مقتل ابي مخنف

اشارة

نويسنده : مسلم الازدي الغامدي
العلامة المحقق آية الله العظمي
ناشر : المكتبة العامة لحضرة

خلافة يزيد بن معاوية

قال [1] هشام بن محمد عن ابي مخنف: ولي يزيد في هلال رجب سنة 60 وامير المدينة الوليد بن عتبة بن ابي سفيان، وامير الكوفة النعمان بن بشير الانصاري، وامير البصرة عبيدالله بن زياد، وامير مكة عمرو بن سعيد بن العاص. ولم يكن ليزيد همة حين ولي الابيعة النفر [ صفحه 3] الذين أبوا علي معاوية الاجابة إلي بيعة يزيد حين دعا الناس إلي بيعته، وانه ولي عهده بعده والفراغ من امرهم، فكتب إلي الوليد: بسم الله الرحمن الرحيم من يزيد أمير المؤمنين إلي الوليد بن عتبة اما بعد: فان معاوية كان عبدا من عباد الله اكرمه الله واستخلفه وخوله ومكن له فعاش بقدر ومات بأجل فرحمه الله فقد عاش محمودا ومات برا تقيا والسلام. وكتب اليه في صحيفة كانها أذن فأرة أما بعد: فخذ حسينا وعبدالله بن عمر وعبدالله بن الزبير بالبيعة اخذا شديدا ليست فيه رخصة حتي يبايعوا والسلام. فلما اتاه نعي معاوية فظع به وكبر عليه فبعث إلي مروان بن الحكم فدعاه اليه وكان الوليد يوم قدم المدينة قدمها مروان متكارها فلما راي ذلك الوليد منه شتمه عند جلسائه، فبلغ ذلك مروان فجلس عنه وصرمه فلم يزل كذلك حتي جاء نعي معاوية إلي الوليد، [ صفحه 4] فلما عظم علي الوليد هلاك معاوية وما امر به من اخذ هؤلاء الرهط بالبيعة فزع عند ذلك إلي مروان ودعاه. فلما قرأ عليه كتاب يزيد استرجع وترحم عليه، واستشاره الوليد في الامر وقال كيف تري ان نصنع؟ قال: فاني اري ان تبعث الساعة إلي هؤلاء النفر فتدعوهم إلي البيعة والدخول في الطاعة فان فعلوا قبلت منهم وكففت عنهم، وان ابواقدمتهم فضربت اعناقهم قبل ان يعلموا بموت معاوية فانهم ان علموا بموت معاوية وثب كل امري منهم في جانب واظهر الخلاف والمنابذة ودعا إلي نفسه، [2] لا أدري اما ابن عمرفاني لا أراه يري القتال ولا يحب أنه يولي علي الناس الا أن يدفع اليه هذا الامر عفوا، فارسل عبدالله بن عمرو بن عثمان وهو اذ ذاك غلام حدث اليهما يدعوهما، فوجدهما في المسجد وهما جالسان، فاتاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس ولا يأتيانه في مثلها، فقال: اجيبا الامير يدعو كما، [3] فقال له: انصرف الان نأتيه. ثم اقبل احدهما علي الاخر فقال عبدالله بن الزبير للحسين: ظن فيما تراه بعث الينافي هذه الساعة التي لم يكن يجلس فيها، فقال حسين: قد ظننت اري طاغيتهم قد هلك فبعث الينا ليأخذنا بالبيعة قبل ان يفشو في الناس الخبر. [ صفحه 5] فقال: وانا ما اظن غيره، قال: فما تريد ان تصنع؟ قال: اجمع فتياني الساعة ثم امشي اليه، فاذا بلغت الباب احتبستهم عليه ثم دخلت عليه، قال فاني اخافه عليه [4] اذا دخلت، قال لا آتيه الاوانا علي الامتناع قادر، فقام فجمع اليه مواليه واهل بيته ثم اقبل يمشي حتي انتهي إلي باب الوليد وقال لاصحابه: اني داخل فان دعوتكم او سمعتم صوته [5] قد علا فاقتحموا علي باجمعكم والا فلا تبرحوا حتي اخرج اليكم. فدخل فسلم عليه بالامرة ومروان جالس عنده فقال حسين كانه لا يظن ما يظن من موت معاوية: الصلة خير من القطيعة اصلح الله ذات بينكما فلم يجيباه في هذا بشئ، وجاء حتي جلس، فأقرأه الوليد الكتاب ونعي له معاوية ودعاه إلي البيعة، فقال حسين: انالله وانا اليه راجعون ورحم الله معاوية وعظم لك الاجر. أما ما سئلتني من البيعة فان مثلي لا يعطي بيعته سرا ولا اراك تجترئ بها مني سرا دون ان نظهرها علي رؤوس الناس علانية، قال أجل. قال: فاذا خرجت إلي الناس فدعوتهم إلي البيعة دعوتنا مع الناس فكان امرا واحدا، فقال له الوليد وكان يحب العافية: فانصرف علي اسم الله حتي تأتينا مع جماعة الناس، فقال له مروان: والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه علي مثلها أبدا حتي تكثر القتلي بينكم، [ صفحه 6] وبينه، احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتي يبايع او تضرب عنقه. فوثب عند ذلك الحسين فقال: يابن الزرقاء أنت تقتلني ام هو؟ كذبت والله وأثمت، ثم خرج فمر باصحابه فخرجوا معه حتي اتي منزله، فقال مروان للوليد: عصيتني لا والله لا يمكنك من مثلها من نفسه ابدا. قال الوليد: وبخ غيرك يا مروان انك اخترت لي التي فيها هلاك ديني، والله ما أحب أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وأني قتلت حسينا، سبحان الله اقتل حسينا ان قال لا ابايع؟ والله اني لا اظن امرء‌ا يحاسب بدم حسين لخفيف الميزان عند الله يوم القيامة. فقال له مروان: فاذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت، يقول هذا له وهو غير الحامد له علي رأيه. وأما ابن الزبير فقال: الان آتيكم، ثم أتي داره فكمن فيها، فبعث الوليد اليه فوجده مجتمعا في اصحابه متحرزا، فألح عليه بكثرة الرسل والرجال في أثر الرجال، فاما حسين فقال: كف حتي تنظر وننظر وتري ونري. واما ابن الزبير فقال لا تعجلوني فاني آتيكم امهلوني فألحوا عليهما عشيتهما تلك كلها واول ليلهما وكانوا علي حسين اشد ابقاء‌ا. وبعث الوليد إلي ابن الزبير موالي له فشتموه وصاحوا به يابن الكاهلية والله لتأتين الامير أو ليقتلنك: فلبث بذلك نهاره كله واول ليلة يقول: الان اجيئ. [ صفحه 7] فاذا استحثوه قال: والله لقد استربت بكثرة الارسال وتتابع هذه الرجال فلا تعجلوني حتي أبعث إلي الامير من يأتيني برأيه وامره، فبعث اليه اخاه جعفر بن الزبير فقال: رحمك الله كف عن عبدالله فانك قد افزعته وذعرته بكثرة رسلك وهو آتيك غدا ان شاء الله، فمر رسلك فلينصرفوا عنا فبعث اليهم فانصرفوا.وخرج ابن الزبير من تحت الليل فأخذ طريق الفرع هو وأخوه جعفر ليس معهما ثالث وتجنب الطريق الاعظم مخافة الطلب، وتوجه نحو مكة، فلما اصبح بعث اليه الوليد فوجده قد خرج، فقال مروان: والله ان اخطاء مكة فسرح في اثره الرجال، فبعث راكبا من موالي بني امية في ثمانين راكبا فطلبوه ولم يقدروا عليه فرجعوا فتشاغلوا عن حسين بطلب عبدالله يومهم ذلك حتي امسوا. ثم بعث الرجال إلي الحسين عند المساء، فقال: اصبحوا ثم ترون ونري، فكفوا عنه تلك الليلة ولم يلحوا عليه. فخرج حسيين من تحت ليلته وهي ليلة الاحد ليومين بقيا من رجب سنة 60 وكان مخرج ابن الزبير قبله بليلة خرج ليلة السبت فاخذ طريق الفرع فبينا عبدالله بن الزبير يساير اخاه جعفر اذا تمثل جعفر بقول صبرة الحنظلي:وكل بني ام سيمسون ليلة ولم يبق من اعقابهم غير واحدفقال عبدالله: سبحان الله ما أردت إلي ما اسمع يا اخي، قال والله يا اخي ما اردت به شيئا مما تكره، فقال: فذاك والله اكره إلي ان يكون جاء علي لسانك من غير تعمد، قال: وكأنه تطير منه، [ صفحه 8] واما الحسين فانه خرج ببنيه واخوته وبني اخيه وجل اهل بيته الا محمد بن الحنفية فانه قال له: يا اخي انت احب الناس إلي واعزهم علي ولست ادخر النصيحة لاحد من الخلق أحق بها منك، تنح بتبعتك [6] عن زيد بن معاوية وعن الامصار ما استطعت، ثم ابعث رسلك إلي الناس فادعهم إلي نفسك، فان بايعوا لك حمدت الله علي ذلك، وان اجمع الناس علي غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا يذهب به مروء تك ولا فضلك، اني اخاف ان تدخل مصرا من هذه الامصار وتأتي جماعة من الناس فيختلفون بينهم فمنهم طائفة معك واخري عليك فيقتتلون فتكون لاول الاسنة، فاذا خير هذه الامة كلها نفسا وابا واما اضيعها دما وأدلها اهلا. قال له الحسين: فاني ذاهب يا أخي، قال: فانزل مكة فان اطمأنت بك الدار فسبيل ذلك وان نبت يبك لحقت بالرمال وشعف الجبال وخرجت من بلد إلي بلد حتي تنظر إلي ما يصير أمر الناس وتعرف عند ذلك الرأي، فانك أصوب ما يكون رأيا واحزمه عملا حتي تستقبل الامور استقبالا ولا تكون الامور عليك أبدا اشكل منها حين تستدبرها استدبارا. قال يا اخي: قد نصحت فاشفقت فارجو أن يكون رأيك سديدا موفقا. قال ابومخنف وحدثني عبدالملك [7] بن نوفل بن مساحق [ صفحه 9] عن ابي - سعيد [8] المقبري قال: نظرت إلي الحسين داخلا مسجد [ صفحه 10] المدينة وانه ليمشي وهو معتمد علي رجلين يعتمد علي هذا مرة وعلي هذا مرة وهو يتمثل بقول ابن مفرغ.لاذعرت السوام في فلق الصبح مغيرا ولا دعيت يزيدايوم اعطي من المهابة [9] ضيما والمنايا يرصدنني ان احيداقال: فقلت في نفسي: والله ما تمثل بهذين البيتين الا لشئ يريد، قال فما مكث الا يومين حتي بلغني انه سار إلي مكة. ثم ان الوليد بعث إلي عبدالله بن عمر فقال: بايع ليزيد، فقال اذا بايع الناس بايعت، فقال رجل ما يمنعك أن تبايع انما تريدان يختلفوا الناس بينهم فيقتتلوا ويتفانوا فاذا جهدهم ذلك قالوا: عليكم بعبدالله بن عمر لم يبق غيره بايعوه، قال عبدالله: ما أحب ان يقتتلوا ولا يختلفوا ولا يتفانوا، ولكن اذا بايع الناس ولم يبق غيري بايعت، قال: فتركوه وكانوا لا يتخوفونه. قال: ومضي ابن الزبير حتي اتي مكة وعليها عمرو بن سعيد، فلما دخل مكة قال: انما انا عائذ ولم يكن يصلي بصلوتهم ولا يفيض [ صفحه 11] بافاضتهم كما يقف هو واصحابه ناحية ثم يفيض بهم وحده ويصلي بهم وحده.قال: فلما سار الحسين نحو مكة قال: فخرج منها خائفا يترقب، قال رب نجني من القوم الظالمين، فلما دخل مكة قال: فلما توجه تلقاء مدين قال عسي ربي ان يهديني سواء السبيل. [ صفحه 12] ذكر قصة مسلم بن عقيل وشخوصه إلي الكوفة ومقتله واما مخنف فانه ذكر من قصة مسلم بن عقيل وشخوصه إلي الكوفة ومقتله قصة هي اشبع واتم من خبر عمار الدهني عن ابي جعفر الذي ذكرناه ما حدثت عن هشام بن محمد عنه قال: حدثني [10] . [ صفحه 13] عبدالرحمان بن جندب، قال: حدثني عقبة بن [11] سمعان مولي الرباب ابنة امرئ القيس الكلبية امرأة حسين وكانت مع سكينة ابنة حسين وهو مولي لابيها وهي اذ ذاك صغيرة، قال: خرجنا فلزمنا الطريق الاعظم. فقال للحسين اهل بيته: لو تنكبت الطريق الاعظم كما فعل ابن الزبير لا يلحقك الطلب قال: لا والله لا افارقه حتي يقضي الله ما هو احب اليه قال: فاستقبلنا عبدالله ابن مطيع. [ صفحه 14] فقال للحسين: جعلت فداك اين تريد؟ قال: اما الآن فاني اريد مكة، واما بعدها فاني استخير الله، قال: خار الله لك وجعلنا فداك فاذا أنت اتيت مكة فاياك ان تقرب الكوفة فانها بلدة مشؤمة بها قتل ابوك وخذل اخوك واغتيل بطعنة كانت تأتي علي نفسه، الزم الحرم فانك سيد العرب لا يعدل بك والله اهل الحجاز احدا ويتداعي اليك الناس من كل جانب لا تفارق الحرم فذاك عمي وخالي فوالله لئن هلكت لنسترقن بعدك، فأقبل حتي نزل مكة فأقبل اهلها يختلفون اليه ويأتونه ومن كان بها من المعتمرين واهل الافاق وابن الزبير بها قد لزم الكعبة فهو قائم يصلي عندها عامة النهار ويطوف ويأتي حسينا فيمن يأتيه فيأتيه اليومين المتواليين ويأتيه بين كل يومين مرة ولا يزال يشير عليه بالرأي وهو اثقل خلق الله علي ابن الزبير قد عرف ان اهل الحجاز لايبايعونه ولا يتابعونه ابدا ما دام حسين بالبلد وان حسينا اعظم في اعينهم وانفسهم منه واطوع في الناس منه. فلما بلغ اهل الكوفة هلاك معاوية ارجف اهل العراق بيزيد وقالوا قد امتنع حسين وابن الزبير ولحقا بمكة وكتب اهل الكوفة إلي حسين وعليهم النعمان ابن بشير. قال ابومخنف: فحدثني الحجاج [12] بن علي عن محمد [13] بن [ صفحه 15] بشر الهمداني قال: اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد فذكرنا هلاك معاوية فحمدنا الله عليه، فقال لنا سليمان بن صرد: ان معاوية قد هلك وان حسينا قد تقبض علي القوم ببيعته وقد خرج إلي مكة وانتم شيعته وشيعة أبيه، فان كنتم تعلمون انكم ناصروه ومجاهد وعدوه فاكتبوا اليه، وان خفتم الوهل والفشل فلا تغروا الرجل من نفسه. قالوا لا بل نقاتل عدوه ونقتل انفسنا دونه.قال: فاكتبوا اليه، فكتبوا اليه (بسم الله الرحمن الرحيم) لحسين بن علي من سليمان بن صرد والمسيب بن نجمة ورفاعة بن شداد وحبيب بن مظاهر وشيعته من المؤمنين والمسلمين من اهل الكوفة سلام عليك فانا نحمد اليك الله الذي لا إله إلا هو. اما بعد فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزي علي هذه الامة فابتزها امرها وغصبها فيأها وتأمر عليها بغير رضي منها، ثم قتل خيارها واستبقي شرارها وجعل مال الله دولة بين جبابرتها [ صفحه 16] واغنيائها، فبعدا له كما بعدت ثمود انه ليس علينا امام، فاقبل لعل الله ان يجمعنا بك علي الحق، والنعمان بن بشير في قصر الامارة لسنا نجتمع معه في جمعة ولا نخرج معه إلي عيد، ولو قد بلغنا انك قد أقبلت الينا أخرجناه حتي نلحقه بالشام ان شاء الله والسلام ورحمة الله عليك. قال: ثم سرحنا بالكتاب مع عبدالله بن سبع الهمداني وعبدالله بن وال وامرنا هما بالنجاء، فخرج الرجلان مسرعين حتي قدما علي حسين لعشر مضين من شهر رمضان بمكة، ثم لبثنا يومين ثم سرحنا اليه قيس بن مسهر الصيداوي وعبدالرحمان بن عبدالله بن الكدن الارحبي وعمارة بن عبيد السلولي فحملوا معهم نحوا من ثلاثة وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والاربعة. قال ثم لبثنا يومين آخرين ثم سرحنا اليه هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبدالله الحنفي وكتبنا معهما (بسم الله الرحمن الرحيم) لحسين بن علي من شيعته من المؤمنين والمسلمين: أما بعد فحيهلا فان الناس ينتظرونك ولا رأي لهم في غيرك فالعجل العجل والسلام عليك. وكتب شبث بن ربعي وحجار بن ابجر ويزيد بن الحارث ويزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمير التميمي: اما بعد فقد اخضر الجناب واينعت الثمار وطمت الجمام فاذا شئت فاقدم علي جندلك مجند والسلام عليك وتلاقت الرسل كلها عنده فقرأ الكتب وسأل الرسل عن امر الناس. ثم كتب مع هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبدالله الحنفي [ صفحه 17] وكان آخر الرسل (بسم الله الرحمن الرحيم) من حسين بن علي إلي الملاء من المؤمنين والمسلمين: أما بعد فان هانئا وسعيدا قدما علي بكتبكم وكانا آخر من قدم علي من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ومقالة جلكم: انه ليس علينا امام فاقبل لعل الله ان يجمعنا بك علي الهدي والحق. وقد بعثت اليكم أخي وابن عمي وثقتي من اهل بيتي، وأمرته ان يكتب الي بحالكم وأمركم ورأيكم، فان كتب الي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجي منكم علي مثل ما قدمت علي به رسلكم وقرأت في كتبكم أقدم عليكم وشيكا ان شاء الله، فلعمري ما الامام الا العامل بالكتاب والاخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسه علي ذات الله والسلام.قال ابومخنف: وذكر [14] ابوالمخارق الراسبي قال: اجتمع [ صفحه 18] ناس من الشيعة بالبصرة في منزل امرأة من عبدالقيس يقال لها: مارية ابنة سعد او منقذاياما وكانت تشيع وكان منزلها لهم مألفا يتحدثون فيه. وقد بلغ ابن زياد اقبال الحسين فكتب إلي عامله بالبصرة: ان يضع المناظر ويأخذ بالطريق، قال: فاجمع يزيد بن نبيط الخروج وهو من عبدالقيس إلي الحسين، وكان له بنون عشرة، فقال: ايكم يخرج معي؟ فانتدب معه ابنان له: عبدالله وعبيدالله، فقال لاصحابه في بيت تلك المرأة: اني قد ازمعت علي الخروج وانا خارج، فقالوا له: انا نخاف عليك اصحاب ابن زياد، فقال: اني والله لوقد استوت اخفافهما بالجدد لهان علي طلب من طلبني. قال: ثم خرج فقوي في الطريق حتي انتهي إلي حسين (ع) فدخل في رحله بالابطح وبلغ الحسين مجيئه فجعل يطلبه، وجاء الرجل إلي رحل الحسين فقيل له: قد خرج إلي منزلك فاقبل في اثره، ولما لم يجده الحسين جلس في رحله ينتظره، وجاء البصري فوجده في رحلهجالسا فقال: بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا قال: فسلم عليه وجلس اليه فخبره بالذي جاء له، فدعا له بخير، ثم أقبل معه حتي اتي فقاتل معه فقتل معه هو وابناه. [ صفحه 19] ثم دعا مسلم بن عقيل فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي و عمارة بن عبيد السلولي وعبدالرحمان بن عبدالله بن الكدن الارحبي فامره بتقوي الله وكتمان امره واللطف، فان رأي الناس مجتمعين مستوثقين عجل اليه بذلك، فاقبل مسلم حتي أتي المدينة فصلي في مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم وودع من أحب منأهله. ثم استأجر دليلين من قيس فاقبلا به فضلا الطريق وجاراو أصابهم عطش شديد، وقال الدليلان: هذا الطريق حتي ينتهي إلي الماء وقد كادوا ان يموتوا عطشا. فكتب مسلم بن عقيل مع قيس بن مسهر الصيداوي إلي حسين وذلك بالمضيق من بطن الخبيت. اما بعد فاني اقبلت من المدينة معي دليلان لي فجارا عن الطريق وضلا واشتد علينا العطش فلم يلبثنا ان ماتا واقبلنا حتي انتهينا إلي الماء فلم ننج الا بخشاشة انفسنا وذلك الماء بمكان يدعي المضيق من بطن الخبيت وقد تطيرت من وجهي هذا فان رأيت اعفيتني منه وبعثت غيري والسلام. فكتب اليه حسين: اما بعد فقد خشيت الا يكون حملك علي الكتاب إلي في الاستعفاء من الوجه الذي وجهتك له الا الجبن، فامض لوجهك الذي وجهتك له والسلام عليك. فقال مسلم لمن قرأ الكتاب: هذا ما لست اتخوفه علي نفسي، فاقبل كما هو حتي مربماء لطيئ فنزل بهم ثم ارتحل منه فاذا رجل يرمي الصيد فنظر اليه قد رمي ظبيا حين اشرف له فصرعه، فقال مسلم: يقتل عدونا ان شاء الله. [ صفحه 20] ثم اقبل مسلم حتي دخل الكوفة فنزل دار المختار بن ابي عبيد وهي التي تدعي اليوم دار مسلم بن المسيب، واقبلت الشيعة تختلف اليه، فلما اجتمعت اليه جماعة منهم قرأ عليهم كتاب حسين فأخذوا يبكون، فقام عابس بن ابي شبيب الشاكري فحمدالله واثني عليه ثم قال: اما بعد فاني لا اخبرك عن الناس، ولا اعلم ما في انفسهم، وما اغرك منهم، والله احدثك عما انا موطن نفسي عليه، والله لاجيبنكم اذا دعوتم، ولا قاتلن معكم عدوكم ولا ضربن بسيفي دونكم حتي القي الله، لا اريد بذلك الا ما عند الله. فقام حبيب بن مظاهر الفقعسي فقال: رحمك الله قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك، ثم قال: وانا والله الذي لا إله إلا هو علي مثل ما هذا عليه. ثم قال الحنفي مثل ذلك، فقال الحجاج بن علي: فقلت لمحمد بن بشر فهل كان منك انت قول؟ فقال: ان كنت لاحب ان يعزالله اصحابي بالظفر وما كنت لاحب ان اقتل وكرهت ان اكذب، واختلفت الشيعة اليه حتي علم مكانه فبلغ ذالك النعمان بن بشير. قال ابومخنف حدثني نمر بن [15] وعلة عن ابي [16] الوداك قال [ صفحه 21] خرج الينا النعمان بن بشير فصعد المنبر فحمد الله واثني عليه ثم قال: اما بعد فاتقوا الله عباد الله ولا تسارعوا إلي الفتنة والفرقة فان فيهما يهلك الرجال وتسفك الدماء وتغصب الاموال وكان حليما ناسكا يحب العافية. قال: اني لم اقاتل من لم يقاتلني ولا أثب علي من لا يثب علي ولا اشاتمكم ولا اتحرش بكم ولا آخذ بالقرف ولا الظنة ولا التهمة [ صفحه 22] ولكنكم ان ابديتم صفحتكم لي ونكثتم بيعتكم وخالفتم امامكم فوالله الذي لا اله غيره لاضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولولم يكن لي منكم ناصر، اما اني ارجو أن يكون من يعرف الحق منكم اكثر ممن يرديه الباطل، قال فقام اليه عبدالله بن مسلم بن سعيد الحضرمي حليف بني امية فقال: انه لا يصلح ما تري إلي الغشم ان هذا الذي انت عليه فيما بينك وبين عدوك رأي المستضعفين. فقال: أن أكون من المستضعفين في طاعة الله احب إلي من أن اكون من الاعزين في معصية الله، ثم نزل وخرج عبدالله بن مسلم وكتب إلي يزيد بن معاوية اما بعد: فان مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة فبايعته الشيعة للحسين بن علي، فان كان لك بالكوفة حاجة فابعث اليها رجلا قويا ينفذ امرك ويعمل مثل عملك في عدوك، فان النعمان بن بشير رجل ضعيف وهو يتضعف فكان اول من كتب اليه. ثم كتب اليه عمارة بن عقبة بنحو من كتابه ثم كتب اليه عمر بن سعد بن ابي وقاص بمثل ذلك. قال هشام: قال عوانة: فلما اجتمعت الكتب عند يزيد ليس بين كتبهم الا يومان دعا يزيد بن معاوية سرجون مولي معاوية فقال: ما رأيك؟ فان حسينا قد توجه نحو الكوفة، ومسلم بن عقيل بالكوفة يبايع للحسين، وقد بلغني عن النعمان ضعف وقول سيئ، واقرأه كتبهم فما تري من استعمل علي الكوفة؟ وكان يزيد عاتبا علي عبيدالله بن زياد، فقال سرجون: أرايت معاوية لو نشر لك أكنت آخذا برأيه؟ قال: نعم فأخرج عهد عبيدالله علي الكوفة فقال: هذا رأي معاوية ومات [ صفحه 23] وقد أمر بهذا الكتاب، فأخذ برأيه وضم المصرين إلي عبيدالله وبعث اليه بعهده علي الكوفة، ثم دعا مسلم بن عمر والباهلي وكان عنده فبعثه إلي عبيدالله بعهده إلي البصرة وكتب اليه معه: اما بعد فانه كتب إلي شيعتي من أهل الكوفة يخبرونني أن ابن عقيل بالكوفة يجمع الجموع لشق عصا المسلمين، فسرحين تقرأ كتابي هذا حتي تأتي أهل الكوفة فتطلب ابن عقيل كطلب الخرزة حتي تثقفه فتوثقه او تقتله او تنفيه والسلام. فأقبل مسلم بن عمر وحتي قدم علي عبيدالله بالبصرة فأمر عبيدالله بالجهاز والتهيئ والمسير إلي الكوفة من الغد وقد كان حسين كتب إلي اهل البصرة كتابا. قال هشام قال ابومخنف حدثني الصقعب [17] بن زهير عن ابي [ صفحه 24] عثمان [18] النهدي قال: كتب حسين مع مولي لهم يقال له: سليمان، [ صفحه 25] وكتب بنسخة إلي رؤس الاخماس بالبصرة والي الاشراف، فكتب إلي مالك بن مسمع البكري، والاي الاحنف بن قيس، والي المنذر بن الجارود، والي مسعود بن عمرو، والي قيس بن الهيثم، والي عمرو بن عبيدالله بن معمر فجاء‌ت منه نسخة واحدة إلي جميع اشرافها. اما بعد فان الله اصطفي محمدا صلي الله عليه وآله علي خلقه واكرمه بنبوته واختاره لرسالته ثم قبضه الله اليه، وقد نصح لعباده وبلغ ما أرسل به صلي الله عليه وآله وكنا اهله واوليائه واوصياء‌ه وورثته واحق الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا وكرهنا الفرقة وأحببنا العافية، ونحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه، وقد احسنوا وأصلحوا وتحروا الحق، فرحمهم الله وغفر لنا ولهم، وقد بعثت رسولي اليكم بهذا الكتاب وأنا أدعوكم إلي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وآله فان السنة قد اميتت، [ صفحه 26] وان البدعة قد احييت، وأن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد، والسلام عليكم ورحمة الله. فكل من قرء ذلك الكتاب من أشراف الناس كتمه غير المنذر بن الجارود فانه خشي بزعمه ان يكون دسيسا من قبل عبيدالله، فجاء‌ه بالرسول من العشية التي يريد صبيحتها أن يسبق إلي الكوفة وأقرأه كتابه، فقدم الرسول فضرب عنقه وصعد عبيدالله منبر البصرة فحمدالله وأثني عليه ثم قال: أما بعد فوالله ما تقرن بي الصعبة، ولا يقعقع لي بالشنان، واني لنكل لمن عاداني، وسم لمن حاربني، أنصف القارة من راماها، يا أهل البصرة ان أمير المؤمنين ولاني الكوفة وأنا غاد اليها الغداة، وقد استخلفت عليكم عثمان بن زياد بن أبي سفيان، واياكم والخلاف والارجاف، فوالذي لا اله غيره لئن بلغني عن رجل منكم خلاف لاقتلنه وعريفه ووليه، ولاخذن الادني بالاقصي حتي تستمعوا لي ولا يكون فيكم مخالف ولا مشاق، أنابن زياد أشبهته من بين من وطئ الحصي ولم ينتزعني شبه خال ولا ابن عم. ثم خرج من البصرة واستخلف أخاه عثمان بن زياد وأقبل إلي الكوفة ومعه مسلم بن عمرو الباهلي، وشريك بن الاعور الحارثي، وحشمه وأهل بيته حتي دخل الكوفة وعليه عمامة سوداء وهو ملتثم والناس قد بلغهم اقبال حسين اليهم فهم ينتظرون قدومه، فظنوا حين قدم عبيدالله أنه الحسين، فأخذ لا يمر علي جماعة من الناس الا سلموا عليه وقالوا: مرحبا بك يابن رسول الله، قدمت خير مقدم، فرأي من [ صفحه 27] تباشيرهم بالحسين عليه السلام ما ساء‌ه. فقال مسلم: بن عمرو لما أكثروا: تأخروا: هذا الامير عبيدالله بن زياد، فأخذ حين أقبل علي الظهر وانما معه بضعة عشر رجلا، فلما دخل القصر وعلم الناس أنه عبيدالله بن زياد دخلهم من ذلك كابة وحزن شديد، وغاظ عبيدالله ما سمع منهم وقال: الا أري هؤلاء كما أري قال هشام: قال ابومخنف: فحدثني المعلي بن كليب عن ابي وداك، قال: لما نزلالقصر نودي: الصلاة جامعة، قال: فاجتمع الناس فخرج الينا فحمد الله واثني عليه ثم قال: أما بعد فان امير المؤمنين أصلحه الله ولاني مصركم وثغركم وأمرني بانصاف مظلومكم، وأعطاء محرومكم، وبالاحسان إلي سامعكم ومطيعكم، وبالشدة علي مريبكم وعاصيكم، وأنا متبع فيكم أمره، ومنفذ فيكم عهده، فانا لمحسنكم ومطيعكم كالوالد البر، وسوطي وسيفي علي من ترك أمري، وخالف عهدي، فليبق امرء علي نفسه الصدق ينبي عنك لا الوعيد، ثم نزل فاخذ العرفاء والناس أخذا شديدا فقال: اكتبوا إلي الغرباء ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين ومن فيكم من الحرورية وأهل الريب الذين رأيهم الخلاف والشقاق، فمن كتبهم لنا فبرئ، ومن لم يكتب لنا أحدا فيضمن لنا ما في عرافته ألا يخالفنا منهم مخالف، ولا يبغي علينا منهم باغ، فمن لم يفعل برئت منه الذمة، وحلال لنا ماله وسفك دمه، وأيما عريف وجد في عرافته من بغية امير المؤمنين احد لم يعرفه الينا صلب علي باب داره والغيت تلك العرافة من العطاء وسير إلي موضع بعمان الزارة [ صفحه 28] وأما عيسي بن يزيد الكناني فانه قال فيما ذكر عمر بن شبة عن هارون بن مسلم عن علي بن صالح عنه، قال: لما جاء كتاب يزيد إلي عبيدالله بن زياد انتخب من اهل البصرة خمسمأة فيهم عبدالله بن الحارث بن نوفل، وشريك بن الاعور، وكان شيعة لعلي، فكان اول من سقط بالناس شريك، فيقال: انه تساقط غمرة ومعه ناس، ثم سقط عبدالله بن الحارث، وسقط معه ناس ورجوا أن يلوي عليهم عبيدالله ويسبقه الحسين إلي الكوفة، فجعل لا يلتفت إلي من سقط ويمضي حتي ورد القادسية وسقط مهران مولاه فقال أيا مهران علي هذه الحال ان أمسكت عنك حتي تنظر إلي القصر فلك مأة الف قال لا والله ما استطيع فنزل عبيدالله فأخرج ثيابا مقطعة من مقطعات اليمن، ثم اعتجر بمعجرة يمانية، فركب بغلته ثم انحدر راجلا وحده، فجعل يمر بالمحارس، فكلما نظروا اليه لم يشكوا انه الحسين فيقولون: مرحبا بك يابن رسول الله، وجعل لا يكلمهم وخرج اليه الناس من دورهم و بيوتهم، وسمع بهم النعمان بن بشير فغلق عليه وعلي خاصته. وانتهياليه عبيدالله وهو لا يشك انه الحسين ومعه الخلق يضجون. فكلمه النعمان فقال: انشدك الله الا تنحيت عني، ما أنا بمسلم اليك امانتي ومالي في قتلك من أرب، فجعل لا يكلمه، ثم انه دنا وتدلي الاخر بين شرفتين فجعل يكلمه فقال: افتح لافتحت، فقد طال ليلك، فسمعها انسان خلقه فتكفي إلي القوم فقال: أي قوم ابن مرجانة والذي لا إله غيره، فقالوا: ويحك انما هو الحسين ففتح له النعمان فدخل وضربوا الباب في وجوه الناس فانفضوا واصبح فجلس علي المنبر [ صفحه 29] فقال: ايها الناس اني لاعلم انه قد سار معي وأظهر الطاعة لي من هو عدو للحسين حين ظن ان الحسين قد دخل البلد وغلب عليه، والله ما عرفت منكم أحدا ثم نزل وأخبر أن مسلم بن عقيل قدم قبله بليلة وأنه بناحية الكوفة، فدعا مولي لبني تميم فاعطاه مالا وقال: انتحل هذا الامر وأعنهم بالمال واقصد لهاني ومسلم وانزل عليه، فجاء هانئا فاخبره انه شيعة وأن معه مالا. وقدم شريك بن الاعور شاكيا فقال لهاني: مر مسلما يكون عندي فان عبيدالله يعودني، وقال شريك لمسلم: أرأيتك ان امكنتك من عبيدالله اضاربه انت بالسيف؟ قال: نعم والله، وجاء عبيدالله شريكا يعوده في منزل هاني وقد قال شريك لمسلم اذا سمعتني اقول: اسقوني ماء‌ا فاخرج عليه فاضربه، وجلس عبيدالله علي فراش شريك وقام علي رأسه مهران فقال: اسقوني مائا، فخرجت جارية بقدح فرأت مسلما فزالت، فقال شريك: اسقوني ماء‌ا ثم قال الثالثة: ويلكم تحموني الماء اسقونيه ولوكانت فيه نفس، ففطن مهران فغمز عبيدالله فوثبب، فقال شريك: أيها الامير اني اريد ان اوصي اليك، قال اعود اليك، فجعل مهران يطرد به وقال ارادوالله قتلك، قال: وكيف مع اكرامي شريكا وفي بيت هاني ويد ابي عنده يد، فرجع فأرسل إلي اسماء بن خارجة ومحمد بن الاشعث فقال: ائتياني بهاني، فقالا له: انه لا يأتي الا بالامان، قال: وماله وللامان، وهل أحدث حدثا؟ انطلقا فان لم يأت الا بأمان فآمناه تأتياه، فدعواه فقال: انه ان اخذني قتلني فلم يزالا به حتي جائا به وعبيدالله يخطب يوم الجمعة فجلس في المسجد وقد رجل هاني غديرتيه، فلما صلي عبيدالله قال: [ صفحه 30] ياهاني فتبعه ودخل فسلم، فقال عبيدالله: يا هاني اما تعلم ان ابي قدم هذا البلد فلم يترك احدا من هذه الشيعة الا قتله غير ابيك وغير حجر، وكان مع حجر ما قد علمت، ثم لم يزل يحسن صحبتك، ثم كتب إلي امير الكوفة ان حاجتي قبلك هاني، قال نعم. قال فكان جزائي ان خبأت في بيتك رجلا ليقتلني؟ قال: ما فعلت، فأخرج التميمي الذي كان عينا عليهم، فلما رآه هاني علم ان قد اخبره الخبر. فقال ايها الامير قد كان الذي بلغك ولن اضيع يدك عني، فأنت آمن واهلك فسر حيث شئت، فكبا عندها ومهران قام علي رأسه في يده معكزة، فقال، واذلاه هذا العبد الحائك يؤمنك في سلطانك؟ فقال: خذه، فطرح المعكزة واخذ بصفيرتي هاني ثم اقنع بوجهه، ثم اخذ عبيدالله المعكزة فضرب به وجه هاني وندر الزج فارتز في الجدار، ثم ضرب وجهه حتي كسر انفه وجبينه وسمع الناس الهيعة وبلغ الخبر مذحج فأقبلوا واطافوا بالدار، وامر عبيدالله بهاني فالقي في بيت، وصيح المذحجيون وأمر عبيدالله مهران ان يدخل عليه شريحا فخرج فأدخله عليه ودخلت الشرط معه. فقال: يا شريح قد تري ما يصنع بي؟ قال: اراك حيا. قال وحي انا مع ما تري؟ اخبرقومي انهم ان انصرفوا قتلني، فخرج إلي عبيدالله فقال رأيته حيا ورأيت أثرا سيئا قال وتنكر ان يعاقب الوالي رعيته، اخرج إلي هؤلاء فأخبرهم، فخرج وأمر عبيدالله الرجل فخرج معه فقال لهم شريح: ما هذه الرعة السيئة، الرجل حي وقد عاتبه سلطانه بضرب لم يبلغ نفسه، فانصرفوا ولا تحلوا بانفسكم ولا بصاحبكم [ صفحه 31] فانصرفوا.وذكر هشام عن ابي مخنف عن المعلي بن كليب عن ابي الوداك قال: نزل شريك بن الاعور علي هاني بن عروة المرادي وكان شريك شيعيا وقد شهد صفين مع عمار، وسمع مسلم بن عقيل بمجيئي عبيدالله ومقالته التي قالها وما اخذ به العرفاء والناس، فخرج من دار المختار وقد علم به حتي انتهي إلي دار هاني بن عروة المرادي فدخل، بابه وارسل اليه ان اخرج، فخرج اليه هاني فكره هاني مكانه حين رآه. فقال له مسلم: اتيتك لتجيرني وتضيفني، فقال: رحمك الله لقد كلفتني شططا، ولولا دخولك داري وثقت لاحببت ولسألتك ان تخرج عني غير انه ياخذني من ذلك ذمام وليس مردود مثلي علي مثلك عن جهل ادخل فآواه وأخذت الشيعة تختلف اليه في دار هاني بن عروة. ودعا ابن زياد مولي يقال له معقل فقال له: خذ ثلاثة آلاف درهم ثم اطلب مسلم بن عقيل واطلب لنا اصحابه ثم اعطهم هذه الثلاثة آلاف فقال [19] لهم: استعينوا بها حرب عدوكم واعلمهم انك منهم، فانك لوقد اعطيتها اياهم اطمأنوا اليك ووثقوا بك ولم يكتموك شيئا من أخبارهم، ثم اغد عليهم ورح، ففعل ذلك فجاء حتي اتي إلي مسلم بن عوسجة الاسدي من بني سعد بن ثعلبة في المسجد الاعظم وهو يصلي وسمع الناس يقولون ان هذا يبايع للحسين، فجاء فجلس حتي فرغ من صلاته. [ صفحه 32] ثم قال يا عبدالله: اني امرء من اهل الشام مولي لذي الكلاع انعم الله علي بحب اهل هذا البيت وحب من احبهم، فهذه ثلاثة آلاف درهم اردت بها لقاء رجل منهم، بلغني أنه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وكنت اريد لقاء‌ه فلم أجد احدا يدلني عليه ولا يعرف مكانه، فاني لجالس آنفا في المسجد اذ سمعت نفرا من المسلمين يقولون: هذا رجل له علم باهل هذا البيت واني اتيتك لتقبض هذا المال وتدخلني علي صاحبكم فابايعه وان شئت أخذت بيعتي له قبل لقائه. فقال: احمد الله علي لقائك اياي فقد سرني ذلك لتنال ما تحب ولينصر الله بك اهل بيت نبيه، ولقد ساء‌ني معرفتك اياي بهذا الامر من قبل أن ينمي مخافة هذا الطاغية وسطوته، فاخذ بيعته قبل ان يبرح واخذ عليه المواثيق المغلظة لينا صحن وليكتمن فاعطاه من ذلك ما رضي به. ثم قال له: اختلف إلي اياما في منزلي فانا طالب لك الاذن علي صاحبك، فأخذ يختلف مع الناس فطلب له الاذن، فمرض هاني بن عروة فجاء عبيدالله عائدا له، فقال له عمارة بن عبيد السلولي: انما جماعتنا وكيدنا قتل هذا الطاغية فقد امكنك الله منه فاقتله، قال هاني: ما أحب أن يقتل في داري، فخرج فما مكث الاجمعة حتي مرض شريك بن الاعور وكان كريما علي ابن زياد وعلي غيره من الامراء وكان شديد التشيع فأرسل اليه عبيدالله اني رائح اليك العشية. فقال لمسلم: ان هذا الفاجر عائدي العشية فاذا جلس فاخرج [ صفحه 33] اليه فاقتله ثم اقعد في القصر ليس احد يحول بينك وبينه، فان برئت من وجعي هذا أيامي هذه سرت إلي البصرة وكفيتك امرها، فلما كان من العشي اقبل عبيدالله لعيادة شريك. فقام مسلم بن عقيل ليدخل وقال له شريك: لا يفوتنك اذا جلس، فقام هاني بن عروة اليه فقال: اني لا احب أن يقتل في داري كانه استقبح ذلك، فجاء عبيدالله بن زياد فدخل فجلس فسأل شريكا عن وجعه وقال: ما الذي تجد ومتي اشكيت، فلما طال سؤاله اياه ورآي أن الاخر لا يخرج خشي ان يفوته فأخذ يقول: ما تنظرون بسلمي أن تحيوها اسقنيها وان كانت فيها نفسي، فقال ذلك مرتين او ثلاثا، فقال عبيدالله ولا يفطن ما شأنه: اترونه يهجر؟ فقال له هاني: نعم اصلحك الله ما زال هذا ديدنه قبيل عماية الصبح حتي ساعته هذه.ثم انه قام فانصرف، فخرج مسلم فقال له شريك ما منعك من قتله؟ فقال: خصلتان أما أحدهما فكراهة هاني ان يقتل في داره، واما الاخري فحديث حدثه الناس عن النبي صلي الله عليه وآله ان الايمان قيد الفتك ولا يفتك مؤمن، فقال هاني: اما والله لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا كافرا غادرا ولكن كرهت ان يقتل في داري، ولبث شريك بن الاعور بعد ذلك ثلاثا ثم مات، فخرج ابن زياد فصلي عليه وبلغ عبيدالله بعد ما قتل مسلما وهانيا ان ذلك الذي كنت سمعت من شريك في مرضه انما كان يحرض مسلما ويأمره بالخروج اليك ليقتلك. فقال عبيدالله: والله لا اصلي علي جنازة رجل من اهل العراق ابدا ووالله لولا ان قبر زياد فيهم لنبشت شريكا، ثم ان معقلا مولي ابن [ صفحه 34] زياد الذي دسه بالمال إلي ابن عقيل واصحابه اختلف إلي مسلم بن عوسجة اياما ليدخل علي ابن عقيل فأقبل به حتي ادخل عليه بعد موت شريك بن الاعور فأخبره خبره كله فأخذ ابن عقيل بيعته. وامر أبا ثمامة الصائدي فقبض ماله الذي جاء به وهو الذي كان يقبض اموالهم وما يعين به بعضهم بعضا، يشتري لهم السلاح وكان به بصيرا، وكان من فرسان العرب ووجوه الشيعة واقبل ذلك الرجل يختلف اليهم فهو اول داخل وآخر خارج يسمع اخبارهم ويعلم اسرارهم ثم ينطلق بها حتي يقرها في اذن ابن زياد، قال: وكان هاني يغدو ويروح إلي عبيدالله، فلما نزل به مسلم انقطع من الاختلاف وتمارض فجعل لا يخرج فقال ابن زياد لجلسائه:مالي لا اري هانئا؟ فقالوا: هو شاك فقال: لو علمت بمرضه لعدته. قال ابومخنف - فحدثني المجالد [20] بن سعيد، قال: دعا [ صفحه 35] عبيدالله محمد بن الاشعث واسماء بن خارجة. قال ابومخنف - حدثني الحسن ابن عقبة المرادي انه بعث معهما عمرو بن الحجاج الزبيدي. قال ابومخنف - وحدثني نمر بن وعلة عن ابي الوداك قال: كانت روعة اخت عمرو بن الحجاج تحت هاني بن عروة، وهي ام يحيي بن [ صفحه 36] هانئ فقال لهم: ما يمنع هانئ بن عروة من اتياننا؟ قالوا: ما ندري اصلحك الله وانه ليشتكي، قال: قد بلغني انه قد برأ وهو يجلس علي باب داره فالقوه فمروه الا يدع ما عليه في ذلك من الحق فاني لا احب ان يفسد عندي مثله من اشراف العرب، فاتوه حتي وقفوا عليه عشية وهو جالس علي بابه فقالوا: ما يمنعك من لقاء الامير فانه قد ذكرك وقد قال لو اعلم انه شاك لعدته فقال لهم:الشكوي يمنعني فقالوا له: يبلغه انك تجلس كل عشية علي باب دارك وقد استبطأك والابطاء والجفاء لا يحتمله السلطان اقسمنا عليك لما ركبت معنا. فدعا بثيابه فلبسها ثم دعا ببغلة فركبها حتي اذا دنا من القصر كان نفسه أحست ببعض الذي كان، فقال لحسان بن اسماء بن خارجة: يابن اخي اني والله لهذا الرجل لخائف فما تري؟ قال: اي عم والله ما اتخوف عليك شيئا ولم تجعل علي نفسك سبيلا، وانت برئ وزعموا ان اسماء لم يعلم في اي شيئ بعث اليه عبيدالله، فاما محمد فقد علم به. فدخل القوم علي ابن زياد ودخل معهم فلما طلع قال عبيدالله أتتك بخائن رجلاه وقد عرس عبيدالله اذ ذاك بام نافع ابنه عمارة بن عقبةفلما دنا من ابن زياد وعنده شريح القاضي التفت نحوه فقال:اريد حباء‌ه ويريد قتلي عذيرك من خليلك من مرادوقد كان له اول ما قدم مكرما ملطفا. فقال له هاني: وما ذاك ايها الامير؟ قال: ايه يا هاني بن عروة ما هذه الامور التي تربص في دورك لامير المؤمنين وعامة المسلمين جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك وظننت ان ذلك يخفي [ صفحه 37] علي لك، قال: ما فعلت وما مسلم عندي، قال بلي قد فعلت، قال: ما فعلت قال: بلي، فلما كثر ذلك بينهما وابي هاني الا مجاحدته ومناكرته دعا ابن زياد معقلا ذلك العين فجاء حتي وقف بين يديه فقال تعرف هذا قال نعم. وعلم هانئ عند ذلك انه كان عينا عليهم وانه قد اتاه باخبارهم فسقط في خلده ساعة ثم ان نفسه راجته فقال له: اسمع مني وصدق مقالتي، فوالله لا اكذبك والله الذي لا اله غيره ما دعوته إلي منزلي ولا علمت بشئ من امره حتي رأيته جالسا علي بابي فسألني النزول علي فاستحييت من رده ودخلني من ذلك ذمام فأدخلته داري وضفته وآويته، وقد كان من امره الذي بلغك فان شئت اعطيت الان موثقا مغلظا وما تطمئن اليه الا ابغيك سوء‌ا وان شئت اعطيتك رهينة تكون في يدك حتي آتيك وانطلق اليه فآمره ان يخرج من داري إلي حيث شاء من الارض فاخرج من ذمامه وجواره، فقال لا والله لا تفارقني ابدا حتي تأتيني به، فقال: لا والله لا اجيئك به ابدا انا اجيئك بضيفي تقتله؟ قال والله لتأتيني به. قال: والله لا آتيك به. فلما كثر الكلام بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي وليس بالكوفة شامي ولا بصري غيره فقال: اصلح الله الامير خلني واياه حتي اكلمه لما رأي لجاجته وتأبيه علي ابن زياد ان يدفع اليه مسلما، فقال لهانئ: قم إلي هيهنا حتي اكلمك، فقام فخلا به ناحية من ابن زياد وهما منه علي ذلك قريب حيث يراهما اذا رفعا اصواتهما سمع ما يقولان واذا خفضا خفي عليه ما يقولان. [ صفحه 38] فقال له مسلم: يا هاني اني انشدك الله ان تقتل نفسك وتدخل البلاء علي قومك وعشيرتك فوالله اني لا نفس بك عن القتل وهو يري ان عشيرته ستحرك في شأنه ان هذا الرجل ابن عم القوم وليسوا قاتليه ولا ضائريه فادفعه اليه فانه ليس عليك بذلك مخزاة ولا منقصة انما تدفعه إلي السلطان، قال: بلي والله ان علي في ذلك للخزي والعار أنا ادفع جاري وضيفي وأنا حي صحيح اسمع وأري شديد الساعدكثير الاعوان والله لولم اكن الا واحدا ليس لي ناصر لم ادفعه حتي اموت دونه، فاخذينا شده وهو يقول والله لا ادفعه اليه أبدا. فسمع ابن زياد ذلك فقالادنوه مني فادنوه منه، فقال: والله لتأتيني به او لاضربن عنقك، قال: اذا تكثر البارقة حول دارك، فقال: والهفا عليك ابا لبارقة تخوفني وهو يظن ان عشيرته سيمنعونه فقال ابن زياد: ادنوه مني فأدني فاستعرض وجهه بالقضيب فلم يزل يضرب انفه وجبينه وخده حتي كسر انقه وسيل الدماء علي ثيابه ونثر لحم خديه وجبينه علي لحيته حتي كسر القضيب، وضرب هاني بيده إلي قائم سيف شرطي من تلك الرجال وجابذه الرجل ومنع، فقال عبيدالله احروري سائر اليوم احللت بنفسك قد حل لنا قتلك خذوه فالقوه في بيت من بيوت الدار واغلقوا عليه بابه واجعلوا عليه حرسا ففعل ذلك به. فقام اليه اسماء بن خارجة فقال: ارسل غدر سار اليوم؟ امرتنا ان نجيئك بالرجل حتي اذا جئناك به وادخلناه عليك هشمت وجهه وسيلت دمه علي لحيته وزعمت انك تقتله. فقال له عبيدالله: وانكلهيهنا فأمر به فلهزوتعتع به ثم ترك فحبس. واما محمد بن الاشعث فقال: [ صفحه 39] قدرضينا بما رأي الامير لنا كان ام علينا انما الامير مؤدب. وبلغ عمرو بن الحجاج ان هانئا قد قتل فاقبل في مذحج حتي احاط بالقصر ومعه جمع عظيم ثم نادي أنا عمرو بن الحجاج هذه فرسان مذحج ووجوهها لم تخلع طاعة ولم نفارق جماعة. وقد بلغهم ان صاحبهم يقتل فاعظموا ذلك، فقيل لعبيدالله: هذه مذ حج بالباب فقال لشريح القاضي ادخل علي صاحبهم فانظر اليه ثم اخرج فاعلمهم انه حي لم يقتل وانك قد رأيته فدخل اليه شريح فنظر اليه. قال ابومخنف - فحدثني الصقعب بن زهير عن عبدالرحمان [21] . [ صفحه 40] بن شريح قال سمعته يحدث اسماعيل بن طلحة قال: دخلت علي هاني فلما رآني قال: يا الله يا للمسلمين اهلكت عشيرتي فأين اهل الدين واين اهل المصر تفاقدوا يخلوني وعدوهم وابن عدوهم والدماء تسيل علي لحيته اذ سمع الرجة علي باب القصر وخرجت واتبعني فقال يا شريح اني لا اظنها اصوات مذحج وشيعتي من المسلمين ان دخل علي عشرة نفر انقذوني. قال فخرجت اليهم ومعي حميد بن بكر الاحمري ارسله معي ابن زياد وكان من شرطه ممن يقوم علي رأسه وايم الله لولا مكانه معي لكنت أبلغت اصحابه ما امرني به، فلما خرجت اليهم قلت: ان الامير لما بلغه مكانكم ومقالتكم في صاحبكم امرني بالدخول اليه فاتيته فنظرت اليه فامرني ان القأكم وان اعلمكم انه حي وان الذي بلغكم من قتله كان باطلا، فقال عمرو واصحابه فاما اذ لم يقتل والحمد لله ثم انصرفوا قال ابومخنف - حدثني الحجاج بن علي عن محمد بن بشير الهمداني قال: لما ضرب عبيدالله هانئا وحبسه خشي أن يثب الناس به فخرج فصعد المنبر ومعه اشراف الناس وشرطه وحشمه فحمدالله واثني عليه. ثم قال: اما بعد ايها الناس فاعتصموا بطاعة الله وطاعة ائمتكم [ صفحه 41] ولا تختلفوا ولا تفرقوا فتهلكوا وتذلوا وتجفوا وتحرموا، ان اخاك من صدقك وقد اعذر من انذر قال: ثم ذهب لينزل فما نزل عن المنبر حتي دخلت النظارة المسجد من قبل التمارين يشتدون ويقولون قد جاء ابن عقيل قد جاء ابن عقيل فدخل عبيدالله القصر مسرعا واغلق ابوابه قال ابومخنف - حدثني [22] يوسف بن يزيد عن عبدالله بن حازم، قال: انا والله رسول ابن عقيل إلي القصر لانظر إلي ما صار امر هانئ، قال: فلما ضرب وحبس ركبت فرسي وكنت اول اهل الدار دخل علي مسلم بن عقيل بالخبر واذ نسوة لمراد مجتمعات ينادين يا عثرتاه يا ثكلاه، فدخلت علي مسلم بن عقيل بالخبر فامرني ان انادي في اصحابه وقد ملاء منهم الدور حوله وقد بايعه ثمانية عشر الفا وفي الدور [ صفحه 42] اربعة آلاف رجل فقال لي: ناديا منصور امت وناديت يا منصور امت وتنادي اهل الكوفة فاجتمعوا اليه. فعقد مسلم لعبيدالله بن عمرو بن عزير الكندي علي ربع كندة وربيعة وقال: سرامامي في الخيل ثم عقد لمسلم بن عوسجة الاسدي علي ربع مذحج وأسد وقال انزل في الرجال فانت عليهم وعقد لابن ثمامة الصائد علي ربع تميم وهمدان وعقده لعباس ين جعدة الجدلي علي ربع المدينة ثم اقبل نحو القصر فلما بلغ ابن زياد اقباله تحرز في القصر وغلق الابواب. قال ابومخنف - حدثني يوسف [23] بن ابي اسحاق عن عباس [ صفحه 43] الجدلي قال: خرجنا مع ابن عقيل اربعة آلاف فلمابلغنا القصر الا ونحن ثلثمأة قال: واقبل مسلم يسير في الناس من مراد حتي احاط بالقصر ثم ان الناس تداعوا الينا واجتمعوا فوالله ما لبثنا الا قليلا حتي امتلاء المسجد من الناس والسوق وما زالوا يثوبون حتي المساء، فضاق بعبيدالله ذرعه وكان كبر امره ان يتمسك بباب القصر وليس معه الا ثلاثون رجلا من الشرط وعشرون رجلا من اشراف الناس واهل بيته ومواليه واقبل اشراف الناس يأتون ابن زياد من قبل الباب الذي يلي دار الرومين وجعل من بالقصر مع ابن زياد يشرفون عليهم فينظرون اليهم فيتقون ان يرموهم بالحجارة وان يشتموهم وهم لا يفترون علي عبيدالله وعلي ابيه ودعا عبيدالله كثير بن شهاب ابن حصين الحارثي فامره ان يخرج فيمن اطاعه من مذحج فيسير بالكوفة ويخذل الناس عن ابن عقيل و يخوفهم الحرب ويحذرهم عقوبة السلطان، وامر محمد بن الاشعث ان يخرج فيمن اطاعه من كندة وحضر موت فيرفع رأيه امان لمن جاء‌ه من الناس، وقال مثل ذلك للقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعي التميمي وحجار بن ابحر العجلي وشمر بن ذي الجوشن العامري وحبس سائر وجوه الناس عنده استيحاشا اليهم لقلة عدد من معه من الناس، وخرج كثير بن شهاب يخذل الناس عن ابن عقيل. قال ابومخنف - فحدثني ابن [24] جناب الكلبي أن: كثيرا [ صفحه 44] ألقي رجلا من كلب يقال له، عبدالاعلي بن يزيد قد لبس سلاحه يريد ابن عقيل في بني فتيان فاخذه حتي أدخله علي ابن زياد فاخبره خبره، فقال لابن زياد انما أردتك، قال: وكنت وعدتني ذلك من نفسك، فأمر به فحبس، وخرج محمد بن الاشعث حتي وقف عند دور بني عمارة وجاء‌ه عمارة بن صلخب الازدي وهو يريد ابن عقيل عليه سلاحه، فاخذه فبعث به إلي ابن زياد فحبسه فبعث ابن عقيل إلي محمد بن الاشعث من المسجد عبدالرحمان بن شريح الشبامي، فلما رآي محمد بن الاشعث كثرة من اتاه أخذ يتنحي ويتأخر وأرسل القعقاع بن شور الذهلي إلي محمد الاشعث قد حلت علي ابن عقيل من العرار فتأخر عن موقفه. فأقبل حتي دخل علي ابن ذياد من قبل دار الروميين، فلما اجتمع عند عبيدالله كثير بن شهاب ومحمد والقعقاع فيمن أطاعهم من قومهم فقال له كثير وكانوا مناصحين لابن زياد: اصلح الله الامير معك في القصر ناس كثير من أشراف الناس ومن شرطك واهل بيتك ومواليك. فاخرج بنا اليهم، فأبي عبيدالله، وعقد لشبث بن ربعي لواء‌ا فاخرجه. وأقام الناس مع ابن عقيل يكبرون ويثوبون حتي المساء وأمرهم شديد فبعث عبيدالله إلي الاشراف فجمعهم اليه ثم قال: اشرفوا علي الناس فمنوا اهل الطاعة الزيادة والكرامة، وخوفوا اهل المعصية الحرمان والعقوبة واعملوهم فصول الجنود من الشام اليهم. قال ابومخنف: حدثني سليمان بن ابي راشد عن عبدالله بن حازم الكبري من الازد من بني كبير، قال اشرف علينا الاشراف [ صفحه 45] فتكلم كثير بن اول الناس حتي كادت الشمس أن تجب فقال: ايها الناس الحقوا باهاليكم ولاتعجلوا الشر ولا تعرضوا انفسكم للقتل فان هذه جنود امير المؤمنين يزيد قد اقبلت، وقد اعطي الله الامير عهدا لئن اتممتم علي حربه ولم تنصرفوا من عشيتكم أن يحرم ذريتكم العطاء ويفرق مقاتلتكم في مغازي اهل الشام علي غير طمع وأن يأخذ البرئ بالسقيم والشاهد بالغائب حتي لا يبقي له فيكم بقية من الله المعصية الا اذاقها وبال ماجرت ايديها وتكلم الاشراف بنحو من كلام هذا فلما سمع مقالتهم الناس اخذوا يتفرقون واخذوا ينصرفون قال ابومخنف - فحدثني المجالد بن سعيد، أن المرأة كانت تأتي ابنها او اخاها فتقول. انصرف الناس يكفونك، ويجئ الرجل إلي ابنه او اخيه فيقول غدا يأتيك اهل الشام فما تصنع بالحرب والشر انصرف فيذهب به فما زالوا يتفرقون ويتصدعون حتي امسي ابن عقيل وما معه ثلاثون نفسا في المسجد حتي صليت المغرب فما صلي مع ابن عقيل الا ثلاثون نفسا فلما راي انه قد امسي وليس معه الا اولئك النفر خرج متوجها نحو ابواب كندة، فلما بلغ الابواب ومعه منهم عشرة، ثم خرج من الباب واذا ليس معه انسان والتفت فاذا هو لا يحس احدا يدله علي الطريق ولا يدله علي منزل ولا يواسيه بنفسه ان عرض له عدو، فمضي علي وجهه يتلدد في ازقة الكوفة لا يدري ابن يذهب حتي خرج إلي دور بني جبلة من كندة، فمشي حتي انتهي إلي باب امرأة يقال لها: طوعة ام ولد كانت للاشعث بن قيس فاعتقها فتزوجها اسيد الحضرمي فولدت له بلالا. [ صفحه 46] وكان بلال قد خرج مع الناس وامه قائمة تنتظره، فسلم عليها ابن عقيل، فردت عليه، فقال لها: يا امة الله اسقيني ماء‌ا، فدخلت فسقته فجلس، وأدخلت الاناء ثم خرجت فقالت: يا عبدالله الم تشرب؟ قال: بلي، قالت: فاذهب إلي أهلك، فسكت، ثم عادت فقالت مثل ذلك فسكت، ثم قالت له: فئ لله سبحان الله يا عبدالله فمر إلي اهلك عافاك الله فانه لا يصلح لك الجلوس علي بابي ولا احله لك فقام فقال يا امة الله مالي في هذا المصر منزل ولا عشيرة، فهل لك إلي أجر ومعروف ولعلي مكافئتك به بعد اليوم، فقالت يا عبدالله وما ذاك؟ قال: انا مسلم بن عقيل، كذبني هؤلاء القوم وغروني قالت انت مسلم؟ قال: نعم، قالت: ادخل، فادخلته بيتا في دارها غير البيت الذي تكون فيه، وفرشت له وعرضت عليه العشاء، فلم يتعش ولم يكن باسرع من ان جاء ابنها فرآها تكثر الدخول في البيت والخروج منه، فقال: والله ليريبني كثرة دخولك هذا البيت منذ الليلة وخروجك منه ان لك لشأنا. قالت يا بني: أله عن هذا، قال لها: والله لتخبرني، قالت: أقبل علي شأنك ولا تسألني عن شئ، فالح عليها فقالت: يا بني لا تحدثن احدا من الناس بما اخبرك به وأخذت عليه الايمان فحلف لها فاخبرته فاضطجع وسكت وزعموا أنه قد كان شريدا من الناس. وقال بعضهم كان يشرب مع اصحاب له، ولما طال علي ابن زياد وأخذ لا يسمع لاصحاب ابن عقيل صوتا كان يسمعه قبل ذلك قال لاصحابه: اشرفوا فانظروا هل ترون منهم احدا؟ [ صفحه 47] فأشرفوا فلم يروا احدا، قال: فانظروا لعلهم تحت الظلال قد كمتوا لكم ففرعوا بحابح المسجد وجعلوا يخفضون شعل النار في ايديهم ثم ينظرون هل في الظلال احد وكانت احيانا تضئ لهم واحيانا لا تضئ لهم كما يريدون فدلوا القناديل وانصاف الطنان تشد بالحبال ثم تجعل فيها النيران ثم تدلي حتي تنتهي إلي الارض، ففعلوا ذلك في اقصي الظلال وادناها واوسطها حتي فعلوا ذلك بالظلة التي فيها المنبر. فلما لم يروا شيئا اعلموا ابن زياد ففتح باب السدة التي في المسجد ثم خرج فصعد المنبر وخرج اصحابه معه فامرهم فجلسوا حوله قبيل العتمة وامر عمرو بن نافع فنادي الا برئت الذمة من رجل من الشرطة والعرفاء او المناكب او المقاتلة صلي العتمة إلي في المسجد فلم يكن له الا ساعة حتي امتلاء المسجد من الناس ثم امر مناديه فاقام الصلاة. فقال الحصين بن تميم ان شئت صليت بالناس او يصلي بهم غيرك ودخلت انت فصليت في القصر فاني لا آمن ان يغتالك بعض اعدائك فقال مرحرسي فليقوموا ورائي كما كانوا يقفون ودرفيهم فاني لست بداخل اذا، مصلي بالناس. ثم قام فحمدالله واثني عليه، ثم قال: اما بعد فان ابن عقيل السفيه الجاهل قد اتي ما قد رأيتم من الخلاف والشقاق، فبرئت ذمة الله من رجل وجدناه في داره ومن جاء به فله ديته اتقوا الله عباد الله والزموا طاعتكم وبيعتكم ولا تجعلوا علي انفسكم سبيلا، يا حصين ابن تميم ثكلتك امك ان صاح باب سكة من سكك [ صفحه 48] الكوفة او خرج هذا الرجل ولم تأتني به وقد سلطتك علي دوراهل الكوفة فابعث مراصدة علي افواه السكك واصبح غدا واستبر الدور وجس خلالها حتي تأتيني بهذا الرجل، وكان الحصين علي شرطه وهو من بني تميم. ثم نزل ابن زياد فدخل وقد عقد لعمرو بن حريث رأية وأمره علي الناس فلما اصبح جلس مجلسه واذن للناس فدخلوا عليه واقبل محمد بن الاشعث فقال مرحبا بمن لا يستغش ولايتهم ثم اقعده إلي جنبه واصبح ابن تلك العجوز وهو بلال بن اسيد الذي اوت امه ابن عقيل فغدا إلي عبدالرحمان بن محمد بن الاشعث فأخبره بمكان ابن عقيل عندامه. قال: فاقبل عبدالرحمان حتي اتي اباه وهو عند ابن زيادفساره، فقال له ابن زياد: ما قال لك قال: أخبرني ان ابن عقيل في دار من دونا، فنخس بالقضيب في جنبه ثم قال: قم فأتني به الساعة. قال ابومخنف: فحدثني قدامة بن [25] سعيد بن زائده بن قدامة الثقفي: ان ابن الاشعث حين قام ليأتيه بابن عقيل بعث إلي عمرو بن حريث وهو في المسجد خليفته علي الناس ان ابعث مع ابن الاشعث ستين او سبعين رجلا كلهم من قيس، وانما كره ان يبعث معه قومه لانه [ صفحه 49] قد علم ان كل قوم يكرهون ان يصادف فيهم مثل ابن عقيل، فبعث معه عمرو بن عبيدالله بن عباس السلمي في ستين او سبعين من قيس حتي اتوا الدار التي فيها ابن عقيل. فلما سمع وقع حوافر الخيل واصوات الرجال عرف انه قداتي، فخرج اليهم بسيفه واقتحموا عليه الدار فشد عليهم يضربهم بسيفه حتي اخرجهم من الدار، ثم عادوا اليه فشد عليهم كذلك. فاختلف هو وبكير بن حمران الاحمري ضربتين فضرب بكير فم مسلم فقطع شفته العليا واشرع السيف في السفلي ونصلت لها ثنيتاه، فضربه مسلم ضربة في رأسه منكرة وثني باخري علي حبل العاتق كادت تطلع علي جوفه، فلما رأوا ذلك اشرفوا عليه من فوق ظهر البيت فاخذوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في اطنان القصب ثم يقبلونها عليه من فوق البيت، فلما رأي ذلك خرج عليهم مصلتا بسيفه في السكة فقاتلهم، فاقبل عليه محمد بن الاشعث فقال: يافتي لك الامان لا تقتل نفسك، فاقبل يقاتلهم وهو يقول:اقسمت لا اقتل الا حرا وان رأيت الموت شيئا نكراكل امرئ يوما ملاق شرا ويخلط البارد سخنا مرارد شعاع الشمس فاستقرا اخاف ان اكذب اواغرافقال له محمد بن الاشعث: انك لا تكذب ولا تخدع ولا تغر، ان القوم بنو عمك وليسوا بقاتليك ولا ضاربيك، وقد اثخن بالحجارة وعجز عن القتال وانبهر فاسند ظهره إلي جنب تلك الدار، فدنا محمد [ صفحه 50] بن الاشعث، فقال: لك الامان، فقال: آمن انا؟ قال: نعم، وقال القوم: انت آمن غير عمرو بن عبيدالله بن العباس السلمي فانه قال: لا ناقة لي في هذا ولا جمل وتنحي. وقال ابن عقيل: اما لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في ايديكم، واتي ببغلة فحمل عليها واجتمعوا حوله وانتزعوا سيفه من عنقه، فكانه عند ذلك آيس من نفسه، فدمعت عيناه، ثم قال هذا اول الغدر، قال محمد بن الاشعث: ارجوالا (لا) يكون عليك بأس، قال: ما هو الا الرجاء اين امانكم؟ انا لله وانا اليه راجعون وبكي. فقال له عمرو بن عبيدالله بن عباس: ان من يطلب مثل الذي تطلب اذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك قال: اني والله ما لنفسي ابكي ولا لها من القتل ارثي وان كنت لم احب لها طرفة عين تلفا ولكن ابكي لاهلي المقبلين إلي، ابكي لحسين وآل حسين، ثم اقبل علي محمد بن الاشعث فقال: يا عبدالله اني اراك والله ستعجز عن اماني فهل عندك خير تستطيع ان تبعث من عندك رجلا علي لساني يبلغ حسينا فاني لا اراه الا قد خرج اليكم اليوم مقبلا او هو خرج غدا هو واهل بيته وان ما تري من جزعي لذلك.فيقول: ان ابن عقيل بعثني اليك وهو في ايدي القوم اسير لا يري ان تمشي حتي تقتل، وهويقول: ارجع باهل بيتك ولا يغرك اهل الكوفة فانهم اصحاب ابيك الذي كان يتمني فراقهم بالموت او القتل، ان اهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لمكذوب رأي، فقال ابن الاشعث: والله لافعلن ولاعلمن ابن زياد اني قد امنتك. [ صفحه 51] قال ابومخنف: فحدثني جعفر بن [26] حذيفة الطائي وقد عرف سعيد بن شيبان الحديث قال: دعا محمد بن الاشعث اياس بن العثل الطائي من بني مالك بن عمرو بن ثمامة، وكان شاعرا وكان لمحمد زوارا، فقال له: الق حسينا فابلغه هذا الكتاب، وكتب فيه الذي امره ابن عقيل وقال له: هذا زادك وجهازك ومتعة لعيالك، فقال: من أين لي براحلة فان راحلتي قد انضيتها، قال: هذه راحلة فاركبها برحلها. ثم خرج فاستقبله بزبالة لاربع ليال فاخبره الخبر وبلغه الرسالة، فقال له حسين: كل ما حم نازل، وعندالله نحتسب انفسنا وفساد امتنا، وقد كان مسلم بن عقيل حيث تحول إلي دار هاني بن عروة وبايعه ثمانية عشر الفا قدم كتابا إلي حسين مع عابس بن ابي شبيب الشاكري. اما بعد: فان الرائد لا يكذب اهله، وقد بايعني من اهل الكوفة ثمانية عشر الفا، فعجل الاقبال حين يأتيك كتابي فان الناس كلهم معك ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوي والسلام واقبل محمد بن الاشعث بابن عقيل إلي باب القصر فاستأذن، فاذن له، فأخبر عبيدالله خبر ابن عقيل وضرب بكير اياه، فقال: بعدا [ صفحه 52] له، فأخبره محمد بن الاشعث بما كان منه وما كان من أمانه اياه، فقال عبيدالله: ما انت والامان، كانا ارسلناك تومنه؟ انما ارسلناك تأتينا به فسكت، وانتهي ابن عقيل إلي باب القصر وهو عطشان وعلي باب القصر ناس جلوس ينتظرون الاذن منهم عمارة بن عقبة بن ابي معيط، وعمرو بن حريث، ومسلم بن عمرو، وكثير بن شهاب. قال ابومخنف - فحدثني قدامة بن سعد: ان مسلم بن عقيل حين انتهي إلي باب القصر فاذا قلة باردة موضوعة علي الباب، فقال ابن عقيل: اسقوني من هذا الماء، فقال له مسلم بن عمرو اتراها ما ابردها، لا والله لا تذوق منها قطرة ابدا حتي تذوق الحميم في نار جهنم، قال له ابن عقيل: ويحك من أنت؟ قال: انا بن من عرف الحق اذا انكرته، ونصح لامامه اذ غششته، وسمع واطاع اذ عصيته وخالفت، انا مسلم بن عمرو الباهلي، فقال ابن عقيل: لامك الثكل ما اجفاك وما افظك واقسي قلبك واغلظك؟ انت يابن باهلة اولي بالحميم والخلود في نار جهنم مني، ثم جلس متساندا إلي حائط. قال ابومخنف - وحدثني سعيد بن مدرك بن عمارة: ان عمارة بن عقبة بعث غلاما له يدعي قيسا فجاء‌ه بقلة عليها منديل ومعه قدح فصب فيه ماء‌ا ثم سقاه، فاخذ كلما شرب امتلاء القدح دما، فلما ملاء القدح المرة الثالثة ذهب ليشرب فسقطت ثنيتاه فيه، فقال: الحمد لله لو كان لي من الرزق المقسوم شربته. وادخل مسلم علي ابن زياد فلم يسلم عليه بالامرة، فقال له الحرسي: الا تسلم علي الامير؟ فقال له: ان كان يريد قتلي فما سلامي عليه وان كان لا يريد قتلي فلعمري ليكثرن [ صفحه 53] سلامي عليه.فقال له ابن زياد: لعمري لتقتلن، قال كذالك، قال: نعم، قال: فدعني اوصي إلي بعض قومي، فنظر إلي جلساء عبيدالله وفيهم عمر بن سعد، فقال يا عمر: ان بيني وبينك قرابة ولي اليك حاجة وقد يجب لي عليك نجح حاجتي وهو سر فأبي ان يمكنه من ذكرها، فقال له عبيدالله: لا تمتنع ان تنظر في حاجة ابن عمك، فقام معه فجلس حيث ينظر اليه ابن زياد، فقال له: ان علي بالكوفة دينا استدنته منذ قدمت الكوفة سبعمأة درهم فاقضها عني، وانظر جثتي فاستوهبها من ابن زياد فوارها، وابعث إلي حسين من يرده، فاني قد كتبت اليه اعلمه ان الناس معه ولا اراه الا مقبلا. فقال عمر لابن زياد: اتدري ما قال لي؟ انه ذكر كذا وكذا، قال له ابن زياد: انه لا يخونك الامين ولكن قد يؤتمن الخائن، اما ما لك فهو لك ولسنا نمنعك ان تصنع فيه ما احببت، واما حسين فانه ان لم يردنا لم نرده، وان ارادنا لم نكف عنه، واما جثته فانا لن نشفعك فيها انه ليس باهل منا لذلك، قد جاهدنا وخالفنا وجهد علي هلاكنا، وزعموا انه قال: اما جئته فانا لا نبالي اذا قتلناه ما صنع بها. ثم ان ابن زياد قال: ايه يابن عقيل اتيت الناس وامرهم جميع وكلمتهم واحدة لتشتتهم وتفرق كلمتهم وتحمل بعضهم علي بعض، قال: كلا لست اتيت، ولكن اهل المصر زعموا أن أباك قتل خيارهم وسفك دمائهم، وعمل فيهم اعمال كسري وقيصر، فاتيناهم لنأمر بالعدلوندعو إلي حكم الكتاب. [ صفحه 54] قال: وما أنت وذاك يا فاسق اولم نكن نعمل بذاك فيهم اذ انت بالمدينة تشرب الخمر؟ قال: أنا اشرب الخمر، والله ان الله ليعلم انك غير صادق، وانك قلت بغير علم، واني لست كما ذكرت، وان احق بشرب الخمر مني واولي بها من يلغ في دماء المسلمين ولغا، فيقتل النفس التي حرم الله قتلها، ويقتل النفس، بغير النفس ويسفك الدم الحرام، ويقتل علي الغضب والعداوة وسوء الظن وهويلهو ويلعب كان لم يصنع شيئا. فقال له ابن زياد: يا فاسق ان نفسك تمنيك ما حال الله دونه ولم يرك اهله، قال فمن اهله يابن زياد؟ قال: امير المؤمنين يزيد، فقال: الحمد لله علي كل حال رضينا بالله حكما بيننا وبينكم، قال: كأنك تظن ان لكم في الامر شيئا، قال: والله ما هو بالظن ولكنه اليقين، قال: قتلني ان لم اقتلك قتلة لم يقتلها احد في الاسلام. قال: اما انك احق من احدث في الاسلام ما لم يكن فيه، اما انك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السيرة ولؤم الغلبة، ولا احد من الناس احق بها منك. واقبل ابن سمية يشتمه ويشتم حسينا وعليا وعقيلا واخذ مسلم لا يكلمه. وزعم اهل العلم ان عبيدالله امرله بماء فسقي بخزفة. ثم قال له: انه لم يمنعنا نسقيك فيها الا كراهة ان تحرم بالشرب فيها ثم نقتلك ولذلك سقيناك في هذا. ثم قال: اصعدوا به فوق القصر فاضربوا عنقه، ثم اتبعوا جسده رأسه، فقال: يا ابن الاشعث اما والله لولا انك آمنتني ما استسلمت، قم بسيفك دوني فقد اخفرت ذمتك. ثم قال: يابن زياد اما والله [ صفحه 55] لو كانت بيني وبينك قرابة ما قتلتني. ثم قال ابن زياد: اين هذا الذي ضرب ابن عقيل رأسه بالسيف وعاتقه؟ فدعي فقال: اصعد فكن انت الذي تضرب عنقه، فصعد به وهو يكبر ويستغفر ويصلي علي ملائكة الله ورسله وهو يقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وكذبونا واذ لونا واشرف به علي موضع الجرارين اليوم، فضربت عنقه واتبع جسده رأسه. قال ابومخنف - حدثني الصقعب بن زهير عن [27] عوف [ صفحه 56] بن ابي حجيفة قال: نزل الاحمري بكير بن حمران الذي قتل مسلما فقال له ابن زياد: قتلته؟ قال: نعم، قال: فما كان يقول وانتم تصعدون به؟ قال: كان يكبر ويسبح ويستغفر، فلما ادنيته لاقتله قال: اللهم احكم بيننا وبين قوم كذبونا وغرونا وخذلونا وقتلونا، فقلت له: ادن مني الحمد لله الذي اقادني منك فضربته ضربة لم تغن شيئا، فقال: اما تري في خدش تخد شنيه وفاء من دمك ايها العبد، فقال ابن زياد: وفخرا عند الموت، قال: ثم ضربته الثانية فقتلته. قال: وقام محمد بن الاشعث إلي عبيدالله بن زياد فكلمه في هاني بن عروة وقال: انك قد عرفت منزلة هاني بن عروة في المصر وبيته في العشيرة، وقد علم قومه أني وصاحبي سقناه اليك، فانشدك الله لما وهبته لي فاني أكره عداوة قومه، هم أعز أهل المصر وعدد أهل اليمن. قال: فوعده أن يفعل، فلما كان من امر مسلم بن عقيل ماكان بداله فيه وأبي ان يفي له بما قال، قال: فامربهانئ بن عروة حين قتل مسلم بن عقيل فقال: اخرجوه إلي السوق، فاضربوا عنقه، قال: [ صفحه 57] فأخرج بهانئ حتي انتهي إلي مكان من السوق كان يباع فيه الغنم، وهو مكتوف فجعل يقول: وامذ حجاه ولا مذ حج لي اليوم وامذ حجاه و اين مني مذحج. فلما رأي ان احدا لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف ثم قال اما من عصا او سكين اوحجر او عظم يجاحش به رجل عن نفسه؟ قال: ووثبوا اليه فشدوه وثاقا، ثم قيل له: امدد عنقك فقال: ما انابها مجد سخي، وما انا بمعينكم علي نفسي، قال: فضربه مولي لعبيد الله بن زياد تركي يقال له رشيد بالسيف فلم يصنع سيفه شيئا فقال هاني: إلي الله المعاد اللهم إلي رحمتك ورضوانك، ثم ضربه اخري فقتله. قال: فبصر به عبدالرحمان بن الحصين المرادي بخازر وهو مع عبيدالله بن زياد، فقال الناس هذا قاتل هاني بن عروة، فقال ابن الحصين قتلني الله ان لم اقتله اواقتل دونه، فحمل عليه بالرمح، فطعنه فقتله.ثم ان عبيدالله بن زياد لما قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة دعا بعبد الاعلي الكلبي الذي كان اخذه كثير بن شهاب في بني فتيان فاتي به: فقال له: اخبرني بامرك فقال: اصلحك الله خرجت لانظر ما يصنع الناس فاخدني كثير بن شهاب، فقال له: فعليك وعليك من الايمان المغلظة ان كان اخرج الا ما زعمت، فابي ان يحلف، فقال عبيدالله: انطلقوا بهذا إلي جبانة السبع فاضربوا عنقه بها، قال: فانطلق به فضربت عنقه. قال: واخرج عمارة بن صلخب الازدي وكان ممن يريد ان يأتي مسلم بن عقيل بالنصرة لينصره، فأتي به ايضا عبيدالله، فقال له: ممن [ صفحه 58] انت؟ قال: من الازد، قال: انطلقوا به إلي قومه فضربت عنقه فيهم. فقال عبدالله بن الزبير الاسدي في قتلة مسلم بن عقيل وهاني بن عروة المرادي ويقال قاله الفرزدق.ان كنت لا تدرين ماالموت فانظري إلي هانئ في السوق وابن عقيلإلي بطل قد هشم السيف وجهه وآخر يهوي من طمار قتيلاصابهما امر الامير فاصبحا احاديث من يسري بكل سبيلتري جسدا قد غير الموت لونه ونضح دم قد سال كل مسيلفتي هو احيي من فتاة حيية واقطع من ذي شفرتين صقيلايركب اسماء الهما ليج آمنا وقد طلبته مذحج بذخولتطيف حواليه مراد وكلهم علي رقبة من سائل ومسولفان انتم لم تثأروا باخيكم فكونوا بغايا ارضيت بقليلقال ابومخنف - عن ابي جناب [28] يحيي بن ابي حية الكلبي [ صفحه 59] قال: ثم ان عبيدالله بن زياد لماقتل مسلما وهانئا بعث برؤوسهما مع هانئ بن ابي حية الوادعي والزبير بن الاروح التميمي إلي يزيد بن معاوية وامر كاتبه عمرو بن نافع ان يكتب إلي يزيد بن معاوية بما كان من مسلم وهانئ فكتب اليه كتابا اطال فيه وكان اول من اطال في الكتب، فلما نظر فيه عبيدالله بن زياد كرهه وقال: ما هذا التطويل وهذه الفضول اكتب: اما بعد فالحمد لله الذي اخذ لامير المؤمنين بحقه، وكفاه مؤنة عدوه، اخبر امير المؤمنين اكرمه الله ان مسلم عقيل لجأ إلي دار هاني بن عروة المرادي، واني جعلت عليهما العيون، ودسست اليهما الرجال، وكدتهما حتي استخرجتهما، وامكن الله منهما فقدمتهما فضربت اعناقهما، وقد بعثت اليك برؤوسهما مع هاني بن ابي حية الهمداني والزبير بن الاروح التميمي، وهما من اهل السمع والطاعة والنصيحة، فليسألهما امير المؤمنين عما احب من امر، فان عندهما [ صفحه 60] علما وصدقا وفهما وورعا والسلام. فكتب اليه يزيد: أما بعد فانك لم تعد ان كنت كما احب، عملت عمل الحازم وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش، فقد أغنيت وكفيت، وصدقت ظني بك ورأيي فيك، وقد دعوت رسوليك فسألتهما وناجيتهما فوجدتهما في رأيهما وفضلهما كما ذكرت فاستوص بهما خيرا، وانه قد بلغني: ان الحسين بن علي قد توجه نحو العراق فضع المناظر والمسالح، واحترس علي الظن، وخذ علي التهمة غير الا تقتل الا من قاتلك، واكتب إلي في كل ما يحدث من الخبر والسلام عليك ورحمة الله. قال أبومخنف - حدثني الصقعب بن الزهير عن عون [29] بن ابي حجيفة قال: كان مخرج مسلم بن عقيل بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان ليال مضين من ذي الحجة سنة 60 ويقال يوم الاربعاء لسبع [30] مضين [ صفحه 61] سنة 60 من يوم عرفة بعد مخرج الحسين من مكة مقبلا إلي الكوفة بيوم، قال: وكان مخرج الحسين من المدينة إلي مكة يوم الاحد لليلتين بقيتا من رجب سنة 60، ودخل مكة ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان، فأقام بمكة شعبان وشهر رمضان وشوال وذا القعده. ثم خرج منها لثمان مضين من ذي الحجة يوم الثلاثاء يوم التروية في اليوم الذي خرج فيه مسلم بن عقيل، وذكر هارون بن مسلم عن علي بن صالح عن عيسي بن يزيد: أن المختار بن أبي عبيد وعبدالله بن الحارث بن نوفل كانا خرجا مع مسلم، خرج المختار براية خضراء، وخرج عبدالله برأية حمراء وعليه ثياب حمر، وجاء المختار برأيته فركزها علي باب عمرو بن حريث. وقال: انما خرجت لامنع عمرا وأن الاشعث والقعقاع بن شور وشبث بن ربعي قاتلوا مسلما وأصحابه عشية سار مسلم إلي قصر ابن زياد قتالا شديدا، وان شبثا جعل يقول: انتظروا بهم الليل يتفرقوا فقال له القعقاع: انك قد سددت علي الناس وجه مصيرهم، فافرج لهم ينسربوا، وأن عبيدالله أمر ان يطلب المختار وعبدالله بن الحارث وجعل فيهما جعلا فأتي بهما فحبسا. [ صفحه 62]

خروج الحسين من مكة متوجها الي الكوفة

قال هشام عن ابي مخنف: حدثني الصقعب بن زهير عن عمر بن [31] عبدالرحمان ابن الحارث بن هشام المخزومي، قال: لما [ صفحه 63] قدمت كتب أهل العراق إلي الحسين وتهيأ للمسير إلي العراق أتيته فدخلت عليه وهو بمكة، فحمدت الله واثنيت عليه ثم قلت: أما بعد فاني أتيتك يابن عم لحاجة اريد ذكرها لك نصيحة، فان كنت تري أنك تستنصحني والا كففت عما اريد ان اقول، فقال: قل، فوالله ما اظنك بسيئ الرأي ولا هو القبيح من الامر والفعل، قال: قلت له: انه قد بلغني أنك تريد المسير إلي العراق واني مشفق عليك من مسيرك، انك تأتي بلدا فيه عما له وامراء‌ه ومعهم بيوت الاموال، وانما الناس عبيد لهذا الدرهم والدينار، ولا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره ومن انت أحب اليه ممن يقاتلك معه، فقال الحسين: جزاك الله خيرا يا ابن عم، فقدوالله علمت انك مشيت بنصح وتكلمت بعقل، ومهما يقض من أمر يكن أخذت برأيك او تركته فأنت عندي أحمد مشير وأنصح ناصح، قال: فانصرفت من عنده فدخلت علي الحارث بن خالد بن العاص بن هشام فسألني هل لقيت حسينا؟ فقلت له: نعم، قال: فما قال لك وما قلت له؟ قال، فقلت له: قلت كذا وكذا وقال كذا وكذا، فقال نصحته ورب المروة الشهباء أما ورب البنية ان الرأي لما رأيته قبله أو تركه ثم قال:رب مستنصح يغش ويردي وظنين بالغيب يلفي نصيحاقال ابومخنف - وحدثني [32] الحارث بن كعب الوالبي عن عتبة [ صفحه 64] بن سمعان ان حسينا لما اجمع المسير إلي الكوفة اتاه عبدالله بن عباس فقال: يابن عم انك قد ارجف الناس، انك سائر إلي العراق، فبين لي ما انت صانع؟ قال: اني قد اجمعت المسير في احد يومي هذين ان شاء الله تعالي. فقال له ابن عباس: فاني اعيذك بالله من ذلك، اخبرني رحمك الله اتسير إلي قوم قد قتلوا اميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم؟ فان كانوا قد فعلوا ذلك، فسر اليهم، وان كانوا انما دعوك اليهم واميرهم عليهم قاهر لهم، وعماله تجبي بلادهم، فانهم انما دعوك إلي الحرب والقتال ولا آمن عليك ان يغروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك وان يستنفروا اليك فيكونوا اشد الناس عليك. فقال له حسين: واني استخير الله وانظر ما يكون؟ قال: فخرج ابن عباس من عنده واتاه ابن الزبير فحدثه ساعة، ثم قال: ما ادري ما تركنا هؤلاء القوم وكفنا عنهم ونحن ابناء المهاجرين وولاة هذا الامر دونهم خبرني ما تريد ان تصنع؟ فقال الحسين: والله لقد حدثت نفسي باتيان الكوفة ولقد كتب إلي شيعتي بها واشراف اهلها واستخير الله، فقال له ابن الزبير: اما لو كان لي بها مثل شيعتك ما عدلت بها: قال: ثم انه خشي ان يتهمه فقال: اما انك لو اقمت بالحجاز ثم اردت هذا الامر هيهنا ما خولف عليك ان شاء الله، ثم قام فخرج من عنده. فقال الحسين: ها ان هذا ليس شئ يؤتاه من الدنيا احب اليه من ان اخرج من الحجاز إلي العراق، وقد علم انه ليس له من الامر [ صفحه 65] معي شئ وان الناس لم يععد لوه بي، فودأني خرجت منها لتخلوله. قال فلما كان من العشي او من الغد اتي الحسين عبدالله بن العباس فقال: يابن عم اني اتصبر ولا اصبر، اني اتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال، ان اهل العراق قوم غدر فلا تقربنهم، اقم بهذا البلد فانك سيد اهل الحجاز، فان كان اهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب اليهم فلينفوا عدوهم ثم اقدم عليهم، فان ابيت الا ان تخرج فسر إلي اليمن، فان بها حصونا وشعابا وهي ارض عريضة طويلة، ولابيك بها شيعة، وانت عن الناس في عزلة، فتكتب إلي الناس وترسل وتبث دعاتك، فاني ارجو ان يأتيك عند ذلك الذي تحب في عافية فقال له الحسين: يابن عم اني والله لاعلم انك ناصح مشفق، ولكني قد ازمعت واجمعت علي المسير، فقال له ابن عباس: فان كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك، فوالله اني لخائف ان تقتل كما قتل عثمان ونساء‌ه وولده ينظرون اليه. ثم قال ابن عباس: لقد اقررت عين ابن الزبير يتخليتك اياه والحجاز والخروج منها وهو يوم لا ينظر اليه احد معك، والله الذي لا اله الا هو لو اعلم انك اذا اخذت بشعرك وناصيتك حتي يجتمع علي وعليك الناس اطعتني لفعلت ذلك، قال: ثم خرج ابن عباس من عنده فمر بعبد الله بن الزبير فقال: قرت عينك يابن الزبير ثم قال:يالك من قنبرة بمعمر خلالك الجو فبيضي واسفريونقري ما شئت ان تنقري [ صفحه 66] هذا حسين يخرج إلي العراق وعليك بالحجاز [33] قال ابومخنف - قال ابوجناب يحيي بن ابي حية عن عدي بن حرملة الاسدي عن عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الاسديين قالا: خرجنا حاجين من الكوفة حتي قدمنا مكة، فدخلنا يوم التروية فاذا نحن بالحسين وعبدالله بن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحي فيما بين الحجر والباب، قالا: فتقربنا منهما فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسين: ان شئت ان تقيم اقمت فوليت هذا الامر، فآزرناك وساعدناك ونصحنا لك وبايعناك. فقال له الحسين: ان ابي حدثني ان بها كبشا يستحل حرمتها فما احب ان اكون انا ذلك الكبش، فقال له ابن الزبير: فاقم ان شئت وتوليني انا الامر فتطاع ولا تعصي، فقال: وما اريد هذا ايضا. قالا: ثم انهما اخفيا كلامهما دوننا فما زالا يتناجيان حتي سمعنا دعاء الناس رائحين متوجهين إلي مني عند الظهر، قالا: فطاف الحسين بالبيت وبين الصفا والمروة وقص من شعره وحل من عمرته ثم توجه نحو الكوفة وتوجهنا نحو الناس إلي مني. [ صفحه 67] قال أبو - مخنف عن ابي سعيد [34] عقيصي عن بعض اصحابه قال: سمعت الحسين بن علي وهو بمكة وهو واقف مع عبدالله بن الزبير فقال له ابن الزبير: إلي يابن فاطمة فأصغي اليه فساره، قال: ثم التفت الينا الحسين فقال: أتدرون ما يقول ابن الزبير؟ فقلنا: لا ندري جعلنا الله فداك، فقال: قال أقم في هذا المسجد اجمع لك الناس، ثم قال الحسين: والله لان اقتل خارجا منها بشبر احب إلي من ان اقتل داخلا منها بشبر، وايم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتي يقضوا في حاجتهم، ووالله ليعتدن علي كما اعتدت اليهود في السبت قال ابومخنف - حدثني الحارث بن كعب الوالبي عن عقبة بن سمعان قال: لما خرج الحسين من مكة اعترضه رسل عمرو بن سعيد بن العاص عليهم يحيي بن سعيد فقالوا له: انصرف ابن تذهب، فابي عليهم ومضي، وتدافع الفريقان فاضطربوا بالسياط ثم ان الحسين واصحابه امتنعوا منهم امتناعا قويا. [ صفحه 68] ومضي الحسين (ع) علي وجهه فنادوه يا حسين: الا تتقي الله تخرج من الجماعة وتفرق بين هذه الامة؟ فتأول حسين قول الله عزوجل (لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وانا بري مما تعملون). قال: ثم ان الحسين اقبل حتي مر بالتنعيم فلقي بها عيرا قد اقبل بها من اليمن بعث بها بحير بن ريسان الحميري إلي يزيد بن معاوية، وكان عامله علي اليمن وعلي العير الورس والحلل ينطلق بها إلي يزيد فاخذها الحسين، فانطلق بهم قال لاصحاب الابل: لا اكرهكم من احب ان يمضي معنا إلي العراق او فينا كراء‌ه وأحسنا صحبته ومن احب ان يفارقنا من مكاننا هذا اعطيناه من الكراء علي قدر ما قطع من الارض، قال:فمن فارقه منهم حوسب فأوفي حقه ومن مضي منهم معه اعطاه كراء‌ه وكساه.قال ابومخنف - عن ابي جناب عن عدي بن حرملة عن عبدالله بن سليم والمذري قالا: اقبلنا حتي انتهينا إلي الصفاح فلقينا الفرزدق بن غالب الشاعر فواقف حسينا فقال له: اعطاك الله سؤلك واملك فيما تحب فقال له الحسين: بين لنا نبأ الناس خلفك فقال له الفرزدق: من الخبير سألت قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني امية والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء فقال له الحسين: صدقت لله الامر والله يفعل ما يشاء وكل يوم ربنا في شأن ان نزل القضاء بما نحب فنحمدالله علي نعمائه وهو المستعان علي اداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كان الحق نيته والتقوي سريرته ثم حرك [ صفحه 69] الحسين راحلته فقال: السلام عليك ثم افترقا. قال ابومخنف - حدثني الحارث بن كعب الوالبي عن علي بن الحسين بن علي بن ابيطالب، قال: لما خرجنا من مكة كتب عبدالله بن جعفر بن ابيطالب إلي الحسين بن علي مع ابنيه عون ومحمد اما بعد: فاني اسئلك بالله لما انصرفت حين تنظر في كتابي فاني مشفق عليك من الوجه الذي توجه له ان يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك ان هلكت اليوم طفئ نور الارض فانك علم المهتدين ورجاء المؤمنين، فلا تعجل بالسير فاني في اثر الكتاب والسلام. قال: وقام عبدالله بن جعفر إلي عمرو بن سعيد بن العاص فكلمه وقال: اكتب إلي الحسين كتابا تجعل له فيه الامان وتمنيه فيه البر والصلة وتوثق له في كتابك وتسأله الرجوع لعله يطمئن إلي ذلك فيرجع فقال عمرو بن سعيد: اكتب ما شئت وأتني به حتي اختمه فكتب عبدالله بن جعفر الكتاب ثم أتي به عمرو بن سعيد فقال له: اختمه وابعث به مع اخيك يحيي بن سعيد فانه احري أن تطمئن نفسه اليه ويعلم انه الجد منك ففعل. وكان عمرو بن سعيد عامل يزيد بن معاوية علي مكة، قال: فلحقه يحيي وعبدالله بن جعفر ثم انصرفا بعد أن أقرأه يحيي الكتاب فقالا: اقرأناه الكتاب وجهدنا به، وكان مما اعتذر به الينا أن قال: اني رأيت رؤيا فيها رسول الله صلي الله عليه وآله وامرت فيها بامر انا ماض له علي كان اولي فقالا له: فما تلك الرؤيا؟ قال: ما حدثت احدا بها وما انا محدث بها حتي القي ربي قال: وكان كتاب عمرو بن سعيد إلي الحسين بن علي. [ صفحه 70] بسم الله الرحمن الرحيم من عمرو بن سعيد إلي الحسين بن علي اما بعد فاني اسأل الله ان يصرفك عما يوبقك وان يهديك لما يرشدك بلغني أنك قد توجهت إلي العراق واني اعيذك بالله من الشقاق فاني اخاف عليك فيه الهلاك، وقد بعثت اليك عبدالله بن جعفر ويحيي بن سعيد فأقبل إلي معهما فان لك عندي الامان والصلة والبر وحسن الجوار لك الله علي بذلك شهيد وكفيل ومراع ووكيل والسلام عليك.قال: وكتب اليه الحسين: اما بعد فانه لم يشاقق الله ورسوله من دعا إلي الله عزوجل و عمل صالحا وقال: انني من المسلمين، وقد دعوت إلي الامان والبرو الصلة فخير الامان امان الله ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا امانة يوم القيامة فان كنت نويت بالكتاب صلتي وبري فجزيت خيرا في الدنيا والاخرة والسلام. قال ابومخنف - عن هشام بن الوليد عمن شهد ذلك قال: اقبل الحسين بن علي باهله من مكة ومحمد بن الحنفية بالمدينة قال: فبلغه خبره وهو يتوضأ في طست، فبكي حتي سمعت وكف دموعه في الطست. قال ابومخنف - حدثني يونس [35] بن ابي اسحاق السبيعي [ صفحه 71] قال: ولما بلغ عبيد الله اقبال الحسين من مكة إلي الكوفة بعث الحصين بن نمير صاحب شرطه حتي نزل القادسية ونظم الخيل ما بين القادسية إلي خفان، وما بين القادسية إلي القطقطانة والي لعلع وقال الناس هذا الحسين يريد العراق. قال ابومخنف - وحدثني محمد بن قيس ان الحسين اقبل حتي اذا بلغ الحاجر من بطن الرمة بعث قيس بن مسهر الصيداوي إلي اهل الكوفة وكتب معه اليهم: بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلي اخوانه من [ صفحه 72] المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم فاني احمد اليكم الله الذي لا اله الا هو، اما بعد فان كتاب مسلم بن عقيل جاء‌ني يخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم علي نصرنا والطلب بحقنا فسألت الله ان يحسن لنا الصنع وان يثيبكم علي ذلك اعظم الاجر، وقد شخصت اليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية فاذا قدم عليكم رسولي فاكمشوا امركم وجدوا، فاتي قادم عليكم في ايامي هذه ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وكان مسلم بن عقيل قد كان كتب إلي الحسين قبل أن يقتل بسبع وعشرين ليلة: أما بعد فأن الرائد لا يكذب أهله، ان جمع أهل الكوفة معك فاقبل حين تقرء كتابي والسلام عليك. قال: فأقبل الحسين بالصبيان والنساء معه لا يلوي علي شئ، واقبل قيس بن مسهر الصيداوي إلي الكوفة بكتاب الحسين حتي اذا انتهي إلي القادسية أخذه الحصين بن نمير فبعث به إلي عبيدالله بن زياد، فقال له عبيدالله: اصعد إلي القصر فسب الكذاب بن الكذاب، فصعد ثم قال: أيها الناس ان هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله وأنا رسوله اليكم وقد فارقته بالحاجر فأجيبوه. ثم لعن عبيدالله بن زياد واباه و استغفر لعلي بن ابيطالب، قال: فأمر به عبيدالله بن زياد أن يرمي به من فوق القصر فرمي به فتقطع فمات. ثم اقبل الحسين سيرا إلي الكوفة فانتهي إلي ماء من مياه العرب، فاذا عليه عبدالله بن مطيع العدوي وهونازل هيهنا، فلما رأي الحسين [ صفحه 73] قام اليه فقال: بأبي انت وامي يابن رسول الله، ما اقدمك؟ واحتمله فانزله. فقال له الحسين: كان من موت معاوية ما قد بلغك فكتب إلي اهل العراق يدعونني إلي انفسهم، فقال له عبدالله بن مطيع: اذكرك الله يابن رسول الله وحرمة الاسلام ان تنتهك، انشدك الله في حرمة رسول الله صلي الله عليه وآله،انشدك الله في حرمة العرب، فوالله لئن طلبت ما في ايدي بني امية ليقتلنك، ولئن قتلوك لايهابون بعدك أحدا ابدا، والله وانها لحرمة الاسلام تنتهك، وحرمة قريش وحرمة العرب، فلا تفعل ولا تأت الكوفة ولا تعرض لبني امية. قال: فابي الا ان يمضي، قال فاقبل الحسين حتي اذا كان بالماء فوق زرود. قال ابومخنف - فحدثني السدي [36] عن رجل من بني فزارة قال [ صفحه 74] لما كان زمن الحجاج بن يوسف كنا في دار الحارث بن ابي ربيعة التي في التمارين التي أقطعت بعد زهير بن القين من بني عمرو بن يشكر من بجيلة وكان اهل الشام لا يدخلونها فكنا محتبين فيها، قال: فقلت للفزاري حدثني عنكم حين أقبلتم مع الحسين بن علي قال: كنا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكة نساير الحسين فلم يكن شئ ابغض الينا من ان نسايره في منزل، فاذا سار الحسين تخلف زهير بن القين، واذا نزل الحسين تقدم زهير حتي نزلنا يومئذ في منزل لم نجد بدا من ان ننازله فيه، فنزل الحسين من جانب ونزلنا في جانب، فبينا نحن جلوس نتغدي من طعام لنا اذ اقبل رسول الحسين حتي سلم ثم دخل فقال: يا زهير بن القين ان ابا عبدالله الحسين بن علي بعثني اليك لتأتيه، قال فطرح كل انسان ما في يده حتي كائنا علي رؤوسنا الطير، قال ابومخنف - فحدثني دلهم بنت عمرو امرأة زهير بن القين قالت: فقلت له: ايبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت، قالت: فاتاه زهير بن القين فما [ صفحه 75] لبث ان جاء مستبشرا قد اسفر وجهه، قالت: فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه فقدم وحمل إلي الحسين، ثم قال لامرأته انت طالق، الحقي باهلك فاني لا احب ان يصيبك من سببي الاخير ثم قال لاصحابه: من احب منكم ان يتبعني والا فانه آخر العهد، اني ساحدثكم حديثا غزونا بلنجر ففتح الله علينا واصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الباهلي: افرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من المغانم؟ فقلنا نعم فقال لنا: اذا أدركتم شباب آل محمد فكونوا اشد فرحا بقتالكم معهم بما اصبتم من الغنائم فاما انا فاني استودعكم الله، قال: ثم والله ما زال في اول القوم حتي قتل. قال ابومخنف - حدثني ابوجناب الكلبي عن عدي بن حرملة الاسدي عن عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الاسديين قالا: لما قضينا حجنا لم يكن لناهمة الا اللحاق بالحسين في الطريق لننظر ما يكون من أمره وشأنه، قأقبلنا ترفل بنانا قتانا مسرعين حتي لحقناه بزرود فلما دنونا منه اذا نحن برجل من اهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأي الحسين. قالا: فوقف الحسين كأنه يريده ثم تركه ومضي ومضينا نحوه، فقال احدنا لصاحبه: اذهب بنا إلي هذا فلنسأله فان كان عنده خبر الكوفة علمناه، فمضينا حتي انتهينا اليه فقلنا: السلام عليك. قال: وعليكم السلام ورحمة الله. ثم قلنا: فمن الرجل؟ قال: اسدي. فقلنا: فنحن اسديان فمن انت؟ قال انا بكير بن المثعبة، فانتسبنا له ثم قلنا: اخبرنا عن الناس وراء‌ك قال: نعم لم اخرج من الكوفة حتي قتل مسلم بن عقيل وهاني [ صفحه 76] بن عروة فرأيتهما يجران بارجلهما في السوق، قالا فاقبلنا حتي لحقنا بالحسين فسايرناه حتي نزل الثعلبية ممسيا فجئناه حين نزل فسلمنا عليه فرد علينا فقلنا له: يرحمك الله ان عندنا خبرا فان شئت حدثنا علانية وان شئت سرا قال: فنظر إلي اصحابه وقال: ما دون هؤلاء سر، فقلنا له: ارأيت الراكب الذي استقبلك غشاء‌ا امس؟ قال: نعم وقد أردت مسألته، فقلنا: قد استبرأنا لك خبره وكفيناك مسئلته، وهوابن امرئ من أسد منا ذو رأي وصدق وفضل وعقل وانه حدثنا انه لم يخرج من الكوفة حتي قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وحتي رآهما يجران في السوق بارجلهما، فقال: انا لله وانا اليه راجعون رحمة الله عليهما، فردد ذلك مرارا، فقلنا: ننشدك الله في نفسك واهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا فانه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة بل نتخوف ان تكون عليك قال فوثب عند ذلك بنو عقيل بن ابي طالب. قال ابومخنف - حدثني عمر بن خالد [37] عن زيد بن [38] علي [ صفحه 78] بن حسين وعن داود بن علي بن عبدالله بن عباس ان بني عقيل قالوا: لا والله لا نبرح حتي ندرك ثارنا او تذوق ما ذاق أخونا قال ابومخنف - عن ابي جناب الكلبي عن عدي بن حرملة عن عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الاسديين قالا: فنظر الينا الحسين فقال: لا خير في العيش بعد هؤلاء قالا: فعلمنا انه قد عزم له رأيه علي المسير قالا: فقلنا: خار الله لك، قالا: فقال: رحمكما الله قالا: فقال له بعض اصحابه: انك والله ماأنت مثل مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس اليك أسرع، قال الاسديان ثم انتظر حتي اذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه: اكثروا من الماء فاستقوا واكثروا ثم ارتحلوا وساروا حتي انتهوا إلي زبالة قال ابومخنف - حدثني ابوعلي الانصاري عن بكر بن مصعب المزني قال: كان الحسين لا يمر باهل ماء الا اتبعوه حتي انتهي إلي زبالة سقط اليه مقتل اخيه من الرضاعة مقتل عبدالله بن بقطر وكان سرحه إلي مسلم بن عقيل من الطريق وهو لا يدري أنه قد اصيب فتلقاه خيل الحصين بن نمير بالقادسية فسرح به إلي عبيدالله بن زياد، فقال: اصعد فوق القصر فالعن الكذاب بن الكذاب ثم انزل حتي اري فيك رأيي قال: فصعد فلما اشرف علي الناس قال: ايها الناس اني رسول الحسين ابن فاطمة ابن بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لتنصروه وتوازروه علي ابن مرجانة ابن سمية الدعي، فامر به عبيدالله فالقي من فوق القصر إلي الارض فكسرت عظامه وبقي به رمق، فأتاه رجل يقال له [ صفحه 79] عبدالملك بن عمير اللخمي فذبحه، فلما عيب ذلك عليه قال، انما اردت ان اريحه قال هشام: حدثنا ابوبكر بن عياش عمن اخبره قال: والله ما هو عبدالملك بن عمير الذي قام اليه فذبحه ولكنه قام اليه رجل جعد طوال يشبه عبدالملك بن عمير قال فاتي ذلك الخبر حسينا وهو بزبالة، فاخرج للناس كتابا فقرأ عليهم. بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فانه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبدالله بن بقطر وقد خزلتنا شيعتنا، فمن احب منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منا ذمام قال: فتفرق الناس عنه تفرقا، فاخذوا يمينا وشمالا حتي بقي في اصحابه الذين جاؤا معه من المدينة، وانما فعل ذلك لانه ظن انما اتبعه الاعراب لانهم ظنوا انه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة اهله فكره ان يسيروا معه الا وهم يعلمون علام يقدمون، وقد علم انهم اذا بين لهم لم يصحبه الا من يريد مواساته والموت معه. قال: فلما كان من السحر أمر فتيانه فاستقوا الماء واكثروا ثم سار حتي مر بطن العقبة فنزل بها. قال ابومخنف - فحدثني لوذان احد بني عكرمة: ان احد عمومته سأل الحسين (ع) اين تريد؟ فحدثه، فقال له: اني انشدك الله لما انصرفت فوالله لا تقدم الا علي الا سنة وحد السيوف، فان هولاء الذين بعثوا اليك [ صفحه 80] لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطئوا لك الاشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأيا. فاما علي هذه الحال التي تذكرها فاني لا أري لك ان تفعل، قال: فقال له يا عبدالله انه ليس يخفي علي الرأي ما رأيت ولكن الله لا يغلب علي امره ثم ارتحل منها. [ صفحه 81]

مقتل الحسين واصحابه واعوانه وسبي اهله وعياله واسرهن

عن ابي مخنف - قال: حدثني ابوجناب عن عدي بن حرملة عن عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الاسديين قالا: اقبل الحسين (ع) حتي نزل شراف،فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فاكثروا ثم ساروا منها فرسموا صدر يومهم حتي انتصف النهار، ثم ان رجلا قال: الله اكبر، فقال الحسين: الله اكبر ما كبرت؟ قال: رأيت النخل، فقال له الاسديان: ان هذا المكان ما رأينا به نخلة قط، قالا: فقال لنا الحسين: فما تريانه رأي، قلنا: نراه رأي هوادي الخيل، فقال: وانا والله اري ذلك. فقال الحسين: اما لنا ملجأ نلجأ اليه نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد، فقلنا له: بلي هذا ذوحسم إلي جنبك تميل اليه عن يسارك، فان سبقت القوم اليه فهو كما تريد، قال: فاخذ اليه ذات اليسار، قال: وملنا معه فما كان بأسرع من ان طلعت علينا هوادي الخيل فتبيناها وعدلنا، فلما رأونا وقد عدلنا عن الطريق عدلوا الينا كان اسنتهم اليعاسيب، وكان رأياتهم اجنحة الطير. [ صفحه 82] قال: فاستبقنا إلي ذي حسم فسبقناهم اليه، فنزل الحسين فأمر بأبنيته فضربت، وجاء القوم وهم الف فارس مع الحرين يزيد التميمي اليربوعي حتي وقف هو وخيله مقابل الحسين في حر الظهيرة والحسين واصحابه معتمون متقلدو اسيافهم.فقال الحسين لفتيانه: اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشفوا الخيل ترشيفا، فقام فتيانه فرشفوا الخيل ترشيفا. فقام فتية وسقوا القوم من الماء حتي ارووهم واقبلوا يملئون القصاع والاتوار والطساس من الماء ثم يدنونها من الفرس فاذا عب فيه ثلاثا او اربعا او خمسا عزلت عنه وسقوا آخر حتي سقوا الخيل كلها. قال هشام: حدثني لقيط عن علي بن الطعان المحاربي: كنت مع الحربن يزيد فجئت في آخر من جاء من اصحابه، فلما رأي الحسين ما بي وبفرسي من العطش قال:أنخ الراوية والراوية عندي السقاء، ثم قال: يابن اخي انخ الجمل فأنخته، فقال: اشرب فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء، فقال الحسين: اخنث السقاء أي اعطفه، قال: فجعلت لا أدري كيف افعل، قال: فقام الحسين فخنثه فشربت وسقيت فرسي. قال: وكان مجئ الحربن يزيد ومسيره إلي الحسين من القادسية وذلك ان عبيدالله بن زياد لما بلغه اقبال الحسين بعث الحصين بن نمير التميمي وكان علي شرطه فامره أن ينزل القادسية وان يضع المسالح فينظم ما بين القطقطانة إلي خفان، وقدم الحربن يزيد بين يديه في هذه الالف من القادسية فيستقبل حسينا [ صفحه 83] قال: فلم يزل موافقا حسينا حتي حضرت الصلوة صلوة الظهر، فامر الحسين الحجاج بن مسروق الجعفي ان يؤذن فاذن، فلما حضرت الاقامة خرج الحسين في ازار ورداء ونعلين فحمد الله واثني عليه، ثم قال: ايها الناس انها معذرة إلي الله عزوجل واليكم، اني لم آتكم حتي اتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ان اقدم علينا فانه ليس لنا امام لعل الله يجمعنا بك علي الهدي، فان كنتم علي ذلك فقد جئتكم، فان تعطوني ما اطمئن اليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم، وان لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلي المكان الذي اقبلت منه اليكم، قال: فسكتوا عنه وقالوا للمؤذن: اقم، فاقام الصلاة، فقال الحسين (ع) للحر اتريد ان تصلي باصحابك؟ قال: لا بلي تصلي أنت ونصلي بصلاتك، قال: فصلي بهم الحسين. ثم انه دخل واجتمع اليه اصحابه وانصرف الحر إلي مكانه الذي كان به، فدخل خيمة قد ضربت له فاجتمع اليه جماعة من اصحابه وعاد أصحابه إلي صفهم الذي كانوا فيه فأعادوه، ثم أخذ كل رجل منهم بعنان دابته وجلس في ظلها، فلما كان وقت العصر أمر الحسين أن يتهيئوا للرحيل ثم انه خرج فأمر مناديه فنادي بالعصر وأقام فاستقدم الحسين فصلي بالقوم ثم سلم وانصرف إلي القوم بوجهه فحمدالله واثني عليه ثم قال: اما بعد أيها الناس فانكم ان تتقوا وتعرفوا الحق لاهله يكن ارضي لله، ونحن اهل البيت اولي بولاية هذا الامر عليكم من هؤلاء [ صفحه 84] المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان، وان انتم كرهتمونا وجعلتم حقنا [39] وكان رأيكم غيرما اتتني كتبكم وقدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم. فقال له الحربن يزيد: انا والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر، فقال الحسين: يا عقبة بن سمعان أخرج الخرجين الذين فيهما كتبهم إلي، فاخرج خرجين مملؤين صحفا فنشرها بين أيديهم، فقال الحر: فانا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا اليك وقد امرنا اذا نحن لقيناك الا نفارقك حتي نقدمك علي عبيد الله بن زياد، فقال له الحسين: الموت ادني اليك من ذلك. ثم قال لاصحابه: قوموا فاركبوا، فركبوا وانتظروا حتي ركبت نساء‌هم، فقال لاصحابه: انصرفوا بنا، فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف، فقال الحسين للحر: ثكلتك امك ما تريد؟ قال: اما والله لو غيرك من العرب يقولها لي وهو علي مثل الحال التي انت عليها ما تركت ذكرامه بالثكل ان اقوله كائنا من كان، ولكن والله مالي إلي ذكر امك من سبيل الابا حسن ما يقدر عليه. فقال له الحسين: فما تريد؟ قال الحر: اريد والله ان انطلق بك إلي عبيدالله بن زياد، قال له الحسين: اذا والله لا اتبعك، فقال له الحر: اذن والله لا ادعك، فترادا القول ثلاث مرات، ولما كثر الكلام بينهما قال له الحر: اني لم اومر بقتالك وانما امرت ان لا افارقك حتي اقدمك [ صفحه 85] الكوفة، فاذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة ولا تردك إلي المدينة لتكون بيني وبينك نصفا حتي أكتب إلي ابن زياد وتكتب أنت إلي يزيد بن معاوية ان أردت ان تكتب اليه او إلي عبيدالله بن زياد ان شئت، فلعل الله إلي ذاك أن يأتي بامر يرزقني فيه العافية من أن ابتلي بشئ من أمرك، قال فخذ هيهنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية وبينه وبين العذيب ثمانية وثلاثون ميلا. ثم ان الحسين سارفي اصحابه والحر يسايره. قال ابومخنف - عن عقبة [40] بن ابي العيزار ان الحسين خطب أصحابه وأصحاب الحر بالبيضة فحمد الله واثني عليه ثم قال: ايها الناس ان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: من رآي سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله صلي الله عليه وآله يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا علي الله ان يدخله مدخله. الا وأن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمان، واظهروا الفساد وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيئ، وأحلوا حرام الله [ صفحه 86] وحرموا حلاله، وانا احق من غير [41] وقد أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فان تممتم علي بيعتكم تصيبوا رسشدكم، فانا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم، فلكم في أسوة. وان لم تفعلوا و نقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم، فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم، والمغرور من اغتربكم، فحظكم اخطأتم ونصيبكم ضيعتم، ومن نكث فانما ينكث علي نفسه، وسيغني الله عنك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وقال عقبة بن ابي العيزار: قام حسين (ع) بذي حسم فحمدالله و اثني عليه ثم قال: انه قد نزل من الامر قد ترون، وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها واستمرت جدا، فلم يبق منها الاصبابة كصبابة الاناء،وخسيس عيش كالمرعي الوبيل. الا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا يتناهي عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فاني لا اري الموت الا شهادة ولا الحياة مع الظالمين الا برما. قال فقام زهير بن القين البجلي فقال لاصحابه: تكلمون أم أتكلم، قالوا: لا بل تكلم فحمدالله واثني عليه ثم قال: قد سمعنا هداك الله يابن رسول الله مقالتك، والله لو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلدين الا ان فراقها في نصرك ومواساتك لاثرنا الخروج معك علي الاقامة فيها، قال: فدعي الحسين له ثم قال له خيرا. [ صفحه 87] واقبل الحر يسايره وهو يقول له: يا حسين اني اذكرك الله في نفسك فاني أشهد لئن قاتلت لتقتلن، ولئن قوتلت لتهلكن فيما اري، فقال له الحسين: أفبالموت تخوفني وهل يعدوبكم الخطب ان تقتلوني، ما أدري ما أقول لك، ولكن أقول كما قال أخو الاوس لابن عمه ولقيه وهو يريد نصرة رسول الله صلي الله عليه وآله فقال له: أين تذهب؟ فانك مقتول فقال:سامضي وما بالموت عار علي الفتي اذا مانوي حقا وجاهد مسلماوآسي الرجال الصالحين بنفسه وفارق مثبورا يغش ويرغماقال: فلما سمع ذلك منه الحر تنحي عنه وكان يسير باصحابه في ناحية وحسين في ناحية اخري حتي انتهوا إلي عذيب الهجانات وكان بها هجائن النعمان ترعي هنالك، فاذا هم بأربعة نفر قد اقبلوا من الكوفة علي رواحلهم يجنبون فرسا لنافع بن هلال يقال له الكامل ومعهم دليلهم الطرماح بن عدي علي فرسه وهو يقول:يا ناقتي لا تذعري من زجري وشمري قبل طلوع الفجربخير ركبان وخير سفر حتي تحلي بكريم النحرثمت ابقاه بقاء الدهر قال: فلما انتهوا إلي الحسين أنشده هذه الابيات، فقال: أما والله اني لارجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا، قتلنا أم ظفرنا، قال: وأقبل اليهم الحر بن يزيد فقال: ان هؤلاء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممن اقبل معك وأنا حابسهم أو رادهم [ صفحه 88] فقال له الحسين: لامنعنهم مما أمنع منه نفسي، انما هؤلاء أنصاري وأعواني وقد كنت اعطيتني الا تعرض لي بشئ حتي يأتيك كتاب من ابن زياد، فقال: أجل، لكن لم يأتوا معك، قال: هم اصحابي وهم بمنزلة من جاء معي، فان تممت علي ما كان بيني وبينك والا ناجزتك، قال فكف عنهم الحر. قال ثم قال لهم الحسين: اخبروني خبر الناس ورائكم، فقال له مجمع بن عبدالله العائذي وهو أحد النفر الاربعة الذين جاء‌وه: اما أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائرهم، يستمال ودهم ويستخلص به نصيحتهم، فهم الب واحد عليك واما سائر الناس بعد فان افئدتهم تهوي اليك وسيوفهم غدا مشهورة عليك. قال: اخبرني فهل لكم برسولي اليكم؟ قالوا: من هو؟ قال: قيس بن مسهر الصيداوي، قالوا: نعم أخذه الحصين بن نمير فبعث به إلي ابن زياد فأمره ابن زياد أن يلعنك ويلعن أباك فصلي عليك وعلي ابيك ولعن ابن زياد واباه ودعا إلي نصرتك واخبرهم بقدومك، فامر به ابن زياد فألقي من طمار القصر، فترقرقت عينا حسين عليه السلام ولم يملك دمعه ثم قال: منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا الا تبديلا اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك. قال ابومخنف - حدثني جميل بن مرثد من بني معن عن الطرماح بن عدي أنه دنا من الحسين فقال له: والله اني لانظر فما أري معك أحدا، ولو لم يقاتلك الا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفي بهم، وقد رأيت قبل خروجي من الكوفة اليك بيوم ظهر الكوفة وفيه من الناس ما [ صفحه 89] لم ترعيناي في صعيد واحد جمعا اكثر منه، فسألت عنهم فقيل: اجتمعوا ليعرضوا ثم يسرحون إلي الحسين، فانشدك الله ان قدرت علي الا تقدم عليهم شبرا الا فعلت، فان أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتي تري من رأيك ويستبين لك ما انت صانع، فسر حتي أنزلك مناع جبلنا الذي يدعي اجأ امتنعنا والله به من ملوك غسان وحمير ومن النعمان بن المنذر ومن الاسود والاحمر والله ان دخل علينا ذل قط فأسير معك حتي انزلك القرية ثم نبعث إلي الرجال ممن بأجأ وسلمي من طئ، فوالله لا يأتي عليك عشرة أيام حتي ياتيك طئ رجالا وركبانا ثم اقم فينا ما بدالك، فان هاجك هيج فأنازعيم لك بعشرين الف طائي يضربون بين يديك باسيافهم، والله لا يوصل اليك ابدا ومنهم عين تطرف. فقال له: جزاك الله وقومك خيرا انه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه علي الانصراف ولا ندري علام تنصرف بنا وبهم الامور في عاقبه. قال ابومخنف فحدثني جميل بن مرثد قال حدثني الطرماح [42] . [ صفحه 90] ابن عدي: فودعته وقلت له: دفع الله عنك شر الجن والانس اني قد امترت لاهلي من الكوفة ميرة ومعي نفقة لهم فآتيهم فاضع ذلك فيهم ثم اقبل اليك ان شاء الله، فان الحقك فوالله لاكونن من انصارك قال: فان كنت فاعلا فعجل رحمك الله، قال: فعلمت انه مستوحش إلي الرجال حتي يسألني التعجيل، قال: فلما بلغت اهلي وضعت عندهم ما يصلحهم واوصيت فأخذ اهلي يقولون: انك لتصنع مرتك هذه شيئا ما كنت تصنعه قبل اليوم، فأخبرتهم بما اريد. واقبلت في طريق بني ثعل حتي اذا دنوت من عذيب الهجانات استقبلني سماعة بن بدر فنعاه إلي فرجعت. قال: ومضي الحسين عليه السلام حتي انتهي إلي قصر بني مقاتل فنزل به فاذا هو بفسطاط مضروب. قال أبومخنف - حدثني المجالد بن سعيد عن عامر [43] الشعبي [ صفحه 91] أن الحسين بن علي رضي الله عنه قال: لمن هذا الفسطاط؟ فقيل: لعبيدالله بن الحر الجعفي، قال: ادعوه لي، وبعث اليه فلما أتاه الرسول قال: هذا الحسين بن علي يدعوك، فقال عبيدالله بن الحر: انا لله وانا اليه راجعون، والله ما خرجت من الكوفة الا كراهة أن يدخلها [ صفحه 92] الحسين وأنا بها، والله ما أريد أراه ولا يراني، فأتاه الرسول فأخبره، فأخذ الحسين نعليه فانتعل ثم قام فجاء‌ه حتي دخل عليه فسلم وجلس، ثم دعاه إلي الخروج معه، فأعاد اليه ابن الحر تلك المقالة، فقال: فالاتنصرنا فاتق الله أن تكون ممن يقاتلنا، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا الا هلك. قال: أما هذا فلا يكون أبدا ان شاء الله ثم قام الحسين (ع) من عنده حتي دخل رحله.قال أبومخنف - حدثني عبدالرحمن بن حندب عن عقبة بن سمعان قال: لما كان في آخر الليل أمر الحسين بالاستقاء من الماء، ثم أمرنا بالرحي ففعلنا، قال: فلما ارتحلنا من قصر بني مقاتل وسرنا ساعة خفق الحسين برأسه خفقة ثم انتبه وهو يقول: انا لله وانا اليه راجعون والحمد لله رب العالمين. قال: ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا. قال: فأقبل اليه ابنه علي بن الحسين علي فرس له فقال: انا لله وانا اليه راجعون والحمد لله رب العالمين، يا أبت جعلت فداك مم حمدت الله واسترجعت؟ قال: يأبني اني خفقت برأسي خفقة، فعن لي فارس علي فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري اليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت الينا، قال له: يا أبت لا أراك الله سوء‌ا ألسنا علي الحق؟ قال: بلي والذي اليه مرجع العباد، قال: يا أبت اذا لا نبالي نموت محقين، فقال له: جزاك الله من ولد خير ما جزي ولدا عن والده. قال: فلما أصبح نزل فصلي الغداة ثم عجل الركوب، فأخذ يتياسر باصحابه يريد أن يفرقهم، فيأتيه الحربن يزيد فيردهم فيرده [ صفحه 93] فجعل اذا ردهم إلي الكوفة ردا شديدا امتنعوا عليه فارتفعوا فلم يزالوا يتسايرون حتي انتهوا إلي نينوي المكان الذي نزل به الحسين، قال: فاذا راكب علي نجيب له وعليه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة، فوقفوا جميعا ينتظرونه، فلما انتهي اليهم سلم علي الحربن يزيد وأصحابه ولم يسلم علي الحسين (ع) وأصحابه، فدفع إلي الحر كتابا من عبيدالله بن زياد فاذا فيه: أما بعد فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي، فلا تنزله الا بالعراء في غير حصن وعلي غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتي يأتيني بانفاذك أمري والسلام. قال: فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر: هذا كتاب الامير عبيدالله بن زياد يأمرني فيه أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه وهذا رسوله، وقد أمره أن لا يفارقني حتي أنفذ رأيه وأمره، فنظر إلي رسول عبيدالله يزيد بن زياد بن المهاصر أبوالشعثاء الكندي ثم النهدي فعن له، فقال: أمالك بن النسير البدي؟ قال: نعم وكان أحد كندة، فقال له يزيد بن زياد: ثكلتك امك ماذا جئت فيه؟ قال: وما جئت فيه أطعت امامي ووفيت ببيعتي فقال له أبوالشعثاء: عصيت ربك وأطعت امامك في هلاك نفسك، كسبت العار والنار،قال الله عزوجل: وجعلنا منهم أئمة يدعون إلي النار ويوم القيامة لا ينصرون فهو امامك.. قال: وأخذ الحر بن يزيد القوم بالنزول في ذلك المكان علي غير ماء ولافي قرية فقالوا: دعنا ننزل في هذه القرية يعنون نينوي او هذه القرية يعنون الغاضرية او هذه الاخري يعنون شفية، فقال: لا والله ما استطيع ذلك،هذا رجل قد بعث إلي عينا [ صفحه 94] فقال له زهير بن القين: يابن رسول الله ان قتال هؤلاء اهون من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعد من تري ما لا قبل لنا به؟ فقال له الحسين: ما كنت لا بد أهم بالقتال، فقال له زهير بن القين: سربنا إلي هذه القرية حتي ننزلها فانها حصينة وهي علي شاطئ الفرات، فان منعونا قاتلناهم فقتالهم أهون علينا من قتال من يجئ من بعدهم، فقال له الحسين: وأية قرية هي؟ قال: هي العقر، فقال الحسين: أللهم اني أعوذ بك من العقر، ثم نزل وذلك يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم سنة 61. فلما كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص من الكوفة في اربعة آلاف قال: وكان سبب خروج ابن سعد إلي الحسين (ع) ان عبيدالله بن زياد بعثه علي اربعة آلاف من اهل الكوفة يسير بهم إلي دستبي وكانت الديلم قد خرجوا اليها وغلبوا عليها، فكتب اليه ابن زياد عهده علي الري وامره بالخروج، فخرج معسكرا بالناس بحمام اعين، فلما كان من امر الحسين ما كان واقبل إلي الكوفة دعا ابن زياد عمر بن سعد فقال: سرالي الحسين فاذا فرغنا مما بيننا وبينه سرت إلي عملك، فقال له عمر بن سعد: ان رأيت رحمك الله ان تعفيني فافعل، فقال له عبيدالله: نعم علي ان ترد لنا عهدنا، قال: فلما قال له ذلك قال عمر بن سعد: امهلني اليوم حتي أنظر، قال: فانصرف عمر يستشير نصحاء‌ه فلم يكن يستشير احدا الا نهاه قال: وجاء حمزة بن المغيرة بن شعبة وهو ابن اخته فقال انشدك الله يا خال ان تسير إلي الحسين فتأثم بربك وتقطع رحمك، فوالله لان [ صفحه 95] تخرج من دنياك ومالك وسلطان الارض كلها لو كان لك خير لك من ان تلقي الله بدم الحسين، فقال له عمر بن سعد: فاني افعل ان شاء الله. قال هشام:حدثني عوانة بن الحكم عن عمار بن عبدالله بن يسار الجهني عن ابيه قال: دخلت علي عمر بن سعد وقد امر بالمسير إلي الحسين فقال: ان الامير امرني بالمسير إلي الحسين فأبيت ذلك عليه، فقلت له: اصاب الله بك، ارشدك الله احل فلا تفعل ولا تسراليه، قال: فخرجت من عنده فاتاني آت وقال: هذا عمر بن سعد يندب الناس إلي الحسين قال: فأتيته فاذا هو جالس، فلما رآني اعرض بوجهه فعرفت انه قد عزم علي المسير اليه، فخرجت من عنده. قال: فأقبل عمر بن سعد إلي ابن زياد فقال: اصلحك الله انك وليتني هذا العمل، وكتبت لي العهد وسمع به الناس، فان رأيت ان تنفذلي ذلك فافعل وابعث إلي الحسين في هذا الجيش من اشراف الكوفة من لست بأغني ولا اجزأ عنك في الحرب منه فسمي له اناسا، فقال له ابن زياد: لا تعلمني باشراف اهل الكوفة ولست استأمرك فيمن اريد ان ابعث، ان سرت بجندنا والا فابعث الينا بعهدنا فلما رآه قد لج قال: فاني سائر، قال: فأقبل في اربعة آلاف حتي نزل بالحسين من الغد من يوم نزل الحسين نينوي. قال فبعث عمر بن سعد إلي الحسين عليه السلام عزرة بن قيس الاحمسي فقال: ائته فسله ما الذي جاء به وماذا يريد؟ وكان عزرة ممن كتب إلي الحسين فاستحيا منه ان يأتيه، قال: فعرض ذلك علي الرؤساء الذين كاتبوه وكلهم ابي وكرهه، قال: وقام اليه كثير بن عبدالله الشعبي [ صفحه 96] وكان فارسا شجاعا ليس يرد وجهه شيئ، فقال: انا اذهب اليه والله لئن شئت لافتكن به، فقال له عمر بن سعد: ما اريد ان يفتك به، ولكن ائته فسله ما الذي جاء به؟ قال: فاقبل اليه، فلما رآه ابوثمامة الصائدي قال للحسين: اصلحك الله ابا عبدالله قد جاء‌ك شر اهل الارض واجرأه علي دم وافتكه، فقام اليه فقال: ضع سيفك، قال: لا والله ولا كرامة انما انا رسول، فان سمعتم مني ابلغتكم ما ارسلت به اليكم، وان ابيتم انصرفت عنكم - فقال له: فاني آخذ بقائم سيفك ثم تكلم بحاجتك، قال: لا والله لا تمسه، فقال له: اخبرني ما جئت به وانا ابلغه عنك ولا ادعك تدنو منه فانك فاجر، قال: فاستبا ثم انصرف إلي عمر بن سعد فاخبره الخبر. قال: فدعا عمر قرة بن قيس الحنظلي فقال له: ويحك يا قرة الق حسينا فسله ما جاء به وماذا يريد؟ قال: فاتاه قرة بن قيس، فلما رآه الحسين مقبلا قال: اتعرفون هذا؟ فقال حبيب بن مظاهر: نعم هذا رجل من حنظلة تميمي وهو ابن اختنا ولقد كنت اعرفه بحسن الرأي وما كنت اراه يشهد هذا المشهد قال: فجاء حتي سلم علي الحسين وابلغه رسالة عمر بن سعد اليه له، فقال الحسين: كتب إلي اهل مصركم هذا ان اقدم، فاما اذكر هوني فانا انصرف عنهم. قال: ثم قال له حبيب بن مظاهر: ويحك يا قرة بن قيس اني ترجع إلي القوم الظالمين، انصر هذا الرجل الذي بآباء‌ه ايدك الله بالكرامة، وايانا معك، فقال له قرة: ارجع إلي صاحبي بجواب رسالته واري رأيي، قال: فانصرف إلي عمر بن سعد فاخبره الخبر، فقال له عمر بن سعد: اني لارجو أن يعافيني الله من حربه وقتاله [ صفحه 97] قال هشام عن ابي مخنف قال: حدثني النضر بن صالح بن حبيب بن زهير العبسي عن حسان [44] بن فائد ابن ابي بكر العبسي، قال: أشهد ان كتاب عمر بن سعد جاء إلي عبيدالله بن زياد وانا عنده فاذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فاني حيث نزلت بالحسين بعثت اليه رسولي فسألته عما أقدمه وماذا يطلب ويسأل؟ فقال: كتب إلي اهل هذه البلاد وأتتني رسلهم فسألوني القدوم ففعلت، فاما اذكر هوني فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فانا منصرف عنهم. فلما قرئ الكتاب علي ابن زياد قال:الان اذ علقت مخالبنا به يرجو النجاة ولات حين مناصقال: وكتب إلي عمر بن سعد: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت، فأعرض علي الحسين ان يبايع ليزيد بن معاوية هووجميع اصحابه، فاذا فعل ذلك رأينا رأينا والسلام. قال: فلما أتي عمر بن سعد الكتاب قال قد حسبت الا يقبل ابن زياد العافية. [ صفحه 98] قال ابومخنف - حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم الازدي قال: جاء من عبيدالله بن زياد كتاب إلي عمر بن سعد: اما بعد فحل بين الحسين واصحابه وبين الماء ولا يذوقوا منه قطرة كما صنع بالتقي الزكي المظلوم امير المؤمنين عثمان بن عثمان بن عفان، قال: فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج علي خمس مأة فارس، فنزلوا علي الشريعة وحالوا بين حسين واصحابه وبين الماء ان يسقوا منه قطرة، وذلك قبل قتل الحسين بثلاث. قال: ونازله عبدالله بن أبي حصين الازدي وعداده في بجيلة فقال: يا حسين الا تنظر إلي الماء كانه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتي تموت عطشا. فقال الحسين: اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له ابدا. قال حميد بن مسلم: والله لعدته بعد ذلك في مرضه، فوالله الذي لا اله الا هو لقد رايته يشرب حتي بغر، ثم يقئ ثم يعود فيشرب حتي يبغر فما يروي، فما زال ذلك دأبه حتي لفظ غصته يعني نفسه. قال: ولما اشتد علي الحسين واصحابه العطش دعا العباس بن علي بن ابيطالب اخاه فبعثه في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا وبعث معهم بعشرين قربة، فجاء‌وا حتي دنوا من الماء ليلا، واستقدم امامهم باللواء نافع بن هلال الجملي، فقال عمرو بن الحجاج الزبيدي: من الرجل فجئ ما جاء بك؟ قال: جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلاء‌تمونا عنه، قال: فاشرب هنيئا، قال: لا والله لا اشرب منه قطرة وحسين عطشان ومن تري من اصحابه فطلعوا عليه، فقال: لا سبيل إلي سقي هؤلاء، انما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء، فلما دنا منه اصحابه [ صفحه 99] قال لرجاله: املؤوا قربكم فشد الرجالة فملؤوا قربهم وثار اليهم عمرو بن الحجاج واصحابه، فحمل عليهم العباس بن علي ونافع بن هلال فكفوهم، ثم انصرفوا إلي رحالهم فقالوا: امضوا، ووقفوا دونهم، فعطف عليهم عمرو بن الحجاج واصحابه واطردوا قليلا، ثم ان رجلا من صداء طعن من اصحاب عمرو بن الحجاج طعنه نافع بن هلال فظن انها ليست بشئ، ثم انها انتقضت بعد ذلك فمات منها. وجاء اصحاب حسين بالقرب فأدخلوها عليه. قال ابومخنف - حدثني أبوجناب عن هاني بن ثبيت الحضرمي وكان قد شهد قتل الحسين قال: بعث الحسين (ع) إلي عمر بن سعد عمرو بن قرظة بن كعب الانصاري أن القني الليل بين عسكري وعسكرك قال: فخرج عمر بن سعد في نحو من عشرين فارسا، وأقبل حسين في مثل ذلك، فلما التقوا أمر حسين اصحابه ان يتنحوا عنه، وأمر عمر بن سعد أصحابه بمثل ذلك، قال فانكشفنا عنهما بحيث لا نسمع اصواتهما ولا كلامهما، فتكلما فأطالا حتي ذهب من الليل هزيع، ثم انصرف كل واحد منهما إلي عسكره باصحابه، وتحدث الناس فيما بينهما ظنا يظنونه ان حسينا قال لعمر بن سعد: اخرج معي إلي يزيد بن معاوية و ندع العسكرين، قال عمر: اذن تهدم داري. قال: انا ابنيها لك، قال: اذن تؤخذ ضياغي، قال: اذن اعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز قال؟ فتكره ذلك عمر، قال: فتحدث الناس بذلك وشاع فيهم من غير ان يكونوا سمعوا من ذلك شيئا ولا علموه قال ابومخنف - واما ما حدثنا به المجالد بن سعيد والصقعب [ صفحه 100] بن زهير الازدي وغيرهما من المحدثين فهو ما عليه جماعة المحدثين قالوا: انه قال: اختاروا مني خصالا ثلاثا اما ان ارجع إلي المكان الذي اقبلت منه، واما ان اضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيري فيما بيني وبينه رأيه واما ان تسيروني إلي اي ثغر من ثغور المسلمين شئتم فاكون رجلا من اهله لي مالهم وعلي ما عليهم. قال ابومخنف - فاما عبدالرحمان بن جندب فحدثني عن عقبة بن سمعان قال: صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة إلي مكة، ومن مكة إلي العراقولم افارقه حتي قتل، وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلي يوم مقتله الا وقد سمعتها، الا والله ما اعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون من ان يضع يده في يد يزيد بن معاوية ولا ان يسيروه إلي ثغر من ثغور المسلمين، ولكنه قال: دعوني فلا ذهب في هده الارض العريضة حتي ننظر ما يصير امر الناس. قال ابومخنف - حدثني المجالد بن سعيد الهمداني والصقعب بن زهيرانهما كانا التقيا مرارا ثلاثا او اربعا حسين وعمر بن سعد، قال: فكتب عمر بن سعد إلي عبيدالله بن زياد: اما بعد فان الله قد اطفأ النائرة، وجمع الكلمة، واصلح امر الامة، هذا حسين قد اعطاني ان يرجع إلي المكان الذي منه اتي، او ان نسيره إلي اي ثغر من ثغور المسلمين شئنا، فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، او ان يأتي يزيد امير المؤمنين فيضع يده في يده فيري فيما بينه وبينه رأيه، وفي هذا لكم رضي وللامة صلاح [ صفحه 101] قال فلما قرأ عبيدالله الكتاب قال: هذا كتاب رجل ناصح لاميره مشفق علي قومه نعم قد قبلت. قال: فقام اليه شمر بذي الجوشن فقال: اتقبل هذا منه؟ وقد نزل بارضك إلي جنبك، والله لان رحل من بلدك ولم يضع يده في يدك ليكونن اولي بالقوة والعز ولتكونن اولي بالضعف والعجز، فلا تعطه هذه المنزلة فانها من الوهن ولكن لينزل علي حكمك هو واصحابه، فان عاقبت فانت ولي العقوبة،وان غفرت كان ذلك لك، والله لقد بلغني ان حسينا وعمر بن سعد يجلسان بين العسكرين فيتحدثان عامة الليل، فقال له ابن زياد: نعم ما رايت الراي رايك.قال ابومخنف - فحدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال: ثم ان عبيدالله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له: اخرج بهذا الكتاب إلي عمر بن سعد فليعرض علي الحسين واصحابه النزول علي حكمي، فان فعلوا فليبعث بهم إلي سلما، وان هم ابوا فليقاتلهم، فان فعل فاسمع له واطع، وان هوابي فقاتلهم فانت امير الناس وثب عليه فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه قال ابوممخنف - حدثني أبوجباب الكلبي قال: ثم كتب عبيدالله بن زياد إلي عمر بن سعد، أما بعد فاني لم ابعثك إلي حسين لتكف عنه ولا لتطاوله ولا لتمنيه السلامة والبقاء ولا لتقعد له عندي شافعا، انظر فان نزل حسين واصحابه علي الحكم واستسلموا فابعث بهم إلي سلما، وان ابوا فازحف اليهم حتي تقتلهم وتمثل بهم، فانهم لذلك مستحقون، فان قتل حسين فأوط الخيل صدره وظهره، فانه عاق مشاق، قاطع ظلوم، [ صفحه 102] وليس دهري في هذا أن يضر بعد الموت شيئا ولكن علي قول لو قد قتلته فعلت هذا به، ان أنت مضيت لامرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع وان ابيت فاعتزل عملنا وجندنا وخل بين شمربن ذي الجوشن وبين العسكر فانا قد امرناه بأمرنا والسلام. قال ابومخنف - عن الحارث [45] بن حصيرة عن عبدالله [46] . [ صفحه 103] بن شريك العامري قال: لما قبض شمر بن ذي الجوشن الكتاب قام هو وعبدالله بن أبي المحل وكانت عمته ام البنين ابنة حزام عند علي بن ابي طالب (ع)، فولدت له العباس وعبدالله وجعفرا وعثمان، فقال عبدالله بن أبي المحل بن حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب: اصلح الله الاميران بني اختنا مع الحسين فان رأيت ان تكتب لهم أمانا فعلت. قال: نعم ونعمة عين، فامر كاتبه فكتب لهم امانا فبعث به عبدالله [ صفحه 104] بن أبي المحل مع مولي له يقال له كزمان، فلما قدم عليهم دعاهم فقال: هذا امان بعث به خالكم، فقال له الفتية: أقرئ خالنا السلام وقل له: ان لا حاجة لنا في امانكم، امان الله خير من امان ابن سمية. قال: فاقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيدالله بن زياد إلي عمر بن سعد، فلما قدم به عليه فقرأ قال له عمر: مالك ويلك لاقرب الله دارك وقبح الله ما قدمت به علي، والله اني لاظنك انت ثنيته ان يقبل ما كتبت به اليه، أفسدت علينا امرا كنا رجونا ان يصلح، لا يستسلم والله حسين ان نفسا ابية لبين جنبيه، فقال له شمر: أخبرني ما أنت صانع؟ أتمضي لامر اميرك وتقتل عدوه والا فخل بيني وبين الجند والعسكر.قال: لا ولا كرامة لك، وانا اتولي ذلك. قال: فدونك وكن انت علي الرجال قال: فنهض اليه عشية الخميس لتسع مضين من المحرم، قال: وجاء شمر حتي وقف علي اصحاب الحسين فقال: اين بنواختنا؟ فخرج اليه العباس وجعفر وعثمان بنو علي فقالوا له: مالك وما تريد؟ قال: انتم يا بني اختي آمنون، قال له الفتية: لعنك الله ولعن أمانك لان كنت خالنا أتؤمننا وابن رسول الله لا امان له؟ قال: ثم ان عمر بن سعد نادي يا خيل الله اركبي وابشري فركب في الناس ثم زحف نحوهم بعد صلوة العصر، وحسين جالس امام بيته محتبيا بسيفه اذ خفق برأسه علي ركبتيه، وسمعت أخته زينب الصيحة فدنت من أخيها فقالت: يا أخي اما تسمع الاصوات قد اقتربت؟ قال: فرفع الحسين رأسه فقال: اني رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله في المنام فقال لي: انك تروح الينا، قال: فلطمت اخته وجهها وقالت: يا ويلتي، فقال ليس [ صفحه 105] لك الويل يا اخية، اسكتي رحمك الرحمان وقال العباس بن علي: يا اخي اتاك القوم، قال: فنهض ثم قال: يا عباس اركب بنفسي انت يا اخي حتي تلقاهم فتقول لهم: ما لكم وما بدالكم؟ وتسئلهم عما جاء بهم. فأتاهم العباس فاستقبلهم في نحو من عشرين فارسا فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر، فقال لهم العباس ما بدالكم وما تريدون؟ قالوا: جاء امر الامير بأن نعرض عليكم ان تنزلوا علي حكمه او ننازلكم، قال: فلا تعجلون حتي ارجع إلي ابي عبدالله فاعرض عليه ما ذكرتم قال: فوقفوا ثم قالوا: القه فاعلمه ذلك، ثم القنا بما يقول: قال: فانصرف العباس راجعا يركض إلي الحسين يخبره بالخبر، ووقف اصحابه يخاطبون القوم، فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين: كلم القوم ان شئت وان شئت كلمتهم، فقال له زهيرء‌انت بدأت بهذا فكن انت تكلمهم فقال له حبيب بن مظاهر: اما والله لبئس القوم عندالله غدا قوم يقدمون عليه، قتلوا ذرية نبيه (ع) وعترته واهل بيته صلي الله عليه وآله وعباداهل هذا المصر المجتهدين بالاسحار والذاكرين الله كثيرا فقال له عزرة بن قيس: انك لتزكي نفسك ما استطعت، فقال له زهير: يا عزرة ان الله قد زكاها وهداها، فاتق الله يا عزرة فاني لك من الناصحين انشدك الله يا عزرة ان تكون ممن يعين الضلال علي قتل النفوس الزكية، قال: يا زهير ما كنت عندنا من شيعة اهل هذا البيت انما كنت عثمانيا. قال: افلست تستدل بموقفي هذا اني منهم؟ أما والله ما كتبت [ صفحه 106] اليه كتابا قط، ولا ارسلت اليه رسولا قط، ولا وعدته نصرتي قط، ولكن الطريق جمع بيني وبينه، فلما رأيته ذكرت به رسول الله صلي الله عليه وآله ومكانه منه، وعرفت ما يقدم عليه من عدوه وحزبكم فرأيت ان انصره وان اكون في حزبه وان اجعل نفسي دون نفسه حفظا لما ضيعتم من حق الله وحق رسوله (ع). قال: واقبل العباس بن علي يركض حتي انتهي اليهم فقال: يا هؤلاء ان ابا عبدالله يسئلكم ان تنصرفوا هذه العشية حتي ينظر في هذا الامر، فان هذا امر لم يجر بينكم وبينه فيه منطق، فاذا أصحبنا التقينا ان شاء الله فاما رضيناه فاتينا بالامر الذي تسألونه وتسومونه اوكرهنا فرددناه وانما اراد بذلك ان يردهم عنه تلك العشية حتي يأمر بامره ويوصي اهله، فلما اتاهم العباس بن علي بذلك قال عمر بن سعد: ماتري يا شمر؟ قال: ما تري أنت، أنت الامير والرأي رأيك، قال: قد اردت ان لا اكون، ثم اقبل علي الناس فقال: ماذا ترون؟ فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة الزبيدي: سبحان الله والله لو كانوا من الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم اليها. وقال قيس بن الاشعث: اجبهم إلي ما سألوك، فلعمري ليصبحنك بالقتال غدوة. فقال والله لو اعلم ان يفعلوا ما اخرجتهم العشية، قال: وكان العباس بن علي حين اتي حسينا بما عرض عليه عمر بن سعد قال: ارجع اليهم، فان استطعت ان تؤخرهم إلي غدوة وتدفعهم عند العشية لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم اني قد كنت احب الصلوة له وتلاوة كتابه كثرة الدعاء والاستغفار. [ صفحه 107] قال ابومخنف - حدثني الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن شريك العامري عن علي بن الحسين قال: أتانا رسول من قبل عمر بن سعد فقام مثل حيث يسمع الصوت فقال: انا قد اجلناكم إلي غد، فان استسلمتم سرحنا بكم إلي اميرنا عبيدالله بن زياد، وان ابيتم فلسنا تاركيكم. قال ابومخنف - وحدثني عبدالله بن عاصم الفائشي عن الضحاك بن عبدالله المشرقي بطن من همدان ان الحسين بن علي (ع) جمع اصحابه. قال ابومخنف - وحدثني ايضا الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن شريك العامري عن علي بن الحسين قالا: جمع الحسين اصحابه بعد ما رجع عمر بن سعد وذلك عند قرب المساء، قال علي بن الحسين:فدنوت منه لاسمع وانا مريض فسمعت ابي وهو يقول لاصحابه: اثني علي الله تبارك وتعالي احسن الثناء، واحمده علي السراء والضراء، اللهم اني احمدك علي ان اكرمتنا بالنبوة، وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، وجعلت لنا اسماعا وابصارا وافئدة ولم تجعلنا من المشركين، اما بعد فاني لا اعلم اصحابا اولي ولا خيرا من اصحابي، ولا اهل بيت ابرولا اوصل من اهل بيتي، فجزاكم الله عني جميعا خيرا، الاواني اظن يومنا من هؤلاء الاعداء غدا، الاواني قد رايت لكم،فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام، هذاليل قد غشيكم فاتخدوه جملا. [ صفحه 108] قال ابومخنف - حدثنا [47] عبدالله بن عاصم الفائشي بطن من همدان عن [48] الصحاك بن عبدالله المشرقي قال: قدمت ومالك بن النضر الارحبي علي الحسين فسلمنا عليه ثم جلسنا اليه، فرد علينا ورحب بنا وسألنا عما جئنا له؟ فقلنا: جئنا لنسلم عليك وندعو الله لك بالعافية، ونحدث بك عهدا ونخبرك خبر الناس، وانا نحدثك انهم قد جمعوا علي حربك فررأيك. فقال الحسين (ع): حسبي الله ونعم الوكيل، قال: فتذممنا و سلمنا عليه ودعونا الله له، قال: فما يمنعكما من نصرتي؟ فقال مالك بن النضر: علي دين ولي عيال، فقلت له: ان علي دينا وان لي لعيالا ولكنك ان جعلتني في حل من الانصراف اذا لم أجد مقاتلا قاتلت عنك ما كان [ صفحه 109] لك نافعا قال: قال فانت في حل، فاقمت معه فلما كان الليل قال: هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا. ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من اهل بيتي، ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتي يفرج الله، فان القوم انما يطلبوني ولو قد اصابوني لهوا عن طلب غيري. فقال له اخوته وابناء‌ه وبنو أخيه وابنا عبدالله بن جعفر: لم نفعل لنبقي بعدك؟ لا ارانا الله ذلك ابدا بدأهم بهذا القول العباس بن علي، ثم انهم تكلموا بهذا ونحوه. فقال الحسين (ع): يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم، اذهبوا قد أذنت لكم، قالوا: فما يقول الناس؟ يقولون: انا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الاعمام ولم نرم معهم بسهم، ولم نطعن معهم برمح، ولم نضرب معهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا لا والله لا نفعل ولكن نفديك انفسنا واموالنا واهلونا ونقاتل معك حتي نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك قال ابومخنف - حدثني عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقي قال: فقام اليه مسلم بن عوسجة الاسدي فقال: انحن نخلي عنك ولما نعذر إلي الله في اداء حقك. اما والله لا افارقك حتي أكسر في صدورهم رمحي واضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لم يكن معي سلاح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتي اموت معك، قال: وقال سعد بن عبدالله الحنفي: والله لا نخليك حتي يعلم الله انا قد حفظنا غيبة رسول الله صلي الله عليه وآله فيك، والله لو علمت اني اقتل ثم احيا ثم احرق حيا ثم اذر يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتي القي حمامي دونك، فكيف [ صفحه 110] الا افعل ذلك وانما هي قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها ابدا.قال: وقال زهير بن القين: والله لوددت اني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتي اقتل كذا الف قتلة وان الله يدفع بذلك القتل عن نفسك و عن انفس هؤلاء الفتية من اهل بيتك، قال: وتكلم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد فقالوا: والله لا نفارقك ولكن انفسنا لك الفداء نقيك بنحورنا وجباهنا وايدينا فاذا نحن قتلنا كنا وفينا وقضينا ما علينا. قال ابومخنف - حدثني الحارث [49] بن كعب وابوالضحاك [50] عن علي بن الحسين بن علي قال: اني جالس في تلك العشية التي قتل ابي صبيحتها وعمتي زينب عندي تمرضني اذ اعتزل ابي باصحابه في خباء له وعنده حوي مولي ابي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويصلحه وابي يقول: [ صفحه 111] يا دهرف أف لك من خليل كم لك بالاشراق والاصيلمن صاحب او طالب قتيل والدهر لا يقنع بالبديلوانما الامر إلي الجليل وكل حي سالك السبيلقال: فأعادها مرتين او ثلاثا حتي فهمتها فعرفت ما أراد فخنقتني عبرتي فرددت دمعي ولزمت السكون فعلمت ان البلاء قد نزل، فاما عمتي فانها سمعت ما سمعت وهي امرأة وفي النساء الرقة والجزع،فلم تملك نفسها ان وثبت تجرثوبها وانها لحاسرة حتي انتهت اليه فقالت: واثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة اليوم ماتت فاطمة امي، وعلي ابي، وحسن اخي، يا خليفة الماضي وثمال الباقي.قال: فنظر اليها الحسين (ع) فقال: يا اخية لا يذهبن حلمك الشيطان، قالت: بابي انت وامي يا ابا عبدالله استقتلت نفسي فداك، فرد غصته وترقرقت عيناه وقال: لو ترك القطاء ليلا لنام، قالت: يا ويلتي افتغصب نفسك اغتصابا فذلك اقرح لقلبي واشد علي نفسي، و لطمت وجهها واهوت إلي جيبها وشقته وخرت مغشيا عليها. فقام اليها الحسين فصب علي وجهها الماء وقال لها: يا اخية اتقيالله، وتعزي بعزاء الله، واعلمي ان اهل الارض يموتون، وان اهل السماء لا يبقون، وان كل شئ هالك الا وجه الله الذي خلق الارض بقدرته، ويبعث الخلق فيعودون وهو فرد وحده، أبي خير مني، وامي خير مني، وأخي خير مني، ولي ولهم ولكل مسلم برسول الله اسوة. قال فعزاها بهذا ونحوه وقال لها: يا اخية اني اقسم عليك فابري قسمي ولا تشقي علي جيبا، ولا تخمشي علي وجها، ولا تدعي علي بالويل [ صفحه 112] والثبور اذا انا هلكت. قال: ثم جاء بها حتي اجلسها عندي، وخرج إلي اصحابه، فامرهم ان يقربوا بعض بيوتهم من بعض، وأن يدخلوا الاطناب بعضها في بعض، وأن يكونوا هم بين البيوت الا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم. قال ابومخنف - عن عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقي قال: فلما امسي حسين واصحابه قاموا الليل كله يصلون و يستغفرون ويدعون ويتضرعون.قال: فمر بنا خيل لهم تحرسنا وان حسينا ليقرأ ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين [51] ما كان الله ليذر المؤمنين علي ما أنتم عليه حتي يميز الخبيث من الطيب، فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا فقال: نحن ورب الكعبة الطيبون ميزنا منكم، قال: فعرفته وقلت لبرير بن حضير: تدري من هذا؟ قال: لا، قلت: هذا ابوحرب السبيعي عبدالله بن شهر وكان مضحاكا بطالا وكان شريفا شجاعا فاتكأ، وكان سعيد بن قيس ربما حبسه في جناية، وقال له برير بن حضير: يا فاسق أنت يجعلك الله في الطيبين؟ فقال له: من أنت؟ قال: انا برير بن حضير، قال انا لله عز علي هلكت والله هلكت والله يا برير، قال: يا ابا حرب هل لك أن تتوب إلي الله من ذنوبك العظام؟ فوالله انا لنحن الطيبون، ولكنكم لانتم الخبيثون، قال: وانا علي ذلك من الشاهدين، قلت: ويحك افلا ينفعك معرفتك؟ قال جعلت فداك فمن ينادم يزيد بن [ صفحه 113] عذرة العنزي من عنز بن وائل؟ قال: ها هو ذا معي، قال: قبح الله رأيك علي كل حال أنت سفيه. قال: ثم انصرف عنا وكان الذي يحرسنا بالليل في الخيل عزرة بن قيس الاحمسي وكان علي الخيل، قال: فلما صلي عمر بن سعد الغداة يوم السبت وقد بلغنا ايضا انه كان يوم الجمعة وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء خرج فيمن معه من الناس. قال: وعبأ الحسين اصحابه وصلي بهم صلاة الغداة وكان معه اثنان وثلاثون فارسا، واربعون راجلا، فجعل زهير بن القين في ميمنة اصحابه، وحبيب بن مظاهر في ميسرة اصحابه، واعطي رايته العباس بن علي اخاه، وجعلوا البيوت في ظهورهم، وامر بحطب وقصب كان من وراء البيوت تحرق بالنار مخافة ان يأتوهم من ورائهم، قال: وكان الحسين عليه السلام اتي بقصب وحطب إلي مكان من ورائهم منخفض كانه ساقية فحفروه في ساعة من الليل فجعلوه كالخندق، ثم القوا فيه ذلك الحطب والقصب وقالوا: اذا عدوا علينا فقاتلونا القينا فيه النار كيلا نوتي من ورائنا، وقاتلونا القوم من وجه واحد، ففعلوا وكان لهم نافعا. قال ابومخنف - حدثني فضيل بن خديج الكندي عن محمد بن بشر عن عمرو الحضرمي قال: لما خرج عمر بن سعد بالناس كان علي ربع اهل المدينة يومئذ عبدالله بن زهير بن سليم الازدي، وعلي [ صفحه 114] ربع مذحج وأسد عبدالرحمان بن ابي سبرة الحنفي وعلي ربع ربيعة وكندة قيس بن الاشعث بن قيس، وعلي ربع تميم وهمدان الحر بن يزيد الرياحي، فشهد هؤلاء كلهم مقتل الحسين الا الحر بن يزيد فانه عدل إلي الحسين وقتل معه. وجعل عمر علي ميمنته عمرو بن حجاج الزبيدي، وعلي ميسرته شمر بن ذي الجوشن بن شرحبيل بن الاعور بن عمر بن معاوية وهو الضباب بن كلاب، وعلي الخيل عزرة بن قيس الاحمسي، وعلي الرجال شبث بن ربعي اليربوعي، وأعطي الراية ذويدا مولاه. قال ابومخنف - حدثني عمرو بن [52] مرة الجملي عن ابي صالح [ صفحه 115] الحنفي عن غلام لعبدالرحمان بن عبدربه الانصاري قال: كنت مع مولاي فلما حضر الناس واقبلوا إلي الحسين امر الحسين بفسطاط فضرب، ثم امر بمسك فميث في جفنة عظيمة او صحفة قال: ثم دخل الحسين ذلك الفسطاط فتطلي بالنورة قال: ومولاي عبدالرحمان بن عبد ربه وبرير بن حضير الهمداني علي باب الفسطاط تحتك مناكبهما فازدحما ايهما يطل علي اثره، فجعل برير يهازل عبدالرحمان: فقال له عبدالرحمن: دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل فقال له برير: والله لقد علم قومي اني ما احببت الباطل شابا ولا كهلا ولكن والله اني لمستبشر بما نحن لاقون والله ان بيننا وبين الحور العين الا ان يميل هؤلاء علينا باسيافهم، ولوددت انهم قد مالوا علينا باسيافهم، قال فلما فرغ الحسين دخلنا فاطلينا. قال: ثم ان الحسين ركب دابته ودعا بمصحف فوضعه امامه، قال: فاقتتل اصحابه بين يديه قتالا شديدا، فلما رأيت القوم قد صرعوا افلت وتركتهم. قال ابومخنف - عن بعض اصحابه عن ابي خالد الكاهلي قال: لما صبحت الخيل الحسين رفع الحسين يديه فقال: اللهم انت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة وانت لي في كل امر نزل بي ثقة وعدة، كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، [ صفحه 116] انزلته بك وشكوته اليك رغبة مني اليك عمن سواك ففرجته وكشفته فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهي كل رغبة. قال ابومخنف - فحدثني عبدالله بن عاصم، قال: حدثني الضحاك المشرقي، قال: لما اقبلوا نحونا فنظروا إلي النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنا الهبنا فيه النار من ورائنا لئلا يأتونا من خلفنا، اذ اقبل الينا منهم رجل يركض علي فرس كامل الاداة. فلم يكلمنا حتي مر علي ابياتنا، فنظر إلي ابياتنا فاذا هو لا يري إلي حطبا تلتهب النار فيه فرجع راجعا فنادي باعلي صوته: يا حسين استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة، فقال الحسين: من هذا كانه شمر بن ذي الجوشن، فقالوا: نعم اصلحك الله هو هو، فقال: يابن راعية المعزي انت اولي بها صليا. فقال له مسلم بن عوسجة: يابن رسول الله جعلت فداك الا ارميه بسهم فانه قد أمكنني وليس يسقط سهم فالفاسق من اعظم الجبارين، فقال له الحسين: لا ترمه، فاني اكره أن أبدأهم، وكان مع الحسين فرس له يدعي لاحقا حمل عليه ابنه علي بن الحسين، قال: فلما دنا منه القوم عاد براحلته فركبها. ثم نادي بأعلي صوته بصوت عال دعاء‌ا يسمع جل الناس: ايها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتي اعظكم بما لحق لكم علي، وحتي أعتذر اليكم من مقدمي عليكم، فان قبلتم عذري وصدقتم قولي واعطيتموني النصف كنتم بذلك اسعد ولم يكن لكم علي سبيل، وان لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من انفسكم فاجمعوا أمركم وشركائكم ثم [ صفحه 117] لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الي ولا تنظرون، ان وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولي الصالحين قال: فلما سمع اخواته كلامه هذا صحن وبكين وبكي بناته فارتفعت اصواتهن، فارسل اليهن أخاه العباس بن علي وعليا ابنه وقال لهما: اسكتاهن، فلعمي ليكثرن بكائهن، قال فلما ذهبا ليسكتاهن، قال: لا يبعد ابن عباس، قال: فظننا انه انما قالها حين سمع بكائهن لانه قد كان نهاه ان يخرج بهن. فلما سكتن حمدالله واثني عليه وذكر الله بما هو اهله، وصلي علي محمد صلي الله عليه وآله وعلي ملائكته وانبيائه فذكر من ذلك ما الله اعلم وما لا يحصي ذكره، قال: فوالله ما سمعت متكلما قط قبله ولا بعده ابلغ في منطق منهثم قال: اما بعد فانسبوني فانظروا من انا؟ ثم ارجعوا إلي انفسكم وعاتبوها فانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ الست ابن بنت نبيكم صلي الله عليه وآله وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه؟ اوليس حمزة سيد الشهداء عم ابي؟ اوليس جعفر الشهيد الطيار ذوالجناحين عمي؟ اولم يبلغكم قول مستفيض فيكم: ان رسول الله صلي الله تعالي عليه وآله وسلم قال لي ولاخي: هذان سيدا شباب اهل الجنة؟ فان صدقتموني بما أقول وهو الحق والله ما تعمدت كذبا مذ علمت ان الله يمقت عليه اهله ويضربه من اختلفه، وان كذبتموني فان فيكم من ان سألتموه عن ذلك اخبركم، سلوا جابر بن عبدالله الانصاري او أبا سعيد الخدري، أو سهل بن سعد الساعدي، اوزيد بن ارقم او انس [ صفحه 118] بن مالك، يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلي الله عليه وآله لي ولاخي، أفما في هذا حاجزلكم عن سفك دمي؟ فقال له شمر بن ذي الجوشن هو يعبدالله علي حرف ان كان يدري ما تقول، فقال له حبيب بن مظاهر: والله اني لاراك تعبدالله علي سبعين حرفا، وأنا أشهد انك صادق ما تدري ما يقول، قد طبع الله علي قلبك. ثم قال لهم الحسين: فان كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أثرا ما أتي ابن بنت نبيكم؟ فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري منكم ولا من غيركم، أنا ابن بنت نبيكم خاصة، اخبروني اتطلبوني بقتيل منكم قتلته! أو مال لكم استهلكته؟ او بقصاص من جراحة؟ قال: فأخذوا لا يكلمونه، قال: فنادي يا شبث بن ربعي، ويا حجار بن أبجر، ويا قيس بن الاشعث، ويا يزيد بن الحارث، الم تكتبوا إلي أن قد اينعت الثمار، واخضر الجناب، وطمت الجمام، وانما تقدم علي جند لك مجند فاقبل، قالوا له: لم نفعل، فقال: سبحان الله بلي والله لقد فعلتم. ثم قال: ايها الناس اذكر هتموني فدعوني انصرف عنكم إلي مأمني من الارض، قال: فقال له قيس بن الاشعث: او لا تنزل علي حكم بني عمك؟ فانهم لن يروك الا ما تحب، ولن يصل اليك منهم مكروه، فقال له الحسين: انت اخو اخيك، اتريد ان يطلبك بنو هاشم باكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل، ولا اقر اقرار العبيد. عبادالله اني عذت بربي وربكم ان ترجمون، اعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب قال: ثم انه أناخ راحلته وامر عقبة بن [ صفحه 119] سمعان فعقلها واقبلوا يزحفون نحوه. قال ابومخنف - فحدثني علي بن حنظلة بن اسعد الشامي عن رجل من قومه شهد مقتل الحسين حين قتل يقال له كثير بن عبدالله الشعبي قال: لما زحفنا قبل الحسين خرج الينا زهير بن القين علي فرس له ذنوب شاك في السلاح. فقال: يا اهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله نذار ان حقا علي المسلم نصيحة اخيه المسلم، ونحن حتي الان اخوة وعلي دين واحد وملة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف، وانتم للنصيحة منا اهل، فاذا وقع السيف انقطعت العصمة. وكنا امة وانتم أمة، ان الله قد ابتلانا واياكم بذرية نبيه محمد صلي الله عليه وآله لينظر ما نحن وانتم عاملون، انا ندعوكم إلي نصرهم وخذ لان الطاغية عبيدالله بن زياد. فانكم لا تدركون منهما الا بسوء عمر سلطانهما كله ليسملان اعينكم ويقطعان ايديكم وارجلكم ويمثلان بكم ويرقعانكم علي جذوع النخل ويقتلان اماثلكم وقراء‌كم امثال حجر بن عدي واصحابه وهاني بن عروة واشباهه. قال: فسبوه واثنوا علي عبيدالله بن زياد ودعوا له وقالوا: والله لا نبرح حتي نقتل صاحبك ومن معه او نبعث به وباصحابه إلي الامير عبيدالله سلما فقال لهم: عباد الله وان ولد فاطمة رضوان الله عليها احق بالود والنصر من ابن سمية فان لم تنصروهم فاعيذكم بالله ان تقتلوهم فخلوا بين هذا الرجل وبين ابن عمه يزيد بن معاوية فلعمري أن يزيد ليرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين. قال: فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم وقال: اسكت اسكت الله [ صفحه 120] نأمتك ابرمتنا بكثرة كلامك، فقال له زهير: يابن البوال علي عقبيه ما أياك اخاطب، انما انت بهيمة والله ما اظنك تحكم من كتاب الله آيتين فابشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الاليم. فقال له شمر: ان الله قاتلك وصاحبك عن ساعة، قال: أفبالموت تخوفني؟ فوالله للموت معه احب الي من الخلد معكم. قال: ثم اقبل علي الناس رافعا صوته فقال: عباد الله لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف [53] الخافي وأشباهه، فوالله لا تنال شفاعة محمد صلي الله عليه وآله قوما هراقوا دماء ذريته واهل بيته وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم. قال: فناداه رجلفقال له: ان ابا عبدالله يقول لك اقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وابلغ في الدعاء لقد نصحت لهؤلاء وابلغت لو نفع النصح والابلاغ.قال ابومخنف - عن ابي جناب الكلبي عن عدي بن حرملة قال: ثم ان الحر بن يزد لما زحف عمر بن سعد قال له: اصلحك الله مقاتل انت هذا الرجل؟ قال: اي والله قتالا ايسره أن يسقط الرؤوس وتطيح الايدي، قال افما لكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضي؟ قال عمر بن سعد: اما والله لو كان الامر الي لفعلت ولكن اميرك قد ابي ذلك. قال: فأقبل حتي وقف من الناس موقفا ومعه رجل من قومه يقال له: قرة بن قيس فقا: يا قرة هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا، قال: [ صفحه 121] انما تريد أن تسقيه؟ قال: فظننت والله أنه يريد ان يتنحي فلا يشهد القتال وكره أن أراه حين يصنع ذلك، فيخاف ان ارفعه عليه، فقلت له: لم اسقه وانا منطلق فساقيه، قال: فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه قال: فوالله لو انه اطلعني علي الذي يريد لخرجت معه إلي الحسين، قال: فأخذ يدنو من حسين قليلا قليلا، فقال له رجل من قومه يقال له المهاجرين الاوس: ما تريد يابن يزيد؟ اتريد ان تحمل؟ فسكت واخذه مثل العرواء، فقال له: يابن يزيد والله ان أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل شئ أراه الان، ولو قيل لي من اشجع اهل الكوفة رجلا ما عدوتك، فما هذا الذي اري منك، قال: اني والله اخير نفسي بين الجنة والجنار، ووالله لا اختار علي الجنة شيئا ولو قطعت وحرقت. ثم ضرب فرسه فلحق بحسين (ع) فقال له: جعلني الله فداكيابن رسول الله انا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق، وجعجعت بك في هذا المكان، والله الذي لا اله الا هو ما ظننتان القوم يردون عليك ما عرضت عليهم ابدا، ولا يبلغون منك هذه المنزلة، فقلت في نفسي لا ابالي ان اضيع [54] القوم في بعض امرهم ولا يرون اني خرجت من طاعتهم، واما هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم، ووالله لو ظننت انهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك، واني قد جئتك تائبا مما كان مني الي ربي ومواسيا لك بنفسي [ صفحه 122] حتي اموت بين يديك، افتري ذلك لي توبة؟ قال: نعم يتوب الله عليك ويغفر لك ما اسمك؟ قال: انا الحر بن يزيد، قال: انت الحر كما سمتك امك، انت الحر ان شاء الله في الدنيا والاخرة انزل، قال: انا لك فارسا خير مني راجلا، اقاتلهم علي فرسي ساعة والي النزول ما يصير آخرامري، قال الحسين: فاصنع يرحمك الله ما بدالك. فاستقدم امام اصحابه ثم قال: ايها القوم الا تقبلون من حسين خصلة من هذه الخصال التي عرض عليكم فيعافيكم الله من حربه وقتاله؟ قالوا: هذا الامير عمر بن سعد فكلمه، فكلمه بمثل ما كلمه به قبل وبمثل ما كلم به اصحابه، قال عمر: قد حرصت لو وجدت إلي ذلك سبيلا فعلت، فقال: يا اهل الكوفة لامكم الهبل والعبر اذ دعوتموه حتي اذا اتاكم اسلمتموه وزعمتم انكم قاتلوا انفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه، امسكتم بنفسه واخذتم بكظمه، واحطتم به من كل جانب، فمنعتموه التوجه في بلاد الله العريضة حتي يأمن ويأمن اهل بيته، واصبح في ايديكم كالاسير لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع ضرا، وخلاء‌تموه ونساء‌ه واهل بيته واصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه، وهاهم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمدا في ذريته، لا اسقاكم الله يوم الظماء ان لم تتوبوا وتنزعوا عما انتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه، فحملت عليه رجالة لهم ترميه بالنبل فأقبل حتي وقف امام الحسين. قال: ابومخنف - عن الصعقب بن زهير وسليمان بن أبي راشد [ صفحه 123] عن حميد [55] بن مسلم قال: وزحف عمر بن سعد نحوهم ثم بادي: يا زويد أدن رأيتك، قال: فادناها ثم وضع سهمه في كبد قوسه ثم رمي فقال: اشهدوا أني أول من رمي. قال أبومخنف - حدثني أبوجناب قال: كان منا رجل يدعي عبدالله بن عمير من بني عليم كان قد نزل الكوفة واتخذ عنه بئر الجعد من همدان دارا، وكانت معه امرأة له من النمرين قاسط يقال لها ام وهب بنت عبد، فرأي القوم بالنخيلة يعرضون ليسرحوا إلي الحسين، قال فسأل عنهم فقيل له: يسرحون إلي حسين بن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله فقال: والله لو قد كنت علي جهاد أهل الشرك حريصا واني لارجوالا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثوابا عند الله من ثوابه اياي في جهاد المشركين. فدخل إلي امرأته فأخبرها بما سمع وأعلمها بما يريد فقالت: أصبت أصاب الله بك، أرشد أمورك، افعل وأخرجني معك، قال: فخرج بها ليلا حتي أتي حسينا فأقام معه، فلما دنا منه عمر بن سعد ورمي بسهم ارتمي الناس، فلما ارتموا خرج يسار مولي زياد بن أبي سفيان وسالم مولي عبيدالله بن زياد فقالا: من يبارز ليخرج الينا بعضكم. قال: فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن حضير [ صفحه 124] فقال لهما حسين: اجلسا، فقام عبدالله بن عمير الكلبي فقال: ابا عبدالله رحمك الله ائذن لي فلا خرج اليهما، فرأي حسين رجلا آدم طويلا شديد الساعدين، بعيد ما بين المنكبين، فقال حسين: اني لاحسبه للاقران قتالا، اخرج ان شئت. قال: فخرج اليهما، فقالا له: من أنت؟ فانتسب لهما، فقالا: لا نعرفك ليخرج الينا زهير بن القين، أوجيب بن مظاهر، او برير بن حضير، ويسار مستنتل امام سالم، فقال له الكلبي: يا بن الزانية وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ويخرج اليك أحد من الناس الا وهو خير منك، ثم شد عليه فضربه بسيفه حتي برد فانه لمشتغل به يضربه بسيفه اذ شد عليه سالم، فصاح به قد رهقك العبد، قال فلم يأبه له حتي غشيه، فبدره الصربة فاتقاه الكلبي بيده اليسري فأطار أصابع كفه اليسري، ثم مال عليه الكلبي فضربه حتي قتله، وأقبل الكلبي مرتجزا وهويقول وقد قتلهما جميعا:ان تنكروني فأنابن كلب حسبي ببيتي في عليم حسبياني امرؤ ذو مرة وعصب ولست بالخوار عند النكباني زعيم لك ام وهب بالطعن فيهم مقدما والضربضرب غلام مؤمن بالرب فأخذت ام وهب امرأته عمودا ثم اقبلت نحو زوجها تقول له: فداك أبي وامي قاتل دون الطيبين ذرية محمد، فأقبل اليها يردها نحو النساء، فأخذت تجاذب ثوبه ثم قالت: اني لن ادعك دون أن اموت معك، فناداها حسين فقال: جزيتم من اهل بيت خيرا، ارجعي رحمك الله إلي النساء فاجلسي معهن فانه ليس علي النساء قتال، فانصرفت اليهن [ صفحه 125] قال: وحمل عمرو بن الحجاج وهو علي ميمنة الناس في الميمنة فلما ان دنا من حسين جثوا له علي الركب واشرعوا الرماح نحوهم فلم تقدم خيلهم علي الرماح فذهبت الخيل لترجع فرشقوهم بالنبل فصرعوا منهم رجالا وجرحوا منهم آخرين.قال ابومخنف - فحدثني حسين ابوجعفر قال: ثم ان رجلا من بني تميم يقال له: عبدالله بن حوزة جاء حتي وقف امام الحسين فقال: يا حسين يا حسين فقال له حسين ما تشاء؟ قال: ابشر بالنار، قال: كلا اني اقدم علي رب رحيم وشفيع مطاع، من هذا؟ قال له اصحابه: هذا ابن حوزة، قال: رب حزه إلي النار، قال: فاضطرب به فرسه في جدول فوقع فيه، وتعلقت رجله بالركاب ووقع راسه في الارض ونفر الفرس فأخذه يمر به فيضرب برأسه كل حجر وكل شجرة حتي مات. قال ابومخنف - واما سويد بن حية فزعم لي ان عبدالله بن حوزة حين وقع فرسه بقيت رجله اليسري في الركاب وارتفعت اليمني فطارت وعدا به فرسه يضرب رأسه كل حجر واصل شجرة حتي مات. قال ابومخنف - عن عطاء عن عطاء [56] بن السائب عن [57] عبدالجبار بن وائل [ صفحه 126] الحضرمي عن اخيه مسروق بن وائل قال: كنت في اوائل الخيل ممن سار إلي الحسين فقلت: اكون في اوائلها لعلي اصيب رأس الحسين فاصيب به منزلة عند عبيدالله بن زياد، قال: فلما انتهينا إلي حسين تقدم رجل من القوم يقال له ابن حوزة فقال: افيكم حسين؟ قال: فسكت حسين فقالها ثانية فأسكت حتي اذا كانت الثالثة قال: قولو له نعم هذا حسين [ صفحه 127] فما حاجتك؟ قال: يا حسين ابشر بالنار، قال كذبت بل اقدم علي رب غفور وشفيع مطاع، فمن انت؟ قال: ابن حوزة، قال: فرفع الحسين يديه حتي رأينا بياض ابطيه من فوق الثياب. ثم قال: اللهم حزه إلي النار، قال: فغضب ابن حوزة فذهب ليقحم اليه الفرس وبينه وبينه نهر قال: فعلقت قدمه بالركاب وجالت به الفرس فسقط عنها، قال: فانقطعت قدمه وساقه وفخذه وبقي جانبه الاخر متعلقا بالركاب، قال: فرجع مسروق وترك الخيل من ورائه، قال: فسئلته فقال: لقد رأيت من اهل هذا البيت شيئا لا اقاتلهم ابدا قال ونشب القتال قال ابومخنف - وحدثني يوسف [58] بن يزيد عن عفيف بن زهير بن ابي الاخنس وكان قد شهد مقتل الحسين قال: وخرج يزيد [ صفحه 128] بن معقل من بني عميرة بن ربيعة وهو حليف لبني سليمة من عبدالقيس فقال: يا برير بن حضير كيف تري الله صنع بك؟ قال: صنع الله والله بي خيرا وصنع الله بك شرا، قال: كذبت وقبل اليوم ما كنت كذابا، هل تذكروانا اما شيك في بني لوذان وانت تقول: ان عثمان بن عفان كان علي نفسه مسرفا، وان معاوية بن ابي سفيان ضال مضل، وان امام الهدي والحق علي بن ابيطالب، فقال له برير: اشهد ان هذا رايي وقولي، فقال له يزيد بن معقل: فاني اشهد انك من الضالين، فقال له برير بن حضير: هل لك فلا باهلك ولندع الله ان يلعن الكاذب وان يقتل المبطل، ثم اخرج فلا بارزك. قال: فخرجا فرفعا ايديهما إلي الله يدعو انه ان يلعن الكاذب وان يقتلالمحق المبطل، ثم برز كل واحد منهما لصاحبه فاختلفا ضربتين فضرب يزيد بن معقل برير بن حضير ضربة خفيفة لم تضره شيئا، وضربه برير بن حضير ضربة قدت المغفر وبلغت الدماغ فخر كانما هوي من حالق، وان سيف ابن حضير لثابت في رأسه، فكاني انظر اليه ينضنضه من رأسه، وحمل عليه رضي بن منقذ العبدي فاعتنق بريرا فاعتر كا ساعة. ثم ان برير اقعد علي صدره فقال رضي: اين اهل المصاع والدفاع، قال: فذهب كعب بن جابر بن عمرو الازدي ليحمل عليه، فقلت: ان هذا برير بن حضير القاري الذي كان يقرئنا القرآن في المسجد، فحمل عليه بالرمح حتي وضعه في ظهره، فلما وجه مس الرمح برك عليه فعض بوجهه وقطع طرف انفه، فطعنه كعب بن جابر حتي القاه عنه، [ صفحه 129] وقد غيب السنان في ظهره، ثم اقبل عليه يضربه بسيفه حتي قتله. قال عفيف: كاني انظر إلي العبدي الصريع قام ينفض التراب عن قبائه ويقول: انعمت علي يا اخا الازد نعمة لن انساها ابدا قال: فقلت انت رأيت هذا؟ قال نعم رأي عيني وسمع اذني، فلما رجع كعب بن جابر قالت له أمراته او اخته النوار بنت جابر: اعنت علي ابن فاطمة وقتلت سيد القراء لقد اتيت عظيما من الامر والله لا اكلمك من رأسي كلمة ابدا وقال كعب بن جابر:سلي تخبري عني وانت ذميمة غداة حسين والرماح شوارعالم آت أقصي ما كرهت ولم يخل علي غداة الروع ما أنا صانعمعي يزني لم تخنه كعوبه وأبيض مخشوب الغرارين قاطعفجردته في عصبة ليس دينهم بديني واني بابن حرب لقانعولم ترعيني مثلهم في زمانهم ولا قبلهم في الناس اذ أنا يافعأشد قراعا بالسيوف لدي الوغا ألاكل من يحمي الذمار مقارعوقد صبروا للطعن والضرب حسرا وقد نازلوا لو أن ذلك نافعفأبلغ عبيدالله اما لقيته باني مطيع للخليفة سامعقتلت بريرا ثم حملت نعمة أبا منقذ لما دعا من يماصعقال ابومخنف - حدثني عبدالرحمان بن جندب قال: سمعته في امارة مصعب بن الزبير وهو يقول: يا رب انا قد وفينا فلا تجعلنا يا رب كمن قد غدر، فقال له أبي: صدق ولقد وفي وكرم وكسبت لنفسك سوء‌ا، قال: كلا اني لم أكسب لنفسي شرا ولكني كسبت لها خيرا. قال: وزعموا أن رضي بن منقذ العبدي رد بعد علي كعب بن جابر [ صفحه 130] جواب قوله فقال:لو شاء ربي ما شهدت قتالهم ولا جعل النعماء عندي ابن جابرلقد كان ذاك اليوم عارا وسبة يعيره الابناء بعد المعاشرفيا ليت اني كنت من قبل قتله ويوم حسين كنت في رمس قابرقال: وخرج عمرو بن [59] قرظة الانصاري يقاتل دون حسين و [ صفحه 131] هو يقول:قد علمت كتيبة الانصار أني سأحمي حوزة الذمارضرب غلام غير نكس شاري دون حسين مهجتي وداريقال أبومخنف - عن ثابت بن هبيرة فقتل عمرو بن قرظة بن كعب وكان مع الحسين وكان علي اخوه مع عمر بن سعد، فنادي علي بن قرظة: ياحسين يا كذاب بن الكذاب أضللت أخي وغررته حتي قتلته قال: ان الله لم يضل أخاك، ولكنه هدي أخاك وأضلك،قال: قتلني الله ان لم اقتلك أو أموت دونك، فحمل عليه فاعترضه نافع بن [ صفحه 132] هلال المرادي فطعنه فصرعه، فحمله أصحابه فاستنقذوه فدووي بعد فبرأ. قال أبومخنف - حدثني النضر بن صالح [60] أبوزهير العبسي أن الحر بن زيد [61] لما لحق بحسين قال رجل من بني تميم من بني [ صفحه 133] شقرة وهم بنو الحارث ابن تميم يقال له يزيد بن سفيان: اما والله لو أني رأيت الحر بن يزيد حين خرج لاتبعته السنان، قال: فبينا الناس يتجاولون ويقتلون والحر بن يزيد يحمل علي القوم مقدما ويتمثل قول عنترة:ما زلت أرميهم بثغرة نحره ولبانه حتي تسربل بالدمقال: وان فرسه لمضروب علي اذنيه وحاجبه، وان دماء‌ه لتسيل، فقال الحصين بن تميم وكان علي شرطة عبيدالله فبعثه إلي الحسين وكان مع عمر بن سعد فولاه عمر مع الشرطة المجففة ليزيد بن سفيان: هذا الحر بن يزيد الذي كنت تتمني، قال: نعم، فخرج اليه فقال له: هل لك يا حر بن يزيد في المبارزة؟ قال: نعم قد شئت، فبرز له، قال: وأنا سمعت الحصين بن تميم يقول والله لبرز له فكانما كانت نفسه في يده فما لبثه الحرحين خرج اليه أن قتله. قال هشام بن محمد، عن أبي مخنف قال: حدثني يحيي [62] . [ صفحه 134] بن هاني بن عروة أن نافع بن [63] هلال كان يقاتل يومئذ وهو يقول: [ صفحه 135] انا الجملي انا علي دين علي قال: فخرج اليه رجل يقال له مزاحم بن حريث فقال: انا علي دين عثمان، فقال له: انت علي دين شيطان، ثم حمل عليه فقتله فصاح عمرو بن الحجاج بالناس: يا حمقي اتدرون من تقاتلون؟ فرسان المصر قوما مستميتين لا يبرزن لهم منكم احد، فانهم قليل وقل ما يبقون والله لولم ترموهم الا بالحجارة لقتلتموهم، فقال عمر بن سعد: صدقت، الرأي ما رأيت. وارسل إلي الناس يعزم عليهم الا يبازر رجل منكم رجلا منهم. [ صفحه 136] قال ابومخنف - حدثني الحسين بن عقبة المرادي قال الزبيدي انه سمع عمرو بن الحجاج حين دنا من اصحاب الحسين يقول: يا اهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الامام، فقال له الحسين: يا عمرو بن الحجاج اعلي تحرض الناس انحن مرقنا وانتم ثبتم عليه؟ اما والله لتعلمن لو قد قبضت ارواحكم ومتم علي اعمالكم ابنا مرق من الدين ومن هو أولي بصلي النار؟ قال: ثم ان عمرو بن الحجاج حمل علي الحسين في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات فاضربوا ساعة فصرع [64] مسلم بن عوسجة [ صفحه 137] الاسدي اول اصحاب الحسين. ثم انصرف عمرو بن الحجاج واصحابه وارتفعت الغبرة فاذاهم به صريع فمشي اليه الحسين فاذا به رمق فقال رحمك ربك يامسلم بن عوسجة منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال: عز علي مصرعك يا مسلم ابشر بالجنة، فقال له مسلم قولا ضعيفا: بشرك الله بخير، فقال له حبيب: لولا اني أعلم أني في اثرك لاحق بك من ساعتي هذه لاحببت أن توصيني بكل ما اهمك حتي أحفظك في كل ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين قال: بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله واهوي بيده إلي الحسين ان تموت دونه، قال: أفعل ورب الكعبة، قال فما كان بأسرع من أن مات في ايديهم. [ صفحه 138] وصاحت جارية له فقالت: يابن عوسجتاه يا سيداه. فتنادي أصحاب عمرو بن الحجاج قتلنا مسلم بن عوسجة الاسدي، فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه: ثكلتكم امهاتكم انما تقتلون انفسكم بايديكم وتذللون أنفسكم لغيركم، تفرحون ان يقتل مثل مسلم بن عوسجة، اما والذي أسلمت له لرب موقف له قد رأيته في المسلمين كريم، لقد رأيته يوم سلق آذربيجان قتل ستة من المشركين قبل تتام خيول المسلمين، أفيقتل منكم مثله وتفرحون؟ قال: وكان الذي قتل مسلم بن عوسجة مسلم بن عبدالله الضبابي وعبدالرحمان بن ابي خشكارة البجلي، قال: وحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة علي اهل الميسرة فثبتوا له فطاعنوه واصحابه. وحمل علي حسين وأصحابه من كل جانب، فقتل الكلبي [65] .وقد قتل رجلين بعد الرجلين الاولين وقاتل قتالا شديدا، فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي وبكير بن حي التميمي من تيم الله بن ثعلبة فقتلاه، وكان القتيل الثاني من أصحاب الحسين. [ صفحه 139] وفاتلهم اصحاب الحسين قتالا شديدا وأخذت خيلهم تحمل و انما هم اثنان وثلاثون فارسا واخذت لا تحمل علي جانب من خيل اهل الكوفة الا كشفته، فلما رأي ذلك عزرة بن قيس وهو علي خيل اهل الكوفة ان خيله تنكشف من كل جانب بعث إلي عمر بن سعد عبد الرحمان بن حصن فقال: اما تري ما تلقي خيلي مذ اليوم من هذه العدة اليسيرة؟ ابعث اليهم الرجال والرماة، فقال لشبث بن ربعي الا تقدم اليهم؟ فقال: سبحان الله أتعمد إلي شيخ مصر وأهل مصر عامة تبعثه في الرماة لم تجد من تندب لهذا ويجزي عنك غيري؟ قال: وما زالوا يرون من شبث الكراهة لقتاله، قال: وقال ابوزهير العبسي فانا سمعته في امارة مصعب يقول: لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرا ابدا، ولا يسددهم لرشد. ألا تعجبون أنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده آل ابي سفيان خمس سنين، ثم عدونا علي ابنه وهو خير اهل الارض نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية ضلال يالك من ضلال، قال: ودعا عمر بن الحصين بن تميم فبعث معه المجففة وخمسمأة من المرامية فاقبلوا حتي اذا دنوا من الحسين واصحابه رشقوهم بالنبل فلم يلبثوا ان عقروا خيولهم وصاروا رجالة كلهم قال ابومخنف - حدثني نمير بن وعلة أن ايوب بن مشرح الخيواني كان يقول: أنا والله عقرت بالحر بن يزيد فرسه حشأته [66] سهما فما لبث [ صفحه 140] ان ارعد الفرس واضطرب وكبا فوثب عنه الحركانه ليث والسيف في يده وهو يقول:ان تعقروا بي فأنا ابن الحر أشجع من ذي لبد هزبرقال: فما رأيت أحدا قط يفري فريه [67] قال: فقال له أشياخ من الحي أنت قتلته؟ قال: لا والله ما انا قتلته ولكن قتله غيري وما احب اني قتلته، فقال له أبوالوداك: ولم؟ قال: انه كان زعموا من الصالحين، فوالله لئن كان ذلك اثما لان ألقي الله باثم الجراحة والموقف احب إلي من أن ألقاه باثم قتل أحد منهم، فقال له أبوالوداك: ما اراك الا ستلقي الله باثم قتلهم اجمعين ارايت لو انك رميت ذا فعقرت ذا ورميت آخر ووقف موقفا وكررت عليهم وحرضت اصحابك وكثرت اصحابك وحمل عليك وكرهت أن تفروفعل آخر من أصحابك كفعلك وآخر وآخر كان هذا واصحابه يقتلون أنتم شركاء كلكم في دمائهم. فقال له: يا أبا الوداك انك لتقنطنا من رحمة الله ان كنت ولي حسابنا يوم القيامة فلا غفر الله لك ان غفرت لنا، قال: هو ما أقول لك، قال: وقاتلوهم حتي انتصف النهار اشد قتال خلقه الله وأخذوا لا يقدرون علي ان يأتوهم الا من وجه واحد لاجتماع ابنيتهم وتقارب بعضها من بعض، قال: فلما روي ذلك عمر بن سعد ارسل رجالا يقوضونها عن ايمانهم وعن شمائلهم ليحيطوا بهم، قال: فاخذ الثلاثة والاربعة من اصحاب الحسين يتخللون البيوت فيشدون علي الرجل وهو يقوض و [ صفحه 141] ينتهب فيقتلونه ويرمونه من قريب ويعقرونه، فأمربها عمر بن سعد عند ذلك فقال: أحرقوها بالنار ولا تدخلوا بيتا ولا تقوضوه، فجاء‌وا بالنار فاخذوا يحرقون.فقال حسين: دعوهم فليحرقوها فانهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا اليكم منها وكان ذلك كذلك. وأخذوا لا يقاتلونهم الا وجه واحد. قال: وخرجت امرأة الكلبي تمشي إلي زوجها حتي جلست عند رأسه تمسح عنه التراب وتقول: هنيئا لك الجنة، فقال شمر بن ذي الجوشن لغلام يسمي رستم: اضرب رأسها بالعمود، فضرب رأسها فشدخه فماتت مكانها. قال: وحمل شمر بن ذي الجوشن حتي طعن فسطاط الحسين برمحه ونادي علي بالنار حتي احرق هذا البيت علي أهله، قال فصاح النساء وخرجن من الفسطاط، قال: وصاح به الحسين يابن ذي الجوشن انت تدعو بالنار لتحرق بيتي علي اهلي حرقك الله بالنار. قال ابومخنف - حدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال: قلت لشمر بن ذي الجوشن: سبحان الله ان هذا لا يصلح لك، اتريد ان تجمع علي نفسك خصلتين: تعذب بعذاب الله وتقتل الولدان والنساء، والله ان في قتلك الرجال لما ترضي به اميرك. قال: فقال: من انت؟ قال: قلت لا اخبرك من انا، قال: وخشيت والله ان لو عرفتني ان يضرني عند السلطان، قال: فجاء‌ه رجل كان اطوع له مني شبث بن ربعي فقال: ما رأيت مقالا اسوء من قولك ولا موقفا اقبح من موقفك [ صفحه 142] امرعبا للنساء صرت؟ قال: فاشهد انه استحيا فذهب لينصرف، وحمل عليه زهير بن القين [68] في رجال من اصحابه عشرة فشد علي شمر بن ذي الجوشن واصحابه فكشفهم عن البيوت حتي ارتفعوا عنها فصرعوا ابا عزة الضبابي فقتلوه، فكان من اصحاب شمر. وتعطف الناس عليهم فكثروهم فلا يزال الرجل من اصحاب الحسين قد قتل منهم الرجل والرجلان تبين فيهم واولئك كثير لا يتبين فيهم ما يقتل منهم. قال: فلما رأي ذلك ابوثمامة عمرو بن عبدالله الصائدي قال للحسين: يا ابا عبدالله نفسي لك الفداء. اني اري هؤلاء قد اقتربوا منك ولا والله لا تقتل حتي اقتل دونك ان شاء الله، واحب ان القي ربي وقد صليت هذه الصلاة التي قددنا وقتها، قال: فرفع الحسين رأسه ثم قال: ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين، نعم هذا اول وقتها، ثم قال: سلوهم ان يكفوا عنا حتي نصلي، فقال لهم الحصين بن تميم: انها لا تقبل، فقال له حبيب بن مظاهر [69] : لا تقبل، زعمت [ صفحه 143] الصلوة من آل رسول الله صلي الله عليه وآله لا تقبل وتقبل منك يا حمار، قال: فحمل [ صفحه 144] عليهم حصين بن تميم، وخرج اليه حبيب بن مظاهر فضرب وجه فرسه [ صفحه 145] بالسيف فشب ووقع عنه وحمله اصحابه فاستنقذوه واخذ حبيب بقول:اقسم لو كنا لكم اعدادا اوشطر كم وليتم اكتادايا شر قوم حسبا وآدا قال وجعل يقول يومئذ:انا حبيب وابي مظاهر فارس هيجاء وحرب تسعرانتم اعد عدة واكثر ونحن اوفي منكم واصبرونحن اعلي حجة واظهر حقا واتقي منكم واعذروقاتل قتالا شديدا فحمل عليه رجل من بني تميم فضربه بالسيف علي راسه فقتله. وكان يقال له بديل بنصريم من بني عقفان. وحمل عليه آخر من بني تميم فطعنه فوقع، فذهب ليقوم فضربه الحصين بن تميم علي رأسه بالسيف فوقع، ونزل اليه التميمي فاحتز رأسه. فقال له [ صفحه 146] الحصين: اني لشريكك في قتله، فقال الاخر: والله ما قتله غيري، فقال الحصين: اعطنيه اعلقه في عنق فرسي كيما يري الناس ويعلموا أني شركتفي قتله. ثم خذه أنت بعد فامض به إلي عبيدالله بن زياد فلا حاجة لي فيما تعطاه علي قتلك اياه. قال: فابي عليه فأصلح قومه فيما بينهما علي هذا فدفع اليه رأس حبيب بن مظاهر فجال به في العسكر قد علقه في عنق فرسه ثم دفعه بعد ذلك اليه فلما رجعوا إلي الكوفة اخذ الاخر رأس حبيب فعلقه في لبان فرسه، ثم اقبل به إلي ابن زياد في القصر، فبصر به ابنه القاسم بن حبيب، وهو يومئذ قد راهق، فاقبل مع الفارس لا يفارقه كلما دخل القصر دخل معه، واذا خرج خرج معه، فارتاب به فقال: مالك يا بني تتبعني، قال: لا شئي، قال بلي يا بني اخبرني؟ قال له: ان هذا الرأس الذي معك رأس ابي أفتعطينيه حتي أدفنه، قال: يا بني لا يرضي الاميران يدفن وانا اريد ان يثيبني الامير علي قتله ثوابا حسنا، قال له الغلام: لكن الله لا يثيبك علي ذلك الا اسوء الثواب اما والله لقد قتلته خيرا منك وبكي. فمكث الغلام حتي اذا ادرك لم يكن له همة الا اتباع اثر قاتل أبيه ليجد منه غرة فيقتله بابيه. فلما كان زمانا مصعب بن الزبير وغزا مصعب با جميرا [70] دخل عسكر مصعب [ صفحه 147] فاذا قاتل ابيه في فسطاطه، فاقبل يختلف في طلبه والتماس غرته فدخل عليه وهو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتي برد. قال ابومخنف - حدثني محمد بن قيس قال: لما قتل حبيب بن مظاهر هد ذلك حسينا وقال عند ذلك: احتسب نفسي وحماة أصحابي، قال واخذ الحرير تجز ويقول:آليت لا اقتل حتي اقتلا ولن اصاب اليوم الا مقبلااضربهم بالسيف ضربا مقصلا لانا كلا عنهم ولا مهللاواخذ يقول ايضا:اضرب في اعراضهم بالسيف عن خير من حل مني والخيففقاتل هو وزهير بن القين قتالا شديدا، فكان اذا شد احدهما فان استلحم شد الاخر حتي يخلصه، ففعلا ذلك ساعة. ثم ان رجالة شدت علي الحر بن يزيد فقتل، وقتل أبوثمامة الصائدي [71] ابن عم له كان [ صفحه 148] عدوا له، ثم صلوا الظهر صلي بهم الحسين صلوة الخوف، ثم اقتتلوا بعد الظهر فاشتد قتالهم، ووصل إلي الحسين فاستقدم [72] الحنفي امامه [ صفحه 149] فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يمينا وشمالا قائما بين يديه فما زال يرمي حتي سقط. وقاتل زهير بن القين قتالا شديدا وأخذ يقول:أنا زهير وأنا ابن القين أذودهم بالسيف عن حسينقال وأخذ يضرب علي منكب حسين ويقول:أقدم هديت هاديا مهديا فاليوم تلقي جدك النبياوحسنا والمرتضي عليا وذاالجناحين الفتي الكمياوأسد الله الشهيد الحيا قال فشد عليه كثير بن عبدالله الشعبي ومهاجر بن أوس فقتلاه. [ صفحه 150] قال: وكان نافع بن هلال الجملي قد كتب اسمه علي أفواق نبله، فجعل يرمي بها مسمومة وهو يقول: أنا الجملي - أنا علي دين علي فقتل اثني عشر من أصحاب عمر بن سعد سوي من جرح، قال: فضرب حتي كسرت عضداه واخذ أسيرا، قال: فأخذه شمر بن ذي الجوشن ومعه أصحاب له يسوقون نافعا حتي اوتي به عمر بن سعد، فقال له عمر بن سعد: ويحك يا نافع ما حملك علي ما صنعت بنفسك، قال: ان ربي يعلم ما أردت، قال: والدماء تسيل علي لحيته وهو يقول: والله لقد قتلت منكم اثنا عشر سوي من جرحت، وما الوم نفسي علي الجهد ولو بقيت لي عضد وساعد ما أسرتموني، فقال له شمر: اقتله أصلحك الله، قال: انت جئت به فان شئت فاقتله، قال: فانتضي شمر سيفه، فقال له نافع: اما والله ان لو كنت من المسلمين لعظم عليك ان تلقي الله بدمائنا، فالحمد لله الذي جعل منايانا علي يدي شرار خلقه فقتله. قال: ثم اقبل شمر يحمل عليهم وهو قول.خلو عداة الله خلوا عن شمر يضربهم بسيفه ولا يفروهو لكم صاب وسم ومقر قال: فلما رأي اصحاب الحسين انهم قد كثروا وانهم لا يقدرون علي ان يمنعوا حسينا ولا انفسهم تنافسوا في ان يقتلوا بين يديه فجاءعبدالله [73] و عبدالرحمان - [ صفحه 151] ابنا عزرة [74] الغفاريان فقالا: يا ابا عبدالله عليك السلام، حازنا العدو اليك فأحببنا ان نقتل بين يديك نمنعك وندفع عنك، قال: مرحبا بكما، ادنوا مني، فدنوا منه، فجعلا يقاتلان قريبا منه واحدهما يقول:قد علمت حقا بنو غفار وخندف بعد بني نزارلنضربن معشر الفجار بكل عضب صارم بتاريا قوم ذودوا عن بني الاحرار بالمشرفي والقنا الخطارقال وجاء الفتيان الجابريان [75] سيف بن الحارث بن سريع [ صفحه 152] ومالك بن عبد بن سريع وهما ابنا عم واخوان لام، فأتيا حسينا فدنوا منه وهما يبكيان، فقال: اي ابني اخي ما يبكيكما؟ فوالله اني لارجو ان تكونا عن ساعة قريري عين، قالا: جعلنا الله فداك، لا والله ما علي انفسنا نبكي، ولكنا نبكي عليك نراك قد احيط بك ولا نقدر علي ان نمنعك، فقال: جزاكما الله يا ابني اخي بوجدكما من ذلك ومواساتكما اياي بأنفسكما احسن جزاء المتقين. قال: وجاء حنظلة بن اسعد الشبامي [76] فقام بين يدي حسين فأخذ ينادي: يا قوم اني اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب؟ مثل دأب [ صفحه 153] قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم، وما الله يريد ظلما للعباد، ويا قوم اني أخاف عليكم يوم التناد، يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم، ومن يضلل الله فما له من هاد، يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب، وقد خاب من افتري. فقال له حسين: يا ابن أسعد رحمك الله انهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم اليه من الحق، ونهضوا اليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الان وقد قتلوا اخوانك الصالحين، قال: صدقت جعلت فداك، أنت أفقه مني وأحق بذلك، افلا نروح إلي الاخرة ونلحق باخواننا؟ فقال: رح إلي خير من الدنيا وما فيها والي ملك لا يبلي، فقال: السلام عليك يا ابا عبدالله، صلي الله عليك وعلي اهل بيتك، وعرف بيننا وبينك في جنته، فقال: آمين آمين. فاستقدم فقاتل حتي قتل. قال: ثم استقدم الفتيان الجابريان يلتفتان إلي حسين ويقولان: السلام عليك يابن رسول الله، فقال: عليكما السلام ورحمة الله، فقاتلا حتي قتلا. قال: وجاء عابس بن ابي شبيب الشاكري [77] ومعه [ صفحه 154] شوذب [78] مولي شاكر، فقال يا شوذب ما في نفسك ان تصنع؟ قال: ما اصنع اقاتل معك دون ابن بنت رسول الله صلي الله عليه وآله حتي أقتل، قال: ذلك الظن بك اما لا [79] فتقدم بين يدي أبي عبدالله حتي يحتسبك كما احتسب غيرك من اصحابه، وحتي احتسبك انا، فانه لو كان معي الساعة احدانا اولي به مني بك لسرني أن يتقدم بين يدي حتي أحتسبه، فان هذا يوم ينبغي لنا ان نطلب الاجر فيه بكل ما قدرنا عليه، فانه لا عمل بعد اليوم وانما هو الحساب. قال فتقدم فسلم علي الحسين، ثم مضي فقاتل حتي قتل. [ صفحه 155] قال: ثم قال عابس بن ابي شبيب: يا أبا عبدالله اما والله ما أمسي علي ظهر الارض قريب ولا بعيد اعز علي ولا احب إلي منك، ولو قدرت علي ان ادفع عنك الضيم والقتل بشئ اعز علي من نفسي ودمي لفعلته، السلام عليك يا ابا عبدالله اشهد الله اني علي هديك وهدي ابيك، ثم مشي بالسيف مصلتا نحوهم وبه ضربة علي جبينه. قال ابومخنف - حدثني نمير بن وعلة عن رجل من بني عبد من همدان يقال له ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم قال: لما رأيته مقبلا عرفته وقد شاهدته في المغازي وكان اشجع الناس، فقلت: ايها الناس هذا اسد الاسود، هذا ابن ابي شبيب لا يخرجن اليه احد منكم، فأخذ ينادي الارجل لرجل. فقال عمر بن سعد: ارضخوه بالحجارة، قال: فرمي بالحجارة من كل جانب، فلما رأي ذلك القي درعه ومغفره، ثم شد علي الناس فوالله لرأيته يكرد اكثر من مأتين من الناس، ثم انهم تعطفوا عليه من كل جانب فقتل. قال: فرايت رأسه في ايدي رجال ذوي عدة هذا يقول: انا قتلته، وهذا يقول: انا قتلته فاتوا عمر بن سعد فقال: لا تختصموا هذا لم يقتله سنان واحد ففرق بينهم بهذا القول. قال ابومخنف - حدثني عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقي قال: لما رأيت اصحاب الحسين قد اصيبوا وقد خلص اليه والي اهل بيته ولم يبق معه غير سويد [80] بن عمرو بن ابي المطاع الخثعمي [ صفحه 156] وبشير بن [81] عمرو الحضرمي قلت له: يابن رسول الله قد علمت ما كان [ صفحه 157] بيني وبينك. قلت لك: اقاتل عنك ما رايت مقاتلا، فاذا لم ار مقاتلا فانا في حل من الانصراف، فقلت لي: نعم، قال: فقال صدقت وكيف لك بالنجاء ان قدرت علي ذلك فأنت في حل، قال: فاقبلت إلي فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل اصحابنا تعقر اقبلت بها حتي ادخلتها فسطاطا لاصحابنا بين البيوت. واقبلت اقاتل معهم راجلا فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين وقطعت يد آخر وقال لي الحسين يومئذ مرارا: لا تشلل، لا يقطع الله يدك جزاك الله خيرا عن اهل بيت نبيك صلي الله عليه وآله، فلما اذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط ثم استويت علي متنها، ثم ضربتها حتي اذا قامت علي السنابك رميت بها عرض القوم، فأفرجوا لي واتبعني منهم خمسة عشر رجلا حتي انتهيت إلي شفية قرية قريبة من شاطئ الفرات، فلما لحقوني عطفت عليهم، فعرفني كثير بن عبدالله الشعبي وايوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبدالله الصائدي فقالوا: هذا الضحاك بن عبدالله المشرقي، هذا ابن عمنا، ننشدكم الله لما كففتم عنه. فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم، بلي والله لنجيبن اخواننا [ صفحه 158] واهل دعوتنا إلي ما احبوا من الكف عن صاحبهم. قال: فلما تابع التميميون اصحابي كف الاخرون قال فنجاني الله. قال ابومخنف - حدثني فضيل بن خديج الكندي ان يزيد [82] بن زياد وهو ابوالشعثاء الكندي من بني بهدلة [83] جثي علي ركبتيه بين يدي الحسين فرمي بمأة سهم ما سقط منها خمسة اسهم وكان راميا وكان كلما رمي قال: انا ابن بهدلة فرسان العرجلة، [84] ويقول حسيناللهم سدد رميته، واجعل ثوابه الجنة، فلما رمي بها قام فقال: ما سقط منها الا خمسة اسهم. ولقد تبين لي اني قد قتلت خمسة نفر وكان في اول من قتل وكان رجزه يومئذ:انا يزيد وابي مهاصر [85] . اشجع من ليث بغيل خادر [ صفحه 159] يا رب اني للحسين ناصر ولابن سعد تارك وهاجروكان يزيد بن زياد بن المهاصر ممن خرج مع عمر بن سعد إلي الحسين، فلما ردوا الشروط علي الحسين مال اليه فقاتل معه حتي قتل. فأما الصيداوي [86] عمرو بن خالد، وجابر [87] بن الحارث [ صفحه 160] السلماني، وسعد مولي عمرو بن خالد، ومجمع [88] بن عبدالله العائذي، فانهم قاتلوا في اول القتال فشدوا مقدمين بأسيافهم علي الناس، فلما وغلوا عطف عليهم الناس فاخذوا يحوزونهم وقطعوهم من اصحابهم غير بعيد، فحمل عليهم العباس بن علي فاستنقذهم، فجاء‌وا قد جرحوا، فلما دنا منهم عدوهم شدوا بأسيافهم فقاتلوا في اول الامر حتي قتلوا في مكان واحد. قال ابومخنف - حدثني زهير بن عبدالرحمان بن زهير الخثعمي قال: كان آخر من بقي مع الحسين من اصحابه سويد بن عمرو بن ابي المطاع الخثعمي، قال: وكان اول قتيل من بني ابي طالب [ صفحه 161] يومئذ علي [89] الاكبر ابن الحسين بن علي وامه ليلي ابنة ابي مرة بن [ صفحه 162] عروة بن مسعود الثقفي وذلك انه اخذ يشد علي الناس وهو يقول: [ صفحه 163] انا علي بن حسين بن علي نحن ورب البيت أولي بالنبيتالله لا يحكم فينا ابن الدعي [ صفحه 164] قال ففعل ذلك مرارا، فبصربه مرة بن منقذ بن النعمان العبدي ثم الليثي فقال: علي آثام العرب ان مربي يفعل مثل ما كان يفعل ان لم اثكله اباه، فمر يشد علي الناس بسيفه، فاعترضه مرة بن منقذ فطعنه فصرع واحتووا له الناس فقطعوهم بأسيافهم. قال ابومخنف - حدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم الازري قال: سماع اذني يومئذ من الحسين يقول: قتل الله قوما قتلوك، يا بني ما اجرأهم علي الرحمان، وعلي انتهاك حرمة الرسول، علي الدنيا بعدك العفا، قال: وكاني انظر إلي امرأة خرجت مسرعة كانها الشمس الطالعة تنادي: يا اخياه ويا ابن اخاه فقيل هذه زينب ابنة فاطمة ابنة رسول الله ص، فجاء‌ت حتي أكبت عليه فجاء‌ها الحسين فأخذ بيدها فردها إلي الفسطاط. وأقبل الحسين إلي ابنه وأقبل فتيانه اليه فقال: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه حتي وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه. [ صفحه 165] قال: ثم ان عمرو بن صبيح الصدائي رمي عبدالله [90] بن مسلم بن عقيل بسهم فوضع كفه علي جبهته فأخذ لا يستطيع أن يحرك كفيه ثم انتحي له بسهم آخر ففلق قلبه، فاعتورهم الناس من كل جانب فحمل عبدالله بن قطبة الطائي ثم النبهاني علي [91] عون بن عبدالله [ صفحه 166] بن جعفر بن أبي طالب فقتله وحمل عامر بن نهشل التيمي علي محمد [ صفحه 167] بن [92] عبدالله بن جعفر بن أبي طالب فقتله. قال: وشد عثمان بن خالد بن [ صفحه 168] اسير الجهني وبشر بن سوط الهمداني ثم القابضي علي عبدالرحمن بن عقيل بن أبي طالب [93] فقتلاه. ورمي عبدالله بن عزرة الخثعمي جعفر بن [94] . [ صفحه 169] عقيل بن أبي طالب فقتله. قال أبومخنف - حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال: خرج الينا غلام كان وجهه شقة قمر في يده السيف عليه قميص وازار ونعلان قد انقطع شسع احدهما، ما أنسي أنها اليسري. فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الازدي والله لاشدن عليه، فقلت له: سبحان الله وما تريد إلي ذلك، يكفيك قتل هؤلاء الذين تراهم قد احتولوهم (قد احتوشوه) قال: فقال والله لاشدن عليه فشد عليه فما ولي حتي ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، فقال: يا عماه قال: فجلي الحسين كما يجلي الصقر، ثم شد شدة ليث أغضب، فضرب عمرا [ صفحه 170] (عمروا) بالسيف فاتقاه بالساعد فاطنها [95] من لدن المرفق، فصاح ثم تنحي عنه، وحملت خيل لاهل الكوفة ليستنقذوا عمرا من حسين، فاستقبلت عمرا، بصدورها فحركت حوافرها وجالت الخيل بفرسانها عليه فتوطأته حتي مات، وانجلت الغبرة فاذا أنا بالحسين قائم علي رأس الغلام والغلام يفحص برجليه وحسين يقول بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك. ثم قال: عزوالله علي عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك ثم لا ينفعك صوت، والله كثر واتره وقل ناصره، ثم احتمله فكأني أنظر إلي رجلي الغلام يخطان في الارض، وقد وضع حسين صدره علي صدره قال: فقلت في نفسي: ما يصنع به؟ فجاء به حتي ألقاه مع ابنه علي بن الحسين وقتلي قد قتلت حوله من أهل بيته. فسألت عن الغلام فقيل: هو القاسم [96] . [ صفحه 171] بن الحسن بن علي بن ابي طالب. قال: ومكث الحسين طويلا من النهار كلما انتهي اليه رجل من الناس انصرف عنه وكره أن يتولي قتله وعظيم اثمه عليه، قال: وان رجلا من كندة يقال له مالك بن النسير من بني بداء أتاه فضربه علي رأسه بالسيف وعليه برنس له فقطع البرنس وأصاب السيف رأسه، فأدمي رأسه فامتلا البرنس دما، فقال له الحسين: لا أكلت بها ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين، قال: فألقي ذلك البرنس ثم دعا بقلنسوة فلبسها واعتم وقد أعيا وبلد وجاء الكندي حتي أخذ البرنس وكان من خز، فلما قدم به بعد ذلك علي امرأته ام عبدالله ابنة الحرأخت حسين بن الحر البدي أقبل يغسل البرنس من الدم، فقالت له امرأته: أسلب ابن بنت رسول الله صلي الله عليه وآله تدخل بيتي أخرجه عني، فذكر أصحابه انه لم لم يزل فقيرا بشر حتي مات. قال: ولما قعد الحسين اتي بصبي له فأجلسه في حجره زعموا أنه عبدالله [97] بن الحسين. [ صفحه 172] قال أبومخنف قال عقبة بن بشير الاسدي: قال لي أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين: ان لنا فيكم يا بني اسد دما، قال: قلت: فماذنبي أنا [ صفحه 173] في ذلك رحمك الله يا أبا جعفر وما ذلك؟ قال: أتي الحسين بصبي له فهو في حجره اذرماه أحدكم يا بني اسد بسهم فذبحه، فتلقي الحسين دمه، فلما ملاء كفيه صبه في الارض، ثم قال: رب ان تك حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هوخير وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين. [ صفحه 174] قال: ورمي عبدالله بن عقبة الغنوي أبا بكر بن [98] الحسن ابن علي بسهم فقتله، فلذلك يقول الشاعر وهو ابن ابي عقب.وعند غني قطرة من دمائنا وفي أسد اخري تعد وتذكرقال: وزعموا ان [99] العباس بن علي قال لاخوته من امه عبدالله [ صفحه 175] وجعفر وعثمان: يا بني امي تقدموا حتي أرثكم فأنه لاولد لكم ففعلوا فقتلوا [ صفحه 176] وأول ما ولدت العباس يلقب في زمنه قمر بني هاشم ويكني أبا الفضل. وبعده عبدالله، وبعده جعفرا، وبعده عثمان، وعاش العباس مع أبيه أربع عشرة سنة، حضر بعض الحروب فلم يأذن له أبوه بالنزال، ومع أخيه الحسن (ع) أربعا وعشرين سنة، ومع أخيه الحسين (ع) أربعا وثلاثين سنة، وذلك مدة عمره، وكان (ع) ايدا شجاعا فارسا وسيما جسيما يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الارض، وروي عن أبي عبدالله الصادق (ع) أنه قال: كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة، صلب الايمان: جاهد مع أبي عبدالله (ع) وأبلي بلاء‌ا حسنا ومضي شهيدا. وروي عن علي بن الحسين (ع): أنه نظر يوما إلي عبيدالله بن العباس بن علي (ع) فاستعبر ثم قال: ما من يوم أشد علي رسول الله صلي الله عليه وآله من يوم احد، قتل فيه عمه حمزة بن عبدالمطلب اسد الله واسد رسوله وبعده يوم موتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب، ولا يوم كيوم الحسين (ع) ازدلف اليه. ثلاثون ألف رجل، يزعمون أنهم من هذه الامة، كل يتقرب إلي الله عزوجل بدمه، وهو يذكرهم بالله فلا يتعظمون حتي قتلوه بغيا وظلما وعدوانا. ثم قال: رحم الله العباس فلقد آثر وأبلي، وفدي أخاه بنفسه حتي قطعت يداه، فابدله الله عزوجل منهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن ابيطالب (ع). وأن للعباس عند الله تبارك وتعالي منزلة يغبطونها جميع الشهداء يوم القيامة. [ صفحه 177] وروي اهل السير عن الضحاك بن قيس المشرقي قال: ان الحسين عليه السلامجمع تلك الليلة (ليلة عاشورا) اهل بيته واصحابه فخطبهم بخطبته التي قال فيها: اما بعد فاني لا اعلم اهل بيت الخ فقام العباس فقال: لم نفعل ذلك لنبقي بعدك، لا ارانا الله ذلك ابدا. ثم تكلم اهل بيته واصحابه بما يشبه هذا الكلام وسيذكر بعد. قالوا: ولما اصبح ابن سعد جعل علي ربع المدينة عبدالله بن زهير بن سليم الازدي، وعلي ربع مذحج واسد عبدالرحمان بن ابي سبرة الجعفي، وعلي ربع ربيعة وكندة قيس بن الاشعث بن قيس، و علي ربع تميم وهمدان الحر بن يزيد الرياحي، وجعل الميمنة لعمرو بن الحجاج الزبيدي، والميسرة لشمر بن ذي الجوشن الضبابي، والخيل لعزرة بن قيس الاحمسي. والرجال لشبث بن ربعي واعطي الراية لدريد مولاه. ولما اصبح الحسين عليه السلام جعل الميمنة لزهير والميسرة لحبيب واعطي الرأية اخاه العباس. وروي ابومخنف عن الضحاك بن قيس ان الحسين عليه السلام لماخطب خطبته علي راحلته ونادي في اولها باعلي صوته: ايها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني سمع النساء كلامه هذا فصحن وبكين وارتفعت اصواتهن. فارسل اليهن اخاه العباس وولده عليا وقال لهما: اسكتاهن فلعمري ليكثرن بكائهن، فمضيا يسكتاهن حتي اذا سكتن عاد [ صفحه 178] إلي خطبته، فحمد الله واثني عليه وصلي علي نبيه. قال: فوالله ما سمعت متكلما قط لاقبله ولا بعده ابلغ منه منطقا وقال ابوجعفر وابن الاثير لما نشبت الحرب بين الفريقين تقدم عمر بن خالد ومولاه سعد ومجمع بن عبدالله وجنادة بن الحرث فشدوا مقدمين باسيافهم علي الناس فلما وغلوا فيهم عطف عليهم الناس، فاخذوا يحوزونهم وقطعوهم من اصحابهم، فندب الحسين عليه السلام لهم اخاه العباس، فحمل علي القوم وحده، فضرب فيهم بسيفه حتي فرقهم عن اصحابه وخلص اليهم فسلموا عليه فاتي بهم. ولكنهم كانوا جرحي، فابوا عليه ان يستنقذهم سالمين، فعادوا القتال وهو يدفع عنهم حتي قتلوا في مكان واحد، فعاد العباس إلي اخيه اخبره بخبرهم. قال اهل السير: وكان العباس ربما ركز لوائه امام الحسين وحامي عن اصحابه او استقي ماء‌ا فكان يلقب السقاء، ويكني ابا قربة بعد قتله. قالوا: ولما رأي وحدة الحسين عليه السلام بعد قتل اصحابه وجملة من اهل بيته قال لاخوته من امه: تقدموا لاحتسبكم عند الله تعالي فانه لا ولدلكم، فتقدموا حتي قتلوا، فجاء إلي الحسين عليه السلام واستأذنه في المصال فقال (ع) له: انت حامل لوائي، فقال: لقد ضاق صدري وسئمت [ صفحه 179] الحياة، فقال له الحسين (ع). ان عزمت فاستسق لنا ماء‌ا، فاخذ قربته وحمل علي القوم حتي ملاء القربة قالوا واغترف من الماء غرفة ثم ذكر عطش الحسين (ع) فرمي بها وقال:يا نفس من بعد الحسين هوني وبعده لاكنت ان تكونيهذا الحسين وارد المنون وتشربين بارد المعينثم عاد فاخذ عليه الطريق فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول:لا ارهب الموت اذ الموت زقا حتي اداري في المصاليت لقياني انا العباس اغدو بالسقا ولا اهاب الموت يوم الملتقيفضربه حكيم بن طفيل الطائي السنبسي علي يمينه فبراها فاخذ اللواء بشماله وهو يقولوالله ان قطعتموا يميني اني احامي ابدا عن دينيفضربه زيد بن ورقاء الجهني علي شماله فبراها، فضم اللواء إلي صدره (كما فعل عمه جعفر اذ قطعوا يمينه ويساره في موتة فضم اللواء إلي صدره) وهو يقول:الا ترون معشر الفجار قد قطعوا ببغيهم يساريفحمل عليه رجل تميمي من ابناء ابان بن دارم، فضربه بعمود علي رأسه، فخرصريعا إلي الارض، ونادي باعلي صوته: ادركني يا اخي، فانقض عليه ابوعبدالله كالصقر فراه مقطوع اليمين واليسار مرضوخ الجبين، مشكوك العين بسهم مرتثا بالجراحة، فوقف عليه منحنيا وجلس عند راسه يبكي حتي فاضت نفسه ثم حمل علي القوم فجعل يضرب فيهم يمينا وشمالا، فيفرون [ صفحه 180] من بين يديه كما تفر المعزي اذا شد فيها الذئب وهو يقول: اين تفرون وقد قتلتم اخي. اين تفرون وقد فتتم عضدي. ثم عاد إلي موقفه منفردا وكان العباس آخر من قتل من المحاربين لاعداء الحسين عليه السلام، ولم يقتل بعده الا الغلمان الصغار من آل ابي طالب الذين لم يحملوا السلاح وفيه يقول الكميت بن زيد الاسدي:وابوالفضل ان ذكرهم الحلو شفاء النفوس في الاسقامقتل الادعياء اذ قتلوه اكرم الشاربين صوب الغمامويقول حفيده الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيدالله بن العباس (ع):اني لا ذكر للعباس موقفه بكربلاء وهام القوم تختطفيحمي الحسين ويحميه علي ظما ولا يولي ولا يثني فيختلفولا اري مشهدا يوما كمشهده مع الحسين عليه الفضل والشرفاكرم به مشهدا بانت فضيلته وما اضاع له افعاله خلفواقول امسند ذاك اللواء صدره وقد قطعت منه يمني ويسريلثنيت جعفر في فعله غداة استضم اللواء منه صدراوابقيت ذكرك في العالمين يتلونه في المحاريب ذكراواوقفت فوقك شمس الهدي يدير بعينيه يمني ويسريلئن ظل منحنيا فالعدي بقتلك قد كسروا منه ظهرا [ صفحه 181] والقوا لواه فلف اللواء ومن ذا تري بعد يسطيع نشرانأي الشخص منك وابقي ثناك إلي الاحشر يدلج فيه ويسريوانا استرق جدا من رثاء امه فاطمة ام البنين الذي انشده ابوالحسن الاخفش في شرح الكامل وقد كانت تخرج إلي البقيع كل يوم ترثيه وتحمل ولده عبيدالله فيجتمع لسماع رثائها اهل المدينة و فيهم مروان بن الحكم فيبكون لشجي الندبة. قولها رضي الله عنهايا من رأي العباس كر علي جماهير النقدووراه من أبناء حيدر كل ليث ذي لبدانبئت أن ابني اصيب برأسه مقطوع يدويل علي شبلي أمال برأسه ضرب العمدلو كان سيفك في يد يك لما دنا منه أحدوقولهالا تدعوني ويك ام البنين تدكريني بليوث العرينكانت بنون لي ادعي بهم واليوم أصبحت ولا من بنينأربعة مثل نسور الربي قد واصلوا الموت بقطع الوتينتنازع الخرصان أشلائهم فكلهم أمسي صريعا طعينيا ليت شعري اكما أخبروا بأن عباسا قطيع اليمينوروي جماعة عن القسم بن الاصبغ بن نباتة قال: رأيت رجلا [ صفحه 182] من بني أبان بن دارم أسود الوجه وقد كنت أعرفه شديد البياض جميلا، فسئلته عن سبب تغيره وقلت له: ما كدت اعرفك، فقال: اني قتلت رجلا بكربلا وسيما جسيما، بين عينيه أثر السجود، فما بت ليلة منذ قتلته إلي الان الا وقد جائني في النوم وأخذ بتلابيبي وقادني إلي جهنم، فيد فعني فيها فاظل أصيح، فلا يبقي أحد في الحي الا ويسمع صياحي قال: فانتشر الخبر، فقالت جارة له: انه ما زلنا نسمع صياحه حتي ما يدعنا ننام شيئا من الليل، فقمت في شباب الحي إلي زوجته فسألناها فقالت: أما اذا أخير هو عن نفسه، فلا أبعد الله غيره، قدصدقكم، قال: والمقتول هو العباس بن علي عليهما السلام. الضبط: (الايد) كالسيد: القوي. (الوسيم) من الوسامة الجمال (المطهم) كمحمد: السمين الفاحش السمن العالي وهذه كناية عن طوله وجسامته (ع) (ازدلف): اي سار اليه وقرب منه. (يغبطه): اي يتمني ان يكون مثله بلا نقصان من حظه. (خلصوا: وصلوا (بنفسي انت) اي فديتك بنفسي. (الضحاك بن قيس المشرقي من همدان) هذا جاء إلي الحسين عليه السلام هو ومالك بن النضر الارحبي ايام الموادعة يسلمان عليه فدعاهما لنصرته، فاعتذر مالك بدينه وعياله، واجاب الضحاك علي شريطة انه ان رأي نصرته لا تفيد الحسين عليه السلام فهو في حل، فرضي الحسين عليه السلام منه حتي اذا لم يبق من اصحابه الا نفران جاء إلي الحسين عليه السلام وقال له: شريطتي، قال: نعم، ولكن اني لك النجاء، ان قدرت علي [ صفحه 183] ذلك فانت في حل، فاقبل علي فرسه إلي آخر ما قدمنا نقله عن ابي مخنف في المتن. فهو بعد النجاة يخبر عن جملة مما وقع للحسين عليه السلام واصحابه في المقاتلة. (فانه لا ولد لكم) يعني بذلك انكم ان تقدمتموني وقتلوكم لم تبق لكم ذرية. فينقطع نسب امير المؤمنين عليه السلام منكم. فيشتد حزني ويعظم اجري بذلك، وزعم بعض الناس انه يعني: لاحوز ميراثكم. فاذا قتلت خلص لولدي. وهذا طريف، فان العباس اجل قدرا من ذلك. (زقا): صاح، تزعم العرب أن للموت طائرا يصيح ويسمونه الهامة ويقولون: اذا قتل الانسان ولم يؤخذ بثاره زقت هامته حتي يثأر قال الشاعر:فان تك هامة بهراة تزقو فقد ازقيت بالمروين هاما(المصاليت) جمع مصلات، وهو الرجل السريع المتشمر، قال عامر بن الطفيل:وانا المصاليت يوم الوغا اذا ما المغاوير لم نقدم(السنبسي) بالسين المهملة وبعدها النون ثم الباء المفردة والسين والياء المثناة تحت منسوب إلي سنبس بطن من طي. (النقد) جنس من الغنم قصار الارجل، قباح الوجوه، فمعني البيت: يا من رأي العباس وهواسم للاسد: كر علي جماعات الغنم المعروفة بالنقد وهو بديع، (تلابيبي) جمع تلبيب وهو موضع اللبب من الثياب واللبب موضع القلادة [ صفحه 184] وشد هاني بن ثبيت الحضرمي علي عبدالله [100] بن علي بن أبي طالب فقتله ثم شد علي جعفر [101] بن علي فقتله، وجاء براسه. ورمي خولي بن يزيد [ صفحه 185] الاصبحي [102] عثمان بن علي بن ابيطالب بسهم ثم شد عليه رجل من بني [ صفحه 186] ابان بن دارم فقتله وجاء برأسه ورمي رجل من بني ابان بن دارم [103] محمد [ صفحه 187] بن علي بن ابي طالب فقتله وجاء برأسه. قال هشام: حدثني ابو [104] الهذيل رجل من السكون عن هاني بن ثبيت الحضرمي قال: رأيته جالسا في مجلس الحضرميين [ صفحه 188] في زمان خالد بن عبدالله وهوشيخ كبير قال: فسمعته وهو يقول: كنت ممن شهد قتل الحسين قال: فوالله اني لواقف عاشر عشرة ليس منا رجل الاعلي فرس وقد جالت الخيل وتصعصعت اذ خرج غلام من آل الحسين وهو ممسك بعود من تلك الابنية عليه ازار وقميص وهو مذعور يلتفت يمينا وشمالا، فكاني انظر إلي درتين في اذنيه تذبذبان كلما التفت، اذ اقبل رجل يركض حتي اذا دنا منه مال عن فرسه ثم اقتصد الغلام، فلما عتب عليه كني عن نفسه. قال هشام: حدثني [105] عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال: [ صفحه 189] عطش الحسين حتي اشتد عليه العطش فدنا ليشرب من الماء، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه، فجعل يتلقي الدم من فمه ويرمي به إلي السماء، ثم حمد الله واثني عليه ثم جمع يديه فقال: اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تذر علي الارض منهم احدا. قال هشام: عن أبيه محمد بن السائب عن القاسم بن الاصبغ بن نباتة قال: حدثني من شهد الحسين في عسكره: ان حسينا حين غلب علي عسكره ركب المسناة يريد الفرات، قال: فقال رجل من بني أبان بن دارم: ويلكم حولوا بينه وبين الماء لا تتأم اليه شيعته، قال: وضرب فرسه واتبعه الناس حتي حالوا بينه وبين الفرات، فقال الحسين اللهم اظمه، قال: وينتزع الاباني بسهم فاثبته في حنك الحسين، قال: فانتزع الحسين السهم ثم بسط كفيه فامتلاء‌تا دما. [ صفحه 190] ثم قال الحسين: اللهم اني اشكو اليك ما يفعل بابن بنت نبيك قال: فوالله ان مكث الرجل الا يسيرا حتي صب الله عليه الظماء، فجعل لا يروي، قال القاسم ابن الاصبغ: لقد رأيتني فيمن يروح عنه والماء يبرد له فيه السكر وعساس فيها اللبن وقلال فيها الماء، وانه ليقول: ويلكم اسقوني. قتلني الظماء فيعطي القلة او العس كان مرويا اهل البيت فيشربه فاذا نزعه من فيه اضطجع الهنيهة ثم يقول ويلكم اسقوني قتلني الظماء، قال: فوالله ما لبث الا يسيرا حتي انقد بطنه انقداد بطن البعير. قال ابومخنف في حديثه: ثم ان شمر بن ذوالجوشن اقبل في نفر نحو من عشرة من رجالة اهل الكوفة قبل منزل الحسين الذي فيه ثقله وعياله فمشي نحوه، فحالوا بينه وبين رحله فقال الحسين: ويلكم ان لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد فكونوا في امر دنياكم احرارا، ذوي احساب، امنعوا رحلي واهلي من طغامكم وجهالكم، فقال ابن ذي الجوشن: ذلك لك يابن فاطمة قال: واقدم عليه بالرجالة منهم: ابوالجنوب، واسمه عبدالرحمان الجعفي والقشعم بن عمرو بن يزيد الجعفي، وصالح بن وهب اليزني، وسنان بن انس النخعي وخولي بن يزيد الاصبحي، فجعل شمر بن ذي الجوشن يحرضهم، فمر بابي الجنوب وهو شاك في السلاح، فقال له: اقدم عليه، قال: وما يمنعك ان تقدم عليه انت؟ فقال له شمر: ألي تقول ذا؟ قال: وانت لي تقول ذا؟ فاستبا فقال له ابوالجنوب وكان شجاعا والله لهممت أن اخضخض السنان في عينك، قال: فانصرف عنه شمر وقال: والله لئن قدرت علي أن أضرك لاضرنك. قال:ثم [ صفحه 191] ان شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجالة نحو الحسين فأخذ الحسين يشد عليهم، فينكشفون عنه، ثم انهم أحاطوا به احاطة، وأقبل إلي الحسين [106] غلام من أهله فأخذته اخته زينب ابنة علي لتحبسه، فقال [ صفحه 192] لها الحسين: احبسيه، فأبي الغلام وجاء يشتد إلي الحسين فقام إلي جنبه. قال: وقد أهوي بحر بن كعب ابن عبيدالله من بني تيم الله بن ثعلبة بن عكابة إلي الحسين بالسيف، فقال الغلام: يابن الخبيثة أتقتل عمي؟ فضربه بالسيف فاتقاه الغلام بيده فأطنها الا الجلدة فاذا يده معلقة، فنادي الغلام يا امتاه، فاخذه الحسين فضمه إلي صدره وقال: يابن أخي اصبر علي ما نزل بك، واحتسب في ذلك الخير، فان الله يلحقك بآبائك الصالحين برسول الله صلي الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن بن علي صلي الله عليهم أجمعين. قال أبومخنف - حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن [ صفحه 193] مسلم قال: سمعت الحسين يومئذ وهو يقول: أللهم أمسك عنهم قطر السماء. وامنعهم بركات الارض، أللهم فان متعتهم إلي حين ففرقهم فرقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض عنهم الولاة أبدا، فانهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا. قال: وضارب الرجالة حتي انكشفوا عنه قال: ولما بقي الحسين في ثلاثة رهط او اربعة دعا بسراويل محققة يلمع فيها البصر يماني محقق ففزره ونكثه لكيلا يسلبه، فقال له بعض اصحابه: لو لبست تحته تبانا، قال: ذلك ثوب مذلة ولا ينبغي لي أن ألبسه. قال: فلما قتل أقبل بحر بن كعب فسلبه اياه فتركه مجردا. قال أبومخنف - فحدثني عمرو بن شعيب عن محمد بن عبدالرحمان أن يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء ينضحان الماء وفي الصيف يييبسان كانهما عود. قال أبومخنف - عن الحجاج بن عبدالله ابن عمار بن عبد يغوث البارقي: وعتب علي عبدالله بن عمار بعد ذلك مشهده قتل الحسين فقال عبدالله بن عمار: ان لي عند بني هاشم ليدا، قلنا: له وما يدك عندهم؟ قال: حملت علي حسين بالرمح فانتهيت اليه، فوالله لو شئت لطعنته ثم انصرفت عنه غير بعيد وقلت ما اصنع بأن أتولي قتله يقتله غيري، قال: فشد عليه رجالة ممن عن يمينه وشماله، فحمل علي من عن يمينه حتي ابذ عروا، وعلي من عن شماله حتي ابذعروا، وعليه قميص له من خزوهو معتم، قال: [107] فوالله: ما رأيت مكسورا قط قد قتل ولده [ صفحه 194] وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا، ولا أمضي جنانا منه، ولا أجرأ مقدما، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله، ان كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزي اذا شد فيها الذئب، قال: فوالله انه لكذلك، [ صفحه 195] اذ خرجت زينب ابنة فاطمة أخته وكأني أنظر إلي قرطها يجول بين اذنيها وعاتقها وهي تقول: ليت السماء تطابقت علي الارض، وقددنا عمر بن سعد من حسين، فقالت: يا عمر بن سعد أيقتل أبوعبدالله وانت [ صفحه 196] تنظر اليه؟ قال فكاني أنظر إلي دموع عمروهي تسيل علي خديه ولحيته قال وصرف بوجهه عنها. [ صفحه 197] قال أبومخنف - حدثني الصقعب بن زهير عن حميد بن مسلم قال: كانت عليه جبة من خزوكان معتما وكان مخضوبا بالوسمة، قال: وسمعته يقول قبل أن يقتل وهو يقاتل علي رجليه قتال الفارس [ صفحه 198] الشجاع، يتقي الرمية، ويفترص العورة، ويشد علي الخيل، وهو يقول أعلي قتلي تحاثون؟ أما والله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله أسخط عليكم لقتله مني، وأيم الله اني لارجو أن يكرمني الله بهوانكم [ صفحه 199] ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون، أما والله أن لو قد قد قتلتموني لقد [ صفحه 200] ألقي الله باسكم بينكم وسفك دمائكم ثم لا يرضي لكم حتي يضاعف لكم العذاب الاليم. قال: ولقد مكث طويلا من النهار ولو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا، ولكنهم كان يتقي بعضهم ببعض، ويحب هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء، قال: فنادي شمر في الناس: ويحكم ماذا تنظرون بالرجل؟ اقتلوه ثكلتكم امهاتكم، قال: فحمل عليه من كل جانب، فضربت كفه اليسري ضربة ضربها زرعة بن شريك التميمي، وضرب علي عاتقه، ثم انصرفوا وهو ينوء ويكبو، قال: وحمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعي فطعنه بالرمح فوقع، ثم قال لخولي بن يزيد الاصبحي: احتز رأسه فأراد أن يفعل فضعف وأرعد، فقال له سنان بن أنس: فت الله عضد يك وأبان يديك، فنزل اليه فذبحه واحتز رأسه، ثم دفع إلي خولي بن يزيد، وقد ضرب قبل ذلك بالسيوف. قال أبومخنف - عن جعفر بن محمد بن علي قال: وجد بالحسين عليه السلام حين قتل ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وثلاثون ضربة، قال: وجعل سنان بن أنس لا يدنو أحد من الحسين الاشد عليه مخافة أن يغلب علي رأسه حتي أخذ رأس الحسين فدفعه إلي خولي، قال: وسلب الحسين ما كان عليه، فأخذ سراويله بحرين كعب، أخذ قيس بن الاشعث قطيفته وكانت من خز وكان يسمي بعد قيس قطيفة، وأخذ نعليه رجل من بني أوديقال له الاسود، وأخذ سيفه رجل من بني نهشل بن دارم فوقع بعد ذلك إلي اهل حبيب بن بديل، قال: ومال الناس علي الورس والحلل والابل وانتهبوها، قال: ومال الناس علي نساء الحسين وثقله [ صفحه 201] ومتاعه فان كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها حتي تغلب عليه فيذهب به منها. قال ابومخنف - حدثني زهير بن عبدالرحمان الخثعمي ان سويد بن عمرو بن أبي المطاع كان صرع فاثخن فوقع بين القتلي مثخنا فسمعهم يقولون: قتل الحسين. فوجد فاقة فاذا معه سكين وقد أخذ سيفه، فقاتلهم بسكينه ساعة، ثم انه قتل: قتله عروة بن بطار التغلبي، وزيد بن. رقاد الجنبي وكان آخر قتيل. قال أبومخنف - حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال انتهيت إلي علي بن الحسين بن علي الاصغر وهو منبسط علي فراش له وهو مريض، واذا شمر بن ذي الجوشن في رجالة معه يقولون: الا نقتل هذا. قال: فقلت: سبحان الله أنقتل الصبيان انما هذا صبي؟ قال: فما زال ذلك دأبي أدفع عنه كل من جاء حتي جاء عمر بن سعد فقال: الا لا يدخلن بيت هؤلاء النسوة أحد، ولا يعرضن لهذا الغلام المريض، ومن أخذ من متاعهم شيئا فليرده عليهم، قال: فوالله ما رد احد شيئا قال: فقال علي بن الحسين: جزيت من رجل خيرا فوالله لقد دفع الله عني بمقالتك شرا قال: فقال الناس لسنان بن أنس: قتلت حسين بن علي وابن فاطمة ابنة رسول الله صلي الله عليه وآله، قتلت أعظم العرب خطرا جاء إلي هؤلاء يريد أن يزيلهم عن ملكهم، فأت امرائك، فاطلب ثوابهم، وانهم لو اعطوك بيوت اموالهم في قتل الحسين كان قليلا، فاقبل علي فرسه وكان شجاعا شاعرا وكانت به لوثة فاقبل حتي وقف علي باب فسطاط عمر بن سعد ثم نادي باعلي صوته: [ صفحه 202] او قرر كابي فضة وذهبا انا قتلت الملك المحجباقتلت خير الناس اما وأبا وخيرهم اذ ينسبون نسبافقال عمر بن سعد: أشهد انك لمجنون، ما صحوت قط، ادخلوه علي فلما ادخل حذفه بالقضيب ثم قال: يا مجنون اتتكلم بهذا الكلام؟ اما والله لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك. قال: وأخذ عمر بن سعد عقبة بن سمعان وكان مولي للرباب بنت امرئ القيس الكلبية وهي ام سكينة بنت الحسين فقال له: ما أنت؟ قال: انا عبد مملوك، فخلي سبيله فلم ينج منهم أحد غيره الا ان المرقع بن ثمامة الاسدي كان قد نثر نبله وجثي علي ركبتيه فقاتل، فجاء‌ه نفر من قومه فقالوا له أنت آمن اخرج الينا، فخرج اليهم. فلما قدم بهم عمر بن سعد علي ابن زياد وأخبره خبره سيره إلي الزارة، قال: ثم ان عمر بن سعد نادي في اصحابه من ينتدب للحسين ويوطئه فرسه؟ فانتدب عشرة منهم اسحاق بن حيوة الحضرمي وهو الذي سلب قميص الحسين فبرص بعد، وأحبش بن مرثد بن علقمة بن سلامة الحضرمي فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتيرضواظهره وصدره، فبلغني أن أحبش بن مرثد بعد ذلك بزمان أتاه سهم غرب وهو واقف في قتال ففلق قلبه فمات، قال: فقتل من اصحاب الحسين (ع) اثنان وسبعون رجلا، ودفن الحسين واصحابه أهل الغاضرية من بني اسد بعد ما قتلوا بيوم، وقتل من اصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلا سوي الجرحي، فصلي عليهم عمر بن سعد ودفنهم. قال: وما هو الا ان قتل الحسين فسرح برأسه من يومه ذلك مع خولي بن يزيد وحميد بن مسلم الازدي إلي عبيدالله بن زياد، فاقبل به خولي فأراد [ صفحه 203] القصر فوجد باب القصر مغلقا، فأتي منزله فوضعه تحت أجانة في منزله وله امرأتان: امرأة من بني اسد، والاخري من الحضرميين يقال له النوار ابنة مالك بن عقرب، وكانت تلك الليلة ليلة الحضرمية. قال هشام: فحدثني أبي عن النوار بنت مالك قالت: أقبل خولي برأس الحسين فوضعه تحت اجانة في الدار ثم دخل البيت فأوي إلي فراشه فقلت له: ما الخبر ما عندك؟ قال: جئتك بغني الدهر، هذا رأس الحسين معك في الدار، قالت: فقلت ويلك جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسول الله صلي الله عليه وآله، لا والله لا يجمع رأسي ورأسك بيت أبدا، قالت: فقمت من فراشي فخرجت إلي الدار، فدعا الاسدية فأدخلها اليه، وجلست انظر قالت فوالله ما زلت أنظر إلي نور يسطع مثل العمود من السماء إلي الاجانة، ورامت طيرا بيضا ترفرف حولها، قال: فلما أصبح غدا بالرأس إلي عبيدالله بن زياد، واقام عمر بن سعد يومه ذلك والغد، ثم امر حميد بن بكير الاحمري، فاذن في الناس بالرحيل إلي الكوفة، وحمل معه بنات الحسين واخواته ومن كان معه من الصبيان وعلي بن الحسين مريض. قال ابومخنف - فحدثني ابوزهير العبسي عن قرة بن قيس التميمي قال: نظرت إلي تلك النسوة لما مررت بحسين واهله وولده صحن ولطمن وجوههن، قال: فاعترضتهن علي فرس فما رايت منظرا من نسوة قط كان احسن من منظر رأيته منهن ذلك، والله لهن احسن من مهي يبرين قال فما نسيت من الاشياء لا أنسي قول زينب ابنة فاطمة حين مرت باخيها الحسين صريعا وهي تقول: [ صفحه 204] يا محمداه، يا محمداه، صلي عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعرا، مرمل بالدماء، مقطع الاعضاء، يا محمداه وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة تسفي عليها الصبا قال: فابكت والله كل عدو وصديق، قال: وقطف رؤس الباقين فسرح باثنين وسبعين رأسا مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الاشعث وعمر بن الحجاج وعزرة بن قيس فاقبلوا حتي قدموا بها علي عبيدالله بن زياد. قال ابومخنف - حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال: دعاني عمر بن سعد فسرحني إلي أهله لابشرهم بفتح الله عليه وبعافيته فاقبلت حتي أتيت أهله فاعلمتهم ذلك، ثم اقبلت حتي ادخل، فاجد ابن زياد قد جلس للناس واجد الوفد قد قدموا عليه فأدخلهم واذن للناس فدخلت فيمن دخل، فاذا رأس الحسين موضوع بين يديه، واذا هو ينكت بقضيب بين ثنيتيه ساعة. فلما رآه زيد بن ارقم لا ينجم عن نكته بالقضيب قال له: اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين، فوالذي لا اله غيره لقد رايت شفتي رسول الله صلي الله عليه وآله علي هاتين الشفتين يقبلهما، ثم انفضح الشيخ يبكي، فقال له ابن زياد: ابكي الله عينيك فوالله لولا انك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك، قال: فنهض فخرج فلما خرج سمعت الناس يقولون: والله لقد قال زيد بن ارقم قولا لو سمعه ابن زياد لقتله قال: فقلت ما قال؟ قالوا: مر بنا وهو يقول: ملك عبد عبدا، فاتخذهم تلدا، انتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة [ صفحه 205] وأمرتم ابن مرجانة، فهو يقتل خياركم، ويستعبد شراركم، فرضيتم بالذل، فبعدا لمن رضي بالذل، قال: فلما دخل براس الحسين (حسين) وصبيانه وأخواته ونسائه علي عبيدالله بن زياد لبست زينب ابنة فاطمة ارذل ثيابها، وتنكرت وحف بها اماء‌ها. فلما دخلت جلست، فقال عبيدالله بن زياد: من هذه الجالسة؟ فلم تكلمه، فقال ذلك ثلاثا كل ذلك لا تكلمه، فقال بعض امائها: هذه زينب ابنة فاطمة، قال: فقال لها عبيدالله: الحمد الذي فضحكم، وقتلكم، واكذب احدوثتكم، فقالت: الحمد لله الذي اكرمنا بمحمد صلي الله عليه وآله وطهرنا تطهيرا لا كما تقول انت، انما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر، قال: فكيف رايت صنع الله باهل بيتك، قالت: كتب عليهم القتل، فبر زوا إلي مضاجعهم، فسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاجون اليه وتخاصمون عنده. قال: فغضب ابن زياد واستشاط، قال: فقال له عمرو بن حريث اصلح الله الامير انما هي امرأة وهل تؤاخذ المرأة بشئ من منطقها؟ انها لا تؤاخذ بقول، ولا تلام علي خطل، فقال لها ابن زياد: قد اشفي الله نفسي من طاغتيك، والعصاة المردة من اهل بيتك، قال: فبكت ثم قالت: لعمري لقد قتلت كهلي، وابرت اهلي، وقطعت فرعي، واجثثت اصلي، فان يشفك هذا فقد اشتفيت، فقال لها عبيدالله: هذه شجاعة، قد لعمري (ط لعمري قد) كان ابوك شاعرا شجاعا، قالت: ما للمرأة والشجاعة، ان لي عن الشجاعة لشغلا، ولكني نفثي ما اقول. قال ابومخنف عن مجالد بن سعيد: ان عبيدالله بن زياد لما نظر إلي علي بن الحسين قال لشرطي: انظر هل ادرك هذا ما يدرك [ صفحه 206] الرجال؟ فكشط ازاره عنه فقال: نعم، قال: انطلقوا به فاضربوا عنقه فقال له علي ان كان بينك وبين هولاء النسوة قرابة فابعث معهن رجلا يحافظ عليهن، فقال له ابن زياد: تعال انت فبعثه معهن. قال ابومخنف واما سليمان بن ابي راشد فحدثني عن حميد بن مسلم قال: اني لقائم عند ابن زياد حين عرض عليه علي بن الحسين فقال له: ما اسمك؟ قال: انا علي بن الحسين، قال: اولم يقتل الله علي بن الحسين؟ فسكت، فقال له ابن زياد: مالك لا تتكلم قال: قد كان لي اخ يقال له ايضا علي فقتله الناس، قال: ان الله قد قتله، قال: فسكت علي، فقال له: مالك لا تتكلم؟ قال: الله يتوفي الانفس حين موتها، وما كان لنفس ان تموت الا باذن الله. قال: انت والله منهم، ويحك انظروا هل ادرك؟ والله اني لاحسبه رجلا، قال: فكشف عنه مري بن معاذ الاحمري فقال: نعم قد ادرك، فقال: اقتله، فقال علي بن الحسين، من توكل بهؤلاء النسوة وتعلقت به زينب عمته فقالت: يابن زياد حسبك منا، اما رويت من دمائنا؟ وهل ابقيت منا احدا؟ قال: فاعتنقته فقالت اسالك بالله ان كنت مؤمنا ان قتلته لما قتلتني معه، قال: وناداه علي فقال: يابن زياد ان كانت بينك وبينهم قرابة فابعث معهن رجلا تقيا يصحبهن بصحبة الاسلام، قال: فنظر اليها ساعة، ثم نظر إلي القوم فقال: عجبا للرحم، والله اني لاظنها ودت لو اني قتلته اني قتلتها معه، دعوا الغلام، انطلق مع نسائك. قال حميد بن مسلم: لما دخل عبيدالله القصر ودخل الناس نودي الصلاة جامعة، فاجتمع الناس في المسجد الاعظم، فصعد المنبر ابن زياد فقال: الحمد الله الذي اظهر الحق واهله، ونصر اميرالمؤمنين [ صفحه 207] يزيد بن معاوية وحزبه، وقتل الكذاب بن الكذاب الحسين بن علي وشيعته، فلم يفرغ ابن زياد من مقالته حتي وثب اليه عبدالله بن عفيف الازدي، ثم الغامدي، ثم احد بني والبة. وكان من شيعة علي كرم الله وجهه، وكانت عينه اليسري ذهبت يوم الجمل مع علي، فلما كان يوم صفين ضرب علي راسه ضربة واخري علي حاجبه فذهبت عينه الاخري، فكان لا يكاد يفارق المسجد الاعظم يصلي فيه إلي الليل ثم ينصرف. قال: فلما سمع مقالة ابن زياد قال: يابن مرجانة ان الكذاب انت وابوك، والذي ولاك وابوه، يابن مرجانة: اتقتلون ابناء النبيين وتكلمون بكلام الصديقين، فقال ابن زياد: علي به، قال: فوثبت عليه الجلاوزة فاخذوه قال فنادي بشعار الازد يا مبرور قال: وعبدالرحمن بن مخنف الازدي جالس فقال: ويح غيرك اهلكت نفسك واهلكت قومك، قال: وحاضر الكوفة يومئذ من الازد سبعمأة مقاتل، قال: فوثب اليه فتية من الازد فانتزعوه فاتوا به أهله، فأرسل اليه من أتاه به فقتله وأمر بصلبه في السبخة فصلب هنالك. [108] . [ صفحه 208] قال ابومخنف - ثم ان عبيدالله بن زياد نصب رأس الحسين بالكوفة، فجعل يدار به من الكوفة. ثم دعا زحر بن قيس فسرح معه برأس الحسين ورؤس اصحابه إلي يزيد بن معاوية، وكان مع زحر أبوبردة بن عوف الازدي، وطارق بن أبي ظبيان الازدي، فخرجوا حتي قدموا بها الشام علي يزيد بن معاوية [ صفحه 209] قال هشام فحدثني عبدالله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي [ صفحه 210] عن ابيه عن الغاز بن ربيعة الجرشي من حمير قال: والله انا لعند يزيد بن معاوية بدمشق اذ أقبل زحربن قيس حتي دخل علي يزيد بن معاوية فقال له يزيد: ويلك ما وراء‌ك وما عندك؟ فقال أبشريا امير المؤمنين بفتح الله ونصره، ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من اهل بيته وستين من شيعته فسرنا اليهم فسألناهم ان يستسلموا وينزلوا علي حكم الامير عبيدالله بن زياد او القتال، فاختاروا القتال علي الاستسلام، فعدونا عليهم مع شروق الشمس، فأحطنابهم من كل ناحية حتي اذا اخذت السيوف مأخذها من هام القوم، يهربون إلي غير وزر ويلوذون [109] . [ صفحه 211] منا بالاكام والحفر لو اذا كما لاذا الحمائم من صقر، فوالله يا امير المؤمنين ما كان الاجزر جزور. اونومة قائل، حتي أتينا علي آخرهم، فهاتيك اجسادهم مجردة، وثيابهم مرملة، وخدودهم معفرة. تصهرهم الشمس وتسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرخم [110] بقي سبسب. قال: فدمعت عين يزيد وقال: قد كنت ارضي من طاعتكم بدون قتل الحسين لعن الله ابن سمية، اما والله لواني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين ولم يصله بشئ [111] . [ صفحه 212] قال ثم ان عبيدالله امر بنساء الحسين وصبيانه فجهزن، وامر بعلي بن الحسين فغل بغل إلي عنقه، ثم سرح بهم مع محفز بن ثعلبة العائذي عائذة قريش، ومع شمر بن ذي الجوشن فانطلقا بهم حتي قدموا علي يزيد، فلم يكن علي بن الحسين يكلم احدا منهمافي الطريق كلمة حتي بلغوا. فلما انتهوا إلي باب يزيد رفع محفز بن ثعلبة صوته فقال: هذا محفز بن ثعلبة، أتي امير المؤمنين باللئام الفجرة،قال: فاجابه يزيد بن معاوية: ما ولدت ام محفز شر والام [ صفحه 213] قال ابومخنف - حدثني الصقعب بن زهير عن القاسم بن عبدالرحمن مولي يزيد بن معاوية قال: لما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد رأس الحسين واهل بيته واصحابه قال يزيد:يفلقن هاما من رجال اعزة علينا وهم كانوا اعق واظلمااما والله يا حسين لو انا صاحبك ما قتلتك. قال ابومخنف - حدثني ابوجعفر العبسي عن ابي عمارة العبسي قال: فقال يحيي بن الحكم: اخو مروان بن الحكم:لهام بجنب الطف ادني قرابة من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغلسمية امسي نسلها عددالحصي وليس لال المصطفي اليوم من نسلقال:فضرب يزيد بن معاوية في صدر يحيي بن الحكم وقال: اسكت، قال: ولما جلس يزيد بن معاوية دعا اشراف اهل الشام فاجلسهم حوله، ثم دعا بعلي بن الحسين وصبيان الحسين ونساء‌ه فادخلوا عليه والناس ينظرون، فقال يزيد لعلي: يا علي ابوك الذي قطع رحمي وجهل حقي، ونازعني سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيت، قال: فقال علي: ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها. فقال يزيد لابنه خالد: اردد عليه، قال: فما دري خالد ما يرد عليه، فقال له يزيد: قل ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير ثم سكت عنه قال ثم دعا بالنساء والصبيان فاجلسوا بين يديه فرأي هيئة قبيحة فقال: قبح الله ابن مرجانة لو كانت بينه وبينكم رحم او قرابة ما فعل هذا [ صفحه 214] بكم ولابعث بكم هكذا قال ابومخنف عن الحارث بن كعب عن فاطمة بنت علي قالت لما اجلسنا بين يدي يزيد ابن معاوية رق لنا، وامر لنا بشئ والطفنا قالت: ثم ان رجلا من اهل الشام احمر قام إلي يزيد فقال: يا امير المؤمنين: هب لي هذه يعنيني، وكنت جارية وضيئة فارعدت وفرقت وظننت ان ذلك جائزلهم واخذت بثياب اختي زينب، قالت وكانت اختي زينب اكبر مني واعقل، وكانت تعلم ان ذلك لا يكون فقالت: كذبت والله ولو مت ما ذلك لك وله. فغضب يزيد فقال: كذبت والله ان ذلك لي ولو شئت ان افعله لفعلت، قالت: كلا والله ما جعل الله ذلك لك الا ان تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا، قالت فغضب يزيد واستطار ثم قال: اياي تستقبلين بهذا، انما خرج من الدين ابوك واخوك، فقالت زينب: بدين الله ودين ابي ودين اخي وجدي اهتديت انت وابوك وجدك، قال: كذبت يا عدوة الله قالت: انت امير مسلط تشتم ظالما وتقهر بسلطانك، قالت فوالله لكانه استحيا فسكت. ثم عاد الشامي فقال: يا امير المؤمنين هب لي هذه الجارية، قال: اعزب، وهب الله لك حتفا قاضيا. قالت: ثم قال يزيد بن معاوية يا نعمان بن بشير جهزهم بما يصلحهم، وابعث معهم رجلا من اهل الشام امينا صالحا، وابعث معه خيلا واعوانا فيسير بهم إلي المدينة، ثم امر بالنسوة ان ينزلن في دار علي حدة، معهن ما يصلحهن، واخوهن معهن علي بن الحسين في [ صفحه 215] الدار التي هن فيها. قال: فخرجن حتي دخلن دار يزيد، فلم تبق من آل معاوية امرأة الا استقبلتهن تبكي وتنوح علي الحسين، فاقاموا عليه المناحة ثلاثا، وكان يزيد لا يتغدي ولا يتعشي الا دعا علي بن الحسين اليه. قال فدعاه ذات يوم ودعا عمرو بن الحسن بن علي وهو غلام صغير فقال لعمرو بن الحسن: اتقاتل هذا الفتي؟ يعني خالدا ابنه، قال: لا ولكن اعطني سكينا واعطه سكينا ثم اقاتله، فقال له يزيد، واخذه وضمه اليه ثم قال: شنشنة اعرفها من اخزم، هل تلد الحية الا حية. قال ولما ارادوا ان يخرجوا دعا يزيد علي بن الحسين ثم قال:لعن الله ابن مرجانة، اما والله لو اني صاحبه ما سالني خصلة ابدا الا اعطيتها اياه، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي ولكن الله قضي ما رأيت، كاتبني وانه كل حاجة تكون لك، قال و كساهم واوصي بهم ذلك الرسول، قال: فخرج بهم وكان يسايرهم بالليل، فيكونون امامه حيث لا يفوتون طرفه، فاذا نزلوا تنحي عنهم وتفرق هو واصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم، وينزل منهم بحيث اذا اراد انسان منهم وضوء‌ا او قضاء حاجة لم يحتشم، فلم يزل ينازلهم في الطريق هكذا ويسألهم عن حوائجهم ويلطفهم حتي دخلوا المدينة، وقال الحارث بن كعب: فقالت لي فاطمة بنت علي: قلت لاختي زينب: يااخية لقد احسن هذا الرجل الشامي الينا في صحبتنا فهل لك ان نصله؟ فقالت: [ صفحه 216] والله ما معنا شئ نصله به الا حلينا، قالت لها: فنعطيه حلينا، قالت: فاخذت سواري ودملجي، واخذت اختي سوارها ودملجها، فبعثنا بذلك اليه واعتذرنا اليه، وقلنا له: هذا جزاء‌ك بصحبتك ايانا بالحسن من الفعل، قال: فقال: لو كان الذي صنعت انما هو للدنيا كان في حليكن ما يرضيني ودونه، ولكن والله ما فعلته الا لله ولقرابتكم من رسول الله صلي الله عليه وآله. قال هشام: واما عوانة بن الحكم الكلبي فانه قال: لما قتل الحسين وجيئ بالاثقال والاساري حتي وردوا بهم الكوفة إلي عبيدالله فبينا القوم محتبسون اذ وقع حجر في السجن معه كتاب مربوط وفي الكتاب: خرج البريد بامركم في يوم كذا وكذا إلي يزيد بن معاوية، وهو سائر كذا وكذا يوما وراجع في كذا وكذا، فان سمعتم التكبير فايقنوا بالقتل وان لم تسمعوا تكبيرا فهوالامان ان شاء الله، قال: فلما كان قبل قدوم البريد بيومين او ثلاثة اذا حجر قد ألقي في السجن ومعه كتاب مربوط وموسي وفي الكتاب: اوصوا واعهدوا، فانما ينتظر البريد يوم كذا وكذا فجاء البريد ولم يسمع التكبير وجاء كتاب بان سرح الاساري إلي، قال فدعا عبيدالله بن زياد محفز بن ثعلبة، وشمر بن ذي الجوشن فقال انطلقوا بالثقل والرأس إلي امير المؤمنين يزيد بن معاوية، قال: فخرجوا حتي قدموا علي يزيد، فقام محفز بن ثعلبة فناي باعلي صوته جئنا برأس احمق الناس والامهم، فقال يزيد: ما ولدت ام محفز الام واحمق ولكنه قاطع ظالم. قال: فلما نظر يزيد إلي رأس الحسين قال: [ صفحه 217] يفلقن هاما من رجال اعزة علينا وهم كانوا اعق واظلماثم قال: اتدرون من اين اتي هذا؟ قال: ابي علي خير من ابيه، وامي فاطمة خير من امه، وجدي رسول الله خير من جده، وانا خير منه واحق بهذا الامر منه، فاما قوله: ابوه خير من ابي فقد حاج ابي اباه، وعلم الناس ايهما حكم له، واما قوله، امي خير من امه، فلعمري فاطمة ابنة رسول الله صلي الله عليه وآله خير من امي، واما قوله جدي خير من جده: فلعمري ما احد يؤمن بالله واليوم الاخر يري لرسول الله فينا عدلا ولاندا، ولكنه انما اتي من قبل فقهه، ولم يقرأ: قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذلمن تشاء بيدك الخير انك علي كل شئ قدير. ثم ادخل نساء الحسين علي يزيد، فصاح نساء آل يزيد وبنات معاوية واهله وولولن ثم انهن ادخلن علي يزيد، فقالت فاطمة بنت الحسين وكانت اكبر من سكينة: أبنات رسول الله سبايا يا يزيد؟ فقال يزيد: يا ابنة اخي انا لهذا كنت اكره، قالت: والله ما ترك لنا خرص، قال يا ابنة اخي ما اتي اليك اعظم مما اخذ منك ثم اخرجن فادخلن دار يزيد بن معاوية، فلم تبق امرأة من آل يزيد الا اتتهن واقمن الماتم. وارسل يزيد إلي كل امرأة ماذا اخذ لك، وليس منهن امرأة تدعي شيئا بالغا ما بلغ الا قد اضعفه لها، فكانت سكينة تقول ما رأيت رجلا كافرا بالله خيرا من يزيد بن معاوية. ثم ادخل الاساري اليه وفيهم علي بن الحسين فقال له يزيد: ايه [ صفحه 218] يا علي، فقال علي: ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرها ان ذلك علي الله يسير لكيلا تأسوا علي ما فادتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور، فقال يزيد ما اصاب من مصيبة فيما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير ثم جهزه واعطاه مالا وسرحه إلي المدينة. قال هشام عن ابي مخنف - قال: حدثني ابوحمزة [112] الثمالي [ صفحه 219] عن عبدالله الثمالي عن القاسم بن بخيت قال: لما اقبل وفد اهل الكوفة برأس الحسين دخلوا مسجد دمشق، فقال لهم مروان بن الحكم: كيف صنعتم؟ قالوا ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلا فاتينا والله علي آخرهم، وهذه الرؤوس والسبايا، فوثب مروان فانصرف، واتاهم اخوه يحيي بن الحكم فقال: ما صنعتم؟ فاعادوا عليه الكلام، فقال: حجبتم عن محمد يوم القيامة، لن اجامعكم علي امر ابدا: ثم قام فانصرف، ودخلوا علي يزيد فوضعوا الرأس بين يديه وحدثوه الحديث، قال: فسمعت دور الحديث هند بنت عبدالله بن عامر بن كريز وكانت تحت يزيد بن معاوية فتقنعت بثوبها وخرجت فقالت: يا امير المؤمنين ارأس الحسين ابن فاطمة بنت رسول الله؟ قال نعم فاعولي عليه وحدي علي ابن بنت رسول صلي الله عليه وآله وصريحة قريش، عجل عليه ابن زياد فقتله قتله الله. [ صفحه 220] ثم اذن للناس فدخلوا والرأس بين يديه ومع يزيد قضيب فهو ينكت به في ثغره ثم قال: ان هذا وايانا كما قال الحصين بن الحمام المرييفلقن هاما من رجال احبة الينا وهم كانوا أعق وأظلماقال: فقال رجل من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله يقال له أبوبزرة الاسلمي: أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين؟ أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا لربما رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله يرشفه، أما انك يايزيد تجئئ يوم القيامة وابن زياد شفيعك ويجيئ هذا يوم القيامة ومحمد صلي الله عليه وآله شفيعه ثم قام فولي. قال هشام: حدثني عوانة بن الحكم قال: لما قتل عبيدالله بن زياد الحسين بن علي وجئ برأسه اليه [113] دعا عبدالملك بن ابي الحارث السلمي فقال: [ صفحه 221] انطلق حتي تقدم المدينة علي عمرو بن سعيد بن العاص فبشره بقتل الحسين وكان عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة يومئذ، قال فذهب ليعتل له فزجره، وكان عبيدالله لا يصطلي بناره، فقال انطلق حتي تأتي المدينة ولا يسبقك الخبر، وأعطاه دنانير وقال: لا تعتل وان قامت بك راحلتك [ صفحه 222] فاشتر راحلة، قال عبدالملك: فقدمت المدينة فلقيني رجل من قريش فقال: ما الخبر؟ فقلت: الخبر عند الامير. فقال: انا لله وانا اليه راجعون، قتل الحسين بن علي، قال: فدخلت علي عمرو بن سعيد فقال: ما ورائك؟ فقلت: ما سر الامير، قتل الحسين بن [ صفحه 223] علي، فقال: نادي بقتله فناديت بقتله، فلم أسمع والله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن علي الحسين، فقال عمرو بن سعيد وضحك:عجت نساء بني زياد عجة كعجيج نسوتنا غداة الارنب [ صفحه 224] والارنب وقعة كانت لبني زبيد علي بني زياد من بني الحارث بن كعب من رهط عبدالمدان، وهذا البيت لعمرو بن معد يكرب. ثم قال عمرو: هذه واعية بواعية عثمان بن عفان، ثم صعد المنبر فاعلم الناس فتله. [ صفحه 225] قال هشام عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد عن عبدالرحمان بن عبيد أبي الكنود قال: لما بلغ عبدالله بن جعفر بن ابيطالب مقتل ابنيه مع الحسين دخل عليه بعض مواليه والناس يعزونه، قال: ولا أظن مولاه ذلك الا أبا اللسلاس، فقال: هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين، قال: فحذفه [ صفحه 226] عبدالله بن جعفر بنعله ثم قال: يابن اللخناء أللحسين تقول هذا؟ والله لو شهدته لاحببت أن لا افارقه حتي اقتل معه، والله انه لمما يسخي بنفسي عنهما ويهون علي المصاب بهما، انهما اصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه [ صفحه 227] ثم أقبل علي جلسائه فقال: الحمد لله عزوجل علي بمصرع الحسين ان لا يكن آست حسينا يدي فقد آساه ولدي، قال: ولما أتي أهل المدينة مقتل الحسين خرجت ابنة عقيل بن ابيطالب ومعها نساء‌ها وهي حاسرة تلوي بثوبها وهي تقول: [ صفحه 228] ماذا تقولون ان قال النبي لكم ماذا فعلتم وأنتم آخر الاممبعترتي وباهلي بعد مفتقدي منهم اساري ومنهم ضرجوا بدمقال هشام عن عوانة قال: قال عبيدالله بن زياد لعمر بن سعد بعد قتله الحسين: يا عمر أين الكتاب الذي كتبت به اليك في قتل الحسين، قال [ صفحه 229] مضيت لامرك وضاع الكتاب، قال: لتجيئن به، قال: ضاع، قال: والله لتجيئن به، قال: ترك والله يقرأ علي عجائز قريش اعتذارا اليهن بالمدينة أما والله لقد نصحتك في حسين نصيحة لو نصحتها أبي سعد بن أبي وقاص كنت قد أديت حقه، قال عثمان بن زياد أخو عبيدالله: صدق والله، [ صفحه 230] لوددت أنه ليس من بني زياد رجل الا وفي أنفه خزامة إلي يوم القيامة وأن حسينا لم يقتل، قال: فوالله ما أنكر ذلك عليه عبيدالله. قال هشام: حدثني بعض اصحابنا عن عمرو بن أبي المقدام قال: حدثني عمرو بن عكرمة قال: أصبحنا صبيحة قتل الحسين بالمدينة فاذا [ صفحه 231] مولي لنا يحدثنا قال: سمعت البارحة مناديا ينادي وهو يقول:أيها القاتلون جهلا حسينا أبشروا بالعذاب والتنكيلكل أهل السماء يدعو عليكم من نبي وملك وقبيلقد لعنتم علي لسان ابن داود وموسي وحامل الانجيلقال هشام: حدثني عمر بن حيزوم الكلبي عن أبيه قال: سمعت هذا الصوت. [ صفحه 232]

ذكر اسماء من قتل من بني هاشم مع الحسين وعدد من قتل معه من كل قبيلة من القبائل التي قاتلته

قال هشام: قال أبومخنف: ولما قتل الحسين بن علي (ع) جيئ برؤوس من قتل معه من أهل بيته وشيعته وأنصاره إلي عبيدالله بن زياد فجاء‌ت كندة بثلاثة عشر رأسا وصاحبهم قيس بن الاشعث، وجاء‌ت هوازن بعشرين [ صفحه 233] رأسا وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن، وجاء‌ت تميم بسبعة عشر رأسا، وجاء‌ت بنو أسد بستة أرؤس، وجاء‌ت مذحج بسبعة أرؤس، وجاء سائر الجيش بسبعة ارؤس، فذلك سبعون رأسا. قال: وقتل الحسين وامه فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله قتله سنان بن [ صفحه 234] أنس النخعي ثم الاصبحي، وجاء برأسه خولي بن يزيد، وقتل العباس بن علي بن ابيطالب وامه ام البنين ابنة حزام بن خالد ابن ربيعة بن الوحيد، قتله زيد بن رقاد رقاد الجنبي وحكيم بن الطفيل السنسي. وقتل جعفر بن علي بن ابيطالب وامه ام البنين ايضا، وقتل عبدالله [ صفحه 235] بن علي بن ابي طالب وامه ام البنين ايضا، وقتل عثمان بن علي بن ابي طالب وامه ام البنين ايضا، رماه خولي بن يزيد بسهم فقتله، وقتل محمد بن علي بن ابي طالب وامه ام ولد، قتله رجل من بني أبان بن دارم. وقتل أبوبكر بن علي بن ابيطالب وامه ليلي ابنة مسعود بن خالد بن [ صفحه 236] مالك بن ربعي بن سلمي بن جندل بن نهشل بن دارم وقد شك في قتله وقتل علي بن الحسين بن علي وامه ليلي ابنة ابي مرة بن عروة بن مسعود بن معتب الثقفي، وامها ميمونة ابنة ابي سفيان بن حرب، قتله مرة بن منقد بن النعمان العبدي. [ صفحه 237] وقتل عبدالله بن الحسين بن علي وامه الرباب ابنة امرئ القيس ابن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم من كلب، قتله هاني بن ثبيت الحضرمي، واستصغر علي بن الحسين بن علي فلم يقتل، وقتل أبوبكر بن الحسن ابن علي بن أبي طالب وامه ام ولد قتله عبدالله بن عقبة الغنوي، [ صفحه 238] وقتل عبدالله بن الحسن بن علي بن ابيطالب وامه ام ولد قتله حرملة بن الكاهن رماه بسهم، وقتل القاسم بن الحسن بن علي بن ابيطالب وامه ام ولد قتله سعد بن عمروبن نفيل الازدي. وقتل عون بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب وامه جمانة ابنة [ صفحه 239] المسيب بن نجبة بن ربيعة بن رياح من بني فزارة قتله عبدالله بن قطبة الطائي ثم النبهاني. وقتل محمد بن عبدالله بن جعفر بن ابيطالب وامه الخوصاء ابنة خصفة بن ثقيف بن ربيعة ابن عائذ بن الحارث بن تيم الله بن ثعلبة من [ صفحه 240] بكر بن وائل قتله عامر بن نهشل التيمي، وقتل جعفر بن عقيل بن ابي طالب وامه ام البنين ابنة الشقر بن الهضاب قتله بشر بن حوط الهمداني، وقتل عبدالرحمن ابن عقيل وامه ام ولد قتله عثمان بن خالد بن اسير الجهني. [ صفحه 241] وقتل مسلم بن عقيل بن ابيطالب وامه ام ولد بالكوفة، وقتل عبدالله بن مسلم بن عقيل بن ابي طالب وامه رقيه ابنة علي بن ابيطالب وامها ام ولد قتله عمرو ابن صبيح الصدائي، وقيل قتله اسيد بن [ صفحه 242] مالك الحصرمي. وقتل محمد بن ابي سعيد بن عقيل وامه ام ولد قتله لقيط بن ياسر الجهني، واستصغر الحسن بن الحسن بن علي وامه خولة ابنة منظور بن [ صفحه 243] زيان بن سيار الفزاري، واستصغر عمرو بن الحسن بن علي فترك فلم يقتل وامه ام ولد. وقتل من الموالي سليمان مولي الحسين بن علي قتله سليمان [ صفحه 244] بن عوف الحضرمي، وقتل منجح مولي الحسين بن علي، وقتل عبدالله بن بقطر رضيع الحسين بن علي. قال ابومخنف - حدثني عبدالرحمان بن جندب الازدي ان عبيدالله بن زياد بعد قتل الحسين تفقد اشراف اهل الكوفة فلم ير عبيدالله بن الحر. ثم جاده بعد ايام حتي دخل عليه، فقال: اين كنت يابن الحر؟ قال:كنت مريضا، قال: مريض القلب او مريض البدن، قال: أما قلبي فلم يمرض، واما بدني فقد من الله علي بالعافية، فقال له ابن زياد: كذبت [ صفحه 245] ولكنك كنت مع عدونا قال: لو كنت مع عدوك لرؤي مكاني وما كان مثل مكاني يخفي. قال: وغفل عنه ابن زياد غفلة فخرج ابن الحر فقعد علي فرسه، فقال ابن زياد اين ابن الحر؟ قالوا خرج الساعة، قال: علي به، فاحضرت الشرط فقالوا له: اجب الامير، فدفع فرسه ثم قال: ابلغوه أني لا آتيه والله طائعا ابدا.ثم خرج حتي أتي منزل احمر بن زياد الطائي، فاجتمع اليه في منزله اصحابه، ثم خرج حتي أتي كربلاء فنظر إلي مصارع القوم فاستغر لهم هو واصحابه، ثم مضي حتي نزل المدائن وقال في ذلكيقول امير غادر حق غادر الا كنت قاتلت الشهيد بن فاطمةفياندمي ان لا اكون نصرته الاكل نفس لا تسدد نادمهواني لاني لم اكن من حماته لذو حسرة ما ان تفارق لازمهسقي الله ارواح الذين تأزروا علي نصره سقيا من الغيث دائمهوقفت علي اجدائهم ومجالهم فكاد الحشي ينفض والعين ساجمهلعمري لقد كانوا مصاليت في الوغي سراعا إلي الهيجاء حماة خضارمهتاسوا علي نصر ابن بنت نبيهم باسيافهم آسا دغيل ضراغمهفان يقتلوا فكل نفس تقية علي الارض قد اضحت لذلك واجمهوما ان رأي الراؤون افضل منهم لدي الموت سادات وزهر أقماقمهأتقتلهم ظلما وترجو ودادنا فدع خطة ليست لنا بملائمهلعمري لقد راغمتمونا بقتلهم فكم ناقم منا عليكم وناقمهأهم مرارا أن أسير بجحفل إلي فئة زاغت عن الحق ظالمه [ صفحه 246] فكفوا والاذدتكم في كتائب أشد عليكم من زحوف الديالمةإلي هناتم المقتل من كتاب لوط بن يحيي ابي مخنف الازدي رحمه الله المتخذ من كتاب تاريخ الامم والمكوك للمورخ الشهير محمد بن جرير الطبري (ج 4 ط مطبعة الاستقامة بالقاهرة) وقد آن بنا أن نشرع في الوقايع المتأخرة بعد قتل الحسين واصحابه عليهم السلام وتذكر ايضا من كتاب أبي مخنف هذه الوقايع المودعة في تاريخ الطبري والله يوفقنا لاتمامه ويرشدنا إلي طاعتة وطاعة المعصومين من اوليائه آمين آمين بحق محمد وآله الطاهرين [ صفحه 247]

الوقايع المتاخرة بعد قتل الحسين واصحابه

قال هشام عن ابي مخنف عن عبدالملك بن نوفل قال حدثني أبي قال لما قتل الحسين عليه السلام قام ابن الزبر في أهل مكة وعظم مقتله وعاب علي أهل الكوفة خاصة ولام أهل العراق عامة فقال بعد أن حمد الله وأثني عليه وصلي علي محمد (ص) ان أهل العراق غدر فجر الا قليلا وان اهل الكوفة شرار اهل العراق وأنهم دعوا حسينا لينصروه ويولوه عليهم فلما قدم عليهم ثاروا اليه فقالوا له اما ان تضع يدك في ايدينا فنبعث بك إلي ابن زياد بن سمية سلما فيمضي فيك حكمه واما ان تحارب فرأي والله انه هو واصحابه قليل في كثير وان كان الله عزوجل لم يطلع علي الغيب احدا انه مقتول ولكنه اختار الميتة الكريمة علي الحياة الذميمة فرحم الله حسينا واخزي قاتل حسين لعمري لقد كان من خلافهم اياه وعصيانهم ما كان في مثل واعظ وناه عنهم ولكنه ما حم نازل واذا اراد الله امرا لن يدفع افبعد الحسين نطمئن إلي هؤلاء القوم ونصدق قولهم ونقبل لهم عهدا لاولانراهم لذلك اهلا اما والله لقد قتلوه طويلا بالليل قيامه كثيرا في النهار صيامه احق بماهم فيه منهم واولي به في الدين والفضل اما والله ما كان يبدل بالقرآن الغناء ولا بالبكاء من خشية الله الحدا [ صفحه 248] ولا بالصيام شرب الحرام ولا بالمجالس في حلق الذكر الركض في تطلاب الصيد يعرض بيزيد فسوف يلقون غيا فثار اليه أصحابه فقالوا له ايها الرجل أظهر بيعتك فانه لم يبق أحد اذهلك حسين ينازعك هذا الامر وقد كان يبايع الناس سرا ويظهرأنه عائذ بالبيت فقال لهم لا تعجلوا وعمرو بن سعيد بن العاص يومئذ عامل مكة وقد كان أشد شئ عليه وعلي اصحابه وكان مع شدته عليهم يداري ويرفق فلما استقر عند يزيد بن معاوية ما قد جمع ابن الزبير من الجموع بمكة أعطي الله عهدا ليوثقنه في سلسلة فبعث بسلسلة من فضة فمر بها البريد علي مروان بن الحكم بالمدينة فأخبر خبر ما قدم له وبالسلسلة التي معه فقال مروان.خذها فليست للعزيز بخطة وفيها مقال لامري متضعفثم مضي من عنده حتي قدم علي ابن الزبير فأتي ابن الزبير فأخبره بممر البريد علي مروان وتمثل مروان بهذا البيت فقال ابن الزبير لا والله لا أكون أنا ذلك المتضعف ورد ذلك البريد ردا رقيقا وعلا أمر ابن الزبير بمكة وكاتبه أهل المدينة وقال الناس أما اذهلك الحسين عليه السلام فليس أحد ينازع ابن الزبير. قال هشام بن محمد حدثنا ابومخنف قال حدثني يوسف ابن يزيد عن عبدالله بن عوف بن الاحمر الازدي قال لما قتل الحسين بن علي ورجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة فدخل الكوفة تلاقت الشيعةبالتلاوم والتندم ورأت أنها قد أخطأت خطأ كبيرا بدعائهم الحسين إلي [ صفحه 249] النصرة وتركهم اجابته ومقتله إلي جانبهم لم ينصره ورأوا أنه لا يغسل عارهم والاثم عنهم في مقتله الا بقتل من قتله أو القتل فيه ففزعوا بالكوفة إلي خمسة نفر من رؤوس الشيعة إلي سليمان بن صرد الخزاعي وكانت له صحبة مع النبي صلي الله عليه وآله والي المسيب بن نجبة الفزاري وكان من أصحاب علي وخيارهم والي عبدالله بن سعد بن نفيل الازدي والي عبدالله بن وال التيمي والي رفاعة بن شداد البجلي. ثم أن هؤلاء النفر الخمسة اجتمعوا في منزل سليمان بن صرد وكانوا من خيار أصحاب علي ومعهم اناس من الشيعة وخيارهم ووجوههم قال فلما اجتمعوا إلي منزل سليمان بن صرد بدأ المسيب بن نجبة القوم بالكلام فتكلم فحمد الله وأثني عليه وصلي علي نبيه صلي الله عليه وآله ثم قال أما بعد فانا قد ابتلينا بطول العمر والتعرض لانواع الفتن فترغب إلي ربنا ألا تجعلنا ممن يقول له غدا اولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاء‌كم النذير فان امير المؤمنين قال العمر الذي اعذر الله فيه إلي ابن آدم ستون سنة وليس فينا رجل الا وقد بلغه وقد كنا مغرمين بتزكية أنفسنا وتقريظ شيعتنا حتي بلا الله أخيارنا فوجدنا كاذبين في موطنين من مواطن ابن ابنة نبينا صلي الله عليه وآله وقد بلغتنا قبل ذلك كتبه وقدمت علينا رسله وأعذر ألينا يسألنا نصره عودا وبدء‌ا وعلانية وسرا فبخلنا عنه بانفسنا حتي قتل إلي جانبنا لا نحن نصرناه بأديدينا ولا جادلنا عنه بألسنتنا ولا قويناه بأموالنا ولا طلبنا له النصرة إلي عشائرنا فما عذرنا إلي ربنا وعند لقاء نبينا صلي الله عليه وآله وقد قتل فينا ولده وحبيبه وذريته ونسله لا والله لا عذر دون ان تقتلوا [ صفحه 250] قاتله والموالين عليه او تقتلوا في طلب ذلك فعسي ربنا أن يرضي عنا عند ذلك وما أنا بعد لقائه لعقوبته بآمن أيها القوم ولوا عليكم رجلا منكم فانه لا بد لكم من أمير تفزعون اليه وراية تحفون بها أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم قال فبدر القوم رفاعة بن شداد بعد المسيب الكلام فحمد الله واثني عليه وصلي علي النبي صلي الله عليه وآله. ثم قال اما بعد فان الله قد هداك لاصوب القول ودعوت إلي ارشد الامور بدأت بحمد الله والثناء عليه والصلاة علي نبيه صلي الله عليه وآله ودعوت إلي جهاد الفاسقين والي التوبة من الذنب العظيم فمسموع منك مستجابلك مقبول قولك قلت ولو أمركم رجلا منكم تفزعون اليه وتحفون برأيته وذلك رأي قد رأينا مثل الذي رأيت فان تكن انت ذلك الرجل تكن عندنا مرضيا وفينا متنصحا وفي جماعتنا محبا. وان رأيت ورآي أصحابنا ذلك ولينا هذا الامر شيخ الشيعة صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله وذا السابقة والقدم سليمان بن صرد المحمود في بأسه ودينه والموثوق بحزمه أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم قال ثم تكلم عبدالله بن وال وعبدالله بن سعد فحمدا ربهما وأثنيا عليه وتكلما بنحو من كلام رفاعة بن شداد فذكرا المسيب بن جبة بفضله وذكرا سليمان بن صرد بسابقته ورضاهما بتوليته فقال المسيب بن نجبة أصبتم ووفقتم وأنا أري مثل الذي رأيتم فولوا امركم سليمان بن صرد. قال ابومخنف فحدثت سليمان بن أبي راشد بهذا الحديث فقال حدثني حميد بن مسلم قال والله اني لشاهد بهذا اليوم يوم ولوا سليمان بن صرد وانا يومئذ لاكثر من مأة رجل من فرسان الشيعة ووجوههم في [ صفحه 251] داره قال فتكلم سليمان بن صرد فشدد وما زال داره قال فتكلم سليمان بن صرد فشدد وما زال يردد ذلك القول في كل جمعة حتي حفظته بدأ فقال أثني علي الله خيرا وأحمد آلاء‌ه وبلاء‌ه وأشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسوله. أما بعد فاني والله لخائف الا يكون آخرنا إلي هذا الدهر الذي نكدت فيه المعيشة وعظمت فيه الرزية وشمل فيه الجور اولي الفضل من هذه الشيعة لما هو خير انا كنا نمد أعناقنا إلي قدوم آل نبينا ونمنيهم النصر ونحثهم علي القوم فلما قدموا ونينا وعجزنا وادهنا وتربصنا وانتظرنا ما يكون حتي قتل فينا ولدينا ولد نبينا وسلالته وعصارته وبضعة من لحمه ودمه اذ جعل يستصرخ ويسأل النصف فلا يعطاهاتخذه الفاسقون غرضا لنبل ودرية للرماح حتي اقصدوه وعدوا عليه فسلبوه الا انهضوا فقد سخط ربكم ولا ترجعوا إلي الحلائل والابناء حني يرضي الله والله ما أظنه رضيا دون ان تناجزوا من قتله أو تبيروا ألا لاتهابوا الموت فوالله ما هابه امرء قط الاذل كونوا كالاولي من بني اسرائيل اذ قال لهم نبيهم انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلي بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فما فعل القوم جثوا علي الركب والله ومدوا الاعناق ورضوا بالقضاء حتي حين علموا أنه لا ينجيهم من عظيم الذنب الا الصبر علي القتل فكيف بكم لو قد دعيتم إلي مثل ما دعي القوم اليه أشحذوا السيوف وركبوا الا سنة وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل حتي تدعوا حين تدعوا وتستنفروا قال فقام خالد بن سعد بن نفيل. فقال أما أنا فوالله لو أعلم أن قتلي نفسي يخرجني من ذنبي ويرضي [ صفحه 252] عني ربي لقتلتها ولكن هذا أمر به قوم كانوا قبلنا ونهينا عنه فاشهد الله ومن حضر من المسلمين أن كلما أصبحت أملكه سوي سلاحي الذي اقاتل به عدوي صدقة علي المسلمين اقويهم به علي قتال القاسطين. وقام أبوالمعتمر حنش بن ربيعة الكناني فقال وأنا أشهدكم علي مثل ذلك فقال سليمان بن صرد حسبكم من أراد من هذا شيئا فليأت بماله عبدالله بن وال التيمي تيم بكر بن وائل فاذا اجتمع عنده كلما تريدون اخراجه من اموالكم جهزنا به ذوي الخلة والمسكنة من أشياعكم قال أبومخنف لوط بن يحيي عن سليمان بن ابي راشد قال فحدثنا حميد بن مسلم الازدي أن سليمان بن صرد قال لخالد بن سعد بن نفيل حين قال له والله لو علمت أن قتلي نفسي يخرجني من ذنبي ويرضي عني ربي لقتلتها ولكن هذا امر به قوم غيرنا كانوا من قبلنا ونهينا عنه قال أخوكم هذا غدا فريس اول الاسنة قال فلما تصدق بماله علي المسلمين قال له أبشر بجزيل ثواب الله الذين لانفسهم يمهدون. قال ابومخنف حدثني الحصين بن يزيد بن عبدالله بن سعد بن نفيل قال أخذت كتابا كان سليمان بن صرد كتب به إلي سعد بن حذيفة بن اليمان بالمدائن فقرأته زمان ولي سليمان. قال فلما قرأته اعجبني فتعلمته فما نسيته كتب اليه بسم الله الرحمن الرحيم من سليمان بن صرد ألي سعد بن حذيفة بن اليمان ومن قبله من المؤمنين سلام عليكم. أما بعد فان الدنيا دار قد أدبر منها ما كان معروفا وأقبل منها ما كان منكرا وأصبحت قد تشنأت إلي ذوي الالباب وأزمع بالترحال [ صفحه 253] منها عباد الله الاخيار وباعوا قليلا من الدنيا لا يبقي بجزيل مثوبة عند الله لا يفني ان اولياء من اخوانكم وشيعة آل نبيكم نظروا لانفسهم فيما ابتلوا به من أمر ابن بنت نبيهم الذي دعي فاجاب ودعا فلم يجب وأراد الرجعة فحبس وسأل الامان فمنع وترك الناس فلم يتركوه وعدوا عليه فقتلوه. ثم سلبوه وجردوه ظلما وعدوانا وغرة بالله وجهلا وبعبر الله ما يعملون والي الله ما يرجعون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون فلما نظروا اخوانكم وتدبروا عواقب ما استقبلوا رأوا ان قد خطأوابخذلان الزكي الطيب واسلامه وترك مواساته والنصر له خطئا كبيرا ليس لهم منه مخرج ولا توبة دون قتل قاتليه او قتلهم حتي تفني علي ذلك ارواحهم فقد جدوا اخوانكم فجدوا وأعدوا واستعدوا، وقد ضربنا لاخواننا أجلا يوافوننا اليه وموطنا يلقوننا فيه فأما الاجل فغرة شهر ربيع الاخر سنة 65. وأما الموطن الذي يلقوننا فيه فالنخيلة انتم الذين لم تزالوا لنا شيعة واخوانا والا وقد رأينا ان ندعوكم إلي هذا الامر الذي اراد الله به اخوانكم فيما يزعمون ويظهرون لنا أنهم يتوبون وأنكم جدراء بتطلاب الفضل والتماس الاجر والتوبة إلي ربكم من الذنب ولو كان في ذلك حز الرقاب وقتل الاولاد واستيفاء الاموال وهلاك العشائر ما ضر أهل عذراء الذين قتلوا الا يكونوا اليوم أحياء وهم عند ربهم يرزقون. شهداء قد لقوا الله صابرين محتسبين، فأثابهم ثواب الصابرين يعني حجرا واصحابه، وما ضر اخوانكم المقتلين صبرا، المصلبين [ صفحه 254] ظلما، والممثول بهم المعتدي عليهم الا يكونوا أحياء مبتلين بخطاياكم قد خير لهم فلقوا ربهم ووافاهم الله ان شاء الله أجرهم، فاصبروا رحمكم الله علي البأساء والضراء وحين الباس، وتوبوا إلي الله عن قريب. فوالله انكم لا حرياء الا يكون أحد من أخوانكم صبر علي شئ من البلاء ارادة ثوابه الا صبرتم التماس الاجر فيه علي مثله، ولا يطلب رضاء الله طالب بشئ من الاشياء ولو أنه القتل الا طلبتم رضاء الله به. ان التقوي افضل الزاد في الدنيا وما سوي ذلك يبور ويفني فلتعزف عنها أنفسكم ولتكن رغبتكم في دار عافيتكم وجهاد عدوالله وعدوكم وعدو اهل بيت نبيكم حتي تقدموا علي الله تائبين راغبين، أحيانا الله واياكم حياة طيبة، وأجارنا واياكم من النار، وجعل منايانا قتلا في سبيله علي يدي أبغض خلقه اليه واشدهم عداوة له، انه القدير علي ما يشاء، والصانع لاوليائه في الاشياء والسلام عليكم قال: كتب ابن صرد الكتاب وبعث به إلي سعد بن حذيفة بن اليمان مع عبدالله بن مالك الطائي، فبعث به سعد حين قرأ كتابه إلي من كان بالمدائن من الشيعة، وكان بها أقوام من أهل الكوفة قد اعجبتهم فأوطنوها وهم يقدمون الكوفة في كل حين عطاء ورزق، فيأخذون حقوقهم وينصرفون إلي أوطانهم، فقرأ عليهم سعد كتاب سليمان بن صرد ثم انه حمدالله وأثني عليه. ثم قال: أما بعد فأنكم قد كنتم مجتمعين مزمعين علي نصر الحسين وقتال عدوه فلم يفجاء‌كم أول من قتله، والله مثيبكم علي حسن النية وما اجمعتم عليه من النصر أحسن المثوبة وقد بعث اليكم اخوانكم [ صفحه 255] يستنجدونكم ويستمدونكم ويدعونكم إلي الحق والي ما ترجون لكم به عند الله أفضل الاجر والحظ، فماذا ترون؟ وماذا تقولون؟ فقال القوم باجمعهم نجيبهم ونقاتل معهم، ورأينا في ذلك مثل رأيهم فقام عبدالله بن حنظل الطائي ثم الحز مري فحمدالله وأثني عليه ثم قال: اما بعد فانا قد أجبنا اخواننا إلي ما دعونا اليه، وقد رأينا مثل الذي قد رأوا، فسرحني اليهم في الخيل، فقال له: رويد الا تعجل استعدوا للعدو وأعدوا له الحرب، ثم نسير وتسيرون. وكتب سعد بن حذيفة بن اليمان إلي سليمان بن صرد مع عبدالله بن مالك الطائي: بسم الله الرحمن الرحيم: إلي سليمان بن صرد من سعد بن حذيفة ومن قبله من المؤمنين سلام عليكم.اما بعد فقد قرأنا كتابك وفهمنا الذي دعوتنا اليه من الامر الذي عليه، رأي الملاء من اخوانك فقد هديت لحظك ويسرت لرشدك ونحن جادون مجدون معدون مسرحون ملجمون، ننظر الامر ونستمع الداعي فاذا جاء الصريخ اقبلنا ولم نعرج ان شاء الله والسلام. فلما قرأ كتابه سليمان بن صرد قرأه علي اصحابه فسروا بذلك قال: وكتب إلي المثني بن محربة العبدي نسخة الكتاب الذي كان كتب به إلي سعد بن حذيفة بن اليمان وبعث به مع ظبيان بن عمارة التميمي من بني سعد، فكتب اليه المثني،: اما بعد فقد قرأت كتابك وأقرأته اخوانك، فحمدوا رأيك، واستجابوا لك، فنحن موافوك ان شاء الله للاجل الذي ضربت، وفي الموطن الذي ذكرت، والسلام عليك، [ صفحه 256] وكتب في اسفل كتابه.تبصر كأني قد أتيتك معلما علي اتلع الهادي أجش هزيمطويل القري نهد الشواء مقلص ملح علي فأس اللجام أزومبكل فتي لا يملاء الروح نحره محس لعض الحرب غير سؤومأخي ثقة ينوي الاله بسعيه ضروب بنصل السيف غير أثيمقال ابومخنف لوط بن يحيي عن الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن سعد بن نفيل قال: كان أول ما ابتدعوا به من أمرهم سنة 61 وهي السنة التي فيها الحسين رضي الله عنه. فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب والاستعداد للقتال ودعاء الناس في السر من الشيعة وغيرها إلي الطلب بدم الحسين فكان يجيبهم القوم بعد القوم والنفر بعد النفرء فلم يزالوا كذلك وفي ذلك حتي مات يزيد بن معاوية يوم الخميس لاربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الاول سنة 64 وكان بين قتل الحسين وهلاك يزيد بن معاوية ثلاث سنين وشهران وأربعة أيام، وهلك يزيد وأمير العراق عبيدالله بن زياد وهو بالبصرة وخليفة بالكوفة عمرو بن حريث المخزومي، فجاء إلي سليمان أصحابه من الشيعة فقالوا: قد مات هذا الطاغية، والامر الان ضعيف، فان شئت وثبنا علي عمرو بن حريثفاخرجناه من القصر، ثم أظهرنا الطلب بدم الحسين وتتبعنا قتلته ودعونا الناس إلي اهل هذا البيت المستأثر عليهم المدفوعين عن حقهم، فقالوا في ذلك فأكثروا.فقال لهم سليمان بن صرد: رويدا، لا تعجلوا اني قد نظرت فيما [ صفحه 257] تذكرون، فرأيت أن قتلة الحسين هم اشراف اهل الكوفة وفرسان العرب، وهم المطالبون بدمه، ومتي علموا ما تريدون وعلموا انهم المطلوبون كانوا أشد عليكم، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنهم لو خرجوا لم يدركوا ثارهم ولم يشفوا أنفسهم ولم ينكوا في عدوهم وكانوا لهم جزرا، ولكن بثوا دعاتكم في المصر فادعوا إلي أمركم هذا شيعتكم وغير شيعتكم فاني أرجو أن يكون الناس اليوم حيثهلك هذا الطاغية أسرع إلي أمركم استجابة منهم قبل هلاكه ففعلوا وخرجت طائفة منهم دعاة يدعون الناس فاستجاب لهم ناس كثير بعد يزيد بن معاوية اضعاف من كان استجاب لهم قبل ذلك. قال هشام: قال أبومخنف وحدثنا الحصين بن يزيد عن رجل من مزينة قال ما رأيت من هذه الامة أحدا كان أبلغ من عبيدالله بن عبدالله المري في منطق ولاعظة وكان من دعاة أهل المصر زمان سليمان بن صرد وكان اذا اجتمعت اليه جماعة من الناس فوعظهم بدأ بحمد الله والثناء عليه والصلاة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم يقول: أما بعد فان الله اصطفي محمدا صلي الله عليه وآله علي خلقه بنبوته وخصه بالفضل كله وأعزكم باتباعه وأكرمكم بالايمان به فحقن به دمائكم المسفوكة وآمن به سبلكم المخوفة وكنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون فهل خلق ربكم في الاولين والآخرين أعظم حقا علي هذه الامة من نبيها وهل ذرية أحد منالنبيين والمرسلين أو غيرهم أعظم حقا علي هذه الامة من ذرية رسولها؟ [ صفحه 258] لا والله ما كان ولا يكون لله أنتم الم تروا ويبلغكم ما اجترم إلي ابن بنت نبيكم أما رأيتم إلي انتهاك القوم حرمته واستضعافهم وحدته وترميلهم اياه بالدم وتجرار هموه علي الارض لم يرقبوا فيه ربهم ولا قرابة من الرسول صلي الله عليه وسلم اتخذوه للنبل غرضا وغادروه للضباع جزرا فلله عينا من رأي مثله ولله حسين بن علي ماذا غادروا به ذا صدق وصبرو ذا أمانة ونجدة حزم ابن أول المسلمين اسلاما وابن بنت رسول رب العالمين. قلت حماته وكثرت عداته حوله فقتله عدوه وخذله وليه فويل للقاتل وملامة للخاذل ان الله لم يجعل لقاتله حجة ولا لخادله معذرة الا أن يناصح لله في التوبة فيجاهد القاتلين وينابذ القاسطين فعسي الله عند ذلك أن يقبل التوبة ويقيل العثرة انا ندعوكم إلي كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل بيته والي جهاد المحلين والمارقين. فان قتلنا فما عند الله خير للابرار وان ظهرنا رددنا هذا الامر إلي أهل بيت نبينا قال وكان يعيد هذا الكلام علينا في كل يوم حتي حفظه عامتنا قال ووثب الناس علي عمرو بن حريث عند هلاك يزيد بن معاوية فأخرجوه من القصر واصطلحوا علي عامر بن مسعود ابن أمية بن خلف الجمحي وهو دحروجة الجعل الذي قال له ابن همام السلولي.أشد يديك بزيد ان ظفرت به واشف الارامل من دحروجة الجعلوكان كأنه ايهام قصرا وزيد مولاه وخازنه فكان يصلي بالناس و بايع لابن الزبير ولم يزل أصحاب سليمان بن صرد يدعون شيعتهم وغيرهم من أهل مصرهم حتي كثر تبعهم وكان الناس إلي اتباعهم بعد هلاك يزيد بن معاوية أسرع منهم قبل ذلك فما مضت ستة أشهر من هلاك يزيد [ صفحه 259] بن معاوية قدم المختار بن أبي عبيدة الكوفة فقدم في النصف من شهر رمضان يوم الجمعة قال وقدم عبدالله بن يزيد الانصاري ثم الخطمي من قبل عبدالله بن الزبير أميرا علي الكوفة علي حربها وثغرها وقدم معه من قبل ابن الزبير ابراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيدالله الاعرج أميرا علي خراج الكوفة وكان قدوم عبدالله بن يزيد الانصاري ثم الخطمي يوم الجمعة لثمان بقين من شهر رمضان سنة 64 قال وقدم المختار قبل عبيدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بثمانية ايام ودخل المختار الكوفة وقد اجتمعت رؤوس الشيعة ووجوهها مع سليمان بن صرد فليس يعدلونه به فكان المختار اذا دعاهم إلي نفسه والي الطلب بدم الحسين قالت له الشيعة هذا سليمان بن صرد شيخ الشيعة قد انقادوا له واجتمعوا عليه فأخذ يقول للشيعة اني قد جئتكم من قبل المهدي محمد بن علي بن الحنفية مؤتمنا مأمونا منتجبا ووزيرا فوالله ما زال بالشيعة حتي انشعبت اليه طائفة تعظمه وتجيبه وتنتظر أمره وعظم الشيعة مع سليمان بن صرد فسليمان أثقل خلق الله علي المختار وكان المختار يقول لاصحابه أتدرون ما يريد هذا يعني سليمان بن صرد انما يريد أن يخرج فيقتل نفسه ويقتلكم ليس له بصر بالحروب ولا له علم بها قال وأتي يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم الشيباني عبدالله بن يزيد الانصاري.فقال ان الناس يتحدثون أن هذه الشيعة خارجة عليك مع ابن صرد ومنهم طائفة أخري مع المختار وهي أقل الطائفتين عددا والمختار فيما يذكرون الناس لا يريد أن يخرج حتي ينظر إلي ما يصير اليه أمر سليمان بن صرد وقد اجتمع له أمره وهو خارج من أيامه هذه [ صفحه 260] فان رأيت أن تجمع الشرط والمقاتلة ووجوه الناس ثم تنهض اليهم وننهض معك فاذا دفعت إلي منزله دعوته فان اجابك حسبه وان قاتلك قاتلته وقد جمعت له وعبأت وهو مغترفاني أخاف عليك ان هو بدأك وأقررته حتي يخرج عليك أن تشتد شوكته وان يتفاقم أمره فقال عبدالله بن يزيد الله بيننا وبينهم ان هم قاتلونا قتلناهم وان تركونا لم نطلبهم حدثني ما يريدون الناس قال يذكر الناس أنهم يطلبون بدم الحسين بن علي قال فأنا قتلت الحسين لعن الله قاتل الحسين. قال وكان سليمان بن صرد وأصحابه يريدون أن يثبوا بالكوفة فخرج عبدالله بن يزيد حتي صعد المنبر ثم قام في الناس فحمد الله وأثني عليه ثم قال أما بعد فقد بلغني أن طائفة من أهل هذا المصر أرادوا أن يخرجوا علينا فسألت عن الذي دعاهم إلي ذلك ما هو فقيل لي زعموا أنهم يطلبون بدم الحسين ابن علي فرحم الله هؤلاء القوم قد والله دللت علي أماكنهم وأمرت بأخذهم وقيل ابدأهم قبل أن يبدؤك فأبيت ذلك فقلت ان قاتلوني قاتلتهم وان تركوني لم أطلبهم وعلام يقاتلوني فوالله ما أنا قتلت حسينا ولا أنا ممن قاتله ولقد أصبت بمقتله رحمة الله عليه. فان هؤلاء القوم آمنون فليخرجوا ولينتشروا ظاهرين ليسيروا إلي من قاتل الحسين فقد أقبل اليهم وأنا لهم علي قاتله ظهير هذا ابن زياد قاتل الحسين وقاتل خياركم وأماثلكم قد توجه اليكم عهد العاهد به علي مسيرة ليلة من جسر منبج فقتاله والاستعداد له أولي وأرشد من أن تجعلوا بأسكم بينكم فيقتل بعضكم بعضا ويسفك بعضهم دماء بعض فيلقاكم ذلك العدو غدا وقد رققتم وتلك والله أمنية عدوكم وانه قد أقبل اليكم أعدي خلق الله لكم من ولي عليكم [ صفحه 261] هو وأبوه سبع سنين لا يقلعان عن قتل أهل العفاف والدين هو الذي قتلكم ومن قبله أوتيتم والذي قتل من تثأرون بدمه قد جاء‌كم فاستقبلوه بحدكم وشوكتكم واجعلوها به ولا تجعلوها بأنفسكم اني لم آلكم نصحا جمع الله لنا كلمتنا وأصلح لنا ائمتنا. قال فقال ابراهيم بن محمد بن طلحة أيها الناس لا يغرنكم من السيف والغشم مقالةهذا المداهن الموادع والله لئن خرج علينا خارج لنقتلنه ولئن استيقنا أن قوما يريدون الخروج علينا لنأخذن الوالد بولده والمولود بوالده ولنأخذن الحميم بالحميم والعريف بما في عرافته حتي يدينوا للحق ويذلوا للطاعة فوثب اليه المسيب ابن نجبة فقطع عليه منطقه. ثم قال يا ابن الناكثين أنت تهددنا بسيفك وغشمك أنت والله أذل من ذلك انا لا نلومك علي بغضنا وقد قتلنا أباك وجدك والله اني لارجو الا يخرجك الله من بين ظهراني أهل هذا المصر حتي يثلثوا بك جدك وأباك وأما أنت أيها الامير فقد قلت قولا سديدا واني والله لاظن من يريد هذا الامر مستنصحا لك وقابلا قولك. فقال ابراهيم بنمحمد بن طلحة اي والله ليقتلن وقد أدهن ثم اعلن فقام اليه عبدالله بن وال التيمي فقال ما اعتراضك يا أخا بني تيم بن مرة فيما بيننا وبين أميرنا فوالله ما أنت علينا بامير ولا لك علينا سلطان انما أنت أمير الجزية فأقبل علي خراجك فلعمر الله لئن كنت مفسدا ما أفسد أمر هذه الامة الا والدك وجدك الناكثان فكانت بهما اليدان وكانت عليهما دائرة السوء. قال ثم أقبل مسيب بن نجبة وعبدالله بن وال علي عبدالله بن يزيد [ صفحه 262] فقالا أما رأيك ايها الامير فوالله انا لا نرجو أن تكون به عند العامة محمودا وان تكون عند الذي عنيت واعتريت مقبولا فغضب أناس من عمال ابراهيم بن محمد بن طلحة وجماعة ممن كان معه فتشاتموا دونه فشتمهم الناس وخصموهم. فلما سمع ذلك عبدالله بن يزيد نزل ودخل وانطلق ابراهيم بن محمد وهو يقول قد داهن عبدالله بن يزيد أهل الكوفة والله لاكتبن بذلك إلي عبدالله بن الزبير فأتي شبث بن ربعي التميمي عبدالله بن يزيد فأخبره بذلك فركب به وبيزيد بن الحارث بن رويم حتي دخل علي ابراهيم بن محمد بن طلحة فحلف له بالله ما أردت بالقول الذي سمعت الا العافية وصلاح ذات البين انما أتاني يزيد بن الحارث بكذا وكذا. فرأيت أن أقوم فيهم بما سمعت ارادة ألا تختلف الكلمة ولا تتفرق الالفة وألا تقع بأس هؤلاء القوم بينهم فعذره وقبل منه قال ثم ان اصحاب سليمان بن صرد خرجوا ينشرون السلاح ظاهرين ويتجهزون يجاهزون بجهازهم وما يصلحهم. حدثت عن هشام بن محمد الكلبي عن ابي مخنف لوط بن يحيي قال حدثني أبوالمخارق الراسبي قال لما ركب ابن زياد من الخوارج بعد قتل أبي بلال ما ركب وقد كان قبل ذلك لا يكف عنهم ولا يستبقيهم غير أنه بعد قتل أبي بلال تجرد لاستئصالهم وهلاكهم واجتمعت الخوارج حين ثار ابن الزبير بمكة وسار اليه أهل الشام فتذاكروا ما أتي اليهم. فقال لهم نافع بن الازرق ان الله قد أنزل عليكم الكتاب و [ صفحه 263] فرض عليكم فيه الجهاد واحتج عليكم بالبيان وقد جرد فيكم السيوف أهل الظلم وأولوا العدي والغشم وهذا من قد ثار بمكة فاخرجوا بنا نأت البيت ونلق هذا الرجل فان يكن علي رأينا جاهدنا معه العدو وان يكن علي غير رأينا دافعنا عن البيت ما استطعنا ونظرنا بعد ذلك في أمورنا فخرجوا حتي قدموا علي عبدالله بن الزبير فسر بمقدمهم ونبأهم أنه علي رأيهم وأعطاهم الرضا من غير توقف ولا تفتيش فقاتلوا معه حتي مات يزيد بن معاوية وانصرف أهل الشام عن مكة. ثم ان القوم لقي بعضهم بعضا فقالوا ان هذا الذي صنعتم أمس بغير رأي ولا صواب من الامر تقاتلون مع رجل لا تدرون لعله ليس علي رأيكم انما كان أمس يقاتلكم هو وأبوه ينادي يال ثارات عثمان فاتوه وسلوه عن عثمان فان برئ منه كان وليكم وان أبي كان عدوكم فمشوا نحوه فقالوا له أيها الانسان انا قد قاتلنا معك ولم نفتشك عن رأيك حتي نعلم أمنا أنت أم من عدونا خبرنا ما مقالتك في عثمان فنظر فاذا من حوله من أصحابه قليل فقال لهم انكم أتيتموني فصادفتموني حين أردت القيام ولكن روحوا إلي العشية حتي أعلمكم من ذلك الذي تريدون فانصرفوا وبعث إلي أصحابه. فقال البسوا السلاح واحضروني بأجمعكم العشية ففعلوا وجاء‌ت الخوارج وقد أقام أصحابه حوله سماطين عليهم السلاح وقامت جماعة منهم عظيمة علي رأسه بأيديهم الاعمدة. فقال ابن الازرق لاصحابه خشي الرجل غائلتكم وقد أزمع بخلافكم واستعد لكم ما ترون فدنا منه ابن الازرق فقال له يابن الزبير اتق الله ربك [ صفحه 264] وابغض الخائن المستأثر وعاد أول من سن الضلالة وأحدث الاحداث وخالف حكم الكتاب فانك ان تفعل ذلك ترض ربك وتنج من العذاب الاليم نفسك وان تركت ذلك فأنت من الذين استمتعوا بخلاقهم واذهبوا في الحياة الدنيا طيباتهم يا عبيدة ابن هلال صف لهذا الانسان ومن معه أمرنا الذي نحن عليه والذي ندعوالناس اليه فتقدم عبيدة بن هلال. قال هشام قال أبومخنف وحدثني أبوعلقمة الخثعمي عن أبي قبيصة بن عبدالرحمن القحافي من خثعم قال أنا والله شاهد عبيدة بن هلال اذ تقدم فتكلم فما سمعت ناطقا قط ينطق كان أبلغ ولا أصوب قولا منه وكان يري رأي الخوارج قال وان كان ليجمع القول الكثير في المعني الخطير في اللفظ اليسير قال فحمدالله وأثني عليه ثم قال اما بعد. فان الله بعث محمدا صلي الله عليه وسلم يدعو إلي عبادة الله واخلاص الدين فدعا إلي ذلك فأجابه المسلمون فعمل فيهم بكتاب الله وأمره حتي قبضه الله اليه صلي الله عليه واستخلف الناس أبا بكر واستخلف ابوبكر عمر فكلاهما عملا بالكتاب وسنة رسول الله فالحمد لله رب العالمين. ثم ان الناس استخلفوا عثمان بن عفان فحمي الاحماء فآثر القربي واستعمل الفتي ورفع الدرة ووضع السوط ومزق الكتاب وحقر المسلم وضرب منكري الجور وآوي طريد الرسول صلي الله عليه وضرب السابقين بالفضل وسيرهم وحرمهم ثم أخذ في ء‌الله الذي أفاء‌ه عليهم فقسمه بين فساق قريش ومجان العرب فسارت اليه طائفة من المسلمين أخذ الله ميثاقهم علي طاعته لا يبالون في الله لومة لائم فقتلوه فنحن لهم أولياء ومن ابن عفان وأوليائه [ صفحه 265] برآء فما تقول أنت يا ابن الزبير قال فحمد الله ابن الزبير وأثني عليه. ثم قال أما بعد فقد فهمت الذي ذكرتم وذكرت به النبي صلي الله عليه وسلم فهو كما قلت صلي الله عليه وآله وفوق ما وصفته وفهمت ما ذكرت به أبا بكر وعمر وقد وفقت وأصبت وقد فهمت الذي ذكرت به عثمان بن عفان رحمة الله عليه وانيلا اعلم مكان أحد من خلق الله اليوم أعلم بابن عفان وأمره مني كنت معه حيث نقم القوم عليه واستعتبوه فلم يدع شيئا استعتبه القوم فيه الا أعتبهم منه ثم انهم رجعوا اليه بكتاب له يزعمون أنه كتبه فيهم يأسر فيه بقتلهم. فقال لهم ما كتبته فان شئتم فهاتوا بينتكم فان لم تكن حلفت لكم فوالله ما جاؤه ببينة ولا استحلفوه ولوثبوا عليه فقتلوه وقد سمعت ما عبته به فليس كذلك بل هو لكل خير أهل وأنا أشهدكم ومن حضر أني ولي لابن عفان في الدنيا والاخرة وولي أوليائه وعدو أعدائه قالوا فبرئ الله منك يا عدوالله. قال فبرئ الله منكم يا أعداء الله وتفرق القوم فأقبل نافع بن الازرق الحنظلي وعبدالله بن صفار السعدي من بني صريم بن مقاعس وعبدالله بن أباض أيضا من بني صريم وحنظلة بن بيهس وبنو الماحوز عبدالله وعبيدالله والزبير من بني سليط بن يربوع حتي أتوا البصره وانطلق أبوطالوت من بني زمان بن مالك بن صعب بن علي بن مالك بن بكر بن وائل وعبدالله بن ثور أبوفديك من بني قيس بن ثعلبة وعطية بن الاسود اليشكري إلي اليمامة فوثبوا باليمامة مع أبي طالوت ثم أجمعوا بعد ذلك علي نجدة ابن عامر الحنفي فأما البصريون منهم فانهم قدموا البصرة وهم [ صفحه 266] مجمعون علي رأي أبي بلال. (قال هشام قال ابومخنف لوط بن يحيي فحدثني ابوالمثني عن رجل من اخوانه من اهل البصرة انهم اجتمعوا فقالت العامة منهم لو خرج منا خارجون في سبيل الله فقد كانت منافترة منذ خرج اصحابنا فيقوم علماؤنا في الارض فيكونون مصابيح الناس يدعونهم إلي الدين ويخرج اهل الورع والاجتهاد فيلحقون بالرب فيكونون شهداء مرزوقين عند الله احياء فانتدب لها نافع بن الازرق فاعتقد علي ثلاثمائة رجل فخرج. وذلك عند وثوب الناس بعبيدالله بن زياد وكسر الخوارج ابواب السجون وخروجهم منها واشتغل الناس بقتال الازد وربيعة وبني تميم وقيس في دم مسعود بن عمرو فاغتنمت الخوارج اشتغال الناس بعضهم ببعض فتهيؤا واجتمعوا. فما خرج نافع ابن الازرق تبعوه واصطلح اهل البصرة علي عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب يصلي بهم و خرج ابن زياد إلي الشام واصطلحت الازد وبنو تميم. فتجرد الناس للخوارج فاتبعوهم واخافوهم حتي خرج من بقي منهم بالبصرة فلحق بابن الازرق الا قليلا منهم ممن لم يكن اراد الخروج يومه ذلك منهم عبدالله بن صفار وعبدالله بن اباض ورجال معهما علي رأيهما ونظر نافع بن الازرق ورأي ان ولاية من تخلف عنه لا تنبغي وان من تخلف عنه لا نجاة له. فقال لاصحابه ان الله قد أكرمكم بمخرجكم يصركم ما [ صفحه 267] عمي عنه غيركم الستم تعلمون انكم انما خرجتم تطلبون شريعته و امره فامره لكم قائد والكتاب لكم امام وانما تتبعون سنته واثره فقالوا بلي فقال اليس حكمكم في وليكم حكم النبي صلي الله عليه وآله وسلم في وليه وحكمكم في عدوكم حكم النبي صلي الله عليه وآله في عدوه وعدوكم اليوم عدوالله وعدو النبي صلي الله تعالي عليه وسلم كما ان عدوالنبي صلي الله عليه وسلم يومئذ هو عدوالله وعدوكم اليوم فقالوا نعم. قال فقد انزل الله تبارك وتعالي (براء‌ة من الله ورسوله إلي الذين عاهدتم من المشركين) وقال (لا تنكحوا المشركات حتي يؤمن) فقد حرم الله ولايتهم والمقام بين اظهرهم واجازة شهادتهم واكل ذبائحهم وقبول علم الدين عنهم ومناكحتهم ومواريثم وقد احتج الله علينا بمعرفة هذا وحق علينا ان نعلم هذا الدين الذين خرجنا من عندهم ولا نكتم ما انزل الله والله عزوجل يقول: (ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدي من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) فاستجاب له إلي هذا الرأي جميع اصحابه فكتب من عبيدالله نافع بن الازرق إلي عبدالله بن صفار وعبدالله بن أباض ومن قبلهما من الناس سلام علي أهل طاعة الله من عباد الله فان من الامر كيت وكيت فقص هذه القصة ووصف هذه الصقه ثم بعث بالكتاب اليهما فأتيابه فقرأه عبدالله بن صفار فأخذه فوضعه خلفه فلم يقرأ علي الناس خشية ان يتفرقوا ويختلفوا فقال له عبداللهبن اباض مالك لله ابوك اي شئ اصبت ان قد اصيب اخواننا اواسر [ صفحه 268] بعضهم فدفع الكتاب اليه فقرأه فقال قاتله الله اي رأي راي صدق نافع بن الازرق لو كان القوم مشركين كان اصوب الناس رأيا وحكما فيما يشير به وكانت سيرته كسيرة النبي صلي الله عليه وسلم في المشركين ولكنه قد كذب وكذبنا فيما يقول ان القوم كفار بالنعم والاحكام وهم برآء من الشرك ولا يحل لنا الا دماؤهم وما سوي ذلك من اموالهم فهو علينا حرام فقال ابن صفار برئ الله منك فقد قصرت وبرئ الله من ابن الازرق فقد غلا برئ الله منكما جميعا وقال الاخر فبرئ الله منك ومنه وتفرق القوم واشتدت شوكة ابن الازرق وكثرت جموعه واقبل نحو البصرة حتي دنا من الجسر فبعث اليه عبدالله بن الحارث مسلم بن عبيس بن كريز بن ربيعة بن حبيب ابن عبد شمس بن عبد مناف في اهل البصرة (قام هشام بن محمد الكلبي) قال ابومخنف قال النضر بن صالح كانت الشيعة تشتم المختار وتعتبه لما كان منه في امر الحسن بن علي يوم طعن في مظلم ساباط فحمل إلي ابيض المدائن حتي اذا كان زمن الحسين وبعث الحسين مسلم بن عقيل إلي الكوفة نزل دار المختار وهي اليوم دار سلم بن المسيب فبايعه المختار بن ابي عبيد فيمن بايعه من اهل الكوفة وناصحه ودعا اليه من اطاعه حتي خرج ابن عقيل يوم خرج والمختار في قرية له بخطر نية تدعي لقفا فجاء‌ه خبر ابن عقيل عند الظهر انه قد ظهر بالكوفة فلم يكن خروجه يوم خرج علي ميعاد من اصحابه انما خرجحين قيل له ان هاني بن عروة المرادي قد ضرب وحبس فاقبل المختار [ صفحه 269] في موال له حتي انتهي إلي باب الفيل بعد الغروب وقد عقد عبيدالله بن زياد لعمرو بن حريث راية علي جميع الناس وامره ان يقعد لهم في المسجد فلماكان المختار فوقف علي باب الفيل مربه هاني بن ابي حية الوادعي فقال للمختار ما وقوفك ههنا لا انت مع الناس ولا انت في رحلك قال اصبح رأيي مرتحا لعظم خطيئتكم فقال له اظنك والله قاتلا نفسك ثم دخل علي عمرو بن حريث فاخبره بماقال للمختار وما رد عليه المختار (قال ابومخنف) فأخبرني النضر بن صالح عن عبدالرحمن بن ابي عمير الثقفي قال كنت جالسا عند عمرو بن حريث حين بلغه هانئ بن ابي حية عن المختار هذه المقالة فقال لي قم إلي ابن عمك فاخبره ان صاحبه لا يدري اين هو فلا يجعلن علي نفسه سبيلا فقمت لاتيه ووثب اليه زائدة بن قدامة بن مسعود فقال له يأتيك علي أنه آمن فقال له عمرو بن حريث أما مني فهو آمن ان رقي إلي الامير عبيدالله بن زياد شئ من امره اقمت له بمحضره الشهادة وشفعت له احسن الشفاعة فقال له زائدة بن قدامة ليكونن مع هذا ان شاء الله الاخير قال عبدالرحمن فخرجت وخرج معي زائدة إلي المختار فاخبرناه بمقالة ابن ابي حية وبمقالة عمرو بن حريث وناشدناه بالله الا يجعل علي نفسه سبيلا فنزل إلي ابن حريث فسلم عليه وجلس تحت رايته حتي أصبح وتذاكر الناس امر المختار وفعله فمشي عمارة بن عقبة بن ابي معيط بذلك إلي عبيدالله بن زياد فذكر له فلما ارتفع النهار فتح باب عبيدالله بن زياد واذن للناس فدخل المختار فيمن دخل فدعاه عبيدالله [ صفحه 270] فقال له انت المقبل في الجموع لتنصر ابن عقيل فقال له لم افعل ولكني اقبلت ونزلت تحت راية عمرو بن حريث وبت معه واصبحت فقال له عمرو صدق اصلحك الله قال فرفع القضيب فاعترض به وجه المختار فحبط به عينه فشترها.وقال اولي لك أما والله لولا شهادة عمرو لك لضربت عنقك انطلقوا به إلي السجن فانطلقوا به إلي السجن فحبس فيه. فلم يزل في السجن حتي قتل الحسين ثم ان المختار بعث إلي زائدة بن قدامة فسأله أن يسير إلي عبدالله بن عمر بالمدينة فيسأله ان يكتب له إلي يزيد بن معاوية فيكتب إلي عبيدالله بن زياد بتخلية سبيله فركب زائدة إلي عبدالله بن عمر فقدم عليه فبلغه رسالة المختار وعلمت صفية اخت المختار بمحبس أخيها وهي تحت عبدالله ابن عمر فبكت وجزعت فلما رأي ذلك عبدالله بن عمر كتب مع زائدة إلي يزيد بن معاوية. أما بعد فان عبيدالله بن زياد حبس المختار وهو صهري وأنا أحب أن يعافي ويصلح من حاله فأن رأيت رحمنا الله وأياك أن تكتب إلي ابن زياد فتأمره بتخليته فعلت والسلام عليك فمضي زائدة علي رواحله بالكتاب حتي قدم به علي يزيد بالشام فلما قرأه ضحك ثم قال يشفع ابوعبدالرحمن وأهل ذلك هو فكتب له إلي ابن زياد. أما بعد فخل سبيل المختار بن أبي عبيد حين تنظر في كتابي والسلام عليك فأقبل به زائدة حتي دفعه فدعا ابن زياد بالمختار فاخرجه [ صفحه 271] ثم قال له قد اجلتك ثلاثا فان أدركتك بالكوفة بعدها قد برئت منك الذمة فخرج إلي رحله وقال ابن زياد والله لقد اجترأ علي زائدة حين يرحل إلي أمير المؤمنين حتي يأتيني بالكتاب في تخلية رجل قد كان من شأني أن أطيل حبسه علي به فمر به عمرو بن نافع ابوعثمان كاتب لابن زياد وهو يطلب وقال له النجاء بنفسك واذكرها بدا لي عندك. قال: فخرج زائدة فتواري يومه ذلك ثم انه خرج في أناس من قومه حتي اتي القعقاع بن شور الذهلي ومسلم بن عمرو الباهلي فاخذالهمن ابن زياد الامان. (قال هشام) قال أبومخنف ولما كان اليوم الثالث خرج المختار إلي الحجاز قال فحدثني الصقعب بن زهير عن ابن العرق مولي لثقيف قال أقبلت من الحجاز حتي اذا كنت بالبسيطة من وراء واقصة استقبلت المختار بن أبي عبيد خارجا يريد الحجاز حين خلي سبيله ابن زياد فلما استقبلته رحبت به وعطفت اليه فلما رأيت شترعينه استرجعت له وقلت له بعد ما توجعت له ما بال عينك صرف الله عنك السوء قال خبط عيني ابن الزانية بالقضيب خبطة صارت إلي ما تري فقلت له ماله شلت انامله. فقال المختار قتلني الله ان لم اقطع انامله واباجله واعضاء‌ه اربا اربا قال فعجبت لمقالته فقلت له ما علمك بذلك رحمك الله فقال لي ما اقول لك فاحفظه عني حتي تري مصداقه. قال ثم طفق يسألني عن عبدالله بن الزبير فقلت له لجأ إلي البيت فقال انما انا عائذ برب هذه البنية والناس يتحدثون انه يبايع سرا ولا اراه [ صفحه 272] الا لو قد اشتدت شوكته واستكثف من الرجال الا سيظهر الخلاف قال اجل لا شك في ذلك اما انه رجل العرب اليوم اما انه ان يخطط في اثري ويسمع قولي اكفه امر الناس والا يفعل فوالله ما انا بدون احد من العرب يا ابن العرق ان الفتنة قد ارعدت وابرقت وكأن قد انبعثت فوطئت في خطامها فاذا رأيت ذلك وسمعت به بمكان قد ظهرت فيه فقيل ان المختار في عصائبه من المسلمين يطلب بدم المظلومالشهيد المقتول بالطف سيد المسلمين وابن سيدها الحسين بن علي فوربك لاقتلن بقتله عدة القتلي التي قتلت علي دم يحيي بن زكرياء (ع) قال فقلت له سبحان الله وهذه اعجوبة مع الاحدوثة الاولي فقال هو ما اقول لك فاحفظه عني حتي تري مصداقه ثم حرك راحلته فمضي ومضيت معه ساعة أدعو الله له بالسلامة وحسن الصحابة قال ثم انه وقف فأقسم علي لما انصرفت فأخذت بيده فودعته وسلمت عليه وانصرفت عنه فقلت في نفسي هذا الذي يذكر لي هذا الانسان يعني المختار مما يزعم أنه كائن أشئ حدث به نفسه فوالله ما أطلع الله علي الغيب أحدا وانما هو شئ يتمناه فيري أنه كائن فهو يوجب رأيه فهذا والله الرأي الشعاع فوالله ما كل ما يري الانسان انه كائن يكون قال فوالله مامت حتي رأيت كل ما قاله قال فوالله لئن كان ذلك من علم القي اليه لقد أثبت له ولئن كان ذلك رأيا رآه وشيئا تمناه لقد كان. (قال أبو مخنف) فحدثني الصقعب بن زهير عن ابن العرق قال فحدثت بهذا الحديث للحجاج بن يوسف فضحك ثم قال لي انه كان [ صفحه 273] يقول أيضا: ودافعة ذيلها وداعية ويلها بدجلة أوجو لها فقلت له أتري هذا شيئا كان يخترعه وتخرصا يتخرصه أم هو من علم كان اوتيه فقال والله ما أدري ما هذا الذي تسألني عنه ولكن لله دره أي رجل دينا ومسعر حرب ومقارع أعداء كان (قال أبومخنف) فحدثني أبويوسف الانصاري من بني الخزرج عن عباس بن سهل بن سعد قال قدم المختار علينا مكة فجاء إلي عبدالله ابن الزبير وأنا جالس عنده فسلم عليه فرد عليه ابن الزبير ورحب به وأوسع له ثم قال حدثني عن حال الناس بالكوفة يا أبا اسحاق قال هم لسلطانهم في العلانية أولياء وفي السر أعداء فقال له ابن الزبير هذه صفة عبيدالسوء اذا رأو أربابهم خدموهم وأطاعوهم فاذا غابوا عنهم شتموهم ولعنوهم قال فجلس معنا ساعة. ثم انه قال إلي ابن الزبير كانه يساره فقال له ما تنتظر ابسط يدك أبايعك وأعطنا ما يرضينا وثب علي الحجاز فان أهل الحجاز كلهم معك وقام المختار فخرج فلم يرحولا ثم اني بينا أنا جالس مع ابن الزبير اذ قال لي ابن الزبير متي عهدك بالمختار ابن ابي عبيد فقلت له مالي به عهد منذر رأيته عندك عاما أول. فقال أين تراه ذهب لو كان بمكة لقد رؤي بها بعد فقلت له اني انصرفت إلي المدينة بعد اذ رأيته عندك بشهر أو شهرين فلبثت بالمدينة أشهرا ثم اني قدمت عليك فسمعت نفرا من أهل الطائف جاء‌وا معتمرين يزعمون أنه قدم عليهم الطائف وهو يزعم أنه صاحب الغضب ومبير الجبارين قال قاتله الله لقد انبعث كذابا متكهنا ان الله ان يهلك الجبارين يكن المختار [ صفحه 274] أحدهم فوالله ما كان الاربث فراغنا من منطقنا حتي عن لنا في جانب المسجد.فقال ابن الزبير اذكر غائبا تره اين تظنه يهوي فقلت أظنه يريد البيت فأتي البيت فاستقبل الحجر ثم طاف بالبيت أسبوعا ثم صلي ركعتين عند الحجر ثم جلس فما لبث أن مر به رجال من معارفه من أهل الطائف وغيرهم من أهل الحجاز فجلسوا اليه واستبطأ ابن الزبير قيامه اليه فقال ما تري شأنه لا يأتينا قلت لا أدري وساعلم لك علمه. وقال ما شئت وكان ذلك أعجبه قال فقمت فمررت به كأني أريد الخروج من المسجد ثم التفت اليه فأقبلت نحوه ثم سلمت عليه ثم جلست اليه وأخذت بيده فقلت له أين كنت وأين بلغت بعدي أبا لطائف كنت فقال لي كنت بالطائف وغير الطائف وعمس علي أمره فملت اليه فناجيته فقلت له مثلك يغيب عن مثل ما قد اجتمع عليه أهل الشرف وبيوتات العرب من قريش والانصار وثقيف لم يبق أهل بيت ولا قبيلة الا وقد جاء زعيمهم وعميدهم فبايع هذا الرجل فعجبا لك ولرأيك ألا تكون أتيته فبايعته وأخذت بحظك من هذا الامر. وقال لي وما رأيتني أتيته العام الماضي فأشرت عليه بالرأي فطوي أمره دوني واني لما رأيته استغني عني أحببت أن أريه أني مستغن عنه انه والله لهو أحوج إلي مني اليه فقلت له انك كلمته بالذي كلمته وهو ظاهر في المسجد وهذا الكلام لا ينبغي أن يكون الا والستور دونه مرخاة والابواب دونه مغلقة القه الليلة ان شئت وأنا معك. فقال لي فاني فاعل اذا صلينا العتمة أتيناه اتعدنا الحجر قال فنهضت [ صفحه 275] من عنده فخرجت ثم رجعت إلي ابن الزبير فأخبرته بما كان من قولي وقوله فسر بذلك فلما صلينا العتمة التقينا بالحجر ثم خرجنا حتي أتينا منزل ابن الزبير فاستأذنا عليه فأذن لنا قلت أخليكما. فقالا جميعا لاسر دونك فجلست فاذا ابن الزبير قد أخذ بيده فصافحه ورحب به فسأله عن حاله واهل بيته وسكتا جميعا غير طويل فقال له المختار وأنا أسمع بعد أن تبدأ في أول منطقه فحمد الله واثني عليه ثم قال أنه لا خير في الاكثار من المنطق ولافي التقصير عن الحاجة اني قد جئتك لابايعك علي الا تقضي الامور دوني وعلي أن أكون في اول من تأذن له واذا ظهرت استعنت بي علي أفضل عملك فقال له ابن الزبير أبايعك علي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم فقال وشر غلماني أنت مبايعه علي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم مالي في هذا الامر من الحظ ما ليس لاقصي الحلق منك لا والله لا أبايعك ابدا الا علي هذه الخصال. قال عباس بن سهل فانتقمت أذن ابن الزبير فقلت له اشتر منه دينه حتي تري من رأيك فقال له ابن الزبير فان لك ما سألته فبسط يده فبايعه ومكث معه حتي شاهد الحصار الاول حين قدم الحصين بن نمير السكوني مكة فقاتل في ذلك اليوم فكان من أحسن الناس يومئذ بلاء وأعظمهم غناء. فلما قتل المنذربن الزبير والمسور بن مخرمة ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري نادي المختار يا اهل الاسلام إلي إلي أنا ابن ابي عبيد بن مسعود وأنا ابن الكرار لا الفرار انا ابن المقدمين غير المحجمين إلي يا أهل الحفاظ وحماة الاوتار فحمي الناس يومئذ وأبلي وقاتل قتالا حسنا. [ صفحه 276] ثم اقام مع ابن الزبير في ذلك الحصار حتي كان يوم أحرق البيت فانه احرق يوم السبت لثلاث مضين من شهر ربيع الاول سنة 64 فقاتل المختار يومئذ في عصابة معه نحو من ثلثمائة أحسن قتال قاتله احد من الناس ان كان ليقاتل حتي يتبلد ثم يجلس ويحيط به أصحابه فاذا استراح نهض فقاتل فما كان يتوجه نحو طائفة من اهل الشام الا ضاربهم حتي بكشفهم. (قال أبومخنف) فحدثني ابويوسف محمد بن ثابط عن عباس بن سهل بن سعد قال تولي قتال اهل الشام يوم تحريق الكعبة عبدالله بن مطيع وأنا والمختار قال فما كان فينا يومئذ رجل احسن بلاء من المختار قال وقاتل قبل ان يطلع أهل الشام علي موت يزيد بن معاوية بيوم قتالاشديدا وذلك يوم الاحد لخمس عشرة ليلة مضت من ربيع الآخر سنة 64 وكان أهل الشام قدرجوا أن يظفروا بنا واخذوا علينا سكك مكة قال وخرج ابن الزبير فبايعه رجال كثير علي الموت. قال فخرجت في عصابة معي أقاتل في جانب والمختار في عصابة اخري يقاتل في جمعية من أهل اليمامة في جانب وهم خوارج وانما قاتلوا ليدفعوا عن البيت فهم في جانب وعبدالله بن المطيع في جانب قال فشد أهل الشام علي فحازوني في اصحابي حتي اجتمعت انا والمختار واصحابه في مكان واحد فلم اكن اصنع شيئا الا صنع مثله ولا يصنع شيئا الا تكلفت ان اصنع مثله فما رايت اشد منه قط قال فانا لنقاتل اذ شدت علينا رجال وخيل من خيل اهل الشام فاضطروني واياه في نحو من سبعين رجلا من أهل الصبر إلي جانب دار من دور اهل مكة فقاتلهم المختار [ صفحه 277] يومئذ واخذ يقول رجل لرجل ولا والت نفس امري يفر. قال فخرج المختار وخرجت معه فقلت ليخرج منكم إلي رجل فخرج إلي رجل واليه رجل آخر فمشيت إلي صاحبي فاقتله ومشي المختار إلي صاحبه فقتله ثم صحنا باصحابنا وشددنا عليهم فوالله لضربناهم حتي اخرجنا هم من السكك كلها ثم رجعنا إلي صاحبينا اللذين قتلنا قال فاذا الذي قتلت رجل احمر شديد الحمرة كانه رومي واذا الذي قتل المختار رجل أسود شديد السواد فقال لي المختار تعلم والله اني لاظن قتيلينا هذين عبدين ولو أن هذين قتلانا لفجع بنا عشائرنا ومن يرجونا وما هذان وكلبان من الكلاب عندي الاسواء ولا أخرج بعد يومي هذاالرجل أبدا الا لرجل أعرفه. فقلت له وأنا والله لا اخرج الا لرجل اعرفه وأقام المختار مع ابن الزبير حتي هلك يزيد بن معاوية وانقضي الحصار ورجع أهل الشام إلي الشام واصطلح أهل الكوفة علي عامر بن مسعود بعد ما هلك يزيد يصلي بهم حتي يجتمع الناس علي امام يرضونه فلم يلبث عامر الا شهرا حتي بعث ببيعته وبيعة اهل الكوفة إلي ابن الزبير وأقام المختار مع ابن الزبير خمسة أشهر بعد مهلك يزيد واياما.(قال أبومخنف) فحدثني عبدالملك بن نوفل بن مساحق عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال والله اني لمع عبدالله ابن الزبير ومعه عبدالله بن صفوان بن أمية بن خلف ونحن نطوف بالبيت اذ نظر ابن الزبير فاذا هو بالمختار فقال لابن صفوان انظر اليه فوالله لهو أحذر من ذئب قد اطافت به السباع قال فمضي ومضينا معه فلما قضينا طوافنا وصلينا الركعتين [ صفحه 278] بعد الطواف لحقنا المختار فقال لابن صفوان ما الذي ذكرني به ابن الزبير قال قال فكتمه وقال لم يذكرك الا بخير قال بلي ورب هذه البنية ان كنت لمن شأنكما أما والله ليخطن في اثري اولاقدنها عليه سعرا فأقام معه خمسة أشهر فلما رآه لا يستعمله جعل لا يقدم عليه احد من الكوفة الا سأله عن حال الناس وهيئتهم. (قال أبومخنف) فحدثني عطية بن الحارث أبوروق الهمداني أن هاني بن ابي حية الوادعي قدم مكة يريد عمرة رمضان فسأله المختار عن حاله وحال الناس بالكوفة وهيئتهم فأخبره عنهم بصلاح واتساق علي طاعة ابن الزبير الا أن طائفة من الناس اليهم عدد اهل مصر لو كان لهم رجل يجمعهم علي رأيهم أكل بهم الارض إلي يوم ما فقال له المختار أنا ابواسحاق أنا والله لهم أنا اجمعهم علي امر الحق وأنفي بهم ركبان الباطل واقتل بهم كل جبار عنيد فقال له هاني بن ابي حية ويحك يا ابن أبي عبيد ان استطعت الا توضع في الضلال ليكن صاحبهم غيرك فان صاحب الفتنة اقرب شئ اجلا وأسوأ الناس عملا. فقال له المختار اني لا ادعو إلي الفتنة انما أدعو إلي الهدي و الجماعة ثم وثب فخرج وركب رواحله فأقبل نحو الكوفة حتي اذا كان بالقرعاء لقيه سلمة بن مرثد أخو بنت مرثد القابضي من همدان وكان من اشجع العرب وكان ناسكا فلما التقيا تصافحا وتساء لا فخبره المختار خبر الحجاز. ثم قال لسلمة بن مرثد حدثني عن الناس بالكوفة قال هم كغنم ضل راعيها فقال المختار بن أبي عبيد انا الذي احسن رعايتها وابلغ نهايتها [ صفحه 279] فقال له سلمة اتق الله واعلم انك ميت ومبعوث ومحاسب ومجزي بعملك ان خيرا فخيرا وان شرا فشرا ثم افترقا وأقبل المختار حتي انتهي إلي بحر الحيرة يوم الجمعة فنزل فاغتسل فيه وادهن دهنا يسيرا وليس ثيابه واعتم وتقلد سيفه ثم ركب راحلته فمر بمسجد السكون وجبانة كندة لا يمر بمجلس الاسلم علي أهله وقال ابشروا بالنصر والفلح اتاكم ما تحبون و اقبل حتي مر بمسجد بني ذهل وبني حجر فلم يجد ثم أحدا ووجد الناس قد راحوا إلي الجمعة فأقبل حتي مر ببني بداء فوجد عبيده بن عمر البدي من كندة فسلم عليه. ثم قال أبشر بالنصر واليسر والفلج انك ابا عمرو علي رأي حسن لن يدع الله لك معه مأثما الا غفره ولا ذنبا الا ستره قال وكان عبيدة من اشجع الناس وأشعرهم وأشدهم حبا لعلي رضي الله عنه وكان لا يصبر عن الشراب فلما قال له المختار هذا القول قال له عبيدة بشرك الله بخير انك قد بشرتنا فهل أنت مفسر لنا قال نعم فالقني في الرحل الليلة ثم مضي. (قال أبومخنف) فحدثني فضيل ابنخديج عن عبيدة بن عمر و قال قال لي المختار هذه المقالة ثم قال لي القني في الرحل وبلغ اهل مسجدكم هذا عني أنهم قوم اخذ الله ميثاقهم علي طاعته يقتلون المحلين ويطلبون بدماء اولاد النبيين ويهديهم للنور المبين ثم مضي فقال لي كيف الطريق إلي بني هند فقلت له أنظرني أدلك فدعوت بفرسي وقد أسرج لي فركبته قال ومضيت معه إلي بني هند فقال دلني علي منزل اسماعيل بن كثير قال فمضيت به إلي منزله فاستخرجته فحياه ورحب به وصافحه وبشره وقال له القني أنت وأخوك الليلة وأبوعمر فاني قد أتيتكم بكل [ صفحه 280] ما تحبون. قال ثم مضي ومضينا معه حتي مر بمسجد جهينة الباطنة ثم مضي إلي باب الفيل فاناخ راحلته ثم دخل المسجد واستشرف له الناس وقالواهذا المختار قد قدم فقام المختار إلي جنب سارية من سواري المسجد فصلي عندها حتي أقيمت الصلاة فصلي مع الناس ثم ركد إلي سارية أخري فصلي ما بين الجمعة والعصر فلما صلي العصر مع الناس انصرف. (قال ابومخنف) فحدثني المجالد بن سعيد عن عامر الشعبي ان المختار مر علي حلقة همدان وعليه ثياب السفر فقال ابشروا فأني قد قدمت عليكم بما يسركم ومضي حتي نزل داره وهي الدار التي تدعي دار سلم بن المسيب وكانت الشيعة تختلف اليها واليه فيها. (قال أبومخنف) فحدثني فضيل بن خديج عن عبيد بن عمرو واسماعيل بن كثير من بني هند قالا أتيناه من الليل كما وعدنا فلما دخلنا عليه وجلسنا سألنا عن أمر الناس وعن حال الشيعة فقلنا له ان الشيعة قد اجتمعت لسليمان بن صرد الخزاعي وانه لن يلبث الا يسيرا حتي يخرج قال فحمدالله وأثني عليه وصلي علي النبي صلي الله عليه وسلم ثم قال أما بعد فان المهدي ابن الوصي محمد بن علي بعثني اليكم أمينا ووزيرا ومنتخبا وأميرا وأمرني بقتال الملحدين والطلب بدماء أهل بيته والدفع عن الضعفاء. (قال ابومخنف) قال فضيل بن حديج فحدثني عبيدة بن عمرو واسماعيل بن كثير أنهما كانا اول خلق الله اجابة وضربا علي يده وبايعاه قال أقبل والمختار يبعث إلي الشيعة وقد اجتمعت عند سليمان بن صرد فيقول لهم [ صفحه 281] اني قد جئتكم من قبل ولي الامر ومعدن الفضل ووصي الوصي والامام المهدي بأمر فيه الشفاء وكشف الغطاء وقتل الاعداء وتمام النعماء ان سليمان ابن صرد يرحمنا الله واياه انما هو عشمة من العشم وحفش بال ليس بذي تجربة للامور ولاله علم بالحروب انما يريد ان يخرجكم فيقتل نفسه ويقتلكم اني انما اعمل علي مثال قد مثل لي وأمر قد بين لي فيه عزوليكم وقتل عدوكم وشفاء صدوركم فاسمعوا مني قولي وأطيعوا أمري ثم ابشروا وتباشروا فاني لكم بكل ما تأملون خير زعيم. قال فوالله ما زال بهذا القول ونحوه حتي استمال طائفة من الشيعة وكانوا يختلفون اليه ويعظمونه وينظرون أمره وعظم الشيعة يومئذ ورؤساؤهم مع سليمان بن صرد وهو شيخ الشيعة وأسنهم فليس يعدلون به احدا الا أن المختار قد استمال منهم طائفة ليسوا بالكثير فسليمان بن صرد أثقل خلق الله علي المختار وقد اجتمع لابن صرد يومئذ أمره وهو يريد الخروج والمختار لا يريد ان يتحرك ولا ان يهيج أمرا رجاء ان ينظر إلي ما يصير اليه امر سليمان رجاء أن يستجمع له امر الشيعة فيكون اقوي له علي درك ما يطلب فلما خرج سليمان بن صرد ومضي نحو الجزيرة. قال عمر بن سعد بن أبي وقاص وشبث بن ربعي ويزيد بن الحارث بن رويم لعبد الله بن يزيد الخطمي وابراهيم بن محمد بن طلحة بنعبيدالله ان المختار أشد عليكم من سليمان بن صرد أن سليمان انماخرج يقاتل عدوكم ويذللهم لكم وقد خرج عن بلادكم وان المختار انما يريد أن يثبت عليكم في مصركم فسيروا اليه فأوثقوه في الحديد وخلدوه [ صفحه 282] في الجسن حتي يستقيم أمر الناس فخرجوا اليه في الناس فما شعر بشئ حتي أحاطوا به وبداره فاستخرجوه فلما رأي جماعتهم قال ما بالكم فوالله بعد ما ظفرت أكفكم. قال فقال ابراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيدالله لعبد الله بن يزيد شده كتافا ومشه حافيا فقال له عبدالله بن يزيد سبحان الله ماكنت لامشيه ولا لاحفيه ولا كنت لافعل هذا برجل لم يظهر لنا عداوة ولا حربا وانما أخذناه علي الظن فقال له ابراهيم بن محمد ليس بغشك فادرجي ما أنت وما يبلغنا عنك يا ابن أبي عبيد فقال له ما الذي بلغك عني الا باطل وأعوذ بالله من غش كغش أبيك وجدك قال قال فضيل فوالله اني لانظر اليه حين أخرج وأسمع هذا القول حين قال له غير أني لا أدري أسمعه منه أبراهيم أم لم يسمعه فسكت حين تكلم به قال وأتي المختار ببغلة دهماء يركبها فقال ابراهيم لعبد الله ابن يزيد الا تشد عليه القيود فقال كفي له بالسجن قيدا. (قال ابومخنف) وأما يحيي بن أبي عيسي فحدثني انه قال دخلت اليه مع حميد بن مسلم الازدي نزوره ونتعاهده فرأيته مقيدا قال فسمعتهيقول أما ورب البحار والنخيل والاشجار والمهامة والقفار والملائكة الابرار والمصطفين الاخيار لاقتلن كل جبار بكل لدن خطار ومهند بتار في جموع من الانصار ليسوا بميل أغمار ولا بعزل أشرار حتي اذا أقمت عمود الدين ورأيت شعب صدع المسلمين وشفيت غليل صدور المؤمنين وأدركت بثأر النبيين لم يكبر علي زوال الدنيا ولم أحفل بالموت اذا اتي قال فكان اذا أتيناه وهو في السجن ردد علينا هذا القول حتي خرج منه قال وكان [ صفحه 283] يتشجع لاصحابه بعد ما خرج ابن صرد. (قال هشام) قال أبومخنف حدثني أبويوسف عن عبدالله بن عوف الاحمري قال بعث سليمان بن صرد إلي وجوه أصحابه حين اراد الشخوص وذلك في سنة 65 فأتوه فلما استهل الهلال هلال شهر ربيع الاخر خرج في وجوه اصحابه وقد كان واعد أصحابه عامة للخروج في تلك الليلة للمعسكر بالنخيلة فخرج حتي أتي عسكره فدار في الناس ووجوه اصحابه فلم يعجبه عدة الناس فبعث حكيم بن منقذ الكندي في خيل وبعث الوليد بن غضين الكناني في خيل وقال اذهبا حتي تدخلا الكوفة فناديا يا لثأرات الحسين وابلغا المسجد الاعظم فناديا بذلك فخرجا وكانا اول خلق الله دعوا يا لثأرات الحسين.قال فأقبل حكيم بن منقذ الكندي في خبل والوليد بن غضين في خيل حتي مرا ببنيكثير وان رجلا من بني كثير من الازد يقال له عبدالله بن حازم مع امرأته سهلة بنت سبرة بن عمرو من بني كثير وكانت من أجمل الناس وأحبهم اليه سمع الصوت بالثأرات الحسين وما هو ممن كان يأتيهم ولا استجاب لهم فوثب إلي ثيابه فلبسها ودعا بسلاحه وأمر باسراج فرسه فقالت له امرأته ويحك أجننت قال لا والله ولكني سمعت داعي الله فأنا مجيبه أنا طالب بدم هذا الرجل حتي أموت أو يقضي الله من أمري ما هو أحب اليه فقالت له إلي من تدع بنيك هذا قال إلي الله وحده لا شريك له اللهم اني أستودعك أهلي وولدي اللهم احفظني فيهم وكان ابنه ذلك يدعي عزرة فبقي حتي قتل بعد مع مصعب ابن الزبير وخرج حتي لحق بهم. [ صفحه 284] فقعدت امرأته تبكيه واجتمع اليها نساؤها ومضي مع القوم وطافت تلك الليلة الخيل بالكوفة حتي جاء والمسجد بعد العتمة وفيه ناس كثير يصلون فنادوا يا لثأرات الحسين وفيهم ابو عزة القابضي وكرب بن نمران يصلي فقال يا لثأرات الحسين أين جماعة القوم قيل بالنخيلة فخرج حتي أتي اهله فأخذ سلاحه ودعا بفرسه ليركبه فجاء‌ته ابنته الرواع وكانت تحت ثبيت بن مرثد القابضي فقالت يا أبت مالي اراك قد تقلدت سيفك ولبست سلاحك فقال لها يا بنية ان أباك يفر من ذنبه إلي ربه فاخذت تنتحب وتبكي وجاء‌ه أصهاره وبنو عمه فودعهم ثم خرج فلحق بالقوم قال فلم يصبح سليمان ابن صرد حتي أتاه نحو ممن كان في عسكره حين دخله قال ثم دعا بديوانه لينظر فيه إلي عدة من بايعه حين أصبح فوجدهم ستة عشر ألفا فقال سبحان الله ما وافانا الا اربعة آلاف من ستة عشر ألفا (قال ابومخنف) عن عطية بن الحارث عن حميد بن مسلم قال قلت لسليمان ابن صرد ان المختار والله يثبط الناس عنك اني كنت عنده اول ثلاث فسمعت نفرا من أصحابه يقولون قد كملنا الفي رجل فقال وهب أن ذلك كان فأقام عنا عشرة آلاف اما هؤلاء بمؤمنين أما يخافون الله اما يذكرون الله وما أعطونا من انفسهم من العهود والمواثيق ليجاهدن ولينصرن فأقام بالنخيلة ثلاثا يبعث ثقاته من اصحابه إلي من تخلف عنه يذكرهم الله وما اعطوه من أنفسهم فخرج اليه نحو من ألف رجل فقام المسيب بن نجبة إلي سليمان بن صرد فقال رحمك الله انه لا ينفعك الكاره ولا يقاتل معك الا من اخرجته النية فلا تنتظرن احدا واكمش في امرك [ صفحه 285] قال فانك والله لنعما رأيت. فقام سليمان بن صرد في الناس متوكئا علي قوس له عربية فقال أيها الناس من كان انما اخرجته ارادة وجه الله وثواب الاخرة فذلك منا ونحن منه فرحمة الله عليه حيا وميتا ومن كان انما يريد الدنيا وحرثها فوالله ما نأتي فيئا نستفيئه ولا غنيمة نغنمها ما خلا رضوان الله رب العالمين. وما معنا من ذهب ولا فضة ولا خز ولا حرير وما هو الا سيوفنا في عواتقنا ورماحنا في اكفنا وزاد قدر البلغة إلي لقاء عدونا فمن كان غير هذا ينوي فلا يصحبنا فقام صخير بن حذيفة بن هلال بن مالك المزني فقال اتاك الله رشدك ولقاك حجتك والله الذي لا اله غيره ما لنا خير في صحبة من الدنيا همته ونيته ايها الناس انما اخرجتنا التوبة من ذنبنا والطلب بدم ابن ابنة نبينا صلي الله عليه وآله ليس معنا دينار ولادرهم انما تقدم علي حد السيوف واطراف الرماح فتنادي الناس من كل جانب انا لا نطلب الدنيا وليس لها خرجنا. " قال ابومخنف " عن اسماعيل بن يزيد الازدي عن السري بن كعب الازدي قال اتينا صاحبنا عبدالله بن سعد بن نفيل نودعه قال فقام فقمنا معه فدخل علي سليمان ودخلنا معه وقد أجمع سليمان بالمسير فأشار عليه عبدالله بن سعد بن نفيل ان يسير إلي عبيدالله بن زياد فقال هو ورؤوس اصحابه الرأي ما اشار به عبدالله بن سعد بن نفيل ان نسير إلي عبيدالله بن زياد قاتل صاحبنا ومن قبله اتينا فقال له عبدالله بن سعد وعنده رؤوس اصحابه جلوس حوله اني قد رأيت رأيا ان يكن صوابا فالله [ صفحه 286] وفق وان يكن ليس بصواب فمن قبلي فاني ما آلوكم ونفسي نصحا خطأ كان ام صوابا انما خرجنا نطلب بدم الحسين وقتلة الحسين كلهم بالكوفة منهم عمر بن سعد بن ابي وقاص ورؤوس الارباع واشرف القبائل فأني نذهب ههنا وندع الاقتال والاوتار. فقال سليمان بن صرد فماذا ترون فقالوا والله لقد جاء برأي وان ما ذكر لكما ذكر والله ما نلقي من قتلة الحسين ان نحن مضينا نحو الشام غير ابن زياد وما طلبتنا الا ههنا بالمصر فقال سليمان بن صرد لكن انا ما اري ذلك لكم ان الذي قتل صاحبكم وعبي الجنود اليه وقال لا امان له عندي دون ان يستسلم فأمضي فيه حكمي هذا الفاسق ابن الفاسق ابن مرجانة عبيدالله بن زياد فسيروا إلي عدوكم علي اسم الله فان يظهركم الله عليه رجونا ان يكون من بعده اهون شوكة منه ورجونا ان يدين لكم من وراء‌كم من اهل مصركم في عافية فتنظرون إلي كل من شرك في دم الحسين فتقاتلونه ولا تغشموا وان تستشهدوا فانما قاتلتم المحلين وما عند الله خير للابرار والصديقين اني لاحب ان تجعلوا حدكم وشوكتكم بأول المحلين القاسطين والله لو قاتلتم غدا أهل مصركم ما عدم رجل ان يري رجلا قد قتل اخاه واباه وحميمه او رجلا لم يكن يريد قتله فاستخيروا الله وسيروا فتهيأ الناس للشخوص قال وبلغ عبدالله بن يزد وابراهيم بن محمد بن طلحة خروج ابن صرد وأصحابه فنظرا في امرهما فرأيا ان يأتياهم فيعرضا عليهم الاقامة وان تكون ايديهم واحدة فان ابوا الا الشخوص سألوهم النظرة حتي [ صفحه 287] بعثوا معهم جيشا فيقاتلوا عدوهم بكشف وحد فبعث عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة سويد بن عبدالرحمن إلي سليمان بن صرد فقال له ان عبدالله وابراهيم يقولان انا نريد ان نجيئك الان لامر عسي الله ان يجعل لنا ولك فيه صلاحا. فقال قل لهما فليأتيانا وقال سليمان لرفاعة بن شداد البجلي قم انت فأحسن تعبية الناس فان هذين الرجلين قد بعثا بكيت وكيت فدعا رؤس اصحابه فجلسوا حوله فلم يمكثوا الا ساعة حتي جاء عبدالله بن يزيد في اشراف اهل الكوفة والشرط وكثير من المقاتلة وابراهيم بن محمد بن طلحة في جماعة من اصحابه. فقال عبدالله بن يزيد لكل رجل معروف قد علم انه قد شرك في دم الحسين لا تصحبني اليهم مخافة ان ينظروا اليه فيعدوا عليه وكان عمر بن سعد تلك الايام التي كان سليمان معسكرا فيها بالنخيلة لا يبيت الا في قصر الامارة مع عبدالله بن يزيد مخافة ان يأتيه القوم في داره ويذمروا عليه في بيته وهو غافل لا يعلم فيقتل وقال عبدالله بن يزيد يا عمرو بن حريث ان انا ابطأت عنك فصل بالناس الظهر فلما انتهي عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد إلي سليمان بن صرد دخلا عليه فحمد الله عبدالله بن يزيد واثني عليه ثم قال: ان المسلم اخو المسلم لا يخونه ولا يغشه وانتم اخواننا واهل بلدنا واحب اهل مصر خلقه الله الينا فلا تفجعونا بأنفسكم ولا تستبدوا علينا برأيكم ولا تنقصوا عددنا بخروجكم من جماعتنا أقيموا معنا حتي [ صفحه 288] نتيسر ونتهيأ فاذا علمنا ان عدونا قد شارف بلدنا خرجنا اليهم بجماعتنا فقاتلناهم وتكلم ابراهيم بن محمد بنحو من هذا الكلام قال فحمد الله سليمان بن صرد وأثني عليه. ثم قال لهما اني قد علمت انكما قد محضتما في النصيحة واجتهدتما في المشورة فنحن بالله وله وقد خرجنا لامر ونحن نسأل الله العزيمة علي الرشد والتسديد لاصوبه ولا ترانا الا شاخصين ان شاء الله ذلك فقال عبدالله بن يزيد فأقيموا حتي نعبي معكم جيشا كثيفا فتلقوا عدوكم بكثف وجمع وحد فقال له سليمان تنصرفون ونري فيما بيننا وسيأتيكم ان شاء الله رأي. (قال أبومخنف) عن عبدالجبار يعني ابن عباس الهمداني عن عون بن أبي جحيفة السوائي قال ثم ان عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة عرضا علي سليمان ان يقيم معهما حتي يلقوا جموع اهل الشام علي ان يخصاه واصحابه بخراج جوخي خاصة لهم دون الناس فقال لهما سليمان انا ليس للدنيا خرجنا وانما فعلا ذلك لما قد كان بلغهما من اقبال عبيدالله بن زياد نحو العراق وانصرف ابراهيم بن محمد وعبدالله بن يزيد إلي الكوفة واجمع القوم علي الشخوص واستقبال ابن زياد ونظروا فاذا شيعتهم من اهل البصرة لم يوافوهم لميعادهم ولا اهل المدائن فأقبل ناس من اصحابه يلومونهم فقال سليمان لا تلوموهم فاني لا اراهم الا سيسرعون اليكم لو قد انتهي اليكم خبركم حين مسيركم ولا اراهم خلفهم ولا اقعدهم الا قلة النفقة وسوء العدة فأقيموا ليتيسروا [ صفحه 289] ويتجهزوا ويلحقوا بكم وبهم قوة وما اسرع القوم في آثاركم. قال ثم ان سليمان بن صرد قام في الناس خطيبا فحمدالله وأثني عليه. ثم قال اما بعد ايها الناس فان الله قد علم ما تنوون وماخرجتم تطلبون وان للدنيا تجارا فأما تاجر الاخرة فساء اليها منصب بتطلابها لا يشتري بها ثمنا لا يري الا قائما وقاعدا وراكعا وساجدا لا يطلب ذهبا ولا فضة ولا دنيا ولا لذة واماتاجر الدنيا فمكب عليها راتع فيها لا يبتغي بها بدلا فعليكم يرحمكم الله في وجهكم هذا بطول الصلاة في جوف الليل ويذكر الله كثيرا علي كل حال وتقربوا إلي الله جل ذكره بكل خير قدرتم عليه حتي تلقوا هذا العدو والمحل القاسط فتجاهدوه فانكم لن تتوسلوا إلي ربكم بشئ هو اعظم عنده ثوابا من الجهاد والصلاة فان الجهاد سنام العمل جعلنا الله واياكم من العباد الصالحين المجاهدين الصابرين علي اللاواء وانا مدلجون الليلة من منزلنا هذا ان شاء الله فادلجوا فادلج عشية الجمعة لخمس مضين من شهر ربيع الاخر سنة 65 للهجرة قال فلما خرج سليمان واصحابه من النخيلة دعا سليمان بن صرد حكيم بن منقذ فنادي في الناس الا لا يبيتن رجل منكم دون دير الاعور فبات الناس بدير الاعور وتخلف عنه ناس كثير ثم سار حتي نزل الاقساساقساس مالك علي شاطئ الفرات فعرض الناس فسقط منهم نحو من الف رجل فقال ابن صرد ما احب ان من تخلف عنكم معكم ولو خرجوا معكم ما زادوكم الا خبالا ان الله عزوجل كره انبعاثهم فثبطهم وخصكم بفضل ذلك فاحمدوا ربكم ثم خرج من منزله ذلك دلجة فصبحوا قبر الحسين فاقاموا به ليلة ويوما يصلون عليه ويستغفرون له [ صفحه 290] قال فلما انتهي الناس إلي قبر الحسين صاحوا صيحة واحدة وبكوافما رثي يوم كان اكثر باكيامنه (قال ابومخنف) وقد حدث عبدالرحمن ابن جندب عن عبدالرحمن بن غزية قال لما انتهينا إلي قبر الحسين عليه السلام بكي الناس بأجمعهم وسمعت جل الناس يتمنون أنهم كانوا أصيبوا معه فقال سليمان اللهم ارحم حسينا الشهيد بن الشهيد المهدي بن المهدي الصديق بن الصديق اللهم انا نشهدك انا علي دينهم وسبيلهم وأعداء قاتليهم وأولياء محبيهم ثم انصرف ونزل ونزل اصحابه (قال ابومخنف) حدثنا الاعمش قال حدثنا سلمة بن كهيل عن ابي صادق قال لما انتهي سليمان بن صرد واصحابه إلي قبر الحسين نادوا صيحة واحدة يا رب انا قد خذلنا ابن بنت نبينا فاغفر لناما مضي منا وتب علينا انك انت التواب الرحيم وارحم حسينا واصحابه الشهداء الصديقين وانا نشهدك يا رب انا علي مثل ما قتلوا عليه فان لم تغفره لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين قال فاقاموا عنده يوما وليلة يصلون عليه ويبكون ويتضرعون فما انفك الناس من يومهم ذلك يترحمون عليه وعلي اصحابه حتي صلوا الغداة من الغد عند قبره وزادهم ذلك حنقاثم ركبوا فأمر سليمان الناس بالمسير فجعل الرجل لا يمضي حتي يأتي قبر الحسين فيقوم عليه فيترحم عليه ويستغفر له قال فوالله لرأيتهم ازدحموا علي قبره اكثر من ازدحام الناس علي الحجر الاسود قال ووقف سليمان عند قبره فكلما دعا له قوم وترحموا عليه قال لهم المسيب بن نجبة وسليمان بن صرد الحقوا باخوانكم [ صفحه 291] رحمكم الله فما زال كذلك حتي بقي نحو من ثلاثين من اصحابه فاحاط سليمان بالقبر هو واصاحباه فقال سليمان الحمد لله الذي لو شاء أكرمنا بالشهادة مع الحسين اللهم اذ حرمتناها معه فلا تحرمناها فيه بعده وقال عبدالله بن وال أما والله اني لاظن حسينا واباه واخاه افضل امة محمد صلي الله عليه وآله وسيلة عند الله يوم القيامة افما عجبتم لما ابتليت به هذه الامة منهم أنهم قتلوا اثنين واشفوا بالثالث علي القتل. قال يقول المسيب بن نجبة فأنا من قتلتهم ومن كان علي رأيهم برئ اياهم اعادي واقاتل قال فاحسن الرؤوس كلهم المنطق وكان المثني بن مجزية صاحب احد الرؤوس والاشراف فساء‌ني حيث لم اسمعه تكلم مع القوم بنحو ما تكلموا به قال فوالله ما لبثت ان تكلم بكلمات ما كن بدون كلام احد من القوم فقال ان الله جعل هؤلاء الذين ذكر تم بمكانهم من نبيهم صلي الله عليه وسلم أفضل ممن هو دون نبيهم وقد قتلهم قوم نحن لهم اعداء ومنهم برآء وقد خرجنا من الديار والاهلين والاموال ارادة استئصال من قتلهم فوالله لو أن القتال فيهم بمغرب الشمس او بمنقطع التراب يحق علينا طلبه حتي نناله فان ذلك هوالغنم وهي الشهادة التي ثوابها الجنة فقلنا له صدقت واصبت ووفقت قال ثم ان سليمان بن صرد سار من موضع قبر الحسين وسرنامعه فأخذنا علي الحصاصة ثم علي الانبار ثم علي الصدود ثم علي القيارة (قال ابومخنف) عن الحارث بن حصيرة وغيره ان سليمان بعث علي مقدمته كريب بن يزيد الحميري. [ صفحه 292] (قال أبومخنف) حدثني الحصين بن يزيد عن السري ابن كعب قال خرجنا مع رجال الحي نشيعهم فلما انتهينا إلي قبر الحسين وانصرف سليمان بن صرد وأصحابه عن القبر ولزموا الطريق استقدمهم عبدالله بن عوف ابن الاحمر علي فرس له مهلوب كميت مربوع يتأكل تأكلا وهو يرتجز ويقول.خرجن يلمعن بنا ارسالا عوابسا يحملننا ابطالانريد أن نلقي به الافتالا القاسطين الغدر الضلالاوقد رفضنا الاهل والاموالا والخفرات البيض والحجالانرضي به ذا النعم المفضالا (قال أبومخنف) عن سعد بن مجاهد الطائي عن المحل بن خليفة الطائي أن عبدالله بن يزيد كتب إلي سليمان بن صرد أحسبه قال بعني به فلحقته بالقيارة واستقدم أصحابه حتي ظن أن قد سبقهم قال فوقف وأشار إلي الناس فوقفوا عليه ثم أقرأهم كتابه فاذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله بن يزيد إلي سليمان بن صرد ومن معه من المسلمين سلام عليكم اما بعد فان كتابي هذا اليكم كتاب ناصح ذي ارعاء وكم من ناصح مستغش وكم من غاش مستنصح محب انه بلغني أنكم تريدون المسير بالعدد اليسير إلي الجمع الكثير وانه من يرد أن ينقل الجبال عن مراتبها تكل معاوله وينزع وهو مذموم العقل والفعل يا قومنا لا تطمعوا عدوكم في أهل بلادكم فانكم خيار كلكم ومتي ما يصبكم عدوكم يعلموا أنكم أعلام مصركم فيطمعهم ذلك فيمن وراء‌كم يا قومنا انهم ان يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا [ صفحه 293] اذا أبدا يا قوم ان أيدينا وأيديكم اليوم واحدة وان عدونا وعدوكم واحد ومتي تجتمع كلمتنا نظهر علي عدونا ومتي تختلف تهن شوكتنا علي من خالفنا يا قومنا لا تستغشوا نصحي ولا تخالفوا أمري وأقبلوا حين يقرأ عليكم كتابي أقبل الله بكم إلي طاعته وأدبر بكم عن معصيته والسلام. قال فلما قرئ الكتاب علي ابن صرد وأصحابه قال للناس ما ترون قالوا ماذا تري قد أبينا هذا عليكم وعليهم ونحن في مصرنا وأهلنا فالان حين خرجنا ووطنا أنفسنا علي الجهاد ودنونا من ارض عدونا ما هذا برأي ثم نادوه أن أخبرنا برأيك قال رأيي والله انكم لم تكونوا قط أقرب من احدي الحسنيين منكم يومكم هذا الشهادة والفتح ولا اري ان تنصرفوا عما جمعكم الله عليه من الحق واردتم به من الفضل أنا وهؤلاء مختلفون ان هؤلاء لو ظهر وادعونا إلي الجهاد مع ابن الزبير ولا اري الجهاد مع ابن الزبير الا ضلالا وانا ان نحن ظهرنا رددنا هذا الامر إلي اهله وان أصبنا فعلي نياتنا نائبين من ذنوبنا ان لنا شكلا وان لابن الزبير شكلا انا واياهم كما قال اخو بني كنانة.اري لك شكلا غير شكلي فاقصري عن اللوم اذ بدلت واختلف الشكلقال فانصرف الناس معه حتي نزل هيت فكتب سليمان: بسم الله الرحمن الرحيم للامير عبدالله بن يزيد من سليمان بن صرد ومن معه من المؤمنين سلام عليك. اما بعد فقد قرأنا كتابك وفهمنا ما نويت فنعم والله الوالي ونعم [ صفحه 294] الامير ونعم اخو العشيرة انت والله من نأمنه بالغيب ونستنصحه في المشورة ونحمده علي كل حال انا سمعنا الله عزوجل يقول في كتابه " ان الله اشتري من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة - إلي قوله - وبشر المؤمنين " ان القوم قد استبشروا بيعتهم التي بايعوا انهم قد تابوا من عظيم جرمهم وقد توجهوا إلي الله وتوكلوا عليه ورضوا بما قضي الله ربنا عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير والسلام عليك فلما أتاه هذا الكتاب قال استمات القوم اول خبر ياتيكم عنهم قتلهم وايم الله ليقتلن كراما مسلمين ولا والذي هو ربهم لا يقتلهم عدوهم حتي تشتد شوكتهم وتكثر القتلي فيما بينهم " قال ابومخنف " فحدثني يوسف بن يزيد عن عبدالله بن عوف بن الاحمر وعبدالرحمن بن جندب عن عبدالرحمن بن غزية قال خرجنا من هيت حتي انتهينا إلي قرقيسيا فلما دنونا منها وقف سليمان بن صرد فعبانا تعبية حسنة حتي مررنا بجانب قرقيسيا فنزلنا قريبا منها وبها زفر بن الحارث الكلابي قد تحصن بها من القوم ولم يخرج اليهم فبعث سليمان المسيب بن نجبة فقال ائت ابن عمك هذا فقل له فليخرج الينا سوقا فانا لسنا اياه نريد انما صمدنا لهؤلاء المحلين فخرج المسيب بن نجبة حتي انتهي إلي باب قرقيسيا فقال افتحوا ممن تحصنون فقالوا من انت قال انا المسيب بن نجبة فأتي الهذيل ابن زفرأياه فقال هذا رجل حسن الهيئة يستأذن عليك وسألناه من هو فقال المسيب بن نجبة قال وانا اذ ذاك لا علم لي بالناس ولا اعلم اي الناس هو فقال لي ابي أما تدري أي بني من هذا هذا فارس [ صفحه 295] مضر الحمراء كلها واذا عد من أشرافها عشرة كان احدهم وهو بعد رجل ناسك له دين ائذن له فأذنت له فأجلسه أبي إلي جانبه وسائله والطفه في المسألة. فقال المسيب بن نجبة ممن تحصن انا والله مما اياكم نريد وما اعترينا إلي شئ الا أن تعيننا علي هؤلاء القوم الظلمة المحلين فاخرج لنا سوقا فانا لا نقيم بساحتكم الا يوما او بعض يوم فقال له زفر بن الحارث انا لم تغلق ابواب هذه المدينة الا لنعلم ايانا اعتريتم ام غيرنا والله ما بنا عجز عن الناس ما لم تدهمنا حيلة وما نحب أنا بلينا بقتالكم وقد بلغنا عنكم صلاح وسيرة حسنة جميلة. ثم دعا ابنه فأمره أن يضع لهم سوقا وأمر للمسيب بالف درهم وفرس فقال له المسيب اما المال فلا حاجة لي فيه والله ماله خرجنا ولا اياه طلبنا واما الفرس فاني اقبله لعلي احتاج اليه أن ظلع فرسي أو غمز تحتي فخرج به حتي أتي أصحابه وأخرجت لهم السوق فتسوقوا. وبعث زفر بن الحارث إلي المسيب بن نجبة بعد اخراج الاسواق والاعلاف والطعام الكثير بعشرين جزورا وبعث إلي سليمان بن صرد مثل ذلك وقد كان زفر أمر ابنه أن يسأل عن وجوه أهل العسكر فسمي له عبدالله بن سعد بن نفيل وعبدالله بن وال ورفاعة بن شداد وسمي له امراء الارباع فبعث إلي هؤلاء الرؤس الثلاثة بعشر جزائر عشر جزائر وعلف كثير وطعام وأخرج العسكر عيرا عظيمة وشعيرا كثيرا فقال غلمان زفر هذه عير فاجتزروا منها ما احببتموهذا شعير فاحتملوا منه ما اردتم وهذا دقيق فتزودوا منه ما أطقتم فظل القوم يومهم ذلك مخصبين [ صفحه 296] لم يحتاجوا إلي شراء شئ من هذه الاسواق التي وضعت وقد كفوا اللحم والدقيق والشعير الا ان يشتري الرجل ثوبا أو سوطا ثم ارتحلوا من الغد. وبعث اليهم زفراني خارج اليكم فمشيعكم فاتاهم وقد خرجوا علي تعبية حسنة فسايرهم فقال زفر لسليمان انه قد بعث خمسة أمراء قد فصلوا من الرقة فيهم الحصين ابن نمير السكوني وشرحبيل بن ذي الكلاع وأدهم بن مجرز الباهلي وأبومالك بن ادهم وربيعة بن المخارق الغنوي وجبلة بن عبدالله الخثعمي وقد جاؤكم في مثل الشوك والشجر اتاكم عدد كثير وحد حديد وايم الله لقل ما رأيت رجالا هم أحسن هيئة ولا عدة ولا اخلق لكل خير من رجال اراهم معك ولكنه قد بلغني انه قد اقبلت اليكم عدة لا تحصي فقال ابن صرد علي الله توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلون. ثم قال له زفر فهل لكم في أمر أعرضه عليكم لعل الله أن يجعل لنا و لكم فيه خيرا ان شئتم فتحنا لكم مدينتنا فدخلتموها فكان أمرنا واحدا و أيدينا واحدة وان شئتم نزلتم علي باب مدينتنا وخرجنا فعسكرنا إلي جانبكم فاذا جاء‌نا هذا العدو قاتلناهم جميعا فقال سليمان لزفر قد ارادنا أهل مصر علي مثل ما اردتنا عليه وذكروا مثل الذي ذكرت وكتبوا الينا به بعد ما فصلنا فلم يوافقنا ذلك فلسنا فاعلين. فقال زفر فانظروا ما أشير به عليكم فاقبلوه وخذوا به فاني للقوم عدو واجب أن يجعل الله عليهم الدائرة وانا لكم واد أحب أن يحوطكم الله بالعافية ان القوم قد فصلوا منالرقة فبادروهم إلي عين الوردة فاجعلوا المدينة في ظهوركم ويكون الرستاق والماء والمادة في ايديكم وما بين [ صفحه 297] مدينتنا ومدينتكم فأنتم له آمنون والله لو أن خيولي كرجالي لا مددتكم أطووا المنازل الساعة إلي عين الوردة فان القوم يسيرون سيرا لعساكر وأنتم علي خيول والله لقل ما رأيت جماعة خيل قط اكرم منها تأهبوا لها من يومكم هذا فاني أرجوا ان تسبقوهم اليها وان بدرتموهم إلي عين الوردة فلا تقاتلوهم في فضاء ترامونهم وتطاعنونهم فانهم أكثر منكم فلا آمن أن يحيطوا بكم فلا تقفوا لهم ترامونهم وتطاعنونهم فانه ليس لكم مثل عددهم فان استهدفتم لهم لم يلبثوكم أن يصرعوكم ولا تصفوا لهم حين تلقونهم فاني لا اري معكم رجالة ولا اراكم كلكم الا فرسانا والقوم لاقوكم بالرجال والفرسان فالفرسان يحمي رجالها والرجال يحمي فرسانها وأنتم ليس لكم رجال يحمي فرسانكم فالقوهم في الكتائب والمقانب ثم بثوها ما بين ميمنتهم وميسرتهم واجعلوا مع كل كتيبة كتيبة إلي جانبها فان حمل علي احدي الكتيبتين ترجلت الاخري فنفست عنها الخيل والرجال ومتي شاء‌ت كتيبة ارتفعت ومتي ما شاء‌ت كتيبة انحطت ولو كنتم في صف واحد فزحفت اليكم الرجال فدفعتمعن الصف انتقض وكانت الهزيمة ثم وقف فودعهم وسأل الله أن يصحبهم وينصرهم فأثني الناس عليه ودعوا له. فقال له سليمان بن صرد نعم المنزول به أنت اكرمت النزول و أحسنت الضيافة ونصحت في المشورة ثم ان القوم جدوا في المسير فجعلوا يجعلون كل مرحلتين مرحلة قال فمررنا بالمدن حتي بلغنا ساعا ثم ان سليمان بن صرد عبي الكتائب كما أمره زفر ثم أقبل حتي انتهي إلي عين الوردة فنزل في غربيها وسبق القوم اليها فعسكروا وأقام بها خمسا لا يبرح [ صفحه 298] واستراحوا واطمأنوا واراحوا خيلهم. (قال هشام) قال أبومخنف عن عطية بن الحارث عن عبدالله بن غزية قال أقبل اهل الشام في عساكرهم حتي كانوا من عين الوردة علي مسيرة يوم وليلة قال عبدالله ابن غزية فقام فينا سليمان فحمد الله فأطال و أثني عليه فاطنب ثم ذكر السماء والارض والجبال والبحار وما فيهن من الآيات وذكر الاء الله ونعمه وذكر الدنيا فزهد فيها وذكر الآخرة فرغب فيها فذكر من هذا ما لم أحصه ولم أقدر علي حفظه ثم قال: اما بعد فقد اتاكم الله بعدوكم الذي دأبتم في المسير اليه آناء الليل والنهار تريدون فيما تظهرون التوبة النصوح ولقاء الله منذرين فقد جاء‌وكم بل جئتموهم أنتم في دارهم وحيزهم فاذا لقيتموهم فاصدقوهم واصبروا ان الله مع الصابرين ولا يولينهم امرؤ دبره إلي متحرفا لقتال أو متحيزا إلي فئة لا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا علي جريح ولا تقتلوا أسيرا من أهل دعوتكم الا أن يقاتلكم بعد أن تأسروه أو يكون من قتلة اخواننا بالطف رحمة الله عليهم فان هذه كانت سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في أهل هذه الدعوة. ثم قال سليمان: ان أنا قتلت فأمير الناس المسيب بن نجبة فان أصيب المسيب فأمير الناس عبدالله بن سعد ابن نفيل فان قتل عبدالله بن سعد فأمير الناس عبدالله بن وال فان قتل عبدالله ابن وال فأمير الناس رفاعة بن شداد رحم الله امرء‌ا صدق ما عاهد الله عليه ثم بعث المسيب بن نجبة في أربعمائة فارس ثم قال سر حتي تلقي أول عسكر من عساكرهم فشن فيهم الغارة فاذا رأيت ما تحبه والا انصرفت إلي في أصحابك واياك [ صفحه 299] ان تنزل أو تدع أحدا من اصحابك ان ينزل أو يستقبل آخر ذلك حتي لا تجد منه بدا. (قال ابومخنف) فحدثني أبي عن حميد بن مسلم انه قال اشهد اني في خيل المسيب ابن نجبة تلك اذا اقبلنا نسير آخر يومنا وليلتنا حتي اذا كان في آخر السحر نزلنا فعلقنا علي دوابنا مخاليها ثم هومنا تهويمة بمقدار تكون مقدار قضمها ثم ركبناها حتي اذا انبلج لنا الصبح نزلنا فصلينا ثم ركب فركبنا فبعث أبا الجويرية العبدي ابن الاحمر في مائة من أصحابه وعبدالله بن عوف بن الاحمر في مائة وعشرين وحنش بن ربيعة أبا المعتمر الكناني في مثلها وبقي هو في مائة ثم قال انظروا أول من تلقون فأتوني به فكان اول من لقينا أعرابي يطرد أحمرة وهو يقول:يا مال لا تعجل إلي صحبي واسرح فانك آمن السربقال يقول عبدالله بن عوف بن الاحمر يا حميد بن مسلم أبشر بشري ورب الكعبة فقال له ابن عوف بن الاحمر ممن أنت يا اعرابي قال أنا من بني تغلب قال غلبتم ورب الكعبة ان شاء الله فانتهي الينا المسيب بن نجبة فأخبرناه بالذي سمعنا من الاعرابي واتيناه به فقال المسيب بن نجبة اما لقد سررت بقولك ابشر وبقولك يا حميد بن مسلم واني لارجو ان تبشروا بما يسركم وانما سركم ان تحمدوا أمركم وان تسلموا من عدوكم وان هذا الفأل هو الفأل الحسن. وقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يعجبه الفأل ثم قال المسيب بن نجبة للاعرابي كم بيننا وبين ادني هؤلاء القوم منا قال ادني عسكر من عساكرهم منك عسكر ابن ذي الكلاع وكان بينه وبين الحصين [ صفحه 300] اختلاف ادعي الحصين انه علي جماعة الناس. وقال ابن ذي الكلاع: ما كنت لتولي علي وقد تكاتبا إلي عبيدالله بن زياد فهما ينتظران امره فهذا عسكر ابن ذي الكلاع منكم علي رأس ميل قال فتركنا الرجل فخرجنا نحوهم مسرعين فوالله ما شعروا حتي اشرفنا عليهم وهم غارون فحملنا في جانب عسكرهم فوالله ما قاتلوا كثير قتال حتي انهزموا فأصبنا منهم رجالا وجرحنا فيهم فأكثرنا الجراح وأصبنا لهم دواب وخرجوا عن عسكرهم وخلوه لنا فأخذنا منه ما خف علينا فصاح المسيب فينا الرجعة انكم قد نصرتم وغنمتم وسلمتم فانصرفوا فانصرفنا حتي أتينا سليمان قال فاتي الخبر عبيدالله بن زياد فسرح الينا الحصين بن نمير مسرعا حتي نزل في اثني عشر ألفا فخرجنا اليهم يوم الاربعاء لثمان بقين من جمادي الاولي.فجعل سليمان بن صرد عبدالله بن سعد بن نفيل علي ميمنته وعلي ميسرته المسيب بن نجبة ووقف هو في القلب وجاء حصين بن نمير وقد عبا لنا جنده فجعل علي ميمنته جبلة ابن عبدالله وعلي ميسرته ربيعة بن المخارق الغنوي. ثم زحفوا الينا فلما دنوا دعونا إلي الجماعة علي عبدالملك بن مروان والي الدخول في طاعته ودعوناهم إلي ان يدفعوا الينا عبيدالله بن زياد فنقتله ببعض من قتل من اخواننا وان يخلعوا عبدالملك ابن مروان والي ان يخرج من بلادنا من آل ابن الزبير ثم نرد هذا الامر إلي اهل بيت نبينا الذين آتانا الله من قبلهم بالنعمة والكرامة فابي القوم وأبينا [ صفحه 301] قال حميد بن مسلم: فحملت ميمنتنا علي ميسرتهم وهزمتهم وحملت ميسرتنا علي ميمنتهم وحمل سليمان في القلب علي جماعتهم فهزمناهم حتي اضطررناهم إلي عسكرهم فما زال الظفر لنا عليهم حتي حجز الليل بيننا وبينهم. ثم انصرفنا عنهم وقد أحجزناهم في عسكرهم فلما كان الغد صبحهم ابن ذي الكلاع في ثمانية آلاف امدهم بهم عبيدالله بن زياد وبعث اليه يشتمه ويقع فيه ويقول انما عملت عمل الاغمار تضيع عسكرك ومساخك سر إلي الحصين بن نمير حتي توافيه وهو علي الناس فجاء‌ه فغدوا علينا وغاديناهم فقاتلناهم قتالا لم ير الشيب والمرد مثله قط يومنا كله لا يحجز بيننا وبين القتال الا الصلاة حتي أمسينا فتحا جزنا وقدوالله اكثر وافينا الجراح وأفشيناها فيهم. قال وكان فينا قصاص ثلاثة رفاعة بن شجاد البجلي وصحير بن حذيفة بن هلال بن مالك المري وأبوالجويرية العبدي فكان رفاعة يقص ويحضض الناس في اليمنة لا يبرحها وجرح ابوالجويرية اليوم الثاني في اول النهار فلزم الرحال وكان صحير ليلة كلها يدور فينا ويقول ابشروا عبدالله بكرامة الله ورضوانه فحق والله لمن ليس بينه وبين لقاء الاحبة ودخول الجنة والراحة من ابرام الدنيا واذا ها الافراق هذه النفس الامارة بالسوء ان يكون بفاقها سخيا وبلقاء ربه مسرورا فمكثنا كذلك حتي اصبحنا وأصبح بن نمير وأدهم بن محرز الباهلي في نحو من عشرة آلاف فخرجوا الينا فاقتتلنا اليوم الثالث يوم الجمعة قتالا شديدا إلي ارتفاع الضحي [ صفحه 302] ثم ان اهل الشام كثرونا وتعطفوا علينا من كل جانب ورأي سليمان بن صرد ما لقي اصحابه فنزل فنادي عباد الله من اراد البكور إلي ربه والتوبة من ذنبه والوفاء بعهده فالي ثم كسر جفن سيفه ونزل معه ناس كثير فكثروا جفون سيوفهم ومشوا معه وانزوت خيلهم حتي اختطلت مع الرجال فقاتلوهم حتي نزلت الرجال تشتد مصلتة بالسيوف وقد كسروا الجفون فحمل الفرسان علي الخيل ولا يثبتون فقاتلوهم وقتلوامن أهل الشام مقتلة عظيمة وجرحوا فيهم فأكثروا الجراح فلما رأي الحصين بن نمير صبر القوم وبأسهم بعث الرجال ترميهم بالنبل واكتفتهم الخيل و الرجال فقتل سليمان بن صرد رحمه الله رماه يزيد ابن الحصين بسهم فوقع ثم وثب ثم وقع قال فلما قتل سليمان بن صرد أخذ الراية المسيب بن نجبة وقال لسليمان بن صرد رحمك الله يا أخي فقد صدقت ووفيت بما عليك وبقي ما علينا ثم اخذ الراية فشد بها فقاتل ساعة ثم رجع ثم شد بها فقاتل ثم رجع ففعل ذلك مرارا يشد ثم يرجع ثم قتل رحمه الله. (قال ابومخنف) وحدثنا فروة بن لقيط عن مولي للمسيب بن نجبة الفزاري قال لقيته بالمدائن وهو مع شبيب بن يزيد الخارجي فجري الحديث حتي ذكرنا أهل عين الوردة قال هشام عن ابي مخنف قال حدثنا هذا الشيخ عن المسيب بن نجبة قال والله ما رايت اشجع منه انسانا قط ولا من العصابة التي كان فيهم ولقد رأيته يوم عين الوردة يقاتل قتالا شديدا ما ظننت أن رجلا واحدا يقدرا يبلي مثل ما ابلي ولا ينكأ في عدوه مثل مانكأ لقد قتل رجالا قال وسمعته يقول قبل أن يقتل وهو يقاتلهم. [ صفحه 303] قد علمت ميالة الذوائب واضحة اللبات والترائباني غداة الروع والتغالب اشجع من ذي لبد مواثبقطاع أقران مخوف الجانب قال ابومخنف حدثني ابي وخالي عن حميد بن مسلم وعبدالله بن غزية قال ابومخنف وحدثني يوسف بن يزيد عن عبدالله بن عوف قال لما قتل المسيب بن نجبة أخذ الراية عبدالله بن سعد بن نفيل ثم قال رحمه الله أخوي منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا وأقبل بمن كان معه من الازد فحفوا برايته فوالله أنا لكذلك أذ جاء‌نا فرسان ثلاثة عبدالله بن الخضل الطائي وكثير بن عمرو المزني وسعر بن أبي سعر الحنفي كانوا خرجوا مع سعد بن حذيفة بن اليمان في سبعين ومأة من أهل المدائن فسرحهم يوم خرج في آثارنا علي خيول مقلمة مقدحة فقال لهم اطووا المنازل حتي تحلقوا باخواننا فتبشروهم بخروجنا اليهم لتشتد بذلك ظهورهم وتخبروهم بمجئ أهل البصرة أيضا كان المثني بن مخربة العبدي أقبل في ثلاثمائة من أهل البصرة فجاء حتي نزل مدينة بهرسير بعد خروج سعد بن حذيفة من المدائن لخمس ليال وكان خروجه من البصرة قبل ذلك قد بلغ سعد بن حذيفة قبل أن يخرج من المدائن. فلما انتهوا الينا قالوا أبشروا فقد جاء‌كم أخوانكم من أهل المدائن وأهل البصرة فقال عبدالله بن سعد بن نفيل ذلك لو جاؤنا ونحن أحياء قال فنظروا الينا فلما رأوا مصارع أخوانهم وما بنا من الجراح بكي القوم وقالوا وقد بلغ منكم ما نري انا لله وانا اليه راجعون قال فنظروا والله إلي ما ساء [ صفحه 304] أعينهم فقال لهم عبدالله بن نفيل أنا لهذا خرجنا ثم اقتتلنا فما اضطربنا الا ساعة حتي قتل المزني وطعن الحنفي فوقع بين القتلي ثم ارتث بعد ذلك فنجا وطعن الطائي فجزم أنفه فقاتل قتالا شديدا وكان فارسا شاعرا فاخذ يقول:قد علمت ذات القوام الرود ان لست بالواني ولا الرعديديوما ولا بالفرق الحيود قال فحمل علينا ربيعة بن المخارق حملة منكرة فاقتتلنا قتالا شديدا ثم انه اختلف هو وعبدالله بن سعد بن نفيل ضربتين فلم يصنع سيفاهما شيئا واعتنق كل واحد منهما صاحبه فوقعا إلي الارض ثم قاما فاضطربا ويحمل ابن أخي ربيعة بن المخارق علي عبدالله بن سعد فطعنه في ثغرة نحره فقتله ويحمل عبدالله بن عوف ابن الاحمر علي ربيعة بن المخارق فطعنه فصرعه فلم يصب مقتلا فقام فكر عليه الثانية فطعنه اصحاب ربيعة فصرعوه. ثم ان اصحابه استنقذوه وقال خالد بن سعد ابن نفيل أروني قاتل أخي فأريناه ابن أخي ربيعة بن المخارق فحمل عليه فقنعه بالسيف واعتنقه الآخر فخر إلي الارض فحمل أصحابه وحملنا وكانوا أكثر منا فاستنقذوا صاحبهم وقتلوا صاحبنا وبقيت الرأية ليس عندها احد قال فنادينا عبدالله بن وال بعد قتلهم فرساننا فاذا هو قد استلحم في عصابة معه إلي جانبنا فحمل عليه رفاعة بن شداد فكشفهم عنه ثم أقبل إلي رايته وقد أمسكها عبدالله ابن حازم الكندي فقال لابن وال أمسك عني رأيتك قال امسكها عني رحمك الله فاني بي مثل حالك فقال له أمسك عني رأيتك فاني أريد أن اجاهد [ صفحه 305] قال فان هذا الذي أنت فيه جهاد وأجر قال فصحنا يا أبا عزة اطع أميرك يرحمك الله قال فأمسكها قليلا ثم ان ابن وال أخذها منه. (قال ابومخنف) قال أبوالصلت التيمي الاعور حدثني شيخ للحي كان معه يومئذ قال قال لنا ابن وال من اراد الحياة التي ليس بعدها موت والراحة التي ليس بعدها نصب والسرور الذي ليس بعده حزن فليتقرب إلي ربه بجهاد هؤلاء المحلين والرواح إلي الجنة رحمكم الله وذلك عند العصر فشد عليهم وشددنا معه فأصبنا والله منهم رجالا وكشفنا طويلا ثم انهم بعد ذلك تعطفوا علينا من كل جانب فحازونا حتي بلغوا بنا المكان الذي كنا فيه وكنا بمكان لا يقدرون ان يأتونا فيه الا من وجه واحد وولي قتالنا عند المساء ادهم بن محرز الباهلي فشد علينا في خيله ورجاله فقتل عبدالله بن وال التيمي. (قال ابومخنف) عن فروة بن لقيط قال سمعت ادهم بن محرز الباهلي في امارة الحجاج بن يوسف وهو يحدث ناسا من اهل الشام قال دفعت إلي احد امراء العراق رجل منهم يقولون له عبدالله بن وال وهو يقول لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين الايات الثلاث قال فغاظني فقلت في نفسي هؤلاء يعدوننا بمنزلة اهل الشرك يرون ان من قتلنا منهم كان شهيدا فحملت عليه فاضرب يده اليسري فاطننتها وتنحيت قريبا فقلت له اما اني اراك وددت انك في اهلك فقال بئسما رأيت اما والله ما احب انها يدك الان الا ان يكون لي فيها من الاجر مثل ما في يدي قال فقلت له لم. قال لكيما يجعل الله عليك وزرها ويعظم لي اجرها قال فغاظني [ صفحه 306] فجمعت خيلي ورجالي ثم حملنا عليه وعلي اصحابه فدفعت اليه فطعنته فقتلته وانه لمقبل إلي ما يزول فزعموا بعد انه كان من فقهاء اهل العراق الذين كانوا يكثرون الصوم والصلاة ويفتون الناس. (قال ابومخنف) وحدثني الثقة عن حميد بن مسلم وعبدالله بن غزية قال لما هلك عبدالله بن وال نظرنا فاذا عبدالله بن خازم قتيلا إلي جنبه ونحن نري أنه رفاعة بن شداد البجلي فقال رجل من بني كنانة يقال له الوليد بن غضين امسك رايتك. قال لا اريدها فقلت له اناا لله مالك فقال ارجعوا بنا لعل الله يجمعنا ليوم شرلهم فوثب عبدالله بن عوف بن الاحمر اليه فقال أهلكتنا والله لئن انصرفت ليركبن أكتافنا فلا نبلغ فرسخا حتي نهلك من عند آخرنافان نجا منا ناج أخذه الاعراب وأهل القري فتقربوا اليهم به فيقتل صبرا أنشدك الله أن تفعل هذه الشمس قد طفلت للمغيب. وهذا الليل قد غشينا فنقاتلهم علي خيلنا هذه فانا الان ممتنعون فاذا غسق الليل ركبنا خيولنا اول الليل فرمينا بها فكان ذلك الشأن حتي نصبح ونسير ونحن علي مهل فيحمل الرجل منا جريحه وينتظر صاحبه وتسير العشرة والعشرون معا ويعرف الناس الوجه الذي يأخذون فيتبع فيه بعضهم بعضا ولو كان الذي ذكرت لم تقف ام علي ولدها ولم يعرف رجل وجهه ولا أين يسقط ولا أين يذهب ولم نصبح الا ونحن بين مقتول ومأسور فقال له رفاعة بن شداد فانك نعم ما رأيت. قال ثم أقبل رفاعة علي الكناني فقال له اتمسكها ام آخذها منك فقال له الكناني اني لا اريد ما تريد اني اريد لقاء ربي واللحاق باخواني [ صفحه 307] والخروج من الدنيا إلي الاخرة وأنت تريد ورق الدنيا وتهوي البقاء وتكره فراق الدنيا اما والله اني لا احب لك ان ترشد ثم دفع اليه الراية وذهب ليستقدم. فقال له ابن أحمر قاتل معنا ساعة رحمك الله ولا تلق بيدك إلي التهلكة فما زال به يناشده حتي احتبس عليه واخذ اهل الشام يتنادون ان الله قد أهلكهم فاقدموا عليهم فافرغوا منهم قبل الليل فاخذوا يقدمون عليهم فيقدمون علي شوكة شديدة ويقاتلون فرسانا شجعانا ليس فيهم سقط رجل وليسوا لهم بمضجرين فيتمكنوا منهم فقاتلوهم حتي العشاء قتالا شديدا وقتل الكناني قبل المساء. وخرج عبدالله بن عزيز الكندي ومعه ابنه محمد غلام صغير فقال يا أهل الشام هل فيكم أحد من كندة فخرج اليهم منهم رجال فقالوا نعم نحن هؤلاء فقال لهم دونكم أخيكم فابعثوا به إلي قومكم بالكوفة فانا عبدالله بن عزيز الكندي. فقالوا له أنت ابن عمنا فانك آمن فقال لهم والله لا ارغب عن مصارع اخواني الذين كانوا للبلاد نورا والارض أوتادا وبمثلهم كان الله يذكر قال فاخذ ابنه يبكي في اثر ابيه. فقال يا بني لو أن شيئا كان آثر عندي من طاعة ربي اذا لكنت انت وناشده قومه الشأميون لما رأوا من جزع ابنه وبكاء‌ه في أثره وأروا الشأميون له ولابنه رقة شديدة حتي جزعوا وبكوا ثم اعتزل الجانب الذي خرج اليه منه قومه فشد علي صفهم عند المساء فقاتل حتي قتل. (قال ابومخنف) حدثني فضيل بن حديج قال حدثني مسلم بن زحر [ صفحه 308] الخولاني ان كريب بن زيد الحميري مشي اليهم عند المساء ومعه راية بلقاء في جماعة قلما تنقص من مائة رجل ان نقصت وقد كانوا تحدثوا بما يريد رفاعة ان يصنع اذا امسي فقال لهم الحميري وجمع اليه رچالا من حمير وهمدان فقال عباد الله روحوا إلي ربكم والله ما في شئ من الدنيا خلف من رضاء الله والتوبة اليه انه قد بلغني ان طائفة منكم يريدون ان يرجعوا إلي ما خرجوا منه إلي دنياهم وان هم ركنوا إلي دنياهم رجعوا إلي خطاياهم فاما انا فوالله لا اولي هذا العدو ظهري حتي ارد موارد اخواني فاجابوه وقالوا رأينا مثل رأيك ومضي برايته حتي دنا من القوم. فقال ابن ذي الكلاع والله اني لاري هذه الراية حميرية او همدانية فدنا منهم فسألهم فاخبروه فقال لهم انكم آمنون فقال له صاحبهم انا قد كنا آمنين في الدنيا وانما خرجنا نطلب امان الاخرة فقاتلوا القوم حتي قتلوا ومشي صحير بن حذيفة بن هلال بن مالك المزني في ثلاثين من مزينة. فقال لهم لا تهابوا الموت في الله فانه لاقيكم ولا ترجعوا إلي الدنيا التي خرجتم منها إلي الله فانها لا تبقي لكم ولا تزهدوا فيما رغبتم فيه من ثواب الله ما عند الله خير لكم ثم مضوا فقاتلوا حتي قتلوا. فلما امسي الناس ورجع أهل الشام إلي معسكرهم نظر رفاعة إلي كل رجل قد عقربه والي كل جريح لا يعين علي نفسه فدفعه إلي قومه ثم سار بالناس ليلته كلها حتي أصبح بالتنينير فعبر الخابور وقطع المعابر ثم مضي لا يمر بمعبر الا قطعه وأصبح الحصين بن ننمير فبعث فوجدهم قد ذهبوا فلم يبعث في آثارهم أحدا وسار بالناس فأسرع وخلف رفاعة [ صفحه 309] وراء‌هم ابا الجويرية العبدي في سبعين فارسا يسترون الناس فاذا مروا برجل قد سقط حمله او بمتاع قد سقط قبضه حتي يعرفه فان طلب أو ابتغي بعث عليه فاعلمه. فلم يزالوا كذلك حتي مروا بقرقيسيا من جانب البرفبعث اليهم زفر من الطعام والعلف مثل ما كان بعث اليهم في المرة الاولي وأرسل اليهم الاطباء وقال اقيموا عندنا ما احببتم فان لكم الكرامة والمواساة فأقاموا ثلاثا ثم زود كل امرئ منهم ما احب من الطعام والعلف قال وجاء سعد بن حذيفة بن اليمان حتي انتهي إلي هيت فاستقبله الاعراب فأخبروه بما لقي الناس فانصرف فتلقي المثني بن مخربة العبدي بصندوداء فأخبره فأقاموا حتي جاء‌هم الخير أن رفاعة قد أظلكم فخرجوا حين دنا من القرية فاستقبلوه فسلم الناس بعضهم علي بعض وبكي بعضهالي بعض وتناعوا اخوانهم فأقاموا بها يوما وليلة فانصرف اهل المدائن إليالمدائن واهل البصرة إلي البصرة واقبل اهل الكوفة إلي الكوفة فاذا المختار محبوس. (قال هشام) قال ابومخنف عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر عن ادهم بن محرز الباهلي انه اتي عبدالملك بن مروان ببشارة الفتح قال فصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه ثم قال: اما بعد فان الله قد أهلك من رؤس اهل العراق ملقح فتنة ورأس ضلالة سليمان بن صرد الاوان السيوف تركت رأس المسيب بن نجبة خذاريف الا وقد قتل الله من رؤسهم رأسين عظيمين ضالين مضلين عبدالله بن سعد أخا الازد وعبدالله بن وال أخا بكر بن وائل فلم يبق بعد هؤلاء [ صفحه 310] أحد عنده دفاع ولا امتناع. (قال هشام) عن ابي مخنف وحدثت ان المختار مكث نحوا من خمس عشرة ليلة ثم قال لاصحابه عدوا لغازيكم هذااكثر من عشر ودون الشهر ثم يجيئكم نبأهتر من طعن نتر وضرب هبر وقتل جم وامر رجم فمن لها انا لها لا تكذبن انا لها. (قال ابومخنف) حدثنا الحصين ابن يزيد عن ابان بن الوليد قال كتب المختار وهو في السحن إلي رفاعة بن شداد حين قدم من عين الوردة اما بعد فمرحبا بالعصب الذين عظم الله لهم الاجر حين انصرفوا و رضي انصرافهم حين قفلوا اما ورب البنية التي بناما خطا خاط منكم خطوة ولارتارتوة الا كان ثواب الله له أعظم من ملك الدنيا ان سليمان قد قضي ما عليهوتوفاه الله فجعل روحه مع ارواح الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين ولم يكن بصاحبكم الذي به تنصرون اني انا الامير المأمور والامين المأمون وامير الجيش وقاتل الجبارين والمنتقم من أعداء الدين والمقيد من الاوتار فأعدوا واستعدوا وابشروا واستبشروا أدعوكم إلي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم والي الطلب بدماء اهل البيت والدفع عن الضعفاء و جهاد المحلين والسلام. (قال ابومخنف) وحدثني ابوزهير العبسي ان الناس تحدثوا بهذا من امر المختار فبلغ ذلك عبدالله ابن يزيد وابراهيم بن محمد فخرجا في الناس حتي اتيا المختار فأخذاه (قال ابومخنف) فحدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال لما تهيأنا للانصراف قال عبدالله بن غزية ووقف علي القتلي فقال يرحمكم الله [ صفحه 311] فقد صدقتم وصبرتم وكذبنا وفررنا قال فلما سرنا واصبحنا اذا عبدالله بن غزية في نحو من عشرين قد ارادوا الرجوع إلي العدو والاستقتال فجاء رفاعة وعبدالله بن عوف بن الاحمر وجماعة الناس فقالوا لهم ننشدكم الله ان تزيدونا فلولا ونقصانا لانزال بخير ما كان فينا مثلكم من ذوي النيات فلم يزالوا بهم كذلك يناشدونهم حتي ردوهم غير رجل من مزينة يقال له عبيدة بن سفيان رحل مع الناس حتي اذا غفل عنه انصرف حتي لقي اهل الشام فشد بسيفه يضاربهم حتي قتل. (قال ابومخنف) فحدثني الحصين بن يزيد الازدي عن حميد بن مسلم الازدي قال كان ذلك المزني صديقا لي فلما ذهب لينصرف ناشدته الله فقال اما انك لم تكن لتسألني شيئا من الدنيا الا رأيت لك من الحق علي ايتاء كه وهذا الذي تسألني اريد الله به قال ففارقني حتي لفي القوم فقتل قال فوالله ما كان شئ باحب إلي من ان القي انسانا يحدثني عنه كيف صنع حين لقي القوم قال فلقيت عبدالملك ابن جزء بن الحدر جان الازدي بمكة فجري حديث بيننا جري ذكر ذلك اليوم فقال اعجب ما رأيت يوم عين الوردة بعد هلاك القوم ان رجلا اقبل حتي شد علي بسيفه فخرجنا نحوه قال فانتهي اليه وقد عقربه وهو يقول:اني من الله إلي الله افر رضوانك اللهم ابدي واسرقال فقلنا له من انت قال من بني آدم قال فقلنا ممن قال لا احب ان اعرفكم ولا ان تعرفوني يا مخربي البيت الحرام قال فنزل اليه سليمان بن عمرو بن محصن الازدي من بني الخيار قال وهو يومئذ من اشد الناس قال فكلاهما اثخن صاحبه قال وشد الناس عليه من كل جانب فقتلوه قال فوالله [ صفحه 312] ما رايت واحدا قط هو اشد منه قال فلما ذكرلي وكنت احب ان اعلم علمه دمعت عيناي فقال أبينك وبينه قرابة فقلت له لا ذلك رجل من مضر كان لي ودا واخا فقال لي لا ارقأ الله دمعك اتبكي علي رجل من مضر قتل علي ضلالة. قال قلت لا والله ما قتل علي ضلالة ولكنه قتل علي بينة من ربه وهدي فقال لي ادخلك الله مدخله قلت آمين وادخلك الله مدخل حصين بن نمير ثم لاارقأ الله لك عليه دمعا ثم قمت وقام وكان مما قيل من الشعر في - ذلك قول اعشي همدان وهي احدي المكتمات كن يكتمن في ذلك الزمان.الم خيال منك يا ام غالب فحبيت عنا من حبيب مجانبوما زلت لي شجواوما زلت مقصدا لهم عراني من فراقك ناصبفما انس لا انس انفتالك في الضحي الينا مع البيض الوسام الخراعبتراء‌ت لنا هيفاء مهضومة الحشا لطيفة طي الكشح ريا الحقائبمبتلة غراء رود شبابها كشمس الضحي تنكل بين السحائبفلما تغشاها السحاب وحوله بدا حاجب منها وضنت بحاجبفتلك الهوي وهي الجوي لي والمني فاحبب بها من خلة لم تصاقبولا يبعد الله الشباب وذكره وحب تصافي المعصرات الكواعبويزداد ما احببته من عتابنا لعابا وسقيا للخدين المقاربفاني وان لم انسهن لذاكر رزيئة مخبات كريم المناصبتوسل بالتقوي إلي الله صادقا وتقوي الاله خير تكساب كاسبوخلي عن الدنيا فلم يلتبس بها وتاب إلي الله الرفيع المراتبتخلي عن الدنيا وقال أطرحتها فلست اليها ما حييت بآيب [ صفحه 313] وما أنا فيما يكبر الناس فقده ويسعي له الساعون فيها براغبفوجهه نحو الثوية سائرا إلي ابن زياد في الجموء الكباكببقوم هم أهل التقية والنهي مصاليت انجاد سراة مناجبمضوا تاركي رأي ابن طلحة حسبه ولم يستجيبوا للامير المخاطبفساروا وهم من بين ملتمس التقي وآخر مما جر بالامس تائبفلاقوا بعين الوردة الجيش فاصلا اليهم فحسوهم ببيض قواضبيمانية تذر الاكف وتارة بخيل عتاق مقربات سلاهبفجاء‌هم جمع من الشام بعده جموع كموج البحر من كل جانبفما برحوا حتي أبيدت سراتهم فلم ينج منهم ثم غير عصائبوغودر أهل الصبر صرعي فاصبحوا تعاورهم ريح الصبا والجنائبوأضحي الخزاعي الرئيس مجدلا كان لم يقاتل مرة ويحاربورأس بني شمخ وفارس قومه شنواة والتيمي هادي الكتائبوعمرو بن بشر والوليد وخالد وزيد بن بكر والحليس بن غالبوضارب من همدان كل مشيع اذا شد لم ينكل كريم المكاسبومن كل قوم قد أصيب زعيمهم وذو حسب في ذروة المجد ثاقبأبوا غير ضرب تفلق الهام وقعه وطعن بأطراف الا سنة صائبوان سعيدا يوم يدمر عامرا لاشجع من ليث بدرنا مواثبفيا خير جيش للعراق وأهله سقيتم روايا كل اسهم ساكبفلا يبعدن فرساننا وحماتنا اذالبيض أبدت عن خدام الكواعبفان يقتلوا فالقتل اكرم ميتة وكل فتي يوما لاحدي الشواعبوما قتلوا حتي أثاروا عصابة محلين ثورا كالليوث الضوارب [ صفحه 314] وقتل سليمان بن صرد ومن قتل معه بعين الوردة من التوابين في شهر ربيع الاخر (ذكر هشام بن محمد) عن أبي مخنف أن فضيل بن خديج حدثه عن عبيدة ابن عمرو واسماعيل بن كثير من بني هند أن اصحاب سليمان بن صرد لما قدموا كتب اليهم المختار أما بعد فان الله اعظم لكم الاجر وحط عنكم الوزر بمفارقة القاسطين وجهاد المحلين انكم لم تنفقوا نفقة ولم تقطعوا عقبة ولم تخطوا خطوة الا رفع الله لكم بها درجة وكتب لكم بها حسنة إلي ما لا يحصيه الا الله من التضعيف فأبشروا فاني لو قد خرجت اليكم قد جردت فيما بين المشرق والمغرب في عدوكم السيف باذن الله فجعلتهم باذن الله ركاما وقتلتهم فذا وتؤا ما فرحب الله بمن قارب منكم واهتدي ولا يبعد الله الا من عصي وأبي السلام يا اهل الهدي. فجاء‌هم بهذا الكتاب سيحان بن عمرو من بني ليس من عبدالقيس قد ادخله في قلنسوته فيما بين الظهارة والبطانة فأتي بالكتاب رفاعة ابن شداد والمثني بن مخربية العدي وسعد بن حذيفة بن اليمان ويزيد ابن انس واحمر بن شميط الاحمسي وعبدالله بن شداد البجلي وعبدالله بن كامل فقرأ عليهم الكتاب فبعثوا اليه ابن كامل فقالوا قل له قد قرأنا الكتاب ونحن حيث يسرك. فان شئت ان نأتيك نخرجك فعلنا فأتاه فدخل عليه السجن فأخبر بما ارسل اليه به فسر باجتماع الشيعة له وقال لهم لا تزيد واهذافاني [ صفحه 315] اخرج في ايامي هذه قال وكان المختار قد بعث غلاما يدعي زربيا إلي عبدالله بن عمر بن الخطاب وكتب اليه أما بعد فاني قد حبست مظلوما وظن بي الولاة ظنونا كاذبة فاكتب في يرحمك الله إلي هذين الظالمين كتابا لطيفا عسي الله أن يخلصني من أيديهما بلطفك وبركتك وبمنك والسلام عليك فكتب اليهما عبدالله بن عمر اما بعد فقد علمتما الذي بيني وبين المختار بن أبي عبيد من الصهر والذي بيني وبينكما من الود فأقسمت عليكما بحق ما بيني وبينكما لماخليتما سبيله حين تنظر ان في كتابي هذا والسلام عليكما ورحمة الله فلما أتي عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة كتاب عبدالله بن عمر دعوا للمختار بكفلاء يضمنونه بنفسه فأتاه أناس من اصحابه كثير فقال يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم لعبد الله ابن يزيد ما تصنع بضمان هؤلاء كلهم ضمنه عشرة منهم أشرافا معروفين ودع سائرهم ففعل ذلك فلما ضمنوه ودعا به عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة فحلفاه بالله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم لا يبغيهما غائلة ولا يخرج عليهما ما كان لهما سلطان فان هو فعل فعليه ألف بدنه ينحرها لدي رتاج الكعبة ومماليكة كلهم ذكرهم وأنثاهم احرار فحلف لهما بذلك ثم خرج فجاء داره فنزلها (قال أبومخنف) فحدثني يحيي بن أبي عيسي عن حميد بن مسلم قال سمعت المختار بعد ذلك يقول قاتلهم الله ما احمقهم حين يرون أني أفي لهم بايمانهم هذه اما حلفي لهم بالله فانه ينبغي لي اذا حلفت علي يمين فرأيت ما هو خير منها ان ادع ماحلفت عليه وآتي الذي هو [ صفحه 316] خير واكفر يميني وخروجي عليهم خبر من كفي عنهم واكفر يميني واما هدي ألف بدنة فهو أهون علي من بصقة وما ثمن الف بدنة فيهولني واما عتق مماليكي فوالله لوددت أنه قد استتب لي امري ثم لم املك مملوكا أبدا. قال ولما نزل المختار داره عند خروجه من السجن اختلف اليه الشيعة واجتمعت عليه واتفق رأيها علي الرضي به وكان يبايع له الناس وهو في السجن خمسة نفر السائب بن مالك الاشعري ويزيد بن أنس واحمر بن شميط ورفاعة بن شداد الفتياني وعبدالله بن شداد الجشمي قال فلم تزل اصحابه يكثرون وامره يقوي ويشتد حتي عزل ابن الزبير عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة وبعث عبدالله بن مطيع علي عملهما إلي الكوفة. (قال أبومخنف) فحدثني الصقعب بن زهير عن عمر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام قال دعا ابن الزبير عبدالله بن مطيع أخا بني عدي بن كعب والحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة المخزومي فبعث عبدالله بن مطيع علي الكوفة وبعث الحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة علي البصرة قال فبلغ ذلك بحير بن ريسان الحميري فلقيهما فقال لهما يا هذان ان القمر الليلة بالناطح فلا تسيرا فأما ابن ابي ربيعة فاطاعه فأقام يسيرا ثم شخص إلي عمله فسلم وأما عبدالله بن مطيع فقال له وهل نطلب الا النطح قال فلقي والله نطحا وبطحا قال يقول عمرو البلاء موكل بالقول. قال عمر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام بلغ عبدالملك بن مروان أن ابن الزبير بعث عمالا علي البلايا فقال من بعث علي البصرة [ صفحه 317] فقيل بعث عليها الحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة قال لا حر بوادي عوف بعث عوفا وجلس ثم قال من بعث علي الكوفة قالوا عبدالله بن مطيع قال حازم وكثيرا ما يسقط وشجاع وما يكره أن يفرقال من بعث علي المدينة قالوا بعث أخاه مصعب بن الزبير قال ذاك الليث النهد وهو رجل أهل بيته. (قال هشام) قال أبومخنف وقدم عبدالله بن مطيع الكوفة في رمضان سنة 65 يوم الخميس لخمس بقين من شهر رمضان فقال لعبدالله بن يزيد ان أحببت أن تقم معي أحسنت صحبتك وأكرمت مثواك وان لحقت بأمير المؤمنين عبدالله بن الزبير فبك عليه كرامة وعلي من قبله من المسلمين وقال لابراهيم بن محمد بن طلحة الحق بأمير المؤمنين فخرج ابراهيم حتي قدم المدينة وكسر علي ابن الزبير الخراج وقال انما كانت فتنة فكف عنه ابن الزبير قال وأقام ابن مطيع علي الكوفة علي الصلاة والخراج وبعث علي شرطته اياس بن مضارب العجلي وأمره ان يحسن السيرة والشدة علي المريب. (قال ابومخنف) فحدثني حصيرة ابن عبدالله بن الحارث بن دريد الازدي وكان قد ادرك ذلك الزمان وشهد قتل مصعب بن الزبير قال اني لشاهد المسجد حيث قدم عبدالله بن مطيع فصعد المنبر فحمدالله وأثني عليه. وقال اما بعد فان امير المؤمنين عبدالله بن الزبير بعثني علي مصركم وثغوركم وامرني بجباية فيئكم وان لا احمل فضل فيئكم عنكم الا برضي منكم ووصية عمر بن الخطاب التي اوصي بها عند وفاته وبسيرة عثمان ابن [ صفحه 318] عفان التي سار بها في المسلمين فاتقوا الله واستقيموا ولا تختلفوا وخذوا علي ايدي سفهائكم والا تفعلوا فلوموا انفسكم ولا تلوموني فوالله لاوقعن بالسقيم العاصي ولاقيمن درأ الاصعر المرتاب فقام اليه السائب بن مالك الاشعري. فقال اما امر ابن الزبير اياك ان لا تحمل فضل فيئنا عنا الا برضانا فانا نشهدك انا لا نرضي ان تحمل فضل فيئنا عنا وان لا يقسم الا فينا وان لا يسار فينا الا بسيرة علي بن ابي طالب التي سار بها في بلادنا هذه حتي هلك رحمة الله عليه ولا حاجة لنا في سيرة عثمان في فيئنا ولا في انفسنا فانها انما كانت اثرة وهوي ولا في سيرة عمر بن الخطاب في فيئنا وان كانت اهون السيرتين علينا ضرا وقد كان لا يألوا الناس خيرا.فقال يزيد بن انس صدق السائب بن مالك وبررأينا مثل رأيه وقولنا مثل قوله فقال ابن مطيع نسير فيكم بكل سيرة احببتموها وهويتموها ثم نزل فقال يزيد بن انس الاسدي ذهبت بفضلها يا سائب لا يعدمك المسلمون اما والله لقد قمت واني لاريد ان اقوم فاقول له نحوا مقالتك وما احب ان الله ولي الرد عليه رجلا من اهل المصر ليس من شيعتنا وجاء اياس بن مضارب إلي ابن مطيع. فقال له السائب بن مالك من رؤس اصحاب المختار ولست آمن المختار فابعث اليه فليأتك فاذا جاء‌ك فاحبسه في سجنك حتي يستقيم امر الناس فان عيوني قد اتتني فخبرتني ان امره قد استجمع له وكانه قدوثب بالمصر قال فبعث اليه ابن مطيع زائدة بن قدامة وحسين بن عبدالله البرسمي من همدان فدخلا عليه فقالا اجب الامير فدعا بثيابه وامر [ صفحه 319] باسراج دابته وتخشخش للذهاب معهما فلما رأي زائدة بن قدامة ذلك قرأ قول الله تبارك وتعالي. (واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبوتك او يقتلوك او يخرجوك و يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين). ففهمها المختار فجلس ثم القي ثيابه عنه ثم قال القوا علي القطيفة ما أراني الا قد وعكت اني لاجد قفقفة شديدة ثم تمثل قول عبدالعزي بن صهل الازدي.اذا ما معشر تركوا نداهم ولم يأتوا الكريهة لم يهابواارجعا إلي ابن مطيع فأعلماه حالي التي أنا عليها فقال له زائدة بن قدامة أما أنا ففاعل وأنت يا اخا همدان فاعذرني عنده فانه خير لك. (قال أبومخنف) فحدثني اسماعيل بن نعيم الهمداني عن حسين بن عبدالله قال قلت في نفسي والله ان أنا لم ابلغ عن هذا ما يرضيه ما أنا بآمن من أن يظهر غدا فيهلكني قال فقلت له نعم انا أصنع عند ابن مطيع عذرك وأبلغه كل ما تحب فخرجنا من عنده فاذا أصحابه علي بابه وفي داره منهم جماعة كثيرة قال فأقبلنا نحو ابن مطيع فقلت لزائدة بن قدامة أما اني قد فهمت قولك حين قرأت تلك الآية وعلمت ما اردت بها وقد علمت أنها هي ثبطة عن الخروج معنا بعد ما كان قد لبس ثيابه وأسرج دابته وعلمت حين تمثل البيت الذي تمثل انما أراد يخبرك انه قد فهم عنك ما اردت أن تفهمه وانه لن يأتيه. قال فجاحدني أن يكون أراد شيئا من ذلك فقلت له لا تحلف فوالله ما كنت لابلغ عنك ولا عنه شيئا تكرهانه ولقد علمت انك مشفق عليه تجد له [ صفحه 320] ما يجد المرء لابن عمه فأقبلنا إلي ابن مطيع فأخبرناه بعلته وشكواه فصدقنا ولهي عنه قال وبعث المختار إلي أصحابه فأخذ يجمعهم في الدور حوله وأراد ان يثب بالكوفة في المحرم فجاء رجل من اصحابه من شبام وكان عظيم الشرف يقال له عبدالرحمن ابن شريح فلقي سعيد بن منقذ الثوري وسعر بن أبي سعر الحنفي والا سود بن جراد الكندي وقدامة بن مالك الجشمي فأجتمعوا في منزل سعر الحنفي فحمدالله وأثني عليه ثم قال. اما بعد فان المختار يريد أن يخرج بنا وقد بايعناه ولا تدري أرسله الينا ابن الحنفية ام لا فانهضوا بنا إلي ابن الحنفية فلنخبره بما قدم علينا به وبما دعانا اليه فان رخص لنا في اتباعه اتبعناه وان نهانا عنه اجتنبناه فوالله ما ينبغي أن يكون شئ من امر الدنيا اثر عندنا من سلامة ديننا فقالوا له ارشدك الله فقد اصبت ووفقت اخرج بنا اذا شئت فاجمع رأيهم علي ان يخرجوا من ايامهم فخرجوا فلحقوا بابن الحنفية وكان امامهم عبدالرحمن بن شريح فلما قدموا عليه سألهم عن حال الناس فخبروه عن حالهم وما هم عليه. (قال أبومخنف) فحدثني خليفة بن ورقاء عن الاسود بن جراد الكندي قال قلنا لابن الحنفية ان لنا اليك حاجة قال فسر هي ام علانية قال قلنا لابل سرقال فرويدا اذا قال فمكث قليلا ثم تنحي جانبا فدعانا فقمنا اليه فبدأ عبدالرحمن بن شريح فتكلم فحمدالله واثني عليه ثم قال اما بعد فانكم أهل بيت خصكم الله بالفضيلة وشرفكم بالنبوة وعظم حقكم علي هذه الامة فلا يجهل حقكم الا مغبون الرأي مخسوس النصيب قد [ صفحه 321] أصبتم بحسين رحمة الله عليه عظمت مصيبة ما قد خصكم بها فقد عم بها المسلمون وقد قدم علينا المختار بن أبي عبيد يزعم لنا أنه قد جاء‌نا من تلقائكم وقد فعانا إلي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم والطلب بدماء اهل البيت والدفع عن الضعفاء فبايعناه علي ذلك ثم انا رأينا أن نأتيك فنذكر لك ما دعانا اليه وندبنا له فان امرتنا باتباعه اتبعناه وان نهيتنا عنه اجتنبناه ثم تكلمنا واحدا واحدا بنحو مما تكلم به صاحبنا وهو يسمع حتي اذا فرغنا حمد الله وأثني عليه وصلي علي النبي صلي الله عليه وسلم ثم قال. اما بعد فاما ما ذكرتم مما خصصنا الله به من فضل فان الله يؤتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم فلله الحمد وأما ما ذكرتم من مصيبتنا بحسين فان ذلك كان في الذكر الحكيم وهي ملحمة كتبت عليه وكرامة أهداها الله له رفع بما كان منها درجات قوم عنده ووضع بها آخرين وكان امر الله مفعولا وكان أمر الله قدرا مقدورا واما ما ذكرتم من دعاء من دعاكم إلي الطلب بدمائنا فوالله لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه اقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم قال فخرجنا من عنده ونحن نقول قد اذن لنا قد قال لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه ولو كره لقال لا تفعلوا قال فجئنا وأناس من الشيعة ينتظرون لقدومنا ممن كنا قد أعلمناه بمخرجنا واطلعناه علي ذات أنفسنا ممن كان علي رأينا من اخواننا وقد كان بلغ المختار مخرجنا فشق ذلك عليه وخشي ان ناتيه بأمر يخذل الشيعة عنه فكان قد ارادهم علي ان ينهض بهم قبل قدومنا فلم يتهيأ ذلك [ صفحه 322] له فكان المختار يقول ان نفيرا منكم ارتابوا وتخيروا وخابوا فان هم اصابوا اقبلوا وانابوا وان هم كبوا وهابوا واعترضوا وانجابوا فقد ثبروا وخابوا فلم يكن الا شهرا وزيادة شئ حتي اقبل القوم علي رواحلهم حتي دخلوا علي المختار قبل دخولهم إلي رحالهم فقال لهم ما وراء‌كم فقد فتنتم وارتبتم فقالوا له قد امرنا بنصرتك. فقال الله اكبر انا ابواسحق اجمعوا إلي الشيعة فجمع له منهم من كان منه قريبا فقال يا معشر الشبعة ان نفرا منكم احبوا ان يعلموا مصداق ما جئت به فرحلوا إلي امام الهدي والنجيب المرتضي ابن خير من طشي ومشي حاشا النبي المجتبي فسالوه عما قدمت به عليكم فنباهم اني وزيره وظهيره ورسوله وخليله وامركم باتباعي وطاعتي فيما دعوتكم اليه من قتال المحلين والطلب بدماء اهل بيت نبيكم المصطفين فقام عبدالرحمن بن شريح فحمد الله واثني عليه ثم قال. اما بعد يا معشر الشيعة فانا قد كنا اجبنا ان نستثبت لانفسنا خاصة ولجميع اخواننا عامة فقد منا علي المهدي بن علي فسالناه عن حربنا هذه وعن ما دعانا اليه المختار منها فأمرنا بمظاهرته وموازرته واجابته إلي ما دعانا اليه فأقبلنا طيبة انفسنا منشرحة صدورنا قد أذهب الله منها الشك والغل والريب واستقامت لنا بصيرتنا في قتال عدونا فليبلغ ذلك شاهدكم غائبكم واستعدوا وتاهبوا ثم جلس وقمنا رجلا فرجلا فتكلمنا بنحو من كلامه فاستجمعت له الشيعة وحدبت عليه. (قال أبومخنف) فحدثني نمير بن وعلة والمشرقي عن عامر الشعبي قال كنت انا وابي اول من اجاب المختار قال فلما تهيأ امره [ صفحه 323] ودنا خروجه قال له احمر بن شميط ويزيد بن انس وعبدالله بن كامل وعبدالله بن شداد ان اشراف اهل الكوفة مجتمعون علي قتالك مع ابن مطيع فان جامعنا علي امرنا ابراهيم بن الاشتر رجونا باذن الله القوة علي عدونا وان لا يضرنا خلاف من خالفنا فانه فتي بئيس وابن رجل شريف بعيد الصيت وله عشيرة ذات عزوعدد قال لهم المختار فالقوه فادعوه واعلموه الذي امرنا به من الطلب بدم الحسين واهل بيته قال الشعبي فخرجوا اليه وانا فيهم وابي فتكلم يزيد بن انس فقال له انا قد آنيناك في امر نعرضه عليك وندعوك اليه فان قبلته كان خيرا لك وان تركته فقد ادينا اليك فيه النصيحة ونحن نحب ان يكون عندك مستورا فقال لهم ابراهيم بن الاشتر وان مثلي لا تخاف غائلته ولا سعايته ولا التقرب إلي سلطانه باغتياب الناس انما اولئك الصغار الاخطار الدقاق همما فقال له انما ندعوك إلي امر قد اجمع عليه رأي الملا من الشيعة إلي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه والطلب بدماء اهل البيت وقتال المحلين والدفع عن الضعفاء قال تكلم احمر بن شميط فقال له اني لك ناصح و لحظك محب وان اباك قد هلك وهو سيد وفيك منه ان رعيت حق الله خلف قد دعوناك إلي امران اجبتنا اليه عادت لك منزلة ابيك في الناس واحييت من ذلك امرا قد مات. انما يكفي مثلك اليسير حتي تبلغ الغاية التي لا مذهب وراء‌ها انه قد بني لك او لك فتحري واقبل القوم كلهم عليه يدعونه إلي امرهم ويرغبونه فيه فقال لهم ابراهيم بن الاشتر فاني قد اجبتكم إلي ما دعوتموني اليه من الطلب بدم الحسين واهل بيته علي ان تولوني الامر فقالوا انت [ صفحه 324] لذلك اهل ولكن ليس إلي ذلك سبيل هذا المختار قد جاء‌نا من قبل المهدي وهو الرسول والمأمور بالقتال وقد امرنا بطاعته فسكت عنهم ابن الاشتر ولم يجبهم فانصرفنا من عنده إلي المختار فأخبرناه بما رد علينا قال فغبر ثلاثا. ثم ان المختار دعا بضعة عشر رجلا من وجوه اصحابه قال الشعبي انا وابي فيهم قال فسار بنا ومضي امامنا يقد بنا بيوت الكوفة قد ألا ندري اين يريد حتي وقف علي باب ابراهيم بن الاشتر فاستاذنا عليه فاذن لنا والقيت لنا وسائد فجلسنا عليها وجلس المختار معه علي فراشه فقال المختار الحمد لله واشهد ان لا اله إلا الله وصلي الله علي محمد والسلام عليه اما بعد فان هذا كتاب اليك من المهدي محمد بن امير المؤمنين الوصي وهو خير اهل الارض اليوم وابن خير اهل الارض كلها قبل اليوم بعد انبياء الله ورسله وهو يسالك ان تنصرنا وتوازرنا فان فعلت اغتبطت وان لم تفعل فهذا الكتاب حجة عليك وسيغني الله المهدي محمدا واولياء‌ه عنك.قال الشعبي وكان المختار قد دفع الكتاب إلي حين خرج من منزله فلما قضي كلامه قال لي ادفع الكتاب اليه فدفعته اليه فدعا بالمصباح وفض خاتمه وقرأه فاذا هو بسم الله الرحمن الرحيم من محمد المهدي إلي ابراهيم بن مالك الاشتر سلام عليك فاني احمد اليك الله الذي لا إله الا هو. اما بعد فاني قد بعثت اليكم بوزيري واميني ونجيبي الذي ارتضيته لنفسي وقد أمرته بقتال عدوي والطلب بدماء اهل بيتي فانهض معه بنفسك وعشيرتك ومن اطاعك فانك ان نصرتني واجبت دعوتي وساعدت وزيري كانت لك عندي بذلك فضيلة ولك بذلك اعنة الخيل وكل جيش [ صفحه 325] غاز وكل مصر ومثير وثغر ظهرت عليه فيما بين الكوفة وأقصي بلاد أهل الشام علي الوفاء بذلك علي عهد الله فان فعلت ذلك نلت به عند الله أفضل الكرامة وان أبيت هلكت هلاكا لا تستقيله أبدا والسلام عليك فلما قضي ابراهيم قراء‌ة الكتاب قال قد كتب إلي ابن الحنفية وقد كتبت اليه قبل اليوم فما كان يكتب الي الا باسمه واسم أبيه قال له المختار ان ذلك زمان وهذا زمان قال ابراهيم فمن يعلم أن هذا كتاب ابن الحنفية إلي فقال له يزيد بن أنس وأحمر بن شميط وعبدالله بن كامل وجماعتهم قال الشعبي الا انا وأبي فقالوا نشهد أن هذا كتاب محمد بن علي اليك فتأخر ابراهيم عند ذلك عن صدر الفراش فأجلس المختار عليه فقال ابسط يدك أبايعك فبسط المختار يده فبايعه ابراهيم ودعالنا بفاكهة فأصبنا منها ودعالنا بشراب من عسل فشربنا ثم نهضناوخرج معنا ابن الاشتر فركب مع المختار حتي دخل رحله فلما رجع ابراهيم منصرفا أخذ بيدي فقال انصرف بنا يا شعبي قال فانصرفت معه ومضي بي حتي دخل بي رحله فقال يا شعبي اني قد حفظت انك لم تشهد أنت ولا ابوك افتري هؤلاء شهدوا علي حق. قال قلت له قد شهدوا علي ما رأيت وهم سادة القراء ومشيخة المصر وفرسان العرب ولا اري مثل هؤلاء يقولون الا حقا قال فقلت له هذه المقالة وانا والله لهم علي شهادتهم متهم غير أني يعجبني الخروج و انا اري رأي القوم وأحب تمام ذلك الامر فلم اطلعه علي ما في نفسي من ذلك فقال لي ابن الاشتر اكتب لي اسماء‌هم فاني ليس كلهم أعرف ودعا بصحيفة ودواة وكتب فيها. [ صفحه 326] بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما شهد عليه السائب ابن مالك الاشعري ويزيد بن أنس الاسدي وأحمر بن شميط الاحمسي ومالك ابن عمرو النهدي حتي أتي علي أسماء القوم ثم كتب شهدوا أن محمد بن علي كتب إلي ابراهيم بن الاشتر يأمره بموازرة المختار ومظاهرته علي قتال المحلين والطلب بدماء أهل البيت وشهد علي هؤلاء النفر الذين شهدوا علي هذه الشهادة شراحيل ابن عبد وهو أبوعامر الشعبي الفقيه وعبدالرحمن بن عبدالله النخعي وعامر بن شراحيل الشعبي فقلت له ما تصنع بهذا رحمك الله فقال دعه يكون قال ودعا ابراهيم عشيرته واخوانه ومن أطاعه وأقبل يختلف إلي المختار. (قال هشام بن محمد) قال أبومخنف حدثني يحيي بن أبي عيسي الازدي قال كان حميد بن مسلم الاسدي صديقا لابراهيم بن الاشتر وكان يختلف اليه ويذهب به معه وكان ابراهيم يروح في كل عشية عند المساء فيأتي المختار فيمكث عنده حتي تصوب النجوم ثم ينصرف فمكثوا بذلك يدبرون امورهم حتي اجتمع رأيهم علي أن يخرجوا ليلة الخميس لاربع عشرة من ربيع الاول سنة 66 ووطن علي ذلك شيعتهم ومن أجابهم. فلما كان عند غروب الشمس قام ابراهيم بن الاشتر فأذن ثم انه استقدم فصلي بنا المغرب ثم خرج بنا بعد المغرب حين قلت أخوك أو الذئب وهو يريد المختار فأقبلنا علينا السلاح وقد أتي أياس بن مضارب عبدالله بن مطيع فقال ان المختار خارج عليك احدي الليلتين قال فخرج اياس في الشرط فبعث ابنه راشدا إلي الكناسة وأقبل يسير حول السوق في الشط. ثم ان اياس بن مضارب دخل علي ابن مطيع فقال له اني قد بعثت [ صفحه 327] ابني إلي الكناسة فلو بعثت في كل جبانة بالكوفة عظيمة رجلا من اصحابك في جماعة من أهل الطاعة هاب المريب الخروج عليك قال فبعث ابن مطيع عبدالرحمن بن سعيد بن قيس إلي جبانة السبيع وقال اكفني قومك لا أوتين من قبلك واحكم أمر الجبانة التي وجهتك اليها لا يحدثن بها حدث فأولئك العجز والوهن وبعث كعب بن أبي كعب الخثعمي إلي جبانة بشر وبعث زحر بن قيس إلي جبانة كندة وبعث شمر بن ذي الجوشن إلي جبانة سالم وبعث عبدالرحمن بن مخنف بن سليم إلي جبانة الصائديين. وبعث يزيد بن الحراث بن رؤيم أبا حوشب إلي جبانة مراد وأوصي كل رجل أن يكفيه قومه وأن لا يؤتي من قبله وأن يحكم الوجه الذي وجهه فيه وبعث شبث ابن ربعي إلي السبخة وقال اذا سمعت صوت القوم فوجه نحوهم فكان هؤلاء قد خرجوا يوم الاثنين فنزلوا هذه الجبابين وخرج ابراهيم بن الاشتر من رحله بعد المغرب يريد اتيان المختار وقد بلغه ان الجبابين قد حشيت رجالا وأن الشرط قد أحاطت بالسوق والقصر. (قال ابومخنف) فحدثني يحيي بن أبي عيسي عن حميد بن مسلم قال خرجت مع ابراهيم من منزله بعد المغرب ليلة الثلاثاء حتي مررنا بدار عمرو بن حريث ونحن مع ابن الاشتر كتيبة نحو من مائة علينا الدروع قد كفرنا عليها بالاقبية ونحن متقلدوا السيوف ليس معنا سلاح الا السيوف في عواتقنا والدروع قد سترناها بأقبيتنا. فلما مررنا بدار سعيد بن قيس فجزناها إلي دار أسامة قلنا مر [ صفحه 328] بنا علي دار خالد بن عرفطة ثم امض بنا إلي بحيلة فلنمر في دورهم حتي نخرج إلي دار المختار وكان ابراهيم فتي حدثا شجاعا فكان لا يكره أن يلقاهم فقال والله لامرن علي دار عمرو بن حريث إلي جانب القصر وسط السوق ولارعبن به عدونا ولارينهم هو انهم علينا قال فأخذنا علي باب الفيل علي دارهبار ثم أخذ ذات اليمين علي دار عمرو بن حريث حتي اذا جاوزها ألفينا اياس بن مضارب في الشرط مطهرين السلاح فقال لنا من أنتم ما أنتم فقال له ابراهيم أنا ابراهيم بن الاشتر فقال له ابن مضارب ما هذا الجمع معك وما تريد والله أن أمرك لمريب وقد بلغني أنك تمر كل عيشة ههنا وما انا بتارك حتي آتي بك الامير فيري فيك رأيه فقال ابراهيم لا أبا لغيرك خل سبيلنا فقال كلا والله لا أفعل ومع اياس بن مضارب رجل من همدان يقال له أبوقطن كان يكون مع امرة الشرطة فهم يكرمونه ويؤثرونه وكان لابن الاشتر صديقا. فقال له ابن الاشتر يا ابا قطن ادن مني ومع أبي قطن رمح له طويل فدنا منه أبوقطن ومعه الرمح وهو يري أن ابن الاشتر يطلب اليه أن يشفع له إلي ابن مضارب ليخلي سبيله فقال ابراهيم وتناولالرمح من يده ان رمحك هذا لطويل فحمل به ابراهيم علي ابن مضارب فطعنه في ثغرة نحره فصرعه. وقال الرجل من قومه انزل فاحتز رأسه فنزل اليه فاحتز رأسه وتفرق أصحابه ورجعوا إلي ابن مطيع فبعث ابن مطيع ابنه راشد بن اياس مكان أبيه علي الشرطة وبعث مكان راشد بن اياس إلي الكناسة تلك الليلة سويد ابن عبدالرحمن المنقري أبا القعقاع بن سويد وأقيل [ صفحه 329] ابراهيم بن الاشتر إلي المختار ليلة الاربعاء. فدخل عليه فقال له ابراهيم انا اتعدنا للخروج للقابلة ليلة الخميس وقد حدث أمر لا بد من الخروج الليلة قال المختار وما هو قال عرض لي أياس بن مضارب في الطريق ليحبسني بزعمه فقتلته وهذا رأسه مع أصحابي علي الباب فقال المختار فبشرك الله بخير فهذا طير صالح و هذا أول الفتح ان شاء الله فقال المختار قم يا سعيد بن منقذ فاشعل في الهرادي النيران ثم ارفعها للمسلمين وقم انت يا عبدالله بن شداد فناد يا منصور أمت وقم أنت يا سفيان بن ليل وانت يا قدامة بن مالك فناد يا لثأرات الحسين ثم قال المختار علي بدرعي وسلاحي فأتي به فأخذ يلبس سلاح ويقول:قد علمت بيضاء حسناء الطلل واضحة الخدين عجزاء الكفلأني غداة الروع مقدام بطل ثم ان ابراهيم قال للمختار ان هؤلاء الرؤوس الذين وضعهم ابن مطيع في الجبابين يمنعون اخواننا ان يأتونا ويضيقون عليهم فلو أني خرجت بمن معي من اصحابي حتي آتي قومي فيأتيني كل من قد بايعني من قومي ثم سرت بهم في نواحي الكوفة ودعوت بشعارنا فخرج إلي من اراد الخروج الينا ومن قدر علي اتيانك من الناس فمن اتاك حبسته عندك إلي من معك ولم تفرقهم.فان عوجلت فأتيت كان معك من تمتنع به وانا لو قد فرغت من هذا الامر عجلت اليك في الخيل والرجال قال له امالا فاعجل واياك ان تسير إلي اميرهم تقاتله ولا تقاتل احدا وانت تستطيع ان لا تقاتل واحفظ [ صفحه 330] ما أوصيتك به الا ان يبدأك احد بقتال فخرج ابراهيم بن الاشتر من عنده في الكتيبة التي أقبل فيها حتي أتي قومه واجتمع اليه جل من كان بايعه وأجابه. ثم انه سار بهم في سكك الكوفة طويلا من الليل وهو في ذلك يتجنب السكك التي فيها الامراء فجاء إلي الذين معهم اجماعات الذين وضع ابن مطيع في الجبابين وافواه الطرق العظام حتي انتهي إلي مسجد السكون وعجلت اليه خيل من خيل زحر بن قيس الجعفي ليس لهم قائد ولا عليهم امير فشد عليهم ابراهيم ابن الاشتر واصحابه فكشفوهم حتي دخلوا جبانة كندة فقال ابراهيم من صاحب الخيل في جبانة كندة فشدا ابراهيم واصحابه عليهم وهو يقول اللهم انك تعلم انا غضبنا لاهل بيت نبيك وثرنا لهم فانصرنا عليهم وتمم لنا دعوتنا حتي انتهي اليهم هو واصحابه فخالطوهم وكشفوهم فقيل له زحر بن قيس فقال انصرفوا بنا عنهم فركب بعضهم بعضا كلما لقيهم زقاق دخل منهم طائفة فانصرفوا يسيرون. ثم خرج ابراهيم يسير حتي انتهي إلي جبانة اثير فوقف فيها طويلا ونادي اصحابه بشعارهم فبلغ سويد بن عبدالرحمن المنقري مكانهم في جبانة اثير فرجا ان يصيبهم فيحظي بذلك عند ابن مطيع فلم يشعر ابن الاشتر الا وهم معه في الجبانة فلما رأي ذلك ابن الاشتر قال لاصحابه يا شرطة الله انزلوا فانكم اولي بالنصر من الله من هؤلاء الفساق الذين خاضوا دماء اهل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم فنزلوا ثم شد عليهم ابراهيم فضربهم حتي اخرجهم من الصحراء وولوا منهزمين [ صفحه 331] يركب بعضهم بعضا وهم يتلاومون فقال قائل منهم ان هذا الامر يراد ما يلقون لنا جماعة الا هزموهم فلم يزل يهزمهم حتي ادخلهم الكناسة. وقال اصحاب ابراهيم لابراهيم اتبعهم واغتنم ما قد دخلهم من الرعب فقد علم الله الاي من ندعو وما نطلب والي من يدعون وما يطلبون قال لا ولكن سيروا بنا إلي صاحبنا حتي يؤمن الله بنا وحشته ونكون من امره علي علم ويعلم هو ايضا ما كان من عنائنا فيزداد هو واصحابه قوة وبصيرة إلي قواهم وبصيرتهم مع اني لا آمن ان يكون قد اتي فأقبل ابراهيم في اصحابه حتي مر بمسجد الاشعث فوقف به ساعة ثم مضي حتي اتي دار المختار فوجد الاصوات عالية والقوم يقتتلون وقد جاشبث بن ربعي من قبل السبخة فعبي له المختار يزيد بن انس وجاء حجاز بن ابجر العجلي فجعل المختار في وجهه احمر بن شميط فالناس يقتتلون وجاء ابراهيم من قبل القصر فبلغ حجارا واصحابه ان ابراهيم قد جاء‌هم من ورائهم فتفرقوا قبل أن يأتيهم ابراهيم وذهبوا في الازقة والسكك وجاء قيس بن طهفة في قريب من مائة رجل من بني نهد من اصحاب المختار فحمل علي شبث بن ربعي وهو يقاتل يزيد بن انس فخلي لهم الطريق حتي اجتمعوا جميعا. ثم ان شبث ابن ربعي ترك لهم السكة واقبل حتي لقي ابن مطيع فقال ابعث إلي امراء الجبابين فمرهم فليأتوك فاجمع اليك جميع الناس ثم انهد إلي هؤلاء القوم فقاتلهم وابعث اليهم من تثق به فليكفك قتالهم [ صفحه 332] فان امر القوم قد قوي وقد خرج المختار وظهر واجتمع له امره. فلما بلغ ذلك المختار من مشورة شبث بن ربعي علي ابن مطيع خرج المختار في جماعة من أصحابه حتي نزل في ظهر ديرهند مما يلي بستان زائدة في السسبخة قال وخرج ابوعثمان النهدي فنادي في شاكروهم مجتمعون في دورهم يخافون ان يظهروا في الميدان لقرب كعب بن أبي كعب الخثعمي منهم وكان كعب في جبانة بشر فلما بلغه ان شاكر يخرج جاء يسير حتي نزل بالميدان وأخذ عليهم بافواه سككهم وطرقهم قال فلما أتاهم ابوعثمان النهدي في عصابة من اصحابه نادي يا لثأرات الحسين يا منصور امت يا ايها الحي المهتدون الا ان امير آل محمد ووزيرهم قد خرج فنزل ديرهند وبعثني اليكم داعيا ومبشرا فاخرجوا اليه رحمكم الله قال فخرجوا من الدور يتداعون يالثارات الحسين ثم ضاربوا كعب بن أبي كعب حتي خلي لهم الطريق فأقبلوا إلي المختار حتي نزلوا معه في عسكره وخرج عبدالله بن قراد الخثعمي في جماعة من خثعم نحو المائتين حتي لحق بالمختار فنزلوا معه في عسكره وقد كان عرض له كعب بن ابي كعب فصافه فلما عرفهم ورأي انهم قومه خلي عنهم ولم يقاتلهم. وخرجت شبام من آخر ليلتهم فاجتمعوا إلي جبانة مراد فلما بلغ ذلك عبدالرحمن ابن سعيد بن قيس بعث اليهم ان كنتم تريدون اللحاق بالمختار فلا تمروا علي جبانة السبيع فالحقوا بالمختار فتوافي إلي المختار ثلاثة آلاف وثمانمائة من اثني عشر الفا كانوا بايعوه فاستجمعوا له قبل انفجار الفجر فاصبح قد فرغ من تعبيته. [ صفحه 333] (قال ابومخنف) فحدثني الوالبي قال خرجت انا وحميد بن بن مسلم والنعمان بن ابي الجعد إلي المختار ليلة خرج فأتيناه في داره وخرجنا معه إلي معسكره قال فوالله ماانفجر الفجر حتي فرغ من تعبيته فلما اصبح استقدم فصلي بنا الغداة بغلس ثم قرأ والنازعات وعبس وتولي قال فما سمعنا اماما ام قوما افصح لهجة منه (قال أبومخنف) حدثني حصيرة بن عبدالله أن ابن مطيع بعث إلي اهل الجبابين فأمرهم ان ينضموا إلي المسجد وقال لراشد بن اياس بن مضارب ناد في الناس فليأتوا المسجد فنادي المنادي الا برئت الذمة من رجل لم يحضر المسجد الليلة فتوافي الناس في المسجد فلما اجتمعوا بعث ابن مطيع شبث بن ربعي في نحو من ثلاثة آلاف إلي المختار وبعث راشد بن اياس في أربعة آلاف من الشرط. (قال أبومخنف) فحدثني ابوالصلت التيمي عن ابي سعيد الصيقل قال لما صلي المختار الغداة ثم انصرف سمعنا اصواتا مرتفعة فيما بين بني سليم وسكة البريد فقال المختار من يعلم لنا علم هؤلاء ما هم فقلت له انا اصلحك الله فقال المختار امالا فألق سلاحك وانطلق حتي تدخل فيهم كانك نظار. ثم تأتيني بخبرهم قال ففعلت فلما دنوت منهم اذا مؤذنهم يقيم فجئت حتي دنوت منهم فاذا شبث بن ربعي معه خيل عظيمة وعلي خيله شيبان بن حريث الضبي وهو في الرجالة معه منهم كثرة فلما اقام مؤذنهم تقدم فصلي باصحابه فقرأ اذا زلزلت الارض زلزالها فقلت في نفسي اما والله اني لارجو ان يزلزل الله بكم وقرأ والعاديات ضبحا فقال [ صفحه 334] أناس من اصحابه لو كنت قرأت سورتين هما اطول من هاتين شيئا فقال شبث ترون الديلم. قد نزلت بساحتكم وانتم تقولون لو قرأت سورة البقرة وآل عمران قال وكانوا ثلاثة آلاف قال فأقبلت سريعا حتي أتيت المختار فأخبرته بخبر شبث واصحابه واتاه معي ساعة اتيته سعر بن ابي سعر الحنفي يركض من قبل مراد وكان ممن بايع المختار فلم يقدر علي الخروج معه ليلة خرج مخافة الحرس فلما اصبح أقبل علي فرسه فمر بجبانة مراد وفيها راشد بن اياس فقالوا كما أنت ومن أنت فراكضهم حتي جاء المختار فأخبره خبر راشد واخبرته انا خبر شبث قال فسرح ابراهيم بن الاشتر قبل راشد بن اياس في تسعمائة ويقال فارس وستمأة راجل وبعث نعيم بن هبيرة اخا مصقلة بن هبيرة في ثلثمائة فارس وستمأة راجل وقال لهما امضيا حتي تلقيا عدوكما فاذا لقيتماهم فانزلا في الرجال وعجلا الفراغ وابداهم بالاقدام ولا تستهدفا لهم فانهم أكثر منكم ولا ترجعا إلي حتي تظهرا او تقتلا فتوجه ابراهيم إلي راشد وقدم المختار يزيد بن انس في موضع مسجد شبث في تسعمائة امامه وتوجه نعيم بن هبيرة قبل شبث. (قال أبومخنف) قال أبوسعيد الصيقل كنت أنا فيمن توجه مع نعيم بن هبيرة إلي شبث ومعي سعر بن أبي سعر الحنفي فلما انتهينا اليه قاتلناه قتالا شديدا فجعل نعيم بن هبيرة سعر بن أبي سعر الحنفي علي الخيل و مشي هو في الرجال فقاتلهم حتي أشرقت الشمس وانبسطت فضربناهم حتي أدخلناهم البيوت ثم ان شبث بن ربعي ناداهم يا حماة السوء بئس فرسان الحقائق أنتم أمن عبيدكم تهربون قال فثابت اليه منهم جماعة فشد علينا [ صفحه 335] وقد تفرقنا فهزمنا وصبر نعيم بن هبيرة فقتل ونزل معه سعر فاسر وأسرت انا وخليد مولي حسان بن يخدج فقال شبث لخليد وكان وسيما جسيما من أنت فقال خليد مولي حسان بن يخدج الذهلي فقال له شبث يا ابن المتكاء تركت بيع الصحناة بالكناسة وكان جزاء من أعتقك أن تعدو عليه بسيفك تضرب رقابه اضربوا عنقه فقتل ورأي سعرا الحنفي فعرفه فقال أخو بني حنيفة فقال له نعم. فقال ويحك ما أردت إلي اتباع هذه السباية قبح الله رأيك دعوا اذا فقلت في نفسي قتل المولي وترك العربي ان علم والله اني مولي قتلني فما عرضت عليه قال من أنت فقلت من بني تيم الله قال اعرابي انت أو مولي فقلت لابل عربي انا من آل زياد بن خصفة فقال بخ بخ ذكرت الشريف المعروف الحق بأهلك. قال فأقبلت حتي انتهيت إلي الحمراء وكانت لي في قتال القوم بصيرة فجئت حتي انتهيت إلي المختار وقلت في نفسي والله لاتين اصحابي فلا واسينهم بنفسي فقبح الله العيش بعدهم قال فأتيتهم وقد سبقني اليهم سعر الحنفي وأقبلت اليه خيل شبث وجاء‌ه قتل نعيم بن هبيرة. فدخل من ذلك أصحاب المختار أمر كبير قال فدنوت من المختار فاخبرته بالذي كان من أمري فقال لي اسكت فليس هذا بمكان الحديث وجاء شبث حتي أحاط بالمختار وبيزيد بن انس وبعث ابن مطيع يزيد بن الحارث بن رؤيم في الفين من قبل سكة لحام جرير فوقفوا في أفواه تلك السكك وولي المختار يزيد بن انس خيله وخرج هو في الرجالة. [ صفحه 336] (قال ابومخنف) فحدثني الحارث بن كعب الوالبي والبة الازد قال حملت علينا خيل شبث بن ربعي حملتين فما يزول منا رجل من مكانه فقال يزيد بن انس لنا يا معشر الشيعة قد كنتم تقتلون وتقطع أيديكم وارجلكم وتسمل أعينكم وترفعون علي جذوع النخل في حب أهل بيت نبيكم. وانتم مقيمون في بيوتكم وطاعة عدوكم فما ظنكم بهؤلاء القوم ان ظهروا عليكم اليوم اذا والله لا يدعون منكم عينا تطرف وليقتلنكم صبرا ولترون منهم في اولادكم وأزواجكم وأموالكم ما الموت خير منه والله لا ينجيكم منه الا الصدق والصبر والطعن الصائب في أعينهم والضرب الدراك علي هامهم فتيسروا للشدة وتهياوا للحملة فاذا حركت رأيتي مرتين فاحملوا قال الحارث فتهيانا وتيسرنا وجثونا علي الركب و انتظرنا امره. (قال أبومخنف) وحدثني فضيل بن خديج الكندي ان ابراهيم بن الاشتركان حين توجه إلي راشد بن اياس مضي حتي لقيه في مراد فاذا معه أربعة آلاف فقال ابراهيم لاصحابه لا يهولنكم كثرة هؤلاء فوالله لرب رجل خير من عشرة ولرب فئة قليلة قد غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين ثم قال يا خزيمة بن نصر سر اليهم في الخيل ونزل هو يمشي في الرجال ورايته مع مزاحم بن طفيل فأخذ ابراهيم يقول له ازدلف برايتك امض بها قدما قدما واقتتل الناس فاشتد قتالهم وبصر خزيمة بن نصر العبسي براشد بن اياس فحمل عليه فطعنه فقتله ثم نادي قتلت راشدا ورب الكعبة وانهزم أصحاب راشد. [ صفحه 337] وأقبل ابراهيم بن الاشتر وخزيمة بن نصر ومن كان معهم بعد قتل راشد نحو المختار وبعث النعمان بن أبي الجعد يبشر المختار بالفتح عليه وبقتل راشد فلما أن جاء‌هم البشير بذلك كبروا واشتدت أنفسهم ودخل أصحاب ابن مطيع الفشل وسرح ابن مطيع حسان بن فائد بن بكير العبسي في جيش كثيف نحو من ألفين فاعترض ابراهيم بن الاشتر فويق الحمراء ليرده عن من في السبخة من اصحاب ابن مطيعفقدم ابراهيم خزيمة بن نصر إلي حسان بن فائد في الخيل ومشي ابراهيم نحوه في الرجال فقال والله ما اطعنا برمح ولا اضطربنا بسيف حتي انهزموا وتخلف حسان بن فائد في اخريات الناس يحميهم وحمل عليه خزيمة بن نصر فلما رآه عرفه فقال له يا حسان بن فائد اما والله لولا القرابة لعرفت اني سالتمس قتلك بجهدي ولكن النجاء فعثر بحسان فرسه فوقع فقال تعسا لك ابا عبدالله وابتدره الناس فاحاطوا به فضار بهم ساعة بسيفه فناداه خزيمة ابن نصر قال انك آمن يا ابا عبدالله لا تقتل نفسك وجاء حتي وقف عليه ونهنه الناس عند ومربه ابراهيم فقال له خزيمة هذا ابن عمي وقد آمنته فقال له ابراهيم احسنت فأمر خزيمة بطلب فرسه حتي اتي به فحمله عليه وقال الحق باهلك قال وأقبل ابراهيم نحو المختار وشبث محيط بالمختار ويزيد بن انس فلما رآه يزيد بن الحارث وهو علي افواه سكك الكوفة التي تلي السبخة وابراهيم مقبل نحو شبث اقبل نحوه ليصده عن شبث واصحابه فبعث ابراهيم طائفة من اصحابه مع خزيمة بن نصر فقال اغن [ صفحه 338] عنا يزيد بن الحارث وصمد هو في بقية اصحابه نحو شبث بن ربعي (قال أبومخنف) فحدثني الحارث بن كعب ان ابراهيم لما اقبل نحونا راينا شبثا واصحابه ينكصون ورائهم رويدا رويدا فلما دنا ابراهيم من شبث واصحابه حمل عليهم وامرنا يزيد بن انس بالحملة عليهم فحملنا عليهم فانكشفوا حتي انتهوا إلي ابيات الكوفة وحمل خزيمة بن نصر علي يزيد بن الحارث بن رؤيم فهزمه وازدحموا عليه افواه السكك وقد كان يزيد بن الحارث وضع رامية علي افواه السكك فوق البيوت واقبل المختار في جماعة الناس إلي يزيد بن الحارث فلما انتهي اصحاب المختار إلي افواه السكك رمته تلك الرامية بالنبل فصدوهم عن دخول الكوفة من ذلك الوجه ورجع الناس من السبخة منهزمين إلي ابن مطيع وجاء‌ه قتل راشد بن اياس فأسقط في يده (قال أبومخنف) فحدثني يحيي بن هاني قال قال عمرو بن الحجاج الزبيدي لابن مطيع ايها الرجل لا يسقط في خلدك ولا تاق بيدك اخرج إلي الناس فاندبهم إلي عدوك فاغزهم فان الناس كثير عددهم وركلهم معك الا هذه الطاغية التي خرجت علي الناس والله مخزيها ومهلكها وانا اول منتدب معي طائفة ومع غيري طائفة قال فخرج ابن مطيع فقام في الناس فحمدالله واثني عليه ثم قال ايها الناس ان من اعجب العجب عجزكم عن عصبة منكم قليل عددها خبيث دينها ضالة مضلة اخرجوا اليهم فامنعوا منهم حريمكم وقاتلوهم عن مصركم وامنعوا منهم فيئكم والا والله ليشاركنكم في فيئكم من لاحق له فيه والله لقد بلغني ان فيهم خمسمائة رجل من محرريكم [ صفحه 339] عليهم امير منهم وانما ذهاب عزكم وسلطانكم وتغير دينكم حين يكثرون ثم نزل قال ومنعهم يزيد بن الحارث ان يدخلوا الكوفة قال ومضي المختار من السبخة حتي ظهر علي الجبانة ثم ارتفع إلي البيوت بيوت مزينة واحمس وبارق فنزل عند مسجدهم وبيوتهم وبيوتهم شاذة منفردة من بيوت اهل الكوفة فاستقبلوه بالماء فسقي اصحابه وابي المختار ان يشرب قال فظن اصحابه انه صائم وقال احمر بن هديج من همدان لابن كامل اتري الامير صائما فقال له نعم هو صائم فقال له فل انه كان في هذا اليوم مفطر اكان اقوي له فقال له انه معصوم وهو اعلم بما يصنع فقال له صدقت استغفر الله وقال المختار نعم مكان المقاتل هذا فقال له ابراهيم بن الاشتر قد هز مهم الله وفلهم وادخل الرعب قلوبهم وتنزل ههنا سربنا فوالله ما دون القصر احد يمنع ولا يمتنع كبير امتناع فقال المختار ليقم ههنا كل شيخ ضعيف وذي علة وضعوا ما كان لكم من ثقل ومتاع بهذا الموضع حتي تسيروا إلي عدونا ففعلوا فاستخلف المختار عليهم ابا عثمان النهدي وقدم ابراهيم بن الاشتر امامه وعبي اصحابه علي الحال التي كانوا عليها في السبخة قال وبعث عبدالله بنمطيع عمرو بن الحجاج في الفي رجل فخرج عليهم من سكة الثوربين فبعث المختار إلي ابراهيم ان اطوه ولا تقم عليه فطواه ابراهيم ودعا المختار يزيد بن انس فامره ان يصمد لعمرو بن الحجاج فمضي نحوه وذهب المختار في اثر ابراهيم فمضوا جميعا حتي اذا انتهي المختار إلي موضع مصلي خالد بن عبدالله وقف وامر ابراهيم ان يمضي علي وجهه حتي يدخل الكوفة من قبل الكناسة فمضي فخرج [ صفحه 340] اليه من سكة ابن محرز واقبل شمر بن ذي الجوشن في الفين فسرح المختار اليه سعيد بن منقذ الهمداني فواقعه وبعث إلي ابراهيم ان اطوه وامض علي وجهك فمضي حتي انتهي إلي سكة شبث واذا نوفل بن مساحق ابن عبدالله بن مخرمة في نحو من الفين او قال خمسة آلاف وهو الصحيح وقد امر ابن مطيع سويد بن عبدالرحمن فنادي في الناس ان ان الحقوا بابن مساحق قال و استخلف شبث بن ربعي علي القصر وخرج ابن مطيع حتي وقف بالكناسة. (قال ابومخنف حدثني حصيرة بن عبدالله قال اني لانظر إلي ابن الاشتر حين أقبل في اصحابه حتي اذا دنا منهم قال لهم انزلوا فنزلوا فقال قربوا خيولكم بعضها إلي بعض ثم امشوا اليهم مصلتين بالسيوف ولا يهولنكم أن يقال جاء‌كم شبث بن ربعي وآل عتيبة بن النهاس وآل الاشعث وآل فلان وآل يزيد بن الحارث قال فسمي بيوتات من بيوتات أهل الكوفة ثم قال ان هؤلاء لو قد وجدوا لهم حر السيوف قد انصفقوا عن ابن مطيع انصفاق المعزي عن الذئب. قال حسصيرة فاني لانظر اليه والي اصحابه حين قربوا خيولهم وحين أخذ ابن الاشتر أسفل فبائه فرفعه فأدخله في منطقة له حمراء من حواشي البرود وقد شد بها علي القباء وقد كفر بالقباء علي الدرع ثم قال لاصحابه شدوا عليهم فدي لكم عمي وخالي قال فوالله ما لبثهم أن هزمهم فركب بعضهم بعضا علي فم السكة وازدحموا وانتهي ابن الاشتر إلي ابن مساحق فأخذ بلجام دابته ورفع السيف عليه فقال له ابن مساحق [ صفحه 341] يا ابن الاشتر أنشدك الله أتطلبني بثأر هل بيني وبينك من احنة فخلي ابن الاشتر سبيله وقال له اذكرها فكان بعد ذلك ابن مساحق يذكرها لابن الاشتر وأقبلوا يسيرون حتي دخلوا الكناسة ثم أثار القوم حتي دخلوا السوق والمسجد وحصروا ابن مطيع ثلاثا. (قال ابومخنف) وحدثني النضر بن صالح أن ابن مطيع مكث ثلاثا يرزق اصحابه في القصر حيث حصر الدقيق ومعه أشراف الناس الا ما كان من عمرو بن حريث فانه أتي داره ولم يلزم نفسه الحصار ثم خرج حتي نزل الروجاء المختار حتي نزل جانب السوق وولي حصار القصر ابراهيم بن الاشتر ويزيد بن أنس وأحمر بن شميط فكان ابن الاشتر مما يلي المسجد وباب القصر ويزيد بن أنس مما يلي بني حذيفة وسكة دار الروميين وأحمر بن شميط مما يلي دار عمارة ودار ابي موسي فلما اشتد الحصار علي ابن مطيع وأصحابه كلمه الاشراف فقام اليه شبث فقال اصلح الله الامير انظر لنفسك ولمن معك فوالله ما عندهم غناء عنك ولا عن انفسهم قال أبن مطيع هاتوا أشيروا علي برأيكم قال شبث الرأي أن تأخذ لنفسك من هذا الرجل امانا ولنا وتخرج ولا تهلك نفسك ومن معك قال ابن مطيع والله اني لاكره ان آخذ منه امانا والامور مستقيمة لامير المؤمنين بالحجاز كله وبأرض البصرة قال فتخرج لا يشعر بك احد حتي تنزل منزلا بالكوفة عند من تستنصحه وتثق به ولا يعلم بمكانك حتي تخرج فتلحق بصاحبك. فقال لاسماء بن خارجة وعبدالرحمن بن مخنف وعبدالرحمن بن سعيدبن قيس وأشراف أهل الكوفة ما ترون في هذا الرأي الذي أشار به علي [ صفحه 342] شبث فقالوا مانري الرأي الا ما اشار به عليك قال فرويدا حتي امسي. (قال ابومخنف) فحدثني ابوالمغلس الليثي ان عبدالله بن عبدالله الليثي اشرف علي اصحاب المختار من القصر من العشي يشتمهم وينتحي له مالك بن عمرو ابونمر النهدي بسهم فيمر بحلقه فقطع جلدة من حلقه فمال فوقع قال ثم انه قام وبرأ بعدوقال النهدي حين اصابه خذها من مالك من فاعل كذا. (قال ابومخنف) وحدثني النضر بن صالح عن حسان بن فائد بن بكير قال لما امسينا في القصر في اليوم الثالث دعانا ابن مطيع فذكر الله بما هو اهله وصلي علي نبيه صلي الله عليه وسلم وقال اما بعد فقد علمت الذين صنعوا هذا منكم من هو وقد علمت انما هم اراذلكم وسفهاؤكم وطغامكم واخساؤكم ما عد الرجل او الرجلين وان اشرافكم واهل الفضل منكم لم يزالوا سامعين مطيعين مناصحين وانا مبلغ ذلك صاحبي ومعلمه طاعتكم وجهادكم عدوه حتي كان الله الغالب علي امره وقد كان من رايكم وما أشرتم به علي ما قد علمتم وقد رأيت ان اخرج الساعة فقال له شبث جزاك الله من امير خيرا فقد والله عففت عن اموالنا واكرمت اشرافنا ونصحت لصاحبك وقضيت الذي عليك والله ما كنا لنفارقك ابدا الا ونحن منك في اذن فقال جزاكم الله خيرا اخذ امرؤ حيث احب ثم خرخ من نحو دروب الروميين حتي اتي دارابي موسي وخلي القصر وفتح اصحابه الباب فقالوا يا ابن الاشتر آمنون نحن قال انتم آمنون فخرجوا فبايعوا المختار. (قال ابومخنف) فحدثني موسي ابن عامر العدوي من عدي [ صفحه 343] جهينة وهو ابوالاشعر ان المختار جاء حتي دخل القصر فبات به و اصبح اشراف الناس في المسجد وعلي باب القصر وخرج المختار فصعد المنبر فحمدالله واثني عليه فقال الحمد لله الذي وعد وليه النصر وعدوه الخسر وجعله فيه إلي آخر الدهر وعدا مفعولا وقضاء مقضيا. وقد خاب من افتري أيها الناس انه رفعت لنا راية ومدت لنا غاية فقيل لنا في الراية أن ارفعوها ولا تضعوها وفي الغاية أن أجروا اليها ولا تعدوها فسمعنا دعوة الداعي ومقالة الواعي فكم من ناع وناعية لقتلي في الواعية وبعد المن طغي وأدبرو عصي وكذب وتولي الا فادخلوا أيها الناس فبايعوا بيعة هدي فلا والذي جعل السماء سقفا مكفوفا والارض فجاجا سبلاما بايعتم بعد بيعة علي بن ابي طالب وآل علي اهدي منها. ثم نزل فدخل ودخلنا عليه واشراف الناس فبسط يده وابتدره الناس فبايعوه وجعل يقول تبايعوني علي كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل البيت وجهاد المحلين والدفع عن الضعفاء وقتال من قاتلنا وسلم من سالمنا والوفاء بيعتنا لا نقيلكم ولا نستقيلكم فاذا قال الرجل نعم بايعه. قال فكأني والله أنظر إلي المنذر بن حسان بن ضرار الضبي اذ أتاه حتي سلم عليه بالامرة ثم بايعه وانصرف عنه فلما خرج من القصر استقبل سعيد بن منقذ الثوري في عصابة من الشيعة واقفا عند المصطبة فلما رأوه ومعه ابنه حيان بن المنذر قال رجل من سفهائهم هذا والله من رؤوس الجبارين فشدوا عليه وعلي ابنه فقتلوهما فصاح بهم سعيد بن منقذ لا تعجلو الا تعجلوا حتي ننظر ما رأي أميركم فيه قال وبلغ المختار ذلك فكرهه [ صفحه 344] حتي رؤي ذلك في وجهه وأقبل المختار يمن الناس ويستجر مودتهم ومودة الاشراف ويحسن السيرة جهده. قال وجاء‌ه ابن كامل فقال للمختار أعلمت أن ابن مطيع في دار أبي موسي فلم يجبه بشئ فأعادها عليه ثلاث مرات فلم يجبه ثم اعادها فلم يجبه فظن ابن كامل أن ذلك لا يوافقه وكان ابن مطيع قبل للمختار صديقا فلما أمسي بعث إلي ابن مطيع بمائة الف درهم. فقال له تجهز بهذه واخرج فاني قد شعرت بمكانك وقد ظننت أنه لم يمنعك من الخروج الا انه ليس في يديك ما يقويك علي الخروج وأصاب المختار تسعة آلاف ألف في بيت مال الكوفة فأعطي أصحابه الذين قاتل بهم حين حصر ابن مطيع في القصر وهم ثلاثة آلاف وثمانمأة رجل كل رجل خمسمائة درهم خمسمائة درهم وأعطي ستة آلاف من اصحابه أتوه بعد ما أحاط بالقصر فأقاموا معه تلك الليلة وتلك الثلاثة الايام حتي دخل القصر مائتين مائتين واستقبل الناس بخير ومناهم العدل وحسن السيرة وأدني الاشراف فكانوا جلساء‌ه وحداثه واستعمل علي شرطته عبدالله بن كامل الشاكري وعلي حرسه كيسان أبا عمرة مولي عرينة فقام ذات يوم علي رأسه فرأي الاشراف يحدثونه ورآه قد أقبل بوجهه وحديثه عليهم. فقال لابي عمرة بعض اصحابه من الموالي أما تري أبا اسحاق قد أقبل علي العرب ما ينظر الينا فدعاه المختار فقال له ما يقول لك أولئك الذين رأيتهم يكلمونك فقال له وأسر اليه شق عليهم أصلحك الله صرفك وجهك عنهم إلي العرب فقال له قل لهم لا يشقن ذلك عليكم فأنتم مني وأنامنكم [ صفحه 345] ثم سكت طويلا ثم قرأ (انا من المجرمين منتقمون) قال فحدثني أبوالاشعر موسي بن عامر قال ما هو الا أن سمعها الموالي منه فقال بعضهم لبعض أبشروا كانكم والله به قد قتلهم. (قال أبومخنف) حفثني حصيرة بن عبدالله الازدي وفضل بن خديج الكندي والنضر بن صالح العبسي قالوا أول رجل عقد له المختار راية عبدالله ابن الحارث أخو الاشتر عقد له علي أرمينية وبعث محمد بن عمير بن عطارد علي آذريجان وبعث عبدالرحمن بن سعيد بن قيس علي الموصل وبعث اسحاق بن مسعود علي المدائن وأرض جوخي وبعث قدامة بن أبي عيسي بن ربيعة النصري وهو حليف لثقيف علي بهقباذ الاعلي وبعث محمد بن كعب بن قرظة علي بهقباذ الاوسط وبعث حبيب بن منقذ الثوري علي بهقباذ الاسفل وبعث سعد بن حذيفة بن اليمان علي حلوان وكان مع سعد بن حذيفة ألفا فارس بحلوان.قال ورزقه ألف درهم في كل شهر وأمره بقتال الاكراد وباقامة الطرق وكتب إلي عماله علي الجبال يأمرهم أن يحملوا أموال كورهم إلي سعد بن ابي حذيفة بحلوان وكان عبدالله بن الزبير قد بعث محمد بن الاشعث بن قيس علي الموصل وأمره بمكاتبة ابن مطيع وبالسمع له والطاعة غير أن ابن مطيع لا يقدر علي عزله الا بأمر ابن الزبير وكان قبل ذلك في امارة عبدالله بن يزيد وابراهيم ابن محمد منقطعا بامارة الموصل لا يكاتب أحدادون ابن الزبير. فلما قدم عليه عبدالرحمن بن سعيد بن قيس من قبل المختار أميرا تنحي له عن الموصل وأقبل حتي نزل تكريت وأقام بها مع أناس [ صفحه 346] من أشراف قومه وغيرهم وهو معتزل ينظر ما يصنع الناس والي ما يصير أمرهم ثم شخص إلي المختار فبايع له ودخل فيما دخل فيه أهل بلده. (قال أبومخنف) وحدثني صلة بن زهير النهدي عن مسلم بن عبدالله الضبابي قال لما ظهر المختار واستمكن ونفي ابن مطيع وبعث عماله اقبل يجلس للناس غدوة وعشية فيقضي بين الخصمين ثم قال والله ان لي فيما از اول واحاول لشغلا عن القضاء بين الناس قال فاجلس للناس شريحا وقضي بين الناس ثم انه خافهم فتمارض وكانوا يقولون انه عثماني وانه ممن شهد علي حجر بن عدي وانه لم يبلغ عن هاني بن عروة ما ارسله به وقد كان علي بن ابي طالب عزله عن القضاء فلما ان سمع بذلك ورآهم يذمونه ويسندون اليه مثل هذا القول تمارض وجعل المختار مكانه عبدالله بن عتبة بن مسعود ثم ان عبدالله مرض فجعل مكانه عبدالله ابن مالك الطائي قاضيا قال مسلم بن عبدالله وكان عبدالله بن همام سمع ابا عمرة يذكر الشيعة وينال من عثمان بن عفان فقنعه بالسوط فلما ظهر المختار كان معتزلا حتي استامن له عبدالله بن شداد فجاء إلي المختار ذات يوم فقالالا انتسات بالودعنك وادبرت معالنة بالهجر ام سريعوحملها واش سعي غير مؤتل فأبت بهم في الفواد جميعفخفض عليك الشأن لا يردك الهوي فليس انتقال خلة ببديعوفي ليلة المختار ما يذهل الفتي ويلهيه عن رؤد الشباب شموعدعايا لثأرات الحسين فأقبلت كتائب من همدان بعد هزيعومن مذ حج جاء الرئيس بن مالك يقود جموعا عبيت بجموع [ صفحه 347] ومن أسد وافي يزيد لنصره بكل فتي حامي الذمار منيعوجاء نعيم خير شيبان كلها بأمر لدي الهيجا احد جميعوما ابن شميط اذ يحرض قومه هناك بمخذول ولا بمضيعولا قيس نهد لا ولا ابن هوازن وكل اخو اخباته وخشوعوسار ابوالنعمان لله سعيه إلي ابن اياس مصحرا لوقوعبخيل عليها يوم هيجا دروعها واخري حسورا غير ذات دروعفكر الخيول كرة ثقفتهم وشد باولاها علي ابن مطيعفولي بضرب يشدخ الهام وقعه وطعن غداة السكتين وجيعفحوصر في دار الامارة بائيا بذل وارغا له وخصوعفمن وزير ابن الوصي عليهم وكان لهم في الناس خير شفيعوآب الهدي حقا إلي مستقره بخير اياب آبه ورجوعإلي الهاشمي المهتدي المهتدي به فنحن له من سامع ومطيعقال فلما أنشدها للمختار قال المختار لاصحابه قد أثني عليكم كما تسمعون وقد أحسن الثناء عليكم فأحسنوا له الجزاء ثم قام المختار فدخل وقال لاصحابه لا تبرحوا حتي اخرج اليكم قال وقال عبدالله بن شداد الجشمي يا ابن همام ان لك عندي فرسا ومطرفا وقال قيس بن طهفة النهدي وكانت عنده الرباب بنت الاشعث فان لك عندي فرسا ومطرفا واستحيا ان يعطيه صاحبه شيئا لا يعطي مثله فقال ليزيد بن انس فما تعطيه فقال يزيد ان كان ثواب الله اراد بقوله فما عند الله خير له وان كان انما اعتري بهذا القول أموالنا فوالله ما في أموالنا ما يسعه قد كانت بقيت من عطائي بقية فقويت بها اخواني. [ صفحه 348] فقال احمر بن شميط مبادرا لهم قبل ان يكلموه يا ابن همام ان كنت اردت بهذا القول وجه الله فاطلب ثوابك من الله وان كنت انما اعتريت به رضي الناس وطلب اموالهم فاكدم الجندل فوالله من قال قولا لغير الله وفي غير ذات الله بأهل ان ينحل ولا يوصل. فقال له عضضت بأيرابيك فرفع يزيد بن انس السوط وقال لابن شميط تقول هذا القول يا فاسق وقال لابن شميط اضربه بالسيف فرفع ابن شميط عليه السيف ووثب ووثب أصحابهما يتفلتون علي بن همام وأخذ بيده ابراهيم بن الاشتر فألقاه وراء‌ه وقال أثاله جار لم تأتون اليه ما أري فوالله انه لو اصل الولاية راض بما نحن عليه حسن الثناء فان أنتم لم تكافئوه بحسن ثنائه فلا تشتموا عرضه ولا تسفكوا دمه ووثبت مذحج فحالت دونه وقالوا أجاره ابن الاشتر لا والله لا يوصل اليه. قال وسمع لغطهم المختار فخرج اليهم وأومأ بيده اليهم ان اجلسوا فجلسوا فقال لهم اذا قيل لكم خير فاقبلوه وان قدرتم علي مكافأة فافعلوا وان لم تقدروا علي مكافاة فتنصلوا واتقوا لسان الشاعر فان شره حاضر وقوله فاجر وسعيه بائر وهو بكم غدا غادر فقالوا أفلا تقتله قال لا اناقد آمناه وأجرناه وقد أجاره أخوكم ابراهيم بن الاشتر فجلس مع الناس قال ان ابراهيم قام فانصرف إلي منزله فأعطاه ألفا وفرسا ومطرفا فرجع بها وقال لا والله لا جاورت هؤلاء أبدا وأقبلت هوازن وغضبت و اجتمعت في المسجد غضبا لابن همام فبعث اليهم المختار فسألهم أن يصفحوا عما اجتمعوا له ففعلوا وقال ابن همام لابن الاشتر يمدحهاطفأ عن نار كلبين ألبا علي الكلاب ذوالفعال ابن مالكقل حين يلقي الخيل يفرق بينها يطعن دراك أو بضرب مواشك [ صفحه 349] وقد غضبت لي من هوازن عصبة طوال الذري فيها عراض المباركاذا ابن شميط او يزيد تعرضا لها وقعا في مستحار المهالكوثبتم علينا يا موالي طبئ مع ابن شميط شر ماش وراتكواعظم ديار علي الله فرية وما مفتر طاغ كآخر ناسكفيا عجبا من أحمس ابنة أحمس توثب حولي بالقنا والنيازككأنكم في العز قيس وخثعم وهل أنتم الا لئام عواركوأقبل عبدالله بن شداد من الغد فجلس في المسجد يقول علينا توثب بنو أسد واحمس والله لا نرضي بهذا ابدا فبلغ ذلك المختار فبعث اليه فدعاه ودعا بيزيد بن أنس وبابن شميط فحمدالله واثني عليه وقال يا ابن شداد ان الذي فعلت نزعة من نزعات الشيطان فتب إلي الله قال قد تبت وقال ان هذين أخواك فأقبل اليهما واقبل منهما وهب لي هذا الامر قال فهو لك وكان ابن همام قد قال قصيدة اخري في أمر المختار فقالاصحت سليمي بعد طول عتاب وتجرم ونفاد غرب شبابقد أزمعت بصريمتي وتجنبي وتهوك من ذاك في اعتابلما رأيت القصر اغلق بابه وتوكلت همدان بالاسبابورأيت اصحاب الدقيق كانهم حول البيوت ثغالب الاسرابورايت ابواب الازقة حولنا دربت بكل هراوة ودبابايقنت ان خيول شيعة راشد لم يبق منها فيش ابر ذبابذكر هشام بن محمد عن عوانة بن الحكم أن مروان بن الحكم لما استوثقت له الشام بالطاعة بعث جيشين احدهما إلي الحجاز عليه حبيش بن دلجة القيني وقد ذكرنا أمره وخبر مهلكه قبل والآخر منهما [ صفحه 350] إلي العراق عليهم عبيدالله بن زياد وقد ذكرنا ما كان من أمره وأمر التوابين من الشيعة بعين الوردة وكان مروان جعل لعبيدالله بن زياد اذ وجهه إلي العراق ما غلب عليه وأمره أن ينهب الكوفة اذا هو ظفر باهلها ثلاثا قال عوانة فمر بأرض الجزيرة فاحتبس بها وبها قيس عيلان علي طاعة ابن الزبير وقد كان مروان أصاب قيسا يوم مرج راهط وهم مع الضحاك بن قيس مخالفين علي مروان وعلي ابنه عبدالملك من بعده فلم يزل عبيد الله مشتغلا بهم عن العراق نحوا من سنة.ثم انه اقبل إلي الموصل فكتب عبدالرحمن بن سعيد بن قيس عامل المختار علي الموصل إلي المختار أما بعد فاني أخبرك أيها الامير أن عبيد الله بن زياد قد دخل أرض الموصل وقد وجه قبلي خيله ورجاله واني انحزت إلي تكريت حتي يأتيني رأيك وأمرك والسلام عليك. فكتب اليه المختار أما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت كل ما ذكرت فيه فقد أصبت بانحيازك إلي تكريت فلا تبرحن مكانك الذي أنت به حتي يأتيك أمري ان شاء الله والسلام عليك. (قال هشام) عن أبي مخنف حدثني موسي بن عامر أن كتاب عبدالرحمن بن سعيد لما ورد علي المختار بعث إلي يزيد بن أنس فدعاه فقال له يا يزيد بن أنس ان العالم ليس كالجاهل وان الحق ليس كالباطل واني أخبرك خبر من لم يكذب ولم يكذب ولم يخالف ولم يرتب وانا المؤمنون الميامين الغالبون المساليم وانك صاحب الخيل التي تجر جعابها وتضفر اذنابها حتي توردها منابت الزيتون غائرة عيونها [ صفحه 351] لاحقة بطونها اخرج إلي الموصل حتي تنزل أدانيها فاني ممدك بالرجال بعد الرجال. فقال له يزيد بن انس سرح معي ثلاثة آلاف فارس أنتخبهم و خلني والفرج الذي توجهنا اليه فان احتجت إلي الرجال فسأكتب اليك قال له المختار فاخرج فانتخب علي اسم الله من أحببت فخرج فانتخب ثلاثة آلاف فارس فجعل علي ربع المدينة النعمان بن عوف بن ابي جابر الازدي وعلي ربع تميم وهمدان عاصم بن قيس بن حبيب الهمداني وعلي مذحج واسد ورقاء بن عازب الاسدي وعلي ربع ربيعة وكندة سعر بن ابي سمر الحنفي. ثم انه فصل من الكوفة فخرج وخرج معه المختار والناس يشيعونه فلما بلغ ديرابي موسي ودعه المختار وانصرف ثم قال له اذا لقيت عدوك فلا تناظرهم واذا امكنتك الفرصة فلا تؤخرها وليكن خبرك في كل يوم عندي وان احتجت إلي مدد فاكتب إلي مع اني ممدك ولو لم تستمدد فانه أشد لعضدك وأعز لجندك وأرعب لعدوك فقال له يزيد بن انس لا تمدني الا بدعائك فكفي به مددا. وقال له الناس صحبك الله وأداك وايدك وودعوه فقال لهم يزيد سلوا الله لي الشهادة وايم الله لئن لقيتهم ففاتني النصر لا تفتني الشهادة ان شاء الله فكتب المختار إلي عبدالرحمن بن سعيد بن قيس أما بعد فخل بين يزيد وبين البلاد ان شاء الله والسلام عليك فخرج يزيد بن انس بالناس حتي بات بسورا ثم عذابهم سائرا حتي بات بالمدائن فشكا الناس اليه ما دخلهم من شدة السير عليهم فأقام بها يوما وليلة [ صفحه 352] ثم انه اعترص بهم أرض جوخي حتي خرج بهم في الراذنات حتي قطح بهم إلي أرض الموصل. فنزل ببنات تلي وبلغ مكانه ومنزله الذي نزل به عبيدالله بن زياد فسأل عن عدتهم فأخبرته عيونه أنه خرج معه من الكوفة ثلاثة آلاف فارسفقال عبيدالله فأنا أبعث إلي كل الف ألفين ودعا ربيعة بن المخارق الغنوي وعبدالله بن حملة الخثعمي فبعثهما في ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف وبعث ربيعة بن المخارق اولا ثم مكث يوما ثم بعث خلفة عبدالله بن حملة ثم كتب اليهما أيكما سبق فهو امير علي صاحبه وان انتهيتما جميعا فأكبر كما سنا أمير علي صاحبه والجماعة قال فسبق ربيعة بن المخارق فنزل بيزيد ابن انس و هو ببنات تلي فخرج اليه يزيد بن انس وهو مريض مضني. (قال أبومخنف) فحدثني ابوالصلت عن ابي سعيد الصيقل قال خرج علينا يزيد بن أنس وهو مريض علي حمار يمشي معه الرجال يمسكونه عن يمينه وعن شماله بفخذيه وعضديه وجنبيه فجعل يقف علي الارباع ربع ربع ويقول يا شرطة الله اصبروا تؤجروا وصابروا عدوكم تظفروا وقاتلوا اولياء الشيطان ان كيد الشيطان كان ضعيفا ان هلكت فأميركم ورقاء بن عازب الاسدي فان هلك فاميركم عبدالله بن ضمرة العذري فان هلك فاميركم سعر بن ابي سعر الحنفي. قال وانا والله فيمن يمشي معه ويمسك بعضده ويده واني لاعرف في وجهه ان الموت قد نزل به قال فجعل يزيد بن انس عبدالله ابن ضمرة العذري علي ميمنته وسعر بن ابي سعر علي ميسرته وجعل ورقاء بن عازب الاسدي علي الخيل ونزل هو فوضع بين الرجال علي السرير [ صفحه 353] ثم قال لهم ابرزوا لهم بالعراء وقد موني في الرجال. ثم ان شئتم فقاتلوا عن اميركم وان شئتم ففروا عنه قال فأخرجناه في ذي الحجة يوم عرفة سنة 66 فأخذنا نمسك احيانا بظهره فيقول اصنعوا كذا اصنعوا كذا وافعلوا كذا فيأمر بامره ثم لا يكون باسرع من ان يغلبه الوجع فيوضع هنيهة ويقتتل الناس وذلك عند شفق الصبح قبل شروق الشمس قال فحملت ميسرتهم علي ميمنتنا فاشتد قتالهم وتحمل ميسرتنا علي ميمنتهم فتهزمها ويحمل ورقاء بن عازب الاسدي في الخيل فهزمهم فلم يرتفع الضحي حتي هزمناهم وحوينا عسكرهم. (قال ابومخنف) وحدثني موسي بن عامر العدوي قال انتهينا إلي ربيعة بن المخارق صاحبهم وقد انهزم عنه اصحابه وهو نازل ينادي يا اولياء الحق ويا اهل السمع والطاعة إلي انا ابن المخارق قال موسي فأما أنا فكنت غلاما حدثا فهبته ووقفت ويحمل عليه عبدالله بن ورقاء الاسدي وعبدالله بن ضمرة العذري فقتلاه. (قال أبومخنف) وحدثني عمرو بن مالك أبوكبشة القيني قال كنت غلاما حين راهقت مع احد عمومتي في ذلك العسكر فلما نزلناه بعسكر الكوفيين عبانا ربيعة بن المخارق فأحسن التعبية وجعل علي ميمنته ابن أخيه وعلي ميسرته عبدربه السلمي وخرج هو في الخيل والرجال و قال يا أهل الشام انكم انما تقاتلون العبيد الاباق وقوما قد تركوا الاسلام وخرجوا منه ليست لهم تقية ولا ينطقون بالعربية قال فوالله ان كنت لاحسب أن ذلك كذلك حتي قاتلناهم قال فوالله ماهو الا أن اقتتل الناس اذا رجل من أهل العراق يعترض الناس بسيفه وهو يقول [ صفحه 354] برئت من دين المحكمينا وذاك فينا شر دين ديناثم ان قتالنا وقتالهم اشتد ساعة من التهار ثم انهم هزمونا حين ارتفع الضحي فقتلوا صاحبنا وحووا عسكرنا فخرجنا منهزمين حتي تلقانا عبدالله بن حملة علي مسيرة ساعة من تلك القرية التي يقال لها ببنات تلي فردنا فأقبلنا معه حتي نزل بيزيد ابن أنس فبتنا متحارسين حتي أصبحنا فصلينا الغداة ثم خرجنا علي تعبية حسنة فجعل علي ميمنته الزبير بن حريمة من خثعم وعلي ميسرته ابن أقيصر القحا في من خثعم وتقدم في الخيل و الرجال وذلك يوم الاضحي فاقتتلنا قتالا شديدا ثم انهم هزمونا هزيمة قبيحة وقتلونا قتلا ذريعا وحووا عسكرنا وأقبلنا حتي انتهينا إلي عبيدالله بن زياد فحدثناه بما لقينا. (قال أبومخنف) وحدثني موسي بن عامر قال اقبل الينا عبدالله بن حملة الخثعمي فاستقبل فل ربيعة بن المخارق الغنوي فردهم ثم جاء حتي نزل ببنات تلي فلما اصبح غادوا وغادينا فتطارت الخيلان من أول النهار ثم انصرفوا وانصرفنا حتي اذا صلينا الظهر خرجنا فاقتتلنا ثم هزمنا هم قال ونزل عبدالله بن حملة فأخذ ينادي اصحابه الكرة بعد الفرة يا أهل السمع والطاعة فحمل عليه عبدالله بن قراد الخثعمي فقتله وحوينا عسكرهم وما فيه وأتي يزيد بن انس بثلثمائة اسير وهو في السوق فأخذ يومي بيده ان اضربوا أعناقهم فقتلوا من عند آخرهم وقال يزيد ابن انس ان هلكت فاميركم ورقاء بن عازب الاسدي فماامسي حتي مات فصلي عليه ورقاء بن عازب ودفنه فلما رأي ذلك أصحابه اسقط في ايديهم وكسر موته قلوب اصحاب وأخذوا في دفنه [ صفحه 355] فقال لهم ورقاء يا قوم ماذا ترون انه قد بلغني أن عبيدالله بن زياد قد أقبل الينا في ثمانين الفا من أهل الشام فاخذوا يتسللون ويرجعون ثم ان ورقاء دعا رؤوس الارباع وفرسان اصحابه فقال لهم يا هؤلاء ماذا ترون فيما أخبرتكم انما أنا رجل منكم ولست بأفضلكم رأيا فاشيروا علي فان ابن زياد قد جاء‌كم في جند أهل الشام الاعظم وبجلتهم وفرسانهم و اشرافهم ولا اري لناولكم بهم طاقة علي هذه الحال.وقد هلك يزيد بن انس أميرنا وتفرقت عنا طائفة منا فلو انصرفنا اليوم من تلقاء أنفسنا قبل ان تلقاهم وقبل أن نبلغهم فيعلموا انا انما ردنا عنهم هلاك صاحبنا فلا يزالوا لنا هائبين لقتلنا منهم اميرهم ولانا انما نعتل لانصرافنا يموت صاحبنا وانا ان لقيناهم اليوم كنا مخاطرين فان هزمنا اليوم لم تنفعنا هزيمتنا اياهم من قبل اليوم قالوا فانك نعما رأيت انصرف رحمك الله فانصرف فبلغ منصرفهم ذلك المختار اهل الكوفة فاوجف الناس ولم يعلموا كيف كان الامر ان يزيد بن انس هلك وان الناس هزموا فبعث إلي المختار عامله علي المدائن عينا له من انباط السواد فأخبره الخبر فدعا المختار ابراهيم بن الاشتر فعقد له علي سبعة آلاف رجل ثم قال له سر حتي اذا انت لقيت جيش ابن انس فارددهم معك ثم سرحتي تلقي عدوك فتناجزهم فخرج ابراهيم فوضع عسكره بحمام أعين. (قال ابومخنف) فحدثني ابوزهير النضر بن صالح قال لما مات يزيد بن أنس التقي اشرافالناس بالكوفة فارجفوا بالمختار وقالوا قتل يزيد بن انس ولم يصدقوا انه مات اخذوا يقولون والله لقد تامر علينا هذا [ صفحه 356] الرجل بغير رضي منا ولقد أدني موالينا فحملهم علي الدواب واعطاهم واطعمهم فيئنا ولقد عصتنا عبيدنا فحرب بذلك ايتامنا واراملنا فاتعدوا منزل شبث بن ربعي وقالوا نجتمع في منزل شيخنا وكان شبث جاهليا اسلاميا فاجتمعوا فاتوا منزلي فصلي بأصحابه ثم تذاكروا هذا النحو من الحديث قال ولم يكن فيما احدث المختار عليهم شئ هو اعظم من ان جعل للموالي من الفئ نصيبا فقال لهم شبث دعوني حتي القاه فذهب فلقيه فلم يدع شيئا مما انكره اصحابه الا وقد ذاكره اياه فأخذ لا يذكر خصلة الا قال له المختار أرضيهم في هذه الخصلة وآتي كل شئ احبوا قال فذكر المماليك قال فأنا ارد عليهم عبيدهم فذكر له الموالي فقال عمدت إلي موالينا وهم في افاء‌ه الله علينا وهذه البلاد جميعا فاعتقنا رقابهم نأمل الاجر في ذلك والثواب والشكر فلم ترض لهم بذلك حتي جعلتهم شركاء‌نا في فيئنا فقال لهم المختار ان انا تركت لكم مواليكم وجعلت فيأكم فيكم اتقاتلون معي بني امية وابن الزبير وتعطون علي الوفاء بذلك عهد الله ومياقه وما اطمئن اليه من الايمان فقال شبث ما ادري حتي أخرج إلي اصحابه فاذاكرهم ذلك فخرج فلم يرجع إلي المختار قال واجمع رأي اشراف أهل الكوفة علي قتال المختار. (قال أبومخنف) فحدثني قدامة بن حوشب قال جاء شبث ابن ربعي وشمر بن ذي الجوشن ومحمد بن الاشعث وعبدالرحمن بن سعيد بن قيس حتي دخلوا علي كعب بن ابي كعب الخثعمي فتكلم شبث فحمد الله وأثني عليه ثم اخبره باجتماع رأيهم علي قتال المختار وساله ان [ صفحه 357] يجيبهم إلي ذلك وقال فيما يعتب له المختار انه تأمر علينا بغير رضي منا وزعم أن ابن الحنفية بعثه الينا وقد علمنا ان ابن الحنفية لم يفعل واطعم موالينا فيئنا وأخذ عبيدنا فحرب بهم يتاما ناو أراملنا واظهر هو وسبايته البراء‌ة من اسلافنا الصالحين قال فرحب بهم كعب بن ابي كعب واجابهم إلي ما دعوه اليه. (قال ابومخنف) فحدثني أبي يحيي بن سعيد ان أشراف اهل الكوفة قد كانوا دخلوا علي عبدالرحمن بن مخنف فدعوه إلي ان يجيبهم إلي قتال المختار فقال لهم يا هؤلاء انكم ان ابيتم الا ان تخرجوا لم اخذ لكم وان انتم اطعتموني لم تخرجوا فقالوا لم قال لاني أخاف أن تتفرقوا وتختلفوا وتتخاذلوا ومع الرجل والله شجعاؤكم وفرسانكم من انفسكم اليس معه فلان وفلان ثم معه عبدكم ومواليكم وكلمة هؤلاء واحدة وعبيدكم ومواليكم اشد حنقا عليكم من عدوكم فهو مقاتلكم بشجاعة العرب وعداوة العجم وان انتظرتموه قليلا كفيتموه بقدوم اهل الشام أو بمجئ أهل البصرة فتكونوا قد كفيتموه بغيركم ولم تجعلوا بأسكم بينكم قالوا ننشدك الله ان نخالفنا وان تفسد علينا رأينا وما قد اجتمعت عليه جماعتنا قال فانا رجل منكم فاذا شئتم فاخرجوا فسار بعضهم إلي بعض وقالوا انتظروا حتي يذهب عنه ابراهيم بن الاشتر قال فامهلوا حتي اذا بلغ ابن الاشتر ساباط وثبوا بالمختار قال فخرج عبدالرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني في همدان في جبانة السبيع وخرج زحر بن قيس الجعفي واسحاق ابن محمد بن الاشعث في جبانة كندة. (قال هشام) فحدثني سليمان بن محمد الحضرمي قال خرج اليهما [ صفحه 358] جبير الحضرمي فقال لهما اخرجا عن جبانتنا فانا نكره ان نعري بشر فقال له اسحاق بن محمد وجبانتكم هي قال نعم فانصرفوا عنه وخرج كعب بن ابي كعب الخثعمي في جبانة بشر وسار بشير بن جرير بن عبدالله اليهم في بجيلة وخرج عبدالرحمن بن مخنف في جبانة المخنف وسار اسحاق بن محمد وزحر ابن قيس إلي عبدالرحمن بن سعيد بن قيس بجبانة السبيع وسارت بجيلة وخثعم إلي عبدالرحمن بن مخنف وهو بالازد وبلغ الذين في جبانة السبيع ان المختار قد عبي لهم خيلا ليسير اليهم فبعثوا الرسل يتلو بعضها بعضا إلي الازد وبجيلة وخثعم يسالونهم بالله والرحم لما عجلوا اليهم فسارو اليهم واجتمعوا جميعا في جبانة السبيع ولما ان بلغ ذلك المختار سره اجتماعهم في مكان واحد. وخرج شمر بن ذي الجوشن حتي نزل بجبانة بني سلول في قيس ونزل شبث بن ربعي وحسان بن فائد العبسي وربيعة بن ثروان الضبي في مضر بالكناسة ونزل حجار بن ابجر ويزيد بن الحارث بن رؤيم في ربيعة فيما بين التمارين والسبخة ونزل عمر بن الحجاج الزبيدي في جبانة مراد بمن تبعه من مذحج فبعث اليهم اهل اليمن ان ائتنا فأبي أن ياتيهم. وقال لهم جدوا فكاني قد اتيتكم قال وبعث المختار رسولا من يومه يقال له عمر بن توبة بالركض إلي ابراهيم بن الاشتر وهو بساباط ان لا تضع كنابي من يدك حتي تقبل بجميع من معك إلي قال وبعث اليهم المختار في ذلك اليوم اخبروني ما تريدون فاني صانع كل ما احببتم قالوا فانا نريد ان تعتزلنا فانك زعمت ان ابن الحنفية بعثك [ صفحه 359] ولم يبعثك فارسل اليهم المختار ان ابعثوا اليه من قبلكم وفدا وابعث اليه من قبلي وفدا ثم انظروا في ذلك حتي تتبينوه وهو يريد أن يريثهم بهذه المقالة ليقدم عليه ابراهيم بن الاشتر وقد أمر أصحابه فكفوا أيديهم وقد أخذ أهل الكوفة عليهم بأفواه السكك فليس شئ يصل إلي المختار ولا إلي أصحابه من الماء الا القليل الوتح يجيئهم اذا غفلوا عنه قال وخرج عبدالله بن سبيع في الميدان فقاتله شاكر قتالا شديدا فجاء‌ه عقبة من طارق الجشمي فقاتل معه ساعة حتي رد عاديتهم عنه ثم اقبلا علي حاميتهما يسيران حتي نزل عقبه بن طارق مع قيس في جبانة بني سلول وجاء عبدالله بن سبيع حتي نزل مع أهل اليمن في جبانة السبيع. (قال ابومخنف) حدثني يونس بن أبي اسحاق أن شمر بن ذي الجوشن أتي أهل اليمن فقال لهم ان اجتمعتم في مكان نجعل فيه مجنبتين ونقاتل من وجه واحد فأنا صاحبكم والا فلا والله لا اقاتل في مثل هذا المكان في سكك ضيقة ونقاتل من غير وجه. فأنصرف إلي جماعة قومه في جبانة بني سلول قال ولما خرج رسول المختار إلي ابن الاشتر بلغه من يومه عشية فنادي في الناس ان ارجعوا إلي الكوفة فسار بقية عشيته تلك ثم نزل حين أمسي فتعشي أصحابه وأراحوا الدواب شيئا كلا شئ ثم نادي في الناس فسار ليلته كلها ثم صلي الغداة بسورا ثم سار من يومه فصلي العصر علي باب الجسر من الغد ثم انه جاء حتي بات ليلته في المسجد ومعه من اصحابه أهل القوة والجلد حتي اذا كان صبيحة اليوم الثالث من مخرجهم علي المختار خرج المختار إلي المنبر فصعده. [ صفحه 360] (قال ابومخنف) فحدثني أبوجناب الكلبي ان شبث بن ربعي بعث اليه ابنه عبدالمؤمن فقال له انما نحن عشيرتك وكف يمينك لا والله لا نقاتلك فثق بذلك منا وكان رأيه قتاله ولكنه كاده ولما أن اجتمع أهل اليمن بجبانة السبيع حضرت الصلاة فكره كل رأس من رؤس أهل اليمن أن يتقدمه صاحبه فقال لهم عبدالرحمن بن مخنف هذا أول الاختلاف قدموا الرضي فيكم فان في عشيرتكم سيد قراء أهل المصر فليصل بكم رفاعة بن شداد الفتياني من بجيلة ففعلوا فلم يزل يصلي بهم حتي كانت الواقعة. (قال أبومخنف) وحدثني وازع ابن السري أن أنس بن عمرو الازدي انطلق فدخل في اهل اليمن وسمعهم وهم يقولون ان سار المختار إلي اخواننا من مضر سرنا اليهم وان سار الينا ساروا الينا فسمعها منهم رجل وأقبل جوادا حتي صعد إلي المختار علي المنبر فأخبره بمقالتهم فقال اما هم فخلقاء لو سرت إلي مضر أن يسيروا اليهم وأما أهل اليمن فأشهد لئن سرت اليهم لا تسير اليهم مضر فكان بعد ذلك يدعو ذلك الرجل ويكرمه. ثم ان المختار نزل فعبي اصحابه في السوق والسوق اذ ذاك ليس فيها هذا البناء فقال لابراهيم بن الاشتر إلي اي الفريقين احب اليك ان تسير فقال إلي اي الفريقين أحببت فنظر المختار وكان ذا رأي. فكره أن يسير إلي قومه فلا يبالغ في قتالهم فقال سر إلي مضر بالكناسة وعليهم شبث بن ربعي ومحمد بن عمير بن عطارد وانا اسيرإلي اهل اليمن. [ صفحه 361] قال ولم يزل المختار يعرف بشدة النفس وقلة البقيا علي اهل اليمن وغيرهم اذا ظفر فسار ابراهيم بن الاشتر إلي الكناسة وسار المختار إلي جبانة السبيع فوقف المختار عند دار عمر بن سعد بن أبي وقاص وسرح بين يديه احمر بن شميط البجلي ثم الاحمسي وسرح عبدالله بن كامل الشاكري. وقال لابن شميط الزم هذه السكة حتي تخرج إلي أهل جبانة السبيع من بين دور قومك وقال لعبد الله ابن كامل الزم هذه السكة حتي تخرج علي جبانة السبيع من دار آل الاخنس بن شريق ودعاهما فأسر اليهما ان شبا ما قد بعثت تخبرني انهم قد اتوا القوم من ورائهم فمضيا فسلكا الطريقين اللذين أمرهما بهما. وبلغ اهل اليمن مسير هذين الرجلين اليهم فاقتسموا تينك السكتين فاما السكة التي في دبر المسجد احمس فانه وقف فيها عبدالرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني واسحاق بن الاشعث وزحر بن قيس واما السكة التي تلي الفرات. فانه وقف فيها عبدالرحمن بن مخنف وبشير بن جرير بن عبدالله وكعب بن أبي كعب ثم ان القوم اقتتلوا كأشد قتال اقتتله قوم ثم ان اصحاب احمر بن شميط انكشفوا واصحاب عبدالله بن كامل ايضا فلم يرع المختار الا وقد جاء‌ه الفل قد اقبل فقال ما ورائكم قالوا هزمنا قال فما فعل احمر ابن شميط قالوا تركناه قد نزل عند مسجد القصاص يعنون مسجد ابي داود في وادعةوكان يعتاده رجال اهل ذلك الزمان يقصون فيه وقد نزل معه اناس من اصحابه. [ صفحه 362] وقال أصحاب عبدالله ما ندري ما فعل ابن كامل فصاح بهم أن انصرفوا ثم أقبل بهم حتي انتهي إلي دار ابي عبدالله الجدلي وبعث عبد الله بن قراد الخثعمي وكان علي أربعمائة رجل من أصحابه فقال سرفي أصحابك إلي ابن كامل فان يك هلك فانت مكانه فقاتل القوم بأصحابك وأصحابه وان تجده حيا صالحا فسر في مائة من أصحابك كلهم فارس وادفع اليه بقية أصحابك ومربالجد معه والمناصحة له فانهم انما يناصحونني ومن ناصحني فليبشر. ثم امض في المائة حتي تأتي أهل جبانة السبيع مما يلي حمام قطن بن عبدالله فمضي فوجد ابن كامل واقفا عند حمام عمرو بن حريث معه أناس من أصحابه قد صبروا وهو يقاتل القوم فدفع اليه ثلثمائة من اصحابه ثم مضي حتي نزل إلي جبانة السبيع. ثم اخذ في تلك السكك حتي انتهي إلي مسجد عبدالقيس فوقف عنده وقال لاصحابه ما ترون قالوا أمرنا لامرك تبع وكل من كان معه من حاشد من قومه وهم مائة فقال لهم والله اني لاحب أن يظهر المختار ووالله اني لكاره ان يهلك اشراف عشيرتي اليوم ووالله لان أموت أحب إلي من ان يحل بهم الهلاك علي يدي ولكن قفوا قليلا فاني قد سمعت شباما يزعمون أنهم سيأتونهم من ورائهم فلعل شباما تكون هي تفعل ذلك ونعافي نحن منه قال له اصحابه فرأيك فثبت كما هو عند مسجد عبدالقيس. وبعث المختار مالك بن عمرو النهدي في مائتي رجل وكان من اشد الناس بأسا وبعث عبدالله بن شريك النهدي في مائتي فارس إلي أحمر بن شميط وثبت مكانه فانتهوا اليه وقد علاه القوم وكثروه فاقتتلوا [ صفحه 363] عند ذلك كأشد القتال ومضي ابن الاشتر حتي لقي شبث بن ربعي وأنا سامعه من مضر كثيرا وفيهم حسان بن فائد العبسي. فقال لهم ابراهيم ويحكم انصرفوا فوالله ما أحب أن يصاب أحد من مضر علي يدي فلا تهلكوا أنفسكم فابوا فقاتلوه فهزمهم واحتمل حسان بن فائد إلي أهله فمات حين أدخلا اليهم وقد كان وهو علي فراشه قبل موته أفاق افاقة. فقال أما والله ما كنت أحب أن اعيش من جراحتي هذه وما كنت احب ان تكون منيتي الا بطعنة رمح او بضربة بالسيف فلم يتكلم بعدها كلمة حتي مات وجاء‌ت البشري إلي المختار من قبل ابراهيم بهزيمة مضر فبعث المختار البشري من قبله ألي احمر بن شميط والي ابن كامل فالناس علي احوالهم كل اهل سكة منهم قد أعنت ما يليها. قال فاجتمعت شبام وقد راسوا عليهم ابا القلوص وقد اجمعوا واجتمعوا بان ياتوا اهل اليمن من ورائهم فقال بعضهم لبعض اما والله لو جعلتم جدكم هذا علي من خالفكم من غيركم لكان اصوب فسيروا إلي مضر او إلي ربيعة فقاتلوهم وشيخهم ابوالقلوص ساكت لا يتكلم. فقالوا يا ابا القلوس ما رايك فقال قال الله جل ثناؤه (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة) قوموا فقاموا فمشي بهم قيس رمحين او ثلاثة ثم قال لهم اجلسوا فجلسوا ثم مشي بهم انفس من ذلك شيئا ثم قعد بهم ثم قال لهم قوموا ثم مشي بهم الثالثة انفس من ذلك شيئا ثم قعد بهم. فقالوا له يا ابا القلوص والله انك عندنا لاشجع العرب فما يحملك [ صفحه 364] علي الذي تصنع قال ان المجرب ليس كمن لم يجرب اني اردت ان ترجع اليكم افئدتكم وان توطنوا علي القتال انفسكم وكرهت ان اقحمكم علي القتال وانتم علي حال دهش. قالوا انت ابصر بما صنعت فلما خرجوا إلي جبانة السبيع استقبلهم علي فم السكة الاعسر الشاكري فحمل عليه الجندعي وابوالزبير بن كريب فصرعاه ودخلا الجبانة ودخل الناس الجبانة في آثارهم وهم ينادون يا لثارات الحسين فاجابهم اصحاب ابن شميط يا لثارات الحسين فسمعها يزيد بن عمير بن ذي مران من همدان فقال يا لثارات عثمان. فقال لهم رفاعة بن شداد ما لنا ولعثمان لا اقاتل مع قوم يبغون دم عثمان فقال له اناس من قومه جئت بنا واطعناك حتي اذا رأينا قومنا تاخذهم السيوف قلت انصرفوا ودعوهم فعطف عليهم وهو يقول.انا ابن شداد علي دين علي لست لعثمان بن اروي بوليلاصلين اليوم فيمن يصطلي بحر نار الحرب غير مؤتليفقاتل حتي قتل وقتل يزيد بن عمير بن ذي مران وقتل النعمان بن صهبان الجرمي ثم الراسبي وكان ناسكا ورفاعة بن شداد بن عوسجة الفتياني عند حمام المهبذان الذي بالسبخة وكان ناسكا وقتل الفرات بن زحر بن قيس الجعفي وارتث زحر بن قيس وقتل عبدالرحمن بن سعيد بن قيس وقتل عمر بن مخنف وقاتل عبدالرحمن بن مخنف حتي ارتث وحملته الرجال علي أيديها وما يشعر وقاتل حوله رجال من الازد فقال حميد بن مسلم.لا ضربن عن أبي حكيم مفارق الا عبد والصميم [ صفحه 365] وقال سراقة بن مرداس البارقييا نفس الا تصبري تلبمي لا تتولي عن أبي حكيمواستخرج من دور الوادعيين خمسمائة أسير فأتي بهم المختار مكتفين فأخذ رجل من بني نهد وهو من رؤساء أصحاب المختار يقال له عبدالله بن شريك لا يخلو بعربي الاخلي سبيله فرفع ذلك المختار درهم مولي لبني نهد فقال له المختار اعرضوهم علي وانظروا كل من شهد منهم قتل الحسين فأعلموني به فاخذوا لا يمر عليه برجل قد شهد قتل الحسين الا قيل له هذا ممن شهد قتله فيقدمه فيضرب عنقه حتي قتل منهم قبل أن يخرج مائتين وثمانية وأربعين قتيلا أخذ اصحابه كلما رأوا رجلا قد كان يؤذيهم أو يماريهم أو يضربهم خلوا به فقتلوه حتي قتل ناس كثير منهم وما يشعر بهم المختار. فأخبر بذلك المختار بعد فدعي بمن بقي من الاساري فاعتقهم و أخذ عليهم المواثيق أن لا يجامعوا عليه عدوا ولا يبغوه ولا اصحابه غائلة الاسراقة بن مرداس البارقي فانه امر به أن يساق معه إلي المسجد قال ونادي منادي المختار انه من أغلق بابه فهو آمن الارجلا شرك في دم آل محمد صلي الله عليه وسلم. (قال أبومخنف) حدثني المجالد بن سعيد عن عامر الشعبي ان يزيد بن الحارث بن يزيد بن رؤيم وحجار بن أبجربعثا رسلا لهما فقالا لهم كونوا من أهل اليمن قريبا فان رأيتموهم قد ظهروا فأيكم سبق الينا فليقل صرفان وان كانوا هزموا فليقل جمزان فلما هزم أهل اليمن اتتهم رسلهم فقال لهم اول من انتهي اليهم جمزان. [ صفحه 366] فقام الرجلان فقالا لقومهما انصرفوا إلي بيوتكم فانصرفوا و خرج عمرو بن الحجاج الزبيدي وكان ممن شهد قتل الحسين فركب راحلة ثم ذهب عليها فاخذ طريق شراف وواقصة فلم يرحتي الساعة ولا يدري ارض بخسة ام سماء حصبة واما فرات بن زحر بن قيس فانه لما قتل بعثت عائشة بنت خليفة بن عبدالله الجعفية وكانت امرأة الحسين بن علي إلي المختار تساله ان ياذن لها ان تواري جسده ففعل فدفنته وبعث المختار غلاما له يدعي زربيا في طلب شمر بن ذي الجوشن (قال ابومخنف) فحدثني يونس بن أبي اسحاق عن مسلم بن عبدالله الضبابي قال تبعنا زربي غلام المختار فلحقنا وقد خرجنا من الكوفة علي خيول لنا ضمر فأقبل يتمطر به فرسه فلما دنا منا قال لنا شمراركضوا وتباعدوا عني لعل العبد يطمع في قال فركضنا فامعنا وطمع العبد في شمر وأخذ شمر ما يستطرد له حتي اذا انقطع من أصحابه حمل عليه شمر فدق ظهره وأتي المختار فأخبر بذلك فقال بؤسا لزربي أما لو يستشيرني ما امرته أن يخرج لابي السابغة. (قال أبومخنف) حدثني أبومحمد الهمداني عن مسلم بن عبدالله الضبابي قال لما خرج شمر بن ذي الجوشن وأنا معه حين هزمنا المختار وقتل أهل اليمن بجبانة السبيع ووجه غلاما زربيا في طلب شمروكان من قتل شمراياه ما كان مضي شمر حتي ينزل ساتيد ما ثم مضي حتي ينزل إلي جانب قرية يقال لها الكلتانية علي شاطئ نهر إلي جانب تل ثم أرسل إلي تلك القرية فأخذ منها علجا فضربه. ثم قال النجاء بكتابي هذا إلي المصعب بن الزبير وكتب عنوانه [ صفحه 367] للامير المصعب بن الزبير من شمر بن ذي الجوشن قال فمضي العلج حتي يدخل قرية فيها بيوتا وفيها أبوعمرة وقد كان المختار بعثه في تلك الايام إلي تلك القرية ليكون مسلحة فيما بينه وبين اهل البصرة فلقي ذلك العلج علجا من تلك القرية فأقبل يشكو اليه ما لقي من شمر فانه لقائم معه يكلمه اذ مر به رجل من أصحاب أبي عمرة فرأي الكتاب مع العلج وعنوانه لمصعب من شمر فسالوا العلج عن مكانه الذي هو به فاخبرهم فاذا ليس بينهم وبينه الا ثلاثة فراسخ قال فاقبلوا ايسيرون اليه. (قال أبومخنف) فحدثني مسلم ابن عبدالله قال وأنا والله مع شمر تلك الليلة فقلنا لو أنك ارتحلت بنا من هذاالمكان فانا نتخوف به فقال أوكل هذا فرقا من الكذاب والله لا أتحول منه ثلاثة أيام ملاء الله قلوبكم رعبا قال وكان بذلك المكان الذي كنا فيه دبي كثير فوالله أني لبين اليقظان والنائم اذ سمعت وقع حوافر الخيل فقلت في نفسي هذا صوت الدبي ثم اني سمعته اشد من ذلك فانتبهت ومسحت عيني وقلت لا والله ما هذا بالدبي قال وذهبت لاقوم فاذا أنا بهم قد أشرفوا علينا من التل فكبروا ثم أحاطوا بابياتنا وخرجنا نشتد علي ارجلنا وتركنا خيلنا. قال فأمر علي شمروانه لمتزر ببرد محقق وكان أبرص فكاني أنظر إلي بياض كشحيه من فوق البرد فانه ليطاعنهم بالمرح قد أعجلوه أن يلبس سلاحه وثيابه فمضينا وتركناه قال فما هو ألا أن امعنت ساعة اذ سمعت الله اكبر قتل الله الخبيث. (قال ابومخنف) حدثني المشرقي عن عبدالرحمن بن عبيد ابي الكنود قال انا والله صاحب الكتاب الذي رايته مع العلج واتيت به ابا عمرة وأنا قتلت شمرا قال قلت هل سمعته يقول شيئا ليلتئذ قال نعم خرج علينا [ صفحه 368] فطاعننا برمحه ساعة ثم القي رمحه ثم دخل بيته فاخذ سيفه ثم خرج علينا وهو يقول.نبهتم ليث عرين باسلا حهما محياه يدق الكاهلالم يريوما عن عدونا كلا الا كذا مقاتلا او قاتلايبرحهم ضربا ويروي العاملا (قال ابومخنف) عن يونس بن ابي اسحاق ولما خرج المختار من جبانة السبيع واقبل إلي القصر أخذ سراقة بن مرداس يناديه بأعلي صوته.امنن علي اليوم يا خير معد وخير من حل بشحر والجندوخير من حيي ولبي وسجد فبعث به المختار إلي السجن فحبسه ليلة ثم أرسل اليه من الغد فأخرجه فدعا سراقة فأقبل إلي المختار وهو يقول.الا ابلغ ابا اسحاق انا نزونا نزوة كانت عليناخرجنا لا نري الضعفاء شيئا وكان خروجنا بطراوحينانراهم في مصافهم قليلا وهم مثل الدبي حين التقينايرزنا اذ رأيناهم فلما راينا القوم قد برزوا الينالقينا منهم ضربا طلحفا وطعنا صائبا حتي انشنينانصرت علي عدوك كل يوم بكل كتيبة تنعي حسيناكنصر محمد في يوم بدر ويوم الشعب اذ لاقي حنينافاسجح اذ ملكت فلو ملكنا لجرنا في الحكومة واعتديناتقبل توبة مني فاني سأشكران جعلت النقد دينا [ صفحه 369] قال فلما انتهي إلي المختار قال له اصلحك الله ايها الامير سراقة بن مرداس يحلف بالله - الذي لا اله الا هو لقد رأي الملائكة تقاتل علي الخيول البلق بين السماء والارض فقال له المختار فاصعد المنبر فأعلم ذلك المسلمين فصعد فاخبرهم بذلك ثم نزل فخلا به المختار فقال اني قد علمت انك لم تر الملائكة وانما اردت ما قد عرفت ان لا اقتلك فاذهب عني حيث احببت لا تفسد علي اصحابي. (قال ابومخنف) فحدثني الحجاج بن علي البارقي عن سراقة بن مرداس قال ما كنت في ايمان حلفت بها قط اشد اجتهادا ولا مبالغة في الكذب مني في ايماني هذه التي حلفت لهم بها. اني قد رايت الملائكة معهم تقاتل فخلوا سبيله فهرب فلحق بعبد الرحمن بن مخنف عند المصعب بن الزبير بالبصرة وخرج اشراف اهل الكوفة والوجوه فلحقوا بمصعب بن الزبير بالبصرة وخرج سراقة بن مرداس من الكوفة وهو يقول.الا ابلغ ابا اسحاق اني رايت البلغ دهما مصمتاتكفرت بوحيكم وجعلت نذرا علي قتالكم حتي المماتاري عيني ما لم تبصراه كلانا عالم بالترهاتاذا قالوا اقول لهم كذبتم وان خرجوا لبست لهم اداتيحدثني ابوالسائب مسلم بن جنادة قال حدثنا محمد بن براد من ولد ابي موسي الاشعري عن شيخ قال لما اسر سراقة البارقي قال وانتم اسرتموني ما اسرني الا قوم علي دواب بلق عليهم ثياب بيض قال فقال المختار اولئك الملائكة فأطلقه فقال. [ صفحه 370] الا ابلغ ابا اسحاق اني رأيت البلق دهما مصمتاتاري عيني ما لم يراياه كلانا عام بالترهات(قال أبومخنف) حدثني عمير بن زياد ان عبدالرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني قال يوم جبانة السبيع ويحكم من هؤلاء الذين اتونا من ورائنا قيل له شبام فقال ياعجبا يقاتلني بقومي من لا قوم له (قال ابومخنف) وحدثني ابوروق ان شرحبيل بن ذي بقلان من الناعطين قتل يومئذ وكان من بيوتات همدان فقال يومئذ قبل ان يقتل يا لها قتلة ما اضل مقتولها قتال مع غير امام وقتال علي غير نية وتعجيل فراق الاحبة ولو قتلناهم اذا لم نسلم منهم انا لله وانا اليه راجعون اما والله ما خرجت الا مواسيا لقومي بنفسي مخافة أن يضطهدوا وايم الله ما نجوت من ذلك ولا انجواولا اغنيت عنهم ولا اغنوا قال ويرميه رجل من الفائشيين من همدانيقال له احمر بن هديج بسهم فيقتله قال واختصم في عبدالرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني نفر ثلاثة سعر بن ابي سعر الحنفي وابوالزبير الشبامي ورجل آخر. فقال سعر طعنته طعنة وقال ابوالزبير لكن ضربته انا عشر ضربات او اكثر وقال لي ابنه يا ابا الزبير اتقتل عبدالرحمن بن سعد سيد قومك فقلت لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباء‌هم او ابنائهم أو اخوانهم او عشيرتهم فقال المختار كلكم محسن وانجلت الوقعة عن سبعمائة وثمانين قتيلا من قومه. (قال أبومخنف) حدثني النضر بن صالح ان القتل اذ ذاك كان استحر في اهل اليمن وان مضر اصيب منهم بالكناسة بضعة عشر [ صفحه 371] رجلا ثم مضوا حتي مروا بربيعة فرجع حجار بن ابجر ويزيد بن الحارث بن رؤيم وشداد بن المنذر اخو حصين وعكرمة بن ربعي فانصرف جميع هؤلاء إلي رحالهم وعطف عليهم عكرمة فقاتلهم قتالا شديدا ثم انصرف عنهم وقد خرج فجاء حتي دخل منزله فقيل له قد مرت خيل في ناحية الحي فخرج فأراد ان يثب من حائط داره إلي دار اخري إلي جانبه فلم يستطع حتي حمله غلام له وكانت وقعة جبانة السبيع يوم الاربعاء لست ليال بقين من ذي الحجة سنة 66 قال وخرج اشراف الناس فلحقوا بالبصرة وتجرد المختار لقتلة الحسين فقال ما من ديننا ترك قوم قتلوا الحسين يمشون احياء في الدنيا آمنين بئس ناصر آل محمد انا اذا الكذابكما سموني فاني بالله استعين عليهم الحمد لله الذي جعلني سيفا ضربهم به ورمحا طعنهم به وطالب وترهم والقائم بحقهم انه كان حقا علي الله ان يقتل من قتلهم وأن يذل من جهل حقهم فسموهم لي ثم اتبعوهم حتي تفنوهم. (قال أبومخنف) فحدثني موسي بن عامر ان المختار قال لهم اطلبوا لي قتلة الحسين فانه لا يسوغ لي الطعام والشراب حتي اطهر الارض منهم وانفي المصر منهم. (قال أبومخنف) وحدثني مالك بن أعين الجهني ان عبدالله بن دباس وهو الذي قتل محمد بن عمار بن ياسر الذي قال الشاعر. قتيل ابن دباس اصاب قذاله هو الذي دل المختار علي نفر ممن قتل الحسين منهم عبدالله بن اسيد بن النزال الجهني من حرقة ومالك بن النسير البدي وحمل بن [ صفحه 372] مالك المحاربي فبعث اليهم المختار ابا نمر مالك بن عمر والنهدي وكان من رؤساء اصحاب المختار فأتاهم وهم بالقادسية فاخذهم فاقبل بهم حتي ادخلهم عليه عشاء فقال لهم المختار يا اعداء الله واعداء كتاب واعداء رسوله وآل رسوله أين الحسين ابن علي أدوا إلي الحسين قتلتم من امرتم بالصلاة عليه في الصلاة فقالوا رحمك الله بعثنا ونحن كارهون فامنن علينا واسنبقنا قال المختار فهلا مننتم علي الحسين بن بنت نبيكم واستبقيتموه وسفيتموه ثم قال المختار للبدي أنت صاحب برنسه فقال له عبدالله ابن كامل نعم هو هو فقال المختار اقطعو ايدي هذا ورجليه ودعوه فليضطرب حتي يموت ففعل ذلك به وترك فلم يزل ينزف الدم حتي مات وامر بالاخرين فقد ما فقتل عبدالله بن كامل عبدالله الجهني وقتل سعر بن ابي سعر حمل بن مالك المحاربي. (قال أبومخنف) وحدثني ابوالصلت التيمي قال حدثني ابو سعيد الصيقل ان المختار دل علي رجال من قتلة الحسين دله عليهم سعر الحنفي قال فبعث المختار عبدالله بن كامل فخرجنا معه حتي مرببني ضبيعة فأخذ منهم رجلا يقال له زياد بن مالك قال ثم مضي إلي عنزة فاخذ منهم رجلا يقال له عمران بن خالد قال ثم بعثني في رجال معه يقال لهم الدبابة إلي دار في الحمراء فيها عبدالرحمن بن أبي خشكارة البجلي وعبدالله بن قيس الخولاني فجئنا بهم حتي ادخلناهم عليه فقال لهم يا قتلة الصالحين وقتلة سيد شباب اهل الجنة الا ترون الله قد اقاد منكم اليوم لقد جاء‌كم الورس بيوم نحس وكانوا قد اصابوا من الورس الذي كان مع الحسين اخرجوهم إلي السوق فضربوا [ صفحه 373] رقابهم ففعل ذلك بهم فهؤلاء اربعة نفر. (قال أبومخنف) وحدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد ابن مسلم قال جاء‌نا السائب بن مالك الاشعري في خيل المختار فخرجت نحو عبدالقيس وخرج عبدالله وعبدالرحمن ابنا صلخب في اثري وشغلوا بالاحتباس عليهما عني فنجوت واخذوهما ثم مضوا بهما حتي مروا علي منزل رجل يقال له عبدالله بن وهب ابن عمرو ابن عم أعشي همدان من بني عبد فاخذوه فانتهوا بهم إلي المختار فأمر بهم فقتلوا في السوق فهؤلاء ثلاثة فقال حميد بن مسلم في ذلك حيث نجا منهمالم ترني علي دهش نجوت ولم أكد أنجورجاء الله أنقذني ولم أك غيره أرجو(قال ابومخنف) حدثني موسي بن عامر العدوي من جهينة وقد عرف ذلك الحديث شهم بن عبدالرحمن الجهني قال بعث المختار عبدالله بن كامل إلي عثمان بن خالد بن اسير الدهماني من جهينة والي ابي اسماء بشر بن سوط القابضي وكانا ممن شهدا قتل الحسين وكانا اشتركا في دم عبدالرحمن بن عقيل بن ابي طالب وفي سلبه فاحاط عبدالله بن كامل عند العصر بمسجد بني دهمان ثم قال علي مثل خطايا بني دهمان منذ يوم خلقوا إلي يوم يبعثون ان لم اوت بعثمان بن خالد بن اسير ان لم اضرب اعناقكم من عند آخركم فقلنا له امهلنا نطلبه فخرجوا مع الخيل في طلبه فوجد وهما جالسين في الجبانة وكانا يريد ان يخرجا إلي الجزيرة فاتي بهما عبدالله بن كامل فقال الحمد لله الذي كفي المؤمنين القتال لو لم يجدوا هذا مع هذا عنانا إلي منزله في طلبه [ صفحه 374] فالحمد لله الذي حينك حتي امكن منك فخرج بهما حتي اذا كان في موضع بئرالجعد ضرب اعناقهما ثم رجع فاخبر المختار خبرهما فامره ان يرجع اليهما فيحرقهما بالنار وقال لا يدفنان حتي يحرقا فهذان رجلان فقال اعشي همدان يرثي عثمان الجهني.ياعين بكي فتي الفتيان عثمانا لا يبعدون الفتي من آل دهماناواذكر فتي ماجدا حلوا شمائله ما مثله فارس في آل همداناقال موسي بن عامر وبعث معاذ بن هاني بن عدي الكندي بن أخي حجر وبعث أبا عمرة صاحب حرسه فساروا حتي أحاطوا بدار خولي بن يزيد الاصبحي وهو صاحب رأس الحسين الذي جاء به فاختبي في مخرجه فأمر معاذ أبا عمرة أن يطلبه في الدار فخرجت امرأته اليهم فقالوا لها أين زوجك فقالت لا ادري أين هو واشارت بيدها إلي المخرج فدخلوا فوجدوه قد وضع علي رأسه قوصرة فأخرجوه وكان المختار يسير بالكوفة ثم انه أقبل في اثر اصحابه. وقد بعث ابوعمرة اليه رسولا فاستقبل المختار الرسول عند دار أبي بلال ومعه ابن كامل فأخبره الخبر فأقبل المختار نحوهم فاستقبل به فردده حتي قتله إلي جانب أهله ثم دعابنار فحرقه ثم لم يبرح حتي عاد رمادا ثم انصرف عنه وكانت امرأته من حضرموت يقال لها العيوف بنت مالك بن نهار بن عقرب وكانت نصبت له العداوة حين جاء برأس الحسين (قال أبومخنف) وحدثني موسي بن عامر ابوالاشعر أن المختار قال ذات يوم وهو يحدث جلساء‌ه لاقتلن غدا رجلا عظيم القدمين غائر العينين مشرفالحاجبين يسر مقتله المؤمنين والملائكة المقربين قال [ صفحه 375] وكان الهيثم بن الاسود النخعي عند المختار حين سمع هذه المقالة فوقع في نفسه ان الذي يريد عمر بن سعد بن أبي وقاص. فلما رجع إلي منزله دعا ابنه العريان فقال الق ابن سعد الليلة فخبره بكذا وكذا وقل له خذ حذرك فانه لا يريد غيرك قال فأتاه فاستخلاه ثم حدثه الحديث فقال له عمر بن سعد جزي الله أباك والاخاء خيرا كيف يريد هذا بي بعد الذي اعطاني من العهود والمواثيق وكان المختار أول ما ظهر أحسن شئ سيرة وتالفا للناس وكان عبدالله بن جعدة بن هبيرة اكرم خلق الله علي المختار لقرابته بعلي فكلم عمر بن سعد عبدالله بن جعدة وقال له اني لا آمن هذا الرجل يعني المختار فخذلي منه أمانا ففعل قال فانا رأيت أمانه وقرأته. بسم الله الرحمن الرحيم هذا امان من المختار بن أبي عبيد لعمر بن سعد بن أبي وقاص انك آمن بامان الله علي نفسك ومالك واهلك و اهل بيتك وولدك لا تؤاخذ بحدث كان منك قديما ما سمعت وأطعت و لزمت رحلك وأهلك ومصرك فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الله وشيعة آل محمد ومن غيرهم من الناس فلا يعرض له الا بخبر شهد السائب بن مالك وأحمر بن شميط وعبدالله بن شداد وعبدالله بن كامل وجعل المختار علي نفسه عهد الله ومياقه ليفين لعمر بن سعد بما اعطاه من الامان الا ان يحدث حدثا وأشهد الله علي نفسه وكفي بالله شهيدا. قال فكان ابوجعفر محمد بن علي يقول أما امان المختار لعمر بن سعد الا أن يحدث حدثا فانه كان يريد به اذ ادخل الخلاء فأحدث قال فلما جاء‌ه العريان بهذا خرج من تحت ليلته حتي أتي حمامه ثم قال في نفسه [ صفحه 376] أنزل داري فرجع فعير الروحاء ثم أتي داره غدوة وقد اتي حمامه فأخبر مولي له بما كان من أمانه وبما اريد به فقال له مولاه واي حدث أعظم بما صنعت أنك تركت رحلك واهلك واقبلت إلي ههنا ارجع إلي رحلك لا تجعلن للرجل عليك سبيلا فرجع إلي منزله وأتي المختار بانطلاقه فقال كلا ان في عنقه سلسلة سترده لو جهد أن ينطلق ما استطاع قال واصبح المختار فبعث اليه ابا عمرة وأمره ان يأتيه به فجاء‌ه حتي دخل عليه فقال اجب الامير فقام عمر فعثر في جبة له ويضربه ابوعمرة بسيفه فقتله وجاء برأسه في اسفل قبائه حتي وضعه بين يدي المختار. فقال المختار لابنه حفص بن عمر بن سعد وهو جالس عنده اتعرف هذا الرجل فاسترجع وقال نعم ولاخير في العيش بعده قال له المختار صدقت فانك لا تعيش بعده فامر به فقتل واذا رأسه مع راس ابيه ثم ان المختار قال هذا بحسين وهذا بعلي بن حسين ولا سواء والله لوقتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من انامله فقالت حميدة بنت عمر بن سعد تبكي اباها.لو كان غير اخي قسي غره او غير ذي يمن وغير الاعجمسخي بنفسي ذاك شيئا فاعلموا عنه وما البطريق مثل الالاماعطي ابن سعد في الصحيفة وابنه عهدا يلين له جناح الارقمفلما قتل المختار عمر بن سعد وابنه بعث برأسيهما مع مسافر بن سعيد بن نمران الناعطي وظبيان بن عمارة التيمي حتي قدما بهما علي محمد بن الحنفية وكتب إلي ابن الحنفية في ذلك بكتاب. (قال أبومخنف) وحدثني موسي بن عامر قال انما كان هيج المختار [ صفحه 377] علي قتل عمر بن سعد ان يزيد بن شراحيل الانصاري اتي محمد بن الحنفية فسلم عليه فخري الحديث إلي أن تذاكرو المختار وخروجه وما يدعو اليه من الطلب بدماء أهل البيت فقال محمد بن الحنفية علي اهون رسله يزعم انه لنا شيعة وقتلة الحسين جلسوه علي الكراسي يحدثونه قال فوعاها الآخر منه فلما قدم الكوفة اتاه فسلم عليه فساله المختار هل لقيت المهدي فقال له نعم فقال ما قال لك وماذاكرك قال فخبره الخبر قال فما لبث المختار عمر بن سعد وابنه ان قتلهما ثم بعث برؤسهما إلي ابن الحنفية مع الرسولين اللذين سمينا وكتب معهما إلي ابن الحنفية.بسم الله الرحمن الرحيم للمهدي محمد بن علي من المختار بن أبي عبيد سلام عليك يا أيها المهدي فأني أحمد اليك الله الذي لا اله الا هو اما بعد فان الله بعثني نقمة علي أعدائكم فهم بين قتيل وأسير وطريد وشريد فالحمد لله الذي قتل قاتليكم وقصر مؤارزيكم. وقد بعثت اليك برأس عمر بن سعد وابنه وقد قتلنا من شرك في دم الحسين وأهل بيته رحمة الله عليهم كل من قدرنا عليه ولن يعجز الله من بقي ولست بمنجم عنهم حتي لا يبلغني أن علي اديم الارض منهم ارميا فاكتب إلي أيها المهدي برأيك أتبعه وأكون عليه والسلام عليك ايها المهدي ورحمة الله بركاته ثم ان المختار بعث عبدالله بن كامل إلي حكيم بن طفيل الطائي السنبسي وقد كان اصاب صلب العباس ابن علي ورمي حسينا بسهم فكان يقول تعلق سهمي بسرباله وماضره فأتاه عبدالله بن كامل فأخذه ثم اقبل به وذهب اهله فاستغاثوا بعدي بن حاتم فلحقهم في الطريق فكلم عبدالله بن كامل فيه فقال ما إلي من أمره شئ انما ذلك إلي الامير المختار قال فاني آتيه قال فأته راشد افمضي عدي نحو المختار وكان المختار قد شفعه [ صفحه 378] في نفر من قومه أصابهم يوم جبانة السبيع لم يكونوا نطقوا بشئ من امر الحسين ولا اهل بيته. فقالت الشيعة لابن كامل انا نخاف ان يشفع الامير عدي بن حاتم في هذا الخبيث وله من الذنب ما قد علمت فدعنا نقتله قال شأنكم به فلما انتهوا به إلي دار العنزبين وهو مكتوف نصبوه غرضا ثم قالوا له سلبت ابن علي ثيابه والله لنسلبن ثيابك وانت حي تنظر فنزعوا ثيابه ثم قالوا له رميت حسينا واتخذته غرضا لنبلك وقلت تعلق سهمي بسرباله ولم يضره وايم الله لنرمينك كما رميته بنبال ما تعلق بك منها اجزاك قال فرموه رشقا واحدا فوقعت به منهم نبال كثيرة فخر ميتا (قال ابومخنف) فحدثني ابوالجارود عمن رآه قتيلا كأنه قنفذ لما فيه من كثرة النبل ودخل عدي بن حاتم علي المختار فأجلسه معه علي مجلسه فأخبره عدي عما جاء له فقال له المختار اتستحل يا ابا طريف أن تطلب في قتلة الحسين قال انه مكذوب عليه اصلحك الله قال اذا ندعه لك قال فلم يكن بأسرع من أن دخل ابن كامل. فقال له المختار ما فعل الرجل قال قتلته الشيعة قال له وما اعجلك إلي قتله قبل ان تأتيني به وهو لا يسره انه لم يقتله وهذا عدي قد جاء فيه وهو اهل ان يشفع ويؤتي ما سره قال غلبتني والله الشيعة قال له عدي كذبت يا عدو الله ولكن ظننت ان من هو خير منك سيشفعني فيه فبادرتني فقتلته ولم يكن خطر يدفعك عما صنعت. قال فاسحنفر اليه ابن كامل بالشتيمة فوضع المختار اصبعه علي فيه يأمر ابن كامل بالسكوت والكف عن عدي فقام عدي راضيا عن المختار [ صفحه 379] ساخطا علي ابن كامل يشكوه عند من لقي من قومه وبعث المختار إلي قاتل علي ابن الحسين عبدالله بن كامل وهو رجل من عبدالقيس يقال له مرة بن منقذ بن النعمان العبدي وكان شجاعا فأتاه ابن كامل فأحاط بداره فخرج اليهم وبيده الرمح وهو علي فرس جواد فطعن عبيدالله بن ناجية الشبامي فصرعه. ولم يضره قال ويضربه ابن كامل بالسيف فيتقيه بيده اليسري فاسرع فيها السيف وتمطرت به الفرس فافلت ولحق بمصعب وشلت يده بعد ذلك قال وبعث المختار ايضا عبدالله الشاكري إلي رجل من جنب يقال له زيد بن رقاد كان يقول لقد رميت فتي منهم بسهم وانه لواضع كفه علي جبهته يتقي النبل فاثبت كفه في جبهته فما استطاع ان يزيل كفه عن جبهته (قال ابومخنف) فحدثني ابوعبدالاعلي الزبيدي ان ذلك الفتي عبدالله بن مسلم بن عقيل وانه قال حيث اثبت كفه في جبهته اللهم انهم استقلونا واستذلونا اللهم فاقتلهم كما قتلونا اذلهم كما استذلونا ثم انه رمي الغلام بسهم آخر فقتله فكان يقول جئته ميتا فنزعت سهمي الذي قتلته به من جوفه فلم ازل انضنض السهم من جبهته حتي نزعته وبقي النصل في جبهته مثبتا ما قدرت علي نزعه قال فلما اتي ابن كامل داره احاط بها واقتحم الرجال عليه فخرج مصلتا بسيفه وكان شجاعا. فقال ابن كامل لا تضربوه بسيف ولا تطعنوه برمح ولكن ارموه بالنبل وارجموه بالحجارة ففعلوا ذلك به فسقط فقال ابن كامل ان كان به رمق فأخرجوه فأخرجوه وبه رمق فدعا بنار فحرقه بها وهو حي لم تخرج روحه وطلب المختار سنان ابن انس الذي كان يدعي قتل [ صفحه 380] الحسين فوجده قد هرب إلي البصرة فهدم داره وطلب المختار عبدالله بن عقبة الغنوي فوجده قد هرب ولحق بالجزيرة فهدم داره وكان ذلك الغنوي قد قتل منهم غلاما وقتل رجل آخر من بني اسد يقال له حرملة بن كاهل رجلا من آل الحسين ففيهما يقول ابن أبي عقب الليثي.وعند غني قطرة من دمائنا وفي اسد اخري تعد وتذكروطلب رجلا من خثعم يقال له عبدالله بن عروة الخثعمي كان يقول رميت فيهم باثني عشر سهما ضيعة ففاته ولحق بمصعب فهدم داره وطلب رجلا من صداء يقال له عمرو بن صبيح وكان يقول لقد طعنت بعضهم وجرحت فيهم وما قتلت منهم احدا فأتي ليلا وهو علي سطحه وهو لا يشعر بعد ما هدأت العيون وسيفه تحت رأسه فأخذوه أخذا وأخذوا سيفه فقال قبحك الله سيفا ما اقربك وأبعدك فجئ به إلي المختار فحبسه معه في القصر. فلما ان اصبح أذن لاصحابه وقيل ليدخل من شاء أن يدخل ودخل الناس وجئ به مقيدا فقال أما والله يامعشر الكفرة الفجرة أن لو بيدي سيفي لعلمتم اني بنصل السيف غير رعش ولا رعديد ما يسرني اذ كانت منيتي قتلا انه قتلني من الخلق احد غيركم لقد علمت أنكم شرار خلق الله غير اني وددت أن بيدي سيفا أضرب به فيكم ساعة. ثم رفع يده فلطم عين ابن كامل وهو إلي جنبه فضحك ابن كامل ثم اخذ بيده وامسكها ثم قال انه يزعم أنه قد جرح في آل محمد وطعن فمرنا بأمرك فيه فقال المختار علي بالرماح فأتي بها فقال اطعنوه حتي يموت فطعن بالرماح حتي مات. [ صفحه 381] (قال أبومخنف) حدثني هشام بن عبدالرحمن وابنه الحكم بن هشام ان اصحاب المختار مروا بدار بني ابي زرعة بن مسعود فرموهم من فوقها فأقبلوا حتي دخلوا الدار فقتلوا الهبياط ابن عثمان بن أبي زرعة الثقفي وعبدالرحمن بن عثمان بن أبي زرعة الثقفي وأفلتهم عبدالمالك بن ابي زرعة بضربة في رأسه فجاء يشتد حتي دخل علي المختار فأمر امراته ام ثابت ابنة سمرة بن جندب فداوت شجته. ثم دعاه فقال لا ذنب لي انكم رميتم القوم فاغضبتموهم وكان محمد بن الاشعث بن قيس في قرية الاشعث إلي جنب القادسيه فبعث المختار اليه حوشبا ساذن الكرسي في مائة فقال انطلق اليه فانك تجده لاهيا متصيدا او قائما متلبدا او خائفا متلددا اوذ اكامنا متغمدا فان قدرت عليه فأتني برأسه فخرج حتي اتي قصره فاحاط به وخرج منه محمد بن الاشعث فلحق بمصعب وأقاموا علي القصر وهم يرون انه فيه ثم انهم دخلوا فعلموا انه قد فاتهم فانصرفوا إلي المختار فبعث إلي داره فهدمها وبني بلبنها وطينها دار حجر بن عدي الكندي وكان زياد بن سمية قد هدمها. [ صفحه 382]

كتاب مقتل الحسين

للمؤرخ الشهير لوط بن يحيي بن سعيد بن مخنف بن سليم الازدي الغامدي رهمع التعاليق النفيسة بقلم خادم اهل البيت والعلم الحسن الغفاري [ صفحه 384] نشكر من بعض اصدقائي واخواني في الدين بما انه زيد تأييده لا يزال كان عونا لي في ترصيف هذا المسفور وساعدني مساعدة شقيق مخلص ونرجو الله من عميم فضله أن يديم توفيقه ويحشره مع مواليه الميامين بحق محمد وآله الطاهرين [ صفحه 385] بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي حمده غاية آمال العارفين وشكره منتهي مبلغ العاملين، والصلوة والسلام علي سيد العالم ومفخر بني آدم، المتعالي في مدارج الجلال والجمال: والراقي إلي منتهي مراقي الكمال، المبعوث لهداية الانام، والمنقذ لهم عن ورطات الهلاك والظلام، محمد المصطفي حبيب اله العالمين، وعلي آله وعترته الميامين، خيرة الاوصياء، ومفاخر الاولياء الائمة الاثني عشر، كواكب الدجي، وانوار الهدي، واللعن الدائم علي اعاديهم ومخالفيهم ومعانديهم ومنكري فضائلهم أجمعين من الان إلي قيام يوم الدين. وبعد فيقول العبد الذليل المحتاج إلي عفوربه الجليل الحسن بن عبدالحميد الغفاري عفي الله عنه: انني منذ ما كنت مشتغلا بجمع الاحاديث والروايات الواردة في فضائل المعصومين سلام الله عليهم أجمعين عن كتب العامة وأسفارهم أردت أن أجمع الاخبار الواردة في مقتل مولانا الشهيد أبي عبدالله الحسين روحي له الفداء بحيث كان كل من نظر فيه وتأمل في مضامينه أغناه عن الرجوع إلي سائر المقاتل، وبينا أنا كنت مشغولا بذلك بان لي أن من جملة المقاتل التي استندوا اليها ونقلوا عنها مقتل أبي مخنف المشهور بين الخواص والعوام، ونقل مهرة الفن عنه في زبرهم القديمة كمحمد بن جرير الطبري في [ صفحه 387] كتابه (تاريخ الامم والملوك) وابن أثير الجزري في كتابه (الكامل) وغيرهما. وكيفية النقل لا سيما في تاريخ الامم والملوك يشعر بأن هذا الكتاب كان بين يدي محمد بن جرير وهو ينقل عنه بلا واسطة وأحيانا بوساطة هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وحيثما قابلت النسخة المطبوعة التي بأيدينا المسمي بمقتل أبي مخنف مع ما اورده الطبري وغيره في كتبهم رأيت ما بينه وبينها اختلافا كثيرا وتهافتا بينا بحيث يشعر الظن بل الاطمينان بأن هذا المطبوع ليس المقتل المزبور بتمامه وان كان فيه بعض ما فيه، وهذا هو الذي دعاني إلي التقاط ما أورده الطبري في تاريخه وجمعه وتبويبه. مع ما اعلق عليه من توثيق الرواة الموجودة في طريق النقل عن كتب العامة والخاصة وصار بحمد الله والمنة كتابا جامعا وسفرا شريفا يزيل الشبه ويورث الاطمينان والاعتقاد بأن ما ذكر في هذا الكتاب هو ما ذكره أبومخنف وان لم يكن جميع ما ذكره فانه لا قطع لي أن هؤلاء المورخين ذكروا في مقاتلهم جميع ما ذكره المؤلف في كتابه فللناظر البصير والنقاد الخبير ان يغتنم هذه الفرصة وان يجتني من أزهار ربيعه فان للنقل في الاخبار والروايات شرائط يلزم لكل ناقل رعايتها، ويستجمعها صحة استنادها وصدورها عن راويها وهذا المعني بعون الله تعالي موجود فيما نقلنا وجمعنا، وسميناه بمقتل ابي مخنف الصحيح المنقول من تاريخ الامم والملوك ورجائي من مولائي و سيدي أن يقبله بعين اللطف والرحمة وأن يجعله ذخرا لي ليوم لا ينفع فيه مال [ صفحه 388] ولا بنون الا من أتي الله بقلب سليم. وفي الختام اقدم شكري الجميل وثنائي الجزيل إلي سماحة سيدي العلامة الاستاذ المستضئ من أضواء مشاكي الرشد والهداية، والمستنير من أنوار منارات الدين والولاية آية الله العظمي: السيد شهاب الدين المرعشي النجفي دام ظله الوارف فانه دامت أيام افاضاته حرضنيوشوقني لتنسيق هذا الموسوع وعاضدني في تمام المشاكل والمعاضل معاضدة والدروحاني رؤوف لولده الخاطئ المسكين، جزاه الله عني وعن الاسلام خير ما يجزي من الاعلام ومجاهدي الاسلام. واهدي ثوابه إلي روح والدي المرحوم الذي صرف عمره الشريف لخدمة أهل البيت وذكر مناقبهم ومراثيهم تقديرا لما أتعب نفسه الزكية لتربية ولده العاصي ومن هو منغمر في بحار المعاصي. أللهم يا ربي الكريم انك تعلم أني لست بأهل أن تشمله نسمات موهباتك ورحمتك، ولكنه أين كرمك وعظيم عفوك، هذه هدية نملة وبضاعة مزجاة إلي مليك مقتدر، فبحق محمد وآله والدماء التي اريقت في احياء شرعك ودينك تقبل هذا مني بقبول حسن، واجعلني من خدمة أوليائك وأهل بيت نبيك ما دمت حيا. حررفي 15 شوال المكرم من سنة 1398 [ صفحه 389] بسم الله الرحمن الرحيم ترجمة المؤلف هو: لوط بن يحيي بن سعيد بن مخنف بن سليم الازدي الغامدي ابومخنف صاحب المقتل رحمه الله. الضبط: لوط بضم اللام وسكون الواو بعدها وطاء مهملة، ومخنف بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح النون بعدها فاء. الغامدي: بفتح الغبن المعجمة وكسر الميم والدال المهملة نسبة إلي غامد وهو بطن من الازد. قال العلامة المتتبع آية الله العظمي الشيخ عبدالله المامقاني رضوان الله عليه في تنقيح المقال ما هذا لفظه: عده الشيخ في رجاله تارة من رجال واصحاب امير المؤمنين عليه السلام تبعا للكشي فقال: لوط بن يحيي الازدي يكني أبا مخنف: هذا ذكره الكشي من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام، وعندي أن هذا غلط، لان لوط بن يحيي لم يلق امير المؤمنين عليه السلام وكان أبوه يحيي من اصحابه عليه السلام انتهي. واخري من أصحاب الحسن عليه السلام قائلا: لوط بن يحيي يكني أبا مخنف، وثالثة من أصحاب الحسين عليه السلام بالعنوان [ صفحه 390] المذكور في الحسن، ورابعة من اصحاب الصادق عليه السلام بقوله: لوط بن يحيي ابومخنف الازدي الكوفي صاحب المغازي انتهي. وقال في الفهرست: لوط بن يحيي الازدي يكني أبا مخنف من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام علي ما زعم الكشي، والصحيح أن أباه كان من اصحابه عليه السلام وهو لم يلقه، له كتب كثيرة في السير، منها: أخبار مقتل الحسين عليه السلام وكتاب المختار بن ابي عبيدة الثقفي وكتاب مقتل محمد بن ابي بكر، وله كتاب مقتل عثمان، وكتاب الجمل وكتاب صفين، وغير ذلك من الكتب وهي كثيرة. أخبرنا احمد بن عبدون والحسين بن [114] عبيدالله جميعا عن ابي بكر الدوري عن القاضي ابي بكر احمد بن كامل عن محمد بن موسي بن حماد عن ابن ابي السري محمد، قال: حدثنا هشام [115] بن محد الكلبي عن ابي مخنف، وله كتاب خطبة الزهراء عليها السلام اخبرنا احمد بن موسي عن ابن [116] عقدة عن يحيي بن زكريا بن شيبان (سنان. في الكافي للكليني) عن نصر [117] بن مزاحم عن لوط [ صفحه 391] بن يحيي عن عبدالرحمان بن جندب عن ابيه قال: خطب امير المؤمنين علي بن ابيطالب عليه السلام وذكر الخطبة بطولها انتهي. وقال النجاشي: لوط بن يحيي بن سعيد بن مخنف بن سالم الازدي الغامدي ابومخنف شيخ اصحاب الاخبار بالكوفة ووجههم وكان يسكن إلي ما يرويه، وروي عن جعفر بن محمد، وقيل أنه روي عن ابي جعفر عليه السلام ولم يصح وصنف كتبا كثيرة منها كتاب المغازي، كتاب السقيفة، كتاب الردة، كتاب فتوح الاسلام كتاب فتوح العراق، كتاب فتوح خراسان، كتاب الشوري، كتاب قتل عثمان، كتاب الجمل، كتاب صفين، كتاب النهروان، كتاب الحكمين، كتاب الغارات، كتاب مقتل امير المؤمنين عليه السلام، كتاب مقتل الحسين عليه السلام، كتاب قتل الحسن عليه السلام، كتاب مقتل الحجر بن عدي، كتاب أخبار زياد، كتاب أخبار المختار،كتاب اخبار الحجاج، كتاب أخبار محمد بن ابي بكر، كتاب مقتل محمد، كتاب أخبار ابن الحنفية، كتاب أخبار يوسف بن عمير (عمر - ظ) كتاب أخبار شبيب الخارجي، كتاب أخبار مطرف ابن المغيرة ابن شعبة، كتاب أخبار آل مخنف بن سليم، كتاب اخبار الحريث الاسدي الناجي وخروجه. أخبرنا احمد بن علي بن نوح، قال: حدثنا عبدالجبار بن سيران الساكن (بنهر خطي) قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي قال: حدثنا عبدالله بن الضحاك المرادي، قال: حدثنا هشام بن محمد السائب الكلبي عن ابي مخنف لوط بن يحيي انتهي [ صفحه 392] وقال في القسم الاول من الخلاصة: لوط بن يحيي بن سعيد بن مخنف بن مسلم الازدي الغامدي بالغين المعجمة والدال المهملة ابومخنف رحمة الله شيخ اصحاب الاخبار بالكوفة ووجههم، وكان يسكن إلي ما يرويه، روي عن جعفر بن محمد عليه السلام قال النجاشي: وقيل أنه روي عن ابي جعفر عليه السلام ولم يصح، وقال الشيخ الطوسي والكشي رحمهما الله أنه من أصحاب امير المؤمنين والظاهر خلافه أما ابوه يحيي فانه كان من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام فلعل قول الشيخ والكشي اشارة إلي الاب والله اعلم انتهي. اقول: نسبته إلي الشيخ ره وعده من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام غريبة لما سمعت من الشيخ ره من التصريح في رجاله و فهرسته جميعا بكون النسبة من الكشي وكونها اشتباها وان كان يمكن التأمل في انكار الشيخ ره كونه من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام بان ظاهر بعض الروايات ملاقاته لامير المؤمنين عليه السلام لانه روي عنه عليه السلام مثل ما في باب وضع المعروف موضعه من الكافي من روايته عن عدة من اصحابنا عن احمد بن ابي عبدالله عن محمد بن علي عن احمد بن عمرو بن سليمان البجلي عن اسماعيل بن الحسن بن اسماعيل عن ابن شعيب عن ابن ميثم التمار عن ابراهيم بن اسحاق المدائني عن رجل عن ابي مخنف الازدي. قال: أتي امير المؤمنين رهط من الشيعة الحديث، فانه ظاهر في لقائه امير المؤمنين عليه السلام وحمله علي خلاف ظاهره من دون قرينة لا وجه له بعد امكان لقائه له، لانه بين آخر زمان امير المؤمنين [ صفحه 393] وأول امامة الصادق عليه السلام ست وسبعون سنة، فيمكن أن يكون ابومخنف قد لقي امير المؤمنين عليه السلام وعمره خمسة عشرة سنة وأدرك من زمان الصادق عليه السلام سنة مثلا فيكون المجموع نحوا من الاثنين وتسعين سنة وذلك عمر متعارف فلا مانع من دركه امير المؤمنين عليه السلام، بل يمكن ادراكه امير المؤمنين عليه السلام قبل البلوغ بعد كون المدار في الرواية علي حال الاداء دون التحمل. فكونه من اصحاب الامير كما ذكره الكشي ممكن ولا موجب لما صدر من الشيخ ره من انكار ذلك، وما أبردما صدر من الفاضل الحائري في المنتهي من الاستدلال لعدم ملاقاته الامير عليه السلام بل التأمل لذلك في درك ابيه يحيي اياه عليه السلام بأن جد ابيه مخنف بن سليم من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام كما صرح به الشيخ رحمه الله وغيره قال: ان ذلك مما يشهد للشيخ ره بعدم درك لوط اياه عليه السلام، بل لعله يضعف درك أبيه أيضا اياه انتهي، فان فيه أن درك شخص وابنه وابن ابنه وابن ابن ابنه لامام غير عزيز لامكان اجتماعهم في زمان واحد يكون عمر ابن ابن الابن خمسة عشرة وعمر ابن الابن خمسة وثلاثين وعمر الابن خمسة وخمسين وعمره خمسة وسبعين ولعله لذا امر بعد ذلك بالتأمل وليته لم يذكره من اصله. وتنقيح؟ المقال في حال الرجل انه لا ينبغي التأمل في كونه شيعيا اماميا كما صرح بذلك جماعة، وانكار ابن ابي الحديد ذلك بقوله في شرح النهج: وابومخنف من المحدثين وممن يري صحة الامامة بالاختيار وليس من الشيعة ولا معدودا من رجالها انتهي، من الخرافات اللتي [ صفحه 394] تعودت العامة عليها في مذهبهم وفيما يرجع اليه كيف وقد صرح جماعة منهم بتشيعه. بل جعل تشيعه سببا [118] لرد روايته كما هي عادتهم غالبا، الا تري إلي قول صاحب القاموس في مادة (خ ن ف) ومخنف كمنبر وابومخنف لوط بن يحيي اخباري شيعي تالف متروك انتهي، والعجب العجاب أن ابن ابي الحديد نطق بما سمعت بعد أن روي أشعارا في أن عليا عليه السلام وصي رسول الله صلي الله عليه وآله. وقال: ذكر هذه الاشعار والاراجز باجمعها ابومخنف لوط بن يحيي في كتاب وقعة الجمل انتهي، فان نقله لتلك الاشعار شاهد لتشيعه والا لم يكن ليرويها كما هي عادة أهل السنة غالبا، وبالجملة فكون الرجل شيعيا اماميا مما لا ينبغي الريب فيه وقول النجاشي ره: انه شيخ [ صفحه 395] اصحاب الاخبار بالكوفة ووجههم وكان يسكن إلي ما يرويه مدح معتد به يثبت حسنه، ولذا عده في الوجيزة والبلغة والحاوي وغيرها من الحسان وقال العلامة المحقق الاردبيلي في كتابه جامع الرواة (ج 2 ص 33) ما لفظه: لوط بن يحيي بن سعيد بن مخنف بن سليم الازدي العامدي أبومخنف رحمه الله تعالي شيخ أصحاب الاخبار بالكوفة ووجههم وكان يسكن إلي ما يرويه، روي عن جعفر بن محمد عليهما السلام (صه. جش) وقيل انه روي عن أبي جعفر عليه السلام ولم يصح (جش) عنه (صه) من أصحاب امير المؤمنين عليه السلام والحسن والحسين عليهما السلام علي ما زعم (روي - خ) الكشي، والصحيح أن أباه كان من أصحابه وهو لم يلقه (ست) وفي (جخ) ذكره في (ي) وقال: هكذا ذكره الكشي، وعندي أن هذا غلط، وكان أبوه من أصحابه ثم ذكره في (ن) و (سين) و (ق) ولم ينسب شئ من ذلك إلي الكشي ولا غيره. وفي (صه) قال الشيخ الطوسي ره والكشي انه من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام والظاهر خلافه، أما أبوه يحيي فانه كان من أصحابه عليه السلام، فلعل قول الشيخ والكشي اشارة إلي الاب انتهي معولا يخفي ما فيه (مح) وصنف كتبا كثيرة، روي عنه هشام بن السائب (جش) (س) له كتب كثيرة، روي عنه هشام بن محمد الكلبي ونصر بن مزاحم المنقري عن عمرو بن ثابت عن عطية بن الحارث وعن عمر بن سعيد عن أبي مخنف [ صفحه 396] لوط بن يحيي في (ست) في ترجمة زيد بن وهب. التميز: قد سمعت من الفهرست رواية هشام بن محمد بن الكلبي ونصر بن مزاحم عنه ومن النجاشي ايضا رواية هشام المذكور عنه وبهما ميزه في المشتركات.

پاورقي

[1] هشام بن محمد بن السائب ابوالمنذر الناسب الكلبي الاخباري النسابة العلامة، روي عن ابيه ابي النضر الكلبي المفسر وعن مجالد، وحدث عنه جماعة. قال احمد بن حنبل: انما كان صاحب سمر ونسب، وقيل: ان تصانيفه ازيد من مأة وخمسين مصنفا، مات سنة اربع ومأتين، ومن الرواة عنه محمد بن سعيد وولده العباس بن هشام، وكان واسع الحفظ جدا. وذكره ابن ابي طي في الامامية وقص له قصة مع جعفر الصادق رحمه الله تعالي، ونقل ابوالفرج الاصبهاني عن ابي يعقوب الحريمي قال: كان هشام بن الكلبي علامة نسابة وراوية للمثالب، وبلغت كتبه كما عدها ابن النديم في الفهرست مأة واربعة واربعين كتابا. ميزان الاعتدال (ج 4 ص 304) لسان الميزان (ج 6 ص 196) وقال النجاشي هو العالم بالايام المشهور بالفضل والعلم، وله الحديث المشهور قال: اعتللت علة عظيمة نسيت علمي فجلست إلي جعفر بن محمد عليه السلام فسقاني العلم في كأس فعاد الي علمي وكان ابوعبدالله عليه السلام يقربه ويدنيه وينشطه. تنقيح المقال (ج 3 ص 303 ط المطبعة المرتضوية بالنجف الاشرف).
[2] الظاهر أنه زائد ويؤيد هذا عدم ذكره في الكامل لابن أثير الجزري.
[3] في الكامل: فقالا.
[4] في الكامل: أخافه عليك.
[5] في الكامل:صوتي.
[6] في الكامل: ببيعتك.
[7] عبدالملك بن نوفل بن مساحق بن عبدالله بن مخرمة بن عبدالعزيز بن ابي قيس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لوي العامري ابونوفل المدني روي عن ابيه وابي عصام المزني وكيسان بن سعيد المقبري وربيعة العنزي، وعنه ابومخنف لوط بن يحيي وابواسماعيل الازدي صاحب فتوح الشام وابن عيينة، ذكره ابن حبان في الثقات - (تهذيب التهذيب ج 6 ص 428). وفي الكاشف للعلامة الذهبي (ج 2 ص 216 ط دار التاليف بمصر). قال: عبدالملك بن نوفل بن مساحق عن ابيه وابي سعيد المقبري وعنه ابن عيينة وابواسماعيل محمد بن عبدالله الازدي ثقة.
[8] كيسان ابوسعيد المقبري صاحب العباء مولي ام شريك، روي عن عمر وعلي وعبدالله بن سلام واسامة بن زيد وابي رافع مولي النبي صلي الله عليه وسلم وابي هريرة وابي شريح الخزاعي وابي سعيد الخدري وعقبة بن عامر وعبدالله بن وديعة وغيرهم: روي عنه ابنه سعيد وابن ابنه عبدالله بن سعيد وعمر وبن ابي عمر ومولي المطلب وابوالغصن ثابت بن قيس وعبدالملك بن نوفل بن مساحق وابوصخر حميد بن زياد، ذكره ابن سعد في الطبقة الاولي من اهل المدينة. وقال الواقدي: كان ثقة كثير الحديث، توفي سنة مأة، وقال ابن سعد: توفي في خلافة الوليد بن عبدالملك، وقال النسائي لا باس به، وقال ابراهيم الحربي: كان ينزل المقابر فسمي بذلك، وقيل: ان عمر جعله علي حفر القبور فسمي المقبري، وقال البخاري في صحيحه: قال اسماعيل بن ابي اويس: انما سمي المقبري لانه كان ينزل ناحية المقابر. (تهذيب التهذيب ج 8 ص 453).
[9] في الكامل: المهانة. [
[10] قال العلامة العسقلاني في (لسان الميزان ج 3 ص 408 ط حيدر آباد) عبدالرحمن بن جندب، روي عن كميل بن زياد رحمه الله تعالي، روي عنه ابوحمزة الثمالي. وفي (جامع الرواة ج 1 ص 447 ط شركت چاپ رنگين) للعلامة المحقق المدقق الاردبيلي رضوان الله تعالي عليه: جعله من اصحاب علي (ع) واستند في ذلك إلي الرجال الوسيط للعلامة السيد الجليل الفاضل الزكي ميرزا محمد الاسترابادي رحمه الله.
[11] اورده في جامع الرواة (ج 1 ص 539) وجعله من اصحاب الحسين عليه السلام مستندا في ذلك إلي الرجال الوسيط للعلامة ميرزا محمد الاسترابادي رضي الله عنه. وفي تنقيح المقال (ج 2 ص 254) ما لفظه: عقبة بن سمعان عده الشيخ ره في رجاله من اصحاب الحسين (ع) وقد ذكره الطبري وغيره من مورخي الواقعة ويفهم مما ذكروه أنه كان عبدا للرباب زوجة الحسين عليه السلام وأنه كان يتولي خدمة أفراسه وتقديمها له، فلما استشهد الحسين (ع) فر علي فرس فأخذه أهل الكوفة فزعم أنه عبد للرباب بنت امرئ القيس الكلبية زوجة الحسين عليه السلام فاطلق وجعل يروي الواقعة كما حدثت ومنه اخذت أخبارها.
[12] في لسان الميزان " ج 2 ص 178 ": حجاج بن علي شيخ روي عنه ابومخنف، وروي حجاج عن عبدالله بن عباد بن يغوث.
[13] الظاهر كونه محمد بن السائب بن بشر بن النضر الكلبي الكوفي من اصحاب الصادق " ع " وانه والد هشام الناسب العالم المشهور المعروف بالكلبي النسابة كما يظهر ذلك من " لسان الميزان ج 5 ص 94 " حيث قال: محمد بن بشر عن عمرو بن عبدالله الحضرمي، وعنه ابن اسحاق، أفرده البخاري بترجمة، وذكر ابن ابي حاكم عن ابيه انه محمد بن السائب الكلبي نسبه ابواسحاق إلي جده فانه محمد بن السائب بن بشر.
[14] ابوالمخارق عن ابن عمر، وعنه فضيل الثمالي، الصواب ابوعجلان. الكاشف للعلامة الذهبي " ج 3 ص 375 ط دار التأليف بمصر " وفي المغني للعلامة المذكور " ج 2 ص 807 ط مكتبة دار الدعوة بحلب " ابوالمخارق عن ابن عمر. وفي تهذيب التهذيب " ج 12 ص 226 ط حيدرآباد ". ابوالمخارق الكوفي، عن ابن عمر أن الكافر ليجر لسانه، وعنه الفضل بن يزيد الثمالي صوابه ابوالعجلان المحاربي وقد تقدم التنبيه عليه، وقال الحاكم ابواحمد: ابومخارق مغراء العبدي، حديثه في الكوفيين، روي عن ابن عمر، وعنه ابواسحاق السبيعي والحسن بن عبيدالله النخعي.
[15] في لسان الميزان " ج 6 ص 171 ط حيدر آباد ". نمر بن وعلة عن الشعبي، وعنه ابومخنف لوط، وفي المغني للعلامة الذهبي " ج 2 ص 701 ط دار الدعوة بحلب ". نمير بن وعلة عن الشعبي، قلت ما روي عنه سوي ابومخنف. وفي ميزان الاعتدال " ج 4 ص 373 " نمير بن وعلة عن الشعبي، وعنه ابومخنف لوط فقط.
[16] في ميزان الاعتدال " ج 4 ص 584 ". هو جبر بن نوف الكوفي صاحب ابي سعيد الخدري صدوق مشهور. وفي تنقيح المقال " ج 3 ص 37 من باب الكني " ابووداك هو شقيق ابن سلمة من اصحاب امير المؤمنين (ع) وعن التقريب: ابووداك بفتح الواو وتشديد الدال وآخره كاف كوفي صدوق متهم من الرابعة. في تهذيب التهذيب " ج 2 ص 60". جبر بن نوف الهمداني البكالي ابوالوداك الكوفي، روي عن ابي سعيد الخدري وشريح القاضي، وعنه مجالد وقيس بن وهب وابواسحاق وعلي بن ابي طلحة واسماعيل بن ابي خالد وابوالتياح، قال ابن معين: ثقة، وقال النسائي: صالح قلت: اخرج النسائي حديثه في السنن الكبري في الحدود وغيرها، وقال ابن ابي خثيمة: قيل لابن معين: عطية مثل ابي الوداك؟ قال: لا، قيل فمثل ابي هارون قال: ابوالوداك ثقة ماله ولابي هارون، وذكره ابن حبان في الثقات.
[17] خلاصة تذهيب تهذيب الكمال " ص 176 ط حلب ". الصقعب باسكان القاف وفتح العين ابن زهير بن عبدالله الازدي الكوفي عن عطاء بن يسار وعمرو بن شعيب، وعنه ابن أخيه لوط وابو اسماعيل الازدي. وفي هامش ذلك الكتاب: وثقة ابوزرعة. وفي تهذيب التهذيب " ج 4 ص 432 " الصقعب بن زهير بن عبدالله بن زهير بن سليم الازدي الكوفي، روي عن زيد بن اسلم وعطاء بن ابي رباح وعمرو بن شعيب وغيرهم، وعنه جرير بن حازم وحماد بن زيد وابن اخته لوط بن يحيي ابومخنف وابواسماعيل الازدي وعباد بن عباد وغيرهم، قال ابوزرعة: ثقة، وقال ابوحاتم: شيخ ليس بالمشهور، وذكره ابن حبان في الثقات. الكاشف " ج 2 ص 187 ".
[18] عبدالرحمان بن مل ابوعثمان النهدي وكان في حيات النبي صلي الله عليه وآله سمع عمرو ابيا، عنه ايوب والحذاء قال سليمان التيمي: ان لاحسبه كان لا يصيب ذنبا، ليله قائم ونهاره صائم ان كان ليصلي حتي يغشي عليه، مات سنة مأة او بعدها بيسير تهذيب التهذيب " ج 6 ص 277 " عبدالرحمن بن مل بن عمرو بن عدي بن وهب بن ربيعة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن رفاعة ابن مالك بن نهد ابوعثمان النهدي، سكن الكوفة ثم البصرة، ادرك الجاهلية واسلم علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وصدق اليه ولم يلقه. وروي عن عمر وعلي وسعد وسعيد وطلحة وابن مسعود وحذيفة وأبي ذر وابي بن كعب واسامة بن زيد وبلال وحنظلة الكاتب وزهير بن عمرو وزيد بن ارقم وعمر وبن العاص وابي بكرة وابن عباس وابن عمروابن عمرو بن العاص وعبدالرحمن بن ابي بكر وابي برزة الاسلمي وابي هريرة وابي سعيد وابي موسي الاشعري وعايشة وام سلمة وغيرهم وعنه ثابت البناني وقتادة وعاصم الاحول وسليمان التيمي وابوالتياح وعوف الاعرابي وخالد الحذاء وايوب السختياني وحميد الطويل وابوتميمة الهجيمي وعباس الجريري وابونعامة عبد ربه السعدي وعثمان بن غياث وعلي بن زيد بن جدعان وجماعة. وقال عبدالقاهر بن السري عن أبيه عن جده: كان ابوعثمان من قضاعة وادرك النبي صلي الله عليه وآله ولم يره وسكن الكوفة، فلما قتل الحسين تحول إلي البصرة وحج ستين ما بين حجة وعمرة، وكان يقول: أتت علي مأة وثلاثون سنة ومامني شئ الا وقد انكرته خلا املي، وقال معتمر بن سليمان التيمي عن ابيه: اني لاحسب ان أبا عثمان كان لا يصيب ذنبا كان ليله قائما ونهاره صائما، وقال ابن ابي حاتم عن ابيه: كان ثقة، وكان عريف قومه، وقال ابوزرعة والنسائي وابن خراش: ثقة، مات سنة خمس وتسعين وهو ابن ثلاثين ومأة.
[19] الظاهر كونه فقل كما في الكامل.
[20] مجالد بن سعد بن عمير بن بسطام بن ذي مران بن شرحبيل بن ربيعة بن مرثد بن جشم الهمداني ابوعمرو ويقال أبوسعيد الكوفي. روي عن الشعبي وقيس بن أبي حازم وأبي الوداك جبر بن نوف وزياد بن علاقة ومحمد بن بشر الهمداني ومرة ووبرة بن عبدالرحمان وغيرهم. وعنه ابنه اسماعيل واسماعيل بن ابي خالد وهو من اقرانه وجرير بن حازم وشعبة والسفيانان وابن المبارك وعبدالواحد بن زياد وهشيم وحماد بن زيد وعيسي بن يونس وحفص بن غياث ويحيي بن ابي زائدة وابن فضيل وأبوعقيل الثقفي وابن نمير وعبدالرحيم بن سليمان وابوخالد الاحمر وابواسماعيل المؤدب وعبدة بن سليمان ويحيي بن القطان وابواسامة ومحاضربن المودع وغيرهم. قال ابن عدي: له عن الشعبي عن جابر احاديث صالحة وعن غير جابر، وعامة ما يرويه غير محفوظة، وقال عمر وبن علي وغيره مات سنة (ثلث) اربع واربعين ومأة في ذي الحجة، حديثه عند مسلم مقرون، وقال يعقوب بن سفيان تكلم الناس فيه وهو صدوق. وقال الساجي: قال محمد بن المثني: يحتمل حديثه لصدقه، وقال العجلي جائر الحديث الا ان ابن مهدي كان يقول: اشعث بن سوار كان اقرء منه: وقال البخاري صدوق. وقال البخاري في الضعفاء: ابن ابي القاضي، حدثني عبدالله بن جرير رجل من بني سعد - حدثنا عبدالله بن نمير، عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس قال: لما ولدت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله سماها المنصورة، فنزل جبرائيل فقال: يا محمد الله يقرئك السلام ويقرئ مولودك السلام، وهو يقول: ما ولد مولود احب إلي منها، وانها قد لقبها باسم خير مما سميتها. سماها فاطمة، لانها تفطم شيعتها من النار.
[21] عبدالرحمن بن شريح بن عبدالله بن محمود بن المعافري ابوشريح الاسكندراني، روي عن ابي هاني حميد بن هاني وابي قبيل حييي بن هاني وايوب بن بجيد بالباء وسهل بن ابي امامة بن سهل بن حنيف وابي الاسود محمد بن عبدالرحمان بن نوفل وشراحيل بن يزيد وعبدالكريم بن الحارث وواهب بن عبدالله المعافري وابي الصباح محمد بن سمير الرعيتي وابي الزبير وغيرهم. وعنه ابن المبارك وابن وهب وابن القاسم والقاسم بن كثير وزيد بن الحباب وموسي بن داود الضبي وابوصالح المصري وهانئ بن المتوكل. قال احمد وابن معين والنسائي: ثقة، وزاد احمد ليس به بأس. وقال ابوحاتم: لا باس به، وذكره ابن حبان في الثقات، قال ابن يونس: توفي بالاسكندرية سنة سبع وستين ومأة وكانت له عبادة وفضل، قلت: وقال العجلي مصري ثقة. تهذيب التهذيب (ج 6 ص 193).
[22] الظاهر كونه يوسف بن زيد البصري ابومعشر البراء العطار. روي عن عبيد بن الاخنس وسعيد بن عبدالله بن جبير بن حية وخالد بن ذكوان وأبي حازم بن دينار وصدقة بن طيلة وموسي بن دهقان وعثمان بن غياث وعدة. وعنه زيد بن الخطاب يحيي بن يحيي النيسابوري ابوكامل فضل بن حسين الجحدري ومحمد بن ابي بكر المقدمي وسيدان بن مضارب ولؤين وغيرهم قال ابوحاتم: يكتب حديثه، وقال علي بن الجنيد عن محمد بن ابي بكر المقدمي ثنا أبومعشر البحراء وكان ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات. تهذيب التهذيب (ج11 ص 429) وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص 440.
[23] يوسف بن اسحاق بن ابي اسحاق السبيعي وقد ينسب إلي جده، روي عن ابيه وجده وشعبي وابن المنكدر وعمار الدهني وعبدالله بن محمد بن عقيل. وعنه ابنه ابراهيم وابنا عمه اسرائيل وعيسي ابنا يونس بن ابي اسحاق وابن عيينة، لم يكن في ولد ابي اسحاق احفظ منه، وقال ابوحاتم: يكتب حديثه، وقال ابن حبان في الثقات: كان احفظ من ولد ابي اسحاق مستقيم الحديث علي قلته. مات سنة سبع وخمسين ومأة، وقال ابن سعد: مات في زمن ابي جعفر، قلت: وقال الدار قطني: ثقة. تهذيب التهذيب (ج 11 ص 408) ميزان الاعتدال (ج 4 ص 462) الكاشف (ج 3 ص 297) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (ص 438).
[24] الظاهر كونه أبي جناب الكلبي، وسيأتي ترجمته في يحيي بن أبي حية ابوجناب الكلبي.
[25] قدامة بن سعيد بن ابي زائدة عده الشيخ من اصحاب الباقر عليه السلام جامع الرواة (ج 2 ص 23) تنقيح المقال (ج 2 ص 28) من حرف القاف.
[26] جعفر بن حذيفة. عن علي، وعنه أبومخنف وفي كتاب ابن أبي حاتم جعفر بن حذيفة من آل عامر بن جوين بن عامر بن قبس الجرمي كان مع علي يوم صفين، وروي عنه أبومخنف، وذكره ابن حبان في الثقات ميزان الاعتدال (ج 1 ص 405) المغني (ج 1 ص 132) لسان الميزان (ج 2 ص 113).
[27] الظاهر كونه عوف بن أبي جميلة لا أبي حجيفة، فان ابن أبي حجيفة اسمه عون، وستأتي ترجمته وعلي فرض كونه أبي جميلة هو عوف بن أبي جميلة العبدي الهجري ابوسهل البصري المعروف بالاعرابي، واسم ابيه جميلة بندويه، ويقال: بل بندويه اسم امه واسم أبيه رزينة. روي عن ابي رجاء العطاردي، وأبي عثمان النهدي، وأبي العالية، وأبي المنهال سيار بن سلامة، وخلاس الهجري والحسن بن أبي الحسن البصري، وأخيه سعيد بن أبي الحسن، وأنس ومحمد ابني سيرين، وزرارة بن أوفي، وعلقمة بن وائل، وقسامة بن زهير، ويزيد الفارسي، وأبي نضرة العبدي، وخالد الاشجع، وزياد بن مخراق وعبدالله بن عمرو بن هند وجماعة. وعنه شعبة، والثوري، وابن المبارك والقطان، وهشيم وعيسي بن يونس وغندر ومروان بن معاوية ومعتمر بن سليمان وروح بن عبادة وعدة كثيرة.قال عبدالله بن احمد عن أبيه: ثقة صالح. وقال اسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة. وقال ابوحاتم: صدوق صالح. وقال النسائي ثقة ثبت، وقال الوليد بن عتبة عن مروان بن معاوية: كان يسمي الصدوق، وقال محمد بن عبدالله الانصاري كان يقال عوف الصدوق. وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث ومات سنة ست واربعين ومأة. تهذيب التهذيب (ج 8 ص 166).
[28] يحيي بن أبي حية ابوجناب الكلبي الكوفي واسم أبي حية حي روي عن أبيه ويزيد بن البراء بن عازب، وعبدالرحمان ابن أبي ليلي، والضحاك بن مزاحم، والحسن البصري، وابي بردة بن أبي موسي، وشهر بن حوشب، واياد بن لقيط، وعبدالله بن عيسي بن عبدالرحمان بن ابي ليلي، ومغراء العبدي وجماعة. وعنه السفيانان، والحسن بن صالح، وجرير وهشيم، والنضر بن زرارة، وعبدة بن سليمان الكلابي، ووكيع، وابوبدر شجاع بن الوليد، وجعفر بن عون. وأبونعيم وغيرهم. قال الذهلي: سمعت يزيد بن هارون يقول: كان صدوقا. قال ابونعيم: لم يكن بأبي جناب بأس، وكذا قال احمد وابن معين وابوداود عن أبي نعيم، وقال عبدالله الدورقي عن ابن معين: ليس به بأس، وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: صدوق، وقال ابن نمير: صدوق، وقال ابوزرعة: صدوق، وقال ابن خراش: كان صدوقا، وذكره ابن حبان في الثقات قال الغلابي عن ابن معين مات سنة سبع واربعين ومأة، وفيها ارخه ابن سعد ومطين، وقال ابونعيم وغيره: مات سنة خمسين ومأة، قلت: وقال الساجي: كوفي صدوق. تهذيب التهذيب (ج 11 ص 201).
[29] عون بن ابي حجيفة وهب بن عبدالله السوائي الكوفي، روي عن ابيه ومسلم بن رياح الثقفي وله صحبة، وعنه شعبة والثوري وقيس بن ربيع ومالك بن مغول وحجاج بن ارطاة وصدقة بن ابي عمران وابوالعميس ورقبة بن مصقلة وعمر بن ابي زائدة واشعث بن سوار وابوخالد الدالاني وآخرون. قال ابن معين وابوحاتم والنسائي ثقة. قلت: وذكره ابن حبان في الثقات قال خليفة:مات في آخر ولاية خالد علي العراق وقال ابن قانع: مات سنة ست عشرة ومأة.
[30] في الكامل: لتسع مضين وهو الاصح.
[31] عمر بن عبدالرحمان بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي المدني. روي عن ابي هريرة وابي بصرة الغفاري وعائشة وجماعة من الصحابة وعن اخيه ابي بكر بن عبدالرحمان. روي عنه عبدالمالك بن عمير وعامر الشعبي وحمزة بن عمرو العائذي الضبي. قال ابن خراش: ابوبكر وعمر وعكرمة وعبدالله بنو عبدالرحمان بن الحارث كلهم اجلة ثقات يضرب بهم المثل، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: روي عن جماعة من الصحابة، روي عنه الشعبي، وقد ذكر البلاذري ان ابن الزبير استعمل عمر بن عبدالرحمان هذا علي الكوفة. تهذيب التهذيب (ج 7 ص 472) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص 284.
[32] الحارث بن كعب الازدي الكوفي، ذكرهما الطوسي في رجال الشيعة.
[33] في الكامل ذكر بعد هذا: وكان الحسين يقول: والله لا يدعوني حتي يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فاذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم حتي يكونوا أذل من فرام المرأة، قال: و (الفرام) خرقة تجعلها المرأة في قبلها اذا حاضت.
[34] عقيصا ابوسعيد التيمي (التميمي) اسمه دينار عن علي عليه السلام يعد في موالي بني تيم، ذكره ابن حبان في الثقات في عقيصا، فقال صاحب الكرابيسي: روي عن علي وعمار، وعنه محمد بن جحادة. وقد أخرج له الحاكم في المستدرك وقال: ثقة مأمون، وقال ابوحاتم: هو لين وهو احب إلي من اصبغ بن نباتة. لسان الميزان (ج 2 ص 433) ميزان الاعتدال (ج 3 ص 88).
[35] يونس بن ابي اسحاق عمرو بن عبدالله الهمداني السبيعي ابو اسرائيل الكوفي، روي عن ابيه وأنس وأبي بردة وأبي بكر ابني ابي موسي الاشعري وأبي السفر سعيد بن يحمد ويزيد بن ابي مريم وابراهيم بن محمد بن سعد وعدة كثيرة. وعنه ابنه عيسي والثوري وابن المبارك وابن مهدي والقطان ووكيع وابواسحاق الفزاري والفضل بن موسي وعدة كثيرة. قال عمرو بن علي عن ابن مهدي: لم يكن به بأس. وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة، قلت فيونس او اسرائيل من احب اليك؟ قال: كل ثقة، وقال اسحاق بن منصور وغيره عن ابن معين ثقة، وقال ابوحاتم: كان صدوقا. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال ابن عدي له احاديث حسان وروي عنه الناس، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: مات سنة تسع وخمسين ومأة. تهذيب التهذيب (ج 1 ص 433).
[36] هو اسماعيل بن عبدالرحمن بن ابي كريمة السدي ابومحمد القرشي مولاهم الكوفي الاعور، وهو السدي الكبير كان يقعد في سدة باب الجامع فسمي السدي. روي عن انس وابن عباس ورآي ابن عمر والحسن بن علي عليه السلام وأبا هريرة وأبا سعيد، وروي عن ابيه ويحيي بن عباد وأبي صالح مولي ام هاني وسعد بن عبيدة وابي عبدالرحمان السلمي وعطاء وعكرمة وغيرهم. وعنه شعبة والثوري والحسن بن صالح وزائدة وابوعوانة وابوبكر بن عياش وغيرهم. قال علي عن القطان: لا بأس به ما سمعت احدا يذكره الا بخير وما تركه احد. وقال ابوطالب عن احمد: ثقة قال النسائي في الكني: صالح وقال ابن عدي: له احاديث يرويها عن عدة شيوخ وهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به. وقال خليفة: مات سنة 127، وقال العجلي ثقة عالم بالتفسير راوية له، وذكره ابن حبان في الثقات. تهذيب التهذيب (ج 1 ص 313) ميزان الاعتدال (ج 1 ص 236) الكاشف (ج 1 ص 125).
[37] الظاهر كونه عمرو بن خالد لا عمر بن خالد وعليهذا فهو: عمرو بن خالد ابوخالد القرشي مولي بني هاشم، اصله من الكوفة انتقل إلي واسط، روي عن زيد بن علي بن الحسين، وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين، وفطر بن خليفة، وحبيب بن ابي ثابت، والثوري وابي هاشم الرماني و غيرهم. روي عنه اسرائيل بن يونس، وعباد بن كثير البصري والحجاج بن ارطاة، وجعفر بن زياد الاحمر، وسعيد بن زيد، وسويد بن عبدالعزيز، وعمر بن عبدالرحمن ابوحفص الابار، ويحيي بن هاشم السمسار وجماعة وقد عده الشيخ ره من اصحاب الباقر عليه السلام وقال النجاشي: عمرو بن خالد ابوخالد الواسطي عن زيد بن علي له كتاب كبير رواه عنه نصر بن مزاحم المنقري وغيره، وذكرابن فضال انه ثقة. تهذيب التهذيب (ج 8 ص 26) تنقيح المقال (ج 2 ص 330).
[38] زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابيطالب ابوالحسين المدني روي عن ابيه واخيه أبي جعفر الباقر، وأبان بن عثمان، وعروة بن الزبير، وعبيدالله بن أبي رافع، وعنه ابناه حسين وعيسي، وابن أخيه جعفر بن محمد، والزهري والاعمش وشعبة وسعيد بن خيثم، واسماعيل السيدي، وزبيد اليامي، وزكريا بن أبي زائدة، وعبدالرحمان بن الحارث بن عياش بن ابي ربيعة، وابوخالد عمرو بن خالد الواسطي، وابن ابي الزاد وعدة ذكره ابن حبان في الثقات وقال: رأي جماعة من اصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله استشهد في سنة 121 / 122 وهو ابن 42 سنة. واليه تنسب الزيدية من طوائف الشيعة. وقال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن ادريس، حدثنا عبدالله بن ابي بكر العتكي عن جرير بن حازم انه رأي النبي صلي الله عليه وآله وسلم في المنام متساندا إلي جزع زيد بن علي وزيد مصلوب وهو يقول للناس: هكذا تفعلون بولدي. تهذيب التهذيب (ج 3 ص 419) (الكاشف (ج1ص341).
[39] في الكامل: جهلتم حقنا وهو الصحيح.
[40] عقبة بن أبي العيزار الكوفي يروي عن الشعبي والنخعي روي عنه عبدالرحمان بن زياد، يعتبر حديثه من غير رواية ابنه يحيي عنه. كذا قال ابن حبان في الثقات. لسان الميزان (ج 4 ص 179).
[41] في الكامل: من غيري.
[42] الطرماح بن عدي بكسر الطاء والراء المهملتين وتشديد الميم بعدها الف وحاء مهملة. عده الشيخ ره في رجاله تارة من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام قائلا: الطرماح بن عدي رسوله إلي معاوية واخري من اصحاب الحسين عليه السلام وهو في غاية الجلالة والنبالة ولولا الا مكالماته مع معاوية التي اظلمت الدنيا في عينه لاجلها وملازمته لسيد الشهداء في الطف إلي ان جرح وسقط بين القتلي لكفاه شرفا وجلالة ولا يضر عدم توفيقه للشهادة لانه كان به رمق فاتوه قومه وحملوه وداووه فبرء و عوفي وكان علي موالاته واخلاصه إلي ان مات كما يظهر شرح ذلك كله لمن راجع كتب الاخبار والسير والتواريخ. تنقيح المقال (ج - 2 - ص - 109).
[43] عامر بن شراحيل بن عبد وقيل: عامر بن عبدالله بن شراحيل الشعبي الحميري أبوعمر والكوفي من شعب همدان. روي عن علي (عليه السلام) وسعد وابن ابي وقاص وسعيد بن زيد وزيد بن ثابت وقيس بن سعيد بن عبادة وقرظة بن كعب وعبادة بن الصامت وأبي موسي الاشعري وأبي مسعود الانصاري والبراء بن عازب وجابر بن عبدالله وجابر بن سمرة وحبشي بن جنادة والحسين وزيد بن ارقم وعدة كثيرة من الصحابة والتابعين. وعنه أبواسحاق السبيعي وسعيد بن عمرو بن اشوع واسماعيل بن ابي خالد ومجالد بن سعيد وعدة كثيرة وجماعات. قال منصور الغداني عن الشعبي: ادركت خمسمأة من الصحابة وقال أشعث بن سوار: لقي الحسن الشعبي فقال: والله كثير العلم، عظيم الحلم، قديم السلم من الاسلام بمكان. وقال عبدالملك بن عمير: مر ابن عمر علي الشعبي وهو يحدث بالمغازي فقال: لقد شهدت القوم فلهو أحفظ لها واعلم بها. وقال ابن عيينة: كانت، الناس تقول بعد الصحابة: ابن عباس في زمانه والشعبي في زمانه،وقال العجلي: سمع من ثمانية واربعين من الصحابة. وقال ابن معين: قضي الشعبي لعمر بن عبدالعزيز، قيل مات سنة (3) وقيل (4) وقيل (5) وقيل (6) وقيل (7) وقيل عشرة ومأة انتهي بتلخيص منا. تهذيب التهذيب (ج5ص65).
[44] حسان بن فائد العبسي الكوفي. عن عمر بن الخطاب روي عنه ابواسحاق السبيعي. قال ابوحاتم: شيخ. وقال البخاري: يعد في الكوفيين. واخرج في تفسير النساء قال عمر: الجبت السحر وهذا جاء موصولا من طريق شعبة عن ابي اسحاق عنه. اخرجه مسدد في مسنده الكبير عن يحيي القطان عن شعبة. وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. تهذيب التهذيب (ج - 2 ص - 251).
[45] الحارث بن حصيرة الازدي، ابوالنعمان الكوفي. عن زيد بن وهب وعكرمة وطائفة، وعنه مالك ينعول، وعبدالله بن نمير وطائفة. قال ابواحمد الزبيري كان يومن بالرجعة، وقال يحيي بن معين ثقة خشبي،ينسبون إلي خشبة زيد بن علي لما صلب عليها. وقال النسائي: ثقة، وقال زنيج: سألت جريرا أرأيت الحارث بن حصيرة؟ قال: نعم، رأيته شيخا كبيرا طويل السكوت يصر علي امر عظيم. عباد بن يعقوب الرواجني، حدثنا عبدالله بن عبدالملك المسعودي عن الحارث بن حصيرة عن زيد بن وهب، سمعت عليا يقول: انا عبدالله واخو رسوله، لا يقولها بعدي الا كذاب. وروي الحارث عن ابي سعيد عقيصا عن علي عن النبي صلي الله عليه وآله قال: مهما ضيعتم فلا تضيعوا الصلوة. وقال ابن عدي: عامة روايات الكوفيين عنه في فضائل اهل البيت واذا روي عنه البصريون فرواياتهم احاديث متفرقة. وقال الاجري عن ابي داود: شيعي صدوق وثقه العجلي وابن نمير وذكره ابن حبان في الثقات. تهذيب التهذيب (ج 2 ص 140) وميزان الاعتدال (ج 1 ص 432).
[46] عبدالله بن شريك العامري الكوفي. روي عن ابيه وعبدالله بن الرقيم الكناني وابن عمر، وابن عباس وابن الزبير، وجندب وغيرهم. وعنه اسرائيل، وفطر بن خليفة، وشريك، واجلح بن عبدالله الكندي، وجابر بن الحر النخعي، وابوالاحوص، والسفيانان وجماعة. قال ابن المديني عن سفيان: جالسنا عبدالله بن شريك وكان ابن مأة سنة وقال احمد وابن معين وابوزرعة ثقة وقال النسائي في موضع آخر ليس به باس وذكره ابن حبان في الثقات وقال البرقاني عن الدار قطني: لا بأس به سمع من ابن عمر وابن الزبير وقال يعقوب بن سفيان ثقة من كبراء اهل الكوفة يميل إلي التشيع. تهذيب التهديب (ج 5 ص 252).
[47] عبدالله بن عاصم، ابان بن عثمان عنه عن ابيعبدالله عليه السلام مرتين في (يب) في باب التيمم واحكامه ومرتين في (بص) في باب من دخل الصلوة بتيمم ثم وجد الماء ومرة في (في) في باب وقت الذي يوجب التيمم عنه جعفر بن بشير في (يب) في باب التيمم واحكامه. جامع الرواة (ج 1 ص 494).
[48] ضحاك بن عبدالله (عبيدالله) المشرقي عده الشيخ ره في رجاله من اصحاب الامام الهمام زين العابدين السجاد عليه السلام والظاهر كونه اماميا. (تنقح المقال (ج 2 ص 104). جامع الرواة (ج 1 ص 418).
[49] الحارث بن كعب الازدي (ين) (مح). جامع الرواة (ج 1 ص 174).
[50] ابوالضحاك البصري عن ابي هريرة وحدث عنه شعبة وباسناده عن ابي هريرة ان في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مأة عام لا يقطعها تسمي شجرة الخلد قال ابوحاتم لا اعلم روي عنه غير شعبة. تهذيب التهذيب (ج 12 ص 136). ميزان الاعتدال (ج 4ص540).
[51] آل عمران رقم الاية 173.
[52] عمرو بن مرة بن عبدالله بن طارق بن الحارث بن سلمة بن كعب بن وائل بن جمل بن كنانة بن ناجية بن مراد الجملي المرادي ابوعبدالله الكوفي الاعمي. روي عن عبدالله بن ابي اوفي، وابي وائل، ومرة الطيب، و سعيد بن المسيب وعبدالرحمان بن ابي ليلي، وعبدالله بن الحارث النجراني، وعمرو بن ميمون الاودي، وعدة كثير. روي عنه ابنه عبدالله وابواسحاق السبيعي وهو اكبر منه والاعمش ومنصور وزيد بن ابي انيسة ومسعر والعلاء بن المسيب وعدة كثيرة. قال البخاري: عن علي له نحو مأتي حديث، وقال سعيد الاراطي زكاه احمد بن حنبل. وقال ابن معين: ثقة. وقال ابوحاتم صدوق ثقة وقال حفص بن غياث: ما سمعت الاعمش يثني علي احد الاعلي عمرو بن مرة فانه كان يقول: كان مأمونا علي ما عنده. وقال بقية عن شعبة: كان اكثرهم علما. وقال ابونعيم واحمد بن حنبل: مات سنة (18) وقيل: مات سنة ست عشر ومأة. قلت: جزم بذلك ابن حبان في الثقات ووثقه ابن نمير ويعقوب بن سفيان تهذيب التهذيب (ج 8 ص 102) وميزان الاعتدال (ج3 ص 288).
[53] في الكامل: الجافي وهو الاظهر.
[54] في الكامل: أطيع وهو الظاهر.
[55] حميد بن مسلم رآي واثلة بن الاسقع تفرد بالرواية عنه سعيد بن ابي ايوب. ميزان الاعتدال (ج 1 ص 616). المغني (ج1ص195).
[56] في تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني. عطاء بن السائب بن مالك ويقال زيد ويقال يزيد الثقفي ابوالسائب روي عن ابيه وانس وعبدالله بن ابي اوفي وعمرو بن حريث المخزومي وسعيد بن جبير ومجاهد وابي ظبيان حصين بن جندب وابراهيم النخعي والحسن البصري وخلق كثير. وعنه اسماعيل بن ابي خالد، وسليمان التيمي، والاعمش، وابن جريح والحمادان، والسفيانان، وشعبة، وزائدة. ومسعر، وابن علية وآخرون. قال حماد بن زيد: اتينا ايوب فقال: اذهبوا إلي عطاء بن السائب قدم من الكوفة وهو ثقة. وقال عبدالله بن احمد عن ابيه ثقة ثقة رجل صالح وقال العجلي كان شيخا ثقة قديما قال ابن سعد وغيره مات سنة 137) ونحوها. وذكره ابن حبان في الثقات.
[57] وايضا في تهذيب التهذيب. عبدالجبار بن وائل بن حجر الحضرمي الكوفي ابومحمد. روي عن ابيه وعن اخيه علقمة،وعن مولي لهم وعن اهل بيته وعن امه ام يحيي. وعنه ابنه سعيد. والحسن بن عبدالله النخعي، ومحمد بن حجارة وحجاج بن ارطاة، وابواسحاق السبيعي، والمسعودي وعدة. قال اسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال: مات سنة اثنتي عشرة وماة.
[58] الظاهر كونه يوسف بن يزيد البصري ابومعشر البراء فعليهذا روي عن عبيدالله بن الاخنس وسعيد بن عبدالله بن جبير بن حية وخالد بن ذكوان وابي حازم بن دينار وصدقة بن طيسلة وموسي بن دهقان وعثمان بن غياث وعدة. وعنه زيد بن الخطاب ويحيي بن يحيي النيسابوري وابوكامل فضل بن حسين الجحدري ومحمد بن ابي بكر المقدمي وسيدان بن مضارب ولؤين وغيرهم. قال ابوحاتم: يكتب حديثه. وقال علي بن الجنيد عن محمد بن ابي بكر المقدمي: ثنا ابومعشر البراء وكان ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات تهذيب التهذيب (ج 11 ص 429).
[59] هو عمرو بن قرظة بن كعب بن عمرو بن عائذ بن زيد مناة بن ثعلبة بن كعب الخزرج الانصاري الخزرجي الكوفي. كان قرظة من الصحابة الرواة، وكان من اصحاب امير المؤمنين (ع) نزل الكوفة وحارب مع امير المؤمنين عليه السلام في حروبه، وولاه فارس. وتوفي سنة احدي وخمسين، وهواول من نيح عليه بالكوفة، وخلف اولادا اشهرهم عمر ووعلي. اما عمرو فجاء إلي ابي عبدالله الحسين (ع) أيام المهادنة في نزوله بكربلاء قبل الممانعة، وكان الحسين (ع) يرسله إلي عمر بن سعد في المكالمة التي دارت بينهما قبل ارسال شمر بن ذي الجوشن فيأتيه بالجواب حتي كان القطع بينهما بوصول شمر، فلما كان يوم العاشر من المحرم استأذن الحسين في القتال ثم برز وهو يقول: قد علمت كتائب الانصار اني سأحمي حوزة الذمار فعل غلام غير نكس شار دون حسين مهجتي وداري قال الشيخ ابن نما: عرض بقوله: مهجتي وداري بعمر بن سعد فانه لما قال له الحسين (ع): صرمعي، قال: اخاف علي داري، فقال الحسين له: انا اعوضك عنها، قال: اخاف علي مالي، فقال له: انا اعوضك عنه من مالي بالحجاز، فتكره، انتهي كلامه. ثم انه قاتل ساعة ورجع الحسين (ع) فوقف دونه ليقيه من العدو. قال الشيخ ابن نما: فجعل يلتقي السهام بجبهته وصدره فلم يصل إلي الحسين (ع) سوء حتي اثخن بالجراح، فالتفت إلي الحسين (ع) فقال: اوفيت يابن رسول الله؟ قال: نعم أنت امامي في الجنة، فاقرأ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم السلام واعلمه اني في الاثر. فخر رضوان الله عليه. قرظة: بالحركات الثلاث علي القاف والراء المهملة والظاء المعجمة، ويمضي في بعض الكتب قرطة بالطاء المهملة وهو تصحيف ابصار العين في انصار الحسين " ص 92 ط النجف الاشرف ".
[60] النضر بن صالح العبسي يكني ابا زهير. روي عن سنان بن مالك عن علي رضي الله عنه، روي عنه ابو مخنف سمعت ابي يقول ذلك. الجرح والتعديل للامام الرازي (ج 8 ص 477).
[61] هو الحر بن يزيد بن ناجية بن قعنب بن عتاب بن هرمي بن رياح بن يربوع من حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي اليربوعي اليامي. كان الحر شريفا في قومه، جاهلية واسلاما، فان جده عتابا كان رديف النعمان. وولد عتاب قيسا وقعنبا ومات، فردف قيس للنعمان، ونازعه الشيبانيون. فقامت بسبب ذلك حرب يوم الطحفة. والحر هو ابن عم الاخوص الصحابي الشاعر، وهو زيد بن عمرو بن قيس بن عتاب: وكان الحرفي الكوفة رئيسا، ندبه ابن زياد لمعارضة الحسين (ع) فخرج في الف فارس. روي الشيخ ابن نما ان الحر لما اخرجه ابن زياد إلي الحسين وخرج من القصر نودي من خلفه: ابشر يا حر بالجنة، قال: فالتفت فلم يراحدا فقال في نفسه: والله ما هذه بشارة وانا اسير إلي حرب الحسين، وما كان يحدث نفسه في الجنة، فلما صار مع الحسين قصي عليه الخبر. فقال له الحسين: لقد اصبت اجرا وخيرا، ابصار العين في انصار الحسين (ص 115 ط النجف).
[62] يحيي بن هاني بن عروة بن قعاص ويقال: قضفاض المرادي ابوداود الكوفي. روي عن ابيه وانس بن مالك وتبيع ابن امرأة كعب وعبدالرحمان بن ابي سبرة الجعفي ونعيم بن دجاجة وابي حذيفة وغيرهم. وارسل عن ابن مسعود. روي عنه شعبة والثوري ومحمد بن سوقه وابوبكر بن عياش وشريك وغيرهم. قال يحيي بن ابي بكير عن شعبة: كان سيد اهل الكوفة. وقال ابن معين وابوحاتم ويعقوب بن سفيان والنسائي ثقة. زاد أبوحاتم صالح من سادات اهل الكوفة. وقال الدار قطني يحتج به. وذكره ابن حبان في الثقات.
[63] هو نافع بن هلال بن نافع بن جمل بن سعد العشيرة بن مذحج المذحجي الجملي، كان نافع سيدا شريفا، سريا شجاعا، وكان قارئا كاتبا من حملة الحديث ومن اصحاب امير المؤمنين (ع) وحضر معه حروبه الثلث في العراق، وخرج إلي الحسين (ع) فلقيه في الطريق، وكان ذلك قبل مقتل مسلم. وكان أوصي ان يتبع بفرسه المسمي بالكامل، فاتبع مع عمرو بن خالد واصحابه الذين ذكرناهم. قال ابن شهر آشوب: لما ضيق الحر علي الحسين (ع) خطب اصحابه بخطبته التي يقول فيها: أما بعد فقد نزل من الامر ما قد ترون، وان الدنيا قد تنكرت وأدبرت. الخ قام اليه زهير فقال: قد سمعنا هداك الله مقالتك الخ ثم قام نافع فقال: يابن رسول الله انت تعلم ان جدك رسول الله صلي الله عليه وآله لم يقدر أن يشرب الناس محبته، ولا أن يرجعوا إلي امره ماأحب، وقد كان منهم منافقون يعدونه بالنصر، ويضمرون له الغدر، يلقونه بأحلي من العسل، ويخلفونه بامر من الحنظل، حتي قبض الله اليه، وان أباك عليا قد كان في مثل ذلك، فقوم قد أجمعوا علي نصره، وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين، وقوم خالفوه حتي أتاه أجله، ومضي إلي رحمة الله ورضوانه. وانت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة، فمن نكث عهده، وخلع نيته، فلن يضر الا نفسه، والله مغن عنه فسربنا راشدا معافي، مشرقا ان شئت، وان شئت مغربا، فوالله ما أشفقنا من قدر الله، ولا كرهنا لقاء ربنا، فانا علي نياتنا وبصائرنا نوالي من والاك، ونعادي من عاداك. الضبط: ربما يجري علي بعض الالسن ويمضي في بعض الكتب هلال بن نافع وهو غلط علي ضبط القدماء. " الجملي " منسوب إلي جمل بطن من مذحج. ويمضي علي الالسن وفي الكتب البجلي وهو غلط واضح. ابصار العين في انصار الحسين (ص 86 ط النجف).
[64] هو مسلم بن عوسجة بن سعد بن ثعلبة بن دردان بن اسد بن خزيمة ابوحجل الاسدي السعدي كان رجلا شريفا سريا عابدا متنسكا. قال ابن سعد في طبقاته: وكان صحابيا ممن رآي رسول الله صلي الله عليه وآله وروي عنه الشعبي وكان فارسا شجاعا، له ذكر في المغازي والفتوح الاسلامية وسيأتي قول شبث فيه. وقال اهل السير: انه ممن كاتب الحسين عليه السلام من الكوفة ووفي له وممن أخذ البيعة له عند مجئ مسلم بن عقيل إلي الكوفة. قالوا: ولما دخل عبيدالله بن زياد الكوفة وسمع به مسلم خرج اليه ليحاربه، فعقد لمسلم بن عوسجة علي ربع مذحج واسد، ولابي ثمامة علي ربع تميم وهمدان الخ. وفي مسلم بن عوسجة يقول الكميت بن زيد الاسدي: وان ابا حجل قتيل محجل. وأقول أنا ان امرأ يمشي لمصرعه سبط النبي لفاقد الترب اوصي حبيبا ان يجود له بالنفس من مقة ومن حب اعزز علينا بابن عوسجة من ان تفارق ساعة الحرب عاتقت بيضهم وسمرهم ورجعت بعد معانق الترب ابكي عليك وما يفيد بكا عيني وقد اكل الاسي قلبي ابصار العين في انصار الحسين (ص 61 ط النجف).
[65] هو عبدالله بن عمير بن عباس بن عبد قيس بن عليم بن جناب الكلبي العليمي ابووهب. كان عبدالله بن عمير بطلا شجاعا شريفا، نزل الكوفة واتخذ عند بئر الجعد من همدان دارا فنزلها ومعه زوجته ام وهب بنت عبد من بني النمر بن قاسط. ابصار العين في انصار الحسين " ص 106 ط النجف ".
[66] حشأته سهما: اصبت احشائه بالسهم.
[67] يفري فربه: يفعل فعله في الضرب والمجالدة.
[68] زهير بن القين بن قيس الانماري البجلي. كان رجلا شريفا في قومه، نازلا فيهم بالكوفة، شجاعا، له في المغازي مواقف مشهورة ومواطن مشهودة، وكان اولا عثمانيا، فحج سنة ستين في اهله. ابصار العين في انصار الحسين (ص 95 ط النجف).
[69] هو حبيب بن مظاهر بن رئاب بن الاشتر بن جخوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن قيس بن الحرث بن ثعلبة بن دودان ابن اسد ابوالقسم الاسدي الفقعسي. كان صحابيا رأي النبي صلي الله عليه وآله ذكره ابن الكلبي، وكان ابن عم ربيعة بن حوط بن رئاب المكني ابا ثور الشاعر الفارس. قال اهل السير: ان حبيبا نزل الكوفة، وصحب عليا " ع " في حروبه كلها، وكان من خاصته وحملة علومه. وروي الكشي عن فضيل بن الزبير قال: مر ميثم التمار علي فرس له، فاستقبله حبيب بن مظاهر الاسدي عند مجلس بني اسد فتحادثا حتي اختلفت عنقا فرسيهما، ثم قال حبيب: لكأني بشيخ اصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق قد صلب في حب اهل بيت نبيه، فتبقر بطنه عن الحشبة، فقال ميثم: واني لا عرف رجلا احمر له ضفيرتان، يخرج لنصرة ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه في الكوفة ثم افترقا. فقال اهل المجلس: ما رأينا اكذب من هذين، قال: فلم يفترق المجلس حتي اقبل رشيد الهجري فطلبهما، فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان: كذا وكذا، فقال رشيد: رحم الله ميثما نسي: ويزاد في عطاء الذي يجئ بالرأس مأة درهم. ثم ادبر فقال القوم: هذا والله اكذبهم، قال: فما ذهبت الايام والليالي حتي راينا ميثما مصلوبا علي باب عمرو بن حريث، وجئ برأس حبيب بن مظاهر قد قتل مع الحسين " ع " وراينا ما قالوا. وذكر اهل السيران حبيبا كان ممن كاتب الحسين " ع " قالوا: ولما ورد مسلم بن عقيل إلي الكوفة ونزل دار المختار واخذت الشيعة تختلف اليه قام فيهم جماعة من الخطباء تقدمهم عابس الشاكري وثناه حبيب فقام وقال لعباس بعد خطبته: رحمك الله لقد قضيت ما في نفسك بواجز من القول. وانا والله الذي لا اله الا هو لعلي مثل ما انت عليه. قالوا: وجعل حبيب ومسلم يأخذ ان البيعة للحسين " ع " في الكوفة حتي اذا دخل عبيدالله بن زياد الكوفة وخذل اهلها عن مسلم وفرانصاره حبسهما عشائهما واخفياهما، فلما ورد الحسين " ع " كربلا خرجا اليه مختفيين يسيران الليل ويكمنان النهار حتي وصلا اليه. وروي ابن ابي طالب: ان حبيبا لما وصل إلي الحسين (ع) ورآي قلة انصاره وكثرة محاربيه قال للحسين " ع ": ان هيهنا حيا من بني اسد فلو اذنت لي لسرت اليهم ودعوتهم إلي نصرتك لعل الله ان يهديهم ويدفع بهم عنك. فاذلن له الحسين " ع " فسار اليهم حتي وافاهم فجلس في ناديهم ووعظهم، وقال في كلامه: يا بني اسد قد جئتكم طبخير ما اتي به رائد قومه، هذا الحسين بن علي امير المؤمنين وابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قد نزل بين ظهرانيكم في عصابة المؤمنين، وقد اطافت به اعداء‌ه ليقتلوه، فأتيتكم لتمنعوه وتحفظوا حرمة رسول الله صلي الله عليه وآله فيه، فوالله لئن نصرتموه ليعطينكم الله شرف الدنيا والاخرة، وقد خصصتكم بهذه الكرامة لانكم قومي وبنو ابي، واقرب الناس مني رحما، فقام عبدالله بن بشير الاسدي وقال: شكر الله سعيك يا ابا القسم، فوالله لجئتنا بمكرمة يستأثر بها المرء، الا حب فالاحب، أما انا فاول من اجاب،واجاب جماعة بنحو جوابه فنهدوا مع حبيب. وانسل منهم رجل فأخبر ابن سعد فأرسل الازرق في خمسمأة فارس، فعارضهم ليلا ومانعهم فلم يمتنعوا فقاتلهم، فلما علموا ان لا طاقة لهم بهم تراجعوا في ظلال الليل وتحملوا عن منازلهم، وعاد حبيب إلي الحسين عليه السلام فأخبره بما كان، فقال عليه السلام: وما تشاؤن الا ان يشاء الله ولا حول ولا قوة الا بالله. ابصار العين في انصار الحسين (ص 56 ط النجف).
[70] با جميرا بالباء المفردة والجيم المضمومة والميم المفتوحه والياء الساكنة والراء المهملة والالف المقصورة موضع من ارض الموصل كان مصعب بن الزبير يعسكر به في محاربة عبدالملك بن مروان حين يقصده من الشام ايام منازعتهما في الخلافة وما في الكامل لابن اثير الجزري (باخميرا) بالخاء المفوحة اشتباه.
[71] هو عمرو بن عبدالله بن كعب الصائد بن شرحبيل بن شراحيل بن عمرو بن جشم بن حاشد بن جشم بن حيزون بن عوف بن همدان ابوثمامة الهمداني الصادئدي. كان ابوثمامة تابعيا وكان من فرسان العرب ووجوه الشيعة، ومن اصحاب امير المؤمنين عليه السلام الذين شهدوا معه مشاهده. ثم صحب الحسن عليه السلام بعده وبقي في الكوفة، فلما توفي معوية كاتب الحسين " ع " ولما جاء مسلم بن عقيل إلي الكوفة قام معه، وصار يقبض الاموال من الشيعة بأمر مسلم، فيشتري بها السلاح، وكان بصيرا بذلك، ولما دخل عبيدالله الكوفة وثار الشيعة بوجهه وجهه مسلم فيمن وجهه، وعقد له علي ربع تميم وهمدان كما قدمناه، فحصروا عبيدالله في قصره، ولما تفرق عن مسلم الناس بالتخذيل اختفي ابوثمامة، فاشتد طلب ابن زياد له، فخرج إلي الحسين " ع " ومعه نافع بن هلال الجملي فلقياه في الطريق واتيا معه. ابصار العين في انصار الحسين (ص 69 ط النجف).
[72] هو سعيد بن عبدالله الحنفي، كان من وجوه الشيعة بالكوفة وذوي الشجاعة والعبادة فيهم، قال أهل السير: لما ورد نعي معاوية إلي الكوفة اجتمعت الشيعة فكتبوا إلي الحسين عليه السلام اولا مع عبدالله بن وال وعبدالله بن سبع، وثانيا مع قيس بن مسهر وعبدالرحمن بن عبدالله وثالثا مع سعيد بن عبدالله الحنفي وهاني بن هاني. وكان كتاب سعيد بن شبث بن ربعي وحجار بن ابجر ويزيد بن الحرث ويزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج ومحمد بن عمير وصورة الكتاب (بسم الله الرحمن الرحيم) اما بعد فقد اخضر الجناب، وأينعت الثمار، وطمت الجمام، فاذا شئت فاقدم علي جند لك مجند. فاعاد الحسين عليه السلام سعيدا وهانيا من مكة وكتب إلي الذين ذكرنا كتابا صورته (بسم الله الرحمن الرحيم) اما بعد فان سعيدا وهانيا قدما علي بكتبكم، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم إلي آخر ما قدمناه في اوائل الكتاب. ثم انه رضوان الله عليه بعد سقوطه إلي الارض قال: اللهم العنهم لعن عاد وثمود، اللهم ابلغ نبيك عني السلام، وابلغه ما لقيت من الم الجراح فاني اردت ثوابك في نصرة نبيك، ثم التفت إلي الحسين عليه السلام فقال اوفيت يابن رسول الله؟ قال نعم انت امامي في الجنة، ثم فاضت نفسه النفيسة وفيه يقول عبيدالله بن عمرو الكندي البدي: سعيد بن عبدالله لا تنسينه ولا الحراذ آسي زهيرا علي قسر فلو وقفت صم الجبال مكانهم لمارت علي سهل ودكت علي وعر فمن قائم يستعرض النبل وجهه ومن مقدم يلقي الاسنة بالصدر ابصار العين في انصار الحسين (ص 125 ط النجف).
[73] عبدالله بن عروة بن حراق الغفاري وأخوه عبدالرحمن بن عروة بن حراق الغفاري. كان عبدالله وعبدالرحمن الغفاريان من اشراف الكوفة ومن شجعانهم وذوي المولاة منهم، وكان جدهما حراق من أصحاب امير المؤمنين عليه السلام وممن حارب معه في حروبه الثلث، وجاء عبدالله وعبدالرحمن إلي الحسين عليه السلام بالطف. ابصار العين في انصار الحسين (ص 104 ط النجف).
[74] في الكامل لابن اثير الجزري: ابنا عروة.
[75] سيف بن الحارث بن سريع بن جابر الهمداني الجابري ومالك بن عبدالله بن سريع بن جابر الهمداني الجابري وبنو جابر بطن من همدان كان سيف ومالك الجابريان ابني عم وأخوين لام جاعا إلي الحسين عليه السلام ومعهما شبيب مولاهما فدخلا في عسكره وانضما اليه، فلما رأيا الحسين في اليوم العاشر بتلك الحال استقدما يتسابقان إلي القوم ويلتفتان إلي الحسين عليه السلام فيقولان: السلام عليك يابن رسول الله صلي الله عليه وآله ويقول الحسين (ع): وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته ثم جعلا يقاتلان جميعا وان احدهما ليحمي ظهر صاحبه حتي قتلا. ابصار العين في انصار الحسين (ص 78 ط النجف الاشرف).
[76] هو حنظلة بن اسعد بن شبام بن عبدالله بن اسعد بن حاشد بن همدان الهمداني الشبامي وبنو شبام بطن من همدان. كان حنظلة بن اسعد الشبامي وجها من وجوه الشيعة ذالسن وفصاحة، شجاعا قارئا، وكان له ولديدعي عليا له ذكر في التاريخ. الشبامي:بالشين المعجمة والباء المفردة والالف والميم والياء منسوب إلي شبام علي زنة كتاب ويمضي في بعض الكتب الشامي نسبة إلي الشام وهو غلط فاضح. ابصار العين في انصار الحسين (ص 77 ط النجف).
[77] هو عابس بن ابي شبيب بن شاكر بن ربيعة بن مالك بن صعب بن معوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد الهمداني الشاكر، وبنو شاكر بطن من همدان. كان عابس من رجال الشيعة رئيسا شجاعا خطيبا ناسكا متهجدا وكانت بنو شاكر من المخلصين بولاء أمير المؤمنين عليه السلام، وفيهم يقول عليه السلام يوم صفين: لو تمت عدتهم الفا لعبدالله حق عبادته، وكانوا من شجعان العرب وحماتهم، وكانوا يلقبون فتيان الصباح، فنزلوا في بني وادعة من همدان، فقيل لها فتيان الصباح، وقيل لعابس: الشاكري والوادعي. ابصار العين في انصار الحسين (ص 74 ط النجف).
[78] شوذب بن عبدالله الهمداني الشاكري مولي لهم. كان شوذب من رجال الشيعة ووجوهها ومن الفرسان المعدودين وكان حافظا للحديث حاملا له عن أمير المؤمنين عليه السلام. قال صاحب الحدائق الوردية: وكان شوذب يجلس للشيعة فياتونه للحديث وكان وجها فيهم. ابصار العين في انصار الحسين (ص 76 ط النجف).
[79] في ابصار العين وبعض سائر المقاتل اما الان.
[80] هو سويد بن عمرو بن ابي المطاع الانماري الخثعمي، كان شيخا شريفا عابدا كثير الصلوة، وكان شجاعا، مجربا في الحروب كما ذكره الطبري والداودي. وقال اهل السير: ان سويدا بعد ان قتل بشر الحضرمي تقدم وقاتل حتي اثخن بالجراح وسقط علي وجهه، فظن بانه قتل فلما قتل الحسين عليه السلام وسمعهم يقولون: قتل الحسين عليه السلام وجدبه افاقة، وكانت معه سكين خباها، وكان قد اخذ سيفه منه فقاتلهم بسكينه ساعة، ثم انهم تعطفوا عليه، فقتله عروة بن بكار التغلبي وزيد بن ورقاء الجهني. ابصار العين في انصار الحسين (ص 101 ط النجف).
[81] هو بشير (بشر) بن عمرو بن الاحدوث الحضرمي الكندي كان من حضرموت وعداده في كندة، وكان تابعيا وله اولاد معروفون بالمغازي. وكان بشر ممن جاء إلي الحسين عليه السلام ايام المهادنة. وقال السيد الداودي: لما كان اليوم العاشر من المحرم ووقع القتال، قيل لبشر وهو في تلك الحال ان ابنك عمرا قد اسر في ثغري الري، فقال: عند الله احتسبه ونفسي، ما كنت احب أن يؤسر وان ابقي بعده. فسمع الحسين عليه السلام مقالته فقال له: رحمك الله انت في حل من بيعتي، فاذهب واعمل في فكاك ابنك، فقال له: اكلتني السباع حيا ان انا فارقتك يا ابا عبدالله، فقال له: فاعط ابنك محمدا - وكان معه - هذه الاثواب البر وديستعين بها في فكاك اخيه، واعطاه خمسة اثواب قيمتها الف دينار قال السروي: انه قتل في الحملة الاولي. ابصار العين في انصار الحسين (ص 103 ط النجف).
[82] هو يزيد بن زياد بن مهاصر ابوالشعثاء الكندي، كان رجلا شريفا، شجاعا فاتكا، خرج إلي الحسين عليه السلام من الكوفة من قبل ان يتصل به الحر علي ما نقله في ابصار العين (ص 102). واماعلي ما نقله ابومخنف في مقتله كما في المتن هو ممن خرج مع عمر بن سعد إلي الحسين عليه السلام فلما ردوا الشروط علي الحسين مال اليه فقاتل معه حتي قتل.
[83] بهدلة حي من كندة منهم يزيد هذا.
[84] العرجلة بفتح العين وسكون الراء وفتح الجيم: القطعة من الخيل وجماعة المشاة.
[85] مهاصر: جد يزيد بن زياد وهو بالصاد المهملة علي زنة مهاجر واما ما في بعض النسخ مهاجر فهو من غلط النساخ.
[86] هو عمرو بن خالد الاسدي الصيداوي ابوخالد، كان شريفا في الكوفة مخلص الولاء لاهل البيت، قام مع مسلم حتي اذا خانته اهل الكوفة لم يسعه الا الاختفاء فلما سمع بقتل قيس بن مسهر وانه اخبر ان الحسين صار بالحاجر، خرج اليه ومعه مولاه سعد، ومجمع العائذي وابنه وجنادة بن حرث السلماني واتبعهم غلام لنافع البجلي بفرسه المدعو بالكامل فجنبوه واخذوا دليلا لهم الطرماح بن عدي الطائي وكان جاء إلي الكوفة يمتار لاهله طعاما فخرج بهم علي طريق متنكبة، وسار سيرا عنيفا من الخوف لانهم علموا ان الطريق مرصود حتي اذا قاربوا الحسين عليه السلام، ابصار العين (ص 66 طالنجف).
[87] في الكامل لابن اثير الجزري " ج 3 ص 293 ط ادارة الطباعة المنيرية " وجبار بن الحارث بدل جابر، واما في ابصار العين " ص 84 ط النجف الاشرف " جنادة بن الحارث المذحجي المرادي السلماني الكوفي. كان من مشاهير الشيعة، ومن اصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، وكان خرج مع مسلم اولا. فلما نظر الخذلان خرج إلي الحسين عليه السلام مع عمرو بن خالد الصيداوي وجماعة، فمانعهم الحر، ثم أخذهم الحسين عليه السلام، فلما كان يوم الطف تقدموا فاوغلوا في صفوف اهل الكوفة حتي أحاطوا بهم، فانتدب لهم العباس وخلصهم، ولكنهم أبوا ان يرجعوا سالمين ويروا عدوا، فقتلوا في مكان واحد بعدان قاتلوا قتال الاسدا للوابد. والسلماني نسبة إلي سلمان وهم بطن من مراد، ومراد بطن من مذحج كما ذكره اهل النسب.
[88] هو مجمع بن عبدالله بن مجمع بن مالك بن اياس بن عبد مناة بن عبدالله بن سعد العشيرة المذحجي العائذي. كان عبدالله بن مجمع العائذي صحابيا، وكان ولده مجمع تابعيا من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام ذكرهما اهل الانساب والطبقات، وكان مجمع وابنه جاء‌ا مع عمرو بن خالد الصيداوي إلي الحسين عليه السلام فمانعهم الحر واخذهم الحسين عليه السلام كما تقدم ذلك.
[89] علي بن الحسين بن علي بن ابيطالب عليهم السلام وروحي له الفداء ولد في اوائل خلافة عثمان بن عفان، وروي الحديث عن جده علي بن ابي طالب عليه السلام كما حققه ابن ادريس قدس سره في السرائر ونقله عن علماء التاريخ والنسب او بعد جده عليه السلام بسنتين كما ذكره الشيخ المفيد قدس سره في الارشاد وامه: ليلي بنت ابي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وامها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن امية، وامها بنت ابي العاص بن امية كان يشبه بجده رسول الله صلي الله عليه وآله في المنطق والخلق والخلق روي ابوالفرج: ان معاوية قال: من احق الناس بهذا الامر؟ قالوا انت، قال لا،اولي الناس بهذا الامر علي بن الحسين بن علي عليه السلام جده رسول الله صليالله عليه وآله وفيه شجاعة بني هاشم، وسخاء بني امية، وزهو ثقيف وفي علي عليه السلام يقول الشاعر: لم تر عين نظرت مثله من محتف يمشي ومن ناعل يغلي نهئ اللحم حتي اذا انضجع لم يغل علي الاكل كان اذا شبت له ناره يوقدها بالشرف القائل كيما يراها بائس مرمل او فرد حي ليس بالاهل لا يوثر الدنيا علي دينه ولا يبيع الحق بالباطل اعني ابن ليلي ذا السدي والندي اعني بن بنت الحسب الفاضل يكني: ابا الحسن ويلقب بالاكبر، لانه الاكبر علي اصح الروايات اولان للحسين عليه السلام اولادا ستة، ثلاثة اسمائهم علي وثلاثة اسمائهم عبدالله وجعفر ومحمد كما ذكره اهل النسب، فهو اكبر من علي الثالث علي رواية. قال ابوالفرج وغيره: وكان اول من قتل بالطف من بني هاشم بعد انصار الحسين عليه السلام علي بن الحسين، فانه لما نظر إلي وحدة ابيه تقدم اليه وهو علي فرس له يدعي ذا الجناح، فاستاذنه في البراز، وكان من اصبح الناس وجها واحسنهم خلقا فارخي عينيه بالدموع واطرق ثم قال: اللهم اشهدانه قد برز اليهم غلام اشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك، وكنا اذا اشتقنا إلي نبيك نظرنا اليه، ثم صاح: يابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي، ولم تحفظني في رسول الله صلي الله عليه وآله. فلما فهم علي الاذن من ابيه شد علي القوم ويقول. انا علي بن الحسين بن علي كما نقله فيالمتن فقاتل قتالا شديدا، ثم عاد إلي ابيه وهو يقول يا ابت العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد اجهدني، فبكي الحسين عليه السلام وقال: واغوثاه، اني لي الماء قاتل يا بني قليلا، واصبر فما اسرع الملتقي بجدك محمد صلي الله عليه وآله فيسقيك بكاسه الاوفي شربة لا تظمؤا بعدها أبدا، فكر عليهم يفعل فعل أبيه وجده، فرماه مرة بن منقذ العبدي بسهم في حلقه. قال ابوالفرج: قال حميد بن مسلم الازدي: كنت واقفا وبجنبي مرة بن منقذ، وعلي بن الحسين يشد علي القوم يمنة ويسرة فيهزمهم، فقال مرة: علي آثام العرب ان مربي هذا الغلام لاثكلن به اباه، فقلت: لا تقل، يكفيك هؤلاء الذين احتوشوه، فقال: لافعلن ومر بنا علي وهو يطرد كتيبة، فطعنه برمحه، فانقلب علي قربوس فرسه، فاعتنق فرسه، فكر به علي الاعداء، فاحتووه بسيوفهم فقطعوه، فصاح قبل ان يفارق الدنيا السلام عليك يا ابتي، هذا جدي المصطفي قد سقاني بكاسه الاوفي وهو ينتظرك الليلة، فشد الحسين عليه السلام حتي وقف عليه وهو مقطع، فقال: قتل الله يوما قتلوك، يا بني فما اجرأهم علي الله، وعلي انتهاك حرمة الرسول صلي الله عليه وآله ثم استهلت عيناه بالدموع وقال: علي الدنيا بعدك العفا وفيه أقول. بابي أشبه الوري برسول الله نطقا وخلقة وخليقة قطعته اعدائه بسيوف هي اولي بهم وفيهم خليقة ليت شعري ما يحمل الرهط منه جسدا ام عظام خير الخليقة الخلق بضم الخاء الطبع، وبفتحها التصوير، يغلي اي يفير، يغل الثانية ضد يرخص، الشرف: الموضع العالي وهو علي زنة جبل قال شاعر: أتي الندي فلا يقرب مجلسي واقود للشرف الرفيع حماري القابل: المقبل عليك، ومنه عام قابل، السدي: ندي أول الليل والندي: ندي آخر الليل، ويكني بكل منهما وبهما عن الكريم. قطع الله رحمك: اي قطع نسلك من ولدك، كما قطعت نسلي من ولدي فانه لا عقب له، احتووه: اي حازوه واشتملوا عليه، قربوس بفتح القاف والراء ولا تسكن الراء الا في الضرورة: السرج، الخليقة الاولي بمعني الطبيعة، والثانية بمعني الجديرة: والثالثة بمعني المخلوقات ابصار العين في انصار الحسين (ص 21 ط النجف الاشرف).
[90] هو عبدالله بن مسلم بن عقيل بن ابيطالب رضوان الله عليهم امه رقيه بنت امير المؤمنين وامها الصهباء ام حبيب بنت عباد بن ربيعة ابن يحيي بن العبد بن علقمة التغلبية. قيل بيعت لامير المؤمنين من سبي اليمامة. وقيل. من سبي عين التمر، فاولدها علي عليه السلام عمر الاطرف ورقية. قال السروي: تقدم عبدالله بن مسلم الحرب فحمل علي القوم وهو يقول: اليوم ألقي مسلما وهو أبي وعصبة بادوا علي دين النبي حتي قتل ثمانية وتسعين رجلا بثلاث حملات: ثم رماه عمرو بن صبيح الصدائي بسهم. قال حميد بن مسلم: رمي عمرو عبدالله بسهم وهو مقبل عليه، فاراد جبهته، فوضع عبدالله يده علي جبهته يتقي بها السهم. فسمر السهم يده علي جبهته، فاراد تحريكها فلم يستطع، ثم انتحي له بسهم آخر ففلق قلبه، فوقع صريعا، وكانت قتلته بعد علي بن الحسين فيما ذكره ابومخنف والمدائني وابوالفرج دون غيرهم. ابصار العين في انصار الحسين (ص 50 ط النجف).
[91] هو عون بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب عليهم السلام امه زينب العقيلة الكبري بنت امير المؤمنين عليه السلام، وامها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه وآله. قال اهل السير: انه لما خرج الحسين عليه السلام من مكة كتب اليه عبدالله بن جعفر كتابا يسئله فيه الرجوع عن عزمه، وارسل اليه ابنيه عونا ومحمدا، فاتياه بوادي العقيق قبل أن يصل إلي مسامنة المدينة، ثم ذهب عبدالله إلي عمرو بن سعيد بن العاص عامل المدينة فساله امانا للحسين، فكتب وارسله اليه مع اخيه يحيي وخرج معه عبدالله فلقيا الحسين عليه السلام بذات عرق، فأقرآه الكتاب فأبي عليهما وقال: اني رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله في منامي، فامرني بالمسير واني منته إلي ما امرني به، وكتب جواب الكتاب إلي عمرو بن سعيد، ففارقاه ورجعا، وقد اوصي عبدالله ولديه بالحسين واعتذر منه، قالوا: ولما ورد نعي الحسين ونعيهما إلي المدينة كان عبدالله جالسا في بيته، فدخل الناس يعزونه، فقال غلامه أبوالسلاس: هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين، فحذفه عبدالله بنعله وقال: يابن اللخناء أللحسين تقول هذا، والله لو شهدته لما فارقته حتي اقتل معه، والله انهما لمما يسخ بالنفس عنهما ويهون علي المصاب بهما، انهما اصيبا مع اخي وابن عمي مواسين له صابرين معه، ثم اقبل علي الجلساء فقال: الحمد لله اعزز علي بمصرع الحسين ان لا أكن نسيت حسينا بيدي فقد آسيته بولدي. قال السروي: يرزعون بن عبدالله بن جعفر إلي القوم وهو يقول: ان تنكروني فانا بن جعفر شهيد صدق في الجنان ازهر يطير فيها بجناح أخضر كفي بهذا شرفا في المحشر فضرب فيهم بسيفه حتي قتل منهم ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلا ثم ضربه عبدالله بن قطنة الطائي النبهاني بسيفه فقتله. وفيه يقول سليمان ابن قتة التيمي من قصيدته التي يرثي بها الحسين عليه السلام: عيني جودي بعبرة وعويل واندبي ان بكيت آل الرسول ستة كلهم لصلب علي قد اصيبوا وسبعة لعقيل واندبي ان ندبت عونا اخاهم ليس فيما ينوبهم بخذول فلعمري لقد اصيب ذووالقربي فبكي علي المصاب الطويل ابواللسلاس: باللام المفتوحة والسين المهملة ثم لام وسين بينهما الف ويمضي في بعض الكتب ابوالسلاسل وهو تصحيف. قطنة: بالقاف المضمومة والنون بينهما طاء النبهاني بالنون والباء المفردة منسوب إلي نبهان بطن من بطون طي. ابصار العين في انصار الحسين (ص 39 ط النجف).
[92] هو محمد بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب عليهم السلام، امه الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف بن ربيعة بن عائذ بن ثعلبة بن عكاية بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. وامها هند بنت سالم بن عبدالعزيز بن محروم ابن سنان بن مولة بن عامر بن مالك بن تيم اللات بن ثعلبة، وامها ميمونة بنت بشر بن عمرو بن الحرث بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن الحصين بن عكاية بن صعب بن علي. قال السروي: نقدم محمد قبل عون إلي الحرب فبرز اليهم وهو يقول: اشكو إلي الله من العدوان فعال قوم في الردي عميان قد بدلوا معالم القرآن ومحكم التنزيل والتبيان فقتل عشرة انفس، ثم تعاطفوا عليه، فقتله عامر بن نهشل التميمي وفيه يقول سليمان بن قتة من القصيدة المتقدمة علي الولاء. وسمي النبي غودر فيهم قد علوه بصارم مصقول فاذا ما بكيت عيني فجودي بدموع تسيل كل مسيل ابصار العين في انصار الحسين (ص 40 ط النجف).
[93] هو عبدالرحمان بن عقيل بن ابي طالب عليهم السلام، امه ام ولده قال ابن شهر آشوب: تقدم في حملة آل ابيطالب بعد الانصار وهو يقول: ابي عقيل فاعرفوا مكاني من هاشم وهاشم اخواني فقاتل حتي قتل سبعة عشر فارسا، ثم احتوشوه فتولي قتله عثمان ابن خالد بن أشيم الجهني وبشر بن حوط الهمداني ثم القابضي بطن منهم. ابصار العين في انصار الحسين (ص 51 ط النجف).
[94] هو جعفر بن عقيل بن ابيطالب عليهم السلام، امه الحوصاء بنت عمرو المعروف بالثغرابن عامر بن الهصان بن كعب بن عبد بن ابي بكر بن كلاب العامري، وامها اودة بنت حنظلة بن خالد بن كعب بن عبد بن ابي بكر المذكور، وامها ريطة بنت عبد بن ابي بكر المذكور، وامها ام البنين بنت معوية بن خالد بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وامها حميدة بنت عتبة بن سمرة بن عتبة بن عامر. قال السروي: تقدم إلي القتال فجالد القوم يضرب فيهم بسيفه قدما وهو يقول: انا الغلام الابطحي الطالبي من معشر في هاشم من غالب ونحن حقا سادة الذوائب فقتل خمسة عشر رجلا، ثم قتله بشر بن حوط قاتل اخيه عبدالرحمن. ابصار العين في انصار الحسين (ص 51 ط النجف).
[95] فاطنها: أي فقطعها حتي سمع لها طنين وهو الصوت.
[96] هو القاسم بن الحسن بن علي بن ابيطالب عليهم السلام، امه ام ابي بكر يقال اسمها رملة. روي ابوالفرج عن حميد بن مسلم، قال خرج الينا غلام كان وجهه شقة قمر وفي يده السيف وعليه قميص وازار وفي رجليه نعلان، فمشي يضرب بسيفه فانقطع شسع احدي نعليه ولا أنسي أنها كانت السيري ثم ساق الحديث كما أوردناه في المتن عن ابي مخنف عن سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم مع اختلاف يسير في بعض العبارات. وقال غيره: انه لما راي وحدة عمه استأذنه في القتال فلم يأذن له لصغره، فما زال به حتي اذن له، فبرزكان وجهه شقة فمر وساق الحديث إلي آخره كما تقدم. اتراه حين اقام يصلح نعله بين العدي كيلا يروه بمحتفي غلبت عليه شآمة حسنية ام كان بالاعداء ليس بمحتفي الضبط: لم يرم: اي لم يبرح من رام يريم، قال الشاعر: أيا ابتا لاتزل عندنا فانا بخير اذا لم ترم ابصار العين في انصار الحسين (ص 36 ط النجف).
[97] هو عبدالله بن الحسين بن علي بن ابيطالب عليهم السلام، ولد في المدينة وقيل: في الطف ولم يصح وامه الرباب بنت امرء القيس بن عدي بن اوس بن جابر بن كعب بن عليم بن جناب بن كلب وامها هند الهنود بنت الربيع بن مسعود بن مصاد بن حصن بن كعب المذكور. وامها ميسون بنت عمرو بن ثعلبة بن حصين بن ضمضم وامها الرباب بنت أوس بن حارثة ابن لام الطائي وهي التي يقول فيها ابوعبدالله الحسين عليه السلام. لعمرك انني لاحب دارا تحل بها سكينة والرباب احبهما وابذل جل مالي وليس لعاتب عندي عتاب وكان امرء القيس زوج ثلاث بناته في المدينة من امير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام، وقصته مشهورة فكانت الرباب عند الحسين عليه السلام وولدت له سكينة وعبدالله هذا. قال المسعودي والاصبهاني والطبري وغيرهم: ان الحسين لما آيس من نفسه ذهب إلي فسطاطه فطلب طفلا له ليودعه، فجاء‌ته به اخته زينب، فتناوله من يدها ووضعه في حجره، فبينا هو ينظر اليه اذ اتاه سهم فوقع في نحره فذبحه. قالوا: فاخذ دمه الحسين عليه السلام بكفه ورمي به إلي السماء وقال: اللهم لا يكن أهون عليك من دم فصيل، اللهم ان حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير لنا، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين، فلقد هون مابي انه بعينك يا ارحم الراحمين. قالوا: فروي عن الباقر عليه السلام انه لم تقع من ذلك الدم قطرة إلي الارض. ثم ان الحسين عليه السلام حفر له عند الفسطاط حفيرة في جفن سيفه فدفنه فيها بدمائه ورجع إلي موقفه. وروي أنه أخذ الطفل من يدي اخته زينب فاومي اليه ليقبله، فاتته نشابة فذبحته، فاعطاه إلي اخته وقال: خذيه اليك، ثم فعل ما فعل بدمائه، وقال ما قال بدعائه. وروي ابومخنف ان الذي رماه بالسهم حرملة بن الكاهن الاسدي وروي غيره ان الذي رماه عقبة بن بشر الغنوي، والاول هو المروي عن ابي جعفر محمد الباقر عليهما السلام. بالرضيع اتاه سهم ردي حيث أبوه كالقوس من شفقه قد خضبت جسمه الدماء فقل بدر سماء قد اكتسي شفقه الضبط الحجر؟ هو بتثليث الحاء المهملة وبعدها الجيم الساكنة حضن الانسان. الكاهن بالنون ويجري علي بعض الالسن ويمضي في بعض الكتب باللام، والمضبوط خلافه. الشفقه الاولي الحذر من جهة المحبة والثانية هي شفق مضاف إلي ضمير البدر، والشفق هوالحمرة الشديدة عند اول الليل بين المغرب والعشاء 0ابصار العين في انصار الحسين (ص 24 ط النجف).
[98] هوابوبكر بن الحسن بن علي بن ابيطالب عليهم السلام. امه ام ولده روي ابوالفرج ان عبدالله بن عقبة الغنوي قتله. وروي ان عقبة الغنوي هو الذي قتله، واياه عني سليمان ابن قتة بقوله: وعند غني قطرة من دمائنا سنجزيهم يوما بها حيث حلت اذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها وتقتلنا قيس اذا النعل زلت.
[99] هو العباس بن علي ابن ابيطالب بن عبدالمطلب صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين. ولد سنة ست وعشرين من الهجرة، وامه ام البنين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد بن كلاب بن عامر ابن صعصعة. وامها تمامة بنت سهيل بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب وامها عمرة بن الطفيل فارس قرزل بن مالك الاخرم رئيس هوازن بن جعفر بن كلاب، وامها كبشة بنت عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب وامها ام الخشف بنت ابي معوية فارس هوازن بن عبادة بن عقيل بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وامها فاطمة بنت جعفر بن كلاب. وامها عاتكة بنت عبد شمس بن عبد مناف. وامها آمنة بنت وهب بن عمير بن نصر بن قعين بن الحرث بن ثعلبة بن ذردان بن اسد بن خزيمة. وامها بنت حجدر بن ضبيعة الاغر بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن ربيعة بن نزار، وامها بنت مالك بن قيس بن ثعلبة. وامها بنت ذي الراسين خشين بن ابي عصم بن سمح بن فزارة. وامها بنت عمرو بن صرمة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن الريث بن غطفان. قال السيد الداودي في العمدة: ان امير المؤمنين (ع) قال لاخيه عقيل وكان نسابة عالما باخبار العرب وأنسابها، ابغني امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لا تزوجها فتلد لي غلاما فارسا: فقال له: أين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية، فانه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس، وفي آبائها يقول لبيد للنعمان بن المنذر ملك الحيرة: نحن بنوام البنين الاربعة ونحن خير عامر بن صعصعة الضاربون الهام وسط المجمعة فلا ينكر عليه أحد من العرب، ومن قومها ملاعب الاسنة أبوبراء الذي لم يعرف في العرب مثله في الشجاعة، والطفيل فارس قرزل وابنه عامر فارس المزتوق، فتزوجها أمير المؤمنين (ع)، فولدت له وانجبت من الصدر. ابصار العين في انصار الحسين (ص 25 ط النجف الاشرف). [
[100] وهو عبدالله بن علي بن أبيطالب بن عبدالمطلب عليهم الصلوة و السلام. ولد بعد أخيه بنحو ثمان سنين وامه فاطمة ام البنين، وبقي مع أبيه ست سنين ومع أخيه الحسن ست عشرة سنة، ومع أخيه الحسين خمسا و عشرين سنة وذلك مدة عمره. قال أهل السير: انه لما قتل اصحاب الحسين عليه السلام وجملة من أهل بيته دعا العباس اخوته: الاكبر فالاكبر وقال لهم: تقدموا، فاول من دعاه عبدالله أخوه لابيه وامه، فقال: تقدم يا أخي حتي أراك قتيلا وأحتسبك فانه لا ولد لك فتقدم بين يديه وجعل يضرب بسيفه قدما ويجول فيهم وهو يقول: أنا ابن ذي النجدة والافضال ذاك علي الخير في الافعال سيف رسول الله ذو النكال في كل يوم ظاهر الاهوالفشد عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فضربه علي رأسه فقتله. ابصار العين في انصار الحسين (ص 34 ط النجف).
[101] هو جعفر بن علي بن أبيطالب بن عبدالمطلب عليهم السلام ولد بعد أخيه عثمان بنحو سنتين وامه فاطمة ام البنين، وبقي مع أبيه نحو سنتين ومع أخيه الحسن نحو اثنتي عشرة سنة ومع أخيه الحسين نحو احدي وعشرين سنة وذلك مدة عمره. وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام سماه باسم أخيه جعفر لحبه اياه. قال أهل السير: لما قتل اخواالعباس لابيه وامه: عبدالله وعثمان دعا جعفرا فقال له: تقدم إلي الحرب حتي أراك قتيلا كاخويك فاحتسبك كما احتسبتهما فانه لا ولد لكم فتقدم، وشد علي الاعداء يضرب فيهم بسيفه وهو يقول: اني أنا جعفر ذوالمعالي ابن علي الخير ذي الافضال قال أبوالفرج: فشد عليه خولي بن يزيد الاصبحي فقتله. ابصار العين (ص 35 ط النجف).
[102] هو عثمان بن علي بن ابيطالب بن عبدالمطلب عليهم السلام ولد بعد أخيه عبدالله بنحوسنتين، وامه فاطمة ام البنين، وبقي مع أبيه نحو أربع سنين ومع أخيه الحسن عليه السلام نحو أربع عشرة سنة، ومع أخيه الحسين عليه السلام ثلاثا وعشرين سنة وذلك مدة عمره. وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: انما سميته عثمان بعثمان بن مظعون أخي. قال أهل السير: لما قتل عبدالله بن علي دعا العباس عثمان وقال له تقدم يا أخي كما قال لعبد الله فتقدم إلي الحرب يضرب بسيفه ويقول: اني أنا عثمان ذو المفاخر شيخي علي ذو الفعال الطاهر فرماه خولي بن يزيد الاصبحي بسهم فأوهطه حتي سقط لجنبه فجائه رجل من بني أبان بن دارم فقتله واحتز رأسه. الضبط: مما وقع في هذه الترجمة: عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهيب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وهاجر الهجرتين وشهد بدرا وكان أول رجل مات بالمدينة سنة اثنتين من الهجرة وكان ممن حرم علي نفسه الخمر في الجاهلية، وممن أراد الاختصاء في الاسلام فنهاه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وقال: عليك بالصيام فانه مجفرة اي قاطع للجماع. ولما مات جاء رسول الله صلي الله عليه وآله إلي بيته وقال: رحمك الله أبا السائب، ثم انحني عليه فقبله، ورؤي علي رسول الله صلي الله عليه وآله لما رفع رأسه اثر البكاء، ثم صلي عليه ودفنه في بقيع الغرقد ووضع حجرا علي قبره و جعل يزوره. ثم لما مات ابراهيم ولده بعده قال: الحق يا بني بفرطنا عثمان بن مظعون. ولما ماتت زينب ابنته قال: الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون، أوهطه: أضعفه واثخنه بالجراحة وصرعه صرعة لا يقوم منها (ابصار العين (ص 34 ط النجف).
[103] هو ابوبكر بن علي بن ابي طالب بن عبدالمطلب عليهم السلام. اسمه: محمد الاصغر او عبدالله. وامه ليلي بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمي بن جندل بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم. وامها عميرة بنت قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر سيد أهل الوبر بن عبيد بن الحرث وهو مقاعس، وامها عتاق بنت عصام بن سنان بن خالد بن منقر وامها بنت عبد بن أسعد بن منقر، وامها بنت سفيان بن خالد بن عبيد بن مقاعس بن بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. وفي سلمي جده قال الشاعر: يسود اقوام وليسوا بسادة بل السيد الميمون سلمي بن جندل قيل: قتله زجر بن بدر النخعي، وقيل: بل عقبة الغنوي. وقيل: بل رجل من همدان، وقيل: وجد في ساقيه مقتولا لا يدري من قتله. وذكر بعض الرواة: أنه تقدم إلي الحرب وقاتل وهو يقول: شيخي علي ذوالفخار الاطول من هاشم وهاشم لم تعدل ولم يزل يقاتل حتي اشترك في قتله جماعة: منهم عقبة الغنوي. ابصار العين (ص 36 ط النجف).
[104] غالب بن الهذيل الاودي ابوالهذيل الكوفي. روي عن أنس وسعيد بن جبير وابراهيم النخعي وكليب الاودي وابن رزين. روي عنه الثوري واسرائيل وشريك وعلي بن صالح بن حي. قال ابن ابي حاتم عن أبيه لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات. له في النسائي اثر واحد عن ابراهيم موقوفا عليه في اقتضاء الدراهم من الدنانير. وقال ابن أبي مريم عن ابن معين: ثقة وعده الشيخ (ره) تارة بهذا العنوان من أصحاب الباقر عليه السلام واخري بزيادة ابن الهذيل بعد غالب وزيادة الاسدي مولاهم كوفي من اصحاب الصادق عليه السلام تهذيب التهذيب (ج 8 ص 244) تنقيح المقال (ج2 ص 365).
[105] عمرو بن شمر الجعفي الكوفي الشيعي أبوعبدالله، عن جعفر بن محمد، وجابر الجعفي والاعمش. قال البخاري: حدثنا حامد بن داود، حدثنا اسيد بن زيد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي الطفيل، عن علي وعمارة قالا: كان النبي صلي الله عليه وآله يقنت في الفجر ويكبر يوم عرفة من صلوة الغداة، ويقطع صلاة العصر آخر ايام التشريق. وعده الشيخ ره تارة بعنوان عمرو بن شمر من اصحاب الباقر عليه السلام واخري من أصحاب الصادق عليه السلام له كتاب، عنه ابراهيم بن سليمان الخزاز أبواسحاق في (ست) في ترجمته. عنه احمد بن النضر الخزاز في مشيخه (يه) في طريقه، عنه احمد بن النصر في (يه) في باب ثواب من ختم له بالخير. عنه احمد بن لنضر في (يب) وفي (في) باب الصبر. عنه محمد بن خالد الطيالسي في (يب) عنه ابومحمد الانصاري في (يب) وفي (بص) وفي (في). عنه عثمان بن عيسي في (يب). و في (في). وعنه الحسين بن المختار في (يب) وفي (في) وعنه حماد بن عيسي في (يب) وفي (في) وعدة كثيرة جامع الرواة (ج 1 ص 623) تنقيح المقال (ج 2 ص 332) ميزان الاعتدال (ج3 ص 268).
[106] هو عبدالله بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام امه بنت الشليل بن عبدالله البجلي والشليل اخو جرير بن عبدالله كانت لهما صحبة. قال الشيخ المفيد: لما ضرب مالك بن النسر الكندي بسيفه الحسين علي رأسه بعد ان شتمه القي الحسين عليه السلام قلنسوته ودعا بخرقة وقلنسوة، فشد رأسه بالخرقة ولبس القلنسوة واعتم عليها: رجع عنه شمر و من معه إلي مواضعهم فمكث هنيئة ثم عاد وعادوا اليه واحاطوا به، فخرج عبدالله بن الحسن من عند النساء وهو غلام لم يراهق، فشد حتي وقف إلي جنب عمه الحسين عليه السلام فلحقته زينب لتحبسه فأبي، فقال لها الحسين احبسيه يا اخية، فامتنع امتناعا شديدا وقال: والله لا افارق عمي. واهوي بحر بن كعب إلي الحسين بالسيف، فقال له الغلام ويلك يابن الخبيثة اتقتل عمي؟ فضربه بحر بالسيف، فاتقاه الغلام بيده، فاطنها إلي الجلد فاذا هي معلقة. فنادي الغلام: يا اماه، فاخذه الحسين عليه السلام وضمه اليه وقال: يابن اخي: اصبر علي ما نزل بك، واحتسب في ذلك الخير فان الله يلحقك بابائك الصالحين. ثم رفع الحسين عليه السلام يديه إلي السماء وقال: اللهم امسك عليهم قطر السماء وامنعهم بركات الارض، اللهم فان متعتهم إلي حين ففرقهم بددا واجعلهم طرائق قددا، ولا ترضي الولاة عنهم ابدا، فانهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا. روي ابوالفرج: ان الذي قتله حرملة بن كاهن الاسدي: القلنسوة: بفتح القاف واللام وتسكين النون وضم السين قبل الوا ولباس في الرأس معروف (لم يراهق) اي لم يقارب (بددا) ايتفريقا (قددا) اي طرائق متفرقة بحر: بالباء المفردة والحاء المهملة والراء مثلها ابن كعب بن عبيدالله من بني تميم بن ثعلبة بن عكابة. ويمضي في بعض الكتب ويجري علي بعض الالسن ابحر بن كعب وهو غلط وتصحيف ابصار العين في انصار الحسين (ص 38 ط النجف).
[107] وفي مناقب آل ابي طالب لمؤلفه ابي جعفر رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني في (ج 4 ص 109 ط المطبعة العلمية بقم) ما لفظه ثم قال عليه السلام: ائتوني بثوب لا يرغب فيه البسه غير ثيابي لا اجرد فاني مقتول مسلوب، فاتوه بتبان فابي ان يلبسه وقال: هذا لباس اهل الذمة، ثم اتوه بشئ اوسع منه دون السراويل وفوق التبان فلبسه ثم ودع النساء وكانت سكينة تصيح، فضمها إلي صدره وقال: سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي منك البكاء اذالحمام دهاني لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة ما دام مني الروح في جثماني واذا قتلت فانت اولي الذي تأتينه يا خيرة النسوان ثم برز عليه السلام فقال: يا اهل الكوفة قبحا لكم وترحا، وبؤسا لكم وتعسا، حين استصرختمونا ولهين، فاتيناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفا كان في ايماننا، وحششتم لاعدائكم من غير عدل افشوه فيكم. ولا ذنب كان منا اليكم، فهلا لكم الويلات اذ كرهتموناه، تركتمونا والسيف مشيم، والجأش طامن، والرأي لما يستحصد، لكنكم اسرعتم إلي بيعتنا كسرع الدبا، وتهافتم اليها كتهافت الفراش، ثم تقضتموها سفها وضلة، وفتكا لطواغيت الامة، وبقية الاحزاب، ونبذة الكتاب، ثم انتم تتخاذلون عنا وتقتلوننا، الا لعنة الله علي الظالمين. قال: ثم انشأ: كفر القوم وقدما رغبوا عن ثواب الله رب الثقلين قتلوا قدما عليا وابنه الحسن الخير الكريم الطرفين حنقا منهم وقالوا اجمعوا نفتك الان جميعا بالحسين يالقوم من اناس رذل جمعوا الجمع لاهل الحرمين ثم ساروا وتواصوا كلهم باحتياجي لرضاء الملحدين لم يخافوا الله في سفك دمي لعبيد الله نسل الكافرين وابن سعد قدرماني عنوة بجنود كوكوف الهاطلين لا لشئ كان مني قبل ذا غير فخري بضياء الفرقدين بعلي الخير من بعد النبي والنبي القرشي الوالدين خيرة الله من الخلق ابي ثم امي فانا ابن الخيرتين فضة قد خلصت من ذهب فانا الفضة وابن الذهبين فاطم الزهراء امي وابي وارث الرسل ومولي الثقلين طحن الابطال لما برزوا يوم بدر وباحد وحنين وله في يوم احد وقعة شفت الغل بفض العسكرين ثم بالاحزاب والفتح معا كان فيها حتف اهل الفيلقين واخو خيبر اذ بارزهم بحسام صارم ذي شفرتين منفي الصفين عن سيف له وكذا افعاله في القبلتين والذي اردي جيوشا اقبلوا يطلبون الوتر في يوم حنين في سبيل الله ماذا صنعت امة السوء معا بالعترتين عترة البر التقي المصطفي وعلي القرم يوم الجحفلين من له عم كعمي جعفر وهب الله له اجنحتين من له جد كجدي في الوري وكشيخي فانا ابن العلمين والدي شمس وامي قمر فأنا الكوكب وابن القمرين جدي المرسل مصباح الهدي وابي الموفي له بالبيعتين بطل قرم هزبر ضيغم ماجد سمح قوي الساعدين عروة الدين علي ذاكم صاحب الحوض مصلي القبلتين مع رسول الله سبعا كاملا ما علي الارض مصل غير ذين ترك الاوثان لم يسجد لها مع قريش مذ نشأ طرفة عين عبدالله غلاما يافعا وقريش يعبدون الوثنين يعبدون اللات والعزي معا وعلي قائم بالحسنيين وأبي كان هزبرا ضيغما ياخذ الرمح فيطعن طعنتين كتمشي الاسد بغيا فسقوا كاس حتف من نجيع الحنظلين ثم استوي علي راحلته وقال: أنا ابن علي الخير من آل هاشم كفاني بهذا مفخرا حين افخر وجدي رسول اكرم خلقه ونحن سراج الله في الارض يزهر وفاطم امي من سلالة احمد وعمي يدعي ذا الجناحين جعفر وفينا كتاب الله انزل صادقا وفينا الهدي والوحي بالخير يذكر ونحن امان الله للخلق كلهم نسر بهذا في الانام ونجهر ونحن ولاة الحوض نسقي ولينا بكاس رسول الله ما ليس ينكر وشيعتنا في الناس اكرم شيعة ومبغضنا يوم القيمة يخسر ثم حمل علي الميمنة وقال الموت خير من ركوب العار والعار اولي من دخول النار ثم حمل علي الميسرة وقال: انا الحسين بن علي احمي عيالات ابي آليت ان لا انثني امضي علي دين النبي وجعل يقاتل حتي قتل الف وتسعمأة وخمسين سوي المجروحين فقال عمر بن سعد لقومه: الويل لكم، اتدرون من تبارزون؟ هذا ابن الانزع البطين، هذا ابن قتال العرب فاحملوا عليه من كل جانب، فحملوا بالطعن مأة وثمانين واربعة آلاف بالسهام. وقال الباقر عليه السلام: اصيب عليه السلام ووجد به ثلاثمأة وبضعة وعشرين طعنة برمح او ضربة بسيف او رمية بسهم. وروي: ثلاثماة وستون جراحة، وقيل ثلاثا وثلاثين ضربة سوي السهام. وقيل: الف وتسعمأة جراحة، وكانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ وروي انها كانت كلها في مقدمه. العوني يا سهاما بدم ابن المصطفي منقسمات ورماحا في ضلوع ابن النبي متصلات فقال شمر: ما وقوفكم وما تنتظرون بالرجل وقد اثخنته السهام، احملوا عليه ثكلتكم امهاتكم، فحملوا عليه من كل جانب فرماه ابوالحنوق الجعفي في جبينه، والحصين ابن نمير في فيه، و أبوايوب الغنوي بسهم مسموم في حلقه، فقال عليه السلام: بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله، وهذا قتيل في رضي الله. وكان ضربة زرعة بن شريك التميمي علي كتفه الايسر، وعمر بن الخليفة الجعفي علي حبل عاتقه، وكان طعنه صالح بن وهب المزجي علي جنبيه، وكان رماه سنان بن أنس النخعي في صدره، فوقع علي الارض وأخذ دمه بكفيه وصبه علي رأسه مرارا، فدنا منه عمر وقال: جزوا رأسه فقصد اليه نصر بن خرشة، فجعل يضر به بسيفه، فغضب عمرو قال لخولي ابن يزيد الاصبحي: انزل فجز رأسه فنزل وجز رأسه، و سلب الحسين ما كان عليه، فاخذ عمامته جابر بن يزيد الازدي، وقميصه اسحاق بن حوي، وثوبه جعوتة بن حوية الحضرمي، وقطيفته من خز قيس بن الاشعث الكندي وسراويله. بحير بن عمير الجرمي. ويقال: أخذ سراويله بحر بن كعب التميمي، والقوس والحلل الرحيل بن خيثمة الجعفي، وهاني بن شبيب الحضرمي، وجرير بن مسعود الحضرمي، ونعليه الاسود الاوسي. وسيفه رجل من بني نهشل من بني دارم. ويقال: الاسود بن حنظلة، فأحرقهم المختار بالنار وانتدب عشرة وهم: اسحاق بن يحيي والحضرمي، وهاني بن ثبيت الحضرمي، وأدلم بن ناعم، وأسد بن مالك، والحكيم بن طفيل الطائي، والاخنس بن مرثد، وعمرو بن صبيح المذحجي ورجاء بن منقذ العبدي، وصالح بن وهب اليزني، وسالم بن الخيثمة الجعفي، فوطئوه بخيلهم. الرضي: كأن بيض المواضي وهي تنهبه نار تحكم في جسم من النور لله ملقي علي الرمضاء غص به فيم الردي بعد اقدام وتشمير تحنو عليه الظبا ظلا وتستره عن النواظر أذيال الاعاصير وخر للموت لاكف يقلبه الا بوطئ من الجرد المحاضير ودفن جثتهم بالطف أهل الغاضرية من بني اسد بعد ما قتلوه بيوم، وكانوا يجدون لاكثرهم قبورا، ويرون طيورا بيضا، وكان عمر بن سعد صلي علي المقتولين من عسكره ودفنهم. وقصد شمر إلي الخيام، فنهبوا ما وجدوا حتي قطعت اذن ام كلثوم لحلقة.
[108] قال في مثير الاحزان للشيخ الجليل نجم الدين محمد بن جعفر بن ابي البقاء هبة الله بن نما الحلي المتوفي سنة 645 ما لفظه: ورويت أن أنس بن مالك قال: شهدت عبيدالله بن زياد وهو ينكت بقضيب علي لسان الحسين. يقول: انه كان حسن الثغر، فقلت: أم والله لاسئونك لقد رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله يقبل موضع قضيبك من فيه. وعن سعيد بن معاذ وعمر بن سهل أنهما حضرا عبيدالله يضرب بقضيبه انف الحسين وعينيه ويطعن في فمه، فقال له زيد بن ارقم: ارفع قضيبك اني رايت رسول الله صلي الله عليه وآله واضعا شفتيه علي موضع قضيبك ثم انتحب باكيا، فقال له: ابكي الله عينيك يا عدوالله لولا انك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك، فقال زيد: لاحدثنك حديثا هو اغلظ عليك من هذا رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله اقعد حسنا علي فخذه اليمني، وحسينا علي فخذه اليسري فوضع يده علي يافوخ كل واحد منهما: وقال: اني استودعكما وصالح المؤمنين، فكيف كانت وديعتك لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. ثم قام عبيدالله خطيبا وقال: الحمد لله الذي أظهر الحق واهله ونصر امير المؤمنين وحزبه الخ. فقام اليه عبدالله بن عفيف الازدي وكانت احدي عينيه ذهبت يوم الجمل والاخري يوم صفين مع علي عليه السلام وقال: يابن مرجانة ان الكذاب انت وابوك والذي ولاك، اتقتلون اولاد النبيين وتتكلمون بكلام الصديقين فأمر به ابن زياد، فمنعه الازد وانتزعوه من ايدي الجلاوزة، فأتي منزله فقال ابن زياد: اذهبوا إلي أعمي الازد أعمي الله قلبه، فأتوني به، فلما بلغ الازد ذلك اجتمعوا، وقبائل اليمن معهم، فبلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضروضمهم إلي ابن الاشعث وامره بالقتال، فاقتتلوا وقتل بينهم جماعة و وصل اصحاب عبيدالله إلي دار عبدالله بن عفيف. فكسروا الباب واقتحموا عليه، فصاحت ابنته: اتاك القوم من حيث تحذر، فقال: لا عليك، ناوليني سيفي، فناولته فجعل يذب به نفسه ويقول: انا ابن ذي الفضل عفيف الطاهر عفيف شيخي وابن ام عامر كم دارع من جمعكم وحاسر فقالت ابنتة: يا ليتني كنت رجلا اخاصم بين يديك هؤلاء الفجرة قاتلي العترة البررة، والقوم محدقون كلما جاء‌وه من جهة اشعرته وهو يذب عن نفسه ويقول: اقسم لو فرج لي عن بصري ضاق عليكم موردي ومصدري فتكاثروا عليه فاخذوه، فقالت ابنته: واذلاه، يحاط بأبي وليس له ناصر،وأدخلوه علي عبيدالله فقال: الحمد لله الذي اخزاك فقال يا عدو الله فماذا اخزاني والله لو فرج لي عن بصري ضاق عليكم موردي ومصدري قال: يا عدوالله ما تقول في عثمان؟ فقال: يا عبد بني علاج، يابن مرجانة ما انت وعثمان، اساء أم أحسن، فقد لقي ربه وهو ولي خلقه يقضي بينهم بالعدل، ولكن سلني عن أبيك وعن يزيد وأبيه، فقال له: والله لاسئلتك عن شئ حتي تذوق الموت عطشا. فقال: الحمد لله رب العالمين، أما أني كنت أسئل الله ربي أن يرزقني الشهادة قبل ان تدرك لتك وسيلته ان يجعلها علي يدي العن خلقه وابغضهم اليه، فلما كف بصري يئست من الشهادة والان فالحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منها، فامر ابن زياد، فضرب عنقه وصلب في السبخة. ثم دعا بجندب بن عبدالله الازدي وكان شيخا فقال: يا عدوالله ألست صاحب أبي تراب؟ قال بلي لا اعتذر منه قال: ما أراني الا متقربا إلي الله بدمك، قال: اذن لا يقربك الله منه بل يباعدك قال:شيخ قد ذهب عقله، وخلي سبيله.
[109] وفي هامش (الكامل) للمورخ الكبير الشيخ عبدالوهاب النجار المدرس بقسم التخصص في الازهر في (ج 3 ص 298 ط المنيرية لصاحبها ومديرها محمد منير الدمشقي) ما لفظه: هذا هوالفخر المزيف والكذب الصريح، فان كل المورخين يذكرون لمن كان مع الحسين وله - ثباتا - لا يضارعه ثبات، واباء‌ا و شما قل أن يريا لمكثور قل ناصره وكثر واتروه. وقال في ظهر الصحيفة المذكورة ما لفظه: هذا النصر في نظري ونظر كل عاقل صحيح العقل شر من الخذلان والهزيمة، اذ ما فخر للآلاف الكثيرة تجتمع علي اثنين وسبعين رجلا قد نزلوا علي غير ماء، انما يعتبر النصر شرفا وفخرا اذا كانت العدة متكافئة والعدد قريبا، فحق ابن زياد ومن كان علي شاكلته أن يندبوا علي أنفسهم بالخيبة والخسران وان يطأطئوا رؤوسهم ذلا وعارا حينما وقف هؤلاء النسوة الاشراف علي رأسهن السيدة زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وهي بهذه الحالة، لعن الله الفسق والفساق، لقد سودوا صحائف التاريخ، وسجلوا علي أنفسهم الجرائم الكبري التي لا تغتفر ولا تنسي مدي الدهر فانا لله وانا اليه راجعون، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
[110] في الكامل لابن أثير الجزري (ج 3 ص 298 ط المنيرية) بقاع سبب بدل بقي سبسب وهو غلط.
[111] وفي الكامل (ج 3 ص 298) ما لظه: وقيل: ان آل الحسين لما وصلوا إلي الكوفة حبسهم ابن زياد وأرسل إلي يزيد بالخبر، فبينماهم في الحبس اذ سقط عليهم حجر فيه كتاب مربوط، وفيه أن البريد سار بأمركم إلي يزيد، فيصل يوم كذا ويعود يوم كذا، فان سمعتم التكبير فايقنوا بالقتل، وان لم تسمعوا تكبيرا فهو الامان (ان شاء الله)، فلما كان قبل قدوم البريد بيومين أو ثلاثة اذا حجر قد القي وفيه كتاب يقول فيه: او صوا واعهدوا فقد قارب وصول البريد ثم جاء البريد بأمر يزيد بارسالهم اليه فدعا ابن زياد محفز بن ثعلبة شمر بن ذي الجوشن وسيرهما بالثقل والرأس، فلما وصلوا إلي دمشق نادي محفز بن ثعلبة علي باب يزيد: جئنا برأس أحمق الناس والامهم، فقال يزيد: ما ولدت ام محفز الام وأحمق منه، ولكنه قاطع ظالم. ثم دخلوا علي يزيد فوضعوا الرأس بين يديه وحدثوه، فسمعت الحديث هند بنت عبدالله بن عامر بن كريز - وكانت تحت يزيد - فتقنعت بثوبها وخرجت فقالت: يا أمير المؤمنين أراس الحسين بن علي ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله؟ قال: نعم، فاعولي عليه، وحدي علي ابن بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وصريحة قريش، عجل عليه ابن زياد فقتله، قتله الله. ثم أذن للناس فدخلوا عليه والرأس بين يديه ومعه قضيب وهو ينكت به ثغره ثم قال: ان هذا وايانا كما قال الحصين بن الحمام: أبا قومنا أن ينصفونا فانصفت قواضب في ايماننا تقطر الدما يلقلقن هاما من رجال اعزة علينا وهم كانوا أعق وأظلما.
[112] ثابت بن ابي صفية دينار وقيل سعيد ابوحمزة الثماليالازدي الكوفي مولي المهلب بن أبي صفرة. روي عن أنس والشعبي وابي اسحاق وزاذان أبي عمر وسالم بن أبي الجعد وأبي جعفر الباقر عليه السلام وغيرهم. وعنه الثوري وشريك وحفص بن غياث وأبواسامة وعبدالملك بن ابي سليمان وابونعيم ووكيع وعبيدالله بن موسي وعدة. قال ابن سعد توفي في خلافة أبي جعفر وقال يزيد بن هارون كان يؤمن بالرجعة. سعدان بن يحيي، حدثنا ابوحمزة الثمالي، عن أبي اسحاق السبيعي عن الحارث، عن علي - مرفوعا: من زار أخاه في الله لا لغيره التماس موعود الله وكل الله به سبعين الف ملك ينادونه: طبت وطابت لك الجنة. كان من خيار اصحابنا (شيعة آل الرسول) وثقاتهم ومعتمديهم في الرواية والحديث، لفي علي بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبدالله وأبا الحسن عليهم السلام وروي عنهم. وعن ابي عبدالله عليه السلام أنه قال: أبوحمزة في زمانه مثل سلمان في زمانه. قال الفضل بن شاذان: سمعت الثقة يقول: سمعت الرضا عليه السلام يقول: ابوجعفر الثمالي في زمانه كلقمان في زمانه وذلك أنه خدم أربعة منا: علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وبرهة من عصر موسي بن جعفرعليهم السلام. مات سنة خمسين ومأة. تهذيب التهذيب (ج 2 ص 7) ميزان الاعتدال (ج 1 ص 363) جامع الرواة (ج 1 ص134).
[113] قال الشيخ الجليل نجم الدين محمد بن جعفرابي البقاء هبة الله بن نما الحلي المتوفي سنة 645 في كتابه (مثير الاحزان ص 76 ط الحيدرية في النجف الاشرف) ما لفظه: ثم ان عبيدالله بن زياد امر بنساء الحسين عليه السلام وصبيانه فجهزوا وامر بعلي بن الحسين عليه السلام فغل إلي عنقه وسرح بهم مع مخفر ابن ثعلبة ابن مرة العائذي من عابذة قريش، ومع شمر بن ذي الجوشن واصحابها. فروي النظنزي عن جماعة عن سليمان بن مهران الاعمش قال: بينما انا في الطواف ايام الموسم اذا رجل يقول: اللهم اغفر لي وانا اعلم انك لا تغفر، فسئلته عن السبب فقال: كنت احد الاربعين الذين حملوا رأس الحسين إلي يزيد علي طريق الشام، فنزلنا اول مرحلة رحلنا من كربلاء علي دير للنصاري والرأس مركوزعلي رمح فوضعنا الطعام ونحن نأكل اذا بكف علي حايط الدير يكتب عليه بقلم حديد سطرا بدم: اترجوامة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب فجزعنا جزعا شديدا واهوي بعضنا إلي الكف ليأخذها فغاب فعاد اصحابي. وعن مشايخ من بني سليم انهم غزوا الروم فدخلوا بعض كنايسهم فاذا مكتوب هذا البيت، فقالوا لهم: منذ متي مكتوب؟ قالوا: قبل ان يبعث نبيكم بثلاث مأته عام. وحدث عبدالرحمن بن مسلم عن ابيه انه قال: غزونا بلاد الروم فاتينا كنيسة من كنايسهم قريبة من قسطنطنية وعليها شئ مكتوب فسألنا اناسا من اهل الشام يقرؤن بالرومية فاذا هو مكتوب هذا البيت. وذكر ابوعمرو الزاهد في كتاب الياقوت قال: قال عبدالله بن صفار صاحب ابي حمزة الصوفي: غزونا غزاة وسبينا سبيا وكان فيهم شيخ من عقلاء النصاري، فاكرمنا واحسنا اليه، فقال لنا:اخبرني ابي عن آبائه انهم حفروا في بلاد الروم حفرا قبل ان يبعث النبي العربي بثلاثمأة سنة فاصابوا حجرا عليه مكتوب بالمسند هذا البيت من الشعر. اترجو عصبة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب والمسند كلام اولاد شيث، فانطلقوا جميعا فلما قربوا من دمشق دنت ام كلثوم من شمر وقالت: لي اليك حاجة، قال: ما هي؟ قالت: اذا دخلت البلد فاحملنا في درب قليل النظارة وتقدم ان يخرجوا هذه الرؤس من بين المحامل وينجونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر الينا ونحن في هذه الحال، فامر بضد ما سئلته بغيامنه وعتوا، وسلك بهم علي تلك الصفة حتي وصلوا باب دمشق حيث يكون السبي، ولقد اقرح فعله هذا حناجر الصدور واسخن عين المقرور حتي قلت شعري هذا من القلب الموتور: فوا اسفا يغزي الحسين ورهطه ويسبي بتطواف البلاد حريمه الم يعلموا ان النبي لفقده له عزب جفن ما يخف سجومه وفي قلبه نار يشب ضرامها وآثار وجد ليس ترسي كلومه ولم يكن زين العابدين عليه السلام يكلم احدا في الطريق حتي بلغوا باب يزيد. فروي عن روح بن زنباع الجدامي عن ابيه عن العذري ابن ربيعة ابن عمرو الجرشي قال: انا عند يزيد بن معاوية اذ أقبل زحر بن قيس المذحجي علي يزيد فقال: ويلك ما وراء‌ك؟ قال: ابشر بفتح الله ونصره ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من اهل بيته وستين رجلا من شيعته، فسرنا اليهم وسألناهم ان يستسلموا أوينزلوا علي حكم الامير عبيدالله اوالقتال فاختاروا القتال علي الاستسلام، فعدونا عليهم من شروق الشمس، فاحطنا بهم من كل ناحية حتي اذا اخذت السيوف مأخذها، جعلوا يلجاؤن إلي غير وزر ويلوذون بالاكمام والحفر لوذا كما لاذ الحمام الصقر، فوالله يا امير المؤمنين ما كان الاجزر جزور او نومة قائل، حتي اتينا علي آخرهم، فهاتيك اجسادهم مجردة، ووجوههم معفرة، وثيابهم بالدماء مرملة، تصهرهم الشمس وتسقي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرخم، بقاع قرقر سبسب، لا مكفنين ولا موسدين فقال: كنت ارضي من طاعتكم بدون قتله. ونقلت من تاريخ دمشق عن ربيعة بن عمرو الجرشي قال: انا عند يزيد اذ سمعت صوت مخفر يقول: هذا مخفرة بن ثعلبة اتي امير المؤمنين باللئام الفجرة، فاجابه يزيد: ما ولدت ام مخفر شر والام. قال علي بن الحسين عليهما السلام ادخلنا علي يزيد ونحن اثنا عشر رجلا مغللون، فلما وقفنا بين يديه قلت: انشدك الله يا يزيد ما ظنك برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لو رآنا علي هذه الحال؟ قال يا اهل الشام ما ترون في هؤلاء قال رجل: لا تتخذن من كلب سوء جروا، فقال له النعمان بن بشير: اصنع ما كان رسول الله يصنع بهم لو رآهم بهذه الخيبة. وقالت فاطمة بنت الحسين: يا يزيد بنات رسول الله سبايا، فبكي الناس وبكي اهل داره حتي علت الاصوات، فقال علي بن الحسين عليه السلام وانا مغلول. فقلت: اتأذن لي في الكلام، فقال: قل ولا تقل هجرا، قلت: لقد وقفت موقفا لا ينبغي لمثلي ان يقول الهجر، ما ظنك برسول الله لو رآني في غل، فقال لمن حوله: حلوه، ثم وضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه والنساء من خلفه لئلا ينظرن اليه، فراه علي عليه السلام فلم ياكل بعد ذلك الرأس. حدث عبدالملك بن مروان: لما اتي يزيد برأس الحسين عليه السلام قال: لو كان بينك وبين ابن مرجانة قرابة لاعطاك ما سئلت قال علي بن الحسين عليه السلام: ما اصاب من مصيبة في الارض ولافي انفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك علي الله يسير واما زينب فانها لما رأت رأس الحسين عليه السلام اهوت إلي جيبها فشقته ثم نادت بصوت حزين يقرح الكبد ويوهي الجلد: يا حسيناه، يا حبيب جده الرسول ويا ثمرة فؤاد الزهراء البتول، يابن بنت المصطفي يابن مكة ومني، يابن علي المرتضي، فضج المجلس بالبكاء ويزيد ساكت وهو بذاك شامت، ثم دعا بقضيب فجعل ينكت ثنايا الحسين، فأقبل عليه أبوبزرة الاسلمي وقال: ويحك أتنكت بقضيبك ثغر الحسين ابن فاطمة؟ اشهد لقد رأيت النبي صلي الله عليه وآله يرشف ثناياه وثنايا اخيه ويقول انتما سيدا شباب اهل الجنة فقتل الله قاتلكما ولعنه واعد له جهنم وسائت مصيرا، فغضب يزيد وامر باخراجه سحبا. وروي ان الحسن بن الحسن لما رآه يضرب بالقضيب موضع فم رسول الله صلي الله عليه وآله قال: واذلاه. سمية امسي نسلها عددالحصي - وبنت رسول الله ليس لها نسل وكان قد دخل اهل الشام يهنونه بالفتح، فقام رجل منهم احمر ازرق فنظر إلي فاطمة بنت الحسين وكانت وضيئة، فقال يا اميرالمؤمنين هب لي هذه الجارية، فقالت فاطمة لعمتها يا عمتاه او تمت أو ستخدم؟ فقالت زينب. لا والله ولا كرامة لك ولا له الا ان يخرج من ديننا، فاعاد الازرق الكلام فقال له يزيد، وهب الله لك حتفا قاطعا، ثم تمثل بابيات ابن الزبعري: ليث اشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الاسل فاهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل قد قتلنا القوم من ساداتهم وعدلناه ببدر فاعتدل فقامت زينب بنت علي عليه السلام وقالت: الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي رسوله وآله اجمعين صدق الله كذلك يقول: ثم كان عاقبة الذين اساؤا السوء‌ي ان كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤن، اظننت يا يزيد حيث اخذت علينا اقطار الارض وآفاق السماء. فاصبحنا نساق كما تساق الاسراء ان بنا علي الله هوانا، وبك علي الله كآبة. فشمخت بانفك ونظرت إلي عطفك حين رأيت الدنيا مستوثقا حين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلا مهلا نسيت قوله تعاي: (ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين) ثم تقول غير متأثم: فاهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل متنحيا علي ثنايا ابي عبدالله سيد شباب اهل الجنة تنكتها بمحضرتك وكيف لا تقول ذلك وقد نكات الفرحة، واستاصلت الشافة، باراقتك دماء الذرية الطاهرة وتهتف باشياخك لتردن موردهم اللهم خذ بحقنا وانتقم لنا من ظالمنا، فما فريت الا جلدك، ولا حززت الا لحمك، بئس للظالمين بدلا، وما ربك بظلام للعبيد: فالي الله المشتكي، و عليه المتكل، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا والحمد لله الذي ختم لاولنا بالسعادة، ولاخرنا بالشهادة ويحسن علينا الخلافة انه رحيم ودود. فقال يزيد: يا صيحة تحمد من صوائح ما اهون الموت علي النوائح ودعا يزيد الخاطب وامره ان يصعد المنبر ويذم الحسين واباه فصعد وبالغ في ذم امير المؤمنين والحسين سلام الله عليهما، والمدح لمعاوية ويزيد، فصاح به علي بن الحسين عليه السلام: ويلك ايها الخاطب اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فتبوء مقعدك من النار، ولقد اجاد ابن سنان الخفاجي بقوله، يا امة كفرت وفي افواها القرآن فيه ضلالها ورشادها أعلي المنابر تعلنون بسبه وبسيفه نصبت لكم اعوادها تلك الخلائق بينكم بدرية قتل الحسين وما خبت احقادها وكان النساء مدة مقامهم بدمشق ينحن عليه بشجووانة ويندبن بعويل ورنة ومصاب الاسري عظم خطبه، والاسي لكم الثكلي، عال طبه، او سكن في مساكن لا يقيهن من حر ولا برد حتي تقشرت الجلود، وسأل الصديد بعدكن الخدود. وظل الستور: والصبر ظاعن، والجزع مقيم، والحزن لهن نديم، ووعد يزيد لزين العابدين بقضاء ثلاث حاجات وعن ابي عبدالرحمان بن عبدالله بن عقبة بن لهيعة الحضرمي عن أبي الاسود محمد بن عبدالرحمان قال: لقيني رأس الجالوت بن بهوذا فقال: والله ان بيني وبين داود سبعين أبا، وان اليهود تلقاني فتعظمني، وانتم ليس بين ابن النبي وبينه الا اب واحد، قتلتم ولده وكان يزيد يتخذ مجالس الشراب واللهو والقيان والطرب ويحضر رأس الحسين بين يديه، فحضر مجلسه رسول ملك الروم وكان من اشرافهم فقال: يا ملك العرب هذا رأس من؟ قال: مالك ولهذا الرأس، قال: اني اذا رجعت إلي ملكنا يسئلني عن كل شئ شاهدته فاحببت ان اخبره بقضية هذا الرأس وصاحبه ليشاركك في الفرح والسرور، قال هذا رأس الحسين بن علي، قال: ومن امه؟ قال: فاطمة بنت رسول الله، فقال النصراني: اف لك ولدينك، لي دين احسن من دينكم. ان ابي من حفدة داود عليه السلام، وبيني وبينه آباء كثيرة، والنصاري يعظمون قدري، ويأخذون من تراب قدمي تبركا: باني من الحوافد وقد قتلتم ابن بنت نبيكم، وليس بينه وبينه الاام واحدة فقبح الله دينكم ثم قال ليزيد: ما اتصل اليك حديث كنيسة الحافر؟ قال: قل قال: بين عمان والصين بحر مسيرة سنة فيه جزيرة ليس بها عمران الا بلدة واحدة في الماء طولها ثمانون فرسخا في ثمانين، ما علي وجه الارض مدينة مثلها، منها يحمل الكافور والعنبر والياقوت، اشجارها العود. وهي في اكف النصاري فيها كنائس كثيرة، اعظمها كنيسة الحافر، في محرابها حقة ذهب معلقة فيها حافر حمار ويقولون: كان يركبه عيسي عليهم السلام وحول الحقة مزين بانواع الجواهر والديباج، يقصدها لي كل عام عالم من النصاري، وانتم تقتلون ابن بنت نبيكم لا بارك الله فيكم ولا في دينكم. فقال يزيد: اقتلوه لئلا يفضحني في بلاده، فلما احس بالقتل قال: تريد ان تقتلني؟ قال: نعم، قال: اعلم اني رأيت البارحة نبيكم في المنام يقول: يا نصراني انت من اهل الجنة، فتعجبت من كلامه، وانا اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسوله، ثم نهض إلي الرأس فضمه إلي صدره وقبله وبكي فقتل. ورأت سكينة في منامها وهي بدمشق كان خمسة تجب من نور قد اقبلت وعلي كل نجيب شيخ. والملائكة محدقة بهم ومعهم وصيف يمشي. فمضي النجب وأقبل الوصيف إلي وقرب مني وقال: يا سكينة ان جدك يسلم عليك، فقلت: وعلي رسول الله السلام. يا رسول رسول الله من انت؟ قال: وصيف من وصائف الجنة، فقلت: من هؤلاء المشيخة الذين جاء‌وا علي النجب. قال: الاول آدم صفوة الله، والثاني ابراهيم خليل الله والثالث موسي كليم الله، والرابع عيسي روح الله، فقلت: من هذا القابض علي لحيته يسقط مرة ويقوم اخري، فقال: جدك رسول الله صلي الله عليه وآله، فقلت: واين هم قاصدون؟ قال إلي ابيك الحسين، فاقبلت اسعي في طلبه لاعرفه ما صنع بنا الظالمون بعده، فبينما انا كذلك اذ اقبلت خمسة هوادج من نور، في كل هودج امرأة، فقلت من هذه النسوة المقبلات؟ قال: الاولي حواء ام البشر، والثانية آسية بنت مزاحم، والثالثة مريم بنت عمران، والرابعة خديجة بنت خويلد، والخامسة الواضعة يدها علي رأسها تسقط مرة وتقوم اخري فقلت: من؟ فقال جدتك فاطمة بنت محمد ام ابيك! فقلت: والله لاخبرنها ما صنع بنا فلحقتها ووقفت بين يديها ابكي واقول: يا امتاه جحدوا والله حقنا، يا امتاه بددوا والله شملنا، يا امتاه استباحوا والله حريمنا، يا امتاه، قتلوا والله الحسين ابانا، فقالت: كفي صوتك يا سكينة. فقد أحرقت كبدي وقطعت نياط قلبي، هذا قميص ابيك الحسين معي لا يفارقني حتي القي الله به، ثم انتبهت واردت كتمان ذلك المنام وحدثت به أهلي فشاع بين الناس. ودعي يزيد يوما بعلي بن الحسين وعمر بن الحسن وكان عمر صغيرا، فقال له اتصارع ابني خالد! فقال لا، ولكن اعطني سكينا واعطه سكينا ثم اقاتله، فقال يزيد: ما تتركون عداوتنا صغارا وكبارا ثم قال: شنشنة اعرفها من اخزم هل تلد الحية الا حية وخرج يوما زين العابدين عليهما السلام يمشي في أسواق دمشق فلقيه المنهال بن عمرو، فقال: كيف امسيت يابن رسول الله! قال: امسينا كمثل بني اسرائيل في آل فرعون، يذبحون ابنائهم، ويستحيون نسائهم، يا منهال امست العرب تفتخر علي العجم بان محمدا منها، وامست قريش تفتخر علي سائر العرب بان محمدا منها، وامسينا معشر اهل بيته ونحن مقتولون مشردون، فانا لله وانا اليه راجعون مما امسينا فيه يا منهال. ولله درمهيار بقوله في العترة الطاهرة يعظمون له اعواد منبره وتحت ارجلهم اولاده وضعوا باي حكم بنوه يتبعونكم وفخركم انكم صحب له تبع ثم قال يزيد لعلي بن الحسين: وعدتك بقضاء ثلاث حاجات اذكرها، فقال: الاولي تريني وجه سيدي الحسين عليه السلام الا تزود منه والثانية ترد علينا ما اخذ منا، لان فيه مغزل فاطمة وقميصها وقلادتها والثالثة ان كنت عزمت علي قتلي فوجه مع النسوة من يوصلهن إلي حرم جدهن، قال: اما وجه ابيك فلن تراه ابدا، واما قتلك فقد عفوت عنك، فما يوصلهم إلي المدينة غيرك. وامر برد المأخوذ، وزاد عليه مأتي دينار ففرقها زين العابدين عليه السلام علي الفقراء والمساكين، ثم امر يزيد بمضي الاساري إلي اوطانهم مع نعمان بن بشير وجماعة معه إلي المدينة. واما الرأس الشريف اختلف الناس فيه: قال قوم: ان عمروبن سعيد دفنه بالمدينة، وعن منصور بن جمهور انه دخل خزانة يزيد بن معاوية لما فتحت وجد به جونة حمراء فقال لغلامه سليم: احتفظ بهذه الجونة فانها كنز من كنوز بني امية، فلما فتحها اذا فيه راس الحسين عليه السلام وهو مخضوب بالسواد، فقال لغلامه: ائتني بثوب فأتاه به فلفه ثم دفنه بدمشق عند باب الفراديس عند البرج الثالث مما يلي المشرق. وحدثني جماعة من اهل مصر ان مشهد الرأس عندهم يسمونه مشهد الكريم عليه من الذهب شئ كثير يقصدونه في المواسم و يزورونه ويزعمون انه مدفون هناك، والذي عليه المعول في الاقوال انه اعيد إلي الجسد بعد ان طيف به في البلاد ودفن معه، ولقد احسن نائح هذه المرثية في فادح هذه الرزية: رأس ابن بنت محمد ووصيه للناظرين علي قناة يرفع والمسلمون بمنظر وبمسمع لا منكر فيهم ولا متفجع كحلت بمنظرك العيون عماية واصم رزء‌ك كل اذن تسمع أيقظت اجفانا وكنت لها كري وأنمت عينا لم تكن بك تهجع ما روضة الا تمنت أنها لك حفرة ولخط قبرك مضجع ولما مر عيال الحسين بكربلا وجدوا جابر بن عبدالله الانصاري رحمة الله عليه وجماعة من بني هاشم قدموا لزيارته في وقت واحد فتلاقوا بالحزن والاكتياب والنوح علي هذا المصاب المقرح لاكباد الاحباب، وناحت عليه الجن وكان نفر من أصحاب النبي صلي الله عليه وآله منهم المسور بن مخرمة ورجال يستمعون النوح ويبكون. وذكر صاحب الذخيرة عن المحشر عن عكرمة أنه سمع ليلة قتله بالمدينة مناد يسمعونه ولا يرون شخصه. أيها القاتلون جهلا حسينا أبشروا بالعذاب والتنكيل كل أهل السماء تبكي عليكم من نبي وملائك وقبيل قد لعنتم علي لسان ابن داود وموسي وصاحب الانجيل وروي أن هاتفا سمع بالبصرة ينشد ليلا: ان الرماح الواردات صدورها نحو الحسين تقاتل التنزيلا ويهللون بأن قتلت وانما قتلوا بك التكبير والتهليلا فكانما قتلوا أباك محمدا صلي عليه الله أو جبريلا وعن ام سلمة قالت: ما سمعت نوح الجن علي أحد منذ قبض رسول الله صلي الله عليه وآله حتي قتل الحسين عليه السلام فسمعت قائلة تنوح: ألا يا عين فاحتملي بجهدي ومن يبكي علي الشهداء بعدي علي رهط تقودهم المنايا إلي متجبر في الملك عبد وعن أبي حباب: لما قتل الحسين عليه السلام ناحت عليه الجن، فكانت الجصاصون يخرجون بالليل إلي الجبانة فيسمعون الجن يقولون: مسح النبي جبينه فله بريق بالخدود وأبوه من اعلي قريش وجده خير الجدود وناحت عليهن الجن فقالت: لمن الابيات بالطف علي كره بنينا تلك ابيات الحسين يتجاوبن رنينا وذكر ابن الجوزي في كتاب النور في فضائل الايام والشهور نوح الجن عليه فقالت: لقد جئن نساء الجن يبكين شجيات ويلطمين خدودا كالدنا نير نقيات ويلبسن ثياب السود بعد القصبيات وعن أبي السدي عن أبيه قال: كنا علمة نبيع البرفي رستاق كربلا بعد مقتل الحسين، فنزلنا برجل من طئ فتذاكرنا قتلة الحسين ونحن علي الطعام، وأنه ما بقي من قتلته الامن أماته الله متة سوء وقتله قتلة سوء والشيخ قائم علي رؤوسنا، فقال: هذا كذبكم يا أهل العراق والله انني لمن شهد قتل الحسين وما بها أكثر ما لا مني ولا أثري، فرفعنا أيدينا من الطعام والسراج تتقد بالنفط، فذهبت الفتيلة تنتفي، فجاء يحركها باصبعه، فأخذت اصبعه، فاهوي بها إلي فيه، فأخذت النار لحيته، فبادر إلي الماء ليلقي نفسه فيه، فلقد رأيته يلتهب حتي صار حممة، ولما اجتمع عبيدالله بن زياد وعمر بن سعد بعد قتل الحسين عليه السلام قال عبيدالله لعمر: ايتني بالكتاب الذي كتبته اليك في معني قتل الحسين ومناجزته، فقال: ضاع قال: لتجيئني به، أتراك معتذرا في عجائز قريش، قال عمر: والله لقد نصحتك في الحسين نصيحة لو استشارني بها أبي سعد كنت قد اديت حقه. فقال عثمان بن زياد أخو عبيدالله بن زياد: صدق والله لوددت أنه ليس من بني زياد رجل الا في أنفه خزامة إلي يوم القيامة وان حسينا لم يقتل قال عمر بن سعد: والله ما رجع أحد بشر مما رجعت، أطعت عبيدالله وعصيت الله وقطعت الرحم. ورويت إلي ابن عائشة قال: مر سليمان بن قتيبة العدوي ومولي بني تميم بكربلا بعد قتل الحسين عليه السلام بثلاث، فنظر إلي مصارعهم فاتكا علي فرس له عربية وأنشأ: مررت علي أبيات آل محمد فلم أرها أمثالها يوم حلت الم تر أن الشمس أضحت مريضة لفقد حسين والبلاد اقشعرت وكانوا أرجاء ثم أضحوا رزية لقد عظمت تلك الرزايا وجلت وتسألنا قيس فنعطي فقيرها وتقتلنا قيس اذا النعل زلت وعدن غني قطرة من دمائنا سنطلبهم يوم بها حيث حلت فلا يبعد الله الديار وأهلها وان أصبحت منهم برغم تخلت فان قتيل الطف من آل هاشم أذل رقاب المسلمين فذلت وقد اعولت تبكي النساء لفقده وانجمنا ناحت عليه وصلت وقيل: الابيات لابي الرمح الخزاعي، حدث المرزباني قال: دخل ابوالرمح إلي فاطمة بنت الحسين بن علي عليهم السلام، فانشدها مرثية في الحسين عليه السلام وقال: أجالت علي عيني سحائب عبرة فلم تصح بعد الدمع حتي ارمعلت تبكي علي آل النبي محمد وما أكثرت في الدمع لابل اقلت اولئك قوم لم يشيموا سيوفهم وقد نكأت أعدائهم حين سلت وان قتيل الطف من آل هاشم أذل رقابا من قريش فذلت فقالت فاطمة: يا ابا رمح أهكذا تقول؟ قال: فكيف جعلني الله فداك قالت: قل: أذل رقاب المسلمين فذلت. فقال: لا انشدها بعد اليوم الا هكذا. قالت الرواة: كنا اذا ذكرنا عند محمد بن علي الباقر عليه السلام قتل الحسين عليه السلام. قال:قتلوا سبعة عشر انسانا كلهم ارتكض من بطن فاطمة بنت أسد ام علي عليه السلام والي هذا أشار شاعرهم يقول: واندبي تسعة لصلب علي قد اصيبوا وستة لعقيل وابن عم النبي عونا أخاهم ليس فيما ينوبهم بخذول وسمي النبي غودر فيهم قد علوه بصارم مسلول ولما رجع صحب آل الرسول من السفر بعد طول الغيبة وعدم الظفر لفقد حملة الكتاب وحماة الاصحاب، وقد خلفوا للسبط مفترشا للتراب، بعيدا من الاحباب بقفرة بهماء وتنوقة شوهاء، لا سمير لمناجيها، ولا سفير لمفاجيها، وأعينهم باكية، ليتم البقية الزاكية، فاسفت الا أكون رايد أقدامهم ورافد خدي لموطئ اقدامهم، وقلت هذه الابيات بلسان قالي و لسان حالهم: ولما وردنا ماء يثرب بعد ما أسلنا علي السبط الشهيد المدامعا ومدت لما تلقاه من ألم الجوي رقاب المطايا واستكانت خواضعا وجرع كأس الموت بالطف آنفا كراما وكانت للرسول ودايعا وبدل سعد الشم من آل هاشم بنحس فكانوا كالبدور طوالعا وقلنا علي الاطلال تندب أهلها اسا وتبكي الخاليات البلاقعا فلما وصل زين العابدين عليه السلام إلي المدينة نزل وضرب فسطاطه، وأنزل نسائه وأرسل بشير بن حذلم لاشعار أهل المدينة بايابه مع أهله وأصحابه فدخل وقال: يا أهل يثرب لا مقام لكم بها قتل الحسين فأدمعي مدرار الجسم منه بكربلاء مضرج والرأس منه علي القناة يدار ثم قال: هذا علي بن الحسين عليه السلام قد نزل بساحتكم وحل بعقوتكم وأنا رسوله اعرفكم مكانه، فلم يبق في المدينة مخذرة ولا محجبة الا برزت وهن بين باكية ونايحة ولاطمة، فلم ير يوم أمر علي أهل المدينة منه، و خرج الناس إلي لقائه. وأخذوا المواضع والطرق، قال بشير: فعدت إلي باب الفسطاط واذا هوقد خرج وبيده خرقة يمسح بها دموعه، وخادم معه كرسي، فوضعه وجلس وهو مغلوب علي لوعته، فعزاه الناس، فأومي اليهم أن اسكتوا، فسكتت فورتهم فقال: الحمد لله رب العالمين، مالك يوم الدين، بارئ الخلائق أجمعين الذي بعد فارتفع في السماوات العلي، وقرب فشهد النجوي نحمده علي عظائم الامور، وفجائع الدهور، وجليل الرزء وعظيم المصائب أيها القوم: ان الله وله الحمد ابتلانا بمصيبة جليلة وثلمة في الاسلام عظيمة، قتل ابوعبدالله وعترته، وسبي نسائه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عالي السنان. أيها الناس: فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله، أم أية عين تحبس دمعها وتصن عن انهمالها، فلقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار والسموات والارض والاشجار والحيتان والملائكة المقربون واهل السموات اجمعون. أيها الناس: أي قلب لا ينصدع لقتله أم أي فؤاد لا يحن اليه، ام أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الاسلام. أيها الناس: أصبحنا مطرودين، مشردين، مذودين، شاسعين كأنا أولاد ترك أو كابل، من غير جرم اجترمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين، ان هذا الا اختلاق، والله لو أن النبي تقدم اليهم في قتالنا كما تقدم اليهم في الوصاة بنا لما زادوا علي ما فعلوه، فانا لله وانا اليه راجعون. فقام اليه صوحان بن صعصعة ابن صوحان وكان زمينا فاعتذر اليه فقبل عذره، وشكر له، وترحم علي أبيه. ثم دخل زين العابدين عليه السلام وجماعته دار الرسول، فراتها مقفرة الطول، خالية من سكانها، حالية باحزانها قد غشيها القدر النازل، وساورها الخطب الهايل، واطلت عليها عذبات المنايا، وظلتها حجا وقل الرزايا وهي موحشة العرصات لفقد السادات، للهام في معاهدها صياح، وللرياح في محو آثارها الحاح، ولسان حالها يندب ندب الفاقدة وتذري دمعا من عين ساهدة، وقد جالت عواصف النعامي والدبور في تلك المعالم والقصور، وقالت: يا قوم اسعدوني باسالة العوزب، علي المقتول المسلوبوعلي الازكياء من عترته، والاطائب من امرته، فقد كنت أنس بهم في الخلوات، واسمع تهجدهم في الصلوات، فذوي غصتي المثمر، واظلم ليلي المقمر، فما يخف جفتي من النيام ولا يقل قلقي لذلك الغرام وليتني حيث فاتتني المواساة عند النزال، وحرمت معالجة تلك الاهوال، كنت لاجسادهم الشريفة مواريا، وللجثث الطواهر من ثقل الجنادل واقيا، لقد درست باندراسهم سنن الاسلام، وجفت لفقدهم مناهل الانعام وامنحت آثار التلاوة والدروس، وواقظ الاعين النواعس، وقد كان سكانها سماري، في ليلي ونهاري، وشموسي وأقماري، ابية علي الايام بجوارهم وانمتع بوطئ أقدامهم وآثارهم، واشرف علي البشر يسيرهم، وانشق ريا العبير من نشرهم، فكيف يقل حزني وجزعي، ومخمد حرقي وهلعي. قال جعفر بن محمد بن نما مصنف هذا الكتاب: وقد رثيتها بأبياتي هذه للدار وجعلتها خاتمة ما قلته من الاشعار: وقفت علي دار النبي محمد فالفيتها قد اقفرت عرصاتها وأمت خلاء من تلاوة فاري وعطل منها صومها وصلاتها وكانت ملاذا المعلوم وجنة من الخطب يغشي المعتقين صلاتها فاقوت من السادات من آل هاشم ولم يجتمع بعد الحسين شتاتها فيعني لقتل السبط عبري ولوعتي علي فقد مما تنقضي زفراتها فيا كبدي كم تصرين علي الاذي اما آن أن يغني اذن حسراتها فلذا ايها المفتون بهذا المصاب، ملاذ الحماة من سفرة الكتاب بلزوم الاحزان علي ائمة الايمان، فقد رويت عن والدي رحمة الله عليه أن زين العابدين عليه السلام كان مع حلمه الذي لا يبلغه الخل المواسي، شديد الجزع والشكوي لهذه المصيبة والبلوي، بكي اربعين سنة بدمع مسفوح وقلب مقروح، يقطع نهاره بصيامه وليله بقيامه، فاذا احضر الطعام لافطاره ذكر قتلاه وقال: واكرباه، ويكرر ذلك ويقول: قتل ابن رسول الله جائعا وعطشانا، حتي لم يبل ثيابه. قال ابوحمزة الثمالي: سئل عليه السلام عن كثرة بكائه؟ فقال: ان يعقوب فقد سبطا من اولاده، فبكي عليه حتي ابيضت عيناه، وابنه حي في الدنيا ولم يعلم انه مات وقد نظرت إلي ابي وسبعة عشر من اهل بيتي قتلوا في ساعة واحدة، فترون حزنهم يذهب من قلبي؟ وقد ختمت كتابي هذا بأبيات ابن زيدون المغربي فهي تنفذ في كبد المحزون نفوذ السمهري. بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا اليكم ولا جفت اماقينا تكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي الاسي لولا تاسينا حالت لبعدكم ايامنا فغدت سودا وكانت بيضا ليالينا ليسق عهدكم عهد السرور فما كنتم لارواحنا الارياحينا من مبلغ للملبسينا بانتزاحم ثوبا من الحزن لا يبلي ويبلينا ان الزمان الذي قد كان يضحكنا انسا بقربكم قد عاد يبكينا غيظ العدي من تساقين الهوي فدعوا بان نغص فقال الدهر آمينا فانحل ما كان معقودا بانفسنا وانبت ما كان موصولا بايدينا ولانكون ولا يخشي تفرقنا واليوم نحن ولا يرجي تلاقينا لا تحسبوا انابكم عنا يغيرنا ان طال ما غير الناي المحبينا والله ما طلبت اهوائنا بدلا منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا لم نعتقد بعدكم الا الوفاء لكم رأيا ولم نتقلد غيره دينا يا روضة طال ما اجنت لو احظنا ورد اجلاه الصبي غضا ونسرينا ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا من لو علي البعد حيا كان يحيينا لسنا نسميك اجلالا وتكرمة وقدرك المعتلي في ذاك يكفينا اذا انفردت وما شوركت في صفة فحسبنا الوصف ايضاحا وتبيينا لم نجف افق كمال انت كوكبه سالين ولم عنه نهجره قالينا عليك منا سلام الله ما بقيت صبابة بك نخفيها فتخفينا والي هاهنا انتهت مقاصدنا، وعلي الله جل جلاله في المكافات معتمدنا واليه ملاذنا ومرادنا، ونسئله أن لا يخلي قاربيه ومستمعيه من لطفة أو يقربنا واياهم من عفوه وعطفه، ويجعل حزننا عليهم وجزعنا لهم دائما لا يتغير، وعرقا لا يتنكر حتي نلقي محمدا (ص) وقد واسيناه في اهل بيته بالمصاب والبعد عن ظالميهم والاعتراب وان كان فينا من استهوته الغفلة واستغوته الاسائة عن لبس شعار الاحزان واصالة الدمع الهتان حتي فارق هذا المقام، ويداه صفر من عطائك، فاليه من رجائك، فاسهم اللهم له من ثواب الباكين ما يوصله إلي درجة الخاشعين واحشرنا مع النبيين والمرسلين والصديقين وفي زمرة الشهداء والصالحين وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
[114] اي الغضائري.
[115] النسابة الكلبي صاحب كتاب جمهرة النسب مخطوط وهو موجود في المكتبة المقدسة لسيدنا الاستاذ العلامة آية الله العظمي السيد شهاب الدين المرعشي النجفي دام ظله الوارف.
[116] هو ابوالعباس احمد بن عقدة النسابة الرجالي الشهير.
[117] هو المنقري صاحب كتاب صفين.
[118] قال العلامة الذهبي في ميزان الاعتدال (ج 3ص419) ما لفظه: لوط بن يحيي أبومخنف أخباري تالف، لا يوثق به، تركه أبوحاتم وغيره، وقال الدار قطني ضععيف، وقال ابن معين: ليس ثقة، وقال مرة ليس بشئ، وقال ابن عدي شيعي محترق صاحب أخبارهم. قلت: روي عن الصعق (الصقعب) بن زهير وجابر الجعفي و ومجالد روي عنه المدائني وعبدالرحمان بن مفرا مات قبل السبعين وماة وفي لسان الميزان أورد ترجمته بعين ما مر الا أنه زاد في آخره. وقال أبوعبيد الاجري: سألت أبا حاتم عنه فنفض يده وقال: أحد يسأل عن هذا وذكره العقيلي في الضعفاء (ج4 ص 428) وفي المعني (ج 2 ص 33) ما لفظه: لوط بن يحيي أبومخنف ساقط تركه أبوحاتم، وقال الدار قطني، ضعيف.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.