موسوعة الشهيد الثاني المجلد 16

هوية الکتاب

موسوعة الشهید الثانی

الجُزْءُ السَّادِس عَشَر

حاشيةُ إرشَادِ الأذهان

المركز العَالي للعلوم و الثقافة الإسلامية

مركز إحياء التراث الإسلامي

المركز العالي للعلوم و الثقافة الإسلامية

موسوعة الشهيد الثاني

الجزء السادس عشر (حاشية إرشاد الأذهان)

الناشر: المركز العالي للعلوم و الثقافة الإسلاميّة

الإعداد و التحقيق: مركز إحياء التراث الإسلامي

الطباعة: مطبعة الباقري

المحرر الرقمي: محمدرضا پیش بین

الطبعة الأُولى 1434 ق / 2013م

الكمّيّة: 1000 نسخة

العنوان: 143؛ التسلسل: 249

حقوق الطبع محفوظة للناشر

العنوان: قم، شارع الشهداء (صفائية)، زقاق آمار، الرقم 42

التلفون و الفاكس: 7832833، التوزيع: قم 7832834؛ طهران 66951534 ص. ب: 37185/3858، الرمز البريدي: 16439 - 37156

وب سایت: www.pub.isca.ac.ir البريد الالكتروني: nashr@isca.ac.ir

شهید ثانی، زین الدین بن على، 911-966ق.

موسوعة الشهيد الثاني / الإعداد و التحقيق مركز إحياء التراث الإسلامي، المركز العالي للعلوم و الثقافة الإسلاميّة.

1434ق.= 2013م.

30 ج.

978-600-5570-74-8 ISBN -. (دوره)

ISBN 978-600-5570-91-5 -.(ج16)

فهرست نویسی بر اساس اطلاعات فییا.

کتابنامه.

مندرجات: ج 16. حاشية إرشاد الأذهان. -

1. اسلام - مجموعه ها. 2. دانش و دانش اندوزی - جنبه های مذهبی - اسلام. 3. اسلام و آموزش و پرورش. 4. اخلاق اسلامی. الف. پژوهشگاه علوم و فرهنگ اسلامی مرکز احیای آثار اسلامی. ب. عنوان.

8 م 92ش/ 6/ BP4

297/08

محرر الرقمي: محمد رضا پيش بين

ص: 1

اشارة

بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ

ص: 2

موسوعة الشهيد الثاني

الجزء السادس عشر

حاشية إرشاد الأذهان

المركز العالي للعلوم و الثقافة الإسلاميّة

مركز إحياء التراث الإسلامي

ص: 3

المركز العالي للعلوم و الثقافة الإسلامية

موسوعة الشهيد الثاني

الجزء السادس عشر (حاشية إرشاد الأذهان)

الناشر: المركز العالي للعلوم و الثقافة الإسلاميّة

الإعداد و التحقيق: مركز إحياء التراث الإسلامي

الطباعة: مطبعة الباقري

المحرر الرقمي: محمدرضا پیش بین

الطبعة الأُولى 1434 ق / 2013م

الكمّيّة: 1000 نسخة

العنوان: 143؛ التسلسل: 249

حقوق الطبع محفوظة للناشر

العنوان: قم، شارع الشهداء (صفائية)، زقاق آمار، الرقم 42

التلفون و الفاكس: 7832833، التوزيع: قم 7832834؛ طهران 66951534 ص. ب: 37185/3858، الرمز البريدي: 16439 - 37156

وب سایت: www.pub.isca.ac.ir البريد الالكتروني: nashr@isca.ac.ir

شهید ثانی، زین الدین بن على، 911-966ق.

موسوعة الشهيد الثاني / الإعداد و التحقيق مركز إحياء التراث الإسلامي، المركز العالي للعلوم و الثقافة الإسلاميّة.

1434ق.= 2013م.

30 ج.

978-600-5570-74-8 ISBN -. (دوره)

ISBN 978-600-5570-91-5 -.(ج16)

فهرست نویسی بر اساس اطلاعات فییا.

کتابنامه.

مندرجات: ج 16. حاشية إرشاد الأذهان. -

1. اسلام - مجموعه ها. 2. دانش و دانش اندوزی - جنبه های مذهبی - اسلام. 3. اسلام و آموزش و پرورش. 4. اخلاق اسلامی. الف. پژوهشگاه علوم و فرهنگ اسلامی مرکز احیای آثار اسلامی. ب. عنوان.

8 م 92ش/ 6/ BP4

297/08

ص: 4

دلیل

موسوعة الشهيد الثاني

المدخل= الشهيد الثاني حياته و آثاره

الجزء الأوّل= (1)منية المريد

الجزء الثاني= (2 - 6) الرسائل/ 1: 2. كشف الريبة؛ 3 التنبيهات العليّة؛ 4.مسكّن الفؤاد؛ 5. البداية. 6. الرعاية لحال البداية في علم الدراية.

الجزء الثالث= (7 - 30) الرسائل /2: 7. تخفيف العباد في بيان أحوال الاجتهاد؛ 8. تقليد الميّت؛ 9. العدالة؛ 10. ماء البئر؛ 11. تيقّن الطهارة و الحدث و الشكّ في السابق منهما؛ 12. الحدث الأصغر أثناء غسل الجنابة؛ 13. النيّة؛ 14. صلاة الجمعة؛ 15. الحثّ على صلاة الجمعة؛ 16. خصائص يوم الجمعة؛ 17. نتائج الأفكار في بيان حكم المقيمين في الأسفار؛ 18. أقلّ ما يجب معرفته من أحكام الحجّ و العمرة؛ 19. نيّات الحجّ و العمرة؛ 20. مناسك الحجّ و العمرة؛ 21.طلاق الغائب؛ 22. ميراث الزوجة؛ 23. الحبوة؛ 24. أجوبة مسائل شكر بن حمدان؛ 25. أجوبة مسائل السيّد ابن طرّاد الحسيني؛ 26. أجوبة مسائل زين الدين بن إدريس؛ 27. أجوبة مسائل الشيخ حسين بن زمعة المدني؛ 28. أجوبة مسائل الشيخ أحمد المازحي؛ 29. أجوبة مسائل السيّد شرف الدين السمّاكي؛ 30. أجوبة المسائل النجفيّة.

الجزء الرابع= (31 - 43) الرسائل /3: 31. تفسير آية البسمَلَة؛ 32. الإسطنبوليّة في الواجبات العينيّة؛ 33. الاقتصاد و الإرشاد إلى طريق الاجتهاد؛ 34. وصيّةٌ نافعةٌ 35. شرح حديث «الدنيا مزرعة الآخرة»؛ 36. تحقيق الإجماع في زمن الغَيْبَة؛ 37. مخالفة الشيخ الطوسي (رحمه الله) لإجماعات نفسه؛ 38. ترجمة الشهيد بقلمه الشريف؛ 39. حاشية «خلاصة الأقوال»؛ 40.حاشية «رجال ابن داود»؛ 41. الإجازات؛ 42. الإنهاءات و البلاغات؛ 43. الفوائد.

ص: 5

الجزء الخامس= (44) تمهيد القواعد

الجزء السادس - الجزء التاسع= (45) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة

الجزء العاشر و الجزء الحادي عشر= (46) روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان

الجزء الثاني عشر= (47 - 49) المقاصد العليّة و حاشيتا الألفيّة

الجزء الثالث عشر= (50) الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

الجزء الرابع عشر= (51 و 52) حاشية شرائع الإسلام و حاشية المختصر النافع

الجزء الخامس عشر= (53) حاشية القواعد (فوائد القواعد)

الجزء السادس عشر= (54) حاشية إرشاد الأذهان

الجزء السابع عشر - الجزء الثامن و العشرون= (55) مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام

الجزء التاسع و العشرون= الفهارس

ص: 6

فهرس الموضوعات

مقدِّمة التحقيق... 25

كتاب الطهارة... 3

النظر الأوّل في أقسامها... 3

النظر الثاني في أسباب الوضوء و كَيْفِيَّتِه... 5

النظر الثالث في أسباب الغُسل... 9

المقصدُ الأوّلُ في الجَنابة... 9

المقصد الثاني في الحَيض... 10

المقصدُ الثالثُ في الاستحاضة و النِفاس... 12

المقصدُ الرابعُ في غُسل الأموات... 13

النظر الرابع في أسباب التيمّمِ و كَيفيّتِهِ... 15

النظر الخامس فيما به تَحْصُلُ الطهارةُ... 17

النظر السادس فيما يَتْبَعُ الطهارةَ... 22

كتاب الصلاة... 25

النظر الأوّل في المقدّمات... 25

ص: 7

المقصد الأوّل في أقسامها... 25

المقصد الثاني في أوقاتها... 25

المقصد الثالث في الاستقبال... 27

المقصد الرابع فيما يصلّى فيه... 29

المطلب الأوّل في اللباس... 29

المطلب الثاني في المكان... 30

المقصد الخامس في الأذان و الإقامة... 33

النظرُ الثاني في الماهيّة... 35

المقصدُ الأوّلُ في كَيْفِيّة اليوميّةِ... 35

مندوباتُ الصلاة ستّةٌ... 39

المقصدُ الثاني في الجُمُعة... 40

المقصدُ الثالثُ في صلاة العِيدَينِ... 42

المقصدُ الرابعُ في صلاة الكُسوف... 43

المقصدُ الخامسُ في الصلاة على الأمواتِ... 43

المقصدُ السادسُ في المنذورات... 46

المقصدُ السابع في النوافل... 46

النظرُ الثالث في اللواحقِ... 48

المقصدُ الأوّلُ في الخَلَلِ... 48

المطلبُ الأوّلُ في مُبْطِلاتِ الصلاة... 48

المطلب الثاني في السهو و الشكّ... 50

المقصد الثاني في الجَماعة... 52

المقصدُ الثالِثُ في صلاة الخوْفِ... 55

المقصدُ الرابعُ في صلاة السفر... 55

ص: 8

كتابُ الزَكاة... 57

النظر الأوّل في زكاة المال... 57

المقصدُ الأوّلُ فِي شرائِط الوجوبِ و وقتِهِ... 57

المقصدُ الثاني فيما تَجِبُ فيه... 58

المطلبُ الأوّل: تجب الزكاة في الأنعام بشروط أربعة... 58

المطلبُ الثاني في زكاة الأثمانِ... 61

المطلبُ الثالتُ فى زكاة الغَلّاتِ... 61

المطلبُ الرابعُ فيما تُسْتَحَبُّ فيه الزكاةُ... 63

المقصدُ الثالثُ في المُسْتَحِقَّ... 65

المقصدُ الرابعُ في كَيفيّة الإخراج... 66

النظرُ الثاني في زكاةِ الفِطْرةِ... 68

النظرُ الثالثّ في الخُمسِ... 70

كتابُ الصَوْمِ... 73

النظر الأوّل في ماهيّته... 73

النظر الثاني في أقسامه... 78

المطلبُ الأوّلُ: الصوم أربعة... 78

المطلبُ الثاني في شرائط الوجوب... 79

المطلبُ الثالثُ في شهرٍ رَمَضانَ... 80

النظرُ الثالثُ في اللَواحِقِ... 82

المطلب الأوّلُ في أحكامٍ متفرّقةٍ... 82

المطلبُ الثاني في الاعْتِكَافِ... 83

ص: 9

كتابُ الحج... 85

النظرُ الأوّلُ في أنواعِهِ... 85

النظرُ الثاني في الشرائط... 86

النظرُ الثالثُ في الأفعالِ... 90

المقصد الأوّلُ في الإحرام... 90

المطلبُ الأوّل في المواقيت... 90

المطلبُ الثاني في كَيفيّته... 91

المطلبُ الثالثُ في تُروكه... 92

المطلبُ الرابعُ في الكفّاراتِ... 94

المقام الأوّل في كفّارة الصيد... 94

المقام الثاني في باقي المحظورات... 97

المقصدُ الثاني في الطواف... 100

المقصدُ الثالثُ في السعي... 102

المقصدُ الرابعُ في إحرامِ الحجِّ و الوُقوفِ... 103

المقصدُ الخامسُ في مناسكِ مِنى... 106

المطلبُ الأوّلُ: الرَمْيُ... 106

المطلبُ الثاني: الذَبْح... 107

المطلبُ الثالثُ: الحَلْق... 112

المقصدُ السادِسُ في باقي المَناسِكِ... 113

النظرُ الرابعُ في اللواحِقِ... 116

المطلبُ الأوّلُ في العُمرةِ المُفْرَدةِ... 116

المطلبُ الثاني في الحَصْرِ و الصَدِّ... 116

المطلبُ الثالثُ في نُكَتٍ مُتَفَرِّقةٍ... 118

ص: 10

كتابُ الجهاد... 119

المقصدُ الأوّلُ في مَنْ يجِبُ عليه... 119

المقصدُ الثاني في كَيْفيّته... 121

المقصدُ الثالثُ في الغنيمةِ... 123

المطلبُ الأوّلُ... 123

المطلب الثاني في الأُسارى... 124

المطلبُ الثالثُ في الأرضينَ... 124

المقصدُ الرابعُ في أحكام أهل الذِمّة و البُغاةِ... 129

المطلبُ الأول في أحكامِ أهلِ الذِمّةِ... 129

المطلبُ الثاني في أحكام أهل البغي... 130

المقصدُ الخامسُ في الأمرِ بالمعروف و النهي عن المُنْكَرِ... 131

كتاب المتاجر... 133

المقصد الأوّل في المقدّمات... 133

المطلب الأوّل في أقسامها... 133

المطلب الثاني في آدابها... 135

المقصد الثاني في أركانها... 137

الركن الأوّل: العقد... 137

الركن الثاني في المتعاقدان... 137

الركن الثالث: العوضان... 138

القطب الأوّل في الشرائط... 138

القطب الثاني في متعلّق البيع... 140

المطلب الأوّل في بيع الثمار... 140

المطلب الثاني في بيع الحيوان... 141

ص: 11

المطلب الثالث في الصرف... 145

المقصد الثالث في أنواعها... 148

المطلب الأوّل في النقد و النسيئة... 148

المطلب الثاني في السلف... 148

البحث الأوّل في شرائطه... 148

البحث الثاني في الأحكام... 149

المطلب الثالث في المرابحة و المواضعة... 149

المقصد الرابع في اللواحق... 152

المطلب الأوّل في الخيار... 152

الفصل الأوّل في أقسامه... 152

الفصل الثاني في الأحكام... 153

المطلب الثاني في العيب... 154

المطلب الثالث في الربا... 156

المطلب الرابع فيما يندرج في البيع... 157

المطلب الخامس في التسليم... 158

نكت متفرّقة... 159

المطلب السادس في الشفعة... 160

الفصل الأوّل في الشرائط... 160

الفصل الثاني في الأحكام... 162

كتاب الديون... 167

المقصد الأوّل في أحكام الدين... 167

المقصد الثاني في الرهن... 170

المطلب الأوّل... 170

ص: 12

المطلب الثاني في الأحكام... 171

المقصد الثالث في الحجر... 174

المطلب الأوّل في أسبابه... 174

المطلب الثاني في الأحكام... 175

المقام الأوّل في أحكام السفيه... 175

المقام الثاني في أحكام المفلّس... 176

المقصد الرابع في الضمان... 180

المطلب الأوّل في شرائط الضامن... 180

المطلب الثاني في الحوالة... 183

المطلب الثالث في الكفالة... 183

المقصد الخامس في الصلح... 186

المقصد السادس في الإقرار... 191

المطلب الأوّل في أركانه... 191

الأوّل: المقرّ... 191

الثاني: المقرّ له... 192

الثالث: الصيغة... 193

الرابع: المقرّ به... 194

البحث الأوّل في الإقرار بالمال... 194

البحث الثاني في الإقرار بالنسب... 197

المطلب الثاني في تعقيب الإقرار بالمنافي... 198

المقصد السابع في الوكالة... 201

المطلب الأوّل في أركانها... 201

المطلب الثاني في الأحكام... 202

مسائل النزاع... 204

ص: 13

كتاب الإجارة و توابعها... 207

المقصد الأوّل في الإجارة... 207

المطلب الأوّل في الشرائط... 207

المطلب الثاني في الأحكام... 210

المقصد الثاني في المزارعة و المساقاة... 213

المطلب الأوّل: المزارعة... 213

المطلب الثاني: المساقاة... 215

المقام الأوّل في الأركان... 215

المقام الثاني في الأحكام... 215

المقصد الثالث في الجعالة... 217

المقصد الرابع في السبق و الرماية... 219

المقصد الخامس في الشركة... 221

البحث الأوّل في أحكام الشركة... 221

البحث الثاني في القسمة... 221

المقصد السادس في المضاربة... 224

المقصد السابع في الوديعة... 227

المقصد الثامن في العارية... 229

المقصد التاسع في اللقطة... 230

المطلب الأوّل: المحلّ الملقوط... 230

المطلب الثاني في الأحكام... 231

المقصد العاشر في الغصب... 234

المطلب الأوّل في أسباب الضمان... 234

المطلب الثاني في الأحكام... 235

ص: 14

كتاب العطايا... 237

المقصد الأوّل في الهبة... 237

المقصد الثاني في الوقف... 239

المطلب الأوّل في الشرائط... 239

المطلب الثاني في الأحكام... 241

المقصد الثالث في الصدقة و الحبس... 243

المقصد الرابع في الوصايا... 244

المطلب الأوّل في أركانها... 244

الركن الأوّل في الوصيّة... 244

الركن الثاني في الموصي... 245

الركن الثالث في الموصى له... 245

الركن الرابع في الموصى به... 246

الفصل الأوّل في المعيّن...246

الفصل الثاني في المبهمة... 247

المطلب الثاني في الأوصياء... 249

المطلب الثالث في الأحكام... 250

المطلب الرابع في تصرّفات المريض... 251

كتاب النكاح... 255

المقصد الأوّل في أقسامه... 255

القسم الأوّل في الدائم... 255

المطلب الأوّل في آدابه... 255

المطلب الثاني في أركانه... 256

ص: 15

الركن الأوّل: الصيغة... 256

الركن الثاني: المتعاقدان... 257

المطلب الثالث في الأولياء... 257

الفصل الأوّل في أسباب الولاية... 257

السبب الأوّل: الأُبوّة... 257

السبب الثاني: الملك... 257

السبب الثالث: الوصاة... 258

السبب الرابع: الحكم... 258

الفصل الثاني في الأحكام... 258

القسم الثاني في المتعة... 260

المطلب الأوّل في أركانها... 260

الركن الأوّل: العقد... 260

الركن الثاني: المحلّ... 260

الركن الثالث: الأجل... 260

الركن الرابع: المهر... 261

المطلب الثاني في الأحكام... 261

القسم الثالث في نكاح الإماء... 262

النظر الأوّل: الملك... 262

النظر الثاني في العقد... 262

النظر الثالث في الإباحة... 262

المقصد الثاني في الصداق... 264

المطلب الأوّل في مهر الصحيح... 264

المطلب الثاني في التفويض... 265

المطلب الثالث في الأحكام... 266

مسائل النزاع... 266

ص: 16

المقصد الثالث في المحرّمات... 268

المطلب الأوّل في المحرّمات بالنسب و الرضاع... 268

مسائل من هذا الباب... 269

المطلب الثاني في باقي أسباب التحريم... 270

الباب الأوّل: المصاهرة... 270

الباب الثاني: الكفر... 271

البحث الأوّل فيمن يجوز للمسلم نكاحه... 271

البحث الثاني في حكم الزائد على العدد... 272

الباب الثالث: العقد و الوطء... 273

المقصد الرابع في موجب الخيار... 274

الفصل الأوّل في العيب... 274

الفصل الثاني في التدليس... 275

المقصد الخامس في لواحق النكاح... 277

المطلب الأوّل في القسمة... 277

المطلب الثاني في النفقة... 278

الفصل الأوّل في نفقة الزوجة... 278

البحث الأوّل: الواجب... 278

البحث الثاني في الموجب... 279

الفصل الثاني في النسب... 279

المطلب الثالث في أحكام الأولاد... 279

كلام في الحضانة و الرضاع... 281

كتاب الفراق... 283

المقصد الأوّل في الطلاق... 283

المطلب الأوّل في شرائطه... 283

ص: 17

المطلب الثاني في أقسامه... 285

كلام في الرجعة... 285

المطلب الثالث في العدد... 286

الفصل الأوّل في عدّة الحرائر في الطلاق... 286

الفصل الثاني في عدّتهنّ في الوفاة... 288

الفصل الثالث في عدّة الأمة و الاستبراء... 289

الفصل الرابع في النفقة... 290

المقصد الثاني في الخلع و المباراة... 291

المطلب الأوّل في الأركان... 291

المطلب الثاني في الأحكام... 292

المقصد الثالث في الظهار... 293

المطلب الأوّل في أركانه... 293

المطلب الثاني في الأحكام... 294

المقصد الرابع في الإيلاء... 295

المطلب الأوّل فى أركانه... 295

المطلب الثاني في الأحكام... 295

المقصد الخامس في اللعان... 297

المطلب الأوّل في السبب... 297

المطلب الثاني في أركانه... 297

المطلب الثالث في أحكامه... 298

كتاب العتق و توابعه... 301

المقصد الأوّل في العتق... 301

المطلب الأوّل: الصيغة... 301

مسائل في العتق... 302

ص: 18

المطلب الثاني في خواصّه... 304

المقصد الثاني في التدبير... 307

المطلب الأوّل في أركانه... 307

المطلب الثاني في أحكامه... 307

المقصد الثالث في الكتابة... 309

المطلب الأوّل في الأركان... 309

المطلب الثاني في الأحكام... 310

أحكام في الوصيّة... 311

المقصد الرابع في الاستيلاد... 314

كتاب الأيمان و توابعها... 315

المقصد الأوّل في الأيمان... 315

المطلب الأول في نفس اليمين... 315

المطلب الثاني فيما يقع به الحنث... 316

المقصد الثاني في النذر... 320

المطلب الأوّل في أركانه... 320

المطلب الثاني في الأحكام... 320

المقصد الثالث في الكفّارات... 324

الباب الأوّل في أقسامها... 324

الباب الثاني في خصالها... 324

کتاب الصيد و توابعه... 327

المقصد الأوّل في الاصطياد... 327

المطلب الأوّل في شرائط الاصطياد... 327

المطلب الثاني في الأحكام... 327

ص: 19

المقصد الثاني في الذبح... 331

المطلب الأوّل في الأركان... 331

المطلب الثاني في الأحكام... 332

المقصد الثالث في الأطعمة و الأشربة... 334

الباب الأوّل في حال الاختيار... 334

الباب الثاني في الاضطرار... 336

فصل... 337

كتاب الميراث... 339

المقصد الأوّل في أسبابه... 339

الفصل الثاني في ميراث الإخوة و الأجداد... 341

الفصل الثالث في ميراث الأعمام و الأخوال... 342

الفصل الرابع في ميراث الأزواج... 343

الفصل الخامس في الولاء... 344

المقصد الثاني في موانع الإرث... 346

الأوّل: الكفر... 346

الثاني: الرق... 347

الثالث: القتل... 348

الرابع: اللعان... 348

الخامس: الاشتباه في التقدّم و التأخّر... 348

المقصد الثالث في اللواحق... 351

الفصل الأوّل في ميراث الخنثى... 351

الفصل الثاني في ميراث المجوس... 352

الفصل الثالث في السهام... 352

ص: 20

الفصل الرابع في المناسخات... 354

كتاب القضاء... 355

المقصد الأوّل في صفات القاضي... 355

المطلب الأوّل فى شرائط القاضي... 355

المطلب الثاني في الآداب... 356

المقصد الثاني في كيفيّة الحكم... 358

المقصد الثالث في الدعوى... 360

المطلب الأوّل في تحقيق الدعوى و الجواب... 360

المطلب الثاني في الاستحلاف... 361

البحث الأوّل في الكيفيّة... 361

البحث الثاني في الحالف... 362

المطلب الثالث في القضاء على الغائب... 363

المقصد الرابع في متعلّق الاختلاف... 365

الفصل الأوّل فيما يتعلّق بالأعيان... 365

الفصل الثاني في العقود... 366

الفصل الثالث في الميراث... 367

الفصل الرابع في نكت متفرّقة... 368

المقصد الخامس في الشهادات... 370

المطلب الأوّل في الصفات... 370

الفصل الأوّل في الشروط العامة... 370

الفصل الثاني في الشروط الخاصّة... 372

المطلب الثاني في مستند الشهادة... 373

المطلب الثالث في الشاهد و اليمين... 374

ص: 21

المطلب الرابع في الشهادة على الشهادة... 375

المطلب الخامس في الرجوع... 376

المطلب السابع في مسائل متعدّدة... 377

كتاب الحدود... 379

المقصد الأوّل في الزنى... 379

الفصل الأوّل في تعريف الزنى و... ... 379

الفصل الثاني في ثبوته... 379

الأوّل: الإقرار... 379

الثاني: البيّنة... 380

الفصل الثالث في العقوبة... 381

الأوّل: القتل... 381

الثاني: الرجم و الجلد... 381

الثالث: الجلد و الجزّ و التعزيب... 382

الرابع: الجلد خاصّة... 382

المقصد الثاني في اللواط... 383

المقصد الثالث في السحق و القيادة... 384

المقصد الرابع في حدّ القذف... 385

المطلب الأوّل فى أركانه... 385

المطلب الثاني في الأحكام... 386

المقصد الخامس في حدّ الشرب... 387

المطلب الأوّل في الأركان... 387

المطلب الثاني في الأحكام... 387

المقصد السادس في السرقة... 388

ص: 22

المطلب الأوّل: السارق... 388

المطلب الثاني: المسروق... 388

المطلب الثالث في الحدّ... 389

مسائل من هذا الباب... 390

المقصد السابع في المحارب... 391

البحث الأوّل فى ماهيّته... 391

البحث الثاني في الحدّ... 391

المقصد الثامن في الارتداد... 393

المقصد التاسع في وطء البهائم و الأموات... 395

كتاب الجنايات... 397

المقصد الأوّل في قتل العمد... 397

المطلب الأوّل في سببه... 397

المطلب الثاني في اجتماع العلل... 398

المطلب الثاني في العقوبة... 398

المطلب الرابع في الاستيفاء مع الاشتراك... 399

المطلب الخامس في شرائط القصاص... 400

الشرط الثاني: كون القاتل مكلّفاً... 400

الشرط الثالث: انتفاء أُبوّة القاتل... 400

الشرط الرابع: التساوي في الدين... 400

الشرط الخامس: التساوي في الحرّيّة... 401

المقصد الثاني في جناية الطرف... 402

الأمر الأوّل: تساويهما في السلامة... 402

الأمر الثاني: الاتّفاق في المحلّ... 402

ص: 23

الأمر الثالث: التساوي في العدد... 402

تتمّة في العفو... 403

المقصد الثالث في الدعوى... 404

البحث الأوّل في شرائط مدّعي القتل... 404

البحث الثاني: فيما به تثبت الدعوى... 404

الفصل الأوّل: الإقرار... 404

الفصل الثاني: البيّنة... 404

الفصل الثالث: القسامة... 405

الركن الأوّل في المحلّ... 405

الركن الثاني في الكيفيّة... 406

الركن الثالث: الحالف... 406

كتاب الديات... 407

المقصد الأوّل في الموجب... 407

الأوّل: المباشرة... 407

الثاني: التسبيب... 408

المقصد الثاني فيمن تجب عليه... 410

المطلب الأوّل في العاقلة... 410

المطلب الثاني في كيفيّة التوزيع... 410

المطلب الثالث في الأحكام... 410

المقصد الثالث في دية النفس... 411

المقصد الرابع في دية الأطراف... 413

المقصد الخامس في دية المنافع... 416

المقصد السادس في دية الشجاج... 418

ص: 24

مقدِّمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على محمّد و آله الطيّبين الطاهرين.

تعدّ حاشية إرشاد الأذهان إحدى الآثار الفقهيّة النافعة للشهيد الثاني (قَدَّسَ اللهُ روحه). فقد كتب الشهيد الثاني شرحاً و حاشيتين على إرشاد الأذهان للعلّامة الحلّي، و سمّى شرحَه برَوْض الجِنان في شرح إرشاد الأذهان، و فرغ من تأليف كتابي الطهارة و الصلاة منه يومَ الجمعة الخامس و العشرين من شهر ذي القعدة سنة 949، و لم يكتب منه أكثر من هذا المقدار (1).

كما كتب الشهيد حاشيةً على عقود الإرشاد، لكنّنا لم نعثر على نسخةٍ منها، و الظاهر أنّها فُقِدَتْ و ذهبتْ فيما ذهب من آثاره (رحمه الله). و أمّا الحاشية الأخرى فهي التي نحن بصددها الآن و نريد تعريفها هنا.

ورد في مجموعةٍ مخطوطةٍ في مكتبة الروضة الرضويّة في مشهد المرقّمة 8912 (الورقة 75 ألف) فهرسٌ لآثار الشهيد الثاني نقلاً عن خطّ ولده صاحب المعالم و هذا

نصُّ ما نريد منه:

فهرست مصنَّفات الوالِد من خطّه: رَوْض الجِنان في شرح إرشاد الأذهان...

حاشية الإرشاد... حاشية على عقود الإرشاد... .

ص: 25


1- انظر تفصيل ذلك في مقدّمة روض الجنان، ج 1، مقدّمة التحقيق؛ و الشهيد الثاني حياته و آثاره (مدخل الموسوعة).

و قال ابن العودي تلميذ الشهيد في ترجمته عند تعداد مؤلّفاته:

و منها حاشية على قطعةٍ من عقود الإرشاد للعلّامة، مشتملة علی تحقیقاتٍ مهمّةٍ و مباحثَ محرَّرةٍ (1).

و أضافَ حفید الشهید الشیخ عليّ صاحب الدُرّ المنثور، إلی الکتب التي ذکرها ابنُ العودي فکتب یقول: «و حاشیةٌ علی الإرشاد إلى آخره » (2).

و بناءً على هذا فما ذكره العلّامة الأمين (طاب ثراه) - ذيل عنوان «مؤلّفاته» - من قوله:

... و الحاشية على قطعة من عقود الإرشاد، و قد ذكرتْ في عداد مؤلَّفاته مع حاشية الإرشاد، لكن الظاهر أنّها قطعةٌ منها (3).

سهوٌ منه (قدّس سرّه)؛ فإنّهما اثنتان، كما تقدّم من خطّ الشهيد.

و قال صاحب الرياض في ترجمة الشهيد:

و له (قدّس سرّه) حواشٍ على هوامش إرشاد العلّامة من أوّله إلى آخره، على ما نسبه إليه الفاضل الهندي كما كتبه على ظهر روض الجنان... و لعلّها بعينها ما سبق [في كلام] الشيخ المعاصر في أمل الآمِل بقوله: حاشية الإرشاد (4).

و قال في ترجمة العلّامة الحلّى:

... و منها [يعني من حواشي الإرشاد] حواشي الشهيد الثاني من أوّل الكتاب إلى آخره، ولكن على هوامش ذلك الكتاب (5).

و قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في عداد حواشي إرشاد الأذهان:

الحاشية عليه للشيخ زين الدين بن عليّ بن أحمد الشامي الشهيد... حكى صاحب

ص: 26


1- الدرّ المنثور، ج 2، ص 186.
2- الدرّ المنثور، ج 2، ص 188.
3- أعيان الشيعة، ج 7، ص 155.
4- رياض العلماء، ج 2، ص 384 - 385.
5- رياض العلماء، ج 1، ص 386.

الرياض عن خطّ الفاضل الهندي في ظهر رَوْض الجِنان أن حواشيَ الشهيد الثاني على جميع الإرشاد من أوّله إلى آخره لكنّها على هوامش الإرشاد.

أقول: الظاهر أنّه لم يطَّلعْ على بعض المدوّنات منها مثل الحاشية على فرائض الإرشاد الملحقة بآخر نسخةٍ من الموجودة في الرضويّة كما ذكر في فهرسها (ج 2، ص 4)، و ذكر أنّ أوّلها: «الحمد لله الذي هدانا لإدراك العلوم الأُصوليّة» و آخرها: «هذا ما أوردت في تأليف هذه الفرائض»، و تاريخ كتابة النسخة 984. و مثل الحاشية على قطعةٍ من عقود الإرشاد المدوّنة في مجموعةٍ في خزانة الشيخ عليّ كاشف الغطاء. و هذه الحواشي غير شرح الإرشاد الموسوم برَوْض الجِنان في شرح إرشاد الأذهان، كما يأتي في الراء (1).

أقول: كتب الشهيد حاشيةً على عقود الإرشاد، لكنّي لم أُوفّق حتّى الآن لرؤية نسخةٍ واحدة من هذه الحاشية - كما مَرَّ - و لم أجد في فهرس مؤلَّفات الشهيد - في مصادر ترجمته - ذكراً لحاشيته على فرائض الإرشاد. أمّا النسخة التي ذكرها الطهراني (طاب ثراه)، و الموجودة في مكتبة الروضة الرضويّة المقدّسة برقم 2216، فهي ليست من تأليف الشهيد الثاني لأدلّةٍ لا مجال لذكرها هنا، و قد اشتبه الأمر على مفهرس المكتبة فنسبها للشهيد الثاني، و هناك نسختان منها في المكتبة المذكورة برقمي 2216 و 2381.

و على أيّة حال، فهذه الحاشية في طريقتها و أُسلوبها - كسائر آثاره الفقهيّة - مثل المسالك و الروضة و الروض و حاشية القواعد - بليغة ناضجة و موزونة و غير مطوّلة، خاليةٌ عن التعقيد و الإغلاق و الإيجاز المخلّ و الإطناب المُمِلّ. و يتكرّر في هذه الحاشية نفس التشابه الموجود بين الروضة و المسالك، فربما صادفتنا في الروضة عبارةٌ تكرّرتْ في المسالك أيضاً، و هكذا باقي آثاره الفقهيّة.

و لم أقف على تاريخ تأليف الشهيد لهذه الحاشية، و الظاهر أنّه ألّفها قبل الروضة و المسالك.

ص: 27


1- الذريعة، ج 6، ص 15.

و قد تأثّر الشهيد في تأليفه هذا - كباقي آثاره الفقهيّة - بآثار الشهيد الأوّل و المحقِّق الكركي، خاصّةً في تعليق الإرشاد و جامع المقاصد. و قد قمنا غالباً بتذييل موارد تأثّر الشهيد بهذين الكتابين - كغيرهما - بعبارة «لاحظ تعليق الإرشاد»، و «لاحظ جامع المقاصد، ج... ص...».

ثمّ اعلم أن صاحب الرياض قال:

الشيخ عليّ بن حمزة الطبرسي القمّي، كان من أجلّة مُتأخّري فقهاء أصحابنا، و قد ينقل الشهيد الثاني بعض فتاواه في حاشيته على الإرشاد. و الحقّ عندي اتّحاده مع الشيخ نصير الدين عليّ بن حمزة بن الحسن الطوسي الآتي، و أنّ الكُتّابَ قد صَحَّفوا الطوسي بالطبرسي (1).

و نقله عنه صاحب الروضات (2) و العلّامة السيّد محسن الأمين (رحمهم الله) (3).

أقول: إنّ الشهيد الأوّل نقل في غاية المراد فتوىً عن نصير الدين عبدالله بن حمزة الطوسي (4)، و لم نجد نقل فتواه في حاشية الإرشاد للشهيد الثاني، و من القريب جدّاً اشتباه الأمر على صاحب الرياض، فمن الممكن أنّه عَثَرَ على هذا المطلب في غاية المراد للشهيد الأوّل، فنسبه إلى حاشية الإرشاد للشهيد الثاني. و من المعلوم أنّه قد يُعَبَّرُ عن غاية المراد بحاشية الإرشاد كما ذكرنا في مقدّمة غاية المراد، ج1 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج1). و الظاهر أنّ الصحيح «نصيرالدين عبدالله بن حمزة الطوسي» - كما في غاية المراد - بدل «نصير الدين عليّ بن حمزة الطوسي»، فراجع.

هذا، و طبعت حاشية الإرشاد لأوّل مرّة محقّقةً ذيل كتاب غاية المراد، في سنة 1414، و مستقلّةً في سنة 1428، بجهود و تفاني مركز إحياء التراث الإسلامي.

ص: 28


1- رياض العلماء، ج 4، ص 73؛ و انظر أيضاً ج1، ص 50 - 51 منه.
2- روضات الجنّات، ج 4، ص 322.
3- أعيان الشيعة، ج 3، ص 29.
4- غاية المراد، ج 1، ص 70 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 1).

و نسخها الخطيّة نادرة جدّاً؛ يضاف إلى ذلك أنّ مفهرسي النسخ الخطيّة لم يدقّقوا كثيراً في عمليّة فهرستها، فتوهّموا في نسبة عدد من النسخ باعتبارها حواشي الإرشاد من تصنيف الشهيد الثاني، و الحال أنّها ليست كذلك. و بالعكس، لم يعرِّفوا ببعض نسخ حاشية الإرشاد للشهيد الثاني الموجودة في المكتبات.

فعلى سبيل المثال نسبت الحاشية الموجودة في مخطوطة مكتبة الروضة الرضويّة المقدَّسة في مشهد برقم 2216، في فهرس المكتبة (ج 2، ص 3 - 4) للشهيد الثاني، و نقل هذه النسبة بعض المعاصرين في كتابه (1) عن الفهرس المذكور، لكنّها ليست حاشية الإرشاد للشهيد الثاني. بالطبع تمكّنّا عبر مراجعة فهارس المكتبات من العثور على نسخةٍ واحدةٍ من حاشية الإرشاد للشهيد.

و عليه فإنّنا لم نكتف و الحالة هذه بمراجعة فهارس المخطوطات للمكتبات، بل توجَّهنا لمخازن المكتبات و بحثنا في المخطوطات ذاتها. و لظنّنا بأنّ حاشية الإرشاد للشهيد الثاني ربما كُتِبَتْ في هوامش نسخ الإرشاد للعلّامة بدأنا بمراجعة هذه النسخ أولاً، فمضينا إلى مخطوطات الإرشاد الموجودة في مكتبات آية الله المرعشي و آية الله الكُلبايكاني و الروضة الرضوية المقدّسة في مشهد، و إلى عدد آخر من المكتبات، و عثرنا على نسختين كاملتين نوعاً مّا و على ثلاث مخطوطات ناقصة من حاشية الإرشاد، و رغم المراجعات الكثيرة لم نعثر على نسخة أُخرى.

أمّا هذه النسخ الخمس التي استفدنا منها في عملنا في التحقيق فهي:

1- مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي (رحمه الله)، المرقّمة 3354. و هذه النسخة كاملةٌ و قيِّمةٌ جدّاً، كُتِبَت في زمن حياة الشهيد الثاني أعني قبل شهادته بخمس سنين تقريباً، و جاء في آخرها:

قد تمّ حواشي الإرشاد للشيخ المحقِّق المدقِّق النحرير الشيخ زين الدين جبل

ص: 29


1- مقدّمه ای بر فقه شیعه، ص 112.

عاملي أدام الله فضائلَه، في بلدة نخجوان بتاريخ يوم الجمعة سادس عشرين شهر ذي قعدة الحرام سنة 960 على يد العبد الضعيف المحتاج إلى الله الغنيِّ عبدالواسع بن محمّد بن زين العابدين الحسيني.

و في هوامش بعض أوراقها مطالب بتوقيع «منه سلّمه الله تعالى» (كالورقة 38ب) و «منه سلّمه الله و أبقاه» (كالورقة 56 ب)؛ و في هوامش متعدِّدة تُشاهَد علامات التصحيح، و كانت هذه النسخة هي الأساس في تحقيقنا، و كلّما كتبنا في الهوامش: «في هامش المخطوطة...» أو «في هامش النسخة...» فمرادنا هذه النسخة.

2- مخطوطة مكتبة الروضة الرضوية في مشهد، المرقّمة 13467، و هي نسخة من إرشاد الأذهان للعلّامة، و على هوامشها حواشي الشهيد الثاني (رحمهما الله) بتوقيع «زي»، و تاريخ الفراغ من نسخها عام 975 أي بعد عشر سنين من شهادة الشهيد الثاني، و ناسخها مجهول،. و هذه النسخة أيضاً كاملةٌ تقريباً، إلّا الأوراق العشر الأوائل منها فهي خالية من الحاشية. و كُتِبَ في هوامش هذه النسخة أيضاً تعليق الإرشاد للمحقِّق الثاني بتوقيع «ع ل».

و عثرنا على ثلاث نسخ أخرى كلُّ منها تشتملُ على جانبٍ من حاشية الإرشاد للشهيد، و كلّها مكتوبة في هوامش نسخ الإرشاد و هي:

3- مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي (رحمه الله) المرقّمة 3981، و هي نسخة من إرشاد الأذهان و في هوامشها حواشي الشهيد الثاني بتوقيع «ز» و توقيع «زي». و إنّما كُتِبَ في هذه النسخة بعض حواشي الشهيد من «المقصد الرابع في إحرام الحجّ و الوقوف» من كتاب الحجّ إلى أوائل كتاب المتاجر، و من أوائل كتاب الصيد إلى أواخر الإرشاد. نَسَخَها عزّالدين بن محيي الدين بن عبد اللطيف بن... أبي جامع العاملي، و فرغ من نسخها يوم السبت خامس عشر شهر شوّال 1048.

4- مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي (رحمه الله)، المرقّمة 8200، و هي أيضاً نسخة من إرشاد الأذهان، و في هوامشها حواشي الشهيد الثاني بتوقيع «زي»، و تشتمل هذه

ص: 30

النسخة على بعض حواشي الشهيد الثاني من أواخر كتاب العتق إلى قُبَيْل «المقصد السابع في المحارب» من كتاب الحدود فحسب. نَسَخَها محمّد مكّي بن حسن بن أحمد بن عليّ... العاملي، و فرغ من نسخها يوم الأربعاء ثالث عشر شهر جُمادى الأولى سنة 1016.

5- مخطوطة مكتبة الروضة الرضوية المقدَّسة في مشهد المقدّس، المرقّمة 2689، و هي نسخة من إرشاد الأذهان أيضاً، و في هوامشها شيء يسيرٌ من حواشي الشهيد الثاني بتوقيع «زين». و تاريخ الفراغ من نَسخها السادس من محرّم الحرام سنة 940، و ناسخها مجهول.

و الجدير بالذكر أنّنا لاحظنا في هوامش الكثير من نسخ الإرشاد للعلّامة فقراتٍ حملت توقيع «ز» أو «زي» أو «زين»، و قد حسبنا في بادئ الأمر أنّها حواشي الإرشاد للشهيد الثاني، و بعد التدقيق و المراجعة تبيّن أنّ الفقرات المذكورة هي إمّا من مسالك الأفهام أو من الروضة البهيّة أو من روض الجنان للشهيد الثاني، و ليست من حاشيته على الإرشاد، منها النسخ التالية - و هي من نسخ الإرشاد للعلّامة و في هوامشها حواشٍ وُقِّعَتْ بالرموز المذكورة، و هي كما قلنا ليست من حاشية الشهيد الثاني على الإرشاد، بل هي من سائر آثاره الفقهيّة - :

أ- مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي (رحمه الله) المرقّمة 1248.

ب- مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي (رحمه الله) المرقّمة 4827.

ج- مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي (رحمه الله) المرقّمة 7331.

د- مخطوطة مكتبة آية الله الكلبايكاني (رحمه الله) المرقّمة 4/88

ه- مخطوطة مكتبة الروضة الرضويّة المقدّسة في مشهد المقدّس، المرقّمة 2689 .

و لا يستبعد أن تكون النسخة المشار إليها في كتاب بعض المعاصرين (1) - التي لم نتمكّن من العثور عليها - واحدةً من مثل هذه النسخ.

ص: 31


1- مقدّمه ای بر فقه شیعه، ص 112؛ یکصد و شصت نسخه از يك كتابخانه شخصی، ص5.

هذا، و إنّ تحقيق حاشية الإرشاد مع ندرة نُسَخها و عدم طبعها فيما مضى كان عمليّةً شاقّةً، و عليه فإنّنا في عمليّة التصحيح و المقابلة عُدنا إلى باقى آثار الشهيد مثل: مسالك الأفهام، و الروضة البهية، و روض الجنان، و حاشية القواعد، و المقاصد العليّة و الفوائد المليّة. و استفدنا من مخطوطات مسالك الأفهام أيضاً و هي:

أ- مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي (رحمه الله) المرقّمة 1205.

ب- مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي (رحمه الله) المرقّمة 1621.

ج- مخطوطة مكتبة آية الله الكلبايكاني (رحمه الله) المرقّمة 1/49.

د- مخطوطة مكتبة آية الله الكلبايكاني (رحمه الله) المرقّمة 5/46.

ه- مخطوطة مكتبة آية الله الكلبايكاني (رحمه الله) المرقّمة 12/28.

كذلك إذا صادفتنا عبارةٌ مبهمةٌ أحلناها في التعليقات إلى مصادر يرفع بعد مراجعتها الإيهام الموجود، أو وضَّحناها في الهوامش.

كما و أشرنا في بعض الموارد إلى سهو الشهيد الثاني. و كذلك أشرنا إلى موارد تأثّر الشهيد الثاني في حاشيته على الإرشاد بالكتب الفقهيّة للآخرين بعبارة «لاحظ...» في الهوامش.

و قد ذكرنا في يمين الصفحات قبل نقل متن الإرشاد رقم صفحات إرشاد الأذهان - المطبوعة من قبل مؤسّسة النشر الإسلامي في قم، في مجلّدين - لتسهيل المراجعة.

و يذكر أنّ الكتاب قد تمّ طبعه منذ سنوات بمعونة هذا المركز الأغرّ، و لمّا تقرّر جمع كلّ آثار هذا الفقيه البارع بقالب موسوعي، و درج الكتاب ضمنه، قمنا بمراجعته و إجراء ما يلزم في خصوص تحقيقه، و تلخيص مقدّمته التي كانت تشتمل على ثلاثة فصول، و بحدود ثلاثين صفحة، خدمة لمركز الإحياء الذي يأخذ على عاتقه - كما هو ديدنه - طبع و نشر كلّ ما يفيد و يخدم علماءنا و طلبتنا الأعزّاء، و يحفظ تراثنا العزيز. و نتقدّم في هذا المقام بالشكر الجزيل لكلٍّ من الشيخ حبيب العفيفي و الشيخ محسن النوروزي الذين قاما بجدٍّ في تنفيذ ما يلزم من مراجعة المصادر و أُمور فنّيّة.

ص: 32

و في الختام نحمد الله سبحانه و تعالى حمداً كثيراً على توفيقه إيّانا لتحقيق هذا الكتاب و سائر مؤلَّفات الشهيد (قدّس سرّه) العزيز، و نرى من الواجب علينا أن نقدّمَ شكرنا إلى كلّ من ساهم بمساعدتنا على ظهور هذا الكتاب و نخصّ منهم بالذكر الدكتور السيّد محمود المرعشي المشرف على مكتبة آية الله المرعشي (قدّس سرّه)، الذي وضع تحت تصرّفنا مخطوطات عديدة، منها نسخ الإرشاد و حاشية الإرشاد و مسالك الأفهام. و يعود الفضل الأكبر في نجاح هذا التحقيق إلى تصفّح مخطوطات المكتبة المذكورة.

و لا ننسى أن نقدّم بالشكر الجزيل و ثناء الجميل إلى مسؤولي مركز إحياء التراث الإسلامي خصوصاً الدكتور محمّد تقي السبحاني و الشيخ محمّد حسن النجفي، و الشيخ عليّ أوسط الناطقي، حيث أتاحوا لنا فرصة إنجاز هذا العمل المبارك، و هيّأوا لنا كلّ ما نحتاج إليها في تحقيق و إحياء هذا المؤلَّف، و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

رضا المختاري

قم المقدّسة

ص: 33

الصورة

صورة الصفحة الأُولى من مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي (رحمه الله)، المرقّمة 3354

ص: 34

الصورة

صورة الصفحة الأخيرة من مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي (رحمه الله)، المرقّمة 3354

ص: 35

ص: 36

حاشية إرشاد الأذهان

ص: 1

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم و به ثقتي

كتاب الطهارة

[النظر الأوّل] في أقسامها

قوله: «و يُسْتَحَبُّ لمندوبَي الأوّلين». و هو مع ذلك شرطٌ في صِحّة الصلاةِ فَتَبْطُلُ بدونها؛ أمّا الطَوافُ المَندوبُ فالأقوى صحّتُه بدونِ الطهارة، و إن كانَتْ شرطاً في كماله.

قوله: «و حملِ المُصْحَفِ». مُثَلَّتُ الميم (1).

قوله: «و السَعي في حاجةٍ». لَهُ و لغيره.

قوله: «و زيارةِ المقابِرِ». مَقابِرِ المؤمنينَ.

قوله: «و نَوْمِ الجُنُبِ». إن كانتْ هذه الغاياتُ مُباحةً بدون الطهارةِ نَوى في الوضوء إيقاعَها على الوجهِ الأكملِ، و إن لم تُبح بدونها نَوى الاستباحةَ.

قوله: «و لدخول المساجدِ». مع اشتمالِهِ على اللَبْثِ أو كونِها أحدَ المسجدَيْنِ، عدا غُسلِ المَسّ، فلا يتوقَّفُ دخولُها عليه على الأقوى.

قوله: «و لصَوْمِ الجُنُبِ». مع تَضَيُّقِ الليلِ إِلَّا لفعلِهِ و لو بالظنِّ الغالبِ، و لو أرادَ فِعْلَه قبلَه

نوی به الندْبَ - و اسْتباحَ الصوم - مع خلُوِّ ذِمَّته من مشروطٍ بالغُسلِ.

ص: 3


1- لسان العرب، ج 9، ص 186، «صحف».

قوله: «مع غَمْس القُطْنَةِ». إنْ كان الغمسُ قبل صلاةِ الفَجْرِ. و لو تجدَّدَ بعدها اعْتُبِرَ في وجوب الغُسل للصوم السَيَلانُ، فيجب حينئذٍ للظهرين عندَ فِعْلِهما، ويتوقَّفُ عليه صحّةُ الصوم. و لو تجدَّد بعدَ صلاة الظهرين لم يكنِ الغسل شرطاً في صحّة الصومِ الحاضر وإن وجب الغسلُ للعشاءين، لكن يتوقَّفُ عليه الصومُ المُقْبِلُ.

قوله: «و يومِ المبعثِ». السابع و العشرين من رجبٍ.

قوله: «و المولودِ». حينَ يُولَدُ.

قوله: «بعد ثلاثِة». أيّامٍ من صَلْبه؛ و لا فرقَ بينَ مَصْلوبِ الشرعِ و غَيْرِه.

قوله: «و صلاة الحاجة و الاستخارة». أي استخارة خاصّة بصلاةٍ لا مطلق الاستخارة، و كذا القولُ في صلاةِ الحاجة (1).

قوله: «و لا تَتَداخَلُ». الوجهُ التداخُلُ مطلقاً، خصوصاً مع انضمام الواجبِ إليها.

قوله: «و التيمّم يجبُ للصلاة و الطوافِ الواجبَيْنِ و لخروج الجنب من المسجدين». الأصوبُ أنْ يُقالَ: «يجبُ التيمُّمُ لِما تجبُ له الطهارتان و يزيدُ عليهما لِخروج الجُنُبِ من المسجدين»؛ ليدخل فيه التيمُّمُ لِقراءة العزائم و لِلَّبْت في المساجد و لصوم الجنبِ و نحوه.

ص: 4


1- لاحظ جامع المقاصد، ج 1، ص 76.

النظر الثانى فى أسباب الوضوء و كَيْفِيَّته

قوله: «و النَوْمِ الغالب على الحاسّتين». غَلَبَةٌ مُسْتَهْلِكةً لَهما لا مطلقَ الغلبة. و يُعْتَبَرُ غَلَبَتُهُ لِجميع الحواسِّ، و إنّما خَصَّهما بالذِكر لِما قيل مِن أنّهما أقوى، فزَوالُهما يقتضى زَوالها (1). قوله: «سَتْرُ العَوْرة». إنّما يجبُ سَتْرُها عمّن يَحْرُمُ نظرُه، و حينئذٍ فلا خُصوصيّةَ في ذلك لِلمُتَخَلِّي و إن كان الوجوبُ فيه آكَدَ لِلنصِّ (2).

قوله: «و عدمُ استقبال القِبْلةِ». على حدِّ ما يُعْتَبَرُ في الصلاة.

قوله: «موضعِ البَوْلِ». مَرَّتينِ.

قوله: «و الأثرُ». المراد بالأثر هى الأجزاءُ اللطيفةُ التى يُزيلُها الماء و لا تُزيلُها الأحجار، و ليس هو اللونَ و لا الرائحةَ و لا الرطوبة (3).

قوله: «و يكفي ذوالجهات». لا يَكْفي.

قوله: «و فَيْءِ النُزّالِ». مَواضعِ الاجتماع.

قوله: «و مواضِع اللَعْن». أبواب الدُورِ.

قوله: «و استقبالُ النيِّرَيْنِ». بعَوْرَته.

قوله: «قولانِ». ضميمةُ أحدِهما (4) أولى.

ص: 5


1- قاله المحقِّقُ الكركي في شرح الألفيّة، ص 36 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 7)؛ جامع المقاصد، ج 1، ص 82.
2- انظر ذكرى الشيعة، ج 1، ص 119 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 5): وسائل الشيعة، ج 1، ص 306، أبواب أحكام الخلوة، الباب 4. ح 4، و ص 299 - 300، الباب 1.
3- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 14 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
4- أي ضميمة رفع الحدث أو الاستباحة في النيّة.

قوله: «حُكماً إلى الفَراغ». بمعنى أنه لا يَنْوي نيّةً تنافِي النيّةَ الأُولى أو بعضَ لوازِمها.

قوله: «بخلاف ما لو ضَمَّ التبرُّد». الأقوى البطلانُ بِضميمة التبرُّدِ و نحوِه.

قوله: «وَ يُقارِن بها غَسْلَ اليدينِ». أو المَضْمَضَةَ أو الاستنشاق.

قوله: «و لا يجبُ تخليلُ اللِحْية و إنْ خَفَّتْ». هذا هو الأصحّ. و قيل: يجبُ تخليلُ الخفيفة (1). و موضعُ الخِلافِ إنّما هو في وجوب تخليلِ البَشَرةِ المستورةِ بالشَعْر الخفيفِ، أمّا الظاهرةُ خِلالَ الشَعْرِ فلا خِلافَ في وجوب غَسْلها.

قوله: «و لو كان له يدٌ زائدةٌ وجب غَسْلُها». إنْ كانتْ في المِرْفَقِ أو تحتَه، أو فوقَه و لم تَتَمَيَّزُ من الأصليّة، و إلّا اقْتَصَرَ على غَسْل الأصليّةِ. و تَمَيَّرُ الأصليّةُ بقُوّةِ البَطْشِ و نحوه.

قوله: «تحت المرفق». و فيه.

قوله: «و الإصْبَع الزائدةُ». في الإِصْبَعِ عَشْرُ لُغَاتٍ: مُثَلَّثُ الهمزة مع مُثَلَّثِ الباء؛ و العاشرُ الأُصبوعُ (2).

قوله: «لو قُطِعَتْ من المِرْفَق». المِرْفَقُ هو العَظْمانِ المُتَداخِلانِ أعنى طَرَف عَظْم العَضُدِ و الذِراعِ، لا نَفْسُ المَفْصِلِ؛ و إنّما يَسْقُطُ غَسل الباقي لو قُطِعَ مجموعُ المِرْفَق، أمّا لو قُطِعَتْ من المَفْصِلِ وجب غَسلُ طَرَفِ العَضُدِ - مع جُزءٍ منه من باب المُقدّمة - لأنّ الأقوى وجوب غَسْلِ المِرْفَقِ نَصّاً (3) لا استنباطاً.

ص: 6


1- قاله ابن الجنيد كما في مختلف الشيعة، ج 1، ص 113، المسألة 69؛ و العلّامةُ في قواعد الأحكام، ج 1، ص 202؛ و تذكرة الفقهاء، ج 1، ص 153، المسألة 43؛ و الشهيد في اللمعة الدمشقيّة، ص 9 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 13).
2- لسان العرب، ج 8، ص 192: القاموس المحيط، ج 3، ص 49 - 50؛ تاج العروس، ج 21، ص 312 - 313، «صبع».
3- الكافي، ج 3، ص 29، باب حدّ الوجه الذي يغسل و الذراعين و كيف يغسل، ح 9؛ الفقيه، ج 1، ص 48 - 49، ح 99؛ تهذيب الأحكام، ج 1، ص 360، ح 1086؛ و لمزيد التوضيح راجع روض الجنان، ج 1، ص 92 - 93؛ المقاصد العليّة، ص 89 (ضمن الموسوعة، ج 10 و 12).

قوله: «وَ مَسحُ بَشَرَةِ مُقَدَّمِ الرأس». و يجوزُ مَنْكوساً.

قوله: «إلى الكَعْبَيْنِ». الأقوى أنّهما قُبّتا القدميْنِ و هما الناتِئانِ في وسطه عند مَعْقِدِ الشِراكِ. و البلوغُ إلى ما ذكره المصنِّفُ أحوطُ إن اشْتَمَلَ على الأوّلِ و إلّا فلا.

قوله: «و هما مَجْمَعُ القَدَمِ و أصْلِ الساق». بل هما قُبّتا القدمِ.

قوله: «فإن اسْتَأنَفَ ماءً جديداً بطل وضوؤُه». أي اسْتَأنَفَ و مَسَحَ به و اسْتَمَرَّ عليه حتّى جَفَّ بَلَلُ الوضوء، و إلّا لم يَبْطُلْ.

قوله: «فإن جَفَّ أَخَذَ». يجوزُ اختياراً (1).

قوله: «من لِحْيَتِهِ». الضابطُ جوازُ الأخذِ من جميع مَحالِّ الوضوء الواجبة و المندوبة،

و إنّما خصَّ الشَعْرَ المذكورَ؛ لأنّه مَظِنّةُ البَلَل.

قوله: «و لا ترتيب بينهما (2)». بل يجبُ تقديمُ اليُمنى.

قوله: «فجَفَّ المتقدِّمُ». مجموعُ المُتَقَدِّمِ.

قوله: «اسْتَأْنَفَ». الأصحُّ أنّها (3) مراعاةُ الجَفافِ مُطلقاً.

قوله: «و ذو الجَبيرةِ يَنزِعُها». إنّما يَتَخَيَّرُ بينَ النَزْع و عدمِه مع إمكان إيصال الماء إلى ما تحتَها - إذا كانتْ في محلِّ الغَسْل - و كان ما تحتَها طاهراً أو أمْكَنَ تطهيرهُ، و كان الوصولُ على وجه الغَسْل و إلّا يُعْتَبرُ نَزْعُها مع الإمكان، فإِنْ تَعَذَّرَ مَسَحَ عليها إن كانتْ طاهرةً، و إِلّا وَضَعَ عليها طاهراً وَ مَسَحَ عليه.

قوله: «و غَسْلُ اليدين». من الزَنَدَيْنِ.

قوله: «و التوضُّؤُ بِمُدّ». و ماءُ الاستنجاء منه (4).

ص: 7


1- قال في مسالك الأفهام، ج 1، ص 38: لا يُشترط في جواز الأخذ من هذه المواضع جفافُ اليد، بل يجوز مطلقاً لأنّها من بَلَل الوضوء.
2- هكذا في المخطوطة؛ و في نسخ إرشاد الأذهان: «فيهما» بدل «بينهما».
3- أي الموالاة.
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 20 - 21 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ ذكرى الشيعة، ج 2. ص 104 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 6).

قوله: «و تَحْرُمُ التَوْلِيَةُ». تَتَحَقَّقُ التوليةُ بصَبِّ الغير على العضو مع الاجتزاء به في الغَسْل، لا بصَبِّه في اليد مثلاً لِيَغْسِلَ المُتَوَضِّئ، فإنّه استعانةٌ.

قوله: «و هو على حاله». أي حالِ الوضوء بحيثُ لم يَفْرُغْ منه، فمتى فَرَغَ لم يَلْتَفِتْ.

قوله: «إلّا مع نَدْبية الطهارتين». لا وجهَ للتقييد بنَدْبيّة الطهارتينِ، بل الضابطُ كونُهما رافِعتيْنِ، سَواء كانتا مَنْدوبتَيْنِ أم واجبتيْنِ أم بالتفريق، و يُتَصَوَّرُ ذلك في نَدْبَي الطهارةِ و الذُهولِ عن الأوّلِ. و هذا الحكمُ مَبنيٌّ على أنَّ المُجَدَّدَ لَا يَرْفَعُ، و الأصحُّ أنّه يَرْفَعُ فَتَصِحُّ الصلاةُ هنا.

ص: 8

النظر الثالث في أسباب الغُسل

اشارة

قوله: «و غُسلُ الأمواتِ». معطوفٌ على فاعل «يَجِبُ» الظاهر في بعضِ النُسَخ، و هو «الغُسْلُ»، و المُضْمَر فى بعضها، و التقديرُ: «إنّما يجبُ الغُسْلُ بهذه الأسباب و إنّما يجبُ غُسلُ الأمْواتِ»، أو أنّه مبتدأ محذوفٌ الخبرِ، أي «واجبٌ»، و إنّما فَصَلَه عنها لأنّه ليس على نَهْجِ الأغسالِ السالفةِ. و لو قال بدلَ «غُسل الأمواتِ»: «و الموت»، كما صَنَعَ الشهيدُ (1)، كان أجوَد.

المقصدُ الأوّلُ في الجَنابة

قوله: «اعتُبرَ بالشهوة، و الدَفق، و فُتورِ الجسد». يكفي وجودُ إحدى هذه الصفاتِ و هي متلازمةٌ غالباً، فلذا قال: «في المريض لا يُعْتَبَر الدَفْقُ»، لتخلُّفِ هذا الوصفِ عنه لِضعف قوَّته (2).

قوله: «و لا يجب في المشْتَرَك». يتَحَقَّقُ الاشتراكُ بأنْ يَناما عليه دفعةً أو يلبِساه كذلك، لا بالتناوُبِ بل يَخْتَصُّ بصاحب النَوْبةِ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ انتفاؤُهُ عنه، فيصير كالمشتَرك.

قوله: «أو شَيْءٍ عليه مكتوبٌ اسْمُه تعالى أو أسماء أنبيائه و أئمّته علیهم السلام». يُسْتَثنى منه الدَراهمُ و الدَنانيرُ فيجوز مسُّها مطلقاً؛ للخبر (3).

قوله: «مُستَدامَةَ الحُكمِ حتَّى يَفْرُغَ». أي أنّه لا يَنْوِي نيّةً تُنافِيها.

ص: 9


1- اللمعة الدمشقيّة، ص 11 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 13).
2- للتوضيح راجع روض الجنان، ج 1، ص 139 - 140 (ضمن الموسوعة، ج 10).
3- المعتبر، ج 1، ص 188؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 215، أبواب الجنابة، الباب 18، ح 4.

قوله: «ما لا يصلُ إليه الماء». الأولى عودُ ضمير «إليه» إلى الجسدِ المذكور سابقاً لا إلى «ما» الموصولةِ، و هو الشيءُ المُخَلَّلُ؛ لفَسادِ المعنى إلّا بتكلُّفٍ (1).

قوله: «و يُسْتَحَبُّ الاستبراءُ» الاستبراءُ طَلَبُ بَراءةِ المحلِّ من أثَر المنىِّ، و هو يَحْصُلُ بالبولِ و بالاستبراء المعهودِ عند تعذُّره، فالاستبراءُ المذكورُ هنا أعَمُّ من الاستبراءِ بالمعنى المشهور بقرينة قوله: «و بدونه يُعِيدُ الغُسلَ»؛ فإنّ من بالَ بعدَ خُروج المَنيِّ لا يجبُ عليه إعادةُ الغُسلِ للبَلَل الخارج بعدَه.

قوله: «و لو أحْدَثَ في أثنائه بما يوجبُ الوضوء أعاده». الاكتفاءُ بإكمال الوضوء بعدَه قويٌّ.

المقصدُ الثاني في الحَيض

قوله: «يخرُجُ بحُرقةٍ من الأيْسَرِ». الأصَحُّ أن الجانِبَ لا اعتبار به في الحكم بالحَيْض؛ الاضطراب الروايةِ (2) و ضَعْفِها بالإرسال.

قوله: «و النَبَطيةِ». إلحاقُ النَبَطيّةِ بالقُرَشيّةِ هو المشهورُ، و لا دليلَ عليه ظاهراً (3).

قوله: «عَدَداً و وقتاً». و لو تَكرَّرَ الوقتُ خاصّةً أو العددُ خاصّةً ثَبَتَ ما تكرَّرَ و كانت بحكم المعتادة بالنسبة إلى أوّله في الأوّلِ و إلى آخِرِهِ في الثاني؛ فَتَتْرُكُ العبادةَ بِرُؤيَةِ الدمِ، و لو تَجاوَزَ العَشَرَة فكالمُضْطَربةِ، و بالعكس في الثانية فترجِعُ مع التجاوُزِ إلى العدد، [و] في رُؤية الدمِ كالمضْطَربةِ.

قوله: «فإن اخْتَلَفْنَ أو فُقِدْنَ رَجَعَتْ». الأجودُ أنّه مع الاختلاف فيهنَّ تَرْجِعُ إلى

الأغلبِ إن اتَّفَقَ.

ص: 10


1- لاحظ شرح الألفيّة، ص 59؛ و حاشية إرشاد الأذهان، ص 25 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 7 و 9) و لمزيد التوضيح راجع روض الجنان، ج 1، ص 152 (ضمن الموسوعة، ج 10)؛ مسالك الأفهام، ج 1، ص 53.
2- الكافي، ج 3، ص 94 - 95، باب معرفة دم الحيض و العذرة و القرحة، ح 3؛ تهذيب الأحكام، ج 1، ص 385 - 386، ح 1185؛ و لمزيد التوضيح و الاطّلاع راجع ذكرى الشيعة، ج 1، ص 177 - 178؛ الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 17 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 5 و 9)؛ جامع المقاصد، ج 1، ص 282 - 284.
3- لاحظ جامع المقاصد، ج 1، ص 285.

قوله: «بسبعة أيّامٍ». أو ستَّةٍ.

قوله: «و المُضْطَرِبةُ بالسبعة». أو بالستَّةِ.

قوله: «و تَعْمَلُ في باقي الزمان». المرادُ بباقي الزمانِ سبعةُ أيَّامٍ هي تتمّةُ العَشَرةِ بعدَ الثلاثةِ في الأوّلِ و قبلَها في الثاني. و المرادُ بالغُسْلِ «في كُلِّ وقتٍ مُحتَمِل» (1) الغُسلُ لِكلِّ صلاةٍ و عبادةٍ مشروطةٍ بالطهارة فى الأوّلِ، أمّا فى الثانى فعليها غُسلٌ واحدٌ آخِر الثلاثةِ لعدم إمكانِ الانقطاعِ قبلَه. و ما ذكره هو أحوط القولينِ (2)، و الأصَحُّ أنّها تَضُمُّ إلى ما عَلِمَتْه تتمّةَ إحدى الرواياتِ (3) بعدَ الثلاثة في الأوّل و قبلَها في الثاني.

قوله: «عَمِلَتْ في كلِّ وقت». الأقوى أنّ لها تخصيصَ العددِ بما شاءت من الشهر و جَعْلَ الباقي استحاضةً إنْ لم يَنْحَصِرْ في وقتٍ، و إلَّا تَعَيَّنَ المعيَّنُ و أضافَتْ إليه بقيَّةَ العدد.

قوله: «في كلِّ وقتٍ يَحْتَمِلُ الانقطاع». الأصَحُّ أنّ لها تخصيصَ العددِ بأيِّ وقتٍ شاءَتْ فتَجْعَلُه حَيْضاً و تَجْعَلُ باقى الزمانِ استحاضة.

قوله: «و إلَّا صَبَرَتِ المعتادةُ يومين». و لها الصبرُ إلى تمام العشرَةِ مع استمرار الدمِ، و هذا الصبرُ على طريق الاستحباب، فلو اغْتَسَلَتْ آخِرَ العادةِ صَحَّ.

قوله: «و المبتدئةُ تَصْبِرُ حتَّى تَنْقِيَ أو تَمْضِيَ عَشَرَةٌ»، فتغسِلُ حينئذٍ، و تقضِّي صَوْمَ عادةِ الأهلِ و الأقرآنِ إنْ لم يَكنْ تمييزٌ.

قوله: «و تَسجُد لو تَلَتْ أو اسْتَمَعَتْ». أو سَمِعَتْ.

قوله: «و يُسْتَحَبُّ الكفّارةُ في أوّلِه بدينار».

المرادُ بأوّل الحَيْضِ و أخَوَيْه أجزاءُ مُدَّتِهِ الثلاثةُ و يختلِفُ ذلك باختلافِ العادة؛ فالثاني وسطٌ لذاتِ الثلاثةِ و أوّلٌ لذاتِ الستَّةِ و هكذا.

ص: 11


1- قال المحقِّق الكركي في حاشية إرشاد الأذهان، ص 28 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9) - في ذيل قول العلّامة: «في كُلِّ وقتٍ مُحتَملٍ» -: «و ينبغي قِراءةُ «محتمِل» بصيغة اسم الفاعل مكسورة الميم».
2- راجع جامع المقاصد، ج 1، ص 304 - 306؛ روض الجنان، ج 1، ص 201 - 204 (ضمن الموسوعة، ج 10).
3- راجع روض الجنان، ج 1، ص 202 - 203 (ضمن الموسوعة، ج 10).

قوله: «و الجوازُ في المساجِدِ». غيرِ المسجدَينِ، و فيهما يَحْرُمُ.

قوله: «و تَجْلِسَ في مُصَلّاها ذاكِرةً». بقدر الصلاة.

المقصدُ الثالثُ في الاستحاضة و النِفاس

قوله: «و تغيير القُطْنَة». و غَسْلُ الفَرْجِ.

قوله: «و إنْ غَمَسَها وجب مع ذلك تغيير الخرقة ...، و إن سالَ ...». المرادُ بغَمْسِها ظاهراً و باطناً - فمتى بَقِيَ فيها شَيءٌ من خارجٍ و إنْ قَلَّ فهي قليلةٌ - و بالسَيَلانِ خروجُه من القُطْنة إلى غيرِها بنفسِهِ عندَ عدمِ المانع.

قوله: «و هي مع ذلك بحكم الطاهر». بمعنى استباحَةِ ما يَتَوَقَّفُ على الطهارةِ من الصلاة و الصوم و الطواف و غيرها، و إنّما لم تكنْ طاهراً بل بحكمها؛ لأنّ حَدَثَها مُسْتَمِرٌّ، فلا تكونُ طاهراً حقيقةً.

قوله: «إلّا الأقلَّ». و الأكثر على وجهٍ، و انقضاءَ العدّة بالحِيض دونَ النِفاسِ غالباً (1)، و رجوعَ الحائضِ إلى عادتها في الحيض و عدمَ رجوعِ النُفَساءِ إلى عادتها فيه ، و رجوعَ الحائض إلى الأقلِّ دونَها، و عدمَ اشتراطِ أقلِّ الطُهْر بينَ النفاسين.

قوله: «و ابتداؤه من الأوّل». بل هما نفاسانِ فيلزَمُ كُلّاً منهما حكمُه، و حينئذٍ فيمكن فرضُ طُهْرٍ بَيْنَهما، بل حَيْضٍ أيضاً.

قوله: «فهو النِفاسُ». مع انقطاعه عليه، أو كانتْ عادتُها عَشَرةً أو مُبْتَدِئةً أو مُضْطَربةً، و إلّا فلا نِفاسُ لها.

قوله: «فالعَشَرةُ نِفاسُ». مع انقطاعه على العاشر، أو كون عادتِها عَشَرةً أو مُبتدئةً أو مُضْطَربةً، و إلّا فالأوّلُ خاصّةً نِفاسٌ إِلّا أنْ يُصادِفَ الدمُ الثاني جزءاً من العادة، فجميعُ العادة نِفاسٌ.

ص: 12


1- لمزيد التوضيح راجع روض الجنان، ج 1، ص 260 (ضمن الموسوعة، ج 10).

المقصدُ الرابعُ في غُسل الأموات

قوله: «و الغُلاةِ». مَن قال بإلهيّة أحدٍ من الناسِ؛ و النواصب و المُجَسَّمةِ.

قوله: «و نقلُه إلى مُصلّاه». إنْ تَعَسَّرَ عليه خروجُ الروحُ، بنقْلِهِ إلى مسجدِهِ أو إلى سجّادةٍ يُصلِّي عليها.

قوله: «و أولى الناس بِغُسله أولاهم بميراثه». لا مُنافاةَ بينَ الأولويّةِ و وجوبِه على الكفايةِ، فإنّ تَوَقُّفَ فِعْلِ غيرِ الوليِّ على إذنه لا ينافي أصلَ الوجوبِ عليه. و المرادُ بأولويّةِ الوارثِ أنّه أولى من غيره ممّن لا يَرثُ، لكن مع تعدُّدِه يُقَدَّمُ الذَكَرُ على الأُنثى مُطلقاً، فيباشِرُ أو يأذَنُ. و لو كان الميِّتُ أُنثى تَوقَّفَ الفِعلُ على إذنه و إنْ لم يُمْكِنه المباشَرَةُ. و مهما امتنع الوليُّ أو غابَ أو كان غيرَ مكلَّفٍ سَقَطَ اعتبارُ إذنه.

قوله: «تغسيلُ الآخَر اختياراً». من فوقِ القميصِ.

قوله: «و ذاتِ الرحمِ». المرادُ به المَحْرمُ، و هو الذي يَحْرُمُ نِكَاحُه مُؤَيَّداً بَنَسَبٍ أو رضاعٍ أو مُصاهَرةٍ.

قوله: «و يجب إزالةُ النَجاسةِ». العَرَضيةِ.

قوله: «بماء السِدر». المرادُ به الماء المطروح فيه شيءٌ من السِدْر، بحيث يَصْدقُ مُسمّاه و لا يَخْرُجُ الماءُ به عن الإطلاق؛ و كذا القولُ في الكافور. و المرادُ بالقَراحِ الخالِصُ من ممازَجَةِ أحدِهما لا من كُلِّ شيءٍ، و ضابطُه ما كان ماءً مُطلقاً.

قوله: «وَ يُستَحَبُّ وَضعُهُ... مُستَقْبِلَ القبلةِ». بل يجبُ.

قوله: «مِئْزرٍ و قميصٍ».

يُشْتَرَطُ في المِئْزَر أنْ يَسْتُرَ ما بينَ السُرّةِ و الرُكْبة، و في القميصِ وصولُه إلى نصفِ الساقِ تقريباً و يجوزُ إلى القَدَم، و يُراعى في الجنسِ التوسُّطُ بحسب اللائقِ بحال المَيِّتِ (1).

ص: 13


1- لاحظ جامع المقاصد، ج 1، ص 383.

قوله: «و يُستحبُّ أنْ يكونَ ثلاثَةَ عَشَرَ درهماً و تُلْثاً». كافورُ الحَنوطِ.

قوله: «و زيادةُ حِبَرَةٍ غيرِ مُطَرَّزةٍ بالذهب للرجل». و المرأة.

قوله: «بِعمامةٍ مُحَنّكاً». يُعْتَبَرُ في العِمامةِ إطلاقُ اسمها مع تأديةِ الهيئةِ المعتبرةِ فيها، و في الخِرفةِ التي لِفَخِذَيْهِ أنْ يكونَ طولُها ثلاثةَ أذْرُعٍ و نصفاً في عرضِ شِبْرٍ إلى شِبْرٍ و نصف (1)، و لتُرْبَطْ على وسطه ثمّ يُثْفَر بها (2) و يُلَفّ الباقي على حَقْوَيْهِ و فَخِذَيْه إلى حيثُما يَنْتَهي.

قوله: «و إلّا فمن شجرٍ رَطْبٍ». و یقَدَّمُ الرُمّانُ على الشَجَر الرَطْبِ (3)؛ لوروده في بعض الأخبار (4).

قوله: «و كَفَنُ المرأةِ الواجِبُ على زَوْجِها». لا فرقَ في الزوجة بينَ الدائمِ و المُسْتَمْتَعِ بها، و لا بينَ المُطيعةِ و الناشز، و لا بينَ الحُرّة و الأمةِ. و يجبُ عليه أيضاً مؤونةُ التجهيزِ من الحَنوطِ و غيرهِ. هذا كلُّه مع يَساره به أو ببعضه.

قوله: «و لو أصابَتِ الكَفَنَ بعدَ وَضعِهِ في القبر قُرِضَتْ». إذا لم يُمكِن غَسْلُها فيه.

قوله: «و صدرُ المَيِّتِ كالمَيِّتِ في جميع أحكامه». و كذا قلبُه و جملةُ عِظامِه دونَ الرأس و أبعاضِها.

قوله: «ثمّ لا يُغَسَّلُ». مع موتِهِ بالسبب الذي اغْتَسَلَ له.

قوله: «غَسَلَ يَدَه خاصّةً». مع رطوبة اللامِسِ أو الملموس و إلَّا قَوِيَ عدمُ تَعدِّي النَجاسةِ.

ص: 14


1- لمزيد التوضيح راجع روض الجنان، ج 1، ص 304 (ضمن الموسوعة، ج 10).
2- مِن أْثْفَرَ الدابّة: شَدَّها بالثَفَر. و الثَفَرُ سير في مؤخّر السرج و نحوه يُشَدُّ على عَجز الدابّة تحت ذَنبِها. انظر لسان العرب، ج 4، ص 105؛ المعجم الوسيط، ص 97، «ثفر».
3- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 38 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9؛ جامع المقاصد، ج 1، ص 387.
4- الكافي، ج 3، ص 154، باب الجريدة، ح 12؛ تهذيب الأحكام، ج 1، ص 294، ح861.

النظر الرابع في أسباب التيمّمِ و كَيفيّتِهِ

قوله: «أو البَرْدِ». يجب تقييدُ البرد بالشديد الذي لا يُتَحَمَّلُ عادةً، أو الذي يُخافُ منه

الضَرَرُ.

قوله: «أو الشَيْنِ». هو ما يَحْدُتُ على ظاهر الجِلْد من الخُشونةِ المُشَوِّهةِ للخِلقِة، و لابدَّ من تقييده بغير اليَسير منه (1).

قوله: «لا يَضُرُّهُ في الحالِ». أي في حال المكلَّفِ، و يَتَحقَّقُ ذلك في زمنٍ لا يتَجَدَّدُ له فيه مالٌ عادةً، فعلى هذا لا فرقَ بين الحال و المآل (2). و الأصحُّ وجوبُ الشِراء مع القدرة عليه و إن زاد عن ثَمنِ المثلِ.

قوله: «و لو وَجَدَ ما لا يكفيه لإزالةِ النَجاسةِ خاصّةً أزالها و تَيَمَّم». مع وجود ما يَتَيَمَّمُ

عليه، و إلّا قَدَّمَ الطهارةَ المائيةَ على إزالةِ النَجاسة.

قوله: «و الجَصِّ». قبلَ إحْراقِها.

:قوله «و تُراب القبر». المرادُ بتراب القبر الملاصِقُ للمَيِّتِ.

قوله: «و المُسْتَعْمَلِ». و هو المنْفوضُ عن اليَدَين.

قوله: «و الرَمادِ». لا فرقَ بينَ رمادِ الأرضِ و غيرِه، خلافاً للمصنِّفِ في النهاية حيث

جَوَّز التيمُّمَ على رَمادِ الأرضِ (3).

ص: 15


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 40 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 41 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 1، ص 479.
3- نهاية الإحكام، ج 1، ص 199، قال: و لو أحرقَ الترابَ حتّى صار رَماداً فالأقربُ جواز التيمّم، بخلاف الرماد من الشجر.

قوله: «بغُبارِ ثوْبِه، و لِبْدِ سَرْجِه و عُرْف دابّته». و يجب تحرّي أكثرها غُباراً مع الاجتماع، و استخراجُ الغُبار بحيثُ يَعلو وَجهَها إن أمْكَنَ، و يُسْتَرطُ كونُ غبارها من جنس ما يُتَيَمَّمُ عليه كالتُراب.

قوله: «و الأوْلى تأخيرُه». يجب تأخيرُه إلى الضيقِ مطلقاً.

قوله: «إلى آخِرِ وقتِ الصلاة». هذا في المُبْتَدَأ، أمّا المُسْتَدامُ فيجوزُ الصلاة به مع السعة مطلقاً.

قوله: «من القُصاص». و يجب إدخالُ الجَبِينَيْنِ، و الأولى مَسحُ الحاجِبَينِ.

قوله: «و الاستيعابُ». بمسحِ الأعضاء المَمْسوحةِ لا الماسِحَة، و يجب مَسحُ جزء خارجٍ عن محلِّ الفَرضِ من كُلِّ جانبٍ، لعدم المَفْصِل المَحْسوس.

قوله: «تَمّ وَجَدَ الماءَ». أي وَجَده بحيثُ يَتَمَكَّنُ من استعماله، فلا عِبرةَ بوجوده من غير باذِلٍ.

قوله: «سَقَطَتْ أداءً و قضاءً». بل تجبُ القضاءُ.

قوله: «و يُخَصُّ الجُنُبُ بالماء المُباح و المبذولِ».

هذا الاختصاصُ على سبيل الاستحباب، لاشتراك الواردين في مِلكِه باستوائهم في حيازته، و الفَرضُ أنْ حِصَّة كلِّ واحدٍ لا تَفي بحاجته فيُسْتَحَبُّ له بَذلُهَا لِلأَحْوَجِ، و هو الجُنُبُ مع عدم رجاء ما به يَحْصُلُ الإكمالُ، و لو خَصَّ غَيرَه جاز، و كذا القولُ في المالكِ الباذلِ. و لو كان المبذولُ منذوراً أو مُوصىً به للأحْوَجِ كان اختصاصُه على سبيل الوجوب (1).

قوله: «و يجوز التيمّم مع وجود الماء للجِنازة». و لِلنَومِ.

ص: 16


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 45 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9): جامع المقاصد، ج 1، ص 512.

النظر الخامس فيما به تَحْصُلُ الطهارة

قوله: «و أمّا المائيّة فبالماء المطلَقِ لا غَيرُ». أي يكون بالماء المطلق لا بغيره من المِياهِ، و نَبَّهَ بذلك على خلاف المرتضى حيث جَوَّز رفعَ الخَبَثِ بالمضاف (1). و ليس التشبيه (2) عائداً إلى مجموع المقيَّد و القيد؛ فإنّ باقي المطهِّراتِ العَشر تُشاركُ الماءَ

المطلقَ في رَفْعِ الخَبَثِ.

قوله: «الجاري من المطلَق».

اختار في هذا الكتابِ مذهبَ الأكثر (3) من عدم اعتبار الكَثرة في الجاري و أنّه لا يَنْجَسُ إلّا بالتغيُّر، و الذي اختاره في سائر كتبه (4) مساواتُه للواقفِ، و هو الأقوى. فعلى هذا لو نَقَصَ عن الكُرِّ و تَساوتْ سُطوحُه نَجِسَ أَجْمَعُ بملاقاة النَجاسةِ، و إِنْ كان كُرّاً فصاعِداً لم يَنْجَسْ ما بَقِيَ منه كُرُّ مُتَّصِلٌ غيرُ مُتغيرٍ، و إن اختلَفَتْ نَجِسَ

ص: 17


1- المسائل الناصريّات، ص 105، المسألة 22 قال: ... عندنا أنّه يجوز إزالة النجاسة بالمائع الطاهر ...؛ و قال في المعتبر، ج 1، ص 82؛ و قال علم الهدى (رضي الله عنه) في شرح الرسالة: يجوزُ عندنا إزالة النجاسة بالمائع الطاهر غير الماء؛ و نسبه إليه المحقّق الكركي في جامع المقاصد، ج 1، ص 123؛ ولمزيد الاطلاع راجع مفتاح الكرامة، ج 1، ص 59.
2- أي في قول العلّامة في المتن: «و كذا إزالةُ النجاسة».
3- قال في ذكرى الشيعة، ج 1، ص 41 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج5): لا ينجس الجاري بالملاقاة إجماعاً، و لا يعتبر فيه الكرّية في المشهور، لم أقف فيه على مخالفٍ ممّن سلف. أي ممّن تقدَّم على العلّامة؛ و قال في جامع المقاصد، ج 1، ص 111: إنّه [يعنى اشتراطَ الكرية في الجاري] ممّا تفرّد به المصنِّف؛ و انظر مدارك الأحكام، ج 1، ص 30 - 31.
4- تذكرة الفقهاء، ج 1، ص 17، المسألة 3؛ نهاية الإحكام، ج 1، ص 228، 229؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 182؛ تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 1، ص 46، الرقم 8؛ هذا، ولكن اختار في منتهى المطلب، ج 1، ص 27؛ و تبصرة المتعلِّمين، ص 23 أيضاً مذهبَ الأكثر من عدم اعتبار الكرّيّة في الجاري.

ما تحتَ النجاسةِ و ما حاذاها. و لو كان المجموعُ كُرّاً فصاعِداً لم يَنْجَس مطلقاً، ما لم تَقْطَعِ النَجاسةُ عمودَ الماء و يَنْقُص ما تحتها عن الكُرِّ فيَنْجس خاصّةً. و كذا القولُ في الواقِفِ.

قوله: «أو رِيحِهِ بالنَجاسة». مع كُرّيته، وبدونِه يَنْجسُ. ثمّ إِنْ تَساوَتْ سُطُوحه فظَاهِرٌ، و إلّا لم يَنْجس الأعلى مطلقاً، و لا الأسفلُ إن كان الجميع كرّاً، إلّا أن يستوعب التغيّر ما بين حافّتيه، فينجس الأسْفَلُ إنْ نَقَصَ عن كُرّ. و لا فرقَ في ذلك كُلِّه بينَ دائمِ النَبْعِ و غَيرِه.

قوله: «إذا كانت له مادّة من كرّ». حيث اعتَبَر في مادّة الحمّام الكرّيّة فلا فرق بينه و بين غيره؛ لحصول الكثرة الدافعة للنجاسة.

قوله: «و ماءُ الغيث حالَ تقاطُره كالجاري». يُعْتَبَرُ فيه اسمُ المَطَر عُرفاً، فلا يُعْتَدُّ بنحو

القَطرات اليسيرةِ (1).

قوله: «ثلاثةُ أشبارٍ و نصفٌ». هذا مع تساوي أبْعادِه، و مع اختلافها فالمعتبرُ بلوغ الحاصلِ منها بالضرب الحاصلِ من ضرب المُتساوي، و هو اثنانِ و أربعونَ شِبْراً و سَبْعَةُ أثمانِ

شِبْرٍ.

قوله: «بإلقاء كُرِّ عليه دَفْعةً». المعتبرُ فى الدفعةِ العرفُ؛ فإنّ الحقيقةَ مُتَعَذِّرةٌ، و اعتبارُها هو المشهورُ بينَ المتأخِّرينَ (2). و يطهُرُ أيضاً بوقوع ماءِ الغَيْثِ عليه مُتَقاطراً، و بأتِّصاله بالجاري عندَ من لا يَعْتَبِرُ كُرِّيتَه و إلّا كان كالواقِف؛ كُلُّ ذلك مع زَوالِ التغيُّر.

قوله: «و يَطْهُرُ بالنَزْحِ». و بمُطَهِّرٍ غيرهِ، كماءِ المَطَر و الكُرّ.

قوله: «حتّى يَزولَ التَغَيُّرُ».

ص: 18


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 46 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- منهم: المحقّق في شرائع الإسلام، ج 1، ص4؛ و العلّامة في تذكرة الفقهاء، ج 1، ص 16، المسألة 2؛ و قواعد الأحكام، ج 1، ص 18؛ و الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 38 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9)؛ و انظر مفتاح الكرامة، ج 1، ص 98 - 99.

الأقوى أنّ النّجاسة المُغَيّرة إن كانتْ منصوصةً في النزح وَجَبَ نَزْحُ أكثرِ الأمرينِ من المقدَّر و ما به يَزولُ التغيُّرُ، و إنْ كانتْ غيرَ منصوصةٍ وجب نَزْحُ الجميع، و مع التعذُّر التَراوُحُ.

قوله: «حَكَموا بالنَجاسة». قويٌّ.

قوله: «في مَوْت البعير». و هو من الإبِلِ بمنزلة الإنسانِ فِي شُمولِهِ الذَكَرَ و الأُنثى. قوله: «في موت الحمار و البَقَرة و شبهِهِما». الأولى اختصاصُ الحكمِ بالبَغْلِ و الحِمار،

و إلحاقُ البَقَر بما لا نَصَّ فيه، و هو خِيرَةُ المحقِّقِ في المعتبر (1).

قوله: «في مَوت الإنسان». لا فرقَ فيه بين الصغير و الكبير و الذَكر و الأنثى، و كذا لو وَقَعَ مَيِّتاً مع كونه نَجِساً بنَجاسةِ الموتِ و لو كانَ المَيِّتُ كافِراً فكالمُسْلِمِ إنْ وَقَعَ مَيِّتاً. و إِلّا نُزِحَ الجَميعُ.

قوله: «في العَذِرَةِ الذائبة». هي فضلةُ الإنسان، و لا فرق بينَ المُسْلِمِ و الكافر.

قوله: «و الدمِ الكثيرِ». المرجِعُ في كَثْرةِ الدمِ و قِلَّتِه إلى نفسِه لا إلى البئر، بحسبِ الغزارة و النَزارةِ.

قوله: «و بَوْلِ الرجل». لا فرقَ فيه بين المُسلمِ و الكافِر؛ و بولُ المرأةِ مُلحقٌ بما لا نصَّ فيه. و الأولى في بول الخُنثى وجوبُ أكثرِ الأمرين مِن الأربعين و موجَبِ ما

لا نَصَّ فيه.

قوله: «و قيل: الجميع». جَيِّدٌ.

قوله: «... و خُرْءِ الكِلاب». لا فرقَ بينَ كونِ أعيان هذه النَجاساتِ موجودةً في الماء و عدمِه، لإطلاق النصِّ (2). و حكمُ بعض ما ذُكِرَ حكمُ الجميع إنْ كان يُوجِبُ مُنْفَرداً عن الماء هذا المُقَدَّرَ أو ما زادَ، ولو كان يوجِبُ أقلَّ كبَوْلِ الصبيِّ و الرَضيعِ و العَذِرَةِ الجامدة، فالأقوى الاكتفاءُ بمُقَدَّره.

ص: 19


1- المعتبر، ج 1، ص 62: ... فالأوجَهُ أن يجعل الفرس و البقرة في قسم ما لم يتناوله نصٍّ على الخصوص.
2- الفقيه، ج 1، ص 22، ح 35، تهذيب الأحكام، ج 1، ص 413، ح 1300؛ الاستبصار، ج 1، ص 43، ح 120.

قوله: «و بَوْلِ الصبيِّ». دونَ الصبيّةِ.

قوله: «و خَمسِ في ذَرْقِ الدَجاجِ». الجَلّال.

قوله: «و دَلْوِ في العُصفور و شبهه». يَدْخُلُ فيه كلُّ ما دونَ الحَمامةِ.

قوله: «و كُلُّ ذلك عندي مُسْتَحَبُّ». جَيِّدٌ.

تتمّة

قوله: «لا يجوزُ استعمالُ الماءِ النَجِسِ في الطهارة مطلقاً».

المراد بعدم الجَواز التحريمُ مع اعتقادِ المشروعية، أو مع الاعتدادِ به في الصلاة و نحوها، أو بمعنى عدم الاعتدادِ به في رفعِ الحَدَثِ مجازاً (1).

قوله: «و كانت البالوعةُ فوقَها». يدخُلُ في العبارةِ استحبابُ الخَمْسِ مع تساوي القَرارَيْنِ (2) و سُهولةِ الأرضِ، و المشهورُ في كلام المصنِّف (3) و غيره (4) أنّ الاكتفاءَ بالخَمْسِ مشروطٌ بأحدِ الأمرين: صَلابةِ الأرضِ أو فَوقية قَرار البئر علی قرار البالوعةِ، فيكونُ التَباعُدُ في الصورةِ المَفْروضة بسبعٍ (5). و في حُكمِ الفوقيةِ

ص: 20


1- لمزيد التوضيح راجع روض الجنان، ج 1، ص 454 - 455 (ضمن الموسوعة، ج 10).
2- القَرار: المكان المنخفِضُ يَجتمع فيه الماءُ. المعجم الوسيط، ص 725؛ و انظر لسان العرب، ج 5، ص 85، «قرر».
3- قواعد الأحكام، ج 1، ص 190: يُستحبُّ التباعد بين البئر و البالوعة بقدر خمس أذرُعٍ مع صلابة الأرض أو فوقية البئر، و إلّا فسيعٌ: منتهى المطلب، ج 1، ص 110؛ نهاية الإحكام، ج 1، ص 29؛ تذكرة الفقهاء، ج 1، ص 29، ذيل المسألة 6؛ و عبارته في مختلف الشيعة، ج 1، ص 80، المسألة 42 مثل عبارة المتن.
4- منهم: الشيخ في المبسوط، ج 1، ص 31؛ و النهاية، ص 9: و المحقّق في شرائع الإسلام، ج 1، ص 6؛ و المعتبر، ج 1، ص 79؛ و المختصر النافع، ص 3؛ و الشهيد في ذكرى الشيعة، ج 1، ص 63؛ و الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 41 ؛ و البيان، ص 98؛ و اللمعة الدمشقيّة، ص 7 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 5، 9، 12 و 13).
5- قال في روض الجنان، ج 1، ص 459 - 460 (ضمن الموسوعة، ج 10): و اعلم أنّ في عبارة المصنِّف هنا مخالفة لطيفة لعبارة الأصحاب في المسألة بل لعبارته في غير هذا الكتاب، و ذلك لأنّه اعتبر في التباعد بسبعٍ رخاوةَ الأرض و فوقيّة البالوعة، و الخمس فيما عدا ذلك، فتساوي قرارهما مع رخاوة الأرض من صور التباعد بخمس، لعدم اجتماع شرطي السبع؛ فإنّ أحدهما فوقيّة البالوعة و لم تحصل. و عبارته في القواعد [قواعد الأحكام، ج 1، ص 7] و غيرها [تذكرة الفقهاء، ج 1، ص 29، ذيل المسألة 6؛ و منتهى المطلب، ج 1، ص 110] و باقي ما وجدناه من عبارة الأصحاب صريحة في دخول هذه الصورة في صور السبع؛ لأنّهم شرطوا في التباعد بخمسٍ أحدَ الأمرين: صلابة الأرض أو فوقية البئر، فتساوي القرارين ليس منه، و الرواية التي هي مستند الحكم ليس فيها ما يدلُّ على حكم التساوي؛ لأنّه جعل السبعَ مع فوقية البالوعة و الخمسَ مع فوقية البئر، فالتساوي مسكوتٌ عنه، و مثله عبارة المصنِّف في المختلف [ج 1، ص 80، المسألة 42]. و اعتبار السبع في المسألة المفروضة - مع موافقته للمشهور - أبلغُ في الاستظهار.

المَحسوسةِ، الفوقيةُ بالجِهةِ، و هي جِهةُ الشِمال، فلو كان أحَدُهما فيها فهو أعلى و إن تَساوَى القَرارانِ.

قوله: «و الناصِبِ». و المُجَسِّمِ و الخارجي، و يُمكنُ دخوله في الناصِبِ.

قوله: «على نَجاسةٍ خارجةٍ». عن حقيقتِهِ أو محلِّه، و منها ما لو انْفَصَل مع الماء أجزاءٌ من النَجاسةِ مُتَمَيِّزَةً. و لا فرقَ بينَ المَخْرَجَيْنِ و لا بينَ المُتَعدِّي و غَيره. و لو تَنَجَّسَتِ

اليدُ فإنْ كان بِسببِ جَعْلِها آلةً لِلغَسْلِ لم يَقْدَحْ، و إلّا فهي كالنَجاسةِ الخارجةِ.

قوله: «و الحائضِ المتَّهَمَةِ». بعدم التحفُّظِ من النَجاساتِ؛ و الْحَق الشهيدُ بها كُلَّ مُتَّهَمٍ بها (1).

ص: 21


1- البيان، ص 96 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 12).

النظر السادس فيما يَتْبَعُ الطهارةَ

قوله: «و العَصيرُ». المرادُ به العِنَبيُ، و بغَلَيانِهِ صَيْرورةُ أعلاه أسفَلَه بنفسه أو بغيره، و باشتِدادِه أَنْ يَحْصُلَ له ثخانةٌ، و هي تَحْصُلُ بمجرَّدِ الغَلَيانِ بالنارِ و ظُهور البُخار، أمّا بغَيْرها فقد يَتَأخَّرُ عنه و حينئذٍ فَيَحْرُمُ و لا يَنْجس إلى أنْ يَحْصُلَ الوَصْفانِ. و أطْلَقَ

الشهيدُ (رحمه الله) الحُكمَ بتلازمهما (1).

قوله: «و الفُقّاعُ». المَرْجِعُ في الفُقّاعِ إلى العُرفِ، فما يُسَمّى كذلك يَحْرُمُ و إن كان الأصلُ فيه أن يُتَّخَذَ من الشعير، كما ذكره المرتضى (2).

قوله: «و دخولِ المساجدِ». مع تَعَدِّيها إليها أو إلى آلاتِها و إلّا فلا.

قوله: «و الجُروح اللازمة». يمكنُ أنْ يُريدَ بلزومها بقاءَها بحيث لم تَبْرَاً فيُعْفى عن دمها ما دامتْ كذلك، و هذا هو الأقوى؛ و يُمكنُ أنْ يُريدَ به دَوامَ جَرَيانِها، و هو ظاهرُ الأكثَر (3)، فلا يُعْفى عنها إذا سَكَتَ عن الجريان و إن بَقِيَتْ. و في حكمه ما لو انْقَطَعَتْ فَتْرةً لا تَسَعُ الصلاةَ، و هذا هو الأحْوطُ.

ص: 22


1- ذكرى الشيعة، ج 1، ص 74 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 5)... إذ الثخانة حاصلة بمجرَّد الغَلَيان؛ و انظر حاشية القواعد، ص 50 (ضمن الموسوعة ، ج 15).
2- الانتصار، ص 420، المسألة 239؛ و لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 54 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
3- منهم: المحقِّق في شرائع الإسلام، ج 1، ص 45؛ و المختصر النافع، ص 18؛ و المعتبر، ج 1، ص 429؛ و العلّامة في تذكرة الفقهاء، ج 1، ص 73، المسألة 23؛ و تبصرة المتعلِّمين، ص 35؛ و منتهى المطلب، ج 3، ص 246 - 247؛ و تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 1، ص 159، الرقم 513؛ و الشهيد في ذكرى الشيعة، ج 1، ص 96: و البيان، ص 90؛ اللمعة الدمشقيّة، ص 7؛ و الألفيّة، ص 143 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 5، 12، 13 و 18).

قوله: «و في المتَفرِّقِ خلافٌ» الأقوى أنّه بحكم المُجْتَمِعِ فَيُقَدَّرُ مُجْتَمِعاً، فإنْ بَلَغَ

الدرهمَ لم يُعْفَ عنه و إِلّا عُفِيَ.

قوله: «غيرِ الثلاثةِ». و دمِ المَيْتَةِ.

قوله: «في محالِّها» (1). اشتراطُ كونِها في مَحالِّها يقتضي اشتراطَ كونها ملابِسَ، و هذا هو الذي صَرَّحَ به المصنِّفُ في غير الكتاب (2)؛ فإنّه شَرَطَ في العَفْو عنها كونَها ملابِسَ في مَحالِّها، و الروايةُ (3) شاملةٌ لِما على الإنسانِ أو معه، و العملُ بالعموم أقوى و إنْ كان ما ذكره المصنِّف أحوط.

قوله: «و الناسي يُعِيدُ».

الأقوى أنّ الناسِي كالمعامِدِ إلّا في الإثم، و أنّ الجاهلَ يُعِيدُ في الوقت خاصّةً، فعلى هذا لو عَلِمَ به في الأثناءِ لا يَسْتَبْدِلُ وإِنْ أَمْكَنَ، بل يَسْتَأْنِفُ مع إمكان إدراكِ ركعةٍ

في الوقتِ َو إِلَّا اسْتَمَرَّ.

قوله: «في الوقت خاصّةً». بل يُعيدُ مطلقاً.

قوله: «و الجاهلُ لا يُعِيدُ مطلقاً». بل يُعِيدُ في الوقت.

قوله: «اسْتَبْدَلَ». بل يُبْطِلُها مع بقاءِ الوقتِ مطلقاً.

قوله: «صلّى عُرْياناً». بل يَتَخَيَّرُ بينَ الصلاةِ فيه و عارياً، و الصلاةُ فيه أفْضَلُ.

قوله: «و تُطَهِّر الشمسُ ما تُجَفِّفُه من البَوْلِ». ضابِطُه ما تُطَهِّرُه الشمسُ بإشراقِها ممّا

لا يُنْقَلُ عادةً، و من المنقولِ الحُصُر و البَواري.

قوله: «ما أحالَتْه». رَماداً أو دُخاناً، لا خَزَفاً.

قوله: «باطِنَ النَعْلِ و القَدَمِ».

ص: 23


1- جاء في هامش المخطوطة: قوله: «في محالِّها». لا يُشترط. (منه)
2- نهاية الإحكام، ج 1، ص 283؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 193؛ منتهى المطلب، ج 3، ص 260؛ مختلف الشيعة، ج 1، ص 325، المسألة 242.
3- تهذيب الأحكام، ج 1، ص 275، ح 810.

المُراد بالباطِنِ فيهما ما تَسْتَتِرُه الأرضُ عندَ الاعتمادِ عليهما، فلا تُطَهِّرُ حافّاتِهما.

و من أصنافِ الأرضِ الحَجرُ و الرَمْلُ. و المُعْتَبَرُ زَوال عَين النّجاسةِ عنهما و لو بالمَسْح بها.

خاتمة

قوله: «و يُجْتَنَبُ مَوْضِعُ الفِضَّةِ». وجوباً.

قوله: «حتَّى تَزولَ العَيْنُ». إلّا البَوْل: فإنّه يُغْسَلُ منه مرَّتَيْن، و كذا غَيرُ الإناءِ.

ص: 24

كتاب الصلاة

النظر الأوّل في المقدّمات

المقصد الأوّل في أقسامها

قوله: «فالواجبات تِسعٌ». جَعْلُ العددِ سبعةً بجَمعِ «الكُسوفِ» و «الزَلْزَلَةِ» في «الآيات»

كما صَنَعَ الشهيدُ (رحمه الله) (1) أولى؛ فإنّهما من جُملةِ الآياتِ (2).

قوله: «و نصفها في السفر». و الخوف.

قوله: «و رَكْعتانِ من جلوسٍ». و يجوزُ فِعلُهما من قيامٍ بل هو أفْضَلُ (3).

قوله: «و الوُتَيْرةُ في السفر». و الخَوْفِ.

المقصد الثاني في أوقاتها

قوله: «بعد نَقْصِه». و وجودِه بعدَ عدمِه، كما في بعضِ البِلادِ.

قوله: «أو ميل الشمس إلى الحاجِبِ الأيمَنِ للمستقبِلِ». لقبلةِ العراقي، سواءٌ في ذلك الرُكنُ العِراقي بمكّةَ و غَيْرها. و أضْبَطُ من ذلك استقبالُ نُقطةِ الجَنوبِ عندَ إخراج خطِّ

ص: 25


1- اللمعة الدمشقيّة، ص 21 و 38 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 13).
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 59 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 2، ص 7.
3- للتوضيح راجع حاشية القواعد، ص 111 (ضمن الموسوعة، ج 15).

نِصفِ النَهار على سطحِ الأرض، و أمّا غيرُه من أفراد علاماتِ قبلةِ العِراقي فصَيْرورةُ الشمسِ على الحاجب الأيْمَنِ حينئذٍ يقتضي مُضيَّ زمانٍ كثيرٍ من وقتِ الظُهر خصوصاً استقبالَ الرُكنِ، كما لا يخفى على من اعْتَبَرَ.

قوله: «إلى أن يزيدَ الفَيْءُ قَدَمَينِ». بل الأقوى امتدادُ نافلةِ الظُهر إلى أنْ يَصِير ظِلُّ كُلِّ شيءٍ مثلَه، و نافلةِ العصر إلى المثلينِ.

قوله: «أربعَ رَكعاتٍ». فتصيرُ نافلةُ الجُمُعَةِ عِشرينَ رَكْعَةٌ، و تَتَخَيَّرُ بينَ أَنْ يَنوِيَ بالجميعِ نافلة الجمعةِ، و هو الأفضل، و بين أنْ يَنْويَ بالأربع خاصّةً و يَبْقَى السِتَّ عَشْرَةَ على أصلها. و وقتُها مجموعُ نَهارِ الجمعةِ، و الأفضلُ تفريقُها سُداسَ (1): ستٌّ عند انبساط الشمسِ على وجه الأرض، و سِتٌّ عندَ ارتفاعها، و سِتٌّ قبل الزَوالِ، و ركعتان بعدَه؛ و دونَه تأخيرُ السِتِّ الأخيرةِ و جعلُها بينَ الفَرضين.

قوله: «ما لم يَدْخُلْ وقتُها». أي وقْتُ الفرائض، فإنْ دَخَلَ لم يَصِحَّ قضاؤُها بِناءً على

عدم جَواز النافلةِ لمن عليه فريضةٌ؛ و الأقوى جوازُها ما لم يَضُرَّ بالفريضة.

قوله: «إلّا ما يُستثنى». من المستثنى: تأخيرُ الظهر إلى الإبرادِ، و العصر إلى المِثْل (2)؛ و المغرب إلى آخِر وقتِها للمستحاضةِ، كما يُسْتَحَبُّ لها تأخيرُ الظهر إلى آخِر وقتها، و تأخيرُ المغربِ للصائم في صورتَيْه المشهورتين (3)، و تأخيرُ المغربِ و العشاءِ للمُفِيضِ من عَرَفَةَ إلى المَشعَرِ، و تأخير الصبحِ و الظُهرين حتّى يصلِّي النافلةَ، و تأخيرُ العشاءِ حتّى يَذهَبَ الشَفَقُ، و تأخيرُ الصبح حتّى يُكْمِلَ نافلةَ اللَيلِ إذا أدرَك منها أربعاً. و مِمَّن يُسْتَحَبُّ [له] تأخيرُ مطلقِ الفريضةِ قاضي الفرائض إلى أنْ تَتَضَيِّقَ الحاضِرةُ، و ذو الأعْذار إذا رَجا زَوالَ عُذْره آخِرَ الوقتِ، و مُدافِعُ الأَخْبَثَيْنِ، و مُنتَظِرُ الجَماعةِ إلى أنْ يَتَضَيَّقَ وقتُ الفضيلة.

ص: 26


1- أي سنّةٌ ستّةٌ. راجع المعجم الوسيط، ص 423، «سدس».
2- قال في مسالك الأفهام، ج 1، ص 150: يستحبُّ تأخيرُ العصر إلى أنْ يصيرَ ظلُّ كلِّ شيءٍ مثلَه.
3- يعني تأخير المغرب للصائم إذا نازعتْه نفسُه، أو كان ممّن يُتَوقَّعُ إفطاره.

قوله: «و إلّا فلا». هذا إذا لم يَذْكُرْ حتّى فَرَغَ، فلو ذَكَرَ في الأثناء عَدَلَ بِنِيَّتِهِ إلى السابقةِ وجوباً. و كذا القولُ في غير الظهرين مع إمكانِ العُدولِ بأنْ لا يُجاوِزَ في اللاحقةِ محلَّ العُدولِ، و هو الركوعُ في ركعةٍ تَزيدُ عن عدد السابقة، كالرابعةِ في العشاء بالنسبة إلى المغرب. و نِيّةُ العُدولِ أنْ يَقْصِدَ بقلبه: «أنّ هذه الصلاةَ ما مَضى منها و ما

بَقِيَ هي السابقةُ الموصوفةُ بأوصافها» إلى آخِرِ النيّةِ.

قوله: «و إلّا اسْتَأنَفَ». السابقةَ بعدَ الفراغِ من اللاحقة.

قوله: «ولا تَتَرَتَّبُ الفائِتةُ».

المرادُ أنّ الفائتةَ لا يجبُ تقديمُها على الحاضِرةِ مع سِعَةِ وقتِها، بل يجوز تقديمُ الحاضرةِ عليها. و هذا خِلافُ المفهومِ من ترتيب الفائتةِ على الحاضرةِ، بل الأمرُ فيه على العكس، فهو إمّا من باب القلب و هو جائزٌ، أو من باب التضمين.

قوله: «وجوباً على رأي» (1). قويّ.

المقصد الثالث في الاستقبال

قوله: «و دَفْنِه». و غُسْلِهِ.

قوله: «و يُسْتَحَبُّ للنوافل» (2). استحبابها للنوافل لا ينافي شرطيّتها فيها؛ لأنّ المشروط إذا كان مستحبّاً كان الشرط كذلك، و حينئذٍ فالاستقبال للنوافل مستَحَبّ و شرط كالطهارة للنافلة. و يُستثنى من ذلك الماشي و الراكب، فيسقط عنهما الاستقبال.

قوله: «و إلى غير القبلة». مع الركوب و المشي لا مطلقاً.

قوله: «إلى أيِّ جهةٍ شاءَ». إنْ كان العُذْرُ عمّا عدا جهةٍ واحدة، فلو قَدَرَ على اثنين أو

ص: 27


1- قال في مدارك الأحكام، ج 8، ص 477 في بيان اصطلاحات الفقهاء (رضوان الله عليهم): و أمّا «على رأي» ففيه إشارة إلى وجهٍ ضعيفٍ، إلّا ما اشتهر في فتاوى الفاضل ابن المطهَّر فإنّ ظاهره أن قوله: على رأي، فتوىً له.
2- في هامش المخطوطة: قوله: «و يُستحبُّ للنوافل». بِناءً على أنّ شرط المندوب لا يكون واجباً، فلا ينافي الشرطية. (منه)

ثلاث وَجَبَ و تخيَّرَ في التخصيص، و الأفضلُ التَحَرّي.

قوله: «و الأعمى يُقَلِّدُ». العَدْلَ العارِفَ بأمارات القبلةِ، و إنّما يجوز له تقليدُه مع تعذّر العلم بنحو مِحراب المسجدِ و القبرِ و عدمِ إمكانِ عدلين و إلّا لم يَكْفِ الواحدُ. فإنْ تعذَّرَ ذلك كلُّه صلّى إلى أربعٍ، و كذا الجاهلُ بالأمارات عندَ تعذُّر العلمِ لِغَيْمٍ و غيره.

قوله: «جَعْلُ الفَجْرِ». المرادُ بالفَجْر مَشْرقُ الاعتدالِ، كما أنّ المرادَ بالمغربِ نقطتُه المخصوصةُ، و حينئذٍ فيكون مُسْتَقْبلاً نقطةَ الجَنوب. و قريبٌ منه جعلُ عَين الشمسِ عندَ الزوالِ على الحاجِبِ الأيْمَنِ، و هذا إنّما يكون علامةً لأطرافِ العِراقِ الغربيّة، كالموصِلِ؛ أمّا أوساطِ العِراقِ و طَرفه الشرقي، كالبصرة، فيَحْتاجون إلى انحراف نحو المغرب بقَدْر تُلْتِ ما بينَ نُقْطَتي الجَنوب و المغرب تقريباً.

قوله: «و الجَدْي». عندَ غاية ارتفاعِه أو انخِفاضِه.

قوله: «بحِذاء الأيْمَنِ». أي المَنْكِب [الأيْمَنِ].

قوله: «و يُسْتَحَبُّ لَهُم التياسُرُ». ضعيفٌ.

قوله: «حالَ غَيْبُوبَتِها». المرادُ بغيبُوبَتِها مَيْلُها عن وسط السماء نحوَ المغربِ ميلاً بَيِّناً لا

غايةُ انحِطاطها؛ لأنّها حينئذٍ تَخْرُجُ عن كَونِها علامةً.

قوله: «عند طلوعه». المرادُ به غايةُ ارتفاعِهِ، و مثله غايةُ انخِفاضه.

قوله: «و طلوعِه بينَ العَيْنَيْنِ». المرادُ بطُلوعه أوّلُ بُروزه عن الأُفُق، و بمغيبه أخْذُه في

الانحِطاطِ و مَيْلُه عن دائرة نصفِ النَهار، و هو غير مصطَلَحٍ في إطلاق المَغيبِ.

قوله: «و علامةُ المغربِ». المُرادُ بالمغربِ هنا أطرافُ الحَبَشةِ و بعضُ النوبة (1) لا المغربُ المشهورُ؛ فإنّ قبلتَه نُقطةُ المشرقِ أو ما تَمِيلُ عنها يَسيراً نحوَ الجَنوب.

ص: 28


1- في القاموس المحيط، ج 1، ص 140، «نوب»: النوبة: قرية بصنعاء اليمن؛ و نحوه في معجم البلدان، ج 5، ص 356 - 357، الرقم 12167؛ و اعلم أنّه قال في الروضة البهيّة، ج 1، ص 104 (ضمن الموسوعة، ج 6): و المراد به [يعني المغرب] بعض المغرب كالحبشة و النوبة لا المغرب المشهور؛ و لمزيد التوضيح راجع روض الجنان، ج 2، ص 114؛ المقاصد العليّة، ص 202 (ضمن الموسوعة، ج 11 و 12).

قوله: «و علامةُ اليَمَنِ». هذه العلامةُ لِليَمَني تقتضي كونَ قبلتِه نقطةَ الشِمالِ فيكونُ مقابلاً لأطرافِ العِراق: و بعضُ الأصحاب (1) جَعَلَ اليَمَني مقابلاً للشامي، و كِلا الإطلاقين غيرُ جيِّدٍ، بل يَخْتَصُّ ما ذكره المصنِّفُ ب«عَدَنَ» و ما والاها. و «صَنْعاءُ» ممّا يُقابِلُ الشامَ، و حينئذٍ فذلك الإطلاقُ أولى من إطلاقِ المصنِّفِ؛ لأنّ صنعاءَ و ما والاها هو اليَمَنُ المشهورُ (2).

قوله: «أعادَ مطلقاً» (3). أي في الوقتِ و خارِجه، و هذا هو الأحوطُ. و الأصحُّ إعادتُه في

الوقتِ خاصّةً.

قوله: «مُشَرِّقاً أو مُغَرِّباً». المراد يَميناً أو يَساراً ليتَناوَلَ سائرَ الجِهاتِ.

المقصد الرابع فيما يصلّى فيه

المطلب الأوّل في اللباس

قوله: «إلّا ما اسْتُثْنِيَ». أَسْتَثْنِي ثَوْبُ المُرَبِّيةِ و صاحبِ القروح، و ما تَعَذَّرَ تطهيرُه، و ما

نَقَصَ دمُه عن سِعةِ الدِرهم.

قوله: «و الحَشيشِ». الأقوى أنّ الحَشِيشَ و الوَرَقَ إن اتُّخِذَ منهما ثَوْبٌ يَصْدُقُ عليه اسمُه جاز السَتْرُ به اختياراً، كما ذكر المصنّفُ، و إلّا لم يَجُزْ بهما إلّا مع فَقْدِ الثوبِ.

قوله: «عدا العِمامة و الخُفِّ». و الكِساءِ، و منه العَباءةُ، فقد قال الجوهري: إنّها ضربٌ من الأكْسِيَةِ (4). و هذا الاستثناءُ إنّما هو من الكَراهةِ، فالصلاة في الثلاثةِ سُوداً غيرُ

مكروهةٍ لا أنّها مُسْتَحبّةٌ، بل هو خِلافُ الأولى؛ فإنّ الأفضلَ البيضُ مطلقاً.

قوله: «و يَشْتَمِلَ الصَمّاءَ». المشهورُ من تفسير اشتمالِ الصمّاء: أنّه الالتِحافُ بالإزار

ص: 29


1- هو الشهيد الأوّل في اللفظة الدمشقيّة، ص 24؛ و الألفيّة، ص 145 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 13 و 18).
2- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 1، ص 104 - 105 (ضمن الموسوعة ، ج6).
3- في هامش المخطوطة: قوله «أعاد مطلقاً»، إعادة المُسْتَدْبِر في الوقت خاصّةً أقوى. (منه)
4- الصحاح، ج 4 ص 2418، «عبي»، قال: العَباءَة و العَبايةُ: ضربٌ من الأكْسِية، و الجمع: العَباءُ و العَباءاتُ.

وإدخال طرفَيْهِ تحتَ یدِه و طَرْحُهُما على مَنْكبٍ واحدٍ (1).

قوله: «و القباءُ المشدودُ». و كذا ما أشْبَهَهُ، كَشدِّ الوَسَطِ.

قوله: «و في ثوبِ المُتَّهمِ». بنَجاسةِ ثَوْبِه أو غَصْبِيَّتِهِ.

قوله: «كالشُّمِشْكِ». الكَراهةُ أقوى.

قوله: «و عَوْرةُ الرجل قُبُله و دُبُرُه». المرادُ بقُبُلِهِ القَضِيبُ و الأُنثَيانِ، و بالدُبُرِ المَخْرَجُ دونَ

الأَلْيَيْنِ (2).

قوله: «و لو بالوَرَق». مع فَقْدِ الٍثَوْبِ.

قوله: «و الطِين». مع تَعَذُّر الوَرَقِ.

قوله: «دِرْعٌ و قميصٌ و خِمارٌ». المعروفُ في اللغةِ أنّ الدِرْعَ هو القَمِيصُ (3)، و كأنّه أرادَ (4) به ثوباً آخَرَ فوقَ القميصِ. و الموجودُ في الرواية: أن الثلاثةَ مِلْحَفةٌ و قميصٌ و خِمارُ (5)، و في أُخْرى: قَميصٌ و إزارٌ و خِمارٌ (6).

المطلب الثاني في المكان

قوله: «و لو أمَرَه بالخروج».

الأقوى أنّ الإذنَ إنْ كان في الصلاة صريحاً فلا عِبْرَةَ بالرجوعِ بعد التلبُّسِ، بل يُتِمُّها

ص: 30


1- المبسوط، ج 1، ص 126؛ النهاية، ص 97 - 98؛ و لمزيد التوضيح راجع جامع المقاصد، ج 2، ص 108؛ روض الجنان، ج 2، ص 140؛ الفوائد المليّة، ص 99 (ضمن الموسوعة، ج 11 و 13).
2- قال في الصحاح، ج 4، ص 2271، «ألا»: الآليَةُ - بالفتح -: ألية الشاة، و لا تقل إلية... فإذا ثَنَّيتَ قلت: أليان - بالفتح - فلا تلحقه التاء؛ و قال في مسالك الأفهام، ج 1، ص 167: الألیَيْنِ - بفتح الهمزة و اليائين بغير تاء -: تثنية الألية، بالفتح أيضاً.
3- الصحاح، ج 3، ص 1206؛ لسان العرب، ج 8، ص 82، «درع».
4- يعني المصنِّف العلّامة في المتن.
5- تهذيب الأحكام، ج 2، ص 218 - 219، ح 860؛ الاستبصار، ج 1، ص 390، ح 1484.
6- الكافي، ج 3، ص 395 - 396، باب الصلاة في ثوب واحدٍ و المرأة في كم تصلِّي و صلاة العراة و التوشح، ح 11؛ تهذيب الأحكام، ج 2، ص 217 - 218، ح 856: الاستبصار، ج 1، ص 389، ح 1480. و في المصادر الثلاثة: إزار و درع و خمار؛ و لمزيد التوضيح راجع روض الجنان، ج 2، ص 165 (ضمن الموسوعة، ج 11).

مطلقاً ثمّ يَخرجُ ، وإن كان في الكَوْنِ أو بِشاهِدِ الحالِ خَرَجَ مُصَلِّياً مُومِئاً لِلركوع و السجودِ [مُسْتَقْبِلاً] (1) - ما أمْكَنَ - قاصداً أَقْرَبَ الطُرُقِ. و مثلُه ما لو تَوَسّطَ (2) في المكانِ المَغْصوبِ جاهلاً و لم يَعْلَمْ حَتَّى تَلَبَّسَ بالصلاةِ.

قوله: «طهارةُ مَوْضِعِ الجَبْهَة». المرادُ به القدرُ المُعْتَبَر في السجودِ منها لا مطلقُ المَوضِعِ.

قوله: «أو ما أنبَتَتْه ممّا لا يُؤكَلُ و لا يُلْبَسُ».

المُرادُ بهما ما يُؤْكَلُ و يُلْبَسُ عادةً غالباً و لو في بعضِ الأحيان، و لا عِبرَةَ بالنادِرِ، و لا يُشْتَرَطُ عمومُ الاعتياد في جميع البِلاد، و لا كونُهما كذلك بالفعل، بل تكفي القوّةُ القريبةُ منه و الضابِطُ صِنْفُ المَأكولِ و المَلْبوس، فلا يَصِحُّ على الحِنْطةِ قبلَ طَحْنِها، و لا على القُطْنِ قبلَ غَزله، و نحو ذلك.

قوله: «و يُكرَهُ أن يُصلّي و إلى جانبه أو قُدّامه امرأةٌ تُصَلِّي، على رأي». قويّ.

قوله: «و تكره أيضاً في الحمّامات، و بُيوتِ الغائط». دونَ المَسْلَخِ.

قوله: «و البَيْداء». البَيْداءُ: أرض مخصوصةٌ بين مكّةَ و المدينةِ على مِيلٍ (3) من ذي الحُلَيْفَةِ نحوَ مكّةَ (4).

و «وادي ضجْنانَ» - بالضاد المُعْجَمة المفتوحة و الجيم الساكنة - جبلُ بناحيةِ مكّةَ (5).

قوله: و «ذات الصَلاصِل»: جمعُ «صَلْصال»، و هو الطينُ الحُرُّ المَخلوط بالرَمْل ثمّ جَفَّ

ص: 31


1- ما بين المعقوفين أضفناه من روض الجنان، ج 2، ص 171 (ضمن الموسوعة، ج 11).
2- تَوَسَّط الشيءَ: صارَ في وسطه. المعجم الوسيط، ص 1031، «وسط».
3- في المعجم الوسيط، ص 894، «ميل»: المِيل: مقياسٌ للطول قُدِّرَ قديماً بأربعة آلاف ذراعٍ، و هو الميل الهاشمي... .
4- السرائر، ج 1، ص 265.
5- القاموس المحيط، ج 4، ص 244 - 245؛ وفي النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 3، ص 74، «ضجن»: هو موضعٌ أو جبل بينَ مكّةَ و المدينة.

فصارَ يَتَصَلْصَلُ أي يُصوِّتُ (1). قيل (2): هي ما جمع الوصف. و في نهاية المصنّف:

أنّها (3) موضعٌ مخصوصٌ يُخْسَفُ به، كالآخَرَينِ (4).

قوله: «و يبن المقابِرِ». و إليها.

قوله: «و جوادِّ الطُرُقِ». إذا لم يُعَطِّل الجادّةَ و إِلَّا حَرُمَ.

قوله: «إلى نارٍ مُضْرَمةٍ». أي موقَدةٍ، و ذلك غيرُ شرطٍ بل مطلقُ النار.

تتمة

قوله: «و النافلة في المنزلِ». إنْ لم يَقْصِد اقتداءَ غيره به و رَغْبَتَهُ في الخير، فيُسْتَحَبُّ

إظهارُها مُراعياً ما تجب مُراعاتُه في الإخلاصِ.

قوله: «اتّخاذُ المساجِدِ مكشوفةً». إنْ لم يحْتَجْ إلى الظِلُّ و إلّا اسْتُحِبَّ الظِلُّ أيضاً؛ و الأفضلُ الجمعُ بينهما لِيُنْتَفَعَ بهما بحسب الأوقاتِ.

قوله: «و المِيضَأَةُ». هى المِطْهَرَةُ للحَدَثِ و الخَبَتِ، و يُكْرَهُ داخِلُها ابتداءً.

قوله: «و المَنارةُ مع حائِطها». لا في وسَطها و لا عاليةً عليه، و إنّما يُسْتَحَبُّ ذلك في

الابتداء، أمّا بعد تحقُّقِ المسجديّةِ فيَحْرُمُ داخِلها.

قوله: «و إعادةُ المُسْتَهْدِم». - بكسر الدال - و هو المُشْرِفُ على الانْهِدامِ.

قوله: «و استعمالُ آلتِهِ في غيره». من المساجِدِ مع استغنائه عنها، أو تَعَذُّرِ استعمالها

ص: 32


1- الصحاح، ج 3، ص 1745، «صلل».
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 74 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
3- يعني ذات الصلاصل.
4- نهاية الإحكام، ج 1، ص 347، قال: السادس عشر أرض الخسف، كالبَيداء و ذات الصلاصل و ضجنان، و غيرها من المواضِع التي سخط عليها الربّ تعالى؛ و مثله قوله في تذكرة الفقهاء، ج 2، ص 409 - 410، المسألة 85، و أراد بقوله: «كالآخرين» الموضعين الآخرين، و هما البيداء و وادي ضجنان؛ و لمزيد التوضيح و الاطّلاع في هذا المقام راجع منتهى المطلب، ج 4، ص 348 - 349: روض الجنان، ج 2، ص 193؛ الفوائد المليّة، ص 119 (ضمن الموسوعة، ج 11 و 13)؛ جواهر الکلام، ج 8، ص 348 - 351.

فيه، أو كون الثانى أولى، لكثرة المُصلِّينَ، و لا يجوز لغير ذلك.

قوله: «و إنفاذ الأحكامِ». مع الجُلوسِ لأجلِهِ، أمّا لو جَلَسَ للعبادة فاتَّفَقَ لم يُكْرَه.

قوله: «و رفعُ الصوتِ». و لو بالقرآن و الذكر.

قوله: «و يَحْرُم الزَخْرَفةُ». بالذَهَب.

قوله: «و إخْراجُ الحَصى منها». إنْ كانتْ فرشاً أو جزءاً منها، و إلّا لم يَحْرم، بل قد

يُسْتَحَبُّ، كما لو كانت قمامةً، و كذا التُرابُ.

قوله: «آلتها في المساجِدِ». لا في غيرها، و كذا يجوز جَعْلُها مساجِدَ.

المقصد الخامس في الأذان و الإقامة

قوله: «إذا لم تَسْمَع الرجالُ». الأجانِبُ.

قوله: «و يسقط أذانُ العَصْرِ يومَ الجُمُعَةِ، و في عَرَفَةَ». و عِشاءِ المُزدَلِفَةِ، و الأذانُ في الثلاثةِ بِدْعةٌ.

و الضابطُ أنّه متى اسْتُحِبَّ الجَمعُ فالأذان بين الفرضينِ ساقطٌ، بل يُؤذِّنُ في الابتداء و يُقِيمُ لها ثمّ يُقيمُ للثانيةِ، لكن إن كان الجمعُ فى وقت الأُولى فالأذانُ لها، و إن كان في وقتِ الثانيةِ نوى به للثانية و إنْ كان مُتَقَدِّماً على الأُولى. و كذا القول فيما لو أُبِيحَ الجَمْعُ .

قوله: «و عن الجماعةِ الثانيةِ». مُقتضى العبارة كونُهما جَماعتين، و اشتراط ذلك في الأُولى مُتَعَيِّنٌ فلا يُعْتَدُّ بأذانِ المُنْفَرِدِ، و أمّا الثاني فلا يُشترطُ في سقوطهما (1) عنه الجماعةُ. و يَتَعَدَّى الحكمُ إلى الثالثِ و الرابعِ. و يُشترطُ اتّحادُ المَحلِّ، فلو صلّى الثاني في مسجدٍ قريبٍ أذَّنَ، و اتّحادُ الصلاةِ إِنْ تَغاير الوقتُ كالظهر و المغرب (2). و يَتَحَقَّقُ عدمُ التفرُّقِ ببقاء واحدٍ مُعَقِّبٍ.

ص: 33


1- أي الأذان و الإقامة.
2- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 1، ص 128 (ضمن الموسوعة، ج 6)؛ مسالك الأفهام، ج 1، ص 183 - 184.

قوله: «بأذانِ الكافرِ». و لا المخالِفِ.

قوله: «مُحَدِّراً في الإقامة». المُرادُ بالحَدَر الإسْراعُ مع تخفيفِ الوقفِ مُراعياً لتركِ الإعراب.

قوله: «للكلام خِلالَهما». بما لا يتعَلَّقُ بمصْلَحةِ الصلاة، و مع الكلامِ يُعيدُ الإقامةَ دونَ

الأذانِ، إلّا أنْ يَخْرُجَ به عن المُوالاة.

قوله: «و التثويبُ بِدْعةٌ». هو قولُ: «الصَّلاةُ خَيْرٌ من النَوْمِ».

قوله: «و يُكْرَه الترجيعُ». هو تَكْرارُ الشَهادتينِ دَفْعَتَيْنِ، كما يَفْعَلُه بعضُ العامّةِ في

الصبح (1)، و إنّما يُكْرَهُ مع عدمِ اعتقادِ توظيفه و إلّا كانَ بِدْعةً.

قوله: «يُقَدَّمُ الأعلَمُ». المرادُ بالأعلمِ هنا الأعلمُ بأحكام الأذان التي من جملتها الأوقات. و إنّما يُقَدَّمُ الأَعْلَمُ مع تساويهما عَدالةً و فِسقاً، و إِلَّا قُدِّمَ العَدْلُ. و يَتَحَقَّقُ التَعارضُ لأخذِ الرزقِ من بيتِ المالِ و إِلّا أذَّنوا جميعاً.

قوله: «بأذانِ المُنْفَرِدِ». بصَلاتِه لا بأذانِهِ.

قوله: «غيرِ المَرْضي». المُخالِفِ.

قوله: «اقْتَصَرَ على التكبيرَتين». المُرادُ أنّه يَقْتَصِرُ على قولِ «قد قامَتِ الصلاةُ» - مرَّتين - «اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبر، لا إله إلّا اللهُ» و إنْ كانت العبارة قاصرةً عن ذلك (2).

و ذلك صريح الرواية (3) التي هي المُسْتَنَد.

ص: 34


1- المغني المطبوع مع الشرح الكبير، ج 1، ص 450. المسألة 555؛ بداية المجتهد، ج 1، ص 108؛ و لاحظ جامع المقاصد، ج 2، ص 188؛ حاشية إرشاد الأذهان، ص 80 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ و لمزيد الاطّلاع راجع الخلاف، ج 1، ص 288؛ ذكرى الشيعة، ج 3، ص 170 - 171 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 7)؛ روض الجنان، ج 2، ص 248 (ضمن الموسوعة، ج11)؛ مدارك الأحكام، ج 3، ص 289 - 290.
2- لمزيد التوضيح راجع روض الجنان، ج 2، ص 252 - 253 (ضمن الموسوعة، ج 11).
3- الكافي، ج 3، ص 306، باب بدء الأذان و الإقامة و فضلهما و ثوابهما، ح 22؛ تهذيب الأحكام، ج 2، ص 281.

النظرُ الثانى فى الماهيّة

المقصد الأوّلُ في كَيْفِيّة اليوميّة

قوله: «الأوّلُ: القيامُ، و هو رُكْنٌ». ليس مطلقُ القِيامِ رُكناً كما لا يخفى، و إنّما الرُكنُ منه القَدْرُ المُتَّصِلُ بالركوعِ، و لا تَتَحَقَّقُ [زيادته و نقصانه] (1) إلّا بزيادةِ الرُكوعِ و نُقصانِه، و مع ذلك فالرُكوعُ كافٍ في إبطال الصلاة لأنّه رُكنٌ أيضاً، و غايةُ ما يلزَمُ من ذلك اجتماعُ مُبْطِلَينِ و هو جائزٌ بناءً على أنّ عِلَلَ الشَرْعِ مُعَرِّفاتٌ.

قوله: «فإنْ عَجَزَ اضْطَجَعَ». على جانبه الأيْمَنِ، و يَجْعَلُ وجههُ إلى القبلةِ، فإنْ عَجَزَ فعلى الأيسَر. و يَسْجُدُ مع الإمكانِ و إلّا رَفَعَ شيئاً يَسْجُدُ عليه، فإنْ تَعَذَّرَ أوْمَأ له

برأسِه ثمّ بعينيه.

قوله: «و لو تجدَّدَ عَجْزُ القائم». أي عَجْزُه عن جميع مراتِبِ القيامِ - و لو بالاعتماد - و عمّا أشْبَهَهُ كالانحناء، فإنّه حينئذٍ يَقْعُدُ. و لو كان العَجْزُ في حال الاشتغالِ بالقِراءةِ

فالأقوى أنّه يَسْتَمِرُّ قارئاً، بِخلافِ ما لو تَجَدَّدَتْ قدرةُ العاجِز، فإنّه يَتْرُكُ القِراءة.

قوله: «أو قبل استيفاءِ القيام». جَعْلُه التكبيرَ قبلَ استيفاء القيامِ يَقتضي وقوعَ النيّةِ أيضاً قبلَه، و هو مُبْطِلٌ لها، بل موجِبٌ لعدمِ انعقادِ الصلاةِ، و حينئذٍ فالحكم بالبُطلانِ على هذا الوجه يجوز استنادُه إلى كلِّ واحدٍ من النيّة و التكبيرةِ، و لا يَضُرُّ ذلك بِناءً على أنّها مُعَرِّفاتٌ، كما مرَّ (2).

قوله: «و يُشيرُ بها». بإصْبَعٍ، [و] يجبُ مع ذلك تحريكُ لسانِهِ.

ص: 35


1- ما بين المعقوفين زيادة لازمة أضفناها من مسالك الأفهام، ج 1، ص 200.
2- لمزيد التوضيح راجع روض الجنان، ج 2، ص 280 (ضمن الموسوعة ، ج 11).

قوله: «و لو كبَّر و نَوى الافتتاح ثم كَبَّرَ ثانياً كذلك بَطَلَتْ صلاتُه». إنّما تَبْطُلُ بالثاني مع عدمِ نيّةِ الخروجِ من الصلاةِ و إلّا صَحّتْ به مع استصحابِ النيّةِ، و لابدَّ من تقييدِ الصحّةِ بالتكبير الثالثِ بمقارَنَةِ النيّةِ له؛ و الضابطُ أنّه مع عدم نيَّةِ الخُروج تَنْعَقِدُ في كلِّ وَتْرٍ و تَبْطُلُ فِي الشَفْعِ.

قوله: «و عَدَمُ المدِّ بينَ الحروفِ». مدّاً لا يُخْرِجُهُ عن وَضعِ الصيغ (1)، فلو مَدَّ «أكْبَر» بحيثُ صارَ جمعاً (2)، أو همزةَ «الله» بحيث صارَ بصورة الاستفهام بَطَلَ (3)؛ و أمّا مدُّ الألفِ بينَ اللامِ و الهاءِ من «الله» فالقدرُ الطبيعيُ منه واجبٌ، و يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ الزائدُ عنه في المكروه.

قوله: «قرأ ما يُحْسِنُ». مع تُسمِيَته قرآناً كالآية، و إلّا لم يعْتَدّ به. و يجب أنْ يُعوِّضَ عن الفائتِ من غيرها بقدره فزائداً حروفاً لا آياتٍ، و مراعاةُ الترتيب بينَه و بينَ البدل (4). و لو لم يَعْلم شيئاً غيرَ مَا يُحْسِنُ كَرَّرَه كذلك.

قوله: «سَبَّحَ اللهَ و هَلَّلَهُ و كَبَّرَهُ». و لْيَكُن ما يُجْزِئُ فى الأخيرتين، مُكرَّراً بقدر الفاتحة (5). و لو تَعَذَّر وَجَبَ القيامُ بقدر الفاتحةِ. و لو أمْكنَ الائتمامُ وجب مُقَدِّماً على البدلِ، كما أنّه لو أمْكَنَه قِراءتُها من المصحفِ قُدَّمَ عليه، و لو أمكنَ من غيرها قُدِّمَ على الذِكْر.

قوله: «و الأخرَسُ يُحَرِّكُ لسانه». و يُشِيرُ بِإصْبَعِهِ، و كذا في باقي الأذكار.

ص: 36


1- كذا، و لعلّ الصحيح: «عن وضعه الطبيعي». انظر روض الجنان، ج 2، ص 285 (ضمن الموسوعة، ج 11): مسالك الأفهام، ج 1، ص 199.
2- لمزيد التوضيح راجع روض الجنان، ج 2، ص 691 (ضمن الموسوعة، ج 11)؛ مسالك الأفهام، ج 1، ص 199 - 200؛ شرح الألفيّة، ص 285 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 7).
3- لمزيد التوضيح راجع شرح الألفيّة، ص 121 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 7).
4- أي تجب مراعاة الترتيب بينَ ما عَلِمَه من الفاتحة و بين البدل. لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 1، ص 204 - 205؛ ذكرى الشيعة، ج 3، ص 238 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 7).
5- لمزيد التوضيح راجع ذكرى الشيعة، ج 3، ص 233 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 7 )؛ جامع المقاصد، ج 2، ص 251؛ الروضة البهيّة، ج 1، ص 141 - 142؛ روض الجنان، ج 2، ص 291 (ضمن الموسوعة، ج 6 و 11)؛ مسالك الأفهام، ج 1، ص 205.

قوله: «و لا مع الزيادةِ على سورةٍ». الكَراهيةُ أقوى.

قوله: «لو قرأ خِلالَها». هذا مع النِسيانِ، و مع العمد تَبْطُلُ الصلاةُ. و لا يخفى أنّ ذلك في غير الدُعاء و نحوه من المُسْتَثنيات (1). و يمكنُ أنْ يُريد بالقِراءةِ الواقعة خِلالَها القرآنَ، فلا يَفْتَقِرُ إلى الاستثناء إلّا أن يَقْصِدَ به الدعاءَ (2).

قوله: «و لو نَوَى القطعَ». أي قَطْعَ القِراءةِ.

قوله: «و لو نوَى القطع و سَكَتَ أعادَ». مفعول «أعاد» إنْ عادَ إلى «القِراءةِ» وجب تقييدُ السكوتِ بكونه غيرَ طويلٍ بحيث يَخْرُجُ عن كونه مُصَلِّيّاً، و لا قَصيرٍ بحيث لا يَخْرُجُ عن كونه قارئاً، و إلّا بَطَلَتِ الصلاة في الأوّلِ و لم يَضُرَّ في الثاني. و يُمْكِنُ جعلُ مفعولِ «أعادَ» «الصلاة»، فيَحْتاجُ حينئذٍ إلى تقييده بكونِهِ مُخْرِجاً عن كونه مُصَلّيّاً. و مثلُه في الحكم ما لو نَوى قطعَ القِراءةِ بمعنى نيّةِ عدمِ العَوْد إليها رأساً. و المرادُ بقوله: «بخلافِ ما لو فُقِدَ أحدُهما» أنّه لا يُعِيدُ؛ و يُشكِلُ بما لو خرج بالسكوت عن كونه قارئاً أو مُصَلِّيّاً، فإنّ الحكمَ كما مرَّ (3).

قوله: «و يُستَحَبُّ الجَهْرُ بالبَسْمَلَةِ». بمعنى كونه أفْضَلَ الواجِبينِ على التخيير، و إلّا

فكيفيّةُ الواجب لا تكون إلّا واجبةً (4).

قوله: «و الترتيلُ». فَسَّره المصنِّفُ في النهاية بأنّه «بيانُ الحروفِ و إظهارُها و لا يَمُدّه

بحيث يشبه الغِناءَ» (5). و هو موافِقٌ لتفسير أهل اللغة (6).

ص: 37


1- المستثنياتُ ذكرها المحقّق الكركي في جامع المقاصد، ج 2، ص 266.
2- لمزيد التوضيح و الاطّلاع و النقض و الإبرام راجع جامع المقاصد، ج 2، ص 265 - 266؛ روض الجنان، ج 2، ص 299 (ضمن الموسوعة، ج 11)؛ مسالك الأفهام، ج 1، ص 210؛ مجمع الفائدة و البرهان، ج 2، ص 229 - 230؛ جواهر الکلام، ج 10، ص 11 - 16.
3- مرّ آنفاً. و يعني بقوله: «فإنّ الحكم كما مرّ» بطلان الصلاة لو خرج عن كونه قارئاً أو مصلّياً.
4- للتوضيح راجع روض الجنان، ج 2، ص 306 - 307 (ضمن الموسوعة، ج 11).
5- نهاية الإحكام، ج 1، ص 476.
6- الصحاح، ج 3، ص 1704؛ النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 2، ص 194؛ لسان العرب، ج 11، ص 265، «رتل».

و في الذكرى: «هو حفظُ الوُقوفِ و أداءُ الحروفِ» (1)؛ و هو المنقولُ عن ابن عبّاسٍ (2) و عليّ علیه السلام (3) إلّا أنّه (4) قال: «و بيانُ الحروف»، و على هذا يُسْتغنى عن قوله: «و الوقوفُ على مواضِعِه».

قوله: «و قِصارُ المفصَّلِ». المُفَصَّلُ من «محمّد صلّی الله علیه و آله» إلى آخِرِ القرآن في المشهور، و مطَوَّلاتُه إلى «عَمّ»، و مُتَوَسِّطاتُه إلى «الضُحى»، و قصاره إلى «الناس». و سُمِّيَ المُفَصَّلَ لكَثرةِ فواصِلِه بالبَسْمَلَةِ (5).

قوله: «ما لم يَتَجاوَزِ النصفَ». بل ما لم يَبْلُغِ النِصفَ.

قوله: «إلّا إلى الجُمُعة». فى الجُمُعةِ و ظُهرها.

قوله: «و كذا يُعيدُها لو قَرَأها بعدَ الحمدِ». هذا إذا قرأها كذلك ناسياً و ذَكَرَ قبل الشروعِ في سورةٍ، فلو لم يَذْكُرْ حتَّى شَرَعَ فالأقوى الاجتزاءُ بها لها، و لو تَعَمَّدَ تَرْكَ القصدِ

فالأقوى البُطلانُ مع اعتقادِ المشروعيةِ، و إلّا بُنِيَ على جَواز القراءة و عدمها.

قوله: «و الذِكرُ فيه». المرادُ به الذكرُ المُشْتَمِلُ على الثناء على اللهِ تعالى من تسبيح و نحوهِ.

قوله: «مطلقاً على رأي». .قويّ.

قوله: «و لو عَجَز عن الانحناء أوْمَأ». برأسِه ثمّ بعينِه.

قوله: «و تَسْقُطُ الطمأنينةُ مع العجْزِ». و يجب الذكرُ بحسب الإمكان، لكن إنْ أمْكَنَ إيقاعُه فى القَدْر المُعتَبَر فى الركوع وجب، فإنْ تَعَذَّرَ أجْزَاً غيرُه مُتَوصِّلاً إليه بحسب الإمكانِ.

ص: 38


1- ذكرى الشيعة، ج 3، ص 261 ( ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 7).
2- بحار الأنوار، ج 85، ص 8.
3- الوافي، المجلّد التاسع، ج 5 ، ص 1739، ذیل الحدیث 1/9023؛ بحار الأنوار، ج 82، ص 8.
4- أي أنّ أمير المؤمنين (عليه أفضل صلوات المصلِّين) قال: «بيان الحروف» بدل «أداء الحروف».
5- لمزيد التوضيح و الاطّلاع راجع القاموس المحيط، ج 4، ص 30 - 31، «فصل»؛ جامع المقاصد، ج 2، ص 272 - 273؛ روض الجنان، ج 2، ص 308 (ضمن الموسوعة، ج 11).

قوله: «عن لَبِنَةٍ». اللَبِنَة - بفتح اللام و كسر الباء، و بكسر اللام و سكون الباء - يُعتبرُ كونُها موضوعةً على أكبر سُطوحها، و قُدِّرتْ بأربع أصابعَ مضمومةٍ تقريباً، و يُعْتَبَرُ ذلك في الانخِفاض أيضاً، و في بَقيَّة المساجِدِ.

قوله: «و الذِكرُ فيه مطلقاً على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «و الطمأنينة». مع القدرة عليها و إلّا سَقَطَت، و وجب الذكر بحسب الإمكان. قوله: «على أحدِ الجَبِينَيْنِ فَإِنْ تَعذَّر فَعلى ذَقَنِه». و لا ترتيبَ بينَهما، لكن يُسْتَحبُّ تقديمُ اليُمنى. و المُرادُ بالذَقَن مجمعُ اللَحْيَيْنِ (1)، و شَعْرُ اللِحْية ليس منه فيجب كَشْفُه مع الإمكان.

قوله: «و يستحبّ ... و الإرغامُ». الإرْغامُ مأخوذٌ من الرَغامِ - بفتح الراء - و هو التُرابُ، و المُرادُ إلصاقُ الأنفِ به، و تَتَأدَّى السنَّةُ بوضْعِهِ على ما يَصِحُّ السُجودُ عليه و إنْ لم يكن تُراباً، و إنْ كان التُرابُ أفْضَلَ (2).

قوله: «و الجاهِلُ يَتَعَلَّمُ» مع سِعة الوقتِ، و مع ضِيقِه يأْتِي بِما يَعْلَمُه؛ فَإِنْ لم يَعْلَمْ شيئاً حَمِدَ اللهَ بقدره، فإنْ لم يُحْسِنْه جَلَسَ بقدره.

مندوباتُ الصلاة ستّةٌ

قوله: «التسليمُ على رأي». قويّ، لكنّ الوجوب أحوطُ، و لا يقدحُ في الصلاة بوجهٍ، لخروجه عنها (3).

قوله: «و يخرُجُ به من الصلاة». الأحوطُ الاقتصار بالخروج على «السلام عليكم» إلى آخره.

ص: 39


1- في المعجم الوسيط، ص 820، «لحي»: اللَحْيُّ: مَنبتُ اللِحْية من الإنسان و غيره؛ و هما لَحْيانِ.
2- لمزيد التوضيح راجع الفوائد المليّة، ص 215 - 216 (ضمن الموسوعة، ج 13).
3- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 93 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ قال في مسالك الأفهام، ج 1، ص 220: و هو [أي التسليم] واجب على الأصحّ، هذا هو الأحوط و لا يقدح اعتقاده في صحّة الصلاة على تقدير الاستحباب لخروجه عنها.

قوله: «و يُشيرَ بِمُوْخِرِ عينه». مُؤْخِرُ العين - بضمّ الميم و سكون الهمزة و كسر الخاء، مثال مُؤمن (1) -: طرفُها الذي يلي الصُدغَ، نقيضُ مُقْدِمِها و هو الطرف الذي يلي

الأنفَ. و استحبابُ الإيماء بذلك هو المشهور، و لا شاهدَ له غيره.

قوله: «إلى يمينه». و ينبغي أن يكونَ الإيماءُ بعدَ التلفُّظِ ب«السَلامُ عليكُم» إلى القبلة

جمعاً بينَ وظيفتي الإيماء و الاستقبالِ بأفعال الصلاةِ.

قوله: «و في الجُمُعَةِ قنوتٌ آخَرُ بعدَ ركوع الثانية». يُفْهمُ من العبارة أنّ قنوتَ الجمعةِ

الأوّلَ في الثانية أيضاً، و ليس كذلك، بل هو في الأُولى قبلَ الركوع.

قوله: «و لو نَسِيَه قضاه بعد الركوع». فإنْ فات قضاه بعدَ التسليم جالساً مُسْتَقْبِلاً، فإنْ

لم يَذْكُرْ حتّى انصرَفَ قضاء في الطريق مُسْتَقْبِلاً.

المقصدُ الثاني في الجُمُعة

قوله: «فإنْ خَرَجَ صلّاها ظهراً». ضميرُ صلّاها لا مرجِعَ له في اللفظ، و لا يجوز عَوْدُه إلى الجمعة؛ إذ لا معنى لكون الجمعة تُصَلّى ظهراً (2). و قد اسْتَعمل هذه اللفظةَ المحقِّقُ (3) و تَبِعَهُ عليه المصنِّفُ في كتبه (4)، و ذكروا (5) أنّ الضميرَ يرجع إلى وظيفة الوقتِ يومَ الجمعةِ؛ فإنّها أحدُ الأمرين: الجمعةُ - مع اجتماعِ الشرائطِ التي من

ص: 40


1- تاج العروس، ج 10، ص 32، «أخر».
2- قال في روض الجنان، ج 2، ص 360 (ضمن الموسوعة، ج11): و في كونها مع خروج وقتها تُصلّى ظهراً تجوّزٌ؛ فإنّ الظهر حينئذٍ ليست هي الجمعة، بل فرض مستقلّ برأسه.
3- شرائع الإسلام، ج 1، ص 83، و تفوت الجمعة بفوات الوقت، ثمّ لا تُقضى جمعةٌ، و إنّما تُقضى ظهراً؛ المختصر النافع، ص 35؛ ولكنّه قال في المعتبر، ج 2، ص 277: ... و تقضى الوظيفة ظهراً.
4- تلخيص المرام، ص 30: «و لا تُقضى إلّا ظهراً». و لم أقف على هذا التعبير في الكتب الفقهيّة للعلّامة سوى تلخيص المرام، و الإرشاد.
5- ذكر هذا التوجيه المحقّق في المعتبر، ج 2، ص 277 - حيث قال: و قوله في الأصل: تُقضى ظهراً، يريد به وظيفةَ الوقت لا الجمعة؛ و الشهيد في ذكرى الشيعة، ج 4، ص 49 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 8)، حيث قال: و من عبّر من الأصحاب بأنّها تقضى ظهراً ... أراد ... وظيفةَ الوقت.

جملتها الوقت - و الظهرُ مع عدمها، فإن فاتَتِ الجمعةُ صُلِّيتِ الوظيفةُ ظهراً.

قوله: «ما لم يَتَلَبَّش في الوقتِ» (1). و لو بالتكبير، كما صرَّح به المصنِّفُ في غير الكتاب (2). و الأقوى اشتراطُ إدراكِ رَكْعَةٍ في الوقتِ كَغيرها من الصَلَواتِ، و إلّا لم تَصِحَّ، بل تُصَلّى ظُهراً.

قوله: «إلّا بشروطٍ: الإمامُ العادِل». إنّما يشتَرَطُ الإمامُ العادِل أو من يأمُرهُ في الوجوب العَيني لا التخييري - كما في حال غَيْبَته - المعَبَّرِ عنه في كلامِ المصنِّفِ (3) و المحقِّقِ (4) بالاستحباب؛ فإنّ شرطه إمكانُ الاجتماعِ و الخطبتانِ، كما سيأتي، و ما ذكروه من دعوى الإجماعِ على اشتراطها بأحدهما (5) أرادوا به اشتراطَ الوجوبِ المذكور، فإنّهم لا يُسمّون فعلَها حالَ الغَيْبَةِ واجباً و إنْ كان أحدَ أفرادِ الواجبِ المخيَّر.

قوله: «و قِراءةِ سورةٍ خفيفةٍ». الأقوى الاجتزاءُ بالآية التامّةِ الفائدةِ.

قوله: «و السلامة من العمى و العَرَج و المرض و الكِبَرِ المُزمِن». يُعْتَبَرُ في كلّ واحدٍ من العَرَجِ و المَرَضِ و الكِبَر بلوغُه حدّاً يَتَعذَّرُ معه الحضورُ، أو شقَّ مَشَقَّةٌ لا يُتَحَمّلُ عادةً.

قوله: «و عدم بُعد أكثر مِنْ فرسخينِ». بمعنى أنّه لا يجب عليه السعيُ إليها عندَ العُذر، لكن لو أمْكَنَه إقامتُها عندَه وجب، بخِلافِ مَنْ بعدَ بِفَرْسخٍ: فإِنّه إِنْ أَمْكَنَه إقامتُها وجب و إِلَّا تَعَيَّنَ الحُضورُ.

ص: 41


1- في هامش المخطوطة: قوله: «في الوقت». بركعةٍ فصاعداً. (منه)
2- نهاية الإحكام، ج 2، ص 11؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 283؛ تذكرة الفقهاء، ج 4، ص 10، المسألة 376؛ أقول: ولكنّه اعتبر إدراك الركعة في الوقت في مختلف الشيعة، ج 2، ص 247، المسألة 141: و منتهى المطلب، ج 5، ص 363.
3- حيث قال في المتن: «و في استحبابها حال الغيبة قولان».
4- شرائع الإسلام، ج 1، ص 88؛ المختصر النافع، ص 36؛ المعتبر، ج 2، ص 297؛ و انظر المقاصد العليّة، ص 358 (ضمن الموسوعة، ج 12).
5- الخلاف، ج 1، ص 626 - 627، المسألة 397؛ المعتبر، ج 2، ص 279 - 280: نهاية الإحكام، ج 2، ص 13؛ ذكرى الشيعة، ج 4، ص 20 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 8)؛ جامع المقاصد، ج 2، ص 371، 379.

قوله: «و في العبد». تصحّ مع إذن مولاه.

قوله: «و الأعمى قولانِ» الجوازُ قويٌّ.

قوله: «و في استحبابها حالَ الغَيْبَةِ». قويٌّ، بمعنى أنّها أفْضَلُ الواجِبين على التخيير، فينوي بها الوجوب و يُجزئُ عن الظهر (1).

قوله: «و يَحرُم ... و الأذانُ الثاني». المرادُ به ما وَقَعَ ثانياً بالزمان بعدَ أذانٍ سابقٍ واقعٍ في الوقتِ من مُؤذِّنٍ واحدٍ، أو قاصِد كونِهِ ثانياً، سواءٌ كان بينَ يَدَي الخطيبِ أم لا.

قوله: «و في وجوب الإصغاءِ و الطهارة في الخطبتين و تحريم الكلام قولان». وجوبُ الجميعِ أقوى، و كذا يَحرُمُ الكلامُ بينَ الخطبتين، و لا فرقَ فيه بينَ الخطيبِ و غيره و إن كان في حقِّ غير الخطيبِ أقوى؛ و يُستَثنى منه الكلامُ الضروريُ كتنبيه الأعمى حيثُ لا يُمكِنُ بدونه، و الواجبُ كردِّ السَلامِ، و المُستَحَبُّ كتسميتِ العاطِسِ. و إنّما يجب الإصغاءُ و يحرمُ الكلام على من يُمكنُ في حقّه السماعُ.

قوله: «أنْ يكونَ الخطيبُ بليغاً». بمعنى جَمعه بينَ الفَصاحة - التي هي عبارةٌ عن خلوص الكلامِ من ضعفِ التأليفِ و تنافُرِ الكلمات و كونها غريبةً و حشيّةً - و بينَ البلاغةِ، و هي القدرةُ على تأليفِ الكلامِ المطابِقِ لِمقتضى الحالِ من التخويفِ و الإنذار و الإعلامِ بفضل الوقتِ الحاضِر و الأعمالِ المؤكَّدةِ فيه و غيرها.

قوله: «مُواظباً». على الصلاةِ في أوّل أوقاتِها.

المقصدُ الثالثُ في صلاة العِيدَينِ

قوله: «و يُسْتَحَبُّ الأعلى». و أفضلُ منها الشمسُ.

قوله: «و يُستَحبُّ الشمسُ». و أفضلُ منها الغاشيةُ.

قوله: «و الخطبةُ بعدَها». الأقوى أنّها مُستحبَّةُ.

ص: 42


1- لاحظ جامع المقاصد، ج 2، ص 378 - 379.

قوله: «تخيّر من صلُى العيدَ في حضور الجمعة، و يُعْلِمُ الإمامُ ذلك». وجوباً.

قوله: «و في وجوبِ التكبيراتِ الزائدةِ و القنوتِ بينَها قولانِ» الأقوى وجوبُ التكبيراتِ و القنوتِ و عدمُ انحصاره في لفظٍ، و أوجَبَ بعضُ الأصحابِ (1) فيه الدعاءَ بالمأثور.

قوله: «و عَمَلُ مِنْبَرٍ من طينٍ». و لو عمِلَ من غَيره تَأدَّتِ السُنّةُ و إن كان المنقولُ (2) أَفْضَلَ.

قوله: «إلّا بمسجد النبيِّ صلّی الله علیه و آله» المُرادُ أنّ من كان بالمدينة يُسْتَحَبُّ له أن يَقْصِدَ المسجدَ قبل خروجه فيُصلِّي فيه رَكعتينِ، ثمّ يَخرُج إلى المُصَلّى.

المقصدُ الرابعُ في صلاة الكُسوف

قوله: «إلى ابتداء الانجِلاء». بل إلى تَمام الانجِلاءِ.

قوله: «و الأخاويفُ». الأقوى عدمُ اشتراطِ سعةِ وقت الأخاويف - غير الكُسوفينِ - للصلاة كالزَلْزَلَةِ (3).

قوله: «و القنوت خمساً». و أقلّهُ على الخامس و العاشر.

قوله: «ما لم تَتَضَيَّقِ الحاضرةُ». فتُقَدَّمُ و إنْ تَضَيَّقَتِ الكسوفُ، و كذا تُقَدَّمُ الكسوفُ لو

تَضَيَّقَتْ مع مع سِعَة الحاضرةِ.

المقصد الخامسُ في الصلاة على الأمواتِ

قوله: «تجبُ ... على كلّ مسلمٍ و من هو بحُكْمِه». كولد المسلم و الطفل و المجنون

ص: 43


1- هو أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه، ص 154؛ كما صرّح به في مسالك الأفهام، ج 1، ص 254؛ و مدارك الأحكام، ج 4، ص 108.
2- الفقيه، ج 1، ص 508 - 509، ح 1471؛ تهذيب الأحكام، ج 3، ص 290 ، ح 873.
3- قال في ذكرى الشيعة، ج 4، ص 105 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 8): وَقَّتَ الأصحابُ الزلزلة بطول العمر و صرّحوا أنّه لا يشترط سعة الزلزلة للصلاة... و شكّ فيه الفاضلُ: لمنافاته القواعد الأُصوليّة من امتناع التكليف بفعل في زمانٍ لا يسعه. و باقي الأخاويف عند الأصحاب يشترط فيها السعة. و لا نرى وجهاً للتخصيص إلّا قصر زمان الزلزلة غالباً... .

و لَقيط دار الإسلامِ أو دار الكُفرِ و فيها مسلمٌ يُمْكِنُ تولُّدُه منه (1).

قوله: « و تُستحبُّ على من لم يَبْلُغْها». إذا وُلِدَ حيّاً.

قوله: «إنْ كان مُنافِقاً». أى مُخالِفاً.

قوله: «و الوقوفُ حتّى تُرْفَعَ الجِنازةُ». المُطلق المُصلِّي (2).

قوله: «ثمَّ الصَبيّ». إنْ كان لِدون سِتٍّ، و إلّا قُدِّمَ عليها.

قوله: «إلّا بعدَ غُسْلِه و تكفينِه». مع إمكانهما، و لو تَعَذَّرَ الغُسلُ صُلِّيَ عليه بعدَ أنْ يُيَمَّمَ، و لو تَعَذَّر صُلّى عليه و دُفِنَ.

قوله: «و سُتِرت عوْرتُهُ». إنْ لم يُمْكِنْ سَتْرُها خارجاً، و إلّا قُدِّمَ على جعْلِه في القبر. و لو أمْكنَ سترُها بعد وضعه في القبر أُخرج منه.

میر سلف

قوله: «على قبره يَوْماً». الأقوى عدمُ التحديد، بل يُصَلّى عليه دائماً.

قوله: «و يُكرَه تكرارُ الصلاةِ». من المُصلِّي الواحدِ، إلّا أن يكونَ إماماً لمن لم يُصَلِّ. قوله: «أولاهم بالميراث» لا منافاة بين الأولويّة و وجوبه على الكفاية؛ فإنّ توقُّفَ فِعْل غير الولىِّ على إذنه لا ينافي أصلُ الوجوب عليه. و المرادُ بأولويّة الوارث أنّه أولى من غيره ممّن لا يرثُ، لكن مع تعدُّدِه يُقَدَّمُ الذكرُ منه على الأُنثى مطلقاً، فيباشر أو يأذن. و لو كان الميِّتُ أُنثى توقَّفَ الفعلُ على إذنه و لم يُمكنْه المباشرةُ. و مهما امتنع الوليُّ أو غابَ أو كان غير مكلَّفٍ سَقَطَ اعتبارُ إذنه.

قوله: «و لو فات المأمومَ بعضُ التكبيرات أتمَّ بعدَ فَراغ الإمامِ ولاءً». إِنْ خَشِيَ الفَواتَ

بِرَفعِ الجِنازةِ على وجهٍ لا تجوز الصلاةُ عليها اختياراً، و إلّا أتَمَّها بالأذكار.

ص: 44


1- قال في الروضة البهية، ج 1، ص 65 (ضمن الموسوعة، ج6)، في شرح قول الشهيد: «و يجب تفصل كلِّ مُسلمٍ أو بحكمه»: كالطفل و المجنون المتولِّدين من مسلمٍ، و لقيط دار الإسلام أو دار الكفر و فيها مسلمٌ يمكن تولّدة منه ...؛ و مثله في مسالك الأفهام، ج1 ص 262.
2- يعنى لا فرق في ذلك بين الإمام و غيره - كما يظهر من مسالك الأفهام،ج1 ص 269 - و هذا ردٌّ على الشهيد الأوّل: حيث ذهب في ذكرى الشیعة، ج 1، ص 389 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 5) تبعاً لابن الجنيد إلى اختصاص ذلك بالإمام.

قوله: «إعادةُ ما سَبَق». نِسياناً أو ظَنّاً.

قوله: «و لو حضرت جنازة في الأثناء قَطَع». الأجودُ تحريمُ القطعِ، بل يَتَخَيَّرُ بينَ الإتمام على الأُولى - كما ذَكَرَ - و بينَ إدخال الثانيةِ عليها، فينوي عليها بقلبه و يُشَرِّكُ بينَهما فى التكبير و يَخُصّ كلَّ واحدةٍ بذكرها بعدَه، و يتخيَّرُ في التقديم، فإذا انْتَهَتِ الأُولى أكمَلَ الثانية. و يَتَعَيَّنُ ذلك حيث يَخافُ على الثانية لو أخَّرَها (1).

خاتمة

قوله: «و راكِبُ البحر يُثَقَّلُ و يُرمى فيه». وجوباً.

قوله: «و اللَحْد». مع صَلابة الأرض، و إلّا فالشَقُّ و شِبهُه (2).

قوله: «بظهورِ الأكُفَّ». غير ذي الرحِمِ.

قوله: «و رَفْعُه أربعَ أصابعَ». مُفَرَّجاتٍ إلى شِبْرٍ.

قوله: «و يكرهُ فرش القبر بالساجِ». و غيرِه ممّا لا يُعتدُّ بقيمته، أمّا به فيَحْرُمُ (3).

قوله: «و تجديد القبورِ». بالجيم و الحاء و الخاء، فالأوّلُ بعد اندراسِها على وجهِ الأرضِ سَواءٌ انْدَرَسَتْ عِظامُها أم لا، إلّا أنْ تكونَ في أرضِ مُسَبَّلةٍ و تَنْدَرِسَ عِظامُها فيحرمُ

تجديدُها حينئذٍ. و المرادُ بالثاني تسنيمُها، و بالثالثِ الشَقُّ، أي شَقُّه ثانياً لِيُدْفَنَ فیه مَيِّتٌ آخَرُ، هذا إذا أُعِدَّ لذلك و إِلّا حَرُمَ. و ينبغي استثناءُ قبور الأنبياء و الأئمّةِ و العلماءِ و نحوهم من الأوّلِ؛ لما في تجديدها و إصلاحِها من تعظيمِ شَعائر الله، و لإطباقِ السَلَفِ و الخَلَفِ عليه.

قوله: «إلّا إلى أحدِ المَشاهِدِ». إنْ لم يُؤَدِّ إِلى هَتْكِ الميِّتِ و مُثْلَتِهِ، و إلّا حَرُمَ أيضاً (4).

ص: 45


1- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 1، ص 76 (ضمن الموسوعة، ج 6).
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 106 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
3- قال في مسالك الأفهام، ج 1، ص 102 - في شرح قول المحقّق: «و يُكره فرش القبر بالساج» -: و كذا بغيره من أنواع الفرش الذي لا يُعدُّ أموالاً عرفاً و إلّا حَرُمَ؛ لأنّه إتلافٌ غيرُ مأذونٍ فيه.
4- يعني كفَرْش القبر بما يُعْتَدُّ بقيمته، كما مرّ آنفاً.

قوله: «و دفنُ مَيِّتَينِ في قبرٍ». ابتداءً أو مع إعْدادِه لِدَفْنِ المتعَدِّدِ و إِلَّا حَرُمَ. و إنّما يُكرَه مع عدم الضرورة لِكَثْرة الموتى و تَعَسُّرِ الإفرادِ و إلّا زالتِ الكَراهةُ.

المقصدُ السادسُ في المنذورات

قوله: «من نذر صلاةً و أطلق وجب عليه ركعتان على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «و لو نذر هَيئَتُه في غير وقته فالوجهُ عدمُ الانعقادِ». لا يَنْعَقِدُ.

قوله: «لو قيّد العدد ... قيل: لا يَنْعَقِدُ». بل ينعقدُ مع الإطلاق و ينصرف إلى هَيْئةٍ

مشروعةٍ.

قوله: «و لو قَيَّدَه». إن قَيَّدَ بكونه بتسليمةٍ واحدةٍ لم ينعقِدْ و إِلَّا انْعَقَدَ.

قوله: «بمكانٍ له مَزيَةٌ تَعَيَّنَ». بل الأقوى تَعَيُّنُ المكانِ مطلقاً، فلا يجوزُ العدولُ عنه

و إنْ كان إلى أعلى.

قوله: «و هل يجزئ في ذي المزيّة الأعلى فيه نَظَرٌ». بل يَتَعَيَّنُ المعيَّنُ مُطلقاً.

قوله: «و يُشْتَرَطُ أنْ لا تكونَ». عدم الاشتراطِ قويٌّ.

قوله: «و كلّ ما يشترط في اليوميّة يُشتَرَطُ في المَنْذورةِ». مع الإطلاق، أما مع التعيينِ فيتَعَيَّنُ ما قَيَّدَه مع مشروعيّتِهِ كالجُلوس و عدمِ الاستقبالِ بشرطه (1).

المقصدُ السابع في النوافل

قوله: «و يستحبّ صلاة الاستسقاء جَماعةً». و فُرادى.

قوله: «بعدَ أن يصومَ الناسُ ثلاثةً». مُتوالياتٍ.

قوله: «ثمّ يَسْتَقْبِلُ القِبلة». استقبالاً آخَرَ لِلأذكار و إنْ لم يكن قد حوَّل وجْهَه عن القبلةِ بعدَ الصلاةِ.

ص: 46


1- للتوضيح راجع المقاصد العليّة، ص 378 (ضمن الموسوعة، ج 12).

قوله: «و يُتابِعونَه». في الذِكر لا الجِهةِ.

قوله: «صلّى في كُلِّ جمعةٍ عَشْر ركعاتٍ». نهاراً. هذا إذا كانت الجُمَعُ أربعاً، فلو كانت خمساً تَخَيَّرَ في الساقطة، و يجوز أن يَجعلَ لها قسطاً يتخيَّر في كمّيته. و لو نقص الشهرُ سقطتْ وظيفةُ ليلة الثلاثين. و لو فات شيءٌ منها اسْتُحِبَّ قضاؤه و لو نهاراً و في غيره، و الأفضلُ قبل خروجه.

قوله: «و في آخِرِ جُمعةٍ عشرينَ». لَيلاً.

قوله: «و في عَشِيَّتِها». لَيلَة آخِرِ سَبْتٍ.

ص: 47

النظرُ الثالث في اللواحقِ

المقصدُ الأوّلُ في الخَلَلِ

المطلبُ الأوّل في مُبْطِلاتِ الصلاة

قوله: «غصبيةِ الثَوْبِ أو المكانِ، أو نَجاستِهما».

ذِكرُ المكانِ هنا لا وجهَ له؛ لأنّ نَجاسَتَهُ في مَسْجَدِ (1) الجَبْهَةِ تُذْكَرُ بعدُ (2)، و في غيرها إنْ لم تَتَعَدَّ يُعْفَ عنها عند المصنِّف (3)، و إنْ تَعَدَّتْ إلى المُصلِّي أو ثوبِهِ على وجهٍ لا يُعفى عنها فحُكمُها داخِلٌ في نَجاسَةِ الثوبِ و البدنِ، و إِلّا عُفِيَ عنها مطلقاً.

قوله: «أو نَجاسةِ البدن». الأقوى إعادة جاهِلِ النَجاسةِ في الوقتِ.

قوله: «و بتعمُّدِ التكفيرِ». و هو وَضعُ إحدى اليدَيْنِ على الأُخرى، و إنّما يَحْرُمُ لِغير تَقيَّةٍ.

قوله: «و لا دعاء». ولا ذكرٍ أيضاً.

قوله: «و الالتفاتِ إلى ما وراءَه». الالتفاتِ بالوجه، أمّا بجميعِ البدنِ فيُبْطِلُ مع التَعَمُّدِ

ص: 48


1- قال الرضي في شرح الشافية، ج 1، ص 184: و لو أردتَ موضعَ السجود و موقع الجبهة من الأرض، سواءٌ كان في المسجد أو غيره فتحتَ العينَ... ؛ و صرّح الشهيد الثاني في الروضة البهيّة، ج 1، ص 111؛ و المقاصد العليّة، ص 272؛ و الفوائد المليّة، ص 112 (ضمن الموسوعة، ج 6، 12 و 13) بأنّ محلّ السجود - لا المكان المخصوص - هو المسجَد بفتح الجيم.
2- حيث قال: «أو نجاسة البدنِ أو موضع السجود»، و لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 111 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
3- تذكرة الفقهاء، ج 2، ص 399 - 400، المسألة 84: قواعد الأحكام، ج 1، ص 258 و 259؛ نهاية الإحكام، ج 1، ص 342.

متى خَرَجَ عن القِبلةِ و إنْ لم يَبْلُغ الوَراءَ، و مع السَهْو يُعِيدُ في الوقتِ خاصّةً كما مَرَّ (1).

قوله: «و الفعلِ الكثيرِ». و هو ما يُخْرِجُ فاعلَه عن كونِهِ مُصَلِّيّاً عُرفاً، و يُعتبرُ فيه التَوالي.

و عَطْفُهُ على ما سَبَقَ يقتضي عدمَ إبطالِهِ مع السَهو، لكن يُستثنى منه ما يوجِبُ انمِحاءَ صورةِ الصلاةِ فإنّه يُبْطِلُ مطلقاً.

قوله: «و البكاء». عمداً لا سهواً.

قوله: «الأكلِ و الشُربِ».

الأقوى تقييدُهما بالكثير، و حينئذٍ فلا خُصوصية لهما، و يُستثنى مِن نِسيانهما أيضاً ما يوجبُ انمحاءَ صورةِ الصلاة، فإنّه مُبْطِلٌ مطلقاً كما مَرَّ (2).

قوله: «و الأكل و الشُرب إلّا لصائمٍ أصابَه عَطَشٌ». إذا خافَ فُجْأَةَ الصُبحِ قبلَ إكمال ما يُريدُه من الأذكار فيه و لم يَسْتَلْزِمْ شَيئاً من المُنافياتِ غَير الشربِ. و لا فرقَ في

الصَوْمِ بين الواجبِ و المندوبِ، و كذا الوتْرُ (3).

قوله: «و تبطل بالإخلال بركن ... و بِزيادتِهِ كذلك».

يُستثنى من زيادته النيّةُ، و القيامُ - إنْ جعلناه ركناً مطلقاً - و الركوعُ فيما لو سَبَقَ المأمومُ به سهواً، و التكبيرُ فيما لو سَلَّمَ على نقص من صلاته ثمّ ذَكَرَ قبلَ المُنافي، و في الاحتياط لو تَبَيَّنَ النقصُ، و جميعُ الأركانِ عدا النيّةِ و التكبير فيما لو زادَ ركعةً سَهواً إذا جَلَسَ آخِرَ الصلاة بقدر التشهُّدِ، و فيما لو أتَمَّ المسافِرُ جاهِلاً مطلقاً، أو ناسِياً و لم يَذْكُرْ حتّى خرج الوقتُ.

قوله: «و بزيادةِ ركعةٍ كذلك». أي مع العمدِ أو السَهو و لم يَجْلِسْ آخِرَ الصلاةِ

ص: 49


1- مرّ في ص 23.
2- مَرَّ قُبيلَ هذا بقليلٍ.
3- يعني لا فرقَ في الوتر بين الواجب بنذرٍ و شبهه و المندوب، كما يظهر من روض الجنان، ج 2، ص 510 - 511 (ضمن الموسوعة، ج 11).

بقدر التشهُّدِ، و إلّا لم تَبْطُلْ.

قوله: «إنْ لم يَكُنْ تَكَلَّمَ». بِناءً على إبطالِ الكلامِ عمداً و سهواً، و قد تقدَّمَ من المصنِّفِ خلافُه (1)، و الأقوى عدمُ البطلانِ به إلّا مع التَعَمُّدِ.

قوله: «بَطَلَتْ صلاتُه». لا تَبْطُلُ، بل يُكمِلُ الرَكعةَ و يَسْجُدُ للسَهْو.

قوله: «و تبطل لو شكّ في عدد الثُنائية ... و الكُسوفِ». إذا شَكَّ في عدد الرَكَعاتِ لا الرُكوعاتِ بل يَبْنى على الأقلِّ.

قوله: «أو لم يَعْلَمْ». إنْ لم يَعْلَمُ ما قام إليه و إلّا بَنى عليه.

المطلب الثاني في السهو و الشكّ

قوله: «لا حكم للسهو مع غَلَبَةِ الظَنِّ». سواءٌ في ذلك الأُولَيانِ و غيرُهما، و الرباعيةُ و غيرُهما.

قوله: «أو الجَهْرِ أو الإخفاتِ». الأقوى أنّ ناسي الجهر و الإخفاتِ لا يَرجِعُ و إنْ لم يَرْكَعْ، و كذا الجاهِلُ.

قوله: «أو السجود على الأعضاء». غير الجَبْهة.

قوله: «و لا لِلسهو في السهوِ».

المرادُ بالسَهو هنا ما يَعُمُّ الشكَّ، و في السهو الثاني حذفُ مُضافٍ، أي موجَبةِ - بفتح الجيم - بأنْ يَسْهُو أو يَشُكَّ في سجودِ السَهو أو رَكعتي الاحتياطِ؛ فإنّه لا يجب عليه سجودُ السَهو و لو كان يُوجِبه في غيرهما، و يَبْني مع الشكِّ في فعلٍ أو ركعةٍ على فعلِهما إلّا أنْ يَسْتَلْزِمَ الزيادةَ فيَبْني على المُصَحَّحِ، نعم لو تَيَقَّنَ ترك واجبٍ بعدَ الانتقالِ عن محلّه فإنْ كان ممّا يُتدارَكُ في غيره تَدارَكَه و لا سجودَ، و إلّا فلا (2). و قد

ص: 50


1- حيث قال المصنّف: و تبطُلُ... بتعمُّد... الكلام بحرفين بما ليس بقرآنٍ و لا دعاءٍ.
2- لمزيد التوضيح راجع منتهى المطلب، ج 1، ص 411: الروضة البهيّة، ج 1، ص 191؛ روض الجنان، ج 2، ص 534 (ضمن الموسوعة، ج 6 و 11) ؛ مسالك الأفهام، ج 1، ص 296 - 297.

يُفَسَّرُ (1) بالشكِّ فى أنّه هل سَها أم لا؟ فإنه لا حُكمَ له أيضاً.

قوله: «لا حُكم ... و لا للإمام أو المأموم إذا حَفِظَ عليه الآخَرُ». فيَرجِعُ كلُّ منهما إلى يَقينِ الآخر، و كذا يَرجِعُ الشاكُّ منهما إلى الظانِّ، و لو شَكّا معاً فإن اشْتَرَكا لَزِمَهُما حكمُه، و إن اخْتَلَفا و جَمَعْتهما رابطةٌ رَجَعا إليها، و إلّا تَعَيَّنَ الانفرادُ و لَزِمَ كُلّاً منهما حكمُ شَكِّهِ.

قوله: «و لا مع الكَثْرةِ». المرجِعُ في الكَثرةِ إلى العُرف، و هو يَتَحَقَّقُ بثلاثِ مرّاتٍ و إنْ كان في فريضةٍ، و يَتَحَقَّقُ التَعَدُّدُ بِتَخَلَّلِ التَذَكَّر. و المرادُ بالسَهو هنا ما يَعُمُّ الشَكَّ كما مَرَّ [آنفاً]. و معنى عدمِ الحُكم معها عدمُ وجوب سَجْدتي السَهو - لو فَعَلَ ما يقتضِيهما لولاها - و عدمُ الالتفاتِ لو شَكَّ في فِعْلِ و إِنْ كان في محلِّه، بل يَبْني على وقوعه، و البناء على الأكْثَر لو شكَّ في عَدَد الركَعاتِ إِلَّا أَن يَسْتَلْزِمَ الزيادةَ فيَبْني على المُصَحّحِ. و متى تَحَقَّقَتْ اسْتَمَرَّ الحُكم إلى أنْ تَخْلُوَ ثلاتُ فرائضَ منه فيتعَلَّقُ به حُكمُه، و هكذا.

قوله: «و لو شكّ ... أو ركعتين مِنْ جُلوس». أخيراً.

قوله: «و لا تبطل الصلاة بفعلِ المُبْطِلِ قبله». لكن يَأْثَمُ بفعلِ ما يُنافي الفوريّةَ؛ فإنّها واجبةٌ إجماعاً (2).

قوله: «لو تكلّم ناسياً ... و تلافاه ... سجد للسهو على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «أو زاد أو نقص غير المبطل ناسياً ... سجد للسهو على رأي». جَيِّدٍ.

ص: 51


1- هذا التفسير ذكره العلّامة في منتهى المطلب، ج 7، ص 29، و لم يُعيِّنْ قائله و ذكر التفسير الأوّل أيضاً فيه؛ و قال في نهاية الإحكام، ج 1، ص 533:... و فُسِّرَ بأمرين: أن يسهوَ عن السهو فيقول: لا أدري سهوتُ أم لا. أو يسهو فيما يوجب السهوَ، كما لو شكٍّ هل أتى بسجدةٍ من سجدتي السهو أو بهما؛ فإنّه يبني على أنّه فعل ما شكَّ فيه.
2- ادّعى الإجماعَ على ذلك الشهيد في ذكرى الشيعة، ج 3، ص 454 - 455 ( ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 7)، حيث قال: ظاهر الفتاوى و الأخبار وجوب تعقيب الاحتياط للصلاة من غير تخلُّل حدثٍ أو كلامٍ أو غيره. و قال في مسالك الأفهام، ج 1، ص 296: و ممّن ذكر الإجماع على ذلك الشهيد في الذكرى؛ و قال مثله في روض الجنان، ج 2، ص 566 (ضمن الموسوعة، ج 11).

خاتمة

قوله: «من ترك من المكلّفين الصلاة مستحلّاً ممَّنْ وُلِدَ على الفِطرة قُتِلَ». هذا في الرجل دونَ المرأة؛ فإنّها تُحْبَسُ و تُضْرَبُ أوقاتَ الصلواتِ إلى أن تَتوب أو تَموت

(1).

قوله: «و كلّ من فاتته فريضةٌ عمداً أو سهواً أو بنومٍ ... أو سُكْرٍ» مع عِلمه به و اختياره؛ فلو كان جاهلاً بكونه مُسْكِراً، أو وُجِرَ في حلقِهِ، أو تناوَلَه لِضرورةٍ مُسوِّعَةٍ له فلا قضاءَ، وكذا شُرْبُ المُرْقِدِ (2).

قوله: «أو إغماءٍ». إذا لم يَعْلَمُ بأنّه موجِبٌ للإغماء، أو له حاجةٌ إليه، و إلّا وجب القضاءُ.

قوله: «أو عَدمِ المُطَهِّرِ». بل يَقْضي عادِمُ المُطَهِّر على الأقوى.

قوله: «و لو نَسِيَ ترتيبَ الفَوائِتِ». الأقوى سقوطُ الترتيب مع جَهْلِهِ.

قوله: «و يتصدَّقُ عن كُلِّ رَكعتين بمُدّ». ثُمّ عن كُلِّ أربعِ بمُدٍّ، ثُمَّ عن صلاةِ النَهار بمُدٍّ و صلاة الليل بمُدٍّ، ثمّ عن الجميعِ بمُدّ.

قوله: «فإنْ أَسْلَمَ سَقَطَتْ». يُسْتَثْنى من ذلك حكمُ الحَدَثِ كالجَنابة فإنّه لا يَسْقُطُ، و حُقوقُ الآدميِّينَ؛ و إنّما يَسقُطُ ما خرج وقتُهُ من العِباداتِ (3).

المقصد الثاني في الجَماعة

قوله: «و لا تصحّ في النوافلِ إلّا الاسْتِسقاءِ». و المُعاوَدَةِ، و اقتداء الصَبيِّ بمثله، و الغدير على قولٍ (4).

ص: 52


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 123 - 124 (ضمن حياة المحقق الكركي و آثاره، ج 9).
2- في لسان العرب، ج 3، ص 183. «رقد»: المُرْقِد: شيء يُشْربُ فينوِّمُ مَنْ شربه و يُرْقِدُه.
3- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 125 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
4- القائل هو أبو الصلاح في الكافي في الفقه، ص 160؛ كما صرَّح به في الروضة البهيّة، ج 1، ص 214؛ و روض الجنان، ج 2، ص 595؛ و الفوائد المليّة، ص 30 و 288 ضمن الموسوعة، ج 6، 11 و 13)؛ و اختاره الشهيد في اللمعة الدمشقيّة، ص 50 ( ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 13).

قوله: «و يجب في الإمام ... و أن لا تكون قاعداً بقيام» (1). و لا مَنْ دونَه بالأعلى منه.

قوله: «و لا أُمِّياً بقارئ». المرادُ بالأُمِّي هنا من لا يُحْسِنُ القِراءةَ الواجِبةَ في الصلاة. قوله: «اللاحِنِ و المُبَدِّلِ». و يجوزُ بمثلهما مع اتّحاد اللَحْنِّ (2) و التبديلِ و عدمِ إمكان الإصلاحِ للعَجْز أو ضِيق الوقت.

قوله: «و يقدّم الأقرأُ مع التَشاحِّ». أي تَشاحِّ المأمومينَ، و مع اتّفاقهم يُقَدَّمُ مَن اتَّفَقوا عليه مطلقاً.

قوله: «فالأسنُّ». في الإسلام.

قوله: «فالأصْبَحُ». وجهاً أو ذِكراً.

قوله: «و يكره أنْ يأتمَّ حاضِرٌ بمُسافرٍ». مطلقاً (3).

قوله: «و المَحدودِ». بغيره.

قوله: «و الأغْلَفِ»، مع عَجْزه عن الاخْتِنانِ.

قوله: «و مَن يَكْرَهُهُ المأمومُ». أي يَكْرَهُ كونَه إماماً بأنْ يُريدُ الانْتِمامَ بغيره؛ لِما تَقدَّمَ من تقديم مُختارِ المأمومِ فيُكْرَهُ لِغيره الإمامةُ.

قوله: «و الأعرابي بالمهاجرين». هو - بفتح الهمزة - ساكِنُ الباديةُ (4)، و المرادُ بالمهاجِر هنا ساكِنُ المُدُنِ و نحوه.

قوله: «و يدرك الركعةَ بإدراك الإمامِ راكعاً». و يَتَحقَّقُ ذلك بأنْ يَجْتَمِعا في حدِّ الراکِعِ و إنْ لم يَجْتَمِعا في الذِكْر.

ص: 53


1- جمع قائمٍ.
2- قال في النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 4، ص 241، «لحن»: اللَحْن: المَيْلُ عن جهة الاستقامة. يقال: لَحَنَ فلانٌ في كلامه، إذا مالَ عن صحيح المنطِق.
3- أي في الفريضة المقصورة و غيرها: راجع الروضة البهيّة، ج 1، ص 219؛ روض الجنان، ج 2، ص 610 - 611 (ضمن الموسوعة ، ج 6 و 11).
4- الصحاح، ج 1، ص 178، «عرب»؛ و لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 127(ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

قوله: «و لا تصحُّ مع حائلٍ - بين الإمام و المأمومِ الرَجُلِ - يَمْنَعُ المُشاهَدَةَ».

احْتَرَزَ به عن المرأة، فلا يَضُرُّ الحائلُ بينَها و بين الإمام مع عِلمها بانتقالاتِه، لكن يُشْتَرَطُ كونُه رجُلاً. و الخُنْثى المأموم هنا كالرجل، و الخُنثى الإمامُ كالمرأةِ.

قوله: «إماماً أو مأموماً». و كذا الجامِعُ مع جَماعةٍ أخرى (1).

قوله: «و تمكينُ الصِبْيان من الصَفِّ الأوّلِ». و كذا اجتماعُهُم في غيره.

قوله: «و لا هَمْهَمَةً» فى الجَهريّةِ، أمّا الإخفاتيّةُ فتُكْرَهُ مطلقاً.

قوله: «و تجب التَبَعيةُ» بأنْ يَتَأَخَّرَ عنه أو يُقارنَه في ابتداءِ الفعل و انتهائه لا في تكبيرةِ الإحرام، فيجب التأخُّرُ عنه.

قوله: «فإن قدّمَ عامداً اسْتَمَرَّ». على حاله خاصّةً.

قوله: «و إلَّا رَجَعَ و أعادَ». وجوباً، فإنْ لم يَرجِعْ فكالعامِدِ.

قوله: «نيّةُ الإمامةِ». إلّا مع وجوبِ الجَماعة (2).

قوله: «و إن اختلفا». في العدد.

قوله: «و يجوز اقتداءُ... و المُتَنَفِّل بالمُفْتَرِضِ». المرادُ جواز ذلك في الجملة لا في جميعِ الصَلَواتِ. و يَتَحَقَّقُ اقتداءُ المُفْتَرضِ بالمُتَنَفِّلِ في صورة إعادةِ الإمامِ صلاتَه؛ و المُتَنَفِّلِ بالمُفْتَرضِ مع إعادةِ المأمومِ خاصّةً، و منه يُعْلَم حكمُ المُتَنَفِّلَيْنِ (3).

قوله: «و يَرْكَعَ و يَمْشِي راكِعاً»، ما لم يَكْثُرْ، و لْيَكُن فى غير زَمَنِ الذِكْر.

قوله: «فإذا سلَّم الإمامُ اسْتَأنَفَ التكبيرَ».

و كذا لو أَدْرَكَه بينَ السَجْدَتَيْنِ و سَجَدَ معه؛ و الأقوى تخييره بينَ المتابَعَةِ فَيَسْتَأْنِفُ، و انتظاره حتّى يُتِمَّ فيُتِمُّ من غير استئنافٍ، و الأوّلُ أفضلُ. و لو أدرَكَهُ بعد الركوعِ قائماً تَخَيَّرَ بينَ مُتابَعَتِهِ في السُجود و التشهُّدِ، و بينَ الجُلوس من غير سُجودٍ، و بينَ

ص: 54


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 128 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره . ج 9).
2- كالجمعة، راجع روض الجنان، ج 2، ص 636 (ضمن الموسوعة، ج 11).
3- للتوضيح راجع روض الجنان، ج 2، ص 636 (ضمن الموسوعة، ج 11).

انتظاره قائماً حتّى يُسَلِّمَ أو يَقومَ، و لا استئنافَ في الأخيرين، و هي مرتّبةٌ في الفَضْلِ ترتيبَها في اللفظ. و تُدْرَكُ فَضيلةُ الجَماعةِ في الجميع.

المقصد الثالِثُ في صلاة الخوْف

قوله: «و يُطَوِّلُ القِراءة». واجباً.

قوله: «و بالثانية ركعتين». و هو الأفْضَلُ.

قوله: «و يجب أخذ السلاح إلّا أن يمنع شيئاً من الواجبات». [المعتَبَرةِ في] الصلاةِ، له

أو لِغيره.

قوله: «و النَجاسةُ غيرُ مانعةٍ». أي نجاسةُ السِلاح.

قوله: «فيُصَلُّون فُرادى». و تجوزُ الجَماعةُ، و يُغْتَفَرُ اختلافُ الجِهَةِ كالمُسْتَدِيرينَ حَوْلَ الكعبة (1).

قوله: «و لو عَجَزَ». عن استيفاء الأفعال و لو بالإيماء.

قوله: «يُجْزئُ عن جميع الأفعالِ و الأذكارِ». عدا النِيّةِ و التكبير و التشهُّدِ و التسليم.

المقصدُ الرابعُ في صلاة السفر

قوله: «و هي ثمانيةُ فراسِخَ». أو مَسِيرُ يومٍ في النَهار المُعْتَدِلِ و السَيْر المعتدِلِ - في الأرض المعتَدِلَةِ - لِلأثْقالِ (2).

قوله: «من يَوْمِهِ». أو لَيلَتِهِ مع اتّصال السَفَر.

قوله: «و لا بَيِّنَةَ». و في حُكمها الشِياعُ.

قوله: «فلا يَتَرَخَّصُ العاصي» بالسفر لا فيه، و لو رَجَعَ عن نيَّتها اعْتُبِرَت المَسافةُ

ص: 55


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 131 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- قال في المقاصد العليّة، ص 214 (ضمن الموسوعة، ج 12): ... و يكفي عن التقدير مسيرُ يومٍ في الأرض المعتدِلة و النهارِ المعتدلِ بالسير المعتدِلِ للأثْقال.

حينئذٍ، و لو انْعَكَسَ انقَطَعَ تَرَخُّصُهُ حِينَ النيَّةِ.

قوله: «و الصائد للتجارة يقصِّرُ في صلاته و صَوْمِه على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «و الضابطُ أنْ لا يُقِيمَ في بَلَدِهِ عَشَرَةً». بل الضابِطُ أنْ يُسافِرَ إلى مسافةٍ ثلاثَ مرّاتٍ بحيثُ يتجَدَّدُ حكمُ الإتمام بعدَ كُلّ منها، و لا يقيم عقيبَ واحدةٍ منها عَشَرَةَ أيّامٍ في بلده مطلقاً و في غيرها مع نيّةِ الإقامة؛ فإنّه حينئذٍ يَصيرُ في الثالثةِ كثيرَ السفر (1).

قوله: «و إلّا أتمَّ ليلاً و نهاراً على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و منتظر الرَفقَه يُقَصِّرُ مع الخِفاءِ و الجَزْمِ». بالسَفَر مِن دونها، أو بمَجِيئِها، و كذا لو غَلَبَ على ظنُّه مَجيئُها.

قوله: «إلّا في حرم الله و حَرَمِ رسولِهِ صلّی الله علیه و آله و مَسْجِدِ الكوفةِ». المسجدين خاصّةً (2).

قوله: «فإنّ الإتمامَ أفْضَلُ». في الصلاة خاصّةً، أمّا الصومُ فإنّ التقصيرَ فيه مُتَعَيِّنٌ.

قوله: «و لو أتمَّ المُقصِّر ... و ناسياً». لوجوبِ القَصْرِ.

قوله: «و جاهلاً». بالمَسافةِ أو وجوب القَصْر.

قوله: «فلو خَرَجَ إلى أقلَّ عازماً». المرادُ أنّه خَرَجَ بعد الصلاةِ تماماً أو ما هو في حكمها، و إلّا رجع إلى التقصير بمجرّد الخُروج عن النيّةِ. و المرادُ بالإقامة بعدَ العَوْدِ إقامةُ عَشَرَة مُسْتَأنَفَة لا مطلقُ الإقامةِ، فلو عَزَمَ على العَوْد من دون إقامةِ عَشَرَةٍ مُسْتَأنَفَةٍ فالأقوى القصرُ في العَوْدِ خاصّةً مع استلزامِهِ قصدَ المَسافة، و لو قَصَدَ على مُفارقَةِ موضع الإقامةِ قَصَّرَ بالخروج إنْ قَصَدَ المسافةَ و لو بالعَوْد إلى بلده، و مثلهُ ما لو تردَّدَ في العَوْد إلى موضعِ الإقامةِ أو ذَهَلَ عن القصد.

قوله: «و يستحبُّ أن يقول عقيبَ كُلِّ صلاةٍ ... سبحان الله ...». مَقْصورِ على الأقوى.

ص: 56


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 133 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- قال في مسالك الأفهام، ج 1، ص 348: الأولى اختصاص الحكم بمسجديْ مكّةَ و المدينةِ.

كتابُ الزَكاة

[النظر] الأوّل في زكاة المال

[المقصدُ] الأوّلُ فِي شرائِط الوجوبِ و وقتِهِ

قوله: «فلا زكاة على الطفل و لا على المجنون مطلقاً». أي صامِتاً كان ماله أو ناطقاً (1).

قوله: «على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «إخْراجُها». عنهما.

قوله: «كان ضامِناً».

إنّما يَضْمَنُ مع انتفاء المَلاءة في الوَليّ إذا لم يكن أباً أو جَدّاً؛ و إنّما يكون الربحُ لهما - أي لِلطفلِ و المجنون - مع الشِراء بالعينِ، و كونِ المُشْتَرِي وَليّاً أو مع إجازَتِهِ، و حُصولِ غِبطة لِلطفلِ. و لو لم يكن وَليّاً أو لم يكُنْ له فيه غِبْطَةٌ بَطَلَ البَيْعُ. و لا زكاةَ هنا على أحدٍ، و لو كان الشِراءُ في الذِمّةِ وَقَعَ لِلمشتري و الزكاةُ المستَحَبَّةُ عليه.

قوله: «إِلّا بعدَ القبولِ». سَواءٌ جَعَلْنَا القبول ناقِلاً لِلمِلكِ إلى الموصى له، أم كاشِفاً عن

سَبْقِ مِلْكِهِ من حين المَوْتِ، لانتفاءِ تماميةِ المِلْكِ على الثاني.

ص: 57


1- قال في مسالك الأفهام، ج 1، ص 358: المراد بالصامت من المال الذهب و الفضّة، و يقابله الناطقُ و هو المواشي و نحوها.

قوله: «و الغنيمة». الغانم يملكُ بالحيازة، فإذا بلغ حِصَّته نصاباً وجبت الزكاةُ. و الأقربُ ابتداء الحولِ من القسمة، سواء كانت الغنيمةُ من جنس أو أجناس مختلفةٍ.

قوله: «بعدَ القِسْمة». و قَبْض الغانم أو وليِّه.

قوله: «و لا زكاة في ... و الضالِّ، و المَفْقودِ». الضالُّ الحَيوانُ، و المفقودُ غَيرُه، و يُعتَبَرُ في

مدّة الضَلالِ و الفَقْدِ إطلاقُ الاسمِ، فلو ضَلَّ لَحْظَةً أو يوماً في الحَوْلِ لم يَنْقَطِعْ.

قوله: «فإنْ عادَ بعدَ سِنينَ». ثلاثِ سِنينَ فصاعداً.

قوله: «و الدَيْنُ لا يَمْنَعُ الزَكاةَ». الماليةَ و البدنيّةَ.

قوله: «إذا أهَلَّ الثاني عَشَرَ». و الأقوى أنّ الثاني عَشَرَ محسوبٌ من الحَوْلِ الأوّلِ، و أنّ استِقْرارَ الوجوبِ مشروطٌ بتمامه.

قوله: «و لا التقديمُ». أي تقديمُها زَكاةً، و يجوزُ قَرْضاً.

قوله: «تمامَ النِصابِ». أي يَتِمُّ به النِصابُ.

قوله: «أخذُها». أي أخذ عين التي دفعها المالك قبل الحول على سبيل القرض.

قوله: «و لو استغنى بعيْنِ المَدْفوعِ جازَ الاحْتِسابُ». يُشترطُ أنْ يكونَ لو دَفَعَ عِوَضَ القَرْضِ افْتَقَرَ، فلو كانت العَينُ قِيميّةً و ارْتَفَعَتْ قِيمتُها عن وقت القَرْضِ وَ مَؤونةِ السَنةِ لم يَجُز الاحْتِسابُ (1).

قوله: «وَ لو استغنى بغيره لم يَجُزْ». و لو بِنِمائها.

المقصدُ الثاني فيما تَجِبُ فيه

[المطلبُ] الأوّل: تجب الزكاة في الأنعام بشروط أربعة

قوله: «و لو ارتدَّ عن فِطْرةٍ». إنْ كان ذَكَراً، أمّا المرأةُ فكالمُرتَدِّ عن غيرِ فِطرةٍ (2).

ص: 58


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 137 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 40 - 41.
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 137 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

قوله: «و لا اعْتِبارَ باللَحْظةِ عادةً». في الحَوْلِ و لا في الشهر و لا في اليومِ فيه.

قوله: «و لا تُعَدُّ السِخالُ». الأقوى أنّ حَوْلَ السِخالِ (1) من حين النِتاجِ مطلقاً؛ لصحيحةِ زُرارةَ عن الباقر علیه السلام (2).

قوله: «و لها حَوْلٌ بانْفِرادها».

هذا إذا كانتِ السِخالُ نِصاباً مستقِلّاً بعدَ نِصاب الأُمّهاتِ - كما لو وَلَدَتْ خمسٌ من الإبل خمساً، أو وَلَدَتْ أربعونَ بقرةً أربعينَ أو ثلاثين - أما لو كان نِصابُ السِخالِ غيرَ مُستقِلّ ففي ابتداء حَوْلِه مطلقاً (3)، أو مع إكمالِهِ للنِصابِ الذي بعدَه، أو عدم ابتدائِه حتّى يَكْمُلَ الأوّلُ أوْجُهٌ، أوْجَهُها الأخيرُ، فعلى هذا لو كان عندَه أربعونَ شاةً فوَلَدَتْ أربعينَ لم يجبْ فيها شَيءٌ، و لو كان عنده ثمانونَ فوَلَدَتْ اثنينِ و أربعينَ وَجَبَتْ شاةٌ لِلأُولى، ثمّ يَسْتَأْنِفُ حولَ الجميع بعدَ تمام [حَولِ] الأُولى؛ و على الأوّلَيْنِ تجب شاةٌ عند تمام [حَوْلِ] الأُولى، و أُخرى عند تمامِ حَوْلِ الثانية (4).

قوله «أنْ لا تكونَ عَوامِلَ». المرجِعُ في كونها عوامِلَ إلى العُرف كالسَوْم، فلا يُعْتَبَرُ اليومُ مع الشهر (5).

قوله: «ثمّ ثلاثمائةٍ و واحدةٌ ففيه أربعٌ على رأي». جيِّدٍ.

ص: 59


1- في النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 2، ص 350، «سَخْل»: السخل: المولودُ المُحبَّبُ إلى أبَويه، و هو في الأصل ولد الغنم؛ و في الصحاح، ج 3، ص 1728: يقال لأولاد الغنم ساعةَ تُضعِه من الضأن و المعز جميعاً، ذكراً كان أو أُنثى: سَخْلَة، و جمعه سَخْلٌ و سِخالٌ.
2- الكافي، ج 3، ص 533 ، باب صدقة الإبل، ح 3، و الرواية حسنة لوجود إبراهيم؛ راجع مسالك الأفهام، ج 1، ص 368 - 369؛ مجمع الفائدة و البرهان، ج 4، ص 59 - 60.
3- في هامش المخطوطة: «سواء أكْمَلَ النِصابَ الثاني أو لا».
4- راجع لمزيد التوضيح و نقد هذا الكلام مدارك الأحكام، ج 5، ص 76 - 78: مفتاح الكرامة، ج 3، ص 37 - 38، كتاب الزكاة؛ جواهر الكلام ، ج 15، ص 103-106.
5- قال في مسالك الأفهام، ج 1، ص 373 - 374: المرجِعُ في كونها عوامِلَ إلى العرف كالسوم، فلا يُؤثّر اليوم في السَنة ولا في الشهر.

خاتمة

قوله: «و الشاةُ المأخوذة أقلُّها الجذَعُ». الجذع - بالتحريك - ما كَمَلَتْ سِنُّه سبعةَ أَشْهُرٍ إلى أنْ يَسْتَكْمِلَ سَنَةً، فإذا أكْمَلَها قيل: ثَنِيُّ، و مثلُه الثَنيُّ من المَعْز (1).

قوله: «و لا تُؤْخَذُ المَريضةُ».

هذا إذا كان في النِصاب صحيحٌ أو فَتيٌّ أو سَليمٌ من العُوار، أمّا لو كان جميعُه كذلك أجْزَأ الإخراجُ منه. و لو اختلف في ذلك قَسَّطَ و أخْرَجَ صحيحاً بقيمة القِسْطِ الصحيحِ و المَعيبِ (2).

قوله: «و لا الهَرِمةُ». المُسِنَّة عرفاً.

قوله: «و لا ذاتُ العُوار». مطلق العيب.

قوله: «و لا الوالِدُ». إلى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوماً، و العلّةُ المَرَضُ - كالنِفاسِ في المرأة - فلو دَفَعها لم يُجْزئْ، و قيل: العلَّةُ الإضرارُ بالولد فيُجْرئُ لو رَضِي المالِكُ (3).

قوله: «و لا تُعَدُّ الأكولةُ». بل تُعَدُّ، و لا تُؤْخَذُ من المالك قَهراً.

قوله: «و لا فَحْلُ الضِراب». المُحتاجُ إليه، فلو زادَ عُدَّ.

قوله: «بينَ الحِقاقِ و بَناتِ اللَبون».

أشارَ بذلك إلى أنّ ما زادَ عن مائةٍ و إحدى و عشرين من الابلِ لا يَتَخَيَّرُ فيه بينَ الحقاقِ و بناتِ اللَبونِ مطلقاً، بل يجبُ فيه التقديرُ بما لا يحصُلُ معه عَفْوٌ إِنْ أمكَن و إلّا فبِأخَفِّ العَفوينِ؛ فعلى هذا يجب تقديرُ المائةِ و إحدى و عشرين بالأربعينَ، و المائة و خمسينَ بالخمسينَ، و المائةِ و أربعينَ بهما، و يَتَخَيَّرُ في المأتينِ كما ذكَرَ. و كذا القولُ في نِصابِ البقر يجبُ تقديرُ السِتّينَ بالثلاثين، و السبعينَ بهما، و الثمانين

ص: 60


1- راجع لسان العرب، ج 8، ص 43 - 44؛ النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 1، ص 250، «جذع».
2- للتوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 1، ص 378.
3- قاله المحقّق في المعتبر، ج 2، ص 514؛ و العلّامة في منتهى المطلب، ج 8، ص 115.

بالأربعينَ؛ و يَتَخَيَّرُ في المائة و عشرينَ.

المطلبُ الثاني في زكاة الأثمانِ

قوله: «أو ما كان يُتَعامَلُ به». المرادُ ما يُتَعامَلُ بها عادةً أو تُعومِلَ بها كذلك و إن كانتْ سِكّةَ كافرٍ، فلو تُعومِلَ بها بغير سِكّةٍ فلا زكاةَ.

قوله: «وَ لا زكاةَ في الحُلّي و لا السَبائِكِ و لا النِقار و لا التِبْرِ».

المراد بالسبائكِ هنا سبائِكُ الذَهبِ، و بالنِقار - بكسر أوّله - قِطَعُ الفِضَّةِ و إنْ كانتا متساويتين في بعض اللغات في الاستعمال فيهما (1)، و بالتِبْر تُرابُ الذَهَب قبلَ تصفيته (2)، و يُطْلَقُ على غير المضروبِ من الذَهَب فيداخِلُ السبائكَ (3).

قوله: «و لا تُخْرَجُ المغشوشةُ». إلّا أنْ يكون صافيها بقدر الواجب في الصافية؛ و لو أخْرجها بالقيمةِ أجْزَأت (4).

قوله: «بخلاف ما لو جُهِلَ القَدرُ». مع العلم ببلوغهِ النِصابَ، فإنّه يجبُ التصفيةُ لِتَيَقُّنِ البراءة إن ما كَسَ، أمّا لو أخْرَجَ ما يقْطَعُ معه بالبراءةِ لم يجبْ.

المطلبُ الثالثُ في زكاة الغَلّاتِ

قوله: «إنّما تجبُ ... إذا مُلِكَتْ بالزِراعةِ».

المراد بالزراعةِ هنا انعقادُ الثمرة فى المِلكِ أو احْمرارُها أو اصْفِرارُها حيث يَتَوقَّفُ الوجوبُ عليه، لا الزراعةُ المعهودة، فعلى هذا لو اشترى زرعاً أو ثمرةً قبلَ ذلك فالزكاةُ على المشتَري، و لو اشْتَراه بعدَه فعلى البائع، و كذا القولُ في غيره من الأسبابِ المُمَلِّكةِ.

ص: 61


1- الصحاح، ج 3، ص 1589، «سبك».
2- الصحاح، ج 2، ص 600، «تبر».
3- انظر توضيح ذلك كلّه في مسالك الأفهام، ج 1، ص 385.
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 141 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

قوله: «و المُدُّ رَطْلانِ و رُبعٌ بالعراقي». الرِطْل العِراقِي مائةٌ و ثلاثونَ درهماً على الأشْهر (1)، فيكونُ الصاعُ ألفاً و مائةً و سبعينَ درهماً، فقِسْ على ذلك الباقيَ.

قوله: «و فيه العشر إنْ سُقِيَ سَيْحاً أو بَعْلاً أو عِذْياً». المرادُ بالسَيْحِ الماءُ الجاري (2)، و البعْل ما يَشرَبُ بعروقِهِ (3)، و العذْي - بالكسر - ماءُ المَطَر (4).

قوله: «بعدَ إخراج المُؤَنِ».

المرادُ بالمُؤَن كُلُّ ما يَغْرِمُهُ المالكُ على الغَلّة ممّا يتَكَرَّرُ كلَّ سنةٍ عادة و إن كان قبل عامه كأُجرة الحرث و السقي و الحفظ، و مؤونة الأجير، و أرش ما نَقَصَ بسببه من الآلاتِ و العوامِلِ، و عين البَذْر إنْ كان من ماله المُزَكَّى - و لو اشتراه تَخَيَّرَ بينَ استثناء ثمنِه و عَيْنه - و كذا مَؤونةُ العاملِ المثلية، أمّا القِيميةُ فقيمتُها يومَ التَلَفِ.

و المرادُ بحِصّةِ السلطانِ خَراجُ الأرضِ الخَراجيةِ أو مقاسَمَتُها و إنْ كان جائراً.

و يُعْتَبَرُ النِصابُ بعد المُؤَنِ المتقدِّمةِ على بُدوِّ الصَلاحِ، أمّا المتأخِّرةُ فلا تثلمه و إن كانتْ مُسْتثناةً، بل يُزَكَّى الباقي و إنْ قَلَّ.

قوله: «اعْتُبِرَ الأغلبُ». المعتبرُ في الأغلبيّة و التساوي النفعُ و النُمُوُّ، لا القدرُ على الأقوى.

قوله: «إنْ فَضَلَ النِصابُ». للوارثِ الواحد.

قوله: «و يجوزُ الخَرْصُ». من الساعي و نحوه لِيَتَصَرَّفَ المالك قبلَ بُلوغِ محلِّ الإخراجِ، و لو لم يكن ساعٍ أَخْرَجَ المالِكُ عَدْلاً عارفاً يَخْرُصُها، و إِنْ شَاء خَرَصَها بنفسه إِنْ أحْسَنَ، و طريق معرفتِهِ الظنُّ (5).

ص: 62


1- منتهى المطلب، ج 8، ص 194.
2- الصحاح، ج 1، ص 377، «سیح».
3- الصحاح، ج 3، ص 1635، «بعل».
4- قال في الصحاح، ج 4، ص 2423، «عذا»: العِذْي، بالتسكين: الزرع الذي لا يَسْقِيه إلّا ماءُ المطر؛ و لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 142 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
5- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 143 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

خاتمة

قوله: «فلو حال على ستّ و عشرين ثلاثةُ أحوال و جَبَتْ بنتُ مَخاضٍ».

هذا إنّما يَتِمُّ لو كان النِصابُ بناتِ مَخاضِ أو مُشْتَمِلاً عليها أو على ما قيمتُه بنتُ مخاضٍ حتَّى يَسْلَمَ للحَوْلِ الثاني خمسٌ و عشرون تامّةً من غير زيادةٍ، أمّا لو فُرِضَ كونُها زائدةً عليها في السِنِّ و القِيمةِ أمْكَنَ أنْ يُفْرَضَ خروجُ بِنتِ المَخاضِ عن الحَوْلِ الأوّل من جزء واحدةٍ من النِصابِ و يبقى من المُخْرَج منه قيمةُ خمسِ شياهٍ فيجبُ في الحَوْلِ الثالث خَمسٌ أُخَرُ، بل يُمكن فَضْلُ ما يُساوي عشرَ شِياهٍ و أَزِيدَ فيَتَعَدَّدُ الخَمس أيضاً. و لو فُرِضَ كونُ النِصابِ بأجْمَعِهِ ناقصاً عن بنتِ المَخاضِ نَقَصَ من تمام الحَوْلِ الأوّلِ عن خمسٍ و عشرينَ فيجب في الحَوْلِ الثاني أربع شياهٍ لا غيرُ. و ذلك كُلُّه مُسْتَثْنىً مِمّا أطْلَقه المصنِّفُ و جَماعةٌ (1).

قوله: «و يُخْرِجُ من أيِّهما شاءَ». مع تساويهما قيمةً و إِلَّا قَسَّطَ.

قوله: «و لو شَهِدَ عليه اثنانِ حُكِمَ عليه». أمّا في حُؤول (2) الحولِ فظاهرٌ؛ لأنّه إثباتٌ، و مثلُه بقاءُ عَينِ النِصابِ. و أمّا شهادتُهما بِعدمِ الإخراج فإنّما تُقْبَلُ إِذا انْحَصَرَ على وجهٍ يَنْضَبِطُ، فإنّ الشهادةَ على النفي المحضِ غيرُ مسموعةٍ، و ضَبْطُهُ بأَنْ يَدَّعِي إخراجَ شاةٍ معيَّنةٍ في وقتٍ معيَّنٍ فيَشْهَدَ الشاهدانِ بما يُنافي دعواه كَمَوْتها قبل ذلك الوقتِ و نحوه.

المطلبُ الرابعُ فيما تُسْتَحَبُّ فيه الزكاةُ

قوله: «للاكتساب». الأقوى أنّ مقارَنَةَ قصدِ الاكتساب لِلتَمَلُّكِ غير مشروطٍ؛ بل لو

ص: 63


1- كالمحقّق في شرائع الإسلام، ج 1، ص 136. و لم نقف على من أطْلَقَ ذلك سوى المحقّق و العلّامة؛ و قال في مسالك الأفهام، ج 1، ص 380: و ذلك كلّه مستثنىً ممّا أطلقَه، و لم يذكر كلمة «و جماعةٌ».
2- في القاموس المحيط، ج 3، ص 374، «حول»: حال عليه الحول حولاً و حُؤولاً: أتى.

تَجدَّدَ كفى، و يُعْتَبَرُ الحولُ من حين القصد.

قوله: «و لو حبّةٍ». المراد بالحبّةِ المعهودةُ شرعاً، و هي التي يُقَدَّرُ بها مثقالُ الذهب، أمّا نحو حبّة الغلاتِ فلا اعتدادَ بها لعدمِ تَمَوُّلِها.

قوله: «لا بالمتاع». بل بالمتاع على الأقوى.

قوله: «اسْتُحِبَّتْ». إن اشْتُريَتْ بِعَرْض (1) أو بما بَلَغَتْ به من النقد و إلّا فلا.

قوله: «ضَمَّ المالكُ الأصلَ». يُعتبر في حِصّةِ المالكِ [بلوغُ] النصابِ الثاني لوجود الأوّلِ عنده، و في حِصّة العامِلِ بلوغُ النِصابِ الأوّلِ (2).

قوله: «و إنْ لم ينضَّ». الأقوى انتفاءُ الزَكاة عنه إلّا بعدَ الإنضاضِ (3) و القِسمةِ.

قوله: «يستحبُّ عن كلّ فرسٍ عتيقٍ دينارانِ».

المرادُ بالعتيقِ الذي أبَواهُ عربيّانِ كريمان، و بالبِرْذَونِ - بكسر الباء - خلافُه، سَواءٌ انتفى الكَرَمُ عن أبَوَيهِ أو عن أحدِهما خاصّةً.

قوله: «و برذَون دينارٌ». يُشْتَرَطُ أنْ لا تكون عوامِلَ، و أن يَخْلُصَ في مِلكِ مكلَّفٍ فرسٌ و لو مع الشِركةِ كنِصفِ اثنين (4).

قوله: «العَقارُ المُتَّخَذُ لِلنماء». كالدُكّانِ و الخانِ (5) و الحمّام، و هو كمالِ التِجارة غيرَ أنّ مال التجارة مُعدٌّ للانتقالِ و التبدُّلِ و هذا قارٌّ؛ و في إلحاقه به في اعتبار الحولِ

ص: 64


1- العَرْض: المتاع، و كلّ شيءٍ سوى الدراهمِ و الدنانير، يقال: أخذتُ في هذه السِلْعة عَرْضاً: أُعطِيتُ في مقابلها سِلْعةً أخرى. المعجم الوسيط، ص 594، «عرض».
2- راجع مدارك الأحكام، ج 5، ص 180 - 181؛ مجمع الفائدة و البرهان، ج 4، ص 139 - 140.
3- في تاج العروس ، ج 19، ص 75، «نضض»: نَضّ مالِهِ أي صامِته، و هو الدرهمُ و الدينارُ. و يُسَمّى ناضّاً إذا تَحَوَّل عيناً بعدَ أن كان مَتاعاً؛ و لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 145 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9). و فيه: «الأصحّ» بدل «الأقوى».
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 145 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
5- في لسان العرب، ج 13، ص 146، «خون»: الخان: الحانوتُ أو صاحب الحانوتِ، فارسي معرَّب، و قيل: الخان: الذي للتجّار.

و النِصابِ قولان (1)، أجْوَدُهما العدمُ.

المقصدُ الثالثُ في المُسْتَحِقُّ

قوله: «الفقراء ... من يقصرُ مالُه عنْ مَؤونة السَنة له و لِعياله». الواجبي النفقة.

قوله: «و المؤلَّفَةُ». و المسلمون أيضاً على الأقوى.

قوله: «و هم المكاتَبُونَ». فَيُدْفَعُ إليهم ما يُؤَدِّونَ به مال الكتابة مع قُصور كَسْبِهِمْ.

قوله: «تحتَ الشِدَّة». المَرْجِعُ في الشدَّةِ إلى العُرف (2).

قوله: «مع عدم المُسْتَحِقُّ». و معه على الأقوى.

قوله: «و إن كان غنيّاً في بَلَدِه». مع عدمِ إمكانِ الاعتياضِ عن ماله و لو بالاستدانة.

قوله: «و الضَيْفُ». أي يَلْحَقُ بابنِ السبيلِ في جَواز ضِيافتِهِ من الزكاةِ مع حاجته إليها و إنْ كان غنيّاً في بلده، و النيّةُ عندَ الشروعِ في الأكل، و لا يُحْتَسَبُ عليه إلّا ما أكَلَ.

قوله: «و یشترط في المستحقّين الإيمانُ لا العَدالةُ على رأي». قويّ.

قوله: «من غيرِهم». إذا اتَّصَفَ بوصفه بأنْ يكون عامِلاً، و مثلُه ما لو سافَرَ سَفراً ضرورياً فإنّه يُعْطَى الزائدُ عن نفقة الحَضَر، و كذا يُعْطى نفقةُ زَوْجَته و خادِمِه ؛ إذ لا يجب ذلك على القريب.

قوله: «دارِ السُكنى و عَبْدِ الخِدْمةِ و فَرَسِ الرُكوبِ». يُعتبرُ كونها لائقةً بحاله كمّاً و كَيفاً، و لو افْتَقَرَ إلى المتعدِّد استُثْنِي كالمتَّحِد؛ و الأمةُ كالعبد.

قوله: «و في ادّعاءِ الغُرْمِ». و ادّعاءِ العائلةِ.

ص: 65


1- ذهب إلى عدم اعتبارهما العلّامة في تذكرة الفقهاء، ج 5، ص 233، المسألة 161؛ و نهاية الإحكام، ج 2، ص 377؛ و المحقّق الكركي في جامع المقاصد، ج 3، ص 29؛ و استقرب الشهيد في البيان، ص 304 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج12) اعتبارهما.
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 146 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره ، ج 9).

قوله: «و إلّا أجْزَأَتْ». مع الاجتهاد و لو بسؤاله.

قوله: «و الغارمُ في غير الدين ... إلّا أن يدفع إليه من سهم الفُقَراءِ». بأنْ كان فقيراً.

قوله: «و يجوز أن يُعطى الغارمُ ما أنفَقَهُ في المعصية من سهم الفقراء». إذا كان فقيراً.

قوله: «حيّاً و ميِّتاً». إذا لم يُمكن القضاءُ من تركته.

قوله: «و العامل و المؤلَّفَةِ». و الغارم و ابن السبيل.

قوله: «و يسقُطُ». إلّا مع الحاجةِ إليها فلا يَسْقُطُ.

المقصدُ الرابعُ في كَيفيّة الإخراج

قوله: «و يستحبُّ حملها إلى الإمام ... و لو فرّق حينئذٍ أتمَّ و أَجْزَأَ على رأي». عدمُهُ قويُّ.

قوله: «و يحْرُمُ حَمْلُها». الكراهِيةُ أقوى بشرط الضَمَانِ.

قوله: «و تأخيرُ الدفعِ مع المُكْنَةِ». بل الأقوى جوازُ التأخير شَهراً أو شهرينِ خصوصاً للبسط و لذي المزيّة.

قوله: «وجوباً على رأي». قويٍ، و كذا الفقيهُ، و لا يَخْتَصُّ بلفظ «الصلاة» على الأقوى، و يُسْتَحَبُّ ذلك للفقير.

قوله: «من يد أحدِهما». و كذا الفقيهُ.

قوله: «ما يجب في الأوّلِ». من النقدين.

قوله: «إماماً كان أو ساعِياً». الأقوى أنّ النيّةَ الواقعةَ من المالِكِ و الإمامِ و الساعي و الفقيه و وكيلِ أحدهم عندَ الدفع إلى المُسْتَحِقِّ مُجْزئةٌ مطلقاً؛ و كذا نيّةُ المالِك أو وكيلِهِ عند الدفعِ إلى أحد الثلاثةِ، أمّا نيّتُه عندَ الدفعِ إلى وكيلهِ فلا.

قوله: «لو نوى بعد الدفع احْتملَ الإجزاءُ». قويٌّ مع بقاء العَينِ، أو تَلَفِها و علمِ القابِض بأنّها زكاةٌ غيرُ منويَّةٍ.

ص: 66

قوله: «و لو أخرجَ عن الغائب ... فبانَ تالفاً جاز النقلُ». مع بقاءِ العَينِ أو علمِ القابضِ بالحالِ و إلّا فلا (1).

قوله: «مَنْ أُعْتِقَ مِنَ الزَكاةِ و لا وارثَ له». الوارثُ المَنفيُّ هو الخاصُّ، و هو مَنْ عدا الإمامِ أو أربابِ الزكاةِ، لِلإجماع على أنّ أحدَهما وارثٌ. و الأصحُّ أنّ ميراثَه لأرباب الزكاة مطلقاً.

قوله: «و لا كَراهِيَةَ في الميراثِ و شِبهِهِ». كشِراء الوكيل، و دَفعِه إليه من دينه مع موافَقَتِه

في الجنسِ و الوصف.

قوله: «و ينبغي وسمُ النَعَم». استحباباً.

ص: 67


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 154 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9). و فيه: إنّه تردّد مع عدم الحالتين.

النظرُ الثاني في زكاةِ الفِطْرةِ

قوله: «من القوتِ الغالبِ». أي الغالب عادةً في أهل ذلك القُطر و إنْ لم يكنْ غالباً بالنسبة إلى المُخرج (1).

قوله: «عن الضَيْفِ إذا كان عندَه».

المعتبرُ في الضيفِ كونُه عندَ المُضِيفِ في جزءٍ من شهر رمضان مُتَّصِل بشوّالٍ، و المَرْجِعُ فيه إلى ما يُعَدُّ ضَيفاً عُرفاً، و إنْ لم يكن قد أكَلَ عندَه، بل و لو أكَلَ عندَ غَيره. و لو تَعَدَّدَ المُضِيفُ وجبت عليهم بالنسبة. و إنّما يجب على المُضِيف مع إيساره و إِلّا وَجَبَتْ على الضيفِ المُوسِر، و لو تَبَرَّعَ المُعْسِرُ بإخراجها عن الضَيْف فالأقرب الإجزاء مع اسْتِئذانِه و إلّا فلا، و لو تَبَرَّعَ الضَيْفُ بإخراجها عن المُوسِر تَوَقَّفَ الإجزاءُ على إذْنه. و كذا القولُ في الزوجةِ و نحوها.

قوله: «و يستحب للفقير إخراجها بأنْ يُديرَ صاعاً». معنى الإدارة أنْ يَدْفَعَ صاعاً إلى أحدِ عِياله بالنيّةِ عن نفسه، ثمّ يدفَعَه الآخِذُ إلى آخَرَ و هكذا، ثمّ يدفَعه الأخيرُ إلى المُسْتَحِقِّ الأجنبي، و لو دَفَعَه إلى أحد السابقينَ صَحَّ أيضاً. و لو كانوا غيرَ مُكَلَّفِينَ - أو بعضُهم - تَوَلَّى الوليُّ عنه الإخراجَ.

قوله: «قبلَ الهِلال». المرادُ بالهِلال هنا غروبُ لَيلةِ الفِطْر، و بصلاةِ العيدِ الزَوالُ مَجازاً فيهما.

قوله: «ما لم يُصَلِّ العيدَ».

ص: 68


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 155 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

المرادُ بصلاة العيدِ وقتُها مجازاً، أي ما لم يَخْرُجُ وقتُ العِيد بالزَوالِ.

قوله: «إذا لم يَعُلُهُما غَيْرُه». هذا إذا كان المُعِيلُ مخاطَباً بها و إلّا فعلى الزوجِ و المولى.

قوله: «بالإخراجِ عنه». بل بالوجوبِ على غيره.

قوله: «و عن الوَرَثِةِ على رأي». الأقوى وجوبُها على الموصى له؛ لأنّ قبولَ الوصيّةِ كاشِفٌ فيجبُ عليه القضاءُ لو لم يَقْبَلْ حتَّى خَرَجَ الوقتُ - كما لو وُلِدَ له ولدٌ و لم يَعْلَمْ به كذلك - و لو رَدَّ الوصيّةَ وَجَبَتْ على الوارثِ كذلك.

قوله: «و لو مات بعد الهِلال و قبلَه تَسْقُطُ». بل يجبُ على الوارثِ.

قوله: «و يُجزئُ من اللَبَنِ أربعةُ أرطالٍ». الأقوى وجوبُ صاعٍ منه كغيره.

قوله: «و تقديمُها قَرْضاً». و أداءً على الأقوى.

قوله: «وَ إن لم يَعز لها وجب قضاؤها على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «مع وجود المُسْتَحِقِّ». الكَراهةُ مع إخراجِها فى الوقتِ أقوى كالماليّةِ.

قوله: «أقلَّ من صاعٍ». الأقوى أنّ ذلك على وجه الاستحبابِ، و لا فرقَ بينَ صاعِ نفسِه و غيره.

ص: 69

النظرُ الثالثُ في الخُمسِ

قوله: «و هو واجبٌ في غنائم دار الحرب ... إذا لم يكن مغصوباً». من مُسلمٍ أو مُسالمٍ.

قوله « عليه أثَرهُ». المراد بأثَر الإسلامِ اسمُ النبيِّ صلّی الله علیه و آله أو أحدِ وُلاةِ الإسلام.

قوله: «عَرَّفَه البائع».

المرادُ بالبائعِ هنا الجنْسُ فيجب تعريفُ كلِّ بائعٍ للمِلكِ إنْ أَمْكَنَ، مُقَدِّماً للأقربِ إليه فالأقرب، و متى عَرَّفَه القريبَ لم يَلتفِتْ إلى البعيدِ، و يُقْبَلُ قولُه من غير بَيِّنةٍ و لا يَمينٍ و لا وَصْفٍ. و يَتَعدَّى الحكمُ إلى الواهِبِ و المُصالِحِ و نحوهم، و وارثِ كلِّ واحدٍ منهم. و إنّما يكون للمشتَري و نحوه بعدَ التعريف إذا لم يكن عليه أثَرُ الإسلام و إلّا فلُقَطَةٌ، كما لو وجَدَه في أرضِ مُباحةٍ.

قوله: «و لو اشتَرى سَمَكَة».

الفرقُ بينَ الدابّةِ و السَمَكةِ أنّ الدابّةَ مِلكٌ للغير بالأصل و له عليها يدٌ تَقتضي تملُّكَ أجزائها، بِخلافِ السَمَكةِ فإنّها فى الأصل من جُملة المُباحاتِ التي لا تُمْلَكُ إلّا بالحِيازة و النيّة، و الصَيّادُ إنّما حازَ السمكةَ دونَ ما في بطنها لعدم علمه به، فلا يَتَوَجَّهُ إليه قصدٌ، و المِلكُ فرعُه. و يُشْكِلُ إطلاقُ الحكم فيهما؛ فإنّ الدابّةَ كما تكون مملوكةً في الأصل قد تكون ممّا تُمْلَكُ بالحيازة كالوَحْشي منها، و السمكةُ قد تكونُ مملوكةً بالأصل كما لو كانَتْ في ماءٍ مَحْصور مَمْلُوكٍ، فتكون كالدابّة، فلابُدَّ من تقييدهما. و لابُدَّ من تقييد الحكم فيهما أيضاً بأنْ لا يكون على المأخوذِ أثَرُ الإسلامِ و إلّا كان لُقَطَةً فيهما.

قوله: «و لو أُخذ من البحر شيءٌ بغير غَوصٍ فلا خمْسَ». من حيثُ إِنَّه غَوْصُ، لكن إذا

ص: 70

كان من نحو الجوهرِ و السَمَكِ ففيه خُمسُ المكاسِبِ (1).

قوله: «و فيما يفضُلُ عن مَؤونة السَنةِ».

المرادُ بالمؤونة هنا ما يُنْفِقُه على نفسه و عِياله الواجبي النَفَقةِ و غيرهم كالضَيْفِ، و الهَدِيَّةُ و الصِلَةُ و نحوُها، و يُعتَبَرُ فيها ما يَليقُ بحاله عادةً، فإنْ أسْرَفَ حُسِبَ عليه ما زادَ و إِنْ نَقَصَ حُسِبَ له. و نَفَقةُ الحجِّ عامَ الاستطاعةِ منها، لكن هذا إنّما يُسْتَثنى من ربْحِ عامِه، فلو اجْتَمَعَتْ مِن فَضَلاتٍ فِي سِنينَ خَمَّسَ ما سَبَقَ على عام الاستطاعة، و كانت مؤونةُ الحجِّ في ذلك العام من جملة المؤونةِ. و لو كان له مالٌ [آخَرُ] لا خُمسَ فيه ففي اعتبار المَؤونةُ منه أو ممّا فيه الخمسُ أو منهما أوجُهٌ، و ظاهرُ الفتاوى (2) و الأخبار (3) الأَوْسَطُ، و الأوّلُ أَحْوَطُ.

قوله: «و في أرض الذمّي إذا اشْتَراها مِنْ مُسلمٍ». لا فرقَ بينَ الأرضِ المُعَدَّةِ لِلزِراعة و غيرها، و يَتَخَيَّرُ بينَ أخْذِ خُمسِ العَيْن و الارتفاع. و يتولَّى الآخِذ - و هو الإمامُ أو نائبُه - النيَّةَ عنه لا عن الذِمِّي، مع احتمال سقوطِ النيّةِ هنا.

قوله: «و في الحلال المختَلِطِ بالحرام ... و لا يعرفُ صاحبه و لا قَدْره». لكن لو عَلِمَ نُقصانَه عن الخُمسِ اقتصر على ما يَتَحَقَّقُ معه البَراءةُ، و في كونه حينئذٍ خُمساً أو صدقةً وجهان، أحوطُهما الأوّلُ. و لو عَلِمَ زيادتَه عن الخمس مع جَهْلِ قَدْرِه أَخْرَجَ خُمْسَه و تَصَدَّقَ بما يَغْلِبُ على ظنِّه أنّه مع الخمس قَدْرُ الحرامِ فصاعداً.

قوله: «تَصَدَّقَ به». على مُسْتَحِقِّ الزَكاةِ لحاجته.

قوله: «و تُؤخَّرُ الأرباحُ». لا فرقَ بينَ الأرباحِ و غيرها في عدمِ اعتبار الحَوْلِ إلّا أنّ الوجوبَ في غير الأرباحِ مُضَيَّقٌ، و فيها - مع علم زيادتها عن المَؤونة من حينٍ

ص: 71


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 1، ص 463.
2- حيث عبّروا عن هذا القسم ب«ما يفضل عن مؤونة السنة من الأرباح».
3- فإنّ الأخبار الدالّة على أنّ الخمس بعدَ المؤونة شاملة لصورتي وجود مالٍ آخر و عدمه. راجع تهذيب الأحكام، ج 4، ص 123، ح 352 - 354: الاستبصار، ج 2، ص 55 - 56 ، ح 181 - 183.

ظُهور الربحِ - موسّعٌ طولَ الحَوْلِ احتياطاً للمكلَّفِ باحتمال زیادةِ مَؤونتِهِ و لمُسْتَحِقِّ باحتمالِ النُقْضصانِ (1).

قوله: «قول مالك الدار». بل قول المستأجر على الأقوى.

قوله: «و في ابن السبيل الحاجة عندَنا». أي موضعَ التسليم.

قوله: «و لا يَحِلُّ نَقْلُه مع المُسْتَحِقِّ». بل الأقوى جوازهُ مطلقاً - كما مرّ في الزكاة (2) - خصوصاً مع طلبِ المُساواة، هذا في حال الغَيْبة، أمّا مع حضور الإمامِ فيُنْقَلُ إليه مطلقاً.

قوله: «و صَفايا المُلوكِ و قطائِعُهُم». الضابِطُ أنّ كُلَّ ما كان لسلطانِ الكفر من مالٍ غير مغصوبٍ مِن محْتَرمٍ فهو لسلطانِ الإسلام. و المراد بالصَفايا ما يُنْقَلُ من المال، و القطائِعِ ما لا يُنْقَلُ.

قوله: «و الأنفال تختصّ بالإمام علیه السلام ... و إن كان غائباً ساغ لنا خاصّة المَناكِحُ و المَساكِنُ و المَتاجرُ».

المرادُ بالمناكِحِ السَراريُ (3) المَغْنومةُ من أهل الحرب في حال الغيبة، فإنّه يُباحُ لنا شِراؤها و وَطْؤُها و إنْ كانتْ بأجمعها للإمامِ أو بعضُها. و ربما فُسِّرَتْ (4) بالزَوْجاتِ باعتبار مَهْرها، بمعنى أنّه لا يجبُ إخراجُ خمسِه إذا كان ممّا يجبُ فيه الخمسُ، و بالسَراري باعتبار قيمتها كذلك، و يُمكنُ ردُّه بهذا المعنى إلى المَؤونة المُسْتَثْناةِ من الأرباحِ. و المراد بالمساكِنِ ما يَتَّخِذُه منها في الأرض المُخْتَصّة به علیه السلام كالمَمْلوكة بغير قِتالٍ. و فُسِّرتْ أيضاً بما يَشتَريه من المساكِنِ بمالٍ يجب فيه الخُمسُ، و هو راجعٌ إلى المَؤونة أيضاً. و المتاجِر ما يُشتَرى من الغنائمِ المأخوذة من أهل الحربِ حالَ الغَيْبَةِ، أو ما يُشْترى ممّنْ لا يَعْتَقِدُ الخمسَ كالمُخالف مع وجوبِ الخمس فيه.

ص: 72


1- أي نقصان المؤونة. لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 1، ص 467 - 468.
2- مرّ في ص 66، حيث قال الشهيد الثاني - في ذيل قول المصنّف: «و يحرم حملُها» -: الكراهية أقوى بشرط الضَمان.
3- جمع السُرِّيَّة، و هي الجارية المملوكة. راجع المعجم الوسيط، ص 427، «سرر».
4- هذا التفسير و التفسير الآتي ذكَرَهما المحقّق الكركي في حاشية إرشاد الأذهان، ص 162 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره ، ج 9)؛ و نَقَلَهما صاحبُ الجواهر في جواهر الکلام، ج 16، ص 149 عن الشهيد الأوّل.

كتابُ الصَوْمِ

[النظر] الأوّل [في ماهيّته]

قوله: «و عن مُعاوَدَةِ النَوْمِ». مع اعتياد الانتباه و إلّا حَرُمَ النومُ بعدَ الجَنابة مطلقاً.

قوله: «بعد انتباهتين».

الضابطُ في ذلك أنّ المُجْنِبَ يجوز له النَومةُ الأُولى مع نيّة الغُسلِ و اعتياده الانتباهَ ليلاً؛ فإذا نامَ و اتَّفَقَ عدمُ الانتباه فلا شيءَ عليه، و إن انتَبَه ليلاً حَرُم عليه النوم ثانياً، فإن عاوَدَ إليه - مع نيّة الاغتسالِ لَيلاً و اعتيادِه - و لم ينتبِهْ حتّى أصْبَحَ وجب عليه القضاءُ خاصّة، فإذا انْتَبَه ثانياً تأكَّدَ عليه تحريمُ النوم. فإنْ عاوَدَ إليه و لم يتّفق له الانتباهُ حتى أصبَحَ وجب عليه القضاءُ و الكفّارةُ. و لو لم يكن مُعتادَ الانتباهِ، أو لم يَعزمْ على الغسلِ وجب عليه بأوّلِ مَرَّةٍ. و لا تهْدمُ الجنابةُ المتجدِّدةُ ما سَبَقَ مِن العدد.

قوله: «الغُبارِ الغَليظ إلى الحَلقِ».

المرجِعُ في الغليظ إلى العُرف، و الأقوی عدمُ اشتراطِ القيدِ؛ لأنّ الغُبارَ المتعدِّي إلى الحَلْقِ نوعٌ من المُتَناوَلاتِ فيَحْرُمُ تَعَمُّدُه مع الاختيار. و أُلْحِقَ (1) به الدُخانُ الغليظُ

ص: 73


1- المُلْحِقُ هو المحقّق الكركي في حاشية إرشاد الأذهان، ص 165؛ و في حاشية شرائع الإسلام، ج 1، ص 298 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9 و 10)؛ و جامع المقاصد، ج 3، ص 70.

و بُخارُ القِدْر؛ و هو حسنٌ إن تحقَّق منهما جسمٌ يَعْلَقُ بالحلقِ و إلّا فلا.

قوله: «و عن الحُقْنَةِ». الأقوى اختصاصُ التحريمِ بالمائعِ، و أمّا الجامِدُ فيُكْرَهُ (1).

قوله: «الثلاثةِ الأخيرةِ». تُسْتَثنى منها الحُقْنةُ، فإنّها و إنْ حَرُمَتْ بالمائع لكن لا يُفسِدُ الصومَ.

قوله: «و بالإفطار مع الإخبارِ». لا فرقَ بينَ كَوْنِ المُخْبِر عَدْلاً أو فاسقاً، نَعَمْ لو كان عدلينِ وجَبَتِ الكفّارةُ و إِنْ ظُنَّ كِذْبُهُما .

قوله: «بدخول اللَيل».

المُفْطِرُ هنا تقليداً من يَقْدِرُ على المُراعاةِ فَتَرَكَها اعتماداً على قول المُخْبِر ثمّ ظَهَرَ فَسادُه، كما صَرَّحَ به جماعةٌ (2) منهم المصنِّفُ في المنتهى (3) مُصَرِّحاً مع ذلك بنفي الكفّارة؛ و فيه نظرٌ، و الذي ينبغي حينئذٍ وجوبُ الكفّارة إلّا أنْ يَجْهَل تحريمَ الإفطار حينئذٍ، فيَلْحق بالجاهل. و لو كان المُخْبِرُ عدلين، أو عدلاً لمن لا يَقْدِرُ على المراعاةِ لم يجب القضاءُ.

قوله: «لِلظُلْمَةِ الموهِمةِ دخولَ اللَيلِ».

الأقوى أنّ المُفْطِرَ مع توهُّم دخولِ اللَيلِ و شَكِّهِ يجب عليه القضاءُ، ثمّ إِنْ عَلِمَ أَنّ مثلَ ذلك لا يُجَوِّزُ الإفطارَ وجبتِ الكفّارة أيضاً، و إنْ جَهِلَ الحكمَ بُنِيَ على حكمِ الجاهلِ. و مثلُه ما لو ظَنَّ الدُخولَ و له طريقٌ إلى العلمِ. و لو لم يكن له طريقٌ إليه جازَ الإفطارُ، ثمّ إِنْ تَبَيَّنَتِ المطابَقَةُ أو استَمَرَّ الاشتباهُ فلا قضاءَ، و إِنْ ظَهَرَتِ المخالَفَهُ فقولان (4)، أجودُهما أنه كذلك.

ص: 74


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 165 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- منهم: المحقّق في المختصر النافع، ص 67 و المعتبر، ج 2، ص 676 - 677: و المحقّق الكركي في حاشية إرشاد الأذهان، ص 166؛ و في حاشية شرائع الإسلام، ج 1، ص 305 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9 و 10).
3- منتهى المطلب، ج 9، ص 158:... فأفطر ثمّ بان كذبه مع قدرته على المراعاة وجب عليه القضاء خاصّة.
4- ذهب إلى وجوب القضاء المفيد في المقنعة، ص 358؛ و أبو الصلاح في الكافي في الفقه، ص 183؛ و المحقّق في المعتبر، ج 2، ص 678؛ و الشيخ في النهاية، ص 155؛ لمزيد التوضيح راجع جامع المقاصد، ج 3، ص 65؛ مدارك الأحكام، ج 1، ص 95 - 98.

قوله: «و يحرمُ وَطءُ الدابّة و ... و لا كَفَّارَةَ على رأي». قويّ إلّا في وَطْء الدابّةِ، فإنّ الأقوى وجوبُ القضاء و الكفّارة.

قوله: «أو أجْنَبَ نَهاراً». بغير اختياره.

قوله: «أو نظرَ إلى امرأة فأمْنى». إلّا مع قصدِ الإمناء أو اعتيادِه فيجب القضاءُ و الكفّارةُ، و لا فرقَ في ذلك بينَ المحلَّلَةِ و المُحَرَّمةِ (1).

قوله: «و لو تمضمضَ ... الصلاة و التداوي و العَبَثِ على رأي». قويّ في غير وضوء صلاة النافلة، فقد رُوِيَ وجوبُ القضاء فيها (2)، و لا بأسَ به و حينئذٍ فيجبُ في الأخير (3) بطريقٍ أولى، هذا إذا لم يُقَصِّر في التحفُّظ و إلّا وَجَبَتِ الكفّارةُ مطلقاً.

قوله: «فالقضاءُ على رأي». عدمُه أقوى، و كذا لو صَبَّ لِغير التَداوي (4).

قوله: «و الحُقْنَةُ بالجامِدِ على رأي». قويّ.

قوله: «النُخامَةِ و البُصاقِ إذا لم يَنْفَصِلْ عن الفَمِ». قيدُ الأمرين معاً، و الأجودُ تحريمُ ازدرادِه (5) النُخامة متى صارتْ في فَضاء الفَمِ و إِنْ لم تَنْفَصِلْ عنه، و كذا القولُ في المُسْتَرْسِلِ مِن الدِماغِ. و حدُّ الفم مَخْرَجُ الخاء المُعْجَمةِ، و حيثُ يحرُمُ تناوُلُها فهو كالإفطار على المحرَّمِ فيجب به كفّارةُ الجَمْعِ.

قوله: «عَمداً أو جَهلاً أفْسَدَ». فيجب القضاءُ عليهما لكن في وجوب الكفّارةِ على الجاهِلِ كالعامِدِ قولان (6)، أحْوَطُهُما ذلك.

ص: 75


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 168 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره ، ج 9).
2- الكافي، ج 4، ص 107، باب المضمضة و الاستنشاق للصائم، ح 1؛ تهذيب الأحكام، ج 4، ص 324، ح 999.
3- أي لو فَعَلَ ذلك عبثاً.
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 168 - 169 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
5- في المعجم الوسيط، ص 391، «زرد»: ازْدَرَدَ اللقمةَ: ابتَلَعَها.
6- ذهب إلى عدم وجوب الكفّارة على الجاهل بالتحريم المحقّق في المعتبر، ج 2، ص 662؛ و العلّامة في منتهی المطلب، ج 9، ص 99؛ و المحقّق الكركي في جامع المقاصد، ج 3، ص 71؛ و اختار المحقّق في شرائع الإسلام، ج 1، ص 172؛ و العلّامة في قواعد الأحكام، ج 1، ص 376 وجوبَ الكفّارة على من أكل ناسياً فظنَّ فساد صومه فأفطَرَ عامِداً؛ و هذا من أفراد الجاهل بالحكم كما صرّح به المحقّق الكركي في جامع المقاصد، ج 3، ص 71؛ و الشهيد الثاني في مسالك الأفهام، ج 2، ص 22؛ و لمزيد التوضيح راجع جواهر الکلام، ج 16، ص 254 - 257.

قوله: «و الصَوْمَ على رأي». قويّ، و كذا لو نَسِيَ يوماً فما زادَ.

قوله: «و لو أفْطَرَ بالمُحَرَّم». بالأصلِ و العارِضِ.

قوله: «أو طلع الفجرُ فابتَلَعَ باقي ما في فيه كَفَّرَ». مع العلم بتحريمه، أمّا مع الجهلِ ففي الكفّارة قولانِ - كالمسألة السابقة - أحْوطُهما الوجوبُ.

قوله: «فلا شَيءَ». لكن يجبُ المبادرةُ إلى التخلُّصِ بنيّتِهِ، فلو اسْتَدامَ أو نَزَعَ بنيّة الجِماع كَفَّرَ.

قوله: «و في يوم مع الاختلافِ». و كذا مع تَخَلُّلِ التكفير و تَكَرُّر الجماع.

قوله: «و لو أفْطَرَ ثمّ سَقَطَ الفرضُ باقي النَهار فَلا كفّارة». الأقوى عدمُ السقوطِ مطلقاً، نَعَم لو انْكَشَفَ أنّ اليومَ مِن غير رَمَضانَ سَقَطَتْ.

قوله: «و لو طاوَعَتْه». في الأثناء.

قوله: «عن الأجنبيّةِ المُكْرَهَةِ». قَصْرُ الحكم على مورد النَصّ (1) - و هو التحمُّلِ عن الزوجةِ المُكْرَهةِ - قويٌّ: نَعَمْ لا فرقَ في الزوجةِ بينَ الدائمِ و المُسْتَمْتَعِ بها، و لا في المُكْرَهة بين المجبورةِ [و المضروبة] (2) ضُرِبَتْ ضرباً مُضِرّاً بها حتّى مَكَّنَتْ.

قوله: «و تَبرُّعُ الحَيِّ بالتكفير يُبْرى الميِّت». أمّا الحيُّ فالأقوى المنعُ من التبرُّع بالصوم عنه مطلقاً، و توقُّفُ غيره من الخِصال على إذنِ من وَجَبَتْ عليه.

ص: 76


1- الكافي، ج 4، ص 103 - 104، باب من أفطر متعمّداً من غير عذرٍ أو ...، ح 9؛ الفقیه، ج 2، ص 117، ح 1891؛ تهذيب الأحكام، ج 4، ص 215، ح 625.
2- ما بين المعقوفين أضفناه من الروضة البهيّة، ج 1، ص 275 (ضمن الموسوعة، ج 6) ليستقيم المعنى.

خاتمة

قوله: «و لابدَّ في كلِّ يومٍ من رمضانَ مِنْ نيّةٍ على رأي». قويّ.

قوله: «و لا تكفي المتقدّمةُ عليه للناسي على رأي». قويّ.

قوله: «عن أحَدِهما على رأي». قويّ مع العلم، أمّا مع الجهلِ أو النِسيانِ فيَقَع عن رَمَضانَ.

قوله: «و لو زالتِ الشمسُ أمْسَكَ». بالنيّةِ، و لو أفطَرَ وَجَبَتِ الكفّارةُ. و لو كان قد صامَ نَدْباً جَدَّدَ نيّةَ الوجوبِ و أجْزَأ على التقديرين (1).

قوله: «فلو جدّد ... نيّة الإفساد بَطَلَ صَوْمُه على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «و لو نوىَ الإفساد... قبل الزوالِ لم يُجْزِئْه على رأي». قويّ.

ص: 77


1- أي قبل الزوال و بعده.

النظرُ الثاني في أقسامه

[المطلبُ] الأوّلُ: الصوم أربعة

قوله: «و مندوبٌ ... و أياّمُ البيضِ». أي أيّامُ اللَيالي البيض، و هي لَيلةُ الثالِثَ عَشَرَ و الرابع عَشَرَ و الخامِسَ عَشَرَ (1).

قوله: «و عاشوراء حُزناً». يُسْتَحَبُّ صومُ العَشْر فإذا كان يومُ العاشِر أفْطَرَ بعدَ العصر، من غير أنْ يَنْوِي الصومَ، بل يَنْوي فيه الإمساكَ خاصّةً.

قوله: «و مكروهٌ و هو ... و المدْعُوُّ إلى طَعَامٍ». لا فرقَ بينَ دُعَائِهِ أَوّلَ النَهار و آخِرَه، و لا بينَ مَنْ هَيَّأَ الطعامَ له و غيره، و لا بينَ مَنْ شَقَّ عليه المخالَفَةُ و غيره؛ نَعَم يُشْتَرَطُ كونُه مؤمناً و دعاؤه قَصْداً و قصدُ المَدْعُوِّ بذلك إجابَته لِيصيرَ عبادةً؛ فإنّ حِكمتَه إجابةُ دَعوةِ المؤمنِ و عدمُ رَدِّ قوله لا كونُه أكلاً.

قوله: «و يَوْمُ الشَكِّ». و هو يومُ الثلاثينَ من شعبانَ إذا تَحَدَّثَ الناسُ برؤيته على وجهٍ لا يَثْبُتُ، أو شَهِدَ به مَن لا يَثْبُتُ بشهادته.

قوله: «و الصَمْتُ». و هو أن يَنْوِي الصَوْمَ ساكِتاً.

قوله: «و هو تأخيرُ العِشاء». مع النيّة، أمّا لو أخَّرَه كذلك بغير نيّتِهِ في الابتداء لم يَحْرُمُ.

قوله: «و من هو بِحُكم الحاضر». ككثير السَفَر و العاصي.

قوله: «و الواجب في المرض». بل مُطلق الصومِ.

قوله: «و الولَدِ بدونِ إذنِ والِدِهِ». الأقوى في الولَدِ و الضَيْفِ كَراهةُ صومِهما بدونِ الإذنِ،

ص: 78


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 175 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

و كذا يُكْرَهُ صومُ المُضِيفِ بدونِ إذنِ الضَيْفِ.

قوله: «و النافلةِ في السفر». قد تَقَدَّمَ عَدُّ صوم النافلةِ سفراً في المكروهاتِ، فهو إمّا رجوعٌ أو تَجَوُّزٌ في الحُكم بعدم الانعقادِ هنا؛ و يُشكِلُ حينئذٍ عطفُه على صوم مَن سَبَق، بتشويشِ المعنى و استعمالِ اللفظِ في حقيقته و مجازه بغير قرينةٍ.

قوله: «إمّا مُضَيَّقٌ». أي مُتَعيِّنٌ و إنْ كان مُوسَّعاً.

قوله: «و قضاء رمضانَ». أي كفّارة قَضاء رمضانَ بإفطاره بعدَ الزَوالِ.

المطلبُ الثاني في شرائط الوجوب

قوله: «فلا يجبُ الصومُ ... و لا المريضِ المتضرِّر به». يُعْلَمُ الضررُ بقول الطبيب الحاذِقِ و إنْ كان كافراً، مع اشتهاره بذلك العلم؛ فلو صامَ و الحالُ هذه كان صومه فاسداً.

قوله: «و لو جَهِلَ أجْزَأَه». و كذا لو نَسِيَ.

قوله: «و يجب القضاءُ على المُرتَدِّ». سَواءٌ كان عن كُفرٍ أصلي أم عن فِطرةٍ، ثمّ إنْ أمْكَنَه القضاءُ قَبْلَ أنْ يُقْتَلَ و فَعَلَه أجْزأ لِقبول توبتِهِ باطناً على الأقوى، و إلّا فالفائدةُ استحقاقه العِقابَ في الآخرة.

قوله: «و لو استمرّ مرضهُ إلى ... و كَفَّرَ عن كُلِّ يوم منه بمُدٍّ».

مَحَلُّ هذه الكفّارةِ مُسْتَحِقُّ الزكاةِ لحاجته، و لا يجب تعدُّدُه، و كذا القولُ في كُلِّ فِدْيَةٍ يَجب هنا. و في تعدية الحكم إلى غير المريض أوْجُهٌ، أَجْوَدُها وجوبُ الكفّارة مع التأخير لغير عُذر، و وجوبُ القضاء مع دوامِه، و لا تَتَكَرَّرُ الفِدْيَةُ بتكرُّر السِنينَ.

قوله: «و إنْ لم يَتَهاوَنْ قضى بغيرِ كفَّارة».

يَتَحَقَّقُ التَهاوُنُ بعدم العَزْمِ على القضاء، و غيرُ المُتهاوِنِ مَنْ عَزَمَ عليه في حال السِعةِ و أخَّرَ اعتماداً عليها فلمّا ضاقَ الوقتُ عَرَضَ له المانِعُ الضروريُ. و ما ذَكَرَه من التفصيل هو المشهورُ، و الأقوى وجوبُ القضاء مع الفِدْية على من قَدَرَ على القضاء و لم يَقْضِ حتَّى دَخَلَ رمضانُ الثاني، سَواءٌ عَزَمَ على القضاء أم لا.

ص: 79

قوله: «و هو أكبر أولادِه الذُكور». المراد بالأكبر مَن ليس هناك ذَكَرٌ أكبَرُ منه، فلو لم يُخلِّفِ المَيِّتُ إلَّا ذَكراً واحداً تَعَلَّقَ به الحكمُ، و فى اعتبار بُلوغه حين موت أبيه قولان (1)، أجْودُهما ذلك.

قوله: «و لو تَبَرَّع أحَدٌ». و لو أجنبيّاً.

قوله: «و لو كان الأكبرُ أُنثى». و لم يكنْ له ذَكَرٌ - كما مَرَّ (2) - و إلّا وجب عليه.

قوله: «صامَ الوليُّ». بل الأقوى وجوبُ الجميعِ على الوليِّ.

قوله: «شَهْراً». الثاني.

قوله: «عن آخَرَ». الأوّل.

قوله: «تتابُعُ القضاء». مطلقاً.

المطلبُ الثالثُ في شهرِ رَمَضَانَ

قوله: «و من المستحاضة إذا فَعَلتِ الأغسالَ». النَهاريةَ بالنسبة إلى اليوم الحاضر، أمّا غُسلُ اللَيلِ فيَتَوَقَّفُ عليه صومُ اليوم المُقْبِلِ، أو ما يَقومُ مَقامَه كغسل الصبح (3).

قوله: «و يُعلمُ رمضان ... و بِشِياعِهِ».

المرادُ بالشِياعِ هنا إخبارُ جَماعةٍ بالرؤية تأمَنُ النَفْسُ مِن تَواطيهم على الكذب و يحصُلُ بأخبارهم الظَنُّ المُقاربُ لِلعلم، و لا ينحصرُ في عَدد، نَعَم يُشْتَرطُ كونُهم

ص: 80


1- ذهب فخر الدين في إيضاح الفوائد، ج 1، ص 237 إلى اعتبار بلوغه حين موت أبيه، و قال: فلو كلِّفَ بعد موته و لو بلحظةٍ لم يجب عليه القضاء؛ و استقر به الشهيد في ذكرى الشيعة، ج 2، ص 350 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج6). و ذهب المحقّق الكركي - في حاشية إرشاد الأذهان، ص 179 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج9) - إلى عدم اعتباره و قال: لو لم يكن الأكبر بالغاً تعلّق به وجوب القضاء عند البلوغ؛ و للمزيد راجع جواهر الکلام، ج 17، ص 42؛ مسالك الأفهام، ج 2، ص 63.
2- مَرَّ آنفاً قبيلَ هذا.
3- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 180 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ و للتوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 1، ص 276 - 277 (ضمن الموسوعة ، ج6)؛ مسالك الأفهام، ج 2، ص 45 - 46.

ثلاثةً فما زادَ، و لا فرقَ فيه بينَ الصغير و الكبير و المُسلمِ و الكافرِ، و لا فرقَ في ذلك بينَ هِلالِ رمضانَ و غيره.

قوله: «و بشهادة عَدلَين مطلقاً (1) على رأي». قويّ.

قوله: «بخلافِ المُتباعِدةِ». مَثَّلَ المصنِّفُ (2) و غيرُه (3) المُتَبَاعِدَةَ بالعِراق و خراسانَ و الشامِ، و لا شبهة فيه، و ضابِطُه اختلافُ المَطالِعِ؛ فإنّها هي الموجبة لاختلافِ الرُؤية بناءً على أنّ الأرضَ كُرَويّةٌ.

قوله: «العَمَلُ بالعَدَدِ».

المرادُ بالعَدَدِ هنا عَدُّ كُلِّ شهرٍ ثلاثينَ ثلاثين و هو يَتِمُّ في الشهرينِ و الثلاثةِ، أمّا [لو] غُمَّتْ جميع شهور السَنشة - كما هو ظاهر العبارة - ففي الرجوع إلى ذلك إشكالٌ لِقضاء العادةِ بخِلافه. و ذهب جماعةٌ (4) عندَ ذلك إلى الرجوع إلى عَدِّ خمسةٍ من هلال الماضية و صومِ الخامِسِ. و لا بأسَ، و هذا في غير السَنَة الكبيسية و فيها تُعَدُّ سِتَّةٌ كذلك.

ص: 81


1- أي سواء كان في السماء غيمٌ أم لا، وسواء كانا من خارج البلد أم لا. راجع إيضاح الفوائد، ج 1، ص 249: مجمع الفائدة و البرهان، ج 5، ص 291.
2- تذكرة الفقهاء، ج 6، ص 122. المسألة 76.
3- كالمحقّق في شرائع الإسلام، ج 1، ص 181.
4- منهم: الشيخ في المبسوط، ج 1، ص 366؛ و العلّامة في تذكرة الفقهاء ج 6، ص 141 - 142، المسألة 85؛ و منتهى المطلب، ج 9، ص 256؛ و تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 1، ص 492 - 493، الرقم 1708؛ و ابن الجنيد كما نقله عنه في مختلف الشيعة، ج 3، ص 363، المسألة 91.

النظرُ الثالثُ في اللَواحِقِ

[المطلبُ] الأوّلُ في أحكامٍ متفرِّقةٍ

قوله: «و کُلُّ مشروطٍ بالتتابُعِ».

استُثنِيَ من هذه الكُلّيّة صومُ كفّارةِ اليمينِ، و كفّارةُ قضاء رمضانَ، و ثلاثةُ الاعتكافِ؛ فإنّ الإفطارَ في هذه الثلاثةِ يوجبُ الاستئنافَ مُطلقاً. و متى جازَ البِناءُ مع العُذر يجب المبادَرَةُ إليه بعدَ زَواله (1).

قوله: «و الشَّيْخُ و الشَّيْخَةُ إذا عَجَزاء، و ذو العُطاش». الأقوى أنّهم إنْ عَجَزوا عن الصوم أصلاً سَقَطَ عنهم أداءً و قضاءً و لا فِديةَ عليهم، و إنْ أطاقوه بمَشقَّةٍ شديدةٍ لا يُتَحَمَّل مثلُها عادةً فعليهم الصَدَقَةُ - للإفْطار - بما ذكَرَ .

قوله: «و الحامِلُ المُقْرِبُ و المُرْضِعةُ».

هذا إذا خافَتا على الولد، أمّا لو خافتا على أنفسهما فكالمريض تُفْطِرانِ و تَقْضِيانِ. و لا فرقَ في الخوفِ بينَ الجوعِ و العَطَشِ و لا بينَ كونِ الولدِ من النَسَبِ و الرضاعِ، و لا بينَ المُسْتَأجَرة و المُتَبرِّعةِ، إلّا أنْ يَقومَ غيرُها مَقامَها مُتَبرِّعاً أو آخِذاً مِثلَها. و المرادُ بالطعامِ (2) الواجبُ في الكفّاراتِ، و مَصْرِفُه مَصْرِفُها.

قوله: «و حدّ المرض المبيحِ للرخصة ما يخافُ معه الزيادةُ». في المرضِ أو مُدّةٍ بقائِه، و المرجِعُ في الخوفِ إلى ما يجِدُه مِن نفسه أو إخبار مَن يَظُنُّ صِدْقَه.

ص: 82


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 183 - 184 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- یعني في قوله في المتن: يتصدَّقون عن كلِّ يومٍ بمُدٍّ من طعامٍ.

قوله: «فيُكَفِّر لو أفْطَر قبلَه». قد تقدّم (1) أنّ عُروضَ المُسقِطِ لوجوب الصوم يُسْقِطُ الكفّارةَ؛ و السفرُ منه، فهو إمّا رُجوعٌ عمّا سَبَق، أو استثناءٌ منه - بحيثُ يَخُصُّ ما سَبَقَ بغير الاختياري كالحَيْضِ و المرضِ، فإنّه أحدُ الأقوال فى المسألة (2) - أو يُريدُ هنا الحكم بالكفّارة في الحال و إنْ تَجَدَّدَ لها المُسقِطُ بعدَ السفر، فإنّه أمرٌ آخَرُ لا ينافي الحكمَ بالوجوب أوّلاً.

المطلبُ الثاني في الاعْتِكافِ

قوله: «و لو شرط في النذر الرجوعَ إذا شاء كان له ذلك». الأجودُ تقييده بالعارض و إلّا لَم يَصِحٌ.

قوله: «و لا قَضاءَ». إلّا أنْ يكونَ الزمانُ مطلقاً فيقضي.

قوله: «و لا يَصِحُّ في غَيرها مِن المساجِدِ على رأي». بل يَصِحُّ في كُلِّ مسجِدٍ جامعٍ.

قوله: «يَبْنِي و يُكَفِّرُ». إنْ كان الماضي ثلاثةً.

قوله: «وَجَبَ الليلُ أيضاً». إنّما يجب اللَيلُ مع توقُّف التوالي عليه كاللَيلةِ الثانيةِ و الثالثةِ للثلاثة، أمّا الأُولى فالأقوى عدمُ وجوبها إلّا مع التصريحِ بإدخالها في النَذْر؛ نَعَمْ

ص: 83


1- تقدَّم في ص 76 حيث قال: و لو أفطَرَ ثمّ سقط الفرضُ ... .
2- 2 . قال المحقّق الكركي في حاشية شرائع الإسلام، ج 1، ص 310 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج10): .... و منهم من فرّق بين ما إذا عرض له المسقط من غير قصدٍ كالجنون و الحيض و السفر الضروري، و بين ما إذا حصل باختياره، فأسقط الكفّارة في الأوّل دون الثاني؛ و قال الشهيد الثاني في مسالك الأفهام، ج 2، ص 36 - 37: و فرّق بعضهم بين ما لو كان المسقط باختياره كالسفر غيرِ الضروري، أو بغير اختياره كالحيض و السفر الضروري، فأسقط الكفّارة بالثاني دون الأوّل؛ و في جواهر الکلام، ج 16، ص 306: ... و قيل - كما في فوائد الشرائع -: تسقط إن لم يكن المسقط اختيارياً كسفر و نحوه. و إنْ كنتُ لم أتحقَّقْ قائله: و قال العلّامة في قواعد الأحكام، ج 1، ص 377 و 378: لو سقط فرض الصوم بعد إفساده فالأقرب سقوط الكفّارة، فلو أعْتَقَتْ ثمّ حاضَتْ فالأقرب بطلانه ... لو جامع ثمّ أنشأ سفراً اختياراً لم تسقط الكفّارة، و لو كان اضطراراً سقطت على رأي؛ و للمزيد راجع تذكرة الفقهاء، ج 1، ص 83 - 84، المسألة 46؛ إيضاح الفوائد، ج 1، ص 230 - 231، 234 - 235 : مجمع الفائدة و البرهان، ج 5، ص 144 - 328،148.

يجبُ إدخالُ جزءٍ مِن آخِرِ اللَيلةِ الأُولى و جزءٍ من الأخيرة مِن باب المقدِّمةِ.

قوله: «أنْ يَعْتَكِفَ فى أيّامِهِ». هذا إذا كانت المُهاياةُ تَفي بأقلِّ مُدّة الاعتكافِ، و لم يُضْعِفْه الاعتكافُ عن الخدمةِ في نَوْبة المولى، و لم يكن الاعتكافُ بصومٍ مندوبٍ، و إلّا لم يَجُزْ إلّا بالاذْن.

قوله: «فَيَبْطُلُ لو خَرَجَ». مع الاختيار مطلقاً، و مع الكَرْهِ و النِسيانِ إِنْ طالَ الزمانُ بحيثُ يَخْرُجُ عن كوْنه مُعْتَكِفاً و إلّا فلا.

قوله: «تخرُجُ إلى منزلها». إنْ لم يكنْ مُعَيّناً [أ] و شَرَطتِ الخروجَ عندَ العارض وزإلّا لم تَخرُجْ.

قوله: «النِساءُ لَمْساً». إن كانَ بشهوةٍ و الّا فلا، و حيثُ يحرُمُ لا يَفْسُدُ به الاعتكافُ و لا يوجِبُ الكفّارةَ على الأقوى.

:قوله «و شَمُّ الطِيبِ». و في حكمه الرياحينُ على الأقوى.

قوله: «و البَيْعُ و الشِراءُ». مع عدم الحاجة إليهما.

قوله: «و لا كفّارةَ على رأي». قويّ.

قوله: «في نَهارِ رَمَضانَ فكفّارتان». إنْ كان الاعتكافُ واجباً و إلّا فواحدةٌ للصومِ، و في حكمِ رمضانَ النذرُ المعيَّنُ و ما في معناه (1).

قوله: «فتتضاعف عليه». أي عليه أربعُ كفّاراتٍ. و لو زنى في نهار رمضانَ مُكْرِهاً لها كان عليه ثمانُ كفّاراتٍ: سِتٌّ للصوم و اثنتانِ للاعتكافِ.

ص: 84


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 191 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

كتابُ الحجِّ

[النظرُ] الأوّلُ فِي أَنواعِهِ

قوله: «ثمّ يُحرم من مكّةَ يومَ الترويةِ». الثامنَ من ذي الحجّة على الأفضل.

قوله: «ثمّ يَمْضي إلى مكّة». مِن يومه أو غدِه، و لا يجوزُ التأخيرُ عن غدِه.

قوله: «باثْنَي عَشَرَ مِيلاً». بل ثمانيةٍ و أربعينَ مِيلاً مِن كُلِّ جانبٍ.

قوله: «إلى فَرضِ الآخَرِ اضطراراً».

يَتَحَقَّقُ الاضطرارُ في المُتَمتُّع بخَوْف المرأةِ الحَيضَ المانعَ لها من التَحَلُّل من العُمرة قبلَ الإهْلالِ بالحجِّ و إدراكِ عَرَفةَ، نظراً إلى عادتها، فيَعْدِلُ حينئذٍ إلى أحدهما. و يتحقَّقُ العكسُ إذا خافتْ طَرْءَ الحَيْضِ بعدَ الإتيانِ بأفعال الحجِّ بحيثُ لا يُمْكِنُها الإتيانُ بالعُمرة المُفْرَدة بعدَه، و خَشِيَتْ معاجَلَةَ سفر رُفْقَتِها، و نحو ذلك (1).

قوله: «و يستحبُّ لَهما تجديدُ التَلْبِيَةِ». الأقوى وجوبُ تجديدِ التلبيةِ بعدَ كُلِّ طوافٍ عقيبَ رَكعَتَيْه، و بدونها يُحِلّانِ.

قوله: «و يَنْتَقِلُ فرضُ المُقِيم». و يُشْتَرَطُ الاستطاعةُ مِن بَلَده.

قوله «ثَلاثَ سِنِينَ». بل المُعْتَبَرُ سَنتانِ و يَنْتَقِلُ فرضُه في الثالثة.

قوله: «إلى المِيقاتِ». أيَّ ميقاتٍ شاءَ.

ص: 85


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 193 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

النظرُ الثاني في الشرائط

قوله: «و هي الزادُ و الراحلةُ». إنّما يُعْتَبَرُ الراحلة فيمَن يَفْتَقِر إلى قَطع المسافة، و يكفي ملك المنفعةِ.

قوله: «و تخلية السربِ». المراد هنا عدم المانع مِن سلوك الطريق.

قوله: «قبلَ المَشْعَرِ أجْزَأ». بشرط الاستطاعةِ من البلد إليه كغيرهما.

قوله: «على نِسبةِ حالِهِ». المعتبرُ في الزاد حالُه في الرِفْعَة و الضِعَةِ و ما ناسَبَهما، و في الراحلة حاله فى القُوّة و الضَعف لا الشَرَفِ.

قوله: «و إنْ لم يرجع إلى كِفايةٍ على رأي». قويّ.

قوله: «و لا تباع ثيابه و لا دارُه و لا خادِمُه». و لا فَرَسُ رُكوبه إذا كان من أهلها، و لو كانت نفيسةً - بحيث لو اسْتَبْدَل بها ما يَلِيقُ به بَقيَ منها ما يَصْرِفُ في الحجِّ - وَجَبَ. و لو لم تكُنْ له المُسْتَتْنَياتُ اسْتُثنِي ثَمَنُها (1).

قوله: «بأكثرَ من ثَمنِ المِثلِ على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «و لا يجوز صرف المال في النِكاح و إنْ شَقّ». أي شَقَّ تَرْكُهُ، لكن لو لَزِمَ منه ضَرَرٌ شديدٌ لا يُتَحمَّل مِثلُه فى العادة قُدِّمَ النِكاحُ (2).

قوله: «و لو بُذِلَ له زادٌ و راحِلةٌ». لا فرقَ في ذلك بينَ من يوثَقُ به و غيره، و لا بينَ ما لو وَجَبَ البَذْلُ بنذر و شبهِهِ و عدمِه، عملاً بإطلاق النَصِّ (3): نعم يُشْتَرَطُ بَذْلُ عَيْن الزادِ

ص: 86


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 197 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 197 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
3- الكافي، ج 4، ص 266 - 267، باب استطاعة الحجّ، ح 1؛ الفقيه، ج 2، ص 419، ح 2861؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 3 - 4، ح 3 و 4، و ص ،18، ح 52: الاستبصار، ج 2، ص 140، ح 455 - 456.

و الراحلةِ، فلو بذلَ له أثْمانها لم يجب القبولُ.

قوله: «مُتَسَكِّعاً». مُتكلِّفاً له بغير زادٍ و لا راحلةٍ.

قوله: «و لا يجب الاقتراضُ لِلحجِّ». إلّا أنْ يكونَ عندَه مالٌ يَفْضُلُ منه عن حاجته ما يُوفي به الدَينَ (1)، فيتخيَّرُ بينَ الاقتراضِ و الاعتياضِ بالبَيْعِ و نحوهِ.

قوله: «و لا بَذْلُ الولَدِ مالَه لِوالدِهِ». و كذا العكسُ بطريق أولى.

قوله: «مع تَمَكَّنِه على رأي». الأجودُ وجوبُ البذلِ مع الإمكان.

قوله: «أو كان مَعْضوباً». المعضوبُ: الضعيفُ (2).

قوله: «الاستنابةُ على رأي». الأقوى الوجوبُ، و موضِعُ الخِلافِ ما إذا عَرَضَ المانِعُ قبلَ استقرار الوجوب، أمّا لو استَقَرَّ ثمّ عَرَضَ المانعُ وجبتِ الاستنابةُ قولاً واحداً.

قوله: «و لو ماتَ بعدَ الإحرامِ». لا فرقَ بينَ موتِهِ في الحِلِّ أو في الحَرَمِ، مُحِلّاً أو مُحرماً، كما لو ماتَ بينَ الإحرامَيْن.

قوله: «و دخولِ الحَرَم أَجْزأ». و إنْ ماتَ بغير الحَرَمِ.

قوله: «فإنْ أهْمَلَ اسْتَقَرَّ في ذِمَّتِهِ». يتحقَّقُ الاستقرارُ بمُضىِّ زمانٍ يَسَعُ جميع الأفعال و يُهْمِلُ مع القدرة عليه، فيَسْتَقِرُّ في ذِمَّته.

قوله: «و لو ارتَدَّ بعد إحرامِهِ لم يَبْطُلْ لَو تابَ». فيه دقيقةٌ و هي أنّ استِدامةَ النيّةِ ليسَتْ شرطاً في صحَّتِهِ و إِلَّا بَطَلَ فِي رِدَّتِه في أثنائِهِ.

قوله: «مع إخلالِ رُكنٍ». أطلَقَ الأكثرُ تقييدَ الإخلالِ بالركن، و فَسَّرَه بعضُهم (3) بما هو

ص: 87


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 199 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- الصحاح، ج 1، ص 184؛ لسان العرب، ج 1، ص 609، «عضب»؛ و انظر مسالك الأفهام، ج 2، ص 138.
3- كالمحقّق في المعتبر، ج 2، ص 765؛ و العلّامة في منتهى المطلب، ج 13، ص 101؛ و الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 230 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9)؛ و المحقّق الكركي في جامع المقاصد، ج 3، ص 138؛ و راجع جواهر الکلام، ج 17، ص 304 - 307.

رُكنٌ عندَنا لا عندَهم؛ و النصوصُ (1) خاليةٌ عن الجميعِ.

قوله: «و لا يُشْتَرطُ المحرَمُ إلّا مع الحاجة». و معها لا يجب عليه (2) الإجابةُ، و لو طَلَبَ أُجرةً فهي جزءٌ من استطاعتها. و المرادُ بالمَحْرِم الزَوْجُ و من يَحْرُمُ عليه نِكَاحُها مُؤَبَّداً بنَسَبٍ أو رضاعٍ أو مُصاهَرَة.

قوله: «و لو أذن المولى انعقد نَذرُ العبد و كذا الزوجةُ». و الوَلَدُ بالنسبة إلى الوالِد. و نَذْرُ الثلاثةِ (3) بدون الإذنِ باطلٌ و إنْ لَحِقَتْه الإجازةُ على الأقوى.

قوله: «و على الدَين بالِحصَصِ». تُقدَّم حجّةُ الإسلام مع عدمِ الاتّساع.

قوله: «و لو نَذَرَه ماشِياً وَجَبَ». مِن بَلَدِهِ على الأقوى، و يَسْقُطُ المَشْيُ بعد طواف النِساء.

قوله: «فإنْ رَكِبَ مُتَمَكِّناً أعادَ». ماشياً مع الإطلاق، و مع تعيينِ السَنةِ يَقْضي و يُكَفِّرُ.

قوله: «و مع التقييد يَسْقُطُ». المَشْيُ دونَ الحجِّ.

قوله: «و أنْ لا يكونَ عليه حَجٌّ واجبٌ». قادِرٌ على أدائِهِ و إلّا لم يَمْنَعْ.

قوله: «و تَعيينُ المنوبِ عنه قَصْداً». في نيّةِ كُلِّ فعلٍ، و يُسْتَحَبُّ لفظاً.

قوله: «و لا نِيابةُ المُمَيِّز على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «مع عدمِ الوجوبِ». أي مع عدمِ وجوبِ الحجِّ على الصَرورةِ.

قوله: «بما قابَلَ المُتَخَلِّفَ». الأقوى عدمُ التقسيطِ على الطريق إلّا مع الاستئجار على سلوكها (4) معه، و طريقُ التقسيط أنْ يُقَدّرَ أُجرة المِثلِ للمجموعِ و لما فَعَلَ أو ما بَقِيَ، و يسْتَحقَّ أو يسْتَرجعَ - بالنسبة - من المُسَمّى.

ص: 88


1- الكافي، ج 4، ص 275، باب ما يجزئ من حجّة الإسلام و ما لا يجزئ، ح 4؛ الفقيه، ج 2، ص 429، ح 2885؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 9 و 10، ح 23 و 25؛ الاستبصار، ج 2، ص 145 و 146، ح 472 و 475.
2- في هامش المخطوطة: «أي على المَحْرَم».
3- أي الزوجة و الولد و العبد.
4- الضمير المضاف إليه السلوكُ عائد إلى «الطريق». و الطريق يُذكَّرُ و يُؤنَّث. راجع القاموس المحيط، ج 3، ص 265، «طرق».

قوله: «و كذا لو صُدَّ قبلَ الإحرامِ». أو بعدَه قبلَ دخولِ الحَرَمِ.

قوله: «إلّا في الطريقِ». مع عدم الغَرَض، و معه يُجْزِئُ و يَنْتَقِصُ من الأُجرة ما قابَلَ ذلك الغرضَ، كزيارة النبيّ والأئمة علیهم السلام.

قوله: «و لو كان في عامَينِ صَحّا». إلّا مع فوريّة الحجِّ المُتَأخِّر و إمكانِ استنابةِ من يُعَجِّلُه قبلَ ذلك فيَبْطُلُ المَتَأخِّرُ.

قوله: «حَجَّ مِن قابلٍ و اسْتُعِيدَتِ الأُجْرَةُ»، بِناءً على أنّ الثانيةَ فرضُه و إتمام الأُولى عقوبة، و لو قيل بالعكس كما هو المرويّ (1) لم يُسْتَبْعد.

قوله: «و لو أحرم عَن المنوب ثمّ نَقَل النيّة لم يُجزِئْ عن أحدِهما على رأي». قويّ.

قوله: «مع التكرار بالثُلْثِ». إنْ عُلِمَ منه إرادةُ قَدْره أو ما يَزيدُ عليه.

قوله: «و لو كَرَّرَ». أي إذا أوصى أنْ يُحَجَّ عنه كُلَّ سَنَةٍ بقدرٍ مُعَيَّنٍ فَقَصُرَ جُمِعَ نصيبُ سَنَتَيْنِ أو أكثرَ و اسْتُؤْجِرَ لِسَنَةٍ.

قوله: «و المُسْتَوْدَعُ». و كذا غيرُ المُسْتَوْدَع. و في حكم الحجِّ كلُّ حَقِّ مالي يجبُ إخراجُه عن الميِّتِ و إنْ لم يُوصِ به، و يجب استِئْذانُ الحاكمِ مع القدرة على إثباتِ الحقِّ عندَه و إلّا سَقَطَ . و المرادُ بالعلم هنا (2) الظَنُّ الغالبُ (3) المُسْتَنِدُ إلى قرائنِ الأحوالِ.

قوله: «عدم الأداء». أي عدمِ أداءِ الوَرَثَةِ.

قوله: «و إذن المولى و الزوجِ». و الأبِ.

قوله: «فَإِنْ تَعَذَّرَ أحْرمَ حيثُ قَدَرَ». مع التأخير جَهلاً أو نِسياناً، و إلّا بَطَلَ.

قوله: «أو منزِلِه إنْ كان أقْرَبَ». إلى مكَّةَ.

ص: 89


1- الكافي، ج 4، ص 373، باب المحرم يُواقع امرأته قبل أنْ يقضيَ مناسكه أو محلُّ يقع على محرمة، ح 1؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 316، ح 1092.
2- يعني في قوله في المتن: «مع علم عدم الأداء».
3- قال في الروضة البهيّة، ج 1، ص 327 (ضمن الموسوعة، ج 6) و المراد بالعلم هنا ما يشمل الظنَّ الغالب المستنِدَ إلى القرائن. و هو أنسبُ كما لا يخفى.

النظرُ الثالثُ في الأفعالِ

[المقصد] الأوّلُ في الإحرام

[المطلبُ] الأوّلُ في المواقيت

قوله: «و يجب الإحرام ... إلّا من دَخَلها بعد إحرامٍ قبلَ شهرٍ». من إحْلالِه.

قوله: «أَحْرَمَ من موضعِهِ». المرادُ به الجاهِلُ.

قوله: «و غيرُ القاصِد لِلنُسُكِ». فيه حذفُ المضافِ، أي غيرُ قاصِدِ موجِبِ النُسُكِ و هو دخولُ مكّةَ و نحوه، لئلّا يَرِدَ عليه مَنْ قَصَدَ دخولَ مكّةَ عندَ الميقاتِ و لم يَقْصِد النُسُكَ معصيةً، فإنّه مع تجاوُز الميقاتِ يَصيرُ كالعامِدِ إِنْ لم يكن جاهلاً.

قوله: «و لو أخَّرَه عامداً». الفرقُ بينَ العامِدِ و الذي لم يُرِدِ النُسُكَ أنّ العامِدَ كان عَزْمُه النُسُكَ و لم يُحْرمْ، و الآخَرُ لم يُرِدِ النُسُكَ.

قوله: «و لو نَسِيَ الإحرامَ أصلاً». يَصْدُقُ نِسيانُ الإحرام بنسيان النيَّة أو التلبيةِ أو نِسيانِهمِا، أما التجريدُ و اللُبْسُ فالظاهرُ أنّه لا يُقْدَحُ في حقيقة الإحرامِ.

قوله: «و قَضَى المناسِكَ أجْزَاً على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و آخِرُه ذاتُ عِرقٍ». المراد أنّ جميعَ الوادي مِيقاتٌ، ولكنّه مُرَتَّبٌ في الفَضْل، فأفْضَلُه أَبْعَدُه عن مكّةَ، فعلى هذا يجوزُ الإحرامُ من بينِ المواضِعِ الثلاثةِ (1).

قوله: «مواقيتُ لأهلها و المُجْتازِ عليهم». ما عدا الأخيرِ فإنّه مُخْتَصٌّ بأهله.

قوله: «أحْرَمَ عند ظَنِّ المُحاذاة لأحَدِها». فإنْ لم يُحاذِ شيئاً منها أحْرَمَ إذا كان بينَه

ص: 90


1- يعني المَسْلَخَ و غمرةَ و ذاتَ عِرْقٍ.

و بينَ مكّةَ ما يُساوي أقربَ المواقيتِ و لو ظنّاً، و هو مَرْحَلَتانِ.

المطلب الثاني في كَيفيّته

قوله: «و يجبُ فيه النيّة ... و استِدامَتُها حُكْماً». الاستِدامةُ هنا واجبٌ غيرُ شرطٍ، فلا يَبْطُلُ الإحرامُ بالإخلالِ بها.

قوله: «إنّ الحمدَ». مَن فَتَحَ خَصَّ، و مَنْ كَسَرَ فقد عَمَّ، و الكسرُ أجودُ.

قوله: «و يَعْقِدُ قَلْبَه». و يُشيرُ بِإصْبَعه.

قوله: «و لُبْسُ القَباءِ مَقْلوباً». بأنْ يَجْعَلَ أسْفَلَه أعلاه أو باطِنَه ظَاهِرَه، و الأوّلُ أولى، و الجمعُ أكْمَلُ؛ و لو أخَلَّ بالقلبِ فكلابِسِ المَخيطِ.

قوله: «و يَصيرُ حَجُّه مُفْرَداً». فيُكْمِلُه و يأتي بمعُمْرةٍ مُفْرَدةٍ بعدَه، و لا تُجْزئُهُ عن فرضه على الأقوى، و الجاهِلُ عامِدٌ.

قوله: «على رأي». قويّ.

قوله: «و تُجَرَّدُ الصِبيانُ مِن فَخّ». هو بِئرٌ على نحو فرسخٍ من مَكّةَ (1)، و الظاهرُ أنّ التجريدَ كِنايةٌ عن الإحرام فيجوزُ تأخيرهُ إليه؛ هذا إذا حَجّوا على طريقه و إلّا كانوا كغيرهم (2).

قوله: «ذي القَعْدة للمُتَمتُّعِ». و غيرهِ، و لو أرادَ العُمْرةَ المُفْرَدةَ أُستُحِبَّ تَوْفِيرُهُ شهراً.

قوله: «و يستحبُّ ... و الغُسلُ». يَكْفِي غُسلُ اليومِ ليومه و اللَيلةِ لليلتِهِ ما لم يَنَمْ أو يُحْدِثْ. قوله: «عقيبَ فريضةِ الظُهر أو غَيرها، أو سِتِّ رَكَعَاتٍ». بل يُسْتَحَبُّ الجمعُ بينَ صلاة السِتِّ فما دونَ و بينَ الفريضةِ مُقَدِّماً للنافلةِ، فإنْ لم يَتَّفِقْ وقتُ فريضةٍ اسْتُحِبَّ قضاءُ

ص: 91


1- السرائر، ج 1، ص 537؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 160؛ حاشية إرشاد الأذهان، ص 212 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ و في النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 3، ص 418، «فخخ»: فخّ: موضع عند مكّة؛ و في لسان العرب، ج 3، ص 42: فخّ: موضع بمكّة؛ و انظر جواهر الکلام، ج 18، ص 119 - 120.
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 212 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

فريضةٍ إن كان، و إلّا أحْرَمَ عَقيبَ النافِلةِ (1).

قوله: «و المرأةُ كالرجل، إلّا في تَحريمِ المَخيطِ». و كَشْفِ الرأس فإنّه عليها ليس بواجبٍ، و كشف الوجه فإنّه عليها واجبٌ، و التظليلِ و سَتْر ظَهْر القَدَمِ، فإنّهما جائزانِ (2).

المطلبُ الثالثُ في تُروكه

قوله: «يجب على المحرمِ اجتنابُ صيد البرّ، و هو كُلُّ حيوانٍ مُمْتَنِعٍ». بالأصالةِ، مُحَلَّلٍ، و سِتّةٌ من المُحَرَّمِ: الأسَدُ و الثَعْلَبُ و الأرْنَبُ و الضَبُّ و اليَرْبوعُ و القُنْفُذُ.

قوله: «و الطِيب مطلقاً على رأي». قويّ.

قوله: «إِلّا خَلُوقَ الكعبةِ و الفواكِةَ». أُخْتُلِفَ في جَواز شَمِّ الفَواكِهِ و عدمِهِ (3)، و عبارةُ المصنِّفِ (رحمه الله) تَحْتَمِلُ القولَيْنِ لِجَواز كَوْنِها معطوفةً على «خَلوقِ الكعبةِ» و على «الطِيبِ» (4)؛ و الأقوى تحريمُ شَمِّها.

قوله: «و لُبْسِ الخاتَمِ للزينةِ». المرجِعُ فيها إلى القَصْدِ (5).

قوله: «و الحشيش». الأخْضَرِ من الحَرَمين.

ص: 92


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 2، ص 230؛ و انظر نقد هذا الكلام في مدارك الأحكام، ج 7، ص 255.
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 215 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
3- الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 288 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9) و اختُلِفَ في الفواكه، ففي رواية ابن أبي عمير: يحرم شَمُّها، و كرهه الشيخ في المبسوط. و يجوز أكلُها إذا قبض على أنفه؛ هذا، ولكن ادّعى العلّامة في منتهى المطلب، ج 12، ص 26 اتّفاقَ العلماء على جواز شمّها؛ و في جواهر الکلام، ج 18، ص 329 - 330: ... و كذا الفواكه، و إنْ قال في الدروس: إنّه اختلف فيها؛ إلّا أنّه لم نتحقّقه، و يمكن أن يريدَ ما سمعته من الاختلاف في الرواية... .
4- ولكن صرّح في منتهى المطلب، ج 12، ص 26؛ و قواعد الأحكام، ج 1، ص 471 بجواز شمّ الفواكه؛ و على هذا فالظاهر أنّ «الفواكه» هنا معطوفة على «خلوق الكعبة».
5- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 217 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

قوله: «و النخلِ». و عُودَي المَحالةِ.

قوله: «و تغطية الرأس و إنْ كان بالارتماسِ». هو ملاقاةُ الرأس لمائعٍ غامِرٍ دَفعةً عُرفيّةً و إنْ بَقِيَ البدنُ.

قوله: «لكن ليس للمرأة المطالَبةُ بالمهر لو أنكَرَتْه». قبلَ الدخولِ، أمّا بعدَه فتُطالِبُ بأقلِّ الأمرينِ من مَهْر المِثل و المسمّى مع جَهْلها، و مع العلم لا شيءَ إلّا مع الإكراهِ فلها مَهْرُ المِثل إنْ لم يَزِدْ على المسمّى. و لو كان المُدَّعى وقوعَه في الإحلالِ هو الزوجة لَزمه جميعُ المَهْر مطلقاً على الأقوى (1).

قوله: «و شِراءُ الإماءِ». و إنْ كان لِلتَسرِّي (2).

قوله: «و لا يَزِرُّ الطَيْلَسان لو اضطُرَّ إليه». الطَيْلَسانُ: ثوبٌ منسوج مُحيطٌ بالبدنِ (3)، مُسْتَثْنىً من المَخيطِ و لا يجوزُ زَرُّه، و يظهر من العبارة أنّه لا يجوزُ لُبْسُه إلّا مع الضرورة (4)، و ليس كذلك (5).

قوله: «من رأسها إلى طَرَفِ أنْفِها». بشرط أنْ لا يُصِيبَ وَجْهَها (6).

قوله: «ويُكْرَهُ لُبْسُ السِلاحِ اختياراً». المشهورُ التحريمُ.

قوله: «و المُعْلَمَةِ». الثوبُ المُعْلَمُ هو المُشْتَمِلُ على لونٍ يُخالِفُ سائرَ لونِهِ، سَواءٌ كان ذلك بعدَ عَمَله أم قبلَه.

قوله: «و الحنّاءُ للزينة». الأقوى التحريمُ.

ص: 93


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 219 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)، و قوله: «مطلقاً» أي قبل الدخول و بعده.
2- من السُرِّيَّة: الأمة التي بَوَّأتَها بيتاً، و هو فُعْليّة منسوبة إلى السرِّ، و هو الجِماع أو الإخفاء... يقال: تَسَرَّرْتُ جاريةً، و تسرَّيْتُ أيضاً، كما قالوا: تَظَنَّنْتُ و تَظَنَّيْتُ. الصحاح، ج 2، ص 682، «سرر»؛ و ج6، ص 2375، «سرا».
3- جامع المقاصد، ج 3، ص 185: هذا المقطع من التعليقة لم تأتِ في حاشية إرشاد الأذهان.
4- حيث قال في المتن: «و لا يَزِرُّ الطَيْلسانَ لو اضطُرَّ إليه».
5- للتوضيح راجع مدارك الأحكام، ج 7، ص 334؛ و حاشية إرشاد الأذهان، ص 219 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
6- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 220 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

قوله: «و اسْتعمالُ الرَياحين». بل الأقوى التحريمُ.

المطلبُ الرابعُ في الكفّاراتِ
[المقام] الأوّل في كفّارة الصيد

قوله: «في النعامَةِ بَدَنَةٌ» هي من الإبل ما كَمَلَ له خَمْسُ سِنينَ و دخل في السادسة، و يُعْتَبَرُ أُنوثيّتُه (1).

قوله: «أو يَفُضُّ ثَمَنَ البَدَنةِ على البُرِّ». أو غَيرهِ من الطعامِ.

قوله: «أو يَصُومُ عن كلِّ مِسكينٍ يَوماً». الأقوى أنّ الأبدالَ الثلاثةَ (2) على الترتيب، و كذا في البقرة الوحشيةِ و ما في معناها، و الظَبْي.

قوله: «و في فَرْخِها من صِغارِ الإِبِلِ». فإنْ عَجَزَ عنه فبَدَلُهُ كبدلِ الكبير (3).

قوله: «لِكلِّ بَيْضَةٍ بَكْرةٌ من الإبل». و هي الفَتيّةُ منها، و المرادُ به ابنُ المَخاضِ و بِنتُها فصاعداً (4)، و لا فرقَ بين الذَكَر و الأُنثى.

قوله: «لكلِّ بَيْضَةٍ مَخاصٌ مِن الغَنَم». هو ما من شأنه أنْ يكونَ ماخِضاً، أي حامِلاً، بمعنى بلوغِهِ السِنَّ الذي يُمكِنُ فيه الحَمْلُ؛ و وجوبُها فيه هو المشهورُ (5)، و به روايةٌ مقطوعةٌ (6)، و الأقوى وجوبُ بِكارةٍ من الغَنَمِ.

قوله: «فإنْ عَجَزَ فكبَيْض النعام».

الأجودُ أنْ يكونَ المرادُ به ما بعد الشاة؛ لأنّها لا تجب اختياراً و لا تكون بدلاً،

ص: 94


1- حاشية إرشاد الأذهان، ص 220 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9). و فيه: لا فرق بين الذكر و الأنثى.
2- يعني الفرد من النعم، و الإطعام و الصيام.
3- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 221 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
4- قال في الروضة البهيّة، ج 1، ص 396(ضمن الموسوعة، ج6): ... و هي الفتيّة منها، بنت المخاض فصاعداً مع صدق اسم الفتى؛ و راجع للمزيد مسالك الأفهام، ج 2، ص 420.
5- جامع المقاصد، ج 3، ص 309.
6- تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 356 - 357، ح 1239؛ الاستبصار، ج 2، ص 203 - 204، ح 692.

و حينئذٍ فيجبُ إطعام عَشَرَة مساكينَ، فإنْ عَجَزَ صام ثلاثةَ أيّامٍ. و ما ذكره من الحكم هو المشهورُ، و الدلالةُ عليه قاصرةٌ.

قوله: «و يُشْتَرى بقيمةِ حَمامِ الحَرَمِ عَلَفٌ لحَمامِه». و لْيَكُنْ قَمْحاً (1) للرواية (2).

قوله: «حَمَلٌ فطيمٌ». الحَمَلُ - بالتحريك - مِن أولاد الضأنِ ما له أربعةُ أَشْهُرٍ فصاعِداً. و الفطيمُ ما آنَ وقتُ فِطامِهِ و رَعْيه - بِأنْ يكون قد رعَى الشجرَ - و إنْ لم يكنْ فُطِمَ بالفعل.

قوله: «و في قتلِ الجَرادَةِ كفٌّ». من طعامٍ أو تمرةٌ، و تمرةٌ خيرٌ من جَرادةٍ (3)، و في الجَرادتين كفَّانِ من طعامٍ.

قوله: «و كذا القَمْلَةُ يُلْقِيها عن جَسَدِه». و كذا في قَتْلها بطريقٍ أولى (4).

قوله: «و في كثير الجَرادِ شاةٌ» المرجِعُ في الكَثرةِ إلى العُرفِ.

قوله: «و لو عَجَزَ عن التَحَرُّزِ». أي شَقَّ عادةً.

قوله: «و يجوزُ صَيْدُ البحرِ». كالسمك و شبهه لا طَيْر الماء.

قوله: «و لا كَفَّارةَ في السِباع». مطلقاً (5) على الأقوى.

قوله: «و رَميُ الحِدَأَةِ و الغُرابِ» - الحِدأَةُ كعِنَبَة (6) - لا قَتْلُهما.

:قوله «فَدَى القتيل». بل يتضاعف الفِداءُ.

قوله: «فَرُبْعُ القِيمةِ». بل الأرْشُ.

ص: 95


1- لاحظ جامع المقاصد، ج 3، ص 315.
2- الكافي، ج 4، ص 390 - 391، باب كفّارة ما أصاب المحرم من الطير و البيض، ح 10؛ تهذيب الأحكام، ج 05 ص 353، ح 1228.
3- عن أبي عبدالله علیه السلام - في مُحرمٍ قتل جَرادةً - قال: «يُطعم تمرةً، و تمرة خيرٌ من جَرادةٍ». تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 363 - 364، ح 1265؛ الاستبصار، ج 2، ص 207، ح 706.
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 226 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 313.
5- في هامش النسخة: «أي سواء كانت أسداً أو غيره».
6- في الصحاح، ج 1، ص 43، «حداً»: الحِدَأة: الطائر المعروف، و جمعها حِدَأ، مثال عِنَبَة و عِنَب.

قوله: «و كذا في يَدَيْهِ أو رِجْلَيْهِ». بل الأرْشُ في الجميع.

قوله: «و شاربُ لَبَنِ الظَبْيةِ دماً و قيمةَ اللَبَن». هذا إذا كان مُحْرماً في الحرم، فلو كان مُحْرماً في غير الحَرَم أو بالعكس فقيمةُ اللَبَنِ خاصّةً (1).

قوله: «و لو ضَرَبَ بطَيرٍ على الأرضِ فدَمٌ و قيمتانِ». هذا الحكمُ ذكره الشيخ (رحمه الله ) (2)، و تَبِعَه عليه المصنِّفُ و المحقِّقُ (3) في غير النافع (4): و مُسْتَنَدُه غيرُ واضحٍ، و المَرويُّ فيه ثلاثُ قِيَمٍ (5)، و في الحُكمين معاً بحثٌ، و في إطلاقهما إشكالٌ لا يَتَّفِقُ تحريرُه هنا (6).

قوله: «ضَمِنَ ما تَجْنِيه بيدَيها». و كذا برأسها.

قوله: «بتكرُّر الصَيْدِ سهواً و عمداً على رأي». الخلافُ في العمد خاصّةً؛ و قيل (7): لا تَتَكرَّرُ فيه؛ لأنّه مِمّن «يَنْتَقِمُ اللهُ منه» (8)؛ و وجهُ التَكرار عدمُ المُنافاة بينَه و بينَ الانتقام.

قوله: «فإنْ تَمَكَّنَ من الفِداء أكَلَ الصَيدَ، و إلّا المَيتةَ». الأقوى أكْلُ الصيدِ مطلقاً، ثمّ إنْ قَدَرَ على الفِداء فَداه، و إلّا انتَقَلَ إلى الأبدالِ إنْ كان؛ هذا إذا كان الصيدُ مُذَكّيً أو أَمْكَنَ تذكِيتُه بأنْ يَذْبَحَهُ مُحِلٌّ في الحِلِّ، و إلّا تَعيَّنَتِ المَيْتَةُ. و يجب عليه الاقتصارُ

ص: 96


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 229 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- النهاية، ص 226؛ المبسوط، ج 1، ص 461.
3- شرائع الإسلام، ج 1، ص 288.
4- قال في المختصر النافع، ص 103: و لو ضَرَبَ طيراً على الأرض فقتله لَزِمَه ثلاثُ قيمٍ؛ و راجع كشف الرموز، ج 1، ص 401.
5- تهذيب الأحكام، ج 5، ص 370 - 371، ح 1290.
6- ذكر تحريره بوجه مبسوط في مسالك الأفهام، ج 2، ص 443 - 446.
7- القائل هو الصدوقُ في المقنع، ص 251؛ و الفقيه، ج 2، ص 369 - 371، ذيل الحديث 2733؛ و الشيخ في النهاية، ص 226؛ و الاستبصار، ج 2، ص 211؛ و ابن البرّاج في المهذّب، ج 1، ص 228؛ و المحقِّق الكركي في جامع المقاصد، ج 3، ص 344.
8- المائدة (5): 95.

من تناوله على ما تَنْدفِعُ به الضرورةُ كالمَيْتَةِ (1).

قوله: «و فِداءُ المَملوكِ لِصاحِبه». بل الأقوى أنّ فِداءَهُ لِلّه، و لمالِكه عليه القيمةُ.

قوله: «و حَدُّ الحرم بَريدٌ في مثله». البريدُ أربعة فراسِخَ، و مضروبُها في مثلها سِتَّةَ عَشَرَ، و هو معنى قوله: «بريدٌ في مثله».

قوله: «و من نَتَفَ ريشةً مِن حَمامِ الحَرَم تَصدَّقَ». بما يُسَمّى صَدَقَةً.

قوله: «تصدّق بالجانيةِ». أي باليد الجانيةِ كما دَلَّت عليه الروايةُ (2)، فلو كانتِ الجِنايةُ بغيرها تَصَدَّقَ كيف شاءَ، و يُجْزِئُ مُسَمَّى الصَدَقةِ. و موردُ النَصِّ (3) الريشَةُ، فلو نَتَفَ أكْثَرَ فالأرْشُ كغيره إن كان النَتْفُ دَفعةً، و لو كان واحدةً بعدَ واحدةٍ تَعَدَّتِ الصَدَقةُ بِتعدُّده. و لو نَتَفَ غيرَ الحَمامةِ أو غيرَ الريشِ فالأرشُ على الأقوى.

المقام الثاني في باقي المحظورات

قوله: «و الافتراقُ إذا بَلَغا الموضِع». أي موضعَ الخطيئةِ في حجِّ القضاء، و كذا يجب الافتراقُ في الحجِّ الفاسدِ.

قوله: «و في الفَساد به قولان». الفَسادُ قويٌّ مع التعمُّدِ كالوَطء.

قوله: «و لو جامَعَ أمتَه مُحِلّاً و هي مُحْرمةٌ بإذْنِهِ فَبَدَنَةٌ». عليه مع إكراهها، و عليها مطاوعةً مثلُه، و تصومُ عن البَدَنةِ ثمانيةَ عَشَرَ يوماً.

قوله: «فإنْ عَجَزَ»، أي عن الأُولَیَيْنِ.

قوله: «أو صِيامٌ». ثلاثةَ أيّامٍ.

قوله: «و في الأربعةِ قولانِ». أقربُهما وجوبُ البَدَنة.

قوله: «و لو نظر إلى غير أهله فأمنى فَبَدَنَةٌ على المُوسِر و بَقَرَةٌ على المُتَوسِّطِ و شاةٌ

ص: 97


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 233 - 234 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 348 - 349، ح 1210.
3- تقدّم تخريج النصِّ في الهامش 2. و لمزيد التوضيح راجع مدارك الأحكام، ج 8، ص 387.

على المُعْسِر». المَرجِعُ في الثلاثةِ إلى العُرف بالنسبة إلى الفاعل في حاله و محلِّهِ؛ و هذا إذا لم يكنْ مُعتاداً بالإمناء عندَ النظر فقصده (1) أو قَصَدَ الإمناءَ به، و إلّا كان حكمُه حكمَ المُسْتَمْنِي و قد تقدَّمَ (2).

قوله: «إلّا أنْ يكونَ عن شَهْوَةٍ». أي النَظَرُ فَيُمْني، و كذا لو قَصدَه و اعتاده (3) عندَه فأمْنى. قوله: «و لو مسَّها ... و بشهوةٍ شاةٌ». أي بقصدٍ.

قوله: «و لو قَبْلَها فشاةٌ». و عليها مطاوِعَةً.

قوله: «و لو استَمَعَ على المجامِع من غير نَظَرٍ فلا شيءَ». و لو أمنى بذلك و قَصَده أو اعْتادَه وجبتِ الكفّارة (4).

قوله: «و في الطيب ... بَخوراً (5)، و صِبْغاً». - بالكسر - الإدامُ (6).

قوله: «و لو أدْمى إصْبَعَه بالإفتاء فعلى المُفْتِي شاةٌ». لا فرقَ في المُفْتي بينَ كونِهِ مُحِلّاً أو مُحْرماً، و لا يُشْترطُ اجتهادُه؛ نَعَم يُشْتَرطُ صَلاحيّتُه لِلإفتاء بزَعْم المُسْتفْتي. و لو

ص: 98


1- كذا، و في الروضة البهيّة، ج 1، ص 407 (ضمن الموسوعة، ج6) - في شرح قول الشهيد: «و لو نظر إلى أجنبيّةٍ فأمنى» -: من غير قصدٍ له و لا عادة... و لو قَصَدَه أو كان من عادته فكالمُسْتَمني؛ و قال مثله في حاشية القواعد، ص 289 (ضمن الموسوعة ، ج 15)؛ و قال في مسالك الأفهام، ج 1، ص 113: ... هذا كلّه إذا لم يكن معتاداً بالإمناء عند النظر فقصده أو قصد الإمناء به، و إلّا كان حكمه حكم مستدعي المنيّ. و العبارة في عدّة مخطوطات لكتاب مسالك الأفهام، أيضاً هكذا، و لكن نَقَلَه عنه في جواهر الكلام، ج20، ص 386 - 387 بدون «فقصده» حيث قال: ... لكن في المسالك: هذا كلّه إذا لم يكن معتادَ الإمناء عند النظر أو قصد الإمناء به، و إلّا كان حكمه حكم مستدعي المنيّ. فتأمّل.
2- تقدَّمَ قبيل هذا في كلام العلّامة في متن إرشاد الأذهان.
3- كذا، و الذي صرَّح به في الروضة البهيّة، ج 1، ص 407 (ضمن الموسوعة، ج 6)؛ و مسالك الأفهام، ج 1، ص 113 الاكتفاء بأحد الوصفين: قصد الإمناء أو اعتياده. فعلى هذا لعلّه كان في الأصل: «أو اعتاده» بدل «و اعتاده».
4- في هامش النسخة: «إذا أُطلقَت الكفّارة في الحجّ [ف]المراد بها البدنة». (سماع)
5- في جامع المقاصد، ج 3، ص353: البَخور كصَبور: ما يُتَبَخَّر به، و لا يجىْ مصدره بضمّ الباء، و لا معنى لاسم المصدر في هذا التركيب، فلو قال: و تَبَخُّراً، لكان أولى.
6- في مسالك الأفهام، ج 2، ص 483: الصِبْغ: ما يُصْطَبَعُ به من الإدام، قاله الجوهري [الصحاح، ج 3، ص 1322، «صبغ»]، و المراد ما يُغْمَسُ فيه اللقمةُ من مرقٍ و غيره.

تَعَمَّدَ المُسْتَفْتي الإدْماءَ فلا شيءَ على المُفْتي (1).

قوله: «و قَلْعِ الضِرسِ شاةٌ». هذا هو المشهورُ، و هو أحوطُ و إنْ كان العدمُ أقوى.

قوله: «و في الجِدالِ مَرَّةً كاذباً شاةً، و مَرَّتينِ بَقَرَةٌ».

إنّما تجبُ البقرةُ عن الاثنتين كِذْباً إذا لم يَسْبِقِ التكفيرُ عن الواحدة، و إلّا وجبت الشاةُ بالثانية أيضاً، و كذا البَدَنةُ إنّما تَجبُ بالثلاثة إذا لم يَسْبِقِ التكفيرُ عن الأُولى و الثانية و هكذا؛ و لو لم يُكَفِّرْ حتّى زادَ عن الثلاثِ فالبدَنَةُ لا غيرُ. و كذا القولُ في اليمين صادقاً، بمعنى أنّه إنْ كَفَّرَ على كلِّ ثلاثٍ تعدَّدتِ الشاةُ، و إنْ لم يُكَفِّرْ حتّى زادَ عنها فشاةٌ واحدةٌ (2).

قوله: «و في قَلْعِ الشجرةِ الكبيرةِ من الحَرَم بقرةُ». و كذا قَطْعُها من أصلها.

قوله: «فإنْ جَفَّتْ ضَمِنَ». أي اسْتَقَرَّ الضَمانُ السابِقُ، و لو لم يَجِفَّ سَقَطَ .

قوله: «و في الاِدِّهانِ شاةٌ». إنْ كان الدُهْنُ مُطَيَّباً، و إلّا فعدمُ الوجوبِ أقوى.

قوله: «و لو تَعَدَّدت الأسباب تَعَدَّدَتِ الكفّارةُ مع الاختلاف». أي اختلافِ الأسباب، و قد كان يُغني عنه تعدُّد الأسبابِ. و لا يجوزُ أنْ يُرادَ به اختلافُ الوقتِ؛ لأنّ حكمَها مع اتّحاده كذلك.

قوله: « و لو كَرَّرَ اللُبْسَ أو الطِيبَ في مجلسٍ فَواحِدةٌ».

الأقوى أنّه إنْ لَبِسَ المتعدِّدَ أو تَطَيَّبَ به دفعةً واحدةً - بأنْ جَمَعَ من الثِيابِ جملةً و وَضَعَها على بدنِه - لم تتعدَّدِ الكفّارةُ و إنِ اختلَفَتْ أصنافُها؛ و إنْ لَبِسَها مُتَرَتِّبةً تعدَّدتْ و إنِ اتَّحَدَ المجلسُ و الوقتُ العادي.

قوله: «أو لَيبسَ كذلك فعليه شاةٌ» المرادُ به فيما لا نصَّ لِفدْيتهِ كلُبْسِ الخُفِّ و أكلِ لحمِ

البَطَّةِ و الاوَزَّةِ (3)، و إلّا وَجَبَ مُقَدَّرُهُ.

ص: 99


1- في هامش النسخة: «و على المستفتي مع العمد شاةٌ». (سماع)
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 241 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
3- في المعجم الوسيط، ص 32، «أوز»: الإوزّ: نوع من الطيور يَشْبَه البطّ، و لكنّه أكبرُ منه جسماً و أطولُ عنقاً.

المقصدُ الثاني في الطواف

قوله: «و هو رُكنٌ يَبْطُلُ الحجُّ بِتَرْكِهِ». إلّا طوافَ النِساء فإنّه ليس بركنٍ.

قوله: «عمداً». و لو جَهْلاً.

قوله: «و يجبُ فيه ... و البَدْأَةُ بالحجَر». بأنْ يكون أوّلُ جُزءٍ منه مُحاذِياً لأوّلِ جزءٍ من بدنه بحيثُ يَمُرُّ عليه بعدَ النيّة بجميع بدنِه عِلماً أو ظَنّاً؛ و الأفضلُ أنْ يَسْتَقْبِلَه حالَ النيّةِ بوجهه، ثمّ يأخُذَ في الحركة عقيبَها بغير فصلٍ جاعِلاً له على يَسارهِ، و لو جَعَلَه على يَساره ابتداءً جازَ.

قوله: «و إدخالُ الحِجْر، و إخراجُ المَقامِ». و يجب مراعاةُ النسبة بينَ البيت و المَقامِ من كُلِّ جانبٍ، إلّا من جِهةِ الحِجْر فإنّه يُحْسَبُ هنا كالبيت، و في غيره هو خارجٌ (1).

قوله: «و رَكْعَتَاهُ في مَقامِ إبراهيم علیه السلام».

المرادُ أنّه يُصَلِّيهما خلفَه أو أحدَ جانبيهِ بحيثِ لا يَتَباعَدُ عنه عرفاً اختياراً، فإنْ مَنَعَهُ الزِحامُ جاز التباعُدُ عنه في إحدى الجِهات الثلاثِ مُتَحَرِّياً لِلقُرب إليه بَحَسَبِ الإمكان.

قوله: «و يستحبّ الغُسل ... من بئر ميمون أو فخٍّ فإنْ تَعَذَّر فمن منزِلِه». أي النازلِ فيه بعدَ دخول مكّةَ (2).

قوله: «و دخولُهُ مِن باب بَني شَيْبَةَ». و هو الآنَ داخِلٌ في المسجد مُوازياً لبابِ السلامِ بقُربِ الأساطين.

قوله: «و الرَمَلُ ثَلاثاً». الرَمَلُ - بفتح الميم - هو الإسْراعُ في المشي مع تقارُب الخُطى دونَ الوُثوبِ و العَدْو، و يُسمَّى الخَبَب (3). و إنّما يُسْتَحَبُّ في طَوافِ القُدوم، و هو أوّلُ

ص: 100


1- للتفصيل و التوضيح راجع دروس معرفة الوقت و القبلة، ص 515 - 522.
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 246 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
3- الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 315 ( ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9) ؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 199.

طوافٍ يأتي به القادِمُ إلى مكّة واجباً كان أو مندوباً، و يَخْتَصُّ بالرجل الصحيح، بشرط أنْ لا يُؤْذِيَ غيرَه و لا يَتَأذّى هو؛ و لو كان راكباً حَرَّكَ دابَّتَهُ. و لا فرقَ بينَ الرّكنَيْنِ اليَمانِيَيْنِ (1) و غيرهِما عندَنا (2). و المشهورُ بينَ الأصحابِ استحبابُ الاقتصادِ في الطوافِ مطلقاً (3).

قوله: «و التزامُ المُسْتَجار». في الشَوْطِ السابعِ.

قوله: «و يستحبُّ ... و طوافُ ثلاثمائة و ستّين طوافاً و إلّا فَثلاثمائةٍ و سِتّينَ شَوْطاً». و يَتَخَيَّرُ حينئذٍ بينَ أنْ يُلْحِقَ الزيادةَ - و هي ثلاثةُ أشواطٍ - بالطوافِ الأخير، و بين زيادةِ أربعةٍ أُخرى لِيُتِمَّ بها طوافاً آخَرَ.

قوله: «و تَحْرُمُ الزيادةُ على السَبْع». و يَبْطُلُ بها و لو خُطوةً، فعلى هذا تجب مراعاةُ الحَجَر في الانتهاء كما تجب في الابتداء.

قوله: «فإن زادَ سَهواً أَكْمَلَ أُسبوعينِ استحْباباً». إنْ لم يَذْكُرْ حَتَّى بَلَغَ الحَجَرَ بأَنْ أَكْمَلَ شوطاً فصاعداً، و إلَّا قَطَعَ وجوباً، فإنْ زاد حينئذٍ بَطَلَ (4).

قوله: «و صَلّى للفَرض أوّلاً». وجوباً.

قوله: «و للنفل بعد السعي». استحباباً.

قوله: «لو طاف في النَجِسِ عالِماً». أو ناسِياً.

قوله: «في الزيادة قَطَعَ». إنّما يَقْطَعُ مع الشكِّ في الزيادة إذا كان على منتهى الشوطِ، أمّا لو كان في أثنائه بَطَلَ طوافُه لِتردُّدِه بينَ محذورين: الزيادةِ عمداً، و القطعِ المُحْتَمِلِ لِلنقيصةِ (5).

ص: 101


1- في جامع المقاصد، ج 3، ص 200: اليماني بتخفيف الياء: لأنّ الألف عوض عن ياء النسبة على اللغة المشهورة.
2- لاحظ جامع المقاصد، ج 3، ص 199؛ الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 315 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9).
3- حاشية إرشاد الأذهان، ص 247 - 248 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9). و فيه: المشهور بين الأصحاب عدم الاستحباب؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 199.
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 249 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
5- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 250 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره ، ج 9)؛ و لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 1، ص 357(ضمن الموسوعة ، ج6)؛ مسالك الأفهام، ج 2، ص 349 - 350.

قوله: «و يحرُم الطَوافُ و عليه بُرْطُلَّهُ». هي - بضَمّ الباء و الطاء و إسكان الراء و تشديدِ اللامِ المفتوحةِ -: فَلَنْسُوَةٌ طويلةٌ كانت تُلْبَسُ قديماً. و الأصحُّ أنّ تحريمَ لُبْسِها مُخْتَصُّ بطوافٍ يجب كَشْفُ الرأْسِ فيه كطوافِ العُمْرة (1): نَعَمْ يُكْرَهُ في غيره خُروجاً من الخِلاف. و على تقدير التحريمِ لا يَقْدَحُ في صِحَّةِ الطوافِ.

قوله: «و يجوز التَعويلُ على الغير في العددِ». و يُشْتَرَطُ في الغير البلوغ و العقلُ لا الذُكورةُ و الحُريّةُ (2)، و لا فرقَ بينَ كونِهِ طائفاً و غَيرِه.

قوله: «و صارَتْ حَجَّتُها مُفْردةً». بنيّةِ العُدول.

المقصدُ الثالثُ في السعي

قوله: «و هو رُكنٌ يَبْطُلُ الحجُّ بِتَرْكِهِ عَمداً». و جَهْلاً على الأقوى.

قوله: «فإنْ تَعَذَّرَ اسْتَنابَ». المُرادُ بالتعذُّر هنا و في الطواف المَشَقَّةُ البالِغةُ.

قوله: «و البَدْأَةُ بالصفا بأنْ يُلْصِقَ عَقِبَهُ به». إنْ لم يَصْعَدُ على الصفا و لم يَدْخُلْ في المَروةِ، و إلّا لم يَفْتَقِرْ إلى الإلْصاق.

قوله: «و الخَتْمُ بالمروة بأنْ يُلْصِقَ أصابعَ رِجلَيهِ بها» في الذَهابِ، و في الإيابِ بالعكس.

قوله: «و الخروجُ من البابِ المُحاذِي له». أي للحَجَر، و هو المعروفُ قديماً بباب الصفا، و هو الآن داخِلٌ في المسجِد بإزاء البابِ المعروفِ الآنَ ببابِ الصفا مُعَلَّمٌ بأسْطُوانَتَيْنِ، فَليَخْرُجْ مِن بَينِهما (3).

ص: 102


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 251 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 205.
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 251 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 195.
3- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 252 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 206؛ الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 324 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9).

قوله: «و الهَرْوَلَةُ». لِلذَكَر خاصّةً.

قوله: «و لو نَسِيَها رَجَعَ القَهْقرى». ظاهره الوجوبُ، و الخبرُ مُشعِرٌ به (1).

قوله: «فعليه بقرةٌ». تجب البقرةُ إِنْ واقَعَ بعد الذكر، و إلّا استُحِبَّتْ، و كذا في قَلم الظفر و قَصَّ الشَعْر.

قوله: «و يجوز قَطْعُه لِقضاءِ حاجةٍ و صلاةٍ فريضةٍ». لا فرقَ في جَواز قَطْعِه بينَ مُجاوَزَةِ النِصْفِ و عدمِهِ (2)، و لا بين سِعةِ وقتِ الفريضة و ضيقِهِ على أصحِّ القولينِ (3) فيهما.

قوله: «و لا يَحْلِق». و لا يُجْزئُ عن التقصير.

المقصدُ الرابعُ في إحرامِ الحجِّ و الوُقوفِ

قوله: «من تَحتِ الميزاب». أو من المَقامِ.

قوله: «و هو ركنٌ». الركنُ منه مُسمّى الوقوفِ، و باقيه موصوفٌ بالوجوب لا غير.

قوله: «مَنْ تَرَكَه عمداً». و جَهلاً.

قوله: «فلو أفاضَ قبله جاهِلاً أو ناسِياً». إذا لم يَعْلَما بالحكم قبلَ الغروب، فلو عَلِمَ الجاهِلُ أو ذَكَرَ الناسي قبلَه وجب العَوْدُ مع الإمكان، فلو أخَلَّ به فهو عامِدٌ.

قوله: «أو عادَ قبل الغروب». إذا عادَ قبل الغروب مع العمد كان حكمُه حكمَ الجاهل و الناسي في عدمِ الكفّارةِ دونَ الإثم.

ص: 103


1- الفقيه، ج 2، ص 512 ، ح 3119؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 453، ح 1581.
2- ذهب إلى اعتبار مجاوزة النصف - و أنّ السعي كالطواف - المفيدُ في المقنعة، ص 440، 441؛ و ذهب المشهور إلى عدمه و منهم الشيخ في المبسوط، ج 1، ص 486؛ و ابن إدريس في السرائر، ج 1، ص 580؛ و العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 229، المسألة :185؛ و تذكرة الفقهاء، ج 8، ص 140، المسألة 501؛ و منتهى المطلب، ج 10، ص 423.
3- لم أقف على من ذهب إلى عدم جواز القطع مع سعة وقت الفريضة. انظر مسالك الأفهام، ج 2، ص 363؛ جواهر الكلام، ج 19، ص 443 - 446.

قوله: «فإنْ عَجَزَ صامَ ثَمانيةَ عَشَرَ يوماً». سَفَراً و حَضَراً، و الأولى فيهما المتابَعةُ.

قوله: «و لو فاتَه بالكلّيّةِ جاهلاً». الأجْوَدُ أنّ الجاهِلَ عامِدٌ.

قوله: «و يُسْتَحَبُّ الوقوفُ في المَيْسَرَة في السَفْحِ». بالإضافةِ إلى القادمِ من مكّةَ (1).

و سَفحُ الجَبَلِ: أَسْفَلَهُ حيثُ يَسْفَحُ فيه الماء (2).

قوله: «و أنْ يَضْرِبَ خِياءَهُ بِنَمِرَةَ». قبلَ الزَوالِ، فإذا قَرُبَ انْتَقَلَ إلى عرفاتٍ.

قوله: «و أنْ يَجْمَعَ رَحْلَه و يَسُدَّ الخَلَلَ به». أي برحْله؛ و المُرادُ - على ما يقتضيه ظاهرُ الخبر (3) - أنْ لا يَدَعَ بينَه و بينَ أصحابِهِ فُرْجةً و لا بينَ متاعِهِ لِتَسْتَتِرَ الأرضُ التي يَقِفُونَ عليها، فعلى هذا مُتَعلَّقُ الجارِّ «يَسُدَّ» و ربما عُلِّقَ بمحذوفٍ صفةً لِلخَلَلٍ، أي يَسُدُّ الخَلَلَ الكائنَ بِرحْلِهِ و بنفسه بأنْ يَأْكُلَ و يَشْرَبَ إنْ كان مُحتاجاً إليهما، و هكذا يَصْنَعُ ببَعيرهِ، و يُزيلُ الشَواغِلَ المانعةَ عن الإقبالِ على اللهِ تعالى. و هو حسنٌ إلّا أنّه خِلافٌ ما دَلَّ عليه ظاهِر النقل (4).

قوله: «و تأخيرُ العِشاءين إلى المَشْعَر و لو تَربَّعَ اللَيْلُ». أو تَثَلَّتَ (5).

قوله: «فلو أفاضَ قبلَ الفجر عامِداً». الأقوى أنّ الجاهلَ هنا كالعامِدِ.

قوله: «و يجوزُ مع الزِحامِ». الأولى الجوازُ اختياراً.

قوله: «و لو نَواه و نامَ أو جُنَّ أو أُغْمِيَ عليه». مع تَخَلُّلِ جزءٍ من الزمانِ بينَ النيّة و المانِعِ.

قوله: «صَحَّ وقُوفُه». قويٌّ.

ص: 104


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 256 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 221.
2- الصحاح، ج 1، ص 375؛ لسان العرب، ج 2، ص 485؛ تاج العروس، ج 6، ص 475، «سفح».
3- الكافي، ج 4 ص 463، باب الوقوف بعرفةَ و حدّ الموقف، ح 4؛ الفقيه، ج 2، ص 464 - 465، ح 2982؛ تهذيب الأحكام، ج 5 . ص 180 - 185، ح 604.
4- أي الخبر الذي تقدَّمَ تخريجُ مصادره في الهامش 3.
5- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 257 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره ، ج 9).

قوله: «على رأي». الرأي راجعٌ إلى الجُنونِ و الإغماءِ، لا إلى النومِ (1)؛ لأنّ الوقُوفَ معه يصِحُّ إجماعاً، و الأقوى صحّةُ الجميعِ.

قوله: «و يُستَحَبُّ الوقوفُ». المرادُ بالوقوف هنا القيامُ لِلدعاء و الذكر (2) - كما تَقَدَّمَ في عرفة (3) - و أمّا الوقوفُ المتعارفُ بمعنى الكَوْن، فهو واجبٌ من أوّلِ الفجر، و لا يجوزُ تأخيرُ نيّته إلى أنْ يُصَلِّيَ.

قوله: «بعدَ صلاةِ الفجرِ». المرادُ به الاشتغالُ بالدعاء، أمّا الوقوف فلابدَّ من مقارَنَتِهِ لأوّلِ الفجر.

قوله: «ثمّ يَتَحَلَّلُ بعمرةٍ». المرادُ أنّه يَنْقُلُ إحرامَه بالنيّة من الحجِّ إلى العمرةِ المُفْرَدة ثمّ يأتي بأفعالها (4).

خاتمة

قوله: «و لو أدْرَكَ الاضطراريّيْنِ».

أقسامُ الوقوفِ بالنسبة إلى الاختياري و الاضطراري ثمانيةٌ: أربعةٌ مفردةٌ و أربعةٌ مركَّبةٌ، و كلُّها مُجزئةٌ بمعنى إدراكِ الحجِّ بها إذا لم يكنْ تَرَكَ الآخَرَ عمداً، إلّا اضطراريَّ عرفةَ وحدَهُ فإِنّه لا يُجْزِئُ إجماعاً (5).

ص: 105


1- لعلّ هذا الكلام ردٌّ على المحقّق الكركي في حاشية إرشاد الأذهان، ص 259 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)، حيث قال: هذه العبارة كالصريحة في ثبوت الخلاف في المسألة المذكورة، و ثبوته غير معلومٍ؛ و قال في جامع المقاصد، ج 3، ص 224 - ذيل قول العلّامة: أمّا لو تجدّد الإغماء بعد الشروع فيه في وقته صحّ -: أي بعد الشروع في الوقوف على الوجه الشرعي، و لا خلاف في ذلك، و إنْ كان المصنّفُ في الإرشاد قد أشار إلى خلاف الشيخ في ذلك، و في الحقيقة لا خلاف. فتأمّل: و للمزيد انظر كلام الشهيد الأوّل في شرح العبارة في غاية المراد، ج 1، ص 307 - 309 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 1).
2- لمزيد التوضيح راجع جامع المقاصد، ج 3، ص 227؛ مدارك الأحكام، ج 7، ص 429 - 430.
3- لعلّه أرادَ ما في المتن من قوله: «و يستحبّ الوقوف...» إلى آخره.
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 260 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
5- جامع المقاصد، ج 3، ص 229.

قوله «فقولانِ» (1). إدراكُ الحجِّ بهما قويٌّ.

قوله: «و لو أدْرَكَ أحدَهما خاصّةً فاتَه الحجُّ». الأقوى إدْراكُه بإدْراكِ اضطراري المَشْعر وحدَهُ لَيلاً و نهاراً.

قوله: «ثمّ يقْضِيه واجباً مع وُجوبه». وجوباً مُسْتَقِرّاً قبلَ عامِه، أو مع تفريطِهِ فيه و الّا فلا (2).

تتمّة

قوله: «و يُسْتَحَبُّ أنْ تكون بُرْشاً». قال الجوهري: البَرْشُ في [شَعْر] الفَرَس: نُكَتٌ صِغارٌ تُخالِفُ سائِرَ لَوْنه (3). فعلى هذا يكونُ المرادُ بالبَرَش في الحَصى اختلاف ألوانِها. و الفرقُ بينَ البُرْش و المُنَقَّطَةِ - مع اشتراكِهما في اختلافِ الألوانِ - أنّ الاختلافَ في الأُولى في جُملة الحَصى، و في الثانيةِ في الحَصاة نفسِها، و يجوزُ العكسُ.

قوله: «مُلْتَقَطَةً». أي مأخوذةً كلُّ واحدةٍ منها من الأرض على حِدَتِها و احْتَرَزَ به عن

المُكَسَّرة (4).

المقصدُ الخامسُ في مناسكِ مِنى

[المطلبُ] الأوّلُ: الرَمْيُ

قوله: «و الرَمْيُ خَذْفاً». الخَذْفُ هو وَضعُ الحَصاةِ على بطن إبهامِ اليد اليُمنى و دَفْعُها بظُفر السَبّابةِ.

ص: 106


1- في هامش النسخة: قوله «فقولان» يُجْزِئُ. (منه)
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 261 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج9) جامع المقاصد، ج 3، ص 230.
3- الصحاح، ج 2، ص 995، «برش».
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 261 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
المطلبُ الثاني: الذَبْح

قوله « و يُجزئ المندوبُ عن سبعةٍ و عن سبعينَ».

المرادُ بالمندوبِ المُتَبَرَّعُ به في السياقِ إذا لم يَتَعَيَّنْ بالإشْعار أو التقليدِ، و المبعوثُ من الآفاقِ و الأُضْحِيّة، لا الهديُ في الحجِّ المندوبِ؛ لأنّه يجب بالشروع فيه فيكونُ الهَدْيُ واجباً لا يُجْزى إلّا عن واحِدٍ (1).

قوله: «من أهلِ الخُوانِ الواحِدِ». الخُوانُ - بالضمّ و الكسر كغُراب و كِتاب -: ما يُؤْكَلُ عليه الطعامُ (2)؛ و المرادُ بكونهم أهلَ خُوانٍ واحدٍ أنْ يكونوا رُفْقَةً مُخْتَلِطينَ في المَأْكل.

قوله: «و لا يُجزئُ لو ذُبِحَ الضالُّ عن صاحبه». الإجزاءُ عنه قويٌّ؛ لِصحيحةِ محمّد بنِ

مُسلمٍ (3) و غيره عن الصادق علیه السلام (4).

قوله: «و يُجْزِئُ من الضأْنِ الجَذَعُ». هو ما كَمَلَ له سبعةُ أَشْهُرٍ و دَخَلَ في الثامن.

قوله: «فإنِ اشْتَراها سَمِينةً فَخَرَجَتْ مَهْزُولَةً، أو على أنّها مهزولةٌ».

ص: 107


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 263 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 237.
2- الصحاح، ج 4 ، ص 2110، و فيه: الخِوان - بالكسر -: الذي يُؤكل عليه، معرَّبٌ؛ القاموس المحيط، ج 4، ص222، و فيه: كغُراب و كِتاب: ما يُؤكل عليه الطعام؛ مختار الصحاح، ص 151، «خون»، و فيه - بعد نقل عبارة الجوهري -: قلت: و الضمّ لغة فيه نقلها الفارابي، و قال: و الكسر أفصح.
3- الكافي، ج 4، ص 494، باب الهدي يعطب أو يهلك قبل أن يبلغ محلّه و الأكل منه ح5؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 217 ، ح 731.
4- الكافي، ج 4، ص 495، باب الهدي يعطب أو يهلك قبل أن يبلغ محلّه و الأكل منه ح8؛ الفقيه، ج 2، ص 499 - 500، ح 3072؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 219 ، ح 739؛ و اعلم أنّه قال في مسالك الأفهام، ج 2، ص 296: ... لصحيحة محمّد بن مسلم و رواية منصور بن حازم؛ و في مدارك الأحكام، ج 8، ص 24: «لصحيحة منصور بن حازم». و لا بدّ أنْ تُنَبِّهَ على نكتةٍ و هي أنّ الكليني رواها عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، فهي حسنة على المشهور؛ لوجود إبراهيم بن هاشم - كما في مرآة العقول، ج 18، ص 173 - ولكنّه ليس في سند الشيخ إبراهيمُ بن هاشم.

لا فرقَ بينَ ظهور ذلك قبلَ الذَبْحِ و بعدَه فيهما على الأقوى، لإطلاقِ النُصوص (1)، و قيل: إنّما يُجْزِئُ في الأوّل لو ظَهَرَتْ مهزولةً بعدَ الذَبْحِ، و في الثاني قبلشه (2).

قوله: «و يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْرُكَ في سَوادٍ، و يَمْشِي في مثله، و يَنْظُرَ في مثله».

فيه تفسيراتٌ كلُّها مَرويّةٌ (3): أحدُها: أنْ يكونَ السَوادُ كِنايةً عن الظِلِّ بأنْ تكونَ سَمينةً ذا ظِلّ عظيمٍ باعتبار عِظَمِ جُثَّتِها و سِمَنِها (4)، و ثانيها: أنْ تكون هذه المواضِعُ منها سوداً (5) و ليسَ له تعلُّقُ بالسِمَنِ (6)؛ و ثالثُها: أنْ يكونَ السَوادُ كنايةً عن المَرْعى -

ص: 108


1- الكافي، ج 4، ص 490، 491 - 492، باب ما يُستحبُّ من الهدي و ما يجوز منه و ما لا يجوز، ح 6، 15؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 205، 211 - 212، ح 712،686.
2- قاله المحقّق الكركي في حاشية إرشاد الأذهان، ص 265 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ و ذهب في جامع المقاصد، ج 3، ص 241 - 242 إلى عدم الإجزاء في الأوّل لو ظهرت مَهْزولة قبل الذين.
3- قال الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 353 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9): ... قال الراوندي: و الثلاثة مرويّةً عن أهل البيت علیهم السلام؛ و قال في كشف الرموز، ج 1، ص 368 - 369: الوصفان الأوّلان منقولان عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله علیه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله يُضَحِّي بكَبْش أقْرَنَ فَحْلٍ ينظر في سواد و يمشي في سوادٍ. و مثله في رواية محمّد بن مسلم. و أمّا الوصف الثالث [أي يبرك في سوادٍ] فما وقفتُ على نقل من طريق الأصحاب، و لست أعرف من أين نقل ... و أمّا التأويلات [ف] منقولات عن أهل التفسير». أقول: المراد ممّا نقل عن الراوندي أنّ هذه التعابير - أعني «يبرك في سواد و يمشي» إلى آخره - مرويّة، لا أنّ هذه التفاسير مرويّةُ كما فهمه الشهيد الثاني هنا؛ و في الروضة البهيّة، ج 1، ص 377 (ضمن الموسوعة، ج 6)؛ و مسالك الأفهام، ج 2، ص 301؛ و قوله: «يبرك في سواد» مرويٌ عن طريق العامّة كما في النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 2، ص 419، «سود»؛ و صحيح مسلم، ج 3، ص 1557، ح 19 / 1967؛ و راجع تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 205، ح 684 - 686؛ جواهر الکلام، ج 19، ص 151 - 153.
4- نقله ابن إدريس في السرائر، ج 1 ، ص 596 - 597 ؛ و العلامةُ عن «أهل التأويل» و اختاره في مختلف الشيعة، ج 4، ص 293، المسألة 244.
5- قال في مسالك الأفهام، ج 2، ص 301: أمّا التفسير الثاني - و هو أنّ المراد كون هذه المواضع أعني العين و القوائم و البطن منها سوداً - فتطبيقه على معنى السمن بعيد، بل يكون وصفاً مغايراً للسمن...؛ و راجع النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 2، ص 419، «سود».
6- اختاره ابن ادريس في السرائر، ج 1، ص 596.

فإنّه يُطْلَقُ عليه لغةً، و منه أرضٌ سُمِّيَتْ أرضَ السَوادِ (1) - و المعنى أنْ يكونَ الهَدْيُ قد رَعى و مَشى و بَرَكَ في الخُضْرَةِ فَسَمِنَ لذلك (2).

قوله: «و أنْ يكونَ مُعَرَّفاً». و هو الذي حَضَرَ عَرَفَةَ (3).

قوله: «و القسمةُ أثلاثاً بينَ أكْلِهِ و إهدائِهِ و صدَقتِهِ». الأقوى وجوبُ الأُمور الثلاثةِ، و الاكتفاءُ بمسمَّى الأكلِ و إهداءُ الثُلْثِ، و الصَدَقةُ بالثُلثِ (4). و يُشْتَرَطُ فى المُهْدى إليه الإيمانُ، و في المُتَصَدَّقِ عليه الإيمانُ و الفَقْرُ، و يكفي الواحِدُ الجامِعُ لِلْوصفينِ.

قوله: «و يكرهُ ... و المَوْجُوءُ». مَرْضُوضُ (5) الخُصْيَتَيْنِ حتَّى تَفْسُدا.

قوله: «فإنْ خَرَجَ ذو الحِجّةِ و لم يَصُمْها تَعَيَّنَ الهَدْيُ». في المُقْبِلِ.

قوله: «فإنْ أقامَ انتظَرَ وصولَ أصحابه». أي مُضِيَّ مدّةٍ يُمْكِنُ وصولُهم فيها عادةً؛ و إنّما يَكفي الشهرُ إذا أقام بمكّةَ، و إلَّا تَعَيَّنَ الانتظارُ بمقدار الوُصولِ إلى أهله.

قوله: «و لو ماتَ قبلَ الصومِ صامَ الوليُّ العَشَرَةَ على رأي»، قويّ، لكن إنّما يجبُ صومُ ما تَمَكَّنَ من فِعْله فلم يَصُمْه؛ و يتحقَّقُ التمكُّنُ بوصوله إلى أهله، أو مُضِيّ المدّةِ المُشْتَرَطَةِ - إنْ أقامَ بمكّةَ - و مُضِيِّ قدرٍ يُمْكِنُه فيه الصومُ (6). و لو تمكَّنَ

ص: 109


1- في مسالك الأفهام، ج 2، ص 301: و هي العراق لكثرة شجرها و زرعها عند الفتح. راجع أساس البلاغة، ص 224؛ لسان العرب، ج 3، ص 225؛ تاج العروس، ج 8، ص228، «سود».
2- التفسيرات الثلاثة ذكرها الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 353 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9)؛ و الكركي في جامع المقاصد، ج 3، ص 242.
3- قال في تذكرة الفقهاء، ج 8، ص 267، المسألة 206: و يُستحبُّ أن يكون ممّا عُرِّفَ به، و هو الذي أُحضِرَ عرفةَ عشيّةَ عرفةَ إجماعاً؛ و مثلها عبارة منتهى المطلب، ج 11، ص 200.
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 266 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
5- في الصحاح، ج 2، ص 1077، «رضض»: الرَضُّ الدَقُّ الجريش، و قد رَضَضْتُ الشيءَ، فهو رضيضٌ و مَرْضوضٌ؛ و أيضاً في ج 1، ص 80، «وجأ»: وَ جَأْتُه بالسكّين: ضربتُه. و وُجِئَ هو فهو مَوْجوءٌ. و الوِجاءُ - بالكسر و المدِّ -: رَضُّ عُروق البَيْضَتين حتّى تَنْفضِحَ فيكون شبيهاً بالخِصاء.
6- قال في الروضة البهيّة، ج 1، ص 380 (ضمن الموسوعة، ج6): و يتحقّق التمكّن في الثلاثة بإمكان فعلها في الحجّ، و في السبعة بوصوله إلى أهله، أو مُضيّ المدّةٍ المشترطة - إن أقام بغيره - و مضيّ مدّةٍ يمكنه فيها الصوم... .

من البعض وجب قضاؤه خاصّةً.

قوله: «و أمّا هَدْيُ القِرانِ فلا يَخْرُجُ عن مِلْكِهِ».

الذي دلَّتْ عليه النصوصُ (1) و صَرَّحَ به جماعةٌ من الأصحاب (2) أنّ هَدْيَ القِران إذا تعيَّن بالإشعار أو التقليد لم يَجُزْ إبدالُه بعدَ ذلك، و تَعيَّنَ عليه ذَبْحُه أو نَحْرُه؛ لكن لا يَخْرُجُ عن مِلْكه، و تظهر الفائدةُ في جَواز ركوبه و شُرب لَبَنِه. و حينئذٍ فقول المصنِّفِ (3) إِنَّه: «لا يَخْرُجُ عن مِلْكِهِ» يُريدُ به قبلَ الإشعار و التقليد و إنْ أعَدَّه لذلك، و له حينئذٍ إبدالُه و التصرّف فيه، و قوله: «لكن متى ساقَهُ فلابُدَّ من نَحْرِهِ» يناسِبُ ما ذكرناه من تعيُّنه لِلذَبْحِ أو النَحْر بهما و إنْ لم يَخْرُجْ عن مِلكه. و أمّا قولُه: «و إنْ أشْعَرَهُ أو قَلَّدَه» فإنّه يصْلُحُ وَصْلياً لقوله: «لا يَخْرُجُ عن مِلْكِهِ» لا لِقوله: «و له إبْدالُه» إلى آخره لما تَقَدَّمَ (4)، فالأولى حينئذٍ أنْ يكونَ قوله: «و له إبْدالُه» إلى آخره مُعْتَرضاً بينَهما - و إنْ أدّى إلى تعقيدِ العبارة - ليَصحَّ الحكمُ في نفسه، و التقديرُ: أنّه لا يخرُجُ عن ملكه بمجرَّد الإعدادِ للسياق، بل و لا مع الإشعار و التقليد، و له إبدالُه و التصرّفُ فيه قبلهما، لكن متى فَعَلَ أحدَهما تَعيَّنَ نَحْرُه أو ذَبْحُه (5).

قوله: «و عُلِّمَ علامةَ الهَدْي». بأَنْ يَغمِسَ نَعْلَه في دمه و يضربَ بها صَفْحَة سنامِهِ، أو

ص: 110


1- الكافي، ج 4، ص 492 - 493، باب الهدي يُنْتج أو يُحلَب أو يُركب، ح 1 - 3؛ الفقيه، ج 2، ص 504، ح 3087 - 3088؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 219، 220، ح 738، 741 - 74؛ الاستبصار، ج 2، ص 271 - 272، ح 962.
2- منهم: الشيخ في المبسوط، ج 1، ص 503؛ و ابن إدريس في السرائر، ج 1، ص 599؛ و الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 358 ( ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9).
3- قال في مسالك الأفهام، ج 2، ص 308 - 309:.... فعبارة المصنّف لا تخلو ظاهراً من التدافع؛ حيث ذكر أوّلاً أنّه لا يخرج عن ملك سائقه، و أنّ له إبدالَه و التصرفَ فيه، ثمّ قال: لكن متى ساقه فلابدّ من نحره. فإنّه يقتضي عدم جواز الإبدال و التصرّف بعد السياق. و تبعه على هذه العبارة العلامةُ في أكثر كُتُبه، و عبارة الأوّلين خالية من ذلك.
4- تقدّم آنفاً قبل عدّة سطورٍ حيث قال : ... هدي القرآن إذا تعيَّن بالإشعار أو التقليد... .
5- لمزيد التوضيح و الاطّلاع راجع مسالك الأفهام، ج 2، ص 309 - 310؛ مدارك الأحكام، ج 8، ص 63 - 65؛ جواهر الکلام، ج 19، ص 192 - 196.

يَكْتُبَ رُقعةً و يَضَعُها عندَه تُؤذِنُ بِأنّه هَدْيٌ، كلُّ ذلك عندَ تعذُّر المُسْتَحِقِّ عندَه، و يجوزُ حينئذٍ التعويلُ على العلّامة؛ و تكفي النيّةُ الأُولى عن المقارَنَةِ لِتناولِ الآكِلِ، و لا يجبُ الإقامةُ عندَه إلى أنْ يوجَدَ المُسْتَحِقُ .

قوله: «و تَصَدَّقَ بِثَمِنِهِ». إنْ لم يكنْ مضموناً، كالكفّارات و المنذور، وإلّا وجب إقامةُ بدلِهِ.

قوله: «و لا يَتَعَيَّنُ هَدْيُ السِياق للصدقةِ إلّا بالنَذْر». مقتضى العبارة و كلامِ كثير من الأصحاب (1) أنّ الواجبَ في هَدْي السياقِ هو النَحْرُ أو الذَبْحُ خاصّةً، فإذا فَعَلَ ذلك صَنَعَ به ما شاءَ إِنْ لم يكنْ منذورَ الصدقة. و الأقوى أنّه يجب فيه ما يجب في هَدْي التمتُّعِ من القِسمة (2).

قوله: «و لو سُرِقَ من غير تفريطٍ لم يُضْمَنْ». لا فرقَ في ذلك بينَ المتبرّع به و المتعيّن بالنذر و شبهه. و لو كان نهاية بتفريطه ضمن مطلقاً، و لا ينافي (3) ذلك قوله فيما سَبَقَ إنّه: «لا يَتَعَيَّنُ لِلصدقةِ إلَّا بالنذر» - من حيثُ إنّه إذا لم يَتَعَيَّنْ لها جاز التصرُّفُ فيه مطلقاً فكيف يَضْمَنُه مع التفريط ؟ - لِما قد عرفتَ من أنّ الواجبَ على ذلك القولِ ذَبْحُهُ أو نَحْرُه و إنْ لم تجب الصدقةُ به، فإذا فَرَّطَ فيه قبلَ تأدية الواجبِ ضَمِنَ.

قوله: «ما لم يَضُرَّ به أو بولده». هذا إذا لم يكنْ متعَيِّناً بالنذر و شبهه، و إلّا لم يَجُزْ تناولُ شيءٍ منه و لا الانتفاعُ به مطلقاً.

قوله: «و يُسْتَحَبُّ قِسمةُ هَدي السِياق». الوجوبُ قويُّ.

ص: 111


1- منهم: الشيخ في المبسوط، ج 1، ص 529؛ و المحقّق في شرائع الإسلام، ج 1، ص 238؛ و المختصر النافع، ص 91؛ و قال الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 358 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9) ... و لا تجب الصدقة به، و من الأصحاب من جعله كَهدْي التمتُّعِ، و هو قريب فيقسَّم في الجِهات الثلاثِ وجوباً، و على القول الآخر يُستحبُّ قسمته فيها؛ و انظر جامع المقاصد، ج 3، ص 252.
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 270 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
3- الظاهر أنّ هذا الكلام جواب عمّا أورده المحقّق الكركي - في حاشية إرشاد الأذهان، ص 270 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج9) - على عبارة العلّامة من المنافاة.

قوله: «فإن اختلَفَتْ تَصَدَّقَ بالأوسطِ». بأنْ يَجْمَعَ القِيمتينِ المختلفتينِ أو القِيَمَ و يَتصدَّقَ بقيمةٍ نسبتُها إليها (1) نسبة الواحد إلى عددِها (2)، فمن الاثنينِ النصف و من الثلاث الثُلث و هكذا.

قوله: «يكرهُ و إعطاؤها الجزّارَ». أَجْرةً، أمّا لو أعْطاه لِفقره لم يُكْرَهُ.

قوله: «و تَتَعَيَّنُ بقوله: جعلتُ هذه الشاة أُضحيةً». لا تتعيَّنُ إلَّا بالنَذْر و شبهِهِ (3)، و ما ذكره من الصيغة الموجِبَةِ للتعيين ليس فيها تصريحٌ بالقربة المُعْتَبَرَةِ فيه، فينبغي أنْ لا يَلْزَم بذلك.

قوله: «و لو أطلق ثمّ قال هذه عن نذري ففي التعيين إشكالٌ». عدمُه قويٌّ، فيجوزُ إبدالُها .

قوله: «فلم يَجِدْ فعليه سَبْعُ شِياهٍ». فإنْ عَجَزَ صَامَ ثمانيةَ عَشَرَ يوماً.

المطلبُ الثالثُ: الحَلْق

قوله: «و يجب بعد الذبح الحلقُ ... خصوصاً لِلْمُلَبِّدِ». - بكسر الباء الموحَّدةِ من تحتٍ مشدَّدَةً - هو الذي يَجْعَلُ في رأسه عسلاً و صَمْغاً لِئلًا يَقْمَلَ شَعْرُه (4)، أو يَتَّسِخَ (5).

قوله: «و ناسياً لا شيء». و كذا جاهلاً.

قوله: «و يُعِيدُ الطوافَ». و السعيَ - لو كان قَدَّمَه - أيضاً.

قوله: «و يُمِرُّ الأقرعُ المُوسى على رأسه». و يجب عليه مع ذلك التقصيرُ مع إمكانه؛ لأنّه

بدلٌ اختياريٌ و الإمرارُ بدلٌ اضطراريٌ فلا يُجزئُ عنه.

ص: 112


1- أي إلى القيم.
2- أي عدد القيم.
3- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 272 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
4- قَمِلَ الثوبُ أو الرأس يَقْمَلُ قَمَلاً: كَثُرَ فيه القَمْلُ. المعجم الوسيط، ص 760، «قمل».
5- لاحظ جامع المقاصد، ج 3، ص 255؛ هذا المعنى ذكره العلّامة في تذكرة الفقهاء، ج 8، ص 335، المسألة 658؛ و في المعجم الوسيط، ص 812، «لبد»: لَبَّدَ شعرَه: الْزقه بشيءٍ لَزِجٍ كصَمغٍ أو نحوه حتّى صار كاللبْد.

قوله: «و بَعدَ الحَلْقِ أو التقصير يُحِلُّ مِن كُلِّ شيءٍ عدا الطِيبِ و النساءِ و الصَيْدِ». إِنْ وَقَعَ عقيبَ الرمي و الذَبْحِ، وإلّا تَوَقَّفَ عليهما أيضاً.

قوله: «فإذا طافَ للزيارة حَلَّ الطيبُ». الأقوى توقُّفُ حِلِّ الطِيبِ على السعي بعدَ طوافِ الحجِّ (1)؛ للروايةِ (2).

قوله: «فإذا طافَ للنِساء حَلَلْنَ له». و كذا يَحِلُّ الصَيْدُ الإحراميُ بطوافِ النساء (3).

قوله: «و يجوزُ تأخيره إلى غَدِه لا أَزْيَدَ». بل الأقوى جوازُ تأخيرهِ طولَ ذي الحِجَّةِ على كَرَاهِيَةٍ المُفْردِ و القارنِ (4).

المقصدُ السادِسُ في باقي المَناسِكِ

قوله: «إلّا أنْ يَبِيتَ بمكّةَ مُشْتغِلاً بالعبادةِ».

لا فرقَ في العبادة بينَ الواجبة و المندوبةِ، و يُعْتَبَرُ استيعابُ الليلةِ بها إلّا ما يُضطَرُّ إليه من أكلٍ و شربٍ و قضاءِ حاجةٍ و نومٍ يَغْلِبُ عليه (5).

قوله: «و لو نَقَصَ العَدَدَ ناسِياً». و جاهِلاً.

قوله: «دَفَنَ حصى الثالِثِ». مُسْتَحبَّاً.

قوله: «و لو نسي رمي يومٍ قضاه من الغد مُقَدَّماً». وجوباً.

قوله: «أو استَنابَ». إنّما يجوزُ الاستنابةُ مع عدم حضوره و إلَّا تَعَيَّنَ رَمْيُه بنفسه، لكن لا يجب الحضورُ و إنْ أمْكَنَ، فلذلك أطْلَقَ المصنِّفُ التخييرَ بينَ الرمي و الاستنابةِ، و المرادُ ما ذكرناه.

ص: 113


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 273 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره ، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 258.
2- الفقيه، ج 2، ص 507 ، ح 3097؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 245، ح 829؛ الاستبصار، ج 2، ص 287، ح 1018.
3- لاحظ جامع المقاصد، ج 3، ص 258.
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 273 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
5- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 274 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

قوله: «و يُسْتَحَبُّ الإقامةُ بمِنى أيّامَ التشريقِ».

لا ريبَ أنّ الإقامةَ ليلاً على الوجه المتقدِّمِ واجبةٌ، و كذا وقتَ الرميِ، و هي من جملة الأيّامِ؛ فاستحبابُ الإقامةِ في الأيّام إمّا محمولٌ على ما زاد عن ذلك بتقدير حذفِ المضافِ، أي بقيّةَ أيّامِ التشريقِ، أو أُطْلِقَ في ذلك اسمُ الجزء على الكلِّ، أو يكونُ الاستحبابُ مُتعلّقاً بالمجموع من حيثُ هو مجموعٌ و ذلك لا يُنافي وجوبَ بعضِ أجزاء المجموعِ (1).

قوله: «و يستحبّ ... و التكبيرُ على رأي» (2). جيّدٍ.

قوله: «عند المَنارةِ التي في وسطه». إلى جِهةِ القبلة.

قوله: «و يستحبّ لمن نفر في الأخير الاستلقاءُ في مسجدِ الحَصْبةِ». هو بالأبطح، و ليس لهذا المسجدِ أثر اليومَ (3)، فتَتأدَّى السنّةُ بالنزولِ بالمُحَصَّبِ من الأبْطَحِ (4)، و هو ما بينَ العقبةِ و مكّةَ، أو ما بينَ الجبلِ الذي عنده مقابرُ أهل مكّةَ و الجبلِ الذي يقابِلُه مُصَعِّداً في الشِقِّ الأَيْمَنِ لِقاصدِ مكَّةَ.

قوله: «و في الثانية بعَدَدِها». بعددِ آيِها، و هي ثلاثٌ أو أربعٌ و خمسون.

قوله: «باب الحَنّاطينِ». هو بإزاء الرُكن الشامي يُعْرَفُ بيابِ بني جُمَحٍ (5)، و هو الآنَ داخلٌ في المسجدِ، فليَخْرُجْ من البابِ المُسامِتِ له على الاستقامة.

قوله: «و شراءُ تمْرٍ بدرهمٍ يَتَصَدَّقُ به». أي بدرهمٍ شرعي، و يتصدَّقُ به قَبْضةً قَبْضةً؛

ص: 114


1- ذكر هذا التوجيه الأخير المحقّق الكركي في حاشية إرشاد الأذهان، ص 275 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ و جامع المقاصد، ج 3، ص 268.
2- في هامش النسخة: «مستحبّاً». (سماع منه)
3- قاله ابن إدريس في السرائر، ج 1، ص 613.
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 276 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره ، ج 9).
5- ذكره ابن إدريس في السرائر، ج 1، ص 616؛ و الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 384 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9)؛ و زاد ابن إدريس: ... بني جمح قبيلة من قبائل قريش؛ و مثلها عبارة جامع المقاصد، ج 3، ص 272.

للرواية (1)، و عُلِّلَ فيها (2) بكونه «كفّارةً لما لعلّه دخل عليه في حجِّهِ من حَكٍّ أو قَمْلَةٍ سَقَطَتْ أو نحو ذلك». و الأقوى إجزاؤه عنها و إنْ ظَهَرَ موجِبُها.

:قوله «و يُكْرَهُ المُجاورةُ بمكّةَ».

قد اخْتَلَفَتِ الأخبارُ في كَراهةِ المجاوَرةِ و استحبابِها (3)، و الأشهرُ فيها (4)، و في كلام الأصحاب الكَراهةُ مطلقاً (5)، و جَمَعَ بعضُهم بينَهما بحملِ الاستحبابِ على المجاورةِ لأجل العبادةِ، و الكراهةِ على المجاورةِ لا لَها (6)، و هو حَسَنٌ مع الوُثوقِ بالاحترام و عدم المَلَلِ و ملابَسَةِ الذَنْبِ و نحوهِ ممّا عُلِّلَ به الكَراهةُ.

قوله: «و الطوافُ للمُجاور أفضَلُ من الصلاة». إنّما يكونُ الطوافُ أفضلَ للمُجاور في السَنةِ الأُولى؛ أمّا في الثانيةِ فيتساويان في الفضل، و في الثالثةِ يَصيرُ بمنزلةِ المُقِيمِ و تَصِيرُ الصلاةُ أفْضَلَ، رواه هِشامٌ عن أبي عبد الله علیه السلام (7).

ص: 115


1- يعني رواية أبي بصير، و هي مرويّة في الكافي، ج 4، ص 533، باب ما يُستحبُّ من الصدقة عند الخروج من مكّة، ح 2.
2- أي في روايةٍ لا الرواية المشار إليها آنفاً؛ فإنّ هذا التعليل ورد في حسنة معاويةَ بن عمّار، و هي مرويّة في الكافي، ج 4، ص 533، باب ما يستحبُّ من الصدقة عند الخروج من مكّة، ح 1؛ و تهذيب الأحكام، ج 5، ص 282، ح 963.
3- الكافي، ج 4، ص 230، باب كراهية المقام بمكّة، ح 1 - 2، و ص 227، باب الإلحاد بمكّة و الجنايات، ح 3؛ الفقيه، ج 2، ص 194، ح 2123، و ص 254، ح 2342؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 420، ح 1457، و ص448، ح 1563، و ص 463، ح 1616.
4- الفقيه، ج 2، ص 227، ح 2262؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 476، ح 1981.
5- قال في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 386 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج9): و اختلفت الرواية في كراهية المجاورة بها و استحبابها، و المشهور الكراهية؛ و قال في جامع المقاصد، ج 3، ص 278: و هذا [يعني كراهة المجاورة] هو المشهور.
6- هذا الجمع نقله الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 387 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9) و نسبه إلى«بعض الأصحاب»؛ و في مدارك الأحكام، ج 8، ص 272: و هو [يعني هذا الحمل] غير واضح ... .
7- الكافي، ج 4، ص 412، باب أنّ الصلاة و الطواف أيّهما أفضل، ح 1؛ الفقيه، ج 2، ص 207، ح 2157، و ص 412، ح 2847: تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 447، ح 1556.

النظرُ الرابعُ في اللواحِقِ

[المطلب] الأوّلُ في العُمرةِ المُفْرَدةِ

قوله: «و قد تجب ... و الدُخولِ إلى مكّةِ لغير المُتَكرّر». يتحقَّقُ التكرُّرُ بالدخولِ ثانياً مع تقاربِ الوقتين عادةً فيَسْقُطُ عنه الحكمُ في الثالثة.

قوله: «و يجوزُ العُدولُ بها إلى التمتُّع». إنّما يجوزُ العُدولُ إذا لم تكن العمرةُ المُفردةُ

تَعَيِّنَةً عليه (1) بسببٍ من الأسبابِ و إلّا لم يصحَّ (2).

قوله: «و أقلُّه عَشَرَةُ أيَّامٍ». الأقوى عدمُ التحديد، ولكنّ الأفضلُ الفصلُ بينَهما بعَشَرةِ أيَّامٍ و أكْمَلُ منه بشهرٍ.

قوله: «فإذا طافَ طوافَهُنَّ حَلَلْنَ له». هذا إذا كان المُعْتَمِرُ رجلاً، و الظاهر أنّ المرأةَ كذلك، و كذا المُمَيِّزُ، بمعنى تحريمهنَّ عليه بعدَ البلوغِ بدونه.

المطلبُ الثاني في الحَصْرِ و الصَدِّ

قوله: و تَحَلّل بالهَدْي و نيّةِ التَحَلُّلِ». و الحلق أو التقصير بعدَهما على الأقوى (3).

قوله: «يقضي في القابِل مع وجوبه». يجبُ تقييدُ الوجوبِ بكونه مُسْتَقِرّاً قبلَ عامِ الفواتِ أو بتقصيره في السفر بحيثُ لولاء لَما فاتَه الحجُّ، و إلّا لم يجب

ص: 116


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 279 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره ، ج 9).
2- قال في مدارك الأحكام، ج 8، ص 464: و مقتضى الرواية جواز التمتُّع بالعمرة المفردة الواقعة في أشهر الحجّ، بمعنى إيقاع حجّ التمتّع بعدَها... فلا وجهَ لتقييد العمرة المفردة بما إذا لم تكن متعيّنةً عليه بنذرٍ و شبهه كما ذكره الشارح (قدّس سرّه).
3- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 2، ص 389 - 390.

القضاءُ (1) و إنْ كان الحجُّ واجباً.

قوله: «و يَكفي هَدْيُ السياقِ عن هَدْي التَحَلُّلِ». الأقوى عدمُ التَداخِلِ إنْ كان السِياقُ

مُتعَيِّناً بالإشعار أو التقليد أو النذر و شِبهِه.

قوله: «و إنْ حَلَّ». أي نَوَى التَحَلَّلَ.

قوله: «و لو افْتَقَرَ إلى بَذْلِ مالٍ مَقدورٍ عليه فالوجهُ الوجوبُ». قد سَبَقَ من المصنِّفِ الحكمُ بعدمِ الوجوبِ في أوّل الكتاب (2)، و الفرقُ بينَ المقامينِ الموجِبُ لاختلافِ حكمه الشكُّ في الاستطاعة لو افْتَقَرَ قطعُ المَسافةِ إلى المال قبلَ الشروعِ في الحجِّ، بخلافِ ما بعدَ الشروع، للأمر بإتمام الحجِّ و العمرةِ لله (3) مطلقاً فيجب تحصيلُ شرطِهِ؛ و الأقوى التسويةُ بينَ الموضعين في الوجوب مع الإمكان.

قوله: «فإنْ فارَق أتَمَّ و إلّا تحلَّل بعمرةٍ». أي فارَقَ مُفارقةً يُمكنُ معها الإتمامُ بأن يكونَ في الوقتِ سِعةٌ؛ و قوله: «و إلّا» أي و إنْ لا يكن كذلك - بأنْ يُفارِقَ و ليس في الوقتِ سِعةٌ لِلإتمام - تَحَلَّلَ َبعُمْرةٍ مُفْرَدةٍ، لأنّ ذلك وظيفةُ مَن فاتَه الحجّ؛ و لا يخفى ما في العبارة من القصور عن تأدية المُراد (4).

قوله: «و كذا المظلومُ». الأقوى وجوبُ دَفْعِهِ مع الإمكانِ مطلقاً (5).

قوله: «و هو حجٌّ يُقْضى لِسَنَتِه». هذا مبني على أنّ الأوّلَ عقوبةٌ و الثانيةَ حجّةُ الإسلامِ، و المَرويّ العكسُ (6)، فلا يُقضى لِسَنَتِه بل تجبُ العقوبةُ في عامٍ آخَرَ.

قوله: «و المحصور الممنوع بالمرض ... يَبْعَثُ ما ساقَه». مع نَدْبِه، و إلَّا افْتَقَرَ إلى آخرَ معه. قوله: «إلى أنْ يَحُجَّ في القابل مع وجوبه». و استقرارهِ.

ص: 117


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 280 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- يعني في أوّل كتاب الحجّ.
3- البقرة (2): 196: (وَ أَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَ ٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِ ...).
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 281 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
5- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 2، ص 393 - 394.
6- الكافي، ج 4، ص 373، باب المحرم يُواقع امرأته قبل أنْ يقضِيَ مناسكه أو مُحلٌّ يقع على محرمة، ح 1؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 316، ح 1092.

قوله: «أو يُطافُ عنه للنساء مع ندْبه». أو عَجْزهِ.

قوله: «و قضى في القابِلِ واجباً مع وجوبِه». و استقراره.

قوله: «و المُعْتَمِرُ إِذا تَحَلَّلَ يَقْضِي العمرةَ عندَ المُكنة». إنّما يجب قضاؤُها مع استقرار وجوبها قبلَ ذلك، أو مع التفريط - كما مرّ في الحجِّ (1) - و لو لم يكن كذلك اسْتُحِبَّ.

قوله: «و القارِنُ يَحُجُّ في القابل كذلك». أي قارناً، و الأقوى أن القضاءَ يُساوي الأداءَ فإنْ كان متعيّناً بنوع فَعَله، و إنْ كان مُخَيّراً تَخَيَّرَ، و كذا المندوبُ لو أراد قَضاءَه.

المطلبُ الثالثُ في نُكَتٍ مُتَفَرِّقةٍ

قوله: «تَحْرُمُ لُقَطَةُ الحَرَمِ و إنْ قَلَّتْ». الكَراهيَة مطلقاً أقوى، و القولُ بجواز تملُّكِ ما نَقَصَ عن الدرهم منها لا بأسَ به.

قوله: «و لا ضَمانَ فيهما». الأجْودُ ضَمانُ ما زاد عن الدرهم لو تَصَدَّقَ به فَكرِهَ المالكُ كغيرها. قوله: «و حَرَمُ المدينةِ بينَ عائر و وَعِيْرٍ». هما جبلانِ يَكْتَنِفانِ المدينة من المشرقِ و المغرب. و «وَ عِير» بفتح الواو (2)، و قيل بضمِّها مع فتح العين المهملة (3). «و الحَرَّتَانِ» (4) موضعانِ أدْخَلُ منهما نحوَ المدينة، و هما حَرَّةً ليلى و حَرَّةً واقِمٍ - بكسر القاف - و هو الحِصْن (5)، و الحَرَّةُ منسوبةٌ إليه.

قوله: «على كراهِيَةٍ». بل يَحْرُمُ.

قوله: «و زيارةُ فاطمةَ علیها السلام من الروْضَةِ». و الأقوى أنّها في بيتها فتُزارُ فيه.

قوله: «و صَوْمُ الحاجة ثلاثة أيّامٍ». الأربعاءُ و تالِياه.

ص: 118


1- مرّ في ص 116 حيث قال: يجب تقييد الوجوب بكونه مستِقرّاً... .
2- قاله الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 435 ( ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 9).
3- قاله المحقّق الكركي في جامع المقاصد، ج 3، ص 276؛ و حاشية إرشاد الأذهان، ص 285 - 286 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
4- راجع لسان العرب، ج 4، ص 181؛ تاج العروس، ج 10، ص 579 - 580، «حرر».
5- في الصحاح، ج 4، ص 2054، «و قم»: و اقِمٌ: أُطمٌ [أي حِصنٌ] من آطام المدينة، و حَرّةُ و اقِمٍ مضافةً إليه.

كتابُ الجهاد

[المقصدُ] الأوّلُ [في] مَنْ يجِبُ عليه

قوله: «و هي قبول الجزية، و أن لا يفعلوا ما يُنافي الأمان .... و بالأوّلَيْنِ يَخْرُجون عن الذِمّةِ». و بالأخير أيضاً.

قوله: «و لو سَبُّوا النبيَّ صلى الله عليه و آله قُتِلَ السابُّ». و كذا القولُ في سبِّ باقي الأنبياء و الملائكةِ، و مثلُهم الإمامُ علیه السلام عندَنا. و يجوز قَتْلُه لكُلِّ سامعٍ مع الأمْنِ، و لا يتوقَّفُ على إذن الإمام أو نائِبه و إنْ أمْكَنَ، و يَنْتَقِضُ عَهْدُه بذلك.

قوله: «و يجب جهاد غيرهم ... و جهاد البُغاةِ على الكِفاية». الجارُّ متعلِّقٌ بقوله في أوّلِ الباب: «يجب» إلى آخره، أي يجب جِهادُ أهل الذِمَّة و البُغاةِ على الكفاية (1).

قوله: «أو مَنْ نَصَبَه». أي من نَصَبَه لِلِجهاد بخصوصه أو بتعميم ولايته على وجهٍ يدخلُ فيه الجِهادُ، لا مُطلق المنصوب كالفقيه حالَ الغَيْبَةِ.

قوله: «و عَمّن مَنَعَه أبَواه مع عدم التعيين». بشرطِ كونهما مسلميْنِ عاقليْنِ (2)، و يَلْحَقُ بهما الأجدادُ على الأقوى. و المرادُ بتعيينِه عليه أنْ يأمُرَه الإمامُ به أو يكونَ في المسلمينَ ضعفٌ بحيثُ يتوقَّفُ الأمرُ عليه، فيسقُطُ اعتبارُهما كما يَسْقُطُ اعتبارُهما

ص: 119


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 287 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- لاحظ جامع المقاصد، ج 3، ص 370.

في الواجباتِ العَيْنيةِ. و كما يُعتبرُ إذنُهما في الجِهاد يُعْتَبَرُ في سائر الأسفار المُباحةِ و المندوبةِ، و الواجبةِ الكِفائيةِ مع قيامِ مَنْ فيه الكفايةُ.

قوله: «و الموسرُ العاجز يُقِيمُ عِوَضَه استحباباً على رأي». قويّ إلّا مع الحاجة إليه (1).

و في حكمه أمر الإمام له به.

قوله: «و القادرُ إذا أقامَ غيرَه سَقَطَ عنه ما لم يَتَعَيَّن». بأمر الإمامِ أو توقُّفِ الأمر عليه لِقوَّتِهِ أو رأيه أو نحوهما.

قوله: «و تجب المهاجرة ... إذا لم يتمكّن من إظهار شَعائِرِ الإسلام».

المرادُ بشعائر الإسلامِ الأُمورُ المُخْتَصَّةُ بشرعِه، كالأذان و صومِ شهر رمضان (2)، و إنّما تجب الهِجرةُ عليه مع إمكانها، فلو تعذَّرتْ لمرضٍ أو فقرٍ فلا حَرَجَ، و ألْحَقَ به الشهيدُ (رحمه الله) الهجرةَ من بلاد الخِلافِ التي لا يَتَمَكَّنُ فيها المؤمنُ مِن إقامة شَعائر الإيمانِ إذا أمكنَ إقامتُها في غيره، مع القدرة (3).

قوله: (وَجَبَ صَرْفُه إليهم على رأي». قويّ.

ص: 120


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 3، ص 15 - 16؛ جواهر الکلام، ج 21، ص 27 - 30.
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 290 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره ، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 374.
3- نسبه المحقّق الكركي إلى الشهيد في جامع المقاصد، ج 3، ص 374؛ و حاشية إرشاد الأذهان، ص 290 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9) ، حيث قال: ... يُنقل عن شيخنا الشهيد ذلك؛ و انظر الروضة البهيّة، ج 1، ص 422 - 423 (ضمن الموسوعة، ج 6)؛ مسالك الأفهام، ج 3، ص 16 - 17؛ حاشية القواعد، ص 203 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 14).

المقصدُ الثاني في كَيْفيّته

قوله: «فإذا التقى الصفّان وجب الثَبات إلّا ... أو يُريدَ التَحَرُّفَ لِقِتالٍ». المرادُ به الانتقالُ من الحالةِ التي هو عليها إلى حالةٍ أَدْخَلَ في تَمَكَّنِهِ من القِتال (1).

قوله: «أو التَحَيُّزَ إلى فِئَةٍ». بحيثُ لا يخرجُ بالتحيُّز إليها عن كونه مُقاتِلاً عادةً (2).

قوله: «إلّا السمِّ». الكراهةُ أقوى إلّا أنْ يُؤدِّي إلى قتلِ نفسٍ مُحْتَرَمَةٍ، فيَحْرُم لذلك، و لو توقَّفَ الفَتحُ عليه وجب.

قوله: «و لا ديةَ على قاتل المسلم و عليه الكفّارةُ». كفّارةُ قتلِ العمدِ على الأقوى.

قوله: «و لا الغَدْرُ و لا الغلول». أي قِتالُهم بَغْتَةً بعدَ الأمان، و كذا «الغُلولُ» منهم و هو السَرِقَةُ (3) .

قوله: «و تَعَرْقُبُ (4)، الدابّةِ». أي دابّةِ المسلمِ إذا وقَفَتْ به أو أشْرَفَ على القتل، إلّا مع المَصْلَحَةِ كما فَعَلَ جعفرٌ علیه السلام (5)؛ و أمّا دابّةُ الكافِر فيجوزُ أنْ تُعَرقَبَ؛ لأنّه يُؤدِّي إلى إضْعافِهم، و إتلافُها بالذَكاةِ أولى مطلقاً (6).

ص: 121


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 292 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 293 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
3- النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 3، ص 380؛ المعجم الوسيط، ص 659، «غلل».
4- في النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 3، ص 22: ... لا تُعَرْقِبْها، أي لا تقطع عُرْقوبها، و هو الوَتَر الذي خلفَ الكَعْبينِ بينَ مَفْصِل القَدَم و الساق من ذواتِ الأربع ...؛ و في الصحاح، ج 1، ص 180، «عرقب»: عُرقوب الدابّة في رجلها بمنزلة الرُكبة في يدها... و قد عَرْقَبْتُ الدابة: قَطَعتُ عرقوبَها.
5- الكافي، ج 5 ، ص 49، باب فضل ارتباط الخيل و إجرائها و الرمي، ح 9.
6- لاحظ جامع المقاصد، ج 3، ص 387.

قوله: «و يجوز للإمام و نائبه ... ذمامُ آحادِ المشركين». هو العددُ اليَسير، و يُطْلَقُ على العَشَرةِ فما دونَ.

قوله: «مُلِكَ مالُه تَبَعاً له». أي زالَ مِلْكُه عنه و يكونُ مالُه فَيئاً للإمام علیه السلام - لأنّه لم يُوجَفْ عليه - لا أنّه مِلْكٌ لِمُسْتَرقّهِ.

قوله: «و تجوز إعادَةُ مَن تُؤْمَن فِتنَتُه» (1). أي يجوزُ اشتراطُ إعادتِهِ فى عقدِ الهُدنَةِ (2).

ص: 122


1- قال في مجمع الفائدة و البرهان، ج 7، ص 460: ... و لا يعاد من لا يُؤمن عليه لعدم العشيرة و ما شابهها فقوله: «بكثرة العشيرة و غيرها» متعلِّقٌ بقوله: «تُؤمَنُ» لا ب«لا تُؤمن» كما هو الظاهر؛ و هذا المعنى مصرَّح في غير الكتاب، و يمكن تعلّقه به أيضاً، ولكن يكون مخالفاً لسائر الكتب.
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 297 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

المقصدُ الثالثُ في الغنيمةِ

[المطلب] الأوّلُ

قوله: «و السَلَبَ و الرَضْخَ». السَلَبُ - بفتح اللام -: المالُ المُتَّصلُ بالمقتول كالثيابِ و السِلاح و الدابّةِ، و الرَضْخُ لغةً: العطاءُ اليسيرُ (1)، و المراُد هنا العطاءُ الذي لا يَبْلُغُ سهمَ المُقاتِلِ المُتَّصِفِ بصفةِ المُرْضَخِ له.

قوله: «و الخُمْسَ لأربابه». بعدَ إخراج المُؤنِ و قبل الرَضْخِ.

قوله: «حتّى الطفل المَوْلودِ». الذَكَرِ.

قوله: «أو المتَّصِلِ بِهم حينئذٍ من المَدَدِ». أي لَحِقُوا بهم لِيُقاتِلوا، لا مطلق اللِحاق.

قوله: «و لذي الأفراسِ ثلاثةٌ». المرادُ ذو الفرسينِ فصاعداً.

قوله: «فالسهمُ له». و له مع ذلك الأُجرةُ على الغاصِبِ.

قوله: «عندَ الحيازة». أي القسمةِ.

قوله: «و يُشارك الجيشُ السَريَّةَ». و تُشاركُه السَريّةُ أيضاً و إنْ تَعَدَّدتْ، و يُشارِكُ بعضُها بعضاً، و في حكمها الرسولُ المُنْفَذُ و نحوه.

قوله: «و ليس للأعرابِ شَيءٌ».

المرادُ بالأعراب هنا من كان من أهل البادية و قد أظهَرَ الشهادتين على وجهٍ حُكِمَ بإسلامِه ظاهراً و لا يَعْرِفُ من معنى الإسلام و أحكامِه سِواهما (2).

ص: 123


1- النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 2، ص 387، «سلب»، و ص228، «رضخ».
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 298 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 415.

قوله: «و يَرْجِعُ الغانِمُ بها على بيت المال». مع تفرُّقِ الغانمين، و إلّا ارتُجِعَتِ العَيْنُ و نُقِضَتِ القِسْمَةُ (1). و لو تَفَرَّقوا و انْحَصروا بحيثُ لا يَعْسُرُ جَمْعُهم فكذلك، و لو كان الحقُّ معهم بالسويّة رَجَعَ على كلِّ واحدٍ بالنسبة.

المطلب الثاني في الأُسارى

قوله: «و تَرْكِه حتَّى يُنْزَفَ». يُنْزَف - بضمِّ الياء و فتحِ الزاءِ - مبنيٌّ للمفعول، و الضميرُ الذي هو نائبُ الفاعلِ الدمُ المدلولُ عليه بالمَقام، و لابدَّ مع ذلك من موته، فلو لم يَمُتْ بذلك أُجْهِزَ عليه بغيره (2).

قوله: «و لو قَتَلَه مسلِمٌ فَهَدَرٌ». لكن يأْثَمُ و يُعَزَّرُ.

قوله: «و الطفلُ تابعٌ». للسابي في الطهارة قطعاً، و في الإسلام على المشهور بشرط إفْرادِه عن أبويه.

قوله: «و يُكْرَهُ قَتْلُ الأسير صَبْراً». بأنْ يُحْبَسَ للقتل أو يُعذَّبَ حتَّى يَموتَ، أو يُقْتَلَ جَهْراً بينَ الناسِ، أو يُتَهَدَّد بالقتل ثمّ يُقْتَلَ.

المطلبُ الثالثُ فى الأرضينَ

قوله: «المفتوحةُ عَنْوةً» - بفتح العين - و المرادُ بها ما مُلِكَتْ بالقهر و الغلبة كمكّةَ و سَوادِ العِراقِ و بلادِ خراسانَ و الشامِ. و يُرْجَعُ في كونها عامِرةً وقتَ الفتحِ إلى القرائنِ المُفيدةِ للظنِّ المُتآخِمِ للعلم، و مع الشكٍّ يُرْجَعُ إلى أصالة عدم العِمارَةِ.

قوله: «و لا يَصِحُّ بَيْعُها و لا وَقْفُها». أي لا يَصِحّ ذلك في رَقَبَتِها مُسْتَقِلَةً، أمّا فِعْلُه تَبَعاً لآثار المُتَصَرِّفِ من بِناءٍ و غَرْسٍ و نحوِهما فجائزٌ على الأقوى؛ و حينئذٍ تَدْخُلُ

ص: 124


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 299 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 299 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

الأرضُ ما دامتِ الآثارُ ، فإذا ذَهَبَتْ أجْمَعُ انقَطَعَ الحكمُ عن الأرض.

قوله: «فإنْ تَصَرَّفَ أحدٌ فعليه طَسْقُها له». الطَسْقُ فارسیٌ معرَّبٌ، و المراد به أُجْرتُها.

قوله: «ما صالَحَهم الإمامُ». مع بقائهم على الكُفر، أمّا لو أسْلموا صارتْ كالأرضِ التي أسْلَمَ عليها أهلُها طَوْعاً.

اولات هواء

قوله: «أرضُ مَنْ أَسْلَمَ عليها طوعاً». كالمدينةِ المشرَّفةِ و البحرينِ و أطرافِ اليمن، و إنّما تُتْرَكُ في أيديهم مع قيامهم بِعمارتها، فلو تَرَكوها فخَرِبَتْ كانتْ للمسلمين قاطبةً، و لِلإمامِ تقبيلُها ممّن يَعْمُرُها بما شاءَ.

قوله: «و للإمام تقبيلُ كُلِّ أرضٍ مَيِّتَةٍ تَرَك أهلُها عِمارَتَها» (1).

هكذا أطْلَق المصنِّفُ (رحمه الله) (2) و جماعة (3)، و الأقوى التفصيلُ، و هو أنّ الأرضَ التي جَرى عليها يدُ مالكٍ ثمّ خَرِبَتْ لا تَخْلو إمّا أن تكون قد انْتَقَلَتْ إليه بالشِراء و نحوِه أو بالإحياء؛ و الأُولى لا يَزولُ مِلْكُه عنها بالخَراب إجماعاً، نَقَلَه المصنِّفُ (رحمه الله) في التذكرة عن جميع أهل العلم (4)، و الثانيةُ - و هي التي مُلِكَتْ بالإحياء - لا تَخْلو إمّا أنْ يكونَ مالِكُها مُعَيَّناً أو غيرَ مُعَيَّنٍ، و الثانيةُ تكون لِلإمام علیه السلام من جُملة الأنفالِ يَمْلِكُها المُحْيِي لها في حال الغَيْبة، فإنْ تَرَكها حتَّى خَرِبَتْ زالَ مِلْكُه عنها و جازَ لغيره تملُّكُها، و هكذا.

و الأُولى - و هي التي قد خَرِبَتْ و لها مالكٌ معروفٌ - قد اخْتَلَفَ فيها الأصحابُ على

ص: 125


1- قال المُناوي في فيض القدير، ج 6، ص 39 - في شرح «من أحيا أرضاً مَيِّتةً» -: بالتشديد. قال العراقي: لا التخفيف؛ لأنّه إذا خُفِّفَ حُذِف منه تاء التأنيث؛ و انظر لسان العرب، ج 2، ص 93؛ تاج العروس، ج 5، ص 104، «موت».
2- في هذا الكتاب و غيره مثل قواعد الأحكام، ج 1، ص 494؛ و تذكرة الفقهاء، ج 9، ص 194، المسألة 111.
3- منهم: أبو الصلاح و الشيخ - كما نقله عنهما في مختلف الشيعة، ج 4، ص 438، المسألة 54 - و المحقّق في شرائع الإسلام، ج 1، ص 294؛ و المختصر النافع، ص 114؛ و لمزيد التوضيح راجع جواهر الکلام، ج 21، ص 176 - 181؛ الكافي في الفقه، ص 170 - 171، 260؛ النهاية، ص 194.
4- تذكرة الفقهاء، ج 2، ص 401 (الطبعة الحجريّة).

أقوالٍ (1)، أجْوَدُها أنّها تَخْرُجُ عن مِلكِ الأوّلِ، و يَسوغُ إحياؤها لِغيره و يَمْلِكُها المُحْيي.

سياقةٌ

قوله: «و يجوز إحياء الموات... بشرط أنْ لا تكون عليها يدُ مسلمٍ». و لا مُسالمٍ.

قوله: «و حدّ الطريق في المبتكَرِ خمسُ أذْرُعٍ، و قيل: سبعٌ». الاكتفاءُ بالخَمس قويٌّ إن لم تَدْعُ الحاجةُ إلى السَبْعِ و إلَّا اعْتُبِرَتْ (2).

قوله: «و حريمُ الشِربِ». أصلُ الشِرْبِ - بكسر أوّلِهِ -: السَقْيُ (3)، و المرادُ به هنا النَهْرُ.

قوله: ««و بِئْرِ المَعْطِن». [العَطَنُ و] المَعْطِنُ: واحدُ الأعْطَانِ و المَعاطِنِ، و هي مَبارِكُ الإبلِ عندَ الماء لِتَشْرَبَ (4).

قوله: «و الناضِح». هو البعيرُ يُسْتَقى عليه (5).

ص: 126


1- قال في مسالك الأفهام، ج 3، ص 59:... و الأُولى - و هي التي خربت و لها مالكٌ معروف - فقد اختلف الأصحاب في حكمها: فذهب الشيخ (رحمه الله) [في النهاية، ص 420، 442 - 443] إلى أنّها تبقى على ملك مالكها، لكن يجوز إحياؤها لغيره و يبقى أحقّ بها، لكن عليه طسقها لمالكها. و اختاره المصنّف في شرائع الإسلام، ج 1، ص 294]. و ذهب آخرون إلى أنّها تخرج عن ملك الأوّل و يسوغ إحياؤها لغيره و يملكها المحيي، و اختاره العلّامة [في تذكرة الفقهاء، ج 2، ص 401) (الطبعة الحجريّة)]. و هو أقوى، و الأخبار الصحيحة دالّةٌ عليه، و شرط الدروس [الشرعيّة، ج 3، ص 60 - 61 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج11) إذن المالك فإن تعذّر فالحاكم، فإن تعذّر جاز الإحياء بغير إذن. و دليله غير واضح. و في المسألة قول آخر و هو عدم جواز إحيائها مطلقاً بدون إذن مالكها، و لا يملك بالإحياء كالمنتقلة بالشراء و شبهه. و اختاره المحقّق الشيخ عليّ في حاشية شرائع الإسلام، ج 2، ص 86 - 87 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 11).
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 302(ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
3- في الصحاح، ج 1، ص 153: الشِرْبُ - بالكسر -: الحظّ من الماء. و في المثل: «آخِرُها أقلُّها شِرْباً»، و أصله في ا سَقْي الإبل، لأنّ آخِرَها يَرِدُ و قد نُزِفَ الحوضُ؛ و انظر لسان العرب، ج 2، ص 488، «شرب».
4- الصحاح، ج 4، ص 2165، «عطن»: قال في مسالك الأفهام، ج 12، ص 411: و المراد التي يُستقى منها لِشُرْب الإبل يكون حريمها أربعون ذراعاً من كلِّ جانب، بمعنى عدم جواز إحيائه بحفر بئرٍ أخرى و لا غيره؛ و مثلها عبارة الروضة البهيّة، ج 4، ص 97 (ضمن الموسوعة، ج 9).
5- الصحاح، ج 1، ص 411، «نضح».

قوله: «و العَيْنِ ألفٌ في الرِخْوَة». بمعنى عدمِ جواز استنباطِ عين أُخرى في ذلك الحَريم (1).

قوله: «و يَحْصُلُ بنَصْبِ المُروز». المُروز: جمعُ مرْزٍ، و هو الترابُ يُجْمَعُ و يُدارُ حولَ الأرض (2)؛ و في معناه نَصْبُ قَصَبٍ و شَوْكٍ و شِبْهُه. و إنّما يكونُ نصبُ المُروزِ و نحوهُ تحجيراً فيما لا يَكفي ذلك في إحيائه كما سيأتي (3).

قوله: «في الحَظِيرة». الحَظِيرةُ تُجَفَّفُ فيها الثِمارُ أو يُجْمَعُ فيها الحَطَبُ و الحشيشُ و شبهُ ذلك (4).

قوله: «و المرْز أو المُسنّاةِ و سَوْقِ الماء في أرض الزَرْع». إنّما يُفْتَقَرُ في إحياء الأرض إلى الجمع بينَ المرز - و نحوه - و سَوْقِ الماء و عَضْدِ الشجر فيما يَتَوقَّفُ الانتفاعُ بها على ذلك كُلِّه، فلو تَوَقَّفَ على بعضها خاصّةً كفى؛ فإن كانتْ تُسْقى بماء الغَيْثِ و لا شجرَ فيها فإحياؤها نَصْبُ المرْز و نحوه، و إنِ اشْتَمَلَتْ على شجرٍ فإحياؤها إزالتُه و إعدادُها لِلزرع، و لو لم يَكْفِها المَطَرُ و لم يكن فيها شجرٌ فالمعتبرُ سَوْقُ الماء إليها بنهرٍ و نحوِه، و هكذا؛ و لو فَعَلَ دونَ هذه الأُمورِ المعتبرةِ في الإحياء لم تُمْلَك، بل تُفِيدُ أولويّةً و هو المعبَّرُ عنه بالتحجير (5).

قوله: «و المَعادِنُ الظاهرةُ». كالمِلح و القير.

قوله: «و للإمام إقْطاعُها قبلَ التملُّكِ». أو التحجير.

ص: 127


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 303 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ الدروس الشرعيّة، ج 3، ص 63 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 11).
2- في لسان العرب، ج 5، ص 408؛ المعجم الوسيط، ص 863 «مرز»: المرْز : الحُباس الذي يَحْبِسُ الماءَ، فارسي معرّبٌ. و الجمع مُروز.
3- سيأتي بُعيدَ هذا في شرح قول العلّامة: «و المرْز أو المسنّاة».
4- في القاموس المحيط، ج 2، ص 22: الحَظيرَةُ: جَرِينُ التمر، و المحيط بالشيء خشباً أو قصباً؛ و انظر تاج العروس، ج 11، ص 56، «حظر»؛ و في المعجم الوسيط، ص 119، «جرن»: الجَريْنُ: الموضع الذي يُداسُ فيه البُرُّ و نحوه، و تُجَفَّفُ فيه الثِمار.
5- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 12، ص 419.

قوله: «و يُجْبِرُه الإمامُ على إتمامِ العمل أو التَخْلِيةِ». إنْ لَمْ يكن له عذرٌ، و إلَّا أَنْظَرَه إلى زَواله (1).

قوله: «بُدِئَ بالأوّلِ، للزَرْعِ إلى الشِراك». المرادُ بالأوّل من يَلي فُوَّهةَ النَهْر، و هي أوّلُ الوادي (2). و إنّما يكون الأوّلُ أولى إذا سُبِقَ بالإحياء، أو جُهِلَ الحالُ، أو مع إحيائهم

دَفْعةً، و إلّا قُدِّمَ الأسْبَقُ في الإحياء (3).

خاتمة

قوله: «و من سبق إلى موضع في المسجد ... و رَحْلُه فيه». الرحلُ: ما يَسْتَصْحِبُه الإنسانُ من الأثاثِ (4)، و الأثاتُ: متاعُ البيت (5).

قوله: «و من سَكَنَ بيتاً في مدرَسةٍ». المدرسةُ: ما يُنِيَ لأجلِ العلم، و الرِباطُ : ما يُنيَ للفقراء و نحوهم (6).

قوله: «أو رِباطٍ». و ما أشْبَهَهُما (7).

قوله: «و له المنعُ من المشارَكةِ» مع إعدادِ المكان لمثله مُنفرداً، فلو أُعِدَّ لأزيَدَ لم يُجز المنعُ إلّا أنْ يزيدَ عمّا أُعِدَّ له فله منعُ الزائِد.

قوله: «أو مدّةٌ بَطَلَ حقُّه بالتركِ أو خروجِها». إلّا أنْ يكونَ رحلُه باقياً و لم تَطُلِ المُدّةُ بحيث يُؤدّي إلى التعطيل فإنّ الأقوى بقاءُ حقِّه.

ص: 128


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 304 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
2- في المعجم الوسيط، ص 707، «فوه»: الفُوَّهة من كلِّ شيءٍ: فَمُهُ و أوّلهُ. ج: فُوَّهات. و يقال: قعد على فُوَّهة : الطريق، و النهر، و الوادي و البُركان.
3- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 305 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
4- الصحاح، ج 2، ص 1706؛ المعجم الوسيط، ص 335، «رحل».
5- الصحاح، ج 1، ص 272 ؛ المعجم الوسيط، ص 5، «أثث».
6- المصباح المنير، ص 256؛ المعجم الوسيط، ص 323، «ربط».
7- أي أشْبَة المدرسةَ و الرِباط.

المقصدُ الرابعُ في أحكام أهل الذِمّة و البُغاةِ

[المطلبُ] الأوّلُ [في أحكام أهلِ الذِمّةِ]

قوله: «و تَسْقُطُ الجزْيَةُ عن الصِبْيانِ و المَجانين و النساء و المملوكِ و الهِمِّ». المرويُّ سقوطُها عن الهِمِّ (1)، و الأقوى وجوبُها عليه مطلقاً لضعف الرواية.

قوله: «و يجوز أخذُها من ثَمَنِ المُحَرَّماتِ». مع بَيْعِها لِمثلهم و تَسَتُّرهِم به.

قوله: «في بلاد الإسلامِ». المرادُ ببلاد الإسلام ما مَصَّرَها (2) المسلمون كالكوفةِ و البصرةِ و سُرُّ من رأى (3)، أو مَلَكَها المسلمون قهراً أو صُلحاً على أنّ الأرضَ لِلمسلمينَ و الجزيةَ على رِقابهم (4).

قوله: «و لا يجوز لِلذمِّي أنْ يَعْلُوَ بِبنائِهِ على المُسلِمِ». المرادُ جارُه عادةً دونَ ما سواه (5).

و الأجْودُ المنعُ مع المُساواة أيضاً (6).

قوله: «فإن انْهَدَمَ لم يُجُزِ التَعلِيةُ». و لا المُساواةُ.

ص: 129


1- الكافي، ج 5، ص 28 - 29، باب وصيّة رسول الله صلّی الله علیه و آله و أمير المؤمنين علیه السلام في السرايا، ح 6؛ الفقيه، ج 2، ص 52، ح 1677؛ تهذيب الأحكام، ج 6، ص 156، ح 277؛ و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 3، ص 69؛ جواهر الكلام، ج 21، ص 236.
2- في المعجم الوسيط، ص 873، «مصر»: مَصَّرَ القوم المكان: جعلوه مِصراً، و يقال: مصَّر الأمصار: بناها.
3- للاطّلاع على ضبط و وجه تسمية «سُرُّ مَنْ رأى» راجع القاموس المحيط، ج 2، ص 48؛ تاج العروس، ج 12، ص 10 - 11. «سرر».
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 306 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 461.
5- قال في مسالك الأفهام، ج 3، ص 79: المراد أنْ لا يَعْلُوَ على بناء جيرانه دون غيره من المسلمين.
6- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 306 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره ، ج 9).

قوله: «و لا استيطانُ الحِجاز». المرادُ به مكّة و المدينةُ و الطائفُ و نواحِيها، سُمِّيَ حِجازاً

لِحَجْزِه بينَ نَجْدٍ و تِهامةَ - بكسر التاء - و كذا لا يجوز لهم استيطانُ جزيرة العرب، و هي من عَدَنَ إِلى رِيْفِ (1) عَبّادان طولاً، و من تِهامَةَ و ما والاها إلى الشام عرضاً (2).

قوله: «أو انْتَقَلَ إلى ما يُقَرُّ عليه على رأي». قويّ.

قوله: «و لو فَعَلوا المحرَّمَ عِندَنا و عندَهم». هذا إذا كان له مع تحريمه عندَهم عُقوبةٌ، سَواءٌ وافقونا فيها كمّاً و كيفاً أم لا، فلو لم يَكُنْ له عندهم عقوبةٌ تعيَّنَ إجراء حكمِ الإسلام عليهم (3).

المطلبُ الثاني في أحكام أهل البغي

قوله: «ممّا يُنْقَلُ و يُحوَّلُ قولان». الأقوى أنّه يُمْلَكُ (4).

قوله: «على العادل». المرادُ بالعادل هنا من كان تابعاً للإمام و إنْ كان كافراً (5).

قوله: «و سابُّ الإمام يُقْتَلُ». و يجوز قَتْلُه لِكلّ سامعٍ مع الأمْن (6).

ص: 130


1- في الصحاح، ج 3، ص 1367، «ريف». الرِيْفُ: أرضٌ فيها زرعٌ و خِضْبٌ، و الجمع أرْياف؛ و في جامع المقاصد ج 3، ص 464: الريف: هي المزارع و مواضع المياه.
2- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 306 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9): قواعد الأحكام، ج 1، ص 515.
3- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 307 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).
4- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 307 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9)، و فيه: الأصحّ أنّه يملك.
5- لاحظ جامع المقاصد، ج 3، ص 484.
6- قد تقدَّم نظير هذا في كلام الشهيد الثاني ص 119.

المقصدُ الخامسُ في الأمرِ بالمعروف و النهي عن المُنْكَرِ

قوله: «و هما واجبان على الكفاية على رأي». قويّ.

قوله: «و انتفاءِ الضرر عنه و عن ماله و عن إخْوانِه». في أنفسهم و أموالهم.

قوله: «و يَجِبانِ بالقَلْبِ مُطلقاً أوّلاً».

الإنكار القلبي يُطْلَقُ على معنيينِ، أحدُهما: إيجادُ كَراهة المنكَر في القلب بأنْ يعتقِدَ وجوبَ المتروكِ الواجبِ و تحريمَ المفعولِ المحرَّمِ مع كراهة الواقع؛ و الثاني: الإعراضُ عن فاعل المنكَر و إظهارُ الكَراهةِ له بسبب ارتكابِهِ. و الأوّلُ يجب على كلّ مُكلَّفٍ مطلقاً، إلّا أنّه لا يدخُلُ في معنى الأمر و النهي، لاستدعائِهما الطلبَ؛ و أمّا الثاني فوجوبُه مشروطٌ بالشرائطِ المذكورةِ في غيره. إذا تَقَرَّرَ ذلك فما ذكره المصنِّفُ هنا لا ينطبقُ على المعنيين (1)؛ أمّا الأوّلُ فلتقييده بعد الإطلاق بما يَدُلُّ على إرادة الثاني، و أمّا الثاني فلمُنافاة الإطلاق له. و لقد كان الأولى تركَ قيدِ الإطلاقِ و إرادةَ المعنى الثاني؛ لأنّه هو الذي يدخُلُ في حقيقة الطلب (2). و بقي في المعنى الثانى أمرانِ آخَرانِ؛ أحدُهما: إطلاقُ الأمر و النهي القلبي عليه مع أنّه إنّما وقع بالوجه و نحوهِ ممّا دلَّ على الإعراضِ، و كونُ ذلك مسبَّباً عن إنكار القلب - إن تمّ - مشترك بين سائر المراتب، فلا وجه لتخصيص إطلاق السَبَبِ على المُسَبَّبِ فيه

ص: 131


1- قد أجاب المحقّق الأردبيلي عن هذا الإيراد في مجمع الفائدة و البرهان، ج 7، ص 540 - 541 ، فراجع و تأمّل.
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 3، ص 103 - 104؛ و لاحظ جامع المقاصد، ج 3، ص 486 - 487.

دونَها؛ و الثاني: تقييدُ وجوبه بمعرفةِ الانْزجارِ - و هي بمعنى العلم - مع أنّه غيرُ معتَبرٍ في باب الأمر و النهي إجماعاً، و إنّما المعتَبَرُ تجويزُ التأثير، فكان الواجبُ التعبيرَ به كغيره.

قوله: «إذا عَرَفَ الانزِجارَ»، بل يكفي في وجوبه بهذا المعنى تجويزُ التأثير.

قوله: «افْتَقَرَ إلى إذنِ الإمام على رأي». قويّ، و في حكم الإمام منصوبُه خصوصاً أو عموماً.

قوله: «و يجوزُ إقامتُها على المَمْلوكِ». مع مشاهَدَةِ المولى أو إقرار المَمْلُوكِ، لا بالبيّنةِ؛ لأنّها من وظائِفِ الحاكم.

قوله: «و على الولدِ». عدمُه قويٌّ.

قوله: «و المُؤثِرُ لِغَيرِهِ ظالم». و يَفْسُقُ بذلك؛ لأنّه كبيرةٌ.

قوله: «قيل: جاز له مُعْتَقِداً نيابةَ الإمامِ». إنْ كان فقيهاً أو بَلَغَ حَدّ الإلجاء، و إلّا فالمنعُ أصحُّ.

قوله: «لو اضْطَرَّه السلطانُ جازَ، إلّا في القَتْلِ». فإنّه لا يجوز و إن خافَ القتلَ (1).

ص: 132


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ص 311 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

كتاب المتاجر

المقصد الأوّل في المقدّمات

[المطلب] الأوّل في أقسامها

قوله: «و المكروه ... و الحِجامةُ مع الشرط». أي بشرط الأُجرةِ على فعله، سَواءٌ عيَّنها أم أطلق، فلو عمل بغيرِ شرطٍ ثمّ بُذِلتْ له بعد ذلك لم يُكره.

قوله: «و أُجرةُ تعليمِ القرآن». المراد مازاد على القدرِ الواجبِ، إما عيناً كالحمدِ و سورةٍ، أو كفايةً كالآياتِ التي يتوقّفُ عليه الفقهُ، لوجوبه كفايةً، و كحفظِ ما يُثبِتُ المُعْجِزَ، و يحصل به التواترُ؛ فإنّ ذلك كلَّه لا يجوزُ أخذُ الأُجرةِ عليه.

قوله: «و كسبُ الصِبيان (1)». أي الكسبُ المجهولُ، فإنّه يُكره لوليِّهم التصرّفُ فيه على الوجهِ السائغ، و لغيرِه شراؤه منه و نحوُه. أمّا لو علم يقيناً اكتسابه من مباحٍ فلا كراهةَ.

قوله: «و الاحتكارُ على رأي». التحريمُ قويٌّ.

قوله: «و الزبيبِ و السَمْنِ». و في الزَيْتِ روايةٌ حسنةٌ (2).

ص: 133


1- في هامش المخطوطة: قوله: «و كسب الصبيان». لأنّ الصبيَّ إذا عرف رفعَ القلم عنه جاز أنْ يجترئَ على ما ليس له، فتدخلُ الشبهةُ على كسبه، نعم لا يجوز الشِراءُ عنه؛ للحجر عليه، بل الكراهيّة مع الشِراء من وليّه. (منه)
2- الفقيه، ج 3، ص 265، ح 3957؛ و راجع الكافي، ج 5 ، ص 164 - 165، باب الحكرة، ح 3؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 160، ح 706؛ الاستبصار، ج 3، ص 115، ح 409.

قوله: «و يُجبَرُ على البيع». جيِّدٌ.

قوله: «لا التسعير». إلّا مع الإجحاف بِسِعْرٍ فيؤمر بالنزولِ عنه إلى حدٍّ ينتفى الإجحافُ.

قوله: «عدا الدُهن النجس لفائدةِ الاستصباحِ به تحتَ السماء». هذا هو المشهورُ، و الأقوى جوازُه تحتَ الظِلال أيضاً. و موضعُ الخلافِ ما إذا كان الدهنُ متنجّساً بالعرض، فلو كان نفسُه نجاسةً كألَيات الميتة لم يصحّ الانتفاعُ به مطلقاً.

قوله: «و الأرواثِ و الأبوالِ إلّا بولَ الإبل». الأقوى جوازُ بيع رَوْثِ و بولِ ما يُؤكل لحمه مطلقاً إِنْ فُرض لهما نفعٌ مقصودٌ.

قوله: «بشرطِ الإعلام». فإن لم يُعلِمْ تخيّر إنْ كان في تطهيره مؤونةٌ، و إلّا فلا خيارَ.

قوله: «و بَيعِ السلاحِ لأعداء الدين». إنّما يحرم بيعُه لهم مع قصدِ المساعَدةِ أو في حالِ الحرب أو التهيُّؤله، لا بدونها، و لا يحرم بيعُ غيرِ السلاح و إنْ كان جُنَّةً للحرب كالدِرْع. و لا فرق في أعداءِ الدينِ بينَ الكفّار و المسلمينَ، و منهم قُطّاعُ الطريق. و لو باع حيث يحرم بطل البيعُ على الأقوى.

قوله: «و يُكره لمن يَعْمَلُهما». إلّا أنْ يَعلمَ أو يَظُنَّ أنّه يعملُهما، فيحرمُ على الأقوى.

قوله: «ما لا انتفاع به کالخنافسِ و الديدانِ». عدا دُوْدِ المَتَّخَذِ للقَزّ.

قوله: «عدا الفيل». لِعِظَمِ الانتفاع بعَظْمه.

قوله: «و في السِباع قولان». يجوز؛ لوقوع الذكاةِ عليها.

قوله: «ما هو حرامٌ في نفسه كعمل الصُوَرِ المجسَّمةِ». الأقوى اختصاصُ التحريم بذواتِ الأرواحِ، و عمومُ تحريمِه بِنَقْشِها على الأجسامِ و إن لم تكن مجسّمةً.

قوله: «و الغِناء». المرجِعُ فيه إلى العرفِ، و لا فرقَ بين كونه في شِعرٍ أو قرآنٍ أو غيرهما. و يُستثنى منه الحُداء للإبل، و فعل المرأةِ له في الأعراس، إذا لم تتكلّم بالباطل، و لم تَعملْ بالمَلاهي، و لم يَسْمَعْ صوتَها الأجانبُ مِنَ الرجالِ.

قوله: «و حفظِ كُتُبِ الضَلال» عن ظَهْر القلب أو مِنَ التلف.

ص: 134

قوله: «لغير النَقْضِ». و التقيّةِ.

قوله: «و تزيين الرجل بالمحرّم». و هو المختصُّ بالنساء كالسِوارِ و الخَلخالِ، و المرجِعُ فيه إلى العادة؛ و في حكمه تزيينُه بالذَهَبِ مطلقاً، و بالحرير زيادةً عمّا استُثني. و كذا يحرم على المرأةِ التزيين بزينةِ الرجُلِ.

قوله: «و الرِشا فى الحكم». إلّا أنْ يتوقّفَ تحصيلُ الحقِّ عليه فيحرم على المُرتَشي خاصّةً. قوله: «و القضاء مع الحاجة». إلى أخذ الرزق.

قوله: «و الأُجرةِ على عقد النكاح». بأنْ يتولّى العقدَ عن أحدِهما أو عنهما، فيكون وكيلاً بجُعلٍ. أمّا تعليمُ الصيغة و إلقاؤها على المُتعاقِدَينِ فلا يجوز أخذُ الأُجرةِ عليه. و كذا القولُ في باقي العقودِ.

قوله: «و الأدبَ». هو علم العربيّةِ، كالصرفِ و النحو.

قوله: «كلب الحائط». و كذا الجروُ (1) القابل للتعليم.

قوله: «و الزكاةِ من الأنعام». و غيرها منَ الغلّاتِ و الأموالِ.

قوله: «لا أزيد». و لا فرق بين أنْ يقولَ: ضَعْه أو ادفَعْه.

المطلب الثاني في آدابها

قوله: «يُستحبُّ التفقُّه». المراد بالتفقُّهِ الاجتهادُ، و يكفي التقليدُ.

قوله: «و الشهادتانِ». مرّةً من المشتَري.

قوله: «و التكبيرُ». ثلاثاً منَ المشتَري.

قوله: «عندَ الشِراء». أي بعدَه.

قوله: «و قبضُ الناقص و إعطاءُ الراجحِ». نُقصاناً و رُجحاناً لا يؤدِّيان إلى الجَهالةِ.

قوله: «و إعطاءُ الراجح». إنْ كان المكيالُ و الميزانُ في يده.

قوله: «و البيعُ في المظلمةِ». أي المواضع المُظْلِمَةِ؛ لأنّ العيبَ يخفى فيها.

ص: 135


1- في الصحاح، ج 4، ص 2301، «جري»: و الجِرْوُ و الجُرْوُ وَ الجَرْهُ: وَلَدُ الكلبِ و السباع.

قوله: «و الربحُ على المؤمنِ إلّا مع الحاجةِ». فيربَحُ قوتَ يومٍ و ليلةٍ موزَّعاً على سائر المعاملين.

قوله: «و السَوْمُ بين طلوعِ الفجرِ و طلوعِ الشمسِ». المرادُ به الاشتغال بالتجارة في ذلك الوقتِ؛ لأنّه وقتُ عبادةٍ.

قوله: «و الدخولُ إلى السوق أوّلاً». و الخروجُ أخيراً.

قوله: «و مُعامَلةُ الأدْنَيْنَ». فُسِّروا بمنْ لا يبالي بما قال و لا بما قيل فيه، و بالذي لا يسرُّه الإحسانُ و لا تسوؤه الإساءَة، و بالذي يحاسب على الدونِ.

قوله: «و ذَوي العاهات». أي النقصِ في أبدانهم، و عُلِّلَ في الأخبار: «بأنّهم أظلمُ شيءٍ» (1). قوله: «و الزيادةُ وقتَ النداء». فيصبر حتّى يسكتَ؛ لأنْ لا يحصل للمنادي الالتباسُ.

قوله: «و الدخولُ على سَومِ المؤمن». بيعاً و شِراءً، و إنّما يُكره بعد التراضي أو قُربه.

قوله: «و أنْ يتوكَّلَ حاضرٌ لِبادٍ». في البيع دونَ الشِراء.

قوله: «أربعةُ فراسخَ». فما دونَ.

قوله: «و لا خيار للبائع». أي لاخيارَ للمتلقِّي.

قوله: «و النَجْشُ و هو الزيادةُ (2) لِمَنْ واطأه البائعُ».

هذا التعريف ليس بجيِّدٍ، لِتَعلُّقِ وصفِه بالمشتري المنخدعِ، و ليس كذلك؛ لعدمِ اشتراط المواطأة في الكَراهيةِ أو التحريمِ، بل الحكمُ يتعلَّقُ بفاعلِ الخديعةِ. و الأسدُّ في تعريفه ما عرَّفه به الشهيدُ (رحمه الله) أنّه «رفع السِعر ممّن لا يريدُ الشِراء للحضِّ عليه» (3). و الأصحُّ تحريمه؛ لأنّه خَديعةٌ.

ص: 136


1- انظر الكافي، ج 5، ص 158 و 159، باب من تكره معاملته و مخالطته، ح 3، 6، 9؛ الفقيه، ج 3، ص 164، ح 3605 ؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 10 و 11، ح 35 و 40.
2- في هامش المخطوطة: قوله: «و النجش و هو الزيادة». في ثمن السِلْعةِ مّمن لا يريد شِراءَها ليحرِّص غيرَه عليه و إن لم يكن بمواطأة البائع، و الأقوى التحريمُ، و البيع صحيحٌ لكن يتخيّرُ المشتَري مع ظهور الغبن، و في حكمه ما لو قال البائعُ: أعطيتُ في هذه السِلعةِ كذا فصدَّقه المشتري. (منه)
3- الدروس الشرعيّة، ج 3، ص 163 ( ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 11).

المقصد الثانى فى أركانها

[الركن الأوّل]: العقد

قوله: «و في اشتراطِ تقديمِ الإيجاب نظرٌ». لا يشترط لكنّ الأحوطَ تقديمُ الإيجابِ.

قوله: «كجعل الزرع سُنبلاً بطل». أي يشترط على البائعِ جَعْلَه أو جَعْلَ الله له، أما لو شرط إبقاءَه إلى بلوغه ذلك صحّ (1).

قوله: «تخيّر البائع في الفسخ» (2). يرجع بتفاوتِ ما بين كونه مشروطاً بعتقٍ و عدم الشرط إذا لم يفسخ، وإنْ شاءَ فسخ و ردّ ما أخذ من الثمن.

الركن الثاني في المتعاقدان

قوله: «و الوصيِّ». الوصيُّ مقدّمٌ على الحاكمِ.

قوله: «و لو باع الفضولي». لو تولّى عقدَ الفضولي واحدٌ إيجاباً و قبولاً صحّ مع الإجازةِ.

قوله: «وقف على الإجازة». و هي كاشفةٌ عن سَبقِ الملكِ من حين العقد، فنَماءُ المَبيعِ للمشتري، و نَماءُ الثمنِ المعيَّنِ للبائع.

قوله: «و يُقسَّط المسمّى على القِيمتَين». بأنْ يقوَّما جميعاً، ثمّ يُقوَّم أحدُهما منفرداً، ثمّ يُنسَبُ إلى المجموع و يؤخذ من الثمن بتلك النسبة. و إنّما يُعتبر قِيمتُهما مجتمعَين إذا لم يكن لاجتماعهما مدخلٌ في زيادةِ قيمةِ كلُّ واحدٍ منهما منفرداً كعبدَيْنِ و ثوبَيْنِ،

ص: 137


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 3، ص 271.
2- في هامش المخطوطة: قوله: «في الفسخ». فإن لم يفسخ رجع بتفاوت ما بين قيمته مشروطاً، و إن فسخه ردّ ما أخذه مِنَ الثمن و رجع بقيمته. (منه)

فلوِ اسْتلزمها كمِصْراعَي بابٍ لم يُقوَّما مجتمِعَين، بل يُقوَّم كلُّ واحدٍ منهما منفرداً و تُنسبُ قيمةُ أحدهما إلى مجموع القيمَتينِ و يُؤخذُ من الثمنِ بتلك النسبةِ.

قوله: «قولان» الرجوع قويٌّ.

قوله: «و یجوز أن يتولَّى الوليُّ طَرَفَى العقدِ». و كذا الوكيلُ و الوصىُّ يتولّاهما.

الركن الثالث: العوضان

القطب الأوّل في الشرائط

قوله: «فلا يصحّ بيع ... و أرضِ الخَراج». المفتوحةِ عَنوةً.

قوله: «فلا يصحّ بيعُ الوقف». سَواءٌ كان على جهةٍ عامّةٍ أو خاصّةٍ - و في الحَبسِ و السُكنى نظرٌ - أو لم يقترن بمدّةٍ معلومةٍ، و مع اقترانه بالمدّةِ المعلومة يجوز البيعُ.

قوله: «و يُؤدي إلى الخلفِ بين أربابه على رأى».

الأقوى جوازُ بيعَه مع الخُلفِ الشديدِ بين أربابه، و إنْ لم يُخشَ خرابُه، و مع تعطُّله بحيث لا يَبقى فيه نفعٌ على الوجه المقصودِ كجِذْعِ المسجد. و المنعُ ممّا عدا ذلك. و حيث يجوز البيعُ يُشتَرى بثمنه ما يكون وقفاً على ذلك الوجه إنْ أمكن. و يَجبُ تحصيلُ الأقربِ - إلى صفةِ الموقوف الأوّلِ - فالأقربِ.

قوله: «و لا بيعُ أمِّ الولدِ». و إنْ نزل إذا كان وارثاً، كما لولم يكن لسيِّدها ولدٌ لِصُلْبِه.

قوله: «و لا الرهن إلا بإذنِ المرتَهِنِ» بمعنى عدمِ لزومِ البيع، بل يقعُ موقوفاً على إجازةِ المرتَهِنِ.

قوله: «و كان الثمنُ في مُقابَلَةِ الضميمةِ». بمعنى أنه لا يوزَّع عليها و على الآبق. و يرجع بحصَّته منه، لا أن الآبقَ يَخْرُجُ عن كونه مَبيعاً. و تظهر الفائدةُ في دخوله في مِلكِ المشتَري فيصحّ له عتقه عن الكفّارة و غيرها ممّا يترتّبُ على الملكِ.

قوله: «و السَمَكِ في المياه المحصورة». بشروطٍ ثلاثةٍ: كون السمك مملوكاً، و إمكانِ صيدِه، و صَفاِء الماء بحيث يُشاهدُ السمكُ على وجهٍ يَزولُ الغررُ، و إلّا لم يَجُزْ.

ص: 138

قوله: «جاز». مع المشاهَدةِ.

قوله: «كقفيزٍ مِنْ قُبَّةٍ و إنْ جهلت». في قدِرها مع العلم باشتمالها على المَبيع فمازادَ و إلّا فلا، و هل يُنزَّلُ على الإشاعةِ، أو يكونُ المبيعُ قَفيزاً في الجملةِ، وجهان، أقربُهما الثاني. و تظهر الفائدةُ فيما لوتَلِفَ بعضُها، فعلى الأقوى يبقى المبيعُ مابقي قدرُ المُبْتاع.

قوله: «و لو تعذَّر العدُّ». المرادُ بالتعذُّرِ هنا المشقّةُ و العسرُ على وجه التجوّزِ. و في حكمه الموزونُ.

قوله: «و لا يجوزُ بيعُ السَّمَكِ في الآجام و إنْ ضُمَّ إليه القَصبُ».

الأقوى أنّ المقصودَ بالبيع إنْ كان هو القَصَبُ و جَعْلُ السَمكِ تابعاً له صحّ البيعُ، و إنِ انعكس، أو كانا مقصودَيْنِ لم يصحّ. و كذا القولُ في كلِّ مجهولٍ ضُمّ إلى معلومٍ، كالحملِ و اللبنِ في الضَرْعِ.

قوله: «و لا اللَبَنِ في الضرعِ». يَجوزُ صلحاً.

قوله: «و كذا كلُّ مجهولٍ مقصودٍ أُضيفَ إلى مثله أو معلومٍ».

هذا هو الضابطُ في جميع الصُوَرِ المتقدِّمةِ، و حاصلُه أنّه متى كان المجهولُ هو المقصودُ و المعلومُ تابعاً لا يصحب البيعُ، و إنِ انعكسَ صحَّ. و ما ذَكَرَه من الأمثلةِ محمولٌ على أنّ المجهولَ هو المقصودُ، فلوِ انْعكس كما لو كان المقصودُ مثلاً القَصَبَ المشاهدَ دونَ السمكِ صحّ. و اكتفى المصنِّفُ بما ذَكَر أخيراً عن تقييد ما سبق.

قوله: «و يجوزُ بَيْعُ الصُوفِ على ظَهْر الغَنَم على رأي». قويّ، مع شرطِ جزّه في الحال أو إبقائه إلى أوانِ جزّه إنْ كان مضبوطاً، أو مدّةٍ معيّنةٍ.

قوله: «و لو تَلِفَ فالقيمةُ يومَ التَلَفِ على رأي». جَيِّدٍ، هذا في القيمي، أمّا المِثلي فيضمِنُه بمثله، فإنْ تعذَّرَ فقيمتُه يومَ الإعواز على الأقوى.

قوله: «أو بما يتجدَّدُ من النقدِ بَطَلَ». ضابطة البُطلانِ جَهالةُ النسبةِ، و الشرطُ الأخيرُ داخلٌ فيه، و الشرطُ الأوّل إنِ اقتضى الجَهالةَ دخل فيه أيضاً، و إلّا لم يصحّ اشتراطُه.

ص: 139

القطب الثاني في متعلّق البيع
المطلب الأول في بيع الثمار

قوله: «إنّما يجوزُ بَيعُها بَعْدَ ظهورِها».

المراد بظهورِ الثَمَرةِ بُروزُها إلى الوجودِ و إِنْ كانت في كِمام (1)، و هو منفكٌ عن بدُوِّ صَلاح ثمرةِ النخلِ كما لا يخفى، فيتحقّق اشتراطُ اجتماعِهما في جواز البيع على القول به. و أمّا ظهورُ ثمرةِ غيرِه من الزرع و الشجرِ فهو ملازمٌ لبدُوِّ صَلاحه؛ لأنّ مرجِعَهما إلى انعقاد الحبِّ على أشهر القولَين، نعم اشتَرط الشيخُ (رحمه الله) في بدُوِّ صلاحِها تناثُرَ وَردِها (2)؛ فتحصلُ الانفكاكُ بينهما؛ فعلى المشهور يتّحدُ الشرطُ. و يَحتاجُ عبارةُ المصنِّفِ في اشتراطه الظهورَ ثمّ تردُّدِه في اشتراطِ انْعقادِ الثمرة إلى التجوّزِ.

قوله: «أو بلوغُ غايةٍ يُؤمَنُ عليها الفَسادُ». المَرجِعُ في الغايةِ إلى أهلِ الخُبْرةِ، و نَقل المصنِّفُ في التذكرة عن بعضِ العلماءِ: أنّها طلوعُ الثُرَيّا (3).

قوله: «أو شرطِ القطعِ قولان». عدمُ الاشتراطِ قويٌّ، لكن يُكره بدونه.

قوله: «جزّةً و جزّاتٍ». المرجِعُ في اللَقْطةِ و الخَرْطةِ و الجزّةِ إلى العرفِ.

قوله: «فإنْ خاسَتِ الثمرةُ سَقَط من الثُنيا بِحسابه».

هذا في الحصّةِ المشاعةِ و الأرطال، و حينئذٍ فيتعيّن الجملةُ بالتخمينِ، فإذا قيل: ذهب ثلثُ الثمرةِ أو نصفُها سقط منَ الثُنيا بتلك النسبةِ في الأرطال. و أمّا الحصّةُ المشاعةُ فأمْرُها واضحٌ. و لو كان المستثنى شجرةً أو شجراتٍ تعيّنتْ، و لا يَسْقُطُ

ص: 140


1- في الصحاح، ج 4، ص 2024، «كمم»: الكِمُّ و الكِمَّةُ بالكسر و الكِمامَةُ: وعاءُ الطلع و غِطاء النَوْر، و الجمع كِمامٌ و اَكِمَّةٌ و أكمامٌ.
2- النهاية، ص 414.
3- تذكرة الفقهاء، ج 10، ص 359، المسألة 165.

منها بتلفِ الباقي شيءٌ، و إنْ أوهَمَه ظاهرُ العبارةِ.

قوله: «فإنْ لم يَقْطعْه قَطَعَه البائعُ». بإذن مالكه، و إلّا استأذنَ الحاكمَ إنْ وجده و إلّا قطعه

بنفسه في محلّه بحيثُ لا يتضرَّرُ المشتَري، و يرجعُ بأُجرةِ القَطْعِ (1).

قوله: «إلّا العريّةً». هي النخلةُ تكون في دار الإنسان أو بستانه لغيره، فيشتَري صاحبُ الدار و البستانِ ثمرتَها من مالِكها بخَرصِها تمراً؛ و جوازُه مشروطٌ بأربعةِ شرائط - نبَّه المصنِّفُ عليها في المتن - الأوّلُ: الوحدةُ، و يمكن استفادتُه من توحيدِ العريَّة. الثاني: كونُ الثَمَنِ مِنْ غيرِها. الثالث: كونه حالّاً. الرابعُ: عدمُ المفاضَلَةِ حينَ العقدِ و إنْ تحقّقتْ بعدَ الجفاف.

قوله: «و لا يَجِبُ تَماثُلُ خَرصِ ثَمَرِها». أي لا يجب مطابقةُ ثمرتِها جافّةً لثمنها، بل المعتبرُ في الجوازِ بَيعُها بما يقتضيه ظنُّ الخارصِ لها تمراً بقدره، ثمّ لا يجب مطابَقَهُ هذا التقديرِ للثمنِ عندَ الجفاف، فلو زادتْ أو نقصتْ حينئذٍ لم يكنْ قادِحاً في الصحّةِ. هذا هو المشهورُ مِنْ معنى عدمِ وجوبِ المُماثَلَةِ بينَ ثَمَرَتِها و ثَمِنها. و فسَّره المصنِّفُ في التذكرة بتفسير غريب و هو أنّ المعتبرَ المماثلةُ بينَ ماعليها رُطَباً و بين الثمن تَمْراً فيكون بيعُ رطبٍ بتمرٍ متساوياً. و جَعَلَ هذا مستثنى من بيع الرُطَبِ بالتمر متساوياً (2). و المختارُ الأوّلُ.

قوله: «و التقبيل». بلفظِ «قبّلتُكَ» و هو نوعٌ من الصلحِ (3)، و يجوز للشريكين أو أكثر (4).

المطلب الثاني في بيع الحيوان

قوله: «و العمودَينِ للمشتَري» استثناءُ مَن يَنْعَتِقُ على المشتَرِي مِنْ صحّةِ البيعِ تجوّزٌ؛

ص: 141


1- و قال في مسالك الأفهام، ج 3، ص 368 - 369: و له المطالبة بأجرةِ الأرض عن الزمان الذي تأخَّرَ فيه القطعُ عن وقته.
2- تذكرة الفقهاء، ج 10، ص 403، المسألة 191.
3- لاحظ الدروس الشرعيّة، ج 3، ص 217 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 11).
4- للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 3، ص 369 - 370.

فإنّ البيعَ يقعُ صحيحاً أيضاً ولكنّه لا يستَقِرُّ، فكأنّه أراد البيعَ المُشْتَمِلَ على المِلكِ المستَقِرِّ.

قوله: «و لو استثنى البائع الرأس و الجلد كان شريكاً بقدر القِيمة».

الأقوى بطلانُ الشرطِ، و يَتْبَعُه بطلانُ العقدِ إلّا أنْ يكونَ مَذْبُوحاً أو يُرادَ ذَبحُه فيلزم ما شُرط، و كذا لوِ اشْترك فيه اثنان فصاعداً كذالك.

قوله: «و غَيْرُ الوحشي بالأخيرَين». يريدُ غالباً لا بمعنى انحصارِ السَبَبِ في الأخيرين؛ لأنّه يتحقّق في الملك في غير الوحشي بغيرهما كالا لتقاط للبعير في الجَهد في غير الكَلأ و الماء و شبهه.

قوله: «و لا يَمْلِكُ الرجلُ الأخوات». قلتُ: الملكُ المنفيُّ هنا هو الملكُ المُستَقِرُّ لا مطلقُ المِلْكِ، و إلّا لم يَجُزِ الشِراءُ؛ لقوله: «فَإِنْ مَلَكَ أحدَ هؤلاء».

قوله: «و إنْ عَلَوْنَ». كعمَّةِ الآباءِ و الأجدادِ و خالتِهم، لا عمّة العمّة و خالةِ الخالةِ.

قوله: «و لو مَلَكَ البعضَ انْعَتَقَ ما يَمْلِكُه». و يَسْري عليه مع الاختيارِ و الإيسارِ.

قوله: «و حكمُ الرضاع حكمُ النسب على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «و يُملَكُ لقيطُ دارِ الحربِ». بشرط أنْ لا يكونَ فيها مسلمٌ صالحٌ للاستيلاد و لو تاجراً أو أسيراً.

قوله: «بَعدَ بُلوغِهِ». و رشدِه على الأقوى.

قوله: «بالرقِّ». و لو كان المقرُّ له كافراً.

قوله: «و كذا كلُّ مُقِرٍّ به». أي بالرقِّ.

قوله: «و لا يُقْبَلُ إدّعاءُ الحرّيّةِ من مشهورِ الرقّيّةِ». كأنْ يُباعَ في الأسواقِ، أمّا مجرّدُ اليد فغيرُ كافٍ فيُقبلُ دعواه؛ لحرّيّة الأصلِ، لا عروضها إلّا بالبيّنةِ (1).

قوله: «و لو أذِنَ فى الأداء». أو دلّت عليه القرائنُ كأنْ يُوكِّلَه في شِرائه من مكانٍ بعيدٍ

ص: 142


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 3، ص 377 - 378.

لا يُسَلِّمُه فيه بدون قبض الثَمنِ عادةً و نحوِ ذلك.

قوله: «و الأقربُ بالأرشِ». جَيِّدٌ.

قوله: «و الوجهُ جوازُ إلزامِ البائعِ بالأرشِ». قويٌّ، و له الردُّ بالعيبِ.

قوله: «وَ لو حَدث بعدَ الثلاثةِ مُنِعَ الردُّ بالسابق». و له أرشُه.

قوله: «و لو باع الحاملَ فالولدُ لَه». يدخل الحملُ في بيع أُمِّه في ثلاثةِ مَواضِعَ: الأوّل: إذا شرطاه تحقيقاً أو تقديراً. و الثاني: إذا جَرتِ المساوَمةُ عليه و على أُمّه. الثالث: إذا بذل ثمناً لا يصلَحُ إِلَّا الحاملَ.

قوله: «و لو شَرَطه فسقط قبلَ القبضِ». أو في الثلاثةِ، و له الفسخُ لتبعيضِ الصفقة.

قوله: «لَمْ يَلْزم مطلقا على رأي» (1). قويٍ، سَواءٌ قلنا إنّه يَمْلِكُ، أو أحلناه للحجر عليه على تقديره.

قوله: «يُكره التفرقةُ بينَ الأطفالِ و أُمَّهاتهم». التحريمُ أقوى، و يتعدَّى الحكمُ إلى غيرِ الأُمِّ منَ الأرحامِ. و موضعُ الخلافِ بعدَ سقي الأُمِّ اللِبَاً، أمّا قبلَه فلا يجوزُ قطعاً؛ و الحكمُ مختصٌّ بالآدمي. و لا فرقَ بينَ البَيع و غيرِهِ منَ العقودِ الناقلةِ للعين الموجبةِ للتفرقة، و الأقوى بطلانُ العقدِ حينئذٍ.

قوله: «قبلَ بلوغ سبع سِنينَ» في الأُنثى، أمّا الذَكَر فحولان.

قوله: «و أنْ يَرى العبدُ ثمنَه في الميزان». وَرَدَ أنّه لا يُفلِح (2).

قوله: «و يجبُ استبراءُ الأمةِ». و استبراءُها بتركِ الوطءِ في القُبُلِ و الدُبُرِ دون باقي لاستمتاعِ على الأقوى.

قوله: «فإنْ وطئ عَزَلَ». استحباباً .

قوله: «و استُحِبَّ عَزلُ نصيبٍ من ميراثه». أقلَّ منْ سَهمِ الرجلِ فی الرجلِ و أقلَّ منْ سَهِم المرأةِ في المرأةِ.

ص: 143


1- في هامش المخطوطة: قوله: «مطلقاً». سواء كان له مال أم لا. (منه)
2- الكافي، ج 5، ص 212، باب شراء الرقيق، ح 15؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 71، ح 303.

قوله: «و لو قهرَ من ينعتقُ عليه ففي صحّة بيعه نظرٌ يَنْشَأُ مِن دَوامِ القَهْرِ».

اعلم أنّ قهرَ الحربي مَن ينعتق عليه يوجب مِلْكَه في أوّل زمانِ القهر قطعاً؛ إذ لا مانعَ حينئذٍ منه لكنّه يَنْعَتِقُ عليه حينئذٍ ِللقَرابَةِ؛ و إذا انعتق صلح للتَمَلُّكِ ثانياً بالقهر، و هو حاصلٌ بالاستدامة التي هي أقوى مِنَ الابتداء، فيتحقّقُ المِلْكُ. و هو يوجب العتقَ ثانياً؛ للقرابة الدائمةِ، و اللازمُ منْ ذلك تعاقُبُ العتقِ و المِلْكِ في جميع الآناتِ التي يتحقّقُ فيها القهرُ، لا بمعنى أنّ كلَّ أنٍ يكون فيه مُعْتَقاً و مملوكاً بحيث يتدافعان، بل يترافعان في الآنات المتتاليةِ كما ذكرناه. و من ذلك يَظْهر وجهُ النظر في صحّةِ بيعه؛ إذ لا يُوجَدُ ثَمَّ آنٌ يَسْتَقِرُّ فيه المِلكُ على وجهٍ يمكن فيه البيعُ. و يَظْهَر أيضاً أنّ ما ذكره المصنّفُ منْ وجهِ النظرِ غيرُ وجيهٍ؛ لأنّ دوامَ القهرِ لا يُوجِبُ بطلانَ العتقِ و إنّما يُوجِبُ تجدُّدَ العِتقِ كما ذكرناه، إلّا أنّه لمّا كان القهرُ دائماً و هو يقتضي الملكَ كان كالمنافي للعتق، فأطلق عليه المُبطلَ مجازاً. و كذا القولُ في كون دَوام القرابةِ رافعاً لِلْمِلْكِ، فإنّه إنّما يرفع دوامَ الملكِ لا ابتداءَه، لإمكانِ مِلْكِ القريبِ، فلو كان دوامُ القرابة يمنع ابتداءَ المِلْكِ لامَتنَع دخولُ القريب في المِلْكِ المقتضى لانعتاقِهِ، و إذا تحقّق هذا الترافعُ الموجبُ لعدم استقرارِ الملكِ و العتقِ، لم تتحقّق صحّةِ البَيعِ؛ لتوقُّفِه على الملكِ المستقِرّ حالةَ البَيع و صارا لحربي المقهور بالنسبة إلى القاهر بمنزلة الخارج عن ملكه؛ لاستحالةِ الترجيح فيكون بيعُه و تسليطُه لغيره عليه استنقاذاً لا بيعاً حقيقيّاً؛ لعدم تحقّق شرط البيع الذي هو مِلْكُ البائع حالةَ البَيْعِ. و على هذا فلا يَلْحَقُه أحكامُ البَيعِ بالنسبة إلى المشتَري من الردِّ بالخيار و أخذِ الأرش و غيرِهما؛ لأنّه إنّما مَلكَه بالقهرِ و إن كان بمعونة الحربي و صورةِ البيع. و أمّا بالنسبةِ إلى الحربي ففي لحوق أحكامِ البيع له نظرٌ ممّا ذكر، و مِنْ أنّه إذا دخل مع المُسْلِمِ بأمانٍ مُحتَرَمٍ يجب الوفاءُ له به، و من لوازمه عدمُ انتزاع مابيده إلّا برضاه، فإنْ كان ملتزماً لأحكامِ البيعِ يجبُ أنْ يُوفى له بها فيثبتُ له خيارُ المجلس، والردُّ بعيبِ الثَمَنِ و نحوُ ذلك.

ص: 144

قوله: «و التحقيقُ، صرفُ البيع». جيِّدٌ.

قوله: «إلى الاستنقاذ». الاستنقاذُ رفعُ يدٍ عاديةٍ بعوضٍ.

قوله: «غَرِمَ عُشرَ القيمةِ مع البَكارَةِ». نعم و إنْ كانت الأمةُ عالمةً.

قوله: «رجع على البائع بالثمن و قيمة الولد دونَ العُقْر على رأي» الأقوى رجوعُه بالجميع.

قوله: «و لو كانت الجارية سُرقت من أرض الصلح رَدّها على البائع». الأصحُّ أنّها يدفع ابتداءً إلى المالك إن أمكن، و إلّا فإلى الحاكم.

قوله: «و لو فُقِدَ الوارثُ سُلِّمت إلى الحاكمِ». الأقوى وجوبُ التوصّلِ إلى مالِكها أو وكيله أو وارثه، و مع التعذُّرِ يُدْفَعُ إلى الحاكم. و أمّا الثمنُ فيطالَبُ به البائع مع بقاء عينه مطلقاً، و مع تلفه إنْ كان المشتَري جاهلاً بسرقتها؛ و لا تُستسعى الجاريةُ مطلقاً.

قوله: «ضَمِن التالفَ بقيمته». فرّط أم لا؛ لأنّ المقبوضَ بالسومِ مضمونٌ.

قوله: «مِنْ مولاه». أي لمولاه مع عدمِ البيِّنَةِ، و لو أقام أحدُهم بيِّنةً حُكمَ له، و لو كانت البيّنةُ للاثنينِ أو للجميعِ فالأقوى تقديمُ بَيِّنَةِ وَرَثَةِ الآمر.

قوله: «فلو اقْتَرنا بَطَلا». بل يتوقّفانِ على الإجازةِ، هذا إذا لم يكونا وكيلَين في القبولِ، بأن يتكلَّما معاً و إلّا صحّا. و يتحقّق الاقترانُ بالاتّفاقِ دفعةً، لا بالشروع في العقد.

قوله: «و الصَدَقةُ عنه». بأربعةَ دراهمَ.

المطلب الثالث في الصرف

قوله: «و لو قبضَ البعضُ بَطَلَ في الباقي». و يتخيَّرانِ إذا لم يكن مِنْ أحدِهما تفريطٌ، و مع

تفريطِ أحدهما فالخيارُ للآخر.

قوله: «و مَعَ عِلْمِهِ يجوزُ». و كذا مع جَهْلِه إذا قطع بزيادةِ الثَمَنِ على مُجانسِه.

قوله: «يُباع بالآخر». و بغيرهما.

ص: 145

قوله: «و لو جُمِعا جاز بَيْعُه بهما». و بأحدِهما مع زيادةِ الثمنِ على مُجانِسه بحيث يُقابل الآخَرَ، و بغيرِهما.

قوله: «بيع بالأقلِّ، و مع التساوي بهما، و لو عَلِمَ كلٌّ منهما جاز بيعُه بِجِنسه».

الضابطُ في المُجْتَمَعِ من جِنسَيْنِ، أنّه يجوز بَيعُه بغير جنسِهما مطلقاً، و بهما معاً، سَواءٌ عُلم قدرُ كلّ واحدٍ منَ المجتمعِ أم لا، إذا عُرف قدرُ الجملة، و سواءٌ أمكن تخليصهما أم لا، و بكلِّ واحدٍ منهما، إذا عُلِمَ زيادتُه عن جنسه بحيث يصلح ثمناً للآخرِ و إنْ قلَّ، سَواءٌ أمكن التخليصُ أم لا، و سَواءٌ عُلم قدرُ كلّ واحدٍ أم لا. و هذه المسألةُ جُزئيّةٌ مِنْ جُزئيّاتِ القاعدةِ. و ما ذكره فيها من الحُكمِ كلامُ الشيخِ (رحمه الله) (1)، و تَبِعَه عليه جماعةٌ (2). و ليس بجيِّدٍ.

قوله: «أو بالعكس صحّ و إن لم يَتَقابَضا». مع توكيلِ المشتَرى البائعَ في القبض مِنْ نَفْسه، و إلّا لم يصّح.

قوله: «و رُوي تجويزُ بيعِ درهمٍ بدرهمٍ».

هذه الروايةُ رواها أبو الصباح الكِناني عن الصادقِ علیه السلام، قال: سألتُه عن الرجل يقول للصائغ: صُغ لي هذا الخاتَمَ و أبدِّلُ لكَ درهماً طازَجاً بدرهمٍ غِلَّةٍ ؟ قال: «لا بأس» (3). و المرادُ بالطازَج: الخالص، و بالغِلّةِ: غيرهُ، و هو المغشوش، و حينئذٍ فالزيادةُ الحكميّة مشروطةٌ مع المغشوشِ، و هي تقابل مازاد في الخالص عن جنسه في المغشوشِ. و هذا الوجهُ لامانع منه و لا فرقَ فيه بينَ شرطِ صياغةِ خَاتَمٍ و غيرهِ من الصنائعِ و الأعيان إلّا أنّ الرواية لا تدلُّ عليه. و أمّا ما أطلَقَه المصنِّفُ و جماعةٌ (4)، فالمنعُ إليه متوجّهٌ.

ص: 146


1- النهاية، ص 383.
2- منهم: ابن إدريس في السرائر، ج 2، ص 271؛ و المحقّق في شرائع الإسلام، ج 2، ص 44؛ و المختصر النافع، ص 153.
3- الكافي، ج 5، ص 249، باب الصروف، ح 20؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 110، ح 471.
4- كالشيخ في النهاية، ص 381؛ و ابن إدريسَ في السرائر، ج 2، ص 267؛ و المحقّق في شرائع الإسلام، ج 2، ص 44.

قوله: «و لوِ اشْتَرى بنصفِ دينارٍ لزمه شِقُّ دينارٍ» (1). أي نصفه مشاعاً. و قبضُه كقبضِ المشاع.

قوله: «و يُتَصَدَّقُ بالثَمن لجَهالةِ أربابِه».

إنّما يُتصدّق به مع تحقُّق الجَهالةِ لأربابه كما ذَكَر، إلّا أنّه غيرُ لازمٍ، فلو تميّزوا ردّه إليهم، و لو كان بعضُهم معلوماً فلا بدّ من مُحالَلَته و لو بالصلحِ، و لا يتعيَّنُ بيعُه قبلَ الصدقة - كما يُشعر به ظاهرُ العبارةِ - بل يتخيَّر بينَ الصدقة بعينِه و قيمته. و مَصرِفُه مَصْرِفُ الصدقاتِ الواجبةِ. و لو ظهر المستَحِقُّ بعدَ الصدقةِ و لم يرضَ بها ضَمِنَ. و يلحق بها باقي الحِرَف كالخيّاطِ و الطحّانِ و الخبّاز.

قوله: «معلومة الصَرفِ بَينَ الناسِ».

المرادُ بكونِها معلومةَ الصرفِ كونُها مُتَداوَلةً بينَ الناسِ مع علمهم بحالها، فإنّه يجوزُ حينئذٍ إخراجُها و إنْ لم يُعلَم بقدر ما فيها من الغِشِّ. فلو كانت مجهولةَ الصرفِ بحيث لو عَلِموا بحالها ما قَبِلُوها لم يَجُزْ إخراجُها بدونِ الإعلام بحالها.

ص: 147


1- في هامش المخطوطة: قوله: «شقّ دينارٍ». لأنَّ اللفظ إنّما يُحمل على حقيقته، و حقيقة النصف ذلك. (منه)

المقصد الثالث في أنواعها

المطلب الأول في النقد و النسيئة

قوله: «أو شَرَطَ تعجيلَ الثَمن». فائدة شَرط التعجيل - مع أنّ الإطلاقَ محمول عليه - تسلُّط البائعِ على الفسخِ، إذا لم يُعجِّل المشتَري الثمنَ، بخلاف ما لو أطَلَق.

قوله: «و إنْ شَرَطَ التأجيلَ لَزِمَ إنْ كان مَضْبوطاً». فلو جاء آخِرَ الأَجلِ و لم يَحْصُلْ قبضُ جميعِ الثَمَنِ فله الفسخُ، أمّا مع الإطلاقِ فلا، إلّا على سبيلِ المُقاصَّةِ.

قوله: «الجواز معَ التفاوتِ». قويٌّ.

قوله: «فإنِ امْتَنَع دَفَعَه إلى الحاكم». فإنْ تعذّر الحاكمُ خُلِّي بينَه و بينَه، فَإِنْ تَلِفَ برئ منه، و لو أبقاهُ في يده كان أمانةً لا يَضْمَتُه إلّا مع التفريط.

قوله: «مَعَ عِلْمِهما بالقيمةِ (1)». و مع عدم العلم بالقيمةِ يصحُّ أيضاً لكنْ يثبتُ الغَبْنُ بشرطه، و إنّما يصحُّ مَعَ الزيادةِ إذا لم يستلزمِ السفَةَ، و إلّا بطل.

قوله: «و يجوزُ تعجيلُه بإسقاطِ بَعضِه». بالإبراء أو الصلحِ و نحوِهما، و بدونِ ذلك لا يلزمُ الوفاءُ.

المطلب الثاني في السلف

[البحث] الأوّل في شرائطه

قوله: «و قبض الثمن قبلَ التفرّق» أو المحاسبةِ، من دَينٍ عليه إذا لم يَشْتَرِط ذلك في

ص: 148


1- في هامش المخطوطة؛ قوله: «مع علمهما بالقيمة». لا يشترط علمهما بالقيمة في جوازه قطعاً، فيحمل الجواز هنا على اللزوم فلا غبار عليه؛ لأنّ العلم يرفع الغبن فلا فسخ به. (منه)

العقد، و لو شَرَطه بطل؛ لأنّه بيعُ دَينِ بَدَينِ.

قوله: «صحَّ فيما قابَلَه خاصَّةً». و يتخيَّر المسلَمُ إليه؛ لتبعيض الصَفْقِة.

قوله: «و لا تكفي المشاهَدةُ». إنْ كان ممّا يُكالُ أو يُوزَنُ أو يُعَدُّ، فلو كان ممّا يُباع جَزافاً كفتِ المشاهدةُ، كما لو بيعَ.

قوله: «و غَلَبَةُ وجودِه وقتَ الحُلولِ». الأقربُ جوازُه حالّاً مع عموم الوجودِ عندَ العقدِ (1).

قوله: «أرضِ معيَّنَةٍ». أي مشخّصة كهذه الأرضِ مثلاً؛ لعدم القطع بحصوله، أمّا لو عيّنَ ما لا يختلُّ غالباً كأرضِ البصرةِ مثلاً صحّ.

قوله: «لم يصحَّ». بل يصحُّ مع مغايرة النعجات لِلْمُسلَم فيه، و كونها مشاهَدةً مشروطةَ الجزِّ في الحال.

البحث الثاني في الأحكام

قوله: «و يصحُّ اشتراطُ الأردأ». الأقوى عدمُ صحَّتِهِ كالأجودِ.

قوله: «و ليس ذكرُ مَوضع التسليمِ شرطاً». الأجودُ اشتراطُه مطلقاً.

قوله: «و لا يجوز بيعُه قبلَ حُلُولِه». و يجوزُ الصلحُ عليه.

قوله: «و يَجوزُ بعدَه». إنْ لم يكن مكيلاً أو موزوناً، و إلّا لم يصحَّ؛ نعم يصحُّ الصلحُ عليه.

قوله: «و لو ظهر أنّ الثمنَ منْ غَيرِ الجنسِ بَطَلَ العقدُ». مع التفرُّق أو التعيينِ.

المطلب الثالث في المرابحة و المواضعة

قوله: «و يسقط الأرش من رأس المالِ لا أرشُ الجناية».

الفرق بين أرشِ العَيبِ و أرشِ الجنايةِ، أنّ الأوّلَ ثابتٌ بأصل العقدِ، فكأنّه مستثنى

ص: 149


1- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 2، ص 204 - 205 (ضمن الموسوعة، ج 7).

مِنَ الثمن، بخلافِ الجنايةِ الطارئةِ، فإنّها حقٌّ آخرُ كِنتاج الدابِّة، و لا يرد مثلُه في العَيبِ الحادثِ بعدَ العقدِ و قبل القبضِ أو بعدَه في زمن الخيار؛ لأنَّ ذلك كلَّه مستَحِقٌّ بأصل العقدِ، و مقتضاه، فكان كالموجودِ حالُه، نعم لو نقصَ بالجنايةِ وجب عليه الإخبارُ بالنقصِ.

قوله: «لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بعضِها مرابحةً و إِنْ قُوِّمَ، إلّا أنْ يُخْبِرَ بالحال». مُقتضى الاستثناء أنّه لو أخَبرَ بالحال جاز بَيْعُه مرابحةً و ليس كذلك، و لعلّ المسامحةَ لكونه حينئذٍ بصورة المرابحة [فاستثناها مجازاً] (1).

قوله: «و يُكَره قبل القبض في المكيل و الموزون». بل التحريمُ أجودُ.

قوله: «و لو شَرَطَ الشِراءَ في العقدِ لم يصحَّ». إنْ كان الشرطُ أنْ يبيَعه بعدَ العقد بلافصلٍ، أمّا لو شَرَطَ بيعَه بعدَ مدّةٍ و إِنْ قَصُرَتْ صحَّ.

قوله: «و يجوزُ مع الإطلاق و إنْ قصداه». أي إنْ كان من نيِّتِهما أنْ يَترادّا فيه بعقدٍ جديدٍ ناقلٍ للمِلْكِ، و ذلك يقتضي القصدَ إلى العقدِ الأوّلِ، و إلّا لم يصحَّ؛ لاشتراط مطابَقةِ اللفظِ للقصدِ في العقد.

قوله: «فلو باع غلامَه الحرَّ سِلعةً ثمّ اشتراه بأزيدَ جاز الإخبارُ بالزيادةِ». نَعم لو واطأه على الشراء ليُخْبِرَ به كان غِشّاً حراماً، فلو باعه و الحال هذه تخيّر المشتَري مع العلمِ المتجدِّدِ.

قوله: «و لو بانَ الثمنُ أقلَّ تخيّر المشتَري بين الرِضى بالمسمّى و الردِّ». و إن تصرَّفَ.

قوله: «فإنْ أُهْمِلَ تخيّر المشتَري بين الردِّ». و إنْ تصرَّفَ.

قوله: «و لو اشترى نسيئةً ... تخيير المشتري بين الردِّ و الأخذ حالاً على رأي». قويّ.

قوله: «و لو قالَ وَضيعةُ كلِّ عشرةٍ درهمٌ... فالثمن تسعون، و يُحتمل أحدٌ و تسعون إلّا جزءاً من أحدَ عشر جزءاً من درهمٍ».

ص: 150


1- ما بين المعقوفين أضفناه من مسالك الأفهام، ج 3، ص 312.

مبنى الوَجهين على أنّ الإضافةَ هنا هل هي بمعنى «مِنْ»؟ حيث إنّ الموضوعَ منْ جنسِ الموضوعِ منه، أو بمعنى «اللام»؟ بناءً على أنّ المواضَعةَ على حدِّ المرابحةِ، فكما اقتضتِ المرابحةُ ذلك فكذا المواضَعةُ. و التحقيقُ أنّ تقديرَ «مِنْ» هنا ممتنعٌ؛ لأنّ «مِنْ» التي يتضمّنها الإضافةُ هي التبيينيّةُ لا التبعيضيَّةُ، كما نبَّه عليه جماعةٌ منَ المحقّقين (1). و شرط التبيينيّةِ أنْ يصحَّ إطلاقُ المجرورِ بها على المبيَّن، و لا يصحُّ هنا ذلك؛ لأنّ الموضوعَ المضافَ بعضُ العَشَرةِ، و لا يصحّ الإخبارُ بها عنه فيتعيّن كونُها بمعنى «اللام» إلّا أن تدلَّ على خلافه قرينةٌ أو عُرفٌ، فيصار إليه.

قوله: «لَزِم المشتَري ما وَقَعَ عليه العقدُ». سَواءٌ كان مثليّاً أو قِيميّاً.

ص: 151


1- شرح الكافية، ج 1، ص 273؛ شرح شذور الذهب، ص 330.

المقصد الرابع في اللواحق

[المطلب] الأوّل في الخيار

[الفصل] الأوّل في أقسامه

قوله: «و يثبت في البيع خاصّةً ما لم يفترقا». و لو بخُطوَةٍ.

قوله: «أو يَشتَرِطا سقوطَه». فى العقدِ لا قبلَه.

قوله: «أو يوجباه (1)». إيجابُ البيعِ، معناه إسقاطُ الخيارِ بعدَ العقدِ. و كذا تصرُّفُه، فإنْ كان من البائع كان فسخاً و بطل خيارُهما، و إنْ كان منَ المشتَري كان إيجاباً و بطل خيارُه لا غَير؛ و لا يجوزُ أنْ يتصرَّفَ تصرّفاً يُخْرِجُه عن مِلْكه إلّا بعدَ سقوطِ خيارِ البائع.

قوله «خيار الحيوان، و هو ثابتٌ للمشْتَري خاصّةً». إن كان المُثْمَنُ خاصَّةً حيواناً، و لو كان الثَمنُ أيضاً حيواناً فالأقوى ثبوتُه لهما. و لو كان الثَمنُ خاصّةً فللبائع خاصّةً على الأقوى.

قوله: «أو تَصرَّفَ المشتَري سَقَط». سواءٌ كان ناقلاً أم لا، بل مطلقُ انتفاعه هنا تصرّفٌ كالركوبِ و الحملِ و الحلب و لُبسِ الثوب و إنْ قصد به الاستخبارَ على الأقوى.

قوله: «أو لأحدهما معه». أو لهما معه.

قوله: «و يجوزُ اسْتِراطُ المُؤامَرَةِ». هي مفاعَلةٌ منَ الأمرِ، بمعنى اشتراطُ استئمارِ مَنْ سَمَّياه في العقدِ و الرجوع إلى أمره. و الفرقُ بينها و بين جَعلِ الخيارِ للأجنبيّ أنّ الغرضَ منها الانتهاءُ إلى أمرِه، لا جعلُ الخيارِ له، فلو اخْتارَ الفسخَ أو الإمضاءَ لم يؤثّرْ

ص: 152


1- في هامش المخطوطة: قوله: «أو يوجباه»، بأنْ يقولا اخترنا العقدَ و التزمناه، أو اسقطنا الخيار. (منه)

بخلافِ من جُعِلَ له الخيارُ. و لا بدَّ مِنْ ضَبط مدّتِه كغيره.

قوله: «خيارُ الغبن، و هو ثابتٌ لِلْمَغْبُونِ». على الفورِ، و يَعْذِرُ جاهلُ الغَبْنِ.

قوله: «و لا يَسْقُطُ بالتصرُّف». الحكمُ بِعَدَم سقوطِ الخيارِ بالتصرُّفِ لا يتمُّ مطلقاً؛ لأنّ المتصرِّفَ إنْ كان هو المغبونُ و لم يَكُنِ التصرّفُ ناقلاً عَنْ مِلْكِه لازماً، و لا مانعاً من ردِّه شرعاً كالاستيلاد، لا يَسْقُط خيارُه و إلّا سقط. و إنْ كان هو الغابنُ لم يَبطل خيارُ المغبون أيضاً، لكنْ إنْ أمكن استردادُه بأنْ لا يكونَ انتقل انتقالاً لازماً و لا منَعَ من ردِّه مانعٌ استرجعه، و إلّا مثلَه أو قيمتَه (1).

قوله: «و خيارُ التأخيرِ». على الفورِ.

قوله: «و لا قَبَضَ البائعُ الثمنَ». بأجمَعِه، فلو قَبَضَ البعضَ لم يؤثِّرْ؛ و كذا في طرف المَبيعِ.

قوله: «و لو تلفَ بعد الثلاثة فمن البائع و كذا قبلها على رأي». قويّ.

قوله: «و الخيارُ فيما يَفْسُدُ إلى الليلِ». المرادُ أنّ مبدأ الخيارِ فيه الليلُ، و قبلَه لازمٌ كما يَظْهَرُ مِنَ الروايةِ (2). و لا يخفى قصورُ العبارةِ عن تأديةِ المُرادِ، و الأقوى أنّ ثبوتَ الخيارِ فيما يَطْرأُ عليه الفسادُ يكون قَبلَ تَحقُّقِهِ لتمكّن البائع [من] تلافي الفسادِ و دفعِ الضرر، و ثبوتُ الخيارِ فيما يَفْسُد ليومه بعدَ انقضائه لا يفيد ذلك. فالضابطُ كونُ مَبْدَئِهِ عندَ خوفِ الضَررِ و بدونه مطلقاً.

قوله: «و خيارُ الرؤيةِ». على الفورِ.

قوله: «و المشتَري إنْ نَقَصَ». و هما إنْ زاد أو نقص باعتبارين.

الفصل الثاني في الأحكام

قوله: «و خيار الشرط يثبتُ في كلّ عقد سوى ... و الطلاقِ و العتقِ» استثناءُ الطلاقِ

ص: 153


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 3، ص 204 - 207.
2- الكافي، ج 5، ص 172، باب الشرط و الخيار في البيع، ح15؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 25 - 26، ح 108؛ الاستبصار، ج 3، ص 78، ح 262.

و العتقِ من العقودِ منقطعٌ، و كذا الإبراءُ إن لم يُعْتَبَر فيه القبولُ.

قوله: «سَقَطَ خِيارُه خاصَّةً». هذا في طرف المشتري واضحٌ، فإنّ تصرّفَه يُوجِب البيعَ له و يُسقِطُ خيارَه. و أمّا في طرفِ البائعِ فهو فسخٌ للبيع، فإنّ الضابطَ أنّ كلَّ ما كانَ إجازةً من المشتَري فهو فسخٌ منَ البائع، نعم يمكن ثبوتُ الحكم في طرفِ البائعِ إذا تَصرّفَ في الثمنِ، فإنَّه يُسْقِطُ خيارَه في المبيع.

قوله: «و يَمْلِكُ المشتري بالعقدِ على رأي». قويٍّ.

قوله: «فالتلَفُ مِنَ المُشَتَرِي (1)». ضابطهُ: كلَّما تَلِفَ المبيعُ قبَلَ قَبْضِهِ فَمِن البائعِ إِلَّا أَنْ يكونَ التلفُ مستنداً إلى المشتَري؛ و کلَّما تَلِفَ بعدَ قَبْضِهِ فَمِنْ مالِ المشتَرِي، إِلَّا أَنْ يختصَّ بالخيارِ، أو يكونَ مستنداً إلى البائعِ.

قوله: «ذكرُ الجنسِ و الوصفِ». و هو الوصفُ الذي يُعْتَبر في السَلَمِ كما صرَّحَ به في التذكرة (2)، فعلى هذا لا يُباعُ بالوصفِ إِلَّا ما يصحُّ السَلَمُ فيه.

المطلب الثاني في العيب

قوله: «و هوَ كلُّ ما يزيدُ أو ينقصُ». الموجود في أكثرِ النوعِ الذي يُعتَبر فيه ذلك بالنظر إلى الذاتِ و الصفاتِ، و لا يُعتبرُ مع ذلك كونُ الزائدِ والناقصِ موجباً لنُقصان الماليّةِ. فالخِصاءُ عيبٌ و إنْ أوجب زيادةَ الماليَّةِ، و كذا عدمُ الشَعْر على الرَكبِ في الأمةِ.

قوله: «و هو جزءٌ من الثَمَنِ». يومَ العقد.

قوله: «و فى الأرشِ خلافٌ». له الأرشُ؛ لأنّ ضَمانَ الجُملَةِ يستلزمُ ضمانَ الأبعاضِ.

قوله: «و لو ادَّعى البائع البراءَ فالقول قول المشتري مَعَ عَدَمِ البَيَّنَةِ و شَهادَةِ الحَالِ».

المرادُ بشهادةِ الحالِ نحوُ زيادةِ الإصبعِ و اندمالِ الجُرح مع قصر زمان البَيعِ بحيث

ص: 154


1- في هامش المخطوطة: قوله: «فالتلف من المشتَري». الضابط أنّه متى كان الخيار للمشتري أو له و لأجنبي فالتلف من البائع، و إلّا فمن المشتري. (منه)
2- تذكرة الفقهاء، ج 10، ص 59 - 60، المسألة 33.

لا يُحتمل تأخُّرُه عادةً، و يُعتبر كونُها مفيدةً للقطعِ، و حينئذٍ يُقدَّمُ قولُ المشتَري بغيرِ يمينٍ، و لو شَهِدَ الحالُ للبائع فكذلك، كطراوةِ الجُرح مع تطاوُلِ زمانِ البَيع فلا يمينَ عليه أيضاً.

قوله: «مع نصفِ عُشرِ قيمتها». المرويُّ (1)، و المشهورُ أنّ المبيعَ إذا كان أمةً، و العيب حَبلاً، و التصرّفُ بالوطءِ لا يُمنع منْ ردِّها به مع ردِّ نصفِ العُشْر لمكانِ الوطء. و هي مخالفةٌ للأصول في مَواضِعَ كثيرةٍ. و حَمَلَها بعضُهم على كونِ الحملِ من المولى البائعِ لتكونَ أُمَّ ولدٍ، و يكون البيعُ باطلاً (2). و الوطءُ في ملك الغير جهلاً يوجب العُقْرَ. و إطلاقُ نصفِ العُشر بناءً على الغالب من كونِ الحامل ثيّباً، فلو فرض كونها بكراً لزمه العُشرُ. و العملُ على المشهور و مطلقِ النصوص الصحيحة أولى (3).

قوله: «و الشاةُ المصرّاةُ مع اللبنِ». الموجودِ حالَ البيع، أمّا المتجدِّدُ قبلَ الفسخِ فللمشتري. قوله: «و تثبت في الشاةِ». جَيِّدٌ.

قوله: «و البقرةِ و الناقةِ على إشكالٍ». الإشكالُ فيما عدا الشاةِ منْ عَدَمِ النصِّ، و المشاركةِ في العلّةِ الموجبةِ للخيارِ. وَ ادَّعى الشيخُ الإجماعَ على إلحاقهما بها (4). و هو الأجودُ.

قوله: «وَ الأتانِ». الأتانُ بفتح الهمزةِ، الحمارَةُ، و لا يُقال فيها: أتانَةٌ (5).

قوله: «و الاباقُ القديمُ». مع اعتياده و إنْ لم يتجدّد عند المشتري، نعم لو تجدَّد عند المشتَري في الثلاثةِ من غيرِ تصرُّفٍ فهو كما لو وقع عندَ البائعِ.

قوله: «و عَدَمُ الحَيْضِ». و عدمُ الحمل في الأمةِ دونَ الدابّةِ.

ص: 155


1- راجع الكافي، ج 5، ص 214، باب من يشتري الرقيق فيظهر به عيب و .... ح 2 و 3؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 61 - 62 . ح 266 - 268 و 271 - 272؛ الاستبصار، ج 3، ص 80 - 81، ح 270 - 274.
2- هو العلّامة في مختلف الشيعة، ج 5، ص 206 - 207 المسألة 165.
3- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 3، ص 287 - 290.
4- الخلاف، ج 3، ص 105، المسألة 170.
5- الصحاح، ج 4 ، ص 2067، «أتن».

قوله: «و الثُفْلُ في البزْر». الثُفْلُ - بالضمّ - ما اسْتَقرَّ تحتَ الشيء من كُدْرَةٍ (1). و البزْر - بفتح الباء و كسرِها -: زَيتُ الكتّان (2)، و أصلُه محذوفُ المضافِ، أي دُهْنَ البَزْر.

قوله: «أمّا تَحْمِيرُ الوجهِ، و وَصْلُ الشَعرِ». الأقوى أنّ تحميرَ الوجهِ، و وصلَ الشَعر و نحوِهما يَثْبُتُ به الردُّ مطلقاً؛ لأنّه تدليسٌ.

قوله: «و الجُذامِ و البرصِ». و القرنِ. المرادُ أنّ هذه الأمراضَ إذا حدثتْ مابينَ البيع و تمامِ السنةِ يردّ بها المملوكُ، و إنْ لم يكن الردُّ في السَنَةِ؛ لأنّ خيارَ العيب ليس على الفورِ. و العبارةُ لا تدلُّ على ذلك.

المطلب الثالث في الربا

قوله: «و إنّما يَثْبُتُ في بَيعِ أحدِ المتساويَيْنِ». الأقوى ثبوتُه في كلِّ مُعاوضةٍ.

قوله: «مع زيادةٍ عينيّةٍ أو حكميّة». المرادُ بالحكميّة النَسِيئة مع التساوي؛ لأنّ الأجل له جزءٌ من الثمن.

قوله: «فالحنطةُ و دقيقُها». و خبزُها.

قوله: «و الحنطةُ و الشعير هنا جنس على رأي». قويّ.

قوله: «و في النَسِيئةِ قولانِ». يجوزُ على الكراهيةِ.

قوله: «و كلّ ما ثبت (3) أنّه مكيلٌ أو موزونٌ في عهده صلّی الله علیه و آله». الذي يثبتُ كونُه مكيلاً في عهده صلّی الله علیه و آله أربعةٌ: الحنطةُ و الشَعيرُ و التَمْرُ و المِلحُ، فلا يُباعُ بعضُها ببعضٍ إِلَّا كَيلاً و إنِ اخْتلفت في الوزن. و استثنى المصنّفُ في التذكرةِ: ما يتجافى منه في المكيال كالقِطَعِ الكبارِ منَ المِلحِ فيُباع وزناً (4). و هو حسنٌ.

ص: 156


1- القاموس المحيط، ج 3، ص 353، « ثفل».
2- تاج العروس، ج 6، ص 78، «بزر»: و البزّار: بَيّاعُ بَزْرِ الكتّانِ، أَي زَيتهِ بِلُغَةِ البَغَادِدَةِ.
3- و في القواعد: «يثبت».
4- تذكرة الفقهاء، ج 10، ص 195، المسألة 96.

قوله: «و قيل: يَثْبُت الربا في المُعدودِ». ضعيفٌ.

قوله: «و يجوز بيعُ لَحْمِ الغَنَمِ بالشاةِ على رأي». قويّ إذا لم تكن مذبوحةً و إلّا فلا.

قوله: «و لا ربا بينَ الولدِ و والده». الحكمُ مختصٌّ بالولد النَسَبي بالنسبة إلى الأبِ، فلا يتعدّى إلى الأُمِّ و لا إلى الجدِّ و لا إلى ولدِ الرضاعِ على الأقوى.

قوله: «و لا بينَ الرجلِ و زَوجته». دواماً و متعةً على الأقرب.

قوله: «و لا بينه و بينَ الحربي» مع أخْذِ المُسلِمِ الفضلَ و إلّا حرم.

قوله: «و يثبتُ بين المسلم و الذمّي على رأي». جيِّدٍ.

المطلب الرابع فيما يندرج في البيع

قوله: «فيما يَنْدَرِجُ في المبيع». بالدلالةِ المطابقيّة أو التضمنيّةِ لا الالتزاميّة، فلا يدخل الحائطُ لو باع السقفَ (1).

قوله: «و ألفاظُه سنّةٌ». لِكَثْرَة الدَوران، و إلّا فغيرُها غير مُنْحَصِرٍ.

قوله: «وَ تَدْخُلُ الحِجارةُ المخلوقةُ فيها دونَ المدفونةِ». ثمّ إنْ كانتْ الحجارةُ مُضِرَّةً بالزرعِ أوِ الغَرسِ و لم يعلم بها المشتَري تخيَّر، و إلّا فلا و لوِ اشْتملت على منفعةٍ زائدةٍ على وضعها - كما لو ظهرت مصنعا و نحوه و لم يعلم بها البائع - تخيّر أيضاً (2).

قوله: «وَ يَتَخَيّرُ المشتَري مع الجهلِ». إنْ استلزمَ التفريغُ فواتَ شيءٍ من المنافعِ معتدٍّ به.

قوله: «البستان، و يدخل فيه الأرض ... لا البناءُ على إشكالٍ». الخلافُ في غيرِ الحائطِ، أمّا الحائطُ فيدخلُ بلا إشكالٍ، و الأقوى الرجوعُ في غيره إلى العُرفِ، فإِنْ عَدَّ فيه جزءاً منه أو تابعاً له دَخَلَ، و إلّا فلا.

ص: 157


1- لاحظ حاشية القواعد، ص 253 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 14)؛ و جامع المقاصد، ج 4، ص 366؛ و مسالك الأفهام، ج 3، ص 227.
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 3، ص 236 - 237.

قوله: «الثالثُ: الدارُ». و لو كانَ في الدار حمّامٌ أو بئرٌ مُعَدٌّ لها دخل، و إلّا فلا.

قوله: «و ما أُغلِقَ عليه بابُه، و شبههُ». كقولِهِ: «و ما دار عليه حائطُها و ما اشتملت عليه»، و الظاهرُ أنّه لا يُعتَبر كونُها ذاتَ حائط أو بابٍ، بل هذه الألفاظُ دالّةٌ عرفاً على دخولِ ما اشتملت عليه - إنْ كان لها ذلك - حقيقةً، و إلّا كناية.

قوله: «و المنقولات إلّا المفاتيحَ». دخولُ المفاتيحِ قويٌّ إلّا أنْ يشهدَ العرفُ بخلافه.

قوله: «و في الثيابِ الساترةِ للعورة إشكالٌ». الأقوى الرجوعُ إلى العرفِ.

قوله: «و يَنْدَرِجُ فيه الأغصانُ و الورقُ و العروقُ». دونَ الفِراخِ، و لو تجدّدت، فلمالك الأرض الإزالةُ عند صلاحيّةِ الأخذِ ِللغَرْس.

قوله: «غيرُ المؤبَّرةِ». لورود النصّ (1) فيها.

قوله: «قُدِّمَتْ مصلحةُ المشتَري». لأنّ المشتَري اشتَرى للنفعِ و نفعه حاصلٌ بالسقي، و البائعُ أدخلَ الضررَ في نفسه بالبيعِ، إلّا أنْ يكونَ ضرورةُ البائعِ يُحيطُ بقيمةِ الثمرةِ، أو بها و زيادةٍ، فترجّحُ مصلحةُ البائعِ، و يَضْمَنُ نقصَ الثمرةِ.

المطلب الخامس في التسليم

اشارة

قوله: «و في المكيل الكيلُ». و في الموزون الوزنُ.

قوله: «و كذا إِنْ نَقَصَتْ قیمتُه بحدثٍ فيه». احترزَ به عن نقصِ قيمته السوقيّةِ.

قوله: «فإنْ تَلِفَ الأصلُ رَجع بالنَماء». فإنْ تَلِفَ النَمَاءُ من غيرِ تفريطٍ لم يضمن البائع.

قوله: «وَ لَوِ امْتَزَجَ المبيعُ بِغَيرِه». لا فرق بين امتزاجه بالأجودِ و الأردأ و المساوي، و لا يَسْقُطُ ببذلِ البائعِ له ما امتَزجَ به.

قوله: «تخَيَّر المشتَري بينَ الشركةِ و الفَسخِ». للتعيُّبِ بالشركَةِ.

قوله: «و لو لم يكن له قِسطٌ ... تخيَّر بين الردّ و الأخذ بالأرش على رأي». قويّ.

ص: 158


1- دلّ عليه مفهوماً الأحاديث الواردة في الكافي، ج 5، ص 177 - 178، باب بيع الثمار و شرائها، ح 12، 14 و 17؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 87، ح 369 - 371؛ و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 3، ص 232.

قوله: «يجبُ تسليمُ المبيعِ مُفرَّغاً». بمعنى وجوبِ كلِّ واحدٍ مِنَ التسليمِ و التفريغِ، لكنْ لا يتوقَّفُ صحّةُ التسليمِ عليه، فلو سلَّمَه مشغولاً فتسلَّمَه حصل القبضُ، و يجب التفريغُ مع ذلك.

قوله: «فإنِ اسْتعادَه بِسُرعةٍ»، بحيث لا يستلزم فواتَ غَرضٍ مقصودٍ عُرفاً على المشتَري.

قوله: «بغير أُجرةٍ». على البائع، أمّا الغاصبُ فعليه الأُجرةُ للمشتَري.

قوله: «و لو مَنَعه البائعُ لَزِمَه الأُجرةُ». إنْ كان الحبسُ بغير حقّ، فلو حَبَسه ليقبضَ الثَمنَ أو ليتقابَضا معاً و نحو ذلك فلا أُجرةَ.

قوله: «و يَحرُمُ لوكان طَعاماً على رأي». قويّ، و كذا مطلقُ المكيلِ و الموزونِ بشرط انتقاله بالبيعِ و نقلِه به.

قوله: «و الصَداقِ و شِبهِه». و عِوَضِ الخُلِع.

قوله: «و يَثْبتُ الخيارُ للمشتري فيهما». أي بين الفسخِ و أخذِ المثلِ أو القِيمةِ.

نكت متفرّقة

قوله: «و لو باع قدراً معلوماً كقفيزٍ صحَّ». مع اشتمالها عليه.

قوله: «و لو قال بعتك ... من هاهنا إلى حيث ينتهي صحّ». مع تساوي الثوب أو تقارُبه و إلّا فالبطلان أجود. [و] بخطِّ الشهيدِ (رحمه الله): إنّه كان في الأصلِ «صحّ» فأصلحه وَلدُهُ فخر الدين «لم يصحّ» و هو أقوى القولينِ إلّا أنّه زال حسنُ النظمِ عن الكلامِ؛ إذ بعده: «و لو لم يعيّن المبدأ و لا المنتهى بَطَل»، و هو غريبٌ على أنّ الأوّلَ صحيحٌ، فكان حقُّه إذا لم يؤخِّر المسألةَ عن تعيينِ المبدأ و المنتهى أن يقالَ: و كذا لو لم يعيِّنِ المبدأ أو المنتهى؛ لاشتراكهما في البطلانِ.

قوله: «و لو باعه على أنّها جُربان ... تخيّر المشتري بين الردّ و أخذ الناقص... على رأي». و المُتَّجَهُ أخذها بالجميعِ إنْ شاء، و إلّا فسخَ.

ص: 159

قوله: «قُدّم قولُ البائعِ مع اليمينِ». و له تحويلُ الدعوى إلى عدمِ إقباضِ الجميعِ إنْ لم يكن سبق بالدعوى الأُولى، و حينئذٍ يقدَّمُ قولُه؛ لأصالةِ عَدَمِه.

قوله: «و كذا لو طالَبَه بالقيمةِ». إنْ طالَبَه بقيمةِ البَلَدِ التي يجبُ التسليمُ فيها وجب الدفعُ و إلّا فلا، و كذا القولُ في القرضِ.

قوله: «و لو اختلفا في قدر الثمن فالقولُ قولُ البائع مع يمينه». قويٌّ.

قوله: «و قيل (1) إن كانت في يده». ضعيفٌ.

قوله: «و قولُ المشتَري مع التلفِ». جيّدٌ.

قوله: «و قيل إنْ كانتْ في يدِه». ضعيفٌ.

قوله: «و لو اختلفا في تأخير الثمن ... فالقولُ قولُ البائعِ مع اليَمينِ».

إنّما يُقدَّمُ قولُ البائعِ في نفي المَبيعِ الزائدِ حيثُ لا يكونُ التنازعُ على معيّنٍ كما يدلُّ عليه المثالُ، فلو قال: بعتُك هذا الثوبَ فقال: بل هذَين لغير المذكور فإنّه حينئذٍ يتعيّن التحالف. و لو كان الأوّلُ أحدَهُما فالقولُ قولُ البائع كالأوّل، و لابدَّ من تقيّدِ الحكمِ السابقِ أيضاً بما إذا لم يكن ذلك مستلزماً للاختلافِ في الثمنِ، كبعتُكَ ثوباً بألفٍ فقال بل ثوبَين بألفَينِ فإنّه يقوى التحالفُ أيضاً.

المطلب السادس في الشفعة

[الفصل] الأوّل في الشرائط

قوله: «في الشُفْعةِ». مأخوذةٌ منَ الشَفْعِ و هو الزوجُ. تقول: شفعتُ كذا بكذا إذا جعلتَه شَفْعاً به، أي زَوجاً، و كذلك الشفيعُ يَجْعلُ نصيبَه شَفْعاً بنصيب المشتَري بعد أنْ كان وَتْراً، و أصلُ الشَفْعِ التقويةُ و الإعانة، إذ كلُّ واحدٍ مِنَ الوَتْرَيْنِ يتقوّى بالآخَرِ. و أمّا مفهومها الشرعي فلم يتعرَّضْ إليه المصنِّفُ في هذا الكتابِ، و قد عرّفها في غيره:

ص: 160


1- في هامش المخطوطة: قوله: «و قيل». قويّ. (منه)

بأنّها استحقاقُ أحدِ الشريكَينِ حصَّةَ الآخِر بسببِ انتقالِها إليه بالبيع (1). و هو منقوضٌ في طردِه باستحقاقِ الحصَّةِ المذكورةِ بالبَيعِ. و الأسدُّ في تعريفها: أنّها [حقُّ] تملّكٍ قهريٍ يثبت للشريك القديم على الحادثِ في عَقارٍ مخصوصٍ في البَيعِ بالتملّك القهري.

قوله: «فللآخرِ الشفعةُ بكمالِها». أي كمالِ حصَّةِ المَبِيعةِ.

قوله: «و لا تثبت فيما ينقل كالأثاث و الحيوان على رأي». قويّ.

قوله: «فلا شفعةَ فيما لا تصحُّ قسمتُه كالحمّامات». و لوِ اشتَملَ المبيعُ على ما يُمكِنُ

قسمَتُه و ما لا يمكنُ تثبت الشفعةُ في المقسومِ بحصَّتِه مِنَ الثمنِ.

قوله: «و الطرقِ الضيِّقةِ على رأي». جيّدٍ.

قوله: «بالقسمة تَثبتُ الشفعةُ». أي تثبت فيه ببيعِ أحد الشريكين حصّته، أمّا في الملك ذي الطريق فيأتي.

قوله: «و إن تميَّزَ بالقِسمةِ». بمعنى أنّه إذا باعَ أحدُ الشريكينِ في الدارِ أو البستانِ مثلاً بعد التقاسُمِ نصيبَه من المِلْكِ مع طريقه أو نهره يستحقّ الآخَرُ الشفعةَ في الجميع. و هل يفتقر الطريقُ أو النهرُ إلى كونه قابلاً للقسمةِ الإجباريّة بناءً على اعتباره في ثبوت الشفعه أم لا؟ قولان: أجودُهما العدمُ، نَعَم لوبيعَ الطريقُ أو النهرُ وحدَه اشترط فيه ذلك، و لو لم يكنِ الملكُ مشتَرِكاً في الأصل، بل كان الاشتراكُ في الطريق خاصّةً أو النهر و باعهما معاً، فالظاهرُ ثبوتُ الشفعةِ أيضاً كالمقسومةِ.

قوله: «أُجِّلَ قدرُ وصولِه» (2). أي وصولِ الثمنِ إلى الشفيعِ في محلِّه، لا وصولِ الشفيعِ إلى الثمنِ، لجوازِ كونِ العَود يزيدُ على الثلاثةِ بحيثُ لا يمكنُ دفعُه إلى المشتَري في المدّة. و إنّما الغرضُ تأجيلُه ثلاثة أيّامٍ بعد تمكُّنه من دَفعِه إِلَّا أَنْ يتضرَّرَ المشتَرِي بطولِ المدّةِ.

ص: 161


1- قواعد الأحكام، ج 2، ص 242؛ تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 4، ص 557، الرقم 6168.
2- في هامش المخطوطة: قوله: «أُجِّل قدر وصوله». و لو لم يكن الطريق مسلوكاً تربّص حتّى يسلكَ. (منه)

قوله: «المطالبةُ على الفور على رأي». قويّ.

قوله: «فلو أخلّ بها مَع قُدرتِه». و مَعَ عِلْمِه بالفوريّةِ، فجاهلُ الفوريّةِ معذورٌ، و كذا جاهلُ اسْتحقاقِ الشفعةِ و ناسيهما. و تُقبل دعوى الجهلِ ممّن يمكنُ ذلك في حقِّه عادةً.

قوله: «و لا تركُ الصلاةِ بَعْدَ دخولِ وقتِها». و مثلُه التأخيرُ إلى الصبحِ لو بلغه لَيلاً، و إلى الأكلِ و الشربِ مع حاجته إليهما، و الخروجِ مِنَ الحمّامِ بعد قضاء وطرِه، و شهادةِ الجماعةِ لو خاف فوتَها، و تشييعِ الجنازةِ و نحو ذلك.

الفصل الثاني في الأحكام

قوله: «و إنِ اشتَمَلَ على خيارِ للبائعِ». الأخذُ بالشفعة في مدَّة الخيار قويٌّ إلّا أنّه لا يمنع البائعَ الفسخَ و يمنع المشتَري.

قوله: «و لا خيارَ للمشتَري». لأنّ تبعيضَ الصفقةِ تجدَّدَ في ملكه.

قوله: «و إلّا القِيمةَ على رأي». قويّ. و قيل: لا شفعةَ إذا كان الثمنُ قيميّاً (1).

قوله: «و كذا لوباع المشتَري». لوِ اشترى العينَ المشفوعةَ من المشتَرِي لجَهْلِهِ بالشفعةِ فله فسخُ الشِراءِ و أخذُه بالشفعةِ؛ لفائدة أنْ تكونَ الثمنُ الأوّلُ أقلَّ.

قوله: «و لا يجب على المشتَري القبضُ من البائع». أي لا يجبُ عليه القبضُ منه ثمّ تسليمه إلى الشفيع، بل له أنْ يُحيلَ الشفيعَ عليه ابتداءً و إنْ كان الدركُ على المشتَري مطلقاً.

قوله: «و لو تعيَّب بغيرِ فعلِ المشتَري». المرادُ بغيرِ فعلِ المشتَري أنْ يكونَ مِنْ فعلِ الله، و لو صدر منْ آدمي سقط أرشُه عن الشفيعِ إلّا أن يكونَ عبداً للمشتَري.

قوله: «و الأنقاضُ له». أي للشفيع.

ص: 162


1- و القائل هو الشيخ في الخلاف، و ابنُ حمزةَ، و الطَبْرِسي، و العلّامة في مختلف الشيعة، كما ذكره الشهيد (رحمه الله) في غاية المراد، ج 2، ص 116 ( ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 2).

قوله: «لم يجب عليه الإصلاحُ».

الأقوى أنّ القَلْعَ بعدَ أخْذِ الشفيعِ العينَ إنْ كان بأمر الشفيعِ لم يَجبِ الإصلاحُ؛ لأنّ طلبَه يتضمَّنُ الإذنَ في الحفرِ، و ليس المشتَري غاصباً؛ لأنّه تَصرَّفَ أوّلاً في مِلكه و إنْ كان من المشتَري ابتداءً وجب؛ لأنّ النقصَ حدثَ بفعله في ملكِ غيره لِمَصْلَحَتِهِ مِنْ غيرِ إذنِ الغيرِ فيجبُ إصلاحُه. و هو خيرةُ المصنّف في المختلفِ (1) و التذكرة (2).

قوله: «مع دفعِ الأرش». و هو التفاوتُ بينَ قِيمةِ الغَرس مقلوعاً و بين قِيمته غيرَ مقلوعٍ مستَحِقَّ البقاء بأُجرةٍ.

قوله: «مستَحِقّاً بطلتِ الشفعةُ». و لو بانَ ما دفعه الشفيعُ مستَحِقّاً لم تبطل على التقديرَين.

قوله: «و كان عالماً بقدرِه صحَّ».

لا بدَّ منَ العلمِ بالثمنِ و العلمِ بالشقصِ إمّا بالمشاهَدةِ أو الوصف، فيتخيّر لو لم يطابَقْ، و ليس للمشتَري منعُ الشفيع مِنَ الدخول إليه ليَراه.

قوله: «و لو قال أخذتُ بالثمن و كان عالماً بقدره صحّ و إلّا فلا». و لا تبطل بذلك شفعتُه؛

لأنّ اعتبارَ الفوريّةِ بعد علمه بالثَمَنِ.

قوله: «فله تأخيرُ المطالَبةِ إلى الحَصادِ». له أنْ يأخذَ عاجلاً و يؤخِّرَ ثمنَه إلى الحَصادِ.

قوله: «و الشفعةُ تُورَثُ كالمالِ».

قد تقدَّم أنّ الشفيعَ إذا مات فللورثةِ المطالَبةُ، و ما ذَكرهنا من كونها موروثةً كالمال تتميمٌ للحكم السابق لا تَكرارٌ، إذ لم يتبيَّنْ في السابق كيفيّةُ إرثها، فإنّ الإرثَ قد يكونُ كالمالِ، و قد لا يكونُ كإرث القصاصِ. و أمّا ماقيل: من أنّه ذَكر الأُولى لدفع

ص: 163


1- مختلف الشيعة، ج 5، ص 375 - 376، المسألة 347.
2- انظر تذكرة الفقهاء، ج 12، ص 269، المسألة 750؛ و ما حكاه عنه المحقّق الثاني في جامع المقاصد، ج 6، ص 422؛ و لمزيد التوضيح راجع مفتاح الكرامة، ج 6، ص 382 - 383؛ و جواهر الکلام، ج 37، ص 367.

توهُّمِ نفي الشفعةِ مع تكثُّر الورثةِ كتعدّد الشركاء و هنا بيبن أصلَ الإرثِ، فغيرُ دافعٍ للتكرارِ؛ لأنّ العلمَ بكونها موروثةً يتأدَّى في ضمن الأُولى، و إنْ أفاد معه فائدةً أُخرى.

قوله: «و يصحُّ الصلحُ». مع عدم منافاتِها للفوريّةِ شرعاً، كما لوجهل الشفيعُ الفوريّةَ أو كمَيّةَ الثمن.

قوله: «و الفسخُ المتعقِّبُ لا يُبطلُ الشفعةَ». و لا يكونُ ذلك منافياً للفوريّةِ للحاجة، لكن يُقْتَصُر على ما يُندفعُ به، و لو فُرِضَ عدمُ علمه بكميّةِ الثمنِ و نحوِه لم يُنافِ الفوريّةَ مطلقاً.

قوله: «كردِّ البائع الثمن المعيّنَ مِنْ ذواتِ القِيَمِ لِعَيبه». لافرق في ذلك بينَ الثمن المثلي

و القِيمي، و كأنّه خصّ القيمي ليتفرَّعَ عليه.

قوله: «و لو رَجَع البائعُ بالأرشِ لم يَرجِعْ على الشفيع إنْ كان أخذهُ بقيمةِ الصحيح». فإنّه مختصٌّ بالقيمي. و المعتبر في قيمة الشقص بوقتِ الردّ على الظاهر، و لا فرقَ بينَ كونِ علمِ البائعِ بالعيب و ردِّه قبلَ أخذِ الشفيع و بعدَه على أصحِّ الوجهين.

قوله: «إلّا أنْ يُصدِّقَه». و له الأخذُ اعتماداً على دعوى الوكيلِ، و الغائبُ مع ذلك على حجَّتِه فإذا حضر و أنكر حَلَف و انْتزعه، و أُجرتَه ممّن شاء منهما، فمع تصديقِ الشفيعِ لا يرجع بما غَرم؛ لاعترافه بالظلم بخلافِ الثانية فإنّه يرجع للغرور.

قوله: «قُدِّمَ قولُ المشترَي مع اليمينِ». لأنّ الشِقصَ يُنْتَزع مِنْ يده فكان القولُ قولَه في عوضِه، معَ احْتمالِ تقديمِ قولِ الشفيعِ؛ لأنّ المشتَري يدّعي زيادةً و الأصلُ عدمُها.

قوله: «و يأخذ الشفيع بما على رأي» قويّ.

قوله: «و تبطل الشفعة بالترك ... و إنْ لم يصرّح على رأي». قويّ.

قوله «و بالنزولِ قبلَ البَيعِ على رأي». الأقوى عدمُ البطلانِ بذلك؛ لأنّه لم يستحقَّ حينئذٍ شيئاً فيسقطه.

ص: 164

قوله: «و لو شهد أو بارك ... أو ضمن الدرك أو توكَّل ففي الإيطالِ نظرٌ».

الأجودُ في هذه الأشياء أنّها ليستْ على وَتيرةٍ واحدةٍ فإنّ الشهادةَ على العقدِ بمعنى حضوره و سَماعِه لا ينافي الأخذَ و لا الفوريّةَ بوجهٍ، و كذا الإذنُ في الابتياع و التوكُّلِ لأحدِ المبتاعَينِ فلا تَبْطُل الشفعةُ بهذه الثلاثةِ، و أمّا المباركةُ فإنْ كانتْ قبلَ البَيعِ فلا أثر لها و إنْ كانت بعدَه أبطلتْ؛ لمنافاتها الفوريّةَ معَ اجْتماع شرائطِ الأخذِ مِنَ العلمِ بكمّيّةِ الثمن و نحوه، و كذا القولُ في ضَمان الدَركِ.

قوله: «و مع التقايل». و صورتُها أنْ يقولا: تقابلنا أو تفاسخنا أو أقلتُكَ فَيَقْبَلُ الآخَرُ

على الفور، و لا يكفي عن القبولِ الالتماسُ و لا القبولُ الفعلي.

ص: 165

ص: 166

كتاب الديون

[المقصد] الأوّل [في أحكام الدين]

قوله: «و يُستحبُّ الإقراض، فإنّه أفضلُ مِنَ الصدقة بمثله في الثواب». هذا لفظُ الرواية على ما نقله الشيخُ (رحمه الله) (1).

و الجارُّ فى «بمثله» يجوزُ أنْ يتعلّقَ بالصدقةِ فلا يدلّ حينئذٍ إلّا على أصلِ تفضيلِ القرضِ على الصدقةِ لا على كمّيّتِه، و المعنى أنّ القرضَ بشيءٍ أفضلُ مِنَ الصدقةِ بمثل ذلك الشيءِ.

و الجارُّ في قوله « في الثواب» متعلّقٌ ب«أفضل» و التقييدُ بذلك لبيان الواقعِ لا للاحترازِ؛ لأنّ الأفضليّةَ هنا لا تكون إلّا باعتبار الثوابِ فلا يَرِدُ أنّ قوله «في الثواب» مستدركٌ كما ذكره بعضُ المحقّقين (2)، بل ذلك منْ قبيل: يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ (3)، و قَتْلَهُمُ الأنبياء بِغَيْر حقٍّ (4).

و يجوز أنْ يكونَ الجارُّ الأوّلُ و هو قولُه: «بمثله» متعلقاً ب-«أفضل» أيضاً فيكون دالّاً

ص: 167


1- النهاية، ص 311 - 312.
2- هو المحقّق الكركي في جامع المقاصد، ج 5، ص 19.
3- الأنعام (6): 38.
4- آل عمران (3): 181.

على كمّيّةِ التفضيلِ، إذا المعنى حينئذٍ أنّ القرض بشيءٍ أفضلُ مِنَ الصدقة به بمثله، أي أنّ زيادتَه عليه بقَدْرِه مرّةً أُخرى فهو المطابَق للروايةِ الناطقةِ بأنّ دِرْهَم الصدقةِ بعشرةٍ و القرضَ بثمانية عشر (1). فإنْ قلتَ: المتفاضَل فيه هو ثوابُ المتصدَّق به لا مقدارُ مثله فلا يتمّ ما ذكرتَ. قلتُ: لمّا كان الثوابُ لازماً لِلمتصدَّقِ به كان التفضيلُ بمثلِ المتصدَّقِ به مستلزماً للتفضيل بمثلِ ثوابه للتلازمِ المذكور. فإنْ قلتَ: اللازمُ من ذلك كونَ درهمِ القرضِ بعشرين؛ لكونها قدرَ العشرةِ التي هي ثوابُ الصدقةِ و مثلُها، و الواقع أنّ القرضَ بثمانية عشر، كما ورد في الرواية. قلتُ: لمّا كان درهمُ الصدقةِ لا يعود و كانَ عودُ عشرة بدلَه يَستلزمُ كسبَ تسعةٍ خاصّةً، فيكون قدرُ ثوابه و مثلُه ثمانيةَ عشر. فتدبّر فإنّه من لطيف الأسرار.

قوله «و القبول، قبلتُ» الظاهرُ الاكتفاءُ بالقبولِ الفعلي.

قوله: «و إلّا القِيمة وَقْتَ التسليمِ». أي قبضِ المُقْتَرِضِ.

قوله: «و تجب نيّةُ القضاءِ مع غَيبة المالكِ». بل تجبُ نيّةُ القضاءِ مطلقاً، و يتأكّدُ مع غَيبةِ المالكِ. و قد رُوي أنّه ينقص منَ المَعُونَةِ بقدر قُصورِ النيَّةِ (2).

قوله: «و لو جَهِلَه تصدَّقَ به». مخيّرٌ بينَ الصدقةِ و يضمَنُ، و بينَ الإيصاء منْ واحدٍ إلى واحدٍ، و مع وجودِ الحاكمِ يَدفعُ إليه.

قوله: «عنه مع اليأسِ». و يضمَنُ لو لم يرضَ المالكُ، و لَيْسَ له التملُّكُ مع الضمانِ، و يجوز دَفعه إلى الحاكم مع وجوده.

قوله: «و يجوزُ أخذُ ثَمَن ما باعَه الذمّي مِنْ خمرٍ و شبهه». مع سَترِهِ بالبَيعِ و إلّا فلا، و لا يجوز في الحربي مطلقاً.

قوله: «و لا تَصِحُّ قسمةُ ما في الذِمَمِ». و يصحُّ الصلحُ عليه بعضاً ببعضٍ، و بَيعُ أحدِهما ما

ص: 168


1- الكافي، ج 4، ص 33، باب القرض ح 1: الفقيه، ج 2، ص 58 ، ح 1699، و ص 67، ح 1740.
2- الكافي، ج 5، ص 95، باب قضاء الدَين، ح 1؛ الفقيه، ج 3، ص 183، ح 3690؛ تهذيب الأحكام، ج 6، ص 185، ح 384.

في ذمَّةِ البعضِ بمالٍ مضمونٍ حالٍّ، أو إحالته به على البعضِ الآخرِ.

قوله: «وَجَب على المديونِ دفعُ ما عليه إلى المشتَري». مع صحّةِ البَيعِ بأنْ كان غيرَ ربويٍ، أو بَيعٌ بغيرِ الجنسِ، و إلّا بطل البَيعُ.

قوله: «و بَيعُه بمضمونٍ حالٍّ». هذا شرطٌ لما قبلَه لا مستقلٌّ برأسه، فلو حُذِفَ لفظةُ «وَ بيْعُه» ليتعلّقَ الجارُّ بالمصدرِ الأوّلِ كان أوضحُ و أوجَزُ.

قوله: «و إذا أذن لعبده في الاستدانة لزم المولى أداؤهُ و إن أعتقه على رأي». قويّ.

قوله: «و لو أذِنَ له في التجارةِ دونَ الإستدانةِ». إلّا أنْ يكونَ منْ ضَروريّاتِ التجارةِ.

ص: 169

المقصد الثاني في الرهن

المطلب الأوّل

قوله: «و تكفي الإشارةُ الدالَّة على الرِضى». لا يكفي قبولُ الرهنِ بالفعلِ، بل لابدّ منَ القبولِ بالنطقِ مع القدرةِ.

قوله: «لا يَفْتَقِرُ إلى القبضِ على رأي». الأقوى الافتقارُ إليه؛ للآية (1)تهذيب الأحكام، ج 7، ص 176، ح 779؛ تفسير العياشي، ج 1، ص 283، ذيل الآية 283 من البقرة (2)، ح 529/630.(2) و الروايةِ (2) و الشهرةِ، فيُشترط إذنُ الراهن في صحّةِ القَبضِ، فلو قَبَضَ بدون إذنه، أو أذِنَ ثمّ رجَعَ قبلَه، أو جُنّ أو أُغمي عليه أومات قبلَه بطلتْ، و لا يُشتَرطُ استمرارُه بل له قَبضُه و ردُّه إلى الراهن أو غيره. و يكفي استصحابُ القَبضِ، فلو رَهَنَه ما في يده لَمْ يُشْتَرطُ تجديدُ قبضٍ، و لا مضيُّ زمانٍ يمكن فيه القبضُ، و يكفي التخليةُ و إنْ كان منقولاً. و قال القاضي: لا يكفي في المنقولِ هنا (3) و إنْ قلنا بالاكتفاء بها في البَيعِ؛ لأنّه يوجب استحقاقَ القبض، و هنا القبضُ يوجب الاستحقاقَ.

قوله: «فلا يَنْعَقِدُ رهنُ الدَينِ». إنّما يتمُّ عدمُ جواز رهنِ الدَينِ على القولِ باشتراطِ القبضِ في الرهن من حيثُ عدمِ إمكانِ قبض الدَين؛ لأنّه أمرٌ كلّيٌ. أمّا إذا لم يُشْتَرطِ القبضُ كما اخْتاره المصنّفُ لم يتّجه المنعُ، و قد صرّح المصنّفُ في التذكرةِ بأنّ المنعَ من صحّةِ رهنِ الدين مبنيٌّ على اشتراط القبضِ معلِّلاً بما ذكرناه (4)؛ فَجَمْعُ المصنِّفِ

ص: 170


1- البقرة
2- : 283: (وَ إِن كُنتُمۡ عَلَیٰ سَفَرٍ وَ لَمۡ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَٰنٌ مَّقۡبُوضَةٌ).
3- حكاه عنه المحقّق الثاني في جامع المقاصد، ج 5، ص 102.
4- تذكرة الفقهاء، ج 13، ص 127، المسألة 111.

هنا بينَ المَنْعِ و بينَ عَدَمِ اشتراطِ القبضِ لا وجه له (1).

قوله: «كالإجارة المتعلّقةِ بِعَينِ المؤجرِ كخِدْمَتِهِ». بأنْ آجَرَ نَفْسَه لِعَمَلِ من الأعمالِ فإنّه لا يُتَصوَّر الرهنُ على ذلك؛ لأنّ فائدةَ الرهنِ استيفاءُ الحقِّ منه عندَ تعذُّرِهِ و هو ممتنعٌ هنا؛ لأنّه عند تعذُّر الاستيفاءِ منه يَتَسلَّطُ على فسخ الإجارةِ، و لا يجوزُ أخذُ عوضِها، بخلاف ما لو كانتِ المنفعةُ في الذمّةِ فإنّه يجوزُ أخذُ الرهنِ عليها؛ لإمكانِ استيفائها منه.

قوله: «فلو مات». أي المُجعل له الوكالةُ.

قوله: «و لو غابا سَلَّمه إلى الحاكمِ». و لو سَلَّمه إلى أحدهما ضَمِنَ هو و المدفوعُ إليه؛ و قَرارُ الضَمانِ على مَن تَلف في يده.

قوله: «أو إذنِ الحاكِم مع القُدرةِ عليه ضَمِنَ». و مع عَدَمِ القُدرةِ عليه وَ احْتياجِه إلى دَفْعِهِ، دَفَعَهُ إلى العدلِ بالإشهاد، و يَضْمَنُ بدونه.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله « و المرتَهن أمين لا يضمنُ إلّا بالتعدِّي». أو التفريطِ.

قوله: «من غَيرِ إذنٍ من الراهنِ و وارثِه». مع تعذّرِ استئذانِ الحاكمِ، و إلّا اعتُبر إذنُه إِنْ لم يكنْ المرتهِنُ وكيلاً.

قوله: «إِلَّا أَنْ يُعْتِقَ المُرتَهِنُ». فإنّ العتقَ باطلٌ و إنْ لَحِقَتْه إجازةُ الراهن؛ لقوله علیه السلام: «لا عتقَ إلّا في ملكٍ» (2).

قوله: «ففي كونِها إجازةً للبَيعِ نظرٌ». في كونه إجازةً قوّةٌ، و تَثْبُتُ الشُفَعةُ على الأقوى.

قوله: «و في جواز بيعها قولانِ». الجواز قويٌّ.

ص: 171


1- للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 4، ص 20 - 21.
2- الكافي، ج 6، ص 179، باب أنّه لا عتق إلّا بعد ملكٍ، ح 2 ؛ تهذيب الأحكام، ج 8، ص 217، ح 774؛ الاستبصار، ج 4، ص 5. ح15، في المصادر: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله: «لا عتق إلّا بعد ملكٍ».

قوله: «و لم تَجِبْ رهنيَّةُ الثّمن». إلّا مع الشرط.

قوله: «و إذا حلّ الأجلُ باع المرتهنُ إن كان وكيلاً». إذا رهن كلَّ الرهنِ على كلِّ الدَينِ، فإذا قضى شيئاً منَ الدَينِ بطل في مقابله، و إنْ رهن كلَّ جزءٍ على كلِّ جزءٍ جاز بَيعُ جزء بإزاء جزءٍ، و لا يجوز بَيعُ الجميع بإزاء جزءٍ لهما؛ و إنْ رهن كلَّه على كلِّ جزءٍ من الدَينِ جاز بَيعُ جزءٍ لكلِّ الدَينِ، و إنْ رهن كلَّه و كلَّ جزءٍ منه على كلِّ الدَينِ و كلّ جزءٍ منه جاز بَيعُ البعضِ بالبعض و بالكلِّ. و لا ينفكّ شيءٌ منه حتّى يقضي الدينَ كلَّه، فالأولى في صيغة الرهن أنْ يقولَ: رَهَنتُكَ هذه السِلعةَ كلَّها و كلَّ جزءٍ منها على كلِّ الدَين و كلِّ جزءٍ منه، و شَرَطْتُ وكالتَكَ و وكالةَ وصيِّك أو وارثِكَ و هكذا في بَيْعِهِ و قبضِ ثَمَنِهِ و إيفائه لمستحقّه، و شَرَطْتُ تأخيرَ التصرّفِ إلى كذا.

قوله: «و إلّا الحاكمُ». مع تعذُّرِ إذن المالكِ، و مع تعذُّرِ الحاكمِ يجوزُ للمرتهن البَيعُ.

قوله: «ضَمِنَ بعدَ المدَّةِ لا فيها». لأنّه بعد المدّةِ مبيعٌ فاسدٌ، و فيها رهنٌ فاسدٌ، و كلُّ عقدٍ يُضْمَنُ بصحيحِهِ يُضْمَنُ بفاسده (1)، و ما لا فلا.

قوله: «و لو رَهَنَ المغصوبَ عند الغاصبِ صحَّ». و كذا لوكان في يده ببَيعٍ فاسدٍ.

قوله: «صحَّ و لم يزل الضمانُ». بناءً على ما اختارَه المصنّفُ مِنْ عدمِ اشْتِرَاطِ القبضِ، و حينئذٍ فيستمرُّ الغصبُ إذ لم يتجدَّدْ ما ينافيه، و أمّا على القول بِاشْتِراطه فالأقوى أنّه كذلك؛ لأنّ عقدَ الرهن لا يقتضي استحقاقَ القبضِ؛ لعدم لزوم الرهنِ، بل غايتُه كونُه شرطاً للصحَّةِ، و حينئذٍ فيستمرُّ الضَمانُ السابقُ؛ و لأنّ استدامةَ كلّ شيءٍ أقوى من ابتدائه بناءً على احتياج المبتدأ إلى المؤثِّر قطعاً، و الخلاف في احتياج الباقي إليه؛ و لا شكّ أنّ استدامةَ الرهنِ - التي هي أقوى مِن ابتدائه - لا يَمْنَعُ ابتداءَ الضَمان الذي هو أضعفُ مِن استدامته، كما لو فَرّط المرتهنُ، فلأنْ لا يمنعَ ابتداءُ الرهن الضعيفُ استدامةَ الضمان القويّةَ أولى.

ص: 172


1- للمزيد راجع كتاب المكاسب، ص 101.

قوله: «فلا يدخل الحملُ في الرهن و إن تجدّد على رأي». قويّ.

قوله: «و لو جَنى على مَنْ يَرثهُ المولى اقتُصَّ في العمدِ وَ افْتُكَّ في الخطأ».

الفرقُ بينَ الجنايةِ على المولى و مورِّثِه - مع أنّ الحقَّ للمولى في الموضَعين - أنّ الجنايةَ على المولى، الواجبُ فيها للمولى ابتداءً، و يَمْتَنِعُ أنْ يجبَ للمولى على عبده مالٌ؛ لأنّ الفرضَ كونُها خطأً، إذ هو مال له. و أمّا الجنايةُ على مورّثه، فالحقُّ فيها ابتداءً للمجنيِّ عليه؛ لأنّ الوارثَ إنّما تُنتَقل إليه الديةُ عن مورِّثِه؛ لأنّها محسوبةٌ من تَرِكَتِه يوفى منها ديونُه و يُنَفَّذُ وصاياهُ، و لا يمتنع ثبوتَ مالٍ لمورّث مولى العبد على العبد، فينتقل إلى المولى عن مورّثه، و يفكّ مِنَ الرهن (1).

قوله: «و في ادِّعاءِ تَقَدُّمِ رُجوعِهِ في إذنِ البَيْعِ للراهنِ عليه».

هذا إذا لم يُعيِّنا وقتاً للبَيعِ و الرجوع، أوِ اتَّفقا على وقتِ الرجوعِ وَ اخْتلفا في وقتِ البَيع. أمّا لَوِ انْعكَس الفرضُ فالقولُ قولُ الراهن؛ لأصالَةِ عدمِ تقدُّمِ ما اخْتَلفا فيه في المَوضَعينِ فيُرَجَّح جانبُ الوثيقةِ في الأوّلِ، و صحّةُ البَيْعِ في الأخيرِ.

قوله: «لو قال: رهنتك العبدَ، فقال: بَل الأمةَ تَحالَفا».

إنّما يفتقرُ إلى التحالُفِ لو كان الرهنُ مشروطاً في عقدٍ لازمٍ لِيَترتَّبَ عليه فسخُ العقدِ، و إلّا كان إنكارُ المُرتَهنِ لرهن العبدِ كافياً في انتفاء رهنِه بغير يمينٍ؛ لأنّه لِمَحْضِ حقِّهِ، و جائزٌ منْ طرفه، و يبقى اليمينُ على الراهنِ لنفي ما يدَّعيه المرتهنُ من رهنِ الجاريةِ.

ص: 173


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 4، ص 67؛ و جامع المقاصد، ج 5، ص 136.

المقصد الثالث في الحجر

[المطلب] الأوّل في أسبابه

قوله: «و يُعلم بلوغُ الذكر ... و بلوغِ خمسَ عَشرةَ». أي إكمالها، فلا يكفي الطَعْنُ في الخامسةِ عَشَر، و كذا في التاسعةِ.

قوله: «سَنَةً». هِلاليّةً.

قوله: «و الحملُ و الحيضُ دليلانِ». على سبق البلوغ.

قوله: «و الخنثى المشكلُ بخمسَ عشرةَ». أو بعدَ بلوغِ تسع حيث يكونُ احْتلامُ الذكَرِ ممكناً؛ لأنّه إنْ كان امرأةً فقَدِ اسْتكمل التسع، و إنْ كان رَجُلاً فقد أمنى.

قوله: «أو المنيِّ من الفَرجَينِ» و لو أمنى منْ أحدهما ثمّ صارَ معتاداً حُكِمَ ببلوغِهِ أيضاً.

قوله: «و يُعلمُ الرشدُ بإصلاحِ مالِه».

الرشدُ مَلَكَةٌ نَفْسانيّةٌ تَمْنَعُ مِنْ إفسادِ المالِ، و صرفِه في غيرِ الوجوه اللائقةِ بأفعالِ العقلاء، و يُعلَمُ باختباره بما يُناسبُه من التصرّفات بحسب حاله، و لابدّ منْ تَكَرُّرِ الاخْتبارِ بذلك، لتتحقَّقَ الملكةُ، فإنْ كانَ من أهلِ العملِ اخْتبر بالمواظَبةِ على صَنْعَةٍ تليق بحاله عادةً، و إنْ كان منْ أولادِ الأكابر الذين لا يُباشِرونَ العملَ اختبر بما يناسبه، كأنْ يسلَّمَ إليه نفقُه مدّةٍ لينفقها في مصالحه، فإن وجد قيّماً بها على الوجه الملائم ضبطاً و صرفاً فهو رشيدٌ و نحو ذلك. و لا فرق في ذلك كلِّه بينَ الذكر و الُنثى.

قوله: «و التَغابُنِ في المُعامَلاتِ». إذا صار عادةً فلا تكفي المرّة.

قوله: «و تقبل فيه ... أربعَ نساءٍ في الأُنثى». و الرجل و الأنثيين في الأُنثى.

ص: 174

قوله: «مع بُلوغِهِ». ضمير «الهاء» تعود إلى المال، أي مع بلوغِ المالِ في الخير، بأنْ يقصدَ بذلك القُربةَ لا الرياء. و يُحْتَمَلُ عودُه إلى الصارفِ المفهومِ من السياقِ، أي مع بلوغِ الصارفِ في الخيرِ، بأنْ يكونَ ذا مقصدٍ صحيحٍ، و هما متقاربان.

قوله: «غيرِ الملائمةِ لحالِه». وقتَ الصرفِ.

قوله: «مع حَجْر الحاكمِ عليه». و بدونه على الأقوى.

قوله: «و النسبِ». و الأقوى أنّه يُنفق على مَنِ اسْتَلحَقَه منْ بيت المال.

قوله: «و في التبرّعات المنجَزَّة قولانِ». الأشهرُ أنّها من الثلثِ و لو بَرِئَ من مرضِهِ ذاك ثمّ مات نَفَذَتْ إجماعاً.

قوله: «و سؤالُ أربابِها». أو بعضِهم و إنْ لم يف دَيْنُهم بماله على الأقوى.

المطلب الثاني في الأحكام

[المقام] الأوّل في أحكام السفيه

قوله: «لا بمُجَرَّدِ سَفَهِهِ على إشكالٍ». الأقوى أنّه لا يفتقر إلى حُكم الحاكم.

قوله: «و لو أتلف ما أُودِعَ فالوجهُ عدم الضَمَانِ».

وجه عدمِ الضَمَانِ أنّ إيداعَه للمال بعدَ الحجر مع العلم به جارٍ مجرى إتلافه بالتسليط، فلايكون ضامناً له. و وجهُ الضَمانِ أنّ الإيداعَ ليس ملزماً للإتلافِ فيكون ضامناً لما يتلفه؛ لأنّه عاقلٌ؛ و هو أولى.

قوله: «و في مالِ الطفلِ و المجنونِ إلى الأبِ أو الجدِّ له». و إنْ علا، و مع اجتماعهم يشتَرِكونَ في الولاية فلكلٍّ منهم التصرّفُ استقلالاً، فلو تصرَّ فوا قُدِّم السابقُ. وَ قدَّم في التذكرةِ تصرّف الجدّ لو عارضه الأب (1).

قوله: «فإنْ فُقِدا فالوصيُّ». هذا إذا بلغ فاسد العقل، أمّا لو بلغ كاملاً ثمّ تجدَّد جنونُه فالأقوى أنّ الولايةَ عليه للحاكم، و كذا القولُ في الولاية على السفيه.

ص: 175


1- تذكرة الفقهاء، ج 14، ص 244، المسألة 442.

قوله: «وَ تُدْفَعُ إليه كفايتُه». بل يسلّمها إلى ثقةٍ ينفق عليه.

قوله: «و إلّا حلّله الوليُّ». بالصوم عشرةً بدل هدي التحلُّلِ. و لا يُعتبر فيها التوالي و لا يَخْتصُّ بزمانٍ.

المقام الثاني في أحكام المفلّس

قوله: «يُمنع من كلّ تصرّف ... عندَ ضرب الحَجْر». أي بعدَه.

قوله: «كالنِكاحِ و الخُلعِ». عدم منعه من النكاح و الخُلعِ؛ لأنّهما ليسا معاوضةً محضةً؛ لأنّ المعاوضة المحضةَ هي التي تكون العوضانِ مالاً، و هذان ليسا كذلك.

قوله: «و لو أقرّ بمالٍ فالوجهُ اتّباعه». قويٌّ. و قيل: يشارك المقرّ له الغرماء حينئذٍ (1).

قوله: «فالوجهُ عدمُ السماع». قويٌّ.

قوله: «و لا يتعدّى الحجرُ إلى المال المتجدّد». في التعدّي قوّةٌ.

قوله: «و له إجازة بَيْعِ الخِيارِ». و الفرقُ أنّ الخيار يَثْبُتُ بأصلِ العقدِ لا على طريقِ المصلحة فلا يَتَقَيَّدُ، بخلاف الردِّ بالعيبِ فإنّه يَثْبُتُ على طريقِ المصلحةِ فيتقيَّدُ.

قوله: «و فَسْخُه من غيرِ اعتبارِ الغِبْطَةِ». إنّما كان له الفسخُ بالخيارِ و العيبِ في المبيع السابقِ على الحَجر؛ لأنّه ليس تصرّفاً مبتدأً و إنّما هو حكمٌ تَثْبتُ له قبلَ الحَجرِ. و الفرقُ بينَ الفسخ بالخيار و العَيبِ - حيث يُعتبرُ في الثاني الغبطة دونَ الأوّل - أنّ الخيارَ يَثْبُتُ بأصلِ العقدِ لا على طريقِ المصلحةِ فلا يَتَقَيَّدُ بها بخلاف الردِّ بالعيبِ، فإنّه يثبت على طريق المصلحةِ - استدراكاً لفائت المالّيةِ - فيَتَقَيَّد بها. كذا ذكره جماعةٌ (2).

و فيه نظرٌ؛ لأنّ كلّاً من الخيارَينِ ثابتُ بأصلِ العقد، غايتُه أن أحدَهما يثبت بشرطٍ

ص: 176


1- من القائلين الشيخ في المبسوط، ج 2، ص 236؛ و المحقّق في شرائع الإسلام، ج 2، ص 78؛ و العلّامة في تذكرة الفقهاء، ج 14، ص 32، المسألة 279.
2- انظر تذكرة الفقهاء، ج 14، ص 37، المسألة 284؛ و حاشية القواعد، ص 280 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 14).

و الآخرُ بمقتضى العقد (1). و يمنع من توقُّف خيارِ العَيبِ على المصلحةِ، بل مع ظهورِ سببه يصحُّ اقْتراحاً، بل مع ظهور المصلحةِ في جانب العقد، كما لو ظهر العبدُ خُصيّاً فإنّ له الفسخَ، و إنْ كانت قِيمتُه أزْيدَ، فاشْتراط المصلحةِ فيه هنا دون الخيار لا وجهَ له.

قوله: «إِنْ جَهِلَ إفلاسَه». جَيْدٌ.

قوله: «فليس لِلْغُرَماءِ الحلفُ».

فرعٌ: الوسيلةُ في جواز حَلفِ الغُرماء - إذا عَلِمُوا مِنَ المفلَّسِ أو الوارثِ الامتناعَ - أنْ يَنْقُلوا إليهم المالَ بعقدٍ شرعي يُعْلِمُ به الشاهدَ ثمّ يَشْهَدُ لهم فَيَحْلِفُونَ بغيرِ إشكالٍ.

قوله: «و لا رجوع لو تعذَّر بامتناعه».

نبّه بذلك على خلافِ الشيخ (رحمه الله) حيثُ جوَّزَ الرجوعَ متى تعذَّر استيفاء الثمن (2). و قوّاه في الدروس (3). و الأجودُ المنعُ، نعم يجوز أخذه مُقاصَّةً بشرطها.

قوله: «و لا اختصاصَ مع الموتِ إلّا مع الوفاءِ».

المرادُ أنّه [إنْ] مات محجوراً عليه، فإنّ الغريمَ حينئذٍ لا يختصّ بعينِ ماله إلّا مع الوفاء، أمّا لو مات غيرُ محجورٍ عليه يختصُّ مطلقاً، بل التخييرُ للوارث.

قوله: «فالوجهُ سقوطُ حَقِّهِ مِنَ العَين». بل يكون شريكاً للمفلَّسِ بمقدارِ الزيادةِ، و يختصُّ بمقدارِ حقِّهِ منَ العَينِ، نعم لو كانت الزيادةُ بارتفاعِ السوقِ كان له أخذ العَين و لا شيء عليه.

قوله: «و ليس لَه الإزالةُ بالأرشِ». و لا الأُجرةُ مع الإبقاء.

قوله: «و يَضْرِبُ بالثَمَنِ لو خُلِط بالأجودِ». إذ لو أخذ بقدر ماله لزم أخذُ زيادةٍ في القيمةِ، و إنْ أخذ بنسبةِ القِيمةِ لَزِمَ الربا؛ لثبوته في كلِّ معاوَضة، بل الأجود جوازُ رجوعه

ص: 177


1- لاحظ جامع المقاصد، ج 5، ص 240؛ مجمع الفائدة و البرهان، ج 9، ص 244 - 24؛ مسالك الأفهام، ج 4، ص 94؛ مفتاح الكرامة ، ج 5، ص 314 - 315.
2- المبسوط ، ج 2، ص 88.
3- الدروس الشرعيّة ، ج 3، ص 247 ( ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 11).

في العَينِ فيباعان و يرجع بنسبة عَينِه من القِيمةِ و ليس له أنْ يأخذَ مِنَ العَينِ بنسبةِ القيمة للزوم الربا.

قوله: «وَ يَتخَيَّرُ المشتَرِي سَلَماً في الضربِ بالقيمةِ أو الثَمنِ». إنْ كان تالفاً، و لو كان باقياً فله أخذه.

قوله: «إِلَّا في المُعاوَضَةِ المَحْضَةِ». المعاوَضَةُ المحضةُ هي المتقوِّمةُ بالمالِ مِنَ الجانِبَينِ كالبيع و الصلح و الإجارة و غيرها من العقود، بخلاف النكاحِ و الخُلعِ و القصاصِ الذي هو من جانبٍ واحدٍ إذا عفي على مالٍ.

قوله: «و لو كانَتِ الدابّةُ في باديةٍ نُقِلَتْ الى مأمنٍ بأُجرة المثل».

هذه العبارةُ مجملةٌ مشتركةٌ بينَ كثيرٍ من المؤالف و المخالف. و المراد بالدابّةِ فيها دابّةٌ كانت مع المفلَّس بالإجارةِ فَحَجَر عليه، و فسخ المؤجِرُ الإجارةَ. و ضمير «نُقِلَتْ» الظاهر عوده إلى الدابّةِ، و المعنى حينئذٍ أنّ صاحبها لم يكن معها، فلا يجوز تركُها في البادية؛ لأنّها مضمونةٌ على المفلَّسِ فتنتقل إلى مأمنٍ بأُجرةٍ من مالِ المفلَّسِ مقدّمةً على حقِّهم؛ لأنّها مصلحةٌ لهم فإنّها أقلُّ من القِيمة غالباً و هي لازمةٌ له، لو تُرِكتْ فَتَلِفَتْ؛ و لأنّها مؤونةُ الواجب و هو الردّ.

و يُحتمل عودُ الضمير إلى العينِ المستأجرِ على نقلها، المدلول عليها بالمَقامِ، و هي حمل المستأجِر المفلَّس؛ فإنّه يجب نقله حينئذٍ إلى مأمنٍ بأُجرةِ المثل، إمّا لصاحبِ الدابّةِ أو غيره، حيث يمكن مقدّمة على الغرماء لِصِيانَةِ مالهم، فهو من مَصالح الحَجر. و بهذا المعنى صرَّح المصنِّفُ في القواعدِ (1) و غيرها (2)، و هو أجودُ.

قوله: «و لو زَرَع تُرِكَ». أي زرعَ أرضاً كانت في يدهِ بأُجرة ثمّ فَسَخَ صاحبُ الأرضِ الإجارةَ، و الأشبَهُ تركُ الزرع بأُجرةِ المثل؛ لأنّ في إبقاءِ الزرعِ مَصلحةً للغرماءِ فتكون الأُجرةُ مقدّمةً عليهم إذا لم يكن أخَذَ صاحبُ الأرضِ الأُجرةَ أوّلاً.

ص: 178


1- قواعد الأحكام، ج 2، ص 148.
2- تذكرة الفقهاء، ج 14، ص 97، المسألة 343.

قوله: «لِتَعلُّقِ حقِّهُ بِعَينِ الدارِ». و حينئذٍ تُباع العينُ، و هي كذلك إِنْ حَصَل راغبٌ، فإِنْ لم يحصل أُخَّرَ بَيْعُها إلى انقضاءِ الإجارةِ.

قوله: «و لو أفلس المؤجرُ بعد تعيين ... و لو كانت الإجارةُ واردةً على ما في الذِمَّةِ».

الفرقُ بينَ الصورتَين، أنّه مع تعيين العَين المؤجَرةِ قبلَ الحجر - سَواءٌ كان في أصل العقد أم بعد وروده على الذمّةِ - يكون حقُّه معيَّناً قبلَ الحجرِ فلا دَينَ له يُضْرَبُ به، بخلاف ما إذا كانت واردةً على ما في الذمّةِ و لمّا يحصل التعيين، فإنّ المستأجر حينئذٍ غريمٌ فإنْ وَجَدَ الأُجرةَ باقيةً رجع إليها، و إلّا ضرب بقيمةِ المنفعةِ.

قوله: «و يُبادِر الحاكمُ». وجوباً.

قوله: «إحضارُ الغُرماءِ». و يُستحبُّ إحضار المفلَّسِ أو وكيله.

قوله: «و التعويلُ على منادٍ أمينٍ». يَرضى به الغرماءُ و المفلَّسُ، فإنْ تعاسَروا عيّن الحاكمُ. قوله : «و يُقدَّم كفنُه الواجبُ». و كذا كفن من تجب عليه تكفينه، و كذا جميع ما يحتاج إليه الميّتُ من الحَنُوطِ و غيره.

قوله: «و لو ظهر غريمٌ بعدَ القِسمَةِ نُقِضَتْ». من الأصل، فيشارك في النَماء.

قوله: «جُعل المالُ في ذمّة مليٍّ». أي أُقرِض.

قوله: «فَلِلْحاكم حَبْسُه». و تعزيرُه.

قوله: «و مع القِسمَةِ يُطلَق». و لا يَحْتَاجُ إلى إذنِ الحاكِم.

قوله: «و لا يجوزُ مؤاجرَتُه». أي لا يؤاجِرُه الحاكمُ، و لا يلزمه بالتكسُّبِ، و ذلك لا يستلزم عدمَ وجوبِ التكسُّبِ عليه بِنَفْسِه، فيجب الكسبُ بما يلائم حالَهُ.

قوله: «و لو كان له دارُ غَلَّةٍ». موقوفةٍ عليه أو محبَّسةٍ، و إلّا وجب بَيْعها مع زيادتها على حاجته كماهو المفروضُ. و كذا الدابَّةُ و المملوكةُ. و يجوز أنْ يُحمل على مؤاجرتِها بعدَ الحجر و قبل القِسمَةِ.

قوله: «و لا تُباعُ دارُ سكناه». أمّا لو كانتِ الأعيانُ أموالَ الغرماء ففيه إشكالٌ، من تَعارُضِ العُمومَينِ، و الأصحُّ عدمُ جوازِ أخذها.

ص: 179

المقصد الرابع في الضمان

[المطلب] الأول [في] شرائط الضامن

قوله: «في الضمان».

المرادُ بالضَمانِ الضَمانُ العامُّ، و هو العقدُ الذي شُرعَ للتعهّد، سَواءٌ كان لمالٍ ممَّن عليه أو لا، أو نفسٍ، و إلّا لم يجز إضافةُ «المطالب» إليه، إضافةً لنفسه؛ لأنَّ قسيم الشيء لا يكون قِسماً منه. و لَمّا ذَكَرَ في المطلبِ الأوّلِ أركان الضَمانِ، مِنَ الضامنِ و المضمونِ عنه و المضمون له و المضمونِ، عُلِمَ أنّ مرادَهُ الضَمانُ الخاصُّ، و هو التعهّدُ بالمالِ ممّن ليس عليه مثله، و هو الضَمانُ بقولٍ مطلقٍ، أي الذي ينصرفُ إليه إطلاقُ الضَمانِ و هو من علائمِ الحقيقةِ. [و الضَمان] مشتقٌ من الضَمن، ف«النونُ» فيه أصليّةٌ؛ لوجودها في تصاريفه، فيكونُ ناقلاً للمالِ من ذمَّةٍ إلى ذمَّةٍ؛ فيلتحقُ أحكامُ المال المنقولِ من النقلِ إليه، و ليس هو من الضمّ، فيشتركَ الأحكامَ مِنَ المطالبةِ و الإبراءِ و غيرهما (1).

ص: 180


1- لمزيد التوضيح راجع جامع المقاصد، ج 5، ص 308 - 309؛ مسالك الأفهام، ج 4، ص 171؛ مفتاح الكرامة، ج 5، ص 348 - 349. و في حاشية القواعد، ص 285 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 14): الضَمانُ مشتقٌّ من التضمينِ عندنا، ف«النون» فيه أصليّةٌ، بناءً على أنّه ناقلٌ فيصيرُ ذمَّة الضامنِ منضمّةً له. و عند العامَّة من الضمّ ف«النون» فيه زائدةٌ، بِناء منهم على تَخيير المستحقِّ في المطالبة، فكأنّه ضمُّ ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ. و الترجيحُ مَعَنا من ثلاثةِ أوجُهٍ، الأوّل: وجودُ «النون» في جميع تصاريفه من الماضي و الاستقبال و الأمر و التثنية و الجمع بمعنييه. الثاني: أنّ الكلمة لا «ميم» فيها ثانياً و «الضمّ» يشتمل على «الميمين»، إلّا أن يُلتزمَ بإبدال «الميم» من «النون» و هو بعيدٌ جدّاً. الثالث: التمسّكُ بقوله علیه السلام: «الزعيمُ غارمٌ»؛ فإنّ ظاهره اختصاصه بالغُرمِ؛ إذ هو خبرٌ في معنى الأمر، و الأمرُ بالشيء يستلزمُ النهيَ عن ضدِّه، و ظاهرٌ أنّ تغريم غيره ضدُّهُ.

قوله: «يُشترطُ في الضامن جواز التصرّف، و المَلاءَةُ أو علمُ المضمونِ له بالإعسار».

المَلاءةُ (1) أو العلمُ بالإعسار ليس شرطاً في صحَّة الضَمان، بل في لزومه؛ لما سيأتي من تخيير المضمونِ له لو ظهرَ الخلافُ؛ و جواز التصرّفِ شرطُ الصِحّةِ، فقد استعمل الشرطُ في معنييه، و ليس بجيّدٍ. وَ كأنّهُ اعتمدَ على ظهور المراد.

قوله: «في ذمَّته». أي في ذمَّةِ العبد، و يُتَّبعُ به بعد العتقِ و الإيسار.

قوله: «و لا يُشترطُ علمهُ بالمضمونِ له». على وجه الإحاطةِ و التفصيلِ، نعم لا بدَّ من امتيازه عن غيره بما يمكن القصدُ معه إلى الضَمانِ له، و كذا القولُ في المضمون عنه.

قوله: «لم يبرأ الضامنُ». لو ضَمِنَ الثمنَ للبائع عن المشتَري ثمَّ تقايلا أو تفاسخا برئ الضامن.

قوله: «و يصحُّ ضَمانُ مال الكتابة». و إن كانت مشروطةً، فيبرأ العبدُ و ينعتقُ لبراءتِه من مال الكتابةِ، فَيُصار بمنزلة الأداء.

قوله: «و النفقةُ الماضية». للزوجة، أمّا القَرابة فلا يجوز ضمانُ الماضية؛ لأنّها لا يستقرُّ في الذمَّةِ بالفوات.

قوله: «و ترامى الضَمانِ». و هو تعدّد الضَمانِ و المضمونِ عنه بحيث لا يَرجعُ إلى المضمونِ عنه، فلو رجع إليه كان دَوراً، و يصحُّ أيضاً كما يصحّ الترامي.

قوله: «ما تقومُ به البيِّنةُ». و لو بشاهدٍ و يمينٍ.

قوله: «بردِّ المضمون عنه». أي بردِّ اليمين.

:قوله: «و لا يصحُّ ضَمان ما يُشهَدُ به عليه». مع عَدَم ثبوتِ أصلِ الحقِّ، و إلّا جاز كما سبق.

قوله: «لا ما تجدَّدَ بُطلانُه بفسخٍ لعَيْبِ و غيرِه، و تَلَفُ مبيعٍ قبلَ قبْضِه».

ص: 181


1- في مسالك الأفهام، ج 4، ص 183: و المراد بملاءة الضامن التي هي شرط اللزوم أن يكون مالكاً لما يوفي به الدين فاضلاً عن المستثنيات في البيع للدين، و من جملتها قوت يومٍ و ليلة.

و الفرقُ أنّه مع بطلانِ البَيْعِ من أصلٍ يكون الثَمنُ مضموناً على البائع، فيصادف الضَمانَ، بخلاف ما لو تجدّد البطلان؛ لخلوِّ ذمَّةِ البائع حينَ الضَمَانِ، فيكون ضمانُ ما لم يجب.

قوله: «و لو خرج بعضه مستحقّاً رجع على الضامنِ». لأنّ الأرشَ جزءٌ مِنَ الثَمن؛ لأنّه عوضُ جزءٍ فائتٍ فيكون مضموناً على البائع وقتَ الضَمانِ.

قوله: «مَعَ عَدمِ التهمةِ». من صُوَرِ التهمة، أنْ يكونَ الضامنُ مُعْسِراً، و لم يُعْلَمِ الْمَضمونُ له بإعساره، فإنّ له فسخُ الضَمَانِ حينئذٍ و يرجع على المضمون عنه؛ فبالشهادة يدفع عود الحقِّ إلى ذمّته. و منها: أنْ يكونَ الضامنُ قد صالح على أقلّ من الحقِّ، فيكون رجوعُه إنّما هو بذلك المُصالَح عليه، فيقلُّ ما يُؤدّيه عن أصل الحقِّ لو ثبت الأداء. و منها: أنْ يكونَ الضامنُ قد تجدَّد الحجرُ عليه للفَلَسِ، و المضمونُ عنه أحدُ غُرمائه، فإنّه بثبوتِ الأداء تقلُّ الغُرماءُ؛ فيزداد ما يُضرب به.

قوله: «و رجع الضامنُ بما أدّاه أوّلاً» (1). مع مساواتِه الحقّ أو قصوره.

قوله: «وَ لَو لَمْ يَشْهَدْ رَجَعَ بما أدّاه ثانياً». بل بالأقلِّ من الأوّلِ و الثاني، و الحقّ.

قوله: «إنْ لم يزد». عمّا ادّعاه دَفْعَهُ أوّلاً.

قوله: «و يُخْرَجُ ضَمانُ المَريض من الثُلْثِ» (2).

الأقوى أنّ ضَمانَ المريضِ إنْ كان على وجهٍ يثبتُ له الرجوعُ على المضمونِ عنه، و وَجَدَ مالاً يَرجِعُ فيه فالضَمانُ من الأصل، و إنْ كان متبرِّعاً أو لم يَجِدْ مالاً يَرجِعُ فيه فهو من الثلثِ؛ لأنّه تَبرُّعٌ أو كالتبرّعِ. و هو خِيَرَةُ المصنِّفِ في التذكرة (3).

ص: 182


1- في هامش المخطوطة: قوله: «بما أدّاه أوّلاً بل أقلّ الأمرين من الحقِّ و ما أدّاهُ». (منه)
2- في هامش المخطوطة: قوله: «من الثلث». إنْ استلزم فوات شيءٍ على الورثة بأنْ تبرأ به أو كان المضمونُ عنه معسراً، و إلّا كان من الأصل. (منه)
3- تذكرة الفقهاء، ج 14، ص 375، المسألة 551.

المطلب الثاني في الحوالة

قوله: «و يُشترط رضى الثلاثةِ» مع مخالفة المحال به جنساً أو وصفاً، و إلّا فلا يُشترط رضى المُحالِ عليه.

قوله: «و لا يُشترطُ سبقُ شُغُلِ ذمَّةِ المُحال عليه». لكنّه أشبه بالضَمانِ.

قوله: «و لو أحال المشتري البائع ... بَطلت على إشكالٍ». قويّ.

المطلب الثالث في الكفالة

قوله: «و يُشْتَرطُ رضى الكفيلِ». و هو هنا بمعنى الفاعل.

قوله: «و تَرامى الكَفالاتِ». لا دورها هنا (1).

قوله: «فإن سلَّمهُ الكفيل بعدهُ تامّاً». صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ، أي تسليماً تامّاً، أو حالٌ مِنَ المصدر الذي أحدُ مدلولِ «سلّم»، أي حالَ كونِ التسليم تامّاً.

قوله: «و لو قال: إنْ لم أَحْضِرْه كان عليّ كذا لزمه الإحضارُ خاصّةً. و لو قال: عليّ كذا إلى كذا ... (2)».

مُستندُ الحكمِ في المسألتينِ روايةُ أبي العبّاسِ عن أبي عبدالله علیه السلام،، قال: سألتُه عن الرجلِ يَكْفُلُ بِنَفْسِ الرجلِ إلى أجلٍ، فإنْ لم يأتِ به فعليه كذا و كذا درهماً، قال: «إنْ جاءَ به إلى أجلٍ فليس عليه مالٌ و هو كفيلٌ بنفسه أبداً، إلّا أنْ يبدأ بالدرهم، فإنْ بدأ بالدرهم فهو له ضامنٌ إنْ لم يأت به إلى الأجل الذي أجّله» (3). و ضميرُ «له» يَعودُ

ص: 183


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 4، ص 252 - 253.
2- في هامش المخطوطة: قوله: «و لو قال: عليَّ كذا إلى كذا إنْ لم أُحضِرْهُ وجب المالُ». حكم المسألتين مشهورٌ و المستند ضعيفٌ و في الحكم إشكالٌ، و في الفرقِ نظرٌ، و الذي يوافق القواعد الشرعيّة عدم صِحّةِ الضَمانِ و الكفالة فيهما على العبارة التي ذكرها المصنِّفُ؛ لعدم الصيغة الدالّة على الكفالةِ شرعاً، و تعليق الضَمانِ على الشرط، سَواءٌ تقدّم الشرط أو تأخَّر، نعم لو وقع قبل ذلك كفالةً صحيحةً كما هو ظاهرُ الرواية لَزِمَتْ. (منه)
3- الفقيه، ج 3، ص 96، ح 3406؛ تهذيب الأحكام، ج 6، ص 209 - 210، ح 488.

إلى المالِ الذي هو الدراهم. و المراد إنْ لم يأتِ بالمكفول في الأجل ضمن المالَ كما استُفيد من لفظٍ آخَرَ للرواية.

و المشهورُ بين الأصحاب العملُ بمضمون الرواية، و إنِ اختلف تعبيرُهم عن المسألتَين بحيث تُوهِّم اختلاف الفتوى. و الحكمُ الأوّلُ يمكن توجيهُه بأنْ يكونَ قد وَقَع صيغةُ كفالةٍ صحيحةٍ قبلَ ضَمانِ المال، كما يَدلُّ عليه إطلاقُ قوله: «يَكفُلُ بنفسِ الرجل» إلى آخره. و أمَّا الضَمانُ، فإنّه معلَّقٌ على شرطٍ في المسألتَينِ، فلا يصحُّ إلّا أن يكونَ المالُ المضمونُ موافقاً لما على المكفولِ جنساً و وصفاً و قدراً، فيلزم لا من حيث كونه ضَماناً، بل لأنّه من لوازم الكفالةِ، فإنّها متى صحّت لزم إحضارُه أو أداءُ ما عليه، و حينئذٍ فتصحُّ الكفالةُ و الضَمانُ في الصورة الأُولى. و الروايةُ و إنْ كانت مطلقةً من حيث شمولِها للمديونِ و غَيرِه كمن يُدَّعى عليه القصاصُ، إلّا أنّه يمكن حَملُها على ما يوافق الأُصولَ. و أمَّا الثانيةُ، فإن بدأ فيها بالدراهمِ بأنْ يقولَ: «عَليَّ كذا إلى كذا إنْ لم أُحْضِرْه» - كما هو ظاهرُ الفتاوى - فالضمانُ و الكفالةُ باطلان؛ لتعليق الضَمان على شرطٍ، و عدمُ الصيغةِ الصريحةِ في الكفالة. و إنْ كان بدأ بالدرهم بالإضافة إلى الصورةِ الأُولى، بمعنى أنّه نّه عبّر بكفالةٍ صحيحَةٍ ثمّ عقّبها بقوله: «علي كذا و كذا إنْ لم أحْضِرْه» و سمّاه بَداءةً نظراً إلى أنّه فى الأُولى، قُدِّمَ قولُه: «إنْ لم أُحْضِرْه» على قولِه: «عليّ كذا».

فالحكمُ فيها كما سبق مِنْ صِحَّةِ الكفالةِ و الضَمان إنْ طابق الحقَّ، و حينئذٍ فلا ينافي الروايةَ أيضاً؛ لأنّه مالٌ فهو ضامنٌ إنْ لم يأتِ به إلى الأجل.

و أمّا الفرقُ بين تقديمِ الشرط على الجزاءِ و تأخُّرِه، فلا أثرَ له لغةً و لا عرفاً و لا شرعاً. و قد تمحّلَ بعضُ الأصحابِ للفرق بأنّه: «إذا قدَّمَ المالَ لزمه براءةُ ذمّةِ المضمونِ عنه فتمتنع الكفالةُ، و إذا قَدَّم الكفالةَ كان الضمانُ المتعقّب لها - لكونه معلّقاً على شرطٍ - باطلاً» (1).

ص: 184


1- جامع المقاصد، ج 5، ص 393.

و هو مبنيٌّ على ظاهرِ عبارةِ المصنِّف حيث جعل اللازمَ المالُ خاصّةً على تقدير تقديمه. و الروايةُ الواردةُ به مصرِّحةٌ بأنّ لزومَ المالِ مشروطٌ بِعَدَم إحضاره، و أنّ الكفالةَ صحيحةٌ، بل الحكم مع صحّتها أوفقُ؛ لأنّها إذا صحّت لَزِمَ إحضارُه فإنْ لم يُحْضِرهُ لزمه المالُ الذي عليه كما مرّ. و قد صرَّح المصنِّفُ بالقَيدِ في التحريرِ (1) و غَيره (2). و أيضاً فإنّ الكلامَ جملةٌ واحدةٌ لا يَتمُّ إلا بآخرِه، و مع تقديمِ المال قد جعله ضَماناً مشروطاً بعدم الإحضار فلا [معنى] للزوم الضمانِ خاصّةً. و بالجملة فالحكمُ لروايةٍ ضعيفةِ السند، و الفرقُ غيرُ تامٍّ، و إطلاقُ الحكمِ غيرُ جَيِّدٍ إِلَّا أَنّه مشهورٌ بين الأصحاب.

قوله: «و لو كان قاتلاً لزمه الإحضارُ أو الديةُ». فإنْ دَفَعها ثمّ حضر الغريمَ تسلَّطَ الوارثُ على قتله، و يَدْفَع ما أخذ منه و جوباً و إنْ لم يقتله.

قوله: «و يَبْرأُ الكفيلُ بموتِ المكفولِ». إلّا أنْ يكونَ الغرضُ من الكفالةِ الشهادة على عَينه، لإثبات حقٍّ لا يتمّ بدون رؤيتِه، فلا ينقل مادام تَحقُّقُ ذلك ممكناً، و إنْ كان بعد الدفن على الأقوى.

ص: 185


1- تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 2، ص 569، الرقم 3971.
2- تذكرة الفقهاء، ج 14، ص 413، المسألة 580: قواعد الأحكام، ج 2، ص 169.

المقصد الخامس في الصلح

قوله: «و مع علم المصطلِحَيْن». أي علمهما معاً و جهلهما معاً، و مثلُه عِلْمُ مَن له الحقُّ، و جَهْلُ الآخرِ مع عدم زيادةِ القدرِ المُصالَحُ عليه عن الحقِّ، و أمّا العكس فيجب فيه الإعلامُ؛ فلو صالح مَن عليه الحقُّ ببعضه مع جهلِ المستَحِقِّ بقدره لم يُثمر ملكاً للباقي و لا براءةً مِنْ باقي الدَينِ، نعم لورضي المالكُ باطناً بالصلح على أيّ قدرٍ كان، فقد قال المصنِّفُ في التذكرة: أنّه يصحّ (1).

قوله: «لا ما وقع عليه الصلحُ». أي العوضُ المبذولُ، فإنّ عِلمَهُما به شرطٌ في صحَّةِ الصلح.

قوله: «و تكفي المشاهَدَةُ». لا تكفي.

قوله: «في الموزونِ». أي العوضِ.

قوله: «لو اصطلح الشريكان ... و الآخر برأس ماله صَحَّ». جيّدٌ.

قوله: «و إنْ لم يتقابضا». بناءً على أنّ الصلحَ عقدٌ مستقلٌّ برأسه لا فرعُ البَيْعِ و غَيره، فلا يلحقه أحكامُ الصَرفِ المختصَّةِ بالبَيْعِ، و لو جعلناهُ هنا فَرعَ البَيْعِ - كما اختارهُ الشيخُ (2) - اشْتُرط التَقابضُ.

قوله: «لا يَبْطُل إلّا بالتراضي (3)». أي بالتقايل.

قوله: «و الآخرِ برأسِ ماله صحَّ». إنّما يصحّ إذا انتهتِ الشركة، ليكون اختصاصُ آخِذِ الزيادةِ بمنزلةِ الهبةِ، و إلّا لم يصحّ.

ص: 186


1- تذكرة الفقهاء ، ج 16، ص 19 - 20، المسألة 1030.
2- المبسوط، ج 2، ص 258 - 259.
3- في هامش المخطوطة: قوله: «إلّا بالتراضي». أي على الفسخ. (منه)

قوله: «وَ ذَهبَ أحدُهما». هذا هو المشهورُ، و المستندُ ضعيفٌ (1)، و القولُ بالقرعةِ مُتَّجَهٌ. قوله «و يُقْسَمُ ثَمَنُ الثوبين المشتبهين». هذا هو المشهورُ، و الروايةُ مجهولةُ السند (2).

قوله: «بخلاف بعني أو مَلِّكني». فإنّه إقرارٌ فى الجملةِ، و فى كونه إقراراً للمخاطَب نظرٌ؛ لاحتمالِ كونه وكيلاً حتّى لوِادّعى وكالتَه خرج عن كونه مُقِراً له، نَبَّه عليه في الدروس (3).

قوله: «و قِيمَتُهُ دِرهمٌ صحَّ». بَناءً على اختصاص الربا في البَيْعِ، و الأصحُّ ثبوتُه في كلِّ مُعاوَضةٍ؛ لإطلاقِ «و حرَّمَ الربا» (4)، فلا يَصِحُّ هنا. و لَوِ انْعكَس الفَرضُ بأنْ صالحه على متلَفٍ قِيمتُه درهمان بدرهمٍ فكذلك للربا. و يُحتَملُ هنا الصحّةُ فيكون إبراءً من الزائدِ، كصلح الحَطِيطَةِ (5). هذا كلُّه مع كون الدرهم المُصالحُ به من جنس النقدِ الغالبِ؛ لانصراف قِيمة المتلَف في القِيمي إليه، و إلّا صحّ مطلقاً.

قوله: «على سُكنى سَنَةٍ صحَّ». في الظاهر لا في نفس الأمر، فلو كان المدّعي كاذباً لم تُبِحْ له العَيْنُ و لا المنفعَة بالصلحِ، و كذا غَيرُه.

قوله: «و يُقضى للراكب دون قابض اللِجام على رأي».

إنّما قُدَّمَ الراكبُ على قابض اللِجامِ، معَ اشْتراكهما معاً في انطباقِ تعريف المدّعي و المنكر عليهما وَ اشْتِراكهما في اليد؛ لانضمام تصرّف الراكب إلى يده تقويةً لذلك، بخلاف قابض اللِجام، فإنّ له يدٌ خاصَّةً. و الأقوى تساويهما، فيحكم بها لهما مع حلف كلّ لصاحبه إذا لم تكن بيّنةً؛ لأنّ مَرجِعَ التصرّفِ إلى قوّةِ اليد و لا أثر لها، و مِنْ ثُمَّ تُساوي مَن بيده أكثرُ البيوتِ و مَن بيده أقلُّه.

ص: 187


1- أي رواية السكوني عن الصادق عن أبيه علیهما السلام، رواها الفقيه، ج 3، ص 37، ح 3281؛ تهذيب الأحكام، ج 6. ص 208، ح 483.
2- أي رواية إسحاق بن عمّار، رواها الكافي، ج 7، ص 421، باب النوادر، ح 2؛ الفقيه، ج 3، ص 36 - 37، ح 3280؛ تهذيب الأحكام، ج 6، ص 303، ح 847.
3- الدروس الشرعيّة، ج 3، ص 295 ( ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 11).
4- إشارةٌ إلى آية حرمة الربا، البقرة (2): 275.
5- في المعجم الوسيط، ص 182: الحطيطة: ما يُحطُّ من جملة الحساب فينقص منه؛ و المصباح المنير، ص 141، «حطط»: حَطَطتُ من الدين أسقَطتُ و الحَطيطَةُ فَعيلة بمعنى مفعولةٍ.

قوله: «و لِصاحبِ الحِمْلِ لو تَداعَيا الجَمَلَ الحامِلَ». لا ريب في ذلك مع عدم ثبوتِ يدِ الآخرِ عليه بقبض الزِمامِ و نحوه؛ لاستقلالِ صاحب الحِمْل باليد و التصرّف، و لو كان للآخر يدٌ كقبض اللِجام ساوى الأوّلُ كما تقدَّمَ.

قوله: «و كذا في سقفها».

المرادُ به السقفُ الحاملُ لها؛ لأنّه أرضُها فيمتنعُ وجودُها بدونه، بخلاف البَيْتِ فإنّ وجودَهُ بدون سَقفٍ ممكنٌ؛ و لأنّ تصرّفَهُ فيه أغلبُ. هذا كلُّه في سقفٍ يُمكِنُ تحقّقه بعدَ بِناءِ البَيْتِ كالجِذْعِ يُنقَبُ له [في] وسط الجدار. أمّا ما لا يمكن كالأزَجِ (1) الذي لا يمكن عقده في وسط الجدار بعدَ امْتداده في العلو فإنّه لصاحب السفل؛ لاتّصاله ببنائه على الترصيف (2).

قوله: «على رأي». قويّ.

قوله: «و لمَنِ اتَّصل بِناءُ الجدارِ بِه لو تَداعياه».

و المرادُ باتِّصاله به اتِّصالُ ترصيفٍ، و هو تَداخلُ الأحجارِ و الْلَبِنِ على وجهٍ يبعد كونه مُحدِثاً، فيُقضى له مع اليَمينِ و عدمِ البَيِّنةِ، و كذا لو كان لأحدِهما عليه سقفٌ، بل جِزْعٌ واحدٌ على أصحِّ القولَين، و لو كان ذلك لكلٍّ منهما أو منتفياً عنهما تَساوَيا فيه بعد التَحالفِ.

قوله: «مَعاقِدُ القِمْطِ». القِمْطُ (3) بالكسر: ما يشدُّ به الأخصاصُ (4)، و وجه الترجيح مع النصّ (5) أنّ الظاهرَ أنّ مَنْ كانت إليه المعاقدُ وَقفَ في ملكه و عقدَ.

ص: 188


1- بيت يبنى طولاً و يقال له بالفارسية أوستان. لسان العرب، ج 2، ص 208، «أزج».
2- في المصباح المنير، ص 228، «رَصَفَ»: رَصَفتُ الحِجَارَةَ رَصفاً من باب قتل، ضَمَمتُ بعضها إلى بعضٍ فهي رَصَفٌ... عملٌ رصيفٌ: ثابتٌ محكمٌ.
3- في المعجم الوسيط، ص 759، «قمط»: القِمْطُ: حبلٌ من ليف أو خوص تشدّ به الأخصاص. و حبلٌ تُشدّ به قوائم الشاة للذبح. ج: أقماط.
4- الخصّ: بیتٌ من شجر أو قصب. ج: أختصاص. المعجم الوسیط، ص238، «خصص».
5- و هي رواية عمرو بن شمر عن جابر ... عن عليّ علیه السلام. لاحظ الفقيه، ج 3، ص 101، ح3418.

قوله: «و لا تَرجيحَ بالخوارج» كالنقوشِ و الرفوفِ و نحوها.

قوله: «لم يصحّ إلّا بالأرشِ». و هو تفاوتٌ بين العامرِ و الخَرابِ.

قوله: «بعد تعيين الخشب». مع كونه غائباً فيشترطُ وصفه بما يرفَعُ الجهالةَ، و لو كان

مُشاهداً أجزاً عن الوصف بل هوأ ضبط.

قوله: «و يصحُّ الصلح على الوضع بعدَ تعيين الخُشُب و وزنه و طوله (1)». و المدَّة.

قوله: «ليس للشريكِ التصرُّفُ في المشتَركِ إلّا بإذن شريكِه». لا فرقَ بين أنواعِ التصرّفِ حتّى ضربِ الوَتَدِ و أخذِ أقلّ ما يكون من ترابه؛ ليُتَرِّبَ به الكتاب، نَبَّه عليه المصنِّفُ في التذكرة (2). قوله: «إلّا أنْ يَهْدِمَه بغير إذنِ شريكه، أو بإذنِه بشرط الإعادَةِ». مقتضى الاستثناء إجبارُه على العمارة في الصورتينِ، و الأقوى ثبوتُ الأرشِ؛ لأنّ الفائتَ صِفةُ الجدار و هي غَيرُ منضبطةٍ؛ لتمكّنِ مُماثَلَتِها.

قوله: «و للجارِ عطفُ أغصانِ شجَرَةِ جارِهِ الداخلةِ إليه». و لا يتوقَّفُ ذلك على إذنِ الحاكمِ، و لا على مُطالَبَةِ المالكِ وَ امْتَناعِهِ على الأقوى. و تجب على صاحب الشجرة إزالتهُ لو طالبه صاحب الهواء بها، و يَضْمَن أُجرةَ الهواء لو مضت مدّةٌ تحتمل الأُجرةُ، مع تفريطه. و في حكم الأغصانِ العروقُ و الحائطُ المائلُ و الترابُ المنتقلُ.

قوله: «و يجوز إخراج الرواشِنِ و الأجْنحة».

الروشن و الجَناحُ يشتركان في إخراج خُشُبٍ من حائط المالك إلى الطريقِ بحيث لا يصل إلى الجدار المقابلِ و يبنى عليها، و لو وصل فهو الساباط. و ربما فُرِّق بينهما بأنّ الأجنحةَ ينضمّ إليها مع ما ذكرناه أنْ يوضعَ فيهما أعمدةٌ مِنَ الطريق. و المَرجِعُ في الضررِ إلى العرفِ، و يعتبر فى المارّةِ ما يَليقُ بتلك الطريق عادةً (3).

ص: 189


1- في هامش المخطوطة: قوله: «و طوله». و كذا الموضع طولاً و عرضاً دون الآجر و اللبن، و لو كانت الآلات حاضرة استغنى: لمشاهدتها عن كلِّ وصفٍ و تعريفٍ. (منه)
2- تذكرة الفقهاء ، ج 16، ص 63 - 64، المسألة 1069.
3- للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 4، ص 275 - 276.

قوله: «معَ انتفاءِ الضررِ».

المَرْجِعُ في الضررِ إلى العُرفِ بحسب تلك الطريقِ، فإنْ كان ذلك ممّا تَمرُّ عليه القوافلُ اعْتُبِرَ علُوُّه بحيث لا يَصْدِمُ الكَبِيسَةَ على البَعيرِ و نحوَها، و إلّا فبِحَسَبِ ما يُمَرُّ به، و مِنَ الضررِ ظلمةُ الطريق و إنْ لم يزل الضياء رأساً.

قوله: «و إنِ اسْتوعب الدَرْبَ». لكن هل له أنْ يَضعَ روشناً فوق روشَنِه أو تحتَه إذا لم يتضرّر به؟ الظاهرُ نعم؛ لأنّه لم يملك الهواء و لهذا لو سقط روشنُه زال حقُّه، و لو أظلم الدربُ موضعَ الثاني أُزيلَ خاصّةً.

قوله: «و لايجوز جميعُ ذلك في المرفوعةِ».

الضابطُ أنّ المرفوعةَ ملكٌ لأربابِها، لا يجوزُ لأحدٍ التصرِّفُ فيها إلّا بإذْنهم كما لا يجوز لبَعْضِهم إلّا بإذن الباقين، نعم يجوز سُلوكُها بغير إذنهم عملاً بشاهدِ الحالِ، و الجلوسُ غَيْرُ المُضِرِّ بهم، و لو نَهَاهُ أحدُهم حَرُمَ ذلك.

قوله: «و لا يُمنَعُ مِنَ الروازنِ و الشبابيك». لأنّ الإنسانَ مسلّطٌ على أمواله، و هذا يجوزُ و إن اسْتلزمَ الإشرافُ على الجارِ؛ لأنّ المحرَّمَ هو التَطَلُّعُ لا التصرُّفُ في الملكِ و ليس للجار سدُّ ذلك، نعم له وضعُ شيءٍ في ملكه يمنع الإشرافَ و إنْ منع الضوءَ.

قوله: «وَ فَتْحُ بابٍ بينَ دارَيه المتلاصِقَتَيْنِ». لأنّ له حقُّ السلُوكِ في كلّ واحدةٍ، و رَفعُ الجدار الحائلِ بينَهما فَتحُ بابٍ من أحدهما إلى الأُخرى. و منع منه بعضُ العامَّةِ (1)؛ لأنّه ربما أدّى إلى إثباتِ السُّفْعَةِ بسبب الاشتراكِ في الطريق.

قوله: «و ينفرد بما بين البابين». هذا هو المشهورُ، و وَجْهُهُ أنَّ المقتضي للاستحقاقِ هو الاستطراقُ و نهايته بابه، فلا يُشارك في الداخل. و قيل: يشترك الجميع في الجميعِ حتّى في الفضلة الداخلةِ، لاحْتياجهم إلى ذلك عند ازدحامِ الأحمالِ و وضع الأثقال، و قوّى في الدروس ذلك (2).

ص: 190


1- راجع المجموع شرح المهذّب، ج 13، ص 412 - 413.
2- الدروس الشرعيّة، ج 3، ص 303 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 11).

المقصد السادس في الإقرار

[المطلب] الأول في أركانه

الأوّل: المقرّ

قوله: «و يشترط بلوغُه و... لا عدالتُهُ». نَبَّه بذلك على خلافِ الشيخِ (رحمه الله) حيثُ ذهب إلى أنّ الرشدَ لا يتحقّق إلّا بالعدالةِ (1)، لوصفِ الفاسقِ بالغَيِّ و هو ينافي الرشدَ، فلا ينعقدُ إقرارُه كما لا ينعقدُ سائرُ تصرّفاته.

قوله: «بالوصيّةِ بالمعروف صحَّ». عدمُ الصحَّةِ قويٌّ.

قوله: «و لو أقرّ الصبيُّ بالوصيّة ... صحّ على رأي». هذا مبنيٌّ على جوازِ وصيَّتِهِ في المعروفِ، و مختارُ المَصَنِّفِ في باقي كُتُبه (2) و أكثرِ الأصحابِ مَنعُ المبنيّ عليه (3)، فيمتنع الإقرارُ به؛ لأنّ نفوذَ الإقرارِ بشيءٍ فرعُ جوازِ التصرُّفِ في ذلك الشيء.

قوله: «و لو أقرَّ بِسرقةٍ قُبِلَ في القطع خاصَّةً». المرادُ أنّه أقرَّ مرَّتين؛ إذ لا يثبُتُ القطعُ بدونهما قطعاً.

قوله: «و إنْ كان أكثرَ لم يَضْمَنْه المولى». بل يُتَّبع به العبدُ بعدَ العتقِ كما في إقرارِ غيرِ المأذونِ.

ص: 191


1- المبسوط، ج 2، ص 251.
2- مختلف الشيعة، ج 6، ص 350، المسألة 124؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 292؛ تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 3، ص 336، الرقم 4736؛ تذكرة الفقهاء، ج 2، ص 509 (الطبعة الحجريّة)؛ تبصرة المتعلّمين، ص 128.
3- كابن إدريس في السرائر، ج 2، ص 498.

قوله: «و في مشارَكَةِ الغُرماءِ نظرٌ». تقدَّم الكلامُ عليه في المُفَلَّسِ، و أنّ المختارَ عدمُ المشارَكَةِ (1).

قوله: «و إقرار المريض معَ انْتفاء التُهمةِ».

المرادُ بالتهمةِ دَلالةُ القرائنِ الحاليَّةِ أو المقاليَّةِ على أنّ المُقِرَّ يُريدُ تخصيصَ المُقَرَّ له دون الوارث بما أقرّ به، و أنّ الإقرار ليس على ما هو في نفسِ الأمر، و لَوِ اخْتُلِف المقَرُّ له و الوارثُ فيها فالأصلُ عدمُها، و يكفي في يمينِ المُقَرِّ له أنه لا يعلم بها، و لا فرق في ذلك بينَ الإقرارِ للوارث و الأجنبي.

قوله: «يكون وصيّةً». فيُمضى من الأصلِ و معها من الثلثِ.

قوله: «إنْ بَلَغ الحدَّ الذي يَحتَمِلُه». إنْ قيّدَهُ بالاحتلام؛ إذ لا يُعلم إلّا منه، و مثلُه إقرارُ الصَبيّةِ بالبلوغِ به أو بالحيض في وقتِ إمكانه، أمّا لو أدَّعياء بالسنِّ كُلِّفا البيِّنة. و بالإنباتِ يُختبر؛ إذ مَوضِعُ الإنباتِ ليس من العورَة؛ و لو فُرِضَ أنّه منها فهو موضِعُ حاجةٍ، و لا يُكلَّفُ مدَّعي الاحتلامِ اليمينَ لأنْ لا يلزم الدَورُ.

الثاني: المقرّ له

قوله: «فهو لمالكه على إشكالٍ».

الأقوى أنّه يُستفْسرُ و يُقبَلُ ما يُفَسِّرُ به، و مع تعذَّرِهِ فهو إقرارٌ بمجهولٍ؛ لإمكان أنْ يجبَ بِسَبَبِه ما لا يستحقّه المالكُ كأرشِ الجنايةِ على سائقه و راكبه.

قوله: «فالأقربُ الصحَّةُ». قويٌّ.

قوله: «لأقصى مدَّةِ الحملِ مَلِكَه». هذا إذا كانت خاليةً من زوجٍ أو مولى، و إلّا ففي الحكم بملكه لو ولدتْه بين الأقصى و الأقلِّ وجهان، أجودُهُما البطلانُ.

قوله: «رَجَعَ إلى الورثَةِ». أي ورثةِ مورِّث الحمل؛ لانْتفاء إرثه بسقوطه مَيِّتاً.

ص: 192


1- تقدَّم في ص 176. حيث قال في توضيح كلام المصنِّف «و لو اقرَّ بمالٍ فالوجه اتّباعه»: قويّ، و قيل: يشارك المقرّ له الغرماء حينئذٍ.

قوله: «أَلْزِمَ التسليمُ». هذا إذا كان المُقَرُّ به دَيناً، أمّا لو كان عَيناً فالأقربُ وجوبُ البحث، و الفرقُ أنّ الدَيْنَ لا يتعيَّنُ بمجرَّدِ تعيين المَديُونِ ما لم يقبِضْه المالكُ أو مَن يقوم مقامَه، فإقرارُ المَديُون به إقرارٌ على نفسه، بخلاف العَيْنِ فإنّها حقٌّ للغَيرِ فلا يُسلَّمُ إلى مَن لا يتحقّق انحصارُ الحقِّ فيه. ثمّ إنْ ظهر وارثٌ بعدَ الدفع و كان دَيناً فحقُّهُ باقٍ في ذمَّةِ المُقرّ؛ و إنْ كان عَيْناً تخيّر بين مطالبة الدافعِ و المدفوعِ إليه.

قوله: «و لو أقرّ لمسجدٍ ... أو ذكر سبباً مُحالاً على إشكالٍ». الإشكالُ في الإطلاقِ و ذكرِ السبب المُحال، و الأصحُّ الصحّةُ في الموضعَينِ حملاً للإطلاقِ على الأمر الصحيح و إلغاء السبب الباطل، كما تقدَّمَ في الحمل.

قول: «و لو رجع المقرُّ ... فالوجهُ عدمُ القبولِ» قويٌّ.

قوله: «و للآخر إحلافُه». و إحلاف الآخَرِ.

قوله: «حَلَفَ لهما». إن ادّعيا عليه العلم، و إلّا فلا يمينَ عليه.

قوله: «و لو أنكرَ إقرارَ العبدِ، قال الشيخ: عَتَقَ و ليس بجيّدٍ». المصدر مضافٌ إلى المفعولِ؛ و المرادُ أنّه أقرَّ ذو اليد على العبد لغيره به فأنكر المقرُّ له ملكيَّةَ العبد، و وجهُ العتقِ انتفاؤهُ عنهما، و الأصلُ عدمُ مالكٍ غَيرِهما، و أنّ الحرِّيةَ أصلٌ في الآدمي و ليس بجيّدٍ؛ لثبوتِ الرقّيَّةِ ظاهراً، فلا يزول إلّا بسببٍ محرّرٍ، غايتهُ انْتفاءُ المِلكِ ظاهراً فيبقى على الرقّيّةِ المجهولةِ المالك إلى أنْ يتعيَّنَ، و يَجبُ على الحاكمِ انْتزاعُهُ و البحثُ عنه كسائر الأموال المجهولةِ.

الثالث: الصيغة

قوله: «و لو قال: إنْ شَهِدَ فهو صادقٌ لَزِمَهُ في الحالِ».

وجهُ اللزوم أنّه حكم بصدقه على تقدير شهادته، و لا يكون صادقاً إلّا إذا كان المشهودُ به في ذمَّتِهِ؛ لوجوب مطابَقَة الخبر الصادق لمُخبَرهِ بحسبِ الواقع؛ إذ ليس للشهادةِ تأثيرٌ في ثبوت الصدق و لا عدمِه، فلولا حصولُ الصدقِ عند المُقِرِّ لما علَّقَه

ص: 193

على الشهادةِ، و قد حكم بِه؛ فوجب أنْ يلزمَه المالُ و إنْ أنكر الشهادةَ فضلاً عن عدمها؛ و لأنّه يصدق، كلّما لم يكن المالُ ثابتاً في ذمّته لم يكن صادقاً على تقدير الشهادة، و ينعكسُ بعكسِ النقيض إلى قولنا: كلّما كان صادقاً على تقدير الشهادة كان ثابتاً في ذمّته، لكنّ المقدَّمَ حقٌّ لإقراره فالتالي مثلُهُ. و يرِدُ عليهما المعارَضةُ بالإقرار المعلَّقِ على شرطٍ، فإنّهما واردان فيه بإمكانِ اعْتقاد المُخْبِر أنّ شهادته مُحالٌ، و المُحالُ جاز أنْ يستلزمَ المُحال، و مثله في محاوراتِ العوامِ كثيرٌ. و الأقوى عدمُ اللزوم مطلقاً .

قوله: «إنْ قَصد الأجل». يُقْبَلُ في المالِ لا في الأجلِ؛ لأنّه دعوى. و قيل: يقبل فيهما (1)، و لا بأس.

قوله: «و كذا نعم، على إشكالٍ».

الأصحُّ أنّها إنْ أفادتْ مفادَ «بلى» عرفاً كانت إقراراً، و إلّا فلا.

الرابع: المقرّ به
[البحث الأول] في الإقرار بالمال

قوله: «بل لو كان مملوكاً له بطل». الوجهُ الصحّةُ و هو اختيار الشهيد (2).

قوله: «كما لو قال: داري لفلانٍ». الأقوى القبول و أولى منه لوقال: «مسكني لفلانٍ»، و في إلحاق ما لو قال: «ملكي لفلانٍ» به نظرٌ، من ظهور التناقضِ بخلاف الأوّلِ؛ لأنّ الإضافةَ أعمُّ مِن المِلكِ، و الأجودُ القبولُ مطلقاً.

قوله: «وَ يُشترطُ كونُ المُقَرِّ به تحت يده». إنّما يشترط ذلك في نفوذ الإقرار في الحال

ص: 194


1- من القائلين بالقبول فيهما الشهيد الأوّل في الدروس الشرعيّة، ج 3، ص 115 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 11)؛ و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 11، ص 23 - 25؛ و مفتاح الكرامة، ج 9، ص 216 - 217.
2- لم نعثر عليه في كتب الشهيد و نسبه إليه أيضاً في مسالك الأفهام، ج 11، ص 61؛ و في جواهر الکلام، ج 35، ص 77 قال: بل مال إليه أيضاً ثاني الشهيدين، بل حكاه هو أيضا عن أوّلهما و إنْ لم نتحقّقه؛ و للمزيد راجع مفتاح الكرامة، ج 9، ص 256 - 257.

لا في مطلق النفوذ، فلو صار المُقَرُّ به له بعد الإقرار أُلزم بتسليمه إلى المُقرِّ له كما سيأتي التنبيهُ عليه في مسألةِ العبد (1).

و يرد عليه أيضاً قبول الإقرار الثاني بالعَينِ المُقَرِّ بها أوّلاً بعدَ انْتزاع الأوّلِ العينَ، و مِنْ ثمَّ يغرم للثاني إنْ لم يصدِّقْه الأوّل إلّا أنْ يقالَ: إنّ الثابت هنا القيمة و هي تحت يده.

قوله: «و لا يثبت فيه خيارُ الشرط و المجلس». و غيرِهما من أحكام البَيْعِ، هذا بالنسبة إلى المشتَري، أمّا البائع فيثبتُ له كلُّ ما كانَ من توابع البَيْعِ.

قوله: «و له كسبٌ أخَذَ المشتَري الثمنَ».

هذا إنّما يتمّ إذا كان إقرارُه بالعتق على وجهٍ يستلزم ثبوتَ الوِلاء للبائع كدعواه أنّه أعتقه تبرّعاً، أمّا لو كانت صيغةُ إقراره، أنّه حرّ الأصل، أو أُعتِقَ قبل أنْ يشتريَهُ، أو أعتَقَهُ في واجب و نحوه لم يأخذ الثمن؛ لأنّه لا حقَّ للبائع في تَرِكَتِهِ.

قوله: «و لو قال له في ميراث أبي... فهو إقرارٌ بخلاف له في ميراثي من أبي». بِناءً على ما سبقَ من عدم صحَّةِ الإقرار بالمالِ المضاف إلى المقرِّ، و قد تقدَّمَ أن الأقوى قبولُه، فلا فرق هنا بين الصيغتَين في القبول.

قوله: «و لا يقبل بالحبَّةِ من الحِنْطَةِ». بل الأجودُ القبولُ بحبَّةِ الحِنْطَة و نحوها ممّا يملك، و يَحْرُمُ غصبُه و يجب ردُّه، و هو خِيَرَةُ التذكرة (2).

قوله: «و لو قال كذا درهماً فعشرون - إلى قوله: - إنْ عَرف». وجهُهُ مناسبةُ تمييز العددِ اصْطلاحاً، و يشكل باحْتمال النصبِ على التمييز، و الجرِّ بإضافة الجزء، فلزوم درهمٍ مع النصبِ أقوى، و يرجع إليه في تفسير المجرورِ. و أمّا الرفعُ فلا إشكالَ في لزوم درهمٍ معه؛ لكونه بدلاً من الشيء المبهم. و كذا القولُ في المكرّر بعطفٍ و غيره، فإنّه يُحْتَمَلُ كون الثاني مع عدم العطفِ تأكيداً للأوّل، و الدرهم مميِّزاً للمؤكّدِ و كون المعطوف عليه أقلَّ من درهمٍ، و قد عطف عليه مثلُهُ و فسّرهما بدرهم، فيلزمه درهمٌ

ص: 195


1- سيأتي في ص 196.
2- تذكرة الفقهاء، ج 15، ص 296 - 297، المسألة 887.

في الموضَعَينِ لأصالة البراءة من الزائد. و المراد بقوله: «إنْ عَرَفَ» معرفة اللسان العربي بحيث يستعمل المميّزات العدديّة في مواردها. و يشكل بأنّ هذه المعاني ليستْ مستفادةً مِنْ هذه الألفاظ بالوضع ليحكمَ على مَن كان مِن أهل اللسان بها، و إنّما هي مناسَباتٌ لها فلا يتحتّمُ المصير إليها مع قيام الاحتمال فيما دونها.

قوله: «و يرجعُ الإطلاقُ إلى نقد البلد». إنْ لم يعيّن بعض أفراده المتعدّد و إلّا حُمِلَ عليه.

قوله: «إلى ما يفسِّره». إنْ لم يغلب بعضُ أفرادِ المتعدّد، و إلّا حمل عليه. و لا يقبل تفسيره بغيره إلّا مع الاتّصال.

قوله: «تفسيره بغيره». أي بغَيرِ نقدِ البلدِ، و كذا بغَيرِ الغالبِ مع وجود غالبٍ، كلُّ ذلك مع الاتّصالِ، و لا فرق بين تفسيره بناقصٍ أو مغشوشٍ و غَيرِهما.

قوله: «و هو الثلاثةُ». إلّا أنْ يُخبّرَ بأنّه من القائلين بأنّ أقلَّ الجمع اثنان فيقتصر عليهما.

قوله: «لو قال: من واحدٍ إلى عَشرةٍ فتسعةٌ». بل ثمانيةٌ.

قوله: «و لو قال: له هذه الجاريةُ فجاء بها حاملاً فالحمل له». أي للمقرِّ، و يُحتمل عودُ الضمير إلى المُقَرّ له. و الأقوى أنّ الحملَ للمُقِرِّ.

قوله «فواحد». الأقوى في الأخير لزوم درهمين؛ لأنّ المتبادَر هو العَطفُ و هو دليلُ الحقيقة.

قوله: «و لو قال أردتُ تأكيد الأوّلِ لم يُقْبَلْ». لأنّ التأكيدَ اللفظي شرطُهُ مطابقةُ اللفظَينِ، فيمتنع كونُ الثالث تأكيداً للأوّلِ؛ لوجودِ «الواو» في الثالث وَ انْتفائه في الأوّل فَامْتنعتِ المطابقةُ، بخلافِ الثاني؛ لوجوده فيه أيضاً. و إذا لم يصحّ استعماله لغةً لم تُقْبَل إرادتُه.

قوله: «بخلافِ دابَّة عليها سرجٌ».

الفرقُ بينَ العبدِ و الدابَّةِ، أنّ العبدَ له يدٌ على ملبوسه و ما في يد العبدِ فهو لسيِّدِهِ، بخلاف الدابّةِ؛ إذ لا يدٌ لها. و يشكل بأنّه لا يدٌ للسيّد الآنَ، بل اليدُ للمقرِّ على العبد و على ما عليه مِنْ عِمامةٍ و غيرِها، و كونه ذا يَدٍ لا يقابل كونَه مالاً تحت يدٍ أُخرى،

ص: 196

فالإقرارُ به لا يقتضي الإقرارَ بما عليه، و هذا هو الأقوى.

قوله: «رجع في تفسير النصف إليه». بل الأقوى حملُ النصفِ على السابق فلزمه نصفُ درهمٍ.

قوله: «و لو أنكَر المُقَرُّ له حَلَفَ». أي المقرُّ.

البحث الثاني في الإقرار بالنسب

قوله: «و تصديق المُقَرِّ له إن كان غيرَ الابنِ أو كانَ ابناً بالغاً».

إطلاقُ العبارة يقتضي عدَم الفرقِ بين دعوى الأبِ البنوَّةَ و دعوى الأُمِّ، فلا يُعْتَبر تصديق الولدِ فيهما، و الأقوى اعتبارُ التصديق فيها اقتصاراً بالنصِّ (1) المخالفِ للأصلِ على موردِهِ؛ و لإمكان إقامتها البيِّنَةَ على الولادة دونه.

قوله: «و كذا لا يُعْتَبَرُ لو أقرَّ ببنوَّةِ المجنونِ». لِعَدَمِ الاعتدادِ بعبارتِه كالصبيِّ، و إنكارُهُ بعد الإفاقَةِ كإنكار الصبيِّ بعدَ البلوغِ، و لو تجدَّدَ جنونُهُ بعدَ البلوغِ كاملاً أمكن مجيءُ الإشكالِ في الميِّتِ البالغِ فيه، سواءٌ استلحقه حيّاً أو ميّتاً.

قوله: «فللثالثِ النصفُ». و لو أنكر الثالثُ الأوّلَ فله السدسُ، و للثاني الثلثُ إنِ اعْترف الثاني بالأوّلِ، و إلّا فلاشيءَ للأوّلِ. و لو أنكرهما الثالثُ حازَ التَركَةَ دونهما.

قوله: «و لا دَورَ». وجهُ الدورِ المُحتَمَلِ أنّه لو ثبت نَسَبُ الولد بإقرار الأخوين و وَرِثَ، لَزِمَ حَجْبُ الأخوين، فيخرجان عن الإرث فيبطل إقرارهما؛ لأنّه إقرارُ مَن ليس بوارتٍ؛ فيبطل نَسَبُ الولد فيبطل الإرث، فيلزم مِن صحّة إرثه بطلانُه و مِن بطلانِه صحَّتُه، فيثبت النَسَبُ دونَ الميراثِ حذراً من ذلك. و دَفْعُهُ بأنّه إنّما يثبُتُ بشهادتهما لا بإقرارهما؛ فإنّ إقرارَ هما شهادةٌ في المعنى و الشهادةُ مسموعةٌ من غير الوارث، و المشروط بالوارث الإقرار لا الشهادة، حتّى لو شهد أجنبيّان عدلانِ به ثبت. و لوكان الأخوان فاسقَينِ أخذ الميراث؛ لأنّ إقرارَهما نافذٌ فيه و لا يتوقّف الإقرارُ

ص: 197


1- تهذيب الأحكام، ج 8، ص 183، ح 639.

بالمال على ثبوتِ النسب، و أمّا النسب فلا يثبت بقول الفاسق و إنْ كان وارثاً.

قوله: «و غَرِمَ للثاني». إن اسْتقلَّ بدفعِ التَرِكَةِ إلى الأوَّلِ من دونِ الحاكم فلاريب في ضَمانه؛ لمباشرته الإتلافَ، و إنْ كان بأمرِ الحاكم فالأقوى عدمُ الضَمان.

قوله: «و لو أقرَّ بزوج». إنْ كان المقرُّ بالزوج الولَدَ. و لو كان أحدَ الأبوين أو هما دفع الفاضلُ عن نصيبه على تقدير الزوج، و ليس هو الرُبْع.

قوله: «أُغرِمَ للثاني». الأقوى أنّه يُغرَمُ للثاني بمجرَّدِ إقراره و إنْ لم يُكَذِّبْ نفَسه.

قوله: «و إلّا الرُبْعَ». إنْ كانَ المُقِرُّ ولداً، و لو كان أحدَ الأبوين أو هما دفع أقلّ الأمرين مِنْ نصيب الزوج و الفاضل عن نصيبه على تقدير وجوده.

قوله: «فإنْ أقرَّ بثانيةٍ و كذَّبتهُ الأُولى غَرِم نِصفَ السهمِ».

قد تقدَّمَ أنّ الغُرمَ مشروطٌ بالدفع فلو كان المقرّ لا يدفع شيئاً، كالأبوَين مع الذكرِ فلا دفع و لا غُرْمَ. و كلَّ ذلك مقيّدٌ بإكذاب الباقيات له. كما لا يخفى.

قوله: «و لو أقرّ بخامسةٍ لم يُقْبَلْ». و الأقوى أنّه يَغْرمُ لها رُبعُ الحصّة و إنْ لم يكذِّبْ نفسه.

قوله: «لحق به». إن أمكن تولّده منه، و حينئذٍ يكون حرّاً، و هل تكون الأمةُ أُمَّ ولدٍ؟ وجهانِ، أقربُهما ذلك مع إمكان تولّدهِ في زَمَنِ ملكها.

قوله: «فالوجه القرعَةُ». قويٌّ.

قوله: «اسْتحقّ الجميع». مع جَهالةِ نسب المقرِّ، و إلّا لم يُلتَفَتْ إلى إنكاره.

المطلب الثاني في تعقيب الإقرار بالمنافي

قوله: «و لو قال مؤجّلةً». يقبل في المؤجّلةِ خاصّةً.

قوله: «في الوصف إلى البيّنةِ». قبولُ قولِه في الثلاثةِ مقيَّداً بالوصفِ قويٌّ.

قوله: «و لو قال: له عليَّ ... و قال: هذه التي أقررتُ بها كانت وديعةً لم يُقْبَلْ». لأنّ ما في الذمَّةِ ينافي التفسير بالوديعةِ؛ لأنّها العَينُ المستنابُ في حفظها، و ما في الذمّة ليس

ص: 198

عَيناً، فيلزمه ألفٌ أُخرى، بخلاف السابقِ؛ لأنّ لفظةَ «عليَّ» تقتضي إيجابَ شيءٍ على المُقِرِّ و إنْ لم يكن في الذمّةِ بأنْ يكونَ تحت اليد فعليه ردّه فيقبل تفسيره به. و ربما قيل: بالقبولِ هنا أيضاً حملاً للوديعةِ على التالفةِ بسببٍ يقتضي الضَمانُ؛ و لأنّ تسليمَ الوديعةِ ثابتٌ في الذمّةِ ؛ و لأنّ التفريط يجعلها في الذمّةِ و إنْ كانت عينُها باقيةً، و هو حسنٌ؛ لأصالة البراءةِ من الزائد.

قوله: «و لا غُرْمَ». إنّما لم يَغرَمْ هنا لعدم التنافي بينَ الإقرارَينِ؛ لجواز كونه في يد المغصوبِ منه بإجارةٍ أو عاريةٍ و نحوهما، فلا ينافي ملكيّةَ المُقرِّ له ثانياً به و لم يوجد منه تفريطٌ يوجب الضَمان؛ إذ لم يقرّ للأوّلِ بالمِلك الذي أقرّ به للثاني، بخلاف غَصَبتُهُ من فلانٍ بل من فلانٍ و إنْ لم يدفعه إلى الثاني؛ لعدم صحَّةِ إقراره له به، إذ هو بمنزلةِ من أقرَّ لغَيره بما في يد آخَر.

و فيه نظرٌ؛ لمنع عدم التنافي، فإنّ الإقرارَ الأوّلَ بالغصب منه إقرارٌ له باليد المقتضيةِ للملك، و من ثَمَّ لم يَنْفَذُ إقرارُه بملكية الثاني، و لو تمّ ما ذُكر لَزِمَ الحكمُ بها للثاني، فالوجهُ الغُرْمُ. و كذا القولُ في المسألةِ التي بعدَها.

قوله: «إلى زيدٍ و لا غرم». بل يَغْرَمُ.

قوله: «و لو رَفعَ فعشرةٌ» لأنّ «إلّا» فيه بمنزلةِ «غَير» يوصفُ بها و بتاليها ما قبله، وَ لمّا كانتِ العَشَرةُ مرفوعةً بالابتداءِ كان الدرهمُ مرفوعاً كذلك و المعنى: له عليَّ عشرةٌ موصوفةٌ بأنّها غَيرُ درهمٍ و كلُّ عشرةٍ موصوفةٍ بذلك، فالصفة هنا مؤكّدةٌ.

قوله: «حُكم عليه بما بعدهما». إنْ لم يَستَغْرِق الجميعَ و إلّا بطل الثاني، كما لو قال: له علىَّ عشرةٌ إلّا خمسةً إلّا خمسةً أو بالعطف، سواءٌ زاد الثاني عن الأوّلِ أم نقص أم ساواه.

قوله: «و هكذا إلى الواحد لَزِمَهُ خمسةٌ». و لو عكس لَزِمَه واحدٌ و لو جمع بينهما؛ فإن

بدأ بالتسعةِ و ختم بها لزمه واحدٌ، و إنْ بدأ بالواحد و ختم به لزمه خمسةٌ.

قوله: «لو بَقِي بَعدَ الاستثناء شيءٌ». و إنْ لم يبق شيءٌ بطل الاستثناء و لزمه الألْف.

ص: 199

قوله: «و طُولِبَ بالمُحتمل». بل يبطل الاستثناءُ و يلزمه الألف.

قوله: «إلّا أنْ يَقصدَ عودَه إليهما». إلّا مع القرينةِ الدالَّةِ على عودِه إلى الجميع، فيَعودُ إلى الجميع، و ينبغي أنْ يُرادَ بالقَصدِ الذي قَيَّدَ به المصنِّفُ هذا المعنى، فإنّ القصد إنِ اسْتفيدَ مِن القرائن فظاهرٌ و إلّا أشكل الرجوعُ إلى قوله فيه، و تركُ ما دلّ عليه الكلام ظاهراً. و تظهر فائدة الخلاف في رجوع الاستثناء إلى الأخيرة أو إلى الجميع فيما لو كان الاستثناءُ مستغرقاً للأخيرة لا للجميع، فإنّ الحكمَ بعوده إلى الأخيرة يوجب عليه الجميعَ لبطلان الاستثناء. و عوده إلى الجميعَ يوجب صحَّةَ الاستثناء.

قوله: «بطل الاستثناء و إنْ ردَّه إليهما». بل الأقوى صحَّتُه و إنْ قيل: بعوده إلى الأخيرة لما تقدَّمَ من تقييده بعدم القرينةِ؛ فإنّ استلزامَ عودِهِ إلى الأخيرةِ الاستغراقَ و كونَه هذراً قرينةٌ دالةٌ على عودِه إليهما، و يُنَبِّه عليه حكمُهم بعود الاستثناء الثاني إلى المستثنى منه مع استغراقه للأوّل مع بُعْدِهِ صَوناً له عن الهذريّة.

قوله: «الاستثناءُ المستوعب». إلّا أنْ يتعقَّبَه بِاستثناءٍ آخرَ يُزيلُ استيعابَهُ عليّ عشرةٌ إلّا عشرةً إلّا تسعةً؛ فإنّه يصحّ الاستثناءان و يلزمه تسعةٌ؛ لأنّ الكلام جملةٌ واحدةٌ لا يَتمُّ إلّا بآخره، و آخرُه يُصيّر الأوّلَ غَيْرَ مُستغرقٍ.

ص: 200

المقصد السابع في الوكالة

[المطلب] الأوّل فى أركانها

قوله: «و ليس للوكيل أن يوكِّل إلّا بالإذنِ الصريح أو القرينةِ». القرينةُ إمّا مقاليَّةٌ كاصْنَع ما شِئتَ أو مفوَّضاً، و نحو ذلك، أو حاليّةً كتَرفُّع الوكيل عن مباشرةِ ما وُكِّلَ فيه عادةً، أوِ اتِّساعه و كثرته بحيث يعجز عن مباشرته بنفسه.

قوله: «و للحاضر أن يوكّل في الطلاق كالغائبِ على رأي». قويّ.

قوله: «و للحاكم أن يوكّل عن السفهاء». و كذا مَن لَه عليه الولايةُ.

قوله: «فيه البلوغُ و العقلُ و الإسلامُ».

مدارُ الوكالة بالنسبة إلى إسلام الوكيل و الموكَّلُ و الموكَّلُ عليه و كفرهم، و التفريقُ على ثمانيةٍ، فإنّ الوكيلَ إمّا مسلمٌ أو كافرٌ و كذلك الموكِّلُ فهذه أربعةٌ؛ و على التقادير الأربعةِ فالموكَّلُ عليه إمّا مسلمٌ أو كافرٌ فهذه ثمانيةٌ، منها صورتان لا تصحُّ الوكالةُ فيهما إجماعاً و هما وكالةُ الكافر على المسلمِ لكافرٍ أو لمسلم، و باقي الصُوَرِ تَصحُّ الوكالةُ فيها مِنْ غير كراهةٍ إلّا في صورةٍ واحدةٍ و هي وكالة المسلم لكافرٍ على مسلمٍ، فإنّ المشهورَ فيها الكَراهيَّة.

قوله: «كالنكاح و القِسمَةِ». القَسْمُ بفتح القافِ مصدرُ قَسَمتُ الشيءَ، و المرادُ به القَسمُ بين الزَوْجات (1)، لأنّه يتضمَّن استمتاعاً لا يتمُّ لغير الزوج.

قوله: «إلّا في الحجِّ المندوبِ». و كذا الواجبُ مَع العجزِ عن مباشرته.

ص: 201


1- المُغْرِب، ص 382، «قسم».

قوله: «و إن كانَ الزوجُ حاضراً على رأي». قويّ.

قوله: «أو كان الوكيلُ فيه الزوجة على رأي». قويّ.

قوله: «و في صحّة التوكيلِ» الصحّةُ قويَّةٌ.

قوله: «كالاصطياد إشكالٌ». الجواز قويٌّ.

قوله: «و كذا الإشكالُ في التوكيلِ في الإقرار». عدمُ الصحّةِ قويٌّ.

المطلب الثاني في الأحكام

اشارة

قوله: «فلو عَزَلَه انعزَلَ إِنْ عَلِمَ». يَنْبغي أنْ يُرادَ بالعلم ما يشمُلُ الظنَّ المُتآخِم للعلم كالشياعِ، أو الموجبُ للعلم شرعاً كشهادةِ العدلينِ لا العلمُ الخاصُّ. و الأقوى الاكتفاء بإخبارِ العدلِ الواحد؛ لصحيحةِ هِشامِ بن سالمٍ عن الصادق علیه السلام (1)، و لا عِبْرَةَ بخبر الفاسق الواحد قطعاً. و لا يكفي في انعزاله الإشهادُ من الموكّلِ على الأقوى؛ للخبر السابق خلافاً للشيخ (2) و جماعةٍ (3).

قوله: «وَ عتقِ العبدِ». بالجرِّ عطفٌ على «النومِ» أو «التعدّي»، أي و كذا لا تبطل وكالةُ العبد الموكَّلِ بإذن مالكه إذا أعتقه المالكُ أو باعه، و كذا لو وكلَّ زوجته ثمّ طلّقها، لكن في صورة البَيْعِ يتوقّف فعلُه على إذن المشتَري، حتّى لو ردّ الوكالة بطلت، قال في التذكرة: فلو لم يستأذن المشتري نفذ تصرُّفه و إن ترك واجباً (4).

قوله: «و الإطلاقُ يقتضي البَيْعَ بثمن المثلِ». مع عدم وجود باذلٍ لأزيدَ منه و إلّا لم يجز به، حتّى لو باع بخيارٍ له فوُجِدَ في مدَّةِ الخيار باذلٌ وجب عليه الفسخُ إن كانت و كالتُهُ متناولةً لذلك.

ص: 202


1- الفقيه، ج 3، ص 86 - 87، ح 3388؛ تهذيب الأحكام، ج 6، ص 213، ح 503.
2- النهاية، ص 318.
3- منهم: أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه، ص 338؛ و ابن حمزةَ في الوسيلة، ص 283؛ و ابن إدريسَ في السرائر، ج 2، ص 93.
4- تذكرة الفقهاء، ج ،15، ص 162، المسألة 765.

قوله: «فيجوز حينئذٍ أن يتولّى طرفي العقد على رأي». قويّ.

قوله: «و لو قدَّر له أجلَ النسيئةِ لم يتخطّاه». في جانب الزيادةِ مطلقاً، أمّا النقصانُ عمّا عُيِّن له فإنْ عَلِمَ منه الغرضَ في الزيادةِ، كما لو كان مسافراً لِيَسلِمَ مِنْ خطر المصاحَبةِ لم يجزِ التخطّي، و إلّا جاز.

قوله: «لا يَمْلِكُ قبضَ الثَمَنِ». إلّا مع القرينة الدالَّةِ عليه، كما لو أمره بالبَيْع في موضعٍ بعيدٍ يَضِيعُ الثمنُ بترك قَبضِهِ؛ فيجوز له القبضُ بل يَجِبُ حتّى لو أخلّ بالقبض، فلو تعذَّرَ الوصول إلى الثمن ضَمِنَه.

قوله: «كقبض الثمن». بمعنى أنّ إطلاق الوكالة في الشراء لا يقتضي تسليمَ الوكيل المَبيعَ إلّا أنْ تدلَّ القرينةُ على الإذن فيه كما مرَّ.

قوله: «و لو رَضِي الموكِّلُ بطل ردُّه». الأجودُ عدمُ جوازِ الردِّ مطلقاً.

قوله: «أو في سوقٍ له فيه غرضٌ». فلو عَلِمَ انْتفاءَ الغرضِ جاز البَيْعُ في غيره، لكن لا يجوز نقلُ المَبيعِ إليه فلو نقله كان ضامناً، و الفائدةُ صِحَّةُ المعاملة.

قوله: «بمثلِ ما أذِنَ فى النسيئةِ». نعم إلّا أنْ يتعلّقَ بالتأخير غرضٌ.

قوله: «بمثل ما أذِنَ نقداً صحَّ». إنْ عَلِمَ حينئذٍ انتفاء الغرض، و إلّا وجب الاقتصارُ على ما عُيِّنَ.

قوله: «إلّا أنْ يُصَرِّحَ بالمنع» أو تدلُّ عليه القرائنُ.

قوله: «ففعل حَصَل العفوُ». عدمُه قويٌّ.

قوله: «لم يَملِكِ الصحيحَ». و لا الفاسدَ.

قوله: «و لو وكَّله في الشراء... لم يقع عن الموكّلِ». و لو أطلق تخيّرَ.

قوله: «وقع عنه». أي عن الوكيل؛ لأنّ الخطاب معه، و الحكم مبنيٌّ على الظاهرِ، و أمّا في نفس الأمر فإنْ كان الوكيل نوى الموكِّل كما هو مقتضى السياق وقع موقوفاً على إجازة الموكّل، فإنْ أجاز وقع له ظاهراً و باطناً، و إنْ لم يجز وقع للوكيل ظاهراً و بطل بحسب الواقع، فيجب على الوكيل التخلُّصُ بحسب الإمكانِ.

ص: 203

قوله: «إنْ كانَ لي فقد بعتُهُ». و لا يكون هذا تعليقاً على شرطٍ، لأنّه أمرٌ واقعٌ يعلم الموكّل حاله، فلا يضرّ جعله شرطاً فإنّه لا ينافي التنجيز، و كذا القولُ في كلِّ شرطٍ عَلِما وجودَه، كقول البائعِ يوم الجمعةِ - مع عليهما به -: إنْ كان يومُ الجمعةِ فقد بعتك كذا. و لو أوقع العقدَ من غير تعليقٍ على الشرطِ صحَّ أيضاً و لم يكن إقراراً.

قوله: «و لوِ امْتنع استوفى الوكيلُ». على وجهِ المقاصَّةِ.

قوله: «و لم يُشهِدْ به ضَمِنَ». إلّا أنْ يكونَ الدفع بحضور الموكِّلِ.

قوله: «و للبائع مطالَبةُ الوكيلِ مع جهل الوكالةِ و الموكِّلِ مع علمه».

الأقوى أنّ الثمنَ إنْ كان معيّناً فالمُطالَبُ به مَنْ هو في يده، سواءٌ في ذلك الوكيل و الموكِّل، و إنْ كان في الذمّةِ و دفعَهُ المُوكِّلُ إلى الوكيلِ تخيَّر البائعُ في مطالبة أيِّهما شاء مع علمه بالوكالة، و إنْ لم يكن دَفَعَه إليه فله مطالَبَةُ الوكيل مع جهله بكونه وكيلاً و عدم البيِّنَةِ بها، و الموكِّلِ مع علمه.

مسائل النزاع:

قوله: «فالقولُ قولُه مع اليمين، ثمّ تُستَعادُ العَينُ إن أمكن».

هذا إنّما يتمّ معَ اعْترافِ المشتَري بالوكالة أو قيامِ البَيِّنةِ بها، و إلّا لم يتوجّهِ اسْتعادةُ العَينِ من المشتَري إذا كان مُنكِراً لها، ولا الرجوعُ عليه بعَينِ الثمن، بل إنِ ادّعى عليه العلمَ كفاه الحلفُ على عدمه، فإنْ نكل عن اليمين ردَّت على الموكِّلِ، و توقّف الثبوت على يمينٍ أُخرى.

قوله: «و يَغْرَمُ الوكيلُ الزائدَ». بل يَغْرَمُ المجموعَ؛ الاندفاع الشراءِ عن الموكِّل بإنكارِهِ و يحكم على الوكيل ظاهراً كما مرَّ، و يجب عليه التخلُّصُ بشراء المَبيعِ من مالكه بحسب ما يُعْلَمُ، و لو بالتعليق كما مرَّ.

قوله: «بالتسليم إليه». إن كان الموكَّل فيه عَيناً، و لو كان دَيناً فالأقوى وجوب تسليمه مع تصديقه و يبقى الغائب على حجّته.

ص: 204

قوله: «و إيقاعِ الفعلِ» بأنْ يقولَ الوكيلُ: تصرَّفتُ فيما وكَّلتَني فيه مِنْ بَيْعٍ أو عتقٍ و نحوِهما، فيقولُ الموكِّلُ: لم تتصرَّفْ بَعْدُ، و لا فرق في ذلك بين كون التنازع بعد عزل الوكيل و قبله على الأقوى.

قوله: «و إنْ لم يكن بجُعلٍ على رأي». قويّ.

قوله: «في قَدْرِ الثمنِ المشتَرى على رأي» بأنْ قال الوكيلُ: اشتريتُ بمائةٍ، فقال الموكِّل: بخمسين، و التقدير أنّ المَبيعَ يساوي مائة ليكونَ ثَمنُ المثل، و وجه تقديم قوله الموكِّل حينئذٍ أصالةُ براءته مِنَ الزائدِ. و القولُ الآخرُ تقديمُ قول الوكيل (1)؛ و هو الأقوى.

قوله: «و قيل بالبطلان» قويّ.

قوله: «إذ الموكَّلُ يَطلب جُعلَهُ فائناً بالتسليمِ».

هذا إنّما يتمُّ إذا كان التسليمُ متوقّفاً على القبضِ، كما لو وكَّلهُ في البَيْعِ حالّاً و لم يُصَرِّحُ له بالإذن في تسليم المَبيع قبلَ قبضِ الثَمَنِ، أمّا مع الإذن أو كونِ الثمنِ مؤجَّلاً، فلا فرق في تقديم قولِ الموكَّلِ بين تسليمِ المَبيع و عدمِه، و متى قُدِّمَ قولُ الوكيل في القبضِ برئ المشتري من الثمن ظاهراً.

قوله: «و لا بَيِّنَتُهُ؛ لعدم سَماعِ دعواه». إلّا أنْ يظهر لإنكارِهِ تأويلاً كنسيانٍ و نحوه فتُسمعُ، و لو ادّعى على الموكِّل العِلم بصحَّةِ دعوى التلف فله إحلافه.

ص: 205


1- من القائلين به الشيخ في المبسوط، ج 2، ص 386.

ص: 206

كتاب الإجارة و توابعها

[المقصد] الأوّل في الإجارة

المطلب الأوّل في الشرائط

قوله: «و لو شرط استيفاء المنفعة بنفسه لم يكن له أنْ يُؤجرَ». إلّا أنْ يشترِطَ المستأجرُ الأُولى على الثاني استيفاءَ المنفعةِ له بنفسه على جهة الوكالةِ، فيصحُّ؛ لعدم منافاته بشرطِ الاستيفاء بنفسه؛ لأنّه أعمُّ من الاستيفاء لنفسه.

قوله: «و لو جَمَعَهُما بطل». مع قصد المطابقةِ و إلّا صَحَّ.

قوله: «كما تُملَكُ الأجرةُ به». لكن لا يجب تسليمُ الأُجرةِ إلّا بالعمل ، حتّى لو كان المستأجرُ وصيّاً لم يجز له التسليمُ قبلَه إلّا مع الإذنِ صريحاً أو بشاهِدِ الحال.

قوله: «و يُشتَرطُ تعيينُ المحمولِ بالمُشاهَدة». لا بدّ مع المُشاهَدَةِ مِن امْتحانه باليد تخميناً لوزنه إنْ كان في ظرفٍ نبّه عليه المصنِّفُ في التذكرة (1).

قوله: «و ليس له البدلُ مع الفَناءِ». إنْ كان الفَناءُ معتاداً، فلو فَنِي بَغيرِ ذلك كضيافةِ غيرِ مُعتادة، أو أكلٍ كذلك، أو ذَهَبَ بسقوطٍ أو سرقةٍ، فله إبدالُه و يكون حكمُ البدل

ص: 207


1- تذكرة الفقهاء، ج 18، ص 169، المسألة 636؛ و للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 5، ص197.

حكم المبدل [منه] في ذلك، و لو شرط حملَ زادٍ زائدٍ على العادةِ فليس للزائدِ حكم المعتاد، بل له إبدالُه؛ لأنّه كالمحمول المطلق، و لو شرط الإبدالَ في الجميعِ صحَّ.

قوله: «مِنْ أَجرةِ المثلِ».

المرادُ أنّه إذا حفر البعضَ و تعذَّرَ حفْر الباقي لظهور صَخْرَةٍ و نحوها، و مثلُهُ ما لو مَرِضَ الأجيرُ، و حينئذٍ فله من المسمّى عمّا عَمِلَ بنسبَةِ أُجرةِ المثل عن المجموعِ، فلو فرض تساوي أُجرةِ الأجزاء فله من الأُجرة على قدر ما عمل. فلوِ اسْتأجَرهُ على حفْرِ بئرٍ عشرةَ أذرع طولاً و عرضاً و عُمْقاً، فحفر خمساً في الأبعاد الثلاثةِ فهو ثُمْنُ القدرِ المشروط، فمع التساوي له ثُمْنُ الأُجرةِ، و مع الاختلاف بالحسابِ، و على هذا (1).

قوله: «و يجوزُ اسْتئجارُ الأرضِ ليُعملَ مسجداً». لأنّه مَنْفَعَةٌ مقصودةٌ شرعاً، قال المصنِّفُ في التذكرة: و الأقربُ أنّه لا تثبت لها حرمَةُ المسجد و إنْ كانت المدَّةُ باقيةً (2).

قوله: «و يُحتَمَلُ الجميعُ». قويٌّ.

قوله: «و لو قال: آجرتك كلّ شهرٍ بكذا بطل على رأي». قويّ.

قوله: «أو إنْ عَمِلْتَهُ اليومَ فدرهمٌ و غداً درهمان (3) صحّ على إشكالٍ». الأقوى البطلانُ في المسألتَينِ، نعم لو جعله جُعالةً صحَّ.

قوله: «تكفي المشاهدةُ فيهما». لا تكفي فيهما على الأقوى، و كذا المعدودُ.

قوله: «و في غيرهما». استُثني مِن ذلك المعدودُ أيضاً فيُشترط عدُّه كما مرّ.

قوله: «تخيّر بين الفسخِ و العوضِ إن كانت مطلقةً». إنّما يجوز الفسخُ في المطلقةِ مع

ص: 208


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 5، ص 205 - 208.
2- تذكرة الفقهاء، ج 18، ص 375، المسألة .780.
3- هكذا في جميع نسخ إرشاد الأذهان و غاية المراد و الصحيح - كما في شرائع الإسلام، ج 2، ص 142؛ و قواعد الأحكام، ج 2، ص 284 -: إنْ عملته اليوم فدرهمان و غداً درهمٌ.

تعذُّر العوضِ؛ لأنّ الإطلاقَ إنَّما يُحمل على الصحيح، و هو أمرٌ كلّيٌ لا ينحصر في المدفوع [إليه] (1)، فلا يجوز الفسخ ابتداءً.

قوله: «بين الفسخِ و الأرشِ». ثبوتُ الأرشِ مع عدم الفَسخِ قويٌّ، و هو هنا جزءٌ من الأُجرةِ، نسبته إليها كنسبةِ أُجرةٍ مثل ما نقص عن المَنْفَعَةِ إلى مجموعِ أُجرة المثل المجموع المَنْفَعة.

قوله: «إلّا مع الحدثِ على رأي». الأقوى الجوازُ مطلقاً على كَراهيةٍ فيما ذُكر في الموضعَينِ.

قوله: «و لو شرط إسقاط البعض إن لم يحمله إلى الموضع المعيّن في الوقتِ المعيّنِ صحَّ». يصحُّ جُعالةً لا إجارةً، و متى حُكِمَ بالبطلان ثبت أُجرةُ المثلِ، إلّا أنْ يُشترطَ إسقاطُ الجميعِ فلا شيءَ مع عدمِ الإتيانِ به في المُعيِّنِ.

قوله: «و يستحقّ الأجيرُ الأُجرة بالعمل».

قد تقدّم أنّ الأجيرَ يَملك الأُجرةَ بالعقدِ، فالمرادُ باستحقاقها هنا، استحقاقُ المطالَبةِ بها بعد العمل. و وجه ما اختاره هنا - من عدم توقّفِ استحقاق المطالَبةِ بها على تسليمه العين - أنّ العملَ فيما هو ملك للمستأجرِ، أو ما يجري مجراه، فيكون ذلك كافياً عن التسليم و إنْ كان موضعُ العملِ ملكاً للأجيرِ. و الأقوى تَوقُّفُ المطالَبَةِ بها على تسليم العينِ و إن كان العملُ في مِلك المستأجر. و هو خِيَرَةُ المصنِّفِ في غير هذا الكتاب (2).

قوله: «تَثْبُتُ فيه أُجرةُ المثلِ». إلّا أنْ يكونَ الفَسادُ باشتِراطِ عَدَمِ الأُجرةِ في العقد، أو متضمِّناً له؛ فإنّه يَقْوى حينئذٍ عدمُ الأجرةِ؛ لدخولِ العامل على ذلك.

قوله: «فلوِ استأجرَ المسكنَ لإحرازِ الخمرِ ... بطل». هذا إذا كان محرّماً كاتّخاذِها

ص: 209


1- ما بين المعقوفين أضفناه من مسالك الأفهام، ج 5، ص 180.
2- قواعد الأحكام، ج 2، ص 285؛ تذكرة الفقهاء، ج 18، ص 28، ذيل المسألة 522؛ و انظر تحرير الأحكام الشرعيّة ، ج 3، ص 124، الرقم 4282.

للشرب، فلو كان إحرازُها للتخليل و لو بطروِّ قصده قبلَ الإجارةِ صحّت (1).

قوله: «فلو آجره الآبق لم يصحّ». و إنْ ضمّ إليه شيئاً على الأقوى، نعم لو أجره لِمَنْ يَقدِرُ على تحصيله صحَّ من غير ضميمةٍ، و كذا القولُ في المغصوب.

قوله: «الأقربُ جوازُ المطالبة بالتفاوت».

الأجودُ تخييره بينَ الفسخ فيسقط المسمّى و لا رجوعَ حينئذٍ بالتفاوت بين المسمّى و أُجرةِ المثل، و بينَ البقاء على الإجارِة و أخذِ عوض المنفعة، و هو أُجرةُ مثلها، فيرجع بالتفاوت إنْ كان.

قوله: «إلّا أنْ يعيدَه المالك». بسرعةٍ بحيث لا يفوت شيءٌ مِنَ المنافع - و إنْ قلّ - و إلّا ثبت الخيار.

قوله: «لا الانتزاعُ مِنَ الغاصبِ». بعدَ القبض، أمّا قبلَه فيجب مع الإمكانِ.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «و لا بالموت مِنَ المؤجر و المستأجر على رأي».

يستثنى من ذلك مواضعَ تبطل الإجارةُ فيها بالموت: أحدها ما لو شرط على المستأجرِ استيفاءَ المنفعةِ بنفسه فإنّها تبطل بموته. و ثانيها: أنْ يكونَ المؤجرُ موقوفاً عليه فيؤجر ثمّ يموت قبل انتهاء المدّةِ فإنّها تبطل بموته إلّا أنْ يكونَ ناظراً على الوقفِ و آجرَ لمصلحةِ العين بالنسبة إلى البطون. و ثالثها: الموصى له بمنفعةِ العين مدّةَ حياته، لو آجرها و مات في أثناء المدّةِ تبطل أيضاً؛ لانْتهاءِ اسْتحاقه.

قوله: «و لا يرجعُ العبدُ بما بعد العتق و نفقته على مولاه على إشكالٍ». الأقوى أنّ نفقتَه في بيت المال إنْ كان، و إلّا فهي من الواجبات الكفائيّةِ على سائر المكلَّفين.

ص: 210


1- للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 5، ص 215 - 216.

قوله: «و تصحُّ إجارةُ كلِّ ما تصحُّ إعارتُه». يستثنى من ذلك المِنْحَة (1)؛ فإنّها تصحّ إعارتُها لا إجارتها لذلك.

قوله: «لا بالتضمين». أي لا يُضمَن إن ضمّنه المالكُ في العقد بأن شَرَطَ الضَمانَ للعين و إنْ لم يُفرِّط، فإنّ ذلك لا يوجب ضَماناً؛ لأنّه شرطٌ مخالفٌ للمشروع، فلو وقع في متن العقد أفسد، فيبطل العقد و الشرطُ.

قوله: «و يصحّ خيارُ الشرط فيها». و كذا يثبت فيها خيارُ الغبن و العيب و الرؤية، دونَ خيار المجلس في المشهور.

قوله: «و يَجب على المستأجِرِ سقيُ الدابّةِ و علفُها». بإذن المالكِ فيرجع عليه مع نيّته، فإنْ تعذَّرَ اسْتأذن الحاكمَ، فإنْ تعذّر أشهَدَ عليه و رجع مع نيّته، فإنْ تعذّر الإشهادُ نوى الرجوعَ و رجع و يُقبل قولُه فيه.

قوله: «نفقةُ الأجير المُنْفَذِ في الحوائج على المُستأجرِ». الأقوى أنها على نفسه إلّا مع الشرط كغيره من الأُجراء.

قوله: «فعليه الأجرةُ». و كذا لو كان العاملُ ناصَبَ نفسَهُ للأجرة و العمل بِهِ أُجرةً متقوِّمَةً.

قوله: «و زيادة المدّة و و المستأجَرِ». بل يتحالفان هنا و في زيادةِ المدّةِ، و تبطل

الإجارةُ (2).

قوله: «و قول المالك لو ادّعى قطعه قباءً وَ ادَّعى الخيّاطُ قميصاً». هذا هو المشهور، و قيل: يقدّم قولُ الخيّاط (3). و الأوّلُ أقوى؛ فعلى هذا لا أُجرةَ للخيّاطِ و عليه أرشُ النقصانِ، و هو تفاوتُ ما بينَ قِيمَتِهِ ثوباً غيرَ مقطوعٍ و قيمته مقطوعاً كذلك، إلّا أنْ

ص: 211


1- في مسالك الأفهام، ج 5 ، ص 145 قال: المِنحة بالكسر: الشاة المستعارة لذلك، و أصلها العطيّة؛ و لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 3، ص 15 (ضمن الموسوعة، ج 8)؛ المُغْرِب، ص 434: الصحاح، ج 1، ص 408، «منح».
2- للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 5، ص 231 - 232.
3- القائل الشيخ في الخلاف، ج 3، ص 348، المسألة 11؛ و المبسوط، ج 2، ص 375؛ و أفتى بقول المشهور في الخلاف، ج 3، ص 506، المسألة 34؛ و في المبسوط، ج 3، ص 54.

يبقى صلاحيّةُ بعض القِطَع للقباء فلا أرش في قَطْعها. ثمّ إنْ كان التنازعُ قبلَ الخياطة فكما ذُكر، و إنْ كان بعدها فإنْ كانت بخيوط المالك لم يكن للخيّاطِ فَتْقُه بل يسلِّمه على حاله مع الأرش، و إن كانت للخيّاط ففي تمكّنه منَ الفتق وجهان؛ أجودُهما الجوازُ.

قوله: «و المِدادِ على الكاتب». يُرجع إلى العادةِ المطّرِدَةِ، فإنِ اضطربتْ أو انْتفت فَعَلى المستأجر.

قوله: «و ليس على المؤجِر إبدالُه». ولكن إذا لم يُبْدِلْه يثبت الخيارُ للمستأجر إنِ اسْتلزم نقص شيءٍ من المنفعةِ، كما لو خَرِبَ شيءٌ من البِناء، أو ذهب بعضُ الأبواب.

قوله: «و لو عدل مِنَ الزرعِ إلى الغَرسِ تعيّن أُجرةُ المثلِ». لأنّهُ اسْتوفى غيرَ ما وقع عليه العقدُ فوجب أُجرتُه؛ و كذا القولُ في كلِّ موضعٍ تعيّن في العقد جنسٌ فعدل إلى غيره. و هذا إنّما يتمّ إذا كانت أُجرةُ المثل تزيدُ عن المسمّى بِناءً على الغالب، أو تساويه. أمّا لو فرض زيادةُ المسمّى يشكل تعيينُ أُجرةِ المثل؛ لأنّه لو ترك زرْعَ الأرضِ إلى انقضاءِ المدّةِ وجب المسمّى، فكيف مع شغلها بما هو أضرّ؟ و هذا كلّه إذا انقضتِ المدّةُ المشترطةُ، أمّا لو وقع التنازعُ في أثنائها فللمالكِ قلعُ الغرس. ثمّ إن تمكّن المستأجِرُ من زرع المعيّنِ فله زرعُه و إلّا تعيّن عليه الأُجرة لما فات من المدّةِ. و على ما بيّناه تخيّر المالكُ بين مطالبته بذلك، أو بالمسمّى لمجموع المدّةِ.

قوله: «و الأقربُ بطلانُ الإجارة» الأجودُ عدمُ البطلان.

ص: 212

المقصد الثاني في المزارعة و المساقاة

المطلب الأوّل: [المزارعة]

قوله: «و الإيجابُ: زارعتُك أو ازْرَعْ هذه الأجود الاقتصارُ على ما اتَّفق على كونه صريحاً في الإنشاء و هو صيغةُ الماضي.

قوله: «و لا تَبطل إلّا بالتفاسخِ لا بالموتِ». إلّا أنْ يُشترطَ على العاملِ العملُ بنفسه فإنّها تبطل بموته، و إلّا أنْ يكونَ الأرضُ موقوفةً على المُزارع فإنّها تبطل بموته أيضاً.

قوله: «و البيعِ». أي بيعِ الأرضِ، ثمّ إنْ كان المشتَري عالماً بها، و إلّا تخيّر في فسخِ البيع و الصبرِ مجّاناً إلى انقضائها.

قوله: «فللمالك إزالتُه». الأقوى عدمُ جواز قلعه إذا لم يُستَنَدْ إلى تقصيرِ الزارعِ لكن يُبقيه بالأُجرة. و على تقدير جوازِ قلعه فإنّما يجوز مع دفعِ أرشه، و هو تفاوتُ مابين كونه قائماً بالأُجرةِ و مقلوعاً مع الأرش.

قوله: «و لو شَرَطا في العقدِ تأخيرَه إن بقى بعدَها بطل». الشرطُ و يَتْبَعُهُ العقدُ.

قوله: «لزِمَه أُجرةُ المثل». مع تسليم المالك له الأرضَ و إلّا فلا.

قوله: «و لو زارع على ما لا ماءَ له بطل إلّا مع علمه».

يُشكل الحكمُ بالصحّةِ مع علمه؛ لِما تقدّم مِنْ أنّ إمكانَ الانتفاعِ بالأرضِ مِنْ شرائط صحّة المزارعة، و ربّها تكلّف (1) للعبارة بحمل الصحّةِ مع العلم على كونها

ص: 213


1- المتكلِّف هو الشيخ عليّ الميسي على ما في مفتاح الكرامة، ج 7، ص 315؛ و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 5، ص 22 - 23.

مراعاةً بوجود ماءٍ في المدّة يحصل به الانتفاعُ، أو على أنّ المرادَ بعدم الماء عدمُ ماءٍ معتادٍ لها مع إمكان تكلّف ماءٍ لها. و وجهُ البطلان حينئذٍ مع عدم العلم أنّ إطلاقَ المزارعة يقتضي من غير شرطٍ أن يكونَ الماءُ معتاداً للأرضِ، أو اعْتياد مطرٍ أو غيره و إن أمكن المزارعُ تكلّف الماء. فإذا زارَعَ عليها كذلك بطلت - و إن أمكن تكلّفه مع عدمِ علمه - لمخالفته مقتضى إطلاق العقد.

و في القواعِد حكم بتخيّر العامل مع جهالته بعدم الماء لا مع علمه (1). و الأقوى البطلانُ مطلقاً. و قولهُ: «و لو انْقطع في الأثناء تخيّر العامل» إلى آخره. مبنيٌّ على صحّة المزارعة على ما لا ماءَ له مع العلم، و الأصحُّ البطلانُ مع تعذّر الانتفاع و عدم لزوم شيءٍ. و إنّما يتمّ لزوم أُجرة ما سلف في إجارة الأرض للزراعة كذلك لا في المزارعة.

قوله: «فيأخذ المسمّى مع الأرشِ»، بل الأجودُ وجوبُ أُجرةِ المثل لا غير، و كذا الأخفُّ ضرراً و المساوي.

قوله: «و أنْ يعاملَ من غير إذنٍ». لكن لا يسلِّم الأرضَ إلّا بإذنِ المالك.

قوله: «و قول المالك في عدم العارية».

المرادُ أنّ المالكَ يدّعي المزارعةَ و العاملُ العاريةَ فيتحالفان، و يثبت أقلُّ الأمرين من الأُجرةِ و ما يدّعيه المالكُ من الحصّةِ. هذا إذا كان الاختلاف بعدَ استيفاء المنافع، أمّا لو كان في مبدأ الأمر فاليمينُ على العامل؛ لنفي دعوى المالك، و دعوى العاملِ يندفع بمجرّد إنكار المالك.

قوله: «و الوجهُ الأقلُّ». قوىٌّ.

قوله: «إلّا مع الشرط». فيشترط العلمُ بقَدرِهِ.

قوله: «تبطل المزارعةُ». إن كان البذرُ من العامل و إلّا فعلى المالك أُجرة العاملِ. و هذا

ص: 214


1- قواعد الأحكام، ج 2، ص 312.

كلُّه إذا لم يكن فسادُ العقد بسببِ اسْتغراق الحصّةِ و إلّا فلا شيءَ للآخر.

قوله: «و يستقرّ بالسلامةِ». إن كان بالتقبيل، و لو كان بالصلحِ و نحوه من العقودِ اللازمةِ لم يسقط (1).

قوله: «و لو كان مِنْ أحدِهما الأرضُ و من الآخر البذرُ و العملُ و العواملُ ... صحّ». متى كان بعضُ هذه الأمورِ الأربعةِ من أحدِهما و الباقي من الآخرِ صحّ، فالصورُ المنشعبةُ من ذلك كلُّها جائزةٌ.

المطلب الثاني: المساقاة

المقام الأوّل في الأركان

قوله: «و الحِنّاءِ نظرٌ». في الصحّةِ قوّةٌ، و كذا ما يُقصد وَرْدُهُ.

قوله: «و إنّما تصحّ إذا كانت الأشجارُ مرئيّةً» أو موصوفةً.

قوله: «و لو ساقاه على وَدِيّ». و هو صِغار النخل.

قوله: «و لو كان مغروساً و قدّر العمل بمدّة يُثمر فيها قطعاً أو ظنّاً أو تساوي الاحتمالان بطل». و إنِ اتَّفق ظهورها في تلك المدّةِ.

قوله: «و يُكره اشتراطُ ربِّ الأرض مع الحصّةِ شيئاً». و بالعكس.

المقام الثاني في الأحكام

قوله: «من السَعي و التقليب». أي تقليبِ الأرضِ بالحرثِ و نحوه.

قوله: «و تنقيةِ الأجاجينِ». جمع إجّانة - بالكسر و التشديد - و المراد بها: الحُفَرُ التي يقف فيها الماء في أُصول النخل و الشجر.

قوله: «و إصلاحِ موضعِ التشميسِ». أي الموضعِ الذي تُجفَّفُ الثمرةُ فيه بالشمس.

ص: 215


1- لمزيد التوضيح و الاطّلاع و النقض و الإبرام راجع مسالك الأفهام، ج 5، ص 35 - 36.

قوله: «و نقلِ الثمرةِ إليه». و نقلها إلى المنزل.

قوله: «و حفظِها». و إيصالها إلى المالك أو وكيلِه.

قوله: «و بِناءِ الحائطِ». يرجع إلى العرف.

قوله: «و نصب الدولاب و الدالية». الأقوى الرجوع فيه إلى العرف فإنِ انْتفى فعلى العامل.

قوله: «و الكُشِّ». ذَكَرُ النخل.

قوله: «و الاستيجارُ عنه». بل يُرفع أمرُه إلى الحاكمِ أوّلاً، فإن تعذّر و لم يوجد متبرِّعٌ عن العاملِ تسلّط على الفسخ.

قوله: «مع الإشهاد». يرجع مع نيّته و إنْ لم يُشهد.

قوله: «و الخَراج على المالكِ إلّا مَعَ الشرطِ». فيشترط العلم بقدره، و لو زاد بعد ذلك عن المقدّرِ شيءٌ فهو على المالك (1).

قوله: «و الفائدة تملك بالظهورِ». فتجب على العامل الزكاةُ في نصيبه إنْ بلغ نصاباً خلافاً لابن زهرةَ (2).

قوله: «و المغارَسةُ باطلةٌ». المغارَسةُ أنْ يعاملَ غيرَه على أنْ يغرسَ الأرضَ و يكون بينهما، فإنْ كانا جاهلَينِ فلصاحبِ الأرض الأُجرةُ، و له إزالةُ الغرسِ مع الأرش. و إن كانا عالمَينِ فلا أُجرةَ لصاحب الأرض، و لا أرش عليه مع الإزالة.

قوله: «و لصاحبه أرشُ نَقْصِ القَلْعِ». و هو تفاوت ما بين كونه مقلوعاً، و مستحِقَّ البقاء بالأُجرة (3).

ص: 216


1- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 2، ص 392 (ضمن الموسوعة، ج 7)؛ مسالك الأفهام، ج 5 ، ص 34 و 68.
2- غنية النزوع، ج 1، ص 291 - 292: فأمّا الزكاة فإنّها تجب على مسالك البذر و النخل، فإن كان ذلك لمالك الأرض فالزكاة عليه،... و كذا إن كان البذر للمزارع، ... فإن كان البذر منهما فالزكاة على كلّ واحدٍ منهما.
3- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 2، ص 402 (ضمن الموسوعة، ج 7)؛ و مسالك الأفهام، ج 5، ص 71 - 72.

المقصد الثالث في الجعالة

قوله: «و هي تصحّ على كلِّ عملٍ مقصودٍ». للعقلاء غيرِ واجبٍ على العامل.

قوله: «و يجب العلمُ بالعوضِ».

إنّما يُعتبَرُ العلمُ بالعوضِ في تشخيصه و تعيينه لا في صحّةِ الجُعالةِ و تحقّقها؛ فإن أراد ذلك فليذكر جنسَه و وصفَه و قدرَه، و إلّا تثبت بالردِّ أُجرةُ المثل، نعم لو قال: «مَنْ ردَّ عبدي مثلاً فله نصفُه» فالوجهُ الصحّةُ و لزوم ما عيّن و إن كان مجهولاً.

قوله: «و معه ليس للجاعل الفسخُ».

الجعالةُ جائزةٌ قبل التلبّسِ و بعدَهُ و إن وجب على الجاعلِ أُجرةُ مثلِ ما عمل العاملُ لو رجع بعد تلبّسه.

قوله: «و يعمل بالمتأخِّرِ من الجُعالتَينِ». لو أوقع صيغتَين عمل بالأخير إذا سمعهما العامل و إلّا فالمعتبر ما سمع.

قوله: «إلّا في البعير أو الآبق يردّهما». الأقوى ثبوتُ أُجرة المثل فيهما.

قوله: «و لم يَبْذُل أُجْرةً فلا شيءَ». إنِ اسْتدعى الردَّ مجّاناً، و إلّا كان له أُجرةُ المثل، إنْ كان للعمل أجرةٌ عادةً.

قوله: «و لو جَعَلَه للدخولِ فَدخَلَ جماعةٌ». مع الغرض المقصود في الدخول.

قوله: «و للمجعول النصفُ». إن قصد التبرّعَ على المالك، و لو قصد مساعدةَ العامل فله

الجميعُ.

قوله: «لكن يَحْلِفُ على مَا ادَّعاه العامِلُ». من الجنسِ خاصّةً، أمّا في القدر فالقولُ

ص: 217

قولُه، و يثبت بيمينه ما ادَّعاه.

قوله: «أقلّ الأمرَين من أُجرة المثل». إنْ كانَ الاختلافُ في الجنس تحالَفا، و يثبت أقلّ الأمرين كما اختاره المصنّف، و إنْ كان الاختلاف في القدر فالقول قول المالك كما اختاره ابنُ نما (1).

.1

ص: 218


1- حكاه عنه الشهيد الأوّل في الدروس الشرعيّة ، ج 3، ص 96؛ و اللمعة الدمشقيّة، ص 208 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 11 و 13).

المقصد الرابع في السبق و الرماية

قوله: «إنّما يصحّان في السهم و النُشّاب... دونَ الطيور». و لا يجوز المسابقةُ على غيرِ هذه، كالمسابقة على الأقدام و السُفُنِ و الطيور و المصارعة و رفع الحَجَر و غيرِ ذلك، سواءٌ كان بعوض أو غيرِه؛ و يجوز المسابقةُ على ما يتناوله الحديثُ (1) بعوضٍ و غيرِه.

قوله: «فهو جائزٌ، و إلّا فلازمٌ» الأصحّ أنّه عقدٌ لازمٌ، فيفتقر إلى إيجابٍ و قبولٍ.

قوله: «أو الأجنبي على إشكالٍ». عدمُه قويٌّ.

قوله: «و لا المبادرَةِ و المُحاطّةِ». المبادَرةُ هى أنْ يُبادِرَ أحدهُما إلى الإصابةِ مع التساوي في الرِشْق. و المُحاطّةُ هي إسقاطُ ما تَساوَيا فيه مِنَ الإصابة.

قوله: «يصحُّ على التَباعُدِ». و يشترط هنا تماثُلُ القوسَين في الشدّة، و مراعاةُ خفّةِ السهم و وزانتِه.

قوله: «و جعل المصلِّي لِمَنْ صلّى». المصلِّي هو الذي يحاذي رأسُهُ صَلَوي السابق، و الصَلَوان ماعن يمينِ الذَنَبِ و شِمالِهِ (2).

قوله: «كرجاء الرجحانِ». يتحقّق رجاءُ الرجحان فيما لو شرطا رَمي عشرين و إصابةَ خمسةً، فرمى أحدُهما عشرةً فأصاب منها خمسةً و أخطاها الآخَرُ، فإنّه يُرجى

ص: 219


1- الكافي، ج 5، ص 48، 50، باب فضل ارتباط الخيل و إجرائها و الرمي، ح 6، 14؛ سنن أبي داود، ج 3، ص 63- 64 باب في السبق، ح 2574؛ سنن النسائي، ج 6، ص 226، باب السبق.
2- راجع شرائع الإسلام، ج 2، ص 183؛ و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 6 ، ص 72.

إصابة المخطي الجميعَ و إخطاء المصيب. و المساواة فيما لو كان قد بقي خمسةٌ للمخطئ و مثلها للمصيب خَمْسَةً، فإنّه يُرجى كما مرّ فيساويه. و النقصان بأن يكونَ قد بقي أربعةٌ للمخطئ و مثلها للمصيب خمسةً، فإنّه يُرجى إخطاء المصيب و إصابةُ المخطئ فلا يسبقه بخمسةٍ، و هي مقتضى شرط السبق.

قوله: «و لو فسد العقدُ فلا عوض». و للسابق أُجرةُ المثل عن مجموع المسافة.

قوله: «فعلى باذله المثلُ أو القيمةُ». بل أُجرةُ المثل.

ص: 220

المقصد الخامس في الشركة

[البحث ] الأوّل [ في أحكام الشركة]

قوله: «و لا يصحُّ شرطُ الأجلِ». بمعنى أنّه لا يلزم الوفاء إلى الأجل، بل يجوز لكلٍّ منهما فسخها قبله.

قوله: «ما لم يشتَرِطا الضدَّ على رأي» الأقوى البطلانُ إلّا أنْ يكونا عاملَينِ أو أحدَهما، و يشترط الزيادة له.

قوله: «و يبطل الإذنُ بالجنونِ و الموت». و الغماء.

قوله: «و لو دفع إلیه اثنان دابّة و راويةً ... لم يصحَّ و الحاصل للسقّاءِ، و عليه أُجرتُهما». هذا القولُ قويٌّ على تقدير كونِ الماء مباحاً، و نوى السقّاءُ حيازَتَه لهم جميعاً، و جوّزنا التوكيلَ في تملّك المباحِ كما هو المختارُ. و لو كان الماءُ ملكاً للسقّاء، أو مباحاً و نوى التملّكَ لنفسِه، فالحكمُ كما اختارَه المصنِّفُ من ثبوت الأُجرةِ.

قوله: «و قيل: يُقَسَّمُ أثلاثاً». ضعيفٌ.

البحث الثاني في القسمة

قوله: «أُجبِرَ المُمْتَنِعُ». و لو تضرّر أحدُهما خاصّةً أُجبر غيرُ المتضرّر بطلب الآخر دون العكس.

قوله: «و لو اتّفق الشُركاءُ مع الضرر لم يجز».

إذا فسّرنا الضررَ بعدم الانتفاعِ بالمقسوم فعدمُ الجواز واضحٌ؛ لأنّها تستلزم إتلافَ

ص: 221

المال، أمّا على ما اختاره المصنِّفُ من حصوله بنقص القِيمةِ مطلقاً فعدمُ الجواز مطلقاً غيرُ جيِّدٍ.

قوله: «و قيل: بعدم الانتفاعِ». يمكن أن يريدَ بالانتفاع المنفيِّ، المقصودُ من تلك العين كالطحن في الرحى، و الاغتسال على الوجه الذي كان عليه في الحمّام، فمتى زال ذلك كان ضرراً و إنِ انْتفع به في غيره. و هذا هو الذي اختاره المصنِّفُ في كثيرٍ من كتبه (1). و يمكن أن يريدَ به مطلقُ الانتفاع فلا يتحقّق عدمُه إلّا بسلب وجوه الانتفاعات أجمع، و هذا أحدُ الأقوال في المسألة (2). و الأقوى اعتبارُ نقص القيمة نقصاناً فاحشاً لا يتسامح به في العادة. و في حكمه ما لوِ اشْتملتْ على ردٍّ.

قوله: «و لا تصحّ قسمةُ الوقف». إلّا مع تغاير الموقوفِ عليهم بحيث لا يتوجّه رجوعُ حِصَّةِ أحدِ المقتسمين إلى الآخرِ.

قوله: «و لا يكفي الواحدُ في قسمة الردِّ». و المراد بقسمة الردِّ هنا ما يفتقر إلى التعديل

بالقسمة و إن لم يكن من أحد الجانبَينِ.

قوله: «و لا يُقَسَّم كُلُّ واحدٍ على حِدَةٍ». الفرق بين الأُولى و الأخيرة، أنّ المراد بقسمتهما معاً في الأُولى تعديل السهم من العُلْو و السُفْلِ معاً في جِهَةٍ واحدةٍ بحيث ينفرد كلٌّ منهما بجِهَةٍ متّصلةٍ فيهما. و في الأخيرة المراد قسمةُ كلِّ واحدٍ من العُلْوِ و السُفْلِ على حِدَةٍ و إن أوجب اختلاف نصيب الواحد فيهما.

قوله: «و الأرض المزروعة و الزرع الظاهر ... كلّ واحدٍ بانفراده لا قسمتُها بعضاً في

بعضٍ».

المراد بقسمتها بعضاً في بعضٍ أنْ يجعلَ بعضها منفرداً في نصيب أحد المقتسمِين،

ص: 222


1- قواعد الأحكام، ج 2، ص 243؛ تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 4، ص 558، الرقم 6169؛ تذكرة الفقهاء، ج 12، ص 203، المسألة 707؛ و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 4، ص 319 - 320؛ مفتاح الكرامة، ج 10، ص 191 - 192.
2- المبسوط، ج 5 ، ص 490.

و الآخرُ في مقابلة ذلك البعض. و هذا لا يصحّ في الأرَضِينَ المتعدِّدةِ و لا في الدُورِ المتعدّدَةِ، و كذا الدَكاكينُ و إنْ تجاوَرتَ وَ اسْتَوَتْ في الرغبةِ. أمّا الدارُ الواحدةُ المشتملةُ على مَساكنَ متعدِّدَةٍ إذا أمكن تعديلُها و لو بإفرادِ بعضِ البيوت جازت قسمتُها كذلك. و كذا الأرضُ الواحدةُ المشتملةُ على أشجارٍ مختلفةٍ. إذا تقرّر ذلك فعبارةُ المصنِّف في هذا الكتاب لا تخلو من خَفاءٍ و بُعدٍ عن تأدية المراد؛ لأنّ قولَه: «و القَراحُ الواحدُ» إلى آخره، معطوفٌ على قولِه: «و الأرضُ المزروعةُ» إلى آخره. أو على «الثيابِ» و نحوها؛ لِتُشاركها في الحكم، و هو جوازُ قسمتها بالتعديل قسمةَ إجبارٍ. و قوله: «و الدكاكينُ المتجاورةُ» لا يناسب عطفه عليه؛ لعدم جوازِ قسمتها كذلك قسمة إجبارٍ. و لازم الحكم كونُه معطوفاً على الضمير في قوله: «لا قسمتها بعضاً في بعضٍ» أو قولِه: «و القَرحانِ»، و لا يخفى ما فيهما مِنَ البُعدِ.

هذا هو الموافقُ لمذهب المصنِّفِ في سائر كتبه (1). نعم نقل الشهيدُ (رحمه الله) في الدروس عن القاضي:

أنّ الدُورَ و الأقْرِحةَ إذا استوت في الرَغَبات يقسّم بعضاً في بعضٍ. و كذا لو تضرّر بعضُهم بقِسمة كلّ على حِدَتِه (2).

فيمكن - على بُعدٍ - حملُ كلامِه هنا عليه.

ص: 223


1- قواعد الأحكام، ج 3، ص 465؛ تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 5، ص 221 ، الرقم 6598؛ مختلف الشيعة، ج 8، ص 454، المسألة 53.
2- الدروس الشرعيّة، ج 2، ص 94 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج10)؛ و راجع المهذّب، ج 2، ص 573 - 574.

المقصد السادس في المضاربة

قوله: «و تُثْمِرُ المنعَ». مِنَ التصرّفِ بعدَ الأجلِ.

قوله: «أو أخَذَ ما يَعجَرُ عنه». إِنْ أَخَذَ ما يَعَجَزُ عنه دفعةً ضَمِنَ الجميعَ، و إنْ أَخَذَ مقدُورَهُ ثُمَّ أَخَذَ زيادةً ضَمِنَها خاصّةً، و هذا بشرطِ جهالَةِ المالك بَعجزِهِ و إلّا فلا ضمانَ.

قوله: «و إذا أطلق تولّى ما يتولّاه المالكُ مِنْ عَرْضِ القُماشِ». للبيع.

قوله: «و نَشْرِه». معَ افْتقارِه إليهِ.

قوله: «كما أنّه يَضْمَنُ الأُجرةَ لوِ اسْتأجر للأوّلِ». أي الذي يتولّاه المالكُ كالنشر و الطيِّ و نحوهما.

قوله: «و الإطلاقُ يقتضي البيعَ نقداً بثمن المثلِ من نقدِ البلد». الأقوى جوازُه بالعَروض مع الغبطة.

قوله: «و لم يُضِفْ». أي لم يضف الشِراءَ إلى المالِك.

قوله: «و تبطل بالموت منهما». و لو أراد المالك تغرير الوارث اعتبر فيه جميع ما يعتبر في العقد الأوّل من إنضاض المال و العقد و غيرهما.

قوله: «و ينفق في السفر». ليس المراد بالسفرِ هنا الشرعي - و هو ما يجب فيه التقصير - بل العرفي، فلو أقام و أتّم صلاتَه فله النفقةُ، و لوِ انْقضى غرضه سفراً فأقام لا لضرورةٍ فنفقة تلك المدّة مِن خاصّته. و يراعى في النفقةِ الاقتصاد، و الاقتصارُ على نفقة أمثاله؛ و لو أسرف حُسب عليه الزائدٌ.

قوله: «و يُقَسِّط لو ضَمّ». مالٌ آخرُ معه، و لو انتزع المالك منه المال في السفر فنفقة

ص: 224

العودَ على خاصِّ العامل.

قوله: «أو بالنقرةِ». غيرِ مسكوكةٍ.

قوله: «أو بالمغشوشةِ». إلّا مع العلم بقدر الغشِّ و جريان المعاملة به.

قوله: «يقدَّمُ قوله في التلفِ و عدمِ التفريط و الخَسارة». إنْ لم يظهر ربحٌ و إلّا قُدّم قولُ المالك؛ لأصالة عدم زيادة الربح على مدّعاه.

قوله: «و لو شَرَطَ حصّةً لغلامِه». أي غلامِ المالكِ أو العاملِ. و المرادُ به الرقُّ، و أمّا الحرُّ فلا يصحّ شرطُ شيءٍ لهُ إِلَّا مع عمله.

قوله: «و يَمْلِكُ العامِلُ حصّتَه بالظهور»، لكن ملكاً غير مستقرّ، و إنّما يستقرّ بالقسمةِ أو بالإنضاض أو بالفسخ قبل القسمة (1).

قوله: «و لو شَرَطَ المريضُ للعامل رِبحاً صحَّ». و إن زاد عن أُجرة المثل، بخلاف المساقاة، فإنّ الزائدَ من الحصَّةِ عن أجرةِ المثل محسوبٌ مِنَ الثلث؛ لأنّه نماءُ ملك المريض دونَ الربح، فإنّه بعمل العامل فلا تفويت على الوارث.

قوله: «فله الأجرةُ و عَتَقَ». و لو كان فيه رِبحٌ موجودٌ حينَ الشراء ضمن المالكُ نصيبَه منه مع الإذن.

قوله: «و إلّا بطل البيعُ». بل يقف على الإجازة.

قوله: «عتق ما يصيبه من الربح». و يَسري عليه مع يساره.

قوله: «و يُستسعى العبدُ في الباقي». إن لم يكن الربح موجوداً حال الشِراء، و إلّا يسري على العامل.

قوله: «مع إذن المالكِ». إن لم يظهر فيها ربحٌ و إلّا لم يجز.

قوله: «تسعةٌ و ثمانون إلّا تسعاً». لأنّ الربحَ لا يَجْبُر إلّا خسرانَ ما بقي في يد العامل مِنَ المالِ و هو ثمانون، و حصّتُه من العشرةِ المخسورة ثمانيةٌ و ثمانيةُ أتساعٍ؛ لأنّه

ص: 225


1- للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 4، ص 371 - 373.

الخارجُ من قسمةِ العشرةِ التي هي الخسران على تسعين، و يَسْقُطُ مِنَ الخسران واحدٌ و تسعةٌ في مقابلةِ العشرةِ التي أخذها المالك (1).

قوله: «بغير الإذن بطل». بل يقفُ على الإجازة.

قوله: «فللعامل أُجرتُه». إن لم يكن له رِبحٌ، و لو ظهر رِبحٌ مَلَكَ حِصَّتَهُ منه خاصّةً، أمّا لو فسخ العاملُ قبلَ ظهورِ الرِبح فالأقوى أنّه لا أُجرةَ له.

قوله: «و الربحُ بينَ المالكِ و الأوّلِ». إنْ لم يكن قد شَرَطَ عليه العملَ بنفسه، و إلّا فالريحُ للمالكِ و على الأوّلِ أُجرةُ الثاني مع جهله بالحال و إلّا فلا.

قوله: «أقلّ الأمرَينِ». ممّا أخذ و ممّا خَسِرَ المال.

ص: 226


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 4، ص 396.

المقصد السابع في الوديعة

قوله: «و هي عقدٌ جائزٌ من الطرفين يبطل بالموتِ و الجُنونِ». و الإغماء و عزلِه نفسَه، و متى انفسختْ بقيت أمانةً شرعيّةً تجب المبادَرةُ بإيصالِها إلى مالكها على الفورِ، فإن تمكّن و أهمل ضَمِنَ. و كذا القولُ في كلّ أمانةٍ شرعيةٍ كالثوب الذي يطيّرهُ الريحُ إلى دارِ غيرِ المالك، و المال المنتزَعُ مِنَ الغاصبِ حِسْبَةً، و ما في يد الصبيّ و نحوِه من مالِ الغير - و إن كان قد كسبه مِنَ القِمارِ - بالنسبة إلى الوليِّ؛ فإنّه هو المخاطب بردِّه كذلك، و الفاضلُ عن حقِّ المقاصِّ إذا توقّف أخذ حقِّهِ على تسلُّمِهِ، و المال الموجود في المستعار و غير ذلك.

قوله: «و يجب سقيُ الدابّةِ و عَلفُها».

نفقة الوديعة من العلف و السقي و غيرهما على المالك، فإنْ أمكن المستودَعَ أخْذُها منه أو من وكيلهِ أو استئذانه فيها و الرجوعُ بها، أنفق و رَجَعَ مع بيّنةٍ. و إن لم يُمكِنْه ذلك رَفَعَ أمره إلى الحاكم؛ ليستدينَ على المالك، أو يأمرَه بالإنفاقِ و يكون كأمر المالك، فإنْ تعذّر الحاكم أشهدَ بالإنفاق و نَوَى الرجوعَ، فإن تعذّر الإشهادُ رجع بها مع النيّة و قُبِل قولُه فيها و في قدرِ النفقة.

قوله: «و لا يُخْرِجُها مِنْ منزلِه للسقي». إلّا مع اطِّرادِ العادة به.

قوله: «إلّا مع الخوفِ». فيجب النقلُ و إِلّا ضَمِنَ.

قوله: «أو إلى أحرزَ». بل يَضْمَنُ هنا.

قوله: «و يجوز الحلف للظالم و يُوَرّي». وجوباً فيأثم لو تركها، و يضمَنُ لو ترك الحلفَ.

قوله: «لم يَضْمَنْ بالتفريطِ». أمّا لو أتلفَها بالمباشرةِ ضَمِنَ . و الفرقُ أنّ وجوبَ الحِفظِ

ص: 227

مِنْ بابِ خطابِ الشرعِ المتعلَّقِ بالمكلَّفين فلا يتناوَل الصبيَّ و المجنونَ، بخلاف مُباشرة الإتلافِ فإنّها سببٌ في الضَمان، و الأسبابُ مِنْ بابِ خطابِ الوضع لا يتوقَّفُ على التكليف.

قوله: «أو ادّعى التلفَ أو الردَّ على إشكالٍ مِن أنّ الأصلَ عدمُهُ، و عمومَ «البيّنة على

المدّعي» (1)، و مِنْ أنّه محسنٌ و أمينٌ و الأصلُ براءَةُ ذمَّتِهِ، و المشهور قبولُ قوله مع اليمين.

قوله: «أوِ الحاكمِ مع الحاجةِ». مع تعذّر الوصولِ إلى المالكِ أو وكيله.

قوله: «إلّا مع خوف المسارعةِ». يحتمل أمرين: الأوّل: خوفُ مسارَعة السّراق إليها. و هذا هو الظاهر من عبارة المصنِّف في التذكرة؛ لأنّه قال: «و لو خاف المعاجلةَ عليها فدفنها فلا ضَمانَ» (2)، و هو صحيح؛ لأنّ حفظَها حينئذٍ لا يكون إلّا بالدفن، لكن يعتبر الدفنُ في موضعٍ يكون حِرزاً، و شأنُه أن يخفى على السرُّاقِ. الثاني: مسارعَة الرِفقة إذا أراد السفر و كان ضروريّاً، و كان التخلّف مضرّاً و حينئذٍ فلا ضَمان بدفنها إذا كان في حرزٍ (3).

قوله: «و لو مات ولم توجَد أُخذت مِنَ التَرِكَةِ على إشكالٍ». إنْ عُلمتُ في التركَةِ يقيناً، كما لو أقرّ بها في وقتٍ لا يُحتمل تجدّدُ تلَفِها قبل الموت أُخذتْ من التَرِكَةِ مقدِّمةً على الدين، و كذا لو قامتِ البيّنةُ بوجودها في يده عند الموتِ بحيث لا يُحتَمل تجدّدُ التلفِ. و لو جهل الحالُ لم يُرجَع بها على التَرِكَة؛ لأصالة عدمِ الضَمان و يُنزَّلُ فقدُها منزلةَ التلف فلا يُضمن إلّا مع تحقّق التفريط.

قوله: «و يَحْلِفُ لو طلبها». و يورّي وجوباً.

قوله: «رُدَّ الجميع إليه». بل يردُّها عليه و على المالك إنْ علمه، و لو جهله رُدّ الجميعُ على الحاكم ليخلِّص حقَّ المغصوب منها.

ص: 228


1- الكافي، ج 7، ص 415. باب أنّ البيّنة على المدّعي و اليمين على المدّعى عليه، ح 1 - 2؛ الفقيه، ج 3، ص 32، ح 3270؛ تهذيب الأحكام، ج 6، ص 229، ح 553.
2- تذكرة الفقهاء، ج 16، ص 174، المسألة 26.
3- لاحظ جامع المقاصد، ج 6 ، ص 22 - 23.

المقصد الثامن في العارية

قوله: «و لو أذِنَ الوليُّ للطفل صحَّ». إن كان مميّزاً.

قوله: «و تصحّ إعارة الشاةِ». و شبِهها.

قوله: «و كذا البحثُ لو تَلِفَتْ». و لو كانتِ العاريةُ مضمُونةً فكالمُفرِّط.

قوله: «و لوِ اسْتعارَ المُحِلُّ صيداً من مُحرِمٍ جاز». تسميةُ هذا النوع عاريةً مجازٌ؛ لزوال مِلك المُحرِمِ عن الصيد بالإحرام فيجب عليه إرساله فيضَمنُ بدونه؛ لأنّه تعدَّى بالإعارةِ، و يستقِرُّ ملكُ القابضِ عليه.

قوله: «و مُفرّطاً». أو مضمونةٌ عليه العاريةُ بالشرط، أو بكونها ذَهَباً أو فضّةً.

قوله: «جاز الرجوع بالأرش». و هو ما بين كونه مقلوعاً و مستحقَّ البقاء بأُجرةٍ.

قوله: «و لا قَلْعُ الخشبةِ». يجوز مع الأرش.

ص: 229

المقصد التاسع في اللقطة

المطلب الأول: المحلّ الملقوط

قوله: «و شرط الأوّل الصِغرُ». و الجنونُ.

قوله: «وَ انْتفاء الأبِ». و الأُمِّ و إنْ علتْ.

قوله: «فلو كان له أحدُهم أُجبِرَ على أخذِه». متى كان له مَن يُجْبَر على نفقته أُجْبِرَ على أخذه.

قوله: «و إسلامُه على رأي». قويّ معَ الحُكمِ بإسلامِ اللقيط.

قوله: «و عدالتُه على رأي». لا يُشترط.

قوله: «و يُقرُّ في يد البَدَوي على رأي». قويّ، لكن يَجب عليه شياعُ خَبَرِه كيفَ ذهب.

قوله: «و يجوز أخذُ المملوكِ الصغيرِ». يَعلَمُ كونَه مملوكاً بأنْ يَراه في الأسواق يُباع و يُشترى، و لا يَعلم مالِكَه وقتَ الالتقاط

قوله: «وَ انْتفاء العُمران». المرادُ بالعُمرانِ ما بينَ البيوت و حولِها من المزارع و البَساتين

المتّصِلةِ بها و لا تنفكّ الناس عنها غالباً.

قوله: «و غيرَها مطلقاً». ممتنعةً أم لا، في كِلاءٍ و ماءٍ أم لا.

قوله: «عن الطفلِ و المجنونِ». يجب على الولي انتزاعُها من الطفل و المجنونِ على الفور، و حفظُها كما يجب عليه حفظُ مالِهما، و مع التقصير يضمَنها، و يجب عليه مع ذلك التعريفُ كما لوِ الْتَقطَ ابتداءً.

ص: 230

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «و هو حرّ مسلمٌ إلّا ... بلاد الشرك و ليس فيها مسلمٌ واحدٌ». بحيث يمكن تولُّده منه، و إلّا كان بمنزلةِ العدم. و حينئذٍ فيُحكم بكفره و يصحّ تملُّكه إن كانوا حرباً.

قوله: «و يستعينُ المُلتَقِطُ بالسلطانِ». الواجبُ على المُلتقِطِ هو الحَضانةُ، أمّا النفقةُ فلا، فإن أمكن أخَذَها مِن بيت المال و إلّا رَفَعَ أمرَه إلى الحاكم ليعيِّن لها مَن يراه؛ إذ التوزيعُ غير ممكنٍ، و القرعة إنّما تكون في المنحصر، فإنْ تعذَّر أعلم الناسَ بوجوبها عليهم كفايةً، فإن بذلها أحدٌ تبرّعاً أو قرضاً، و إلّا أثِموا جميعاً مع قدرتهم، و أنفق هو و رجع مع النيّةِ. و يجوز الإنفاقُ عليه مِنَ الزكاة. فإن قيل: إذا و وجب على المسلمين الإنفاقُ كفايةً و الملتقِط أحدُهم فأيّ معنى لترتّب الوجوب عليهم أوّلاً ؟ قلنا: لمّا كان التبرّعُ بالنفقةِ غيرَ واجبٍ، كان إنفاقُه بنيّة الرجوع قبلَ استعلامِ حال المسلمين غيرَ جائزٍ؛ لجواز وجود متبرِّعٍ فيهم، لمراعاة حالهم بدفع الغَرامةِ عَنِ الطفل و إلّا اشترك الجميعُ في الوجوب.

قوله: «و رجع مع نِيَّتِه». و يُشْهِد مع الإمكان، و لو تعذّر كفتِ النيّةُ.

قوله: «فَيَضْمَنُ مع إمكان الإذنِ». إلّا عند الضرورة فَيُنفِقُ و لا ضَمان.

قوله: «و لا يجب التأخير على رأي». قويّ.

قوله: «و إنِ ادّعى الرقّيّةَ على رأي». قويّ.

قوله: «مع البلوغِ و الرشدِ». الرشدُ هنا العقلُ.

قوله: «و لو تشاحّ ملتقطاه». في حَضانتِه.

قوله: «أُقْرعَ». و لا يشترك بينهما في الحَضانة؛ للضرر عليهما بالاجتماع، و على الطفل بالمهاباة لقطع أُلْفته.

ص: 231

قوله: «و في الترجيحِ بالإسلام». لا ترجيح.

قوله: «و الحرّيّةِ نظرٌ». عدمُه قويٌّ.

قوله: «و يَمْلِك آخِذُ البعير». و كذا الدابّةُ و البقرةُ.

قوله: «من جهدٍ». الجَهْدُ أعمُّ من المرض و الكسر و غيرهما من أسباب العَطَب (1)، و لا بدّ [في] إباحة أخذ المجهود مِنْ فقد الماء و الكَلأ معاً، فلو وُجِدَ أحدُهما لم يجز.

قوله: «و يتخيّر آخِذُ الشاةِ». و غيرِ الشاة مِنَ الحيوان الذي لا يمتنع مِن صِغَرِ السِباع يجوز أخذه كالشاة، لكن يجب تعريفُه سنةً، و حكمُهُ حكمُ الملتَقَط بعد ذلك.

قوله: «و تصدّق بالثمن». و ضَمِنَ، أو حَفِظَه له و لا ضَمان.

قوله: «رَجَع مع نيّته». و تعذُّر إذنِ الحاكم.

قوله: «على رأي». قويّ.

قوله: «و لو انتفع باللبن و ... قاصَّ على رأي». قويّ.

قوله: «و يجبُ تعريفُها سنةً».

لا تقدير لهذا التعريف شرعاً فيرجع فيه إلى المتعارف، و هو أنْ يُكرِّره على وجهٍ لا يُنسى أنّ التعريفَ الثاني تكرارٌ لما سلف. و على هذا ينبغي أن يعرّفَ في أوّل الحول كلّ يوم مرّةً إلى تمام الأُسبوع، ثمّ كلَّ أُسبوعٍ مرّةً إلى تمام الشهر، و باقي السنة في كلّ شهرٍ مرّةً، فيكون إحدى و عشرون مرّةً، فلا يجزي أقلّ من ذلك، و لا يجزي هذا القدر في أقلّ من سنةٍ. و ليكُنْ في بلدِ الالتقاط مع الإمكان. و لو التَقَطَهُ في الصحراء تخيّر، و ينبغي تعريفُ أقرب البلدان إليه فالأقرب.

قوله: «و بِغَيْرِه». و يتوقَّف قبولُ إخباره على عَدالته.

قوله: «فهو لواجده». معَ انْتفاء أثر الإسلام، و إلّا فلقطةٌ.

ص: 232


1- العَطَبُ بفتحتين: الهلاك. المُغرِب، ص 318؛ لسان العرب، ج 1، ص 610، «عَطَبَ».

قوله: «بالتصرُّفِ فهو له». إلّا أنْ يُعلمَ انْتفاؤه عنه فلقطةٌ.

قوله: «إلّا بَعْد التعريفِ حولاً». فإن ظهر صاحبُه و أقام بيّنةً كان له الرجوع به إن كان موجوداً، و بمثله أو قيمته إن كان تالفاً، سَواءٌ في ذلك ما قلّت قيمتُه عن الدرهم، و ما يجده في المواضع الخَرِبةِ.

قوله: «أو القِيمةُ وقتَ الانتقال». بنيّة التملّك.

قوله: «و لا يجب الدفعُ بالوصف». لكن يجوزُ مع ظنِّ صِدقِهِ على الأقوى.

قوله: «و يَرجِعُ على الأوّلِ». إنْ لم يعترف له بالملك، و إلّا لم يرجع عليه، و لوِ اعْترف له بالملكِ لمكان البيّنة لم يمنع من الرجوع؛ لتبيّن فسادِ الحكم بها.

ص: 233

المقصد العاشر في الغصب

[المطلب] الأول في أسباب الضمان

قوله: «و دَلالةِ السُرّاقِ». مع ضعفِ المباشر لجنونٍ أو صِغَرٍ أو إكراهٍ، و إلّا فالضَمانُ على المباشِر إلّا أنْ يكونَ أمانةً في يدِ الدالّ فيتخيّر المالكُ بين الرجوع عليه أو على الدالِّ.

قوله: «أو بإذابة الشمس على إشكالٍ». يضمَنُ.

قوله: «ففي الضَمان نظرٌ». في الضَمانِ قوّةٌ.

قوله: «أو تلِفَتْ عينُه فلا ضَمان». نعم، إلّا في مسألة جلوسه على البساط و تَلَفِ العين عند منع المالك منها فإنّه يضمَنُ.

قوله: «ضَمِنَ النصفَ». مع مشاركته له في السكنى على الإشاعة، و إلّا ضَمِنَ ما سكن من العين. هذا كلُّه مع عدمِ اضْمِحلال يدِ المالك لضعفه و إلّا ضمن الغاصبُ الجميعَ.

قوله: «إلّا مع الإلجاءِ». أو تلفها حينئذٍ فيَضْمَن، و كذا يضمن أجرتَها زَمَنَ القَوَد.

قوله: «و إنْ كانَ صغيراً». و لو نقل الطفل أو المجنونَ ضَمِنَ ثيابَه و ما يكون معه.

قوله: «قال الشيخُ: يضمَنُه». جيِّدٌ.

قوله: «ففي ضَمان الأجرةِ نظرٌ». مع تعيّن المدّة تستقرّ الأُجرةُ بمضيِّها، و إلّا فلا.

قوله: «و يضمَنُ بالقيمةِ». مع تلفها و إلّا ردّها.

قوله: «تخيّر في التضمين». للعين و المَنفَعَةِ مَنْ شاء من الأيدي بدلاً واحداً، و له تقسيطه عليهم و إن لم يكن متساوياً، سَواءٌ علموا جميعاً بالغصب أو جَهِلوا، أو بالتفريق. ولكن يرجع الجاهلُ منهم إذا رجع عليه على من غرّه إلى أن يستقرَّ الضَمانُ على العالم و إنْ لم تَتْلَفِ العين في يده، إذا لم تكن يدُ مَن تَلِفتْ عنده يدَ

ص: 234

ضَمانٍ كالعاريةِ المضمونة، و إلّا لم يَرْجِع على غيره، و لوكانت أيدي الجميع عاريةً استقرّ الضمانُ على مَن تلفِتْ في يده.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «و يجب ردّ العين و إن تعسّر إلّا مع التلفِ». أي تلفِ نفس الغاصب بأن كان في سفينةٍ فيها لوحٌ مغصُوبٌ و هو اللجّة، و مثله لو تَلِفَ مالٌ لغيره، أو حيوانٌ محترمٌ. أمّا تلف مال الغاصب فلا عبرة به، و منه غرق سفينته.

قوله: «و إنْ كان غيرَ مستقرٍّ تجدّد ضَمان المتجدِّد». إن لم يكن المالِكُ بعد قبض العين قَطَعَه و إلّا ففي الضَمان وجهان، أجودُهما العدمُ.

قوله: «و الأعلى من حين الغصب». أي أعلى القيم و هذا هو الأصحُّ، و موضعُ الخلاف ما لو كان الاختلافُ بسبب زيادةِ السوق و نقصِه لا بالعيب و نحوه؛ فإنّ التفاوتَ مضمونٌ هنا.

قوله: «و الأعلى من حين الغصب إلى التلفِ على رأي». قويّ.

قوله: «و فى أعضاء الدابّة الأرشُ على رأي. قويّ.

قوله: «و إن تجاوزت و الدية على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و لو مثّل به لم ينعتق على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و لو استغرقت القيمة قال الشيخُ: دفع و أخذها أو أمسكَ مجّاناً. و فيه نظرٌ». بل

يلزم الغاصبُ الدفعَ و القِيمةَ.

قوله: «و لو أَخذَ أحد الخُفَّين ضَمِنَه مُجْتَمِعاً». و ما نقص مِنَ الآخر على الأقوى (1).

قوله: «و يضمن نقص الزيت و العصير على رأي». قويّ.

قوله: «فللمالك قيمةُ ثوبِه كَمَلاً». مع بقاءِ قيمته بحالها، فلو تجدّد نقصانُه للسوقِ فالزائدُ للغاصب. و لوزاد الباقي عن قيمة الصبغ فالزائدُ بينهما بالنسبة.

ص: 235


1- للمزيد راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 53 (ضمن الموسوعة، ج 9).

قوله: «و كذا بالأجود على رأي». قويّ.

قوله: «أو بغير الجنسِ يَضْمَنُ المثلَ». الأقوى تخييرُه بين المثلِ و الشركةِ مع الأرش.

قوله: «ضَمِنَ الغاصبُ». و له أخذُ العين مع الأرشِ.

قوله: «و عليه عُشر قيمةِ المملوكة البِكْرِ». مع أرش البكارة كما يعلم من قوله: «إلّا أرش البكارة» على ما سيجيئ.

قوله: «و لو طاوعته عالمةً فلا شيءَ على رأي». بل يلزم على الأقوى.

قوله: «و لو سقط ميّتاً فعليه الأرشُ». لا غير.

قوله: «و إن لم يكنْ بجنايته على رأي». قويّ.

قوله: «و لو نقل المغصوبَ عن بلد الغصبِ أعاده». و إن استغرقت أُجرتُه أضعافَ قيمتِه، و لو رضي المالكُ بذلك المكان لم يكن له الردُّ، فلو ردَّه حينئذٍ كان له إلزامُه بعَوده إليه.

قوله: «و القول قول قول الغاصب». نعم إن ادّعى الممكنَ.

قوله: «و القيمةِ على رأي». مع إمكان صدقه فيما يدّعيه منها، أمّا لوِ ادّعى ما يعلم كذبه كالدرهم [في] قيمة العبد لم تُسمع، و هل يُرجع إلى قولِ المالك حينئذٍ أو يُطالبه بقيمته أخرى محتملةً؟ وجهان أجودُهما الثاني (1).

قوله: «و إن انْتفى التفريط ضَمِنَ صاحبُ الدابّة». إنّما اختصّ صاحبُ الدابّة بالضَمان على تقدير عدمِ التفريط؛ لأنّ حفظ الدابّةِ مِنَ التلف واجبٌ؛ لأنّها حيوانٌ محترمٌ و لا يتمُّ إلّا بكسر القِدر فيجبُ على مالكها ذلك، بخلاف القِدر، فإنّها و إنْ كان تخليصُها لا يتمُّ إلّا بإتلافِ الدابّةِ إلّا أنّ حفظَها غيرُ واجب؛ إذ لاحرمةَ لها و إن وجب حفظُ المال عن التلف حيث لا يعارضه ذَهابُ مالٍ آخَرَ. و بقي حكم ما لو فرّطا معاً، و قد حكم المصنِّف في التذكرة بضَمان صاحب الدابّةِ (2) أيضاً. و هو حسنٌ لما ذكر.

ص: 236


1- راجع الروضة البهية، ج 4. ص 56 (ضمن الموسوعة، ج 9).
2- تذكرة الفقهاء، ج 2، ص 391 (الطبعة الحجريّة).

كتاب العطايا

[المقصد] الأوّل في الهبة

قوله: «و شرطها القبضُ». هل شرطٌ فى الصحّة أو اللزوم؟ قولان.

قوله: «و يكفي القبضُ السابقُ». الواقعُ بإذن المالك كالوديعةِ و العاريةِ و نحوهما، لا بدونه كالغصب.

قوله: «و يَسْقُط لو وَهَباه مالَهما».

المراد كون موهوبهما للمولّى عليه في يديهما كافياً عنِ استيناف قبضٍ جديدٍ للهبة، و هذا لا يقتضي سقوطَه كما ذكره، بل يقتضي الاكتفاءَ بقبضهما له سابقاً، و مِنْ ثَمّ لو وهَباه مالهما و هو ليس بِيدَيْهما لم تلزم الهبةُ؛ لعدم القبض فَمَرْجِعُ الأمرِ إلى الاكتفاء بالقبضِ السابقِ كالسابقِ و نحوِه لا بدونه؛ فلا وجهَ لإفراده. و ربما قيل (1): بعدم الاكتفاء بقبضهما السابقِ ما لم يَقصدا بعدَ الهبة قبضَه له؛ إذ ليس مطلقُ القبض كافياً. و الأشهرُ الأوّلُ.

قوله: «لا يصحّ الرجوعُ إنْ كانتْ لذي الرحم». أي مطلقُ القَرابَة.

ص: 237


1- القائل هو العلّامة على ما يظهر من كلامه في قواعد الأحكام، ج 2، ص 406: الثالث: القبض و هو شرطٌ في صحّة الهبة؛ و لمزيد التوضيح راجع جامع المقاصد، ج 9، ص 152؛ مسالك الأفهام، ج 6، ص 24؛ مفتاح الكرامة، ج 9، ص 177.

قوله: «ما لم يتصرّفِ المتَّهِبُ». تصرّفاً مُتْلِفاً للعينِ، أو ناقلاً للمِلكِ، أو مانِعاً من الردِّ كالاستيلاد، أو مغيّراً للعين كقَصارَةِ الثوبِ و طحن الحنطة على الأقوى، لا غير ذلك من التصرّفات (1).

قوله: «أو يُعوّض». بما يتّفقان عليه، أو بمثل الموهوب أو قيمته مع الإطلاق. و من العوض التقرّب إلى الله تعالى.

قوله: «و في الزوجين». لا رجوع لهما على الأقوى و إن كان منقطعاً.

قوله: «و هل يُتنزّل موتُ المتَّهبِ منزلةَ التصرّف؟ إشكالٌ». في تنزُّله منزلتَه قوّةٌ.

قوله: «و التسوية فيهما». مع التساوي في المرجِّحات.

قوله: «و لو باع بعد الاقباض للأجنبي صحّ على رأي». قويّ.

قوله: «و كذا لو باع مال مُورِّثِه». في توقّفه على إجازته بعد ظهورِ موته قوّةٌ؛ لأنّ العقودَ يَتْبعُ القصدَ، و لم يَقصُدُ أوّلاً إلى البيع الناقلِ لذلكَ، بل مع الإجازةِ. و مثله ما لو باعَ مالَ غيرِهِ فضولاً فظهر أنّ وكيلَهُ قد اشتراهُ لَهُ.

قوله: «بالتمليكِ مَعَ الاشتباه». أي اشتباهِ معتقَدِ المُقِرِّ بالتمليك، فإنّه يحتملُ اعْتقادُه كونَ القبض غيرَ شرطٍ فى تملّك الموهب - كما ذهب إليه بعضُ العامّة (2)، و إن لم يكن المقرّ منهم - إذا احتملَ اشْتباه الحكم عليه، و لو لم يكن ذلك في حقّه لم يُسمع إنكاره القبض بعدَ اعْترافه بالملك؛ لِاسْتلزام الملك حصول القبض عندنا، فدعواه الثانية مناقِضَةٌ لإقراره الأوّل (3).

ص: 238


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 6، ص 32 و ما بعدها.
2- ذهب إليه مالك، حكاه عنه ابن قدامة في المغني المطبوع مع الشرح الكبير، ج 8، ص 244، المسألة 932؛ و ابن رشد في بداية المجتهد، ج 2، ص 329؛ قال المحقِّق الثاني في جامع المقاصد، ج 9، ص 173 - 174: و لا يخفى أنّ هذا الرأي غير مخصوصٍ بمالك، فإنّ جمعاً من أصحابنا يقولون: إنّ القبض شرطٌ في لزوم الهبة لا في صحّتها و انعقادها فيحصل الملك بدونه، و منهم المصنِّف في المختلف؛ راجع مختلف الشيعة، ج 6، ص 234، المسألة 4.
3- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 1، ص 54 - 57؛ جامع المقاصد، ج 9، ص 173 - 174.

[ المقصد] الثاني في الوقف

[المطلب] الأوّل في الشرائط

قوله: «فيفتقر إلى القرينة». كالتأبيد، و نفي البيع و الهبة و الإرث، فيصير بذلك صريحاً لا يُقبل قوله في دعوى خلافه، بخلاف غير الصريح فإنّه مع نيّة الوقف يقع باطناً، و يُقبل قولُه لَوِ ادّعى ظاهراً.

قوله: «و نيّة التقرّب». الأقوى أنّها شرطٌ فى حصولِ الثوابِ لا فى صِحَّةِ الوقفِ.

قوله: «و فى مَن بلغ عشراً روايةٌ بالجواز». المشهورُ المنعُ.

قوله: «أو شرطَ انتفاعَه بطل». يصحُّ اشتراط أكله منه.

قوله: «و يدخل الصوفُ و اللبنُ الموجودان وقتَه». و يصيران كالمتجدِّدِ طِلقاً للموقوف عليه.

قوله: «و يجوزُ جعلُ النظرِ لِنَفْسِه». في متن العقد، و بعدَه يصير الواقفُ كغيره.

قوله: «أو لغيره». و يشترط فيه العدالةُ فإن فسق عزل.

قوله: «فللموقوفِ عليهم». إن كانوا منحصرين، و إلّا فالنظر إلى الحاكمِ.

قوله: «ففي صحّته في الموجود قولان». البطلان قويٌّ.

قوله: «و كذا على العبد ثمّ الحرِّ». لا يصحّ.

قوله: «و لا يفتقر إلى القبول» (1). و كذا لا يفتقر إلى القبول إذا كان الوقف على جِهَةٍ عامّةٍ، أمّا لو كان على معيَّنٍ واحدٍ أو جماعةٍ اشترط القبول على الأقوى.

ص: 239


1- في هامش المخطوطة: قوله: «و لا يفتقر إلى القبول». بل يفتقر، فيقبل الحاكم أو مأذونه، فإن تعذّر ينصب الواقف مَن يقبل و يقبض. (منه)

قوله: «و لو وقف مسجداً أو مقبرةً صحّ بصلاةِ واحدٍ أو دفنه». بنيّةِ القبضِ للوقفِ بإذن الواقفِ، و لا فرقَ بين الصلاةِ الواجبةِ و المندوبةِ، و يشترط صحّتُها. و في المدفون كونُه داخلاً في الوقف و لو تبعا كطفل المسلم في المقبرة الموقوفة على المسلمين. و يكفي صلاةُ الواقف بنيّته كغيره. هذا كلُّه إذا لم يقبضها الحاكمُ و الّا كفى عن الصلاة و الدفنِ.

قوله: «و لا بالإيجاب من دونهما». و يكفي قبضُ الحاكم من دونهما.

قوله: «و رجع إلى الواقف مع انقراضهم أو إلى وَرَثته على رأي». قويّ.

قوله: «و لا يشترط في الوقف على صِغار أولاده القبضُ». إن كانت تحتَ يده، و إلّا اشتُرط القبضُ.

قوله: «و لو وقَفَ على الفقراءِ و صارَ منهم شارَكَ». و كذا لو كان متّصفاً ابتداءً.

قوله: «و لو شرط عوده عند حاجته ... يرجع مع الحاجة و يوَرّثُ». المرادُ هنا بالحاجة قصورُ ماله عن قوتِ سنته بحيث يستحقُّ الزكاةَ؛ فإنّ ذلك هو المفهومُ منها عرفاً. و إنّما يرجع میراثاً بعدَ موته مع أنّه إنما شَرَطَ عوده عند الحاجة؛ لأنّ الموت يقتضي انتقالَ المال عنه المستلزمُ

لها.

قوله: «ينصَبُ قيّماً». الحاكمُ، أو الواقفُ قبلَ الوقفِ و بعدَه.

قوله: «فَلِمَنْ صلّى إلى القبلة». أي اعتقد الصلاة إليها و إن لم يصلِّ، و يستثنى منهم مَن حُكِمَ بكفره مِنْ فِرَقِ المسلمين، إلّا أن يكونَ الواقف منهم كالخوارج.

قوله: «و الجاروديّةِ». إلّا أنْ تدلَّ القرينةُ على تخصيص بعض الفِرَق بأن كان الواقف

منهم، و دلّت القرائن على تخصيصه فيختصّ (1).

قوله: «و لو وقف على الذمّي الأجنبي قولان». في الجواز قوّةُ.

قوله: «و كذا المرتدُّ». إنْ كان عن ملّةٍ صحّ و إلّا فلا.

قوله: «و يتساوى الأخوالُ و الأعمامُ على رأي». جيّدٍ.

ص: 240


1- المزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 5، ص 340.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «الوقفُ ينتقلُ إلى الموقوفِ عليه». إن كان على معيّنٍ، و إلّا انتقل الملك إلى الله تعالى، بمعنى رفع ملكِ الآدميّين لا بمعنى الإباحةِ.

قوله: «فلو وَقَف حصّةً من العبد ثمّ أعتق». لا فرق في ذلك بينَ عتق حصته من العبد بعد وقفها و بين عتقه جميعها كذلك. و إنّما خصّ الحصّة بالذِكْر ليتفرّعَ عليه قوله: «و لو أعتق الشريك» إلى آخره. هذا، و تفريع حكم عتق الواقف بعدَ حكمه بِانْتقال الملك عنه إلى الموقوف عليه واضحٌ، و أمّا عتق الموقوف عليه فحكمه و إن كان كذلك إلّا أنّ ذكرَه في مقامِ التفريع ليس بجيِّدٍ.

قوله: «و لم يقوّم عليه على إشكال». جيِّدٍ.

قوله: «و إذا وقف على الفقراء انصرف إلى مَنْ يحضُر البَلَدَ». و يجب صرفُه إلى ثلاثةٍ فصاعداً مراعاةً لصيغة الجمع.

قوله: «و لا يجب التتبّعُ». و لو تتبّع جاز.

قوله: «فإن أولدها كان حرّاً و لا قيمةَ عليه». و لا حدَّ عليه، بل يُعزّرُ مع العلمِ بالتحريمِ.

قوله: «و في صيرورتها أُمَّ ولدٍ». في عدم الصيرورة قوّةٌ.

قوله: «على الموقوف عليه». إنْ كان منحصراً، و إلّا ففي كسبه، فإن عجز ففي بيت المال.

قوله: «و ليس للمجنيّ عليه استرقاقه». بل له على الأقوى.

قوله: «و لو كانت خطأ تعلّقت بالموقوف عليه على رأي». جيّدٍ.

قوله: «و بالكسب على رأي». فإنْ لم يكن ذا كسبٍ فَبِرَقَبَتِهِ.

قوله: «و لو كانت نفساً فالقِصاصُ إليهم». و لهم العَفوُ على مالٍ.

قوله: «تكون وقفاً على رأي». قويّ، و كذا في كلِّ موضعٍ تثبت للوقف قيمةٌ، و يجب تحرّي الأقرب إلى الأوّلِ فالأقرب.

ص: 241

قوله: «و الوقف على الموالي ... على إشكالٍ». الأصحُّ البطلانُ مع عدمِ القرينَةِ.

قوله: «و لو قال: من انتسب إليّ خرج أولادُ البناتِ على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «دون أولاد أولاده على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «اختصّ بالبطنَينِ على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و لم يَدخُلوا في الوقفِ». الأقوى أنّ أولادَ الأولادِ لا يَدخلُونَ في الوقفِ، و حينئذٍ فيصيرُ منقطعُ الوسط فيصحّ على الأولاد حبساً و يبطلُ في الباقي، و يُرجعُ بعد الأولاد إلى الواقفِ أو ورثتِه.

قوله: «و النَماء قبله لورثة الواقف على إشكالٍ». جيّدٍ (1).

قوله: «ثمَّ انْقرضوا بطل العقدُ». بمعنى بطلان الإجارةِ في المدّة الباقيةِ لا في الجميع، و حينئذٍ فَيَرجِعُ المستأجِرُ على وَرَثَةِ المؤجرِ بقسطِ المدّةِ الباقيةِ إنْ كان قد قبض الأُجرةَ و خلّف تَرِكةً. هذا إذا كان قد آجرها لمصلحتهِ أو لم يكن ناظراً، فلو كان ناظراً، أو آجرها لمصلحةِ البطون لم تبطل. و كذا لو كان المؤجرُ هو الناظرُ مع كونه غيرَ مستحقٍّ.

قوله: «يُخشى به الخرابُ». أو تلفُ مالٍ غيره أو نفسٍ، و يجب أن يُشتَرى بالثمنِ ملكاً يكون وقفاً، و يُتحرّى الأقرب إلى صفة الوقف فالأقربُ، و يصير ذلك وقفاً بالشِراء، و يتولَّى ذلك الناظرُ فيه، فإن تعذّرَ فالحاكمُ (2).

قوله: «و لا يَبْطُلُ وقفُ النخلة بقلعِها». بل يؤجرها للتسقيف مثلاً، فإن تعذّر الانتفاع بها مع بقاء عينها بيعت وَ اشْتُري بثمنها ما يكون وقفاً كما مرّ (3)، فإن تعذّر لفساده جاز لأرباب الوقف التصرّفُ فيها.

قوله: «و شراء غيره بثمنه فالوجه الجواز». جيِّدٌ.

ص: 242


1- المزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 5 ، ص 396.
2- للمزيد راجع الروضة البهيّة، ج 2، ص 142 - 143 (ضمن الموسوعة، ج7)؛ مسالك الأفهام، ج 3، ص 169 - 170؛ و ج 5، ص 398 - 400.
3- مرَّ قُبَيْلَ هذا بقليلٍ.

المقصد الثالث في الصدقة و الحبس

قوله: «لا يجوزُ الرجوعُ فيها». لرحمٍ و غيره، عُوِّض أم لا؛ لأنّ القربةَ عِوضٌ. و لو حصلت القربة في الهبة فكذلك.

قوله: «و تَحرم الواجبةُ على بني هاشمٍ». الأقوى اختصاصُ التحريم بالزكاتَينِ لاغير.

قوله: «صدقةُ السِرِّ أفضل إلّا مع التُهمةِ». أو قصدِه تأسّي الناسَ به في الصدقةِ بإظهارها؛ لما فيه من التحريض على نفع الفقراء.

قوله: «لزمت بالقبض». و هو شرطٌ في اللزوم.

قوله: «و للساكن بالإطلاق السُكنى بوُلْده و أهلِه». و كذا مَنْ جرت عادتُه بإسكانِهِ كغلامِهِ و ضَيفِهِ و دابّتِهِ و أجيره و إحراز غلّته، إذا كان المحلّ صالحاً لها.

قوله: «لزم مادامتِ العينُ باقيةً». أي عين المُحبس لا المُحبس عنه بأن يصرف إلى آخرَ.

ص: 243

المقصد الرابع في الوصايا

المطلب الأول في أركانها الركن

الرکن الأوّل في الوصيّة

قوله: «و تفتقر إلى إيجابٍ». و تكفي الإشارةُ الدالَّةَ على العقد مع العجزِ عن النطقِ.

قوله: «مثل أعطوه بعدَ وفاتي». سيأتي في كلامه جعلُ الوِصاية من أفرادِ الوَصايا، و حينئذٍ فلا بدّ من ضمِّهِ قيداً آخرَ إلى التعريف، و هو: «أو تسليطٌ على تصرّفٍ بعد الوفاةِ» و مع ذلك يُنتَقَضُ في عكسه بالوصيَّةِ بالعتق؛ فإنّه فكُّ ملكٍ، و التدبيرِ، فإنّه وصيّةٌ به عند الأكثرِ، و الوصيةِ بإبراءِ المديون، و للمسجدِ و نحوه؛ فإنّه فكُ ملكٍ أيضاً، و بالوصيّةِ بالمضارَبةِ و المساقاةِ فإنّهما و إن أفادا ملكَ العاملِ الحِصَّةَ من الربحِ و الثمرةِ على تقديرِ ظهورهما، إلّا أنّهما لا يستلزمان ذلك، و قد لا يحصل ربحٌ و لا ثمرةٌ فينفي التمليك.

قوله: «إمّا مطلقاً كهذا» الذي تقدّم من الأمثلةِ.

قوله: «و قبولٍ» لفظاً أو فِعلاً.

قوله: «و يكفي القبولُ قبله». و يكون القبول كاشفاً عن صحّةِ ما تقدّمَ، فالنماء المتجدِّدُ قبل الموتِ و بعد الوصيّة كسائر أموال الميّت، و المتجدِّدُ بعدَ الموت و قبل القبول للموصى له إنْ قَبِل. و لا يُشترط في القبول الفوريّةُ، و لا في إجازةِ الوارث و لا في الردِّ.

قوله: «و إنْ لم يَقْبِضْ على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و لو ماتَ قبلَ القبولِ فلوارثِهِ القبولُ». إن لم يتعلّق غرضُ الموصى بالمورَّث،

ص: 244

و إلّا بطلت بموته على الأقوى.

قوله: «و لا ينعتق على الميّتِ». لانتفاء ملكه بعدَ الموت.

قوله: «و هي عقدٌ جائزٌ». إنّما تكون عقداً مع وقوعها لمن يمكن في حقِّهِ القبول كالمحصور، لاغيره كالفقراء و الفقهاء و المساجد، و حينئذٍ لا يفتقرُ إلى قبول، و لا تلحق بالعقود. و على تقدير كونها عقداً إنّما يكون جائزاً في ابْتدائه، و قد يَطرَأُ عليه اللزومُ من طرف الموصي و الموصى له كما قد عُلِمَ مِنَ العِبارةِ.

قوله: «و خلطِ الزيت». الأقوى توقّف الحكمِ بكون الخلطِ مطلقاً رجوعاً على قرائن الأحوال، فإنِ انْتفتْ كان شريكاً مع خلطِهِ بالأجودِ بنسبة القيمتَينِ.

الركن الثاني في الموصي

قوله: «و تُمضى وصيَّةُ مَنْ بَلَغ عشراً». لا تُمضى.

الركن الثالث في الموصى له

قوله: «و تصحّ للحملِ». مع تيقُّن وجودِه حالَ الوصيّة بأن ولدتْه لِستّة أشْهُرٍ فما دون مِن حين الوصيّة، أو للأقصى فما دون إذا لم يكن لها زوجٌ و لا مولى، و إلّا لم تصحّ؛ لإمكان تجدّده بعدها.

قوله: «و تصحّ للأجنبي و للوارث و الذمِّي الأجنبي على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «كالتدبير و الكتابة». بل تصحّ الوصيّةُ للمكاتب مطلقاً؛ لأنّ قبولَها نوعُ اكْتسابٍ.

قوله: «و إن كانت أكثر عتق ما يحتمله و ... على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «لا منْ نصيب الولد». بل من نصيبِ الولدِ و تأخُذُ الوصيَّةَ.

قوله: «و الوصيّة للذكور و الإناث ... و كذا الأعمامُ و الأخوالُ على رأي». قويّ.

قوله: «و للجيرانِ لِمَن يلي دارَه إلى أربعينَ ذراعاً». الأقوى الرجوعُ إلى العرف في الجميعِ.

قوله: «فالأقربُ البطلانُ» قويٌّ مع تعلُّقِ الغَرَضِ بالمورّث، و إلّا فلا.

ص: 245

الركن الرابع في الموصى به
الفصل الأول في المعيّن

قوله: «و يُعتبر الثلثُ وقتَ الوفاة». بل الأقلّ مِنْ حين الوفاة إلى حين القبض.

قوله: «و تمضي الإجازةُ بعد الوفاة و قبلَها على رأي». قويّ، و كذا يكفي إذن الوارث في الإيصاء بالزيادة على الثلث.

قوله: «و ليسَ ابْتداءً عطيّةٍ». بل تنفيذٌ لفعل الموصى فالنماء المتخلّل بينَ الموتِ و الإجازةِ للموصى له، و لا يشترط فيها القبضُ المشتَرطُ في العطيّةِ المبتدأةِ.

قوله: «بطلت إنْ لم يُمكن إزالةُ المحرّم». و لو أمكن صحّ و حُوِّل إلى الوجه المحلَّلِ.

قوله: «و لو ضاق الثلتُ عَنِ الواجبِ و غيرِه و لا إجازةَ بُدِئَ بالواجب».

هذا إذا كان الواجبُ ماليّاً محضاً كالزكاة، أو من وجهٍ كالحجِّ. أمّا لو كان بَدنيّاً محضاً كالصلاةِ و الصومِ أُخرج من الثلث، لكن يُقدَّم على غيره و إنْ تأخَّرَ فى الوصيَّةِ.

قوله: «و لو أوصى بالمضارَبَةِ بالتَرِكَةِ على أنّ الربعَ نصفان بين العامل و الوارث صحّ». هذا هو الأشهرُ و المنصوص (1). و لا فرق بين كونِ الوارث صغيراً أو كبيراً عملاً بالإطلاق؛ و لأنّه لا تفويت بشيءٍ مِنَ التَرِكةِ، و الربحُ إنّما حَصَلَ بسعي العاملِ و تجدَّدَ بعد ذلك فلا تُعتَبَرُ من الثلثِ. و الفرق بينه و بين الحملِ المتجدِّدِ معَ اعْتباره مِنَ الثُلث، أنّ الحملَ من نماء المِلك، و وجودُه متوقَّعٌ بخلاف الربح.

قوله: «و لو أوصى بعتق مماليكه ... و لا يقوَّمُ على رأي». قويّ.

قوله: «أُحلفوا على الزائد». و أُعطي الموصى له نصفَ ما ظنّوه و ثلثَ الزائد.

قوله: «و لو أوصى بالثُلثِ مشاعاً».

الفرق بين المعيَّنِ و المشاع: أنّ الأوّلَ يستند إجازتُه إلى معلومٍ لهم فلا تُسمَعُ

ص: 246


1- الكافي، ج 7، ص 61 - 62، باب النوادر، ح 16 و 19؛ الفقيه، ج 4، ص 227 - 228، ح 5541 - 5542؛ تهذيب الأحكام، ج 9، ص 236 - 237، ح 919 و 921.

دعواهم ظنَّ خروجه مِنَ الثلثِ أو زيادته عنه بيسيرٍ؛ لاقْتضاء الإجازة العلمَ بزيادة المال، و الدعوى خلافه عكس الثاني؛ لجواز بنائهم على أصالة عدم زيادة المال حتّى يظهر خلافه. و قيل (1): يُقبل دعواهم في الموضعَينِ؛ لأصالة عدم علمهم بمقدار التَرِكَةِ على التقديرَين، و هو يقتضي جهالةَ قدر المعيّن من التَرِكَةِ كالمشاع؛ و لإمكان ظنِّهم أنّه لا دَينَ على الميِّت فظهر، مع أنّ الأصلَ عدمه. و هذا أقوى (2).

قوله: «و لو أوصى بمعيّنٍ ... ملكهُ الموصى له بالموتِ و القبولِ». يكفي القبولُ قولاً أو فِعلاً.

الفصل الثاني في المبهمة

قوله: «إذا أوصى بجزء من مالِه فالسُبْع». بل العُشْر.

قوله: «بقصد الموصي». جيِّدٌ.

قوله: «و لو أوصى بوجوهٍ ... جُعل في البرّ على رأي». قويّ.

قوله: «و تدخل حِليةُ السيف فيه، قيل: و الجَفن».

الأقوى الرجوعُ في ذلك إلى العرفِ، و هو الآنَ دالٌّ على دخولِ الجَفن و الحِليةِ. و تعضُده الروايةُ (3) و إنْ ضَعُف سندُها، و أمّا غيره فلا يدخل إلّا مع القرينة؛ لعدم دلالة العرف عليه.

قوله: «دخل المظروف على رأي». مع القرينة.

قوله: «و لو أوصى بإخراج وارثٍ بطل على رأي». قويّ.

قوله: «و لو قال: إن كان في بطنها ذكرٌ فدرهمان و أنثى فدرهم ،صحَّ، فإن خرجا فثلاثةٌ، و لو أتى ب«الذي». و خرجا بطلت».

ص: 247


1- القائل هو المحقِّق الكركي في جامع المقاصد، ج 10، ص 125 - 126.
2- للمزيد راجع الروضة البهيّة، ج 3، ص 104 (ضمن الموسوعة، ج 8): مسالك الأفهام، ج 6، ص 171 - 173.
3- هي رواية أبي جميلة. الكافي، ج 7، ص 44، بابٌ بدون عنوان، ح 1؛ الفقيه، ج 4، ص 217، ح 5512؛ تهذيب الأحكام، ج 9، ص 211 ، ح 837.

الفرق أنّ «في» للظرفيّة الصادقة بوجود كلّ منهما؛ لأنّ الظرفيّةَ لِشيء لا ينافي الظرفيّةَ لِغيره، فيصدُق وجودُ ذَكَرٍ في بطنها و وجود أُنثى فيستحقّان، بخلاف قوله: «الذي»؛ فإنّه وقع صفةً للحمل، و التقدير «إن كان الحملُ الذي في بطنها ذَكَراً» إلى آخره. فهو شرطٌ لكون المجموع ذَكَراً، فإذا وُجِدَ ذكرٌ و أنثى لم يصدُقْ أنّ الحملَ ذكرٌ، و إنْ صَدَقَ أنّ في بطنها ذَكَراً.

و كذا تَبْطُل لو خرجا ذَكَرَيْنِ أو أُنثَيَيْنِ لما ذكر، و لو فُرِضَ في الأوّل وجودُ ذكرَيْنِ أو أنثيين، ففي استحقاقِ كلّ منهما ما ذُكِرَ. أوِ اشْتراكِهما فيه، أو تخيُّرِ الوارث، أوجهٌ، أجودُها الأخيرُ.

قوله: «قيل: تُقَوَّم الرقبةُ على الورثةِ». و لو قُدِّر خروجُ الرقبةِ عن المَنْفَعَةِ فَالمُخْرَجُ جميعُ القيمةِ.

قوله: «و لو كان له أحدُهما تَعيَّنَ إنْ أضاف». بأن قال: «قَوسي» و ليس له إلّا واحدٌ كقوس النُشّاب مثلاً فيتعيّن للعطيّة؛ لصدقِ اللفظِ عليه و إضافتِهِ إلى نفسِهِ فيختصُّ، بخلاف ما لو لم يُضِفْ بل قال: «قوساً» فإنّه لا يتعيَّنُ ما عنده و إنِ اتَّحد، بل يجوز للوارث أن يَدفعَ إليه غيرَه من نوعه و غيره.

قوله: «و يُحمل الظاهرُ على ظاهرِه» بأن قال: «أعطوه دابّةً»؛ فإنّه يَنصرِفُ إلى المعنى الظاهرِ منها عرفاً و هو الفَرَس، إلّا أن يكونَ عرفُ قومٍ مخالفاً لذلك و يريد غيرَه كالحمار فيُتَّبَعُ إرادَتُهُ.

قوله: «و المُتواطئ». لا فرق بين اللفظ المشتَرك و المتواطئ في الحكم، و تخيَّر الوارثُ في إعطائه كلّ ما صدق عليه اللفظُ، و إنّما يُفْرَقُ بينهما من جهة المعنى؛ فإنّ المشتَركَ هو اللفظ الموضوع لمعنيين فمازاد وضعاً أوّلاً من حيث هو كذلك كالقوس والعود، والمتواطئ هو اللفظُ الموضوعُ بمعنى يقع على كثيرين كالبغلِ و العبدِ و الجاريةِ.

قوله: «و لو بانتْ بالخلافِ أجزأتْ». مع الاجتهادِ و إلّا فلا.

ص: 248

قوله: «و لو تعذَّر أُعتِقَ مَن لا يُعرف بنَصَبِ». بل يُتوقّع المؤمنة.

المطلب الثاني في الأوصياء

قوله: «يشترط في الوصيّ ... و العدالةُ على رأي». قويّ.

قوله: «و لو أوصى إلى عَدلٍ فَفَسَق بعدَ موته». إنّما ذكر هذه المسألةَ بعدَ اشْتراط العدالةِ، و حكمُها يُعلم منها؛ لأنّ هذا الحكمَ جارٍ على المذهبَينِ، فإنّ مَن لم يشترط العدالةَ وافق على أنّه لو أوصى إلى عدلٍ ففسق بطلتْ وِصايَتُهُ، فكأنّه قال: «وَ اتَّفق القائلان على كذا».

قوله: «استبدل به الحاكمُ». و إن لم يُشْتَرَطِ العدالة.

قوله: «و يَنْفُذُ تصرّفُ الكبيرُ حتّى يَبلُغَ». إلّا أنْ يقولَ لا يتصرّفِ الكبيرُ حتّى يبلغَ الصغيرُ فيُتّبع شرطُه، حتّى لو ماتَ افْتقر الكبيرُ إلى الضميمةِ كما لو مات أحدُ الوصيَّينِ.

قوله: «و تُعتبر الصفاتُ حالَ الوصيّةِ». بل من حين الوصيّةِ إلى انقضاء الفعلِ.

قوله: «أو شَرَطَ الاجتماعَ». المراد بالاجتماع صدورُ العقد أو الفعل عن رأيهما، سواءٌ باشَراه، أم باشَرَهُ أحدُهما بإذن الآخر، أو غيرُهما بإذنهما.

قوله: «و لا يمضى تصرُّفُ أحدِهما». إلّا ما لابدّ منه كنفقةِ اليتيم إلى أن يُسلِّم إلى الحاكم.

قوله: «فإنْ تعذَّر استبدل». بهما، أو بأحدهما، أو ضُمّ إليه آخرُ، و لا يُشترط التعدّدُ في منصوبِ الحاكم و إنْ كان عَنْ متعدّدٍ بل المعتبرُ الكفاية.

قوله: «و لو مات أو فَسَقَ لم يَضُمَّ إلى الآخرِ». بل يجبُ الضمُّ.

قوله: «جاز تصرّفُ كلّ منهما منفرداً و القسمةُ». لا بمعنى اختصاصِ كلّ بقسمه، بل يجوز لكلٍّ منهما التصرّفُ في قسمة الآخرِ.

قوله: «و لو ردّ الموصى إليه بطلت إنْ عَلِم الموصي». و أمكنه الإيصاء.

قوله: «و لو فَسَقَ وجب عزلُه» أي مَنْعُهُ مِنَ التصرّفِ، و إلّا فهو مُنْعَزِلٌ بالفسقِ و إن

ص: 249

لم يعزِلْه. و لا تعود ولايتُه بعوده إلى العدالةِ. بخلاف الأب - لوِ اعْتبرتْ عدالتُه أو عدمُ خيانته - و الفرقُ اسْتناد الولاية هنا إلى القَرابةِ و هي باقيةٌ، و إنّما تخلّفت لفَقدِ شرطٍ و قد وُجدَ، بخلاف الوِصاية، فإنّها عَرَضِيَّةٌ فإذا زالت بالفسقِ افْتقر عودُها إلى دليلٍ، و ليس.

قوله: «و لمن يتولّى مال اليتيمِ أُجرةُ مثلِه». بل أقلّ الأمرَينِ من الأُجرةِ و الكِفايَةِ مع فقرِهِ.

قوله: «و لو تعذّر جاز لبعض المؤمنين». واجبٌ على الكِفايةِ.

قوله: «و لو أذن للوصىّ أن يُوصىَ جاز و إلّا فلا على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و إنْ كان له حُجَّةٌ». أي بيّنةٌ يمكن الإثبات بها عندَ الحاكم.

قوله: «و أنْ يشتَرِيَ لنفسِهِ من نفسه بثمنِ المثلِ». إذا لم يُوجد باذلُ الأكثر.

المطلب الثالث في الأحكام

قوله: «تجب الوصيّةُ على كلِّ مَن عليه حقٌّ». أو لَهُ.

قوله: «و شهادةُ أربعِ نساءٍ في الجميع، و واحدةٍ في الربعِ». و كذا بالرجلِ الواحد مِنْ غير يمينٍ.

قوله: «وَ اثْنين من أهلِ الذمّةِ». مع عدالتِهما في دينهما.

قوله: «و إنْ أجازتْ إحداهُما خاصّةً ضُربتْ فريضةُ الإجازة». و هي خمسةَ عشر في أربعةَ وَفقَ فريضةِ عدم الإجازةِ؛ لأنّ بين الاثني عشرَ و الخمسةَ عشرَ توافقٌ بالثلث فيُضربُ ثلٍثُ إحداهما في الأُخرى تبلغُ ستِّينَ، للموصى له ثُلثُها عشرون، و يبقى أربعون للزوجة ثمنُها خمسةٌ على تقديرِ عدم إجازتها، و أربعةٌ على تقدير الإجازة. و للبنت خمسةٌ و ثلاثون على تقدير عدم الإجازةِ، و ثمانيةٌ و عشرون على تقديرها. فمن أجاز منهما وقع التفاوت بين النصيبَينِ إلى الموصى له فتكمُلُ له مع إجازة البنت خاصّةً سبعةٌ و عشرون، و مع إجازة الزوجة خاصّةً أحدٌ و عشرون.

قوله: «و لو قال: أعطوه مثل ابنى مع بنت فله سهمانِ من خمسةٍ مع الإجازةِ»، الفريضة

ص: 250

مع إجازتهما مِنْ خمسةٍ، و مع ردّهما مِنْ تسعَةٍ، فمع إجازة أحدِهما خاصّةً تَضرِبُ مسألةَ الإجازةِ في مسألةِ الردِّ؛ لتباينهما تبلغ خمسةً و أربعينَ، فإن أجاز الابنُ ضَرَبْتَ نصيبَهُ من مسألة الإجازة و هو سهمان في مسألة الردِّ تبلغ ثمانيةَ عشر فهي نصيبه. و إنْ رَدَّ ضَرَبْتَ نصيبَهُ مِن مسألة الردِّ و هو أربعةٌ في مسألةِ الإجازةِ تبلغ عشرين فهي نصيبه، و إن أجازتْ البنت فلها تسعةٌ و إِنْ رَدَّتْ فعشرةٌ.

و التقريب ما ذُكِر، فللموصى له مع إجازته خاصّةً سبعةَ عشر و مع إجازتها خاصّةً ستّة عشرَ.

قوله: «و لو أوصى بنصيب ولدِهِ احْتُمل المثليّةُ». نعم إن لم يَقْصِدْ إخراجَ الولد من الإرث، و إلّا بطل.

قوله: «و لو أوصى بمثل نصيب القاتل بطلت». إنْ كان يعلَمُ أنّ القاتلَ لا يَرِثُ.

قوله: «و الضعفاء ثلاثة أمثاله على رأي». قويّ.

قوله: «بعد وَضْعِ قيمةِ الصحيح». فلو كانت قيمةُ العبد مائةً و بقيّةُ التَرِكَةِ خمسمائةٍ فبقيّةُ الثلث على تقدير سلامته مائةٌ، فلو نقص مِن العبد خمسين لعيبٍ أو رُخْصٍ صارَ جميعُ المال خمسَمائةٍ و خمسين فإذا أخذ الموصى له الأوّلُ العبدَ فضل منَ الثلث بعد إسقاط المائة ثلاثةٌ و ثمانونَ و ثلثٌ، و هي التكملةُ الموصى بها. و الأقوى أنّه يأخذُ مائةً؛ لأنّه يَصِلُ إلى الورثةِ الثلثان و زيادةٌ. و هو خيرةُ الشهيد (رحمه الله) (1).

قوله: «و إلّا عتق الثلثُ على رأي». جيِّدٍ.

المطلب الرابع في تصرفات المريض

قوله: «أنّها من الثلث». جيِّدٌ.

ص: 251


1- في غاية المراد، ج 2، ص 317-318 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 2).

قوله: «و لو برأ لزمت .... المرضُ مخوفاً أو لا على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «فالوجهُ اعتبارُ الإجازةِ». قويٌّ.

قوله: «و لو أقرّ و كان متَّهماً فهو مِنَ الثُلث».

المرادُ بالتُهمةِ هنا وجودُ قرينةٍ حاليّةٍ أو مقاليّةٍ تدلُّ على أنّ إقرارَه ليس على ما هو عليه في نفسِ الأمر، و أنّه إنّما يُريد تخصيصَ المقَرّ له بالمقَرِّ به.

قوله: «قُدِّمَتِ المنجَّزةُ مِنَ الثُلثِ». و إن تأخّرتْ في اللفظ. و لا فرقَ في المؤخَّرَةِ بينَ أنْ تكون فيها واجبٌ يخرج مِنَ الثلث، و عدمه. نعم لو كان ممّا يخرج مِنَ الأصلِ قُدِّم مطلقاً.

قوله: «و لو باع الرِبويَ المستوعِبَ ِللتَرِكَةِ بمساويه جنساً، و قيمتُه الضِعفُ».

ضمير «قِيمتُه الضعفُ» يَرجع إلى ما باعَه، أي وقيمة ما باعَهُ ضِعفُ قيمةِ ما أخذَهُ ثمناً، كأنْ يبيعَ كرَّ حنطةٍ يساوي ستَّةَ دَنانيرَ بكُرٍّ يساوي ثلاثَة دنانيرَ و لا شيءَ له سواه، فقد حاباه بنصف التَرِكَةِ، فلا تمضى منها إلّا ثلث ما له و هو ديناران، و حينئذٍ فلا يمكن القولُ بصحَّةِ البَيعِ في الجميعّ، و لا البطلانِ فيه كذلك، و لا بطلان السُدس الزائد؛ لاسْتلزامه الرِبا. فالطريقُ إلى تحصيلِ ما أشار إليه (رحمه الله) مِن «تَرادِّ» ثلثِ كرٍّ مع مقابله، فتأخذ الورثة مِنَ المشتري تُلثَ كرِّهم بدينارَينِ، و يردُّون عليه ثُلثَ كرِّه بدينارٍ، فيبقى مع الورثة ثُلثا كرٍّ بدينارَينِ و ثلثَ كرِّهم بدينارَينِ، و ذلك أربعةٌ ضِعف ما مع المشتري من المحاباة؛ لأنّ بيده ما قيمتُهُ خمسةُ دنانير، منها ثلاثةٌ، قيمة كرّهم، و ديناران بالمحاباة. و هذه من المسائلِ الدوريّة؛ لأنّه لمّا لم يصحّ إلّا بيع البعضِ بالبعضِ توقّفتْ معرفةُ قَدْرِ المَبيعِ على معرفةِ قدر مال الميِّتِ، لتُعرفَ قدر المحاباةِ الخارجةِ مِنَ الثلث، فتجب معرفةُ الثلث المتوقِّفِ عى معرفَةِ المال المتوقّف على معرفة الثَمنِ؛ لأنّه من جملتِهِ، و معرفةُ الثمن تتوقّفُ على قدر المَبيع فيدور.

و طريقُ تصحيحه با لجبر أن نقولَ: صحَّ البيعُ في شيءٍ من الجيِّدَ بشيءٍ مِنَ الرديء،

ص: 252

قيمتُه نصفُ شيءٍ، فتكون المحاباةُ نصفَ شيءٍ، فيبقى مِنَ الجِيِّدِ كرٌّ إِلّا نصفَ شيءٍ يَعدِلُ مثلَ المحاباة و ذلك شيءٌ، فإذا جبرتَ و قابلتَ صار الكرّ يعدل شيئاً و نصفاً، فالشيء أربعةٌ ثلثا الكرِّ، فيصحُ البيعُ في ثلثي الجيِّد بثلثي الرديء.

قوله «و الأقوى عندي صحَّةُ البيعِ». قويٌّ.

قوله: «صحّ النكاح و بطل المسمّى».

التقديرُ أنّ المسمّى قدرُ مهرِ المثلِ، و قد حَكَم ببطلانِ المسمّى بأسرِهِ، و صِحَّةِ شيءٍ مِنْ مهرِ المثل معَ اشْتِراكهما في الزيادة عَنِ الثُلثِ؛ و الفرق: أنّ المسمّى حَصَلَ بعقدٍ موجبٍ له، و كان تبرُّعاً زائداً عَنِ الثلتِ، فَيَبطُلُ، بخلاف مهر المثل؛ فإنّه لم يحصل بالعقد بل بالوطء، فكان بمنزلَةِ الجنايَةِ التي يلزمُ موجبها المريضَ و غيرَه. و وجه صِحّةِ العتق في «ثلاثة أرباعِها» إلى آخره؛ أنّ التبرُّعَ الحقيقي هنا إنّما هو بالعتقِ فيُشترط أن يكونَ مع الورثةِ ضِعفُ ماعتق، و كلَّما عَتَقَ منها جزءٌ فلها مِن مهر المثل مثله، و لا تُحسب عليها و لا على الورثة؛ لِما قلناه من أنّه كأرشِ الجناية، فلو فرضنا التَرِكةَ ثلاثَمائةٍ و قيمتَها مائةً عتق ثلاثةُ أرباعِها و لها ثلاثةُ أرباعِ مهرِ مثلها، و ذلك مائةٌ و خمسون، فتبقى مع الورثة من التَرِكَةِ مائةٌ و خمسونَ ضِعفُ ما عتق منها. و بالجبر صحّ العتق في شيءٍ، و لها من مهر المثل شيءٌ، و للورثة شيئان ضِعفُ ما عتق منها، فالتَرِكَةُ في تقدير أربعة أشياءَ، فالشيء خمسةٌ و سبعون. و التقريب ما تقدّم.

قوله: «و لها سُبعٌ آخرُ بالمهر». لأنّا نقول: عَتَقَ منها شيءٌ و لها بالمهرِ نصفُ شيءٍ، و للوَرَثةِ شيئان مثلاً ما عتَقَ منها. و الجاريةُ و التركَةُ في تقديرِ ثلاثةِ أشياء و نصفٍ، و مبسوطها سبعةٌ فالشيء سُبعا التَرِكَةِ، فتنقسم الثلاثُمائة أسباعاً، فالسُبعُ اثنان و أربعون و ستّةُ أسباعٍ، و المعتَقُ منها بقدر سُبعي التَرِكَةِ، و ذلك ما يُقابِلُ خمسة و ثمانين و خمسةَ أسباعٍ. و لها سُبعٌ بالمهرِ اثنان و أربعون و ستّة أسباعٍ، و للورثة الباقي، أربعةُ أسباع التَرِكَةِ، مائةٌ و إحدى و سبعون و ثلاثةُ أسباعٍ.

ص: 253

قوله: «و لو قَضى بعضَ الديون صحَّ». و إِنْ قَصَرَ مالُه عَنِ الباقي.

قوله: «و لو أوصى لم يصحَّ مع القصورِ». أي قصورِ المال عَنِ الدَيْنِ.

قوله: «و لو أعتق العبدَ المستوعِبَ... لأنّه لا يُحسب عليه ما حصل له من كسبه». جوابٌ عن سؤالٍ مقدَّرٍ، و هو أنّه كيف لا يُحسب عليه ما حصل له من كسبه مع أنّه مِنْ جملةِ التَرِكَةِ؛ لعدم الحكم بعتقه قبلَ البحث عنه؟ و جوابُه ما ذكره المصنِّفُ. و تقريرُه: أنّ البحث عنه يَكشِفُ عن تقدُّمِ عتقِ الجزء الخارجِ بنفس الإعتاق، و ما يتبعه من الكسب حصل بعد الحرّيّة فلم يكنْ من متروكات الميِّت. و إنّما عتق نصفه إلى آخره. لأنّا إذا فرضنا قيمتَه مائةً و كسَبه كذلك، فنقول: عَتَقَ منه شيءُ و له مِنْ كسبه شيءٌ و للورثة شيئان ضعفُ ما عَتَقَ منه، فالتَرِكَةُ في تقدير أربعةِ أشياءَ فالشيءُ خمسون، هي نصفُ العبد و له مِنَ الكسبِ خمسونَ، و للورثة نصف العبد و الكسب و هما ضعفُ ما عتق منه. و لو كسب مثلَيْه قلنا: عتق منه شيءٌ و له من كسبه شيئان، و للورثة شيئان ضِعفُ ما عتق منه. فالتَرِكَةُ تَعدِلُ خمسةَ أشياءَ، و هي على ما فرضناه ثلاثَمائةٍ باعْتبار الكسب، فالشيءُ ستّون و هي ثلاثةُ أخماسِ العبد، و له مِنْ كسبه شيئان مائةٌ و عشرون، و للورثةِ مثلُها؛ و مجموعُ ذلك ثلاثُمائةٍ. و الأقوى أنّه يَصرِفُ مِنْ كسبه تتمّة قيمتِه، و يَعْتِقُ بأسره في الصورتَينِ (1).

قوله: «و لا ترثه في اللعان، و لا في الخُلع و المباراة، و لا مع سؤالها». الأقوى أنّها ترثه في الثلاثة غيرٍ اللعان إلى سنةٍ كغيرها.

قوله: «و لا إذا كانت أمةً وقت الطلاق ثمّ أُعْتقت أو ذميّةً فأسلمت». هذا إذا أسلمت الذمّيّةُ، أو أُعتقتِ الأمةُ بعد انْقضاء العدّةِ، أمّا فيها فلا كلام في ثبوت الإرث.

ص: 254


1- لاحظ غاية المراد، ج 2، ص 339 - 341 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 2).

كتاب النكاح

[المقصد] الأوّل في أقسامه

[القسم] الأوّل في الدائم

[المطلب] الأوّل في آدابه

قوله: «يستحبُّ النكاحُ خصوصاً مع شِدَّةِ الطلبِ». سَواءٌ الرجلُ و المرأةُ.

قوله: «و لو خاف الوقوع في الزنى». أو المحظورِ.

قوله: «و اختيار البكرِ الوَلود». و هى ما من شأنها أنْ تَلِدَ، بأنْ لا تكونَ يائسةً. و لا صغيرةً و نَحوَها (1).

قوله: «العفيفة». بأن لا تكون زانيةً، و لا من قومٍ زُناةٍ.

قوله: «الكريمة الأصل»، التى لم يَمَسَّ أصلَها رِقٌّ.

قوله «و صلاة ركعتَينِ». أمامَ العقدِ (2).

قوله: «وَ الخُطبةُ». يكفي «الحمد لله».

قوله: «و الدخولُ ليلاً». أي للجماعِ؛ لأنّه سَكَنٌ.

قوله: «و يجوز أكلُ ما ينثرُ في الأعراس ... و يُمْلَكُ بالأخذِ». لا يُملك إلّا بالإتلاف،

ص: 255


1- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 3، ص 126 (ضمن الموسوعة، ج8)؛ مسالك الأفهام، ج 7، ص 17.
2- للتوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 7، ص 18.

و إن جاز التَصَرُّفُ فيه (1).

قوله: «و عِند الزوالِ». إلّا يومَ الخميسِ.

قوله: «و ليلة النصف». أي نصفُ كلِّ شهرٍ، و هي الليلةُ الخامسةَ عَشَرة و إن نقص الشهرُ. و هي معطوفةٌ على المستثنى منه لا على المستثنى. و المقصود كراهتُهُ.

قوله: «و يجوزُ النظرُ». و كذا المرأةُ.

قوله: «و تكرارُهُ من غير إذنٍ». بشرطِ العلمِ أوِ الظَنِّ بكونِها مُحَلَّلةً له، و بخُلُوِّها من بَعْلٍ و عِدَّةٍ، و أن تكونَ من شأنِها أنْ تُجيبَه، و أن يكونَ النظرُ للنكاحِ، و أنْ يُباشِرَ المُريدُ بنَفْسِهِ، و أن لا يكونَ بِرَيْبَةٍ و لا تلذُّذٍ، و أنْ يَستفيدَ بالنظَرِ فائدةً زائدةً على ما يَعْلَمُهُ سابقاً إن كان.

قوله: «و إلى أمةٍ يُريدُ شِراءَها». و غَيرها لِغَيرِ ريْبَةٍ.

قوله: «و إلى أهل الذِمّةِ و شعورِهنَّ لغَير ريبةٍ». و من غيرِ تَلَذُّدٍ.

قوله: «و إلى المَحارِمِ». المَحرَمُ مَن يَحرُمُ نِكَاحُهُ مؤَيَّداً بِنَسَبٍ أو رِضاعٍ أو مُصاهَرَةٍ.

قوله: «و يكرهُ العزل عن الحرّة ... و تجبُ بهِ». بل تُستحبُّ.

قوله: «دِيةُ النُّطْفَةِ». للزوجةِ.

قوله: «و أن يترك وطءَ الزوجة أكثر من أربعة أشهرٍ» دائماً و منقطعاً.

المطلب الثاني في أركانه
[الركن] الأوّل: الصيغة

قوله: «زوّجتكَ و أنكحتكَ و متّعتك». الأجودُ الاقتصار على الأوّلَينِ.

قوله: «لو قال: أَتَزَوَّجُكِ فقالت: زوَّجتُكَ». لا يَصِحُّ فيهما.

قوله: «كفى في الإيجاب». لا يَكْفي.

ص: 256


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 7، ص 32.

قوله: «تكفي الترجمةُ بغيرِ العربيّة مع العجزِ». المشهورُ اعتبارُ العَرَبيّةِ الصَحيحةِ مع إمكانِها، و بدونه - و لو بالعُسرِ - يُجزئ غَيْرُ العربي مطلقاً، و لا يجبُ التوكيلُ لِمَنْ لا يَعرِفُ اللغَةَ الصحيحةَ (1).

الركن الثاني: [المتعاقدان]

قوله: «فالقولُ قولُ «الأبِ». مَعَ اليَمينِ.

قوله: «إن قلنا: إنّ العبدَ لا يَملِكُ بالتمليكِ». نقول به.

قوله: «و لو أذن المولى ... إن قلنا إنّ العبد لا يملك بالتمليك و إلّا بطل». الأجودُ البطلانُ على التقديرَينِ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقا على مُعَيَّنَةٍ؛ أو يُوَكَّلَ الزوجُ الأبَ في التعيينِ، فيُقْبَلُ قولُهُ فيه.

المطلب الثالث في الأولياء
[الفصل] الأول في أسباب الولاية
[السبب] الأوّل: الأُبوّة

قوله: «بِكراً على رأي». قويّ.

قوله: «بموت الأب على رأي». قويّ.

[السبب] الثاني: الملك

قوله: «وقف على الإجازةِ على رأي». قويّ.

قوله: «و في زَوال ولاية المولى». تزُولُ عن المُسلِمِ خاصَّةً.

قوله: «بارتدادهِ عن غير فطرةٍ إشكالٌ». الأقوى زوالُها كولايَةِ الأُبُوَّةِ. و إنّما جَزَمَ فى الأُولى و أشكَلَ هنا؛ نَظَراً إلى قُوَّةِ الولايةِ المالكيّة من حيثُ عُمُومِها

ص: 257


1- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 3، ص 137 - 138 (ضمن الموسوعة، ج 8)؛ و مسالك الأفهام، ج 7، ص 95-96.

على المَمْلُوكِ مطلقاً، بخلافِ الوَلَدِ. و وجهُ إلحاقِها بها ثبوتُ الحَجْرِ على المُرتَدِّ في نَفْسِهِ فلا تَثبُتُ ولايتُهُ على غيرهِ؛ و لأنّه كافِرٌ فولايتُهُ مسلُوبَةٌ عن المسلمِ بالآية (1).

قوله: «و لو أعتقت الأمة كان لها الفسخ على الفور». و لو أخَّرَت لِجَهالَةِ العِتقِ أو الفسخ لم يسقط خِيارُها، و كذا لو أخَّر مَن له الفسخ بعيبِ الآخرِ، و لو أخَّرَ مع العلمِ يسقُطُ خِيارُهُ في العَيبِ و في العِتقِ.

قوله: «و إن كانت تحت حرٍّ على رأي». قويّ.

[السبب] الثالث: الوصاة

قوله: «و لا تثبت ولايةُ الوصيّ». الأقوى تُبُوتُها مع النصِّ.

[السبب] الرابع: الحكم

قوله: «التزويج إلّا مع الضرورةِ». و لا تجوزُ الزيادَةُ على واحدةٍ إجماعاً.

قوله: «فإنْ عَقَدَ بدونِهِ بِمَهْرِ المثلِ صَحَّ». المُتَّجِهُ البُطلانُ للحَجْرِ، نعم لو تعذَّرَ الحاكمُ لم تَبعُدِ الصِحَّةُ مع رِعايَةِ ما يَليقُ بحالِهِ.

الفصل الثاني في الأحكام

قوله: «و اختارت مَن يختارهُ الأكبرُ». إلّا أنْ يكونَ مختارُ الأصغَرِ أكملَ فتُقدَّمُ.

قوله: «و أُلزِمَ المَهْرُ». مَهْرَ المثلِ لا المُسَمّى.

قوله: «و لو ادّعى الزوج عدم إذنها». بناءً على أنّ عَقْدَ الفُضُولِي باطلٌ لا موقُوفٌ على الإجازَةِ. و لو كان الزوجُ يعتقِدُهُ خاصَّةً أحلَفَها، أو على دعواه عدم رضاها بعد العقد، و إلّا فلا.

قوله: «و لها الاعتراضُ بعد البلوغِ». أمّا الاعتراض في غيرِ الكفء مطلقاً، و في المهرِ مع عدمِ المَصلحةِ.

ص: 258


1- النساء (4): 141.

قوله: «و كذا لو زوّجهُ بمملوكةٍ على رأي». قويّ (1).

قوله: «و يكفي في إذن البِكر السكوت». الخالي عن قَرينَةِ الكَراهيةِ.

قوله: «و إن كان امرأةً على رأي». قويّ.

قوله: «إلّا أنْ يشترط المولى الرقّيّة». الأقوى عدمُ صِحَّةِ الشرطِ و يَتْبَعُهُ العَقْد.

قوله: «و لو كانت عالمةً مختارةً فلا مهر». لعموم قوله علیه السلام: «لامهرَ لبغيّ» (2)، و وجه الاستدلال أنّ المهرَ المنفيَّ نكرةٌ في سياق النفي فيَعُمُّ. و قيل (3): يثبت المَهر؛ لأنّه حقُّ السيِّد فلا يسقط يبغى الأمَةِ؛ إذ (لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزۡرَ أُخۡرَیٰ) (4)، و الظاهر أنّ الحديث مخصوصٌ بالحُرَّةِ؛ لوجهين: أحدهما: ذِكْرُ المَهرِ؛ فإنَّهُ لا يطلَقُ حقيقةً إِلَّا منسوباً إلى الحُرَّةِ؛ و لهذا تراهُمْ يُسَمُّونَ الحُرّةَ مَهيرةً (5)، كما هو شائعٌ. و ثانيهما: أنّ «اللام» في قوله علیه السلام: «لبغيٍّ»، إمّا أن يكون للمِلكِ، أو الاختصاص، و هما مخصوصان للحُرَّةِ؛ فحينئذٍ لا دَلالَةَ للحديث على ما نحن فيه، فيبقى حقُّ السيِّد لا مُعارِضَ لَهُ، و عليه المهر للمولى، و هو العُشر مع البِكارةِ، و نصفُهُ لا معها.

قوله: «و لو عجز عن القيمة سَعى و إن امتنع قيل: يفكُّهم الإمام (6)». بل يُجْبَرُ الأبُ على السَعي.

قوله: «أو أجاز العقد على رأي». قويّ.

قوله: «و لا متعةَ في أيّامها على رأي». قويّ، و موضعُ الخِلافِ ما إذا تَمتَّعَ بها الشريكُ

ص: 259


1- المبسوط، ج 3، ص 421.
2- صحيح البخاري، ج 5، ص 2045، ح 5031 - 5032 ؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 730، ح 2159؛ سنن أبي داود، ج 3، ص 267، ح 3428؛ سنن النسائي، ج 7، ص 200، ح 4298؛ و في أكثر المصادر: «نهى عن ثمن الكلب و مهر البغيّ».
3- القائل هو المحقّق في المختصر النافع، ص 207.
4- الأنعام (6): 164.
5- تاج العروس، ج 14، ص 156؛ مجمع البحرین، ج 3، ص 485، «مهر».
6- القائل هو الشيخ في النهاية، ص 477.

في أيّامِها التي هاياها، أمّا تَمَتُّعُ غَيرِه بها فيها فَغَيرُ جائزٍ اتّفاقاً، و قد نَبَّةَ على ذلك الشهيد (رحمه الله) في شرح الكتاب (1)، و الرواية (2) التي هي مُستندُ القولِ بالجوازِ صريحةٌ في ذلك (3).

قوله: «فلا يُعدُّ في الطلاق على رأي». قويّ.

القسم الثاني في المتعة

المطلب الأوّل في أركانها
[الركن] الأوّل: العقد

قوله: «و يشترط المضيّ على رأي». قويّ.

الركن الثاني: المحلّ

قوله: «أو كتابيّتها». و كذا المجوسيّة.

قوله: «على رأي». قويّ.

قوله: «و لو أسلمت قبله اعتبرت العِدَّةُ». إنْ كان إسلامُها بعدَ الدخولِ، أمّا لو كان قبلَهُ انْفَسخ النِكاحُ كالحربِي.

الركن الثالث: الأجل

قوله: «و لو أسلم أحدُ الحربيّين بعد الدخول». و لو أسلم قبلَ الدخولِ انفسخَ العقدُ مِن حِينِهِ مطلقاً.

ص: 260


1- غاية المراد، ج 3، ص 62 - 63 ( ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 3).
2- الكافي، ج 5، ص 482، باب نكاح المرأة التي بعضها حرٌّ و بعضها رقٌّ، ح 3؛ الفقيه، ج 3، ص 457، ح 4582؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 245، ح 1067؛ و ج8، ص 203، ح 717.
3- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 8، ص 31 - 32.

قوله: «فلو أخلّ به بطَلَ على رأي». قويّ.

قوله: «و يجوز اتّصالُه و تأخُّره». و ليس لها حينئذ التزويجُ بغيرِهِ فيما بين العقدِ و الأجلِ و إنْ وَفَت المُدَّةُ بالأجلِ و العِدَّةِ، و لا بِهِ بعقدٍ جديدٍ، و لا لَهُ أنْ يتزوَّجَ بأُختِها ما بينهما.

قوله: «و لا تصحُّ المرّةُ و المرّتانِ من دونِ الأجلِ». أمّا لو شرط ذلك في أجلٍ مضبوط لزم و ليس له تجاوزُهُ [بغير إذنها (1)].

الركن الرابع: المهر

قوله: «و لو وهبها الأجل قبل الدخول اسْتَحَقَّت النِصْفَ». و الظاهر أنّ هذهِ الهِبَةَ

[إسقاطٌ (2)] بمنزلَةِ الإبراءِ، فلا تَفْتَقِرُ إلى القَبُولِ.

قوله: «فيسقط بنسبة المتخلِّف». إنْ كان المَنْعُ اختياريّاً، و لو كان لعذرٍ كالحَيضِ و الخوفِ، لم يَسقُطْ بِهِ شَيْءٌ على الأقوى.

قوله: «و بعدهُ لها المهر». مَهْرُ المِثْلِ للمُدَّةِ الماضيةِ لا المُسَمّى.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «و لا يَقَعُ بها لِعانٌ على رأي». نعم إن كان لنفيِ الولد، و إن كان لإسقاط الحدِّ وقع.

قوله: «و لا ظهارٌ على رأي». الأقوى وُقُوعُهُ.

قوله: «و إنْ شَرَطه لها على رأي». مع الشرطِ يَثْبُتُ.

قوله: «حَيضتان». بل طُهران (3).

قوله: «و الأمة بشهرَينِ و خمسة». المرويّ صحيحاً (4)، أنّها كالحُرَّةِ.

ص: 261


1- ما بين المعقوفين زيادةٌ أضفناها من مسالك الأفهام، ج 7، ص 455.
2- ما بين المعقوفين زيادةٌ أضفناها من الروضة البهيّة، ج 3، ص 197 (ضمن الموسوعة، ج 8).
3- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 7، ص 472 - 474.
4- كصحيحة زرارة المرويّة في الفقيه، ج 3، ص 465، ح 4610؛ و تهذيب الأحكام، ج 8، ص 157، ح 545؛ و الاستبصار، ج 3، ص 350، ح 1252.

القسم الثالث في نكاح الإماء

[النظر] الأوّل: الملك

قوله: «و يحلّ بالتحليل» لا يحلُّ.

قوله: «و لا تحرم على المالكِ». بالنسبةِ إلى هذا المِلك، فلو انتقلت عنه ثُمّ مَلَكها حَرمَت؛ لأنّ الزنى حينئذٍ يَصيرُ سابقاً على المِلك و هو مُحَرَّمٌ على الأقوى.

قوله: «ما لم يفارق». و تنقضي العِدّةُ.

قوله: «إلّا أنْ يَمْلِكها حائضاً». إلّا زمانَ حَيْضِها، و يُشترطُ كونه حَيضاً معلوماً لا كَمنْ خصّصت حَيْضها بالتَحَيّرِ كناسيةِ الوقتِ، بل يُعْتَبَرُ حينئذٍ مُضَيُّ خَمسةٍ و أربعين يوماً إنْ لم يَسْبِقها حَيضٌ معلومٌ.

قوله: «أو يُخْبِر الثقة». إذا كان هو البائعُ.

قوله: «أو يعتقها و يعقد عليها». مع جهلِهِ بوطء محترمٍ.

النظر الثاني في العقد

قوله: «و يبدأُ بالعتق على رأي» بأيِّهما بدأ صَحَّ؛ لأنّ الكلامَ جُمْلَةٌ واحِدَةٌ لا يَتمُّ إلّا بآخِره، و لا يُشترطُ القبول (1).

قوله: «فإن استولدها و أفلس بالثمن و مات فهما حرّان على رأي». قويّ.

قوله: «رجع نصفها رقّاً». بل يَرجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِها.

قوله: «و لو باع العبد». قبل الدخولِ.

النظر الثالث في الإباحة

قوله: «و الصريحُ التحليلُ». ثُمَّ إِنْ عَيَّنَ مُدَّةً تَعيَّنَتْ، و إلّا جاز لهُ الرجُوعُ متى شاءَ.

ص: 262


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 8، ص 39 - 43.

قوله: «و الإباحةُ على رأي». المنعُ أقوى.

قوله: «الأقرب عدم ذلك». المُتَّجِهُ البطلانُ في الجميع.

قوله: «و هو ملك مَنْفَعَةٍ لا عقد». و على القولَينِ يُعْتَبَرُ القبولِ.

قوله: «إلّا أنْ يَشْتَرِطَهُ المولى». الأقوى عَدَمُ صِحَّةِ الشَرْطِ.

قوله: «و ولدُ التحليل حرٌّ ... و لا قيمة على الأب على رأي». قويّ.

ص: 263

المقصد الثاني في الصداق

المطلب الأول [في مهر الصحيح]

قوله: «كلُّ ما تصحُّ تملكُه ... صحَّ مهراً». إذا كان مُتَمَوِّلاً.

قوله: «و لو عقد المسلمُ عليه صحّ و لها مهر المثل مع الدخول على رأي». قويّ.

قوله: «كما لو أصدق الحرَّةَ رقبة عبده».

أي كما لو زَوَّجَ الحرَّةَ لعبدِهِ، و جَعَلَ العبدَ صَداقها.

قوله: «فلها وسط ذلك». المُتّجهُ البطلان في الجميعِ، و الرجوعُ إلى مَهرِ المثل.

قوله: «قُسِّط على مهر المثل على رأي». قويّ.

قوله: «و إلّا رجعت هي». في جواز تعليمها النصفَ حينئذٍ من وراء الحِجابِ قُوَّةٌ.

قوله: «لم تجب إعادة التعليم». إن صدق التعليم للأُولى عرفاً، و إلّا وجب.

قوله: «فالوجه أنّ لها مثل الخَلّ». مهر المِثل قويٌّ هنا لتعَسُّرِ تَحَقُّقِ الخَلِّ هنا على صِفَةٍ مخصوصةٍ؛ إذ التقديرُ أنّهُ ظَهَرَ خمراً. و غايةُ ما يُقالُ: يُقَدَّرُ مثلُه خَلّاً؛ و لكنَّه قد يختَلِفُ الخَمْرُ و الخَلُّ في اللونِ و الطعمِ و القِوامِ، و هي مَقُولَةٌ بالتشكيك على أفرادِهِ و لا تَرْجيحَ، لاعتبارِ فردٍ منها مخصوصٍ، نعم لو حَكَمَ أهلُ الخِبْرَةِ أنّه لو كان خَلّاً لتساوى الخمرُ في الأوصافِ الثلاثةِ، أمكَنَ تقديرُ المِثْلِ إِلّا أنّهُ بعيدٌ.

قوله: «و لها الامتناع من الدخول قبل قبضه ... لا بعد الدخول على رأي». قويّ، و محلُّ الخِلافِ ما إذا سلّمت نَفْسَها اختياراً، فلو دخل بها كُرْهاً فَحَقُّ الامتناعِ بحالِه، و حيتُ يجوزُ لها الامتناعُ لا تسقُطُ النَفَقَةُ على الأقوى.

ص: 264

المطلب الثاني في التفويض

قوله: «و لو زوّجها الوليُّ بدون مهر المثل ... فالأقرب الصِحَّةُ». جيِّدٌ.

قوله: «مع المصلحة». بأنْ كان الزوجُ بهذا القدر أكملَ و أصلَح من غيرِه بأزيدَ، فتَجْبُرُ صلاحيَّتُهُ نُقصانَ المَهرِ. و في معنى ذلك اضطرارها إلى الزوجِ و لم يُوجَدْ إلّا هذا بهذا القدر و نحو ذلك.

قوله: «و يعتبر فيه حال المرأة». ضابِطُهُ ما يُرغَبُ به في مِثلِها نسباً و سِنّاً و عَقْلاً و يساراً و بكارَةً و أضدادُها و غَيرُها ممّا تختلفُ به الأغراض.

قوله: «ما لم يتجاوز». بل و إنْ تجاوَزَ.

قوله: «فالموسر يمتع بالدابّة ...، و المتوسّط...، و الفقير».

المَرْجِعُ في الأحوالِ الثلاثِ إلى العُرفِ، بِحَسَبِ زَمانِهِ و مكانِهِ و شأنِهِ، و في الدابَّةِ ما يقعُ عليها اسمُها صَغيرةً أو كبيرةً، بِرذوناً أو عَتيقاً، قاربت قيمة الثوب و العشرة الدَنانير أم لا. و كذا القولُ في الثوبِ و الخاتَمِ، و يُجزئ منه الذهَبُ و الفِضَّةُ.

قوله: «على حكم أحدهما». و كذا الأجنبي.

قوله: «و يلزم ما يحكم به الحاكم منهما إلّا المرأة». و الأجنبي.

قوله: «و لو مات الحاكم قبله فلها المتعةُ على رأي». الأقوى المتعة؛ للرواية الصحيحة عن الباقر علیه السلام (1). و لا فرق مع موتِ الحاكم بين موتِ المحكوم عليه معَهُ و عدمِهِ، و لو مات المحكومُ عليه وحدَهُ فللحاكم الحكمُ كما كان (2).

ص: 265


1- الكافي، ج 5، ص 379، باب نوادر في المهر، ج 2؛ الفقيه، ج 3، ص 415، ح 4452؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 365، ح 1481؛ الاستبصار ج 3، ص 230، ح 830.
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 8، ص 218 - 219.

المطلب الثالث في الأحكام

اشارة

قوله: «و للأب و الجدِّ له العفو عن البعض». مع المصلَحَةِ.

قوله: «رجع بنصف مثله في المثلي». حسنٌ في غيرِ التدبيرِ، و فيه يَبْطُلُ و يُرجَعُ إليه النصفُ.

قوله: «و لو تعيّب فله نصف القيمة». بل نِصفُ العَينِ مع أرشِهِ.

قوله: «و لو دَخَلَ قُبلاً أو دُبُراً استقرَّ المسمّى». و ضابِطُه الجماعُ الموجبُ للغُسْلِ.

قوله: «و لا يستقر بالخلوةِ على رأي». قويّ.

قوله: «ثمّ دَخَلَ فهو المهر». إنْ كانت مفوَّضَةَ المَهرِ و طابقَ حُكمَ الحاكمِ، و إلّا وَجَبَ التَوْفيةُ. و لو كانت مفوَّضَةَ البُضْعِ اعتُبِرَ مُطابَقَتُهُ لِمَهرِ المثل، و يُقدَّمُ قولُهُ بيمينِهِ لو ادَّعَت كونَهُ هديَّةٌ.

قوله: «بطل الشرط خاصّة». الأقربُ فَسادُ العَقْدِ أيضاً.

قوله: «و لو شرط عدمَ الافتضاض لزم». في المنقطعِ، أمّا الدائمُ فيُبطِلُ الشرطَ و العقدَ (1).

قوله: «و لو شرطا الخيارَ في الصَداقِ صَحَّ». فَإِنْ فَسَخَ يَثْبُتُ مَهْرُ المِثلِ.

قوله: «و لو شرط عدم إخراجها (2) من بلدها لزم على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و لو شرط زيادة المهر مع الإخراج ... لزم الشرط». الأقوى بُطلانُ الشرطِ، و يلزمُهُ مهرُ المثل.

قوله: «و كذا لو تبرّع بقضائه عن البالغ». و كذا الأجنبي.

مسائل النزاع

قوله: «لو اختلفا في قدر المهر ... قدّم قول الزوج مع يمينه».

قبول قوله في القدرِ مطلقاً هُوَ المشهورُ بين الأصحابِ، و هو حسنٌ مع اتّفاقِهما على

ص: 266


1- و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 8، ص 247 - 249.
2- و في ارشاد الازهان: «خروجها».

التسميةِ، أمّا مع دعواه عدمَها؛ فإن كان قبل الدخولِ، فلا شيءَ و بعده يُقدَّمُ قول من يدّعي مَهرَ المثلِ.

قوله: «أو في المواقعةِ على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و نصف على رأي» (1). ضعيفٍ (2).

قوله: «و لو ادّعت التسميةَ و أنكرها فالقول قوله». الأقوى أنّه يُسْتَفْسَرُ مع إنْكارهِ، فإنْ ادّعى تسميتَه فالقولُ قولُهُ فيها و إنْ قَلَّتْ، و إنِ ادّعى عدمَها لَزِمَهُ مع الدخُولِ مَهرُ المثلِ، و إنْ تعذَّر استفسارُهُ فالأقوى قبولُ قولِها في مَهرِ المِثلِ فمادُونَ إنْ لم يكن سقوطه عنه في الأصلِ؛ بأنْ يكونَ قد زوّجَهُ الأبُ صغيراً معسراً و نحوَهُ.

قوله: «و لو أنكر أصل المهر بعد الدخولِ فالوجه مهر المثل على رأي».

التحقيق أنْ يقال: إمّا أن يكونَ الاختلافُ قبلَ الدخولِ أو بعدهُ فإن كان قبله، فإمّا أنْ يُمكِنَ وجودُ سببٍ يقتضي سُقوطَ المَهرِ، كما لو كان الزوجُ صغيراً معسراً، و كما لو كان عبداً فزوّجهُ المولى على القولِ بوجوب المهر على المولى، أو لا، فإن أمكن كان القولُ قولَهُ، و إلّا فإن أنكر التسميةَ يُحكَمُ عليه بمقتضى التفويض، إلّا أنْ يَزيدَ عن مدّعي الزوجة فينتفي الزائدُ، و إلّا لم تُسمع دعواه. و كذا إن كان بعد الدخولِ، إلّا أنّه يثبُتُ مَهرُ المِثلِ مع عدم إمكان المُسقِطِ، ما لم يزدْ عن مدّعاها.

قوله: «و يثبت مهر المثل مع الدخول». بل أقلُّ الأمرين من قيمةِ الجاريةِ و مَهرِ المثلِ.

ص: 267


1- في هامش المخطوطة: قوله: «و نصفٌ على رأي». جيِّدٍ. (منه)
2- و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 8، ص 304 - 306.

المقصد الثالث في المحرّمات

المطلب الأوّل في المحرّمات بالنسب و الرضاع

اشارة

قوله: «في المحرَّمات». و الضابط أنّهُ يَحرمُ على الإنسان أُصولُهُ (1)، و فصولُهُ (2)، و فصولُ أوّلِ أُصولِهِ (3)، و أوّلُ فصلٍ من كلِّ أصلٍ (4). أو نقول: يحرم على الإنسان كلُّ قريبٍ عدا أولاد الخُؤُولَةِ و العمومِةی.

قوله: «و العمّات و إن علون». و هُنَّ عمّاتُ الأبِ و الأُمِّ، و عمّاتُ الجدِّ كذلك. لاعمّات العمَّةِ و خالات الخالةِ، فإنّهنَّ قَد لا يَحْرُمْنَ.

قوله: «حرم مثله بالرضاعِ بشروطٍ خمسةٍ». و يُشتَرطُ مع ذلك كونُ المرضعةِ ذاتَ حملٍ لذي النكاحِ أو وَلَدٍ، فلا عِبرةَ بلبن الخاليةِ منهما مطلقاً (5).

قوله: «كلُّ رَضَعَةٍ بالعرف». المَرْجِعُ إِلى عُرفِ أهلِ الخِبرةِ.

قوله: «فلو فصل برضاع امرأةٍ أخرى لم يَنْشُر». إنْ لم تُكمِل الرضعَةَ أو اتَّحدَ الفحلُ.

قوله: «و يكملَها لم يَنْشُر حُرمةً». جيِّدٌ.

قوله: «ولد المرضعةِ على رأي». قويّ.

ص: 268


1- الأصول: الأُمّهات بالنسبة إلى الذكر، و الآباء بالنسبة إلى الأُنثى. مسالك الأفهام، ج 7، ص 201.
2- الفصول: البنات و البنون بالنسبة إلى الأمرين. مسالك الأفهام، ج 7، ص 201.
3- فصولُ أوّل أُصولٍ: الأخوات بالنسبة إلى الرجل، و الإخوة للأُنثى و أولاد الأخ و الأُخت و إن نزلوا. مسالك الأفهام، ج 7، ص 201.
4- أوّل فصل من كلّ أصلٍ - بعد الأصل الأوّل -: الأعمامُ و العمّاتُ و الأخوالُ و الخالاتُ، مسالك الأفهام، ج 7، ص 201.
5- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 3، ص 156 (ضمن الموسوعة، ج 8).

قوله: «و لو تعدّدت المراضع و الفحل واحدٌ نشر الحرمة». مع إرضاع كلّ واحدةٍ ولداً رِضاعاً تاماً، لا مع اتّحادِ المرتَضِعِ، و إنْ كانت العِبارةُ تُوهِمُهُ.

مسائل من هذا الباب

قوله: «و أولاد المُرضِعَةِ نسباً خاصّةً». هذا هو المشهور، و الرواياتُ الصحيحةُ مُصَرَّحَةٌ بِهِ (1). و قيل (2): لا يَحْرُمْنَ عليه؛ لأنّهُنَّ إخوةُ وُلْدِهِ، و أخَواتُ الوَلَدِ النَسَبِ إذا لم يكن أولاداً لا يَحْرُمْنَ إلّا بالمُصاهَرَةِ، و تحريمُ الرِضاعِ ليس مَنُوطاً بها بل بالنسبِ. و هو غَير مَسمُوعٍ في مقابلةِ النصِّ الصحيح (3).

قوله: «و المرضعةُ نسباً و رضاعاً». إذ لا أُخوّةَ بينهم، و إنّما هم إخوةُ الأخِ، و إخوةُ الأخِ إذا لم يكونُوا إخوةً لا يحرمُونَ نسباً فكذا رضاعاً. و قيل (4): يحرُمون عليهم أيضاً؛ لأنّهم صاروا بمنزلةِ أولادِ أبي المرتَضِعِ، و من ثَمَّ حَرُمُوا عليه؛ و لفحوى الروايةِ الدالّةِ على تحريمهنَّ على أبي المرتضعِ المعلَّلَةِ بأنّهم قد «صاروا بمنزلَةِ وُلده» (5). و اختاره الشهيد (رحمه الله) في حاشية الكتاب (6)، و الأقوى الأوّل.

قوله: «و إلّا الكبيرة». هذا إذا لم يكن الرِضاعُ مِن نَسَبٍ، فإن كان من نسبٍ حَرُمَتا مؤبّداً.

قوله: «و لو أرضعت صغيرةَ الزوجات كبيرتان حرمن كلّهنّ». مع الدخول بهما أو

ص: 269


1- منها صحيحة عليّ بن مهزيار. راجع الكافي، ج 5 ، ص 441 - 442، باب صفة لبن الفحل، ح 8 ؛ تهذيب الأحكام ج 7، ص 320، ح 1320؛ الاستبصار، ج 3، ص 199 - 200، ج 723.
2- القائل هو الشيخ في المبسوط ، ج 4، ص 348؛ و لمزيد التوضيح راجع مختلف الشيعة، ج 7، ص 40 - 42، المسألة 7: إيضاح الفوائد، ج 3، ص 50؛ جامع المقاصد، ج 12، ص 229.
3- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 7، ص 252 - 255.
4- القائل هو الشيخ في النهاية، ص 462؛ و الخلاف، ج 4، ص 302، المسألة 73.
5- هي رواية أيّوب بن نوح المرويّة في الفقيه، ج 3، ص 476، ج 4671: و تهذيب الأحكام، ج 7، ص 321، ح 1324؛ و الاستبصار، ج 3، ص 201، ج 727.
6- يأتي في ص 270 في شرح قوله: «و لا تحرم أُمّ أُمِّ الولد».

بإحداهما و إلّا حَرُمَتا خاصَّةً، و متى حُكِمَ بِحَلٍّ الصغيرةِ افتُقِرَ إلى تجديدِ العقدِ عليها؛ لانفساخِهِ بالجمعِ بينها و بينَ أُمِّها.

قوله: «و لا تحرم أُمُّ أُمِّ الولد من الرضاع». الجارُّ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٍ من الولد. و المحكوم عليه بنفي التَحريمِ هو الفَحلُ كما ذكرهُ الشيخُ (1) و المصنِّفُ فى كُتُبِهِ (2). و إنّما لم تَحرُمُ مع كونَ أُمِّ أُمِّ الولدِ من النسبِ محرَّمةً؛ لأنّ تحريمَها ليس بالنسبِ، بل بالمُصاهَرةِ الحاصِلةِ قبل النسب، و تحريم الرضاع مقصورٌ على من يحرم بالنسب إلّا ما استُثني. و ذهب المصنِّف في المختلف - و قبله الشيخ في المبسوط (3) - إلى التحريم (4)؛ لفحوى رواية عليّ بن مهزيار عن أبي جعفر الثاني (5). و الأقوى ما اختاره هنا (6).

المطلب الثاني في باقي أسباب التحريم

[الباب] الأوّل: المصاهرة

قوله: «و لو وطئ أحدهما زوجة الآخر لشُبهةٍ لم تحرم على الزوج على رأي».

الأقوى أنّ الزنى و الشبهةَ يُحَرِّمان مع سبقهما على العقد و المِلك لا مع لُحُوقِهِما، و یحينئذٍ فالحكم في هذه المسائل عدم التحريم بالزنى اللاحقِ و لا بالشبهة؛ لكن لو

ص: 270


1- المبسوط، ج 4، ص 348.
2- قواعد الأحكام، ج 3، ص 25؛ تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 3، ص 451، الرقم 4973.
3- المبسوط، ج 4، ص 348: ذهب فيه إلى عدم التحريم؛ و لمزيد التوضيح راجع مختلف الشيعة، ج 7، ص 40 - 42، المسألة 7: مسالك الأفهام، ج 7، ص 254: الحدائق الناضرة، ج 23، ص 394 - 398.
4- مختلف الشيعة، ج 7، ص 40 - 42، المسألة 7؛ و كذا في تذكرة الفقهاء، ج 2، ص 622 - 623 (الطبعة الحجريّة).
5- الكافي، ج 5 ، ص 441، باب صفة الفحل، ح 8؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 320، ح 1320؛ الاستبصار، ج 3، ص 199، ح 723.
6- للمزيد راجع غاية المراد، ج 3، ص 121 - 122 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج3)؛ و جامع المقاصد، ج 12، ص 243 - 244.

فارقها حَرُم تزويجها بعد ذلك كما لو سبق الزوجيّة ابتداءً.

قوله: «لا تحرمُ الزانية على أبي الزاني و ابنه مطلقاً على رأي». بل تحرم سابقاً لا لاحقاً.

قوله: «و إنْ تقدّم». بل تحرم مع التقدّم.

قوله: «و كذا الوطء للشبهة على رأي». بل تحرمُ مع السبقِ.

قوله: «و النظر إلى ما يحرم على ... لا ينشر الحرمة و إن كان الناظر أباً أو ابناً على رأي». الأقوى أنّه ينشُرُ التحريم إذا كانت المنظورةُ و الملموسةُ مملوكتَه، و لو كانت أجنبيّةً فالكراهية.

قوله: «و وقف على الإجازةِ على رأي». قويّ.

قوله: «حرمت الثانية على رأي». قويّ، و كذا الأُولى حتّى تخرجَ الثانية عن ملکه - لا للعَود إلى الأُولى - إذا كان عالماً بالتحريم.

الباب الثاني: الكفر
البحث الأوّل فيمن يجوز للمسلم نكاحه

قوله: «أقربُهما جواز المنقطع». قويٌّ.

قوله: «إنْ كانوا مُلحِدَةً ...، و إن كانوا مبتدعةً». و يتحقَّقُ ذلك بإسلامِ عَدلَيْنِ مِن اليهود و النصارى، ثُمَّ يُخبِرانِ بأنّ الصابِئينَ و السامِرةَ كُفَّارٌ عندهم أو مُبْتَدِعَةٌ. و يمكن معرفةُ ذلك مِن المسلمينَ المُطَّلِعينَ على حالِهِم؛ بحيث يثبت ذلك عندهم من دينهم بكثرةِ المُمارَسَة.

قوله: «و لو أسلم أحد الحربيين قبل الدخول ... و عَليه نِصفُ المَهرِ». بل جَميعُهُ.

قوله: «و إن عادت». إلى دينها الذي كانت عليه، إذ لا يُقْبَلُ منها حينئذٍ إِلَّا الإسلامُ - كما دلَّتْ عليه الآيةُ (1) - سواءٌ كانَ قبلَ الدخولِ أو بعدَه، و سواءٌ انتَقَلَتْ إلى ما يُقَرُّ عليه

ص: 271


1- آل عمران (3): 85: (وَ مَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينًا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ).

أهلُهُ أم لا.

قوله: «و إلّا نصفه». بل جميعُهُ.

قوله: «عليه مهر ثان». إن كان عن فطرةٍ و إلّا فواحدٌ.

قوله: «و فيه نظرٌ». وجه النظر الشكُّ في كونِ انقضاءِ العِدّة هل هو كاشفٌ عن البَينونَةِ من حين اختلاف الدين؛ لأنّ العِدَّةَ لاستبراءِ الرحمِ منه؛ فهي فرع البَينونَة فتتأخّر عنها، أو جزءٌ من العِلَّةِ التامَّةِ من البَينونَةِ؛ من حيث توقُّفِها عليها، و وجوب النفقةِ فيها لو كان بفعل الزوج و استقرار النكاح لو رجع، فهي كعدّةِ المطلَّقةِ رجعيّاً؟ فعلى الأوّلِ يلزمهُ مهرٌ آخَرُ؛ لأنّه وَطِئها و هي أجنبيّةٌ، و كلُّ وطءٍ بشبهةٍ لأجنبيّةٍ يجب به مهر المثل. و على الثاني لاشيءَ؛ لأنّهُ وَطِئَ زوجتهُ. و هو أقوى. و من هذا يظهرُ أنّ الخلاف في المرتدِّ عن ملَّةٍ، أمّا المرتدُّ عن فِطْرَةٍ فَعِدَّتُهُ بائنةٌ كالموت، و الزوجيّةُ منتفيةٌ، فعليه مَهرانِ بغيرِ إشكالٍ. و سياقُ العبارةِ يدُلُّ عليه.

قوله: «و لو ارتدَّ الوثنى». بعد إسلامِهِ. و تسميتهُ وثنيّاً مجازٌ باعتبار ماكان عليه.

قوله: «قبل انقضائها». فإنّهما لا يُقِرّان عليه؛ لأنّه لا يجوز ابتداؤهُ في حال الإسلامِ، و لو أسلما بعد انقضائها أُقِرّا عليه.

البحث الثاني في حكم الزائد على العدد

قوله : «و كذا عن حُرَّةٍ و أمةٍ». إذا أسلَمَ عن حُرَّةٍ و أمةٍ و لم ترضَ الحُرَّةُ بالأمَةِ، بطلَ نكاحُ الأمةِ مِن غَير اختيارٍ.

قوله: «فإن أسْلمَ فيها تخيَّرَ». إن أسلمت الثانيةُ في العدَّةِ.

قوله: «أو يُقرَعَ، أو يُشَرَّك بينَهُنَّ». بل الوجه الصُلح.

خاتمة

قوله: «الاختيار إمّا بالقول ... و إمبا بالفعل كالوطء أو التقبيلِ أو اللمس بشهوةٍ على إشكالٍ». إنْ قصدَهُ فهو اختيارٌ، و مع اشتباهِ الحال يُرجَعُ إِلى القَرِينَةِ، كَعِلْمِهِ بالتحريمِ

ص: 272

بدونِ الاختيار، إذا كان ذا وَرعٍ و نحو ذلك.

قوله: «و تُحتمل الصحّة موقوفاً» قويٌّ.

قوله: «لو قال للكتابيّة و المسلمة: إحداكما طالقٌ و مات قبل التعيين» بناءً على عدم اشتراط تعيين المطلَّقةِ، و الأقوى أنّهُ يُشترط، و الفرع ساقطٌ.

الباب الثالث: العقد و الوطء

قوله: «و من عقد على امرأةٍ في عدّتها عالماً». بالتحريمِ و العِدَّةِ.

قوله: «و كذا إنْ جَهِلَ العدَّةَ و التحريم» أو أحدهما.

قوله: «عالماً بالتحريم حَرُمت أبداً». و إنْ لم يَدخُلْ.

قوله: «فَسَدَ عقده و لم تحرم». و إنْ دَخَلَ.

قوله: «حرمت عليه أُمُّهُ». و إنْ عَلَتْ.

قوله: «و أُختُهُ». خاصَّةً.

قوله: «و بنتُهُ». و إِنْ سَفَلَتْ.

تتمّة

قوله: «مع وجودِ الطَول». بل تحرمُ بدون الشرطَينِ و هما عدم الطَولِ و خوف العُنَّة.

قوله: «إلّا برضاها». و كذا برضاها حيث يتمَّكن من الحُرَّة، أو عدم العَنَتِ. هذا إذا كان حُرّاً، أمّا العبد فحكمُهُ كما ذكر.

قوله: «فإنْ بادَرَ بدون الإذن بَطَلَ». و يَقِفُ على الإجازةِ.

ص: 273

المقصد الرابع في موجب الخيار

الفصل الأوّل في العيب

قوله: «عيوب الرجل ... و الجَبُّ و العُنَّةُ». و الجُذامُ و البَرصُ على الأقوى مع سبقهما على العقدِ (1).

قوله: «و عيوب المرأة ... و القرنُ و هو العفل». و قيل: عَظْمٌ يَمنَعُ الوطء (2). و لا فرقَ بينهما لاشتراكهما في الحكمِ.

قوله: «و الإفضاءُ و هو جَعْلُ المَسلكَينِ واحداً». البول و الحَيض، أو أحدهما و الغائط.

قوله: «الوِجاء». - بكسر الواو و المدّ -: و هو رضُّ (3) الخُصيَتَين بحيث تَبطُلُ قُوَّتُهما (4).

قوله: «إنْ كان سابقاً على العقد و إلّا فلا».

ضابطه: كلَّما كان العيبُ سابقاً على العقد فلكلٍّ من الزوجين الفسخ، و كلَّما تجدَّد بعد العقدِ و الوطء فلا فسخَ لأحدهما إلّا للمرأةِ بالجنونِ، و كلَّما تجدَّد بعد العقدِ قبل الوطء فلا فسخَ لأحدهما أيضاً إلّا للمرأةِ بالعُنَّةِ و الجنون.

قوله: «و في احتساب مدَّةِ السفر إشكالٌ». إن كان السفر منه و إلّا فلا.

قوله: «و لا تفسخُ لو بانَ خنثى». مع لحوقِهِ بالرجال، و إلّا لم يصحَّ تزويجه.

قوله: «و الخيار في الفسخ ... على الفور». و يُعْذَرُ جاهلُ الفوريّةِ و العيب.

ص: 274


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 8، ص 110 - 111.
2- القائل هو الشيخ في المبسوط ، ج 3، ص 498.
3- الرضّ: الدقّ و الجرش. القاموس المحيط، ج 2، ص 343، «رضّ».
4- للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 8، ص 103؛ و لاحظ جامع المقاصد، ج 13، ص 226.

قوله: «فلا شيءَ إلّا في العُنَّة». فلها النصفُ.

قوله: «فلا مَهر، و بعده المُسمّى». فلا يُعتَبَرُ فيه ما يعتبَرُ فيه، و لا يطَّرِدُ معه تنصيف المَهْرِ

و إن ثبت في بُضْعِهِ.

قوله: «إلّا أقلّ ما يمكن أن يكون مهراً». لئلّا يخلو الوطءُ المحترم عن مهرٍ (1).

الفصل الثاني في التدليس

قوله: «و تُعتَقُ عليه إنْ تَلَفَّظَ بما يوجب العتقَ». و صحَّ العقد، و كان المَهر للأمة.

قوله: «و لو شرط بنت مَهيرةٍ» - بفتح الميم و كسر الهاء - فعيلةٌ بمعنى مفعولةٌ، أي بنت حُرّةٍ تُنكِحُ بمهرٍ (2) و إن كانت معتقة على الأقوى، خلاف الأمة؛ فإنّها قد تُوطءُ بالمِلك (3).

قوله: «و له أن ينقصَ ما بين المهرين». المراد أنّه ينقُصُ من المَهر المسمّى على قدرِ نسبة ما بين مَهرِها بِكراً و ثَیِّباً، فلو كان المسمّى مائةً و مَهرها بِكراً مائتَينِ و ثيِّباً مائةً، رجع بخمسين و هي النصف، و هي نسبةُ ما بين المَهرَينِ، هذا كلُّهُ مع الشرطِ و ثبوتِ سبق الثيوبة (4).

قوله: «فبان مملوكاً». أو بعضه.

نكت متفرّقة

قوله: «نُكَتٌ متفرَّقِةٌ». النُكَتُ جمع نُكْتَةٍ، و هي الأثر في الشيء يُمَيِّزُ بَعْضَ أجزائهِ عن بعضٍ، و يُوجبُ التفاتَ الذهن إليه، كالنقطةِ في الجسمِ و الأثر فيه الموجب

ص: 275


1- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 3، ص 237 (ضمن الموسوعة ، ج 8).
2- تاج العروس، ج 14، ص 156؛ مجمع البحرين، ج 3، ص 485، «مهر».
3- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 8، ص 144.
4- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 3، ص 239 (ضمن الموسوعة، ج 8).

للاختصاص بالنظر (1). ثُمَّ عُدِلَ إلى الكلامِ و الأُصولِ المغفولَةِ التي يختصُّ بعضها بالدقّةِ الموجبِ لمزيدِ العِنايةِ و الفكرِ فيها، فسُمّي ذلك البعضُ نُكتَةً.

قوله: «و لا يشترط تمكَّنهُ من النفقَةِ على رأي». قويّ.

قوله: «و تجب إجابةُ المؤمِنِ الخاطبِ القادر على النفقةِ». إلّا أنْ يُتَوَقَّعَ الأكملُ (2).

قوله: «و إنْ كان أخفضَ نَسَباً». ليس على إطلاقِهِ لما سيأتي (3)، من أنّ الفاسقَ الجامعَ لهذِهِ الأوصافِ تُكرَه إِجابَتُهُ فضلاً عن الوجوب.

قوله: «ففي فسخِ الزوجةِ قولان». لها الفسخ مع الشرط في نفسِ العقدِ و إلّا فلا.

قوله: «و لو علم بعد العقدِ أنّها زانيةٌ فلا فسخ على رأي». قويّ، إلّا مع الشرط في العقدِ، و كذا العكس إذا شرطت.

قوله: «و تكرهُ الخِطبة». بل تحرم (4).

قوله: «و لو شرطت انتفاء النكاح عند التحليل بطل العقد على رأي». قويّ.

قوله: «و لو شرط الطلاق بطل الشرط». و العقد.

قوله: «و هو كالقُبُل في جميع الأحكام». بل كالقُبُلِ في الاستنطاقِ.

قوله: «و استنطاقها». بل هو هنا كالقُبُل في الاستنطاق.

ص: 276


1- انظر تاج العروس، ج 5، ص 128؛ لسان العرب، ج 2، ص 101، «نكت».
2- في حاشية إرشاد الأذهان، ص 516 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج9) ...، و يحرم عليه المنع إلّا أن يريدَ العدول إلى الأعلى من الخاطب في الدين أو الدنيا فإن منع سَقَطَ اعتباره، و استقلّت المرأة بالنكاح؛ و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 7، ص 410.
3- يعني في متن إرشاد الأذهان.
4- و إن صحَّ العقد. كما في الروضة البهيّة، ج 3، ص 191 (ضمن الموسوعة، ج 8).

المقصد الخامس في لواحق النكاح

[المطلب] الأوّل في القسمة

قوله: «و قيل: إنّما تجب لو ابتدأ بها». الصحيح وجوب القِسمَة ابتداءً، فيجب بالشروع و تتبعه لوازمه، و هو اختيار الشهيد (1).

قوله: «المُضاجعةُ». المرادُ بالمضاجَعَةِ ما يصدُقُ عليه اسمها عرفاً، و تتحقَّقُ بالنومِ قريباً منها عرفاً، معطياً لها وجهَهُ دائماً، أو أكثريّاً بحيث لا يُعَدُّ هاجراً.

قوله: «على كلِّ زوجٍ»، الجارُّ متعلِّقٌ بقوله: «واجبةٌ».

قوله: «و يُقَسِّمُ عنه الوليّ» بأنْ يُعيِّنَ للزوجاتِ حقَّهُنَّ من القِسمَةِ، و يطوفُ به عليهنَّ بالعدلِ، أو يأمُرَهُ بمقتضاهُ؛ لِقيامِهِ مقامَهُ.

قوله: «و تجوز القِسمَةُ أزيدَ من ليلَةٍ» مع رضاهنَّ، أو تضرّرٍ بالليلةِ؛ لتباعُدهِنَّ أو نحوه.

قوله: «و للأمة مع الحرّة ليلةٌ، و للحرّة ليلتان». و للزوجِ خَمسُ ليالٍ، و القِسمَةُ من ثمانٍ، و كذا يَبيتُ مع الكتابِيَّةِ، و لو كانت الأمةُ كتابيّةً فالقِسمَةُ من سِتَّةَ عَشر؛ لأنّ لها رُبعَ ليلةٍ من أربعٍ فتُضربُ أربعة في أربعةٍ.

قوله: «فإن أقام ليلتَه لم يقض على رأي». قويّ.

قوله: «بعد ليلتيي الحرّةِ». أو في أثناء ليلَتِها.

قوله: «بين كلِّ ثلاثٍ للثالثةِ ليلةٌ لها». كما لو قَسَمَ خمسَ عشرةَ فبات عند اثنتَينِ، ثمّ

ص: 277


1- اللمعة الدمشقية، ص 237 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج13)؛ و للتوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 3، ص 240 (ضمن الموسوعة ، ج 8).

أطاعت الناشزةُ، وَجَبَ توفيةُ الثالِثَةَ خمس عشرةَ ، و الناشزةَ خمساً، فيَبيتُ عند الثالثةِ ثلاثاً، و عند الناشزة ليلةً، خمسةَ أدوارٍ، ثمّ تُسْتَأْنَفُ القِسمَةُ (1).

قوله: «و لو طلّق الرابعة بعد حضور ... قيل: يجب القضاء و فيه نظرٌ». القضاءُ أحوط.

خاتمة

قوله: «بعث الحاكم حَكَماً من أهله و حكماً من أهلها». وجوباً على الأقوى. و يُشترطُ فى الحكمَيْنِ البلوغُ، و العقلُ، و الحرّيّةُ، و العَدالةُ، و الاهتداءُ إلى ماهو المقْصُودُ من بَعْثِهما.

المطلب الثاني في النفقة

الفصل الأوّل في نفقة الزوجة
[البحث] الأوّل: الواجب

قوله: «و الحقّ قدرُ الكفاية». قويٌّ.

قوله: «أو يشتريه». أي الخادم.

قوله: «و إن كانت من أهله». شرطُ في أصلِ الاستخدامِ (2).

قوله: «و لا أُجرةُ الحمّام». و يجب عليه الماء، و الإسخانُ إن احتِيجَ إليه.

قوله: «بل الإمتاع». على الأقوى.

قوله: «لم يجب البدل». إن كان إخلاقها من نفسها، أو بتقصيرٍ و إِلّا وَجَبَ.

قوله: «فلها المطالبةُ بأُخرى». هذا إنّما يَتِمُّ لو قُلنا: إنّ الكِسوَةَ تَمليك، و إنْ قُلنا: إنّها إمتاعٌ - كما اختاره هنا و هو الأقوى - فليس لها المطالَبَةُ بغيرِها.

قوله: «و لو طلّقها استعادَ الكِسوةَ». هو الأقوى.

ص: 278


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 8، ص 347 - 349.
2- للتوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 8، ص 457.

قوله: «عن يوم الطلاق». بناءً على الامتاع، و يستعيد مابقي مِنَ الكِسوة بعد الطلاق.

قوله: «و زمان إمكان الوصول». مِنه، أو مِن وكِيلِهِ.

قوله: «يسقط السالف إن قلنا: إنّ النفقةَ للحمل». لا يَسقُطُ؛ لأنّ النفقةَ للمطلَّقَةِ الحامل.

هذا إذا تحقَّقَ الحَملُ، أمّا لو ظَهَرَ الفَسادُ فيما بَعدُ استُعِيدَت مطلقاً.

البحث الثاني في الموجب

قوله: «بشرط التمكين التامّ». لا نفقة للساكِتَةِ بعدَ العقدِ ما لم تَعْرِضِ التمكين عليه، و هو يثبتُ بأن تقول: سلّمتُ نفسى إليكَ في أيِّ مكانٍ كان.

الفصل الثاني في النسب

قوله: «لا الإسلام». إلّا أن يكونَ حربيّاً فلا تجب (1).

قوله: «و يُباع عبدُه». إلّا عبد خِدمَتِهِ.

قوله: «و عَقاره». إلّا دار سُكناه.

قوله: «و لا يجب الإعفاف». الإعفاف أنْ يجعَلَهُ ذا عِفَّةٍ، بأن يزوِّجَهُ، أو يُسَرِّيَهُ (2).

المطلب الثالث في أحكام الأولاد

اشارة

قوله: «أو لأكثر من عشرةٍ». هذا هو المشهور.

قوله: «و إنْ كان لستّة أشهرٍ». من دخولِ الثاني.

قوله: «يُقضى بالقرعة». و نفقَتُهُ قبلَ القُرعَةِ عليها، ثُمَّ تَرجِعُ بها على مَن ظَهَرَتْ له.

قوله: «فلابدّ من البيِّنة لحقِّ الولد». فإنّ له على أبويهِ حقُّ لُحُوقِ النَسبِ، و ما يُتَرتَّبُ

ص: 279


1- المزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 8، ص 486 - 487.
2- السرّيّة: الأمة التي جعلت لها بيتاً، و اتّخذتها للملك و الجماع، منسوبة إلى السِرِّ و هو الجماع. تاج العروس، ج 12، ص 13، «سرر».

عليه من الميراثِ. و طريقُ اطِّلاعِ البيِّنَةِ على الحال عِلْمُها باعتزال الزوجِ لها مدَّةً تَزيدُ على أقصى مدَّةِ الحملِ.

قوله: «قيل: و لو ظنَّ انتفاءَهُ لم يلحق». مُشكِلٌ.

قوله: «بل يوصي له بقسطٍ دون نصيب الولد». المجانس له في الذكورة و الأُنوثة، فإنْ كان ذَكراً أوصى لَهُ بدونِ نصيبِ الذَكرِ، و إن كان أُنثى فبدونِ نصيبِها. و عِبارَةُ المصنِّفِ تَشملُ ذلك.

قوله: «و لو ظنّ الموت». المراد بالظنِّ هنا ما يُبيحُ معه التزويجَ بها شَرعاً - كشَهادَةِ عَدلَينِ - لا مطلقُ الظنِّ؛ بقرينَةِ إلحاقِ الولدِ بالثاني.

قوله: «و الولد للثاني». و تَحْرُمُ على الثاني أبداً؛ لدُخُولِهِ في عِصْمَةِ الأوّلِ.

قوله: «و الأذان في أذنِهِ اليمنى، و الإقامة في اليسرى» لقوله علیه السلام، إنّه قال: «يا عليّ، إذا وُلِدَ لك غُلامٌ أو جاريةٌ، فأذِّن في أُذُنِهِ اليُمنى، و أَقِمْ في اليُسرى؛ فإنَّهُ لا يضرُّهُ الشيطانُ أبداً » (1)؛ و لأنّهُ عِصْمَةٌ لَهُ من الجُنونِ و الجُذامِ، و الخُبْلِ. و يُستحبُّ الإسرارُ

بهما، و كذا في توديعِ المُسافر.

قوله: «و الكنية». و اللقب.

قوله: «و الصدقة بوزنه». و لا يزِنُه بصَنْجَةٍ (2)، بل يَضَعُ الشَعرُ في كفَّةٍ و النَقدُ في أُخرى.

قوله: «و خفض الجواري». أي يُستحبُّ.

قوله: «و تخصّ القابلة». بالربع.

قوله: «لو أهمل الأب». و لو شكَّ فَليَعُقَّ؛ إذ الأصلُ عدمُ عقيقةِ أبيه.

قوله: «و يُكرهُ للأبوين الأكل منها». و كذا مَن في عَيْلُولَتهما، حتّى القابلةِ لو كذلك، و حينئذٍ فَيُتَصَدَّقُ بِحِصَّتِها.

ص: 280


1- تحف العقول، ص 17؛ وسائل الشيعة، ج 20، ص 131، أبواب مقدِّمات النكاح و آدابه، الباب 64 ، ح 10.
2- الصنْجَةُ و السنجَةُ: ما يوزن به من الحبّة و المثقال إلى أكبر الأوزان. «و صنجةُ الميزان و سنجته؛ فارسي معرّب» لسان العرب، ج 2، ص 311، «صنج». و يقال بالفارسيّة: سنگ ترازو
كلام في الحضانة و الرضاع

قوله: «فإنْ طُلِّقت عادت». بمجرّد الطلاق إن كان الطلاقُ بائناً، و بانقضاءِ العِدّة إن كان رَجعيّاً.

قوله: «و لا يجبُ على الأُمِّ الحرّةِ الرِضاع». لكن يجب عليها إرضاعُ اللِبَاً (1)؛ لما قيل من أنّ الوَلَدَ لا يَعيشُ بدونِهِ غالباً (2).

قوله: «إنْ لم ترض الأُمّ». و لا تسقُطُ حَضانَةُ الأُمِّ حينئذٍ على الأقوى. فتأتى المُرضِعةُ لِتُرضِعَهُ عندها، فإن تعذَّر حُمِلَ الولَدُ إليها وقت الإرضاعِ، فإن تعذّر سَقَطَتْ حَضانَتُها.

ص: 281


1- اللِيَأُ - بكسر اللام -: أوّل اللبن في النتاج. الصحاح، ج 1، ص 70، «لباً».
2- القائل هو العلّامة في قواعد الأحكام، ج 3، ص 101.

ص: 282

كتاب الفراق

المقصد الأوّل في الطلاق

المطلب الأول في شرائطه

قوله: «و يحصل الإكراهُ بالتَوَعُّدِ على المضرِّ». الجارُّ متعلِّقٌ بالتوعُّدِ، و لا خصوصيَّةَ لهذا المعنى من الإكراه بالطلاقِ، بل يأتي في سائر العُقود و الإيقاعات.

قوله: «بالمُكْرَهِ». متعلِّقٌ بالمُضرِّ.

قوله: «ما لم تخرج العدَّة». إنْ كانت العِدّةُ رَجعيّةً، أمّا البائن، فلا يُقبَلُ مطلقاً.

قوله: «و لو طلَّق الغائبُ صحَّ». إذا لم يعلم كونها حائضاً وقت الطلاق أو في طهر المواقَعة على الأقْوى، و إلّا لم يصحَّ. و المراد بالعِلمِ هنا الظَنُّ الغالب المستفاد من عادتها، و لو لم يَعلم بذلك و لم يظنَّهُ تربَّصَ ثلاثة أشهرٍ كالمسترابة (1).

قوله: «و لو خرج في طُهرٍ لم يقربَها جازَ طلاقُها مطلقاً و إن صادف الحيض». سواءٌ انقضت المدَّةُ، أم لا إذا لم يُعلم بكونها حائضاً حال الطلاق.

قوله: «للمسترابة ثلاثة أشهرٍ». المسترابة مَن هي في سنِّ الحَيض و لم تَحِضْ لطبعٍ أو مرضٍ أو حملٍ أو رضاعٍ.

ص: 283


1- لمزيد التوضيح راجع رسالة طلاق الغائب، ص 359 - 360؛ و الروضة البهيّة، ج 3، ص 280 - 281 (ضمن الموسوعة، ج 3 و 8).

قوله: «أو أنتِ طلاقٌ أو الطلاقُ». فإنّه كِنايةٌ لاصريحٌ؛ لأنّهما مصدرٌ و المصادر غير موضوعةٍ للأعيان.

قوله: «أو من المطلَّقات». فإنّه إخبارٌ لا إنشاءٌ.

قوله: «و لو أجاب بنعم عقيب هل طلّقت؟ وقع». الأقوى أنّه لا يقع إنشاءً، ولكن يؤاخِذُ به إقراراً إلّا أن تشهدَ القرائنُ بأنّه يريد الإنشاءَ فلا يقع.

قوله: «و لو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً أو اثنين صحَّ واحدةٌ لا غير على رأي». قويّ.

قوله: «من المخالف لو اعتقدهُ». و إن كانت زوجتُهُ مؤمنةً، و كذا يُلزِمُهُ بسائر ما يدينُ به؛ العموم قوله علیه السلام: «ألزمُوهُمْ بما ألزموا بِهِ أَنفُسَهم» (1).

قوله: «أو بعدها طلقةً، أو معها». الفرق بين «معها» و «بعدها» و «قبلها» - حيث صحَّ في الأوّلَينِ دون الأخير - أنّ قوله: «بعدها طلقةً» أو «معها» في قوَّةِ طلقَتَينِ، فتقعُ واحدةٌ منها - كما مرّ - و يلغو الزائد. بخلاف قوله: «قبلها طلقةً» فإنّه لم يقصد إلى

إيقاعِ الطلقةِ المتلفَّظ بها، حتّى تقع قبلها طلقة، و تلك لا تقع؛ لعدم التلفُّظِ بها، فلا تقع هذه؛ لأنّها مشروطةٌ بها و مثله «بعد طلقةٍ». و لو قصد مع المعيّة طلاقاً يقارنه طلاقٌ آخرُ احتمل عدم الوقوع، لما ذُكر في القبليّة. و الوجه الوقوع و إلغاءُ الزائد.

قوله: «و لا يُشترط تعيين المطلَّقة على رأي». بل يشترط.

قوله: «و لو قال ...: إحداكما طالقٌ قُبِلَ قوله ... و لو قال: زينبُ طالقٌ... لم يُصدَّق».

الفرق أنّ «إحداكما» متواطِئ، و «زينبُ» مشتَرَكٌ لفظيٌ، و الأوّل يدُلُّ على إرادةِ الكلِّ و الإبهام، و المشتَرَكُ لا يُحمَلُ إلّا على معنى واحدٍ من معانيه و يتعيَّنُ بالقرينةِ، و مُواجَهَةُ المرأةِ بالطلاق قَرينة إرادة الزوجِ الزوجةَ به فلا يقبل قصد غيرها، بخلاف الأوّل. و الأقوى أنّه يُصدَّقُ في القصد في الموضعَينِ (2).

قوله: «طُلِّقت المنوِيَّة». إنّما يَتِمُّ إذا قصد زَينبَ، و لم يذهب وَهمُهُ إلى عمرةَ، و إلّا فلو

ص: 284


1- تهذيب الأحكام، ج 8، ص 58 - 59، ح 190؛ الاستبصار، ج 3، ص 292، ح 1031 - 1032.
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 9، ص 59 - 60.

علم أنّ المُجيبةَ عمرة و قال: «أنتِ طالقٌ» يَقصدها، صحَّ قطعاً.

قوله: «فالوجه عدم الطلاق». قويُّ. و المراد به عدمه أصلاً و رأساً في كلِّ واحدةٍ منهما، لا عدمه عن المنوِيَّةِ خاصّةً.

قوله: «عيَّن من شاء». على القول بعدم الاشتراط، و قد سبق أنّه شرطٌ.

قوله: «عيّن الأولى أو الأخيرتَينِ». إنْ قَصَدَ عطف هند على عمرةَ، و لو قَصَدَ عطفها على المطلّقةِ المبهمةِ، طُلِّقت على كلِّ حالٍ، و عيّن ما شاء من الأُوليَينِ (1).

قوله: «ثمّ قال: أردت عمرةَ قُبل». إن لم يكن الطلاق بائناً، و إلّا لم يقبل على الأقوى.

قوله: «بل عمرةُ طلِّقتا». إنْ أكمل الصيغة للثانية، و إلّا طُلِّقت الأُولى خاصّةً.

المطلب الثاني في أقسامه

اشارة

قوله: «و طلاق السنّة». المراد به السُنّي بالمعنى الأخصِّ، و أمّا بالمعنى الأعمِّ فيُطلَقُ

على كلِّ طلاقٍ صحيحٍ، و هو أعمُّ من العِدِّيِ و البائنِ و الرجعي و غيرها.

قوله: «و لم يكن للعدّة». و لا للسنّة بالمعنى الأخصِّ، و كذا لو تزوّجها و طلّق قبل الدخول.

قوله: «بعد تسعةِ أشهرٍ». بل عشرةٍ على المشهور، و السَنَةِ على الأنسب.

قوله: «و في هدم ما دون الثلاث روايتان». أجودهما الهدم.

قوله: «و لا تحلُّ لو وطئها المُحلِّل بعد الارتداد». منه أو منها.

قوله: «و في وطء المُحرِمِ و الحائض قولان». تحلّ. و الصائم واجباً [أيضاً] تحلّ.

قوله: «و في ادّعائها الإصابة». بالنسبة إلى التحليل، لا في ثبوت كمال المهر على المحلِّل.

كلام في الرجعة

قوله: «و إشارة الأخرس مجرّداً عن الشرط». لكن مع القصد.

ص: 285


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 9، ص 56 - 58.

قوله: «و في تزوّجت إشكالٌ». الأقوى أنّه رجوعٌ مع قصده، أو اشتباه الحال.

قوله: «كالوطءِ و القُبلةِ و اللمس». مع قصدِ الرجوع بالثلاثة، فلو فَعَلَ أحدها ساهياً أو ظانّاً أنّها غير المطلّقة لم تحصل الرَجعة.

فائدة

قوله: «فلو زنى بامرأةٍ لتحرم على أبيه أفاد التحريمُ إن نشرنا بالزنى». قد سبق أنّه ينشر مع السبق خاصّةً فينشر هنا كذلك.

المطلب الثالث في العدد

[الفصل] الأوّل في عدّة الحرائر في الطلاق

قوله: «لا عدّة على غير المدخول بها و إن خلا». خلافاً للشيخ في النهاية (1) فإنّه أوجب العدّةَ في الخلوة.

قوله: «لإمكان المساحقة». هذا التعليل ضعيفٌ؛ لأنّ إمكان الوطء في الصحيح لا يوجب العدّةَ و إن خلا بها فإمكان مساحَقَةِ المجبوب أولى. و يمكن أنْ يُريدَ مع تحقّق المُساحَقَةِ و إمكان الحمل معها، و إقامة السبب مقام المسبّب و إِنْ بَعُدَ.

قوله: «و أقلّ زمانها ستّة و عشرون يوماً». و ربما اتّفق أقلّ من ذلك كما لو طلّقها بعد الوضع و قبل رؤية دم النفاس بلحظةٍ، ثُمّ ترى الدم لحظةً، ثمّ تطهر عشرةً، ثمّ تحيض ثلاثةً، ثمّ تطهّر عشرةً، ثمّ ترى الدم لحظةً. و ذلك ثلاثة و عشرون يوماً، و ثلاث لحظات. و في الأمةِ عشرةٌ و ثلاث لحظاتٍ.

ص: 286


1- النهاية، ص 471: و متى خلا الرجل بامرأته فأرخى الستر ثمّ طلّقها وجب عليه المهر على ظاهر الحال؛ و لمزيد الاطّلاع راجع تهذيب الأحكام، ج 7، ص 465؛ و الاستبصار، ج 3، ص 227؛ و مختلف الشيعة، ج 7، ص 155، المسألة 82، و ص 499، المسألة :138؛ و جواهر الکلام، ج 31، ص 76-78.

قوله: «و الأخیرة دلالة». و تظهر الفائدةُ في التزويجِ بها في هذِهِ اللحظَةِ، و في جواز

الرَجعة و النفقة (1).

قوله: «و المُسترابة تعتدّ بالأسبق من الأطهار و الأشهر» تنتظر تمام الأقراء، فإن تمّت و إلّا صبرت تسعةَ أشهرٍ، فإن وضعت ولداً أو اجتمع الأقراء فذاك، و إلّا اعتدّت بعدها بثلاثة أشهرٍ إلّا أن تتمَّ الأقراء قبلها.

قوله: «و المسترابة تعتدُّ... صَبَرَتْ تسعة أشهرٍ». بل عشرة أشهرٍ.

قوله: «ثمّ أكملت سنة». إن لم تضع ولداً، أو تجتمع الأقراء الثلاثة و لو مبنيّةً على ما سبق و إلّا انقضت العدّة قبلها، و كذا لو اتّفق ذلك في أثناء الثلاثة الأشهرُ بعد التسعة.

قوله: «أكملت بشهرين». و لو رأت الحَيض مرَّتَينِ أكمَلَتْها بشهرٍ.

قوله: «في كلِّ ستّة أشهرٍ أو خمسةٍ». أو أربعةٍ. و الضابط أنّها متى كَمُلَ لها ثلاثة أشهرٍ لا تحيض فيها اعتدّت بها؛ و ما ذكره المصنِّف على وجه المثال لا الحصر.

قوله: «و المضطربة ترجع إلى أهلها». يشكل رجوع المضطربة إلى أهلها؛ لما تقدّم (2) في الحيض مِن اختصاص الرجوع إلى الأهل بالمُبتَدِئة، و إنّما تنتقل المضطربة من التمييز إلى الروايات. و ماذكره المصنِّف مِن اعتدادها بالأشهر عند فقد التمييز يناسب العمل بالروايات؛ لاشتمالها في كلّ شهرٍ على حَيضِ و طُهرٍ (3).

قوله: «و لو ارتابت بالحمل بعد العِدّةِ». و هي التي يحصل لها ما يصلح أن يكون أمارةً للحمل بحيث يحصل لها معه شكٌّ في الحمل كحركةٍ أو ثِقلٍ و نحوهِ.

ص: 287


1- لاحظ حاشية إرشاد الأذهان، ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9، ص 526. لاحظ، فإنّه لم يذكر هذا فيه، و إنّما صرّح بدلالتها على الخروج.
2- راجع ما تقدّم في ص 11.
3- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 9، ص 247 - 249.

قوله: «و لو ادّعته صبر عليها تسعة أشهرٍ». بل عشرةٌ إن لم يكن أزيد.

قوله: «و لا تخرج بوضعِ أحدِ التوأمَينِ».

نَبَّه به على خلاف الشيخ (رحمه الله)، حيث حكم ببينونتها بالأوّل غيرَ أنّها لا تنكح إلّا بعد وضع الأخير (1). و تظهر الفائدة حينئذٍ في الرَجعَةِ و موت الزوج قبلها. فعلى قول المصنِّف تصحّ مراجَعتها بين التوأمين و ترثه لو مات بينهما، و على قوله: «لا». لنا أنّ الحمل اسمٌ لهما، فقبله يَصدُق انتفاء وضعِه، فإذا صَدَقَ انتفاء وَضع الحمل كَذَبَ وَضعَ الحمل؛ لاستحالة اجتماع النقيضَينِ على الصدق.

و له (رحمه الله) أنّ الحمل صادقٌ على الواحدِ حالة الانفراد فكذا عند الاجتماع؛ للاستصحاب، و للرواية (2). قلنا: نسلّم له أنّه يَصدُق عليه أنّه حمل إلّا أنّ المقتضي للبينونة وضع الحمل المضاف إليهنّ؛ لقوله تعالى: (و أولاتُ الأحمالِ) الآية (3). و هو لا يَصدُق مادام منه شيءٌ في الرحم؛ و لأصالة بقاء العدّة (4).

قوله: «و لو أتت بولدٍ لستّة أشهر ... فالأقرب إلحاقه به». قويٌّ.

قوله: «الشبهةٍ تداخلت العدّتان». بمعنى الاجتزاء بعدّةٍ مستأنفةٍ للوطء لا بمعنى إكمال الأُولى. و نَبَّهَ بذلك على الفرق بين وطئِه و وطءِ غيرِه بشبهةٍ؛ فإنّ وطءَ الغير لا يوجب التداخل.

الفصل الثاني في عدّتهنَّ في الوفاة

قوله: «و الأقرب سقوطه عن الأمةِ». الموطوءة بالملك، إلّا أن تكون أُمَّ ولدٍ.

ص: 288


1- النهاية، ص 517، 534.
2- الكافي، ج 6، ص 82، باب طلاق الحامل، ح 10؛ تهذيب الأحكام، ج 8، ص 73، ح 243.
3- الطلاق (65): 4.
4- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 9، ص 259 - 260.

قوله: «و الغائب إن عُرف خبره ... ليبحث عنه أربع سنين». في أربع جهاتٍ، لا أنّ كلَّ

سَنَةٍ في جِهَةٍ (1).

قوله: «و أنفق عليها من بيت المال». إن لم يكن له مالٌ (2)، و إلّا أنفق عليها من ماله.

قوله: «و إلّا أمرها بعدّة الوفاة». الأقرب أنّ الحاكمَ بعد مدّة البحث يطلِّقها، ثمّ تعتدّ عدّة الوفاة و تراعي أبعد الأجلَينِ للاحتياط.

قوله: «ثمّ تتزوّج بغيره». بعد طلاق الحاكم، للرواية (3).

قوله: «و لا نفقة لها». أي للزوجة على الزوج (4).

قوله: «و لو ادّعى الوطء». أي المفقود.

قوله: «من حين بلوغ الخبر». و إن لم يثبت الموت، ولكن لا تتزوّج إلّا بعد ثبوته، و فائدته الاجتزاء بتلك العدّة.

الفصل الثالث في عدّة الأمة و الاستبراء

قوله: «بشهرٍ و نصفٍ». بل بخمسةٍ و أربعين يوماً (5).

قوله: «في الوفاة». أي وفاة زوجها.

قوله: «أربعة أشهرٍ و عشرة أيامٍ». مِن وفاة زوجها أو سيِّدها، إن لم تكن مزوّجةً بغيره حين الموت.

قوله: «فإن مات». أي الزوج.

قوله: «و لو اشترى زوجته فلا استبراء». إلّا أن يكون مشروطاً عليه رقّ الولد

ص: 289


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 9، ص 284.
2- أي للزوج المفقود.
3- راجع الكافي، ج 6، ص 147 - 148، باب المفقود، ح 1-4؛ الفقيه، ج 3، ص 547، ح 4886 ؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 479، ح 1922 - 1923. باب الزيادات في فقه النكاح، ح 130 - 131.
4- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 9، ص 293 - 294.
5- لمزيد التوضيح و التفصيل راجع مسالك الأفهام، ج 9، ص 299 - 300.

- و جوّزناه - فيجب الاستبراء؛ حذراً مِن اشتباه الحرِّ بالعبد.

الفصل الرابع في النفقة

قوله: «و يكفي استبراء المملوك في وطء المولى». مع العَدالةِ.

قوله: «و لا تجب في البائن». البائن هنا صفةٌ للمرأة باعتبار العدّةِ لا للطلاق؛ ليتفرّع عليه.

قوله: «و إنْ كان عن شبهةٍ حتّى تضع» فإنّ المراد بها الموطوءة من شبهةٍ، سواءٌ كانت زوجةً لغير الواطئ للشبهةِ أم لا. و الاستثناء المسلتزم لوجوب نفقتها يتعلّق الحكم فيه بالوطء، بمعنى وجوب نفقة الحامل مِن وطء الشبهة على الواطئ - لمكان الحمل - بِناءً على أنّ نفقة الحامل للحمل و لو لم تحمل لم تجب. و الأقوى عدم وجوب النفقة حينئذٍ مطلقاً و إن كانت الحامل معتدّةً؛ لأنّ النصّ (1) إِنّما دلّ على عدّة الطلاق، و إلحاق عدّة الشبهة بها قياسٌ، و جَعْلُ هذه النفقة من نفقات الأقارب بعيدٌ؛ إذ الحمل لا تجري عليه أحكام الموجودين إلّا بعد انفصاله.

قوله: «إلّا أن تأتي بفاحشةٍ». و هي توجب الحدّ.

قوله: «أو انقضت مُدَّة الإجارة». و يجب تحرِّي الأقرب إلى المنتَقَلِ عنه فالأقرب، و لو أمكن تجديد الإجارة قُدِّم على الانتقال، و كذا لو أمكن إعادة المنهدِم بسرعةٍ.

ص: 290


1- الكافي، ج 1، ص 90 - 91، باب عدّة المطلّقة و أين تعتدّ، ح5؛ تهذيب الأحكام، ج 8، ص 132، ح 458.

المقصد الثاني في الخلع و المباراة

[المطلب] الأوّل في الأركان

قوله: «و هل يقع بمجرّده؟». وقوعه بمجرّده قويٌّ، و كذا كونه طلاقاً.

قوله: «و هل هو فسخٌ أو طلاق؟». طلاقٌ.

قوله: «و لا يلزم البذل». إن قلنا: إنّه فسخٌ. أمّا على ما اخترناه من أنّه طلاقٌ يلزم البذل فيه؛ بوقوع ما طلّقه (1).

قوله: «و إنْ ضمنت بعده». مع تأخّر الضَمان عن الطلاق، أمّا لو قارنه كان قبولاً و لزم؛ إذ الأقوى الاكتفاء بأحد الأمرَينِ تقدّم سؤالها أو قبولها بعده بغير فصلٍ (2).

قوله: «عند من لا يجعله طلاقاً». قد سبق القول بأنّه طلاقٌ فيبطل.

قوله: «و يشترط العلمُ بالمشاهدة ... فإن عيَّن النقدَ و إلّا فالبلد». إن كان متّحداً، أو مختلفاً و بعضه غالبٌ فتحمل على الغالب، و إلّا وجب التعين، فإن أطلق بطل كغيره مِن المعاوضات.

قوله: «و الأقربُ المنع في المتبرّع». قويّ.

قوله: «ضمن المتبرِّع». المتّجه البطلان.

قوله: «فله المثل أو القيمة». المتّجه البطلان.

ص: 291


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 9، ص 375 - 376.
2- للتوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 9، ص 376.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «و لو رجعت و ... فالوجه صحّة رجوعها». قويٌّ.

قوله: «و إنّما يصحّ لها الرجوعُ في موضعٍ يصحّ له الرجوع». فلو كانت الطلقة ثالثةً لم يصحّ لها الرجوع، و لو كان المانع من جِهَتِهِ - كما لو تزوّج بأُختها، أو بخامسةٍ - صحّ رجوعها و لا رجوع له.

قوله: «ولاءً لم يصحّ». الخلعُ، و تقعُ الأُولى رجعيّةً.

قوله: «و لو طلّق واحدةً فله ثلثها على رأي». الأقوى عدم استحقاق شيءٍ إلّا بالثلاث.

قوله: «فله بالأوّل الثلث» هذا هو الأقوى. و قيل (1): لا شيء له كالسابقة. و وجه الأوّل أنّ رضاها بالبينونة بألفٍ تقتضي رضاها بها بدونها بطريقٍ أولى، بخلاف السابقة فإنّها إنّما قصدت البينونة المحرّمة بالألف فلا يستحقّ بدونها شيئاً.

قوله: «أو قالت: خلعتني بألفٍ في ذمّة زَيدٍ حَلَفَتْ، و لا رجوع». إنّما يتوجّه حلفها و انتفاء المال عنها إذا قلنا بجواز بذل الفدية من المتبرِّع؛ ليكون إقرارها حينئذٍ بالخلع أعمّ من ثبوت ماله في ذمّتها، فإذا أنكرت ثبوته فالقول قولها؛ لأنّها منكرةٌ. أمّا لو منعنا من بذله من المتبرِّع - كما اختاره سابقاً (2) - لم يتمَّ؛ لأنّ قولها: «خلعتني» إقرارٌ بخلعٍ شرعيٍ، و هو يستلزم ثبوت ماله في ذمّتها على هذا القول، فلايتّجه قبول قولها في نفيه؛ و مِن ثَمَّ ذهب ابن البرّاج إلى تقديم قوله (3)، و هو متّجهٌ على هذا القول (4).

ص: 292


1- القائل أبو حنيفة من العامّة على ما حكاه عنه الشيخ في الخلاف، ج 4، ص 437 - 438، المسألة 22؛ و راجع المبسوط، السرخسي، ج 6 ، ص 174؛ و بدائع الصنائع، ج 3، ص 153.
2- في الركن الرابع في الفدية.
3- حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 7، ص 393، المسألة 49؛ ولكن أفتى بخلاف ما نسب إليه في المهذّب ج 2، ص 269.
4- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 9، ح 449 - 452.

المقصد الثالث في الظهار

[المطلب] الأوّل فى أركانه

قوله: «قيل: يقع» (1). الأقوى عدم الوقوع مطلقاً.

قوله: «و في وقوعه بالإضرار قولٌ بالمنع» (2). الأقوى وقوعه.

قوله: «و الأقوى وقوعه مع الشرط» (3).

الفرق بين اليمين و الشرط - مع اتّحاد صورتهما - أنّ الغرضَ في الشرط مجرّد التعليق، و في اليمين تحقيق أمر يمكن الخلاف فيه. مثاله «إن دخلتِ الدار فأنتِ كظهر الأُمّ»؛ [فإنّه] إن قصد به منعها من دخول الدار كان يميناً، و إن قصد مجرّد تعليق الظِهار على الدخول كان شرطاً.

قوله: «و لا يقع مقروناً بالمدّة» (4). في وقوعه مقروناً بها مطلقاً قوّةٌ.

قوله: «وقع إن كان رَجعيّاً». الأقوى عدم وقوع الظهار مطلقاً.

قوله: «و المجبوب إن حرّمنا غير الوطء». لا يحرم غير الوطء فلا يقع.

ص: 293


1- القائل الشيخ في المبسوط، ج 4، ص 170؛ و القاضي في المهذّب، ج 2، ص 298؛ و ابن حمزة في الوسيلة، ص 334.
2- في هامش المخطوطة: قوله: «و في وقوعه بالإضرار قولٌ بالمنع». إن قصد الضرر لها يقع. (منه)
3- في هامش المخطوطة: قوله: «و الأقوى وقوعه مع الشرط». الفرق بين الشرط و اليمين مع اتّحاد صورتهما أنّ القصد من اليمين تحقيق الفعل علي تقدير المخالفة زجراً لها عمّا علّقه عليه، بخلاف الشرط فإنّ الغرض منه مجرّد التعليق، و أيضاً فمتعلَّق اليمين فعلها و الشرط أعمُّ. (منه)
4- في هامش المخطوطة: قوله: «و لا يقع مقروناً بالمدّة». إن قصرت عن مدّة التربّص لم يقع و إلّا وقع. (منه)؛ و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 9، ص 480 - 481.

قوله: «و في اشتراط الدخول قولان» المرويّ الاشتراط (1).

قوله: «و الأقوى وقوعه». جيِّدٌ.

قوله: «و يقع بالرَتقاء و المريضةِ و الصغيرةِ و المجنونةِ». يُشكِلُ إطلاقه مع اشتراط الدخول. و الأجود - بناءً عليه - تقييدُه بوقوعِه، فينتفي في الرَتقاء مطلقاً، و فی غيرها بدونه.

قوله: «أو بالرضاع قولان» (2). يقع.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «و قيل: تحرم (3) القُبلَةُ و الملامسةُ». لا يحرم غير الوطء على المظاهر.

قوله: «لزمته كفّارتان». إن كان نهاراً و لم يكن قد صام [شهراً و] من الثاني يوماً، و إلّا بنى و تجب كفّارةٌ أُخرى للوطء مطلقاً (4).

قوله: «و لو عجز استغفر الله». هو التوبة المشتمِلَةُ على النَدَمِ على ما وَقَعَ، و العزم على

عدم العَود إليه أبداً.

قوله: «و لو ارتدّ أحدهما». هذا إذا كان الارتدادُ قبلَ الدخول مطلقاً، أو بعدَه إذا كان عن

فِطرَةٍ مِن طرفِ الزوجِ خاصّةً، و إلّا فحكمه حكم الطلاق الرَجعي.

قوله: «و ضيّق عليه في طعامه و شرابه». بأنْ يُطعم و يُسقى ما لا يحتمله مثله عادةً.

قوله: «تكرّرت الكفّارة». ما لم يقصد التأكيد.

قوله: «و لو وطئها قبل التكفير لزمهُ بكلّ وطءٍ كفّارةٌ واحدةٌ». زيادةً على كفّارة الظِهار.

ص: 294


1- منها رواية محمّد بن مسلم، و منها رواية فضيل بن يسار. راجع غاية المراد نفس هذا المبحث.
2- قوله بُعيد هذا في المتن: «كظهر أُمّي» قال في تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 4، ص 107: «كظهر أبي أو أُمّي»؛ و في شرائع الإسلام، ج 3، ص 45: «كظهر أبي و أمّي».
3- القائل الشيخ في المبسوط، ج 4 ، ص 177.
4- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 9، ص 503.

المقصد الرابع في الإيلاء

[المطلب] الأوّل في أركانه

قوله: «أو مجبوباً». الأقوى عدم وقوعه منه إلّا أن تبقى له بقيةٌ يمكنه الوطء بها.

قوله: «و لو قال: لا جمع رأسي أو ... فالأقرب عدم وقوعه». قويّ.

قوله: «أو علّقَهُ بشرطٍ على رأي». قويّ.

قوله: «لم يقع». كلّ موضعٍ لم يقع الإيلاء [فيه] فالإيلاء يكون يميناً و تَلْحَقُهُ أحكام اليمين.

قوله: «و يقع على الحُرّة و... دون المستمتعَ بها على رأي». قويّ.

قوله: «و لو تجرّد عن النيّة». المراد بالنيّة هنا القصد إلى الصيغة.

قوله «أربعة أشهر لم يقع». إيلاءً، و يقع يميناً بشرطه.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «و يُنظرهُ حرّاً كان أو عبداً أربعة أشهرٍ ... على رأي». هذا هو المشهور.

قوله: «و ضيّق عليه». في المطعم و المشرب.

قوله: «قول مدّعي بقاء المدّة». إنّما تظهر فائدة الدعوى لو قلنا: إنّ المدّة المضروبة مِن حين الإيلاء، أمّا على ما اختاره من أنّها مِن حين المرافعة فلا.

قوله: «و تنقطع الاستدامة». عدمه قويٌّ.

قوله: «بتجدّد أعذارها في المدّة دون أعذارهِ». و الفرق بينهما أنّ المدّة حقٌّ للرجل فلا يقطعها عذره بخلاف عذر المرأة. و يُستثنى من أعذارِها الحَيْضُ فلا يقطع قطعاً؛

ص: 295

لتكرّره في كلِّ شهرٍ غالباً فلو لا استثناؤه لزم أنْ لا يُتِمّ الأربعة غالباً. و الأقوى عدم انقطاع الاستدامة بأعذارها مطلقاً كأعذاره (1).

قوله: «و مدّة ردّته». المراد بالرِدَّة هنا ماكانت عن غير فَطرةٍ؛ لأن الرِدّةَ عن فَطرةٍ كالموتِ يبطل معها التربّص.

قوله: «بعد الإيلاء». و كذا لو اشتراها و لم يعتقها.

قوله «و لا تتكرّر الكفّارة بتكرّره». إلّا أنْ يتغاير الزمان بأن يحلفَ على ترك وطئها

خمسةَ أشهرٍ، ثمّ يحلف كذلك خمسةً أُخرى بعد المدّة الأُولى (2).

ص: 296


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 10، ص 145 - 147.
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 10، ص 168 - 170.

المقصد الخامس في اللعان

[المطلب] الأوّل في السبب

قوله: «قذف الزوجة المحصنة». أي العفيفة.

قوله: «عن البيّنة على رأي». هذا هو المشهور.

قوله: «و لو قذف بسابق على النكاح لاعَنَ على رأي». قويّ.

قوله: «و تمكّنه على إشكالٍ». بل له نفيُه ما لم يعترِف به صريحاً أو فحوىً.

قوله: «و أقامت بيّنةً بإرخاء الستر فلا لعانَ و لا مهر». أي لا توجب هذه البيِّنةُ استقرارَ المهرِ بمجرّد الخلوةِ؛ لِما تقدّم من أنّه لا يستقرّ إلّا بالدخولِ و لم يَثبُت. و حينئذٍ لا ينافي ذلك ثبوتُه بأصل العقد، و هو استقرارُ نصفِه بالطلاق.

المطلب الثاني في أركانه

قوله: «و يشترط بلوغه و رشده». أي عقله، و إلّا فإنّه يقع من السفيه.

قوله: «و رشدها». أي عقلها.

قوله: «و الدخول بها على رأي». الأقوى ثبوتُه مع عدم الدخولِ للقذف لا لنفي الولد؛ لانتفائه عنه حينئذٍ بغير لعانٍ بل بإنكارِ الدخول.

قوله: «و المملوكة على رأي». قويّ مطلقاً.

قوله: «و لو قذف المجنونة حُدّ». بزنیً إضافةً إلى حال الصحّة، أو قذفها صحيحةً ثمّ جُنّت، أمّا لو قذفها مجنونةً عُزِّر خاصّةً.

قوله: «فيما رميتُها به». متلفّظاً بما رماها به من الزنى، أو نفيِ الولد، و كذا يتلفّظ به بعدَ

ص: 297

اللعن. و ليس على المرأة إعادة ذكره مطلقاً.

قوله: «و قيام الرجل و المرأة عنده». الأقوى اعتبارُ قيامهما معاً عندَ لعانِ كلّ منهما.

قوله: «و لو تراضيا بعامّيٍ فلاعن جاز». يُعتبر فيمن يُلاعِن بينهما مطلقاً الاجتهادُ بغير إشكالٍ. و المراد بالعامّي هنا الفقيهُ الجامعُ للشرائطِ، لكنّه غيرُ منصوبٍ له بالخصوصِ مِن قِبَلِ الإمامِ كقاضي التحكيم في غيره. و أطلق عليه العامّي لذلك؛ لأنّه عامّي بالإضافة إلى المنصوب و إن كان غير عامّي بالنظر إلى مَن دونَهُ. و مَنَعَ بعض الأصحاب من ملاعَنَةِ غير المنصوب مطلقاً (1)، و الأقوى الأوّلُ. هذا كلّه مع حضور الإمام، أمّا مع غيبته فيُلاعِن بينهما الفقيهُ إجماعاً، و لا يشترط تراضيهما بحكمِه بعدَه.

قوله: «و لو قال: زنى بكِ فلانٌ سقط حدّها باللعان». دون حدِّ المنسوب إليه إلّا بالبيّنة (2).

المطلب الثالث في أحكامه

قوله «و إن أكذب نفسه بعد اللعان ... و لا يزول التحريم و الأقرب سقوط الحدِّ». لا يسقط .

قوله: «أربعاً على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «ففي القبول نظرٌ». القبول قويٌ، و تُحمل الرواية (3) على اختلاف أحدِ شرائط الشهادة كسبقِه بالقذف (4).

قوله: «بل يفتقر إلى اللعان على إشكالٍ» الأقوى ثبوتُه من طرف الزوج.

ص: 298


1- منهم العلّامة في مختلف الشيعة، ج 7، ص 453، المسألة 102؛ و راجع إيضاح الفوائد، ج 3، ص 448 - 449.
2- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 3، ص 353 (ضمن الموسوعة، ج 8).
3- راجع تهذيب الأحكام، ج6، ص 282، ج 777؛ الاستبصار، ج 3، ص 36 ، ح 119.
4- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 10، ص 258 - 260.

قوله: «و في الاكتفاء بشاهدَينِ على الإقرار نظرٌ». الاكتفاء بهما قويٌّ، ثمّ إن شهِدا بإقرارها أربعاً تثبت عليها الحدّ و انتفى عنه، و إلّا انتفى عنه لا غير.

قوله: «و لا عنَهُ فلاحدّ». بل يثبت الحدُّ و الإرث، و لا يصحّ لعانُ بعض أهلها.

قوله: «و لو حُدَّ بالقذف ثمّ قذف به فالأقرب وجوب الحدِّ». جيِّدٌ.

قوله: «و لو كرَّر القذف بعد اللعان فالوجه سقوطه». لا يسقط.

ص: 299

ص: 300

كتاب العتق و توابعه

[المقصد] الأوّل [في] العتق

[المطلب] الأوّل: الصيغة

اشارة

قوله: «و لو قال: يا حرّة عتقتِ». لا تُعتق و إن قصد الإنشاء.

قوله: «و لا يقع بشرطٍ و لا في يمينٍ». صيغة الشرط و اليمين واحدةٌ، و الفارق بينهما القصد، كقوله «إنْ فَعَلتَ كذا فأنت حُرٌّ» فإن قصد الشكرَ و الحَثَّ على الفعل فهو يمينٌ، و إن قصد مجرّدَ التعليق فهو شرطٌ.

قوله: «و في بدنك و جسدك حرٌّ نظرٌ (1)». منشأ النظرِ الشكُّ في كون الإنسانِ هو الهيكل المحسوس أو غيره، و الأجود أنّ اللافظَ إِنْ عُرِفَ له في ذلك مذهبٌ حكِمَ عليه به،

و إلّا وَقَعَ العتق؛ للعرف (2).

قوله: «و الأقرب عدم اشتراط التعيين». الأجود اشتراطه.

قوله: «و عيّن من شاء». و عليه الإنفاق على الجميع، و يمنع من استخدامهم، و عليه فِطرَتُهم حتّى يُعَيِّنَ.

ص: 301


1- في هامش المخطوطة: قوله: «و في بدنك و جسدك حرٌّ نظرٌ». الأقوى الوقوع إلّا أن يكون معتقده أنّ الإنسان غير الجسم، و يقصد مطابق معتقده فلا يقع. (منه)
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 10، ص 278 - 279.

قوله: «و يشترط في المعتِقِ ... و الإسلام على رأي». إن [كان] الكفر بجحد الإلهيّة لم يقع معه العتق و إلّا وقع مع قصد القربة (1).

قوله: «و في العبد الإسلام على رأي». الأقوى صحّة عتقِ المملوك الكافر مطلقاً مع تحقّقِ قصد القربةِ بعتقه.

قوله: «و عدم الجناية عمداً لا خطأً». بل يقع العتقُ مراعى في العمد برضى المجنيِّ عليه بالفداءِ فيصحّ و إلّا فيبطل، و في الخطأِ يكون التزاماً من المولى بالفداء.

قوله: «لا طهارة المولد على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و لو قَوَّمَ عَبْدَ وَلَدِهِ الصغير». و اشتراه.

قوله: «و لو شرط عليه السائغ لَزِمَ». و لا يُشتَرط قبول المُعتَقِ إذا كان المشروطُ خدمةً؛ لأنّه كاستثناء ما كان ملكاً للمالك، أمّا لو شرط عليه مالاً اشْتُرِط رضاه؛ لأنّ المال ليس نفس حقِّ السيِّد و إنّما حقُّه الخدمة (2).

قوله: «فإن شرط عودَه مع المخالفة بطل العتق على رأي». قويّ.

مسائل في العتق

قوله: «و القرعة أوِ التخيير على رأي». الأقوى عتقُ واحدٍ بالقرعة.

قوله: «فولدت توأمين عُتقا». إنْ وُلِدا دفعةً، و إِلّا عُتِقَ الأوّل خاصّةً إلّا أن تلده ميِّتاً فيتعيّن الثاني. و الفرقُ بين حكمه بأنّه لو نَذَرَ عتق أوّل مملوكٍ يملكه فملك جماعةً فلا عتقَ، و بينَ حكمه بعتق التوأمَينِ لو نَذَرَ عتقَ أوّلِ ماتلده فولدتهما؛ أنّ لفظةَ «مملوكٍ» في الأُولى صريحٌ في الوحدةِ فتكون متعلِّقَ النذر، فمع تملّك الجماعة لم يحصل مقتضاه، بخلاف الثانية فإنّ تعليق العتق على ما تلده؛ و «ما» مِن صِيَغِ

ص: 302


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 10، ص 285 - 286.
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 10، ص 292 - 294.

العموم كما حقِّق في الأُصول (1). و يُعلَمُ من الفرقِ أنّه لو كان صيغة النذر في الأُولى «أوّل ما تملكه» و في الثانية «أوّل مولودٍ، أو مملوكٍ تلده» لَحِقَ الحكم الذي ذكرناه.

قوله: «لم ينصرف إلى غير من أعتقه» (2).

وجّه الأصحابُ عدمَ عتق الجميع بأنّ الإقرار ليس سبباً مستقلّاً و إنّما هو إخبارٌ عن سببٍ سابقٍ، و لم يقع هنا إلّا عتق من باشر عتقَهم فيُحمل عليه الإقرار. و في هذا التوجيه نظرٌ؛ لأنّ الإقرار و إن كان مصروفاً إلى ما سبق من السبب إلّا أنّه لا يجب علينا معرفة ذلك السبب، و عدم العلم به لا يدلّ على عدمه. و هذا حكمٌ آتٍ في جميع الأقاريرِ فإنّا نحكم بظاهرها و نقول: إنّها ليست سبَباً بأنْ نحمِلَها على إمكان وجود سببٍ سابقٍ مصحّحٍ مع عدم العلم بالسبب (3)، و وجود الفرد من الأسباب لا يصلح تخصيصاً مع عموم اللفظ. و قد تقرَّر في الأُصول أنّ الجمعَ المضاف يفيد العموم (4).

قوله: «انتقل إلى الآمر». الأجود انتقالُه بعد الأمرِ المقترنِ بالعتق لا بعد الأمر مطلقاً.

قوله: «بالعتق». بل قبلَ العتقِ بأن يكون مقارناً للصيغة.

قوله: «و خرج قبله». أي قبلَ إسلامِ مولاه.

قوله: «و لو مثّل بعبده عتق». التمثيل و التنكيل بمعنىً، و هو أن يفعل به المولى فعلاً فظيعاً كأنْ يَجدع أنفه، أو يَقْطَعَ أُذنه و نحوه. هذا حاصل معناه لغةً، و ليس له تفسيرٌ محرّرٌ في كلام الأصحاب.

ص: 303


1- معارج الأصول، ص 3 - 84؛ مبادئ الوصول، ص 120 - 121.
2- في هامش المخطوطة: قوله: «لم ينصرف إلى غير من أعتقه». هذا بحسب نفس الأمر، أمّا بحسب الظاهر فإنّه يحكم عليه بعتق الجميع؛ نظراً إلى عموم صيغة الإقرار. (منه)
3- في نسخة: «بشيء إليه» بدل «بالسبب» و في نسخةٍ أخرى «بسبب السببيّة».
4- معارج الأصول، ص 85؛ مبادئ الوصول، ص 122؛ و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 10، ص 301 -305.

المطلب الثاني في خواصّه

قوله: «اليسار بمالٍ». و هو مَن يملك حالَ العتقِ زيادةً عن داره و خادمه و دابّته و ثيابِه وقوت يومٍ و ليلةٍ له و لعياله ما يَسَعُ نصيب الشريكِ أو بعضَه، و لا اعتبارَ بيساره بعدَ العتق إذا كان معسراً حالَه.

قوله: «عن قوت يومٍ، ودست ثوبٍ». و حينئذٍ فيستثنى له أيضاً دارُه و خادمه و دابّتُه اللائقة بحالِه كمّيّةً و كيفيّةً.

قوله: «و لو كان مُعسراً استسعي العبد». و يفك الجميع بسَعيِهِ، و لا يُعطى الشريكُ مِن سَعيِهِ شيئاً بنسبة الملك.

قوله: «فلو ورث نصف أبيه لم يسر على رأي». قويّ.

قوله: «أن لا يتعلّق به حقّ يمنع البيعَ كالوقف و التدبير على رأي». الأقوى منعُ الوقفِ دون التدبير.

قوله: «تبيّن العتقُ بالإعتاق». قويٌّ فيكون الكسبُ المتأخِّر عن العتق للعبدِ على تقديرِ الأداء.

قوله: «و يقدّم قول الغارم في القيمة على رأي». قويّ.

قوله: «و لو ادَّعى كلٌّ مِن الشريكين». الموسرين إن قلنا إنّه ينعَتِق بالأداء، و إن قلنا بالإعتاق عُتق، و لو كانا معسرَينِ فعدمُ العتق مطلقاً ظاهرٌ (1).

قوله: «و عتق نصيب المدّعي مجّاناً». بناءً على أنّ عتقه بالإعتاقِ و إلّا لم يُعتق بدونِ الأداء.

قوله: «كلّ من أعتق متبرّعاً فولاء المعتَق له ... إلّا أن يتبرّأ». أي في نفس الصيغة.

قوله: «لأولاده الذكور خاصبةً». قويٌّ.

ص: 304


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 10، ص 344 - 345.

قوله: «و هل يرث الأخ من الأب مع الأخ من الأبوين؟» الأقرب أنّه يرث معه (1).

قوله: «و في استحقاق الإناث منهنّ إشكالٌ». لا يرثن (2).

قوله: «و لا يرثه». بل يرث.

قوله: «إن قلنا: إن الولاء يورَث».

لا خلافَ في أنّ الولاءَ يورث به، بمعنى كونِه من جملة الأسبابِ الموجبة للإرث. و إنّما الخلاف في أنّه يورَث أم لا، بمعنى انتقاله عن المنعم بموته إلى وارثه كما في الحقوق و الأموال التي يخلِّفها من حيث إنّه حقٌّ من الحقوق تركه الميِّت فيدخل فى عموم آية الإرث و إن لم يكن مالاً كحقِّ الشفعة و الخيار. و الأقوى أنّه لا يورَث؛ لقوله صلّی الله علیه و آله: «الولاء لحمة كلحمة النسب» (3)، و لا شبهة في أنّ النسبَ لا يورث و إنّما يورث به، فكذا ما أشبهه. و تظهر الفائدة فيما لو كان الوارثُ عند موت المعتِقِ غيرَه عند موتِ العتيق، كما لو مات المعتِق عن ابنٍ و ابن ابنٍ ثمّ مات الآخر عن ابنٍ ثمّ مات العتيق، فعلى الأوّل الولاء كلّه لابنِ من مات أبوه بعدَ جدّه؛ لأنّه هو الوارث له عند موته، و على الثاني يشترك الولدان؛ لتساويهما في الدرجة حينئذٍ و تظهر الفائدة فيما ذكره المصنِّف أيضاً و هو «ما لو مات المنعم عن ذكرَين ثمّ مات أحدُ الوَلَدَين ثمّ العتيق» فعلى الأوّل الميراث للولد الثاني و ورثه الآخر؛ لأنّ الأخوَين ورثا الولاءَ عند موت الأب فانتقلت حصّة الميِّت إلى وارثه، و على المختار هو للولد الباقي خاصّةً؛ لأنّه الوارث للأب عند موتِ العتيق دون وارثِ أخيه.

قوله: «فولاء أولادها لمولاها». كما لو وُلدوا من معتَقةٍ أحراراً مع كون أبيهم رِقّاً، فإنّ ولاءهم لمولى أُمِّهم، فإنْ أُعتِق الأبُ بعد ذلك انجرّ ولاؤهم إليه.

ص: 305


1- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 228 (ضمن الموسوعة، ج 9).
2- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 228 (ضمن الموسوعة، ج 9).
3- تهذيب الأحكام، ج 8، ص 255، ح 926؛ الاستبصار، ج 4، ص 24، ح 78.

قوله: «و إن كان حملاً». أي و إن كان ولد المعتَقة حملاً حالَ عتق أُمِّه؛ لأنّه لا يتبعها في العتقِ فلا يكون ولاؤه لمعتِقها خلافاً للشيخ (رحمه الله) (1).

قوله: «فكلٌّ من الولد و العبد مولى لصاحبه». فإنّ ولاء الولد ينجرّ إليه من مولى الأُمِّ؛ لأنّه مولى أبيه، و ولاؤه للولد، لمباشرته عتقه.

قوله «ورثته بالولاء». إن قلنا بثبوتِ الولاء فى العنق القهري و إلّا فلا.

ص: 306


1- النهاية ص 545: و إذا أعتق الرجل جاريةً حُبلى من غيره، صار ما في بطنها حُرّاً كهيئتها.

المقصد الثاني في التدبير

[المطلب] الأوّل في أركانه

قوله: «في التدبير». هو عتق المملوك بعدَ وفاة سيِّده، و اشتقاقُه من الدبر لحصول العتقِ بعد الوفاةِ و هي دبر الحياة.

قوله: «و المقيّد كالمطلق». .قويٌّ.

قوله: «و من جعل له الخدمة». فإن مات المخدوم قبلَ المالك عُيِقَ من الأصل، و بالعكس الأقوى أنّه من الثلث.

قوله: «و لو قال الشريكان». الأجود أنّه إن قصد كلٌّ منهما تعليقَ نصيبه على موتِ نفسه صحّ و لم يتوقّف عتق النصيب على موت الآخر، و إن قصد تعليقه على موت شريكه بطل، و إن أطلقا فالأجود عدم الوقوع.

قوله: «فلا يصحّ تدبير الصبيّ و إن بلغ عشراً على رأي». قويّ.

قوله: «و الأقرب عدم اشتراط نيّة القربة». قويٌّ.

قوله: «و لا يبطل لو ارتدّ ... و إن كان عن فطرةٍ على إشكالٍ». بل يبطل إن كان عن فطرةٍ.

قوله: «و لا يصحّ تدبير المرتدّ عن فطرةٍ». و يكون مراعيً بعوده إلى الإسلام.

المطلب الثاني في أحكامه

قوله: «و يبطل بإزالة ملكه كالهبة». و إن لم تقبض.

قوله: «و البيع على رأي». قويّ.

ص: 307

قوله: «فالوجه تنجيز عتق ثلثه». جيِّدٌ.

قوله: «و له الرجوع في تدبيرهم» المشهورُ و المرويُّ صحيحاً إنّه ليس له الرجوع في تدبير الولد (1).

ص: 308


1- كصحيحة أبان بن تغلب في الكافي، ج 6، ص 184، باب المدبّر، ح 6؛ تهذيب الأحكام، ج 8، ص 259، ح 941؛ الاستبصار، ج 4، ص 29 - 30، ح 101.

المقصد الثالث في الكتابة

[المطلب] الأوّل في الأركان

قوله: «و لا تفتقر إلى قوله ... فإذا ادَّيتَ فأنت حُرّ». بل تفتقر على الأقوى.

قوله: «فإن عجز».

اختلف الأصحاب في حدِّ العجز المسلِّط للمولى على فسخِ الكتابةِ المشروطةِ عندَ الإطلاق؛ و الذي دلّت عليه الأخبار الصحيحةُ (1) هو ما اختاره المصنّف مِن أنّ حدّه «تأخير النجمِ عن محله». و المراد «بالحدّ» هنا العلامةُ الدالّة على العجز، و ب«تأخيره عن محلّه» عدم أدائه في أوّل وقت حلوله. و قال الشيخ في النهاية (2) - و تَبِعَهُ المحقِّقُ - : حدّه تأخيرُ نجمٍ إلى آخرَ، أو يعلم من حالِه العجز (3).

و المرادهم «بالعلم المبيح للفسخ» ما كان بعدَ حلولِ النجم الأوّل - مثلاً - و قبل حلول الآخر، و هو قسيمُ تأخيره إلى حلولِ الآخر. أمّا قبل حلولِ النجمِ فلا یصحّ الفسخ إجماعاً. و المصنِّف (رحمه الله) هنا اختار كونَ حدِّه تأخيره عن محلِّه فيبيح حينئذٍ الفسخَ و إنْ لم يعلم من حاله العجز و لم يَحُلّ الثاني. و ما جعله قسيماً له من العلم بعجزِه غير صحيح. و إنّما هو قسيم تأخير نجمٍ إلى آخَرَ؛ لأنّ جعله قسيماً لتأخيرِه عن محلِّه يقتضي جوازَ الفسخ مع العلمِ بالعجز و إن لم يحلّ النجم، لتحصل المغايرة.

ص: 309


1- الكافي، ج 1، ص 185 - 187، باب المكاتب، ح 1 و 8؛ تهذيب الأحكام ج 8، ص 265 - 266، ح 968 و 971؛ الأستبصار، ج 4، ص 33 و 34، ح 113 و 114.
2- النهاية، ص 549.
3- شرائع الإسلام، ج 3، ص 96.

و قد عرفت أنّه لا قائل به. و الفرق بينَ العلم بالعجز و بين تأخيرِ النجم إلى آخرَ - كما ذكره الشيخ و المحقِّق - ظاهرٌ حينئذٍ؛ فإنّ العلمَ بالعجز بعدش حلول النجم يسلِّطه على الفسخِ و إنْ لم يَحُلّ الآخرُ بخلاف تأخيرِه إلى الآخر.

و المراد «بالعلم» هنا الظنُّ الغالب المستندُ إلى القرائن. و المعتَبَرُ فيه ظنّ الحاكم.

و حيث قد اخترنا أنَّ تأخيرَه عن محلِّه و إن لم يحلّ الأخير، فلا وجه لاشتراطِ العلم بالعجز و لا بجعلِه قسيماً له.

قوله : «و تفتقر إلى الأجل على رأي». هذا هو الأشهر. و قيل (1): تجوز حالّةً و هو متّجه (2).

قوله: «ففي الانقطاع إشكال». لا تنقطع، كما لا يكتفي بها في رفع يد الكافر عن المسلم

ابتداءً على الأقوى.

قوله: «و تصحّ كتابة المرتدّ لا عن فطرةٍ». و يكون مراعيً بعودِ المرتدّ إلى الإسلام.

قوله: «العبد، و شرطه التكليفُ و الإسلام على رأي». لا يُشترط.

قوله: «فیصف النقد بوصف النسيئة و العَرْض». بالتسكين اسمٌ لما سِوى الذهب و الفضّة من المتاع (3).

قوله: «و قُسِّطَ العوضُ على ثمن المثل».

ثمن المثل يعسرُ في المكاتب و المبيع، بمعنى أنّ العوض يقسّط هنا على ثمنِ المبيع و قيمة العبد و أُجرة الدار - مثلاً - و يوزّع بالنسبة.

المطلب الثاني في الأحكام

اشارة

قوله: «و لو أوصى للمطلق صحَّ له بقدر ما تحرّر منه». بل يصحّ في الجميعِ؛ لأنّ قبولَ

ص: 310


1- القائل الشيخ في الخلاف، ج 6، ص 383، المسألة 5؛ و ابن إدريس في السرائر، ج 3، ص 30.
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 10، ص 420 - 422.
3- الصحاح، ج 2، ص 1083، «عرض».

الوصيّة نوع اكتسابٍ و هو غير ممنوعٍ منه.

قوله: «و لا يتصرّف بما ينافي الاكتساب كالهبة. إنّما يُمنع من الهبةِ التي لا تستلزم عوضاً زائداً عن الموهوبِ، و إلّا فلا يُمنع. و في المساوي وجهٌ كالبيع بثمنِ المثل.

قوله: «و المهاباة و القرض و القراض». مع عدمِ الغبطة، فلو كان في طريقٍ خَطرٍ يكون الإقراضُ فيه أغبطَ من بقاءِ المال - و نحو ذلك - صحّ.

قوله: «و لو أذن مولاه في غيره فالوجه الجواز». جيِّدٌ.

قوله: «و إلّا استحبّت العطيّة». و لا حدّ لها بل مسمّاها؛ لتحقّق امتثال الأمرِ بمسمّى المال، و يكفي الحطُّ من النجومِ عنه؛ لأنّه في معناه. و یجب على العبدِ القبولُ إنْ آتاه من عينِ مالِ الكتابة، أو من جنسِه لا من غيره.

قوله: «مع التساوي في قدر الحرِّيّة». أو زيادةِ حرمةِ المجنيِّ عليه على الجاني.

قوله: «و له أنْ يفدي نفسه بالأرش». بل باقلِّ الأمرين من قيمته و الأرش.

قوله: «أمّا العبد أو المساوى». و الأنقصُ حرِّيّةً.

قوله: «إلّا بإذن المولى». الأصحّ أن له أن يقتصَّ و إن لم يأذن المولى.

أحكام في الوصيّة

قوله: «بأزيدَ من النصف». و يرجع في الزائد إلى الورثة (1).

قوله: «و لو قال: ما يشاء فإن أبقى ... و إن قلّ صحّ و إلّا فلا على رأي» (2). الأصحّ جواز الاستغراقِ؛ لدخولِه تحت المشيئة، و ليس في اللفظ إشعارٌ بالبعضيّة. أمّا لو قال: «ضعوا عنه ما شاء من مال الكتابة» فإنّ المنعَ مِن الاستغراقِ أَوجَه؛ لأنّ «مِن» يقتضي التبعيض. و رُدّ بأنّها تحتمل التبيينَ فيدخل الجميع. و هو ضعيفٌ؛ فإنّها تصير حينئذٍ مشتركة و لا قرينة لتخصيصِ بعض الأفرادِ فيبقى ما به الاستغراق مشكوكاً في

ص: 311


1- أي يرجع إلى الورثة في تعيين مقدار الزائد على النصف.
2- في هامش المخطوطة: قوله: «و إلّا فلا على رأي». بل يصحّ مطلقاً. (منه)

دخوله. و الأصل عدم تناول اللفظ له؛ لأنّ الذمّة محقَّقة الشغل فلاتزول بالمحتمل.

قوله: «و لو قال: ضعوا عنه أوسط نُجومه و فيها أوسط قدراً أو عدداً تعيّن».

المراد بالأوسطِ قدراً أو أجلاً، ما معه أكثر منه و أقلّ في المال و الأشهُرِ مثلاً. و بأوسطِ العدد المحفوفِ بمتساويين، إذا تقرَّرَ ذلك، فإمّا أن يكون للنجوم وسطٌ واحدٌ خاصّةً، أو اثنان منها، مجتمعان أو متفرِّقان أو بالثلاثة مجتمعةً أو متفرّقةً، و تجتمع اثنان منها و يفترق عنها واحدٌ. فتصحّ المسألة بعشر صورٍ:

الأوّل: أن يكون لها وسطٌ بالعددِ خاصّةً كثلاثة أنجمٍ متساويةٍ، و قسط كلّ واحدٍ دينارٌ. فالثاني وسطٌ له خاصّةً و لا يمكن فرض حصول القدر أو الأجل من دون العدد؛ لأنّ النجوم إمّا أنْ تكون أزواجاً أو أفراداً، و صدقُ المدّة المنفصلة يقتضي منعَ الخلوّ من أوسط العدد.

الثاني: أن يكون لها وسطٌ بالقدرِ و العدد دون الأجل مجتمعين كثلاثة نجومٍ متساوية الآجال، و قسط الأوّل منها دينارٌ، و الثاني ديناران، و الثالث ثلاثة.

الثالث: كذلك لكنّهما متفرّقان كثلاثةٍ متساويةٍ، قسط الأول ديناران، و الثاني دينارٌ، و الثالث ثلاثة، فالأوّل وسطٌ بالقدر و الثاني بالعدد.

و الرابع: أن يكون لها وسطٌ بالأجل و العدد خاصّةً مجتمعين كثلاثةِ أنجمٍ متساويةِ المال. لكنّ أجلَ الأوّل شهرٌ، و الثاني شهران، و الثالث ثلاثةٌ، فالثاني وسطٌ لهما.

الخامس: الصورة بحالها مع افتراقهما فتفرض الأوّل ثانياً و الثاني أوّلاً.

السادس: أن تجتمع الثلاثة في واحدٍ كثلاثةٍ، الأوّل شهرٌ و قسطه دينار، و الثاني شهران و قسطه ديناران، و الثالث ثلاثةٌ و قسطه ثلاثةٌ، فالثاني وسطٌ بالجميع.

السابع: الصورة بحالها مع افتراقها، بأن كان الأوّل منها شهرٌ و قسطه دينارٌ، و الثاني شهرٌ و قسطه ثلاثة دنانير، و الثالث ثلاثة أشهرٍ و قسطه ديناران، فالأوّل وسطٌ بالأجل، و الثاني بالعدد، و الثالث بالقدر.

الثامن: الصورة بحالها لكن الأجل مفارقٌ كثلاثةٍ أوّلها شهران بدينارٍ، و الثاني شهرٌ

ص: 312

بدينارين، و الثالث ثلاثةٌ بثلاثةٍ، فالأوّل وسطٌ بالأجل و الثاني بالآخرين.

التاسع: كذلك لكن القدر مفارقٌ كثلاثة أوّلها شهرٌ بدينارين، و ثانيها شهران بدينارٍ، و ثالثها ثلاثةُ أشهرٍ بثلاثة دنانير. فالأوّل وسطٌ قدراً، و الثاني بالآخرين.

العاشر: كذلك لكن الفارق العدد كثلاثة أوّلها شهرٌ بدينارٍ، و ثانيها ثلاثةٌ بثلاثةٍ، و ثالثها شهران بدينارين. فالثاني وسطٌ بالعدد، و الثالث بالآخَرَين.

هذا كلّه إذا كان العدد فرداً، و لو كان زوجاً كأربعةٍ فأوسط العدد منها الثاني و الثالث، و يجيء فيه ما مرّ مع مغايرةٍ تُعلم بالتأمّل فيه.

قوله: «وي صحّ لو جمعهما و بالعكس لو كانت فاسدةً». فيصحّ برقبتِه لا بالمال.

ص: 313

المقصد الرابع في الاستيلاد

قوله: «قال الشيخ: و كذا النطفة». لا حكم لها؛ للشكّ فيها.

قوله: «و لو أولد أمةَ غيره مملوكاً». صفةٌ لمحذوفٍ، هو مفعولٌ ثانٍ لِ«أولد» تقديره أولد أمةَ غيرِه ولداً مملوكاً. و كذا «حرّاً» في قوله: «أولدها حرّاً».

قوله: «و كذا لو أولدها حرّاً على رأى». قوىّ.

قوله: «و لو وَطِئَ المرهونة».

المراد أنّ الراهنَ وَطِئَ أَمَتَه المرهونة لا المرتهن ولا إشكال في صيرورتها بذلك أُمَّ ولدٍ؛ لتحقق شرائطه، وإنما الخلاف في تقديم حقِّ المرتهِن؛ لسبقه، أو حقٌّ أُمِّ الولد؛ لعموم المنع من بيعها، و بِناءُ العتق على التغليب، و الأقوى الأوّل. و لو أمكن الراهن أن يجعل بدلها رهناً، أو يؤدّي الدين وجب؛ جمعاً بين الحقّين.

قوله: «و لو أسلمت أُمّ ولد الذمّي بيعت عليه على رأي». قويّ.

قوله: «و القيمة على رأي». قويّ.

ص: 314

كتاب الأيمان و توابعها

[المقصد] الأوّل في الأيمان

[المطلب] الأوّل في نفس اليمين

قوله: «و لا تنعقد إلّا بالله تعالى أو ... دون المشتركة». كالحيّ و السميع و البصير و إن نوى بها الحلفَ؛ لسقوطِ حرمتها بالاشتراك.

قوله: «و قصد المعاني لم تنعقد». و كذا لو قصد الأحوالَ. و إنّما تنعقد لو اعتقد أنّهما عين الذات.

قوله: «أو لَعَمْرُ الله». معنى لَعَمْرُ اللهِ و عَمْرَ اللهِ: أحلفُ ببقاء الله و دوامِه، فإذا أدخلتَ عليه اللام رفعتَه بالابتداء، و إن لم تأت باللام نصبتَه نصبَ المصادر. قاله الجوهري (1).

قوله: «و لا بحقِّ الله تعالى (2)». الأقوى أنّه إن قصد بحقِّ الله حقّه على العباد لم تنعقد، و إن قصد به الذاتَ إمّا بإضافةِ الصفة إلى موصوفها كجَرْدِ قطيفةٍ، و كون الحقِّ صفةً ذاتيّة كالعظمة و الجلالِ انعقد، و إنْ أطلق فالأقوى عدم الانعقاد خلافاً للدروس (3).

قوله: «و تنعقد من الكافر». إنْ لَم يكن كفرُه بجحدِ الإلهيّة، و حيث تنعقد لا يصحّ التكفير

ص: 315


1- الصحاح،ج2،ص756، «عمر».
2- في هامش المخطوطة: قوله: «و لا بحقّ الله تعالى». إلّا أن تقصد الله الحقَّ و نحوه فتنعقد. (منه)
3- الدروس الشرعيّة، ج 2، ص 128 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 10).

منه لو حنث فإن أسلم سقطت.

قوله: «إلّا بإذن مولاه». فتبطل مع عدم سبقِ الإذن في الثلاثة.

قوله: «و بها الله». الألفُ محذوفٌ، و الهاء بمنزلة الواو، فاذا قال: «ها الله لأفعلنّ» فمعناه و الله.

قوله: «وَمُ الله». بضمِّ الميم و الفتح و الكسر.

قوله: «و إنْ تجدّد العجز على الممكن» أو تجدّدت الأولويّة في متساوي الطرفين، أو

فى الطرفِ المرجوح.

المطلب الثاني فيما يقع به الحنث

قوله: «و لو حلف لا بنيتُ فاستأجر البنّاءَ، أو أمره حنث على رأي». قويّ.

قوله: «و كذا السلطان لو حلف لأضربنّ». و كذا من في معناه ممّن لم تجرِ عادته بمباشرةِ ذلك الفعل.

قوله: «قيل: يبرّ بالوقف ...». الأصحّ أنّه لا يبرّ بدون الهبة.

قوله: «و عقد الوكيل لم يحنت». إلّا أنْ يدلَّ العرف على كونه من أهلِ المروءة الذين لا تليق بحالهم مباشرةُ المعاملات.

قوله: «وكيل زيدٍ لم يحنث». إلّا مع دلالة العرف عليه كما مرّ.

قوله: «لم يحنث برأس الطير و السمك». المرجِع في ذلك إلى العرف.

قوله: «و في الألية و السنامِ إشكال». لا يحنث فيهما.

قوله: «بل بالقلب على إشكالٍ». لا يحنث.

قوله: «و في العكس إشكالٌ». لا يحنث.

قوله: «بالأدهان بل بالعكس». بل يرجع إلى العرف.

قوله: «على الخلِّ في السكباج». هو اللحم بالخلِّ (1).

ص: 316


1- المعجم الوسيط، ص 438، «سكبج».

قوله: «و الرمّان و البطيخ على إشكالٍ». الأجودُ الرجوعُ إلى العرف، فإن انتفى فعدمُ الحنث قويٌّ.

قوله: «و يابس الفاكهة». لا (1).

قوله: «لزمته الكفّارة معجّلاً». بل تجب في الغدِ مع بقائِه على شرائط التكليفِ، و هو العقل و البلوغ (2).

قوله: «أو الحقيقة إشكالٌ». إن قصد شيئاً، أو دلّ العرف عليه صير إليه، و إلّا حمل على الحقيقة.

قوله: «و لو ساعةً حنت». بحيث يمكنه الخروج فيها.

قوله: «كالمعتاد فإشكالٌ». لا يحنث.

قوله: «و الأقرب في التطيّب المغايرة». الأجود أنّه إن حلف أن لا يتطيّبَ لم يحنث بالاستدامة، و إن حلف على شمِّ الطيب و نحوه حنث بها.

قوله: «الذي غصبه على إشكالٍ». المتّجه عدم الحنث.

قوله: «و كذا لا دخلت دار زيدٍ على إشكالٍ». الأجود تغليبُ الوصف فتبطل اليمينُ بانتقالِها عنه كالأوّل.

قوله: «و لا يحنث على الدخول بنزول السطح».

يمكن أن يريدَ بنزول السطح النزولَ إليه بمعنى الحصولِ عليه؛ فإنّه لا يحنث به من حلف على دخول الدار كما سبق في النوع الثالث. لكن فيه مع مناسبته في الحكم كونه خلاف ظاهر اللفظ، و سَبَقَ ذكره فلا وجهَ لإعادته.

و يمكن أن يريدَ به النزولَ إلى الدار من السطحِ، بمعنى أنّ مَن حلف «لا دخلتُ الدارَ» إنّما يتناول دخولَها من الباب و شبهه، لا دخولها من السطح؛ لأنّه المتبادر من

ص: 317


1- و للتوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 11، ص 236.
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 11، ص 221.

الدخول عرفاً، و في القواعد قال: مع دخولها من السطح الأقرب الحنث (1). و هو يقتضي قوّة عدمه كما هنا. و هذا المعنى أظهر من حيث اللفظ، ولكن يبعد من حيث الجزم بعدم الحنث؛ فإنّه موضع إشكالٍ لم يكن الأرجح الحنث. كما جزم به في التحرير (2). و قبله المحقّق في الشرائع (3).

قوله: «و لو حلف لا ركبت سرجَ دابّة...، بخلاف العبد». و الفرق أنّ الإضافةَ في الفرس ملابسةٌ محضةٌ لا يمكن أنْ يُتَوَهَّمُ فيها الملكُ، بخلاف العبد فإنّ له أهليّة المِلك، فإذا انتفى الملكُ عنه انتفى الحنث كالحرّ؛ و لأنّ الأصلَ في الإضافة باللامِ الملك، خرج منه الإضافةُ إلى نحو الفرس؛ لتعذّره قطعاً، فيبقى العبد على الأصل (4).

قوله: «دون اللحمة». و كذا العكس.

قوله: «فخبزت فإشكالٌ». عدم الحنث في الثلاثة قويٌّ.

قوله: «و لو حلف لا يخرج إلّا بأذنه فأذن و لم يسمع المأذون فإشكالٌ». يحنث.

قوله: «و في التهليل إشكالٌ». الحنث به و بالقرآن قويٌّ، إلّا أنْ يقصد غيره، أو يقتضيه العرفُ فيصار إليه.

قوله: «شارك الأخير». في أصل الاستحقاق لا في نفس المال المحلوف عليه، بل يستحقّ كلّ واحدٍ ما حلف عليه، سواءٌ أخبروه دفعةً أو على التعاقب.

قوله: «فلو حلف ليرفعنّ المنكر إلى القاضي احتمل الموجود».

الأجود أنّه إن دلّ العرفُ على شيءٍ وجب المصيرُ إليه، و إلّا فوجوب الرفعِ إلى الموجودِ متيقِّنٌ، و غيره مشكوكٌ فيه و أصالةُ البراءة تقتضي عدمَ وجوبِ الرفع إليه.

قوله: «و الجنس». المراد جنس القاضي، و يجوز أن يراد جنس المنكر.

ص: 318


1- قواعد الأحكام، ج 3، ص 277: «و لو حلف على الدخول فنزل من السطح فالأقرب الحنث».
2- تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 4، ص 308، الرقم 5852.
3- شرائع الإسلام، ج 3، ص 137.
4- لاحظ غاية المراد، ج 3، ص 303 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 3).

قوله: «ففي الرفع إليه إشكالٌ». يجب مع توقّع الفائدة.

قوله: «و لو بادر فمات قبل الانتهاء إليه لم يحنث». بل يحنث مع عدم ملازمته له اختياراً.

قوله: «الشماريخ». المراد بالشماريخ السبط (1) المجتمعة.

قوله: «و لا يشترط أن يمسّ آحادها». بل يشترط إصابةُ كلِّ قضيب جسدَ المضروب، و يكفي الظنّ (2).

قوله: «فالأولى العفو» ليست هذه الأولويّة أولويّة خلافٍ.

خاتمة

قوله: «و لو حلف لا شربتُ الماء اقتضى العموم». أي عموم أفراد المطلق (3).

قوله: «و لو حلف ليتصدّقن بماله دخل الدَين و العَين». و المنفعة أيضاً.

قوله: «و يشمل الحليّ: الخاتم و اللؤلؤ». لا يشمل إلّا أن يدلّ العرف عليه.

قوله: «و التسرّي وطء الأمة المخدّرة». و إنْ أكسل، و الأقوى عدمُ اشتراطِ تخدُّرِها إلّا أنْ يدلّ العرف عليه.

قوله: «كما لو دخلت السفينة و هو فيها». إن دخلت باختياره و إلّا فلا.

ص: 319


1- السبط: شجرةٌ لها أغصانٌ كثيرةٌ و أصلها واحد. المعجم الوسيط، ص 414، «سبط».
2- و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 11، ص 271 - 274.
3- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 11، ص 277.

المقصد الثاني في النذر

[المطلب] الأوّل في أركانه

قوله: «و شرطه ... و إذن الزوج - في المرأة - في التطوّعات». و كذا الواجبات.

قوله: «و القربة». يعتبر فيها التلفّظ بقوله: «لله عليَّ» و القصد إلى مدلولها، و لا يشترط ضميمة «قربةً إلى الله» على الظاهر.

قوله: «و لو أجاز المالك فإشكالٌ». لا يصحّ، و كذا الولد و الزوجة فلو بادر أحدهم وقع باطلاً. و كذا العهد و اليمين.

قوله: «و لو نذر المسلم و لم يقصد به التقرّب إلى الله تعالى لم يقع». لكن يستحبّ الوفاء به.

قوله: «ابتداءً فقولان». الأصحّ انعقاد النذر المجرّد عن الشرط إذا كان متعلّقه راجحاً.

قوله: «و هو كلّ عبادة مقصودة». أي مقصودة للشارع في المعهودة.

قوله: «و لو التزم المباحات كالأكل و النوم لم يصحّ». مع كونهما مباحين و إلّا فقد يترجّح فعلهما ديناً فينعقد نذرهما.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «و لو نذر صومَ شهر متفرّقاً لم يلزمه التفريق». بل يلزم التفريق مطلقاً (1).

قوله: «و يجب قضاء أيّام الحيض و المرض على إشكالٍ». الأقوى عدم وجوب قضاء

ص: 320


1- علّق عليه في بعض النسخ: «أي سواءٌ عيّن ما به يحصل التفريق أم لا».

أيّام الحَيض و المرض و السفر الضروري.

قوله: «و بنى إن لم يشرط التتابع». بل يبني مطلقاً.

قوله: «و لو شرطه استأنف». بل الأصحّ عدم الاستئناف و إن شرط التتابع، و هو خيرة المصنّف في القواعد (1).

قوله: «إن لم يتجاوز النصف». ضعيفٌ.

قوله: «و لو نذر صومَ يومٍ يقدَمُ زيدٌ لم ينعقد». إنْ قَدِم قبل الزوال و لم يتناول، فالأقوى انعقاد نذره حتّى لو علم قدومه كذلك حرم التناول قبله. و لو قلنا بانعقاد صوم المندوب إذا نواه بعد الزوال توجّه هنا انعقاد النذر و إنْ قَدِم بعد الزوال ما لم يتناول.

قوله: «و لو نذر بعض يومٍ لم ينعقد».

فائدة: لو نذر صوم يومٍ قبل الزوال كان له ثواب اليوم تماماً، و إن نذر بعد الزوال فله

ثواب مابقي.

قوله: «لزمه الأثانين خاصّةً». بمعنى أنّه يصوم كلّ اثنين عن النذرَين، و لا يلزمه إبدال يومِ قدوم زيدٍ مع تأخّرِ نذره بغير الاثنين. فعلى هذا لو أخلّ بصوم يومٍ لزمه كفّارتان، عدا يوم قدوم زيد ففيه ما مرّ.

قوله: «و لا في الحَيض و المرض». بل يجب فيهما.

قوله: «في بلدٍ لم يتعيّن». بل يتعيّن، سواءٌ كان له مزيّةٌ أم لا.

قوله: «و لو نذر أوّل يومٍ من رمضانَ وجب». و كذا لو نذر غيره من الواجبات (2).

قوله: «و لو أطلق وجبت ركعة». الأقوى ركعتان؛ للنهي عن البتراء (3).

قوله: «و كذا لو نذر قربةً أجزأه مهما شاء من القرب». القربة اسمٌ لما يتقرّب به العبد

ص: 321


1- قواعد الأحكام، ج 3، ص 288.
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 11، ص 389 - 390.
3- النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 1، ص 93. «بتر»: و فيه أنّه نهى عن البُتَيْراء؛ نيل الأوطار، ج 3، ص 32.

إلى الله تعالى من الأعمال و المال، فيبرأ ناذرها بالصلاة و الصوم و عيادة المريض و تشييع الجنازة و الصدقة و غيرها.

قوله: «كصلاة ركعة». بل ركعتان.

قوله: «من الميقات». بل يتّبع العرف، و هو الآن دالٌّ على البلد، ثمّ إن كان بلد النذر بلد الناذر فلا كلام، و إلّا تعيّن ما دلّ عليه العرف أيضاً إذا لم يقصد غيره.

قوله: «و لو ركب البعض في المطلق أعادَ ماشياً للجميع على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و لو عجز ركب». إن كان معيّناً و إلّا توقّع المكنة فإن لم يتمكّن حجّ راكباً.

قوله: «و في وجوب سياق البدنة قولان» تستحبّ.

قوله: «و يسقط بعد طواف النساء». و رمي الجمار.

قوله: «و يقف مواضع العبور». استحباباً.

قوله: «و لو نذر المشي إلى بيت الله فهو مكّة». المراد أنّه ينصرف إلى الكعبة، و مکّة كنايةٌ عنها.

قوله: «و لم يعيّن المقصد بطل». و إن عيّنه صحّ مع رجحانه.

قوله: «ففى وجوب لقاء البيت إشكالٌ». يجب لقاء البيت؛ للتحلّل بالعمرة لا للنذر.

قوله: «و لو قال: آتي مكّة لم يلزمه». بل يلزمه، و يجب عليه أحد النسكين لغير المتكرِّر.

قوله: «و في المعيّن خلافٌ». يصحّ مع تحقّق القربة.

قوله: «وجب إلّا مع الضرورة». أو كان الأولى بیعه.

قوله: «و لو قال: خطير أو جليل فسّر بما أراد». و لو مات قبل التعين عيّن الوارث.

قوله: «و معونة الحاجّ و الزائرين» الأقوى تعدّي الحكم إلى النذر المطلق، و الوصيّة و غيرهما، سواءٌ كان ممّا ذكر أم غيره، و سواءٌ كان هدياً أم غيره، لكن تجب البدأة أوّلاً بعمارة المشهد، ثمّ بمصالحه على الاقتصاد، ثمّ بأُجرة القائمين بمصالحه؛ فإنْ فضل عن ذلك كلِّه جاز صرفه إلى الزائرين مع حاجتهم إليه، و لافرق بين نفقة

ص: 322

الإياب و الذَهاب، و لا يجوز للزائر صرفه في غير النفقة في سفر الزيارة.

قوله: «فالوجه اللزوم». قويٌّ إن قصد الصدقة به في ذلك الموضع و إلّا فلا.

قوله: «و من وجب عليه بدنَةً ... فإن لم يجد فسبع شياءٍ». فإن عجز فما استطاع.

قوله: «و لو نذر التضحيةَ ببغداد ... و هل يجب الذبح فيها؟». يجب.

قوله: «و كذا في مسجد النبيّ صلّى الله عليه و آله و الأقصى». و كذا باقي المساجد و المشاهد، و قبور الصالحين على الأقوى، و كذا الإسراج.

مسائل:

قوله: «و لو عجز عن المنذور سقط». مع عدم رجاء زوال العذر.

قوله: «و روي الصدقة» (1). تحمل على الاستحباب.

ص: 323


1- الكافي، ج 4، ص 143، باب كفّارة الصوم و فديته، ح 2؛ تهذيب الأحكام، ج 4، ص 313، ح 946.

المقصد الثالث في الكفّارات

[الباب] الأوّل في أقسامها

قوله: «کاليمين و كذا العهد». بل الأقوى أنّ كفّارتهما كرمضان مطلقاً.

قوله: «فإن عجز ... قيل: يأثم و لا كفّارة». الأجود أنّه مع الحنث يجب عليه إطعام عشرة مساكين، ویستغفر الله، روي ذلك صحيحاً عن العسكري علیه السلام في التوقيع (1).

قوله: «فكفّارة يمينٍ». الأقوى عدم الكفّارة و إن أثم.

قوله: «فعجز أطعم مسكيناً». هذه المسألة تقدّمت؛ و لعلّه أعادها لبيان الفتوى؛ لأنّه ثمّة اقتصر على مجرّد الرواية. و كذا ذكرها المحقّق في موضعين من الشرائع (2).

قوله «و الوجه استحباب الثلاثة». جيِّدٌ.

الباب الثاني في خصالها

قوله: «و لا يجزئ الحملُ و لا المراهِق». المراهَقَةُ المقارَبَةُ. و المراد هنا من قارب البلوغ، بحيث يمكن في حقِّه. و قد ذكر المصنّف في المنتهى أنّ مبدأ الإمكان اثنتا عشرة سنة (3). و تقدّم في هذا الكتاب ما يدلّ على أنّه عشر سنين (4).

قوله: «و لا يتبع المسبيّ السابي في الإسلام». و يتبعه في الطهارة.

ص: 324


1- الكافي، ج 7، ص 461، باب النوادر ، ح 7؛ الفقیه، ج 3، ص 378، ح 4333 ؛ تهذيب الأحكام، ج 8، ص 299، ح 1108.
2- شرائع الإسلام، ج 3، ص 52، 152.
3- منتهى المطلب، ج 2، ص 178.
4- قال المصنف - في شرائط الوقف من إرشاد الأذهان، ج 1، ص 451: و فيمن بلغ عشراً روايةٌ بالجواز.

قوله: «و ولد الزنى». بعد بلوغه و إسلامه.

قوله: «و المكاتب المشروط». بِناءً على أنّه ينعتق بالإعتاق، أو على أنّ الأداءَ كاشفٌ عنه.

قوله: «و القاتل خطأ دون العمد». الأقوى الصحّة فيهما مراعيً بفكّه.

قوله: «و المأمور بعتقه عن الآمر فيلزمه إن عين و مع الإطلاق القيمةَ». و يُنتقل إلى ملكِ الآمرِ بعزم المأمورِ بعتقه، المقارن للنيّة.

قوله: «و نفذ العتق و لا تجب القيمة» مع علمه، و لو جهل وجبت له القيمة.

قوله: «و لو أعتق الوارث عن الميّت... وقع عن الميّت». الأجود جواز العتق عن الميِّت مطلقاً، لا عن الحيّ إلّا مع الأمرِ، و لا يقع عن المعتق مطلقاً (1).

قوله: «لو قال له آخر: أعتق عبدك ... فأعتقه ففي عتقه إشكالٌ». لا يُعتق.

قوله: «و التعيين مع تكاثر السبب». قويٌّ.

قوله: «و إنْ تجانست الكفّارات». جيّدٌ، و المراد بالتجانُسِ هنا التجانُسُ في السبب لا في كيفيّة الكفّارة، فالقتلُ و الظهارُ جنسان و إنْ اتّحدتِ الكفّارة كيفيّةً.

قوله: «و لو أعتق نصف عبدَين مشتركَين لم يجزئ». مع إعساره، أمّا مع يساره فيجزئ.

قوله: «لو اشترى أباه و نوى العتق عن الكفّارة لم يجزئ على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «لم يجب بيعه». إن كان من عبيد أمثاله و إلّا وجب.

قوله: «بأرخصَ من المسكن». إن كان من مسكن أمثاله كمّيّةً و كيفيّةً، و إلّا وجب الاقتصاد على المثل، و كذا الثياب.

قوله: «لم ينقطعِ التتابع». لا ينقطع.

قوله: «و نسيانُ النيّةِ يقطع التتابع على إشكالٍ». لا يقطع.

ص: 325


1- علّق عليه في بعض النسخ: «وارثاً و غيره».

قوله: «و إن كان ليلاً». عدم قطعه ليلاً قويٌّ و إنْ أثم.

قوله: «لم يعدل إلى الصوم». إلّا مع اضطراره إلى المبادرة، كوطء المظاهر إذا اضطرّ إليه.

قوله: «صام على إشكالٍ». إنْ أضرَّ الصوم بحقِّ المولى توقّف على إذنه.

قوله: «و تعيين جهتها على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و يجب لكلّ مسكينٍ مدٌّ على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و يجوز منضمّين». إذا كانوا النصف فمادون. هذا في الإطعام، أمّا الدفع فلا فرق فيه بين الصغير و الكبير. و لا يشترط في الإطعام إذن الوليّ، أمّا في الدفع و الكسوة فيُشترط.

قوله: «و يستحبّ إطعام المؤمنين». بل يجب.

قوله: «و يُجزئ الغسيل». ما لم ينخرق أو ينسحق.

قوله: «كفّارة اليمين و الإيلاء و العهد على رأي واحدةٍ». قد تقدّم أنّ كفّارة العهد و النذر كرمضانَ، و هذا من المصنِّف حكمٌ مخالفٌ لما سبق عن قُربٍ.

قوله: «التنصيف في الأجناس». أي في المبعّض كما سبق.

قوله: «تصدّق عن كلِّ يومٍ بمدٍّ». من الثمانية عشر.

قوله: «خصوصاً الغموس». و هي الحلف على الماضي، سُمِّيت بذلك؛ لأنّها تغمس صاحبها في الذنب، و تحمل على حالة الكذب (1).

قوله: «لا إعادة مع التعذّر». و الاجتهاد إلّا أن يكون عبده.

ص: 326


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 11، ص 292.

كتاب الصيد و توابعه

المقصد الأوّل في الاصطياد

[المطلب] الأوّل في شرائط الاصطياد

قوله: «و المعراض ... إذا خرق اللحمَ». سهمٌ لا ريشَ فيه و لا نصل.

قوله: «يشترط ... و التسميةُ عند إرسال الآلة». و كذا بعده قبلَ الإصابة على الأقوى.

قوله: «و إن كان الكلب واقفاً عليه». إلّا أن يقطع بقتله بالضربة أو الكلب.

قوله: «و إسلام المُرْسِلِ أو حكمه». و هو طفله المميّز.

قوله: «و الانزجار عند الزجر». نعم مع عدم رؤية الصيد.

قوله: «و أنْ يتكرّر ذلك». و يتحقّق التكرار بمرّتين فيحلّ مقتولُه في الثالثة. و لا يتغيّر الحكم بأكله مرّةً إلى أن تتحقّق العادةُ فيحرم في الثالثة كذلك و هكذا.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «و قيل: لو لم يكن معه ما يذكيه يترك الكلب يقتُله». ضعيف.

قوله: «و لو لم يتّسع الزمان للتذكية حلّ» (1).

ص: 327


1- في هامش المخطوطة: قوله: «و لو لم يتّسع الزمان للتذكية حلّ». لا منافاة بين استقرار حياته و قصور الزمان عن تذكيته؛ لأنّ استقرار الحياة مناطه الإمكان و ليس كلّ ممكن بواقع فجاز خلافه في الحال فارتفع الإمكان. (منه)

أورد فخرالدين على والده: أنّ المراد باتّساع الزمان إن كان لمجرّد التذكية لم يجامع استقرار الحياة الذي هو مقسمٌ في المسألتَين، و إنْ كان مع تحصيل الآلات و المعاون لم يصدق الحكم الثاني - و هو الحلّ مطلقاً - لجواز تعذّر الآلات اليومين و الثلاثة، ثمّ يموت، فإن لم يقل بحلّه فلا يصدق الحلّ.

و أجاب عن نفسه بأنّ المراد بمجرّد الذكاة تحصيل الآلات المعهودة في الزمان القريب المعهود. و نمنع المنافاة؛ لعدم اتّساع الزمان، لجواز ظنّه استقرار الحياة ثمّ تبيّن فساده. أو نقول: المعتبر إمكان الحياة يوماً أو يومين، و جاز أن يستعقبه الموت بعد لحظةٍ قبل إمكان الذبح فيُحكم بالحلِّ حينئذٍ؛ إذ ليس كلّ ممكن واقعاً فهذا أشدّ من جواز الظنّ إلى آخره (1).

قوله: «ولا بوثوب السمكة إلى سفينته». الملك قوي.

قوله: «أو بتوحُله في أرض اتّخذها لذلك إشكالٌ». الملك قويٌّ مع قصده به.

قوله: «فهو للثاني على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «فبعض الاحتمالات بسط العشرة» (2).

هذا الاحتمال قويٌّ، و هو مبنيٌّ على دخول أرش الجناية في النفس، و على وجوب رجوع كمال القيمة إلى المالك. و الأصل وجوب نصف القيمتين على كلِّ واحد، و يبقى من القيمة نصفٌ فيُبسط عليهما على نسبة المال. و جملة ما يقتضيه البسط المذكور على الأوّل، خمسةٌ و خمسة أجزاءٍ من تسعة عشر جزءاً من عشر. و على الثاني، أربعةٌ و أربعة عشر جزءاً من تسعة عشر جزءٍ من عشرة؛ و ذلك تمام

ص: 328


1- راجع إيضاح الفوائد، ج 4، ص 120؛ و لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 11، ص 443 - 448.
2- في هامش المخطوطة: قوله: «فبعض الاحتمالات بسط العشرة». و توضيحه أن تضرب عشرةً في تسعة عشر تبلغ مائة و تسعين. على الأوّل منها مائةٌ، و على الثاني تسعون. و هذه الأجزاء كلّ تسعة عشر منها درهم، فخمسةٌ و تسعون من المائة بخمسة دراهم فيكون عليه خمسة دراهم و خمسة أجزاءٍ من تسعة عشر جزءاً من درهم. و على الثاني أربعة دراهم هي ستّةٌ و سبعون جزءاً من التسعين و أربعة عشر جزءاً من درهم، فإذا اجتمعت هذه الأجزاء مع تلك الخمسة صارت در هماً فالجميع عشرةٌ. (منه)

العشرة. و يتّضح بأنْ تضرب العشرة - قيمة الصيد - في تسعة عشر تبلغ مائة و تسعين جزءاً، فعلى الأوّل منها مائةٌ، و على الثاني تسعون، و إذا قابلته كلّ تسعة عشر جزءاً بواحدٍ كاملٍ أصاب كلٌّ منهما ماذكر.

قوله: «و بعضها إيجاب نصف العشرة على الأوّل». لأنّ أرش الجناية يدخل في بدل النفس.

قوله: «فتبسط العشرة على عشرةٍ و نصف» (1).

هذا الاحتمال مبنيٌّ على عدم دخولِ الأرش في بدل النفس. و حينئذٍ فيخصّص كلٌّ منهما بواحدٍ، و يجب على الأوّل نصف قيمته بعد جنايته و تسعةٌ، و على الثاني نصفها و هى ثمانيةٌ. فيلزم الأوّل أربعة و نصف مضافاً إلى الواحد، و ذلك عشرةٌ كذلك و نصفٌ. و لمّا كان الواجب للمالك تمام القيمة خاصّةً، فبسطت القيمة و هي عشرةٌ على عشرةٍ و نصف، فيلزم الأوّل منها خمسةٌ و سُبعٌ و ثلثا سُبعٍ. و الثاني خمسةٌ إلّا سُبعاً و ثلثي سُبعٍ. و يتّضح ذلك بأن تضرب العشرة في عشرةٍ و نصفٍ تبلغ مائة و خمسة، فعلى الأوّل منها خمسةٌ و خمسون، منها اثنان و خمسون و نصفٌ بإزاء خمسةِ، و يبقى اثنان و نصفٌ يقال سبعاً و ثُلثي سُبع؛ لأنّ سٌبع العشرة و نصف، واحدٌ و نصفٌ. و على الثاني خمسون، منها اثنان و أربعون بإزاء أربعةٍ و سُبعٌ و نصفٌ بإزاء خمسة أسباعٍ، يبقى نصف واحد و هو ثلث سُبعٍ، و مجموع ذلك عشرةٌ.

قوله: «و على الأوّل تمام العشرة». لأنّ الأوّل انفرد بإتلاف درهمٍ قطعاً، و الشركة

ص: 329


1- في هامش المخطوطة: قوله: «فتبسط العشرة على عشرةٍ و نصف». بأن تضرب العشرة في عشرةٍ و نصف تبلغ مائة و خمسة، فعلى الأوّل منها خمسةٌ و خمسون جزءاً، و على الثاني خمسون. و هذه الأجزاء كلّ عشرةٍ و نصفٍ منها درهمٌ. فعلى الأوّل خمسة دراهم و سُبع درهمٍ و ثلثا سبُعٍ، و ذلك؛ لأنّ الخمسة باثنين و خمسين جزءاً و نصفٌ يبقى جزءان و نصفُ جزءٍ، و نصفٌ منها سُبع درهمٍ و الجزء الآخر ثلثا سُبعٍ. و على الثاني خمسة دراهم إلّا سبع درهمٍ و ثلثا سبع درهم و هو ظاهرٌ ممّا ذكر. (منه)

لم تحصل إلّا في التسعة، فأيُّ مقتضٍ لوجوب زيادة عن نصفها مع التساوي في الجناية فيها؟ و كان قد استقرّ على الأوّل درهمٌ، فإذا أُضيف إلى أربعةٍ و نصفٍ كان خمسةٌ و نصفٌ. و تحريرها أنّ المقتضي لإسقاط نصف أرش جناية الثاني موجودٌ في إسقاط الأوّل؛ لأنّ ذلك هو صيرورة الجناية نفساً، و في الأوّل كذلك، فإمّا أن يقال بسقوطها أو بلاسقوطها (1).

ص: 330


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 11، ص 532 - 540.

المقصد الثاني في الذبح

المطلب الأوّل في الأركان

قوله: «فلا تحلّ ذبيحة الكافر و إن كان ذمّياً و لا الناصب». و لاغيره من الفرق الإسلاميّة المحكوم بكفرها.

قوله: «و أطفال المؤمنين». و المسلمين.

قوله: «مع المعرفة». يمكن أن يريدَ بالمعرفة هنا التمييز؛ لأنّه شرطٌ في حلِّ ذبيحة الطفل، و لكنّه خلاف الظاهر مِن إطلاق المعرفة. و يمكن أن يريدَ بها معرفة أحكام الذبح و شرائطه؛ فإنّها شرطٌ في مطلق الذابح. و خصّ الطفل؛ لكونه مظنّة الجهل بها. و كلاهما حسنٌ و إن كان الأوّل أحسن.

قوله: «و ولد الزنى». مع بلوغه و إسلامه.

قوله: «و في المسوخ و الحشرات و السباع قولان». الأقوى أنّها تقع على المسوخ و السباع، و لا تقع على الحشرات.

قوله: «و يطهرُ بمجرّد الذكاةِ و إن لم يُدبَغ على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «مِن ليطةٍ». القصبة الحادّة.

قوله: «أو مَرْوةٍ». الحجر الحادّ.

قوله: «و في الظفر و السنِّ قولان» (1). الجواز قويٌّ. و كذا بكلِّ ما يفري مع تعذّر الحديد.

قوله: «عصفور ببندقة حرم». و كذا غيره من الحيوان إذا لم يدرك ذكاته.

ص: 331


1- في هامش المخطوطة: قوله: «و في الظفر و السنّ قولان» . يحلّ مع الإفراد. و كذا كلّ ما يفري مع تعذّر الحديد. (منه)

قوله: «من الحلقوم حرم». و كذا غيره من الأعضاء التي تعيّن قطعها.

قوله: «و لم يخرج دم المعتدل حرم». الأصحّ أنّه يكفي في حلِّه حركته بعد الذبح، و إنْ خرج مع ذلك الدم المعتدل كان أولى.

قوله: «و لو قطع بعض الأعضاء ثمّ دفّف عليه بعد إرساله فالأقرب الإباحة». يعتبر في الذبح متابعة قطع الأعضاء عادةً بحيث يصدق معه اسم الذبح عرفاً.

قوله: «و لا يشترط قطع الأعضاء في الصيد». على بعض الوجوه، و هو ما لو لم يدرك تذكيته و إلّا كان كغيره.

قوله: «و لو شرد البعير». أو غيره من الحيوان.

قوله: «إلّا أنْ يخاف هلاكه». أو يضطرّ إلى أكله و إن لم يبلغ خوف التلف.

قوله «يشترط ... استقبال القبلة». المعتبر استقبال المذبوح و المنحور لا الفاعل.

قوله: «فلو أخلّ عمداً حرمَ لا نسياناً». أو مضطرّاً.

قوله: «و يكفى ذكر الله تعالى».

المراد بالذكر كلّ ما يتضمّن التعظيم و الثناء على الله تعالى مثل بسم الله، و سبحان الله، و الله أكبر. و لو قال: اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، فالأقرب الإجزاء.

قوله: «أو خروج الدم». الأقوى اعتبار الحركة خاصّةً.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «يجوز شراءُ ما يوجَدُ في أسواق المسلمين».

المراد بسوق الإسلام ما يغلب على أهله الإسلام و إن كان حاكمهم كافراً. و لا عبرة بنفوذ الأحكام و تسلّط الحكّام - كما زعم بعضهم - لاستلزام كون بلاد الإسلام المحضة التي يغلب عليها حكم الكفّار، و نفذت أحكامهم فيها سوقَ الكفر. و كون بلاد الكفر المحضة التي غلب عليها المسلمون، و أجروا على أهلها أحكام المسلمين سوقَ الإسلام و إن لم يكن فيهم مسلم، و هو مقطوع الفساد.

ص: 332

و يدلّ على ما ذكرناه - من اعتبار الأغلبيّة مع دلالة العرف عليه - رواية إسحاق بن عمّار عن الكاظم علیه السلام قال: «لا بأس بالصلاة في القزّ اليماني، و فيما صنع في أرض الإسلام»، قلت له: فإن كان فيها غير أهل الإسلام. قال: «إن كان الغالب عليها المسلمون فلا بأس» (1).

قوله: «و النخع». هو قطع النخاع قبل أن يموت الحيوان، و الأصحّ تحريم الفعل دون الذبيحة.

قوله: «و قلب السكين». و هو أن يُدخل في وسط اللحم فيقطع إلى الجلد.

قوله: «و يكره إبانة الرأس و سلخها قبل الموت». قويٌّ في الثاني دون الأوّل؛ فإنّ تحريمه أقوى.

قوله: «و لو انفلت الطير». أو غيره ممّا يمتنع مع الانفلات.

قوله: «من الماء حيّاً». بل الشرط إثبات اليد عليه خارج الماء حيّاً و إن لم يخرجه منه، كما نبّه عليه.

قوله: «فإنْ وَثَبَ». إلى آخره.

قوله: «و لا يُشترط في مُخرجه الإسلام». لكن يُشترط مشاهدة المسلم له بخروجه.

قوله: «و لو مات البعض في الشبكة المنصوبة فالأقرب الحرمة». جيِّدٌ.

قوله: «و ذكاة الجراد أخذه». حيّاً باليد أو بالآلة.

قوله: «الدَبى». هو بفتح الدال مقصوراً: الجراد قبل أن يطير وإن ظهر جناحه، جمع دَباة بالفتح أيضاً.

قوله: «إنْ تمّت خلقته». و لو لم تتمّ خلقته فهو حرامٌ مطلقاً.

قوله: «و جبت تذكيته». سواءٌ كانت حياته مستقرّةً أم لا على الأقوى. و تجب المبادَرَة إلى إخراجه، فلو كان بحيث لو بادَرَ خرجَ حيّاً حرم بتركها إذا وجد ميّتاً.

ص: 333


1- تهذيب الأحكام، ج 2، ص 368 - 369، ح 1532.

[

المقصد الثالث في الأطعمة و الأشربة

الباب الأوّل في حال الاختيار

قوله: «و يكره الخيل و... و أشدّ منها البغال». الأشهر العكس.

قوله: «و البغاث». مثلّث الباء جمع بغاثة كذلك، طائرٌ أبيضُ بطيء الطيران، أصغر من الحِدأةِ (1). و في الدروس:

البغاث [و هو] ما عظم من الطير، و ليس له مخلابٌ معقّفٌ ... و قال الفرّاء: بغاث الطير: شرارها و ما لا يصيد منها (2).

قوله: «غراب الزرع». الأصحّ تحريم الغراب بجميع أنواعه.

قوله: «و الحوصلة و الصيصية». الأقوى الاكتفاء بواحدةٍ من العلامات الأربع في الحلّ، هذا في غير المنصوص الحلّ و الحرمة (3).

قوله: «و العصير إذا غلى و اشتدّ». بل تحرم بمجرّد الغليان، كما دلّت عليه النصوص الكثيرة (4)، و إنّما الاشتداد بعده شرطٌ في نجاسته على القول بها، و ملازمتها - كما

ادّعاه بعضهم (5) - غير كافٍ في جعله شرطاً آخرَ (6).

ص: 334


1- راجع لسان العرب، ج 2، ص 118، «بغث».
2- الدروس الشرعيّة، ج 3، ص 22 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 11).
3- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 141 - 142 (ضمن الموسوعة، ج 9).
4- راجع وسائل الشيعة، ج 25، ص 287، أبواب الأشربة المحرّمة، الباب 3، ح1، 3-4.
5- كالمحقّق الثاني في جامع المقاصد، ج 1، ص 162.
6- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 12، ص 73.

قوله: «ممّا لا يدفعه المذبوح» (1). و يستثنى من ذلك ما يدخل في بطنه بسبب التنفّس فإنّه نجسٌ حرامٌ.

قوله: «إلّا قدر الحمّصة من تربة الحسين علیه السلام للاستشفاء». المراد الحمّصة المعهودة، و إنّما يجوز تناولها؛ لدفع المرض الحاصل لا لمنع ما سيصل. و كذا من الأرمني و نحوه، و لا يقدّر بالحمّصة.

قوله: «و ما لا يقتلُ قليلة يجوز تناول ما لا ضرر فيه». كالأفيون (2).

قوله: «و المثانة». بسبب البول.

قوله: «قيل و النخاعُ و العِلباء» أولى.

قوله: «و النخاع». النخاع مثلّث النون، خيطٌ أبيضُ يَنْظِمُ خرزَ الظهر من الرقبة إلى الذنب.

قوله: «و ذات الأشاجع». هي أُصول الأصابع الممتدّة إلى عصب ظاهر الكفّ. و يقال الأشاجع بغير مضاف.

قوله: «و الحدق». الحدقة حبّة الحدقة، و هي الناظر من العين لاجميع العين.

قوله: «إنْ كان فوقه». أو مساويه.

مسائل:

قوله: «و إذا اغتذى الحيوان بعذرة الإنسان». بحيث ينبت عليها لحمه و يشدّ عظمه عرفاً لا مطلق الاغتذاء.

قوله: «لبن خنزيرة و لم يشتدّ كره». و لا فرق فيه بين الذكر و الأُنثى. و لا يتعدّى الحكم

إلى غير الخنزير و إن ساواه في الحكم كالكلب على الأقوى.

ص: 335


1- في هامش المخطوطة: قوله: «ممّا لا يدفعه المذبوح». أي لا يدفعه بطبعه، أمّا ما يدخل في بطنه بسبب التنفس فإنّه نجسٌ حرامٌ مطلقاً، و ليس داخلاً فيما لا يدفعه. (منه)
2- للتوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 157 (ضمن الموسوعة، ج 9).

قوله: «و إن اشتدّ حرم لحمه». بأن زادت قوّته، و قَوِيَ عظمُه و نبت لحمه.

قوله: «و لو شرب خمراً غُسل لحمه». و ذُبح عقيب الشرب، فلو تراخي عنه بحيث يستحيل الخمر عادةً لم يجب الغَسل، و كذا القول في البول.

قوله: «و الإنفَحة» بكسر الهمزة و فتح الفاء مخفّفةً: كرش الجدي أو الحمل قبل أن يأكل، فإذا أكل فهو كرش. و يجب غَسل ظاهر الجلدة؛ لملاقاتها للميتة (1).

قوله: «قصد المذكّى». الأقوى عدم جواز البيع مطلقاً.

قوله «و التوابل». أي المطبوخ، و إنّما يطهر بالكثير إذا وصل إلى ما وصل إليه النجس من باطنه لا بالقليل.

قوله: «تحت السماء لا تحت الظلال».

الأقوى جواز الاستصباح فيه مطلقاً، و إن كان اختصاصه بغير الظلال أولى.

قوله: «حلّ مع الإعلام». لو لم يعلم صحّ البيع و إن أثم، و يثبت للمشتَري الخيار إذا علم. قوله: «لا بالخبز». لكن لو وضع بعد الخبز في الكثير و تخلّله طهر.

قوله: «و استئمانُ من يستحلّ شربه». الأجود المنع.

قوله: «اجتنب». جيِّدٌ.

قوله: «و يجوز الاستقاء بجلد الميتة لغير الصلاةِ». لا يجوز.

قوله: «و يحرم الأكلُ ... إلّا ممّا يمرّ به على رأي». أولى.

الباب الثاني في الاضطرار

اشارة

قوله: «و لا يتعدّى سدّ الرمق». الرمق لغة بقيّة الروح، و المراد هنا وجوب الاقتصار على ما يحفظ النفس من التلف، حتّى لو احتاج إلى تناوله للمشي أو العدو، و حيث يحتاج إليهما، و التزوّد منه لوقت آخر جاز (2).

ص: 336


1- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 149 - 150 (ضمن الموسوعة، ج 9).
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 12، ص 115 - 116.

قوله: «أكلاً و شرباً». أكلاً و شرباً لا مطلقاً، هذا إذا لم يخف التلف بدونه، و إلّا جاز أيضاً. و يجوز لمطلق الضرورة؛ لعموم الآية (1).

قوله: «يأكل من المواضع اللحمة». جيِّدٌ، إذا غلب على نفسه السلامة.

قوله: «مطالبته بالثمن». بل يجب على المضطرّ دفع العوض عند القدرة عليه.

قوله: «فإن طلب أزيد من ثمن المثلِ قيل: لا يجب» (2). بل يجب.

فصل

قوله: «يحرم الأكلُ على مائدةٍ يشربُ عليها شيءٌ من المسكرات». قبل الأكل، أو بعده، أو في أثنائه. و كذا يحرم الجلوس عليها و إن لم يأكل.

قوله: «و ربما حرم». مع خوف الضرر.

قوله: «و الأكل باليسار». و كذا الشرب و غيره من الانتفاعات.

قوله: «و الأكل متّكئاً». و كذا التربّع حالة الأكل و في كلّ حالٍ.

قوله: «و التسمية ابتداءً». لو سمّى واحدٌ من الجماعة كفى عن الباقي، روي ذلك عن الصادق علیه السلام (3).

قوله: «و ابتداء مَن على يمينه بالغسل». في الغسل الأوّل. و في الثاني بالعكس.

ص: 337


1- البقرة (2): 173: (فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٍ وَ لَا عَادٍ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ)؛ المائدة (5): 3؛ الأنعام (6): 119.
2- القائل الشيخ في المبسوط، ج 4، ص 683 - 684.
3- الكافي، ج 6، ص 293 - 294، باب التسمية و التحميد و الدعاء على الطعام، ح 9؛ تهذيب الأحكام، ج 9، ص 99، ح 429.

ص: 338

كتاب الميراث

المقصد الأوّل في أسبابه

اشارة

قوله: «ثمّ الأجداد و الإخوة، ثمّ الأعمام و الأخوال».

المراد بالأجداد ما يشمل الجدّات، و كذا الإخوة و الأعمام و الأخوال و لابدّ من ذكر أولاد الثلاثة الأخيرة و الطبقات؛ لدخولهم فيها لافي العبارة.

قوله: «و الباقي للأولاد بالسويّة إن كانوا ذكوراً». أو إناثاً.

قوله: «يردّ عليهم أخماساً». يصحّ عليهم من ثلاثين؛ لأنّ أصل فريضتهم سنّة، هي مخرج السُدس و النصف، ثمّ تنكسر في خمسة و هي توافق الفريضة فتُضرب فيها.

قوله: «على البنت و الأب أرباعاً». و تصحّ من أربعة و عشرين، يضرب أصل الفريضة فى أربعة.

قوله: «يردّ على البنت و الأبوين أخماساً». و تصحّ من مائة و عشرين؛ لأنّ أصل فريضتهم أربعة و عشرون، و هي مخرج الثُمن و السُدس و النصف، ثمّ تُضرب في خمسة؛ لانكسارها على البنت و الأبوين و هي مباينة للفريضة.

قوله: «و لا عول».

العول في الفرائض زيادةُ السهام عن التَرِكة و هو ضدّ التعصيب، كأُختين و زوج فإنّ

ص: 339

للأُختين الثُلثين و للزوج النصف، فقد زادت السهام سُدساً عن الترِكة، فعندنا يدخل النقص على من يتقرّب بالأب، كالبنات و الأخوات؛ لتواتر الأخبار عن أهل البيت علیهم السلام به، و إجماعهم عليه. و عند المخالف يوزّع النقص على الجميع.

قوله: «و لكلّ نصيب من يتقرّب به». هذا هو المشهور روايةً و فتوىً.

و قال المرتضى (1) و جماعةٌ (2): يعتبر أولاد الأولادِ بأنفسهم، فللذكر ضعف الأُنثى، و إن كان الذكر يتقرّب بأُمّه و البنت بأبيها؛ لأنّهم أولادٌ حقيقةً فيدخلون في عموم الآية (3). و الأخبار الصحيحة (4) دالّةٌ على المشهور فتكون مخصّصةً للآية.

قوله: «و كذا أولاد الأولاد». عطفٌ على الأولاد في قوله: «و يمنع الأولاد». و التقدير: و كذا أولاد الأولاد يمنعون من يتقرّب بالأبوين إلى آخره.

قوله: «بسدس «الأصل». بل بأقلّ الأمرين من السدس و الزيادة.

قوله: «و يُحبى الولد للصلب ... الذكر الأكبر غير السفيه». اشتراطه الرشد غير معلومٍ فيُحبى و إن كان سفيهاً.

قوله: «بثياب بدن أبيه». الأظهر أنّ ذلك على سبيل الاستحقاق لا الاستحباب، و أنّه مجّانٌ لا بالقيمة. و المراد من ثيابه ما كان يلبَسها أو أعدّها للّبس و إن لم تكمل خياطتها، إذا فصّلت له. و الأقوى أنّ العمامة منها و إن تعدّدت - أو لم تلبَس - إذا اتّخذها له، و كذا السراويل دونَ النعل بأصنافه. و في دخول القلنسوة و الثوب من اللبد و ما يشدُّ به الوسط نظرٌ.

و لو تعدّدت هذه الأجناس فما كان منها بلفظ الجمع كالثياب تدخل الجميع، و ما

ص: 340


1- مسألة في إرث الأولاد، ضمن رسائل الشريف المرتضى، ج 3، ص 257 - 266.
2- منهم ابن إدريس في السرائر، ج 3، ص 232 - 240؛ و حسن بن أبي عقيل على ما حكاه عنه ابن إدريس في السرائر، ج 3، ص 240؛ و لمزيد التوضيح راجع مختلف الشيعة، ج 9، ص 27 - 38، المسألة 1.
3- النساء (4): 11: (يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِیٓ أَوۡلَٰدِكُمۡ ۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ).
4- راجع وسائل الشيعة، ج 26، ص 110 - 112، الباب 7 من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد، ح 1 - 4.

كان بلفظ الوحدة كالسيف و المصحَف يتناول واحداً، و يختصّ بما كان تغلب نسبته إليه، فإن تساوت تخيّر الوارث. و الأقوى دخول جفن السيف، و حُليِّه و سُيُورِه، و بيت المصحَف.

و المراد بالولد الأكبر من ليس هناك ذكراً أكبرَ منه، و إن لم يكن بالغاً، نعم يشترط انفصاله.

و يُشترط في استحقاقه لها أجمع خلوُّ ذمّة الميِّت من دَينِ مستغرِقٍ للترِكة أو لِما عداها، و لو لم يستغرق ذلك فالظاهر توزيعه على الحبوة و باقي الترِكة و سقوط ما قابلها. و لو أوصى الميِّت ببعضها نفذت من الثُلث كغيرها، لكن هنا يتوقّف الزائد على إجازة المحبوِّ خاصّةً (1).

الفصل الثانى فى ميراث الإخوة و الأجداد

قوله: «يُردّ أخماساً». الأجود اختصاص الردِّ بالمتقرِّب بالأب؛ للرواية (2).

قوله: «و مع الأُخت من الأب إشكالٌ». بل يختصّ الأُخت كما تقدّم.

قوله: «و يصحّ من مائة و ثمانية».

أصل الفريضة ثلاثة؛ لأنّ فيها ثلث ينكسر على الفريقين، و لا وفق بين نصيب كلّ فريقٍ و عدده؛ لأنّ عدد أقرباء الأُمّ أربعة و سهامهم كذلك، و عدد أقرباء الأب و إنْ كان أربعة لكن يُرتقى إلى تسعة باعتبار سهامهم؛ لأنّ ثلث نصيبهم يفتقر إلى ثلثٍ و هي التسعة. و الأربعة تباين أيضاً فيضرب أحدهما في الآخر، ثمّ المرتفع في أصل الفريضة تبلغ مائة و ثمانية (3).

ص: 341


1- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 200 - 204 (ضمن الموسوعة، ج 9).
2- عنى بها رواية محمّد بن مسلم، رواها الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 9، ص 322، ح 1157 ؛ و في الاستبصار، ج 4، ص 168، ح 637.
3- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 210 - 211 (ضمن الموسوعة، ج 9)؛ و مسالك الأفهام، ج 13، ص 143.

قوله: «دون كلالة الأُمّ». المراد بالكلالة من كان من الأقارب على حاشية النسب، و ليس في عموده، و ذلك مَن عدا الآباء و الأولاد.

قوله: «و المتقرّب بالأب بالنسبة على رأي». بل يختصّ بالمتقرّب بالأب.

قوله: «و لو فضل عن السهام رُدّ ... و مع عدمهم يردّ على المتقرب بالأُمّ و على المتقرّب بالأب بالنسبة على رأي». بل يختصّ بالمتقرّب بالأب.

الفصل الثالث في ميراث الأعمام و الأخوال

قوله: «مقام المتقرّب بهما عند عدمهم». و إنْ لم يكن من صنفه، فلايرث ابن الخال - و لو للأبوين - مع الخال و العمِّ مطلقاً. و هذا بخلاف ما تقدّم في الإخوة و الأجداد؛ فإنّ قريب كلّ من القسمين لا يمنع بعيد من الآخر. و الفرق أنّ ميراث الأعمام و الأخوال ثبت بعموم آية أولى الأرحام (1). و قاعدتهم تقديم الأقرب فالأقرب، بخلاف الإخوة و الأجداد؛ فإنّ كلّ واحد تثبت بخصوصه من غير اعتبار الآخر، فيشارك البعيد القريب من غير صنفه (2).

قوله: «فالأقرب أولى». هذا هو الأقوى؛ وقوفاً فيما خالف الأصل على محلِّ الوفاق. و قيل (3): لا يتغيّر بإبدال العمّ عمّةً، و لا بمجامعيّته الخال؛ لاشتراك الذكور و الإناث في الحرمة؛ و لأنّ الخال مساوٍ للعمّ، فإذا حَجَبَهُ ابن العمّ حجب مَن في مرتبته، و فيه بحثٌ. و لا يتغيّر الحكم بكون العمّ، أو ابن العمّ أكثر من واحدٍ، و لا بدخول الزوج و الزوجة بغيرِ إشكالٍ.

قوله: «أو لهما بالسويّة». و إن كان واحداً لأُمٍّ على الأقوى.

قوله: «فيصحّ من مائة و ثمانية». أصل الفريضة ثلاثة، منها واحدٌ لأقرباء الأُمّ، و عددهم

ص: 342


1- الأنفال (8): 75.
2- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 218 - 219 (ضمن الموسوعة، ج 9).
3- القائل هو الشيخ في الاستبصار، ج 4، ص 170؛ و للتوضيح راجع السرائر، ج 3، ص 241 - 242.

أربعة، و كذا سهامهم. و سهام أقرباء الأب ثمانية عشر هي أقلّ التقسيم عليهم؛ إذ لخؤولة الأب الثُلث نصفين فمخرجه من ستّة، و لعمومته الثلثان أثلاثاً و مخرجه تسعة، و بينها و بين الستّة توافقٌ بالثُلث، و مضروب ثُلث أحدهما في الآخر ثمانية عشر و هي تُوافق الأربعة بالنصف، فتضرب نصف أحدهما في الآخر ثمّ المرتفع في أصل الفريضة تبلغ ما ذكر (1).

الفصل الرابع في ميراث الأزواج

قوله: «فإن لم يكن سواه و ... و على الإمام على رأي». ضعيفٍ.

قوله: «و إلّا فعلى غيره». «إلّا» هنا هى المركّبة من «إن» الشرطية و «لا» النافية، و التقدير: و إن لم يكن كذلك بأن خلّف سواه و لو ضامن جريرة فالردّ على غيره. و ذلك على تقدير نقصان سهمه عن النصف كالأُمّ و الإخوة للأُمّ.

قوله: «و للزوجة مع عدم الولد و ... و إلّا فعلى الإمام على رأي». جيِّدٍ، بل الباقى للإمام مطلقاً.

قوله: «و لا توارث في البائن». في غير طلاق المريض، و فيه ترثه إلى سنةٍ ما لم تتزوّج، أو يبرأُ من مرضه.

قوله: «و لو اشتبهت بواحدةٍ من الأربع ... احتمل القرعة». القرعة في غير موضع النصِّ قويٌّ و الصلح خيرٌ.

قوله: «و أعطيت حصَّتها من قيمة الآلات و الأبنية».

هذا هو المشهور من المتأخّرين؛ و النصوص خاليةٌ عن حِرمانها من عين الشجر و إنّما تضمّنت استثناء الدور و نحوها و الآلات. و المراد بها آلات البَناء المثبتة فيه كالخشب و الحجر و الآجر و الأبواب، و تناولُها للأشجارِ بعيد، و من ثَمّ جعلها

ص: 343


1- لمزيد التوضيح راجع الروضة البهيّة، ج 8، ص 216 - 217 (ضمن الموسوعة، ج 9)؛ و مسالك الأفهام، ج 13، ص 167 - 168.

المصنّف و كثير مغايرةً لها و عطفها عليها. و يمكن كونه عطف الأخصّ على الأعمّ كما عكس في عطفه الشجر على النخل. و كيفيّة تقويمها أن تقوّم مثبتة على هيئتها مستحقّةً للإبقاء إلى أن تفنى بغير عوضٍ، ثمّ يدفع حقّها من القيمة، و الدافع الوارث إن لم يكن معها زوجةٌ أُخرى ذات ولدٍ و إلّا هي. و الظاهر أنّه لا يجب عليها سوى العين كما لا يجب عليهم دفعها، و لو امتنع أحدهم أجبره الحاكم، و إن تعذّر كان كالدين، و حينئذٍ فلا تستحقّ في نماء الملك و أُجرته شيئاً، و لو تمكّنت من أخذ العين حيث يمتنع الوارث من دفع القيمة أخذتْها على وجه المقاصّة بشرطها. و لو كانت ذات ولدٍ اختصّت ذات الولد بثُمن ما حرمت الأُخرى منه عيناً كالأرض، و ثُمن ما تلزم قيمته، و تدفع هي حقّها من القيمة. و اعلم أنّ النصوص المعتبرة خاليةٌ من الفرق بين الزوجين لكنّ المشهور هو الفرق بينهما على الوجه المذكور (1).

الفصل الخامس في الولاء

قوله: «و لا يضمن إلّا سائبة». أي لا عَقْلَ بينه و بين معتقه و لا ميراث. قال ابن الأثير في النهاية: «قد تكرّر ذكر السائبة فى الأخبار، كان الرجل إذا أعتق عبداً فقال: هو سائبة فلا عقل بينهما و لا ميراث» (2).

قوله: «كلّ مناسب و مسابب حتّى المعتق».

عطف المعتق ب«حتّى» على المناسب الدالّ على كونه وارثاً، لينتفي إمكان الجمع بین ضمان الجريرة و المعتق المرتّب عليه الولاء كما يصحّ الجمع بينه و بين النسب و غيره من الأسباب. و وجه الجمع بينه و بين قوله «و لا يضمن إلّا سائبة» الدالّ على عدم جواز ضمان المعتق إذا كان مستحقّ الولاء، بفرض تجدّد العتق على ضمان

ص: 344


1- لمزيد التوضيح راجع رسالته في إرث الزوجة، (ميراث الزوجة) ص 395 و ما بعدها؛ و الروضة البهيّة، ج 4، ص 219 - 222 (ضمن الموسوعة، ج 3 و 9)؛ مسالك الأفهام، ج 13، ص 184 و ما بعدها.
2- النهاية في غريب الحديث و الأثر، ج 2، ص 431، «سيب».

الجريرة في حال كونه سائبة، أي غير مستحقّ الولاء لأحدٍ بأنْ يكون حرّاً عادم الوارث فيضمن أحدٌ جريرته، ثمّ يلتحق بدار أُخرى و يسترقّ ثمّ يعتق تبرّعاً فيجتمع هذا المعتق و ضامن الجريرة بأن تزوّج و ولد له فإنّه مقدّم على ضمان الجريرة.

قوله: «كلّ مناسب و مسابب». أى غير الإمام؛ فإنّ ولاء الإمام أحد الأسباب الموجبة للإرث. و مثله في التجوّز قولهم: «الإمام وارث من لا وارث له»؛ فإنّ الإمام مِن جملة الوارثين. و المراد لا وارث غيره؛ لضربٍ من التجوّز.

قوله: «و المساكين». و يتولّى ذلك الحاكم الشرعي بحقِّ النيابة.

ص: 345

المقصد الثاني في موانع الإرث

الأوّل: الكفر

قوله: «فلو خلّف مع الولد الكافرِ زوجة مسلمة». يمكن فرض زوجة الكافر مسلمةً، بأن يموت الكافر فى العدّة المضروبة لها بعد إسلامها فحينئذٍ ترثه بالزوجيّة؛ لأنّ العدّة هنا رجعيّة. ولكن هل ترث مع الولد الكافر الثُمن؛ لصدق الولد للميّت فتدخل في عموم الآية (1) كما اختاره المصنّف هنا، أم الربع تنزيلاً له بعدم إرثه منزلة العدم؟ قولان أجودهما الثاني.

قوله: «و المسلمون يتوارثون». عدا الخوارج و الغلاة و النواصب و المجسّمة.

قوله: «و إن اختلفوا في المذاهب». ما لم يردّ الاختلاف إلى الكفر.

قوله: «قبل القسمة شارك». و نماء الترِكة بمرتبة المتجدّد بين الموت و الإسلام تابع للأصل كالسابق، و لو كان المال ممّا لا يمكن قسمته شارك فيه، و إن قسّم غيره على الأقوى.

قوله: «و الزوجُ كالواحد على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و الزوجةُ كالمتعدّد على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «لو أسلم قبل القسمة اختصّ».

المرويّ أنّ المسلم أولى من الإمام (2)، و وجه التفصيل غير واضحٍ (3).

ص: 346


1- الأنفال (8): 75.
2- هي رواية أبي بصير رواها الكليني في الكافي، ج 7، ص 144، باب آخر في ميراث الملل، ح 2؛ و الصدوق في الفقيه، ج 4 ، ص 336 - 337، ح5731؛ و الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 9، ص 369، ح 1316.
3- قال في مسالك الأفهام، ج 13، ص 25: و القول بالتفصيل ظاهر الشيخ في المبسوط و وجهه غير واضحٍ.

الثاني: الرق

قوله: «و لو عتق قبل القسمة ... شارك في الجميع». الأقوى مشاركته فيما لم يُقسم خاصّةً.

قوله: «اشتُري من التَركَة و أُعتِق». و يتولّى ذلك الإمام، أو نائبه فإن تعذّر تولّاه غيره كفايةً. و ما ذكره من توقّف عتقه على الإعتاق هو الأولى.

قوله: «و الزوجة على رأي». جيِّدٍ.

قوله: «و كذا يورث منه». هذا إذا كان المال مكتسباً بجملته. أمّا لو كان مكتسباً بجزئه الرقّ فهو للمولى خاصّةً، و لو كان بجزئه الحرّ فهو للوارث خاصّةً.

قوله: «و مع ظهور الإمام لو قصرَ الربعَ ... ففي الشراء نظر».

قيل: «إنّ النظر مبنيٌّ على ما مضى من أنّه هل يُردّ عليها مع حضوره علیه السلام أم لا؟ فإن قلنا بالردّ اشتُريت بالزائد، و إلّا فلا». و ليس بشيءٍ؛ لأنّ المصنِّف قد اختار عدم الردّ عليها حينئذٍ فكان ينبغي القطع بعدم الشراء.

و الحقّ أن وجه النظر من إطلاق الرواية الصحيحة عن أمير المؤمنين علیه السلام أنّه فكّ زوجة رجلٍ مات و أعتقها و ورّثها (1). و فعله حجّة فإذا لم يتمّ الافتكاك إلّا بالزائد وجب من باب المقدّمة. و كذلك أطلق الأصحاب القائلون بافتكاكها، كما أطلقوا القول في غيرها من الوارث؛ و من أنّ الافتكاك إنّما هو بالمملوك و ليس لها إلّا الربع فإذا لم يف كما لو لم تف التركة بشراء الوارث للجميع. و هذا هو الصحيح. و إنّما قيّد المصنّف في الإمام بحال ظهوره؛ لأنه حال الغيبة يُردّ عليها عنده كما سبق فتُشترى بالجميع، و لو لم يقل بالردّ عليها حينئذٍ بوجهٍ جاء النظر المذكور.

ص: 347


1- الفقيه، ج 4، ص 339 - 340، ح 5737؛ تهذيب الأحكام، ج 9، ص 337، ح 121؛ الاستبصار، ج 4، ص 178 - 179.

الثالث: القتل

قوله: «و يمنع القاتل عمداً». و كذا شبيه العمد.

قوله: «و في الخطأ قولان: أقربهما المنع». جيِّدٌ.

قوله: «و في المتقرّب بالأمّ قولان». لا يرث.

الرابع: اللعان

قوله: «و من تبرّأ عند السلطان من جريرة ولده و ميراثه لم يصحّ على رأي». جيِّدٍ.

الخامس الاشتباه في التقدّم و التأخّر

قوله: «فميراثها بين الزوج و الأخ». و يحلف كلٌّ منهما لصاحبه.

قوله: «و يقدّم الأضعف في التوريث تعبّداً».

المراد بالأضعف الأقلّ نصيباً في الإرث، كالزوجة بالنسبة إلى الزوج في مثال المصنِّف، و كالأب و الابن فيُقدَّم موت الزوج أوّلاً و الابن؛ لأنّ الزوجة و الأب أضعف إرثاً من الزوج و الابن.

و في قول المصنِّف: «تعبّداً لا وجوباً» تسامحٌ؛ لأنّ الحكم الثابت تعبّداً، لا ينافي الوجوب فلا ينبغي جعله في مقابله؛ فإنّ كثيراً من الأحكام الواجبة ثبت تعبّداً، كأعداد الصلوات و الركعات، و مقادير الحقوق الماليّة و البدنيّة، فكان حقّه أن يقول: «تعبّداً استحباباً» و نحوه؛ لنفيه على كون التعبّد أعمّ منهما. و كيف كان فالأقوى أنّه على سبيل الوجوب تعبّداً؛ لدلالة الأخبار عليه كصحيحة محمّد بن مسلمٍ عن أحدهما علیهما السلام (1) و غيرها (2).

ص: 348


1- أشار إليها الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 9، ص 359، ح 1282.
2- منها رواية محمّد بن مسلم و عبيد بن زرارة خرّجناهما في هوامش غاية المراد نفس هذا المبحث غاية المراد، ج 3، ص 431 - 432 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج3).

خاتمة

قوله: «المفقودُ ينتظر مدّةً لا يمكن أن يعيش مثله». و حدّها في زماننا مائة و عشرين سنةً من حين ولادته. و يُحتمل قويّاً الاكتفاء بمائةٍ في بلادنا؛ لأنّ الغالب عدم بلوغها كما أشار إليه المصنِّف. و النادر لا يقدح كما لا يقدح في الزائد عنها.

قوله: «و دية الجنين لأبويه و من يتقرّبُ بهما أو بالأب نَسباً و سبباً». السبب هنا الولاء لو كان بابن معتَقه.

قوله: «و من مات و عليه دين مستوعب».

الأجود ما اختاره المصنِّف في غير هذا الكتاب (1) من انتقال الترِكة إلى الوارث، لكن يُمنع من التصرّف فيها حتّى يوفّى الدين منها أو من غيرها، فإن امتنع وَفّى الحاكم الدين منها. و تظهر الفائدة في اختصاص الوارث بزوائدها من نماء و غيره و ترجيحه بأعيانها (2).

نكتة

قوله: «العول عندنا باطلٌ».

العول في الفرائض زيادة السهام عن التركة، و هو ضدّ التعصيب كأُختين و زوجٌ فإنّ للأُختين الثُلثين، و للزوج النصف، فقد زادت السهام سُدساً عن الترِكة، فعندنا يدخل النقص على من يتقرّب بالأب كالبنات و الأخوات؛ لتواتر الأخبار عن أهل البيت علیهم السلام به، و إجماعهم عليه. و عند المخالف يوزّع النقص على الجميع.

قوله: «و البنات و الأب». لا وجه لذكر الأب هنا؛ لأنّه مع الولد لا ينقص سهمه عن السدس. و مع عدم الولد ليس بذي فرض كما سنذكره عن قريب.

ص: 349


1- تحرير الأحكام الشرعيّة ، ج 5، ص 67، الرقم 6386؛ قواعد الأحكام، ج 2، ص 167.
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 13، ص 61 - 62.

قوله: «بالتعصيب». هو إعطاء الفاضل من الترِكة عن أصحاب الفروض لعصبة الميِّت، و هم المنتسبون إليه من جِهَةِ الأب كما إذا خلّف الميِّت بنتاً واحدةً، و له أخٌ أو أُختٌ واحدةٌ، و له عمٌّ فإن نصف الترِكة الزائد عن فرض الأُنثى للأخ و العمّ عند المخالف، و عندنا يردّ على ذواتِ الفروض؛ لأنّهم أُولوا الأرحام؛ لإجماع أهل البيت علیهم السلام.

قوله: «أو زيادة في الوصلة». كالكلالة من جِهَةِ الأبوين مع الكلالة من جِهَةِ الأب فإنّ الردّ يختصّ بكلالة الأبوين على الأقوى.

ص: 350

المقصد الثالث في اللواحق

[الفصل] الأوّل [في ميراث الخنثى]

قوله: «ثمّ ضربت المجتمع في الاثنين». هذه ضابطة في جميع مسائل الخناثي، أي تضرب المجتمع في اثنين؛ لأنّ للخنثى نصف كلّ واحد من النصيبين و مخرجه اثنان.

قوله: «لكن تضرب اثنين في ثلاثين». لابدّ من ضرب المجتمع و هو ثلاثون في اثنين - عملاً بالقاعدة - تبلغ ستّين، فللأبوين اثنان و عشرون سهماً، بينهما نصفان؛ إذ الأحد عشر الذي فرضه المصنِّف لا تنقسم عليهما، و المصنّف (رحمه الله) قد اعتبر هذه الضابطة في المسائل السابقة و أهمل هنا، و لابدّ منه.

قوله: «نصف الردّ». و لابدّ من ضرب ستّين في اثنين كما سلف؛ لانكسار نصيب الخنثى - و هو تسعة و أربعون - في مخرج النصف، و لو كانوا ثلاثة ضربته في ثلاثة، و هكذا.

قوله: «ثمّ ثلاثة في الستّين». إنّما احتيج إلى ضرب الستّين في ثلاثة؛ لأن الفاضل منها عن سهم أحد الأبوين لا ينقسم على الخنثى و الأُنتى على التقديرين؛ لأنّه تسعة و أربعون و لا نصف لها على تقدير الأُنوثيّة، و لا ثلث على تقدير الذكوريّة، و لو اعتبر ذلك أوّل الفريضة كان أوفق بالقواعد بأن يجعل الفريضة على تقدير الأُنوثيّة خمسة و على تقدير الذكوريّة ثمانية عشر؛ لأنّ الفاضل عن نصيب أحد الأبوين من أصل الفريضة و هو ستّة لا ينقسم على ذكر و أُنثى فتضرب ثلاثة في ستّة تبلغ ثمانية عشر، ثمّ تضربها في الفريضة الأُخرى و هي خمسة؛ لأنّها متباينان فحينئذٍ تبلغ تسعين، ثمّ تضرب المجتمع في اثنين تبلغ مائة و ثمانين، فلأحد الأبوين ثلاثة

ص: 351

و ثلاثون؛ لأنّ له ستّة و ثلاثين تارةً و ثلاثين أُخرى فله نصفها فقد سقط نصف الردّ؛ إذ المردود على تقدير أُنوثيّتهما ستّة هي الفاضل على تقدير الذكوريّة، و للأنثى و الخنثى ما ذكره في الكتاب.

قوله: «و لو كان زوجاً أو زوجة». هذا الفرض لا يتوجّه؛ لأنّه إنْ كان مشكلاً لم يجز تزويجه و إن كان واضحاً لزمه حكم من لحق به.

الفصل الثانى فى ميراث المجوس

قوله: «فمن علمائنا من يورّثهم كالمسلمين». أراد المصنّف بهذا القول إنّهم يتوارثون بالسبب و النسب الصحيحَين لا الفاسدَين؛ لأنّه عدّ بعد ذلك القولَين الآخرَين المشهورَين، و لا رابع لهذه الأقوال في المسألة. و هذه العبارة ليست جيِّدةً؛ إذ لا إشكال في توارث المسلمين بالنسب الفاسد كوطء الشبهة، و سيأتي في آخر الفصل ما ينبّه عليه فيكون الأوّل هو القول الثاني في الكتاب. و الحاصل أنّ ما أراده المصنِّف لا يدلّ عليه اللفظ، و ما يدلّ عليه اللفظ لا يريده منه (1).

قوله: «و السبب الصحيح خاصّة». قويٌّ.

الفصل الثالث في السهام

قوله: «و السدس من ستّة». و طريق أصل الفريضة في الكسور المجتمعة أن تُنسب مخارجها بعضها إلى بعض فإن تباينت ضُرب أحدها في الآخر كالنصف و الثُلث فمخرجهما ستّة، هي الحاصل من ضرب اثنين في ثلاثة. و إن توافقت ضربت الوفق من أحدهما في الآخر كالربع و السدس فتوافق الأربعة و الستّة بالنصف فمخرجهما اثنا عشر. و كالثمن و السدس فمخرجهما أربعة و عشرون حاصلة من ضرب ثلاثة

ص: 352


1- لاحظ غاية المراد، ج 3، ص 438 - 442 نفس هذا البحث (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 3).

في ثمانية، و إن تماثلت اقتصرت على أحدهما كالسدسين، و إن تداخلت اقتصرت

على الأكثر كالنصف و الربع، و هكذا.

قوله: «كأبَوَين و خمس بنات». نصيب البنات أربعة و لا وفق بينهم و بين العدد، تضرب خمسة عددهنّ في ستّة تبلغ ثلاثين، فمن جعل له من الورّاث سهم من الفريضة قبل الضرب أخذه مضروباً في خمسة و هو قدر نصيبه.

قوله: «كأبوَين و ستٍّ بنات». تضرب نصف عددهنّ في الفريضة تبلغ ثمانية عشر.

قوله: «و إن توافقت».

للمتوافقين معنيان: أحدهما أعمُّ، و هو العددان المختلفان اللذان يعدّهما غير الواحد الأعداد سواءٌ زاد الأقلُّ عن نصف الأكثرَ أم لا، و بهذا المعنى يشتملان المتداخلَين.

و [ثانيهما] أخضُّ، و هو العددان اللذان إذا أسقط أحد منهما من الأكثر مرّةً أو مراراً بقي أكثر من واحدٍ، و هذا هو المعنى الذي اعتبره المصنِّف في الكتاب و غيره. و بهذا المعنى يُبَاينان المتداخلَين كالأربعةِ و الثمانيةِ؛ لأنّك إذا أسقطتَ أقلّهما من الأكثر مرّتَين لم يبق شيءٌ فضلاً عن كونه أكثر من واحدٍ، و كذا الأربعةُ و الاثنا عشر، و حينئذٍ فما مثّل به المصنّف من الأمثلة كلّه صحيحٌ و إن كان يمكن الاعتبار بالمعنى الأعمِّ.

و تعليل الحساب بأن يقال في مثال التماثل: إنّ نصيب الإخوة من الأب هو اثنان فوافق عددهم بالنصف فتردّهم إلى اثنين فيُداخلان عدد إخوة الأُمّ فتجتزئ بالأربعة و تضربها في الفريضة و منها تصحّ. و في مثال التداخل أنّ نصيب الإخوة للأب يوافق عددهم فريضتهم بالنصف فتردّهم إلى ثلاثة فتماثل عدد إخوة الأُمّ فيجتزئ بأحدهما. و في مثال التوافق أنّ نصيب الإخوةِ ثلاثةٌ يوافق عددهم بالثلث فتردّهم إلى اثنين يدخل عدد الزوجات فتجتزئ به و تضربه في الفريضة فتصحّ فريضته. و هذا في الحقيقة أولى باعتبارِ اختصار الفريضة، لكن اعتباره غير متعيّن

ص: 353

بل يجوز اعتبار المعنى الآخر خصوصاً بعد تخصيص المصنِّف إيّاه بالتعريف و بَنائه عليه (1).

الفصل الرابع في المناسخات

قوله: «و لو اختلف الاستحقاق».

المراد بالاستحقاق جِهَتُه لا عينه كما يرشد إليه ما ذكر المصنِّف من المثال؛ لاتّحادهما. و مثال اختلاف الاستحقاق و خاصّةً مع اتّحاد الوارث كما لو مات رجلٌ و ترك ثلاثة أولادٍ مثلاً ثمّ مات أحد الأولاد و لم يترك غير إخوته فإنّ وارث الفريضتين متّحد، لكن في الأُولى بالبنوّة و في الثانية بالأُخُوَّة.

و مثال العكس كما لو ترك ابن الميّت المذكور ابناً فإنّ جِهَةَ الاستحقاق في الفريضتين واحدةٌ و هي البنوّة لكن الوارث مختلف. و مثال اختلافهما كما لو خلّف الولد المذكور إخوةً لأُمِّه و إخوته المذكورين، فإنّ الجِهَةَ مختلفةٌ، و كذا الوارث (2).

ص: 354


1- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 13، ص 301.
2- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 13، 308 - 310.

كتاب القضاء

[المقصد] الأوّل في صفات القاضي

[المطلب] الأوّل [في شرائط القاضي]

قوله: «يشترط فيه: البلوغُ و... و الحُرّيّة على رأي». اشتراطُ الحُرِّيَّةِ قَويُّ.

قوله: «و البصر على رأي، و العلم بالكتابة على رأي». المشهور اعتبارهما.

قوله: «و يشترط فيه ما شرط في القاضي المنصوب عن الإمام».

أراد أنّ قاضي التحكيم يشترط فيه ما تقدّم من الشرائط التي من جملتها العلم. و المراد به العلم بالأحكامِ الشرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة و هو المُعَبَّر عنه بالفقيه. و الحاصلُ أنّ شرطَه شرطُ القاضي المنصوبِ غير أنّه غيرُ منصوبٍ من قِبل الإمام علیه السلام، و ذلك في حال حضوره. أمّا حال غيبته فلا يتصوَّر قاضي تحكيمٍ؛ لأنّه إن كان جامعاً لشرائط الإفتاءِ، فحكمهُ نافذٌ قهراً كالمنصوبِ حالَ الحضور، و إن لم يكن جامعاً لِلشرائِط، فحكمه مردودٌ إجماعاً.

و قَدْ تَلَخَّصَ من ذلك: أنّ مِنْ شرطِ القاضي الاجتهادُ على كلِّ حالٍ غير أنّه يشتَرطُ معه إذنُ الإمام بخصوصه مع حضوره لا غيبته؛ لأنّه مع الغيبة مأذونٌ له مِنْ قِبَله

ص: 355

على العموم بقوله: «انظروا إلى رجلٍ قَدْ روى حديثنا» (1) إلى آخره، و هذا كلُّه موضعُ وِفاقٍ.

قوله: «قدّم اختيار المدَّعي». هذا في القاضيَيْن المنصوبَيْن مِن قِبَل الإمام في البلد الواحد كما ترشد إليه العبارةُ. أمّا لو كان حال الغيبة في البلد فقيهان جامعان للشرائط تعيَّن الرجوع في التَنازُع و الفتوى إلى الأعلم. فإن تساويا فيه - و هو نادرٌ بل قيل: إنّه ممتنعٌ - فالأورعُ. فإن اختلفا في العلم و الوَرَع قُدِّم أعلمُ الوَرِعَيْن كما تقدَّم أورعُ العالِمَيْن؛ لأنّ ما في الأعلم مِن العدالة كافٍ في حَجْزِه عن التَهجُّم على الحرام، و يبقى علمه لا مُعارِضَ له.

قوله: «و تثبت الولاية بشاهدين». و إن لم يشهدا عند حاكمٍ، بَلْ يجب على كلِّ مَنْ سمعهما امتثالُ شَهادتِهما في ذلك.

المطلب الثاني في الآداب

قوله: «ليرجع إذا نبَّهوه على الغَلَط». لا بمعنى أن يقلِّدهم في شيء من الأحكام، بَلْ بمعنى أنْ يُنَبِّهوه على ما عَساهُ يَغْفُلُ عنه من الأدلّة؛ لأنّ القضاء و الاجتماع له، و كثرة الخصومة مَظِنَّةُ الغَفْلة، فيستحبُّ جَبْرُه بمصاحبة العلماء في ذلك الوقت؛ لذلك قال المصنِّف في المختلَف - بعد أن حكى عن ابن الجُنَيد في المسألة ما قد يوهم خلاف ذلك - : لكن لَمّا أَجْمَعْنا على أنّه لا يجوز أنْ يَلي القضاءَ المقلِّدُ، وجب حمل كلامه على ما ذكرناه (2).

قوله: «و يكرهُ ... و الشفاعة في إسقاط». حَقٍّ.

قوله: «أو إبطال». دعوىً.

ص: 356


1- الكافي، ج 1، ص 67، باب اختلاف الحديث، ح 10؛ و ج 7، ص 412، باب كراهيّة الارتفاع إلى قضاة الجور، ح 5؛ تهذيب الأحكام، ج 6، ص 218، ح 514.
2- مختلف الشيعة، ج 8، ص 431، المسألة 33.

قوله: «و الحكم في المساجد على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «و أنْ يعنّت الشهود». عَنَّتَهُ: أَدْخَلَه فى المشقَّة و كلَّفه ما يصعُب عليه (1).

قوله: «و تحرم عليه الرشوَة». يَحرم على الراشي و المُرتشي إلّا أن يتوقَّف حصول الحقِّ عليها فيحرم على المرتشي خاصّةً.

قوله: «إنْ توصَّل بها». إلّا لِمَنْ يتوصَّل بها على الحقِّ و لا يمكن بدونه.

ص: 357


1- المُغرب، ص 328، «عنت».

المقصد الثاني في كيفيّة الحكم

قوله: «و لو تعدّد الخصوم بدأ بالأوّل فالأوّل». و يقدِّم السابق بخصوصه واحدةً.

قوله: «و إنْ أشكل أخَّرَ». و عليه الاجتهادُ في تحصيله.

قوله: «و لو ظهر فسقهما حال الحكم». ظرفٌ لِ«فِسْقِهما» لا ل«ظَهَرَ». و المرادُ أنّه يثبت بعد الحكم أنّهما فاسقَيْن حال الحكم.

قوله: «عن التزكية سِرّاً». لأنّه أبعد عن التهمةِ.

قوله: «و لا يجب التفصيل». هذا هو المشهور، و الأجود التفصيل فيهما إلّا أن يعلم موافقة مذهب الشاهد لمذهب الحاكم.

قوله: «و لا تثبت التزكية». على الشاهد الواحد.

قوله: «قطعيّاً». كالبيِّنة على المدَّعي.

قوله: «أو اجتهاديّاً». كتقديمِ بَيِّنة الخارج.

قوله: «و لو ادّعى استناد الحكم إلى فاسقين وجب إحضاره».

هذا هو المشهورُ بَيْن الأصحاب؛ و وجهه عموم أدلَّةِ قبول الدعوى مع إمكان صحّتها؛ و لأنّ القاضى لو أقرّ لزمه الغُرْم فإذا أنكر يلزمه الحَلْف؛ للعموم. و ذهب جماعةٌ من الأصحاب إلى أنّه لا يحضر بدون البيِّنة؛ لما فيه من الامتهان؛ و لأنّه أمينُ الشَرْعِ، فالظاهر أنّ أحكامه على الصواب، و لئلّا تبطل الدَواعي إلى الحكم، و لا بأس به.

قوله: «و إلّا فالقول قوله في الحكم بشهادة عدلَيْن على رأي». جَيِّد.

قوله: «و يحرم عليه أنْ يُتَعتِعَ الشاهدَ».

ص: 358

أصلُ التَعْتَعَةِ في الكلام: التردُّدُ فيه (1). و هو هنا أن يداخله في الشهادة، فيدخل معه كلمات توقِعه في التردُّدِ أو الغَلط، بأن يقول الشاهد بأنّه اشترى بكذا، فيقول الحاكم بمائةٍ، أو في المكان الفُلاني، أو يُريد أنْ يَتَلَفَّظَ بشيءٍ ينفعه فيداخلُه بغيره ليمنَعه من إتمامه، و نحو ذلك. أو يَتَعقَّبَه بكلامٍ ليجعله إتمامَ ما يشهد به بِحيث لولاه لتردَّد أو أتى بغيره.

قوله: «بل يأخذهُ من بيت المال أو الملتمس» مع تَعذُّرِ بيتِ المالِ.

قوله: «فالوجه القضاء». وَجْهُ الوَجْهِ أنّ المعتبر في القضاء غالباً الظنُّ الشرعي، و هو هنا حاصلٌ، فينفذ، كما لو شهد أنّ غيره قضى. وَ وَجهُ العدم إمكانُ العلمِ بالتذكُّر فلا يسوغ غيره، كما لو نَسيَ الشهادةَ فشهدا عنده بأنّه شهد بكذا.

و يمكن الفرق بين الشهادة و القَضاء بأنّ مناطَ أدائها العلم، بخلاف القضاء، فيرجع كلٌّ إلى أصله. كما جاز في رواية الحديث أن يروي الإنسان عمّن روى عنه، حيث كان مستندُها الظنَّ، و قد كان سُهَيلُ بن أبي صالح يقول: حدَّثَنى ربيعةُ عن أبى حُذيفة أنّ رسولَ الله صلّی الله علیه و آله قضى بالشاهد و اليمين (2).

قوله: «الأخذ من دونه». جَيِّدٌ.

قوله: «فإن تلفت العينُ قبل بيعها قال الشيخ: لا ضمانَ». نَعَمْ.

قوله: «و لو كان المالُ وديعة كُرِهَ الأخذ على رأي بل يحرم.

قوله: «و ما أُخرِج بالغوص فلمخرجه». إن أعرض عنه مالكه في الحالَيْن جاز أخذه لا مطلقاً، و لا يستقِرُّ ملكهُ عليه إلّا بالتصرُّف.

ص: 359


1- المُغرب، ص 60؛ لسان العرب، ج 8، ص 35، «تعع».
2- سنن أبي داود، ج 4، ص 34. ح 3610 - 3611؛ السنن الكبرى، البيهقي، ج 10، ص 283، ح 20644؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 793، ح 2368؛ الجامع الصحيح، ج 3، ص 267، ح 1343.

المقصد الثالث في الدعوى

[المطلب] الأوّل في تحقيق الدعوى و الجواب

قوله: «أو لمن له ولاية عليه كالأب». و الجدِّ له.

قوله: «فلا تُسمع دعوى الهبة». و كذا الوقف من دون الإقباض، و الرهن عِند مشتَرِطِه بالقبض. و ألْحَقَ بعضهم دعوى البيعِ من دون قوله: «و يلزمك تسليمه إليّ» لجواز الفسخ بالخيار (1). و فيه نظرٌ؛ لأنّ الأصل في البَيع اللزوم و عدمُ الخيار، أو عدمُ الفسخ بالنسبة إلى خيار المجلس.

قوله: «و لا تسمع البيّنة».

و الفرقُ أنّ الولدَ و الثمرةَ خارجان عن حقيقته. أمّا ما ادَّعى أنّه مِلكُه فلم تستلزم ذلك دعوى ملْكِهما؛ إذ لا منافاة بين ملكيّة شخصٍ للأمة و الشجرةِ و عدم ملكِه للولد و الثمرة، بخلاف الغَزْلِ و الدقيق فإنّهما لا ينفصلان عن ملكه أو جزئه، فدعوى الأصل تقتضي دعوى الفرع على هذا الوجه. لا يقال: إنّ الولد و الثمرة تابعان للأمَة و الشجرة في المِلْك أيضاً، بمعنى أنّ من مَلَك أمةً فإنّ حملها يحكم بكونه ملْكاً له إذا لم يعلم انتفاؤه عنه بوجهٍ، و الأصلُ عدمُه، و كذلك القولُ في الثمرةِ فإنّها تتبع الشجرةَ في المِلْك. لأنّا نُجيبُ بمنع التلازم المذكورِ؛ إذ من الجائز أن يكون قد اشترى الأمةَ و هي حاملٌ، أو الشجرة و قد ظهرت ثمرتها فلا يتبعهما النماء؛ فعلم من ذلك أنّ مطلقَ دعوى الأمة و الشجرة أعمُّ من دعوى النماءِ، و ذلك كافٍ في عدم الملازمة السابقة.

ص: 360


1- الدروس الشرعيّة، ج 2، ص 63 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 10).

قوله: «ففي اليمين إشكالٌ». له اليمينُ في الأخيرين (1).

قوله: «أم يكفى الظنُّ، إشكالٌ». الاكتفاءُ بالظنِّ فيما يعسر الاطّلاعُ عليه كالقتل و السرقة قويٌّ، و لا يتوجّهُ ردّ اليمين على المدّعي في ذلك. و إن اتّفق نكولٌ احتمل القضاء به - و إن لم نقل به في غيره - و حبْسُه حتّى يُقِرَّ أو يحلفَ. و الأوّلُ أوجَهُ.

قوله: «و إلّا ثبت الحقّ». أي و إن لم يلتمس المدّعي من الحاكم الحكم، و لم يقل الحاكم ذلك، ثَبتَ الحقُّ بمجرَّد إقراره، و لا يتوقّف ثبوته على حكم الحاكم و إنّما فائدةُ حُكم الحاكم هنا إنفاذُ حاكمٍ آخرَ إيَّاهُ. و فيه تنبيهٌ على فائدةٍ أُخرى، و هي أنّ الإقرارَ ليس كإقامة البيِّنة، فإنّ الإقرار بمجرّده يوجبُ ثبوتَ الحقِّ سواءٌ حَكم الحاكمُ به أم لا، بخلاف البيِّنة فإنّ ثُبوتَ الحقِّ بها يتوقَّف على حكم الحاكم.

قوله: «بعد إحلاف الخصم لم تسمع». على أصحِّ الأقوال (2).

قوله: «ناكلاً ثلاثاً». استظهاراً لا فرضاً؛ فالفرض منها مرّة.

قوله: «فإن حلف و إلّا أُحلف المدّعي على رأي». نَعَمْ.

قوله: «لم يلتفت إليه». إن قضينا بالنكول و إلّا التفت إليه ما لم يحلف المدَّعي.

قوله: «إلّا أنْ تكون الشهادة على ميّت». موضع وِفاقٍ.

قوله: «أو غائب فيستحلف». هذا إذا كان الحقّ دَيْناً، فلو كانت عيناً لم يفتقر إلى يمين مع البَيِّنة.

قوله: «فإنْ نكَلَ أُغرم». بعد حلف المدَّعى.

قوله: «و لو أقرَّ لمجهولٍ». إن قضينا بالنكول و إلّا فبعد حلف المدَّعي.

المطلب الثاني في الاستحلاف

البحث الأوّل في الكيفيّة

قوله: «لو رأى الحاكمُ إحلافَ الذمّي بما يقتضيه دينه أردعَ جاز». إنْ لم يشتمل على مُحرَّمٍ.

ص: 361


1- في هامش المخطوطة: قوله: «ففي اليمين إشكالٌ». الأقوى سماعها في الأخيرين خاصّة. (منه)
2- للمزيد راجع الروضة البهيّة، ج 2، ص 54 (ضمن الموسوعة، ج 7).

قوله: «فلا يغلَّظ على أقلّ من نصاب». فلو ادَّعى عبدٌ - قيمته أقلّ من النصاب - العِتْقَ، فأنكر السيّدُ، لم تغلَّظ عليه اليمينُ؛ فإنْ نكل غلِّظت على العبد؛ لأنّه لا يدّعي مالاً بل العتقَ.

قوله: «إلّا في مجلس الحكم». كنايةٌ عن الحاكم بمعنى أنّه لا يجوز التحليف إلّا للحاكم الشرعي أو مَنْ أذن له.

قوله: «فإنّها على نفي العلم». الأقسامُ أربعةٌ: الأوّل: أن يحلفَ على إثباتِ فعله.

الثاني: نَفيِ فعله.

الثالث: إثبات فعلِ غيره.

الرابع: نَفْي فعلِ غيرِه. و فى الجميع يحلف على القطع إلّا على نَفْي فعل غيره، فإنّها علی نَفْي العلم.

مثالُ الأوّل: «لي عليك عشرةٌ». و الثاني: «ما أخذتُ لك شيئاً». و الثالث: «دَفعَ إليك وكيلي كذا». و الرابع: «و الله لا أعلمُ أنّ وكيلي قَبضَ منك كذا».

قوله: «الحلف على الأقلِّ». القضاءُ بالنكول هنا قويٌّ. فيثبت عليه خمسون بِنَقْص أقلّ ما يتموَّل.

البحث الثاني في الحالف

قوله: «و لو أعرض المدّعى عن البيّنة ... و له الرجوع». قبلَ حلف المنكر.

قوله: «و بتركه مالاً». فيحلف الوارث في الأوَّلَيْن على نَفْي العِلم، و في الأخير على البَتِّ.

قوله: «فالغريم مولاه». بمعنى أنّه هو المتولِّي للمخاصمة كإحضار البيِّنة و تَوابِعها، و تحليفِ المدَّعي و نحو ذلك. و لو توجَّهت اليمين على العبد كان العبد هو الحالف، و لو أقرَّ العبد حينئذٍ لم يقبل إقراره؛ لأنّه إقرارٌ في حقِّ الغير، هذا فيما عدا المأذون. أمّا المأذونُ، فيقبل فيما هو من ضروريّاته، و لو نَكَلَ العبد أو أقرَّ حلف السيِّد على نَفْي العلم.

قوله: «و يصدّقُ ... و الحربي في الإنباتِ بعلاجٍ». يقبل؛ لأنّه شُبْهَةٌ، و يستَرقُّ.

ص: 362

قوله: «ليخلص من القتل على إشكالٍ». القبولُ أقوى من غير يمينٍ؛ لقيامِ الشُبهة الدارئة للقتل، و اليمينُ متوقِّفةٌ على التكليف و لم يثبت، و هذا بخلاف ما لو ادَّعى ذلك ليفسد عقداً أوقعَه حينئذٍ، فإنّه لا يُسمع؛ لمخالفة الظاهر، و عدم الشبهة هنا. و اعلم أنّ قولَ المدَّعي مقبولٌ بغير يمينٍ في خمسة مواضعَ: هذا أحدُها. و ثانيها: دَعوى مالك النصاب إبدالَهُ لِيَسْلَمَ من الزكاة. و ثالثُها: دعواه الدفعَ إلى المستحِقِّ. و رابعها: دعواه نَقْصَ الخَرْص. و خامسها: دعوى الذِمِّي الإسلامَ قبل الحول؛ ليتخَلَّص من الجزية - إنْ أو جبناها على المُسلم بعد الحول - و قد ذكره هنا.

قوله: «فيحلف في أربعةِ مواضعَ». و بقي أربعةُ مواضِعَ أُخرَ يحلف فيه المدَّعي مع البيِّنة، و هِي الدَعوى على الميِّت بغير إشكالٍ، و على الغائب و الصبيِّ و المجنون على الخلاف، و قد تقدَّمت (1)، فلذا لم يذكرها هنا.

قوله: «قال الشيخ: ليس له ذلك إلّا برضى المدَّعي»، بل له ذلك ما لم يحكم الحاكم بما ينافيه.

المطلب الثالث في القضاء على الغائب

قوله: «أو لا على رأي». نَعَمْ.

قوله: «فالأقرب الزامه». نَعَمْ، قوىٌّ.

قوله: «أقربه «القبول». الأقوى أنّه يقبل في الصورتَيْن؛ لقيام دليل الحكم عليهما، فإنّه كلُّ ما كان حكمه ماضياً، كان إخبارُه ماضياً، و وَجْهُ الملازمة أنّ غاية الحضورِ سَماعُهما الحكم؛ إذ لا اعتبارَ بشهادةِ الشاهدَيْن مجرَّدةً ما لم يحصل الحكم، و هو عبارةٌ عن الإخبار بثبوت الحقِّ من أهله بلفظ «حَكمتُ» و نحوِه، و هو متحقِّقٌ. و اعلم أنّ المراد بإخبار الحاكم هنا أن يقول ما قال للشاهدَيْن، و يقول: فَحَكمتُ به. أمّا لو قال: «ثبت عندي» لم يُقبل قطعاً ما لم يُخبر بالحُكم.

ص: 363


1- تقدّمت في ص 361 و راجع غاية المراد، ج 4، ص 38 كلام المصنّف في إرشاد الأذهان (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 4).

قوله: «و لو مات الأوّل أو عُزل لم يقدح في العمل بحكمه». وَ الفرقُ أنّ الفِسقَ يجوز تقدُّمُه على الحكم بخلاف الآخرَيْن.

قوله: «الشاهد القبالة». أو ما فيها.

قوله: «و شهد على إقراره». نَعَم، مع علم المُقرِّ بقراءة ما في القَبالَة.

قوله: «بحيث يتميَّز عن غيره». و لو قَصَّر فقال: «حكمتُ على محمّد بن عليّ» مثلاً فالحكم باطلٌ حتّى لو أقرَّ رجلٌ بأنه محمّد بن عليّ و أنّه المقصود لكن أنكر الحقَّ، لم يلزمه شيءٌ؛ لِبُطلان أصل الحكم بإبْهامِه.

قوله: «و لو أنكر كونه مسمّى بذلك الاسم حلف عليه». إنْ لم يُقم المدَّعي بيّنةً بذلك الاسم، و إلّا ثَبَت عليه.

قوله: «ففى الحكم على عينه إشكالٌ». الأوّلُ مُتَّجِهٌ و الثانى أحوطُ.

قوله: «مع حكم الحاكم بالصفة». تفريعُ احتمال إلزام المدّعي بالقيمة على تقدير حكمه بالصفة غير جيِّدٍ - كما ذكره الشهيد (رحمه الله) في الشرح (1) - فإنّه مع الحكم يتَعيَّن دفعُه إليه، بأن يرسل الحاكمُ إلى حاكم بلدِ الغائب و يشهد على حكمه؛ ليسلِّمه العبدَ. و إنّما يتوجَّه تفريعُ الإلزام بالقيمة على القول بحمل العبد إلى بلد الحاكم إذا رأى له صلاحاً، فحينئذٍ يُلزمُ المدَّعي بالقيمة؛ جمعاً بين الحقَّين؛ لاحتمالِ تَلَفه من غير أنْ يحكم له به، و على هذا الاحتمال فَرَّعه المصنِّف في القواعد (2) و التحرير (3). قال الشهيد (رحمه الله تعالى):

و يمكن أن يكون قوله هنا: «بالصفة» زيادة وقعَتْ سهواً من الناسخين، و يكون الكلام: «و يحتمل مع حكم الحاكم إلزامه» أي مع حكم الحاكم بحمله للمصلحة (4) إلى آخره.

ص: 364


1- غاية المراد، ج 4، ص 58 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 4).
2- قواعد الأحكام، ج 2، ص 216.
3- تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 5، ص 150، الرقم 6476.
4- غاية المراد، ج 4، ص 58 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 4).

المقصد الرابع في متعلّق الاختلاف

[الفصل] الأوّل فيما يتعلّق بالأعيان

قوله: «و تكفى الواحدةُ الجامعة بينهما». فيحلف أنّ جميع العين له و ليس لصاحبه فيها حقٌّ. و لو حَلَف أنّ النصف الذي يدّعيه ليس له فيه حقٌّ، و أن النصفَ الآخرَ لى كفى.

قوله: «مع اليمين». و للآخَر إحلافُهما.

قوله: «و يحلفان». و لهما إحلافُه أيضاً.

قوله: «فإنْ أمكن التوفيقُ وُفِّق». مثل أن تشهد البيِّنة لأحدهما بالمِلك المطلق و للآخَر بالمؤرّخ فيُوَفَّق بينهما و يجعل للثاني؛ لجواز أن يكون مِلْكاً للأوّل، ثمَّ صار للثاني.

قوله: «قُضي لهما». و هل يحلف كلُّ واحدٍ على النصف المحكومِ له به، أو يكون له من غير يمينٍ؟ الأقوى عندي الأوّل.

قوله: «و إن كانت في يد أحدهما قضي للخارج على رأي». نَعَم.

قوله: «و حلف الخارجُ». أي بالقرعة.

قوله: «أُقرع مع البيّنتين». و حلف من أخرجَتْهُ القُرعة.

قوله: «و بالأقدام أولى». إن شهدت بَيِّنته أنّه مِلْكُه إلى الآن و ما في معناه، و لو انفردَت بالقيد بيِّنة الآخر قُدِّم.

قوله: «أم لا، لم يقبل». لأنّ الشهادة شرطُها الجزم و «لا أدري» ينافيه، بخلاف «لا أعلمُ له مُزيلاً فإنّه لا ينافي العلم بعدم المُزيل، فلم يكن منافياً. و في الفرق نظرٌ، فإنّ المعتبر في القبول إن كان استصحاب الملك - حيثُ لا يظهر المنافي - فهو حاصلٌ فيهما، و إن كان العلم ببقاء المِلْك فلابدَّ من التصريح به، و هو غير متحقِّقٍ في

ص: 365

الصورتَيْن. و مجرَّد إمكان العلم غير كافٍ فيه مع عدم الشهادةِ على وجهٍ يدلُّ عليه.

قوله: «و لو شهد أنّه كان في يده ... و انتزعت من يد الخَصم». نَعَم، هذا هو المشهور.

قوله: «و أنكر أُحلف». السيّد.

قوله: «فأنكر أُحلف». العَبْد.

قوله: «و إنْ لم يقرَّ على إشكالٍ». الإشكال في المسألة الأخيرة، و منشؤُه من تعارُض الأصل و الظاهر؛ إذ الأصل في الآدمي الحرّيَّة، و عدمُ دعواها لا يخرجها عن الأصل، و سكوته أعمُّ من التصديق، و العامُّ لا يدلُّ على الخاصِّ، و الظاهر أنّه رقٌّ حملاً للتصرُّف على الصحَّة، و يؤيِّده سكوته حينئذٍ، و الأقوى الثاني.

قوله: «حُكم لكلٍّ منهما بما في يد الآخر». نَعَم، مع اليمين.

قوله: «فإن أقام الذي كانت في يده بيّنة أنّها له لم يحكم له على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «فالوجه القضاء له». جَيِّدٌ.

قوله: «و سواء كانت الزوجيّة باقية أو لا على رأي». قال المصنِّف (قدّس الله روحَه) في المختلف:

إن كان هناك عرفٌ عامٌّ أو خاصٌّ حُكم به، و إلّا حكم بما يصلح للرجال له، و للمرأة لها، و ما يصلح لهما بينهما، كلّ ذلك مع التحالُف. و حكم وَرَثة أحدهما أو ورثتهما حكمهما (1).

الفصل الثاني في العقود

قوله: «فإن أقاما بيّنةً حُكم بيّنة المؤجر على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «سواء أقاما بيّنةً أو لا». الأقوى التحالف و بطلان الإجارة.

قوله: «وذ لكلٍّ خيارُ الفسخ» الأجود عدم جواز الفسخ؛ لأنّ تبعُّضَ الصَفْقَة وَقَع

ص: 366


1- مختلف الشيعة، ج 8، ص 409 - 411، المسألة 12.

باختيارهما؛ لقُدْرَتهما على الحَلْف.

قوله: «أو كان مطلقاً». أو كان أحدهما مطلقاً و الآخر معيَّناً.

قوله: «و يقضى للخارج». بالقُرْعة.

قوله: «و لو فسخا صَحَّ و رجعا بالثمنَيْن». ليس لهما الفَسْخ كما مرَّ.

قوله: «لم يكن للآخر». لعدم عوده إلى بائعه.

قوله: «فإن فسخ عتق». بل ليس له الفسخُ كما مرَّ.

قوله: «و في السراية إشكالٌ» (1). احتمال السراية إنّما هو على تقدير عدم الفَسْخ، ليتحقَّقَ الحكم بعتق البعض و يتوجَّه احتمال السرايةِ إلى المجموع، لا باعتبار حكم الشارع على المالك بإعتاق البعض. و فيه نظرٌ؛ لأنّ اللازمَ من ذلك الحكمُ بعتقِ البعض؛ لإعتاقِهِ خاصّةً، و السرايةُ إنّما تُرتَّب على الثانى دونَ الأوّل. قال الشارح - و نِعْمَ ما قال - : التقويم مُحالٌ؛ لأنّ الواقعَ في نفس الأمرِ: إمّا عتقُ الجميع، أو شراءُ الجميع، أو لا. و على التقادير الثلاثة لا تَتَوجَّه السراية، و هو ظاهرٌ.

الفصل الثالث في الميراث

قوله: «أُحلف على نفي العلم». إن ادّعاهُ عليه و إلّا فلا.

قوله: «فالتَرِكَةُ بينهما». مع يمين المدَّعي تأخُّر إسلامِه عن موت أبيه، فإنْ نَكَل حلفَ الآخرُ على النصف (2).

قوله: «أو سلَّمه الحاكم من ثقةٍ». يرجعُ في الأمرين إلى رأي الحاكم.

قوله: «بعتق سالمٍ». و قيمةُ كلّ واحدٍ ثُلْثُ التَرِكَة.

قوله: «فالتهمة هنا تدفعُ شهادةَ الورثة». لأنّ شهادةَ الوارثين تَجُرُّ نفعاً من حيث إنّهما

ص: 367


1- في هامش المخطوطة: قوله: «في السراية إشكالٌ». لا يسري. (منه)
2- في هامش المخطوطة: قوله: «فالتَرِكَةُ بينهما». مع يمين المدّعي بتأخّر الموت؛ لأنّ الأصل بقاءُ الحياة. (منه)

غريمانِ للأوّل؛ و لأنّهما المدّعيان و الشاهدان، و المغايرةُ شرطٌ. و قيل: لا تُرَّد، نظراً إلى اتّفاق القيمتَيْن فلا تفاوتَ. و حينئذٍ فيحكم بعتق سالمٍ و يبطل غانمٌ، و على الأوّلِ يحكم بعتق غانمٍ قهراً و لا يحتسب مِن التَرِكَة، فتبقى التَرِكَةُ كأنّها سالمٌ و الثُلْثُ الباقي؛ فينعتقُ ثُلْثُ الثُلثَيْن من سالمٍ؛ لاعتراف الوارث و هو ثُلثاهُ، فتكون المسألة من تسعةٍ، عدم منها غانمٌ و قيمته ثلاثةٌ، و بقي منها ستّةٌ، و قيمةُ سالمٍ منها ثلاثةٌ و ثلثها اثنان.

قوله: «و الوجهُ عِتقُ الأوّل». جَيِّدٌ.

الفصل الرابع في نكت متفرّقة

قوله: «إلّا إذا ادّعى مِلْكاً سابقاً على شرائه». لا تكفي الدعوى بالمِلْك السابقِ على الشراءِ ما لم تَقُمْ بها البَيِّنةُ، و هو مراد المصنِّف.

قوله: «فهي لمدّعي الجميع». نَعَمْ بناءً على تقديم بَيِّنةِ الخارج.

قوله: «و لو ادّعى آخرُ الثلث و تشبّثوا و لا بيّنة فلكلٍّ الثلث».

أصلُ المسألةِ من اثني عَشَر، في يد كلّ واحدٍ أربعة فمدّعي الثلثِ لا يدّعي على أحَدٍ شيئاً، و مدّعي النصفِ يدَّعي على مدَّعي الكلِّ واحداً و على مدّعي الثلْث واحداً، و مدَّعي الكلِّ يدَّعي ما في يد الجميع، فمع تثبُّتهم و قيام البيِّنة و القضاء للخارج يُقضى لمدَّعي الكلِّ ثلاثةٌ ممّا في يده، و هي الرُبْعُ لا يدَّعيها أحدٌ، و يقضى له بما في يد مدَّعي النصف؛ لعدم مشارَكَة الآخر له، و بثَلاثةٍ ممّا في يد مدَّعي الثُلث. و يتعارض هو ومدّعي النصف، فتتُمّ له عشرةٌ بغير منازعٍ، ثَلاثةٌ ما في يده و ثلاثةٌ [ممّا] في يد مدَّعي الثُلْث، و مجموع ما في يد مدَّعي النصف. و يقاسِمُ مدَّعي النصف في واحدٍ ممّا في يد مدّعي الثُلْث، فتتمّ له عشرةٌ و نصفٌ، كما ذكر. و لمدَّعي النصف واحدٌ ممّا في يد مدّعي الكلِّ، و نصفُ واحدٍ ممّا في يد مدَّعي الثُلْث على تقدير النكول. و قِسمَةُ ذلك تقتضي كون أصل المسألة من أربعةٍ و عشرين [لا] من

ص: 368

اثني عَشَرَ؛ لانقسام الواحد من اثني عشر بينَهما نصفَيْن.

قوله: «و الربع ممّا في يد الثالث». أي ربع الأصل من الثُلْث الذي في يد الثالث و هو الثُلْث و ذلك ثَلاثةُ أرباعه: ثلاثةٌ من أربعةٍ.

قوله: «فيحصل للمستوعَب عشرون».

أصلُ الفريضة سنّةٌ؛ لأنّ فيها نصفاً و ثلثاً، و بين مخرجهما تباينٌ فيُضرَب أحدُهما في الآخر تبلغ ستّةً ثُمَّ يَنْكَسِرُ في مخرج النصف باعتبار التعارض بين مدَّعي الكلِّ و الثلثَيْن في السدس إذا أُريد قسمته بينهما فيحتاج مع ذلك إلى نصف سدسٍ، ثمَّ ينكسر في مخرج الثلث؛ لوقوع التعارض بَيْنَ الثلاثةِ في السدس إذا أُريد قسمتُه عليهم فيحتاج إلى ربع الثُلْث، لكن مخرجُ الثالثِ يداخل الأوّل، فيبقى كسران بين مخرجهما تباينٌ فيضرب اثنين في ثلاثةٍ، ثمَّ المرتفع في أصل الفريضة تبلغ ستَّةً و ثلاثين، و القسمةُ كما ذكره المصنِّف.

قوله: «فيكمل للمستوعب النصف». لأنّ أصلها أربعةٌ، يد كلِّ واحدٍ على سهمٍ، و صاحبُ الثُلْثَيْن يدَّعي سهماً و ثُلثُيْن على الثلاثةِ و مَخْرِجُه تسعةٌ، و صاحب النصف يدَّعي سهماً على الثلاثةِ و مخرجه ثلاثةٌ، و صاحب الثلث يدَّعي ثلث سهمٍ على الثلاثة و مخرجه تسعةٌ، فتماثل العددان و دخل الثاني، فيُجتَزَاً بالتسعة. ثمَّ الجميع يحتاج أن يكون له نصفٌ فتضرب تِسعةٌ في اثنَيْن تبلغ ثمانية عَشَر، فنضربها في أصل المسألة و هي أربعة تبلغ اثنين و سبعين، و فيها تصحّ.

قوله: «فإن صرّح في نزاع المدّعي بملكيّة البائع فلا رجوع على إشكالٍ». إنْ أصرَّ على دعوى ملكيَّة البائع فلا رجوعَ له، و إن أظهر دعواه تأويلاً بأنّه بنى على الظاهر و نحو ذلك سُمع منه.

قوله: «و يحتمل أنّ الجارية للمقرّ له إن صدّقته». الاحتمالُ قويٌّ.

ص: 369

المقصد الخامس في الشهادات

[المطلب] الأوّل في الصفات

[الفصل] الأوّل في الشروط العامّة

قوله: «فلا تقبل شهادة الصبيّ و إن راهق إلّا في الجراح». ما لم تبلغ النفس.

قوله: «بشرط بلوغ عشر سنين». و يكفي اثنان.

قوله: «إلّا في الوصيّة» بالمال لا بالولاية، و يشترط عدالتهما في دينهما.

قوله: «على ملازمة التقوى». و المروءة.

قوله: «العدالة ... و تزول ... و بالإصرار على الصغائر أو في الأغلب».

المرادُ بالإصرار عليها العَزْم على فعلها بعد الفراغ منها، سواءٌ كان المعزومُ عليه من جنس المفعول أم لا، و هذا هو الإصرارُ الحُكْمي. و المرادُ بالأغلب المداومةُ على نوعٍ واحدٍ من الصَغائر بلا توبةٍ، أو الإكثارُ من جنس الصغائر بلا توبةٍ، و يُعبَّرُ عنه بالإصرار الفعلى. و غير المصرِّ مَن لا يَخْطُر بباله بعدها توبةٌ و لا عزم على فعلها و لا يكثر منه، و هذا ممّا تُكفِّرُه الأعمال الصالحة، كما جاء في الأخبار (1).

قوله: «مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المُطْرِب». أو ما يسمّى في العُرف غناءً و إن لم يطرب.

ص: 370


1- الكافي، ج 3، ص 70، باب النوادر من كتاب الطهارة، ح 5؛ تهذيب الأحكام، ج 2، ص 237، ح 938؛ و ج 4، ص 152، ح 421؛ و للمزيد راجع رسالة العدالة، ص 53 و ما بعدها (ضمن الموسوعة، ج 3: الرسائل / 2).

قوله: «إلّا في الإملاك» (1). بشرط أن لا يكون فيه صَنْجٌ (2) و لا جُلاجِل (3).

قوله: «و باغض المؤمن ظاهراً». بُغْضُ المؤمن معصيةٌ، سواءٌ أظهره أم لا، لكن لمّا كان غير الظاهرِ لا يترتَّب عليه حكمٌ أو شهادةٌ؛ لعدم العلم به، قَيَّده به، و إن كان باطناً محرّماً أيضاً.

قوله: «أو التخطئة مع الصدق ظاهراً». بل يجب إكذاب نفسه مطلقاً؛ لِما في التفصيل من القذف التعريضي و قد سمَّى الله تعالى القاذفَ بغير شهود كاذباً (4)، لكن إن كان صادقاً وَرّى باطناً بما يخرجه عن الكِذْب.

قوله: «أو أنّ فلاناً جرح موَرِّثه قبل الاندمال». قيد الاندمال ظرفٌ للشهادةِ، فإنّها حينئذ لا تقبل للتهمة؛ لاحتمال أن يموت بالجرح، فيأخذ الديةَ.

قوله: «و لو شهد بمالٍ لمورّثه المجروح أو المريض قُبِل». ما لم يَمُتْ قبل الحكم.

قوله: «أو بالتقاذف». و إنّما يعتبر التقاذف في تحقُّقها من الجانبين، فلو حصل القذفُ أحدِ من الجانبين اختصَّت العداوةُ به، و كذا الوصفُ الآخر، فيختصّ القبولُ بالخالي منها و إلّا لَمَلَك كلُّ غريمٍ ردَّ شهادةِ العدلِ عليه؛ بأنْ يقْذِفَه و يُخاصِمَه.

قوله: «فلو تاب الفاسق ... قال الشيخ: تقبل». هذا يتمّ إذا عُلم منه التوبةُ بقرائن الأحوالِ (5).

قوله: «إلّا في حقوقه تعالى و المَصالح العامَّة» (6).

قوله: «مَهانة النفس كالسائل». إلّا مع حاجةٍ لا تندفع إلّا بِه، و ليس منه طالب الحقِّ

ص: 371


1- الإملاك: التزويج. لسان العرب، ج 10، ص 494، «ملك».
2- الصَنجُ: صحيفة مدوّرة من صفر يضرب بها على الأخرى. المعجم الوسيط، ص 525، «صنج».
3- الجُلاجل: الصافي الصوت في شدّة. المعجم الوسيط، ص 128، «جلجل».
4- النور (24): 7-8.
5- للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 14، ص 202 - 203.
6- قال المحقّق الكركي في حاشية إرشاد الأذهان، ص 573 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9): «الاستثناءُ جَيِّدٌ». و ذَيَّله الشهيد الثاني في حاشية إرشاد الأذهان بقوله: «نَعَم».

الواجب مع استحقاقه. و استثنى ابن إدريسَ من ذلك ما دَعَت الضرورةُ إليه و لم يكن حرفةً و لا صناعةً فإنّه لا يقدح (1)، و هو حسنٌ.

قوله: «كالسائل في كفِّه». أي بنفسه.

قوله: «و تارك السنن أجمع». مع اعتقاد رُجْحانها.

قوله: «و كذا تقبل شهادة النسيب على نسيبه إلّا الولد على والده خاصّة على رأي» (2).

الفصل الثاني في الشروط الخاصّة

قوله: «فلا تقبل شهادةُ المملوك على مولاه ... و على غيره على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «قال الشيخ: تقبل بنسبة ما تحرّر». حيث تردّ شهادة العبد تردّ شهادة المبعَّض.

قوله: «في النكاح و العتق و القصاص». القبولُ في الثلاثة قويٌّ، و تجب الديةُ لا القود لو كان قصاصاً.

قوله: «أمّا الديون و الأموال ... و الوقف على إشكالٍ». إن كان خاصّاً ثبت و إلّا فلا.

قوله: «و الاستهلال». استهلَّ الولدُ: إذا صَرَخ عند ولادته. و المرادُ هنا الشهادةُ بولادته حيّاً من باب إطلاق اسم الملزوم و إرادة اللازم.

قوله: «و الرضاع». جَيِّدٌ.

قوله: «و تقبل شهادة الواحدة في ربع ميراث المستهلّ». و المتيقّن بشهادة الرجل الواحد الربع.

قوله: «و ربع الوصيَّة من غير يمينٍ». و لو شهد رجلٌ واحدٌ و لم يحلف معه المشهود له ثبت به الرُبع كالمرأة، و هو من باب مفهوم الموافقة.

ص: 372


1- السرائر، ج 2، ص 122.
2- قال المحقّق الكركي في حاشية إرشاد الأذهان، ص 574 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9): «في القبول قوّة و لا تلحق الأُمّ بالأب لو قلنا بعدم القبول فيه، و في إلحاق الجدِّ قولٌ». و ذيّله الشهيد الثاني في حاشية إرشاد الأذهان بقوله «بل تقبل و الآية تدلّ عليه».

قوله: «إلّا في هلال رمضان على رأي». ضعيفٍ.

قوله: «الوقف و العتق». و كذا الرِقّ و الولاء.

قوله: «أو تشتهر حتّى تقارب العلم». جَيِّدٌ.

قوله: «قال الشيخ: و لو شهد عدلان صار السامع شاهدَ الأصل». ضعيفٌ.

قوله: «و لا يجوز للشاهد بالاستفاضة الشهادة بالسبب». فإن شهد به ثبت في الملك المطلقِ لا السبب.

قوله: «كالبيع و الهبة». فإنّ ذلك لا يثبت بالاستفاضة.

قوله: «نعم لو عزاه إلى الميراث صحَّ». لأنّه يكون عن الموت الذي يَثْبُت بالاستفاضة، و الأقوى قبولُ الشهادةِ بأصل المِلْكِ المُطلَق - دونَ السبب الذي لا يثبت بالاستفاضة - و لا تَقْدَح الضميمةُ، و تظهر الفائدةُ في ترجيحه على مدَّعٍ آخرَ (1).

المطلب الثاني في مستند الشهادة

قوله: «و هو العلم إلّا ما استثني». أي ما يثبت بالاستفاضة.

قوله: «لا بشهادتهما فرعاً». و تظهر الفائدةُ في الرجوع، فإنّه يختصُّ بالضَمان الأخْرَسُ لا المترجمان.

قوله: «فإنْ دفن لم يُنْبَش». بل يُنْبَش مع إمكانِ معرفته.

قوله: «و هل تكفي اليدُ في الشهادة بالملك المطلق؟ الأقرب ذلك». جَيِّدٌ.

قوله: «و يشهد بالإعسار».

و يجبُ في الشهادةِ على الإعسار أن تكون مُتَضَمِّنَةً للإثبات و إن اشتملت معه على نفي، كقولهم: إنّه لا يَملِك إلّا قوتَ يومٍ و ليلةٍ مثلاً و لا تسمع لو اشتملت على النفي المَحْضِ، و كذا القولُ في غيرها من الشهادات المنفيّة، فلو ادّعى على شخصٍ بقتلٍ

ص: 373


1- للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 14، ص 232.

أوْ غصبٍ أو أشباه ذلك، لم يكف الشاهد أن يقول: إنّه ما قَتَلَه أو ما غَصَبَه و نحوه، بل لابدَّ من تضمُّنها للإثبات، كما لو ادّعى عليه أنّه قَتَلَه في يوم كذا في ساعة كذا في محلّ كذا، فيشهد الشاهد أنّه في تلك الساعة كان ساكنَ الأعضاء، أو في غير ذلك المكان، و نحو ذلك.

المطلب الثالث في الشاهد و اليمين

قوله: «و في النكاح و الوقف إشكالٌ». الأجودُ أنّ مُدَّعي النكاح إنْ كانت هي الزوجة أو الزوج بعد موتها ليثبت الميراثُ ثَبَت، و إلّا فلا. أمّا الوقفُ فإنْ كان على قومٍ معيَّنين ثَبَت أيضاً، و إلّا فلا؛ لاستلزام دعوى المال في هذه الصُوَر.

قوله: «و لا تثبت بذلك الحدودُ و لا الخلع». يثبت إن كان المدَّعي هو الزوج.

قوله: «أو بهما إشكالٌ». الأقوى أنّه يثبت بهما.

قوله: «و لو أخَّر العاقلُ اليمينَ». لا فرق بين تأخيره اليمين لعذرٍ و غيره إذا لم يتحقَّقْ معه النكولُ.

قوله: «و في وجوب إعادة الشهادة إشكالٌ». لا تجب الإعادةُ، و لو أُعيدت كانت أحوط.

قوله: «لم يساهمه الغائب». يشكل؛ لما تَقَدَّم من الفتوى بأنّ الشريك في الدَيْن يأخذُ نصيبَه من شريكه.

قوله: «و لو نكلا معاً حلف البطن الثاني». تعيّنُ حلف البطن الثاني على تقدير أن يحصل له علمٌ بالتسامع الذي لا يبلُغُ الحاكمَ و شبهه. و كذا يحلف البطن الثاني لَوْ نَكَلَ الأَوَّل في وقف الترتيب أيضاً على الأقوى؛ لأنّه يَتَلَقَّاهُ عن الواقفِ - و إنْ كان مُرتَّباً على البطنِ الأوّل - لا عَنْهُ.

قوله: «و إن امتنع قال الشيخ: يرجع إلى الثَلاثَة». لأنّه بامتناعه كالمعدومِ. و يُشكل باعتراف الإخوةِ أنّهم لا يستحقُّونه، فالأقربُ رجوعُه إلى الناكل؛ لاعتراف مَنْ هو

ص: 374

بِيَدِه لَه بِه. و قيل: لا يرجع إلى المدَّعى عليه؛ لأنّه أُخذَ منه بحُجَّةٍ شرعيَّةٍ فلا يعود (1)؛ لثبوته بأجمعه لغيره سابقاً، فيتَوَقَّف رجوعه إليه على حُجَّةٍ شرعيّةٍ و قاعدةُ اليَمين مع الشاهد تَنْفيه (2).

قوله: «و لو مات أحدهم قبل بلوغه ... و فيه نظرٌ» الأقوى أنّ السَهْمَ يحكم به للناكل في المسألتَيْن؛ لأنّ الحاكمَ قد حكم بانتقال المِلْك عن المدَّعى عليه فلا يعود، و اعترافِ المحكوم له بمشاركة الولد و إن لم يحلف.

قوله: «و لو ادّعى عبداً في يد غيره و أنّه اعتقه لم تُثبت بالشاهد و اليمين». لكن لو انتقل العبدُ إلى مِلْك المدَّعي حكم عليه بعتقه بالإقرار السابق.

المطلب الرابع في الشهادة على الشهادة

قوله: «فثبت (3) في حقوقِ الناس و إن كانت عقوبةً كالقصاص». بل ضابطه كلُّ ما لم يكن عقوبة لله تعالى مُختصَّةً به إجماعاً، أو مشتركةً على الخلاف.

قوله: «و القذف خلافٌ». الثبوتُ قويٌّ.

قوله: «و الزنى بالعَمَّة و الخالة». و كذا غيرهما، بناءً على أنّ الزنى يَنْشر إذا سبقَ، و قد تقدَّم.

قوله: «و لو لم يذكر السبب لم يجز». بمثله عادةً.

قوله: «شهادتهنّ خاصّةً».

ليس المراد بقوله «خاصّةً» أنّ ما يُقبَلُ فيه شهادَتهُنَّ مُنفَرِداتٍ لا يقبل فيه شهادتهُنَّ منضمّاتٍ كما هو ظاهر العبارة، بل يُقْبَلْنَ مع الرجال، و الرجالُ وحدهم بطريقٍ أولى. و إنّما أراد ب«الخصوص» قَبولَهُنَّ مُنفَرِداتٍ بضربٍ من التجوُّز.

ص: 375


1- القائل هو العلّامة في تحرير الأحكام الشرعيّة، ج 5، ص 178، الرقم 6524.
2- للمزيد راجع الدروس الشرعيّة، ج 2، ص 78 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 10)؛ مسالك الأفهام، ج 13، ص 528 - 531؛ مجمع الفائدة و البرهان، ج 12، ص 469 - 471؛ جواهر الکلام، ج 40، ص 298.
3- في الإرشاد: «فيثبت».

قوله: «و هل تقبل شهادة النساء ... كالعيوب الباطنة و الاستهلال؟ فيه نظرٌ». عَدَمُ القَبولِ قويٌّ.

قوله: «و الضابط المشقَّة». التي لا يتحمّل مثلها عادةً.

قوله: «و لو أنكر الأصلَ طرحت على رأي». جَيِّدٍ.

المطلب الخامس في الرجوع

قوله: «و لو قالوا: غلِطنا احتمل سقوطه». الأقربُ وجوب الحدِّ؛ للفرية.

قوله: «فالأقرب القضاء». جَيِّدٌ.

قوله: «و في وجوب الإعادة إشكال». لا يجب.

قوله: «و لو اختلفا فعلى العامد القصاص و على المُخْطِئ الدية». و رُدَّ على العامد ما فَضَل عن ديته عمّا يخُصُّه من الجناية، و المرادُ بكون الدية على المُخْطئ أنّ عليه دية ما يخصُّه من الجناية أيضاً، لا مجموع الدية.

قوله: «و لو قال الشاهد: تعمّدت و ... فالأقرب الدية». جَيِّدٌ.

قوله: «و لم يعلم بالمَرَض فالقصاص». بل الديةُ.

قوله: «لو رجع شاهدا الإحصان».

ليس المراد أن مجرَّد رجوع شاهدي الإحصان يوجب اشتراك الغُرْم بينهم و بين شهود الزنى و إن لم يرجعوا - كما يظهر من العبارة - بل يختصّ الغُرم بمن رجع، و إنّما الخلاف فيما يغرمه شهود الإحصان الراجعون فإنّه مبنيٌّ على التشريك بين الجميع مع رجوعهم. و الأقوى عند المصنِّف التشريك حينئذٍ، فيجب على شهود الإحصان ما يَخُصُّهم منه خاصَّةً، و هو الثُلْث أو النصف.

قوله: «و لو رجع شاهد الإحصان فالأقرب التشريك». جَيِّدٌ.

قوله: «أو النصف؟ إشكالٌ» النصف قويٌّ.

قوله: «و لو رجع أحدُ شهود الزنى أو أحد شاهدي الإحصان». الأقوى أنّ على شاهد

ص: 376

الزنى ثُمن الدية و [على] شاهد الإحصان الربع.

قوله: «و لو رجعا بعده لم ينقض». جَيِّدٌ.

قوله: «و إنْ لم يستوف». جَيِّدٌ.

قوله: «قائمةً على رأي». جَيِّدٍ.

قوله «فالوجه الرجوع». جَيِّدٌ.

قوله: «و لو ظهر كونهما عبدين». بناءً على عَدَم قبول شهادة العبد، أو على كون الشهادة على المولى.

المطلب السابع في مسائل متعدّدة

قوله: «و لو فسقا بعد الإقامة قبل الحكم حكم بها».

قالَ الشهيدُ (رحمه الله):

يشكل الفرق بين تَجَدُّد فسقهما قَبْلَ الحكم و فسق الحاكم المُنْفِذ قبل حُكمِ الحاكم الثاني، و قد سَبَقَ أَنّه يَمنعُ من الإنفاذ (1).

و الأقوى عدمُ الحُكْم حينئذٍ و كذا لو ظَنَّ الكُفْرَ أو العداوةَ.

قوله: «فالوجه عدم القبول». جَيِّدٌ.

قوله: «و لو شهد وارثان أنّه رجع عن الوصيّة ... خلافاً للشيخ» (2). فإنّه حكم بالقبولِ؛ لعدمِ التهمة إذ المال يُخرَجُ من يَدِه على التقديرَيْن. و وجه ما اختاره المُصنِّف (رحمه الله) أنّ المالَ يُنزَعُ من يَدِه، فهو غريمٌ لِلْمُوصى له الأوّل، كما لو شهد ذُو اليد بما في يَدِه لغيره بعد إقامةِ آخر البيِّنة له فإنّه لا يسمع.

قوله: «قال الشيخ: أُجيبا» (3). الأقوى عدم الإجابة؛ لأنّها عقوبةٌ لم يَثْبُت سَبَبُها.

ص: 377


1- حاشية القواعد، ص 595 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 14).
2- المبسوط، ج 5، ص 619.
3- المبسوط، ج 5، ص 612.

ص: 378

كتاب الحدود

[المقصد] الأوّل في الزنى

[الفصل] الأوّل [في تعريف الزنى و...]

قوله: «الزنى ... حتّى تغيب الحشفة». المعتبرُ في ذلك الحشفةُ أو قدرُها. و الضابطُ ما أوجب الغسلَ، و فى حكم المرأةِ مطلق الأُنثى و إن كانت صغيرةً، لكن لا يجب به الرجم كما سيأتي. و كان على المصنِّف مراعاةُ ذلك؛ لئلّا ينتقض التعريفُ.

قوله: «و لا حدَّ في التحريم العارض كالحيض». بل يُعزّرُ.

قوله: «يغدو عليه و يروح». أي يتمكَّنُ منه أوّل النهارِ و آخرَه، بحيث إذا سافر إليه غُدْوَةً وصلَ إليه الظُهْر - إذ الظهرُ أصلُ عشيّة [كذا] - فما دون. و قيل: يتمكّن منه متى أرادَ، و الغُدُوُّ و الرواح كنايةٌ عنه (1).

الفصل الثاني في ثبوته

الأوّل: الإقرار

قوله: «و في اشتراط إيقاع كلّ إقرارٍ في مجلسٍ قولان». لا يشترط.

قوله: «و يحدّ بالمرَّة للقذف». قويٌّ. إلّا أن يغيِّرهُ بالإكراهِ و نحوِهِ فَيُعزَّرُ.

ص: 379


1- القائل الشيخ في النهاية، ص 693؛ و الفاضل المقداد في التنقيح الرائع، ج 4، ص 331.

قوله: «ضرب حتّى ينهى أو يبلغ مائة». هذا هو المشهورُ بين الأصحاب، و مستندُهُ روايةُ محمّد بن قَيْس عن الباقر علیه السلام: أنّ أمير المؤمنين علیه السلام قضى بذلك (1). و في الطريقِ ضعفٌ، و في الحكمِ إشكالٌ في جانب الزيادةِ (2) و النقصانِ (3): لأنّ الحدَّ إِنْ حُمِلَ على معناهُ المتعارفِ المقابلِ للتعزير لم يتمَّ الحكمُ بالرجوع إليه لو نهى عن نفسه فيما دونَ بعضِ الحدود. و يُشكل أيضاً بقَبوله بالإقرار مرَّةً، فإنّ من الحدود ما يعتبرُ فيه الإقرارُ مرَّتَيْن، و منه ما يعتبر بالأربعِ، و إنْ أُريدَ ما يشمل التعزيرَ تمَّ الحكمُ بالإقرار مرَّةً، لكن يشكل جوازُ بلوغِ المائةِ و ما دونها من مراتب الحدود في غير المقدَّر، و فيه مقدَّرهُ. و لو قيل بأنّهُ بالإقرار مرَّةً لا يبلغ الخمسة و السبعين و يرجع في النقيصة إلى رأي الحاكمِ، و في المرَّتَيْن لا يتجاوَزُ الثمانين، و في الأربعِ لا يتجاوز المائةَ كان حَسناً (4).

الثاني: البيّنة

قوله: «فالأقرب حدّهم للفِرية». هذا مع سَبْقِه بالقذف أو اختلالِ بعض الشروطِ و إلّا حُدَّت هي دونَهُمْ.

قوله: «و لو شهد اثنان بالإكراه و اثنان بالمطاوعة حدّ الشهود على رأي». جيّدٍ، و يُحَدُّ شهود المطاوَعِة لها و الإكراهِ له حَسْبُ.

قوله: «و لو سَبَقَ أحدُهم بالإقامة». أي سبقَ حضورُه و إقامته، لا مطلقُ سبقِ الإقامةِ، كما أطلقه المصنِّفُ.

قوله: «و لو شهد أربعة فشهد أربع نساء بالبَكارة». أي شهد أربعةُ رجالٍ بالزنى قُبُلاً و استغنى بإثباتِ «التاء» عن ذكرِ «الرجالِ» و بقرينة المقام عن ذكر «الزنى»

ص: 380


1- الكافي، ج 7، ص 219، باب ما يجب على من أقرّ على نفسه بحدٍّ، ح 1؛ تهذيب الأحكام، ج 10، ص 45، ح 160.
2- كحدّ الزنى في مكانٍ شريفٍ.
3- كحدّ القوّاد.
4- لمزيد التوضيح راجع مسالك الأفهام، ج 14، ص 345 - 347.

و بالبَكارة عن أنّه «قُبُلٌ» و لو قال بعده: «فشهد أربع بالبَكارة»؛ ليدلّ على النساء بحذف «التاء» كالأوّل كان حسناً. و ذكرُ النساءِ للأغلبِ و للتنبيهِ بالأدنى على الأعلى، لا للتخصيصِ.

قوله: «و لا على الشهود على رأي». جَيّدٍ.

قوله: «و إن ردّت بخفيٍّ على رأي». بل التفصيلُ أجودُ، و هو أنّه إن كان الأمرُ ظاهراً بحيث يعلم به الشهودُ، حدَّ الجميع و إلّا فلا، و يُحَدُّ مَنْ بانَ فِسقُه و إلّا لأدّى إلى عدمِ إقامة الشهادةِ على الزنى؛ لأنّ هذا التَجَرُّزَ قائمٌ دائماً.

الفصل الثالث في العقوبة

الأوّل: القتل

قوله: «يجبُ على الزاني بالمحرّمات نسباً ... و بامرأة الأب». إلحاقُ امرأةِ الأبِ بالمحرَّمات (1) لا دليل عليه، مع إخراج ما ماثَلَها من المحرَّماتِ كزوجةِ الابن.

قوله: «و المحصن و غيرُه». الأجود أنّه إنْ كان الزاني بمن ذُكر محصناً جُمِعَ له بين الجلدِ و الرجمِ كغيرِهِ، و إن كان غيرَ محصنٍ قُتل بما يراهُ الحاكمُ بعد الجَلدِ.

الثاني: الرجم و الجلد

قوله: «و اشترط الشيخ». لا يشترط.

قوله: «الشيخوخة». الشيخُ و الشيخةُ: مَنْ جاوز سِتُّهُ الأربَعينَ. و الشابُّ: من تجاوز البلوغَ إلى ثلاثين، و ما بينهما كَهْلٌ.

قوله: «و قيل: يشترط إصابة الحجارة». لا يشترط.

قوله: «و يبدأُ الشهود بالرجم». ثُمَّ الإمامُ، ثُمَّ الناسُ.

قوله: «و يستحبّ الإشعار». بل يَجب.

ص: 381


1- المراد به إلحاق المحرّمات بالسبب إلى المحرّمات بالنسب، للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 14، ص 360.

قوله: «و أقلّها واحد فى الحدّ». بل ثلاثةٌ وجوباً.

قوله: «و لا يرجمه من عليه حدٌّ». النهيُ للتحريم.

الثالث: الجلد و الجزّ و التعزيب

قوله: «و هل يشترط أن يكون مملكاً؟ قولان». و الاشتراط قويٌّ.

قوله: «و يُجَزُّ رأسُه». «الجزُّ» حَلْقُ الرأس أجمع دون غيره كاللِحيةِ.

قوله: «و يُغَرَّبُ عن مصرِه سَنَةً». إلى غيره، قريباً كان أم بعيداً، بحسب نظر الحاكم، و لو كان غريباً غُرِّب إلى بلدٍ آخرَ غيرِ وطنِه و البلدِ الذي غُرِّب منه. و يشترط كونُ التغريبِ إلى مسافة القَصرِ فصاعداً، و إليه التخييرُ في جِهات السفرِ، و لو كان الطريق مخوفةً لم ينتظر الأمن إلّا أنْ يُخشى تَلفُهُ، و مؤونة التغريبِ على الزاني.

قوله: «بل يضيّق عليه في المطعم و المشرب». بأنْ لا يُطعمَ و لا يُسقى و لا يُبايَع (1).

قوله: «ضرب بالضغث». الضِغْثُ بالكسر، أصلُهُ الحُزْمَة من الشيء (2). و المرادُ هنا القبضُ على جملةٍ من العيدان و نحوها المشتملُ على العدد المعتبر في الضرب، و ضربُه به دفعةً مؤلمةً بحيث تَمسُّه الجميع أو ينكبس بعضُها على بعضٍ ليناله ألَمُها، و لو لم يكن جميع العددِ كذلك فعل به مرَّتين فصاعداً إلى أن يكملَ.

قوله: «و لا يشترط وصول كلِّ شمراخٍ إلى جسده». جَيِّدٌ.

الرابع: الجلد خاصّة

قوله: «و غير المُملك على رأي». بل يجمع.

قوله: «فعليه ثُمْن حدِّ الزاني». اثنا عشر سوطاً و نصفٌ، و كيفيّةُ استيفاء النصف أن يقبضَ على نصف السوطِ و يضربَهُ بنصفِه. و قيل: ضرباً بين الضربين.

ص: 382


1- لمزيد التوضيح راجع مجمع الفائدة و البرهان، ج 13، ص 80 - 81.
2- المُغرب، ص 362؛ لسان العرب، ج 2، ص 164، «ضغث».

المقصد الثاني في اللواط

قوله: «فإنْ أوقب قتلا معاً». أقلُّ الإيقابِ غيبوبةُ الحَشَفَةِ في الدُبُر، و لا فرق بين المُحْصَنِ و غيره.

قوله: «أو بالتفريق على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «إذا لاط بمسلمٍ فإنّه يقتل». أوقَبَ أو لا.

قوله: «و لو تكرّر الجلد قتل في الرابعة». جَيِّدٌ.

قوله: «فإن فعل بهما ذلك مَرَّتَيْن حدّا في الثالثة». و هكذا دائماً يعزّران مرَّتَيْن و يحدّان في الثالثة، و لا يقتلان على الأصحِّ.

ص: 383

المقصد الثالث في السحق و القيادة

قوله: «تجلد المساحقة البالغة». يثبت السحق ما يثبت به الزنى.

قوله: «محصنة أو غيرها على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «فإن تكرَّر التعزير مرَّتَيْن حدَّتا في الثالثة». و هكذا يُفعَلُ بهما أبداً من غيرِ قتلٍ، كما سَبَق.

قوله: «و يشهر و ينفى». المرادُ نفيُهُ عن مصرِه إلى غيره من غير تحديدٍ لمدَّةِ النفي، و الأولى اعتبارُ بُعده مسافةَ القَصْرِ.

قوله: «و تثبت بالإقرار مرَّتَيْن». و يعزّر بالإقرار مرَّةً.

قوله: «و بشهادة عدلين». و لا تقبل فيه شهادةُ النساءِ انفردْنَ أو انضَمَمْنَ.

ص: 384

المقصد الرابع في حدّ القذف

[المطلب] الأوّل في أركانه

قوله: «و كذا لستَ بولدي لمن اعترف به». فيجب على الأبِ الحدُّ، و كذا لو قال إنسان لولدٍ: لست لأبيك، و نحوَه.

قوله: «قذفٌ لهما على إشكالٍ». يَثبت عليه حدّان إلّا أنْ يدَّعى الإكراهَ فحدٌّ واحدٌ.

قوله: «قذفٌ للمنسوب إليه دون المواجه». و يعزّر للمواجه في جميعِ هذه الصُوَر؛ لأنّه خاطَبَهُ بما يكرهُ.

قوله: «قذفٌ للمواجه و المنسوب على إشكالٍ». قَذْفٌ.

قوله: «و لو قال يا ديّوث». الديّوثُ: الذي لا غيرة له (1) و في معناه الكشخان و القرنان، قال ثعلب (2): لم أرَهُما في كلام العربِ، و معناهما عند العامَّة معنى الديّوث.

قوله: «و في المملوك قولان». الأصحّ أنّ المملوك كالحرّ هنا، و القولُ بالتنصيف (3) نادرٌ جدّاً، و مُستَنَدُه ضعيفٌ.

ص: 385


1- لسان العرب، ج 2، ص 150؛ المُغرب، ص 172، «ديث».
2- حكاه عنه أيضاً في الروضة البهيّة، ج 9، ص 172 (ضمن الموسوعة، ج 10)؛ و في مسالك الأفهام، ج 14، ص 433، ولكن فيهما «تغلب» بدل «ثعلب». و لعلّه سهوٌ من الناسخين، و الصحيح ما أثبتناه. و هو أبو العبّاس أحمد بن يحيى الشيباني. و كان نحويّاً لغويّاً تعلّم على الفرّاء و ابن الأعرابي، و اشتهر بالحفظ، و معرفة العربيّة، و رواية الشعر القديم. و كان إمام الكوفيّين ببغداد في زمانه في النحو و اللغة. و له من الكتب الفصيح و قواعد الشعر و المصون في النحو و اختلاف النحويّين و معاني القرآن و معاني الشعر و كتاب ما ينصرف و ما لا ينصرف. توفّي ببغداد في جمادى الأُولى سنة 291. معجم المؤلّفين، ج 2، ص 203؛ معجم الأُدباء، ج 5، ص 102 - 146.
3- كقول الشيخ في المبسوط، ج 5، ص 350.

قوله: «و لو قال لمسلمٍ حرٍّ: بابن الزانية و كانت أُمّه كافرة أو أمة عُزّرَ على رأي». جَيْدٍ.

قوله: «و لو قال لابن الملاعنة». لكن لا يُعزَّرُ.

قوله: «لا قبلها». لكن يُعزَّرُ خاصَّةً.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «و لو كان المقول له مستحقّاً». يتحقّقُ استحقاقُه بتظاهرِه بالفسق، فيصحُّ حينئذٍ مواجهتُه بما تكون نسبتُه إليه حقّاً.

قوله: «و إن تفرّقوا به فلكلّ حدٌّ». و كذا الكلامُ في التعزير.

قوله: «و سابّ النبيّ و أحد الأئمّة علیهم السلام». و كذا فاطمةُ علیها السلام.

قوله: «مع أمن الضرر». على نفسِه أو مالِه أو بعضِ المؤمنين كذلك، فينتفي الجواز، و كذا حكمُ باقي الأنبياء علیهم السلام.

قوله: «بأزيدَ من عشرة أسواطٍ». فتكره الزيادةُ على ذلك.

قوله: «لأداء اجتهاده إلى تفسيقهم فلا حدَّ».

في هذا الحكم إشكالٌ؛ لأنّ الشاهدَ إنْ كان مستنداً في أمره - الذي يقدح عند الحاكم - إلى اجتهادٍ أو تقليدٍ لأهلهِ أو شبهةٍ توجب عذرَه لم يجز ردّ شهادته بشيء من ذلك و إلّا فهو فاسقٌ، لا من حيث اجتهاد الحاكمِ في ذلك.

ص: 386

المقصد الخامس في حدّ الشرب

[المطلب] الأوّل في الأركان

قوله: «و لا المجنون». ولكن يؤدَّبُ.

قوله: «و يثبتُ على العالم بهما و إن جهل وجوب الحدِّ». إن لم تمكن الشبهة في حقِّه و إلّا قُبل عذرُه.

قوله: «المشروب: و هو كلّ ما من شأنه أن يسكر». و منها الحشيشةُ على قولٍ (1) لا بأسَ بِهِ.

قوله: «و العصير إذا غلى و اشتدّ». لا يشترط في تحريمه الاشتدادُ، بل يحرمُ بمجرَّد الغليان.

المطلب الثاني في الأحكام

قوله: «و لو شهد أحدهما بالشرب و الآخر بالقيء حدّ»، مع الإطلاق أو إمكانِ مجامعةِ القيء للشرب لا مطلقاً، هذا إذا لم يدّع الإكراهَ و إلّا انتفى عنه الحدُّ (2).

قوله: «و الأقوى الحكم بارتداد من استحلّ شرب الخمر». قويٌّ إلّا أن تمكن الشبهة في حقِّه بقرب عهدِه بالإسلام و نحوِه و يدّعي الجهل فيُقبَلُ منه.

ص: 387


1- هذا قول ابن فهد الحلّي في المهذّب البارع، ج 5، ص 79.
2- للمزيد راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 304 - 305 (ضمن الموسوعة، ج9)؛ و مسالك الأفهام، ج 14، ص 467 - 468.

المقصد السادس في السرقة

[المطلب] الأوّل: السارق

قوله: «أو جناح طائرٍ». إذا كان من شأنِه العودُ إليه، و لو لم يكن من شأنِه العودُ فهو

كالمتلف داخلَ الحرزِ و إن اتّفق العودُ.

قوله: «أو أمره للصبيّ». غير المميّز و إلّا لم يُقطع الأمرُ و لا الصبيُّ.

قوله: «فالأقرب سقوط القطع عنهما». جَيِّدٌ.

المطلب الثاني: المسروق

قوله: «في خاتمٍ وزنه سدسٌ و قيمته ربعٌ». دون العكسِ.

قوله: «و لو سرق قميصاً قيمته أقلّ و فيه نصابٌ لا يعلمُه ففي القطع إشكالٌ».

الأقوى أنّه يُقطعُ؛ لتحقّق الشرط و لا يقدح عدمُ القصد إليه؛ لتحقُّقِه في السَرِقَة إجمالاً و لشهادة الحالِ بأنّه لو علِمَه لَقَصَدَه.

قوله: «و لا في سارق ستارة الكعبة على رأي». جُيّدٍ.

قوله: «بل يقطع من الباطنَيْن». المرادُ ب«الباطنِ» ما جُعل عقْدُه إلى داخل الثوب، و «الظاهر» ماجعل إلى خارجه.

قوله: «و لا في ثمرة الشجرة». إلّا أن تكون الشجرةُ محرزَةً، فيُقطَعُ كغيرها على الأقوى.

قوله: «و لا على مَن سرق مأكولاً عام مَجاعةٍ». مع حاجتِه إليه و إلّا قُطعَ على الأقوى،

ص: 388

نعم لو اشتبه حالُه لم يُقطع عملاً بالعموم. و به يندفعُ ما قيل من أنّ المضطرَّ يجوز له أخذُهُ قهراً في عام المجاعَةِ و غيره؛ لأنّ المشتبهَ حاله لا يدخل في الحكم، و إنّما يجوز أخذُ المضطَرِّ مع عدم إمكان إرضاءِ مالكه بالعوض، و هنا الثابتُ عدمُ القطعِ مطلقاً و إن حرم عليه الأخذُ.

قوله: «و الغنم في الصحراء مع إشراف المالك عليها». و إن حصل تمامُ المراعاةِ على الأقوى؛ لعدم تحقُّقِ السَرِقَة حينئذٍ.

قوله: «و من سرق الوقف ... أو باب الحرز على رأي». لا يقطع.

قوله: «مع حراسة المالك على إشكالٍ». الأقوى عدم القطع ؛ لأنّه إن كان ناظراً لم يكن الآخذُ سارقاً و إلّا لم يكن المال محرزاً.

قوله: «و إن لم يكن نصاباً على رأي». بل يعتبر النصاب.

قوله: «و لو سرق اثنان نصاباً قطعا على رأي».

لا يقطعان إلّا أن يبلغَ نصيبُ كلّ منهما نِصاباً.

قوله: «و لو سرق اثنان نصاباً قطعاً على رأي و سقط عنهما على رأي». جَيّدٍ.

قوله: «و لو أخرج النصاب في دفعَتَيْن وجب القطع». مع قصرِ الزمان عادةً و عدمِ تخلُلِّ

اطّلاع المالك و إلّا فلا قَطْع (1).

قوله: «و في المنكر إشكالٌ». و قطعُه قويٌّ.

المطلب الثالث في الحدّ

قوله: «و تترك الراحة و الإبهام و إن كانت شلّاء أو كانت يداه شلّاوَين». إذا لم يَقْضِ أهلُ

الخبرَةِ بأنّها لا تنحسمُ و إلّا لم يُقطع.

قوله: «قيل: تقطع اليُسرى، و قيل: الرجل». الأجودُ أنّهما لا يقطعان؛ لقيامِ الشبهةِ،

ص: 389


1- للمزيد انظر الروضة البهيّة، ج 4، ص 322 (ضمن الموسوعة، ج 9) و مسالك الأفهام، ج 14، ص 535 - 536.

و احتياطاً في الدماءِ، و وقوفاً مع النصِّ (1).

قوله: «و لو ردّ المكرهُ على الإقرار السرقَة لم يقطع على رأي». جَيِّدٍ.

مسائل من هذا الباب:

قوله: «و لو شهدت البيّنة فقطع ثمّ شهدت بعده بأُخرى قيل: تقطع رجله». لا تقطع رِجلهُ إلّا بسرقَةٍ متجدّدةٍ بعد القطعِ.

قوله: «و لو أعاده إلى الحرز، قيل: لا يسقط».

و التحقيق أنْ يقال: إنّ الردّ إنْ تَضمَّنَ براءةَ ذِمَّةِ السارقِ من المال قبل المرافعةِ فلا مرافعةَ و لا قطعَ، و إن لم يتضمَّن البراءة من ذلك قُطع؛ لحصول السبب التامّ؛ لإضافة الشرط إليه.

ص: 390


1- الكافي، ج 7، ص 223، باب حدّ القطع و كيف هو، ح 5 و 6؛ الفقيه، ج 4، ص 63، ح 5114؛ تهذيب الأحكام، ج 10، ص 104، ح 404 و 405.

المقصد السابع في المحارب

[البحث] الأوّل في ماهيّته

قوله: «و يجوز الكفّ عنه إلّا أن يطلب النفس». مقتضاهُ جواز الكفِّ لو طلب المالَ أو الحريمَ و الأقوى وجو وجوب دفعه عن الحريم كالنفس و عن المال مع الاضطرارِ إليه؛ لقوتِه و قوتِ عياله بحيث يخشى الهلاكَ و إلّا فلا.

قوله: «و الأقرب عدم اشتراط كونه من أهل الريبة». جَيِّدٌ.

قوله: «فلو ضعف عن الإخافة و قصدها فمحاربٌ». جَيِّدٌ.

قوله: «و المستلب و المختلس». هما اللذان يخطِفان المال و يهربان. و قيل: المستلبُ: الأخذُ جهراً، و المختلسُ خُفْيَةً، و كلاهما ليس بذي شوكةٍ (1).

البحث الثاني في الحدّ

قوله: «و فيه قولان: التخيير بين القتل و الصلب». جَيِّدٌ.

قوله: «و يقتل إن أخذ المال بعد استعادته». أي قُتلَ أيضاً.

قوله: «و قطع يده اليمنى و رجله اليسرى». أي قبلَ القتلِ.

قوله: «و لو فقد أحد العضوين اقتصر على الآخر». فلا تقطع اليُسرى عوضَ اليُمنى و بالعكس.

ص: 391


1- راجع حاشية القواعد، ص 610 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 14).

خاتمة

قوله: «و للإنسان أن يدفع عن نفسه و ماله». «اللامُ» يدلُّ على مجرَّد الجوازِ لا الوجوب، و الأولى حملُه على المعنى الأعمّ؛ لأنّ المدافعةَ تجب عن النفس و الحريمِ مع الإمكان، فلا يجوز الاستسلامُ معه بخلاف المال.

قوله: «و المدفوعُ هدرٌ و الدافع شهيدٌ». أو في حُكمه.

قوله: «فالنصف فيهما على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «و له زجر المطّلع». الضابط أنّه يتدرَّج في زَجْرِه من الأسهل إلى ما فوقَهُ على

مراتب النهيِ عن المنكر، فإن اتّفق تلفُه بضربَةٍ سائغةٍ كان هدراً.

قوله: «أو رمى ذا الرحم بعد الزجر». المراد به هنا المَحرمُ، فإنّهُ أخصُّ من الرحم؛ لأنّه مطلقُ القريب.

قوله: «و لو انتزع يده فسقطت أسنان العاضّ فلا ضمان». إلّا أنْ يكون العضُّ مباحاً، كما لو توقَّف التخليص الجائز عليه، فيَضمنُ.

قوله: «و إن افتقر إلى الجرح بالسكّين». أي المعضوضُ في التخلُّص.

قوله: «فالضمان على بيت المال إن كان لمصلحة عامَّة». لا يشترط في الضمان من بيت المالِ الإكراهُ، بل يكفي مطلقُ الأمرِ؛ لوجوب طاعةِ الإمام علیه السلام.

قوله: «و لو أدّب زوجتَه أو ولده ضمن الجناية». إلّا أن يكون حاكماً و يكون التلفُ بالتعزير الشرعي.

ص: 392

المقصد الثامن في الارتداد

قوله: «و المرتدّ إمّا عن فطرةٍ و هو المولودُ على الإسلام فهذا يجب قتله». و قتله إلى الحاكم الشرعى و لو قَتَلَهُ غيره أثِمَ خاصّةً.

قوله: «و لا تقبل توبته». ظاهراً، فتجري عليه جميعُ الأحكامِ المذكورةِ، و يُقبل باطناً على الأقوى. [و] الأقوى أنّ المرتدَّ يُقبلُ توبتُه مطلقاً، بمعنى الحكم بإسلامه و تتبعُه طهارتهُ و جوازُ تصرّفاتِه التي كانت قد انتفت بردّتِه، ولكن يبقى استحقاقُ القتلِ و بَيْنونَةُ الزوجةِ و قسمةُ المال بحالِه. و ما عدا هذه الثلاثة من أحكامه تَزولُ بتوبته. و يمكنُ أنْ يريدَ بعدم قبولِ توبتِه في الخبر (1) هذا المعنى، و إلّا لَزِمَ التكليفُ بما لا يطاق.

قوله: «فيستتاب ثلاثة أيّام». بل يُنتظر ما يُرتجى بِه عودُه.

قوله: «و فی استرقاقه إشكالٌ». لا يسترقُّ.

قوله: «و يحجر الحاكم على أموال المرتدِّ؛ لئلّا يتلفها». الأجودُ تحقّق الحجر بمجرَّدِ رِدَّتِه و لا يتوقّفُ على حكم الحاكمِ.

قوله: «بخلاف الحربي على إشكالٍ». الأجودُ [أنّه] يَضمنُ الجريرَة كغيره، بمعنى تكليفه بعوضٍ من التَلف مِثْلاً أو قيمةً و إن كان مالُه فيئاً بدون الإتلافِ، لأنّ ذلك أمرٌ آخرُ.

قوله: «و إن قتل خطأً فالدية في ماله مخفّفةٌ». يشكل بأنّ المرتدَّ عن فطرةٍ لا مالَ لَهُ إِلَّا

ص: 393


1- تهذيب الأحكام، ج 10، ص 138، ح 548؛ الاستبصار، ج 4، ص 254، ح 963.

أنْ يُحملَ على ما يكتسبُهُ زَمَنَ الرِدّةِ، إن قلنا أنّه يملِكُ حينئذٍ.

قوله: «ففي القصاص إشكالٌ». الأجودُ الديةُ و إن لم يجز لكلّ أحدٍ قَتلُهُ من دون إذنِ الحاكمِ؛ فإنّ مخالفةَ ذلك توجبُ الإثمَ خاصّةً.

قوله: «و لو طلب الاسترشاد احتمل عدم الإجابة». الأقوى التفصيلُ و هو أنّ طَلَبَه إنْ كان قبلَ مُضيّ المُدَّة المضروبة لرجوعه أُجيبَ، و إنْ كان بعدَ انقضائها لم يُجَبْ.

قوله: «و عنها إشكالٌ». المشهورُ أنّه لا يملك و أنّهُ بحكم الميِّتِ.

ص: 394

المقصد التاسع في وطء البهائم و الأموات

قوله: «من وطئ من العقلاء البالغين دابَّةٌ». التقييدُ بالبلوغ و العقلِ في الفاعل؛ لتَرتيب جميع الأحكامِ المذكورةِ و إن كان بَعضُها لا يتوقَّفُ على الوصفين، فإنّ الأقوى تحريم الموطؤة بوَطء غير البالغِ و تؤخذُ القيمة من ماله إن كان له مالٌ، و إلَّا فَبَعْدَ يساره.

قوله: «عُزِّر و غرم قيمتها». يومَ الفِعْل.

قوله: «و ذبحت و أحرقت». و ليس الحَرْقُ و الذبحُ عقوبةً لها بل لمصلحةٍ خفيّة، أو للأمن من شياع نسلِها.

قوله: «و دفع إليه على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «و لو كانت زوجته عزِّر». أو أمَتَه.

قوله: «و يثبت بما يثبت به الزنى على رأي». جَيِّدٍ.

تتمّة

قوله: «و لا دية لمقتول الحدّ أو التعزير على رأي». جيّدٍ.

ص: 395

ص: 396

كتاب الجنايات

اشارة

قوله: «الجناية ... و هي إمّا عمد محضٌ ... كضرب الحصاة و العود الخفيف». إذا لم يقصد به القتل.

[المقصد] الأوّل في قتل العمد

[المطلب] الأوّل في سبيه

قوله: «إلّا أن يترك شدّه الموجب للقطع». فلا قَوَد حينئذٍ، و لا دِيةَ على الأقوى.

قوله: «فشَبيهُ عمدٍ». إنْ لم يقصد إتلافَهُ بذلك و إلَّا فَعَمْدٌ.

قوله: «أو أقرَّ أنّه قَتَلَه بسحره». الأقوى أنّه عمدٌ عَمَلاً بإقراره.

قوله: «و لو جعل السمّ في طعام صاحب المنزل فأكله قال الشيخُ: عليه القَوَد (1)». بل الدية (2).

قوله: «و الغالب التلف أو السلامة». أي يحتملهما على السواء، و كذا الحكمُ لو كان الغالبُ السلامةَ، أمّا لو كان الغالبُ التلفَ ضَمِنَ الجميعَ.

قوله: «لو ألقاه إلى البحر فالتقمه الحوت ... ففي القَوَد نَظَرٌ». الأقوى القَوَد.

ص: 397


1- الخلاف، ج 5، ص 171، المسألة 32؛ المبسوط، ج 5، ص 52.
2- في بعض النسخ: «و يحتمل الدية».

قوله: «الجناية ... و هي إمّا عمد محضٌ ... كضرب الحصاة و العود الخفيف». إذا لم يقصد به القتل.

197 قوله: «و لو لم يعلم جوعَه احتمل القصاص». يقوى القصاصُ مع قصده إلى قتله، سواءٌ عَلم بجوعه أم لا، و مع عدمه أو اشتباهه كمالُ الدية.

قوله: «أو الدية». جَيِّدٌ.

المطلب الثاني في اجتماع العلل

قوله: «سقط القصاص و الدية». الأقوى أنّه إن قَتَلَهُ دفاعاً فلا شيءَ عليه، و إن قتلَهُ لإلزامه به مع تحقُّق الإكراه فالدية و إلّا فالقصاص.

قوله: «و يتحقّق الإكراه فيما دون النفس». الأقوى تحقُّق الإكراه بذلك و تعدِّيه إلى غيره من الجرح و المال.

قوله: «فالأقرب القصاص على الأمر». جَيِّدٌ.

قوله: «و عليَّ ضَمانُه، ضمن». إنّما صحَّ الضمان هنا مع أنّه ضَمان ما لم يجب؛ لمسيس الحاجةِ إليه، و لَوْ جعل جُعالةً صحَّ أيضاً. و لو لم يكن خوفٌ أو لم يقُل «و عليَّ ضَمانُه» لم يضمن.

قوله: «و لو ادّعى إذنهم حَلَفوا». و ضَمِنَ بالنسبة على الأقوى، و اختار المصنِّف ضَمان الجميعِ في القواعد بعد الحَلف (1).

المطلب الثاني في العقوبة

قوله: «و لو عفا على مالٍ لم يسقُطِ القَودُ». الأقوى وجوبُ دفع المال على الجاني مع القدرة عليه إذا رضي به الوليّ؛ حفظاً للنفس.

ص: 398


1- قواعد الأحكام، ج 2، ص 321.

قوله: «و لو هلك قاتل العمد فالدية على رأي». هذا هو المشهور، بل قيل: «إنّه إجماعٌ» (1)، و مستندُهُ ضعيفٌ (2).

قوله: «و لو ادّعته و تجرّدت دعواها عن شهادة القوابل فالوجه التصديق». قويٌّ.

قوله: «و لو جهل، فعلى الحاكم إن علم». في ماله، و لَوْ سَلَّطَهُ الحاكمُ من غير علمٍ فالديةُ على بيت المال.

قوله: «و لا يُقتصُّ إلّا بالسيف». أو ما جرى مَجراهُ.

قوله: «و لو اتّحد مستحقّ القصاص فالأولى أذن الحاكم، و ليس واجباً على رأي» (3). جَیّدٍ

قوله: «فالأولى إذنُ الحاكم». أي استئذانُهُ، فإنّه موضعُ الخلاف، لا أنّ الأولى للحاكم أنْ يَأْذَنَ و إن كان هو ظاهر العبارة.

قوله: «و لا يجوز لأحدهم المبادرة على رأي». قَويٍّ.

قوله: «و لو كان المستحقُّ صغيراً». و كذا المجنونُ.

قوله: «فللوليّ استيفاءُ حقّه على رأي» (4). يفعل مقتضى المصلحة.

قوله: «و للوليّ القصاص من دون ضمان الدية للديّان على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «بعد ردّ ديةِ اليدِ على إشكالٍ». قويّ.

المطلب الرابع في الاستيفاء مع الاشتراك

قوله: «و يأخذ الوليُّ نصفَ الديةِ على إشكالٍ». أخذ النصف في الصورتين قويٌّ، و الجميعُ محتَمَلٌ.

ص: 399


1- القائل به الشيخ في النهاية، ص 736؛ و ابن زهرة في غنية النزوع، ج 1، ص 405.
2- للمزيد راجع مسالك الأفهام، ج 15، ص 260 - 262.
3- في هامش المخطوطة: قوله: «و ليس واجباً على رأي». بل يعتبر إذنه. (منه)
4- في هامش المخطوطة: قوله: «فللوليّ استيفاء حقّه على رأي». جَيِّدٍ. (منه)

قوله: «فلو قطع يدَ ثالثٍ قيل: الديةُ» (1). قويٌّ.

قوله: «فكّه بالأقلّ». جَيِّدٌ، من قيمته و الأرش.

المطلب الخامس في شرائط القصاص

[الشرط] الثاني: كون القاتل مكلّفاً

قوله: «و يصدّقان لو ادّعيا القتل حال الجنون». إن عرفت له حالةٌ جنون، و إلّا لم يقبل، و على تقدير القبول تثبت عليه الدية في ماله، و كذا الصبيّ. نَعَمْ لو ثبت ذلك بالبيِّنة كانت على العاقلة.

قوله: «و لا قود على النائم بل الدية على خاصّته». بل على عاقلته؛ لأنّه خطأٌ محضٌ.

قوله: «و الأعمى كالبصير على رأي». قويّ.

[الشرط] الثالث: انتفاء أُبوّة القاتل

قوله: «و لو وُلد على فراش المدّعيين ... لثبوت البنوّة بالفراش لا الدعوى. و فيه نظرٌ». لا فرق بينهما، فيقتل.

قوله: «و لا يرث الولد القصاصَ... و للآخر القصاص و الحدّ كملاً». يريد به ما إذا قتل الأبُ أُمَّ ابنِه أو قذفها فماتت، و «الآخر» يريد به الولدَ الآخرَ من غيرِ أبيه، و قوله: «كملاً يرجع إلى الحدّ، أمّا القصاص فليس له إلّا بعد ردِّ نصيب أخيه. و كذا قرّره المصنِّف.

[الشرط] الرابع: التساوي في الدين

قوله: «و إن اعتادَ قتلَ الذمّي قيل: يُقتَل». قويٌّ.

قوله: «و بالعكس على إشكالٍ». جَيّد (2).

ص: 400


1- القائل ابن إدريس في السرائر، ج 3، ص 396 - 397.
2- للمزيد راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 369 (ضمن الموسوعة، ج 9)؛ مسالك الأفهام، ج 15. ص 153 - 154. لكن في بعض النسخ بدل هذا حكي عن الكركي و عنه (رحمه الله): «لا يقتل المرتَدّ به للرواية».

قوله: «و لو اتّحد مستحقّ القصاص فالأولى أذن الحاكم، و ليس واجباً على رأي» (1). جَيِّدٍ.

جَيِّدٍ

قوله: «و الحربي و بالعكس». الأجود أنّ الذمّي لا يقتل بالحربي و لا الحربي بمثله.

قوله: «قال الشيخ: يُدفَعُ وُلْدُهُ الصِغارُ أيضاً». لا.

قوله: «و يُسْتَرَقّون». لا يُستَرَقّون.

قوله: «فى اليد خاصّةً». جَيِّدٌ.

قوله: «و لو عاد عن غير فطرة قبل حصول الراية اقتصّ في النفس و كذا بعده على رأى».قويّ.

[الشرط] الخامس: التساوي في الحرّية

قوله «فلا يقتل حرٌّ بعبدٍ ... فإن اعتاد قيل: يُقتل مع ردِّ الفاضل». لا يُقتل.

قوله: «و الحرّة بمثلها و بالحرّ و لا غُرْمَ على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «قيل: و يتصدَّق بقيمته». استحباباً على الأقوى.

قوله: «و في الخطإ يتخيَّرُ مولاه». ضعيفٌ.

قوله: «و فكّه بالأقلِّ». جَيِّدٌ.

قوله: «فكّه مولاه بالأرش أو دفعه للاسترقاق». بل بأقلِّ الأمرين.

قوله: «و للسيِّد نصف قيمته وقت الجناية». بناءً على أنّ قيمتَه وقت الجناية بقدر الدية، كما مرَّ في المثال السابق، و مثله ما لو نقصت عن الدية و لو زادت بأقلِّ الأمرين.

ص: 401


1- في هامش المخطوطة: قوله: «و ليس واجباً على رأي». بل يعتبر إذنه. (منه)

المقصد الثانى فى جناية الطرف

اشارة

قوله: «ما لم تتجاوز ثلثَ الدية فَتَنْتصف المرأة». يكفي في التنصيف بلوغ الثلث و إن لم يتجاوز.

[الأمر] الأوّل: تساويهما في السلامة

قوله: «و في استرجاع التفاوت قولان». في الاسترجاع قُوَّةٌ.

قوله: «و لو عادت كهيئتها فالوجه الأرش». جَيِّدٌ.

قوله: «و لو عادت سنُّ الصبيّ قبل السنة فالحكومة». بل العملُ على التفصيل السابق.

قوله: «اقتصّ من الكوع». و حكم الرجل و الساق كاليد و الذراع.

قوله: «اقتصّ في الإصبع». عدمه قويٌّ، و تثبت الدية في الإصبع.

[الأمر] الثاني: الاتّفاق في المحلّ

قوله: «فإن فقدت فالرِجل». اليُمنى، فإن فقدت فاليُسرى.

قوله: «فالوجهُ بقاءُ القصاص». جَيِّدٌ.

قوله: «و الأقرب الدية». جَیِّدٌ.

قوله: «و يعتبر في الشجّة الطول و العرض لا النزول». لاختلاف الناس في السِمن و الهزال.

[الأمر] الثالث: التساوي في العدد

قوله: «فلو قطع يداً زائدةً إصبعاً و يده كذلك اقتصّ منه». مع تساوي الزائدتين.

ص: 402

قوله: «فله القصاص ودية الزائدة». و هي ثلثُ ديةِ الأصليّة.

قوله: «و دفع حكومة اليد». أي الكفّ.

قوله: «و هل يطالب بما بين الربع و الثلث؟ إشكالٌ». المطالبةُ بالتفاوت أرجحُ.

قوله: «اقتصَّ بعد ردّ دية العليا». الأولى الدية هنا و في الآتية (1).

قوله: «قدّم قول مدّعي السلامة». جَيِّدٌ.

قوله: «قدِّم قول الوليّ على إشكالٍ». جَيِّدٌ.

قوله: «و لو قطع عدّة أعضاء خطأً ... و هل له المطالبة بالجميع قبل الاندمال الوجه لا». نعم له واحدةً، فإنِ انْدَمَلَ استكمل.

تتمّة في العفو

قوله: «و لو قيل لا يصحُّ لأنّه ابراءٌ ممّا لم يجب كان وجهاً». جَيِّدٌ.

ص: 403


1- أراد به قول المصنِّف: «لو قطع عليا و وسطى من شخصين أُخِّرَ.

المقصد الثالث في الدعوى

[البحث] الأوّل [في شرائط مدّعي القتل]

قوله: «و تسمع دعواهما للعمد». بمعنى أنّ أمر العمد إذا آل إلى الدية - إمّا بالتراضي أو بموت الجاني - يثبت للزوجين نصيبهما من الدية لا بمعنى أنّه بمجرّد ثبوت العمد يستحقّان نصيبهما منها كما يظهر من العبارة.

قوله: «أمّا في المعاملات ... و الأقرب السماع». قويٌّ، و لا يرد اليمين على المدّعي كما في التهمة.

قوله: «و في سَماع الدعوى المطلقة نظرٌ أقربه السماع». جَيِّدٌ.

البحث الثاني: فيما به تثبت الدعوى

[الفصل] الأوّل: الإقرار

قوله: «و تكفي المرَّة على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «فلو أقرّ الصبيّ ... أو العبد لم يثبت». و يترتَّب عليه أثر الإقرار بعد العِتقِ.

قوله: «تخيّر الوليُّ تصديقَ أحدهما». الأقوى تخيير الوليّ في تصديق أيّهما شاء كالسابقة.

الفصل الثاني: البيّنة

قوله: «و لو شهدت أنّه رمى زيداً فمرق فأصاب غيره خطأَ ثبت الخطأُ». لا فرق بين المسألتين.

ص: 404

قوله: «و فى كونه لوثاً إشكالٌ». جَيِّدٌ.

قوله: «و يحتمل تخيير الوليّ». الاحتمالُ لا وجهَ له.

قوله: «و في الرواية المشهورة تخييرهُ في قتل المشهود عليه». العملُ على الرواية، لكن يشكل ثبوت قتلهما مع انتفاء الاشتراك.

قوله: «و قضى عليّ علیه السلام في ستَّة غلمان». هذه الروايةُ مقصورةٌ على واقعتها فلا تتعدّى، و لا يبعد حصول اللوثِ بذلك مع المرجِّح عند الحاكم.

الفصل الثالث: القسامة
[الركن] الأوّل في المحلّ

قوله: «إن بلغوا التواتر». مع بلوغهم التواتر يثبت القتل، و بدونه قد يثبت اللوث، كما أفاد قولهم الظنّ.

قوله: «و لو وجد قتيلاً في دارٍ فيها عبده فلوثٌ». أي عبدُ المقتول، و الفائدة تسلّط الأولياء على قتله، أو فَكِّه من الرهن.

قوله: «أو يدّعي الجاني الغيِّبة عن الدار». قوله: «أو يدّعي» يجوز عطفُه على المسألة القريبة، و هي المتعيِّنة لِلَّوْثِ فإنّ مجرَّدَ دعوى الغيبة لا يَنفيه، فيكون قوله: «فإذا حلف سقط» مسألةً أُخرى. و يجوز عطفه على السابقة الموجبة لنفي اللوث. و هذا هو الموافق لعبارته في غير هذا الكتاب (1)، لكن المعنى على هذا الاحتمال غيرُ بَيِّنِ؛ لأنّ انتفاءَ اللوثِ متوقِّفٌ على اليمين، و قد فرضه في مسألةٍ أُخرى. و قوله: «فإنْ أقام على الغيبة بيِّنةً» أرادَ به مع عدم حَلْفِه على الغيبة؛ لتتوجَّه قَسامة المدّعي، فهي متفرّعةٌ على صدر المسألة لا على جميعها و إن كان التركيب غير مؤدٍّ إلى ذلك بسهولةٍ.

قوله: «و الأقرب أنّ تكذيب أحد الورثة يُبطل اللوثَ». جَيِّدٌ.

ص: 405


1- قواعد الأحكام، ج 2، ص 296.
[الركن] الثاني في الكيفيّة

قوله: «و الخطأِ على رأي». هذا أحوطُ، و المشهورُ أنّ فى الخطأِ خمساً و عشرين (1).

قوله: «و فيما يبلغ الدية من الأعضاء على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «قومٌ». المرادُ بالقوم أقارِبُهُ و إنْ لم يكونوا وارثين.

الركن الثالث: الحالف

قوله: «و لو ارتدَّ الوليّ مُنع القَسامةُ فإن حلف قيل: صحّ». ضعيفٌ.

قوله: «فإنْ نكلوا فللمستولدة القسامة». جَيِّدٌ.

قوله: «و كذا الإشكال في قسامة الغرماء». لا يقسمون.

قوله: «و لو مات في الأثناء قال الشيخ: يستأنف الوارث». جَيِّدٌ.

قوله: «لم يكن للوليّ إلزامه». جَيِّدٌ.

قوله: «و لو التمس الوليّ حَبس المتّهم قيل: يجاب». ضعيفٌ.

ص: 406


1- ادّعى الشهرة عليه الشهيد في غاية المراد، ج 4، ص 320 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 4).

كتاب الديات

اشارة

قوله: «الدِيات». جمعُ دِيَةٍ، بتخفيف الياء، سُمّيت به؛ لأنّها تؤدّى عوضاً عن النفس، و قد سمّيت عقلاً لمنعها من التجرّي على الدماء.

[المقصد] الأوّل في الموجب

الأوّل: المباشرة

قوله: «و إن أذن له البالغُ فآل إلى التلف ضمن على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «و هل يبرأ بالإبراءِ؟». لا يَبْرأُ.

قوله: «و تضمنُ العاقلة ما يتلفه النائم». بل على العاقلة مطلقاً، و مستندُ التفصيل روايةٌ (1) مجهولةُ السَنَدِ (2).

قوله: «و تضمنُ العاقلة ما يتلفه النائم بإنقلابه و إن كانت ظئراً للضرورة». لا.

قوله: «و إن كانت للفخر فالديةُ في مالها». الأقوى أنّه على العاقلة مطلقاً.

قوله: «أو بضمّه في ماله». الأقوى الضمانُ مطلقاً في ماله؛ لأنّه شَبيهُ عمدٍ.

قوله: «و حامل المتاع إذا كسره». إنّما يَضْمَنُ المكسورَ مع تفريطه.

ص: 407


1- الفقيه، ج 4. ص 160، ح 5366؛ تهذيب الأحكام، ج 10، ص 222 ، ح 872.
2- للمزيد راجع مختلف الشيعة، ج 9، ص 358، المسألة 45.

قوله: «قال الشيخ: لا ضمانَ». جَيِّدٌ.

قوله: «و يضمن دية المصدوم في ماله». جَيِّدٌ.

قوله: «و يتمكّن من العدول». و لا يقصِده الرامي.

قوله: «فالضمان عليه لا على الرامي». قويٌ مع علم المقرِّب و جهل الرماة، و لو انعكس الفرض فالضَمان عليهم، و كذا لو علموا جميعاً أو جهلوا، إلّا أنّ الدية هنا على العاقلة.

قوله: «و لو قَمَصَتِ المركوبة». أي نَفَرتْ و رَفَعَتْ يَدَيْها.

قوله: «فالدية على الناخسة إن ألجأت». جَيِّدٌ.

قوله: «و إلّا القامصة». هذا قويٌّ.

قوله: «و لو وجد ميِّتاً ففي الضمان إشكالٌ». يضمن.

قوله: «و دفع أربعة آلاف درهم». هذه قضيّةٌ في واقعةٍ فلا تتعدّى، بل يرجع في حكمها إلى أُصول المذهب، و يمكن حملُ «أربعة آلاف» على كونها مَهْرَ أمثالها، و قتل اللصّ على الدفاع، و ضَمان الدية لفوات محلِّ القصاص.

قوله: «في امرأة أدخلت ليلة البِناء بها صديقها». لا عملَ على هذه الرواية (1)، بل تقتل بالزوج، و لا تضمن الصديقَ إلّا أن تَدْعوَهُ ليلاً.

قوله: «في أربعة سكروا». لا عملَ على الرواية (2)، لكن تفيد اللؤثَ.

الثاني: التسبيب

قوله: «فلو رضي المالك به أو كان في الطريق لمصلحة المسلمين، فلا ضمان». مع سعةِ الطريق، بأنْ يَحفِرَ في القدر الزائد عمّا يُعتبر في الطريق شرعاً.

قوله: «و لو كان صاحبها معها ضمن دون الراكب». إلّا أن يتولّى الراكبُ حِفْظُها فيضمن.

ص: 408


1- تهذيب الأحكام، ج 10، ص 209، ح 824؛ الكافي، ج 7، ص 293، باب من لا دية، ح 13؛ الفقيه، ج 4، ص 165، ح 5378.
2- تهذيب الأحكام، ج 10، ص 240، ح 956.

قوله: «و في المال يتبَعُ». أي في الصغير، و في غيره يتبع به إذا أتلف مالأ حتّى يعتق.

قوله: «و لو سقط الإناء الموضوع على حائطه فلا ضمان». إنْ كان مستقرّاً، و إلّا ضَمن.

قوله: «و لا يضمن ناصب الميزان إلى الطريق بوقوعه». الأجودُ التفصيلُ، و هو أنّ الساقطَ إنْ كان هو القدر الخارج عن الحائط ضَمن الجميعَ، و إنْ كان الساقطُ الجميعَ ضَمن النصفَ.

قوله: «قال الشيخ: يضمن لو زَلقَ فيه غيره». قويٌّ.

قوله: «و الوجه تخصيص الضمان». جَيِّدٌ.

قوله: «لم يشاهد القمامة و الرش». أو لم يمكنه العُدول.

قوله: «فالضمان على الأوّل». جيِّدٌ.

قوله: «و لو تصادمت مستولدتان». هذه المسألة مبنيّةٌ على ضَمانِ السيِّد جنايةَ المستولدة، و المصنِّف لا يراهُ. لكنّه قال في المختلف: «إنّه ليس بعيداً من الصواب» (1)؛ فلذلك وُجِدَتْ هذه المسألة في نسخة الأصل مضروباً عليها (2)، و كان بسبب ما قلناه.

ص: 409


1- مختلف الشيعة، ج 9، ص 464، المسألة 146.
2- وجدها الشهيد الأوّل كذلك، كما أشار إليه في غاية المراد، ج 4 ص 357 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 4).

المقصد الثاني فيمن تجب عليه

[المطلب] الأوّل [في العاقلة]

قوله: «قال الشيخ: و لا يدخل الآباء و الأولاد». هذا هو المشهور.

قوله: «و تحملُ العاقلة دية الموضحة فما زاد و للشيخ قولان فيما دونها». لا تحمل ما نقص.

[المطلب] الثاني في كيفيّة التوزيع

قوله: «و قيل: بحسب ما يراه الإمام». قويٌّ أو مَن نَصَبَهُ عموماً أو خصوصاً.

قوله: «فمن الإمام». كونه من الإمام قويٌّ و المرادُ به هنا بيتُ المال.

قوله: «قال الشيخ: و يستأدى الأرش بعد حولٍ». جَيِّدٌ.

[المطلب] الثالث في الأحكام

قوله: «و لو قتل الأب ولده خطأ ... و أجود القولين منعه من الإرث فيها». جَيِّدٌ.

قوله: «و إن كان المتلف صبيّاً أو مجنوناً»، ثمَّ إن كان إتلافهما للمال مباشرةً، كما لو أكلا المال، ضَمناه سواءٌ كان لهما مالٌ وقت الإتلاف أم لا، و إن كان تلفه بتفريطهما، كما لو أُودعا ففرَّطا، لم يضمنا مطلقاً، و الفرقُ أنّ الأوّلَ مِن باب خطاب الوضع الذي يستوي فيه الصغير و الكبير، و الثاني من باب خطاب الشرع المشروط بالتكليف، فإنّ تلفَهُ لعدم الحفظ، و هو غير واجبٍ عليهما.

قوله: «لم يعقل عصبته». جَيِّدٌ.

ص: 410

المقصد الثالث في دية النفس

قوله: «و في المسلم عبد الذمّي». يلحق بالمسلم.

قوله: «و دية شبيه العمد ثلاث و ثلاثون حِقَّةً».

الأصحُّ في ذلك ما تضمّنته صحيحةُ عبد الله بن سِنان في أنّ ديةَ شبيه العمد: «أربعون خَلِفة (1)، بين ثنيّة إلى بازل عامها، و ثلاثون حِقَّة (2)، و ثلاثون بنت لبون» (3).

قوله: «و لو رمى في الحلِّ فقُتل في الحرم غلِّظ». لا نصَّ على التغليظ بالقتل في الحرم، لكنّهُ مشهورٌ.

قوله: «قال الشيخ: و كذا في مشاهد الأئمّة». لا يلحق.

قوله: «و ولد الزني كالمسلم على رأي». موضعُ الخلاف ما لو بلغ و أظهر الإسلام، و منشؤُهُ أنّه هل يقبل منه الإسلام أم لا ؟

قوله: «و كالذمّي على رأي». ضعيفٌ.

قوله: «قيل: غُرَّةٌ». عبدٌ أو أمةٌ لا يكون معيباً و لا شيخاً كبيراً، و لا له أقلُّ من سبع سنين.

قوله: «و المشهور في النطفة». جَيّدٌ.

ص: 411


1- خَلِفة: الحاملُ من الإبل و جمعها مخاضٌ من غير لفظها كما تجمع المرأة على النساء من غير لفظها. المصباح المنير، ص 179، «خَلِفَ».
2- الحِقَّة: الناقة. المصباح المنير، ص 144، «حقق».
3- ابن لبون: ولد الناقة يدخل في السنة الثالثة و الأنثى بنت لبون. المصباح المنير، ص 548، «لبن». و الرواية في الكافي، ج 7، ص 281، باب الدية في قتل العمد و الخطا، ح 3؛ الفقيه، ج 4، ص 105، ح 5199؛ تهذيب الأحكام، ج 10، ص 159، ح 635.

قوله: «و لو اشتبه فلا قود». أي على الثاني.

قوله: «و يصرف في وجوه البرِّ». (1).

المرويّ صرفها في وجوه البِرِّ (2) و عليه العمل، و الأولى تقديم قضاءِ دَينه منها، و ما عليه الحقوق الواجبة؛ لأنّها من جملتها و نفعه بها أقوى. و إطلاق النصِّ و الفتوى يقتضي عدمُ الفرق بين الجنايةِ عليه عمداً و خَطأً و لو لم يُيِن الرأس بل قَطع ما لو كان حيّاً لم يَعِش مثلُهُ، فالظاهرُ وجوب المائة أيضاً.

تتمّة

قوله: «من أتلف مأكول اللحم أو غيره ... و ليس للمالك دفعه و أخذ القيمة على رأي». جَيِّدٍ.

قوله: «و لو أتلفه لا بالذكاة أو ما لا تقع عليه الزكاة فالقيمة». إن لم تكن لبعض أجزائه قيمةٌ كالصوف و الشعر و إلّا وضع من القيمة.

قوله: «في كلب الغنم كبشٌ». جَيِّدٌ.

قوله: «أمّا الغاصب فالقيمة و إن زادت». بل يضمن أكثر الأمرين من قيمتها و المقدَّر الشرعي.

قوله: «على الزرع ضمن مالكها». جَيِّدٌ.

قوله: «مع التفريط لا بدونه». قويٌّ.

قوله: «يضمن الثلاثة حصَّته». تحمل على ما لَوْ أوْدَعهُمْ فَفَرَّطوا (3).

ص: 412


1- في هامش المخطوطة: قوله: «قال المرتضى: لبيت المال». جَيِّدٌ. (منه)
2- الكافي، ج 7، ص 347، باب الرجل يقطع رأس ميّت أو ...، ح 1؛ تهذيب الأحكام، ج 10، ص 270، ح 1065؛ الاستبصار، ج 4، ص 295، ح 1113.
3- في هامش المخطوطة: قوله: «يضمن الثلاثة حصَّته». الاعتبار بالتفريط و عدمه، و الروايةُ قضيّةُ في واقعةٍ، و يمكن حملُها على تفريط الثلاثة بعد العقل و قد استحفظوا. (منه)

المقصد الرابع في دية الأطراف

قوله: «و فى الأهداب الأرش». شعر الأجفان (1).

قوله: «و مع الأجفان ديتان». قويٌّ.

قوله: «و في كلّ واحدٍ الربع على رأي». قويّ.

قوله: «و في خسف العوراء الثلث». جَيِّدٌ.

قوله: «و كذا مارِنُه». و هو ما لانَ منه في طرفه الأسفل، يشتمل على طرفين و حاجزٍ. و قيل: «إنّ الدية في مارِنِه (2) خاصَّةً دون القَصَبَة (3)، حتّى لو قطع الأنفَ و القَصَبَةَ معاً فعليه ديةٌ و حكومةٌ للزائد» (4)، و هو الأقوى.

قوله: «و في الروثة - و هي الحاجز - نصف الدية». بل الأقوى الثُلث.

قوله: «و قيل: الثلث». المعتمدُ أنّ في الرَوْثَة (5)، و كلّ واحدٍ من المَنْخِرين الثلث.

قوله: «و في كلِّ واحدة النصف». قويٌّ.

قوله: «و قيل: الثلث فى العليا». (6). ضعيفٌ.

قوله: «و قيل: أربعمائة». ضعيفٌ.

قوله: «فإن تقلَّصت فالحكومة». جَيِّدٌ.

ص: 413


1- هَدْبُ العين: ما نبت من الشعر على أشفارها. الصحاح، ج 1، ص 237؛ لسان العرب، ج 1، ص 780، «هدب».
2- المارن: ما لانَ من الأنف و فضل عن القصبة، و ما لان من الرمح. الصحاح، ج 4، ص 2202، «مرن».
3- قصبة الأنف: عَظْمه الصحاح، ج 1، ص 202، «قصب».
4- القائل الشيخ في المبسوط، ج 5، ص 150.
5- الروثة: طرف الأرنبة. الصحاح، ج 1، ص 284، «روث».
6- في هامش المخطوطة: قوله: «و قيل: الثلث في العليا». قويٌّ. (منه)

قوله: «و في البعض بنسبة ما يسقطه من حروف المعجم».

الأقوى اعتبار أكثر الأمرين من الحروف الذاهبة و المساحَة، فلو قطع ثُلثَ اللِسان فذهب نصف الحروف فنصفُ الدية، أو رُبْعُها فثُلثُ الدية، و هكذا.

قوله: «أو نقل الفاسد إلى الصحيح، فالحكومة». فسَّرَهُ الشهيد (رحمه الله) بأنّ المجنيّ عليه كان ينطق بالحرف فاسداً بين أصله و حرفٍ آخرَ، فصيّره بالجناية إلى ذلك الحرف الخارج (1).

قوله: «أُخذ بنسبة ما ذهب من الباقي». يعتبر أكثر الأمرين من حروفه و المساحة.

قوله: «و أُخذ من الجاني بنسبته». بل أكثر الأمرين كما سبق.

قوله: «و لو أذهب النطق ثمّ عاد فللشيخ قولان في استعادته». الأقوى التفصيل، فإن حَكم أهلُ الخُبرَةِ بعدم عَوْدِهِ لم تُسترجَع، و إلّا استرجعت.

قوله: «و كذا سِنُّ المُثَّغِر». هو بالتاء المشدَّدة مثنّاةً و مثلَّثةً. و الأصل «المُثْتَغِر» بالتاء فقلبت التاء ثاء ثمَّ أُدغمت. و هو الذي سقطت أسنانُهُ الرواضع التي من شأنها السقوط و نبت بدلها (2).

قوله: «في الظاهر مع السِنْخِ». و هو النابتُ منها في اللِثَةِ.

قوله: «و في العنق إذا كسر فاصوَرَّ». الصَوَر بالتحريك: المَيل (3).

قوله: «و في الزائدة ثُلث الأصليَّةِ سواءٌ الإصبعُ». و إن انضمَّت.

قوله: «و جُبِر على غير عَيْبٍ». أي جُبِرَ على غير استواءٍ، و بقي فيه شيءٌ لم يتحكّم.

قوله: «و في أُدْرَةِ (4) الخُصْيَتَيْن». هي بضمّ الهمزة و سكون الدال و فتح الراء: انتفاخ الخصْيَتَيْن.

ص: 414


1- لم نعثر عليه.
2- راجع الصحاح، ج 2، ص 605؛ المصباح المنير، ص 102. «ثغر».
3- لسان العرب، ج 4، ص 474، «صور».
4- الصحاح، ج 2، ص 577، «أدر».

قوله: «فإن فحج». الفَحَجُ بفتح الفاء و الحاء المهملة ثمَّ الجيم: تباعد [أعقاب] الرِجلَين مع

تقارُب صدور القَدَمَيْن (1).

قوله: «الرَكَب». الرَكَبُ - بالفتح محرِّكاً - مَنْبِت العانة من المرأة عند الخليل، و منهما عند الفرّاء، قاله في الصحاح (2).

قوله: «و كذا في حَلَمتي الرجُل على رأي». (3). المرويّ فى كتاب ظريف: «أنّ في كلّ

واحدة من حَلَمَتَي (4) الرجل ثمن الدية» (5).

قوله: «و قيل: في حلمتي الرجل الثمن». الأقوى أنّه كالمرأة.

قوله: «البعصوص». هو عظمٌ رقيقٌ حول الدبر، و هو العُصْعُص (6).

قوله: «و في البعصوص ... بحيث لا يملك الغائط و البول الدية». جَيِّدٌ.

قوله: «و في الترقوة... أربعون ديناراً»، بل تجب الحكومة؛ لضعف مستند (7) الحكم

المذكور (8).

ص: 415


1- القاموس المحيط، ج 1، ص 209، «فحج».
2- الصحاح، ج 1، ص 139، «رکب».
3- في هامش المخطوطة: قوله: «... على رأي». قويّ. (منه)
4- الحَلَمَةُ رأس الثدي. الصحاح، ج 4، ص 1903، «حلم».
5- تهذيب الأحكام، ج 10، ص 295، ح 1148؛ الفقيه، ج 4، ص 91، ح 5153.
6- مجمع البحرين، ج 4، ص 164، «بعص»، و قال الشهيد في حاشية القواعد، ص 631 (ضمن موسوعة الشهيد الأوّل، ج 14) و قال الراوندي: البعصوص عظم رقيق حول الدبر. و قيل: إنّه العصعص، و هو عجز الدبر، و البعصوص تصحيفٌ؛ و لهذا لم يذكره أهل اللغة، و أنّه أوّل ما يخلق في الإنسان و آخر ما يبلى منه.
7- و هي رواية ظريف المتقدّمة.
8- للمزيد راجع الروضة البهيّة، ج 4، ص 435 (ضمن الموسوعة، ج 9)؛ و مسالك الأفهام، ج 15، ص 442.

المقصد الخامس في دية المنافع

قوله: «فإن مات أُقيد به (1) في النفس». و في بعض النسخ «قيد به في النفس» و هو الصحيح. قال الشهيد في الشرح: و تسمية الدية سهوٌ من الناسخين.

قوله: «و يصاح به». بصوتٍ لا يشتمل على الزيادة و النُقصان.

قوله: «و لو ادّعى ذهاب ضوء المقلوعة قدّم قوله مع اليمين». قوله «قدّم قوله» يجوز عودُ الضمير إلى الجاني، بمعنى أنّه تقدّم ذهاب الضوء على الجناية، و وجهُ قبول قوله أصالة البراءة، و عودُهُ إلى المجنيّ عليه، بمعنى أنّه ادّعى استناد الذهاب إلى الجناية. و وجه تقديم قوله أصالةُ السلامة و استمرارها إلى حين الجناية. و في المسألة خلافٌ. و فتوى المصنِّف فيها مختلفة، فلذلك لم يَتعيَّن حملُ العبارة على أحد الوجهين، و الوجه هنا التفصيل، و هو أنّ الضوء إنْ كان ثابتاً قبل الجناية بإقرار الجاني أو غيره، فالقول قول المجنيّ عليه و إلّا فالقولُ قولُ الجاني.

قوله: «بعد تقريب الطيّبة و المنتنة». و يستظهر عليه بعد ذلك بالقسامة.

قوله: «و لو كان يُحسن بعض الحروف ففي إلحاقه بضعيف القوي نظرٌ أقربه نقص الدية». جَيِّدٌ.

قوله: «و إن أبطل حركة اللسان». إنْ بَلَغَ حدَّ الشلل فديةٌ و ثلثان و إلّا فديةٌ و حكومةٌ.

قوله: «و لو تعطّل المشي... فالأقرب الديةُ». أي ديةٌ لا أزيدُ.

قوله: «و في سلس البول الدية». جَيِّدٌ.

ص: 416


1- في الإرشاد: فالدية.

قوله: «و قيل: إن دام إلى الليل الدية».

مستندُ القول روايةُ إسحاقَ بن عمّار عن الصادق علیه السلام لكن فيها «إن دام إلى نصف النهار ففيه ثلثا الديةِ» (1). و ما ذكره المصنِّف من النصف غريبٌ غيرُ معروفٍ. و العملُ بالرواية مشهورٌ بين الأصحاب (2)، و عُلّل فيها الحكمُ الأوّلُ بمنعِه المعيشةَ، و هو يؤذن بأنّ المراد معاودته ذلك في كلّ يومٍ، لكن في طريقها صالح بن عُقْبة، و هو كذّابٌ غالٍ، و إسحاق فطحيٌ، فثبوت الأرش حيث لا دوام قويٌّ.

قوله: «و إلى ارتفاع «النهار». الظاهرُ أنّ المراد في كلِّ يومٍ.

ص: 417


1- الكافي، ج 7، ص 315، باب المسلم يقتل الذمّي أو ...، ح 21؛ الفقيه، ج 4، ص 142 - 143، ح 5317؛ تهذيب الأحكام، ج 10، ص 251، ح 994.
2- قاله الكركي في حاشية إرشاد الأذهان، ص 600 (ضمن حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج 9).

المقصد السادس في دية الشجاج

قوله: «و في الباضعة و هي النافذة في اللحم». كثيراً و لم يبلغ منتهاه.

قوله: «و في الهاشمة... عشرة أرباعاً». بنتا مخاض (1)، و ابنا لبون، و ثلاث بنات لبون، و ثلاث حقق.

قوله: «أو أثلاثاً». هي ثلاث حقق، و ثلاث بنات لبون، و أربع ثنايا حوامل.

قوله: «و في النافذة في أحد أطراف الرجل مائة دينار».

هذا الحكم على إطلاقه مشكل؛ إذ ربما كانت دية العضو لا يبلغ مائة دينار فتلزم زيادةُ ديةِ النافذة فيه على ديته كالأنملة، و ربما خصّها بعضهم بعضوٍ فيه كمال الدية (2)، و لا بأس به إنْ تَعيَّن العمل بأصله، و الموجودُ في كتاب ظريف: «أنّ النافذة من الخَدِّ ديتها مائة دينار» (3). و ليست مطلقةً كما ذكروه.

و يفهم من تخصيص الرَجل أنّ المرأةَ ليست كذلك، فيحتمل الرجوع فيها إلى الأصل من الأرش، أو حكم الشجاج بالنسبة، و ثبوت خمسين ديناراً على النصف كالدية. و قيل: إنّ المرأة من ذلك كالرجل؛ لإطلاق الرواية (4).

ص: 418


1- المخاض اسم للنوق الحوامل، و بنت المخاض و ابن المخاض: ما دخل في السنة الثانية. لسان العرب، ج 7، ص 229، «مخض».
2- هكذا قال الشهيد في الروضة البهيّة، ج 4، ص 446 - 447 (ضمن الموسوعة ، ج 9)؛ و مسالك الأفهام، ج 15، ص 465، و لم نعثر على قائله.
3- الفقيه، ج 4، ص 82، ح 5153؛ تهذيب الأحكام، ج 10، ص 295 - 307، ح 1148.
4- القائل هو الشهيد الأوّل كما حكاه عنه الشهيد الثاني في الروضة البهيّة، ج 4، ص 447 (ضمن الموسوعة، ج 9) و لم نعثر عليه في كتب الشهيد.

قوله: «و في احمرار الوجه باللطم ....». يشترط في دية الاحمرار و الاخضرار و الاسوداد عدم الزوال، فإن زالوا فالأرش مدَّة إقامتهم في المحلِّ.

قوله: «و في أربع مائتان». مع اتّحاد الضربة و إلّا ثبت لها دِيةُ الجميع، أو القصاص في الجميع مع العمد بغير ردٍّ.

* * *

إلى هنا تمّت - بعون الله تعالى - حاشية إرشاد الأذهان

ص: 419

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.