‌‌‌من خلق الله؟

اشارة

المولف : الشیخ مالک مهدی السویعدی
ناشر : مرکز الأبحاث العقائدیة

مقدمه

من خلق الله ؟
أین الله ؟
ما هو الله ؟
لماذا لا نری الله؟
حصلت الموافقة علی طبعه من قبل وزارة الاعلام - رقابة المطبوعات - رقم الاجازة 370 فی 2-3-1989
مطبعة العانی - بغداد , رقم الایداع فی المکتبة الوطنیة ببغداد 959 سنة 1989 تم طبع الکتاب 3000 نسخة بتاریخ 28-8-1989
قال الامام علی علیه السلام :-
التوحید : أن لا تتوهمه
والعدل : أن لا تتهمه
قیل: " فکروا فی الله وآیاته ولا تفکروا بذاته"
مما ینسب الی أفلاطون قوله:
فیک یا أعجوبة الکون غدا الفکر کلیلا
أنت حیرت ذوی اللب وبلبلت العقولا
کلما قدّم فکری فیک شبرا فر میلا
ناکصا یخبط فی عمیاء لا یهدی سبیلا
" بسم الله الرحمن الرحیم "
المقدمة
الحمد لله رب العالمین, والصلاة والسلام علی محمد وآله الطیبین الطاهرین..
أما بعد, فان من آداب البحث فی علم الکلام, ان لا تجیب بالقطع والنفی, ولا تواجه المقابل باستفزاز وبمعارضة غریبة, ولکن یجب احترام رأیه - وان کان باطلا..
قال تعالی: " وانا أو ایاکم لعلی هدی, أو فی ضلال مبین " الایة 24 سبأ.. والله - جل شأنه, علی یقین بأن الهدی هداه, لکنه علی سبیل المجاراة فی الکلام, لم یجزم بعدم اصابتهم واجابتهم بما یحبون وکأنما أراد: " نحن أو أنتم علی حق, أو علی ضلال فی هذا الأمر" وکذلک کانت آداب الانبیاء علیهم السلام وسیرتهم فی التاریخ.
قال تعالی وهو یقص أحسن القصص فی سیرة النبی هود علیه السلام: " قال الملأ الذین کفروا من قومه انا لنراک فی سفاهة وانا لنظنک من الکاذبین. قال یا قوم لیس بی سفاهة ولکنی رسول من رب العالمین " الایة66-67 الاعراف. ذلک ان الانبیاء علیهم السلام حینما نهضوا بأعباء التکلیف والتوجیه, کانوا أوسع الناس صدرا فی مناقشة الشبهات والأخطاء وأقوی مراسا فی مقابلة أخطاء المداهنین "(1)
قال تعالی یخاطب ذا الخلق العظیم منهم:
" أدع الی سبیل ربک بالحکمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتی هی أحسن " الایة 125 النحل.
فعلی هذا لو أخبرنا أحد عن شئ فی أمر ما وان کان بدیهیا ونحن علی علم بأنه مخطئ بهذا الامر, کأن یقول: هذا اللون أسود! مع علمنا ببیاصه, وانه علی مشهد من الناس. فلا نستصرخ الناس ولا نکذبه, ولا نقطع ببیاض هذا اللون المعارض, أو نستعرض له خطأه, وانما نقول له: اما أنت أو نحن علی صواب, ثم نمثل له بمثال ونقول: لو کان هذا اللون کما تدّعی بأنه أسود, لکان غامقا, ونحن نراه بارقا, ولو کان أسود فلماذا نحس بدفْ عندما نلمس الجسم المصبوغ به کالحدید مثلا؟ (1) توجد آیات عدیدة حول المجادلة منها 149 الانعام , 105 المائدة , 55 القصص , 14-15 الحجر ,153 النساء , 7 الفرقان .
فهذا یدل علی أنه یمتص الضوء والحرارة فهو أسود, ولو کان أبیض لوجدناه باردا. لأن اللون الابیض یعکس الضوء وحرارة الشمس وبهذا الاسلوب الایجابی نستطیع اقناعه.
ولا شک فی ان الشباب فی العصر الحالی یسأل عن کل ما یجول بخاطره, ویرید جوابا مباشرا مقنعا قریبا الی ذهنه, حتی لو کان قاصر الفهم بالموضوع الذی یتحدث عنه.
وبما ان علم الکلام قد یمتزج مع الفلسفة, والفلسفة علم خاص بحد ذاته ویصعب فهمه بسهولة, لذا یصعب فهم الاجابة منه, وطریقة ایصال الجواب المقنع الی السائل.
وقد یوقع المجیب نفسه فی محل اشکال لکونه یضطر الی اعادة فکرة الموضوع. وهذا من معایب الکتابة علی رأی.
أیضا یواکبه علی البرهان لأشیاء مسلم بها, لذا یتجنب اکثر العلماء ایصال الشئ المستعصی الی ذهن السائل بوضوح, مع ان ذلک لا یضعف شیئا من قدره.
لأن الکتاب الفلسفی کتاب علمی, ولیس بکتاب أدبی تشترط فیه الامور التی تجعل من الکتاب موضع نقد.
لذلک قمت بکتابة هذا البحث المتواضع, وصبّه فی طریقة یسهل فهمها لمن درس العقائد, أو لم یدرسها, والله من وراء القصد.
مالک مهدی خلصان

الفصل الاول

من خالقه؟ (1 )
س: ألیس لکل موجود موجد؟ فمن أوجد الله یا تری؟
ج: هذه مغالطة, فمن أین لک ان کل موجود لابد له من موجد.
س: فلماذا تقولون: ان السماء والارض.. والجبال والانهار..والبحار والنباتات.. والانسان والحیوان.. لها موجد؟
ج: لان هذه مصنوعات, وکل مصنوع لابد ان یکون له صانع.
س : ما الفرق بین المصنوع, وبین الموجود, لتقولوا ان الموجود لا یلزم أن یکون له موجد دائما؟!
أما المصنوع فلابد ان یکون له صانع؟..
ج: الفرق: ان المصنوع معناه: الشئ الذی صنع.. وکل شئ صنع لابد له من علة صنعه.
أما الموجود فهو علی قسمین:
1- قسم مصنوع, ولابد له من صانع..
2- وقسم غیر مصنوع (وهو الله) ولا صانع له, بل هو صانع الأشیاء.
س: ما هو أول الاشیاء؟
ج: الله : أول الاشیاء.
س: فمن خلق الله..؟
ج: لا خالق لله.
س:وکیف یمکن أن یکون شئ بلا خالق؟
ج: نعود لسؤالنا الأول ونقول: ما هو أول الاشیاء, فی رأیکم, أنتم أیها الطبیعیون؟
________________________________________________
(1) عن کتاب هل تحب معرفة الله ؟ سلسلة الثقافات الاسلامیة بتصرف .
ومهما قلتم: انه أول الاشیاء, سواء الاثیر أو المادة أو غیرها..
نقول لکم: من خلق ذاک الشئ الأول؟
تقولون فی الجواب: الشئ الاول: ( المادة الاثیر ) هو کائن بلا خالق..
ونکرر علیکم فنقول: الشئ الأول, فی أعتقادنا (هو الله ) کائن بلا خالق, لانه شئ لا کالاشیاء.
س: اذن: نحن وأنتم سواء فی الاعتراف بوجود شئ هو أول الاشیاء, بلا
خالق.. لکنا نقول: الشئ الاول (الله) وأنتم تقولون: الشئ الاول (المادة)..
اذن: فما الذی یدل علی صحة کلامکم, دون کلامنا؟
ج: الفرق بین کلامنا وکلامکم.. کالفرق بین من یقول ان بانی الکون رجل جاهل عاجز, وبین من یقول ان بانیه رجل قادر عالم..
س: وکیف ذلک؟..
ج: ان المادة جاهلة عاجزة, فلا یمکن صدور هذه الاشیاء المتقنة منها.. بخلاف الله, فانه عالم قادر, فیصح أستناد الکون الیه..
س: کیف یمکن ان یکون شئ بلا أول. کما تدّعون أنتم بالنسبة الی (الله)؟
ج: أولا: هذا الایراد یرد علیکم أیضا, کما تدعون أنتم بالنسبة الی ( الاثیر أو المادة).
ثانیا: ولماذا یستحیل وجود شئ بلا أول؟
انه لم یدل دلیل منطقی علی استحالة شئ بلا أول..
وانما دل الدلیل علی استحالة مصنوع بلا أول..
س: وجود الله من أین؟
ج: وجود الله لیس صفة زائدة حتی یسأل عنه بذلک؟
فانه بذاته موجود لا بصفة زائدة, فوجوده عین ذاته لا انّه ذات لها صفة الوجود.
س: ما معنی ذلک؟
ج: معناه انه لم یکتسب الوجود من شئ آخر أی انه لم یکن مفتقرا الی الوجود, بل هو بذاته موجود...
س: وکیف یوجد شئ بلا وجود زائد علیه؟ هل هناک مثال یقرب لنا ذلک؟!
ج: نعم. أمثلة متشابهة کثیرة, لا مثال واحد..
س: بینوا..!
ج: النور.. الحرارة.. النظام..
س: وکیف؟
ج: ضیاء کل شئ بالنور.. اما ضیاء النور فمن نفسه, بمعنی انه لا یضیؤه
غیره..(1)
حرارة کل شئ بالنار.. اما حرارة النار فمن نفسها, بمعنی انها لا تکتسب الحرارة من غیرها..
نظام الأمور بالعقل, بمعنی ان العقل هو الذی ینظم حرکات الانسان وسکناته. اما نظام العقل فمن نفسه. بمعنی انه لا یکتسب النظام من شئ آخر..
اذا تدبرت فی هذه الامثلة البسیطة نقول فی مقام التشبیه - وان کان مع الفارق: ان وجود کل شئ بالله.. اما وجود الله فمن ذاته..(2)
_____________________________________________________________________
(1) لا یوجد شئ وجوده من ذاته سوی الله لان ذاتیته ینفرد بها ,فالضیاء یترشح منه النور ,والنوریة اکتسبت من ذاتها لا من الارض مثلا ,لکن هذا الاکتساب بواسطة الغیر وهو الله لان القائم بذاته یکون قدیما أزلیا .
(2) ملوحة الملح من نفسه بمعنی انه لم یکتسبها من السکر أو غیره.
س: ماذا صار حاصل هذه البنود الاربعة؟
ج: حاصلها:
1- ان الطبیعی والمؤمن کلاهما یقولان. بأول الاشیاء.
2- لکن الشئ الاول الذی یقوله الطبیعی لا یمکن ان یکون أولا.
أما الشئ الاول الذی یقوله المؤمن یمکن ان یکون اولا.
3- ومن الممکن أن یکون وجوده من ذاته.. وشئ وجوده من غیره.
4- وکما ان النور ضیاؤه من ذاته.. وسائر الأشیاء.. کالغرفة ومحتویاتها.
ضیاؤها من النور..
س: أما بالنسبة الی عدم وجود موجد للخالق, فهکذا یقولون:
الشئ اما واجب.. واما ممکن, والواجب وجوده من نفسه, لانه لم یتطرق الیه العدم حتی یحتاج الی موجد.. والممکن وجوده من غیره, لانه کان معدوما ثم وجد, فالواجب هو الله, والممکن سائر الأشیاء..
واما بالنسبة الی عدم صلاحیة سائر الأشیاء (غیر الله) لان یکون أولا, فهکذا یقولون:
1- العالم متغیر (صغری).
2- وکل متغیر حادث (کبری).
3- فالعالم حادث (نتیجة).(1)
________________________________________________
(1) هذا قیاس اقترانی حملی من الشکل الاول .
والحادث لا یکون أولا.
وأما الاول " فلأن کل الاشیاء فی العالم قابلة للتغیر والتحول وعروض الطوارئ علیها "..
وأما الثانی: فلأن ما یتغیر لابد أن یکون له مغیر, فالمغیر سابق علی المتغیر.. فهو حادث.
وأما الثالث: فلأن الحادث جدید, والجدید لا یکون قدیما.
اذن: فغیر الله حادث, والله وحده هو الأول: السابق القدیم علی جمیع الأشیاء..
الواجب والممکن والممتنع.(1)
س: قد وردت عبارات منطقیة, وأخری فلسفیة فی هذا الموضوع. فما المقصود بالواجب, والممکن؟
ج: المعقول: هو العلم الحاصل, وبعبارة أخری: هو الصورة التی تحصل لدی العقل اذا نسبنا لهذا المعقول الوجود الخارجی, فانه یقسم الی شئ یمکن وجوده فی الخارج وهو الممکن, أو لا یمکن وجوده وهو الممتنع, أو یجب وجوده فی الخارج وهو الواجب.
فالممتنع:
هو المعدوم غیر الموجود خارجا وذهنا. ولا نستطیع وصف وجوده, لکن یمکن للذهن ان یرسم له صورة کاذبة لواقع وجوده.
فهو ممتنع الوجود لذاته. کشریک الباری فان صورته لیس لها أثر فی الخارج, ولا فی الذهن, ولا نستطیع رؤیتها, فیسمی الممتنع الوجود لذاته.(2)
الواجب:
أما الواجب وجوده لذاته: فهو موجود لذاته لا لغیره. فالملوحة من الملح ذاته ولم یکتسبها من غیره (3) فوجوده بالخارج أعتباری عقلی لیس لوجوده تحققّ
بالاعیان, الا انه موجود ویمکن للذهن ان یرسم له صورة ویصطنعها ولکنها غیره. وواجب الوجود هو ( الله تعالی )..
_______________________________________________________________________
(1) الوجوب : ضرورة ثبوت المحمول لذات الموضوع ولزومه له علی وجه یمتنع سلبه عنه (ضرورة الایجاب)
الامتناع : استحالة ثبوت المحمول لذات الموضوع فیجب سلبه عنه (ضرورة السلب).
الامکان : (الخاص,الحقیقی) : سلب الضرورتین فلا یجب ثبوت المحمول لذات الموضوع ولا یمتنع .
الامکان العام : سلب احد الضرورتین أی سلب الضرورة عن الطرف المقابل مع السکوت عن الطرف الموافق.فاذا
سلبت ضرورة الایجاب فهو الممتنع الوجود أو الامکان الخاصواذا سلبت ضرورة السلب فهو الواجب الوجود أو الامکان الخاص.
(2) أما الممتنع الوجود لغیره: فانه ممتنع وجوده بالخارج , لکن لا لذاته بل لغیره , وهو کالمطر فانه لا یظهر لعدم وجود الغیم , والشمس لا تظهر فی اللیل لا لخفائها أو عدمها ,والنار لا تظهر لعدم وجود الحطب.والطین لعدم وجود الماء لمزجه ,والزرع لعدم توفر وتهیأة أسباب وجوده ,فهو ممتنع لسبب ,ومع انه موجود بالاصل.
(3) أما الواجب وجوده لغیره ,کوجود الشئ الذی أکتسب وجوبه من شئ آخر کالحرارة من النار .فوجود الحرارة متوقف علی وجود النار .فلولا صدور النار ما ظهرت الحرارة بدونه,وکون هذان القسمان من أقسام الممکن الوجود أی(الممتنع لغیره والواجب لغیره).
الممکن:
اما الممکن الوجود: کالکائنات وهو ما عدا الواجب کالحیوان. والانسان فهو ممکن وجوده, وممکن عدمه , ووجوده متوقف علی وجود غیره.
لأنه محتاج الی ذلک الموجود الآخر لیؤثر فیه, ویوجده بتأثیره علیه فهو محتاج, ووجوده متحقق خارجا وذهنا. وکذلک قابلیة الامکان محتاجة, وهی القابلیة علی الایجاد والعدم.(1)
کالخیاط له قابلیة ایجاد الثوب وخیاطته. فصناعة السجادة مثلا تحتاج الی صانع لایجادها, أوعدم ایجادها.
فالخیاط هو ممکن, له ماهیة الممکن. ومحتاج بنفسه الی خالق لیوجده..
الدور (2)
س: ما هو الدور. وما رأیکم به؟
ج: الدور هو توقف وجود الشئ علی شئ آخر, وذلک الشئ الآخر یتوقف وجوده علی وجود الشئ الذی أوجده والدور باطل لانه یوجب توقف الشئ علی نفسه.
س: أوضح ذلک لماذا یکون الدور باطلا, وما الدلیل, وما المقصود باجابتکم
بأن الدور یؤدی الی توقف الشئ علی نفسه؟
ج: اذا قلنا هذه الدجاجة المشخصة من هذه البیضة المشخصة, والبیضة (3) من الدجاجة, أی ان البیضة یتوقف وجودها علی الدجاجة.. (1) والامکان علی قسمین: امکان عام وامکان خاص,والامکان العام هو سلب الضرورة عن الطرف المقابل. واما الطرف الموافق فمسکوت عنه .فتارة تسلب الضرورة عنه أیضا ,وتارة لا تسلب .والامکان الخاص:هو سلب الضرورة عن الطرفین فیکون وجوده وعدمه سواء..
(2) المقصود هنا الدور المّعی أو المصرح ولیس الدور المضمر أو المستطیل .
(3) انما قیدت الدجاجة بقولی هذه الدجاجة المشخصة وهذه البیضة المشخصة لکی لا یفهم من قولی الدجاجة أو البیضة المفهوم العام لهما أی افرادهما لانه لیس دورا .والدورالذی یقع بین مشخصین هذه الدجاجة المشخصة بعینها وهذه البیضة المشخصة بعینها ولیس مفهوم الدجاجة او البیضة أو افرادهما لانه لیس دورا .ولم أقصد فیهما الملازمة کملازمة الحرارة للنار والضوء للشمس لانه یتوقف وجود احدهما علی الآخر بالملازمة .وکذلک الاب والابن هذا الاب المشخص وهذا الابن المشخص بعینه أما غیرهما قد یصح کونه أبا وابنا بآن واحد مثل کونه أب لشخص وابن لآخر غیره.
والدجاجة بنفسها یتوقف وجودها علی وجود البیضة. فکلاهما یتوقف وجوده علی الآخر..
ولا نصل الی نتیجة, ولابد أن ینتهی بنا الاستنتاج الی ان نجزم بوجود البیضة أو الدجاجة أولا.(1)
واذا طبقنا الدور وقلنا الدجاجة وجدت من البیضة, والبیضة وجدت من الدجاجة, وکلاهما متوقف وجوده علی الآخر. فهذا یسمی الدور وهو باطل.
واذا أمعنا النظر, بان البیضة نتاج الدجاجة, ونحتاج الی فترة لتفقیسها, فالدجاجة أولی بالوجود لأنها هی الاصل خلقها الله, وخرجت منها البیضة, ومن هذه البیضة خرجت الدجاجة وأوجدت بیضة أخری, ومنها دجاجة ثانیة.
لکن لیست الدجاجتان من بیضة واحدة , بل کل واحدة من بیضة.
کذلک الابن من الأب, والأب ولد من شخص آخر. لکن لیس هو أب, وابن بوقت واحد. بل هو أب لولد, وابن من شخص آخر, لا من نفس الولد. صحیح ان التفقیس هو ایجاد الدجاجة من البیضة. لکن لا تکون البیضة موجدة، ثم ان البیضة الثانیة موجودة, وکذا التوالد. الاب موجد, وابنه موجود, والجد موجد للاب, ولم یکن الاب موجد للاب وموجود منه.
فالقول بأن الدجاجة من البیضة, والبیضة من الدجاجة, وذلک لان المشکک فی هذا الدور لا یرجع الی العلة فی أصالتها الاولی لان الحق ان الدجاجة من البیضة, والبیضة لیست من الدجاجة, بل من دجاجة أخری غیرها...
والبیضة ناتج (فرع), والدجاجة منتج (أصل).
لان البیضة کما قلنا تحتاج الی وقت لایجادها, فالدجاجة مرة واحدة تکون موجودة بدون تدرج. لکن البیضة تحتاج الی (21) یوما لتکمل وتصبح دجاجة کاملة, أو فرخة..
الجد الدجاجة (خلقها الله)
البیضة
الاب (خلقه الله) دجاجة 1
بیضة
الابن دجاجة 2
_______________________________________________________________________
(1) لا نرید هنا ان نجیب عن السؤال الفلسفی القدیم قدّم الفلسفة ,الدجاجة من البیضة أم البیضة من الدجاجة؟! وان کان لنا رأینا الخاص به لانه یمکن للخالق أن یفیض الوجود علی البیضة أولا وتخرج منها الدجاجة ویمکن العکس .
بطلان الدور
س: قد فهمنا الدور وما یقصد منه. ولکن کیف تثبت بطلانه کما بینتم أوضح ذلک؟
ج: 1- البیضة عندما أوجدت الدجاجة فهی بذاتها موجودة أصلا, وعندما أوجدت البیضة, فالدجاجة کانت معدومة, ولیس لها وجود قبل ذلک.
2- والدجاجة عندما أوجدت البیضة. فهی بذاتها موجودة أیضا, وعندما أوجدت البیضة, فالبیضة هنا معدومة, ولیس لها وجود , فتکون الدجاجة
موجودة وغیر موجودة. والبیضة موجودة وغیر موجودة, أی انها موجودة ومعدومة بآن واحد.
لأن البیضة عندما أوجدت الدجاجة التی ما کان لها نصیب من الوجود, یلزم ان تکون الدجاجة موجودة بنفس الوقت لانه یتوقف وجود البیضة وانتاجها علی الدجاجة ومنها.(1)
کما مبین بالتخطیط:
البیضة (1) موجودة البیضة1 والدجاجة (2) غیر موجودة
( الحالة الاصلیة)
الدجاجة 2 یتوقف هنا عند ایجاد البیضة(3)
علی وجود البیضة (1) لتخرج
الدجاجة (2)
الدجاجة (2) موجودة
والبیضة (3) غیر موجودة
البیضة 3
(الناتج موجودة ومعدومة معا " بآن واحد " ) (2)
أی ان البیضة (1) موجودة لانها أوجدت الدجاجة (2) والدجاجة معدومة عندما ارادت هذه الدجاجة ایجاد البیضة (3)
فالبیضة1 نفسها البیضة3 . (1) انما نقصد هذه الدجاجة المشخصة یتوقف وجودها علی هذه البیضة المشخصة . وهذه البیضة المشخصة یتوقف وجودها علی هذه الدجاجة المشخصة نفسها . . ولم أقصد بیضتین بل بیضة واحدة فیتوقف وجود البیضة علی البیضة نفسها .
(2) هنا بیضة مشخصة (1) ونفسها بیضة مشخصة (3) یجب کونها موجودة لتوجد نفسها فالمجموع بیضة واحدة ودجاجة واحدة فقط ولیس بیضتین
تقدم الشئ علی نفسه
س: قد بینتم بأجابتکم عن بطلان الدور لأنه یؤدی الی تقدم الشئ علی نفسه, فما المقصود بذلک؟
ولماذا تستنکره؟
ج: لأن ناتج الدور یوجب وجود الدجاجة قبلها. لأن البیضة متوقف وجودها علی الدجاجة. اذن توقف وجود ایجاد الدجاجة علی وجود الدجاجة نفسها, لکی توجد البیضة, فیلزم تقدم وجود الشئ علی نفسه. أی وجد قبل أن یوجد
بمعنی ایجاد نفسه قبل وجودها, أی وهی معدومة. وللأیضاح انظر للتخطیط:
البیضة المشخصة دجاجة مشخصة
الدجاجة المشخصة
( توقف وجود الشئ علی نفسه ) (1)
موجود قبل ان یوجد
والدجاجة یجب ان یتوقف وجودها عند وجود الدجاجة علی وجود الدجاجة لتوجد البیضة - المجموع بیضة واحدة مع دجاجة واحدة فقط ولا توجد دجاجة ثانیة هنا.
التسلسل(2)
س: ما هو التسلسل؟ وما رأی الدین الأسلامی فیه؟
ج: التسلسل (3): هو التدّرج بالخالق. بانه مخلوق من آخر، والخالق مخلوق من قبل خالق غیره, ویؤدی الی مالا نهایة له, والجمیع یصبحون مخلوقین وهو باطل, لانه یؤدی الی احتمالات ونتائج باطلة.
_______________________________________________________________________
(1) تتوقف معرفة الشمس علی معرفة النهار , ومعرفة النهار علی معرفة الشمس مما یؤدی الی توقف معرفة الشمس علی معرفة الشمس نفسها .
(2) التسلسل : هو عملیة انتقال مستمر فی السؤال عن علة اللاحق للسابق وعلة السابق لللاحق وهکذا الی ما لا نهایة ولما کان لم ینته بنتیجة فقد اتفقت کلمة العقلاء علی بطلانه .
(3) العلة : کالخالق اذا صح التعبیر أو کالنار . المعلول : المخلوق أو الحرارة .التقدم : أی المتقدم فی خلقه ووجوده قبل غیره . التأخر : أی المتاخر فی خلقه ووجوده ومجیئه کائن بعد غیره متاخرا فی خلقه . الموقوف علیه : الخالق (متوقف علیه وجود غیره ) . الموقوف : المخلوق (موقوف وجوده علی غیره)
س: أوضح هذه الاحتمالات؟
ج: التسلسل: هو ترتیب سبب وأسباب بحیث یکون السابق علة فی وجود اللاحق, أی خالق ومخلوق.
فالسابق خالقه لاحقه أی خالق وقد خلقه آخر, والآخر خلقه اله آخر غیره, وهکذا, وهذا باطل لأنه تسلسل ولأن جمیع أفراد السلسلة التی تجمعهم تکون
(ممکنات أی مخلوقات). فتکون کل السلسلة ممکنة. لأنها محتاجة الی خالق,
ومؤثر لها.
فتشترک هذه السلسلة بأکملها فی الاحتیاج الی مؤثر یخلقها ویوجدها..
وهذا المؤثر, أو الموجد. اما أن یکون نفس السلسلة, أو جزءا منها, أو
خارجا عنها. اذن فالاحتمالات تکون ثلاثة:
1- المؤثر نفس السلسلة (1):
اما ان یکون المؤثر نفس سلسلة الممکنات, وهذا لایجوز لانه لا یصح تأثیر الشئ علی نفسه.(2)
أی یستحیل ان یکون الممکن قد خلق نفسه. والا لزم تقدم الشئ علی نفسه کما
بینا وهو باطل. لانه اذا کان الممکن خالقا, یستلزم ان یکون مخلوقا قبل أن یخلق, فیتوقف وجوده علی نفسه. أی هو الذی أوجد نفسه, وخلقها لان جودها متوقف علی وجوده..
2- المؤثر جزء من السلسلة:
أما اذا کان المؤثر الخالق جزءا من السلسلة, أی کونه واحد من الممکنات, فیلزم ان یکون مؤثرا فی نفسه. لانه من جملتها. أی هذا المؤثر: هوجزء من
هذه الممکنات التی فی الحلقة. فیجب تقدمه علی نفسه, وعلی علله.
مثل الانسان اذا کانت یده هی التی أوجدته, فیتوقف وجود یده علیها.
والانسان کله علی یده, لأنها موجدة له. فیلزم قدمه علی نفسه لیخلقها, وعلی علله (جسمه) لیخلقها وذلک باطل...
________________________________________________
(1) المؤثر : أی الخالق لها الذی یؤثر بأیجاده لها .
(2) المؤثر فیها هو نفسها لان نفس الشئ هو عین الشئ , والشئ الواحد لا یتصور بحقه العلیة والمعلولیة من جهة واحدة لانه یلزم تقدمه علی نفسه باعتبار کونه علة یلزمه التقدم ومعلولا یلزمه التأخر ,وهو شئ واحد فکیف یکون فی حالة واحدة متقدما ومتأخرا .
3- المؤثر خارج عن السلسلة :
اذا کان المؤثر خارجا عن حلقة الممکنات فیجب ان یکون واجبا, لأنه خارج عن سلسلة الممکنات, والموجودات کما قدمنا اما ممکنة أو واجبة فاذا أخرجناه عن السلسلة لابد وان یکون واجبا لانه لا توجد واسطة بین الواجب والممکن, فیصبح هو الواجب الوجود وهنا احتمالان:
الأول: وهو الذی نقر به نحن, علی ان ذلک الخارج هو الله واجب الوجود لذاته.
الثانی: کون المؤثر ممکن مثلها, فیلزم دخوله فی السلسلة لاننا قد حصرنا کل ممکن فیها فیلزم منه ان یکون واجبا وممکنا فی آن واحد, وهذا لا یمکن, لان الموجود کما قدمنا اما ان یکون واجبا أو ممکنا. وهذا باطل لانه اجتماع خالقین مستقلبن, علی مخلوق واحد شخصی.
لاننا اذا أخذنا الحلقة, فالخالق الاول قد خلق لنا الها آخر. والثانی خلق الها ثالثا, فیکون الثالث قد خلقه الثانی والخارجی معا, لان موارد الکل جمیعها ممکنات کما بینا سلفا أی مخلوقة. فاذا اخذنا احدهما, وجعلناه خارجا عنها، فهو بالاصل مخلوق. فاذا اخذنا احدهما, وجعاناه خارجا عنها, فهو بالاصل مخلوق, ولاحقه مؤثر فیه, وبنفس الوقت یکون مؤثرا وخالقا, فلا یصح ذلک حینئذ. لانه لا یجوز للشخص ان یکون أبا وابنا لشخص واحد. أی الابن موجد للأب وموجود منه بنفس الوقت. وکذلک الکحل, هو واحد لکننا نستطیع تمییزه حسنه علی الاشخاص. أی اذا تکحلت بنتان نعرف بانه قد یکون هذا الکحل جمیلا فی وجه أحداهما دون الاخری.
لکن الکحل نفسه لا یصح معرفة حسنه الا مع غیره. لانه عارض علی الأشیاء، کذلک الشخص, لا یتوقف وجوده علی نفسه. فیلزم استغناء الاله الخارج عن الممکنات حال احتیاجه لها, لانه کیف یخلق الممکنات, ویستغنی
عنها, وهو محتاج الیها.
لانه کان مخلوقا منها بالتأثیر اللاحق, فیجتمع نقیضان. أی الاحتیاج والغنی بوقت واحد. وهذا باطل لایصح کون الشئ غنیا وفقیرا أو أبیض وأسود بمکان وزمان واحد معا.
لان الشئ الممکن هو بالاصل ضمن السلسلة مخلوق ومحتاج الیها, فکیف یصح أن یکون خارجا عنها ویخلقها ویستغنی عنها...
أیضاح لبطلان التسلسل
س: قد فصّلتم التسلسل والاحتمالات المتعلقة بشأنه لکن لم توضحوا کیفیة بطلانه؟
ج: الیکم أیضاحا مع تخطیط مبسط لبطلان التسلسل مواف لما تقدم ذکره, حسب الاحتمالات:
1- الاحتمال الاول:
فی هذا الاحتمال. الخالق الثالث لا یستطیع ان یکون علة لوجود نفسه (قبل وجوده ). أی یکون موجودا قبل وجود ذاته ( لیخلقها ). أی بمثابة الخالق الثانی کما تراه بالرسم علة لوجود الخالق الثالث. فلا یکون الثالث علة لوجود نفسه...
خالق1 وجد نفسه خالق2 وجد نفسه خالق3 وجد نفسه خالق4 وجد نفسه
خالق1 وجد نفسه خالق2 وجد نفسه خالق3 وجد نفسه خالق4 وجد نفسه
الی مالا نهایة له
2- الاحتمال الثانی:
یلزم علینا ان یکون الخالق مؤثرا فی نفسه. وان الخالق الثالث قد خلقه الثانی, لانه جزء منها, وانفرد وأثر فی علله أیضا. فیکون نیابة بالمحل من الخالق الثانی لیخلق نفسه, ویکون خالقه الذی خلقه أی الخالق الثانی, وعلة لوجود الرابع بالاصل.
أی ان الثالث خلق نفسه 'وخلق علله التی هی الاول, والثانی, ومعلولاته الرابع والخامس......
عله لوجود 4 خالق 3
خالق1 خالق2 خالق4 خالق5
(3)
3- الاحتمال الثالث:
نجد فی المخطط ان کل واحد مؤثر بوجود الآخر. فاذا جاء اله خارجی وأثر بوجودات حلقات السلسلة جمیعا فیصبح سببان لخلق السلسلة.
أولها ان السلسلة خالقها موجود. مثل الخالق الثانی قد أوجده الاول, والخالق الثالث أوجده الثانی, والخالق الرابع قد أوجده الثالث, وهکذا..
فکیف یکون قد أوجدها هذا الخالق؟ وبنفس الوقت خالق آخر خارج عنها.
هذا یلزمه اجتماع الهین, لاجل خلق أفراد السلسلة. وأما لو کان یصح اجتماع
العلتین, فهذا لا یجوز, لانه یکون محتاجا للسلسلة لاجل ان تخلق, بعضها من بعض, وبنفس الوقت یستغنی عنها.
لکونه هو الخالق لها. فهو غنی ومحتاج بنفس الوقت. مثل الخالق الثانی غنی, لانه خلق الاله الثالث فهو خالق, ومحتاج لخالق خارج عنه, فهو غنی ومحتاج.. غنی عن الاله الخارجی, لانه قد خلقه الاله الاول ضمن السلسلة (أی الاله الذی قبله). ومحتاج الی الخالق الخارجی لیکون نهایة السلسلة لیوجده, ویتوقف علیه وجوده, ووجود السلسلة, وهذا باطل...
خالق خارجی
خالق1 خالق2 خالق3 خالق4 خالق5
الاله 2غنی لانه خلق الاله 3 وخلقه الاله 1 فلا یحتاجه ومحتاج للاله الخارجی لاجل ان یخلقه. والاله الخارجی هنا تستطیع فرضه الها علی المخلوقات أی ممکنات ولیس بفرض خالق 1 , 2 الخ...
المعقول(1)
الحادث (2):
له محدث موجود بذاته. لانه لا یخلو بان کل معقول ( موجود ):
1- اما ان یکون الذی أوجده شیئا معدوما, وتأثیر العدم بالموجودات مستحیل.
2- واما ان یکون الموجود أنقلب هو بنفسه الی الوجود بعدما کان معدوما بلا علة (خالق). وهذا ترجیح بلا مرجح, أی أولویة شئ بدون سبب لتقدمه. وهو مستحیل.
3- أو ان الموجود أوجد نفسه. أی هو الذی أثر فی نفسه فأوجدها (3). وهذا مستحیل, لانه یرجع ذلک لاحتمالین:
أ- فهو اما انه عندما أوجد نفسه بحالة کونه معدوما, فیلزم منا أن یکون العدم
مؤثرا وخالقا ویستحیل للعدم ذلک.
لانه یلزم تأثیر المعدوم فی نفسه, وهو أکثر استحالة من تأثیر العدم فی غیره.
ب- واما انه أوجد نفسه فی حالة کونه موجودا. وهذا محال لأنه تحصیل للحاصل. أی تکوین شئ وهو موجود أصلا.
فلا یصح کون موجده موجودا آخر مثله, لانه ممکن, والممکن لا یستقل بالخلق لکونه محتاجا لمؤثر.
لکن یجب ان یکون الخالق موجودا بالذات الأزلیة بلا مثیل...
________________________________________________
(1) تنبیه الغافلین بتصرف .
(2) الحادث : هو المعقول أو الممکن (المخلوق) . المحدث : المؤثر (الاله)
(3) الخالق لا یجوز أن یخلق نفسه ویخلق العالم فی آن واحد لانه أین کان لکی یخلق نفسه قبل خلقه لنفسه .
الاله أم الطبیعة؟
س: لقد أثبتم وجوب أولویة خالق, وبینتم ذلک. لکن ما وجه الحکمة علی أولویة وترجیح الاله علی الطبیعة؟
ج: لا شک فی ان وجود الله أصلح من وجود الطبیعة, وذلک لحکمته تعالی, وکماله وعدم شعور الطبیعة فضلا عن حکمتها وکمالها.. ویکفی ما یشاهده الانسان من عجائب ویکتشف قدرته فی مخلوقاته سبحانه, ویتأمل فی الکون
بما فیه من انسان, ونبات, وحیوان, وبحار. وأبسط الامور تدل علی حکمته, فی أبسط مخلوقاته. فاذا تأملت حیاتک فسوف تری الانثی ترضع طفلها من
ثدییها بواسطة الحلمة التی یتدفق منا اللبن, ویتخللها ثقب, أو عدة ثقوب صغیرة. بحیث یخرج اللبن بتوازن. بمقدار الحاجة, فلا ینصب صبا. فما وجدنا أمراة قط قد عانت فی رضاعها من أنغلاق فی مجری حلمة الثدی بحیث یتعسر خروج الحلیب الی فم الرضیع. بینما نلاحظ ذلک فی حیاتنا الیومیة, فیما اذا کانت المراة تستعمل الحلیب الصناعی فی الرضّاعة, وتناوله للطفل بواسطة قنینة (الممّة). وهی قنینه تحوی برأسها صمام له فتحة یخرج منه اللبن. وهذا الصمام قد یکون مسدودا, فنثقبه, وقد یکون مفتوحا. فمرة تراه مسدودا لا یخرج منه اللبن, ومرة تراه مفتوحا بصورة بحیث یتسرب منه اللبن بغزارة..
ولو کانت المرأة من خلق الطبیعة, لوجدنا امرأة یخرج منها اللبن بتدفق, أو ان حلمتها مسدودة, ولا یخرج من ثدییها شئ. کما یحصل فی الثدی الصناعی (الممّة).
ولکان خلقها عشوائیا. کما نلاحظ فی صناعة المکائن التی تصب. ونری فی الانتاج عیوبا کالانسداد, أو توسع الفتحة, فمن هنا یجب علینا ارجاع الاشیاء لاصولها, وخالقها ومدبرها.
کذلک الانسان, عندما یخدّر جسمه لاجراء عملیة, تخدیرا عاما, فیتخدّر بأجمعه ماعدا بصیلة الدماغ المسؤولة عن التنفس اللاأرادی للانسان, ولو تخدّر الانسان کله لتخدّر قلبه ومات.
وتأمل الطفل, فلو خلق متعقلا, لما کان اجتماعیا, ولم یألف عائلته وأخته لکونه معزولا عن أسرته ولم یرتبط بهم, ولم یتعایش معهم. وانما حصر بینهم للترابط, ولحکمة لا تستطیع الطبیعة تعقلها..
وتأمل الحکمة فی خلقة أسنان الطفل وغذائه, فعند لین عظامه یتغذی علی
اللبن, ولکنه لما یشتد عظمه یحتاج الی أسنان یستعین بها علی هضم الطعام الصلب. فلو کانت الطبیعة خالقة للزم من أحدنا انتظار ظهور أسنانه لاجل أن یأکل بواسطتها.
وکذا المرأة, عند الطلق یخرج ولیدها بعد تمامه بلا نقصان..
وکذلک نری الموازنة فی تکامل الاعضاء. فعندما تلجأه الطبیعة الی التبول یخرج منه البول بانبساط وانکماش فیحس بحاجته لذلک. وکذا الافرازات الاخری. ویعضد قولنا تناول السید عبد الله شبّر فی کتابه حق الیقین " وفکر فی الاعضاء التی خلقت زوجا وفردا فان الرأس مثلا لو کان زوجا لکان کلا علی الانسان لا فائدة فیه بخلاف الیدین والرجلین والعینین ونحوها وکان حکم تعددها لا یخفی " أنتهی ما قاله....
ولم نجد زیادة فی الجسم من وجود تعدد فی الاعضاء کوجود رأسین کما بینا. أو ثلاث أرجل, لعدم حاجته لها, ولا نجد نقصانا بعضو من الاعضاء کانسان مخلوق برجل واحدة, أو ید, أو عین واحتیاجه لاخری..
ولاحظ ترکیب الجسم فلا نری الانف مفتوحا للاعلی, لکیلا یدخل علیه الماء, وأشیاء أخری, لا تستطیع معامل کبری ان تعمل عمل أصغر غدة فی جسم الانسان.
وتأمل الحیوان, فالجمل یسیر فی الصحراء بدون مخالب. ولو کان من خلق الطبیعة لوجدنا فیه عبثا. کأن تظهر له مخالب مثلا کالاسد. فهل علمت الطبیعة بعدم حاجته للافتراس؟ فما هو جانب عظمة الخلق؟
ولاحظ الحیوانات الوحشیة بلا وعی. ولو أعطیت الذهن لهاجمت البشر. وتری أصناف الماشیة لیست لها یدین کالانسان تتناول بهما ما تحتاجه من العلف. فخلق فمها للاسفل لیسهل علیها ما تتناوله من المرعی.
واصغ الی قوله فی حق الیقین " وانظر الی قوائم الحیوان کیف جعلت أزواجا لیتهیأ للمشی ولو کانت أزواجا لم تصلح لذلک, فذو القائمتین ینقل واحدة ویعتمد علی الاخری, وذوی الاربع ینقل ثنتین ویعتمد علی ثنتین دون خلاف, بأن ینقل الیمنی من مقادیمه مع الیسری من مآخیره ویثبت الآخرین لیثبت علی الارض. ولونقل القائمتین من أحد جانبیه وأعتمد علی الباقیتین من الجانب الآخر لما ثبت "...
وجعل لها الصوف. بعکس الانسان الذی ینسج بیده کما بینه السید بقوله " ثم هذه الکسوة من شعر ووبر وصوف لیقیهامن الحر والبرد ومن الأظلاف والحوافر لتقیها من الحفا. اذا کان لا أیدی لها ولا أکف ولا ملابس مهیأة للغزل والنسج فجعلت کسوتهم فی خلقتهم بانیة علیهم ما بقوا "... انتهی ما قاله..
فهل تعلم الطبیعة ذلک, لتکون هی المهیأة له. وتطلع الی النبات حیث نلاحظ النخلة الواحدة. تسقی من ماء واحد , وثمرة واحدة, فیها أنواع مختلفة من التمور.
وهاک نوعا آخر من فصیلة الحمضیات, کالعنب لما نلمس فیه من دقة التوزیع فی سیقان هیکله وروعة نظام التغذیة فیها. مما یدل علی انه خاضع لرقیب عتید, لا لطبیعة حمقاء کما یبدو ذلک واضحا, کاختلاف کیفیات حبات العنقود الواحد.
وکذلک الاختلاف فی تعدد الالوان من بیضاء الی حمراء. ومن حیث الاحجام, فواحدة کبیرة, وأخری صغیرة. واختلاف المذاق فیها. فمن حامض الی حلو. وتسقی جمیعها من ماء واحد, وأرض واحدة , وشجرة واحدة(1)..
ولو تأملنا البحر. نجده ینجمد بدرجة حرارة معینة منخفضة یتجمد ظاهر الماء، ویبقی قاعه بالاسفل غیر منجمد.
لکی تبقی حیاة الحیوانات والاسماک التی تعیش فی قیعانه. فهل علمت الطبیعة بوجود الاسماک تحته, فخافت موتها من الانجماد. أم ان الله أعطاها بحکمته وقدرته ما تحتاجه, بهذه العظمة, وکمال المعرفة, وقدرته وحکمته...(2)
_______________________________________________________________________
(1) من أراد التوسع بهذا البحث فعلیه بکتاب توحید المفضّل أو العلم یدعو للایمان أو مع الله فی السماء .ففیه تفاصیل الحکمة بدقة التکوین .
تبلغ کثافة الماء أقصاها فی درجة أربعة مئویة , ومهما انخفضت درجة الحرارة بعد ذلک فان کثافة الماء تبقی ثابته ثم تبدأ بالتناقص هذا الامر یمنع من انجماد الانهار والبحیرات.
(2) " وفی الارض قطع متجاورات وجنات من اعناب ونخیل صنوان وغیر صنوان تسقی من ماء واحد ونفصل بعضها علی بعض فی الاکل ان فی ذلک لآیات لقوم یتعقلون " الرعد 4 .
الله خالق ولیس مخلوق
س: لقد بینتم نظریة التسلسل, وبطلانها بلسان فلسفی وأمثلة معقدّة. ألا نجد أمثلة بسیطة علمیة تدل علی بطلانها, ویمکن تیسرها علی أذهاننا بشکل یسهل استیعابه؟
ج : بلی, الیک ذلک, ولو اطلعنا علی النظریات لوجدناها ترجع بالاصل الی البدیهیات. والبدیهیات لا ترجع الی شئ. لأنها حقیقة واضحة لا تحتاج الی برهان لاثبات وجودها. أی انها موجودة لذاتها. کما ان الملوحة من الملح, لکن ملوحة الملح نفسها من ذاته. أی ان الملح لم یکتسب ملوحته من السکر, أو الحامض. فهی موجودة فیه لذاتها.(1)
والله سبحانه وتعالی موجود لذاته. أی انه لا یحتاج الی برهان لاثبات وجوده. فهو قبل کل شئ بلا أول, قدیم أزلی. فالمخلوقات ترجع الیه. کما ان النظریات ترجع الی البدیهیات, اما البدیهیات فهی أشیاء مسلم بصحتها کقولنا الکل أکبر من الجزء. فهذه فرضیة منطقیة (بدیهیة) والواحد نصف الاثنین, والکل یساوی مجموع الاجزاء. فهذه الاشیاء لا تحتاج الی برهان لاثبات صحتها, وکذلک الواحد زائد واحد یساوی أثنین. ومن أصعب الاشیاء توضیح الواضحات, فالطفل اذا تعطیه جزءا من الخبز, وتعطیه رغیف خبز کامل, یعلم بأن الرغیف (الکل) أکبر من القطعة الصغیرة (الجزء).
وکذا النار حارة والشمس مضیأة والثلج بارد, ندرکه بالعلم الضروری لکن مع ذلک قد بینا اللسان الفلسفی لمحاورة لاحد العلماء.
بینا فیها الرد. وها نحن نفصح لک بصورة نظریة عقلیة علمیة لاثبات رجوع المخلوقات الی خالق واحد, وابطال التسلسل.
فمن البدیهی ان الانسان والمخلوقات ترجع بالاصل الی خالق, واذا کان هذا الخالق أوجده اله آخر, وذلک الاله أوجده خالق آخر, وهکذا یحتاج أیضا الی من یوجده فیتسلسل الخالق وهذا باطل.
لانه یؤدی الی مالا نهایة له. وبینا ذلک, ونستطیع تصویر ذلک بحقیقة الارض التی نعیشها. (1) أی انها ذاتیة , أی لذاتها , لذات المصنوع بتأثیر من الخالق وهو الله لانه لا ذاتیة لشئ سوی الله
فاذا قلنا ان الارض مسطحة وتمتد الی مالا نهایة لها. وتشت عقولنا فی حرکتها الفکریة الی شئ لا حدود له کما فی المخطط الآتی:
-------------------------------
لابدایة لها الارض تمتد لانها مسطحة مالا نهایة لها
مخلوقات خالق1 خالق2 خالق3 خالق4 الی مالا نهایة له
ولکن لو رجعنا للحقیقة التی لایرید بعضهم الاذعان لها. وهی ان المخلوفات ترجع بحقیقتها الی الاله, فهو الاول, وهو الآخر(1) کما فی المخطط التالی:
--------------------------------------
المخلوقات الاله
--------------------------------------
بدایة الاول نهایة الآخر
الاله
الارض
المخلوقات
نستطیع تمثیل ذلک بالارض التی نعیش علیها أیضا. اذا قلنا بأنها مدورة, فنمتد من أیة نقطة فیها اذا بدأنا منها, وتنتهی الیها, فهی البدایة والنهایة.
ولا ندّع عقولنا تشطح بالاوهام بل نترکها تنطلق الی الله حیث المبدأ السلیم الذی أراده الله سبحانه لها لانه هو الاول والآخر.
________________________________________________
(1) الله لا یکون محدودا ولا متناهیا والا فیکون شئ غیره یحده ویحیط به . لان الارض یمکن تحدید وجودها مع مقارنتها بالسماء. والله هو المحیط بکل شئ وغیر الله هو المتناه والمحدود . فالتحدید للمخلوقات فقط دون الخالق .لکن من جانب حده بنفسه لا بغیره یصح بکونه هو الحد لا المحدود کما بمثالنا کالارض الکرویة التی تستطیع تصور حدودها دون المسطحة ...
فلماذا نترک الاقرار بکرویة الارض, ونجزم بباطل القول بأنها مسطحة, ونذهب للامتداد, ونترک التحدید؟ (1) فالمخلوقات ترجع الی الخالق, والخالق لا یرجع الی شئ, بل یرجع لذاته لانه هو المرجع. واذا قلنا بأن الارض کرویة , فاننا نبدأ من نقطة, وننتهی الی نفس تلک النقطة. فاذا ما بدأنا بقولنا بأن الله هو الخالق ولیس له موجد فأننا ننتهی الیه دون غیره.
ولا نقع فی تخبطات عشوائیة. ولکن اذا قلنا: ان الارض مسطحة لا توجد لها بدایة. ولا توجد لها نهایة, ولا حد محدود. لأننا کلما امتددنا لا نصل الی خالق, أو الی حد محدود (مع الفرض).
لذلک ننتهی فی مطافنا الی متاهات نحن فی غنی عنها. وهذا أبسط بیان یؤکد بأن الله موجد للکائنات, ولیس للتسلسل صحة. کالذی یقر بکرویة الارض, وتسطیحها فأیهما تصدقه؟ أتسلم للذی یوصلک للحل أم الذی یوهمک؟ ویرمیک فی مسالک الشک والحیرة؟!
س: هل من أدلة نقلیة علی ذلک, أو اسئلة وردت بهذا الخصوص؟
ج: نعم توجد بکثرة ولو اننا لم نذکرها آنفا لعدم تعلق حاجتنا بها. لأن الموضوع یحتاج برهانا عقلی. وانما تستعمل البراهین النقلیة للذی یسلم بصحة الایمان بالله, مع ان القرآن قول عقلائی صادر من حکیم ولا شک فیه.
لکن تجنب العلماء فی علم الکلام من ایراد النصوص, والیک بعضا منها:
1- فی حدیث أن رجلا اتی رسول الله صلی الله علیة وآله وسلم
فقال: یا رسول الله نافقت
فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: والله ما نافقت ولو نافقت ما تعلمنی. ما الذی رابک؟
أظن ان العدو الحاضر أتاک, فقال من خلقک؟
فقلت: الله تعالی خلقنی
فقال لک: من خلق الله؟
فقال: أی والذی بعثک بالحق, لکان کذا. (1) أرد ت أن أبین بهذا التشبیه علی آخر السلسلة (الخالق) الاخیر وامثله بالخط المستقیم , أو الارض المسطحة لکون الارض المسطحة یمکن تحدیدها ویمکن امتدادها وکذا الخط المستوی . أو أمثله بالخط المنحنی أو الارض الکرویة المحدودة , ولیس لها مجال للامتداد مع ان امتداد الارض أو الخط لیس تسلسلا ,لانه واحد والتسلسل مجموعة من المعالیل والعلل,قد یرتبط کل معلول بعلته الی مالا نهایة له فتکون متعددة لکن أقصد ان آخر السلسلة قد مثلته بامکان امتداده الی مالا نهایة له أو تحدیده کالخط أو الارض أی اللابدّیة من الانتهاء
فقال صلی الله علیه وآله وسلم: ان الشیطان أتاکم من قبل الأعمال, فلم یقو علیکم. فاتاکم من هذا الوجه, لکی یستزلکم. فاذا کان کذلک, فلیذکر أحدکم
الله وحده " (1)
2- قال الامام علی بن أبی طالب علیه السلام: " الاول الذی لم یکن له قبل فیکون شئ قبله, والآخر الذی لیس له بعد, فیکون شئ بعده " (2)
وقال أیضا: " انما یقال متی کان لما لم یکن فأما ما کان فلا یقال متی کان. کان قبل القبل بلا قبل, وبعد البعد بلا بعد.." (3) .
3- سئل الامام محمد بن علی الباقر علیه السلام: عن الله متی کان؟
فقال: " اخبرنی متی لم یکن, حتی أخبرک متی کان " (4)
________________________________________________
(1) التکامل فی الاسلام ج2 ص120
(2) التکامل.
(3)(4) حق الیقین ص29

الفصل الثانی

أین الله ؟
س: لماذا لا یحل الله سبحانه فی مکان؟
ج: لأن الذی یحل بمکان یفتقر ویحتاج الی ذلک المحل الذی یحل فیه, فیکون محتاجا. والاحتیاج من صفات المخلوقات والله غنی...
والذی یحل فی مکان, یستلزم خلوه من المکان الآخر. فلو وجدنا ماء حالا فی قدح, فهو یملأه دون بقیة الاقداح, أو یملأ ما یحیط به.
فیلزم أن یخلو منه المکان الآخر. والله سبحانه موجود فی کل مکان, ولا یصح أن یخلو مکان منه قط دون احاطته به.
فهو فی کل مکان لا بمداخلة. خارج عنه لا بمزایلة, أو داخل فی الآشیاء, خارج عنها. وسنوضح ذلک لاحقا..
والانتقال من حال الی حال آخر من علامات الزوال. فزواله من ذلک المکان وبقائه خالیا منه یستلزم الحرکة أو الافتراق والاجتماع.
والله تعالی لا یخلو منه شئ. ولما کان حلوله بمکان هو اخلاؤه عن مکان آخر، بمعنی ذلک انه یوجب علینا رؤیته غالبا (1), وکذلک حدّه بالاشارة الیه.
کما اننا لو رأینا قدحا فیه ماء. وآخر لیس فیه, أو ما یحیط به من الماء دون ما یخلو عنه, فنشیر الی القدح, ونحده دون ما یحیط به.(2)
أوما خلا منه بتعبیر آخر. وذلک الافتراض یستلزم الجسمیة, والعرضیة, والمکانیة.
وهو منزه عنها. لانه لیس بجسم کی یقبل الابعاد الثلاثة. من طول, وعرض, وعمق, وغیر مفتقرا الیها.
ولیس بجسم لکی یحتاج الی مکان وبعد. ولا عرض لیحتاج الی الجسم لیعرض علیه. کاللون یرتسم علی الحائط, أو یعرض علیه, ولا کالماء الذی یحل فی القدح. " وکان الله بکل شئ محیطا " 126 النساء.
لانه لیس کمثله شئ. قال تعالی " ألا انه بکل شئ محیط " الایة 54 فصلت (السجدة).
(1) لانه قد یحل الهواء بمکان ولا یجب علینا رؤیته لکن قد نری الماء حینما یکون مزاحما له عند ازاحته أیاه ...
(2) کما تقول ان فلانا فی الغرفة , کغرفة الاستقبال دون غیرها من الغرف أو ذلک البیت دون البیت الفلانی . " أینما تولوا وجوهکم فثم وجه الله " 115 ألبقرة
وهو لیس صفة وموصوف أو متغیر أو متصف بالغیر, بل هوذات
واحدة غیر مرکبة.
قال عز وجل: " الم تر ان الله یعلم ما فی السماوات, وما فی الارض, وما یکون من نجوی ثلاثة. الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم, ولا أدنی من ذلک, ولا أکثر الا هو معهم أین ما کانوا, ثم ینبئهم یوم القیامة. ان الله بکل شئ علیم " الایة 7 ألمجادلة.
وقال: " وهو الله فی السماوات, وفی الارض یعلم سرکم وجهرکم ویعلم ما تکسبون " الایة3 ألانعام.
س: أین الله؟
ج: الله فی کل مکان. ولا یخلو منه شئ.
س: لماذا یتوجه الانسان بدعائه للاعلی نحو السماء؟.
ج: لان الله سبحانه قال " وفی السماء رزقکم وما تدعون "الایة22 ألذاریات.
(هذه الاجابة عن أحد أئمتنا ). هذا أولا وأما ثانیا فلأن الله تعالی شأنه عال والاعلی دائما یدل علی الرفعة والعلو فی الشأن, کما هو غیر خاف علی أحد...
س: ما المقصود بانه فی کل مکان؟
ج: أی انه داخل فی الاشیاء, خارج عنها.
قال الله تعالی: " الله نور السماوات والأرض. مثل نوره کمشکاة فیها مصباح. المصباح فی زجاجة. الزجاجة کأنها کوکب دری یوقد من شجرة مبارکة
زیتونة لا شرقیة ولا غربیة. یکاد زیتها یضئ ولو لم تمسسه نار. نور علی نور یهدی الله لنوره من یشاء ویضرب الله الامثال للناس والله بکل شئ علیم " الایة 35 النور. وقال النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم: " ان الله احتجب عن العقول کما احتجب عن الابصار. وان الملأ الأعلی یطلبونه. کما تطلبونه أنتم "...(1) وکما بین الامام علی بن أبی طالب علیه السلام فی خطبته: " داخل فی الاشیاء لا کشئ فی شئ داخل. وخارج منها لا کشئ من شئ خارج "...(2)
" هو فی الاشیاء علی غیر ممازجة خارج منها علی غیرمباینة "...(3)
" مع کل شئ لا بمقارنة, وغیر کل شئ لا بمزایلة ".(4) (1) حق الیقین ص 45 .
(2) حدیث ذعلب , توحید الصدوق ص 306 .
(3) حدیث ذعلب توحید الصدوق ص 306 .
(4) حق الیقین ص 43 خطبة (أول الدین معرفته) .
" قریب من الاشیاء غیر ملامس بعید عنها غیر مباین ".(1)
س: کیف یکون فی الاشیاء , وخارج عنها. هل هو مبهم أو هو مجرد کلام ینطوی علی مغالطات, ووصف لله مباین؟
ج: کلا بل الاجابة واضحة. " داخل فی الاشیاء, خارج عنها " أی محیط بالاشیاء.
فانک اذالاحظت البحر, أو حوض الاسماک. فستجد الماء محیطا بالحیوانات, والاسماک.
فالماء داخل فی هذه الاشیاء, ولکنه خارج عنها, هذا بالنسبة للمادیات مع الفارق. أی أن الماء خارج عن جوفها، ولیس بداخلها واحاطة الله کلیة بکل
ذرة منها حتی الجراثیم والمکروبات وأجزاء الذرة. والماء محیط بها فقط, ولا یدخل فی باطنها. لانک لو فتحت باطن السمکة, لا تراها مملؤة بالماء.
لان الماء خارج عنها أو محیط بها فقط.
بل تری فی باطنها الامعاء, وما الیه من محتویات.(2)
أظن ان هذا المثال واضح للفکر فتفکر.(3)
وکذلک الآیة الکریمة, فتری المصباح داخلا فی الزجاجة. اذا ما نظرنا الیه من الخارج. لکنه لیس داخل فیها, بل هو خارج عنها أیضا.
وبنفس الوقت فهو فی باطنها. لکن لا بملامسة, وخارج عنها لا بمزایلة. أی بعدم زواله عنها. کما بینا فی قول الامام علی علیه السلام الانف الذکر. وکذلک قوله علیه السلام:" مع کل شئ لا بمقارنة. وغیر کل شئ لا بمزایلة ".(4)
وفی دعاء لیلة القدر " یا موصوفا. لا یبلغ بکینونته موصوف, ولا حد محدود, یا غائبا غیر مفقود, ویا شاهدا غیر مشهود. یطلب فیصاب, ولم تخل منه السماوات والارض, وما بینهما طرفة عین. لا یدرک بکیف, ولا یؤین بأین, ولا بحیث انه نور النور ".. (1) حدیث ذعلب المشهور .
(2) هذا بالنسبة للمادیات مثلناه بالسمکة لتقریب الفهم لعدم استحضار شئ بسیط للایضاح الصوری أما الله فانه محیط أحاطة تامة بکل دقائق الوجود واجزائه وجزئیاته ..
(3) هذا مثال علی المخلوقات لاجل البیان لا للتشبیه بالله جل جلاله لان الله تعالی لیس صفة وموصوف لکی یعرض علی شئ أو هو جسم لیحل بمکان یحویه ویستوعبه کالظرف والمظروف لانه ذات (قائم بذاته) ولم یکن قائما بغیره لیحل فیه ..
(4) أی ان علم الله موجود فی کل ذرة من المادة وقدرته فی الممکنات کلها , وفیضه علیها بالتساوی لان مرتبة الممکنات بالنسبة له بدرجة واحدة, والا لکان ترجیح بلا مرجح . وکونه کامل وهی ناقصة فتسبح له لتنزهه عن النقص کقوله لا بمقارنة ای لا نقارنه معها بأنه جسم ومادة وممکن . وخارج من الاشیاء أی خارج عن ماهیة المادیات لانه مجرد عن المادة , ولیس هو مادة لانه موجود والمادة موجودة , ولا بمزایلة کون هذا التجرد لا یخرجه عن الاحاطة بها ...
قال بعض الزنادقة (1) للامام أبی الحسن علی بن موسی الرضا علیه السلام: " لم أحتجب الله؟ ".
فقال علیه السلام: " ان الحجاب عن الخلق لکثرة ذنوبهم, فاما هو فلا تخفی علیه خافیة. فی أناء اللیل والنهار.
قال: فلم لا تدرکه حاسة البصر؟
قال: للفرق بینه وبین خلقه, الذین تدرکهم حاسة الابصار.
ثم هو أجلّ من ان تدرکه الابصار أو یحیط به وهم, أو یضبطه عقل.
قال: فحدّه لی؟
قال: انه لا یحد.
قال: لم؟
قال: لانه کل محدود متناه الی حد, فاذا احتمل التحدید, احتمل الزیادة واذا احتمل الزیادة احتمل النقصان. فهو غیر محدود, ولا متزاید, ولا متجزئ ولا متوهم "...(2)
________________________________________________
(1) الزندقة : حرکة شعوبیة باطنیة تفاقمت زمن الهواشم العباسیین . وهم الدهریین الذین یقولون لا رب ولا جنة ولا نار وما یهلکنا الا الدهر .
(2) علل الشرائع ص119 باب 98 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه .

الفصل الثالث

ما هو الله؟
ان الله تعالی لا یری بحاسة البصر لا فی الدنیا ولا فی الآخرة. وذلک لان الذی نراه لابد أن یکون جسما (1) ویشار الیه , وفی جهة مقابلة. وله صورة وشکل ومکان.
والله سبحانه منزه عن جمیع ذلک. ولأن المرئی محاط بالنظر ضرورة. والله محیط, فلا یکون محاطا.
وکل ذلک من لوازم الجسمیة.. والله أظهر الموجودات وأجلاها. فلو تأملت حواس الانسان. تجدها قاصرة.(2)
فحاسة البصر لا تری النمل علی بعد أمیال مثلا, الا انها تستطیع الرؤیة لغایة منظورها. ولکن نستطیع ذلک باستعمال الناظور, لرؤیة الاماکن البعیدة. وکذلک الحیوانات الصغیرة فی برک الماء, والجراثیم فاننا لا نستطیع رؤیتها الا بالمجهر.
وتطلع الی السمع تجده قاصرا, لان الاذن تسمع الهزات من خمس الی عشرین الفا.
فالذی ینقص عن ذلک لا تسمعه, وما زاد یشق طبلة الاذن.
والانسان لا یشم رائحة السکر, مع ان الذباب والنمل یشمه, ویسرع الیه عن بعد..
وکذلک العقل, لا یستطیع ان یرسم اکثر من صورة واحدة فیه بآن واحد (3) وحتی الخیال, فلا تستطیع تخیل شئ لیس له وجود فی الکون. فاننا لا نستطیع تخیل رائحة حمراء بحاسة الشم.
والسمک فی البحر لا یستطیع تخیل عالم البر الا اذا أخرج فی حوض ماء مثلا. والانسان لا یستطیع تخیل صورا لیس لعالمها وجود.
فالثور المجنح تشکیل فی الکون. فالجناح موجود, والثور موجود فی الکون. ولا شئ جدید قد قام بتوسعه الخیال .فالوهم قاصر أیضا. فکیف تستطیع عقولنا القاصرة ان تدرک الله سبحانه.(4) (1) الجسم یفتقر للمکان , والعرض یفتقر للجسم کاللون یفتقر للجسم لیعرض علیه لانه ممکن .
(2) ذکر مثله أی حول قصر الحواس فی کتاب تعریف عام بدین الاسلام .
(3) لا نستطیع تحریک أصابع الکفین بحرکة دائریة باتجاهین متعاکسین بآن واحد مما یبطل کون المادة قبل الفکر.
(4) هذا بحث عن الوجود الخارجی للله سبحانه فی سؤال ما هو الله؟ اما الوجود الطبیعی فهو فطری یحسه الانسان حین لا منجی له یتعلق به .
ان السبب یعود لشیئین:
1- خفائه فی نفسه, أو غموضه. وهذا الادعاء غیر مقنع ان یختفی بلا سبب.
2- ما یتناهی وضوحه بحیث ان هذا الوضوح, هو الذی حجبه عنا. والحقیقة تقر بذلک. لانا اذا تأملنا الخفاش وهو یبصر فی اللیل, ولا یبصر فی النهار, لیسر لأن النهار غامض, وغیر واضح, أو معدوم, ولکن السبب هو شدة وضوح النهار وجلائه.
ولکن حقیقة طبیعة الخفاش هو انسجامه مع اللیل وعدم انسجامه فی النهار بعکس أحداق العیون البشریة.
فان بصر الخفاش ضعیف, یبهره نور الشمس. فاذا ظهر النور قویا, فمع سبب ضعف بصره جعل من ذلک سبیلا لامتناع رؤیته لضوء النهار, فلا یری
شیئا. الا اذا امتزج الظلام بالنور, وضعف ظهور الضوء.. مع العلم بأن الرؤیة تتم تحت شروط وهی الضوء. وعدم وجود الحاجب, والشفافیة..
فکذلک الحال بالنسبة الی عقولنا وابصارنا. وان جمال الحضرة الالهیة کما
بیّن بعض العلماء فی نهایة الاشراق والاستنارة. وفی غایة الاستغراق والشمول. حتی صار ظهوره ووضوحه سببا لخفائه...(1)
1- قال تعالی: " لیس کمثله شئ وهو السمیع البصیر " الشوری11-
أی موجود مجرد عن المادة.
2- وعن الامام جعفر بن محمد الصادق علیه السلام قال: " لا جسم ولا صورة وهو مجسم الاجسام ومصور الصور لم یتجزأ, ولم یتناه , ولم یتزاید, ولم یتناقص ".(2)
3- وعنه أیضا " انه قال للزندیق حین سأله ماهو؟ قال علیه السلام: " هو شئ بخلاف الاشیاء. أرجع بقولی "شئ" الی اثبات معنی وانه شئ بحقیقة الشیئیة, غیر انه لا جسم ولا صورة "(3) .
4- وعنه أیضا " من زعم ان الله علی شئ أو فی شئ أو من شئ, فقد أشرک.
لو کان الله عز وجل علی شئ لکان محمولا, ولو کان فی شئ لکان محصورا ولو کان من شئ لکان محدثا ".(4)
______________________________________________
(1) اننا لا نری کثیرا من الاشیاء المادیة کالکهرباء والمغنطیس لکن نتحسس بآثارها وهذا لا ینافی وجودها ..
(2) توحید الصدوق ص98 , 7- باب انه لیس جسم ولا صورة .
(3) توحید الصدوق ص 140 , 2- باب تبارک وتعالی شئ .
(4) توحید الصدوق ص178 , 9- باب نفی الزمان والمکان والحرکة عنه تعالی .
لماذا لا نری ذاته الأقدس
ان الاشیاء تبین بأضدادها. والذی یعم وجوده ولیس له ضد, یعسر علینا ان ندرکه, ونعرفه.
فلو اختلفت الاشیاء بعضها دون بعض, ندرک الاختلاف بالفرق بینها.(1)
واذا اشترکت فی دلالتها, وکیفیتها علی شکل واحد. تعذر الامر. ومثال ذلک, ان نور الشمس عرض یزول عند غروب الشمس. فاذا کانت الشمس دائمة الاشراق, لا غروب لها, لأصبحنا نظن ان الاجسام لیس لها لون سوی الابیض. والضوء لا ندرکه, ولا نعرف له وجود.
ولکن لو غابت الشمس واظلّم أفقها الذی کانت فیه مشرقة ندرک ذلک, ونفرّق
بین الحالتین. فنعرف ان الاجسام اتصفت بلون. بواسطة الضوء. وهذا اللون یفارقها عند الغروب. وهو النور والظلام.
ولا نستطیع ان نعرف النور, الا عند زواله. والاشیاء المختلفة والمتشابهة کلها تشترک بمعنی واحد فی أذهاننا لسبب فقدان معرفتنا لها لان ذلک لا یظهر فی الظلام أی اختلاف بینها.
والظاهر بحد ذاته مظهر لغیره. فالنور الذی یظهر بالظلام یفصح عن حقائق الاشیاء الاخری بظهوره.
والله أظهر الاشیاء کلها. ولو کانت له غیبة, أو عدم, أو تغیّر لانهدّت السماوات والارض..
" ان الله یمسک السماوات والارض ان تزولا, ولئن زالتا ان أمسکهما من أحد من بعده, انه کان حلیما غفورا" 41 فاطر
ولو غاب, أو انعدم لأدرکت الفرق بین الحالتین ولو کانت بعض الاماکن موجودا بها, وبعضها موجودا بها غیره لأدرکت الفرق بین الشیئین. کشریک الباری علی فرض وجوده لامتناع الغقل من التصور لعدم وجود الله.
_________________________________________________________ (1) حق الیقین .
لکن وجود الله دائم فی کل الأحوال. وهذا هو السبب فی قصورأفهامنا عن ادراک الله تعالی.(1)
وان ادراک الانسان وهو فی صباه, واستغراقه فی ملاذ الدنیا ومغریاتها. وانس بما یحیط به فسقط تأثیرها علی قلبه.
فاذا رأی حیوانا غریبا فجأة لم یره من قبل, فسرعان ما تحیط به الدهشة والغرابة. وکذا الاعمی اذا امتد بصره للکون دفعة واحدة, فانه یخاف علی عقله, وعظم تعجبه, فالانس بالشئ سد علیه سبیل المعرفة.
روی عن ابن حمزة الثمالی بانه قال: قلت لعلی بن الحسین السجاد (زین العابدین) علیه السلام: لأی علة حجب الله عز وجل الخلق عن نفسه؟
قال: لانه الله تبارک وتعالی بناهم بنیة علی الجهل. فلو أنهم کانوا ینظرون
الله عز وجل. لما کانوا بالذی یهابونه, ولا یعظمونه. نظیر ذلک أحدکم اذا نظر الی بیت الله الحرام أول مرة عظّمه. فاذا أتت علیه أیام وهو یراه, لا یکاد ینظر الیه. اذا مر به. ولا یعظمه ذلک التعظیم ".(2)
قال الشاعر:
لقد ظهرت فلا تخفی علی أحد
الا علی أکمه , لا یعرف القمرا
لکن بطنت بما أظهرت محتجبا
وکیف یعرف من بالعارف استترا
ویشهد قول سید الشهداء الحسین بن علی علیه السلام: فی دعاء عرفة: " کیف یستدل علیک بما هو فی وجوده مفتقر الیک؟
أیکون لغیرک من الظهور ما لیس لک, حتی یکون هو المظهر لک. متی غبت حتی تحتاج الی دلیل یدل علیک, ومتی بعدت حتی تکون الآثار هی التی توصل الیک.
_________________________________________________________ (1) ان الرؤیة عبارة عن انعکاس الضوء من الجسم الی عدسة العین (البؤبؤ) ثم ارتسام الصورة فی الشبکیة للعین التی تشابه آلة التصویر, وعدسة العین تشابه عدسة الکامرة , والشبکیة تشابه الفلم الحساس فی الکامرة . فعند سقوط الاشعة علی الشبکیة ترتسم الصورة فیها وتنقل الاعصاب المتصلة بها الصورة الی الدماغ فیترجمها . بهذه الکیفیة یری الانسان وغیره من تشابه عینه عینه . وأما الخفاش فانه کالرادار . فالموجات تلامسه وتذهب الی الفضاء الخارجی فاذا اصطدم بها جسم ترجع للخفاش فیراها . فالذبذبات اجسام مادیة ,والله سبحانه لیس بجسم فلا تعتریه الذبذبات ولا
یسقط علیه الضوء فعلیه لا یمکن رؤیته لانه لیس بمادة ...
(2) علل الشرائع 119 .2- باب 98
معرفة الانسان لله کمعرفة کمعرفة النملة بالنسبة الی الانسان وما یفکر به من صناعات وتدبیرات .
عمیت عین لا تراک, ولا تزال علیها رقیبا, وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبک نصیبا. تعرفت لکل شئ فما جهلک شیئا "....(1)
وعن الامام جعفر بن محمد الصادق علیه السلام: انه سئل عن الله عز وجل: هل یراه المؤمنون یوم القیامة؟
قال: نعم وقد رأوه قبل یوم القیامة.
فقیل: متی؟
فقال: حین قال لهم "ألست بربکم؟ قالوا بلی".
ثم سکت ساعة, ثم قال: وان المؤمنین لیرونه فی الدنیا قبل یوم القیامة. ألست تراه فی وقتک هذا؟
قال: أبو بصیر: فقلت له: جعلت فداک فأحدث بهذا الحدیث عنک.
فقال: لا فانک اذا حدّثت به فانکر منکر جاهل بمعنی ما تقول, ثم قدّر ان ذلک تشبیه, کفر.
ولیست الرؤیة بالقلب کالرؤیة بالعین. تعالی الله عما یصفه المشبهون والملحدون "...(2)
______________________________________________
(1) حق الیقین ص 13 .
(2) توحید الصدوق ص 117 , 20- ما جاء فی الرؤیة .

الفصل الرابع

لماذا لا نری الله؟
تعرف الاشیاء بأضدادها فعند ذهاب النور نری الظلمة (1). وعند ازالة الله لقدرته نری عدمه. أی عدم وجوده. فنستطیع أن نمیزه. والله لا یعدم. وعلی سبیل الفرض عندما ینعدم وجود الاله نری عدم وجوده فندرک کیفیته وماهیته. والله سبحانه وتعالی لیس کمثله شئ فلا یوجد له ضد أو شریک ولو کان له شریک لرأیناه (أی رأینا الله).
أقول: ألا ینطبق کلامنا هذا والله أعلم علی مصداق الآیة الکریمة التی قال الله تعالی فیها "ولما جاء موسی لمیقاتنا, وکلمه ربه قال: رب أرنی أنظر الیک, قال لن ترانی. ولکن أنظر الی الجبل, فان استقر مکانه فسوف ترانی. فلما تجلی ربه للجبل جعله دکا وخرّ موسی صعقا. فلما أفاق قال: سبحانک تبت الیک، وأنا أول المؤمنین "الایة 143 ألاعراف.
ان الله سبحانه وتعالی لما کان واحدا ولیس له شریک, أو ضد ولیس کمثله شئ. فلکی نستطیع أن نراه وان نمیزه عن شریکه, لذلک لا یوجد سبیل الی رؤیته غیر تصورنا لمشاهدة أضداده. وهی العدم. أی ان یخلو منه ذلک المکان فنحس بالفرق, ونمیزه. لاننا بواسطة النظر بعیوننا المبصرة نستطیع ان نحدّ الشئ, فنستطیع حد شئ دون الله. لکی نری الله. ولکی نحد شیئا دونه یجب ان یخلو منه أی یخلو من وجود الله.
فاذا کان الله بمکان دون آخر فاننا سنراه. فاذا تجلی سبحانه أی ظهر, ولا یوجد شئ یقیم ونراه بدون قدرة الله فیه ووجوده.(2) (1) النور والظلمة (تقابل الملکة وعدمها) أی وجود وعدم لا یجتمعان ویجوز ارتفاعهما بموضع لا تصح فیه الملکة . لکن (الخیر والشر , السواد والبیاض) ضدان فهما وجودان متعاقبان علی موضوع واحد لا یجتمعان ولا یتوقف تعلقهما علی الآخر . فاللون له وجود خارجی ولیس هو عدم للبیاض (منیر وغیر منیر , سواد ولا سواد) نقیضان (وجود وعدم) لا یجتمعان ولا یرتفعان ." لا تدرکه الابصار وهو یدرک الابصار وهو اللطیف الخبیر"103 ,ألأنعام .
"لقد سألوا موسیأکبر من ذلک فقالوا ارنا الله جهرة فاخذتهم الصاعقة بظلمهم "153 , ألنساء.فالرؤیة باطلة .
" الا انه بکل شئ محیط "والمرئی محیط بالنظر والله محیط ولا یکون محاطا فلا یکون مرئیا .
(2) نقصد هنا سحب قدرته عن ذلک المکان ولیس جزء من ذاته . لان الله لیس مرکبا ویستطیع نفی جزء منه ,انما هو ذات واحدة فاذا انتفی جزء منه انتفی کله والله مستغنی عن المحل فلا یحل فیه عند سحب قدرته من الجبل , وحلوله یستلزم الحرکة والتحرک أی الجهة والاشارة .
قلنا خذ الدفتر کمثال تقریبی علی صحة ما أدّعیناه اذ انه یتکون من غلاف لونه أحمر. فاذا طوینا جزءا من الغلاف نری لون الورقة أبیض (علی قدر ذلک الجزء المطوی) فنمیزالورقة عن الغلاف الاحمر. ولکننا اذا لم نطوی جزءا من الغلاف فلا یمکن رؤیتنا لأی جزء من الورقة لأنها محجوبة بالغلاف. فلا تتم الرؤیة الا بانتزاع جزء من وجود الغلاف عن الدفتر.
کذلک الله سبحانه اراد انتزاع جزء من وجوده عن الجبل. فقال لموسی علیه السلام: اذا استقر الجبل فسوف ترانی. لانه اذا رأی الجبل وهو مسلوب عنه وجوده سوف یری الفرق بین الله, وعدم وجوده بالجبل.(1)
فیمیزه بالرؤیة. لکن الجبل لم یستقر. والسبب لأن کل ما فی الکون قائم ومحاط بوجود الله.(2)
واذا سحب وجوده عنه یصبح عدما, فانتفت الرؤیة مطلقا.
فقال عز وجل لموسی علیه السلام: أنظر الی الجبل فان رأیته قد استقر مکانه, فسوف ترانی.
فاراد سحب احاطته ووجوده عن الجبل لکی یخلو منه, ومن احاطته, وبهذه الحالة یری موسی الجبل خالیا من احاطة الباری به, والکون یحیط الله به فیراه عیانا.
کالماء محیط بالسمک, والهواء یحیط بنا. وکما ان الاناء المملوء بالماء لا نستطیع رؤیة الماء الذی فیه, الا ان نفرغ جزء من الماء الذی فی القدح فنمیز
بین وجود الماء وعدم وجوده.
أو نأخذ قدحا نضع فی جزء منه ماء ملونا بحیث یسهل علینا التمییز بین الماء والهواء, أو أی جنس آخر مختلف عنه شکلا لا ذاتا.
فلما سلب الله تعالی احاطته بالجبل انعدم وجود الجبل. لان کل شئ قائم به تعالی ولیس لشئ وجود وبقاء دونه . لذا لم نستطیع رؤیة ربنا...(3)
_______________________________________________________________________
(1 ) العدم : أی الوجود مقابل اللاوجود (نقیض) واللاوجود لا یری لانه لیس وجودا .
(2) فاطر 41
(3) قلنا ان الرؤیة تتحقق بالضد ای تبان الاشیاء باضدادها . والله سبحانه نراه , ان وجد له شریک أو بمعنی آخر نری وجود الله عند رؤیة عدمه . فلما لا یوجد له شریک ولا یخلو منه شئ فانتفت رؤیته. فلما سلب قدرته من الجبل انعدم الجبل فلم یشاهد العدم لکی یری الوجود (وجود الله) لمقارنته للعدم . أی یری الله بمشاهدته لخلوه عنه . کالقدح لا نری فیه ماء الا ان نسحب وننقص شئ من الماء فنراه.کالشخص یدخل البیت ویحصر نفسه فی غرفة دون أخری , فنراه بتلک الغرفة دون سواها. وان کان یستوعب البیت باکمله فلا نراه . کالانسان المدّثر بالغطاء لا نراه الا ان یکشف بشئ عنه بأزالة جزء من الغطاء .والله محیط بالکون . کذلک لا نراه , فاذا سلب شئ أو أخلی شئ عنه نستطیع رؤیته ولما کان لا یستطیع سلب شئ لانه لایخلو منه شئ ووجوده مستمر (الایة فاطر41
وهذا هو السبب الحقیقی لعدم استطاعتنا لرؤیة الله سبحانه وتعالی.
فلا أجد جوابا مقنعا, وتفسیرا أستدل به أوضح من ذلک فتدّبر.
س: هل توجد أدلة نقلیة حول الرؤیة؟
ج: نعم . الیک بعضها:
1- قال تعالی "لا تدرکه الابصار وهویدرک الابصار, وهو اللطیف الخبیر" 103 ألانعام.
2- قال الامام علی بن أبی طالب علیه السلام: "الحمد لله الذی لا تدرکه الشواهد, ولا تحویه المشاهد, ولا تراه النواظر, ولا تحجبه السواتر, الدال علی قدمه بحدوث خلقه, وبحدوث خلقه علی وجوده وباشتباههم ان لاشبه له" (1) ...
3- دخل رجل من الزنادقة علی الامام علی بن موسی الرضا علیه السلام: فقال: رحمک الله فاوجدنی. کیف هو؟ وأین هو؟
قال ویلک. ان الذی ذهبت الیه غلط. هو أیّن الأین وکان ولا أین. وهو کیّف الکیف وکان ولا کیف, ولا یعرف بکیفوفیة ولا بأینونیة ولا یدرک بحاسة, ولا یقاس بشئ.
قال الرجل: فاذا, انه لا شئ. اذ لا یدرک بحاسة من الحواس.
فقال علیه السلام: ویلک, لما عجزت حواسک عن ادراکه انکرت ربوبیته؟
ونحن اذا عجزت حواسنا عن ادراکه أیقنا انه ربنا .خلاف الاشیاء"...(2)
4- سئل ذعلب الیمانی علیا علیه السلام قائلا: هل رأیت ربک یا أمیر المؤمنین؟
فقال علیه السلام: "أفأعبد ما لا أری".
فقال: وکیف تراه؟
قال: "لا تدرکه العیون بمشاهدة الابصار, ولکن تدرکه القلوب بحقائق الایمان. قریب من الاشیاء غیر ملامس, بعید عنها غیر مباین, متکلم لا برویة, مرید لا بهمة, صانع لا بجارحة, لطیفل لا یوصف بالخفاء, کبیر لا یوصف بالجفاء, بصیر لا یوصف بالحاسة, رحیم لا یوصف بالرقة تعنو(تذل) الوجوه لعظمته, وتجب (تضطرب) القلوب من مخافته"...
______________
(1) التکامل فی الاسلام ج2 ص90
(2) توحید الصدوق ص251 , 3- باب الرد علی الوثنیة والزنادقة .
س: هل یمکن لنا ان نتصور الکون بانه محیط بالله وقائم علیه والله محتوی فیه, أم ماذا؟
ج: کلا. الله محیط بالاشیاء واحاطة الاشیاء به لا بملامسة لکی یکون محلا لهاوهی عارضة علیه کما تتصورون لانها تحیط به وهو یستوعبها, أی لیس محل لها لان الاستیعاب بلا ملامسة بمعنی داخل فی الاشیاء خارج عنها کما قلنا.
فالمنظور محاط بنظر الناظر والله محیط "ألا انه بکل شئ محیط" 54 فصّلت (السجدة) والمحیط لا یکون محاط فلا یکون مرکبا, ولوجود الفاصلة بین الرائی والمرئی کوجوب المقابلة بینهما وذلک من لوازم الجسمیة, والفاصلة هی الحاجب ولما کان محیطا لا فاصلة له عن الکون فلا نراه. والرؤیة تتم طبعا بواسطة الضوء واللون....
س: کیف شبّهتم ذات الله کالصفة والموصوف (العارض) وقلتم اذا سحب صفته (کالغلاف الاحمر) عن الدفتر نستطیع رؤیة الاوراق. أی رؤیته تعالی؟ هل یستطیع سحب ضده أو نقیضه فهو اذن مرکب. وقلتم بأنه اذا أنعدم شئ منه نراه فهل انه متألف من أجزاء؟
ج: ان الله تعالی اذا خلا من شئ ینتفی ولیس بمعنی انه ینعدم من ذلک الشئ (أی العدم المقابل للوجود ) تقابل النقیضین. وهذا علی سبیل الفرض ان تحقق أی الاخلاء وهو الازاحة التی تتم بواسطة الحرکة أو بمعنی أصح ینکمش ولانه لیس مرکب لیعدم جزء منه لان انعدام جزء منه دلیل علی انعدامه کله.
ولیس له شریک لیخلو منه (تقابل الضدین) کالسواد والبیاض. فعندما یذهب السواد یبقی البیاض.(1)
علی فرض تصور امکان وجوده. واما وجود الله واحاطته بالکون لیس المقصود انه سبحانه حال فی الکون وعلی انه بمثابة الصفة العارضة علی المحل وان الکون یکون موصوفا. وعندما یجرد الله تعالی صفته عن محله (الکون) یوصف (أی نصفه).أو یسحب شئ من ذاته عن مکانه لانه لایحل بمکان لان ذاته سبحانه کائنة بلا مکان وکما انه لیس حالا بل هو محیط ولکنه اذا خلا منه شئ ینتفی منه ولا یبقی له أی وجود, لان کل شئ قائم بقدرته فلما خلا منه الجبل.
________________________________________________
(1) الشریک: لیس له وجود لأنه عدم وهو من باب الوجود واللاوجود فهو نقیض. فالله والشریک نقیضان
أنتفی وجوده
واحاطته به فاستحالت رؤیته واستحال وجود الجبل. کحوض الماء عندما یبعد
احاطته بالسمکة تسقط وتبقی لوحدها فهی غیر محاطة ولا یحیطها (1) لکن عدم
احاطة الله بالشئ بمعنی انتفائه لان الشئ الذی یخلو منه لیس له وجود.
لان الله (أصل الوجود) والمقصود من الخلو هو الابتعاد عن الاحاطة بالشئ لیهلک وینتفی لا لیخلو منه المکان...
س: ألا تقصد بهذا المفهوم من قولک ان الله وعاء للکون وهو محیط به او محلا لحلوله أو وعاء له, کالظرف والمظروف, وان کان یمتزج بالمادیات ألیس ذلک مماسة له وأهانة لکرامته تعالی؟
ج: أولا ان الله لیس محلا للحوادث, أو هو وعاء لاستیعاب الکون ومحلا له. لانه لیس جسما, انما ذلک الکرسی الذی هو وعاء للکون. وان کان کذلک, فلا یستلزم الاهانة کما قلنا. لان المادیات متداخلة, ولا تمس بشئ. لانه خارج عن المادة. فلا یلزم التماس. لانه حال ظهور المادة لا تحل فیه, لکونه لیس جسما. بل هو محیط بها, وخارج عنها, وان کانت الاحاطة بکونه محلا, لزم رؤیته . لانه بهذه الحالة ما دون الکون فنراه, أی انه هو الهواء الذی تحسه. لان الهواء ما دون المادیات المرئیة, وهذا غیر ممکن. لان الهواء یمتزج بالمادة, وینفعل معها. ولا یتغیر باللون وغیره. بل الله محیط واحاطته للهواء أو المادة لا نفس المادة فهو معها ولا یقترن بها وهو لیس مادة لتکون احاطته ذات الشئ.
س: هل من کلمات ختامیة بهذا الشأن تجلو لنا الحقیقة؟
ج: الیک منها:
1- قال الامام علی بن أبی طالب علیه السلام: "مع کل شئ لا بمقارنة وغیر کل شئ لا بمزایلة".(2)
وفی خطبة له فی مسجد الکوفة قال: "الحمد لله الذی لا من شئ کان ولا من شئ کوّن"...(3)
_______________________________________________________________________
(1) ان صح التعبیرللمثال بالمادة لکونه ممسکا لها . والحق انه محیط بکل دقائقها ولیس مبتعدا عنها . فالمحیط بالغرفة لیس محیطا بمحتویاتها . والله محیط بالکائنات لانه لا تقم جرثومة ولا ذرة الا بوجوده , وان وجوده بسیط مجرد ولیس مرکب ولو کان محیطا بالشئ دون محتویاته لاقتضی خلوه فیترکب ..
(2) حق الیقین ص 43 خطبة "أول الدین معرفته" .
(3) توحید الصدوق ص 69 باب التوحید ونفی التشبیه .
"لم یخل منه مکان فیدرک بأینیة ولا له شبه مثال فیوصف بکیفیة ولم یغب عن علمه شئ فیعلم بحیثیة"...
"لا تحویه الاماکن لعظمته, ولا تذرعه المقادیر لجلاله" "ممتنع عن الاوهام ان تکتنهه، وعن الافهام ان تستغرقه وعن الاذهان ان تمثله. قد یئست
من استنباط الاحاطة به طوامح العقول ونضبت عن الاشارة الیه بالاکتناه بحار العلوم" ..
" فی الحث بعدم التفکر بذات الله "
عن الامام محمد بن علی الباقر علیه السلام قال: "تکلموا فی خلق الله ولا تکلموا فی الله فان الکلام فی الله لا یزید الا تحیرا"...(1)
عن الامام جعفر بن محمد الصادق علیه السلام: "ان الله یقول "والی ربک المنتهی"42 النجم, قال: اذا انتهی الکلام الی الله عز وجل فامسکوا"...(2)
عن الامام محمد بن علی الباقر علیه السلام قال: "ایاکم والتفکر فی الله ولکن اذا أردتم ان تنظروا الی عظمة الله فانظروا الی عظم خلقه"...(3)
عن الامام جعفر بن محمد الصادق علیه السلام: "من نظر فی الله کیف هو هلک"...(4)
مالک مهدی خلصان
تم الکتاب والحمد لله فی یوم الاحد 11-9-
1988 میلادی 29 محرم 1409 هجریة
________________________________________________
(1) توحید الصدوق ص 454 , 67 – باب النهی عن الکلام والجدال والمراء فی الله عز وجل .
(2) توحید الصدوق ص 456 , 9- باب
(3) توحید الصدوق ص 458 , 20-
(4) حق الیقین ص46 .
رقم الایداع فی المکتبة الوطنیة ببغداد 959 سنة 1989 تم طبع الکتاب بتاریخ 28-8-1989 مکتبة العانی – بغداد 3000 نسخة .
حصلت الموافقة علی طبعه من قبل وزارة الاعلام – رقابة المطبوعات
رقم الاجازة 370 فی 2-3-1989

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.