سرشناسه : علامه حلی ، حسن بن یوسف ، 648 - 726ق.
عنوان و نام پديدآور : تحریر الاحکام الشرعیه علی مذهب الامامیه / جمال الدین ابی منصور الحسن بن یوسف بن المطهر المعروف بالعلامه الحلی ؛ اشراف جعفر السبحانی ؛ تحقیق ابراهیم البهادری .
مشخصات نشر : قم : موسسه الامام الصادق (ع )، 1421ق . = 1379.
مشخصات ظاهری : 6ج.
شابک : دوره 964-6243-91-6 : ؛ ج. 1 964-6243-65-7 : ؛ 21000 ریال : ج. 2 964-6243-66-5 : ؛ ج. 3 964-6243-66-5 : ؛ ج. 4 964-357-003-7 : ؛ ج. 5 964-357-018-5 :
يادداشت : عربی .
يادداشت : ج. 1 و 2 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : ج . 4 (چاپ اول : 1421ق . = 1379).
يادداشت : ج . 5 (چاپ اول: 1422ق . = 1380) .
موضوع : فقه جعفری -- قرن 8ق.
شناسه افزوده : سبحانی تبریزی ، جعفر، 1308 - ، مترجم
شناسه افزوده : بهادری ، ابراهیم
رده بندی کنگره : BP182/3 /ع8ت3 1378
رده بندی دیویی : 297/342
شماره کتابشناسی ملی : م 78-24069
تنظیم متن دیجیتال میثم حیدری
ص: 1
ص: 2
ص: 3
بِسْمِ اللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ
وَ مٰا كٰانَ اَلْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ ، لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ
التوبة: 122
ص: 4
بقلم: آية اللّه جعفر السبحاني
بِسْمِ اللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ الحمد للّه على سوابغ النعم و ضوافي الآلاء، حمد معترف بالقصور عن إدراك أقلّ مراتب الثناء، و صلّى اللّه على محمد عبده و رسوله، أفضل الأنبياء و أكرم الأصفياء و على آله السادة النجباء.
أمّا بعد:
فإنّ الإمام الهمام علاّمة العلماء، و أستاذ الفقهاء، جمال الدين أبا منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر غني عن التعريف و الإطراء، فقد سارت بذكره الركبان في حياته، فعطّروا كتبهم بذكره الجميل، و سطّرت أقلامهم له أنصع الصفحات.
و بما انّي بصدد التقديم لواحد من كتبه الفقهية، ممّا جاد به يراعه نقتصر في ترجمته على ذكر لمحة خاطفة عن حياته و سيرته، ثم نعطف عنان القلم إلى
ص: 5
الإشادة بما هو المقصود بالذات من هذا التقديم، فنقول:
ولد قدّس سرّه في شهر رمضان سنة 648 ه في بيت عريق في العلم و التقوى، أخذ عن والده الفقيه المتكلم سديد الدين يوسف بن المطهّر، و عن خاله شيخ الإمامية المحقّق الحلّي (602-676 ه) الّذي كان له بمنزلة الأب الشفيق، فحظا باهتمامه و رعايته، و أخذ عنه الفقه و الأصول و سائر علوم الشريعة، و لازم الفيلسوف نصير الدين الطوسي (597-673 ه) و اشتغل عليه في العلوم العقلية و مهر فيها، و قد برع و تقدّم في العلوم الإسلامية في مقتبل عمره على العلماء الفحول، و فرغ من تصنيفاته الحكمية و الكلامية قبل أن يكمل له 26 سنة.
يعرّفه معاصره ابن داود الحلّي، و يقول: شيخ الطائفة، و علاّمة وقته، و صاحب التحقيق و التدقيق، كثير التصانيف، انتهت رئاسة الإمامية إليه في المعقول و المنقول(1).
و عرّفه ابن حجر في لسان الميزان بقوله: عالم الشيعة و إمامهم و مصنّفهم، و كان آية في الذكاء و كان مشتهر الذكر، حسن الأخلاق(2).
إلى غير ذلك من كلمات الإطراء في حقه التي لا مجال لذكر معشارها، و لنعطف عنان القلم إلى ما نحن بصدد بيانه:
قد قدّمت منذ زمن ليس ببعيد مقدّمة لأحد كتبه الكلامية ألا و هو كتاب «نهاية المرام في علم الكلام». و حينما سرحت النظر فيه ازداد إعجابي به، فأدركت انّي أمام بحر لجيٍّ بعيد الأغوار، لا يدرك ساحله، كيف، و هو في الكلام فارس
ص: 6
حلبته، و خبير خباياه و عويصات مسائله، و حلاّل عقده و غوامضه، فقد أورد في كل مسألة آراء الأوائل و الملّيين و الإسلاميين من الأشاعرة و المعتزلة و الإمامية و سائر الفرق و قارن بين المناهج الكلامية و حسم الموقف برأيه الصائب و عقله الثاقب، و قد تبلورت في هذا الكتاب شخصيته الكلامية و عقليته الفلسفية، فالكتاب عديم النظير بين سائر الموسوعات الكلامية في تبويب المواضيع و مقارنة الآراء، و القضاء الحاسم بينها، و عدم الحياد عن جادة الحق، و انصاف الخصم من نفسه و قد طبع و انتشر(1) في ثلاثة أجزاء ضخام.
و أمّا في الفقه و استنباط الأحكام الشرعية عن أدلّتها التفصيلية فواسطة عقده و مرتكز لوائه، و هو - بحق - ممّن لا يقف على ساحله أو يكتفي بظاهره، بل خاض غماره و اقتحم لجته فسبر أغواره و وقف على حقيقته.
و ها نحن الآن بصدد التقديم لكتاب فقهي له قدّس سرّه و هو كتاب «تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية» الّذي يصفه المؤلف في خلاصته بأنّه حسن جيد استخرجنا فيه فروعا لم نسبق إليها مع اختصاره. و قد حقّق الكتاب بتحقيق رائع يجاوب روح العصر، و هو على عتبة النشر.
و الكتاب واحد من مؤلفاته الكثيرة في الفقه، إذ له وراء ذلك موسوعات فقهية و كتب جامعة لعامة أبواب الفقه، منها:
1. تبصرة المتعلمين في أحكام الدين.
2. إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان.
3. قواعد الأحكام في مسائل الحلال و الحرام.
ص: 7
4. مختلف الشيعة في أحكام الشريعة.
5. تذكرة الفقهاء على تلخيص فتاوى العلماء، و ذكر قواعد الفقهاء.
6. منتهى المطلب في تحقيق المذهب.
7. نهاية الأحكام في معرفة الاحكام.
إلى غير ذلك من الكتب أو الرسائل الفقهية التي خلّفها مضافا إلى ما ألّفه في مجال أصول الفقه بين مقتضب كتهذيب الأصول، إلى مسهب كنهاية الوصول إلى علم الأصول.
و من تمعّن في هذه الكتب يجد أمامه دورات فقهية و موسوعات ضخمة قلّما يتفق لأحد أن يقوم ببعضها.
و ثمة سؤال يطرح نفسه، و هو لما ذا قام العلاّمة بهذا العبء الثقيل و ألّف كتبا فقهية مختلفة المنحى و المنهج أسفر عن اختلاف فتاواه و آرائه في كتاب بعد كتاب، فما هو السر وراء ذلك ؟
و الإجابة على هذا رهن الوقوف على الغايات التي كانت وراء تأليف تلك الكتب.
و إليك دراسة هذه الكتب على وجه الإيجاز، لتعلم الغايات المتوخاة منها، و ربما يعرب أسماؤها عن الغرض المطلوب.
هذا الكتاب دورة فقهية كاملة موجزة بدون شرح و استدلال طرح فيها
ص: 8
العلاّمة آراءه الفقهية و فتاواه في جميع الأبواب.
يقول في مقدمته: وضعناها لإرشاد المبتدءين و إفادة الطالبين مستمدين من اللّه المعونة و التوفيق، فانّه أكرم المعطين، و أجود المسئولين، و نبدأ بالأهم فالأهم.
و الكتاب لو جازته و سلاسة ألفاظه صار موضع اهتمام الفقهاء منذ عصر مؤلفه إلى يومنا هذا و تولّوه بالشرح و التعليق، و قد كان في سالف الزمان كتابا دراسيا، و ذكر شيخنا المجيز في الذريعة ما يقارب 35 شرحا و تعليقا عليه، و من أحسن الشروح إيضاحا شرح استاذنا الكبير الشيخ محمد علي التبريزي المعروف بالمدرس، و قد طبع الجزء الأوّل منه و الجزء الثاني لم ير النور، عسى اللّه أن يشحذ الهمم بغية نشر الباقي.
و هي دورة فقهية كاملة غير استدلالية للفقه الإمامي من الطهارة إلى الديات، و يعد من الكتب الفقهية المعتمد عليها.
يعرفه مؤلفه في خلاصته بأنّه حسن الترتيب(1).
و قال شيخنا الطهراني: هو من أجل كتب الفقه و أعظمها عند الشيعة، و لذلك تلقّاها علماؤهم بالشرح و التعليق عبر القرون من عصر مؤلفه إلى يومنا هذا، و قد أحصى مجموع مسائله في خمس عشرة ألف مسألة، فرغ منه سنة 676 ه أو 696.(2)
و الكتاب بالنسبة إلى ما سبقه أشبه بالمفصل إلى المجمل، فقد بسط القول
ص: 9
فيه أكثر مما ورد في الأوّل، ألّف الأوّل للمتعلمين المبتدءين ثم ألّف هذا لمن ارتقى مرتبة من العلم.
و قد ذكر شيخنا الطهراني في موسوعته أسماء 36 شرحا و تعليقة على الكتاب(1)، و أنهاها محقّق كتاب إرشاد الأذهان في تقديمه إلى 51 شرحا و تعليقة(2).
و هو من الكتب المتداولة المشهورة، و قد ذكر فيه من القواعد ما يناهز 660 قاعدة في الفقه، لخص فيه فتاواه و بيّن قواعد الأحكام، ألّفه بالتماس ولده فخر المحققين، و فرغ منه عام 693 ه أو 692 ه(3).
و ذكره في خلاصته باسمه و لم يصفه بشيء. لكن وصفه في أوّله بقوله: هذا قواعد الأحكام في معرفة الحلال و الحرام لخصت فيه لب الفتاوى خاصة، و بيّنت فيه قواعد أحكام خاصة، إجابة لالتماس أحب الناس إليّ و أعزّهم عليّ ، و هو الولد العزيز محمد الّذي أرجو من اللّه طول عمره بعدي و أن يوسدني في لحدي(4).
و في آخر الكتاب وصية قيّمة للعلاّمة يوصي بها ولده بقوله:
اعلم يا بني أعانك اللّه تعالى على طاعته... قد لخّصت لك في هذا الكتاب لب فتاوى الأحكام، و بيّنت لك قواعد شرائع الإسلام بألفاظ مختصرة و عبارات محرّرة، و أوضحت لك فيه نهج الرشاد و طريق السداد، و ذلك بعد ان بلغت من
ص: 10
العمر، الخمسين و دخلت في عشرة الستين، و قد حكم سيد البرايا بأنّها مبدأ اعتراك المنايا...(1).
و بما انّ العلاّمة من مواليد عام 648 ه، فقد بلغ الخمسين عام 698 ه، و تجاوز عنه عام 699 أو 700 ه، و بذلك يعلم ان ما ذكره شيخنا المجيز من انّه ألّف القواعد عام 693 أو 692 ه ليس بتام.
و مما يجدر ذكره هو ان براعة العلاّمة و نبوغه لم يتلخّص في الفقه و الأصول و الكلام، بل تعدّاها إلى علوم أخرى، كالرياضيات العالية التي تتجلّى مقدرته فيها بوضوح في كتابه هذا، و أخص بالذكر «كتاب الوقوف و العطايا، المطلب الثالث في الأحكام المتعلقة في الحساب»، فقد نجح إلى حد كبير في حل غوامض المسائل الرياضية الجبرية المعقدة.
و استغرقت بحوثه الرياضية أكثر من 50 صفحة بالقطع الرحلي.
و إذا عطفت النظر إلى كتاب الفرائض، فترى نظير تلك البحوث فيها.
فسبحان اللّه معطي المواهب و مفيض النعم.
ليس من اللّه بمستنكر *** أن يجمع العالم في واحد
ذكره في الخلاصة و قال: ذكرنا فيه خلاف علمائنا خاصة و حجة كل شخص و الترجيح لما يصير إليه(2).
ص: 11
و قال في مقدمته: إنّي لما وقفت على كتب أصحابنا المتقدمين رضوان اللّه عليهم، و مقالات علمائنا السابقين في علم الفقه وجدت بينهم خلافا في مسائل كثيرة متعددة، فأحببت إيراد تلك المسائل في دستور يحتوي على ما وصل إلينا من اختلافهم في الأحكام الشرعية، و المسائل الفقهية دون ما اتفقوا عليه، إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الكبير المسمى ب «منتهى المطلب في تحقيق المذهب» فانه مجمع بين مسائل الخلاف و الوفاق.
و من محاسن ذلك الكتاب انه إذا لم يجد للمخالف دليلا يحاول ان يلتمس دليلا له.
قال: ثم ان عثرنا في كل مسألة على دليل لصاحبها نقلناه و إلاّ حصّلناه بالتفكّر و أثبتناه، ثم حكمنا بينهم على طريقة الإنصاف، متجنبي البغي و الاعتساف و وسمنا كتابنا هذا بمختلف الشيعة(1).
و الكتاب دورة فقهية استدلالية من الطهارة إلى الديات، و من مزاياه انّه حفظ آثار علمائنا السابقين، أمثال: ابن الجنيد، و ابن أبي عقيل، و الصدوق الأوّل و غيرهم و لولاه لاندثرت آثارهم.
و قد شرع في تأليفه قبل سنة 699 ه، و انتهى منه في الخامس عشر من ذي القعدة في ثمان و سبعمائة، أي قبل وفاته بثمانية عشر سنة.
و من فوائد هذا الكتاب العلم بالمسائل الخلافية و تميزها عن المجمع عليها، فربما يدعى الإجماع في مسألة، و لها مخالف أو مخالفان يعلم من الرجوع إلى ذلك الكتاب.
ص: 12
و هي موسوعة فقهية استدلالية كبيرة يذكر فيها أقوال الفقهاء من الشيعة و السنة، و يذكر دليل كل قول و يناقشه، و ربما يحاول ان يذكر للمخالف دليلا من جانبه ثم يجيب عنه، و هو تراث علمي قيم.
و إليك بعض ميزاته
أ - أثبت في تأليفه هذا انّ الفقه الإمامي الذي يرفض العمل بالقياس و الاستحسان قادر على الإجابة على المسائل الفقهية عامة مستمدا من الأدلّة الأربعة: الكتاب، و السنّة، و الإجماع، و العقل.
يقول العلاّمة في مقدمة الكتاب: و قد عزمنا على تلخيص فتاوى العلماء و ذكر قواعد الفقهاء على أحق الطرائق و أوثقها برهانا و أصدق الأقاويل و أوضحها بيانا، و هي طريقة الإمامية الآخذين دينهم من الوحي و العلم الرباني، لا بالرأي و القياس، و لا باجتهاد الناس، على سبيل الإيجاز و الاختصار و ترك الإطالة و الإكثار.
ب - انّه يقارن الأقوال بعضها ببعض و يحاكم بينها باسلوب متين، و يشير إلى ذلك في مقدمة الكتاب بقوله: أشرنا في كل مسألة إلى الخلاف، و اعتمدنا في المحاكمة بينهم طريق الإنصاف.(1)
ج - انّه ألّف بصورة الفقه المقارن، و المراد منه جمع الآراء الفقهية المختلفة و تقييمها و الموازنة بينها بالتماس أدلّتها و ترجيح بعضها على بعض، و هذا هو
ص: 13
المسمّى عند القدماء بعلم الخلاف.
فالمؤلف في هذا الصدد يجعل نفسه مسئولا عن فحص جميع الأدلّة و القضاء بينها و اختيار أتقنها و أوثقها بالقواعد و هو ليس أمرا سهلا، و للفقه المقارن فوائد جمة يذكرها السيد محمد تقي الحكيم حيث يقول:
أ - محاولة البلوغ إلى واقع الفقه الإسلامي من أيسر طرقه و أسلمها، و هي لا تتضح عادة إلاّ بعد عرض مختلف و جهات النظر فيها و تقييمها على أساس موضوعي.
ب - العمل على تطوير الدراسات الفقهية و الأصولية و الاستفادة من نتائج التلاقح الفكري في أوسع نطاق لتحقيق هذا الهدف.
ج - ثماره في إشاعة الروح الرياضية بين الباحثين، و محاولة القضاء على مختلف النزعات العاطفية و إبعادها عن مجالات البحث العلمي.
د - تقريب شقة الخلاف بين المسلمين، و الحد من تأثير العوامل المفرّقة التي كان من أهمها و أقواها جهل علماء بعض المذاهب بأسس و ركائز البعض الآخر، ممّا ترك المجال مفتوحا أمام تسرّب الدعوات المغرضة في تشويه مفاهيم بعضهم و التقوّل عليهم بما لا يؤمنون به.(1)
و الموجود بين أيدينا من الكتاب ينتهي إلى أواخر كتاب النكاح، إلاّ أنّ ثمة شواهد تشير إلى أنّ المؤلف انتهى في كتابته إلى أكثر من ذلك:
أوّلا: إنّ ولده فخر المحقّقين يقول في كتابه «إيضاح الفوائد في شرح القواعد»
ص: 14
في آخر شرحه لإرث الزوج: قد حقّق والدي هذه المسألة و أقوالها و أدلّتها في كتاب التذكرة(1).
و ثانيا: انّه فرغ من كتاب النكاح سنة 720 ه بالحلة، فقد عاش بعده حوالي ست سنين، و من البعيد ان يهمل إنهاء ذلك الكتاب الّذي يعد من ثمرات عمره اليانعة(2).
و في الختام أود أن أشير إلى ما جاء في مجلة رسالة الإسلام لدار التقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة حول هذا الكتاب و الإشادة به حيث يقول:
من ذخائر الفكر الإسلامي كتاب تذكرة الفقهاء للشيخ العلاّمة الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلّي، هذا كتاب من أنفس كتب الفقه الاستدلالي المقارن، و قد جرت عادة المؤلّفين في الفقه المقارن من علماء السنة أن يعرضوا للمذاهب الأربعة متحدّثين عن آراء علمائها، و عن أدلّتهم دون أن يخرجوا عن نطاقها فيعرضوا للمذاهب الأخرى لا سيما مذهب الشيعة الإمامية.
و قد أوحى ذلك إلى كثير من طلاب العلم و أساتذة الفقه بمعنى فيه ظلم كثير للفقه الإمامي، و هو ان هذا الفقه ليس كفقه السنة استيعابا و استنباطا و دقة نظر، و انّه لا يستند إلى أدلّة يمكن مناقشتها و مقارنتها.
و لما اتسع نطاق الفقه المقارن في كلية الشريعة و أصبح حتما على الأساتذة و الطلاب ان يعرفوا رأي الإمامية في مسائل المقارنة و ان يوازنوا بين أدلّتهم و أدلّة غيرهم من أهل المذاهب الفقهية، كانوا يجدون كثيرا من الصعوبات في الرجوع
ص: 15
إلى مصادر هذا الفقه الإمامي، و إذا عثروا على مرجع من هذه المراجع وجدوه مطبوعا طبعا حجريا على نحو غير مألوف عندنا في مصر، فلم يستطيعوا الإفادة منه على الوجه الذي ينبغي.
إلى أن قال: و كنت أعرف كتاب تذكرة الفقهاء للشيخ الحلّي و هو المعروف بالشيخ العلاّمة، و له مؤلّفات كثيرة غير هذا المؤلّف، و لكن تذكرة الفقهاء بين أيدينا، و لكنه رهين محبسين: محبس من عدم معرفة علماء السنة به و عدم اطّلاعهم عليه إلاّ قليلا منهم، و محبس من هذه الطبعة الحجرية الضيقة التي تجعله بعيدا عن متناول الذين يهتمون بالفقه و دراسته و أصوله المحررة.
و لذلك تمنيت لو انّ هذا الكتاب طبع طبعة حديثة حتّى يمكن لعلماء الأزهر و غيرهم أن يقرؤه، اذا لوجدوا فيه علما غزيرا، و خيرا كثيرا، و لاستطاعوا ان يملئوا جو المقارنة الفقهية بما يذكره من آراء و أدلة، و لعرفوا انّ هناك فقها لا يقل في مستواه العلمي و الفكري عن فقههم، و لما بقي في بعضهم أثر من الرغبة عن هذا الفقه استهانة به أو تعصبا عليه.
ثم إنّ صاحب المقال أخذ شيئا من كتاب النكاح فطبعه في آخر مقاله، يبلغ عدد صفحاته قرابة 31 صفحة، و بذلك حاول أن يلفت نظر الفقهاء في الأزهر و غيره إلى هذا الكتاب الثمين و ما فيه من مادة فقهية قلّما يتفق في غيره(1).
و نحن نزفّ البشرى إلى صاحب المقال، و هي انّ الكتاب قد طبع طبعة أنيقة رشيقة محققة مع تخريج مصادر الروايات و الأقوال بشكل مثير للإعجاب، و قد قام بهذا العبء الثقيل مؤسسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث، و قد خرج منه
ص: 16
لحد الآن ثمانية أجزاء و الباقي قيد الطبع.
و الحق انّ أغلب التراث الفقهي للشيعة الإمامية رهين محبسين: عدم اطّلاع علماء السنة عليه، و رداءة طبعه بل لم يزل الكثير منها مخبوءا لم ير النور.
و هو كتاب ضخم يتسم بطابعين: «الاستدلال» و «المقارنة» و هو نظير «التذكرة» و لكن اوسع و أشمل منه، و لذلك يصفه العلاّمة في بعض الموارد بقوله ينتهي بانتهاء عمرنا.
و يصفه في الخلاصة: بقوله: لم يعمل مثله، ذكرنا فيه جميع مذاهب المسلمين في الفقه، رجحنا ما نعتقده، بعد إبطال حجج من خالفنا فيه، يتم ان شاء اللّه تعالى عملنا منه إلى هذا التاريخ، و هو شهر ربيع الآخر سنة ثلاث و تسعين و ستمائة سبع مجلدات(1).
و يصفه في مقدمة الكتاب بقوله: أحببنا أن نكتب دستورا في هذا الفن (الفقه) يحتوي على مقاصده، و يشتمل على فوائده على وجه الإيجاز و الاختصار، مجتنبين الإطالة و الإكثار مع ذكر الخلاف الواقع بين أصحابنا، و الإشارة إلى مذاهب المخالفين المشهورين، مع ذكر ما يمكن ان يكون حجة لكل فريق على وجه التحقيق، و قد وسمناه ب «منتهى المطلب في تحقيق المذهب» و نرجو من لطف اللّه تعالى أن يكون هذا الكتاب بعد التوفيق لإكماله أنفع من غيره(2).
و على ضوء ذلك فقد حاز العلاّمة الحلّي قصب السبق على غيره في تطوير
ص: 17
الفقه المقارن، فتارة ألّف كتابا لبيان الخلافات في الفقه الإمامي و قارن الأقوال بعضها ببعض مثل المختلف، و أخرى لبيان الخلافات بين المذاهب الإسلامية سنّية و شيعية، بين مقتضب كالتذكرة، و مسهب كالمنتهى.
و هذا النوع من الفقه المقارن من خصائصه و لم يسبقه أحد قبله.
نعم، قام غير واحد من مشايخ الشيعة بتصنيف كتب في الفقه المقارن على النمط الثاني كالانتصار للسيد المرتضى (355-436 ه) و الخلاف للشيخ الطوسي (385-460 ه) و الكتاب يعدّ من ذخائر التراث الفقهي الإسلامي، و قد طبع في جزءين كبيرين بالطبعة الحجرية ينتهي الجزء الأوّل إلى آخر الصلاة، و الجزء الثاني إلى آخر الحج.
و قال في إجازته للسيد مهنا بن سنان بن عبد الوهاب الإمامي المدني قاضي المدينة المتوفّى عام 754 ه، قال: كتاب منتهى المطلب خرج منه العبادات سبع مجلدات(1).
إنّه قدّس سرّه يشير إلى الفرق بين التذكرة و المنتهى في نهاية كتاب تحرير الأحكام الذي سيأتي الكلام فيه.
يقول في نهاية هذا الكتاب: «هذا آخر ما أفدناه في هذا الكتاب، و هو قيّم يعرض طالب التوسط في هذا الفن، و من أراد الإطالة فعليه بكتابنا الموسوم ب «تذكرة الفقهاء» الجامع لأصول المسائل و فروعها مع إشارة وجيزة إلى وجوهها و ذكر الخلاف الواقع بين العلماء و إيراد ما بلغنا من كلام الفضلاء.
ص: 18
و من أراد الغاية و قصد النهاية فعليه بكتابنا الموسوم ب «منتهى المطلب في تحقيق المذهب «و اللّه الموفق للصواب منه المبدأ و إليه المعاد»(1).
و قد قام بتحقيقه و إخراجه في حلة قشيبة قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلامية بمشهد الرضا عليه السّلام و خرج منه إلى الآن خمسة أجزاء.
كتاب يحتوي على جلّ المسائل الفرعية الفقهية مع الإشارة إلى الدلائل بعبارة موجزة.
يعرّفه العلاّمة في مقدمة الكتاب بقوله: لخصت فيه فتاوى الإمامية على وجه الإيجاز و أشرت فيه إلى العلل مع حذف الإطالة و الإكثار.
و خرج منه كتاب: الطهارة، الصلاة، الزكاة، البيع إلى آخر الصرف.
و قد فرغ من كتاب الصلاة في شهر شعبان من شهور سنة 705 ه و قد طبع في جزءين بتحقيق السيد مهدي الرجائي (حفظه اللّه) و هو ممّن وقف عمره في إحياء التراث و نشر مآثر الشيعة.
و الفرق بينها و بين التحرير طفيف جدا، فالإشارة إلى الدليل فيه أكثر من التحرير لكن الثاني يفوق عليه بجودة الترتيب و التخريج. و اشتماله على تمام الكتب الفقهيّة.
ص: 19
و ها نحن الآن بصدد استعراض كتاب فقهي آخر و هو كتاب تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الامامية.
و قد عرّفه العلاّمة في مقدمة الكتاب بقوله: جمعنا فيه معظم المسائل الفقهية و أوردنا فيه أكثر المطالب الشرعية الفرعية من غير تطويل بذكر حجة و دليل، إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الموسوم ب «منتهى المطلب في تحقيق المذهب» فانّه قد شمل المسائل أصولها و فروعها و ذكر الخلاف الواقع بين المسلمين إلاّ ما شذ، و استدلال كل فريق على مذهبه مع تصحيح الحق و إبطال الباطل و انّما اقتصرنا في هذا الكتاب على مجرد الفتاوى لا غير(1).
و عرّفه في الخلاصة بقوله: حسن جيد، استخرجنا فيه فروعا لم نسبق إليها مع اختصاره(2).
و قال شيخنا المجيز: اقتصر فيه على مجرد الفتوى و ترك الاستدلال، لكنه استوعب الفروع و الجزئيات حتّى أنّه أحصيت مسائله فبلغت أربعين ألف مسألة(3)رتّبها على ترتيب كتب الفقه في أربع قواعد: العبادات، و المعاملات، و الإيقاعات، و الأحكام؛ باديا بمقدمة ذات مباحث في معنى الفقه و فضله و آدابه و معرفته و عدم كتمانه. ثم ذكر النسخ الموجودة منه في المكتبات.(4)
ص: 20
لقد تألّق نجم المذاهب الأربعة منذ منتصف القرن الرابع، فسرت روح التقليد للأئمة الأربعة سريانا عاما اشترك فيه العلماء و جمهور الناس.
لقد تلقّى الجمهور تلك المذاهب تراثا إسلاميا بلغ من القداسة كأنّها وحي من اللّه لا يمكن النقاش فيها و لا يجوز الخروج عن إطارها، فأصبحت نصوص الأئمة الأربعة كالوحي المنزل يجب استفراغ الوسع في فهم كلامهم و مؤدّى لفظهم، و قد خلّف ذلك مضاعفات حالت دون تكامل الفقه، منها:
أ - نشوء روح التقليد بين فقهاء تلك الأعصار و التعصّب لمذهب الأسلاف.
ب - كثرة التخريج و التفريع و الترجيح بين فقهاء المذاهب، فانّهم بدل أن يبذلوا جهودهم في فهم الكتاب و السنّة، انصبت جهودهم في استنباط الفروع من الأصول الثابتة عند أئمة المذاهب، و لأجل ذلك كثر التأليف و التصنيف في هذه العصور و أكثرها يحمل طابع التخريج و التفريع.
انّ باب الاجتهاد و ان اقفل في هذه الفترة لكن نشط الاجتهاد في إطار مذهب معين. فلذلك بدأ التخريج و التفريع في مسائل كثيرة فلم يكن لأئمتهم فيها نص، و بذلك ألفت كتب في هذا المضمار، أي استنتاج الفروع من الأصول و ما لا نص فيه من أئمتهم عما فيه نص منهم.
و هذا نوع من الاجتهاد المحدّد بمذهب خاص، و قد نشأ العلاّمة في هذه الأجواء التي تطلب لنفسها التخريج و التفريع، فشمّر عن ساعد الجد و ألّف كتاب «تحرير الأحكام الشرعيّة» لتلك الغاية، و لو صح ما نقله شيخنا المجيز عن بلوغ
ص: 21
مسائله إلى أربعين ألف، فقد تحمل عبئا ثقيلا في جمع تلك الفروع في الأبواب الفقهية المختلفة و عرضها على الأدلّة و استخراج حكمها منها و ليست تلك المحاولة جديدة من نوعها، فقد سبقه فيها الشيخ الطوسي بتأليفه كتاب « المبسوط» و كانت الغاية من تأليفه هو الإجابة على الفروع التي لا نص فيها مستخرجا أحكامها مما نص فيه، يقول:
فإنّي لا أزال أسمع معاشر مخالفينا من المتفقّه و المنتسبين إلى علم الفروع يستحقرون فقه أصحابنا الإمامية و يستنزرونه و ينسبونهم إلى قلّة الفروع و قلّة المسائل، و انّ من ينفي القياس و الاجتهاد لا طريق له إلى كثرة المسائل و لا التفريع على الأصول، لأنّ جلّ ذلك مأخوذ من هذين الطريقين.
ثم ردّ على وجهة النظر تلك بقوله: إنّ جلّ ما ذكروه من المسائل موجود في أخبارنا و منصوص عليه تلويحا عن أئمتنا الذين قولهم في الحجة يجري مجرى قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم إمّا خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا(1).
و التخريج في الفقه الإمامي يختلف عن التخريج في فقه المذاهب الأربعة، فإنّ التخريج هناك على ضوء النصوص الموروثة عن أئمتهم التي لا تتجاوز عن كونها فتاوى فقهية لهم مستنبطة غالبا من الأساليب الظنية.
و أمّا التخريج في الفقه الإمامي فهو تابع لضوابط معينة، إذ يستخرج حكم الفروع من الأصول المنصوصة إمّا خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا كما صرّح به الشيخ.
فالاجتهاد عند السنّة في هذا المجال، اجتهاد شخصي في فهم كلام إمام
ص: 22
المذهب، و لكن الاجتهاد في الفقه الإمامي اجتهاد في فهم النصوص الشرعية الواردة من النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و آله المعصومين الذين تجري أقوالهم مجرى قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم لحديث الثقلين.
هذه هي الكتب الفقهية الثمانية المعروفة للعلاّمة الحلّي المنتشرة على نطاق واسع، و له كتب فقهية أخرى غير مشهورة، و انّ قسما منها لم ير النور.
من استعرض فتاوى العلاّمة الحلّي في كتبه الفقهية ربما يقف على آراء مختلفة له في مسألة واحدة في مختلف الكتب، و قد أثارت هذه المسألة العديد من التساؤلات.
فربما يفسر اختلاف فتاواه بحرصه على التأليف و استعجاله في التصنيف، و انّه كان يكتب كل ما يرتسم في ذهنه بلا مراجعة إلى أقواله المتقدمة، أو انّه كان لا يفحص في الأحاديث و الأدلّة حق الفحص. فبدا له التجدّد في الرأي و التلوّن في الاجتهاد(1).
و قريب منه ما ذكره المحدّث البحراني في لؤلؤة البحرين(2).
و ربما يجاب عن الإشكال:
بأنّ فتاوى العلاّمة كانت في متناول فقهاء عصره الذين بلغ عددهم في الحلّة إلى 440 مجتهدا(3).
ص: 23
فقد كانت تنهال عليه مناقشات العلماء و المجتهدين فيما أفتى به و ذهب إليه فكان رضى اللّه عنه ينظر فيها و يبحثها معهم، فإن لم يقتنع بها ردّها، و إن رآها سديدة قبلها برحابة صدر، و غيّر فتواه(1).
و هذا النوع من الدفاع و إن كان صحيحا إجمالا و لا يختص هذا بالعلاّمة و عصره، فانّ تغيير الفتاوى لأجل مناقشات المعاصرين ليس أمرا جديدا، لكن تبرير هذا النوع من الاختلاف الشاسع عن هذا الطريق غير كاف، إذ لو كان هذا هو السبب الرئيسي لأشار إليه العلاّمة في طيات كتبه، و انّه رجع عمّا كان يراه فيما سبق لأجل هذه المناقشة، و لكن صياغة كتبه تأبى عن ذلك التبرير فيجب التماس وجه آخر.
و هو انّ العلاّمة الحلّي قد عاش في عصر ازدهرت فيه عملية التخريج و التفريع، و كانت له صلة وثيقة بفقهاء كلا الفريقين طوال ستين سنة، و كان ذا ذكاء خارق و ذهن ثاقب، و آية في الدقة و التحقيق، فمثل هذا الفقيه الذي هو في خضمّ الاحتكاكات الفقهية من جانب و كثرة أسفاره و لقائه بعلماء كلا الفريقين أتاح له الفرصة في خلق أفكار فقهية جديدة حسب ما يوحي إليه فهمه الخلاق، و ليس هذا بعزيز.
فهذا هو محمد بن إدريس الشافعي (150-204 ه) قد خلف فتاوى قديمة و فتاوى جديدة، فلما غادر من الحجاز إلى العراق و مكث فيه سنين طوال كانت له آراء، فلما هبط مصر بدت له فتاوى أخرى غير تلك الفتاوى القديمة، و صارت معروفة بالفتاوى الجديدة.
فمثير هذه الشبه انطلق من جمود فكري و عدم معرفة كاملة بواقع الفقه، و لو
ص: 24
كان من فرسان هذه الحلبة لسهل له هذا الأمر و لم ينقم على العلاّمة كثرة فتاواه.
إلى هنا تم ما كنّا نرمي إليه من التقديم:
و قد آن لنا تثمين جهود محقّق الكتاب اعني العلاّمة «الشيخ إبراهيم البهادري» على ما بذله من جهود مضنية في تقويم نص الكتاب و استخراج مراجع الأقوال و مصادر الروايات بأمانة و دقة كما هو دأبه في تحقيقاته السابقة التي أثرى بها المكتبة الإسلامية من خلال إحياء التراث الإسلامي، و قد صدر له تحقيق الكتب التالية:
1. الاحتجاج: لشيخنا أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي.
2. إصباح الشيعة: للفقيه الأقدم قطب الدين البيهقي الكيدري.
3. إشارة السبق: تأليف الشيخ علاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضل، المعروف بالحلبي.
4. جواهر الفقه: للقاضي ابن البراج.
5. الرسائل الاعتقادية: للشيخ الطوسي.
6. عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار علي بن أبي طالب عليه السّلام:
لابن البطريق.
7. غنية النزوع إلى علمي الأصول و الفروع: لابن زهرة الحلبي في جزءين.
8. المسائل الميافارقية: للسيد الشريف المرتضى.
مضافا إلى هذا الكتاب الماثل بين يديك و الذي يزفّه الطبع إلى القرّاء
ص: 25
الكرام، و الكتاب بإذنه سبحانه يخرج في ستة أجزاء، و يأتي في نهاية الجزء السادس فهرس الآيات و الروايات و الأعلام و الأماكن... و ها نحن نحيل عنان القلم إلى المحقّق كي يوضح لنا منهجية التحقيق و كيفيته.
1. قد قمنا بتقويم النص و تصحيحه بمقابلة الكتاب على نسختين: إحداهما مطبوعة، و الأخرى مخطوطة.
أمّا المطبوعة فهي النسخة الرائجة التي طبعت عام 1314 ه ق في جزءين و طبعت في مجلد واحد، و هي نسخة كاملة و رمزنا إليها بحرف «أ».
و أمّا المخطوطة فهي النسخة الموجودة في مكتبة السيد المرعشي العامة و الظاهر انّ النسخة استنسخت عن خط المؤلف كما استظهره المحقّق السيد الاشكوري (حفظه اللّه). و حكى الكاتب في الصفحة الأولى إجازة العلاّمة لجمال الدين مظفر بن منصور المخلص الأنباري.
تقع النسخة في 431 صفحة في 29 سطرا، طولها 23 سم و عرضها 15 سم.
و هي نسخة كاملة مصححة. و رمزنا إليها بحرف «ب». و أثبتنا ما هو الصحيح و لم نذكر من اختلاف النسختين إلاّ المهمّ . و قد سجّلت خصوصيات النسخة في فهرس المكتبة.
2. لم نقتصر في تقويم النص على النسختين، بل رجعنا إلى التذكرة و المنتهى للمؤلّف، فإنّ مادة الكتاب تستقي من هذين الكتابين في أكثر المواضع، كما رجعنا
ص: 26
إلى الخلاف و المبسوط للشيخ الطوسي، و إلى المغني لابن قدامة و غيرها.
3. تخريج الآيات و الروايات و الأقوال المنقولة من المصادر الأصلية.
4. تفسير اللغات المشكلة و إيضاح المراد من العبارة فيما احتاج إليه.
5. تبديل الترتيب الأبجدي للمسائل التي وضعها المؤلف بالترتيب العددي لسهولته، و هذا النوع من التصرف قد حدت الضرورة إليه لأجل عدم استيناس الجيل الحاضر به.
كما لا يفوتني أن أعبر عن شكري و امتناني الجزيل إلى سماحة آية اللّه جعفر السبحاني لما هيّأ لي من أسباب التحقيق كما هو دأبه مع أكثر المحققين في مؤسسة الإمام الصادق عليه السّلام، و قد أشرف على عملي و تحقيقي و أفادني في هذا المضمار.
هذا كلام محققنا، فهاك نسخة صحيحة لا تجد فيها أمتا و لا عوجا، و هي حصيلة جهود سنين طوال.
فها نحن نثمن الجهود التي بذلها شيخنا المحقّق في إحياء هذا السفر الجليل الذي كان رهين محبس رداءة الطبعة التي كانت تعيق مطالعته و مدارسته في أحيان كثيرة، فحيا اللّه شيخنا المحقّق و بيّاه و جعله خادما لفقه آل البيت عليهم السّلام طيلة عمره، و جزاه اللّه في الدنيا و الآخرة خير الجزاء و أدام عمره بفضل منه.
جعفر السبحاني
قم المشرّفة
ص: 27
ص: 28
بِسْمِ اللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ الحمد للّه المتقدّس بكماله عن مشابهة المخلوقات، المتنزّه بعلوّه عن مشاركة الممكنات، القادر على إيجاد الموجودات، العالم بكل المعلومات، المتفرّد بوجوب الوجود في ذاته، المتوحّد بالاستغناء عن غيره في ماهيّته و صفاته، المنعم على عباده بإرسال الأنبياء لتعليم الشرائع و الأديان، المكمّل إنعامه بالتكليف الباقي ببقاء نوع الإنسان، ليرتقي بطاعته إلى أعلى الدرجات، و لينال بامتثال أوامره ما أعدّ له من الحسنات.
و صلّى اللّه على أشرف البشر محمد المشفع في يوم المحشر(1)، و على آله الأبرار، صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الأعصار.
أمّا بعد: فانّ هذا الكتاب الموسوم ب «تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية»، قد جمعنا فيه معظم المسائل الفقهيّة، و أوردنا فيه أكثر المطالب
ص: 29
التكليفية الشرعيّة الفرعيّة، من غير تطويل بذكر حجّة و دليل، إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الموسوم ب «منتهى المطلب في تحقيق المذهب» فانّه قد شمل المسائل أصولها و فروعها، و ذكر الخلاف الواقع بين المسلمين - إلاّ ما شذّ - و استدلال كل فريق على مذهبه مع تصحيح الحقّ و إبطال الباطل.
و انّما اقتصرنا في هذا الكتاب على مجرّد الفتاوى لا غير، مستعينين باللّه تعالى فانّه الموفّق لكلّ خير، و هو حسبنا و نعم الوكيل، و رتّبناه على مقدمة و قواعد.
ص: 30
ففيها مباحث:(1)
المستدلّ على أعيانها، بحيث لا يعلم كونها من الدين ضرورة، فخرج العلم بالذوات و الأحكام العقلية (و النقلية)(2) و التقليديّة و علم واجب الوجود و الملائكة و أصول الشريعة.
و لا يرد إطلاق الفقيه على العالم بالبعض، و كون الفقه مظنونا، لأنّ المراد بالعلم الاستعداد التام المستند إلى أصول معلومة، و ظنّيّة الطريق لا تنافي علميّة الحكم.
و مرتبته بعد علم الكلام و اللغة و النحو و التصريف و الأصول.
و فائدته نيل السعادة الأخرويّة، و تعليم العامة نظام المعاش(1) في المنافع الدنيويّة.
و موضوعه أفعال المكلّفين من حيث الاقتضاء أو التخيير.
و مباديه من الكلام و الأصول و اللغة و النحو و القرآن و السنّة.
و مسائله المطالب المستدلّ عليها فيه.
و هو معلوم بالضرورة، قال تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَعْلَمُونَ (2) و قال تعالى: إِنَّمٰا يَخْشَى اَللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ اَلْعُلَمٰاءُ (3).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «يا علي نوم العالم أفضل من عبادة العابد، يا علي ركعتين يصلّيهما العالم أفضل من ألف ركعة يصلّيها العابد»(4).
«يا علي لا فقر أشدّ من الجهل، و لا عبادة مثل التفكر»(5).
و عن الصادق عليه السّلام انّه قال: «إذا كان يوم القيامة جمع اللّه النّاس في صعيد واحد، و وضعت الموازين، فيوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء»(6).
ص: 32
و قال عليه السّلام: «العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا يزيده سرعة السير من الطريق إلاّ بعدا»(1).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «الأنبياء قادة، و العلماء سادة، و مجالستهم عبادة»(2).
و قال: «النظر إلى وجه العالم عبادة»(3).
و قال: «اللّهم ارحم خلفائي، قيل: يا رسول اللّه! و من خلفاؤك ؟ قال: الذين يأتون من بعدي يروون حديثي و سنتي(4)، و من أكرم فقيها مسلما لقى اللّه يوم القيامة و هو عنه راض»(5).
الفصل الأوّل(6)و يحرم كتمان العلم و الفقه،
قال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلْنٰا مِنَ اَلْبَيِّنٰاتِ وَ اَلْهُدىٰ مِنْ بَعْدِ مٰا بَيَّنّٰاهُ لِلنّٰاسِ فِي اَلْكِتٰابِ أُولٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اَللّٰهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اَللاّٰعِنُونَ (7).
و قال: إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلَ اَللّٰهُ مِنَ اَلْكِتٰابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً
ص: 33
أُولٰئِكَ مٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ اَلنّٰارَ (1) .
و قال عليه السّلام: «من كتم علما ألجمه اللّه يوم القيامة بلجام من نار»(2).
و قال عليه السّلام: «إذا ظهرت البدع في أمّتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة اللّه»(3).
و روي عن زين العابدين عليه السّلام أنّه قال: «حقّ العالم التعظيم له، و التوقير لمجلسه، و حسن الاستماع إليه، و الإقبال عليه، و ان لا ترفع عليه صوتك، و لا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتّى يكون هو الّذي يجيب، و لا تحدّث في مجلسه أحدا، و لا تغتاب عنده أحدا، و أن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، و ان تستر عيوبه، و تظهر مناقبه، و لا تجالس له عدوّا، و لا تعادي له وليّا، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة اللّه بأنّك قصدته، و تعلّمت علمه للّه جل اسمه، لا للناس.
و أمّا حقّ رعيتك بالعلم، بأن تعلم أنّ اللّه عزّ و علا انّما جعلك قيّما لهم فيما أتاك من العلم، و فتح لك من خزائنه، فإن أحسنت في تعليم الناس، و لم تخرق بهم و لم تضجر عليهم، زادك اللّه من فضله، و إن أنت منعت الناس علمك، أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك، كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يسلبك العلم و بهاءه، و يسقط من القلوب محلّك».(4)
ص: 34
و يستحب طلب العلم، و يجب على الكفاية، لقوله عليه السّلام: «طلب العلم فريضة»(1).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم ألا إنّ اللّه يحب بغاة العلم»(2).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «لا خير في العيش إلاّ لرجلين: عالم مطاع أو مستمع واع»(3).
و قال عليه السّلام: «من سلك طريقا يطلب فيه علما، سلك اللّه به طريقا إلى الجنة، و انّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به، و انّه يستغفر لطالب العلم من في السماوات(4) و من في الأرض حتى الحوت في البحر، و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، و انّ العلماء ورثة الأنبياء، لأنّ الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما و لكن ورّثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر»(5).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «نعم وزير الإيمان العلم، و نعم وزير العلم الحلم، و نعم وزير الحلم الرفق، و نعم وزير الرفق العزة»(6).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «طالب العلم يستغفر له حيتان البحر و طيور الهواء»(7).
ص: 35
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «اغد عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبّا لهم و لا تكن الخامس فتهلك»(1).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من خرج من بيته يلتمس بابا من العلم لينتفع قلبه و يعلمه غيره، كتب اللّه له بكل خطوة عبادة ألف سنة صيامها و قيامها، و حفّته الملائكة بأجنحتها، و صلّى عليه طيور السماء و حيتان البحر و دوابّ البرّ، و أنزله اللّه بمنزلة سبعين صدّيقا، و كان خيرا له ان لو كانت الدنيا كلها له، فجعلها في الآخرة»(2).
يحرم الإفتاء بغير علم، و كذا الحكم، قال تعالى: وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اَللّٰهِ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ (3).
قال تعالى: وَ لاٰ تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ (4).
و قال تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اَللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ اَلْكٰافِرُونَ (5).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من عمل بالمقاييس فقد هلك و أهلك، و من أفتى الناس و هو لا يعلم الناسخ من المنسوخ و المحكم من المتشابه فقد هلك و أهلك»(6).
ص: 36
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح»(1).
و يجب على العالم العمل، كما يجب على غيره، لكنّه في حقّ العالم آكد، و لهذا جعل اللّه ثواب المطيعات و عقاب العاصيات من نساء النبي عليه السّلام ضعف ما جعل لغيرهن(2) لقربهن من الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم و استفادتهن العلم.
و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه حدث عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: «العلماء رجلان: رجل عالم أخذ بعلمه فهذا ناج، و رجل تارك لعلمه فهذا هالك، و انّ أهل النار ليتأذّون من ريح العالم التارك لعلمه، و انّ أشد أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى اللّه سبحانه فاستجاب له، و قبل منه فأطاع اللّه، فأدخله الجنة، و أدخل الداعي إلى النار بتركه علمه»(3).
و قال عليه السّلام: «انّ أخوف ما أخاف خصلتان: اتّباع الهوى و طول الأمل؛ أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحق، و أمّا طول الأمل فينسي الآخرة»(4).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا. قيل: يا رسول اللّه
ص: 37
و ما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتّباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم»(1).
و العلم من أشرف الكيفيات النفسانية و أعظمها، به يتميز الإنسان عن غيره(2) من الحيوانات، و به يشارك اللّه تعالى في أكمل صفاته، و طلبه واجب على الكفاية. و مستحب على الأعيان على ما بيّنّاه. و هو أفضل من العبادة، فيجب على طالبه أن يخلص للّه تعالى في طلبه، و يتقرب به إليه، لا يطلب به الرياء و الدنيا، بل وجه اللّه تعالى.
فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «منهومان لا يشبعان: طالب دنيا و طالب علم، فمن اقتصر من الدّنيا على ما أحلّ اللّه له سلم، و من تناولها من غير حلّها هلك، إلاّ أن يتوب أو يراجع، و من أخذ العلم من أهله و عمل بعلمه نجا، و من أراد به الدنيا فهو حظه»(3).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل»(4).
ص: 38
و لكلّ علم أسرار لا يطلع عليها من الكتب، فيجب أخذه من العلماء، و لهذا قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «خذ العلم من أفواه الرجال» و نهى عن الأخذ ممّن أخذ علمه من الدفاتر، فقال(1): «لا يغرّنكم الصحفيون»(2) و أمر عليه السّلام بالمحادثة في العلم و المباحثة فأنها تفيد النفس استعدادا تامّا لتحصيل المطالب و استخراج المجهولات.
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «تذاكروا و تلاقوا و تحدّثوا، فانّ الحديث جلاء القلوب، لأنّ القلوب(3) لترين كما يرين السيف و جلاؤه(4) الحديث»(5).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «إنّ اللّه عزّ و علا يقول تذاكر العلم بين عبادي ممّا تحيى عليه القلوب الميتة، ان هم انتهوا فيه إلى امرئ»(6).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «قال الحواريّون لعيسى عليه السّلام: يا روح اللّه! من نجالس ؟ قال: من يذكّركم اللّه رؤيته، و يزيد في علمكم منطقه، و يرغبكم في الآخرة عمله»(7).
ص: 39
و أفضل العلم بعد المعرفة باللّه تعالى علم الفقه، فإنّه الناظم لأمور المعاش و المعاد، و به يتم كمال نوع الإنسان، و هو الكاسب لكيفيّة شرع اللّه تعالى، و به يحصل المعرفة بأوامر اللّه تعالى و نواهيه الّتي هي سبب النجاة، و بها يستحق الثواب، فهو أفضل من غيره.
و روي عن الكاظم عليه السّلام قال: «دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم المسجد، فإذا جماعة قد طافوا برجل، فقال: ما هذا؟ فقيل: علاّمة. قال(1): و ما العلاّمة ؟ فقالوا: إنّه أعلم الناس بأنساب العرب و وقائعها و أيام الجاهلية و الأشعار العربية قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: ذاك علم لا يضر من جهله و لا ينفع من علمه، ثم قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: إنّما العلم ثلاثة: علم آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنّة قائمة، و ما خلاهنّ فهو فضل»(2).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من أراد اللّه به خيرا يفقّهه في الدين»(3).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من حفظ من أمّتي أربعين حديثا ينتفعون به بعثه اللّه يوم القيامة فقيها عالما»(4)
و لنقتصر من المقدمة على هذا.
ص: 40
و هي كتب
ص: 41
ص: 42
و فيه مقدّمة و مقاصد
ففيها أبحاث:
و في الشرع ما له صلاحية التأثير في استباحة الصلاة من الوضوء و الغسل و التيمم. و هي أقسامها.
لوجوب فعلها المتوقف عليه، و هو معلوم بالضرورة من دين النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم.
فالوضوء يجب للصلاة و الطّواف الواجبين، و لمسّ كتابة القرآن إن وجب، و يستحب لمندوبي الأوّلين، و لدخول المساجد، و قراءة القرآن و الكون على طهارة، و التجديد، و حمل المصحف، و النوم، و صلاة الجنازة، و السّعي في الحاجة، و زيارة المقابر، و نوم المجنب(1) و جماع المحتلم، و الذّكر للحائض.
و الغسل يجب للثلاثة المتقدّمة و دخول المساجد و قراءة العزائم ان وجبا،
ص: 43
و لصوم(1) الجنب إذا بقي من الليل مقدار فعله، و صوم المستحاضة إذا غمس الدم القطنة. و يستحب لثلاثين تأتي.
و التيمم يجب للصّلاة و الطواف الواجبين، و لخروج المجنب في أحد المسجدين منه، و يستحب لما عداه، و يشترك الثلاثة في وجوبها و بالنذر و شبهه.
ص: 44
و فصوله ثلاثة
و هو في الأصل طاهر مطهّر من الحدث و الخبث، و كذا لو مزج بطاهر ان بقي الإطلاق، و ان تغيّر الوصف. و لو زال الإطلاق فمضاف.
ثم المطلق إن كان جاريا نجس(1) بتغيّر لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة، لا بملاقاتها. و لو تغيّر بعضه اختص بالحكم. و الجرية مع تغيّرها لها حكم بانفرادها، و لا معه طاهرة. و لو وقفت(2) النجاسة في جانب النهر أو قراره لم ننجّس، لجريان المادة عليها. و لو كان إلى جانب النهر ماء واقف متّصل بالجاري لم ينجس بالملاقاة و إن قلّ . و لو تغيّر بعض الواقف المتصل بالجاري، اختصّ
ص: 45
بالتنجّس دون الآخر. و يشترط في ذلك كلّه زيادة الجاري على الكرّ.
و حكم ماء الحمام حكمه إذا كان له مادة تزيد على الكر. و حكم ماء المطر حال نزوله حكمه. و لو استقر على الأرض و انقطع تقاطره ثم لاقته نجاسة اعتبر فيه الكرّية.
و حدّه ألف و مائتا رطل بالعراقي، أو ثلاثة أشبار و نصف طولا في عرض في(1) عمق هو كرّ. فما زاد، لا ينجس بملاقاة النجاسة، بل بتغيّر أحد أوصافه بها.
و ما نقص عن الكر ينجس بملاقاة النجاسة و إن قلّت كرءوس الابر من الدّم.
و لو تغيّر أحد طرفي الكثير و كان الباقي كرّا اختص المتغيّر بالتنجيس، و لو اضطرب فزال التغيّر طهر.
و لا فرق في ذلك بين مياه الغدران و الحياض و الأواني. و لو وصل بين الغديرين بساقية اتّحدا و اعتبرت الكرّية فيهما مع الساقية جميعا. أمّا لو كان أحدهما أقلّ من كرّ، فوقعت فيه نجاسة ثم وصل بغدير بالغ كرّا، فالأولى زوال النجاسة.
أمّا ماء البئر فالأقرب عدم تنجيسه بملاقاة النجاسة، و لا خلاف في نجاسته بالتغيّر بها.
حتّى
ص: 46
يزول التغيّر، و الواقف بإلقاء كرّ دفعة، فإن زال تغيّره، و إلاّ ألقى آخر و هكذا.
و القليل بإلقاء كرّ دفعة، لا بإتمامه كر على الأصحّ ، و لا بالنبع من تحته.
و لا يطهر المتغيّر من هذه المياه بزوال التغيّر من نفسها، أو من طول المكث، أو من تصفيق الرياح، أو من إلقاء أجسام طاهرة غير الماء.
و تطهير البئر بالنزح حتى يزول التغيّر. و على القول بالتنجيس بالملاقاة تطهر بنزح الجميع إن وقع فيها مسكر، أو فقّاع، أو منيّ ، أو دم حيض، أو استحاضة، أو نفاس، أو مات فيها بعير.
و لو تعذر تراوح عليها أربعة رجال اثنين اثنين يوما إلى الليل.
و ينزح كرّ(1) لموت الدابّة أو الحمار أو البقرة، و سبعين دلوا لموت الإنسان، و خمسين للعذرة الذائبة و الرطبة و الدّم الكثير، و أربعين لموت الثعلب أو الأرنب أو الخنزير أو السّنور أو الكلب، و لبول الرّجل، و ثلاثين لماء المطر المخالط للبول و العذرة و خرء الكلاب، و عشر للعذرة اليابسة، و الدّم القليل، كدم الطير و الرّعاف اليسير، و سبع لموت الطير من النعامة و الحمامة و ما بينهما، و الفارة إذا تفسخت أو انتفخت، و بول الصّبي غير البالغ، و اغتسال الجنب - و لا يطهر عند الشيخ(2) - و لوقوع الكلب إذا خرج حيّا، و خمس لذرق جلاّل الدجاج، و ثلاث لموت الفارة و الحيّة. و دلو للعصفور و شبهه، و بول الرضيع الّذي لم يغتذ بالطعام.
ص: 47
و لا بين الذكر و الأنثى، و السّمين و المهزول، و لا بين المسلم و الكافر، خلافا لقوم(1).
و الأقرب عدم الفرق بين الذكر و الأنثى.
بحيث يغطّي ماء البئر رأسه، و الروايات غير مساعدة له، و في رواية محمد بن مسلم الصّحيحة عن أحدهما عليهما السّلام تعليق الحكم على الدّخول(2). و الظاهر انّ نزح السّبع مع خلوّ البدن عن النجاسة.
فإن تغيّر الماء نزح حتّى يزول التغيّر، و إلاّ فلا شيء عندنا. أمّا القائلون بالتنجيس، فقال بعضهم:
ينزح منها أربعون، و آخرون أوجبوا نزح الجميع(3).
فلو اتّخذ دلوا عظيما تسع العدد، فالأقرب عدم الاكتفاء به.
و يحكم بالطهارة عند مفارقة آخر الدّلاء لوجه الماء، و المتساقط معفوّ عنه و هو تخريج،
ص: 48
و لا يجب غسل الدلو بعد الانتهاء.
و يجوز ان يتولاّه الصّبي و البالغ المسلم و غيره مع عدم المباشرة.
حكم بالتنجيس من حين الوقوف على التغيّر، و لو لم يتغيّر لم ينجس عندنا. و عند القائلين به يحكم بالنّجاسة من حين الوجدان.
فإن اتّحد النوع كفى المنزوح الواحد، و إلاّ تعدّد على قول ضعيف.
لم يجب نزح ما زاد على العدد، لكن لا يحتسب منه. أمّا لو صبّ الأخير فيها، فالأقرب إلحاقه بما لم يرد فيه نصّ إن زاد على الأربعين. و كذا لو صبّ في غيرها. و لو ألقيت النجاسة العينيّة و ما وجب لها من المنزوح في الطاهرة، فالأولى التداخل.
ثم ظهر فيها بعد الجفاف سقط النزح، لتعلّقه بالماء الّذي لا يعلم عوده بعينه، لا بالبئر، و لسقوطه عند الذّهاب، مع عدم دليل تجدّده.
فالأولى الطهارة.
ص: 49
و فيه ستة مباحث:
و هو المعتصر أو الممتزج مزجا يسلبه إطلاق الاسم، طاهر ما لم تقع فيه نجاسة، فينجس و إن كثر. و طاهره لا يرفع الحدث إجماعا و لا الخبث على الأصحّ .
و لو مزج بالمطلق اعتبر في رفعهما ثبوت الإطلاق. و يستعمل فيما عداهما، فإن نجس لم يجز استعماله في الأكل و الشرب إلاّ مع الضّرورة.
و يطهر بإلقاء كرّ من المطلق فما زاد عليه دفعة، بشرط أن لا يسلبه الإطلاق، و لا يغيّر أحد أوصافه.
و كلّ ما هو نجس العين فسؤره نجس، كالكلب و الخنزير و الكافر. و المسوخ إن قلنا بنجاستها فأسآرها نجسة و إلاّ فلا.
و المسلمون على اختلاف مذاهبهم، أطهار، عدا الخوارج و الغلاة.
و الحائض المتّهمة و الدّجاج و البغال و الحمير و الفارة و الحيّة.
29. الخامس: حكم الشيخ(1) بنجاسة سؤر المجسّمة و المجبّرة
و ابن إدريس بسؤر غير المؤمن و المستضعف(2).
و لا يكره و ان خلت به، و بالعكس.
و فيه تسعة و عشرون بحثا:
و لا في الأكل و الشرب، إلاّ عند الضرورة.
أو كانت الأرض صلبة، و إلاّ فسبع. و لو تقاربتا لم يحكم بنجاسة البئر ما لم يعلم وصول ماء البالوعة إليها، عند الأكثر، و عندي ما لم يتغيّر بمائها.
و تغسيل الأموات بماء أسخن بالنّار مكروه إلاّ مع الضّرورة.
سواء كان من الغسلة
ص: 51
الأولى أو الثّانية، تغيّر بالنجاسة أو لا. و للشيخ خلاف هنا(1) و استثنى أصحابنا عنه(2) ماء الاستنجاء، فانّه طاهر ما لم يتغيّر بالنجاسة، أو يقع على نجاسة من خارج المخرج.
و كذا المستعمل في الغسل، و منع الشيخ من رفع الحدث به(3).
الّتي يشمّ منها رائحة الكبريت»(4).
و خلاف ابن المسيّب(5) و ابن عمر(6)لا اعتداد به مع إجماع المسلمين.
فلو سال ميزابان أحدهما بول و الآخر مطر، و امتزجا كانا طاهرين، و كذا لو وقع المطر على سطح نجس و سال ماؤه، كان طاهرا ما لم يتغير بالنجاسة.
و لا ينجس لو لم تكن النفس سائلة.
فلو كان معه مطلق
ص: 52
لا يكفيه للطهارة، و معه ماء ورد إذا تمّم به كفاه و لم يخرج عن الإطلاق، جاز له التتميم، و الطهارة به، و هل يجب ؟ نصّ الشيخ على عدمه(1)، و عندي فيه إشكال.
ما لم يسلبه التغيّر الإطلاق، لكنّه مكروه، لقول الصادق عليه السّلام في الماء الآجن:
«لا يتوضّأ منه إلاّ أن لا تجد غيره»(2).
ما لم تغلب عليه.
فالأصل الطهارة.
بنى على اليقين. و لو وجده متغيّرا، و شك في استناد التغيّر(3) إلى النجاسة، بنى على الطّهارة.
فالأصل الصّحة. و لو علم سبقها على الطهارة، و شكّ في بلوغ الكرّية أعاد، و لو شكّ في نجاسة الواقع، أو في كون الحيوان الميّت من ذوات الأنفس، بنى على الطهارة.
رشّ عن يمينه و يساره و أمامه و خلفه، ثمّ استعمله.
كان المستعمل نجسا إجماعا. أمّا لو خليا عنها، فهو طاهر أيضا. و في التطهير به خلاف سبق.
فلو بلغ المستعمل في الكبرى كرّا تردّد الشيخ في زوال المنع(1)، و عندنا لا إشكال.
أمّا المستعمل في الأغسال المسنونة(2) أو غسل الثوب أو الآنية الطاهرين، فانّه مطهّر إجماعا.
و في رواية عن الكاظم عليه السّلام:
«لا بأس بها»(3).
ينجس الماء بموته فيه إن كان قليلا، و إلاّ فلا.
ص: 54
و كذا من النّجسة كدود العذرة. و الآدمي ينجس بالموت إجماعا منّا.
فإن كان الجرح قاتلا، فهو حلال، و الماء طاهر، و إلاّ فلا فيهما، سواء علم استناد الموت إلى الماء أو اشتبه، و لو قيل: انّه مع الاشتباه، يكون الماء طاهرا، و الحيوان محرّما، عملا بالأصلين كان قويّا.
53. الثالث و العشرون: لو لاقى الحيوان الميّت أو غيره من النجاسات(1)ما زاد على الكرّ من الماء الجامد،
ففي التنجيس إشكال، ينشأ من قوله عليه السّلام:
«إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء»(2).
و اليبوسة غير مخرجة عن الحقيقة، بل مؤكّدة لتحقّقها.
و لو نقص(3) عن الكرّ، فهل يكون حكمه حكم الجامدات أم لا؟ فيه تردّد.
و إلاّ فلا.
و لو اتّصل بالثلج الكثير ماء قليل و وقع فيه نجاسة، ففي نجاسته إشكال، من حيث إنّه متّصل بالكر، و انّه متّصل بالجامد اتّصال مماسّة لا ممازجة و اتحاد.
ص: 55
اجتنبهما و تيمّم، قال الشيخ: و يجب الإراقة(1)، و ليس بمعتمد عندي، و لا يجوز له التحرّي.
و حكم ما زاد على إناءين حكمهما في المنع من التحرّي، سواء كان هناك أمارة أو لم تكن، و سواء كان الطاهر هو الأكثر أو لا، و سواء كان المشتبه بالطاهر نجسا أو نجاسة أو مضافا، و لو انقلب أحدهما لم يجز التحرّي أيضا، و لو خاف العطش أمسك أيّهما شاء، و يجوز له تناول أيّهما شاء، و لا يلزمه التحرّي.
و لو لم يكونا مشتبهين، شرب الطاهر و تيمّم.
و لو استعمل الإناءين، و أحدهما نجس مشتبه، و صلّى لم تصحّ صلاته و لم يرتفع حدثه، سواء قدّم الطهارتين أو صلّى بكل واحد صلاة.
أمّا لو كان أحدهما مضافا، فالوجه انّه يتطهّر بهما، و ابن إدريس لم يحصّل الحقّ هنا(2).
و قول الشيخ هنا ضعيف(1)، و في رواية:
«يباع على مستحلّي الميتة»(2). و في أخرى: «يدفن»(3).
فان صلّى به كانت باطلة، سواء خرج الوقت أولا، أمّا لو غسل ثوبه بماء نجس عالما فكذلك، و جاهلا يعيد صلاته في الوقت، و لو سبقه العلم، فكذلك على الأقوى.
و يكره ما مات فيه العقرب و الوزغة، أو دخلتا(4) فيه حيّين.
ص: 57
ص: 58
و فيه فصول
و فيه اثنا عشر بحثا:
و كلّ ما أزال العقل من إغماء و جنون و سكر، و الاستحاضة القليلة.
و إن كانت كثيرة، وجب الوضوء و الغسل معا، و كذا يجبان بالحيض و النفاس و مسّ الأموات.
من مذي، أو وذي، أو قيح، أو رعاف، أو نخامة، أو فتح خراج(1)، أو مسّ ذكر، أو دود خارج من أحد السّبيلين ما لم يكن متلطخا بالعذرة، أو قيء، أو خروج دم، سوى الدماء الثلاثة للمرأة، أو مسّ قبل أو دبر. و قول ابن بابويه: من مسّ باطن ذكره باصبعه، أو
ص: 59
باطن دبره انتقض وضوءه؛ و قول ابن الجنيد(1): من مسّ ما انضمّ عليه الثقبان نقض وضوءه، و من مسّ ظاهر الفرج من غير شهوة تطهّر، إذا كان محرما، و من مسّ باطن الفرجين فعليه الوضوء، من المحلّل و المحرّم(2)؛ بعيدان من الصواب.
و إن أبطلت الصلاة، خلافا لابن الجنيد في الحكم الأوّل(3).
و كذا شرب اللّبن مطلقا.
و كذا إنشاد الشعر، و الكلام الباطل، و الغيبة، و القذف، و لا حلق الشّعر و لا نتفه، و لا قصّ الأظفار، و لا القرقرة في البطن.
لم ينتقض الوضوء إلاّ مع خروج شيء من الغائط، و هل يشترط الانفصال ؟ فيه إشكال.
انسدّ المعتاد و انفتح غيره، أمّا لو لم ينسدّ، فإن ساواه في العادة نقض، و إن شذّ فلا.
نقض.
و قول ابن بابويه: الرجل يرقد قاعدا لا وضوء عليه(1) لا يلتفت إليه. أمّا السنّة، فإن حصل معها فقد الإحساس نقضت، و إلاّ فلا.
خلافا لابن أبي عقيل(2).
و لا تجمع المستحاضة بين صلاتين بوضوء واحد، سواء كانا فرضين أو أحدهما، أو نفلين. و لو توضّأت قبل الوقت، لم يصحّ .
و لو انقطع دمها بعد الطهارة قبل الدّخول، استأنفت، فلو صلّت من غير استئناف، أعادت الصّلاة. و لو انقطعت في الأثناء، فالوجه عدم الاستئناف. و هل يجب عليها مقارنة الطّهارة للصّلاة ؟ نصّ في المبسوط عليه(3)، و نحن نتوقّف مع قربه.
ص: 61
و النظر في أمور ثلاثة
و فيه خمسة مباحث:
و هي: القبل و الدّبر. و يستحبّ ستر جميع البدن.
في الصحاري و البنيان، خلافا لابن الجنيد فيهما،(1) و للمفيد(2) و سلاّر في الأخير(3)، و يجب الانحراف في موضع قد بنى على ذلك.
و استقبال الرّيح بالبول، و البول في الأرض الصّلبة، و قائما، و أن يطمح ببوله في الهواء، و في الماء جاريا و راكدا، و الجلوس للحدث في المشارع و الشوارع و مواضع اللعن، و تحت الأشجار المثمرة، و فيء النزال، و جحرة الحيوان، و أفنية الدور، و المواضع التي يتأذّى الناس بها.
ص: 62
و الكلام إلاّ بذكر اللّه تعالى، أو حكاية الأذان، أو قراءة آية الكرسي، أو حاجة يضرّ فوتها.
و أن يمسّ الرّجل ذكره بيمينه عند البول، - رواه ابن بابويه عن الباقر عليه السّلام، -(1) و استصحاب دراهم بيض، - رواه الشيخ،(2) و الرواية به ضعيفة - و الاستنجاء باليمين مكروه، و كذا باليسار إذا كان فيها خاتم عليه اسم من أسماء اللّه تعالى أو أسماء أنبيائه أو أحد من الأئمّة عليهم السّلام أو فصّه من حجر زمزم، فإن كان فيه حوّله.
و فيه ثلاثة مباحث:
و تقديم الرجل اليسرى عنده، و اليمنى عند الخروج، بخلاف المسجد فيهما.
و عند الاستنجاء، و عند الفراغ، و عند الخروج، و أن يمسح بطنه عنده.
فإن وجد بللا بعده، كان طاهرا، و لا يعيد وضوءه. و لو لم يستبرئ أجزأه، فإن وجد بللا أعاد طهارته، و لو وجده بعد الصّلاة أعاد الوضوء خاصّة، و يغسل الموضع.
ص: 63
و لا يجزي سواه مع القدرة.
و أقلّ ما يجزيه مثلا ما عليه. و البكر كالثيب، و الأغلف إن كان مرتتقا(2)فكالمختتن، و إلاّ كشف البشرة إذا بال، و غسل المخرج، و لو لم يكشفها وجب كشفها لغسل المخرج(3)، و يجب غسلها مع نجاستها.
فإذا تمكّن بعد ذلك وجب الغسل، و لو خرج من الذكر دود أو حصا أو غيره ممّا ليس ببول و لا دم و لا مني، لم يجب غسله، سواء كان جامدا أو مائعا.
و لو صلّى أعاد الصّلاة خاصّة. و قول ابن بابويه: يعيد الوضوء أيضا،(4) ليس بمعتمد.
و كذا لو تغوّط و لم يبل لم يجب عليه غسل مخرج البول.
ثم إن تعدّى المخرج لم يجز غير الماء، و إلاّ تخيّر بينه و بين الأحجار، و الماء أفضل، و الجمع أكمل، و حدّه
ص: 64
الإنقاء من العين و الأثر و لا اعتبار بالرائحة. و يكفي في الأحجار إزالة العين.
و هو ثلاثة، فلا يجزي الأقلّ و إن نقى به، خلافا للمفيد(1). و لو لم يحصل النقاء بالثلاثة وجب الزائد حتى ينقى.
و يستحب أن يقطع على وتر.
و لو استعمل الواحد ذا الشّعب الثلاث أجزأه. و خلاف الشيخ(2) ضعيف.
و لو استعمل ثلاثة أنفس ثلاثة أحجار، كلّ واحد منهم من كلّ حجر بشعبة، أجزأهم.
و يشترط الطّهارة، فلا يجزي النجس إجماعا.
87. الثامن: يجوز استعمال ما شابه(3) الحجر في الإزالة،
كالخزف و المدر و الخشب و الجلد.
88. التاسع: لا يجوز استعمال الصّقيل،(4)
كالزّجاج و الفحم الرخو و ما شابهه ممّا يزلج عن النجاسة.
و لا المطعوم، و لا ماله حرمة كحجر زمزم.
فالأقرب الطهارة.
و لو كسره. و استعمل
ص: 65
الطاهر جاز، و كذا لو أزيلت النجاسة عنه بغسل، أو استعمل الطرف الطاهر، و لو تقادم عهد الحجر النجس و زالت عين النجاسة لم يطهر، و لو استجمر بحجر ثم غسله، أو كسر النّجس و استعمل الباقي، أجزأه.
جاز الاستنجاء بها ثانيا إن كانت صفيقة(1) تمنع من النفوذ، و إلاّ فلا، و يلزم الشيخ إطلاق المنع(2)، و لو كانت طويلة، جاز استعمال طرفيها، و يحصل بالعدد، خلافا للشيخ إلاّ بعد القطع(3).
93. الرابع عشر: يجوز الاستنجاء(4) بالصوف و الشعر.
سواء تواردت الثلاثة على جميع المحلّ ، أو توزّعت أجزاؤه، و قول بعضهم: إنّه تلفيق، فيكون بمنزلة مسحة(5)، و لا يكون تكرارا(6) ضعيف للفرق بينهما.
بخروجه، أو خروج نجاسة كالدّم، أمّا الدود و الحصى و الحقنة الطاهرة فلا.
و هو قول العلماء كافة.
ص: 66
ففي إجزاء الاستجمار، فيه إشكال.
و فيه عشرة مباحث:
و فيه فضل كثير، و ليس بواجب، و آكده عند الوضوء و الصّلاة و السّحر، و يكره في الخلاء و الحمام، و يجوز للصائم نهارا بالرطب و اليابس في أوّل النهار و آخره. و يكره تركه أكثر من ثلاثة أيّام. و فيه اثنتا عشرة فائدة(1) رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام، قال:
«هو من السنّة، و مطهرة للفم، و مجلاة للبصر، و يرضي الرحمن، و يبيّض الأسنان، و يذهب بالحفر، و يشدّ اللّثة، و يشهي الطعام، و يذهب بالبلغم، و يزيد في الحفظ، و يضاعف الحسنات، و يفرح به الملائكة»(2).
و مرّتين من الغائط، و ثلاثا من الجنابة، و ليس بواجب، و الظاهر انّ المراد باليد هنا من الكوع، و كراهة غمس بعضها قبل الغسل كالجميع، و كذا غمسها قبل كمال العدد كغمسها قبل الشروع.
أو كون النائم مسرولا أو لا، عملا بالعموم.
قلّ زمانه أو كثر.
و ليست بواجبة(1)، و لو فعلها خلال الطهارة لم يأت بالمستحبّ ، و صورتها: بسم اللّه و باللّه اللّهمّ اجعلني من التّوابين و اجعلني من المتطهّرين.
و ليسا بواجبين، يبدأ بالمضمضة ثلاثا، ثمّ يستنشق ثلاثا، و يستحب فيهما الدعاء.
ص: 68
و يستحب دخوله بمئزر إذا لم يره غيره.
قال الصادق عليه السّلام:
«إذا دخلت الحمام، فقل في الوقت الّذي تنزع ثيابك: اللّهمّ انزع عنّي ربقة النّفاق، و ثبّتني على الإيمان. فإذا دخلت البيت الأوّل، فقل: اللّهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ نفسي، و أستعيذ بك من أذاه؛ و إذا دخلت البيت الثاني، فقل: اللّهمّ اذهب عنّي الرّجس النجس، و طهّر جسدي و قلبي؛ و خذ من الماء الحارّ، وضعه على هامتك، و صبّ منه على رجليك، و إن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل، فانّه ينقي المثانة، و ألبث في البيت الثاني ساعة؛ فإذا دخلت البيت الثالث، فقل: نعوذ باللّه من النار و نسأله الجنّة، تردّدها إلى وقت خروجك من البيت الحارّ.
و إيّاك و شرب الماء البارد و الفقّاع في الحمام، فانّه يفسد المعدة؛ و لا تصبّن عليك الماء البارد، فانّه يضعف البدن، و صبّ الماء البارد على قدميك إذا خرجت، فانّه يسيل الداء من جسدك؛ فإذا لبست ثيابك، فقل: اللّهمّ البسني التّقوى، و جنّبني الردّي. فإذا فعلت ذلك،
ص: 69
أمنت من كلّ داء»(1).
و يكره للعريان، و يجوز النكاح فيه.
روى عن الصادق عليه السّلام قال:
«لا تتك في الحمام، فإنّه يذيب شحم الكليتين؛ و لا تسرّح في الحمام، فإنّه يرقّق الشعر؛ و لا تغسل رأسك بالطين، فإنّه يسمج الوجه؛ و لا تتدلّك بالخزف، فإنّه يورث البرص؛ و لا تمسح وجهك بالإزار، فإنّه يذهب بماء الوجه»(2).
روي أنّ المراد بذلك طين مصر و خزف الشام(3).
و قال الكاظم عليه السّلام:
«لا تدخلوا الحمام على الرّيق، و لا تدخلوه حتّى تطعموا شيئا»(4).
و السنّة إزالتها بالنّورة.
و كان الصادق عليه السّلام يطلي إبطيه في الحمام و يقول:
«نتف الإبط يضعف المنكبين، و يوهن و يضعف البصر»(1). و قال عليه السّلام:
«حلقه أفضل من نتفه، و طليه أفضل من حلقه»(2).
قال الرضا عليه السّلام:
«قلّموا أظفاركم يوم الثلاثاء، و استحمّوا يوم الاربعاء، و أصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس، و تطيّبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة»(3).
و قال الصادق عليه السّلام:
«أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام»(4).
و عن الباقر عليه السّلام قال: «من أخذ من أظفاره و شاربه كلّ جمعة، و قال حين يأخذه: بسم اللّه و باللّه و على سنّة محمّد و آل محمّد صلوات اللّه
ص: 71
عليه و عليهم، لم يسقط منه قلامة و لا جزازة إلاّ كتب اللّه تعالى له بها عتق نسمة، و لم يمرض إلاّ مرضه الّذي يموت فيه»(1).
قال الصادق عليه السّلام:
«من اتّخذ شعرا فلم يفرقه فرقه اللّه بمنشار من نار»(2).
خمس في الرأس، و هي: المضمضة و الاستنشاق و السّواك و فرق الشعر و قصّ الشارب، و خمس في البدن: قصّ الأظفار و حلق العانة و الإبطين و الختان و الاستنجاء.
قال الصادق عليه السّلام:
«إنّه يحسّن الوجه»(3).
و قال عليه السّلام: في قوله تعالى: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ (1)، قال:
«منه الخضاب بالسواد، و قتل الحسين بن عليّ عليه السّلام و هو مخضوب بالوسمة»(2). و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لعلي عليه السّلام: «يا علي درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل اللّه، و فيه أربع عشرة خصلة: يطرد الرّيح من الأذنين، و يجلو البصر، و يلين الخياشيم، و يطيب النكهة، و يشدّ اللّثة، و يذهب بالصّفار، و يقلّ وسوسة الشيطان، و تفرح به الملائكة، و يستبشر به المؤمن، و يغيظ به الكافر، و هو زينة و طيب، و يستحي منه منكر و نكير، و هو براءة له في قبره»(3).
ص: 73
و فيه خمسة مباحث:
و هي القصد، و محلّها القلب، فلا يشترط النطق، و لو نطق بها و لم يخطر بباله لم يجزه، و لو نطق بغير ما نواه، فالمعتبر النيّة القلبيّة، و كيفيّتها: أن ينوي التقرّب إلى اللّه تعالى على جهة الوجوب، أو النّدب.
و هل يشترط استباحة شيء لا يستباح إلاّ بالطّهارة، أو رفع الحدث - و هو إزالة المانع من كلّ فعل يفتقر إلى الطّهارة - أو لا يشترط؟ خلاف.
و وقتها عند غسل الكفين، و يتضيّق عند غسل الوجه، و يجب استدامتها حكما إلى الفراغ.
ص: 74
كقراءة القرآن، أو النوم، قال الشيخ: لا يرتفع حدثه، لأنّه لم ينو رفعه و لا ما يتضمّنه(1)، و عندي فيه توقّف، أمّا لو نوى وضوءا مطلقا، فالوجه ما قاله الشيخ.
ففي الإجزاء إشكال.
ارتفع حدثه، أمّا لو نوى الاجتياز، نصّ الشيخ على عدمه(2).
لحصوله بدونها. أمّا لو ضم الرياء، فالوجه عندي البطلان.
أجزأه.
و لا اعتداد بما فعله بعده، و لو أعاد النيّة أعاد ما فعله بغير نيّة، بشرط عدم طول الفصل المؤدّي إلى الجفاف.
و لو كان في الأثناء أعاد.
اعتبرت نيّة المتوضّي.
و إن وجبت عليه، لاشتراط الإسلام في صحّة التقرّب.
و جاز الدّخول به في غيرها.
ص: 75
دون رفع الحدث.
أمّا لو نوى لكلّ فعل بانفراده، ففي الإجزاء نظر.
و لا يجب تعيين الحدث المرفوع، و لو نوى رفع حدث معيّن، ارتفع الباقي، و لو كان عليه أغسال، قال الشيخ رحمه اللّه: إن نوى غسل الجنابة أجزأ عن غيره، و إن نوى غيره لم يجز عنه(1) و فيه قوة.
و حدّه من قصاص شعر الرأس إلى محادر(2) شعر الذقن طولا، و ما دارت عليه الإبهام و الوسطى عرضا، فالخارج ليس من الوجه، و يجب أن يغسل من أعلى الوجه إلى الذقن، فلو نكس لم يجزه على الأقوى.
و لا يجب غسل ما استرسل من اللحية، و لا تخليلها، بل يغسل الظاهر.
ص: 76
142. الثاني: لا يجب تخليل الأهداب، و لا الشارب، و لا العنفقة(1)
و لا الحواجب، سواء كانت كثيفة أو خفيفة، بل يجب غسل هذه المواضع إن فقد الشعر، و إلاّ فإمرار الماء على ظاهر الشعر. و قول ابن أبي عقيل: متى خرجت اللحية و لم تكثر، فعلى المتوضئ غسل الوجه حتى يصل الماء إلى بشرته(2)، غير معتمد.
143. الثالث: لا اعتبار بالأنزع، و لا الأغم(3)،
و لا من يفضل يداه عن المعتاد، أو تقصر، أو يخرج وجهه في القدر عن المعتاد، بل يرجع كلّ منهم إلى مستوي الخلقة، بمعنى أنّ كلّ ما يجب غسله في المستوي يجب هنا.
و لا يستحب، بل يحرم إن اعتقده.
و حدّهما من المرفق إلى أطراف الأصابع، و يجب أن يبدأ باليمين قبل اليسار، و بالمرفق، ثم ينتهى إلى الأصابع، فلو نكس لم يجزه على الأقوى، و يجب إدخال المرفق في الغسل. و الواجب فيه و في غسل الوجه، ما يسمّى غسلا بأقل اسمه، و لا يجزيه المسح.
و لو قطعت من المرفق، سقط فرض غسلها.
أو يد زائدة، أو اصبع، وجب غسله، و لو كانت فوق المرفق لم يجب غسلها، سواء حاذى بعضها محلّ الفرض أو لا.
وجب غسلها، و بالعكس لا يجب، و لو انقلعت من أحد المحلّين، فالتحم رأسها في الآخر، و بقى وسطها متجافيا، كان حكمها حكم النابت في المحلّين.
يجب إزالته إن لم يشقّ .
ص: 78
و أقلّه ما يحصل به اسم المسح، و يستحب قدر ثلاث أصابع عرضا، و محلّه مقدّم الرأس، و يجب بنداوة الوضوء، فلا يجوز استئناف ماء جديد له، و يجوز مقبلا و مدبرا على كراهية، و على البشرة و الشعر المختص بها، و لو جمع عليه شعر غيره، و مسح عليه، لم يجز، و كذا لو مسح على ساتر كالعمامة.
و مسح برأسه، فإن لم يبق نداوة استأنف الوضوء.
لم يجزه.
بل الواجب أقلّ اسم المسح، فالزائد عليه لا يوصف بالوجوب، و كذا في كلّ ما يشبهه.
و يتآكد في المغرب و الصبح.
157. السادس: لا يمسح على الجمّة(1)،
و لا على ما يجمع على مقدّم الرأس من غير شعر المقدّم.
ص: 79
و لو خضب رأسه بما يستره، أو طيّنه، لم يجز المسح عليه.
و لو كان على رأسه جمّة فأدخل يده تحتها و مسح، أجزأه.
و كذا مسح الأذنين.
و هما النابتان في وسط القدم، و يجوز منكوسا، و البداءة بأيّهما كان، و يجب المسح على البشرة، و يحرم على الحائل كالخف و شبهه إلاّ مع الضرورة أو التقيّة، و لو زال السّبب أعاد الطهارة على أحوط القولين، و لو قطع بعض موضع المسح، مسح على ما بقى، و لو قطع من الكعب سقط المسح.
بل يجزئ باصبع واحدة.
كما قلنا في الرأس، و لا يجوز استئناف ماء جديد، فإن لم يبق نداوة أخذ من لحيته و أشفار عينيه، و مسح برجليه، فإن لم يبق استأنف، و لو أخرج رجليه من الماء، و مسح عليهما رطبتين، ففي الإجزاء نظر.
و هما المفصلان اللّذان يجتمع عندهما القدم و الساق، و يجب إدخالهما في المسح.
بل يبطل طهارته معه،
ص: 80
و لو فعله للتقيّة أو للضرورة، صحّ وضوؤه، فلو زال السبب، ففي الإعادة نظر.
و إن لم يدخل يده تحت الشراك.
و فيه أربعة عشر بحثا:
يبدأ بالوجه، ثم باليد اليمنى، ثم اليسرى، ثم يمسح الرأس، ثم الرجلين، فلو خالف عمدا أعاده، و نسيانا يعيد إن كان جف الوضوء، و إلاّ على ما يحصل معه الترتيب، فلو نكس صحّ غسل الوجه، و لو نكس ثانيا مع بقاء الرطوبة حصل به و باليمنى، و لو نكس ثالثا معه حصل باليسرى ما لم يستأنف، و لو غسل أعضاءه دفعة حصل بالوجه، و لو تواردت عليه في الماء الجاري جريات ثلاث، حصل بالأعضاء المغسولة، و لو انغمس في الواقف ناويا دفعة حصل بالوجه، و لو أخرج أعضاءه مرتّبا حصل بالمغسولة، و لو لم يرتّب حصل بالوجه إدخالا، و باليمنى إخراجا.
و هي المتابعة بين الأعضاء مع الاختيار، و مراعاة الجفاف مع الاضطرار.
ص: 81
و لو أخلّ بها فعل محرما، و الوجه انّه لا يبطل وضوؤه إلاّ مع الجفاف قبل الإكمال. و لو فرّق لعذر لم يجب الإعادة إلاّ مع الجفاف في الهواء المعتدل.
و لو جفّ ماء الوضوء لحرارة الهواء المفرطة جاز البناء، (و مع إفراط حرارته يغسل متواليا، بحيث لو اعتدل لم يحكم بجفاف السابق حينئذ)(1)و لا يجوز استئناف ماء جديد للمسح.
و الثانية سنّة و قول ابن بابويه متروك(2)، و الثالثة بدعة، و لا تكرار في المسح إجماعا.
و لو غسل بعض أعضائه مرّة، و بعضها مرّتين، جاز، و لو اعتقد وجوب الثانية لم يثب بفعلها عليه، و هل يخرج ماؤها عن كونه ماء الوضوء، و يحرم المسح به ؟ إشكال، أقربه ذلك.
أو تحريكه بحيث يصل الماء إلى البشرة، و لو كان الخاتم واسعا، استحبّ تحريكه.
أو يكرّر الماء حتّى يصل إلى البشرة، و إلاّ مسح عليها، سواء كان العضو تحتها طاهرا، أو نجسا، و لو زال العذر استأنف على إشكال.
و لو استوعبت الجبيرة محلّ الفرض مسح عليها أجمع، و لو تعدته مسح على المحاذي خاصّة، و لو تجاوزت محلّ الكسر بما لا بدّ منه، فكالمكسور، بخلاف ما منه بدّ.
ص: 82
و لا توقيت في المسح عليها، و لا فرق بين الطهارتين فيها، و لا بين شدّها على طهارة و غيرها، و إذا اختصّت بعضو مسح عليها، و غسل الباقي، فلا تيمّم معه، و لو عمّت مسح على الجميع. و لو استضرّ بالمسح تيمّم.
و يجوز مع الضرورة.
و يكره الاستعانة.
و كذا من توضّأ لنافلة دخل به في الفريضة، و بالعكس.
و يجوز لمس هامشه، و لا فرق بين المنسوخ حكمه و غيره، أمّا المنسوخ تلاوته فيجوز لمسه(1)
و من به البطن إذا تجدّد حدثه في الصلاة، قال الشيخ يتطهّر و يبني(2).
و في الثانية بالباطن، و المرأة بالعكس.
و يغتسل بصاع.
أو في
ص: 83
حكمه، فلو توضّأ أو اغتسل بالمغصوب مع علمه بالغصبية، لم يرتفع حدثه، و لا يعذر لو علم الغصب و جهل التحريم، و كذا لو اشتراه بعين مغصوبة، أمّا لو اشتراه شراء فاسدا، أو كانت الآنية الّتي يغترف منها، أو الّتي يفيض(1) بها الماء على بدنه، أو كان مصبّ الماء مغصوبا، فالوجه صحّة الطهارة على إشكال، و لو استعمل المغصوب في إزالة النجاسة، طهر و أثم.
من تيقّن الحدث و شك في الطهارة تطهّر، و كذا لو تيقّنهما و شك في المتقدّم، و لو تيقّن ترك عضو أتى به و بما بعده ان لم يجف المتقدّم، و إلا أعاد.
و لو شكّ في شيء من أفعال الطهارة، فإن كان على حال الطهارة أعاد على ما شك فيه و ما بعده، إن لم يجف المتقدّم، و إن انصرف لم يلتفت.
و لو ترك غسل أحد المخرجين، و صلّى أعاد الصّلاة دون الطهارة، عامدا و ناسيا و جاهلا، و لو جدّد ندبا، و صلّى و ذكر إخلال عضو مجهول، أعاد إن اشترطنا نيّة الاستباحة أو رفع الحدث، بخلاف الشك بعد الانصراف، و إلاّ فلا.
و لو صلّى بكل منهما صلاة أعادهما على الأوّل، و إلاّ الأولى.
و لو أحدث عقيب طهارة منهما، و لم يعلمها أعاد الصلاتين مع الاختلاف، و إلاّ واحدة ينوي بها ما في ذمّته، و كذا لو صلّى بطهارة، ثم أحدث و توضّأ و صلّى
ص: 84
أخرى، و ذكر إخلال عضو من إحداهما لا بعينها، و لو صلّى الخمس، و ذكر الحدث عقيب إحدى الطهارات، أعاد أربعا و ثلاثا و اثنتين.
لم يلتفت إلى الظن.
استصحب حال السابق على الزوال، و لو شك في الطهارة و الحدث، نظر إلى ما قبل ذلك الزمان، و استصحب حاله.
مع تخلّل الحدث، أن يصلّي ثالثة إلاّ بطهارة ثالثة، و لا أن يقضي إحداهما إلاّ بثالثة.
لم يخرج عن المنع.
لم يكن به بأس.
و كتب الفقه للمحدث و الجنب إجماعا.
ص: 85
ص: 86
و فيه مقدمة و فصول
و هي ضربان: واجب و ندب.
فالواجب ستّة: غسل الجنابة، و الحيض، و الاستحاضة، و النفاس، و مسّ الأموات من الناس بعد بردهم بالموت و قبل تطهيرهم بالغسل، و غسل الأموات.
و الندب ثلاثون: غسل يوم الجمعة، - و ليس بفرض على الأصحّ ، و وقته من الفجر الثاني إلى الزوال، فلو اغتسل في أيّ زمان منه أجزأه، و كلّما قرب منه كان أفضل، و يقضى لو فات يوم السّبت. و الأقرب بعد ظهر الجمعة نية القضاء، و لو خاف عوز الماء قدّمه يوم الخميس، و لو وجده فيه، فالأقرب استحباب إعادته، فلو تركها(1)، أو تركه فيه تهاونا، ففي استحباب قضائه يوم السّبت إشكال.
ص: 87
و لو أحدث عقيبه، أجزأه، و كفاه الوضوء، و هو مستحب لآتي الجمعة و تاركها.
و لا بدّ فيه من النيّة. و كيفيته مثل غسل الجنابة - و أوّل ليلة من شهر رمضان، و ليلة نصفه، و سبع عشرة و تسع عشرة، و إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين، و ليلة الفطر، و يومي العيدين، و ليلة نصف رجب، و يوم المبعث، و ليلة نصف شعبان، و يوم الغدير، و يوم المباهلة، و يوم عرفة، و يوم نيروز الفرس، و غسل الإحرام، و الطواف، و زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم و الأئمة عليهم السّلام، و المفرّط في صلاة الكسوف مع احتراق القرص كلّه على رأي، و المولود، و من سعى إلى مصلوب بعد ثلاثة أيّام ليراه، و التوبة عن فسق أو كفر، و صلاة الحاجة، و صلاة الاستخارة، و غسل دخول الحرم، و المسجد الحرام، و مكّة، و الكعبة، و المدينة، و دخول مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم.
و ما يستحبّ للفعل و المكان يقدم عليهما، و ما يستحب للزمان يكون بعد دخوله.
و لو اجتمعت أغسال مندوبة لم يتداخل، و لو انضمّ إليها غسل واجب، كفاه نيّته على قول ضعيف، و الوجه جواز الإتيان بها للجنب و الحائض كالمحدث.
ص: 88
و مطالبه ثلاثة
و فيه أربعة عشر بحثا:
و هو الماء الغليظ الّذي يقارنه الشهوة و فتور الجسد، و منيّ المرأة رقيق أصفر. و يشترك فيهما الرجل و المرأة.
و لو لم يعلم كون الخارج منيّا، اعتبر بالدفق و الشهوة و فتور الجسد.
و يكفي الشهوة و الفتور في المريض، و لو فقد الدفق و الشهوة، و علم أنّه منيّ ، وجب الغسل و إلاّ فلا.
سواء كان بشهوة أو لا، بدفق أو لا، يقظة و نوما.
فلم يخرج فلا غسل.
لم يجب الغسل إجماعا، و لو استيقظ فوجد المنيّ وجب الغسل، و لا اعتبار بالعلم بالخروج في وقته. و لو استيقظ فرأى مذيا، لم يجب الغسل، سواء تذكّر الاحتلام أو لا.
ص: 89
و لو رأى في ثوبه منيّا، فإن كان الثوب مختصا به، وجب الغسل، و إلاّ فلا، و يعيد الصلاة من آخر نومة، إلاّ أن تدلّ أمارة على التقدّم فيعيد من أدنى نومة يحتمل الإضافة إليها، و قول الشيخ هنا مدخول.(1)
و هل يجوز لأحد المشتركين في الثوب الواجدين المنيّ فيه الائتمام بصاحبه ؟ الأقرب نعم، لأنّ الشرع أسقط نظره عنها(2)، و يجوز لكل منهما قراءة العزائم و غيرها.
لم يجب عليها الغسل.
سواء حصل الإنزال أو لا.
و كذا بالجماع في دبر الغلام.
أقربه عدم الوجوب(3).
المكره و الطائع، و النّائم و المستيقظ.
ص: 90
و لو انقطعت الحشفة أو لم تكن له خلقة، فأولج الباقي بقدر الحشفة، وجب الغسل.
ففيه إشكال ينشأ من احتمال كون أحدهما زائدا، و من حيث تعلّق الحكم بالتقاء الختانين من غير اعتبار الأصالة و الزيادة، و مع الإنزال يختص الغسل بالمنزل.
ففي لحوق حكم الجنابة بهما إشكال.
و لو أسلم وجب عليه الغسل، سواء اغتسل حال كفره أو لا.
و فيه سبعة مباحث:
و هي سجدة لقمان، و حم السجدة، و النجم، و اقرأ باسم ربك. و يتناول التحريم السورة و أبعاضها. و لو نوى بالتسمية جزأها حرم، و لا يحرم قراءة غير العزائم.
و يكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غيرها، و تتأكد الكراهيّة في سبعين
ص: 91
و ما زاد، و قول بعض أصحابنا: إنّ الزائد على السبعين حرام(1)، ضعيف.
و ما عليه اسم اللّه تعالى، و هل يحرم مسّ اسم أحد من الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام؛ قال الشيخان: نعم(2)، و الأولى عندي الكراهية.
و يجوز مسّ كتب التفسير، و الأحاديث، و حمل المصحف بغلافه، و مسّ كتابة التوراة و الإنجيل، و القرآن المنسوخ تلاوته، أمّا المنسوخ حكمه خاصّة فلا، و يجوز له أن يذكر اللّه تعالى.
خلافا لسلاّر(3)، و يجوز له الاجتياز إلاّ في المسجد الحرام، و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، فأنّ الجواز فيهما محرّم، و لو احتلم في أحدهما تيمّم للخروج.
و يجوز له أخذ ما له منها.
و لم يمكنه الخروج من المسجد، و لا الغسل، تيمّم و جلس فيه إلى أن تزول الضرورة. و لو توضّأ لم يجز له الاستيطان فيه.
و الأكل و الشرب قبله، أو قبل المضمضة و الاستنشاق، و الجماع قبل الغسل للمحتلم، و لا بأس بتكرير الجماع(4)، و الخضاب و الادهان.
ص: 92
و فيه ثمانية عشر بحثا:
وجب عليهما الغسل. و اختلف الفقهاء، في وجوبه لنفسه أو لغيره، و الأقرب الأوّل، و قد بيّنا وجه القولين و صحّحنا الحقّ منهما في كتاب منتهى المطلب و بيّنا خطاء ابن إدريس(1).
و وقتها عند غسل اليدين، و يتضيّق عند غسل الرأس، و يجب استدامتها حكما، و يكفيه أن ينوي مع الوجوب و القربة رفع الحدث، و إن لم يذكر السبب.
و لو كان بعض أجزاء البدن محتاجا إلى التخليل وجب، و كذا يجب نقض الظفائر إن لم يصل الماء إلى أصولها إلاّ به، و يجب إيصال الماء إلى أصول الشعر.
و يستحبّ تخليل ما يصل إليه الماء.
يبدأ بالرأس و الرقبة، ثم الجانب الأيمن ثم الأيسر، فيعيد ما يحصل معه الترتيب لو خالف، و يسقط عن المرتمس على الأقوى، و عن الواقف تحت المطر، أو الميزاب، أو المجرى.
و لو بقيت لمعة في جسده أجزأه غسلها إن كانت في الأيسر، و إلاّ غسلها و أعاد الأيسر. و لو وجد المرتمس اللمعة، ففي إعادة غسله نظر.
ص: 93
بل البشرة المستورة بهما، سواء كان الشعر خفيفا أو كثيفا.
و يجب غسل الحاجبين و الأهداب ليصل الماء إلى ما تحتها.
و يستحب تخليل الأذنين مع الوصول، و يجب لا معه.
بأن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب، ثمّ منه إلى طرفه، ثم ينتره ثلاثا ثلاثا، و للشيخ قول بالوجوب(1)، و المضمضة، و الاستنشاق ثلاثا ثلاثا، و إمرار اليد على الجسد، و كذا في الوضوء على أعضائه، و الغسل بصاع فما زاد، و الدعاء.
فإن توضّأ معتقدا عدم الإجزاء كان مبدعا(2)، و لا يستحبّ و إن اعتقد الإجزاء. و الأقرب عدم اكتفاء غيره عنه.
فإن نوى رفع الحدث أو الجنابة أجزأ عن الوضوء، و إن نوى الحيض أو غيره فعلى عدم الإجزاء(3)إشكال في رفع الجنابة، فإن قلنا برفعه فلا وضوء، و إلاّ وجب.
و هل يرتفع مع الوضوء؟ فيه نظر ينشأ من الإذن في الدخول في الصلاة
ص: 94
للحائض معهما، و من كون الغسل غير رافع للجنابة، لعدم إرادته، و لا الوضوء، لعدم صلاحيّته، فنحن في هذا من المتوقّفين.
و إلاّ غسلهما.
فإن تيقّن أنّه منيّ ، أو لم يعلمه و لم يبل و لم يستبرأ، أعاد. و لو بال و لم يجتهد، توضّأ، و لو بال و اجتهد، لم يلتفت.
أعاد الغسل لا الصّلاة على الأقوى.
لم يجب الاستبراء، و لو رأى بللا يعلم أنّه منيّ ، أعاد الغسل، أمّا المشتبه فلا، بخلاف الموجود بعد الإنزال.
و لو أحدث في أثناء غيره من الواجبات، فالأقرب أنّه كذلك، لكن إن كان قدّم الوضوء وجب إعادته، و لو أحدث في أثناء المندوب، فالوجه الإتمام، إن قلنا بعدم رفع الحدث.
و يجوز لا معها، و يكره الاستعانة.
الأقرب عدمه مع غنائها، و وجوب تخليتها لتنتقل إلى الماء أو ينقل(1)الماء إليها.
و هو الدم الأسود الغليظ الّذي يخرج بحرقة و حرارة غالبا، و لقليله حدّ، يقذفه الرحم مع بلوغ المرأة، ثم يصير لها عادة في أوقات متداولة بحسب مزاجها لحكمة تربية الولد، فإذا حملت صرفه اللّه تعالى إلى غذائه، فإذا وضعت أزال اللّه تعالى عنه صورة الدم، و كساه صورة اللبن ليغتذي به الطفل مدة رضاعه، فإذا خلت من الحمل و الرضاع، بقى الدم و لا مصرف له، فيستقرّ في مكان، ثم يخرج غالبا في كلّ شهر ستّة أيام أو سبعة أو أقلّ أو أكثر، بحسب قرب مزاجها من الحرارة و بعده. و قد علّق الشارع عليه أحكاما نحن نذكرها في مطالب.
ص: 96
و فيه ثلاث مباحث:
226. الأوّل: الحيض غالبا هو الدم الغليظ(1)؛
فإن اشتبه بدم العذرة، أدخلت القطنة، فإن خرجت منغمسة فحيض، و إن خرجت مطوقة فعذرة؛ و إن اشتبه بدم القرح أدخلت إصبعها، فإن كان خارجا من الأيمن فقرح، و إن كان من الأيسر فحيض على قول الشيخ(2) و ابن بابويه(3) و الرواية(4) لا تساعدهما. و ابن الجنيد عكس القول(5).
و هو ما نقص عن تسع سنين، و لا مع الكبر، و هو ما زاد على خمسين في غير القرشية و النبطية، و ستّين فيهما.
228. الثالث: اضطرب قول علمائنا في الحبلى هل ترى الحيض أم لا؟(6)
و الأقرب عندي أنّها تراه، فتفعل ما تفعل الحائض.
ص: 97
و فيه ستّة مباحث:
فلو رأته دون الثلاثة لم يكن حيضا، و أكثره عشرة، فالزائد غير حيض.
و هل يشترط التوالي في الثلاثة أم يكفي كونها من جملة العشرة ؟ الأقرب الأوّل، و القولان للشيخ(1).
و لا اعتبار باللون حينئذ.
صار ذلك عادة ترجع إليها، و لا حاجة إلى معاودة الدم ثالثا، كما لا اعتداد في العادة بما رأته أوّلا.
و لا حدّ لأكثره، و تحديد أبي الصلاح بثلاثة أشهر(2) على سبيل التغليب.
و في أيّام الطهر طهر، و كذا غيرهما من ألوان الدم.
فالدمان و ما بينهما حيض، و لو تجاوزت العشرة فله تفصيل يأتي.
ص: 98
و لو تأخّر عشرة، ثمّ عاد، كان الأوّل حيضا بانفراده، و الثاني كذلك إن اجتمعت فيه الشرائط.
و فيه ثمانية مباحث:
فالمرأة إمّا مبتدأة، أو ذات عادة مستقيمة، أو مضطربة، و إمّا ذات تميز أو لا، فالأقسام أربعة جامعة وصفي التميز و العادة، و فاقدتهما، و فاقدة العادة، أو التميز.
أمّا الجامعة لهما، فإن اتّحد الزّمان، فلا بحث إجماعا، و ان اختلف فللشيخ قولان(1) أصحّهما العمل على العادة.
و أمّا فاقدتهما المبتدأة فإن انقطع لعشرة فما دون إلى الثلاثة، فهو حيض، و إن تجاوز(2) رجعت إلى عادة نسائها، فإن فقدن، فإلى أقرانها في السن، فإن فقدن أو اختلفن، تحيّضت في كلّ شهر سبعة أيّام أو ستّة، و قيل: ثلاثة، و قيل:
عشرة، و قيل: في الأوّل ثلاثة و في الثاني عشرة، و قيل: تجعل عشرة طهرا و عشرة حيضا(3).
و الوجه تخيّرها في تخصيص السبعة، فما تخصّصه فهو الحيض، و لا تقضي عبادة غيره.
ص: 99
أمّا فاقدة العادة المستقيمة، فإمّا مبتدأة أو مضطربة، و كلاهما ترجعان إلى التميز بشروط اختلاف اللون، و بلوغ ما هو بصفة دم الحيض ثلاثة، و عدم تجاوزه الأكثر و مجاوزة المجموع العشرة.
و لا يشترط في التميز التكرار، و لو رأت ثلاثة أيّام أسود، و ثلاثة أصفر، ثم عشرة أسود، قال الشيخ رحمه اللّه: تحيّضت بالعشرة الأخيرة، و قضت ما تركته في الثلاثة الأولى(1) و قيل: لا تميز لهذه(2).
و لو رأت خمسة أيّام دم الاستحاضة، ثم الأسود بقيّة الشهر، قال الشيخ:
يحكم في أوّل يوم ترى ما هو بصفة دم الحيض إلى تمام العشرة بأنّه حيض، و ما بعده استحاضة، فإن استمرّ على هيئته، جعلت بين الحيضة الأولى و الثانية عشرة طهرا، و ما بعد ذلك من الحيضة الثانية(3). و الأقرب عندي الرجوع إلى الروايات.
و تثبت العادة بتساوي التميز مرّتين عددا و وصفا، فتعمل في الثالثة عليه.
و أمّا فاقدة التميز، فانّها ترجع إلى عادتها إن كانت مستقيمة، و إن كانت مضطربة و لا تميز، رجعت إلى الروايات، و لها الخيار في التخصيص.
لتقدّمها تارة، و تأخّرها أخرى، سواء كان بصفة دم الحيض أو لا.
و لو رأت قبل العادة و فيها، أو فيها و بعدها، أو قبلها و فيها و بعدها، و لم
ص: 100
يتجاوز الأكثر، فالجميع حيض، و إلاّ فالعادة لا غير.
فهما حيضان مع تخلّل الطهر، و لو زاد عددها فهو حيض مع عدم التجاوز، و معه استحاضة.
مثل أربعة في الأوّل، و خمسة في الثاني، و ستّة في الثالث، ثم أربعة في الرابع، و خمسة في الخامس، و ستّة في السادس، و هكذا، رجعت في الشهر الذي(1) استحيضت فيه إلى نوبته، و لو نسيتها تحيّضت بالأربعة، و لو تيقّنت الأزيد تحيّضت بالخمسة، و هكذا.
أمّا لو اختلفت لا على ترتيب، مثل أربعة في الأوّل، و ستّة في الثاني، و ثلاثة في الثالث، و هكذا، فان ذكرت النوبة، تحيّضت عليها، و إلاّ فثلاثة.
فإن ذكرت أوّل الحيض، أكملته ثلاثة. و إن ذكرت آخره، جعلته نهايتها، و تعمل في بقيّة الزّمان ما تعمله المستحاضة، و تغتسل لانقطاع دم الحيض في كلّ وقت يحتمل، و تقضي صوم عشرة احتياطا ما لم يقصر وقتها عنها.
و لو لم تذكر الأوّل و الآخر، بل يوما منه مثلا، فهو الحيض بيقين، فيحتمل أن يكون آخره و أوّله و ما بينهما، فتعمل في المتقدّم ما تعمله المستحاضة، و تغتسل فيه عند كلّ صلاة، و كذا في المتأخّر، و تغتسل لاحتمال الانقطاع إلى آخر المحتمل.
و لو ذكرت العدد خاصّة، فالوجه تخيّرها، و قيل: تعمل في جميع الزمان
ص: 101
ما تعمله المستحاضة، و تغتسل للانقطاع في كل وقت محتمل له، و تقضي صوم العدد(1).
و لو نسيتهما معا تحيّضت في كلّ شهر بسبعة أيّام، و تتخيّر في التخصيص.
رجعت إلى أيّامها.
قد تعلم الوقت إجمالا، فان زاد العدد على نصفه، فالزائد و ضعفه حيض بيقين، فلو قالت: حيضي ستة في العشر الأول، فالسادس و الخامس حيض بيقين. فان خيّرناها في الأربعة فلا بحث، و إلاّ عملت ما تعمله المستحاضة في الأربعة الأولى، و اغتسلت آخر السادس عند كل صلاة، لاحتمال الانقطاع، و هكذا إلى العاشر.
و لو قالت: سبعة، أضعفنا اليومين، فكان من أوّل الرابع إلى آخر السابع حيض بيقين.
و لو قالت: خمسة من العشر الأول، فاليوم الأوّل طهر بيقين، فالسادس حيض بيقين. و لو كان الحيض نصف الوقت، أو أقصر(2)، فلا حيض بيقين، فان خيّرت فلا بحث، و إلاّ عملت ما تعمله المستحاضة في الزمان كلّه، ثم تغتسل من آخر العدد إلى آخر الزمان عند كلّ صلاة، لاحتمال الانقطاع عندها، إلاّ أن تعرف وقته فتغتسل عند تكرّره خاصّة، و كذا من نسيت الوقت أصلا.
و لو تيقنت حيض خمسة أيام و انّ أحد اليومين إمّا الخامس أو الخامس و العشرون مثلا حيض، فمن أوّل العاشر إلى آخر العشرين طهر بيقين، و يوم
ص: 102
الثلاثين كذلك، و الباقي مشكوك فيه.
و لو قالت: حيضي عشرة و كنت أمزج إحدى العشرات بالأخرى بيوم، فأوّل الشهر و آخره طهر بيقين؛ و لو قالت: بيومين، فيومان من أوّله و يومان من آخره طهر بيقين.
و لو قالت: حيضي تسعة و أخلط إحدى العشرات بيوم، فيومان من أوّل الشهر و يومان من آخره، طهر، و هكذا.
و لو قالت: حيضي خمسة و أخلطه بيوم، فالستة الأولى و الأخيرة و الخامس عشر و السادس عشر طهر بيقين.
و لو قالت: حيضي عشرة و أمزج النصف الأوّل و الثاني بيوم، فالستة الأولى و الأخيرة طهر بيقين، و الخامس عشر و السادس عشر حيض بيقين.
و لو قالت: حيضي تسعة و نصف و أمزج أحد النصفين بالثاني بيوم كامل و الكسر من أوّله، فقد علمت حيضها(1) و هو من نصف السابع إلى آخر السادس عشر، و الباقي طهر بيقين، و لو كان الكسر من آخره، فمن أوّل الشهر إلى آخر الرابع عشر، و من نصف الرابع و العشرين إلى آخره طهر بيقين، و الباقي حيض بيقين.
242. الثامن: إذا رأت ثلاثة أيّام دم الحيض، فيوما نقاء(2) و يوما دما،
و انقطع
ص: 103
على العشرة، فالجميع حيض، و إن تجاوز رجعت ذات العادة إليها، سواء استوعبها الدم، أو تخلّلها النّقاء بعد توالي الثلاثة، و يجوز لزوجها وطؤها بعد العادة في أيّام النقاء، و إن جاز انقطاعه على العاشر.
و إن نسيتها رجعت إلى التميز، فتترك العبادة كلّما رأت الدم، و تفعلها مع النقاء، و تجعل بين الحيضتين أقلّ الطهر، و كذا المبتدأة.
و فيه ستة و عشرون بحثا:
و لا ينعقدان لو فعلتهما، و تتركهما ذات العادة برؤية الدم في وقت عادتها إجماعا.
أمّا المبتدأة و المضطربة، فقال الشيخ: تتركهما بمجرّد الرؤية مع الاحتمال، فإن استمرّ ثلاثة أيّام فهو حيض قطعا، و إلاّ قضت ما تركت من الصلاة و الصوم(1).
و قال السيّد تتركهما بعد مضيّ ثلاثة أيّام(2).
إلاّ من سلاّر(3).
و يجوز لها الاجتياز إلاّ في المسجدين. و لو اتّفق لها الحيض في أحدهما، تيمّمت للخروج، و هل يكره لها الاجتياز في غيرهما؟ للشيخ قولان(4).
و يجوز لها الأخذ منها.
ص: 104
و لا يحرم غيرها، بل يكره ما زاد على سبع أو سبعين على الخلاف.
و يختص التحريم بالقبل، و ما فوق السرة و دون الركبة يجوز الاستمتاع به، و يكره ما بينهما، و قول المرتضى بالتحريم(1) ممنوع، و رواياته متأوّلة و معارضة بغيرها(2).
و لو طلّق لم يقع عندنا.
و هو شرط في الصلاة و الطواف و الصوم، و كيفيّته مثل غسل الجنابة، إلاّ أنّه لا بدّ معه من الوضوء.
بأن تدخل قطنة، فإن خرجت ملوّثة صبرت المبتدأة حتّى تنقى أو تبلغ العشرة.
و ذات العادة تستظهر بعد عادتها بيوم أو يومين، فإن استمرّ إلى العاشر(3)و انقطع، قضت ما فعلته من الصوم. و إن تجاوز أجزأها ما فعلته. و إن خرجت نقيّة اغتسلت.
ص: 105
بل سبب الوجوب ثابت(1)، و قول بعض فقهاء الجمهور بوجوبه غلط(2).
و لو دخل و هي طاهر، فلم تصلّ مع الإمكان، ثم حاضت قضت. و لو مضى أقلّ من الأداء و الطهارة لم يجب، و لو دخل الوقت و هي حائض فطهرت، وجب عليها قضاء الصلاة مع الترك، إن بقى من الوقت ما يتّسع للطهارة و أداء ركعة، فلو بقي إلى الغروب مقدار خمس ركعات و الطهارة، و أهملت، قضتهما، و إن وسع أربعا قضت العصر خاصّة. و إن وسع لأقلّ من ركعة سقطتا.
لرواية علي بن رئاب الصحيحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،(3) و أبي عبيدة عن الباقر عليه السّلام(4)و لا فرق بين السماع و الاستماع، و منع الشيخ(5) ضعيف.
257. الخامس عشر: يستحبّ لها ان تتوضأ عند كلّ صلاة(6) لا لرفع الحدث و لا للاستباحة،
بل تنوي التقرّب، و تذكر اللّه تعالى في مصلاّها بقدر صلاتها، و لو
ص: 106
توضّأت بنيّة التقرّب في وقت توهّم الحيض، فبان طهرا، لم تدخل به في الصلاة و الفرق بينه و بين المجدّد دقيق(1).
و لو نوت في هذا الوقت رفع الحدث لم تدخل به أيضا، و لو اغتسلت عوض الوضوء، لم تفعل المستحب. و لو فقدت الماء فالوجه عدم التيمّم.
و قد تقدّم، فلو وطئ متعمّدا عالما بالتحريم في أوّله، كفّر بدينار، - و قيمته عشرة دراهم - و في وسطه بنصف دينار، و في آخره بربع دينار.
و هل الكفّارة على الوجوب أو على الاستحباب ؟
قولان، أقواهما الاستحباب، و يجب عليه الاستغفار، و يعزّر.
و لو كانت أمته تصدّق بثلاثة أمداد من طعام، سواء كان في أوّله أو وسطه أو آخره، و الأوّل و الأوسط و الأخير يختلف باختلاف العادة.
و لو عجز عن الكفّارة سقطت وجوبا و استحبابا، و لو عجز عن البعض، فالوجه دفع الباقي.
و لا فرق بين وطء الزّوجة و الأجنبيّة، و لو وطئ جاهلا أو ناسيا، فالوجه عدم التعلّق، و لو وطئها طاهرا فحاضت في أثنائه، وجب عليه النزع مع العلم، فإن
ص: 107
أهمل تعلّقت به الكفّارة، و لو وطئ الصّبي لم يتعلّق به إثم، و لا كفّارة. و لو كرّر الوطء، فالوجه التفصيل، و هو التكرّر(1) مع اختلاف الزمان.
فإن استحلّه قتل، فإن كان جاهلا فلا عقوبة، و يجب عليه الامتناع من الوطء حالة الاشتباه تغليبا للحرمة.
و حكم النفساء حكم الحائض في ذلك.
بشرط أن يكون صافيا من الغش، و في القيمة نظر، و الأقرب عدم الإجزاء.
و لا يتعلّق به كفارة إجماعا.
و خلاف ابن بابويه(2) ضعيف، و لكنّه مكروه. و يستحب للزوج إذا غلبته الشهوة أن يأمرها بغسل فرجها، و لو كانت عادتها أقلّ من العشرة فانقطع عليها، حلّ وطؤها.
و كذا الجنب و إن كان من حرام، و الإبل الجلاّلة.
فليس عليها أن
ص: 108
تغتسل حتّى ينقطع حيضها، فلو اغتسلت لم ترتفع جنابتها.
و تنوي بالمتقدّم استباحة الصلاة، و هل تنوي به رفع الحدث أو بالمتأخر لا غير؟ فيه نظر، و ابن إدريس قال: تنوي بالغسل رفع الحدث تقدّم أو تأخّر، و بالوضوء الاستباحة تقدّم أو تأخّر(1).
و غير ذلك من الأعمال المندوبة.
و فيه ثمانية مباحث:
و قد يتفق أن يكون بهذه الصفات حيضا، إذا كان في العادة.
أو لدون البلوغ، أو مع سن اليأس، و مع الحبل على رأي، أو أقلّ من ثلاثة أيّام، و لم يكن دم جرح و لا قرح، فهو استحاضة.
بأن تدخل قطنة، فإن لطخها
ص: 109
الدم و لم يغمسها، وجب عليها إبدالها عند كلّ صلاة، و الوضوء المتعدّد، و خلاف ابن أبي عقيل(1) لا اعتداد به، و لو غمسها الدم و لم يسل، لزمها تغيير القطنة و الخرقة و الغسل لصلاة الغداة (و الوضوء لكلّ صلاة.
و لو سال وجب عليها تغيير القطنة و الخرقة، و الغسل لصلاة الليل و الغداة)(2) إن كانت متنفّلة، و غسل آخر لصلاة الظهرين، و ثالث للعشاءين تجمع بينهما، بأن تقدّم المتأخرة، و تؤخّر المتقدّمة، و الوضوء لكل صلاة.
و تستبيح مع الوضوء كلّ ما يستباح به ما شرطه الطهارة، و يجوز وطؤها، و لو لم تفعل الأغسال كان حدثها باقيا، و لا يصحّ صومها، بل يجب عليها قضاؤه.
و الأقرب إباحة وطئها، و لو أخلّت بالوضوء أو الغسل، لم تصحّ صلاتها.
بأن تحتشي و تستثفر(3) و تحتاط بحشو القطن و ما أشبهه.
274. السادس: قال الشيخ اذا انقطع دمها انتقض وضوؤها(4)
و الوجه ذلك إن كان للبرء، و إلاّ فلا.
ص: 110
276. الثامن: إذا اغتسلت ثمّ احدثت ما يوجب الصغرى(1) أجزأها الوضوء الواحد،
و لو توضّأت قبل الغسل ثمّ أحدثت ما يوجب الصغرى، ففي الاكتفاء بالغسل نظر.
و كذا ما يوجب الطهارتين.
و فيه أحد عشر بحثا:
و هو إمّا بعدها أو معها، - و لا اعتبار بالموجود قبلها - سواء كانت الولادة للتمام أو النقصان أو الإسقاط، و لو ولدت و لم تر دما، فلا نفاس.
أمّا ذات العادة في الحيض، فترجع إليها إن تجاوز العشرة، و إلاّ فالجميع نفاس، و لا حدّ لأقلّه، بل جائز أن يكون آنا واحدا.
إلاّ في تحديد الأقلّ .
فهو النفاس دون ما قبله، و لو رأت عقيب الولادة ثمّ انقطع، و رأته فيه(2) فالدمان و ما بينهما نفاس.
ص: 111
و لو ولدت ولدين، فابتداء النفاس من الأوّل، و عدد أكثر الأيّام من الثاني، و لو اتّصل الدم فالزائد عن العشرة من وضع الثاني استحاضة، سواء صادف أيّام عادتها في الحيض أو لا.
أمّا النطفة و العلقة فلا، و لو خرج بعض الولد فالدم نفاس.
فإن خرجت نقيّة فهي طاهر، و إلاّ صبرت نفساء حتّى تنقى، أو يمضي أكثر الأيّام، و هي عشرة إن كانت عادتها، و إلاّ فعادتها، و استظهرت بيوم أو يومين، و بعض المتأخّرين غلط هنا(1).
لتضمّن الأحاديث الحوالة على الحيض(2).
و هل ترجع إلى عادة أمّها و أختها في النفاس ؟ الوجه لا. و رواية أبي بصير(3)ضعيفة.
سواء صادف أيّام العادة في الحيض، أو لا، لأنّ دم حيض احتبس، فلا يعقّبه حيض.
ص: 112
فإن انقطع العشرة، فنفاس، و لو تجاوز احتمل جلوسها ستّة أيّام، أو سبعة، و احتمل عشرة.
و إلاّ فاستحاضة(1).
و مطالبه خمسة
و فيه أربعة مباحث:
و أن لا يبيت إلاّ و وصيّته تحت رأسه، و الصبر على المرض، و حسن الظنّ باللّه تعالى، و ترك تمنّي الموت لضرّ وقع به، و عيادة المريض، و الإذن للعائدين من الدخول عليه، و الدعاء له، و ترغيبه في التوبة و الوصيّة، و أن يلي أمره أرفق أهله به.
و هو استقبال
ص: 113
القبلة بالميّت، بأن يلقى على ظهره، و يجعل وجهه و باطن قدميه إليها، على خلاف(1).
و الإقرار بالنبيّ و الأئمّة عليهم السّلام، و كلمات الفرج، و أن ينقل إلى مصلاّه، و إن مات ليلا أسرج عنده مصباح، و لا يترك وحده، بل يكون عنده من يقرأ القرآن، فإذا مات غمضت عيناه، و أطبق فوه، و مدّت ساقاه و يداه إلى جنبه، و غطّي بثوب، و أخذ في تجهيزه عاجلا، إلاّ أن يشتبه موته، فيستبرأ بالعلامات، أو يصبر عليه ثلاثة أيّام.
و أن يترك على بطنه حديد.
و فيه خمسة و عشرون بحثا:
و يستحبّ أن يستقبل به القبلة كما في الاحتضار، و أن يوضع على سرير أو ساج، و أن يغسل تحت الظلال، و أن يجعل للماء حفيرة، و يكره الكنيف، و لا بأس بالبالوعة، و أن ينزع قميصه من تحته بفتق جيبه، و يستر عورته، و يلين أصابعه برفق.
و أن يغسل بماء
ص: 114
السدر، و يبدأ بالرأس، ثمّ بالجانب الأيمن، ثم الأيسر.
فإن لم يوجد فبالخطمي، و يغسل فرجه بالسدر و الحرض(1)، و يغسل يداه، و يبدأ بشقّ رأسه الأيمن(2)، و أقلّ ما يلقى في الماء من السدر ما يحصل به الاسم، فإذا فرغ من تغسيله بماء السّدر، وجب أن يغسله بماء الكافور على ما تقدّم، ثم يغسله بماء القراح ثالثا، مرتّبا كالجنابة.
و أن يمسح بطنه في الغسلتين الأوليين(3) برفق، إلاّ في الحامل، و أن يقف الغاسل على الجانب الأيمن، و يغسل يديه مع كلّ غسلة، و ينشفه بثوب بعد الفراغ.
أو يقصّ أظفاره، أو يرجّل شعره(4)، أو يغسل مخالفا، فإن اضطرّ غسله غسل أهل الخلاف.
لا واجب على أقوى القولين.
إلاّ مع الضرورة(5)، فإن عدم الكافور و السدر غسل بالقراح، و هل يكفي الواحدة ؟ فيه إشكال.
و لو قصر الماء إلاّ عن واحدة، فالأقوى وجوب الغسل بماء السدر، و هل
ص: 115
ييمّم للباقي ؟ الأقرب السقوط.
299. الثامن: لو خيف من تغسيله تناثر جلده(1)
كالمجدور(2) و المحترق، أو خاف الغاسل من استعمال الماء، و لم يتمكّن من إسخانه، أو فقد الماء يمّم بالتراب، كالحيّ العاجز.
و الرجال أولى من النساء، و الزوج أحقّ من كلّ أحد، فإن طلّقها رجعيّا فكالزوجة، و بائنا كالأجنبيّة، و يستوي المدخول بها و غيرها، و أمّ الولد، و الزوجة، و في الأمة غير أمّ الولد إشكال.
قال ابن جنيد: و يغسل الخنثى أمته(3).
فإن مات مسلم غسله مثله، فان فقد فذات الرحم من فوق الثياب، فان فقدت امرت النساء الأجانب الكافر بالاغتسال أوّلا، ثمّ علمته غسل الإسلام، فيغسله، و في إعادة الغسل مع وجود المسلم قبل الدفن إشكال.
و كذا لو ماتت مسلمة غسلها مثلها، فإن فقدت غسلها ذو الرحم المحرم من فوق الثياب، فإن فقد غسلتها الكافرة، و لو فقدت دفنت بغير غسل، و روي أنّهم يغسلون محاسنها و يديها و وجهها(4).
ص: 116
و لا يغسل الرجل الأجنبية، إلاّ إذا كانت لدون ثلاث سنين مجردة، و كذا المرأة.
و الأقرب وجوب الغسل على من مسّ الميّت بعد غسل الكافر له، لا بعد القتل بالرجم و الحد مع سبق الغسل قبل القتل، و لا الشهيد.
إلا الخوارج و الغلاة.
بل يصلّى عليه، فإن نقل منها حيّا، ثم مات، غسل و كفن و صلّى عليه.
يؤمر بالاغتسال أوّلا، و التكفن(1)، ثم يقتل و يصلّى عليه و يدفن بغير غسل ثان.
عملا بالعموم في واقعة أحد(2).
فلا يغسل الصبيّ ، بل يدفن بثيابه.
فهو شهيد، أكل أو لا، و إن مات بعد انقضائها غسل، و إن لم يأكل.
فهو شهيد، و كذا
ص: 117
لو وجد غريقا أو محترقا حال القتال، و لو بقي بعد القتال و لو ساعة فليس بشهيد.
و قتيل أهل البغي لا يغسّل و لا يصلّى عليه، و قتيل أهل العدل في جهاد أهل البغي(1) لا يغسل و يصلّى عليه.
و لو رجع عليه سلاحه فقتله، فهو شهيد.
فإن كان فيه الصدر، أو الصدر وحده، فهو كالجملة، و إن كان غيره، فإن كان فيه عظم غسل، و كفن(2) في خرقة و دفن، و كذا السقط لأربعة أشهر فصاعدا، و إن خلا من العظم لفّ في خرقة و دفن. و كذا السقط لدون أربعة.
بدأ بمن يخشى فساده، فإن تساويا قدم الأب على الابن، و ابن الابن على الجدّ، و أسنّ الأخوين على أصغرهما، و من تخرجه القرعة مع التساوي.
أزيلت عن بدنه، و لا يحتاج إلى إعادة الغسل و لا الوضوء، خلافا لابن أبي عقيل(3).
ص: 118
و لا يدلك جسده، و يربط الغاسل جراحاته بالقطن و التعصيب، فإن بان الرأس، غسل أوّلا ثمّ الجسد، و يضع القطن فوق الرقبة، و يضم إليه الرأس، و يجعل في الكفن، و كذا في القبر، و يوجّه إلى القبلة.
و فيه ثلاثون بحثا:
و الواجب أن يكفن بثلاثة أثواب - على أظهر القولين -: مئزر و قميص و إزار.
319. الثالث: يستحبّ أن يزاد للرجل حبرة عبريّة(1) غير مطرزة بالذهب،
فإن تعذرت فلفافة أخرى، و خرقة لشدّ فخذيه، طولها ثلاثة أذرع و نصف في عرض شبر أو أزيد بقليل، يشدّ طرفاها على الحقوين، و يلفّ بالمسترسل الفخذان بقوّة، و تزاد المرأة على كفن الرجل لفافة لثدييها و نمطا(2) استحبابا.
و يكره الممتزج و الكتان.
ص: 119
و ينثر عليها شيئا من الذريرة(1) و فرش فوقها الإزار، و ينثر أيضا عليه ذريرة، و فرش فوقه القميص.
و أنّه يشهد الشهادتين، و أسماء الأئمّة عليهم السّلام بتربة الحسين عليه السّلام و إن لم توجد فبالإصبع، و يكره بالسواد.
و أن يبل الخيوط بالريق.
فإن لم يوجد فمن السدر، فإن تعذّر فمن الخلاف، فإن تعذّر فمن غيره من الشجر الرطب.
و فرغ من غسله، شرع في تحنيطه، و يستحبّ أن يكون بعد اغتساله، فإن تعذّر، توضّأ للصلاة، فيعمد إلى قطن فيذر عليه ذريرة، و يضعه على قبله و دبره، و يحشو القطن في دبره، ثم يلفّ فخذيه بالخرقة ثمّ يؤزره بالإزار، و يكون عريضا يبلغ من صدره إلى رجليه، ثمّ يعمد إلى الكافور، فيسحقه بيده، ثمّ يمسح به مساجده.
و الواجب أقلّ ما يقع عليه الاسم، و أكمل الفضل في ثلاثة عشر درهما
ص: 120
و ثلث، و دونه أربعة دراهم، و أدون منه مقدار درهم، فإن تعذّر دفن بغير كافور، ثمّ يرد القميص عليه.
ثمّ يأخذ الجريدتين فيجعل إحداهما من جانبه الأيمن مع الترقوة ملصقة(1) بجلده، و الأخرى من الأيسر بين القميص و الإزار، ثمّ يعمّمه فيثنى وسط العمامة على رأسه بالتدوير، و يحنكه بها، و يطرح طرفيها على صدره، ثم يلفّه(2) في اللفافة، فيطوي الجانب الأيسر على الأيمن، و الأيمن على الأيسر(3)و كذا الحبرة، و يعقد طرفيها من قبل رأسه و رجليه.
و يكره أيضا أن يجعل فيها قطن، إلاّ أن يخاف خروج شيء منها، فتنتفي الكراهيّة.
عدا الكافور و الذريرة.
لقوله عليه السّلام:
«لا تقرّبوه طيبا فانّه يحشر يوم القيامة ملبّيا»(4).
ص: 121
فيه نظر.
جاز أن يكفن في قميصه إذا كان نظيفا، و يقطع أزراره دون الأكمام.
و ولد الزنا كغيره، و النفساء كغيرها.
إلاّ المخالف، فإن تعذّر وضعها في الكفن للتقية طرحت في القبر، فإن تعذّر دفن بغير جريدة.
وجب طرحه معه في الكفن.
و لاقت جسده غسلت بالماء، و إن لاقت كفنه فكذلك، فإن خرجت بعد طرحه في القبر، قرض الكفن.
و انّما يلزمه قدر الواجب.
فما فضل صرف في الدين إن كان، فإن فضل أو لم يكن، صرف في الوصيّة، فإن فضل أو لم تكن، صرف إلى الورثة.
ص: 122
و لا يجب على المسلمين(1)، بل يستحبّ استحبابا مؤكّدا، و كذا ما يحتاج إليه من كافور و غيره.
343. السابع و العشرون: للورثة أن يمتنعوا(2) من بذل الفاضل على القدر الواجب في الكفن،
و لبعضهم أيضا. و لو اتّفقوا على البذل و هناك دين و التركة قاصرة، فللغرماء المنع.
344. الثامن و العشرون: تجمير الأكفان(3) مكروه،
و كذا اتباع الجنازة بالمجمرة.
و النظر يتعلق بأمور ثلاثة
و فيه عشرة مباحث:
إذا بلغ ستّ سنين، و يستحب على من لم يبلغها إذا ولد حيّا، أمّا السقط فلا يصلّى عليه و إن ولجته الروح. و لا فرق بين الحر و العبد و الذكر و الأنثى في ذلك كلّه.
فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم صلّى على شهداء بدر و أحد(1)، و كبّر على حمزة سبعين تكبيرة(2).
سواء كان في البلد أو غيره، و ما نقل من صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم على النجاشي(3) محمول على الدعاء و الترحّم.
لا اعتداد به(1) لانقراضه، و فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم على خلافه(2)، فانّه صلّى على امرأة ماتت في نفاسها(3).
و صرفها إلى المؤمنين بالنيّة.
و لم يظهر عليه أثره كالختان، فإن كان في دار الإسلام غسل و صلّى عليه، و إلاّ فلا.
فإن كان فيه الصدر، أو الصدر وحده، صلّى عليه، و إلاّ فلا.
المقتول قصاصا أو حدّا، و الميّت حتف أنفه في قتال الكفار، و الشهيد عندنا، و قتيل الحربي اغتيالا من غير قتال أو بقتال، و القتيل ظلما، و المبطون و الغريب، يصلّى عليهم.
و هو الذي كتم غنيمته أو بعضها ليختص بها، و على قاتل نفسه.
ص: 125
و فيه اثنا عشر بحثا:
و الأب أولى من الابن،(1) و الولد أولى من الجدّ، و كذا ولد الولد أولى منه، و الأخ المتقرّب من الطرفين أولى من المتقرّب بأحدهما، و الزوج أولى بالمرأة(2) من كلّ أحد، و الذكر أولى من الأنثى، و الحرّ أولى من العبد.
فإن فقدها استناب.
قدّم الأفقه فالأقرأ فالأسنّ فالأصبح(3).
أو أخ رقيق و عمّ حرّ، فالأقرب تقديم الحرّ.
رجع إلى القرعة أو التّراضي.
و إن كملت فيه الشرائط.
و الهاشمي أولى من غيره مع استجماع الشرائط و تقديم الوليّ له، و يستحبّ له تقديمه.
فيه نظر، أقربه أنّه ليس له ذلك، لأنّ رغبة الوليّ يجوز ان يستند إلى علمه باستجابة دعائه، و هو غير متحقّق في النائب.
و مع اجتماعهنّ تقف إمامتهنّ في وسطهنّ .
قدّم الأولى بالإمامة.
و فيه ثمانية عشر بحثا:
369. الأوّل: يستحبّ لمن شيّع الجنازة أن يمشي خلفها، أو إلى أحد جانبيها، متفكّرا(1) في أمر الآخرة،
و إعلام المؤمنين ليتوفّروا على تشييع المؤمن(2)، و تربيع الجنازة: و هو حملها بجوانبها الأربع، بأن يبدأ بالجانب الأيمن من مقدم
ص: 127
السرير، فيضعه على كتفه الأيمن، ثمّ يضع القائمة اليمنى من عند رجليه على كتفه الأيمن أيضا، ثمّ يضع القائمة اليسرى من عند رجليه على كتفه الأيسر، ثمّ القائمة اليسرى من عند رأسه على كتفه الأيسر، و أن يقول من رأى جنازة: الحمد للّه الّذي لم يجعلني من السواد المخترم، و الإسراع بها، و أن لا يجلس حتّى يوضع الجنازة عن أعناق الرجال.
و يكره المشي أمامها إلاّ لعارض، و الركوب خلفها إلاّ لضرورة، و التحدث بشيء من أمور الدنيا، و الضحك، و رفع الصوت، و لا يستحبّ القيام لرائي الجنازة(1).
أن يكبّر المصلّي خمس تكبيرات، بأن يكبّر و يتشهد الشهادتين، ثمّ يكبّر و يصلّي على النبيّ و آله عليهم السّلام، ثم يكبّر و يدعو للمؤمنين، ثمّ يكبّر و يدعو للميّت إن كان مؤمنا، و عليه إن كان منافقا، و بدعاء المستضعفين إن كان كذلك(2).
و إن جهل حاله سأل اللّه تعالى أن يحشره مع من يتولاّه، و إن كان طفلا سأل اللّه تعالى أن يجعله له و لأبويه فرطا، ثمّ يكبّر الخامسة و ينصرف.
و استقبال القبلة، و جعل رأس الجنازة إلى يمين المصلّي، و التكبيرات.
و هل الدعاء بينها واجب أم لا؟ الأقرب وجوبه، و لا يشترط فيها الطهارة، بل يستحبّ .
ص: 128
إلاّ مع اتّصال الصفوف، و لا الصلاة عليه إلاّ بعد تغسيله و تكفينه، فإن تعذّر الكفن طرح في القبر، و سترت عورته، ثم صلّى عليه.
و وقوف الإمام عند وسط الرجل و صدر المرأة، و أن ينزع نعليه، و يرفع يديه في كلّ تكبيرة على أقوى القولين، و الوقوف بعد الصلاة حتّى ترفع الجنازة، و الصلاة في المواضع المعتادة لها، و يجوز في المساجد.
لأنّ المراد المبادرة، و هو ينافي ذلك.
و ينصرف بالرابعة.
و لا يبرز عنهم كالنساء، و غيرهم من الأئمّة يتقدّم إمام الصف و إن كان المؤتمّ واحدا.
و لو اقتدى النساء بالرجال، وقفن خلفهم، و الحائض تنفرد عن النساء في صف بانفرادها.
جعل الرجل ممّا يلي الإمام و يجعل صدرها عند وسطه، ليقف الإمام موضع الفضيلة بالنسبة إليهما معا، و لو كان معهما طفل لا يصلّى عليه، جعل وراء المرأة مما يلي القبلة، لأنّ المرأة أحوج إلى الشفاعة منه، و إن كان معهم عبد، جعل متوسّطا بين الرجل و المرأة، و إن
ص: 129
كان معهم خنثى، جعل متوسّطا بين العبد و المرأة، و الأفضل تفريق الصلاة، و مع الجمع ينبغي التقديم بخصال دينيّة، ترغب في الصلاة عليه. و عند التساوي لا يستحق القرب إلاّ بالقرعة، أو التراضي.
تابعه المأموم، ثم يكبّر الفائت ولاء، و ان رفعت الجنازة، و لو دفنت أتمّ على القبر، و لو أدرك الإمام بين تكبيرتين لم ينتظر تكبيرة الإمام، و لو سبق المأموم، أعاد مع الإمام استحبابا.
يستحبّ له أن يصلّي على القبر يوما و ليلة، ثمّ لا يصلّي بعد ذلك على أظهر القولين.
و إن كان أحد الأوقات الخمسة، ما لم يتضيّق وقت فريضة حاضرة، و لو كان في ابتدائه قدّمت الفريضة ما لم يخف على الميت.
و إن فعل بالنهار فهو أفضل، إلاّ أن يخاف على الميّت.
تخير بين استيناف الصلاة عليها من رأس، و بين إتمام الصلاة على الأولى، و استينافها للثانية.
و لا تسليم و لا افتتاح و لا استعاذة.
بل يكفي الواحد و إن كان امرأة.
ص: 130
أعاد الصلاة عليها بعد تسويتها، و إن دفنت فقد مضت الصلاة.
فالوجه أن صلاته لا تبطل، بل يكبّر الثانية له و إن كانت ثالثة للامام، ثمّ يتابعه، و يكبّر بعد فراغ الإمام الخامسة.
و فيه أربعة و عشرون بحثا:
و أقلّ الفرض حفيرة تحرس الميّت عن السباع، و تكتم رائحته مع القدرة، بعد غسله و تكفينه و الصلاة عليه، و أن يضجع على جانبه الأيمن، مستقبل القبلة، بحيث لا ينكب و لا يستلقى.
388. الثاني: يستحبّ أن يحفر القبر قدر قامة(1)
أو إلى الترقوة(2)، و يجعل اللحد ممّا يلي القبلة، و هو أفضل من الشق، و يجعل سعة اللحد قدر ما يتمكّن الرجل فيه من الجلوس، ثمّ توضع الجنازة على الأرض إذا وصلت إلى القبر، ممّا يلي رجليه إن كان الميّت رجلا، و قدّام القبر إن كانت امرأة، و أن ينقل في ثلاث دفعات، و أن يرسل إلى القبر سابقا برأسه، و المرأة عرضا، و أن ينزل من يتناوله حافيا كاشفا رأسه، حالاّ أزراره، داعيا عند إنزاله، و أن يحلّ عقد الأكفان من قبل رأسه و رجليه، و أن يوضع شيء من تربة الحسين عليه السّلام معه، و التّلقين و الدعاء له،
ص: 131
و شرج اللبن، و الخروج من قبل رجلي القبر، و إهالة الحاضرين التراب بظهور الأكف مسترجعين، و رفع القبر مقدار أربع أصابع، و أن لا يطرح فيه من غير ترابه، و تربيعه، و صبّ الماء عليه من قبل رأسه دورا و إلقاء الفاضل على الوسط، و وضع اليد عليه، و الترحم، و وضع لبنة أو لوح عند رأسه، و ترك شيء من الحصا على القبر، و تلقين الوليّ له بعد انصراف الناس رافعا صوته.
و نزول ذي الرحم القبر إلاّ في المرأة، و زوجها أفضل، فإن تعذّر فأحد ذوي أرحامها، فإن تعذّر فالنساء، فإن تعذّرت فبعض المؤمنين، و إهالة التراب على ذي الرحم، و تجصيص القبور، و تجديدها بعد اندراسها، و لا بأس بتطيينها ابتداء، و نقل الميّت إلى غير بلد موته، إلاّ إلى أحد المشاهد، فانّه مستحبّ ، و الاستناد إلى القبر و الاتّكاء عليه، و المشي، و التغوط بين القبور، و حفر قبر مع العلم بدفن آخر، إلاّ لضرورة، و بناء المسجد على القبر، و الصلاة عليه.
و نقل الموتى بعد دفنهم، و شقّ الثوب على غير الأب و الأخ.
وضع في وعاء بعد تغسيله و تكفينه و الصلاة عليه، ثمّ يترك في البحر، أو يثقل بشيء.
شقّ بطنها من الجانب الأيسر، و أخرج الولد، و خيط الموضع، و لو مات الولد دونها أدخلت القابلة، أو من يقوم مقامها، يدها في فرجها، و قطعت الصبيّ ، و أخرجته قطعة قطعة مع تعذّر خروجه.
تدفن في مقابر المسلمين لحرمة ولدها، و يستقبل بظهرها القبلة.
ثمّ ينزل بعد ذلك، و يدفن بعد الصلاة عليه.
فإن مات في بلد لا أحد من الأئمّة عليهم السّلام فيه، استحبّ نقله إلى بعض مشاهدهم(1) فإن تعذّر، دفن في مقبرة من يذكر بخير و فضيلة من شهداء أو صالحين.
اقتداء برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم حيث دفن أصحابه في المقابر(2)، و لما فيه من التوسعة على الورثة في منازلهم.
ص: 133
يدفن فيها هو و أهله و عشيرته.
و يقرع مع عدم السبق، فإذا دفن في المسبلة لم يكن لغيره الدفن فيه، إلاّ بعد اندراسه و العلم بأنّه قد صار رميما، فإن حفره فوجد عظما ردّه، و حفر غيره.
جاز للمالك الرجوع قبله لا بعده، إلاّ أن يبلى الميّت، أمّا لو غصبها فدفن فيها، كان للمالك قلع الميّت، و الأفضل تركه، و لو كان أحد الوارثين غائبا، فاختار الحاضر الدفن في أرض مشتركة بينهما، استحب للغائب مع حضوره ترك نقله.
و لو اتّفقت الورثة على دفنه في موضع، لم يكن لأحدهم نقله بعد ذلك، و لو اختار بعضهم الملك و بعضهم المسبّل قدّم اختيار المسبّل.
جاز للمشتري نقل الميّت، و الأفضل تركه(1) و في الإطلاق نظر، بل الصحيح انّ ذلك في المغصوب.
كان الكفن للورثة، إلاّ إذا كان من متبرّع، ففي العود إليه اشكال.
و يكره في الرجال.
ص: 134
و انّما المستحبّ تسطيحها.
«فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لما اقبر عثمان بن مظعون أمر بوضع حجر عند رأسه، فلم يقدر المأمور، فحسر عن ذراعيه عليه السّلام، ثمّ نقله فوضعه عند رأسه، و قال: أعلم بها قبر أخي، و أدفن إليه من مات من أهله(1)».
فإن كان له أو لغيره، ففي جواز شقّ بطنه و إخراجه إشكال، ينشأ من حرمة الميّت، و جواز الأخذ من التركة، و من تضييع المال و الإضرار بالوارث و المالك، و لو وقع في القبر ماله قيمة، جاز نبشه و أخذه.
أو وجّه إلى غير القبلة، أخرج و غسّل، أو وجّه إلى القبلة، ثمّ دفن، أمّا لو دفن بغير صلاة أو بغير تكفين، فالأقرب ترك نبشه، و الأولى أنّ حكم التكفين حكم التغسيل، و لو كفّن بثوب مغصوب، فالوجه جواز نبشه، و إعادة العين إلى صاحبها.
و الترحّم على أهلها، و الدعاء لهم، و قراءة القرآن عندهم للرجال و النساء، و ما يهدى إليه من ثواب القربات ينفعه.
و هو الحمل على الصبر بوعد الأجر، و الدعاء للميّت و المصاب، بعد الدفن و قبله، و أقلّه أن يراه صاحبها.
ص: 135
قال الشيخ رحمه اللّه: و يكره الجلوس للتعزية يومين و ثلاثة(1) و فيه نظر، قال:
و يجوز لصاحب المصيبة أن يتميّز عن غيره بإرسال طرف العمامة، أو أخذ مئزر فوقها في الأب و الأخ، و لا يجوز في غيرهما(2).
و ليس في التعزية شيء موظّف، و يستحبّ تعزية جميع أهل المصيبة، من الرجال و النساء و الصبيان، إلاّ الشابّ من النساء الأجانب.
و يكره تعزية أهل الذمة، و يعزّى المسلم بقريبه الكافر، و الدعاء للحيّ ، و يعزّى الكافر بقريبه المسلم و الدعاء للميّت.
و يستحبّ إصلاح طعام لأهل المصيبة، كما أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في موت جعفر عليه السّلام(3).
و البكاء جائز غير مكروه، فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم بكى على ابنه إبراهيم(4)، و على عثمان بن مظعون، و على جماعة من أصحابه(5).
و يحرم اللطم و الخدش و جزّ الشعر و النوح بالباطل.
ص: 136
و كذا لو مسّ قطعة منه فيها عظم، سواء قطعت من حيّ ، أو ميّت، و لو مسّ ما لا عظم فيه، وجب عليه غسل موضع الملاقاة خاصّة، و كذا لو مس ميّتا من غير الناس.
و لو مسّ الميّت بعد أن تيمّم لعذر وجب الغسل، و الأقرب وجوب الغسل على من مسّ الميّت بعد غسل الكافر له، لا بعد القتل بالرجم و الحدّ مع سبق الغسل قبل القتل، و لا الشهيد، و في مسّ الميّت الكافر إشكال.(1)
ص: 137
ص: 138
و فيه فصول
ثمّ إنّ العجز له أسباب، نذكرها في مباحث(1).
و فيه أحد عشر بحثا:
413. الأوّل: يجب مع فقدان الماء الطلب غلوة(2) سهمين في كل جهة من الجهات الأربع،
مع سهولة الأرض، و غلوة سهم من كل جهة مع حزونتها.(3)
فالوجه عدم وجوب الطلب.
ص: 139
وجب طلبه مع المكنة، إلاّ أن يضيق الوقت.
416. الرابع: لا فرق بين جوانب المنزل(1)، و صوب المقصد.
و قد طلب في الأولى، ففي وجوب الطلب ثانيا إشكال، أقربه عدم الوجوب، و لو انتقل عن ذلك المكان، وجب إعادة الطلب، و لا ينتقض تيمّمه إلاّ بالوجدان.
فلو أخلّ به ثمّ تيمّم و صلّى، فإن استمرّ الفقد صحّت الصلاة و إن عصى بترك الطلب، و إن وجد الماء مع أصحابه، أو في رحله بعد التيمّم و الصلاة، توضّأ و أعاد الصلاة.
و لا يجب استعماله في بعض الأعضاء، لا في الغسل و لا في الوضوء. و لو كان على جسده أو ثوبه نجاسة، و معه من الماء ما لا يكفيه لهما، أزال النجاسة بالماء، و تيمّم للصلاة.
و في وجوب القضاء إشكال، أمّا لو أراقه قبل الوقت، فلا قضاء.
بل لو عدم الماء في الحضر تيمّم و صلّى، و لا إعادة.
ص: 140
بل يجب بعد الدخول.
كما لو كان في بئر و لا آلة هناك، أو ازدحم الواردون مع ضعفه عن المقاومة، و هنا ثمانية مباحث.
وجب عليه التيمّم، لأنّه غير واجد.
سواء قلّ الثمن، أو كثر أضعافا مضاعفة، على أظهر القولين، و كذا البحث في الآلة.
وجب القبول، و لو وهب الثمن لم يجب(1).
- و ان كان موجودا - أو فوت [صلاة] العيد، تيمّم.
وجب عليه شراؤه، و لو لم يقدر لم يجب.
ص: 141
لم يجز المكابرة عليه.
فهو باق على ملكه ما لم يتصرف الموهوب.
وجب شراؤه من تركته، فإن لم يكن تركة، لم يجب على أحد شراؤه.
السبب الثالث الخوف من التلف أو المرض الشديد، أو الشين(1) أو تلف المال، أو ضياعه، أو اللص، أو السبع، أو البرد،
فإنّ هذه الأشياء مبيحة للتيمّم،
و هنا ثمانية مباحث:
وجب عليه، و لم يجز له التيمّم.
و كذا لو خاف عطش رفيقه، أو حيوان له حرمة.
أو أبقاه لوقت الحاجة، و تيمّم.
وجب استعماله.
وجب التيمّم.
ص: 142
كمن يخاف بالليل، و ليس هناك شيء يخافه سوى مجرد الوهم، لم يجز له التيمّم، على أحسن الوجهين.
و لا وجد المعاون(1) جاز له التيمّم، و لو وجد المعاون قبل خروج الوقت(2) فهو واجد، و لو خاف خروج الوقت قبل مجيئه، انتظر تضيّق الوقت.
وجب عليه الوضوء.
و فيه ستة مباحث:
سواء تفرّقت أجزاؤه كالتراب، أو لم يتفرّق كالطين اليابس، و يجوز التيمّم بالأعفر و الأسود و الأصفر و الأحمر و الأبيض، - و هو المأكول -، و السبخ و البطحاء و أرض النّورة و الجصّ ، و كل ذلك تراب.(3)
ص: 143
و بتراب القبر، و الممتزج بغيره مع بقاء اسم التراب، و الأقرب جواز التيمّم بالحجر.
442. الثالث: يكره التيمّم بالسبخة(1) و الرمل.
و لا ما أشبه التراب في النعومة و ليس به، كالاشنان و الدقيق، و لا بالتراب المغصوب، و لا النجس، و لا الوحل مع وجود التراب.
لا من المهابط.
أو لبد سرجه، أو عرف دابّته، و لو فقد ذلك تيمّم بالوحل، بأن يضع اليد(2) عليه، ثمّ يفركه بعد يبسه، و تيمّم به.
و لو لم يجد إلاّ الثلج اعتمد عليه بيده حتّى يحصل فيها نداوة، فيصرفها في بعض أعضاء الطهارة، إلى أن ينتهى بما يسمّى غسلا، فإن تعذّر ذلك، تيمّم به على رأي.
ص: 144
و فيه ثلاثة عشر بحثا:
و استدامتها حكما، و لا يجوز نيّة رفع الحدث، و لو نوى الجنب التيمّم بدلا من الوضوء، لم يجز.
ثمّ يمسح ظهر كفّه اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع ببطن اليسرى، ثم ظهر اليسرى ببطن اليمنى كذلك.
بأن يبدأ بالجبهة، ثمّ اليمنى، ثم اليسرى، و لو عكس أعاد على ما يحصل معه الترتيب.
و كذا استيعاب مواضع المسح، فلو أخلّ بجزء لم يصحّ .
و إن كان بدلا من الغسل ضرب ضربة للوجه، و أخرى لليدين، على أظهر الأقوال.
ص: 145
و مسح على الجبهة، و لو قطع بعضها مسح على الباقي.
و لو تعرّض لمهبّ الريح لم يكفه(1).
فلو يمّمه غيره بإذنه، و هو قادر لم يجزه. و إن كان عاجزا أجزأه.
فلو كان على وجهه تراب، فردّده بالمسح، لم يجز، و لو نقل من سائر أعضائه إلى وجهه، أو من يده إلى وجهه، فالأقرب عدم الجواز، و لو معك وجهه في التراب، لم يجز.
و لا يفتقر إلى تعيين الفرض و النفل من الصلاة، و لو نوى استباحة الفرض، دخل به في النفل، و يجوز النفل به بعد وقت تلك الفريضة و قبل فعلها إن سوّغنا التيمّم في أوّل الوقت، و لو نوى النفل، جاز الدخول به في الفرض، و كذا حكم جميع الطهارات، و لو نوى استباحة فرضين أجزأه، و صحّ الدخول فيهما.
و إن خفت.
ليقع المسح على جميع أجزاء الممسوح، و لا يلزمه أن يفرج أصابعه لا في الضربة الأولى و لا الثانية.
ص: 146
و فيه اثنان و أربعون بحثا:
إذا وقعت بشروطها، سواء كان في سفر أو حضر، و كذا المتعمّد للجنابة إذا لم يجد الماء، و كذا من منعه زحام الجمعة، خلافا للشيخ(1). و سواء كان على جسده نجاسة لا يتمكّن من إزالتها، أو لم يكن.
أمّا لو أخلّ بالطلب و صلّى ثمّ وجد الماء في رحله، أو مع أصحابه، فانّه يتوضّأ و يعيد الصلاة، و لو طلب فلم يجد، ثم تيمّم و صلّى، ثم وجد الماء في الوقت فلا يعيد.
صح تيمّمه كالمائيّة.
و يجوز مع تضيّقه بالإجماع، و في الجواز مع السعة قولان، أقواهما الجواز.
ص: 147
لم يجزه.
و لا ينتقض بدخول الوقت و لا بخروجه ما لم يحدث، أو يجد الماء، و لو وجد الماء فلم يتطهّر، ثمّ فقده، جدد التيمّم.
و لو وجده قبل الشروع انتقض تيمّمه إجماعا، و لو وجده في الأثناء فلا إعادة، و لو تلبّس بتكبيرة الإحرام، و فيه خلاف(1).
و لا يجوز أن يعدل بالفرض إلى النفل، و لا فرق في ذلك بين الفرض و النفل.
فأقوى الأقوال(2) سقوط الصلاة أداء و قضاء.
سواء نوى فريضة معيّنة، أو مطلقة، أو نوى نافلة، أو صلاة مطلقة، و لو نوى به فرض الطواف، دخل نفله، و بالعكس.
و لو نوى الصبيّ لإحدى الخمس ثمّ بلغ بغير المبطل، استباح به الفرائض
ص: 148
و النوافل على إشكال. و لو ذكر فائتة ضحوة النهار، فتيمّم لأدائها، و لم يؤدّ إلاّ ظهرا بعد الزوال، صحّ أداؤه.
بدلا من الغسل لا من الوضوء، لأنّ التيمّم عندنا لا يرفع الحدث.
و إن كان الماء موجودا، و لا يجوز الدخول به في غيرها.
و معهم من الماء ما يكفي أحدهم، اختصّ به مالكه، و لو كان مباحا أو ملك مالك يسمح ببذله(1) أو أوصى لأحقّ الناس به، اختصّ به الجنب، و قيل: الميّت.(2)
كان الجنب أولى منها، و لو كان الماء للميّت، اختصّ به، و الفاضل للورثة، لا يجوز استعماله بغير إذن، إلاّ مع خوف العطش، فيؤخذ بالتقويم.
و الجنب أولى من المحدث، لاستفادته ما لا يستفيده المحدث. و لو كان وفق المحدث(3) فهو أولى لاستفادته كمال الطهارة. و لو قصر عنهما، فالجنب أولى، لإمكان صرفه في بعض الأعضاء.
و لو كفى كلّ واحد، و فضل منه فضلة لا تكفي الآخر، فيه تردد، ينشأ من
ص: 149
كون الفضلة يستعملها الجنب، و من استفادة الجنب ما لا يستفيده المحدث.
و صحّت طهارته.(1)
لم ينصرف، فان فقده قبل الفراغ، أعاد التيمّم لما تستقبل من الصلوات(2). و وجهه أنّه متمكّن، و المنع الشرعي لا يقتضي زواله، و الأقرب عدم وجوب إعادة التيمّم.
أمّا لو دخل في نافلة، و قلنا بجواز الإبطال، وجبت الإعادة.
و لا يعيد.
أمّا مع القول بالتسوية في الكيفيّة، فالأقرب الجواز.
478. العشرون: لو نوى للجنابة استباح ما يستبيحه(3) المحدث المتطهّر و بالعكس،
و لو أحدث الأوّل حدثا أصغر، بطل تيمّمه. و لو تيمّم للجنابة و الحدث، ثم أحدث، بطل تيمّمه مطلقا، و هل يجب على الحائض و شبهها تيمّمان ؟ الأقرب ذلك على إشكال.
فالوجه وجوب تغسيله على إشكال.
ص: 150
كالركب أو الخضرة، لم يبطل تيمّمه، و إن وجب الطلب، سواء بان بطلان ظنّه أو لا، و لو كان في الصلاة لم يبطل صلاته، لأنّها لا تبطل مع تيقّن الماء، فمع توهّمه أولى.
بل يمسحها بالتراب، فلو كان محدثا تيمّم للحدث لا للنجاسة، و غسلها، و لو كانت النجاسة على الثوب المنفرد، غسله و تيمّم، و لو وجدت النجاسة في الثوب و البدن، غسل البدن دون الثوب إذا لم يسع الماء.
جاز له التيمّم، و لا يغسل الأعضاء الصحيحة، فان غسلها و تيمّم كان أحوط؛ قاله الشيخ رحمه اللّه(1) سواء كان أكثر بدنه أو أعضائه صحيحا، أو سقيما، و لا فرق بين تقديم غسل الصحيح على التيمّم و تأخيره، و لا يجوز التبعيض بأن يغسل السليم، و يتم باقي الأعضاء تيمّما، و كذا لو كان بعض أعضائه المغسولة مريضا لا يقدر على غسله و لا مسحه.
و للفائتة بذكرها، و للنافلة الراتبة بدخول وقتها.
فيصير(2) كما لو كان الماء قريبا منه و تمكّن من استعماله، فلم يستعمله حتّى ضاق الوقت.
ص: 151
و إن كان معه ماء يكفيه(1)للوضوء قبل الوقت، لعموم قوله: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّٰى شِئْتُمْ (2) و ليس بمكروه، فإذا جامعها و معه ما لا يكفيه للغسل، غسل فرجه و فرجها، ثم تيمّما و صلّيا.
و لو لم يكن ماء نزعه و صلّى عريانا، و لا إعادة عليه، و لو لم يتمكّن من النزع صلّى فيه بتيمّم، و لا إعادة. و قول الشيخ رحمه اللّه(3) لا تعويل عليه، لضعف مستنده(4).
انصرف و تطهّر، و هو تخريج.
لتضيّق الوقت و يخاف الفوت، و قد مضى وقت الطلب(5) و هو جيّد على أصله.
و هو ظاهر على أصلنا.
و معه من
ص: 152
الماء ما يكفيه للوضوء، تيمّم، و قول السيد(1) ضعيف.
قال الشيخ في المبسوط: و مسّ مصحف و سجود تلاوة و دخول مسجد و غيرها.(2)
و لا يشترط التيمّم.
سواء كان بنيّة الإسلام أو لا. و قول أبي يوسف:(3) إذا تيمّم بنيّة الإسلام و أسلم صلّى بذلك التيمّم(4) باطل.
توضأ و بنى على ما مضى من صلاته، ما لم يتكلم أو يستدبر القبلة؛ قاله الشيخان(5) و هي رواية زرارة و محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام و هي صحيحة(6). و نازع ابن إدريس في ذلك(7)، و هو قويّ .
و نقل
ص: 153
ابن إدريس عن بعض علمائنا عدم الكراهة.(1)
لم يفسد صلاته.
لم يجزئه إن أخلّ بالطلب، و إلاّ أجزأه. و لو كان الماء معلّقا في عنقه أو على ظهره، فنسيه، فإن طلب أجزأه، و إلاّ فلا، و كذا لو كان معلّقا على رحله، سواء كان راكبا و الماء مقدّم الرحل، أو مؤخّره.
498. الأربعون: لو وجد جماعة متيمّمون ماء يكفي(2) أحدهم في المباح،
انتقض تيمّمهم جميعا. و كذا لو كان ملكا لأحدهم، أو لأجنبي، فأباح من شاء منهم. أمّا لو وهب الجميع، أو أباحهم على الجميع، لم ينتقض تيمّمهم.
و لو أذن لواحد، انتقض تيمّمه خاصّة. و لو مرّ المتيمم على الماء، و لم يعلم به، لم ينتقض تيمّمه.
فالأقرب جواز الدخول مع خلوّ بدنه من النجاسة، و أخذ الماء و الاغتسال به خارجا، و لو فقد الآنية اغتسل فيه، ما لم يفتقر إلى اللبث.
و النظر في أمرين
و هي عشرة:
سواء كان حراما في الأصل كالأسد، أو عرض كالجلاّل و كموطوء الإنسان.
و قول الشيخ رحمه اللّه في المبسوط: إنّ بول الطّيور كلّها طاهر، سواء أكل لحمها أو لا، و كذا ذرقها إلاّ الخشّاف(1) ضعيف، و رواية أبي بصير(2) و إن كانت حسنة، لكنّها معارضة بغيرها(3).
أمّا بول ما يؤكل لحمه و ذرقه من أصناف الحيوان، فانّه طاهر إلاّ الدجاج، فانّ فيه خلافا(4). و بول ما لا نفس له سائلة و ذرقه، طاهران، و يكره بول البغال
ص: 155
و الحمير و الدّوابّ و أرواثها.
حلّ أكلها أو حرم، آدميّا كان أو غيره، و الأصح طهارة منيّ ما لا نفس له سائلة. و المذي و الودي(1) طاهران.
- لا ما يكون رشحا كدم السمك و شبهه - نجس، أمّا دم ما لا نفس له سائلة، فانّه طاهر كالبق و البراغيث و السمك.
و لا بأس بالصديد و القيح؛ قاله الشيخ رحمه اللّه(2). قال صاحب الصحاح: القيح المدّة لا يخالطها دم، و الصديد ماء الجرح المختلط بالدم قبل ان تغلظ المدّة(3).
و الدم المتخلّف في اللحم المذكّى ممّا لا يقذفه المذبوح، طاهر.
سواء كان آدميّا أو لم يكن، و كذا أبعاضها. و المنفصل من كلّ حيوان ينجس بالموت نجس و إن أبين من الحيّ .
و ما لا تحلّه الحياة كالعظم و الشعر فهو طاهر و إن أبين من الميّت، إلاّ أن يكون من حيوان نجس العين كالكلب و الخنزير و الكافر. و خلاف المرتضى(4)ضعيف.
ص: 156
و اللبن من الميتة المأكولة اللحم بالذكاة نجس، و في رواية زرارة الصحيحة عن الصادق عليه السّلام:
«لا بأس به»(1).
و الإنفحة من الميتة طاهرة، لرواية زرارة الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(2).
و البيضة من الميتة طاهرة، ان كانت قد اكتست الجلد الفوقاني.
و لو نزا على طاهر فأولده روعي الاسم.
و جميع الرطوبات المنفصلة منهما و سائر أجزائهما حلّتها الحياة أو لا نجسة، أمّا كلب الماء فالأصحّ فيه الطهارة، لأنّ إطلاق اسم الكلب عليه بالمجاز.
و قول ابن بابويه(3) ضعيف، و الروايات معارضة بمثلها(4) و عمل الأصحاب، و كذا العصير اذا غلى ما لم يذهب ثلثاه، و بصاق شارب الخمر طاهر ما لم يكن متلوّثا به.
و لو انقلب الخمر خلاًّ طهر، سواء كان من قبل نفسه أو بعلاج أو طرح أجسام طاهرة فيه، و إن كان المستحب تركه لينقلب من قبل نفسه، و لو طرح فيها أجسام نجسة و استهلكت، ثمّ انقلبت أو باشرها المشرك، فانّ الانقلاب لا يطهّرها.
ص: 157
و حكمه حكم الخمر عندنا بلا خلاف.
و هو كلّ من جحد ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة، سواء كانوا حربيّين أو أهل كتاب أو مرتدّين و كذا الناصب و الغلاة و الخوارج، و الأقرب انّ المجسّمة و المشبّهة كذلك، و ما عدا هذه الأعيان طاهر ما لم يباشر شيئا منها رطوبة كالهرّة، و الحمر الأهليّة، و البغال، و الفيل، و غيرها من المسوخ، و السباع، و الثعلب، و الأرنب، و الفأرة، و الوزغة، و سائر الحشرات، خلافا للشيخ(1) و كذا عرق(2) الجنب من الحرام، و عرق الإبل الجلاّلة، خلافا له(3).
و القيء طاهر، خلافا لشذوذ، سواء خرج قبل الاستحالة أو بعدها، ما لم يستحل غائطا، فانّه يكون نجسا، و في نقضه خلاف سلف، و كذا النخامة و البلغم، سواء نزل من الرأس، أو خرج من الصدر، و الحديد طاهر، و رواية إسحاق بن عمّار(4) ضعيفة.
و طين الطريق طاهر، ما لم يعلم فيه النجاسة، و طين المطر طاهر و يستحب إزالته بعد ثلاثة أيّام، و لو وقع عليه في الطريق ماء و لا يعلم نجاسته، لم يجب عليه السؤال إجماعا، و بنى على الطهارة.
ص: 158
و فيه اثنان و ثلاثون بحثا:
و عن الأواني لاستعمالها، و لا فرق في ذلك بين كثير النجاسة و قليلها في وجوب الإزالة إلاّ الدم، فانّ فيه تفصيلا يأتي، و لو جبر عظمه بعظم نجس وجب النزع مع الإمكان، سواء ستره اللحم أو لا.
كالتكة و الجورب و الخفّ و القلنسوة و النعل، و أضاف ابن بابويه العمامة(1) و هو ضعيف، و الوجه انّ الرخصة في هذه الأشياء إذا كانت في محالّها(2).
وجب إزالة قليله و كثيره عن الثوب و البدن، و إن كان غيرها كان نجسا، فإن شقّ إزالته و لم يقف سيلانه كالجروح الدامية و القروح اللازمة كان عفوا في الثوب و البدن، قلّ أو كثر، و إن لم يخرج عن النجاسة، و يستحبّ غسل الثوب في اليوم مرّة، و إن وجد طاهرا ففي وجوب الابدال إشكال.
ص: 159
و إن لم يشق إزالته، فإن كان فوق الدرهم البغليّ (1) سعة، وجب إزالته إجماعا عن الثوب و البدن، و إن كان دونه لم يجب إزالته إجماعا، و إن كان نجسا.
و إن كان قدر الدرهم، فقولان أقربهما وجوب الإزالة، و لو كان الدم متفرقا، فالأولى اعتبار الدرهم سعة على تقدير الجمع، فيزيله أو ما يحصل القصور عن الدرهم به(2).
و لا فرق بين الدماء كلها في ذلك، عدا الدماء الثلاثة، و استثناء الراوندي(3) و ابن حمزة(4) دم الكلب و الخنزير حسن، و لو أصاب الدم نجاسة غير معفوّ عنها، لم يعف عنه.
و لو لم يزل أثر دم الحيض بالغسل، استحب صبغه بالمشق.
و إلاّ تعددتا.
ص: 160
سواء كان يابسا أو رطبا، منيّ آدميّ (1) أو حيوان، ذكر أو أنثى.
و الواجب الغسل خاصّة.
و النجاسة السخينة أولى بتعداد الغسل، أمّا ما لا يشاهد من النجاسات فإنّها تطهر بالمرة.
و يكفي الدق و التقليب فيما يعسر عصره. و لو أخلّ بالعصر لم يطهر الثوب.
و يكفي في بول الرضيع صبّ الماء عليه وحده، ما لم يغتذ بالطعام، و تحديد ابن إدريس بالحولين(2) ضعيف.
و لا تتمكّن عن غسله في كلّ وقت، تجتزى بغسله مرّة واحدة في اليوم، و يستحب أن تجعل الغسلة آخر النهار لتقع الفرائض الأربع في طاهر، و اليوم اسم للنهار و الليل.
وجب غسل موضع الملاقاة، و لو اشتبه وجب تعميم الغسل. و لو كانا يابسين استحبّ رشّ الثوب بالماء، و لو كان في البدن غسل موضع الملاقاة رطبا، و مسحه بالتراب يابسا.
ص: 161
طهر محله، و قول الراوندي(1) و ابن حمزة(2) بجواز الصلاة عليه مع نجاسته باطل، لقول الباقر عليه السّلام في رواية صحيحة من زرارة، و قد سئل عن البول يكون على السطح، أو في المكان الّذي يصلّى فيه ؟: إذا جفّفته الشمس فصلّ عليه، فهو طاهر(3) و هو نص في الباب. و لو جفّ بغير الشمس لم يطهر إجماعا، و للشيخ قول آخر في الخلاف(4) ضعيف.
على أحد قولي الشيخ(5).
و الحصر و البواري و النباتات و شبهها.
فيه نظر. و رواية الأعرابي(1) ضعيفة عندنا، و معارضة بما روى عنه عليه السّلام من قوله فيها:
«خذوا ما بال عليه من التراب، و أريقوا على مكانه ماء(2)».
أو وقوع المطر أو السيل، بحيث يذهب أثر النجاسة، أو بوقوع الشمس حتى يجفّ في البول و شبهه على إشكال، قال الشيخ: أو بزوال الأجزاء النجسة، أو تطيين الأرض بالطّاهر(3) و ليسا في الحقيقة مطهّرين.
و لا فرق في التطهير بين قليل المطر و كثيره إذا زال العين و الأثر، و لو لم يزل الرائحة و اللون لم يطهر، و لو كانت النّجاسة جامدة أزيلت عينها، و لو خالطت أجزاء التراب أزيل الجميع.
و في القدم إشكال، و الصحيح طهارتها، و النار تطهّر ما أحالته.
إذا لاقته نجاسة طهر بالمسح(4) و فيه إشكال.
ص: 163
إذا انقلبت، و كالنطفة و العلقة إذا تكوّنتا إنسانا، و كالدم إذا صار قيحا أو صديدا. أمّا الخنزير و شبهه إذا وقع في ملاحة، فاستحال ملحا فإنّه لا يطهر.
و حكم الشيخ بتطهير اللّبن المضروب بماء نجس، مع صيرورته أجرا أو خزفا(1) و لا يطهر الدبس النجس إذا انقلب خلاًّ، و لو انقلبت الأعيان النجسة ترابا، ففي طهارتها إشكال.
و الكافر إذا أسلم طهر بدنه دون ما لاقاه برطوبة من ثيابه و غيرها قبل الإسلام، و لو تاب المرتدّ عن غير فطرة فكذلك، أمّا المرتدّ عن فطرة فالوجه أنّه كذلك أيضا.
غسله وجوبا، و إن اشتبه وجب غسل كلّ ما يحتمل إصابة النجاسة له، و لو علم حصولها في أحد الثوبين و جهل التعيين، غسلهما معا، و لو لم يجد الماء نزعهما و صلّى في غيرهما إن وجد، و إلاّ صلّى عريانا، و لا يتحرّى، و قال أكثر علمائنا: يصلّي في كلّ واحد منهما مرة، و هو الحق عندي، و قول ابن إدريس: إنّ الواجب افتتاح الصلاة مع العلم بوجوبها لا مع الشك(2) خطاء، لأنّهما عندنا واجبتان، إحداهما بالاشتباه، و الأخرى بالأصالة.
و لو تعدّدت الثياب النجسة، صلّى بعددها، و زاد صلاة على ذلك العدد، و لو صلّى الظهرين في أحدهما، ثم كرّرهما في الآخر، صحّتا معا. و لو صلّى الظهر في ثوب، ثم العصر في آخر، ثمّ الظهر فيه، ثم العصر في الأوّل، صحّت الظهر.
ص: 164
و لو غسل أحد الثوبين المشتبهين، و صلّى فيه، صحّت الصلاة إجماعا، و لا يجوز أن يصلّي في الآخر، و لو جمعهما و صلّى فيهما، لم تصحّ صلاته، سواء غسل أحدهما أو لا. و مع وجود الطاهر بيقين، لا يجوز أن يصلّي في المشتبه مع الأفراد أو التعدّد.
نزعه و صلّى عريانا، بالإيماء، و لا إعادة عليه؛ قاله الشيخ(1). و في رواية علي بن جعفر الصحيحة عن أخيه موسى عليه السّلام:
«يصلّي فيه»(2).
و الوجه عندي التخيير.
أعاد الصلاة مطلقا؛ و لو نسى حالة الصلاة فالوجه الإعادة في الوقت لا خارجه، خلافا للشيخ(3)؛ و لو لم يسبقه العلم، ثمّ علم بعد الصلاة لم يعد، لا في الوقت و لا خارجه، على خلاف في الأوّل.
نزعه و إن لم يكن غيره، و أخذ ساترا، و لو احتاج إلى فعل كثير قطع الصلاة، و ستر عورته، و لو لم يملك الساتر نزعه، و أتمّ من جلوس إيماء.
و لو حمل حيوانا طاهرا مأكول اللحم، صحّت صلاته، و كذا غير المأكول،
ص: 165
و لو حمل قارورة مضمومة فيها نجاسة، فقد تردّد الشيخ في الخلاف(1)، و أفتى في المبسوط بالبطلان(2).
و يكره للمرأة أن تصل شعرها بشعر آدميّ ، رجلا أو امرأة، و لا بأس بالحيوان الطاهر، و لو شرب خمرا، أو أكل ميتة فالأقوى وجوب القيء. و لو أدخل دما تحت جلده، فنبت اللحم نزعه مع المكنة.
و لو كان وسطه مشدودا بطرف حبل، و طرفه الآخر مشدودا في نجاسة كالكلب، لم يبطل صلاته، سواء كان واقفا على الحبل أو حاملا له، و سواء كان الكلب كبيرا لا يتحرك بحركته أو يتحرك، و كذا لو كان مشدودا في سفينة فيها نجاسة، سواء كان الشد في النجس أو الطاهر.
و يجوز الصلاة في ثياب الصبيان، و يكره في ثياب شارب الخمر و غيره من المحرمات، ما لم يعلم إصابتها لها.
و كذا يحرم عندنا استعمالها في غير الأكل و الشرب، و نصّ الشيخ على تحريم اتّخاذها(3) سواء الرجل أو المرأة في ذلك، أمّا المفضّض ففيه قولان، أقربهما الكراهيّة.
و يعزل الفم عن موضع الفضّة وجوبا؛ قاله الشيخ(4)، و يجوز اتخاذ الأواني من غير الجوهرين، و إن غلت أثمانها.
ص: 166
و أواني المشركين طاهرة حتى يعلم نجاستها، و لو تطهّر من آنية الذهب و الفضة، فالأقرب صحّة طهارته، بخلاف ما لو توضّأ في الدار المغصوبة، و كذا لو جعل آنية الذهب أو الفضة مصبّا لماء الطهارة.
أولاهنّ بالتراب، خلافا لابن الجنيد في العدد(1) و للمفيد في الترتيب(2). و إذا غسلت طهرت، و لم يجب تجفيفها.
و لو لم يجد التراب، قال الشيخ: اقتصر على الماء(3) و الأقرب حينئذ الاكتفاء بالمرتين،(4) و لو وجد ما يشبهه كالاشنان و الصابون أجزأ استعماله، و هل يجزي مع وجود التراب ؟ إشكال.
و لو خيف فساد المحلّ باستعمال التراب، فهو كالفاقد، و لو غسله بالماء مع وجود التراب لم يجزه.
و هل يمزج التراب بالماء؟ قال ابن إدريس: نعم(5)، و لم يثبت. و لو تكرّر الولوغ اتّحد الغسل، تعدّد الكلب أو اتّحد، و لا يغسل بالتراب إلاّ من الولوغ خاصّة، و يلحق بالكلب ما تبعه في الاسم، و جزم في المبسوط(6) و الخلاف(7) على
ص: 167
مساواة الخنزير له، و لم يثبت. و الحقّ عندي انّه يغسل من ولوغ الخنزير سبع مرات، لرواية علي بن جعفر الصحيحة عن أخيه الكاظم عليه السّلام.(1)
و لو غسله بالتراب ثمّ بالماء مرّة، ثمّ ولغ استأنف، و لا يجب الإكمال ثمّ الاستئناف.
و لو وقع إناء الولوغ في ماء قليل، نجس الماء، و لو كان في كثير لم يحصل للمغسول غسلة إلاّ مع القول بعدم الترتيب(2) أو يكون الوقوع بعد التراب.
سواء كان طاهرا في الحياة أو لم يكن، خلافا لابن الجنيد(1).
فإن كان مأكولا لم يفتقر إلى الدباغ؛ و هل يفتقر ما لا يؤكل لحمه مع التذكية إلى الدباغ ؟ نصّ الشيخ(2) و علم الهدى(3) عليه، و مع الدباغ لا يفتقر إلى الغسل، و لا يفتقر الدبغ إلى فعل، بل لو وقع المدبوغ في المدبغة فاندبغ طهر.
[تمّ كتاب الطهارة]
ص: 169
ص: 170
ص: 171
ص: 172
و [الصلاة] هي في اللغة الدعاء، و في الشرع أذكار معهودة مقترنة لحركات و سكنات مخصوصة يتقرّب بها إلى اللّه تعالى، و هي من أكمل العبادات، و أهمّها(1) في نظر الشرع.
قال الصادق عليه السّلام:
«أوّل ما يحاسب به العبد [عن] الصلاة، فإذا قبلت قبل [منه] سائر عمله، و اذا ردّت عليه ردّ عليه سائر عمله»(2).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «ليس منّي من استخفّ بصلاته، لا يرد عليّ الحوض لا و اللّه، ليس منّي من شرب مسكرا، لا يرد عليّ الحوض لا و اللّه»(3). و قال الصادق عليه السّلام: «إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصلاة»(4).
و سأله معاوية بن وهب عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربّهم، و أحبّ ذلك إلى اللّه عزّ و جلّ ما هو؟ فقال عليه السّلام:
«ما أعلم شيئا بعد المعرفة، أفضل من هذه الصلاة، ألا ترى انّ العبد
ص: 173
الصالح عيسى بن مريم عليه السّلام، قال وَ أَوْصٰانِي بِالصَّلاٰةِ وَ اَلزَّكٰاةِ مٰا دُمْتُ حَيًّا »(1).(2).
و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.
و هي واجبة بالنص و الإجماع، و معرفتها واجبة، لأنّ التكليف يستدعي العلم بالفعل الّذي وقع التكليف به، لاستحالة تكليف ما لا يطاق، فيجب معرفتها إمّا بالدليل أو بالتقليد لمن يصحّ تقليده من المجتهدين، فلو صلّى بتقليد العامي لم يعتدّ بها.
و الصلاة فعل يشتمل على أشياء، و يشترط له أشياء، و يبطله أمور، إمّا عمدا أو سهوا، و ينقسم إلى أنواع كثيرة، و أنا أسوق إليك لبّ الفتاوى المتعلّقة بذلك كلّه، و أهذّب لك فروعه، و أحيلك بالبراهين و ذكر الخلاف على كتابنا الموسوم ب «منتهى المطلب» بعون اللّه تعالى.
و هذا الكتاب يشتمل على مقاصد
ص: 174
و فيه فصول
و فيه ستة مباحث:
543 احدهما ما وجب(1) بأصل الشرع،
و هو خمس صلوات في كل يوم و ليلة: الظهر أربع ركعات، و العصر مثلها، و كذلك العشاء الآخرة، و المغرب ثلاث ركعات، و الغداة ركعتان.
و ترتيبها الظهر، ثمّ العصر، ثمّ المغرب، ثمّ العشاء، ثمّ الصبح، هذا في الحضر؛ أمّا في السفر، فيسقط من الرباعيات شطرها، و تستقر الباقيتان على حالهما(2).
و يجب أيضا صلاة الجمعة و العيدين و الكسوف و الآيات
ص: 175
و الزلزلة و الطواف و الأموات.
و هي أربع و ثلاثون ركعة:
أمام الظهر ثمان، و بعدها كذلك للعصر، و بعد المغرب أربع، و بعد العشاء ركعتان من جلوس يحسبان بركعة، و ثمان صلاة الليل، و ركعتا الشفع، و الوتر، و ركعتان للفجر.
و تسقط نوافل النهار عدا ركعتي الفجر في السفر، و في الوتيرة خلاف(1).
و الباقي من النوافل يأتي.
إلاّ صلاة الأعرابي(2) و الوتر، و سيأتي بيانهما، فلو زاد على اثنتين لم يجز، قاله في المبسوط(3).
و روي عن الكاظم عليه السّلام التعفير عقيب المغرب، و قال:
«إنّ الدعاء فيها مستجاب»(4).
ص: 176
549. الخامس: صلاة الضحى بدعة عندنا.(1)
و لو تطوّع جالسا جاز، و ينبغي أن يتربّع، فإذا أراد الركوع قام و ركع.
و النظر يتعلق بأمور
و فيه ثلاثة مباحث:
فالأوّل وقت الفضيلة، و الآخر وقت الإجزاء، و لا يمكن أن يكون الوقت قاصرا عن الفعل، إلاّ إذا كان القصد وجوب القضاء، لاستحالة تكليف ما لا يطاق، و قد وقع الإجماع على جواز التكليف مع التوافق، أمّا مع فضل الوقت، فالصحيح جوازه، خلافا لمن منع الواجب الموسّع، و قد ذكرناه في علم الأصول.
ثم الواجب الموسّع لا يختص زمان منه بالوجوب دون آخر، و يتضيق الوجوب عند آخره، و وجوب العزم عند التأخير إلى ثاني الحال من أحكام
ص: 177
الإيمان، لا لتحقّق البدلية.
أو ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن(1) لمن يستقبل القبلة، إلى أن يمضي مقدار أربع ركعات، ثمّ يشترك الوقت بينها و بين العصر إلى أن يبقى لغروب الشمس مقدار أربع ركعات، فيختصّ بالعصر. روى ذلك داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السّلام(2)، و هي مناسبة للدلائل العقلية.
فإذا غربت الشمس دخل وقت المغرب، و يعرف غروبها بغيبوبة الحمرة المشرقيّة، و لا يكفي استتار القرص على أصحّ القولين، إلى أن يمضي مقدار ثلاث ركعات، ثمّ يشترك الوقت بينها و بين العشاء إلى أن يصير لانتصاف الليل مقدار أربع ركعات، فيختصّ العشاء الآخرة.
و وقت الصبح طلوع الفجر الثاني المستطير(3) ضوؤه، الصادق، لا الفجر الأوّل الكاذب الّذي هو يبدأ مستطيلا(4)، ثم يمحى أثره(5) و يمتدّ الوقت إلى طلوع الشمس.
و للعصر عند الفراغ من فريضة الظهر إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء
ص: 178
مثليه، و للمغرب من غروب الشمس إلى غيبوبة الشفق، و هو الحمرة من جانب المغرب، و للعشاء الآخرة إلى ثلث الليل، و للصبح من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الحمرة المشرقيّة. و اللّه أعلم.
و فيه ستة مباحث:
و في النهاية: إلى أن يبلغ زيادة الظلّ قدمين(1).
و في النهاية إلى أربعة أقدام(2).
و يمتدّ بامتداد وقتها، قال الشيخ: و يستحبّ أن يجعلها بعد كلّ صلاة يريد أن يصلّيها(3).
و كلّما قرب من الفجر كان أفضل.
و تأخيرها إلى الفجر الأوّل أولى.
ص: 179
و نعني بالعذر ما يسقط القضاء، كالجنون و الصبي و الحيض و الكفر.
و له أحوال ثلاثة:
كما لو طهرت الحائض قبل الغروب، فيلزمها العصر، و لو طهرت قبله بمقدار الطهارة و خمس ركعات، وجبت الظهر أيضا، و الأربع في مقابلة الظهر لا العصر على إشكال، و تظهر الفائدة في المغرب و العشاء.
و كذا لو طهرت قبل انتصاف الليل بمقدار الطهارة و ركعة وجبت العشاء، و لو كان بمقدار خمس وجبت الفريضتان، و يكون مؤدّيا لكمال الفريضة على رأي، و لو اهمل حينئذ وجب القضاء، و لو قصر الوقت عن ركعة لم يجب.
فإذا دخل الوقت و مضى مقدار الطهارة و ما يتّسع للصلاة بكمالها، وجبت الصلاة. و لو حصل العذر وجب القضاء عند زواله. و لو لم يتّسع لكمال الفريضة لم يجب القضاء.
يكره ابتداء النوافل في خمسة أوقات:
ثلاثة منها للوقت: عند طلوع الشمس، و غروبها، و قيامها نصف النهار
ص: 180
إلاّ يوم الجمعة. و اثنان للفعل: بعد الصبح، و بعد العصر، إلاّ النوافل المرتبة، و ماله سبب، كصلاة الزّيارة، و التحية(1) و الإحرام و الطواف، أمّا قضاء النوافل في هذه الأوقات فليس بمكروه، و كره المفيد(2) قضاءها عند طلوع الشمس و غروبها خاصّة. أمّا الفرائض فلا تكره إجماعا، و كذا المنذورة، سواء أطلق النذر أو قيّده، و كذا صلاة الجنائز.
و يستحب إعادة الصلاة الواجبة جماعة لمن صلّى منفردا، و إن كان في أوقات النهي، كالصبح و العصر و المغرب، و لا فرق بين مكّة و غيرها في الكراهيّة، و لا بين الصيف و الشتاء، عملا بالعموم.
و فيه سبعة عشر بحثا:
إلاّ للمتنفّل في الظهرين، و للمجمع في الحرّ الشّديد، و للمفيض إلى المشعر في العشاءين، و للمستحاضة الكثيرة الدّم في الظهر و المغرب، و للمصلّي العشاء إلى أن يغيب الشفق المغربي، و لا إثم في تعجيل الصلاة الّتي يستحبّ تأخيرها.
564. الثاني: لو أخّر عن أوّل الوقت(3) لم يأثم،
و أجزأ ما يأتي به، و يكون مؤدّيا مع الاختيار. و يستقرّ الوجوب بمضيّ مقدار الطهارة و الفريضة من الوقت،
ص: 181
و لو تضيّق الوقت تحتّم و عصى بالتأخير، فلو ظهر فساد ظنّه و لمّا يخرج الوقت فهو أداء، و لو مات بعد المكنة قبل التضيّق، لم يعص و قضي عنه.
ثم جنّ ، أو حاضت المرأة، ثمّ زال العذر بعد وقتهما لم تجب الثانيّة.
استأنف مع بقاء الوقت، و في المبسوط: يتم(1)، و لو كان قد فرغ وجب عليه الاستئناف مع إدراك الطهارة و ركعة.
فمن صلّى قبل الوقت عامدا أو جاهلا أو ناسيا، بطلت صلاته. و روي تقديم نافلة الليل على انتصافه للمسافر أو للشاب الممنوع بالرطوبة من الاستيقاظ، و قضاؤها من الغد أفضل(2).
إلاّ أن يكون الوقت دخل، و هو متلبّس و لو بالتسليم، و المرتضى(3) و ابن الجنيد(4)أوجبا الإعادة.
و لو شكّ في دخول الوقت لم يصلّ حتّى يستيقن، أو يغلب على ظنّه إذا فقد طريق العلم، و لا يجوز له العدول إلى الظنّ مع إمكان العلم.
و لو أخبره عدل بدخول الوقت، فإن لم
ص: 182
يكن طريق سواه و الإخبار عن علم بنى عليه، لإفادته الظنّ ، و لو كان طريق علميّ لم يعوّل على قوله، و لو كان الإخبار عن اجتهاد لم يقلّد، و اجتهد، و لو سمع الأذان من ثقة عارف، و لم يتمكّن من العلم، رجع إليه، و إلاّ فلا.
فإن ظهر بطلان الإخبار قبل دخول الوقت، أعاد إذا لم يدخل متلبّسا.
لم يعتدّ بصلاته و لو اتّفقت في الوقت.
زاحم بها الفريضة، و كذا العصر.
ابتدأ بالعشاء، و لا يزاحم بما بقي بل يقضيه، و لو طلع الفجر، و قد صلّى أربع ركعات، خفّف الباقي، ثمّ صلّى الفريضة، و لو صلّى دون الأربع بدأ بالفريضة.
و لو ذكرها في أوّل وقت الحاضرة استحبّ تقديمها على الحاضرة، سواء اتّحدت الفائتة، أو تعدّدت، و قيل: بالوجوب(1)، و لو ذكر في أثناء الحاضرة عدل بنيته استحبابا أو وجوبا على الخلاف(2) مع إمكان العدول.
575. الثالث عشر: الفوائت مرتّبة(3) كالحواضر،
فلو فاته ظهر و عصر من
ص: 183
يوم، قدّم الظهر وجوبا، فإن عكس ناسيا عدل بنيّته، و لو لم يذكر حتّى يفرغ أجزأه ما فعله، و لو كان من يومين قدّم السابق منهما، و لو اشتبه سقط الترتيب وجوبا، و استحبّ على وجه الاحتياط، فيصلّى الظهر مرّتين، بينهما العصر، أو بالعكس.
فإن صلّى في الوقت المختص بالظهر أعاد بعد الظهر، و إلاّ اكتفى بالظهر، و كذا لو دخل الوقت المشترك، و هو في العصر.
و نافلة النهار بالليل، لما فيه من المبادرة إلى السّنن.
578. السادس عشر: قال الشيخ رحمه اللّه: الصلاة الوسطى هي الظهر(1)،
و قال علم الهدى رحمه اللّه: العصر(2).
579. السابع عشر: قال الشيخ رحمه اللّه: يكره تسمية العشاء بالعتمة و الصبح بالفجر(3).
ص: 184
و مطالبه أربعة
و فيه عشرة مباحث:
و قال الشيخ رحمه اللّه: الكعبة قبلة من شاهدها، أو كان في حكم المشاهد ممّن كان في المسجد، و المسجد قبلة لمن كان في الحرم، و الحرم قبلة لمن نأى عن الحرم(1) و الأوّل أقرب.
و كذا من صلّى جوف الكعبة.
فلو خربت و العياذ باللّه صلّى إلى جهتها.
و يستحبّ فيها النافلة، فلو صلّى جوفها بعد خرابها أبرز بين يديه بعضها، و لو صلّى على طرفها لم يصحّ ، و لو صلّى جوفها، و الباب مفتوح، صحّت صلاته، و إن لم يكن هناك عتبة مرتفعة.
بطلت صلاة الخارج خاصة، و لو وقف على طرف الكعبة و بعض بدنه على محاذاة ركن لم تصحّ صلاته.
ص: 185
و لا يحتاج إلى نصب شيء قدّامه، و رواية الشيخ رحمه اللّه(1) هنا ضعيفة. و لو لم يبرز شيئا بطلت صلاته.
كجبل أبي قبيس استقبل جهتها، و كذا لو صلّى في موضع منخفض عنها.
فأهل العراق إلى العراقيّ : و هو الّذي فيه الحجر، و أهل الشام إلى الشاميّ ، و أهل المغرب إلى المغربيّ ، و اليمن إلى اليمانيّ .
وضعها الشارع لمعرفة القبلة، فعلامة العراق و من والاهم: جعل الفجر على المنكب الأيسر، و المغرب على الأيمن، و الجدي محاذي المنكب الأيمن، و عين الشمس عند الزوال على طرف الحاجب الأيمن ممّا يلي الأنف، و القمر ليلة السابع عند المغرب في القبلة، و ليلة إحدى و عشرين في القبلة وقت الفجر.
و أمّا علامة الشام: فان يكون بنات النعش حال غيبوبتها خلف الأذن اليمنى، و الجدي خلف الكتف اليسرى إذا طلع، و موضع مغيب سهيل على العين اليمنى، و طلوعه بين العينين، و الصبا على الخد الأيسر، و الشمال على الكتف الأيمن.
ص: 186
و أمّا أهل المغرب: فان يكون الثريا على يمينه، و العيّوق على شماله، و الجدي على صفحة خدّه الأسير.
و أمّا أهل اليمن: فان يكون الجدي وقت طلوعه بين عينيه، و سهيل حين مغيبه بين كتفيه، و الجنوب على مرجع كتفه اليمنى.
و فيه ثلاثة عشر بحثا:
590. الأوّل: يجب الاستقبال في فرائض الصلوات(1)
مع العلم بجهة القبلة، و لو جهلها عوّل على الأمارات المفيدة للظّن.
و الواقف بالمدينة، ينزّل محراب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في حقّه منزلة الكعبة، فليس له الاجتهاد فيه بالتيامن و التياسر.
و القادر على الاجتهاد لا يجوز له التقليد، و يجوز أن يعوّل(2) على قبلة البلد إذا لم يعلم انّها بنيت على الغلط.
و الأعمى العاجز يقلّد المكلّف المسلم العارف، و لو فقده قال الشيخ رحمه اللّه:
يقلد الصّبي و المرأة،(3) و ظاهر كلامه في الخلاف ان يصلّي إلى أربع جهات مع
ص: 187
السعة، و مع الضيق يتخير،(1) و لو صلّى من غير تقليد بل برأيه و لم يستند إلى أمارة، فإن أخطأ أعاد، و إن أصاب، على إشكال.(2)
فإن غلب على ظنّه الجهة لأمارة عمل عليه، قاله العلماء كافّة، و لو لم يغلب الظن، و لا أمارة هناك، و اشتبه الحال، صلّى إلى أربع جهات كلّ فريضة مع السعة، و مع التضيق يصلّي ما يتّسع له الوقت، و لو كانت واحدة، و يتخير في الواجبة و الساقطة.
قال الشيخ: يعيد الاجتهاد، إلاّ أن يعلم عدم تغير الأمارات(3)، فلو اجتهد ثانيا و ظنّ غير الجهة الأولى، لم يعد صلاتها، أمّا لو تغيّر اجتهاده في الصلاة فانّه ينحرف ما لم يكن مستدبرا، أو مشرقا، أو مغربا فيستأنف.
اختاره في المبسوط(4)، و ظاهر كلامه في الخلاف(5) انّه يصلّي إلى أربع جهات.
و لو كان في الأثناء استمرّ، أمّا لو بان له الخطاء و لم يعرف جهة القبلة إلاّ بالاجتهاد المحوج إلى الفعل الكثير، فانّه يقطع و يجتهد.
مضى في
ص: 188
صلاته مع التساوي في العدالة.
و لو صلّى بقول بصير ثمّ أبصر في الأثناء، عمل على اجتهاده، فإن وافق، و إلاّ عدل إلى ما اجتهده، و لا يستأنف. و لو احتاج في الاجتهاد إلى فعل كثير، فالأقرب الاستمرار.
و أمّا لو كان مقلّدا ثمّ أبصر، فانّه يمضي في صلاته قطعا.
و لو شرع مجتهدا في الصلاة باجتهاده فعمى، استمرّ على اجتهاده، و لو استدار انحرف، و لو اشتبه، و وجد المرشد اتمّ ، و إن تطاول استأنف مع المرشد، و إلاّ إلى أربع جهات.
فإن كان ما عليه الفعل استمرّ، و إلاّ انحرف إليها، قال في المبسوط(1): و لو كان مستدبرا استأنف، و الأقرب عندي الاستئناف، ما لم يكن بين المشرق و المغرب.
و لو أخبره المجتهد بالخطاء فتبيّن، استأنف ما لم يكن بين المشرق و المغرب.
و هو العالم بأدلّة القبلة و إن جهل أحكام الشرع، و لا فرق بين أن يتساويا في العلم أو يتفاوتا مع تساويهما في شرائط الاجتهاد في القبلة، و لو ضاق وقت أحدهما عن الاجتهاد قلّد الآخر، و ليس لأحدهما مع الاختلاف الائتمام بصاحبه.
ص: 189
فإن غلب ظنّ المأمومين عليه تابعوه، و إلاّ أتمّوا منفردين. و لو اختلفوا رجع كلّ إلى ظنّه.
و لو رجع إلى المفضول مع الشرائط، فالأقرب الصحّة، و لو تساويا تخيّر، و لا عبرة بظنّه إصابة المفضول.
فإن كان عن يقين رجع إلى قوله، و إلاّ إلى الأعدل، و مع التساوي استمر.
و فيه عشرة مباحث:
و الأقرب انّ النافلة كذلك.
و يجب الاستقبال بالذبيحة، و بالأموات وقت الاحتضار، و التغسيل، و الصلاة، و الدفن.
و مع شدّة الخوف يسقط فرض الاستقبال، فإن تمكّن من الاستقبال بتكبيرة الافتتاح وجب، و إلاّ فلا، أمّا طالب العدوّ مع الأمن فانّه يجب أن يستقبل.
و إن تمكّن
ص: 190
من استئناف الواجبات على رأي، و يجوز لا معها، فيستقبل ما أمكن، و لو لم يتمكّن استقبل بتكبيرة الإحرام، فإن لم يتمكّن سقط.
و لا بأس بالتنفّل على الراحلة اختيارا و يتوجه حيث توجّهت، و يستحبّ أن يتوجّه بتكبيرة الإحرام، سواء كان مسافرا أو لا، و إن كان الأفضل النزول.
و لم يتمكّن من استيفاء الأفعال(1)، أومأ للركوع و السجود، و جعل السجود أخفض.
طاهرة كانت أو نجسة، ما لم يتعدّ نجاستها، فيجب التوقّي بالحائل مع المكنة.
وجب.
فلو عدل فإن كان إلى القبلة جاز إجماعا، و إلاّ فالأقرب الجواز للآية(2).
و لو كان يتنقّل على الأرض فاحتاج إلى الركوب ركب، و أتمّ الصلاة ما لم يحتج إلى فعل كثير.
و هو قول كل
ص: 191
من يحفظ عنه العلم. و المضطرّ يصلّي على قدر مكنته و يستقبل القبلة ما تمكّن، و إلاّ فبالتكبيرة، و يجوز التنفّل ماشيا اختيارا.
في جميع ما تقدّم.
612. العاشر: البعير المعقول و الأرجوحة(1) المعلّقة بالحبال،
لا تصحّ الفريضة فيهما اختيارا على إشكال.
و فيه أربعة مباحث:
وجب عليه الإعادة في الوقت و خارجه، و لو ظنّ الاستقبال ثم تبيّن الخطأ في الأثناء، انحرف إن كان بين المشرق و المغرب، و إلاّ استأنف.
و لو بان الخطاء بعد الفراغ و كان بينهما فلا إعادة، و إن كان إليهما أعاد في الوقت، لا خارجه.
و إن كان مستدبرا، قال الشيخان: يعيد في الوقت و يقضي خارجه.(2) و قال السيد المرتضى: يعيد و لا يقضي(3).
ص: 192
حتّى أنّه إن كان الوقت باقيا أعاد، إن كان بين المشرق و المغرب و إن خرج لم يعد(1)و فيه إشكال.
و لو أفاده الظنّ فالأقرب القبول، و كذا الفاسق.
و لو وجد للمشركين كالنصارى قبلة إلى المشرق في محاريبهم، ففي جواز الاستدلال بها على المشرق تردّد.
و لو أخبره مسلم لا يعرف عدالته و لا فسقه، فالأقرب القبول، و لو لم يعلم حال المخبر و شكّ في إسلامه و كفره، لم يقبل قوله بدون الظّنّ ، بخلاف الشك في عدالة المسلم، لأنّ حاله يبنى على العدالة، أمّا الصبيّ فلا يقبل قوله، و يقبل من المرأة و الواحد.
و إلاّ بتكبيرة الإحرام ثمّ يستقبل صدرها.
ص: 193
و فيه مطالب ثلاثة
و فيه تسعة مباحث:
و يكتفي في العلم بالتذكية وجوده في يد مسلم لا يستحلّ جلد الميتة، أو في سوق المسلمين، أو في البلد الغالب فيه الإسلام، مع عدم العلم بالموت، و لا يكفي الأخير، فلو وجد مطروحا لم يحكم بالتذكية.
و كذا يحرم حمائل السيف من الميتة و شبهها، لقول الصادق عليه السّلام:
«لا تصلّ في شيء منه و لا في شسع»(1).
و لا فرق بين الميت الطاهر في حياته و النجس و المأكول اللحم و غيره، و لا بين أن يكون على جسده ثوب طاهر غيره أو لا يكون.
و لو أخبره مستحلّ الميتة بالتذكية لم يقبل، بخلاف ما لو أخبره بطهارة الثوب المطروح.
ص: 194
سواء كانت طاهرة حال الحياة كالسبع و الفهد، أو نجسة كالكلب و الخنزير، و سواء ذكّيت أو لم تذك، و سواء دبغ جلدها أو لم يدبغ، و أطلق الشيخ في الخلاف(1) القول بنجاسة المسوخ، و كذا المفيد(2) و علم الهدى(3)، و نحن في هذا من المتوقّفين(4).
و لا في وبره إلاّ الخزّ الخالص و الحواصل و السنجاب على قول، و في وبر الثعالب و الأرانب و الفنك(5) و السمور روايتان(6) الأقوى المنع.
أحوطه المنع، و لو عملت القلنسوة من وبر ما لا يؤكل لحمه، أو التّكّة منه، أو من حرير محض، فللشيخ قولان(7).
إلاّ عند الضرورة، و على تسويغه للنساء في غير الصلاة، و هل يسوغ لهنّ الصلاة فيه ؟ منع ابن بابويه منه(8)، و الحقّ خلافه، و لو
ص: 195
صلّى الرجل فيه مختارا بطلت صلاته، و لا فرق بين أن يكون الحرير ساترا أو غير ساتر، بأن تكون العورة مستورة بغيره.
أمّا في حال الضرورة أو الحرب فلا بأس بلبسه للرجال، و يجوز لهم افتراشه و الوقوف عليه.
أمّا الممتزج بغيره فلا بأس بلبسه للرجال و الصلاة فيه، و ان كان الابريسم غالبا ما لم يستهلكه بحيث يصدق عليه انّه إبريسم.
و لا بأس بالثوب المكفوف بالحرير المحض على كراهية، و الكفّ (1) ما يوضع في رءوس الأكمام، و أطراف الذيل، و حول الزيق.
و لا يحرم على الوليّ تمكين الطفل من لبسه.
أجمع عليه علماء الأمصار، و لو صلّى فيه عالما بالغصبيّة بطلت صلاته عند علمائنا أجمع، و لا فرق بين أن يكون ساترا أو غيره، بأن يكون فوق الساتر أو تحته، و الأقرب بطلان الصلاة في الخاتم المغصوب و شبهه.
و لو جهل الغصب صحّت صلاته، و لو علمه و جهل التحريم، بطلت، و لو علم في أثناء الصلاة نزعه و أتمّ صلاته، إلاّ أن لا يكون عليه غيره، و يحتاج في الساتر إلى فعل كثير، فيستأنف بعد الساتر.
و لو أذن المالك للغاصب أو لغيره صحّت الصلاة فيه، و لو أذن مطلقا جاز لغير الغاصب دونه، عملا بشاهد الحال.
ص: 196
و لو تقدّم العلم بالغصبيّة ثمّ نسي حال الصّلاة ففي صحّتها إشكال.
و كذا المنطقة، و الثوب المنسوج بالذهب و المموّه به للرجال خاصة، و هل يجوز افتراشه ؟ فيه إشكال، أقربه التحريم. و تكره في خاتم حديد، و منع بعض أصحابنا منه تعويلا على رواية ضعيفة(1).
624. الثامن: قال الشيخان(2): لا تجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم
كالشمشك و النعل السنديّ (3)، و كرهه في المبسوط(4)، و هو الأقرب.
أمّا ماله ساق كالخف و الجرموق(5) فلا بأس به إجماعا، بشرط أن يكون من جلد ما تصحّ الصلاة فيه، و لا يشترط فيه الطهارة، و يستحبّ في النعل العربي.
و قد سلف.
و فيه أربعة و عشرون بحثا:
ذهب إليه
ص: 197
علماء الأمصار، و كذا الصوف، و الشعر، و الوبر منه، سواء جزّ من حيّ أو مذكّى أو ميّت، و لو قلع من الميّت قال الشيخ: لا يجوز استعماله(1) و الأقرب جوازه مع الغسل، و الخلوّ عن شيء من أجزائه، و لو شك في الصوف هل هو ممّا يؤكل لحمه أو لا؟ لم تجز الصلاة فيه.
و لو كان الثوب من إبريسم و خزّ جازت الصلاة فيه.
و الأقرب المنع في الخزّ(2) المغشوش بصوف ما لا يؤكل لحمه و شعره، و يختص الرخصة بوبر الخزّ لا بجلده، عملا بالتوقيف على مورد النص(3).
و تكره إذا كان شافّا رقيقا، و لو حكى ما تحته لم يجز.
و هو أن يلتحف بالإزار، و يدخل طرفيه تحت يده و يجمعهما على منكب واحد.(1)
و هو ان يتلفّف بالإزار، فيدخل في الإزار و لا يرفعه على كتفيه. و هذا تفسير أهل اللغة في اشتمال الصّمّاء.
و هو الثوب الّذي يجعل على الكتفين.
و يستحبّ غسله حينئذ، أمّا مع العلم فيجب، و كذا غيرهم من أصناف الكفار.
لرواية عيص بن القاسم الصحيحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام(2).
ص: 199
و لو غيّر الصورة زالت الكراهية، و لو كان في قبلته و سادة ذات تمثال حوّلها، و يجوز أن يصلّي على بساط فيه تماثيل.
و لو كانت معه دراهم، عليها تماثيل، سترها عن نظره، و تكره في خاتم عليه صورة، و في خلخال للمرأة مصوّت، و لو كان أصمّ لم يكره لها.
و لو منع حرم، و لو كان اللثام على جبهته، وجب كشفه عند السجود، و يكره النقاب للمرأة.
643. الثامن عشر: قال الشيخان(1) و علم الهدى: يكره للرجل أن يصلّي و عليه قباء مشدود،
643. الثامن عشر: قال الشيخان(1) و علم الهدى(2): يكره للرجل أن يصلّي و عليه قباء مشدود،
إلاّ في الحرب، و لا يتمكن من حلّه.
قال في التهذيب: ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه، و سمعناها من الشيوخ مذاكرة و لم أجد به خبرا مسندا(3).
و كذا يجوز و عليه البرطلة(4).
أو عليهما خرقة الخضاب مع طهارتها، و الأولى نزع الخرقة، و أن يصلّي بارز اليد.
ص: 200
و كذا يجوز للرجل أن يصلّي و يداه تحت ثيابه، و إن أخرجهما كان أولى.
و جميع ما تنبته الأرض، من حشيش مملوك أو في حكمه مع الخلوّ من النجاسة إجماعا.
أو في فيه خرز أو لؤلؤ إذا لم يمنع القراءة، و لو منع حرم.
و لو فعل بطلت(1) و يجوز للمرأة، و عندي فيه نظر، أقربه الكراهية.
قال في الصحاح: عقص الشعر: ضفره وليّه على الرأس كالكبّة(2). و قيل:
جعله كالكبّة في مقدّم الرأس على الجبهة، و على هذا إن منع من السجود فالحقّ ما قاله الشيخ، و إلاّ فلا.
لأنّهما طاهران.
ص: 201
و النظر في أمرين
و فيه عشرة مباحث:
و هو شرط في الصلاة عندنا.
و العورة في الرجل: القبل و الدبر، و قول ابن البراج: إنّها من السرة إلى الركبة(1) لم يثبت عندي، و هل البيضتان منها؟ في بعض الروايات: إذا سترت القضيب و البيضتين فقد سترت العورة(2)؛ و لا فرق بين الحر و العبد، و ليست السرة و لا الركبة من العورة بإجماعنا.
و أمّا في المرأة فالجسد كلّه عورة، يجب ستره في الصلاة ما عدا الوجه و الكفّين و ظهر القدمين.
بخلاف الأمة و الصبيّة.
و لم أقف فيه على نصّ .
و إن كان ولدها حيّا، و كذا المدبّرة و المكاتبة
ص: 202
المشروطة و المطلقة الّتي لم تؤدّ من مكاتبتها شيئا، أمّا المعتق بعضها بكتابة و غيرها فكالحرّة.
و لو احتاجت إليه فالأقرب قطع الصلاة مع سعة الوقت، و الاستمرار مع الضيق، و سوّغ الاستمرار في الخلاف(1)، و لو لم تعلم بالعتق حتى أتمّت الصلاة، صحّت صلاتها، و لو علمته و لم تعلم وجوب الستر لم تعذر(2).
و كذا بغيره مع إمكان الأداء، و إلاّ أتمّت استحبابا.
عدا الوجه و الكفّين و القدمين و الرأس.
و إن كان أحدهما زائدا، و هل يجب ستر جميع جسده كالمرأة ؟ لأنّ الشرط لا يتيقّن حصوله بدونه، أو لا يجب ؟ لأصالة البراءة، فيه إشكال(3).
و يستحبّ للرجل أن يستر جميع جسده، و يتعمّم، و يتحنّك، و يرتدي في
ص: 203
الصلاة، و يستحبّ للمرأة أن تصلّي في ثلاثة أثواب: درع و قناع و إزار.
روى غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:
«لا تصلّي المرأة عطلا»(1).(2).
و فيه ستة عشر بحثا:
و لو وجد جلدا طاهرا أو حشيشا يمكنه الاستتار به وجب. و لو وجد طينا وجب عليه تطيين العورة.
و إلاّ جالسا موميا بهما، لرواية عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام(3) و السيّد أطلق القول بالجلوس و الإيماء(4) و ليس بمعتمد، و لا فرق بين الرجل و المرأة.
و لو صلّى على غير المأمور كأن يقوم و يركع و يسجد مع الخوف من الاطّلاع، فانّه يعيد و إن لم يره أحد.
و لو علم في الأثناء سترها، سواء طالت المدة قبل علمه أو لم تطل، أدّى ركنا أو لا،
ص: 204
و لو علم به و لم يستره أعاد، سواء انكشفت ربع العورة أو أقلّ أو أكثر، و لو قيل:
بعدم الاجتزاء بالستر كان وجها، لأنّ الستر شرط و قد فات.
لئلاّ تبدو العورة.
و هي رواية أيّوب بن نوح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام(1).
666. السابع: لو وجد وحلا أو ماء كدرا(2) لو نزله لستره وجب مع انتفاء المشقّة،
و كذا لو وجد بارية يستتر بها.
و لو وجد ما يستر إحدى العورتين وجب، و صلّى كالعاري، و هل يتخيّر في ستر أيّهما شاء؟ قيل: نعم، و قيل: القبل أولى، لاستقبال القبلة به و استتار الدبر.
بالأليتين، و كون الركوع و السجود إيماء، فلا يظهر كظهور القبل، و هو حسن.
فإن كان في الثوب خرق لا يحاذي العورة(3) جاز، و إن حاذاه لم يجز. و يجوز أن يصلّي في قميص واحد، و أزراره محلولة، واسع الجيب كان أو ضيّقة، دقيق الرقبة كان أو غليظها، سواء كان تحته مئزر أو لم يكن(4)، و لو كان الجيب واسعا فيظهر له عورته لو ركع جاز.
خلافا
ص: 205
للمرتضى(1) و سلاّر(2). و لو غلب على ظنّه وجود الساتر في أثناء الوقت، فالوجه وجوب التأخير.
و لا يجب على المعير الإعارة، بل يستحبّ .
و لو وجد الواهب، قال الشيخ: يجب القبول أيضا(3)، و هو حسن.
و لو وجد البائع و معه ثمن لا يتضرّر بدفعه وجب و إن زاد عن ثمن المثل، و إلاّ لم يجب.
و لو لم يجد إلاّ مغصوبا لم يجز لبسه، و لو لم يجد إلاّ حريرا أو جلد ما لا يؤكل لحمه و هو طاهر، لم يجب لبسه.
و في المبسوط: لو لم يجد إلاّ جلدا طاهرا، أو ورقا، أو قرطاسا وجب ستر العورة به(4).
و لا يجب عليه ستر المنكبين، بل يستحب، و لو لم يجد ثوبا يطرحه على عاتقه، طرح شيئا و لو حبلا، و يكتفي في الاستحباب بمهما كان كالخيط و شبهه.
يتقدّمهم
ص: 206
إمامهم بركبتيه، و يركع و يسجد بالإيماء، و هل يركع المأمومون و يسجدون على الأرض أو بالإيماء؟ قال الشيخ بالأوّل(1) و السيد بالثاني(2)، و كذا يستحبّ للنساء العراة أن يصلّين جماعة كالرجال، و لو احتاجوا إلى وضع صفوف أومأ المتقدمون للركوع و السجود إجماعا.
و لو اجتمع النساء العواري و الرجال جاز أن تصلّي النساء خلف الرجال على إشكال.
673. الرابع عشر: لو كان معهم من له ثوب صلّى(3) فيه بركوع تام و سجود كامل،
فإن أعاره و صلّى عاريا لم تصحّ صلاته، و لو بذل لهم صاحب الثوب ثوبه، و خافوا خروج الوقت صلّوا عراة، و لو صلّوا جماعة أمّهم صاحب الثوب، و لو كان أمّيّا لم يؤمّهم و لا يأتمّ بهم. و لو ضاق الوقت و أراد إعارته استحبّ إعارته للقارئ ليأتمّ به الأمّيّ ، و لو أعار الأميّ كان الحكم ما تقدّم، و لو استووا أعار بالقرعة، و لو كان معهم نساء استحبّ له تخصيصهنّ به.
و لا يجب في الخلوة إلاّ في الصلاة.
روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم انّه لعن الواصلة و المستوصلة و الواشمة و المستوشمة و الواشرة و المستوشرة. و في رواية عوض الواشمة: النامصة و المتنمصة(4). و ليس تعليل التحريم في الوصل نجاسة الشعر،
ص: 207
و لا تحريم نظره إذا كان من أجنبيّة، و قيل: إن كانت غير ذات بعل، فالعلة التهمة و إلاّ فالتدليس على الزوج، و لو أذن لم يحرم.
و مطالبه ثلاثة
و فيه عشرة مباحث:
بإجماع العلماء، و إن كانت جمعة، و لو صلّى فيه مع العلم بالغصبيّة، و المكنة من الخروج، بطلت صلاته، و إن جهل التحريم.
و لو كان جاهلا بالغصبيّة، أو مضطرّا صحّت صلاته، و لا فرق بين الغاصب و من أذن له؛ قاله الشيخ رحمه اللّه(1) و هو جيّد، لأنّ الغاصب لا يصح تصرّفه مباشرة فكذا إذنه. و حمل بعض المتأخرين الإذن هنا على المالك(2) فاستبعد هذا القول، و ليس بجيّد.
بأن يدّعي إجارتها، و كذا لو أخرج روشنا أو ساباطا في موضع يحرم عليه، أو غصب سفينة و صلّى فيها، أو على بساط مغصوب.
ص: 208
سواء كان المأذون له الغاصب أو غيره، و لو أذن غير المالك لم يعتدّ به، و لو أذن المالك مطلقا صحّت صلاة غير الغاصب دونه(1).
و لو دخل ملك غيره بغير إذنه و علم بشاهد الحال عدم كراهية المالك للصلاة فيه صحّت، و على هذا تجوز الصلاة في البساتين، و إن لم يعرف أربابها، فلو كان البستان مغصوبا فالأقرب المنع.
و يصلّي خارجا، و لو ضاق الوقت صلّى و هو آخذ في الخروج و يومئ للركوع و السجود، و يستقبل ما يمكن(2)، و أطبق العلماء(3) كافّة على تخطئة أبي هاشم(4) في هذا المقام(5).
و لو لم يتعدّ جاز إذا كان موضع الجبهة طاهرا، و كذا البساط، و سواء تحرّك النجس بحركته أو لا.
ص: 209
و لو بسط على النجس طاهرا و صلّى عليه صحّت إجماعا.
و لو صلّى و قدمه فوق حبل مشدود في رقبة كلب صحّت صلاته، و كذا لو شدّ الطرف الآخر في وسطه أو يده.
خلافا لقوم.
682. السابع: قال الشيخان رحمهما اللّه: لو صلّت المرأة و الرجل عن أحد جانبيها أو خلفها مصلّيا بطلت صلاتهما.(1)
و كرهها السيّد.(2) و هو الحقّ .
إجماعا، و كذا لو كانت خلفه أو كانت قدّامه أو إلى أحد جانبيه و بينهما بعد عشرة أذرع، أو كان بينهما حائل.
و لو كان الرجل أعمى فالوجه الصحة، و لو غمض الصحيح عينيه فإشكال.
و لو صلّت المرأة أوّلا صحّت صلاتهما.
و لو صلّت إلى جنبه، بطلت صلاتها و صلاة الإمام، دون صلاة المأمومين(3).
ص: 210
و فيه سبعة و عشرون بحثا:
و هي ركعتا الطواف في مقام إبراهيم عليه السّلام، ما عداها لا يجب في غيره من الأمكنة، إلاّ بالنذر مع اختصاص المنذور بمزيّة الفضيلة، كالمسجد و السوق، لا المنزل (و في اشتراط اختصاص المنذور بمزية الفضيلة كالمسجد و السوق إشكال)(1).
و يستحبّ المكتوبة في المسجد إلاّ جوف الكعبة. و النافلة في المنزل أفضل خصوصا نافلة الليل.
و منع أبي الصلاح(2) ضعيف، لرواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام(3) و رواية أبي الصلاح ضعيفة(4) قال: و في صحّة الصلاة نظر(5).
ص: 211
سواء تكرّر الدفن في القبر أو لا.
و نقل الشيخ(1) عن بعض علمائنا البطلان(2). و لو جعل بينه و بين القبر حائلا، أو تباعد عنه بمقدار عشرة أذرع، زالت الكراهية و المنع، و لو نقل الميّت من قبر جازت الصلاة عليه.
و منع ابن بابويه منهما.(3)
قال الشيخ رحمه اللّه: رويت رواية بجواز النوافل إلى قبور الأئمة عليهم السّلام(4)و الأصل الكراهية.
و هي: مباركها حول الماء لتشرب منه عللا بعد نهل، قاله صاحب الصحاح(5)، و الفقهاء قالوا: هي المبارك مطلقا، و منع أبو الصلاح الجواز(6). و لو صلّى فيها صحّت عندنا، و تشكّك فيه أبو الصلاح(7). و لا تزول الكراهية بغيبوبة الإبل عنها حال الصلاة.
و كذا لو صلّى في مكان مرتفع تحته معطن.
ص: 212
و قال أبو الصلاح:
لا يجوز(1).
سواء كانت وحشية أو إنسية، و قول أبي الصلاح: لا يجوز ضعيف(2).
و في المزابل، و في بيت يبال فيه، و لا بأس بالصلاة على سطحه(3).
و لو اضطرّ رشّه بالماء استحبابا، و صلّى فيه، و كذا تكره في بيوت الخمور و المسكرات.
و في بيعهم و كنائسهم.
و حرّمه أبو الصلاح(4).
و لا بأس بالظواهر الّتي بينها.
و لا فرق في الكراهية بين ما كثر استطراقه و ما قلّ ، و لا بين أن يكون فيها سالك وقت الصلاة أو لم يكن.
ص: 213
و لو بنى ساباطا على الجادة لم تكره الصلاة فيه.
قدر ذراع تقريبا، و لو لم يجد استتر بالسهم و الحجر و العنزة(1) و غيرها.
و لو لم يجد جعل بين يديه كومة من تراب، أو خطّ بين يديه خطّا، و هي رواية محمد بن إسماعيل عن الرضا عليه السّلام(2) و لو كان معه عصا لا يمكنه نصبها، وضعها عرضا بين يديه.
و لا بأس أن يستتر بالبعير و الحيوان و الإنسان إذا جعل ظهره إليه، و لا فرق بين مكة و غيرها في استحباب السترة.
و يستحب للمصلّي أن يدنو من سترته، و في رواية ابن سنان الصحيحة عن الصادق عليه السّلام:
«أقلّ ما يكون بينك و بين القبلة مربض عنز، و أكثر ما يكون مربط فرس،(3) و سترة الإمام سترة لمن خلفه».
و ليست السترة واجبة بالإجماع، و لو صلّى إلى سترة مغصوبة أجزأ، و لم يمتثل في السترة.
و لو كان امرأة أو حمارا أو كلبا أسود، و لو مرّ إنسان بين يدي المصلّي في طريق مسلوك لم
ص: 214
يكن له ردّه، و إلاّ استحبّ ما لم ينته إلى الفعل الكثير، و لو عبره إنسان كره ردّه.
704. التاسع عشر: قال أبو الصلاح: يكره الصلاة إلى إنسان مواجه، و المرأة نائمة أشدّ كراهية.(1)
و هو حسن.
و قال أبو الصلاح: لا يجوز، و تردّد في إفساد الصلاة.(2) و كذا يكره إلى الصورة و التماثيل و المصحف و الباب المفتوحين. و منع أبو الصلاح في المصحف و تردّد في الفساد.(3) و لا فرق بين حافظ القرآن و غيره.
و يكره تزويق(4) القبلة و نقشها و كتبة شيء عليها، لاشتغال النظر به.
أو النخلة و فيها حملها، أو الكرم و فيه حمله».(5)
و منع أبو الصلاح(1).
و أرض السبخة و أرض الثلج، و مجرى الماء، و في السفينة، و لا بأس بها على ساباط يجري تحته نهر أو ساقية، و لا فرق بين طاهر الماء و نجسه، و الأقرب كراهية الصلاة على الماء الواقف.
وادي ضجنان، و البيداء، و ذات الصلاصل. و تكره في وادي الشقرة.
و ليست مرادة،(2) بل ما رواه الشيخ رحمه اللّه، في الصحيح عن البزنطي عن أبي الحسن عليه السّلام قال: كان أبو جعفر عليه السّلام إذا بلغ ذات الجيش جدّ في السير و لا يصلّي حتّى يأتي معرّس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، قال:
و ذات الجيش دون الحفيرة بثلاثة أميال(3). و قد و ردّ انّها أرض خسف بها، و بينها و بين ذي الحليفة ميل.
و ضجنان جبل بمكّة. و الصّلاصل جمع صلصال، و هي الّتي لها صوت.
و الشقرة بفتح الشين و كسر القاف واحد الشّقر، و هو شقائق النعمان، و هو كلّ موضع فيه ذلك، و قيل: موضع مخصوص بطريق مكة(4). و قيل: هذه مواضع خسف تكره الصلاة فيها،(5) و في كلّ أرض خسف بها لسخط ربّها عليها، و قد
ص: 216
عبر أمير المؤمنين عليه السّلام من أرض بابل، و صلّى في الجانب الغربي من الفرات، و ردّت له الشمس هناك، و لم تكن قد فاتت بالكلّية(1).
و في أرض الوحل و حوض الماء.
و فيه ثلاثة عشر بحثا:
ما لم يكن مأكولا أو ملبوسا، و لا يجوز السجود على ما استحال من الأرض، و خرج بالاستحالة عن اسمها، كالمعادن، سواء كانت منطبعة كالقير و النفط و الزيبق، أو غير منطبعة كالعقيق.
و لا يجوز السجود على ما تنبت من الأرض من المأكولات كالبقول و الجمّار(2)، و في الحنطة و الشعير إشكال، أقربه الجواز(3).
و في القطن و الكتّان قولان، أشهرهما المنع، و يجوز في حال التقيّة.
715. الثالث: لا يجوز السجود على كور العمامة(4)،
لا من حيث إنّه حائل له،
ص: 217
على ما يلوح من كلام الشيخ(1)، بل من حيث إنّه ملبوس، فلو كانت العمامة من خوص(2) مثلا صحّ السجود على كور العمامة، و كذا يصحّ لو وضع بين جبهته و كور العمامة قطعة من خشب و شبهها ليسجد عليها.
و لا على القير و النفط و الكبريت و الصّهروج(3)، و جميع ما خرج بالاستحالة عن اسم الأرض، و لا على الزجاج، و لا على الثلج.
و السجود على الأرض أفضل من النبات.
و يكره إذا كان مكتوبا.
719. السابع: يجوز السجود على الخمرة(4) إذا كانت معمولة بالخيوط.
و لو كانت معمولة بالسّيور قال الشيخ: لا يجوز إذا كانت ظاهرة تشتمل على الجبهة.(5)
إذا كان ما تقع الجبهة عليه ممّا يصحّ السجود عليه.
و كذا يسجد على الصوف و الثياب، للتقيّة.
فإن اضطرّ أومأ.
ص: 218
فإن خاف الحرّ سجد على ثوبه، فان فقد سجد على كفّه، و السجود على القطن و الكتّان حال الضرورة أولى من الثلج، و لو صلّى على ما منع منه للضرورة أو التقية فلا إعادة.
و مطالبه أربعة
و فيه أحد عشر بحثا:
726. الأوّل: الأذان لغة الإعلام(1)،
و في الشرع أذكار مخصوصة للإعلام بأوقات الصلوات(2).
و هما من وكيد السّنن، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:
«المؤذّنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة»(3).
و قال عليه السّلام: «ثلاثة على كثبان(4) المسك يوم القيامة، يغبطهم الأوّلون و الآخرون
ص: 220
رجل نادى بالصلوات الخمس في كل يوم و ليلة، و رجل يؤمّ قوما و هم به راضون، و عبد أدّى حق اللّه و حق مواليه».(1)
و في الصحيح عن محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال:
«إذا أذّنت في أرض فلاة فأقمت، صلّى خلفك صفّان من الملائكة، و إن أقمت قبل أن تؤذّن صلّى خلفك صفّ واحد».(2)
و عن عبد اللّه بن علي(3) عن بلال، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:
يقول: «من أذّن في سبيل اللّه صلاة واحدة إيمانا و احتسابا و تقرّبا إلى اللّه عزّ و جلّ ، غفر اللّه له ما سلف من ذنوبه، و منّ عليه بالعصمة فيما بقى من عمره، و جمع بينه و بين الشهداء في الجنة».(4)
و الأخبار في ذلك كثيرة.
و نقل السيد عن بعض علمائنا وجوبهما على الرجال خاصة في كل صلاة جماعة في سفر أو حضر، و يجبان عليهم جماعة، و فرادى، في الفجر و المغرب و صلاة الجمعة، و يجب عليهم الإقامة دون الأذان في باقي الصلوات الواجبة.(5)
و هذا القول لا يعوّل عليه.
ص: 221
و للشيخ في وجوبهما في الجماعة قولان: أحدهما الوجوب،(1) و هو اختيار المرتضى في بعض كتبه(2) و المفيد رحمهما اللّه(3)، و الأصحّ الاستحباب، فلو صلّوا بغير أذان و إقامة أدركوا فضيلة الجماعة.
قال الشيخ: و لو قضوا فائتة وجب الأذان(4) و هو بناء على قاعدته(5).
للمنفرد(6) و الجامع. و يتأكّدان فيما يجهر فيه بالقراءة، و آكده الغداة و المغرب.
و لو تفرّقت أذّنوا و أقاموا.
و إلاّ أذن لأوّل ورده و أقام(1)، ثم اجتزأ في البواقي بالإقامة.
و صلّى الثانية بإقامة، سواء كان في وقت الأولى(2) أو الثانية.
و كذا بين الظهرين بعرفة، و كذا بين العشاءين بمزدلفة، و هل الأذان الثاني في هذه بدعة ؟ الأشبه ذلك.
بشرط أن تسرّ.
بل يقول المؤذّن: الصلاة، ثلاثا.
و رخّص في تركه و الاجتزاء بالإقامة له، و يستحبّ للراعي، و يكتفى في المصر بأذان واحد إذا كان أهله بحيث يسمعونه، و الأفضل أن يؤذّن كلّ واحد.
و فيه أحد عشر بحثا:
اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر. أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه. أشهد أنّ محمدا رسول اللّه، أشهد أنّ محمّدا رسول
ص: 223
اللّه. حيّ على الصلاة، حيّ على الصلاة. حيّ على الفلاح حيّ على الفلاح. حيّ على خير العمل، حيّ على خير العمل. اللّه أكبر، اللّه أكبر. لا إله إلاّ اللّه، لا إله إلاّ اللّه.
و الإقامة مثل ذلك إلاّ أنّه يكبّر مرتين في أوّلها، و يسقط تهليلة في آخرها، و يضيف بعد الدعاء إلى خير العمل «قد قامت الصلاة» مرّتين، فالمجموع خمسة و ثلاثون فصلا في المشهور.
و هو تكرار الشهادتين مرتين مكروه. و قال في المبسوط: إنّه تكرار التكبير و الشهادتين، فإن أراد المؤذّن تنبيه غيره جاز تكرار الشهادتين.
- و هو قول: «الصلاة خير من النوم» - بدعة.
و يجوز في السفر إفراد فصولهما، و في رواية مرسلة عن الصادق عليه السّلام، تفضيل تثنية الإقامة على الجمع بينهما إفرادا.(1)
و الترتيل في
ص: 224
الأذان، و الإحدار في الإقامة(1)، و الفصل بينهما بركعتين، أو سجدة، أو جلسة، أو خطوة، إلاّ في المغرب، فيفصل بينهما بخطوة، أو سكتة، أو تسبيحة، و روى استحباب الجلوس بينهما في المغرب(2).
اللهم اجعل قلبي بارّا و رزقي دارّا (و عملي سارّا و عيشي قارّا)(3) و اجعل لي عند قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم مستقرا و قرارا(4).
و أن يكون مستقبل القبلة، و يتأكّد كلّ ذلك في الإقامة.
و لو فعل لم يعد ما لم يخرج عن الموالاة، و كذا لو سكت طويلا يخرج به عن الموالاة.
747. الحادي عشر: قال الشيخان رحمهما اللّه(5) و المرتضى قدّس سرّه: يحرم الكلام بعد قد قامت الصلاة،
747. الحادي عشر: قال الشيخان رحمهما اللّه(5) و المرتضى قدّس سرّه(6): يحرم الكلام بعد قد قامت الصلاة،
إلاّ فيما يتعلّق بها، كتقديم إمام، أو تسوية صفّ .
و الوجه عندي الكراهية، و لو تكلّم خلال الإقامة استحبّ له إعادتها، و لو تكلّم في أثناء الأذان بالمحرّم لم يبطل أذانه.
ص: 225
و فيه سبعة عشر بحثا:
و إن أذّن للرجال. و يستحبّ أن يكون عدلا، و ليست شرطا.
و يجوز أن تؤذّن للنساء و يعتدون به بشرط أن تسرّ به.
قال الشيخ: و يعتدّ بأذانهنّ الرجال.(1) و الوجه تخصيص المحارم، و تجتزئ المرأة بالشهادتين.
و لا تؤذّن المرأة لها.
و ليست الطهارة شرطا، و يتأكّد في الإقامة، و لو أحدث خلاله تطهّر و بنى، و في الإقامة يعيد، و لو أحدث في أثناء الصلاة أعادها، و لم يعد الإقامة، و لو تكلّم أعادها أيضا.
و أن يؤذّن على المرتفع، قال الشيخ: و يكره الأذان في الصّومعة، و لا فرق بين أن يكون الأذان في المنارة، أو على الأرض(2).
ص: 226
و يتأكّد في الإقامة.
و على الأرض أفضل، و ماشيا، و الوقوف أفضل، و يتأكّد في الإقامة.
بل يستحبّ الاستقبال.
757. العاشر: يستحبّ أن يرفع(1) صوته بالأذان ما لم يستضرّ به في جميع فصوله،
و لو كان للحاضرين جاز إسماعهم خاصّة، و أن يكون حسن الصوت.
758. الحادي عشر: يستحبّ أن يكون مبصرا(2).
و لو كان أعمى جاز، إذا كان معه من يسدّده، فإنّ ابن أمّ مكتوم(3) كان مؤذّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و هو أعمى، يؤذّن بعد بلال.
و يستحبّ أن يكون بصيرا بالأوقات، و لو كان جاهلا جاز إذا استرشد.
و لا يستحب في الإقامة.
و لو تشاحّ المؤذّنون قدّم من اجتمع فيه الصفات المرجّحة، و مع الاتّفاق يقرع.
ص: 227
إذا أذّنوا أذانا واحدا،(1) و لو بنى كلّ واحد منهم على فصول الآخر لم يستحبّ .
و يجوز أن يؤذّن جماعة في وقت واحد، و أن يؤذّن واحد بعد واحد، و لو احتيج في الإعلام إلى زيادة على اثنين استحبّ .
و يجوز أن يتولّى الأذان واحد و الإقامة آخر، و أن يفارق موضعه ثمّ يقيم، و قيل: لا يقيم حتّى يأذن له الإمام(2).
و فيه ستة عشر بحثا:
استحبّ له استئنافه، و يجوز له البناء إن حصلت الموالاة عادة، و كذا إن أغمي عليه.
و لو حصلت الموالاة تمّم، و لو ارتدّ بعد فراغه اعتدّ به، و أقام غيره.
و دخل في الصلاة مضى فيها و لا يرجع، و إن كان ناسيا رجع إلى الأذان و الإقامة ثم استأنف صلاته، ما لم يركع؛ قاله السيد المرتضى.(1) و الشيخ رحمه اللّه عكس الحال،(2) و لم يفصّل في المبسوط بل أطلق الاستئناف مع عدم الركوع.(3) قال ابن أبي عقيل: و لو تركه متعمدا أو مستخفا فعليه الإعادة.(4) و في رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن الصادق عليه السّلام:
«يرجع الناسي ما لم يتلبس بالقراءة(5)».
و لو ذكر تركهما بعد الصلاة لم يعد إجماعا.
ص: 229
أمّا فيه فيجوز قبله لتنبيه النائمين، فيعيده مع طلوعه، و لا يشترط اثنينية المؤذّن، و لا يكره قبل الفجر في رمضان، و ينبغي أن يجعل ضابطا يستمرّ عليه ليؤذّن في الليالي كلّها في وقت واحد.
و لم يعتدّ بأذانه، و لو صلّى خلفه، فإن خشي فوات الصلاة معه، اقتصر على التكبيرتين و على قوله: «قد قامت الصلاة». و روي أنّه يقول: «حيّ على خير العمل» مرتين(1).
قال به في النهاية(2) و في المبسوط: يجوز أخذ الأجرة من بيت المال و من خاص الإمام.(3) و قال المرتضى: يكره(4). و الأقرب جواز أخذ الرزق عليه من بيت المال، و في الأجرة نظر.
قال ابن بابويه: روي «أنّه يزيد في الرزق».(5) و كل من ليس بمصلّي إذا سمع و كان متكلّما قطع كلامه، و إن كان قرآنا، و حكاه، و يترك صلاة التحية لو دخل المسجد حالة الأذان.
ص: 230
فانّه متى قاله عالما بالمنع فسدت صلاته، لأنّه ليس بتمجيد و لا تكبير و لو قال بدلا منه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه لم تبطل صلاته(1).
و أنّ محمدا عبده و رسوله، رضيت باللّه ربّا، و بالإسلام دينا، و بمحمّد رسولا، و بالأئمّة الطاهرين أئمّة، ثمّ يقول: اللّهمّ ربّ هذه الدعوة التّامّة، و الصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة و الفضيلة، و ابعثه المقام المحمود الّذي وعدته، و ارزقني شفاعته يوم القيامة.(2)
و يقول عند أذان المغرب: اللّهم هذا إقبال ليلك و إدبار نهارك، و أصوات دعاتك، فاغفر لي(3).
قال ابن بابويه: قال الصادق عليه السّلام:
«من قال حين يسمع أذان الصبح: اللّهمّ إنّي أسألك بإقبال نهارك و إدبار ليلك و حضور صلواتك و أصوات دعاتك أن تتوب عليّ إنّك أنت التواب الرحيم، ثمّ قال مثله حين يسمع أذان المغرب، ثم مات من يومه أو ليلته مات تائبا»(4).
تمّمه مع نفسه.
ص: 231
روي أنّ هشام بن إبراهيم(1) شكا إلى الرضا عليه السّلام سقمه، و انّه لا يولد له، فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله، ففعل، فذهب سقمه و كثر ولده. قال محمد بن راشد(2): و كنت دائم العلّة في نفسي و خدمي، فلمّا سمعت ذلك من هشام عملت به، فزال عنّي و عن عيالي العلل(3).
روي في الصحيح(4) عن الباقر عليه السّلام:
«انّ أقلّ المجزي من الأذان أن يفتتح الليل بأذان و إقامة، و النهار بأذان و إقامة، و يجزيك في سائر الصلوات إقامة بغير أذان»(5).
علّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و عليّ عليه السّلام يسمع، لا بالمنام كما يقوله العامة(6).
و الجمع بينهما أفضل، و الجمع بينهما و بين الإمامة أفضل، و الإمامة بانفرادها أفضل منهما.
ص: 232
أفعال الصلاة على ضربين: واجب و ندب. و لا بدّ من معرفة كلّ واحد منهما ليوقعه على وجهه، فانّه لو فعل الواجب بنيّة الندب بطلت صلاته.
و لو فعل الندب بنيّة الواجب، دخل تحت حكم من فعل فعلا ليس من أفعال الصلاة.
و تنقسم التروك أيضا إلى: واجب و ندب. ثمّ الواجب من الأفعال، منه ما هو ركن تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا أو سهوا، و منه ما ليس بركن.
و أنا أبيّن لك الأفعال الواجبة، ثمّ أعقّبها بالمندوبة، ثمّ أختم ذلك بالتروك في مطالب.
ص: 233
و فيه فصول
و فيه عشرة مباحث:
فإن أمكنه الاستقلال به و تركه عمدا أو سهوا، بطلت صلاته، و لو تعذّر و أمكنه أن يعتمد على حائط أو عكّاز(1) أو شبهه، وجب، و إن تمكّن من القيام بعض الصلاة وجب أن يقوم قدر مكنته، و لو لم يتمكّن صلّى جالسا، و لو أمكنه القيام، و خشي زيادة المرض أو بطأه، صلّى جالسا.
بل يصلّي قائما و يومئ للركوع، ثم يجلس و يومئ للسجود.
مستقبلا للقبلة بوجهه، و لو عجز عن الاضطجاع صلّى مستلقيا موميا برأسه، فإن لم يستطع برأسه فبعينيه، بأن يجعل فتحهما قياما و تغميضهما ركوعا، و فتحهما انتصابا، و تغميضهما سجودا، و فتحهما جلوسا، و تغميضهما سجودا
ص: 234
ثانيا و فتحهما رفعا، و هكذا في الركعة الثانية، و أجرى الأفعال على قلبه، و فعل الأذكار.
كالقائم يعجز فيقعد، و كذا بالعكس لو تمكّن من الحالة العليا انتقل إليها، كالقاعد يتمكّن من القيام فانّه يقوم، و يتمّ صلاته، و الوجه انّه يترك القراءة حتّى يعتدل.
و لو مرض في قيامه فليقرأ في هويّه، و لو برأ بعد القراءة لزمه القيام دون الطّمأنينة، ليهوي إلى الركوع.
و لو خفّ في الركوع قبل الطمأنينة، كفاه أن يرتفع منحنيا إلى حدّ الركوع، و لو قدر القاعد على الارتفاع إلى حد الركوع وجب.
فان لم يتمكّن أومأ، و لو عجز عن القيام فصلّى قاعدا، ثمّ تمكّن من القيام للركوع، وجب أن يقوم و يركع.
و يتورّك في التشهد.
و إن كان لقصر السقف أو شبهه و لم يتمكّن من الصلاة في غيره، قام على مكنته.
وجب القيام و الانفراد.
ص: 235
فقال أهل الطبّ : إن صلّى بالاستلقاء أمكن المداواة، جاز ذلك.
و أن يستقبل بأصابع رجليه القبلة.
و فيه أحد عشر بحثا:
و هي عرض حال في القلب و هو قصد و إرادة للفعل مقترنة به، لو أخلّ بها عمدا أو سهوا بطلت صلاته، و لا اعتبار بالنطق بها، لأنّ المميّز لجهات الأفعال الواقعة عن المكلّف هو الإرادة لا غير، و ليس النطق مستحبّا.
و يقصد إلى تعيين الصلاة، من كونها ظهرا أو عصرا مثلا، و إلى الأداء أو القضاء، و إلى الوجه، أعني: الوجوب أو الندب، و إلى التقرّب إلى اللّه خاصّة.
لأنّه لم ينو القضاء.
أعاد.
ص: 236
لم يجز عن واحدة منهما.
797. الثالث: لا يشترط نيّة القصر و الإتمام(1).
و يجب استمرارها حكما إلى الفراغ، فلو دخل بنيّة متردّدة بين الإتمام و القطع لم يعتدّ بها، و لو دخل بنيّة صحيحة ثمّ نوى قطعها و الخروج منها، أو أنّه سيخرج(2) منها، أو تردّد هل يخرج أم لا، قال الشيخ: لا تبطل صلاته، و يقوى عندي أنّها تبطل(3) و ما قوّاه الشيخ هو الأقوى عندي.
لم تبطل صلاته.
بطلت صلاته.
بطلت صلاته، لأنّه منهيّ عنه، و النّهي يدلّ على الفساد.
و لو كان بعد الانتقال أو ذكر النيّة استمرّ، و لو عمل عملا مع الشك الموجب للاستئناف بطل.
و لو شك هل نوى فرضا أو نفلا في الحال استأنف. و لو شكّ هل أحرم بظهر أو عصر في الحال، استأنف.
و فيه تسعة عشر بحثا:
و جزء منها، فلو أخلّ بها عمدا أو سهوا بطلت صلاته.
و صورتها «اللّه أكبر» فلو أخلّ بحرف منها، أو أتى بمعناها، أو بغير العربيّة مع القدرة، أو أتى بأكبر معرّفا - خلافا لابن الجنيد -(1) أو عكس الترتيب، لم يصحّ .
و لا يشتغل بالصلاة مع سعة الوقت، و لو ضاق أحرم بلغته.
فإن عجز عن النطق أصلا كبّر بالإشارة بإصبعه و أومأ.
ص: 238
فلو مدّ صار جمع كبر، و هو الطبل(1) فإن قصده بطل، و لا ينبغي أن يمدّ الهمزة من لفظة الجلالة، لأنّه يبقى مستفهما، و لو قصده بطل.
و إلاّ أتى بما لو كان صحيحا سمعه.
فلو اشتغل بالتكبير و هو آخذ في القيام ثم يتمّه، أو شرع في الركوع كالمأموم المسبوق قبل إتمامه بطلت صلاته، و إن كانت نافلة.
لأنّ التعظيم انّما يحصل بالإخبار.
إحداها تكبيرة الإحرام، أيّها شاء جعلها الفرض، فإن نوى بها أولى التكبيرات، وقعت البواقي في الصلاة، و له أن ينوي الأخيرة و الوسطى.
في أوّل كل فريضة، و أوّل صلاة الليل، و الوتر، و أوّل نافلة الزوال، و أوّل نافلة المغرب، و أوّل ركعتي الإحرام، و في الوتيرة، و يستحبّ أن يأتي بينها بثلاثة أدعية.
ص: 239
روى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السّلام قال:
يجزيك في التوجّه إلى اللّه تبارك و تعالى في الصلاة أن تقول: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ ، على ملّة إبراهيم حَنِيفاً مسلما وَ مٰا أَنَا مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلاٰتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ ، لاٰ شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين»(1).
قال الشيخ رحمه اللّه: و إن قال في التوجّه: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ ، على ملّة إبراهيم و دين محمّد و منهاج عليّ ، حنيفا مسلما إلى آخر الدعاء، كان أفضل(2). و كذا قال ابن بابويه(3).
و إن كانت يده تحت ثيابه، و لو نسيه و ذكر قبل انتهاء التكبير رفع يديه مستحبا، و لو انتهى لم يرفع.
و يكره ان يتجاوز بهما رأسه.
و لو لم يمكنه إلاّ به أسمع من يليه، و يسمع المأموم غيره، و لا يستحبّ له أن يسمع من خلفه غير تكبيرة الإحرام من السّبع، و لا للمأموم إسماع الإمام.
ص: 240
و صورته: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم، و يجوز أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم.
قال الشيخ: و يستحب الإسرار به(1).
و لا يستحبّ في الباقي، و لو تركه عمدا أو نسيانا حتّى قرأ مضى في قراءته، و لا يعيدها في الركعة الثانية(2).
فإن كبّر ثانية بنيّة الافتتاح بطلت صلاته، فإن كبّر ثالثة بنيّة الافتتاح انعقدت، و هكذا.
822. السابع عشر: لو كان في لسانه آفة من تمتمة(3) أو لثغة أو غيرها، و أوجبت تغيير الحروف،
822. السابع عشر: لو كان في لسانه آفة من تمتمة(3) أو لثغة(4) أو غيرها، و أوجبت تغيير الحروف،
وجب عليه التعلّم بقدر الإمكان، و لو لم يمكنه، أو لم يكن مغيّرة، لم يكن به بأس.
ثمّ إن أدرك تكبيرة الركوع استحبّ له فعلها، و إلاّ فلا.
و لو نوى بها تكبيرة الركوع، أو الافتتاح و الركوع معا بطلت صلاته.
ص: 241
و لو كبّر معه جاز، و إن كبّر قبله لم يصحّ ، و يجب أن يقطعها بتسليمة، و يستأنف بعده أو معه تكبيرة الافتتاح.
و فيه ثلاثة و أربعون بحثا:
و يتعيّن الحمد و سورة كاملة في كل ركعة مرة في الثنائية،(1) و في أوليي الثلاثية و الرباعية، و يتخيّر في الثالثة و الرابعة بين الحمد وحدها و أربع تسبيحات، صورتها: سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر. و إن قال ذلك ثلاث مرات كان أفضل، و قيل: يجب. و ليس بمعتمد.(2)
فلو أخلّ عمدا بطلت صلاته، و كذا الإعراب و التشديد.
و في السورة أيضا كما هي في المصحف، و كذا يجب تقديم الحمد على السورة، فلو خالف في شيء من ذلك عمدا أعاد الصلاة، و إن كان ناسيا استأنف القراءة ما لم يركع، فيمضي و إن ذكر.
ص: 242
فلو قرأ خلالها من غيرها استأنف، و كذا لو نوى قطع القراءة و سكت، و لو سكت لا بنيّة القطع أو نواه و لم يقطع لم تبطل صلاته.
و يجوز أن يقطع القراءة لسكوت و دعاء لا يخرج به عن اسم القاري.
فلو أخلّ بها في الحمد، أو في السورة، بطلت صلاته إن كان عمدا، و إلاّ فلا.
و يجب أن يقرأها بنيّة أنّها من سورة معيّنة، فلو قرأها من غير نيّة، تعيّن(1)عليه إعادتها عند قراءة السورة، و كذا يعيدها لو عدل عن سورة إلى أخرى.
و يجوز للضرورة(2) خلافا للشيخ في بعض أقواله(3).
و لا مرادفها من العربيّة.
و لو عجز أو ضاق الوقت، و كان يحسن بعضها قرأه، و لو لم يحسن شيئا منها قرأ من غيرها ما تيسّر، و الأقرب وجوب الإتيان بسورة كاملة إن كان يعلمها، و هل يجب أن يأتي بسورة أخرى عوض الحمد؟ فيه إشكال.
ص: 243
و لو لم يحسن سورة كاملة قرأ ما يحسنه، و الأقرب انّه لا يجب أن يقرأ بعدد آيها.(1) و لو لم يحسن إلاّ آية واحدة منها قرأها، و اجتزأ بها، و الأقرب سقوط وجوب تكريرها سبعا.
و لو لم يحسن إلاّ بعض آية، فالأقرب انّه إن كان يسمى قرآنا وجب قراءته، و إلاّ فلا.
و لو لم يحسن شيئا من القرآن أصلا كبّر اللّه و هلّله و سبّحه بقدر القراءة، ثم يجب عليه التعلّم.
وجب عليه أن يقرأ من المصحف إن كان عارفا، و الأقرب عدم إجزاء القراءة من المصحف مع إمكان التعلّم.
بل يتخيّر المصلّي بينها(2) و بين التسبيح، و يستحبّ للإمام القراءة فيهما، و لا يجب قراءة سورة بعد الحمد فيهما.
بل يجب سورة أخرى غير الحمد، متأخرة عنها، فلو عكس قرأ الحمد، ثمّ أعاد السورة أو غيرها إن لم يتعمّد.
ص: 244
فيهما، و أن يقرأ فيهما سورتين متساويتين، و أن يقرأ في الثانية بالسورة الّتي تلي السورة الّتي قرأها في الأولى، و بغيرها من المتقدّمات عليها و المتأخرات.
و كذا يستحبّ السّورة بعدها فيها.
فلو أخلّ به عمدا بطلت صلاته، و لو لم يحسنه وجب التعلّم بقدر الإمكان، و لو ضاق الوقت صلّى على ما يحسنه، و الأقرب وجوب ائتمامه بالعارف.
فلو قرأ بمصحف ابن مسعود بطلت صلاته.
و لا يجوز أن يقرأ بغيرها، و ان اتّصلت رواية.
فلو أخرج «الضاد» في «و لا الضّالّين»(1) و غيره من مخرج «الظاء» بطلت صلاته إن كان عالما أو جاهلا يمكنه التعلّم، و إلاّ فلا، ثمّ يجب عليه التعلّم، و لو أخل بإصلاح لسانه في القراءة مع القدرة أبطل صلاته، و إلاّ فلا.
فيه إشكال.
و لا تبطل بالإخلال سهوا، و لا يسقط التخيير معه بينها و بين التسبيح في الأخيرتين.
ص: 245
845. الحادي و العشرون: لا يجوز القران بين سورتين غير الحمد في ركعة(1) من الفرائض،
و هل هو مبطل ؟ للشيخ قولان.(2) و يجوز في النافلة، بل يستحبّ في مواضع منها.
و كذا «الفيل» و «الإيلاف»، فلو قرأ إحداهما بعد الحمد في الفرائض وجب أن يقرأ الأخرى، و يجب البسملة بينهما على الأقوى.
و يجوز في النوافل، و كذا يحرم أن يقرأ ما يفوت الوقت بقراءته.
و يجب الإخفات في الظهرين و الثالثة و الرابعة في الحمد من العشاءين، و للسيد هنا خلاف(3).
849. الخامس و العشرون: أقلّ الجهر(4) أن يسمعه القريب الصحيح السمع
و أقلّ الإخفات أن يسمع نفسه.
سواء فعل
ص: 246
القضاء في الليل أو النهار.
و لو كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل، و لو ذكر في أثناء القراءة الترك انتقل إلى ما يجب عليه، و لا يستأنف القراءة.
ما لم يفرط.
نعم يستحبّ للإمام الجهر بالتشهد.
و يستحبّ في مواضع الإخفات، و يجوز الإسرار بها مع التقيّة، و إن وجب الجهر.
856. الثاني و الثلاثون: يستحبّ المخافتة(1) في نوافل النهار،
و الجهر في نوافل الليل.
و يجب عليه النطق بالحروف، بحيث لا يخفي بعضها في بعض.
ص: 247
و متوسّطاته في العشاء، و مطولاته في الغداة(1)، و يستحبّ قراءة الجمعة و المنافقون في ظهري الجمعة و الجمعة(2)، و أن يقرأ ليلة الجمعة بها و الأعلى، و في غداة الجمعة بها و بالإخلاص، و في غداة الاثنين و الخميس هل أتى و الغاشية. و في نوافل النهار بقصار السور، و في نوافل الليل بمطوّلاتها.
أوّل ركعة من ركعتي الزوال، و أوّل ركعة من نوافل المغرب، و أوّل ركعة من صلاة الليل، و أوّل ركعة من صلاة الغداة إذا أصبح بها، و أوّل ركعتي الفجر، و أوّل ركعتي الطواف، و أوّل ركعتي الإحرام.
و روي قراءة التوحيد في هذه الأوائل و الجحد في الثانية(3).
و في البواقي بالطوال.
ثمّ قام فأتمّ السورة و ركع، و لو كانت السجدة في آخرها قرأ الحمد بعد قيامه ليركع عن قراءة، و كذا يجب أن يسجد لو استمع، ثمّ يفعل ما ذكرناه.
و لو نسيها حتّى ركع سجدها مع الذكر، و يستحب له إذا رفع رأسه من
ص: 248
السجود أن يكبّر.
و لو كان مع إمام لا يسجد و لم يتمكّن من السجود أومأ.
ما لم يتجاوز النصف، إلاّ سورة الكافرين و الإخلاص، فانّه لا ينتقل عنهما إلاّ في ظهر الجمعة، فانّه ينتقل إلى الجمعة و المنافقين.
و لو قرأ سورة فغلط جاز له العدول مطلقا، لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السّلام(1)، و رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(2)، و مع العدول يعيد البسملة.
و بآية نقمة أن يتعوّذ منها.
فإذا استقرّ أتمّ .
و فيه خمسة عشر بحثا:
و في الشرع كذلك، و هو ركن في كلّ ركعة مرة، تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا و سهوا.
و يجب في الكسوف و الآيات في كلّ ركعة خمس مرّات على ما يأتي.
و لو لم يتمكّن من هذا الحدّ وجب الإتيان بالممكن، و لو لم يتمكّن من الانحناء أصلا أومأ.
و لو كان بصورة الراكع لكبر أو زمن، قام على حسب حاله، ثمّ انحنى للركوع قليلا ليكون فارقا بين قيامه و ركوعه.
قال الشيخ: و لا يلزمه ذلك(1) و فيه إشكال.
و لو بلغت يداه في الطول إلى حيث ينتهي إلى ركبته انحنى كما ينحني مستوي الخلقة، و كذا لو كانت أقصر من المستوي.
و هي السكون حتّى يرجع كل عضو إلى مستقره، و لو لم يتمكّن منها سقطت.
ص: 250
كالتسبيح أو التهليل أو التكبير أو التحميد، و أوجب جماعة من علمائنا التسبيح خاصة(1)، و الأقرب الأوّل.
872. الخامس: يجب أن يأتي بالذكر حال الركوع(2)،
فلو اشتغل فيه و هو آخذ في الركوع، أو اشتغل بالرفع قبل إكماله لم يجز.
فلو هوى للسجود قبل انتصابه منه من غير عذر لم يجز، و لو افتقر إلى الاعتماد على شيء وجب، و لو لم يتمكّن سقط، و لو زال المانع بعد السجود لم يتداركه.
قال الشيخ: و كذا لو زال قبل السجود(3).
و لو ركع فاطمأنّ فسقط إلى الأرض من قبل القيام سجد، و لا يحتاج إلى القيام، لفوات محله، أمّا لو سقط قبل ركوعه فانّه يرجع و يأتي بالركوع، و لو سقط بعد الركوع قبل الطمأنينة ففي إعادة الركوع إشكال.
بأن يعتدل قائما و يسكن يسيرا.
و أن يكبّر قائما، رافعا يديه بالتكبير، محاذيا أذنيه، و يرسلهما ثمّ يركع.
و أن يضع يديه على ركبتيه مفرّجات الأصابع، و لو كان بإحدى يديه عذر
ص: 251
وضع الأخرى، و يردّ ركبتيه إلى خلفه، و يسوي ظهره، و يمدّ عنقه موازيا ظهره.
و أن يصفّ في ركوعه بين قدميه، و لا يقدّم إحداهما على الأخرى، و يجعل بينهما قدر شبر.
و أن يتجافى حالة الركوع، لا يضع شيئا من أعضائه على شيء إلاّ اليدين على الركبتين، و أن يقول في ركوعه: «سبحان ربّي العظيم و بحمده» ثلاثا، و أفضل منه خمسا، و الأكمل سبعا، و يستحبّ للإمام التخفيف بثلاث.
و أن يدعو في حال ركوعه فيقول: ربّ لك ركعت، و لك أسلمت، و بك آمنت، و عليك توكّلت، و أنت ربّي خشع لك سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخّي و عصبي و عظامي و ما أقلّته قدماي، غير مستنكف و لا مستكبر، و لا مستحسر، ثمّ يسبّح ثلاثا(1).
«سمع اللّه لمن حمده، الحمد للّه رب العالمين، أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة للّه ربّ العالمين» للإمام و المأموم و المنفرد، و أنّ يجهر الإمام به.
لأنّه أخلّ بالجزء الصوري(1)، و لأنّ الأوّل دعاء، و الثاني شرط و جزاء.
و نوى به التحميد للعطسة و المستحب بعد الرفع، جاز.
بل يستحبّ أنّ تكون بارزة أو في كمّه.
و فيه اثنا عشر بحثا:
و هو واجب في الصلاة، في كلّ ركعة سجدتان، و مجموعهما ركن، تبطل الصلاة بالإخلال بهما معا عمدا و سهوا، و بالواحدة عمدا لا سهوا.
الجبهة و الكفّان و الركبتان و إبهامي الرجلين.
و لو أخلّ بالسجود على بعض هذه عمدا بطلت صلاته، عالما كان أو جاهلا، و لا تبطل بالسهو، و لو كان على بعض أعضائه مانع يمنع من السجود
ص: 253
عليه، سجد بباقي الأعضاء.
و لو كان على جبهته دمل أو شبهه، و أمكنه أن يحفر لها حفيرة ينزل فيها(1)ليقع السليم من الجبهة على الأرض وجب، و لو لم يمكنه لاستغراق الجبهة بالمانع، أو لعدم تمكّنه من الحفر، أو لغيرهما، سجد على أحد الجبينين، و على بقية الأعضاء.
و لو تعذّر على أحد الجبينين سجد على الذقن. و لو تعذّر ذلك كلّه أومأ.
و شرط بعض الأصحاب الملاقاة بدرهم(2) و ليس بمعتمد، و كذا البحث في بقية الأعضاء.
فلو سجد على كور العمامة بطل، إلاّ أن يكون لعذر، و يستحبّ إبراز اليدين دون غيرهما.
و يجوز أن يكون موضع السجود أعلى بما لا يعتدّ به كاللبنة لا أزيد، و لو وقعت جبهته على المرتفع جاز أن يرفع رأسه، و يسجد على المساوي. و لو تعذر أتى بالممكن، و لو لم يتمكّن من الانحناء مطلقا، رفع ما يسجد عليه(3) و إن عجز أومأ.
و الخلاف فيه كالخلاف هناك، و الأولى فيه التسبيح ثلاثا و أفضل منه خمسا، و أكمله سبعا.
ص: 254
و يستحبّ أن يدعو أمام الذكر فيقول: «اللّهم لك سجدت و بك آمنت و لك أسلمت، و عليك توكلت و أنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه و صوّره، و شق سمعه و بصره، تبارك اللّه أحسن الخالقين، و الحمد للّه رب العالمين» ثم يقول: «سبحان ربي الأعلى و بحمده» ثلاث مرّات(1).
و يجوز فيه الدعاء بغير ذلك من أمور الدنيا و الآخرة.
فلو أخذ في السجود و هو ذاكر، أو رفع رأسه و لم يتمّمه لم يجز.
و الطمأنينة فيه جالسا.
ثم يهوي رافعا يديه إلى شحمتي أذنيه، و كذا يكبّر حال رفعه، و للسجود الثاني حال قعوده، رافعا يديه، كما قلناه، و عند رفعه منه، و أن يستقبل الأرض بيديه حال هويه، و مساواة موضع سجوده لموقفه، أو يكون أخفض، و أن يرغم بأنفه. قال السيّد: بطرف الأنف الّذي يلي الحاجبين(2). و أن يدعو بين السجدتين و يتورّك حال جلوسه، و الجلوس عقيب السجدة الثانية مطمئنّا، و الدعاء عند القيام، و أن يعتمد على يديه عنده، سابقا رفع ركبتيه، و أن يبسط كفّيه على الأرض حال القيام و لا يضمّهما.
و هو أن يعتمد بصدور قدميه
ص: 255
على الأرض، و يجلس على عقبيه؛ و أن ينفخ موضع سجوده.
و الاعتدال في السجود.
و مباحثه عشرة:
و في الثلاثيّة و الرباعية مرّتين.
و محلّه في الثنائية عند كمالها، و في الثلاثية و الرباعية عند كمال الثانية مرّة، و عند كمال الصلاة أخرى. و تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا.
و هما: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله؛ و الصلاة على النبيّ و آله، و صورتها: اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد؛ و ما زاد على ذلك مستحبّ .
و مع ضيق الوقت يأتي بما يحسن منه.
ثمّ
ص: 256
الرسالة، ثم يصلّي على النبي، ثمّ يصلّي على آله، فلو خالف أعاد.
بأن يجلس على وركه الأيسر، و يخرج رجليه جميعا، و يجعل ظاهر قدمه الأيسر إلى الأرض، و ظاهر الأيمن إلى باطن الأيسر، و أن يضع يديه على فخذيه مبسوطة مضمومة الأصابع، و أن يزيد على القدر الواجب فيقول:
ما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السّلام قال:
«إذا جلست في الركعة الثانية، فقل: بسم اللّه، و باللّه، و الحمد للّه، و خير الأسماء للّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، و أشهد أنّ ربّي نعم الرّب، و أنّ محمّدا نعم الرّسول، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و تقبّل شفاعته في أمّته، و ارفع درجته، ثمّ يحمد اللّه مرّتين أو ثلاثا، ثم يقوم، و إذا جلست في الرابعة، فقل: بسم اللّه، و باللّه، و الحمد للّه، و خير الأسماء للّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنّك نعم الرب، و أنّ محمّدا نعم الرّسول، التحيات للّه، الصلوات الطاهرات الطيّبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات للّه، ما طاب و طهر و زكى و خلص و صفا فللّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده
ص: 257
و رسوله، أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنّ اللّه نعم الرب، و أنّ محمّدا نعم الرسول، و أشهد أنّ الساعة آتية لا ريب فيها، و أنّ اللّه يبعث من في القبور، الحمد للّه الّذي هدانا لهذا و ما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه، الحمد للّه ربّ العالمين، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و بارك على محمّد و آل محمّد، و سلّم على محمّد و آل محمّد، و ترحّم على محمّد و آل محمّد، كما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، و لا تجعل في قلوبنا غلاّ للّذين آمنوا، ربّنا إنّك رؤف رحيم، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و امنن عليّ بالجنّة، و عافني من النار، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و اغفر للمؤمنين و المؤمنات، و لمن دخل بيتي مؤمنا، و لا تزد الظالمين إلاّ تبارا.
ثمّ قل: السّلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته، السّلام على أنبياء اللّه و رسله، السّلام على جبرئيل و ميكائيل و الملائكة المقرّبين، السّلام على محمّد بن عبد اللّه خاتم النبيّين، لا نبيّ بعده، السّلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، ثمّ تسلّم»(1).
ص: 258
على إشكال، و كذا: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسوله، (أو عبده و رسوله)(1)، أو قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، من غير واو.
و لو أتى عوض الشهادة بما يساويها في المعنى أو يقاربها، فيقول: أعلم أو أخبر عن علم، أو أتيقّن و ما شابهه لم يجز، و كذا لو قال: أشهد أنّ الإله واحد، و أنّ الرسول محمّد.
سواء كان للدين أو للدنيا، و سواء ورد به الشرع أو لم يرد.
و يستحبّ للإمام أن يسمع من خلفه الشهادتين، و إذا قام المصلّي إلى الثالثة، قال: بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد، و لا يحتاج إلى تكبير خلافا للمفيد(2).
و فيه ستّة مباحث:
و يستحبّ مرّة في آخر الصلاة بعد التشهّد، و به يخرج من الصلاة لا غير إن قلنا بوجوبه، و حينئذ فالأقرب أنّه لا يجب أن ينوي به الخروج بل يستحبّ .
ص: 259
أيّتهما وقعت أجزأه: السّلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته، و بأيّهما بدأ كان الثاني مستحبا أيضا، و أوجب العبارة الثانية علم الهدى(1) و أبو الصلاح(2).
على القول بالوجوب، و لا بقوله: السّلام علينا و على عباد اللّه المخلصين(3) أو العابدين، أو السّلام على عباد اللّه الصالحين و علينا. و لو سلّم بالعبارة الثانيّة جاز أن يقول: السّلام عليكم و رحمة اللّه، و إن لم يقل: و بركاته.
و لو قال: السّلام عليكم. و اقتصر خرج به عند ابن بابويه و ابن أبي عقيل و ابن الجنيد(4) و قال أبو الصلاح: الفرض ان يقول: السّلام عليكم و رحمة اللّه(5).
و عندي في ذلك إشكال، و كذا الإشكال لو قال: سلام عليكم، منكرا منوّنا، أمّا لو قال: عليكم السّلام، فانّه لا يجزئه قولا واحدا على القول بالوجوب.
لكن يستحبّ للمنفرد أن يسلّم تسليمة إلى القبلة و يؤمئ بمؤخّر عينيه إلى يمينه، و الإمام بصفحة وجهه، و المأموم يسلّم بوجهه مرّتين يمينا و شمالا إن كان على يساره غيره، و إلاّ اقتصر على يمينه.
فيه إشكال.
ص: 260
أو على من معه إن كان مأموما، لم يكن به بأس.
قال الشيخ: ينبغي أن ينوي بالتسليم الأوّل الخروج من الصلاة، و بالثاني التسليم على الملائكة أو على من في يساره(1).
و فيه واحد و عشرون بحثا:
و أن يقول عند قيامه: اللّهمّ إنّي أقدّم إليك محمّدا بين يدي حاجتي، و أتوجّه به إليك فاجعلني به وجيها عندك في الدنيا و الآخرة و من المقرّبين، [و] اجعل صلاتي به متقبلة و ذنبي به مغفورا، و دعائي به مستجابا، إنّك أنت الغفور الرحيم(2).
إلاّ ما استثني.
إحداها تكبيرة الإحرام، بينها ثلاثة أدعية في سبعة مواطن تقدّمت.
ص: 261
لا تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا و لا سهوا، و قول ابن بابويه(1) و ابن أبي عقيل(2) ضعيف. و آكده في الفرائض، و آكده فيما يجهر فيه.
و في الجمعة قنوتان قبل ركوع الأولى و بعد ركوع الثانية، و في مفردة الوتر قبل الركوع، و بعده في جميع السنّة.
و لو نسي القنوت حتى ركع، قضاه بعد الركوع، و لو نسيه حتّى ركع في الثالثة ففي قضائه بعد الصلاة قولان.
و إلاّ فبما شاء، و أقلّه ثلاث تسبيحات، و يجوز الدعاء بغير العربية اختاره(3) محمّد بن الحسن الصفار و ابن بابويه، خلافا لسعد بن عبد اللّه(4)، نعم يحرم الدعاء بالمحرّم إجماعا.
و يجوز أن يدعو فيه للمسلمين عموما و لإنسان معيّن، و أن يسأل المباح من أمور الدنيا.
و استحبّ المرتضى الإخفات في
ص: 262
الإخفاتية(1) و يستحبّ فيه الإطالة، و رفع اليدين تلقاء وجهه مبسوطتين، و أن يتلقّى بباطنهما السماء، و أن يكبّر له، و أن يرفع يديه به.
و حال قنوته إلى باطن كفّيه، و في سجوده إلى طرف أنفه، و في قعوده إلى حجره.
محاذيا لعيني ركبتيه مضمومتي الأصابع، و في حال ركوعه على عيني ركبتيه، و في سجوده حيال وجهه، و في جلوسه على فخذيه.
و أفضله تسبيح الزهراء عليها السّلام، ثم ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام بعد التكبير عقيب التسليم ثلاث مرات، يرفع فيها(2) يديه إلى شحمتي أذنيه، و يضعهما على فخذيه.
و عند تجدّد النعم و دفع النقم، و يستحبّ فيه التعفير، و هو: أن يضع خدّه الأيمن على الأرض عقيب السجود، ثمّ خده الأيسر.
روى الباقر عليه السّلام قال: أوحى اللّه تعالى إلى موسى عليه السّلام: «أ تدري لم اصطفيتك بكلامي من دون خلقي قال موسى: لا يا ربّ ، قال: يا موسى إنّي قلّبت عبادي بطنا و ظهرا(3) فلم أجد فيهم أحدا أذلّ لي
ص: 263
نفسا منك، يا موسى انّك إذا صلّيت وضعت خديك على التراب»(1).
و يستحبّ فيه الدعاء بالمنقول، و أن يكون لاطئا بالأرض، و أن يعود إلى السجود، و يشكر اللّه مائة مرة، و ليس فيه تكبير للأخذ و الرفع، و لا تسليم.
أربعة منها واجبة و هي: سجدة لقمان، و حم السجدة، و النجم، و اقرأ باسم ربك.
و إحدى عشر مسنونة: في الأعراف، و الرعد، و النحل، و بني إسرائيل، [الإسراء] و مريم و الحجّ في موضعين، و الفرقان، و النمل، و ص، و الانشقاق.
922. الثاني عشر: قال الشيخ رحمه اللّه سجود العزائم الأربع واجب على القارئ و المستمع(2).
و الأصحّ عندي الاستحباب على السامع.
923. الثالث عشر: قال الشيخ رحمه اللّه في الخلاف: موضع السجود في حم عند قوله: وَ اُسْجُدُوا لِلّٰهِ (3)
و في المبسوط(4) عند قوله: إِنْ كُنْتُمْ إِيّٰاهُ تَعْبُدُونَ (5).
و إن كانت ممّا يكره فيه النوافل، و لا يفتقر(6) شيء منها إلى تكبير إحرام، و لا تكبير سجود،
ص: 264
و لا تشهد و لا تسليم و لا طهارة و لا استقبال القبلة، و يستحبّ فيه الدعاء و أن يكبّر إذا رفع رأسه، و الأقرب اشتراط السجود على الأعضاء السبعة.
و لو فاتت(1) قال في المبسوط: يقضي العزائم وجوبا، و يتخيّر في الندب(2). و هو جيّد، و لو نسيها وجب مع الذكر.
و لو لم يسجد التالي سجد المستمع وجوبا أو ندبا، و لا يقوم الركوع مقام السجود، و لو قرأ على الراحلة، و تمكّن من السجود وجب، و إلاّ أومأ، و كذا الماشي.
و روي(3) كراهية التنفّل للإمام(4) موضع صلاته.
و أن ينصرف عن يمينه.
و بعد العصر و بعد المغرب قبل العشاء، و يستحبّ القيلولة.
ص: 265
و هي قسمان: واجبة و مندوبة فهاهنا ثمانية عشر بحثا:
فلو فعله عمدا أو سهوا بطلت صلاته. و قول بعض علمائنا: إذا سبقه الحدث تطهّر و بنى(1) ضعيف.
و هو وضع اليمين على الشمال. و لو فعله بطلت صلاته إن كان عمدا مختارا، و إلاّ فلا.
و لا بين وضع الكفّ على الكفّ ، أو على الذراع، و لا بين أن يضعها معتقدا للاستحباب، أو غير معتقد، و لا بين وضعها حال القراءة أو غير حالها.
935. الرابع: قال الشيخ رحمه اللّه: يحرم وضع الشمال على اليمين(2).
ص: 266
فإن فعله عمدا بطلت صلاته، لا سهوا. أمّا الالتفات يمينا و شمالا، فانّه مكروه غير مبطل.
و إلاّ فلا. و الجاهل كالعالم، و سواء كان الكلام لمصلحة أو لغيرها.
و لو أكره على الكلام بطلت صلاته، و إن كان غير مأثوم.
و لو ظنّ إتمام الصلاة فتكلّم لم يفسد صلاته، خلافا للشيخ في بعض أقواله(1).
و لو سلّم في الأوليين ناسيا قام فأتمّ صلاته، و سجد للسّهو، و لو تكلّم بحرف واحد لم تبطل صلاته.
فعندي في الأفعال الثلاثية المعتلّة الطرفين، ك «ق» و «ع» و كلام الأخرس بحركة اللسان(2) تردّد، أقربه الإبطال به.
و لو نفخ بحرفين أفسد صلاته، و لو تنحنح بحرفين و سمّي كلاما بطلت صلاته، و كذا التأوّه بحرفين مبطل.
و لا تبطل الصلاة بكلّ كلام يناجي به ربّه، أو يدعو به لمصالح المعاش و المعاد.
أمّا التبسم فلا بأس به،
ص: 267
فلو قهقه عمدا بطلت صلاته، لا سهوا.
فلو فعله عمدا بطلت صلاته، و لا يبطل بالسهو، و يجوز للمصلّي أن يعدّ الركعات بأصابعه، أو بشيء يكون معه من الحصاة و شبهه بشرط عدم التلفظ به، بل يعقده في ضميره، و ليس بمكروه.
و إلاّ فلا، و إن كان خوفا من اللّه تعالى و خشية من عقابه لم تبطل به الصلاة، و كذا يجوز أن يتباكى في الصلاة لأمور الآخرة.
و إلاّ فلا.
قال الشيخ: يجوز شرب الماء في النافلة(1) و عندي إن بلغ حدّ الكثرة بطلت صلاته، إلاّ في صلاة الوتر لمن أصابه عطش، و هو يريد الصوم في صبيحة تلك الليلة، إذا لم يستدبر القبلة.
لم تبطل، و نفخ موضع السجود، و رفع البصر في الصلاة، و تغميض العين، و لبس الخف الضيق، و التورّك، و هو أن يعتمد بيديه على وركيه و هو التخصر، و السدل، و هو وضع الثوب على الرأس أو الكتف، و إرسال طرفيه.
و أن يضع يده عليه (إلاّ أن يعتمد عليه)(1) بحيث يسقط مع سقوطه، و أن يحمد اللّه إذا عطس، و يصلّي على النبيّ و آله، و أن يفعل ذلك إذا عطس غيره، و أن يسمت العاطس(2) إن كان مؤمنا، و أن يردّ السّلام نطقا مثل قوله: سلام عليكم و لا يقول: و عليكم السّلام و لو سلّم عليه بغير قوله سلام عليكم قيل: لا يجوز إجابته، إلاّ أن يقصد الدعاء و يكون مستحبا، و عندي فيه إشكال.(3)
و لو حيّاه بغير السّلام، فالأقرب جواز الردّ به لعموم الآية(4) و لا يكره للداخل السّلام على المصلّي.
و لو ترك المصلّي ردّ السّلام مع تعيينه عليه، فالوجه بطلان صلاته.
و لو دعا بالمحرّم بطلت صلاته.
و تصفيق إحدى
ص: 269
يديه بالأخرى، و ضرب الحائط و التسبيح و تلاوة القرآن لإجابة غيره في الصلاة، و يكره ذلك لغير ضرورة.
و لو جاءه الرعاف(1)أزاله و أتمّ الصلاة ما لم يحتج إلى فعل المنافي، و لا يقطع الصلاة ما عبر بين يديه.
949. الثامن عشر: قال الشيخ رضى اللّه عنه: و لو نوى أن يصلّي بالتطويل لم تبطل صلاته لو خفّفها(2)
و هو جيّد.
ص: 270
و فيه فصول
و مباحثه اثنان و ثلاثون:
و هي واجبة إجماعا بشرائط نذكرها، و تجب عند زوال الشمس، و يخرج وقتها إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله.
و لو علم اتّساع الوقت للخطبة و ركعتين خفيفتين وجبت الجمعة، و لو علم أو غلب في ظنّه قصور الوقت(1) لم تجب، و صلّى ظهرا، و يجب السعي مع القرب عند الزوال و مع البعد قبله، بحيث يدركها.
و يستحبّ في أوّل النهار مغتسلا، قد مسّ شيئا من الطيب جسده، و يسرح لحيته، و يحلق رأسه، و يقصّ أظفاره، و يأخذ من شاربه، و يستاك و يلبس أنظف ثيابه(2)، و يتعمّم(3) و يرتدي. و يدعو أمام توجّهه، و يكون على سكينة و وقار.
ص: 271
و يتنفّل بعشرين ركعة، أربع منها زيادة على باقي الأيّام، ستّا عند انبساط الشمس، و ستّا عند ارتفاعها، و ستّا قبل الزوال، و ركعتين عنده، و لو أخّر النافلة أو صلّى بين الفريضتين ستّا جاز.
و لو وجد البعيد مشقة ركب، و إذا أتى المسجد جلس حيث ينتهي به المكان.
و يكره أن يتخطّى رقاب الناس، سواء ظهر الإمام أو لا، و سواء كان له مجلس يعتاد الجلوس فيه أو لا.
و لو تركوا الصفوف الأولى خالية جاز له أن يتخطاهم إليها، و لا يكره للإمام التخطّي.
و ليس له أن يقيم غيره، و يجلس موضعه، و إن كان معتادا للجلوس فيه، أو كان الجالس عبده، و لو آثره غيره جاز، و في التخصيص به نظر، و لو فرش له مصلّى لم يكن مخصّصا، لأنّ السبق بالأبدان لا بما يجلس عليه.
فلو لم يكن الإمام ظاهرا و لا نائب له سقط الوجوب إجماعا، و هل يجوز الاجتماع حينئذ مع إمكان الخطبة ؟ قولان.
و هو خمسة نفر، الإمام أحدهم، و اشترط الشيخ سبعة(1) و ليس بمعتمد.
و لو انفضّوا في أثناء الخطبة، أو بعدها قبل التلبّس بالصلاة، سقطت
ص: 272
الجمعة، و لو كان ذلك بعد التلبّس بالتكبير وجب الإتمام و لو لم يبق إلاّ الإمام، و كذا لو مات الإمام في أثناء الصلاة أو عرض له حدث يبطل الصلاة، قدّم الجماعة من يتمّ بهم الجمعة.
و لا يكفي الخطبة الواحدة، و يشترط في كلّ خطبة حمد اللّه، و الثناء عليه، و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و قراءة سورة خفيفة من القرآن، و الوعظ، و لو قرأ عزيمة نزل و سجد و سجد(1)المستمع معه.
و وقتها عند زوال الشمس صيفا و شتاء. و في جواز تقديمهما على الزوال، قولان، و يجب تقديمهما على الصلاة، فلو صلّى أوّلا لم تنعقد الجمعة، و أن يكون الخطيب قائما وقت إيراده مع القدرة، و أن يسمع العدد المعتبر فصاعدا، و أن يفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة، و في اشتراط الطهارة للخطبتين قولان.
فلو صلّيت فرادى لم تنعقد، و إذا حضر إمام الأصل، وجب عليه الحضور و التقدّم، و لو منع لعارض جاز له الاستنابة.
بمعنى أنّه لا يصحّ جمعتان في موضعين بينهما أقلّ من ثلاثة أميال، سواء كانا في بلد واحد، أو بلدين، فلو صلّى جمعتان و بينهما أقلّ من فرسخ بطلتا إن اقترنتا، و إن سبقت إحداهما بطلت اللاحقة، سواء كانت السابقة هي جماعة الإمام الراتب أو غيره، و سواء كانت إحداهما في المسجد الجامع، و الأخرى في غيره، أو لا، أو كان إحداهما في
ص: 273
قصبة البلد(1) و الأخرى في أقصاه.
و لو لم يعلم سبق إحداهما، أو علم و جهل عينها، أو علم عينها و اشتبه، بطلتا، و مع بطلانهما للاقتران إن أمكنت الجمعة وجبت، و إلاّ وجب الظهر.
أمّا لو بطلتا للفرضين الآخرين و بقي من الوقت ما يمكن فعل الجمعة هل تجب أم لا؟ قال الشيخ رحمه اللّه: تجب الجمعة(2).
و الوجه عندي انّهم يصلّون ظهرا، لأنّ إحداهما صحيحة، و وجوب الإعادة لجهل التعيين لا يقتضي الفساد في نفس الأمر، أمّا لو جهلنا كيفيّة وقوعهما، فالوجه ما قاله الشيخ رضى اللّه عنه.
و يعتبر السبق، و لو بتكبيرة الإحرام، و لو أحرم فأخبر في الأثناء بالأخرى استأنف الظهر، و لا يجزيه الإتمام ظهرا.
بل تجب على أهل السواد و القرى، و لا يشترط القرية أيضا، بل تجب على أهل الخيام و بيوت الشعر، إذا كانوا قاطنين.
و ليس الاستيطان شرطا فلو أقام في بلد على سبيل التجارة، أو طلب العلم، و في نيّته الانتزاح(3) مع قضاء وطره، وجب عليه الجمعة.
و ليس إقامة الجمعة في البنيان شرطا، بل يجوز إقامتها في الصحراء، و ليس بقاء الوقت مع التلبّس بها شرطا، فلو دخل في الجمعة في وقتها، ثمّ خرج
ص: 274
و لم يتمّها، تمّمها جمعة إماما كان أو مأموما و الأقرب عندي اشتراط إدراك الركعة، أمّا لو فات الوقت و لم يتلبّس بها، فانّها تفوت، و لا يقضي جمعة بل يقضي ظهرا.
أو من هو بحكمهم، السالمين من العمى و المرض و العرج و الشيخوخة الحاصل معها العجز عن الحركة (فلا تجب الجمعة على المرأة، و لو تكلّفت الحضور وجبت عليها الجمعة و ان لم تنعقد بها)(1) و لا تجب على العبد و لا المكاتب و لا المدبّر و لا المخارج(2) و لو أذن له المولى استحبّ له الحضور، و لو حضر وجبت عليه، و في الانعقاد به قولان.
و لو انعتق بعضه فهاياه(3) مولاه لم تجب الجمعة و ان اتفقت في يوم نفسه، و قول الشيخ(4) هنا ضعيف. و لو صلّى الظهر فأعتق لم يجب عليه الحضور.
و المسافر لا يجب عليه الجمعة ما لم يستوطن بلد الغربة شهرا، أو ينوي مقام عشرة أيّام، و لو حضر الجمعة و نوى المقام(5) عشرة أيّام، أو أقام شهرا وجبت عليه و انعقدت به، و انّما تسقط الجمعة عن المطيع بسفره، و لو صلّى الظهر فخرج عن حكم المسافر لم يجب عليه حضور الجمعة.
ص: 275
و الأعمى لا يجب عليه الجمعة و إن وجد قائدا، و لو حضر وجبت عليه، و انعقدت به، و لو صلّى الظهر ثمّ حضر سقطت عنه.
و المريض تسقط عنه الجمعة، سواء زاد المرض بالحضور، أو لم يزد، و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به، و لو صلّى الظهر ثمّ حضر سقطت الجمعة، و لم تبطل ظهره الّتي صلاّها، سواء زال عنه المانع أو لا، و كذا كلّ من لا يجب عليه الجمعة.
و تسقط الجمعة عن الأعرج، و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به.
و تجب على من بينه و بينها فرسخان فما دون، و لو حضر الأوّل وجبت عليه، و انعقدت به. و يستحبّ له الحضور. (و لو لم يحضر و حصلت شرائط الوجوب وجبت عليه الجمعة في موطنه، أو يكلف الحضور، و لو نقص البعد عن فرسخين وجب عليه الحضور)(1) أو فعل الجمعة في موطنه مع الشرائط.
أو الوحل الّذي يشقّ معه السعي، و كذا مع كلّ عذر يتعذّر معه الفعل.
و لا يجب عليه التأخير و لا يستحبّ .
و الكلام في أثنائها
ص: 276
حرام، و عندي فيه إشكال لكن لا تبطل الجمعة معه إجماعا.
و لا يكره تسميت العاطس، و لا ردّ السّلام.
قال الشيخ رحمه اللّه و يكره للخطيب الكلام و ليس بمحرم(1).
فإن أدركها صلاّها، و إلاّ أعاد ظهره.
و كذا لو أدرك الإمام راكعا في الثانية، و لو كبّر و ركع و شك هل كان الإمام راكعا أم رافعا؟ فالوجه فوات الجمعة، و وجبت الظهر.
فلا تصحّ إمامة المجنون إجماعا، و لا الصّبي و إن كان مراهقا؛ و الإيمان، فلا تصحّ إمامة المخالف؛ و العدالة، فلا تصحّ إمامة الفاسق؛ و طهارة المولد، فلا تصحّ إمامة ولد الزنا؛ و الذكورة، فلا تصحّ إمامة النساء في الجمعة و لا الخنثى؛ و الحريّة عند قوم، و الأقرب عندي جواز إمامة العبد مع كمال العدد بغيره.
و كذا يجوز أن يكون المسافر إماما إذا تمّ العدد بغيره، و كذا المريض و الأعمى، و لا يؤمّ الأجذم و الأبرص.
و إذا حضر إمام الأصل تعيّن الاجتماع معه، و يتولّى هو الخطبة، و لو خطب أمير فعزل و ولى غيره. صلّى بهم، و في وجوب إعادة الخطبة نظر، و لا يشترط في الثاني حضوره الخطبة(2).
ص: 277
و يسلّم على الناس خلافا للشيخ رحمه اللّه(1). و إذا سلّم يرد الناس(2) عليه.
قال الشيخ: يستحبّ أن يقعد دون الدّرجة العالية من المنبر(3)، فإذا صعد جلس للاستراحة، حتى يفرغ المؤذّنون فإذا فرغوا خطبهم قائما، و لو كان له عذر خطب جالسا، فإن زال في الأثناء وجب القيام، و لو خطب جالسا من غير عذر بطلت صلاته، و صلاة من خلفه مع العلم لا مع عدمه قاله الشيخ(4).
و لا ينبغي أن يفصل بين الأذان و الخطبة بجلوس و غيره. و يستحبّ أن يستقبل الناس بخطبته، و لا يلتفت يمينا و لا شمالا، و لو استدبر الناس و استقبل القبلة و خطب جاز مع السماع.
و يستحبّ للناس استقبال الخطيب، لأنّه أبلغ في السماع، و لا يستحبّ للبعيد غير السامع ذلك، و إذا فرغ الخطيب من الخطبة نزل، و ابتدأ المؤذّنون بالإقامة، و صلّى بالناس الجمعة ركعتين.
و في الثانية المنافقين، و لو قرأ غيرهما ناسيا قطع القراءة و ابتدأ بالجمعة و المنافقين، و لو تجاوز النصف نقل نيته إلى النفل مستحبا و أعاد الجمعة بالسورتين. و قول ابن إدريس(5) ضعيف.
ص: 278
و قول المرتضى(1) بعيد.
و لو وجبت على أحد المتعاقدين حرم عليه خاصة، و قال الشيخ رحمه اللّه(2):
يكره للآخر للإعانة(3)، و لو باع من يحرم عليه انعقد البيع. و قول الشيخ هنا(4) ليس بجيّد. و الأقرب مساواة غير البيع له من العقود المساوية له في الاشتغال.
بل يسمع، و لا يكره له الصدقة على السؤال.
فلم يتمكّن من متابعته، لم يسجد على ظهر غيره، بل ينتظر المكنة، فإن أمكنه السجود و اللحاق به قبل الركوع فعل، و إن لم يتمكّن صبر حتّى يسجد الإمام، و يتابعه، و لا يركع معه، فإذا سلّم الإمام قام و صلّى ركعة أخرى، و لو نوى بالسجدتين للثانية بطلت صلاته. و قول الشيخ في الخلاف(5) ضعيف، و الوجه انّه يشترط نيّة انّهما للأولى. خلافا لابن إدريس(6) و يستحبّ للإمام ان يطيل في القراءة إذا عرف انّه قد زوحم بعض المأمومين(7).
ص: 279
974. الخامس و العشرون: لو لم يتمكّن من متابعته في الركوع و السجود(1)في الركعتين معا، فلا جمعة له،
و لو زوحم في ركوع الأولى و سجودها، حتّى قام الإمام إلى الثانية، فهل له أن يركع و يسجد ثمّ يقوم إلى الثانية ؟ فيه نظر، أقربه الجواز.
و لو زوحم عن سجود الأولى فاشتغل بقضائه، فلمّا فرغ وجد الإمام رافعا من ركوع الثانية فقد لحق الجمعة(2) و الأقرب انّه يصبر حتّى يفرغ الإمام، ثم يأتي بالثانية، و لو لم يتمكّن من السجود و اللحاق به و صبر ليتابعه في الثانية، فلم يتمكّن من السجود معه حتّى قعد للتشهد، فالأقرب فوات الجمعة و يستقبل الظهر.
و لو زوحم عن ركوع الأولى لا يسجد مع الإمام، بل يصبر حتّى يركع الثانية و يتابعه و يدرك الجمعة بعد قضاء الثانية.
سواء فرغ من الخطبة و شرع في الصلاة أو لا، و الأفضل استخلاف من سمع الخطبة، و لو مات الإمام أو أغمى عليه، أو أحدث و لم يستخلف، استخلف المأمومون غيره ليتمّ بهم، و لو لم يستخلفوا و نوى الجميع الانفراد، ففي بطلان الجمعة نظر، و الأقرب جواز استخلاف من فاتته الجمعة و يصلّي هو الظهر.
و لو صلّى الظهر من وجبت عليه الجمعة، و شك هل صلّى قبل صلاة
ص: 280
الإمام أو بعدها، أعاد، و هل يشترط في صحّة ظهره فعلها بعد فراغ الإمام من الجمعة، أو فعلها في وقت يعلم أنّه لو سعى فاتته الجمعة ؟ فيه إشكال. أمّا من لا يجب عليه الجمعة فانّه يجوز له فعل الظهر قبل صلاة الإمام إجماعا. و لا يكره لهؤلاء الاجتماع في الظهر.
و يكره بعد الفجر، و يباح قبله.
و إذا صلّى الجمعة أقام للعصر و صلاّها بغير أذان، و لو صلّى الظهر لفوات أحد شرائط الجمعة بأذان و إقامة إمّا منفردا أو مجتمعا ففي سقوط أذان العصر قولان.
979. الثلاثون: إذا كان الإمام ممّن(1) لا يقتدى به، قدم المأموم صلاته على صلاة الإمام،
و لو لم يتمكّن صلّى معه، فإذا سلّم الإمام قام فأتمّ ظهره.
و لو أدرك خطبتين خفيفتين و ركعتين وجبت الجمعة، و لو أدركهما خفيفتين و ركعة فظاهر كلامه في المبسوط: انّه يصلّي الظهر(2) و لو قيل: بإدراك الجمعة كان وجها، و لو خطب و صلّى، و شك هل كان الوقت باقيا أو خارجا، صحت صلاته.
و روي ألف مرة و في غيره مائة مرة(3)، و الإكثار من العمل الصالح،
ص: 281
و الصدقة فيه، و قراءة سورة التوحيد بعد الفجر مائة مرة، و الاستغفار مائة مرة، و قراءة سورة النساء و هود و الكهف و الصافات و الرّحمن، و زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم و الأئمّة عليهم السّلام خصوصا الحسين عليه السّلام، و يكره فيه إنشاد الشعر و الحجامة.
و فيه تسعة عشر بحثا:
و تجب جماعة مع الشرائط إلاّ مع العذر، و يجوز أن يصلّيها حينئذ منفردا ندبا، كما يصلّي جماعة، و لو فقدت إحدى الشرائط سقط الوجوب.
و استحب الإتيان بها جماعة و فرادى، سفرا و حضرا، و لو أخلّ بها مع الشرائط عوقب على ذلك، فإن امتنع قوم من فعلها قوتلوا على ذلك.
و يستحبّ الخروج إلى المصلّى بعد انبساط الشمس، و تأخير الخروج يوم الفطر عن الخروج يوم الأضحى.
سواء كانت فرضا أو نفلا.
و هي ركعتان، يقرأ في
ص: 282
كلّ واحدة منهما بعد تكبيرة الافتتاح الحمد و سورة، و يستحبّ أن يقرأ في الأولى بعد الحمد الأعلى و في الثانية الشمس، فإذا فرغ من القراءة في الأولى كبّر، و قنت، و دعا بالمنقول خمس مرات، ثمّ كبّر السادسة و ركع بها، و يكبّر في الثانية أربع مرات يقنت عقيب كلّ تكبيرة، ثم يكبّر الخامسة و يركع بها، فيكون الزائد من التكبيرات تسعا: خمس في الأولى و أربع في الثانية، غير تكبيرة الإحرام و تكبيرتي الركوع.
و كذا الجهر بالقراءة.
خلافا لابن الجنيد(1).
و كذا القنوت بينها، و قال المرتضى بوجوبه(2).
و قال في الخلاف:
يقضيه بعد الصلاة(3) و لو شك في عدد التكبيرات بنى على اليقين، و لو أدرك بعض التكبيرات مع الإمام أتمّ مع نفسه، و لو خاف فوت الركوع أتى بها ولاء، و لو خاف الفوت تركها و قضى بعد التسليم.
و يلبس أفخر
ص: 283
ثيابه، و يستاك، و يلبس العمامة شتاء و صيفا، و الإصحار بالصلاة إلاّ بمكة، فانّه يصلّي في المسجد الحرام.
و يستحبّ للإمام أن يخرج ماشيا حافيا ذاكرا للّه سبحانه، و عليه السكينة و الوقار، و لو كان موطنه بعيدا من المصلّى، أو كان عاجزا، أو ذا علّة، جاز له أن يركب.
بل يقول المؤذّن(1) الصلاة، ثلاثا.
992. الحادي عشر: يستحبّ له أن يطعم شيئا من الحلوة(2) قبل خروجه في الفطر،
و بعد عوده في الأضحى ممّا يضحى به.
و قال الصادق عليه السّلام: «على الإمام أن يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة، و يوم العيد إلى العيد، و يرسل معهم فإذا قضوا الصلاة و العيد ردهم إلى السجن»(3).
كوجوبهما في الجمعة، بعد الصلاة، و تقديمهما بدعة، و لا يجب استماعهما إجماعا.
و كذا لو خطب على راحلته.
ص: 284
فانّه يستحبّ أن يصلّي في مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم ركعتين قبل الخروج، و لا يكره قضاء الواجب، و يكره قضاء النافلة، و الخروج بالسلاح يوم العيد إلاّ لعذر.
الرجل و المرأة، الحر و العبد - ليلة الفطر عقيب صلاة المغرب و العشاء، و يوم الفطر عقيب الصبح و العيد، و أضاف ابن بابويه عقيب ظهري العيد(1)، و ظاهر كلام السيد المرتضى(2) و ابن الجنيد(3) يعطي الوجوب، سواء كبّر الإمام أو لا.
و في الأضحى يكبّر عقيب خمس عشرة صلاة إن كان بمنى، أوّلها ظهر النحر، و في غيرها عقيب عشر. و قال المرتضى بوجوبه أيضا(4).
و صورة التكبير في الفطر: اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر، الحمد للّه على ما هدانا، و له الشكر على ما أولانا، و يزيد في الأضحى: و رزقنا من بهيمة الأنعام.
و لو فاتته صلاة يكبّر عقيبها، قضاها و كبّر، سواء قضاها في أيّام التشريق أو غيرها، و لا يشترط فيه الطهارة و لا القبلة.
و يحرم بعد طلوع الشمس قبل الصلاة.
ص: 285
بل يعمل شبه المنبر من طين استحبابا.
و أوجبه أبو الصلاح(1)، و الأقرب ثبوت التخير لأهل السواد دون أهل المصر، و على الإمام إعلامهم ذلك في خطبته، و لا يثبت التخيير للإمام.
و يستحبّ للإمام أن يذكر في خطبته في الفطر الحثّ على الفطرة، و وجوبها، و جنسها، و قدرها، و وقت إخراجها، و مستحقها، و من يجب عليه و يستحبّ و باقي أحكامها، و في الأضحى الحثّ على الأضحية، و وصفها، و جنسها.
و يستحبّ لأهل الأمصار التعريف آخر نهار عرفة، و أعظمه استحبابا في حضرة الحسين عليه السّلام.
و فيه تسعة عشر بحثا:
و خسوف القمر، و الزلزلة، و الآيات كالظلمة الشديدة و الرياح الشديدة و الصيحة،
ص: 286
و غير ذلك من أخاويف السماء.
في كلّ ركعة خمس ركوعات، و كيفيّتها أن ينوي و يكبّر، ثمّ يقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، ثمّ يقوم، فيقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، ثمّ يقوم، فيقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، هكذا خمسا، ثمّ يسجد اثنتين، و يقوم، فيقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، ثمّ يقوم، فيقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، ثمّ يقوم هكذا خمسا، ثمّ يسجد مرّتين، و يتشهّد و يسلّم.
و يجوز أن يقرأ مع الحمد في كلّ مرة بعض السورة، ثم يركع، فإذا قام أتمّها من غير أن يقرأ الحمد، و لو كان أتم السّورة قام من الركوع و قرأ الحمد و سورة أو بعضها، و قول ابن إدريس(1) هنا لا يعوّل عليه.
و هل يجب قراءة سورة كاملة في الأولى مع الحمد و كذا في الثانية ؟ إشكال، و الأقرب الوجوب.
و الجماعة خصوصا مع احتراق جميع القرص، و قراءة السور الطوال مع سعة الوقت، و إطالة الركوع بقدر زمان القراءة، و إطالة السجود، و التكبير عند كلّ رفع من كلّ ركوع إلاّ في الخامس و العاشر، فانّه يقول فيهما: سمع اللّه لمن حمده، و القنوت في القيام الثاني قبل الركوع و الرابع و السادس و الثامن و العاشر، و دونه في الاستحباب القنوت في الخامس و العاشر، و الجهر في الكسوفين، و البروز بها تحت السماء.
فالأقرب فوات تلك الركعة، فينبغي
ص: 287
المتابعة في باقي الركوعات إلى أن يقوم الإمام في ثانيته، فيقتدي المأموم بالصلاة، فإذا سلّم الإمام أتمّ هو الثانية.
و لو لم يتّسع الوقت لها لم يجب، و لو خرج الوقت المتّسع و لم يفرغ منها، أتمّها.
أمّا الرياح و الزلازل و ما يشبهها من الآيات السريع زوالها، فالأقرب عندي أنّ وقتها العمر كلّه.
و هذه الأشياء علامات الوجوب، ليست أوقاتا، فيصلّيها أداء و إن سكنت.
فإن كان قد احترق القرص كلّه، وجب القضاء، و إلاّ فلا، خلافا للمفيد(1). و لو فاتت نسيانا فالأقرب عندي، القضاء مطلقا و في المبسوط و النهاية(2): يقضي مع الاستيعاب لا بدونه و لو علم و فرّط قضى مطلقا.
أمّا غير الكسوف من الآيات، فلا يجب القضاء مع الجهل، و يجب مع العلم و التفريط أو النسيان.
و كذا لا يجب ترتيبها في أنفسها لو فاتته منها صلوات متعددة.
و لو غابت الشمس كاسفة، أو طلعت على القمر المنخسف صلّى أيضا، و كذا لو
ص: 288
غاب القمر ليلا في حال انخسافه، أو طلع الفجر على القمر المنخسف، أو ابتدأ خسوفه وقت طلوع الفجر.
و لا يشترط إذن الإمام، و لا المصر.
و يستحبّ للحائض أن تجلس في مصلاّها، تذكر اللّه تعالى بعد الوضوء بقدر زمان الكسوف، و كذا النفساء.
و قول ابن إدريس بعدم استحبابه(1) و بعض علمائنا بوجوبه(2) ضعيفان.
ثمّ يعقّب بالأخرى، و إن ضاق وقت إحداهما تعيّنت البداءة بها، و لو تضيّقا صلّى الحاضرة. و قول السّيد في المصباح(3) و الشيخ في النهاية(4) لا تساعدهما رواية محمّد بن مسلم و بريد العجلي الصحيحة عنهما عليهما السّلام(5) عليه(6).
ص: 289
و صلّى الحاضرة ثم عاد فأتمّ الكسوف، و به روايات صحيحة،(1) تخصّص عموم إبطال الفعل الكثير.
فإن صلّى مع تضيّق الحاضرة، فالوجه عدم القضاء مع عدم التفريط، و وجوبه معه.
بدأ بالجنازة مع خوف التغيير، أو بما يخاف فوته، و لو تساووا في اتّساع الوقت بدأ بالجنازة ثمّ بالكسوف ثمّ بالعيد ثمّ بالاستسقاء.
1016. السادس عشر: لو اجتمعت مع النافلة قدّم(2) صلاة الكسوف،
سواء كانت النافلة مؤقّتة أو لا، راتبة أو لا. فإن خرج وقت النافلة قضاها.
و لو أدركها، فالوجه الوجوب، و لو قصّر الوقت عن أقلّ صلاة يمكن لم تجب على إشكال.
و إن كان وقت كراهيّة.
1019. التاسع عشر: قيل: يجوز أن يصلّي صلاة الكسوف على ظهر الدابة و ماشيا،(3)
و الوجه التقييد بالعذر، و يجوز معه لا بدونه.
ص: 290
أمّا النوافل اليومية فقد مضت، و أمّا غيرها فيشتمل على أقسام:
و هي مستحبّة عند قلّة الأمطار و غور الأنهار.
و كيفيّتها مثل صلاة العيد، إلاّ أنّه يقنت هنا بالاستغفار، و سؤال الرحمة بإرسال الماء، و أفضله ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام(1).
و يستحبّ هذه الصلاة بعد أن يصوم الناس ثلاثة أيّام، و يخرج الإمام بهم يوم الثالث، و ينبغي أن يكون يوم الاثنين، فان لم يتّفق فالجمعة، و لا يخرج المنبر من موضعه، خلافا للسيّد(2)، بل يعمل منبرا من طين.
و يخرج الإمام بالناس إلى الصحراء حفاة على سكينة و وقار، و يخرج معهم الشيوخ و الأطفال و العجائز، و يفرق بين الأطفال و أمّهاتهم، و يمنع أهل الذمّة و الكفّار من الخروج.
و يصلّى بهم في الصحراء لا في المساجد إلاّ بمكة. و يستسقى بأهل الصلاح، فيأمرهم بالخروج من المعاصي، و الصّدقة، و ترك التشاجر، و يأمرهم بالاستغفار وقت الصلاة.
ص: 291
و لا أذان فيها و لا إقامة، بل يقول المؤذّن: الصّلاة، ثلاثا. و تصلّى جماعة و فرادى، و لا يشترط فيها إذن الإمام. و تصلّى في كل وقت، و إن كان وقت كراهية. و يجهر فيها بالقراءة، فإذا فرغ الإمام من الصلاة حوّل رداءه، فجعل ما على اليمين على اليسار و بالعكس، و لا يستحبّ لغيره، ثمّ يستقبل الإمام القبلة، و يكبّر اللّه مائة مرّة، ثمّ يسبّح اللّه على يمينه مائة مرّة، ثمّ يهلّل عن يساره مائة مرّة، ثمّ يستقبل الناس ثانيا و يحمد اللّه مائة مرّة، يرفع بذلك كلّه صوته، و يتابعه الناس، ثمّ يخطب خطبتين. و لو لم يحسن دعا بدلهما.
و هل التكبير و التهليل و التسبيح و التحميد متقدّم على الخطبة أو متأخّر؟ ذهب السيّد(1) و المفيد(2) إلى الثاني، و الشيخ إلى الأوّل(3).
و لو تأخّرت الإجابة خرجوا ثانيا و ثالثا إلى أن يجابوا، و لو تأهّبوا للخروج فسقوا لم يخرجوا، و لو خرجوا فسقوا قبل الصلاة لم يصلّوا، نعم يستحبّ صلاة الشكر في الموضعين.
و يستحبّ لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب، و إذا نذر الإمام أن يصلّي للاستسقاء انعقد نذره، و لا يلزم غيره بالخروج معه، و كذا لو نذر غير الإمام، و لو نذر الإمام أن يستسقي هو و غيره، انعقد نذره في حقّ نفسه خاصّة، و يستحبّ له أن يخرج في من يطيعه كالولد و شبهه، و إذا انعقد نذره صلاّها في الصحراء.
ص: 292
و لو نذر أن يصلّيها في المسجد انعقد، و يعيد لو صلاّها في غيره، و لو نذر أن يخطب، انعقد، و جاز قائما و قاعدا، و على منبر و غيره. و لو نذر على المنبر وجب، و لم يجز على الحائط و شبهه.
و كما يستحبّ لانقطاع الغيوث، يستحبّ لنضب ماء العيون و الآبار.
و يستحبّ إذا كثر المطر بحيث يبلغ حدّ الضّرر الدعاء إلى اللّه تعالى بإزالة ذلك، قال الشيخ.(1) و لا يجوز أن يقول: مطرنا بنوء(2) كذا، لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم نهى عنه.
خلافا لابن بابويه(3) و هي ألف ركعة زائدة على باقي الشهور، و في ترتيبها روايتان(4):
إحداهما: انّه يصلّي في كل ليلة عشرين ركعة إلى آخر الشهر، و في كلّ ليلة من تسع عشرة و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين زيادة مائة ركعة. و في العشر الأواخر في كلّ ليلة زيادة عشر ركعات.
الثانية(5): انّه يقتصر في كلّ ليلة من ليالي الأفراد على مائة، فيبقى عليه
ص: 293
ثمانون(1) يصلّي في كلّ جمعة من الشهر عشر ركعات، بصلاة عليّ و فاطمة و جعفر بن أبي طالب عليهم السّلام، و في آخر جمعة عشرين ركعة بصلاة علي عليه السّلام، و في عشية تلك الجمعة عشرين ركعة بصلاة فاطمة عليها السّلام.
و يستحبّ أن يقرأ في كلّ ركعة من المائة في الليالي الثلاث قل هو اللّه أحد عشر مرات. و يستحبّ زيادة مائة ركعة ليلة النصف، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، و قل هو اللّه أحد عشر مرات.
و الجماعة في هذه النافلة بدعة، و يستحبّ الدعاء بين كلّ ركعتين بالمنقول، و لا يصلّي ليلة الشك شيئا من نوافل رمضان.
و فيه أحد عشر بحثا:
و هي صلاة جعفر بن أبي طالب و هي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في الأولى مع الحمد الزلزلة، و في الثانية معها و العاديات، و في الثالثة معها النصر، و في الرابعة معها التوحيد، فإذا فرغ من القراءة، قال: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر، خمس عشرة مرة، ثمّ يركع و يقوله عشرا، ثمّ يرفع رأسه و يقوله عشرا، ثمّ
ص: 294
يسجد و يقوله عشرا، ثمّ يرفع رأسه و يقوله عشرا، ثمّ يسجد ثانيا و يقوله عشرا، ثمّ يرفع رأسه و يقوله عشرا، فذلك خمس و سبعون، و هكذا في كلّ ركعة.
و يدعو في آخر سجوده بالمنقول، و عن الصادق عليه السّلام استحبابها مجردة عن التسبيح للمستعجل، ثم يقضي التسبيح، و هو ذاهب في حوائجه(1).
و هي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و قل هو اللّه أحد خمسين مرّة.
و هي ركعتان يقرأ في الأولى منهما الحمد مرّة و القدر مائة مرّة، و في الثانية الحمد مرّة و التوحيد مائة مرّة. و قيل(2): إنّ الأولى صلاة عليّ عليه السّلام، و هذه صلاة فاطمة عليها السّلام.
يقرأ الحمد في الأولى مرّة و إنّا أنزلناه خمس عشر مرة، ثمّ يركع و يقرأها خمس عشر مرّة، ثمّ يرفع رأسه و يقرأها كذلك، ثمّ يسجد و يقرأها خمس عشر مرّة، ثمّ يرفع رأسه و يقرأها كذلك، ثمّ يسجد ثانيا فيقرأها خمس عشر مرّة، ثمّ يرفع رأسه، و يقوم، فيفعل كما فعل في الأولى.
و هي أربع ركعات بتسليمتين يوم الجمعة قبل الصلاة، يقرأ في كلّ ركعة: فاتحة الكتاب عشر مرّات، و قل أعوذ بربّ النّاس عشر مرّات، و قل أعوذ بربّ الفلق كذلك، و التوحيد عشر مرّات، و الجحد عشر مرّات، و كذا آية الكرسي، و شهد اللّه(3)
ص: 295
عشر مرّات، ثم يدعو بالمنقول.
و هي عشر ركعات: يقرأ في الأولى الحمد مرّة و الفلق سبع مرات، و في الثانية الحمد مرّة و قل أعوذ بربّ النّاس سبع مرات، فإذا سلّم قرأ آية الكرسي سبعا، ثمّ يقوم فيصلّي ثمان ركعات بتسليمتين، يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و النصر مرّة و التوحيد خمسا و عشرين مرّة.
و هي ركعتان: يقرأ في الأولى الحمد مرّة و التوحيد ألف مرّة، و في الثانية الحمد مرّة و التوحيد مرّة واحدة.
و هي ركعتان قبل زوال الشمس من يوم الغدير بنصف ساعة، يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و كلّ واحدة من التوحيد و إنّا أنزلناه و آية الكرسي عشر مرات.
و هي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و التوحيد مائة مرّة. و هي ليلة مولد صاحب الأمر عليه السّلام، و يستحب إحياؤها.
و هي اثنتا عشرة ركعة، يقرأ في كلّ ركعة الحمد و المعوّذتين و التوحيد أربع مرّات، ثمّ يدعو بالمنقول.
و كذا صلاة الحاجة، و صلاة الشكر مستحبّة أيضا عند تجدّد النعم و دفع النقم، و هي
ص: 296
ركعتان: يقرأ في الأولى الحمد و التوحيد، و في الثانية الحمد و الجحد.
و صلاة التوبة أيضا مستحبّة، و قد أورد الشيخ رحمه اللّه أحاديث كثيرة في نوافل متعدّدة(1) هذه من مهماتها.
ص: 297
ص: 298
و فيه فصول
و مباحثه عشرون:
سواء كان ركنا أو غير ركن، و نعني بالركن ما يجب إعادة الصلاة بتركه عمدا أو سهوا، و بغيره ما يجب إعادة الصلاة بتركه عمدا لا سهوا، سواء كان الواجب شرطا، أو جزءا، أو كيفية، أو تركا، و كذا لو فعل ما يجب تركه، أو ترك ما يجب فعله جاهلا بوجوبه، إلاّ الجهر و الإخفات، فانّه لو تركهما جهلا لم يجب عليه الإعادة.
و لو جهل غصبيّة الثوب أو المكان، و صلّى فيهما، أو جهل نجاسة الثوب أو البدن أو موضع السجود لم يعد، و لو علم ذلك و جهل الحكم لم يعذر.
و كذا لو توضّأ بماء مغصوب مع العلم بالغصبيّة فانّه يعيد الوضوء
ص: 299
و الصلاة، و لو جهلها لم يعد واحدا منهما.
و لو علم انّ الجلد ميتة، و صلّى فيه أعاد، و لو لم يعلم انّه ميتة، فان كان شراه من سوق المسلمين، أو كان في يد مسلم، لم يعد، و إن وجده مطروحا، أو أخذه من غير مسلم، أو لم يعلم انّه من جنس ما يصلّى فيه، ثمّ صلّى فيه، أعاد.
كمن أخلّ بالقيام حتّى نوى، أو بالنيّة حتّى كبّر، أو بالتكبير حتّى قرأ، أو بالركوع حتّى سجد، أو بالسجدتين حتّى ركع، سواء في ذلك الركعتان الأوليان و الأخريان.
و لو كان المحلّ باقيا أتى به، كمن أخلّ بالركوع و هو قائم لم يسجد، أو بالسجدتين و هو قائم لم يركع.
و للشيخ رحمه اللّه قول آخر(1) بالفرق بين الأوليين و الأخريين، غير معتمد.
و كذا لو زاد سجدتين، أمّا لو زاد ركعة عمدا فانّه يعيد، و لو كان سهوا فان لم يكن جلس في آخر الصلاة بقدر التشهد أعاد قولا واحدا، و إن كان قد جلس بقدره فالوجه عندي عدم الإعادة، لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السّلام(2).
و لو ذكر الزيادة قبل الركوع قعد و سلّم و سجد سجدتي السهو، و لو ذكر بعد الركوع قبل السجود، فالوجه التشهد و التسليم إن كان قد جلس بقدر التشهد و إلاّ أعاد.
ص: 300
كمن سلّم ناسيا في الأوليين أو صلّى ركعة من الغداة و تشهّد و سلّم، فانّه يأتي بالنقيصة و يسجد للسهو، إلاّ أن يبطل الطهارة، أو يلتفت إلى ما وراءه ناسيا، و إن فعل ما يبطلها غير ما ذكرناه كالكلام، فقولان أقربهما صحّة الصلاة، و كذا لو ترك التسليم ثمّ ذكر بعد المبطل.
لأنّه في محلّه فإن ذكر حالة الركوع انّه قد كان ركع أعاد الصلاة. قاله ابن أبي عقيل(1) و هو الوجه عندي، و قال الشيخ(2) و السيّد(3) رحمهما اللّه: يرسل نفسه و لا يرفع رأسه.
و كذا لو لم يعلم هل هما من ركعة أو ركعتين، لأنّ المسقط لما في الذمة غير معلوم التحقّق.
و لو علم أنّهما من ركعتين، قضاهما بعد التسليم، و سجد للسهو، سواء كانتا من الأوليين أو الأخريين.
و صلاة السفر، و الجمعة، و العيدين، و الكسوف، أو في الثلاثية كالمغرب، أو في الأوليين من الرباعيات أعاد، و قول ابن بابويه(4) ضعيف.
ص: 301
و لو ذكر بعد الشك، فإن لم يكن قد أبطل صلاته بفعل ما ينافيها بنى على ما ذكر، و إلاّ أعاد، و كذا يعيد لو لم يذكر كم صلّى مطلقا، أو كان في وقت الصلاة فلم يدر صلّى أم لا.
من نسي القراءة، أو قراءة الحمد أو السورة حتّى ركع، أو الجهر و الإخفات، أو الذكر في الركوع، أو الطمأنينة فيه حتّى رفع رأسه، أو الطمأنينة في القيام حتّى سجد، أو الذكر في السجود، أو السجود على الأعضاء السبعة، أو الطمأنينة فيه حتّى رفع رأسه، أو رفع الرأس منه، أو الطمأنينة فيه حتّى سجد ثانيا، أو الذكر في السجود الثاني، أو السجود على الأعضاء السبعة، أو الطمأنينة فيه حتّى رفع منه، أو كثر سهوه و تواتر، فانّه لا يلتفت و يبني على وقوع ما شك في وقوعه من غير جبران.
قال الشيخ: حد الكثرة ان يسهو ثلاث مرات متوالية(1) و لا حكم للسهو في السّهو أي في موجبه، و قيل: في وقوعه.
و كذا لا حكم له إذا شك في شيء و قد انتقل عنه، بل يستمرّ على فعله، سواء كان ركنا أو غير ركن، كمن شك في تكبيرة الافتتاح و هو في القراءة، أو فيها و هو راكع، أو فيه و هو ساجد، أو في السجود أو التشهد و قد قام.
و للشيخ رحمه اللّه في السجود و التشهّد قول آخر(2).
أمّا لو شك في قراءة الفاتحة و هو في السّورة، فانّه يقرأ الفاتحة ثم السورة، لاتّحاد محلّ القراءة.
ص: 302
و لا سهو في النافلة بل للمصلّي أن يبني على ما أراد، و يستحبّ البناء على الأقلّ .
و لا سهو على المأموم إذا حفظ عليه الإمام و بالعكس، و لو انفرد كل واحد منهما بالسهو اختصّ بموجبه، و لو اشترك السهو اشتركوا في الموجب، و لو أدرك المأموم ركعة مع الإمام أتمّ صلاته بعد تسليم الإمام، و لا سجود للسهو عليه.
رجع فقرأ الحمد ثم السورة. و لو سها عن السورة، ثمّ ذكر قبل الركوع قرأ السورة و ركع.
و كذا يتدارك لو سها عن تسبيح الركوع أو السجود و هو فيهما.
و لو سها عن الركوع فذكر و هو قائم ركع، و لو ذكر ترك سجدة قبل الركوع سجد، و بعده، يقضيها، و يسجد للسهو، سواء في ذلك الأوليان و الأخريان، على خلاف.
و لو ذكر ترك السجدتين قبل الركوع سجدهما، و بعده، يعيد الصلاة، و لو ذكر ترك أربع سجدات من أربع ركعات، قضاها بعد الفراغ، و سجد للسهو.
و لو نسي التشهّد الأوّل، فذكر قبل الركوع، رجع فتشهّد، ثمّ سجد للسهو على قول، و لو ركع مضى في صلاته، و قضاه بعد التسليم، و سجد للسهو.
و لو نسي الثاني و ذكر بعد التسليم، قضاه، و سجد للسهو، و لو أحدث قبل قضائه تطهّر و قضاه، و سجد للسهو، و قيل(1): يعيد الصلاة، لأنّ التسليم وقع في غير محله. و ليس بجيّد.
ص: 303
و لو كان الناسي للتشهّد إماما و لم يرجع، رجع المأمومون، و لو ذكر بعد الركوع فرجع لم يجز للمأمومين متابعته، و لو ذكر و هو قائم و قد ركع المأمومون، وجب على الإمام الرجوع، و في الوجوب على المأمومين إشكال، أقربه الرجوع مع السهو، أمّا مع تعمّدهم فالإشكال أقوى، أقربه الاستمرار حتّى يلحقهم الإمام، و يقضون التشهد بعد التسليم، و لو انعكس الفرض وجب على المأمومين خاصّة الرجوع.
و لو نسي الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و ذكر بعد التسليم، قضاها، و لو كان في التشهّد الأوّل، فالأقرب الرجوع قبل الركوع، و في وجوب إعادة التشهّد إشكال، و لو ذكر بعد الركوع قضاها بعد التسليم، و الأقرب وجوب سجود السّهو.
فإن غلب على الظن أحد الطرفين عمل عليه، و إن تساوى الطرفان بنى على الأكثر، و يصلّي بعد التسليم ما شك فيه، و خيّر ابن بابويه(1) بين هذا و بين البناء على اليقين، و طرح الشك.
و لو شك بين الاثنين و الثلاث، بنى على الثلاث و أتمّ الصلاة، ثمّ صلّى للاحتياط(2) ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس؛ و كذا لو شكّ بين الثلاث و الأربع.
و لو شكّ بين الاثنين و الأربع، بنى على الأكثر، و صلّى بعد التسليم ركعتين من قيام. و لو شكّ بين الاثنين و الثلاث و الأربع، بنى على الأكثر، و صلّى ركعتين
ص: 304
من قيام و ركعتين من جلوس. و لو شكّ بين الأربع و الخمس بنى على الأربع، و سجد للسهو بعد التسليم.
و لو ذكر بعد الاحتياط ما فعل لم يجب عليه الإعادة، و إن كان ناقصا، سواء كان الوقت باقيا أو لا، و لو ذكر قبل الاحتياط، فإن كان للكمال فلا شيء عليه، و إن كان للنقصان، كان حكمه حكم من سلّم في الأوليين ناسيا، و إن كان في الاحتياط و ذكر النقصان فالوجه الإعادة.
و لو ذكر الشاكّ بين الاثنين و الثلاث و الأربع بعد الاحتياط بالركعتين من جلوس، انّه صلّى ثلاثا، فالوجه صحّة صلاته، و عدم وجوب الركعتين من قيام، و لو ذكر حينئذ انّه صلّى اثنين بطلت صلاته، و لو بدأ بالركعتين من قيام، و ذكر الثلاث، بطلت صلاته، و لو ذكر الركعتين صحّت، و لم يجب عليه الركعتان من جلوس.
كأنّه يقول: لا أدري قيامي لثانية أو ثالثة بطلت صلاته، لأنّه في الحقيقة شكّ في الأوليين، و لو قال: لا أدري قيامي لثالثة أو رابعة فهو شكّ بين الاثنين و الثلاث.
و لو قال: لا أدري لرابعة أو لخامسة، قعد و صلّى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس، و سجد للسهو.
و لو قال: لثالثة أو لخامسة، قعد، و صلّى ركعتين من قيام، و سجد للسهو، و كذا الحكم لو قال: لا أدري قيامي من الركوع لثانية أو لثالثة قبل السجود، و كذا باقي المسائل إلاّ ما قبل الأخيرة، فانّ الأقرب عندي فيها البطلان.
ص: 305
و قراءة الفاتحة، و لا تجب السورة، و لو أحدث قبل الاحتياط، فالأقرب عدم البطلان، أمّا لو أحدث قبل قضاء السجدة فأقوى إشكالا.
أو شكّ بين الأربع و الخمس و هو جالس، أو نسى السجدة أو التشهد حتّى ركع، أو قام في حال قعود، أو بالعكس ناسيا.
و قال ابن بابويه(1): يجب لكلّ نقيصة أو زيادة سهوا، عملا برواية الحلبي الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(2)، و هو الأقوى عندي.
و لو قام إلى الثالثة فيها فركع ساهيا، أسقط الركوع و تشهّد و سلّم.
و لا سجود للسهو في صلاة الجنائز، و لا في سجود التلاوة، و لا في سجود السهو.
و ليس فيهما تكبير واجب. و يقول فيهما: بسم اللّه و باللّه السّلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته، أو يقول:
بسم اللّه و باللّه اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد؛ و هل هذا الذكر واجب ؟ فيه إشكال، أقربه العدم.
سواء كان
ص: 306
لزيادة أو نقصان، على الأقوى.
سواء تكلّم أو لا، و سواء طال الزمان أو قصر.
لأنّ الواجب مبطل، و المندوب لا سهو فيه.
فيه إشكال، أقربه العدم، أمّا السجدة المتروكة من الصلاة، فيشترط فيها ذلك.
و فيه أحد عشر بحثا:
الأصلي و الإغماء و الحيض و النفاس و عدم المطهّر(1).
ص: 307
و يجب على من فاتته غير هؤلاء عمدا و سهوا و نوما، إلاّ الجمعة و العيدين.
و هو خمس عشرة سنة في الذكر، و تسع في الأنثى، أو بالحيض.
كالسكر و شرب المرقد، وجب القضاء؛ أمّا لو أكل غذاء مؤذيا فحصل الإغماء المستوعب للوقت، لم يجب القضاء؛ و لو أغمي عليه من قبل اللّه تعالى، سقط القضاء إن استوعب الوقت، و إلاّ وجب إن مضى من الوقت مقدار الطهارة و الصلاة(1).
و لا يقضي ما فعله زمان إسلامه، و يقضي ما فاته فيه، و لا يقضي ما فاته زمان إغمائه أو جنونه حالة الارتداد.
وجوبا موسعا على الأقوى.
و كذا الفوائت يترتّب بعضها على البعض بالنسبة إلى زمان الفوات، فلو فات ظهر و عصر من يومين قضى الأوّل إن كانت عصرا(2)، و لو كانا من يوم قدّم الظهر وجوبا، فإن عكس ناسيا عدل بنيّته، و لو لم يذكر حتّى يفرغ، أجزأ ما فعله.
و هل تتقدّم الفائتة على الحاضرة مع سعة الوقت وجوبا أو استحبابا؟
ص: 308
الأقوى عندي الأخيرة، فلو دخل في الحاضرة مع السعة، و عليه فائتة، عمدا، صحّت صلاته، و لو كان ناسيا فكذلك، لكن يستحبّ له العدول إذا ذكر مع بقاء وقته و لو قبل التسليم.
و لو صلّى فائتة فذكر انّ عليه أسبق، عدل وجوبا مع الإمكان، و لو نسي السابق من الفائتتين ففي سقوط الترتيب نظر، أقربه السقوط. و الأحوط ثبوته، فيقضي لو فاته ظهر و عصر، الظهر ثمّ العصر ثم الظهر، و لو كان معهما مغرب صلّى الظهر، ثمّ العصر، ثمّ الظهر ثمّ المغرب، ثمّ الظهر، ثمّ العصر، ثمّ الظهر.
و لا ترتيب بين الفرائض اليوميّة و غيرها من الواجبات كالمنذورات(1)و صلاة الآيات، أمّا الاحتياط فالأقرب صيرورته قضاء إذا لم يفعل في وقت المجبورة، فحينئذ، يجب الترتيب بينه لو تعدّد بالنسبة إلى المجبورات و بينه و بين غيرها من الفوائت بالنسبة إلى المجبورات من الفوائت، أمّا الأجزاء المنسيّة كالسجود و التشهّد مثلا، فالوجه فيه الترتيب بينه و بين الفوائت كالكلّ .
فلو ذكر في الأثناء أبطل النافلة و اشتغل بالفريضة.
صلّى مغربا و صبحا و أربعا ينوي بها ما في ذمّته، و يتخيّر فيها بين الجهر و الإخفات.
و لو نسي صلاة كثيرة معيّنة غير معلومة العدد كرّر من تلك الصلوات إلى أن يغلب على ظنّه الوفاء. و لو لم يعلمها صلّى أيّاما كثيرة إلى أن يغلب على الظنّ الوفاء.
ص: 309
و لو فاتته صلاة واحدة و لم يعلم عددها و لا عينها، صلّى ثلاثا و أربعا و اثنتين إلى أن يغلب على الظنّ الوفاء.
و لو لم يعلمها صلّى إلى أن يغلب على الظنّ الوفاء، و لو فات بالمرض لم يتأكّد الاستحباب.
و يستحب أن يتصدّق عن كلّ ركعتين بمدّ، فإن لم يتمكّن فعن كلّ يوم به، و يجوز أن يقضي أوتارا جماعة(1) في ليلة واحدة.
و يجب القضاء كما فات، فالمسافر إذا فاتته فريضة في السفر قضاها قصرا و لو كان في الحضر، و لو فاتته في الحضر قضاها تماما و لو في السفر، و لو فاتته جهريّة وجب قضاؤها كذلك ليلا و نهارا، و كذا يقضي الإخفاتيّة إخفاتا ليلا و نهارا.
و لو تركها جهلا بوجوبها لم يقتل، و يؤمر بها. و لو تركها تهاونا أمر بها فإن فعل، و إلاّ عزّر أوّلا، فإن تاب، و إلاّ عزّر ثانيا، فإن تاب، و إلاّ قتل، و قيل: يقتل في الرابعة،(2) و يكفر الأوّل لا الأخير و إن استحقّ القتل.
و لا تقبل توبة من وجب عليه القتل، و لو فات التعزير لم يقتل حتّى يعزّر ثلاثا، و لو ترك شرطا مجمعا عليه مستحلاّ كفر، و إلاّ فحكمه ما تقدّم، و لو ترك ما اختلف في اشتراطه لم يقتل به، و لو اعتقد تحريمه فكذلك. و يعيد الصلاة.
ص: 310
و مطالبه ثلاثة
و فيه أربعة عشر بحثا:
و تجب في الجمعة و العيدين مع الشرائط، و لا تجوز في النوافل عدا الاستسقاء و العيدين مع الندبية، و فضلها متّفق عليه.
قال تعالى: وَ اِرْكَعُوا مَعَ اَلرّٰاكِعِينَ (1).
و قال عليه السّلام لقوم:
«لتحضرنّ المسجد أو لأحرقنّ عليكم منازلكم»(2)و قال عليه السّلام: «من صلّى صلوات الخمس جماعة فظنّوا به كلّ خير»(3).
و الصلاة في جماعة تفضل صلاة الفرد بأربع و عشرين صلاة(4).
و يجوز فعلها في البيت
ص: 311
و الصحراء، و لا تجب في المسجد و إن كان قريبا.
و فعل الصلاة فيما كثر فيه الجماعة من المساجد أفضل، و لو كان إلى جاره مسجد لا تنعقد الجماعة فيه إلاّ بحضوره، ففعلها فيه أولى.
و لا يكره إعادة الجماعة في المسجد، غير أنّهم لا يؤذّنون و لا يقيمون إلاّ إذا انفضت الصفوف، فيجوز الأذان و الإقامة. و قال الشيخ رحمه اللّه: يكره التكرار(1).
و لو شكّ هل كان الإمام رافعا أو راكعا، فالأحوط فوات تلك الركعة.
1068. الرابع: لا تصحّ الجماعة لمن بينه و بين الإمام حائل يمنع المشاهدة غير الصفوف(2)
إلاّ في المرأة، و لو وقف الإمام في محراب داخل، فصلاة من يقابله ماضية، دون صلاة من إلى جانبه إذا لم يشاهدوه.
و يجوز صلاة الصفوف الذين وراء الصفّ الأوّل، لأنّهم يشاهدون من يشاهده، و لو كان منهم وراء المخرم(3) صحت جماعته، إذا شاهد الإمام أو الصف، و لو كان الحائط قصيرا يمنع من المشاهدة حالة الجلوس خاصّة، فالوجه الجواز.
و لو كان له دار فصلّى فيها جماعة مع مشاهدة من في المسجد صحّت صلاته، و كذا لو اتّصلت الصفوف من داخل المسجد إلى خارجه ثمّ إليه، و إلاّ فلا.
ص: 312
و لو كان باب داره بحذاء باب المسجد، أو باب المسجد عن يمينه أو يساره، و اتّصلت الصفوف من المسجد إليه، صحّت صلاته.
و لو كان في داره قدّام هذا الصفّ صفّ آخر لم تصحّ صلاة المتقدّم، و تصحّ لو كان خلفه، لمشاهدتهم الصفّ المتّصل بالإمام.
و لو صلّى حينئذ فالوجه صحّة صلاة الإمام، لاختصاص النهي بالمأموم، و لو كان أعلى بشيء يسير جاز، و يجوز أن يكون المأموم أعلى بالمعتدّ.
و لو اتّصلت الصفوف جاز، و يستحبّ أن يكون بين الصفين مقدار مربض عنز.
و يجوز الجماعة في السفينة الواحدة و في السفن المتعدّدة، اتّصلت أو انفصلت مع المشاهدة للإمام أو لمن خلفه، و حيلولة الطريق ليست مانعة من الائتمام مع المشاهدة.
فإن فعل بطلت صلاته خاصّة، و يجوز أن يقف إلى جانبه يمينا و شمالا، و خلفه، و إن كان واحدا، نعم يستحبّ للواحد أن يقف عن يمين الإمام، و إن كانا اثنين وقفا خلفه، و إن وقفا عن يمينه و شماله تركا الفضل.
و يجوز الوقوف بين الأساطين، و يكره للإمام الوقوف في المحراب الداخل في الحائط.
ص: 313
و المرأة تقف خلف الإمام وجوبا عند بعض علمائنا، و كذا الخنثى المشكل.
و لو اجتمع الخنثى و المرأة وقفت المرأة خلف الخنثى وجوبا على ذلك القول.
و لو كان الإمام امرأة وقفت النساء إلى جانبها، و كذا العاري إذا صلّى بالعراة جلوسا، و يبرز عن سمتهم بركبتيه.
و يكره أن يقف المأموم وحده، و لا تبطل صلاته بذلك.
و يستحبّ تقديم أهل الفضل في الصفّ الأوّل، و يكره تمكين الصبيان و العبيد، و المجانين منه(1).
و يستحبّ أن يقف الإمام في مقابلة وسط الصف(2)، و يتقدّم الرجال على الصبيان، و الصبيان على الخناثى، و الخناثى على النساء.
و لو وقف النساء في الصفّ الأخير فجاء رجال وجب أن يتأخّرن إذا لم يكن للرجال موقف أمامهنّ .
و يستحبّ في الجهرية إذا لم يسمع و لا همهمة، أن يقرأ، هذا أجود ما حصلناه من الأحاديث(3) في هذا الباب.
و إذا فرغ الإمام من الفاتحة قال المأموم: الحمد للّه ربّ العالمين، استحبابا.
ص: 314
و لو كان الإمام ممّن لا يقتدى به، تابعه ظاهرا، و وجب القراءة، و يخفت بها في الجهرية للتقيّة. و لو قرأ عزيمة و لم يسجد الإمام سجد إيماء، و لو فرغ من القراءة قبله، سبّح اللّه إلى أن يركع، و يستحبّ أن يترك آية من السورة فإذا فرغ الإمام قرأها.
فلو رفع رأسه عامدا استمرّ، و إن كان ناسيا أعاد، و كذا لو أهوى إلى الركوع و السجود.
1074. العاشر: يشترط نيّة الائتمام في المأموم(1)،
و لا يشترط في الإمام، فلو صلّى منفردا و نوى آخر الائتمام به، صحّت صلاتهما.
و لا بدّ من تعيين الإمام، فلو كان بين يديه اثنان و نوى الائتمام بهما، أو بأحدهما لا بعينه، لم يصحّ .
و لو نوى كلّ من الاثنين الإمامة لصاحبه، صحّة صلاتهما معا، و لو نوى كلّ منهما الائتمام بصاحبه، بطلت صلاتهما، و كذا لو شكّا فيما أضمراه، و لو نوى الائتمام بالمأموم لم تصحّ صلاته.
و لو أحرم منفردا ثمّ نوى جعل نفسه مأموما، فالوجه عدم الجواز، و لو كان مأموما فنوى الانفراد و مفارقة الإمام جاز، و يجوز الانفراد من دون النيّة إذا كان لعذر.
و لو أحرم مأموما، ثمّ صار إماما، أو نقل نيّته إلى الائتمام بإمام آخر جاز في موضع واحد، و هو ما إذا حصل للإمام عذر فاستخلف غيره.
ص: 315
و لو سبق الإمام اثنين(1) ففي ائتمام أحدهما بصاحبه بعد تسليم الإمام إشكال.
و ان اختلف الفرضان، بشرط اتّفاقهما في الهيئة، فلو صلّى الظهر مع إمام يصلّي العصر جاز، أمّا لو صلاّها مع مصلّي الكسوف أو العيدين لم يجز.
و يجوز ان يأتمّ المتنفّل بالمفترض و بالمتنفّل، و أن يأتمّ المفترض بالمتنفّل في مواضع عند قوم و مطلقا عند آخرين(2).
و لو فات المأموم ركعة فصلّى الإمام خمسا سهوا، صلّى المأموم الفائتة منفردا، و لا يأتمّ به في الخامسة.
و يستحبّ للمنفرد أن يعيد صلاته إذا وجد من يصلّي معه جماعة، إماما كان أو مأموما، لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال:
«ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلّي معه»(3).
و لو شرع المأموم في نافلة، فأحرم الإمام، قطعها، و استأنف إن خشي الفوات، و إلاّ أتمّها ركعتين، و لحق به.
و لو شرع في فريضة فأحرم الإمام نقل نيّته إلى النفل، و أتمّها ركعتين، ثمّ
ص: 316
استأنف مع الإمام، و لو كان إمام الأصل قطع الفريضة و استأنف معه.
و يتمّ ما بقي عليه بعد تسليم الإمام، فلو أدركه في الثانية(1) قعد و سبّح من غير تشهّد، فإذا قام الإمام إلى الرابعة جلس هو و تشهّد خفيفا ثمّ لحق به، فإذا جلس الإمام للتشهد سبّح، فإذا سلّم الإمام قام فأتمّ صلاته.
و لو أدركه في الأخيرتين، جعلهما أولتيه، و يتخيّر في أخيرتيه بين القراءة و التسبيح.
و لو أدركه في الرابعة قام بعد تسليم الإمام فيصلّي الثانية بالحمد و السورة، و في الأخيرتين بالحمد أو التسبيح.
و لو أدركه بعد رفعه من الأخيرة، كبّر و سجد معه، فإذا سلّم الإمام قام فاستقبل صلاته بتكبير مستأنف.
أمّا لو أدركه بعد السجود الأخير، فانّه يكبّر و يجلس معه، فإذا سلّم، قام فاستقبل من غير استئناف تكبير.
و لو استنيب المسبوق، أومأ إليهم ليسلّموا عند انتهاء صلاتهم، و يقوم هو فيأتي بما بقي عليه.(2)
ص: 317
و فيه سبعة عشر بحثا:
فلا يجوز إمامة الكافر، و لا أهل البدع و المخالف للحق و إن كان مرضيّا في مذهبه، و لا المستضعف، و لا الفاسق قبل توبته، و لا ولد الزنا و إن كان عدلا، سواء في ذلك كلّه الأعياد و الجمع و باقي الفرائض.
و لو لم يعلم فسق إمامه و لا بدعته حين صلّى معه، بناء على حسن الظاهر لم يعد، و لو لم يعلم حاله، و لم يظهر منه ما يمنع الائتمام به، و لا ما يسوغه لم تصحّ الصلاة.
و المخالف في الفروع تجوز الصلاة خلفه مع عدالته، و إن كان مخطئا، إلاّ أن يفعل في الصلاة ما يعتقد المأموم خاصّة بطلان الصلاة به، ففي إبطال صلاة المأموم إشكال.
و لو فعل شيئا من المختلف فيه يعتقد تحريمه، فإن كان ترك ما يعتقده شرطا للصلاة أو واجبا فيها، فصلاته فاسدة، و كذا صلاة من ائتمّ به، و إن كان المأموم يخالفه في ذلك الاعتقاد، و إن لم يكن في الصلاة فكذلك إذا لم يكن صغيرا أو لم يتب.
و لا يجوز الصلاة خلف المجنون، فإن كان يفيق تارة و يجنّ أخرى، كرهت الصلاة خلفه وقت إفاقته، لجواز احتلامه حال جنونه.
ص: 318
خلافا للشيخ رحمه اللّه(1).
و سواء كان ممّن يرجى زوال مرضه أو لا، و لو اعتلّ الإمام فجلس استخلف.
و لا يؤمّ المقيّد المطلقين، و لو أمّ القاعد بمثله جاز، و لو عجز عن القعود فصلّى مضطجعا فالوجه انّه لا يجوز للقاعد أن يأتمّ به، و يجوز لمثله(2).
و الأقرب انّه لا يجوز لمن يعجز عن الإتيان بركن أن يكون إماما للقادر عليه، و انّه يجوز أن يكون إماما لمثله.
و الأمّي: من لا يحسن الحمد أو بعضها، و ان عرف غيرها، و يجوز لمثله، فلو ائتمّ القارئ بالأمّي صحّت صلاة الإمام خاصّة، و لو ائتمّ القارئ و أمي بأمّي بطلت صلاة القارئ خاصّة، و لا فرق في ذلك بين صلاة الجهر و الإخفات.
و من ترك حرفا من حروف الفاتحة، لعجزه عنه، أو أبدله بغيره، كالألثغ الّذي جعل الراء عينا، و الأرت(3) الذي يدغم حرفا في حرف، و التمتام الذي لا يؤدّي التاء، و الفأفاء الذي لا يؤدّي الفاء، لا يجوز أن يؤمّ السليم، و يجوز أن يؤمّ مثله.
و قيل: الفأفاء: الّذي يكرّر الفاء، و التمتام: الّذي يكرّر التاء. و هذان
ص: 319
يصحّ الائتمام بهما(1).
و يصحّ إمامة من لا يفصح ببعض الحروف كالصاد(2) و القاف، سواء كان أعجميّا أو عربيّا بالفصيح على كراهية، و لو كان يبدّل حرفا لا يوجد في سورة تعيّنت قراءتها.
سواء أفسد المعنى، كالذي يضم التاء من أنعمت، أو لا يفسده، و يجوز ان يؤمّ مثله مع عجزه عن الإصلاح، و لو تمكّن منه لم تصحّ صلاته و لا صلاة من يأتمّ به، إذا كان عالما بحاله.
و لو كانا جاهلين بالفاتحة، و كان أحدهما يحسن سبع آيات من غير الفاتحة، و الآخر لا يحسن شيئا، فهما أميّان، و يجوز للجاهل الائتمام بالآخر، و في جواز العكس إشكال.
و لو وجد اللحّان او الأمّي، القارئ المتقن وجب أن يأتمّ به مع ضيق الوقت عن التعلّم، و الوجه عدم اكتفاء الأمّي بالائتمام مع إمكان التعلّم.
و هل يجوز لغير السيّد من الأحرار؟ منع الشيخ منه(3). و لا فرق بين القنّ و المدبّر و المكاتب، و الوجه جواز إمامة العبد لمثله.
1085. السابع: لا يجوز أن يأتمّ رجل و لا خنثى بامرأة(4) في فرض و لا نفل،
ص: 320
و يجوز للمرأة أن تأتمّ بالرجل و إن كان أجنبيّا من غير كراهية، و بالخنثى أيضا، و بالمرأة في فرائض الصلاة، و نوافلها.
و إذا صلّت المرأة بالنساء قامت معهنّ في الصّف وسطا، و لو احتجن إلى جعل صفوف جاز، و لو أمّت امرأة أخرى صلّت المأمومة عن يمينها، و لو ائتمت برجل وقفت خلفه.
و كذا أقطع اليدين، و الخصيّ و الجندي، و كذا تصحّ إمامة الأصمّ و إن كان أعمى.
و لا تصحّ إمامة الأخرس، و لا أقطع الرجلين بالسليم، و يجوز إذا كان مقطوع إحدى الرجلين، و إن كان يخلّ بالسجود على عضو.
و لا المحدث، و لو لم يعلمهما صحّت صلاته، و لو علم في الأثناء نوى الانفراد، و صحّت صلاته.
و لو صلّى خلف من يشكّ في إسلامه أعاد، لاشتراط العدالة عندنا.
و لا يحكم بإسلام المصلّي بمجرد صلاته، سواء كان في دار الإسلام، أو دار الحرب، و لا يحكم بارتداده لو قال بعد الصلاة: لم أسلم.
و يكره أن يؤمّ المتيمّم للمتوضّئين، و المسافر للحاضرين، و يجوز العكس فيهما، فإن أمّ المسافر أومأ للتسليم و ان ائتمّ صلّى فرضه، و لا يجوز له الائتمام مع الإمام.
و ظاهر انّ هذه الكراهية انّما تعلّقت بالرباعيات، و كذا يكره أن يستناب
ص: 321
المسبوق، و أن يؤمّ من يكرهه المأمومون.
و يكره أن يؤمّ الأعرابي بالمهاجرين، و المجذوم، و الأبرص، و المحدود بعد توبته، و صاحب الفالج، و السفيه، و الأغلف غير المتمكّن من الختان من ليس كذلك.
و لا في إمارته إلاّ بإذنه، و إن كان أقرأ منه، إذا كان ممّن يمكنه إمامتهم، و لو دخل السيّد بيت العبد كان السيّد أولى بالإمامة.
و يستحبّ أن ينتظر الإمام الّذي جرت عادته بالصلاة في المسجد، و لو خيف فوات وقت الفضل قدّم غيره.
فإن اختلفوا، قدّم الأقرأ، و هو الأبلغ في الترتيل، و معرفة المخارج و الإعراب، فيما يحتاج إليه في الصلاة.
فإن تساويا في ذلك قدّم الأفقه، فإن تساويا فالأشرف، و هو أعلاهما نسبا و قدرا، و أفضلهما في نفسه.
فإن تساويا فالأقدم هجرة.
فإن تساويا فالأسنّ ، و هو من كان سنّه في الإسلام أكثر.
فإن تساويا فالأصبح وجها، و هذا التقديم على سبيل الأولويّة، فلو قدّم المفضول هنا جاز.
ص: 322
و كذا لو أغمي عليه، أو عرض له مانع من حدث و شبهه.
و يستحبّ أن يكون النائب ممّن شهد الإقامة، و لو استناب الإمام اختيارا، جاز أيضا.
جاز أن يركع و ينتظر من يجيء و يقف معه، فإن لم يجئ أحد، جاز أن يمشي في ركوعه ليلتحق الصفّ . قال الشيخ رحمه اللّه: و ان سجد موضعه و التحق به في الركعة الثانية كان أفضل(1).
و يجوز للإمام أن يطوّل ركوعه بمقدار الركوع دفعتين ليلحق الداخل تلك الركعة، و يكره للإمام أن يطوّل صلاته انتظارا لمن يجيء فيكثر به الجماعة، أو ينتظر من له قدر، فإن أحسّ بداخل لم يلزمه التطويل، ليلحق الداخل الركوع.
و فيه اثنا عشر بحثا:
قال الصادق عليه السّلام:
ص: 323
«من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى اللّه له بيتا في الجنة»(1).
و قصدها مستحبّ ، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخا مستفادا في اللّه، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة تردّه عن ردى، أو يسمع كلمة تدلّ على هدى، أو يترك ذنبا خشية أو حياء»(2).
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:
«من أسرج في مسجد من مساجد اللّه سراجا، لم تزل الملائكة و حملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من السراج»(3).
لئلاّ يكون فيها نجاسة، و تقديم رجله اليمنى و يقول:
بسم اللّه و باللّه السّلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و افتح لنا باب رحمتك، و اجعلنا من عمّار مساجدك، جلّ ثناء وجهك.
و إذا خرج قدّم اليسرى و قال: اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و افتح لنا باب فضلك.
قال أمير المؤمنين عليه السّلام:
ص: 324
«صلاة في البيت المقدس تعدل ألف صلاة، و صلاة في المسجد الأعظم تعدل مائة صلاة، و صلاة في مسجد القبيلة تعدل خمسا و عشرين صلاة، و صلاة في مسجد السوق تعدل اثني عشر صلاة، و صلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة»(1).
أمّا صلاة النافلة فإنّها في المنزل أفضل، و خاصّة نوافل الليل.
و يكره أن تبنى مظلّلة، بل تكون مكشوفة.
و يحرم زخرفتها و نقشها بالذهب، أو بشيء من الصور.
و يكره أن تكون مشرفة، بل تبنى جمّاء، و لا تبنى المنارة في وسط المسجد، بل مع حائط لا يعلى عليه، و يجعل الميضاة على أبواب المساجد لا داخلها.
و يكره جعلها طريقا مع الاختيار، و النوم فيها، و خاصّة في المسجد الحرام، و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و إخراج الحصا منهما(2) فمن أخرجه ردّه إليهما(3) أو إلى غيرهما(4) من المساجد.
و يجوز استعمال آلته في بناء غيره من المساجد، و لا يجوز بيع آلته بحال، و لا يجوز أن يؤخذ من المساجد في ملك أو طريق زالت آثاره، فمن أخذ شيئا من آلة المسجد ردّه إليه أو إلى غيره من المساجد.
ص: 325
و يجوز نقض البيع و الكنائس مع اندراس أهلها، أو إذا كانت في دار حرب، و يجوز أن تبنى مساجد، و لا يجوز اتّخاذها ملكا، و لا استعمال آلتها في الأملاك.
و كذا إزالتها فيها.
و يكره أن يبصق أو يتنخّم فيها، فإن فعل غطّاه بالتراب، و لا يقصع فيها القمل(1)، فان فعل دفنها في التراب.
و يكره سلّ السيف، و بري النبل(2)، و سائر الصناعات فيها، و كشف العورة، و رمي الحصى خذفا(3).
و يجتنب البيع و الشراء، و تمكين المجانين و الصبيان، و الأحكام(4)، و تعريف الضالّة، و إقامة الحدود، و إنشاد الشعر، و رفع الأصوات فيها.
و من أكل مثل الثوم و البصل لا يحضر المسجد حتّى تزول رائحته.
و لا يكشف عورته في المساجد، و يستحبّ ستر ما بين السرة إلى الركبة.
جاز له توسيعه و تضييقه و تغييره و لم يخرج عن ملكه.
ص: 326
و فيه واحد و عشرون بحثا:
بالنصّ (1) و الإجماع. و حكمها باق غير منسوخ، و هي مقصورة سفرا إجماعا، و في الحضر إذا صلّيت جماعة، و لو صلّيت فرادى فقولان.
و أن لا يؤمن هجومه لكثرته، و كون العدوّ في غير جهة القبلة، و أن يكون في المسلمين(2) كثرة يمكنهم أن يفترقوا فرقتين، يكفل كلّ طائفة بمقاومة العدوّ، و أن لا يحتاج الإمام إلى أن يفرّقهم أزيد من فرقتين.
و قام إلى الثانية فينوي من خلفه الانفراد واجبا، و يتمّون بالتخفيف، ثمّ يذهبون إلى مقاومة العدوّ، و يأتي الثانية فيكبّرون، و يركع بهم الثانية له، فإذا جلس للتشهّد
ص: 327
قاموا فأتوا بالثانية، و تشهّدوا ثمّ يسلّم بهم الإمام.
و إن كانت ثلاثيّة فإن شاء صلّى بالأولى ركعة، و يقف في الثانية فيتمّ من خلفه، ثم يأتي الثانية فيدخل معه، فإذا جلس لتشهّده، جلسوا من غير تشهّد، ثم يصلّي الثالثة بهم، فإذا جلس للتشهّد، تشهّدوا معه أوّل تشهّدهم، ثمّ أتمّوا الثالثة و سلّم بهم، و إن شاء صلّى بالأولى ركعتين و بالثانية ركعة، و هذه صفة ذات الرقاع(1). و يجوز أن يصلّي بالأولى كمال الصلاة، ثمّ يصلّي بالثانية مرّة أخرى، و يكون نفلا له، و هي صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم ببطن النخل.
فلو فرغ قبل مجيئهم فركع، فإن أدركوا ركوعه، تمّت لهم الركعة، و إلاّ فلا.
أمّا حال انفرادهم فحكم سهوهم ما تقدّم في باب السهو.
و لو سها الإمام سهوا يوجب السجدتين اختصّ بالسجود (إذا اختص بالسهو)(2).
صلّى الركعتين
ص: 328
بفرقتين، ثمّ يعيدهما(1) نفلا و تقتدي به الفرقتان الأخريان.
و يجوز أن يصلّي كلّ واحد بانفراده، و لا قصر حينئذ في الحضر.
فلا يجوز أن يصلّي بطائفة ركعة و يسلّمون، ثم يصلّي الثانية بالأخرى فيحصل له ركعتان، و لكلّ طائفة ركعة(2).
و لا يجوز أن يصلّي بإحداهما ركعتين من غير تسليم له، و بالثانية أخريين، فيكون له أربع ركعات، و لكلّ طائفة ركعتان.
و لا كون كلّ طائفة ثلاثة، بل يجوز و لو كان واحدا إذا كان فيه مقاومة.
و هو ما يدفع به عن نفسه كالسيف و السكّين، و لا يكون ثقيلا كالجوشن، و لا ما يمنع من إكمال السجود كالمغفر، و لا ما يؤذي غيره كالرمح، إذا كان وسط القوم، فإن كان طرفا جاز، و لو منع الثقيل شيئا من واجبات الصلاة لم يجز أخذه، و لو كان السلاح نجسا ففي جواز أخذه قولان(3)، أقربهما الجواز.
ص: 329
لم يجب أخذ السلاح إجماعا.
فإن قلنا بالقصر، فالكيفيّة ما تقدّم، و إلاّ صلّى بكلّ طائفة ركعتين، و لو صلّى بالأولى ركعة و بالثانية ثلاثا، أو بالعكس جاز، و لا سجود للسهو.
و لو فرّقهم أربع فرق فصلّى بكل فرقة ركعة جاز، و كذا لو فرّقهم ثلاثا و صلّى بإحداهنّ ركعتين.
قال الشيخ رحمه اللّه: يجوز أن يصلّي بهم كصلاة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم بعسفان(1).
1121. الرابع عشر: لو صلّى بهم الجمعة صلاة الخوف خطب بالفرقة الأولى و صلّى بهم ركعة(2)،
ثم صلّى بالثانية أخرى، هذا إذا كانت الفرقة الأولى عدد الجمعة، و لو كانت أقلّ لم يجز.
و لو كمّلت الفرقة الأولى العدد، لكن فارقت بعد الخطبة، و جاء الآخرون، لم يصلّ بهم الجمعة إلاّ بعد إعادة الخطبة. و لو صلّى بالأولى الجمعة كاملة لم يكن له أن يصلّي بالثانية جمعة أخرى، بل ظهرا.
قال الشيخ رحمه اللّه:
جاز مع ترك الأفضل، و هو مفارقة الإمام، سواء في ذلك صلاة ذات الرقاع
ص: 330
و عسفان و بطن النخل، ثمّ قال: و لا يجوز صلاة الخوف في طلب العدوّ، لأنّه ليس هناك خوف(1).
و في الجميع نظر، إلاّ ان يريد به القصر.
قال: و القتال المحرّم لا يجوز فيه صلاة الخوف، فإن خالفوا و صلّوا صحّت صلاتهم، لعدم إخلالهم بشيء من الأركان، بل صاروا منفردين، و هو غير مبطل(2) و هو يعطي انّه لم يرد به ما ذكرنا.
مثل أن ينتهي الحال إلى المعانقة، فيصلّي على حسب إمكانه ماشيا و راكبا، و يستقبل القبلة بتكبيرة الإحرام إن تمكّن.
و لو لم يتمكّن من النزول صلّى راكبا، و سجد على قربوس سرجه، و إن لم يتمكّن أومأ و يجعل إيماء السجود أخفض.
و لو خاف صلّى بالتسبيح من غير ركوع و لا سجود، يقول عوض كلّ ركعة: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر.
و يجب فيه النّيّة و تكبيرة الافتتاح، و الأقرب وجوب التشهّد، و لا يجوز أن يؤخّرها حتى يخرج الوقت، و يجوز إلى آخره.
و اشترط الشيخ رحمه اللّه عدم استدبار القبلة(3) و فيه إشكال.
و لو رأى سوادا فظنّه عدوّا فصلّى مؤميا، أو شاهد عدوّا فصلّى بالإيماء، ثمّ بان كذب ظنّه أو حصول حائل، لم يعد.
ص: 331
إن تمكّن من استيفاء الأفعال حال عدم الفرار، و لا إعادة مع تسويغه، و كذا العاصي بقتاله يعيد ما صلاّه مؤميا.
جاز أن يصلّي صلاة شدة الخوف قصرا، أمّا الموتحل و الغريق فيصلّيان على قدر إمكانهما، و يؤميان للركوع و السجود، و لا يقصّران إلاّ في سفر أو خوف.
قال الشيخ: و لا يجوز فرشه و لا التدثّر به و لا الاتّكاء عليه، قال: و كذا الحكم في الستور المعلّقة، و يجوز لو كان ذيلا أو جيبا أو كفّا(1) أو تكّة أو جوربا أو قلنسوة.
و لبس الذهب محرّم على الرجال، سواء كان خاتما أو طرازا، و على كلّ حال، و لو كان مموّها أو مجرى فيه و قد اندرس و بقى أثره، لم يكن به بأس(2).
أمّا العدد فإن كان مسافرا قضاها قصرا، و إن كان في الحضر فالأقرب التمام، و لو قضى (صلاة أمن)(3) حالة الخوف، صلاّها كما فاتته في العدد و يجوز أن يأتي بالكيفيّة على هيئة صلاة الخوف.
ص: 332
و فيه ثمانية و عشرون بحثا:
إلاّ في أربعة مواطن: مكّة و المدينة و جامع الكوفة و الحائر، فإنّ الإتمام فيها في الصلاة أفضل. و قال ابن بابويه: ينبغي أن ينوي المقام بالمواطن الأربعة عشرة أيّام ليتمّ (1).
كلّ ميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الّذي طوله أربعة و عشرون إصبعا، سواء قطعها في زمان طويل أو قصير، في برّ أو بحر.
و لو قصد أربعة فراسخ، فإن عزم على الرجوع من يومه قصّر، أمّا لو قصد التردّد في ثلاثة فراسخ ثلاث مرّات لم يقصر، إلاّ أن لا يبلغ في الرجوع الأوّل مشاهدة الجدران و لا سماع الأذان.
و لو سلك أحد الطريقين، و هو مسافة دون صاحبه، قصّر، و إن مال إلى الرخصة(2).
ص: 333
و للشيخ قول آخر بجواز التقصير في أربعة فراسخ و وجوبه في الثمانية(1).
و المعتمد ما قلناه.
فالهائم لا يترخص، و كذا لو قصد ما دون المسافة ثم تجدّد له عزم على مثل الأولى و لو تجاوز المجموع المسافة، و لو عاد قصّر مع بلوغ المسافة، و إلاّ فلا.
و كذا لو طلب غريما أو آبقا أو دابة شردت و إن سار أيّاما، إذا لم يقصد المسافة. و لو قصد في الأثناء قصّر.
فيقصّر في طريقه و موضع انتظاره ما لم يتجاوز شهرا، و لو عزم على السفر إن خرجوا أو لم يخرجوا قصّر إذا خفي الأذان و الجدران ما لم يتجاوز شهرا.
فلو قصد المسافة و خرج و قصّر صلاته، ثمّ بدا له لم يعد، و يتمّ في رجوعه إذا لم يبلغ المسافة، و لو رجع في أثناء الصلاة صلاّها على التمام، و لو قصد بلدا بعيدا، و في عزمه أنّه متى وجد مطلوبه دونه رجع، أتمّ .
و قال الشافعي: لا يقصر(2). و فيه قوة.
و لو قصد الصبي مسافة، فبلغ في أثنائها، فالوجه وجوب التقصير، و إن لم
ص: 334
يكن الباقي مسافة. و كذا لو عرض للمسافر الجنون أو الإغماء.
و قاطع الطريق، و التاجر في المحرّمات، و تابع الجائر، و طالب الصيد لهوا.
و انّما يجب القصر على كلّ من كان سفره سائغا سواء كان واجبا كالحجّ ، أو مندوبا كالزيارة، أو مباحا كالتجارة.
و لو كان الصيد لأجل قوته و قوت عياله قصّر.
و لو كان الصيد للتجارة، قال الشيخ: يقصّر في الصوم دون الصلاة(1).
و الوجه التقصير فيهما معا.
و لو كان سفره للتنزّه و التفرّج في المباح وجب التقصير(2)، و كذا يجب لو قصد زيارة المقابر و المشاهد.
و لو عاد عاد الترخّص إن كان المقصود بعد العود مسافة، على إشكال، و هل يحتسب من المسافة ما تقدّم قطعه ممّا كان مباحا؟ فيه إشكال.
و لو سافر إلى معصية فغيّر نيّته إلى المباح، قصّر، و يعتبر المسافة من حين تغيّر النيّة، و لو كان السفر مباحا لكنّه يعصي فيه قصّر.
فلو قصد مسافة و في أثنائها ملك له قد استوطنه ستّة أشهر فصاعدا، متوالية، أو متفرقة، أتمّ ، و كذا لو نوى الإقامة عشرة أيّام في أثناء المسافة.
ص: 335
و لو كان ملكه على حدّ المسافة قصّر في الطريق دون البلد الّذي فيه ملكه، و كذا لو نوى الإقامة عشرة أيّام على حدّ المسافة.
و لو كان له عدة أملاك قد استوطنها ستّة أشهر اعتبر ما بينه و بين الموطن الأوّل، فإن كان مسافة، قصّر في الطريق خاصّة و إلاّ فلا، ثم يعتبر ما بين الموطنين، فإن كان مسافة، قصّر في الطريق دون المواطن، و إلاّ فلا.
و هل يشترط استمرار الملك، حتّى لو باع الملك المستوطن يخرج عن الترخّص ؟ إشكال، أقربه الخروج.
و لا يشترط استيطان نفس الملك، بل البلد الذي هو فيه، و لا يشترط كون الملك مما يصحّ فيه الاستيطان، فلو كان له بستان أو مزارع و قد استوطن البلد المدة أتمّ .
فلو عزم على مسافة فصاعدا، و نوى الإقامة في أثنائها، أتمّ فيما نوى الإقامة فيه.
ثمّ الطريق من مبدأ سفره إليه إن كانت مسافة قصّر فيها و إلاّ فلا، ثمّ يعتبر المسافة بين ما نوى الإقامة فيه و بين منتهى سفره، فإن كان مسافة قصّر، و إلاّ فلا.
و لو عزم المسافر على إقامة عشرة أيّام فصاعدا في رستاق ينتقل فيه من قرية إلى أخرى(1)، و لا عزم له على الإقامة في موضع واحد عشرة أيّام، لم يبطل حكم سفره.
ص: 336
و لو دخل بلدا فقال: إن لقيت فلانا أقمت عشرة، و إلاّ فلا، لم يبطل حكم سفره ما لم يجده.
كالمكاري و الملاّح و الراعي و البدويّ الّذي يطلب القطر و النبت، و التاجر الّذي يطلب الأسواق، و البريد.
و الأصل في ذلك انّ هؤلاء لا يجوز لهم القصر ما لم يكن لهم في بلدهم مقام عشرة أيّام، فإن أقام أحدهم عشرة أيّام في بلده، ثمّ خرج قصّر، و إن أقام أقلّ أتمّ .
و للشيخ قول آخر: إنّه لو أقام خمسة قصّر صلاة النهار دون صلاة الليل و دون الصيام(1). و ليس بمعتمد.
و لا يجوز قبل ذلك، سواء كانت الجدران عامرة أو خرابا.
و لو كان إلى جانب البلد بساتين، اعتبر بالأذان، و لا عبرة بأعلام البلد كالمنائر.
و لو كان للبلد محالّ متفرّقة، فمتى خرج عن محلّته قصّر إذا خفيت جدرانها أو أذانها و لو كانت متّصلة لم يقصّر حتّى يفارق جميعها.
و البدويّ إذا كان مستوطنا في حلّة(2) قصّر إذا خفي الأذان، أمّا العائد من
ص: 337
السفر فانّه يقصّر حتّى يبلغ سماع الأذان. و قال بعض علمائنا: يقصّر إذا خرج من بيته، و يتمّ عند دخوله.(1) و به أحاديث(2)، لكن الأوّل أقرب.
أو يمضي عليه ثلاثون يوما، فإن حصل أحد الأمرين أتمّ ، و لو صلاة واحدة.
و لو نوى العشرة ثمّ رجع، فإن كان قد صلّى على التمام و لو صلاة واحدة استمرّ عليه حتّى يخرج، و إلاّ قصّر.
و لو كان رجوعه في أثناء الصلاة فالوجه التقصير، لكن الشيخ رحمه اللّه أفتى بالإتمام(3) و هو حقّ إن كان قد دخل في الثالثة، و إلاّ فلا.
و الأقرب أنّ الصوم كالصلاة، فلو رجع عن نيّة الإقامة بعد الشروع في الصوم أتمّ ، و في المهمل إشكال أقربه الاعتبار بخروج الوقت، و لو دخل في الصلاة بنيّة القصر، ثمّ عزم على الإقامة أكملها تماما.
و لا يجوز الإتمام إلاّ في أحد المواطن الأربعة، و قد سبق، فلو صلّى تماما عامدا، أعاد في الوقت و خارجه. و إن كان جاهلا لم يعد و إن كان الوقت باقيا، و لو كان ناسيا أعاد في الوقت لا خارجه.
و إن تبيّن له بعدها
ص: 338
انّه مسافة لم يعد.
فإن كان بحيث يخفى الأذان قصّر ما لم يرجع عن نيّة السفر، و لو خرج في البحر، فردّته الريح قصّر ما لم يبلغ سماع الأذان.
فإن عزم على العود و الإقامة، أتمّ في ذهابه و عوده، و في البلد، و لو عزم على العود دون الإقامة قصّر.
و لو كان في أحد المواطن الأربعة.
لم تصحّ صلاته، لفقد نيّة التقرب بالصلاة، لاعتقاده أنّه عاص.
فلو قصّر في الغداة، أو المغرب، أو الجمعة، أو العيدين، جاهلا أو عامدا أو ناسيا، بطلت صلاته.
سواء قضى في السفر أو الحضر.
و لو دخل بلده بعد دخول الوقت، فالأقوى الإتمام أيضا.
ص: 339
فلا معنى للجمع عندنا، فيجوز أن يصلّي العصر عقيب الظهر، و كذا العشاء عقيب المغرب، و لا بدّ من التسليم بينهما و انفصال إحداهما عن الأخرى، و لا يشترط في ذلك السفر و لا المطر.
و كذا لو صلى المقيم خلف المسافر لم يتبعه في التقصير.
و يستحبّ للإمام بعد تسليمه أن يقول لمن خلفه: أتمّوا فأنا مسافر، لئلاّ يشتبه على الجاهل.
و لو تمّم الإمام المسافر بالمأمومين المقيمين، فإن فعل ذلك عمدا، بطلت صلاته، و كذا إن كان ناسيا مع بقاء الوقت، أمّا المأمومون، فإن علموا بطلان صلاته، بطلت صلاتهم، و إلاّ فلا.
و لو أمّ المسافر مثله فتمّم ناسيا(1) فإن نسى المأموم أيضا، أعاد في الوقت خاصّة، و لو كانا جاهلين، صحّت صلاتهما، و لو كان أحدهما جاهلا، صحّت صلاته، أمّا الآخر فعلى التفصيل.
و يكره للمسافر أن يؤمّ الحاضر و بالعكس.
استحبّ له قضاؤها.
ليجبر نقصان صلاته.
ص: 340
و هل الاستحباب مختصّ عقيب كلّ صلاة، أو الّتي يقصّر فيها؟ نظر.
و يتوجّه حيث توجّهت اختيارا، و في الفريضة اضطرارا.
ص: 341
ص: 342
ص: 343
ص: 344
و فيه مقدّمة و مقاصد
ففيها ستة مباحث:
و شرعا القدر المخرج من النصاب.
و هي واجبة بالنص و الإجماع. و فيها فضل كثير.
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمن، فإن صدقته تظلّه»(1).
و قال الباقر عليه السّلام:
«بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في المسجد، إذ قال: قم يا فلان قم يا فلان حتّى أخرج خمسة نفر. فقال: اخرجوا من مسجدنا، لا تصلّوا فيه و انتم لا تزكّون»(2).
ص: 345
و قال الباقر عليه السّلام: «البرّ و الصدقة ينفيان الفقر، و يزيدان في العمر، و يدفعان عن سبعين ميتة سوء»(1).
و قال الصادق عليه السّلام: «إنّ اللّه فرض الزكاة كما فرض الصيام»(2).
و قال الكاظم عليه السّلام: «حصّنوا أموالكم بالزكاة»(3).
و هو ممّن يجهل ذلك إمّا لقرب عهده بالإسلام، أو لبعده عن أهل الأمصار لا يحكم بكفره(4)، و إلاّ فهو مرتدّ.
فإن مانع قوتل حتّى يدفعها، و لا يحكم بكفره و لا بسبي ذراريه.
و في وجوب إخراج الضغث و الكف عند الحصاد و الجذاذ قولان(5).
و كلّ واحد منهما ضربان: واجب، و مستحبّ . و نحن نسوق الكلام في ذلك كلّه، ثم نتبعه بالخمس في مقاصد ثلاثة.
ص: 346
و فيه ثلاثة و عشرون بحثا:
و الملك التام، و إمكان التصرف. فلا تجب الزكاة في مال الطفل، سواء العين و الغلاّت و المواشي. في ذلك، و انّما تجب على البالغ على مذهب أكثر علمائنا، و الشيخان(1) رحمهما اللّه أوجبا الزكاة في غلاّته و مواشيه، و الأقرب الاستحباب.
و لو اتّجر له وليّه في ماله إرفاقا، استحبّ له أن يخرج عنه زكاة التجارة، و لو ضمن المال و كان مليّا و اتّجر لنفسه كان الربح له و الزكاة عليه استحبابا، و لو انتفى أحد وصفي الملاءة و الولاية ضمن المال و الربح لليتيم، و لا زكاة هنا على واحد منهما.
فلا تجب في مال المجنون مطلقا، و أوجب الشيخان(2) الزكاة في غلاّته و مواشيه، و الأقرب الاستحباب، و البحث في التجارة بماله كالبحث في الطفل سواء.
و التكليف بالوجوب على رأي الشيخين، و بالاستحباب على رأينا في
ص: 347
الطفل و المجنون متعلّق بالوليّ دونهما.
فلا تجب الزكاة على المملوك، سواء قلنا إنّه يملك ما يملكه مولاه أولا، و إنما تجب على السيّد.
و لو كان بعضه حرّا، و ملك من كسبه أو غيره بقدر حريّته ما يبلغ نصابا، وجبت الزكاة و إلاّ فلا.
و المكاتب المشروط و الّذي لم يؤدّ من كتابته شيئا، و المدبّر و أمّ الولد، كالقنّ ، و لو عجز المشروط عليه، فردّ في الرقّ استقرّ ملك السيّد لما في يده، و استأنف الحول و ضمّه إلى ماله.
نعم لا يصحّ منه أداؤها، و لو أسلم سقطت، و أستأنف الحول عند الإسلام.
فلا تجب على الفقير، و هو من قصر ماله من أحد النصب، و تجب الزكاة على المديون إذا ملك نصابا، و إن قصر عن الدين.
فلو وهب نصابا، لم يجز في الحول إلاّ بعد القبض، و كذا لو اقترض اعتبر الحول بعد القبض، و لو أوصي له اعتبر الحول بعد القبول و الوفاة.
و لو راجع الواهب في هبته في موضع يسوغ له الرجوع فيه، فإن كان قبل الحول، سقطت، و لو كان بعده لم تسقط، و الأقرب أنّ الموهوب لا يضمنه، و لو فسخ البائع بخياره، فالبحث فيه كالهبة، إلاّ أنّ المشتري يضمن هنا.
ص: 348
فإذا بلغ حصّته نصابا، و حال عليه الحول، وجبت الزكاة، و الأقرب ابتداء الحول من القسمة، سواء كانت الغنيمة من جنس واحد أو أجناس مختلفة، و لو قيل: بوجوبها في الجنس الواحد دون المتعدّد كان وجها.
و لو عزل الإمام حصّة الغانم و كان حاضرا، وجبت الزكاة مع الحول، و إن كان غائبا اعتبر الحول عند وصوله إليه، أو إلى وكيله.
و خمس الغنيمة نصفه للإمام، إن بلغ نصابا وجبت الزكاة، و إلاّ فلا، و نصفه لباقي الأصناف لا زكاة فيه، لعدم تعيّن أربابه، و الأنفال للإمام خاصّة، إن بلغت نصابا، وجبت الزكاة، و إلاّ فلا.
و لو ولدت الغنم الموقوفة، و بلغت الأولاد نصابا، وجبت الزكاة فيها خاصة.
قال الشيخ: و لو شرط الواقف كون الغنم و ما يتوالد منها وقفا فلا زكاة(1).
وجبت الزكاة إن كان حاضرا، و إلاّ فلا.
و لو نذرها بعد الحول أخرج الزكاة، و تصدّق بالباقي، و كذا يخرج الزكاة لو نذر الصّدقة بقدر النصاب من غير تعيين.
اختصّ الخيار بأحدهما أو
ص: 349
اشترك، و وجبت الزكاة بعد الحول و إن كان الخيار باقيا، و قول الشيخ رحمه اللّه(1)هنا ضعيف.
و لو رد على البائع، استأنف الحول من حين الرد، و يتفرّع على قول الشيخ رحمه اللّه بوجوب الزكاة على البائع في الخيار المشترك أو المختصّ به، ثبوت الخيار للمشتري لو أخرج من العين.
فلا تجب في المال المغصوب و المسروق و المجحود و الضالّ و الموروث عن غائب حتّى يصل إليه، أو إلى وكيله، و الساقط في البحر، و الغائب مع عدم تمكّنه أو وكيله منه.
و لو ضلّت شاة من الأربعين في أثناء الحول، انقطع الحول، فإن عادت استأنف(2). و لو أسره المشركون، و له مال في بلد الإسلام لا يتمكّن منه، سقط الوجوب.
فإن كان بعد الحول أخذت الزكاة من المال، و إن كان قبله استأنف ورثته الحول.
و إن كان عن غير فطرة، و لم يخرج ملكه عنه بالقتل، و لا الفرار إلى دار الحرب، وجبت الزكاة إن تمّ الحول، و إلاّ أتممناه.
ص: 350
و لو خرج عن ملكه بالقتل أو الفرار استأنف ورثته الحول، و لو أخذ الإمام أو نائبه الزكاة من المرتدّ، ثمّ أسلم، أجزأت عنه، و لو أخذها غيرهما لم يجز عنه، و كذا لو أدّاها بنفسه.
و لو أخفى بعض ماله، لئلاّ يؤخذ منه زكاة، عزّر، إلاّ أن يدّعي الشبهة المحتملة، و يؤخذ منه الزكاة من غير زيادة.
و لو أخذ الظالم الزكاة لم يجز عن المالك، و بالإجزاء روايات(1).
و أوجب الشيخان(2) رحمهما اللّه الزكاة فيه، إن كان تأخّره من جهة مالكه، بأن يكون حالاّ على مليّ باذل، و لو كان من جهة من عليه الدين، سقطت الزكاة. و الاعتماد على الأوّل، نعم يستحبّ له أن يزكّيه لسنة مع عوده إليه.
ملكها إن شاء بعد التعريف حولا، و لا زكاة إلاّ بعد استئناف حول آخر من حين التملك.
فلو حال الحول بعد قبضه، وجبت الزكاة، و إن لم يدخل، فلو طلّقها قبل الدخول انقطع الحول في النصف، و تمّمت في المتخلّف إن بلغ نصابا، و لو لم تقبضه فلا زكاة كالدّين.
و لو فسخ العقد لعيب، فسقط المهر، فلا زكاة مع عدم القبض، و لو قبضته، فالأقرب الوجوب بعد الحول، و تضمن المأخوذ في الزكاة.
ص: 351
و لو قبضته حولا ثم طلّقها قبل الدخول، فإن كانت قد أخرجت الزكاة رجع عليها بالنصف كملا، و إن لم تكن أخرجت، فالنصف كملا للزوج، و عليها حقّ الفقراء.
و لو أراد قسمة المال قبل الإخراج جاز، فلو قسماه أخذ الساعي من نصفها، و لو لم يجد لها شيئا أخذ ممّا في يد الزوج، و الأقرب صحة القسمة و رجوع الزوج عليها بقيمة المأخوذ.
و لو أصدقها حيوانا في الذمة، سقط وجوب الزكاة و استحبابها، و لو طلّقها قبل الدخول و قبل الإخراج، لم يخرج من العين إلاّ بعد القسمة، و لو أصدقها نصابا، و طلّقها قبل الدخول و قبل تمكّنها من الإخراج، فالوجه سقوط نصف الفريضة.
و لو أداره في التجارة استحبت الزكاة فيه، و لو استعاده القارض لم يجب الزكاة حتّى يحول عنده الحول كملا.
و لو اشترط المقترض الزكاة على القارض لم يسقط الزكاة عنه، و للشيخ رحمه اللّه(1) هنا قول غير معتمد.
أمّا لو أدّى القارض الزكاة عن المقترض، فإنّ ذمّته تبرأ بذلك.
فلو تلف بعد الحول من النصاب شيء قبل التمكّن من الإخراج، سقط من الفريضة
ص: 352
بحسابه، و لو تمكّن و لم يخرج وجبت عليه الفريضة كملا.
سواء طالبه الإمام أو النائب أو لا، و إن دفعها إلى الساعي فتلفت في يده فلا ضمان، و لو مات المالك بعد إمكانه الأداء(1) لم تسقط الزكاة، و كذا لو مات قبل التمكّن و بعد الحول.
1183. الحادي و العشرون: لو كان له نصاب فاقترض آخر، و رهن(2) الأوّل،
وجبت عليه الزكاة في القرض، و لا زكاة في الرهن، لعدم تمكّنه.
و للشيخ رحمه اللّه قول يعطي وجوب الزكاة في الرهن أيضا على الراهن.
و يكلّف الإخراج من غير الرهن مع يساره، و منه لا معه(3).
سقطت الزكاة، و لو استأجر بشاة في الذمة وجبت الزكاة، و لو استأجر بنصاب معيّن وجبت الزكاة على الأجير، و لو استأجر في الذمة انتفى على القولين.
ص: 354
و فيه فصول
الإبل، و البقر، و الغنم، و الذهب، و الفضّة، و الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب.
و لا تجب فيما عدا ذلك، سواء كان ممّا يكال أو يوزن، أو لا، و سواء كان ممّا يصحّ بقاؤه، أو لا، و سواء كان ممّا ينبته الآدميّون، أو لا، و سواء كان ممّا يقتات به، أو لا، و سواء قصد بزراعته نماء الأرض، أو لا، و سواء كان(1) عسلا في الأرض الخراجية أو لا.
و العلس(2) عند الشيخ رحمه اللّه نوع من الحنطة(3) و السّلت عنده نوع من الشعير(4)و الأقرب عندي عدم الوجوب فيهما.
ص: 355
و فيه اثنان و عشرون بحثا:
الملك، و النصاب، و السوم، و الحول، و إمكان التصرّف، و كمال العقل، و قد تقدّما.
فلا يجب فيما دونها شيء إجماعا، فإذا بلغت خمسا، ففيها شاة.
و فيه شاتان.
و فيه ثلاث شياه.
و فيه أربع شياه.
و فيه خمس شياه عند أكثر علمائنا، و قال ابن أبي عقيل: يجب فيها بنت مخاض(1).
و ليس بمعتمد.
و فيه بنت مخاض.
و فيه بنت لبون.
و فيه حقّة.
ص: 356
و فيه جذعة.
و فيه بنتا لبون.
و فيه حقّتان.
فيؤخذ من كلّ أربعين بنت لبون، و من كلّ خمسين حقّة، و هكذا بالغا ما بلغت، فيكون في مائة و إحدى و عشرين ثلاث بنات لبون، و في مائة و ثلاثين حقّة و بنتا لبون، و في مائة و أربعين حقّتان و بنت لبون، و في مائة و خمسين ثلاث حقاق، و على هذا الحساب.
وجبت الفريضة عن إحدى و تسعين.
و لو اجتمع في مال ما يمكن إخراج الفريضتين منه كالمائتين، تخيّر المالك، و الأفضل، أن يدفع أرفع الأسنان و هي الحقاق.
و لو كان عنده أحد الصنفين، أخرجه المالك، أو اشترى الصنف الآخر و أخرجه، و لو لم يكونا عنده تخيّر في شراء أيّهما شاء، و الأولى الحقاق، و إن شاء أخرج أربع جذعات، و استرجع ثماني شياه أو ثمانين درهما، أو أخرج خمس بنات مخاض، و معها عشر شياه أو مائة درهم.
و لا خيار للساعي في الصعود و النزول، و ليس لوليّ الطفل و المجنون إخراج أعلى الفريضتين، إن قلنا بالوجوب.
و لو كان عنده أربعمائة، جاز أن يخرج متماثلا و متفرّقا. و لو كان عنده خمس بنات لبون و ثلاث حقاق، أخرج الخمس عن المائتين، و ليس له
ص: 357
إخراج الحقاق و بنت اللبون مع الجبران الشرعي، و لا إخراج أربع بنات لبون و حقة، و يطالب بالجبران.
أمّا لو كانا ناقصين كأربع بنات لبون و ثلاث حقاق، تخيّر مع الجبران، فيدفع بنات اللبون و حقة، و يطالب بالجبران، أو ثلاث حقاق و بنت لبون و الجبران، و ليس له دفع حقّة و ثلاث بنات لبون مع الجبران لكلّ واحدة إلاّ بالقيمة.
و لا فيما بين النصب من الأشناق(1) لا منضمّة و لا منفردة، و لا يجب الأزيد من السنّ الواجب باعتباره.
و لو تلف أربع من تسع وجبت الشاة كملا، سواء تلفت قبل الحول أو بعده، و قبل إمكان الأداء أو بعده، و لو تلف خمس قبل الحول، فلا زكاة، و بعده يسقط خمس الشاة، إن كان قبل إمكان الأداء.
و لو هلك ستّ من ستّ و عشرين بعد الحول قبل إمكان الأداء، سقط من بنت المخاض بنسبة التالف، و كذا لو هلك خمس من ستّ و عشرين، قال الشيخ رحمه اللّه: هنا يكون قد هلك خمس المال إلاّ خمس الخمس، فيكون عليه أربعة أخماس بنت مخاض، و أربعة أخماس خمسها، و على المساكين خمس بنت مخاض إلاّ أربعة أخماس خمسها(2).
ص: 358
و كذا شاة الجبران. و يجزئ الذكر و الأنثى، سواء كانت الإبل ذكورا أو إناثا، و يجزئ من غنمه أو غير غنمه.
قال الشيخ رحمه اللّه: و يؤخذ من نوع البلد لا من نوع بلد آخر، لأنّ المكيّة و العربيّة(1) و النبطيّة مختلفة(2)، و الأقرب عندي الإخراج من أيّ نوع شاء، لأنّ التناسب بين الشاتين أقرب من التناسب بين الضأن و المعز، و يجزئ هاهنا أحدهما عن الآخر إجماعا.
و لا يؤخذ المريضة من الإبل الصحاح، و لو كانت مراضا و صحاحا، و ماكس(3) قومت الخمس(4) مريضة و صحيحة، و أخذ الشاة ناقصة عن بدل الصحاح بنسبة النقصان.
و لو كانت قيمة الشاة تساوي قيمة بنت المخاض جاز إخراج الشاة عنها، و لو لم يجد شاة، اشترى شاة أو دفع قيمتها السوقية، و لا يجزيه عشرة دراهم إذا كانت أدون.
دفعها و استردّ(5) شاتين، أو عشرين درهما، و لو وجد الأدون دفعها و دفع شاتين أو
ص: 359
عشرين درهما، فمن وجب عليه بنت مخاض، و عنده بنت لبون، أخرجها، و استعاد من المصدق ما قلناه، و لو انعكس الفرض كان الجبران عليه.
و لو وجب عليه بنت مخاض، و عنده ابن لبون ذكرا، أجزأه مع عدم بنت المخاض من غير جبران، و لو كانت عنده بنت مخاض معيبة أجزأه ابن اللبون لا المعيبة.
و لو كانت عنده بنت مخاض أعلى صفة من الواجب، و عنده ابن لبون، تعيّنت بنت المخاض، و لو عدمهما جاز أن يشتري أيّهما شاء، و لا يجبر علوّ السنّ في الذكر فائت الأنوثة في غير هذه الصورة، فلو وجب عليه بنت لبون لم يجزئه أن يخرج حقا.
و لو أخرج عن ابن اللبون حقا أو جذعا أجزأه، و لو أخرج عن بنت المخاض بنت لبون، أو عن بنت لبون حقّة أجزأه، و لا يجوز أن يؤخذ أنزل من بنت المخاض مع الجبران، بل بالقيمة السوقيّة، و كذا لا يؤخذ أعلى من الجذع إلاّ بالقيمة.
لم ينتقل إلى الثالثة بتضاعف الجبران، بل بالقيمة السوقية على أقوى القولين.
بل بشاتين(1) أو عشرين درهما، إلاّ على سبيل التقويم السوقيّ ، و لو كانت إبله مراضا و الفريضة معدومة، و عنده أدون و أعلى، دفع الأدون و الجبران، و ليس له دفع الأعلى بأخذ الجبران، و لو انتفى الضرر عن الفقراء جاز.
ص: 360
سواء يضمّ بعضه إلى بعض، و تجب الزكاة مع بلوغ المجموع النصاب، فإن تطوّع بالأجود، و إلاّ أخذ من أوسط المال، و لو قيل بجواز إخراج ما شاء إذا جمع الشرائط كان حسنا.
و هي الكبيرة من غيرها، و لا ذات العوار من السليمة، و لا تؤخذ الرّبّى، و هي الّتي تربي ولدها إلى خمسة عشر يوما، و قيل: إلى خمسين، و لا الأكولة و هي السّمينة المتّخذة للأكل، و لا فحل الضراب لقوله عليه السّلام:
«إيّاك و كرائم أموالهم»(1). و لا الحامل، لأنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم «نهى أن يأخذ شافعا»(2). و لو تطوّع المالك بذلك جاز.
و لو كانت إبله مراضا لم يكلّف شراء صحيحة، و لو عدم الفريضة من المراض لم يجب شراء صحيحة، فإن اشترى مريضة أجزأه، و كذا يجزيه لو أخرج قيمة المريضة.
و لو كانت إبله صحاحا و مراضا كلّف فرضا صحيحا بقيمة صحيح
ص: 361
و مريض، فلو كانت قيمة الصحيح عشرين و المريض عشرة، كلّف شراء صحيح بخمسة عشر.
و لو كانت كلّها صحاحا، و الفرض مريض، كلّف صحيحا بعد إسقاط التفاوت بين الصحيح و المريض من الفرض، و لو كانت أمراضها متباينة، أخذ من وسطها.
و ما يتعلّق به الزكاة نصابا، و ما نقص شنقا.
و أوّل فرائض الإبل المأخوذة بنت المخاض، و هي الّتي كملت سنة(1)و دخلت في الثانية، و الماخض الحامل(2) و المخاض اسم جنس لا واحد له من لفظه، و الواحدة خلفة.
ثمّ بنت اللبون و هي التي لها سنتان، و دخلت في الثالثة.
ثمّ الحقّة، و هي الّتي لها ثلاث سنين، و دخلت في الرابعة.
ثمّ الجذعة، بفتح الذال المعجمة، و هي الّتي دخلت في الخامسة، و هي أعلى الأسنان.
فإذا دخلت في السادسة فهي الثنيّة، فإن دخلت في السابعة، فهي الرباع و الرباعية، و إن دخلت في الثامنة فهو سديس و سدس، فإذا دخلت في التاسعة فهو بازل، أي طلع نابه، ثمّ بعد ذلك بازل عام، أو بازل عامين و هكذا.
ص: 362
فلا تجب الزكاة في المعلوفة، و لو علفها بعض الحول قال الشيخ رحمه اللّه: يعتبر الأغلب(1)و الأقرب عندي اعتبار الاسم، و كذا لو اعتلفت من نفسها، أو منعها مانع من السوم، فعلفها مالكها أو غيره بإذنه أو بغير إذنه.
و يتحقق كمال الحول إذا أهلّ الثاني عشر و ان لم يكمل أيّام الحول.
و يعتبر النصاب و الملك من أوّل الحول إلى آخره، فلو نقلها عنه في أثناء الحول انقطع فان استردّها، استأنف الحول من حين الاسترداد، و كذا لو عاوضها بجنسها أو بغير جنسها.
و القول قول المالك في حولان الحول من غير يمين، و لو شهد عليه عدلان بحولان الحول قبل، و أخذ منه الحق، و لو مات المالك، انتقل النصاب إلى الوارث، و استأنف الحول حين الانتقال.
و لو كان قد أخرج عن الأوّل من غير العين، ثمّ حال الثاني وجب عليه شاة ثانية.
و لو كان معه أزيد من نصاب، و حال عليه أحوال، وجبت الزكاة متعدّدة عن كلّ سنة بعد إسقاط ما يجب في السنة المتقدمة عن نصاب المتأخرة إلى أن ينقص عن النصاب.
ص: 363
فلو حال على ستّ و عشرين حولان، وجبت بنت مخاض و خمس شياه، و لو حال ثلاثة، وجبت بنت مخاض و تسع شياه.
و ليس حول أمّهاتها حولها، سواء كانت متولّدة منها أو من غيرها، و سواء كانت أمّهاتها تتمّة النصاب أو نصابا، و سواء وجدت معها في بعض الحول أو لا.
و الوجه عندي انّ السخال لا يجب فيها النصاب حتى تستغني عن أمّهاتها بالرّعي ثمّ تبقى حولا بعده.
استأنف الحول عند كمال النصاب مع حصول السوم في السخال.
و إن لم يكن معها كبار، ثمّ يؤخذ منها(1) و لا يجب كبيرة عنها(2).
فانّه لا زكاة في العوامل، و إن كانت سائمة.
و إلاّ سقط من الفريضة بنسبة التالف من النصاب.
ص: 364
و يستأنف ورثته الحول من حين الارتداد و التمكّن، و لو كان عن غير فطرة لم ينقطع، و وجبت الزكاة عند تمام الحول ما دام باقيا.
و فيه تسعة مباحث.
و قد تقدّمت، إلاّ أنّ النصاب هنا مخالف للنصاب ثمّ .
فللبقر نصابان: أحدهما ثلاثون، و فيه تبيع أو تبيعة، و الثاني أربعون، و فيه مسنّة، و هكذا دائما في كلّ ثلاثين تبيع أو تبيعة، و في كل أربعين مسنّة، و ليس فيما نقص على الثلاثين شيء، و لا فيما بين الثلاثين و الأربعين.
و فيها تبيعان أو تبيعتان.
و دخل في الثانية. و يسمّى جذعا، و جذعة للأنثى.
و المسنّة هي الّتي دخلت في الثالثة، و هي الثنية، و لا يؤخذ غيرهما في البقر.
ص: 365
و إذا دخل في الرابعة فهو رباع أو رباعيّة، و هو في الخامسة سديس و سدس، و في السادسة صالغ(1) ثمّ لا اسم له بعده، بل يقال: صالغ عام، و صالغ عامين، و هكذا.
و ما لا يؤخذ منه يسمّى و قصا.
تخيّر المالك، كما قلنا في الإبل، و لو وجب عليه تبيع أو تبيعة، فأخرج مسنّة أجزأه إجماعا، و لو وجب عليه مسنّة ففي إجزاء التبيعين أو التبيعتين، نظر، أقربه الإجزاء مع عدم النقصان قيمة.
سوى ابن اللبون، و هو بدل عن ابن المخاض في الإبل، و التبيع في البقر خاصّة، و لو أعطى مسنّا بدل مسنّة لم يجزئه إجماعا.
و لو كانت إبله ذكورا كلّها ففي تكليفه الأنثى نظر، أقربه جواز الذكر كالمعيب.
يضمّ أحدهما إلى الآخر، و يؤخذ من كلّ نوع بحصته، فإن ماكس أخذ منه الفريضة بالنسبة
ص: 366
إلى الجيّد و الرديء.
فلو كانت الجواميس عشرة، و العراب عشرين، نظر في الفريضة منهما، فإذا كانت من الجواميس بستّة و من العراب بثلاثة، كلّف جاموسة بأربعة أو بقرة بها، و كذا لو اختلف البقر في الجودة و الرداءة، و الخيار إلى المالك لا الساعي.
و المتولّد من الوحشي و الأنسي، يعتبر فيه الاسم.
و فيه ستة مباحث:
من الملك، و النصاب، و السوم، و الحول، و التكليف، و إمكان التصرف، إلاّ أنّ النصاب هنا غير النصاب هناك.
و فيه شاة.
و فيه شاتان.
و فيه ثلاث شياه.
ص: 367
ففي كل مائة شاة، و هكذا بالغا ما بلغ، ففي أربعمائة أربع، و في خمسمائة خمس، و هكذا.
و عند الشيخ رحمه اللّه، انّ في ثلاثمائة و واحدة أربع شياه، و في أربعمائة و واحدة يؤخذ من كل مائة شاة(1). و الأوّل أقرب.
و لا زكاة فيما نقص عن الأربعين، و لا فيما بين النصب.
يضمّ بعضها إلى بعض، فيؤخذ من كلّ شيء بقسطه، فإن ماكس أخذ بالنسبة، فإذا كان الضأن عشرين، و المعز عشرين، و قيمة ثنيّة المعز عشرون، و جذع الضأن ثمانية عشر أخذ ثنيّة، قيمتها تسعة عشر، أو جذعا قيمته ذلك، و لو قيل: يجزئ إخراج ما يسمّى شاة كان وجها.
وجب عليه شاة عند تمام حول الأوّل. و إذا تمّ حول الثانية لم يجب فيها شيء.
أمّا لو ملك بعد نصف الحول تمام النصاب الثاني و زيادة واحدة فما زاد، وجب عليه عند تمام حول الأوّل شاة.
و هل يحصل ابتداء انضمام النصاب الأوّل إلى النصاب الثاني عند ملك
ص: 368
الثاني أو عند تمام حول الأوّل ؟ الأقرب الأوّل، و فيه إشكال.
و لو قيل بسقوط اعتبار نصاب الأوّل عند ابتداء ملك تمام النصاب الثاني، و صيرورة الجميع نصابا واحدا، كان وجها.
للذكر و الأنثى في الضأن و المعز، ثم يقال بهمة كذلك، فإذا بلغت أربعة أشهر، فهي في المعز جفر و جفرة و الجمع جفار، فإذا جاوزت أربعة أشهر فهي عتود(1) و الجمع عتدان، و عريض و جمعها عراض، و من حين يولد إلى هذه الغاية يقال لها عناق للأنثى، و جدي للذكر، فإذا استكملت سنة فالأنثى عنز و الذكر تيس، فإذا دخلت في الثانية فهي جذعة، و الذكر جذع، فإذا دخلت في الثالثة فهي الثنيّة و الثني، و في الرابعة رباع و رباعية، و في الخامسة سديس و سدس، و في السادسة صالغ، ثمّ يقال صالغ عام و صالغ عامين.
اما الضأن فالسخلة و البهمة، كما في المعز، ثمّ هو حمل للذكر و الأنثى دخل إلى سبعة أشهر، ثمّ و هو جذع إلى سنة، و في الثانية ثنيّ أو ثنيّة، ثم يلتحق بالمعز في الاسم، و أقيم الجذع من الضأن مقام الثنيّ من المعز، لأنّ جذع الضأن ينزو لسبعة أشهر، و المعز إنّما ينزو في السّنة الثانية.
ص: 369
و فيه أربعة عشر بحثا:
الملك، و النصاب، و الحول، و كونهما مضروبين منقوشين بسكّة المعاملة، أو ما كان يتعامل بها دراهم أو دنانير، و إمكان التصرّف و التكليف. و لا زكاة في السبائك و النقار و الحليّ .
و فيه نصف دينار، و لا زكاة فيما دون ذلك، و لو كان بشيء يسير، و ابن بابويه جعل النصاب الأوّل أربعين(1)، و ليس بمعتمد.
و فيها قيراطان، و هكذا دائما في كلّ أربعة قيراطان، و ليس فيما دون أربعة شيء أصلا.
و فيها خمسة دراهم.
و هكذا دائما في كلّ أربعين درهما، درهم، و لا زكاة فيما نقص عن المائتين، و إن كان بشيء يسير جدّا، و لا ما نقص عن الأربعين.
ص: 370
و لو اختلف الموازين، فنقص في بعضها دون الآخر بما جرت العادة به، وجبت الزكاة، و لو نقص في الموازين أجمع، سقطت.
بغلية، و هي السود، كلّ درهم ثمانية دوانيق؛ و طبريّة، كلّ درهم أربعة دوانيق؛ فجمعا في الإسلام، و جعلا درهمين متساويين، وزن كل درهم ستّة دوانيق، فصار وزن كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيل بمثقال الذهب، و كلّ درهم نصف مثقال و خمسة، و هو الدرهم الّذي قدر به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم المقادير الشرعيّة في نصاب الزكاة و القطع و مقدار الديات و الجزية و غير ذلك.
الدانق ثماني حبات من أوسط حبّ الشعير.
و العفو الأوّل في الذهب ما نقص عن العشرين، و الثاني ما نقص عن أربعة.
و الثاني ما نقص عن أربعين.
أخذ نصف دينار عند تمام الحول، ثمّ استؤنف حول العشرين.
أمّا لو ملك خمسة أخذ بالواجب من العشرين عند كمال الحول، و ابتدئ بحول الزائد من حين الملك، و أخذ منه الواجب.
ص: 371
فإذا بلغ، فإن أخرج جيّدا بمقدار المغشوش، أو أخرج من العين، و كان الغشّ متفقا أجزأ، و إلا فإن علم مقدار الغشّ أجزأه أن يخرج عن الصافي خاصّة، و إن لم يعلم استظهر في الإخراج، إمّا من غير العين أو منها ما يحصل به اليقين بالبراءة، و إن لم يفعل أمر بسبكها على إشكال.
و لو كان المغشوش نصابا لا غير لم تجب الزكاة، و لو لم يعلم بلوغ الخالص نصابا استحبّ له الإخراج، و لم يكلّف السبك.
و لو كمل بالصافي من المغشوش ما معه من الخالص وجبت الزكاة.
و يضمّ جيّد الثمن كالرضوية مع ما هو دونها في القيمة، و مساويها في العيار.
و يستحبّ أن يخرج من الأعلى و الأوسط. و إن أخرج من الأدون جاز، و لو أخرج من الأعلى بقدر قيمة الأدون لم يجز.
وجبت الزكاة فيه.
سواء كان محلّلا أو محرّما، كثر أو قلّ ، و لا فرق بين أن يتّخذ للاستعمال أو الإعارة أو الإجارة أو للذخيرة.
و روي: انّ زكاته إعارته(1).
سواء الكعبة و المساجد و غيرها في ذلك؛ اختاره الشيخ رحمه اللّه(2) و رجّح في الخلاف
ص: 372
إباحته(1). و على التقديرين لا زكاة فيه.
قال الشيخ رحمه اللّه: و حلية السيف و اللجام بالذهب حرام(2).
قال رحمه اللّه: و لا نصّ لأصحابنا في تذهيب المحاريب و تفضيضها، و تذهيب المصاحف، و ربط الأسنان بالذهب، و الأصل الإباحة(3).
و الأواني من الذهب و الفضة حرام، و لا زكاة فيها، و لو أتلفها متلف لزمه قيمة الفضة دون الصنعة، لأنّها محرّمة(4).
فإن سبك قبل الحول فلا زكاة، و إن سبك بعده، وجبت الزكاة، و كذا لو قصد غرضا صحيحا.
و بعض علمائنا(5) أوجب الزكاة مع قصد الفرار قبل الحول.
فلو زاد ما وزنه مائتان مائة للصنعة، تخيّر المالك بين دفع خمسة قيمتها سبعة و نصف، و بين جعل ربع العشر من ثمن العين(6) و الصنعة أمانة إلى وقت بيعها، و بين دفع ذهب أو عرض غيره بقيمة سبعة و نصف، و لو دفع مكان الخمسة سبعة و نصف لم يجز لأنّه ربا.
و كذا لا يضمّ عروض التجارة إليهما.
ص: 373
و فيه سبعة و عشرون بحثا:
1257. الأوّل: الشروط(1) في وجوب الزكاة هنا:
الملك، و النصاب، و التكليف، و إمكان التصرّف.
و النصاب هنا في الغلاّت الأربع شيء واحد، و هو خمسة أوسق، فلا تجب الزكاة فيما دونها، و لا تقدير في الزائد بل تجب فيه و إن قلّ .
1258. الثاني: الوسق ستّون صاعا بصاع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم(2).
و الصاع أربعة أمداد، و المدّ رطلان و ربع بالعراقي، و قول ابن أبي نصر(3):
المدّ رطل و ربع، تعويل على رواية ضعيفة(4).
و الرطل العراقي مائة و ثمانية و عشرون درهما و أربعة أسباع درهم، و هو تسعون مثقالا، و المثقال درهم و ثلاثة أسباع درهم، و هذا التقدير تحقيق لا تقريب، فلو نقص النصاب عن خمسة أوسق، سقطت الزكاة. و إن قلّ .
و اعتبر الوزن للضبط، فلو بلغ
ص: 374
بهما أو بالوزن، وجبت الزكاة قطعا، و لو بلغت بالكيل دون الوزن كالشعير لخفته، ففي وجوب الزكاة فيه نظر، أقربه العدم.
و لو اختلفت فيه وجبت، و لو شك في البلوغ، و لا مكيال هناك و لا ميزان، و لم يوجدا، سقط الوجوب دون الاستحباب.
فلو بلغ الرطب النصاب، لم تجب الزكاة، و اعتبر النصاب عند جفافه تمرا.
فلو اشترى غلّة، أو وهب له، أو ورثها بعد بدوّ الصلاح، وجبت الزكاة على البائع.
أمّا لو انتقلت إليه قبل بدوّ الصلاح، فبدا صلاحها عنده، وجبت الزكاة عليه، و الأقرب احتساب الثمن من المئونة(1) بخلاف ثمن الأصول.
و إذا أخرج الزكاة من الغلّة لم يتكرّر عليه، و إن بقيت أحوالا.
و لو اشترى نخلا و ثمرته قبل بدوّ الصلاح، فالزكاة على المشتري، و لو كان بعد بدوّ الصلاح، فالزكاة على البائع.
فلا زكاة على الوارث و لو فضل النصاب بعد الدين، أمّا لو صارت تمرا، و المالك حيّ ، ثمّ مات، وجبت الزكاة، و لو كان الدين مستغرقا. و لو ضاقت التركة، فالوجه تقديم الزكاة، و قيل: بالتحاص(2).
ص: 375
وجب فيها العشر إن كانت تسقى سيحا، أو بعلا، أو عذيا، و لو افتقر سقيها إلى مئونة، كالدوالي و النواضح، وجب فيها نصف العشر.
و لا يؤثّر حفر الأنهار و السواقي و لا احتياجها إلى الساقي ليحول الماء من موضع إلى آخر في نقصان الزكاة.
أمّا لو جرى الماء في ساقية من النهر و استقر في مكان قريب من وجه الأرض، و افتقر إلى الآلة في صعوده، وجب نصف العشر.
و لو تساويا، أخذ من نصف الثمرة بحساب العشر، و من نصفها نصف العشر.
و لو كان له ذرعان: أحدهما سائح، و الآخر ناضح، ضمّا في تكميل النصاب، و أخذ من كل منهما ما وجب فيه.
و القول قول المالك من غير يمين في أغلبيّة الناضح.
و قيل: إنّما تجب إذا صار الزرع حنطة، أو شعيرا أو الرطب تمرا أو العنب زبيبا(1)و المعتمد الأوّل، و تظهر الفائدة فيما لو تصرّف بعد بدوّ الصلاح قبل صيرورته تمرا.
و اتّفق العلماء كافّة على أنّ الإخراج إنّما يجب في الغلّة بعد التصفية، و في الثمرة بعد الجفاف.
ص: 376
و لو قطعها قبل بدوّ الصلاح لحاجة، فلا زكاة، و لم يكن قد فعل مكروها، و ان كان لغير حاجة فلا زكاة أيضا، و لكنّه فعل مكروها.
و لو تلف بعضها بعد بدوّ الصلاح بغير تفريط، وجبت الزكاة إذا بلغ المجموع النصاب، و سقط من الفريضة بنسبة التالف من المجموع.
فلا زكاة، و لو ظهر فساد البيع من أصله، ففي الوجوب نظر، لعدم تمكّنه من التصرّف ظاهرا.
وجبت الزكاة فيه بعد بلوغه النصاب، و يعتبر بنفسه لا بجنسه.
إذا كانا لعام واحد، و كذا البحث لو كان اطلاعه متفاوتا، سواء كان في موضع واحد، أو في أمكنة متباعدة.
فإن بلغ المجموع نصابا، تعلّقت الزكاة، و إلاّ فلا، و قول الشيخ رحمه اللّه(1) هنا مدخول.
و لو كان رديئا لم يكلّف شراء الأجود، و لو كان منهما أخرج بالتقسيط على الأفضل، و لو أخرج من الأردإ ففي الإجزاء نظر.
ص: 377
و في رواية حسنة عن محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال: سألته ما أقلّ ما يجب فيه الزكاة ؟ قال: «خمسة أوسق، و يترك معافارة و أم جعرور(1) و لا يزكّيان و إن كثرا»(2).
و الظاهر أنّ مراده عليه السّلام لا يخرج منهما، لا أنّه لا زكاة فيهما لو بلغا النصاب.
كأجرة السقي و العمارة و الحصاد و الجذاذ و الحافظ و البذر و الخراج، و بعد حصّة السلطان، فإذا أخرجت هذه الأشياء و كان الباقي نصابا، وجب الزكاة، و إلاّ فلا.
و للشيخ رحمه اللّه هنا قول ضعيف(3).
و الأقرب عدم جوازه في الزرع، و يضمن الخارص المالك حصّة الفقراء، و وقته بدوّ الصلاح.
و يجزئ الخارص الواحد، و الأفضل اثنان، و لا بدّ أن يكون أمينا.
- فليس له التصرف حينئذ بالبيع و الهبة و الأكل - و في تضمينه، فيتصرّف كيف شاء.
و يجوز أن يضمن الخارص حقّ المالك، و يجوز أن يقسم الثمرة على
ص: 378
رءوس النخل، فيعين الساعي حصّة الفقراء في نخل بعينه.
1276. العشرون: ينبغي للخارص التخفيف عن المالك بقدر ما يستظهر به المالك(1)
لما يكون بإزاء المارّة و ما يتساقط(2) فيأكله الهوام و ما ينتابه الطير، و النظر في التخفيف إلى الخارص.
بل إخراج الزكاة بحكم الخرص لو تلفت بتفريط من المالك، و لم يعلم القدر.
و لو تلفت من غير تفريط سقطت الحصّة المضمونة بالخرص.
و لو اختار المالك الحفظ ثم أتلف الثمرة، أو تلفت بتفريطه ضمن حصّة الفقراء بالخرص إن لم يعلم القدر، و إلاّ ضمن القدر، و كذا لو أتلفها الأجنبيّ .
و لو افتقرت النخلة إلى تجفيف الثمرة، جففت، و سقط من الخرص بحسابه.
و لو ادّعى غلط الخارص بالمحتمل قبل قوله من غير يمين، و لو ادّعى غير المحتمل لم يقبل منه، و لو زاد الخرص فالزيادة للمالك، و يستحبّ له بذلها؛ قاله: ابن الجنيد(1).
1279. الثالث و العشرون: لو لم يخرج الإمام خارصا جاز(2) للمالك أن يخرج خارصا،
و أن يخرص بنفسه، و يحتاط في التقدير.
و يجوز للمالك قطع الثمرة و إن كره الخارص، سواء ضمن أو لم يضمن، و منع الشيخ في المبسوط(3) ليس بجيّد.
إلاّ بأن يعتبر حاله عند الجفاف، فإن فضل ردّ الفاضل، و إن نقص استعاد النقصان، و لو دفع المالك الرطب عن التمر لم يجزه و لو كان عند الجفاف بقدر الواجب إلاّ بالقيمة السوقية، و عندي فيه نظر.
و كذا لو استعار أرضا أو غصبها.
و لو زارع مزارعة فاسدة، كانت الزكاة على صاحب البذر. و لو كانت صحيحة كانت الزكاة عليهما إذا بلغ نصيب كلّ منهما نصابا. و لو بلغ نصيب أحدهما وجبت عليه خاصّة.
ص: 380
فلم يقطعها حتّى بدا صلاحها، فإن طالب البائع بالقطع أو المشتري أو اتّفقا جاز.
و هل تسقط الزكاة عن المشتري ؟ قال الشيخ: نعم(1) و عندي فيه إشكال.
و لو اتّفقا على التبقية، أو بقيت(2) برضا المالك، فانّ الزكاة تجب على المشتري قولا واحدا.
و إن اتّحدا في باب الربا على الأقوى، خلافا لابن إدريس(3).
و فيه أحد عشر بحثا:
و إن فعله فرارا، و كذا لو بادل جنسا بجنس مماثل أو مخالف، و يستأنف في البدل الحول من حين الانتقال.
و لو وجد به عيبا قبل الحول ردّه، و استرجع النصاب، و استأنف الحول من حين الرجوع، و إن كان بعد الحول و قبل الأداء، بطل الردّ إلاّ أن يؤدّي(4) الزكاة من غير العين على إشكال، و إن كان بعد الأداء من العين فكذلك و إن كان من غير العين جاز الرد.
ص: 381
و لو كانت المبادلة فاسدة لم يزل ملك واحد منهما، فإذا تمّ الحول وجبت الزكاة على إشكال.
فإن أدّى الزكاة من غيره صحّ الجميع، و إلاّ بطل نصيب الفقراء فيتخيّر المشتري حينئذ.
و لو عزل نصيبهم و باع الباقي، صحّ ، و لو وهبه بعد الحول صحّ في نصيبه، و وقف نصيب الفقراء، فإن أدّى المالك من غيره، صحّ ، و إلاّ فلا.
سواء أوصى بها أو لم يوص، و يخرج من صلب المال.
و إن كان بتفريط أو بعد إمكان الأداء، وجبت.
1288. الخامس: يجوز إخراج القيمة في الأنعام و غيرها، و منع المفيد في الأنعام(1) بعيد.
و يجوز إخراج مهما شاء قيمة، و القيمة تخرج على أنّها قيمة لا أصل(2)، و الأقرب جواز إخراج المنافع(3).
1289. السادس: لا اعتبار بالخلطة(4) في الزكاة،
بل يخرج كلّ من المالكين ما
ص: 382
يخصّه من ماله إن بلغ النصاب، و إلاّ فلا شيء و لو بلغ المجموع النصاب أو أكثر، سواء كانت خلطة أعيان، أو أوصاف، كما لو اشتركا في المسرح، و المرعى، و المحلب، و المشرب، و الفحل، و الراعي.
و كذا لا أثر للخلطة في نقصان الفريضة، فلو كان لثلاثة مائة و عشرون وجب على كلّ واحد شاة، و لا فرق في سقوط اعتبار الخلطة بين الماشية و غيرها.
و إن كان متفرّقا في أماكن مختلفة، كما لو كان له أربعون شاة متفرّقة في البلاد، سواء تباعدت البلدان أو تقاربت، و لو كان له ثمانون في بلدين وجبت شاة واحدة.
سواء كان المال حيوانا أو أثمانا أو غلاّت، فلو كان له نصاب واحد حال عليه حولان، و لم يؤدّ، وجبت عليه فريضة واحدة، و لو أدّى من غير العين وجب عليه الإخراج ثانيا.
فلو كان عنده أربع من الإبل، و عشرون من البقر، و ثلاثون من الغنم، لم يجب عليه شيء، و كذا باقي الأصناف.
سواء في ذلك الأموال الظاهرة و الباطنة، و لا فرق بين حقوق اللّه تعالى و حقوق الآدميّين.
ثم إن نوى الزكاة أجزأه، و إلاّ ضمن حصّة الفقراء.
ص: 383
و فيه مطلبان
و فيه ثلاثة و عشرون بحثا:
و هو المال المنتقل بعقد معاوضة، يقصد به الاكتساب عند التملّك، و لا يكفي النيّة من دون الشراء، و لو انتقل بهبة أو ميراث أو نوى القنية فلا زكاة.
1296. الثاني: شرط ثبوت الزكاة فيها - استحبابا عندنا، و وجوبا عند بعض علمائنا(1) - الحول،
و بلوغ القيمة النصاب، و نيّة الاكتساب بها عند التملّك، و أن يكون الاكتساب بفعله، كالابتياع، و الاكتسابات المحلّلة، لا بما يملكه بميراث و إن نواه للتجارة.
و الأقرب اشتراط كون التملّك بعوض لا بالهبة و الاحتطاب و الاحتشاش و النكاح و الخلع و قبول الوصيّة.
و يشترط وجود رأس المال طول الحول، فلو كان عنده متاع قيمته نصاب،
ص: 384
فزاد في أثناء الحول، لم يبن حول الزيادة على الأصل، بل يثبت زكاة رأس المال عند تمام حول الأصل، و زكاة الزيادة عند تمام حولها إن بلغت نصابا، سواء نضّ المال في أثناء الحول أو لم ينضّ .
بل يبنى حول العرض على حول الأصل، و لو اشترى بنصاب من غير الأثمان، كخمسة من الإبل، استأنف الحول، و لو كان معه سلعة ستّة أشهر ثمّ باعها بنى على حول الأصل(1).
جرت في الحول من حين انتقالها إليه.
فلو كان في يده عرض للتجارة ثبت فيه الزكاة إذا أقام في يده ستّة أشهر، ثمّ اشترى به عرضا آخر للتجارة، و أقام ستّة أخرى تثبت الزكاة، بخلاف الزكاة الواجبة لو بادل أحد النصب بغيره، و كذا لو نضّ المال، بنى على حول العرض.
فإن كانت قيمة كلّ واحدة نصابا، زكّى كلّ سلعة عند تمام حولها، و إن بلغ المجموع النصاب، زكّاه عند حولان الحول عليه أجمع.
و لو كان الأوّل نصابا دون الباقي، فكلّما حال عليه الحول، ضم إلى الأوّل، و زكّاه كالمال الواحد.
ص: 385
لم تثبت الزكاة.
و يشترط وجود النصاب في جميع الحول. فلو كان دون النصاب، ثمّ كمله بزيادة القيمة السوقيّة، أو بنمائه، أو بانضمام عرض آخر للتجارة في ملكه، اعتبر الحول عند الكمال.
و لو نقص في أثنائه ثم كمل، اعتبر الحول من حين الكمال.
تثبت زكاة مائة، و يأخذ الشفيع بالعشرين، و لو اشترى سلعة فحال الحول، ثمّ وجد بها عيبا فردّها به تثبت الزكاة.
استأنف حول الثمن.
سواء كان نصابا أو أقلّ ، و لا تقوّم بنقد البلد، و لو بلغت السلعة نصابا بأحد النقدين دون الآخر تثبت الزكاة.
و لو نوى التجارة بعد ذلك أو ورث مالا، أو استوهب و قصد أنّه للتجارة، لم يصر للتجارة بمجرّد النيّة.
سقطت الزكاة و إن كان ثمنه أضعاف النصاب.
ص: 386
و لو بلغ رأس المال استأنف الحول حينئذ، و لو نقص بعد الحول و إمكان الأداء، لم تسقط الزكاة في الناقص، و لو كان قبل إمكان الأداء، سقطت فيه خاصّة.
فيجوز بيع العروض قبل الأداء.
فلو اشترى دقيقا للتجارة، تثبت زكاتها، و وجب على المالك زكاة الفطر عنه.
فلو ملك أربعين سائمة للتجارة، و قيمتها نصاب، و حال الحول، سقطت زكاة التجارة، و تثبت زكاة العين.
لم تسقط زكاة التجارة في الأرض و النخل، و للشيخ رحمه اللّه(1) هنا قول ضعيف عندي.
و في حصّة العامل أيضا، إذا اتفق رأس المال و الزيادة في الحول.
و لو اختلفا أخذنا زكاة رأس المال مع حوله، و إذا حال الحول على الزيادة أخذت الزكاة من حصّته، و الباقي على العامل.
و تردّد الشيخ رحمه اللّه في تعجيل إخراج حصّة العامل لحصول الملك له بظهور الربح، - و يملك الفقراء حصّتهم منه بظهوره - و بين تأخيره إلى القسمة لكونه وقاية(1) و هو عندي أقرب، و لهذا لا يختص بربحه، فإنّه لو كان رأس المال عشرة فربح عشرين، ثمّ ثلاثين، كانت الخمسون بينهما، و لو استقرّ ملكه للربح لكان للعامل ثلاثون.
على ما تقدّم من الحول لزكاة المال.
قوّمت السلعة دراهم، و لو باعها قبل الحول بدنانير، ثمّ حال الحول، قوّمت الدنانير دراهم.
و يجزيه نقصان الولادة في نصاب التجارة، و ليس حوله حول الأصل على ما تقدّم.
ص: 388
و فيه ثمانية مباحث:
فلا يستحبّ في المستعار، و المستأجر، و لا المغصوب، و لا الضال.
فلا زكاة في المعلوفة.
فلا زكاة في الذكور.
و عن كلّ برذون في كلّ عام دينار.
الّتي تجب فيها الزكاة بشرط الكيل أو الوزن، و الملك، و النصاب، كالأرز، و العدس، و الذرة، و أشباهها.
كما هو في الغلاّت الأربع خمسة أوسق.
و نصف العشر إن كان قد سقي بالدوالي و النواضح و أشباهها، و لو اجتمعا فكالغلاّت.
كالبقول و البطيخ، و أشباهه.
ص: 389
و يخرج من غلّتها الزكاة، و لو لم يكن الدار دار غلّة و لا عقارا متخذا للأجرة لم يستحبّ الزكاة.
و الرقيق، و الماشية، عدا ما تقدّم.
ص: 390
و فيه مطلبان
و فيه خمسة عشر بحثا:
و هو مضيّ أحد عشر شهرا فإذا(1) أهلّ الثاني عشر، وجبت الزكاة إذا استمرت الشرائط كمال الحول، و وجوبها على الفور.
و أمّا الغلاّت فإذا صفت الغلّة و اقتطفت الثمرة، وجب الإخراج على الفور، و لا يجوز له التأخير، سواء طولب بها أو لا مع وجود المستحقّ .
و كذا لو بعث إليه زكاة ليفرقها، فأخّر مع وجود المستحقّ و إمكان الإخراج ضمن، و كذا الوصيّ لو أخّر دفع ما أوصي إليه بدفعه، و لو كان عليه ضرر في الإخراج جاز التأخير.
ص: 391
و لو أخّرها ليدفعها إلى من هو أحقّ بها، كالقرابة، أو ذي الحاجة الشديدة، ضمن مع وجود المستحقّ ، قلّت أو كثرت، و لا يكون قد فعل حراما إن قصر الزمان.
و لو كثر المستحقّون في البلد، و طلب تعميم العطاء، جاز له التأخير في الإعطاء لكلّ واحد بقدر ما يعطي غيره، و في الضمان حينئذ إشكال.
و لو أخرجها عن ملكه و لم يسلّمها إلى الفقير، و لا إلى الساعي، و لا إلى الوالي مع المكنة(1)ضمن، و لا يكفي الإفراد.
و لو أخرجها عن ملكه، و لم يجد الساعي، و لا الفقير، و تلفت من غير تفريط، فلا ضمان.
ضمن المالك، لأنّ الفقير لم يملك لعدم القبض، فالتوكيل فاسد، أمّا لو قبض، لم يضمن إلاّ بالتفريط.
1334. الخامس: روي جواز تأخير الزكاة شهرا أو شهرين(2).
و عندي انّه محمول على العذر، و حينئذ لا يتقدّر بغير زواله(3).
1335. السادس: قد روي جواز تقديم الزكاة شهرا و شهرين و ثلاثة و أربعة(4)
ص: 392
و عندي أنّ هذه الروايات محمولة على سبيل القرض على الزكاة، لا أنّه زكاة معجّلة، و يكون صاحبها ضامنا متى جاء الوقت، و قد أيسر الآخذ، و لا يضمن لو بقي على الاستحقاق.
لم يجز إجماعا.
سقط الوجوب. و عند الشيخ رحمه اللّه(1) تثبت الزكاة ما دامت عينها باقية، و لو تلفت انقطع الحول، و له استرجاع الثمن.
فإن بقي المال على صفة الوجوب، و المستحقّ على صفة الاستحقاق، احتسب القرض من الزكاة عند الحول، و يجوز نقلها إلى غيره.
و لو تغيّرت حال المالك أو حال القابض، استعيدت العين إن كانت موجودة، و القيمة عند القبض إن تلفت.
و لو زادت العين زيادة متّصلة أو منفصلة، ففي استعادتها نظر، قال الشيخ:
يستعيدها، لأنّ المالك انّما أقرضها زكاة فلا يملكها بذلك(2).
و المالك و القابض على الصفات المعتبرة، وقعت موقعها.
ص: 393
و إن تغيّرت حال الدافع، ردّها الإمام على المالك، و إن تغيّرت حال المدفوع إليه، ردّها الإمام على غيره.
و لو كان تغيّر المدفوع إليه قبل الدفع، ضمنها الساعي مع التفريط و عدمه.
و لو تسلّف بمسألتهما، و حال الحول، و لم تتغيّر الحال، فقد وقعت موقعها، و إن تغيّرت بعد الدفع فالحكم ما مضى، و إن كان قبله و هلكت من غير تفريط، قال الشيخ: الأولى أن يكون منهما، لأنّ كلّ واحد منهما أذن به(1) و لو تسلّف بمسألة الفقراء و لم تتغير الحال، فقد وقعت موقعها، و إن تغيّرت بعد الدفع، فكما تقدّم، و إن كان قبله و هلكت في يد الساعي، قال الشيخ: يضمن أهل السّهمان(2).
و لو تسلّفها بإذن المالك خاصّة، و لم تتغيّر الحال، وقعت موقعها، و إن تغيّرت بعد الدفع فكما تقدّم، و إن كان قبله و هلكت في يد الساعي فالمالك ضامن، لأنّ الساعي أمينه.
فلو تغيّرت حال المالك أو الفقراء قبل الحول، استعيد.
و كلّ موضع يستعيد المالك، فإنّه يأخذ العين مع وجودها، و المثل مع عدمها، و لو تعذّر أو لم تكن مثليّة، استعاد القيمة، و يقع التردّد بين اعتبار(3) القيمة يوم التلف أو يوم القبض.
ص: 394
و انّما يستعيد المالك لو قال للفقير وقت الدفع: هذه زكاتي عجّلتها لك، و لو أطلق، أو قال: هذه صدقة، لم يكن له الاسترجاع إلاّ أن يدعي علم الفقير بالتعجيل، فيرجع مع نكول الفقير عن اليمين، و لو كان الدافع الوالي، جاز له الاسترجاع، أطلق أو قيّد.
فإن كان بعين المدفوع جاز احتسابه من الزكاة، و إن كان بغيره استرجع منه.
أمّا لو أيسر بنمائه، كما لو كانت إبلا فتوالدت، أو أموالا، فاتّجر بها، قال الشيخ: لا يرتجع الزكاة(1) و فيه نظر، لأنّ المقبوض عنده قرض، و نماء القرض للمقترض.
و كذا لو دفعها إلى غنيّ ، ثمّ افتقر، لأنّ الدفع عندنا على سبيل القرض.
و استرجع ما دفعه و إن قصد بالإتلاف الاسترجاع.
جاز احتسابه عن النصاب الثاني عند الحول.
ص: 395
و فيه ستة عشر بحثا:
و لو كان غائبا فالأفضل دفعها إلى الفقيه المأمون، من الإماميّة.
1346. الثاني: لو أخذ الجائر الزكاة، ففي إجزائها روايتان(1)،
الأقرب عدمه، لكن لا يضمن حصّة الفقراء فيما أخذه.
و لو عزلها فأخذها(2) الظالم، أو تلفت، فلا ضمان.
فلو فرّقها المالك حينئذ قيل لا يجزيه(3) و عندي فيه نظر.
سقط سهم السعاة منها.
البلوغ، و العقل، و الحريّة
ص: 396
على إشكال، و الإسلام، و العدالة، و الفقه فيها(1) على إشكال.
و هل يجوز للهاشميّ أن يكون عاملا؟ منع الأصحاب منه، أمّا لو تولّى جباية زكاة الهاشمي، فالوجه جواز أخذ النصيب منها، و لو تطوّع بالعمالة من غير سهم و لا أجرة جاز، و يجوز لمولى الهاشمي أن يكون عاملا.
و إن شاء جعل له جعالة عن العمل يدفعها إليه مع توفيته، فإن قصر النصيب عنه، تمّم له من باقي السهام، و إن فضل، دفع الباقي إلى أهل الزكاة، و لو قيل: إنّه ليس بلازم، لأنّه تعالى جعل له نصيبا(2) كان وجها.
و أطلق الشيخ ذلك(3)، و عندي انّه لو علم من قوم أداءها إليه أو إلى المستحقين، لم يجب البعث إليهم.
و أمّا الحاسب و الكاتب فيعطيان من سهم العامل.
و لا بيعها إلاّ مع الحاجة أو العذر.
فلو باع لا لضرورة لم يصحّ البيع، و تستعاد العين، و أرشها من المشتري إن
ص: 397
نقصت عنده، و المثل إن كانت تالفة أو القيمة.
و ينبغي أن يعرف أهل الصّدقات بأنسابهم و حلاهم(1) و يعرف قدر حاجتهم، فإذا أعطى شخصا كتبه و حلاه، و لا ينبغي له أن يؤخّر التفرقة إلاّ مع الإذن.
و للشيخ قولان(2) في الوجوب، أقربهما عندي الاستحباب.
مثل أفخاذ الإبل و البقر و أصول آذان الغنم، و يكون ميسم الإبل و البقر أكبر من ميسم الغنم.
و يكتب على الميسم ما أخذت له من صدقة أو زكاة أو جزية، و يكتب اسم اللّه تعالى للتبرّك به.
و لا بدّ فيه من التقرّب، و الوجه، و كونها زكاة مال، أو فطرة، أو صدقة، و لا يفتقر إلى تعيين المال.
و يتولاّها الدافع، سواء كان المالك، أو الساعي، أو الوالي، أو الحاكم، أو الوكيل، و لو دفعها المالك إلى الإمام أو إلى الساعي و نوى وقت الدفع أجزأه، سواء نوى الإمام أو الساعي حال دفعها إلى الفقراء أو لا.
أمّا لو دفعها إلى الوكيل، و نوى حالة الدفع إليه، و نوى الوكيل حال الدفع
ص: 398
إلى الفقراء أجزأ إجماعا.
و لو نوى الوكيل خاصّة، قال الشيخ: لا يجزئه(1)، و عندي فيه نظر.
و لو نوى المالك حال الدفع إلى الوكيل، و لم ينو الوكيل حال الدفع إلى الفقراء، قال الشيخ: لا يجزئه أيضا(2).
فإن كان أخذها كرها أجزأه، و إن كان طوعا، قال الشيخ رحمه اللّه: لا يجزئه، و ليس للإمام مطالبته بها ثانيا(3).
و لو نوى بعد الدفع ففي الإجزاء نظر، و لو تصدّق بجميع ماله و لم ينو بشيء منه الزكاة لم يجزئه.
خلافا للشيخ رحمه اللّه(4).
أمّا لو قال: إن كان سالما فهذه زكاته، و إن كان تالفا فنفل، أجزأه. و لو أخرج مالا و نوى بجميعه الزكاة و التطوّع، لم يجزئه.
و لو كان له حاضر و غائب، فقال: هذه عن أحدهما أجزأه، و كذا يجزئه لو قال: هذه زكاة الغائب إن كان سالما، و إن كان تالفا فعن الحاضر.
و لو أخرج عن الغائب، فبان تالفا، قال الشيخ: لم يجز له صرفه إلى غيره(5)، و الوجه عندي الجواز.
ص: 399
و لو دفع الزكاة إلى الساعي تطوّعا، و قال: هذه عن مالي الغائب. فبان تالفا قبل الوجوب(1) رجع بها عليه مع بقائها، و إن كان قد فرّقها، رجع على الفقراء، و لا يضمن الساعي.
ص: 400
و فيه فصلان
و هي ثمانية
و فيه عشرة مباحث:
و مع الاجتماع لا بدّ من مائز، و القدر المشترك بينهما هو عدم التمكّن من مئونة السنة.
و اختلف في أيّهما أسوأ حالا، فللشيخ قولان:
أحدهما: الفقير(1)، لقوله عليه السّلام:
«نعوذ باللّه من الفقر»(2).
و قال عليه السّلام: «اللّهم أحيني مسكينا، و أمتني مسكينا، و احشرني في
ص: 401
زمرة المساكين»(1).
و لأنّ العرب تبدأ بالأهمّ ؛ و لأنّه مشتق من كسر الفقار، فإنّه فعيل بمعنى مفعول أي مكسور فقارة الظهر، و هو مهلك.
و لقوله تعالى: أَمَّا اَلسَّفِينَةُ فَكٰانَتْ لِمَسٰاكِينَ (2).
و الثاني: المسكين(3)، لقوله سبحانه: أَوْ مِسْكِيناً ذٰا مَتْرَبَةٍ (4).
و هو المطروح على التراب، لشدّة حاجته، و للتّأكيد به.
و لقول الشاعر(5):
أمّا الفقير الذي كانت حلوبته *** وفق العيال فلم يترك له سبد
و لنصّ أهل اللغة عليه، و كذا نصّ أهل البيت عليهم السّلام(6).
و لا فائدة كثيرة في البحث عن ذلك بل الأصل عدم الغنى الشامل للمعنيين، إن تحقّق استحق الزكاة إجماعا.
و اختلف في الغنى المانع، فللشيخ قولان: أحدهما من يملك نصابا تجب فيه الزكاة أو قيمته(7)، و الثاني القدرة على كفايته و كفاية من يلزمه كفايته حولا كاملا(8).
ص: 402
و كذا لو كان له أجرة عقار أو غيره مع الكفاية.
أمّا لو ملك نصابا زكويّا أو أكثر لا يتمّ به الكفاية، جاز له أخذ الزكاة.
فيعطى لا معها و لا ينتظر به إنفاق ما معه.
و لو لم تكفه جاز.
و قيل: لا يتجاوز التتمة، و ليس بمعتمد.
و لو كان كسبه يمنعه عن التفقّه في الدين، فالأقرب عندي جواز أخذها.
و لا التعفف عن السؤال.
فإن كان ينفق عليها، حرمت عليها منه إجماعا و من غيره، و لو منعها النفقة، جاز لها الأخذ من غيره.
و في الجواز من غيره إشكال، و رواية عبد الرحمن الحجاج الصحيحة عن الكاظم عليه السّلام تعطي تسويغه(1).
ص: 403
و فيه أربعة مباحث:
و لو أخلّ لم يستحقّ .
لا عوضا و أجرة.
أمّا الإمام و نائبه و القاضي فلا.
و فيه أربعة مباحث:
و اعلم أنّ المؤلّفة من المسلمين أربعة:
لهم نيّة حسنة في الإسلام، و يعلم ثباتهم عليه، لكن لهم نظراء من المشركين، إذا أعطوا رغب نظراؤهم في الإسلام.
إذا أعطوا رجي حسن نيّتهم و ثباتهم.
لهم قوّة منع من يليهم من المشركين، إن أعطوا قاتلوا عن المسلمين، و إن منعوا لم يقاتلوا، و احتاج الإمام في قتالهم إلى مئونة شديدة لتجهيز الجيوش.
بإزائهم قوم يؤدّون الصدقات خوفا منهم، إن أعطاهم الإمام جبوها و إن منعهم لم يجبوها(1) و احتاج الإمام إلى مئونة في تحصيلها.
قال الشيخ: لا يمتنع أن نقول: إنّ للإمام أن يتألّف هؤلاء القوم و يعطيهم، إن شاء من المؤلّفة، و إن شاء من سهم المصالح، لأنّ هذا من فرائض الإمام، و فعله حجّة، و لا يتعلق علينا في ذلك حكم اليوم لسقوطه، و فرضنا تجويز ذلك و الشك فيه(2) و قول الشيخ رحمه اللّه جيّد.
و ليس بمنسوخ(3).
فالوجه جواز صرف السهم إلى أربابه من المؤلفة.
ص: 405
استعان بالمؤلّفة و صرف السهم إليهم.
و فيه خمسة مباحث:
إذا كانوا في ضرّ و شدة، يشترون ابتداء و يعتقون.
قال قوم من أصحابنا:
و يجوز أن يعطى من الزكاة ما يشتري به رقبة(1) و يعتقها في كفّارته من سهم الرقاب، لأنّ القصد إعتاق الرقبة، و قال الشيخ: الأحوط أن يعطى ثمن الرقبة من سهم الفقراء، فيشتري هو، و يعتق عن نفسه(2) و قيل يعطى من سهم الغارمين(3).
جاز أن يشترى العبد من مال الزكاة و يعتق، و إن لم يكن تحت شدّة.
و إلى المكاتب بإذن السيّد و بغير إذنه.
فيه إشكال، أقربه الجواز.
ص: 406
و هم المدينون في غير معصية و فيه سبعة مباحث:
لم يقض عنه من الزكاة، سواء تاب أو لم يتب، نعم لو تاب و كان فقيرا جاز أن يعطى من سهم الفقراء، و يقضي هو.
قال الشيخ: لا يقضى عنه(1)، و الوجه عندي القضاء.
لم يجز له أخذ عوضه من الزكاة، إلاّ أن يكون قضاه من دين آخر.
جاز للإمام أن يدفعه إلى الغرماء، و أن يدفعه إلى الغارم ليقضي هو، و لو قصر السهم عن الدين فطلب أخذه ليتّجر فيه، و يستفضل ما يحصل به تمام الدين، فالوجه الجواز.
أحدهما: تحمّل مالا لإطفاء فتنة، بأن يتلف مال رجل و يجهل متلفه، و كاد يقع بسببه فتنة، فتحمّل رجل قيمته لإسكان النائرة، و سواء كان التحمّل لإطفاء الفتنة النائرة بالقتل أو بتلف المال.
ص: 407
و الثاني: من استدان لمنفعة نفسه إمّا للإنفاق في الطاعة أو المباح، و القسمان يعطيان من سهم الغارمين.
لم يؤدّه من سهم الغارم، و إن كانا معسرين، جاز.
و لو كان المضمون عنه مؤسرا دون الضامن، احتمل أن لا يصرف إليه، لعود النفع إلى المضمون عنه.
و لو كان الضامن مؤسرا دون المضمون عنه، فالأقرب صرفه إلى الأصيل، لإمكانه و لا يصرف إلى الضامن لإيساره مع إمكان الصرف إلى الأصيل.
و يجوز أن يقاصّ بما عليه، و كذا يقضى عن الميت و يقاصّ ، و إن كان ممّن يجب نفقته أيضا. و الظاهر أنّ جواز المقاصّة انّما هو مع قصور التركة.
و الثاني أقوى.
و الغزاة قسمان:
المطوّعة الّذين ليسوا بمرابطين، و لا أسهم لهم في الديوان، و ليسوا من الجند الذين لهم نصيب من الفيء، و إنّما يغزون إذا نشطوا.
و الثاني الّذين لهم سهم من الفيء، و هم جند الديوان الّذين هم يرسم(1) الجهاد.
و الأوّلون يأخذون النصيب إجماعا، و تردّد الشيخ في الثاني(2) و الوجه عندي جواز إعطائهم، و لو أراد كلّ من الصنفين الانتقال إلى صاحبه، جاز.
إذا عرفت هذا فانّ ابن السبيل يعطى ما يكفيه لذهابه و عوده إن قصد غير بلده، و ما يكفيه لوصوله إلى بلده إن قصده، و يعطى في سفر الطاعة و المباح لا المعصية.
و هي ثلاثة: الإيمان، و أن لا يكون ممّن تجب نفقته، و لا هاشميّا من غيره
و هاهنا واحد و أربعون بحثا:
و لا إلى غير المؤمن من سائر أصناف المسلمين، فلو خالف لم يجز، سواء كان عمدا أو جهلا.
و ينتظر الوجدان، سواء كان غير المؤمن مستضعفا أو لا.
و جوّز بعض علمائنا دفعها إلى المستضعف مع عدم المستحق(1) و الحق خلافه.
و إن كان
ص: 410
آباؤهم فسّاقا، و لا يجوز إعطاء أولاد المشركين و لا أولاد المخالفين للحقّ .
1399. الخامس: اختار الشيخ(1) و السيّد المرتضى رحمهما اللّه اشتراط العدالة في المستحقّ ،
1399. الخامس: اختار الشيخ(1) و السيّد المرتضى رحمهما اللّه(2) اشتراط العدالة في المستحقّ ،
و منعه آخرون(3) و هو الأقوى، و قال آخرون: يشترط مجانبة الكبائر، فعلى قولنا يجوز إعطاء الفاسق إذا كان مؤمنا.
و هم الأبوان و إن علوا، و الأولاد و إن نزلوا، و الزوجة و المملوك، من الزكاة الواجبة.
و يجوز للزوجة أن تعطي زوجها من زكاتها، و هل له أن يعطي من تجب نفقته ما يزيد على النفقة الواجبة ؟ فيه إشكال.
بل هو أولى من الأجنبيّ ، سواء كان وارثا أو لم يكن.
جاز دفع الزكاة إليه، و الإنفاق عليه من الزكاة.
و لا تحرم على زوجات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم.
و أخذ المندوبة من غيرهم.
جاز له تناول الزكاة، و هل يتقدّر بقدر الحاجة أو يجوز له الزيادة ؟ الأقرب الأوّل.
فإن عرف كذبه، منع، و إن عرف صدقه أعطي، و إن جهل قبلت دعواه، و لا يكلّف بيّنة و لا يمينا.
و لو عرف له مال و ادّعى تلفه، قال الشيخ: يكلّف البيّنة(1) و عندي فيه نظر، و لو ادّعى العجز عن الاكتساب، قبل قوله من غير يمين، و إن كان شابا سليما.
فإن صدّقه السيّد، قبل قوله، و إن كذّبه افتقر إلى البيّنة.
فإن كان لمصلحة ذات البين، فأمره مشهور، و إن كان لمصلحة نفسه، و لم يعلم صدقه، فإن صدّقه المدين، أو انتفى تكذيبه، فالوجه القبول من غير يمين، و إن كذّبه لم يعط شيئا.
و كذا لو ادّعى تلف ماله، و الشيخ كلّفه في الثاني اليمين(2).
ص: 412
لأنّه يكون إعطاء للمالك.
سواء كان رضيعا أولا، أكل الطعام أو لا، و كذا يجوز الدفع إلى وليّ المجنون.
أعاد.
لم يضمن الدافع، و لا المالك، و للإمام و النائب الاستعادة من المدفوع إليه مع ظهور غناه، شرط ذلك حال الدفع أو لا، أعلم أنّها زكاة أو لا، و مع فقده، يستعيد المثل أو القيمة، و مع التعذر، يذهب من المساكين.
و لو كان الدافع هو المالك، فالأقرب عدم الضمان مع الاجتهاد، و ثبوته، لا معه، فإن وجد العين، استعادها، و إلاّ المثل أو القيمة إن شرط وقت الدفع أنّها زكاة واجبة، و لو لم يشرط فلا رجوع.
فالوجه عدم الإجزاء مطلقا.
أو بان هاشميّا، أو من تجب نفقته عليه، لم يضمن، كما تقدّم.
لا يراعى ما يفعلون بالصدقة.
ص: 413
أمّا الرقاب و الغارمون و في سبيل اللّه و ابن السبيل، فانّهم يعطون مراعى، فإن صرف المكاتب ما أخذه في الكتابة، و إلاّ استعيد إن دفع إليه ليصرفه فيها، و لو لم يف بما عليه و استرقه سيّده، قال الشيخ رحمه اللّه: لا يرتجع(1).
و الغارم إن صرف سهمه في الدين، و إلاّ فالوجه ارتجاعه، خلافا للشيخ رحمه اللّه(2).
و الغازي إن صرف سهمه في الغزو، و إلاّ استعيد، و لو فضل منه فضل(3) بعد الغزو لم يستعد.
و ابن السبيل إن دفع صرف سهمه في مئونة سفره، و إلاّ استعيد، خلافا للشيخ(4) و لو فضل معه شيء في بلده من الصدقة استعيد.
و الباقي انّما يأخذون مع الفقر لا غير، و ابن السبيل يأخذ و ان كان غنيّا في بلده لفقره في بلد الأخذ(5).
جاز أن يدفع إليه من سهم من اتّصف بصفته، و لو كان ابن سبيل، دفع إليه ما يحتاج إليه لسفره ممّا يزيد عن النفقة الأصلية، كالحمولة و مئونة الطريق.
ص: 414
و لو كان مملوكه مكاتبا، جاز أن يدفع إليه مولاه من زكاته، ما يعينه على فكّ رقبته، و منع منه ابن جنيد(1).
و لو كان بغير إذنه، كانت عاصية فلا تعطى شيئا.
و لو كانت مكاتبة جاز لزوجها دفع ما يعينها على فك رقبتها، و كذا لو كانت غارمة.
و الأفضل صرفها إلى الأصناف بأسرهم.
و يجوز تفضيل بعضهم على بعض، و أن يعطى الفقير ما يغنيه و ما يزيد عليه دفعة، فلو دفع إليه ما يغنيه حرم الزائد.
و كذا المكاتب و ابن السبيل، و الغازي يعطى ما يكفيه لغزوه.
و العامل يعطى سهمه أو أجرته، و لو عيّن له الإمام أجرة، و قصر السهم تمّمه الإمام من بيت المال أو من سهم غيره، و لو زاد نصيبه عن أجرته ردّ الزائد على باقي السّهمان.
1423. التاسع و العشرون: في تحريم نقل الصدقة من بلدها مع وجود المستحقّ قولان(2)
أقربهما الكراهيّة، و لو نقلها ضمن، أمّا لو لم يوجد المستحقّ
ص: 415
في بلدها فإنّ النقل سائغ مع ظنّ السلامة إجماعا، و لا ضمان مع عدم التفريط.
استحبّ إخراجها في بلد المال، و لو كان بعضه عنده استحبّ أن يخرج عن كلّ مال في بلده.
و لو أدركته الوفاة وجبت الوصيّة بها.
جاز أن يأخذ بكلّ وصف قسطا.
قاله الشيخان(1) و ابنا بابويه(2) و هو الأشهر في الروايات(3).
و قال ابن الجنيد(4) و سلاّر(5) ما يجب في النصاب الثاني و هو درهم أو قيراطان، و لم يقدّره المرتضى(6) و لا حدّ لأكثر ما يعطى.
و زكاة النعم أهل التجمّل.
ص: 416
و لا يشعر بأنّها زكاة.
فإن كان المالك قد عيّن لم يتعدّ تعيينه، و إن لم يعيّن جاز أن يأخذ مثل غيره لا أزيد.
فإذا مات فقير قبل الأخذ، لم ينتقل إلى وارثه شيء.
و بالجملة يملكها اختيارا، و ليس بمحرّم، و لا بأس بعودها إليه بميراث و شبهه من غير كراهية، و كذا لو احتاج إلى شرائها، زالت الكراهية.
ص: 418
و فيه فصول
و فيه واحد و ثلاثون بحثا:
فلا تجب على المملوك، بل تجب على السيّد ابتداء.
و حكم أمّ الولد، و المدبّر، و المكاتب المشروط، حكم القنّ ، أمّا المطلق فإن لم يؤدّ شيئا فالفطرة على المولى، و كذا إن أدّى و عاله مولاه، و إن أنفق من كسبه وجب عليه و على السيد بالحصص، إن ملك بالحريّة ما يجب معه الزكاة.
و لا يجب على الوليّ الإخراج عنهما إجماعا، و كذا لا تجب على من أهلّ شوال و هو مغمى عليه.
و هو من يحلّ له أخذ زكاة المال، و قال ابن الجنيد: يجب على من فضل عنده من مئونته و مئونة عياله صاع(1)و ليس بمعتمد.
ص: 419
أو يكون ذا كسب، أو صنعة يقوم بأوده و أود عياله و زيادة مقدار الزكاة، و للشيخ هنا قول آخر(1).
فالكافر تجب عليه و لا يصحّ منه أداؤها، و تسقط بالإسلام بعد الهلال لا قبله.
و لو أسلم عبد الكافر قبل الهلال و لم يبع، لم يكلّف مولاه الإخراج عنه.
كما تجب على أهل الحضر.
سواء كان للعائل ولاية أو لا، و سواء كان المعول مسلما أو كافرا، حرّا أو عبدا، قريبا أو بعيدا، غنيّا أو فقيرا، و سواء وجبت العيلولة أو تبرع بها.
و يجب عليه الإخراج عن زوجته و عبده إن لم يعلهما غيره، و لو عالهما غيره، وجبت على العائل.
و لا يجب عليها، و كذا كل من وجبت زكاته على غيره يسقط عنه، و إن كان لو انفرد وجبت عليه كالضّيف الغنيّ و المرأة الموسرة.
و لو نشزت سقطت مئونتها و لم تجب عليه فطرتها، و ابن ادريس أخطأ هنا، حيث أوجبها عليه و ادّعى الإجماع(2) و هو غريب.
ص: 420
و الزوجة الصغيرة، و غير المدخول بها إذا لم تمكّنا من أنفسهما، لم تجب عليه نفقتهما و لا فطرتهما.
أمّا البائن فلا يجب عليه عنها، و لو كانت حاملا و أوجبنا النفقة للحمل فكذلك، و إلاّ وجبت.
إلاّ أن يعولها تبرّعا.
فلا زكاة على الزوج قطعا.
و هل يسقط عن الزوجة ؟ قال الشيخ: نعم(1) و عندي فيه إشكال، و الأصل فيه انّ الوجوب إن ثبت على الزوج ابتداء، فالوجه ما قاله الشيخ، و إن وجبت عليها و يتحمّلها الزوج، فالفطرة واجبة عليها.
و كذا البحث في أمة الموسر إذا كانت تحت معسر أو مملوك، نصّ الشيخ على سقوط فطرتها عن مولاها(2) و البحث كما تقدّم.
فإن كان بإذن الزوج أجزأ عنها، و إلاّ فلا.
لم تجب على الزوج فطرته إذا لم يعله و إن كان ملكا لها، فإن اختار الزوج الإنفاق عليه وجب عليه فطرته، و إلاّ فلا.
ص: 421
و لو استأجرت خادما و شرطت نفقته، فإن اختار الزوج ذلك وجبت فطرته، و إلاّ فلا.
موسرا أو معسرا.
و لو كان موسرا فنفقته في ماله، فإذا لم يعله الأب تبرّعا، قال الشيخ: لا تسقط الفطرة عن الأب، لأنّه من عياله(1) و الوجه عندي سقوط الفطرة عن الأب، لانتفاء العيلولة وجوبا و تبرّعا، و عن الولد لانتفاء التكليف.
أمّا الكبير فيجب فطرته عليه، و لو كان فقيرا فعلى الأب، و كذا البحث في الآباء و الأجداد.
و حكم ولد الولد حكم الولد، سواء كان ولد ابن أو بنت.
فإن كان محتاجا إليه، للزمانة أو الصغر، ففي وجوب فطرته على الأب مع إعسار الولد(2) تردّد.
أو آبقا، أو مرهونا، أو مغصوبا، سواء رجا عوده أو لا، و سواء كان مطلقا، أو محبوسا، كالأسير مع علم حياته، و لو لم يعلم حياته، قال الشيخ: لا يلزمه الفطرة
ص: 422
عنه(1) و أوجبها ابن إدريس(2)، و عندي في ذلك نظر.
و لا على المالك(3)، و ليس بجيّد.
و لا تسقط زكاة التجارة فيه ندبا أو وجوبا على الخلاف، و لو كان له عبيد للتجارة في يد المضارب، وجبت فطرتهم على المالك.
فإن أحلنا التمليك، فالزكاة على المولى، و إن سوّغناه، فالأقرب وجوبها على المولى أيضا.
و الوجه أنّ زوجته كزوجة القنّ .
فعلى المولى نصيب الرقيّة، و على العبد نصيب الحرّيّة إن ملك بها نصابا.
و لو كان أحدهما معسرا، سقط نصيبه، و وجب على الآخر، و لو كان بين السيّد و العبد مهاياة، أو بين أرباب العبد المشترك لم تدخل الفطرة فيه.
سواء كانت حرّة أو أمة، أمّا لو لم يأذن وجبت فطرتها عليها إن كانت حرّة، و على مولاها إن كانت أمة.
وجبت فطرتهما على المولى.
ص: 423
وجبت فطرتها على مولاه.
و لو زوّجها من حرّ معسر سقطت فطرتها عن المولى، لسقوط نفقتها عنه بالتسليم، و عن المعسر.
و لو زوّجها من موسر و سلّمها إليه، وجب فطرتها على الزوج، و لو منعها عنه في وقت، وجبت الفطرة على السيّد.
كانت الفطرة على مالك الرقبة.
و لا فرق بين أن يكون بين اثنين أو أزيد، و يجوز أن يتّفق الشريكان في جنس المخرج و أن يختلفا.
و لو أخذها استحبّ له دفعها، و لو ضاق عليه، أدار صاعا على عياله ثمّ يصدّق به.
و فيه عشرة مباحث:
كالحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب، و الأرز، و الأقط، و اللبن، فلو أخرج أحد هذه أجزأه و إن كان غالب قوت البلد غيره.
و أفضل هذه الأجناس التمر، ثمّ الزبيب، و قيل: الأفضل ما يغلب على قوت البلد(1) و هو حسن.
و الصاع أربعة أمداد، و المدّ رطلان و ربع بالعراقي، و هو مائة و اثنان و تسعون درهما و نصف، و الدرهم ستّة دوانيق، و الدانق ثمان حبّات من أوسط حبّ الشعير، فقدر الصاع تسعة أرطال بالعراقي و ستّة بالمدني.
ص: 425
قال الشيخ رحمه اللّه: و يجزئ من اللبن أربعة أرطال بالمدني(1) و روايته(2) ضعيفة.
سواء ثقل أو خفّ ، و هل يجزئ الوزن من دون الكيل ؟ الوجه ذلك.
قال الشيخ: لا يجزئه(3)، و الأقرب عندي الإجزاء.
و لو أخرج أصواعا من أجناس مختلفة عن جماعة، جاز إجماعا.
عندي فيه تردّد، و لم أقف فيه للقدماء على قول.
جاز و إن كان أدون قيمة.
و يجزئان على أنّهما قيمة(1) و عندي فيه نظر، و كذا البحث في الخبز هل يجزئ على أنّه أصل أو بالتقويم ؟
و إلاّ اعتبرت قيمته، و كذا البحث في العلس.
أمّا الخلّ و الدبس و ما أشبههما فلا يجزئان أصلا بل بالقيمة.
و الطعام الممتزج بالتراب يجزئ إن لم يخرج بالمزج إلى حدّ المعيب. فإن خرج وجب إزالته، أو الزيادة المقاومة.
فالفطرة على الواهب، و لو قبل و مات قبل القبض، فقبض الوارث، قال الشيخ: تجب الفطرة عليه(1)، و ليس بجيّد.
أو صار غنيّا، أو زال جنونه، لم تجب الفطرة، و لو كان قبله وجبت و إن كان قبل الغروب بشيء يسير.
و تجب فيما بعده على الخلاف، و لو مات العبد بعد الهلال، قبل إمكان الأداء عنه، وجب الإخراج عنه.
و إن مات قبله، فإن قبل الموصى له قبل الهلال أيضا، فالزكاة على الموصى له، و إن قبل بعده، قال الشيخ: لا زكاة على أحد(2).
فإن قبل قبل الهلال، وجبت الفطرة، و هل تجب عليه أو في مال الموصى له ؟ قال الشيخ بالأوّل(3)، و هو جيّد.
و لو ضاقت التركة وقع التحاصّ بين الفطرة و الدين.
و لو مات قبل الهلال، قال الشيخ: لا يلزم أحدا فطرته إلاّ أن يعوله(4) و الوجه
ص: 428
أنّ الفطرة على الورثة إن قيل بانتقال التركة إليهم كالراهن، و إلاّ فالوجه ما قاله الشيخ.
ففي اختصاصه بالفطرة تردّد، أقربه العدم.
و هل يجوز تقديمها على هلال شوال ؟ الأقوى عندي جواز ذلك من أوّل رمضان لا أكثر.
فإن أخّرها أثم، و لو لم يتمكّن لم يأثم إجماعا، ثمّ إن كان قد عزلها أخرجها مع الإمكان، و إن لم يكن قد عزلها فالأقرب صيرورتها قضاء، و قيل: أداء(1) و قيل: يسقط(2) و يصحّ العزل إذا عزلها المالك، و يضمن بالتأخير عنه مع وجود المستحقّ .
و يجوز نقلها من بلده مع عدم المستحقّ فيه، و معه على الخلاف(3) و يضمن.
و الأفضل إخراجها من بلد المال(4) و قسمتها فيه.
ص: 429
و يجوز أن يعطى أطفال المؤمنين و إن كان آباؤهم فساقا، و لا يجوز صرفها إلى غير المستحقّ .
و المستضعف غير مستحقّ ، خلافا للشيخ(1) و لو فقد المستحقّ جاز التأخير، و لا ضمان مع وجود المستضعف.
و على التعاقب ما لم يبلغ إلى حدّ الغنى.
بأن يكون الفقير قد أخذها و تصدّق بها جاز.
و يستحبّ ترجيح أهل الفضل في العلم و الدين.
و يستحبّ صرفها إلى الإمام أو نائبه، و لو تعذّر، صرفت إلى الفقيه المأمون من الإماميّة.
و لا يكلّف بيع ذلك و لا بعضه.
و يجوز أن يعطى أصواعا، و لو اجتمع جماعة لا يسعهم الأصواع جاز أن يعطى الواحد أقلّ من صاع.
ص: 430
و تخرج من أصل التركة كالدين، و إن لم يوص بها.
فليس للوارث المطالبة بها لو مات المستحقّ قبل القبض.
ص: 431
ص: 432
و فيه فصول
و فيه ثلاثون بحثا:
الغنائم من دار الحرب، و المعادن، و الكنوز، و الغوص، و فاضل مئونته و مئونة عياله عن السّنة من أرباح التجارات و الصناعات و الزراعات، و الحلال إذا اختلط بالحرام و لم يتميّز، و أرض الذميّ إذا اشتراها من مسلم.
يجب فيها الخمس ممّا حواه العسكر، و ما لم يحوه، أمكن نقله أو لا، ممّا يصحّ تملّكه.
لا يجب الخمس فيه، و يجب ردّه على المغصوب منه.
ص: 433
و يجب فيها الخمس لا الزكاة؛ سواء كانت مائعة كالقير و النفط و الكبريت، أو جامدة؛ سواء كانت منطبعة بانفرادها كالرصاص و النحاس و الذهب و الفضة و الحديد، أو مع غيره كالزيبق، أو غير منطبعة كالياقوت و الفيروزج و البلخش و العقيق.
أحدهما انّه يعتبر(1)، و الثاني أنّه غير معتبر، و يجب الخمس في قليلها و كثيرها(2)و الأقرب الأوّل.
ثمّ في قدر النصاب قولان: أحدهما: عشرون دينارا(3)، و هو الأقوى عندي؛ و الثاني دينار واحد، اختاره ابن بابويه(4) و أبو الصلاح(5)، فلا يجب الخمس في شيء من المعادن حتى يبلغ قيمته عشرين دينارا.
فإن بلغ بعدها نصابا وجب الخمس، و إلاّ فلا، و يعتبر النصاب فيما أخرج دفعة واحدة، أو دفعات لا يتخلّلها ترك إهمال، فلو أخرج دون النصاب و ترك العمل مهملا، ثمّ أخرج دون النصاب، لم يجب شيء، و لو كملا نصابا، أمّا لو بلغ أحدهما نصابا، وجب فيه خاصّة.
ص: 434
و لو تخلّل ترك العمل للاستراحة مثلا، أو لإصلاح آلة، أو طلب أكل، أو معادن، أو خرج بين المعدنين تراب، أو شبهه، وجب الخمس إذا بلغ المنضمّ النصاب، ثمّ يجب في الزائد مطلقا.
و لو اشتمل المعدن على جنسين، ضمّ أحدهما إلى الآخر، سواء كانا ذهبا أو فضّة أو لا.
فيخرج خمسه، و الباقي له، و إن كان في مباح، فالخمس لأربابه، و الباقي لواجده.
فإن أخرج منه شيئا ملكه، و أخذ منه الخمس(1).
و يملك المخرج الباقي، و يستوي في ذلك الصغير و الكبير، و لو كان المعدن لمكاتب، وجب فيه الخمس، و لو استخرج العبد معدنا، ملكه سيّده، و وجب على مولاه خمسه.
و يجب خمس المعدن لا خمس الثمن.
سواء وجد في أرض الحرب، أو أرض العرب.
ص: 435
كآثار الأبنية المتقادمة على الإسلام، و جدران الجاهليّة و قبورهم، فإن كان عليه أثر الإسلام، فلقطة، و إن لم يكن عليه أثر الإسلام، أخرج خمسه، و ملك الباقي.
و إن وجد في أرض مملوكة له، فإن انتقلت إليه بالبيع، عرّف البائع، فإن عرفه، و إلاّ عرّف البائع قبله، و هكذا، فإن لم يعرفه أحد منهم فلقطة.
و إن انتقلت بالميراث، عرّف باقي الورثة، فإن اتّفقوا على أنّه ليس لمورّثهم، فهو لأوّل مالك، فإن لم يعرفه أحد فلقطة.
و إن اختلفوا، حكم للمعترف بنصيبه، و كان حكم المنكر ما مضى.
هذا إذا كان عليه أثر الإسلام، فإن لم يكن عليه أثر الإسلام، فللشيخ قولان:
أحدهما إنّه لقطة، و الثاني للواجد(1).
و إن وجد في أرض مملوكة لغيره، مسلم أو معاهد، فهو لصاحبها إن اعترف به، و إلاّ فلأوّل مالك، و إن لم يعرفه أحد، ففي تملّك الواجد إشكال.
و إن وجد في دار الحرب فهو لواجده، سواء كان عليه أثر الإسلام أو لا، و يخرج منه الخمس، و كذا لو وجده في أرض مملوكة لحربيّ معيّن.
و لو استأجره لغير ذلك، فالكنز للأجير.
ص: 436
و لو تداعياه، فالقول قول المالك، و للشيخ رحمه اللّه قول آخر: إنّ القول قول المستأجر(1).
أمّا لو اختلفا في مقداره، فالقول قول المستأجر.
من الذهب، و الفضّة، و الرصاص، و الصفر، و النحاس، و الأواني، و غير ذلك.
بل متى وجد وجب.
مسلما كان، أو ذميّا، حرّا، أو عبدا، صغيرا، أو كبيرا، ذكرا، أو أنثى، عاقلا، أو مجنونا، إلاّ أنّ ما يجده العبد لسيّده، فيجب الإخراج على السيد.
أمّا المكاتب فيملك الكنز يخرج خمسه، و الباقي له، و الصبيّ و المجنون يملكان أربعة أخماسه، و الباقي لأربابه يخرجه الوليّ ، و المرأة تملك الكنز.
و لا يسقط الخمس بكتمانه.
و ليس له نصاب آخر، بل يجب في الزائد مطلقا.
و لو وجد دون النصاب، ثمّ وجد كنزا آخر دونه، و اجتمعا نصابا، فالأقرب عدم الوجوب.
ص: 437
كاللؤلؤ، و المرجان، أو العنبر، و غير ذلك، و يجب فيه الخمس إذا بلغ قيمته دينارا، و إن نقص لم يجب.
و لو غاص فأخرج دون النصاب، ثمّ غاص أخرى فأكمله، فالأقرب وجوب الخمس إن كان الترك للاستراحة و شبهها، و عدمه إن كان بنيّة الإعراض و الإهمال، و لا يعتبر في الزائد نصاب، بل يجب فيه الخمس و إن قلّ .
1520. الرابع و العشرون: قال الشيخ: العنبر من نبات البحر(1)
و قيل: هو من عين في البحر و قيل: يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكله شيء، و لا ينقره طائر إلاّ فصل منقاره فيه، و إن وضع أظفاره عليه فصلت و مات(2).
فإن أخذ بالغوص اعتبر له نصاب الغوص، و إن أخذ من وجه الماء كان له حكم المعادن.
1521. الخامس و العشرون: قال الشيخ: الحيوان إن أخذ بالغوص أو قفّيّا(3)ففيه الخمس،
أمّا المصاد من البحر، فلا خمس فيه(4)، و الأقرب عندي إلحاقه بالأرباح لا بالغوص كيف كان.
1523. السابع و العشرون: أرباح التجارات(5)، و الصنائع، و الزراعات، و جميع [أنواع الاكتسابات عن مئونة السنّة]
ص: 438
أنواع الاكتسابات، و فواضل الأقوات، من الغلاّت، و الزراعات، عن مئونة السنّة على الاقتصاد، يجب فيها الخمس إذا فضلت عن مئونة السنّة له و لعياله.
و لا يجب على الفور بل يتربّص إلى تمام السّنة، و يخرج عن الفاضل خمسه، و لا يراعى الحول في شيء ممّا يجب فيه الخمس سوى هذا.
و لو احتسب من أوّل السّنة ما يكفيه على الاقتصاد، و أخرج خمس الباقي معجّلا كان أفضل.
و لا يجب في الميراث، و لا الهبة، و لا الهدية، خلافا لأبي الصّلاح(1).
و لا فرق بين جميع أنواع الاكتسابات، فلو غرس غرسا فزادت قيمته لزيادة نمائه، وجب الخمس في الزيادة، و لو زادت القيمة لتغيّر السعر لا لزيادة فيه، لم يجب.
أخرج الخمس و حلّ الباقي.
و لو عرف مقدار الحرام، وجب إخراجه، سواء قلّ عن الخمس أو كثر، و كذا لو عرفه بعينه.
و لو جهله غير أنّه عرف أنّه أكثر من الخمس، وجب الخمس و ما يغلب على الظن في الزائد.
ص: 439
و لو عرف صاحبه، وجب صرف ما يخرجه إليه أو إلى ورثته، فإن لم يكن له وارث فالإمام.
و لو ورث مالا ممّن يعلم أنّه جمعه من حرام و حلال، أخرج خمسه مع الجهل، كما تقدّم.
و لا الأرض المبتاعة من الذّميّ نصاب، بل يجب الخمس في قليلة و كثيره.
و فيه ثمانية مباحث:
فنصفه - و هو سهم اللّه و سهم رسوله و سهم ذي القربى - للإمام خاصّة، و نصفه للثلاثة، فسهم لليتامى، و سهم للمساكين، و سهم لأبناء السّبيل.
و يشرط في هؤلاء الثلاثة انتسابهم إلى عبد المطلب بن هاشم بالأب لا بالأمّ ، و هم الآن أولاد أبي طالب، و العباس، و الحارث، و أبي لهب، و لا يعطى غيرهم شيئا.
و الأصحّ منع أولاد المطلب، خلافا لابن الجنيد(1) و للمفيد(2) في أحد قوليه.
ص: 440
و حرمت عليه الزكاة(1) و فيه نظر.
و يجوز إعطاء الفاسق.
فإن حمله ضمن، و لو لم يوجد المستحقّ جاز النقل، و لا ضمان، و يعطى من حضر البلد، و لا يتتبّع من غاب.
و هو يأخذ سهم ذي القربى بالنص(2) و سهم اللّه و سهم رسوله بالوراثة عن الرسول عليه السّلام، و يأخذ الإمام هذه الأسهم مع الحاجة و عدمها.
أمّا اليتيم فهو الّذي لا أب له(3) ممّن لم يبلغ الحلم، و لا بدّ أن يكون هاشميّا، و هل يشترط فقره ؟ قال الشيخ: لا، للعموم(4) و عندي فيه نظر، إذ يحرم لمن له أب موسر، و وجود المال له أنفع من وجود الأب، فيكون أولى بالحرمان.
أمّا المسكين فالمراد به المعنى المشترك(5) بينه و بين الفقير.
و ابن السبيل لا يشترط فيه الفقر، بل الحاجة في بلد السفر.
الظاهر من كلام الشيخ المنع(6)، و فيه إشكال، و لا يجب
ص: 441
استيعاب كلّ طائفة، بل لو اقتصر من كلّ طائفة على واحد جاز.
و لا يجوز صرف حقّ المعدن إلى من وجب عليه، لانتفاء تحقّق الإخراج حينئذ.
و الثلاثة الباقية لأربابها، لا يخصّ القريب و لا الذكر و لا الكبير على أضدادهم، بل يفرّقهم الإمام بحسب ما يراه من تسوية و تفضيل، و لا يتبع الغائب.
فإن فضل عن قدر كفاية الحاضرين شيء، جاز حمله إلى الأباعد، و لا ضمان.
و فيه تسعة مباحث:
و هو كلّ أرض انجلى عنها أهلها، أو سلموها طوعا بغير قتال، و كلّ أرض خربة باد أهلها، سواء جرى عليها ملك أحد أو لم يجر، و كلّ أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، و رءوس الجبال، و بطون الأودية، و الآجام، و الأرضون الموات الّتي لا أرباب لها،
ص: 442
و المعادن، و صفايا الملوك و قطائعهم ممّا كان في أيديهم على غير جهة الغصب، و ما يصطفيه من الغنيمة في الحرب، مثل الفرس الفارة، و الثوب المرتفع، و الجارية الحسناء، و السيف الفاخر، و ما أشبه ذلك، و ميراث من لا وارث له، سواء كان الميّت ذميّا، أو مسلما إذا لم يخلف وارثا، و إذا قاتل قوم من غير إذن الإمام فغنموا، كانت الغنيمة للإمام خاصّة.
أمّا ما كان في أرض المسلمين المشتركة، أو لمالك معروف، فلا اختصاص له عليه السّلام به(1) و هو قويّ .
فإن تصرّف فيه متصرّف كان غاصبا، و النماء إن حصل للإمام.
و يصرف إليه الخمس بأجمعه، فيأخذ نصفه يعمل به ما شاء، و النصف الآخر يضعه في أربابه على قدر حاجتهم و ضرورتهم، قال الشيخان: فإن فضل كان الفاضل له، و إن اعوز كان عليه(2) و منعه ابن إدريس(3) و عندي في ذلك تردّد.
مع وجود الإمام على إشكال.
و ألحق الشيخ رحمه اللّه المساكن و المتاجر(4) و إن كان ذلك بأجمعه للإمام أو
ص: 443
بعضه، و لا يجب إخراج حصّة الموجودين من أرباب الخمس منه.
قال ابن إدريس: المراد بالمتاجر أن يشتري الإنسان ممّا فيه حقوقهم عليهم السّلام، و يتّجر في ذلك، قال: و لا يتوهّم متوهّم أنّه إذا ربح في ذلك المتجر شيئا لا يخرج منه الخمس(1).
و منع ابن الجنيد(2) ضعيف.
فاسقطه قوم.
و منهم من أوجب دفنه.
و منهم من يرى صلة الذرّية و فقراء الشيعة على وجه الاستحباب.
و منهم من يرى عزله، فإن خشي من الموت وصّى به إلى من يثق بدينه و عقله ليسلمه إلى الإمام إن أدركه، و إلاّ وصّى به كذلك إلى أن يظهر.
و منهم من يرى صرف حصّته إلى الأصناف الموجودين أيضا، لأنّ عليه الإتمام عند عدم الكفاية، و هو حكم يجب مع الحضور و الغيبة(3) و هو أقوى.
ص: 444
كما يتولّى أداء ما يجب على الغائب.
و وجب عليه الوفاء.
ص: 445
ص: 446
ص: 447
ص: 448
و فيه مقدّمة و مقاصد
ففيها أربعة مباحث:
و في الشرع عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوصة، في زمان مخصوص، على وجه مخصوص.
فالواجب ستّة: شهر رمضان، و الكفّارات، و دم المتعة، و النذر و ما في معناه من يمين أو عهد، و صوم الاعتكاف الواجب، و قضاء الواجب.
فالندب: جميع أيّام السنّة إلاّ العيدين، و أيام التشريق، لمن كان بمنى، و يتأكّد منه أربعة عشر صوما: ثلاثة أيّام في كل شهر هي: أوّل خميس و آخره، و أوّل أربعاء في العشر الثاني، و أيام البيض، و يوم الغدير، و مولد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و مبعثه، و دحو الأرض، و عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع تحقّق الهلال، و عاشوراء على وجه الحزن و المصيبة، و يوم المباهلة، و كلّ خميس، و كلّ جمعة، و أوّل ذي الحجّة و هو مولد إبراهيم، و باقي العشرة إلاّ العيد، و رجب، و شعبان.
و المكروه: يوم عرفة لمن يضعف عن الدعاء أو يشك في الهلال،
ص: 449
و النافلة سفرا عدا ثلاثة أيّام للحاجة بالمدينة، و الضيف نافلة من دون إذن مضيفه، و بالعكس، و كذا الولد من غير إذن الوالد، و المدعوّ إلى طعام.
و المحظور تسعة: صوم العيدين مطلقا، و أيّام التشريق لمن كان بمنى، و يوم الشك بنيّة الفرض، و صوم نذر المعصية، و صوم الصمت، و صوم الوصال، و النفل للمرأة و العبد من دون إذن الزوج أو المولى، و صوم الواجب سفرا عدا ما استثني.
و الصوم المشروع هو الإمساك عن المفطرات من أوّل طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس الّذي تجب معه الصلاتان.
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:
«الصوم جنّة من النار»(1).
و قال عليه السّلام: «الصائم في عبادة، و إن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما»(2).
و قال عليه السّلام: «إنّ اللّه تعالى و كلّ ملائكة بالدعاء للصائمين، و أخبرني جبرئيل عن ربه سبحانه انّه قال: ما أمرت ملائكتي بالدعاء لأحد
ص: 450
من خلقي إلاّ استجبت لهم فيه»(1).
و قال الصادق عليه السّلام: «نوم الصائم عبادة، و صمته تسبيح، و عمله متقبّل، و دعاؤه مستجاب»(2).
و عن الحسن بن علي(3) عليهما السّلام قال:
«جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فسأله أعلمهم عن مسائل، فكان ممّا سأله انّه قال: لأيّ شيء فرض اللّه سبحانه الصوم على أمّتك بالنهار ثلاثين يوما، و فرض على الأمم أكثر من ذلك ؟
فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: إنّ آدم عليه السّلام لمّا أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما، ففرض اللّه سبحانه على أمّته ثلاثين يوما الجوع و العطش، و الّذي يأكلونه بالليل تفضّل من اللّه عزّ و علا عليهم، و كذلك كان على آدم ففرض اللّه ذلك على أمّتي، ثمّ تلا هذه الآية: كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيٰامُ كَمٰا كُتِبَ عَلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيّٰاماً مَعْدُودٰاتٍ » (4).
قال اليهودي: صدقت يا محمّد. فما جزاء من صامها؟
فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم:
ص: 451
ما من مؤمن يصوم في شهر رمضان احتسابا إلاّ أوجب اللّه تبارك و تعالى له سبع خصال: أوّلها يذوب الحرام في جسده، و الثانية يقرب من رحمة اللّه عزّ و جل، و الثالثة يكون قد كفّر خطيئة أبيه آدم، و الرابعة يهون اللّه عليه سكرات الموت، و الخامسة أمان من الجوع و العطش يوم القيامة، و السادسة يعطيه اللّه تعالى براءة من النار، و السابعة يطعمه اللّه من طيّبات الجنة.
قال [اليهود]: صدقت يا محمد»(1).
و الأخبار كثيرة في ذلك(2).
ص: 452
و فيه خمسة و عشرون بحثا:
واجبا كان أو ندبا، رمضان كان أو غيره.
و يكفي في شهر رمضان القربة، و هي أن ينوي الصوم متقرّبا إلى اللّه تعالى لا غير، و لا يفتقر إلى نيّة التعيين، أعني أن ينوي وجه ذلك الصوم كرمضان أو غيره متقرّبا.
أمّا غير رمضان فإن لم يتعيّن صومه، كالنّذر المطلق، و الكفّارات و القضاء، و الصوم النفل، فلا بدّ فيه من نيّة التعيين إجماعا.
و ما يتعيّن صومه غير رمضان كالنذر المعيّن زمانه، قال الشيخ: لا يكفي فيه نيّة القربة، بل لا بدّ فيها من نيّة التعيين(1)، و قال السيّد المرتضى: تكفي(2)، و الأوّل أقوى.
ص: 453
و لو ترك التعيين نسيانا فكذلك، و نيّة التعيين لا تكفي عن نيّة القربة.
1550. الثالث: ليس للمسافر أن يصوم رمضان بنيّة أنّه منه إذا كان(1)سفر التقصير.
و هل يجوز صومه بنيّة النفل أو الواجب غيره ؟ الوجه عدمه، و تردّد الشيخ(2) هاهنا ضعيف.
أمّا مع العلم، فقيل: انّه كذلك(3)، و قيل: لا يجزئ عن أحدهما(4)، و نحن في هذا من المتوقّفين.
فتضيّق قبل طلوعه بمقدار إيقاعها، فلو أخّرها مع العلم حتّى طلع الفجر، فسد صوم ذلك اليوم، و وجب قضاؤه.
و لو تركها ناسيا أو لعذر، جاز تجديدها إلى الزوال، و لو نوى أيّ وقت كان من الليل أجزأه، و يجوز مقارنتها لطلوع الفجر.
و لا يشترط في النيّة من الليل الاستمرار على حكم الصوم، بل يجوز أن ينوي ليلا و يفعل بعدها ما ينافي الصوم إلى قبل الفجر، و أن ينام بعد النيّة، نعم يشترط الاستمرار على النية.
ص: 454
أمّا غير المعيّن، كالقضاء، و النذر المطلق، فوقته من الليل مستمرّ إلى الزوال، و يجوز إيقاعها في أيّ جزء كان من هذا الزمان، إذا لم يفعل المنافي نهارا.
أيّ وقت نوى من هذه المدة أجزأه عند جماعة من علمائنا(1)، و عند الآخرين(2) يمتدّ وقتها بامتداد النهار، فيجوز النيّة بعد الزوال إلى أن يبقى من النهار ما يصحّ صومه، أمّا لو انتهى النهار بانتهاء النيّة لم يقع الصوم، و هو عندي حسن.
قال الشيخ في الخلاف(3) بالثاني، و هو المعتمد.
1555. الثامن: قال الشيخ في الخلاف: جوّز أصحابنا في رمضان أن تتقدّم نيّته عليه بيوم أو أيّام(4).
و في المبسوط: لو نوى قبل الهلال صوم الشهر أجزأه النيّة السابقة إن عرض له ليلة الصيام سهو، أو نوم أو إغماء، و إن كان ذاكرا فلا بدّ من تجديدها(5)، و كلاهما عندي مشكل.
1556. التاسع: ادّعى الشيخ رحمه اللّه(6) و السيّد المرتضى قدّس سرّه الإجماع على أنّه يكفي في رمضان نيّة واحدة من أوّل الشهر عن الشهر كلّه،
1556. التاسع: ادّعى الشيخ رحمه اللّه(6) و السيّد المرتضى قدّس سرّه(7) الإجماع على أنّه يكفي في رمضان نيّة واحدة من أوّل الشهر عن الشهر كلّه،
ص: 455
و لا يحتاج إلى تجديد نيّة كلّ ليلة.
إذا عرفت هذا، فإنّ الأولى تجديدها كلّ ليلة إن قلنا بما ذهبا إليه، و لا يتعدّى الحكم في النذر المعين، و على قولهما لو فاتته النيّة من أوّل الشهر لعذر و غيره، هل يكتفي بالواحدة في ثاني ليلة أو ثالث ليلة عن باقي الشهر؟ الأقرب عدم الاكتفاء.
بل يستحبّ على أنّه من شعبان، سواء كان هنا مانع من الرؤية أو لا، و سواء كان صائما قبله أو لا، و كره المفيد صومه مع الصّحو إلاّ لمن كان صائما قبله(1).
و لم يجزئه لو خرج من رمضان، و تردّد الشيخ في الخلاف(2) فلو ثبت الهلال قبل الزوال جدّد النيّة و أجزأه.
و لو نواه من شعبان، ثمّ بان من رمضان، و النهار باق، جدّد نيّة الوجوب، و أجزأه، و لو لم يعلم حتّى فات النهار أجزأه.
و لو نوى أنّه واجب أو ندب، و لم يعيّن(3)، لم يصحّ صومه و لا يجزئه لو خرج من رمضان، إلاّ أن يجدّد النيّة قبل الزوال.
و لو نوى أنّه إن كان من رمضان فهو واجب، و إن كان من شعبان فهو
ص: 456
ندب، ثمّ بان أنّه من رمضان، فللشيخ قولان: أحدهما الإجزاء(1)، و الثاني عدمه(2).
فبان من رمضان قبل الزوال، و لم يتناول المفطر، نوى الصوم الواجب و أجزأه، و لو ظهر بعد الزوال، أمسك بقيّة نهاره، و وجب القضاء.
قال الشيخ: لا يبطل صومه(3)، و عندي فيه نظر، و كذا لو شك هل يخرج أم لا على تردّد ضعيف.
و لو نوى أنّه يصوم غدا من رمضان لسنة تسعين مثلا، و كانت سنة إحدى و تسعين، صحّت نيّته.
أمّا لو كان عليه قضاء اليوم الأوّل من رمضان، فنوى قضاء اليوم الثاني، أو كان عليه صوم من سنة أربع، فنواه من سنة خمس، فالوجه عدم الإجزاء.
فأقرب الوجهين أنّه لا يجوز أن ينويه(4) عن رمضان واجبا، و كذا لو كان عارفا بحساب المنازل و التسيير، أو أخبره العارف بذلك بالهلال من غير مشاهدة.
فإن قصد الشك
ص: 457
و التردّد لم يصحّ صومه، و إن قصد التبرّك و أنّه موقوف على المشيئة و التوفيق، صحّ صومه.
لم يصحّ .
و إن كان من شوال فهو مفطر، ففي صحّة الصوم نظر.
وجب عليه الإمساك، و القضاء، و هل يثاب على الإمساك ؟ الوجه عندي انّه يثاب ثواب الإمساك لا ثواب الصوم.
سواء كان قبل الزوال أو بعده، و وجب عليه الإمساك، سواء أفطر أو لا، ثمّ يقضي واجبا.
و قهرها عليه، بتخويفها من العقاب، و هو وجوديّ ، أو بحدث(1) كراهيّة يتعلّق بإحداث المفطرات.
و لو بلغ قبل الزوال بغير المبطل، وجب عليه تجديد نيّة الفرض، و إلاّ فلا.
أجزأه إذا استمرّ الشك، أو بان أنّه من شعبان، و لو بان أنّه من رمضان أجزأه عنه، و وجب عليه قضاء ما نواه.
أجزأه.
فإن نوى مع ذلك صحّ و كان بحكم الصائم، و إن لم ينو، وجب القضاء.
لامتناع نيّة التقرّب منه ما دام كافرا، فإذا أسلم سقط القضاء.
أمّا المرتدّ، فيجب عليه، و لا يصحّ منه، و يقضي بعد عوده.
و لو نوى الصوم ثمّ ارتدّ في أثنائه، ثمّ عاد قبل تناول المفطر، قال الشيخ رضى اللّه عنه: صحّ صومه(2)، و عندي فيه نظر.
ص: 459
ص: 460
و هو واجب و ندب
و فيه ثمانية و أربعون بحثا:
و الكذب على اللّه و على رسوله و الأئمة عليهم السّلام، و الارتماس في الماء، و إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق، و المقام على الجنابة حتّى يطلع الفجر اختيارا، و معاودة النوم بعد انتباهتين حتّى يطلع الفجر، و القيء عامدا، و الحقنة، و جميع المحرّمات.
سواء كان المأكول معتادا، كالخبز و الفواكه؛ أو غير معتاد، كالحجر، و الخشب، و الحصى لو ابتلعه؛ و سواء كان المشروب معتادا، كالماء؛ أو غير معتاد، كعصارة الأشجار.
و بالجملة كلّ ما يبتلعه معتادا كان أو غير معتاد، محلّلا أو محرّما، و سواء
ص: 461
تغذّى به، أو لم يتغذّ، و سواء كان ممّا يتداوى به أو لا، أو يشربه كذلك، مفطر(1)مع العمد.
سواء أخرجها من فيه أو لم يخرجها، و سواء كان يسيرا أو كثيرا، و سواء كان ممّا يجري به الريق و لا يتميّز منه، أو كان يتميّز.
و كذا لو جمعه في فيه ثمّ ابتلعه، و لو أخرجه من فيه إلى طرف ثوبه، أو بين أصابعه، ثمّ ابتلعه، أفطر.
و لو ترك في فيه حصى أو شبهه فأخرجه و عليه ريق، ثم أعاده في فيه و الريق عليه، فالوجه الإفطار، و لو ابتلع ريق غيره أفطر، و لو أبرز لسانه و عليه ريق، ثمّ ابتلعه لم يفطر.
1577. الخامس: لو جمع في فيه قلسا(2) و ابتلعه،
فإن كان خاليا من الطعام، لم يفطر، لرواية محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام(3)، و لو مازجه غذاء و تعمّد اجتلابه، أفطر و إن لم يبتلعه، و لو لم يتعمّد، لم يفطر باجتلابه، و أفطر بابتلاعه عمدا.
لم يفطر.
فلو ابتلع المعتاد أو
ص: 462
غيره أبطل صومه، و خلاف السيّد(1) هنا ضعيف.
و مع عدمه على أقوى القولين(2)، و لو جامعها في غير الفرجين، فإن أنزل أفسد صومه، و لو لم ينزل، فلا إفساد.
فإن أنزل أفسد صومه، و إن لم ينزل تبع وجوب الغسل، فإن أوجبناه أفسد صومه و إلاّ فلا.
و قال الشيخ: لا يجب الغسل و يفطر(3)، و الأقرب عندي عدم الإفطار على إشكال.
فإن أنزل أفسد صومه، و كذا إن لم ينزل.
أمّا الموطوءة في دبرها أو الغلام الموطوء فالأقرب فساد صومهما.
و إن لم تنزلا فلا فساد، و لو أنزلت إحداهما اختص الفساد بها، و كذا لو ساحق المجبوب.
سواء كان باستمناء،
ص: 463
أو ملامسة، أو ملاعبة، أو قبلة، أو مباشرة، و غير ذلك من أنواع ما يوجب الإنزال.
فعليه القضاء، و إن كان نظره إلى ما يحلّ له النظر إليه فأمنى لم يكن عليه شيء، فإن أصغى أو تسمع إلى حديث فأمنى لم يكن عليه شيء(1).
بحيث يغلب على ظنّه أنّه إذا قبّل أنزل، لم يجز له التقبيل، و إلاّ كان مكروها.
و لو قبّل أو لامس أو استمنى بيده و لم ينزل، لم يفسد صومه إجماعا، و لو أنزل من غير شهوة كالمريض عمدا، أفسد صومه.
و لو خطر بقلبه صورة الفعل فأنزل، لم يفسد صومه.
1591. التاسع عشر: قال الشيخان رحمهما اللّه: الكذب على اللّه و على رسوله عليه السّلام و على الأئمة عليهم السّلام يفسد الصوم(2)،
و خالف السيّد المرتضى(3) و هو قويّ .
و كذا الكذب على غير اللّه و غير رسوله و الأئمة عليهم السّلام.
ص: 464
في أمر الدين أو الدنيا(1).
1594. الثاني و العشرون: الارتماس في الماء قال الشيخان: يفسد الصوم(2)،
و قال المرتضى: لا يفسده(3) و هو قويّ .
و للشيخ قول ثان بأنّه محرّم غير مفسد(4) و هو حسن، و عليه أعمل، لصحة الروايات(5) فيه، مع أنّ الشيخ قال: لست أعرف حديثا في إيجاب القضاء و الكفارة، أو إيجاب أحدهما على المرتمس(6).
و الاغتسال ليس بمكروه.
سواء كان قد وصل باختياره، أو مضطرّا.
أمّا لو صبّ الماء على رأسه، فدخل الماء حلقه، فإن تعمّد الإدخال، أو كان الصبّ يؤدّي إليه قطعا، أفسد صومه، و إلاّ فلا.
و لا فرق في تحريم الارتماس، بين الماء الجاري و الراكد، القليل و الكثير.
ص: 465
و لو كان مضطرّا أو دخل بغير اختياره، أو بغير شعور، لم يفطر.
أفسد صومه.
و قال ابن أبي عقيل: إذا طهرتا ليلا و تركتا الغسل حتّى يطلع الفجر عامدتين، وجب عليهما القضاء خاصة(1).
فإن لم يعلم ضيق الوقت، نزع و أتمّ صومه من غير أن يتحرّك حركة الجماع، و وجب عليه الغسل و القضاء إن كان قد ترك المراعاة، و لو نزعه بنيّة المجامعة، أفطر و وجب عليه القضاء و الكفارة.
و لو راعى الفجر و لم يظنّ قربه، فجامع ثمّ نزع مع أوّل طلوعه، لم يفسد صومه.
فإن ابتلعه، بطل صومه.
و لو نام على عزم الترك، أو لم يعزم على أحدهما، فسد صومه.
ص: 466
لم يفسد صومه، و جاز له تأخير الغسل إجماعا.
خلافا للسيد المرتضى(1)، و ابن إدريس(2)، و لو ذرعه القيء لم يفطر.
و القلس و هو ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه و ليس بقيء، فإن عاد فهو القيء، فعلى هذا لا يفسد الصوم.
و قيل: القلس خروج الطعام و الشراب إلى الفم من البطن أعاده صاحبه أو ألقاه(3) فإن ابتلع شيئا بعد خروجه من حلقه إلى فمه أو خارجه، فإن تعمّد، أفطر، سواء قاء عامدا أو غير عامد، و إن لم يتعمّد لم يفطر، إذا كان القيء عن غير عمد.
خلافا لأبي الصلاح(1) و ابن البراج(2).
أفسد صومه(3)، و الوجه عندي عدم الإفساد.
قال الشيخ: يفسد صومه(4)، و الأقرب خلافه.
لم يفطر، خلافا لأبي الصلاح(5).
سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل.
و هو فيه آكد منه في غيره.
1612. الأربعون: منع المفيد(6) و أبو الصلاح من السعوط
1612. الأربعون: منع المفيد(6) و أبو الصلاح(7) من السعوط
و هو ما يصل إلى الدماغ من الأنف، و أفسدا به الصوم مطلقا.
و قال الشيخ: إنّه مكروه غير مفسد ما لم ينزل إلى الحلق(8)، و هو الأقوى.
قويّا أو
ص: 468
ضعيفا، إذا تحفّظ من ابتلاع أجزائه، و لو وجد طعمه في حلقه لم يفطر.
كمصّ الخاتم، و مضغ الطعام للصبيّ ، و زقّ الطائر.
فإن كان لغرض صحيح، فلا قضاء عليه، و إلاّ وجب القضاء.
و لو تمضمض فابتلع الماء سهوا، فإن كان للتبرّد، فعليه القضاء، و إن كان للصلاة، فلا شيء عليه، و كذا لو ابتلع ما لا يقصده كالذباب، و لو فعله عمدا أفطر.
سواء كان رطبا أو يابسا، أوّل النهار أو آخره، و لو كان السواك يابسا، جاز أن يبل بالماء و يتسوّك به، و يتحفّظ من ابتلاع رطوبته، و كذا يجوز أن يتسوّك بالماء إذا قذفه.
أمّا لو وقع نسيانا فلا، و كذا ما يحصل من غير قصد، كالغبار الّذي يدخل حلقه من الطريق (و الذبابة)(1) و كذا لو صبّ في حلقه شيء كرها.
أمّا لو توعّد على ترك الإفطار، و خوّف حتّى أكل، فكذلك عندنا، و قال الشيخ: يفطر(2) و ليس بجيّد.
فالوجه الإفساد، و في الكفارة نظر.
ص: 469
قال الشيخ: يفطر و يقضي و يكفّر - و هو جيّد - قال: و ذهب أصحابنا إلى وجوب القضاء خاصة(1).
فإن عاد و نوى الصوم، فالوجه الصّحة، و إلاّ فالأقوى وجوب القضاء.
أمّا لو نوى أنّه سيفطر بعد ساعة أخرى، فانّه لا يفطر بذلك، قال الشيخ:
و لو نوى الإفطار في يوم يعلمه من رمضان، ثمّ جدد نيّة الصوم قبل الزوال، لم ينعقد(2) و فيه نظر.
و فيه اثنا عشر بحثا:
إلاّ في حقّ الشيخ الكبير المالك إربه، فإنّ القبلة ليست مكروهة له، و كذا من لا تحرّك القبلة شهوته.
ص: 470
و كذا المرأة(1) هو حسن لكن ينبغي خلوّ لسانهما من الرطوبة، فإن وجدت فليتحفّظ من ابتلاعها.
و رواية رفاعة(2) بالإتيان بالبدل شاذة، و لو كلّم امرأته فأمنى، لم يكن عليه شيء.
و ليس بمفطر و لا محظور.
و ليس ذلك بمحظور، و لو لم يضعف لم يكن به بأس، و لا يفطر الحاجم و لا المحجوم.
فإن خاف الضعف أو العطش، كره.
و يتأكّد في النرجس، و المسك.
و ليس بمحظور و لا مفطر.
و لا بأس بالرجل يستنقع في الماء، و يكره للمرأة الجلوس فيه، و قال أبو الصلاح: إنّما يفطر(3) و ليس بمعتمد.
و إنشاد الشعر ليلا و نهارا، و إن كان شعر حقّ .
ص: 471
ص: 472
و فيه فصلان
و فيه سبعة و عشرون بحثا:
و لا يسقط وجوب القضاء بوجوب الكفارة، و لا بالتكفير بالصوم.
و يتعلّق هذا الحكم بوطء البالغة، و الصّبية، و الميتة، و الحيّة، و النائمة، و المكرهة، و المختارة، و العاقلة، و المجنونة، و المزني بها، و الزوجة.
هذا إذا كانت مختارة، و لو أكره امرأته عليه، و هما صائمان، وجب عليه كفارتان، و عليه قضاء واحد، و لا قضاء عليها.
فإن طاوعته، لزمها كفارة واحدة، و إلاّ فلا شيء عليهما.
ص: 473
فإن طاوعته، لزمهما كفارتان، و إن أكرهها، وجب عليه كفارة عنه، و هل يجب عليه أخرى عنها؟ قال الشيخ: لا(1).
و عليها كفّارة عن نفسها، و لا كفارة عليه و لا عليها عنه.
و هل يجب عليه كفارة ؟ فيه نظر، أقربه الوجوب.
و لو لم ينزل فالأصحّ أنّه كذلك.
و لو وطئ غلاما فأنزل، وجب القضاء و الكفارة، و لو لم ينزل فكذلك، و كذا يجب على المفعول رجلا أو امرأة.
و لو لم ينزل قال الشيخ: لا نصّ فيه، و يجب القضاء خاصّة، للإجماع دون الكفارة(2)، و منع ابن إدريس من القضاء أيضا(3) و فيه قوّة.
وجب عليه القضاء و الكفارة، قال
ص: 474
أبو الصلاح(1): لو أصغى فأمنى قضاه(2).
وجب القضاء، و الوجه وجوب الكفارة أيضا.
فعليه القضاء و الكفارة، و لو نزع في الحال مع أوّل طلوع الفجر من غير تلوّم(3)، فإن فرّط في تحصيل الوقت وجب القضاء خاصّة، و إلاّ فلا.
وجب القضاء و الكفارة.
وجب عليه القضاء و الكفارة، و لا فرق بين الرجل، و المرأة، و الحرّ، و العبد، و الخنثى، في ذلك، و سواء أكل محلّلا أو محرّما، و كذا المشروب، و سواء كانا معتادين أو غير معتادين، خلافا للسيّد(4).
و قال السيّد المرتضى: لا يجب الكفارة(5) و هو قويّ .
ص: 475
1648. السادس عشر: أوجب الشيخان الكفارة و القضاء بتعمّد الكذب على اللّه و على رسوله و على الأئمة عليهم السّلام(1)،
و منع من ذلك السيد المرتضى(2) و ابن أبي عقيل(3) و هو الأقوى عندي.
وجب القضاء و الكفارة على قول الشيخين(4)، و عند ابن أبي عقيل القضاء خاصة(5)، و كذا لو نام غير نام للغسل حتّى طلع الفجر.
و لو نام على عزم الاغتسال ثمّ انتبه، ثمّ نام ثانيا ثمّ انتبه، ثمّ نام ثالثا و استمرّ حتّى طلع الفجر، قال الشيخان: يجب القضاء(6) و في الكفارة عندي إشكال.
خاصّة بالمائع خاصّة(1).
فإن تناول شيئا من المفطر، وجبت الكفارة أيضا.
أفطروا، و عليهم القضاء خاصّة.
من أفطر مع ظنّ بقاء الليل، و لم يرصد الفجر مع القدرة، ثمّ بان طالعا.
و من أخلد إلى غيره في عدم الطلوع، مع ترك المراعاة، و كان قادرا عليها، ثمّ فعل المفطر.
و من أخبره غيره بطلوع الفجر، فظنّ كذبه، و فعل المفطر، و كان طالعا، سواء كان المخبر عدلا أو فاسقا، أمّا لو أخبره عدلان بالطلوع، فلم يمتنع، فالوجه وجوب الكفارة.
و من أخبر بدخول الليل، فأخلد إليه و أفطر، ثمّ بان كذبه مع القدرة على المراعاة.
و من ظنّ دخول الليل لظلمة عرضت من غيم أو غيره، فأفطر، ثمّ تبيّن فساد ظنّه، خلافا للشيخ(2) في بعض أقواله.
ص: 477
و من تعمّد القيء، و لو ذرعه لم يفطر.
و من احتقن بالمائع.
و من تمضمض للتبرّد دون الطهارة، فدخل الماء إلى حلقه.
و من عاود النوم ثانيا و هو مجنب، مع نيّة الغسل، حتّى طلع الفجر.
و من نظر إلى من يحرم عليه نظرها بشهوة فأمنى، و لو كانت محلّلة لم يجب قضاء.
و لا كفارة في هذه المواضع العشرة.
أقربه العدم.
1656. الرابع و العشرون: روى الشحام عن الصادق عليه السّلام: «انّ الصائم إذا تمضمض لا يبلع ريقه حتّى يبزق ثلاث مرات»(1).
و في رواية صحيحة السّند عن الصادق عليه السّلام وجوب القضاء بدخول ماء المضمضة للصلاة المندوبة دون الواجبة(2).
لم يفسد الصوم إلاّ الحقنة بالمائع، و ما ينزل من الفضلات من رأسه إذا استرسل و تعدّى الحلق من غير قصد، لم يفسد الصوم، و لو تعمّد ابتلاعه فسد.
و فيه خمسة و عشرون بحثا:
خلافا لابن أبي عقيل(1)، و النذر المعيّن و شبهه، و في الاعتكاف الواجب.
و ما عدا ذلك لا يجب فيه الكفارة، سواء كان واجبا، كالنذر المطلق، و صوم الكفارة، و قضاء غير رمضان، و قضاء رمضان قبل الزوال، أو مندوبا، كالأيّام المستحبّ صومها، و الاعتكاف المندوب، و يفسد الصوم في ذلك كلّه.
فلو فعل المفطر ناسيا لم يفطر، و كذا لو فعله نائما أو مكرها، أمّا لو تعمّد و كان جاهلا بالتحريم، لم يعذر.
ص: 479
1662. الثالث: كلّ موضع يجب فيه القضاء إمّا منفردا(1) أو منضمّا،
فإنّه يجب يوم مكان يوم، لا غير.
و قال ابن أبي عقيل: انّها على الترتيب(2)، و للسيّد المرتضى قولان(3).
لا فرق في ذلك بين الحنطة و الشعير و التمر، و قال الشيخ: لكلّ مسكين مدّان(4).
روى الساباطي عن الصادق عليه السّلام:
«و قد سأله عن الصائم يصيبه عطش حتّى يخاف على نفسه، قال:
يشرب بقدر ما يمسك رمقه، و لا يشرب حتّى يروي»(5)
و هي جيّدة، و الأقرب عدم وجوب القضاء.
و لو شرب زيادة على ما يمسك، به الرمق، وجب القضاء و الكفارة.
فإن عجز، تصدّق بما وجد، أو صام ما استطاع، فإن عجز، استغفر اللّه، و سقطت
ص: 480
عنه الكفارة.
فاضلا عن قوته و قوت عياله ذلك اليوم.
و لو عجز عنه أيضا، سقط، و كفاه الاستغفار.
فالوجه وجوب الشهرين متفرّقة، و لو عجز، صام ثمانية عشر يوما.
1670. الحادي عشر: قال الشيخان: إذا عجز عن الأصناف الثلاثة، صام ثمانية عشر يوما(1)
و لا بدّ فيها من التتابع؛ قاله المفيد(2) و المرتضى(3)، فلو عجز عنه و تمكّن من صيامها متفرّقة، فالوجه وجوبها على التفريق.
و لا ينتقل إلى ثمانية عشر، و كذا لو قدر على عشرين يوما على إشكال في ذلك كلّه.
و لو عجز عن إطعام ستّين، و تمكّن من إطعام ثلاثين وجب، و لو تمكّن من صيام شهر، و الصدقة على ثلاثين، فالأقرب وجوبهما معا.
ص: 481
فإن عجز صام ثلاثة أيّام.
و روي أنّ عليه كفارة رمضان(1)، و حملها الشيخ على المستخف(2) و روي لا شيء عليه، و حملها على العاجز(3).
و قيل:
كفارة يمين(4).
فلا قضاء عليه، و له الأكل حتى يتيقّن الطلوع.
و لو أكل شاكّا في غروب الشمس، و استمرّ الشك، وجب القضاء، و في وجوب الكفارة نظر.
و لو ظنّ أنّ الشمس قد غربت ثمّ استمرّ الظنّ ، فلا قضاء.
سواء كفّر عن الأوّل أو لا.
و لو كرّره في يوم واحد، قال الشيخ: ليس لأصحابنا فيه نصّ ، و الّذي
ص: 482
يقتضيه مذهبنا أنّه لا يتكرّر(1)، و قال المرتضى بالتكرّر(2)، و قال ابن الجنيد(3): إن كفّر عن الأوّل كفّر ثانيا، و إلاّ كفّر كفارة واحدة عنهما، سواء اتّحد السبب أو اختلف، و لا يتكرّر القضاء بتكرّر السبب في يوم واحد إجماعا.
و لو لم يعرف قواعد الإسلام، عرّف ثمّ يعامل بعد ذلك بما يعامل به المولود على الفطرة.
و لو اعتقد التحريم عزّر، فإن عاد عزّر، فإن عاد قتل في الثالثة، و قيل:
في الرابعة(4).
و عليه كفّارتان و قضاء واحد، و لا كفارة عليها و لا قضاء، و لو طاوعته، عزّر كلّ واحد منهما بخمسة و عشرين سوطا.
و عليه كفارتان(5)، و نحن نمنع ذلك في النائمة.
قال: و لو أكرهها لا جبرا، بل ضربها حتّى مكّنته من نفسها أفطرت، و لزمها
ص: 483
القضاء، و لا كفّارة عليها، لأنّها دفعت الضّرر بالتمكين كالمريض(1)، و الحق عندي سقوط القضاء عنها.
و لو أكرهها، قال بعض علمائنا: يتحمّل عنها الكفّارة أيضا، و فيه نظر مع حسنه.
فسد صومه، و عليه مع القضاء الكفّارة.
و لو علم ضيق الوقت فجامع، وجب القضاء و الكفّارة.
و لو ظنّ فيه السّعة فواقع مع المراعاة، فلا شيء لو كذب الظنّ ، و لو كان لا مع المراعاة، فالقضاء.
وجب القضاء و الكفارة.
فالوجه عدم سقوط الكفّارة.
سواء كان المكفّر عنه حيّا أو ميّتا، إلاّ في الصوم، فانّه لا يقع نيابة إلاّ مع الموت.
ص: 484
و فيه أحد عشر بحثا:
فلا يجب على الصبيّ و إن أطاقه، و حدّ البلوغ في الذكر، خمس عشرة سنة، أو الإنبات، أو الاحتلام، و في الأنثى، بلوغ تسع سنين أو عشر، أو الإنبات، أو الاحتلام، و الحيض دلالة على سبق البلوغ.
و كذا الصّبية، و يشدّد عليهما ببلوغ سبع مع المكنة.
و صوم الصبيّ المميّز شرعيّ ، و نيّته صحيحة، و ينوى الندب، و قال أبو حنيفة: ليس بشرعيّ ، بل هو إمساك للتأديب، و فيه قوّة.
فلا اعتبار بصوم المجنون، و لا يؤمر به كما يؤمر الصّبيّ ، و لو كان يفيق يوما كاملا، وجب صوم يوم الإفاقة.
سواء سبقت النيّة أو لا،
ص: 485
على الأصحّ ، و لا قضاء عليه مطلقا، و لو تجدّد الإغماء في آخر جزء من النهار، بطل صوم ذلك اليوم(1)، خلافا للمفيد(2).
و الكافر يجب عليه، و لا يصحّ منه، و لو أسلم سقط قضاؤه.
و أمّا المرتدّ فيجب عليه، و لا يصحّ منه حتّى يرجع و يقضي ما فاته مرتدّا.
فلو وجد أحدهما و لو في آخر جزء من النهار بطل صوم ذلك اليوم، و يستحبّ لهما الإمساك تأديبا إذا رأتاه بعد الزوال.
و لو أمسكت إحداهما و نوت الصوم، لم ينعقد، سواء علمتا التحريم أو لا، و يجب عليهما القضاء عند الطهر.
و لو انقطع دم إحداهما بعد طلوع الفجر، لم تعتدّا بصوم ذلك اليوم، بل أمسكتا تأديبا، و وجب القضاء.
و يصحّ منها إذا فعلت ما يجب عليها من الأغسال، و لو أخلّت بها مع وجوبها، بطل الصوم و قضته.
إلاّ ناذر الصوم المعيّن إذا قيّده بالسفر، و من عجز عن دم المتعة، فإنّه
ص: 486
يصوم ثلاثة أيام في الحج و إن كان مسافرا، و من أفاض من عرفات عامدا عالما قبل الغروب و عجز عن البدنة، فانّه يصوم ثمانية عشر يوما(1) و إن كان مسافرا.
و للمفيد رحمه اللّه قول بجواز صوم ما عدا رمضان من الواجبات(2) و هو نادر.
أمّا صوم النافلة، فالوجه انّه مكروه فيه إلاّ ثلاثة أيّام للحاجة ندبا في المدينة.
و لو تكلّفه حينئذ لم يجزئه، و لو لم يضرّ به و قدر عليه وجب، و لم يمنعه المرض.
و لا فرق في جواز الإفطار بسائر أنواع المرض مع المضرّة، كوجع الأسنان و العين و الحمى الدائمة (و غير الدائمة)(3)، و المرجع في الضّرر به إلى حال الإنسان نفسه، أو قول العارف.
و لو طلع الفجر عليه نائما، و لم ينو، ثمّ استمرّ إلى الزوال، وجب القضاء.
لم يصحّ صومه، و وجب القضاء، و لو استيقظ جنبا، انعقد صومه عن رمضان و النذر المعيّن، و لا ينعقد عن قضاء رمضان، و لا عن نذر مطلق، قال الشيخ: و لا ندبا(4).
ص: 487
ص: 488
و فيه خمسة مباحث:
و لو نذر صوم الليل منضمّا أو منفردا، لم يصحّ إجماعا.
و لو نذره لم ينعقد.
و في اشتراط كونه محرما بحجّ أو عمرة، نظر.
و هي اليوم الحادي عشر من ذي الحجة، و الثاني عشر، و الثالث عشر.
و لو نذر صومها و هو بمنى لم ينعقد، و لو كان بغير منى من الأمصار صحّ صومها ندبا، و نذرا، و عن قضاء الواجب، و بالجملة هي في غير منى كغيرها من الأيام الّتي يقع فيها الصوم.
و قد تقدّم.
و الأقوى عدم وجوب القضاء.
ص: 489
ص: 490
و مطالبه ثلاثة
و فيه ستة عشر بحثا:
فمن رآه وجب عليه الصوم و إن كان واحدا، عدلا كان أو غير عدل، شهد عند الحاكم أو لم يشهد، قبلت شهادته أو ردّت.
البلد مع العلّة، أو اثنان من خارجه، و مع عدم العلّة خمسين من البلد و خارجه(1)و الوجه قول المفيد.
و لا يقبل في الإفطار إلاّ شاهدان.
لزم الفطر.
وجب عليه الإفطار.
جاز لمن سمعهما الإفطار، و لكلّ منهما أن يفطر و إن لم يعرف عدالة صاحبه.
و لو أصبح صائما يوم الثلاثين من رمضان، فشهد عدلان برؤيته في الماضية أفطر، و صلّى العيد إذا كان قبل الزوال، و لو كان بعده، أفطر و لا صلاة.
وجب الصيام إجماعا.
فإن غمّ هلال شعبان، أكملت عدة رجب ثلاثين، و شعبان ثلاثين، ثمّ صاموا.
و لو غمّت الأهلّة أكمل كلّ شهر ثلاثين يوما على قول بعض علمائنا(2)،
ص: 492
و الوجه عندي العمل برواية الخمسة(1).
و يجب على الكفاية.
خلافا لمن قسم السنة إلى تامّ و ناقص، و شعبان ناقص أبدا و رمضان تامّ أبدا(2).
و لا اعتبار أيضا بغيبوبة القمر بعد الشفق، و لا بتطوّقه، و لا بعد خمسة أيّام من الماضية، و لا برؤيته قبل الزوال.
قضاه بعد العيد، و لو لم تقم بيّنة، لكن أهلّ شوال بعد صوم ثمانية و عشرين، قضى يوما واحدا إلاّ أن تقوم البيّنة بيومين.
سواء تباعدت البلاد أو تقاربت.
و الشيخ رحمه اللّه جعل البلاد المتقاربة الّتي لا تختلف في المطالع، كبغداد و البصرة، كالبلد الواحد، و البلاد المتباعدة، كبغداد و مصر لكلّ بلد حكم نفسه(3)
ص: 493
و فيه قوّة، فعلى قوله، لو سافر من رأى الهلال في بلده إلى بلد لم ير الهلال فيه لبعده فلم ير الهلال بعد ثلاثين، فالوجه أنّه يصوم معهم بحكم الحال.
فإن ظنّ ، عمل عليه، و إلاّ توخّى شهرا و صامه، فإن استمرّ الاشتباه أجزأه، و إن وافق رمضان أو كان بعده فكذلك، و إن وافق قبله لم يجزئه(1)، و الأقرب عدم وجوب البحث و الاجتهاد بعد الصوم.
و لو وافق بعضه الشهر دون بعض، صحّ فيما وافق الشهر و ما بعده، دون ما قبله؛ و إذا وافق صومه بعد الشهر، فالمعتبر صوم أيّام بعدّة ما فاته، سواء وافق بين هلالين أو لم يوافق، و سواء كان الشهران تامّين، أو ناقصين، أو مختلفين.
و لو كان رمضان تامّا فصام شوّالا، و كان ناقصا، لزمه قضاء يومين(2)؛ و لو انعكس الفرض لم يجب عليه شيء، و لو كانا تامّين لزمه قضاء يوم بدل العيد، و كذا لو كانا ناقصين.
و لو صام قبل رمضان، و ظهر له ذلك قبل دخوله، وجب عليه أن يصومه، و لو صام تطوّعا فوافق شهر رمضان، فالأقرب أنّه يجزئه.
بما روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام(3)، و غيره من الأدعية المأثورة.
الّذي يجب معه صلاة الصبح إلى غروب الشمس الّذي يجب معه صلاة المغرب،
ص: 494
و علامته، سقوط الحمرة المشرقية، قاله الشيخ(1).
و قال بعض أصحابنا: علامته غيبوبة القرص، فلو غاب عن الآفاق، ثمّ شاهد ضوأه على بعض الجبال، من بعيد، أو بناء عال، مثل منارة الاسكندرية، جاز الإفطار(2)، و ليس بمعتمد.
و لو اشتبه عليه الغيبوبة وجب عليه الإمساك، و يستظهر حتى يتيقّن، و لو غاب القرص و بقي له أمارة الظهور، فأصحّ الروايتين(3) وجوب الإمساك حتى تذهب علامة ظهوره.
إلاّ أن يكون له من ينتظره للإفطار معه.
و هي قسمان
و فيه سبعة مباحث:
و لو بلغ قبل الفجر، وجب صوم ذلك اليوم، و لو كان بعده لم يجب، و يستحبّ له الإمساك، مفطرا كان
ص: 495
أو صائما، و لا قضاء عليه.
و لو أفاق المجنون في أثناء الشهر، وجب عليه صيام ما بقي، و إن أفاق قبل الفجر، وجب صوم ذلك اليوم، و إلاّ فلا، و كذا المغمى عليه.
فلو أسلم قبل الفجر، وجب صوم ذلك اليوم و ما بعده، و إن أسلم بعد الفجر، سقط ذلك اليوم خاصّة، و أمسك استحبابا.
أمّا الصّحيح الّذي يخاف المرض بالصوم، فالوجه وجوبه عليه، و كذا لو كان به شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشقّ أنثياه.
و المستحاضة إذا خافت المرض أفطرت.
فلا يجب على المسافر سفرا يجب معه قصر الصلاة، و لو صام لم يجزئه إن كان عالما، و إلاّ أجزأه.
و لو نوى الإقامة في بلد عشرة أيّام، وجب الصوم، و لو ردّد نيّته صام بعد شهر، و بالجملة كلّ من وجب عليه التقصير في الصلاة، وجب عليه التقصير في الصوم.
و هل يشترط تبييت النيّة من الليل ؟ قال الشيخ: نعم، فلو بيّت نيّة السفر من الليل، ثمّ خرج أيّ وقت كان من النهار وجب التقصير و القضاء، و لو خرج بعد الزوال أمسك و عليه القضاء، و إن لم يبيّت بنيّة من الليل لم يجز له التقصير، و كان عليه صيام ذلك اليوم، و ليس عليه قضاؤه أيّ وقت خرج، إلاّ أن يكون قد
ص: 496
خرج قبل طلوع الفجر فإنّه يجب عليه الإفطار على كل حال، و لو قصّر وجب عليه القضاء و الكفارة(1).
و قال المفيد رحمه اللّه: المعتبر خروجه قبل الزوال، فإن خرج حينئذ لزمه الإفطار، و إن خرج بعده، أتمّ ، و لا اعتبار بالنيّة(2).
و قال السيّد(3) و ابن بابويه(4): يقصر متى خرج و إن كان قبل الغروب؛ و لم يعتبر [ا] التبييت. و الأقوى اختيار المفيد.
و عليهما القضاء، و كذا الحائض إذا طهرت، و الطاهر إذا حاضت.
و لو قدم المسافر أو برأ المريض صائمين، فإن كان زوال عذرهما قبل الزوال وجب عليهما الإتمام و أجزأهما، و إن كان بعد الزوال استحبّ الإمساك، و وجب القضاء.
و لو عرف المسافر أنّه يصل إلى بلده أو موضع إقامته قبل الزوال، جاز له الإفطار، و إن أمسك حتّى دخل و أتمّ صومه، كان أفضل.
فلو زال
ص: 497
عذرهما في أثناء النهار لم يصحّ صومها، و وجب القضاء، و كذا لو تجدّد في أثناء النهار و لو قبل الغروب بشيء يسير.
و فيه سبعة مباحث:
فلو فات الصّبي لم يجب القضاء، سواء كان مميّزا أو غير مميّز.
فالمجنون إذا فاته شيء من الأيّام أو الشهر كلّه، و هو مجنون، لم يجب عليه القضاء، و كذا المغمى عليه، و اليوم الذي يفيق فيه لا يجب قضاؤه، إلاّ أن يفيق قبل الفجر ثمّ يفطر فيه، و اشترط بعض علمائنا(1) سبق النية في المغمى عليه، و ليس بجيّد.
فالكافر الأصلي لا يجب عليه قضاء ما فاته حال كفره، و لو أسلم في أثناء الشهر لم يقض الفائت، و يجب عليه صيام المستقبل، و اليوم الذي أسلم فيه لا يجب قضاؤه، إلاّ أن يسلم قبل الفجر ثم يفطر فيه، و لو أسلم بعد الفجر و لم يكن أفطر لم يجب صوم ذلك اليوم.
أمّا المرتدّ فيقضي ما فاته زمان ردّته، و لا فرق بين أن تكون الردة باعتقاد ما يوجب الكفر أو بشكه فيه(2) و لو ارتدّ بعد عقد الصوم، ثمّ عاد لم يفسد صومه، و فيه نظر.
ص: 498
لزمه القضاء إذا أفاق(1) و ليس بجيّد.
فكلّ موضع سقط فيه القضاء سقطت فيه الكفّارة.
و فيه تسعة عشر بحثا:
فلو أخّر المريض القضاء بعد برئه تهاونا حتّى دخل الثاني و لم يقض، صام الحاضر، و قضى الأوّل، و كفّر عن كلّ يوم بمدّين، و أقلّه مدّ، خلافا لابن إدريس(2).
و لو كان تأخيره مع العزم على القضاء حتى أدركه الثاني و لم يقض، وجب القضاء خاصّة، و لو استمرّ به المرض إلى رمضان الثاني، و لم يصح فيما بينهما
ص: 499
صام الحاضر، و هل يقضي الفائت ؟ قال ابن بابويه: نعم و لا كفّارة(1)، و قال الشيخان(2): يكفّر عن كلّ يوم بما تقدم، و لا قضاء عليه، و الوجه عندي قول ابن بابويه، و على قول الشيخين لو صام و لم يكفّر، فالوجه الإجزاء.
1732. الثاني: ظاهر كلام الشيخ في الخلاف(3) تعميم الحكم في المريض و غيره ممّن فاته الصوم،
و فيه نظر.
و الأقرب عدم تكرّر الكفارة(4).
لكن يستحبّ أن يقضى عنه، أمّا لو برأ من مرضه، و تمكّن من القضاء و لم يقضى حتّى مات، قضي عنه.
سواء فاته بمرض أو غيره، مع ترك الميت القضاء و تمكّنه.
و لو لم يكن له ولد ذكر، و كان له إناث، قال الشيخ رحمه اللّه: يتصدّق عن كلّ يوم بمدّين من ماله، و أقلّه مدّ(5).
ص: 500
و قال المفيد: تقضي الأنثى(1)، و الأوّل أقوى.
فإن لم يكن له مال، صام عنه وليّه(2).
و لو كانوا جماعة في سنّ واحد، قضوا عنه بالحصص، أو يتطوّع به البعض، فيسقط عن الآخرين.
و لو اتّحد اليوم أو انكسر، فالأقرب أنّه عليهم كواجب الكفاية، و لم أقف فيه على نصّ .
و يخرج من صلب المال.
فالأقرب عدم الإجزاء، و لو أمره أو استأجره، ففي الإجزاء نظر.
كالمنذور و غيره، إذا مات مع إمكان القضاء و لم يقضه، وجب على الوليّ القضاء عنه، أو الصدقة.
و لو وجب عليه صوم شهرين متتابعين، ثمّ مات، تصدّق عنه عن شهر من مال الميّت، و الظاهر أنّه إمّا بمدّين عن كلّ يوم أو بمدّ، و قضى وليّه شهرا،
ص: 501
و للوليّ أن يصوم الشهرين من غير صدقة، سواء كان وجوبهما على التعيين أو التخيير.
نعم في المخيّر للوليّ أن يصوم شهرين، أو يتصدّق من صلب مال الميّت، أو يعتق من أصل المال.
1742. الثاني عشر: قال الشيخ(1): حكم المرأة في ذلك حكم الرجل،
فما يفوتها من زمن الحيض أو السفر أو المرض، لا يجب قضاؤه، و لا الصدقة عنه، إلاّ مع تمكّنها من القضاء و الإهمال، فيجب على الوليّ القضاء أو الصدقة، كما قلنا في الرجل، خلافا لابن إدريس(2).
وجب أن يقضى عنه، و لو مات في سفره، فللشيخ قولان ففي الخلاف: لا يجب(3) و في التهذيب:
يجب(4) و الأوّل أقوى.
فإن أفطر بعده لعذر فلا كفّارة عليه، و إلاّ أطعم عنه عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيّام.
وجب قضاء الصلاة إجماعا، و أوجب الشيخ قضاء
ص: 502
الصوم(1) و منع ابن إدريس(2)، و الأقوى عندي الأوّل، لرواية الحلبي الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(3).
و ليس واجبا.
و أيّام الحيض و النفاس و المرض و السفر، و لا يكره القضاء في عشر ذي الحجة.
و كذا في النافلة و كلّ ما لا يتعيّن صومه.
أمّا لو أكل أو شرب ناسيا في قضاء رمضان، فالوجه أنّه يتمّ صومه، و للشيخ(4) قول آخر ضعيف.
ص: 503
ص: 504
و هو أقسام
و فيه(1) أحد عشر بحثا:
و هو شهران متتابعان، و كذا صوم كفّارة الظهار.
و هو شهران متتابعان، لكن وجوبه على التخيير بينه و بين الإطعام و العتق.
و هو عشرة أيام، ثلاثة متتابعة في الحجّ ، و سبعة إذا رجع إلى أهله، و لا يجب فيها التتابع.
ص: 505
و صوم الاعتكاف المنذور(1) واجب، و اليوم الثالث منه على خلاف(2)، و صوم كفّارة من أفاض من عرفات قبل غروب الشمس عامدا، و لم يجد الجزور، و قدره ثمانية عشر يوما، و صوم ما يجب بالنذر و اليمين و العهد واجب، فهذه أقسام الصوم الواجب.
و المتأكّد قد ذكرناه من جملته: أوّل خميس في العشر الأوّل، و أوّل أربعاء في العشر الثاني، و آخر خميس في العشر الأخير، و في رواية(3) انّه في الشهر الأوّل كذلك، و في الثاني خميس بين أربعاءين.
و يجوز تأخيرها من الصيف إلى الشتاء للخفّة، و إذا أخّرها إلى الشتاء، جاز صومها متوالية و متفرّقة، و لو عجز عن صيامها، تصدّق عن كلّ يوم بمدّ استحبابا.
يوم مبعث النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و مولده صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و دحو الأرض، و الغدير(4). و التاسع و العشرين من ذي القعدة،
ص: 506
و أوّل يوم في المحرّم، و ثالثه و سابعه، و يستحبّ صوم العشر بأسره، فإذا كان اليوم العاشر أمسك عن الطعام و الشراب إلى بعد العصر ثمّ يتناول شيئا من التربة، و روي استحباب المحرّم بأسره(1)، و يوم النصف من جمادى الأولى، و ستّة أيّام من شوّال بعد يوم الفطر، و يوم الخميس دائما، و الاثنين، و كلّ جمعة سواء أفرده أو لا، و سواء وافق يوم صومه أو لا.
و صوم داود عليه السّلام مستحبّ ، و هو صوم يوم و إفطار يوم.
و للحائض و للنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار، و للطاهر إذا جاءها أحد الدمين، و للمريض إذا برأ و كان قد أفطر، و للكافر إذا أسلم و للصبيّ إذا بلغ و إن لم يتناولا شيئا.
بل يتناول منهما قدر الحاجة، و تشتدّ الكراهية في الجماع، و ليس بمحرّم، خلافا للشيخ(2)، و لا تجب به الكفّارة إجماعا.
ص: 507
و يشترط في صحّة صومها الاغتسال إن وجب عليها، و إلاّ فلا، فلو أخلّت بالغسل(1) وجب القضاء.
و استثنى الشيخ(2) القاتل في الأشهر الحرم، فانّه يصوم شهرين متتابعين و إن دخل فيهما العيدان(3) و أيّام التشريق، و ليس بمعتمد، و كذا البحث في أيّام التشريق لمن كان بمنى.
و صوم الوصال حرام، و اختلف فيه، ففي النهاية(4) و المبسوط(5) هو أن يجعل عشاءه سحوره، و في الاقتصاد:(6) صوم يومين من غير فطر، و لو أمسك عن الطعام لا بنيّة الصيام بل بنيّة الإفطار لم يكن محرّما.
و صوم الدهر حرام، إذا دخل فيه العيدان و أيّام التشريق لمن كان بمنى، و لو أفطر هذه الخمسة لم يكره الباقي.
ص: 508
و فيه سبعة و عشرون بحثا:
و في وجوب الكفّارة قولان: أحدهما الوجوب للشيخ(1) و الثاني عدمه للسيّد(2) و غيره(3)، و للمفيد هنا تفصيل فقال: إن عجزا بالكليّة، فلا قضاء و لا صدقة، و إن أطاقاه بمشقّة فلا قضاء، و وجبت الصدقة(4)، قال الشيخ: لست أعرف بالتفصيل نصّا(5)و لو عجزا عن الصدقة سقطت إجماعا.
و تصدّق عن كلّ يوم بمدّ، و قيل: بمدين(1) و لا قضاء، و إن كان يرجى برؤه أفطر إجماعا، و يجب القضاء مع البرء، و اختلف علماؤنا، فقال المفيد و المرتضى: لا كفّارة عليه(2) و أوجب الشيخ الكفارة(3).
و الأقرب أنّ ذلك كلّه مكروه.
أفطرتا و عليهما القضاء و الصّدقة(4) عن كلّ يوم بمدّ.
و يجب عليهما القضاء و الصدقة، و خالف سلاّر في وجوب القضاء(5)، و ليس بمعتمد.
و يجوز إبطاله و لو قبل الغروب، و لا قضاء، لكن يستحبّ الإتمام، و يتأكّد بعد الزوال، و كذا جميع نوافل العبادات إلاّ الحجّ و العمرة فإنّهما يجبان بالشروع.
و لو دخل في واجب معيّن لم يكن له الخروج منه، و لو لم يتعيّن جاز الخروج منه، إلاّ في قضاء رمضان بعد الزوال.
ص: 510
صوم النذر المجرّد عن التتابع، و ما في معناه من يمين و عهد، و صوم قضاء رمضان، و صوم جزاء الصّيد، و السبعة في بدل المتعة.
فأفطر في الأوّل، أو بعد انتهائه قبل أن يصوم من الثاني شيئا، فإن كان لعذر من مرض أو حيض، لم ينقطع تتابعه، بل يبني على ما فعله بعد زوال العذر، و كذا كلّ عذر من قبله تعالى، أمّا السفر فإن تمكّن من تركه، لم يكن عذرا، و إلاّ فهو عذر. و إن كان إفطاره لغير عذر استأنف إجماعا.
و لو صام الأوّل و من الثاني و لو يوما ثمّ أفطر لعذر و غيره فإنّه يبني على كلّ حال، و هل يحرم الإفطار قبل إكمال الثاني لغير عذر و إن جاز البناء؟ قولان(1).
و لا يجوز لمن عليه شهران متتابعان أن يصوم ما لا يحصل معه صوم شهر و يوم، مثل أن يصوم شعبان و لم يكن قد صام من رجب شيئا، أو يصوم شوّالا خاصّة.
جاز له البناء، و لو أفطر قبل ذلك استأنف إلاّ أن يكون لعذر فإنّه يبني.
و كذا العبد إذا وجب عليه صوم شهر لكفّارة و غيرها فتابع خمسة عشر يوما جاز له تفريق الباقي، و خالف فيه ابن إدريس(2).
ص: 511
فلو صام يومين ثمّ أفطر استأنف، إلاّ في موضع واحد و هو أن يكون قد صام يوم التروية و عرفة، فإنّه يفطر العيد و يأتي بالثالث بعد أيّام التشريق.
و لو كان الفصل بغير العيد استأنف مطلقا، و كذا يستأنف لو صام يوما ثمّ أفطر.
أمّا السبعة فالوجه عدم وجوب تتابعها.
و إن كان لغير عذر استأنف إلاّ في المواضع الثلاثة المستثناة.
فيه روايتان(1) أصحهما المنع.
فلو قدم من سفره و هو مفطر، و قد طهرت من الحيض، جاز الوطء.
و لو غرّته و قالت: إنّي مفطرة، فجامع، فلا كفّارة عليه، و وجب عليها خاصّة، و لو علم بصومها فإن طاوعته وجبت عليها الكفّارة دونه، و لو أكرهها فلا كفارة عليه عنه(2)، و الأقرب وجوبها عليه عنها.
أو مضى ثلاثة و عشرين يوما منه.
ص: 512
صام ثمانية عشر يوما.
قيل: لا ينعقد(1) و الأقوى انعقاده، و لو نذر صوم يوم بعينه، أو أيّام بأعيانها، فوافق ذلك اليوم أو الأيّام أن يكون مسافرا، أفطر و قضى.
و لو نذر صوم الدهر و استثنى الأيّام التي يحرم فيها الصوم انعقد نذره، فلو كان عليه قضاء من رمضان، أو وجب ذلك بعد النذر، لزمه أن يصوم القضاء(2)مقدّما على النذر، و لا كفّارة عليه فيها(3) إن كان الإفطار لعذر.
و لو وجب على صائم الدّهر واجبا كفّارة مخيّرة أو مرتبة، فالوجه أنّه لا يصوم عنها، بل ينتقل فرضه إلى غير الصوم في المرتّب و المخيّر.
و قال الشيخ: إن وافق قدومه قبل الزوال و لم يكن تناول شيئا مفطرا، جدّد النيّة و صام ذلك اليوم، و إن كان بعده، أفطر و لا قضاء فيما بعد(4) و لو نذر يوم قدومه دائما، سقط وجوب اليوم الذي جاء فيه، و وجب صومه فيما بعد، فلو اتّفق في رمضان صامه عن رمضان و سقط النذر، و لا قضاء، و لو صامه عن النذر وقع عن رمضان و لا قضاء.
ص: 513
قال الشيخ: يصوم في الأوّل عن الكفارة ليحصل التتابع، فإذا صام من الثاني شيئا صام ما بقي من الأيّام عن النذر(1) و قيل: يسقط التكليف بالصوم(2) و الأقرب صيام ذلك اليوم عن النذر، و لا يسقط به التتابع، و لا فرق بين تقدّم وجوب الشهرين و تأخّره.
فللشيخ قولان: أحدهما سقوط التعيين، فيصوم أين شاء(3) و الآخر ثبوته(4).
و سقط العيدان و أيّام التشريق إن كان بمنى، ثمّ إن لم يشترط التتابع حتى أفطر في أثنائها لغير عذر، تمّم و قضى ما أفطره، و وجب عليه الكفارة في كلّ يوم يفطره (و لو شرط التتابع استأنف و وجبت الكفارة في كل يوم يفطره)(5)، و لو كان الإفطار في ذلك كلّه لعذر، فإنّه يبني و يقضي ما أفطره، و لا كفّارة.
و لو نذر صوم سنة غير معيّنة تخيّر في التوالي و التفريق، إن لم يشرط التتابع.
تخيّر بين ثلاثين يوما، و بين الصوم في ابتداء الهلال إلى آخره، و يجزئه لو كان ناقصا، و لو صام في أثناء الشهر أتمّ ثلاثين، و لو نذر شهرا متتابعا توخّى ما يصحّ ذلك فيه، و يجتزئ بالنصف.
ص: 514
قال ابن إدريس: وجب عليه كفّارة خلف النذر(1).
لم يجزئه، و لو نذر الصوم لا على وجه التقرّب، لم ينعقد نذره.
و لو نذر صوما و لم يعيّن المقدار، أجزأه يوم واحد.
و لو نذر أن يصوم زمانا و لم يعيّن، كان عليه صيام خمسة أشهر.
و لو نذر حينا كان عليه ستة أشهر.
و لو نذر العبد بغير إذن مولاه، أو الزوجة بغير إذن زوجها لم ينعقد.
و كلّما قرب من الفجر كان أفضل، قال ابن بابويه: أفضل السحور السويق و التمر(2).
و يستحبّ تعجيل الإفطار بعد صلاة المغرب، و لو كان هناك من ينتظره قدم الإفطار عليها.
و يستحبّ أن يفطر على التمر أو الزبيب أو الماء أو اللبن.
و يستحبّ الدعاء عند الإفطار، قال الصادق عليه السّلام:
«يستجاب دعاء الصائم عند الإفطار»(3).
و كان علي عليه السّلام يقول: «اللّهم لك صمنا و على رزقك أفطرنا فتقبّل منا إنك أنت السميع العليم»(4).
ص: 515
و يستحبّ إفطار الصائم. قال الصادق عليه السّلام:
«إفطارك أخاك المسلم يعدل عتق رقبة من ولد إسماعيل»(1).
و يستحبّ الإكثار من البرّ في رمضان. قال ابن عباس: (كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أجود الناس بالخير، و كان أجود ما يكون في شهر رمضان، و كان أجود من الرّيح المرسلة).(2)
لم ترتفع إجماعا، و أكثر العلماء على أنّها في شهر رمضان، و يستحبّ طلبها في ليالي الشهر، و في العشر الأواخر آكد، و أكثر الروايات(3) انّها تطلب في إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين.
فلو نذر أن يعتق بعد مضيّ ليلة القدر، وجب عليه العتق بعد انسلاخ الشهر.
1787. السابع و العشرون: روى ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه «يستحبّ للرجل أن يأتي أهله أوّل ليلة من شهر رمضان»(4).
و عن الصادق عليه السّلام قال:
«ليطعم يوم الفطر قبل أن يصلّي، و لا يطعم يوم الأضحى حتّى ينصرف الإمام»(5).
ص: 516
و فيه مطلبان
و فيه واحد و عشرون بحثا:
و هو مشروع و سنّة إجماعا، و ليس بفرض ابتداء، و إنّما يجب بالنذر و شبهه.
و أفضل أوقاته العشر الأواخر من رمضان، روى ابن بابويه عن السكوني باسناده إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:
«اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجّتين و عمرتين»(1).
ص: 517
و هو على ضربين: واجب و هو ما وجب بالنذر و شبهه، و مندوب و هو ما عداه.
كما يصحّ صومه، و هل يكون شرعيّا؟ البحث فيه كالصوم.
و لا بدّ فيها من نيّة التقرّب، فلو قصد اليمين، أو منع النفس، أو الغضب، لم يعتدّ به.
و لا بد من الوجه إمّا واجبا أو مندوبا، و لو نوى اعتكاف مدّة لم يلزمه، نعم استمرار النيّة حكما شرط فيه.
و لا يشترط صوم معيّن، بل أيّ صوم اتّفق صحّ الاعتكاف فيه، سواء كان الصوم واجبا، أو ندبا، و سواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا، فلو اعتكف في رمضان، اكتفى فيه بصوم رمضان.
و لا يصحّ الاعتكاف في زمان لا يصحّ فيه الصوم، كالعيدين، و أيّام الحيض، و النفاس، و المرض، مع التضرر بالصوم، و السفر المانع من الصوم الواجب و الندب.
و لو ارتدّ المعتكف، بطل اعتكافه، و للشيخ قول بعدمه، بل يبني لو رجع(1) و ليس بجيّد.
فلا يقع من المجنون، و لا المغمى عليه، و لا الصبيّ ، و لا السّكران.
ص: 518
و كذا إذن السيّد في العبد و المدبّر و المكاتب و أم الولد.
و لو كان بعضه رقّا، لم يجز له أن يعتكف بغير إذن مولاه، أمّا لو اعتكف في أيّام نفسه فالوجه جوازه، و لو أذن لعبده في الاعتكاف، أو لزوجته، جاز له الرجوع و المنع ما لم يجب.
و لو نذرت المرأة أو العبد اعتكافا فلم ينعقد إلاّ بإذنهما، فإن أذنا على المعيّن(1) فنذرا لم يكن لهما الرجوع و لا منعهما، و لو أذنا مطلقا جاز المنع عن التعجيل كالموسّع.
و كذا ينبغي في الضّيف، لافتقاره في صوم التطوّع إلى الإذن.
أتمّ واجبا إن كان منذورا، أو مضى يومان على الخلاف، و إلاّ ندبا، و لو دخل بغير إذن فاعتق، قال الشيخ رحمه اللّه: يلزمه(2)، و ليس بمعتمد.
و أقلّ ما يكون ثلاثة أيّام بليلتين، فلا يصحّ الاعتكاف أقلّ من ثلاثة، و لو وجب عليه قضاء اعتكاف يوم، قضاه و ضمّ إليه آخرين، و لا حصر في الزائد، و لو نذر اعتكاف ما زاد على الثلاثة لزمه.
و لو نذر اعتكاف شهر، و لم يعيّن، تخيّر في التتابع و التفريق ثلاثة ثلاثة، و لو قيّده بالتتابع وجب.
ص: 519
و إذا نذر اعتكاف شهر، فإنّه يأتي إن شاء بثلاثين يوما، و إن شاء بما بين هلالين و إن كان ناقصا.
فلو أفطر بعد مضيّ ثلاثة، صحّ ما مضى، و أتمّ ، و قضى ما فات، و لا يجب التتابع في قضائه لو فات أجمع، و لو نذره و شرط التتابع، وجب، فلو فات قضاه متتابعا.
و لو نذر اعتكاف أيّام لم يلزمه المتابعة إلاّ في كلّ ثلاثة إذا لم يشرط المتابعة.
و لو نذر اعتكاف أيّام معدودة و لم يعيّنها، لم يجب التتابع، إلاّ أن يشرطه، و لا يدخل فيه الليالي، بل ليلتان من كلّ ثلاث.
و لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام و لم يشرط التتابع، لزمه ثلاثة بينهما ليلتان، شرط التتابع أو لا، و للشيخ(1) قول بعدم دخول الليالي، و ليس بجيّد.
و لو نذر اعتكاف أيّام متتابعة، تضمّن ذلك نذر الصوم، فلو اعتكف غير صائم، و صام غير معتكف لم يجزئه.
و لو أفسد صومه، انقطع التتابع، و وجب عليه إعادة الاعتكاف، و لو نذر الاعتكاف مصليا، وجب عليه الجمع.
وجب عليه الدخول فيه مع طلوع هلاله، فإذا أهلّ الشهر الّذي بعده، فقد وفى، و خرج من الاعتكاف، و لو
ص: 520
نذر اعتكاف العشر الأواخر دخل قبل المغرب من يوم العشرين، فإذا خرج الشهر خرج منه.
و العشر اسم لما بين العشرين، فلو كان الشهر ناقصا أجزأ بالتسعة.
أمّا لو نذر اعتكاف عشرة أيّام، فانّه يلزمه الدخول قبل طلوع الفجر، و لو عيّنها بآخر الشهر فنقص وجب أن يأتي بيوم من الآخر.
و لو نذر اعتكاف شهر رمضان وجب، فلو أخلّ به، وجب أن يقضيه صائما و ان صامه و لم يعتكف فيه.
لم يجزئه، و لو عاش نصف شهر، ثم مات، لزمه فداء ما أدرك إن لم يفعله، و لا يجب عنه اعتكاف شهر.
صحّ ، و وجب ما يسمّى به معتكفا، و أقلّه ثلاثة أيّام، و لو نذر اعتكاف يوم لا غير لم ينعقد، و كذا لو نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد لا غير، و لو نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد و أطلق، وجب و ضمّ إليه آخرين.
سقط الأداء، و وجب القضاء، و لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد أبدا، فقدم ليلا لم يجب عليه شيء، و لو قدم نهارا سقط ذلك اليوم، و وجب عليه اعتكاف باقي الأيّام، لكن يحتاج في كلّ اعتكاف إلى أن يضمّ إليه آخرين.
و هو مسجد جمّع فيه
ص: 521
نبيّ أو وصيّ نبيّ ، و هي أربعة مساجد: المسجد الحرام، و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و مسجد الكوفة، و مسجد البصرة، و جوّز ابن أبي عقيل الاعتكاف في كلّ مسجد(1).
فلا يصحّ اعتكافها إلاّ في أحد المساجد الأربعة، و ليس لها أن تعتكف في مسجد بيتها.
و هل يجوز الاعتكاف على سطح المسجد؟ الأقرب المنع.
و لا يجزئه لو عدل و إن كان أفضل، و لو انهدم ما نذر الاعتكاف فيه، و لم يقدر على الاعتكاف في موضع منه، خرج و أعاد الاعتكاف إذا بني المسجد.
فلو خرج لغير الأسباب المبيحة، بطل اعتكافه، طوعا خرج أو كرها، ثمّ إن لم يمض ثلاثة بطل الاعتكاف، و إلاّ فهي صحيحة إلى حين الخروج.
و فيه سبعة و عشرون بحثا:
فلو خرج لغير عذر بطل اعتكافه و إن قصر الزمان، فإن كان قد مضى
ص: 522
ثلاثة أيّام، صحّ اعتكافه الماضي، و يبطل من خروجه إن كان تطوّعا، أو واجبا غير متتابع، أو متتابعا من حيث الوقت، بأن ينذر الشهر الفلاني، فإذا عاد جدّد الاعتكاف من حين العود.
و لو كان النذر متتابعا من حيث الشرط بطل الأوّل، و استأنف من حين عوده، و قضى ما مضى من الأيّام.
و يجوز أن يخرج للبول، و الغائط، و الغسل من الاحتلام، و أداء الجمعة لو أقيمت في غيره، للضرورة عندنا أو مطلقا عند ابن أبي عقيل، و لتشييع الجنازة، و عيادة المريض، و إقامة الشهادة، تعيّن عليه التحمل و الأداء أو لا.
بأن يكون من أهل الاحتشام، و يجد المشقة بدخولها، فيعدل إلى منزله، و إن كان أبعد.
و لو بذل له صديق منزله، و هو قريب من المسجد، لقضاء حاجته، لم يلزمه الإجابة، لما فيه من المشقّة بالاحتشام، بل يمضي إلى منزله، و لا فرق بين أن يكون منزله قريبا أو بعيدا ما لم يخرج عن مسمّى الاعتكاف، بأن يكون منزله خارج البلد مثلا.
و لو كان له منزلان، أحدهما أقرب، تعيّن، و لو خرج للجمعة، عجّل و لا يطيل المكث.
ص: 523
و إن كان بينه و بين المسجد فضاء(1)، و هو جيّد إن كان هو المؤذّن، و قد اعتاد صوته، و يبلغ من الإسماع ما لا يبلغ لو أذّن في المسجد(2).
و لو خرج إلى دار الوالي و قال: حيّ على الصلاة أيّها الأمير، أو قال: الصلاة أيّها الأمير، بطل اعتكافه.
و أن يبيت فيه على إشكال، و لو كان إلى جنب المسجد رحبة ليست داخلة فيه، لم يجز الخروج إليها إلاّ لضرورة.
و لا يقف فيه إلاّ لضرورة(3).
فانّه يصلّي في أيّ بيوتها شاء.
و لو اعتكف في غير مكّة فخرج لضرورة فتطاول وقت الضرورة حتى ضاق وقت الصلاة عن عوده، صلّى أين شاء، و لم يبطل اعتكافه.
استأنفت الاعتكاف، و ليس للمطلّقة رجعيّة إتمام الاعتكاف.
و لو أخرجه السّلطان ظلما، لم يبطل اعتكافه، إذا لم يطل و يبني، و إلاّ بطل اعتكافه، و استأنف إن لم يمض ثلاثة.
ص: 524
و لو خرج سهوا لم يبطل اعتكافه بل يرجع مع الذكر.
إذا لم يمض ثلاثة بعد البرء، و إن مضت ثلاثة أتمّ ، و لو كان الاعتكاف مندوبا لم يجب القضاء.
و لو حاضت المرأة خرجت من المسجد، فإذا طهرت، رجعت إلى الاعتكاف، و لا تجلس في الرحبة المجاورة للمسجد إن كانت، و كذا النفساء، و مع العود تستأنف إن كانت اعتكفت أقلّ من ثلاثة، و إلاّ أتمّت.
لزمه الإحرام، و يقيم في اعتكافه إلى أن يتمّ ، ثمّ يمضي في إحرامه، و لو خاف فوت الحج، ترك الاعتكاف، فإذا قضى المناسك رجع إليه واجبا مع وجوبه، و إلاّ فلا.
لم يلزمه القضاء لعدم الدليل(1) و فيه نظر، و الوجه عندي وجوبه مع وجوب الأصل، و عدم تعيين زمانه.
و كذا بعض أعضائه.
و كذا المكان، و يسافر إليه إن كان بعيدا، فإن كان المسجد الحرام دخل مكّة بحجّة أو عمرة.
ص: 525
خرج، ثمّ عاد عند انطفائها.
بأن تضرب خباءها في ناحية المسجد لا وسطه، و روى ابن بابويه في الصحيح استحباب الاستتار للرجل أيضا(1).
فإن أوجبه بنذر أو يمين أو عهد وجب، و إلاّ فلا.
ثم اختلف علماؤنا ففي المبسوط: يجب المندوب بالنيّة و الدخول(2)، و اختاره أبو الصلاح(3)، و في النهاية: لا يجب إلاّ إذا مضى يومان، فيجب الثالث، فيجدّد نيّة الوجوب، و كذا لو اعتكف ثلاثة، ثمّ يومين آخرين، وجب السادس(4)؛ و اختاره ابن الجنيد(5) و ابن البراج(6). و قال السيّد المرتضى: لم يجب أصلا، بل يرجع متى شاء(7)، و هو الوجه عندي.
قال الشيخ: فإذا شرط كان له أن يرجع متى
ص: 526
شاء، و ان لم يشترط فكذلك ما لم يمض يومان(1)؛ و على قول السيّد: إن كان مندوبا رجع متى شاء، و إن لم يشترط، و إن كان واجبا، فإن كان معيّنا متتابعا و شرط الرجوع، رجع عند العارض، و لا يجب القضاء، و كذا لو عيّن النذر و لم يشترط التتابع.
و لو عيّنه، و شرط التتابع، و لم يشترط على ربّه، خرج مع العارض، و قضى مع الزوال متتابعا، و لو لم يشترط التتابع قضاه، و لا يجب التتابع.
و لو لم يعيّن الزمان، لكن شرط المتابعة، و اشترط على ربّه، خرج عند العارض، و أتى بالباقي إن كان اعتكف ثلاثة، و إلاّ استأنف، و لو لم يشترط على ربّه استأنف متتابعا.
و لو لم يعيّن، و اشترط على ربّه، و لم يشترط التتابع، خرج مع العارض، و استأنف إن كان أقلّ من ثلاثة، و إلاّ تمّم.
و لو لم يشترط التتابع، و لا عيّن، و لا اشترط على ربّه، خرج و استأنف إن لم يحصل ثلاثة، و إلاّ أتمّ .
و لو أطلقه من الاشتراط، لم يصحّ الاشتراط عند إيقاع الاعتكاف.
و لو اشترط الفرجة في اعتكافه، أو الوطء، أو البيع للتجارة، أو التكسب بالصناعة في المسجد، لم يجز.
و يفسد به عامدا، سواء
ص: 527
أنزل أو لا، و لو وقع سهوا، لم يبطل اعتكافه.
و يحرم عليه القبلة، و يبطل بها الاعتكاف، و كذا اللّمس بشهوة، و الجماع في غير الفرجين، و يجوز الملامسة بغير شهوة، و لا فرق في تحريم الوطء بين الليل و النهار.
فإن فعل، لم يبطل البيع، خلافا للشيخ(1)، و كذا يحرم جميع التجارة و الصنائع، المشغلة عن العبادة.
و لو اضطرّ إلى شراء غذائه، أو شراء قميص يستتر به، أو يبيع شيئا ليشتري بثمنه قوته(2) جاز.
و للشيخ رحمه اللّه قولان في تحريم الطيب(3).
و تعليمه و تعلمه، بل هو أفضل من الصلاة المندوبة، و يجوز المحادثة حال الاعتكاف، و يحرم الصّمت و لو نذره في اعتكافه، و الأحسن عندي المنع من جعل القرآن بدلا من كلامه.
و كلّ ما يمنع الاعتكاف من فعله نهارا يمنع من فعله ليلا، و لا يفسد الاعتكاف سباب و لا جدال و لا خصومة.
ص: 528
سواء جامع نهارا أو ليلا.
أمّا غير الجماع كالأكل و الشرب و غيرهما من المفطرات، ففي الكفّارة إشكال، قال المفيد و السيّد المرتضى: يجب بذلك كلّه(1)، و الوجه عندي التفصيل، و هو إيجاب الكفّارة في رمضان، أو النذر المعيّن، أمّا لو كان الاعتكاف مندوبا، أو واجبا غير معيّن، فالوجه عدم وجوب الكفّارة إلاّ بالجماع خاصّة.
قال السيّد: إذا جامع نهارا، كان عليه كفّارتان، و إن جامع ليلا فكفارة واحدة(2) و أطلق.
و الأقرب عندي انّ الكفّارة تتعدّد إن كان الوطء في رمضان، و إلاّ فكفّارة واحدة.
و لو أكره المعتكفة بإذنه، على الجماع، فسد اعتكافه، قال السيّد: وجب أربع كفّارات، و إن أكرهها ليلا، فكفّارتان، و لا يفسد اعتكافها(3)، و إن طاوعته نهارا، فعليها كفّارتان، و ليلا كفّارة و كذا عليه، و فسد اعتكافهما معا(4).
و في تعدّد الكفّارة بالإكراه هنا نظر.
ص: 529
قاله الشيخ(1)، و الوجه عندي وجوب القضاء بذلك دون الكفّارة.
فإن كان واجبا، وجب على الوليّ أن يقضي عنه، أو يستنيب، و إن كان ندبا فلا.
1835. السابع و العشرون: قال الشيخ: قضاء الاعتكاف الواجب واجب على الفور(2)
و عندي فيه نظر، و يستحبّ قضاء الندب.
ص: 530
ص: 531
ص: 532
و فيه مقدّمة و مقاصد
ففيها ستّة عشر مبحثا:
يقال: بفتح الحاء و كسرها، و كذا الحجّة.
و في الشرع: عبارة عن قصد البيت الحرام لأداء المناسك في زمان معيّن.
و أمّا العمرة فهي لغة: الزيارة، و في الشرع: عبارة عن زيارة البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده.
و هو أحد أركان الإسلام(1)الخمسة، و هو واجب بالنصّ و الإجماع، و كذا العمرة.
في العمر مرّة واحدة.
روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام: «إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لقيه أعرابيّ ، فقال: يا رسول اللّه! إنّي أريد الحجّ ففاتني، و أنا رجل مموّل، فمرني أصنع في
ص: 533
مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاجّ ، قال: فالتفت إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و قال له: أنظر إلى أبي قبيس(1) فلو أنّ أبا قبيس لك ذهبا حمراء أنفقتها في سبيل اللّه ما بلغت مبلغ الحاج!
ثمّ قال: إنّ الحاجّ إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا و لم يضعه إلاّ كتب اللّه له عشر حسنات، و محا عنه عشر سيّئات، و رفع له عشر درجات، فإذا ركب بعيره لم يرفع خفّا و لم يضعه إلاّ كتب له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، فإذا سعى بين الصفا و المروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه، فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه، قال: فعدّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم كذا و كذا موقفا إذا وقفها الحاجّ خرج من ذنوبه، ثم قال: أنّى لك تبلغ ما بلغ الحاج ؟» قال الصادق عليه السّلام:
«و لا يكتب عليه الذنوب أربعة أشهر، و يكتب الحسنات إلاّ أن يأتي بكبيرة»(2).
و في الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام قال:
«الحاج يصدرون على ثلاثة أصناف: صنف يعتقون من النار، و صنف يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، و صنف يحفظ في أهله و ماله، فذاك أدنى ما يرجع به الحاج»(3).
ص: 534
و روي (أنّه الذي لا يقبل منه الحج)(1).
و في الصحيح عن الرضا عليه السّلام:
«إن الحجّ و العمرة ينفيان الفقر و الذنوب كما ينفي الكير(2) الخبث من الحديد»(3).
و قال الباقر عليه السّلام: «الحاجّ و المعتمر وفد اللّه، إن سألوه أعطاهم، و إن دعوه أجابهم، و إن شفعوا شفّعهم، و إن سكتوا ابتدأهم، و يعوّضون بالدرهم ألف ألف درهم»(4).
قال الرضا عليه السّلام:
«ما وقف أحد بتلك الجبال إلاّ استجيب له، فأمّا المؤمنون فيستجاب لهم في آخرتهم، و أمّا الكفّار فيستجاب لهم في دنياهم»(5).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «أربعة لا يردّ لهم دعوة حتّى يفتح لها أبواب السماء و تصير إلى العرش: دعوة الوالد لولده، و المظلوم على من ظلمه، و المعتمر حتّى يرجع، و الصائم حتى يفطر»(6).
قال الصادق عليه السّلام:
ص: 535
«من حجّ حجّتين لم يزل في خير حتّى يموت، و من حجّ ثلاث حجج متوالية، لم يصبه فقر أبدا»(1).
فقد سئل الصادق عليه السّلام عن رجل ذي دين يستدين و يحجّ؟ قال:
«نعم، هو أقضى للدين»(2).
قال الصادق عليه السّلام:
«ليحذر أحدكم أن يعوّق أخاه عن الحجّ فيصيبه فتنة في دنياه مع ما يدّخر له في الآخرة»(3).
(كان زين العابدين عليه السّلام يمشي و تساق معه المحامل و الرحال)(4).
و روي (أنّه ما تقرّب إلى اللّه عز و جل بشيء أحبّ إليه من المشي إلى بيته الحرام على القدمين. و إنّ الحجّة الواحدة تعدل سبعين حجة)(5).
و قطع العلائق بينه و بين معامليه، و توفية كلّ ذي حقّ حقّه، و تدبير منزله، و ترك ما يحتاجون إليه من النفقة، و الوصية بالمعروف.
ص: 536
و يتخيّر يوم السبت أو الثلاثاء، و يتجنّب الجمعة و الاثنين، و السفر و القمر في برج العقرب.
و دعا و استفتح سفره بشيء من الصدقة، فإذا خرج من داره قام على الباب تلقاء وجهه، و قرأ فاتحة الكتاب أمامه و عن يمينه و عن يساره، و كذا آية الكرسي، و دعا بالمأثور.
و إذا وضع رجله في الركاب دعا، و يدعو إذا استوى على الراحلة، و يستحب حمل العصا في السفر.
قال الباقر عليه السّلام:
«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم إذا ودّع مسافرا أخذ بيده ثمّ قال: أحسن اللّه لك الصحابة، و أكمل لك المعونة، و سهّل لك الحزونة، و قرّب لك البعيد، و كفاك المهمّ ، و حفظ لك دينك و أمانتك و خواتيم عملك، و وجّهك لكلّ خير، عليك بتقوى اللّه، استودع اللّه نفسك، سر على بركة اللّه عزّ و جلّ »(1).
قال الكاظم عليه السّلام:
«لعن رسول اللّه ثلاثة، آكل زاده وحده، و النائم في بيت وحده، و الراكب في الفلاة وحده»(2).
ص: 537
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «الرفيق ثم الطريق».(1)
و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «لا تصحبنّ في سفر من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك»(2).
و قال الباقر عليه السّلام: «إذا صحبت فاصحب نحوك و لا تصحب من يكفيك، فإنّ ذلك مذلة المؤمن»(3).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من السنّة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم، فإنّ ذلك أطيب لأنفسهم و أحسن لأخلاقهم»(4).
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:
«من أعان مؤمنا مسافرا نفّس اللّه عنه ثلاثا و سبعين كربة، و أجاره في الدنيا من الغمّ و الهمّ ، و نفّس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم»(5).
فإنّها مدارج السباع و مأوى الحيّات»(6). و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، لعليّ عليه السّلام: «يا عليّ
ص: 538
إذا نزلت منزلا، فقل: اللّهم أنزلني منزلا مباركا و أنت خير المنزلين.
ترزق خيره، و يدفع عنك شرّه»(1).
فالواجب حجّة الإسلام، و المنذورة و شبهها، و ما وجب بالإفساد و الاستيجار، و يتكرّر بتكرّر السبب، و ما خرج عن ذلك مستحبّ .
و إنّما يجب حجّة الإسلام مع اجتماع الشرائط الآتية، على الرجال و النساء و الخناثي.
و يستحبّ لفاقد الشرائط كمن عدم الزاد و الراحلة و امكنه التسكع(2)، و يستحبّ أيضا للعبد إذا أذن له مولاه.
ص: 539
ص: 540
و فيه فصلان
و هي ستة: البلوغ، و كمال العقل، و الحريّة، و الزاد و الراحلة، و إمكان المسير، و أن يكون له ما يمون عياله فاضلا عما يحتاج إليه.
و فيه سبعة مباحث:
فإن كان مميّزا صحّ إحرامه و حجّه، و إن كان غير مميّز جاز لوليّه الإحرام عنه بمعنى أنّه يحرم للصبيّ ، فيصحّ له دون الوليّ .
و إن كان مميّزا.
و الولي من له ولاية المال، كالأب، و الجدّ للأب، و الوصيّ ، دون غيرهم.
ص: 541
و لو أحرمت أمّه عنه صحّ و إن انتفت الولاية، لرواية ابن سنان الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(1).
تولّى بنفسه ما يتمكّن منه، و ما يعجز عنه ينوبه الوليّ .
و يجرّد الصبيّ كما يجرّد البالغ من فخّ (2)، و الوجه انّ إنشاء إحرامه من الميقات.
و الرمي إذا لم يقدر عليه، رمى عنه الوليّ ، و يستحبّ وضع الحصى في يده، ثمّ أخذها و الرمي عنه.
و الطواف إذا لم يتمكّن من المشي، حمله أو غيره، و طاف به، و ينوي الطواف عن الصبيّ .
و لا يجوز أن يعقد له عقد نكاح، و كلّ ما يلزم المحرم من كفّارة في فعله، لو فعله الصبيّ ، وجبت الكفّارة على الوليّ إذا كان ممّا يلزم عمدا أو سهوا كالصيد.
أما ما يلزم بالعمد لا بالسهو، فللشيخ وجهان: أحدهما لا يلزمه، لأنّ عمد الصبيّ خطأ، و الثاني يلزمه(3).
ص: 542
و الأوّل أقرب، و الهدي يلزمه الوليّ .
و لو كان في الأثناء، فإن كان بعد الموقفين فقد فاته الحج، و أتمّ تطوعا، و وجب عليه حجّة الإسلام مع الشرائط، و ان أدرك أحد الموقفين بالغا، ففي الإجزاء نظر، و الوجه الإجزاء.
و لو بلغ بعد الوقوف بالمشعر قبل مضيّ وقته، فإن عاد أجزأ عنه، و إن لم يعد لم يجزئ عن حجّة الإسلام.
فإن كان ناسيا، فلا شيء عليه كالبالغ، و لا يفسد حجّه، و إن كان عامدا، قال الشيخ رحمه اللّه: عمده و خطأه واحد، فلا يتعلق به إفساد الحج، قال: و إن قلنا بفساد الحج و لزوم القضاء أمكن، و الأوّل أقوى(1).
فإن قلنا بوجوب القضاء فالوجه انّه إنّما يجب بعد البلوغ، فإذا قضى أجزأه عن حجّة الإسلام إن كان قد أدرك في الفاسدة شيئا من الوقوف بعد بلوغه، و إلاّ فالأقرب عدم الإجزاء.
فلا يجب على المجنون المطبق و لا من يعتوره الجنون غالبا، أمّا من يعاوده أحيانا بحيث يتمكّن من أفعال الحجّ عاقلا، فإنّه يجب عليه مع الشرائط.
ص: 543
و حكم المجنون حكم الصبيّ غير المميّز، فللوليّ أن يحرم عنه و يأتي بباقي أفعال الحج.
و لو زال عذره بعد الحجّ لم يجزئه عن حجّة الإسلام، و لو كان في الأثناء فكالصبيّ .
و فيه عشرة مباحث:
فلا يجب على العبد القنّ و لا المكاتب و إن تحرّر بعضه، و لا المدبّر و لا أمّ الولد.
و لو كان بغير إذنه لم يصحّ ، و لو أحرم بغير إذن مولاه لم ينعقد، و للمولى فسخ إحرامه.
و لو أذن له في الحجّ لم يجزئه عن حجّة الإسلام لو اعتق و حصلت الشرائط، بل وجب عليه الحجّ ثانيا.
و لو أدركه العتق قبل الموقفين أجزأه الحجّ ، و يدرك الحجّ بإدراك أحد الموقفين معتقا، أمّا لو أعتق بعد الموقفين معا، فإنه لا يجزئه عن حجّة الإسلام.
و لو اعتق قبل الوقوف أو فى وقته، و أمكنه الإتيان بالحجّ وجب عليه ذلك.
و كلّ موضع قلنا يجزئه الحجّ لا يجب عليه الدم، و كذا في ما لا يجزئه.
ص: 544
فإن كان قبل التلبّس و علم العبد بذلك بطل الإذن، و لا يجوز للعبد الحجّ حينئذ، و إن كان رجوعه بعد التلبس لم يجز الرجوع.
و لو رجع قبل التلبس و لم يعلم العبد، ثمّ أحرم بجهالة، قال الشيخ رحمه اللّه:
الأولى انّه يصحّ إحرامه و للسيّد فسخ حجّه(1).
و لا خيار للمشتري مع علمه، و إلاّ فله الخيار، و لو كان أحرم بغير إذن سيّده صحّ البيع و لا خيار للمشتري.
و كذا المكاتب يشترط فيه إذن المولى، و لو عتق بعضه و هاياه مولاه، ففي جواز إحرامه في أيّامه من غير إذن المولى نظر.
فلو أعتق قبل فوات الموقفين، فإن أمكنه إنشاء إحرام آخر صحّ و أجزأ عن حجّة الإسلام و إلاّ فلا.
وجب عليه تمام الفاسد كالحيّ ، و يجب عليه القضاء و إن كان رقيقا، و لا يجب إجابة المولى في طلب الصبر إلى حين العتق.
و لو أحرم بغير إذن سيّده ثم أفسده، لم يتعلّق به حكم، و لو أعتقه مولاه بعد إفساده، فإن كان قبل فوات أحد الموقفين أتمّ حجّه، و قضاه في القابل،
ص: 545
و أجزأه عن حجّة الإسلام، و لو كان بعد الموقفين أتمّ حجّه و قضاه في القابل، و عليه حجّة الإسلام و لا يجزئ القضاء عنها.
قال الشيخ: و يبدأ بحجّة الإسلام قبل القضاء(1)، و لو بدأ بالقضاء انعقد عن حجّة الإسلام، و كان القضاء في ذمّته.
قال: و لو أعتق قبل الوقوف أتمّ حجّه، و قضاه في القابل، و أجزأه عن حجّة الإسلام(2).
كاللباس و الطيب، و حلق الشعر و قتل الصيد و أكله، و غير ذلك، قال الشيخ: يلزم العبد، و يسقط الدم إلى الصوم، و لسيّده منعه منه(3)، و قال المفيد: على السيّد الفداء في الصيد(4).
و الوجه عندي التفصيل: فإن كانت الجناية بإذنه، كما لو أذن له في الصيد في إحرامه أو اللباس، لزم المولى الفداء عنه، و مع العجز يأمره بالصيام، و إن لم يأذن، لزم العبد الصوم و سقط الدم.
و لو مات قبل الصيام جاز أن يطعم المولى عنه.
و أمّا دم المتعة، فالخيار إلى سيّده بين أن يهدي عنه، أو يأمره بالصيام، و ليس له منعه من الصوم بغير هدي.
ص: 546
و فيه واحد و عشرون بحثا:
بالنصّ و الإجماع، و هي الزاد و الراحلة و إمكان المسير، فلو فقد الزاد و الراحلة، أو أحدهما مع بعد المسافة، سقط الحجّ و إن تمكّن من المشي، سواء كان عادته سؤال الناس أو لا.
و تحصل المكنة بملك عين الزاد و الراحلة، أو الثمن، أو العوض مع وجود البائع و الموجد.
فلو حجّ حينئذ ماشيا لم يجزئه عن حجّة الإسلام، و وجب عليه الإعادة.
وجب عليه الحجّ مع استكمال الشرائط الباقية، و كذا لو حجّ به بعض إخوانه.
و للشيخ قول بوجوب الإعادة مع اليسار(1)، و فيه ضعف، أمّا لو وهب له مال فانّه لا يجب عليه القبول، سواء كان الواهب قريبا أو بعيدا.
و لا خادمه و لا ثياب بدنه، و يجب بيع ما زاد على ذلك من ضياع، أو عقار، أو غيرهما من الذخائر.
و لو كان له دين حالّ على موسر باذل بقدر الاستطاعة، وجب الحجّ ، و لو
ص: 547
كان معسرا، أو مانعا، أو كان الدين مؤجّلا، سقط الوجوب.
و لو كان له مال و عليه دين بقدره، لم يجب الحجّ ، سواء كان الدين مؤجّلا عليه أو حالاّ.
و ما روي من الحجّ بمال الولد فعلى سبيل الاستحباب(1)، و لا يجب على الولد بذل المال لوالده، و لا فرق في ذلك بين أن يكون له من يقضي عنه أو لا، إذا كان فاقدا.
لزمه الحج، و لا يجوز صرف المال في النكاح و إن حصل العنت، أمّا لو حصلت المشقّة العظيمة، فالوجه عندي تقديم النكاح.
سقط الحج، و كذا لو وهب ماله قبل الوقت أو أتلفه.
و عليه الأجرة و ضمان المال، و لم يجزئه الحجّ و إن كان مستطيعا، و عندي فيه نظر.
و لو لم يحتج لم يعتبر الراحلة، و كذا المكي، و يعتبر الزاد فيهما، و لو عجز كالزّمن و المريض، اعتبرت الراحلة أيضا.
ص: 548
لم يجزئه عن حجّة الإسلام، سواء كان النائب مستطيعا أو لا.
1879. الحادي عشر: لا بدّ من فاضل عن الزاد(1) و الراحلة قدر ما يموّن عياله
الذين تجب نفقتهم عليه حتّى يرجع إليهم بقدر الكفاية على جاري عادتهم من غير تقتير(2) و لا تبذير، و لا يحتسب من يستحب نفقته.
سواء كانت حالّة أو مؤجّلة، و سواء كانت للّه تعالى كالزكاة، أو للآدميّ .
فإن كان يجد الزاد في كلّ منزل، لم يلزمه حمله، و إلاّ لزمه حمله.
أمّا الماء و علف الدوابّ ، فإن كان يوجد في المنازل الّتي ينزلها على العادة، لم يجب حملها، و إلاّ وجب مع المكنة، و مع عدمها يسقط.
أمّا بالتملّك أو الأجرة لذهابه و رجوعه، فإن كان لا يشقّ عليه ركوب القتب أو الزاملة، اعتبر ذلك في حقه، و إن كان يلحقه مشقّة عظيمة، اعتبر وجود المحمل.
و لو احتاج إلى خادم اعتبر وجوده إمّا بالملك أو الاستيجار.
ص: 549
من الآلات و الأوعية كالغرائر(1) و أوعية الماء. فلو فقدها مع الحاجة سقط الفرض.
فالأقرب وجوب بيعها للحجّ ، أو صرف البضاعة إليه، إذا كان بقدر الكفاية ذهابا و عودا، و قدر نفقة عياله كذلك.
أو كان مستأجرا للخدمة أو غيرها، أو كان ماشيا، فحجّ أجزأه، و لو لم يكن واجدا لم يجب إلاّ مع بذل الغير.
و لا يجب أن يؤجّر نفسه بالزاد و الراحلة و النفقة لعياله مع العجز، فإن فعل وجب الحجّ .
و كذا لو وجد بعض الزاد و الراحلة و لم يوجد الباذل للباقي، لم يجب أن يؤجّر نفسه بالباقي، فإن فعل وجب الحجّ .
و يستحبّ لفاقد الاستطاعة الحجّ ، إذا تمكّن من المشي، ثمّ يعيد واجبا مع الوجدان.
و أمّا الماء فإن كان موجودا في المصانع التي جرت العادة بكونه فيها وجب الحجّ ، و إن كان لا يوجد لم يجب الحجّ ، و إن وجد في البلاد الّتي يؤخذ منها الزاد.
ص: 550
و لو احتاج إلى الثمن لم يجب الشراء.
و لو وجده بأكثر من ثمن المثل أو بأكثر من أجرة المثل، فإن تضرّر به، لم يجب الشراء إجماعا، و إن لم يتضرّر، فالأقرب وجوب الشراء.
جاز أن يحجّ عن غيره، و لا يجزئه عن حجّة الإسلام لو أيسر، بل يجب عليه مع الاستطاعة.
و فيه تسعة عشر بحثا:
و إمكان الركوب، و تخلية السرب، و اتّساع الزمان.
فالمريض لا يجب عليه الحجّ مع الضرر، و إن وجد الزاد و الراحلة بالإجماع. و لو لم يتضرّر بالركوب، وجب عليه الحجّ مع باقي الشرائط، و لو منعه المرض عن الركوب، سقط عنه الفرض.
و كذا المعضوب(1) الذي لا يقدر على الركوب، و لا يستمسك على الراحلة، من كبر، أو ضعف في البنية، أو إقعاد.
و لو وجد هؤلاء الاستطاعة، ففي وجوب الاستنابة قولان: أحدهما:
ص: 551
الوجوب، اختاره الشيخ(1)؛ و الثاني عدمه، اختاره ابن إدريس(2) و الأقرب الأوّل.
و تعذّر عليه الحجّ ، استحب له أن يستنيب رجلا يحجّ عنه، فإذا استناب، ثمّ برئ و هو مستطيع، وجب عليه إعادة الحجّ بنفسه، و لو مات سقط عنه فرض الحجّ مع الاستنابة و بدونها.
و لو كان المرض لا يرجى برؤه، أو كان العذر لا يزول، كالإقعاد، و ضعف البدن خلقة، و كبر السن، وجب أن يحجّ عنه رجل مع الاستطاعة فإن مات سقط عنه فرض الحجّ ، و لو زال عذره وجب الحجّ .
سقط عنه فرض الاستيجار إلى العام المقبل، و لو وجد من يستأجره بأكثر من أجرة المثل، فإن أمكنه التحمّل من غير ضرر، فالوجه الوجوب، و إلاّ فلا.
سقط عنه فرض الحجّ مباشرة و استنابة، و لو وجد من يطيعه لأداء الحجّ لم يجب، سواء وثق منه بفعله أو لم يثق، و سواء كان ولدا أو أجنبيّا، و لو بذل له المال، و لم يبذل له الفعل، فالوجه عدم الوجوب.
جاز أن يستنيب اثنين في سنة.
و يجوز استنابة
ص: 552
الصرورة و غيره في الواجب و الندب.
فإذا فعل ذلك فقد أجزأه، و إن برئ في ما بعد تولاّها بنفسه(1) و عندي فيه تردّد.
أو يجد رفقة يأمن معهم علما أو ظنا، فلو وجد مانع من عذر و غيره سقط فرض الحج، و هل يجب أن يستنيب ؟ البحث فيه كالمريض.
و لو كان هناك طريقان، أحدهما آمن، سلكه(2) و إن طال، إذا لم يقصر نفقته عنه و اتّسع الزمان، و لو قصرت نفقته عنه، أو قصر الزمان عن سلوكه، أو لم يكن له إلاّ طريق واحد، و هو مخوف أو بعيد يضعف قوته عن قطعه لمشقة، لم يجب عليه.
و لو كان في الطريق عدوّ، و أمكن محاربته بحيث لا يلحقه خوف و لا ضرر، فهو مستطيع، و لو خاف على نفسه من قتل، أو جرح، أو على ماله أو بعضه ممّا يتضرّر به، لم يجب.
و لو بذل له باذل المطلوب منه، فانكشف العدوّ، وجب الحجّ ، و ليس له منع الباذل.
فلو غلب على ظنّه السلامة فيهما، تخيّر في سلوك أيّهما شاء، و لو غلب على ظنّه العطب فيهما، سقط الفرض، و لو غلب على ظنّه السلامة في أحدهما، تعيّن و إن كان في البحر.
فلو ضاق الوقت عن قطع المسافة، سقط الفرض، و لو لم يجد الرفقة، أو ضاق الوقت عليه حتّى لا يلحقهم إلاّ بمشقة، كطيّ المنازل، أو الحثّ الشديد، سقط تلك السّنة.
1901. الثاني عشر: اشترط الشيخ رحمه اللّه الرجوع إلى كفاية(1)
فلو ملك الزاد و الراحلة و النفقة له و لعياله ذهابا و عودا، و لم يكن له كفاية يرجع إليها من مال أو حرفة أو صناعة أو عقار، لم يجب الحجّ ، و اختاره المفيد(2) و ابن البراج(3) و أبو الصلاح(4) و لم يشترط المرتضى ذلك(5) و اختاره ابن أبي عقيل(6) و هو الأقوى.
و هو شرط في الصحة، و لو أحرم و هو كافر لم يصحّ إحرامه، فإن أسلم قبل فوات الوقوف بالمشعر، وجب عليه الرجوع إلى الميقات، و إنشاء الإحرام منه، فإن لم يتمكّن أحرم من موضعه، و لا يعتدّ بالأوّل.
ص: 554
لم يجب عليه إعادته، و قوّى في المبسوط(1) الإعادة، و لو أحرم، ثمّ ارتدّ، ثمّ عاد إلى الإسلام، كان إحرامه باقيا، و بنى عليه.
و وجود قائد يهديه مع الحاجة.
فإذا اجتمعت الشرائط وجب عليها الحجّ ، و إن لم يكن لها محرم.
و لو لم تجد الثقة، و خافت من المرافق، اشترط المحرم، و هو الزوج، أو من تحرم عليه على التأبيد نسبا و رضاعا.
و من تحرم عليه في وقت دون آخر كزوج الأخت، و العبد، فليس بمحرم.
فلو كان الأب يهوديّا أو نصرانيّا فالوجه أنّه محرم، أمّا المجوسي فالوجه أنّه ليس بمحرم، و الأقرب اشتراط البلوغ و العقل في المحرم.
فيشترط في استطاعتها ملك زاده و راحلته زيادة على ما تقدّم، و لو امتنع المحرم من الحجّ مع بذلها له النفقة، فهي كالفاقدة المحرم.
و لو احتاجت إليه لعدم النفقة(2) و الحاجة إلى الرفيق، فالوجه أنّه لا يجب عليه إجابتها.
ص: 555
فلو كان عليها حجّة الإسلام، أو منذورة بإذنه، أو قبل تعلّقه بها، وجب عليها الخروج، و ليس له منعها عنه.
و يستحب لها أن تستأذنه، فإن أذن، و إلاّ خرجت بغير إذنه.
أمّا التطوّع فليس لها الخروج فيه إلا بإذنه، و لو نذرت الحجّ و هي زوجته، فإن أذن لها في النذر صحّ ، و إلاّ فلا.
و حكم المعتدّة رجعيّة حكم الزوجة، أمّا البائن فإنّها تخرج أين شاءت، و ليس للزوج منعها، و كذا المتوفّى عنها زوجها.
و منها ما هو شرط في الصّحة خاصّة، و هو الإسلام؛ و منها ما هو شرط في الوجوب خاصّة، و هو البلوغ، و الحريّة، و الاستطاعة، و إمكان المسير.
و فيه أربعة عشر بحثا:
فصورة التمتّع: أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتّع بها إلى الحجّ
ص: 556
ثمّ يدخل مكّة فيطوف سبعة أشواط بالبيت، و يصلّي ركعتي الطواف بالمقام، و يسعى بين الصفا و المروة سبعة أشواط، ثمّ يقصّر، و قد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه.
ثم ينشئ إحراما آخر للحجّ من مكّة يوم التروية، و إلاّ فيما يعلم معه إدراك الوقوف، ثمّ يمضي إلى عرفات، فيقف بها إلى الغروب، ثمّ يفيض إلى المشعر الحرام، فيقف به بعد طلوع الفجر، ثمّ يفيض إلى منى و يرمي جمرة العقبة، ثم يذبح هديه، ثمّ يحلق رأسه، ثمّ يأتي مكّة ليومه أو من غده، فيطوف للحجّ و يصلّي ركعتين، ثمّ يسعى سعي الحج، ثمّ يطوف طواف النساء و يصلّي ركعتيه، ثم يعود إلى منى ليرمي ما تخلّف عليه من الجمار الثلاث، يوم الحادي عشر، و الثاني عشر، و الثالث عشر.
و صورة الإفراد: أن يحرم من الميقات أو من حيث يصحّ له الإحرام منه بالحجّ ، ثمّ يمضي إلى عرفات فيقف بها، ثم يقف بالمشعر الحرام، ثمّ يأتي منى فيقضي مناسكه بها، ثمّ يطوف بالبيت للحج، و يصلّي ركعتيه، و يسعى للحج و يطوف طواف النساء و يصلّي ركعتيه، ثم يأتي بعمرة مفردة من أدنى الحلّ .
و صورة القران كذلك، إلاّ أنّه يضيف إلى إحرامه سياق الهدي.
و ليس من حاضريه، و لا يجزئهم غيره مع الاختيار.
و أمّا القران و الإفراد فهو فرض أهل مكة و حاضريها، فلو عدلوا إلى التمتّع، ففي الإجزاء قولان للشيخ: أحدهما انّه يجزئ و لا دم، و الثاني: أنّه لا
ص: 557
يجزئ(1) و هو الأقوى عندي.
و للشيخ قول آخر: إنّه ثمانية و أربعون ميلا(2) و هو اختيار ابن بابويه(3) و هو الأقوى عندي.
قال الشيخ في الخلاف: و لو فعل لم ينعقد إحرامه إلاّ بالحجّ ، فإن أتي بأفعال الحجّ لم يلزمه دم، و إن أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يجعلها متعة جاز، و لزمه الدم(4).
و لو فعل قيل: تنعقد إحداهما و تلغو الأخرى(5).
جاز له فسخ حجّه و جعله عمرة يتمتّع بها، و لا يلبّ بعد طوافه و لا بعد سعيه، لئلاّ ينعقد إحرامه بالتلبية، أمّا القارن فليس له ذلك.
ص: 558
و كذا يجوز لمن أحرم بعمرة التمتّع مع الضرورة المانعة عن إتمامها العدول إلى الإفراد، إمّا بأن يضيق الوقت أو يحصل حيض أو مرض.
أحرم منه، و جاز له التمتّع.
خرج إلى ميقات أهله و أحرم منه، فإن تعذّر، خرج إلى أدنى الحلّ ، و لو تعذّر أحرم من مكّة، هذا إذا لم يجاور سنتين، فإن مضت عليه سنتان، و هو مقيم بمكّة، صار من أهل مكّة و حاضريها، ليس له أن يتمتّع.
و للشيخ قول آخر: إنّه لا ينتقل فرضه حتّى يقيم ثلاثا(1)، و المعتمد الأوّل.
و لو كان له منزلان: أحدهما بمكّة و الآخر ناء عنها، اعتبر الأغلب إقامة، فأحرم بفرض أهله، فإن تساويا تخيّر في التمتّع و غيره.
و لو لم يمض هذه المدة، كان فرضه التمتّع لا غير، فيحرم من الميقات وجوبا مع المكنة.
ذي الحجة(1). و الأقرب الأوّل.
و لا يتعلّق بهذا الاختلاف حكم، للإجماع على فوات الحجّ بفوات الموقفين، و صحّة بعض أفعال الحجّ فيما بعد العاشر.
فلو أحرم به قبلها، لم ينعقد للحجّ ، و انعقد للعمرة، رواه ابن بابويه(2) و عندي فيه نظر.
فان أحرم في غيرها انعقد للمبتولة على إشكال، أمّا العمرة المبتولة، فيجوز في جميع أيّام السنة.
نقل نيّته إلى الإفراد، ثمّ يعتمر عمرة مفردة بعد الحجّ ، و كذا الحائض و النفساء لو منعهما عذرهما عن التحلّل و إنشاء الحج.
ص: 560
و فيه فصول
و فيه مطلبان:
و فيه تسعة مباحث:
التي وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم للإحرام.
فميقات أهل المدينة: ذو الحليفة، و هو مسجد الشجرة؛ و ميقات أهل الشام: الجحفة، و هي المهيعة بسكون الهاء و فتح الياء؛ و لأهل اليمن: يلملم، و قيل: ألملم(1)؛ و لأهل الطائف: قرن المنازل، بفتح القاف و سكون الراء، و في الصحاح بفتحها؛ و ميقات أهل العراق: العقيق.
1924. الثاني: هذه المواقيت مأخوذة بالنص عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم(2).
ص: 561
أمّا مع الضرورة فالجحفة.
فمن أين أحرم جاز، لكنّ الأفضل الإحرام من المسلخ و يليه غمرة و آخره ذات عرق، و لا يجوز للحاجّ تجاوزها إلاّ محرما.
و لمن يمرّ بها مريدا للنسك، فلو حجّ الشامي من المدينة أحرم من ذي الحليفة، و لو حجّ من العراق فميقاته العقيق، و كذا غيره.
و يجوز أن يحرمه من الميقات(1).
أمّا حجّ المتمتّع، فميقاته مكّة لا غير، و لو أحرم من غيرها متمكّنا لم يجز، و وجب عليه العود إلى مكّة لإنشاء الإحرام.
و لو تجاوز ناسيا أو جاهلا عاد، فإن حصل له مانع أحرم من موضعه و لو كان بعرفات، و كذا لو خاف من الرجوع فوات الحجّ ، فإنّه يحرم من موضعه.
و من أيّ موضع أحرم من مكّة أجزأه، و الأفضل الإحرام من المسجد (و أفضل المسجد)(2) تحت الميزاب، أو مقام إبراهيم عليه السّلام.
ص: 562
و للعمرة المفردة إذا قدم مكّة حاجّا أو معتمرا، أمّا المفرد و القارن إذا فرغا من المناسك و أراد الاعتمار، أو غيرهما ممّن يريده فإنّه يلزمه الخروج إلى أدنى الحلّ ، فيحرم به ثم يعود إلى مكّة للطواف و السعي.
و ينبغي أن يحرم بها من الجعرانة، فإن فاته فمن التنعيم، فإن فاته فمن الحديبية، و الضابط أن يأتي به من أدنى الحلّ .
و فيه ثمانية مباحث:
إلاّ لمن أراد أن يحرم بالعمرة المبتولة في رجب، و خاف تقضّيه إن أخّر الإحرام إلى الميقات، فإنّه يجوز أن يوقعه قبل الميقات، ليدرك جزءا منها في رجب، طلبا للفضل، فقد روي أنّها تقارب الحج(1).
و استثنى الشيخان من نذر أن يحرم للحجّ أو العمرة قبل الميقات، فإنّه يلزمه، بشرط وقوعه في أشهر الحجّ إن كان للحجّ أو للمتمتّع بها، و إن كان للمفردة جاز مطلقا(2) و منع ابن إدريس من ذلك(3) و الأوّل أقوى.
و لو فعل ما ينافيه لم يلزمه شيء، و يجب عليه تجديد الإحرام عند الميقات.
ص: 563
و لا يجوز له تأخيره عنه بالإجماع، فلو تركه عامدا مع إرادة النسك وجب عليه الرجوع إلى الميقات و الإحرام منه، و لو لم يتمكّن من الرجوع بطل حجّه، و لو أحرم من موضعه لم يجزئه، و لو عاد إلى الميقات و لم يجدّد الإحرام فكذلك.
و لو جدّده في الميقات لم يكن عليه دم، سواء رجع بعد التلبس بشيء من أفعال الحجّ كطواف القدوم أو لا، و لو تركه ناسيا أو جاهلا أو لا يريد النسك ثمّ يجدّد العزم، وجب عليه الرجوع إلى الميقات و إنشاء الإحرام منه.
فإن لم يتمكّن فليمض إلى خارج الحرم و ليحرم، فإن لم يتمكّن أحرم من موضعه، و لو أحرم من موضعه مع إمكان الرجوع لم يجزئه، و لا فرق بين الناسي و الجاهل بالميقات و التحريم.
فإن لم يتمكّن خرج إلى الحلّ ، فإن لم يتمكّن أحرم من موضعه و لا دم عليه، و كذا الصبيّ و العبد لو بلغ أو اعتق بعد المجاوزة.
قال الشيخ: جاز له أن يؤخّره عن الميقات، فإذا زال المنع أحرم من الموضع الّذي انتهى إليه(1).
و الظاهر أنّ مقصوده تأخّر كيفيّة الإحرام من نزع الثياب و كشف الرأس، فأمّا الشروط الّتي للإحرام فلا يجوز له تأخيرها مع القدرة.
ص: 564
و لو زال عقله بإغماء و شبهه سقط الحج، فلو أحرم عنه رجل جاز، لكن لا يسقط به حجّة الإسلام، إلاّ أن يعود عقله قبل الوقوف، و لو كان بعد الموضعين لم يجزئه.
كان الميقات موضع الأولى و إن انتقل الاسم إلى الثانية.
برّا كان أو بحرا، و هي رواية عبد للّه بن سنان الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(1).
و لو لم يعرف حذو الميقات(2) احتاط و أحرم من بعيد بحيث يتيقّن عدم مجاوزة الميقات، و لا يلزمه الإحرام حتى يظنّ المحاذاة.
و لو أحرم ثمّ علم المجاوزة عن محاذاة الميقات، ففي وجوب الرجوع إشكال، أقربه العدم، و لا دم عليه.
و لو مرّ على طريق لا يحاذي ميقاتا، فالأقرب الإحرام من أدنى الحلّ .
فإن لم يتمكّن فليخرج إلى الحلّ ، فإن لم يمكنه أحرم من موضعه ما لم يستوطن سنتين.
ص: 565
و فيه ثمانية مباحث:
و لا يمسّ منهما شيء، و يتأكّد عند هلال ذي الحجة، فإن مس منهما شيئا ترك الأفضل و لا شيء عليه، و في الاستبصار(1) و النهاية(2) هو واجب يجب معه الدم، و هو خيرة المفيد(3).
و نتف الإبط، و قصّ الشارب(4) و تقليم الأظفار، و حلق العانة، و الإطلاء، و لو كان قد أطلى قبل الإحرام اجتزأه ما لم يمض خمسة عشر يوما، فإن مضت استحبّ له الإطلاء ثانيا.
و الإطلاء أفضل من الحلق، و الحلق أفضل من نتف الإبط.
و ليس بواجب
ص: 566
إجماعا، و لا فرق بين الذكر و الأنثى، و الحرّ و العبد، و البالغ و غيره.
و يجوز تقديم الغسل على الميقات إذا خاف عوز الماء فيه ما لم ينم أو يمضي عليه يوم و ليلة، و لو وجد الماء في الميقات استحبّ إعادة الغسل.
و يجزئ غسل اليوم لذلك اليوم، و غسل الليلة لها ما لم ينم، فإن نام قبل الإحرام أو لبس مخيطا، أو أكل ما لا يحلّ للمحرم أكله، استحبّ له إعادة الغسل، و لو قلّم أظفاره لم يعد الغسل.
و يجوز الادهان بعد الغسل قبل عقد الإحرام إلاّ أن يكون طيبه يبقى إلى بعد الإحرام.
قاله الشيخ(1).
و هي ست ركعات، فإن لم يتمكّن فركعتان، ثمّ يصلّي الظهر، ثمّ يحرم عقيب الظهر.
و إن لم يتّفق وقت الزوال يستحبّ له أن يكون عقيب فريضة، فإن لم يتّفق صلّى ستّ ركعات ثمّ أحرم عقيبها، فإن لم يتمكّن، صلّى ركعتين يقرأ في الأولى الحمد و قل يا أيّها الكافرون، و في الثانية الحمد و التوحيد مستحبا.
و لو كان ممّا يبقى رائحته إلى بعد الإحرام كان حراما.
ص: 567
و لو لبس ثوبا مطيبا ثمّ أحرم و كانت الرائحة تبقى إلى بعد الإحرام، وجب نزعه أو إزالة الطيب، فإن لم يفعل وجب الفداء.
و فيه اثنان و ثلاثون بحثا:
و دعا عند غسله و نوى الإحرام، ثمّ لبس ثوبه، يأتزر بأحدهما، و يتوشّح بالآخر و دعا، ثمّ صلّى للإحرام ستّ ركعات، ثمّ يصلّي الفريضة إن كان وقت فريضة، و أحرم عقيبها و إلاّ عقيب النوافل.
فإذا فرغ من صلاته، حمد اللّه و أثنى عليه، و صلّى على محمّد و آله، ثمّ قال: اللّهم إنّي أسألك أن تجعلني ممّن استجاب لك إلى آخر الدعاء، فإذا فرغ لبّى، و يكثر من التلبية.
و لا يزال على هيئته إلى أن يدخل مكّة و يطوف، و يسعى، و يقصّر، و قد أحلّ .
النيّة، و لبس ثوبي الإحرام، و التلبيات الأربع، و الباقي نفل.
و النيّة كما هي واجبة فهي شرط فيه، و كيفيّتها أن يقصد بقلبه إلى
ص: 568
أمور أربعة: ما يحرم به من حجّ أو عمرة، متقربا به إلى اللّه عز و جل، و يذكر نوع ما يحرم له من تمتّع أو قران أو إفراد، و يذكر الوجوب أو الندب، و ما يحرم له من حجّة الإسلام أو غيرها، لا يجوز له الإخلال بشيء من ذلك، و يستحبّ له الاشتراط.
انعقد إحرامه، و كان له صرفه إلى أيّهما شاء إن كان في أشهر الحجّ على إشكال.
فإن صرفه إلى الحجّ صار حجّا، و كذا إلى العمرة يصير عمرة، و لو صرفه إليهما معا لم يصحّ ، و لو عقده مطلقا قبل أشهر الحجّ ، انعقد بعمرة.
و هو أن يحرم بما يحرم به فلان على إشكال، فان علم بما أحرم به فلان، انعقد إحرامه بمثله، و إن تعذّر عليه بموت أو غيبة، قال الشيخ رحمه اللّه: يتمتع احتياطا(1).
و لو بان أنّ فلانا لم يحرم، انعقد مطلقا، و كان له صرفه إلى أيّ الأنساك شاء، و لو لم يعلم هل أحرم فلان أم لا؟ كان حكمه حكم من لم يحرم.
و لو لم يعيّن ثم شرع في الطواف قبل التعيين، فالأقوى أنّه لا يعتدّ بطوافه.
و لو تعيّن أحدهما انصرف إليه، و لو أحرم بهما معا لم يصحّ ، قال الشيخ:
و يتخيّر. و كذا لو شكّ هل أحرم بهما أو بأحدهما فعل أيّهما شاء(1)، و لو تجدّد الشك بعد الطواف، جعلها عمرة متمتّعا بها إلى الحجّ .
انعقد ما نواه، دون ما تلفّظ به.
و لو اتّقى كان الأفضل الإضمار.
فلا ينعقد إحرامهما إلاّ بها، أو بالإشارة للأخرس و عقد قلبه بها، و أمّا القارن فله أن يعقد بها أو بالإشعار، أو بالتقليد لما يسوقه.
لبّيك، اللّهم لبّيك، لبّيك، إنّ الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك لبّيك؛ ذكره الشيخ رحمه اللّه في كتبه(2).
و قال ابن إدريس: هذه الصورة ينعقد بها الإحرام كانعقاد الصلاة بتكبيرة الاحرام(3).
و في رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق عليه السّلام:
«لبّيك، اللّهم لبّيك، لبّيك، لا شريك لك لبّيك»(4).
ص: 570
و يستحبّ الإكثار من لبّيك ذا المعارج لبّيك.
أحدهما الوجوب(1) و الأقرب الاستحباب(2)، و ليس على النساء جهر بالتلبية.
و تلبية الأخرس الإشارة بالإصبع و تحريك لسانه و عقد قلبه بها، و لا يجوز التلبية بغير العربيّة.
فيجوز للطاهر و الجنب و المحدث و الحائض.
و الإكثار من التلبية عند الإشراف و الهبوط و أدبار الصلوات، و تجدّد الأحوال، و اصطدام الرفاق، و في الأسحار و على كلّ حال.
و المفرد و القارن يقطعان التلبية يوم عرفة عند الزوال، و المعتمر عمرة مفردة يقطعها إذا دخل الحرم إن كان أحرم من خارجه، و إن كان قد خرج من مكّة للإحرام قطعها إذا شاهد الكعبة.
أيّ الثلاثة شاء عقد إحرامه به، و كان الآخر مستحبا.
ص: 571
و قال السيد المرتضى: لا ينعقد إحرام الأصناف الثلاثة إلاّ بالتلبية(1)، و هو اختيار ابن إدريس(2)، و الأوّل أقوى.
و الإشعار هو أن يشقّ سنام البعير من الجانب الأيمن و يلطخ بالدم، ليعلم أنّه صدقة، و التقليد هو أن يجعل في رقبة الهدي نعلا أو خيطا أو سيرا(3) أو ما أشبهها، قد صلّى فيه، ليعلم أنّه صدقة.
و الإشعار مختصّ بالإبل، و التقليد يشترك بينها و بين البقر و الغنم، و لو كانت البدن كثيرة، و أراد إشعارها، دخل بين كلّ بدنتين و أشعر إحداهما يمينا و الأخرى يسارا.
و بينها و بين ذي الحليفة ميل، إن كان راكبا، و إن كان ماشيا فحيث يحرم، و إن كان على غير طريق المدينة، لبّى من موضعه إن شاء، و الأفضل أن يمشي خطوات ثمّ يلبّي.
جاز أن يفعل ما يحرم على المحرم فعله، و لا كفارة، فإن فعل أحد الثلاثة حرم ذلك عليه، و وجبت الكفارة.
و أن يحلّه حيث حبسه، و لو نوى الاشتراط و لم
ص: 572
يتلفّظ به، فالوجه عدم الاعتداد به، و مع التلفّظ به لا يفيد سقوط الحجّ في القابل لو فاته في عامه، بالإجماع، بل جواز التحلّل عند الإحصار، و قيل: يتحلّل من غير شرط(1) و لو اشترط حتّى أحصر ففي سقوط دم الإحصار قولان: أحدهما السقوط، قاله السيد(2)، و الآخر عدمه؛ قاله الشيخ(3). و هو الأقوى.
و لا بدّ للشرط من فائدة كأن يقول: إن مرضت، أو فنيت نفقتي(4) أو فاتني الوقت، أو ضاق عليّ ، أو منعني عدوّ أو غيره، و لو قال: ان يحلّني حيث شئت لم يكن له ذلك.
قال الشيخ لا يجوز للمشترط أن يتحلّل إلاّ مع نيّة التحلّل و الهدي(5).
فإن سلّم عليه ردّ في أثنائها، و أن يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم بعد فراغه من التلبية.
بل يقول:
يا سعد.
و يجوز
ص: 573
الفتح، و الأوّل أولى، قال ثعلب(1): من فتحها فقد خصّ و من كسر فقد عمّ (2).
و يشترط كونهما ممّا يصح فيه الصلاة، فلا يجوز فيما لا يجوز فيه الصلاة كالحرير المحض للرجال.
و يجوز للنساء الإحرام في الحرير المحض خلافا للشيخ(3).
و يستحبّ الإحرام في الثياب القطن و أفضلها البيض، و يجوز في الأخضر و غيره من الألوان عدا السواد فإنّه مكروه، و لا بأس بالمعصفر، و يكره إذا كان مشبعا.
و يجوز في الحرير الممتزج و في ثوب قد أصابه ورس أو زعفران أو طيب إذا غسل و ذهبت رائحته، و لو أصاب ثوبه شيء من خلوق الكعبة و زعفرانها، لم يكن به بأس، و إن لم يغسله.
و الإحرام في الثياب الوسخة إلاّ أن تغسل، و في الثياب المعلمة.
و لا بأس بلبس الطيلسان و لا يزرّه.
ص: 574
فيجوز و لا فدية، و لا يجوز لبس القباء، فإن لم يجد ثوبا جاز له أن يلبسه مقلوبا، و لا يدخل يديه في يدي القباء، و لا فدية حينئذ.
و لو أدخل كتفيه في القباء و يده في كمّيه و لم يلبسه مقلوبا كان عليه الفداء.
قال ابن إدريس: ليس المراد من القلب جعل ظاهره إلى باطنه و بالعكس، بل المراد منه النكس بأن يجعل ذيله فوق أكتافه(1) و به رواية(2).
و إن لم يجدهما جاز أن يلبس الخفّين، و يقطعهما إلى ظاهر القدم كالشمشكين، و لا يجوز لبسهما قبل القطع.
و قال بعض أصحابنا: يلبسهما صحيحين(3)، و لو كان واجدا للنعلين لم يجز له لبس الخفّين المقطوعين، و كذا لا يجوز لبس القباء المقلوب مع وجود الإزار، و لو لم يجد رداء، لم يلبس القميص، أمّا لو عدم الإزار، فانّه يجوز له التوشّح بالقميص و بالقباء المقلوب، مخيّر في ذلك.
لكن يستحبّ له أن يطوف في ثوبيه الّذين أحرم فيهما، و يكره أن يغسلهما إلاّ إذا أصابهما نجاسة.
ص: 575
و لو لبسه بعد الإحرام، قال الشيخ: وجب عليه أن يشقّه و يخرجه من قدميه(1)، و هي رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق(2) عليه السّلام.
و فيه عشرة مباحث:
و لو أخلّ به ناسيا حتّى أكمل مناسكه، قال الشيخ: يصحّ الحجّ إذا كان عازما على فعله(3).
و أنكره ابن إدريس(4)، و هو خطأ.
1981. الثاني: لا يصحّ (5) الإحرام إلاّ من محلّ ،
فلو كان محرما بالحجّ لم يجز له أن يحرم بالعمرة و بالعكس.
لكنّهما يجدّدان التلبية ليبقيا على إحرامهما. و لو لم يجدّدا التلبية أصلا صارت حجّتهما عمرة، قاله الشيخ في النهاية(1) و المبسوط(2)، و قال في التهذيب: إنّما يحلّ المفرد لا القارن(3)، و أنكر ابن إدريس ذلك و إنّهما أنّما يحلاّن بالنية(4) لا لمجرّد الطواف و السعي، و على قول الشيخ حديثان صحيحان(5).
و إن كان قد ساق هديا لم يجز له التحلّل و كان قارنا، قاله في الخلاف(6).
فقد استقر دم التمتّع بإحرام الحجّ و إن لم يرم جمرة العقبة.
قال الشيخ: بطلت متعته، و كانت حجّته مبتولة، و إن فعل ذلك ناسيا، فليمض فيما أخذ فيه، و قد تمّت متعته، و ليس عليه شيء(7)، و قال بعض أصحابنا: الناسي عليه دم(8)، و قال آخرون:(9) يبطل الإحرام الثاني سواء وقع عمدا أو سهوا و يبقى على إحرامه الأوّل.
ص: 577
و الوجه ما قاله الشيخ رحمه اللّه.
من أخذ الشارب، و تقليم الأظفار و غير ذلك، ثمّ يمضي بسكينة و وقار، فإذا انتهى إلى الرقطاء دون الردم(1) لبّى، فإذا انتهى إلى الردم و أشرف على الأبطح(2) رفع صوته بالتلبية حتى يأتي منى.
إلاّ من يكون دخوله بعد إحرام قبل مضيّ شهر، أو يتكرّر كالحطّاب، و الحشاش، و ناقل الميرة(3) و صاحب الصنيعة(4) أو يكون دخوله لقتال مباح.
و إحرامها في وجهها و لا تخمره و لا تغطّيه بمخيط و غيره. و تستر سائر جسدها إلاّ وجهها، و يجوز لها أن تسدل على وجهها ثوبا حتّى لا يمسّه إلى طرف أنفها، و ليس لها أن تلبس النقاب و لا البرقع و لا القفّازين(5) و يجوز لها أن تلبس السراويل و الغلالة(6).
ص: 578
و فيه فصول
و فيه سبعة مباحث:
سار إلى أن يقارب الحرم، ثمّ اغتسل قبل دخوله مستحبّا، و مضغ شيئا من الإذخر، ليطيب فيه، و يدعو عند دخول الحرم.
فإذا نظر إلى بيوت مكّة قطع التلبية، و حدّها عقبة المدنيين، و لو كان على طريق المدينة، قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكّة، و هي عقبة ذي طوى.
و لو اغتسل ثمّ نام قبل دخولها أعاده استحبابا، ثمّ يدخلها من أعلاها، إذا كان داخلا من طريق المدينة، و يخرج من أسفلها، داعيا بسكينة و وقار حافيا.
ص: 579
و لا يجب على القارن و المفرد إلاّ بعد الوقوف، و قضاء مناسك منى.
و لا يجب على العبد(1) الإحرام لدخولها، و من يجب عليه دخولها بإحرام لو دخلها بغيره، لم يجب عليه القضاء.
و يدخله على سكينة(2) و وقار حافيا بخشوع و خضوع، من باب بني شيبة، و يدعو بالمرسوم، فإذا دخل المسجد رفع يديه، و استقبل البيت، و دعا بالمرسوم.
و فيه واحد و ثلاثون بحثا:
و كذلك خلوّ البدن و الثوب من النجاسة شرط في الطواف الواجب أيضا، سواء كانت النجاسة دما أو غيره، قلّت أو كثرت(3).
بل الأفضل فيه الطهارة.
ص: 580
1999. الثالث: ستر العورة شرط في الطواف (الواجب)(1).
و يدخل من باب بني شيبة بعد أن يقف عندها و يدعو و يسلّم على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و يكون دخوله بخضوع و خشوع، و عليه السكينة و الوقار، و يدعو إذا نظر إلى الكعبة.
و هي أن ينوي الطواف للحجّ أو العمرة واجبا أو ندبا قربة إلى اللّه تعالى، فلو طاف بغير نيّة لم يصحّ طوافه.
هكذا سبعة أشواط، فإن ترك و لو بخطوة منها لم يجزئه، و لم يحلّ له النساء حتّى يعود إليها فيأتي بها.
بأن يجعل البيت عن يساره، و يطوف عن يمين نفسه، فإن جعل البيت عن يمينه و طاف لم يجزئه، و وجب عليه الإعادة.
و يدخل الحجر في طوافه، فلو سلك الحجر أو على جداره أو على شاذروان الكعبة لم يجزئه.
فلو طاف دونها لزمه إتمامها، و لا يحلّ له ما حرّم عليه حتّى يأتي ببقيّة الطواف و إن قلّ .
فإذا فرغ من ذلك صلّى ركعتي الطواف واجبا في مقام إبراهيم عليه السّلام إن كان
ص: 581
الطواف واجبا، و هو قول أكثر علمائنا.
قال الشيخ قدّس سرّه في الخلاف: يستحبّ فعلهما خلف المقام، فإن لم يفعل و فعل في غيره أجزأه(1) و ليس بمعتمد.
فإن شقّ عليه، صلّى حيث ذكر، و لو خرج استناب.
و لو صلّى في غير المقام عامدا، لم يجزئه، فإن كان ناسيا ثمّ ذكر، تداركه، و رجع إلى المقام، و أعاد الصلاة.
و لو كان فيه زحام صلّى خلفه، فإن لم يتمكّن فليصلّ حياله.
سواء كان بعد الغداة أو بعد العصر إذا كان طواف فريضة، و إن كان طواف نافلة أخّرهما إلى بعد طلوع الشمس أو بعد صلاة المغرب.
و لو طاف في وقت فريضة، فإن كان الطواف واجبا، فالوجه تخيّره بين أداء الفريضة أوّلا و بين ركعتي الطواف، و إن كان نفلا، قدّم الفريضة.
و لو صلّى المكتوبة بعد الطواف الواجب، لم يجزئه عن الركعتين.
و روي العكس(2).
ص: 582
جاز أن يصلّيهما في أيّ موضع شاء من المسجد.
و لو نسيهما حتّى شرع في السعي، قطع السعي، و عاد إلى المقام، فصلّى ركعتين، ثمّ عاد، فيتمّم السعي(1).
و لو دخل المسجد و الإمام مشتغل بالفريضة، صلّى المكتوبة معه، فإذا فرغ من صلاته اشتغل بالطواف، و كذا لو قربت إقامة الصلاة.
و يدعو و يكبّر عند محاذاته، و يرفع يديه، و يحمد اللّه و يثني عليه، و يستلم الحجر و يقبّله.
فإن لم يتمكّن من الاستلام، استلمه بيده و قبّل يده، فإن لم يتمكّن من ذلك أشار إليه بيده.
فإن كانت مقطوعة من المرفق، استلمه بشماله.
فإن لم يتمكّن استلمه بيده و قبّل يده.
و يستحبّ استلام الأركان كلّها، و آكدها الحجر اليماني، و هو آخر الأركان الأربعة قبلة أهل اليمن، و هو يلي الركن الذي فيه الحجر.
و يستحبّ الوقوف عند اليماني و الدعاء عنده، و روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم طاف بالكعبة حتّى إذا بلغ الركن اليماني، رفع رأسه إلى الكعبة، ثمّ قال:
«الحمد للّه الّذي شرّفك و عظّمك، و الحمد للّه الّذي بعثني نبيّا، و جعل عليّا إماما، اللّهم أهد إليه خيار خلقك، و جنّبه شرار خلقك»(1).
و يستحبّ الاستلام في كلّ شوط، و أن يدعو في الطواف بالمنقول.
و يبسط يديه على حائطه، و يلصق به خدّه و بطنه، و يدعو بالمأثور، و يذكر ذنوبه مفصّلة، و يستغفر اللّه منها.
و لو نسي الالتزام حتى جاوز موضعه، فلا إعادة عليه، و لو ترك الاستلام، لم يكن عليه شيء.
و هو أن يدخل إزاره تحت منكبه الأيمن و يجعله على منكبه الأيسر(2) و هو افتعال مأخوذ
ص: 584
من الضبع، و هو عضد الإنسان، و قلبت التاء طاء لوقوعها بعد ضاد ساكنة.
بأن يمشي مستويا بين السّرع و الإبطاء، و أن يرمل(1) ثلاثا و يمشي أربعا في طواف القدوم خاصّة.
و لو ترك الرمل، لم يكن عليه شيء، و لم يقضه في الأربع الباقية، و هو مستحبّ في الثلاثة الأولى من الحجر و إليه، و لو تركه في شوط، أتى به في اثنين خاصّة، و لو تركه في طواف القدوم لم يستحبّ قضاؤه في طواف الزيارة.
و الرمل مستحبّ لأهل مكّة أيضا، و لا يستحبّ للنساء و لا الاضطباع، و المريض و الصبيّ إذا حملهما غيرهما رمل بهما ثلاثا، و مشي أربعا، و لو كان راكبا حرّك دابّته في الثلاثة الأول.
و لو كان بالقرب منه زحام يمنعه من الرمل، وقف إلى أن يجد الفرصة و يرمل، أو يتأخّر إلى حاشية الناس و يرمل، و لو عجز عنهما مشى من غير رمل.
فإن لم يتمكن فثلاثمائة و ستين شوطا، و الزيادة يلحق بالطواف الأخير، و يصلّي لكلّ أسبوع ركعتين، بعد فراغه من الأسبوع، و يجوز تأخيرها إلى إكمال الأسابيع.
لم يجزئه، و كذا لو أدخل السقاية و زمزم.
ص: 585
2026. الثلاثون: لو طاف و ظهره إلى الكعبة(1) لم يجزئه.
و لو ركب أجزأه لعذر و غيره، و لا دم عليه و إن كان لغير عذر.
و فيه عشرون بحثا:
لم يجزئه و إن كان ساهيا، و يجب إعادته، و لو طاف طواف التطوّع و صلّى، ثم ذكر أنّه على غير وضوء، أعاد الصلاة خاصة، و لو كان واجبا أعادهما معا.
و لو طاف في ثوب نجس عامدا، أعاد في الفرض، و لو علم في أثناء الطواف، أزاله و تمّم الطواف، و لو لم يعلم حتّى فرغ أجزأه.
فإن تجاوز النصف تطهّر و تمّم ما بقي، و إلاّ أعاد من أوّله، و إن شكّ في الطهارة، فإن كان في أثناء الطواف تطهّر و استأنف، و إن كان بعده، لم يستأنف.
فليضف إليها شوطا آخر، و لا شيء عليه، و إن لم يذكر حتّى رجع إلى أهله، أمر أن يطوف عنه و لا دم.
ص: 586
و لو ذكر و هو في السعي أنّه طاف أقلّ من سبعة، قطعة و تمّم الطواف، ثمّ تمّم السعي.
فإن كان قد جاوز النصف، بنى، و إلاّ أعاده، و إن كان نفلا بنى مطلقا.
و لو دخل عليه وقت فريضة، و هو يطوف، قطع الطواف، و ابتدأ بالفريضة، ثمّ عاد فتمّم طوافه من حيث قطع، و هل يبني من حيث قطع أو من الحجر؟ فيه إشكال، الأحوط الثاني، و الخبر(1) يدلّ على الأوّل.
و لو خشي فوات الوتر، قطع الطواف و أوتر ثمّ بنى على ما مضى من طوافه.
فإذا فرغت من المناسك، أتمّت الطواف بعد طهرها.
و لو كان دون ذلك، بطل الطواف، و انتظرت عرفة، فإن طهرت و تمكّنت من أفعال العمرة و الخروج إلى الموقف، فعلت، و إلاّ صارت حجّتها مفردة.
و لو كان ناسيا، قضاه و لو بعد المناسك، فإن تعذر العود، استناب فيه.
فإن كان بعد فراغه، لم يلتفت إليه، و إن كان في أثنائه، فإن كان الشكّ في الزيادة، كأن يشكّ هل طاف سبعة أو ثمانية، قطعه، و لا شيء عليه، و إن كان في النقصان، مثل أن يشكّ بين الستّة
ص: 587
و السبعة، أو الستّة و الأقلّ ، فإن كان طواف الفريضة، أعاده من أوّله، و إن كان نفلا، بنى على الأقلّ استحبابا، و يجوز البناء على الأكثر، و يجوز له التعويل على غيره في تعداد الطواف، فلو شكّا أعاد إن كان في النقصان، و إلاّ فلا.
فلو زاد عمدا بطل طوافه، و إن كان سهوا، استحبّ أن يتمّم أربعة عشر شوطا، ثمّ يصلّي ركعتي طواف الفريضة، و يسعى، و يعود إلى المقام، فيصلّي ركعتي النفل.
و هل هو محرّم في الفريضة ؟ فيه إشكال، قال ابن إدريس: إنّه مكروه شديد الكراهة(1).
و الأفضل في كلّ طواف صلاة، و القران مكروه في النافلة أيضا، و على الإشكال في الفريضة.
و إذا قرن بين طوافين، يستحبّ الانصراف على وتر، مثل أن ينصرف على ثلاثة أسابيع، و لا ينصرف على أسبوعين.
فليقطع الطواف، و لا شيء عليه، و إن لم يذكر حتّى يجوزه، تمّم أربعة عشر شوطا استحبابا.
و لو شك هل طاف ستة أو سبعة أو ثمانية ؟ أعاد في الفريضة.
عاد فتمّم طوافه إن كان قد طاف أربعة أشواط، و إن كان دونها أعاد من أوّله، و لو لم يذكر حتّى رجع
ص: 588
إلى أهله، أمر من يطوف عنه الباقي أو الجميع.
لم يصحّ طوافه.
و لو كان على جسده نجاسة عامدا، أعاد، و لو كان ناسيا، و ذكر في الأثناء، أزال النجاسة، أو نزعه، و تمّم طوافه، و إن لم يذكر حتّى فرغ منه، نزع الثوب أو غسله، و صلّى الركعتين.
أعاد الطوافين معا.
فإن كان يستمسك، طيف به، و إلاّ انتظر به يوم أو يومان، فإن برأ، طاف بنفسه، و إلاّ طيف عنه مع ضيق الوقت، و كذا الكبير.
و لو طاف بعض الأشواط، فاعتلّ بما لا يستمسك معه الطهارة، انتظر به يوم أو يومان، فإن برأ، أتمّ طوافه إن كان قد تجاوز النصف، و إلاّ أعاده، و إن لم يبرأ طيف عنه.
و يستحبّ الدعاء فيه بما تقدّم، و كذا قراءة القرآن، و يجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيه لو اتفق، و يجوز له الشرب في الطواف، و لا يكره أن يقال: شوط أو شوطان، قال الشيخ: نعم يستحبّ أن
ص: 589
يقال: طواف و طوافان(1).
أجزأ عنهما.
2044. السابع عشر: قال الشيخ: لا يجوز أن يطوف و عليه برطلة(2) و أطلق،
2044. السابع عشر: قال الشيخ: لا يجوز أن يطوف و عليه برطلة(2) و أطلق(3)،
و قال ابن إدريس: إنّه مكروه في طواف الحج، حرام في طواف العمرة، نظرا إلى تغطية الرأس(4).
قال الشيخ: يجب عليه طوافان: أسبوع ليديه، و أسبوع لرجليه(5) و قال ابن إدريس: لا ينعقد نذره(6).
و الشيخ ذكر روايتين في حقّ المرأة، لا يحضرني الآن حال سندهما(7).
كما أنّ طواف العمرة ركن فيها، فلو أخلّ به عامدا، بطل حجّه، و إن أخلّ به ناسيا، وجب عليه أن يعود و يقضيه، فإن لم يتمكّن استناب فيه، و لا يجزئ طواف الوداع عنه.
و لو تركه جاهلا، قال الشيخ: يجب عليه إعادة الحجّ و بدنة(8) و توقّف ابن
ص: 590
إدريس في إيجاب البدنة(1)، و الشيخ عوّل على الرواية الصحيحة عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام(2) و التعويل على الرواية.
لم تحلّ له النساء حتى يزور البيت، و يأتي به، و يجوز له أن يستنيب فيه.
ص: 591
ص: 592
و فيه ثلاثة عشر بحثا:
الطهارة و ليست شرطا، و استلام الحجر بعد فراغه من الطواف قبل السعي، و الشرب من ماء زمزم، و صبّه على الجسد من الدلو المقابل للحجر، و الخروج إلى الصفا من الباب المقابل للحجر، و الصعود على الصفا، و يطيل الوقوف عليها، و يحمد اللّه، و يثني عليه، و يدعو، و يذكر من آلاء اللّه و بلائه، و حسن ما صنع به، ما قدر عليه، و لو لم يتمكن من الإطالة دعا بما تيسّر.
فيبطل لو أخلّ بها عمدا أو سهوا، و يجب فيها تعيين الفعل و التقرب و الوجوب أو الندب.
يبدأ بالصفا و يختم بالمروة، فلو بدأ بالمروة أعاد، و يسعى بينهما سبعة أشواط، يحسب ذهابه من الصفا إلى المروة شوطا و عوده من المروة إلى الصفا آخر، هكذا سبع مرّات.
و يجب السعي بين الصفا و المروة في المسافة الّتي بينهما، و لا يجوز
ص: 593
الإخلال بشيء منها و لو بذراع، و لا يحلّ له النساء حتّى يكمله، و لا يجب عليه الصعود على الصفا و لا المروة.
و يستحبّ له المشي في طرفي السعي، و الرمل وسطه ما بين المنارة و زقاق العطارين، و هو من جملة وادي محسر، و الراكب يحرّك دابّته.
و لو نسي الرمل حتّى يجوز موضعه، ثمّ ذكر، فليرجع القهقرى إلى المكان الّذي يرمل فيه، و لو تركه عامدا لم يكن عليه شيء.
و يستحبّ الدعاء حال السعي بالمنقول.
يبطلان بالإخلال به عمدا، و لو تركه ناسيا، أعاده، و لا شيء عليه، و لو خرج من مكّة عاد له، و إن لم يتمكّن أمر من يسعى عنه.
أعاد السعي من أوّله سبعا، و لا يكفي سقوط الأوّل و البناء على أنّه بدأ بالصفا و ان أضاف شوطا آخر.
و لو تيقّن عدد الأشواط و شكّ فيما به بدأ، فإن كان في المزدوج على الصفا، فقد صحّ سعيه، و إن كان في المروة أعاد، و لو انعكس الفرض انعكس الحكم.
يلصق عقبه بالصفا، و إن لم يصعد عليه، و يبدأ به، و يمشي إلى المروة، و يلصق أصابعه بها، ثمّ يبتدئ منها يلصق عقبه بها، و يرجع إلى الصفا، و يلصق أصابعه به، و هكذا سبعا.
ص: 594
فلو نقص و لو خطوة، وجب الإتيان بها، و لا يحلّ له ما يحرم عليه مع الإخلال بها.
و لو أخلّ بشوط أو ما زاد، وجب عليه الإتيان به، فإن رجع إلى بلده، وجب عليه العود مع المكنة و إتمام السعي.
و لو لم يذكر حتّى واقع أهله، أو قصّر، أو قلّم أظفاره، كان عليه دم بقرة و إتمام السعي، و لو لم يحصل العدد أعاد.
فإن فعله عامدا، أعاد السعي، و إن كان ساهيا، طرح الزيادة و اعتدّ بالسبعة، و إن شاء أكمل أربعة عشر شوطا.
و لو دخل وقت صلاة و هو في السعي، قطعه و صلّى، ثمّ تمّم سعيه.
و يجوز قطع السعي لقضاء حاجة له أو لبعض إخوانه، ثمّ يعود فيتمّ ما قطع عليه.
2057. العاشر: من طاف بالبيت، جاز له تأخير السعي إلى بعد ساعة أو العشي(1)
و لا يجوز إلى غد يومه.
فإن قدّمه لم يجز، و لو طاف بعض الطواف، ثمّ مضى إلى السعي ناسيا، ثمّ ذكر في أثناء السعي نقصان الطواف، رجع فأتمّ طوافه، ثمّ عاد فتمّم سعيه.
ص: 595
فإن فعله عامدا، أعاد طواف النساء بعد السعي، فإن كان ناسيا، لم يكن عليه شيء.
و يجوز للضرورة، كالشيخ الكبير و المريض و المرأة إذا خافت الحيض.
و كذا يجوز تقديم طواف النساء على الموقفين مع العذر، و لا يجوز اختيارا.
أمّا القارن و المفرد فقال الشيخ رضى اللّه عنه: يجوز تقديم طوافهما و سعيهما على المضيّ إلى عرفات لضرورة و غير ضرورة(1)، و أنكر ابن إدريس ذلك(2).
ص: 596
و فيه تسعة مباحث:
و قد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه.
و التقصير واجب في العمرة، فلا يقع الإحلال منها إلاّ به، و يثاب عليه، و لا يستحبّ تأخيره، و لو أخّره لم تتعلّق به كفّارة.
و صارت حجّته مفردة، و لا يدخل أفعال الحجّ في أفعال العمرة.
و لو أخلّ ناسيا، صحّت متعته، و كان عليه دم، وجوبا عند الشيخ(1)، و استحبابا عند ابن بابويه(2).
و إن كان متوسطا فبقرة، و إن كان معسرا فشاة، و لا يبطل عمرته.
ص: 597
و المرأة إن طاوعته، وجب عليها مثل ذلك، و إن أكرهها، تحمّل عنها الكفّارة.
و لو كان جاهلا لم يكن عليه شيء.
و لو قبّل امرأته قبل التقصير، وجب عليه دم شاة.
قاله في الخلاف(1) و منع في غيره من الحلق، و أوجب به دم شاة مع العمد(2)، و لو كان ناسيا أو جاهلا لم يكن عليه شيء.
و أقلّه ثلاث شعرات، و لا يتقدّر بالربع، و لا يجب أن يقصّر من جميع رأسه.
و لو حلّق في إحرام العمرة أجزأه، و في التحريم خلاف تقدّم، و لو حلّق بعض رأسه، فالأقرب عدم التحريم على القولين، و لا دم.
و كذا لو نتفه و أزاله بالنورة.
و لو قصّر من الشعر النازل عن حدّ الرأس أو ما يحاذيه، أجزأه.
و كذا لو قصّر من أظفاره، أو أخذ من شاربه، أو حاجبه، أو لحيته.
و ليس بواجب.
ص: 598
إلاّ لضرورة، فإن اضطرّ إلى الخروج، خرج إلى حيث لا يفوته الحجّ ، و يخرج محرما بالحجّ ، فإن أمكنه الرجوع إلى مكّة، و إلاّ مضى إلى عرفات بإحرامه.
و لو خرج بغير إحرام ثمّ عاد، فإن كان في الشهر الّذي خرج فيه، لم يضرّه أن يدخل مكّة بغير إحرام، و إن دخل في غير الشهر الّذي خرج فيه، دخلها محرما بالعمرة إلى الحجّ ، و تكون عمرته الأخيرة هي الّتي يتمتّع بها إلى الحجّ .
و لو خرج من مكّة بغير إحرام، ثمّ عاد في الشهر الّذي خرج فيه، قال الشيخ: يستحبّ أن يدخلها محرما بالحجّ ، و يجوز أن يدخلها بغير إحرام(1) تعويلا على رواية إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السّلام(2) و فيه نظر، إذ قد بيّنا أنّه لا يجوز الإحرام بحجّ التمتّع إلاّ من مكّة.
إذا علم أو غلب على ظنّه تمكّنه من إنشاء إحرام الحجّ و إدراك عرفات و المشعر و لو كان دخوله مكّة بعد الزوال يوم التروية، أو ليلة عرفة، أو يوم عرفة قبل الزوال، أو بعده، و الضابط إدراك عرفات قبل الغروب.
و قال المفيد: إذا زالت الشمس يوم التروية و لم يكن أحلّ من عمرته، فقد فاته المتعة، و لم يجز له التحلّل منها، بل يبقى على إحرامه، و تنقلب حجّته مفردة(3). و الأوّل أقوى.
ص: 599
ص: 600
و فيه خمسة مباحث:
و يستحبّ أن يكون يوم التروية عند الزوال بعد أن يصلّي الفرضين. و يجوز أن يحرم قبل ذلك و بعده إذا علم أنّه يقدر على عرفات.
و الأفضل أن يكون من تحت الميزاب أو المقام.
و يستحبّ أن يفعل هنا كما فعل في إحرام العمرة من الإطلاء و الاغتسال و التنظيف بإزالة الشعر و تقليم الأظفار و الدعاء و الاشتراط و غير ذلك، ثمّ يلبس ثوبي إحرامه، و يدخل المسجد حافيا بسكينة و وقار، و يصلّي ركعتين له عند المقام أو في الحجر، و إن صلّى ستّ ركعات كان أفضل، و إن صلّى الظهر و أحرم عقيبها، كان أفضل.
فإذا صلّى أحرم بالحج مفردا، و يدعو بالمأثور، غير أنّه يذكر الحجّ مفردا، و يلبّي إن كان ماشيا من موضعه الذي صلّى فيه، و إن كان راكبا فإذا نهض به
ص: 601
بعيره، فإذا انتهى إلى الردم و أشرف على الأبطح، رفع صوته بالتلبية، حتّى يأتي منى.
كما قلنا في إحرام العمرة سواء.
و لو فعله لغير عذر، لم يجزئه عن طواف الحجّ و كذا السعي، و لو فعله لعذر جاز.
لأنّ عمرته انقضت، فلو نسي فأحرم بالعمرة و هو يريد الحجّ ، لم يكن عليه شيء، و لو نسي الإحرام بالحجّ يوم التروية حتّى حصل بعرفات و لم يمكنه الرجوع، أحرم من هناك. فإن لم يذكر حتّى يرجع إلى بلده، قال الشيخ: تمّ حجّه و لا شيء عليه(1).
ص: 602
و فيه ثمانية عشر بحثا:
فانّه يستحبّ له أن يصلّي الظهر و العصر بمنى و يقيم إلى طلوع الشمس.
و يجوز للشيخ الكبير و المريض و المرأة و خائف الزحام الخروج من مكّة قبل الظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة.
كما بيّناه، و يستحبّ له أن يدعو عند التوجّه بالمأثور، و يدعو إذا نزل إلى منى، ثمّ يبيت بها مستحبّا ليلة عرفة إلى طلوع الفجر، و يكره الخروج قبله إلاّ لعذر كالمرض و الخوف و المشي، و يصلّي الفجر في الطريق، و الأفضل أن يقيم حتّى تطلع الشمس، و لو خرج قبل طلوعها جاز لكن لا يجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس.
و الإمام لا يخرج من منى حتى تطلع الشمس.
فمن أقام بمكّة حتّى تزول
ص: 603
الشمس ممّن يجب عليه الجمعة، لم يجز له الخروج حتّى يصلي الجمعة، و يجوز الخروج قبل الزوال.
يوم السابع منه و يوم عرفة، و يوم النحر بمنى، و يوم النفر الأوّل، يعلّم الناس ما يجب عليهم فعله من المناسك.
و لا يجب بتركه شيء.
فإذا انتهى إلى عرفات، ضرب خباءه بنمرة، و هي بطن عرنة دون الموقف و دون عرفة.
فإذا زالت الشمس يوم عرفة، اغتسل و صلّى الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين، و يقف للدعاء.
و حدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر.
و الواجب نيّة الوجوب و التقرّب إلى اللّه.
و يجب الكون بعرفة إلى غروب الشمس من يوم عرفة، و كيف ما حصل بعرفة أجزأه، قائما و جالسا، و راكبا، و نائما، إذا كان قد سبق منه النيّة في وقتها.
ص: 604
و هو لا يعلم أنّه بعرفة، فالوجه عدم الاجتزاء، و لو دخلها نائما، و استمرّ النوم إلى بعد الفوات، ففي الإجزاء نظر، أقربه عدم الإجزاء خلافا للشيخ(1).
و المغمى عليه و المجنون إذا لم يفق حتّى خرج منها لم يجزئه الوقوف، و السكران إذا زال عقله، لم يصحّ وقوفه، و إلاّ جاز.
و لا استقبال القبلة بالإجماع لكن الطهارة أفضل.
فإذا أذّن المؤذّن، قام الإمام فصلّى بالناس الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين، و المأموم يجمع كالإمام، و كذا المنفرد و المكّي، و يتمّ من كان منزله دون المسافة و إن قصّر إمامه.
و يستحبّ تعجيل الصلاة حين تزول الشمس، و أن يقصّر الخطبة و يقف في أوّل وقته.
و يستحبّ له الاغتسال، للوقوف، و يقطع التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفة، فإذا جاء إلى الموقف بسكينة و وقار، حمد اللّه و أثنى عليه، و كبّره، و هلّله، و دعا، و اجتهد في الإكثار من الدعاء لإخوانه المؤمنين، و يؤثرهم على نفسه، و يستحبّ أن يدعو بدعاء الموقف لزين العابدين عليه السّلام(2).
ص: 605
من تركه عمدا بطل حجّه بالإجماع. و لو تركه ناسيا أو لعذر تداركه. فإن لم يمكنه و لحق الوقوف بالمشعر في وقته فقد أدرك الحج، و إلاّ فقد فاته.
اختياريّ ، و أوّله زوال الشمس من يوم عرفة، و آخره غروبها، و اضطراريّ إلى طلوع الفجر من يوم النحر.
فلو لم يتمكّن من عرفات نهارا، و تمكّن من الوقوف بها ليلا، وجب، و أجزأه إذا أدرك المشعر قبل طلوع الشمس.
و لو فاته الوقوف نهارا، و خاف إن مضى إليها ليلا فوات المشعر، يسقط الوقوف بعرفة، و أجزأه المشعر.
فإن فعله عامدا. صحّ حجّه، و وجب عليه بدنة، فإن لم يتمكّن، صام ثمانية عشر يوما.
و لو كان ناسيا، لم يكن عليه شيء، و كذا لو عاد قبل غروب الشمس فوقف حتّى غربت، و لو كان عوده بعد الغروب لم يسقط الدم.
و لو لم يأت عرفات نهارا لعذر، و حضر بعد غروب الشمس، و وقف بها، صحّ حجّه و لا شيء عليه، و يجوز له أن يخرج منها أيّ وقت شاء من الليل.
فوقف الناس يوم التاسع من ذي الحجة، ثمّ قامت البيّنة أنّه يوم العاشر، ففي الإجزاء نظر، و كذا لو غلطوا في العدد فوقفوا يوم التروية.
و لو شهد واحد أو اثنان برؤية هلال ذي الحجة، و ردّ الحاكم
ص: 606
شهادتهما، وقفوا يوم التاسع على وفق رؤيتهم و إن وقف الناس يوم العاشر عندهما.
و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة و نمرة إلى ذي المجاز، فلا يجوز الوقوف في هذه الحدود و لا تحت الأراك، فلو وقف بها بطل حجّه.
و ينبغي أن يقف على السفح على ميسرة الجبل، و لا يرتفع إلى الجبل إلاّ عند الضرورة إلى ذلك.
و يستحبّ له إن وجد خللا أن يسدّه بنفسه و رحله، و أن يقرب من الجبل، و أن يصلّي مائة ركعة بالتوحيد و يختمها بآية الكرسي، و اجتماع الناس في الأمصار للتعريف يوم عرفة.
ص: 607
ص: 608
و فيه عشرة مباحث:
مقتصدا في سيره، و عليه السكينة و الوقار، و يكثر من الاستغفار و من ذكر اللّه تعالى، و لا ينبغي أن يلبّي في سيره.
و يستحبّ أن يمضي على طريق المأزمين، و أن يصلّي المغرب و العشاء بالمزدلفة، و إن ذهب ربع الليل أو ثلثه، و يجمع بينهما بأذان واحد و إقامتين، و لا يصلّي بينهما شيئا من النوافل، بل يؤخّر نوافل المغرب إلى بعد العشاء، و لا يفصل بين الصلاتين، و لو فعل لم يأثم.
و لو لم يجمع بينهما، بل صلّى كل واحدة منهما في أوّل وقتها، أجزأه، و لو فاته الجمع مع الإمام، جمع هو.
و لو منعه عائق في الطريق و خشي ذهاب أكثر الليل، صلّى في الطريق.
مبتهلا، و المبيت بها ليس بركن، و إن كان الوقوف ركنا.
و الواجب نيّة الوجوب، و التقرب إلى اللّه تعالى.
و يستحبّ أن يقف بعد أن يصلّي الفجر، و لو وقف قبل الصلاة جاز، إذا كان الفجر طالعا.
و يدعو بالمنقول، و يحمد اللّه، و يثني عليه، و يذكر من آلائه و بلائه و حسن ما صنع به، ما قدر عليه. و يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و يدعو، ثمّ يقف إلى أن يشرق ثبير(1) و ترى الإبل مواضع أخفافها.
و يستحبّ فيه الطهارة، و لو وقف على غير طهر، أو كان جنبا أجزأه، و أن يطأ الصرورة المشعر برجله أو ببعيره.
قال الشيخ: و بالمشعر الحرام جبل هنا يسمى قزح، يستحبّ الصعود عليه و ذكر اللّه تعالى عنده(2).
من تركه عمدا بطل حجّه، و يجب بعد طلوع الفجر الثاني، و لا يجوز الإفاضة قبل طلوعه اختيارا، فلو أفاض قبل طلوعه عامدا بعد أن يكون قد وقف ليلا، وجب عليه دم شاة، و صحّ حجّه.
و قال ابن إدريس: بطل حجّه(3).
و لو كان ناسيا لم يكن عليه شيء.
ص: 610
و يجوز للخائف و المرأة و غيرهما من ذوي الأعذار الإفاضة قبل طلوع الفجر، و يستحبّ لغير الإمام الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الشمس بقليل بعد الإسفار، و للإمام بعد طلوعها.
و لو دفع غير الإمام قبل الإسفار بعد الفجر، أو بعد طلوع الشمس، لم يكن مأثوما.
و حدّه ما بين مأزمي(1) عرفة إلى الحياض إلى وادي محسّر، يجوز الوقوف في أيّ موضع شاء منه، و لو ضاق عليه الموقف جاز له أن يرتفع إلى الجبل.
و يمتدّ وقت الضرورة إلى الزوال من يوم النحر، فيجب الإتيان به، و يجزئ مع إدراك عرفات اختيارا، و كذا لو أدرك عرفات اضطرارا و المشعر اختيارا.
أمّا لو أدرك الاضطراريّين ففي إدراك الحجّ إشكال، و لو أدرك أحد الاضطراريّين خاصّة، فاته الحجّ ، و يلوح من كلام السيّد رحمه اللّه أنّه إن كان عرفة فاته الحجّ ، و إن كان المشعر صحّ (2)، و عليه دلّت رواية عبد اللّه بن المغيرة الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(3).
و لو أدرك أحد الاختياريّين، و فاته الآخر اختيارا و اضطرارا، فإن كان
ص: 611
الفائت هو عرفة، صحّ الحج، و إن كان هو المشعر ففي إدراك الحجّ إشكال.
و لا فرق في فوات الحجّ بترك الوقوف بالمشعر بين العامد و الجاهل.
2100. الثامن: قال الشيخ رضى اللّه عنه: من ترك الوقوف بالمشعر عمدا، وجبت عليه بدنة(1).
و الحق بطلان الحج.
و لو ترك الموقفين معا، بطل حجّه، سواء كان عامدا أو ناسيا أو جاهلا.
و لو نسي الوقوف بعرفة، رجع فوقف بها و لو إلى طلوع الفجر إذا علم أنّه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس، و لو غلب على ظنّه الفوات، اقتصر على المشعر قبل طلوع الشمس، و قد تمّ حجّه، و كذا لو نسي الوقوف بعرفات و لم يذكر بعد الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس.
و لو نسي الوقوف بالمشعر، فإن كان قد وقف بعرفة، صحّ حجّه، و إلاّ بطل.
و يجوز أخذه من الطريق في الحرم، و من جميع مواضع الحرم عدا المسجد الحرام و مسجد الخيف، و من حصى الجمار.
و منع بعض علمائنا من أخذه من المساجد كلّها(2) و هو حسن، و لو أخذ الحصى من غير الحرم لم يجزئه.
و عليه السكينة و الوقار، ذاكرا للّه تعالى مستغفرا داعيا.
ص: 612
فإذا بلغ وادي محسّر - و هو وادي عظيم بين جمع و منى، و هو إلى منى أقرب - أسرع في مشيه إن كان ماشيا، و إن كان راكبا حرّك دابّته، و لو نسي الهرولة استحبّ له أن يرجع، و يهرول فيه، و يدعو حالة السعي في وادي محسّر.
و روي ابن بابويه استحباب الهرولة فيه مائة خطوة(1).
و في رواية أخرى مائة ذراع(2).
و إذا أفاض قبل طلوع الشمس من المشعر، فلا يجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس، و روي كراهة الإقامة بالمشعر بعد الإفاضة(3).
ص: 613
ص: 614
و فيه فصول
و فيه خمسة عشر بحثا:
داعيا بالمنقول، و يقضي مناسكه بمنى يوم النحر، و هي ثلاثة: الأوّل: رمي جمرة العقبة، الثاني: الذبح، الثالث: الحلق، و ترتيب هذه المناسك واجب.
و هي آخر الجمرات ممّا يلي منى، و أوّلها ممّا يلي مكّة عند العقبة، و رمي هذه الجمرة يوم النحر واجب.
و لا يجوز بغيرها، و إن كان من جنس الأرض كالكحل و الزرنيخ و المدر.
قاله أكثر علمائنا.
ص: 615
و قال في الخلاف: لا يجوز إلاّ بالحجر و ما كان من جنسه من البرام(1)و الجوهر و أنواع الحجارة، و لا يجوز بغيره كالمدر، و الآجر، و الكحل، و الزرنيخ، و الملح، و الذهب، و الفضة(2).
و الوجه الأوّل، لرواية زرارة الحسنة عن الصادق عليه السّلام(3).
فلو رمى بحصاة رمى بها هو أو غيره، لم يجزئه و إن كانت واحدة.
و لو رمى بحصاة نجسة، ففي الإجزاء نظر. و لو رمى بخاتم، «فصّه» ممّا يجوز الرمي به، فالأقرب الإجزاء.
فلا يجزئه لو أخذه من غيره.
2109. السابع: يستحبّ أن تكون برشا(4) كحليّة ملتقطة منقّطة غير مكسّرة رخوة،
و تكون صغارا قدر الأنملة، فلو رمى بأكبر من هذا القدر(5) أجزأه.
بأن يقصد فيها الوجوب و القربة إلى اللّه تعالى، و العدد و هو سبع حصيات في يوم النحر لرمي جمرة العقبة، فلو أخلّ
ص: 616
بواحدة، وجب عليه الإكمال، و إيصال كلّ حصاة إلى الجمرة بما يسمّى رميا بفعله، فلو وضعها بكفّه في الرمي لم يجزئه.
و لو طرحها طرحا، ففي الإجزاء نظر، ينشأ من صدق الرمي عليه و عدمه، و لا يجزئه الرمي إلاّ أن يقع الحصى في المرمى، فلو وقع دونه لم يجزئه.
فلو رمى بحصاة فوقعت على الأرض ثم مرّت على سمتها، أو أصابت شيئا صلبا كالمحمل و شبهه، ثمّ وقعت في المرمى بعد ذلك أجزأه.
و لو وقعت على ثوب إنسان فنفضها أو على عنق بعير فنفضها فوقعت في المرمى لم يجزئه، و كذا لو وقعت على الثوب أو العنق فيحرّك فوقعت في المرمى.
فلو رماها نحو المرمى و لم يعلم هل حصلت في المرمى أم لا، فالوجه عدم الإجزاء، و لو رمى حصاة فوقعت على أخرى، فطفرت الثانية(1) فوقعت في المرمى لم يجزئه، و كذا لو رمى إلى غير المرمى فوقع في المرمى.
و لو وقعت على مكان أعلى من الجمرة فتدحرجت فوقعت في المرمى، فالأقرب الإجزاء.
و لو رمى بحصاة فالتقمها طائر قبل وصولها، لم يجزئه، سواء رماها الطائر في المرمى أو لا، و لو أصابت الحصاة إنسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار أجزأه، و كذا لو أعاد الرمي بحصاة، و قلنا إنّه لم يجزئه الرمي بها أجزأه.
ص: 617
فلو رمى الحصيات(1) دفعة لم يجزئه، و لو رمى أكثر من واحدة، فرمية واحدة و لو اختلفا في الوقوع بأن تلاصقا فيه، و لو اتبع الحجر الحجر، فرميتان و إن تساويا في الوقوع.
و ينبغي أن يرميها مستقبلا لها مستدبرا للكعبة، بخلاف غيرها من الجمار.
و كلّ أفعال الحجّ (2) يستحبّ فيها استقبال الكعبة، من الوقوف بالموقفين و رمي الجمار إلاّ جمرة العقبة، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم رماها مستقبلها مستدبرا للكعبة.
بأن يضع كلّ حصاة على بطن إبهامه و يدفعها بظفر السبابة، و أن يكون بينه و بين الجمرة قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا، و أن يكبّر مع كلّ حصاة، و يدعو بالمنقول.
و يستحبّ أن لا يقف عند جمرة العقبة.
فإذا غربت فات الرمي، و قضاه في الغد، و يجوز تأخير رمي جمرة العقبة إلى قبل الغروب بمقدار أداء المناسك، و وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس يوم النحر.
ص: 618
و وقت الإجزاء من طلوع الفجر اختيارا، فإن رمى قبل ذلك لم يجزئه.
و يجوز للعليل و المريض و صاحب الضرورة و النساء الرمي في الليل قبل فجر النحر.
و يستحبّ إذا رمى جمرة العقبة، أن يمضي و لا يقف عندها.
و قدره سبعون حصاة: سبع منها لجمرة العقبة يرمي يوم النحر خاصّة، و يرمي كلّ يوم من أيّام التشريق كلّ جمرة سبع حصيات، يبدأ بالأولى، ثمّ الوسطى، ثمّ جمرة العقبة، و سيأتي تتمّة الكلام في الرمي إن شاء اللّه تعالى.
و مطالبه تسعة:
و فيه تسعة مباحث:
و الهدي واجب على المتمتّع بالنصّ و الإجماع، و لو تمتّع المكي
ص: 619
وجب الهدي، خلافا للشيخ(1) و في كلامه قوّة، و لا يجب على المفرد و القارن، و يستحبّ لها الأضحية.
فإذا أحرم بالحجّ من مكّة وجب الدم، و لو أتى الميقات و أحرم منه، لم يسقط عنه الدم.
و لو أحرم المفرد بالحجّ و دخل مكّة، جاز أن يفسخه، و يجعله عمرة و يتمتع بها، و يجب عليه الدم.
لم يكن متمتّعا، و لا يجب عليه الدم.
و لو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحجّ و أتى بأفعالها في أشهر الحجّ من الطواف و السعي و التقصير و حجّ من سنته لم يكن متمتّعا، و لا يلزمه الدم.
و لو أحرم المتمتّع من مكّة بالحجّ ، و مضى إلى الميقات، ثمّ منه إلى عرفات، لم يسقط عنه الدم.
و لو أحرم المتمتّع للحجّ من غير مكّة، وجب الرجوع إلى مكّة، و الإحرام منها، سواء أحرم من الحلّ أو الحرم، و لو لم يتمكّن، مضى على إحرامه و لا دم عليه لهذه المخالفة.
و لو لم ينو التمتّع، لم يصحّ له التمتّع، و لا هدي عليه، و لو أحرم المفرد و القارن بعمرتهما من الحرم لم يصحّ ، و لو طافا و سعيا، لم يكونا معتمرين، و لا يلزمهما دم.
ص: 620
و لو اعتمر في أشهر الحجّ و لم يحجّ في ذلك العام، بل حجّ من قابل مفردا له عن العمرة، لم يكن متمتّعا، و لا دم عليه.
و لو لم يحلّ منها، و أدخل إحرام الحجّ عليها، بطلت متعته، و سقط الدم.
و لا يجب على أهل مكّة و حاضريها إلاّ أن يتمتّع على تقدير تسويغه.
و لو دخل الآفاقي متمتّعا إلى مكّة ناويا للإقامة بها بعد تمتّعه، فعليه دم المتعة، و لو خرج المكّي بنيّة الإقامة بغيرها، ثمّ عاد متمتّعا ناويا للإقامة أو غير ناو، فعليه الهدي.
و لو ترك الآفاقي الإحرام من الميقات و لم يتمكّن من الرجوع، أحرم من دونه لعمرته، فإذا أحلّ ، أحرم بالحجّ من عامه، و هو متمتّع، و عليه دم المتعة، و لا دم عليه لإحرامه من دون الميقات.
و يتخيّر مولاه بين أمره بالصيام و بين الهدي عنه، و الواجب من الصوم على المملوك كالواجب على الحرّ، و كذا المعسر يصوم عشرة أيام.
و لو لم يذبح المولى عن المملوك، وجب عليه الصوم، و لا يجوز له منعه منه، و لو لم يصم العبد حتّى مضت أيّام التشريق، استحبّ للمولى أن يهدي عنه.
و لو أدرك أحد الموقفين معتقا، أجزأه عن حجّة الإسلام، و وجب عليه الهدي مع المكنة، و لو عجز، صام، و لا يجب على المولى إجماعا.
ص: 621
و لا يجب بيع ثياب التّجمل في الهدي، بل ينتقل إلى الصوم، و يعتبر القدرة في موضعه، فلو عدمه، جاز الصوم، و إن كان قادرا في بلده.
فإن لم يجد، فليصم عنه عشرة أيام.
وجب عليه الهدي لا على المنوب.
و فيه سبعة مباحث:
أو كفّارة، أو غيرهما، و صفته من وجوب، أو ندب، و التقرب إلى اللّه.
و يجوز أن يتولاّها عنه الذابح.
فلو نحرهما لم يجز.
و يستحبّ أن يتولّى الذبيحة بنفسه، و لو لم يحسن الذبيحة، ولاّها غيره.
و استحبّ له أن يجعل يده مع يد الذابح، و ينوي الذابح عن صاحبها.
و يستحبّ أن يذكره بلسانه وقت الذبيحة، و لو أخطأ فذكر غير صاحبها، أجزأت عن صاحبها بالنيّة.
قد ربطت يدها ما
ص: 622
بين الخفّ إلى الركبة، ثمّ تطعن في لبّتها، و هي الوهدة التي بين أصل العنق و الصدر، و لو خاف أن تنفر، نحرها باركة.
و يستحبّ الدعاء بالمأثور، و تجب فيه التسمية، و لو نسيها، حلّ أكله.
و من ساق هديا في الحجّ ، نحره أو ذبحه بمنى، و إن كان قد ساقه في العمرة، نحره أو ذبحه بمكّة قبالة الكعبة بالموضع المعروف بالحزورة(1) و كلّ ما يلزم المحرم من فداء عن صيد أو غيره، فإن كان معتمرا، ذبحه أو نحره بمكّة، و إن كان حاجّا فبمنى، و ما وجب نحره بالحرم، وجب تفرقة لحمه به.
إذا أحرم المتمتّع بالحجّ ، و وقت ذبحه يوم النحر.
أوّلها يوم النحر و ثلاثة بعده، و في الأمصار ثلاثة: يوم النحر و يومان بعده، و هل الليالي المتخلّلة بينها يجوز فيها النحر؟ فيه إشكال.
و فيه عشرة مباحث:
و أفضله من البدن ثمّ البقر ثمّ الغنم.
ص: 623
و جذع الضأن ما له ستّة أشهر، و ثنيّ المعز و البقر ما له سنة و دخل في الثانية و في الإبل ما دخل في السادسة. و لا يجزئ غير الثنيّ .
فلا تجزئ العوراء، و لا العرجاء، البيّن عرجها، و لا المريضة كالجرباء(1) و ما شابهه ممّا يوجب الهزال، و لا الكبيرة التي لا مخّ لها لهزالها، و قد وقع الإجماع على هذه الصفات الأربع.
و الوجه عدم اعتبار الخسف في العين، بل لو كان على عينها بياض لم يجزئ، و لا خلاف في عدم إجزاء ما فيه نقص أكثر من هذه الصفات كالعمياء.
و لو كان القرن الداخل صحيحا أجزأت و إن كان ما ظهر منه مقطوعا.
و لا بأس بمشقوقة الأذن أو مثقوبها إذا لم يكن قطع من الأذن شيء، و لا تجزئ العجفاء و هي المهزولة، و لا الخرماء، و لا الجذاء و هي مقطوعة الأذن(2).
و لو ضحي به وجب عليه الإعادة مع المكنة، و يكره الموجوء(3)، و الوجه انّ مسلول البيضتين كالخصيّ .
و هي الّتي لم يخلق لها قرن، تجزئ؛ و الأقرب إجزاء
ص: 624
البتراء، و هي مقطوعة الذنب؛ و كذا الصمعاء، و هي الّتي لم يخلق لها أذن(1) أو كان لها أذن صغيرة.
و حدّ الهزال أن لا يكون على كليتها شيء من الشحم.
و يستحبّ أن يكون سمينا، ينظر في سواد، و يمشي في سواد، و يبرك في مثله، أي يكون سمينا ذا ظلّ يمشي في ظلّه، و يبرك فيه، و ينظر فيه، و قيل: أن تكون هذه المواضع سودا(2).
أجزأ عنه، و كذا العكس، و لو اشتراه على أنّه هزيل فظهر كذلك لم يجزئ.
و لو اشترى هديه ثمّ أراد أن يشتري أسمن منه، فليشتره و ليبع الأوّل إن أراد، و لو اشتراه فوجد به عيبا لم يجزئ عنه، و كذا لو اشتراه على أنّه تامّ فوجده ناقصا.
و من الضأن و المعز الذكران، و يجوز العكس في البابين.
و يكره التضحية بالجاموس، و البقر، و الموجوء. و الكبش خير من النعجة، و النعجة خير من المعز(3).
ص: 625
2144. العاشر: يستحبّ أن يكون الهدي ممّا عرّف به(1) استحبابا مؤكّدا لا وجوبا.
و فيه أحد عشر بحثا:
تركه عند من يثق به من أهل مكّة ليشتري له به هديا و يذبحه في بقيّة ذي الحجة، فإن خرج ذو الحجّة و لم يجد، اشترى في ذي الحجة في العام المقبل؛ قال ذلك الشيخان(2) و ابن بابويه(3)و منع منه ابن إدريس(4)، و أوجب الانتقال إلى الصوم، و ليس بمعتمد.
وجب أن يصوم بدله عشرة أيّام:
ثلاثة في الحجّ متتابعات، و سبعة إذا رجع إلى أهله، و يعتبر القدرة عليه في مكانه، فلو عدمه في موضعه، انتقل إلى الصوم و إن كان قادرا عليه في بلده.
و يكفي التتابع في الثلاثة بأن يصوم يوم التروية و عرفة و الثالث بعد أيّام التشريق خاصّة، فلو صام غير هذين اليومين وجب التتابع ثلاثة، و لا يجوز تخلّل الإفطار بين اليومين و الثالث.
ص: 626
إلاّ أن لا يصوم الثلاثة إلاّ بعد وصول الناس إلى وطنه، أو مضيّ شهر(1) و انّما يسوغ صوم السبعة إذا رجع إلى أهله، فلو صام قبل رجوعه إلى وطنه، لم يجزئه.
و لو أقام بمكّة أو في الطريق، انتظر وصول أصحابه إلى بلده أو المقام شهرا، ثم يصوم السبعة، و لو نوى الإقامة عشرة أيّام كان بحكم المقيم، و هل يجوز له صوم السبعة ؟ الأقرب عدمه.
و من أوّل العشر إذا تلبّس بالمتعة، و لا يجوز صومها قبل إحرام العمرة، و المستحبّ صوم يوم التروية و ما قبله و عرفة، فإن فاته هذه الثلاثة، صامها بعد أيّام منى، و لا يسقط الصوم بفوات العشر.
و لا يجوز أن يصوم أيّام التشريق في بدل الهدي و لا غيره، و لو لم يصمها بعد أيّام التشريق، جاز صومها طول ذي الحجّة أداء لا قضاء.
و لو خرج ذو الحجّة و أهلّ المحرم و لم يصمها سقط فرض الصوم، و استقرّ الهدي في ذمّته، و وقت وجوب الصوم وقت وجوب الهدي، و انّما يسوغ له تقديمه من أوّل ذي الحجّة بناء على الظاهر من استمرار عجز العاجز.
قد تمكّن من صوم شيء من العشرة، سقط الصوم، و لا يجب على وليّه شيء، بل يستحبّ أن يقضي عنه، و إن تمكّن من فعل الجميع و لم يفعل، قال الشيخ:
يقضي الوليّ الثلاثة وجوبا، و السبعة استحبابا(1) و الأقرب وجوب قضاء الجميع.
و لو لم يتمكّن من صيام السبعة أو بعضها، وجب على الوليّ قضاء ما تمكّن الميّت من فعله و لم يفعله، و استحبّ له قضاء الباقي.
و لم تجزئه الصدقة عنها.
قال الشيخ: لا يجب بل يستحبّ (2) و يلوح من كلامه اشتراط صوم الثلاثة، و ابن إدريس أطلق(3)، و لو أحرم بالحجّ و لم يصم ثمّ وجد الهدي، تعيّن عليه الذبح، و لا يجزئه الصوم.
أخّر الصوم إلى بعد انقضاء أيّام التشريق، و لو لم يصم الثلاثة، و خرج عقيب أيّام التشريق، صامها في الطريق أو إذا رجع إلى أهله، و الأفضل تقديم صومها في الطريق، و لو أهل المحرّم تعيّن عليه الهدي.
و لو لم يصم الثلاثة حتّى وصل بلده و كان متمكّنا من الهدي، قال الشيخ:
بعث به، فانّه أفضل من الصوم(4).
أخرج من صلب تركته(5).
كان
ص: 628
عليه سبع شياه على الترتيب، و لو لم يتمكّن من السبع، صام ثمانية عشر يوما.
و لو وجب عليه سبع شياه من الغنم، لم تجزئه بدنة.
و لو وجب عليه بقرة، فالأقرب إجزاء البدنة.
و فيه ثلاثة و عشرون بحثا:
و مع عدمها يتعيّن الصوم؛ قاله الشيخ رضى اللّه عنه في الخلاف(1)، و له قول آخر إنّه يجزئ عن سبعة و عن سبعين إذا كانوا أهل خوان واحد(2)، و يجزئ في التطوع عن سبع و سبعين، سواء في ذلك كلّه الإبل و البقر و الغنم، و كلّما قلّ المشتركون كان أفضل.
و اشترط الشيخ اجتماعهم على إرادة التقرب، سواء كانوا متطوعين أو مفترضين أو بالتفريق، و سواء اتفقت مناسكهم بأن يكونوا متمتّعين أو قارنين أو افترقوا(3) و فيه نظر. و يجوز أن يقتسموا اللحم.
كمن يخرج حاجّا أو معتمرا، يسوق معه هديا بنيّة نحره بمنى أو بمكّة من غير إشعار و لا تقليد، فهو باق على ملكه، يتصرّف فيه و في نمائه كيف شاء.
ص: 629
و إمّا واجب، إمّا بالنذر المطلق، و حكمه حكم ما وجب بغير النذر و سيأتي، و إمّا بالمعيّن، فيزول ملكه عمّا عيّنه، و ينقطع تصرّفه في حقّ نفسه فيه، و هو أمانة للمساكين، و يجب أن يسوقه إلى المنحر، و يتعلّق الوجوب بالعين دون الذمّة، فلا يكون مضمونا مع عدم التفريط.
و إمّا بغير النذر كدم التمتّع و جزاء الصيد و النذر غير المعيّن و شبه ذلك؛ و هذا القسم إمّا أن يسوقه ينوي به الواجب من غير أن يعيّنه بالقول، فلا يزول ملكه إلاّ بذبحه و دفعه إلى أهله، و له التصرّف فيه كيف شاء، فإن عطب، تلف من ماله، و إن عاب لم يجزئه؛ و إمّا أن يعيّنه بالقول، مثل أن يقول: هذا الواجب عليّ ، فيتعيّن الوجوب فيه، و لا يبرأ الذمة منه، و يكون مضمونا عليه، و يزول ملكه عنه، و ينقطع تصرفه فيه، و عليه أن يسوقه إلى المنحر، فإن وصل نحره، و إلاّ سقط التعيين، و وجب إخراج الّذي في ذمّته.
فالوجه الإجزاء.
لم يجزئه ذبحه عمّا في ذمّته، و يرجع هذا إلى ملكه يصنع به ما شاء من أكل و بيع و هبة و صدقة، و يستحبّ ذبحه و ذبح الواجب معا، فإن باعه، تصدّق بثمنه.
لم يجزئه و لا يلزمه ذبحه.
أو بإشعاره أو تقليده مع نيّة الهدي، و لا يحصل بالشراء مع النيّة، و لا بالنيّة المجرّدة.
ص: 630
و لو سرق الهدي من موضع حصين، أجزأ عن صاحبه، و إن أقام بدله فهو أفضل.
و لو عطب في موضع لا يجد المستحقّ ، فلينحره، و يكتب كتابا، و يضعه عليه، ليعلم من يمرّ به من الفقراء أنّه صدقة.
و لو ضلّ فاشترى مكانه غيره، ثمّ وجد الأوّل، فصاحبه بالخيار، إن شاء ذبح الأوّل، و إن شاء ذبح الأخير، فإن ذبح الأوّل، جاز له بيع الأخير؛ و إن ذبح الأخير، لزمه ذبح الأوّل إن كان قد أشعره، و إلاّ جاز بيعه.
لم يجزئه، رضي المالك أو لا، عوّضه عنها أو لم يعوّضه.
فإن ذبحه عن نفسه، لم يجزئ عن واحد منهما، و إن ذبحه عن صاحبه، فإن ذبحه بمنى، أجزأ عنه، و إلاّ فلا.
و ينبغي لواجد الهدي الضالّ أن يعرّفه ثلاثة أيّام، فإن عرفه صاحبه، و إلاّ ذبحه عنه.
كان له لحمه، و لا يجزئ عن واحد منهما، و لصاحبه أرش ما بين قيمته مذبوحا و حيّا.
لم يلزمه مثل التالف، بل مثل ما في ذمّته، سواء تلف بتفريط أو غيره.
ص: 631
سواء عيّنه ابتداء أو بدلا عن الواجب، و لو تلفت قبل الذبح، أقام بدلها، و ذبح الولد أيضا.
فإن شرب ما يضرّ بالأم أو بالولد، ضمنه.
و لو أخر بقاء صوفها بها، أزاله و تصدّق به، و لا يتصرّف فيه، بخلاف اللبن.
و ينبغي أن يقسّم أثلاثا: يأكل ثلثه، و يهدي ثلثه، و يتصدّق بثلثه على الفقراء.
و هل الأكل واجب ؟ قيل: نعم، للآية(1).
و فيه قوّة، و مع القول بالوجوب، لا يضمن بتركه، و يضمن ثلث الصدقة لو لم يتصدّق.
و هل يضمن لو أخلّ بالإهداء؟ الوجه الضمان إن كان بسبب الأكل و إلاّ فلا.
سواء كان دم المتعة، أو النذر، أو جزاء الصيد، أو غيرها، و يستحبّ الأكل من هدي التطوّع.
و لو أكل ممّا منع من الأكل منه، ضمن المثل لحما، و لو أطعم غنيّا ممّا له الأكل منه، جاز، و لو باع منه شيئا أو أتلفه، ضمنه بمثله، و لو أتلف أجنبيّ منه شيئا، ضمنه بالقيمة.
ص: 632
دم التمتّع، و هو مرتب؛ و دم الحلق، و هو مخيّر؛ و دم الجزاء، و في ترتّبه خلاف؛ و دم الإحصار، و هو واجب على التعيين بغير بدل.
و في العمرة يذبح أو ينحر بمكّة، و ما يلزمه(1) من فداء ينحر بمكّة إن كان معتمرا، و بمنى إن كان حاجّا.
و تجب تفرقته(2) على مساكين الحرم، و هم من كان في الحرم من أهله أو غير أهله من الحاجّ و غيرهم ممّن يجوز دفع الزكاة إليه، و كذا الصدقة، أمّا الصوم فلا يختصّ بمكان دون غيره.
و لو دفع إلى من ظاهره الفقر فبان غنيّا، فالوجه الإجزاء، و ما يجوز تفريقه في غير الحرم، لا يجوز دفعه إلى فقراء أهل الذّمة(3).
وجب صرفه في فقراء الحرم، و لو عيّن موضعه، فإن كان في الحرم تعيّن، و فرّق على مساكينه، و إن عيّن غيره، لزم إذا لم يكن لمعصية(4) كبيوت الأصنام.
و لو لم يتمكّن من إيصاله إلى المساكين بالحرم، لم يلزمه إيصاله إليهم، و لو تمكّن من الإنفاذ، وجب.
ص: 633
و هو جعل النعل قد صلّى فيه في رقبة الهدي، و هو مشترك بين الإبل و البقر و الغنم، و كذا إشعار الإبل مسنون، و هو شقّ صفحة سنامها من الجانب الأيمن و تلطيخها بالدم ليعرف أنّه صدقة، و لا إشعار في البقر، و إن كانت ذات سنام.
و لو تكثرت البدن، دخل بينها و شقّ أحد الهديين من الجانب الأيمن و الآخر من الأيسر.
فلو خالف ناسيا لم يكن به بأس، و إن كان عامدا، أتمّ و أجزأه، و كذا لو ذبحه بقيّة ذي الحجة.
2175. العشرون: لو نذر هديا بعينه، زال ملكه عنه، و انقطع تصرّفه عنه(1)
و لا يجوز له بيعه و إخراج بدله.
بل يتصدّق بها، و لا يعطيها الجزّار.
و هو منى يوم النحر، و يجعله في رحله بمنى.
فالقارن لا يخرج هديه عن ملكه، و له إبداله، و التصرف فيه و إن أشعره أو قلّده، لكن متى ساقه فلا بدّ من نحره بمنى إن كان الإحرام للحجّ (2) و إن كان للعمرة فبفناء الكعبة
ص: 634
بالموضع المعروف بالحزورة. و لو هلك لم يضمنه، أمّا المضمون كالكفّارات، فانّه يجب إقامة بدله.
و لو عجز هدي السياق عن الوصول إلى مكّة أو منى، جاز أن ينحر أو يذبح، و يعلم بما يدلّ على أنّه هدي، و لو أصابه كسر جاز له بيعه، و ينبغي أن يتصدّق بثمنه، أو يقيم بدله، و لو نذر هدي السياق تعيّن، و لا يتعيّن بدونه، و لو سرق من غير تفريط لم يضمن.
و لو ضلّ فذبحه غير صاحبه عن صاحبه أجزأ عنه، و لو ضلّ فأقام بدله، ثم وجد الأوّل ذبحه، و لم يجب ذبح الأخير، و لو ذبح الأخير ذبح الأوّل استحبابا ما لم يكن منذورا، فانّه يجب ذبحه.
و يستحبّ أن يأكل من هدي السياق ثلثه، و يهدي ثلثه، و يتصدّق بثلثه، كهدي التمتع، و كذا يستحبّ في الأضحيّة.
و فيه ثمانية و عشرون بحثا:
و يجزئ الهدي عن الأضحية، و الجمع بينهما أفضل.
يوم النحر و ثلاثة بعده، و في الأمصار ثلاثة: يوم النحر و يومان بعده، و لو فاتت هذه الأيّام، فإن كانت الأضحية واجبة بالنذر و شبهه، لم تسقط، و وجب قضاؤها، و إلاّ فاتت الأضحية.
ص: 635
سواء صلّى الإمام أو لم يصلّ .
و يجوز الذبح في اليوم الثالث من أيّام التشريق.
و لا يحرم عليه.
فانّه يواعد أصحابه يوما يقلّدونه فيه أو يشعرونه، و يجتنب هو ما يجتنب المحرم، فإذا كان يوم مواعدته، حلّ ممّا يحرم منه(1).
بل يجوز في الحرم و غيره، و تختصّ الأضحية بالنّعم: الإبل و البقر و الغنم، و لا يجزئ إلاّ الثّني من الإبل و البقر و المعز، و يجزئ من الضأن الجذع لسنته.
و الأفضل الثّني من الإبل، ثم الثّني من البقر، ثم الجذع من الضأن.
و الجذعة من الغنم أفضل من إخراج سبع بدنة.
سمينا ينظر في سواد و يبرك في مثله، و يمشي في مثله، و يكون تامّا، فلا تجزئ في الضحايا العوراء، و لا العجفاء، و لا العرجاء البيّن عرجها، و لا المريضة.
و نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم(2) أن يضحّى بالمصفّرة، و هي الّتي قطعت أذناها من
ص: 636
أصلهما، حتّى بدا صماخها(1)؛ و بالبخقاء، و هي العمياء؛ و بالمستأصلة، و هي التي استؤصل قرناها؛ و بالمشيّعة، و هي الّتي تتأخّر عن الغنم لهزالها، و لو كان لكلال جاز؛ و بالكسراء؛ و تكره الجلحاء، و هي المخلوقة بغير قرن.
من الإبل و البقر، و بالفحولة من الغنم، و لا يجوز التضحية بالثور و لا بالجمل بمنى، و يجوز في الأمصار، و لا الخصي.
و انّما يكون بقطع الأعضاء الأربعة، و هي: الحلقوم، و المري، و الودجان. و لا يجزئ ثلاثة منها، و لا الحلقوم و المري خاصّة.
و يجب ذبح البقر و الغنم و نحر الإبل، فإن خالف حرم الحيوان.
فإن لم يحسن، جعل يده مع يد الذابح.
و لو استناب مسلما جاز، بخلاف الكافر و إن كان كتابيّا.
و تجوز ذباحة الصبيان(2) مع المعرفة و الشرائط(3)، و الأخرس و إن لم ينطق لكن يجب تحريك لسانه بالتسمية، و النساء، و السكران، و المجنون.
و يستحبّ أن يتولّى الذبيحة البالغ العاقل المسلم الفقيه.
و لا تكره
ص: 637
الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و لو نسي التسمية لم تحرم.
و لا يقطع رأس الذبيحة إلى أن يموت، فإن قطعه قبله، كان حراما، و في تحريم الذبيحة قولان، أقربهما الحلّ .
و لو ذبحها من قفاها، فهي القفيّة(1)، فإن بقيت فيها حياة مستقرّة قبل قطع الأعضاء الأربعة، حلّت و إلاّ فلا.
و المعتبر في استقرار الحياة، وجود الحركة القويّة بعد قطع العنق قبل قطع المري و الودجين و الحلقوم، و إن كانت ضعيفة أو لم تتحرك لم تحلّ .
و يجزئ لو فعل.
و ليس بواجب، و يستحبّ التقليل، و يجوز الأكثر من الثلث، و لو أكل الجميع، ضمن للفقراء قيمة المجزئ مع الوجوب، و إلاّ استحبابا.
و لا يجوز بيع لحم الأضاحي، و يكره بيع الجلود، فإن فعل، تصدّق بثمنه، و كذا يكره أن يعطيه الجزّار، بل يستحبّ التصدّق بها، و لا يعطي الجزّار من اللحم شيئا لجزارته.
و يكره أن يخرج شيئا ممّا يضحّيه عن منى، بل يخرجه إلى مصرفه بها، و يجوز إخراج السنام للحاجة، و إخراج لحم ما ضحّاه غيره إذا اشتراه(2) أو أهدي إليه.
ص: 638
و يستحبّ التضحية بما قد عرف به.
تصدّق بثمنها الأعلى، فإن اختلفت الأثمان جمع الأعلى و الأوسط و الأدون، و تصدّق بثلث الجميع.
قال الشيخ: تصير أضحية بذلك من غير قول و لا إشعار و لا تقليد. و إذا عيّن الأضحية على وجه تصح به التعيين زال ملكه عنها(1) و الظاهر من كلام الشيخ انّه لا يجوز له إبدالها.
فإن باعها فسد البيع، و يجب ردّها إن كانت باقية، و إن تلفت، كان على المبتاع قيمتها أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف، و لو أتلفها هو، كان عليه قيمتها يوم التلف، فإن أمكنه شراء أضحيتين به، بأن يرخص الأضاحي، كان عليه إخراجهما معا.
و لو فضل ما يمكن أن يشتري به جزءا من حيوان يجزئ في الأضحية كالسّبع مثلا، فعليه أن يشتريه.
و لو فضل ما لا يساوي جزءا مجزئا تصدّق به.
و لو قصرت القيمة عن الأضحية، فإن كان المتلف أجنبيّا، و أمكن أن يشتري به جزء حيوان للأضحية، صرف إليه، و إلاّ تصدّق به، و لا يلزم المضحّي شيء.
ص: 639
و لو اشترى شاة و عيّنها للأضحية فوجد بها عيبا، لم يكن له ردّها، و يرجع بالأرش، و يصرفه إلى المساكين استحبابا على الأقوى.
لم يجب الإبدال، و أجزأه ذبحها.
و لو ضلّت، فلا ضمان إلاّ مع التفريط، و لو عادت قبل أيّام التشريق، ذبحها، و إن كان بعده، ذبحها قضاء، و لا أرش عليه. (و لو نذر أضحية فذبحها يوم النحر غيره و لم ينو عن صاحبها، لم تجزئ عنه، و لو نوى عنه أجزأته و إن لم يأخر،(1) إذا نذر الأضحية، و صارت واجبة، لم يسقط استحباب الأكل منها)(2).
عصى و أخرجها قضاء، و لو ذبح أضحية غيره المعيّنة، أجزأت عن صاحبها، و عليه أرش النقصان، يصرفه إلى الفقراء، و في وجوبه إشكال.
و لو أوجب كلّ منهما هديا، فذبح هدي صاحبه خطأ، تخيّر كلّ منهما في ترك مطالبة صاحبه و تضمينه الأرش.
و كذا الهدي المتطوّع به، و إن لم يكونوا أهل بيت واحد، أو كان بعضهم غير متقرّب.
فإن ملكهم مولاهم شيئا، ففي ثبوت الملك قولان: أحدهما
ص: 640
الجواز، فإذا ملّكهم أضحية، جاز أن يضحّوا، و لو فعلوا من دون إذن سيّدهم، لم يجز. و لو انعتق بعضه و ملك بما فيه من الحريّة شاة، جاز أن يضحّي بها من غير إذن.
و فيه ثلاثة عشر بحثا:
وجب عليه الحلق أو التقصير بمنى في يوم النحر، و هو نسك، و يتخيّر الحاجّ بينهما، أيّهما فعل أجزأه، و إن كان صرورة أو لبّد شعره.
و قال الشيخان: يجب عليهما الحلق(1)، و الأقرب انّه مستحب، و ليس على المرأة حلق إجماعا. و يجزئها من التقصير مثل الأنملة.
و يجزئ من التقصير ما يقع عليه الاسم.
و يمرّ الموسى على رأسه، و في وجوبه إشكال.
فإن كان عامدا
ص: 641
وجب عليه دم شاة، و إن كان ناسيا لم يكن عليه شيء، و كان عليه إعادة الطواف و السعي.
2206. الخامس: لو رحل من منى قبل الحلق(1) رجع و حلق بها أو قصّر واجبا،
و لو لم يتمكّن حلق مكانه، و ردّ شعره إلى منى، ليدفن بها، و لو لم يتمكّن من ردّ الشعر، لم يكن عليه شيء، و هل ردّه واجب ؟ فيه نظر.
و يأخذ من شاربه، و يدعو، و تجب فيه النية.
و يجب تأخيره عن الذبح و الرمي، و جوّز أبو الصلاح تقديم الحلق على الرمي(2)، و قال الشيخ في الخلاف: ترتيب هذه المناسك مستحب(3). و الأقرب ما قلناه، و لكن ليس شرطا فلو أخلّ به أجزأه و لا كفّارة.
قال الشيخ: يجوز أن يحلق(4).
2210. التاسع: قال أبو الصلاح: يجوز تأخير الحلق إلى آخر أيّام التشريق(5).
و هو حسن، لكن لا يجوز تقديم زيارة البيت عليه.
يستحبّ للإمام أن يخطب
ص: 642
فيه، و يعلّم الناس ما فيه من المناسك، من النحر و الإفاضة و الرمي.
حرم عليه عشرون شيئا يأتي، و إذا حلق أو قصّر حلّ له ذلك كلّه إن كان إحرام العمرة، و إن كان إحرام الحجّ حلّ له كلّ شيء إلاّ الطيب و النساء و الصيد، و إذا طاف طواف الزيارة حلّ له الطيب، و إذا طاف طواف النساء حللن له، فمواطن التحلّل ثلاثة:
عند الحلق أو التقصير، و عند طواف الزيارة، و عند طواف النساء.
2213. الثاني عشر: يستحبّ لمن حلق أو قصّر يتشبّه بالمحرمين في ترك(1)لبس المخيط إلى أن يطوف طواف الزيارة،
و يستحبّ لمن طاف طواف الزيارة أن لا يمسّ الطيب حتّى يطوف طواف النساء.
قال المحقق: تمّ الجزء الأوّل من الكتاب - حسب تجزئتنا - و يتلوه الجزء الثاني في المقصد العاشر في بقية أفعال الحج.
و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلّى اللّه على سيّدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين.
ص: 643