تقوية الإيمان

اشارة

تقوية الإيمان - محمد بن عقيل
الكتاب: تقوية الإيمان
المؤلف: محمد بن عقيل
الجزء:
الوفاة: ١٣٥٠
المجموعة: مصادر سيرة النبي والائمة
تحقيق:
الطبعة: الأولي
سنة الطبع: ١٤١٤ - ١٩٩٣ م
المطبعة:
الناشر:
ردمك:
ملاحظات:
المصدر:

ديباجة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري، كي نسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا، إنك كنت بنا بصيرا " (1).
الحمد لله، وصلاته وسلامه علي نبيه ومصطفاه، سيدنا محمد رسول الله وآله الصفوة الهداة، ونجباء أصحابه ومن اتبعه ووالاه، وعلينا معهم آمين.
أما بعد فقد وصلت إلي نبذة كتبها بعض المعاصرين سماها (إعانة المسترشدين علي اجتناب البدع في الدين) فحملني الاسم علي قراءتها، فإذا هي مجموع أغلاط
(1) سورة طه الآيات 25 - 35.
(٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإبداع، البدعة (1)، سورة طه (1)
وسفسطة، وخبط تحمل مصدقها علي الاستخفاف بالعظائم، وعدم المبالاة بارتكاب الجرائم، ناضل ملفقها عن رئيس الباغين، وإمام الخوارج الضالين المضلين، وحامل راية أعداء أهل بيت سيد المرسلين، وأكثر من ذم المصلحين، ولا أظن ذلك صادرا عنه عن اعتقاد، ولكن مصانعة لمن قلدهم أو عاشرهم، ولذلك سميته بالمصانع، فيما سأكتبه ردا عليه هنا.
كتبت هذه العجالة في سويعات اختلستها من بين يدي الأشغال خدمة للاسلام، ودفعا في صدر البدعة، وفقئا لعين الفتنة، وكبحا لجماح دعاة النار، ونصحا لله ولكتابه ولرسوله ص وللمسلمين، " وسميتها تقوية الإيمان برد تزكية ابن أبي سفيان " راجيا من الله تعالي التوفيق والتسديد، وأن يمدني بعونه إنه حميد مجيد.
ثبت في الصحيح أن جبريل ع كان مع حسان بن ثابت يؤيده ما نافح عن رسول الله ص ولا شك أن من ذب عن سنة رسول الله ص وعن أهل بيته ع، إيمانا بالله تعالي وحبا له ولرسوله، ونصحا لأمته، يكون متعرضا لذلك التأييد، وحريا بأن يكون من الخلف الصالح الذين قال فيهم رسول الله ص: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف المغالين وانتحال
(٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب تقوية الإيمان لمحمد بن عقيل (1)، الخوارج (1)، الإبداع، البدعة (1)
المبطلين).
وقد تجشمت الشقة في التصنيف علي قلة بضاعتي، وضيق وقتي، وقلة الكتب المعينة علي التأليف، مستعينا بالله وحده، وراجيا ممن وقف علي ما أكتبه أن يعرضه علي محكم كتاب الله جل جلاله، ثم علي صحيح سنة رسول الله ص فما وافق ذلك فليأخذه، وما لا فليضرب به عرض الحائط (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) (1).
ولله القائل:
الكتب تذكرة لمن هو عالم وصوابها بمحالها معجون والفكر غواص عليها مخرج والحق فيها لؤلؤ مكنون.
تنبيه جميع ما تنقله من نبذة المصانع من مقولاته، ومنقولاته نكتبها كما كتبها، ثم نردها بالحجة النيرة إن شاء الله، ونمر كراما بما فيها من لحن وعجمة وتحريف، وإن
(1) سورة يوسف الآية 53.
(٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، سورة يوسف (1)
أخل ذلك بالمعني حرصا علي الاختصار، ولأن ذلك مما لا يخفي علي عالم، وقد نشير إلي شئ من ذلك.
تنبيه ثان نأتي بالصلاة علي النبي ص في كتابنا هذا كاملة كما علمنا نبينا، وكما أمرنا مجتنبين الصلاة البتراء، المنهي عنها، ومن أجل أن لفظ الآل غير مذكور في كثير مما ننقله، فإننا نجعله بين قوسين هكذا (وآله) إلا ما ندر، وقد تتابع الناس في الاتيان بالصلاة البتراء فتجدها مخطوطة في أكثر كتب الحديث وغيرها، وتسمعها فيما تلوكه ألسنة قراء الأدعية حتي صارت من المنكر المألوف اتباعا لطواغيت النصب، وامتثالا لأمر متقدمي أعداء الآل، وقد يجوز أن يكون ذلك من غلط النساخ، وغفلة غيرهم.
تنبيه ثالث صدر المصانع نبذته المردود عليها بتقاريظ كتبها بعض المشايخ علي نبذ كتبها، وقد يغتر بعض البسطاء بذلك، ويتوهم أن تلك التقاريظ تشمل جميع ما كتبه وما يكتبه المصانع، ولو كان باطلا، وليس الأمر كذلك، ولو فرضنا أن أحدا تجاسر فقرظ نبذته المردودة، فإن التقريظ للباطل باطل، ولا يغني فتيلا عند من يعرف الرجال بالحق،
(٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (1)، الجواز (1)
وهيهات أن يقدم علي ذلك عالم عاقل، يخاف الله تعالي، فيساعد علي رواج الخطأ والتمحل، وتصغير العظائم، فيتعرض لسخط الله تعالي ومقته.
تذييل إننا قد نترك البسط اكتفاء بما بيناه في كتاب النصائح الكافية، أو بما حرره شيخنا العلامة أبو بكر بن شهاب الدين في كتاب (وجوب الحمية) لتقدم نشرهما، ولذلك قد نحيل عليهما أو علي أحدهما، وقد نكتفي بوجود البيان في أحدهما أحيانا كما قد نعيد قليلا مما في أحدهما لغرض.
وهذا أوان الشروع في الرد علي بعض ما في نبذة المصانع من الغلط والخبط علي سبيل الإيجاز، أعاننا الله علي ما يحبه ويرضاه منا أمين.
قال المصانع في الصفحة 2 من النسخة المطبوعة في (بتاوي) بجاوا سنة 1329 ه: " أما بعد فهذه رسالة لطيفة في وجوب تبيين حكم الشريعة المحمدية بإتيان أدلتها الواضحة الجلية علي ضلال أهل البدع من الرافضة والوهابية، وعلي زيغ من تبعهم ني ضلالتهم الردية، وارتكب بوائقهم الرزية " انتهي.
(٩)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، الضلال (2)، الخوف (1)، الإبداع، البدعة (1)، الوجوب (2)
وأقول: العبارة كما تري، ذكر المصانع حكم الشريعة، والظاهر أن مراده حكم الله ولعله ظن أنه ما نقله من قال فلان، واختار فلان، بغير دليل ولا برهان، ومثل هذا لا يقال له حكم الله.
واسمع ما عرف به العلماء حكم الله، قال الغزالي رحمه الله في المستصفي: " حكم الله خطاب مسموع أو مدلول عليه بدليل قطعي " انتهي.
وقال ابن القيم في أعلام الموقعين: " لا يجوز للمفتي والحاكم أن يقول: هذا حكم الله، أو أحل الله، أو حرم الله لما يجده في كتابه الذي تلقاه عمن قلده " انتهي.
وقال فيه: " إذا قال المستفتي: أريد حكم الله، أو ما هو الحق، لم يجز إفتاؤه إلا بالاجتهاد " انتهي.
وقال النيسابوري في تفسيره: " قول الرجل: هذا حلال وهذا حرام بغير علم يتناول مقلد الحق، لأنه وإن كان مقلدا للحق لكنه قال ما لا يعلم فصار مستحقا للذم " انتهي.
قلت: يدل علي ما تقدم حديث بريدة الذي رواه.
مسلم وأحمد والترمذي وصححه ولفظه (كان رسول الله ص إذا أمر أميرا علي جيش أو سرية أوصاه. في خاصته بتقوي الله وبمن معه من المسلمين خيرا، ثم قال
(١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الظنّ (1)
له، وإذا حاصرت حصنا فأرادوك أن تنزلهم علي حكم الله فلا تنزلهم علي حكم الله ولكن أنزلهم علي حكمك، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا) انتهي.
وقد روي الحديث ابن ماجة أيضا.
وقال ابن القيم في أعلام الموقعين: " لا يجوز الفتوي ولا العمل بأي الأقوال شاء، ولا بد من الاجتهاد " انتهي.
وقال النيسابوري في تفسيره: " ويقال للمقلد:
أعرفت أن المقلد محق أم لا، فإن لم تعرف فكيف قلدته، مع احتمال كونه مبطلا، وإن عرفت فإما بتقليد آخر ويلزم التسلسل، أو بالعقل، وذلك كاف في معرفة الحق، والتقليد ضائع، فظهر أن قبول قول الغير من غير دليل وبال وضلال " انتهي.
ومما نقلناه يظهر لك جليا أن بين ما يأتي به المصنف، وبين الحق بعد المشرقين، قال ربنا سبحانه:
(ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم) (1).
(1) سورة النحل الآيتان 116، 117.
(١١)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، إبن ماجة (1)، الكذب، التكذيب (3)، الجواز (1)، سورة النحل (1)
ثم ذكر المصانع أدلة الشرع المحمدي، وهو مقلد عدو للمجتهدين والمستدلين إمعة (1) يحتقب دينه الرجال وما للمقلد والاستدلال، وما هذا إلا خبط وتغرير وخبال.
ثم ذكر المصانع ضلال أهل أبدع من الرافضة والوهابية، وفي وقته لا يعرف بجهته رافضي ولا وهابي يرد عليهم، أو يحذر منهم، وإنما يظهر من القرائن، ومما يذكره في نبذته المردودة أنه يعني بالرافضة من يبغض في الله تعالي طاغية الإسلام معاوية، أو يلعنه، ويعني بالوهابية من لا يسجد للقبور، ولا يتقرب إليها بالنذور، ومن لا يقبل قولا في الدين بغير دليل، وسيأتي من كلامه ما يفيد هذا.
فيدخل في الرافضة علي هذا أمير المؤمنين علي ع وأتباعه كالسادة العلويين، وكمصنف هذا الكتاب، ويدخل هؤلاء أيضا في من يسميهم وهابية، لأنهم ممن لا يقلد الرجال.
(١) في النهاية الإمعة بكسر الهمزة، وتشديد الميم الذي لا رأي له، فهو يتابع كل أحد علي رأيه، وفي القاموس الإمعة بكسر الهمزة، وتفتح الرجل يتابع كل أحد علي رأيه لا يثبت علي شئ، والمحقب الناس دينه، وحكي الأخير في تاج العروس عن ابن مسعود وقال: معناه. المقلد الذي جعل دينه تابعا لدين غيره بلا روية ولا تحصيل برهان ا ه (المصحح).
(١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، البغض (1)، السجود (1)، الضلال (1)
واعلم أن البدعة كما قال أبو البقاء في الكليات: هي عمل علي غير مثال سبق " وفي القاموس: ا هي الحدث في الدين بعد إكمال، أو ما استحدث بعد النبي من الأهواء والأعمال " انتهي.
إذا عرفت هذا تبين لك أن كبير المبتدعين في الدين هو معاوية كما سيأتي إن شاء الله أثناء هذا الكتاب ذكر شئ من بدعه ومحدثاته التي لم يزل كثير من المسلمين يتخبط في غمراتها إلي الآن وإلي ما شاء الله.
أليس هو أول من سن سب أخي النبي ص، وهو أول منقص لأبي بكر بقوله: " إنه أول من نحي أهل البيت الطاهر عن مقامهم، وإنه في معاداته لهم مقتف أثره ومقتد به ".
فما هو إذا مقام من يناضل عنه أتراه مقام من يحارب أهل البدع أم مقام من يحارب الدين، ويؤيد البدع، وينصر أهلها؟
وإن من شر المبطلين ومن أضر الناس بالدين علماء السوء الذين يوالون، ويحبون من أمر الله بعداوته، وبغضه كأعادي مولي المؤمنين، علي سيد المسلمين، فينصرون
(١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عرفة (1)، الإبداع، البدعة (3)، السب (1)
من يجب عليهم خذلانه، ويمد حون ويعظمون من يذم ويلعن أخا نبيهم ص بل من هو كنفسه، ويزعمون نصح من قلب الدين وبدله، ودعا إلي التبرئ من دين وصي رسول الله ص وختنه وأبي أولاده، ويناضلون عن متخذي مال الله دولا، وعباد الله خولا، وهيهات أن يغني عنهم فتيلا، ما يتظاهرون به زورا من كاذب الحب، ومن زعمهم أنهم ما عظموهم إلا امتثالا لأمر الله تعالي، لأن ذلك باطل بين، وتغرير ظاهر، ورداء الكذب شفاف، ولو كان لدعواهم حظ من الصدق لأبغضوا في الله امتثالا لآمره، فمن زعم أنه يحب في الله وهو لا يبغض في الله فهو كاذب، ولو كانوا ناصحين للمؤمنين، لنفروهم عن محبة من حاد الله ورسوله، وبدل الدين، قال الله تعالي، وهو أصدق القائلين (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله … ) (1) الآية.
ولو كانوا معظمين لرسول الله ص لنزهوا جنابه الرفيع عن الصحبة الخاصة للطغاة الفجار دعاة النار، إذ أي تعظيم له - نفسي له الفداء ص - في نسبة المنافقين القاسطين العتاة الظالمين المستبدين إلي صحبته الخاصة، بل الأمر بالعكس عند من لم ينعكس حاله، ولم يستول
(1) سورة المجادلة الآية 22.
(١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الكذب، التكذيب (1)، الظلم (1)، البغض (1)، الصدق (1)، سورة المجادلة (1)
الران علي قلبه، ويعمي بصيرته.
زعم المصانع أنه كتب نبذته تلك ردأ علي الرافضة والوهابية، فأين ذلك الرد؟ وأي شبهة لهم دحضها؟ وأي حجة لهم نقضها؟ ولو كان كلامه مع الرافضة الذين يكفرون الشيخين، أو مع الوهابية الذين يحكمون تشهيا وظلما علي المسلمين بالشرك والكفر لو كان كلامه مع هؤلاء لكان لنا معه شأن آخر.
ولكنا قد عرفنا منه نبزه من لم يقبل خرافاته بأحد هذين اللقبين: رافضي - أو - وهابي، وقد يتكرم بهما معا علي بعض الناس ليتوسل بذلك إلي ما يريده، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
قال المصانع في الصفحة الثالثة نقلا عن العلامة السيد أحمد دحلان رحمه الله تعالي، وأخرج الخطيب البغدادي وغيره أنه ص قال: (إذا ظهرت البدع وسب أصحابي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله له صرفا ولا عدلا) انتهي.
ونقول: أورد المصانع الحديث محتجا به، وفي إجماله وعدم بيانه غش ومغالطة، نبين ذلك بإيجاز، فأما
(١٥)
صفحهمفاتيح البحث: الخطيب البغدادي (1)، السب (1)، الإبداع، البدعة (1)
الغش فهو في إيهامه أنه عالم قد وجب عليه إظهار علمه، وستري ماذا ظهر.
وأما المغالطة ففي عدم تعريفه البدعة، وفي عدم تفسيره معني السب، وبيان حكم ما هو بحق، وما ليس كذلك، وفي عدم بيان من هم الصحابة الذين يضلل سابهم، وسنوضح هذا باختصار.
فتعريف البدعة قد تقدم (ص 12 - 14) أنفا، ويدخل فيها صنيع المصانع في نبذته المردودة.
ومعني السب: نسبة القبيح إلي أخر، وهو قسمان:
حق وباطل، فما كان منه بحق فهو محمود، ومنه سب النبي وأخيه عليهما وآلهما الصلاة والسلام للمشركين كأبي سفيان وأصحابه، أو للبغاة القاسطين كمعاوية وأذنابه، لتبيين حالهم، وتحذير الأمة من غوايتهم وضلالهم، وما كان منه بغير حق فهو مذموم كسب أبي سفيان، وابنه معاوية وأذنابهم لله ولرسوله ولأخيه.
ومنه سب أمثال المصانع من صرح بالحق وذم البغاة والملحدين ودعاة النار والمبتدعة، وتسمية المصانع وأمثاله أهل الحق روافض أو وهابية لا يجعلهم كذلك، ولا يسوغ سبهم.
(١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الكسب (1)، الصّلاة (1)، الإبداع، البدعة (2)، السب (4)
والصحابة الذين يصدق عليهم التعريف المخترع الحادث، وتحوي المعاجم أسماء كثير منهم قسمان: قسم أخلص في الإيمان، وأحسن الصحبة، ووفي بالحق فهو محمود ممدوح أهل للثناء والتعظيم، والاحترام من كل مسلم.
وقسم نافق وأساء الصحبة، وخان وغدر، وهو مذموم عند كل منصف (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة … ) (ا) (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض … ) (2) الآية.
ولا يشك مسلم أن من أعلي رؤساء القسم الأول أخا النبي وسبطيه عليهم وآلهم الصلاة والسلام، وعمارا، وخيار معهم، كما لا يشك في أن من شر القسم الثاني أعداءهم دعاة النار وكلابها، ومن تولاهم، أو أحبهم فهو منهم ومعهم.
ومن شر البدعة، وأخبث الضلال سب أحد من القسم الأول، ومن سب أحدا منهم فهو من شر الخلق، والنضال عنه إثم وتغرير، ومن الطاعات التي يثيب الله فاعلها سب
(1) سورة الحشر الآية 20.
(2) سورة ص الآية 28.
(١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الضلال (1)، الصّلاة (1)، الإبداع، البدعة (1)، السب (3)، سورة الحشر (1)، سورة ص (1)
القسم الثاني للبيان والتحذير، والتقرب إلي الله بذم أعدائه، واقتداء بالنبي ووصيه، وأهل بيته، وخيار أمته.
وحكم سب المؤمن كقتله حرام بغير الحق، قال الله تعالي (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه، وأعد له عذابا عظيما) (ا) ولا يدخل في هذا الوعيد من قتل مؤمنا قصاصا، أو حدا، أو لدفع صياله، أو لبغيه بل هو ممدوح مأجور، وقد قتل سيدنا وإمامنا علي ع في ليلة الهرير خمسمائة وثلاثة وعشرين رجلا من بغاة الشام، وطلب قتل معاوية تقربا إلي الله تعالي وامتثالا لآمره وطاعة لأمر رسوله ص فحال القضاء دون ذلك، ولا شك في أن فعله هذا من أشرف الجهاد في سبيل الله تعالي.
وبما بيناه يتضح لك أن جدال أمثال المصانع عن أئمة البغي والضلال قبيح جدا، وغش للاسلام، وتغرير للعامة، ولا أخالهم بمنجاة من العذاب إلا إن عفا الله لأنهم أحبوا ونصروا أول ساب، ولا عن، لأول الصحابة صحبة، وأول المسلمين إسلاما فشاركوا الخبيث فيما اقترف.
وحمل كلام الله تعالي، وكلام رسوله علي
(1) سورة النساء الآية 93.
(١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، سبيل الله (1)، الشام (1)، القتل (3)، العذاب، العذب (1)، السب (1)، القصاص (1)، سورة النساء (1)
الاصطلاحات الحادثة لا يجوز، وقد غلط في ذلك بعض العلماء.
قال المصانع في الصفحة الثالثة أيضا: " وما ذكر في هذا الفصل من وجوب تبيين حكم الشريعة عند ظهور البدع غيرة علي الدين، والوعيد الشديد علي السكوت هو الباعث بتوفيق الله تعالي علي تأليف هذه الرسالة، وكذا باعث كل من ألف في الرد علي أهل البدع، وكل من قرظ عليه فباعث الكل هو وجوب تبيين حكم شريعة سيد المرسلين ص ونصرة الدين والغيرة عليه لا غير " انتهي فتأمل.
وأقول: ادعي المصانع أن الباعث له، ولكل مولف مثله هو تبيين حكم الشرع، والغيرة علي الدين، والبوصيري رحمه الله تعالي يقول:
والدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء فأين البينة قال الله تعالي في المجاهدين مع رسوله ص يوم أحد، وهم من هم (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) ولتقديمه في الذكر مريد الدنيا معني فما بالك بمن يصنف لأجل الملك فلان، أو الأمير فلان، أو المثري فلان.
(١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الأحكام الشرعية (1)، الجواز (1)، الإبداع، البدعة (1)، الوجوب (2)
وكل يدعي وصلا بليلي وليلي لا تقر لهم بذاكا وما أسهل الدعوي، وما أصعب المعني، وأما من يحاول زورا أن يثبت بدعة من يتقرب إلي الله تعالي بلعن طاغية الأمة معاوية امتثالا لأمر الله ورسوله، واقتداء بسيد المسلمين علي ع فأمره واضح مكشوف، ونسأل الله العفو والعافية.
ومعلوم أنه لا يصح إثبات بدعة لا عن الطاغية إلا إذا ثبتت بدعة أئمته في ذلك وهم علي والحسنان وصالح أولادهم، وهم العترة المنصوص علي أنهم لن يفارقوا القرآن أبدا ففي القول ببدعتهم تكذيب جلي للنبي ص ومكذب النبي ص كافر.
ومن المبتدعين بل من شرهم من يؤيد من ثبتت بدعته، وتحققت عداوته لله ولرسوله، ولأهل البيت، ومنهم من خذله الله فانتصر لأولئك الملاعين، وقلب الحقائق مجادلة عن الظالمين الفاسقين الملحدين القاسطين، وقد تقدم تعريف البدعة، وهو منطبق علي هؤلاء إذ ليس لهم سلف فيما يقولونه هنا من العترة الذين من تقدمهم هلك، ومن تأخر عنهم هلك، ومن خالفهم كان
(٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القرآن الكريم (1)، الظلم (1)، الهلاك (2)، الإبداع، البدعة (1)
حزب إبليس كما في الحديث، وليس لهم أمام من خيار الصحابة، وإنما اتبعوا أقوالا محدثة مخترعة أساسها العصبية، ومغزاها النكاية لعلي وذويه ع، والكيد لهم بإطراء أعدائهم ولاعنيهم.
سوي تلك الأقوال الكذب والتحريف للنصوص والتأويلات الباطلة اتباعا للأمم الضالة، ولحمتها النصب، والمنتصرون لها هم حزب الفئة الباغية.
اختلفت الأمة بعد وقعة الجمل فرقتين فقط، ثم من بعد ذلك بمدة مرقت الخوارج فتثلثت القسمة، وكلهم في النار إلا واحدة.
الفرقة الأولي أهل البيت الطاهر وخيار الصحابة، أهل الحل والعقد، وأهل الدين، والفضل، فكانوا مع أخي النبي ص ووصيه أنصارا، وأتباعا وشيعة وأعوانا، وكان لهم رئيسا وإماما، وهاديا، وكان ع يلعن جهارا رؤوس البغي وأئمة الضلال دعاة النار معاوية وأعوانه، فكانت الفرقة الأولي تقره علي ذلك، وتساعده، ولا تنكر عليه، ولم يكن هو ممن تأخذه العزة بالإثم، ويتبع الهوي، ولم يكن أتباعه ممن تأخذهم في الله لومة لائم، وبهذا نعلم علي سبيل القطع أن الإجماع من أهل الحق قد انعقد علي جواز لعن الطاغية معاوية وأذنابه، وأنه طاعة
(٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الخوارج (1)، الكذب، التكذيب (1)، الضلال (1)، الجواز (1)
يتقرب بها إلي الله في الصلوات، وهيهات أن يتطرق الشك إلي هذا أو تغبر في وجهه الشبهات التي أثارها الطماعون المتاجرون بدينهم، عاملهم الله بعدله أمين، كيف وإجماع أهل البيت وحدهم حجة قطعية، في الدين حتي لو خالفهم من عداهم، والأدلة القطعية متوفرة علي ذلك كحديث الثقلين، والغدير، ولو جاز إجماعهم علي الخطأ لما أمر النبي ص بالتمسك بهم.
والفرقة الثانية: غالبهم الطلقاء وأبناؤهم، والمؤلفة قلوبهم والمنافقون المعروف نفاقهم وحقدهم علي الإسلام، وأهله ومن دخل في الإسلام كرها، ومسلمة الفتح، والطماعون والفساق والضلال والرعاع، وفراش جهنم، مع طاغية الأمة لعين النبي ص معاوية، وكان قائدهم، وكبيرهم ومضلهم، وكانوا أعوانا وشركاء له، وهم القاسطون الناكبون عن الحق بنص الأحاديث، وقد كان رئيسهم يلعن جهارا أخا النبي ص عداوة لله ولرسوله، وكانت الفرقة الثانية تقره، وتساعده علي ذلك، وتفعله في صلاتها.
ولم تك هناك فرقة ثالثة تتولي تينك الطائفتين معا وتترضي عنهما.
ومن المقرر في علم الأصول أن الأمة إذا اختلفت علي
(٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الحج (1)، الصّلاة (1)
قولين لا يجوز إحداث ثالث، لأنه باطل في قول الجميع.
فما يدعو إليه أمثال المصانع من تولي علي وأعوانه أهل الحق مع تولي معاوية وأذنابه القاسطين مذهب مبتدع محدث لا مرية في ذلك إذ لم يكن عليه رسول الله ص، ثم لم يكن عليه عترته وخيار صحبه، رضي الله عنهم، و " كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ".
ومعلوم أن من يتولي قوما فهو منهم، ومحب القوم معهم وشريك لهم، ومستحق لما يستحقونه من ثناء وثواب، أو ذم وعقاب فهل يرغب في مشاركة البغاة الفجرة الطغاة القاسطين في الخذلان المبين، وفي عداوة أخي النبي الأمين إلا من سفه نفسه.
وقعود من قعد من الصحابة وغيرهم عن القتال مع علي وأهل الحق عليهم الرضوان لا حجة فيه البتة، وقد قال فيهم الإمام علي: " أولئك قوم قعدوا عن الحق، ولم يقوموا مع الباطل " وفي رواية " أولئك قوم خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل " انتهي.
وقد ثبت وصح أن عددا منهم تاب قبل موته من قعوده، وندم وتحسر علي ما فاته من فضيلة جهاد القاسطين، وقيل: إن بعضهم قعد لأمور لا أحب نشرها،
(٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الباطل، الإبطال (2)، الضلال (2)، الحج (1)، الموت (1)، القتل (1)، الجواز (1)
وعلي لم يكره أحدا علي بيعته، أو القتال معه، ولا يجوز أن يقال كان قعودهم تصويبا منهم للبغاة حاشا، وقد قعد عن القتال بين يدي رسول الله ص في بعض المواطن رجال من الصحابة، ولم تبلغنا عن عدد من خيارهم نكاية في العدو فيما حضروه من المشاهد، ولم يدل ذلك علي نفاقهم، وأن ضلعهم كان مع مشركي قومهم، كلا ولم يعاتب أحد نصا في التخلف في غير تبوك.
ثم إن تخلف من تخلف من المسلمين عن بيعة أمير المؤمنين ع لا يجعله في سعة في عدم نصره وامتثال أمره.
فما يسفسط به أمثال المصانع مما يخالف هذا فهو من الباطل، ومن الجدال به ولا قوة إلا بالله.
روي الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في كتاب الاستيعاب بسنده عن أبي قيس الأودي قال: " أدركت الناس وهم ثلاث طبقات: أهل دين يحبون عليا، وأهل دنيا يحبون معاوية، وخوارج " انتهي.
قال المصانع في الصفحة الثالثة أيضا: قال الإمام العارف بالله الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه الغنية: قال رسول الله ص (ألا إن بني إسرائيل إفترقت علي موسي
(٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الخوارج (1)، الوسعة (1)، الجدال (1)، الشهادة (1)، القتل (2)، الكراهية، المكروه (1)
بإحدي وسبعين فرقة كلها ضالة إلا فرقة واحدة الإسلام وجماعتهم، ثم إنها افترقت علي عيسي بن مريم باثنتين وسبعين فرقة كلها ضالة إلا واحدة الإسلام وجماعتهم، ثم إنكم تكونون علي ثلاث وسبعين فرقة كلها ضالة إلا واحدة الإسلام وجماعتهم) انتهي.
وأقول: حديث افتراق الأمة علي ثلاث وسبعين فرقة قد روي من طرق عديدة، وخرجه غير واحد من أئمة الحديث فشد بعض الروايات بعضها، وحصل من المجموع قوة تفيد ثبوت أصل أصيل للحديث، وليس هذا محل البحث في الحديث سند أو معني، وقد تكلم كثير من العلماء علي ذلك، وعدد بعضهم الفرق وعينها فرقة فرقة، وحكم كل منهم لفرقته بأنها الفرقة الناجية، وسهل لهم ذلك ما قد مرنوا عليه من التحكم والتلاعب، ومن قرأ مذاهب القوم وجد أكثرهم قد اخترع قولا لم يكن عليه النبي ص ومن معه، وتتفاوت درجاتهم في ذلك.
وتعيين من عين الفرق بأسمائها، وجزم بأنها التي عني رسول الله ص مما لا ينهض به دليل فيما نري.
والحديث لا يدل علي أن أكثر الأمة في النار (الجنة ظ)، كلا بل يفيد أن الأمر بالعكس لمن تأمل وزيادة (كلها في النار إلا واحدة) صحيحة ثابتة.
(٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، حديث افتراق الامة الي ثلاث وسبعين فرقة (1)، النهوض (1)
وقد جاء وصف الفرقة الناجية فيما رواه الترمذي بأنها التي تكون علي ما كان عليه النبي ص وأصحابه، وفيما رواه الشيعة هي التي تكون علي ما كان عليه النبي ص وأهل بيته، وعندي أن معني الروايتين ومؤداهما واحد، وهو أن سبيل الفرقة الناجية هي سبيل النبي ص وعترته أهل بيته، وهم المعنيون بقوله (أصحابي) إذ يتحقق فيهم أعني في الذين كانوا معه ص أيام حياته الشريفة من العترة من لباب معني الصحبة، أكثر مما يتحقق فيمن عداهم، ومعلوم أن خيار الصحابة هم المتمسكون بالعترة فصح ما قلناه ولله الحمد.
ويؤيده ما تواتر عن النبي ص من دعائه بأن يدور الحق مع علي حيث دار، ومن إخباره بأن أهل بيته والقرآن لن يفترقا إلي ورود الحوض، إلي ما في معني ذلك مما يطول ذكره، وليس في ثبوته مرية، وليس له معارض البتة.
وبذلك يظهر ظهور الشمس في رابعة النهار مع الصحو أن الفرقة الناجية والطائفة التي لا تزال علي الحق هم عترة محمد ص ومن معهم من المتمسكين بهم الموالين لمن والوه، المعادين لمن عادوه، ولا عبرة بالاختلاف في الفروع المذهبية، ولا بالتسمية والنبز، ويرحم الله الإمام
(٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، القرآن الكريم (1)، الإختيار، الخيار (1)
الشافعي إذ يقول:
ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم مذاهبهم في أبحر الغي والجهل ركبت علي اسم الله في سفن النجا وهم أهل بيت المصطفي خاتم الرسل وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل إذا افترقت في الدين سبعون فرقة ونيف كما قد جاء في محكم النقل ولم يك ناج منهم غير فرقة فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل أفي الفرق الهلاك آل محمد أم الفرقة اللاتي نجت منهم قل لي فإن قلت في الناجين فالقول واحد وإن قلت في الهلاك حفت عن العدل إذا كان مولي القوم منهم فإنني رضيت بهم لا زال في ظلهم ظلي فخل عليا لي إماما ونسله وأنت من الباقين في أوسع الحل ولا يتسع هذا المختصر المبارك إن شاء الله لأكثر من
(٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الهلاك (2)
هذا، وفي مجموعة ثمرات المطالعة مزيد شرح لهذه المسألة فاطلبه إن شئت.
وإذا عرفت الفرقة الناجية، وعرفت أن غيرها من الفرق هالك، وضال، وضلال دون ضلال، وكفر دون كفر، ومهما اعتراك شك في شدة بعد بعض تلك الفرق عن منهج الحق، وهويها في سحيق مهاوي الضلال والخذلان إلي شر درك فلا أخالك تشك - إن كنت موفقا - في أن عدو الفرقة الناجية، وضدها ولاعنها أخبث الفرق الهالكة، وشرها وأشقاها، وأشدها بعدا عن طاعة الله وعن اتباع هدي رسوله، وأقربها إلي الشيطان، وأحراها أن تزحزح عن رحمة الله وشفاعة نبيه ص والمناضلون عنهم، والمحبون لهم منهم، وفيهم بدون ريب.
ومعلوم عند كل منصف أن أخا النبي ص ووارثه، وباب مدينة علمه، وألصق الناس به مولي المؤمنين عليا ع، ومتبعيه هم أشد الناس معرفة بالدين وعلومه وأحكامه، والمكروهات فيه، فضلا عن المحرمات، وأبعد الناس عن مقاربتها فضلا عن مقارفتها، والاستمرار عليها، وأحرص الناس علي اتباع رسول الله ص، وأسرع الناس إلي تعظيم من يحب الله تعظيمه، وأبعد الناس عن تحقير من أجله الله، وأحبه رسوله فضلا عن لعنه،
(٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، يوم عرفة (2)، الهلاك (1)، الضلال (2)
وطلب قتله، وهذا لا يخالفنا فيه من اطلع علي سيرة القوم، وكان له حظ من الإيمان والحياء، فماذا يقولون فيما تواتر عنهم في صلواتهم وخطبهم ورسائلهم وكلامهم من لعن معاوية وأذنا به.
فهل يجوز أن يقال: إن رسول الله ص قصر فلم يعلم أخاه، وأول ذكر أسلم معه، وآمن به، وصلي معه، ما ينبغي فعله في الصلاة، وما لا ينبغي مما تنزه عنه من مباح الكلام فضلا عن مكروهه وحرامه.
وقد نقل المصانع في الصفحة (4، 5) عن الصواعق لابن حجر المكي ستة أحاديث لفظها: (أهل البدع شر الخلق والخليقة) (أصحاب البدع كلاب النار) (من وقر صاحب بدعة فقد أعان علي هدم الإسلام) (أبي الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتي يتوب من بدعته) (إذا مات صاحب بدعة فقد فتح في الإسلام فتحا) (لا يقبل الله لصاحب بدعة صلاة ولا صوما ولا صدقة ولا حجا ولا عمرة ولا جهادا ولا صرفا ولا عدلا يخرج من الإسلام كما تخرج الشعرة من العجين) انتهي.
وأقول: هذه الأحاديث وجل ما كتبه بعدها حجة واضحة عليه، وعلي أمثاله من المناضلين عن كبير المبتدعين ليقال له: إقرأ كتابك، وتعريف البدعة قد
(٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القتل (1)، الموت (1)، الصّلاة (2)، الإبداع، البدعة (3)، الجواز (1)، التصدّق (1)
تقدم، وتكرر إقامة الدليل علي أن بدعة معاوية أكبر ضررا علي الدين من كل بدعة، وسيأتي لذلك مزيد بيان، فكل وعيد وذم جاء في البدعة وأهلها فحظ ذلك الطاغية منه أكبر، ولو فرضنا جدلا أن هناك شكا في صحة بدعة معاوية بعد ما تواتر عنه لم يصح لنا إن أنصفنا أن نصف أحدا بعده بالابتداع، لأن غيره إما مقتد به، وحكمه حكمه، وإما من هو أقل منه ضرا، وأخف شرا، وأصغر جرما، وهو أحق منه بالعذر، وهذا واضح، وما ورد فيمن وقر صاحب بدعة أو أعانه أو مدحه، فذلك مما يخص أنصار الطاغية، ومحبيه منه النصيب الأوفي، والقدح المعلي، وكذا ما جاء في غش الأمة، والتغرير بها مضافا ذلك إلي شركة المحبة ونسأل الله العافية.
قال المصانع في الصفحة (6) الفصل الثالث في نقل نصوص أئمة أهل السنة والجماعة: " إن أهل البدع يأتون بالآيات القرآنية يضعونها في غير مواضعها " الخ. انتهي.
وأقول: ذكر المصانع في هذا الفصل آية وأحاديث في ذم من فسر القرآن بالرأي وجادل فيه، وكلاما نحو ذلك، وفي ذم التقليد، وأظن أنه لم يفهم ما ذكره أو تخيل أنه مستثني منه، فيسوغ له ما لا يسوغ لغيره.
وأيضا نري أنه يتجاهل معني السنة والجماعة
(٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الإبداع، البدعة (2)
المحمودة، ولا يعرف من هم أهلها، وأئمتها وساداتها، أو يظن أنها لقب لمن يوالي أعداء أخي النبي، وأهل بيته، وأنهم المعنيون بما جاء في الثناء عليها، ولهذا لزمنا أن نبين ما هي السنة الممدوحة فنقول:
السنة والجماعة الممدوحة التي كثر مدحها: هي ما كان عليه محمد ص ومن معه من آله الخيرة، ونجباء صحبه البررة فما كان متفقا عليه منها حكم بضلال مخالفه، ورد عليه قوله كائنا من كان.
وعلي ع حامل راية تلك السنة والعترة والصحابة الأخيار، ومتبعوهم بإحسان هم عمدها ورؤساؤها وأهلها.
وقد حدثت من بعد اصطلاحات حتي أطلق اسم السنة علي لعن علي، وتسمي بأهل السنة أعداء علي وسابوه علي المنابر.
وحدثت بعد ذلك اصطلاحات أخري وقد تقدم القول بأنه لا يجوز حمل كلام الله ورسوله علي الاصطلاحات الحادثة من بعد وهكذا القول في كلام كل طائفة ممن تقدم فيجب حمله علي مصطلحهم وعرفهم وتفسيره بغير ذلك غش وزور وتضليل.
واعلم أرشدك الله أن من شر المفارقين لتلك السنة
(٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الظنّ (1)، الجواز (1)
والجماعة بدون برهان ولا عذر مقبول بل للطمع وللجشع وللطلب بثارات المشركين واتباع هوي النفس معاوية فهو وأذنابه ومروجو ضلالهم وبدعتهم من أعداء السنة والجماعة المحمودة بدون ريب ومدحهم قبيح من كل ذي دين، وهو ممن ينتسب إلي البيت النبوي، ويدعي حبهم واتباعهم أشد قبحا ونسأل الله الهداية والتوفيق.
ويرحم الله القائل:
إذ العلوي تابع ناصبيا علي نصب فما هو من أبيه وأن الكلب خير منه طبعا لأن الكلب طبع أبيه فيه قال المصانع في الصفحة (10): ويعلم بما ذكر في هذا الفصل أيضا عدم جواز تقليد أهل الرأي ووجوب تقليد الأئمة المذكورين. انتهي.
وأقول ما قاله المصانع هنا باطل واضح بطلانه لأنه إن أقام علي قوله بوجوب التقليد دليلا فهو حينئذ مستدل لا مقلد وهذا خلف، وإن كان قلد غيره في ذلك انتقل السؤال إليه فيتسلسل والتسلسل باطل. وإن قلد اعتباطا اتباعا للهوي فهو ضال. فهو علي كل تقدير واقع في الباطل.
(٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)، الضلال (1)، الجواز (1)
أما جواز التقليد فسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالي.
ومن العجيب نقل المصانع في هذا الفصل شيئا مما جاء في ذم الخوارج، مع أنه لم يصنف كتابه إلا للنضال عن شرهم، وأكبرهم نكاية بالاسلام وأهله.
قال المصانع في الصفحة (11): الفصل الرابع إن من ضلالتهم وقبائحهم يأتون بكلمة حق يريدون بها باطلا، وهي قولهم: لا نعمل إلا بالكتاب والسنة، وليس لأحد قول معهما فهذه كلمة حق بلا شك، والباطل هو زعمهم عدم جواز العمل بالمذاهب الأربعة. انتهي.
وأقول: أبهم المصانع القائل بعدم جواز العمل بالمذاهب الأربعة، وأراه يجهله لعدم وجود من أطلق القول به.
وليت شعري من هو الذي قال بوجوب كون جميع المسلمين عربهم وعجمهم ذكورهم وإناثهم حضرهم وبدوهم أحرارهم وأرقائهم أمة مجتهدين مستقلين، فإن ذلك مما لا يمكن عادة وقوعه، ولم يزعم أحد أنهم كانوا في وقت ما أو يكونون كذلك.
فالذي يحمل كلام عالم عاقل عارف بسنة الله في
(٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الخوارج (1)، الباطل، الإبطال (1)، الجواز (3)
الخلق علي ما لا يكون عادة بين خطأه، وإيراده لذلك جزافا من الهوس.
ولعله فهم من نفي الوجوب نفي الجواز، وهذا فهم مضحك، أو فسر بما قاله قول البعض بأن الواجب علي القادر الاجتهاد، وعلي غيره سؤال العلماء كما كان عليه أهل القرون الفاضلة، وهذا تفسير غريب.
قال المصانع في الصفحة (11) أيضا: وهي مثل قول الخوارج: لا حكم إلا لثه، فلما سمعها أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه قال " كلمة حق أريد بها باطل ". انتهي.
وأقول: إن ذكر الإمام علي ع بالنعوت التي ذكرها المصانع مسترب عند من يعرف دلالات الألفاظ أن يصدر ممن يسود معاوية، ويعظمه، وبزعم أنه مثاب في لعنه وقتاله عليا سيد المسلمين، وفي إجباره الناس علي البراءة من دين علي ع فتأمل جيدا.
اللهم إلا إن أراد بما صنع دفع التهمة عن نفسه، ولكن كيف ورداء الكذب شفاف، وسيأتي فيما ننقله عن المصانع لعن ابن حجر المكي من يدخل فيهم علي ع، وكبار معه دخولا أوليا، ومع إقراره ذلك كيف يصح اعتقاده
(٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الخوارج (1)، الكذب، التكذيب (1)
لما سبق ذكره.
(يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون) (1) (وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون).
تود عدوي ثم تزعم أنني صديقك ليس النوك عنك بعازب قال العلامة الحبيب عبد الله الحداد تغمده الله برحمته من جواب سؤال عن حديث (المرء مع من أحب) ما لفظه:
والمحبة دعوي لا تثبت حتي تقوم بها بينة الموافقة، فالذي يدعي محبة شخص، وهو مع ذلك يخالفه في أغراضه ومراداته التي يقدر عليها، ولا يوالي من يواليه، ولا يعادي من يعاديه، يقضي العقل بتكذيبه. انتهي.
نقل المصانع آنفا كلام مولي المؤمنين محتجا به، ونعم ما فعل، وكفي بأخي النبي ومن يدور الحق معه حيثما دار حجة، فهل يقبل المصانع ما تواتر نقله عنه ع في ذم طاغية الإسلام وأذنابه، وفي لعنهم؟ أم يؤمن ببعض ويكفر ببعض؟ وهل يتكرم بجعل أعلم الأمة وأقضاها علي في مقام ابن حجر المكي، وابن قاسم، وباعشن، وبافضل
(1) سورة البقرة الآية 9.
(٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (1)، سورة البقرة (1)
الحضرمي، والكردي، والمليباري، الذين يسمي أقوالهم نصوصا، ويحتج بها في الدين أم لا؟.
أما ظاهر الحال فيفيد أن المصانع وجد كلمة صادفت هوي في فؤاده، فأحب التمويه بها حتي لا يخلو ما يكتبه عن ذكر علي وكلامه تغريرا، وربنا يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
قال المصانع في الصفحة (11) أيضا: ويقولون:
نحن لا نعمل بآراء الرجال. انتهي.
وأقول: نسب المصانع هذه المقالة التي يكرهها للذين يبغضهم لينفر بها عنهم البسطاء، ولو علم أن هذه المقالة مما قاله فحول الأئمة الذين لا يتجاسر علي انتقاصهم كالإمام الحداد وغيره من أجلاء سادتنا العلويين لما قالها ولاكتفي بغيرها من هذر القول، ومن المقرر أن العالم الحقيقي لا يعتبر من آراء الرجال ما خالف الكتاب والسنة، وأما ما وافقهما، أو شهد له أحدهما فالاعتماد إنما كان لذلك الموافق أو الشاهد، وأقوال الرجال تفسير وتبيين.
علي هذا كان أئمة العترة ع، وعلماء الصحابة، وفقهاء التابعين عليهم الرضوان، وعليه كان أئمة المذاهب المعتبرة، وورثتهم، ومتبعوهم بإحسان.
(٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الشهادة (1)
وهنا نسال المصانع عن حكمه علي جده لأبيه العلامة الجليل السيد عقيل بن عمر بن يحيي العلوي فإنه ممن لا يقلد الرجال، أيعترف بأنه عالم مهتد محق، ويستثنيه من أهل هذه القرون؟ أم يقول: بأنه ضال مبتدع.
ليت شعري متي صار الاجتهاد في الدين من المتأهل له بدعة مذمومة، وهو من أفضل الطاعات، ومن أهم فروض الكفاية التي تأثم وتفسق الأمة بإغفاله وتركه، وخلو الزمان منه، وحاشا لله أن تجتمع الأمة كلها علي الضلال والعمي.
وكيف انحصر فضل الله بمن كان في قرون مضت، وحرم منه غيرهم، أليس الله سبحانه يختص برحمته من يشاء، (وما كان عطاء ربك محظورا) (1) وهل ينكر عالم تجزء الاجتهاد وأن من عرف أدلة مسألة وتحققها كان مجتهدا فيها، أم يجهل أن الاستفتاء هو غير التقليد، وأن من أفتاه عالم في مسألة فعمل بفتواه لا يجب عليه اتباعه في كل ما يلزمه العمل به من الأحكام.
كيف والمذاهب والتزام تقليدها لم يحدث إلا من بعد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
(1) سورة الإسراء الآية 20.
(٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: يحيي العلوي (1)، الضلال (4)، الجهل (1)، سورة الإسراء (1)

قل هو الله أحد

قل هو الله أحد (1) قال المصانع في الصفحة (12) أيضا: وما علموا من جهلهم الذي أوصلهم إلي درجة الجنون أن المذاهب الأربعة إنما هي شروح للكتاب والسنة، لم يخرج شئ منها عنهما إما صراحة، وإما دلالة، ولا يقدر علي استنباط الأحكام منها إلا أولئك الأئمة المجتهدون اجتهادا مطلقا كما تقدم، ولم يبق للناس إلا تقليد هؤلاء الأئمة الهادين المهتدين الذين ضبطوا بمذهبهم شريعة سيد المرسلين.
إلي أن قال في الصفحة الثانية عشرة: ولكن الله تعالي وله الحمد والمنة قد قال (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (2) ومن تمام حفظه أن يسر لفهمه أولئك الأئمة
(1) الحاشية.
(2) سورة الحجر الآية 9.
(٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: سورة الحجر (1)
الأعلام نواب خاتم الرسل الكرام سيدنا محمد عليه (وآله) الصلاة والسلام. انتهي.
وأقول: سبحانه الله ماذا يفعل الغرور والهوي، أرسل الله عبده محمدا ص رسولا إلي الأحمر والأسود بكتاب عربي مبين، فصله تفصيلا، ويسره تيسيرا، فيه تبيان لكل شئ قال فيه ( … ما فرطنا في الكتاب من شئ … ) (1) ثم أمر رسوله ص أن يبين للناس ما أنزل إليهم فأدي الأمانة، وبلغ الرسالة، وأوضح الشريعة، وقطع الحجة، ونصح الأمة جزاه الله عنا أفضل ما جزي نبيا عن أمته، فكمل الدين، وتمت النعمة والحمد لله وحده.
أفبعد صحة هذا يجوز أن يأتينا المصانع زاعما أنه لا يقدر علي استنباط الأحكام إلا أربعة رجال!!! ما أبعد هذا المقال عن الصواب لقد حجر به واسعا، لو فرضنا جدلا أن الكتاب والسنة كانا من معمي الألغاز - وحاشاهما - لما عجز الناس كلهم عن حلها إلا أربعة فما هي حال المسلمين في حكم المصانع قبل وجود الأربعة، أيري المسلمين كانوا في عمي وضلال، أم كانوا أهل بصائر ثم مسخهم الله كما مسخ أصحاب السبت إلا أربعة أم هذا من وحي الشياطين إلي
(1) سورة الإنعام الآية 38.
(٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (1)، الأمانة، الإئتمان (1)، الجواز (1)، سورة الأنعام (1)
أوليائهم، ويرحم الله البوصيري إذ يقول:
وإذا ضلت العقول علي - علم فماذا تقوله النصحاء إن نبينا محمدا ص أنبأنا بخلاف ما يزعمه المتهوسون فقال فيما أخرجه الترمذي وابن حبان وصححه (أمتي كالمطر لا يدري أوله خير أم آخره) الحديث.
إن مقالة أمثال المصانع جعلت كثيرا من الناس يرون أنه لم تبق من فائدة من كتاب الله بقراءته إلا استرزاق العمي علي القبور، ونحو رقية اللديغ به، أو استعماله محوا في نحو النشرات، أو حملا في تمائم المتاجرين، وأنه لم تبق للسنة فائدة إلا التبرك بقراءتها، واستجلاب النصر علي الأعداء، أو المطر بذلك مما لا يعرف في هدي صالحي سلف الأمة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقول المصانع آنفا في الأئمة: الذين ضبطوا بمذاهبهم شريعة سيد المرسلين. ا ه.
قول فيه جفاء إذ يفهم منه أن الشريعة قبل وجود هؤلاء كانت غير مضبوطة ومثل هذا إبطاله من تحصيل الحاصل، ومن تأمل كلام المصانع في نبذته عرف أنه يريد ما بينا فساده
(٤١)
صفحهمفاتيح البحث: القبر (1)، التبرك (1)
وإن لم يصرح بذكر الأربعة في بعض ما رددناه عليه فراجع نبذته تتحقق منها صحة ما نسبناه إليه.
وقد كتب المصانع في الصفحة (12) وما بعدها فصلا في انقطاع الاجتهاد، وأنه لا يوجد مجتهد مطلق بعد الأربعة، ونقل من كلام بعض الناس ما ظن أنه يوافق رأيه.
ولا شك عندنا في سخافة تلك الأقوال وبطلانها لأنها لا يدل عليها نقل ولا عقل، فهي بدون ريب من الرأي المذموم المنهي عنه، وقد تقدم ذكرنا لما نقله المصانع في نبذته في الصفحة (6) إلي (9) في ذم مثل ذلك، ولا أدري أنسي ما كتب أم تناسي.
إن القول بمنع الاجتهاد ووجوب التقليد من الأحكام الشرعية، ولا تؤخذ إلا من نص شرعي، أو إجماع مستند إلي نص أو قياس صحيح علي ذلك، فهل عند من قال ذلك حجة أو برهان فليأتوا به إن كانوا صادقين.
وأما التقول والدعاوي فمما لا يغني فتيلا، وقد أورد المصانع في هذا الفصل ما يفيد نقيض ما نقله ليدعمه به غفلة منه أو جهلا ليوهم من لا فهم له أن من نقل عنهم يقولون بما يقوله.
فمن ذلك ما نقله عن السيد علوي بن أحمد الحداد في
(٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (1)، الظنّ (1)
الصفحة الثالثة عشرة، وهو قوله:
وخل مقالات الذين تخبطوا ولا تك إلا مع كتاب وسنة فثم الهدي والأمن من ردي ومن بدعة تخشي وزيغ وفتنة إلي آخر الأبيات من تائية القطب الغوث عبد الله بن علوي الحداد المجدد للقرن الحادي عشر. انتهي ما نقله.
وأقول: صدر البيت الثاني محرف، وصوابه:
فثم الهدي والنور والأمن من ردي ومعني كلام الحداد واضح، وهو وفحول أهل البيت طريقتهم الاستقلال، ووصيتهم به علي نحو ما في البيتين، وهو التمسك بالكتاب والسنة أي مع التمسك بالعترة فكلام الحداد في واد، وكلام المصانع في واد آخر.
وقد قال الإمام الحداد رحمه الله في آخر جواب له علي سؤال ما لفظه: ونحن علي بصيرة من أمرنا، وهدي من ربنا، وكتاب الله وسنة رسوله بين أظهرنا، ولسنا جاهلين بأمر الدين، ولا متحكمين بعقولنا في دين الله، ونقبل الحق ممن جاء به، ونرجع إليه ولا نكابر ولا نقلد الرجال فافهم ما ألقيناه إليك. انتهي كلام الحداد بحروفه.
صفحه(٤٣)
وللأمام الحداد من أبيات قوله:
والمذهب المستقيم نسلكه نص الكتاب وصرح الخبر وقال رحمه الله في التمسك بأهل البيت ص:
ونحن علي آثارهم وسبيلهم وما نحن عن حق لهم بنيام تأمل رحمك الله الإمام الحداد يقول: خل مقالات المتخبطين، وهل هم سوي من يتقول علي الله فيقول: أحل الله حرم الله، أوجب الله بغير برهان ولا دليل، ويقول: لا تكن إلا مع كتاب ربك وسنة نبيك، فهل يجوز أن يستدل عاقل بمثل مقال الحداد المنقول علي وجوب التقليد، وهل هذا إلا تعكيس وهوس.
ويقول الإمام: إنه علي أثر أولئك الأعلام الطيبين، وسالك سبيلهم، وغير غافل من أي حق يستحقونه، فهل يسوغ أن يزعم زاعم أنه محب وموال لعدو أهل البيت مترض عن لاعنيهم الخ الخ ما هذا إلا حماقة وجهل فاضح، فما أطال به المصانع، وشحن به نبذته المردودة حري بأن يقال فيه:
(٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الجواز (1)، الوجوب (1)
فما مثله إلا كفارغ حمص خلي من المعني ولكن يفرقع قال المصانع في الصفحة (15) نقلا عن ابن حجر المكي في مدعي الاجتهاد ما لفظه: التحقيق أنهم إنما ثبت لهم نوع اجتهاد لا الاستقلال، فدعوي الاجتهاد لمن لم يقرب منهم باطلة، وإذا أطرح مؤلفات أهل الشرع فبما يتمسك ذلك الرجل؟ فإنه لم يدرك النبي ص ولا أحدا من أصحابه الخ انتهي.
وأقول: لخص المصانع عبارة ابن حجر فصارت كما تري، ومراده أن أحدا ممن يدعي الاجتهاد في القرون الأخيرة لم يتلق علوم الشرع مشافهة من النبي ص بل ولا من أصحابه مباشرة، وإنما معهم رواية عنه، أو وجادة فهم إذا عيال علي غيرهم لا مستقلون، وهذه مغالطة واضحة، فإن رؤساء المذاهب المشهورة هذا شانهم أيضا فيشملهم الحكم بل الصحابة أيضا، فإن جلهم تعلم القرآن، أو كثيرا منه من أخوانه، وروي عنهم، فعلي هذا لا يكون في المسلمين مجتهد مستقل، إلا أن قيل: إنه علي ع لما اختص به من التربية والملازمة وغير ذلك.
وهذا مما لا يوافق عليه المصانع ولا غيره، وهو قول
(٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القرآن الكريم (1)
باطل، ووجود الوسائط لا يضر، وإن كان لقلتها مزية حسنة، والاجتهاد يتجزأ، ومن ثبت له نوع منه ولو في مسألة فهو حظه، وبعيد وجود مجتهد مستقل في جميع العلوم الشرعية، ودرجات العلماء متفاوتة، والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم.
وقد ورد في الحديث الصحيح تشبيه الأمة بالمطر لا يدري أوله خير أم آخره والكذب علي النبي ص كان في زمنه ولم يزل الوضاعون يكذبون عليه وجواز رواية الأحاديث بغير ألفاظها بل بالمعني الذي فهمه الراوي كان مذهب كثير من الصحابة فمن بعدهم ولذلك وهم بعضهم بعضا فيما خالفه فيه ولم يكذبه فيه وتجد في مجموعتنا ثمرات المطالعة بيان كثير من هذا النوع ودونت السنة بعد ذلك وقد أمن بعد التدوين كثير من التحريف والزيادات وأمكن جمع الألفاظ ونقدها للمتأخرين كما أنهم قد حصلت لهم وسائل سهلت عليهم الفهم كتدوين اللغة ووضع النحو والصرف وعلوم المعاني والبيان وغيرها وكالطباعة التي سهلت اقتناء الكتب وضبطها ووجود المكتبات العامة والخاصة فبهذه الوسائل صار من القريب الهين علي أحدنا مع ضعفه أن يتوصل في وقت يسير إلي ما لا يناله الجهبذ الكبير إلا برحلة طويلة شاقة وتعب كبير ونفقة غير قليلة.
(٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)
وهذه مميزات مهمة ومثلها وجود ثمرات قرائح السلف وما تعبوا في تطلبه وكدوا أفهامهم في استنتاجه وما بحثوه من المباحث وما صنفوه في الكتب وما رد به بعضهم علي بعض يجد المتأخر من نحو هذا ثروة واسعة وثمارا يانعة يستعين بها علي ما يطلبه ويستنير بها في سيره فما يزعمه أمثال المصانع من منع الاجتهاد واستحالته لا يصح بل هو تثبيط للهمم وداع إلي التدلي المشين.
نعم إن الذين يهبهم الله استعدادا للاجتهاد هم أفراد قليلون وحسب الانسان أن يحكم علي نفسه فمن كان كليل الذهن فاتر الهمة مأفون الرأي لم يأخذ من العلوم طرفا حسنا غير فقيه النفس فهو بعيد عن تلك الرتبة ويجب عليه أن لا يحسد من رزقه الله الاستقلال في الفكر وحسن الفهم وقوة الحفظ وذكاء القريحة وعلو الهمة وفقه النفس ونحو ذلك من صفات الأئمة بل يسلم له بما استحقه.
سبحان من قسم الحظوظ - فلا عتاب ولا ملامة أعمي وأعشي ثم ذو - بصر وزرقاء اليمامة ويمشي في ضوء مشكاته ويستفيد من مواهبه لئلا يكون
(٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (1)، الوسعة (1)
من أشباه إبليس اللعين فيخسر الدنيا والدين.
وإذا لم تر الهلال فسلم لأناس رأوه با لأبصار ثم نقل المصانع في الصفحة السادسة عشرة عن بعضهم التصريح بأنه لم يبق علي البسيطة مجتهد مطلق وأن الله أعجز الخلائق عن هذا إعلاما بتصرم الزمان: انتهي بتصرف.
وأقول هذا الحكم تحكم باطل لأن مفاده أن الأمة كلها عصت ربها وفسقت عن أمره وتركت أحد فروض الكفاية واجتمعت علي الغواية وهيهات أن تتفق الأمة المرحومة علي ضلال.
وليت شعري ما هي حجته عن الله أو عن رسوله علي هذا البهتان المبين (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
وابن عزب عنهم ما جاء في ذكر مجددي الدين والفرقة التي لا تزال علي الحق ومن هم وكتاب الله معا لن يتفرقا إلي ورود الحوض.
فقد روي أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن أبي شيبة وابن سعد وأحمد في المسند عن أبي سعيد عن رسول الله ص أنه قال: يوشك أن أدعي فأجيب وإني
(٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، إبن ماجة (1)، الهلال (1)
تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي كتاب الله حبل ممدود من السماء إلي الأرض وعترتي أهل بيتي وأن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لا يفترقا حتي يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما:
ولهذا الحديث طرق عديدة وألفاظ وهو من الصحيح بل من المتواتر وفيه من التأكيد ما فيه فذكر أولا الثقلين مجملا ثم فصل إظهارا للاهتمام وللإيضاح والبيان وشبه كتاب الله بالحبل الممدود من السماء إلي الأرض وحذف الأداة لأن المتمسك به يرقي إلي أعلي الرتب وذكر العترة ثم أبدل منها أهل بيتي والمبدل في نية الطرح لتأكيد التحديد ومزيد التشريف بالتنصيص وفي إضافتهم إليه من التشريف لهم بالخصوصية ما يقصر لسان التعبير عنه ليسد باب تحريف المتخرصين وفي ذكره لفظ العترة ثم إبداله منها لفظ أهل بيتي منع من دخول من حواه البيت المقدس من أمهات المؤمنين الطاهرات وغيرهن من نحو ربيب وخادم في تلك الخصوصية كما عملوا في غير هذا المحل مع ظهور عدم إرادة المتكلم لما زعموه وفي عزوه الخبر بعدم افتراق أهل البيت عن كتاب الله دائما وأبدا إلي اللطيف الخبير مع أنه لا ينطق عن الهوي دفع لوسواس من يزعم أنه قد يجتهد فيخطي وفي ذكر الاسمين العظيمين معا إشارة إلي أن مصدر كون
(٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (1)
العترة عصمة للمتمسك بهم من كل ضلال هو اللطف الإلهي وفيه إيماء إلي أن هذه المزية دائمة مستمرة لا تختص بطبقة دون أخري ولا بزمن دون زمن ولهذا صرح بأنهم لن يفارقوا القرآن إلي ورود الحوض وفي قرنه الخبير باللطيف قطع لشأفة خرافات النواصب القائلين بأن غير العترة أعلم منها بالدين وأحق بالإمامة والزعامة فيه متعامين عن ما جاء من قوله تعلموا منهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ومن هذا الحديث وما في معناه يعرف المنصف أنه لا بد من وجود مجتهد صالح للاهتداء والتمسك به في كل زمن إذ لا فضل لمقلد علي مقلد فيما قلدا فيه كما لا فضل لأعمي علي أعمي.
قال المصانع في الصفحة 19: وحاصل ما ذكر في هذا الفصل اتفاق أئمة أهل السنة والجماعة علي عدم وجود المجتهد الطلق الذي يجوز له استنباط الأحكام من الكتاب والسنة في هذا الزمن من مدة طويلة: انتهي.
وأقول إن ما أتي به المصانع خبط بل ذم لمن أراد أن يناضل عنهم فدعوي أمثاله أن الله أعجز عبيده في القرون الأخيرة عن الاجتهاد لا أدري من وحي أي الشياطين إليهم كان وكقولهم إن العلماء أجمعوا علي منع الاجتهاد فإن مقتضاه أنهم نسخوا ما افترضه الله من الاجتهاد وهل هذا إلا
(٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، المنع (1)، الضلال (1)، الجواز (1)
عين تبديل الدين أعاذنا الله والمسلمين من كل بلاء ومحنة بمنه وكرمه.
وحاشا أن يتفق من ذكرهم علي نسخ أحكام الله وقد ذكر المصانع في كلامه السواد الأعظم وكأنه يجهل أنه من كان علي الحق ولو واحدا والكثرة تكون في الضلال: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله: وقليل من عبادي الشكور: فالسواد الأعظم عند أهل الحق هم أهل البيت والمتمسكون بهم وهؤلاء هم الفرقة الناجية إن شاء الله وهم الطائفة التي لا تزال علي الحق ومخالفوهم هم الفرق الأخري المنحرفة عن الحق وتختلف مراتبهم في دركات الضلال.
ثم كتب المصانع في الصفحة 20 فصلا في ضلال الرافضة وبدعتهم وفيما قاله أهل السنة فيهم الخ.
وأقول قد قدمنا القول بأننا إنما نناضل عن سادتنا أهل البيت والمتمسكين بهم وهم أهل الحق وتسميته لهم رافضة لبغضهم طاغية الإسلام وأمثاله في الله وإجازتهم لعنه تقربا به إلي ربهم من الظلم وقلب الحقائق فإن كان عني هؤلاء بما قاله فهو الضال المضل ونخشي أن يكون بكلامه هذا فيهم مكذبا لمزكيهم رسول الله ص وإن عني غيرهم فليس من حاجتنا الكلام معه في ذلك في هذا المختصر.
(٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، سبيل الله (1)، الضلال (2)، الظلم (1)، الجهل (1)
وقد نقل المصانع في الصفحة 20 عن الصواعق المحرقة لابن حجر المكي ما لفظه: أخرج الدارقطني عن علي كرم الله وجهه ورضي عنه عن النبي ص قال سيأتي بعدي قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة فإن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون قال قلت يا رسول الله ما العلامة فيهم قال يفرطونك بما ليس فيك ويطعنون علي السلف. وأخرجه عنه من طريق أخري نحوه وكذلك من طريق أخري وزاد ينتحلون حبنا أهل البيت وليسوا كذلك. وآية ذلك أنهم يسبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما: انتهي بحروفه.
وقوله يفرطونك لعله محرف عن يقرظونك فليراجع.
وأقول: إن عفونة الوضع تفوح من بعض ألفاظ ما نقله المصانع عن ابن حجر يشمها لم يصبه زكام النصب والتعصب ولا حاجة بنا إلي نشر العفونات وفي طي المصانع أو من نقل عنه ألفاظ الروايات الأخري ما فيه لأن لهذا الحديث ألفاظا وبعضها مما تنشق منه مرائر النواصب فكان من الجائز أن يكون طيها من باب دمغ رؤوس الرافضة وسنشير إلي شئ منها غير ملمين بذكر الأسانيد بل ولا المخرجين والطرق طلبا للاختصار ولأنه لا حجة لأمثال المصانع في هذا الحديث لو صح.
(٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الحج (1)، السب (1)
فقد روي هذا الحديث عن علي ع مرفوعا بلفظ:
يكون بعدي قوم من أمتي يسمون الرافضة يرفضون الإسلام:
وروي عن فاطمة ع أنها قالت نظر رسول الله ص إلي علي ع فقال: هذا في الجنة وإن من شيعته قوما يلفظون الإسلام لهم نبز يسمون الرافضة من لقيهم فليقتلهم فإنهم مشركون: وروي عنها ع من طريق أخري ولفظه: قال رسول الله ص أما إنك يا ابن أبي طالب وشيعتك في الجنة وسيجئ أقوام ينتحلون حبك يقال لهم الرافضة فإن لقيتهم فاقتلهم فإنهم مشركون:
وإذا تأملت ألفاظ الحديث وعرفت خلو الأمهات الست منه ومما في معناه مع شدة توفر الدواعي علي نقله بل وعلي الرحلة لتحصيله والمسابقة إلي ذلك لما يستفيده راويه من المال والجاه وما يناله من العز والرفعة وما يوسم به من نصر السنة ولا يوجد صارف عنه من خوف علي النفس أو المال أو العرض وما كان هذا سبيله حقه أن يشتهر ويتواتر وأن تملي بشروحه الدفاتر المعتمدة وأن يكون حجة المجادل وسلاح المناظر ولكن شئ من ذلك لم يكن فدلنا ذلك علي أن ليس له حظ من الصحة بل ربما كان مما أتي به أو زيد فيه أو حذف بعضه لدمغ رؤوس الرافضة …
(٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم عرفة (1)، العزّة (1)، الخوف (1)
وقوله فيما نقله عن ابن حجر في علامة أولئك المذمومين: ينتحلون حبنا أهل البيت وليسوا كذلك: ما يفيد أنهم كذابون يبطنون خلاف ما يدعون فيوالون أعداء أهل البيت ويحبونهم ويناضلون عنهم ويترضون تعظيما عن لاعني أهل بيت نبيهم وما أحسن ما قاله شيخنا العلامة ابن شهاب الدين في قصيدة في مدح أمير المؤمنين.
هو الحب صدقا لا الغلو الذي به يفوه معاذ الله بعض طغامها ولا كاذب الحب ادعته طوائف تشيب قلاها بانتحال وئامها تخال الهدي والحق فيما تأولت غرورا وترميني سقاها بذامها وتنبزني بالرفض والزيغ أن صبا إليك فؤادي في غضون كلامها تلوم ويأبي الله والدين والحجي وحرمة إبائي استماع ملامها فإني علي علم وصدق بصيرة من الأمر لم انقد بغير زمامها ولا شك أن موالي أعداء أهل بيت النبي عدو للنبي ص فقد كثرت الروايات عنه بأنه سلم لمن سالمهم
(٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصدق (1)
حرب لمن حاربهم ومثله في خصوص أمير المؤمنين من أن سبه سب للنبي وسب النبي سب لله عز وجل كما في حديث أم سلمة وهو في الصحيح ونحوه ما صح في نفاق مبغضه وساب النبي كافر والمنافق في الدرك الأسفل من النار فما أحري أولئك المنتحلي كاذب الحب بالذم.
وفي ألفاظ الحديث بشارة عظيمة لمحقي شيعة أمير المؤمنين ع بأنهم مع من يحبونه في الجنة وما أجدرهم بذلك جعلنا الله معهم وفيهم.
وقوله في ألفاظ الحديث: مشركون: يرفضون الإسلام: يلفظون الإسلام: يقرظونك بما ليس فيك:
ما يدل علي أن من وصف عليا بما لم يصفه به أخوه رسول الله ص من الفضل والتفضيل مما لا ينبغي لأخي نبي ولا لوصي نبي فهو مذموم ومنهم من يدعي ألوهيته ع تعالي الله عن إفكهم فهؤلاء مشركون وقد وجدوا ولقيهم أمير المؤمنين ونفذ فيهم الحكم الذي أمره أخوه بتنفيذه ولا يجوز أن حكم بالشرك علي من رفض شخصا من الصحابة مثلا ولا أن نقول إنه رفض الإسلام.
والتنابز بالألقاب منهي عنه كتزكية النفس وقد عمت بذلك البلوي فكل طائفة تلقب نفسها بأحسن الألقاب وتنبز
(٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، الأكل (1)، الحرب (1)، السب (3)، الجواز (1)، الرفض (1)
عدوها بشرها.
فإن صح هذا الحديث فقد عرفت من هو أسعد الناس بما فيه من بشارة ومن هو الحري بما فيه من ذم وعلي فرض الصحة وعدمها لا حجة فيه للمصانع وأمثاله فإيراده تسويد للصحف بما تسود به الوجوه والصحف ونسأل الله السلامة والعفو والعافية لنا وللمسلمين.
وما جزم به المصانع من أن الرافضة مشركون قطعي البطلان لأنه افتراء علي الدين الاسلامي وكيف يصح تكفير من يؤمن بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر ويصلي ويصوم بمجرد التشهي والدعاوي الباطلة الكاذبة وإن في الذين ينبزهم بالرفض أمثال المصانع الجم الغفير من علماء أهل البيت الطاهر ومن صميم محبيهم أهل التقوي والعبادة والتكفير أمر عظيم يتحاماه من يتقي الله تعالي ولو كنا مكفرين أحدا من أهل القبلة لجزمنا بكفر الذين يبغضون عليا لكثرة ما صح وتواتر عن الشارع فيهم.
ولأن يلقي الله العبد بكل ذنب غير الشرك به خير له من أن يلقاه بالنصب ونعوذ بوجه الله الكريم من موجبات سخطه كلها.
قال المصانع في الصفحة 21 نقلا عن الشيخ
(٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الحج (1)، الصّلاة (1)
عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه أنه قال في كتاب الغنية:
والرافضي من فضل عليا علي عثمان: انتهي.
وأقول قد اشتهر أن كتاب الغنية منحول للجيلاني وليس هو مصنفه وذلك هو الأقرب فإن فيه ما يمنعنا حسن ظننا بذلك الرباني أن نصدق بصدوره منه.
ومن أجل أن المصانع أورد هذه الفقرة محتجا بها اقتضي الحال بيان ما هو الصواب إن شاء الله في ذلك بإيجاز.
فنقول القول بالتفضيل بين علي وعثمان أو بين علي وسائر الصحابة ليس مما كلف الله به العباد وإنما أدخلها في المسائل الاعتقادية التحزب والتعصب ولذلك كثر الاختلاف في ذلك قديما وحديثا وافتعلت فيه الأحاديث من طائفتي السنة والشيعة كما اعترف بذلك القسطلاني وقال بالوقف كثير من العلماء. وحكي الوقف بين الأربعة في التفضيل الحبيب علوي بن أحمد الحداد في رسالته فصل الخطاب عن الجويني ثم قال ونقل الوقف ابن عبد البر عن جماعة من السلف وجزم بذلك الإمام السهروردي في عقيدته المشهورة ويحيي القطان وغيره: انتهي.
ولذلك لا يجوز تضليل المخالف فيها وحقيقة
(٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب فصل الخطاب لسليمان أخ محمد بن عبد الوهاب (1)، الجويني (1)، الجواز (1)
الأفضلية ومن هو الأفضل قطعا من كل الوجوه لا يعلمه إلا الله ولا طريق لنا إلي علمه إلا بنص جلي عن الشارع.
والقائلون بتفضيل أخي النبي علي ع علي جميع الصحابة كثيرون منهم أهل البيت الطاهر كافة وبنو هاشم قاطبة وبنو المطلب جميعا وعدد جم من نخبة خيار الصحابة وأفاضلهم كالمقداد وزيد بن أرقم وسلمان وأبي ذر وخباب وجابر وأبي سعيد الخدري وعمار وأبي بن كعب وحذيفة وبريدة وأبي أيوب وسهل بن حنيف وعثمان بن حنيف وأبي الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت وقيس بن سعد وأبي الطفيل وغيرهم نقل هذا العلماء في كتبهم مفرقا كابن عبد البر وابن الأثير وغيرهما.
وقد نقل كثيرا من هذا، لحبيب علوي بن أحمد الحداد في رسالته فصل الخطاب عن ابن عبد البر والعصامي وأورد الحبيب علوي في كتابه المذكور ما لفظه: ولم يرد عن السبطين وزين العابدين علي بن الحسين وابنه محمد الباقر والإمام جعفر الصادق إلا أنهم يتولون ويثنون علي الشيخين ولم يرد عنهم التفضيل للشيخين علي علي: انتهي.
وتفضيل الإمام علي ع هو معني كلام الحبيب عبد الله بن علوي الحداد في جوابه لمن سأله عن القطب كما في مكاتباته قال: أول الأقطاب علي. وقيل أبو بكر ثم
(٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، كتاب فصل الخطاب لسليمان أخ محمد بن عبد الوهاب (1)، أبو سعيد الخدري (1)، إبن الأثير (1)، خزيمة بن ثابت (1)، علي بن الحسين (1)، بنو هاشم (1)، عثمان بن حنيف (1)، زيد بن أرقم (1)، أبي بن كعب (1)، سهل بن حنيف (1)، قيس بن سعد (1)، الصدق (1)، الإختيار، الخيار (1)
الخلفاء علي الترتيب. ثم الحسين أي بعد الحسن ثم زين العابدين: إلي أن قال: القطب عبارة عن أفضل رجل من أهل الإيمان في كل زمان: انتهي.
فقد جزم بتقدم علي ثم أولاده مرتبا لهم وحكي قول الغير في تقديم أبي بكر ومن بعده بصيغة التبري والتمريض فتأمل وتفضيل علي هو معني ما رويناه عن الشافعي في النصائح الكافية.
والقول بذلك هو قول عمر بن عبد العزيز وجمع كثير من أفاضل علماء التابعين وساداتهم وهكذا في كل طبقة ولهؤلاء فيما ذهبوا إليه أدلة صحيحة واضحة لا تحصي كثرة.
فلو صح ما نقله المصانع عن الجيلاني من أن الرافضي هو من يفضل عليا علي عثمان أو ما يزعمه بعضهم من أنه من يفضل عليا علي الشيخين لكان هؤلاء كلهم رافضة ولكان الخير كله في ذلك الرفض بدون ريب.
قال المصانع في الصفحة 22: كيف والرافضي من جنس المنافقين مذهبه التقية: انتهي.
وأقول تقدم أن المصانع يسمي رافضيا من يفضل عليا علي عثمان ومثله بالأولي من فضل عليا علي سائر الصحابة ومن يبغض معاوية في الله تعالي ويري لعنه من النوافل
(٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، عمر بن عبد العزيز (1)، البغض (1)، النفاق (1)، التقية (1)، الترتيب (1)
والطاعات وتقدم أن من هؤلاء عترة محمد ص أجمعين ونخبة نجباء أصحابه وفضلاء متبعيهم بإحسان وقد قال فيهم المصانع ما نقلناه آنفا ظلما لهم وهضما فما أفحشها من مقالة وما أبعدها عن الصواب وأعداء هؤلاء هم المنافقون المنصوص علي نفاقهم فهل يقال للمصانع: رمتني بدائها وانسلت:
(كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا):
لأن حب علي وأهل البيت من أقوي علامات الإيمان والتقية مما أجمع المسلمون علي جوازه وإن اختلفت تسميتهم لها فسماها بعضهم الكذب لأجل الضرورة أو المصلحة وقد عمل بها الصالحون فهي من دين المتقين الأبرار وعكس القول فيها كذب ظاهر.
وأما المنافقون قطعا المجتمعة فيهم علامات النفاق فهم الذين يناضل عنهم المصانع في نبذته وإلي ربنا إيابهم وعليه حسابهم.
قال المصانع في الصفحة 22 أيضا ما لفظه: وروي عن الإمام مالك وغيره إنما أراد هؤلاء الرافضة في الصحابة الطعن في رسول الله ص ليقول القائل رجل سوء كان له أصحاب سوء لو كان صالحا لكان أصحابه صالحين:
انتهي.
(٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكذب، التكذيب (2)، النفاق (2)
وأقول قد تقدم تعريفنا من يسميهم المصانع رافضة ونري أن هذه المقالة لا تصح روايتها عن مالك أو قالها في شأن رجال مخصوصين من أهل الخصوصية لأنا قد علمنا مما حكاه ربنا في كتابه أن الصحبة تكون بين المسلم والكافر فاقرأ: قال له صاحبه ما هو جوابهم ولو عكس الكلام فقيل لمن ينسب إلي صحبته الخاصة ص معاوية وعمرا وبسرا والمغيرة وأبا الأعور وسمرة وشرحبيل وابن أبي وحرقوصا وذا الثدية وثعلبة وماتعا وابن صياد ومن هو مثلهم ممن لا يشك مؤمن عاقل منصف في أنهم من أخبث خلق الله وأفسقهم وشرهم إنما أردت أن تقول بهرج المسلمون فوصفوا نبيهم بغير صفته وهؤلاء أصحابه الممدوحون في شرعته فليكن صاحبهم مثلهم أفيكون قصدهم من صنيعهم هذا الكيد للاسلام والقدح في المقام الزكي ص.
فإن زعموا أنهم ينفون صحبة ابن أبي بالنص علي نفاقه قلنا لهم إن النبي ص لم ينفها فقال لمن استأمره في قتله لا يقال إن محمدا يقتل أصحابه وهذا ثابت وفي الصحيح في المختلجين إلي النار المرتدين بعده ص قوله: أصيحابي أصيحابي: وهو مشهور وأيضا نقول لهم لم لم تعملوا النصوص كلها فتنفوا عن صحبته الخاصة مرتكبي فواقر الفواحش ورقاق الدين ومن أخبرنا بأنهم من أهل النار
(٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القتل (1)
ودعاتها ومن علي شاكلتهم فتكونوا صادقين.
قال المصانع في الصفحة 22 و 23: ذكر الشيخ ابن حجر في كتابه الصواعق بعد قوله ليغيظ بهم الكفار قال ومن هذه الآية أخذ الإمام مالك في رواية عنه كفر الرافضة الذين يبغضون الصحابة ومن ثم وافقه الشافعي (رض) في قوله بكفرهم ووافقه أيضا جماعة من الأئمة انتهي ملخصا: انتهي المنقول عن المصانع بحروفه.
ونقول نزلت هذه الآية عقيب صلح الحديبية والموجودون إذ ذاك من المسلمين هم المقصودون بها. فلا يصح شمولها لكل من سموه صحابيا قطعا فالآية خاصة واصطلاحهم الحادث عام فتأمل. ولفظ الذين في قول الله تعالي والذين معه عام فيمن قصد بالصلة التي هي هنا الظرف وهو مطلق المعية وهنا يجب صرفها إلي العهد كما حققه الأصوليون والمعهودون هنا هم الذين ذكرنا أنهم المقصودون بها. ولم يكن الطاغية منهم.
ولو قيل بالعموم المطلق لدخل فيها كغيره من الطلقاء من جهتين متناقضتين هما الإسلام والكفر في قوله أشداء علي الكفار وذلك باطل غير معقول وقد حقق الكلام علي هذا شيخنا في وجوب الحمية فراجعه.
(٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: صلح (يوم) الحديبية (1)، الوجوب (1)
ولا شك أن أخا النبي وسبعماية رجل ممن حضر الحديبية وأغاظ الله بهم معاوية وأباه وهم معلنون شركهم قد حاربوا معاوية والقاسطين بصفين وأغاظهم الله بهم مع أخي نبيه كما أغاظهم بهم مع نبيه حتي دخلوا في الإسلام كرها والسيوف مصلتة علي رؤوسهم تعوذا من القتل وكذلك في صفين رفعوا المصاحف خداعا عائذين بها من القتل لما أخذتهم تلك السيوف بأيدي أولئك الرجال فيتضح بهذا بطلان ما نقله المصانع وأن أخذ كفر الطاغية منها أقرب.
وقد نص أهل السير علي أن عبد الله بن أبي سلول كان ممن حضر بدرا ثم كان ممن حضر الحديبية فتذكر هذا.
وبما أوضحناه تعلم فساد ما قاله المصانع وعدم صحة ما نقله وأن الدليل يقضي بخلافه والكلام في الصحبة وفضلها ومن هم الصحابة تجده مستوفي في النصائح الكافية ثم في كتاب وجوب الحمية فراجعهما.
قال المصانع في الصفحة 24 نقلا عن ابن حجر المكي عن الإمام علي ع ما لفظه: تفترق هذه الأمة ثلاث وسبعون (كذا) فرقة شرها من ينتحل حبنا ويفارق أمرنا:
انتهي.
وأقول الحمد لله كثيرا قد أنطق الله المصانع بما يبين
(٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، القتل (2)، الوجوب (1)
كذبه وتضليله وأي مجنون يقول إن من أمر علي ع تولي معادي الله ورسوله معاوية وأذنابه القاسطين والترضي عن لاعنيه ولاعني شيعته من أئمة الكفر والمنافقين ففي ما نقله المصانع محتجا به دليل واضح علي أنه ومن علي شاكلته من المناضلين عن معاوية المحبين له شر فرق أمة الإجابة ويؤيد هذا أنهم فيما تقلدوه من انتحالهم زورا محبة علي وأهل البيت وانطواء جوانحهم علي حب لاعنيهم ومبدلي دينهم ومبغضيهم وأعدي أعاديهم قد سلكوا مسلك سادتهم المنافقين في إظهارهم الإسلام وانطوائهم علي ضده والمنافقون في الدرك الأسفل من النار لمخادعتهم لله ولرسوله وللمؤمنين وهؤلاء اتبعوهم فتولوا أعداء الله ونصروهم وغضبوا لهم وناضلوا عنهم مع زعمهم أنهم محبون موالون لعلي وأهل البيت خداعا ومكرا وما أشرنا إليه أمر ظاهر لا يحتاج إلي شرح عافانا الله مما ابتلي به أولئك وأعاذنا من مضلات الفتن بمنه.
وليس يصح في الأذهان شئ إذا احتاج النهار إلي دليل قال المصانع في الصفحة 25 نقلا عن علي كرم الله وجهه: لا أجد أحدا فضلني علي أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري: انتهي.
(٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)
وأقول قد تقدم قريبا صفحة 56 وما بعدها ردنا لما نقله عن الجيلاني في مسألة التفضيل وأنها ليست مما كلفنا الله به قطعا ما يدل علي بطلان هذا ولم يكلف الله أحدا من عباده أن يفضل أبا بكر علي أبي هريرة فضلا عن غيره فما أحق بالتعزير زاعم التكليف لأنه مفتر علي الله وهذه المقالة مما افتعله النواصب ووضعوه لا يشك عاقل في ذلك ومثلها ما هو بمعناها ولا ينقلها مصدقا لها إلا مغرور أو مغرر.
وقد ذكر المصانع في الصفحة 25 أيضا ما يطنطن ويطبل ويزمر به أمثاله تبعا لابن حجر المكي وأشباهه من أن عليا ع قد كان أشجع الشجعان وأقوي الصحابة جنانا وأعزهم أرومة وأنه من رؤوس من لا تأخذهم في الله لومة لائم وممن لا يغضي علي القذاء فكيف يجد الخوف سبيلا إلي قلبه الممتلئ إيمانا فيلجأ إلي التقية ويسكت علي ما يعتقد أن غيره أرضي منه لله ولرسوله إلي ما يشبه هذا من هذيا نهم ووسوستهم.
والجواب أن أقوالهم‌ها ه محض نفاق وتضليل لأنهم يعتقدون خلافها ويصرحون با ن غير علي كان أشجع منه وأقوي إيمانا ووو …
يكررون هذا في كتب عقائدهم ويلقنونه نساءهم
(٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: أبو هريرة العجلي (1)، الباطل، الإبطال (1)، الخوف (1)، التقية (1)
وصبيانهم كأنه من معني الشهادتين أو من المعلوم من الدين بالضرورة وبهذا تتحقق أنهم في مقالاتهم تلك إنما يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ولم يكفهم ذلك بل زعموا أن مخالفيهم يكذبون ويبتدعون وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون.
والحق الذي لا مرية فيه أن عليا ع كان كما قالوا رجل الشجاعة وواحدها وكيف لا وهو صنو رسول الله ص وأشجعيته ع متفق عليها بين من عرف التاريخ الاسلامي لا يماري فيها إلا دجال رقيق الدين زمن المروءة مشاغب ولكنه ع لم يكن أشجع من أخيه رسول الله ص.
وقد علمنا يقينا بخروجه ص من بيته بمكة ليلا خلسة وباختفائه ثلاث ليال في الغار خوفا من قريش.
وعرفنا بكاء أبي بكر لما رأي سراقة مقبلا يجر رمحه وسراقة رجل واحد ولم تذكر عنه شجاعة وأبو بكر في زعم المطنطنين كان أشجع من علي وأكبر إقداما وأمض مضاربا وإن لم يعلم ذلك أحد ولم يروه أحد.
وقد قرأنا في كتاب ربنا جل وعلا ما حكاه عن نبيه نوح ع: رب إني مغلوب فانتصر: وما ذكره عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما غلبه عصاة قومه ولم تك له
(٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: النبي إبراهيم (ع) (1)، النبي نوح عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، البكاء (1)
بهم طاقة: (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي): الآية وما قاله لوط لقومه: (لو أن لي بكم قوة) الآية وقول نبيه يوسف ع: (ربي السجن أحب إلي مما يدعونني إليه): الآية وما أخبر به عن كليمه موسي ع: (فأصبح في المدينة خائفا يترقب) (ففررت منكم لما خفتكم) (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي) الآية وقوله تعالي حاكيا عن نبيه هارون مخاطبا لأخيه موسي عليهما الصلاة والسلام: (إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني): الآية.
وروينا ما صار لخير خلق الله صلوات الله وسلامه عليه وعلي آله في صلح الحديبية. وقوله لأم المؤمنين في شأن الكعبة: لولا أن قومك: الحديث.
فهل يري أولئك المطنطنون أسوة لصنو رسول الله في الأنبياء والمرسلين أم يزعمون أنه أرفع من هؤلاء المقربين وينكرون أنه من جنس الآدميين فلا غضاضة عليه في خضوعه لسنة رب العالمين بل يزيده ذلك رفعة لإتيانه رخصة ربه باستعماله التقية الجائزة إجماعا وصيانته بذلك بيضة الدين سيما وما سكت عنه لم يكن مما يهدم أركان الإسلام.
إن مجموع ما حوته بطون الدفاتر المعتبرة مما روي عن الإمام علي يفيد القطع واليقين علي أنه يري أنه أحق
(٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (2)، صلح (يوم) الحديبية (1)، الصّلاة (1)، السكوت (1)، التقية (1)
الناس بالأمر وعلي التزامه التقية فمن كلامه: فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي وهم قليل حق قليل فضننت بهم عن القتل فأغضيت علي القذي وشربت علي الشجا وصبرت علي أخذ الكظم وعلي أمر من طعم العلقم: وما في معني هذا من كلامه في محاوراته وخطبه ومكاتباته يضيق نطاق الكتم عنه ويفيد اليقين فلا نطيل بنقله.
قتل كليم الله موسي عليه سلام الله قبطيا واحدا من غمار القوم غير متعمد ولا قاصد قتله بل علي سبيل الدفاع عن المضطهدين فأخبرنا الله عن حاله بقوله: فأصبح في المدينة خائفا يترقب: وأخبر أنه خاف وفر في قوله:
ففررت منكم لما خفتكم: وأنه هاب العود إليهم بعد طول المدة واندمال الجرح: ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون:
وعلي ع قتل من لا يحص عددهم من سادات القوم ورؤسائهم وصناديدهم وأعيانهم ومن يفدونه بمهجهم ومن هو أعز ذوي قرباهم فكيف لا يخافهم ولا يتقيهم وهو محاط برجال من صميم سباع العرب وجبابرتهم الذين لا ينسون الثار فلا يقع بصره ع إلا علي وجه رجل قد وتره بقتله جده أو أباه أو عمه أو خاله أو أخاه أو ابنه أو ابن عمه أو ابن أخيه أو قريبه والعهد قريب والجرح لما يندمل وكثير من القوم حديث عهدهم بالاسلام بل لم يلج الإيمان قلوبهم
(٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، العزّة (1)، القتل (4)، الخوف (1)، التقية (1)
بل من الذين مردوا ومرنوا علي النفاق وطبع الله علي قلوبهم ممن أسلم كرها.
حقا إن بقاء علي ع حيا بين ظهراني أولئك القوم إلي أن فتك به أشقاها لم تقتله الجن ولم تغله الغيلان ولم يأكل أعداؤه لحمه نهشا بأسنانهم كما أكلت هند أم معاوية كبد عمه حمزة.
إن بقاءه تلك المدة من أكبر معجزات أخيه ص وهذا واضح جلي عند من يتنزه عن التمويه والتغرير.
تتميم إن قال قائل إنا نسلم جواز ما ذكرته عن أمير المؤمنين ع من التقية، ونقبله فيما كان قبل أن يستخلف، وأما بعد مبايعة عدول الأمة له، والتفاف الألوف المؤلفة حوله ناصرين له، فأي مانع له إذ ذاك من تغييره كل ما لا يراه حقا وصوابا؟ فليكن سكونه حينئذ عن ما كان من قبل رضاء به، وتقريرا له؟.
وجوابنا أنه ليس كل رئيس في جماعة يكون مطاعا، في كل شئ فكم من كافر صار رئيسا علي مسلمين، وبالعكس، ولم يستطع تغيير أكثر ما يحب تغييره، وهذا أمر بين جلي.
(٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، البيعة (1)، القتل (1)، التقية (1)، الجواز (1)
وكل عارف بالتاريخ الاسلامي يعرف أن أمير المؤمنين عليا ع لم تستقر به الحال بل لم يزل في عناء وتعب منذ فارقه أخوه النبي ص إلي أن لحق بربه جل جلاله، ومن المحتم علي الموفق أن يبدأ في أموره بالأهم فالأهم، وقد استغرق أوقات أمير المؤمنين حربه الناكثين، ثم القاسطين، ثم المارقين، ومعاناته رعيته الكثيرة الأود واللدد المختلفة الوجهة والرأي، إلي أن اختصه الله بالشهادة أثناء ذلك، ولم يصف له وقت ليصلح ويطهر، ويرد الأمور إلي نصابها، ولقد كان يقول: (اقضوا كما كنتم تقضون) الخ وذلك خوف الفتنة، واعتبر بما صار من بعض كبار الصحابة لما ردهم إلي ما عرفته الكافة من سنة نبيهم في الأموال، وكيف صنعوا، فما بالك بغير ذلك، ولهذا كان ع يئن ويشكو ويومئ تارة، ويعرض أخري، ولم يزل كلما رتق فتقا انخرق آخر، لأن المرض أزمن واستحكم قال شيخنا العلامة ابن شهاب الدين من قصيدة:
نبي الوري بعد انتقالك كم جري ببيتك بيت المجد والمنصب السمي إلي أن قال أحسن الله إليه:
(٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الخوف (1)
فكم كابد الكرار بعدك من قلي وخلف إلي فتك الشقي ابن ملجم وصبت علي ريحانتيك مصائب شهيد المواضي والشهيد المسمم ضغائن ممن أعلن الدين مكرها ولولا العوالي لم يوحد ويسلم ذكر المصانع الصفحة (25) و (26) الإمامية، فخبط خبطا يشهد بأنه جاهل بالفرق ومقالاتها، فأشبه كلامه كلام القائل: حارب معاوية بن أبي طالب علي بن أبي سفيان، الذي زوجته عائشة بنت محمد التي أمها فاطمة بنت أبي بكر. فلنمر كراما بذلك التناقض.
تنبيه أكثر المصانع النقل عن ابن حجر المكي مغترا بما زخرفه من الزور في كتبه، ولقد أضرت تحريفات هذا الشيخ وتمويهاته بعقائد كثير من المسلمين في عدة أقطار، وهو والذهبي وابن تيمية من كبار نواصب أهل السنة، ومن أكثرهم تغريرا وزورا، وإن تفاوتت مراتبهم في ذلك، وقد شاركهم في كثير من ذلك بعض علماء تلك الطائفة المحترمة فتجد في طيات أقاويل بعضهم من دقائق النصب وخبثه ما هو
(٧١)
صفحهمفاتيح البحث: ابن ملجم المرادي لعنه الله (1)، ابن تيمية (1)، الزوجة (1)، الجهل (1)، الشهادة (1)
قرة عين إبليس، مما يدل علي أنهم قد مردوا علي النصب وغمر قلوبهم بغض علي وأهل البيت، فأعماها رانها، عاملهم الله بقسط عدله أمين، فكن من زبدهم، وسموم نصبهم علي حذر، ورضي الله عن شيخنا العلامة ابن شهاب الدين إذ كتب علي ظهر الكتاب المسمي تطهير الجنان تصنيف ابن حجر المكي شعرا:
لا تنكروا جمع تطهير الجنان ولا مدحا به كذبا فيمن بغي وفجر فإنما طينة الشيخين واحدة ذاك ابن صخر وهذا المادح ابن حجر وكتب المصانع في الصفحة (26) إلي الصفحة (57) فصلا في ذم الوهابية، وطلبا للاختصار نحيل طالب الحق علي ما كتبه محققو العلماء أهل الاستدلال والإنصاف في حكم تلك المسائل، وننصح له بأن لا يعتمد علي شئ مما يهذي به المصانع، أو أشباهه من الجامدين المقلدين المتعصبين للأشياخ، فإن كثيرا منه مزاعم كاذبة، وخطا واضح.
قال المصانع في الصفحة (57): الفصل التاسع في معرفة وصف أئمة أهل السنة والجماعة من الأئمة الأربعة المجتهدين، وأتباعهم من الأئمة المشهورين من المفسرين
صفحه(٧٢)
والمحدثين، كأرباب الأمهات الست، والفقهاء المشهورين الذين من أجلهم علماء ساداتنا العلويين فهم كلهم ورثة الأنبياء، هم أولياء الله، هم أهل السنة والجماعة، هم السواد الأعظم، هم حملة الشريعة المحمدية، هم الفرقة الناجية، هم المأمور علي الأمة (كذا) باتباعهم بالعض بالنواجذ (كذا) فهم الذين خصوا باستنباط الأحكام من الكتاب والسنة، وقام اجتهادهم مقام نصوص الشارع الذي يجب العمل به (كذا) ولا تجوز مخالفتهم. انتهي.
وأقول: إننا ولربنا الحمد ممن يحب السنة السنية النبوية، ويحب أتباعها، ويكرم أتباعها، ويجل ويعظم حملتها وعلماءها، ويترضي عنهم، ولا يمنعنا ذلك من قولنا إن ما ذكره المصانع هنا كثير منه دعاوي لا يشهد بها نقل، ولا يؤيدها عقل، وكل ما كان كذلك فهو باطل.
والنبي ص قد أمر أمته بالتمسك بعترته أهل بيته، وضمن لهم الهداية، وعدم مفارقة كتاب الله إلي ورود الحوض.
وقد جاء الأمر بسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فإن ثبت فهو مندرج تحت الأمر بالتمسك بالعترة، لأن سنة الخلفاء ما اتفقوا عليه كلهم.
(٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشهادة (1)، الجواز (1)
ومن أجل أن عليا فيهم، وهو رئيس العترة وإمامها، وما قاله علي، وثبت عنه لم تخالفه العترة فيه - صح ما قلناه من دخول تلك السنة في عموم ما جاء عن العترة، وأما ما انفرد به بعضهم فذلك مذهبه وقوله خاصة، وليس من سنة الجميع، وهذا واضح، ولم يأمر النبي ص أمته بالتمسك بطائفة أخري بل حذر الأمة من تلك الفرق.
وعد المصانع للمفسرين والمحدثين من أتباع من ذكرهم لا يصح إن أراد التعميم، وإن أراد أن فيهم من كان من أولئك فقد صدق كما أن كثيرا من أولئك كانوا مستقلين، ومخالفين لبعض الأربعة في جمل من الأحكام.
ولا يصح أيضا عده لعلماء سادتنا العلويين في جامدي المقلدين، فإن كثيرا منهم ممن لا يقلد الرجال، ووجود رجال منهم مقلدين يفتون بمذهب فلان أو فلان لا يكون حجة علي غيرهم، والصحيح أن المقلد ليس بعالم حقيقي، ومذهب علماء السادة العلويين كتاب ربهم، وسنة نبيهم، والتمسك بالعترة، وأسانيدهم متصلة بآبائهم وأجدادهم، وقد ذكرنا فيما سبق ما يدل علي هذا من كلام الإمام الحداد رضي الله عنه، ونزيد الآن ما نقله عنه المصانع في الصفحة (60) وهو قوله:
(٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، التصديق (1)
إن طريق السادة آل أبي علوي أقوم الطرق، وأعدلها، وسيرتهم أحسن السير وأمثلها، وأنهم علي الطريق المثلي، والمهيع الأفيح، والسبيل الأسلم الأصلح، ولا ينبغي لخلفهم أن ينتهجوا بغير المنهج الذي درج عليه أسلافهم.
إلي أن قال: لأنها طريقتهم التي يشهد لها الكتاب والسنة الكريمة، والآثار المرضية، وسيرة السلف الكمل، تلقوا ذلك خلف عن سلف، وأب عن جد، إلي النبي ص وهم متفاوتون فمن فاضل وأفضل، وكامل وأكمل. انتهي بحروفه وتحريفه.
وفي هذا المعني يقول شيخنا العلامة أبو بكر بن شهاب الدين أسبغ الله عليه نعمه من قصيدة له فيهم:
الآخذي علم الرسول شريعة وحقيقة من كابر عن كابر والسالكين طريقه قدما علي قدم إلي القدم الشريف الطاهر يروون عن آبائهم عن جدهم عن جبرئيل عن العزيز الفاطر ونقل المصانع في الصفحة (59 - 60) عن العلامة
(٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (1)، العزّة (1)، الشهادة (1)
السيد طاهر بن الحسين بن طاهر قوله في وصف سيرة العلويين: فهي العروة الوثقي لا يتمسك بها إلا الأتقي، ولا يزيغ عنها إلا الأشقي، هي طريقة الرسول والخلفاء الراشدين الفحول، المأمور بالعض عليها بالنواجذ من كل طالب أخذ لأن طريق سادتنا العلويين متصلة بتلك الأصول مسلسلة بالسند الصحيح إلي جدهم الرسول ص موطدة بصحيحات النقول، مؤسسة علي تقوي من الله ورضوان محررة بدلائل السنة والقرآن لا يختلف في ذلك اثنان.
انتهي.
وفي هذا النقل حجة علي فساد ما ادعاه المصانع علي السادة العلويين، وأطلنا النقل هنا لئلا يتوهم من لا يعرفهم أن لما نسبه المصانع إليهم صحة، ولم نتكلم علي بقية الدعاوي لظهور فسادها.
ونقل المصانع في الصفحة (61) عن أبي هريرة عن رسول الله ص (أن الله عز وجل قال: من آذي لي وليا فقد آذنته بالحرب). انتهي.
وأقول: ما أظن مؤمنا بالله ورسوله ص يشك في أن عليا ولي الله، ومن أخص خواص أوليائه، كما لا يشك عالم منصف في أن عدو الله معاوية أذاه ظلما، وعاداه حسدا وحقدا وعنادا لله ورسوله، فيكون من شر من آذنه الله بحرب
(٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أبو هريرة العجلي (1)، الحسين بن طاهر (1)، القرآن الكريم (1)، الطهارة (1)، الحج (1)
منه، ومن نصره تعصبا فهو شريكه ومستحق لمثل ما استحقه.
وقد كرر المصانع القول بأن لحوم العلماء مسمومة، وأن معادي العلماء من الأشقياء إلي نحو هذا فليت شعري ماذا يقول في علي أيجاحد في أعلميته، أم يتجاهل عالميته، وماذا حكمه في علماء أهل البيت الطاهر، وعلماء شيعتهم أهل الحق والإنصاف، أيشملهم الحكم، أم يستثنيهم تشهيا، أم يخرج نفسه ومن علي شاكلته من هذه الأحكام، فيزعم أنه لا يلحق بهم، ولا يحق مليهم ذلك الوعيد بمعاداتهم حامة النبي ص ومحبيهم عليهم الرضوان، وما أدري ماذا أقول هنا: هل جهل معني ما ينقل فيكون قد تعاطي زورا، قال العسقلاني في فتح الباري بعد ذكره الحديث في تحريم شهادة الزور ما لفظه: وفي الحديث تحريم شهادة الزور، وفي معناها كل ما كان زورا من تعاطي المرء ما ليس له أهلا. انتهي.
أم أراد التغرير والتمويه، وكل ذلك وبال.
قال المصانع في الصفحة (62) قال النبي ص (ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق ذو الشيبة في الإسلام، وذو العلم، وإمام مقسط) انتهي.
(٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، علم المعصوم (1)، كتاب فتح الباري (1)، شهادة الزور (2)، الجهل (1)
وأقول: إن أراد المصانع أن طاغية الإسلام أحد من يتصف ببعض هذه الصفات، وأن لاعنيه المستخفين به المبغضين له في الله، ومنهم أخو النبي ص علي ع ومتبعوه منافقون، فقد أعظم الفرية علي الله وحكم بغير ما أنزل الله تعالي.
وإن أنكر أن سيد المسلمين، وصنو سيد المرسلين عليا ع لم تجتمع فيه تلك الصفات، وما هو خير منها وأطيب، وجحد أن المستخف به اللاعن له منافق قطعا، فقد أكبر البهتان.
كتب المصانع في الصفحة (63) فصلا في فضل الصحابة، وفسر الصحبة بالاصطلاح الحادث، وهو قولهم: الصحابي من اجتمع بالنبي ص مسلما ومات علي الإسلام.
وهذا الاصطلاح قيل لينبني عليه معرفة إمكان كون الحديث قد سمعه عن النبي ص القائل: قال رسول الله، أو تحقق إرساله، وقد تكرر إيماؤنا إلي هذا فصنيع أمثال المصانع هنا من الغش، وبسط الكلام علي الصحبة وفضلها، وبيان فساد الشبه التي زعمها بعضهم مفصل في النصائح الكافية، ثم في وجوب الحمية فليرجع
(٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، الوجوب (1)
إليه من أحب.
وليس مما ثبت من فضل الصحبة نصيب لطاغية الإسلام، وأذنابه، ومن علي شاكلتهم، لأنهم مسيئون في صحبتهم، وتد ورد في ذم ووعيد من أساء فيها أحاديث كثيرة جدا، صحيحة بل يفيد مجموعها اليقين بذم النبي ص لأولئك، وتجد في النصائح الكافية طرفا صالحا منها.
وفي مجموعتنا ثمرات المطالعة أكثر من ذلك، فمنها حديث مسلم (في أصحابي اثنا عشر منافقا ثمانية لا يدخلون الجنة حتي يلج الجمل في سم الخياط) الحديث.
ومنها حديث البخاري (بينا أنا قائم - أي علي الحوض - فإذا زمرة حتي إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم: فقلت: أين؟ قال: إلي النار والله، قلت: ما شانهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك علي أدبارهم القهقري، ثم إذا زمرة حتي إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم: قلت: أين؟ قال: إلي النار والله، قلت: ما شانهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك علي أدبارهم القهقري، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم).
قال الله تعالي: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل
(٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)
الكتاب من يعمل سوءا يجز به … ) (1) وقال عز من قائل: (وممن حولكم من الأعراب منافقون، ومن أهل المدينة مردوا علي النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلي هذاب عظيم) (2) وفي هذه الآية دليل واضح علي أن منافقي من يسمونهم حسب اصطلاحهم الحادث صحابة كثيرون، ليسوا المشهورين المذكورين بالنفاق فقط، أو مع من أسر النبي ص أسماءهم إلي أخيه علي، أو إلي حذيفة كلا بل هم أكثر من ذلك لا يعرفهم جميعهم إلا الله وحده، ولم يعرف بهم نبيه ص إلي وقت نزول هذه الآية، ومن يقول: إن الله عرف بهم نبيه بعد ذلك فعليه بالنص، وإلا فدعواه باطلة، فالقول بأن ما ورد من الفضائل للصحابة يشمل كل من شملهم ذلك التعريف المخترع باطل قطعا.
ولقد أساء المصانع فيما صنع، لأنه قد اطلع علي ما في النصائح الكافية من التحقيق في حكم الصحبة، ثم علي ما في وجوب الحمية، ثم جري علي ما قد عرف بطلانه، ولم يتعرض لرد ما لم يرق له قبوله فيقرع الحجة بالحجة مع أنه كتب نبذته ردا علي ذينك الكتابين، وإن لم يصحر، ولم
(1) سورة النساء الآية 123.
(2) سورة التوبة الآية 101.
(٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، الوجوب (1)، سورة البراءة (1)، سورة النساء (1)
يصرح والحق أحق أن يتبع.
وخيار الصحابة قد خصهم الله تعالي، وله الحمد من الفضائل بأطيب وأكثر مما ذكره المصانع فعليهم رحمة الله ورضوانه، وجزاهم عن حفظهم نبيهم في أهل بيته خير الجزاء فقد أدوا الأمانة، وأحسنوا المكافاة بالجميل، وهيهات أن يعد فيمن هذه صفته من اتصف بضدها كعدو رسول الله ص ولعينه وابن لعينه، وعدو أهل بيته الداخل في الإسلام كرها، الخارج منه طوعا، عدو الإسلام، ومبدل أحكامه جهارا، فمحاولة إدخال من ذمهم النبي (ص) فيمن مدحهم ومن لعنهم، فيمن دعا لهم، ومن شهد لهم بالنار فيمن شهد لهم بالجنة خيانة للدين، وتعكيس للسنة، وتبديل للنصوص، وتحريف للشرع، وضلال مبين.
وذكر المصانع في الصفحة (66) نقلا عن ابن حجر المكي فيما يظهر ما لفظه فوصفهم الله بالشدة والغلظة علي الكفار وبالرحمة والبر والعطف علي المؤمنين انتهي وأقول قد تقدم ذكر الآية والكلام عليها صفحة 38 ولا باس أن نزيد فنقول إننا ولربنا الحمد أشد حبا وتعظيما لخيار الصحابة من أمثال المصانع لأنا نعظمهم كما أمر الله ونحبهم في الله طاعة لأمر الله ورسوله لا تعصبا وتقليدا. وأما المنافقون والفجار
(٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الشهادة (2)، النفاق (1)، الأمانة، الإئتمان (1)
والضلال ودعاة النار فنحن بحمد الله وتوفيقه ممن يبغضهم في الله ويهتكهم امتثالا لأمر رسول الله ص تحذيرا للناس من ضلالهم وهؤلاء وصفهم الصحيح ضد صفة أولئك فهم أشد علي المؤمنين سيما آل بيت رسول رب العالمين حقدا عليه وتشفيا منه رحماء وبالكافرين والمنافقين. وأعوذ بالله أن أكون ممن يري شدتهم، في قتال أخ النبي ص وفي قتلهم صاحبه الداعي لهم إلي الجنة بالنص المتواتر عمار بن ياسر الطيب المطيب وفي قتلهم حذيفة وأخوته. وفي دعوتهم عمارا والمسلمين إلي النار كما في النص الصريح المتواتر إن ذلك هو المقصود من الآية وأن من الرحمة لعنهم أخا النبي عليا وتسميمهم ابن النبي وريحانته الحسن وحرقهم محمد بن أبي بكر في جيفة حمار وقتلهم حجر بن عدي وأصحابه.
وذكر المصانع في الصفحة (67) عن أبي زرعة الرازي ما لفظه: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق. انتهي.
وأقول: أورد المصانع، هذه المقالة محتجا بها، ولنا أن نسأله هل يعترف بأن عليا من خيرة أصحاب رسول الله ص أم ينكر ذلك، وهل يري لعن معاوية وسبه له علي المنابر ظلما تنقيصا له أم لا، والانسان علي نفسه
(٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، محمد بن أبي بكر (1)، القتل (3)
بصيرة.
وفي الصفحة (69) عقد المصانع فصلا في وعيد من يبغض أحدا من الصحابة الخ الخ.
ومما تقدم قد عرفت الحق في مثل ما أورده المصانع هنا، فلا عود ولا إعادة، وهيهات أن يكون من الصواب سبك الطيب والخبيث في قالب واحد، وسلك الجهنميين، وأصحاب عليين في سلك واحد (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) (1) ( … قل الله أذن لكم أم علي الله تفترون) (2).
وفي الصفحة (70) نقل ما لفظه: قال عروة قالت لي عائشة رضي الله عنها: يا ابن أختي أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبوهم. انتهي.
وذكر عن ابن عباس نحو ذلك.
وأقول: إن عائشة قالت ذلك لما سب معاوية وأذنابه عليا وأولياءه، وروي عن أم سلمة عليها الرضوان مثل ما روي عن عائشة لذلك السبب، فأصحاب محمد المسبوبون
(1) سورة ص الآية 28.
(2) سورة يونس الآية 59.
(٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، يوم عرفة (1)، السب (2)، سورة يونس (1)، سورة ص (1)
هم علي وأولياؤه، وسابوهم هم الذين ينتصر لهم أشباه المصانع، وهذا وما في معناه حجة عليهم نيرة.
ونقل المصانع أيضا في الصفحة (70) حديثين في نهي النبي ص عن سب أصحابه، وسبيلهما سبيل ما تقدم، ولا يدخل في الصحبة الخاصة الجهنميون والمنافقون، ودعاة النار، وكلابها بالنص بل يجب تنزيه الجناب المقدس عن صحبة أولئك الخبثاء، ولا ينسبهم إلي صحبته الخاصة من يعرف حالهم إلا إن كان في قلبه حقد علي النبي ص، وأحب إفساد الدين، أو كان غافلا، أو مغرورا.
ونقل المصانع في الصفحة (71) عن الإمام مالك ما لفظه: من شتم أحدا من أصحاب النبي ص أبا بكر، أو عمر أو عثمان أو معاوية، أو عمرو بن العاص، فإن قال:
كانوا علي ضلال وكفر قتل، وإن شتمهم بغير هذا من مشاتمة الناس نكل نكالا شديدا. انتهي.
وأقول: يجوز أن يكون ما نقله المصانع هنا عن مالك مكذوبا عليه قد دسه أعداؤه، كما يجوز أن يكون حمله علي تلك المقالة خوف سوغ له أن يقولها تقية، وحسن ظننا بمالك يحملنا علي عدم تصديقنا صدور تلك المقالة عنه، ولا ما يشبهها مما لا يصدر إلا عن ناصبي قد خذله الله وأبعده لا يبالي بالتقول علي الله، ولقد علمنا ما أصاب مالكا
(٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: سب الصحابة (1)، صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عمرو بن العاص (1)، القتل (1)، الحج (1)، الضلال (1)، الخوف (1)، الجواز (2)
لموالاته أهل بيت رسول الله من ضرب وإهانة، ومثل هذه الروايات المكذوبة التي يلصقها أهل الأغراض بمالك حملت من لم يعرف ترجمته، وحقيقة حاله علي أن يظن أنه كان يري رأي الخوارج، ويتدين ببغض أخي النبي، وأهل البيت ع فممن توهم هذا صاحبنا العلامة الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي رحمه الله تعالي، وهو من أهل الاطلاع غير أنه قد انغرس في فؤاده ميل ما إلي مذهب سلفه الشاميين، ونسأل الله لنا وله سابغ عفوه، فإنه قال في كتابه الجرح والتعديل في تزكية الخوارج صفحة (28) ما لفظه (ويكفي أن الإمام مالكا رضي الله عنه عد ممن يري رأيهم) انتهي.
وقد اغتر بما نقله عن كامل المبرد، وسبيل من صدق صدور ما نقله المصانع عن مالك أن يعده في أولئك الحشرات الممقوتة، لأن ما تكنه الصدور قد يتفلت فيترشح في فلتات الألسن، ومن أسنة الأقلام.
وقد كتب إلينا أخونا العلامة المحدث الشريف محمد المكي بن عزوز، ألحقه الله بأسلافه الطاهرين في عليين ينكر علي القاسمي ذلك الوهم فقال: إن المبرد ليس ممن يلقي الكلام جزافا، ومراد المبرد رجل آخر كما بينه أبو حيان الشهير، كما رأيته بخطه علي هاشم الكامل، كتب
(٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: جمال الدين (1)، الخوارج (2)، الضرب (1)، الطهارة (1)، الظنّ (1)
ذلك سنة 717 في نسخة موجودة بالاستانة في مكتبة عاشر أفندي رحمهم الله: إن الرجل الموصوف بأنه خارجي هو مالك بن أنس بن مسمع البكري البصري أحد رؤساء أهل البصرة وفقهائهم وعبادهم، لكنه متهم برأي الخوارج، ولم يقف لأمره علي حقيق والله أعلم. انتهي.
ثم قال: قال أبو حيان في الإمام مالك: إن هذا الإمام الأعظم كان علي الخوارج أشد من الموت الزؤام، والداء العقام، وقد سئل رضي الله عنه عن أهل حروراء، فقال:
أحسب قول الله تعالي (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) (1) فيهم نزلت، والخوارج يبغضون المالكية أشد البغضاء لأن إمامهم كان يقول بكفرهم في بعض الروايات عنه. انتهي.
ومفهوم تلك المقالة التي نقلها المصانع أن معاوية وعمرا من الأصحاب، أهل الخصوصية، وذلك كذب وزور، لأن خالد بن الوليد وأضرابه لم يكونوا من أهل ذلك المقام كما صح، فكيف يكون دعاة النار منهم.
ويفهم منها أن عليا وأتباعه ممن يستحقون القتل، أو النكال الشديد ( … كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن
(1) سورة الكهف الآية 104.
(٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: خالد بن الوليد (1)، مدينة البصرة (1)، مالك بن أنس (1)، الخوارج (3)، الموت (1)، القتل (1)، سورة الكهف (1)
يقولون إلا كذبا) (1) فتأمل جيدا واحذر من رسل إبليس وسماسرته.
ونقل المصانع في الصفحة (71) عن ابن حجر المكي إطراء لمعاوية كله زور وتغرير وسفه، وهو مما يسوء محمدا ص وأخاه عليا ع، ولا يزيد قائله ومروجه إلا بعدا عن الله وعن شفاعة رسوله ص، ولا يزيده عند المؤمنين المخلصين إلا كرها في الله تعالي، ونسأل الله السلامة من الوسواس الخناس من شياطين الجن ومردة الناس بمنه وكرمه.
وقال المصانع في الصفحة (73): قال رسول الله ص (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) رواه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما. انتهي.
وأقول:
آمين أمين لا أرض بواحدة حتي أضف إليها ألف أمينا يشهد الله وملائكته وعلماء الإسلام أن عليا ع
(1) سورة الكهف الآية 5.
(٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (1)، الطبراني (1)، الشفاعة (1)، السب (1)، سورة الكهف (1)
أخو النبي ص، وأخص خواص أصحابه أهل الخصوصية، وقد تواتر لعن معاوية كبير القاسطين الباغين له ظلما وعدوانا، فإن لم تنصب تلك اللعنة المذكورة في الحديث الشريف علي أم رأس معاوية ثم أتباعه وأنصارهم، فلن تصيب أحدا من خلق الله أبدا، ولعنة الله علي الكاذبين.
وقد أطال المصانع الكلام والنقل في التحذير من ذم الصحابة، ومن الوقيعة فيهم، ومن الخوض فيما شجر بينهم إلي نحو ذلك شحن بذلك الصفحة (69) إلي الصفحة (75) مرددا له، وذكر فيما ذكر قول الإمام الحداد:
فذو القدح فيهم هادم أصل دينه ومرتبك في لج زيغ وبدعة وأقول: قد تقدم الكلام علي من هم الصحابة، وعلي من يدخلهم فيهم غشا للأمة أمثال المصانع كما ذكرنا، إننا ولربنا المنة ممن يحب في الله مؤمني أصحاب رسوله المحسنين في صحبتهم له، الموفين له بما عاهدوا الله عليه في حياته، وبعد لحوقه بربه، وإننا ممن يقدس نبينا ص عن الصحبة الخاصة مع الفجار والمنافقين، وحطب جهنم، ودعاة النار، وأما الصحبة العامة فهي ثابتة للكفار
(٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)
فضلا عن المنافقين، ومثلها المصاهرة، قال الله تعالي:
(وما صاحبكم بمجنون) (1) وقال (ما ضل صاحبكم وما غوي) (2).
وصح قوله ص لما استأذنه بعضهم في قتل من لا شك في نفاقه: (لا يقال إن محمدا يقتل أصحابه).
وصنيع المصانع، وكثير من أمثاله في سبكهم الخبيث مع الطيب في قالب من خيانة الأمانة، ومن التغرير، واقتضاب المصانع بيت الإمام الحداد رضي الله عنه من بين الأبيات التي معه من ذلك القبيل، إذ لو كتب أبيات الحداد لظهر أنه خص بمدحه رجالا، وإليك أبيات الحداد رحمه الله ونفع به، قال:
وأصحابه الغر الكرام أئمة مهاجرهم والقائمون بنصرة نجوم الهدي أهل الفضائل والندي لقد أحسنوا في حمل كل أمانة ومتبعوهم في سلوك سبيلهم إلي الله عن حسن اقتفاء وأسوة
(1) سورة التكوير الآية 22.
(2) سورة النجم الآية 2.
(٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)، القتل (2)، النفاق (1)، الأمانة، الإئتمان (1)، سورة التكوير (1)، سورة النجم (1)
أولئك قوم قد هدي الله فاقتده بهم واستقم والزم ولا تتلفت ولا تعد عنهم إنهم مطلع الهدي وهم بلغوا حكم الكتاب وسنة فذو القدح فيهم هادم أصل دينه ومقتحم في لج زيغ وبدعة قال شيخنا العلامة أبو بكر بن شهاب الدين العلوي أحسن الله مجازاته في كتاب وجوب الحمية ردا علي من فعل مثل ما صنعه المصانع ما لفظه: انظر كيف احترس هذا الإمام العظيم عن دخول معاوية، وأشباهه في تلك الأوصاف المحمودة التي مجد بها أفاضل الصحابة حيث قيدهم بالمهاجرين والأنصار، ومتبعيهم بالإحسان كما قيد الله رضاه عنهم في الآية الكريمة بتلك القيود، ومن قدح فيمن ذكرهم هذا الإمام فلا شك في أنه هادم لدينه الخ.
وانظر كيف عرف الحداد قدس سره صحبة النبي ص في آخر شرحه تصيده العيدروس العدني قدس سره فقال: وصحبه هم الذين صحبوه في حياته وآمنوا به وهاجروا إليه، ونصروا دينه، وجاهدوا معه، وبلغوا عنه ما سمعوه، ورأوه من أقواله وأفعاله، فلإجتماع هذه المزايا، والفضائل لهم التي لم يشاركهم فيها غيرهم كانوا
(٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، المهاجرون والأنصار (1)، الكرم، الكرامة (1)، الوجوب (1)
سادات الوري، وأئمة الهدي. انتهي ما نقلناه عن وجوب الحمية.
فهل لمعاوية شئ مما وصف به الحداد الصحابة، كلا بل هو القادح فيهم، الهادم أصل الدين القاتل جملة من أفاضلهم من الأنصار والمهاجرين، أيظن المصانع أن الإمام الحداد يقول: إن عليا أخا النبي عليهما وآلهما الصلاة والسلام هادم أصل دينه بسبه معاوية الداعي إلي النار، كلا، ولكن التغرير والتمويه والمخادعة شأن أهل الضلال، فدعهم وما يفترون، والحق وراء ذلك.
إن من أفضل صفات الصحابة الهجرة، ومع ذلك فمهاجر أم قيس معروف حاله ومن أشرف صفاتهم الجهاد والشهادة فيه، وربنا جل جلاله يعلم من قاتل وقتل لتكون كلمة الله هي العليا ( … منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة … ) (1) وقد أبلي قزمان يوم أحد أمام رسول الله ص وفعل ما قصر عنه بعض كبار الصحابة حتي أثبتته الجراحة، وقد أخبر النبي ص أنه في النار.
(1) سورة آل عمران الآية 152.
(٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القتل (3)، الضلال (1)، سورة آل عمران (1)
تنبيه سب من يسمونهم الصحابة حسب اصطلاحهم الحادث بعضهم لبعض قد وقع قطعا، ولا سبيل لتأثيمهم كلهم، كما لا سبيل إلي القول بضد ذلك، وحيث أنه لم يقل أحد يعتد بقوله بتخطئة علي تحققنا أن سبه ع لأعدائه كان طاعة لله فهو فيه مثاب، ومثله من شاركه وناصره واتبعه كما تيقنا أن سب أعدائه له ع كان ظلما وإثما، ونفاقا وفسوقا.
فما يفهمه قولهم من ذم كل ساب لأي فرد ممن سموهم باصطلاحهم صحابة باطل قطعا، وإلا لدخل فيه علي من جهتين متقابلتين ففي إثباته إبطاله فتأمل.
وأما ذم الخوض فيما شجر بين الصحابة فسيأتي الكلام عليه.
وأما القول بوجوب تأويل هفوات الصحابة، وإثبات اجتهادهم فليس ذلك بالنسبة لمن شمله اصطلاحهم من حاضر وباد، ذكر وأنثي حر وعبد برا أو فاجرا، موفيا أو غادرا، ولكن قال ذلك من قاله فيما شجر بين فاطمة وعلي ع، وبين أبي بكر وعمر، وما يضارعه، قالوا:
من أجل علمنا بما لهم من السوابق الحسنة، والأيادي البيض في الإسلام ونصره، وورود الثناء عليهم من
(٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)
مشرفهم، وما خدموا به الإسلام معه، وبعد وفاته، وثبوتهم علي محبته وطاعته ص، وقد وجدنا لما ثبت عنهم من الهفوات احتمالات قريبة، لا تشبه المسخ والتحريف، فلمجموع ذلك قالوا ما تقدم ذكره.
وبديهي أنه لا يشارك هؤلاء في هذا من اتصف بضد صفاتهم من دعاة النار والمنافقين والنواصب أعداء رسول الله ص وأعداء أهل بيته الذين ثبت ذم رسول الله ص ولعنه لهم، وإخباره بمروق مارقهم، وبغي باغيهم، وبمن يكون في تابوت من نار في النار، وبمن يموت علي غير الملة، وبمن يكون ضرسه في النار مثل أحد ووو …
(أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) (1) (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة … ) (2) فتعميم الخاص، وتفسير ألفاظ الكتاب والسنة، بالاصطلاح الحادث غلط، أو غش يبتعد عنه أهل الذمم الطاهرة.
وقد كتب المصانع في الصفحة (76) فصلا في وجوب
(1) سورة ص الآية 28.
(2) سورة الحشر الآية 20.
(٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الموت (1)، الوجوب (1)، سورة الحشر (1)، سورة ص (1)
الإمساك عن الخوض فيما شجر بين الصحابة. الخ.
وأقول: قد قال هذا رجال، ولكن قل لي من هو الذي عمل به.
ألم يكن الصحابة أنفسهم من أكثر الناس خوضا في ذلك، ومثلهم التابعون، وهكذا من بعدهم قرنا بعد قرن.
نعم لعل الخوض الذي قالوا بمنعه هو الخوض بمثل ما شحن به المصانع نبذته من مدح الفساق وتعظيم أهل النفاق، وتبرير فواحش الفجار، ومدح دعاة النار، وتعميم الخاص، والتحريف والكذب، وما أشبه هذا، فإن كان ذلك كذلك فنوافقهم عليه.
ثم إن جميع ما نقله المصانع عن العلماء، وما في معناه معارض بأقوي منه مما يؤيده عمل علماء الأمة سلفا وخلفا جيلا بعد جيل فالمفسرون والمحدثون والمؤرخون قد شحنوا كتبهم بصحيح تلك الأخبار وسقيمها أتراهم عصاة آثمين كما حكم عليهم أمثال المصانع أم ماذا.
وقد أجاد وأفاد شيخنا العلامة ابن شهاب في كلامه في وجوب الحمية صفحة (44) علي هذه المسألة فراجعه فبه غنية لمريد الحق.
وفي الصفحة (77) نقل المصانع عن الغنية المنسوبة
صفحه(٩٤)
للقطب الجيلاني عليه الرضوان ما لفظه: وأما خلافة معاوية بن أبي سفيان فثابتة صحيحة بعد موت علي رضي الله عنه، وبعد خلع الحسن بن علي رضي الله عنهما نفسه عن الخلافة، وتسليمها إلي معاوية رأي رآه الحسن، ومصلحة عامة تحققت له الخ. انتهي.
وأفول: قد ذكرنا فيما تقدم أن كتاب الغنية لا تصح نسبته إلي القطب الجيلاني رحمه الله تعالي، ولو تنزلنا وفرضنا صحة نسبة ذلك الكتاب لذلك الجناب، وقلنا: إن حضرة الغوث غشيه الشطح فتال في ملك معاوية: إنه خلافة ثابتة صحيحة، فأي ثمرة لذلك الشطح أتكون المسألة خلافية بين رسول الله ص إذ أخبرنا بأنه ملك عضوض، وبين الشيخ عبد القادر إذ يقول: إنه خلافة ثابتة صحيحة!!!، ولكننا نجل عالي مقام الشيخ عبد القادر عن هذا التسفل، وما زال الدجالون يختلقون علي كبار العلماء ما يروجون به ضلالاتهم، أو يدخلون به الشكوك في تدين أولئك العلماء، كما تقدم الكلام فيما نسبوه إلي الإمام مالك رحمه الله، ولم يزد الله المخلصين من العلماء بكذب الضلال إلا رفعة ( … وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (1).
(1) سورة الشعراء الآية 227.
(٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (1)، سورة الشعراء (1)
وحديث (الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك) نص في المسألة، وقد أخرجه أحمد في المسند، وأبو يعلي والترمذي وأبو داود وابن حبان والحاكم عن سفينة وغيره. وأخرجه.. نعيم في الفتن، والبيهقي في الدلائل، وكثيرون عن حذيفة وغيره، وفي لفظه (ثم يكون ملكا عضوضا) قال ابن حجر المكي: أي يصيب الناس فيه - أي في ذلك الملك - ظلم وعسف، كأنهم يعضون عضا.
انتهي.
قالوا: وقد تمت المدة المضروبة للخلافة النبوية بمدة الحسن ع فكان أول شرار الملوك معاوية، كما أخرج ذلك ابن أبي شيبة عن سفينة.
فذكر معاوية في خلفاء الحق مع ورود النص بأنه أول شرار الملوك، ومن دعاة النار ممن علم ذلك خيانة كبري بل كيد للاسلام.
تنبيه إن الخليفة الحق لا يملك الخلافة، كما يملك المتاع يسوغ له أن يتنازل عنه لمن شاء، بل الخلافة منصب ديني كبير لا يتحلي به إلا المتأهل له المجتمعة فيه شروطه المشهورة.
(٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، الموت (1)، السفينة (1)
وانعقاد الخلافة للإمام الحسن محقق لاستحقاقه لها، واجتماع الشروط فيه، ومبايعة أهل الحل والعقد له، فنزوله عنها لا يصح إلا لنحو جنون، أو برضاء تام، ولم يكن شئ من هذا قطعا.
وقد كان تنازل الحسن ع كرها إجماعا فلا حكم له، وخلافته الشرعية باقية كما هي، وحقوته ثابتة لم يمح منها الإكراه شيئا.
ومن المقطوع به أن كبير دعاة النار أبعد خلق الله عن استحقاق خلافة نبيه الداعي إلي الجنة، فلم يزدد معاوية إلا بعدا عن الله وتوغلا في العصيان بما صنع وجميع هذا واضح.
ومن هنا ساغ للحسن ع ما أشترطه من الأموال لأنه وإن منع عن التصرف كرها يجب عليه أن يبذل كل جهده في نفع المسلمين واستخلاص ما أمكنه استخلاصه من حقوقهم وأموالهم بأية وسيلة أمكنت، وتحت أي اسم كان، ليضع ما تمكن من استخلاصه في موضعه الذي أمر الله به.
ومعاوية ممن لا يجوز إئتمانه علي أمر ما من أمور المسلمين بعد ظهور ما ظهر منه، فمن ائتمنه بعد ذلك طائعا
(٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (2)، المنع (1)، الجواز (1)
كان من أكبر الخائنين الغاشين للأمة الملعونين علي لسان محمد ص وحاشا لله أن يكون من أولئك ابن النبي وريحانته، ومن يخن الأمة ينعزل بخيانته عن ولايتها عند كثيرين، وقد استدلوا بأحاديث صحيحة لا سبيل لتطرق التهمة إلي رواتها، لأنها ضد ما يميل إليه ذوو الشوكة، وخزان الأموال، ومن العجيب قولهم: إن حاضن الصبي ينعزل بفسقه، ثم يزعمون أن متولي أمور الأمة لا ينعزل، وإن جمع أشتات الفسوق، ولهذه المباحث بسط، أودعناه مفرقا في ثمرات المطالعة.
ونقل المصانع في الصفحة (78) عن الشيخ الغزالي رحمه الله تعالي أنه قال: وما جري بين معاوية، وعلي رضي الله عنه كان مبنيا علي الاجتهاد لا منازعة من معاوية للإمامة إذ ظن علي رضي الله عنه أن تسليم قتلة عثمان مع كثرة عشائرهم واختلاطهم بالعسكر يؤدي إلي اضطراب أمر الإمامة في بدايتها، فرأي التأخير أصوب، وظن معاوية أن تأخير أمرهم مع عظيم جنايتهم يوجب الإغراء بالأئمة، ويعرض الدماء للسفك، وقد قال أفاضل العلماء: كل مجتهد مصيب، وقال قائلون: المصيب واحد، ولم يذهب إلي تخطئة علي ذو تحصيل أصلا. انتهي.
وأقول: ما قاله الغزالي هنا مما لا أساس له بل هو
(٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القتل (1)، الظنّ (1)
مبني علي تخيلات شعرية لا وجود لها في الخارج، فهو كلام باطل مردود مضروب به عرض الحائط ما خلا فقرتين:
إحداهما ما حكاه من قول البعض: بأن المصيب واحد، وثانيتهما: قوله: لم يذهب إلي تخطئة علي ذو تحصيل أصلا، وما عدا هذا فخطأ تبع فيه بعض من تقدمه، وردد صداهم، وأما قوله: كل مجتهد مصيب فسيأتي بيان معان الصحيح إن شاء الله تعالي.
وللغزالي رحمه الله علي جلالة قدره وكثير علمه أغلاط مشهورة، وفي كتبه توجد مسائل مردودة كثيرة، وقد قال جمع من سادتنا العلويين رحمهم الله تعالي مع محبتهم للغزالي وكتبه سيما الإحياء: إن فيه مسائل نود محوها ولو بماء العيون، منها: انتصاره لأهل البغي، وسنتكلم علي ما نقله المصانع عن الغزالي، ولو كان عمن لا يعبأ به لمررنا به كراما فاستمع.
إن قول الغزالي: ولم يذهب إلي تخطئة علي ذو تحصيل أصلا - مفاده أن عليا كان مصيبا في قتله جميع من قتلهم، وفي لعنه جميع من لعنهم، وفي عدم تسليمه من يطلبون تسليمهم، وأنه لم يداهن ولم يصانع، وكيف لا يكون علي هكذا، وهو صنو النبي ص الذي يدور معه الحق حيثما دار، واعتراف الغزالي بما ذكر ينسف تخيلاتهم
(٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القتل (1)
وأوهامهم التي سطروها.
ثم إن قتال علي لمن قاتلهم من الناكثين والقاسطين والمارقين لم يكن جميعه عن اجتهاد محض بل جله كان عن أمر وتنصيص عن أخيه ص، وقد بسطنا النقل في ذلك في كتاب أحاديث المختار في معالي الكرار، ولذلك قال علي ع: (لم أجد إلا القتال أو الكفر بما أنزل الله علي محمد ص).
وأما قتال معاوية لعلي فليس شئ منه كان عن اجتهاد شرعي البتة، وإنما كان كله اجتهادا في الشر، وفي طاعة إبليس لأظغان بدرية، وأحقاد شركية، وأطماع دنيوية جاهلية، وشتان ما بين الاجتهاد الشرعي وبين مقاتلة صنو سيد المرسلين، وقتل خيار المهاجرين الأولين، وصفوة الأنصار السابقين، ومخلصي البدريين الصادقين الموفين، ولعن أخي النبي الأمين ص، وإكراه الناس علي البراءة مما يدين الله به من الدين، وأي عاقل يشك في أن هذا عداوة لله رب العالمين.
وأما الزعم أن معاوية لم يكن منازعا لعلي في الإمامة فزعم باطل.
روي البخاري: خطب معاوية قال: من كان يريد أن
(١٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القتل (4)، الإختيار، الخيار (1)
يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق به منه ومن أبيه. انتهي.
وهذا منه تعريض بأبي بكر وعمر وعلي فراجع ما ذكره في فتح الباري، ودع عنك سفسطة الشيوخ الشفافة، ولم يستح بعض وقحاء المناضلين عن الطاغية من التصريح بأنه كان أحق بالإمامة من علي، أو كان يري أنه أحق بها منه.
راجع تمويهات أشباه ابن تيمية عاملة الله بعدله.
وقد ذكر بعضهم أن معاوية كان يؤسس الأمر لنفسه منذ زمن عمر، وأن عمر كان عالما بذلك، وسكت خوف الفتنة، وذكروا أن تولية عثمان لم تتم إلا بتأثير معاوية، ونفوذه، فقولهم بعدم منازعة معاوية عليا في الإمامة مكابرة ظاهرة، ولذلك لم يقل بها كبار أنصاره المجاهدين المباهتين في نضالهم عنه كابن تيمية شيخ النصب مع أنه قد بلغ به اللجاج والغلو إلي أن صرح بتفضيل من يؤمن بنبوة يزيد بن معاوية علي من يسميهم غلاة الرافضة.
وأما تخيل الغزالي أن عليا أخر تسليم قتلة عثمان الخ.
فقد ذكره غيره أيضا، ولكنه باطل.
أولا: أن تسليم القتلة للاقتصاص منهم لا يكون إلا
(١٠١)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب فتح الباري (1)، يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)، ابن تيمية (2)، القتل (2)
بعد ثبوت قتلهم عمدا وظلما مسلما محترما، وهذا لا يكون إلا بعد المحاكمة ولم تقم دعوي من أولياء عثمان علي أحد أمام حاكم بأنه قتله، وأمامنا التاريخ الإسلامي شاهد عدل.
ثانيا: أن المجلبين علي عثمان والمتسببين في قتله كانوا أقساما:
أحدها: المخلصون الطالبون للحق، ولا غرض لهم في مال ولا جاه، ومنهم عائشة أم المؤمنين، وعمار وكثيرون.
وثانيها: من عاون هؤلاء كطلحة والزبير وغيرهما.
وثالثها: أولو الأغراض السياسية، والأطماع الدنيوية، وهم الذين دسوا الدسائس، وحركوا الفتنة، وخذلوا وتباطؤا في نصر عثمان ليتمكنوا مما دبروه، ومنهم معاوية، ومروان، ويعلي، والوليد، وعمرو وغيرهم فهؤلاء هم أسس الفتنة، وموقدوها وناصبوا الحبائل، ومادوها ليجعلوا قتل عثمان قنطرة إلي أغراضهم الملعونة، وهذا كله ظاهر لمن بحث وتأمل، ولم يعمه الغرض.
والذين باشروا قتل عثمان لم يكونوا جيشا عرمرما بل كانوا ثلاثة أو اثنين، وقد قتلوا في دار عثمان بعد قتلهم له.
وهل يطلب الاقتصاص ممن قد مات، فكل ما
(١٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، القتل (6)، الموت (1)، الشهادة (1)، اللعن (1)، الأكل (1)
يسفسط ويموه به الطاغية وأذنابه، والمناضلون عنه كذب وغش.
والقسم الأول من المجلبين، وكذا الثاني ومن معهم من أهل مصر والكوفة إنما حصروا عثمان ليسلم إليهم مروان ليحاكموه لا ليقتلوه، أو ليعتزل إمرة المسلمين إن ضعف عنها.
فالقول بأن عليا: إنما ترك قتلة عثمان لاختلاطهم بالعسكر، ولكثرة عشائرهم اتقاء الفتنة غلط مكشوف بل محض تخيل بل تغرير.
ومن هم هؤلاء الرؤوس المتبوعون الذين خافهم علي وآثر خوض المعامع، وقتل الألوف علي كبحهم، اللهم لا أحد، وإنما خلقهم خيال أهل الأغراض لحاجة في نفس يعقوب.
وإذا علمنا أن مذهب أهل السنة إهدار دم قتيل الفتنة اتسعت دائرة النظر.
وقد صح قول علي ع لمعاوية: بايع ثم حاكم القوم إلي أحكم بينكم بحكم الله، فتأمل ما ذكرناه بإنصاف ترشد إن شاء الله تعالي.
ويوضحه عدم مطالبة معاوية لما تم له الملك أحدا ما
(١٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، مدينة الكوفة (1)، القتل (3)
بدم عثمان، بل لم يذكره، فهل طارت به العنقاء، ولم ينص عليه في الصلح، والصلح قد صرح معاوية بأنه قد وضعه تحت قدميه، ولم يمنع الصلح معاوية عن قتله من قتلهم ظلما وتشفيا وحقدا، وعن سبه أخا النبي ص بغضا له، وعن تسميمه الحسن ع إلي كثير نحو هذا، فهل يترك ثأر ابن عمه الذي أهلك الأمة وأفسد الدين وقتل من لا يحصي عدده من المسلمين في زعمه الكاذب من أجله، وهو يراه من أجل الصلح هذا مما لا يعقل، والحق أن المقصود حصل والغرض تم، ولم يك الطاغية ممن يرقب إلا ولا ذمة.
فإن أبي مجاحد قبول قولنا هذا، أو شك فيه أبله مغفل قلنا له: أي صلح يسقط الحدود الشرعية! ومتي سامح أولياء عثمان قتلته، أو من شرك في قتله بزعمهم.
تنبيه من عرف ما جري في أيام الغزالي من الفتن بين أهل السنة والشيعة التي قتل بسببها من الطرفين مئات الألوف علي ما ذكروا، وعرف أن الغزالي ممن اصطلي بنارها، وطال كربه، وتألم ضميره منها ربما عذره في عدم نقده الأقوال التي تتعلق بتلك المسائل، وقناعته بترديده بعض ما قاله من كان قبله وإلي الله يرجعون، والإنسان علي نفسه بصيرة،
(١٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، صلح (يوم) الحديبية (5)، القتل (4)، المنع (1)
والعاقل لا يغتر بالافتراضات والتخيلات الشعرية.
ونقل المصانع في الصفحة (78) أيضا من كتاب الترياق النافع لشيخنا أبي بكر بن شهاب الدين دامت إفاداته مقالة ميمون بن مهران لما سئل عن أهل صفين: تلك دماء طهر الله يدي منها فلا أخضب لساني بها، ونري الكل مأجورين إن شاء الله الخ. انتهي.
وأقول: إن شيخنا أحسن الله مجازاته إنما حل في الترياق جمع الجوامع وشرحه، ولم يذكر فيه ما يرجحه هو.
وقد نقل المصانع ما نقل من النسخة المطبوعة، وفيها بالهامش قد فسر المصنف تلك المقالة فأعمي الغرض المصانع عن التفسير، وها هو بنصه صفحة (255) ج (2) مراد ميمون بن مهران رحمه الله بقوله: تلك دماء طهر الله منها يدي الخ - دماء حزب الإمام الحق سيدنا ومولانا علي كرم الله وجهه، إذ هي التي يمكن وصف اليد السالمة منها بالطهارة لا دماء الحزب الآخر فلا يمكن وصف الأيدي السالمة منها بالطهارة، وكيف وأول يد لطخت بها يد الإمام علي رضي الله عنه مع أن النص والإجماع علي أنه محق في سفكها، وأن قتال البغاة واجب مأجور فاعله انتهي مؤلف.
انتهي.
(١٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، ميمون بن مهران (2)، الطهارة (1)، القتل (1)
وما ذكره شيخنا هو الأولي بأن يفهمه من يحسن الظن بمهران، ويقول: إنه من أهل السنة، ويدل لهذا ما نقله حافظ المغرب ابن عبد البر رحمه الله تعالي في الاستيعاب من رواية ميمون بن مهران هذا عن ابن عمر: أنه دخل عليه رجل فسأله عن تلك المشاهد فقال كففت يدي فلم أقدم والمقاتل علي الحق أفضل: انتهي.
ويجوز أن يفهم مقالة ميمون هذه علي نحو ما فهمها المصانع من يقول أن ميمونا ناصبي مبغض لعلي ويجعلها من جملة ما يستدل به علي نصب ميمون ونفاقه وقد ذكر العسقلاني رحمه الله تعالي في ترجمة ميمون هذا عن العجلي أنه كان يحمل علي علي فإن ثبت هذا فهو منافق ملعون والله أعلم.
وأما قول ميمون: ونري الكل مأجورين: فهو رأي باطل وأمنية شيطانية كيف وربنا يقول: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به): وسيأتي الكلام علي هذا إن شاء الله تعالي.
ونقل المصانع أيضا في الصفحة 78 عن عائشة رضي الله عنها وعن مالك ما تقدم إيضاح الحق فيه وكرر فيها ما تقدم بيانه من ذم سب الصحابة كما كرر ذم الاعتماد علي
(١٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: سب الصحابة (1)، ميمون بن مهران (1)، أهل الكتاب (1)، الشهادة (1)
جهلة المؤرخين ولم يسمهم.
فإن عني بهم أمثال المحدث محمد بن جرير الطبري والحافظ بن عبد البر وابن الأثير وابن قتيبة وابن سعد والزبير بن بكار والبيهقي والسيوطي والحافظ العسقلاني والحافظ البلاذري فذاك ما لا يوافقه عالم عاقل عليه.
ونقل في الصفحة 78 أيضا عن أم المؤمنين عائشة:
أنها قالت سمعت نبيكم ص يقول لا تذهب هذه الأمة حتي يلعن أولها آخرها: انتهي.
وأقول إن هذا الحديث حجة عليه لا له لأن أول هذه الأمة الأولية الحقيقية هو أخو النبي وصنوه عليهما وآلهما الصلاة والسلام والسابقون الأولون الذين لعن وقتل معاوية كثيرا منهم وأم المؤمنين عائشة ممن لعن معاوية وقنت عليه.
وقد مر بك ما قاله ميمون بن مهران آنفا من أن الكل مأجورون وقد قال غير ميمون هذه المقالة بل غلا الشيخ ابن حجر المكي فزعم كما نقله المصانع عنه في الصفحة 79 أن معاوية وأذنابه ساعون في مرضاة الله وطاعته ومنشأ ما صدر عنهم سعة علم ممنوح من النبي ص واجتهاد فراجع ألفاظه هناك إن شئت: (نكاد السماوات يتفطرن منه
(١٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، محمد بن جرير الطبري (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، إبن الأثير (1)، ميمون بن مهران (1)، الزبير بن بكار (1)، الوسعة (1)، الحج (1)، القتل (1)
وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا): اللهم إننا نبرأ إليك من الضلال والتضليل هكذا فلتكن الوقاحة ورقة الديانة وخيانة الأمانة إذا لم تستح فاصنع ما شئت التربع في كرسي الدعوة إلي النار ولعن من هو كنفس النبي المختار وقتل إخوانه كخزيمة وعمار تنشأ هذه الفظائع والمخزيات عن سعة علم ممنوح من النبي ص وعن اجتهاد شرعي يستحق الثواب من الله فاعلوها: ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون:
ما هذا إلا التلاعب بالدين والتمويه والتغرير والغش الواضح المبين: لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم:
سيحملون أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم: (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة): الآية ويكفي المنصف الموفق في رد القول بإثابة الباغين قول الله تعالي: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون).
فهذه المقالات وما في معناها مخالفة للفطرة وللعدل ولما يعتقده السلف الصالح وإنما اخترعها المتاجرون بدينهم وعلمهم الذين يحكمون بما يرغب فيه طواغيتهم ليحوزوا
(١٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (2)، الوسعة (1)، القتل (1)
بذلك صلاتهم وينالوا بذلك حمايتهم فيصنفوا لهم من الكتب ما يغوون به العوام ويحرفون الكلم عن مواضعه سلوكا لسبيل من تقدمهم من الأمم ومنهم من يكشف القناع فيذكر في صدر كتابه أنه صنفه تبعا لرغبة الأمير فلان:
(اشتروا بآيات الله وإيمانهم ثمنا قليلا).
قال الإمام المحدث الشريف محمد بن المرتضي رضي الله عنه في إيثار الحق: تواتر عن الصحابة أنهم كانوا يعتقدون في الباغي علي أخيه المسلم، وعلي إمامه العادل أنه عاص آثم، وأن التأويل في ذلك مفارق للاجتهاد في الفروع فإنهم لم يتعادوا علي شئ من مسائل الفروع، وتعادوا علي البغي.
وكذلك أجمعت الأمة علي الاحتجاج بسيرة علي ع في قتالهم، وليس المجتهد المعفو عنه يقاتل علي اجتهاده، ويقتل ويهدر دمه. انتهي.
والاجتهاد طلب حكم ما لا نص فيه، ممن توفرت فيه شروط الاجتهاد، ولا بد من إخلاص النية فيه، وإطراح الهوي، وبين ما عمله معاوية وبين هذا بعد المشرقين، وإنما هو متبع خطوات إمامه إبليس، ولم يدع معاوية أنه مجتهد طالب حق لأنه كان له عقل، ويعرف أن ظاهر حاله يكذب تلك الدعاوي، ولكن وقحاء أذنابه هم مختلقوا هذه
(١٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، القتل (2)
الفرية الناعقون بها، وكان معاوية يصرح بأنه طالب دنيا، وملك ويجاهر بذلك تهتكا وقلة مبالاة.
ومن المتفق عليه انعقاد الإمامة لعلي بعد بيعة أهل الحل والعقد له، ولزوم طاعته أهل الشام كلزومها أهل المدينة سواء فبغي معاوية لو لم يأت فيه النص المتواتر لكان مما لا شك فيه لما ذكرناه فاجتهاده إنما كان في الشر والبغي والضلال المبين، قياما بالدعوة إلي النار، وليس من الاجتهاد الشرعي في شئ.
ومن يزعم أن معاوية من أهل الاجتهاد لا يسعه إن كان ذا عقل ودين إلا أن يعترف بأن الاجتهاد الشرعي لون، والبغي والدعاء إلي النار الذين اتصف بهما معاوية لون آخر.
لأن من يدور أمره بين أن يكون له أجران أو أجر واحد لا يجوز ذمه فضلا عن أن يهدر دمه، ويثاب قاتله، وهذا ظاهر، وإن تعامي عنه من تعامي محاذرة أو غفلة، أو لغرض، والغرض يعمي ويصم.
وقولهم: كل مجتهد مصيب معناه عندنا أن من توفرت فيه الشروط واجتهد فيما يجوز الاجتهاد فيه، وأخلص لوجه الله فإنه يكون مصيبا في فعله الاجتهاد، لأنه
(١١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الشام (1)، القتل (1)، الجواز (2)
أتي ما له إتيانه طالبا به رضا ربه، ثم إنه إن أصاب الحق فيما حكم به باجتهاده كان له أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد لنيته الحسنة، ونصبه.
ومن هذه حاله كالأئمة والعلماء لم يتعادوا، ولم يلعن بعضهم بعضا بل الأمر بالعكس فهل يزعم عباد عجل الأمة أن هذا الحكم عرفه مثلا جعفر الصادق ومالك وأبو حنيفة، وزيد بن علي والشافعي وأحمد وجهله علي والحسنان وابن عباس وعمار.
والبغي أمره عظيم، وقد سمي الصحابة من بغي علي أبي بكر مرتدين كما نص علي ذلك الأئمة ومنهم الشافعي، وقال المفسر النيسابوري في تفسيره: واتفقوا علي أن معاوية ومن تابعه كانوا باغين للحديث المشهور (إن عمارا تقتله الفئة الباغية) وقد يقال: إن الباغية في حال بغيها ليست بمؤمنة، وإنما سماهم المؤمنين باعتبار ما قبل البغي، كقوله (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه … ) (1) والمرتد ليس بمؤمن بالاتفاق. انتهي.
ويوضح بطلان ما توهمه بعضهم من إصابة كل مجتهد مطلقا ما ثبت من قول رسول الله ص فيمن أمرهم أميرهم
(1) سورة المائدة الآية 54.
(١١١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، يوم عرفة (1)، زيد بن علي (1)، الصدق (1)، الباطل، الإبطال (1)، سورة المائدة (1)
الذي أمره عليهم رسول الله ص وأمرهم بطاعته لما أمرهم أن يدخلوا النار: (لو دخلوها لم يزالوا فيها إلي يوم القيامة) وفي رواية (لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا).
وهذا الحديث في الصحيحين ومسند أحمد، وفي سنن النسائي وأبي داود وأبي يعلي، وأخرجه ابن منده وابن خزيمة وابن أبي شيبة وأبو عوانة وابن حبان وابن جرير والبيهقي في الدلائل وغيرهم، وله ألفاظ فاطلبها إن شئت.
إذا أحطت علما بما تقدم ذكره قطعت بأن ما نقله المصانع من أن البغاة مثابون باطل واضح البطلان والله أعلم.
وكل من فحش غلطه في الدينيات مذموم إذا أقيمت عليه الحجة، ولم يرجع.
ومن هنا لم يقل أحد بعذر الخوارج علي شدة عبادتهم وتقشفهم وصلابتهم، ومع كونهم أقل شرا من معاوية وأذنابه، لأنهم طلبوا الحق فأخطأوه، ومعاوية وأذنابه طلبوا الباطل فأصابوه، وقد شهد علي الطائفتين بهذا سيد المسلمين وصنو نبيهم ص، وصح عن الحسن ع تفضيله قتال معاوية علي قتال أتباع أهل حروراء من الخوارج.
(١١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، الخوارج (2)، الباطل، الإبطال (2)، الشهادة (1)، القتل (2)
وقتال البغاة أفضل من قتال الكفار، ولأن فعلهم كفعل الفاحشة في المسجد.
وزعمهم أنه كان لمعاوية فيما صنع أو في بعضه شبهة زعم بين الفساد، ولو كان لما زعموه شبه وجود لرجع طاغيتهم وتاب سيما بعد قتل عمار لصراحة النص وتواتره وسماعه له من النبي ص في بغيه، وفي أنه من دعاة النار، ولكن الرجل لم يسلم بل استسلم، وسيأتي النقل الصحيح الصريح بأنه يموت كافرا.
وهنا قد يخطر لبعضهم أنه لو كان الأمر كما قلناه صحة ووضوحا لما قال كثير من العلماء المنتسبين إلي السنة بخلافه بل بنقيضه ولما صنفوا فيه الكتب، وجعلوه عقيدة وتبعهم فيه كثير من العوام طبقة بعد طبقة وجيلا بعد جيل.
ولكنه إذا عرف أن كثيرا من العلماء ذوي الاطلاع والحذق ينفون العلوم الضرورية فضلا عن غيرها ويحتجون لخيالهم بزور القول وزخرفه علي نحو ما يعمل أنصار الطاغية، وأن من أهل العقول والفلسفة عددا جما يجحدون وجود الخالق جل وعلا، ويصنفون في ذلك. ومن الوثنيين والمثلثين كثير ممن لهم قدم راسخ في العلوم وغوص علي غامض المعاني ودقيقها يؤيدون مذاهبهم بما يسمونه
(١١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القتل (3)، الموت (1)، السجود (1)
حججا، وممن ينسب إلي الإسلام بل إلي السنة من ينفي علم الباري سبحانه وتعالي بالجزئيات، وهو قطعي الثبوت، ومنهم من يناضل عن إبليس ويصرح بعذره، ويزعم أنه كامل الإيمان والإخلاص مستغرق في تنزيه التوحيد، ومنهم من يناضل عن فرعون موسي، ويزعم أنه أفضل من كليم الله في دقة المعرفة بالحق جل وعلا، وأنه من أهل الجنة كمعاوية إلي نحو هذا، وفي هؤلاء من هو أكبر علما وأوسع فهما من كثير من المنتصرين لمعاوية.
فإذا عرف الموفق هذا، وعرف أن جميعهم يزعم أنه محق مخلص ناصح مشفق علي الناس هاد لهم مرشد إلي الحق صادع به.
وعرف أن بعض شيوخ النصب، ويلقبه بعض علمائنا علانية بدون استحياء شيخ الإسلام (1) يصرح بأن القائلين بنبوة يزيد ابن سيده معاوية خير من غلاة الشيعة، ويدخل في غلاة الشيعة في حكم هذا الضليل عدد من خيار خيار الأمة إذا عرف ما ذكرناه بان وظهر له صدق ما قلناه.
هذا فيما يحمل الهوس والخذلان عليه العلماء، وأما
(1) لحسن ظننا جاريناهم في بعض ما كتبناه فنعتنا ذلك الناصبي بشيخ الإسلام قبل أن نعرف زوره وتضليله انتهي. مؤلف.
(١١٤)
صفحهمفاتيح البحث: التصديق (1)، الوسعة (1)، الإختيار، الخيار (1)
ما فيه رضاء أهل الحكم، ومن بيدهم المال والعز والنكال، وإليه ميل الجماهير والعوام وما ورثه الخلف عن سلفهم فالأمر أكبر مما أشرنا إليه، وأمامنا كتابات العلماء اتباعا لهوي الحكام تحليلا وتحريما وتصحيحا وإبطالا في كل قطر وكل عصر مما لا يتناوله الحصر، ونسأل الله العفو والعافية.
إن في العلماء الذين ينتمون إلي الإسلام من حمله الطمع والجشع علي أن صنف لليهود كتابا ردأ علي الإسلام بدراهم معدودة، ومثل هذا غير قليل في كل وقت، ويأتي بعد هؤلاء مجانين العلماء ومتعصبوهم وذوو الحماقة والجمود منهم.
قال شيخنا العلامة ابن شهاب الدين أسبغ الله عليه رضوانه: اللهم ضع العقل حيث شئت، ولا تؤت العلم إلا عاقلا.
وقال رضي الله عنه:
تباينت المذاهب واستطالت بها الأهواء واحتدم النزاع وضلل بعضهم بعضا وكل إلي تبديع غيرهم سراع
صفحه(١١٥)
قصاري القوم نصر مقلديهم ومحض الحق بينهم مضاع إلي التأويل والتحريف لاذوا فذا كذب يريك وذا خداع وخالوا أن في التمويه فوزا وأن الحق يشري أو يباع لئن كان اقتفائي كتاب ربي وسنة مصطفاه والاتباع ضلالا وابتداعا إن ديني وإن رغموا الضلال والابتداع ومن عرف الحق عرف أهله وهم قليلون ( … وقليل من عبادي الشكور) (1).
ونقل المصانع في الصفحة (79) أيضا وغيرها الحديث (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا).
وقد حقق الكلام علي هذا الحديث وما في معناه شيخنا العلامة ابن شهاب الدين رفع الله مقامه في كتاب وجوب الحمية فراجعه.
واعلم أن المصانع حشا هذا الفصل بوسوسة شيطانية
(1) سورة سبأ الآية 13.
(١١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (1)، الضلال (1)، سورة سبإ (1)
وبدع وضلالات يجب أن يحذرها الحريص علي دينه وأن يعلم أن الذي آتاه بها هو رسول إبليس أخزاه الله لينظمه في حزب أعداء الله ورسوله المؤذين لهما (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) والمرء مع من أحب (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) فإن قبل الوسوسة خسر الدنيا والآخرة ولن يضر إلا نفسه، وإن رد الباطل فحظ نفسه أخذ، والمنة لله وحده عليه إذ حفظه وهداه.
ولا يشك عالم عاقل في ظلم معاوية لعلي، ولا في أن ظلم علي وعداوته ومقاتلته ولعنه وتسميم الحسن من أشد وأقبح ما يؤذي النبي ص ( … فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور) (1).
وكتب المصانع في الصفحة (80) فصلا في نقل نصوص أئمة أهل السنة والجماعة في وجوب كف اللسان عن السب واللعن فقال: قد وردت الأحاديث الصحيحة ونصوص أئمة أهل السنة والجماعة في النهي الشديد ونفي الإيمان عمن يلعن من لا يستحق اللعن ومن سب الأموات.
انتهي.
(1) سورة الحج الآية 46.
(١١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الباطل، الإبطال (1)، النهي (1)، الخسران (1)، السب (1)، الوجوب (1)، سورة الحج (1)
وأقول: ما أري المصانع إلا موافقا لي في أن صنو النبي ص من أقدس من لا يستحق اللعن ومعترفا بما تواتر عن عجله معاوية من لعنه عليا حيا وميتا وحمله الناس قهرا علي ذلك، ولا أدري هل يطبق المصانع عليه الحكم كما قال أو يكابر، ويحاول تطبيقها علي أهل الحق، ويعكس القضية أو يهملها.
وسيأتي تحقيق أنه إنما كتب نبذته نضالا عن معاوية مكابرة للحق واتباعا لمن يكيد لعلي، ويلبس الحق بالباطل.
ولعننا معاوية غضبا لله تعالي، واتباعا لسنة النبي ص في لعنه من لعن، وتأسيا بالملائكة المعصومين في عبادتهم ربهم بلعن مستحقي اللعنة، وبمن يدور الحق معه حيث دار، لفعله له حتي في صلاته، وتمسكا بالعترة الذين لا يفارقون كتاب الله، وأخذا بهدي السلف الصالح أهل الحق، وأدلتهم علي فعلهم أكثر من أن تحصي، هو من الطاعات المثاب فاعلها، ولا شك في أن كل ذم ووعيد نقله المصانع واقع علي معاوية، ثم علي أنصاره والذابين عنه عاملهم الله بعدله.
وقد حمل الطيش والغرور بعضهم فقال: إن اللعن من
(١١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)
السفه، وذلك منه وقاحة ظاهرة إن لم يكن عن غفلة مطبقة، ألم يعلم بأن النبي ص اشتغل باللعن حتي في صلاته، وفي حال احتضاره وتبعه علي هذا أخوه وأهل بيته، وصفوة أصحابه، ألم يقرأ كتاب الله فيري ما فيه من اللعن، وقد تكلمنا علي مسألتي اللعن وسب الأموات في النصائح الكافية ثم تكلم علي ذلك شيخنا نفع الله به في وجوب الحمية وفي ذلك الكفاية لطالب الحق.
زعم بعض مغالطيهم أن اللعن بالصفة العامة هو المأذون فيه، وأن لعن المعين هو المنهي عنه، وهذه سفسطة واضحة مكشوفة لأنه يلزمنا لو قلنا بما زعموه القول بمنع رجم الزاني المحصن المعين، وقطع يد السارق المعين، وهكذا في كل حكم، ونعطل الحدود وننسخها كلها، ولا يبقي محل لحكم أبدا.
والكلي لا وجود له، إلا في إفراده، فيقال لهم: ما هو الفرق بين قولنا هذا عمرو يشرب الخمر، وكل من يشرب الخمر ملعون، فهذا عمرو ملعون، وبين قولنا:
هذا عمرو زان محصن، وكل، زان محصن مرجوم، فهذا عمرو مرجوم، اللهم لا فرق إلا التشهي تبديلا للدين من أجل طاغيتهم.
فإن زعموا أنه قد ورد النهي الصريح الصحيح عن لعن
(١١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، النهي (1)، الزنا (1)، السب (1)
المسلم. قلنا: نعم ألف مرة، وأصرح منه وأوضح النهي عن قتل المسلم وتعذيبه، فكيف ساغ قتل الزاني وجلد.
الشارب.
لا شك أن ذلك لم يسوغه إلا استحقاقهم له لتعديهم حدود الله تعالي، فيكون مورد النهي من لا يستحق العقاب، ومورد الأمر مستحقوه، وهذا واضح كالشمس في رابعة النهار، ليس دونها حجاب.
ولن تجتمع في أحد من مسوغات اللعن ما اجتمع في طاغية الإسلام، فإذا زعموا أنه لا يسوغ لعنه فمن ذا هو الذي يسوغ لعنه.
إن ما نجده الآن مسطورا في الكتب من قبائح معاوية وفواقره مما عجز عن ستره وجحده سماسرة أنصاره وأذنابه الخونة الغاشون للإسلام، وأهله المصغرون كبائر الفواحش، إنما هو شئ قليل ترشح من خلف السدول القوية، والحجب الغليظة.
وقد كتب المصانع في الصفحة (84) فصلا في الأحاديث الموضوعة، وفي ذم الوضاعين. الخ.
وأقول ذم الكذب وقبحه معلوم، وشر الكذب وأكبره إثما الكذب علي الله جل جلاله، وعلي رسوله ص ومنه
(١٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الأحاديث الموضوعة (1)، الكذب، التكذيب (3)، القتل (2)، النهي (1)، الزنا (1)
تفسير ما ورد عنهما بغير المراد منه مما استحدث من الاصطلاحات، أو بالتأويلات البعيدة، أو الباطلة، أو بتصحيح الباطل، أو إبطال الصحيح.
ويتوهم من لم يقرأ نبذة المصانع أنه ممن يتورع عن التغرير بالاحتجاج بالأحاديث الموضوعة، ولكنه يندهش من إكثاره من ذلك، وهكذا كل من ناضل عن طاغية الإسلام، فإنما سلاحه الكذب علي الله ورسوله وتقوية الروايات الموضوعة والتحريف والتبديل والتأويل السخيف والافتراء والتقول، وهل يمكن نصر الباطل بغير ذلك، ولا عجب في صنيعهم هذا لأن هذا كان سلاح سيدهم وإمامهم، ومحبوب قلوبهم الذي يناضلون عنه (تشابهت قلوبهم) (والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض).
وقد تكلمنا في النصائح الكافية ص (70) في أسباب الوضع وذكرنا بذل معاوية أموال بيت مال المسلمين للوضاعين ورشوته لمن يذيع كذبا: إن قول الله تعالي (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا) الآيات نزلت في علي ع إلي نحو ذلك، تعالي الله عما يقولون.
وأكاذيب معاوية لا تحصي ومواطاته لشهود الزور والوضاعين مشهورة، وأذنابه طبعا يسلكون سبيله، ولو لم
(١٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، الأحاديث الموضوعة (1)، الكذب، التكذيب (1)، الباطل، الإبطال (2)
يشاكلوه لما اتبعوه وأحبوه حتي آثروه علي الله ورسوله، فكل حديث فيه ثناء علي أحد من حزب الفئة الباغية، أو كان فيه ما يحط من قدر علي ع أو ذويه، ولو علي بعد فهو من الموضوعات كيادا وعداوة للنبي ولعلي، له إذا دققت النظر في الأسانيد وتراجم رجالها تجد حينئذ فيها من يتهم باختلاق ذلك كيادا لعلي، أو تزلفا إلي النواصب وطمعا في صلاتهم.
وقد تصعب معرفة من في السند إذا جودوه، أي أخرجوا منه المتهمين من الوسط، وبقي لهم من يمكن عادة سلسلة الإسناد بهم، والتجويد هذا من أخبث أنواع التدليس، وأشدها خفاء إذ لا يدركه إلا من علم بوجود أولئك المتهمين في سلسلة الإسناد قبل التجويد، وقد راج كثير من الكذب لاختلاطه بالصدق، أو لوصوله من طريق من ظاهرهم الصلاح، أو لقبول بعضهم تلك المرويات لحسن ظنهم بمن رواها، أو لكونه من ذوي الصيت والجاه، أو من المقربين إلي الحكام المقبولي القول عندهم، أو لأنه من المتخشعة المتنسكين رياء ليقنصوا المال والجاه، وليفسدوا الدين، أو لهيبة من روي ذلك وأظهر تصديقه، وصححه، وأدخله في كتابه، أو للخوف من أن ينبز بالرفض، أو لغير ذلك من الأغراض.
(١٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: كثرة الكذب (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)
قال المصانع في الصفحة (85): إن أسباب الوضع كثيرة فمنها التي وضعها الزنادقة لقصد إفساد الشريعة، والتلاعب بالدين، أو لانتصار البدعة التي ارتكب، أو للتقرب من السلاطين والأمراء، أو لاستمالة الأغنياء إلي الإعطاء. انتهي.
وأقول: يظهر أن مقصود المصانع بما قاله - والله أعلم - أن من أسباب الوضع قصد الزنادقة به إفساد الشرع، والتلاعب به، أو نصر المبتدع بدعته، أو التقرب بذلك إلي الأمراء، أو استدرار أكف الأغنياء.
ومع هذا كيف خفي عليه اجتماع جميع ما أشار إليه فيما افتخروه من المناقب لطاغية الأمة مع ضميمة هي النكاية بعلي ع، والكيد له، كما صرح بذلك أحمد بن حنبل إلي أسباب ومقاصد أخري يعرفها أهل النهي، فمن العجب عزوب هذا كله عنه.
وكما كان لوضاعي الأحاديث أغراض، فللذين يصنفون الكتب، ويحررون الفتاوي أغراض تحملهم علي التحريف، والتبديل، وعلي مدح المذموم، وذم الممدوح، والأغراض لا تحصي.
وأي إفساد للشرع وتلاعب بالدين أكبر من إيهام الناس
(١٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أحمد بن حنبل (1)، النهي (1)، الإبداع، البدعة (1)
أن الملاحدة الدعاة إلي النار، أعداء النبي وآله ليسوا من لباب الأخيار، ومن الهداة إلي الجنة، ومن خواص رسول الله ص الممنوحين منه العلوم الواسعة الخ الخ.
ونعوذ بالله من الضلال، وقد ذكر بعض أسباب الوضع أخونا السيد محمد رشيد رضا في مجلة المنار فقال:
الخوف من الحكام والرجاء فيهم، فيحرف رجال الدين النصوص عن مواضها المقصودة، ويصرفونها إلي معان أخري ليوافقوا ما يريد الحاكم فيأمنوا شره، وينالوا بره، ومنها إرضاء العامة والأغنياء خاصة بموافقة أهوائهم لاستفادة الجاه والمال. انتهي.
وقال المصانع في الصفحة (85) أيضا: تنبيه أفتي أئمتنا أهل السنة والجماعة بأن الأحاديث الضعيفة تعمل في فضائل الأعمال، وأنها تعمل أيضا في مناقب الأبرار، وقد عملوا بذلك لمقاصدهم الحسنة فلا يعترض عليهم إلا من ناواهم ممن لم ينور الله بصائرهم. انتهي.
وأقول: أراد المصانع فيما يظهر لنا بصدر عبارته ما مفاده أن كثيرا من العلماء قال بجواز الأخذ بالحديث الضعيف في الفضائل، أو المناقب، وهذا واقع، ولكن بشرط أن لا يكون الحديث واهيا فضلا عن الموضوع، وأن لا يكون هناك معارض له، وقد كان الواجب عليه أن يبين
(١٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الضلال (1)، الوسعة (1)
هذا، وأن لا يختزل عبارتهم ويحرفها، ولكن عذره أنه لو صنع كما يجب لما بقي له ما يغش به السذج، لأن جميع ما ورد في معاوية إما موضوع، أو معارض بما هو أقوي منه ألف مرة، أو مصادم للواقع.
وقول المصانع: وقد عملوا بذلك الخ. لم أتحقق مراده منه.
وقوله: فلا يعترض عليهم الخ. فيه إجمال، فإن أراد به اعتراض الأغبياء الجهال، ذوي القلوب المريضة علي العلماء الربانيين كاعتراضه هو علي ما صح عن أخي النبي ص، أو عن علماء العترة ع فكلامه صواب، إذ لا يعترض عليهم إلا منكوس القلب مطموس النور، خبيث الذات رجس الاعتقاد، وإن أراد به اعتراض العالم الخبير علي العالم النحرير، بتنبيهه علي الخطأ والسهو، والوهم وتبيين محل الضعف، وإظهار الحق والصواب بالدليل، فكلامه خطل باطل، لأن ذلك أكبر خدمة يقدمها المخلص المحب للمحسن الفاضل، وأحسن طرفة يدخل بها عليهم السرور أحياء وأمواتا.
وقد كتب المصانع في الصفحة (86) فصلا في التحذير من مطالعة كتب جهلة المؤرخين والمبتدعة، المشحونة بالأحاديث الموضوعة. الخ.
(١٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الأحاديث الموضوعة (1)
وأقول: أما الكتب المشحونة بالأحاديث الواهية والمكذوبة المملوءة بزبل النواصب وزبدهم وتحريفهم، وتمويههم، فهي التي استمد المصانع منها كثيرا مما رددناه عليه، وأما جهلة المؤرخين الذين تمحض كذبا ما نقلوه، أو غلب فيه الكذب فيجب أن يسميهم ليحذر المسلمون زورهم، وأما المحدثون والمؤرخون الذين يوجد فيما حوته كتبهم الغث والسمين، فأولئك هم رجال الأمة، وكتبهم حجتها وعمدتها بعد التمحيص والفحص، والكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو كتاب ربنا جل وعلا ( … فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة … ) (1).
وذكر المصانع في الصفحة (87) أن الحافظ العراقي قال: إنهم - يعني القصاص - ينقلون حديث رسول الله ص من غير معرفة بالصحيح والسقيم، وإن اتفق أن أحدهم نقل حديثا صحيحا كان آثما بإقدامه علي ما لم يعلم. انتهي.
وأقول: نقل المصانع هذه العبارة محتجا بها، وهو الذي شحن نبذته هذه بل وغيرها مما لفقه، لا أقول
(1) سورة آل عمران الآية 7.
(١٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكذب، التكذيب (1)، الباطل، الإبطال (1)، القصاص (1)، الغلّ (1)، سورة آل عمران (1)
بالأحاديث الموجودة في الكتب المعتبرة، لا بل بالموضوعات والواهيات، فماذا نقول فيه:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم نقل المصانع هذه العبارة إيهاما بأنه ممن ينقد الأحاديث، ويتحري الصحيح منها، ثم هو بعد أقل من ثلاث صفحات يورد الأحاديث المقطوع بوضعها في مناقب طاغية الإسلام جازما بصحتها افتراء وزورا وتغريرا بعد إجماع الحفاظ علي أنه لم يصح في فضل الطاغية حديث، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال المصانع في الصفحة (88): وحاصل ما تقرر هنا من نصوص هؤلاء الأئمة أهل السنة والجماعة أنهم اتفقوا علي منع قراءة كتب المؤرخين التي فيها الأحاديث الموضوعة التي اخترعها الرافضة والشيعة، وغيرهم فيما جري بين الصحابة، وفي معناها الجرائد التي تحتوي علي مثل ذلك، وذكروا علتها أنها تورث بغض الصحابة، وتنقيصهم لأن القارئ لتلك الكتب والجرائد يأخذ طبع مصنفيها، ويتخذهم قرناء فقد قيل: فكل قرين بالمقارن يقتدي. انتهي.
(١٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (1)، الأكل (1)
وأقول: هذا هو الخبط والتخبط، تحريم واتفاق من القائل، ومتي كان؟ ومن الذي نقل؟ وفي أي كتاب معتبر؟ وما هو الحد الجامع المانع المعين للمحرم قراءته بزعمه؟ وما الدليل الشرعي؟ اللهم لا شئ، بل كلها مزاعم باطلة كاذبة، وأوهام وخيالات.
لي حيلة فيمن ينم وليس في الكذاب حيلة من كان يخلق ما يقول فحيلتي فيه قليلة أما المنع من المضر من حيث ضرره فهو مقصور علي من يتضرر به، أو من يخشي أن يضره من باب سد الذرائع.
والأحاديث الموضوعة مما يضر العوام ويشككهم، وبمجرد وجودها في كتاب ما لا نحكم بحرمة قراءة ذلك الكتاب مطلقا بسببها، وإلا لحرمت قراءة كتب التفسير والسير والتصوف، كالإحياء بل وكتب الحديث المشهورة أيضا، إذ قلما يخلو كتاب مما هو موضوع يقينا، أو غلبة ظن، وما من محدث إلا وقد راجت عليه بعض المختلقات، والعصمة لمن عصمه الله تعالي.
وقول المصانع في الموضوعات: التي اخترعها
(١٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الأحاديث الموضوعة (1)، الضرر (1)
الرافضة والشيعة وغيرهم. قد يفهم منه أن النواصب وأهل السنة لم يضعوا الأحاديث، والحق أنهم أيضا قد وضعوا منها ما لا يعد ولا يحيط به إلا الله تعالي، واعترف بما قلناه الحفاظ، وأكثر الأحاديث الموضوعة التي راجت وروجت، وأضرت بالناس هي التي وضعها النواصب، وأهل السنة لتحسينهم الظن بهم وموافقتها لهوي البعض.
وأما ما جري بين الصحابة ذوي الخصوصية فقد نقله الحفاظ الثقاة، الذين هم عمدة التاريخ والحديث، وكتبهم يتداولها الناس، وينتفعون بما فيها من الحق والصدق، ويتجنب نقاد العلماء ما كان فيها مما يخالف ذلك.
وأما البغض فقد علمنا أن الحب في الله والبغض فيه أقوي عري الإيمان، ومن عمل ما يوجب بغضه أثاب الله من أبغضه فيه امتثالا لأمره، ومن نقص خائنا أو خبيثا فاجرا امتثالا لأمر النبي ص بهتك الفاجر ليحذره الناس فقد أحسن وأجره علي ربه.
وبما أوضحناه يتضح مجازفة المصانع، وبطلان زعمه، وقد قدمنا النقل أن من الزور تعاطي المرء ما لا يحسنه، ومنه نقل الأحاديث الموضوعة ممن لا علم له بالمنقول، هذا إذا لم يعرف أنها موضوعة، وأما بعد علمه بوضعها فالأمر أغلظ، فإن زعم مع ذلك أنها صحيحة فهو
(١٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الثقات لابن حبان (1)، الأحاديث الموضوعة (2)، الظنّ (1)
من الكذابين علي رسول الله ص فإن احتج بها جمع إلي الكذب علي النبي ص الغش للأمة والله أعلم.
قال المصانع في الصفحة (88) فصل في بيان خطأ الرافضة ومن تبعهم في سب معاوية بن أبي سفيان (رض) وتكفيره واستحقاقه اللعن، وتلويحه بالزنا وشرب الخمر، واختلقوا في ذلك الأحاديث كذبا وزورا، وضعفوا الأحاديث الصحيحة في فضل معاوية، كما يعلم من أفعالهم في الفصول السابقة انتهي.
وأقول: هذا الفصل المشؤوم هو مقصود المصانع من نبذته، وما قبله تمهيد له، كما أشار إلي ذلك آخر مقالته الآنفة، وقد احتوت هذه المقالة علي الخطأ والكذب.
فقوله في أولها: في بيان خطأ الرافضة … الخ خبط وتخليط وخطا، فإن لعن النبي ص معاوية بعد تظاهره بالإسلام ثابت، وإخباره بأنه يموت علي غير الملة صحيح، وإن كابر في ذلك وجحد بعض أنصاره، ولعن سيد المسلمين الذي يدور معه الحق حيثما دار، والعترة الذين لا يفارقون كتاب الله وخيار الصحابة لمعاوية مما لا مرية فيه، كما أنهم وصفوه بمذام عديدة، فهل يدخل المصانع هؤلاء في الرافضة الذين يخطئهم، أم يستثنيهم، ويخص بالذم من تبعهم، وبطلان ذلك واضح، لأن الدين
(١٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (1)، الموت (1)، الزنا (1)، السب (1)
واحد والحجة واحدة، والقصد واحد، فهيهات أن يختلف الحكم.
ولا يستغربن أحد استفهامنا المصانع من إدخال النبي ص وأخيه علي في التخطئة، لأن متحمسي المناضلين عن الطاغية لا حد لغلوائهم وغلوهم وتجاوزهم الحدود الشرعية والعقلية، فإن بعض متهوسيهم زعم أن لعن علي معاوية كان هفوة من علي ع، ومنهم من نازع في عصمة النبي ص في اجتهاده، وزعم أن ربه يقره علي الخطأ لأيام عديدة، وذلك خلاف قول المسلمين فيما أعلم ما خلا رجلين أو ثلاثة من أنصار الفئة الباغية.
وأما تكفير معاوية فقد قال به من قال به، وقد صح عن النبي ص ما يفيده، وسيأتي ذكر ذلك وتخريجه إن شاء الله تعالي.
وأما نفاقه وفسوقه فمما لا غبار عليه كاستحقاقه اللعنة.
وليس يصح في الأذهان شئ إذا احتاج النهار إلي دليل وما تواتر واشتهر من قبائح معاوية وفواقره أكبر من الزنا وشرب الخمر، ومن شك في نفاق معاوية وفجوره
(١٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، شرب الخمر (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)
وفسقه واستحقاقه اللعن والذم، فليخبرنا بمن يستحق ذلك.
فإن من البديهي أن أفسق الفاسقين وأعتاهم علي رب العالمين لو عمر مائة سنة لا تفوته لحظة في غير معصية، وقد أوتي من الشباب والأسباب كالقوة والثروة ما يتمناه وسخرت له في أغراضه الخبيثة شياطين الإنس ومردة الجن لو اجتمع كل هذا لانسان، وأحضر كتابه يوم المحشر لما ساوي جميع ما فيه وزر معاوية ساعة من نهار فضلا عن أكثر منها، فكيف بالسنين العديدة، وما نتج منها من بعد.
لأن هذا الفاجر المفترض الآن لا يجد أخا النبي عليهما وآلهما الصلاة والسلام فيقاتله ويعاديه، ويقتل معه نقاوة المهاجرين وصفوة الأنصار، فيعمل فيهم سيوف طغامه انتقاما من النبي ص وحقدا عليه، ولا الحسن سبط النبي ص فيقطع كبده بالسم، ولا الحسين ع فيوصي بقتله للثارات البدرية، ولا الإسلام مجتمعا كتلة واحدة، فيصدع بيضته، ويشتت وحدته، ولا الدين غضا طريا نقيا، فيبتدع فيه، ويقلبه رأسا علي عقب، ويمزجه بالباطل، ولا أحاديث النبي ص غير مكتوبة فيؤجر الوضاعين علي وضع ما شاء شيطانه ليخرجوا من الدين ما هو منه، ويدخلوا فيه ما هو براء منه تضليلا للأمة الأمية إلي
(١٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، القتل (2)، الصّلاة (1)
ما يطول شرحه من هذا القبيل.
فهل يشك عالم عاقل لم تسكره حميا حمية العصبية الجاهلية، ولم تعمه الأطماع الأشعبية في استحقاق من هذه صفاته اللعنة الأبدية مع قوله بأن الواشمة والمستوشمة، والتي لا تلبي دعوة زوجها لها إلي فراشه تستحق اللعن، وتتقرب الملائكة طول ليلها إلي الله بلعنها ( … سبحانك هذا بهتان عظيم … ) (1).
واعلم أنه قد انعقد إجماع أهل الحق علي التقرب إلي الله تعالي بلعن معاوية كما تقدم ذكر ذلك، وقد حقق شيخنا العلامة ابن شهاب الدين المسألة في وجوب الحمية فراجعه.
ولو علم هؤلاء المغالطون في شأن معاوية أنهم إنما يكذبون علي ربهم، ويغرون الجهال بارتكاب الفواحش، ويصغرونها في صدورهم، لأن الواحد من الإغرار إذا عرف، ولو طرفا من فظائع معاوية، وعرف أن هؤلاء الدجالين يمدحونه ويترضون عنه إجلالا له، ويقولون:
إنما اقترف ما اقترف لسعة علم ممنوح له، وأنه من أهل الجنة، يقول: ما مقدار عملي في جنب ما تواتر فعل معاوية
(1) سورة النور الآية 16.
(١٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الزوج، الزواج (1)، الوجوب (1)، الجنابة (1)، سورة النور (1)
له إلا أقل من معشار خردلة بالنسبة إلي مجموع السماوات والأرضين فلا يشك حينئذ في أن عصيانه لا يضره أبدا، فينهمك في الفسوق مسونا بتغرير هؤلاء له.
ومعاوية أول من قال: بأن الذنوب لا تغر، ولا غرو فهو إمام البدعة والمبتدعين، والمناضلون عنه شركاؤه في ذنوبه، وإلي الله إيابهم، وعليه حسابهم.
ويظهر جليا من هذا أن المناضلين عن معاوية يدخلون أنفسهم بنضالهم عنه في حزب إبليس وأعوانه، ورسله ونوابه في إغواء الناس وتشجيعهم علي المعاصي وتصغيرها في صدورهم.
وقول المصانع: وضعفوا الأحاديث الصحيحة في فضل معاوية فرية بلا مرية منه علي أعلام علماء الأمة رحمهم الله، ودعوي بينة البطلان، إذ لم يصح في فضل الطاغية شئ باتفاق الحفاظ، ولم يجد عباده سبيلا إلي ترويج شئ مما اخترعوه ترويجا تاما مع إنفاقهم في ذلك الأموال، وبذلهم الجهد، ولم يزل هذا شانهم فتري أغبياء الأغنياء ينفقون أموالهم علي من يصنف في النضال عن سيدهم معاوية أو في نشر ما يكتب فيه ( … فسينفقونها ثم تكون
(١٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)، الضرر (1)، الإبداع، البدعة (1)
عليهم حسرة … ) (1) ولعلماء السوء مرعي خصيب من تحريفهم النصوص، وبثهم الشكوك في هذا السبيل، وعمدة أنصار الطاغية سابقا ولاحقا الكذب والخداع، وكل ما رووه حتي ما قالوا إنه لم ينحط إلي درجة الموضوع يعلم من دقق البحث بإنصاف أنه زور مبين، وينثلج بهذا صدره حتي قبل بحثه عن ما يعارضه من الصحيح الثابت.
وأما من عرف هذا وعلم ما ورد في ذمه، وقرأ سيرته وسبر أفعاله فإنه يقطع ويجزم بأن جميع ما رواه أنصاره في فضله كذب صرف لم يتكلم المعصوم ص منه بحرف، لأنه حاشاه أن يزين القبيح، ويمدح الفاجر، أو يخبر بخلاف الواقع، أو يتناقض كلامه، ومعلوم أن الخبر لا يدخله النسخ، وإنما افتعل تلك الأخبار الأفاكون الطماعون المأجورون قاتلهم الله أني يؤفكون.
قال العسقلاني في فتح الباري: عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية؟
فأطرق، ثم قال: اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا فعمدوا إلي رجل قد حاربه فأطروه كيادا لعلي، قال: فأشار بهذا إلي ما اختلقوه لمعاوية من
(1) سورة الأنفال الآية 36.
(١٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب فتح الباري (1)، أحمد بن حنبل (1)، الكذب، التكذيب (2)، سورة الأنفال (1)
الفضائل مما لا أصل له، وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طرين الإسناد، وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما. انتهي.
وأقول: قوله: ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد فيه إشارة إلي - أنه قد يكون الإسناد صحيحا، ولا يثبت المتن لعلة فيه، فليس كل ما صح من طريق الإسناد يكون ثابتا يحتج به مطلقا، فالسند ولو كان كالشمس وضوحا لا يفيد صحة المتن المنكر.
قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالي في اللآلي المصنوعة بعد أن ذكر أحاديث كثيرة في فضل معاوية قال: (كلها موضوعة لا أصل لها) ثم قال: (قال الحاكم: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف يقول: سمعت أبي يقول: سمعت إبراهيم الحنظلي يقول:
لا يصح في فضل معاوية حديث) انتهي.
وقال العيني في شرح البخاري: " فإن قلت قد ورد في فضله - يعني معاوية - أحاديث كثيرة؟ قلت: نعم، ولكن ليس فيها حديث صحيح يصح من طرق الإسناد نص عليه إسحاق بن راهويه والنسائي، وغيرهما، فلذلك قال - يعني البخاري - باب ذكر معاوية، ولم يقل فضيلة ولا منقبة " انتهي.
(١٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، إسحاق بن راهويه (2)، يعقوب بن يوسف (1)
وقال الشوكاني رحمه الله في الفوائد المجموعة:
" اتفق الحفاظ علي أنه لم يصح في فضل معاوية حديث ".
انتهي.
أتري المصانع يعني هؤلاء الأئمة وإخوانهم بقوله (ضعفوا الأحاديث الصحيحة في فضل معاوية، أي خيانة منهم، أم يعني قوما لم يخلقوا بعد!).
إن المصانع جمع به التعصب لطاغيته، فأتي بهذه الخزعبلة، وجهل أو تجاهل أنه لم يصح في طاغيته إلا اللعن، والإخبار بموته علي غير الإسلام.
أخرج الحافظ الجليل أحمد بن يحيي البلاذري في الجزء الأول من تاريخه الكبير قال رحمه الله: " حدثني عبد الله بن صالح، حدثني يحيي بن آدم عن شريك، عن ليث، عن طاووس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: كنت جالسا عند النبي ص فقال: (يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت يوم يموت علي غير ملتي) قال:
وتركت أبي يلبس ثيابه، فخشيت أن يطلع فطلع معاوية.
وحدثني إسحاق، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام، أنبأنا معمر عن ابن طاووس، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: كنت - بمثله - انتهي.
(١٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عمرو بن العاص (2)، عبد الله بن صالح (1)، أحمد بن يحيي (1)، يحيي بن آدم (1)، الموت (2)، الشراكة، المشاركة (1)، اللبس (1)
قال أخونا العلامة المحدث الشريف محمد المكي بن عزوز المغربي رحمه الله ومنه استفدنا المنقول عن البلاذري: " الحديث الأول رجاله كلهم من رجال الصحيح حتي ليث فمن رجال مسلم، وهو ابن أبي سليم، وإن تكلم فيه لاختلاط وقع له في آخر أمره، فقد وثقه ابن معين وغيره، كما أفاده الشوكاني، علي أن الوهم يرتفع بالسند الثاني الذي هو حدثني إسحاق الخ لأن الراوي فيه عن طاووس عبد الله ابنه لا ليث، والسند متين والحمد لله.
انتهي من خطه.
وحيث صح إخبار النبي ص بأن معاوية يموت علي غير ملة الإسلام تعين القطع بوجوب البراءة منه فهو إذن مثل عتبة، وشيبة والوليد وأبي جهل لعنهم الله أجمعين.
ومعاوية ممن أمر النبي ص بقتله لما أعلمه الله به عنه، وقد ذكرنا الحديث بذلك في النصائح وقلنا: قالوا إنه من تلك الطرق لا يصح سنده من جهة المعني أيضا، ثم بينا هناك فساد قولهم بعدم صحته من جهة المعني بما فيه كفاية، ورددنا الحكم في السند إلي أمانة أهل النقل، وذكرنا أن مؤدي ما قالوا بعدم صحته، وهو الأمر بقتل معاوية، ومؤدي حديث مسلم (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهم) واحد، ويعضدهما ما أخرجه أحمد في مسنده
(١٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، القتل (2)، الموت (1)، الجهل (1)
وهو (من قاتل عليا علي الخلافة فاقتلوه كائنا من كان) إلي آخر ما حررناه هناك.
ثم أفادنا أخونا المحدث الشريف محمد المكي بن عزوز رحمه الله تعالي أن الحافظ البلاذري قال في تاريخه الكبير ما لفظه: " حدثنا يوسف بن موسي، وأبو موسي إسحاق الفروي، قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد والأعمش عن الحسن، قال:
قال رسول الله ص: (إذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه) فتركوا أمره فلم يفلحوا، ولم ينجحوا. انتهي.
قال الشريف ابن عزوز رحمه الله تعالي: (سنده كلهم من رجالي البخاري بلا استثناء، وكونه مرسلا فالحديث الآتي متصل وهو) قال البلاذري رحمه الله: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا حجاج بن محمد، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، أن رجلا من الأنصار أراد قتل معاوية، فقلنا له:
لا تسل السيف في عهد عمر، حتي نكتب إليه، فكتبوا إليه، فلم يأتهم جواب حتي مات. انتهي.
قال ابن عزوز أحسن الله إليه: " حديث أبي سعيد
(١٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إسماعيل بن أبي خالد (1)، جرير بن عبد الحميد (1)، علي بن زيد (1)، القتل (3)، الموت (1)
الخدري أول سنده إسحاق من رجال السنن، وثقه ابن معين، والدارقطني، متفق علي صدقه، وأخرج له البخاري في الأدب المفرد.
حجاج بن محمد من رجال الصحيحين.
حماد بن سلمة من رجال الصحيح من الأعلام الذين لا يسأل عنهم.
علي بن زيد من رجال السنن قال الترمذي: صدوق.
أبو نضرة من رجال الصحيح. انتهي.
وفي تهذيب التهذيب للعسقلاني في ترجمة عباد بن يعقوب، وهو من رجال البخاري وغيره أنه روي عن شريك بن عاصم عن زر عن عبد الله مرفوعا: (إذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه) وذكر فيه في ترجمة علي بن زيد التيمي، وهو من رجال مسلم والأربعة أنه روي عن أبي نضرة عن أبي سعيد رفعه: (إذا رأيتم معاوية علي هذه الأعواد فاقتلوه).
وأخرجه أبو الحسن بن سفيان في مسنده عن إسحاق عن عبد الرزاق عن ابن عيينة عن علي بن زيد، والمحفوظ عن عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن علي، ولكن لفظ ابن عيينة (فارجموه) أورده ابن عدي، انتهي.
(١٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الحسن بن سفيان (1)، جعفر بن سليمان (1)، حماد بن سلمة (1)، علي بن زيد (3)، القتل (2)
قلت: رواه عمرو بن عبيد الزاهد عن الحسن البصري.
وقال ابن أبي الحديد رحمه الله تعالي في شرح النهج ص 347 ج 1 وروي نصر عن الحكم، عن إسماعيل عن الحسن، قال: وحدثنا الحكم أيضا عن عاصم عن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود، قال قال رسول الله ص (إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب علي منبري فاضربوا عنقه) فقال الحسن: " فوالله ما فعلوا ولا أفلحوا " انتهي.
وفي ميزان الذهبي ص 128 - ج 2، روي ابن عدي قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا ابن راهويه قال: حدثنا عبد الرزاق عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا (إذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه) قال: وحدثناه محمد بن سعيد بن معاوية بنصيبين، حدثنا سليمان بن أيوب الصريفتي، حدثنا ابن عيينة، وحدثناه محمد بن العباس الدمشقي عن عمار بن رجاء عن ابن المديني عن سفيان، وحدثناه محمد بن إبراهيم الإصبهاني، حدثنا أحمد بن الفرات، حدثنا عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن ابن جدعان نحوه.
انتهي.
(١٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (1)، نهر الفرات (1)، عبد الله بن مسعود (1)، الحسن بن سفيان (1)، محمد بن العباس (1)، جعفر بن سليمان (1)، علي بن زيد (1)، محمد بن سعيد (1)، زر بن حبيش (1)
وأخرج ابن جرير في تاريخه الكبير بسنده، قال رسول الله ص (من دعا إلي نفسه، أو إلي أحد وعلي الناس إمام فعليه لعنة الله فاقتلوه). انتهي.
فإذا تأملت ما سطرناه هنا مضافا إلي ما في النصائح الكافية جزمت بصحة الحديث من جهتي السند والمعني معا، وتحققت أنه لا محل للطعن بعد ذلك إلا مجرد التشهي واللجاج، وتبين لك أن القول بضعفه غلط وذهول عن بقية الأسانيد ممن لم يطلع عليها.
وفي الحديث ألفاظ هي قوله (علي المنبر) (علي منبري) (علي الأعواد) ومعناها واحد، وقوله (فاقتلوه) (فاضربوا عنقه) أو (فارجموه) كذلك ليست من الاضطراب في شئ، ويكون لفظ فارجموه تلطيفا للعبارة تقية من بعض الرواة، أو بيان للقتلة التي أمروا أن يقتلوا بها هذا الطاغية، لأنه شر من ألف ألف زان محصن، والمراد الرجم الشرعي.
ومن المعلوم أنه لا يحدث بهذا الحديث أحد إلا وفرائصه ترتعد خوفا من فراعنة تلك الأيام، وعبادهم من نواصب العلماء، فوصوله إلينا بهذه الأسانيد معجزة كبري لنبينا محمد ص.
(١٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، القتل (2)، الرجم (1)
تنبيه قد يقول بعضهم إن مقام الصحابة يجل عن أن يتأخروا عن قتل معاوية بعد أمر النبي ص لهم بقتله لأنهم لا يعصونه.
وجوابه: أن خيار الصحابة كانوا من أحسن الناس طاعة لنبيهم، ولكنهم لم يقدروا علي إزالة منكر واحد من منكرات معاوية التي كان يفعلها جهارا، كقتله المؤمنين ظلما رجالا ونساء وصبيانا، ولعنه من هو نفس النبي ص، أو كنفسه إلي ما لا يحصي من أفحش الفواحش لتحصنه بالألوف من غلف القلوب والمنافقين والطغام، وبعض الصحابة قد كانوا يتعمدون عصيانه حتي، وحتي وما يوم الخميس بخاف علي عالم، بعضهم يؤخر تنفيذ بعض ما يأمرهم به لأسباب تامت عندهم، وما وصيته ص بإجلاء اليهود عن جزيرة العرب بمجهولة إلي ما يطول الكلام فيه.
تتميم قال المحدث ابن عزوز رحمه الله: (قال الحافظ البلاذري في تاريخه الكبير: (حدثني خلف بن هشام البزار، حدثني أبو عوانة عن الأعمش عن سالم بن أبي
(١٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، جزيرة العرب (1)، القتل (2)، الإختيار، الخيار (1)
الجعد قال: قال رسول الله ص: (معاوية في تابوت مقفل عليه في جهنم) انتهي.
سند هذا الحديث كلهم من رجال الصحيح، وهو مرسل والمرسل حجة عند الإمامين مالك وأبي حنيفة، وقد انفصل الأمر بأن معاوية مات علي غير ملة الإسلام، وقد أمرهم النبي ص بقتله قبل أن يقع منه ما وقع فلم يفعلوا حال بينه وبينهم تأخر الأجل، وليقضي الله أمرا كان مفعولا، ومعاوية في تابوت في جهنم بنص من لا ينطق عن الهوي. انتهي المنقول عن ابن عزوز.
ونقل المصانع في الصفحة (88) حديث (دعوا أصحابي وأصهاري فإن من حفظني فيهم كان معه من الله حافظ، ومن لم يحفظني فيهم تخلي الله عنه، ومن تخلي الله عنه يوشك أن يأخذه) انتهي.
وأقول: إن صح هذا الحديث ومثله مما في معناه فإنما هو خاص بذوي الخصوصية الذين من أخصهم علي، ولم يدخل النبي ص فيهم خالدا وأضرابه، فكيف ندخل فيهم المنافقين ودعاة النار، سبحانك هذا بهتان عظيم، والمراد بالأصهار الصالحون فكما لا يدخل حيي اليهودي لا يدخل معاوية الداعي إلي النار، وقد أوضحنا في النصائح ما يتعلق بهذا فإيراده ممن وقف علي ما أوردناه غش وخيانة،
(١٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الموت (1)، النفاق (1)، الحج (1)، القتل (1)
فما أورده المصانع هنا إنما هو حجة عليه وعلي أمثاله.
ونقل المصانع في الصفحة (89) أحاديث لا تقوم بها حجة منها: " لما نزلت ( … لا يستوي القاعدون من المؤمنين … ) (1) كتبها له أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعامر بن فهيرة وعبد الله بن أرقم وأبي بن كعب، وثابت بن قيس، وخالد بن سعيد بن العاص، وحنظلة بن الربيع الأسدي، وزيد بن ثابت، ومعاوية وشرحبيل بن حسنة. انتهي.
وأقول: نقل عجيب ومناقب باهرة، ومعاوية …
اسم عدد من الصحابة، والطاغية عدوه في كتاب الحاجات، ولم يكن من كتاب الوحي، وبيان هذا في النصائح.
وحديث مسلم في كتابة معاوية مقطوع بوضعه، نص علي ذلك الحفاظ، وإن حاول بعضهم عبثا إثباته وتمحل لذلك، ولا حاجة بنا للكلام علي نفي ما ذكره المصانع من كتابة طاغيته تلك الآية، أو إثباته لأن في إمكان كل كاتب أن يكتب آية، وأكثر بل مصحفا، أو مصاحف، ولا فضيلة في ذلك تختص بزمن دون زمن، لأنها كتابة نسخ تكون من (1) سورة النساء الآية 95.
(١٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: خالد بن سعيد بن العاص (1)، عامر بن فهيرة (1)، ثابت بن قيس (1)، زيد بن ثابت (1)، سورة النساء (1)، أبي بن كعب (1)، الحج (1)
المؤمن المخلص، ومن المنافق والكافر، وهذه المخازن تملأ المصاحف التي طبعها النصاري والمجوس، فأي فضل لمعاوية المتربع في كرسي الدعوة إلي النار إذا صح وثبت أنه كتب بعض آية، أو آية أو أكثر، أو حفظ ذلك ليوهم من يراه أنه راغب في تحصيل القرآن، نفاقا وخداعا، وهيهات أن يكون هذا منقبة أو فضيلة يزمر ويطبل بها أمثال المصانع من عابدي معاوية، ومحبيه.
والكتابة كالصحبة لا تعصم من الكفر، ولا من النفاق، وقد ارتد ومات كافرا بعض كتاب الوحي.
والولادة التي هي أقوي صلة رابطة لا تعصم، ولا تمنع من الفسق فلقد وجد ني المنتمين إلي الزهراء البتول ع من يجادل بالباطل عن أعدي عدو لها، ولبعلها اللاعن له المسمم لابنها، ويناضل عنه ويتولاه، فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
وذكر المصانع في الصفحة (89) أن معاوية قد روي عنه بعض الصحابة، وبعض أهل الحديث. الخ.
وأقول جرت العادة بالرواية عن المؤمن والكافر، وعن المخلص والمنافق، وعن العدل والفاجر، ولا حجة في دين الله إلا برواية الثقة الثبت الأمين، والكتب مشحونة
(١٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الباطل، الإبطال (1)، النفاق (1)
بالرواية عن الوثنيين والملحدة، من فرس وروم، وعن أحبار اليهود، وعلماء النصاري، وعن القاسطين والمارقين ومعاوية واحد من أولئك، فإن كان له بالرواية فضل يستحق به الترضي عنه، فالإنصاف يقتضي بأن لا ننسي أرسطاطاليس، وأنو شروان، وداهر، وداروين، فنبخسهم حظهم من الترضي أيضا …
وأما ما ذكره المصانع في الصفحة (90) من دعاء النبي ص لمعاوية الخ.
فقد أوضحنا الكلام عليه في النصائح إيضاحا لا مزيد عليه فذكره له بعد ذلك غش ومخادعة.
ومن المضحك ما نقله المصانع في الصفحة (90) أيضا من أن معاوية صلي مع النبي ص فلما سمع قوله:
سمع الله لمن حمده قال معاوية: ربنا لك الحمد. الخ.
وأقول: أي منافق يعجز عن هذا وجهره به قد يفيد أنه أراد أن يستر نفاقه (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم..) (1) هذا عبد الله بن أبي المشهور نفاقه، قد كان يصلي ويزكي، ويقاتل معاوية وأباه، ومن معهم مع رسول الله ص وحضر بدرا، والحديبية، وعرضت (1) سورة البقرة الآية 9.
(١٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، سورة البقرة (1)، القتل (1)
قريش عليه أن يطوف بالكعبة فقال: إن له في رسول الله أسوة، فهل أفاده ذلك، وهل أخرجه من كونه من رؤوس النفاق، فإيراد أمثال المصانع لهذه المضحكات تسويد للصحف بدون فائدة.
وذكر المصانع في الصفحة (90) أيضا ما تقدم رده وإبطاله من ذكره اعتقاد أهل السنة والجماعة إنكار منازعة معاوية عليا في الخلافة، واختلاق سبب للحرب لم يكن، ودعاء النبي ص للطاغية.
وفيما قدمناه من البيان غنية لطالب الحق إن شاء الله.
ونقل في الصفحة (90) أيضا كلاما عن الإمام الحداد رضي الله عنه.
وقد تكلم شيخنا ابن شهاب الدين جزاه الله خيرا علي ذلك الكلام في وجوب الحمية بما يشفي الغليل، وبين أنه حجة علي أمثال المصانع، فارجع إليه.
ونقل في الصفحة (91) من كتاب الأنوار ما لفظه:
والباغون ليسوا بفسقة ولا كفرة، لكنهم مخطئون فيما يغعلونه، ويذهبون إليه، ولا يجوز الطعن في معاوية، لأنه من كبار الصحابة، وأمره إلي مشيئة الله إن شاء عذبه، وإن شاء عفي عنه، قاله الغزالي والمتولي. انتهي.
(١٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)، الطعن (1)، الجواز (1)، الوجوب (1)
وأقول: أما الحكم عليهم أجمعين بالكفر فلم يقله منصف، وقال النيسابوري في تفسيره: واتفقوا علي أن معاوية ومن تابعه كانوا باغين للحديث المشهور (إن عمارا تقتله الفئة الباغية) وقد يقال: إن الباغية في حال بغيها ليست بمؤمنة، وإنما سماهم المؤمنين باعتبار ما قبل البغي، كقوله (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه … ) (1) والمرتد ليس بمؤمن بالاتفاق.
انتهي.
وأما الحكم بالفسق فمقطوع به علي معاوية، ومن معه، وكفر معاوية قد تقدم نقل بعض ما جاء فيه، ولعل صاحب كناب الأنوار شعر بتهافت ما نقله، فتبرأ منه تقذرا، وقال: قاله الغزالي والمتولي، ولعمري لقد أخطأ، أو صغرا عظيما، وفتحا بقولهما علي الأمة بابا واسعا، لكل طماع خبيث، فأي طالب رياسة لا يقدر علي ادعاء أسباب هي أقوي وأظهر مما اصطنعه معاوية، وكيف لا يكون الباغي فاسقا، والبغي مذموم، ومنهي عنه، ومرتكبه مهدر الدم، يثيب الله من يقتله، ويجب قتاله، ومن كان هكذا لا يعقل أن يكون غير فاسق.
(1) سورة المائدة الآية 54.
(١٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: سورة المائدة (1)، القتل (2)
وهبني قلت هذا الصبح ليل أيعمي العالمون عن الضياء وقولهما: " لا يجوز الطعن في معاوية " إن كانا قالاه تقية فلا بأس، وإلا فهو مما يضرب به وجه الحائط ولا كرامة، لأنه رد علي من يدور الحق معه حيث دار، وعلي العترة الذين لا يفارقون القرآن، وتقول علي الشرع الشريف، وإبطال لنصوصه الجلية، وسلوك لسبيل الأمم قبلنا.
وكثيرا ما يلجأ الذين في قلوبهم مرض إلي قولهم:
إنما نحن مقلدون، والذين قلدناهم علماء صلحاء، ومن قلد عالما لقي الله سالما.
ومجاراة لهم نقول: إن العاجز عن معرفة الحق بالدليل، لا قائل بأنه يجوز له أن يقلد أي عالم شاء مهما كانت صفته، بل عليه أن يقلد أتقاهم، وأعلمهم فيما يظن، وإذا كان الأمر هكذا، فأي الطائفتين أولي وأحري، أن تقلد، ويعذر الله تعالي مقلدهم أهم الغزالي والمتولي وابن حجر الهيتمي، وابن تيمية الحراني، وأضرابهم، أم صنو النبي ص وأعلم أمته، وسبطاه وأئمة العترة، ومتبعوهم بإحسان.
لا يشك عاقل أن تقليد هؤلاء والتمسك بهم واتباعهم
(١٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إبن حجر الهيتمي (1)، ابن تيمية (1)، القرآن الكريم (1)، الضرب (1)، الطعن (1)، المرض (1)، الجواز (2)
هو الأحري، إذ لا ضمان من الزيغ لغيرهم، وللعلم بأن مخالف إجماعهم ضال، ولكنا كما عرفنا ما تقدم نعرف أن الذين يزعمون أنهم يقلدون أمثال الغزالي، والمتولي، إنما يتبعون هوي أنفسهم، وغواية شياطينهم، وقد وجدوا كلمة منقولة من هؤلاء لا يعلم إلا الله لم قالوها، إن صح عزوها إليهم فاتخذها هؤلاء دينا لموافقتها ما يحبونه، فمسخوا بها الحق الثابت الجلي ( … إن يتبعون إلا الظن وما تهوي الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدي) (1).
قال المصانع في الصفحة (92): ومن كتاب التمهيد حاشية شرح العقائد لا يجوز اللعن علي معاوية لأن عليا صالح معه (كذا) ومنه أيضا أن الحسن بن علي صالح معه رضي الله عنه، ولو كان مستحقا للعن لكان لا يجوز الصلح معه. انتهي.
وأقول: هذه العبارة فاسدة تركيبا ومعني، فهي من الخبط الظاهر والخطأ الواضع، وإلا لامتنع لعن المشركين لأن رسول الله ص صالحهم، ولم يزل المسلمون يصالحون الكفار والخوارج. ولا يرون الصلح مانعا عن لعن الظالم والدعاء عليه.
(1) سورة النجم الآية 23.
(١٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، صلح (يوم) الحديبية (2)، الحسن بن علي (1)، سورة النجم (1)، الخوارج (1)، الظنّ (1)، الظلم (1)، الضلال (1)، الجواز (2)
ونقل المصانع في الصفحة (92) أيضا عن الإمام علي ع أنه قال: (إخواننا بغوا علينا).
وأقول: كرر المصانع نقل هذه الكلمة وجعلها ككثير من أمثاله، ترسا في وجه الحق، وقد رويت هذه الكلمة في حق أهل الجمل لا في القاسطين والمارقين، وحيث أن الأخوة الجنسية ثابتة حتي بين الأنبياء، والمشركين، فلا فائدة في إطالة الكلام علي ما لا طائل تحته، ومثله ما يروونه - وما أبعده من الصحة! بل هو من الكذب القطعي - عن الإمام علي ع أنه قال - وحاشاه -: (قتلاي وقتلي معاوية في الجنة) وهذا مما لا يعرج عليه ذو تحصيل، والكلام علي الإسناد لا يفهمه كثير من الناس وقد تقدم أن صحة الإسناد لا تفيد صحة المتن المنكر، فلذلك نكتفي هنا ببيان فساد هذا الكلام بما لا تبقي معه حاجة إلي ذكر السند، فأقول: فساد هذه المقالة ظاهر من وجوه:
أولها: معارضتها للمتواتر عن علي من لعنه معاوية وأشياعه في صلاته وخطبه، وكلامه، وأهل الجنة لا يتعبد الله بلعنهم.
ثانيها: ما صح عن رسول الله ص من أن عليا يقاتل الناكثين وهم أصحاب الجمل، والقاسطين وهم
(١٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكذب، التكذيب (1)
معاوية وأشياعه، والمارقين وهم أهل النهروان، وصح عن علي وغيره هذا التفسير، وربنا يقول: (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا) (1)، وأهل الجنة يقول رتجنا؟؟؟ فيهم (لا بسمعون حسيسها … ) (2) الآية.
ثالثها: ما صح عن علي ع من تصريحه بأن معاوية حزب من الأحزاب، وأنه بقيتهم، وأنه ومن معه ليسوا بأصحاب دين ولا تران، ومثله جاء عن النبي ط فيمن خالف أهل البيت ع، أنه حزب إبليس الخ، وأهل الجنة ليسوا كذلك قطعا.
رابعها: أن معاوية ومن معه باغون ظالمون مسيئون إجماعا وأن عليا ع وأنصاره أهل الحق مبني عليهم، وهم المتبعون أمر الله في جهاد أولئك البغاة الباذلون مهجهم طاعة لأمر ربهم فكيف يصح أن يتساوي في الحكم من قتل لتكون كلمة الشيطان العليا؟، هيهات كذب الضالون المضللون، كيف! وأصدق القائلين يقول في محكم كتابه: (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) (3)
(1) سورة الجن الآية 15.
(2) سورة الأنبياء الآية 102.
(3) سورة ص الآية 28.
(١٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الكذب، التكذيب (1)، سورة الأنبياء (1)، سورة الجن (1)، سورة ص (1)
ويقول: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) (1).
خامسها: قد ورد ما لا يحصي من الأحاديث عن النبي ص فيمن عادي عليا أو أبغضه، أو آذاه، وفي كثير منها أنه يبعث يهوديا، أو نصرانيا، كما في مسند أحمد من عدة طرق، وفي غيره من كتب الحديث كثير جدا، وورد في شأن مؤذي أهل البيت ع ومقاتلهم شئ كثير في حرمانه الشفاعة، وطرده عن الحوض، وكونه منافقا، وغير ذلك مما يخالف حال أهل الجنة قطعا.
فكيف يلغي المنصف جميع هذا من أجل كلمة اخترعها مأجور أو دجال، وأوردها محرف أو مخرف استهزاء بالدين، وأحكامه، وانتصارا للمذاهب المبتدعة، والصحيح ما صح عن عمار من أن قتلي معاوية في النار، وما جاء في أحاديث شهيرة في الأمهات وغيرها من طرق من أن الخوارج كلاب النار، وشر قتلي تحت أديم السماء، ومن شرهم قتلي معاوية فتأمل ما رقمناه ترشد إن شاء الله، ولا يتسع هذا المختصر لأكثر مما ذكرناه.
(1) سورة الجاثية الآية 21.
(١٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، الخوارج (1)، البعث، الإنبعاث (1)، البغض (1)، القتل (3)، سورة الجاثية (1)
ونقل المصانع في الصفحة (92) أيضا عن ابن حجر الهيتمي عامله الله بعدله قوله: " وأما ما يستبيحه بعض المبتدعة من سبه ولعنه - أي معاوية - فله فيه أسوة بالشيخين وعثمان وأكثر الصحابة، فلا يلتفت لذلك، ولا يعول عليه، فإنه لم يصدر إلا من قوم حمقاء جهلاء أغبياء طغاة، لا يبالي الله بهم في أي واد هلكوا، فلعنهم الله وخذلهم أقبح اللعنة والخذلان الخ. انتهي.
وأقول: لقد أظهر ابن حجر في هذه المقالة المشومة ضب صدره، وفاه بما يتحاشي المسلم العاقل عن التفوه به، أسكرته خمرة عصبية الجاهلية فانفجر، وكان نصبه فتدفق بالحمم، ورمي بنفسه في هوة عميقة عافانا الله مما ابتلاه به آمين.
إن ابن حجر ممن عرف صحة الحديث في لعن النبي ص معاوية بعد إسلامه المزعوم، وعلم تواتر لعن علي صنو النبي لطاغيته، واتباع العترة له في ذلك، ومعهم خيار الصحابة، وأهل الحق، فلا أدري كيف ساغ له بعد هذا أن يقول ما نقل عنه آنفا.
نقل المصانع في الصفحة 82: عن أبي الدرداء: قال قال رسول الله ص إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة
(١٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الجهل (1)
إلي السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلي الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يمينا وشمالا فإذا لم تجد مساغا رجعت إلي الذي لعن فإن (إن ظ) كان أهلا لذلك وإلا رجعت إلي قائلها رواه أبو داود: انتهي.
وأقول يشهد الله وملائكته والمؤمنون أجمعون أن من ذكرناهم آنفا ممن لعن معاوية ومن اتبعهم ليسوا بأهل للعنة ولكن مستحقي اللعن عدوهم ومعه من يحبه ويجادل عنه بالباطل.
وما ذيل به ابن حجر عبارته لا يغني عنه شيئا ولا يخص الذم والشتم بطبقة دون طبقة وعند الله تجتمع الخصوم.
وقد كرر المصانع في الصفحة 93 ما تكرر رده من اجتهاد معاوية ومن أن ما صدر منه ناشئ عن سعة علم ممنوح من النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم.
وحاشا جنابه الأقدس عن ذلك فارجع إلي ما تقدم.
وقال المصانع في الصفحة 93 ما مفاده أنه سمع بعض مشائخه يترضي عن معاوية وزعم أن الإمام الحداد ترضي عن معاوية وعمرو في بعض كتبه الخ.
وأقول أما ما سمعه عن بعض مشائخه فمما لا قيمة له إذ لا حجة في ترضي ناصبي عن خارجي وتلك كتب الأباضية
(١٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الوسعة (1)، الحج (1)، الشهادة (1)
مشحونة بالترضي عن ابن ملجم وذي الخويصرة وعمران بن حطان وأشباههم ولا نظن بصالحي مشائخه إلا الخير ولا نبرئ كثيرا منهم من الغفلة والغرارة والتقليد الصرف.
وأما ما زعمه من ترضي الإمام الحداد عن الخبيثين فمما نجل كريم مقامه عنه وقد وضع الجهال من التلامذة علي أساتذتهم كفريات جمة وطامات كثيرة ووضع خباث الطوية علي الصالحين كذبا كثيرا ولم يضروا إلا أنفسهم والإمام الحداد مكفوف النظر فلو فرضنا وجود ذلك في شئ من كتبه لترجح لنا أنه من زيادات جهلة النساخ: ويدل علي ذلك ما نقله المصانع في الصفحة 91 عن الحداد من عدم ترضيه عن الخبيثين لما ذكرهما مع ترضيه عمن ذكره قبلهما بل قال فيهما وفيمن حارب عليا قبلهما وبعدهما ما لفظه:
وكلهم بغاة عندنا ومنازعون وخارجون بغير حق صريح وصواب واضح نعم من خرج منهم وله في خروجه شبهة فأمره أخف ممن خرج ينازع الأمر ويطلبه لنفسه والله أعلم بنياتهم وسرائرهم: انتهي.
وفي كلامه هذا إشارة ظاهرة إلي أن معاوية ممن لا شبهة له وإنما خرج منازعا في الأمر طالبا للرياسة وكيف يسوغ أن يترضي عمن هذا حاله أم كيف يجوز أن يترضي الحداد عن عدو الله ورسوله ولا عن أصوله المشرفين له
(١٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: ابن ملجم المرادي لعنه الله (1)، الغفلة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الجواز (1)
وزيادة النساخ في الكتب معروفة فقد رأيت بعضهم ترضي عن أبي جهل وفي فهرست كتاب قرة العيون المبصرة لابن الجوزي المطبوع ما لفظه: ذكر عاد ع: ذكر ثمود ع: ومن تأمل فتح الباري للحافظ العسقلاني وما يذكره من تصرف النساخ في الألفاظ زيادة وحذقا وتحريفا وتصحيفا ظهر له ما قلناه ومن أمعن النظر في كثير من كتب الحديث يجد في بعضها من الترضي ما يجزم ببراءة المصنف منه كما تجدها إلا القليل مشحونة بالصلاة البتراء المنهي عنها فتأمل.
والإمام الحداد هو القائل من قصيدة مدح بها المصطفي ص:
وأنكر أقوام وصدوا وأعرضوا فقومهم بالمرهفات البواتر وسار إليهم بالجيوش وبعضها ملائكة أكرم من مؤازر وما زال يرميهم بكل كتيبة مكرمة أنصارها كالمهاجر إلي أن أجابوا دعوة الحق فاهتدوا وأسلم منهم كل طاغ وكافر
(١٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب فتح الباري (1)، الكرم، الكرامة (1)، الجهل (1)
وأدخلهم في الدين قهرا وعنوة بحد المواضي والرماح الشواجر ومن الذي ينكر دخول الطاغية فيمن عناهم الحداد بقوله وأنكر أقوام وقوله وسار إليهم وفي قوله وأسلم منهم كل طاغ وكافر بعد قوله وأدخلهم في الدين قهرا وعنوة يعني ما قاله جده الإمام علي ع: ما أسلموا ولكنهم استسلموا: الخ وقوله لمعاوية: دخلت في الإسلام كرها وخرجت منه طوعا:
وهذا هو الذي يمليه علينا حسن ظننا في الإمام الحداد رحمه الله تعالي وعلي التنزل نقول هب أن الحداد (وحاشاه) ترضي عن الطاغية والنبي ص وأخوه وأهل الحق لعنوه فبمن تتمسك وبمن تقتدي ومع من تحب أن تكون.
إن أهل الحماقة واللجاج يريدون أن ينصروا ما هووه وتعصبوا له ولو يجعلهم الإسلام لعبة لاعب حتي يخيلوا للجاهل أن العلويين نواصب يعبدون معاوية لقد أشربت قلوب أولئك المضللين حب معاوية كما أشربت قلوب اليهود حب العجل ولا غرو إن سلكوا سننهم شبرا بشبر وذراعا بذراع والله المستعان.
وقد ظهر بحضرموت وغيرها في السنين القريبة أناس ممن انغرس في قلوبهم زخرف ابن تيمية وابن حجر الهيتمي ومن شاكلهما من نواصب السنة في طاغية الإسلام وفي
(١٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إبن حجر الهيتمي (1)، ابن تيمية (1)
هؤلاء عدد من العلويين قليلون نسأل الله لنا ولهم السلامة والعافية من كل سوء وما أحسن ما قاله فيهم شيخنا العلامة ابن شهاب الدين نفعنا الله بعلومه: إن السادة العلويين الموجودين الآن قد تحقق من عدد منهم عقوقهم للطبقة الأولي من سلفهم الصالح علي بن أبي طالب ع ومن بعده من ذريته إلي سيدنا الفقيه المقدم رضوان الله عليهم.
وتحقق عقوقهم للطبقة الثانية من السلف، وهم من بعد الفقيه المقدم إلي الزمن القريب.
أما عقوقهم للطبقة الأولي فبتوليهم من حاد الله ورسوله، وحارب أهل ا لبيت، ولعن سادتهم علي المنابر، وتقليدهم من عاداهم من النواصب.
وأما عقوقهم للطبقة الثانية فبإتهامهم للطبقة غلطا بأنهم ممن يتولي أولئك الطغاة العتاة، وحملهم لسكوت من سكت منهم علي أنه تورع، وتنزه عن لعنهم مع أنه لم يكن إلا لخوف الفتنة، ولم ينتبهوا لما في كلام كثير منهم من التصريح والإشارة بأنهم لم يخالفوا أسلافهم في شئ ما من العقائد البتة.
وكل هذا من الجهل وعدم الاطلاع، أو من الجمود والتقليد، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، انتهي كلام
(١٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الجهل (1)
شيخنا رفع الله مقامه آمين.
ومن غرائب المصانع أنه كتب فصلا في الصفحة (93) وما بعدها في ذم المراء والجدال، وآفاتهما والنهي عن رد الحق، وعن التجري علي الفتوي بالهوي، ثم قال: ومنشأ هذه الأخلاق ومنبعها من الجرائد والمجلات. انتهي.
وأقول: إن كلامه في نبذته هذه من جنس ما ذمه هنا بدون ريب (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه … ) (1).
ونقل المصانع في الصفحة (99) عن جدنا العلامة السيد عبد الله بن عمر بن يحيي قوله: " فليحتط - فليحتط - كل من القاضي والعالم، وليقدر أنه يتكلم بحجته بين يدي الله بمحضر رسول الله ص فلا يتكلم إلا بما يراه الصواب وليحذر كل الحذر من الميل إلي الباطل متابعة للهوي، وميلا للجاه والمال، ونصرة الدعوي فإن ذلك يهلك الدين، ويدخل فاعله في حزب المفسدين المحادين لرب العالمين " انتهي.
وأقول: في النقل تحريف ظاهر، ولو استمع المصانع لما قاله الجد لربح، وأراح واستراح، ولم يكتب شيئا من هذه النبذة.
(1) سورة يس الآية 78.
(١٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عمر (1)، النهي (1)، الباطل، الإبطال (1)، سورة يس (1)
إنه لا يحب أن يكون خصمه نبيه محمدا ص وجده عليا، وأهل البيت، ولا بأن يكون خصيما لأكبر الخائنين خيانة، وأكثرهم عداوة، ومحادة لله ورسوله، وأشدهم جدا في هتك حرم الإسلام، ولا يسره أن يري في صحيفته ما رقمه في نبذته من الضلال والجدال بالباطل، والترضي عمن هجيراهم (1) لعن أخي النبي ص ولكن الهوي يعمي ويصم.
وكتب المصانع فصلا في الصفحة (101) في بيان أسباب سكوت السلف عن الخوض فيما شجر بين الصحابة.
وأقول: إننا قد أوضحنا الصواب في هذه المقالات، فيما تقدم، وتكلم عليها شيخنا العلامة ابن شهاب الدين زاده الله من فضله في كتاب وجوب الحمية، ويتعين السكوت علي من لا اطلاع له علي ما جري، وعلي من لا معرفة له بالأحكام لأن خوض من ليس له أهلية من تعاطي الزور المنهي عنه، وأما خوض أهل المعرفة فمن بيان الحق المأمور به، ومن هتك الفاجر المثاب فاعله امتثالا للأمر.
والسكوت شئ، وما يعمله المصانع وأمثاله من
(1) أي عادتهم وشأنهم.
(١٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الباطل، الإبطال (1)، الضلال (1)، الوجوب (1)
المجادلة عن الظلمة والتولي لهم، وتعظيمهم، وتصغير فواحشهم شئ آخر، وتسميتهم له سكوتا من غلوهم في النصب والتمويه لا يغني فتيلا، والتسمية لا تغير أحكام المعاني والذوات، فالخمر هي الخمر، وإن سميتها نبيذا، والزنا هو الزنا وإن سميته مخادنة، والنصب هو النصب وإن لقبوه سنة، والسنة هي السنة وإن زعموها رفضا.
وأكبر سبب لسكوت من سكت هو السيوف المسلولة، والسياط المشهورة، والقيود الثقيلة، وقد سكت البعض لجر نفع ما، وبعضهم عند الفرصة يشيرون إلي الحق، ولو من طرت خفي، أو بنوع تورية، وقد يصرحون أحيانا، ولكن كثيرا من خلف السوء السالكين سنن من قبلهم حذو القذة بالقذة حرفوا وبدلوا، وكذبوا، فضلوا وأضلوا من قلدهم، من عمه القلوب عمي البصائر، أتباع كل ناعق، من كل أحمق ناهق، فتعصبوا للباطل، وزعموا أنهم أهل الحق ( … قل الله أذن لكم أم علي الله تفترون) (1) ولله الفاضل الجليل، السيد علي بن الحسن العطاس العلوي رحمه الله تعالي حيث يقول من قصيدته:
(1) سورة يونس الآية 59.
(١٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: علي بن الحسن (1)، الزنا (1)، السكوت (1)، سورة يونس (1)
ومن كان يحكي عن معاو إصابة بحرب أبي السبطين فهو المحارب إلي أن قال:
أوالي ولي الله ناصر دينه ومن نزل القرآن فيه يخاطب فويل ابن هند من عداوة مهتد ينازعه في حقه ويطالب له الويل ما أجراه فيما أتي به علي حبر علم قدمته الأطائب ومولانا السيد علي المذكور ممن رد زعم الزاعمين أن السلامة في السكوت، وصرح بأن إنكار المنكر من أهم الواجبات كيف لا، والحب في الله والبغض فيه من أقوي عري الإيمان، ومن تولي قوما ورضي أفعالهم فهو شريك لهم.
قال العلامة الجليل الشيخ محمد عبده المصري رحمه الله ورضي عنه في تفسيره عند ذكر ما نعاه الله سبحانه وتعالي علي اليهود المعاصرين لنبينا محمد ص في قوله تعالي:
( … وقتلهم الأنبياء بغير حق … ) (1) مع أن أولئك اليهود لم يقتلوا نبيا ولكنهم أحبوا وتولوا، وعظموا من فعل
(1) سورة آل عمران الآية 181.
(١٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (1)، القتل (1)، الشراكة، المشاركة (1)، سورة آل عمران (1)
ذلك من سابقي سلفهم، وتأولوا لهم، وحرفوا الكلم، وتعصبوا لهم، قال الأستاذ ما لفظه: " إن الله تعالي نبهنا بهذا الضرب من التعبير إلي أن المتأخر إذا لم ينظر إلي عمل المتقدم بعين البصيرة، ويطبقه علي الشريعة، فيستحسن منه ما استحسنت، ويستقبح منه ما استهجنت، ويسجل علي المسئ من سلفه إساءته، وينفر عنها، فإنه يعد عند الله مثله، وشريكا له في إثمه، ومستحقا لمثل عقوبته.
انتهي.
ولا يشك منصف أن أنصار الطاغية قد سلكوا سبيل من تقدم من اليهود شبرا بشبر، وذراعا بذراع، وصدق الله ورسوله، ويرحم الله الشيخ الحفظي، حيث يقول:
وما جري فقد مضي وإنما يا ويل من وإلي لمن قد ظلما وكل من يسكت أو يلبس ومن لعذر فاسد يلتمس فذاك مفتون بكل حال قد خسر الربح ورأس المال واستبدل الأذي بكل خير وباع دينه بدنيا الغير وقد طنطن بمدح السكوت رجال غفلوا عما ذكر أن لم
(١٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الخسران (1)، الصدق (1)
يكونوا ممن أعماهم الغرض، أو في قلوبهم مرض، ويحتج بعضهم بقوله تعالي ( … عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم … ) (1) وقد غفل المسكين عن أن من أضل الضالين وأبعدهم من الهدي من لا يحب في الله ولا يبغض في فيه، ولا يوالي أولياء الله، ولا يعادي أعاديه، ومن لا يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، ومن هو هكذا فبينه وبين الهدي بعد بعيد، والمهتدي من قام بالواجبات حسب الاستطاعة ( … إلا أن تتقوا منهم تقاة … ) (2) وحينئذ لا يضره ضلال من ضل، فتأمل ترشد إن شاء الله تعالي.
وكتب المصانع فصلا في الصفحة (105) وما بعدها في وجوب متابعة سيرة السلف الصالحين من سادتنا العلويين. الخ، ونقل ما سبق ذكره من كلام الإمام الحداد رضي الله عنه في ذلك المعني، وقال: نقلا عن السيد العلامة السمهودي رحمه الله ما لفظه: " ينبغي لأهل البيت أن يتبعوا سلفهم في اقتفاء آثارهم، والاهتداء بهديهم وأنوارهم وأقوالهم وأفعالهم، فإنهم أولي الناس بذلك ليكونوا خير الناس أسلافا وأخلاقا، وأعمالا، ويدخلون
(1) سورة المائدة الآية 105.
(2) سورة آل عمران الآية 28.
(١٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الامر بالمعروف (1)، البغض (1)، الضلال (1)، المرض (1)، الضرر (1)، الوجوب (1)، سورة المائدة (1)، سورة آل عمران (1)
بذلك السرور علي مشرفهم ص وبقية سلفهم عند عرض أعمالهم " انتهي.
وقد حذر هؤلاء السلف خلفهم عن مخالفتهم أشد التحذير قال الحبيب عبد الله بن علوي الحداد رضي الله عنه: " ولا ينبغي لخلفهم أن ينتهجوا بغير المنهج الذي درج عليه أسلافهم، ولا أن يميلوا عن طريقتهم وسيرهم باتباع غيرهم، والإنجرار بجره " انتهي المنقول عن المصانع.
وأقول: إن ما نقله كما ذكرناه صواب، وهو حجة قاطعة لهذره وتغريره، ومما لا نزاع فيه عند العلماء أن مذهب السادة العلويين الأخذ بمحكم الكتاب وصحيح السنة مع التمسك بالعترة، والاقتداء بإمامها أمير المؤمنين علي ع، ثم الأئمة الهداة الأعلام من ولده ع، وسندهم بهم متصل أبا عن جد، ولا أري المصانع يخالفنا في هذا كله لشهرته، ووضوحه.
ولا أدري ماذا قام بعقل المصانع، فخالف أسلافه، وشد عنهم واتبع خطوات أعدائهم، ومخالفيهم، فقابل بين ما نسطره عن علي والسلف، وعن المصانع ومن علي شاكلته مما لا نزاع في ثبوته.
(١٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)
1 - علي ومتبعوه يبغضون في الله معاوية وأذنابه وناصريهم ويرون ذلك مما لا يتم الإيمان إلا به.
1 - المصانع ومن علي شاكلته يحبون معاوية وأذنابه وينصرونه، ويزعمون أنه لا يتم الإيمان إلا بذلك.
2 - علي ومن معه يعادون معاوية في الله ولا يوالونه.
2 - المصانع وأشباهه يتولون معاوية ويعادون كل من لا يتولاه.
3 - علي ومتبعوه يلعنون معاوية، وأذنابه تقربا إلي الله بذلك.
3 - المصانع ومن يوافقه يترضون عن معاوية تعظيما له، وترغيما لمن يلعنه تقربا إلي الله بزعمهم، ويحكمون علي من يلعن معاوية بأنه رافضي، بل مشرك يستبيحون لعنه وذمه، كما تقدم نقله.
4 - علي ومن معه يعدون معاوية ومن تبعه حزبا من الأحزاب ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن.
4 - المصانع ومن يوافقه يعدون معاوية من الممنوحين سعة علم من النبي ص صدر عنها ما صدر من لعن أخي النبي، وقتل عمار والبدريين وغيرهم، وتسميم الحسن، ويقولون: ما فعل معاوية ومن معه ذلك إلا لطلب رضاء الله
(١٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القتل (1)
تعالي.
5 - علي ومن يأتم به يعتقدون أن معاوية وأتباعه أعداء للإسلام، يبتغون له العثرات والغوائل ما أسلموا ولكنهم استسلموا.
5 - المصانع ومن يقول بقوله يعتقدون أن معاوية خليفة صدق، وإمام حق، كامل الإيمان، وأنه من أهل الجنة.
فمع هذا التناقض الفاضح، كيف يجوز للمصانع أن يدعي أنه متبع للسلف الصالح، ولأهل البيت، ولو أردنا إطالة الكلام لأكثرنا من ذكر ما خالفوا فيه السلف الصالح، وتبعوا فيه أعداءهم، فدعوي الاقتداء بعلي وأهل البيت ع ممن يعتقد غير معتقدهم كذب، وهي مثل دعوي مثلثة النصاري الاقتداء بالمسيح إمام الموحدين عليه صلاة الله وسلامه، فالمخالفة محققة مقطوع بها، والعقوق ثابت أيضا.
سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب ولعل المصانع يزعم أن السلف هم الغزالي، والهيتمي والمتولي، ومن وافقهم، وأن مذهب علي
(١٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (1)، التصديق (1)، الجواز (1)
والعترة نسخ، وصار من سقط المتاع، والحق إن شاء الله تعالي أن هؤلاء وغيرهم من علماء المسلمين ليسوا حجة علي أهل البيت، فإن وافقت أقوالهم قول العترة قبلناها، وعمدتنا التمسك بالعترة، وإن خالفت أقوالهم إجماع العترة ضربنا بها عرض الحائط، وعددنا عملنا هذا أكبر خدمة، وأسني تحفة تزفها إلي أولئك العلماء لحسن ظننا بهم في اعتقادنا أنهم يحبون تقديم قول من أمر المعصوم بالتمسك بهم.
وربما كابر بعضهم فأنكر ما ذكرناه من قصد الترغيم، في ترضيهم عن الطاغية فنقول له: يراجع العقيدة المشهورة للكلواذي، وقد أقروه، ولم نر من أنكر عليه في قوله:
ولابن هند في الفؤاد محبة مغروسة فليرغمن مفندي ومن أمثال المصانع من يأمر الطلبة بحفظ تلك العقيدة، ويعلمها الأولاد، ولا أراهم يجهلون أن أول مفند لهم في حبهم عدو الله ورسوله، وعدو عترة محمد، وبعده أخوه علي عليهما والآل الصلاة والسلام.
تود عدوي ثم تزعم أنني صديقك ليس النوك عنك بعازب
(١٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (1)
وقد رد شيخنا العلامة ابن شهاب الدين نفع الله بعلومه ضلالة الكلواذي فقال:
قل لابن كلواذي وخيم المورد أوقعت نفسك في الحضيض الأوهد أفأنت تطمع يا سخيف العقل في إرغام طه والوصي المهتدي والمسلمين الصادقي إيمانهم بالله جل وبالنبي محمد أو لست أنت القائل البيت الذي تصلي به وهج السعير الموصد " ولابن هند في الفؤاد محبة مغروسة فليرغمن مفندي، أرأيت ويلك ذا يتين لا يفند ما يفوه به لسان الأبعد أو هل تري إلا بقلب منافق غرست محبة عجلك المتمرد أو ما علمت بأن من أحببته رأس البغاة وخصم كل موحد لعن الوصي وبدل الأحكام وار تكب الكبائر باللسان وباليد
(١٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الوصية (1)
إن المحب مع الحبيب مقره ولسوف تعلم مستقرك في غد فعليكما سخط الإله ومقته وعلي الذي بك في العقيدة يقتدي وأقول أنا آمين.
قال المصانع في الصفحة (108): قال سيدنا عمر رضي الله عنه: " إن أخوف ما أخاف عليكم - أو قال - علي هذه الأمة فاجر عليم اللسان " انتهي.
وأقول: لا يشك عاقل أن عمر يعني بمقالته هذه من يهون الكبائر، ويصغر العظائم من المعاصي، ويقلب الحقائق، ويلبس الحق بالباطل، ويجادل عن المنافقين الخائنين، ويمدحهم، ويدعو الأمة إلي حب من أوجب الله عليها بغضه، وهل يقول من يحسن ظنه بعمر أنه عني بمقالته هذه الآمرين بالتمسك بالثقلين، ومن يدعو إلي بغض المؤذين لله ولرسوله ولأهل البيت - حاشاه.
وذكر المصانع في الصفحة (110) ما مفاده أن من متابعة السلف ترك التسليم علي أمير المؤمنين علي ع عند ذكره إلي هوس وخبط.
وأقول: قاتل الله الجهل وحفظنا من الحماقة
(١٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الباطل، الإبطال (1)، الجهل (1)، الظنّ (1)، القتل (1)
والدعوي والجمود، وقد أوضح شيخنا ابن شهاب الدين جزاه الله عن نبيه خير الجزاء هذا المقام في كتاب وجوب الحمية فليرجع إليه محب الحق.
تنبيه إن داء الحسد لأهل البيت الطاهر كثيرا ما يتولد في صدور بعض ذوي المراتب كالعلماء، ومشايخ السلوك، وأرباب الثروة، لحبهم العلو فيمتعضون مما يرونه من تعظيم المؤمنين لأهل البيت، وإن لم يكونوا مثلهم في المنصب، ويكبر ذلك عليهم، وتضيق منه صدورهم، إلا من عصمه الله تعالي، برسوخ الإيمان في قلبه، فلذلك تجد في عبارات بعض العلماء من اللمز والتعريض والكلام المريض ما ينم عما انطوت عليه صدورهم مما ذكرناه.
إن العرانين تلقاها محسدة ولن تري للئام الناس حسادا أخرج الطبراني في الكبير عن السيد الحسن (أن رسول الله ص قال: لا يبغضنا أحد، ولا يحسدنا أحد إلا ذيد يوم القيامة عن الحوض بسياط من نار).
وقال مولانا علي ع: (لا تعلموا العلم أولاد السفلة فإنهم إن تعلموا تطلبوا معالي الأمور، فإن أدركوها
(١٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، الطبراني (1)، البغض (1)
اعتنوا بمذلة الأشراف).
وقال شيخنا العلامة ابن شهاب الدين من قصيدة في الآل:
عجبا لمن يتلو الكتاب مكررا وحديث إنسان الوجود الكامل فيري ويسمع ثم يجحد مجدهم حسدا وتكذيبا لأصدق قائل أغويه أغراه أم في قلبه مرض سقاه نقيع سم قاتل ينهي فيأبي النصح ملتجئا إلي مخصوص نص أو سقيم دلائل والعلم يخبث حيث تحسد عترة ال هادي وخير منه جهل الجاهل خاتمة يري الموفق فيما سبق تسطيره بيان تهافت مزاعم أنصار الطاغية، وظهور فسادها فيعجب من تجاسرهم علي قلب الحقائق، وإلباسهم الحق بالباطل، وتغريرهم للناس، ومحاولتهم تبرير من لو مزجت البحار بقطرة من خبائثه التي لا تحصي لأنتنت، ويقول: أين ذهبت
(١٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، الباطل، الإبطال (1)، الجهل (1)
العقول، وعزبت الأحلام؟ أين غاب خوف الله وذكر القيام بين يديه؟ كيف يجادلون عن معاوية وهو من ألد أعداء الله ورسوله سابقا ولاحقا؟، ويذهب به الفكر كل مذهب، فلا يجد عذرا لأولئك المغررين غير الخذلان، وغلبة الشقوة عليهم، ولذلك تتابعوا وتهالكوا في نصر من حاد الله ورسوله جهارا ليكونوا شركاء له في ذنوبه، وليستحقوا من العذاب ما يستحقه، أليس معاوية هو الذي صح لعن رسول الله ص له بعد إسلامه المدخول، وهو الذي صح الخبر عن رسول الله ص بأنه يموت علي غير ملة الإسلام؟.
أليس هو اللاعن أخا رسول الله ص الذي هو نفس النبي، أو كنفسه، ظلما وعدوانا علي أكثر من سبعين ألف منبر السنين العديدة، وهو المحارب المعادي الساب سيد المسلمين بغيا، وأشرا وبطرا، للأحقاد الشركية والثارات البدرية، وهو القاتل حجر بن عدي وأصحابه صبرا ظلما وعدوانا، وهم الذين يغضب الله لهم، وأهل السماء كما في الحديث، وهو القاتل عمرو بن الحمق الصحابي الزاهد العابد غدرا، وهو الغاش للأمة الإسلامية كلها حيا وميتا، وهو المؤجر شهود الزور ليلصق المخزيات بالطاهرين، وهو الباذل أموال بيت مال المسلمين رشوة لمن يضع
(١٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، حجر بن عدي الكندي (1)، عمرو بن الحمق (1)، القتل (2)، الموت (1)، الخوف (1)
الأحاديث ويفتريها علي النبي ص فيما يحبه ويهواه من أغراضه النجسة، وهو المفرق كلمة المسلمين المشتت وحدتهم، وهو المضرب بزوره وتغريره بين الصحابة، ومثير تلك الفتن، وهو المشير علي عثمان بأن يقتل عليا ع وغيره، وهو الراد حكم الشريعة جهارا، المقدم رأيه وهواه علي النصوص الجلية، وهو المولي عمال السوء رشوة لهم لمساعدتهم علي الغدر بالأمة، وهو المرتكب كبائر الكبائر ليحمل ابنه الخبيث المخبث علي أعناق الأمة، ليتمم ما أراده بالإسلام وأهله من الدمار والضلال غشا لها، وهو المسمم بغيا وعدوانا الحسن سبط رسول الله ص والأشتر وعبد الرحمن بن خالد وغيرهم، وهو الفاتح باب القدح في أبي بكر وعمر، وهو الذي سن بيع الحرائر المسلمات علنا، وهو البائع الأصنام لمن يعبدها، وهو المتسبب في حفظ اريا استقلالها بصدعه جماعة الإسلام كما اعترف بذلك سياسيوها فنتج عن ذلك ما لا يزال المسلمون فيه من الذل والاضطهاد والفتن، وهو المستهزئ بالنبي ص وبكلامه ووعده ووعيده، وهو المعادي للأنصار، ولأهل البيت المبغض لهم الشامت بما يصيبهم، وهو الذي لعنه أمير المؤمنين علي، واستمر علي المداومة علي لعنه في صلاته وغيرها، وهو الذي لعنه وذمه
(١٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)
من لا يحصي عددهم من خيار الصحابة والتابعين، الذين قلامة ظفر أحدهم خير من المناضلين عن معاوية تعصبا للباطل بعد علمهم بجلية حاله، وهو الذي لم تزل الأمة مرتبكة فيما نصبه لها من الحبائل، وما أدخله عليها من الشبهات والجهائل، وهو المجمع علي بغيه وعدوانه، وهو الذي لا دين له ولا مروءة، وهو الذي رضي بقتل صبيان عترة النبي ص علاوة علي صبيان المسلمين ونسائهم، وهو المعلن سروره بما يسوء النبي ص في عترته ع، وهو المعترف خلاعة وتهتكا ووقاحة وقلة مبالاة، بأنه طالب ملك ورياسة، مؤثر للدنيا، وهو الذي أمر النبي ص أمته بقتله، ليسلموا من كيده وإضلاله، فلم يفعلوا، وهو الذي صح دعاء النبي ص بأن لا يشبع الله بطنه، فكان كذلك، وما ذاك إلا لاستخفافه بالنبي ونفاقه، وهو الذي استبد بالأمة، وسن الاستبداد للطواغيت والفراعنة من بعده، ومهد الطريق لهم، وهو الذي قتل الألوف المؤلفة من المسلمين لينال شهوته عداوة للإسلام وحقدا عليه، وهو الذي شهد عليه أخص أصدقائه بأنه أكفر خلق الله، وهو الذي سكت لما سلموا عليه بالنبوة رضاء بذلك، وهو الذي ابتدع البدع الخبيثة، وحمل الناس عليها قهرا، وهو الذي أكل وبذر أموال بيت المسلمين في
(١٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الشهادة (1)، القتل (2)، السكوت (1)، الأكل (1)، الإختيار، الخيار (1)، الإبداع، البدعة (1)
أغراضه الملعونة، وهو الذي اصطفي لنفسه البيضاء والصفراء من فيئهم، وهو الذي خان وغدر وألحد وفجر، وهو الذي أبطن الكفر، وأظهر الإسلام، وهو الذي أصر علي فظائعه واستمر إلي آخر نفس من حياته، وهو الذي جاء الخبر الحجة بأنه في تابوت في جهنم أعاذنا الله منها ومن كل سوء بمنه.
وما كان لمن يدعي الإيمان بالله واليوم الآخر أن يجادل عمن هذه أعماله، بل هذا نزر يسير من كبير، وقطرة من بحر، من قبائح من يناضل عنه المصانع وأمثاله، ويشيدون بأنه لهم خليفة صدق، وإمام حق، وأنه من المغفور لهم وو و..
وقد جهلوا أو تجاهلوا، أو أعماهم الهوي عن أنه لو كان لما زعموه حظ ما من الصحة لصعب علينا أن نجد فاجرا في الدنيا.
قال بعضهم مغالطا: إن القدح في طاغيتهم يجر إلي الطعن في سائر الصحابة، ويفتح الباب لمريد الدخول فيه، وقياس قوله هذا أن تكذيبنا لمسيلمة الكذاب يفتح باب القدح في أولي العزم من المرسلين، ومثل هذه المغالطة لا تروج إلا علي غافل، أو أعمي مخذول.
(١٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: مسيلمة الكذاب (1)، التصديق (1)، اللعن (1)
وقد تجاهل الذابون عن معاوية أن ذبهم عنه يهدم الثقة بهم، وينادي عليهم بالجهل، والعمه والتعصب، ورقة الديانة، وعدم الإيمان بالآخرة وبالمجازاة فيها لرضائهم بمشاركة ذلك الطاغية في فجراته وغدراته، وضلالاته، وفي عداوته لله ولرسوله، ولأهل بيته بدون حامل لهم إلا العصبية أو التقليد الأعمي، وبذلك تتطرق التهمة إلي من يقاربهم، أو يظن أنه مثلهم.
( … فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور) (1) ( … ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) (2).
ومن أحب الاطلاع علي النقل والعزو والبسط لما في هذا المختصر، ولما في هذه الفذلكة خاصة فعليه بكتاب النصائح الكافية، وكتاب وجوب الحمية، ومجموعتنا ثمرات المطالعة.
وليعلم أن جميع ما وصل إلينا من مخزيات هذا الجبار، وما حوته جميع مصنفات المسلمين منها لو جمع كله لما كان إلا شيئا تافها من جمها، وقطرة من متلاطم
(1) سورة الحج الآية 46.
(2) سورة الزخرف الآية 58.
(١٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، الظنّ (1)، الوجوب (1)، سورة الزخرف (1)، سورة الحج (1)
يمها، كزنة حبة خردل فصلت من الأرض لأن أذنابه من علوج أمية كانوا يقدسونه، ويعذبون من يذكر من فظائعه شيئا، وعبادهم من علماء السوء يشون بمن روي من مثالب طاغيتهم شيئا، وينتهكون حرمته، ويشهرونه بأنه، وبأنه، لأنهم يتاجرون بمدحه، ويتغنون بما يخترعونه كذبا له من المناقب، ويشيدون بما يضعونه في فضله من الأحاديث، ويعدلون رواتها، ويمدحونهم بأنهم أنصار السنة، ومن أقمع الناس للبدعة، ووو … ولم تزل أخلافهم علي هذا إلي الآن ينبحون كل من بذكر طاغيتهم بشئ ما مما تواتر عنه، ويؤذونه أشد الإيذاء، وينبزونه بالرفض، والفسق، ويكذبونه ظلما وزورا.
فوصول ما وصل إلينا مما حوته الكتب الإسلامية مخترقا تلك السدود من فواحش عجل الأمة، إنما هو من أكبر معجزات نبينا محمد ص فلربنا وحده الحمد والمنة.
ونسأل الله بوجهه الكريم كما يسر جمع هذا المختصر أن يجعله خالصا لوجهه، وأن ينفع به من أحبه من خلقه، ويجعلنا منهم بمنه، وأن يدخل به السرور علي نبيه محمد ص في قبره الشريف، وعلي صنوه علي، وعلي البتول الطاهرة الزهراء، وأولادهم الكرام ع.
(١٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الكرم، الكرامة (2)، القبر (1)
وأن يجعله غصة في حلوق الناصبة، والذين في قلوبهم مرض، وقذي في عيونهم، ونارا مؤججة في صدورهم وقبورهم، وأن يعافينا مما ابتلاهم به، وأن يهدينا لما يحبه ويرضاه، ولا يجعلنا مس أهواه هواه، وأن يحفظنا بالاعتصام بكتابه، والاتباع لسنة نبيه، والتمسك بعترته من كل زيغ، وضلال وابتداع حتي يحشرنا معهم غير مبدلين، ولا مستبدلين، وأن يعيذنا من شر كل ذي شر، وأن يتوب علينا من كل ذنب، ويسترنا بستره الجميل في الدنيا والآخرة، ويشفع فينا نبيه محمدا ص وأهل بيته، ع، ويعصمنا من كل فتنة وبلاء ومحنة بمنه وكرمه، ويختم لنا بالحسني.
وقد تم اختصاره من الأصل في بلد مدراس من الهند، في البيت رقم 3 سترتجر رود لعشر خلت من المحرم سنة 1337 ه، وتم تبييضه في سنغافورا في البيت رقم 43 وسكر رود عشية الثلاثاء لتسع بقين من شهر رجب سنة 1342 ه والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام علي المرسلين والحمد لله رب
(١٨١)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رجب المرجب (1)، الهند (1)، المرض (1)
العالمين).
وكتبه العبد الفقير إلي ربه محمد بن عقيل بن عبد الله بن يحيي العلوي سامحه الله آمين، وصلي الله وسلم علي سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
قال العلامة المحقق السيد أبو بكر بن عبد الرحمن بن شهاب الدين العلوي رحمه الله:
أنادي وكم ناديت سرا وإعلانا وجادلت بالحسني وبالرفق أحيانا أقول لصحبي سادة السنة الأولي لهم أصبحت في الشرق والغرب عنوانا أسنة خير الرسل أم سنة الذي غوي فاستوي فوق المنابر لعانا تناهوا فإن البعض من علمائكم سروا في ظلام النصب رجلا وركبانا وقولوا لهم هل بعد قول محمد وبعد كتاب الله تبغون تبيانا ركبتم بتبرير المسيئ مطية الضلال ولفقتم أحاديث بهتانا رويدكم استحيوا من الله إنكم جعلتم رؤوس البني للدين أركانا
(١٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن يحيي (1)، محمد بن عقيل (1)، الطهارة (1)، الصّلاة (1)
إذا ما ذكرنا المصطفي أو وصيه وفاطم والسبطين أعلا الوري شأنا وجئنا بسادات الصحابة مثل صاحب الغار والفاروق والصهر عثمانا ذكرتم لنا الباغي معاوي وابنه وصخرا وعمرا والدعي ومروانا وهم شر صحب للنبي وبعده غدوا لكلاب النار في الدين إخوانا قرود كما قال الرسول وإنما رقصتم لهم لما استوي القرد سلطانا أما حاربوا الجبار لما تحزبوا لحرب أخي المختار بغيا وطغيانا ولما مضي ازدادوا عتوا وأطفأوا مصابيح بيت الدين مبدين أضغانا وقلتم جهاد باجتهاد وإن يكن خطاء فغي الأخري سيجزون إحسانا نقول لكم هذي المساجد فاركعوا وأنتم تقولون ادخلوا مثلنا ألحانا صلاة إلي البيت العتيق وحبذا وأخري إلي العزي عنادا وعدوانا
(١٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: السجود (1)
تأولتموا معني الأحاديث كيفما تشاؤون غمطا للدليل وكتمانا خذوا الحذر إن الخطب إد وبادروا إلي التوب قبل الأوب راجين غفرانا دعوا قول من قلدتموه تعصب لهم واجعلوا وحي المهيمن ميزانا أوحي كلام الهيتمي وأحمد اب - ن تيمية والأشعري وسفيانا فتقليدهم والحق يتلي عليكم يجر لكم يوم التغابن خسرانا وإن عذر الماضون في بعض ما جري مداهنة فالعذر لا يوجد الآنا سري فيكم داء التعصب والهوي فصرتم به صما عن الحق عميانا فحتي م هذا الميل عمن بحبهم من الله تزدادون قربا وإيمانا وحتي م دعواكم بأن خصومهم أديلوا بمقت الله والطرد رضوانا نصحناكم حتي سئمنا ولم نجد لديكم بمحض النصح للحق إذعانا
صفحه(١٨٤)
ولم نأل جهدا في مداراتكم وكم أقمنا علي الدعوي دليلا وبرهانا ولكن تعالوا نحتكم ثم نبتهل فنجعل عذاب الله يجتاح أشقانا
صفحه(١٨٥)

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.