلام) اسأل الله أن يمتعنا بطول بقائه) (3).
وذكر اسمه مع السيد حسن متولي حرم السيدة المعصومة سلام الله عليها والشيخ محمد تقي البافقي والميرزا محمود الروحاني الذين جاؤوا وطلبوا
(١) آثار الحجة للشيخ محمد الرازي: ج ١، ص ٢٢٠.
(٢) المصدر السابق: ١، ص ٢٢١ - ٢٢٢.
(٣) الفوائد الرضوية: ص 602.
(٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، محمد بن أحمد بن عبد الله (1)، الشهادة (1)، الحج (1)
بإلحاح من آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري البقاء والسكني في قم وتأسيس الحوزة العلمية المباركة فيها، وبعد اصرارهم وما كان من استخارته وقد كانت الآية الشريفة * (وأتوني بأهلكم أجمعين) * وافق علي البقاء، وتأسست بواسطة تلك المساعي الحميدة الحوزة العلمية في قم (1).
هجرته العلمية إلي النجف الأشرف:
وكانت النجف عاصمة العلم الشيعي من يوم هجرة شيخ الطائفة ورئيسها الشيخ محمد بن الحسن الطوسي 385 - 460 ه. ق إلي هذه المدينة المقدسة بعد حوادث سنة 449 ه. وذكر ابن الأثير في تاريخه في حوادث هذه السنة أن (فيها نهبت دار أبي جعفر الطوسي بالكرخ، وهو فقيه الامامية، وأخذ ما فيها، وكان قد فارقها إلي المشهد الغربي) (2).
وقال ابن حجر العسقلاني نقلا عن ابن النجار انه (أحرقت كتبه … واستتر هو … مات بمشهد علي … ) (3).
وذكر ابن كثير انه (أحرقت داره بالكرخ وكتبه سنة ثمان وأربعين … ) (4).
وعن بداية هذه الجامعة العلمية الكبري تحدث المؤرخ الكبير المرحوم العلامة الشيخ آغا بزرگ الطهراني فقال: (ولما رأي الشيخ الخطر محدقا به هاجر بنفسه إلي النجف الأشرف، لائذا بجوار مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)، وصيرها مركزا للعلم، واخذت تشد إليها الرحال، وتعلق بها الآمال، وأصبحت مهوي رجال العلم، ومهوي أفئدتهم، وقام فيها صرح الاسلام، وكان الفضل في ذلك لشيخ الطائفة..) (5).
نعم كانت النجف (مأوي للعلماء، وناديا للمعارف قبل هجرة الشيخ إليها،
(١) تاريخ قم لناصر الشريعة: في الحاشية للشيخ علي الدواني: ص ٢٧٦.
(٢) الكامل في التاريخ: ج ٦، ص ١٩٨ تحقيق علي شيري.
(٣) لسان الميزان: ج ٥، ص ١٥٣، الرقم العام ٧٢٣٧، والرقم الخاص ٤٥٢.
(٤) البداية والنهاية: ج ١٢، ص 104، في حوادث سنة ستين وأربعمائة.
(5) حياة الشيخ الطوسي / الطهراني: ص (ز) في مقدمة تفسير التبيان، للشيخ الطوسي: ج 1.
(٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الحافظ ابن حجر العسقلاني (1)، مدينة النجف الأشرف (4)، إبن الأثير (1)، محمد بن الحسن الطوسي (1)، الحوزة العلمية (2)، عبد الكريم (1)، الموت (1)، الشهادة (1)، كتاب لسان الميزان لإبن حجر (1)، كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير (1)، كتاب التبيان للشيخ الطوسي (1)، كتاب البداية والنهاية (1)، الشيخ الطوسي (1)
وكان هذا الموضع ملجأ للشيعة منذ أنشأت فيه العمارة الأولي علي مرقد الامام أمير المؤمنين (عليه السلام)، لكن حيث لم تأمن الشيعة علي نفوسها من تحكمات الأمويين والعباسيين، ولم يستطيعوا بث علومهم ورواياتهم كان الفقهاء والمحدثون لا يتجاهرون بشئ مما عندهم، وكانوا متبددين حتي عصر الشيخ الطوسي والي أيامه. وبعد هجرته انتظم الوضع الدراسي، وتشكلت الحلقات … ) (1).
(وقد تخرج منها خلال هذه القرون المتطاولة آلاف مؤلفة من أساطين العلم، وأعاظم الفقهاء، وكبار الفلاسفة، ونوابغ المتكلمين، وأفاضل المفسرين، وأجلاء اللغويين، وغيرهم ممن خبروا العلوم الاسلامية بأنواعها، وبرعوا فيها أيما براعة، وليس أدل علي ذلك من آثارهم المهمة التي هي في طليعة التراث الاسلامي، ولم تزل زاهية حتي هذا اليوم، يرتحل إليها رواد العلوم والمعارف من سائر الأقطار والقارات فيرتوون من مناهلها العذبة وعيونها الصافية … ) (2).
وكان المنهاج الدراسي العلمي عند الإمامية إلي قبل الهجمة الاستعمارية الكافرة علي النجف الأشرف التي شهدت غاية عنفها من سنة 1969 م وما زالت المعركة حامية الوطيس - ان يبدأ الدارس للعلوم الاسلامية دراساته في إحدي الحوزات العلمية المبثوثة في كثير من بلدان الشيعة حتي إذا انتهي من مراحله الأولي والمتوسطة فإنه يلزمه الهجرة إلي النجف الأشرف ليكمل دراسته وتربيته العلمية، لما جمعت من فحول علمائها وكبار مجتهدي الامامية، والمدارس ودور السكن للطلاب والعلماء وغير ذلك من الوسائل اللازمة لعيش العلماء والطلاب (3).
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق: ص (و) - (ز).
(3) لقد كانت النجف مهبط الشيعة وعاصمة العلم، ومقر كبار العلماء، كما كانت النجف تضم أكبر حوزة علمية اسلامية في العالم الاسلامي، ولكن الكفار سعوا إلي تفتيت تلك العاصمة الطاهرة، فضربوها بشتي الوسائل، وكادوا ينجحوا أخيرا ويصلوا إلي أمنيتهم الشيطانية علي يد المجرم صدام التكريتي عندما ضرب هذه العاصمة المقدسة بأقوي ضربات الكفار بما عمله من المصائب التي تقطع الأحشاء والقلوب مع آية الله العظمي المرحوم الامام السيد محسن الحكيم إلي أن ذهب إلي ربه شاكيا ما لاقاه من محن وخطوب. وباخراج المرجع الديني الأعلي للشيعة في العالم آية الله العظمي، ومجدد المذهب الامام الخميني (رحمه الله)، وتضييق الخناق عليه، وشد الحصار علي داره. وقتل المرجع الديني آية الله العظمي الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر. وتهجير الآلاف من المجتهدين، وكبار العلماء. والفضلاء والمؤلفين، والمحققين، والمحصلين، والأساتذة، والطلاب، وقتل المئات منهم، وحبس وتشريد مئات آخرين. نسأل الله تعالي بحق محمد وآل محمد أن يرد كيده إلي نحره، ويعجل هلاكه، ويعجل النصر للاسلام والمسلمين، وأن يعيد عز وجل إلي النجف الأشرف حياتها ونضارتها، فترجع كما كانت دائما حية معطاءة.
(٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الدولة الأموية (1)، مدينة النجف الأشرف (5)، الشيخ الطوسي (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)، الضرب (1)، الشهادة (1)، القتل (2)
فكان من الطبيعي ان يهاجر المرحوم الشيخ عباس القمي إلي النجف الأشرف بعد أن أكمل دراساته الأولية المسماة بالمقدمات والسطوح في مدينة قم المقدسة علي يد مجموعة من العلماء والأفاضل.
وفي سنة 1316 هاجر إلي النجف الأشرف، فأخذ يحضر حلقات دروس العلماء، إلا أنه لازم خاتمة المحدثين الشيخ حسين النوري (رحمه الله) وكان يقضي معه أكثر أوقاته في استنساخ مؤلفاته ومقابلة بعض كتاباته. وتحدث الطهراني، زميل القمي عن بداية نشوء هذه العلاقة العلمية بين العلمين، حيث قال:
(وفي سنة 1316 هاجر إلي النجف الأشرف، فأخذ يحضر حلقات دروس العلماء إلا أنه لازم شيخنا الحجة الميرزا حسين النوري. وكان يصرف معه أكثر وقته في استنساخ مؤلفاته ومقابلة كتاباته وكنت سبقته في الهجرة إلي النجف بثلاث سنين، وفي الصلة بالمحدث النوري بسنتين حيث هاجر النوري إلي النجف في سنة 1314 ه … ولا أزال أتذكر جيدا يوم تعرف المترجم له علي شيخنا النوري، وأول زيارته له، كما أتذكر ان واسطة التعارف كان العلامة الشيخ علي القمي لأنه من أصحابه الأوائل ومساعديه الأفاضل … ).
ومع أن العمر قصر في حياة الأستاذ النوري (رحمه الله) فلم تدم العلاقة بينهما أكثر من أربع سنوات تقريبا (1) ومع ذلك فقد كان له تأثير كبير في شخصية القمي وبنائها،
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 999. (فقد قرأت قبل قليل أن بداية نشوء العلاقة بينهما كانت بعد هجرة القمي إلي النجف الأشرف سنة 1316 ه، وكانت وفاة أستاذه النوري في سنة 1320 ه.
(٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (6)، مدينة قم المقدسة (1)، الوفاة (1)
كما صرح هو بذلك في كتاب (الفوائد الرضوية) وغيره.
وبعد وفاة الشيخ النوري (رحمه الله) فقد أتم دراسته بالحضور علي المجتهدين الآخرين من أساتذة الحوزة العلمية النجفية.
وبقي يتحرك بسيره العلمي ضمن البرنامج الذي اختطه في حياة أستاذه النوري، مواصلا مع زملائه الآخرين طريقه، يقول الطهراني: (بقيت الصلة بيننا نحن تلاميذ النوري وملازميه، فقد كانت حلقات دروس العلماء والمشاهير تجمعنا في الغالب الا ان صلتي بالمترجم له كانت أوثق من صلاتي بغيره، حيث كنا نسكن غرفة واحدة في بعض مدارس النجف، ونعيش سوية، ونتعاون علي قضاء لوازمنا وحاجاتنا الضرورية حتي تهيئة الطعام وبقينا علي ذلك بعد وفاة شيخنا أيضا، ونحن نواصل القراءة علي مشايخنا الاجلاء الآخرين) (1).
وقد تخلل وجوده في النجف الأشرف للتحصيل العلمي، سفره إلي حج بيت الله الحرام وزيارة قبر النبي (صلي الله عليه وآله) وأئمة البقيع (عليهم السلام)، في حياة أستاذه النوري (رحمه الله) في سنة 1318 ه، وعاد من هناك إلي إيران عن طريق مدينة شيراز من دون أن يمر علي النجف الأشرف، فزار وطنه قم، وجدد العهد بوالديه وذويه، ثم رجع إلي النجف وعاد إلي ملازمة الشيخ النوري وحصل علي الإجازة منه (2).
واستمر بعد وفاة الأستاذ يواصل دراسته العلمية عند أساطين العلم الآخرين إلي سنة 1322 ه فعاد فيها إلي إيران فهبط إلي قم وبقي يمارس أعماله العلمية، ولم يذكر المؤرخون لحياته انه حضر - بعد رجوعه من النجف الأشرف - عند أحد من علماء قم المقدسة وانما أكدوا أن بعد عودته من النجف الأشرف إلي موطنه الأصلي انصرف إلي البحث والتأليف (3) ويظهر مما سجلوه عن حياته انه وبعد عودته سنة 1322 ه بدأت حياته الفكرية بالانتاج.
في قم المقدسة:
وقد رجع إلي وطنه بسبب المرض الذي اعتراه ولازمه إلي آخر عمره، حيث
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 999.
(2 و 3) المصدر السابق.
(٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: قبر النبي (ص) (1)، دولة ايران (2)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، مدينة النجف الأشرف (6)، الحوزة العلمية (1)، الطعام (1)، المرض (1)، الحج (1)، الزيارة (1)، الوفاة (2)
أصيب بمرض (الربو)، ولكنه لم يتمكن من منعه عن ممارسة أبحاثه ونشاطه العلمي، بل استمر بعمله العلمي بقوة وحيوية.
وتعددت أوجه حركته بالتأليف والوعظ والارشاد والخطابة، وبطبيعي الحال فإنه لم يكن مشهورا في هذه الفترة من حياته ولكنه تمكن أن يفتتح أبوابا لحركته العلمية.
وفي سنة 1329 ه سافر إلي الحج للمرة الثانية من قم (1).
هجرته إلي مشهد المقدسة:
ولم يطل العهد بالقمي ببقائه في قم المقدسة فما لبث ان عزم علي الهجرة إلي مشهد المقدسة سنة 1331 ه (2) أو سنة 1332، فهبط مشهد الإمام الرضا (عليه السلام) في خراسان واتخذ منه مقرا دائما له.
وقد ذكر انه نزح من موطنه الأصلي بسبب بعض المشاكل التي أشار إليها في مقدمة كتابه الفوائد الرضوية حيث قال ما تعريبه ملخصا: (حتي كانت سنة 1332 فخطر في ذهني أن التجأ إلي إمام الأتقياء وزبدة الأصفياء، معين الغرباء، والشهيد بالسم أبي الحسن علي بن موسي الرضا صلوات الله عليه وعلي آبائه وأبنائه …
وذلك لشدة البلايا والمحن وكثرة الهموم والغموم التي حلت بهذا الداعي وتفصيلها طويل..) (3) وقيل أن سبب بقائه في مشهد انه كان بطلب من آية الله الحاج السيد حسين القمي، فاستجاب العلامة المحدث لهذا الطلب وعزم علي البقاء الدائم في هذه الأرض الطيبة (4).
(١) نقباء البشر: ج ٣، ص ٩٩٩.
(٢) المصدر السابق: وفي رسالة له باللغة الفارسية إلي مؤلف كتاب آثار الحجة: ج ٢، ص ١٣٤، قال ما تعريبه ملخصا: (وقد هاجرت إلي قم (دار الايمان) وبقيت فيها إلي سنة ١٣٢٩ ثم تشرفت بالحج مرة ثانية، ورجعت إلي قم وبقيت هناك حوالي السنتين ثم هاجرت إلي مولانا الامام المعصوم أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وما زلنا حتي هذه السنة وهي سنة ١٣٤٦ في هذا المكان الشريف …
(٣) الفوائد الرضوية: ص 2.
(4) راجع كتاب: (حاج شيخ عباس قمي مرد تقوي وفضيلت).
(٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (3)، مدينة مشهد المقدسة (2)، خراسان (1)، الحج (3)، المرض (1)، الشهادة (2)
وانصرف في مشهد إلي طبع بعض مؤلفاته، وعكف علي تصنيف غيرها (1).
ووفق إلي حج بيت الله الحرام وزيارة قبر النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله) وأئمة البقيع (عليهم السلام) للمرة الثالثة من مشهد (2).
وقد لمع اسم الشيخ القمي في هذه المدينة المقدسة وانتشر في بلدان العالم الشيعي خصوصا بعد طبع كتابه مفاتيح الجنان.
كما أنه كان لمجالس وعظه الأثر الكبير في اقبال قلوب المؤمنين وأهل المعرفة إليه وكان يرتقي المنبر في بيت آية الله السيد حسين القمي في العشرة الأولي من محرم الحرام للوعظ والارشاد وذكر الحسين (عليه السلام).
ولم يمتهن الخطابة الحسينية، وانما اتخذها وسيلة لتبليغ رسالته الإلهية وقد نحج في ذلك بمقدار كبير.
كما أنه دعي إلي إمامة صلاة الجماعة في أحد أروقة الحرم الرضوي علي مشرفه آلاف التحية والسلام، ولكنه انقطع ولم يستمر.
كما أنه كان يدرس الأخلاق في ليالي الخميس والجمعة في مدرسة (ميرزا جعفر) العلمية في مشهد وكان يحضر تحت منبره حدود الألف مستمع (3).
رجوعه إلي قم المقدسة:
ومع أنه قد شد العزم علي البقاء الدائمي في مشهد الإمام الرضا (عليه السلام) ولكنه قد انثني عن عزمه الأول بعد قدوم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري إلي قم المقدسة سنة 1340 ه فهاجر إلي قم المقدسة وصمم علي البقاء في هذه المدينة المقدسة بطلب من علمائها وشخصياتها.
وبدأ الحائري يرتب الحوزة العلمية ويمدها بالعلماء الأبرار (فنظم من كان فيها من طلاب العلم تنظيما عاليا، وأعلن عن عزمه علي جعلها مركزا علميا يكون
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 999.
(2) آثار الحجة: ج 2، ص 134.
(3) راجع محدث قمي حديث إخلاص: ص 38.
(٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: قبر النبي (ص) (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، مقبرة بقيع الغرقد (1)، شهر محرم الحرام (1)، صلاة الجماعة (1)، الحوزة العلمية (1)، عبد الكريم (1)، الشهادة (4)، الحج (1)، الزيارة (1)
له شأنه في خدمة الاسلام واشادة دعائمه … فوضع العطاء علي الطلاب والعلماء، وبذل عليهم بسخاء، وسن نظاما للدراسة، وقرر ترتيبا مقبولا للأشراف علي تعليم الطلاب واجراء الامتحان السنوي … وغصت المدارس بأهاليها، وزاد عدد الطلاب والعلماء في أوائل هجرته إليها علي الألف، وقام بأعباء اعاشتهم، وتنظيم أدوارهم بهدوء وحكمة … ) (1).
وقد شارك العلماء الأفذاذ مؤسسو الحوزة العلمية فهرعوا من كل صوب ومكان لمآزرته ومساعدته واعانته علي مشروعه الإلهي الكبير خصوصا بعدما اشتدت المحن والبلايا بالضغوط الجائرة التي أوجدها رضا بهلوي بتطبيق علمنة البلاد الإيرانية ومنع المظاهر الاسلامية بكل اشكالها حتي أنه منع الحجاب ولبس الزي العلمائي وغيرها من الأعمال القبيحة.
وكلما اشتدت المحنة كلما ازداد دعم العلماء للحوزة العلمية في قم، ويبدو أن فكرة انتقال الشيخ القمي إلي قم المقدسة بعدما كان قد عزم علي البقاء في مشهد، جاءت أثر تصاعد تلك المضايقات، واشتداد المحن، فان الشيخ القمي قد كتب رسالة عن حياته وذكر فيها انه ما زال مستوطنا المشهد الرضوي المقدس، وكانت السنة هي سنة 1346 (2).
قال العلامة الطهراني: (ولما حل العلامة المؤسس الشيخ عبد الكريم الحائري مدينة قم، وطلب إليه علماؤها البقاء فيها لتشييد حوزة علمية ومركز ديني وأجابهم إلي ذلك كان المترجم له من أعوانه وأنصاره، فقد أسهم بقسط بالغ في ذلك، وكان من أكبر المروجين للحائري، والمؤيدين لفكرته، والعاملين معه باليد واللسان) (3).
وكتب العلامة الطهراني عن حركة الحائري:
" وقد برهن الحائري علي بطولة ورجولة وشجاعة وصبر وجلد وثبات
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 1159 - 1160.
(2) آثار الحجة: ج 2، ص 134.
(3) نقباء البشر: ج 3، ص 1000.
(٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مشهد المقدسة (1)، مدينة قم المقدسة (1)، الحوزة العلمية (2)، عبد الكريم (1)، الشهادة (1)، البلاء (1)، المنع (1)
وعزيمة جبارة، فقد لاقي في طريق العمل من الصعاب والمتاعب ما يكفي لتراجع أكبر الرجال قلبا، وأقواهم شكيمة، وأوسعهم صدرا، حيث كان لانتهاء حكم القاجاريين وتولي الپهلوي تأثير بارز في تقليص جهوده والحد من نشاطه إذ رافقت ذلك احداث ووقائع جسام. وكانت سيرة الپهلوي واضحة في عزمه الأكيد وتصميمه علي القضاء علي الدين ومحو كل أثر لرجاله وشعائره ورسومه، فقد سجن العلماء الكبار، ونفي عددا منهم، ودس السم لآخرين، وفعل الأفاعيل من هذا القبيل.
وفي هذه الظروف كان الحائري يعمل علي توسيع دائرة الحوزة العلمية في قم ونشر الدعوة ودعم هيكل الدين، وإشادة مجد الاسلام باعمال أحكامه وتطبيق نظامه.
في ذلك الوقت، وفي تلك الظروف السود، قاوم هذا العالم المخلص ديكتاتورية الملك واباحيته، ووقف في وجهه مجندا كل امكانياته وقابلياته، وموطنا نفسه للعظائم، ومضحيا في سبيل دعوته بكل ما يملك، ولم تفت في عضده، أو توهن من عزيمته، أو تسرب اليأس والقنوط إلي نفسه كل تلك المحاولات اللئيمة والمساعي الخبيثة التي بذلها سماسرة السوء، وزبانية الشر، وأعداء الدين والخير والفضيلة.
وهكذا بقي يقاوم كل ما يعترض طريقه من عقبات وعراقيل حتي كلل سعيه بالنجاح وانتصر، وباء خصومه بالصفقة الخاسرة، وعادوا يجرون أذيال الفشل * (ولعذاب الآخرة أخزي وهم لا ينصرون) * (1) … " (2).
ولكن الاسلام في إيران قد لاقي عدوا وحشيا تحت الحماية الغربية والشرقية استطاع لفترة حكمه أن يحد من أي نشاط ديني في إيران بالإرهاب وهتك الحرمات وقتل آلاف الشيعة في المشهد الرضوي في حادثة گوهر شاد
(1) سورة فصلت: الآية 16.
(2) نقباء البشر: ج 3، ص 1161 - 1162.
(٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مشهد المقدسة (1)، الحكم القاجاري (القاجاريون) (1)، دولة ايران (2)، الحوزة العلمية (1)، القتل (1)، اليأس (1)، سورة فصلت (1)
ومنع الحجاب ومنع الزي العلمائي ومنع إقامة العزاء علي سيد الشهداء (عليه السلام) وتدنيس حرمة الحوزات العلمية والمراقد المطهرة ونفي عشرات العلماء من كبار المجتهدين والخطباء. وأدت تلك الأعمال القبيحة للمدعو رضا پهلوي إلي هجرة كبار علماء إيران إلي النجف الأشرف، وانزواء آية الله الحائري قابعا في زاوية بيته ولكنه لم يرفع اليد عن الحوزة وشؤونها بل استمر بالتدريس والادارة، فإنه قد تحمل كل شئ من أجل هذا البناء المقدس المهم، وبالفعل فقد تمكن الحائري أن ينتصر بمشروعه علي كل مؤامرات الاستعمار وتمكنت هذه الحوزة المباركة ان تقود حركة الأمة والتي كان من نتاجها الجمهورية الاسلامية المباركة.
ويبدو أن فاجعة گوهر شاد قد أثرت علي حياة الشيخ الحائري فان وفاته كانت في 18 - ذي القعدة الحرام - من سنة 1355 ه. ق بينما كانت حادثة الهجوم علي المرقد الرضوي الشريف في 12 - ربيع الثاني سنة 1354 ه. ق.
وأما شيخنا القمي (أعلي الله مقامه) فإنه كان في مدينة همدان وقد سمع بالفاجعة الكبري بهتك حرمة الحرم الرضوي وقتل المؤمنين والعلماء، واعتقال الآيات العظام وحبسهم وتهجير بعضهم، فعجل بالمجئ إلي قم المقدسة ليري موقف العلماء الآخرين، ولكنه فوجئ كالباقين بالأحداث العظام والضربات المتتاليات وقتل أو حبس أو تهجير كل انسان يقف أمام مشاريع الپهلوي، مهما كان عنوانه وبالفعل فقد نفي آية الله السيد حسين القمي (1) إلي العراق، وجرد آية
(1) السيد حسين ابن السيد محمود القمي، ولد في قم المقدسة في 1282 ه. ق ودرس فيها مقدمات العلوم ثم هاجر إلي العراق فحضر أبحاث كبار علمائه ومنهم السيد المجدد الشيرازي والميرزا حبيب الله الرشتي والمولي علي النهاوندي والشيخ محمد كاظم الخراساني والسيد محمد كاظم اليزدي، والشيخ محمد تقي الشيرازي وحاز علي درجة سامية من العلم وكان معروفا بالصلاح والتقي والنسك والزهد وكثرة العبادة، أما في الفقه والأصول فقد كان فاضلا للغاية وخبيرا جدا له تسلط عليهما واستحضار وتضلع وبراعة، وفي سنة 1331 هبط المشهد الرضوي (عليه السلام) فصار من أكبر مراجع التقليد في إيران، وعندما أعلن المقبور المدعو رضا پهلوي الإسفار الإلزامي ومنع الحجاب تحرك السيد القمي إلي طهران للوقوف أمام أعماله القبيحة، ولكنه اعتقل ونفاه إلي العتبات المقدسة في العراق فسكن كربلاء والتف العلماء حوله وصار مهوي قلوب الشيعة ومن كبار مراجع التقليد في البلد ولما توفي السيد أبو الحسن في 1365 ه. ق رشح السيد القمي للزعامة العامة إلا أن الأجل لم يمهله حيث كانت وفاته يوم الأربعاء 14 ربيع الأول 1366 ه. ق ونقل إلي النجف الأشرف ودفن في الصحن وكان السيد القمي هو الذي زوج الشيخ عباس القمي - المترجم - بابنة أخيه السيد أحمد وطلب منه البقاء في مشهد المقدسة فاتخذها في ذلك الوقت - وطنا دائميا له.
(٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، دولة ايران (2)، دولة العراق (3)، شهر ذي القعدة (1)، مدينة النجف الأشرف (2)، شهر ربيع الثاني (1)، القتل (2)، الطهارة (1)، مدينة مشهد المقدسة (2)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، مدينة طهران (1)، شهر ربيع الأول (1)، الزوج، الزواج (1)، الزهد (1)
الله الشيخ آقا زادة - نجل آية الله العظمي الشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب كتاب كفاية الأصول وقائد حركة المشروطة من الزي العلمائي، ونفي آية الله السيد يونس الأردبيلي وآية الله الشيخ محمد تقي البافقي إلي ري سنة 1346 ه. ق إلي أن توفي هناك في 12 جمادي الأولي سنة 1365 ه. ق وغيرهم من الأعلام فلم يطل الشيخ القمي المكث في قم فهاجر مرة أخري إلي النجف الأشرف منثنيا عن عزمه الأول بالبقاء في مشهد المقدسة.
علما انه عندما كان في مشهد المقدسة فإنه كان يقضي شتاء كل سنة في النجف الأشرف ويبقي هناك حوالي ستة أشهر ثم يرجع إلي مشهد المقدسة فيقيم الستة الأشهر الباقية، ولكنه بعد حادثة گوهر شاد غير برنامجه السكني وبقي في النجف الأشرف إلي آخر عمره، وهجر موطنه الأصلي قم المقدسة.
حياته العلمية:
بقراءة ما كتبه المؤرخون عن الشيخ القمي (رحمه الله) تنطبع صورة تتلازم فيها شخصيته بالعلم تلازما شديدا يكاد لا ينفك، فتري القمي من نعومة أظفاره إلي ساعة وفاته لم يفارق البحث والتدريس والقلم والقرطاس، وكانت لشخصية أستاذه النوري (رحمه الله) الأثر الواضح في تعميق هذه الصورة الجميلة فيه، وتتضح من خلال تتبع حياته العلمية ولو بشكل مختصر وسريع بالنقاط التالية:
أساتذته:
سبق وإن عرفت من كلام زميله العلامة الطهراني (رحمه الله) أن القمي حضر في
(٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مشهد المقدسة (3)، شهر جمادي الأولي (1)، كتاب كفاية الأصول للآخوند الخراساني (1)، مدينة النجف الأشرف (3)، يوم عرفة (1)
النجف الأشرف حلقات دروس العلماء في حياة أستاذهم النوري ولكنه لازم الشيخ حسين النوري وكان يصرف معه أكثر وقته في المجالات العلمية (1) وأكد الطهراني انه بقيت تلك الحلقات الدراسية للعلماء والمشاهير تجمعهم (2) يعني بقي العلامة القمي ملازما لدروس أولئك العلماء حيث صرح الطهراني بقوله: (وبقينا علي ذلك بعد وفاة شيخنا أيضا ونحن نواصل القراءة علي مشايخنا الأجلاء الآخرين) (3).
ولكن المؤسف انه لم يذكر أحد ممن ترجم القمي أسماء أساتذته الآخرين واقتصروا علي ذكر خاتمة المحدثين النوري، وصرحوا بأنه حضر عند الأساتذة الآخرين، ومع احتمال أن مدة حضوره عندهم أكثر من فترة حضوره عند العلامة النوري (رحمه الله) من حيث الزمن، ولكن بقي النوري مختصا بتأثيره الواضح عليه كما صرح هو نفسه في أكثر من موضع كما ستأتي الإشارة إليه في محله.
ولكن يمكننا معرفة أولئك الأساتذة من خلال ما سجله زميله من الدرس والتحصيل العلامة الطهراني فأنه قد صرح وبمواضع عدة انهما كانا يشتركان بالحضور في الدرس والمباحثة عند العلماء المعروفين. وقد عد ضمن أساتذة الطهراني كل من:
1 - خاتمة المحدثين الحاج ميرزا حسين النوري المتوفي سنة 1320 ه.
2 - السيد مرتضي الكشميري المتوفي سنة 1323 ه.
3 - الشيخ محمد طه نجف المتوفي سنة 1323 ه.
4 - الحاج ميرزا حسين بن الحاج ميرزا خليل المتوفي سنة 1326 ه.
5 - الشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب الكفاية المتوفي سنة 1329 ه.
6 - السيد محمد كاظم اليزدي المتوفي سنة 1337 ه.
7 - الميرزا محمد تقي الشيرازي المتوفي سنة 1338 ه.
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 998.
(2 و 3) المصدر السابق: ص 999.
(٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (1)، الحج (3)، الوفاة (8)
8 - شيخ الشريعة الأصفهاني المتوفي سنة 1339 ه.
ونظرا لتأثير أستاذه النوري وتأثره في شخصيته ومنهجه العلمي يلزمنا معرفة شئ من أحواله.
أستاذه النوري:
لقد كان أهم تحصيله العلمي والذي أثر في مستقبل حياته عند الشيخ النوري (رحمه الله) كما تقدمت الإشارة به، وقد سجل هذه الملاحظة جميع المؤرخين له، قال المدرس ما ترجمته مختصرا: (ولازم الحاج الميرزا حسين النوري واستفاد منه كثيرا، وفي نفس الوقت قام بمساعدات كثيرة لأستاذه المعظم في بعض تأليفاته..) (1).
ومهما تكن نوعية تلك المشاركة والمساعدات لأستاذه فلا ينقص من حظ أستاذه شئ، وانما تعكس اهتمام الأستاذ به وتشخيصه لجوانب الميول العلمية في نفس التلميذ، كما انها تعكس طريقة الأستاذ في تربية تلاميذه التربية العلمية بايجاد حالة تحسيسهم بمواقع القوة العلمية في نفوسهم وتقويتها والاشراف بنفسه علي عملية النمو العلمي، كما تظهر تلك المشاركة ان هذا التلميذ كان محط اهتمام وعناية أستاذه.. وتثبت انه كانت للتلميذ ملكات وقدرات هائلة استحق بها هذا الاهتمام.
وبالفعل فإن جهود الأستاذ لم تذهب سدي، وانما جاءت علي أحسن ما يرام فصنعت من القمي مؤلفا ناجحا وخطيبا بارعا، ولم ينس القمي ذلك لأستاذه وانما أظهر فضل الأستاذ عليه في كل مناسبة وفرت له أن يصرح بذلك.. فقد قال وهو يصف قربه إليه وتعلقه به، وانه لم يفارقه حتي وقت ارتحاله من هذه الدنيا ما ترجمته:
(.. وكنت وقت ارتحاله في خدمته … وكنت عنده بمنزلة أولاده، وكم كانت
(1) ريحانة الأدب: ج 4، ص 487.
(٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: النسيان (1)، الحج (1)، الوفاة (1)
المصيبة مرة، وما زلت أحس بمرارتها في فمي، وما زلت أتجرع الغصص لفقدانه..) (1).
ويقول أيضا: (ويحق لي أن أقول: ولقد عشت بعد الشيخ عيشة الحوت في البر، وبقيت في الدهر ولكن بقاء الثلج في الحر، فلقد كانت له علي من الحقوق الواجب شكرها ما يكل شبا براعتي ويراعي عن ذكرها.
وهو شيخي الذي أخذت عنه في بدء حالي، وانضويت إلي موائد فوائده يعملات رحالي، فوهبني من فضله ما لا يضيع، وحن علي حنو الظئر علي الرضيع.
ففرش لي حجر علومه، وألقمني ثدي معلومه، فعادت علي تركات أنفاسه، واستضأت من ضياء نبراسه، فما يسفح به قلمي انما هو من فيض بحاره، وما ينفح به كلمي انما هو من نسيم أسحاره، وأنا أتوسل إلي رب الثواب والجزاء أن يجعل نصيبه من رضوانه أوفي الأنصباء، وكم له رحمه الله من الله تعالي ألطاف خفية، ومواهب غيبية ونعم جليلة..) (2).
وقال أيضا: (لازمت خدمته برهة من الدهر في السفر والحضر، والليل والنهار، وكنت استفيد من جنابه في البين إلي أن نعب بيننا غراب البين فطوي الدهر ما نشر، والدهر ليس بمأمون علي بشر..) (3).
وأما شيخه النوري فهو: الحسين بن محمد تقي بن علي محمد النوري الطبرسي ولد في 18 شوال سنة 1254 في قرية نور إحدي كور طبرستان وهي (مازندران).
وكان والده من العلماء الأجلاء درس في أصفهان علي المحقق المولي علي النوري وفي كربلاء عند السيد محمد المجاهد نجل صاحب الرياض، ثم هاجر إلي النجف الأشرف وحضر عند علمائها ثم عاد إلي بلاده حائزا علي درجة
(١) الفوائد الرضوية: ص ١٥٠.
(٢) الفوائد الرضوية: ص 150 - 151 بتصرف يسير.
(3) المصدر السابق: ص 152.
(٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة كربلاء المقدسة (1)، مدينة النجف الأشرف (1)، مدينة إصفهان (1)، شهر شوال المكرم (1)، الحسين بن محمد (1)
الاجتهاد وأسس حوزة علمية في منطقته وصار مرجعا للتقليد فيها.
وقد توفي أبوه في ربيع الأول سنة 1263 ه، وكان للنوري من العمر ثمان سنوات (1) وأثر اليتم فيه فلم ينسه إلي آخر حياته حيث كتب في ترجمة حياته:
(وتوفي والدي العلامة أعلا الله تعالي مقامه … وأنا ابن ثمان سنين، فبقيت سنين لا أحد يربيني) (2).
فنشأ رحمه الله تعالي عصاميا معتمدا علي نفسه، وقد وضحت عصاميته جلية في مستقبل حياته، وهي تفسر صبره وتحمله المشاق واصراره ومثابرته (3).
وكان له شغف خاص بالعلم وتحصيله فحين بلغ أوان حلمه لازم العالم الجليل الفقيه النبيه الزاهد الورع النبيل المولي محمد علي المحلاتي.
ثم هاجر إلي النجف الأشرف فحضر عند الشيخ الأعظم الشيخ مرتضي الأنصاري المتوفي سنة 1281 ه، ولازم الآية الكبري الشيخ عبد الحسين الطهراني الشهير بشيخ العراقيين، كما أنه لازم درس السيد المجدد الشيرازي حتي وفاته سنة 1312 ه.
وعد من شيوخه الشيخ فتح علي السلطان آبادي والحاج الملا علي كني ومن مشايخ اجازته السيد مهدي القزويني كما أنه تتلمذ علي الفقيه الكبير الشيخ علي الخليلي.
وخرجت مدرسته العلمية مجموعة من الفضلاء والعلماء الاجلاء أشهرهم الشيخ عباس القمي، والشيخ آغا بزرگ الطهراني (4) والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (5) والسيد عبد الحسين شرف الدين (6).
(1) نقباء البشر: ج 2، ص 544.
(2) خاتمة المستدرك / النوري: ج 3، ص 877، الطبعة الحجرية.
(3) حياة العلامة الشيخ حسين النوري / السيد ياسين الموسوي: ص 9، ط 1.
(4) نقباء البشر: ج 2، ص 545.
(5) نقباء البشر: ج 2، ص 617. معارف الرجال: ج 2، ص 275.
(6) معارف الرجال: ج 1، ص 273، ج 2، ص 52.
(٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: العلامة الشيخ كاشف الغطاء (1)، السيد عبد الحسين شرف الدين (1)، مدينة النجف الأشرف (1)، شهر ربيع الأول (1)، الصبر (1)، الوفاة (1)
وكانت لشخصية الأستاذ القوية ومنهجه الإيماني القويم وجاذبيته الشخصية والمدرسية جذبت أولئك التلاميذ الأفذاذ وخرجت علماء يبقي الزمن يفتخر بهم ويبقي اتباع مذهب الحق يتباهون بوجود أمثالهم كالشيخ القمي والشيخ الطهراني صاحب موسوعة الذريعة وغيرها.
وعرف عنه شغفه بجمع الكتب لا سيما القديمة منها والأصول وقد جمع مكتبة من نفائس الكتب والمخطوطات ندرت أن تجتمع عند غيره وقد حصل علي بعض الأصول التي لم يحصل عليها غيره حتي الشيخ المجلسي (قدس سره) والحر العاملي (قدس سره) (1).
وله في تحصيل الكتب النادرة حالات أبهرت معاصريه وكان يبذل الكثير من أجلها وقد نقلت عنه عدة حكايات غريبة تعكس ذلك، منها ما نقله تلميذه الطهراني حيث قال: (مر ذات يوم في السوق فرأي أصلا من الأصول الأربعمائة في يد امرأة عرضته للبيع، ولم يكن معه شئ من المال، فباع بعض ما عليه من الألبسة واشتري الكتاب … ) (2).
وله مؤلفات كثيرة تدل علي تتبعه واحاطته بالأخبار مما يندر في أحد غيره بعد المجلسي (رحمه الله) من أشهرها مستدرك الوسائل، والنجم الثاقب، ودار السلام وجنة المأوي والصحيفة السجادية الرابعة والصحيفة العلوية الثانية والفيض القدسي في أحوال المجلسي، وكشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار والكلمة الطيبة ونفس الرحمان في فضائل سيدنا سلمان وغيرها.
وقد وهب حب طلابه له حبا كبيرا قلما نجده بين الأستاذ وتلاميذه، وبمراجعة سريعة إلي ما كتبه الشيخ القمي عن أستاذه تجد مصداق ذلك، وهكذا فيما كتبه تلميذه الآخر الشيخ الطهراني عندما أراد أن يكتب ترجمة لأستاذه:
(ارتعش القلم بيدي عندما كتبت هذا الاسم، واستوقفني الفكر عندما رأيت نفسي عازما علي ترجمة أستاذي النوري، وتمثل لي بهيئته المعهودة بعد إن مضي علي
(1) حياة العلامة النوري: ص 58، ط 1.
(2) نقباء البشر: ج 2، ص 555.
(٦١)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الصحيفة السجادية (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، العلامة المجلسي (3)
فراقه خمسة وخمسون سنة فخشعت اجلالا لمقامه، ودهشت هيبة له، ولا غرابة فلو كان المترجم له غيره لهان الأمر، ولكن كيف بي وهو من أولئك الأبطال غير المحدودة حياتهم وأعمالهم فمن الصعب جدا أن يتحمل المؤرخ الأمين وزر الحديث عنها، ولا أري مبررا في موقفي هذا سوي الاعتراف بالقصور عن تأدية حقه..) (1) وإن تأثر هؤلاء الأفذاذ به وبهذا المقدار الكبير من التأثر لم يكن عن عاطفة جوفاء وصداقة عابرة، بل لهم الحق في ذلك، لأنه أعطاهم كل وقته، ولم يترك شيئا لنفسه دونهم بل فضلهم علي نفسه وقدمهم علي شخصه مع مقامه العلمي ووجاهته الاجتماعية.
وتميز بمنهج علمي سوف نستعرضه عند الحديث عن المنهج العلمي عند القمي إن شاء الله تعالي.
توفي في ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادي الثانية سنة 1320 ه ودفن في الصحن العلوي الشريف وكان لجثمانه كرامة منقولة في المصادر التي ترجمت له.
حبه للعلم:
امتازت مدرسة النوري (الأستاذ وتلاميذه كالشيخ القمي والشيخ الطهراني) بحب العلم وزقه إلي درجة الثمالة، وقد نقلت عن كل واحد منهم قصص تثير الاعجاب والتقدير.
وقد انصرف القمي - كباقي أفراد هذه المدرسة المحترمة - إلي العلم والتأليف والتصنيف والترجمة والبحث والدرس والمقابلة وما إلي ذلك، قال زميله الطهراني: (وكان دائم الاشتغال، شديد الولع في الكتابة والتدوين والبحث والتنقيب لا يصرفه عن ذلك شئ، ولا يحول بينه وبين رغبته فيه واتجاهه إليه حائل … ) (2).
وقال نجله الشيخ علي محدث زادة ما تعريبه: ( … وكان والدي دائم الاشتغال
(١) مقدمة المستدرك: ج ١، ص (ز).
(2) نقباء البشر: ج 3، ص 999.
(٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: شهر جمادي الثانية (1)
بالكتابة، وحتي في حال مرضه فإنه كان يشتغل بالقراءة والكتابة في اليوم والليلة سبعة عشرة ساعة علي الأقل) (1).
ونقل عنه أيضا انه قال: ما تعريبه: (وكنت من أيام طفولتي مع المرحوم الوالد وكنا إذا خرجنا خارج المدينة فإنه يستمر بالكتابة والمطالعة من أول الصبح إلي العشاء) (2).
ونقل عنه أيضا انه كان له ولع شديد بالقراءة والكتابة لا يمل منهما ولا يتعب حتي أنه إذا ذهب مع بعض أصحابه إلي بستان للاستجمام مثلا فإنه وبمجرد أن ينتهي من الطعام مع أصحابه ينعزل بمكان هادئ جنب جدول ماء أو تحت شجرة ويبدأ بالقراءة والكتابة.
ونقل عن بعض أصحابه انه كان يجلس معهم للطعام فإذا انتهوا وأرادوا أن يتحدثوا قام عنهم مع قلمه وقرطاسه ويبدأ بالكتابة والمطالعة فحينما كانوا يطلبون منه البقاء معهم ليتحدثوا معه ويستفيدوا منه فكان يجيبهم: إننا جميعا نذهب ولكن هذه الأشياء تبقي.
ونقل عن كتاب (پندهائي از رفتار علماء اسلام): أن المرحوم الحاج الشيخ عباس القمي صاحب كتاب مفاتيح الجنان سافر مع جماعة من التجار إلي سورية وقد تحدث أولئك وقالوا: إننا كلما ذهبنا للنزهة فإنه يبقي مشتغلا بالقراءة والتأليف، وكلما أصررنا عليه أن يأتي معنا فكان يمتنع شديدا، وكنا ننام في الليل ويبقي هو يقرأ ويؤلف … ) (3).
ومع أن الشيخ القمي (رحمه الله) كان قد ابتلي بمرض الربو (ضيق التنفس) وكان يصعب عليه القيام والقعود أحيانا ولا يقدر أن يرفع الكتاب من الأرض.. ولكنه كان يشتغل ليلا ونهارا ولا يدع للتعب مجالا أن يدخل إلي نفسه، وكان يبقي
(1) مقدمة كتاب (فيض العلام في عمل الشهور ووقائع الأيام) للقمي: ص 8.
(2) مردان علم در ميدان عمل: ج 1، ص 96.
(3) عن كتاب (پندهائي از رفتار علماي اسلام): ص 17.
(٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب مفاتيح الجنان (1)، الطعام (2)، المرض (2)، الحج (1)، الجنابة (1)، كتاب فيض العلام (1)
في أكثر الليالي يقظا وقليلة تلك الليالي التي ينام فيها، وكانت من عادته أن لا يضع شيئا تحت رأسه وانما يضع يده تحت رأسه وينام. وكانت قراءته من أجل الكتابة والتأليف. وكان جيد الكتابة وسريعها، وقد كتب كثيرا حتي ثفنت أطراف أصابعه التي يمسك بها القلم، ومن النادر أن لا يمسك القلم في ليلة ونهارها.
وقد وصل حبه وعلاقته بالكتاب بحيث انه بمجرد أن يحصل علي مال قليل يسرع بصرفه في شراء كتاب، وقد نقل عن الشيخ عباس القمي انه قال: (في الزمان الذي كنت أدرس في قم كنت في ضائقة مالية شديدة حتي كنت أجمع القران (1) مع القران إلي أن تصير ثلاثة تومانات مثلا فحينها اذهب من قم إلي طهران مشيا علي الأقدام (2) واشتري بتلك التومانات كتابا ثم ارجع إلي قم ماشيا أيضا واستمر في دراستي) (3) وكان المحدث القمي يعشق الكتاب بشكل عام ويطرب له ويرمق إليه بأريحية ومحبة، ولكنه كان ينظر إلي كتب الشيعة وبالخصوص كتب الحديث نظرة قداسة كما سوف يأتي ذلك بمحله من هذه الرسالة.
مشاركته في تأسيس الحوزة العلمية في قم المقدسة:
تقدمت الإشارة عن رحلة آية الله العظمي المرحوم الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري إلي قم المقدسة وعزمه علي تأسيس الحوزة العلمية في قم المقدسة وإعادة مجدها، ودعا العلماء إلي هذه المدينة ليشاركوه مشروعه الإلهي الكبير وقد أجابه مجموعة من العلماء الأعلام من مختلف الأقطار، وقد وجه الدعوة إلي الشيخ عباس القمي فما كان أسرع من أن يجيبه علي دعوته مع أنه كان قد شد العزم وصمم علي سكني المشهد الرضوي إلي آخر عمره ولكنه فضل تحمل المشاق ونكران الذات من أجل خدمة الاسلام العظيم فإنه عندما جد الجد، وعلم أن واجبه الشرعي يحتم عليه الانتقال إلي مدينة قم المقدسة للمشاركة مع آية الله
(1) القران: أصغر عملة مالية في إيران، وكل عشرة قرانات تعادل تومانا واحدا.
(2) المسافة بين قم وطهران حوالي 145 كم.
(3) عن كتاب (شيخ عباس قمي مرد تقوي وفضيلت): ص 18.
(٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مشهد المقدسة (1)، مدينة طهران (2)، مدينة قم المقدسة (1)، الحوزة العلمية (2)، عبد الكريم (1)، القرآن الكريم (3)، الحج (1)، دولة ايران (1)
الحائري ألغي عزمه الأول وجاء يبذل الجهد والوسع للقيام بالواجب المقدس.
وقد قال زميله الطهراني عن تصميم القمي الجديد: (ولما حل العلامة المؤسس الشيخ عبد الكريم الحائري مدينة قم وطلب إليه علماؤها البقاء فيها لتشييد حوزة علمية ومركز ديني وأجابهم إلي ذلك كان المترجم له من أعوانه وأنصاره، فقد أسهم بقسط بالغ في ذلك وكان من أكبر المروجين للحائري والمؤيدين لفكرته والعاملين معه باليد واللسان..) (1).
ومهما يكن دور القمي في بناء تلك الحوزة فان استجابته في تلك الأيام الصعبة والحرجة تنم عن غيرته علي الدين الحنيف وجهاده، فهو يشارك في مشروع جديد لا يعلم مصير بقائه في المستقبل، ولم يحتوي علي مغريات الدنيا من الجاه والمال شيئا وانما الدافع الوحيد لدعمه ومؤازرته لصاحب المشروع هو الحرص الأكيد لبذل كل شئ من أجل العقيدة المقدسة وتأسيس الحوزة التي تحفظ الشرع المبين وتدافع عنه، ومجابهة الانحراف والكفر.
ولم يذكر المؤرخون سنة هجرة القمي إلي قم بعد تأسيس الحوزة العلمية، ولكنه ذكر في رسالة له حول ترجمة نفسه بأنه هاجر إلي مشهد مولانا الامام المعصوم أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وبقي هناك إلي تلك السنة وهي سنة 1346 ه (2) ولعل هجرته إلي قم كانت بعد هذا التاريخ، وأما مساندة الحائري في مشروعه فلعله كان يدعمه وهو في مشهد المقدسة، أو يكرر سفره إلي قم خصوصا انه ذكر في رسالته تلك بأنه قد تكرر منه السفر إلي العتبات العاليات في العراق (3)، فلعل طريقه كان يمر من قم، ولعله كان يطيل المكث في موطنه الأصلي ويقوم بواجبه بمساندة المؤسس.
وكيف ما كان فقد ذكر انه كان لسفر القمي إلي قم أثر كبير في هجرة كثير من
(١) نقباء البشر: ج ٣، ص ١٠٠٠.
(٢) الرسالة مثبتة في كتاب آثار الحجة: ج 2، ص 134.
(3) آثار الحجة: ج 2، ص 134.
(٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، مدينة مشهد المقدسة (1)، دولة العراق (1)، مدينة قم المقدسة (1)، الحوزة العلمية (1)، عبد الكريم (1)، الشهادة (1)
الطلاب من المدن الأخري إلي قم خصوصا من مشهد والنجف الأشرف (1).
منهجه العلمي:
سبق ونبهنا إننا باستتباع كلمات تلاميذ الشيخ النوري، ومؤلفاتهم وسيرتهم العلمية وجدناهم يشكلون منهجا واحدا، وإن كان الفضل الأكبر يعود إلي أستاذهم خاتمة المحدثين.
وقد ذكرنا في بحث سابق (2) منهج الشيخ النوري العلمي بشكل مفصل، ولا فائدة من تكرار الموضوع، ولكننا نعجل العناوين المهمة لاعطاء صورة عامة عن منهج القمي العلمي الذي يشكل حلقة من حلقات هذه المدرسة العلمية المهمة التي كان لها دور كبير وما زال.
1 - انصرافه الكلي للعلم والتأليف والتصنيف والترجمة والبحث والدرس والمقابلة وما إلي ذلك كما تقدم في العنوان السابق. وقد كان يشتغل سبعة عشرة ساعة في اليوم مع ما ابتلي به من مرض، وقد أخذ هذه الصفة من سيرة أستاذه الذي نقلت عنه حكايات غريبة باهتمامه العلمي واقتنائه للكتب. وانتقل ذلك العشق والحب إلي التلاميذ، فأي عشق ذلك للعلم والمعرفة توفر عند هؤلاء العظماء الذين حفظوا المذهب من الضياع والانحراف، وأي معاناة لاقوها في سبيل العلم والمعرفة.
وعلي الدهر - إذا أراد ان يكون منصفا، وأني له ذلك - أن يخلدهم علي صفحات أيامه في أعلي مراتب الفخر والاعتزاز.
تجد أولئك العظماء يواصلون سيرهم في التعلم والتعليم لرفد الانسانية بالعلوم الحقة المستقاة من آل محمد صلي الله عليهم أجمعين، إلي آخر ساعات حياتهم في هذه الدنيا فيموت أحدهم وبيده القلم ويجاهد به ويناضل دونه، يقول
(1) محدث قمي حديث إخلاص: ص 58.
(2) في رسالة (حياة العلامة حسين النوري): ص 87 - 97، ط 1 سنة 1415 ه. ق - قم المقدسة.
(٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (1)، الشهادة (1)، المرض (1)
العلامة القمي في (فوائده الرضوية) عند عد مؤلفات أستاذه: ( … تحية الزائر وبلغة المجاور، وهي آخر مؤلفاته رضوان الله عليه، ولم يمهله الأجل حتي يتمها، ومن الله تعالي علي باتمامها..) (1).
فما وقع القلم من يدي النوري إلي آخر ساعة من حياته في هذه الدنيا، فإذا جاءت سكرة الموت بالحق، ولحق بالرفيق الأعلي، وكان في مقعد صدق عند مليك مقتدر، أخذ القلم تلميذه الفذ الوفي المجاهد ليتم المسير، ويواصل المشوار الذي بدأه أستاذه، فيتم أعمال أستاذه العلمية.
2 - حفظ تراث أهل البيت (عليهم السلام).
أ - فان لتقادم الزمن، وبعد التاريخ عن مصادر الشريعة المقدسة سبب اختفاء وضياع كثير من تلك الآثار الشريفة خصوصا ما لحق اتباع هذه المدرسة الهادية من المحن والخطوب والمصائب الكثيرة التي سجلها المؤرخون لتلك الفترات الحرجة والمظلمة التي مر بها شيعة أهل البيت (عليهم السلام).
وقد بذل المتأخرون وسعهم لجمع ذلك التراث العظيم الذي يعد الثقل الثاني كالعلامة المجلسي والفيض الكاشاني والسيد عبد الله شبر والحر العاملي والسيد هاشم البحراني وغيرهم من العظماء.
وقد جاء دور النوري ومدرسته ليتمموا الحركة التي خطها أولئك الصالحون، فخرجت تلك المؤلفات العظيمة كالمستدرك للأستاذ النوري وسفينة البحار للقمي والذريعة، وطبقات أعلام الشيعة للطهراني.
ب - وقد تبنت هذه المدرسة الطريقة الأولي في أخذ الحديث بالتأكيد علي ضرورة الإجازة فيه بالطرق المتعارفة حتي للكتب المتواترة كالكتب الأربعة، بينما تحول مبني الفقهاء المتأخرين إلي عدم الاهتمام العلمي بهذه الطريقة ولا يرون وجود ضرورة علمية للاستجازة من أصحاب الإجازات لتواتر تلك الكتب فلا حاجة واقعية لأخذ الإجازة، ولا أثر للإجازة في جواز العمل بتلك
(١) الفوائد الرضوية: ص 151.
(٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: شيعة أهل البيت عليهم السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، العلامة المجلسي (1)، التصديق (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)، الموت (1)، الجواز (1)
الكتب، واعتبروا الإجازة أمرا تشريفيا للبركة لا أثر له في النقل والرواية.
بينما أصر مؤسس هذه المدرسة علي ضرورتها (1).
ولسنا هنا بصدد بيان الحق مع اي الرأيين، وانما نذكر هذا الاختلاف لنتبين منهج العلامة القمي ورأيه في ذلك ليس إلا، ويعد رحمه الله تعالي من أعمدة المدرسة الثانية، يقول ولده المرحوم الشيخ علي محدث زادة:
(كانت ولادة المرحوم ثقة المحدثين المحدث القمي في قم … وقد قضي طفولته وشبابه في قم، وقد أكمل دراسته في العلوم الأدبية هناك طبق المتعارف عليه في ذلك الزمان إلي أن سافر إلي النجف الأشرف في سن الثامنة عشرة من عمره، وهناك كانت علاقته بشكل أكثر بالأحاديث المروية التي هي العلم الموروث عن أهل بيت العصمة والطهارة.
وكان من المتعارف عليه عند العلماء والمفكرين الأوائل أن يسافروا في طلب علم الحديث والاستفادة من مشايخه وأساتذته ويتحملون في سبيل ذلك المشاق والمصاعب.
ولذلك فقد اختار الحضور عند خاتمة المحدثين وثقة الاسلام والمسلمين الحاج الميرزا حسين النوري (رحمه الله)، وبقي مدة عند هذا العالم الكبير لكسب العلم والاستفادة منه … ) (2).
فهو من بداية تحصيله العلمي اختار طريق الحديث والرواية ولهذا لازم النوري إلي أن لاقي النوري ربه.
وبدراسة دقيقة لمجموع ما تركه القمي من مؤلفات قيمة تظهر هذه الحقيقة، وليس معني ذلك أن المنهج العلمي للقمي هو المسلك الاخباري بالمعني الاصطلاحي المقابل للمنهج العلمي الأصولي، وانما الصحيح العكس فان مؤسس المدرسة كان من شيوخ وأساتذة وكبار مجتهدي المنهج العلمي الأصولي ولكنه
(1) راجع تفصيل الكلام في حياة العلامة النوري - المؤلف: ص 93 - 97، ط 1.
(2) مقدمة تتمة المنتهي: ص 4.
(٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (1)
اهتم بتراث أهل البيت (عليهم السلام) وبالحديث والرواية ولا تعارض بينهما.
وكذلك القمي فإنه تبع أستاذه بمنهجه الأصولي المهتم بالأخبار والحديث والروايات، ولشدة تعلقه واهتمامه بالحديث صار اطلاق لقب (المحدث) و (العلامة المحدث) منصرفا إليه.
قال المدرس عند وصفه للقمي ما ترجمته: (.. من أفاضل علماء عصرنا الحاضر، وكان عالما فاضلا كاملا محدثا متتبعا ماهرا، وهو المقصود بعبارة المؤلف في هذا الكتاب ب (الفاضل المحدث المعاصر) (1).
مؤلفاته:
عندما ندرس آثاره التي تركها من المؤلفات القيمة والكتب المعتبرة الجليلة نجدها تتميز بعدة أشياء:
1 - كثرة التأليف.
كما ستجد صدق هذه الدعوي من خلال هذا الفهرس الذي سنوافيك به عن قريب إن شاء الله تعالي.
2 - جودة ومتانة وعمق التأليف.
فقد نقرأ في فهارس المؤلفين أن هناك من أكثر في التصنيف والكتابة، ولكن بعد الاطلاع علي ما كتبوه تذهب الفرحة سدي حيث نجد أن تلك المكتوبات لم تتجاوز النقل - بمعني النسخ - عن كتب الآخرين، وقد جمعت في كثير من الأحيان بشكل غير علمي ومنهج غير سليم، بل تعكس جهل صاحبها وحبه بان يذكر اسمه مع المؤلفين ليس إلا.
فالاكثار وحده غير كاشف عن علو شأن صاحب التأليفات وإنما لابد مع ذلك أن يلازم الاكثار العمق والمتانة والجدة والافادة والتحقيق والتدقيق.
وهذا بالفعل ما نجده فيما كتبه العلامة القمي رضي الله تعالي عنه، ولذا صارت
(1) ريحانة الأدب: ج 4، ص 487.
(٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، التصديق (1)، الجهل (1)
مؤلفاته محط أنظار العلماء، ومرجعا علميا للمؤلفين والمصنفين قال العلامة حرز الدين: (.. صاحب المؤلفات المفيدة … وقد حظي الشيخ بمؤلفاته حيث نالت كل اعجاب وتقدير) (1)، وقد وفقه الله تعالي توفيقا منقطع النظير في كتابه (مفاتيح الجنان) فقلما نجد بيتا من بيوت الشيعة في العالم يخلو من كتابه النفيس (مفاتيح الجنان). وهذا توفيق إلهي حظي به هذا العالم الجليل.
فهرس مؤلفاته:
وإليك ثبتا بفهرس مؤلفاته:
1 - الأنوار البهية في تاريخ النبي وآله (عليهم السلام). مجلد واحد باللغة العربية، طبع عدة مرات.
2 - الآيات البينات في أخبار أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الملاحم والغائبات (2).
وقد عده المؤلف في كتبه التي لم يتمها، وذكر أن نسخته مفقودة (3).
3 - بيت الأحزان في مصائب سيدة النسوان. عربي، طبع مرتين.
4 - الباقيات الصالحات. في الأعمال والأدعية والأذكار والأوراد. طبع في حاشية كتابه (المفاتيح) وطبع أخيرا مستقلا بطبعتين في بيروت.
5 - تحفة طوسية ونفحة قدسية (4). أو (رسالة مشهد نامة) فارسي مطبوع، وهو مختصر في شرح بناء الحرم الرضوي علي صاحبه السلام وذكر أبنية الأماكن المتعلقة به مع عدة زيارات مهمة ومعتبرة (5).
6 - تتمة المنتهي في تاريخ الخلفاء، وهو المجلد الثالث من كتابه (منتهي الآمال) بالفارسية، طبع عدة مرات بتصحيح نجله المرحوم الشيخ علي محدث زادة.
7 - تحفة الأحباب في نوادر الأصحاب، في أحوال صحابة الرسول
(١) معارف الرجال: ج ١، ص ٤٠١.
(٢ و ٣) الفوائد الرضوية: ص 222.
(4) عد الشيخ الرازي في آثار الحجة: ج 2، ص 135 كتاب التحفة الطوسية مستقلا عن كتاب النفحة القدسية.
(5) مقدمة بيت الأحزان: ص 13.
(٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب الأنوار البهية للشيخ عباس القمي (1)، مدينة بيروت (1)، الشهادة (1)
وأصحاب أئمة الهدي صلوات الله عليهم بترتيب الحروف الهجائي، مطبوع.
8 - ترجمة مصباح المتهجد للشيخ الطوسي إلي اللغة الفارسية، طبع في حاشية المصباح.
9 - ترجمة جمال الأسبوع للسيد ابن طاووس إلي اللغة الفارسية، طبع في حاشيته.
10 - ترجمة المسلك الثاني من كتاب (الملهوف في قتلي الطفوف) للسيد ابن طاووس - في حاشيته - طبع بخط المؤلف.
11 - ترجمة (زاد المعاد) للعلامة المجلسي إلي اللغة العربية وذكره المؤلف في كتبه الناقصة التي لم يتمها حين كتابة ترجمته لنفسه في كتاب الفوائد الرضوية (1).
12 - ترجمة تحفة الزائر للعلامة المجلسي إلي اللغة العربية وهو كصاحبه المتقدم حيث لا ندري هل أن المؤلف أتم ترجمة هذين الكتابين أم لا؟
13 - تتميم تحية الزائر لأستاذه النوري وقد تقدم الحديث عنه.
14 - تتميم بداية الهداية وأصل الكتاب للشيخ الاجل المحدث الشيخ الحر العاملي صاحب كتاب الوسائل.
15 - چهل حديث. بالفارسية. طبع عدة مرات.
16 - حكمة بالغة ومائة كلمة جامعة. شرح مائة كلمة من كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام).
17 - الدرة اليتيمة في تتمات الدرة الثمينة. شرح نصاب الصبيان، وهو تتميم لشرح النصاب للفاضل اليزدي. مطبوع.
18 - الدر النظيم في لغات القرآن العظيم مطبوع.
19 - دوازده أدعية مأثورة. مطبوع بالفارسية.
20 - ذخيرة العقبي في مثالب أعداء الزهراء (عليها السلام). عده المؤلف في كتبه
(1) الصفحة: 222.
(٧١)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، السيد إبن طاووس (1)، العلامة المجلسي (2)، الشيخ الطوسي (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (1)، القتل (1)
الناقصة (1).
21 - دستور العمل. مطبوع.
22 - ذخيرة الأبرار في منتخب أنيس التجار مطبوع.
23 - سبيل الرشاد في أصول الدين. مطبوع.
24 - سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار. وهو فهرس لكتاب بحار الأنوار لما يقصد منه علي ترتيب حروف المعجم، وذكر في كل مادة الحديث الوارد في تلك المادة إذا كان مختصرا وأشار إلي مضمونه وموضع الحاجة منه إذا لم يكن مختصرا. ويذكره إذا كان فيه تحقيق لنفاسته، ويذكره أيضا إذا كان فيه مطلبا مهما مقتصرا علي لبه وخلاصته. وكتب مختصرا من تراجم مشاهير أصحاب النبي وأئمة الدين صلوات الله عليهم أجمعين ونبذا من أحوال المعروفين من علماء الفريقين وبعض الشعراء والأدباء المعروفين عند ذكر أساميهم وأنسابهم وألقابهم.
وهو من أعظم مؤلفاته وقد (قضي في تأليفه السنين الطوال) (2).
25 - شرح وجيزة الشيخ البهائي (رحمه الله). وهو في الدراية.
26 - شرح الكلمات القصار لأمير المؤمنين (عليه السلام) المذكورة في آخر نهج البلاغة. ذكره في الكتب التامة ولم تطبع.
27 - شرح الصحيفة السجادية. ذكره المؤلف في كتبه الناقصة.
28 - شرح الأربعين حديث. ذكره المؤلف في كتبه الناقصة. وذكر أن نسخته موجودة (3).
(١) الفوائد الرضوية: ص 222.
(2) نقباء البشر: ج 3، ص 1001.
وقال العلامة القمي في مقدمة كتابه سفينة البحار عند ذكر عزمه علي تأليف هذا الكتاب المنيف: ( … فلما استقر علي ذلك عزمي وتم جزمي اعتزلت عن مجالس الأخلاء والأحباب وأقبلت علي تأليف هذا الكتاب … الخ) ج 1، ص 3 / س 3 و 4.
وقال الشيخ الرازي في: ج 2، ص 135: انه الفه خلال 27 سنة.
(3) مقدمة بيت الأحزان: ص 15.
(٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، الشيخ البهائي (1)، كتاب بحار الأنوار (1)، أصول الدين (1)، الصّلاة (1)، السفينة (2)، الحاجة، الإحتياج (1)
29 - صحائف النور في عمل الأيام والسنة والشهور. ذكره المؤلف في كتبه الناقصة.
30 - ضيافة الاخوان. ذكره المؤلف في كتبه الناقصة.
31 - طبقات الرجال (1). عنونه المؤلف ب (كتاب الطبقات) (2).
32 - طبقات الخلفاء وأصحاب الأئمة والعلماء والشعراء. وهو مطبوع مع كتاب تتمة المنتهي. وهو باللغة الفارسية. واحتمل بعضهم أن الكتاب المتقدم تحت عنوان (طبقات الرجال) (3) لكن العلامة الطهراني عد كتاب (طبقات العلماء، قرنا قرنا لم يتم) (4)، لما يحتمل أن المقصود من الأول كتاب (طبقات العلماء) وهو غير هذا الكتاب لاختلاف موضوعهما كما هو ظاهر.
33 - علم اليقين وهو مختصر كتاب حق اليقين للعلامة المجلسي. وهو باللغة الفارسية.
34 - الغاية القصوي في ترجمة العروة الوثقي للسيد اليزدي من أول كتاب الطهارة إلي أحكام الأموات ومن كتاب الصلاة إلي مبحث الستر والساتر.
وقد ترجمه من اللغة العربية إلي اللغة الفارسية.
35 - الفوائد الرجبية فيما يتعلق بالشهور العربية، مشتمل علي وقائع الأيام وفيه جملة من اعمال الشهور، وذكر المؤلف (رحمه الله) أن هذا الكتاب أول تصانيفه، وقد طبع بخط يده الشريفة (5).
36 - الفصول العلية في المناقب المرتضوية.
37 - الفوائد الرضوية في أحوال علماء المذهب الجعفرية. مطبوع عدة طبعات.
38 - فيض العلام في وقائع الشهور وعمل الأيام. هكذا عنونه في كتابه
(١) مقدمة بيت الأحزان: ص ١٦.
(٢) الفوائد الرضوية: ص ٢٢١.
(٣) المصدر السابق: ص ١٦.
(٤) نقباء البشر: ج ٣، ص ١٠٠١.
(٥) الفوائد الرضوية: ص 221.
(٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب فيض العلام (1)، كتاب حق اليقين للسيد الشبر (1)، العلامة المجلسي (1)، الصّلاة (1)
(الفوائد الرضوية) (1)، وقد عنونه في مقدمة نفس الكتاب المطبوع بعنوان (فيض العلام في عمل الشهور ووقائع الأيام) (2).
39 - فيض القدير فيما يتعلق بحديث الغدير. وهو مختصر لمجلدي غدير عبقات الأنوار للسيد المحدث العالم المتكلم المحقق المدقق المؤيد المسدد محيي السنة، وسيف الأمة، فخر الشيعة، وحامي الشريعة سيدنا الأجل، مولانا المير حامد حسين الهندي أسكنه الله بحبوحة جناته وحشرنا تحت لوائه (3).
40 - الفوائد الطوسية. وهو (مجموعة شبيهة بالكشكول) (4). وعده في كتبه التي لم يتمها (5).
41 - قرة الباصرة في تاريخ الحجج الطاهرة.
42 - الكني والألقاب. وهو تراجم من عرف بالكنية أو اللقب باللغة العربية وقد طبع مرارا في ثلاث مجلدات.
وقال العلامة المرحوم الشيخ محمد حرز الدين: (.. وكتاب الكني والألقاب في التراجم ترجم فيه علماء الفريقين بثلاثة أجزاء طبع في صيدا سنة 1358 وهو كتاب متين جدا يعتمد عليه وهو أحسن مؤلفاته) (6).
44 - كلمات لطيفة.
45 - كحل البصر في سيرة سيد البشر. باللغة العربية. مطبوع مرارا.
46 - الكشكول. وهذا غير الكشكول المتقدم بعنوان (الفوائد الطوسية) وقد ذكرهما المؤلف بعنوانين الأول في كتبه التي لم يتمها والثاني بكتبه التي أتمها.
47 - رسالة في (گناهان كبيرة وصغيرة) مطبوع باللغة الفارسية وهو في تعداد الذنوب الكبيرة والذنوب الصغيرة.
48 - اللآلئ المنثورة في الاحراز والأذكار المأثورة. مطبوع.
49 - مختصر الأبواب في السنن والآداب، وهو مختصر حلية المتقين للعلامة
(١) الفوائد الرضوية ص ٢٢١.
(٢) فيض العلام: ص ١٠.
(٣ - ٥) الفوائد الرضوية: ص 222.
(6) معارف الرجال: ج 1، ص 401.
(٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب فيض العلام (2)، حديث الغدير (1)
المجلسي بالفارسية. مطبوع.
50 - مفاتيح الجنان في الأدعية والأوراد والأذكار والزيارات وأعمال الأيام والشهور.
وقد ترجم إلي عدة لغات وطبع عشرات المرات.
51 - منازل الآخرة والمطالب الفاخرة، وهو هذا الكتاب.
52 - المقامات العلية. وهو مختصر (معراج السعادة) للمحقق الأوحد المولي الشيخ أحمد النراقي بالفارسية وقد كتبه علي نسق كتابة والده المولي الشيخ محمد مهدي النراقي المسمي ب (جامع السعادات) بالعربية المطبوع مرارا.
53 - منتهي الآمال في ذكر مصائب النبي والآل (عليهم السلام) وهو باللغة الفارسية طبع مرارا.
54 - مقاليد الفلاح في عمل اليوم والليلة.
55 - مقلاد النجاح وهو مختصر للكتاب المتقدم.
56 - مختصر المجلد الحادي عشر من كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي. والمجلد الحادي عشر في الطبعة الحجرية يقابل المجلد (46 - 47 - 48) في أحوال (الإمام السجاد، والإمام الباقر، والإمام الصادق، والإمام الكاظم) (عليهم السلام) جميعا.
57 - مختصر (الشمائل) للترمذي (1).
58 - مسلي الفؤاد بفقد الاخوة والأحباب. ذكره في قسم كتبه غير التامة.
59 - غاية المرام في تلخيص دار السلام، وهو مختصر دار السلام فيما يتعلق بالرؤيا والمنام لأستاذه الشيخ النوري أعلي الله مقامه.
60 - نفس المهموم في مصيبة سيدنا الحسين المظلوم (عليه السلام).
61 - نفثة المصدور فيما يتجدد به حزن العاشور.
(١) وهو مختصر (الشمائل المحمدية) للحافظ أبي عيسي محمد بن عيسي الترمذي المتوفي سنة 279. باللغة العربية وقد طبع أخيرا.
(٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، كتاب منازل الآخرة والمطالب الفاخرة للشيخ عباس القمي (1)، كتاب منتهي الأمال للمحدث القمي (1)، العلامة المجلسي (2)، كتاب بحار الأنوار (1)، الحزن (1)، الصدق (1)، كتاب الشمائل المحمدية للترمذي (1)، محمد بن عيسي (1)
قال المؤلف (رحمه الله) في مقدمته:
(بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام علي عباده الذين اصطفي وبعد:
فهذه وجيزة كتبناها لتلحق بكتابنا نفس المهموم في مقتل الحسين المظلوم صلوات الله عليه، مشتملة علي فصول وخاتمة سميتها " نفثة المصدور فيما يتجدد به حزن يوم العاشور "، ومن الله تعالي الاستعانة، وعليه التوكل في كل الأمور).
وقد عنونه البعض " نفس المهموم ونفثة المصدور " ويبدو انهما كتابان من حيث التصنيف وان ألحق الثاني بالأول.
وهما باللغة العربية، وقد ترجما إلي اللغة الفارسية.
62 - نزهة النواظر في ترجمة معدن الجواهر. وهو تأليف الشيخ العالم الجليل والثقة الفقيه أبو الفتوح محمد بن علي الكراجكي تلميذ الشيخ المفيد والسيد المرتضي رضوان الله عليهم أجمعين. وطبع عدة مرات.
63 - نقد الوسائل لباب وسائل (1).
64 - هدية الزائرين وبهجة الناظرين. وقد احتوي علي زيارات الحجج الطاهرين (عليهم السلام) والمقامات الشريفة وقبور العلماء التي في المشاهد المقدسة وأعمال الشهور وأعمال الأسبوع وأعمال اليوم والليلة. مطبوع (2).
65 - هدية الأحباب في المعروفين بالكني والألقاب والأنساب. بالفارسية مطبوع عدة مرات.
66 - غاية المني في المعروفين بالألقاب والكني. هكذا عنونه المؤلف (رحمه الله) في مقدمة كتابه (هدية الأحباب) وعده تحت الرقم (5) من كتبه غير المطبوعة، ولعله الكتاب المتقدم تحت عنوان (الكني والألقاب - مختصر صغير) والله تعالي أعلم.
وقد عنونه العلامة الطهراني (غاية المني في ترجمة المعروفين بالألقاب والكني
(١) هكذا عنونه المؤلف في الفوائد الرضوية: ص ٢٢٢.
(٢) الفوائد الرضوية: ص 221.
(٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي (1)، كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (1)، كتاب معدن الجواهر لأبو الفتح الكراجكي (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، محمد بن علي الكراجكي (1)، الحزن (1)، الشهادة (1)
من أبناء العامة) (1).
67 - هداية الأنام إلي وقائع الأيام، مختصر كتاب (فيض العلام) الذي تقدم ذكره في مؤلفاته.
68 - ترجمة اعتقادات العلامة المجلسي. وقد طبع أخيرا في العدد الخامس من مجلة (كيهان أنديشه) (2).
وذكره المؤلف في كتابه الفوائد الرضوية أن له (غير ذلك من الرسائل والمؤلفات المختصرة) (3).
وقال ولده في مقدمة فيض العلام: ( … وقد بقيت منه آثار مفيدة جدا ونفيسة وهي تصل إلي ما يقارب الأربعة والسبعين مجلد وأكثرها قد طبعت) (4).
ملامح شخصيته:
جوانب القدوة كثيرة في شخصية القمي وقد استشهد لها بقصص وقضايا متعددة، ولا يضرها انها أحاديث وقائع جزئية، فالحدث الجزئي تكمن وراءه الدوافع الحقيقية المحركة له والتي تعبر عن الملكة الجمالية المنعكسة بالصورة الجميلة لتلك الحركة أو ذلك الموقف.
ولابد من التأكيد ان التاريخ لم ينصف العظماء في أغلب الأحيان، ولعل عدم وجود متابعة لحركاتهم ومواقفهم يعد أحد الأسباب التي ساهمت في ذلك الاجحاف، ولذلك فإننا ومهما تتبعنا في معرفة جوانب العظمة في أولئك فسوف لا نحصل إلا علي النزر القليل منها. وهذا ما حصل مع الشيخ القمي كما حصل مع غيره من أولئك الاجلاء.
ولأننا نريد أن نعرف القدوة وجوانب العظمة في حياة القمي فإننا سوف نتابع ما انتبه إليه الآخرون وذكره المؤرخون في كتبهم، ونقر بأنه فات أولئك وفاتنا
(1) نقباء البشر: ج 3، ص 1001.
(2) مقدمة منازل الآخرة لناشره بالفارسية الطبعة الأخيرة.
(3) صفحة 222.
(4) صفحة 8.
(٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب فيض العلام (2)، العلامة المجلسي (1)، الشهادة (1)
الشئ الكثير من تلك الصور الجمالية في حياته (1).
نكران الذات:
ومن تلك القضايا نقل ولده عن المرحوم سلطان الواعظين الشيرازي - مؤلف كتاب (شبهاي پيشاور) - انه قال: في بداية انتشار كتاب مفاتيح الجنان، كنت في سرداب الغيبة في سامراء وكان بيدي الكتاب أزور به فرأيت شيخا جالسا مشتغلا بالذكر وكان يلبس قباءا من الكرباس وعلي رأسه عمامة صغيرة، فسألني الشيخ:
لمن هذا الكتاب؟
فأجبته: للمحدث القمي سماحة الشيخ عباس، ثم أخذت بمدحه.
فقال الشيخ: انه لا يستحق ذلك، فلا تتعب نفسك بمدحه.
فقلت: قم يا شيخ واخرج من هنا، ولا تتكلم بعد ذلك بمثل هذا الكلام.
وكان بجنبه أحد الأشخاص فغمزني بيده في خاصرتي وقال: تأدب، فان هذا هو نفسه الشيخ القمي.
فقمت من مكاني وقبلته من وجهه واعتذرت منه وأصررت أن اقبل يده، ولكنه امتنع وأخذ يدي بقوة وقبلها وقال: أنت سيد (2).
وعندما كان مقيما في المشهد الرضوي فإنه كان يرتقي المنبر في شهر رمضان المبارك في مسجد گوهر شاد، فجاء الشيخ عباس التربتي وهو من العلماء الأبرار والروحانيين الأتقياء من مدينته التي كان مقيما فيها وهي (تربة حيدرية) إلي المشهد الرضوي ليستفيد في شهر رمضان المبارك من مواعظ الشيخ عباس القمي التي يلقيها من علي منبره ذلك، وكانت تربطه بالشيخ القمي علاقة صداقة قديمة، فصادف في أحد الأيام ان وقع نظر الشيخ القمي وهو علي المنبر فرأي الشيخ عباس التربتي جالسا في زاوية من المجلس الذي كان مكتظا بالناس وهو يستمع
(1) لابد من التنبيه أن أكثر القضايا التي ترجمناها عن الكتب الفارسية قمنا باختصارها وبتصرف لا يخل بمعني القصة عموما لأسباب فنية.
(2) راجع كتاب (حاج شيخ عباس قمي مرد تقوي وفضيلت): ص 61 و 62.
(٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مشهد المقدسة (2)، مدينة سامراء المقدسة (1)، شهر رمضان المبارك (2)، كتاب مفاتيح الجنان (1)، السجود (1)، اللبس (1)
إليه فقال عند ذلك: أيها الناس لقد شرف مجلسنا الحاج الأستاذ فاستفيدوا منه، ومع اكتظاظ الناس ليستمعوا إليه فإنه نزل من المنبر وطلب من الآخوند الشيخ عباس التربتي أن يرتقي المنبر في ذلك المجلس الضخم إلي آخر شهر رمضان المبارك وبعد ذلك لم يصعد الشيخ القمي المنبر في ذلك الشهر الشريف (1).
عبادته:
كان متعلقا بصلاة الليل والتهجد وتلاوة القرآن وقراءة الأدعية والأوراد والأذكار المأثورة عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فكان ملتزما ببرنامجه العبادي طول السنة حيث يقوم من النوم بساعة قبل طلوع الفجر فيبدأ بالعبادة والصلاة، وكان مواظبا علي قيام الليل والتهجد واستمر عليه إلي آخر عمره وكان يعتقد أن أفضل عمل مستحب هو قيام الليل والتهجد.
ونقل عنه ابنه الكبير انه قال: اني أتذكر بأنه لم يفته القيام في آخر الليل حتي في أسفاره (2).
وقال أحد أبنائه: انه وفي إحدي ليالي الجمعة في النجف الأشرف وبعد صلاة الليل أخذ بقراءة سورة (يس) فعندما وصل إلي قوله تعالي: * (هذه جهنم التي كنتم توعدون) * كررها مرارا وتغيرت أحواله وهو يقول مكررا (أعوذ بالله من النار) بحيث لم يمكنه أن يتم قراءة بقية السورة، وبقي علي ذلك الحال إلي أذان الصبح (3).
وقد وصف بأنه كان في الحقيقة يعتقد ويعمل بكل ما كتبه في كتابه مفاتيح الجنان من الأوراد والأذكار والأدعية والزيارات والأعمال وغيرها.
مراقبته لنفسه:
كان شديد المراقبة لحركاته وسكناته ويجهد أن لا يعمل عملا إلا طبق رواية
(1) راجع كتاب (حاج شيخ عباس قمي مرد تقوي وفضيلت): ص 61 و 62.
(2) فضيلت هاي فراموش شده (فارسي): ص 8.
(3) راجع المصدر السابق.
(٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الليل (1)، الأئمة الأثنا عشر عليهم السلام (1)، مدينة النجف الأشرف (1)، شهر رمضان المبارك (1)، سورة يس (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (1)، الإستحباب (1)، الحج (1)، النوم (1)
أو حديث شريف ورد عن المعصومين (عليهم السلام).
وكان يراقب نيته التي لا يطلع عليها أحد إلا الله عز وجل ويحاول جاهدا أن يكون إخلاصه للحق تعالي في أعلي مراتب الاخلاص والانقطاع عن أحد غيره.
* وقد نقلت حادثة غريبة تصور حالة مراقبته لنفسه ونيته بشكل دقيق فقد طلب منه جماعة من المؤمنين في مشهد المقدسة أن يصلي بهم صلاة الجماعة في مسجد گوهر شاد، فبعد الالحاح لبي الطلب وابتدأ امامة الجماعة في إحدي أواوين المسجد المتروكة، ثم أخذت الجماعة بالازدياد شيئا فشيئا، ولم تمض عشرة أيام من اقامته الجماعة إلي أن كان في يوم من الأيام وبعد ان أتم صلاة الظهر طلب من أحد الحاضرين أن يصلي صلاة العصر، ثم ذهب ولم يعد إلي امامة صلاة الجماعة وعندما سئل عن السبب في انقطاعه قال: في الحقيقة اني كنت في ركوع الركعة الرابعة فسمعت صوت أحد المصلين خلفي ينادي (يا الله يا الله، أن الله مع الصابرين) وكان يجئ ذلك الصوت من مكان بعيد فجاء في ذهني كبر الجماعة وضخامتها فصار في نفسي نوع ارتياح غير إرادي، وعليه فقد علمت بأني لست أهلا لصلاة الجماعة.. (1).
* ونقل أيضا: طلب بعض الخيرين في أحد السنين من الشيخ القمي أن يتحمل مصرف مجلس وعظ الشيخ وتعهد أن يدفع له مبلغا مقداره (50) دينارا عراقيا وكان مصرف الشيخ آنذاك ثلاثة دنانير للشهر الواحد.
فقال الشيخ القمي: اني ارتقي المنبر لأجل الإمام الحسين (عليه السلام) وليس لشئ آخر.
ولذلك فإنه لم يقبل منه شيئا.. (2).
* ونقل عنه ابنه انه قال له مرة عندما الفت وطبعت منازل الآخرة في قم فقد وقع الكتاب بيد الشيخ عبد الرزاق مسألة گو وكان كل يوم يشرح مسألة من المسائل الشرعية قبل صلاة الظهر في الحرم المطهر للسيدة
(1) محدث قمي: ص 53.
(2) محدث قمي: ص 54.
(٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، مدينة مشهد المقدسة (1)، صلاة الجماعة (3)، الركوع، الركعة (1)، السجود (1)، الصّلاة (2)، السب (1)، الجماعة (3)، العصر (بعد الظهر) (1)
المعصومة سلام الله عليها.
وكان والدي المرحوم الكربلائي (1) محمد رضا من المتأثرين به، وكان الشيخ عبد الرزاق يأخذ كتاب منازل الآخرة في النهار ويقرأ فيه لمستمعيه.
وفي أحد الأيام جاء والدي إلي البيت وقال: يا شيخ عباس ليتك تصير مثل الشيخ (مسألة گو) ويمكنك أن ترتقي المنبر وتقرأ في هذا الكتاب الذي قرأ لنا منه.
فأردت ولعدة مرات أن أقول له ان هذا الكتاب من مؤلفاتي، ولكني امتنعت كل مرة ولم أتكلم بشئ، إلا اني قلت له: ادعو الله تعالي أن يوفقني (2).
تقديسه لكتب الأخبار:
ذكر طيب الله رمسه في كتابه الفوائد الرضوية عندما تحدث عن أحوال السيد نعمة الله الجزائري قال: (انه لكثرة مطالعته وكتابته أصاب عينه ضعف واستشفي بتربة قبر سيد الشهداء (عليه السلام) وتراب مراقد أئمة العراق (عليهم السلام)، وكان يكتحل بذلك التراب فعوفي ببركة ذلك التراب الطيب..). ودفعا للاستغراب ذكر قضية الحية واستشفائها ببعض النباتات البرية، فلا عجب أن يجعل الله تعالي الشفاء من جميع الأمراض في تربة ابن نبيه (صلي الله عليه وآله)، ثم نقل تجربته، فقال ما تعريبه: (وإذا أصاب عيني ضعف نتيجة كثرة الكتابة فاني أتبرك بتراب مراقد الأئمة (عليهم السلام) وأحيانا أتبرك بمس كتابة الأحاديث والأخبار ولذلك فعيني سليمة بذلك ولله الحمد ورجائي أن تكون عيني سليمة في الدنيا والآخرة ببركاتهم إن شاء الله تعالي (3).
ونقل عن ولده الشيخ محدث زاده انه قال:
(لا أنسي عندما كنا في النجف الأشرف انه استيقظ من نومه صباح أحد الأيام - في حدود سنة 1357 ه يعني بسنتين قبل وفاته - وقال: إن عيني تؤلمني في هذا
(١) الكربلائي: لقب مستخدم في إيران يطلق علي من وفق لزيارة كربلاء المقدسة. مقابل (مشهدي) لمن وفق لزيارة مشهد المقدسة.
(٢) محدث قمي: ص ٥٥ - ٥٦.
(٣) الفوائد الرضوية: ص 695.
(٨١)
صفحهمفاتيح البحث: قبر الحسين (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، دولة العراق (1)، مدينة النجف الأشرف (1)، النوم (1)، مدينة مشهد المقدسة (1)، دولة ايران (1)، مدينة كربلاء المقدسة (1)
اليوم كثيرا، ولا أقدر علي المطالعة والكتابة.
وكان متألما جدا ولسان حاله يقول: لعل أهل بيت النبي (صلي الله عليه وآله) قد طردوني من بابهم. وكان من عادته أن يقول ذلك أحيانا بتأثر ويبكي).
وأضاف الشيخ محدث زاده:
(وكنت في ذلك الوقت مشغولا بالدراسة، فذهبت إلي المدرسة وعندما رجعت في الظهر إلي البيت رأيته مشغولا بالكتابة، فقلت له: هل تحسنت عينك؟
فقال: قد ذهب الوجع كله.
فسألته: وكيف عالجتها؟
فأجاب: توضأت وجلست قبال القبلة وأخذت كتاب الكافي وفتحته علي عيني، فزال الوجع من عيني.
وبعد ذلك فان عينه لم تؤلمه إلي آخر عمره).
* وكان كتاب الكافي هذا الذي نشره علي عينه مخطوطا بخط الفقيه المشهور الملا عبد الله التوني صاحب كتاب (الوافية) وكان المحدث القمي معتزا به كثيرا.
* وعندما كان مقيما في المشهد الرضوي مرض ولده الصغير فأحضر له دواءا شعبيا وضع فيه قليلا من السكر وجئ به ليشربه وحينئذ وضع المحدث القمي إصبعا من يده اليمني في ذلك الشراب وحركه في داخل الاناء. فقالت له زوجته:
انتظر حتي آتيك بملعقة.
فأجابها الشيخ: كان قصدي من ذلك الاستشفاء، لأني بهذه اليد كتبت آلافا من أحاديث الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) (1).
ونقل عنه: انه كان لا يأخذ كتب الحديث ولا يمسها إلا علي طهارة ووضوء، وإذا أراد أن يقرأ في كتب الأحاديث فإنه يجلس علي ركبتيه متأدبا ويتوجه إلي القبلة ثم يبدأ بالمطالعة.
(1) راجع (شيخ عباس قمي مرد تقوي وفضيلت): ص 56.
(٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، مدينة مشهد المقدسة (1)، البكاء (1)، الزوجة (1)، المرض (1)، الطهارة (2)، الإناء، الأواني (1)
احتياطه بالرواية:
كان غالبا يأخذ الكتاب معه عندما يرتقي المنبر ليقرأ منه علي المستمعين الحديث الذي يريد أن ينقله لهم، أو يقرأ التعزية (1).
وقد نقل عن بعض علماء طهران انه قال: حضرت تحت منبر الشيخ عباس في بعض أيام شهر رمضان بمشهد فقال ذات يوم خلال حديثه: اني رأيت في المنام كأني آتي بالمفطر في شهر رمضان وفسرته باني قد اشتبه في نقل الحديث فأزيد وانقص غفلة، ولذلك اصطحبت الكتاب معي في هذا اليوم لأقرأ فيه (2).
فمع اطلاعه الواسع ومعرفته بتاريخ النبي (صلي الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) لكنه ولشدة احتياطه يقرأ الأحاديث والتعزية في الكتاب.
احترامه لأسماء المعصومين (عليهم السلام):
وقيل إنه كان لا يذكر اسم النبي (صلي الله عليه وآله) أو أحد المعصومين (عليهم السلام) إلا وهو علي طهر ووضوء ويعتبر أن ذكر أسمائهم بغير طهارة ووضوء من سوء الأدب، ويعتبر الاكتفاء بوضع علامة (ص) بعد اسم النبي (صلي الله عليه وآله)، أو (ع) بعد اسم أحد المعصومين (عليهم السلام) نوع حرمان من السعادة الإلهية.
قال في منتهي الآمال عند ذكره أحوال الإمام الصادق (عليه السلام)، فنقل عن الشيخ الصدوق عن مالك بن انس - مؤسس المذهب المالكي أحد المذاهب الأربعة - في وصفه للإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: (فإذا قال - أي الإمام الصادق (عليه السلام) - قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) اخضر مرة واصفر أخري حتي ينكره من يعرفه … ) وعقب الشيخ القمي علي الخبر بما تعريبه: (تأمل جيدا في حال الإمام الصادق (عليه السلام) وتعظيمه واجلاله لرسول الله (صلي الله عليه وآله) كيف يتغير حاله عند نقله الحديث عنه (صلي الله عليه وآله) وذكره اسمه الشريف (صلي الله عليه وآله) مع أنه ابن رسول الله (صلي الله عليه وآله) وقطعة من بدنه، فتعلم ذلك واذكر اسم
(1) مردان علم در ميدان عمل: ص 97.
(2) راجع (شيخ عباس قمي مرد تقوي وفضيلت).
(٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (4)، الأئمة الأثنا عشر عليهم السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، كتاب منتهي الأمال للمحدث القمي (1)، شهر رمضان المبارك (2)، مدينة طهران (1)، الشيخ الصدوق (1)، مالك بن أنس (1)، الوسعة (1)، الطهارة (1)
الرسول (صلي الله عليه وآله) بغاية التجليل والاحترام وصلي عليه بعد ذكر اسمه المبارك، وإذا كتبت اسمه الشريف في مكان فاكتب الصلوات بشكلها الحروفي ولا تكتفي بالرمز والإشارة فتكون كبعض المحرومين من الرحمة الذين يكتفون برمز (ص) أو (صلعم) ونحو ذلك. بل لا تذكر اسمه المبارك (صلي الله عليه وآله) ولا تكتبه إذا لم تكن علي وضوء وطهارة، ومع ذلك كله اطلب العذر منه (صلي الله عليه وآله) لأنك قصرت بأداء حقه (صلي الله عليه وآله) (1).
حبه لأهل البيت (عليهم السلام):
والحب لهم صلوات الله عليهم أجمعين علامة الايمان وطهارة المولد، وكان القمي كباقي الصالحين من عشاقهم (عليهم السلام) وممن يحيي أمرهم، ويعتبر التوسل بهم الوسيلة التي تقربه إلي الله عز وجل وبهم تقضي له حاجاته.
ونقل عن القمي انه كان كثير البكاء في مجالس مصائبهم (عليهم السلام) وتجد ذلك واضحا فيما ألفه من الكتب النفيسة التي تعكس علاقته وتعلقه بهم (عليهم السلام).
احترامه للذرية الطاهرة:
كان يعظم السادة من ذرية النبي (صلي الله عليه وآله) ويحترمهم أشد الاحترام، فقد نقل عنه انه كان يتأدب أمام أي سيد من السادة ويقدمه علي نفسه حتي لو كان طفلا بحيث لم ير المحدث القمي يوما قد بسط رجليه أمام سيد سواءا كان جالسا في غرفة أو بيت أو ساحة (2).
والقصة المتقدمة عن سلطان الواعظين الشيرازي تؤيد هذه الحقيقة (3).
* وذكر أيضا: قبل وفاته بساعات جئ له بعصير تفاح ليشرب، وكانت في منزله طفلة علوية من السادة، فقال المحدث: أعطوا العصير للطفلة العلوية لتشرب أولا وبعد ذلك آتوني بالباقي.
(1) منتهي الآمال: ج 2، ص 138 - 139.
(2) محدث قمي: ص 43.
(3) تقدمت القصة في ص 78.
(٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، طيب (طهارة) المولد (1)، البكاء (1)، الصّلاة (2)، كتاب منتهي الأمال للمحدث القمي (1)
وقد فعل من حوله ذلك فاعطوه للطفلة العلوية فشربت منه مقدارا ثم جاؤوا بالباقي فشربه المحدث، وقال اني قصدت من وراء ذلك الاستشفاء (1).
وقد جاءت في الرويات الكثيرة عن أهل بيت العصمة والطهارة لزوم احترام الذرية الطاهرة، منها:
روي الصدوق باسناده عن دعبل الخزاعي عن الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذريتي من بعدي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم عند اضطرارهم، والمحب لهم بقلبه ولسانه " (2).
وروي الطوسي بأماليه بإسناده عن الإمام موسي بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) عن فاطمة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهما قال: " قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): أيما رجل صنع إلي رجل من ولدي صنيعة فلم يكافئه عليها فأنا المكافئ له عليها " (3).
وفي صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: " قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) من اصطنع صنيعة إلي واحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها في الدنيا، فأنا أجازيه غدا إذا لقيني يوم القيامة " (4).
وروي الشيخ المفيد في أماليه بإسناده عن محمد بن الحنفية قال: " قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرف حقنا " (5).
خطابته ووعظه:
الوعظ والخطابة والارشاد من المهمات الكبيرة التي قام بها الأنبياء
(1) عن (حاج شيخ عباس قمي مرد تقوي وفضيلت) ص 64.
(2) عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 253 - 254، ونقله عنه في البحار: ج 96، ص 220، ح 10.
(3) الأمالي للطوسي: ج 1، ص 365، وعنه في البحار ج 96، ص 225، ح 23.
(4) الصحيفة المنسوبة للإمام الرضا (عليه السلام): ص 2. عيون أخبار الرضا للصدوق: ج 1، ص 259، ونقله في البحار: ج 96، ص 231، ح 231.
(5) الأمالي للمفيد: ص 17 - 18، طبعة النجف. ونقله في البحار: ج 96، ص 231.
(٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، محمد بن الحنفية إبن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام (1)، يوم القيامة (2)، الشاعر دعبل الخزاعي (1)، الشيخ الصدوق (2)، موسي بن جعفر (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (2)، كتاب أمالي الصدوق (2)، مدينة النجف الأشرف (1)
والأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين، ولكن لظروف لم تعرف أصولها، تقلصت هذه المهمات من مساحة التبليغ واعتبرت ضمن أعراف حوزوية معينة بأنها مهنة أناس يحترفونها، ولابد للأجلاء من العلماء أن يتنزهوا عنها لأنها لا تليق وشأنهم، وقد أخذت هذه الأفكار غير الصائبة تنزوي وتزول خصوصا بعد انتصار الثورة الاسلامية المباركة حينما تصدي للخطابة والوعظ كبار العلماء والمجتهدين وعلي رأسهم إمام الأمة (قدس الله روحه الطاهرة).
ونجد إيمان القمي وتقواه وحبه لهداية المؤمنين قد تصدي لهذه المهمة الكبيرة من موقع الوظيفة الشرعية بدون أن يحترفها (1)، وقد سار أثر خطي أستاذه النوري (رحمه الله).
وكانت لمواعظه أثرها الكبير في النفوس لأنه كان يتحدث بما يعتقد به وبما عمل به قبل أن يتحدث عنه (2).
وقد روي الطوسي في أماليه بالإسناد عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: (من تعلم لله عز وجل وعمل لله وعلم لله، دعي في ملكوت السماوات عظيما، وقيل تعلم لله، وعلم لله) (3).
وروي البرقي بإسناده عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: في ضمن رواية: " أشد الناس حسرة يوم القيامة الذين وصفوا العدل ثم خالفوه " (4).
وقد نقل عن بعض حضار مجلسه انه قال: لقد كان كلام الشيخ القمي يجعل الانسان بعيدا وممتنعا عن السيئات والأعمال والذنوب لمدة أسبوع علي الأقل، ويكون متوجها إلي الله تعالي والي العبادة (5).
(1) وكشاهد علي ذلك القصة التي تقدمت في ص 80.
(2) محدث قمي: ص 57.
(3) الأمالي للطوسي: ج 1، ص 170، المجلس 6، ح 32.
(4) المحاسن للبرقي: ص 120، (كتاب عقاب الأعمال)، باب 64، ح 1.
(5) مردان علم در ميدان عمل: ص 97.
(٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، يوم القيامة (1)، الصّلاة (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)
* ونقل عن بعض علماء النجف: كانت طريقة الشيخ عباس عندما يرتقي المنبر ويبدأ حديثه ينقل في البداية الخبر ثم يذكر سند الحديث ورجال السند ثم يتحدث عن حياتهم وحالهم في الوثاقة وغيره، فإذا وصل به الحديث إلي المعصوم (عليه السلام) فإنه يتغير ويتخيل السامع انه يري المعصوم (عليه السلام) رأي العين.
* ونقل عن أحد كبار علماء مشهد في وقته آغا بزرگ الحكيم انه كان يحب اثنين من العلماء أكثر من غيرهم أحدهما آية الله السيد حسين القمي والآخر الشيخ عباس القمي وكان يقول: من يريد أن يستنير بكلام أهل البيت (عليهم السلام) فليحضر منبر الشيخ عباس.
* ونقل عن أحد العلماء انه كان للمرحوم (بلور فروش) القمي مجلس عزاء سنوي في أيام الفاطمية الأولي في البيت الذي سكنه آية الله البروجردي 16 سنة، وكان لا يدعو للخطابة غير الشيخ عباس القمي، وكان المجلس يعد أحسن مجلس في قم المقدسة يحضره جميع الطبقات وبالخصوص العلماء، وكان الناس ينتظرون أيام الفاطمية ليحظوا بمجلس الشيخ القمي.
* وقد أدخل المؤسس آية الله الشيخ الحائري (رحمه الله) في إيران احياء مصائب سيدة نساء العالمين (عليها السلام) في الفاطمية الثانية وكان يحضر للمنبر الشيخ عباس القمي وكان المجلس يكتظ بالعلماء والفضلاء وطلبة العلوم الدينية وسائر الناس.
وكان المرحوم الهسته اي الأصفهاني يخطب أولا فإذا أتم مجلسه ارتقي المنبر الشيخ القمي بعده ولشدة تعلق الناس بالشيخ القمي فإنهم كانوا يبقون في المجلس يستمعون باصغاء كامل إلي حديث الشيخ القمي دون أن يتفرقوا.
* وكان يرتقي المنبر في النجف الأشرف في (مسجد الهندي) المعروف صباح كل يوم من العشرة الأولي لمحرم، وكان مجلسه يزدحم بالناس أكثر من جميع مجالس النجف مع أنه كان يتحدث لمدة لا تقل عن ساعتين.
وكان في يوم العاشر لا يقرأ إلا المقتل ولا يتحدث إلا عن مصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) ومظلوميته. وكان يضج المجلس بالبكاء ويبكي العلماء
(٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، دولة ايران (1)، مدينة النجف الأشرف (3)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، البكاء (1)، الشهادة (1)، القتل (1)، السجود (1)
والفضلاء بكاءا شديدا.
* ووصف نجله الشيخ محدث زاده مجلسه ووعظه ما تعريبه ملخصا: وكان الناس في أوقات فراغه، وبالخصوص في أيام إقامة العزاء يستفيدون منه بمواعظه الطيبة، وخطبه النافعة. والحق فان لخطاباته آثارا خاصة وذات جذابية تكسب إليها كل القلوب) (1) فقد كان واعظا متعظا يرقي المنبر، ويلقي علي سامعيه الأحاديث المنقولة عن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) مع تحفظ علي ضبطها ودقة في قراءة ألفاظها.
ويعظ الناس ودموعه منهمرة تسيل علي لحيته الكريمة، وربما منعته من الاستمرار في حديثه، وخاصة عند ذكر مصائب المعصومين (عليهم السلام)، وما ورد عليهم من الآلام والفجائع علي أيدي أعدائهم وغاصبي حقوقهم) (2).
تقواه وزهده وتواضعه:
قال زميله الطهراني: (كنا نسكن غرفة واحدة في بعض مدارس النجف، ونعيش سوية، ونتعاون علي قضاء لوازمنا وحاجاتنا الضرورية حتي تهيئة الطعام، وبقينا علي ذلك بعد وفاة شيخنا … وقد عرفته خلال ذلك جيدا، فرأيته مثال الانسان الكامل ومصداق رجل العلم الفاضل.
وكان يتحلي بصفات تحببه إلي عارفيه، فهو حسن الأخلاق جم التواضع، سليم الذات، شريف النفس، يضم إلي غزارة الفضل تقي شديدا، والي الورع زهدا بالغا، وقد أنست بصحبته مدة وامتزجت روحي بروحه زمنا..) (3).
وقال الشيخ حرز الدين (رحمه الله) في وصفه: ( … عالم كامل ثقة عدل متتبع، بحاثة عصره، أمين، مهذب، زاهد، عابد، صاحب المؤلفات المفيدة..) (4).
وقال نجله الشيخ محدث زادة: (وكان بأخلاقه وزهده وتقواه وطهارته -
(1) مقدمة منتهي الآمال: ص 5.
(2) مقدمة نفس المهموم للحسيني: ص 6.
(3) نقباء البشر: ج 3، ص 999.
(4) معارف الرجال: ج 1، ص 401.
(٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (1)، الطعام (1)، الكرم، الكرامة (1)، الطهارة (1)، التواضع (1)، الوفاة (1)، كتاب منتهي الأمال للمحدث القمي (1)
وبدون مبالغة - مرشدا وداعيا للمجتمع، بل يمكن أن يقال انه كان نموذجا للصالحين والعظماء في عصره..) (1).
* وقد تحدث الكثير عن زهده فقالوا: انه كان يلبس ملابسا بسيطة فكانت ملابسه عبارة عن قباء كرباس نظيف جدا ومطيب، ومر عليه الشتاء والصيف عدة مرات وهو لابس ذلك القباء الكرباسي، فلم يكن ابدا يفكر في الملابس والكماليات.
* وكان فراش بيته من البسط العادية التي تسمي ب (گليم).
* وكان لا يصرف علي نفسه من (سهم الإمام (عليه السلام))، وكان يقول اني لا استحقه.
* وكان محتاطا في طعامه أيضا، فمع انه كان مبتلي بمرض الربو (ضيق التنفس)، ولم يكن ينسجم مع صحته أي طعام وانما لابد وأن لا يكون فيه ضرر علي صحته، ومع ذلك كله فإنه كان لا يهتم إلي نوع الغذاء وكميته، وكان يأكل أي طعام قدم له، وبأي مقدار ممكن.
* وفي مرة من المرات عندما كان الشيخ في النجف الأشرف قدمت له امرأتان كانتا تسكنان في مدينة (بمبي) ومن أقرباء (آقا كوچك) من وجهاء النجف الأشرف، والتمستا منه أن يتقبل منهما في كل شهر (75) روپية ليدفعه مقدارا في معيشته. وكان مصرف عائلته شهريا لا يتجاوز (50) روپية.
ولكن الشيخ امتنع عن قبول هذا المبلغ، فأصر الميرزا محسن محدث زاده - ولده الصغير - أن يقبل ذلك المبلغ، ولكنه لم يستجب إلي أن يئست المرأتان وخرجتا، فحينما ذهبتا قال الولد للوالد: انني سوف لا اقترض من السوق شيئا لمصرف البيت فيما بعد.
فقال الحاج الشيخ عباس: اسكت. فاني لا أدري بماذا أجيب الله تعالي
(1) تتمة المنتهي: ص 5.
(٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (2)، المرض (1)، الطعام (2)، الأكل (1)، اللبس (1)، الحج (1)
وصاحب الزمان (سلام الله عليه) يوم القيامة عن هذا المقدار الذي اصرفه فكيف تريدني أن أثقل حملي أكثر من هذا؟
* وكان أحد الأشخاص من تجار طهران يقدم له مبلغا متواضعا من المال إلي آخر عمره، وكان هو يقتصد جدا بمعيشته. وقد جاءه في أواخر عمره شخص من همدان إلي النجف الأشرف والتقي به في بيته، وفي أثناء الحديث سأله عن وضعه الداخلي، فأجابه الشيخ بكل ما هو موجود. فحينما أراد ذلك الشخص أن يخرج قدم له مبلغا من المال، ولكن المحدث القمي لم يتقبله، ومع شدة إصراره فإنه لم يقبله منه.
فعندما ذهب سأله ابنه الكبير: يا أبتي، لماذا لم تقبله؟
فأجاب: أن رقبتي رقيقة وبدني ضعيف، فلا طاقة لي يوم القيامة علي الجواب، ثم نقل لهم قصة أمير المؤمنين (عليه السلام) في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان، وبكي ثم أخذ بوعظ أهل بيته.
تواضعه:
فكان كثير التواضع للآخرين كبارا وصغارا في البيت أو في المدرسة، وكان يظهر الاحترام والأدب لكل من يلاقيه في الطريق سواء كان من العلماء أو من غيرهم خصوصا إذا كان من حملة الحديث وأخبار أهل البيت (عليهم السلام)، وكان يعد نفسه صغيرا أمامهم. وكان إذا دخل مجلسا لا يجلس في صدر المجلس أبدا، ولا يقدم نفسه علي الآخرين. وكان يحذر جدا من الزهو والاعتداد بالنفس، أو يأخذه الغرور.
حلاوة معشره:
ولا يتوقع من القضايا السابقة التي نقلت عنه (رحمه الله) انه كان فظا مع الآخرين ضعيف العاطفة، بل بالعكس فان أولئك الذين صاحبوه ونقلوا عنه تلك القضايا الجميلة لم ينسوا ذكر فضيلته الأخري بعلاقته مع الآخرين فقد وصفوه بأنه كان
(٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، يوم القيامة (2)، مدينة النجف الأشرف (1)، شهر رمضان المبارك (1)، مدينة طهران (1)، التواضع (1)
حلو اللسان طيب الحديث، لم يمنعه أنسه بالكتاب من أن يظهر المحبة للآخرين، بل كان حتي في سفره منشرح الوجه مبتسم الثغر مع رفقائه مع قليل من المزاح واللطافة. بل كان يهتم في سفره برفقاء طريقه ويتلطف معهم أكثر من المعتاد.
فكان أصحابه يحبونه كثيرا لحسن خلقه وسلوكه وتعامله إضافة إلي تقواه وزهده وغير ذلك من الصفات الجميلة التي اجتمعت في شخصيته (1).
قالوا فيه:
* قال السيد الأمين: (عالم فاضل صالح محدث واعظ عابد زاهد) (2).
* وقال العلامة الطهراني: (وقد عرفته خلال ذلك جيدا فرأيته مثال الانسان الكامل، ومصداق رجل العلم الفاضل، وكان يتحلي بصفات تحببه إلي عارفيه فهو حسن الأخلاق، جم التواضع، سليم الذات، شريف النفس، يضم إلي غزارة الفضل تقي شديدا، والي الورع زهدا بالغا …
وكان دائم الاشتغال، شديد الولع في الكتابة والتدوين والبحث والتنقيب لا يصرفه عن ذلك شئ ولا يحول بينه وبين رغبته فيه واتجاهه إليه حائل … ) (3).
* وقال خير الدين الزرگلي: (باحث إمامي، من العلماء بالتراجم والتاريخ، مولده ووفاته بالنجف عاش مدة طويلة في طهران … ) (4).
* وقال المدرس: (من أفاضل علماء عصرنا الحاضر، عالم فاضل كامل، محدث، متتبع، ماهر، وهو مقصود المؤلف من (الفاضل المحدث المعاصر) في هذا الكتاب) (5).
* وقال الأميني: (وهو من نوابغ الحديث والتأليف في القرن الحاضر، وأياديه المشكورة علي الأمة لا تخفي) (6).
(١) المصدر السابق.
(٢) أعيان الشيعة: ج ٧، ص ٤٢٥.
(٣) نقباء البشر: ج ٣، ص ٩٩٩.
(٤) الاعلام: ج ٣، ص ٢٦٥.
(٥) ريحانة الأدب: ج ٤، ص ٤٨٧ - ٤٨٨.
(٦) الغدير: ج ١، ص 157.
(٩١)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (1)، مدينة طهران (1)، التواضع (1)، كتاب أعيان الشيعة للأمين (1)
دوره في محاربة مؤامرة رفض الدين:
سبق وأن أشرنا إلي أن العصر الذي عاش فيه الشيخ القمي من أشد العصور الحرجة التي مرت بها أمتنا الاسلامية، فقد اتحد الشرق والغرب العلماني والمسيحي علي قلع الجذور الدينية الاسلامية من بلاد المسلمين بعدما ظهر الضعف في الأنظمة التي حكمت البلاد الاسلامية وبالخصوص الدولة العثمانية والدولة القاجارية.
ولا يسع المقام في هذا المقال شرح كل خيوط المؤامرة الاستكبارية وسبب انحطاط المسلمين وانهيار قوتهم وظهور العجز الكبير في وجودهم السياسي وغيره.
ولكننا لابد وأن نثبت هنا حقيقة مهمة وهي أن الاستعمار الشرقي والغربي استطاع أن يصرف الكثير من المسلمين عن الأسباب الحقيقية للانهيار، وخداعهم بأن السبب الرئيسي هو نفس الدين الذي يعتنقونه.
وقد موهوا عليهم بأن أوربا لم تستطع أن تحصل علي النهضة السياسية والاقتصادية والفكرية إلا بعد التخلص من هيمنة الكنيسة وعزل الدين عن السياسة، وابعاد (رجال الدين) عن مقدرات الأمة وتضييق دائرة حركتهم السياسية والاجتماعية. ولذلك فعلي الأمة الاسلامية إذا أرادت أن تتخلص من الانهيار الحضاري الذي اعتراها بالعصر الحاضر فعليها أن تخطو نفس الخطوات التي سلكتها الدول الصناعية الكبري برفض الدين والتحجير علي رجاله وتضييق دائرة حركتهم واطلاق الحريات للجميع يمارسونها كيفما يشاؤوا.
وبالواقع فان أولئك الذين خططوا للقضاء علي الأمة الاسلامية كانوا يعون ما يقولون ويتحركون ضمن خطط دقيقة مسبقة، وكانوا يحسون أن نقطة الخطر أمام الاستعمار تكمن في شخصية الانسان المسلم، وما لم يتمكن الغرب والشرق من مسخ شخصية الانسان المسلم وابدالها بشخصية غريبة عن تاريخ الأمة وتقاليدها، فإنهم لا يستطيعون أن ينفذوا شيئا من خيوط المؤامرة، وخصوصا
(٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: السب (1)، الرفض (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
فإنهم يريدون منها أن تكون قاضية وتستمر إلي آخر الدنيا بدون امل لنهضة العالم الاسلامي مرة أخري، فإنهم يحسبونه المارد الذي حطم كبرياءهم في يوم سابق من أيام التاريخ.
وكانت بداية التجربة في تركيا واستطاعوا أن ينجحوا المؤامرة هناك لأسباب متعددة لسنا الآن بصدد بيانها.
والمحطة الثانية للمخطط كانت إيران، وأملوا من قزمهم المدعو ب (رضا پهلوي) أن يقوم نيابة عنهم بتنفيذ المخطط التآمري.
وكان شديدا جدا بالتنفيذ وعنيفا بما لا يتصور، خصوصا انه قد علم بأن العائق أمام نجاح أعماله يتمثل بقوتين أولاهما النظرية والأخري التطبيق، فأما التطبيق فقوة العلماء الشيعة والحوزات العلمية، فعليه إذا أراد أن ينتصر بمعركته، فعليه أن يكسر عدة أبراج مهمة في واقع الأمة، أولها الموقع القيادي للعلماء وهيبتهم في نفوس الأمة وطاعة الناس لهم، وقد قسموا هذا الوجود إلي قسمين:
أولهما بما يتعلق بهيئة العلماء فإنه نفذ المؤامرة في خلال الاعتداء شخصيا علي العلماء بمحاربة الحوزات العلمية ومنع لبس الزي العلمائي ومنع النشاط العلمائي كإقامة مجالس العزاء والوعظ والارشاد الديني، إضافة إلي عدم احترامهم والتجاسر علي المجتهدين وقتل بعضهم ونفي البعض الآخر وما إلي ذلك من الأعمال الإجرامية.
وأما القسم الثاني فيتم بابعاد الناس عن الدين والتدين وقد نفذ المؤامرة بعدة أنشطة إجرامية أحدها منع الحجاب والسفور الإلزامي، والمدارس المختلطة، ونشر أماكن الدعارة والخمور والتشجيع علي الفحشاء، ونشر موضة اللادينية بكل أبعادها، وهو المخطط الثاني المتعلق بالخطة النظرية للقضاء علي الدين.
وأهم أسلوب انحرافي استخدمه الاستعمار من خلال عملائه المرتبطين بالشرق والغرب (1) اعتبار الدين لا ينسجم مع تطورات العصر ورقيه وانما كان
(1) إن الفرق بين العميل الشرقي والغربي الدوافع التي تكمن وراء ارتباط العميل فان الدوافع التي تحرك العميل الغربي بالغرب انما هي دوافع مادية أكثر منها فكرية ونقصد بالمادية الأعم من الارتباط العضوي المادي - بأخذ الهبات والرواتب وغيرها - فتشمل الانسياب وراء الشهوات الجنسية والاباحية والتخلص من القيود الدينية وما إلي ذلك.
بينما العميل الشرقي تبع أصحابه منخدعا بما يسمي بالفكر العلمي المادي المبتني علي أسس مفاهيم الشيوعية الماركسية.
(٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: دولة ايران (1)، تركيا (1)، المنع (1)، القتل (1)، العصر (بعد الظهر) (1)، الشهوة، الإشتهاء (1)
له قوة الحركة والتحريك في العصور الماضية، ولذلك فإنه ضعف في نفوس معتنقيه ولم يقدر يقاوم لأجل البقاء كلما تطورت المجتمعات وظهرت الثورات الصناعية والزراعية وغيرهما.
وقد سعي أولئك جاهدين أن يدخلوا بعض المفاهيم التي انتشرت في أوربا تحت عنوان (الحريات) و (الثورة الفرنسية) وقوانين السياسة والقوانين المدنية والفكر الماركسي وما إلي ذلك.
وابتغوا من ذلك ملء الفراغ الذي سوف يولده انسحاب الفكر الديني من نفوس اتباعه المسلمين.
وفي البداية سعوا لابدال الدين بالدين، أي المسيحية بالاسلام، فلم يتمكنوا لأسباب موضوعية تعود إلي عمق الارتباط الديني والإسلامي أولا، والي نشوء تناقض بين ما يطرحون من فكر (تقدمي) وبين الدين (الذي يمثل العائق للتطور كما يزعمون).
وبذلك رجعوا إلي طرحهم السابق برفض الدين وابعاده عن الدولة والمجتمع والانسان.
وحملت تلك الهجمة عناوين (التحديث) والتقدم والتحرر والوطنية والمفاهيم الأخري المستوردة.
1 - ومع أن تلك المفاهيم نشأت تحت ظروف خاصة عاشتها أوربا في عصورها الوسطي وما بعدها.
2 - وأن المفاهيم التي تتولد نتيجة ظروف وملابسات معينة لا يمكن نقلها إلي
صفحه(٩٤)
أماكن أخري لم تظهر فيها مثل تلك الظروف.
3 - فإنهم أرادوا بالحيلة مرة وبقوة السلاح والنار مرة أخري أن يرغموا الأمة الاسلامية علي قبول هذا الاستيراد الغريب بكل معني الكلمة.
وكانت المعركة بأشدها في البداية، وهو أمر طبيعي، ولذلك عاني أولئك الذين عاشوا بداية المعركة أشد المصائب والمحن، ولاقوا الامرين، وكان جهادهم يعادل جهاد جميع الذين جاؤوا من بعدهم. وكان من أولئك الشيخ القمي (رحمه الله).
أما كيف عالجوا مشكلة التحديث التي أطلقت علي ذلك المخطط الجهنمي وبشكل مختصر مجتنبين التفصيل محيلينه إلي محل آخر. هناك عدة أساليب حاولت أن تقاوم المؤامرة وقد فشلت بعضها ولم تستطع المقاومة بينما حظيت أساليب أخري بالنجاح.
ولا نقصد بذلك القواعد الشعبية والجمهور والتاريخ الذي صنعه المؤمنون الأبطال في مقاومة الكفر بثوبه الجديد.
وانما نقصد الفكر الذي قاوم (الموضة اللادينية) والفكر العلماني والاتهامات الاستعمارية للاسلام، والهالة الكاذبة التي أعطيت للفكر المستورد.
1 - فهناك من تأثر بالطروحات الجديدة، ولكنه حاول أن يغير شيئا بالشعارات واللافتات، فعزل الدين عن السياسة، وأعطي السياسة وحق العمل السياسي لأولئك الذين ابتعدوا عن الدين ورجاله.
2 - وهناك من ناقش في التراث الديني ودعي إلي تطويره بما يتلائم مع متطلبات العصر.
هكذا وبدون ادراك لما يرفعون من الشعار.
3 - والأخطر من أولئك جميعا دعاة التحديث الذين يحسبونهم علي رجال الدين ومن هم علي شاكلتهم والذين أطلقوا علي أنفهسم عناوين مختلفة مثل المتنورين وغيرهم فإنهم ادعوا بأن الأبحاث العقائدية والفقهية والأخلاقية مسائل أكل الدهر عليها وشرب وانها انقضت ولابد من الاهتمام بالمسائل الاقتصادية
(٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الوراثة، التراث، الإرث (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
والسياسية العصرية.
وقد وجد اتجاه معاكس وكأنما نشأ من ردود الفعل فإنه رفض التحديث بشكل كلي وأصر علي القديم تحت شعار (عليك بالقديم لا بالمحدثات)، وقد رام هؤلاء أن يدافعوا عن أصولهم الدينية ولكنهم أخطأوا المرمي، بل بالعكس فإنهم وقفوا حجر عثرة في بعض الحالات امام المجاهدين.
كما أخطأ أولئك بفكرة التحديث فان الدين نزل من الحق تعالي وان حلال محمد حلال إلي يوم القيامة وحرام محمد حرام إلي يوم القيامة. وان الفكر الديني هو الوحيد الذي يملك القدرة علي رقي الانسان وبناء الحضارات السليمة والانسان الصالح.
كما أن القوانين الدينية الثابتة غير قابلة للمساومة والتبديل، نعم ان الأساليب في التبليغ والارشاد وطريقة الطرح في بعض المسائل المرتبطة بالعرض أمور موكولة إلي أهل الدين عليهم أن يستفيدوا من الطرق التي تلائم كل مجتمع وكل انسان وتدخل تحت عنوان (ادعوا إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).
وليس معني فتح باب الاجتهاد علي مصراعيه، يقولوا ما يشاؤوا وما تبدعه أذهانهم من آراء ونسبتها إلي الدين والاسلام.
فان هذا انحراف خطير، فان الانسان - وأي انسان - لا يمكنه أن ينسب شيئا إلي الدين إلا إذا كان أهلا لفهم الأصول الدينية ومصادر العقيدة والتشريع، يعني واصلا إلي قدرة الاستنباط للمسألة الشرعية سواء كانت كلية أو فرعية.
وان ذلك الانحراف هو الذي أوقع أصحابه في دعوي عدم وجود حاجة إلي الفقه والأبحاث الأخلاقية والأبحاث الدينية الأخري. بل علي العكس ان الانسان في العصر المادي والمعركة المادية أحوج ما يكون إلي المدد الروحي والي الروحانية الدينية ليقاوم بها الفكر المادي بكل اشكاله وحتي ذلك الفكر المادي الذي حسب نفسه علي الدين، أعوذ بالله تعالي.
ومن هذه النتيجة نعرف سر نجاح الشيخ القمي بحركته الأخلاقية في عصر
(٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (2)، الرفض (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
عنفوان المعركة ضد الدين والروحانية. فإنه تمكن من عرض الدين بجانبه الروحاني بأسلوب لين محبب إلي الجمهور لأنه كان يحس بالمعركة ويعرفها ويواجهها بقوة ولكن بطريقته الخاصة وكان يعرف ان العدو عندما يريد أن يقضي علي روحانية الدولة والمجتمع والانسان المسلم فلا بد من التأكيد علي عودة الروحانية إلي الدولة والمجتمع والانسان المسلم.
والحق فان حركة الشيخ القمي لا يمكن لأحد أن يفصلها عن حركة آية الله السيد حسين القمي، كما انها لا يمكنها أن تفصل عن حركة آية الله الحائري كما أن جميع هذه الحركات متممة لحركة آية الله السيد حسن المدرس … وهكذا جميع أولئك الذين تصدوا للعدوان.
وجميع أوجه النشاط الديني الذي قام به سلفنا الصالح يعبر عن حقيقة واحدة هي المقاومة للعدوان المادي الذي أراد أن يقلع الدين من الدولة والمجتمع والانسان.
القدوة في حياة القمي:
لا أظنني احتاج إلي تفصيل القدوة في حياة شيخنا القمي وانما يمكن أن نرجع إلي كل تلك العناوين المتقدمة فإنها تصلح أن تكون محفزا للآخرين للاقتداء بالرجل الصالح في مختلف المواقف.
واني علي يقين أن أي قارئ لتلك القضايا التي نقلت عن المحدث القمي سوف يجد فيها شاهدا روحانيا في طريق تكامله الانساني، وإن كان القلم - وللأسف الشديد - لم يستطع أن يحفظها بجمالها المعنوي في إطار الجمال اللفظي فاني أقر بأن القصور الأدبي في التعبير قد أخفي كثيرا من صور الجمال لتلك الوقائع ولكن عن غير قصد، فالقاصر معذور علي كل حال.
وفاته ومدفنه:
لقد سبق وان بينا بأن الشيخ القمي (رحمه الله) كان قد ابتلي بمرض الربو (ضيق
(٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: المرض (1)، الإخفاء (1)، الشهادة (1)
النفس) ويشتد عليه بصيف كل سنة، ولذلك فهو يسافر فيها إلي الأماكن التي تخف فيها الحرارة كمشهد المقدسة، ولكنه وبسبب الأوضاع الصعبة فإنه لم يعزم علي السفر إلي مشهد المقدسة، وكان قد اعتاد بعد رحلته الأخيرة إلي النجف الأشرف أن يقضي الصيف في سورية ولبنان، ولكنه بسبب الخلاف السياسي بين العراق وسورية آنذاك لم يستطع من السفر إلي سورية وبقي في النجف الأشرف يصارع مرضه الذي لم يكتف بثقله الجاثم علي الشيخ المريض وانما استعان عليه بمرض آخر فابتلي الشيخ بمرض الاستسقاء ولمدة ثلاثة أشهر. وقد أخذ منه كثيرا من قوته البدنية بحيث لم يستطع الصلاة من قيام وانما كان يؤديها من جلوس حتي توفي في النجف الأشرف بعد النصف من ليلة الثلاثاء، الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام من سنة 1359 ه، وقد عم البلاد الحزن والألم والتفجع علي هذه الخسارة الكبري بموت هذا العالم الجليل، ففي الخبر " إذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة … ".
وحمل علي الأكتاف إلي الصحن العلوي الشريف وقد صلي عليه المرحوم آية الله العظمي السيد أبو الحسن الأصفهاني ودفن عند رجلي الشيخ النوري في الإيوان الثالث علي يمين الداخل من الباب القبلي إلي الصحن الغروي (1) وكان ذلك بوصية منه علي ما قيل.
(1) مصفي المقال / آغا بزرگ الطهراني: ص 215. وفيات العلماء: ص 232. نقباء البشر: ج 3، ص 1000. تاريخ قم لناصر الشريعة: ص 274. معارف الرجال لحرز الدين: ج 1، ص 402. ريحانة الأدب للمدرسي: ج 4، ص 488. وغيرها من المصادر.
(٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مشهد المقدسة (1)، دولة العراق (1)، شهر ذي الحجة (1)، مدينة النجف الأشرف (3)، المرض (2)، الشهادة (1)، الموت (1)، الحزن (1)، الصّلاة (1)، الإستسقاء (1)، الوصية (1)
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة
صفحه(٩٩)

مقدمة المؤلف (قدس سره)

مقدمة المؤلف:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي محمد وآله الطاهرين.
وبعد، فيقول العبد عديم البضاعة والمتمسك بأحاديث أهل بيت الرسالة (عليهم السلام) عباس بن محمد رضا القمي ختم الله له بالحسني والسعادة:
إن العقل والنقل يحكمان علي الشخص الذي يعزم علي السفر أن يهيئ الزاد والمؤونة لسفره بمقدار ما يلزمه في ذلك السفر. ثم يسافر، وعليه فمن الأجدر ونحن في سفر الآخرة الذي لا مناص لنا عنه ولا يوجد طريق للتخلص منه - أن نقدم أمامنا الزاد والمؤونة بما يناسبه، كما روي عن أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) عندما قدم مكة المعظمة فإنه وقف عند باب الكعبة ونادي علي الناس الذين جاؤوا للحج من أطراف الدنيا وقد اجتمعوا في المسجد الحرام، فقال: (أيها الناس أنا جندب ابن السكن الغفاري. اني لكم ناصح شفيق فهلموا).
فاكتنفه الناس، فقال:
ان أحدكم لو أراد سفرا لاتخذ من الزاد ما يصلحه. (ولابد منه) (1) فطريق يوم القيامة أحق ما تزودتم له.
فقام رجل، فقال: فأرشدنا يا أبا ذر.
(1) أثبتت هذه الزيادة في البحار وسقطت من المصدر المطبوع.
(١٠١)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، أبوذر الغفاري (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، مسجد الحرام (1)، الصّلاة (1)، الطهارة (1)
فقال: حج حجة لعظائم الأمور، وصم يوما لزجرة النشور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور … الخبر (1).
وقد وعظ الإمام الحسن المجتبي (عليه السلام) جنادة بن أمية حين وفاته، وأول شئ قاله له:
(استعد لسفرك، وحصل زادك قبل حلول أجلك) (2).
وبما أن سفر الآخرة سفر بعيد، وفيه أهوال ومواقف صعبة وعقبات شديدة ومنازل عسرة فلذلك فهو محتاج إلي زاد كثير، ولابد أن لا يغفل عنه، وأن يفكر فيه ليلا ونهارا. كما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كان ينادي في كل ليلة عندما يهجع الناس بصوته الرخيم بحيث يسمعه جميع أهل المسجد وجيران المسجد، فيقول:
" تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل " (3).
يعني: استعدوا وهيئوا ما تحتاجونه في سفركم رحمكم الله فان منادي الموت نادي فيكم علي أبوابكم بالرحيل.
" وأقلوا العرجة علي الدنيا، وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد فان أمامكم
(١) رواه أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي في: دعائم الاسلام / ج ١، ص ٢٧٠، تحقيق آصف فيضي / دار المعارف / مصر / ١٩٦٣ م / ونقله عنه العلامة المجلسي في البحار:
ج ٩٦، ص ٢٥٨، وبقية الحديث الشريف. (وكلمة حق تقولها، أو كلمة سوء تسكت عنها وصدقة منك علي مسكين، فعلك تنجو من يوم عسير. اجعل الدنيا كلمة في طلب الحلال، وكلمة في طلب الآخرة، وانظر كلمة تضر ولا تنفع فدعها. واجعل المال درهمين: درهما قدمته لآخرتك ودرهما أنفقته علي عيالك كل يوم صدقة).
(٢) رواه أبو القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز القمي الرازي في: كفاية الأثر في النص علي الأئمة الاثني عشر ص ٢٢٧، باب (ما جاء عن الحسن (عليه السلام) ما يوافق هذه الأخبار ونصه علي أخيه الحسين (عليهما السلام)) ح ٥، بإسناد عن محمد بن وهبان البصري، تحقيق الكوه كمرئي الخوئي / ط قم ١٤٠١ ه. ق. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٤٤، ص ١٣٩.
(٣) نهج البلاغة: ج ٢، ص 183، تحقيق محمد عبدة. شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد / ج 11، ص 5.
(١٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (2)، الحج (2)، الركوع، الركعة (1)، السجود (2)، القبر (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب كفاية الأثر للخزار (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، العلامة المجلسي (2)، محمد بن وهبان البصري (1)، محمد بن علي الخزاز (1)، النعمان بن محمد (1)، الإنفاق (1)، التصدّق (1)
عقبة كؤودا، ومنازل مخوفة مهولة لابد من الورود عليها والوقوف عندها " (1).
ونحن نشير إلي بعض تلك العقبات الصعبة والمنازل المهولة. ونذكر بعض الأمور النافعة في درء صعوبات وأهوال ذلك المحل بكمال الاختصار. وضمن عدة فصول. وإن وفقني الحق تعالي وأمهلني الأجل فسوف أصنف كتابا مفصلا في هذا الباب إن شاء الله تعالي، ولو انني لم أر في هذا الزمان من يطلب هذه المطالب بشكل جدي وحقيقي.
وبسبب هذه الملاحظة أيضا فقد كتبت هذا المختصر بدون اندفاع مع قلة رغبة، وأسأل الحق تعالي التأييد والتوفيق انه قريب مجيب.
* * *
(١) نهج البلاغة: ج ٢، ص 183، تحقيق محمد عبدة. شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد / ج 11، ص 5.
(١٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الوقوف (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب نهج البلاغة (1)
المنزل الأول في هذا السفر الموت
صفحه(١٠٥)

أول المنازل: الموت وفيه عقبتان: العقبة الأولي: سكرات الموت وشدة نزع الروح

فصل:
ولهذا المنزل عقبات كؤود ومواقف صعبة، ونحن نشير إلي عقبتين منها:
العقبة الأولي سكرات الموت وشدة نزع الروح * (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) * (1).
وهذه العقبة صعبة جدا وان شدائدها وصعوباتها تحيط بالمحتضر من جميع الجهات..
فمن جهة تواجهه شدة المرض، وشدة الوجع، واعتقال اللسان، وذهاب القوة من الجسم..
ومن جهة أخري يواجه بكاء الأهل والعيال، ووداعهم له، وغم يتم وغربة أطفاله..
ومن جهة أخري يواجه غم مفارقته لماله ومنزله وأملاكه ومدخراته وأشيائه النفسية التي صرف عمره العزيز من أجل تحصيل المزيد منها، بل إن أكثر ما عنده عائد للآخرين وقد تملكه منهم بالظلم والغصب.. وكم تعلقت من الحقوق الشرعية بأمواله ولم يؤدها.. وهو الآن في تلك الحالة ينتبه إلي ما أتلفته وخربته أعماله
(1) سورة ق: الآية 19.
(١٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: البكاء (1)، المرض (1)، الموت (2)، العزّة (1)، الظلم (1)، سورة ق (1)
بعدما انقضي الأمر وانسد طريق اصلاحه. فكان كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" يتذكر أموالا جمعها اغمض في مطالبها وأخذها من مصرحاتها، ومشتبهاتها قد لزمته تبعات جمعها وأشرف علي فراقها تبقي لمن وراءه ينعمون بها فيكون المهنأ لغيره والعب ء علي ظهره " (1)..
ومن جهة أخري فهو يواجه هول قدومه علي نشأة أخري هي غير هذه النشأة.
ثم إن عينيه تريان أشياءا لم ترها قبل ذلك:
* (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * (2).
فيري رسول الله وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حاضرين عنده ليحكموا فيه وانه يترقب اي حكم يحكمون به، وأي شئ سوف يوصون به؟
ومن جهة أخري قد اجتمع إبليس وأعوانه ليوقعوه في الشك، وهم يحاولون جاهدين أن يسلبوا إيمانه ليخرج من الدنيا بلا إيمان.
ومن جهة أخري يعاني من هول حضور ملك الموت، وبأي صورة وهيئة سوف يجيئه به، وبأي نحو سوف يقبض روحه. إلي غير ذلك..
قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" فاجتمعت عليه سكرات الموت، فغير موصوف ما نزل به " (3).
وروي الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه اشتكي عينيه، فعاده رسول الله (صلي الله عليه وآله) فإذا
(١) نهج البلاغة: فيض الاسلام، ص ٣٣١، وراجع نهج البلاغة: ج ١، ص ٢١٢ محمد عبدة، ونقله عنه في البحار: ج ٦، ص ١٦٤، كتاب العدل والمعاد / باب سكرات الموت وشدائده:
ح ٣٣. شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: ج ٧، ص ٢٠١.
(٢) سورة ق: الآية ٢٢.
(٣) راجع بحار الأنوار: ج ٧٣، ص ١٠٩. كتاب الإيمان والكفر: مساوئ الأخلاق: باب حب الدنيا وذمها: ح ١٠٩ نقله عن كتابه (عيون الحكم والمواعظ) لعلي بن محمد الواسطي.
(١٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الموت (3)، الصّلاة (1)، العذاب، العذب (1)، الايمان والكفر (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب نهج البلاغة (2)، كتاب بحار الأنوار (1)، محمد الواسطي (1)، سورة ق (1)

الأشياء التي تهون سكرات الموت

هو يصيح فقال النبي (صلي الله عليه وآله): أجزعا أم وجعا؟ فقال (عليه السلام): يا رسول الله ما وجعت وجعا قط أشد منه. فقال (صلي الله عليه وآله): يا علي ان ملك الموت إذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفود من نار فينزع روحه به فتصيح جهنم. فاستوي علي (عليه السلام) جالسا فقال: يا رسول الله أعد علي حديثك فقد أنساني وجعي ما قلت.
ثم قال: هل يصيب ذلك أحدا من أمتك؟
قال: نعم حاكم جائر، وآكل مال اليتيم ظلما، وشاهد زور " (1).
وأما الأشياء التي تهون سكرات الموت صلة الرحم:
ما رواه الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" من أحب أن يخفف الله عز وجل عنه سكرات الموت فليكن لقرابته وصولا، وبوالديه بارا، فإذا كان كذلك هون الله عليه سكرات الموت ولم يصبه في حياته فقر أبدا " (2).
بر الوالدين:
وروي:
" ان رسول الله (صلي الله عليه وآله) حضر شابا عند وفاته فقال له: قل لا إله إلا الله.
قال: فاعتقل لسانه مرارا.
فقال لامرأة عند رأسه: هل لهذا أم؟
(١) الكافي: ج ٣، ص ٢٥٣ - ٢٥٤، والإسناد موثق. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٦، ص ١٧٠، ح ٤٦، وفي البحار: ج ٦١، ص ٤٩، ح ٢٧.
(٢) الأمالي للصدوق: ص ٣١٨، المجلس ٦١، ح ١٤. ونقله عنه في البحار: ج ٧٤، ص ٦٦، ح ٣٣، ونقله الفتال النيشابوري في روضة الواعظين، ص ٣٦٧ (مجلس في ذكر وجوب بر الوالدين)، ورواه الطبري في مشكاة الأنوار: ص 162، الفصل 14 (في حقوق الوالدين وبرهما) وعنه في البحار: ج 82، ص 65، ح 9.
(١٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الإحسان والبرَ الي الوالدين (1)، أكل مال اليتيم (1)، صلة الرحم (1)، الشيخ الصدوق (1)، الموت (3)، كتاب روضة الواعظين (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، العلامة المجلسي (1)، الوجوب (1)
قالت: نعم أنا أمه.
قال (صلي الله عليه وآله): أفساخطة أنت عليه؟
قالت: نعم ما كلمته منذ ستة حجج.
قال (صلي الله عليه وآله) لها: أرضي عنه.
قالت: رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه.
فقال له رسول الله (صلي الله عليه وآله): قل لا إله إلا الله.
قال: فقالها. فقال له النبي (صلي الله عليه وآله) ما تري؟
قال: أري رجلا أسود الوجه قبيح المنظر وسخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة، وأخذ بكظمي.
فقال له النبي (صلي الله عليه وآله) قل: يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير اقبل مني اليسير واعف عني الكثير انك أنت الغفور الرحيم.
فقالها الشاب. فقال له النبي (صلي الله عليه وآله): انظر ماذا تري؟
قال: أري رجلا أبيض اللون حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب قد وليني، وأري الأسود قد تولي عني.
فقال له: أعد، فأعاد. فقال له: ما تري؟
قال: لست أري الأسود، وأري الأبيض قد وليني.
ثم طفي علي تلك الحال (1).
(١) رواه الطوسي في الأمالي: ج ١، ص ٦٢ - ٦٣، ح ٤ وروي الصدوق قريبا منه في:
من لا يحضره الفقيه: ج ١، ص ١٣٢، ح ٣٤٧، ونقله عنه الحر العاملي في وسائل الشيعة:
ج ٢، كتاب الطهارة: أبواب الاحتضار: باب ٣٩، ح ٣، ونقله النوري في المستدرك: ج ٢، باب 29، ص 129، ح 1617، الطبعة الحديثة، وفي ج 1، ص 92، باب 29، ح 1، الطبعة الحجرية.
ونقله في المستدرك: ج 15، باب 75، ص 189، ح 17967، الطبعة الحديثة، ونقله في ج 15، باب 75، ص 196 - ح 17933 عن القطب الراوندي في لب اللباب، وسمي الشاب (الحارث) ونقله في البحار: ج 74، ص 75، ح 68، وفي البحار: 81، ص 232، 7، وفي البحار: ج 95، ص 342، ح 1.
(١١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (1)، الشيخ الحر العاملي (1)، كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي (1)، الشيخ الصدوق (1)، القطب الراوندي (1)، الطهارة (1)
يقول المؤلف:
تأمل في هذا الحديث جيدا، وانظر كم هو أثر العقوق فمع ان هذا الشاب كان من الصحابة وان نبي الرحمة (صلي الله عليه وآله) قد عاده زائرا وجلس عند وسادته، ولقنه بنفسه الشريفة كلمة الشهادة، ومع كل ذلك فلم يتمكن علي النطق بتلك الكلمة إلا بعدما رضيت عنه أمه، وحينئذ انطلق لسانه فقال كلمة الشهادة.
كسي المؤمن:
وروي أيضا عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا علي الله أن يكسوه من ثياب الجنة، وأن يهون عليه سكرات الموت وأن يوسع عليه في قبره " (1).
اطعام المؤمن الحلوي:
وروي عن الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله):
" من أطعم أخاه حلاوة أذهب الله عنه مرارة الموت " (2).
* ومن الأمور الأخري التي تنفع في تعجيل راحة المحتضر قراءة سورة يس
(١) رواه الكليني في الكافي: ج ٢، ص ٢٠٤، كتاب الإيمان والكفر: باب من كسا مؤمنا: ح ١، ورواه عن المجلسي في البحار: ج ٧٤، ص ٣٨٠، وتكملة الحديث:
" وأن يلقي الملائكة إذا خرج من قبره بالبشري وهو قول الله عز وجل في كتابه: * (وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) * ".
(٢) رواه القطب الراوندي في الدعوات: ص 141، فصل (في ذكر أشياء من المأكولات والمشروبات وكيفية تناولها)، ح 359، ونقله عنه المجلسي في البحار، ج 66، ص 288، وفي ج 75، ص 456، ح 33، ونقله في المستدرك: ج 16، ص 355، ح 20152، الطبعة الحديثة.
(١١١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، سورة يس (1)، الموت (2)، الشهادة (2)، القبر (2)، الايمان والكفر (1)، العلامة المجلسي (2)، القطب الراوندي (1)
والصافات (1) وكلمات الفرج عنده (2).
* وروي الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" من صام يوما من آخر هذا الشهر (3) كان ذلك أمانا من شدة سكرات الموت،
(١) روي الكليني في الكافي الشريف: كتاب الجنائز: باب إذا عسر علي الميت الموت واشتد عليه النزع: ح ٥، ج ٣، ص ١٢٦ بالإسناد عن سليمان الجعفري قال: رأيت أبا الحسن يقول لابنه القاسم: قم يا بني فاقرأ عند رأس أخيك (والصافات صفا) حتي تستتمها، فقرأ فلما بلغ * (أهم أشد خلقا أمن خلقنا) * قضي الفتي، فلما سجي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر، فقال له: كنا نعهد الميت إذا نزل به يقرأ عنده (يس والقرآن الحكيم) وصرت تأمرنا بالصافات، فقال: يا بني لم يقرأ عبد مكروب من موت قط إلا عجل الله راحته).
وفي الوسائل: كتاب الطهارة: أبواب الاحتضار، باب 41، ح 1، عن الكافي بدل (لم يقرأ عبد … الخ) (لم تقرأ عند مكروب " ومن موت " قط الا عجل الله راحته).
(2) وردت في روايات كثيرة: منها ما رواه الكليني في الكافي الشريف بروايات عدة منها:
بإسناد صحيح عن زرارة (رحمه الله) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
إذا أدركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج (لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين).
الكافي: كتاب الجنائز: باب تلقين الميت: ح 3، ج 3، ص 122.
وروي في ح 7، ج 3، ص 124 بالإسناد إلي عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا حضر أحدا من أهل بيته الموت قال له: قل: لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما بينهما ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين (فإذا قالها المريض قال: اذهب فليس عليك بأس).
وروي في ح 9، ج 3، ص 124، بإسناد صحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام):
ان رسول الله (صلي الله عليه وآله) دخل علي رجل من بني هاشم وهو يقضي. فقال له رسول الله (صلي الله عليه وآله):
قل: (لا إله الا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين) فقالها: فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله) (الحمد لله الذي استنقذه من النار).
أقول: الظاهر أن الكلمات وحدة. أتم الروايات الصحيحة الأولي والله تعالي أعلم.
(3) يعني شهر رجب الأصب.
(١١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الشيخ الصدوق (1)، الفرج (2)، الموت (5)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، شهر رجب المرجب (1)، عبد الله بن ميمون (1)، سليمان الجعفري (1)، بنو هاشم (1)، يعقوب بن جعفر (1)، القرآن الكريم (1)، الكرم، الكرامة (2)، المرض (1)، الطهارة (1)، الجنازة (2)
وأمانا له من هول المطلع وعذاب القبر " (1).
* واعلم أن لصيام أربعة وعشرين يوما من رجب ثواب عظيم فمن جملته:
" ومن صام من رجب أربعة وعشرين يوما فإذا نزل به ملك الموت تراءي له في صورة شاب عليه حلة من ديباج أخضر علي فرس من أفراس الجنان وبيده حرير أخضر ممسك بالمسك الأذفر وبيده قدح من ذهب مملوء من شراب الجنان، فسقاه عند خروج نفسه، يهون به عليه سكرات الموت ثم يأخذ روحه في تلك الحرير فتفوح منها رائحة يستنشقها أهل سبع سماوات فيظل في قبره ريان حتي يرد حوض النبي (صلي الله عليه وآله) " (2).
* وقد روي عن الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله):
" من صلي الليلة السابعة من رجب أربع ركعات بالحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ويصلي علي النبي (صلي الله عليه وآله) عند الفراغ عشر مرات، ويقول الباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) عشر مرات، أظله الله تحت ظل عرشه ويعطيه ثواب من صام شهر رمضان واستغفرت له الملائكة حتي يفرغ من هذه الصلاة ويسهل عليه النزع وضغطة القبر ولا يخرج من الدنيا حتي يري مكانه في الجنة وآمنه الله من الفزع الأكبر " (3).
* وروي الشيخ الكفعمي عن الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله):
" من قال هذه الكلمات في كل يوم عشرا غفر الله تعالي له أربعة آلاف كبيرة، ووقاه من شر الموت، وضغطة القبر، والنشور، والحساب، والأهوال كلها وهو مائة هول أهونها الموت، ووقي من شر إبليس وجنوده، وقضي دينه وكشف همه وغمه وفرج كربه ".
(١) رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة: ص 18، ح 3، ورواه في الأمالي: ص 23، المجلس الرابع، ح 7، ونقله المجلسي في البحار: ج 97، ص 32 - 33، ح 6.
(2) رواه الصدوق في الأمالي: ص 432، المجلس 80، ح 1.
(3) رواه السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 651 - 652 الطبعة الحجرية.
(١١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، شهر رجب المرجب (3)، شهر رمضان المبارك (1)، الموت (4)، القبر (4)، الفزع (1)، الصّلاة (2)، الركوع، الركعة (1)، كتاب أمالي الصدوق (2)، كتاب إقبال الأعمال (1)، السيد إبن طاووس (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (2)
وهي هذه:
" أعددت لكل هول لا إله إلا الله، ولكل هم وغم ما شاء الله، ولكل نعمة الحمد لله، ولكل رخاء الشكر لله، ولكل أعجوبة سبحان الله، ولكل ذنب أستغفر الله، ولكل مصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون، ولكل ضيق حسبي الله، ولكل قضاء وقدر توكلت علي الله، ولكل عدو اعتصمت بالله، ولكل طاعة ومعصية لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " (1).
* واعلم أن للذكر الشريف الآتي فضل عظيم إذا قيل سبعين مرة، فمن جملة هذا الفضل انه يبشر حين موته وهذا الذكر هو:
" يا أسمع السامعين ويا أبصر الناظرين ويا أسرع الحاسبين ويا أحكم الحاكمين " (2).
* وروي الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" لا تملوا من قراءة إذا زلزلت الأرض زلزالها فإنه من كانت قراءته بها في نوافله لم يصبه الله عز وجل بزلزلة أبدا، ولم يمت بها، ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا حتي يموت وإذا مات نزل عليه ملك كريم من عند ربه فيقعد عند
(١) نقله المجلسي أعلي الله تعالي مقامه في البحار: ج ٨٧، ص ٥ عن البلد الأمين. ولم نجده في النسخة المطبوعة. ورواه المؤلف في السفينة: ج ٢، ص ٣٩٧، ورواه النوري في المستدرك: ج ٥، ص ٣٨٩، ح ٦١٤٠ الطبعة الحديثة.
والخبر موجود في مصباح الكفعمي المطبوع: ص ٨٣، باختلاف يسير بألفاظ الخبر. أما الدعاء فواحد في مصباح الكفعمي وفي البحار وفي السفينة.
(٢) ذكره القطب الراوندي في الدعوات: ص ٢١٥، ح ٥٨٠.
ونقله المجلسي في البحار: ج ٨٢، ص ٦٤، ح ٨، ونقله في ج ٩٥، ص ٤٦٢، كتاب الذكر والدعاء، باب الدعوات المأثورة غير المؤقتة، ج 20، وقد نقل الرواية في كلا الموضوعين عن دعوات الراوندي. وقد رواها القطب عن الإمام الصادق (عليه السلام) مرسلة، قال (عليه السلام): " من قال سبعين مرة: يا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين (المبصرين خ. ل) ويا أسرع الحاسبين ويا أحكم الحاكمين، فأنا ضامن له دنياه وآخرته أن يلقاه الله ببشارة عند الموت، وله بكل كلمة بيت في الجنة " انتهي الحديث.
(١١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، مسألة القضاء والقدر (1)، الشكر (1)، الموت (4)، الكرم، الكرامة (1)، العلامة المجلسي (2)، القطب الراوندي (1)، السفينة (2)

العقبة الثانية: العديلة عند الموت

رأسه فيقول: يا ملك الموت أرفق بولي الله فإنه كان كثيرا يذكرني " (1).
z z z العقبة الثانية العديلة عند الموت يعني العدول من الحق إلي الباطل في وقت الموت، وذلك أن يحضر الشيطان عند المحتضر، ويوسوس له حتي يوقعه في الشك، فيخرجه من الإيمان.
ولذا ورد في الأدعية الاستعاذة منها (2).
وقال فخر المحققين (رحمه الله):
( … (3) فإذا أراد الانسان أن يسلم من هذه الأشياء فليستحضر أدلة الإيمان والأصول الخمس بالأدلة القطعية ويصفي خاطره، ويخلي سره، فيحصل له يقين تام فيقول عند ذلك:
" اللهم يا أرحم الراحمين اني قد أودعتك يقيني هذا وثبات ديني وأنت خير مستودع وقد أمرتنا بحفظ الودائع فرده علي وقت حضور موتي " ثم يخزي
(١) الكافي: ج ٢، ص ٦٢٦.
(٢) منها ما رواه السيد ابن طاووس (رحمه الله) في الاقبال، في عمل أول ليلة من رجب انه كان أبو الحسن الأول (عليه السلام) يقول وهو ساجد بعد فراغه من صلاة الليل.. ثم ذكر دعاءا إلي أن قال:
" اللهم إني أعوذ بك من العديلة عند الموت، ومن شر المرجع في القبور، ومن الندامة يوم الآزفة.. الخ ".
راجع اقبال الأعمال: ص ٦٣٢، وعنه في بحار الأنوار: ج ٩٨، ص ٣٨٣، ح ٣.
ومنها: ما في (فقه الرضا (عليه السلام)) ص 141، الطبعة الحديثة المحققة، ونقله النوري (رحمه الله) في المستدرك: ج 5، ص 143، كتاب الصلاة، أبواب سجدتي الشكر، باب 5، ح 5522، عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه كان يقول في سجدته: " اللهم إني أعوذ بك من العديلة.. ".
وفي البحار: ج 86، ص 229، ح 51 ( … اللهم إني أعوذ بك من العديل عند الموت).
(3) وأول كلامه (قدس سره): " ان العديلة عند الموت تقع، فإنه يجئ الشيطان ويعدل الانسان عند الموت ويخرجه من الإيمان فيحصل له عقاب النيران وفي الدعاء قد تعوذ الأئمة (عليهم السلام) منها فإذا أراد الانسان أن يسلم.. الخ ".
(١١٥)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)، الموت (5)، الخمس (1)، صلاة الليل (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب إقبال الأعمال (1)، السيد إبن طاووس (1)، شهر رجب المرجب (1)، كتاب بحار الأنوار (1)، الشكر (1)، القبر (1)، الصّلاة (1)، السجود (1)

الأمور النافعة لهذه العقبة

الشيطان ويتعوذ منه بالرحمن، ويودع ذلك الله ويسأله أن يرده عليه وقت حضور موته. فعند ذلك يسلم من العديلة عند الموت قطعا) (1).
فعلي طبق رأي هذا الأجل فان قراءة دعاء العديلة المعروف واستحضار معناه في الذهن نافع للحفظ من خطر العديلة عن الموت.
* وروي الشيخ الطوسي (رحمه الله) عن محمد بن سليمان الديلمي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك أن شيعتك تقول ان الإيمان مستقر ومستودع فعلمني شيئا إذا أنا قلته استكملت الإيمان.
قال (عليه السلام): قل في دبر كل صلاة فريضة:
" رضيت بالله ربا وبمحمد صلي الله عليه وآله نبيا وبالإسلام دينا وبالقرآن كتابا وبالكعبة قبلة وبعلي وليا وإماما وبالحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسي بن جعفر وعلي بن موسي ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن صلوات الله عليهم أئمة، اللهم إني رضيت بهم أئمة فارضني لهم إنك علي كل شئ قدير " (2).
ومن الأمور النافعة لهذه العقبة:
المواظبة علي أوقات الصلوات الفريضة. ففي الحديث أن ملك الموت قال:
" … انه ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مدر ولا وبر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات.
فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): انما يتصفحهم في مواقيت الصلاة، فان كان ممن يواظب
(1) نقل النص العلامة الثاني السيد هاشم البحراني في كتاب (معالم الزلفي) ص 71 الطبعة الحجرية، عن ارشاد المسترشدين، وتكملة النص: " ويقول أيضا إن أراد السلامة من منكر ونكير لفظ الشهادتين والاقرار بالأئمة (عليهم السلام) بيقين صادق وصفاء خاطر ثم يقول: يا الله يا رحمن يا رحيم أودعتك هذا الاقرار بك وبالنبي والأئمة وأنت خير مستودع فرده علي في القبر عند مسألة منكر ونكير فإنه يسلم من مسألة منكر ونكير قطعا " انتهي كلامه رفع مقامه.
(2) التهذيب للشيخ الطوسي: ج 2، ص 109، ح 412.
(١١٦)
صفحهمفاتيح البحث: مواقيت الصلاة (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، محمد بن سليمان الديلمي (1)، علي بن الحسين (1)، الشيخ الطوسي (2)، الحسن بن علي (1)، موسي بن جعفر (1)، علي بن محمد (1)، محمد بن علي (1)، جعفر بن محمد (1)، الموت (3)، الفدية، الفداء (1)، الصّلاة (2)، القبر (1)
عليها عند مواقيتها لقنه شهادة أن لا إله إلا الله ومحمدا رسول الله صلي الله عليه وآله، ونحي عنه ملك الموت إبليس " (1).
* وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه كتب إلي بعض الناس:
" إن أدرت أن يختم بخير عملك حتي تقبض وأنت في أفضل الأعمال، فعظم لله حقه أن تبذل [لا تبذل. خ. ل] نعمه في معاصيه، وأن تغتر بحلمه عنك. وأكرم كل من وجدته يذكرنا [يذكر منا. خ. (2)] أو ينتحل مودتنا، ثم ليس عليك، صادقا كان أو كاذبا، انما لك نيتك، وعليه كذبه " (3).
* يقول الفقير: ومن النافع لحصول حسن العاقبة والوصول من الشقاوة إلي السعادة: قراءة الدعاء الحادي عشر من الصحيفة الكاملة:
" يا من ذكره شرف للذاكرين … الخ " (4).
وقراءة دعاء التمجيد المنقول في الكافي وغيره، وقد نقلته في كتاب (الباقيات الصالحات) بعد أدعية الساعات (5).
(١) الكافي: ج ٣، ص ١٣٦، كتاب الجنائز، باب (اخراج روح المؤمن والكافر)، ح ٢، ونقله عنه الحر العاملي في الوسائل: ج ٢، ص ٦٦٣، كتاب الطهارة، أبواب الاحتضار، باب ٣٦، ح ٤، وفي الوسائل ج ٣، ص ٧٩، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت، باب ١، ح ٥.
(٢) في نسخة (عيون أخبار الرضا (عليه السلام)) للشيخ الصدوق.
(٣) رواه الصدوق في عيون أخبار الرضا: ج ٢، ص ٤، ونقله عن المجلسي في البحار: ج ٧٣، ص ٣٥١، ح ٤٩، و ج ٧٤، ص ٣٠٣، و ج ٧٨، ص ١٩٥، ح ١٥، عن الخصال للصدوق عن المفسر أحمد بن الحسن الحسيني عن أبي محمد العسكري عن آبائه (عليهم السلام) قال: كتب الصادق (عليه السلام) إلي بعض الناس: " إن أردت … الخ "، ولكننا لم نجده في الخصال المطبوع.
(٤) الصحيفة السجادية الكاملة: الدعاء ١١، (دعاؤه بخواتم الخير) الفقرة الأولي.
(٥) أقول: روي الكليني بسند موثق عن الإمام الصادق (عليه السلام) في الكافي الشريف: ج ٢، ص ٥١٦، كتاب الدعاء باب (ما يمجد به الرب تبارك وتعالي نفسه)، ح ٢.
ورواه الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٢٨، بسند موثق أيضا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" ان الله تبارك وتعالي يمجد نفسه في كل يوم وليلة ثلاث مرات. فمن مجد الله بما مجد به نفسه ثم كان في حال شقوة حوله الله عز وجل إلي سعادة يقول: أنت الله لا اله إلا أنت رب العالمين، أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم أنت الله لا اله الا أنت العزيز [العلي] الكبير أنت الله لا إله إلا أنت مالك يوم الدين، أنت الله لا إله إلا أنت الغفور الرحيم، أنت الله لا إله إلا أنت العزيز الحكيم، أنت الله لا إله إلا أنت منك بدأ الخلق [بدء كل شئ خ. ثواب الأعمال] وإليك يعود، أنت الله [الذي] لا إله إلا أنت لم تزل ولا تزل، أنت [الذي] لا اله إلا أنت خالق الخير والشر، أنت الله لا إله إلا أنت خالق الجنة والنار، أنت الله لا إله إلا أنت أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أنت الله لا إله إلا أنت الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون، هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسني يسبح له ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم … إلي آخر السورة (في الكافي ولكن لا يوجد في ثواب الأعمال. والظاهر أن ما في ثواب الأعمال أصح لأن آخر السورة ( … العزيز الحكيم) الحشر الآية 24)، أنت الله لا إله إلا أنت الكبير [المتعال خ. ل ثواب الأعمال] والكبرياء رداؤك ".
(١١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الموت (1)، الشهادة (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (2)، كتاب الخصال للشيخ الصدوق (1)، كتاب الصحيفة السجادية الكاملة للإمام زين العابدين (ع) (1)، الشيخ الحر العاملي (1)، يوم القيامة (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (3)، أحمد بن الحسن (1)، العزّة (4)، الصّلاة (1)، الطهارة (1)، الجنازة (1)
* وأن يصلي الصلاة الواردة في يوم الأحد من ذي القعدة (1).
* والمداومة علي هذا الذكر الشريف:
* (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب) * (2).
(1) أقول: روي السيد ابن طاووس (رحمه الله) في الاقبال: ص 308 عن أنس بن مالك، قال خرج رسول الله (صلي الله عليه وآله) يوم الأحد في شهر ذي القعدة فقال: يا أيها الناس من كان منكم يريد التوبة؟
قلنا: كلنا نريد التوبة يا رسول الله.
فقال (صلي الله عليه وآله): اغتسلوا وتوضأوا وصلوا أربع ركعات واقرأوا في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات والمعوذتين مرة، ثم استغفروا سبعين مرة ثم اختموا بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم قولوا: يا عزيز يا غفار اغفر لي ذنوبي وذنوب جميع المؤمنين والمؤمنات فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
ثم قال (صلي الله عليه وآله): ما من عبد من أمتي فعلها إلا نودي من السماء يا عبد الله استأنف العمل فإنك مقبول التوبة مغفور الذنب وينادي ملك من تحت العرش أيها العبد بورك عليك وعلي أهلك وذريتك. وينادي مناد آخر أيها العبد ترضي خصماؤك يوم القيامة، وينادي ملك آخر أيها العبد تموت علي الإيمان، ولا اسلب منك الدين ويفسح في قبرك وينور فيه، وينادي مناد آخر: أيها العبد يرضي أبواك وإن كانا ساخطين وغفر لأبويك ذلك ولذريتك وأنت في سعة من الرزق في الدنيا والآخرة. وينادي جبرئيل (عليه السلام) أنا الذي آتيك مع ملك الموت (عليه السلام) أن يرفق بك ولا يخدشك أثر الموت انما تخرج الروح من جسدك سلا.. الحديث.
(2) سورة آل عمران: الآية 8.
روي العياشي في تفسيره: ج 1، ص 164، عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
(أكثروا من أن تقولوا " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا " لا تأمنوا الزيع).
أي أن الخبر يأمر بالمداومة علي هذا الذكر الشريف لأجل أن يدفع عن أن يأمن السالك من الزيغ، فإنه معرض دائما للزيغ، فقوله (عليه السلام) " لا تأمنوا الزيغ " نهي عن الاطمئنان بالنفس والإيمان المحصل من عدم الزيغ.
(١١٨)
صفحهمفاتيح البحث: شهر ذي القعدة (2)، الصّلاة (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، السيد إبن طاووس (1)، سماعة بن مهران (1)، سورة آل عمران (1)، أبو عبد الله (1)، أنس بن مالك (1)، الرزق (1)، الموت (3)، النهي (1)، الركوع، الركعة (1)
* والمواظبة علي تسبيح الزهراء (عليها السلام) (1).
* والتختم بخاتم عقيق، وبالخصوص إذا كتب عليه (محمد نبي الله وعلي ولي الله) (2).
(١) أقول: ورد في الأخبار الشريفة متواترا في فضل تسبيح الزهراء صلوات الله وسلامه عليها عقيب الصلاة وقبل النوم، وإليك بعض ذلك:
روي الكليني بإسناد صحيح عن الباقر (عليه السلام) قال: " ما عبد الله بشئ من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة (عليها السلام) ولو كان شئ أفضل منه لنحله رسول الله (صلي الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) ". الكافي:
ج ٣، ص ٣٤٣، ح ١٤، التهذيب الطوسي: ج ٢، ص ١٠٥، ح ١٦٦، باب ٢٣. وفيه أيضا بإسناد صحيح، عن أبي خالد القماط قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: تسبيح فاطمة ((عليها السلام) في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم " الكافي: ج ٣، ص ٣٤٣، ح ١٥.
الوسائل: كتاب الصلاة، أبواب التعقيب، باب ٩ ح ١، ح ٢.
وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: " من بات علي تسبيح فاطمة ((عليها السلام) كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " الوسائل: كتاب الصلاة، أبواب التعقيب، باب ١١، ح ٤.
(٢) في مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: ج ٣، ص ٣٠٢، باب (في أحواله (عليه السلام)) أي أمير المؤمنين (عليه السلام) (في لوائه وخاتمه) ونقله المجلسي في البحار: ج ٤٢، ص ٦٢، عن موسي بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) قال النبي (صلي الله عليه وآله): " لما كلم الله موسي بن عمران علي جبل طور سيناء اطلع علي الأرض اطلاعة فخلق من وجهه العقيق، وقال: أقسمت علي نفسي أن لا أعذب كف لابسك إذا تولي عليا (عليه السلام) بالنار ".
وروي الكليني (رحمه الله) في الكافي الشريف بإسناد صحيح عن الرضا (عليه السلام) قال: العقيق ينفي الفقر ولبس العقيق ينفي (النفاق).
وروي أيضا بالاسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): " تختموا بالعقيق فإنه مبارك ومن تختم بالعقيق يوشك أن يقضي له بالحسني ".
وروي (رحمه الله): شكا رجل إلي النبي (صلي الله عليه وآله) انه قطع عليه الطريق فقال (صلي الله عليه وآله): " هلا تختمت بالعقيق فإنه يحرس من كل سوء " الكافي: ج ٦، ص 470، 471.
وروي المؤلف القمي (رحمه الله) في السفينة: ج 1، ص 376 الطبعة الحجرية: انه أمر رسول الله (صلي الله عليه وآله) بأن ينقش في خاتمه محمد بن عبد الله فنقش النقاش فأخطأت يده فنقش عليه محمد رسول الله، فأخذه رسول الله (صلي الله عليه وآله) وتختم به، فلما أصبح النبي (صلي الله عليه وآله) فإذا تحته منقوش (علي ولي الله).
وروي الشيخ الطوسي في الأمالي: ص 714، بالإسناد عن ابن عباس قال: أعطي رسول الله (صلي الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) فقال: يا علي اعط هذا الخاتم لينقش عليه محمد بن عبد الله، فأخذه أمير المؤمنين (عليه السلام) فأعطاه النقاش، فقال له أنقش عليه محمد بن عبد الله، فنقش النقاش وأخطأت يده فنقش عليه محمد رسول الله، فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: ما فعل الخاتم؟ فقال هو ذا.
فأخذه، ونظر إلي نقشه، فقال ما أمرتك بهذا.
فقال: صدقت، ولكن يدي أخطأت.
فجاء به إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقال يا رسول الله ما نقش النقاش ما أمرت به، ذكر أن يده أخطأت.
فأخذه النبي (صلي الله عليه وآله) ونظر إليه، فقال: يا علي أنا محمد بن عبد الله، وأنا محمد رسول الله.
وتختم به. فلما أصبح النبي (صلي الله عليه وآله) نظر إلي خاتمه فإذا تحته منقوش علي ولي الله.
فتعجب من ذلك النبي (صلي الله عليه وآله) فجاء جبرئيل فقال: يا جبرئيل كان كذا وكذا؟
فقال: يا محمد (صلي الله عليه وآله) كتبت ما أردت وكتبنا ما أردنا.
ونقله العلامة المجلسي في البحار: ج 16، ص 91 عن أمالي الشيخ الطوسي بإسناده إلي زيد بن علي عن آبائه (عليهم السلام) قال، قال: " رسول الله (صلي الله عليه وآله) لعلي … " ونقله في البحار: ج 40، ص 37، ح 72.
وروي في جامع الأخبار: ص 134، طبعة النجف الأشرف:
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " من صاغ خاتما من عقيق فنقش فيه محمد نبي وعلي ولي [هكذا في المطبوعة ولعل لفظ الجلالة ساقط كما هو الظاهر من ملازمات المقال] وقاه الله ميتة السوء ولم يمت إلا علي الفطرة ".
(١١٩)
صفحهمفاتيح البحث: تسبيح الزهراء ع (5)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (13)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، عبد الله بن عباس (1)، كتاب أمالي الصدوق (2)، كتاب مناقب آل أبي طالب عليه السلام (1)، مدينة النجف الأشرف (1)، العلامة المجلسي (2)، محمد بن عبد الله (4)، موسي بن عمران (1)، ابن شهرآشوب (1)، الشيخ الطوسي (1)، زيد بن علي (1)، الصّلاة (5)، السفينة (1)، النوم (1)
* وقراءة سورة (قد أفلح المؤمنون) في كل جمعة (1).
* وقراءة سبع مرات بعد صلاة الصبح وصلاة المغرب (بسم الله الرحمن
(١) أقول: روي الشيخ الصدوق (رحمه الله) في ثواب الأعمال ص ١٣٥ بالإسناد إلي أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من قرأ سورة المؤمنين ختم الله له بالسعادة [و] إذا كان يدمن قراءتها في كل جمعة كان منزله في الفردوس الأعلي مع النبيين والمرسلين ".
(١٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (1)، الشيخ الصدوق (1)

ذكر حكايتين مناسبتين

الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) (1).
* وأن يصلي في ليلة الثاني والعشرين من رجب ثمانية ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل يا أيها الكافرون سبعة مرات وبعد الفراغ يصلي علي محمد وآل محمد عشرة مرات، ويستغفر الله تعالي عشرة مرات (2).
* وروي السيد ابن طاووس عن الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله) انه قال:
" ومن صلي في الليلة السادسة من شعبان أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وخمسين مرة قل هو الله أحد، قبض الله روحه علي السعادة، ووسع عليه في قبره ويخرج من قبره ووجهه كالقمر وهو يقول: اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله " (3).
* يقول المؤلف: إن هذه الصلاة هي بعينها صلاة أمير المؤمنين (عليه السلام) وان لها فضل كثير.
وقد رأيت من المناسب في هذا المقام أن أذكر حكايتين:
الحكاية الأولي:
حكي ان تلميذا من تلاميذ الفضيل بن عياض (4) - وهو أحد رجال الطريقة -
(١) روي الشيخ الكليني (رحمه الله) في الكافي الشريف بإسناد معتبر بقوة الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" إذا صليت المغرب والغداة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم سبع مرات فإنه من قالها لم يصبه جذام ولا برص ولا جنون ولا سبعون نوعا من أنوع البلاء ". الكافي: ج ٢، ص 528.
(2) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 666، بعد أن ذكر هذه الصلاة المروية عن النبي (صلي الله عليه وآله): فإذا فعل ذلك لم يخرج من الدنيا حتي يري مكانه في الجنة ويكون موته علي الاسلام ويكون له أجر سبعين نبيا.
(3) اقبال الأعمال: ص 690 - 691، الطبعة الحجرية.
(4) قال المؤلف (رحمه الله) في سفينة البحار: ج 7، ص 103 الطبعة الحديثة:
(الفضيل بن عياض الزاهد بصري أو كوفي عامي ثقة روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، له نسخة يرويها النجاشي وكان من زهدة عصره، ذكر الصوفية له كرامات ومقامات ويحكي انه كان في أول أمره يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس وعشق جارية فبينما يرتقي الجدران إليها سمع تاليا يتلوا: * (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) * سورة الحديد: الآية 16.
فقال: يا رب قد آن، فرجع وآوي إلي خربة فإذا فيها رفقة فقال بعضهم: نرتحل، وقال بعضهم:
حتي نصبح فان فضيلا علي الطريق يقطع علينا، فتاب الفضيل وأمنهم، وحكي انه جاور الحرم حتي مات وكانت وفاته يوم عاشوراء سنة (187). وله كلمات منها: ثلاثة لا ينبغي أن يلاموا علي سوء الخلق والغضب: الصائم والمريض والمسافر، وقال ثلاث خصال يقسين القلب: كثرة الأكل وكثرة النوم وكثرة الكلام، قيل: كان لفضيل ولد اسمه علي وكان أفضل من أبيه في الزهد والعبادة الا أنه لم يتمتع بحياته كثيرا وكان سبب موته انه كان يوما في المسجد الحرام واقفا بقرب ماء زمزم فسمع قارئا يقرأ * (وتري المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد * سرابيلهم من قطران وتغشي وجوهم النار) * سورة إبراهيم / الآية 49 - 50. فصعق ومات).
(١٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، السيد إبن طاووس (2)، شهر رجب المرجب (1)، شهر شعبان المعظم (1)، الفضيل بن عياض (2)، القبر (2)، الصّلاة (3)، الركوع، الركعة (2)، يوم عاشوراء (1)، كتاب إقبال الأعمال (2)، سورة ابراهيم (1)، سورة الحديد (1)، الأكل (1)، الموت (3)، الزهد (1)، الغضب (1)، المرض (1)، السفينة (1)، النوم (1)
وكان يعد من أعلم تلاميذه لما حضرته الوفاة دخل عليه الفضيل وجلس عند رأسه وقرأ سورة ياسين.
فقال التلميذ المحتضر: يا أستاذ لا تقرأ هذه السورة. فسكت الأستاذ، ثم لقنه فقال له: قل لا إله إلا الله.
فقال: لا أقولها، لأني برئ منها.
ثم مات علي ذلك.
فاضطرب الفضيل من مشاهدة هذه الحالة اضطرابا شديدا. فدخل منزله ولم يخرج منه. ثم رآه في النوم وهو يسحب به إلي جهنم.
فسأله الفضيل: بأي شئ نزع الله المعرفة منك، وكنت اعلم تلاميذي.
فقال: بثلاثة أشياء:
أولها: النميمة فاني قلت لأصحابي بخلاف ما قلت لك.
والثاني: بالحسد، حسدت أصحابي.
والثالث: كانت بي علة فجئت إلي الطبيب فسألته عنها فقال تشرب في كل سنة قدحا من الخمر، فان لم تفعل بقيت بك العلة.
فكنت اشرب الخمر تبعا لقول الطبيب.
ولهذه الأشياء الثلاثة التي كانت في ساءت عاقبتي ومت علي تلك الحالة (1).
(1) راجعنا في ترجمة القصة ما نقله المؤلف (رحمه الله) في كتابه سفينة البحار: ج 2، ص 727 الطبعة الحديثة، وقد حاولنا أن نجمع ما في السفينة وما نقله هنا بالفارسية، وإن شئت فراجع السفينة.
(١٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (1)، الطب، الطبابة (2)، النوم (1)، السفينة (2)
يقول المؤلف: رأيت من المناسب أن أذكر في ذيل هذه الحكاية هذا الخبر:
روي الشيخ الكليني عن أبي بصير انه قال:
دخلت أم خالد العبدية علي أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا عنده فقالت: جعلت فداك انه يعتريني قراقر في بطني.. وقد وصف لي أطباء العراق النبيذ بالسويق، وقد وقفت وعرفت كراهتك له، فأحببت أن أسألك عن ذلك؟
فقال لها (عليه السلام): وما يمنعك عن شربه؟
قالت: قد قلدتك ديني، فألقي الله عز وجل حين ألقاه فأخبره ان جعفر بن محمد (عليهما السلام) أمرني ونهاني.
فقال: يا أبا محمد ألا تسمع إلي هذه المرأة، وهذه المسائل. لا والله لا آذن لك في قطرة منه، ولا تذوقي منه قطرة، فإنما تندمي إذا بلغت نفسك‌ها هنا - وأومأ بيده إلي حنجرته - يقولها ثلاثا: أفهمت؟
قالت: نعم (1).
الحكاية الأخري:
ذكر الشيخ البهائي عطر الله مرقده في الكشكول:
احتضر بعض المترفين وكان كلما قيل له قل: لا إله إلا الله، يقول هذا البيت:
يا رب قائلة يوما وقد تعبت * أين الطريق إلي حمام منجاب وسبب ذلك أن امرأة عفيفة حسناء خرجت إلي حمام معروف بحمام بنجاب، فلم تعرف طريقه وتعبت من المشي، فرأت رجلا علي باب دار، فسألته عن الحمام.
فقال: هو هذا، وأشار إلي باب داره.
فلما دخلت، أغلق الباب عليها، فلما علمت بمكره أظهرت كمال الرغبة والسرور، وقالت: اشتر لنا شيئا من الطيب، وشيئا من الطعام، وعجل بالعود إلينا.
فلما خرج واثقا بها وبرغبتها، خرجت وتخلصت منه.
(1) رواه الشيخ الكليني في الكافي الشريف: ج 6 ص 413.
(١٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: دولة العراق (1)، أبو بصير (1)، الشيخ البهائي (1)، يوم عرفة (1)، الطعام (1)، المنع (1)، الإستحمام، الحمام (1)

لطيفة

فانظر كيف منعته هذه الخطيئة عن الاقرار بالشهادة عند الموت، مع أنه لم يصدر منه إلا ادخال المرأة بيته وعزمه علي الزنا فقط من دون وقوعه منه (1).
والحكايات من هذا القبيل كثيرة.
واعلم أن الشيخ الكليني روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" من منع قيراطا من الزكاة فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا " (2).
يقول الفقير: القيراط واحد وعشرون دينارا.
وورد قريبا من هذا المضمون في حق من استطاع أن يحج ولم يحج حتي مات (3).
لطيفة:
نقل عن بعض العارفين انه حضر عند محتضر فطلب الحاضرون منه أن يلقن المحتضر. فلقنه هذه الرباعية:
گر من گنه جمله جهان كردستم لطف تو اميد است كه گيرد دستم گوئي كه به وقت عجز دستت گيرم عاجز تر از أين مخواه كاكنون هستم يعني:
إن ارتكبت معاصي الدنيا كلها فرجائي أن يأخذ لطفك يدي فإنك وعدتني بأخذ يدي عندما أعجز لا تشأ أن أعجز أكثر من عجزي الحالي
(١) الكشكول: ج ١، ص ٢٤٨ - ٢٤٩.
(٢) الكافي: ج ٣، ص ٥٠٧.
(٣) أقول: روي الصدوق في ثواب الأعمال: ص 281 - 282، بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام):
" من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق الحج من أجله أو سلطان يمنعه فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا ".
(١٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الزنا (1)، الزكاة (1)، الموت (3)، المنع (1)، الشهادة (1)، الحج (3)، الشيخ الصدوق (1)، المرض (1)
أحد منازل الآخرة المهولة القبر
صفحه(١٢٥)
أحد منازل الآخرة المهولة القبر فإنه في كل يوم يقول: أنا بيت الغربة، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود (1).
ولهذا المنزل عقبات صعبة جدا، ومنازل ضيقة ومهولة، ونحن نشير هنا
(١) روي الكليني في الكافي: ج ٣، ص 242 بالإسناد عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: " ان للقبر كلاما في كل يوم يقول: أنا بيت الغربة، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود، أنا القبر، انا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران ".
وروي أيضا في ج 3، ص 241، بالإسناد عنه (عليه السلام) قال: " ما من موضع قبر إلا وهو ينطق كل يوم ثلاث مرات: أنا بيت التراب، أنا بيت البلاء، أنا بيت الدود.
قال: فإذا دخله عبد مؤمن قال: مرحبا وأهلا، أما والله لقد كنت أحبك وأنت تمشي علي ظهري، فكيف إذا دخلت بطني، فستري ذلك.
قال: فيفسح له مد البصر، ويفتح له باب يري مقعده من الجنة.
قال: ويخرج من ذلك رجل لم تر عيناه شيئا قط أحسن منه فيقول: يا عبد الله ما رأيت شيئا قط أحسن منك.
فيقول: أنا رأيك الحسن الذي كنت عليه، وعملك الصالح الذي كنت تعمله.
قال: ثم تؤخذ روحه، فتوضع في الجنة حيث رأي منزله، ثم يقال له: نم قرير العين، فلا يزال نفحة من باب الجنة تصيب جسده يجد لذتها وطيبها حتي يبعث.
قال: وإذا دخل الكافر، قال: لا مرحبا بك، ولا أهلا، اما والله لقد كنت أبغضك وأنت تمشي علي ظهري، فكيف إذا دخلت بطني ستري ذلك.
قال: فتضم عليه، فتجعله رميما، ويعاد كما كان، ويفتح له باب إلي النار فيري مقعده من النار … الحديث ".
(١٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، القبر (2)، البعث، الإنبعاث (1)

من منازل الآخرة المهولة: القبر وفيه عقبات: العقبة الأولي: وحشة القبر

إلي عدة عقبات منها:
العقبة الأولي وحشة القبر * في كتاب (من لا يحضره الفقيه):
(وإذا حمل الميت إلي قبره فلا يفاجأ به القبر لأن للقبر أهوالا عظيمة. ويتعوذ حامله بالله من هول المطلع. ويضعه قرب شفير القبر. ويصبر عليه هنيئة ثم يقدمه قليلا ويصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته، ثم يقدمه إلي شفير القبر) (1).
وقال المجلسي الأول في شرح هذا الحديث:
(ولو أن الروح قد فارقت البدن، وان الروح الحيوانية قد ماتت، أما النفس الناطقة فحية. وان تعلقها بالبدن يزول علي نحو الكلية. وان الخوف من ضغطة القبر وسؤال منكر ونكير ورومان " فتان القبور "، والخوف من عذاب البرزخ موجود ليكن عبرة للآخرين ليفكروا ان ذلك واقع بهم في المستقبل.
وفي حديث حسن (2) عن يونس قال: حديث سمعته عن أبي الحسن موسي (عليه السلام) ما ذكرته وأنا في بيت إلا ضاق علي. يقول: إذا أتيت بالميت إلي شفير قبره فأمهله ساعة، فإنه يأخذ أهبته للسؤال (3).
وروي عن البراء بن عازب - أحد الصحابة المعروفين قال:
بينما نحن مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) إذا بصر بجماعة فقال: علام اجتمع عليه هؤلاء؟
(١) من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق: ج ١، ص ١٧٠.
(٢) أي ان سند الحديث حسن.
(٣) لم نجده في الشرح العربي المطبوع باسم (روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه) ولعله في الشرح الفارسي فان للمجلسي الأول شرحان علي الفقيه.
وأما الرواية فموجودة في الشرح العربي ونقلناها منه، روضة المتقين: ج ١، ص ٤٥٠.
وقد رواها الكليني في الكافي: ج ٣، ص 191، كتاب الجنائز - باب (في وضع الجنازة دون القبر) - ح 2.
(١٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (3)، العلامة المجلسي (1)، البراء بن عازب (1)، الخوف (2)، القبر (6)، الموت (1)، الجماعة (1)، الشيخ الصدوق (1)، الجنازة (1)
قيل: علي قبر يحفرونه.
قال: ففزع رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فبدر بين يدي أصحابه مسرعا حتي انتهي إلي القبر فجثا عليه.
قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع. فبكي حتي بل الثري من دموعه، ثم اقبل علينا، قال: أي إخواني لمثل اليوم أعدوا (1).
(١) مسند أحمد بن حنبل: ج ٤، ص ٢٩٤ وروي الشهيد في: مسكن الفؤاد، ص ١٠٧، الطبعة الحجرية عن البراء بن عازب باختلاف يسير، ونقله الشيخ النوري في المستدرك: ج ٢، ص 465، باب 74، ح 2476، الطبعة الحديثة.
ومما يناسب المقام ما رواه أحمد بن حنبل أيضا عن البراء بن عازب انه قال:
(خرجنا مع النبي (صلي الله عليه وآله) في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلي القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وجلسنا حوله، وكأن علي رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض.
فرفع رأسه، فقال:
استعيذوا بالله من عذاب القبر. (مرتين، أو ثلاثا) ثم قال:
إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، واقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتي يجلسوا منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت (عليه السلام) حتي يجلس عند رأسه فيقول:
أيتها النفس الطيبة اخرجي إلي مغفرة من الله، ورضوان.
قال: فتخرج تسيل، كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها. فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتي يأخذوها فيجعلونها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت علي وجه الأرض.
قال: فيصعدون بها، فلا يمرون - يعني بها - علي ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟
فيقولون: فلان، بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا.
حتي ينتهوا بها إلي السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلي السماء التي تليها حتي ينتهي به إلي السماء السابعة، فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلي الأرض، فاني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخري.
قال: فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول ربي الله.
فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الاسلام.
فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟
فيقول: هو رسول الله (صلي الله عليه وآله).
فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت.
فينادي مناد من السماء: إن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلي الجنة. قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره … الحديث) مسند أحمد: ج 4، ص 287.
(١٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، القبر (4)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (2)، البراء بن عازب (2)، أحمد بن حنبل (1)، عبد المؤمن (1)، التصديق (1)، الموت (1)، الشهادة (1)
* ونقل الشيخ البهائي عن بعض الحكماء انه رئي في ساعة موته يتحسر ويتأسف.
فقيل له: ما هذا الذي يري منك؟
فقال: ما يظن بمن يسافر سفرا بعيدا بدون زاد ولا مؤونة، ويسكن في قبر موحش بلا مؤنس، ويرد علي حاكم عادل بدون حجة؟!
* وروي القطب الراوندي أن عيسي نادي أمه مريم (عليهم السلام) بعد ما دفنت فقال:
يا أماه هل تريدين أن ترجعي إلي الدنيا؟
قالت: نعم لأصلي لله في ليلة شديدة البرد وأصوم يوما شديد الحر، يا بني فان الطريق مخوف (1).
* وروي: ان فاطمة (عليها السلام) لما احتضرت أوصت عليا (عليه السلام) فقالت: " إذا أنا مت فتول أنت غسلي وجهزني، وصل علي وأنزلني قبري وألحدني، وسو التراب علي، واجلس عند رأسي قبالة وجهي، فأكثر من تلاوة القرآن والدعاء فإنها ساعة يحتاج الميت فيها إلي أنس الأحياء " (2).
* وروي السيد ابن طاووس (رحمه الله) عن الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله) انه قال:
(١) رواها النوري في مستدرك الوسائل: ج ١، ص ٥٩١، الطبعة الحجرية، كتاب الصيام، أبواب الصوم المندوب، باب ٢، ح ٦، عن لب اللباب للراوندي.
(٢) راجع البحار: ج ٨٢، ص ٢٧، ح ١٣، عن مصباح الأنوار، ونقله عنه الشيخ النوري (رحمه الله) في المستدرك: ج ٢، ص ٣٣٩، باب ٣٢، ح ٢١٣٣. ونقله أيضا في المستدرك: ج ٢، ح 477، باب 79، ح 2509. وتجده في مصابيح الأنوار: ص 257.
(١٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، السيد إبن طاووس (1)، الشيخ البهائي (1)، القطب الراوندي (1)، القرآن الكريم (1)، الحج (1)، الموت (2)، الظنّ (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، الصيام، الصوم (1)
" لا يأتي علي الميت ساعة أشد من أول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة، فان لم تجدوا فليصل أحدكم ركعتين يقرأ فيهما فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة، وقل هو الله أحد مرتين، وفي الثانية فاتحة الكتاب مرة وألهاكم التكاثر عشر مرات ويسلم ويقول:
اللهم صل علي محمد وآل محمد وابعث ثوابها إلي قبر ذلك الميت فلان بن فلان، فيبعث الله من ساعته الف ملك إلي قبره مع كل ملك ثوب وحلة ويوسع في قبره من الضيق إلي يوم ينفخ في الصور ويعطي المصلي بعدد ما طلعت عليه الشمس حسنات ويرفع له أربعون درجة " (1).
صلاة أخري:
يصلي لرفع وحشة الليلة الأولي في القبر ركعتين، يقرأ في الركعة الأولي الحمد وآية الكرسي، ويقرأ في الركعة الثانية الحمد وانا أنزلناه عشر مرات، فإذا سلم يقول:
" اللهم صل علي محمد وآل محمد وابعث ثوابها إلي قبر فلان " (2).
ويذكر اسم الميت عوضا عن " فلان ".
حكاية:
نقل شيخنا ثقة الاسلام النوري (نور الله مرقده) في (دار السلام) عن شيخه معدن الفضائل والمعالي مولانا الحاج ملا فتح علي السلطان آبادي (عطر
(١) فلاح السائل للسيد ابن طاووس: ص ٨٦ - ٨٧.
(٢) في المصباح للشيخ الكفعمي: ص 411 الطبعة الحجرية. قال: " وصلاة هدية الميت ليلة الدفن ركعتان، في الأولي الحمد، وآية الكرسي، وفي الثانية الحمد والقدر عشرا، فإذا سلم قال: اللهم صلي علي محمد وآل محمد، وابعث ثوابها إلي قبر فلان ".
وذكرها الشيخ الكفعمي في: البلد الأمين: ص 164. ونقلها عنه الحر العاملي في الوسائل: ج 5، ص 285، كتاب الصلاة: أبواب بقية الصلوات المندوبة باب 44، ح 2.
ونقلها المجلسي في البحار: ج 91، ص 219، ح 5.
(١٣١)
صفحهمفاتيح البحث: القبر (5)، الركوع، الركعة (4)، الصّلاة (5)، الموت (4)، الحج (1)، الشيخ الحر العاملي (1)، السيد إبن طاووس (1)، العلامة المجلسي (1)
الله مضجعه) قال:
كان من عادتي وطريقتي أن أصلي ركعتين لكل من سمعته مات في ولاء أهل البيت (عليهم السلام) في ليلة دفنه سواءا عرفته أو جهلته. ولم يكن أحدا مطلعا علي ذلك، إلي أن لقاني يوما في الطريق بعض الأصدقاء فقال:
اني رأيت البارحة فلانا في المنام - وقد توفي في هذه الأيام - فسألته عن حاله، وما جري عليه بعد الموت.
فقال: كنت في شدة وبلاء وآل أمري إلي العقاب عند الجزاء إلا أن الركعتين اللتين صلاهما فلان - وسماك - انقذتني من العذاب، ودفعت عني مضاضة العقاب، فرحم الله أباه (1) لهذا الاحسان الذي وصل منه إلي (2).
ثم سألني عن تلك الصلاة فأخبرته بطريقتي المستمرة، وعادتي الجارية (3).
* ومن الأشياء النافعة أيضا لوحشة القبر اتمام الركوع كما روي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) انه قال:
" من أتم ركوعه لم تدخله وحشة القبر " (4).
* وورد في الخبر أيضا:
" من قال مائة مرة (لا إله إلا الله الملك الحق المبين) أعاذه الله العزيز الجبار من الفقر وأنس وحشة قبره واستجلب الغني واستقرع باب الجنة " (5).
(١) في المصدر المطبوع: إياه.
(٢) هكذا في المصدر بدل (وصلني منه) كما هو الصحيح.
(٣) دار السلام: ج ٢، ص ٣١٥.
(٤) الدعوات للقطب الراوندي: ص ٢٧٦ الطبعة الحديثة، قال: " وعن سعيد بن جناح قال:
كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال مبتدءا … الخبر) ونقله عنه المجلسي (رحمه الله) في البحار: ج ٦، ص ٢٤٤، ٧١، وفي ج ٨٢، ص ٦٤، ح ٨، ورواه الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٥٥ (باب من أتم ركوعه)، ح ١. ونقله عن البحار: ج ٨٥، ص ١٠٧، ح ١٥.
(٥) ثواب الأعمال: الشيخ الصدوق: ص ٢٢ (ثواب من قال لا إله إلا الله الملك الحق المبين مائة مرة) ح ١. وذكره القطب الراوندي في الدعوات: ص 217.
ونقله في البحار: ج 86، ص 161 ح 40، عن (البلد الأمين) وفي ج 87 - ص 8، ح 13، وفي ج 93، ص 207، ح 7.
كما رواه الشيخ الطوسي في الأمالي: ص 285.
(١٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، الركوع، الركعة (2)، الغني (1)، الموت (2)، العزّة (1)، القبر (3)، الصّلاة (1)، العذاب، العذب (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (2)، القطب الراوندي (2)، الشيخ الطوسي (1)، سعيد بن جناح (1)
* وكذلك قراءة سورة يس قبل النوم (1).
وكذلك صلاة ليلة الرغائب، وقد ذكرت هذه الصلاة مع بعض فضائلها في مفاتيح الجنان في أعمال شهر رجب (2).
(١) روي الصدوق (رحمه الله) في ثواب الأعمال: ص ١٣٨ عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" ان لكل شئ قلبا وان قلب القرآن يس، من قرأها قبل أن ينام أو في نهاره قبل أن يمسي كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتي يمسي. ومن قرأها في ليلة قبل أن ينام وكل الله به ألف ملك يحفظونه من شر كل شيطان رجيم، ومن كل آفة. وإن مات في يومه أدخله الله به الجنة، وحضر غسله ثلاثون ألف ملك كلهم يستغفرون له، ويشيعونه إلي قبره بالاستغفار له. فإذا دخل في لحده كانوا في جوف قبره يعبدون الله، وثواب عبادتهم له، وفسح له في قبره مد بصره، وأومن من ضغطة القبر، ولم يزل له في قبره نور ساطع إلي عنان السماء إلي أن يخرجه الله من قبره … الحديث ".
وفي البحار: ج 76، ص 200، عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " من قرأ يس، في ليلته قبل أن ينام وكل الله به ألف ملك يحفظونه من كل شيطان رجيم ومن كل آفة ".
ولا يخفي أن هذه الرواية هي قطعة من الرواية المتقدمة.
(2) قال المؤلف في كتابه مفاتيح الجنان المعرب: ص 139:
(واعلم أن أول ليلة من ليالي الجمعة من رجب تسمي ليلة الرغائب، فيها عمل مأثور عن النبي (صلي الله عليه وآله) ذو فضل كثير. ورواه السيد في الاقبال والعلامة المجلسي (رحمه الله) في اجازة بني زهرة.
ومن فضله: أن يغفر لمن صلاها ذنوب كثيرة، وانه إذا كان أول ليلة نزوله إلي قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة، بوجه طلق، ولسان ذلق، فيقول: يا حبيبي ابشر فقد نجوت من كل شدة.
فيقول: من أنت، فما رأيت أحسن وجها منك، ولا سمعت كلاما أحلي من كلامك، ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك؟
فيقول: يا حبيبي انا ثواب تلك الصلاة التي صليتها ليلة كذا، في بلدة كذا، في شهر كذا، في سنة كذا، جئت الليلة لأقضي حقك وآنس وحدتك، وأرفع عنك وحشتك، فإذا نفخ في الصور ظللت في عرصة القيامة علي رأسك، فافرح فإنك لن تعدم الخير أبدا. وصفة هذه الصلاة:
أن يصوم أول خميس من رجب ثم يصلي بين صلاتي المغرب والعشاء اثنتي عشرة ركعة يفصل بين كل ركعتين بتسليمة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وانا أنزلناه ثلاث مرات، وقل هو الله أحد اثني عشرة مرة.
فإذا فرغ من صلاته قال سبعين مرة: اللهم صل علي محمد النبي الأمي وعلي آله [وفي نسخة بدل اللهم صل علي محمد وآل محمد] ثم يسجد ويقول سبعين مرة: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم انك أنت العلي الأعظم. ثم يسجد سجدة أخري فيقول فيها سبعين مرة:
سبوح قدوس رب الملائكة والروح.
ثم يسأل حاجته، فإنها تقضي إن شاء الله) انتهي كلامه رفع مقامه.
وقد نقل العلامة المجلسي (رحمه الله) في بحاره: ج 98، ص 395 باب (عمل خصوص ليلة الرغائب): عن العلامة في اجازته الكبيرة عن الحسن بن الدربي، عن الحاج صالح مسعود ابن محمد وأبي الفضل الرازي المجاور بمشهد مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) قرأها عليه في محرم سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة عن الشيخ علي بن عبد الجليل الرازي عن شرف الدين الحسن بن علي، عن سديد الدين علي بن الحسن عن عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري، عن الحسين بن علي، عن الحاج مسموسم عن أبي الفتح نور خان عبد الواحد الأصفهاني، عن عبد الواحد بن راشد الشيرازي، عن أبي الحسن الهمداني عن علي بن محمد بن سعيد البصري، عن أبيه، عن خلف بن عبد الله الصنعاني، عن حميد الطوسي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) ما معني قولك: رجب شهر الله؟ قال: لأنه مخصوص بالمغفرة، فيه تحقن الدماء، وفيه تاب الله علي أوليائه وفيه أنقذهم من نزاعه ثم قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): من صامه كله استوجب علي الله ثلاثة أشياء:
مغفرة لجميع ما سلف من ذنوبه، وعصمة فيما يبقي من عمره، وأمانا من العطش يوم الفزع الأكبر.
فقام شيخ ضعيف فقال: يا رسول الله (صلي الله عليه وآله) إني عاجز عن صيامه كله فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله):
صم أول يوم منه، فان الحسنة بعشر أمثالها وأوسط يوم منه وآخر يوم منه، فإنك تعطي ثواب صيامه كله، ولكن لا تغفلوا عن ليلة أول خميس منه، فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب، وذلك أنه إذا مضي ثلث الليل لم يبق ملك في السماوات والأرض إلا ويجتمعون في الكعبة وحواليها ويطلع الله عليهم اطلاعة فيقول لهم:
يا ملائكتي اسألوني ما شئتم فيقولون: حاجاتنا إليك أن تغفر لصوام رجب، فيقول الله عز وجل قد فعلت ذلك.
ثم قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): ما من أحد يصوم يوم الخميس أول خميس من رجب ثم يصلي ما بين العشاءين والعتمة اثني عشرة ركعة يفصل بين كل ركعتين بتسليم يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة وإنا أنزلناه في ليلة القدر ثلاث مرات وقل هو الله أحد اثني عشرة مرة، فإذا فرغ من صلاته صلي علي سبعين مرة، ويقول " اللهم صل علي محمد وعلي آله، ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العلي الأعظم، ثم يسجد سجدة أخري فيقول فيها ما قال في الأولي ثم يسأل الله حاجته في سجوده، فإنها تقضي.
قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): والذي نفسي بيده لا يصلي عبد أو أمة هذه الصلاة إلا غفر الله جميع ذنوبه، ولو كان ذنوبه مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزان الجبال وعدد ورق الأشجار ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته ممن قد استوجب النار، فإذا كان أول ليلة في قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة فيجيئه بوجه طلق ولسان ذلق فيقول: يا حبيبي أبشر فقد نجوت من كل سوء فيقول: من أنت فوالله ما رأيت وجها أحسن من وجهك، ولا سمعت كلاما أحسن من كلامك، ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك، فيقول: يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة التي صليتها في ليلة كذا من شهر كذا في سنة كذا، جئتك هذه الليلة لأقضي حقك وأونس وحدتك، وأرفع وحشتك، فإذا نفخ في الصور ظللت في عرصة القيامة علي رأسك فابشر فلن تعدم الخير أبدا).
وقال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 632، الطبعة الحجرية: (لا تغفلوا عن أول ليلة جمعة فيه فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب وذلك أنه إذا مضي ثلث الليل لم يبق ملك في السماوات والأرض إلا يجتمعون في الكعبة وحواليها ويطلع الله عليهم إطلاعة فيقول لهم يا ملائكتي سلوني ما شئتم فيقولون ربنا حاجتنا إليك أن تغفر لصوام رجب فيقول الله تبارك وتعالي قد فعلت ذلك ثم قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) ما من أحد صام يوم الخميس أول خميس من رجب ثم يصلي بين العشاء والعتمة اثنتي عشرة ركعة يفصل بين كل ركعتين بتسليمة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وانا أنزلناه في ليلة القدر ثلاث مرات وقل هو الله أحد اثنتي عشرة مرة فإذا فرغ من صلاته صلي علي سبعين مرة يقول اللهم صل علي محمد النبي الأمي الهاشمي وعلي آله ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة سبوح قدوس رب الملائكة والروح ثم يرفع رأسه ويقول رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العلي الأعظم ثم يسجد سجدة أخري فيقول فيها ما قال في السجدة الأولي ثم يسأل الله حاجته في سجوده فإنه تقضي إن شاء الله تعالي ثم قال رسول الله (عليه السلام) والذي نفسي بيده لا يصلي عبد أو أمة هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن الجبال وعدد أوراق الأشجار ويشفع يوم القيامة في سبع مائة من أهل بيته ممن قد استوجب النار فإذا كان أول ليلة نزوله إلي قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة بوجه طلق ولسان ذلق فيقول يا حبيبي ابشر فقد نجوت من كل شدة فيقول من أنت فما رأيت أحسن وجها منك ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك فيقول يا حبيبي أن ثواب تلك الصلاة التي صليتها ليلة كذا في بلدة كذا في شهر كذا في سنة كذا جئت الليلة لأقضي حقك وآنس وحدتك وارفع عنك وحشتك فإذا نفخ في الصور ظللت في عرصة القيامة علي رأسك وانك لن تعدم الخير من مولاك أبدا).
(١٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الليل (1)، شهر رجب المرجب (8)، سورة يس (1)، الصّلاة (14)، النوم (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (8)، يوم القيامة (2)، كتاب إقبال الأعمال (1)، السيد إبن طاووس (1)، العلامة المجلسي (2)، علي بن عبد الجليل (1)، الشيخ الصدوق (1)، الحسن بن الدربي (1)، الحسين بن علي (1)، أنس بن مالك (1)، الحسن بن علي (1)، علي بن الحسن (1)، محمد بن سعيد (1)، القرآن الكريم (1)، السجود (9)، الصيام، الصوم (2)، الموت (1)، الركوع، الركعة (2)، القبر (8)، الغسل (1)، الحج (2)
* وروي:
" ومن صام اثني عشر يوما من شعبان زاره في قبره كل يوم سبعون ألف ملك إلي النفخ في الصور " (1).
* ومن عاد مريضا أوكل الله تعالي به ملكا يعوده في قبره إلي محشره (2).
(١) روي ذلك الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٨٧، ورواه في فضائل الأشهر الثلاثة ص ٤٧، ح ٢٤.
ورواه في الأمالي: ص ٢٩، المجلس ٧، ح ١ ونقله المجلسي في البحار: ج ٩٧، ص ٦٩، ح ٧.
(٢) أقول: روي الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٢٣١، بإسناد صحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
" كان فيما ناجي الله به موسي (عليه السلام) ربه إن قال: يا رب أعلمني ما بلغ من عيادة المريض من الأجر؟
قال عز وجل: أوكل به ملكا يعوده في قبره إلي محشره ".
وفي: قصص الأنبياء / القطب الراوندي: ص ١٦٣، ح ١٨٥ (قال موسي (عليه السلام): يا رب ما لمن عاد مريضا؟ قال: أوكل به ملكا يعوده في قبره إلي محشره..). ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ١٣، ص ٣٥٤، ح ٥٢. وروي الكليني في الكافي: ج ٣، ص 120، كتاب الجنائز باب (ثواب عيادة المريض)، ح 4، عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " أيما مؤمن عاد مؤمنا في الله عز وجل في مرضه وكل الله به ملكا من العواد يعوده في قبره إلي يوم القيامة ".
وفي ج 3، ص 120 ح 5: بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: " من عاد مريضا من المسلمين وكل الله به أبدا سبعين ألفا من الملائكة يغشون رحله ويسبحون فيه، ويقدسون، ويهللون، ويكبرون إلي يوم القيامة نصف صلاتهم لعائد المريض ".
وروي أيضا في ج 3، ص 121، ح 7 بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " من عاد مريضا وكل الله عز وجل به ملكا يعوده في قبره ".
(١٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: شهر شعبان المعظم (1)، القبر (6)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (3)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (2)، كتاب أمالي الصدوق (1)، يوم القيامة (2)، العلامة المجلسي (2)، الشيخ الصدوق (2)، القطب الراوندي (1)، المرض (3)

العقبة الثانية: ضغطة القبر

* وروي عن أبي سعيد الخدري انه قال:
سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: يا علي! ابشر وبشر فليس علي شيعتك (1) حسرة (2) عند الموت، ولا وحشة في القبور، ولا حزن يوم النشور (3).
العقبة الثانية ضغطة القبر وهذه العقبة صعبة جدا وبتصورها تضيق علي الانسان الدنيا.
* قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " يا عباد الله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت القبر فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته، إن القبر يقول كل يوم أنا بيت الغربة انا بيت الوحشة أنا بيت الدود، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفره من حفر النار إلي أن قال: وإن معيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر، إنه يسلط علي الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا فينهشن لحمه ويكسرن عظمه يترددن عليه كذلك إلي يوم يبعث، لو أن تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا.
(1) في نسخة من المصدر (لشيعتك) بدل (علي شيعتك).
(2) في نسخة من المصدر (كرب) بدل (حسرة).
(3) تفسير فرات: ص 348، ح 375. وفي البحار: ج 7، ص 198، ح 73، وتكملة الحديث (ولكأني بهم يخرجون من جدث القبور ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم، يقولون:
الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب).
وفي البحار أيضا: ج 39، ص 228، عن عائشة، قال النبي (صلي الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " حسبك، ما لمحبك حسرة عند موته، ولا وحشة في قبره، ولا فزع يوم القيامة ".
وفي البحار: ج 6، ص 200:
عن أم سلمة (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام):
" يا علي ان محبيك يفرحون في ثلاثة مواطن: عند خروج أنفسهم وأنت هناك تشهدهم، وعند المسألة في القبور وأنت هناك تلقنهم، وعند العرض علي الله وأنت هناك تعرفهم ".
(١٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أبو سعيد الخدري (1)، الحزن (2)، الموت (3)، القبر (8)، البعث، الإنبعاث (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، الفزع (1)
يا عباد الله إن أنفسكم الضعيفة وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا " (1).
* وروي بأنه كان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا قام الليل يرفع صوته حتي يسمع أهل الدار ويقول:
" اللهم أعني علي هول المطلع ووسع علي ضيق المضجع وارزقني خير ما قبل الموت وارزقني خير ما بعد الموت " (2).
* ومن أدعيته (عليه السلام):
" اللهم بارك لي في الموت، اللهم أعني علي سكرات الموت اللهم أعني علي غم القبر، اللهم أعني علي ضيق القبر اللهم أعني علي وحشة القبر اللهم زوجني من الحور العين " (3).
* واعلم أن العمدة في عذاب القبر تأتي من عدم الاحتراز من البول، والاستخفاف به، يعني استسهاله، ومن النميمة ونقل الأقوال والأخبار والاستغابة وابتعاد الرجل عن أهله (4).
* ويستفاد من رواية سعد بن معاذ ان من أسباب ضغطة القبر سوء خلق
(١) الأمالي، الطوسي: ص ٢٧، ح ٣١، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٦، ٢١٨، ح ١٣.
(٢) أصول الكافي: ج ٢، ص 539، بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن الإمام الصادق (عليه السلام). وفي (من لا يحضره الفقيه) ج 1، ص 480، ح 1389.
(3) أقول روي هذا الدعاء السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 178، الطبعة الحجرية، في ضمن أعمال الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك، وقد رواه عن الإمام الصادق (عليه السلام) وفيه: " اللهم أعني علي الموت، اللهم أعني علي سكرات الموت … اللهم أعني علي وحشة القبر، اللهم أعني علي ظلمة القبر اللهم أعني علي أهوال يوم القيامة، اللهم بارك لي في طول يوم القيامة، اللهم زوجني من الحور العين ". ونقله في البحار: ج 98، ص 135.
(4) روي الشيخ الصدوق في علل الشرائع: ص 309، باب 262، بالإسناد عن علي (عليه السلام) قال:
" عذاب القبر يكون من النميمة، والبول، وعزب الرجل عن أهله "، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 6، ص 222، ح 21، وفي ج 75، ص 265، ح 210، وفي ج 103، ص 286، ح 16.
(١٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: أبو عبد الله (1)، سعد بن معاذ (1)، البول (2)، الموت (5)، القبر (8)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب علل الشرايع للصدوق (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (1)، كتاب أصول الكافي للشيخ الكليني (1)، يوم القيامة (2)، كتاب إقبال الأعمال (1)، السيد إبن طاووس (1)، شهر رمضان المبارك (1)، العلامة المجلسي (2)، الشيخ الصدوق (1)، الظلم (1)
الرجل مع أهله، وغلظته مع عياله أيضا (1).
* وورد في رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" ليس من مؤمن إلا وله ضمة " (2).
(١) وروي الصدوق (رحمه الله) في علل الشرائع: ص ٣١٠، باب ٢٦٢، ح ٤، وفي الأمالي: ص ٣١٤، المجلس ٦١، ح ٢، وروي الشيخ الطوسي في الأمالي: ص ٤٣٩، ح ١٢ ونقله في البحار:
ج ٦، ٢٢٠، ح ١٤، وفي ج ٢٢، ص ١٠٧، ح ٦٧، وفي ج ٧٣، ص ٢٩٨، ح ١١، وفي ج ٨٢، ص ٤٩، ح ٣٩.
" أتي رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقيل له: ان سعد بن معاذ قد مات.
فقام رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وقام أصحابه معه. فأمر بغسل سعد، وهو قائم علي عضادة الباب.
فلما إن حنط وكفن، وحمل علي سريره، تبعه رسول الله (صلي الله عليه وآله) بلا حذاء ولا رداء. ثم كان يأخذ يمنة السرير، ويسرة السرير مرة حتي انتهي به إلي القبر.
فنزل رسول الله (صلي الله عليه وآله) حتي لحده، وسوي اللبن عليه. وجعل يقول: ناولوني حجرا، ناولوني ترابا رطبا، يسد به ما بين اللبن.
فلما إن فرغ، وحثا التراب عليه، وسوي قبره، قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): اني لأعلم انه سيبلي ويصل البلي إليه، ولكن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه، فلما إن سوي التربة عليه قالت أم سعد: يا سعد! هنيئا لك الجنة.
فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يا أم سعد! مه، لا تجزمي علي ربك، فان سعدا قد اصابته ضمة، قال:
فرجع رسول الله (صلي الله عليه وآله)، ورجع الناس فقالوا له: يا رسول الله لقد رأيناك تصنعه علي سعد ما لم تصنعه علي أحد، انك تبعت جنازته بلا رداء، ولا حذاء.
فقال (صلي الله عليه وآله): ان الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء فتأسيت بها.
قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرة، ويسرة السرير مرة.
قال (صلي الله عليه وآله): كانت يدي في جبرئيل آخذ حيث يأخذ.
قالوا: أمرت بغسله وصليت علي جنازته ولحدته في قبره، ثم قلت: ان سعدا قد أصابته ضمة.
قال: فقال (صلي الله عليه وآله): نعم انه كان في خلقه مع أهله سوء ".
(٢) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي: ص 88، ح 235، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 6، ص 221.
وروي الحسين بن سعيد الأهوازي في كتابه الزهد: ص 87 - 88، ح 234، وقال =
(١٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (7)، كتاب علل الشرايع للصدوق (1)، كتاب أمالي الصدوق (2)، العلامة المجلسي (1)، الحسين بن سعيد الأهوازي (1)، الشيخ الصدوق (1)، الشيخ الطوسي (1)، سعد بن معاذ (1)، الغسل (1)، الموت (1)، القبر (3)، الزهد (2)
* وفي رواية أخري:
" ضغطة القبر للمؤمن كفارة لما كان منه من تضييع النعم " (1).
* وروي الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
" اقعد رجل من الأخيار (2) في قبره، قيل له: إنا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله.
فقال: لا أطيقها.
فلم يزالوا به حتي انتهوا إلي جلدة واحده.
فقالوا: ليس منها بد.
قال: فبما تجلدونيها؟
قالوا: نجلدك لأنك صليت يوما بغير وضوء، ومررت علي ضعيف فلم تنصره.
قال: فجلدوه جلدة من عذاب الله عز وجل فامتلأ قبره نارا " (3).
* وروي عنه (عليه السلام):
" أيما مؤمن سأله أخوه المؤمن حاجة وهو يقدر علي قضائها ولم يقضها له
أبو بصير: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " ان رقية بنت رسول الله (عليه السلام) لما ماتت قام رسول الله (صلي الله عليه وآله) علي قبرها، فرفع يده تلقاء السماء ودمعت عيناه. فقالوا: يا رسول الله انا قد رأيناك رفعت رأسك إلي السماء، ودمعت عيناك؟ فقال: اني سألت ربي ان يهب لي رقية من ضمة القبر ". ونقله المجلسي في البحار: ج ٦، ص ٢١٧.
(١) رواه الصدوق في الأمالي: المجلس ٨٠، ح ٢، ص ٤٣٤، وفي علل الشرائع: ص ٣٠٩، الباب ٢٦٢، ح ٣، وفي ثواب الأعمال: ص ٢٣٤ (ثواب ضغطة القبر)، ح ١، ونقله في البحار:
ج ٦، ص ٢٢١، ح ١٦، وفي: ج ٧١، ص ٥٠، ح ٦٨.
(٢) قد أثبت المؤلف (رحمه الله) (أحبار) ثم قال في الهامش: (أحبار جمع حبر يعني عالم اليهود.
ومن المحتمل أن يكون أخيار بالخاء المعجمة والياء المثناة بنقطتين). وقد أثبتنا ما في المصدر.
(٣) ثواب الأعمال للشيخ الصدوق: ص 267، علل الشرائع: ص 309، ح 1، وفيه (اقعد رجلا من الأحبار)، ونقله في البحار: ج 6، ص 221، ح 18، وفي ج 75، ص 17، ح 4، وفي ج 8، ص 233، ح 6، وفيها جميعا (الأخيار) بالمعجمة.
(١٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الشيخ الصدوق (3)، القبر (5)، الوضوء (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب علل الشرايع للصدوق (2)، كتاب أمالي الصدوق (1)، أبو بصير (1)، العلامة المجلسي (1)

المنجيات من ضغطة القبر

سلط الله عليه شجاعا (1) في قبره ينهش أصابعه " (2).
* وفي رواية أخري:
" ينهش إبهامه في قبره إلي يوم القيامة مغفورا له أو معذبا " (3).
المنجيات من ضغطة القبر:
وأما الأمور التي تنجي من ضغطة القبر وعذابه فكثيرة نكتفي هنا بذكر عدة منها:
* الأول: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
" من قرأ سورة النساء في كل جمعة أو من من ضغطة القبر " (4).
* الثاني: روي:
" من أدمن قراءة حم الزخرف آمنه الله في قبره من هوام الأرض وضغطة القبر " (5).
(١) ذكر المؤلف (رحمه الله) في ترجمة الحديث الشريف (سلط الله عليه حية تسمي شجاعا) وليس في الخبر ذلك. بل أن شجاع معناه اللغوي الحية قال الشيخ الطريحي في كتابه (مجمع البحرين) ج ٤، ص ٣٥١ (في الحديث سلط الله عليه شجاعا أقرع، الشجاع بالكسر والضم الحية العظيمة التي تواثب الفارس والرجل وتقوم علي ذنبها وربما قلعت رأس الفارس تكون في الصحاري. والشجاع الأقرع حية قد تمعط فروة رأسها لكثرة سمها) انتهي كلامه رفع مقامه.
(٢) في عدة الداعي لابن فهد الحلي: ص ١٧٧، ص ١٧٩، وقريب منه في الكافي: ج ٢، ص ١٩٣، ح ٥، وفي ج ٢، ص ١٩٦، ح ١٣، وفي ج ٢ ص ٣٦٧، ح ٤. وفي ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للشيخ الصدوق: ص ٢٩٦، (عقاب من اتاه أخوه في حاجة فلم يقضها له)، ح ١، وفي الإختصاص للمفيد: ص ٢٥٠، وفي الأمالي للشيخ الطوسي: ص ٦٧٦، ح ٣٦، ونقلها في البحار: ج ٧٤، ص ٣١٩، ح ٨٣، وفي: ج ٧٤، ص ٣٢٤، ح ٩٤، وفي: ج ٧٤، ص ٣٣٠، ح ١٠٢. وفي: ج ٧٥، ص ١٧٤، ح ٥، وفي ج ٧٥، ص ١٧٦، ح ١١، وفي ج ٧٥، ص ١٧٧، ح ١٣، وفي: ج ٧٥، ص ١٧٧، ح ١٤، ج ٧٥، ص ١٧٩، ح ١٩.
(٣) المصادر السابقة.
(٤) ثواب الأعمال للصدوق: ص ١٣١، تفسير العياشي: ج ١، ص ٢١٥، ح ١. ونقله في البحار:
ج ٩٢، ص ٢٧٣، ح ١.
(٥) ثواب الأعمال للصدوق: ص 141، ونقله في البحار: ج 87، ص 2، ح 3. وفي: ج 92، ص 299، ح 1.
(١٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، يوم القيامة (1)، سورة النساء (1)، القبر (7)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب عدة الداعي لابن فهد الحلي (1)، الشيخ الصدوق (3)
* الثالث: روي:
" من قرأ سورة ن والقلم في فريضة أو نافلة … (1) وأعاذه الله إذا مات من ضمة القبر " (2).
* الرابع: روي عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس إلي زوال الشمس من يوم الجمعة أعاذه الله من ضغطة القبر " (3).
* الخامس: روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) انه قال:
" عليكم بصلاة الليل، فما من عبد يقوم آخر الليل فيصلي ثمان ركعات، وركعتي الشفع، وركعة الوتر، واستغفر الله في قنوته سبعين مرة إلا أجير من عذاب القبر ومن عذاب النار، ومد له في عمره، ووسع عليه في معيشته " (4).
* السادس: روي عن الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله):
" من قرأ إلهكم التكاثر عند النوم وقي من فتنة القبر " (5).
* السابع: قراءة دعاء:
" أعددت لكل هول لا إله إلا الله … إلي اخره " عشر مرات.
(١) أسقط المؤلف قوله - المروي - عنه (عليه السلام):
" آمنه الله عز وجل من أن يصيبه فقر ابدا " من الخبر للاختصار لأن هذه العبارة لا تدخل تحت عنوان الموضوع.
(٢) ثواب الأعمال: ص ١٤٧، والرواية مروية عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ونقلها عنه في البحار:
ج ٩٢، ص ٣١٦، ح ١.
(٣) رواه الصدوق (رحمه الله) في الأمالي: ٢٣١، المجلس ٤٧، ح ١١، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، ص ٢٣١. ونقله عنه في البحار، ج ٦، ص ٢٢١، ح ١٧. وفي: ج ٦، ص ٢٤٢، ح ٦٣، وفي ج ٨٩، ص ٢٦٥، ح ١.
(٤) روضة الواعظين الفتال النيسابوري: ج ٢، ص ٣٢٠، (مجلس في فضائل صلاة الليل)، ح ٢.
ونقله المجلسي في البحار: ج ٨٧، ص، ١٦١.
(٥) ثواب الأعمال للصدوق: ص 153. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 76، ص 200، ح 14. وفي: ج 92، ص 336، ح 2.
(١٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الليل (2)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الموت (2)، القبر (3)، الركوع، الركعة (1)، النوم (1)، كتاب روضة الواعظين (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، العلامة المجلسي (2)، الشيخ الصدوق (2)
وقد تقدم هذا الدعاء في عقبة سكرات الموت (1).
* الثامن: الدفن في النجف الأشرف، فمن خواص هذه التربة الشريفة انها تسقط عذاب القبر وحساب منكر ونكير عن من يدفن فيها (2).
(1) تقدمت مصادر هذا الدعاء في ص 125.
(2) أقول: في ارشاد القلوب للشيخ الديلمي: ص 439، قال: (وفي فضل المشهد الغروي الشريف علي مشرفه أفضل الصلاة والسلام، وما لتربته والدفن فيها من المزية والشرف.
روي عن ابن عباس انه قال: الغري قطعة من الجبل الذي كلم الله جل شأنه موسي تكليما، وقدس عليه تقديسا، واتخذ إبراهيم (عليه السلام) خليلا، واتخذ محمدا (صلي الله عليه وآله) حبيبا وجعله للنبيين مسكنا.
وروي ان أمير المؤمنين (عليه السلام) نظر إلي ظهر الكوفة فقال: ما أحسن منظرك، وأطيب قعرك، اللهم اجعل قبري بها.
ومن خواص تربته اسقاط عذاب القبر، وترك محاسبة منكر ونكير للمدفون هناك كما وردت الأخبار الصحيحة عن أهل البيت (عليهم السلام).
وقال الشيخ الديلمي فيه ص 440:
(روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كان إذا أراد الخلوة بنفسه، أتي إلي طرف الغري.
فبينما هو ذات يوم هناك مشرف علي النجف، وإذا برجل قد أقبل من البرية راكبا علي ناقة وقدامه جنازة، فحين رأي عليا (عليه السلام) قصده حتي وصل إليه وسلم عليه، فرد علي (عليه السلام)، وقال له: من أين؟
قال: من اليمن.
قال: وما هذه الجنازة التي معك؟
قال جنازة أبي أتيت لأدفنها في هذه الأرض.
فقال له علي (عليه السلام): لم لا دفنته في أرضكم؟
قال: أوصي إلي بذلك، وقال: (انه يدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر).
فقال له علي (عليه السلام): أتعرف ذلك الرجل؟
قال: لا فقال (عليه السلام): أنا والله ذلك الرجل، أنا والله ذلك الرجل. قم فادفن أباك.
فقام، فدفن أباه).
ومن خواص ذلك الحرم الشريف ان جميع المؤمنين يحشرون فيه) انتهي من ما نقلناه من الارشاد. روي الكليني في الكافي الشريف: ج 3، ص 243، باب في أرواح المؤمنين، بالإسناد إلي حبة العرني قال:
(خرجت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلي الظهر - أي ظهر الكوفة، وهو النجف الأشرف كان يسمي بذلك لوقوعه بظهر الكوفة - فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب لأقوام. فقمت بقيامه حتي أعييت، ثم جلست حتي مللت، ثم قمت حتي نالني مثل ما نالني أولا، ثم جلست حتي مللت، ثم قمت وجمعت ردائي فقلت: يا أمير المؤمنين إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة.
فقال لي: يا حبة إن هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته.
قال: قلت: يا أمير المؤمنين، وانهم لكذلك؟
قال: نعم، ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون.
فقلت: أجسام أم أرواح؟
فقال: أرواح. وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه: الحقي بوادي السلام وانها لبقعة من جنة عدن).
وروي أيضا بالإسناد إلي أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قلت له: ان أخي ببغداد، وأخاف أن يموت بها.
فقال: ما تبالي حيثما مات، أما انه لا يبقي مؤمن في شرق الأرض وغربها إلا حشر الله روحه إلي وادي السلام.
قلت له: وأين وادي السلام؟
قال: ظهر الكوفة. أما إني كأني بهم حلق حلق قعود يتحدثون).
وقال الديلمي في ارشاده ص 440.
(وروي جماعة من صلحاء المشهد الشريف الغروي انه رأي: ان كل واحد من القبور التي في المشهد الشريف، وظاهره: قد خرج منه حبل ممتد متصل بالقبة الشريفة صلوات الله علي مشرفها).
وفي دار السلام للعلامة المرحوم الشيخ النوري (قدس سره) صاحب مستدرك الوسائل، قصة غريبة عجيبة ذكرها في المجلد 2، ص 68 - 69، تحت عنوان (رؤيا فيها معجزة وفضيلة عظيمة للدفن في وادي السلام)، فراجعها واستفد.
(١٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (3)، الموت (3)، القبر (2)، الدفن (3)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (6)، النبي إبراهيم (ع) (1)، عبد الله بن عباس (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، مدينة الكوفة (4)، كتاب ارشاد القلوب (1)، الصّلاة (1)، الشهادة (3)، الوصية (1)، الجنازة (1)
* التاسع: من الأمور النافعة لرفع عذاب القبر وضع جريدتين رطبتين مع الميت:
وروي:
(١٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: القبر (1)
" انه يتجافي عنه العذاب ما دامت رطبة " (1).
وروي أيضا:
" مر رسول الله (صلي الله عليه وآله) علي قبر يعذب صاحبه، فدعا بجريدة فشقها نصفين، فجعل واحدة عن رأسه، والأخري عند رجليه، وانه قيل له: لم وضعتها؟
فقال (صلي الله عليه وآله): انه يخفف عنه العذاب ما كانتا خضراوين " (2).
ومن النافع أيضا صب الماء علي القبر لما ورد أن العذاب يرفع عن الميت ما دام القبر رطبا (3).
* العاشر: في أول يوم من رجب.
" تصلي عشر ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات … وقاك الله فتنة القبر وعذاب يوم القيامة " (4).
(١) الكافي: ج ٣، ص ١٥٣، ح ٧، التهذيب: ج ١، ص ٣٢٧، ح ١٢٣ ونقله الحر في وسائل الشيعة: كتاب الطهارة، أبواب التكفين، باب ٧، ح ٦.
(٢) الفقيه: ج ١، ص ١٤٤، ح ٤٠٢، ونقله الحر في وسائل الشيعة / كتاب الطهارة، أبواب التكفين باب ١١، ح ٤.
(٣) أقول: ورد في أخبار كثيرة استحباب رش القبر بالماء فمن ذلك ما رواه الشيخ الطوسي في التهذيب: ج ١، ص ٣٢٠، ح ٩٩، بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" السنة في رش الماء علي القبر أن تستقبل القبلة وتبدأ من عند الرأس إلي عند الرجل، ثم تدور علي القبر من الجانب الآخر ثم يرش علي وسط القبر فكذلك السنة ".
وروي الكليني بإسناد معتبر كالصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) " في رش الماء علي القبر قال: يتجافي عنه العذاب ما دام الندي في التراب ". الكافي: ج ٣، ص 200، ح 6.
الوسائل / كتاب الطهارة: أبواب الدفن - باب 32، ح 1 - 2.
(4) روي السيد ابن طاووس في الاقبال: ص 637 قال: (رواه سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يا سلمان ألا أعلمك شيئا من غرائب الكنز؟
قلت: بلي يا رسول الله.
قال (صلي الله عليه وآله): إذا كان أول يوم من رجب تصلي عشر ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات غفر الله لك ذنوبك كلها من اليوم الذي جري عليك القلم إلي هذه الليلة، ووقاك فتنة القبر وعذاب يوم القيامة، وصرف عنك الجذام والبرص، وذات الجنب).
(١٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (2)، شهر رجب المرجب (2)، القبر (9)، العذاب، العذب (4)، الركوع، الركعة (2)، كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي (1)، السيد إبن طاووس (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، الشيخ الطوسي (1)، الدفن (1)، الطهارة (3)
" ويصلي في الليلة الأولي من رجب بعد صلاة المغرب عشرين ركعة بالحمد والتوحيد، فإنها نافعة في رفع عذاب القبر " (1).
* الحادي عشر: أن تصوم أربعة أيام من شهر رجب (2).
* وكذلك صوم اثني عشر يوم من شعبان (3).
(١) روي السيد ابن طاووس (رحمه الله) في اقبال الأعمال: ص ٦٢٩، الطبعة الحجرية:
عن النبي (صلي الله عليه وآله):
" من صلي المغرب أول ليلة من رجب ثم يصلي بعدها عشرين ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد مرة ويسلم بين كل ركعتين.
قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): أتدرون ما ثوابها؟
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: فان الروح الأمين علمني ذلك وحسر رسول الله (صلي الله عليه وآله) عن ذراعيه، وقال: حفظ والله في نفسه وأهله وماله وولده وأجير من عذاب القبر وجاز علي الصراط كالبرق الخاطف من غير حساب ".
(٢) روي رئيس المحدثين الشيخ الصدوق أعلي الله تعالي مقامه في ثواب الأعمال: ص ٧٩، ورواه في الأمالي: ص ٤٣٠، المجلس ٨٠، ح ١. ورواه في فضائل الأشهر الثلاثة: ص ٢٥، ح ١٢، أيضا بالإسناد إلي أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) انه عد ثواب صوم كل يوم من أيام شهر رجب الأصب.. إلي أن قال:
(ومن صام من رجب أربعة أيام عوفي من البلايا كلها من الجنون والجذام والبرص وفتنة الدجال.
وأجير من عذاب القبر.
وكتب له مثل أجور أولي الألباب التوابين الأوابين.
وأعطي كتابه بيمينه في أوائل العابدين).
(٣) روي الصدوق أعلي الله تعالي مقامه في ثواب الأعمال: ص ٨٧. ورواه في الأمالي:
ص ٣٠، المجلس ٧، ح ١، وفيه (تسعون) بدل (سبعون) ورواه في فضائل الأشهر الثلاثة:
ص 47، ح 24، بالإسناد عن ابن عباس عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) انه ذكر ثواب صوم كل يوم من أيام شهر شعبان المعظم، وفي تلك الرواية الشريفة، قال رسول الله (صلي الله عليه وآله):
(ومن صام اثني عشر يوما من شعبان زاره في قبره كل يوم سبعون ألف ملك إلي النفخ في الصور). وقال (صلي الله عليه وآله):
(ومن صام تسعة أيام من شعبان عطف عليه منكر ونكير عندما يسألانه. ومن صام من شعبان عشرة أيام وسع الله عليه قبره سبعين ذراعا في سبعين ذراع. ومن صام أحد عشر يوما من شعبان ضرب علي قبره إحدي عشرة منارة من نور).
(١٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رجب المرجب (5)، شهر شعبان المعظم (6)، القبر (6)، الصيام، الصوم (3)، الصّلاة (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، عبد الله بن عباس (1)، كتاب أمالي الصدوق (2)، أبو سعيد الخدري (1)، كتاب إقبال الأعمال (1)، السيد إبن طاووس (1)، الشيخ الصدوق (2)، الركوع، الركعة (1)، الضرب (1)
* الثاني عشر: ومن الأمور الموجبة للنجاة من عذاب القبر قراءة سورة الملك فوق قبر الميت كما روي ذلك القطب الراوندي عن ابن عباس قال:
" ان رجلا ضرب خباءه علي قبر ولم يعلم أنه قبر، فقرأ تبارك الذي بيده الملك، فسمع صائحا يقول: هي المنجية.
فذكر ذلك لرسول الله (صلي الله عليه وآله)، فقال: هي المنجية من عذاب القبر " (1).
* وروي الشيخ الكليني عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) انه قال:
" سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر " (2).
* الثالث عشر: في دعوات الراوندي نقل عن الرسول (صلي الله عليه وآله) انه قال:
" ما من أحد يقول عند قبر ميت إذا دفن ثلاث مرات:
(اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن لا تعذب هذا الميت) الا دفع الله عنه العذاب إلي يوم ينفخ في الصور " (3).
* الرابع عشر: روي الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجد) عن
(١) الدعوات للقطب الراوندي: ص ٢٧٩، ح ٨١٧، الطبعة الحديثة. ونقله المجلسي في البحار:
ج ٨٢، ص ٦٤، وفي: ج ٩٢، ص ٣١٣، ح ٢، وفي ج ١٠٢، ص ٢٩٦، ح ٨.
(٢) الكافي: ج ٢، ص ٦٣٣، ح ٢٦. بإسناد صحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
" سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر، وهي مكتوبة في التوراة سورة الملك ومن قرأها في ليلة فقد أكثر وأطاب، ولم يكتب بها من الغافلين. واني لأركع بها بعد عشاء الآخرة وأنا جالس. وان والدي (عليه السلام) كان يقرؤها في يومه وليلته. ومن قرأها إذا دخل عليه في قبره ناكر ونكير من قبل رجليه قالت رجلاه لهما: ليس لكما إلي ما قبلي سبيل، قد كان هذا العبد يقوم علي، فيقرأ سورة الملك في كل يوم وليلة. وإذا أتياه من قبل جوفه قال لهما: ليس لكما إلي ما قبلي سبيل، قد كان هذا العبد أوعاني سورة الملك. وإذا أتياه من قبل لسانه قاله لهما: ليس لكما إلي ما قبلي سبيل قد كان هذا العبد يقرأ بي في كل يوم وليلة سورة الملك ".
(٣) الدعوات للقطب الراوندي: ص 270، ح 770. ونقله في البحار: ج 82، ص 54، ح 43.
(١٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (1)، القطب الراوندي (3)، الشيخ الطوسي (1)، سورة الملك (6)، القبر (8)، الضرب (1)، الموت (2)، العذاب، العذب (1)، الدفن (1)، العلامة المجلسي (1)
الرسول الأعظم (صلي الله عليه وآله) انه قال:
" من صلي ليلة الجمعة ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وإذا زلزلت الأرض زلزالها خمس عشرة مرة آمنه الله من عذاب القبر ومن أهوال يوم القيامة " (1).
* الخامس عشر: ومن النافع فعله لرفع عذاب القبر صلاة ثلاثين ركعة في ليلة النصف من رجب يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد عشرة مرات (2).
* وكذلك في الليلة السادسة عشرة (3) والليلة السابعة عشرة (4) من رجب.
* وكذلك أن يصلي في الليلة الأولي من شعبان مائة ركعة بالحمد والتوحيد، وبعد أن يفرغ من الصلاة يقرأ التوحيد خمسين مرة (5).
(١) مصباح المتهجد: ص 228.
(2) قال السيد ابن طاووس (رحمه الله) في اقبال الأعمال: ص 652 الطبعة الحجرية:
رأينا ذلك من جملة حديث عن النبي (صلي الله عليه وآله) بما معناه:
" ان من صلي فيها ثلاثين ركعة بالحمد وقل هو الله أحد عشر مرات لم يخرج من صلاته حتي يعطي ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة وأعطاه الله براءة من النار، وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر ".
(3) قال السيد ابن طاووس (رحمه الله) في اقبال الأعمال: ص 664، ( … مرويا عن النبي (صلي الله عليه وآله) قال:
ومن صلي في الليلة السادسة عشرة من رجب ثلاثين ركعة بالحمد وقل هو الله أحد عشر مرات لم يخرج من صلاته حتي يعطي ثواب سبعين شهيدا، ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة، وأعطاه الله براءة من النار وبراءة من النفاق، ويرفع عنه عذاب القبر.
(4) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 665 ( … مرويا عن النبي (صلي الله عليه وآله) قال: ومن صلي في الليلة السابعة عشرة من رجب ثلاثين ركعة بالحمد [مرة. خ ل] وقل هو الله أحد عشر مرات لم يخرج من صلاته حتي يعطي ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة وأعطاه الله براءة من النار وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر).
(5) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 683، ( … وجدناه في مواهب السماح ومناقب أهل الفلاح مرويا عن النبي (صلي الله عليه وآله) قال: من صلي أول ليلة من شعبان مائة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وقل هو الله أحد مرة، فإذا فرغ من صلاته قرأ فاتحة الكتاب خمسين مرة، والذي بعثني بالحق نبيا انه إذا صلي هذه الصلاة، وصام العبد دفع الله تعالي عنه شر أهل السماء، وشر أهل الأرض، وشر الشياطين، وشر السلاطين، ويغفر له سبعين الف كبيرة ويرفع عنه عذاب القبر، ولا يروعه منكر ونكير، ويخرج من قبره ووجهه كالقمر ليلة البدر ويمر علي الصراط كالبرق ويعطي كتابه بيمينه.
(١٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، يوم القيامة (4)، شهر رجب المرجب (4)، شهر شعبان المعظم (2)، الركوع، الركعة (1)، القبر (7)، الصّلاة (3)، مدينة مكة المكرمة (3)، كتاب إقبال الأعمال (4)، السيد إبن طاووس (4)
* وكذلك يصلي في الليلة الرابعة والعشرين من شعبان ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، وإذا جاء نصر الله عشرة مرات (1).
* وورد ليوم النصف من رجب صلاة خمسين ركعة بالحمد والتوحيد والفلق والناس، فإنها نافعة لرفع عذاب القبر (2).
ومثلها صلاة مائة ركعة ليلة عاشوراء (3).
(1) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 722، ( … وجدناه مرويا عن النبي (صلي الله عليه وآله) قال:
من صلي في الليلة الرابعة والعشرين من شعبان ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وإذا جاء نصر الله والفتح عشر مرات، أكرمه الله تعالي بالعتق من النار، والنجاة من العذاب، وعذاب القبر، والحساب اليسير، وزيارة آدم ونوح والنبيين والشفاعة).
(2) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 658، ( … وجدتها في عمل رجب بإسناد متصل إلي النبي (صلي الله عليه وآله): ان من صلي في النصف من رجب يوم الخامس عشر عند ارتفاع النهار خمسين ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد مرة وقل أعوذ برب الفلق مرة، وقل أعوذ برب الناس مرة، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وحشر من قبره مع الشهداء، ويدخل الجنة مع النبيين، ولا يعذب في القبر، ويرفع عنه ضيق القبر وظلمته، وقام من قبره ووجهه يتلألأ).
(3) قال السيد ابن طاووس في اقبال الأعمال: ص 555 - 556، (ومن ذلك ما رأيناه أيضا في كتاب دستور المذكرين بإسناده المتصل عن أبي امامة قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله):
من صلي ليلة عاشوراء مائة ركعة بالحمد مرة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات، ويسلم بين كل ركعتين، فإذا فرغ من جميع صلاته قال (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) سبعين مرة.
قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): من صلي هذه الصلاة من الرجال والنساء ملأ الله قبره إذا مات مسكا وعنبرا، ويدخل إلي قبره في كل يوم نور إلي أن ينفخ في الصور، وتوضع له مائدة منها نعيم يتنعم به أهل الدنيا منذ يوم خلق إلي أن ينفخ في الصور، وليس من الرجال والنساء إذا وضع في قبره إلا يتساقط شعورهم إلا من صلي هذه الصلاة، وليس أحد يخرج من قبره إلا أبيض الشعر إلا من صلي هذه الصلاة. والذي بعثني بالحق انه من صلي هذه الصلاة فإن الله عز وجل ينظر إليه في قبره بمنزلة العروس في حجلته إلي أن ينفخ في الصور فإذا نفخ في الصور يخرج من قبره كهيئته إلي الجنان كما يزف العروس إلي زوجها).
أقول مع ضعف سند هذه الرواية ضعفا تاما فإن السيد (رحمه الله) اشعر ما ينوه بضعف ما في المتن وانما ذكرها تسامحا بأدلة السنن ولقاعدة من بلغ.
(١٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عاشوراء (2)، شهر رجب المرجب (3)، شهر شعبان المعظم (2)، الركوع، الركعة (3)، القبر (10)، الصّلاة (6)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب إقبال الأعمال (3)، السيد إبن طاووس (3)، الزوج، الزواج (1)، الشهادة (1)، العذاب، العذب (1)، الزيارة (1)

العقبة الثالثة: مسألة منكر ونكير

العقبة الثالثة مسألة منكر ونكير في القبر * روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج، المسألة في القبر، والشفاعة " (1).
* وروي انه يجيئه الملكان بهيئة مهولة أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، فيسألانه: من ربك؟ ومن نبيك، وما دينك؟
ويسألانه أيضا عن وليه وامامه.
وفي ذلك الحال يصعب علي الميت أن يجيب وانه يحتاج إلي الإعانة علي ذلك (2) فلا جرم أنهم قد ذكروا مقامين لتلقين الميت:
(١) الأمالي للشيخ الصدوق: ص ٢٤٢، المجلس ٤٩، ح ٥. ونقلها عنه المجلسي في البحار:
ج ٦، ص ٢٢٣، ح ٢٣، وفي: ج ٨، ص ٣٧، ح ١٣، وفي: ج ١٨، ص ٣٤٠، ح ٤٤.
(٢) وقد وردت في شرح تلك الأحوال المهولة كثير من الروايات الشريفة نذكر لك بعضا منها لزيادة عبرة ولجلاء صدء القلب:
١ - روي الحسين بن سعيد الأهوازي الكوفي في الزهد: ص ٨٩، ح ٢٣٨، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج ٦، ص ٢١٥ عن النبي (صلي الله عليه وآله) انه قال لبعض أصحابه: كيف أنت إذا أتاك فتانا القبر؟
فقال: يا رسول الله وما فتانا القبر؟
قال (صلي الله عليه وآله): ملكان فظان غليظان، أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف يطآن في أشعارهما، ويحفران في أنيابهما فيسألانك، … الخبر).
٢ - وفي رواية أخري في (اليقين باختصاص مولانا علي بإمرة المؤمنين) السيد ابن طاووس: ص ٤١٠، الطبعة المحققة، في حديث عن النبي (صلي الله عليه وآله) قال في آخره:
( … فلا يبقي ميت في شرق ولا غرب، ولا في بر ولا في بحر، إلا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين بعد الموت، يقولان للميت: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟
ومن إمامك؟).
ونقله العلامة المجلسي في البحار: ج ٦، ص ٢١٦، ح ٦.
٣ - في بصائر الدرجات للصفار: ص 145 - 146 الطبعة الحجرية بالإسناد عن زر بن حبيش قال:
سمعت عليا (عليه السلام) يقول: ان العبد إذا ادخل حفرته أتاه ملكان اسمهما منكر ونكير. فأول ما يسألانه عن ربه، ثم عن نبيه، ثم عن وليه، فإن أجاب نجا، وإن عجز عذباه.
فقال له رجل: ما لمن عرف ربه ونبيه ولم يعرف وليه؟
فقال: مذبذب لا إلي هؤلاء، ولا إلي هؤلاء، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا، ذلك لا سبيل له.
وقد قيل للنبي (صلي الله عليه وآله وسلم): من الولي يا نبي الله؟
قال: وليكم في هذا الزمان علي. ومن بعده وصيه، ولكل زمان عالم يحتج الله به لئلا يكون كما قال الضلال قبلهم حين فارقتهم أنبياؤهم * (ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزي) * … الحديث).
4 - روي القمي في تفسيره: ج 2، ص 143، ونقله المجلسي في البحار: ج 6، 224، ح 45 بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام):
إن العبد إذا أدخل قبره أتاه منكر ففزع منه يسأل عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، فيقول له: ما تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم؟
فإن كان مؤمنا قال: اشهد أنه رسول الله جاء بالحق.
فيقال له: ارقد رقدة لا حلم فيها.
ويتنحي عنه الشيطان، ويفسح له في قبره سبعة أذرع، ويري مكانه من الجنة.
قال: وإذا كان كافرا قال: ما أدري.
فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله الا الانسان، وسلط عليه الشيطان، وله عينان من نحاس أو نار كالبرق الخاطف، فيقول له: انا أخوك، ويسلط عليه الحيات والعقارب، ويظلم عليه قبره، ثم يضغطه ضغطة يختلف أضلاعه عليه، ثم قال بأصابعه فشرجها.
5 - وفي أمالي الصدوق: ص 239، المجلس 48، ح 12 بالإسناد عن موسي بن جعفر عن أبيه (عليه السلام) قال: إذا مات المؤمن شيعه سبعون ألف ملك إلي قبره، فإذا ادخل قبره أتاه منكر ونكير فيقعدانه، ويقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله، ومحمد نبيي، والاسلام ديني، فيفسحان له في قبره مد بصره، ويأتيانه بالطعام من الجنة ويدخلان عليه الروح والريحان وذلك قوله عز وجل * (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان) * … الحديث).
(١٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، الموت (5)، القبر (9)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب أمالي الصدوق (2)، العلامة المجلسي (4)، الحسين بن سعيد الأهوازي (1)، موسي بن جعفر (1)، الزهد (1)، الضلال (1)
أولهما: عندما يضعونه في القبر والأفضل ان يمسك ويحرك المنكب الأيمن باليد اليمني، والمنكب الأيسر باليد اليسري.
والمقام الآخر: بعد دفنه.
ومن السنة أن يجلس ولي الميت - يعني أقرب أقربائه - عن رأس الميت بعد انصراف الناس عن قبره، ويلقنه بصوت رفيع. ويحسن أن يضع يديه علي القبر ويقرب فمه من القبر (1).
(١) أقول: ورد ذلك بعدة روايات منها:
روي الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من لا يحضره الفقيه: ج ١، ص 108 - 109، رقم الحديث العام 500.
وقد روي سالم بن مكرم عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال:
( … يجعل له وسادة من تراب، ويجعل خلف ظهره مدرة لئلا يستلقي، ويحل عقد كفنه كلها، ويكشف عن وجهه، ثم يدعي له ويقال: " اللهم عبدك ابن عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به، اللهم افسح له في قبره، ولقنه حجته، وألحقه بنبيه، وقه شر منكر ونكير ".
ثم تدخل يدك اليمني تحت منكبه الأيمن، وتضع يدك اليسري علي منكبه الأيسر وتحركه تحريكا شديدا، وتقول: " يا فلان بن فلان الله ربك، ومحمد نبيك، والاسلام دينك، وعلي وليك وإمامك، وتسمي الأئمة (عليهم السلام) واحدا واحدا إلي آخرهم - أئمتك أئمة هدي أبرار ".
ثم تعيد عليه التلقين مرة أخري.
وإذا وضعت عليه اللبن فقل: " اللهم ارحم غربته، وصل وحدته، وآنس وحشته، وآمن روعته، واسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك واحشره مع من كان يتولاه " ومتي زرت قبره فادع له بهذا الدعاء وأنت مستقبل القبلة ويداك علي القبر، فإذا خرجت من القبر فقل وأنت تنفض يديك من التراب * (انا لله وانا إليه راجعون) * ثم احث التراب عليه بظهر كفيك ثلاث مرات وقل (اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله) فإنه من فعل ذلك وقال هذه الكلمات كتب الله له بكل ذرة حسنة … الخبر).
(١٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: القبر (6)، الموت (2)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (1)، الشيخ الصدوق (1)، سالم بن مكرم (1)، الصدق (1)
ولا بأس ان يستنيب شخصا آخر لذلك.
* وورد: (فإذا قال ذلك قال منكر لنكير انصرف بنا عن هذا فقد لقن بها حجته) (1).
* وفي كتاب (من لا يحضره الفقيه):
(ولما مات ذر بن أبي ذر (رحمه الله) وقف أبو ذر علي قبره، فمسح القبر بيده، ثم قال:
رحمك الله يا ذر، والله إن كنت بي لبرا، ولقد قبضت واني عنك لراض، والله ما بي فقدك وما علي من غضاضة، ومالي إلي أحد سوي الله من حاجة، ولولا هول المطلع لسرني أن أكون مكانك. ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك. والله ما بكيت لك ولكن بكيت عليك، فليت شعري ما قلت؟ وما قيل لك؟
اللهم إني قد وهبت له ما افترضت عليه من حقي فهب له ما افترضت عليه من حقك فأنت أحق بالجود مني والكرم (2).
* وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" إذا دخل المؤمن في قبره، كانت الصلاة عن يمينه، والزكاة عن يساره، والبر
(١) ورد في عدة أخبار منها ما رواه الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من لا يحضره الفقيه: ج ١، ص ١٧٣، ح ٥٠١ عن يحيي بن عبد الله انه قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " ما علي أهل الميت منكم أن يدرؤوا عن ميتهم لقاء منكر ونكير؟
فقلت: وكيف نصنع؟
فقال (عليه السلام): إذا أفرد الميت فليتخلف عنده أولي الناس به، فيضع فاه علي رأسه، ثم ينادي بأعلي صوته: يا فلان بن فلان، أو يا فلانة بنت فلان هل أنت علي العهد الذي فارقناك [خ. ل.
فارقتنا] عليه من شهادة ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا (صلي الله عليه وآله) عبده ورسوله سيد النبيين، وان عليا أمير المؤمنين وسيد الوصيين، وأن ما جاء به محمد (صلي الله عليه وآله) حق وان الموت حق والبعث حق وان الساعة آتية لا ريب فيها، وان الله يبعث من في القبور.
فإذا قال ذلك، قال منكر لنكير: انصرف بنا عن هذا فقد لقن بها حجته ".
وراجع الكافي: ج ٣، ص ٢٠١، ح ١١. والتهذيب للطوسي: ج ١، ص ٣٢١، ح ١٠٣.
(٢) الفقيه: ج ١، ص 185، ح 558. وروي في الكافي أيضا: ج 3، ص 250، كتاب الجنائز، باب النوادر، ح 4.
(١٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (2)، الموت (3)، القبر (4)، الحزن (2)، الصّلاة (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يحيي بن عبد الله (1)، الشيخ الصدوق (1)، البعث، الإنبعاث (1)، الشراكة، المشاركة (1)، الشهادة (1)، الجنازة (1)
مظل عليه، ويتنحي الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته، قال: الصبر للصلاة والزكاة والبر دونكم صاحبكم، فإن عجزتم عنه فانا دونه " (1).
* وقال العلامة المجلسي (رحمه الله):
* روي في المحاسن بسند صحيح عن أحدهما (عليهما السلام) - يعني الإمام الصادق أو الإمام الباقر - قال:
" إذا مات العبد المؤمن دخل معه في قبره ستة صور، فيهن صورة أحسنهن وجها، وأبهاهن هيئة، وأطيبهن ريحا، وأنظفهن صورة.
قال: فتقف صورة عن يمينه وأخري عن يساره وأخري بين يديه، وأخري خلفه، وأخري عند رجله.
وتقف التي هي أحسنهن فوق رأسه.
فإن أوتي عن يمينه منعته التي عن يمينه، ثم كذلك إلي أن يؤتي من الجهات الست.
قال: فتقول أحسنهن صورة: ومن أنتم جزاكم الله عني خيرا؟
فتقول التي عن يمين العبد: أنا الصلاة.
وتقول التي عن يساره: أنا الزكاة.
وتقول التي بين يديه: أنا الصيام.
وتقول التي خلفه: أنا الحج والعمرة.
وتقول التي عند رجليه: أنا بر من وصلت من إخوانك.
ثم يقلن: من أنت؟ فأنت أحسننا وجها وأطيبنا ريحا، وأبهانا هيئة.
فتقول: أنا الولاية لآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين " (2).
(١) الكافي: ج ٢، ص ٩٠، ح ٨.
(٢) رواه البرقي في المحاسن: ص ٢٨٨، كتاب (مصابيح الظلم) باب ٦٤ (الشرائع)، ح ٤٣٢ ونقله المجلسي في بحار الأنوار: ج ٦، ص 234 - 235، والسند صحيح كما ذكر في مقدمة المتن أعلاه، ولكن العبارة غير موجودة في البحار.
(١٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، العلامة المجلسي (2)، عبد المؤمن (1)، الحج (1)، الزكاة (1)، الموت (1)، القبر (1)، الصيام، الصوم (1)، الصّلاة (2)، الصبر (2)، كتاب بحار الأنوار (1)، الظلم (1)

ذكر حكايات

* وروي الصدوق في فضل صيام شعبان:
" ومن صام تسعة أيام من شعبان عطف عليه منكر ونكير عندما يسألانه " (1).
* وورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) في احياء ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان وصلاة مائة ركعة فيها فضل كثير فمن جملته:
" ودفع عنه هول منكر ونكير وخرج من قبره ونوره يتلألأ لأهل الجمع " (2).
* وروي عن الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله) في الخضاب أربعة عشر خصلة، وعد منها:
" ويستحي منه منكر ونكير " (3).
* وقد علمت فيما مضي ان من خواص تربة النجف الطاهرة انها تسقط حساب منكر ونكير عمن يدفن فيها.
ولأجل تأييد ذلك نقول:
حكاية:
نقل العلامة المجلسي (رحمه الله) في التحفة (4) عن ارشاد القلوب، وفرحة الغري:
ان رجلا صالحا من أهل الكوفة قال:
كنت في جامع الكوفة، وكانت ليلة ممطرة، فدق باب مسلم جماعة، ففتح لهم.
(١) ثواب الأعمال: ص ٨٧. ورواه في فضائل الأشهر الثلاثة: ص ٤٧، ح ٢٤. وفي الأمالي:
ص ٣٠، المجلس ٧، ح ١.
(٢) اقبال الأعمال للسيد ابن طاووس: ٢١٤.
(٣) رواه الكليني في الكافي: ج ٦، ص ٤٨٢، ح ١٢. ورواه الصدوق في ثواب الأعمال:
ص ٣٨. وفي من لا يحضره الفقيه: ج ١، ص 123، ح 285 والرواية كما في الفقيه: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " يا علي درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل الله عز وجل، وفيه أربع عشرة خصلة: يطرد الريح من الاذنين، ويجلو البصر، ويلين الخياشيم، ويطيب النكهة، ويشد اللثة، ويذهب بالضني، ويقل وسوسة الشيطان، وتفرح به الملائكة ويستبشر به المؤمن، ويقبض به الكافر، وهو زينة، وطيب، ويستحي منه منكر ونكير، وهو براءة له في قبره ".
ورواه الشيخ الكليني (رحمه الله) في الكافي باختلاف بعض العبارات.
(4) أحد مؤلفات العلامة المجلسي (تحفة الزائر) وهو باللغة الفارسية.
(١٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مسجد، جامع الكوفة (1)، مدينة الكوفة (1)، كتاب ارشاد القلوب (1)، مدينة النجف الأشرف (1)، شهر رمضان المبارك (1)، شهر شعبان المعظم (2)، العلامة المجلسي (2)، الشيخ الصدوق (2)، القبر (2)، الدفن (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (1)، كتاب إقبال الأعمال (1)، السيد إبن طاووس (1)، سبيل الله (1)
وذكر بعضهم ان معهم جنازة، فأدخلوها، وجعلوها علي الصفة التي تجاه باب مسلم بن عقيل (رضي الله عنه).
ثم إن أحدهم نعس فنام فرأي في منامه قائلا يقول للآخر:
ما نبصره حتي نبصر هل لنا معه حساب أم لا؟
فكشف عن وجه الميت، وقال لصاحبه: بل لنا معه حساب، وينبغي أن نأخذه منه عجلا قبل أن يتعدي الرصافة فما يبقي لنا معه طريق.
فانتبه وحكي لهم المنام.
قال: فأخذوا ومضوا به في الحال إلي المشهد الشريف (1).
قلت: ولله در من قال:
إذا مت فادفني إلي جنب حيدر * أبي شبر أكرم به وشبير فلست أخاف النار عند جواره * ولا أتقي من منكر ونكير فعار علي حامي الحمي وهو في الحمي * إذا ضاع في المرعي عقال بعير (2) حكاية:
نقل عن الأستاذ الأكبر المحقق البهبهاني (رحمه الله) انه قال:
رأيت في الطيف أبا عبد الله الحسين (عليه السلام)، فقلت له: يا سيدي ومولاي هل يسئل أحد يدفن في جواركم؟
فقال: أي ملك له جرءة لئن يسأله (3).
(١) فرحة الغري للسيد عبد الكريم بن طاووس: ص 35 - 36. وفي ارشاد القلوب للديلمي:
ج 2، ص 439 - 440 والظاهر أن الترجمة لما في ارشاد القلوب.
(2) الأبيات في ارشاد القلوب: ص 440.
(3) روي هذه الحكاية الشيخ النوري في دار السلام: ج 2، ص 148، قال:
(وقال العالم الفاضل الجليل المولي محمد كاظم الهزار جريبي (رحمه الله) في كتاب تحفة المجاور: سمعت عن جناب الاغا محمد باقر البهبهاني وهو الأستاذ الأكبر قدس الله تربته يقول … ثم نقل الطيف المذكور..).
أقول: نقلت المنام من دار السلام بتصرف.
(١٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، مسلم بن عقيل عليه السلام (1)، الكرم، الكرامة (1)، الموت (1)، الشهادة (1)، الدفن (1)، الجنابة (1)، كتاب ارشاد القلوب (3)، عبد الكريم (1)
* يقول المؤلف: يقال في أمثال العرب (أحمي من مجير الجراد) وقصته هي:
ان رجلا من أهل البادية من قبيلة طي اسمه مدلج بن سويد، انه خلا ذات يوم في خيمته، فإذا هو بقوم من طي ومعهم أوعيتهم. فقال: ما خطبكم؟
قالوا جراد وقع بفنائك فجئنا لنأخذه.
فركب فرسه، وأخذ رمحه، وقال: والله لا يتعرض له أحد منكم إلا قتلته، أيكون الجراد في جواري ثم تريدون أخذه.
ولم يزل يحرسه حتي حميت الشمس، فطار، فقال: شأنكم الآن به فقد تحول عن جواري (1).
حكاية:
نقل عن كتاب الحبل المتين (2) ان المير معين الدين أشرف، من صلحاء خدام الروضة الرضوية قال:
رأيت في المنام في دار الحفاظ - أي في بيت الحرس - اني خرجت من الروضة لتجديد الوضوء، فلما أتيت عند صفة مير علي شير، رأيت جماعة كثيرة دخلوا في الصحن المقدس يقدمهم شخص نوراني صبيح الوجه، عظيم الشأن، وبيد جماعة من خلفه المعاول. فلما توسطوا الصحن قال لهم:
انبشوا هذا القبر، وأخرجوا هذا الخبيث. وأشار إلي قبر خاص.
فلما شرعوا في النبش سألت أحد الأشخاص: من هذا الأمير؟
فقال: أمير المؤمنين (عليه السلام).
فبينما نحن كذلك إذ خرج الامام الثامن (عليه السلام) من الروضة، وأتي إليه (عليه السلام)، فسلم عليه، فرد عليه.
فقال: يا جداه أسألك أن تعفو عنه، وتهبني تقصيره.
فقال (عليه السلام): تعلم أن هذا الفاسق الفاجر كان يشرب الخمر.
(1) القصة رواها المؤلف في سفينة البحار: ج 1، ص 151، الطبعة الحجرية.
(2) تأليف السيد الفاضل شمس الدين محمد بن بديع الرضوي من رؤساء خدام الروضة الرضوية المقدسة.
(١٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب الحبل المتين للبهائي العاملي (1)، القتل (1)، القبر (2)، الوضوء (1)، شمس الدين محمد (1)، السفينة (1)
فقال: نعم لكنه أوصي عند وفاته أن يدفن في جواري، فنرجو منك العفو عنه.
فقال: وهبتك جرائمه.
ثم مضي (عليه السلام).
فانتبهت خائفا، وأيقظت بعض الخدام، وأتيت معه إلي الموضع المذكور، فرأيت قبرا جديدا قد طرح منه بعض ترابه. فسألت عن صاحبه، فقال: لرجل من الأتراك دفن فيه بالأمس (1).
يقول الفقير: نقل في حكاية تشرف الحاج علي البغدادي بلقاء إمام العصر أرواحنا فداه وسؤاله منه (عليه السلام) انه قال:
قلت له: سيدنا! هل أنه صحيح ما يقال من زار الحسين (عليه السلام) في ليلة الجمعة فهو أمان له؟
قال نعم والله. ودمعت عيناه وبكي.
قلت: سيدنا! مسألة.
قال: اسأل.
قلت: زرنا الإمام الرضا (عليه السلام) سنة 1269 والتقينا في (درود) (2) بأحد الاعراب الشروقيين من سكان البادية التي بالجانب الشرقي من النجف الأشرف، فأضفناه، وسألناه: كيف هي ولاية الرضا (عليه السلام)؟
فقال: هي الجنة، فأنا الآن لي خمسة عشر يوما آكل من مال مولاي الإمام الرضا (عليه السلام)، فكيف يجرأ منكر ونكير أن يدنيا مني في القبر، فان دمي ولحمي قد نبت من طعامه (عليه السلام) في مضيفه.
فهل هذا صحيح، ان علي بن موسي الرضا يأتي ويخلصه من منكر ونكير؟
قال: نعم والله ان جدي هو الضامن (3).
z z z
(1) دار السلام: ج 1، ص 267 - 268.
(2) إحدي المدن الإيرانية قريبة من بروجرد.
(3) راجع النجم الثاقب للشيخ النوري: ج 2، ص 156، ترجمة وتقديم وتحقيق وتعليق السيد ياسين الموسوي، الطبعة الأولي 1415 ه قم.
(١٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: زيارة الحسين عليه السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (2)، مدينة النجف الأشرف (1)، علي البغدادي (1)، الطعام (1)، القبر (1)، الحج (1)، الدفن (2)، الوصية (1)
من المنازل المهولة البرزخ
صفحه(١٥٩)

من المنازل المهولة: البرزخ الآية، وبعض الروايات الواردة فيه

من المنازل المهولة البرزخ وقد ذكره الحق تعالي في سورة (المؤمنون):
* (ومن ورائهم برزخ إلي يوم يبعثون) * (1).
* وقال الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث:
" ولكني والله أتخوف عليكم من البرزخ.
قلت (2): وما البرزخ؟
قال: القبر منذ حين موته إلي يوم القيامة " (3).
* ونقل عن لب اللباب للقطب الراوندي قال:
وفي الخبر كان الموتي يأتون في كل جمعة من شهر رمضان فيقفون، وينادي كل واحد منهم بصوت حزين باكيا: يا أهلاه! يا ولداه! ويا قرابتاه! اعطفوا علينا بشئ يرحمكم الله، واذكرونا ولا تنسونا بالدعاء وارحموا (4) علينا وعلي غربتنا، فانا قد بقينا في سجن ضيق، وغم طويل وشدة، فارحمونا، ولا تبخلوا بالدعاء والصدقة لنا لعل الله يرحمنا قبل أن تكونوا مثلنا.
(١) سورة المؤمنون: الآية ١٠٠.
(٢) الضمير للراوي وهو عمر بن يزيد.
(٣) رواه الكليني في الكافي: ج ٣، ص 242، ح 3. ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 6، ص 267، ح 116. ونقله المؤلف في سفينة البحار: ج 1، ص 71، الطبعة الحجرية.
(4) الظاهر العبارة مصحفة (وترحموا).
(١٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، يوم القيامة (1)، شهر رمضان المبارك (1)، سورة المؤمنون (2)، القطب الراوندي (1)، الموت (2)، القبر (1)، العلامة المجلسي (1)، عمر بن يزيد (1)، السفينة (1)
فواحسرتاه (1) قد كنا قادرين مثل ما أنتم قادرون.
فيا عباد الله: اسمعوا كلامنا ولا تنسونا فإنكم ستعلمون غدا فان الفضول التي في أيديكم كانت في أيدينا فكنا لا ننفق في طاعة الله، ومنعنا عن الحق، فصار وبالا علينا ومنفعة (2) لغيرنا. اعطفوا علينا بدرهم أو رغيف أو بكسرة.
ثم ينادون ما أسرع ما تبكون علي أنفسكم ولا ينفعكم كما نحن نبكي ولا ينفعنا فاجتهدوا قبل ان تكونوا مثلنا (3).
* ونقل في جامع الأخبار عن بعض الصحابة انه قال:
قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): " اهدوا لموتاكم.
فقلنا: يا رسول الله! وما هدية الأموات؟
قال (صلي الله عليه وآله): الصدقة والدعاء.
قال (صلي الله عليه وآله):
ان أرواح المؤمنين تأتي كل جمعة إلي السماء الدنيا بحذاء دورهم وبيوتهم ينادي كل واحد منهم بصوت حزين باكين:
يا أهلي ويا ولدي ويا أبي ويا أمي ويا أقربائي! اعطفوا علينا يرحمكم الله بالذي كان في أيدينا والويل والحساب علينا والمنفعة لغيرنا.
وينادي كل واحد منهم إلي أقربائه: اعطفوا علينا بدرهم، أو برغيف، أو بكسوة يكسوكم الله من لباس الجنة.
ثم بكي النبي (صلي الله عليه وآله) وبكينا معه، فلم يستطع النبي (صلي الله عليه وآله) أن يتكلم من كثرة بكائه. ثم قال:
أولئك إخوانكم في الدين، فصاروا ترابا رميما بعد السرور والنعيم، فينادون
(1) في المستدرك الطبعة الحديثة: (فوا حسرتا).
(2) في المستدرك الطبعة الحديثة: (ومنفعته).
(3) مستدرك الوسائل، النوري (رحمه الله): ج 2، باب 39، ص 162، ح 1697، وعنه المؤلف (رحمه الله) في سفينة البحار: ج 2، ص 556، الطبعة الحجرية.
(١٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، اللبس (1)، التصدّق (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)

كلام من العلامة المجلسي (قدس سره)

بالويل والثبور علي أنفسهم، يقولون: يا ويلنا لو أنفقنا ما كان في أيدينا في طاعة الله ورضائه ما كنا نحتاج إليكم.
فيرجعون بحسرة وندامة، وينادون: أسرعوا صدقة الأموات " (1).
* وروي في هذا الكتاب أيضا انه قال:
" ما تصدقت لميت فيأخذها ملك في طبق من نور ساطع ضوؤها يبلغ سبع سماوات. ثم يقوم علي شفير الخندق فينادي:
السلام عليكم يا أهل القبور، أهلكم أهدوا إليكم بهذه الهدية، فيأخذها ويدخل بها في قبره، فيوسع عليه مضاجعه.
فقال (عليه السلام): ألا من أعطف لميت بصدقة فله عند الله من الأجر مثل أحد، ويكون يوم القيامة في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظل العرش.
وحي وميت نجي بهذه الصدقة (2).
* وحكي عن أمير خراسان انه رأي في المنام بعد موته وهو يقول: ابعثوا إلي ما ترمونه إلي الكلاب فاني محتاج إليه (3).
* وقال العلامة المجلسي (رحمه الله) في زاد المعاد (4):
ولابد أن لا ينسي الأموات لأن أيديهم تقصر عن أعمال الخير، فإنهم يأملون من أبنائهم وأقربائهم وإخوانهم المؤمنين ويترقبون منه احسانهم. خصوصا في أدعيتهم في صلاة الليل، ومن بعد الصلاة المكتوبة، وفي المشاهد المشرفة. ولابد أن يدعي للأب وللأم أكثر من الآخرين، وأن يعمل أعمال الخير لهم.
وفي الخبر: ان العبد ليكون بارا بوالديه في حياتهما، ثم يموتان فلا يقضي عنهما دينهما ولا يستغفر لهما، فيكتبه الله عز وجل عاقا، وانه ليكون عاقا لهما
(1) جامع الأخبار: ص 169، طبعة النجف.
(2) جامع الأخبار طبعة النجف: ص 169.
(3) سفينة البحار: ج 2، ص 557.
(4) زاد المعاد باللغة الفارسية من مؤلفات العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي (قدس سره) صاحب موسوعة (بحار الأنوار).
(١٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الليل (1)، يوم القيامة (1)، العلامة المجلسي (2)، خراسان (1)، الشهادة (1)، القبر (2)، الموت (1)، الصّلاة (1)، التصدّق (2)، مدينة النجف الأشرف (2)، كتاب بحار الأنوار (1)، السفينة (1)
في حياتهما غير بار بهما فإذا ماتا قضي دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله عز وجل بارا (1).
وأهم الخيرات للأب وللأم وسائر أقربائه أداء دينهم وأن يبرئهم من حقوق الله والخلق، وأن يسعي في قضاء ما فاتهم من الحج وسائر العبادات إما بالإجارة أو بالتبرع.
* وروي في الحديث الصحيح أن الإمام الصادق (عليه السلام) كان يصلي عن ولده في كل ليلة ركعتين وعن والديه في كل يوم ركعتين وكان يقرأ في الركعة الأولي انا أنزلناه، وفي الركعة الثانية انا أعطيناك الكوثر (2).
* ونقل بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام): " انه (3) يكون في ضيق فيوسع الله عليه ذلك الضيق ثم يؤتي، فيقال له: خفف عنك هذا الضيق لصلاة
(١) رواه الكليني (رحمه الله) في الكافي: ج ٢، ص 163، ح 21. ورواه الحسين بن سعيد الأهوازي الكوفي في الزهد: ص 33، ح 87. ونقله المجلسي في البحار: ج 74، ص 59، ح 21، ج 74، ص 81، ح 85.
(2) يبدو ان المؤلف (رحمه الله) نقل الرواية بالمعني، وإليك نصها:
في التهذيب للشيخ الطوسي: ج 1، ص 467، ح 178، باب 23، بإسناده عن عمر بن يزيد، والرواية مضمرة:
(قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) يصلي عن ولده في كل ليلة ركعتين، وعن والديه في كل يوم ركعتين.
قلت له: جعلت فداك! كيف صار للولد الليل؟
قال (عليه السلام): لأن الفراش للولد.
قال: وكان يقرأ فيهما (انا أنزلناه في ليلة القدر) و (انا أعطيناك الكوثر).
ونقلها الحر في: وسائل الشيعة، كتاب الطهارة. أبواب الاحتضار، باب 28، ح 7. ونقلها المجلسي في البحار: ج 82، ص 63، ح 5. وفي: ج 88، ص 314، ح 3. وفي ج 91، ص 220، ح 6.
(3) ان الرواية ابتدأت:
(وقال عمر بن يزيد: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أيصلي عن الميت؟
فقال: نعم انه يكون في ضيق … الرواية).
(١٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، الحج (1)، الركوع، الركعة (5)، كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي (1)، العلامة المجلسي (2)، الحسين بن سعيد الأهوازي (1)، أبو عبد الله (1)، الشيخ الطوسي (1)، عمر بن يزيد (1)، الفدية، الفداء (1)، الزهد (1)، الموت (1)، الطهارة (1)

ذكر عدة حكايات نافعة من المنامات الصادقة

فلان أخيك عنك.
قال: فقلت له: فأشرك بين رجلين في ركعتين؟
قال: نعم.
فقال (عليه السلام): ان الميت ليفرح بالترحم عليه والاستغفار له كما يفرح الحي بالهدية تهدي إليه " (1).
وقال (صلي الله عليه وآله) يدخل علي الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر والدعاء ويكتب أجره للذي يفعله وللميت (2).
* وفي حديث آخر قال (صلي الله عليه وآله):
" من عمل من المسلمين عن ميت عملا صالحا أضعف له أجره ونفع الله به الميت " (3).
* وورد في رواية:
(إذا تصدق الرجل بنية الميت أمر الله جبرئيل أن يحمل إلي قبره سبعين ألف ملك في يد كل ملك طبق فيحملون إلي قبره ويقولون:
" السلام عليك يا ولي الله هذه هدية فلان بن فلان إليك ".
" فيتلألأ قبره، وأعطاه الله ألف مدينة في الجنة، وزوجه ألف حوراء، وألبسه ألف حلة، وقضي له ألف حاجة " (4).
* يقول المؤلف:
من المناسب هنا أن انقل عدة حكايات نافعة من المنامات الصادقة.
(١) من لا يحضره الفقيه: ج ١، ص ١١٧، ح ٥٥٤. وعنه في البحار: ج ٨٢، ص ٦٢، ح ١.
(٢) من لا يحضره الفقيه: ج ١، ص ١١٧، ح ٥٥٧. وعنه في البحار: ج ٨٢، ص ٦٢، ح ٢، وفي ج ٨٨، ص ٣٠٨، وفي ج ٨٨، ص ٣١١، ح ٣.
(٣) من لا يحضره الفقيه: ج ١، ص 117، ح 556. وفي البحار: ج 82، ص 62، ح 2، وفي ج 88، ص 308، ح 3، وفي ج 88، ص 314، ح 3.
(4) وسائل الشيعة كتاب الطهارة: أبواب الاحتضار، باب 28، ح 9. وفي البحار: ج 82، ص 63، ح 7.
(١٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصيام، الصوم (1)، الحج (1)، الركوع، الركعة (1)، القبر (4)، الموت (3)، الصّلاة (1)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (3)، كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي (1)، الطهارة (1)
وأحذرك من عدم الاعتناء بها، وتتصور انها من أضغاث الأحلام أو من الأساطير التي تنقل للصبيان، بل تأمل فيها جيدا، فالتأمل فيها يوقظ المرء ويسلب النوم من العين.
فسانه‌ها همه خواب آورد، فسانهء من زجشم، خواب ربايد فسانهء عجبي است يعني:
جميع الأساطير تنعس وأسطورتي تسلب النوم من عيني، فيا عجبا من أسطورة!
حكاية:
نقل شيخنا ثقة الاسلام النوري (عطر الله مرقده) في دار السلام:
حدثني السيد المؤيد الفاضل الأرشد الورع العالم التقي الأمير سيد علي ابن العالم الجليل والفقيه النبيل قدوة أرباب التحقيق ومن إليه كان يشد الرواحل من كل فج عميق المبرأ من كل شين ودرن الأمير سيد حسن ابن الأمير سيد علي ابن الأمير محمد باقر ابن الأمير إسماعيل الواعظ الحسيني الأصفهاني ألبسه الله حلل الأمان وحشره مع سادات الجنان قال:
لما توفي الوالد العلامة كنت مقيما بالمشهد الغروي مشغولا بتحصيل العلوم، وهو الآن فيه وكانت أموره (رحمه الله) بيد بعض الاخوان ولم يكن لي علم بتفاصليها ولما مضت من وفاته سبعة أشهر توفيت أمي، وحملوا جنازتها إلي النجف.
فلما كانت بعض تلك الأيام رأيت في المنام: كأني قاعد في بيتي الذي كنت ساكنا فيه، إذ دخل علي الوالد (رحمه الله) فقمت وسلمت. فجلس في صدر المجلس، وتلطف بي في السؤال وتبين لي انه ميت.
فقلت: إنك توفيت بأصفهان، واراك في هذا المكان؟
فقال: نعم، أنزلونا بعد الوفاة في النجف ومكاننا الآن فيه.
(١٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (2)، مدينة إصفهان (1)، اللبس (1)، النوم (1)
فقلت: ان الوالدة عندكم؟
فقال: لا.
فتوحشت لذلك؟ فقال: هي أيضا بالنجف ولكن في مكان آخر.
فعرفت حينئذ وجه ذلك، وان العالم محله أرفع من مكان الجاهل.
ثم سألته عن حاله، فقال: كنت في ضيق، والآن فالحمد لله في حال حسن، وخرج ما كان بي من الضيق والشدة.
فتعجبت من ذلك، فقلت متعجبا: أنت كنت في ضيق؟!
فقال: نعم، إن الحاج رضا بن آغا بابا الشهير (1) ب (نعلبند) يطلبني. ومن أجل طلبه ساءت حالي. فزاد تعجبي، فانتبهت من النوم فزعا متعجبا، وكتبت إلي أخي الذي كان وصيه (رحمه الله) صورة المنام. وسألته أن يكتب لي: ان للرجل دينا عليه، أم لا؟ فكتب اني تفحصت في الدفتر فما وجدت اسمه في خلال الديانين، فكتبت إليه ثانيا: أن أسأله نفسه، فأجاب باني سألته عن ذلك فقال: نعم كان لي عليه ثمانية عشر تومانا لا يعلمه إلا الله، وبعد وفاته سألتك هل وجدت اسمي في الدفتر فأنكرت.
فقلت: لو أظهرته لم أقدر علي اثباته فضاق صدري لأني أقرضته بلا حجة ولا بينة وثوقا بأنه يثبته في الدفتر. وانكشف لي انه تسامح في ذلك، فرجعت مأيوسا.
فذكر له أخي صورة المنام، وأراد وفاء دينه، فقال: اني قد أبرأت ذمته لأجل اخباره بذلك (2).
حكاية:
ونقل أيضا الشيخ الأجل المحدث المتبحر ثقة الاسلام النوري نور الله مرقده
(1) يقصد (معروفا) وفي القصص المذكورة - والتي نقلناها مباشرة من دار السلام - أخطاء في التعبير لم نغير منها إلا تلك التي لا مناص من تغييرها كضمير المؤنث بدل المذكر والضمير المنفصل بدل المتصل.
(2) دار السلام: ج 2، ص 164.
(١٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (1)، يوم عرفة (1)، الجهل (1)، الحج (1)، النوم (1)
في دار السلام عن العالم الفاضل الصالح الورع التقي الحاج الملا أبي الحسن المازندراني قال:
كان لي صديق فاضل تقي عالم، وهو المولي جعفر ابن العالم الصالح المولي محمد حسين من أهل طبرستان من قرية يقال لها (تيلك).
وكان (رحمه الله) في بلده، فلما جاء الطاعون العظيم الذي عم البلاد ولهم العباد اتفق ان خلقا كثيرا ماتوا قبله وجعلوه وصيا علي أموالهم، فجباها كلها، ومات بعدهم بالطاعون قبل أن يصرف الأموال في محلها. فضاعت كلها.
ولما وفقني الله تعالي لزيارة العتبات ومجاورة قبر مولانا أبي عبد لله (عليه السلام) رأيت ليلة في المنام كأن رجلا في عنقه سلسلة تشتعل نارا. وطرفيها بيد رجلين، وله لسان طويل قد تدلي علي صدره، فلما رآني من بعيد قصدني. فلما دنا مني ظهر انه المولي المزبور.
فتعجبت: فلما هم أن يكلمني ويستغيث بي جرا السلسلة إلي الخلف، فرجع القهقري، ولم يتمكن من الكلام.
ثم دنا ثانيا ففعلا به مثل الأولي، وكذلك في المرة الثالثة. ففزعت من مشاهدة صورته وحالته فزعا شديدا، وصحت صيحة عظيمة انتبهت منها، وانتبه من كان نائما في جانبي من العلماء.
فقصصت عليه رؤياي وكان وقت النداء، وإعلام فتح أبواب الصحن والحرم الشريفين. فقلت: ينبغي أن نقوم وندخل الحضرة ونزور ونستغفر له، لعل الله يرحمه إن كانت الرؤيا صادقة.
فقمنا وفعلنا ذلك.
ومضي زمان طويل يقرب من عشرين سنة ولم يتبين لي من حاله شيئا، وكان في زعمي ان تلك الحالة للتقصير الذي وقع منه في أيام الطاعون في أموال الناس.
ولما من الله تعالي علي بزيارة بيته وقضيت المناسك، وقربنا من الرجوع إلي المدينة المشرفة مرضت مرضا شديدا منعني عن الحركة والمشي. فلما نزلنا قلت
(١٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: القبر (1)، الصدق (1)، الحج (1)
لأصحابي: غسلوني، وبدلوا ثيابي واحملوني إلي الروضة المطهرة لعل الموت يحول بيني وبين الوصول إليها. ففعلوا، ولما دخلت الحضرة أغمي علي، فتركوني في جانب ومضوا لشأنهم. فلما أفقت حملوني وأتوا بي إلي قرب الشباك، فزرت.
ثم ذهبوا بي إلي الخلف عند بيت الصديقة الطاهرة (عليها السلام)، أحد المواضع التي تزار فيها فجلست وزرت بما بدا لي، ثم طلبت منها الشفاء. وقلت لها: بلغنا من الآثار كثرة محبتك لولدك الحسين (عليه السلام)، واني مجاور قبره الشريف، فبحقه عليك ألا ما شافيتني.
ثم خاطبت الرسول (صلي الله عليه وآله) وذكرت ما كان لي من الحوائج منها الشفاعة لجملة من رفقائي الذين حلوا أطباق الثري ومزقتهم البلوي، وعددت أسماءهم إلي أن بلغت إلي المولي جعفر المتقدم ذكره. فذكرت الرؤيا، فتغيرت حالي، فألححت في طلب المغفرة له وسؤال الشفاعة منه (صلي الله عليه وآله).
وقلت: اني رأيته قبل ذلك بعشرين سنة في المنام في حال سوء، لا أدري كان صادقا أم كان من الأضغاث؟
وذكرت ما سنح لي من التضرع والدعاء في حقه. ثم رأيت في نفسي خفة، فقمت ورجعت إلي المنزل بنفسي، وذهب ما كان بي من المرض من بركة البتول العذراء (عليها السلام).
ولما أردنا الخروج من البلد أقمنا في (أحد) يوما وكان أول منازلنا. فلما نزلنا فيه، وفرغنا من زيارة الشهداء رقدت فرأيت المولي جعفر المذكور مقبلا علي في زي حسن وعليه ثياب بيض كغرقئ (1) البيض وعلي رأسه عمامة محنكة وبيده عصا، فلما دنا مني سلم وقال: مرحبا بالأخوة والصداقة، هكذا ينبغي أن يفعل الصديق بصديقه، وكنت في تلك المدة في ضيق وشدة وبلاء ومحنة، فما قمت من الحضرة إلا وخلصتني منها، والآن يومان أو ثلاثة أرسلوني إلي الحمام وطهروني من الأقذار والكثافات. وبعث إلي الرسول (صلي الله عليه وآله) بهذه الثياب والصديقة
(1) الغرقي بكسر الغين المعجمة: بياض البيض.
(١٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، المرض (1)، القبر (1)، الطهارة (1)، الزيارة (1)، الشهادة (1)، الإستحمام، الحمام (1)
الطاهرة (عليها السلام) بهذا العباء، وصار أمري بحمد الله إلي حسن وعافية. وجئت إليك مشيعا لك ومبشرا. فطب نفسا انك ترجع إلي أهلك سالما صحيحا وهم سالمون.
فانتبهت شاكرا فرحا (1).
قال الشيخ المرحوم: وعلي الفطن الخبير أن يتأمل في دقائق تلك الرؤيا فان فيها ما يزيل عن القلب العمي وعن البصر القذي (2).
حكاية:
وفي دار السلام أيضا نقل الشيخ الأجل الأورع الأكرم الحاج ملا علي عن والده الماجد الحاج ميرزا خليل الطهراني (رحمه الله) قال:
كنت في مشهد الحسين (عليه السلام) وأمي كانت في مدينة طهران، فرأيت ليلة في ما يراه النائم: ان والدتي جاءت إلي، وقالت لي: يا بني اني مت، وجاؤوا بي إليك، وهشموا أنفي.
فانتبهت من النوم فزعا مرعوبا. فبقيت كذلك إلي أن جاءني كتاب من بعض الاخوان: ان والدتك توفيت وأرسلناها مع الجنائز.
فلما أتي الجنازون قالوا: خلفنا تلك الجنازة في رباط قريب من ذي الكفل لأنا زعمنا (3) انك في بلد المشهد (النجف الأشرف).
فبقيت متحيرا في معني هشموا أنفي.
فلما أتوا بنعش والدتي كشفت عنها، فرأيت أنفها مكسورا، فسألت عن ذلك، فقالوا: ان هذه الجنازة كانت موضوعة فوق الجنائز، فتصادمت الخيول في الرباط، فطرحتها من أعلي الجنائز، ولم نعلم غير هذا.
فجئت بها إلي ساحة أبي الفضل العباس ابن أمير المؤمنين (عليهما السلام)، فقلت: يا أبا الفضل ان والدتي لم تحسن الصلاة والصيام وهي دخيلتك، فادفع عنها الأذي
(1) دار السلام: ج 2، ص 153، 155، وقد عالجنا بعض الكلمات أيضا.
(2) دار السلام: ج 2، ص 155.
(3) لعله يقصد (لأنا توهمنا أو ظننا).
(١٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: أبو الفضل العباس بن علي أمير المؤمنين عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، مدينة النجف الأشرف (1)، مدينة طهران (1)، الشهادة (2)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (1)، الحج (2)، النوم (1)، الجنازة (5)
يا سيدي، وعلي بضمانك خمسين سنة صوم وصلاة استنيب عنها.
فدفنتها، وبقيت مدة من الزمان، فبينا أنا نائم في ليلة من الليالي، وإذا اسمع ضوضاءا (1) في باب داري، فخرجت من الدار، فرأيت والدتي موثوقة بشجرة وتضرب بالسياط.
فقلت: ما بالها، وأي ذنب لها حتي تضرب؟
فقالوا: أمرنا أبو الفضل أن نضربها حتي تدفع مبلغا مقدرا.
فذهبت إلي داخل الدار، وأتيت بالدراهم، وأطلقت والدتي، وأتيت بها إلي داخل الدار، واشتغلت بخدمتها فلما انتبهت رأيت المقدار الذي أخذوه مني هو مقدار خمسين سنة عبادة.
فأخذت ذلك المبلغ وذهبت إلي السيد صاحب الرياض (رحمه الله) وقلت: هذه قيمة خمسين سنة عبادة عن والدتي، والأمر كيت وكيت (2).
قال شيخنا الأجل صاحب دار السلام (أحله الله دار السلام) وفي هذه الرؤيا من عظم الأمر وخطر العاقبة وعدم جواز التهاون بما عاهد الله علي نفسه وعلو مقام أوليائه المخبتين مالا يخفي علي من تأملها بعين البصيرة ونظر الاعتبار (3).
حكاية:
ونقل هذا الأجل أيضا عن والده الصالح:
ان رجلا كان في مدينة طهران خادما في الحمام في مسلخه (4)، وكان لا يصلي ولا يصوم، وجاء يوما إلي المعمار، وقال: أريد أن أبني حماما.
فقال له المعمار: أنت بهذه الحالة، من أين لك الدراهم؟
فقال له: خذ ما شئت.
فبني له حماما معروفا باسمه، وكان اسمه (علي طالب).
(1) في المصدر: (وإذا بضوضاء اسمع).
(2) دار السلام. ج 2، ص 245 - 246.
(3) دار السلام. ج 2، ص 246.
(4) أي المنزع.
(١٧١)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة طهران (1)، الصيام، الصوم (2)، الجواز (1)، الإستحمام، الحمام (1)
قال والدي:
كنت في النجف الأشرف، فرأيت فيما يراه النائم ان علي طالب جاء إلي النجف في وادي السلام.
فتعجبت من ذلك.
وقلت له: ما جاء بك إلي هذا المكان وأنت لا تصلي ولا تصوم؟
فقال لي: يا هذا، أنا مت، فأخذوني بالأغلال ليأخذوني إلي العذاب. لكن جزي الله الحاج الملا محمد الكرمانشاهي خير الجزاء حيث إنه استأجر فلان نائبا للحج، وهو فلان، واستأجر فلان للصوم، والصلاة، ودفع عني الزكاة والمظالم علي يد فلان وفلان. ولم يبق شئ علي الا أداه. فخلصني من العذاب، فجزاه الله عني خير جزاء المحسنين.
فاستيقظت من نومي فزعا، وتعجبت من تلك الرؤيا، فتربصت مدة، فجاء أناس من طهران، فسألت عن أحوال علي طالب، فأخبروني كما رأيت في الرؤيا بأسماء الرجال وما جري بعد موته.
فتعجب من صدق تلك الرؤيا ومطابقتها للواقع (1).
(وفي هذه الرؤيا تصديق لما استفاض عن أهل العصمة من وصول ثواب الصوم والصلاة والحج وسائر الخيرات والمبرات إلي الميت، وانه قد يكون في ضيق فيفرج عنه.
وتصديق لما ورد: من أنه ما من مؤمن يموت في شرق الأرض وغربها إلا وحشر الله روحه إلي وادي السلام.
وفي بعضها: أما كأني بهم حلق قعود يتحدثون.
والحاج المولي أحمد المذكور من علماء طهران الأخيار والصلحاء الأبرار) (2).
(1) دار السلام: ج 2، ص 244 - 245.
(2) دار السلام: ج 2، ص 245.
(١٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (2)، مدينة طهران (2)، التصديق (1)، الزكاة (1)، الموت (3)، الحج (2)، الصّلاة (2)، العذاب، العذب (2)
حكاية:
ونقل عن أربعينات العالم الفاضل والعارف الكامل القاضي سعيد القمي (رحمه الله) انه قال:
وصل إلينا من أحد الثقات ومحل الاعتماد عن أستاذ أساتيذنا الشيخ بهاء الملة والدين العاملي (قدس سره):
انه ذهب في أحد الأيام لزيارة بعض أصحاب الحال، وكان يأوي في مقبرة من مقابر أصفهان، فقال ذلك الشخص العارف للشيخ:
شاهدت قبل هذا اليوم في هذه المقبرة أمرا غريبا. فقد رأيت جماعة جاؤوا بجنازة ودفنوها في هذه المقبرة في الموضع الفلاني. وبعد مضي ساعة شممت رائحة طيبة لم تكن من روائح هذه النشأة، فبقيت متحيرا، فنظرت إلي يميني وشمالي لأعرف من أين جاءت هذه الرائحة، فرأيت فجأة شابا جميل الصورة في لباس الملوك وهو يذهب إلي ذلك القبر حتي وصل عنده، فتعجبت كثيرا من مجيئه إلي ذلك القبر.
فعندما جلس عند ذلك القبر رأيته قد غاب وكأنه صار داخل القبر.
فلم يمض زمن من تلك الحادثة حتي شممت رائحة كريهة أنتن من كل رائحة، فنظرت فرأيت كلبا يذهب بأثر ذلك الشاب حتي وصل إلي ذلك القبر واختفي.
فتعجبت لذلك وما كاد تعجبي ينقضي حتي خرج ذلك الشاب بحال سيئة وهيئة قبيحة وبدن مجروح، وقد رجع من حيث أتي.
فذهبت وراءه، ورجوته أن يخبرني بحقيقة الأمر فقال: انا العمل الصالح لهذا الميت، وكنت مأمورا أن أصير معه في قبره، فإذا بذلك الكلب - الذي رأيته - أتي وهو عمله غير الصالح، فأردت أن أخرجه من القبر لأفي بصحبته فعضني ذلك الكلب بأنيابه، وجرحني ومزق لحيتي كما تري، ولم يتركني أبقي مع ذلك الشاب، فلم أقدر بعد ذلك أن أبقي معه في قبره، فخرجت، وتركته لوحده.
فعندما نقل العارف المكاشف هذه الحكاية للشيخ، قال الشيخ:
ما قلته صحيح، فنحن قائلون بتجسم الأعمال وتصورها بالصورة المناسبة
(١٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الثقات لابن حبان (1)، مدينة إصفهان (1)، اللبس (1)، القبر (9)
بحسب الأحوال.
* يقول المؤلف:
ويصدق هذه الحكاية الخبر الذي رواه الشيخ الصدوق في أول أماليه وملخصه:
ان قيس بن عاصم وفد مع جماعة من بني تميم إلي النبي (صلي الله عليه وآله)، وطلب منه موعظة نافعة فوعظه (صلي الله عليه وآله): ومن جملة ما قال (1):
" لابد لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي وتدفن معه وأنت ميت، فإن كان كريما أكرمك وإن كان لئيما أسلمك، ثم لا يحشر إلا معك ولا تبعث إلا معه، ولا تسأل إلا عنه، فلا تجعله إلا صالحا، فإنه إن صلح أنست به، وإن فسد لا تستوحش إلا منه، وهو فعلك.
فقال: يا نبي الله أحب أن يكون هذا الكلام في أبيات من الشعر نفخر به علي من يلينا من العرب، وندخره:
فأمر النبي (صلي الله عليه وآله) من يأتيه بحسان.
قال: (2) فأقبلت أفكر فيما أشبه هذه العظة من الشعر، فاستتب لي القول قبل
(1) صدر الحديث هو:
(قال قيس بن عاصم: وفدت مع جماعة من بني تميم إلي النبي (صلي الله عليه وآله)، فدخلت وعنده الصلصال ابن الدلهمس، فقلت: يا نبي الله عظنا موعظة ننتفع بها فإنا قوم نعبر [نعمر خ. ل] في البرية.
فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يا قيس ان مع العز ذلا وان مع الحياة موتا، وان مع الدنيا آخرة، وان لكل شئ حسيبا، وعلي كل شئ رقيبا، وان لكل حسنة ثوابا ولكل سيئة عقابا ولكل أجل كتابا … الحديث).
(2) أقول: في ترجمة الحديث نسب المؤلف (رحمه الله) القول إلي الصلصال وكذا أبيات الشعر، ولكن في الأمالي المطبوع ليست فيه هذه النسبة. نعم وجدنا ذلك في كتاب (الإصابة في تمييز الصحابة) لابن حجر العسقلاني: ج 2، ص 193 قال:
(الصلصال بن الدلهمس بن جندلة المحتجب بن الأغر بن الغضنفر بن تيم بن ربيعة بن نزار، أبو الغضنفر …
وقال المرزباني: يقال انه أنشد النبي (صلي الله عليه وآله) شعرا. وذكر ابن الجوزي: ان الصلصال قدم مع بني تميم وان النبي (صلي الله عليه وآله أوصاهم بشئ فقال قيس بن عاصم: وددت لو كان هذا الكلام شعرا نعلمه أولادنا، فقال الصلصال: انا أنظمه يا رسول الله، فأنشده أبياتا. وأوردها ابن دريد في أماليه عن أبي حاتم السجستاني عن العتبي عن أبيه قال: قال قيس بن عاصم وفدت مع جماعة من بني تميم، فدخلت عليه وعنده الصلصال بن الدلهمس، فقال قيس: يا رسول الله عظنا عظة ننتفع بها، فوعظهم موعظة حسنة، فقال قيس: أحب أن يكون هذا الكلام أبياتا من الشعر نفتخر به علي من يلينا وندخرها، فامر من يأتيه بحسان، فقال الصلصال: يا رسول الله قد حضرتني أبيات احسبها توافق ما أراد قيس فقال هاتها فقال: … الخ).
(١٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، صلح (يوم) الحديبية (1)، الشيخ الصدوق (1)، الدفن (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، الحافظ ابن حجر العسقلاني (1)، العزّة (1)
مجئ حسان. قلت: يا رسول الله، قد حضرتني أبيات احسبها توافق ما تريد، فقلت:
تخير خليطا من فعالك انما * قرين الفتي في القبر ما كان يفعل ولابد بعد الموت من أن تعده * ليوم ينادي المرء فيه فيقبل فإن كنت مشغولا بشئ فلا تكن * بغير الذي يرضي به الله تشغل فلن يصحب الانسان من بعد موته * ومن قبله إلا الذي كان يعمل الا انما الانسان ضيف لأهله * يقيم قليلا بينهم ثم يرحل (1) * وروي الشيخ الصدوق (قدس سره) عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله):
" مر عيسي بن مريم (عليه السلام) بقبر يعذب صاحبه ثم مر به من قابل فإذ هو ليس يعذب.
فقال: يا رب مررت بهذا القبر عام أول فكان صاحبه يعذب، ثم مررت به العام، فإذا هو ليس يعذب؟
فأوحي الله عز وجل إليه:
يا روح الله انه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا وآوي يتيما فغفرت له بما عمل ابنه " (2).
(1) الأمالي للشيخ الصدوق: ص 12 - 13.
(2) الأمالي للصدوق: ص 414.
(١٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشيخ الصدوق (1)، الموت (2)، القبر (2)، كتاب أمالي الصدوق (2)
من منازل الآخرة المهولة القيامة
صفحه(١٧٧)

من منازل الآخرة المهولة: القيامة وصف القيامة

من منازل الآخرة المهولة القيامة فان هولها عظيم، بل هي أعظم من كل هول. وفزعها الفزع الأكبر.
قال تعالي في وصفها:
* (ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة) * (1).
* وروي القطب الراوندي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" قال عيسي (عليه السلام) لجبرئيل: متي قيام الساعة؟ فانتفض جبرئيل انتفاضة أغمي عليه منها، فلما أفاق قال: يا روح الله! ما المسؤول أعلم بها من السائل وله من في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة " (2).
* وروي الشيخ الجليل علي بن إبراهيم القمي (رحمه الله) عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام):
" بينما رسول الله (صلي الله عليه وآله) جالس وعنده جبرئيل إذ حانت من جبرئيل (عليه السلام) نظرة قبل السماء، فامتقع لونه حتي صار كأنه كركمة، ثم لاذ برسول الله (صلي الله عليه وآله).
فنظر رسول الله (صلي الله عليه وآله) إلي حيث نظر جبرئيل، فإذا شئ قد ملأ ما بين الخافقين
(1) سورة الأعراف: الآية 187.
(2) قصص الأنبياء للراوندي: ص 271، باب 18، فصل 5، ح 319. ونقله المجلسي في البحار: ج 6، ص 212، ح 11. وفي: ج 7، ص 61، ح 14. وفي: ج 14، ص 323، ح 35.
(١٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، علي بن إبراهيم (1)، القطب الراوندي (1)، الفزع (1)، العلامة المجلسي (1)، سورة الأعراف (1)
مقبلا حتي كان كقاب من الأرض.
ثم قال: يا محمد اني رسول الله إليك أخبرك أن تكون ملكا رسولا أحب إليك، أو تكون عبدا رسولا؟
فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): بل أكون عبدا رسولا.
فرفع الملك رجله اليمني فوضعها في كبد السماء الدنيا، ثم رفع الأخري فوضعها في الثانية، ثم رفع اليمني فوضعها في الثالثة.. ثم هكذا حتي انتهي إلي السماء السابعة، كل سماء خطوة، وكلما ارتفع صغر حتي صار آخر ذلك مثل الذر (1).
فالتفت رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فقال: لقد رأيتك ذعرا، وما رأيت شيئا كان أذعر لي من تغير لونك؟!
فقال: يا نبي الله لا تلمني، أتدري من هذا؟
قال: لا.
قال: هذا إسرافيل حاجب الرب، ولم ينزل من مكانه منذ خلق الله السماوات والأرض (2)، فلما رأيته منحطا ظننت انه جاء لقيام الساعة، فكان الذي رأيته من
(1) هكذا في المصدر المطبوع (مثل الذر).
وفي نسخة بدل من المصدر، وفي البحار (مثل الصر).
قال الطريحي في مجمع البحرين: (والصر) عصفور أو طائر في قده أصفر اللون، سمي به لصوته من صرر: إذا صاح.
ومنه الحديث (طلع علي علي بن الحسين (عليه السلام) وأنا أنتف صرا) ج 3، ص 365، الطبعة الحديثة.
وفي مجمع البيان: ج 3، ص 603 - 307:
(والذرة بتشديد الراء: النملة الصغيرة التي لا تكاد تري ويقال ان المائة منها زنة حبة شعير، وقيل هي جزء من أجزاء الهباء الذي يظهر في الكوة من أثر الشمس.
(2) قال المؤلف (رحمه الله) في الحاشية:
(لعل مراده أنه لم يأتي لوحده وبدون خبر بهذا النحو الذي جاء به، حتي لا يتنافي مع مجيئه مع جبرئيل وميكائيل لاهلاك قوم لوط … أو نحو ذلك والله العالم).
(١٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (1)
تغير لوني لذلك، فلما رأيت ما اصطفاك الله به رجع إلي لوني ونفسي (1).
* وفي رواية:
( … ما من ملك مقرب، ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بر ولا بحر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة … ) (2).
* يقول الفقير: لعل ما ذكر من خوف السماء والأرض وكل شئ هو خوف أهلها والموكلين بها كما قاله المفسرون في معني الآية الشريفة (ثقلت في السماوات والأرض).
* وروي أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) كان (إذا ذكر الساعة اشتد صوته واحمرت وجنتاه) (3).
(١) تفسير الشيخ الثقة الأقدم علي بن إبراهيم القمي (رحمه الله) من مشايخ الشيخ الكليني (رحمه الله) ج ٢، ص ٢٧ - ٢٨ وتكملة الحديث:
(أما رأيته كلما ارتفع صغر انه ليس شئ يدنو من الرب إلا صغر لعظمته.
ان هذا حاجب الرب، وأقرب خلق الله منه، واللوح بين عينيه من ياقوتة حمراء. فإذا تكلم الرب تبارك وتعالي بالوحي ضرب اللوح جبينه، فنظر فيه، ثم يلقيه إلينا، فنسعي به في السماوات والأرض. انه لأدني خلق الرحمن منه وبينه وبينه سبعون حجابا من نور تقطع دونها الابصار مالا يعد ولا يوصف، واني لأقرب الخلق منه وبيني وبينه مسيرة ألف عام) انتهت الرواية الشريفة.
أقول: أما سند الرواية فصحيح.
وفي الصحيحة من الأسرار الإلهية والحقائق الربانية والألطاف الخفية ما يعجز عنه إلا أهلها ومن خلق لها رزقنا الله تعالي وإياك من عذب مائها وأوردنا سلسبيلها بمحمد وآله الطاهرين.
(٢) رواها رئيس المحدثين الشيخ الصدوق في الخصال: ص 315 - 316، باب الخمسة (في يوم الجمعة خمس خصال) ح 97، ونقله المجلسي في البحار: ج 7، ص 58، ح 1، ج 89 ص 267، ح 5. الطبعة الحديثة بإسناده إلي أبي لبابة بن عبد المنذر عن رسول الله (صلي الله عليه وآله).
واسم (أبي لبابة) بشير.
(3) رواه الطوسي في الأمالي: 347، ح 26، ونقله في البحار: ج 2، ص 301، 31، وفي ج 77، ص 124، ح 23. وروي الشيخ المفيد في الأمالي: ص 211، المجلس 24، ح 1، بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال: " كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) إذا خطب حمد الله وأثني عليه، ثم قال: أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأفضل الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ويرفع صوته، وتحمر وجنتاه، ويذكر الساعة وقيامها حتي كأنه منذر جيش، يقول: صبحتكم الساعة، مستكم الساعة، ثم يقول: بعثت أنا والساعة كهاتين، ويجمع بين سبابتيه، من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا فعلي والي ".
ونقله في البحار: ج 16، ص 256، ح 36، وفي: ج 77، ص 133، ح 40.
ونقل في البحار: ج 103، ص 153، ح 25 عن كتاب (الغايات) عن جابر ان النبي (صلي الله عليه وآله) خطب الناس فقال بعد حمد الله والثناء عليه: أما بعد فان أصدق الحديث كتاب الله، وان أفضل الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم رفع صوته - وتحمر وجنتاه ويشتد غضبه إذا ذكر الساعة كأنه منذر جيش، ثم يقول -: بعثت والساعة كهاتين، ثم يقول: أتتكم الساعة مصبحكم أو ممسيكم … ".
ونقل الغزالي في احياء علوم الدين: ج 4، ص 459، عن جابر قال: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) إذا خطب فذكر الساعة رفع صوته واحمرت وجنتاه … الحديث) ونقله الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء: ج 8، ص 251، وقال محقق الاحياء في هامشه (أخرجه مسلم وابن أبي الدنيا في قصر الأمل واللفظ له).
وروي السيد هاشم البحراني في (معالم الزلفي) ص 136، الطبعة الحجرية عن بستان الواعظين قال:
(وعن رسول الله (صلي الله عليه وآله) كان إذا هبت الريح تغير لونه وكان يخرج ويدخل مرة بعد أخري من شدة خوف قيام الساعة).
(١٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، الخوف (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، كتاب أمالي الصدوق (2)، العلامة المجلسي (1)، علي بن إبراهيم (1)، الشيخ الصدوق (1)، الضلال (2)، الضرب (1)، الطهارة (1)، الثناء (1)
* ونقل الشيخ المفيد في الارشاد:
" لما عاد رسول الله (صلي الله عليه وآله) من تبوك إلي المدينة، قدم إليه عمرو بن معد يكرب، فقال له النبي (صلي الله عليه وآله) أسلم يا عمرو، يؤمنك الله من الفزع الأكبر.
فقال: يا محمد! وما الفزع الأكبر، فاني لا أفزع؟ " * يقول المؤلف: من هذا الكلام تعرف شجاعة وقوة قلب عمرو، ونقل انه كان من شجعان العالم المشهورين وكان أكثر فتوح العجم علي يديه، ويعرف سيفه بالصمصامة التي قطع بضربة منها جميع قوائم جزور.
وان عمر بن الخطاب سأله في أيام خلافته أن يريه سيفه ذلك، فأحضره عمرو له.
(١٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، الفزع (2)
فانتضاه (عمر) وضرب به، فما حاك (1)، فطرحه من يده، وقال: ما هذا إذ سل بشئ.
فقال عمرو: يا أمير المؤمنين أنت طلبت مني السيف ولم تطلب مني الساعد الذي يضرب به (2).
فعاتبه، وقيل إنه ضربه) (3).
فقال: يا عمرو! انه ليس كما تظن وتحسب.
ان الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقي ميت إلا حشر، ولا حي إلا مات، إلا ما شاء الله ثم يصاح بهم صحية أخري فينشر من مات، ويصفون جميعا، وتنشق السماء، وتهد الأرض، وتخر الجبال هدا وترمي النار، بمثل الجبال شررا، فلا يبقي ذو روح إلا انخلع قلبه، وذكر دينه وشغل بنفسه إلا ما شاء الله.
فأين أنت يا عمرو من هذا؟
قال: إلا اني اسمع أمرا عظيما) (4).
ان القيامة مهولة إلي درجة بحيث ان الأموات في عالم البرزخ والقبر يستوحشون من هولها بشكل انه روئي ان بعض الأموات بعدما أحيي بدعاء بعض الأولياء قد صار شعره كله أبيضا، فعندما سألوه عن سبب بياض شعره قال لهم:
عندما أمر بإحيائنا ظننا ان القيامة قد قامت، ولذلك قد ابيض شعرنا كله من وحشة وهول القيامة (5).
(1) أي لم يؤثر شيئا، أو لم يرسخ في المكان الذي ضربه.
(2) ذكر المؤلف في الهامش هذا البيت من الشعر:
وعادة السيف أن يزهو بجوهره * وليس يعمل إلا في يدي بطل (3) نقل هذه القصة المؤلف في سفينة البحار: ج 1، ص 690، الطبعة الحجرية.
(4) الارشاد للشيخ المفيد: 84.
(5) أقول: روي الشيخ الكليني في الكافي الشريف: ج 3، ص 260 - 261 بسند صحيح عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال:
" ان فتية من أولاد ملوك بني إسرائيل كانوا متعبدين وكانت العبادة في أولاد ملوك بني إسرائيل، وانهم خرجوا يسيرون في البلاد ليعتبروا فمروا بقبر علي ظهر الطريق قد سفي عليه السافي ليس يبين منه إلا رسمه.
فقالوا: لو دعونا الله الساعة فينشر لنا صاحب هذا القبر فسألناه كيف وجد طعم الموت.
فدعوا الله وكان دعاؤهم الذي دعوا الله به (أنت الهنا يا ربنا ليس لنا اله غيرك والبديع الدائم غير غافل والحي الذي لا يموت، لك في كل يوم شأن. تعلم كل شئ بغير تعليم، انشر لنا هذا الميت بقدرتك.
قال: فخرج من ذلك القبر رجل أبيض الرأس واللحية ينفض رأسه من التراب فزعا شاخصا بصره إلي السماء.
فقال لهم: ما يوقفكم علي قبري؟
فقالوا: دعوناك لنسألك كيف وجدت طعم الموت؟
فقال لهم: لقد سكنت [مكثت في. ل] في قبري تسعة وتسعين سنة ما ذهب عني ألم الموت وكربه ولا خرج مرارة طعم الموت من حلقي.
فقالوا له: مت يوم مت وأنت علي ما نري أبيض الرأس واللحية؟
قال: لا، ولكن لما سمعت الصيحة (اخرج) اجتمعت تربة عظامي إلي روحي فنفست فيه، فخرجت فزعا شاخصا بصري مهطعا إلي صوت الداعي، فابيض لذلك رأسي ولحيتي).
(١٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الضرب (3)، الموت (7)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، القبر (2)، السفينة (1)

بعض الأمور التي تنجي من شدائد القيامة

* ولنذكر هنا بعض الأمور التي تنجي من شدائد القيامة، وتؤمن من الفزع الأكبر، وهي عشرة أمور:
* الأول: روي أنه:
(من قرأ سورة يوسف في كل يوم أو في كل ليلة بعثه الله تعالي يوم القيامة وجماله مثل جمال يوسف (عليه السلام)، ولا يصيبه فزع يوم القيامة) (1).
* وروي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام):
" من قرأ سورة الدخان في فرائضه ونوافله بعثه الله من الآمنين يوم القيامة، وأظله تحت عرشه وحاسبه حسابا يسيرا وأعطاه كتابه بيمينه " (2).
(١) ثواب الأعمال للصدوق: ص ١٣٣، رواه عن الإمام الصادق (عليه السلام)، كما أنه رواه العياشي في تفسيره: ج ٢، ص ١٦٦، ح ١، باختلاف يسير ونقله في البحار: ج ٧، ص ٢٩٣، ح ٩، ج ٨٧، ص ٢، ح ٣، ج ٩٢، ص ٢٧٩، ح ١، ج ٩٢، ص ٢٧٩، ح ٢.
(٢) ثواب الأعمال للصدوق: ص 141، ونقله في البحار: ج 7 ص 295، ح 20. وفي ج 92، ص 299، ح 1.
(١٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، يوم القيامة (3)، سورة الدخان (1)، سورة يوسف (1)، البعث، الإنبعاث (2)، الفزع (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الشيخ الصدوق (2)
* وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" من قرأ كل ليلة أو كل جمعة سورة الأحقاف لم يصبه الله بروعة في الحياة الدنيا، وآمنه من فزع يوم القيامة إن شاء الله " (1).
* ونقل عنه (عليه السلام):
" من قرأ (والعصر) في نوافله بعثه الله يوم القيامة مشرقا وجهه، ضاحكا سنه قريرا عينه حتي يدخل الجنة " (2).
* الثاني: روي الشيخ الكليني عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام):
" من وقر ذا شيبة في الاسلام آمنه الله من فزع يوم القيامة " (3).
* الثالث: وروي عنه (عليه السلام) قال:
" من مات بطريق مكة ذاهبا أو جائيا أمن من الفزع الأكبر يوم القيامة " (4).
* وروي الشيخ الصدوق عنه (عليه السلام) قال:
" من مات في أحد الحرمين [يعني حرم مكة وحرم المدينة زادهما الله شرفا وتعظيما] (5) بعثه الله من الآمنين " (6).
(١) ثواب الأعمال للصدوق: ص ١٤١. ونقله في البحار: ج ٨٩، ص ٣١٠، ح ١٤. وفي ج ٨٩، ص ٣٤٩، ح ٢٦. وفي ج ٩٢، ص ٣٠١، ح ١.
(٢) ثواب الأعمال للصدوق: ص ١٥٣، ١٥٤، ونقله في البحار: ج ٨٥، ص ٣٩، ح ٢٧. وفي:
ج ٩٢، ص ٣٣٦، ح ١.
(٣) الكافي: ج ٢، ص ٦٥٨، ح ٣. ونقله في البحار: ج ٧، ص ٣٠٢، ح ٥٣. وفي: ج ٧٥، ص ١٣٧، ح ٥، عن نوادر الراوندي.
أقول وروي الصدوق (رحمه الله) في ثواب الأعمال: ص ٢٢٤، عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: " من عرف فضل شيخ كبير فوقره لسنه آمنه الله من فزع يوم القيامة ".
(٤) رواه الكليني في الكافي: ج ٤، ص ٢٦٣، ح ٤٥. والطوسي في التهذيب: ج ٥، ص ٢٣، ح ١٤. والصدوق في (من لا يحضره الفقيه) ج ٢، ص ٢٢٩ - ح ٢٢٦٩، ونقله في البحار: ج ٧، ص ٣٠٢، ح ٥٥.
(٥) هذه الحاشية للمؤلف ((قدس سره)).
(٦) رواه الصدوق في الفقيه: ج ٢ ص ١٤٧، ح ٦٥٠.
وروي الكليني في الكافي: ج ٤، ص ٥٤٨، ح ٥ بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) " … ومن مات في أحد الحرمين مكة والمدينة لم يعرض ولم يحاسب … "، وفي الفقيه: ج ١ ص ٨٤، ح ٣٨٠، عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " من مات في أحد الحرمين امن من الفزع الأكبر يوم القيامة "، ونقله الحر في الوسائل: ج ١، باب ٣، ص ٢٦١، ح ٣.
ونقله المجلسي في البحار: ج ٧، ص ٣٠٢، ح ٥٧، ج ٩٩، ص ٣٨٧، ح ٣، ج ١٠٠، ص ١٤٠، ح ٦، ورواه ابن قولويه في كامل الزيارات: ص 13، باب 2، ح 9. ورواه البرقي في المحاسن: ص 70، كما رواه الصدوق في علل الشرائع: ص 460، باب 221، ح 7.
(١٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (4)، مدينة مكة المكرمة (3)، يوم القيامة (6)، الشيخ الصدوق (6)، سورة الأحقاف (1)، الموت (4)، الفزع (5)، البعث، الإنبعاث (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب علل الشرايع للصدوق (1)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (1)، كتاب كامل الزيارات لجعفر بن محمد بن قولويه (1)، العلامة المجلسي (1)، ابن قولويه (1)، الصدق (1)
* الرابع: وروي الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
" من دفن في الحرم (1) امن من الفزع الأكبر " (2).
* الخامس: روي الشيخ الصدوق عن الرسول الأعظم (صلي الله عليه وآله) قال:
" من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة الله عز وجل حرم الله عليه النار وآمنه من الفزع الأكبر " (3).
* السادس: وروي عنه أيضا (صلي الله عليه وآله) قال:
" من مقت نفسه دون [مقت] (4) الناس آمنه الله من فزع يوم القيامة " (5).
* السابع: روي الشيخ الأجل علي بن إبراهيم القمي عن الامام
(١) قال المؤلف: (يعني حرم مكة المعظمة).
(٢) الكافي: ج ٤، ص ٢٥٨، ح ٢٦. الفقيه ج ٢، ص ٢٢٩، ح ٢٢٧٢. المحاسن للبرقي:
ص ٧٢ (كتاب ثواب الأعمال: باب ١٢١، ح ١٤٧) ونقله المجلسي في البحار: ج ٧، ص ٣٠٢، ح ٥٤. وفي ج ٩٩، ص ٣٨٧، ح ٢.
(٣) رواها الصدوق في الفقيه: ج ٤، ص ٧، باب ١، (ذكر جمل من مناهي النبي (صلي الله عليه وآله)) ح ١. ورواه في الأمالي: ص ٣٤٩، المجلس ٦٦، ح ١. ونقله في البحار: ج ٧، ص ٣٠٣، ح ٦٠. وفي ج ٧٠، ص ٣٧٨، ح ٢٥، وفي: ج ٧٦، ص ٢٣٣، ح ١. وقال المؤلف (رحمه الله) في الحاشية:
(الفاحشة يعني الزنا، وكل ما تعدي حدود الله).
(٤) هذه الزيادة في نسخة بدل.
(٥) البحار: ج ٧، ص ٣٠٢. الخصال للصدوق: ص ١٥، باب (الواحد) " خصلة من فعلها آمنه الله عز وجل من فزع يوم القيامة "، ح ٥٤. ورواه في ثواب الأعمال: ص 216 (ثواب من مقت نفسه دون مقت الناس)، ح 1. ونقله في البحار: ج 27، ص 30، ح 59. وفي: ج 75 ص 46، ح 3. وفي ج 75، ص 48، ح 10.
(١٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (2)، علي بن إبراهيم (1)، الشيخ الصدوق (2)، الفزع (4)، الشهوة، الإشتهاء (1)، الدفن (1)، كتاب الخصال للشيخ الصدوق (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، العلامة المجلسي (1)، الزنا (1)
محمد الباقر (عليه السلام):
" من كظم غيظا وهو يقدر علي امضائه حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة " (1).
* الثامن: قال الله تعالي في سورة النمل:
* (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون) * (2).
يعني: من جاء يوم القيامة بالحسنة فله أحسن منها (3) وهو آمن من فزع ذلك اليوم.
* وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:
" الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت " (4).
* التاسع: روي الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" من أغاث أخاه المؤمن اللهفان اللهثان عند جهده فنفس كربته وأعانه علي نجاح حاجته كانت له بذلك عند الله اثنتان وسبعون رحمة من الله يجعل له منها واحدة يصلح بها معيشته ويدخر له إحدي وسبعين رحمة لأفزاع يوم
(١) تفسير القمي: ج ٢، ص ٢٧٧ في تفسير الآية ٣٧، سورة الشوري ونقلها في البحار: ج ٧، ص ٣٠٣، ح ٦٢ وفي: ج ٧١، ص ٤١٠ ح ٢٤، ج ٧١، ص ٤١١، ح ٢٥، ج ٧١، ص ٤١٧، ح ٤٥، ورواه في الكافي ج ٢، ص ١١٠، ح ٧.
(٢) سورة النمل: الآية ٨٩.
(٣) روي المحدث الجليل عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي المتوفي سنة ١١١٢ ه. ق في تفسير نور الثقلين، عن أصول الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال: " قال أبو جعفر (عليه السلام): دخل أبو عبد الله الجدلي علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أبا عبد الله ألا أخبرك بقول الله عز وجل * (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) * قال: بلي يا أمير المؤمنين جعلت فداك.
فقال: الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت والسيئة انكار الولاية وبغضنا أهل البيت، ثم قرأ (عليه السلام) الآية ".
تفسير نور الثقلين: ج ٤، ص ١٠٤. وراجع الكافي: ج ١، ص 185، ح 14.
(4) هذا المقطع من الخبر السابق.
(١٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، يوم القيامة (1)، الشيخ الصدوق (1)، سورة النمل (2)، الفزع (2)، كتاب أصول الكافي للشيخ الكليني (1)، عبد علي بن جمعة (1)، سورة الشوري (1)، الفدية، الفداء (1)، الوفاة (1)
القيامة وأهواله " (1).
* يقول المؤلف: قد رويت روايات كثيرة في ثواب قضاء حاجات الاخوة في الدين، ومن جملتها ما روي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) انه قال:
" من مشي في حاجة أخيه المسلم أظله الله بخمسة وسبعين ألف ملك ولم يرفع قدما إلا كتب الله له حسنة، وحط عنه بها سيئة، ويرفع له بها درجة، فإذا فرغ من حاجته كتب الله عز وجل له بها اجر حاج ومعتمر " (2).
* وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
" لقضاء حاجة امرئ مؤمن أفضل من حجة وحجة وحجة حتي عد عشر حجج " (3).
(١) ثواب الأعمال للصدوق: ص ١٧٩، وفي ص ٢٢٠. ورواه الكليني في الكافي: ج ٢، ص ١٩٩، ح ١.
ونقله المجلسي في البحار: ج ٧، ص ٢٩٩، ح ٤٩، وفي: ج ٧٤، ص ٣١٩، ح ٨٥. وفي:
ج ٧٥، ص ٢٠، ح ١٨. وفي: ج ٧٥، ص ٢١، ح ٢٢، وفي: ج ٧٥، ص ٢٢، ح ٢٥.
(٢) الكافي: ج ٢، ص ١٩٧، باب السعي في حاجة المؤمن، ح ٣، عن أبي عبيدة الحذاء.
(٣) الأمالي للشيخ الصدوق: ص ٣٩٩، ونقله في البحار ج ٧٤، ص ٢٨٤، ح ٤. وفي: ج ٩٩، ص ٣، ح ١. روي الصدوق بالإسناد عن مشمعل الأسدي قال: خرجت ذات سنة حاجا، فانصرفت إلي أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد.
" فقال: من أين بك يا مشمعل؟
فقلت: جعلت فداك كنت حاجا.
أو ما تدري ما للحاج من الثواب؟
فقلت: وما أدري حتي تعلمني!
فقال: ان العبد إذا طاف بهذا البيت أسبوعا (أسبوعا أي سبعا، والمقصود به سبعة أشواط حول البيت) وصلي ركعتيه، وسعي بين الصفا والمروة كتب الله له ستة آلاف حسنة، وحط عنه ستة آلاف سيئة ورفع له ستة آلاف درجة. وقضي له ستة آلاف حاجة للدنيا كذا وادخر له للآخرة كذا (لعل ال " كذا " الأولي زائدة من النساخ، وأما ال " كذا " الثانية يعني كذلك " ستة آلاف ".
فقلت له: جعلت فداك ان هذا لكثير. فقال: ألا أخبرك بما هو أكثر من ذلك؟
قلت: بلي.
فقال (عليه السلام): لقضاء … الحديث ".
وهناك رواية أخري تشبهها في ثواب الأعمال للصدوق: ص 170، (ثواب الصدقة)، ح 13، عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: " لأن أحج حجة أحب إلي من أن أعتق رقبة - حتي انتهي إلي عشرة - ومثلها ومثلها حتي انتهي إلي سبعين. ولأن أعول أهل بيت من المسلمين وأشبع جوعتهم، وأكسو عريهم، وأكف وجوههم عن الناس أحب إلي من أن أحج حجة وحجة وحجة حتي انتهي إلي عشرة، ومثلها ومثلها حتي انتهي إلي سبعين ".
(١٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الحج (5)، كتاب أمالي الصدوق (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (3)، جعفر بن محمد (1)، الصدق (1)، الفدية، الفداء (2)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)، الصّلاة (1)، التصدّق (1)، العتق (1)
* وروي:
" ان عابد بني إسرائيل كان إذا بلغ الغاية من العبادة صار مشاء في حوائج الناس، عانيا بما يصلحهم. " (1).
* وروي الشيخ الجليل شاذان بن جبرئيل القمي عن الرسول الأعظم (صلي الله عليه وآله) انه رأي علي الباب الثاني من الجنة مكتوبا:
" لا إله الا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، لكل شئ حيلة (2) وحيلة السرور في الآخرة أربع خصال:
المسح علي رؤوس اليتامي، والتعطف علي الأرامل، والسعي في حوائج المسلمين، وتفقد الفقراء والمساكين " (3).
إلي غير ذلك (4).
(١) الكافي ج ٢، ص ١٩٩.
(٢) كتب المؤلف (رحمه الله) في الحاشية (في نسخة بدل حلية).
(٣) أقول رواه الشيخ شاذان بن جبرئيل في الفضائل: ص 152 ونقله عنه في البحار: ج 8، ص 144، ح 67. ورواه السيد هاشم البحراني في معالم الزلفي: ص 316، الطبعة الحجرية ورواه النوري في المستدرك، ج 2، باب 78، ص 474، ح 2501، وفي ج 7، باب 49، ص 266، ح 8205، وفي ج 15، باب 10، ص 122، ح 17728.
(4) من الروايات الكثيرة التي وردت في فضل قضاء حوائج المؤمنين وقد عقد لها الشيخ الكليني في الكافي: فصولا جليلة، وجمع تلك الروايات الشريفة العلامة المجلسي في ج 74 من البحار.
(١٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، شاذان بن جبرئيل (2)، العلامة المجلسي (1)
* ولهذا اهتم العلماء وعظماء الدين اهتماما كبيرا في قضاء حوائج المؤمنين، وقد نقل عنهم حكايات لا مجال لذكرها هنا.
* العاشر: روي الشيخ الكليني عن الإمام الرضا (عليه السلام) انه قال:
" من أتي قبر أخيه ثم وضع يده علي القبر وقرأ انا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات أمن يوم الفزع الأكبر " (1).
* يقول المؤلف: وفي رواية أخري (استقبل القبلة ووضع يده علي القبر) (2).
فيمكن أن يكون هذا الأمان من الفزع يوم القيامة يعود للقارئ كما هو ظاهر الخبر.
ويحتمل أن يكون للميت كما يظهر من بعض الروايات.
* وقد رأي هذ الفقير في مجموعة الشيخ الأجل الأفقه أبي عبد الله محمد بن مكي العاملي المعروف بالشيخ الشهيد انه جاء إلي قبر أستاذه الشيخ الأجل العالم فخر المحققين نجل آية الله العلامة الحلي (رضوان الله عليهم أجمعين) وقال:
أروي عن صاحب هذا القبر، وهو يروي عن والده الماجد بسنده إلي الإمام الرضا (عليه السلام): " من زار قبر أخيه المؤمن وقرأ عنده سورة القدر وقال: اللهم جاف الأرض عن جنوبهم، وصاعد إليهم أرواحهم، وزدهم منك رضوانا، وأسكن إليهم من رحمتك ما تصل به وحدتهم وتؤنس وحشتهم انك علي كل شئ قدير " أمن القارئ والميت من الفزع الأكبر (3).
(١) رواه المجلسي في البحار: ج ٧، ص ٣٠٢، ورواه الكليني في الكافي: ج ٣، ص ٢٢٩، عن محمد بن يحيي عن محمد بن أحمد قال: كنت بفيد فمشيت مع علي بن بلال إلي قبر محمد بن إسماعيل بن بزيع - فقال علي بن بلال قال لي صاحب هذا القبر عن الرضا (عليه السلام) قال: " من أتي قبر … الحديث ".
(٢) رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: ص ٣٢٠، باب ١٠٥، ح ٤. ونقله في البحار: ج ١٠٢، ص ٢٩٥، ح ٤، ونقله الحر في الوسائل: كتاب الطهارة، أبواب الدفن، باب ٥٧، ح ٣، وفي هذا الباب روايات أخري لا بأس بمراجعتها.
(٣) لقد ترجمنا النص عن الكتاب فلم نجد الرواية بهذا الشكل بالمصادر التي راجعناها، وقد ورد المضمون في روايتين الأولي تقدمت في رواية محمد بن إسماعيل بن بزيع، والثانية روي الصدوق في الفقيه بإسناده عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
" الموتي تزورهم، فقال: نعم، قلت: فيعلمون بنا إذا أتيناهم؟ فقال: أي والله "، والدعاء في فلاح السائل للسيد ابن طاووس: ص 85، عن كتاب مدينة العلم للشيخ الصدوق، وهو من الكتب المهمة بمنزلة التهذيب والفقيه وقد ضاع، وقد روي الدعاء السيد ابن طاووس في مصباح الزائر، ونقله عنه الشيخ النوري (رحمه الله) في المستدرك: ج 10، باب 80، ص 383، ح 12232، وفي ج 2، باب 49، ص 372، ح 2222، ونقله المجلسي في البحار: ج 102، ص 300، ح 26.
(١٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (2)، يوم القيامة (1)، العلامة الحلي (1)، سورة القدر (1)، القبر (9)، الشهادة (1)، الفزع (3)، الزيارة (1)، الموت (2)، كتاب مصباح الزائر للسيد إبن طاووس (1)، كتاب كامل الزيارات لجعفر بن محمد بن قولويه (1)، السيد إبن طاووس (2)، العلامة المجلسي (2)، محمد بن إسماعيل بن بزيع (1)، إسماعيل بن بزيع (1)، الشيخ الصدوق (2)، ابن قولويه (1)، محمد بن يحيي (1)، علي بن بلال (2)، محمد بن أحمد (1)، محمد بن مسلم (1)، الدفن (1)، الطهارة (1)
* يقول المؤلف: ان قبر فخر المحققين - علي ما يظهر من كلام المجلسي الأول في شرح الفقيه - في النجف الأشرف ولعله قريب قبر والده العلامة (رحمه الله) الذي يقع في الإيوان المطهر.
(١٩١)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة النجف الأشرف (1)، العلامة المجلسي (1)، القبر (2)
من ساعات القيامة المهولة ساعة خروج الانسان من قبره وهذه الساعة هي إحدي الساعات الثلاثة التي هي أصعب وأوحش الساعات علي أبناء آدم (1).
(١) روي الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتابه (الخصال) بإسناده عن (ياسر الخادم) قال:
سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن أمه فيري الدنيا. ويوم يموت فيري الآخرة وأهلها ويوم يبعث فيري أحكاما لم يرها في دار الدنيا وقد سلم الله عز وجل علي يحيي في هذه الثلاثة المواطن، وآمن روعته فقال: (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا).
وقد سلم عيسي بن مريم (عليه السلام) علي نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال: (والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا).
الخصال للصدوق: ص ١٠٧، باب الثلاثة (أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن).
أقول: وروي الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتابه (الخصال): باب الثلاثة (أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات)، ص 119، وروي بالإسناد عن الزهري قال: قال علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب (عليهم السلام): أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات: الساعة التي يعاين فيها ملك الموت، والساعة التي يقوم فيها من قبره، والساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك وتعالي، فاما إلي الجنة وإما إلي النار.
ثم قال: إن نجوت يا بن آدم عند الموت فأنت أنت وإلا هلكت.
وإن نجوت يا بن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت وإلا هلكت.
وإن نجوت حتي يحمل الناس علي الصراط فأنت أنت وإلا هلكت. وإن نجوت حتي يقوم الناس لرب العالمين فأنت أنت وإلا هلكت. ثم تلا * (ومن ورائهم برزخ إلي يوم يبعثون) * قال: هو القبر وان لهم فيه لمعيشة ضنكا، والله ان القبر لروضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، ثم اقبل علي رجل من جلسائه فقال له: لقد علم ساكن الجنة من ساكن النار، فأي الرجلين أنت، وأي الدارين دارك.
(١٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (1)، كتاب الخصال للشيخ الصدوق (1)، علي بن الحسين بن علي (1)، الشيخ الصدوق (2)، البعث، الإنبعاث (3)، الموت (4)، القبر (3)

ساعة خروج الإنسان من قبره الآيات والروايات

يقول الله تعالي في سورة المعارج:
* (فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتي يلاقوا يومهم الذي يوعدون * يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلي نصب يوفضون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون) * (1).
* روي عن ابن مسعود انه قال:
كنت جالسا عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال:
ان في القيامة لخمسين موقفا كل موقف ألف سنة:
فأول موقف خرج من قبره (2)، حبسوا ألف سنة عراة جياعا عطاشا.
فمن خرج من قبره مؤمنا بربه ومؤمنا بجنته وناره، ومؤمنا بالبعث والحساب والقيامة، مقرا بالله مصدقا نبيه (صلي الله عليه وآله وسلم) وبما جاء من عند الله عز وجل نجا من الجوع والعطش (3).
* وقال الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة:
" وذلك يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين لنقاش الحساب وجزاء الأعمال خضوعا قياما قد ألجمهم العرق ورجفت بهم الأرض فأحسنهم حالا من وجد
(1) سورة المعارج: الآية 42 - 44.
قال المؤلف (رحمه الله) في ترجمة قوله تعالي كأنهم إلي نصب يوفضون. يوم يخرجون من قبورهم سراعا، كأنهم يسرعون إلي علم منصوب كالذين في الجيش عندما ينصبون علمهم ويسرعون إليه … ).
(2) هكذا في نسخة البحار: وفي جامع الأخبار طبعة النجف وقد ترجمها المؤلف (الخروج من القبر) والله تعالي أعلم.
(3) رواه في جامع الأخبار للشيخ محمد الشعيري: ص 176، الفصل 140، ح 1. ورواه عنه المجلسي في البحار: ج 7، ص 111، ح 42.
(١٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، سورة المعارج (2)، القبر (2)، مدينة النجف الأشرف (1)، العلامة المجلسي (1)

ذكر بعض الأخبار في أحوال بعض الأشخاص عند خروجهم من قبورهم

لقدميه موضعا ولنفسه متسعا " (1).
* وروي الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" مثل الناس يوم القيامة إذا قاموا لرب العالمين مثل السهم في القرب ليس له من الأرض إلا موضع قدمه كالسهم في الكنانة لا يقدر أن يزول هاهنا ولا هاهنا " (2).
* يعني انه كما في موضع السهم في الكنانة لا يوجد مجال ليتحرك في كنانته لضيقها، فكذلك ضيق الانسان في ذلك اليوم فلا يستطيع أن يتحرك عن موضع قدمه فليست لديه القدرة علي أن يغير موضع قدمه.
* وبالجملة فان هذا الموقف موقف عظيم.
ومن المناسب أن نذكر بعض الأخبار في أحوال بعض الأشخاص عندما يخرجون من قبورهم.
* الأول: روي الشيخ الصدوق عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله):
" الشاك في فضل علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحشر يوم القيامة من قبره وفي عنقه طوق من نار فيه ثلاثمائة شعبة، علي كل شعبة منها شيطان يكلح في وجهه ويتفل فيه " (3).
* الثاني: روي الشيخ الكليني عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) انه قال:
" ان الله تبارك وتعالي يبعث يوم القيامة ناسا من قبورهم مشدودة أيديهم
(١) نهج البلاغة: ج ١، ص ١٩٦، شرح محمد عبدة، وراجع شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد:
ج ٧ باب ١٠١، ص ١٠٢، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم.
(٢) رواه الكليني في الكافي: ج ٨، ص ١٤٣، ح ١١٠. ونقله المجلسي في بحار الأنوار: ج ٧، ص 111.
(3) أقول: رواه المفيد في الأمالي: ص 144، 145، المجلس 18، ح 3. ورواه ابن شيرويه في الفردوس: ج 5، ص 477، ح 8816، الطبعة الحديثة ونقله المجلسي في البحار: ج 7، ص 192، ح 53، وفي: ج 38، ص 10، ح 14، وفي: ج 39، ص 304، ص 120.
وروي قريبا منه فرات بن إبراهيم في تفسيره ص 134 عن أبي ذر الغفاري عن رسول الله (صلي الله عليه وآله).
(١٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (1)، يوم القيامة (3)، الشيخ الصدوق (1)، القبر (3)، البعث، الإنبعاث (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، أبوذر الغفاري (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، العلامة المجلسي (2)، كتاب بحار الأنوار (1)، فرات بن إبراهيم (1)
إلي أعناقهم لا يستطيعون أن يتناولوا قيد أنملة معهم ملائكة يعيرونهم تعييرا شديدا يقولون: هؤلاء الذين منعوا خيرا قليلا من خير كثير. هؤلاء الذين أعطاهم الله فمنعوا حق الله في أموالهم " (1).
* الثالث: روي الشيخ الصدوق في حديث طويل:
" ومن مشي في نميمة بين اثنين سلط الله عليه في قبره نارا تحرقه إلي يوم القيامة وإذا خرج من قبره سلط الله عليه تنينا أسود ينهش لحمه حتي يدخل النار … " (2).
* الرابع: وروي عنه (عليه السلام):
" ومن ملأ عينيه من امرأة حراما حشاهما الله عز وجل يوم القيامة بمسامير من نار، وحشاهما نارا حتي يقضي بين الناس، ثم يؤمر به إلي النار " (3).
* الخامس: وروي عنه صلوات الله عليه انه قال:
" ان شارب الخمر يجئ يوم القيامة مسودا وجهه، مزرقة عيناه، مائلا شدقيه، سائلا لعابه، دالعا لسانه من قفاه " (4).
وفي (علم اليقين) للمحدث الفيض:
" روي في الصحيح أن شارب الخمر يحشر والكوز معلق في عنقه والقدح بيده، وهو أنتن من كل جيفة علي وجه الأرض، يلعنه كل من يمر به من الخلائق " (5).
* السادس: روي الشيخ الصدوق عن الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله) انه قال:
" يجئ يوم القيامة ذو الوجهين دالعا لسانه في قفاه، وآخر من قدامه يلتهبان
(١) الكافي: ج ٣، ص ١٤٢ - ١٤٣. وعنه البحار: ج ٧، ص ١٩٧.
(٢) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص ٣٣٥، عن ابن عباس عن النبي، ونقله المجلسي في البحار: ج ٧، ص ٢١٣، ح ١١٦، وفي ج ٧٦، ص ٣٥٩، ح ٣٠.
(٣) ثواب الأعمال: ص ٣٣٨. ونقله في البحار: ج ٧٦، ص ٣٦٦، ح ٣٠. ونقل المؤلف في الحاشية ثلاثة أبيات من الشعر الفارسي.
(٤) رواه الصدوق في الأمالي: ص ٣٤٠، المجلس ٥٦، ح ١. وفي البحار: ج ٧، ص ٢١٨، ح ١٢٥. وفي: ج ٧٩، ص ١٤٧، ح ٦٣.
(٥) علم اليقين: الفيض الكاشاني: ج 2، ص 910. طبعة قم.
(١٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (4)، الشيخ الصدوق (3)، القبر (2)، الصّلاة (1)، عبد الله بن عباس (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، العلامة المجلسي (1)

بعض الأمور النافعة لهذه الساعة

نارا حتي يلهبا جسده ثم يقال له: هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين ولسانين يعرف بذلك يوم القيامة " (1).
واعلم أن الأمور النافعة لهذا الموقف كثيرة، ونحن نشير إلي عدة أشياء منها:
* الأول: ورد في حديث لمن شيع جنازة أوكل الله به ملائكة معهم رايات يشيعونهم من قبورهم إلي محشرهم (2).
* الثاني: وروي الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" من نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كرب الآخرة، وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد " (3).
* الثالث: روي الشيخان الكليني والصدوق عن سدير الصيرفي في خبر طويل قال:
قال أبو عبد الله (عليه السلام):
2 " إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه امامه، كلما رأي المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لا تفزع، ولا تحزن، وابشر بالسرور والكرامة من الله عز وجل، حتي يقف بين يدي الله عز وجل فيحاسبه حسابا
(١) ثواب الأعمال للصدوق: ص ٣١٩. وفي الخصال: ص ٣٨، باب الاثنين، ح ١٦. ونقله في البحار: ج ٧، ص ٢١٨، ح ١٣٠. وفي: ج ٧٥، ص ٢٠٣، ح ٥.
(٢) أقول: روي هذه الرواية رئيس المحدثين الشيخ الصدوق (رحمه الله) في ثواب الأعمال: عن الباقر (عليه السلام) قال:
" كان فيما ناجي به موسي (عليه السلام) ربه إن قال: يا رب ما لمن شيع جنازة؟
قال: أوكل به ملائكة من ملائكتي معهم رايات يشيعونهم من قبورهم إلي محشرهم ".
رواه الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٢٣١، (ثواب عيادة المريض، وغسل الموتي، وتشييع الجنازة وتعزية الثكلي)، ح ١. ونقله في البحار: ج ٧، ص ٢٠٩، ح ٩٨. وفي:
ج ٨١، ص ٢٦٣، ح ١٦.
(٣) رواه الصدوق (رحمه الله) في ثواب الأعمال: ص ١٧٩، (ثواب من نفس عن مؤمن كربة) ح ١.
ورواه الكليني (رحمه الله) في الكافي: ج ٢، ص 199، ح 3.
ونقله المجلسي في البحار: ج 7، ص 198، ح 71، وفي: ج 74. ص 321، ح 87. وفي:
ج 75، ص 22، ح 23.
(١٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، يوم القيامة (2)، الشيخ الصدوق (5)، أبو عبد الله (1)، القبر (3)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، غسل الميّت (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، العلامة المجلسي (1)، المرض (1)، الجنازة (1)
يسيرا، ويأمر به إلي الجنة والمثال أمامه.
فيقول له المؤمن يرحمك الله نعم الخارج خرجت معي من قبري ما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله حتي رأيت ذلك. فيقول من أنت؟
فيقول: أنا السرور الذي كنت أدخلته علي أخيك المؤمن في الدنيا، خلقني الله عز وجل منه لأبشرك " (1) * الرابع: روي الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا علي الله أن يكسوه من ثياب الجنة وأن يهون عليه سكرات الموت، وأن يوسع عليه في قبره وأن يلقي الملائكة إذا خرج من قبره بالبشري وهو قول الله عز وجل في كتابه: * (وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) * (2) " (3).
* الخامس: روي السيد ابن طاووس في كتاب الاقبال عن النبي (صلي الله عليه وآله)، قال:
" ومن قال في شعبان ألف مرة (لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون " كتب الله له عبادة الف سنة ومحا عنه ذنب ألف سنة ويخرج من قبره يوم القيامة ووجهه يتلألأ مثل القمر ليلة البدر وكتب عند لله صديقا) (4).
* السادس: قراءة دعاء الجوشن الكبير في أول شهر رمضان (5).
(١) رواه الكليني في الكافي: ج ٢، ص ١٩٠، ح ٨. والطوسي في المجالس: ص ١٩٩، المجلس ٧، ح ٣٥. والمفيد في الأمالي: ص ١٧٧، ١٧٨، المجلس ٢٢، ح ٨. والصدوق في ثواب الأعمال: ١٨٠، (ثواب ادخال السرور علي الأخ المؤمن)، ح ١. ونقله في البحار: ج ٧، ص ١٩٧، ح ٦٩. وفي: ج ٧٤، ص ٢٨٤، ح ٣. وفي: ج ٧٤، ص ٢٩٠، ح ٢١، وفي ج ٨٢، ص ١٧٦، ح ١٤.
(٢) سورة الأنبياء: الآية ١٠٣.
(٣) الكافي: ج ٢، ص ٢٠٤، ح ١، ونقله عنه في البحار: ج ٧، ص ١٩٨، ح ٧٢.
(٤) الاقبال للسيد ابن طاووس: ص، ٦٨٥، الطبعة الحجرية.
(٥) روي الكفعمي (رحمه الله) في المصباح ص ٢٤٦، الطبعة الحجرية.
دعاء الجوشن الكبير قال إنه (مروي عن السجاد (عليه السلام) عن أبيه عن جده عن النبي (صلي الله عليه وآله) … ) ثم ذكر شيئا كثيرا من فضل الدعاء الشريف إلي أن قال:
(ومن دعا بنية خالصة في أول شهر رمضان رزقه الله تعالي ليلة القدر وخلق له سبعين ألف ملك يسبحون الله ويقدسونه وجعل ثوابهم له، وبعث الله له عند خروجه من قبره سبعين ألف ملك مع كل ملك نجيب من نور بطنه من اللؤلؤ وظهره من الزبرجد وقوائمه من الياقوت علي ظهر كل نجيب قبة من نور لها أربعمائة باب علي كل باب سترا من السندس والاستبرق في كل قبة وصيفة علي رأس كل وصيفة تاج من الذهب الأحمر يسطع منهن رائحة المسك.
ثم يبعث الله إليه بعد ذلك سبعين ألف ملك مع كل ملك كأس من لؤلؤ بيضاء فيها شراب من شراب الجنة مكتوب علي رأس كل منها (لا اله إلا الله وحده لا شريك له) هدية من الله لفلان ابن فلان، وينادي الله تعالي: يا عبدي ادخل الجنة بغير حساب.
ومن دعا به في شهر رمضان ثلاث مرات حرم الله تعالي جسده علي النار وأوجب له الجنة ووكل الله تعالي به ملكين يحفظانه من المعاصي، وكان في أمان الله طول حياته … إلي أن قال: قال الحسين (عليه السلام):
أوصاني أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) بحفظ هذا الدعاء وتعظيمه، وأن اكتبه علي كفنه، وأن أعلمه أهلي وأحثهم عليه. وهو ألف اسم، وفيه الاسم الأعظم).
(١٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (1)، السيد إبن طاووس (2)، شهر رمضان المبارك (3)، شهر شعبان المعظم (1)، الموت (1)، القبر (4)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، سورة الأنبياء (1)، البعث، الإنبعاث (1)، الشراكة، المشاركة (1)

ختم ذكره حتم

ختم ذكره حتم من المناسب أن نذكر هنا أمرا يناسب المقام نقله الشيخ الأجل أمين الدين الطبرسي (رحمه الله) عليه في مجمع البيان عن البراء بن عازب، وقال:
" كان معاذ بن جبل جالسا قريبا من رسول الله (صلي الله عليه وآله) في منزل أبي أيوب الأنصاري.
فقال معاذ: يا رسول الله أرأيت قول الله تعالي: * (يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا.. الآيات) *.
فقال: يا معاذ! سألت عن عظيم من الأمر، ثم أرسل عينيه (1) ثم قال:
يحشر عشرة أصناف من أمتي أشتاتا قد ميزهم الله من المسلمين، وبدل صورهم، بعضهم علي صورة القردة، وبعضهم علي صورة الخنازير وبعضهم منكسون أرجلهم من فوق ووجوههم من تحت ثم يسحبون عليها، وبعضهم عمي، وبعضهم صم بكم لا يعقلون، وبعضهم يعضون ألسنتهم فيسيل القيح من أفواههم
(1) قال المؤلف رحمه الله تعالي في الحاشية ما ترجمته (لعل مراده فبكي).
أقول: لا اشكال ان معني (ثم أرسل عينيه) انه بكي (صلي الله عليه وآله) والاستعارة هذه مشهورة في لغة العرب.
(١٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (1)، البراء بن عازب (1)، معاذ بن جبل (1)
لعابا يتقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلبون علي جذوع من نار، وبعضهم أشد نتنا من الجيف وبعضهم يلبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم.
فأما الذين علي صورة القردة فالقتات (1) من الناس.
وأما الذين علي صورة الخنازير فأهل السحت.
وأما المنكسون علي رؤوسهم فآكلة الربا.
والعمي الجائرون في الحكم.
والصم والبكم المعجبون بأعمالهم.
والذين يمضغون بألسنتهم فالعلماء والقضاة الذين خالف أعمالهم أقوالهم.
والمقطعة أيديهم وأرجلهم الذين يؤذون الجيران.
والمصلبون علي جذوع من نار فالسعاة بالناس إلي السلطان.
والذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتمتعون بالشهوات واللذات، ويمنعون حق الله في أموالهم.
والذين يلبسون الجباب فأهل الفخر والخيلاء (2).
z z z
(١) قال العلامة الطريحي في مجمع البحرين: ج ٢ - 214: ( … في الحديث (الجنة محرمة علي القتات) والمراد به النمام، من قت الحديث نمه وأشاعه بين الناس.
ومنه (يقت الأحاديث) أي ينمها.
وفيه: (من بلغ بعض الناس ما سمع من بعض آخر منهم فهو القتات، فلا ينبغي سماع بلاغات الناس بعضهم علي بعض ولا تبليغ ذلك.
وقيل: النمام هو الذي يكون مع القوم يتحدثون فينم عليهم، والقتات هو الذي يتسمع علي القوم، وهم لا يعلمون فينم حديثهم.
وقوله (عليه السلام): الجنة محرمة علي القتاتين المشائين بالنميمة، هو بمنزلة التأكيد للعبارة الأولي) انتهي كلامه رفع مقامه.
(2) رواه الطبرسي في مجمع البيان: ج 5، ص 423 - 424، طبعة طهران - المكتبة العلمية الاسلامية في تفسير * (وسيرت الجبال فكانت سرابا) * من سورة النبأ وذكره المجلسي في البحار - ج 7، ص 89.
(٢٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: اللبس (2)، الربا (1)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (1)، العلامة المجلسي (1)، مدينة طهران (1)، سورة النبإ (1)

موقف الميزان الآيات

من مواقف القيامة المهولة موقف الميزان ووزن الأعمال قال الله تعالي في أوائل سورة الأعراف:
* (والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه (1) فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون) * (2).
وقال تعالي في سورة القارعة:
* (القارعة * ما القارعة * وما ادراك ما القارعة * يوم يكون الناس كالفراش المبثوث * وتكون الجبال كالعهن المنفوش * فأما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية * واما من خفت موازينه * فأمه هاوية * وما ادراك ماهية * نار حامية) * (3).
(1) قال المؤلف عليه الرحمة في الحاشية:
(قال المفسرون: ان السبب في ذكر الله تعالي الميزان بصيغة الجمع ذلك لأن لكل نوع من أنواع الطاعات ميزان فيقام لكل منها هناك ميزان، وكذلك انه جمع موزون يعني وزن أعماله).
(2) سورة الأعراف: الآية 8 و 9.
(3) سورة القارعة: وقد ترجم المؤلف في المتن الآيات الشريفة، ولم يذكر من السورة المباركة إلا قوله تعالي (القارعة ما القارعة … إلي آخر الآيات) هكذا أثبتها في المتن.
فارتأينا أن نثبت السورة المباركة وننقل ما أورده في تفسير معاني الآيات الشريفة القارعة: يعني القيامة لأنها تقرع القلوب بالفزع والخوف.
يوم يكون الناس كالفراشات المبثوثة، وتكون الجبال مثل القطن الذي ندف ونفش. فأما الذين جاؤوا بموازين ثقيلة - يعني حسناتهم وخيراتهم - فهم في عيشة راضية.
وأما الذين جاؤوا بموازين خفيفة، فان مأواهم الهاوية. وما ادراك ما الهاوية: تلك نار حامية وحارقة جدا.
(٢٠١)
صفحهمفاتيح البحث: سورة الأعراف (2)، سورة القارعة (2)، الخوف (2)، السب (1)

الأخبار في فضل الصلوات

* واعلم أن لا يوجد عمل لأجل تثقيل ميزان الأعمال مثل الصلوات علي محمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين، ومثل حسن الخلق.
وأنا أزين الكتاب بذكر روايات هنا في فضل الصلوات، وثلاث روايات مع عدة حكايات في حسن الخلق.
أما الأخبار في فضل الصلوات * الأول: روي الشيخ الكليني (رحمه الله) بسند معتبر عن الإمام محمد الباقر أو الإمام الصادق (عليهما السلام).
قال:
" ما في الميزان شئ أثقل من الصلاة علي محمد وآل محمد وان الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به فيخرج (صلي الله عليه وآله) الصلاة عليه فيضعها في ميزانه فيرجح به (1).
* الثاني: عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال:
" أنا عند الميزان يوم القيامة، فمن ثقلت سيئاته علي حسناته جئت بالصلاة علي حتي أثقل بها حسناته " (2).
(١) رواه الكليني في الكافي: ج ٢، ص ٤٩٤، بإسناده عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) … والحديث صحيح السند. وأما توقف المؤلف (رحمه الله) في القطع بصحته فناشئ من تصحيح (إبراهيم بن هاشم) أبو (علي بن إبراهيم) كما هو ديدن بعض الأجلة من الماضين والذين قالوا بحسنه لعدم وجود توثيق له في كتب الرجال ولكن الصحيح ان توثيق علي بن إبراهيم في تفسيره لكل من يروي عنهم يكفي في اثبات الصحة.
(٢) رواه الصدوق في ثواب الأعمال: ص 186، (ثواب الصلاة علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم))، ح 1، وفي:
جامع الأخبار للشعيري: ص 61 الفصل 28 طبعة النجف، ونقله في البحار: ج 7، ص 304، ح 72، وفي: ج 94، ص 56، ح 31، وفي ج 94، ص 65، ح 52.
(٢٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، الصّلاة (5)، الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، مدينة النجف الأشرف (1)، علي بن إبراهيم (2)، الشيخ الصدوق (1)، محمد بن مسلم (1)
* الثالث: روي الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن الإمام الرضا (عليه السلام) انه قال:
" من لم يقدر علي ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلاة علي محمد وآله، فإنها تهدم الذنوب هدما " (1).
* الرابع: روي في دعوات الراوندي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال:
" من صلي علي كل يوم ثلاث مرات، وفي كل ليلة ثلاث مرات حبا لي وشوقا لي كان حقا علي الله عز وجل أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة وذلك اليوم " (2).
* الخامس: وروي عنه (صلي الله عليه وآله) انه قال: " رأيت فيما يري النائم عمي حمزة بن عبد المطلب وأخي جعفر بن أبي طالب وبين أيديهما طبق من نبق فأكلا ساعة، فتحول النبق عنبا فأكلا ساعة، فتحول العنب لهما رطبا، فأكلا ساعة، فدنوت منهما، فقلت لهما: بأبي أنتما أي الأعمال وجدتما أفضل؟
قالا: فديناك بالآباء والأمهات وجدنا أفضل الأعمال الصلاة عليك، وسقي الماء، وحب علي بن أبي طالب (عليه السلام) " (3).
* السادس: وروي عنه (صلي الله عليه وآله) قال:
" من صلي علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب " (4).
* السابع: روي الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
" إذا ذكر النبي (صلي الله عليه وآله) فأكثروا الصلاة عليه فإنه من صلي علي النبي (صلي الله عليه وآله) صلاة واحدة صلي الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة ولم يبق شئ
(١) رواه الصدوق في الأمالي: ص ٦٨، المجلس ١٧، ح ٤٤٤، ورواه في عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج ١، ص ٢٩٤، باب، ٢٨، ح ٢٨، ونقله المجلسي في البحار: ج ٩٤، ٤٧، ح ٢، وفي: ج ٩٤، ص ٦٣، ح ٥٢.
(٢) الدعوات للراوندي: ص ٨٩، الباب، ٢٢٤ (صلوات النبي والأئمة) ح ٢٢٦.
(٣) الدعوات القطب الراوندي: ص ٩٠، باب ٢٢٤ (صلوات النبي والأئمة) ح ٢٢٧.
(٤) منية المريد: ص 178، الباب 4 (في آداب الكتابة والكتب التي هي آله العلم)، المسألة 13، ونقله في البحار، ج 94، ص 71، ح 65.
(٢٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الشيخ الصدوق (2)، الصّلاة (6)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب منية المريد للشهيد الثاني (1)، العلامة المجلسي (1)، القطب الراوندي (1)
مما خلق الله إلا صلي علي العبد لصلاة الله عليه، وصلاة ملائكته. فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور قد برئ الله منه ورسوله وأهل بيته " (1).
يقول الفقير: روي الشيخ الصدوق في معاني الأخبار عن الإمام الصادق (عليه السلام) في معني " ان الله وملائكته يصلون علي النبي " الآية، انه (عليه السلام) قال:
" الصلاة من الله عز وجل رحمة ومن الملائكة تزكية ومن الناس دعاء " (2).
وروي في هذا الكتاب أن الراوي قال: فكيف نصلي علي محمد وآله؟
قال: " تقولون: صلوات الله وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه علي محمد وآل محمد والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ".
قال: فقلت: فما ثواب من صلي علي النبي وآله بهذه الصلاة؟
قال: الخروج من الذنوب والله كهيئة يوم ولدته أمه " (3).
* الثامن: روي الشيخ أبو الفتوح الرازي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) انه قال:
" أسري بي ليلة المعراج إلي السماء فرأيت ملكا له ألف يد، لكل يد ألف إصبع وهو يحسب ويعد بتلك الأصابع فقلت لجبرائيل: من هذا الملك، وما الذي يحسبه؟
قال جبرئيل: هذا ملك موكل علي قطر المطر يحفظها كم قطرة تنزل من السماء إلي الأرض.
فقلت للملك هل تعلم مذ خلق الله الدنيا كم قطرة نزلت من السماء إلي الأرض؟
فقال: يا رسول الله! فوالله الذي بعثك بالحق إلي خلقه غير اني اعلم كم قطرة نزلت من السماء إلي الأرض اعلم تفصيلا كم قطرة نزلت علي البحر، وكم قطرة نزلت في البر، وكم قطرة نزلت في العمران، وكم قطرة نزلت في البستان، وكم قطرة
(١) الكافي: ج ٢، ص ٤٩٢.
(٢) معاني الأخبار الشيخ الصدوق: ص ٣٦٨، الطبعة الحديثة.
(٣) معاني الأخبار للشيخ الصدوق: ص 368.
(٢٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (1)، الشيخ الصدوق (3)، الصّلاة (3)، الجهل (1)
نزلت في السبخة، وكم قطرة نزلت في القبور.
فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): فتعجبت من حفظه وتذكره حسابه.
فقال: يا رسول الله! حساب لا أقدر عليه بما عندي من الحفظ والتذكر والأيدي والأصابع.
فقال: أي حساب هو؟ فقال: قوم من أمتك يحضرون مجمعا فيذكر فيه اسمك عندهم فيصلون عليك فأنا لا أقدر علي حصر ثوابهم " (1).
* التاسع: روي الشيخ الكليني في ذيل هذه الصلوات التي تقرأ عصر يوم الجمعة:
(اللهم صل علي محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته).
ان من قالها سبع مرات رد الله عليه من كل عبد حسنة، وكان عمله في ذلك اليوم مقبولا، وجاء يوم القيامة وبين عينيه نور) (2).
* العاشر: وروي: (من قال بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة الظهر اللهم صل علي محمد وآل محمد وعجل فرجهم، لم يمت حتي يدرك القائم من آل محمد (عليهم السلام)) (3).
(١) روي الشيخ أبو الفتوح الرازي، ج ٤، ص ٤٤٣ وهو باللغة الفارسية، وذكره النوري (رضي الله عنه) عنه في المستدرك، ج ٥، باب ٣٥، ص ٣٥٥، ح ٦٠٧٢، الطبعة الحديثة، ويبدو انه قام بترجمته حين نقله للحديث.
(٢) أقول رواه ثقة الاسلام الكليني في فروع الكافي: ج ٣، ص 429.
وروي أيضا في حديث قبله: (إذ صليت يوم الجمعة فقل … - ثم ذكر الصلاة المذكورة - فإنه من قالها في دبر العصر كتب الله له مائة الف حسنة ومحا عنه مائة ألف سيئة وقضي له بها مائة ألف حاجة ورفع له بها مائة ألف درجة.
(3) جنة الأمان الواقية، الشيخ الكفعمي: ص 65 - 66، الطبعة الحجرية - ونقله عنه في البحار - ج 86، ص 77، ح 11، وفي سفينة البحار القمي، ج 5، ص 170، الطبعة الحديثة، وفي، ج 2، ص 49، الطبعة الحجرية.
(٢٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الفجر (الصبح) (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، الصّلاة (4)، القبر (1)، الوصية (1)، كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (1)، السفينة (1)، العصر (بعد الظهر) (1)

روايات في حسن الخلق

وأما الروايات التي وردت في حسن الخلق * الرواية الأولي: روي عن انس بن مالك انه قال:
" كنت مع النبي (صلي الله عليه وآله)، وعليه برد غليظ الحاشية، فجبذه اعرابي بردائه جبذة شديدة حتي أثرت حاشية البرد في صفحة عاتقه (صلي الله عليه وآله)، ثم قال:
يا محمد احمل لي علي بعيري هذين من مال الله الذي عندك، فإنك لا تحمل لي من مالك ولا مال أبيك.
فسكت النبي (صلي الله عليه وآله)، ثم قال المال مال الله، وأنا عبده.
ثم قال: ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي.
قال: لا.
قال: ولم؟
قال: لأنك لا تكافئ بالسيئة السيئة.
فضحك النبي (صلي الله عليه وآله) ثم أمر أن يحمل له علي بعير شعير، وعلي الآخر تمر (1).
يقول المؤلف: ان ذكري لهذه الروايات في هذا المقام انما هو للتبرك والتيمن وليس لبيان حسن خلق الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله)، أو أئمة الهدي (عليهم السلام)، وذلك لان الذي يذكر الله تعالي في القرآن الكريم بخلقه العظيم، ويكتب علماء الفريقين كتبا في سيرته وخصاله الحميدة ومع ذلك فلم يحصوا معشار عشره.. حينئذ فما اكتبه هنا في هذا الباب انما يعد تسامحا.
ولقد أجاد من قال:
محمد سيد الكونين والثقلين * والفريقين من عرب ومن عجم فاق النبيين في خلق وفي خلق * ولم يدانوه في علم ولا كرم وكلهم من رسول الله ملتمس * غرفا من البحر أو رشفا من الديم
(1) سفينة البحار: ج 1، ص 412، والرواية عامية تجدها في: الوفا بأحوال المصطفي: ج 2، ص 421، وفي كتاب أخلاق النبي (صلي الله عليه وآله) وآدابه، لابن حيان الأصبهاني: ص 80، ونقله المؤلف في كحل البصر في سيرة سيد البشر: ص 59 عن القاضي عياض في كتابه (الشفاء).
(٢٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، القرآن الكريم (1)، أنس بن مالك (1)، السفينة (1)
وهو الذي تم معناه وصورته * ثم اصطفاه حبيبا بارئ النسم منزه عن شريك في محاسنه * فجوهر الحسن فيه غير منقسم فمبلغ العلم فيه انه بشر * وانه خير خلق الله كلهم (1) * الرواية الثانية: روي عن عصام بن المصطلق انه قال:
دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي (عليهما السلام) فأعجبني سمته ورواؤه، وأثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض، فقلت له: أنت ابن أبي تراب؟
فقال: نعم.
فبالغت في شتمه وشتم أبيه.
فنظر إلي نظرة عاطف رؤوف، ثم قال:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.
* (خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين * واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم * ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون * وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون) * (2).
ثم قال لي: خفض عليك، استغفر الله لي ولك، انك لو استعنتنا لأعناك، ولو استرفدتنا لرفدناك، ولو استرشدتنا لرشدناك.
قال عصام: فتوسم مني الندم علي ما فرط مني.
فقال: * (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) * (3) أمن أهل الشام أنت؟
قلت: نعم.
فقال: (شنشنة أعرفها من أخزم) (4) حيانا الله وإياك، انبسط إلينا في حوائجك،
(١) سفينة البحار: ج ١، ص ٤١١.
(٢) سورة الأعراف: الآيات ١٩٩ - ٢٠٢.
(٣) سورة يوسف: الآية ٩٢.
(٤) قال ابن الأثير في النهاية ج 2، ص 504: (الشنشنة: السجية والطبيعة. وقيل القطعة المضغة من اللحم. وهو مثل، وأول من قاله أبو أخزم الطائي وذلك: ان أخزم كان عاقا لأبيه، فمات وترك بنين عقوا جدهم وضربوه وأدموه فقال:
ان بني زملوني بالدم * شنشنة أعرفها من أخزم
(٢٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الشام (1)، الشراكة، المشاركة (1)، إبن الأثير (1)، سورة الأعراف (1)، سورة يوسف (1)، السفينة (1)
وما يعرض لك تجدني عند أفضل ظنك إن شاء الله تعالي.
قال عصام: فضاقت علي الأرض بما رحبت وودت لو ساخت بي، ثم سللت منه لواذا (1) وما علي الأرض أحب إلي منه ومن أبيه (2).
يقول المؤلف: نقل صاحب الكشاف في ذيل الآية الشريفة: * (لا تثريب عليكم اليوم) * (3) التي تمثل بها سيد الشهداء رواية في حسن خلق يوسف الصديق، من المناسب ذكرها هنا، والرواية هي:
(ان إخوته لما عرفوه وأرسلوا إليه: انك تدعونا إلي طعامك بكرة وعشيا، ونحن نستحي منك لما فرط (4) منا فيك.
فقال يوسف: ان أهل مصر وإن ملكت فيهم، فإنهم ينظرون إلي بالعين الأولي ويقولون سبحان من بلغ عبدا بيع بعشرين درهما ما بلغ، ولقد شرفت الآن بكم وعظمت في العيون حيث علم الناس أنكم إخوتي واني من حفدة إبراهيم (5).
* وروي أيضا انه لما اجتمع يعقوب مع يوسف (عليهما السلام) قال:
" يا بني حدثني بخبرك؟
فقال له: يا أبت لا تسألني عما فعل بي إخوتي، واسألني عما فعل الله بي " (6).
* الرواية الثالثة: روي الشيخ المفيد وغيره:
" ان رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسي (عليه السلام)، ويسبه إذا رآه، ويشتم عليا فقال بعض حاشيته يوما: دعنا نقتل هذا
(1) ويستخدم (لواذا) لشدة الاستخفاء والاستتار.
(2) سفينة البحار: ج 1، ص 421. وفي: ج 2، ص 705، 706، الطبعة الحديثة.
(3) سورة يوسف: الآية 92.
(4) في سفينة البحار للمؤلف بدل (لما فرطنا قبل).
(5) تفسير الكشاف للزمخشري: ج 2، ص 503، طبعة مصر.
(6) سفينة البحار: ج 1، ص 412 الطبعة الحجرية. وفي ج 2، ص 683، الطبعة الحديثة.
(٢٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، الصدق (1)، الشهادة (1)، البيع (1)، كتاب تفسير الكشاف للزمخشري (1)، سورة يوسف (1)، السفينة (3)
الفاجر. فنهاهم عن ذلك أشد النهي، وزجرهم، وسأل عن العمري، فذكر انه يزرع بناحية من نواحي المدينة، فركب إليه، فوجده في مزرعة له، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمري: لا توطئ زرعنا.
فتوطاه (عليه السلام) بالحمار حتي وصل إليه، ونزل، وجلس عنده، وباسطه وضاحكه وقال له: " كم غرمت علي زرعك هذا؟
قال: مائة دينار.
قال: فكم ترجو أن تصيب؟
قال: لست أعلم الغيب.
قال له: انما قلت: كم ترجو أن يجيئك فيه؟
قال: أرجو أن يجئ مائتا دينار.
قال: فاخرج له أبو الحسن (عليه السلام) صرة فيها ثلاثمائة دينار، وقال: هذا زرعك علي حاله، والله يرزقك فيه ما ترجو.
قال: فقام العمري فقبل رأسه، وسأله أن يصفح عن فارطه.
فتبسم إليه أبو الحسن، وانصرف.
قال: وراح إلي المسجد، فوجد العمري جالسا، فلما نظر إليه، قال " الله اعلم حيث يجعل رسالته ".
قال: فوثب أصحابه إليه، فقالوا له: ما قضيتك قد كنت تقول غير هذا؟!
قال: فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن.
وجعل يدعو لأبي الحسن (عليه السلام) فخاصموه وخاصمهم، فلما رجع أبو الحسن إلي داره قال لجلسائه الذين سألوه في قتل العمري: أيما كان خيرا، ما أردتم، أم ما أردت؟! انني أصلحت أمره بالمقدار الذي عرفتم وكفيت به شره " (1).
(1) البحار: ج 48، ص 102 - 103. ورواه الشيخ المفيد في الارشاد: ص 297، إعلام الوري، الطبرسي: ص 316، 307.
(٢٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (2)، القتل (1)، النهي (1)، السجود (1)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، كتاب إعلام الوري بأعلام الهدي (1)

حكايات في حسن الخلق

وأما الحكايات في حسن الخلق * حكاية:
حكي ان مالك الأشتر (رحمه الله) كان مجتازا بسوق وعليه قميص خام، وعمامة منه، فرآه بعض السوقة فأزري بزيه، فرماه ببندقة تهاونا به، فمضي ولم يلتفت.
فقيل له: ويلك أتعرف لمن رميت؟!
فقال: لا.
فقيل له: هذا مالك صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام).
فارتعد الرجل، ومضي إليه ليعتذر إليه، وقد دخل مسجدا وهو قائم يصلي فلما انفتل انكب الرجل علي قدميه يقبلهما.
فقال: ما هذا الأمر؟
فقال: اعتذر إليك بما صنعت.
فقال: لا بأس عليك، والله ما دخلت المسجد إلا لأستغفر لك (1).
يقول المؤلف:
انظر كيف كسب هذا الرجل الأخلاق من أمير المؤمنين (عليه السلام)، فمع انه من أمراء جيش أمير المؤمنين، وكان شجاعا، وشديد الشوكة وان شجاعته بلغت درجة بحيث قال ابن أبي الحديد:
(لو أن انسانا يقسم ان الله تعالي ما خلق في العرب ولا في العجم أشجع منه إلا أستاذه علي بن أبي طالب (عليه السلام) لما خشيت عليه الاثم، ولله در القائل، وقد سئل عن الأشتر:
ما أقول في رجل هزمت حياته أهل الشام، وهزم موته أهل العراق.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقه: كان الأشتر لي كما كنت لرسول الله (صلي الله عليه وآله) (2).
(1) سفينة البحار: ج 1، ص 686، ورواه المجلسي (رحمه الله) في البحار: ج 42، ص 157، ورواه الشيخ ورام بن أبي فراس في تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج 1، ص 2، طبعة قم.
(2) سفينة البحار: للمؤلف (رحمه الله): ج 1، ص 687، الطبعة الحجرية، شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد: ج 2، ص 214 تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم.
(٢١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، دولة العراق (1)، مالك الأشتر (1)، الشام (1)، الكسب (1)، الموت (1)، السجود (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)، العلامة المجلسي (1)، ورام بن أبي فراس (1)، السفينة (2)
وقال لأصحابه:
" وليت فيكم مثله اثنان، بل ليت فيكم مثله واحد يري في عدوي مثل رأيه " (1).
وتعلم شدة شوكته علي الأعداء بالتأمل في هذه الأشعار المروية عنه (رحمه الله):
بقيت وفري (2) وانحرفت عن العلي * ولقيت أضيافي بوجه عبوس إن لم اشن علي ابن هند غارة * لم تخل يوما من نهاب نفوس خيلا كأمثال السعالي شزبا * تغدو ببيض في الكريهة شوس حمي الحديد عليهم فكأنه * ومضان برق أو شعاع شموس (3)
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ٢، باب ٣٥ ص ٢٤٠. سفينة البحار، ج ١، ص ٦٨٧، الطبعة الحجرية.
أقول: قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج ١٥، ص ٩٨ (وكان فارسا شجاعا رئيسا من أكابر الشيعة وعظمائها شديد التحقيق بولاء أمير المؤمنين (عليه السلام) ونصره … الخ) وفي شرح النهج قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد جاءه نعي الأشتر (عليه السلام):
(مالك، وما مالك، والله لو كان جبلا لكان فندا، ولو كان حجرا لكان صلدا لا يرتقيه الحافر ولا يوفي عليه الطائر). راجع شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد: ج ٦، ص ٧٧، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم.
ومن كتاب له (عليه السلام) إلي أهل مصر وقد ولي عليهم الأشتر:
(أما بعد فقد بعثت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الروع، أشد علي الفجار من حريق النار وهو مالك بن الحارث أخو مذحج فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحق فإنه سيف من سيوف الله لا كليل الظبة ولا نابي الضربة.. الخ). نهج البلاغة: ج ٣، ص ٦٣، شرح محمد عبده، وفي شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد: ج ١٦، ص ١٥٦.
(٢) قال المؤلف (رحمه الله) في الحاشية (الوفر معناه التمكن وكثرة المال).
(٣) سفينة البحار: ج ١، ص ٦٨٧ الطبعة الحجرية، ج ٤، ص ٣٨٧ الطبعة الحديثة، وقد نقلها عن كتاب (أنوار الربيع) للسيد علي خان، وهي موجودة فيه في ج ٣، ص ٢١٠، وفي الأمالي، لأبي علي القالي: ج ١، ص ٨٦، وفي المناقب للموفق الخوارزمي: ص 158، وغيرها.
(٢١١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (2)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (2)، كتاب نهج البلاغة (1)، مالك بن الحارث (1)، الخوارزمي (1)، الطيران، الطير (1)، الخوف (1)، السفينة (2)
وبالجملة فمع هذه الجلالة والشجاعة والشدة والشوكة يصل به حسن خلقه إلي أن يهينه رجل سوقي ويستهزئ به، فلا يظهر في حاله أي تغيير وتبدل، بل يذهب إلي المسجد ويصلي، ويدعو ويستغفر له.
وإذا تلاحظ جيدا فان هذه الشجاعة التي عنده وغلبه هوي نفسه أعلي مرتبة من شجاعته البدنية، قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" أشجع الناس من غلب هواه " (1).
* حكاية:
نقل الشيخ المرحوم في خاتمة المستدرك في ترجمة سلطان العلماء والمحققين وأفضل الحكماء والمتكلمين، والوزير الأعظم، أستاذ من تأخر وتقدم، ذي الفيض القدسي، حضرة الخواجة نصير الدين الطوسي (قدس سره):
ان ورقة حضرت إليه من شخص، من جملة ما فيها: يا كلب ابن الكلب.
(فكان الجواب أما قوله: يا كذا، فليس بصحيح لأن الكلب من ذوات الأربع، وهو نابح، طويل الأظفار.
وأما أنا فمنتصب القامة، بادي البشرة، عريض الأظفار، ناطق، ضاحك، فهذه الفصول والخواص غير تلك الفصول والخواص) (2).
وبهذا النحو أجاب ورقته، وأرداه في غياهب جب مهانته.
يقول المؤلف: ان هذا الخلق الشريف من المحقق الجليل ليس ببدع ممن قال في حقه آية الله العلامة الحلي رضوان الله عليه:
(وكان هذا الشيخ أفضل أهل عصره في العلوم العقلية والنقلية، وله مصنفات كثيرة في العلوم الحكمية والأحكام الشرعية علي مذهب الإمامية وكان أشرف
(١) أقول: رواه الصدوق بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام) (أشجع …
الحديث) معاني الأخبار: ص 195، باب (معني الغايات)، ح 1، ورواه في الأمالي:
المجلس 6، ص 27، ح 4، ونقله في البحار: ج 70، ص 76، ح 5، وفي: ج 77، ص 114، ح 2.
(2) مستدرك الوسائل للمحدث النوري: ج 3، ص 464 الطبعة الحجرية.
(٢١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الأحكام الشرعية (1)، العلامة الحلي (1)، سلطان العلماء (1)، السجود (1)، الغلّ (1)، الصّلاة (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، الشيخ الصدوق (1)
من شاهدناه في الأخلاق نور الله مضجعه) (1).
يقول هذا الفقير: من المناسب هنا الاستشهاد بهذا الشعر:
هر بوي كه از مشگ وقرنفل شنوي كل طيب شممته من المسك والقرنفل از دولت آن زلف چوسنبل شنوي فإنما هو من أريج تلك الغرة التي هي كالسنبل (2) وقد تعلم الخواجة هذا الخلق لعمله بارشادات وتوجيهات الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم. ألم تسمع ان أمير المؤمنين (عليه السلام) سمع رجلا يشتم قنبرا وقد رام قنبر أن يرد عليه. فناداه أمير المؤمنين (عليه السلام) مهلا يا قنبرا! دع شاتمك مهانا ترضي الرحمان، وتسخط الشيطان وتعاقب عدوك، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أرضي المؤمن ربه بمثل الحلم، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت، ولا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه (3).
وبالجملة فان المخالف والمؤالف مدحوا الخواجة وأثنوا عليه، قال جرجي زيدان في (آداب اللغة العربية) في ترجمته:
(انه قد جمع في خزانة كتبه ما ينوف علي أربعمائة ألف مجلد، وانه أقام المنجمين والفلاسفة، ووقف عليهم الأوقاف، فزهي العلم في بلاد المغول علي يد هذا الفارس كأنه قبة منيرة في ظلمة مدلهمة).
وقد ترجمت لهذا العظيم في كتاب الفوائد الرضوية في تراجم علماء الإمامية) بمقدار ما يناسب ذلك الكتاب.
(1) سفينة البحار: ج 1، 423.
(2) يمثل الشعر الفارسي لغرة المعشوق والمحبوب بالسنبل أما لجماله أو لأن السنبل نوع من النباتات التي فيها رائحة طيبة.
(3) رواه الشيخ المفيد في الأمالي: ص 77 طبعة النجف الأشرف، ورواه عنه المجلسي في البحار: ج 71، ص 424.
(٢١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الظلم (1)، الصمت (1)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، مدينة النجف الأشرف (1)، العلامة المجلسي (1)، السفينة (1)
وان أصله من (وشاره) من ناحية (جهرود) عشرة فراسخ من قم، ولكن ولادته المباركة كانت في طوس في الحادي عشر من جمادي الأولي سنة 597 (خمسمائة وسبعة وتسعين).
وكانت وفاته في آخر يوم الاثنين السابع عشر من ذي الحجة سنة 672 في بقعة الكاظمية المنورة سلام الله علي ساكنيها، ودفن هناك وكتب علي لوح مزاره (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد).
وقد نظم بعضهم تاريخ وفاته وقال:
نصير ملت ودين بادشاه كشور فضل يگانه اي كه چه أو مادر زمانه نزاد به سال ششصد وهفتاد ودو به ذي الحجة به روز هيجدهم در گذشت در بغداد (1) يعني: نصير الملة والدين ملك دولة الفصل، ووحيد أم الزمان الذي ولد فيه. توفي ببغداد سنة اثنين وسبعين وستمائة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة.
* حكاية:
نقل انه في أحد الأيام التي كان شيخ الفقهاء العظام المرحوم الحاج الشيخ جعفر صاحب (كشف الغطاء) موجودا في (أصفهان) انه قسم مرة حقوقا شرعية علي الفقراء قبل شروعه بالصلاة.
فعند انتهائه من تلك الصلاة، وقيامه للصلاة الأخري جاءه أحد السادات الفقراء - الذين أخبروا بالأمر - بين الصلاتين، وقال له: اعطني من مال جدي.
فقال له: لقد جئت متأخرا، ولا يوجد عندي الآن شئ لأعطيك منه.
فغضب ذلك السيد، وبصق علي لحية الشيخ المباركة.
فقام الشيخ من المحراب، ورفع طرف ردائه وأخذ يدور في صفوف الجماعة
(١) وقد ذكر المؤلف (رحمه الله) في كتابه الفوائد الرضوية: ص 604 عن نخبة المقال في تاريخ وفاة الخواجة نصير الدين الطوسي:
ثم نصير جده الحسن * العالم النحرير قدوة الزمن ميلاده يا حرز من لا حرز له * وبعد داع قد أجاب سائله
(٢١٤)
صفحهمفاتيح البحث: شهر جمادي الأولي (1)، مدينة الكاظمين (1)، شهر ذي الحجة (3)، مدينة إصفهان (1)، مدينة بغداد (1)، الصّلاة (3)، الحج (1)، الجماعة (1)
وهو يقول:
(من كان يحترم شيبة الشيخ فليساعد هذا السيد).
فملأ الناس طرف ثوبه بالأموال، ثم أعطاها الشيخ للسيد.
وبعد ذلك توجه لصلاة العصر.
فتأمل في هذ الخلق الشريف بأي محل بلغ العظيم الذي كان رئيسا للمسلمين، وحجة الاسلام، وفقيه أهل البيت (عليهم السلام) وقد وصلت فقاهته إلي درجة بحيث انه ألف كتاب (كشف الغطاء) في السفر، ونقل عنه أنه كان يقول:
لو مسحتم كل الكتب الفقهية فاني أستطيع أن اكتب من الطهارة إلي الديات.
وكان جميع أولاده فقهاءا وعلماءا أجلة.
يقول شيخنا ثقة الاسلام النوري رحمة الله عليه في أحواله:
(وإن تأملت في مواظبته للسنن والآداب وعباداته، ومناجاته في الأسحار، ومخاطبته لنفسه بقوله: كنت جعيفرا، ثم صرت جعفرا، ثم الشيخ جعفر، ثم شيخ العراق، ثم رئيس الاسلام، وبكائه وتذلله، لرأيته من الذين وصفهم أمير المؤمنين (عليه السلام) من أصحابه للأحنف بن قيس) (1).
* يقول الفقير: هذا حديث طويل في ذكر أوصاف أصحابه قاله للأحنف بعد قتاله أهل الجمل، ومن جملة فقراته:
(فلو رأيتهم في ليلتهم وقد نامت العيون وهدأت الأصوات وسكنت الحركات من الطير في الوكور وقد نهتهم (2) هول يوم القيامة والوعيد عن الرقاد كما قال سبحانه: * (أفأمن أهل القري أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون) * (3) فاستيقظوا لها فزعين، وقاموا إلي صلاتهم معولين باكين تارة وأخري مسبحين يبكون
(١) خاتمة المستدرك: ج ٣، ص 398، الطبعة الحجرية.
(2) علق المؤلف في الترجمة ما تعريبه: (يعني: منعتهم)، وفي البحار: (نبههم) وفي: ج 68، ص 171، ح 31 (نهنههم)، وفي المصدر (منههم) وفي نسخة بدل (نبههم خوف).
(3) سورة الأعراف: الآية 97.
(٢١٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، دولة العراق (1)، يوم القيامة (1)، الحج (1)، النوم (1)، الدية (1)، الطهارة (1)، العصر (بعد الظهر) (1)، سورة الأعراف (1)، الخوف (1)
في محاريبهم ويرنون، يصطفون ليلة مظلمة بهماء يبكون، فلو رأيتهم يا أحنف في ليلتهم قياما علي أطرافهم محنية (1) ظهورهم يتلون أجزاء القرآن لصلاتهم، قد اشتدت أعوالهم ونحيبهم وزفيرهم، إذا زفروا خلت النار قد أخذت منهم إلي حلاقيمهم، وإذا أعولوا حسبت السلاسل قد صفدت في أعناقهم، فلو رأيتهم في نهارهم اذن لرأيت قوما * (يمشون علي الأرض هونا) * (2) ويقولون للناس حسنا * (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) * (3)، * (وإذا مروا باللغو مروا كراما) * (4) قد قيدوا أقدامهم من التهمات، وأبكموا ألسنتهم أن يتكلموا في أعراض الناس، وسجموا أسماعهم أن يلجها خوض خائض، وكحلوا أبصارهم بغض البصر عن المعاصي، وانتحوا دار السلام التي من دخلها كان آمنا من الريب والأحزان) (5).
* أقول: ويناسب هنا نقل كلام من راهب عظيم الشأن وهو ما نقل عن قثم الزاهد قال: رأيت راهبا علي باب بيت المقدس كالواله فقلت له أوصني فقال: كن كرجل احتوشته السباع فهو خائف مذعور يخاف أن يسهو فتفترسه ويلهو فتنهشه، فليله ليل مخافة إذا أمن فيه المفترون، ونهاره نهار حزن إذا فرح البطالون).
ثم انه ولي وتركني فقلت له: زدني.
فقال: إن الظمآن يقنع بيسير الماء (6).
* حكاية:
نقل ان كافي الكفاة الصاحب بن عباد:
(استدعي في بعض الأيام شرابا، فاحضروا قدحا، فلما أراد أن يشربه، قال بعض خواصه: لا تشربه، فإنه مسموم.
(١) في نسخة بدل (منحنية).
(٢) سورة الفرقان: الآية ٦٣.
(٣) سورة الفرقان: الآية ٦٣.
(٤) سورة الفرقان: الآية ٧٢.
(٥) أقول: رواه الصدوق في صفات الشيعة: ص 120 - 121، ونقله عن المجلسي في البحار:
ج 7، ص 220، ح 132، وفي: ج 68، ص 171، ح 31.
(6) كشكول الشيخ البهائي: ج 1، ص 99.
(٢١٦)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الحزن (1)، الظمأ (1)، الخوف (2)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ البهائي (1)، الشيخ الصدوق (1)، سورة الفرقان (3)
وكان الغلام الذي ناوله واقفا.
فقال للمحذر: ما الشاهد علي صحة قولك؟
قال: تجربه في الذي ناولك إياه.
قال: لا أستجيز ذلك، ولا استحله.
قال: فجربه في دجاجة.
قال: التمثيل بالحيوان لا يجوز.
ورد القدح، وأمر بقلبه، وقال للغلام انصرف عني، ولا تدخل داري، وأمر باقرار جارية وجرايته عليه، وقال: لا يدفع اليقين بالشك، والعقوبة بقطع الرزق نذالة) (1).
يقول المؤلف: الصاحب بن عباد من وزراء آل بويه، وكان ملجأ للعامة والخاصة، ومرجعا للأمة والدولة، ومن بيت شرف وعزة. وكان في الآداب والفضل والكمال وعلوم العربية أعجوبة الدهر، ووحيد عصره.
يحكي انه لما جلس للاملاء حضر عنده خلق كثير، وكان المستملي الواحد لا يقول بالاملاء حتي انضاف إليه ستة، كل يبلغ صاحبه. يعني يوصل كلامه إلي الناس (2).
وكانت كتب اللغة التي عنده تحتاج إلي ستين جملا لنقلها.
وكانت للعلويين، والسادة، والعلماء، والفضلاء عنده محل منيع، ومرتبة رفيعة. وكان يدعو للعلماء ويشجعهم علي التصنيف والتأليف.
وقد ألف لأجله الشيخ الفاضل الخبير، والماهر الحسن بن محمد القمي (تاريخ قم).
(1) سفينة البحار: ج 2، ص 14.
(2) يقصد أنه من كثرة الازدحام لا يسمع الجميع كلامه، فيوصل الأول الأقرب إليه الذي يسمع كلامه إلي الجماعة التي خلفه، فينقل ذلك عن الأول إلي الجماعة الأخري التي لم تسمع الجماعة الأولي وهكذا. وهذا يدل علي شدة الازدحام بحيث لم يصل كلام المتكلم إليهم.
(٢١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الحسن بن محمد القمي (1)، الجواز (1)، الجماعة (2)، السفينة (1)
كما صنف لأجله الشيخ الأجل رئيس المحدثين الصدوق رحمة الله عليه كتاب (عيون أخبار الرضا).
وجمع من أجله الثعالبي (يتيمة الدهر).
وان كثرة احسانه، وافضاله علي الفقهاء، والعلماء، والسادات، والشعراء، معروفة.
وكان يرسل في كل سنة خمسة آلاف أشرفي إلي بغداد إلي العلماء هناك.
وكان لا يدخل عليه في شهر رمضان بعد العصر أحد كائنا من كان، فيخرج من داره إلا بعد الافطار عنده.
وكانت داره لا تخلو في ليلة من ليالي شهر رمضان من ألف نفس مفطرة فيها.
وكانت صلاته وصدقاته، وقرباته في هذا الشهر تبلغ مبلغ ما يطلق منها في جميع شهور السنة.
وقد أنشد أشعارا كثيرة في مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) ومثالب أعدائه.
وكانت وفاته في 24 صفر سنة 385 في الري.
وحملت جنازته إلي أصفهان وقبره مزار معروف في أصفهان.
(٢١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، كتاب يتيمة الدهر للثعالبي (1)، شهر رمضان المبارك (2)، مدينة إصفهان (2)، الشيخ الصدوق (1)، مدينة بغداد (1)، العصر (بعد الظهر) (1)

موقف الحساب الآيات والأخبار

من مواقف القيامة المهولة موقف الحساب قال الله تعالي في سورة الأنبياء:
* (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون) * (1).
وقال تعالي في سورة الطلاق:
* (وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا * فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا * أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب) * (2).
ومن المناسب أن نذكر عدة من الأخبار تبركا:
* الأول: روي الشيخ الصدوق رحمة الله عليه: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله):
(لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع:
عن عمره فيما أفناه.
وشبابه فيما أبلاه.
وعن ماله من أين كسبه، وفيما أنفقه.
وعن حبنا أهل البيت) (3).
(١) سورة الأنبياء: الآية ١.
(٢) سورة الطلاق: الآية ٨ - ١٠.
(٣) البحار: ج ٧: ص ٢٥٨، ح ١، وفي ج ٣٦، ص ٧٩، ح ٥، وفي ج ٧١، ص ١٨٠، ح ٣٣ وفي الخصال للشيخ الصدوق: ص 253، الأمالي للصدوق: ص 42، المجلس 10، ح 9.
(٢١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، سورة الأنبياء (2)، الشيخ الصدوق (1)، سورة الطلاق (2)، كتاب الخصال للشيخ الصدوق (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)
* الثاني: روي الشيخ الطوسي (رحمه الله) عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) انه قال:
(أول ما يحاسب به العبد الصلاة، فإن قبلت قبل ما سواها) (1).
* الثالث: روي الشيخ الصدوق عن أحدهما (عليهما السلام)، قال:
(يؤتي يوم القيامة بصاحب الدين يشكو الوحشة فإن كانت له حسنات أخذ منها لصاحب الدين … وإن لم تكن له حسنات القي عليه من سيئات صاحب الدين (2).
* الرابع: روي الشيخ الكليني عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام):
(ان أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين وانما يحشرون إلي جهنم زمرا، وانما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الاسلام) (3).
* الخامس: روي الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام):
" إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب كلاهما من أهل الجنة: فقير في الدنيا، وغني في الدنيا.
فيقول الفقير: يا رب علي ما أوقف، فوعزتك انك لتعلم انك لم تولني ولاية فأعدل فيها أو أجور، ولم ترزقني مالا فأؤدي منه حقا أو امنع، ولا كان رزقي يأتيني منها إلا كفافا علي ما علمت وقدرت لي.
فيقول الله جل جلاله: صدق عبدي خلوا عنه يدخل الجنة.
ويبقي الآخر حتي يسيل منه العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها، لم يدخل الجنة.
فيقول له الفقير: ما حبسك؟
(1) البحار: ج 7، ص 267، وفي التهذيب للشيخ الطوسي: ج 2، ص 239، رقم الحديث العام (946) رقم الحديث الخاص (15).
(2) علل الشرائع للشيخ الصدوق: ص 528، الباب: 312، ح 6، البحار: ج 7، ص 274.
(3) رواه الشيخ الكليني في الكافي الشريف: الروضة: ج 8: ص 74 - 75 ورواه المجلسي في البحار ج 7: 250.
(٢٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، يوم القيامة (2)، الشيخ الصدوق (2)، الشيخ الطوسي (2)، التصديق (1)، المنع (1)، الصّلاة (1)، كتاب علل الشرايع للصدوق (1)، العلامة المجلسي (1)

حكايتان مناسبتان

فيقول: طول الحساب. ما زال الشئ يجيئني بعد الشئ يغفر لي، ثم اسأل عن شئ آخر حتي تغمدني الله عز وجل برحمته، والحقني بالتائبين.
فمن أنت؟
فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفا.
فيقول: لقد غيرك النعيم بعدي " (1).
* السادس: روي الشيخ الطوسي عنه (عليه السلام):
(إذا كان يوم القيامة وكلنا الله بحساب شيعتنا. فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا فهو لهم. وما كان لنا فهو لهم، ثم قرأ (عليه السلام)):
* (ان إلينا إيابهم * ثم إن علينا حسابهم) * (2) (3).
* السابع: روي الشيخ الكليني عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام):
(انما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة علي قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا) (4).
* حكاية:
نقل عن خط الشيخ الشهيد عليه الرحمة:
قال أحمد بن أبي الجواري: تمنيت أن أري أبا سليمان الداراني (5) في المنام فرأيته بعد سنة، فقلت له يا معلم! ما فعل الله بك؟
(١) رواه الشيخ الصدوق في الأمالي: ص ٢٩٤ و ٢٩٥ - المجلس (٥٧): ح ١١، ورواه المجلسي في البحار: ج ٧، ص ٢٥٩، عنه.
(٢) سورة الغاشية: الآية ٢٥ و ٢٦.
(٣) بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج ٧، ص ٢٦٤، عن الأمالي للشيخ أبي جعفر الطوسي:
ص ٤١٩، ج ٢، المجلس ١٥، ح ٥٩.
(٤) الكافي: ج ١، ص 11، كتاب العقل والجهل: ح 7.
(5) قال المؤلف رحمه الله تعالي في الحاشية (أبو سليمان الداراني عبد الرحمن بن عطية الزاهد المعروف توفي في (داريا) من قري (دمشق) وقبره هناك معروف وأحمد أبي الجواري من أصحابه - كذا في معجم البلدان).
(٢٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، يوم القيامة (2)، الشيخ الطوسي (1)، الشهادة (1)، كتاب أمالي الصدوق (2)، كتاب معجم البلدان (1)، العلامة المجلسي (2)، كتاب بحار الأنوار (1)، سورة الغاشية (1)، الشيخ الصدوق (1)، دمشق (1)، الجهل (1)
فقال: يا أحمد جئت من باب الصغير فلقيت وسق شيح (1)، وأخذت منه عودا ما أدري تخللت به، أو رميت به، فأنا في حسابه منذ سنة إلي هذه الغاية (2).
يقول المؤلف: لا استبعاد في هذه الحكاية، بل تصدقها الآية الشريفة:
* (يا بني انها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله) * (3).
وكذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في إحدي خطبه:
" أليست النفوس عن مثقال حبة من خردل مسؤولة؟!! " (4).
وكتب في رسالة إلي محمد بن أبي بكر قال:
" واعلموا عباد الله ان الله عز وجل سائلكم عن الصغير من عملكم والكبير " (5).
(١) والشيح بالكسر نبت سهلي يتخذ من بعضه المكانس وهو من الأحرار له رائحة طيبة وطعم مر، وهو مرعي للخيل والنعم، ومنابته القيعان والرياض، راجع تاج العروس للزبيدي:
ج ٢، ص ١٧٤، (فصل الشين من باب الحاء).
(٢) سفينة البحار للمرحوم الشيخ عباس القمي: ج ١، ص ٢٥٠.
(٣) سورة لقمان: الآية ١٦. قال المؤلف في الحاشية:
(قال المفسرون: يعني يا بني انها إن تك من خصلة حسنة أو سيئة يأتي بها الله - ولو كان وزنها وزن خردلة سواءا كانت في صخرة أو في السماء أو في الأرض - في موقف الحساب ويحاسبك عليها).
(٤) الأمالي للصدوق: ٤٩٦، المجلس: ٩٠، ح ٧، وعنه في البحار: ج ٤٠، ص ٣٤٨، ح ٢٩، وفي: ج ٧٧، ص ٣٩٦، ح ١٣.
(٥) نقله ابن أبي الحديد في ضمن كتاب كتبه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلي محمد بن أبي بكر وأهل مصر، شرح نهج البلاغة: ج ٦، ص ٦٧٨، وفيه (فعلموا) بدل (واعلموا)، وفيه (من أعمالكم) بدل (من عملكم)، ونقله السيد الرضي في نهج البلاغة: ج ٣، ص 27، شرح محمد عبدة (من عهده (عليه السلام) إلي محمد بن أبي بكر حين قلده مصر)، وفيه (فان الله تعالي يسائلكم معشر عباده عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة)، ونقل الرواية الأولي المجلسي في البحار: ج 33، ص 543، ح 720، عن ابن أبي الحديد، ونقل الرواية الثانية في: ج 77، ص 387، ح 11، ورواه الشيخ المفيد في الأماني: ص 269، المجلس 31، ح 3، ورواه الشيخ الطوسي في الأمالي: ج 1، ص 24، المجلس 1، ح 31.
(٢٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، محمد بن أبي بكر (3)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (2)، كتاب أمالي الصدوق (2)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الطوسي (1)، سورة لقمان (1)، السفينة (1)
وفي رسالة إلي ابن عباس قال:
" أما تخاف نقاش الحساب " (1).
واصل المناقشة من (نقش الشوكة) يعني اخراج الشوكة.
ويعني كما انك تأخذ كمال الدقة والتفحص والمهارة في اخراج الشوكة من البدن فكذلك دقق في الحساب وتمهر فيه واعلم أنه قال بعض المحققين: انه لا تحصل النجاة من خطر الميزان والحساب إلا إذا حاسب الانسان نفسه في الدنيا ووزن أعماله وأقواله وخطراته ولحظاته بميزان الشرع - كما ورد في الخبر - حيث قال:
" زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا، وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا " (2).
* حكاية:
نقل عن أحد الأشخاص يقال له (توبة بن صمة) انه كان يحاسب نفسه في أكثر أوقات الليل والنهار، وفي أحد الأيام حاسب نفسه عن ما مضي من أيام عمره، وكان قد مضي من عمره ستون سنة.
فحسب أيامها فرأي انها تصير (واحد وعشرون ألف وخمسمائة يوم).
فقال: الويل لي إذا لاقيت مالكا بواحد وعشرين ألف وخمسمائة ذنب!
فعندما قال ذلك أغمي عليه، ومات في اغمائه ذلك.
يقول الفقير: روي أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) نزل بأرض قرعاء، فقال لأصحابه:
ائتونا بحطب.
فقالوا: يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب.
قال: فليأت كل انسان بما قدر عليه.
فجاؤوا به حتي رموا بين يديه بعضه علي بعض.
(١) نهج البلاغة: ج ٣، ص 66، شرح محمد عبده.
(2) من خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) الخطبة تحت رقم 89، ج 1، ص 159، شرح محمد عبده، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: ج 6، ص 395.
(٢٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب نهج البلاغة (1)
فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): هكذا تجتمع الذنوب (1).
فمن المعلوم انه كان المقصود من أمره بذلك (صلي الله عليه وآله) باحضار الحطب هو أن يلفت الأصحاب إلي هذه الحقيقة. فكما ان تلك الصحراء التي كانوا يحسبونها خالية من الحطب ولم يكن في بالهم انهم لو فتشوا عنه وجدوه، فكذلك الذنوب، فلو فتش الانسان وحاسب نفسه فسوف يجمع ذنوبا كثيرة، كما أن (توبة بن صمة) عند ما افترض انه أذنب في كل يوم من أيام عمره ذنبا واحدا، فقد جمع انه قد صدر منه واحد وعشرون ألفا وخمسمائة ذنب.
(1) رواه الكليني في الكافي الشريف: ج 2، ص 288، ورواه عنه المجلسي في البحار: ج 73، ص 346.
(٢٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، العلامة المجلسي (1)

موقف نشر الصحف الآيات والروايات

من مواقف القيامة المهولة نشر الصحف كما قال تعالي في أوصاف القيامة:
* (وإذا الصحف نشرت) * (1).
وقال الله تعالي في سورة الانشقاق:
* (فأما من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا * وينقلب إلي أهله مسرورا * وأما من أوتي كتابه وراء ظهره * فسوف يدعوا ثبورا * ويصلي سعيرا) * (2).
* روي العياشي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
إذا كان يوم القيامة دفع إلي الانسان كتابه، ثم قيل له أقرأه.
قلت (3): فيعرف ما فيه؟
فقال: انه يذكره، فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم ولا شئ فعله الا ذكره، كأنه فعله تلك الساعة، فلذلك قالوا:
(يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها) (4) * وروي ابن قولويه عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
(١) سورة التكوير: الآية ١٠.
(٢) سورة الانشقاق: الآيات من ٧ - ١٢.
(٣) الضمير عائد علي الراوي وهو (خالد بن نجيح).
(٤) تفسير العياشي: ج ٢: ص 328.
(٢٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، يوم القيامة (1)، سورة الإنشقاق (2)، ابن قولويه (1)، سورة التكوير (1)، خالد بن نجيح (1)
(من زار قبر الحسين (عليه السلام) في شهر رمضان ومات في الطريق لم يعرض ولم يحاسب. ويقال له: ادخل الجنة آمنا) (1).
* وقال العلامة المجلسي (رحمه الله) في التحفة:
روي بسندين (2) معتبرين عن الإمام الرضا (عليه السلام) انه قال:
" من زارني علي بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتي أخلصه من أهوالها:
إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا.
وعند الصراط.
وعند الميزان) (3).
* وقال في (حق اليقين): روي الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد) عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
" ان الله تبارك وتعالي إذا أراد أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه وحاسبه فيما بينه وبينه، فيقول: عبدي فعلت كذا وكذا، وعملت كذا وكذا؟
فيقول: نعم يا رب قد فعلت ذلك.
فيقول: قد غفرتها لك، وأبدلتها حسنات.
(١) كامل الزيارات: ص ٣٣٠ - ٣٣١.
(٢) أقول: رواه الصدوق في (عيون أخبار الرضا): ج ٢ ص ٢٥٥: بإسناده التالي: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، ومحمد بن أحمد السناني، وعلي بن عبد الله الوراق، والحسين بن إبراهيم بن هشام المكتب رضي الله عنهم، قالوا:
حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي، عن أحمد بن محمد بن صالح الرازي، عن حمدان الديواني قال: قال الرضا (عليه السلام).
ورواه الصدوق في الخصال: ص ١٦٧ قال:
حدثنا علي بن أحمد بن موسي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن أحمد بن أحمد بن محمد بن صالح الرازي عن حمدان الديواني …
ورواه في الأمالي: ص ١٠٦، المجلس ٢٥، ح ٩، بالإسناد المتقدم في الخصال.
(3) ورواه العلامة المجلسي في البحار: ج 102، ص 34 - عن الكتب الثلاثة التي قدمنا ذكرها.
(٢٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: قبر الحسين (ع) (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، يوم القيامة (1)، شهر رمضان المبارك (1)، كتاب حق اليقين للسيد الشبر (1)، العلامة المجلسي (2)، الحسين بن سعيد (1)، الزهد (1)، الزيارة (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب كامل الزيارات لجعفر بن محمد بن قولويه (1)، محمد بن أبي عبد الله الكوفي (2)، علي بن عبد الله الوراق (1)، الحسين بن إبراهيم (1)، محمد بن أحمد السناني (1)، أحمد بن محمد بن عمران (1)، حمدان الديواني (2)، الشيخ الصدوق (2)، علي بن أحمد (1)، أحمد بن محمد (2)
فيقول الناس: سبحان الله، أما كان لهذا العبد سيئة واحدة؟!!
وهو قول الله عز وجل:
* (فأما من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا * وينقلب إلي أهله مسرورا) *.
قلت: أي أهل؟
قال: أهله في الدنيا هم أهله في الجنة إن كانوا مؤمنين.
قال: وإذا أراد بعبد شرا حاسبه علي رؤوس الناس وبكته، وأعطاه كتابه بشماله. وهو قول الله عز وجل:
* (وأما من أوتي كتابه وراء ظهره * فسوف يدعوا ثبورا ويصلي سعيرا * انه كان في أهله مسرورا) *.
قلت: أي أهل؟
قال: أهله في الدنيا.
قلت قوله: (انه ظن أن لن يحور).
قال: ظن أنه لن يرجع.) (1).
وهذه إشارة إلي أن المنافقين والكفار تغل أيديهم، ويعطون كتبهم من وراء رؤوسهم إلي شمالهم، وقد أشير إلي هاتين الحالتين في أدعية الوضوء عند غسل اليدين:
(اللهم اعطني كتابي بيميني والخلد في الجنان بيساري وحاسبني حسابا يسيرا).
و (اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري، ولا تجعلها مغلولة إلي عنقي) انتهي.
يقول المؤلف: رأيت من المناسب في هذا المقام أن نتبرك بذكر رواية نقلها
(١) كتاب الزهد: للحسين بن سعيد الأهوازي: 29 طبعة قم، ونقله عنه المجلسي في البحار:
ج 7، ص 324، ح 17.
(٢٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: النفاق (1)، الظنّ (2)، الوضوء (1)، العلامة المجلسي (1)، الزهد (1)

التبرك بذكر رواية نقلها السيد ابن طاووس

السيد ابن طاووس رضوان الله عليه انه: (كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا له ولا أمة.
وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده: (أذنب فلان. أذنبت فلانة يوم كذا وكذا) ولم يعاقبه. فيجتمع عليهم الأدب، حتي إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله، ثم أظهر الكتاب، ثم قال: يا فلان فعلت كذا وكذا، ولم أؤدبك أتذكر ذلك؟
فيقول: بلي يا بن رسول الله.
حتي يأتي علي آخرهم، فيقررهم جميعا، ثم يقوم وسطهم، ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا علي بن الحسين ان ربك قد أحصي عليك كلما عملت، كما أحصيت علينا كلما عملنا، ولديه كتاب ينطق عليك بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيت إلا أحصاها، وتجد كلما عملت لديه حاضرا كما وجدنا كلما عملنا لديك حاضرا، فاعف واصفح، كما ترجو من المليك العفو، وكما تحب أن يعفو المليك عنك فاعفو عنا تجده عفوا، ربك رحيما، ولك غفورا، ولا يظلم ربك أحدا، كما لديك كتاب ينطق علينا بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيناها إلا أحصاها، فاذكر يا علي بن الحسين ذل مقامك بين يدي ربك الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال حبة من خردل، ويأتي بها يوم القيامة، وكفي بالله حسيبا وشهيدا، فاعف واصفح يعفو عنك المليك ويصفح، فإنه يقول: * (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) * (1).
قال: وهو ينادي بذلك علي نفسه، ويلقنهم، وهم ينادون معه، وهو واقف بينهم يبكي وينوح ويقول: رب انك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا فقد ظلمنا أنفسنا، فنحن قد عفونا عمن ظلمنا كما أمرت، فاعف عنا فإنك أولي بذلك منا ومن المأمورين، وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا وقد أتيناك سؤالا ومساكين، وقد أنخنا بفنائك وببابك نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك فامنن بذلك علينا ولا تخيبنا فإنك
(1) سورة النور: الآية 22.
(٢٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، يوم القيامة (1)، السيد إبن طاووس (1)، شهر رمضان المبارك (2)، علي بن الحسين (2)، الضرب (1)، العفو (1)، سورة النور (1)
أولي بذلك منا ومن المأمورين.
إلهي كرمت فأكرمني إذ كنت من سؤالك، وجدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك يا كريم.
ثم يقبل عليهم، فيقول: قد عفوت عنكم، فهل عفوتم عني، ومما كان مني إليكم من سوء ملكة، فإنني مليك سوء لئيم ظالم مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضل؟
فيقولون: قد عفونا عنك يا سيدنا، وما أسأت.
فيقول لهم: قولوا: اللهم اعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا، واعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرق.
فيقولون ذلك.
فيقول: اللهم آمين رب العالمين. اذهبوا فقد عفوت عنكم، وأعتقت رقابكم رجاءا للعفو عني، وعتق رقبتي. فيعتقهم.
فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عما في أيدي الناس.
وما من سنة إلا وكان يعتق فيها في آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأسا إلي أقل أو أكثر، وكان يقول:
ان لله تعالي في كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار سبعين ألف ألف عتيق من النار كلا قد استوجب النار، فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه، واني لأحب أن يراني الله وقد أعتقت رقابا في ملكي في دار الدنيا رجاء أن يعتق رقبتي من النار) (1).
(1) اقبال الأعمال: للسيد ابن طاووس: ص 260 - 261، الطبعة الحجرية طهران.
(٢٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رمضان المبارك (3)، علي بن الحسين (1)، الجود (1)، الكرم، الكرامة (2)، الظلم (1)، العتق (3)، كتاب إقبال الأعمال (1)، السيد إبن طاووس (1)، مدينة طهران (1)
من معابر الآخرة المهولة الصراط
صفحه(٢٣١)

من موارد الآخرة المهولة: الصراط وصف الصراط

من موارد الآخرة المهولة الصراط وهو جسر ينصب علي جهنم، ولا يدخل أحد الجنة إلا بالمرور عليه. وقد ورد في الروايات انه أدق من الشعرة وأحد من السيف (1). وأشد حرارة من النار وان المؤمنين الخلص يمرون عليه بسهولة جدا كالبرق الخاطف (2). وأن البعض
(١) أقول: روي الصدوق عن الصادق (عليه السلام) في خبر: (والصراط أدق من الشعر وأحد من السيف)، رواه السيد هاشم البحراني (قدس سره) في معالم الزلفي: ص ٢٣٤، الطبعة الحجرية.
وروي علي بن إبراهيم بإسناده عن سعدان بن مسلم عن الصادق (عليه السلام)، قال: سألته عن الصراط؟
قال: هو أدق من الشعر، وأحد من السيف، فمنهم من يمشي عليه مثل البرق، ومنهم من يمر عليه مثل عدو الفرس، ومنهم من يمر عليه ماشيا، ومنهم من يمر عليه حبوا، ومنهم من يمر عليه متعلقا فتأخذ النار منه شيئا وتترك بعضه).
رواه البحراني في معالم الزلفي: ص ٢٣٤.
ورواه المجلسي في البحار: ج ٨: ص ٦٤ - ٦٥ وروي مثله الصدوق بإسناده عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قال (الناس يمرون علي الصراط طبقات والصراط … ) الحديث، الأمالي: ص ١٤٩ المجلس ٣٣ - ح ٤.
(٢) وروي السيد البحراني في معالم الزلفي: ص ٢٣٤ والمجلسي في البحار: ج ٢٧، ص ١١٤، ح ٨٩، وشاذان بن جبرئيل في المناقب: ص 66، وغيرهم عن عبد الله بن عمر قال: سألنا رسول الله (صلي الله عليه وآله) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فغضب (صلي الله عليه وآله) وذكر حديثا جليلا طويلا إلي أن قال:
(ألا ومن أحب عليا مر علي الصراط كالبرق الخاطف ولم ير مؤونة (صعوبة. خ. ل) إلا المرور).
(٢٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (3)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، العلامة المجلسي (2)، علي بن إبراهيم (1)، شاذان بن جبرئيل (1)، الشيخ الصدوق (2)، عبد الله بن عمر (1)، سعدان بن مسلم (1)
يمر بصعوبة فأما ينجو وأما يسقط في قعر جهنم (1).
وهو في الآخرة مثال الصراط المستقيم في الدنيا الذي هو دين الحق وطريق ولاية ومتابعة أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين من ذريته صلوات الله عليهم أجمعين (2).
(١) في تفسير علي بن إبراهيم القمي بإسناده عن جابر عن جعفر (عليه السلام) قال - في خبر طويل: (ثم يوضع عليها الصراط (أي علي جهنم - كما في مقدمة الخبر) أدق من الشعرة واحد من السيف، عليها ثلاث قناطر.
فأما واحدة: فعليها الأمانة والرحم.
وأما ثانيها: فعليها الصلاة.
وأما الثالثة: فعليها عدل رب العالمين لا اله غيره فيكلفون الممر عليها، فتحبسهم الرحم والأمانة، فإن نجوا منها حبستهم الصلاة، فإن نجوا منها كان المنتهي إلي رب العالمين جل وعز، وهو قوله تبارك وتعالي: (ان ربك لبالمرصاد).
والناس علي الصراط، فمتعلق بيد وتزول قدم مستمسك بقدم.
والملائكة حولها ينادون: يا حليم اعف واصفح وعد بفضلك، وسلم، وسلم.
والناس يتهافتون في النار كالفراش فيها.
فإذا نجا ناج برحمة الله مر بها، فقال الحمد لله، وبنعمته تتم الصالحات، وتزكو الحسنات، والحمد لله الذي نجاني منك بعد اليأس بمنه وفضله، ان ربنا لغفور شكور).
تفسير القمي ج ٢: ص ٤٢١.
وفي خبر آخر عن ابن عباس قال رسول الله (ص) إلي قوله ثم يأمر الله تعالي أن يعقد علي الصراط سبع قناطر طول كل قنطرة سبعة عشر ألف فرسخ، وعلي كل قنطرة سبعون ألف ملك يسألون هذه الأمة، رجالهم ونساءهم علي القنطرة الأولي: عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وحب أهل بيت محمد (صلي الله عليه وآله)، فمن أتي به جاز علي القنطرة الأولي كالبرق الخاطف ومن لا يحب أهل بيته سقط علي أم رأسه في قعر جهنم ولو كان معه من أعمال البر عمل سبعين صديقا … الخبر) معالم الزلفي: ص ٢٣٤، والمجلسي في البحار: ج ٧ ص ٣٣١، ح ١٢، وفي:
ج ٢٧، ص ١١٠، ح ٨٢، وتأويل الآيات الظاهرة، للسيد شرف الدين النجفي: ج ٢، ص ٤٩٤.
(٢) أقول روي رئيس المحدثين الشيخ الصدوق في معاني الأخبار: ص 23، باب معني الصراط، ح 1، بالإسناد عن المفضل بن عمر قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصراط: فقال: هو الطريق إلي معرفة الله عز وجل.
وهما صراطان: صراط في الدنيا، وصراط في الآخرة.
وأما الصراط الذي في الدنيا فهو الامام المفترض الطاعة فمن عرفه في الدنيا واقتدي بهداه مر علي الصراط الذي هو جهنم في الآخرة ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردي في نار جهنم.
(٢٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي (1)، الصّلاة (3)، الطهارة (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، العلامة المجلسي (1)، يوم عرفة (1)، علي بن إبراهيم (1)، الشيخ الصدوق (1)، المفضل بن عمر (1)، الأمانة، الإئتمان (1)، اليأس (1)
ومن عدل عن هذا الصراط ومال إلي الباطل بالقول أو العمل فإنه يزل من هذه العقبة (1) من صراط الآخرة ويسقط في جهنم.
و (الصراط المستقيم) في سورة الحمد إشارة إلي الاثنين (2).
(١) في البحار: ج ٨: ص ٦٦، عن انس قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) في قوله تعالي:
(فلا اقتحم العقبة).
ان فوق الصراط عقبة كؤودا طولها ثلاثة آلاف عام:
ألف عام هبوط.
وألف عام شوك وحسك وعقارب وحيات، وألف عام صعود … الحديث).
وفي البحار: ج ٨: ص ٦٧ - ٦٨ عن أنس عن النبي (صلي الله عليه وآله) قال: إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط علي جهنم لم يجز عليه الا من كان معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)..
الحديث).
(٢) ورد هذا المعني في روايات شريفة كثيرة وصلت حد الاستفاضة إن لم يدع التواتر، نعم التواتر مقطوع به في تفسيره الولاية بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) من الطرفين.
ومن جملة تلك الروايات:
- ما رواه الشيخ الثقة الجليل القمي في تفسيره: ج ١: ص ٢٨، في قوله تعالي (اهدنا الصراط المستقيم):
(قال: الطريق معرفة الامام).
- وروي بإسناد صحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله (الصراط المستقيم) قال: هو أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعرفته.
- وفي معاني الأخبار ص ٣٥ بالإسناد عن أبي حمزة الثمالي عن سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) قال:
ليس بين الله وبين حجته حجاب، فلا لله دون حجته ستر، نحن أبواب الله، ونحن الصراط المستقيم، ونحن عيبة علمه، ونحن تراجمة وحيه، ونحن أركان توحيده، ونحن موضع سره.
- وروي الصدوق بإسناده عن سعد بن طريف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) يا علي إذا كان يوم القيامة اقعد أنا وأنت وجبرئيل علي الصراط، فلم يجز أحد إ من كان معه كتاب فيه براءة بولايتك).
- وفي تفسير العياشي: ج ١: ص 24: عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
(اهدنا الصراط المستقيم) تعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
(٢٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي (4)، الباطل، الإبطال (1)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، معرفة الإمام (1)، يوم القيامة (2)، الشيخ الصدوق (1)، داود بن فرقد (1)، الجواز (1)

أسماء عقبات الصراط

* ونقل العلامة المجلسي (رحمة الله عليه) في حق اليقين عن كتاب عقائد الشيخ الصدوق (رحمه الله) انه قال:
(اعتقادنا في العقبات التي علي المحشر أن كل عقبة منها اسمها اسم فرض وأمر ونهي، فمتي انتهي الانسان إلي عقبة اسمها فرض، وكان قد قصر في ذلك الفرض حبس عندها وطولب بحق الله فيها، فان خرج منها بعمل صالح قدمه، أو برحمة تداركه، نجا منها إلي عقبة أخري، فلا يزال يدفع من عقبة إلي عقبة، ويحبس عند كل عقبة، فيسأل عما قصر فيها من معني اسمها، فإن سلم من جميعها انتهي إلي دار البقاء فيحيا حياة لأموت فيها أبدا، وسعد سعادة لا شقاوة معها أبدا وسكن في جوار الله مع أنبيائه وحججه والصديقين والشهداء والصالحين من عباده.
وإن حبس علي عقبة فطولب بحق قصر فيه فلم ينجه عمل صالح قدمه، ولا أدركته من الله عز وجل رحمة زلت به قدمه عن العقبة فهوي في جهنم نعوذ بالله منها.
وهذه العقبات كلها علي الصراط. اسم عقبة منها الولاية. يوقف جميع الخلائق عندها، فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده (عليهم السلام)، فمن أتي بها نجا وجاز، ومن لم يأت بها بقي فهوي، وذلك قول الله عز وجل * (ان ربك لبالمرصاد) * (1).
ويقول عز وجل (وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم) (2).
(1) سورة الفجر: الآية 14.
(2) ورد هذا الحديث القدسي في الحديث (18) من باب (الاشكال والقرائن) من كتاب المحاسن للبرقي: ص 7.
(٢٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب حق اليقين للسيد الشبر (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (1)، الشهادة (1)، الظلم (1)، الحديث القدسي (1)، سورة الفجر (1)
واسم عقبة منها الرحم، واسم عقبة منها الأمانة، واسم عقبة منها الصلاة، وباسم كل فرض، أو أمر، أو نهي عقبة يحبس عندها العبد فيسأل) (1).
* وروي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) قال:
لما نزلت هذه الآية * (وجئ يومئذ بجهنم) * سئل رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقال: بذلك أخبرني الروح الأمين أن الله لا اله غيره إذا أبرز الخلائق وجمع الأولين والآخرين اتي بجهنم تقاد بألف زمام مع كل زمام مائة ألف ملك من الغلاظ الشداد لها هذه وغضب وزفير وشهيق وانها لتزفر الزفرة فلولا ان الله أخرهم للحساب لأهلكت الجميع.
ثم يخرج منها عنق، فيحيط بالخلائق البر منهم والفاجر، فما خلق الله عبدا من عباد الله ملكا ولا نبيا الا ينادي نفسي نفسي، وأنت يا نبي الله تنادي أمتي أمتي.
ثم يوضع عليها الصراط من حد السيف، عليها ثلاث قناطر: فأما واحدة فعليها الأمانة والرحم، والثانية فعليها الصلاة، وأما الثالثة فعليها عدل رب العالمين لا اله غيره، فيكلفون بالممر عليها، فيحبسهم الرحم والأمانة، فإن نجوا منهما حبستهم الصلاة فإن نجوا منها كان المنتهي إلي رب العالمين، وهو قوله * (ان ربك لبالمرصاد) *.
والناس علي الصراط: فمتعلق بيد، وتزول قدم، ومستمسك بقدم، والملائكة حولها ينادون:
يا حليم اعف، واصفح، وعد بفضلك وسلم وسلم.
والناس يتهافتون في النار كالفراش فيها، فإذا نجا ناج برحمة الله مر بها فقال:
الحمد لله وبنعمته تتم الصالحات، وتزكو الحسنات، والحمد لله الذي نجاني منك بعد اليأس بمنه وفضله ان ربنا لغفور شكور (2).
(١) البحار: ج ٧، ص ١٢٨ - ١٢٩.
(٢) تفسير القمي: ج ٢، ص 421، ورواه الصدوق في الأمالي: المجلس 32، ح 3، ص 148، ونقله المجلسي في البحار: ج 7، 125، ح 1، وفي: ج 2، ص 293، ح 36.
(٢٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، النهي (1)، الصّلاة (3)، الأمانة، الإئتمان (2)، اليأس (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (1)

حكاية

* وروي الثقة الجليل الحسين بن سعيد الأهوازي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام):
اتي (1) أبا ذر رجل، فبشره بغنم له قد ولدت، فقال: يا أبا ذر ابشر فقد ولدت غنمك وكثرت.
فقال: ما يسرني كثرتها، فما أحب ذلك، فما قل منها وكفي أحب إلي مما كثر وإلهي، اني سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: " علي حافتي الصراط يوم القيامة الرحم والأمانة فإذا مر عليه الموصل للرحم والمؤدي للأمانة لم يتكفأ به في النار " (2).
* وفي رواية أخري:
وإذا مر الخائن للأمانة، والقطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل، ويكفأ به الصراط في النار (3).
* حكاية:
نقل السيد الأجل الأكمل المؤيد العلامة النحرير بهاء الدين السيد علي ابن السيد عبد الكريم النيلي النجفي - صاحب المنزلة والشأن العظيم والمناقب التي لا تحصي، وهو تلميذ الشيخ الشهيد، وفخر المحققيين - في كتاب الأنوار المضيئة في أبواب فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) بمناسبة قال: حكاية عجيبة حكاها والدي رحمه الله تعالي ووافقه عليها جماعة أصحابنا أن رجل كان يقال له محمد بن أبي أذينة كان تولي مسبحة (مسجد ظ) قرية لنا تسمي قرية نيلة انقطع يوما في بيته فاستحضروه فلم يتمكن من الحضور فسألوه عن السبب، فكشف لهم عن بدنه
(١) ابتدأت الرواية (سمعته يقول … ) والضمير في (سمعته) يعود للراوي وهو الثقة الجليل جابر الجعفي رضي الله تعالي عنه.
(٢) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي: ص ٤٠ - ٤١، طبعة - قم.
(٣) عدة الداعي لابن فهد: ص ٨١ - الباب الثاني عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: حافتا الصراط يوم القيامة الأمانة والرحم فإذا مر الوصول للرحم والمؤدي للأمانة نفذ إلي الجنة وإذا مر الخائن … الحديث، ورواه الكليني في الكافي: ج ٢، ص 152، ح 11، باختلاف يسير، ورواه المجلسي في البحار: ج 8، ص 67، ح 9، وفي: ج 74 - ص 105، ح 68، وفي: ج 74، ص 117، ح 80.
(٢٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (1)، الحسين بن سعيد الأهوازي (1)، عبد الكريم (1)، الشهادة (1)، السجود (1)، السب (1)، كتاب عدة الداعي لابن فهد الحلي (1)، العلامة المجلسي (1)، الزهد (1)، الأمانة، الإئتمان (1)

ذكر عدة أعمال لتسهيل المرور علي الصراط

فإذا هو إلي وسطه ما عدا جانبي وركيه إلي طرفي ركبته محرق بالنار، وقد أصابه من ذلك ألم شديد لا يمكنه معه القرار، فقالوا له: متي حصل لك ذلك؟ قال: اعلموا اني رأيت في نومي كأن الساعة قد قامت والناس في حرج عظيم وأكثرهم يساق إلي النار والأقل إلي الجنة، فكنت مع من سيق إلي الجنة، فانتهي بنا المسير إلي قنطرة عظيمة في العرض والطول، فقيل: هذا الصراط، فسرنا عليها فإذا هي كلما سلكنا فيها قل عرضها وبعد طولها فلم نبرح كذلك ونحن نسير عليها حتي عادت كحد السيف، وإذا تحتها واد عظيم أوسع ما يكون من الأودية، تجري فيه نار سوداء يتقلقل فيها جمر كقلل الجبال والناس ما بين ناج وساقط، فلم أزل أميل من جهة إلي أخري حتي انتهيت إلي قريب من آخر القنطرة فلم أتمالك حتي سقطت من عليها، فخضت في تلك النار حتي انتهيت إلي الجرف، فجعلت كلما اتشبث به لم يتماسك منه شئ في يدي، والنار تحدرني بقوة جريانها، وأنا أستغيث وقد انذهلت وطار عقلي وذهب لبي فألهمت فقلت يا علي بن أبي طالب، فنظرت فإذا رجل واقف علي شفير الوادي، فوقع في روعي أنه الإمام علي (عليه السلام)، فقلت:
يا سيدي يا أمير المؤمنين:
فقال: هات يدك.
فمددت يدي، فقبض عليها، وجذبني، وألقاني علي الجرف، ثم أماط النار عن وركي بيده الشريفة فانتبهت مرعوبا وأنا كما ترون فإذا هو لم يسلم من النار إلا ما مسه الإمام (عليه السلام)، ثم مكث في منزله ثلاثة أشهر يداوي ما أحرق منه بالمراهم حتي برئ، وكان بعد ذلك قل أن يذكر هذه الحكاية لأحد الا اصابته الحمي (1).
ذكر عدة أعمال لتسهيل المرور علي هذه العقبة سوي صلة الرحم وأداء الأمانة التي مضت * الأول: روي السيد ابن طاووس في كتاب (الاقبال): " من صلي أول ليلة
(1) الكني والألقاب للقمي: ج 2، 95 - 96.
(٢٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيد إبن طاووس (1)، صلة الرحم (1)، علي بن أبي طالب (1)، الأمانة، الإئتمان (1)
من شهر رجب بعد صلاة المغرب عشرين ركعة بالحمد والتوحيد، ويسلم بين كل ركعتين ليحفظ في نفسه وأهله وماله وولده، وأجير من عذاب القبر، وجاز علي الصراط كالبرق الخاطف " (1)..
* الثاني: روي من صام من رجب ستة أيام … بعث من الآمنين يوم القيامة حتي يمر علي الصراط بغير حساب (2).
* الثالث: روي السيد:
من صلي في الليلة التاسعة والعشرين من شعبان عشر ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وألهاكم التكاثر عشر مرات، والمعوذتين عشر مرات، وقل هو الله أحد عشر مرات أعطاه الله تعالي ثواب المجتهدين، وثقل ميزانه، ويخفف عنه الحساب، ويمر علي الصراط كالبرق الخاطف (3).
* الرابع: مر في الفصل السابق من زار الإمام الرضا (عليه السلام) علي بعد قبره الشريف، فإنه يأتي عنده يوم القيامة في ثلاثة مواطن ليخلصه من أهوالها، وان أحدها عند الصراط (4).
z z z
(١) اقبال الأعمال للسيد ابن طاووس: ص ٦٢٩.
(٢) ثواب الأعمال للصدوق: ص ٧٩ وقريب منه في فضائل الأشهر الثلاثة للصدوق: ص ٢٥:
ح ١٢، وفي الأمالي: ص ٤٢٩، المجلس: ٨٠، ح ١، ونقله في البحار: ج ٧، ص ٣٠١، ح ٥٢، وفي: ج ٩٧، ص ٢٧، ح ١.
(٣) الاقبال: ص ٧٢٤.
(٤) أقول: روي الصدوق (رحمه الله) في الخصال: ص ١٦٨، ح ٢٢٠ بإسناده عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال:
" من زارني علي بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاثة موطن حتي أخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا، وعند الصراط، وعند الميزان ". ورواه الصدوق في الأمالي:
ص ١٠٦، المجلس ٢٥، ح ٩، ورواه في عيون أخبار الرضا: ج ٢، ص ٢٥٥، باب ٦٦، ح ٢.
ونقله المجلسي في البحار: ج ١٠٢، ص ٣٤، ح ١٤. وروي الشيخ الأقدم ابن قولويه في:
كامل الزيارات بإسناده عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: " من زارني علي بعد داري وشطون مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتي أخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا، وعند الصراط، وعند الميزان ".
كامل الزيارات: ص 304، باب 101، ح 4.
(٢٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (3)، يوم القيامة (4)، شهر رجب المرجب (2)، شهر شعبان المعظم (1)، القبر (1)، الصّلاة (1)، الزيارة (1)، الركوع، الركعة (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، كتاب أمالي الصدوق (2)، كتاب كامل الزيارات لجعفر بن محمد بن قولويه (2)، كتاب إقبال الأعمال (1)، السيد إبن طاووس (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (4)، ابن قولويه (1)
خاتمة في ذكر عدة أخبار في شدة عذاب جهنم (أعاذنا الله تعالي منها) وجملة من قصص الخائفين وبعض الأمثال من " بلوهر ويوزاسف " وغيره مما ينبه المؤمنين
صفحه(٢٤١)

خاتمة ذكر عدة أخبار في شدة عذاب جهنم

أما الأخبار * الأول: روي بسند صحيح (1) عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
قلت له: يا بن رسول الله خوفني فان قلبي قد قسي.
فقال: يا أبا محمد استعد للحياة الطويلة، فان جبرئيل جاء إلي النبي (صلي الله عليه وآله) وهو قاطب، وقد كان قبل ذلك يجئ وهو مبتسم، فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): يا جبرئيل جئتني اليوم قاطبا؟
فقال: يا محمد قد وضعت منافخ النار.
فقال: وما منافخ النار يا جبرئيل؟
فقال: يا محمد ان الله عز وجل أمر بالنار فنفخ عليها ألف عام حتي ابيضت، ثم نفخ عليها ألف عام حتي احمرت، ثم نفخ عليها ألف عام حتي اسودت فهي سوداء مظلمة.
لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها.
ولو أن حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت علي الدنيا لذابت الدنيا من حرها.
(1) السند هو: علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) فالسند بحسب الاصطلاح صحيح عال.
(٢٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو بصير (2)، علي بن إبراهيم (1)، ابن أبي عمير (1)
ولو أن سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء والأرض لمات أهل الدنيا من ريحه.
قال: فبكي رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وبكي جبرئيل، فبعث الله إليهما ملكا، فقال لهما:
ان ربكما يقرؤكما السلام ويقول: قد أمنتكما أن تذنبا ذنبا أعذبكما عليه.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فما رأي رسول الله (صلي الله عليه وآله) جبرئيل مبتسما بعد ذلك ثم قال: ان أهل النار يعظمون النار وان أهل الجنة يعظمون الجنة والنعيم، وان جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد، وأعيدوا في دركها، فهذا حالهم، وهو قول الله عز وجل: * (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق) * (1).
ثم تبدل جلودهم غير الجلود التي كانت عليهم.
قال: أبو عبد الله (عليه السلام): حسبك؟
قلت: حسبي، حسبي (2).
* الثاني: وروي في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) (3) ان رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال في خبر المعراج:
… حتي دخلت سماء الدنيا، فما لقيني ملك إلا كان ضاحكا مستبشرا حتي لقيني ملك من الملائكة لم أر أعظم خلقا منه كريه المنظر، ظاهر الغضب.
فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء إلا أنه لم يضحك ولم أر فيه من الاستبشار، وما رأيت ممن ضحك من الملائكة.
فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فاني قد فزعت.
فقال: يجوز أن تفزع منه، وكلنا نفزع منه، وهذا مالك خازن النار، لم يضحك
(١) سورة الحج: الآية ٢٢.
(٢) تفسير القمي: ج ٢، ص 81، وعنه المجلسي في البحار: ج 8، ص 280.
(3) روي الشيخ الجليل علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) … والسند صحيح عال - بحسب الاصطلاح.
(٢٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أبو عبد الله (2)، الغضب (1)، الجواز (1)، العلامة المجلسي (1)، علي بن إبراهيم (1)، محمد بن أبي عمير (1)، هشام بن سالم (1)، سورة الحج (1)
قط، ولم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا وغيظا علي أعداء الله وأهل معصيته، فينتقم الله به منهم، ولو ضحك إلي أحد قبلك، أو كان ضاحكا لأحد بعدك، لضحك إليك، ولكنه لا يضحك.
فسلمت عليه فرد علي السلام، وبشرني بالجنة.
فقلت لجبرئيل - وجبرئيل بالمكان الذي وصفه الله - * (مطاع ثم أمين) * (1) ألا تأمره أن يريني النار؟
فقال له جبرئيل: يا مالك! أر محمدا النار.
فكشف عنها غطاءها، وفتح بابا منها، فخرج منها لهب ساطع في السماء، وفارت، فارتعدت حتي ظننت ليتناولني مما رأيت.
فقلت له: يا جبرئيل! قل له، فليرد عليها غطاءها.
فأمرها. فقال لها: ارجعي.
فرجعت إلي مكانها الذي خرجت منه (2).
* الثالث: روي بسند معتبر عن الإمام الصادق (عليه السلام):
قال: ما خلق الله خلقا إلا جعل له في الجنة منزلا، وفي النار منزلا، فإذا سكن أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار؟ نادي مناد: يا أهل الجنة أشرفوا.
فيشرفون علي النار، وترفع لهم منازلهم في النار.
ثم يقال لهم: هذه منازلكم التي لو عصيتم ربكم دخلتموها.
قال: فلو ان أحدا مات فرحا، لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحا لما صرف عنهم من العذاب.
ثم ينادي مناد يا معشر أهل النار ارفعوا رؤوسكم، فانظروا إلي منازلكم في الجنة.
فيرفعون رؤوسهم، فينظرون إلي منازلهم في الجنة، وما فيها من النعيم.
(١) سورة التكوير: الآية ٢١.
(٢) تفسير القمي: ج ٢: ص 5، وعنه في البحار: ج 8، ص 291.
(٢٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الموت (1)، العذاب، العذب (1)، سورة التكوير (1)
فيقال لهم: هذه منازلكم التي لو أطعتم ربكم دخلتموها.
قال: فلو ان أحدا مات حزنا لمات أهل النار ذلك اليوم حزنا.
فيورث هؤلاء منازل هؤلاء، وهؤلاء منازل هؤلاء! وذلك قول الله عز وجل:
* (يرثون الفردوس هم فيها خالدون) * (1) (2).
* الرابع: وروي عنه (عليه السلام):
ينادي مناد من عند الله وذلك بعدما صار أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار: يا أهل الجنة! ويا أهل النار! هل تعرفون الموت في صورة من الصور؟
فيقولون: لا.
فيؤتي بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار، ثم ينادون جميعا: أشرفوا، وانظروا إلي الموت.
فيشرفون، ثم يأمر الله به فيذبح. ثم يقال: يا أهل الجنة! خلود فلا موت أبدا.
ويا أهل النار! خلود فلا موت أبدا. وهو قوله * (وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة) * (3).
أي قضي علي أهل الجنة بالخلود. وعلي أهل النار بالخلود فيها (4).
(١) المؤمنون: الآية: ١١.
(٢) أقول: روي هذا الخبر الشريف الشيخ القمي بإسناده عن أبيه، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة، عن أبي بصير. في تفسير الآية الشريفة: ج ٢، ص ٨٩.
ورواه أيضا الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٣٠٧ - ٣٠٨، بإسناده عن أبيه، عن سعد ابن عبد الله عن أحمد بن الحسين أبي سعيد عن عثمان بن عيسي عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام). والسند معتبر علي كل حال غاية الأمر إما صحيح مع عدم ثبوت وقف عثمان بن عيسي وعدم ثبوت وقف سماعة بن مهران. إما موثق علي القول بوقف سماعة أو القول بوقف عثمان - كما عليه الأكثر - بعكس سماعة فان الأكثر قائلين بعدم وقفه بل لا دليل علي وقفه إلا ما ذكره الصدوق قدس الله نفسه.
(٣) سورة مريم: الآية ٣٩.
(٤) تفسير القمي: ج ٢، ص 51. بإسناده عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل عن قوله (وأنذرهم يوم الحسرة) الآية، قال: ينادي مناد من عند الله … الحديث، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 8، ص 346، ح 4.
(٢٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (4)، الحزن (2)، أبو بصير (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (2)، سماعة بن مهران (1)، أحمد بن الحسين (1)، عثمان بن عيسي (2)، الحسن بن محبوب (1)، سورة مريم (1)
* الخامس: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:
وأما أهل المعصية فخلدوا (1) في النار، وأوثق منهم الاقدام، وغل منهم الأيدي إلي الأعناق، وألبس أجسادهم سرابيل القطران، وقطعت لهم منها مقطعات من النار، وهم في عذاب قد اشتد حره، ونار قد أطبق علي أهلها، فلا يفتح عنهم أبدا ولا يدخل عليهم ريح أبدا، ولا ينقضي منهم عمر أبدا، العذاب أبدا شديد، والعقاب أبدا جديد، لا الدار زائلة فتفني، ولا آجال القوم تقضي، ثم حكي نداء أهل النار، فقال: * (ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك) * قال: أي نموت، فيقول مالك * (انكم ماكثون) * (2) (3).
* السادس: روي بسند معتبر (4) عن الإمام الصادق (عليه السلام):
ان في النار لنارا (5) يتعوذ منها أهل النار ما خلقت إلا لكل متكبر جبار عنيد، ولكل شيطان مريد، ولكل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب، ولكل ناصب العداوة لآل محمد.
وقال: ان أهون الناس عذابا يوم القيامة لرجل في ضحضاح من نار عليه نعلان من نار، وشراكان من نار، يغلي منها دماغه كما يغلي المرجل، ما يري أن في النار أحدا أشد عذابا منه، وما في النار أحد أهون عذابا منه (6).
(١) هكذا في المصدر، وأما في البحار: (فخذلهم) وفي نسخة بدل منه (فخلدهم)، وأما المؤلف فترجم العبارة (فخد لهم). وعلي كل حال فالعبارة لم تخلو من التصحيف.
(٢) سورة الزخرف: الآية ٧٧.
(٣) تفسير القمي: ج ٢، ص ٢٨٩. وعنه في بحار الأنوار: ج ٨، ص ٢٩٢، ح ٣٤.
(٤) رواه القمي في تفسيره: ج ٢: ص ٢٥٧ بإسناده عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي عبد الله (عليه السلام).
ومنشأ القول بالاعتبار ما وقع في حال (منصور بن موسي فان الشيخ اتهمه بالوقف وروي الكشي في رجاله رواية تنص علي وقفه ورواها أيضا الصدوق في (عيون أخبار الرضا).
ومع ذلك فالكلام في وقفه محل تأمل بل كلام.
(٥) هكذا في المصدر وفي البحار ولكن المؤلف (رحمه الله) ترجم العبارة (ان في جهنم لبئرا..).
(٦) تفسير القمي: ج ٢، ص 257 - 258.
ورواه المجلسي في البحار: ج 8: ص 295 ح 44، والإسناد إما صحيح أو موثق. فهو معتبر علي كل حال.
(٢٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، يوم القيامة (1)، العذاب، العذب (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، كتاب رجال الكشي (1)، العلامة المجلسي (1)، كتاب بحار الأنوار (1)، الشيخ الصدوق (1)، ابن أبي عمير (1)، سورة الزخرف (1)

جملة من قصص الخائفين

في ذكر قصص الخائفين * القصة الأولي:
روي الشيخ الكليني بسند معتبر (1) عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام):
ان رجلا ركب البحر بأهله فكسر بهم، فلم ينج ممن كان في السفينة إلا امرأة الرجل، فإنها نجت علي لوح من ألواح السفينة حتي ألجأت علي جزيرة من جزائر البحر، وكان في تلك الجزيرة رجل يقطع الطريق، ولم يدع لله حرمة إلا انتهكها، فلم يعلم إلا والمرأة قائمة علي رأسه، فرفع رأسه إليها، فقال: إنسية أم جنية؟
فقالت: إنسية.
فلم يكلما كلمة حتي جلس منها مجلس الرجل من أهله، فلما إن هم بها، اضطربت، فقال لها: مالك تضطربين؟
فقالت: أفرق من هذا - وأومأت بيدها إلي السماء.
قال: فصنعت من هذا شيئا؟
(١) الكافي: ج ٢، ص 69 بإسناده عن علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن الحسين عن محمد بن سنان عن أبي سعيد المكاري عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما (قال): … الحديث والسند صحيح علي الظاهر فان الحسن بن الحسين هو اللؤلؤي الذي وثقه النجاشي ومحمد بن سنان ثقة من أصحاب أسرار أهل البيت كما هو رأي الوحيد البهبهاني وغيره، وقد خدش به البعض ولهذا توقف المؤلف في تصحيح السند واكتفي باعتباره.
(٢٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (2)، السفينة (2)، أحمد بن محمد بن خالد (1)، علي بن إبراهيم (1)، الحسن بن الحسين (2)، محمد بن سنان (2)
قالت: لا، وعزته، قال: فأنت تفرقي منه هذا الفرق ولم تصنعي من هذا شيئا، وانما استكرهك استكراها، فأنا والله أولي بهذا الفرق والخوف، وأحق منك.
قال: فقام، ولم يحدث شيئا، ورجع إلي أهله، وليست له همة إلا التوبة والمراجعة فبينما هو يمشي إذ صادفه راهب يمشي في الطريق، فحميت عليهما الشمس، فقال الراهب للشاب: ادع الله يظلنا بغمامة فقد حميت علينا الشمس.
فقال الشاب: ما اعلم أن لي عند ربي حسنة فأتجاسر علي أن أسأله شيئا.
قال: فأدعو أنا، وتؤمن أنت، قال: نعم.
فاقبل الراهب يدعو، والشاب يؤمن، فما كان بأسرع من أن أظلتهما غمامة، فمشيا تحتها مليا من النهار، ثم تفرقت الجادة جادتين فأخذ الشاب في واحدة، وأخذ الراهب في واحدة، فإذا السحابة مع الشاب، فقال الراهب: أنت خير مني، لك استجيب ولم يستجب لي، فأخبرني ما قصتك؟
فأخبره بخبر المرأة، فقال: غفر لك ما مضي، حيث دخلك الخوف، فانظر كيف تكون فيما تستقبل (1).
* القصة الثانية:
روي الشيخ الصدوق:
دخل معاذ بن جبل علي رسول الله (صلي الله عليه وآله) باكيا فسلم، فرد (صلي الله عليه وآله) ثم قال:
ما يبكيك يا معاذ؟
فقال: يا رسول الله ان بالباب شابا طري الجسد نقي اللون، حسن الصورة يبكي علي شبابه بكاء الثكلي علي ولدها يريد الدخول عليك.
فقال النبي (صلي الله عليه وآله): ادخل علي الشاب يا معاذ.
فادخله عليه، فسلم فرد (صلي الله عليه وآله) ثم قال: ما يبكيك يا شاب؟
قال: كيف لا أبكي وقد ركبت ذنوبا إن أخذني الله عز وجل ببعضها أدخلني
(١) الكافي: ج ٢ ص ٦٩. ورواه عنه المجلسي في: ج، 7، ص 10361.
(٢٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الشيخ الصدوق (1)، معاذ بن جبل (1)، البكاء (1)، الخوف (2)، العلامة المجلسي (1)
نار جهنم، ولا أراني إلا سيأخذني بها، ولا يغفر لي أبدا.
فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): هل أشركت بالله شيئا؟
قال: أعوذ بالله أن أشرك بربي شيئا.
قال: أقتلت النفس التي حرم الله؟
قال: لا.
فقال النبي (صلي الله عليه وآله): يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الجبال الرواسي.
قال الشاب: فإنها أعظم من الجبال الرواسي.
فقال النبي (صلي الله عليه وآله): يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الأرضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق.
قال: فإنها أعظم من الأرضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق.
فقال: النبي (صلي الله عليه وآله) يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل السماوات ونجومها، ومثل العرش والكرسي.
قال: فإنها أعظم من ذلك.
قال: فنظر النبي (صلي الله عليه وآله) كهيئة الغضبان، ثم قال، ويحك يا شاب أذنوبك أعظم، أم ربك؟
فخر الشاب لوجهه وهو يقول: سبحان الله ربي، ما شئ أعظم من ربي، ربي أعظم يا نبي الله من كل عظيم.
فقال النبي (صلي الله عليه وآله) فهل يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم؟
قال الشاب: لا والله يا رسول الله.
ثم سكت الشاب: فقال النبي (صلي الله عليه وآله) ويحك يا شاب ألا تخبرني بذنب واحد من ذنوبك؟
قال: بلي، أخبرك، اني كنت أنبش القبور سبع سنين، أخرج الأموات، وانزع الأكفان، فماتت جارية من بعض بنات الأنصار، فلما حملت إلي قبرها ودفنت
(٢٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (7)، القبر (1)، السكوت (1)
وانصرف عنها أهلها، وجن عليهم الليل أتيت قبرها، فنبشتها، ثم استخرجتها، ونزعت ما كان عليها من أكفانها، وتركتها متجردة علي شفير قبرها، ومضيت منصرفا، فأتاني الشيطان، فأقبل يزينها لي ويقول: أما تري بطنها وبياضها، أما تري وركيها، فلم يزل يقول لي هذا، حتي رجعت عليها، ولم أملك نفسي حتي جامعتها، وتركتها مكانها، فإذا بصوت من ورائي يقول، يا شاب! ويل لك من ديان يوم الدين، يوم يقفني وإياك، كما تركتني عريانة في عساكر الموت، ونزعتني من حفرتي، وسلبتني أكفاني، وتركتني أقوم جنبة إلي حسابي، فويل لشبابك من النار.
فما أظن اني أشم ريح الجنة أبدا، فما تري لي يا رسول الله؟
فقال النبي (صلي الله عليه وآله) تنح عني يا فاسق، اني أخاف أن احترق بنارك، فما أقربك من النار.
ثم لم يزل (صلي الله عليه وآله) يقول، ويشير إليه حتي أمعن من بين يديه.
فذهب فأتي المدينة، فتزود منها، ثم أتي بعض جبالها، فتعبد فيها، ولبس مسحا، وغل يديه جميعا إلي عنقه ونادي: يا رب هذا عبدك بهلول بين يديك مغلول يا رب أنت الذي تعرفني، وزل مني ما تعلم سيدي يا رب اني أصبحت من النادمين، وأتيت نبيك تائبا فطردني، وزادني خوفا، فأسألك باسمك وجلالك، وعظمة سلطانك أن لا تخيب رجائي: سيدي ولا تبطل دعائي، ولا تقنطني من رحمتك فلم يزل يقول ذلك أربعين يوما وليلة تبكي له السباع والوحوش. فلما تمت له أربعون يوما وليلة رفع يديه إلي السماء وقال: اللهم ما فعلت في حاجتي، إن كنت استجبت دعائي، وغفرت خطيئتي، فاوح إلي نبيك. وإن لم تستجب لي دعائي، ولم تغفر لي خطيئتي، وأردت عقوبتي فعجل بنار تحرقني، أو عقوبة في الدنيا تهلكني، وخلصني من فضيحة يوم القيامة.
فأنزل الله تبارك وتعالي علي نبيه (صلي الله عليه وآله): * (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها
(٢٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (2)، الباطل، الإبطال (1)، الموت (1)
الأنهار خالدين فيها ونعم اجر العاملين) * (1).
فلما نزلت هذه الآية علي رسول الله (صلي الله عليه وآله) خرج وهو يتلوها ويبتسم. فقال لأصحابه:
من يدلني علي ذلك الشاب التائب؟
فقال معاذ يا رسول الله بلغنا انه في موضع كذا وكذا، فمضي رسول الله (صلي الله عليه وآله) بأصحابه حتي انتهوا إلي ذلك الجبل، فصعدوا إليه يطلبون الشاب، فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين مغلولة يداه إلي عنقه، وقد اسود وجهه، وتساقطت أشفار عينيه من البكاء، وهو يقول: سيدي قد أحسنت خلقي، وأحسنت صورتي، فليت شعري ماذا تريد بي أفي النار تحرقني، أم في جوارك تسكنني؟
اللهم انك قد أكثرت الاحسان إلي، وأنعمت علي، فليت شعري ماذا يكون آخر أمري؟ إلي الجنة تزفني؟ أم إلي النار تسوقني؟
اللهم ان خطيئتي أعظم من السماوات والأرض ومن كرسيك الواسع وعرشك العظيم، فليت شعري تغفر خطيئتي، أم تفضحني بها يوم القيامة.
فلم يزل يقول نحو هذا، وهو يبكي، ويحثو التراب علي رأسه، وقد أحاطت به السباع، وصفت فوقه الطير، وهم يبكون لبكائه. فدنا رسول الله (صلي الله عليه وآله) فأطلق يديه من عنقه، ونفض التراب عن رأسه وقال:
يا بهلول! أبشر فإنك عتيق الله من النار.
ثم قال (صلي الله عليه وآله) لأصحابه: هكذا تداركوا الذنوب، كما تداركها بهلول.
ابشر فإنك عتيق الله من النار.
ثم تلا عليه ما انزل الله عز وجل فيه، وبشره بالجنة) (2).
(1) سورة آل عمران: الآية 135 و 136. وفي المصدر وردت ألفاظ الآيتين الشريفتين مع التفسير، ويبدو ان التفسير من الراوي، وقد تركه المؤلف رحمه الله تعالي، وبما ان التفسير ورد عن غير المعصومين (عليهم السلام) فقد رأينا تركه أسلم.
(2) رواه الصدوق في الأمالي: ص 45 - 47، المجلس 11، ح 3. ورواه عنه المجلسي في البحار: ج 6، ص 23 - 26، ح 26.
(٢٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، يوم القيامة (1)، البكاء (1)، الوسعة (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (1)، سورة آل عمران (1)
* يقول المؤلف: قال العلامة المجلسي (رحمه الله) في (عين الحياة) في ذيل هذا الخبر ما ملخصه:
ليعلم ان للتوبة شروطا ودوافع:
الأول: من الأشياء التي تحرك الانسان للتوبة هو أن يفكر في عظمة الله تعالي الذي عصاه وكذلك في كبر تلك المعاصي التي ارتكبها، وفي عقوبات تلك الذنوب وآثارها السيئة في الدنيا والآخرة التي وردت في الآيات والأخبار، ومن ثم سوف يكون هذا التفكير باعثا لندامته، وسوف تصير هذه الندامة باعثا له علي ثلاثة أشياء تتركب منها التوبة:
الأول منها: مرتبطة بحاضره وهو أن يترك تلك الذنوب التي ارتكبها بالحال.
الثاني: متعلق بالمستقبل وهو أن يعزم جازما علي أن لا يعود إلي تلك الذنوب إلي آخر العمر.
والثالث: متعلق بالماضي، وهو أن يندم علي ما مضي، ويتدارك ما فات منه إذا كان مما يتدارك.
واعلم أن الذنوب التي يتاب منها علي عدة أقسام:
الأول: أن يكون ذنبا لا يستلزم حكما آخر غير العقوبة الأخروية كلبس الحرير ولبس خاتم الذهب للرجال فإنه يكفي للتوبة منها نفس الندم والعزم علي عدم العود وبهما يدفع العقاب الأخروي.
الثاني: أن يستلزم حكما آخر وهو علي عدة أقسام:
فأما أن يكون حقا لله، أو حقا للخلق.
وأما حق الله، فهو إما مالي: مثل أن يذنب ما يلزمه عتق رقبة فإنه إذا كان قادرا عليه، فلا يرفع عنه العذاب بمجرد الندم، بل يجب عليه أن يؤدي تلك الكفارة.
أو حق غير مالي: مثل الصلاة أو الصيام الذي يفوته فإنه يجب عليه أن يقضي ما فاته.
(٢٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: العلامة المجلسي (1)، الصيام، الصوم (1)، الصّلاة (1)، العذاب، العذب (1)، العتق (1)
أو أن يعمل عملا قد شرع الله تعالي له حدا مثل شرب الخمر، فما لم يثبت عند الحاكم الشرعي فهو مختار إن شاء ستره بينه وبين الله ولا يظهر ذلك لأحد.
وإن شاء أن يقر عند الحاكم ليقيم عليه الحد، وعدم الاظهار أحسن (1).
(١) أقول روي الشيخ الكليني رحمه الله تعالي في الكافي الشريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، انه أتاه رجل بالكوفة، فقال: يا أمير المؤمنين اني زنيت فطهرني.
قال: ممن أنت؟
قال: من مزينة.
قال: أتقرأ من القرآن شيئا؟
قال: بلي.
قال: فاقرأ.
فقرأ، فأجاد.
فقال: أبك جنة؟
قال: لا.
قال: فاذهب حتي نسأل عنك.
فذهب الرجل، ثم رجع إليه بعد، فقال: يا أمير المؤمنين اني زنيت فطهرني.
فقال: ألك زوجة؟
قال: بلي.
قال: فمقيمة معك في البلد؟
قال: نعم.
قال: فأمره أمير المؤمنين (عليه السلام) فذهب وقال: حتي نسأل عنك. فبعث إلي قومه فسأل عن خبره، فقالوا: يا أمير المؤمنين صحيح العقل.
فرجع إليه الثالثة، فقال له مثل مقالته.
فقال: له اذهب حتي نسأل عنك.
فرجع إليه الرابعة، فلما أقر قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لقنبر: احتفظ به. ثم غضب، ثم قال:
ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه علي رؤوس الملأ، أفلا تاب في بيته، فوالله لتوبته فيما بينه وبين الله أفضل من إقامتي عليه الحد … الحديث.
الكافي الشريف: ج ٧، ص ١٨٨، ح ٣.
وروي أيضا عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) في رجل أقر علي نفسه الزنا في حديث قال (صلي الله عليه وآله) في ذيله: (لو استتر ثم تاب كان خيرا له). الكافي: ج ٧، ص ١٨٥، ورواه الشيخ الطوسي في التهذيب: ج ١٠، ص 8، ح 22.
(٢٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة الكوفة (1)، الشيخ الطوسي (1)، القرآن الكريم (1)، الزنا (1)، الزوج، الزواج (1)، الإقامة (1)
وأما لو كان حقا للناس:
فإن كان حقا ماليا فيجب عليه أن يوصله لصاحب الحق، أو وارثه.
وأما إذا لم يكن حقا ماليا، فإن كان قد أضل انسانا فيجب عليه هدايته.
وإن كان حدا مثل قول الفحش فإن كان ذلك الشخص عالما بإهانته له، فعليه أن يمكنه من الحد من نفسه.
وإن لم يكن عالما ففيه خلاف بين العلماء، ويري الأكثر إن كان اخباره يوجب أذاه وإهانته، فلا يلزم الإخبار لذلك.
وكذلك الحكم إذا استغاب انسانا، انتهي (1).
(١) أقول: من المناسب في هذا المقام جدا أن انقل الرواية الشريفة التي رواها السيد الرضي رضي الله تعالي عنه في (نهج البلاغة) في باب المختار من قصار كلماته (عليه السلام): ج ٤، تحت رقم ٤٠٢، ص ٩٧، شرح محمد عبده.
وقال (عليه السلام) لقائل قال بحضرته، استغفر الله ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار؟!
الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع علي ستة معان:
أولها: الندم علي ما مضي.
والثاني: العزم علي ترك العود إليه أبدا.
والثالث: أن تؤدي إلي المخلوقين حقوقهم حتي تلقي الله أملس ليس عليك تبعة.
والرابع: أن تعمد إلي كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها.
والخامس: أن تعمد إلي اللحم الذي نبت علي السحت فتذيبه بالأحزان حتي تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد.
والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول استغفر الله.
وقد عقد الميرزا العارف الكامل العامل آية الله الشيخ جواد الملكي التبريزي - قدس الله روحه الطاهرة - فصلا جليلا في كتابه الشريف (السير إلي الله) حول المعصية، نحيلك عليه لما حوي ذلك الفصل من الآداب المهمة والمطالب الجليلة.
السير إلي الله، تأليف الميرزا الملكي التبريزي، ترجمة وشرح صاحب هذه السطور:
ص ١٤٧ - ١٧٧، الطبعة الأولي، دار التعارف بيروت.
كذلك يستحسن مراجعة ما كتبه الشيخ السالك العارف الواصل الشيخ البهاري الهمداني قدس الله روحه الطاهرة في كتابه (تذكرة المتقين).
ويستحسن أن تقرأ ما كتبه الخواجة نصير الدين الطوسي في كتاب (أوصاف الأشراف).
فراجعها واستفد.
(٢٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، مدينة بيروت (1)، الجود (1)
* القصة الثالثة:
روي ابن بابويه قال:
بينما رسول الله (صلي الله عليه وآله) مستظل بظل شجرة في يوم شديد الحر، إذ جاء رجل فنزع ثيابه، ثم جعل يتمرغ في الرمضاء يكوي ظهره مرة، وبطنه مرة، وجبهته مرة، ويقول:
يا نفس! ذوقي فما عند الله عز وجل أعظم مما صنعت بك، ورسول الله ينظر إلي ما يصنع، ثم إن الرجل لبس ثيابه، ثم اقبل، فأومأ إليه النبي (صلي الله عليه وآله) بيده، ودعاه، فقال له: يا عبد الله! لقد رأيتك صنعت شيئا ما رأيت أحدا من الناس صنعه، فما حملك علي ما صنعت؟!
فقال الرجل: حملني علي ذلك مخافة الله عز وجل، وقلت لنفسي: يا نفس ذوقي، فما عند الله أعظم مما صنعت بك.
فقال النبي (صلي الله عليه وآله) لقد خفت ربك حق مخافته، وان ربك ليباهي بك أهل السماء.
ثم قال لأصحابه: يا معاشر من حضر ادنوا من صاحبكم حتي يدعو لكم.
فدنوا منه، فدعا لهم، وقال لهم: " اللهم أجمع أمرنا علي الهدي، واجعل التقوي زادنا والجنة مآبنا " (1).
* القصة الرابعة:
روي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) قال:
خرجت امرأة بغي علي شباب من بني إسرائيل فأفتنتهم. فقال بعضهم: لو كان العابد فلانا رآها أفتنته.
(1) رواه الصدوق (رحمه الله) في الأمالي: ص 279 - 280، المجلس 54، ح 26، ورواه عنه المجلسي في البحار: ج 70، ص 378، ح 23.
(٢٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الخوف (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (1)
وسمعت مقالتهم، فقالت: والله لا أنصرف إلي منزلي حتي أفتنه.
فمضت نحوه في الليل، فدقت عليه.
فقالت: آوي عندك، فأبي عليها.
فقالت: ان بعض شباب بني إسرائيل راودوني عن نفسي، فإن أدخلتني، وإلا لحقوني وفضحوني.
فلما سمع مقالتها، فتح لها، فلما دخلت عليه، رمت بثيابها، فلما رأي جمالها، وهيئتها وقعت في نفسه.
فضرب يده عليها، ثم رجعت إليه نفسه، وقد كان يوقد تحت قدر له، فأقبل حتي وضع يده علي النار.
فقالت: أي شئ تصنع؟
فقال: احرقها لأنها عملت العمل.
فخرجت حتي أتت جماعة بني إسرائيل، فقالت، الحقوا فلانا، فقد وضع يده علي النار.
فاقبلوا، فلحقوه وقد احترقت يده (1).
* القصة الخامسة:
روي ابن بابويه عن عروة بن الزبير انه قال:
كنا جلوسا في مجلس في مسجد رسول الله (صلي الله عليه وآله) فتذاكرنا أعمال أهل بدر، وبيعة الرضوان.
فقال أبو الدرداء: يا قوم ألا أخبركم بأقل القوم مالا، وأكثرهم ورعا، وأشدهم اجتهادا في العبادة؟
قالوا: من؟
(1) رواه الراوندي في قصص الأنبياء: ص 183، الباب 9، الفصل 3، ح 222، ونقله عنه المجلسي في البحار: ج 14، ص 492، ح 11، وفي ج 70، ص 387، ح 52.
(٢٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو الدرداء (1)، السجود (1)، العلامة المجلسي (1)
قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام).
قال: فوالله إن كان في جماعة أهل المجلس إلا معرض عنه بوجهه، ثم أنتدب له رجل من الأنصار؟ فقال له: يا عويمر لقد تكلمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها.
فقال أبو الدرداء: يا قوم اني قائل ما رأيت، وليقل كل قوم منكم ما رأوا.
شهدت علي بن أبي طالب (عليه السلام) بشويحطات النجار وقد اعتزل عن مواليه، واختفي ممن يليه، واستتر بمغيلات النخل فافتقدته، وبعد علي مكانه، فقلت لحق بمنزله. فإذا أنا بصوت حزين، ونغمة شجية، وهو يقول:
إلهي كم من موبقة حلمت عني فقابلتها بنعمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك.
(إلهي إن طال في عصيانك عمري، وعظم في الصحف ذنبي، فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك).
فشغلني الصوت، واقتفيت الأثر، فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعينه، فاستترت له، وخملت الحركة، فركع ركعات في جوف الليل الغابر، ثم فزع إلي الدعاء والبكاء، والبث، والشكوي، فكان مما به الله ناجي ان قال:
" إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي ".
ثم قال:
" آه إن إنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها، فتقول خذوه، فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته يرحمه الملأ إذا أذن فيه بالنداء ".
ثم قال:
(آه من نار تنضج الأكباد والكلي، آه من نار نزاعة للشوي، آه من غمرة من ملهبات لظي).
(٢٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، أبو الدرداء (1)، الفزع (1)، الركوع، الركعة (1)
قال: ثم انغمر في البكاء، فلم أسمع له حسا ولا حركة، فقلت: غلب عليه النوم لطول السهر، أوقظه لصلاة الفجر.
قال أبو الدرداء: فأتيته، فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحركته فلم يتحرك، وزويته فلم ينزو، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، مات والله علي بن أبي طالب (عليه السلام).
قال: فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم.
فقالت فاطمة (عليها السلام): يا أبا الدرداء ما كان من شأنه، ومن قصته؟
فأخبرتها الخبر، فقالت: هي والله - يا أبا الدرداء - الغشية التي تأخذه من خشية الله.
ثم أتوه بماء فنضحوه علي وجهه، فأفاق، ونظر إلي وأنا أبكي، فقال: مما بكاؤك يا أبا الدرداء؟
فقلت: مما أراه تنزله بنفسك.
فقال: يا أبا الدرداء! فكيف لو رأيتني، ودعي بي إلي الحساب، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني ملائكة غلاظ، وزبانية فظاظ، فوقفت بين يدي الملك الجبار، قد أسلمني الأحباء، ورحمني أهل الدنيا لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا تخفي عليه خافية.
فقال أبو الدرداء: فوالله ما رأيت ذلك لأحد من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله) (1).
يقول المؤلف: رأيت من المناسب أن انقل هذه المناجاة عنه (عليه السلام) بنفس ألفاظها التي كان يقرأها، ليقرأها من شاء في قلب الليل في وقت التهجد، كما عمل ذلك شيخنا البهائي (رحمه الله) في كتاب (مفتاح الفلاح).
* وهذه المناجاة الشريفة هي:
" إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنقمتك (2) وكم من جريرة تكرمت عن
(1) رواه الصدوق بالإسناد إلي عروة بن الزبير في الأمالي: ص 72 - 73، المجلس 18، ح 9، ورواه عنه المجلسي في البحار: ج 41، ص 11 - 12، ح 1، وفي: ج 87، ص 194، ح 2.
(2) بنعمتك: خ، ل.
(٢٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، صلاة الفجر (الصبح) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، كتاب مفتاح الفلاح للبهائي العاملي (1)، أبو الدرداء (2)، البكاء (1)، الموت (1)، الغلّ (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (1)
كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما انا مؤمل (1) غير غفرانك، ولا انا براج (2) غير رضوانك * إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي * آه ان قرأت في الصحف (3) سيئة انا ناسيها وأنت محصيها فتقول: خذوه، فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ولا تنفعه قبيلته * آه من نار تنضج الأكباد والكلي * آه من نار نزاعة للشوي * آه من غمرة من لهبات لظي (4).
* القصة السادسة:
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال:
ان رسول الله (صلي الله عليه وآله) صلي بالناس الصبح، فنظر إلي شاب من الأنصار (5) وهو في المسجد يخفق، ويهوي رأسه، مصفر لونه، نحيف جسمه، وغارت عيناه في رأسه.
فقال له رسول الله (صلي الله عليه وآله): كيف أصبحت يا فلان.
فقال: أصبحت يا رسول الله (صلي الله عليه وآله) موقنا.
فقال: فعجب رسول الله (صلي الله عليه وآله) من قوله، وقال له: ان لكل شئ حقيقة، فما حقيقة يقينك؟
قال: ان يقيني يا رسول الله هو أحزنني، وأسهر ليلي، وأظمأ هواجري.
فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها، حتي كأني انظر إلي عرش ربي وقد نصب للحساب، وحشر الخلائق لذلك وأنا فيهم.
وكأني انظر إلي أهل الجنة يتنعمون فيها، ويتعارفون، علي الأرائك متكئين.
(١) بمؤمل: خ، ل.
(٢) راج: خ، ل.
(٣) الصحيفة: خ، ل.
(٤) مفتاح الفلاح: للشيخ البهائي، ص 307.
(5) روي البرقي (رحمه الله) في المحاسن رواية أخري وقال (استقبل رسول الله (صلي الله عليه وآله) حارثة بن مالك بن النعمان فقال له: كيف أنت يا حارثة الحديث … ). المحاسن: ص 246، (كتاب مصابيح الظلم من المحاسن)، باب 29، ح 147.
(٢٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، السجود (1)، كتاب مفتاح الفلاح للبهائي العاملي (1)، الشيخ البهائي (1)، حارثة بن مالك (1)
وكأني انظر إلي أهل النار فيها معذبون يصطرخون.
وكأني أسمع الآن زفير النار يعزفون في مسامعي (1).
قال: فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله) لأصحابه: هذا عبد نور الله قلبه للإيمان.
ثم قال: الزم ما أنت عليه.
قال: فقال له الشاب: يا رسول الله! ادع الله لي أن ارزق الشهادة معك.
فدعا له رسول الله (صلي الله عليه وآله) بذلك.
فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي (صلي الله عليه وآله) فاستشهد بعد تسعة نفر، وكان هو العاشر (2).
(١) في الكافي بدل (يعزفون في مسامعي) (يدور في مسامعي).
(٢) رواه الكليني (رضي الله عنه) في الكافي: ج ٢، ص ٥٣، ح ٢ ورواه البرقي في المحاسن: ص ٢٥٠، ح ٢٦٥ (كتاب مصابيح الظلم من المحاسن)، باب ٢٩. ونقله المجلسي في البحار: ج ٢٢، ص ١٤٦، ح ١٣٩، عن (نوادر الراوندي)، وفي ج ٦٧، ص ٢٩٩، ح ٢٥، وفي ج ٦٧، ص ٣١٣، ح ٤٦، وفي ج ٧٠. وراجع معاني الأخبار للصدوق: ص ١٨٧، باب معني الاسلام والإيمان، وفي ج ٥. ص ١٥٩، ح ١٧ وفي ج ٧٠، ص ١٧٤، ح ٣٠.
ولا يكاد ينقضي عجبي من قوم دخلاء علي أحاديث بيت العصمة والطهارة يتجرؤون ويتجاسرون علي أهل البيت (عليهم السلام)، وهم يدعون انهم من شيعتهم فينسبون لأهل البيت (عليهم السلام) ما يعجبهم من الأخبار ويروون عنهم مالا يفهمون ولا يفقهون، وكأنهم أولياء عليهم لا أولياء لهم. أعاذنا الله تعالي من أقوالهم. وعليه فيصححون بعض الأخبار بحسب عقولهم وسليقتهم، وينفون غيرها بذلك، كما عمل ذلك بعض من علق علي بحار العلامة المجلسي أعلي الله تعالي مقامه فهم:
أولا: لا يعرفون ان السند إذا صح كان حجة علي العباد لأن خبر الثقة حجة.
وإن لم يصح لا يجوز رده لاحتمال أن يكون قد صدر عن أهل البيت (عليهم السلام) فيكون ردا عليهم كما ورد في الخبر الشريف عن الإمام الباقر (عليه السلام) الذي رواه الكليني في الكافي الشريف في باب الكتمان عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: (والله ان أحب أصحابي إلي أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا وان أسوأهم عندي حالا وأمقتهم الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروي عنا فلم يعقله اشمأز منه وجحده، وكفر من دان به، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند، فيكون بذلك خارجا من ولايتنا).
وفي البصائر روي الشيخ الثقة محمد بن الحسين الصفار بإسناده عن أحدهما (عليهم السلام) قال: (لا تكذبوا بحديث اتاكم به أحد فإنكم لا تدرون لعله من الحق فتكذبوا الله فوق عرشه).
والروايات في هذا المعني قد بلغت استفاضتها حد التواتر.
وثانيا: ان الدين لا يقاس بعقول الرجال كما ورد في الأخبار المستفيضة إن لم يدع التواتر علي النهي بالعمل بالرأي والقياس والاستحسان حتي صار ذلك من ضروريات المذهب كما ادعاه كثير من الأساطين أهل التحقيق، وهو الصحيح، فمنها ما رواه المفيد بإسناد صحيح عن زرارة بن أعين قال: قال لي أبو جعفر بن علي (عليهم السلام): يا زرارة إياك وأصحاب القياس في الدين، فإنهم تركوا علم ما وكلوا به، وتكلفوا ما قد كفوه، يتأولون الأخبار ويكذبون علي الله عز وجل … ) " الوسائل: كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، باب ٦، ح ٤٣ ".
وفي رواية عبد الرحمان بن الحجاج عن الصادق (عليه السلام) قال: (.. إياك عن خصلتين تهلك فيهما الرجال: أن تدين بشئ من رأيك، أو تفتي الناس بغير علم " الوسائل كتاب القضاء:
أبواب صفات القاضي، باب ٤، ح ٢٩.
وانما أوجب الأئمة (عليهم السلام) الرجوع إليهم والعمل برواياتهم وقد بحث علماؤنا ذلك في علوم خاصة.
وثالثا: بطلان حجة أولئك الذين لم يفهموا شيئا من الأخبار، وإليك المثال هذا، حيث علق علي هذا الحديث الشريف بقوله:
(الظاهر أن هذا الحديث من سفاسف المتصوفة المتزهدة، خصوصا بملاحظة ما في بعضها انه كان في المسجد يخفق ويهوي برأسه، فإنه من شعار المتصوفة).
هامش البحار: ج ٧٠، ص ١٧٥، ١٧٦.
ويجاب عليه - ولو اني لا أري حاجة للجواب لولا تكرر هذه الخزعبلات منه في عدة مواضع من الكتاب الشريف - بعدة أجوبة منها:
أولا: متي كان الخفق من شعار المتصوفة؟ وفي أي كتاب يوجد هذا الشعار؟!
وهو أمر طبيعي لمن يقضي ليله بالعبادة وسهر التهجد أن تخفق عينه بالنهار.
نعم الذين لم يعرفوا التهجد، ولم يرزقوا احياء الليل في العبادة، يعتبرون ذلك أمرا غريبا.
وثانيا: ما هو تحديد معني الصوفي؟ فهل أن كل عابد زاهد فهو صوفي في رأيه؟ أم ان الصوفية مذهب خاص له أفكاره وآراؤه ونظرياته في الوجود والواجب والمعاد والسير إلي الله تعالي والسلوك إليه، والوسيلة إليه وغير ذلك.
وهل أن كل ما عند الصوفية فهو قبيح سئ غير مقبول، حتي لو كان السهر في العبادة.
انه لأمر غريب من أولئك الدخلاء. ولكن الأعجب منه ما يفعله بعض التجار بطبع تلك الخزعبلات وترويجها. والله تعالي هو المنجي الخلق من جهل الجاهلين وانتحال الضالين.
وثالثا: أليست تلك الحقائق التي ذكرها الشاب العارف مذكورة في خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) في أوصاف المتقين؟
وإليك الخطبة لتعرف مطابقتها لمضامين الخبر:
(فالمتقون فيها هم أهل الفضائل. منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم. ووقفوا أسماعهم علي العلم النافع لهم.
نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء. ولولا الأجل الذي كتب لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلي الثواب، وخوفا من العقاب، عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون. قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة.
صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة، تجارة مربحة يسرها لهم ربهم. أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها. أما الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا يحزنون به أنفسهم ويستثيرون به دواء دائهم فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا انها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وظنوا ان زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم، فهم حانون علي أوساطهم، مفترشون لجباههم واكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم يطلبون إلي الله تعالي في فكاك رقابهم.
وأما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء، قد برأهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضي وما بالقوم من مرض، ويقول قد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم، لا يرضون من أعمالهم إلا القليل ولا يستكثرون الكثير … الخطبة الشريفة).
ورابعا: هل يحق لكل أحد أن يستظهر ما يشاء كيف يشاء وما يشاء كما يذهب إليه ذلك القائل دون أن يحاسب عن الدليل والسبب.
ان الاستظهار (وهو أن يقول القائل: الظاهر، والأظهر وما شابهها من العبارات) لابد وأن يكون مبتنيا علي أساس علمي ودليل منطقي.
(٢٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الشهادة (1)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (3)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، العلامة المجلسي (2)، عبد الرحمان بن الحجاج (1)، الشيخ الصدوق (1)، زرارة بن أعين (1)، محمد بن الحسين (1)، القرآن الكريم (1)، الباطل، الإبطال (1)، الظلم (1)، الحج (3)، النهي (1)، الجهل (1)، السجود (1)، المرض (1)، الخوف (1)، الجواز (1)، التجارة (1)

ذكر بعض الأمثال لتنبه المؤمنين

في ذكر بعض الأمثال لتنبه المؤمنين * المثال الأول:
قال بلوهر: بلغنا ان رجلا حمل عليه فيل مغتلم، فانطلق موليا هاربا، واتبعه الفيل حتي غشيه،، فاضطره إلي بئر، فتدلي فيها، وتعلق بغصنين نابتين علي شفير البئر، ووقعت قدماه علي رؤوس حيات.
فلما تبين له الغصنين فإذا في أصلهما جرذان يقرضان الغصنين أحدهما أبيض والآخر أسود، فلما نظر إلي تحت قدميه فإذا رؤوس أربع أفاعي قد طلعن من جحرهن.
فلما نظر إلي قعر البئر إذا بتنين فاغر نحوه يريد التقامه.
فلما رفع رأسه إلي أعلي الغصنين إذا عليهما شئ من عسل النحل، فتطعم من ذلك العسل فألهاه ما طعم منه، وما نال من لذة العسل وحلاوته عن الفكر في أمر الأفاعي اللواتي لا يدري متي يبادرنه، وألهاه عن التنين الذي لا يدري كيف يصير مصيره بعد وقوعه في لهواته.
أما البئر فالدنيا مملوة آفات وبلايا وشرور، وأما الغصنان فالعمر، وأما الجرذان فالليل والنهار يسرعان في الأجل، وأما الأفاعي الأربعة فالأخلاط الأربعة التي هي السموم القاتلة من المرة والبلغم والريح والدم التي لا يدري صاحبها متي تهيج به.
وأما التنين الفاغر فاه ليلتقمه فالموت الراصد الطالب.
صفحه(٢٦٥)
وأما العسل الذي اغتر به المغرور فما ينال الناس من لذة الدنيا وشهواتها ونعيمها ودعتها من لذة المطعم والمشرب والشم واللمس والسمع والبصر (1).
يقول المؤلف: لم يذكر مثل أحسن من هذا في انطباقه علي الممثل لغفلة الانسان عن الموت والأهوال التي بعده واشتغاله بلذات الدنيا العاجلة الفانية، فليتأمل فيه جيدا فلعله يصير سبب التنبه عن نومة الغفلة.
* وفي الخبر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما دخل (سوق البصرة فنظر إلي الناس يبيعون ويشترون، فبكي (عليه السلام) بكاءا شديدا، ثم قال:
" يا عبيد الدنيا وعمال أهلها، إذا كنتم بالنهار تحلفون، وبالليل في فرشكم تنامون، وفي خلال ذلك عن الآخرة تغفلون، فمتي تجهزون (2) الزاد، وتفكرون في المعاد؟!! (3) ".
يقول المؤلف: ورأيت من المناسب أن أذكر هنا عدة أبيات من الشعر:
اي به غفلت گذارنيده همه عمر عزيز * تا چه داري وچه كردي عملت كو وكدام توشهء آخرتت چيست در أين رآه دراز * كه توراموي سفيد از اجل آورد پيام مي‌تواني كه فرشته شوي از علم وعمل * ليك از همت دون ساخته أي بادد ودام چون شوي همره حوران بهشتي كه تورا * همه در آب وگياه است نظر چون انعام جهد آن كن كه نماني ز سعادت محروم * كار خودساز كه اينجا دوسه روزيست مقام يعني:
1 - يا من قضيت عمرك العزيز بالغفلة، فأي عمل عندك، وما الذي فعلته، وما هو، وأين هو؟.
2 - ما هو زاد آخرتك في هذا الطريق؟ وقد أتاك الشيب برسالة من الأجل
(1) كمال الدين للشيخ الصدوق: ص 593 - 594.
(2) في نسخة (تحرزون).
(3) الأمالي: للشيخ المفيد، ص 119، المجلس: 14، ح 3 ونقله عنه في البحار: ج 77، ص 424، ح 41 وفي ج 103، ص 32، ح 60.
(٢٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، مدينة البصرة (1)، الغفلة (1)، الموت (1)، العزّة (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، الشيخ الصدوق (1)
(الموت) (1).
3 - كنت قادرا أن تصير ملاكا بالعلم والعمل، ولكنك لوضاعة همتك عايشت الحيوانات المفترسة وغير المفترسة.
4 - كيف تكون مصاحبا لحواري الجنة؟ مع أنك تفكر دائما بالماء والعلف كالأنعام.
5 - فاجهد أن لا تبقي محروما من السعادة، وأصلح عملك، فان مكثك هنا ليومين أو ثلاث.
وقال شيخ الشيوخ النظامي الگنجوي (2):
(1) أقول: روي الصدوق بإسناده عن إبراهيم بن محمد الحسني قال: بعث المأمون إلي أبي الحسن الرضا (عليه السلام) جارية، فلما أدخلت إليه اشمأزت من الشيب، فلما رأي كراهيتها ردها إلي المأمون، وكتب إليه بهذه الأبيات شعرا:
نعي نفسي إلي نفسي المشيب * وعند الشيب يتعظ اللبيب … الخ). عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 178، باب 43، ح 8.
وروي القطب الراوندي في دعواته: انه لما دنا وفاة إبراهيم (عليه السلام)، قال: هلا أرسلت إلي رسولا حتي أخذت أهبة الموت؟
قال له: (أو ما علمت أن الشيب رسولي).
دعوات الراوندي: ص 239، ح 670. وعنه في البحار: ج 82، ص 172، ح 6.
(2) هو الشيخ أبو محمد الشاعر جمال الدين المشهور بالنظامي والحكيم النظامي الگنجوي، اختلفت كتب الأنساب في اسمه ونسبه وهو من ناحية (تفريش) أو (فراهان) من توابع قم من بلاد إيران وكان حكيما عارفا عالما عابدا زاهدا متقيا وكان يجتنب من ملازمة السلاطين وصحبتهم من بداية شبابه، مع ما كانوا يظهرونه له من الاحترام والاهتمام به، ولم يمدح أحدا منهم، وتنسب إليه بعض الكرامات.
وله شعر كثير باللغة الفارسية معروف ويعد من أركان الأدب الفارسي، وله دواوين خمسة معروفة (مخزن الأسرار - خسرو وشيرين - ليلي ومجنون - هفت پيكر - إسكندر نامة) ومجموعها: ثلاث آلاف وأربعمائة وثمانية وثمانين بيت. إضافة إلي ديوان شعر مفقود.
راجع ترجمته في الكني والألقاب - للمؤلف: ج 3، ص 259. ريحانة الأدب: ج 6، 211 - 215، وقد لخصنا ترجمته عنه وهو باللغة الفارسية.
(٢٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (2)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، النبي إبراهيم (ع) (1)، دولة ايران (1)، إبراهيم بن محمد (1)، الشيخ الصدوق (1)، القطب الراوندي (1)، جمال الدين (1)، الكرم، الكرامة (1)، الوفاة (1)
حديث كودكي وخود پرستي * رها كن كان خماري بود ومستي چو عمر از سي گذشت وياكه از بيست * نمي‌شايد دگر چون غافلان زيست نشاط عمر باشدتا چهل سال * چهل رفته فروريزد پروبال پس از پنجه نباشد تندرستي * بصر كندي پذيرد پاي سستي چو شصت آمد نشست آمد پديدار * چو هفتاد آمد افتاد آلت از كار به هشتاد ونود چون در رسيدي * بسا سختي كه از گيتي كشيدي از آنجا گربه صد منزل رساني * بود مرگي به صورت زند گاني سگ صياد كاهو گير گردد * بگيرد آهويش چون پير گردد چو در موي سياه آمد سفيدي * پديد آمد نشان نا اميدي زپنبه شد بنا گوشت كفن پوش * هنوز أين پنبه بيرون ناري از گوش يعني:
1 - اترك حديث الطفولة والأنانية فإنها حالة السكر والمخمورية.
2 - فعندما تنقضي ثلاثون سنة من العمر أو حتي عشرين فلا يليق بعد ذلك أن تعيش كالغافلين.
3 - فان قوة (حيوية) العمر إلي أربعين سنة، فإذا انقضت الأربعون فقد وقع الريش والجناح.
4 - فلا تبقي بعد الخمسين صحة وعافية، ويعشو البصر، وتخور القدم.
5 - فإذا جاءت الستون فسوف تظهر جليا أمارات الاقعاد، فإذا جاء السبعون عجز عن العمل.
6 - فإذا وصلت إلي أبواب الثمانين والتسعين فما أكثر المصاعب التي سوف تواجهها من هذا العالم.
7 - وإذا تجاوزت التسعين إلي المائة فهو الموت بصورة الحياة.
8 - فكلب الصياد الذي يصطاد الغزال، فان الغزال سوف يصطاده عندما يشيب.
(٢٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (1)
9 - فإذا جاء الشيب في الشعر الأسود فقد جاءت علامات انقطاع الأمل.
10 - وقد لبست شحمة أذنك من القطن كفنا وأنت بعد لم تخرج هذه القطنة من الاذن.
وقال آخر:
از روش أين فلك سبزفام * عمر گذشته است مراشصت عام در سر هر سالي از أين روزگار * خورده أم افسوس خوشيهاي پار باشدم از گردش دوران شگفت * كانچه مرا داد همه پس گرفت قوتم از زانو وبازو برفت * آب زرخ رنگ هم از موبرفت عقد ثرياي من از هم گسيخت * گوهر دندان همه يك يك بريخت آنچه بجا ماند ونيابد خلل * بار گناه آمد وطول امل زنگ رحيل آمد از أين گوچگاه * همسفران روي نهاده به رآه آه زبي زادي روز معاد * زاد كم وطول مسافت زياد بارگران بر سر دوشم چه كوه * كوه هم ز بار من آمد ستوه أي كه بر عفو عظيمت گناه * در جلو سيل بهار است كاه فضل تو گر دست نگيرد مرا * عصمتت أر باز گذرد مرا جز به جهنم نرود رآه من * در سقر انداخته بنگاه من بندهء شر مندهء نادان منم * غوطه زن لجهء عصيان منم خالق وبخشندهء احسان توئي * فرد ونوازنده به غفران توئي يعني:
1 - بحركة هذا الفلك الأخضر قد انقطعت من العمر ستون سنة.
2 - وعلي رأس كل سنة من هذا الدهر تأسفت علي طيبات العام الماضي.
3 - واني لأعجب من التفاف الدهر حيث استرد مني كل ما أعطانيه.
4 - وراحت مني قوتي من الساق والساعد، وذهب الماء من وجنتي، واللون من شعري.
صفحه(٢٦٩)
5 - وانفرط عقد ثرياي وتناثر جوهر أسناني الواحد تلو الآخر.
6 - والذي بقي سالما بدون اختلال هو حمل الذنب وطول الأمل.
7 - وحان جرس رحيل هذا الظعن المسافر وتقدم رفقاء السفر.
8 - آه من فقدان زاد يوم المعاد، فالزاد قليل والمسافة طويلة.
9 - والحمل الثقيل علي كتفي كالجبل، بل يكل الجبل عن حمل ثقلي أيضا.
10 - فيا من الذنب أمام عفوك العظيم مثل التبن أمام سيل الربيع.
11 - إذا لم يأخذ فضلك بيدي وكذا لو تركتني عصمتك أيضا:
12 - فسوف لا ينتهي طريقي إلا إلي جهنم، ويكون مستقري في سقر.
13 - أنا العبد النادم الجاهل الغريق في لجة عصياني.
14 - وأنت الخالق المحسن بالعفو الفرد واللطيف بمغفرتك.
* قال رسول الله (عليه السلام): " أبناء الأربعين زرع قد دنا حصاده أبناء الخمسين ماذا قدمتم وماذا أخرتم، أبناء الستين هلموا إلي الحساب، أبناء السبعين عدوا أنفسكم في الموتي " (1).
* وفي الخبر: إن الديك يقول: اذكروا الله يا غافلين (2).
(١) جامع الأخبار: ص ١٢٠، الفصل ٧٦، وعنه في البحار، ج ٧٣، ص ٣٩٠، ح ١٢، وفي سفينة البحار، ج ٢، ص ٢٥٧ الطبعة الحجرية.
(٢) راجع قصص الأنبياء للقطب الراوندي: ص ٢٥٦، الباب ١٧، فصل ٨، ح ٣٠٠. والرواية مروية عن أمير المؤمنين (عليه السلام).
وفي: مناقب آل أبي طالب: لابن شهرآشوب، ج ٢، ص ٥٥ (فصل في المسابقة بالعلم) وفيه: (ابن مجال قال: قال علي (عليه السلام): نقيق الديك اذكروا الله يا غافلين).
وفي: الاختصاص، للشيخ المفيد، ص 136، (حديث منطق بعض الحيوانات)، فقال علي (عليه السلام): (ويقول الديك في نعيقه بالأسحار: اذكروا الله يا غافلين).
سفينة البحار: ج 1، ص 475 الطبعة الحجرية. وقد نقلها المجلسي في البحار: ج 14، ص 412، ح 1، وفي: ج 40، ص 170، ح 4، وفي: ج 64، ص 35، ح 12 ولكنه نقل عن أصل قديم من خط التلعكبري (رحمه الله)، بإسناده عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) (وأما الديك فيقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، وأما الضفدع فيقول اذكروا الله يا غافلين)، ج 64، ص 46، ح 22.
(٢٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (1)، الجهل (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مناقب آل أبي طالب عليه السلام (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، القطب الراوندي (1)، ابن شهرآشوب (1)
هنگام سفيده دم خروس سحري * داني كه چرا همي كند نوحه گري يعني كه نمودند در آئينهء صبح * كز عمر شبي گذشت وتوبي خبري يعني:
1 - هل تدري لماذا ينوح دائما ديك السحر عندما يضئ الفجر ويتنفس؟
2 - يعني ظهر في مرآة الصبح انه انقضي من عمرك ليلة وأنت غافل.
ولنعم ما قال الشيخ الجامي:
دلا تا كي در أين كأخ مجازي * كني مانند طفلان خاكبازي توئي آن دست پرور مرغ گستاخ * كه بودت آشيان بيرون از أين كأخ چرا زان آشيان بيگانه گشتي * چو دونان مرغ أين ويرانه گشتي بيفشان بال وپر زاميزش خاك * بپرتا كنگره ايوان افلاك ببين در قصر أزرق طيلسانان * رداي نور بر عالم فشانان همه دور جهان روزي گرفته * به مقصد رآه فيروزي رفته خليل آسا در ملك يقين زن * نداي لا أحب الآفلين زن يعني:
1 - ألا يا نفس إلي متي تعمل في هذا القصر المجازي كالأطفال يلعبون بالتراب.
2 - أنت ذلك الطائر المربي الجرئ، الذي كان وكرك خارج هذا القصر.
3 - لماذا تركت وكرك ذاك، وصرت طير هذه الخرائب؟
4 - انفض جناحك وريشك مما عليه من تراب، وحلق إلي أعلي مكان من إيوان الأفلاك.
5 - انظر في القصر ذوي الطيالسة (1) الذين ينشرون رداء النور علي العالم.
6 - والكل آخذ برزقه من هذا العالم، متخذ طريق الفوز والنجاح.
(1) الطيالسة: مفرده طيلسان، وهو كساء أخضر (أزرق) يلبسه الخواص من المشائخ والعلماء، وهو من لباس العجم.
(٢٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الطيران، الطير (1)، البول (1)، اللبس (1)
7 - فاطرق باب ملك اليقين كإبراهيم الخليل، وناد بنداء لا أحب الآفلين (1).
* المثال الثاني:
لأهل الدنيا الذين خدعتهم الدنيا وتعلقت قلوبهم بها.
قال بلوهر:
كان أهل مدينة يأتون الرجل الغريب الجاهل بأمرهم فيملكونه عليهم سنة، فلا يشك ان ملكه دائم عليهم لجهالته بهم، فإذا انقضت السنة أخرجوه من مدينتهم عريانا مجردا سليبا، فيقع في بلاء وشقاء لم يحدث به نفسه، فصار ما مضي عليه من ملكه وبالا وحزنا ومصيبة وأذي (2).
ويصير مصداق هذا الشعر:
أي كرده شراب حب دنيا مستت * هشيارنشين كه چرخ سازد پستت مغرور جهان مشوكه چون مثل حنا * بيش از دو سه روزي نبود در دستت يعني:
يا من أسكرته خمرة حب الدنيا * انتبه! فان الفلك يدور بك إلي الأسفل ولا تغتر بالدنيا لأنها كالحناء لا يبقي لونها * في يديك أكثر من يومين أو ثلاث ثم إن أهل تلك المدينة أخذوا رجلا آخر، فملكوه عليهم، فلما رأي الرجل غربته فيهم، لم يستأنس بهم، وطلب رجلا من أهل أرضه خبيرا بأمرهم حتي وجده، فأفضي إليه بسر القوم، وأشار إليه أن ينظر إلي الأموال التي في يديه فيخرج منها ما استطاع، الأول، فالأول: حتي يحرزه في المكان الذي يخرجونه إليه، فإذا أخرجه القوم صار إلي الكفاية والسعة بما قدم وأحرز.
ففعل ما قال له الرجل ولم يضيع وصيته (3).
(1) وهو نداء إبراهيم الخليل (عليه السلام) كما في قوله تعالي: * (لا أحب الآفلين) * من سورة الأنعام الآية 76.
(2) كمال الدين للشيخ الصدوق: ص 595.
(3) كمال الدين للشيخ الصدوق: ص 595.
(٢٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الشقاء (1)، الوسعة (1)، الجهل (1)، النبي إبراهيم (ع) (1)، الشيخ الصدوق (2)، سورة الأنعام (1)
يقول المؤلف: يقول الله تعالي في القرآن المجيد:
* (ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون) * (1).
* وقال الإمام الصادق (عليه السلام):
إن العمل الصالح ليسبق صاحبه إلي الجنة فيمهد له كما يمهد لأحدكم خادمه فراشه (2).
* ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلماته القصار:
يا بن آدم كن وصي نفسك، واعمل في مالك ما تؤثر أن يعمل فيه من بعدك (3).
فيا عزيزي!
برگ عيشي به گور خويش فرست * كس نيارد زپس توپيش فرست خور وپوش وبخشاي وراحت رسان * نگه مي‌چه داري زبهر كسان زر ونعمت اكنون بده كان تست * كه بعد از تو بيرون زفرمان تست توبا خود ببر توشهء خويشتن * كه شفقت نيايد زفرزند وزن
(١) سورة الروم: الآية ٤٤.
(٢) راجع مجمع البيان للطبرسي: ج ٤، ص ٣٠٧، قال: (وروي عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) … الحديث)، ونقله عنه الشيخ عبد علي الحويزي، في تفسير نور الثقلين، ج ٤، ص ١٩١.
وفي كتاب الزهد، للحسين بن سعيد الأهوازي الكوفي: عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (ان العمل الصالح ليذهب إلي الجنة فيسهل لصاحبه كما يبعث الرجل غلاما فيفرش له … )، ص ٢١، باب ٢، ح ٤٦.
وروي الشيخ أحمد بن فهد الحلي في عدة الداعي ص ٢١٧ عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
إن العمل الصالح ليمهد لصاحبه في الجنة كما يرسل الرجل غلاما بفراشه فيفرش له).
وفي الأمالي للشيخ المفيد: ص ١٩٥، ح ٢٦ قريبا منه.
ونقله في البحار: ج ٨، ص ١٩٨، ح ٨٩، وفي: ج ٧١، ص ١٨٥، ح ٤٦، وفي: ج ٧١، ص ١٨٧، ح ٤٩، وفي: ج ٧١، ص ١٩١، ح ٥٨.
(٣) نهج البلاغة: ج ٤، ص 56، شرح محمد عبده - تحت رقم 246، باب المختار من حكمه (عليه السلام). شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد: ج 19، ص 95.
(٢٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (3)، القرآن الكريم (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب عدة الداعي لابن فهد الحلي (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، أحمد بن فهد الحلي (1)، منصور بن حازم (1)، سورة الروم (1)، البعث، الإنبعاث (1)، الزهد (1)
غم خويش در زندگي خور كه خويش * به مرده نپردازد از حرص خويش به غمخوارگي چون سر انگشت تو * نخارد كسي در جهان پشت تو يعني:
1 - ابعث بزاد إلي قبرك، فليس هناك من يبعثه إليك بعدك.
2 - كل، والبس، وهب، وتنعم، فلم تبقي ما عندك لغيرك؟!
3 - أنفق الذهب والنعمة وأموالك الآن، فإنها سوف تخرج من سلطتك من بعدك.
4 - خذ زادك معك بنفسك فسوف، لا يشفق عليك ابنك، ولا زوجتك.
5 - اغتم لنفسك وأنت حي، فان الأقارب لا يؤدون شيئا للميت بسبب حرصهم.
6 - فاغتم لنفسك، فإنه ليس في الدنيا أحد يحك ظهرك مثل ظفرك.
* قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): " واعلموا ان كل امرئ علي ما قدم قادم وعلي ما خلف نادم " (1).
* ونقل عن أمالي المفيد النيشابوري، وتاريخ بغداد انه:
رأي أمير المؤمنين (عليه السلام) الخضر في المنام فسأله نصيحة قال: فأراني كفه فإذا فيها مكتوب بالخضرة:
قد كنت ميتا فصرت حيا * وعن قليل تعود ميتا فابن لدار البقاء بيتا * ودع لدار الفناء بيتا (2) * المثال الثالث:
وقد بلغنا ان ملكا من الملوك كان عاقلا قريبا من الناس، مصلحا لأمورهم،
(1) أعلام الدين للديلمي: ص 340 - 341، الأربعون حديثا التي رواها ابن ودعان، الحديث 27، ونقله في البحار: ج 77، ص 185، ح 10.
(2) سفينة البحار: ج 1، ص 391، الطبعة الحجرية. ج 2، ص 610، الطبعة الحديثة، مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب، ج 2، ص 248، البحار: ج 39، ص 133.
(٢٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، البعث، الإنبعاث (1)، الزوج، الزواج (1)، الموت (1)، ابن شهرآشوب (1)، السفينة (1)
حسن النظر والانصاف لهم، وكان له وزير صدق صالح يعينه علي الاصلاح، ويكفيه مؤونته، ويشاوره في أموره، وكان الوزير أديبا عاقلا، له دين، وورع، ونزاهة عن الدنيا، وكان قد لقي أهل الدين، وسمع كلامهم، وعرف فضلهم، فأجابهم، وانقطع إليهم بإخائه ووده.
وكانت له من الملك منزلة حسنة وخاصة. وكان الملك لا يكتمه شيئا من أمره. وكان الوزير أيضا له بتلك المنزلة، إلا أنه لم يكن ليطلعه علي أمر الدين، ولا يفاوضه أسرار الحكمة.
فعاشا بذلك زمانا طويلا. وكان الوزير كلما دخل علي الملك سجد للأصنام (1) وعظمها وأخذ شيئا في طريق الجهالة والضلالة تقية له.
فأشفق الوزير علي الملك من ذلك، واهتم به، واستشار في ذلك أصحابه وإخوانه، فقالوا له: انظر لنفسك وأصحابك فإن رأيته موضعا للكلام فكلمه وفاوضه، وإلا فإنك انما تعينه علي نفسك، وتهيجه علي أهل دينك، فان السلطان لا يغتر به، ولا تؤمن سطوته.
فلم يزل الوزير علي اهتمامه به، مصافيا له، رفيقا به رجاء أن يجد فرصة فينصحه، أو يجد للكلام موضعا فيفاوضه.
وكان الملك - مع ضلالته - متواضعا، سهلا، قريبا، حسن السيرة في رعيته، حريصا علي اصلاحهم، متفقدا لأمورهم.
فاصطحب الوزير الملك علي هذا برهة من زمانه.
ثم إن الملك قال للوزير ذات ليلة من الليالي بعدما هدأت العيون: هل لك أن تركب فنسير في المدينة، فننظر إلي حال الناس، وآثار الأمطار التي أصابتهم في هذه الأيام؟
فقال الوزير: نعم.
فركبا جميعا يجولان في نواحي المدينة. فمرا في بعض الطريق علي مزبلة
(1) هكذا في المصدر المطبوع وفي البحار.
(٢٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: التصديق (1)، الضلال (1)
تشبه الجبل، فنظر الملك إلي ضوء النار تبدو في ناحية المزبلة. فقال للوزير: ان لهذه لقصة، فأنزل بنا نمشي حتي ندنو منها، فنعلم خبرها.
ففعلا ذلك. فلما انتهيا إلي مخرج الضوء وجدا نقبا شبيها بالغار، وفيه مسكين من المساكين.
ثم نظرا في الغار من حيث لا يراهما الرجل، فإذا الرجل مشوه الخلق، عليه ثياب خلقان من خلقان المزبلة، متكئ علي متكاء قد هيأه من الزبل، وبين يديه إبريق فخار فيه شراب وفي يده طنبور يضرب بيده. وامرأته في مثل خلقه ولباسه قائمة بين يديه تسقيه إذا استسقي منها، وترقص له إذا ضرب، وتحييه بتحية الملوك كلما شرب. وهو يسميها سيدة النساء، وهما يصفان أنفسهما بالحسن والجمال، وبينهما من السرور والضحك والطرب مالا يوصف.
فقام الملك علي رجليه مليا، والوزير ينظر كذلك، ويتعجبان من لذتهما واعجابهما بما هما فيه.
ثم انصرف الملك والوزير.
فقال الملك: ما أعلمني وإياك أصابنا الدهر من اللذة والسرور والفرح مثل ما أصاب هذين الليلة، مع اني أظنهما يصنعان كل ليلة مثل هذا.
فاغتنم الوزير ذلك منه، ووجده فرصة، فقال له: أخاف - أيها الملك - أن تكون دنيانا هذه من الغرور، ويكون ملكك وما نحن فيه من البهجة والسرور في أعين من يعرف الملكوت الدائم مثل هذه المزبلة، ومثل هذين الشخصين اللذين رأيناهما، وتكون مساكننا وما شيدنا منها عند من يرجو مساكن السعادة وثواب الآخرة مثل هذا الغار في أعيننا، وتكون أجسادنا عند من يعرف الطهارة والنضارة والحسن والصحة مثل جسد هذه المشوه الخلق في أعيننا، ويكون تعجبهم عن إعجابنا بما نحن فيه كتعجبنا من اعجاب هذين الشخصين بما هما فيه.
قال الملك: وهل تعرف لهذه الصفة أهلا؟
قال الوزير: نعم.
(٢٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الضرب (2)، الإستسقاء (1)
قال الملك: من هم؟
قال الوزير: أهل الدين الذين عرفوا ملك الآخرة ونعيمها فطلبوه.
قال الملك: وما ملك الآخرة؟
قال الوزير: هو النعيم الذي لا بؤس بعده، والغني الذي لا فقر بعده، والفرح الذي لا ترح بعده، والصحة التي لا سقم بعدها، والرضا الذي لا سخط بعده، والأمن الذي لا خوف بعده، والحياة التي لا موت بعدها، والملك الذي لا زوال له.
هي دار البقاء، ودار الحيوان التي لا انقطاع لها، ولا تغير فيها، رفع الله عز وجل عن ساكنيها فيها السقم والهرم والشقاء، والنصب، والمرض، والجوع، والظمأ، والموت.
فهذه صفة ملك الآخرة، وخبرها أيها الملك.
قال الملك: وهل تدركون إلي هذه الدار مطلبا، والي دخولها سبيلا؟
قال الوزير: نعم! هي مهيأة لمن طلبها من وجه مطلبها. ومن أتاها من بابها ظفر بها.
قال الملك: ما منعك أن تخبرني بهذا قبل اليوم؟
قال الوزير: منعني من ذلك اجلالك، والهيبة لسلطانك.
قال الملك: لئن كان هذا الأمر الذي وصفت يقينا فلا ينبغي لنا أن نضيعه، ولا نترك العمل به في اصابته. ولكنا نجتهد حتي يصح لنا خبره.
قال الوزير: أفتأمرني أيها الملك أن أواظب عليك في ذكره، والتكرير له؟
قال الملك: بل آمرك أن لا تقطع عني ذكره ليلا ولا نهارا، ولا تريحني، ولا تمسك عني ذكره، فان هذا أمر عجيب لا يتهاون به، ولا يغفل عن مثله.
وكان سبيل ذلك الملك والوزير إلي النجاة (1).
* يقول المؤلف: رأيت من المناسب في هذا المقام لأجل زيادة بصيرة
(1) كمال الدين للشيخ الصدوق: ص 604 - 606، طبعة طهران.
(٢٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الخوف (1)، مدينة طهران (1)، الشيخ الصدوق (1)
المؤمنين أن أتبرك بذكر عدة فقرات من إحدي خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) الشريفة:
قال:
" احذروا هذه الدنيا الخداعة الغدارة التي قد تزينت بحليها، وفتنت بغرورها، وعزت بآمالها، وتشوفت لخطابها، فأصبحت كالعروس المجلوة والعيون إليها ناظرة والنفوس بها مشغوفة، والقلوب إليها تائقة، وهي لأزواجها كلهم قاتلة.
فلا الباقي بالماضي معتبر، ولا الآخر بسوء أثرها علي الأول مزدجر " (1).
إلي أن قال (عليه السلام):
" ومما يدلك علي دناءة الدنيا ان الله جل ثناؤه زواها عن أوليائه وأحبائه نظرا واختيارا، وبسطها لأعدائه فتنة واختبارا.
فأكرم محمدا نبيه (صلي الله عليه وآله) حين عصب علي بطنه من الجوع.
وحماها موسي نجيه المكلم، وكانت تري خضرة البقل من صفاق بطنه من الهزال " (2).
وساق (عليه السلام) الكلام في زهد الأنبياء (عليهم السلام) وتنزههم عنها وانهم:
" أنزلوا الدنيا من أنفسهم كالميتة التي لا يحل لأحد أن يشبع منها إلا في حال الضرورة إليها، وأكلوا منها بقدر ما أبقي لهم النفس، وامسك الروح، وجعلوها بمنزلة الجيفة التي اشتد نتنها، فكل من مر بها أمسك علي فيه، فهم يتبلغون بأدني البلاغ ولا ينتهون إلي الشبع من النتن ويتعجبون من الممتلي منها شبعا، والراضي بها نصيبا.
إخواني والله لهي في العاجلة والآجلة لمن ناصح نفسه في النظر، وأخلص لها الفكر أنتن من الجيفة، وأكره من الميتة، غير أن الذي نشأ في دباغ الإهاب لا يجد نتنه، ولا يؤذيه رائحته ما تؤذي المار به، والجالس عنده " (3).
(1) سفينة البحار: ج 1، ص 466، الطبعة الحجرية. البحار: ج 73، ص 108، ح 109.
(2) سفينة البحار: ج 1، ص 466، الطبعة الحجرية. البحار: ج 73، ص 110، ح 109.
(3) سفينة البحار: ج 1، ص 466 الطبعة الحجرية، البحار: ج 73، ص 111، ح 109. وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: " تمثلت الدنيا لعيسي (عليه السلام) في صورة امرأة زرقاء.
فقال لها: كم تزوجت؟
قالت: كثيرا.
قال: فكل طلقك؟
قالت: بل كلا قتلت.
قال: فويح لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بالماضين " من المؤلف (رحمه الله).
أقول: رواه الحسين بن سعيد الأهوازي الكوفي، في: الزهد، باب 8، ح 129، ص 48، ونقله في البحار: ج 14، ص 330، ح 67، وفي: ج 73، ص 125، ح 120.
(٢٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الأنبياء (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الزهد (2)، الأكل (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، الحسين بن سعيد الأهوازي (1)، السفينة (3)
ويقول (عليه السلام):
وإياك أن تغتر بما تري من اخلاد أهلها وتكالبهم عليها فإنهم كلاب عاوية وسباع ضارية، يهر بعضها علي بعض، يأكل عزيزها ذليلها، ويقهر كثيرها قليلها (1).
يقول الفقير: قد أخذ الحكيم السنائي (2) هذا المعني ونظمه شعرا فقال:
أين جهان بر مثال مرداري است * كر كسان گرد أو هزار هزار أين، مر آن را همي زند مخلب * آن مر أين را همي زند منقار آخر الامر بگذرند همه * وزهمه بازماند أين مردار
(١) رواه الشيخ ورام في تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج ١، ص ٧٧. ونقله عن المجلسي في البحار: ج ٧٣، ص ١٢٣، ح ١١١، وفي: ج ٧٧، ص ٢٠٧، ح ١. كشف المحجة لثمرة المهجة للسيد ابن طاووس: الفصل ١٥٤، ص ١٦٦، باختلاف يسير.
(٢) الحكيم السنائي: أبو المجد، مجدود بن آدم، الحكيم الغزنوي العالم العارف الشاعر الكامل الذي يستشهد بأشعاره المتقنة، وكان علي مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وكان في بداية أمره من رجال بلاط الحكام الغزنويين، وكان من مداحي السلطان إبراهيم الغزنوي، ثم تاب وأناب وصار من أهل السير والسلوك، وكان الملا الروحي مع فضله ومقامه - فإنه كان قطب وقته وسر سلسلة الشعراء العرفانيين - يعد نفسه من اتباع الحكيم السنائي.
ومن شعره وآثاره: الهي نامه - حديقة الحقيقة - بهروز وبهرام - حديقة الحقيقة وشريعة الطريقة - ديوان قصائد وغزل - رموز الأنبياء وكنوز الأولياء - زاد السالكين - طريق التحقيق - سير العباد إلي المعاد … وغير ذلك.
راجع في ترجمته: روضات الجنات: ج ٧، ص ٢٣٦ - ٢٤٢. ريحانة الأدب: ج ٣، ص ٧٩ - ٨٧. الكني والألقاب: ج ٢، ص 291 - 292، وغير ذلك.
(٢٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الأكل (1)، مدرسة أهل البيت عليهم السلام (1)، كتاب كشف المحجة لثمرة المهجة للسيد ابن طاووس (1)، السيد إبن طاووس (1)، العلامة المجلسي (1)، الشهادة (1)
أي سنائي نداي مرگ رسيد * گوشه أي گير از أين جهان هموار هان وهان تا تورا چه خود نكند * مشتي إبليس ديدهء طرار يعني:
1 - هذه الدنيا مثل الجيفة، والغربان تحوم حولها آلافا وآلافا.
2 - فهذا ينشب مخالبه في الآخر، وذاك ينقر بمنقاره فيه.
3 - وفي النهاية يذهبون، ويتركون الجيفة علي حالها.
4 - يا سنائي: قد وصل نداء الموت، فتنحي جانبا في زاوية من هذه الدنيا.
5 - فالحذر كل الحذر من شرذمة أبالسة أن يجعلوك مثلهم.
* يقول الفقير:
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والله لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير في يد مجذوم (1).
وهذا منتهي التحقير للدنيا، فان العظم أحقر من كل حقير بلا قيمة وبالخصوص إذا كان عظم خنزير وبالخصوص إذا كان في يد مجذوم فإنه في تلك الحالة سوف يكون أقذر من كل شئ.
* المثال الرابع:
وهو للذين قضوا عمرهم بنعمة الحق تعالي، فإذا ابتلوا أو امتحنوا كفروا بالنعمة، فاعرضوا عن المنعم الحقيقي وأسرعوا إلي غير الله، وارتكبوا
(١) نهج البلاغة: ج ٤، ص 52، شرح محمد عبدة تحت رقم 230، باب المختار من حكمه (عليه السلام)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 19، ص 67، تحت رقم (233). وقال:
(العراق: جمع عرق وهو العظم عليه شئ من اللحم، وهذا من الجموع النادرة نحو رخل ورخال، وتوأم وتؤام. ولا يكون شئ أحقر ولا أبغض إلي الانسان من عراق خنزير في يد مجذوم، فإنه لم يرض بأن يجعله في يد مجذوم - وهو غاية ما يكون من التنفير - حتي جعله عراق خنزير.
ولعمري لقد صدق - وما زال صادقا - ومن تأمل سيرته في حالتي خلوه من العمل وولايته الخلافة عرف صحة هذا القول). انتهي كلام ابن أبي الحديد.
(٢٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، دولة العراق (4)، الموت (1)، البلاء (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، التصديق (1)، العرق، التعرق (1)
مالا يليق بهم.
* وقد ذكر الشيخ البهائي هذا المثال في الكشكول.
وجاء به منظوما (1).
روي أنه كان في جبل لبنان رجل من العباد منزويا عن الناس في غار في ذلك الجبل، وكان يصوم النهار ويأتيه كل ليلة رغيف يفطر علي نصفه ويتسحر بالنصف الآخر، وكان علي ذلك الحال مدة طويلة لا ينزل من ذلك الجبل أصلا، فاتفق أن انقطع عنه الرغيف ليلة من الليالي، فاشتد جوعه وقل هجوعه فصلي العشاءين وبات في تلك الليلة في انتظار شئ يدفع به الجوع فلم يتيسر له شئ، وكان في أسفل ذلك الجبل قرية سكانها نصاري فعندما أصبح العابد نزل إليهم واستطعم شيخا منهم فأعطاه رغيفين من خبز الشعير، فأخذهما وتوجه إلي الجبل وكان في دار ذلك الشيخ كلب جرب مهزول، فلحق العابد ونبح عليه وتعلق بأذياله فألقي عليه العابد رغيفا من ذينك الرغيفين ليشتغل به عنه، فأكل الكلب ذلك الرغيف ولحق العابد مرة أخري وأخذ في النباح والهرير فألقي إليه العابد الرغيف الآخر فأكله ولحقه تارة ثالثة واشتد هريرة وتشبذ بذيل العابد ومزقه فقال العابد سبحان الله! اني لم أر كلبا أقل حياء منك أن صاحبك لم يعطني إلا رغيفين وقد أخذتهما مني ماذا تطلب بهريرك وتمزق ثيابي، فأنطق الله تعالي الكلب فقال:
لست أنا قليل الحياء، اعلم اني ربيت في دار ذلك النصراني احرس غنمه واحفظ داره وأقنع بما يدفعه إلي من خبز أو عظام، وربما نسيني فأبقي أياما لا أكل شيئا بل ربما تمضي أيام لا يجد هو لنفسه شيئا ولا لي ومع ذلك لم أفارق داره منذ عرفت نفسي ولا توجهت إلي باب غيره، بل كان دأبي انه إن حصل شئ شكرت
(1) قال المؤلف (رضي الله عنه) (وانا اكتفي هنا بنظمه ونقله من الكشكول).
ولكننا اكتفينا بنقل المثال بما ذكره الشيخ البهائي نثرا وذلك لأن ترجمة القصيدة سوف تفقد غرضها الموسيقي والأدبي فلذلك فالأفضل الاقتصار علي معني القصيدة باللفظ العربي الذي كتبه صاحب القصيدة، وقد ذكره في: الكشكول - الشيخ البهائي: ج 1، ص 34 - 35، وأما القصيدة فقد ذكرها في الكشكول: ج 1، ص 220 - 221.
(٢٨١)
صفحهمفاتيح البحث: دولة لبنان (1)، الشيخ البهائي (3)، يوم عرفة (1)، الصيام، الصوم (1)، الأكل (1)
وإلا صبرت، وأما أنت فبانقطاع الرغيف عنك ليلة واحدة لم يكن عندك صبر، ولا كان لك تحمل حتي توجهت من باب رزاق العباد إلي باب نصراني، وطويت كشحك عن الحبيب، وصالحت عدوه المريب فقل أينا أقل حياء أنا أم أنت؟
فلما سمع العابد ذلك ضرب بيديه علي رأسه وخر مغشيا عليه.
* يقول المؤلف: كم هو جميل في هذا المقام نقل ما قاله الشيخ سعدي حيث قال:
أجل الكائنات من حيث الظاهر الانسان، وأذل الموجودات الكلب، وباتفاق العقلاء ان الكلب الوفي خير من الانسان غير الشاكر للنعمة.
سگي را لقمه أي هر گز فراموش * نگردد گرزني صد نوتبش سنگ وگر عمري نوازي سفله أي را * به كمتر چيزي آيد باتو در جنگ يعني: لو أعطيت لكلب لقمة فإنه سوف لا ينساها أبدا، حتي لو رميته بالحجر مائة مرة.
ولو تلطفت عمرا علي سافل فإنه سوف يحاربك لأجل أقل الأشياء.
* ومن المناسب جدا أن نذكر هذا الخبر الشريف هنا لينير القلب ويقر العين:
روي أن أبا عبد الله (عليه السلام) كان عنده غلام يمسك بغلته إذا هو دخل المسجد، فبينما هو جالس ومعه البغلة إذ أقبلت رفقة من خراسان، فقال له رجل من الرفقة:
هل لك يا غلام أن تسأله ان يجعلني مكانك، وأكون له مملوكا، واجعل لك مالي كله، فاني كثير المال من جميع الصنوف، اذهب فاقبضه، وأنا أقيم معه مكانك؟
فقال: أسأله ذلك.
فدخل علي أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: جعلت فداك تعرف خدمتي، وطول صحبتي، فان ساق الله إلي خيرا تمنعنيه؟
قال: أعطيك من عندي، وأمنعك من غيري.
فحكي له قول الرجل، فقال: إن زهدت في خدمتنا ورغب الرجل فينا، قبلناه، وأرسلناك.
(٢٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: خراسان (1)، الفدية، الفداء (1)، الضرب (1)، الصبر (1)، السجود (1)
فلما ولي عنه دعاه، فقال له: أنصحك لطول الصحبة ولك الخيار، فإذا كان يوم القيامة كان رسول الله متعلقا بنور الله، وكان أمير المؤمنين متعلقا برسول الله (صلي الله عليه وآله)، وكان الأئمة متعلقين بأمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان شيعتنا متعلقين بنا يدخلون مدخلنا، ويردون موردنا.
فقال الغلام: بل أقيم في خدمتك، وأوثر الآخرة علي الدنيا.
وخرج الغلام إلي الرجل، فقال له الرجل: خرجت إلي بغير الوجه الذي دخلت به؟!
فحكي له قوله، وأدخله علي أبي عبد الله (عليه السلام). فقبل ولاءه، وأمر للغلام بألف دينار (1).
* يقول هذا الفقير لصاحب الذات القدسية: يا سيدي اني مذ عرفت نفسي وجدتها علي عتبة بابك، ونبت لحمي وجلدي من نعمتك. املا وأنا في أواخر عمري أن تتلطف علي بالحفظ، ولا تبعدني عن هذه الباب ولي طلب أقدمه بلسان الذل والفاقة:
عن حماكم كيف انصرف * وهواكم لي به شرف سيدي لا عشت يوم أري * في سوي أبوابكم اقف * المثال الخامس:
(لبيان دناءة وخسة الجهل والحث علي العلم والمعرفة).
ذكر أبو القاسم الراغب الأصفهاني في كتاب (الذريعة):
(دخل حكيم علي رجل فرأي دارا منجدة، وفرشا مبسوطة، ورأي صاحبها خلوا من الفضيلة، فبزق في وجهه.
فقال له: ما هذا السفه أيها الحكيم؟
(1) الخرائج والجرائح للقطب الراوندي: ج 1، ص 390 - 391، الباب 10، (في معجزات الإمام الجواد (عليه السلام))، ح 17. ونقله في البحار: ج 50، ص 87، ح 3.
(٢٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عرفة (1)، الراغب الإصفهاني (1)، الجهل (1)، الإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام (1)، كتاب الخرائج والجرائح للقطب الراوندي (1)
قال: بل هذه حكمة. ان البصاق ليرمي في أخس مكان في الدار، ولم أر في دارك أخس منك) (1).
* يقول المؤلف: فنبه هذا الرجل الحكيم بذلك علي قباحة ودناءة الجهل، وان القبح والدناءة لا تزول بمجرد اقتناء المنزل الجيد ولبس الألبسة الفاخرة.
ولكن لا يخفي ان الفضيلة للعلم تكون باقتران العلم فان هذه الفضيلة توأم مع تلك الخصلة الشريفة.
ولقد أجاد من قال:
نيست از بهر آسمان أزل * نردبان پايه به زعلم وعمل علم سوي دراله برد * نه سوي ملك ومال وجاه برد هر كه را علم نيست گمراه است * دست أو زانسري كوتاه است كاربي علم تخم در شور است * علم بي كارزنده در گور است حجت ايزدي است در گردن * خواندان علم وكار ناكردن آنچه دانسته أي به كار درآر * خواندن علم جوي ازپي كار تا تو در علم باعمل نرسي * عالمي فاضلي ولي نه كسي علم در مزبله فرونايد * كه قدم باحدث نمي‌پايد چند از أين ترهات ومحتالي * چشمها درد ولاف كحالي دانش آن خوبتر زبهر بسيج * كه بداني كه مي‌نداني هيچ يعني:
1 - ليس هناك سلم يرتقي به إلي سماء الأزل خير من العلم والعمل.
2 - العلم يوصل بك إلي الله، ولا يوصلك إلي الملك والمال والجاه.
3 - كل من ليس له علم فهو ضال ويده قاصرة عن الوصول إلي دار الآخرة.
4 - والعمل بلا علم مثل البذر في أرض سبخة، والعلم بلا عمل كالحي في القبر.
(1) الذريعة إلي مكارم الشريعة للراغب الأصفهاني: ص 4 طبعة مصر.
(٢٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (1)، الضلال (1)، القبر (1)، الراغب الإصفهاني (1)، الكرم، الكرامة (1)
5 - حجة الله قامت علي من تعلم العلم ولم يعمل به.
6 - كل ما تعلمته من العلم فاعمل به واطلب العلم بقصد العمل به.
7 - ما لم تواصل العلم بالعمل، فإنك سوف تكون عالما فاضلا، ولكنك لست بشخصية.
8 - لا ينزل العلم في المزبلة، فان القدم والحدوث لا يجتمعان.
9 - كم من هذه السخائف والحيل، والادعاء بطبابة العيون مع كونك أرمدا.
10 - أحسن العلوم علم يهيئك بأن تعلم بأنك لا تعلم شيئا.
* قال عيسي بن مريم (عليهم السلام): أشقي الناس من هو معروف عند الناس بعلمه مجهول بعمله (1).
وقال الحكيم السنائي:
اي هواهاي توخدا انگيز * وي خدايان توخدا آزار ره رها كرده أي از آني گم * عز ندانسته أي از آني خوار علم كز تو تورانه بستاند * جهل از آن علم به بود صد بار غول باشدنه عالم آنكه از أو * بشنوي گفت ونشنوي كردار عالمت غافل است وتو غافل * خفته را خفته كي كند بيدار كي در آيد فرشته تانكني * سگ ز در دور وصورت از ديوار ده بود آن نه دل كه اندروي * گاو وخر باشد وضياع وعقار سائق وقائد وصراط إله * به ز قرآن مدان وبه ز اخبار يعني:
1 - يا من اتخذ آلهته هواه والله برئ منك ومن آلهتك!.
2 - تركت الطريق فضللت عنه، ولم تعرف العز فصرت ذليلا.
3 - العلم الذي لا يأخذ الأنانية منك فالجهل أفضل من ذلك العلم مائة مرة.
(١) مصباح الشريعة: ص 20 - 21، الباب 8 (في آفة العلماء)، ح 2. ونقله في البحار: ج 2، ص 52، ح 19.
(٢٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، العزّة (1)، الحج (1)، الجهل (1)

ختم الرسالة بدعائين شريفين

4 - وان ذلك الذي تسمع منه القول، ولا تسمع عنه العمل انما هو غول وليس عالما.
5 - عالمك غافل، وأنت غافل، فمتي كان النائم يوقظ النائم؟
6 - فمتي تدخل عليك الملائكة إذا لم تبعد الكلب عن الباب، ولم تمح الصورة عن الحائط؟ (1).
7 - ان ذلك الذي في داخله بقر وحمار وضياع وعقار انما هو قرية وليس قلبا.
8 - ليس هناك سائق وقائد وصراط إلي الله أفضل من القرآن والسنة.
تم ما كان مقدرا إثباته في هذه الرسالة الشريفة في النصف من شهر رمضان المبارك يوم ذكري المولد السعيد للسبط الجليل لخير الوري الإمام الحسن المجتبي (عليه السلام) سنة 1347.
وبما ان هذه الرسالة تمت في الشهر الشريف فمن المناسب ختمها بهذين الدعاءين الشريفين:
* الأول:
روي الشيخ المفيد في كتاب (المقنعة) عن الثقة الجليل القدر علي بن مهزيار
(١) أقول: ورد في مجموعة من الروايات الشريفة ان الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب أو صورة، من ذلك ما رواه الكليني في الكافي الشريف: ج ٣، ص ٣٩٣، ح ٢٧، بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
" قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) ان جبرئيل (عليه السلام) أتاني فقال: إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تمثال جسد ولا إناء يبال فيه ".
وروي الكليني في الكافي: ج ٣، ص ٣٩٣، ح ٢٦، عن الإمام الباقر (عليه السلام) انه قال:
" قال جبرئيل (عليه السلام): يا رسول الله! انا لا ندخل بيتا فيه صورة انسان ولا بيتا يبال فيه، ولا بيتا فيه كلب ".
وفي الكافي: ج ٦، ص 527، ح 3، بالإسناد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
" ان جبرئيل (عليه السلام) قال: انا لا ندخل بيتا فيه صورة، ولا كلب ".
يعني: صورة الانسان، ولا بيتا فيه تمثال.
(٢٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، شهر رمضان المبارك (1)، علي بن مهزيار (1)، القرآن الكريم (1)، الموت (1)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، البول (2)، الإناء، الأواني (1)

من تكاليف العباد في زمن الغيبة: الدعاء لصاحب الزمان عجل الله تعالي فرجه الشريف

عن الامام أبي جعفر الجواد (عليهم السلام) انه قال:
يستحب أن تكثر من أن تقول في كل وقت من الليل أو النهار من أول الشهر إلي آخره:
" يا ذا الذي كان قبل كل شئ، ثم خلق كل شئ، ثم يبقي ويفني كل شئ، يا ذا الذي ليس كمثله شئ، ويا ذا الذي ليس في السماوات العلي ولا في الأرضين السفلي، ولا فوقهن ولا تحتهن ولا بينهن إله يعبد غيره، لك الحمد حمدا لا يقوي علي إحصائه إلا أنت، فصل علي محمد وآل محمد صلاة لا يقوي علي إحصائها إلا أنت " (1).
* الثاني:
روي الشيخ الكليني وغيره عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) هذا الدعاء الذي علمه زرارة وأمره أن يدعو به زمان الغيبة وامتحان الشيعة:
" اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني " (2).
* واعلم أن العلماء قد ذكروا في كتبهم ان من تكاليف العباد في زمن الغيبة الدعاء لصاحب الزمان (عليه السلام) والتصدق عن وجوده المقدس.
* ومن جملة تلك الأدعية الواردة تقول دائما بعد تمجيد الله تعالي والصلاة علي النبي الأكرم وآله (عليهم السلام):
" اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلي آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وناصرا ودليلا وعينا حتي تسكنه أرضك طوعا وتمتعه بها طويلا " (3).
(١) المقنعة للشيخ المفيد: ص ٥١، الطبعة الحجرية طبعة قم.
(٢) الكافي: ج ١، ص ٣٣٧، كتاب الحجة، باب في الغيبة، ح ٥.
(٣) أقول في الكافي: ج ٤، ص ١٦٢، ح ٤، في حديثه عن محمد بن عيسي بإسناده عن الصالحين (عليهم السلام) ( … ومتي حضرك من دهرك تقول بعد تحميد الله تبارك وتعالي، والصلاة علي النبي (صلي الله عليه وآله): اللهم كن لوليك فلان بن فلان في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا، وناصرا ودليلا وقائدا وعونا وعينا حتي تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا).
ورواه الشيخ الطوسي في التهذيب: ج ٣، ص ١٠٢ باب ١٣، ح ٢٦٥، باختلاف يسير بالدعاء: (اللهم كن لوليك فلان بن فلان في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتي تسكنه أرضك طوعا وتمكنه فيها طويلا).
ونقله الشيخ الكفعمي في المصباح: ص ٥٨٦، الطبعة الحجرية مع ذكر اسم الإمام الحجة عجل الله تعالي فرجه الشريف بدل فلان بن فلان (م ح م د بن الحسن المهدي).
ونقل في مستدرك الوسائل للشيخ النوري: ج ٧، ص ٤٨٣، كتاب الصيام، أبواب أحكام شهر رمضان، باب ٢٥، ح ٥، عن الكافي والكفعمي ونقل العلامة المجلسي في البحار: ج ٩٧، ص ٣٤٩ - ح ٣، عن كتاب ابن أبي قرة بإسناده عن الصالحين (عليهم السلام)، قال: (وكرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائما وقاعدا وعلي كل حال، والشهر كله، وكيف أمكنك، ومتي حضرك في دهرك تقول بعد تمجيد الله تعالي والصلاة علي النبي وآله (عليهم السلام) " اللهم كن لوليك القائم بأمرك محمد بن الحسن المهدي عليه وعلي آبائه أفضل الصلاة والسلام في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا، وقائدا وناصرا، ودليلا ومؤيدا حتي تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طولا وعرضا … الخ).
وقد وقع الفراغ من ترجمة هذه الرسالة الشريفة وتحقيقها والتعليق عليها في 27 شهر ذي القعدة من سنة 1410 للهجرة النبوية علي يد العبد المحتاج إلي رحمته تعالي ياسين الموسوي عفا الله تعالي عنه وعن والديه والصلاة علي محمد وآله الطاهرين أولا وآخرا.
(٢٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، عصر الغيبة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (3)، الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، شهر ذي القعدة (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، شهر رمضان المبارك (2)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، الشيخ الطوسي (1)، محمد بن عيسي (1)، محمد بن الحسن (1)، الصيام، الصوم (1)، الطهارة (1)، الفرج (1)
كتبه العبد عباس القمي في سنة سبع وأربعين بعد ألف وثلاثمائة في جوار الروضة الرضوية لا زالت مهبطا للفيوضات الربانية والحمد لله أولا وآخرا، وصلي الله علي محمد وآله.
(٢٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (1)
ذكر عدة أخبار في وصف الجنة ونعيمها (رزقنا الله تعالي وإياك منها) أضفنا هذا الفصل إلي الكتاب للسبب المتقدم الذي ذكرناه في التقديم السيد ياسين الموسوي
صفحه(٢٨٩)

ملحق للمترجم ذكر عدة أخبار في وصف الجنة ونعيمها

أبواب الجنة:
* روي الصدوق بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده عن علي (عليه السلام) قال:
ان للجنة ثمانية أبواب:
باب يدخل منه النبيون والصديقون.
وباب يدخل منه الشهداء والصالحون.
وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبونا، فلا أزال واقفا علي الصراط ادعو، وأقول: رب سلم شيعتي ومحبي، ومن تولاني في دار الدنيا، فإذا النداء من بطنان العرش: قد أجيبت دعوتك وشفعت في شيعتك.
ويشفع كل رجل من شيعتي ومن تولاني، ونصرني، وحارب من حاربني بفعل أو قول، في سبعين ألفا من جيرانه وأقربائه.
وباب يدخل سائر المسلمين ممن يشهد ان لا إله إلا الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت (1).
(١) الخصال: ص 408، باب الثمانية، ح 6. ونقله في البحار: ج 8، ص 39، ح 19. وفي: ج 8، ص 121، ح 12. وفي: ج 72، ص 158، ح 5.
(٢٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الشيخ الصدوق (1)، الشهادة (2)
* وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) انه قال:
أحسنوا الظن بالله، واعلموا أن للجنة ثمانية أبواب، عرض كل باب منها مسيرة أربعين سنة (1).
مكتوب علي باب الجنة:
* روي الصدوق بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله):
مكتوب علي باب الجنة: لا اله إلا الله، محمد رسول الله، علي أخو رسول الله، قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بألفي عام " (2).
* وروي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله):
لما أسري بي إلي السماء قال لي جبرئيل (عليه السلام): قد أمرت الجنة والنار أن تعرض عليك.
قال (صلي الله عليه وآله) فرأيت الجنة وما فيها من النعيم، ورأيت النار وما فيها من العذاب.
والجنة فيها ثمانية أبواب، علي كل باب منها أربع كلمات، كل كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن يعلم ويعمل بها …
فقال لي جبرئيل (عليه السلام): اقرأ يا محمد ما علي الأبواب.
فقرأت ذلك. أما أبواب الجنة، فعلي أول باب منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، لكل شئ حيلة، وحيلة العيش أربع خصال القناعة، وبذل الحق، وترك الحقد، ومجالسة أهل الخير. وعلي الباب الثاني مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، لكل شئ حيلة وحيلة
(١) الخصال: ص ٤٠٨، باب الثمانية، ح ٧. ونقله في البحار: ج ٨، ص ١٣١، ح ٣٢.
(٢) الأمالي للصدوق: ص ٧٠، المجلس ١٨، ح ١. الخصال: ص 638، باب (ما بعد الألف)، ح 11. ونقله في البحار: ج 8، ص 131، ح 34. وفي: ج 27، ص 2، ح 2.
(٢٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، جابر بن عبد الله (1)، عبد الله بن مسعود (1)، الشيخ الصدوق (1)، الظنّ (1)، العذاب، العذب (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)
السرور في الآخرة أربع خصال: مسح رؤوس اليتامي، والتعطف علي الأرامل، والسعي في حوائج المؤمنين، والتفقد للفقراء والمساكين.
وعلي الباب الثالث مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، لكل شئ حيلة وحيلة الصحة في الدنيا أربع خصال: قلة الكلام، وقلة المنام، وقلة المشي، وقلة الطعام.
وعلي الباب الرابع مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم والديه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت.
وعلي الباب الخامس مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، من أراد أن لا يظلم فلا يظلم، ومن أراد أن لا يشتم فلا يشتم، ومن أراد أن لا يذل فلا يذل، ومن أراد أن يستمسك بالعروة الوثقي في الدنيا والآخرة فليقل: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله.
وعلي الباب السادس مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، من أراد أن يكون قبره وسيعا فسيحا فليبن المساجد، ومن أراد أن لا تأكله الديدان تحت الأرض فليسكن المساجد، ومن أحب أن يكون طريا مطرا لا يبلي فليكنس المساجد، ومن أحب أن يري موضعه في الجنة فليكس المساجد بالبسط.
وعلي الباب السابع مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، بياض القلب من أربع خصال: عيادة المريض، واتباع الجنائز، وشراء الأكفان، ورد القرض.
وعلي الباب الثامن مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، من
(٢٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (1)، المرض (1)، القبر (1)، السجود (3)، الجنازة (1)
أراد الدخول من هذه الأبواب فليتمسك بأربع خصال: السخاء، وحسن الخلق، والصدقة، والكف عن أذي عباد الله تعالي (1).
ملاط (2) الجنة:
* روي علي بن إبراهيم في تفسيره بالإسناد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) انه قال:
عليك بالقرآن، فإن الله خلق الجنة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وجعل ملاطها المسك، وترابها الزعفران، وحصباءها (3) اللؤلؤ، وجعل درجاتها علي قدر آيات القرآن، فمن قرأ القرآن قال له: اقرأ وارق، ومن دخل منهم الجنة لم يكن في الجنة أعلي درجة منه ما خلا النبيون والصديقون (4).
حلقة باب الجنة:
* روي عن ابن عباس عن النبي (صلي الله عليه وآله) قال:
ان حلقة باب الجنة من ياقوتة حمراء علي صفائح الذهب، فإذا دقت الحلقة علي الصفحة طنت وقالت: يا علي (5).
غرف الجنة:
* روي الشيخ علي بن إبراهيم في تفسيره والشيخ الكليني في الكافي
(١) البحار: ج ٨، ص ١٤٤، ح ٦٧.
(٢) الملاط: الطين الذي يجعل بين سافي البناء يملط به الحائط.
(٣) في المصدر المطبوع (وحصاها) بدل.
(٤) تفسير علي بن إبراهيم: ج ٢، ص ٢٥٩ - ٢٦٠. ونقله في البحار: ج ٨، ص ١٣٣، ح ٣٩. وفي مستدرك الوسائل: ج ٤، ص ٢٥٦، كتاب الصلاة، أبواب قراءة القرآن، باب ١٠، ح ١.
(٥) الأمالي للصدوق: ص ٤٧١، المجلس ٨٦، ح ١٣. المناقب لابن شهرآشوب: ج 2، ص 161 باب (في أنه جواز الصراط وقسيم الجنة والنار). ونقله في البحار: ج 8، ص 122، ح 13. وفي: ج 39، ص 206، ح 23. وفي ج 39، ص 235، ح 18.
(٢٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، علي بن إبراهيم (3)، القرآن الكريم (4)، السخاء (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، ابن شهرآشوب (1)، الصّلاة (1)، الجواز (1)
بسند معتبر عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير قوله تعالي: * (غرف من فوقها غرف مبنية) * (1).
فقال علي (عليه السلام):
بماذا بنيت يا رسول الله؟
فقال: يا علي تلك غرف بناها الله عز وجل لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد، سقوفها الذهب محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من الذهب، علي كل باب منها ملك موكل به (2).
أرض الجنة:
* وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام):
ان أرض الجنة رخامها فضة، وترابها الورس (3) والزعفران، وكنسها (4) المسك، ورضراضها (5) الدر والياقوت (6).
أسرة الجنة:
* وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) انه قال في وصف أسرة الجنة:
ان أسرتها من در وياقوت، وذلك قول الله * (علي سرر موضونة) * يعني:
(١) سورة الزمر: الآية ٢٠. قال تعالي: * (لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد) *.
(٢) الكافي: ج ٨، ص ٩٥، ح ٦٩. تفسير علي بن إبراهيم القمي: ج ٢، ص ٢٤٦، في تفسير الآية الشريفة، ٢٠ من سورة الزمر.
ونقله في البحار: ج ٨، ص ١٥٨، ح ٩٨. وفي: ج ٨، ص ١٢٨، ح ٢٩.
(٣) الورس: نبات كالسمسم أصفر يصبغ به وتتخذ منه الغمرة أي الزعفران.
(٤) الكناس: موضع في الشجر يستتر فيه الظباء.
والكناسة بالضم: القمامة.
(٥) الرضراض: ما صغر، ودق من الحصي.
(٦) الاختصاص: للشيخ المفيد: ص 357، الطبعة المحققة. ونقله في البحار، ج 8، ص 218، ح 209.
(٢٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (3)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، علي بن إبراهيم (1)، سورة الزمر (2)
أوساط السرر من قضبان الدر والياقوت، مضروبة عليها الحجال (1) والحجال من در وياقوت، أخف من الريش، وألين من الحديد. وعلي السرر من الفرش علي قدر ستين غرفة من غرف الدنيا، بعضها فوق بعض، وذلك قول الله * (وفرش مرفوعة) * * (علي الأرائك ينظرون) * يعني بالأرائك: السرر الموضونة عليها الحجال " (2).
فرش الجنة:
* وروي الكليني بإسناد معتبر عن الإمام الباقر (عليه السلام) ان رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام) في وصف فرش الجنة:
فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة، وحشوها المسك والكافور، والعنبر، وذلك قول الله عز وجل * (وفرش مرفوعة) * (3).
لباس الجنة:
* وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام) في وصف لباس الجنة:
إذا ادخل المؤمن إلي منازله في الجنة، ووضع علي رأسه تاج الملك والكرامة ألبس حلل الذهب والفضة والياقوت والدر المنظوم في الإكليل تحت التاج، قال:
وألبس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة، وضروب مختلفة، منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الأحمر، فذلك قوله عز وجل: * (يحلون فيها من أساور
(١) الحجال: جمع الحجلة، وهو ستر يضرب للعروس في جوف البيت، والبيت الذي يزين للعروس.
(٢) الإختصاص للمفيد: ص ٣٥٧. وعنه في البحار: ج ٨، ص ٢١٨، ح ٢١٠.
(٣) الكافي: ج ٨، ص 95، ح 69. تفسير علي بن إبراهيم: ج 2، ص 246، 247. ونقله في البحار: ج 8، ص 128، ح 29. وفي: ج 8، ص 158، ح 98.
(٢٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، علي بن إبراهيم (1)، الضرب (1)
من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير) * " (1).
نخل الجنة:
* روي الشيخ المفيد عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال:
قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) أن نخل الجنة جذوعها ذهب أحمر، وكربها زبرجد أخضر، وشماريخها در أبيض، وسعفها حلل خضر، ورطبها أشد بياضا من الفضة، وأحلي من العسل، وألين من الزبد، ليس فيه عجم وطول العذق اثنا عشر ذراعا، منضودة من أعلاه إلي أسفله، لا يؤخذ منه شئ إلا أعاده الله كما كان، وذلك قول الله: * (لا مقطوعة ولا ممنوعة) * وان رطبها لأمثال القلال، وموزها ورمانها أمثال الدلي، وأمشاطهم الذهب ومجامرهم الدر (2).
فاكهة الجنة:
قال تعالي: * (لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون) * (3).
وقال تعالي: * (متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب) * (4).
وقال تعالي: * (لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون) * (5).
وقال تعالي: * (فيهما من كل فاكهة زوجان) * (6).
وقال تعالي: * (فيهما فاكهة ونخل ورمان) * (7).
وقال تعالي: * (وفاكهة كثيرة * لا مقطوعة ولا ممنوعة) * (8).
وقال تعالي: * (ان المتقين في ظلال وعيون * وفواكه مما يشتهون) * (9).
(١) الكافي: ج ٨، ص ٩٥، ح ٦٩. تفسير القمي: ج ٢، ص 247. ونقله في البحار: ج 8، ص 128، ح 29. وفي ج 8، ص 158، ح 98.
(2) الإختصاص للمفيد: ص 357. وعنه في البحار، ج 8، ص 219، ح 212.
(3) سورة يس: الآية 57.
(4) سورة ص: الآية 51.
(5) سورة الزخرف: الآية 73.
(6) سورة الرحمن: الآية 52.
(7) سورة الرحمن: الآية 68.
(8) سورة الواقعة: الآية 32 و 33.
(9) سورة المرسلات: الآية 41 و 42.
(٢٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، الزوج، الزواج (1)، الأكل (1)، سورة الرحمن (الرحمان) (2)، سورة الواقعة (1)، سورة المرسلات (1)، سورة الزخرف (1)، سورة يس (1)، سورة ص (1)
* روي الصدوق بإسناده عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله قال:
قيل: يا رسول الله انك تلثم فاطمة، وتلزمها، وتدنيها منك، وتفعل بها ما لا تفعله بأحد من بناتك؟
فقال: ان جبرئيل (عليه السلام) أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها فتحولت ماء في صلبي ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة فأنا أشم منها رائحة الجنة (1).
* وروي عنه أنس بن مالك:
لما خرج النبي (صلي الله عليه وآله) إلي غزوة الطائف فبينما نحن بغمامة، فأدخل يده تحتها فأخرج رمانا، فجعل يأكل ويطعم عليا، ثم قال لقوم رمقوه بأبصارهم:
هكذا يفعل كل نبي بوصيه، وفي رواية الباقر (عليه السلام):
ان النبي (صلي الله عليه وآله) مصها ثم دفعها إلي علي فمصها حتي لم يترك منها شيئا فقال النبي (صلي الله عليه وآله): إنه لا يذوقها الا نبي أو وصي نبي (2).
* وعن محمد بن أبي عمير ومحمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
نزل جبرئيل علي محمد (صلي الله عليه وآله) برمانتين من الجنة فأعطاهما إياه، فأكل واحدة وكسر الأخري وأعطي عليا نصفها فأكله، ثم قال: الرمانة التي أكلتها فهي النبوة ليس لك فيها شئ، وأما الأخري فهي العلم فأنت شريكي فيها (3).
* وعن عيسي بن الصلت عن الصادق (عليه السلام) في خبر:
فأتوا جبل ذباب (4) فجلسوا عليه فرفع رسول الله (صلي الله عليه وآله) رأسه فإذا برمانة مدلاة، فتناولها رسول الله (صلي الله عليه وآله) ففلقها فأكل وأطعم عليا منها، ثم قال: يا أبا بكر
(١) علل الشرائع للصدوق: ج ١، ص ١٨٣. باب ١٤٧، ح ١. وعنه في البحار: ج ٤٣، ص ٥، ح ٤.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب: ج ٢، ص ٢٣٠، باب (في تحف الله عز وجل له (عليه السلام)). وعنه في البحار: ج ٣٩، ص ١١٨، ح ١.
(٣) المناقب لابن شهرآشوب: ج 2، ص 230، باب (في تحف الله عز وجل له (عليه السلام)). وعنه في البحار: ج 39، ص 118، ح 1.
(4) بكسر أوله جبل في المدينة.
(٢٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (3)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، جابر بن عبد الله (1)، محمد بن أبي عمير (1)، الشيخ الصدوق (1)، عيسي بن الصلت (1)، أنس بن مالك (1)، محمد بن مسلم (1)، الأكل (1)، كتاب علل الشرايع للصدوق (1)، ابن شهرآشوب (2)
هذه رمانة من رمان الجنة، لا يأكلها في الدنيا إلا نبي أو وصي نبي (1).
* وروي السيد ابن طاووس في مهج الدعوات رواية ظريفة بالإسناد إلي عبد الله بن سلمان الفارسي عن أبيه قال:
خرجت من منزلي يوما بعد وفاة رسول الله (صلي الله عليه وآله) بعشرة أيام فلقيني علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ابن عم الرسول محمد (صلي الله عليه وآله) فقال لي: يا سلمان جفوتنا بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقلت: حبيبي أبا الحسن مثلكم لا يجفي غير أن حزني علي رسول الله (صلي الله عليه وآله) طال فهو الذي منعني من زيارتكم، فقال (عليه السلام): يا سلمان ائت منزل فاطمة بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله) فإنها إليك مشتاقة تريد أن تتحفك بتحفة قد أتحفت بها من الجنة، قلت لعلي (عليه السلام): قد أتحفت فاطمة (عليها السلام) بشئ من الجنة بعد وفاة رسول الله (صلي الله عليه وآله)؟ قال: نعم بالأمس.
قال سلمان الفارسي: فهرولت إلي منزل فاطمة (عليها السلام) بنت محمد (صلي الله عليه وآله)، فإذا هي جالسة وعليها قطعة عباء إذا خمرت رأسها انجلي ساقها وإذا غطت ساقها انكشف رأسها، فلما نظرت إلي اعتجرت ثم قالت: يا سلمان جفوتني بعد وفاة أبي (صلي الله عليه وآله) قلت: حبيبتي أأجفاكم؟ قالت: فمه، اجلس واعقل ما أقول لك.
إني كنت جالسة بالأمس في هذا المجلس وباب الدار مغلق وأنا أتفكر في انقطاع الوحي عنا وانصراف الملائكة عن منزلنا، فإذا انفتح الباب من غير أن يفتحه أحد، فدخل علي ثلاث جوار لم ير الراؤون بحسنهن ولا كهيئتهن ولا نضارة وجوههن ولا أزكي من ريحهن، فلما رأيتهن قمت إليهن متنكرة لهن فقلت:
بأبي أنتن من أهل مكة أم من أهل المدينة؟ فقلن: يا بنت محمد لسنا من أهل مكة ولا من أهل المدينة ولا من أهل الأرض جميعا أننا جوار من الحور العين من دار السلام أرسلنا رب العزة إليك يا بنت محمد إنا إليك مشتاقات.
(١) المناقب لابن شهرآشوب: ج 2، ص 230، باب (في تحف الله عز وجل له (عليه السلام)). وعنه في البحار: ج 39، ص 118، ح 1.
(٢٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (3)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، أبو طالب عليه السلام (1)، مدينة مكة المكرمة (2)، السيد إبن طاووس (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (2)، الوفاة (2)، ابن شهرآشوب (1)
فقلت للتي أظن أنها أكبر سنا: ما اسمك؟ قالت:
اسمي مقدودة، قلت: ولم سميت مقدودة؟ قالت: خلقت للمقداد بن الأسود الكندي صاحب رسول الله (صلي الله عليه وآله).
فقلت للثانية: ما اسمك؟ قالت ذرة، قلت: ولم سميت ذرة وأنت في عيني نبيلة؟ قالت: خلقت لأبي ذر الغفاري صاحب رسول الله (صلي الله عليه وآله).
فقلت للثالثة: ما اسمك؟ قالت: سلمي، قلت: ولم سميت سلمي؟ قالت: أنا لسلمان الفارسي مولي أبيك رسول الله (صلي الله عليه وآله).
قالت فاطمة: ثم أخرجن لي رطبا أزرق كأمثال الخشكنانج (1) الكبار أبيض من الثلج وأزكي ريحا من المسك الأذفر فأحضرته فقالت لي: يا سلمان أفطر عليه عشيتك فإذا كان غدا فجئني بنواه أو قالت: عجمه.
قال سلمان: فأخذت الرطب فما مررت بجمع من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله) إلا قالوا: يا سلمان أمعك مسك؟ قلت: نعم، فلما كان وقت الافطار أفطرت عليه فلم أجد له عجما ولا نوي، فمضيت إلي بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله) في اليوم الثاني فقلت لها: إني أفطرت علي ما أتحفتيني به فما وجدت له عجما ولا نوي، قالت:
يا سلمان ولن يكون له عجم ولا نوي وإنما هو نخل غرسه الله في دار السلام بكلام علمنيه أبي محمد (صلي الله عليه وآله) كنت أقوله غدوة وعشية.
قال سلمان: قلت: علميني الكلام يا سيدتي، فقالت إن سرك أن لا يمسك أذي الحمي ما عشت في دار الدنيا فواظب عليه. ثم قال سلمان: علميني هذا الحرز فقالت:
بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله النور، بسم الله نور النور، بسم الله نور علي نور، بسم الله الذي هو مدبر الأمور بسم الله الذي خلق النور من النور، الحمد لله
(1) خشكنانج معرب خشكنانه وهو الخبز السكري الذي يختبز مع الفستق واللوز.
(٣٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أبوذر الغفاري (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)
الذي خلق النور من النور، وأنزل النور علي الطور، في كتاب مسطور، في رق منشور، بقدر مقدور، علي نبي محبور، الحمد لله الذي هو بالعز مذكور وبالفخر مشهور، وعلي السراء والضراء مشكور، وصلي الله علي سيدنا محمد وآله الطاهرين.
قال سلمان: فتعلمتهن فوالله لقد علمتهن أكثر من ألف نفس من أهل المدينة ومكة ممن بهم الحمي فكل برئ من مرضه بإذن الله تعالي (1).
شجرة طوبي:
* روي الكليني والصدوق (رحمهما الله) بإسنادهما عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال:
قال أمير المؤمنين: طوبي شجرة في الجنة أصلها في دار النبي (صلي الله عليه وآله) وليس من مؤمن إلا وفي داره غصن منها، لا تخطر علي قلبه شهوة شئ إلا أتاه به ذلك الغصن، ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منها، ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتي يسقط هرما، ألا ففي هذا فارغبوا (2).
* وروي علي بن إبراهيم في تفسيره عن النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله) قال:
لما دخلت الجنة رأيت فيها شجرة طوبي، أصلها في دار علي، وما في الجنة قصر ولا منزل إلا وفيها فتر (3) منها وأعلاها أسفاط (4) حلل من سندس واستبرق
(١) مهج الدعوات للسيد ابن طاووس: ص ٦ - ٨. الطبعة الحجرية. ونقله عنه في البحار:
ج ٤٣، ص ٦٦، ح ٥٩. وفي: ج ٩٥، ص ٣٧، ح ٢٢.
(٢) الأمالي للصدوق: ص ١٨٣، المجلس ٣٩، ح ٧. وفي الخصال للصدوق: ص 483، أبواب الاثني عشر، ح 56. الكافي للكليني: ج 2، ص 239، ح 30. ونقلها في البحار: ج 8، ص 87، باب 23. وفي: ج 8، ص 117، ح 2. وفي: ج 8، ص 131، ح 33، وفي: ج 67، ص 289، ح 11. وفي: ج 69، ص 364، ح 1، وفي: ج 7، ص 272، ح 2.
(3) الفتر: ما بين طرف الابهام وطرف السبابة إذا فتحها، وهي وحدة قياسية للأطوال قديمة أقل من الشبر وفي المصدر المطبوع: فرع.
(4) أسفاط: جمع سفط، وعاء يعبأ فيه الطيب ومن أشبهه من أدوات النساء.
(٣٠١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب شجرة طوبي للشيخ محمد مهدي الحائري (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، علي بن إبراهيم (1)، المرض (1)، الأكل (1)، الشهوة، الإشتهاء (1)، الصّلاة (1)، كتاب الخصال للشيخ الصدوق (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، السيد إبن طاووس (1)
يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط في كل سفط مائة ألف حلة ما فيها حلة تشبه الأخري علي الألوان مختلفة وهو ثياب أهل الجنة، وسطها ظل ممدود، عرض الجنة كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسوله، يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مائة عام فلا يقطعه، وذلك قوله: * (وظل ممدود) * وأسفلها ثمار أهل الجنة وطعامهم متذلل في بيوتهم، يكون في القضيب منها مائة لون من الفاكهة مما رأيتم في دار الدنيا، ومما لم تروه، وما سمعتم به، وما لم تسمعوا مثلها، وكلما يجتني منها شئ نبتت منها أخري * (لا مقطوعة ولا ممنوعة) * ويجري نهر في أصل تلك الشجرة تنفجر منها الأنهار الأربعة * (أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفي) * (1).
أنهار الجنة:
نهر جعفر:
* روي الكليني بإسناده عن الإمام موسي بن جعفر (عليه السلام) انه قال:
قال لي أبي: أن في الجنة نهرا يقال له جعفر، علي شاطئه الأيمن درة بيضاء فيها ألف قصر، في كل قصر ألف قصر لمحمد وآل محمد (صلي الله عليه وآله) (2).
نهر خير:
* وروي الكليني في الكافي بإسناده عن الحسين بن أعين قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الرجل للرجل: جزاك الله خيرا، ما يعني به؟
قال أبو عبد الله (عليه السلام) أن (خيرا) نهر في الجنة مخرجه من الكوثر، والكوثر مخرجه من ساق العرش عليه منازل الأوصياء وشيعتهم … الحديث (3).
(١) تفسير علي بن إبراهيم: ج ٢، ص ٣٣٧. ونقله عنه في البحار: ج ٨، ص ١٣٧، ح ٤٩، والآية هي (١٥) من سورة محمد (صلي الله عليه وآله).
ولكن في المصدر المطبوع (نهر) بدل أنهار في جميعها.
(٢) الكافي: ج ٨، ص ١٥٢، ح ١٣٨. ونقلها في البحار: ج ٨، ص ١٦١، ح ٩٩.
(٣) الكافي: ج ٨، ص 230، ح 298. نقلها في البحار: ج 8، ص 162، ح 101.
(٣٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الحسين بن أعين (1)، أبو عبد الله (1)، عبد المؤمن (1)، الوصية (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، علي بن إبراهيم (1)
نهر رجب:
* وروي الصدوق بإسناده عن أبي الحسن (عليه السلام) قال:
رجب نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن، وأحلي من العسل، من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر (1).
وصف أنهار الجنة:
* وروي الشيخ المفيد بالإسناد عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال:
قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): " إن أنهار الجنة تجري في غير أخدود، أشد بياضا من الثلج، وأحلي من العسل، وألين من الزبد، طين النهر مسك أصفر، وحصاه الدر والياقوت، تجري في عيونه وأنهاره حيث يشتهي ويريد في جناته ولي الله، فلو أضاف من في الدنيا من الجن والإنس لأوسعه طعاما وشرابا وحليا لا ينقصه من ذلك شئ (2).
باب المجاهدين:
* روي الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): للجنة باب يقال له باب المجاهدين يمضون إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلدون سيوفهم، والجمع في الموقف، الملائكة ترحب بهم، فمن ترك الجهاد ألبسه الله ذلا في نفسه وفقرا في معيشته ومحقا في دينه أن الله تبارك وتعالي أعز أمتي بسنابك خيلها، ومراكز رماحها (3).
المجاهدون قادة أهل الجنة:
* عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال:
حملة القرآن عرفاء أهل الجنة، المجاهدون في سبيل الله تعالي قواد أهل
(١) ثواب الأعمال للصدوق: ص ٧٨، باب ثواب صوم رجب، ح ٢ فضائل الأشهر الثلاثة، ص 23، ح 10. ونقلها في البحار: ج 8، ص 175، ح 126. وفي: ج 97، ص 37، ح 19.
(2) الإختصاص للمفيد: ص 357. وعنه في البحار: ج 8، ص 219، ح 211.
(3) الأمالي للصدوق: ص 462، المجلس 85، ح 8. ونقله في البحار: ج 8، 186، ح 153، وفي: ج 100، ص 8، ح 6.
(٣٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، شهر رجب المرجب (4)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، الشيخ الصدوق (3)، سبيل الله (1)، القرآن الكريم (1)، العزّة (1)، اللبس (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، الصيام، الصوم (1)
الجنة، والرسل سادات أهل الجنة (1).
منزلة الشهداء في الجنة:
* روي الحسين بن سعيد بسند موثق عن زيد بن علي عن آبائه (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): ان أدني أهل الجنة منزلة من الشهداء من له اثني عشر ألف زوجة من الحور العين، وأربعة آلاف بكر، واثنا عشر ألف ثيب، تخدم كل زوجة منهن سبعون ألف خادم، غير أن الحور العين يضعف لهن، يطوف علي جماعتهن في كل أسبوع، فإذا جاء يوم إحداهن، أو ساعتها، اجتمعن إليها يصوتن بأصوات لا أصوات أحلي منها ولا أحسن حتي ما يبقي في الجنة شئ إلا اهتز لحسن أصواتهن، يقلن: ألا نحن الخالدات فلا نموت أبدا، ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا، ونحن الرضيات فلا نسخط أبدا (2).
الحور العين:
* روي علي بن إبراهيم في تفسيره والشيخ الكليني في الكافي بالإسناد عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) في حديث طويل قال:
فإذا استقرت بولي الله عز وجل منازله في الجنان استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله عز وجل إياه، فيقول له خدام المؤمن من الوصفاء والوصائف مكانك فان ولي الله قد اتكأ علي أريكته وزوجته الحوراء تهيأ له فاصبر لولي الله.
قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمة لها تمشي مقبلة وحولها وصائفها وعليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد صبغن بمسك وعنبر،
(١) النوادر للسيد فضل الله الراوندي: ص ٢٠، طبعة النجف الأشرف سنة ١٩٥١. ونقلها في البحار: ج ٨، ص ١٩٩، ح ٢٠٢.
(٢) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي: ص 101 و 102، ح 276. ونقله في البحار:
ج 8، ص 198، ح 196.
(٣٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، علي بن إبراهيم (1)، الحسين بن سعيد (1)، زيد بن علي (1)، الزوجة (1)، الزوج، الزواج (2)، الشهادة (2)، مدينة النجف الأشرف (1)، الزهد (1)
وعلي رأسها تاج الكرامة، وفي رجليها نعلان من ذهب مكللتان بالياقوت واللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر، فإذا دنت من ولي الله فهم أن يقوم إليها شوقا، فتقول له: يا ولي الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب، فلا تقم، أنا لك وأنت لي.
فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله … الحديث (1).
وصف عام للجنة:
* روي علي بن إبراهيم بسند صحيح عن أبي بصير قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك يا بن رسول الله شوقني.
فقال (عليه السلام): يا أبا محمد ان من أدني نعيم الجنة يوجد ريحها من مسيرة ألف عام من مسافة الدنيا. وان أدني أهل الجنة منزلا لو نزل به أهل الثقلين الجن والإنس لوسعهم طعاما وشرابا ولا ينقص مما عنده شئ.
وان أيسر أهل الجنة منزلة من يدخل الجنة فيرفع له ثلاث حدائق، فإذا دخل أدناهن رأي فيها من الأزواج والخدم والأنهار والأثمار ما شاء الله مما يملأ عينه قرة، وقلبه مسرة، فإذا شكر الله وحمده قيل له: ارفع رأسك إلي الحديقة الثانية ففيها ما ليس في الأخري.
فيقول: يا رب اعطني هذه.
فيقول الله تعالي: ان أعطيتك إياها، سألتني غيرها.
فيقول: رب هذه، هذه.
فإذا هو دخلها شكر الله وحمده.
قال: فيقال: افتحوا له باب الجنة، ويقال له: ارفع رأسك، فإذا قد فتح له باب من الخلد، ويري أضعاف ما كان فيما قبل، فيقول عند تضاعف مسراته: رب لك الحمد الذي لا يحصي إذ مننت علي بالجنان ونجيتني من النيران.
(١) الكافي: ج ٨، ص 97، ح 69. وفي تفسير علي بن إبراهيم القمي: ج 2، ص 247. وعنهما في البحار: ج 8، ص 128 - 129، ح 29، وفي: ج 8، ص 158 - 159، ح 98.
(٣٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: أبو بصير (1)، علي بن إبراهيم (2)، الكرم، الكرامة (1)، الفدية، الفداء (1)
قال أبو بصير: فبكيت، قلت له: جعلت فداك زدني.
قال: يا أبا محمد ان في الجنة نهرا في حافته جوار نابتات إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها، وأنبت الله مكانها أخري.
قلت: جعلت فداك زدني.
قال: المؤمن يزود ثمانمائة عذراء، وأربعة آلاف ثيب، وزوجتين من الحور العين.
قلت: جعلت فداك، ثمانمائة عذراء؟!
قال: نعم ما يفرش فيهن شيئا إلا وجدها كذلك.
قلت: جعلت فداك، من أي شئ خلقن الحور العين؟
قال: من تربة الجنة النورانية، ويري مخ ساقيها من وراء سبعين حلة، كبدها مرآته، وكبده مرآتها.
قلت: جعلت فداك، ألهن كلام يكلمن به أهل الجنة؟
قال: نعم. كلام يتكلمن به لم يسمع الخلائق بمثله.
قلت: ما هو.
قال: يقلن نحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبوس، ونحن المقيمات فلا نظعن، ونحن الراضيات فلا نسخط، طوبي لمن خلق لنا، وطوبي لمن خلقنا له، نحن اللواتي لو أن قرن إحدانا علق في جو السماء لأغشي نوره الأبصار (1).
(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 2، ص 82 - 83. ونقلها في البحار: ج 8، ص 120، ح 11.
أقول: والظاهر أن هذه الرواية هي تتمة للرواية التي رواها المؤلف (رحمه الله) في (منازل الآخرة) عن أبي بصير حينما قال للإمام الصادق (عليه السلام): خوفني … الخ.
(٣٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: أبو بصير (2)، الفدية، الفداء (5)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، علي بن إبراهيم (1)

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.