تحریر الأحکام الشرعیة علی مذهب الإمامیة المجلد 1

هویة الکتاب

سرشناسه : علامه حلی ، حسن بن یوسف ، ‫648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور : تحریر الاحکام الشرعیه علی مذهب الامامیه / جمال الدین ابی منصور الحسن بن یوسف بن المطهر المعروف بالعلامه الحلی ؛ اشراف جعفر السبحانی ؛ تحقیق ابراهیم البهادری .

مشخصات نشر : قم : موسسه الامام الصادق (ع )، 1421ق . ‫= 1379.

مشخصات ظاهری : ‫6ج.

شابک : ‫دوره ‫ 964-6243-91-6 : ؛ ‫ج. 1 ‫ 964-6243-65-7 : ؛ ‫21000 ریال ‫: ج. 2 ‫ 964-6243-66-5 : ؛ ‫ج. 3 ‫ 964-6243-66-5 : ؛ ‫ج. 4 ‫ 964-357-003-7 : ؛ ‫ج. 5 ‫ 964-357-018-5 :

يادداشت : عربی .

يادداشت : ج. 1 و 2 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).

يادداشت : ج . 4 (چاپ اول : 1421ق . = 1379).

يادداشت : ج . 5 (چاپ اول: 1422ق . = 1380) .

موضوع : فقه جعفری -- قرن ‫8ق.

شناسه افزوده : سبحانی تبریزی ، جعفر، ‫ 1308 - ، مترجم

شناسه افزوده : بهادری ، ابراهیم

رده بندی کنگره : ‫ BP182/3 ‫ /ع8ت3 1378

رده بندی دیویی : ‫ 297/342

شماره کتابشناسی ملی : م 78-24069

تنظیم متن دیجیتال میثم حیدری

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

المدخل

بِسْمِ اللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

وَ مٰا كٰانَ اَلْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ ، لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ

التوبة: 122

ص: 4

بقلم: آية اللّه جعفر السبحاني

مع العلاّمة الحلّي في موسوعاته الفقهية

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ الحمد للّه على سوابغ النعم و ضوافي الآلاء، حمد معترف بالقصور عن إدراك أقلّ مراتب الثناء، و صلّى اللّه على محمد عبده و رسوله، أفضل الأنبياء و أكرم الأصفياء و على آله السادة النجباء.

أمّا بعد:

فإنّ الإمام الهمام علاّمة العلماء، و أستاذ الفقهاء، جمال الدين أبا منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر غني عن التعريف و الإطراء، فقد سارت بذكره الركبان في حياته، فعطّروا كتبهم بذكره الجميل، و سطّرت أقلامهم له أنصع الصفحات.

و بما انّي بصدد التقديم لواحد من كتبه الفقهية، ممّا جاد به يراعه نقتصر في ترجمته على ذكر لمحة خاطفة عن حياته و سيرته، ثم نعطف عنان القلم إلى

ص: 5

الإشادة بما هو المقصود بالذات من هذا التقديم، فنقول:

ولد قدّس سرّه في شهر رمضان سنة 648 ه في بيت عريق في العلم و التقوى، أخذ عن والده الفقيه المتكلم سديد الدين يوسف بن المطهّر، و عن خاله شيخ الإمامية المحقّق الحلّي (602-676 ه) الّذي كان له بمنزلة الأب الشفيق، فحظا باهتمامه و رعايته، و أخذ عنه الفقه و الأصول و سائر علوم الشريعة، و لازم الفيلسوف نصير الدين الطوسي (597-673 ه) و اشتغل عليه في العلوم العقلية و مهر فيها، و قد برع و تقدّم في العلوم الإسلامية في مقتبل عمره على العلماء الفحول، و فرغ من تصنيفاته الحكمية و الكلامية قبل أن يكمل له 26 سنة.

يعرّفه معاصره ابن داود الحلّي، و يقول: شيخ الطائفة، و علاّمة وقته، و صاحب التحقيق و التدقيق، كثير التصانيف، انتهت رئاسة الإمامية إليه في المعقول و المنقول(1).

و عرّفه ابن حجر في لسان الميزان بقوله: عالم الشيعة و إمامهم و مصنّفهم، و كان آية في الذكاء و كان مشتهر الذكر، حسن الأخلاق(2).

إلى غير ذلك من كلمات الإطراء في حقه التي لا مجال لذكر معشارها، و لنعطف عنان القلم إلى ما نحن بصدد بيانه:

قد قدّمت منذ زمن ليس ببعيد مقدّمة لأحد كتبه الكلامية ألا و هو كتاب «نهاية المرام في علم الكلام». و حينما سرحت النظر فيه ازداد إعجابي به، فأدركت انّي أمام بحر لجيٍّ بعيد الأغوار، لا يدرك ساحله، كيف، و هو في الكلام فارس

ص: 6


1- . رجال ابن داود: 119 برقم 461.
2- . لسان الميزان: 17/2 برقم 1295.

حلبته، و خبير خباياه و عويصات مسائله، و حلاّل عقده و غوامضه، فقد أورد في كل مسألة آراء الأوائل و الملّيين و الإسلاميين من الأشاعرة و المعتزلة و الإمامية و سائر الفرق و قارن بين المناهج الكلامية و حسم الموقف برأيه الصائب و عقله الثاقب، و قد تبلورت في هذا الكتاب شخصيته الكلامية و عقليته الفلسفية، فالكتاب عديم النظير بين سائر الموسوعات الكلامية في تبويب المواضيع و مقارنة الآراء، و القضاء الحاسم بينها، و عدم الحياد عن جادة الحق، و انصاف الخصم من نفسه و قد طبع و انتشر(1) في ثلاثة أجزاء ضخام.

و أمّا في الفقه و استنباط الأحكام الشرعية عن أدلّتها التفصيلية فواسطة عقده و مرتكز لوائه، و هو - بحق - ممّن لا يقف على ساحله أو يكتفي بظاهره، بل خاض غماره و اقتحم لجته فسبر أغواره و وقف على حقيقته.

و ها نحن الآن بصدد التقديم لكتاب فقهي له قدّس سرّه و هو كتاب «تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية» الّذي يصفه المؤلف في خلاصته بأنّه حسن جيد استخرجنا فيه فروعا لم نسبق إليها مع اختصاره. و قد حقّق الكتاب بتحقيق رائع يجاوب روح العصر، و هو على عتبة النشر.

و الكتاب واحد من مؤلفاته الكثيرة في الفقه، إذ له وراء ذلك موسوعات فقهية و كتب جامعة لعامة أبواب الفقه، منها:

1. تبصرة المتعلمين في أحكام الدين.

2. إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان.

3. قواعد الأحكام في مسائل الحلال و الحرام.

ص: 7


1- . نشرته مؤسسة الإمام الصادق عليه السّلام في قم المشرّفة.

4. مختلف الشيعة في أحكام الشريعة.

5. تذكرة الفقهاء على تلخيص فتاوى العلماء، و ذكر قواعد الفقهاء.

6. منتهى المطلب في تحقيق المذهب.

7. نهاية الأحكام في معرفة الاحكام.

إلى غير ذلك من الكتب أو الرسائل الفقهية التي خلّفها مضافا إلى ما ألّفه في مجال أصول الفقه بين مقتضب كتهذيب الأصول، إلى مسهب كنهاية الوصول إلى علم الأصول.

و من تمعّن في هذه الكتب يجد أمامه دورات فقهية و موسوعات ضخمة قلّما يتفق لأحد أن يقوم ببعضها.

و ثمة سؤال يطرح نفسه، و هو لما ذا قام العلاّمة بهذا العبء الثقيل و ألّف كتبا فقهية مختلفة المنحى و المنهج أسفر عن اختلاف فتاواه و آرائه في كتاب بعد كتاب، فما هو السر وراء ذلك ؟

و الإجابة على هذا رهن الوقوف على الغايات التي كانت وراء تأليف تلك الكتب.

فقد تكرر منه تأليف تلو تأليف في علم واحد لأجل غايات مختلفة،

اشارة

و إليك دراسة هذه الكتب على وجه الإيجاز، لتعلم الغايات المتوخاة منها، و ربما يعرب أسماؤها عن الغرض المطلوب.

الأوّل: تبصرة المتعلمين:

هذا الكتاب دورة فقهية كاملة موجزة بدون شرح و استدلال طرح فيها

ص: 8

العلاّمة آراءه الفقهية و فتاواه في جميع الأبواب.

يقول في مقدمته: وضعناها لإرشاد المبتدءين و إفادة الطالبين مستمدين من اللّه المعونة و التوفيق، فانّه أكرم المعطين، و أجود المسئولين، و نبدأ بالأهم فالأهم.

و الكتاب لو جازته و سلاسة ألفاظه صار موضع اهتمام الفقهاء منذ عصر مؤلفه إلى يومنا هذا و تولّوه بالشرح و التعليق، و قد كان في سالف الزمان كتابا دراسيا، و ذكر شيخنا المجيز في الذريعة ما يقارب 35 شرحا و تعليقا عليه، و من أحسن الشروح إيضاحا شرح استاذنا الكبير الشيخ محمد علي التبريزي المعروف بالمدرس، و قد طبع الجزء الأوّل منه و الجزء الثاني لم ير النور، عسى اللّه أن يشحذ الهمم بغية نشر الباقي.

الثاني: إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان:

و هي دورة فقهية كاملة غير استدلالية للفقه الإمامي من الطهارة إلى الديات، و يعد من الكتب الفقهية المعتمد عليها.

يعرفه مؤلفه في خلاصته بأنّه حسن الترتيب(1).

و قال شيخنا الطهراني: هو من أجل كتب الفقه و أعظمها عند الشيعة، و لذلك تلقّاها علماؤهم بالشرح و التعليق عبر القرون من عصر مؤلفه إلى يومنا هذا، و قد أحصى مجموع مسائله في خمس عشرة ألف مسألة، فرغ منه سنة 676 ه أو 696.(2)

و الكتاب بالنسبة إلى ما سبقه أشبه بالمفصل إلى المجمل، فقد بسط القول

ص: 9


1- . كما في أمل الأمل: 84/2، و لم ترد هذه الكلمة في الخلاصة المطبوعة.
2- . الذريعة: 73/13 و 510/1.

فيه أكثر مما ورد في الأوّل، ألّف الأوّل للمتعلمين المبتدءين ثم ألّف هذا لمن ارتقى مرتبة من العلم.

و قد ذكر شيخنا الطهراني في موسوعته أسماء 36 شرحا و تعليقة على الكتاب(1)، و أنهاها محقّق كتاب إرشاد الأذهان في تقديمه إلى 51 شرحا و تعليقة(2).

الثالث: قواعد الأحكام في مسائل الحلال و الحرام:

و هو من الكتب المتداولة المشهورة، و قد ذكر فيه من القواعد ما يناهز 660 قاعدة في الفقه، لخص فيه فتاواه و بيّن قواعد الأحكام، ألّفه بالتماس ولده فخر المحققين، و فرغ منه عام 693 ه أو 692 ه(3).

و ذكره في خلاصته باسمه و لم يصفه بشيء. لكن وصفه في أوّله بقوله: هذا قواعد الأحكام في معرفة الحلال و الحرام لخصت فيه لب الفتاوى خاصة، و بيّنت فيه قواعد أحكام خاصة، إجابة لالتماس أحب الناس إليّ و أعزّهم عليّ ، و هو الولد العزيز محمد الّذي أرجو من اللّه طول عمره بعدي و أن يوسدني في لحدي(4).

و في آخر الكتاب وصية قيّمة للعلاّمة يوصي بها ولده بقوله:

اعلم يا بني أعانك اللّه تعالى على طاعته... قد لخّصت لك في هذا الكتاب لب فتاوى الأحكام، و بيّنت لك قواعد شرائع الإسلام بألفاظ مختصرة و عبارات محرّرة، و أوضحت لك فيه نهج الرشاد و طريق السداد، و ذلك بعد ان بلغت من

ص: 10


1- . الذريعة: 510/1 برقم 2509.
2- . إرشاد الأذهان: 185-193، قسم المقدمة.
3- . الذريعة: 176/17 برقم 930.
4- . قواعد الأحكام: 2.

العمر، الخمسين و دخلت في عشرة الستين، و قد حكم سيد البرايا بأنّها مبدأ اعتراك المنايا...(1).

و بما انّ العلاّمة من مواليد عام 648 ه، فقد بلغ الخمسين عام 698 ه، و تجاوز عنه عام 699 أو 700 ه، و بذلك يعلم ان ما ذكره شيخنا المجيز من انّه ألّف القواعد عام 693 أو 692 ه ليس بتام.

و مما يجدر ذكره هو ان براعة العلاّمة و نبوغه لم يتلخّص في الفقه و الأصول و الكلام، بل تعدّاها إلى علوم أخرى، كالرياضيات العالية التي تتجلّى مقدرته فيها بوضوح في كتابه هذا، و أخص بالذكر «كتاب الوقوف و العطايا، المطلب الثالث في الأحكام المتعلقة في الحساب»، فقد نجح إلى حد كبير في حل غوامض المسائل الرياضية الجبرية المعقدة.

و استغرقت بحوثه الرياضية أكثر من 50 صفحة بالقطع الرحلي.

و إذا عطفت النظر إلى كتاب الفرائض، فترى نظير تلك البحوث فيها.

فسبحان اللّه معطي المواهب و مفيض النعم.

ليس من اللّه بمستنكر *** أن يجمع العالم في واحد

الرابع: مختلف الشيعة في أحكام الشريعة:

ذكره في الخلاصة و قال: ذكرنا فيه خلاف علمائنا خاصة و حجة كل شخص و الترجيح لما يصير إليه(2).

ص: 11


1- . قواعد الأحكام: 346/2.
2- . الخلاصة: 45.

و قال في مقدمته: إنّي لما وقفت على كتب أصحابنا المتقدمين رضوان اللّه عليهم، و مقالات علمائنا السابقين في علم الفقه وجدت بينهم خلافا في مسائل كثيرة متعددة، فأحببت إيراد تلك المسائل في دستور يحتوي على ما وصل إلينا من اختلافهم في الأحكام الشرعية، و المسائل الفقهية دون ما اتفقوا عليه، إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الكبير المسمى ب «منتهى المطلب في تحقيق المذهب» فانه مجمع بين مسائل الخلاف و الوفاق.

و من محاسن ذلك الكتاب انه إذا لم يجد للمخالف دليلا يحاول ان يلتمس دليلا له.

قال: ثم ان عثرنا في كل مسألة على دليل لصاحبها نقلناه و إلاّ حصّلناه بالتفكّر و أثبتناه، ثم حكمنا بينهم على طريقة الإنصاف، متجنبي البغي و الاعتساف و وسمنا كتابنا هذا بمختلف الشيعة(1).

و الكتاب دورة فقهية استدلالية من الطهارة إلى الديات، و من مزاياه انّه حفظ آثار علمائنا السابقين، أمثال: ابن الجنيد، و ابن أبي عقيل، و الصدوق الأوّل و غيرهم و لولاه لاندثرت آثارهم.

و قد شرع في تأليفه قبل سنة 699 ه، و انتهى منه في الخامس عشر من ذي القعدة في ثمان و سبعمائة، أي قبل وفاته بثمانية عشر سنة.

و من فوائد هذا الكتاب العلم بالمسائل الخلافية و تميزها عن المجمع عليها، فربما يدعى الإجماع في مسألة، و لها مخالف أو مخالفان يعلم من الرجوع إلى ذلك الكتاب.

ص: 12


1- . مختلف الشيعة: 173/1.

الخامس: تذكرة الفقهاء على تلخيص فتاوى العلماء و ذكر قواعد الفقهاء:

و هي موسوعة فقهية استدلالية كبيرة يذكر فيها أقوال الفقهاء من الشيعة و السنة، و يذكر دليل كل قول و يناقشه، و ربما يحاول ان يذكر للمخالف دليلا من جانبه ثم يجيب عنه، و هو تراث علمي قيم.

و إليك بعض ميزاته

أ - أثبت في تأليفه هذا انّ الفقه الإمامي الذي يرفض العمل بالقياس و الاستحسان قادر على الإجابة على المسائل الفقهية عامة مستمدا من الأدلّة الأربعة: الكتاب، و السنّة، و الإجماع، و العقل.

يقول العلاّمة في مقدمة الكتاب: و قد عزمنا على تلخيص فتاوى العلماء و ذكر قواعد الفقهاء على أحق الطرائق و أوثقها برهانا و أصدق الأقاويل و أوضحها بيانا، و هي طريقة الإمامية الآخذين دينهم من الوحي و العلم الرباني، لا بالرأي و القياس، و لا باجتهاد الناس، على سبيل الإيجاز و الاختصار و ترك الإطالة و الإكثار.

ب - انّه يقارن الأقوال بعضها ببعض و يحاكم بينها باسلوب متين، و يشير إلى ذلك في مقدمة الكتاب بقوله: أشرنا في كل مسألة إلى الخلاف، و اعتمدنا في المحاكمة بينهم طريق الإنصاف.(1)

ج - انّه ألّف بصورة الفقه المقارن، و المراد منه جمع الآراء الفقهية المختلفة و تقييمها و الموازنة بينها بالتماس أدلّتها و ترجيح بعضها على بعض، و هذا هو

ص: 13


1- . التذكرة: 3/1 و 4.

المسمّى عند القدماء بعلم الخلاف.

فالمؤلف في هذا الصدد يجعل نفسه مسئولا عن فحص جميع الأدلّة و القضاء بينها و اختيار أتقنها و أوثقها بالقواعد و هو ليس أمرا سهلا، و للفقه المقارن فوائد جمة يذكرها السيد محمد تقي الحكيم حيث يقول:

أ - محاولة البلوغ إلى واقع الفقه الإسلامي من أيسر طرقه و أسلمها، و هي لا تتضح عادة إلاّ بعد عرض مختلف و جهات النظر فيها و تقييمها على أساس موضوعي.

ب - العمل على تطوير الدراسات الفقهية و الأصولية و الاستفادة من نتائج التلاقح الفكري في أوسع نطاق لتحقيق هذا الهدف.

ج - ثماره في إشاعة الروح الرياضية بين الباحثين، و محاولة القضاء على مختلف النزعات العاطفية و إبعادها عن مجالات البحث العلمي.

د - تقريب شقة الخلاف بين المسلمين، و الحد من تأثير العوامل المفرّقة التي كان من أهمها و أقواها جهل علماء بعض المذاهب بأسس و ركائز البعض الآخر، ممّا ترك المجال مفتوحا أمام تسرّب الدعوات المغرضة في تشويه مفاهيم بعضهم و التقوّل عليهم بما لا يؤمنون به.(1)

و الموجود بين أيدينا من الكتاب ينتهي إلى أواخر كتاب النكاح، إلاّ أنّ ثمة شواهد تشير إلى أنّ المؤلف انتهى في كتابته إلى أكثر من ذلك:

أوّلا: إنّ ولده فخر المحقّقين يقول في كتابه «إيضاح الفوائد في شرح القواعد»

ص: 14


1- . الأصول العامة للفقه المقارن: 10.

في آخر شرحه لإرث الزوج: قد حقّق والدي هذه المسألة و أقوالها و أدلّتها في كتاب التذكرة(1).

و ثانيا: انّه فرغ من كتاب النكاح سنة 720 ه بالحلة، فقد عاش بعده حوالي ست سنين، و من البعيد ان يهمل إنهاء ذلك الكتاب الّذي يعد من ثمرات عمره اليانعة(2).

و في الختام أود أن أشير إلى ما جاء في مجلة رسالة الإسلام لدار التقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة حول هذا الكتاب و الإشادة به حيث يقول:

من ذخائر الفكر الإسلامي كتاب تذكرة الفقهاء للشيخ العلاّمة الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلّي، هذا كتاب من أنفس كتب الفقه الاستدلالي المقارن، و قد جرت عادة المؤلّفين في الفقه المقارن من علماء السنة أن يعرضوا للمذاهب الأربعة متحدّثين عن آراء علمائها، و عن أدلّتهم دون أن يخرجوا عن نطاقها فيعرضوا للمذاهب الأخرى لا سيما مذهب الشيعة الإمامية.

و قد أوحى ذلك إلى كثير من طلاب العلم و أساتذة الفقه بمعنى فيه ظلم كثير للفقه الإمامي، و هو ان هذا الفقه ليس كفقه السنة استيعابا و استنباطا و دقة نظر، و انّه لا يستند إلى أدلّة يمكن مناقشتها و مقارنتها.

و لما اتسع نطاق الفقه المقارن في كلية الشريعة و أصبح حتما على الأساتذة و الطلاب ان يعرفوا رأي الإمامية في مسائل المقارنة و ان يوازنوا بين أدلّتهم و أدلّة غيرهم من أهل المذاهب الفقهية، كانوا يجدون كثيرا من الصعوبات في الرجوع

ص: 15


1- . إيضاح الفوائد: 242/4.
2- . لاحظ الذريعة: 43/4.

إلى مصادر هذا الفقه الإمامي، و إذا عثروا على مرجع من هذه المراجع وجدوه مطبوعا طبعا حجريا على نحو غير مألوف عندنا في مصر، فلم يستطيعوا الإفادة منه على الوجه الذي ينبغي.

إلى أن قال: و كنت أعرف كتاب تذكرة الفقهاء للشيخ الحلّي و هو المعروف بالشيخ العلاّمة، و له مؤلّفات كثيرة غير هذا المؤلّف، و لكن تذكرة الفقهاء بين أيدينا، و لكنه رهين محبسين: محبس من عدم معرفة علماء السنة به و عدم اطّلاعهم عليه إلاّ قليلا منهم، و محبس من هذه الطبعة الحجرية الضيقة التي تجعله بعيدا عن متناول الذين يهتمون بالفقه و دراسته و أصوله المحررة.

و لذلك تمنيت لو انّ هذا الكتاب طبع طبعة حديثة حتّى يمكن لعلماء الأزهر و غيرهم أن يقرؤه، اذا لوجدوا فيه علما غزيرا، و خيرا كثيرا، و لاستطاعوا ان يملئوا جو المقارنة الفقهية بما يذكره من آراء و أدلة، و لعرفوا انّ هناك فقها لا يقل في مستواه العلمي و الفكري عن فقههم، و لما بقي في بعضهم أثر من الرغبة عن هذا الفقه استهانة به أو تعصبا عليه.

ثم إنّ صاحب المقال أخذ شيئا من كتاب النكاح فطبعه في آخر مقاله، يبلغ عدد صفحاته قرابة 31 صفحة، و بذلك حاول أن يلفت نظر الفقهاء في الأزهر و غيره إلى هذا الكتاب الثمين و ما فيه من مادة فقهية قلّما يتفق في غيره(1).

و نحن نزفّ البشرى إلى صاحب المقال، و هي انّ الكتاب قد طبع طبعة أنيقة رشيقة محققة مع تخريج مصادر الروايات و الأقوال بشكل مثير للإعجاب، و قد قام بهذا العبء الثقيل مؤسسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث، و قد خرج منه

ص: 16


1- . مجلة رسالة اسلام: العدد 51 و 52، المؤرخة عام 1382 ه.

لحد الآن ثمانية أجزاء و الباقي قيد الطبع.

و الحق انّ أغلب التراث الفقهي للشيعة الإمامية رهين محبسين: عدم اطّلاع علماء السنة عليه، و رداءة طبعه بل لم يزل الكثير منها مخبوءا لم ير النور.

السادس: منتهى المطلب في تحقيق المذهب:

و هو كتاب ضخم يتسم بطابعين: «الاستدلال» و «المقارنة» و هو نظير «التذكرة» و لكن اوسع و أشمل منه، و لذلك يصفه العلاّمة في بعض الموارد بقوله ينتهي بانتهاء عمرنا.

و يصفه في الخلاصة: بقوله: لم يعمل مثله، ذكرنا فيه جميع مذاهب المسلمين في الفقه، رجحنا ما نعتقده، بعد إبطال حجج من خالفنا فيه، يتم ان شاء اللّه تعالى عملنا منه إلى هذا التاريخ، و هو شهر ربيع الآخر سنة ثلاث و تسعين و ستمائة سبع مجلدات(1).

و يصفه في مقدمة الكتاب بقوله: أحببنا أن نكتب دستورا في هذا الفن (الفقه) يحتوي على مقاصده، و يشتمل على فوائده على وجه الإيجاز و الاختصار، مجتنبين الإطالة و الإكثار مع ذكر الخلاف الواقع بين أصحابنا، و الإشارة إلى مذاهب المخالفين المشهورين، مع ذكر ما يمكن ان يكون حجة لكل فريق على وجه التحقيق، و قد وسمناه ب «منتهى المطلب في تحقيق المذهب» و نرجو من لطف اللّه تعالى أن يكون هذا الكتاب بعد التوفيق لإكماله أنفع من غيره(2).

و على ضوء ذلك فقد حاز العلاّمة الحلّي قصب السبق على غيره في تطوير

ص: 17


1- . الخلاصة: 45.
2- . منتهى المطلب: 4.

الفقه المقارن، فتارة ألّف كتابا لبيان الخلافات في الفقه الإمامي و قارن الأقوال بعضها ببعض مثل المختلف، و أخرى لبيان الخلافات بين المذاهب الإسلامية سنّية و شيعية، بين مقتضب كالتذكرة، و مسهب كالمنتهى.

و هذا النوع من الفقه المقارن من خصائصه و لم يسبقه أحد قبله.

نعم، قام غير واحد من مشايخ الشيعة بتصنيف كتب في الفقه المقارن على النمط الثاني كالانتصار للسيد المرتضى (355-436 ه) و الخلاف للشيخ الطوسي (385-460 ه) و الكتاب يعدّ من ذخائر التراث الفقهي الإسلامي، و قد طبع في جزءين كبيرين بالطبعة الحجرية ينتهي الجزء الأوّل إلى آخر الصلاة، و الجزء الثاني إلى آخر الحج.

و قال في إجازته للسيد مهنا بن سنان بن عبد الوهاب الإمامي المدني قاضي المدينة المتوفّى عام 754 ه، قال: كتاب منتهى المطلب خرج منه العبادات سبع مجلدات(1).

إنّه قدّس سرّه يشير إلى الفرق بين التذكرة و المنتهى في نهاية كتاب تحرير الأحكام الذي سيأتي الكلام فيه.

يقول في نهاية هذا الكتاب: «هذا آخر ما أفدناه في هذا الكتاب، و هو قيّم يعرض طالب التوسط في هذا الفن، و من أراد الإطالة فعليه بكتابنا الموسوم ب «تذكرة الفقهاء» الجامع لأصول المسائل و فروعها مع إشارة وجيزة إلى وجوهها و ذكر الخلاف الواقع بين العلماء و إيراد ما بلغنا من كلام الفضلاء.

ص: 18


1- . أجوبة المسائل المهنائية: 155؛ البحار: 147/104.

و من أراد الغاية و قصد النهاية فعليه بكتابنا الموسوم ب «منتهى المطلب في تحقيق المذهب «و اللّه الموفق للصواب منه المبدأ و إليه المعاد»(1).

و قد قام بتحقيقه و إخراجه في حلة قشيبة قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلامية بمشهد الرضا عليه السّلام و خرج منه إلى الآن خمسة أجزاء.

السابع: نهاية الإحكام في معرفة الأحكام:

كتاب يحتوي على جلّ المسائل الفرعية الفقهية مع الإشارة إلى الدلائل بعبارة موجزة.

يعرّفه العلاّمة في مقدمة الكتاب بقوله: لخصت فيه فتاوى الإمامية على وجه الإيجاز و أشرت فيه إلى العلل مع حذف الإطالة و الإكثار.

و خرج منه كتاب: الطهارة، الصلاة، الزكاة، البيع إلى آخر الصرف.

و قد فرغ من كتاب الصلاة في شهر شعبان من شهور سنة 705 ه و قد طبع في جزءين بتحقيق السيد مهدي الرجائي (حفظه اللّه) و هو ممّن وقف عمره في إحياء التراث و نشر مآثر الشيعة.

و الفرق بينها و بين التحرير طفيف جدا، فالإشارة إلى الدليل فيه أكثر من التحرير لكن الثاني يفوق عليه بجودة الترتيب و التخريج. و اشتماله على تمام الكتب الفقهيّة.

ص: 19


1- . تحرير الأحكام: 281/2 - الطبعة الحجريّة -.

الثامن: تحرير الأحكام:

و ها نحن الآن بصدد استعراض كتاب فقهي آخر و هو كتاب تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الامامية.

و قد عرّفه العلاّمة في مقدمة الكتاب بقوله: جمعنا فيه معظم المسائل الفقهية و أوردنا فيه أكثر المطالب الشرعية الفرعية من غير تطويل بذكر حجة و دليل، إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الموسوم ب «منتهى المطلب في تحقيق المذهب» فانّه قد شمل المسائل أصولها و فروعها و ذكر الخلاف الواقع بين المسلمين إلاّ ما شذ، و استدلال كل فريق على مذهبه مع تصحيح الحق و إبطال الباطل و انّما اقتصرنا في هذا الكتاب على مجرد الفتاوى لا غير(1).

و عرّفه في الخلاصة بقوله: حسن جيد، استخرجنا فيه فروعا لم نسبق إليها مع اختصاره(2).

و قال شيخنا المجيز: اقتصر فيه على مجرد الفتوى و ترك الاستدلال، لكنه استوعب الفروع و الجزئيات حتّى أنّه أحصيت مسائله فبلغت أربعين ألف مسألة(3)رتّبها على ترتيب كتب الفقه في أربع قواعد: العبادات، و المعاملات، و الإيقاعات، و الأحكام؛ باديا بمقدمة ذات مباحث في معنى الفقه و فضله و آدابه و معرفته و عدم كتمانه. ثم ذكر النسخ الموجودة منه في المكتبات.(4)

ص: 20


1- . تحرير الأحكام: 2/1.
2- . الخلاصة: 45 برقم 52.
3- . و لعل المراد هي الفروع لا المسائل، لان الأولى تقارب هذا المقدار دون الثانية.
4- . الذريعة: 378/3.

عصر التخريج و التفريع:

لقد تألّق نجم المذاهب الأربعة منذ منتصف القرن الرابع، فسرت روح التقليد للأئمة الأربعة سريانا عاما اشترك فيه العلماء و جمهور الناس.

لقد تلقّى الجمهور تلك المذاهب تراثا إسلاميا بلغ من القداسة كأنّها وحي من اللّه لا يمكن النقاش فيها و لا يجوز الخروج عن إطارها، فأصبحت نصوص الأئمة الأربعة كالوحي المنزل يجب استفراغ الوسع في فهم كلامهم و مؤدّى لفظهم، و قد خلّف ذلك مضاعفات حالت دون تكامل الفقه، منها:

أ - نشوء روح التقليد بين فقهاء تلك الأعصار و التعصّب لمذهب الأسلاف.

ب - كثرة التخريج و التفريع و الترجيح بين فقهاء المذاهب، فانّهم بدل أن يبذلوا جهودهم في فهم الكتاب و السنّة، انصبت جهودهم في استنباط الفروع من الأصول الثابتة عند أئمة المذاهب، و لأجل ذلك كثر التأليف و التصنيف في هذه العصور و أكثرها يحمل طابع التخريج و التفريع.

انّ باب الاجتهاد و ان اقفل في هذه الفترة لكن نشط الاجتهاد في إطار مذهب معين. فلذلك بدأ التخريج و التفريع في مسائل كثيرة فلم يكن لأئمتهم فيها نص، و بذلك ألفت كتب في هذا المضمار، أي استنتاج الفروع من الأصول و ما لا نص فيه من أئمتهم عما فيه نص منهم.

و هذا نوع من الاجتهاد المحدّد بمذهب خاص، و قد نشأ العلاّمة في هذه الأجواء التي تطلب لنفسها التخريج و التفريع، فشمّر عن ساعد الجد و ألّف كتاب «تحرير الأحكام الشرعيّة» لتلك الغاية، و لو صح ما نقله شيخنا المجيز عن بلوغ

ص: 21

مسائله إلى أربعين ألف، فقد تحمل عبئا ثقيلا في جمع تلك الفروع في الأبواب الفقهية المختلفة و عرضها على الأدلّة و استخراج حكمها منها و ليست تلك المحاولة جديدة من نوعها، فقد سبقه فيها الشيخ الطوسي بتأليفه كتاب « المبسوط» و كانت الغاية من تأليفه هو الإجابة على الفروع التي لا نص فيها مستخرجا أحكامها مما نص فيه، يقول:

فإنّي لا أزال أسمع معاشر مخالفينا من المتفقّه و المنتسبين إلى علم الفروع يستحقرون فقه أصحابنا الإمامية و يستنزرونه و ينسبونهم إلى قلّة الفروع و قلّة المسائل، و انّ من ينفي القياس و الاجتهاد لا طريق له إلى كثرة المسائل و لا التفريع على الأصول، لأنّ جلّ ذلك مأخوذ من هذين الطريقين.

ثم ردّ على وجهة النظر تلك بقوله: إنّ جلّ ما ذكروه من المسائل موجود في أخبارنا و منصوص عليه تلويحا عن أئمتنا الذين قولهم في الحجة يجري مجرى قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم إمّا خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا(1).

و التخريج في الفقه الإمامي يختلف عن التخريج في فقه المذاهب الأربعة، فإنّ التخريج هناك على ضوء النصوص الموروثة عن أئمتهم التي لا تتجاوز عن كونها فتاوى فقهية لهم مستنبطة غالبا من الأساليب الظنية.

و أمّا التخريج في الفقه الإمامي فهو تابع لضوابط معينة، إذ يستخرج حكم الفروع من الأصول المنصوصة إمّا خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا كما صرّح به الشيخ.

فالاجتهاد عند السنّة في هذا المجال، اجتهاد شخصي في فهم كلام إمام

ص: 22


1- . المبسوط: 2/1.

المذهب، و لكن الاجتهاد في الفقه الإمامي اجتهاد في فهم النصوص الشرعية الواردة من النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و آله المعصومين الذين تجري أقوالهم مجرى قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم لحديث الثقلين.

هذه هي الكتب الفقهية الثمانية المعروفة للعلاّمة الحلّي المنتشرة على نطاق واسع، و له كتب فقهية أخرى غير مشهورة، و انّ قسما منها لم ير النور.

مشكلة الاختلاف في آرائه:

من استعرض فتاوى العلاّمة الحلّي في كتبه الفقهية ربما يقف على آراء مختلفة له في مسألة واحدة في مختلف الكتب، و قد أثارت هذه المسألة العديد من التساؤلات.

فربما يفسر اختلاف فتاواه بحرصه على التأليف و استعجاله في التصنيف، و انّه كان يكتب كل ما يرتسم في ذهنه بلا مراجعة إلى أقواله المتقدمة، أو انّه كان لا يفحص في الأحاديث و الأدلّة حق الفحص. فبدا له التجدّد في الرأي و التلوّن في الاجتهاد(1).

و قريب منه ما ذكره المحدّث البحراني في لؤلؤة البحرين(2).

و ربما يجاب عن الإشكال:

بأنّ فتاوى العلاّمة كانت في متناول فقهاء عصره الذين بلغ عددهم في الحلّة إلى 440 مجتهدا(3).

ص: 23


1- . لاحظ تنقيح المقال: 315/1، نقله عن السماهيجي.
2- . لؤلؤة البحرين: 226.
3- . رياض العلماء: 361/1، قال: و من الغرائب ما نقل انّه كان في الحلّة في عصر العلاّمة أو غيره 400 مجتهدا و أربعين.

فقد كانت تنهال عليه مناقشات العلماء و المجتهدين فيما أفتى به و ذهب إليه فكان رضى اللّه عنه ينظر فيها و يبحثها معهم، فإن لم يقتنع بها ردّها، و إن رآها سديدة قبلها برحابة صدر، و غيّر فتواه(1).

و هذا النوع من الدفاع و إن كان صحيحا إجمالا و لا يختص هذا بالعلاّمة و عصره، فانّ تغيير الفتاوى لأجل مناقشات المعاصرين ليس أمرا جديدا، لكن تبرير هذا النوع من الاختلاف الشاسع عن هذا الطريق غير كاف، إذ لو كان هذا هو السبب الرئيسي لأشار إليه العلاّمة في طيات كتبه، و انّه رجع عمّا كان يراه فيما سبق لأجل هذه المناقشة، و لكن صياغة كتبه تأبى عن ذلك التبرير فيجب التماس وجه آخر.

و هو انّ العلاّمة الحلّي قد عاش في عصر ازدهرت فيه عملية التخريج و التفريع، و كانت له صلة وثيقة بفقهاء كلا الفريقين طوال ستين سنة، و كان ذا ذكاء خارق و ذهن ثاقب، و آية في الدقة و التحقيق، فمثل هذا الفقيه الذي هو في خضمّ الاحتكاكات الفقهية من جانب و كثرة أسفاره و لقائه بعلماء كلا الفريقين أتاح له الفرصة في خلق أفكار فقهية جديدة حسب ما يوحي إليه فهمه الخلاق، و ليس هذا بعزيز.

فهذا هو محمد بن إدريس الشافعي (150-204 ه) قد خلف فتاوى قديمة و فتاوى جديدة، فلما غادر من الحجاز إلى العراق و مكث فيه سنين طوال كانت له آراء، فلما هبط مصر بدت له فتاوى أخرى غير تلك الفتاوى القديمة، و صارت معروفة بالفتاوى الجديدة.

فمثير هذه الشبه انطلق من جمود فكري و عدم معرفة كاملة بواقع الفقه، و لو

ص: 24


1- . إرشاد الأذهان: 160، قسم المقدمة.

كان من فرسان هذه الحلبة لسهل له هذا الأمر و لم ينقم على العلاّمة كثرة فتاواه.

إلى هنا تم ما كنّا نرمي إليه من التقديم:

و قد آن لنا تثمين جهود محقّق الكتاب اعني العلاّمة «الشيخ إبراهيم البهادري» على ما بذله من جهود مضنية في تقويم نص الكتاب و استخراج مراجع الأقوال و مصادر الروايات بأمانة و دقة كما هو دأبه في تحقيقاته السابقة التي أثرى بها المكتبة الإسلامية من خلال إحياء التراث الإسلامي، و قد صدر له تحقيق الكتب التالية:

1. الاحتجاج: لشيخنا أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي.

2. إصباح الشيعة: للفقيه الأقدم قطب الدين البيهقي الكيدري.

3. إشارة السبق: تأليف الشيخ علاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضل، المعروف بالحلبي.

4. جواهر الفقه: للقاضي ابن البراج.

5. الرسائل الاعتقادية: للشيخ الطوسي.

6. عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار علي بن أبي طالب عليه السّلام:

لابن البطريق.

7. غنية النزوع إلى علمي الأصول و الفروع: لابن زهرة الحلبي في جزءين.

8. المسائل الميافارقية: للسيد الشريف المرتضى.

مضافا إلى هذا الكتاب الماثل بين يديك و الذي يزفّه الطبع إلى القرّاء

ص: 25

الكرام، و الكتاب بإذنه سبحانه يخرج في ستة أجزاء، و يأتي في نهاية الجزء السادس فهرس الآيات و الروايات و الأعلام و الأماكن... و ها نحن نحيل عنان القلم إلى المحقّق كي يوضح لنا منهجية التحقيق و كيفيته.

منهج التحقيق:

1. قد قمنا بتقويم النص و تصحيحه بمقابلة الكتاب على نسختين: إحداهما مطبوعة، و الأخرى مخطوطة.

أمّا المطبوعة فهي النسخة الرائجة التي طبعت عام 1314 ه ق في جزءين و طبعت في مجلد واحد، و هي نسخة كاملة و رمزنا إليها بحرف «أ».

و أمّا المخطوطة فهي النسخة الموجودة في مكتبة السيد المرعشي العامة و الظاهر انّ النسخة استنسخت عن خط المؤلف كما استظهره المحقّق السيد الاشكوري (حفظه اللّه). و حكى الكاتب في الصفحة الأولى إجازة العلاّمة لجمال الدين مظفر بن منصور المخلص الأنباري.

تقع النسخة في 431 صفحة في 29 سطرا، طولها 23 سم و عرضها 15 سم.

و هي نسخة كاملة مصححة. و رمزنا إليها بحرف «ب». و أثبتنا ما هو الصحيح و لم نذكر من اختلاف النسختين إلاّ المهمّ . و قد سجّلت خصوصيات النسخة في فهرس المكتبة.

2. لم نقتصر في تقويم النص على النسختين، بل رجعنا إلى التذكرة و المنتهى للمؤلّف، فإنّ مادة الكتاب تستقي من هذين الكتابين في أكثر المواضع، كما رجعنا

ص: 26

إلى الخلاف و المبسوط للشيخ الطوسي، و إلى المغني لابن قدامة و غيرها.

3. تخريج الآيات و الروايات و الأقوال المنقولة من المصادر الأصلية.

4. تفسير اللغات المشكلة و إيضاح المراد من العبارة فيما احتاج إليه.

5. تبديل الترتيب الأبجدي للمسائل التي وضعها المؤلف بالترتيب العددي لسهولته، و هذا النوع من التصرف قد حدت الضرورة إليه لأجل عدم استيناس الجيل الحاضر به.

كما لا يفوتني أن أعبر عن شكري و امتناني الجزيل إلى سماحة آية اللّه جعفر السبحاني لما هيّأ لي من أسباب التحقيق كما هو دأبه مع أكثر المحققين في مؤسسة الإمام الصادق عليه السّلام، و قد أشرف على عملي و تحقيقي و أفادني في هذا المضمار.

هذا كلام محققنا، فهاك نسخة صحيحة لا تجد فيها أمتا و لا عوجا، و هي حصيلة جهود سنين طوال.

فها نحن نثمن الجهود التي بذلها شيخنا المحقّق في إحياء هذا السفر الجليل الذي كان رهين محبس رداءة الطبعة التي كانت تعيق مطالعته و مدارسته في أحيان كثيرة، فحيا اللّه شيخنا المحقّق و بيّاه و جعله خادما لفقه آل البيت عليهم السّلام طيلة عمره، و جزاه اللّه في الدنيا و الآخرة خير الجزاء و أدام عمره بفضل منه.

جعفر السبحاني

قم المشرّفة

ص: 27

ص: 28

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ الحمد للّه المتقدّس بكماله عن مشابهة المخلوقات، المتنزّه بعلوّه عن مشاركة الممكنات، القادر على إيجاد الموجودات، العالم بكل المعلومات، المتفرّد بوجوب الوجود في ذاته، المتوحّد بالاستغناء عن غيره في ماهيّته و صفاته، المنعم على عباده بإرسال الأنبياء لتعليم الشرائع و الأديان، المكمّل إنعامه بالتكليف الباقي ببقاء نوع الإنسان، ليرتقي بطاعته إلى أعلى الدرجات، و لينال بامتثال أوامره ما أعدّ له من الحسنات.

و صلّى اللّه على أشرف البشر محمد المشفع في يوم المحشر(1)، و على آله الأبرار، صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الأعصار.

أمّا بعد: فانّ هذا الكتاب الموسوم ب «تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية»، قد جمعنا فيه معظم المسائل الفقهيّة، و أوردنا فيه أكثر المطالب

ص: 29


1- . في «ب»: في المحشر.

التكليفية الشرعيّة الفرعيّة، من غير تطويل بذكر حجّة و دليل، إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الموسوم ب «منتهى المطلب في تحقيق المذهب» فانّه قد شمل المسائل أصولها و فروعها، و ذكر الخلاف الواقع بين المسلمين - إلاّ ما شذّ - و استدلال كل فريق على مذهبه مع تصحيح الحقّ و إبطال الباطل.

و انّما اقتصرنا في هذا الكتاب على مجرّد الفتاوى لا غير، مستعينين باللّه تعالى فانّه الموفّق لكلّ خير، و هو حسبنا و نعم الوكيل، و رتّبناه على مقدمة و قواعد.

ص: 30

أمّا المقدّمة

ففيها مباحث:

اشارة

ففيها مباحث:(1)

1. الأوّل: الفقه لغة الفهم. و اصطلاحا العلم بالأحكام الشرعية الفرعيّة،

المستدلّ على أعيانها، بحيث لا يعلم كونها من الدين ضرورة، فخرج العلم بالذوات و الأحكام العقلية (و النقلية)(2) و التقليديّة و علم واجب الوجود و الملائكة و أصول الشريعة.

و لا يرد إطلاق الفقيه على العالم بالبعض، و كون الفقه مظنونا، لأنّ المراد بالعلم الاستعداد التام المستند إلى أصول معلومة، و ظنّيّة الطريق لا تنافي علميّة الحكم.

2. الثاني: ثبت في علم الكلام وجوب التكليف،

و لا يتمّ الامتثال إلاّ بمعرفة الأحكام الشرعية الحاصلة بالفقه، فيجب العلم به، و السمع(3).

و وجوبه على الكفاية، عملا بالآية(4).

ص: 31


1- . في «أ»: ففيها أبحاث.
2- . ما بين القوسين موجود في «أ».
3- . في «ب»: «و للسمع» و الصحيح «أو السمع» بمعنى انّه يجب تحصيل العلم أو الدليل السمعي على التكليف.
4- . إشارة إلى قوله تعالى: فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (التوبة: 122).

و مرتبته بعد علم الكلام و اللغة و النحو و التصريف و الأصول.

و فائدته نيل السعادة الأخرويّة، و تعليم العامة نظام المعاش(1) في المنافع الدنيويّة.

و موضوعه أفعال المكلّفين من حيث الاقتضاء أو التخيير.

و مباديه من الكلام و الأصول و اللغة و النحو و القرآن و السنّة.

و مسائله المطالب المستدلّ عليها فيه.

3. الثالث: في فضيلته

و هو معلوم بالضرورة، قال تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَعْلَمُونَ (2) و قال تعالى: إِنَّمٰا يَخْشَى اَللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ اَلْعُلَمٰاءُ (3).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «يا علي نوم العالم أفضل من عبادة العابد، يا علي ركعتين يصلّيهما العالم أفضل من ألف ركعة يصلّيها العابد»(4).

«يا علي لا فقر أشدّ من الجهل، و لا عبادة مثل التفكر»(5).

و عن الصادق عليه السّلام انّه قال: «إذا كان يوم القيامة جمع اللّه النّاس في صعيد واحد، و وضعت الموازين، فيوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء»(6).

ص: 32


1- . في «أ»: و نظام المعاش.
2- . الزمر: 9.
3- . فاطر: 28.
4- . الفقيه: 265/4 و 266.
5- . الفقيه: 269/4 و 270.
6- . الفقيه: 284/4.

و قال عليه السّلام: «العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا يزيده سرعة السير من الطريق إلاّ بعدا»(1).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «الأنبياء قادة، و العلماء سادة، و مجالستهم عبادة»(2).

و قال: «النظر إلى وجه العالم عبادة»(3).

و قال: «اللّهم ارحم خلفائي، قيل: يا رسول اللّه! و من خلفاؤك ؟ قال: الذين يأتون من بعدي يروون حديثي و سنتي(4)، و من أكرم فقيها مسلما لقى اللّه يوم القيامة و هو عنه راض»(5).

الفصل الأوّلو يحرم كتمان العلم و الفقه،

الفصل الأوّل(6)و يحرم كتمان العلم و الفقه،

قال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلْنٰا مِنَ اَلْبَيِّنٰاتِ وَ اَلْهُدىٰ مِنْ بَعْدِ مٰا بَيَّنّٰاهُ لِلنّٰاسِ فِي اَلْكِتٰابِ أُولٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اَللّٰهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اَللاّٰعِنُونَ (7).

و قال: إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلَ اَللّٰهُ مِنَ اَلْكِتٰابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً

ص: 33


1- . الفقيه: 287/4.
2- . عوالي اللآلي: 73/4؛ بحار الأنوار: 201/1، الحديث 9.
3- . الفقيه: 205/2، الحديث 2144؛ وسائل الشيعة: 621/8.
4- . الفقيه: 302/4.
5- . بحار الأنوار: 44/2.
6- . تعريف الفصول و ترقيمها فيما اذا تجاوزت فصلا واحدا منّا.
7- . البقرة: 159.

أُولٰئِكَ مٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ اَلنّٰارَ (1) .

و قال عليه السّلام: «من كتم علما ألجمه اللّه يوم القيامة بلجام من نار»(2).

و قال عليه السّلام: «إذا ظهرت البدع في أمّتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة اللّه»(3).

الفصل الثاني [رواية زين العابدين عليه السّلام في حق العالم

و روي عن زين العابدين عليه السّلام أنّه قال: «حقّ العالم التعظيم له، و التوقير لمجلسه، و حسن الاستماع إليه، و الإقبال عليه، و ان لا ترفع عليه صوتك، و لا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتّى يكون هو الّذي يجيب، و لا تحدّث في مجلسه أحدا، و لا تغتاب عنده أحدا، و أن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، و ان تستر عيوبه، و تظهر مناقبه، و لا تجالس له عدوّا، و لا تعادي له وليّا، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة اللّه بأنّك قصدته، و تعلّمت علمه للّه جل اسمه، لا للناس.

و أمّا حقّ رعيتك بالعلم، بأن تعلم أنّ اللّه عزّ و علا انّما جعلك قيّما لهم فيما أتاك من العلم، و فتح لك من خزائنه، فإن أحسنت في تعليم الناس، و لم تخرق بهم و لم تضجر عليهم، زادك اللّه من فضله، و إن أنت منعت الناس علمك، أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك، كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يسلبك العلم و بهاءه، و يسقط من القلوب محلّك».(4)

ص: 34


1- . البقرة: 174.
2- . بحار الأنوار: 78/2.
3- . الكافي: 54/1 باب البدع و الرأي و المقاييس، الحديث 2.
4- . الفقيه: 620/2؛ وسائل الشيعة: 134/11؛ الخصال: 567؛ تحف العقول: 260.

الفصل الثالث [في استحباب طلب العلم و وجوبه كفاية

و يستحب طلب العلم، و يجب على الكفاية، لقوله عليه السّلام: «طلب العلم فريضة»(1).

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم ألا إنّ اللّه يحب بغاة العلم»(2).

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «لا خير في العيش إلاّ لرجلين: عالم مطاع أو مستمع واع»(3).

و قال عليه السّلام: «من سلك طريقا يطلب فيه علما، سلك اللّه به طريقا إلى الجنة، و انّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به، و انّه يستغفر لطالب العلم من في السماوات(4) و من في الأرض حتى الحوت في البحر، و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، و انّ العلماء ورثة الأنبياء، لأنّ الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما و لكن ورّثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر»(5).

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «نعم وزير الإيمان العلم، و نعم وزير العلم الحلم، و نعم وزير الحلم الرفق، و نعم وزير الرفق العزة»(6).

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «طالب العلم يستغفر له حيتان البحر و طيور الهواء»(7).

ص: 35


1- . الكافي: 30/1، باب فرض العلم و وجوب طلبه و الحث عليه، الحديث 2.
2- . الكافي: 30/1، باب فرض العلم و وجوب طلبه و الحث عليه، الحديث 1.
3- . الكافي: 33/1، باب صفة العلم و فضله و فضل العلماء، الحديث 7.
4- . في المصدر: من في السماء.
5- . الكافي: 34/1، باب ثواب العالم و المتعلم، الحديث 1؛ و بحار الأنوار: 164/1، الحديث 2.
6- . الكافي: 48/1، باب النوادر، الحديث 3 و فيه: نعم وزير الرفق الصبر.
7- . بحار الأنوار: 172/1.

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «اغد عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبّا لهم و لا تكن الخامس فتهلك»(1).

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من خرج من بيته يلتمس بابا من العلم لينتفع قلبه و يعلمه غيره، كتب اللّه له بكل خطوة عبادة ألف سنة صيامها و قيامها، و حفّته الملائكة بأجنحتها، و صلّى عليه طيور السماء و حيتان البحر و دوابّ البرّ، و أنزله اللّه بمنزلة سبعين صدّيقا، و كان خيرا له ان لو كانت الدنيا كلها له، فجعلها في الآخرة»(2).

الفصل الرابع [في حرمة الإفتاء بغير علم

يحرم الإفتاء بغير علم، و كذا الحكم، قال تعالى: وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اَللّٰهِ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ (3).

قال تعالى: وَ لاٰ تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ (4).

و قال تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اَللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ اَلْكٰافِرُونَ (5).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من عمل بالمقاييس فقد هلك و أهلك، و من أفتى الناس و هو لا يعلم الناسخ من المنسوخ و المحكم من المتشابه فقد هلك و أهلك»(6).

ص: 36


1- . الكافي: 34/1، الحديث 3.
2- . بحار الأنوار: 177/1.
3- . البقرة: 169؛ الأعراف: 33.
4- . الإسراء: 36.
5- . المائدة: 44.
6- . الكافي: 43/1، باب النهي عن القول بغير علم، الحديث 9.

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح»(1).

الفصل الخامس [في وجوب عمل العالم بعلمه

و يجب على العالم العمل، كما يجب على غيره، لكنّه في حقّ العالم آكد، و لهذا جعل اللّه ثواب المطيعات و عقاب العاصيات من نساء النبي عليه السّلام ضعف ما جعل لغيرهن(2) لقربهن من الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم و استفادتهن العلم.

و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه حدث عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: «العلماء رجلان: رجل عالم أخذ بعلمه فهذا ناج، و رجل تارك لعلمه فهذا هالك، و انّ أهل النار ليتأذّون من ريح العالم التارك لعلمه، و انّ أشد أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى اللّه سبحانه فاستجاب له، و قبل منه فأطاع اللّه، فأدخله الجنة، و أدخل الداعي إلى النار بتركه علمه»(3).

و قال عليه السّلام: «انّ أخوف ما أخاف خصلتان: اتّباع الهوى و طول الأمل؛ أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحق، و أمّا طول الأمل فينسي الآخرة»(4).

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا. قيل: يا رسول اللّه

ص: 37


1- . الكافي: 44/1، باب من عمل بغير علم، الحديث 2.
2- . إشارة إلى قوله تعالى: يٰا نِسٰاءَ اَلنَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضٰاعَفْ لَهَا اَلْعَذٰابُ ضِعْفَيْنِ ... وَ مَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ تَعْمَلْ صٰالِحاً نُؤْتِهٰا أَجْرَهٰا مَرَّتَيْنِ ... (الأحزاب: 30-31).
3- . البحار: 34/2، الحديث 31.
4- . وسائل الشيعة: 651/2، الباب 24 من أبواب الاحتضار، الحديث 6.

و ما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتّباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم»(1).

الفصل السادس [في شرافة العلم

و العلم من أشرف الكيفيات النفسانية و أعظمها، به يتميز الإنسان عن غيره(2) من الحيوانات، و به يشارك اللّه تعالى في أكمل صفاته، و طلبه واجب على الكفاية. و مستحب على الأعيان على ما بيّنّاه. و هو أفضل من العبادة، فيجب على طالبه أن يخلص للّه تعالى في طلبه، و يتقرب به إليه، لا يطلب به الرياء و الدنيا، بل وجه اللّه تعالى.

فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «منهومان لا يشبعان: طالب دنيا و طالب علم، فمن اقتصر من الدّنيا على ما أحلّ اللّه له سلم، و من تناولها من غير حلّها هلك، إلاّ أن يتوب أو يراجع، و من أخذ العلم من أهله و عمل بعلمه نجا، و من أراد به الدنيا فهو حظه»(3).

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل»(4).

ص: 38


1- . البحار: 36/2، الحديث 38.
2- . في «ب»: من غيره.
3- . الكافي: 46/1، باب المستأكل بعلمه و المباهي به، الحديث 1.
4- . البحار: 22/2، الحديث 67.

الفصل السابع [في أن العلم لا يختصر بما في الكتب بل يجب أخذه من العلماء

و لكلّ علم أسرار لا يطلع عليها من الكتب، فيجب أخذه من العلماء، و لهذا قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «خذ العلم من أفواه الرجال» و نهى عن الأخذ ممّن أخذ علمه من الدفاتر، فقال(1): «لا يغرّنكم الصحفيون»(2) و أمر عليه السّلام بالمحادثة في العلم و المباحثة فأنها تفيد النفس استعدادا تامّا لتحصيل المطالب و استخراج المجهولات.

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «تذاكروا و تلاقوا و تحدّثوا، فانّ الحديث جلاء القلوب، لأنّ القلوب(3) لترين كما يرين السيف و جلاؤه(4) الحديث»(5).

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «إنّ اللّه عزّ و علا يقول تذاكر العلم بين عبادي ممّا تحيى عليه القلوب الميتة، ان هم انتهوا فيه إلى امرئ»(6).

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «قال الحواريّون لعيسى عليه السّلام: يا روح اللّه! من نجالس ؟ قال: من يذكّركم اللّه رؤيته، و يزيد في علمكم منطقه، و يرغبكم في الآخرة عمله»(7).

ص: 39


1- . في «أ»: و قال.
2- . مستدرك الوسائل: 311/17.
3- . في «أ»: انّ القلوب.
4- . في «ب»: كما يرين السيف جلاؤه....
5- . الكافي: 41/1، باب سؤال العلم و تذاكره، الحديث 8.
6- . الكافي: 40/1، سؤال العلم و تذاكره، الحديث 6.
7- . الكافي: 39/1، باب مجالسة العلماء، الحديث 3.

الفصل الثامن [في أن أفضل العلم بعد المعرفة باللّه تعالى علم الفقه

و أفضل العلم بعد المعرفة باللّه تعالى علم الفقه، فإنّه الناظم لأمور المعاش و المعاد، و به يتم كمال نوع الإنسان، و هو الكاسب لكيفيّة شرع اللّه تعالى، و به يحصل المعرفة بأوامر اللّه تعالى و نواهيه الّتي هي سبب النجاة، و بها يستحق الثواب، فهو أفضل من غيره.

و روي عن الكاظم عليه السّلام قال: «دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم المسجد، فإذا جماعة قد طافوا برجل، فقال: ما هذا؟ فقيل: علاّمة. قال(1): و ما العلاّمة ؟ فقالوا: إنّه أعلم الناس بأنساب العرب و وقائعها و أيام الجاهلية و الأشعار العربية قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: ذاك علم لا يضر من جهله و لا ينفع من علمه، ثم قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: إنّما العلم ثلاثة: علم آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنّة قائمة، و ما خلاهنّ فهو فضل»(2).

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من أراد اللّه به خيرا يفقّهه في الدين»(3).

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من حفظ من أمّتي أربعين حديثا ينتفعون به بعثه اللّه يوم القيامة فقيها عالما»(4)

و لنقتصر من المقدمة على هذا.

ص: 40


1- . في «ب»: فقال.
2- . بحار الأنوار: 211/1، الحديث 5.
3- . بحار الأنوار: 177/1 و 216/1.
4- . الكافي: 49/1، باب النوادر، الحديث 7.

القاعدة الأولى في العبادات

اشارة

و هي كتب

كتاب الطهارة

اشارة

ص: 41

ص: 42

و فيه مقدّمة و مقاصد

أمّا المقدّمة

اشارة

ففيها أبحاث:

4. الأوّل: الطهارة في اللغة النظافة.

و في الشرع ما له صلاحية التأثير في استباحة الصلاة من الوضوء و الغسل و التيمم. و هي أقسامها.

5. الثاني: العلم بالطهارة واجب،

لوجوب فعلها المتوقف عليه، و هو معلوم بالضرورة من دين النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم.

6. الثالث: كل واحد من الثلاثة واجب و ندب،

فالوضوء يجب للصلاة و الطّواف الواجبين، و لمسّ كتابة القرآن إن وجب، و يستحب لمندوبي الأوّلين، و لدخول المساجد، و قراءة القرآن و الكون على طهارة، و التجديد، و حمل المصحف، و النوم، و صلاة الجنازة، و السّعي في الحاجة، و زيارة المقابر، و نوم المجنب(1) و جماع المحتلم، و الذّكر للحائض.

و الغسل يجب للثلاثة المتقدّمة و دخول المساجد و قراءة العزائم ان وجبا،

ص: 43


1- . في «ب»: الجنب.

و لصوم(1) الجنب إذا بقي من الليل مقدار فعله، و صوم المستحاضة إذا غمس الدم القطنة. و يستحب لثلاثين تأتي.

و التيمم يجب للصّلاة و الطواف الواجبين، و لخروج المجنب في أحد المسجدين منه، و يستحب لما عداه، و يشترك الثلاثة في وجوبها و بالنذر و شبهه.

ص: 44


1- . في «أ» أو لصوم.

المقصد الأوّل: في المياه

اشارة

و فصوله ثلاثة

الفصل الأوّل: في المطلق
و فيه ثلاثة مباحث:
7. الأوّل: المطلق هو المستحقّ لصدق الاسم عليه من غير تقييد مع امتناع سلبه.

و هو في الأصل طاهر مطهّر من الحدث و الخبث، و كذا لو مزج بطاهر ان بقي الإطلاق، و ان تغيّر الوصف. و لو زال الإطلاق فمضاف.

ثم المطلق إن كان جاريا نجس(1) بتغيّر لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة، لا بملاقاتها. و لو تغيّر بعضه اختص بالحكم. و الجرية مع تغيّرها لها حكم بانفرادها، و لا معه طاهرة. و لو وقفت(2) النجاسة في جانب النهر أو قراره لم ننجّس، لجريان المادة عليها. و لو كان إلى جانب النهر ماء واقف متّصل بالجاري لم ينجس بالملاقاة و إن قلّ . و لو تغيّر بعض الواقف المتصل بالجاري، اختصّ

ص: 45


1- . في «ب» ينجس.
2- . في «ب» وقعت.

بالتنجّس دون الآخر. و يشترط في ذلك كلّه زيادة الجاري على الكرّ.

و حكم ماء الحمام حكمه إذا كان له مادة تزيد على الكر. و حكم ماء المطر حال نزوله حكمه. و لو استقر على الأرض و انقطع تقاطره ثم لاقته نجاسة اعتبر فيه الكرّية.

8. الثاني: الواقف غير البئر إن كان كثيرا،

و حدّه ألف و مائتا رطل بالعراقي، أو ثلاثة أشبار و نصف طولا في عرض في(1) عمق هو كرّ. فما زاد، لا ينجس بملاقاة النجاسة، بل بتغيّر أحد أوصافه بها.

و ما نقص عن الكر ينجس بملاقاة النجاسة و إن قلّت كرءوس الابر من الدّم.

و لو تغيّر أحد طرفي الكثير و كان الباقي كرّا اختص المتغيّر بالتنجيس، و لو اضطرب فزال التغيّر طهر.

و لا فرق في ذلك بين مياه الغدران و الحياض و الأواني. و لو وصل بين الغديرين بساقية اتّحدا و اعتبرت الكرّية فيهما مع الساقية جميعا. أمّا لو كان أحدهما أقلّ من كرّ، فوقعت فيه نجاسة ثم وصل بغدير بالغ كرّا، فالأولى زوال النجاسة.

أمّا ماء البئر فالأقرب عدم تنجيسه بملاقاة النجاسة، و لا خلاف في نجاسته بالتغيّر بها.

9. الثالث: تطهير الجاري المتغير بالنجاسة بإكثار الماء المتدافع

حتّى

ص: 46


1- . في «أ»: و عمق.

يزول التغيّر، و الواقف بإلقاء كرّ دفعة، فإن زال تغيّره، و إلاّ ألقى آخر و هكذا.

و القليل بإلقاء كرّ دفعة، لا بإتمامه كر على الأصحّ ، و لا بالنبع من تحته.

و لا يطهر المتغيّر من هذه المياه بزوال التغيّر من نفسها، أو من طول المكث، أو من تصفيق الرياح، أو من إلقاء أجسام طاهرة غير الماء.

و تطهير البئر بالنزح حتى يزول التغيّر. و على القول بالتنجيس بالملاقاة تطهر بنزح الجميع إن وقع فيها مسكر، أو فقّاع، أو منيّ ، أو دم حيض، أو استحاضة، أو نفاس، أو مات فيها بعير.

و لو تعذر تراوح عليها أربعة رجال اثنين اثنين يوما إلى الليل.

و ينزح كرّ(1) لموت الدابّة أو الحمار أو البقرة، و سبعين دلوا لموت الإنسان، و خمسين للعذرة الذائبة و الرطبة و الدّم الكثير، و أربعين لموت الثعلب أو الأرنب أو الخنزير أو السّنور أو الكلب، و لبول الرّجل، و ثلاثين لماء المطر المخالط للبول و العذرة و خرء الكلاب، و عشر للعذرة اليابسة، و الدّم القليل، كدم الطير و الرّعاف اليسير، و سبع لموت الطير من النعامة و الحمامة و ما بينهما، و الفارة إذا تفسخت أو انتفخت، و بول الصّبي غير البالغ، و اغتسال الجنب - و لا يطهر عند الشيخ(2) - و لوقوع الكلب إذا خرج حيّا، و خمس لذرق جلاّل الدجاج، و ثلاث لموت الفارة و الحيّة. و دلو للعصفور و شبهه، و بول الرضيع الّذي لم يغتذ بالطعام.

ص: 47


1- . كذا في النسخ الّتي بأيدينا و الظاهر انّ الأصح «و بنزح كرّ».
2- . قال في المبسوط: 12/1: و ان ارتمس فيها جنب نزح منها سبع دلاء و لم يطهر. (إي الجنب).
فروع:
10. الأوّل: لا فرق بين صغير الحيوان و كبيره،

و لا بين الذكر و الأنثى، و السّمين و المهزول، و لا بين المسلم و الكافر، خلافا لقوم(1).

11. الثاني: لا فرق بين بول المسلم و الكافر.

و الأقرب عدم الفرق بين الذكر و الأنثى.

12. الثالث: قيل: وجوب السّبع في الجنب يتعلّق بالارتماس

بحيث يغطّي ماء البئر رأسه، و الروايات غير مساعدة له، و في رواية محمد بن مسلم الصّحيحة عن أحدهما عليهما السّلام تعليق الحكم على الدّخول(2). و الظاهر انّ نزح السّبع مع خلوّ البدن عن النجاسة.

13. الرابع: يستحبّ نزح ثلاث دلاء للوزغ و العقرب.
14. الخامس: إذا وقع فيها نجاسة لم يقدّر لها منزوح،

فإن تغيّر الماء نزح حتّى يزول التغيّر، و إلاّ فلا شيء عندنا. أمّا القائلون بالتنجيس، فقال بعضهم:

ينزح منها أربعون، و آخرون أوجبوا نزح الجميع(3).

15. السادس: الدلو التي ينزح بها دلو العادة،

فلو اتّخذ دلوا عظيما تسع العدد، فالأقرب عدم الاكتفاء به.

16. السابع: لا ينجس جوانب البئر بما يصيبها من المنزوح،

و يحكم بالطهارة عند مفارقة آخر الدّلاء لوجه الماء، و المتساقط معفوّ عنه و هو تخريج،

ص: 48


1- . لاحظ المختلف: 195/1 - من الطبعة الحديثة -.
2- . وسائل الشيعة: 142/1، الباب 22 من أبواب الماء المطلق، الحديث 2.
3- . لاحظ المختلف: 216/1.

و لا يجب غسل الدلو بعد الانتهاء.

17. الثامن: لا يجب النّيّة في النزح،

و يجوز ان يتولاّه الصّبي و البالغ المسلم و غيره مع عدم المباشرة.

18. التاسع: لو وجدت الجيفة في البئر فغيّرت ماءها،

حكم بالتنجيس من حين الوقوف على التغيّر، و لو لم يتغيّر لم ينجس عندنا. و عند القائلين به يحكم بالنّجاسة من حين الوجدان.

19. العاشر: لو تكثّرت النجاسة

فإن اتّحد النوع كفى المنزوح الواحد، و إلاّ تعدّد على قول ضعيف.

20. الحادي عشر: الأقرب إلحاق جزء الحيوان بكلّه.
21. الثاني عشر: إنّما يجزي العدد بعد إخراج النجاسة أو استحالتها في البئر.
22. الثالث عشر: لو صبّ الدلو الأوّل في البئر

لم يجب نزح ما زاد على العدد، لكن لا يحتسب منه. أمّا لو صبّ الأخير فيها، فالأقرب إلحاقه بما لم يرد فيه نصّ إن زاد على الأربعين. و كذا لو صبّ في غيرها. و لو ألقيت النجاسة العينيّة و ما وجب لها من المنزوح في الطاهرة، فالأولى التداخل.

23. الرابع عشر: لو غار ماؤها قبل النّزح،

ثم ظهر فيها بعد الجفاف سقط النزح، لتعلّقه بالماء الّذي لا يعلم عوده بعينه، لا بالبئر، و لسقوطه عند الذّهاب، مع عدم دليل تجدّده.

24. الخامس عشر: لو سيق إليها الماء الجاري و صارت متّصلة به

فالأولى الطهارة.

ص: 49

الفصل الثاني: في المضاف و الأسآر
اشارة

و فيه ستة مباحث:

25. الأوّل: المضاف،

و هو المعتصر أو الممتزج مزجا يسلبه إطلاق الاسم، طاهر ما لم تقع فيه نجاسة، فينجس و إن كثر. و طاهره لا يرفع الحدث إجماعا و لا الخبث على الأصحّ .

و لو مزج بالمطلق اعتبر في رفعهما ثبوت الإطلاق. و يستعمل فيما عداهما، فإن نجس لم يجز استعماله في الأكل و الشرب إلاّ مع الضّرورة.

و يطهر بإلقاء كرّ من المطلق فما زاد عليه دفعة، بشرط أن لا يسلبه الإطلاق، و لا يغيّر أحد أوصافه.

26. الثاني: كلّ حيوان طاهر العين فإنّ سؤره طاهر،

و كلّ ما هو نجس العين فسؤره نجس، كالكلب و الخنزير و الكافر. و المسوخ إن قلنا بنجاستها فأسآرها نجسة و إلاّ فلا.

و المسلمون على اختلاف مذاهبهم، أطهار، عدا الخوارج و الغلاة.

27. الثالث: يكره سؤر الجلاّل و آكل الجيف مع خلوّ موضع الملاقاة من النجاسة،

و الحائض المتّهمة و الدّجاج و البغال و الحمير و الفارة و الحيّة.

28. الرابع: الأقوى أنّ سؤر ولد الزنا مكروه،

خلافا لابن بابويه(1).

ص: 50


1- . الفقيه: 8/1.
29. الخامس: حكم الشيخ بنجاسة سؤر المجسّمة و المجبّرة

29. الخامس: حكم الشيخ(1) بنجاسة سؤر المجسّمة و المجبّرة

و ابن إدريس بسؤر غير المؤمن و المستضعف(2).

30. السادس: يجوز للرّجل أن يستعمل فضل وضوء المرأة و غسلها،

و لا يكره و ان خلت به، و بالعكس.

الفصل الثالث: في الأحكام و الأواني
اشارة

و فيه تسعة و عشرون بحثا:

31. الأوّل: إذا حكم بنجاسة الماء لم يجز استعماله في الطهارة مطلقا،

و لا في الأكل و الشرب، إلاّ عند الضرورة.

32. الثاني: يستحب أن يكون بين البئر و البالوعة خمس أذرع إن كانت البئر فوقها،

أو كانت الأرض صلبة، و إلاّ فسبع. و لو تقاربتا لم يحكم بنجاسة البئر ما لم يعلم وصول ماء البالوعة إليها، عند الأكثر، و عندي ما لم يتغيّر بمائها.

33. الثالث: الماء المسخّن بالشمس في الآنية، يكره الطهارة به،

و تغسيل الأموات بماء أسخن بالنّار مكروه إلاّ مع الضّرورة.

34. الرابع: الماء المستعمل في إزالة النجاسة نجس،

سواء كان من الغسلة

ص: 51


1- . المبسوط: 14/1.
2- . السرائر: 84/1.

الأولى أو الثّانية، تغيّر بالنجاسة أو لا. و للشيخ خلاف هنا(1) و استثنى أصحابنا عنه(2) ماء الاستنجاء، فانّه طاهر ما لم يتغيّر بالنجاسة، أو يقع على نجاسة من خارج المخرج.

35. الخامس: الماء المستعمل في الوضوء طاهر مطهّر إجماعا،

و كذا المستعمل في الغسل، و منع الشيخ من رفع الحدث به(3).

36. السادس: «روى ابن بابويه انّه يكره التّداوي بالمياه الحارّة من الجبال

الّتي يشمّ منها رائحة الكبريت»(4).

37. السابع: ماء البحر طاهر مطهّر،

و خلاف ابن المسيّب(5) و ابن عمر(6)لا اعتداد به مع إجماع المسلمين.

38. الثامن: قد بيّنا انّ ماء المطر كالجاري،

فلو سال ميزابان أحدهما بول و الآخر مطر، و امتزجا كانا طاهرين، و كذا لو وقع المطر على سطح نجس و سال ماؤه، كان طاهرا ما لم يتغير بالنجاسة.

39. التاسع: إذا مات في الماء القليل حيوان له نفس سائلة، نجس الماء،

و لا ينجس لو لم تكن النفس سائلة.

40. العاشر: قد بيّنا انّ المضاف طاهر غير مطهّر،

فلو كان معه مطلق

ص: 52


1- . المبسوط: 36/1.
2- . في «ب»: أصحابنا هنا عنه.
3- . المبسوط: 11/1.
4- . وسائل الشيعة: 160/1، الباب 12 من أبواب الماء المضاف، الحديث 1.
5- . المصنف لابن أبي شيبة: 155/1.
6- . الاستذكار لابن عبد البر: 99/2؛ و المحلى لابن حزم: 221/1 و 133/2.

لا يكفيه للطهارة، و معه ماء ورد إذا تمّم به كفاه و لم يخرج عن الإطلاق، جاز له التتميم، و الطهارة به، و هل يجب ؟ نصّ الشيخ على عدمه(1)، و عندي فيه إشكال.

41. الحادي عشر: الماء إذا تغيّر بطول بقائه، لم يخرج عن كونه مطهّرا

ما لم يسلبه التغيّر الإطلاق، لكنّه مكروه، لقول الصادق عليه السّلام في الماء الآجن:

«لا يتوضّأ منه إلاّ أن لا تجد غيره»(2).

42. الثاني عشر: الحوض الصغير من الحمام، إذا نجس لم يطهر بإجراء المادة إليه

ما لم تغلب عليه.

43. الثالث عشر: لو وجد في الكرّ نجاسة، و شكّ في وقوعها قبل بلوغ الكرّية أو بعدها،

فالأصل الطهارة.

44. الرابع عشر: لو شك في نجاسة متيقّن الطهارة، أو في طهارة متيقّن النجاسة،

بنى على اليقين. و لو وجده متغيّرا، و شك في استناد التغيّر(3) إلى النجاسة، بنى على الطّهارة.

45. الخامس عشر: لو أخبره عدل بنجاسة الماء،

لم يجب القبول و إن أسندها(4) إلى سبب. و لو شهد عدلان بالنجاسة، وجب الاجتناب، و لهذا يرده المشتري، و خلاف ابن البرّاج ضعيف(5).

46. السادس عشر: لو علم بالنجاسة بعد الطهارة، و شكّ في سبقها عليها،

ص: 53


1- . المبسوط: 10/1.
2- . لاحظ الوسائل الشيعة: 103/1، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 2.
3- . في «ب»: في استناد التغيير.
4- . في «أ»: و لو أسندها.
5- . المهذب: 30/1.

فالأصل الصّحة. و لو علم سبقها على الطهارة، و شكّ في بلوغ الكرّية أعاد، و لو شكّ في نجاسة الواقع، أو في كون الحيوان الميّت من ذوات الأنفس، بنى على الطهارة.

47. السابع عشر: إذا حصل الجنب عند غدير أو قليب، و خشي إن نزل فساد الماء،

رشّ عن يمينه و يساره و أمامه و خلفه، ثمّ استعمله.

48. الثامن عشر: إذا كان على جسد الجنب أو الحائض نجاسة عينيّة،

كان المستعمل نجسا إجماعا. أمّا لو خليا عنها، فهو طاهر أيضا. و في التطهير به خلاف سبق.

فلو بلغ المستعمل في الكبرى كرّا تردّد الشيخ في زوال المنع(1)، و عندنا لا إشكال.

أمّا المستعمل في الأغسال المسنونة(2) أو غسل الثوب أو الآنية الطاهرين، فانّه مطهّر إجماعا.

49. التاسع عشر: غسالة الحمام لا يجوز استعمالها.

و في رواية عن الكاظم عليه السّلام:

«لا بأس بها»(3).

50. العشرون: حيوان الماء إن كان ذا نفس سائلة كالتمساح،

ينجس الماء بموته فيه إن كان قليلا، و إلاّ فلا.

ص: 54


1- . لاحظ الخلاف: 173/1، المسألة 127 من كتاب الطهارة.
2- . في «ب»: في الأغسال المندوبة.
3- . وسائل الشيعة: 154/1، الباب 9 من أبواب الماء المضاف، الحديث 9.
51. الحادي و العشرون: الحيوان المتولّد من الأجسام الطاهرة كالفارة، طاهر،

و كذا من النّجسة كدود العذرة. و الآدمي ينجس بالموت إجماعا منّا.

52. الثاني و العشرون: الصيد المحلّل إذا وقع في الماء القليل مجروحا خاليا من النجاسة، فمات فيه،

فإن كان الجرح قاتلا، فهو حلال، و الماء طاهر، و إلاّ فلا فيهما، سواء علم استناد الموت إلى الماء أو اشتبه، و لو قيل: انّه مع الاشتباه، يكون الماء طاهرا، و الحيوان محرّما، عملا بالأصلين كان قويّا.

53. الثالث و العشرون: لو لاقى الحيوان الميّت أو غيره من النجاساتما زاد على الكرّ من الماء الجامد،

53. الثالث و العشرون: لو لاقى الحيوان الميّت أو غيره من النجاسات(1)ما زاد على الكرّ من الماء الجامد،

ففي التنجيس إشكال، ينشأ من قوله عليه السّلام:

«إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء»(2).

و اليبوسة غير مخرجة عن الحقيقة، بل مؤكّدة لتحقّقها.

و لو نقص(3) عن الكرّ، فهل يكون حكمه حكم الجامدات أم لا؟ فيه تردّد.

54. الرابع و العشرون: الثلج إن أمكن التطهير به بأن يعتمد المتطهر عليه حتّى يتحقّق مسمّى الغسل جاز،

و إلاّ فلا.

و لو اتّصل بالثلج الكثير ماء قليل و وقع فيه نجاسة، ففي نجاسته إشكال، من حيث إنّه متّصل بالكر، و انّه متّصل بالجامد اتّصال مماسّة لا ممازجة و اتحاد.

55. الخامس و العشرون: إذا كان معه إناء ان نجس أحدهما و اشتبه،

ص: 55


1- . في «ب»: من النجاسة.
2- . وسائل الشيعة: 117/1 الباب 9 من أبواب الماء المطلق، الحديث 2.
3- . في «أ»: فلو نقص.

اجتنبهما و تيمّم، قال الشيخ: و يجب الإراقة(1)، و ليس بمعتمد عندي، و لا يجوز له التحرّي.

و حكم ما زاد على إناءين حكمهما في المنع من التحرّي، سواء كان هناك أمارة أو لم تكن، و سواء كان الطاهر هو الأكثر أو لا، و سواء كان المشتبه بالطاهر نجسا أو نجاسة أو مضافا، و لو انقلب أحدهما لم يجز التحرّي أيضا، و لو خاف العطش أمسك أيّهما شاء، و يجوز له تناول أيّهما شاء، و لا يلزمه التحرّي.

و لو لم يكونا مشتبهين، شرب الطاهر و تيمّم.

و لو استعمل الإناءين، و أحدهما نجس مشتبه، و صلّى لم تصحّ صلاته و لم يرتفع حدثه، سواء قدّم الطهارتين أو صلّى بكل واحد صلاة.

أمّا لو كان أحدهما مضافا، فالوجه انّه يتطهّر بهما، و ابن إدريس لم يحصّل الحقّ هنا(2).

56. السادس و العشرون: لو تعارضت البيّنتان في إناءين،

قال في الخلاف: سقطت شهادتهما، و رجع إلى الأصل(3)، و في المبسوط: إن أمكن الجمع نجسا(4) و لم يتعرّض للنقيض.

و الوجه فيه وجوب اجتنابهما، و الحكم بنجاسة أحدهما لا بعينه.

57. السابع و العشرون: إذا عجن عجين بماء نجس و خبز، لم يطهر،

ص: 56


1- . المبسوط: 8/1.
2- . السرائر: 185/1 و 85/1.
3- . الخلاف: 201/1، المسألة 162.
4- . المبسوط: 8/1.

و قول الشيخ هنا ضعيف(1)، و في رواية:

«يباع على مستحلّي الميتة»(2). و في أخرى: «يدفن»(3).

58. الثامن و العشرون: إذا توضأ بالنجس لم يرتفع حدثه،

فان صلّى به كانت باطلة، سواء خرج الوقت أولا، أمّا لو غسل ثوبه بماء نجس عالما فكذلك، و جاهلا يعيد صلاته في الوقت، و لو سبقه العلم، فكذلك على الأقوى.

59. التاسع و العشرون: الطهارة بماء زمزم غير مكروهة

و يكره ما مات فيه العقرب و الوزغة، أو دخلتا(4) فيه حيّين.

ص: 57


1- . النهاية: 8.
2- . لاحظ وسائل الشيعة: 174/1، الباب 11 من أبواب الأسآر، الحديث 1.
3- . وسائل الشيعة: 174، الباب 11 من أبواب الأسآر، الحديث 2.
4- . في «ب»: لو دخلتا.

ص: 58

المقصد الثاني: في الوضوء

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: في موجباته
اشارة

و فيه اثنا عشر بحثا:

60. الأوّل: يجب بخروج البول و الغائط و الريح، و النّوم الغالب على السمع و البصر،

و كلّ ما أزال العقل من إغماء و جنون و سكر، و الاستحاضة القليلة.

61. الثاني: الاستحاضة إن كانت قليلة، وجب بها الوضوء خاصّة،

و إن كانت كثيرة، وجب الوضوء و الغسل معا، و كذا يجبان بالحيض و النفاس و مسّ الأموات.

62. الثالث: لا يجب الوضوء بحدث سوى ما ذكرناه،

من مذي، أو وذي، أو قيح، أو رعاف، أو نخامة، أو فتح خراج(1)، أو مسّ ذكر، أو دود خارج من أحد السّبيلين ما لم يكن متلطخا بالعذرة، أو قيء، أو خروج دم، سوى الدماء الثلاثة للمرأة، أو مسّ قبل أو دبر. و قول ابن بابويه: من مسّ باطن ذكره باصبعه، أو

ص: 59


1- . في لسان العرب: الخراج ما يخرج في البدن من القروح.

باطن دبره انتقض وضوءه؛ و قول ابن الجنيد(1): من مسّ ما انضمّ عليه الثقبان نقض وضوءه، و من مسّ ظاهر الفرج من غير شهوة تطهّر، إذا كان محرما، و من مسّ باطن الفرجين فعليه الوضوء، من المحلّل و المحرّم(2)؛ بعيدان من الصواب.

63. الرابع: القهقهة غير مبطلة للوضوء،

و إن أبطلت الصلاة، خلافا لابن الجنيد في الحكم الأوّل(3).

64. الخامس: آكل ما مسّته النار لا ينقض الوضوء،

و كذا شرب اللّبن مطلقا.

65. السادس: الردّة لا تنقض الوضوء و لا التيمّم،

و كذا إنشاد الشعر، و الكلام الباطل، و الغيبة، و القذف، و لا حلق الشّعر و لا نتفه، و لا قصّ الأظفار، و لا القرقرة في البطن.

66. السابع: لو ظهرت مقعدته لعلّة،

لم ينتقض الوضوء إلاّ مع خروج شيء من الغائط، و هل يشترط الانفصال ؟ فيه إشكال.

67. الثامن: لا تنتقض الطهارة بظنّ الحدث،

و هو وفاق.

68. التاسع: لو خرج البول، أو الغائط، أو الرّيح من غير الموضع المعتاد،

لم ينتقض(4) ما لم يصر معتادا. و للشيخ هاهنا تفصيل.(5) و لو اتفق المخرج في غير الموضع المعتاد خلقة، انتقضت الطهارة. بخروج الحدث منه إجماعا. و كذا لو

ص: 60


1- . عطف على قوله «ابن بابويه» و كلاهما مبتدءان خبرهما قوله - في ما يأتي - «بعيدان من الصواب».
2- . الفقيه: 39/1، نقل المصنّف عن ابن الجنيد في المختلف: 257/1.
3- . نقل عنه المصنّف في المختلف: 260/1.
4- . في «ب»: لم ينقض.
5- . المبسوط: 27/1.

انسدّ المعتاد و انفتح غيره، أمّا لو لم ينسدّ، فإن ساواه في العادة نقض، و إن شذّ فلا.

69. العاشر: لو خرج البول من الأغلف، حتّى صار في غلفته

نقض.

70. الحادي عشر: النوم ناقض مطلقا متى غلب على الحاسّتين.

و قول ابن بابويه: الرجل يرقد قاعدا لا وضوء عليه(1) لا يلتفت إليه. أمّا السنّة، فإن حصل معها فقد الإحساس نقضت، و إلاّ فلا.

71. الثاني عشر: الاستحاضة القليلة الدّم، ناقضة،

خلافا لابن أبي عقيل(2).

و لا تجمع المستحاضة بين صلاتين بوضوء واحد، سواء كانا فرضين أو أحدهما، أو نفلين. و لو توضّأت قبل الوقت، لم يصحّ .

و لو انقطع دمها بعد الطهارة قبل الدّخول، استأنفت، فلو صلّت من غير استئناف، أعادت الصّلاة. و لو انقطعت في الأثناء، فالوجه عدم الاستئناف. و هل يجب عليها مقارنة الطّهارة للصّلاة ؟ نصّ في المبسوط عليه(3)، و نحن نتوقّف مع قربه.

ص: 61


1- . الفقيه: 38/1، الحديث 144.
2- . نقل عنه المصنف في التذكرة: 104/1.
3- . المبسوط: 68/1.
الفصل الثاني: في آداب الخلوة
اشارة

و النظر في أمور ثلاثة

النظر الأوّل: في كيفيّة التخلّي
اشارة

و فيه خمسة مباحث:

72. الأوّل: يجب ستر العورة مطلقا.

و هي: القبل و الدّبر. و يستحبّ ستر جميع البدن.

73. الثاني: يحرم عليه استقبال القبلة و استدبارها بالبول و الغائط،

في الصحاري و البنيان، خلافا لابن الجنيد فيهما،(1) و للمفيد(2) و سلاّر في الأخير(3)، و يجب الانحراف في موضع قد بنى على ذلك.

74. الثالث: يكره استقبال الشمس و القمر بفرجه في البول و الغائط،

و استقبال الرّيح بالبول، و البول في الأرض الصّلبة، و قائما، و أن يطمح ببوله في الهواء، و في الماء جاريا و راكدا، و الجلوس للحدث في المشارع و الشوارع و مواضع اللعن، و تحت الأشجار المثمرة، و فيء النزال، و جحرة الحيوان، و أفنية الدور، و المواضع التي يتأذّى الناس بها.

ص: 62


1- . نقل عنه المصنّف في المختلف: 266/1.
2- . المقنعة: 39.
3- . المراسم في الفقه الإمامي: 32.
75. الرابع: يكره السّواك على حال الخلاء، و الأكل، و الشّرب،

و الكلام إلاّ بذكر اللّه تعالى، أو حكاية الأذان، أو قراءة آية الكرسي، أو حاجة يضرّ فوتها.

76. الخامس: يكره طول الجلوس على الخلاء،

و أن يمسّ الرّجل ذكره بيمينه عند البول، - رواه ابن بابويه عن الباقر عليه السّلام، -(1) و استصحاب دراهم بيض، - رواه الشيخ،(2) و الرواية به ضعيفة - و الاستنجاء باليمين مكروه، و كذا باليسار إذا كان فيها خاتم عليه اسم من أسماء اللّه تعالى أو أسماء أنبيائه أو أحد من الأئمّة عليهم السّلام أو فصّه من حجر زمزم، فإن كان فيه حوّله.

النّظر الثاني: في آداب التخلّي
اشارة

و فيه ثلاثة مباحث:

77. الأوّل: يستحبّ تغطية الرأس عند دخول الخلاء،

و تقديم الرجل اليسرى عنده، و اليمنى عند الخروج، بخلاف المسجد فيهما.

78. الثاني: يستحبّ التسمية و الدّعاء عند الدخول،

و عند الاستنجاء، و عند الفراغ، و عند الخروج، و أن يمسح بطنه عنده.

79. الثالث: يستحبّ الاستبراء في البول للرّجل،

فإن وجد بللا بعده، كان طاهرا، و لا يعيد وضوءه. و لو لم يستبرئ أجزأه، فإن وجد بللا أعاد طهارته، و لو وجده بعد الصّلاة أعاد الوضوء خاصّة، و يغسل الموضع.

ص: 63


1- . الفقيه: 19/1، الحديث 56 و 55.
2- . التهذيب: 353/1، الحديث 1046.
النّظر الثّالث: في الاستنجاء
اشارة

النّظر الثّالث: في الاستنجاء(1)

و فيه واحد و عشرون بحثا:

80. الأوّل: يجب غسل مخرج البول بالماء.

و لا يجزي سواه مع القدرة.

و أقلّ ما يجزيه مثلا ما عليه. و البكر كالثيب، و الأغلف إن كان مرتتقا(2)فكالمختتن، و إلاّ كشف البشرة إذا بال، و غسل المخرج، و لو لم يكشفها وجب كشفها لغسل المخرج(3)، و يجب غسلها مع نجاستها.

81. الثاني: لو تعذّر الماء أجزأه المسح بالحجر و شبهه،

فإذا تمكّن بعد ذلك وجب الغسل، و لو خرج من الذكر دود أو حصا أو غيره ممّا ليس ببول و لا دم و لا مني، لم يجب غسله، سواء كان جامدا أو مائعا.

82. الثالث: لو توضّأ قبل غسل المخرج جاز.

و لو صلّى أعاد الصّلاة خاصّة. و قول ابن بابويه: يعيد الوضوء أيضا،(4) ليس بمعتمد.

83. الرابع: لو بال لم يجب عليه سوى غسل مخرج البول لا غيره،

و كذا لو تغوّط و لم يبل لم يجب عليه غسل مخرج البول.

84. الخامس: لا يجب على المرأة إدخال اصبعها في فرجها.
85. السادس: الاستنجاء من الغائط واجب،

ثم إن تعدّى المخرج لم يجز غير الماء، و إلاّ تخيّر بينه و بين الأحجار، و الماء أفضل، و الجمع أكمل، و حدّه

ص: 64


1- . في «ب»: كيفية الاستنجاء.
2- . في حاشية نسخة «ب»: هو التصاق الغلفة بالحشفة بحيث يعسر انكشافها.
3- . في «أ»: بغسل المخرج.
4- . المقنع: 4؛ و الفقيه: 21/1.

الإنقاء من العين و الأثر و لا اعتبار بالرائحة. و يكفي في الأحجار إزالة العين.

86. السابع: يشترط في الأحجار العدد،

و هو ثلاثة، فلا يجزي الأقلّ و إن نقى به، خلافا للمفيد(1). و لو لم يحصل النقاء بالثلاثة وجب الزائد حتى ينقى.

و يستحب أن يقطع على وتر.

و لو استعمل الواحد ذا الشّعب الثلاث أجزأه. و خلاف الشيخ(2) ضعيف.

و لو استعمل ثلاثة أنفس ثلاثة أحجار، كلّ واحد منهم من كلّ حجر بشعبة، أجزأهم.

و يشترط الطّهارة، فلا يجزي النجس إجماعا.

87. الثامن: يجوز استعمال ما شابه الحجر في الإزالة،

87. الثامن: يجوز استعمال ما شابه(3) الحجر في الإزالة،

كالخزف و المدر و الخشب و الجلد.

88. التاسع: لا يجوز استعمال الصّقيل،

88. التاسع: لا يجوز استعمال الصّقيل،(4)

كالزّجاج و الفحم الرخو و ما شابهه ممّا يزلج عن النجاسة.

89. العاشر: لا يجوز استعمال العظم و الروث،

و لا المطعوم، و لا ماله حرمة كحجر زمزم.

90. الحادي عشر: لو استعمل ما نهى عنه لحرمته،

فالأقرب الطهارة.

91. الثاني عشر: لو استجمر بالنجس لم يجزه،

و لو كسره. و استعمل

ص: 65


1- . نقل عنه في السرائر: 96/1.
2- . المبسوط: 17/1.
3- . في «ب»: ما يشابه.
4- . الصقل: الجلاء، صقل الشيء فهو مصقول و صقيل: جلاه. لسان العرب.

الطاهر جاز، و كذا لو أزيلت النجاسة عنه بغسل، أو استعمل الطرف الطاهر، و لو تقادم عهد الحجر النجس و زالت عين النجاسة لم يطهر، و لو استجمر بحجر ثم غسله، أو كسر النّجس و استعمل الباقي، أجزأه.

92. الثالث عشر: لو استنجى بالخرقة، و قلّبها،

جاز الاستنجاء بها ثانيا إن كانت صفيقة(1) تمنع من النفوذ، و إلاّ فلا، و يلزم الشيخ إطلاق المنع(2)، و لو كانت طويلة، جاز استعمال طرفيها، و يحصل بالعدد، خلافا للشيخ إلاّ بعد القطع(3).

93. الرابع عشر: يجوز الاستنجاء بالصوف و الشعر.

93. الرابع عشر: يجوز الاستنجاء(4) بالصوف و الشعر.

94. الخامس عشر: محل الاستجمار بعد الأحجار المزيلة للعين طاهر.
95. السادس عشر: إذا حصل الإنقاء طهر،

سواء تواردت الثلاثة على جميع المحلّ ، أو توزّعت أجزاؤه، و قول بعضهم: إنّه تلفيق، فيكون بمنزلة مسحة(5)، و لا يكون تكرارا(6) ضعيف للفرق بينهما.

96. السابع عشر: انّما يجب الاستنجاء في مخرج الغائط

بخروجه، أو خروج نجاسة كالدّم، أمّا الدود و الحصى و الحقنة الطاهرة فلا.

97. الثامن عشر: ليس على النائم و لا على من خرج منه ريح استنجاء،

و هو قول العلماء كافة.

98. التاسع عشر: الواجب في الاستنجاء إزالة النجاسة عن الظاهر.

ص: 66


1- . ثوب صفيق: متين بيّن الصفاقة و جيّد النسج، و قد صفق صفاقة: كشف نسجه. لسان العرب.
2- . المبسوط: 16/1.
3- . المبسوط: 16/1.
4- .في «أ»: يجوز الاستجمار.
5- . في «ب»: بمنزلة مسحه.
6- . لاحظ المغني و الشرح الكبير: 144/1.
99. العشرون: لو انسد المخرج المعتاد، و انفتح آخر،

ففي إجزاء الاستجمار، فيه إشكال.

100. الحادي و العشرون: لا يفتقر مع استعمال الماء إلى تراب إجماعا.
الفصل الثالث: في آداب الوضوء
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

101. الأوّل: السواك مندوب إليه، مرغب فيه،

و فيه فضل كثير، و ليس بواجب، و آكده عند الوضوء و الصّلاة و السّحر، و يكره في الخلاء و الحمام، و يجوز للصائم نهارا بالرطب و اليابس في أوّل النهار و آخره. و يكره تركه أكثر من ثلاثة أيّام. و فيه اثنتا عشرة فائدة(1) رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام، قال:

«هو من السنّة، و مطهرة للفم، و مجلاة للبصر، و يرضي الرحمن، و يبيّض الأسنان، و يذهب بالحفر، و يشدّ اللّثة، و يشهي الطعام، و يذهب بالبلغم، و يزيد في الحفظ، و يضاعف الحسنات، و يفرح به الملائكة»(2).

102. الثاني: يستحب وضع الإناء على اليمين،

و الاغتراف بها، إن كانت الآنية يغترف منها(3) باليد.

ص: 67


1- . في «أ»: اثنا عشر فائدة.
2- . الفقيه: 34/1، الحديث 126؛ وسائل الشيعة: 347/1 باب 1 من أبواب السواك، الحديث 12.
3- . في «ب»: عنها.
103. الثالث: يستحبّ غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، مرّة واحدة من حدث النّوم و البول،

و مرّتين من الغائط، و ثلاثا من الجنابة، و ليس بواجب، و الظاهر انّ المراد باليد هنا من الكوع، و كراهة غمس بعضها قبل الغسل كالجميع، و كذا غمسها قبل كمال العدد كغمسها قبل الشروع.

104. الرابع: لا فرق بين كون يد النائم مشدودة، أو مطلقة، أو في وعاء،

أو كون النائم مسرولا أو لا، عملا بالعموم.

105. الخامس: هذا الاستحباب مختص بالمسلم المكلّف.
106. السادس: المراد من النوم، الناقض،

قلّ زمانه أو كثر.

107. السابع: لا يفتقر غسل اليدين إلى نيّة، و لا تسمية.
108. الثامن: لو اجتمعت الأحداث الثلاثة تداخل الغسل.
109. التاسع: يستحبّ التسمية عند الطهارة،

و ليست بواجبة(1)، و لو فعلها خلال الطهارة لم يأت بالمستحبّ ، و صورتها: بسم اللّه و باللّه اللّهمّ اجعلني من التّوابين و اجعلني من المتطهّرين.

110. العاشر: يستحب المضمضة و الاستنشاق باليمنى، ثلاثا ثلاثا قبل الوضوء،

و ليسا بواجبين، يبدأ بالمضمضة ثلاثا، ثمّ يستنشق ثلاثا، و يستحب فيهما الدعاء.

ص: 68


1- . في «أ»: ليست واجبة.
الفصل الرابع: في آداب الحمّام و غيره
و فيه ستّة مباحث:
111. الأوّل: يجب عليه إذا دخل الحمام ستر عورتيه قبله و دبره.

و يستحب دخوله بمئزر إذا لم يره غيره.

112. الثاني: [دعاء الصادق عليه السّلام عند دخول الحمام

قال الصادق عليه السّلام:

«إذا دخلت الحمام، فقل في الوقت الّذي تنزع ثيابك: اللّهمّ انزع عنّي ربقة النّفاق، و ثبّتني على الإيمان. فإذا دخلت البيت الأوّل، فقل: اللّهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ نفسي، و أستعيذ بك من أذاه؛ و إذا دخلت البيت الثاني، فقل: اللّهمّ اذهب عنّي الرّجس النجس، و طهّر جسدي و قلبي؛ و خذ من الماء الحارّ، وضعه على هامتك، و صبّ منه على رجليك، و إن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل، فانّه ينقي المثانة، و ألبث في البيت الثاني ساعة؛ فإذا دخلت البيت الثالث، فقل: نعوذ باللّه من النار و نسأله الجنّة، تردّدها إلى وقت خروجك من البيت الحارّ.

و إيّاك و شرب الماء البارد و الفقّاع في الحمام، فانّه يفسد المعدة؛ و لا تصبّن عليك الماء البارد، فانّه يضعف البدن، و صبّ الماء البارد على قدميك إذا خرجت، فانّه يسيل الداء من جسدك؛ فإذا لبست ثيابك، فقل: اللّهمّ البسني التّقوى، و جنّبني الردّي. فإذا فعلت ذلك،

ص: 69

أمنت من كلّ داء»(1).

113. الثالث: يجوز قراءة القرآن في الحمام.

و يكره للعريان، و يجوز النكاح فيه.

114. الرابع: [فيما نهى الصادق عليه السلام في الحمام

روى عن الصادق عليه السّلام قال:

«لا تتك في الحمام، فإنّه يذيب شحم الكليتين؛ و لا تسرّح في الحمام، فإنّه يرقّق الشعر؛ و لا تغسل رأسك بالطين، فإنّه يسمج الوجه؛ و لا تتدلّك بالخزف، فإنّه يورث البرص؛ و لا تمسح وجهك بالإزار، فإنّه يذهب بماء الوجه»(2).

روي أنّ المراد بذلك طين مصر و خزف الشام(3).

و قال الكاظم عليه السّلام:

«لا تدخلوا الحمام على الرّيق، و لا تدخلوه حتّى تطعموا شيئا»(4).

115. الخامس: [قول الصادق عليه السّلام في غسل الرأس بالخطمي في كلّ جمعة

قال الصادق عليه السّلام:

«غسل الرأس بالخطمي في كلّ جمعة أمان من البرص و الجنون»(5).

و قال عليه السّلام: «غسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر، و يزيد في الرزق»(6).

116. السادس: يستحب التنوير في كلّ خمسة عشر يوما مرّة.

ص: 70


1- . وسائل الشيعة: 371/1، الباب 13 من أبواب آداب الحمام، الحديث 1.
2- . وسائل الشيعة: 372/1، الباب 13 من أبواب آداب الحمام، الحديث 3.
3- . وسائل الشيعة: 382/1، الباب 23 من أبواب آداب الحمام، الحديث 4.
4- . وسائل الشيعة: 377/1، الباب 17 من أبواب آداب الحمام، الحديث 3.
5- . وسائل الشيعة: 47/5، الباب 17 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها، الحديث 1.
6- . وسائل الشيعة: 383/1 و 384، الباب 25 من أبواب آداب الحمام، الحديث 1 و 5.
فصول في الفطرة
117. الأوّل: حلق العانة مستحب،

و السنّة إزالتها بالنّورة.

118. الثاني: نتف الإبط من الفطرة.

و كان الصادق عليه السّلام يطلي إبطيه في الحمام و يقول:

«نتف الإبط يضعف المنكبين، و يوهن و يضعف البصر»(1). و قال عليه السّلام:

«حلقه أفضل من نتفه، و طليه أفضل من حلقه»(2).

119. الثالث: قصّ الأظفار من الفطرة.

قال الرضا عليه السّلام:

«قلّموا أظفاركم يوم الثلاثاء، و استحمّوا يوم الاربعاء، و أصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس، و تطيّبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة»(3).

120. الرابع: قصّ الشارب من الفطرة.

و قال الصادق عليه السّلام:

«أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام»(4).

و عن الباقر عليه السّلام قال: «من أخذ من أظفاره و شاربه كلّ جمعة، و قال حين يأخذه: بسم اللّه و باللّه و على سنّة محمّد و آل محمّد صلوات اللّه

ص: 71


1- . وسائل الشيعة: 438/1، الباب 85 من أبواب آداب الحمام، الحديث 7 و 8.
2- . وسائل الشيعة: 438/1، الباب 85 من أبواب آداب الحمام، الحديث 7 و 8.
3- .وسائل الشيعة: 55/5، الباب 37 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها، الحديث 7.
4- . وسائل الشيعة: 48/5، الباب 33 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها، الحديث 5.

عليه و عليهم، لم يسقط منه قلامة و لا جزازة إلاّ كتب اللّه تعالى له بها عتق نسمة، و لم يمرض إلاّ مرضه الّذي يموت فيه»(1).

121. الخامس: فرق الرأس من الفطرة.

قال الصادق عليه السّلام:

«من اتّخذ شعرا فلم يفرقه فرقه اللّه بمنشار من نار»(2).

122. السادس: السّنن الحنيفيّة عشر:

خمس في الرأس، و هي: المضمضة و الاستنشاق و السّواك و فرق الشعر و قصّ الشارب، و خمس في البدن: قصّ الأظفار و حلق العانة و الإبطين و الختان و الاستنجاء.

123. السابع: يستحب إزالة الشعر من الأنف.

قال الصادق عليه السّلام:

«إنّه يحسّن الوجه»(3).

124. الثامن: اتّخاذ الشعر أفضل من إزالته.
125. التاسع: يستحب الخضاب.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

«من أطلى و اختضب بالحناء، آمنه اللّه عزّ و جلّ من ثلاث خصال:

الجذام و البرص و الآكلة إلى طلية مثلها»(4).

و قال الصّادق عليه السّلام:

«الخضاب بالسّواد أنس للنّساء، و مهابة للعدو»(5).

ص: 72


1- . الفقيه: 73/1، الحديث 304 رواها مع تفاوت يسير في الكافي: 490/6، الحديث 9.
2- . وسائل الشيعة: 417/1، الباب 62 من أبواب آداب الحمام، الحديث 1.
3- . وسائل الشيعة: 424/1، الباب 68 من أبواب آداب الحمام، الحديث 1.
4- . وسائل الشيعة: 393/1، الباب 35 من أبواب آداب الحمام، الحديث 7.
5- . وسائل الشيعة: 404/1، الباب 46 من أبواب آداب الحمام، الحديث 3 و 4.

و قال عليه السّلام: في قوله تعالى: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ (1)، قال:

«منه الخضاب بالسواد، و قتل الحسين بن عليّ عليه السّلام و هو مخضوب بالوسمة»(2). و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لعلي عليه السّلام: «يا علي درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل اللّه، و فيه أربع عشرة خصلة: يطرد الرّيح من الأذنين، و يجلو البصر، و يلين الخياشيم، و يطيب النكهة، و يشدّ اللّثة، و يذهب بالصّفار، و يقلّ وسوسة الشيطان، و تفرح به الملائكة، و يستبشر به المؤمن، و يغيظ به الكافر، و هو زينة و طيب، و يستحي منه منكر و نكير، و هو براءة له في قبره»(3).

ص: 73


1- . الأنفال: 60.
2- . وسائل الشيعة: 407/1، الباب 49 من أبواب آداب الحمام، الحديث 5.
3- . وسائل الشيعة: 401/1، الباب 42 من أبواب آداب الحمام، الحديث 1.
الفصل الخامس: في أفعال الوضوء و كيفيّته
اشارة

و فيه خمسة مباحث:

المبحث الأوّل: النيّة شرط في الطهارة المائية بنوعيها و الترابية،
اشارة

و هي القصد، و محلّها القلب، فلا يشترط النطق، و لو نطق بها و لم يخطر بباله لم يجزه، و لو نطق بغير ما نواه، فالمعتبر النيّة القلبيّة، و كيفيّتها: أن ينوي التقرّب إلى اللّه تعالى على جهة الوجوب، أو النّدب.

و هل يشترط استباحة شيء لا يستباح إلاّ بالطّهارة، أو رفع الحدث - و هو إزالة المانع من كلّ فعل يفتقر إلى الطّهارة - أو لا يشترط؟ خلاف.

و وقتها عند غسل الكفين، و يتضيّق عند غسل الوجه، و يجب استدامتها حكما إلى الفراغ.

فروع:
126. الأوّل: لو نوى ما لا يشرع له الطهارة، كالأكل مثلا، لم يرتفع حدثه إجماعا.
127. الثاني: لو نوى ما ليس من شرطه الطّهارة، بل من فضله،

ص: 74

كقراءة القرآن، أو النوم، قال الشيخ: لا يرتفع حدثه، لأنّه لم ينو رفعه و لا ما يتضمّنه(1)، و عندي فيه توقّف، أمّا لو نوى وضوءا مطلقا، فالوجه ما قاله الشيخ.

128. الثالث: لو جدّد الطهارة، فتبيّن أنّه كان محدثا،

ففي الإجزاء إشكال.

129. الرابع: لو نوى المجنب الاستيطان في المسجد، أو قراءة العزائم، أو مسّ الكتابة،

ارتفع حدثه، أمّا لو نوى الاجتياز، نصّ الشيخ على عدمه(2).

130. الخامس: لو ضمّ نيّة التبرّد إليها أجزأه،

لحصوله بدونها. أمّا لو ضم الرياء، فالوجه عندي البطلان.

131. السادس: لو غربت النيّة عن خاطره في أثناء الطهارة،

أجزأه.

132. السابع: لو نوى قطع النيّة في أثناء الطّهارة لم يبطل فعله الأوّل،

و لا اعتداد بما فعله بعده، و لو أعاد النيّة أعاد ما فعله بغير نيّة، بشرط عدم طول الفصل المؤدّي إلى الجفاف.

133. الثامن: لو شكّ في النيّة بعد الفراغ، لم يلتفت.

و لو كان في الأثناء أعاد.

134. التاسع: لو وضّأه غيره لعذر

اعتبرت نيّة المتوضّي.

135. العاشر: الكافر لا يصحّ منه الطّهارة

و إن وجبت عليه، لاشتراط الإسلام في صحّة التقرّب.

136. الحادي عشر: لو نوى بطهارته صلاة معيّنة، ارتفع حدثه،

و جاز الدّخول به في غيرها.

ص: 75


1- . المبسوط: 19/1.
2- . المبسوط: 19/1.
137. الثاني عشر: المستحاضة و صاحب السلس و المتيمّم ينوون استباحة الصلاة،

دون رفع الحدث.

138. الثالث عشر: لو فرّق النيّة على أعضاء الوضوء، لم يجز،

أمّا لو نوى لكلّ فعل بانفراده، ففي الإجزاء نظر.

139. الرابع عشر: لا يعتبر النيّة في رفع الخبث عن البدن و الثوب إجماعا.
140. الخامس عشر: لو اجتمعت أسباب توجب الوضوء كفى الواحد،

و لا يجب تعيين الحدث المرفوع، و لو نوى رفع حدث معيّن، ارتفع الباقي، و لو كان عليه أغسال، قال الشيخ رحمه اللّه: إن نوى غسل الجنابة أجزأ عن غيره، و إن نوى غيره لم يجز عنه(1) و فيه قوة.

المبحث الثاني: يجب غسل الوجه،
اشارة

و حدّه من قصاص شعر الرأس إلى محادر(2) شعر الذقن طولا، و ما دارت عليه الإبهام و الوسطى عرضا، فالخارج ليس من الوجه، و يجب أن يغسل من أعلى الوجه إلى الذقن، فلو نكس لم يجزه على الأقوى.

و لا يجب غسل ما استرسل من اللحية، و لا تخليلها، بل يغسل الظاهر.

فروع:
141. الأوّل: لو نبت للمرأة لحية فكالرّجل.

ص: 76


1- . المبسوط: 19/1.
2- . في «أ» «مجاوز» قال الطريحي: محادر شعر الذقن - بالدال المهملة -: أوّل انحدار الشعر عن الذقن، و هو طرفه. مجمع البحرين.
142. الثاني: لا يجب تخليل الأهداب، و لا الشارب، و لا العنفقة

142. الثاني: لا يجب تخليل الأهداب، و لا الشارب، و لا العنفقة(1)

و لا الحواجب، سواء كانت كثيفة أو خفيفة، بل يجب غسل هذه المواضع إن فقد الشعر، و إلاّ فإمرار الماء على ظاهر الشعر. و قول ابن أبي عقيل: متى خرجت اللحية و لم تكثر، فعلى المتوضئ غسل الوجه حتى يصل الماء إلى بشرته(2)، غير معتمد.

143. الثالث: لا اعتبار بالأنزع، و لا الأغم،

143. الثالث: لا اعتبار بالأنزع، و لا الأغم(3)،

و لا من يفضل يداه عن المعتاد، أو تقصر، أو يخرج وجهه في القدر عن المعتاد، بل يرجع كلّ منهم إلى مستوي الخلقة، بمعنى أنّ كلّ ما يجب غسله في المستوي يجب هنا.

144. الرابع: لا يجب غسل ما خرج عمّا حددناه كالعذار،

و لا يستحب، بل يحرم إن اعتقده.

145. الخامس: الأذنان ليستا من الوجه،

145. الخامس: الأذنان ليستا(4) من الوجه،

لا يجوز غسلهما، للوضوء و لا تخليلهما.

146. السادس: لو غسل الشعر النابت على الوجه،

ثم زال عنه، أو انقلعت جلدة من بدنه(5)، أو ظفره، أو قصّه، لم يؤثر في طهارته.

ص: 77


1- . العنفقة: الشعر الّذي في الشفة السفلى، و قيل: هي الشعر الّذي بينها و بين الذقن؛ مجمع البحرين.
2- . و قد نقل ذلك القول في المنتهى: 24/2؛ و المختلف: 280/1 عن ابن الجنيد فلاحظ.
3- . الأغم: هو الّذي سال شعره حتى ضاقت جبهته. الصحاح «غمم».
4- . في «ب»: ليسا.
5- . و في المنتهى: 33/1: «من يديه» و هو الأنسب للمقام.
المبحث الثالث: يجب غسل اليدين،
اشارة

و حدّهما من المرفق إلى أطراف الأصابع، و يجب أن يبدأ باليمين قبل اليسار، و بالمرفق، ثم ينتهى إلى الأصابع، فلو نكس لم يجزه على الأقوى، و يجب إدخال المرفق في الغسل. و الواجب فيه و في غسل الوجه، ما يسمّى غسلا بأقل اسمه، و لا يجزيه المسح.

فروع:
147. الأوّل: لو قطع بعض يديه. وجب غسل الباقي من المرفق

و لو قطعت من المرفق، سقط فرض غسلها.

148. الثاني: لو خلق له لحم نابت، أو جلد منبسط في محلّ الفرض،

أو يد زائدة، أو اصبع، وجب غسله، و لو كانت فوق المرفق لم يجب غسلها، سواء حاذى بعضها محلّ الفرض أو لا.

149. الثالث: لو لم يعلم اليد الزائدة من الأصليّة غسلهما.
150. الرابع: لو انقلعت جلدة من غير محلّ الفرض حتّى تدلّت من محلّ الفرض

وجب غسلها، و بالعكس لا يجب، و لو انقلعت من أحد المحلّين، فالتحم رأسها في الآخر، و بقى وسطها متجافيا، كان حكمها حكم النابت في المحلّين.

151. الخامس: الوسخ تحت الظفر المانع من وصول الماء إلى ما تحته،

يجب إزالته إن لم يشقّ .

ص: 78

المبحث الرابع: يجب مسح الرأس.
اشارة

و أقلّه ما يحصل به اسم المسح، و يستحب قدر ثلاث أصابع عرضا، و محلّه مقدّم الرأس، و يجب بنداوة الوضوء، فلا يجوز استئناف ماء جديد له، و يجوز مقبلا و مدبرا على كراهية، و على البشرة و الشعر المختص بها، و لو جمع عليه شعر غيره، و مسح عليه، لم يجز، و كذا لو مسح على ساتر كالعمامة.

فروع:
152. الأوّل: لو جفّ ماء الوضوء أخذ من لحيته و أشفار عينيه،

و مسح برأسه، فإن لم يبق نداوة استأنف الوضوء.

153. الثاني: لو مسح على حائل رقيق لا يمنع وصول الماء إلى البشرة،

لم يجزه.

154. الثالث: قد بيّنا أن المسح لا يتقدّر بقدر،

بل الواجب أقلّ اسم المسح، فالزائد عليه لا يوصف بالوجوب، و كذا في كلّ ما يشبهه.

155. الرابع: يستحبّ أن تضع المرأة القناع.

و يتآكد في المغرب و الصبح.

156. الخامس: لو غسل موضع المسح، لم يجزه.
157. السادس: لا يمسح على الجمّة،

157. السادس: لا يمسح على الجمّة(1)،

و لا على ما يجمع على مقدّم الرأس من غير شعر المقدّم.

ص: 79


1- . الجمّة - بالضم -: مجتمع شعر الرأس، و هي أكثر من الوفرة. الصحاح.

و لو خضب رأسه بما يستره، أو طيّنه، لم يجز المسح عليه.

و لو كان على رأسه جمّة فأدخل يده تحتها و مسح، أجزأه.

158. السابع: مسح جميع الرأس بدعة،

و كذا مسح الأذنين.

المبحث الخامس: يجب مسح الرجلين من رءوس الأصابع إلى الكعبين:
اشارة

و هما النابتان في وسط القدم، و يجوز منكوسا، و البداءة بأيّهما كان، و يجب المسح على البشرة، و يحرم على الحائل كالخف و شبهه إلاّ مع الضرورة أو التقيّة، و لو زال السّبب أعاد الطهارة على أحوط القولين، و لو قطع بعض موضع المسح، مسح على ما بقى، و لو قطع من الكعب سقط المسح.

فروع:
159. الأوّل: لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح،

بل يجزئ باصبع واحدة.

160. الثاني: يجب المسح بنداوة الوضوء،

كما قلنا في الرأس، و لا يجوز استئناف ماء جديد، فإن لم يبق نداوة أخذ من لحيته و أشفار عينيه، و مسح برجليه، فإن لم يبق استأنف، و لو أخرج رجليه من الماء، و مسح عليهما رطبتين، ففي الإجزاء نظر.

161. الثالث: يجب الانتهاء في المسح إلى الكعبين.

و هما المفصلان اللّذان يجتمع عندهما القدم و الساق، و يجب إدخالهما في المسح.

162. الرابع: الواجب المسح فلا يجزي الغسل،

بل يبطل طهارته معه،

ص: 80

و لو فعله للتقيّة أو للضرورة، صحّ وضوؤه، فلو زال السبب، ففي الإعادة نظر.

163. الخامس: لو أراد التنظيف قدّم غسلهما على الطهارة أو أخّره.
164. السادس: يجوز المسح على النعل العربيّة

و إن لم يدخل يده تحت الشراك.

الفصل السادس: في الأحكام
اشارة

و فيه أربعة عشر بحثا:

165. الأوّل: الترتيب واجب،

يبدأ بالوجه، ثم باليد اليمنى، ثم اليسرى، ثم يمسح الرأس، ثم الرجلين، فلو خالف عمدا أعاده، و نسيانا يعيد إن كان جف الوضوء، و إلاّ على ما يحصل معه الترتيب، فلو نكس صحّ غسل الوجه، و لو نكس ثانيا مع بقاء الرطوبة حصل به و باليمنى، و لو نكس ثالثا معه حصل باليسرى ما لم يستأنف، و لو غسل أعضاءه دفعة حصل بالوجه، و لو تواردت عليه في الماء الجاري جريات ثلاث، حصل بالأعضاء المغسولة، و لو انغمس في الواقف ناويا دفعة حصل بالوجه، و لو أخرج أعضاءه مرتّبا حصل بالمغسولة، و لو لم يرتّب حصل بالوجه إدخالا، و باليمنى إخراجا.

166. الثاني: الموالاة واجبة.

و هي المتابعة بين الأعضاء مع الاختيار، و مراعاة الجفاف مع الاضطرار.

ص: 81

و لو أخلّ بها فعل محرما، و الوجه انّه لا يبطل وضوؤه إلاّ مع الجفاف قبل الإكمال. و لو فرّق لعذر لم يجب الإعادة إلاّ مع الجفاف في الهواء المعتدل.

و لو جفّ ماء الوضوء لحرارة الهواء المفرطة جاز البناء، (و مع إفراط حرارته يغسل متواليا، بحيث لو اعتدل لم يحكم بجفاف السابق حينئذ)(1)و لا يجوز استئناف ماء جديد للمسح.

167. الثالث: الفرض في الغسلات مرّة مرّة،

و الثانية سنّة و قول ابن بابويه متروك(2)، و الثالثة بدعة، و لا تكرار في المسح إجماعا.

و لو غسل بعض أعضائه مرّة، و بعضها مرّتين، جاز، و لو اعتقد وجوب الثانية لم يثب بفعلها عليه، و هل يخرج ماؤها عن كونه ماء الوضوء، و يحرم المسح به ؟ إشكال، أقربه ذلك.

168. الرابع: كلّ ما يمنع من إيصال الماء إلى البشرة، يجب إزالته،

أو تحريكه بحيث يصل الماء إلى البشرة، و لو كان الخاتم واسعا، استحبّ تحريكه.

169. الخامس: الجبائر تنزع و يمسح على العضو مع المكنة،

أو يكرّر الماء حتّى يصل إلى البشرة، و إلاّ مسح عليها، سواء كان العضو تحتها طاهرا، أو نجسا، و لو زال العذر استأنف على إشكال.

و لو استوعبت الجبيرة محلّ الفرض مسح عليها أجمع، و لو تعدته مسح على المحاذي خاصّة، و لو تجاوزت محلّ الكسر بما لا بدّ منه، فكالمكسور، بخلاف ما منه بدّ.

ص: 82


1- . ما بين القوسين موجود في «أ».
2- . قال ابن بابويه: من توضّأ مرّتين لم يوجر. الفقيه: 29/1، باب حد الوضوء برقم 5.

و لا توقيت في المسح عليها، و لا فرق بين الطهارتين فيها، و لا بين شدّها على طهارة و غيرها، و إذا اختصّت بعضو مسح عليها، و غسل الباقي، فلا تيمّم معه، و لو عمّت مسح على الجميع. و لو استضرّ بالمسح تيمّم.

170. السادس: يحرم أن يوضّئه غيره مع المكنة،

و يجوز مع الضرورة.

و يكره الاستعانة.

171. السابع: من توضّأ لصلاة جاز أن يدخل به في غيرها،

و كذا من توضّأ لنافلة دخل به في الفريضة، و بالعكس.

172. الثامن: لا يجوز للمحدث مسّ كتابة القرآن،

و يجوز لمس هامشه، و لا فرق بين المنسوخ حكمه و غيره، أمّا المنسوخ تلاوته فيجوز لمسه(1)

173. التاسع: من دام به السلس يتوضّأ لكلّ صلاة،

و من به البطن إذا تجدّد حدثه في الصلاة، قال الشيخ يتطهّر و يبني(2).

174. العاشر: يستحبّ الدعاء عند غسل كلّ عضو و مسحه.
175. الحادي عشر: يستحبّ أن يبدأ الرجل بغسل ظاهر ذراعيه،

و في الثانية بالباطن، و المرأة بالعكس.

176. الثاني عشر: يستحبّ أن يتوضّأ بمدّ،

و يغتسل بصاع.

177. الثالث عشر: يكره مسح بلل الوضوء عن الأعضاء.
178. الرابع عشر: يجب أن يكون ماء الغسل و الوضوء مملوكا،

أو في

ص: 83


1- . هذا على القول بوجود منسوخ التلاوة كآية رجم الشيخ و الشيخة و هو بعد محل تأمل. (لاحظ البيان في تفسير القرآن، ص 101).
2- . لاحظ التهذيب: 350/1 برقم 1036؛ الاستبصار: 401/1 برقم 1533.

حكمه، فلو توضّأ أو اغتسل بالمغصوب مع علمه بالغصبية، لم يرتفع حدثه، و لا يعذر لو علم الغصب و جهل التحريم، و كذا لو اشتراه بعين مغصوبة، أمّا لو اشتراه شراء فاسدا، أو كانت الآنية الّتي يغترف منها، أو الّتي يفيض(1) بها الماء على بدنه، أو كان مصبّ الماء مغصوبا، فالوجه صحّة الطهارة على إشكال، و لو استعمل المغصوب في إزالة النجاسة، طهر و أثم.

الفصل السابع: في السّهو فيه
اشارة

من تيقّن الحدث و شك في الطهارة تطهّر، و كذا لو تيقّنهما و شك في المتقدّم، و لو تيقّن ترك عضو أتى به و بما بعده ان لم يجف المتقدّم، و إلا أعاد.

و لو شكّ في شيء من أفعال الطهارة، فإن كان على حال الطهارة أعاد على ما شك فيه و ما بعده، إن لم يجف المتقدّم، و إن انصرف لم يلتفت.

و لو ترك غسل أحد المخرجين، و صلّى أعاد الصّلاة دون الطهارة، عامدا و ناسيا و جاهلا، و لو جدّد ندبا، و صلّى و ذكر إخلال عضو مجهول، أعاد إن اشترطنا نيّة الاستباحة أو رفع الحدث، بخلاف الشك بعد الانصراف، و إلاّ فلا.

و لو صلّى بكل منهما صلاة أعادهما على الأوّل، و إلاّ الأولى.

و لو أحدث عقيب طهارة منهما، و لم يعلمها أعاد الصلاتين مع الاختلاف، و إلاّ واحدة ينوي بها ما في ذمّته، و كذا لو صلّى بطهارة، ثم أحدث و توضّأ و صلّى

ص: 84


1- . في «ب»: يصبّ .

أخرى، و ذكر إخلال عضو من إحداهما لا بعينها، و لو صلّى الخمس، و ذكر الحدث عقيب إحدى الطهارات، أعاد أربعا و ثلاثا و اثنتين.

فروع:
179. الأوّل: لو ظن الحدث مع تيقّن الطهارة

لم يلتفت إلى الظن.

180. الثاني: لو تيقّن وقت الزوال انّه نقض طهارة، و توضّأ عن حدث و شكّ في السابق،

استصحب حال السابق على الزوال، و لو شك في الطهارة و الحدث، نظر إلى ما قبل ذلك الزمان، و استصحب حاله.

181. الثالث: لا يجوز لمن لحقه الشك في تعيين ترك العضو من إحدى الطهارتين،

مع تخلّل الحدث، أن يصلّي ثالثة إلاّ بطهارة ثالثة، و لا أن يقضي إحداهما إلاّ بثالثة.

182. الرابع: يمنع الصبيّ من مسّ كتابة القرآن.
183. الخامس: الدراهم المكتوب عليها القرآن يحرم مسّها للمحدث.
184. السادس: لو غسل المحدث بعض أعضائه،

لم يخرج عن المنع.

185. السابع: لو تصفّحه بكمّه، أو قلّبه بعود، أو كتب المصحف بيده،

لم يكن به بأس.

186. الثامن: يجوز مسّ كتب التفاسير و الأحاديث

و كتب الفقه للمحدث و الجنب إجماعا.

ص: 85

ص: 86

المقصد الثالث: في الغسل

اشارة

و فيه مقدمة و فصول

أمّا المقدّمة: ففي أنواعه

و هي ضربان: واجب و ندب.

فالواجب ستّة: غسل الجنابة، و الحيض، و الاستحاضة، و النفاس، و مسّ الأموات من الناس بعد بردهم بالموت و قبل تطهيرهم بالغسل، و غسل الأموات.

و الندب ثلاثون: غسل يوم الجمعة، - و ليس بفرض على الأصحّ ، و وقته من الفجر الثاني إلى الزوال، فلو اغتسل في أيّ زمان منه أجزأه، و كلّما قرب منه كان أفضل، و يقضى لو فات يوم السّبت. و الأقرب بعد ظهر الجمعة نية القضاء، و لو خاف عوز الماء قدّمه يوم الخميس، و لو وجده فيه، فالأقرب استحباب إعادته، فلو تركها(1)، أو تركه فيه تهاونا، ففي استحباب قضائه يوم السّبت إشكال.

ص: 87


1- . الظاهر ان الضمير يرجع إلى الإعادة و المقصود من اغتسل يوم الخميس لخوف عوز الماء يوم الجمعة ثم وجد فيه الماء فترك الإعادة. و أمّا قوله بعده: أو تركه فيه تهاونا فالمراد من لم يغتسل يوم الجمعة تهاونا، و لم يغتسل يوم الخميس أيضا لعدم الخوف عن عوز الماء يوم الجمعة.

و لو أحدث عقيبه، أجزأه، و كفاه الوضوء، و هو مستحب لآتي الجمعة و تاركها.

و لا بدّ فيه من النيّة. و كيفيته مثل غسل الجنابة - و أوّل ليلة من شهر رمضان، و ليلة نصفه، و سبع عشرة و تسع عشرة، و إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين، و ليلة الفطر، و يومي العيدين، و ليلة نصف رجب، و يوم المبعث، و ليلة نصف شعبان، و يوم الغدير، و يوم المباهلة، و يوم عرفة، و يوم نيروز الفرس، و غسل الإحرام، و الطواف، و زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم و الأئمة عليهم السّلام، و المفرّط في صلاة الكسوف مع احتراق القرص كلّه على رأي، و المولود، و من سعى إلى مصلوب بعد ثلاثة أيّام ليراه، و التوبة عن فسق أو كفر، و صلاة الحاجة، و صلاة الاستخارة، و غسل دخول الحرم، و المسجد الحرام، و مكّة، و الكعبة، و المدينة، و دخول مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم.

و ما يستحبّ للفعل و المكان يقدم عليهما، و ما يستحب للزمان يكون بعد دخوله.

و لو اجتمعت أغسال مندوبة لم يتداخل، و لو انضمّ إليها غسل واجب، كفاه نيّته على قول ضعيف، و الوجه جواز الإتيان بها للجنب و الحائض كالمحدث.

ص: 88

الفصل الأوّل: في الجنابة
اشارة

و مطالبه ثلاثة

المطلب الأوّل: في السبب
اشارة

و فيه أربعة عشر بحثا:

187. الأوّل: انّما تكون الجنابة بالجماع في القبل بحيث تغيب الحشفة، أو الدبر على رأي، و إنزال المنيّ :

و هو الماء الغليظ الّذي يقارنه الشهوة و فتور الجسد، و منيّ المرأة رقيق أصفر. و يشترك فيهما الرجل و المرأة.

و لو لم يعلم كون الخارج منيّا، اعتبر بالدفق و الشهوة و فتور الجسد.

و يكفي الشهوة و الفتور في المريض، و لو فقد الدفق و الشهوة، و علم أنّه منيّ ، وجب الغسل و إلاّ فلا.

188. الثاني: كيف خرج المنيّ وجب الغسل،

سواء كان بشهوة أو لا، بدفق أو لا، يقظة و نوما.

189. الثالث: لو أحسّ بانتقال المنيّ ، فأمسك ذكره.

فلم يخرج فلا غسل.

190. الرابع: و لو رأى في النوم أنّه قد احتلم، فاستيقظ، فلم يجد منيّا،

لم يجب الغسل إجماعا، و لو استيقظ فوجد المنيّ وجب الغسل، و لا اعتبار بالعلم بالخروج في وقته. و لو استيقظ فرأى مذيا، لم يجب الغسل، سواء تذكّر الاحتلام أو لا.

ص: 89

و لو رأى في ثوبه منيّا، فإن كان الثوب مختصا به، وجب الغسل، و إلاّ فلا، و يعيد الصلاة من آخر نومة، إلاّ أن تدلّ أمارة على التقدّم فيعيد من أدنى نومة يحتمل الإضافة إليها، و قول الشيخ هنا مدخول.(1)

و هل يجوز لأحد المشتركين في الثوب الواجدين المنيّ فيه الائتمام بصاحبه ؟ الأقرب نعم، لأنّ الشرع أسقط نظره عنها(2)، و يجوز لكل منهما قراءة العزائم و غيرها.

191. الخامس: لو خرج منيّ الرجل من فرج المرأة بعد غسلها،

لم يجب عليها الغسل.

192. السادس: الجماع الّذي يحصل معه التقاء الختانين، موجب للغسل على الرجل و المرأة،

سواء حصل الإنزال أو لا.

193. السابع: الأصحّ عندي وجوب الغسل بالجماع في دبر المرأة على الرجل و المرأة،

و كذا بالجماع في دبر الغلام.

194. الثامن: في وطء البهيمة المجرّد عن الإنزال إشكال،

أقربه عدم الوجوب(3).

195. التاسع: لا فرق بين وطء الحيّ و الميّت، البالغ و غيره،

المكره و الطائع، و النّائم و المستيقظ.

ص: 90


1- . لاحظ المبسوط: 28/1.
2- . في «أ»: «عنهما» قال في المنتهى: 179/2: هل يجوز لواجد المنيّ في الثوب المشترك الائتمام بصاحبه في الصلاة ؟ قال بعض الجمهور: لا، لعلمنا بأنّ أحدهما جنب فلا تصحّ صلاتهما، و عندي فيه اشكال، فإنّ الشارع اسقط نظره عن هذه الجنابة و لم يعتل بها في أحكام الجنب...
3- . قال في المنتهى: 186/2: لو وطء بهيمة، قال الشيخ في المبسوط و الخلاف: لا نصّ فيه، فلا يتعلّق به حكم، و هو قول أبي حنيفة، خلافا للشافعي و أحمد، و كلام الشيخ قويّ .
196. العاشر: لو غيّب بعض الحشفة و لم ينزل لم يجب الغسل،

و لو انقطعت الحشفة أو لم تكن له خلقة، فأولج الباقي بقدر الحشفة، وجب الغسل.

197. الحادي عشر: لو أولج ذكره في قبل خنثى مشكل، أو أولج الخنثى المشكل ذكره، أو وطأ أحدهما الآخر،

ففيه إشكال ينشأ من احتمال كون أحدهما زائدا، و من حيث تعلّق الحكم بالتقاء الختانين من غير اعتبار الأصالة و الزيادة، و مع الإنزال يختص الغسل بالمنزل.

198. الثاني عشر: لو وطء الصبيّ ، أو الصبيّة،

ففي لحوق حكم الجنابة بهما إشكال.

199. الثالث عشر: لو لحق الكافر السبب لحقه الحكم،

و لو أسلم وجب عليه الغسل، سواء اغتسل حال كفره أو لا.

200. الرابع عشر: لو ارتدّ المغتسل لم يبطل غسله.
المطلب الثاني: في أحكام الجنابة
اشارة

و فيه سبعة مباحث:

201. الأوّل: يحرم على الجنب قراءة كل واحدة من العزائم:

و هي سجدة لقمان، و حم السجدة، و النجم، و اقرأ باسم ربك. و يتناول التحريم السورة و أبعاضها. و لو نوى بالتسمية جزأها حرم، و لا يحرم قراءة غير العزائم.

و يكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غيرها، و تتأكد الكراهيّة في سبعين

ص: 91

و ما زاد، و قول بعض أصحابنا: إنّ الزائد على السبعين حرام(1)، ضعيف.

202. الثاني: يحرم عليه مسّ كتابة القرآن،

و ما عليه اسم اللّه تعالى، و هل يحرم مسّ اسم أحد من الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام؛ قال الشيخان: نعم(2)، و الأولى عندي الكراهية.

203. الثالث: يكره له مسّ المصحف و حمله،

و يجوز مسّ كتب التفسير، و الأحاديث، و حمل المصحف بغلافه، و مسّ كتابة التوراة و الإنجيل، و القرآن المنسوخ تلاوته، أمّا المنسوخ حكمه خاصّة فلا، و يجوز له أن يذكر اللّه تعالى.

204. الرابع: يحرم عليه اللبث في المساجد،

خلافا لسلاّر(3)، و يجوز له الاجتياز إلاّ في المسجد الحرام، و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، فأنّ الجواز فيهما محرّم، و لو احتلم في أحدهما تيمّم للخروج.

205. الخامس: يحرم عليه وضع شيء فيها.

و يجوز له أخذ ما له منها.

206. السادس: لو خاف الجنب على نفسه، أو ماله،

و لم يمكنه الخروج من المسجد، و لا الغسل، تيمّم و جلس فيه إلى أن تزول الضرورة. و لو توضّأ لم يجز له الاستيطان فيه.

207. السابع: يكره له النوم قبل الوضوء،

و الأكل و الشرب قبله، أو قبل المضمضة و الاستنشاق، و الجماع قبل الغسل للمحتلم، و لا بأس بتكرير الجماع(4)، و الخضاب و الادهان.

ص: 92


1- . يظهر ذلك، من كلام الشيخ الطوسي قدّس سرّه في التهذيب: 128/1، و الاستبصار: 114/1. قال العلاّمة قدّس سرّه في المختلف: 334/1: و الحقّ عندي كراهة ما زاد على السبعين لا تحريمه، و الظاهر من كلام الشيخ في كتابي الأخبار التحريم.
2- . المبسوط: 29/1: و نقل عنهما المحقّق في المعتبر: 188/1.
3- . المراسم: 42.
4- . في «ب»: بتكرار الجماع.
المطلب الثالث: في الغسل
اشارة

و فيه ثمانية عشر بحثا:

208. الأوّل: إذا أجنب الرجل أو المرأة،

وجب عليهما الغسل. و اختلف الفقهاء، في وجوبه لنفسه أو لغيره، و الأقرب الأوّل، و قد بيّنا وجه القولين و صحّحنا الحقّ منهما في كتاب منتهى المطلب و بيّنا خطاء ابن إدريس(1).

209. الثاني: النّية شرط في الغسل،

و وقتها عند غسل اليدين، و يتضيّق عند غسل الرأس، و يجب استدامتها حكما، و يكفيه أن ينوي مع الوجوب و القربة رفع الحدث، و إن لم يذكر السبب.

210. الثالث: يجب إيصال الماء إلى كلّ البشرة بأقلّ ما يسمّى غسلا،

و لو كان بعض أجزاء البدن محتاجا إلى التخليل وجب، و كذا يجب نقض الظفائر إن لم يصل الماء إلى أصولها إلاّ به، و يجب إيصال الماء إلى أصول الشعر.

و يستحبّ تخليل ما يصل إليه الماء.

211. الرابع: الترتيب شرط فيه،

يبدأ بالرأس و الرقبة، ثم الجانب الأيمن ثم الأيسر، فيعيد ما يحصل معه الترتيب لو خالف، و يسقط عن المرتمس على الأقوى، و عن الواقف تحت المطر، أو الميزاب، أو المجرى.

و لو بقيت لمعة في جسده أجزأه غسلها إن كانت في الأيسر، و إلاّ غسلها و أعاد الأيسر. و لو وجد المرتمس اللمعة، ففي إعادة غسله نظر.

ص: 93


1- . لاحظ المنتهى: 256/2-259.
212. الخامس: لا فرق بين الرجل و المرأة في ذلك كلّه.
213. السادس: لا يجب غسل المسترسل من الشعر و اللحية،

بل البشرة المستورة بهما، سواء كان الشعر خفيفا أو كثيفا.

و يجب غسل الحاجبين و الأهداب ليصل الماء إلى ما تحتها.

و يستحب تخليل الأذنين مع الوصول، و يجب لا معه.

214. السابع: الموالاة غير واجبة هنا إجماعا.
215. الثامن: يستحبّ الاستبراء للرجل المجنب عن الإنزال،

بأن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب، ثمّ منه إلى طرفه، ثم ينتره ثلاثا ثلاثا، و للشيخ قول بالوجوب(1)، و المضمضة، و الاستنشاق ثلاثا ثلاثا، و إمرار اليد على الجسد، و كذا في الوضوء على أعضائه، و الغسل بصاع فما زاد، و الدعاء.

216. التاسع: يكفي غسل الجنابة عن الوضوء،

فإن توضّأ معتقدا عدم الإجزاء كان مبدعا(2)، و لا يستحبّ و إن اعتقد الإجزاء. و الأقرب عدم اكتفاء غيره عنه.

217. العاشر: لو اجتمعت أغسال واجبة كفى الواحد،

فإن نوى رفع الحدث أو الجنابة أجزأ عن الوضوء، و إن نوى الحيض أو غيره فعلى عدم الإجزاء(3)إشكال في رفع الجنابة، فإن قلنا برفعه فلا وضوء، و إلاّ وجب.

و هل يرتفع مع الوضوء؟ فيه نظر ينشأ من الإذن في الدخول في الصلاة

ص: 94


1- . المبسوط: 29/1.
2- . في «ب»: مبتدعا.
3- . في «أ»: عدم الاجتزاء.

للحائض معهما، و من كون الغسل غير رافع للجنابة، لعدم إرادته، و لا الوضوء، لعدم صلاحيّته، فنحن في هذا من المتوقّفين.

218. الحادي عشر: اذا جرى الماء تحت قدمي الجنب، أجزأه،

و إلاّ غسلهما.

219. الثاني عشر: اذا اغتسل المنزل، ثمّ رأى بللا بعده،

فإن تيقّن أنّه منيّ ، أو لم يعلمه و لم يبل و لم يستبرأ، أعاد. و لو بال و لم يجتهد، توضّأ، و لو بال و اجتهد، لم يلتفت.

220. الثالث عشر: لو صلّى ثمّ رأى بللا علم أنّه منيّ ،

أعاد الغسل لا الصّلاة على الأقوى.

221. الرابع عشر: لو جامع و لم ينزل،

لم يجب الاستبراء، و لو رأى بللا يعلم أنّه منيّ ، أعاد الغسل، أمّا المشتبه فلا، بخلاف الموجود بعد الإنزال.

222. الخامس عشر: الاستبراء على الرجال خاصّة،

فلو رأت المرأة بللا فلا إعادة، لأنّ الظاهر أنّه من منيّ الرجل. و أوجب ابن إدريس الإعادة(1).

223. السادس عشر: لو أحدث في أثناء الغسل،

قيل: يعيد. و قيل يتم، و لا شيء عليه. و قيل: يتم و يتوضّأ(2). و الأوّل أقرب.

ص: 95


1- . السرائر: 23/1.
2- . قال العلاّمة قدّس سرّه في المختلف: 338/1: إذا اغتسل مرتبا و تخلّل الحدث الأصغر قبل إكمال غسله في أثنائه، أفتى الشيخ رحمه اللّه في النهاية و المبسوط بوجوب الإعادة من رأس و هو مذهب ابن بابويه. و قال ابن البراج: يتمّ الغسل و لا شيء عليه، و هو اختيار ابن إدريس. و قال السيد المرتضى رحمه اللّه: يتمّ الغسل و يتوضأ إذا أراد الدخول في الصلاة، و الحق الأوّل.

و لو أحدث في أثناء غيره من الواجبات، فالأقرب أنّه كذلك، لكن إن كان قدّم الوضوء وجب إعادته، و لو أحدث في أثناء المندوب، فالوجه الإتمام، إن قلنا بعدم رفع الحدث.

224. السابع عشر: لا يجوز أن يغسّله غيره مع القدرة،

و يجوز لا معها، و يكره الاستعانة.

225. الثامن عشر: هل يجب على الزوج ثمن الماء الّذي تغتسل به المرأة ؟

الأقرب عدمه مع غنائها، و وجوب تخليتها لتنتقل إلى الماء أو ينقل(1)الماء إليها.

الفصل الثاني: في الحيض
اشارة

و هو الدم الأسود الغليظ الّذي يخرج بحرقة و حرارة غالبا، و لقليله حدّ، يقذفه الرحم مع بلوغ المرأة، ثم يصير لها عادة في أوقات متداولة بحسب مزاجها لحكمة تربية الولد، فإذا حملت صرفه اللّه تعالى إلى غذائه، فإذا وضعت أزال اللّه تعالى عنه صورة الدم، و كساه صورة اللبن ليغتذي به الطفل مدة رضاعه، فإذا خلت من الحمل و الرضاع، بقى الدم و لا مصرف له، فيستقرّ في مكان، ثم يخرج غالبا في كلّ شهر ستّة أيام أو سبعة أو أقلّ أو أكثر، بحسب قرب مزاجها من الحرارة و بعده. و قد علّق الشارع عليه أحكاما نحن نذكرها في مطالب.

ص: 96


1- . الضمير عائد إلى الزوج و المراد إعطاء الرخصة لتذهب المرأة إلى الاغتسال خارج البيت، أو ينقل الزوج الماء لها فيه.
المطلب الأوّل: في ماهيّته
اشارة

و فيه ثلاث مباحث:

226. الأوّل: الحيض غالبا هو الدم الغليظ؛

226. الأوّل: الحيض غالبا هو الدم الغليظ(1)؛

فإن اشتبه بدم العذرة، أدخلت القطنة، فإن خرجت منغمسة فحيض، و إن خرجت مطوقة فعذرة؛ و إن اشتبه بدم القرح أدخلت إصبعها، فإن كان خارجا من الأيمن فقرح، و إن كان من الأيسر فحيض على قول الشيخ(2) و ابن بابويه(3) و الرواية(4) لا تساعدهما. و ابن الجنيد عكس القول(5).

227. الثاني: لا حيض مع الصغر،

و هو ما نقص عن تسع سنين، و لا مع الكبر، و هو ما زاد على خمسين في غير القرشية و النبطية، و ستّين فيهما.

228. الثالث: اضطرب قول علمائنا في الحبلى هل ترى الحيض أم لا؟

228. الثالث: اضطرب قول علمائنا في الحبلى هل ترى الحيض أم لا؟(6)

و الأقرب عندي أنّها تراه، فتفعل ما تفعل الحائض.

ص: 97


1- . في «أ»: الدم العبيط.
2- . المبسوط: 43/1، و النهاية: 24.
3- . الفقيه: 54/1.
4- . لاحظ التهذيب: 385/1، و وسائل الشيعة: 560/2، الباب 16 من أبواب الحيض، ح 1.
5- . نقله عنه في المعتبر: 199/1، و المختلف: 355/1.
6- . لاحظ الأقوال في المختلف: 356/1.
المطلب الثاني: في وقته
اشارة

و فيه ستّة مباحث:

229. الأوّل: أقلّ الحيض ثلاثة أيّام

فلو رأته دون الثلاثة لم يكن حيضا، و أكثره عشرة، فالزائد غير حيض.

و هل يشترط التوالي في الثلاثة أم يكفي كونها من جملة العشرة ؟ الأقرب الأوّل، و القولان للشيخ(1).

230. الثاني: إذا رأته زائدا عن الثلاثة، و لم يتجاوز العشرة و أمكن أن يكون حيضا، فهو حيض،

و لا اعتبار باللون حينئذ.

231. الثالث: إذا رأت الدم في شهر أيّاما معيّنة، ثمّ طهرت، ثم رأته في آخر ثانيا بتلك العدة،

صار ذلك عادة ترجع إليها، و لا حاجة إلى معاودة الدم ثالثا، كما لا اعتداد في العادة بما رأته أوّلا.

232. الرابع: أقلّ الطهر عشرة أيّام،

و لا حدّ لأكثره، و تحديد أبي الصلاح بثلاثة أشهر(2) على سبيل التغليب.

233. الخامس: الصفرة و الكدرة في أيّام الحيض حيض،

و في أيّام الطهر طهر، و كذا غيرهما من ألوان الدم.

234. السادس: لو رأت ثلاثة أيّام، ثمّ انقطع، ثمّ عاد قبل العاشر و انقطع عليه،

فالدمان و ما بينهما حيض، و لو تجاوزت العشرة فله تفصيل يأتي.

ص: 98


1- . لاحظ النهاية: 26، و المبسوط: 42/1.
2- . الكافي في الفقه: 128.

و لو تأخّر عشرة، ثمّ عاد، كان الأوّل حيضا بانفراده، و الثاني كذلك إن اجتمعت فيه الشرائط.

المطلب الثالث: في المتجاوز عن العادة
اشارة

و فيه ثمانية مباحث:

235. الأوّل: قد بيّنا أنّ الأقلّ ثلاثة، و الأكثر عشرة،

فالمرأة إمّا مبتدأة، أو ذات عادة مستقيمة، أو مضطربة، و إمّا ذات تميز أو لا، فالأقسام أربعة جامعة وصفي التميز و العادة، و فاقدتهما، و فاقدة العادة، أو التميز.

أمّا الجامعة لهما، فإن اتّحد الزّمان، فلا بحث إجماعا، و ان اختلف فللشيخ قولان(1) أصحّهما العمل على العادة.

و أمّا فاقدتهما المبتدأة فإن انقطع لعشرة فما دون إلى الثلاثة، فهو حيض، و إن تجاوز(2) رجعت إلى عادة نسائها، فإن فقدن، فإلى أقرانها في السن، فإن فقدن أو اختلفن، تحيّضت في كلّ شهر سبعة أيّام أو ستّة، و قيل: ثلاثة، و قيل:

عشرة، و قيل: في الأوّل ثلاثة و في الثاني عشرة، و قيل: تجعل عشرة طهرا و عشرة حيضا(3).

و الوجه تخيّرها في تخصيص السبعة، فما تخصّصه فهو الحيض، و لا تقضي عبادة غيره.

ص: 99


1- . لاحظ المبسوط: 49/1، و النهاية: 24.
2- . في «أ»: و إن تجاوزت.
3- . لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 362/1.

أمّا فاقدة العادة المستقيمة، فإمّا مبتدأة أو مضطربة، و كلاهما ترجعان إلى التميز بشروط اختلاف اللون، و بلوغ ما هو بصفة دم الحيض ثلاثة، و عدم تجاوزه الأكثر و مجاوزة المجموع العشرة.

و لا يشترط في التميز التكرار، و لو رأت ثلاثة أيّام أسود، و ثلاثة أصفر، ثم عشرة أسود، قال الشيخ رحمه اللّه: تحيّضت بالعشرة الأخيرة، و قضت ما تركته في الثلاثة الأولى(1) و قيل: لا تميز لهذه(2).

و لو رأت خمسة أيّام دم الاستحاضة، ثم الأسود بقيّة الشهر، قال الشيخ:

يحكم في أوّل يوم ترى ما هو بصفة دم الحيض إلى تمام العشرة بأنّه حيض، و ما بعده استحاضة، فإن استمرّ على هيئته، جعلت بين الحيضة الأولى و الثانية عشرة طهرا، و ما بعد ذلك من الحيضة الثانية(3). و الأقرب عندي الرجوع إلى الروايات.

و تثبت العادة بتساوي التميز مرّتين عددا و وصفا، فتعمل في الثالثة عليه.

و أمّا فاقدة التميز، فانّها ترجع إلى عادتها إن كانت مستقيمة، و إن كانت مضطربة و لا تميز، رجعت إلى الروايات، و لها الخيار في التخصيص.

236. الثاني: لو رأت ذات العادة المستقيمة عددها متقدّما أو متأخّرا، لا فيها حكمت بأنّه حيض،

لتقدّمها تارة، و تأخّرها أخرى، سواء كان بصفة دم الحيض أو لا.

و لو رأت قبل العادة و فيها، أو فيها و بعدها، أو قبلها و فيها و بعدها، و لم

ص: 100


1- . المبسوط: 50/1.
2- . المعتبر: 206/1.
3- . المبسوط: 46/1.

يتجاوز الأكثر، فالجميع حيض، و إلاّ فالعادة لا غير.

237. الثالث: لو كان عادتها في كلّ شهر عددا معيّنا، فرأته في الشهر مرّتين،

فهما حيضان مع تخلّل الطهر، و لو زاد عددها فهو حيض مع عدم التجاوز، و معه استحاضة.

238. الرابع: لو كانت عادتها مختلفة مترتّبة،

مثل أربعة في الأوّل، و خمسة في الثاني، و ستّة في الثالث، ثم أربعة في الرابع، و خمسة في الخامس، و ستّة في السادس، و هكذا، رجعت في الشهر الذي(1) استحيضت فيه إلى نوبته، و لو نسيتها تحيّضت بالأربعة، و لو تيقّنت الأزيد تحيّضت بالخمسة، و هكذا.

أمّا لو اختلفت لا على ترتيب، مثل أربعة في الأوّل، و ستّة في الثاني، و ثلاثة في الثالث، و هكذا، فان ذكرت النوبة، تحيّضت عليها، و إلاّ فثلاثة.

239. الخامس: لو نسيت العدد،

فإن ذكرت أوّل الحيض، أكملته ثلاثة. و إن ذكرت آخره، جعلته نهايتها، و تعمل في بقيّة الزّمان ما تعمله المستحاضة، و تغتسل لانقطاع دم الحيض في كلّ وقت يحتمل، و تقضي صوم عشرة احتياطا ما لم يقصر وقتها عنها.

و لو لم تذكر الأوّل و الآخر، بل يوما منه مثلا، فهو الحيض بيقين، فيحتمل أن يكون آخره و أوّله و ما بينهما، فتعمل في المتقدّم ما تعمله المستحاضة، و تغتسل فيه عند كلّ صلاة، و كذا في المتأخّر، و تغتسل لاحتمال الانقطاع إلى آخر المحتمل.

و لو ذكرت العدد خاصّة، فالوجه تخيّرها، و قيل: تعمل في جميع الزمان

ص: 101


1- . في «أ»: في الشهر الأوّل الّذي.

ما تعمله المستحاضة، و تغتسل للانقطاع في كل وقت محتمل له، و تقضي صوم العدد(1).

و لو نسيتهما معا تحيّضت في كلّ شهر بسبعة أيّام، و تتخيّر في التخصيص.

240. السادس: لو ذكرت بعد التخصيص ان أيّامها غيره،

رجعت إلى أيّامها.

241. السابع: ذاكرة العدد خاصّة،

قد تعلم الوقت إجمالا، فان زاد العدد على نصفه، فالزائد و ضعفه حيض بيقين، فلو قالت: حيضي ستة في العشر الأول، فالسادس و الخامس حيض بيقين. فان خيّرناها في الأربعة فلا بحث، و إلاّ عملت ما تعمله المستحاضة في الأربعة الأولى، و اغتسلت آخر السادس عند كل صلاة، لاحتمال الانقطاع، و هكذا إلى العاشر.

و لو قالت: سبعة، أضعفنا اليومين، فكان من أوّل الرابع إلى آخر السابع حيض بيقين.

و لو قالت: خمسة من العشر الأول، فاليوم الأوّل طهر بيقين، فالسادس حيض بيقين. و لو كان الحيض نصف الوقت، أو أقصر(2)، فلا حيض بيقين، فان خيّرت فلا بحث، و إلاّ عملت ما تعمله المستحاضة في الزمان كلّه، ثم تغتسل من آخر العدد إلى آخر الزمان عند كلّ صلاة، لاحتمال الانقطاع عندها، إلاّ أن تعرف وقته فتغتسل عند تكرّره خاصّة، و كذا من نسيت الوقت أصلا.

و لو تيقنت حيض خمسة أيام و انّ أحد اليومين إمّا الخامس أو الخامس و العشرون مثلا حيض، فمن أوّل العاشر إلى آخر العشرين طهر بيقين، و يوم

ص: 102


1- . القائل هو الشيخ الطوسي قدّس سرّه في المبسوط: 55/1.
2- . في «ب»: أو قصر.

الثلاثين كذلك، و الباقي مشكوك فيه.

و لو قالت: حيضي عشرة و كنت أمزج إحدى العشرات بالأخرى بيوم، فأوّل الشهر و آخره طهر بيقين؛ و لو قالت: بيومين، فيومان من أوّله و يومان من آخره طهر بيقين.

و لو قالت: حيضي تسعة و أخلط إحدى العشرات بيوم، فيومان من أوّل الشهر و يومان من آخره، طهر، و هكذا.

و لو قالت: حيضي خمسة و أخلطه بيوم، فالستة الأولى و الأخيرة و الخامس عشر و السادس عشر طهر بيقين.

و لو قالت: حيضي عشرة و أمزج النصف الأوّل و الثاني بيوم، فالستة الأولى و الأخيرة طهر بيقين، و الخامس عشر و السادس عشر حيض بيقين.

و لو قالت: حيضي تسعة و نصف و أمزج أحد النصفين بالثاني بيوم كامل و الكسر من أوّله، فقد علمت حيضها(1) و هو من نصف السابع إلى آخر السادس عشر، و الباقي طهر بيقين، و لو كان الكسر من آخره، فمن أوّل الشهر إلى آخر الرابع عشر، و من نصف الرابع و العشرين إلى آخره طهر بيقين، و الباقي حيض بيقين.

242. الثامن: إذا رأت ثلاثة أيّام دم الحيض، فيوما نقاء و يوما دما،

242. الثامن: إذا رأت ثلاثة أيّام دم الحيض، فيوما نقاء(2) و يوما دما،

و انقطع

ص: 103


1- . قال الشيخ في المبسوط: 64/1: «و إذا قالت: كان حيضي تسعة أيّام و نصف يوم و كنت أخلط بالنصف الآخر بيوم كامل و الكسر من أوّله، فانّ هذه تعلم أنّ اليوم الكامل لا يجوز أن يكون في النصف الأوّل و انّما يكون في النصف الثاني، و إذا وجب أن يكون في النصف الثاني كان ستّة أيّام و نصف من أوّل الشهر طهرا بيقين و تمام اليوم السابع إلى آخر يوم السادس عشر حيض بيقين» و بهذا يتضح مفاد المتن.
2- . في «أ»: و يوم نقاء.

على العشرة، فالجميع حيض، و إن تجاوز رجعت ذات العادة إليها، سواء استوعبها الدم، أو تخلّلها النّقاء بعد توالي الثلاثة، و يجوز لزوجها وطؤها بعد العادة في أيّام النقاء، و إن جاز انقطاعه على العاشر.

و إن نسيتها رجعت إلى التميز، فتترك العبادة كلّما رأت الدم، و تفعلها مع النقاء، و تجعل بين الحيضتين أقلّ الطهر، و كذا المبتدأة.

المطلب الرابع: في الأحكام
اشارة

و فيه ستة و عشرون بحثا:

243. الأوّل: يحرم على الحائض الصلاة و الصوم،

و لا ينعقدان لو فعلتهما، و تتركهما ذات العادة برؤية الدم في وقت عادتها إجماعا.

أمّا المبتدأة و المضطربة، فقال الشيخ: تتركهما بمجرّد الرؤية مع الاحتمال، فإن استمرّ ثلاثة أيّام فهو حيض قطعا، و إلاّ قضت ما تركت من الصلاة و الصوم(1).

و قال السيّد تتركهما بعد مضيّ ثلاثة أيّام(2).

244. الثاني: يحرم عليها اللبث في المساجد إجماعا،

إلاّ من سلاّر(3).

و يجوز لها الاجتياز إلاّ في المسجدين. و لو اتّفق لها الحيض في أحدهما، تيمّمت للخروج، و هل يكره لها الاجتياز في غيرهما؟ للشيخ قولان(4).

245. الثالث: يحرم عليها وضع شيء في المساجد،

و يجوز لها الأخذ منها.

ص: 104


1- . المبسوط: 42/1.
2- . نقله عنه في المعتبر: 213/1، و المختلف: 359/1.
3- . المراسم في الفقه الإمامي: 42.
4- . الخلاف: 517/1، مسألة 259 من كتاب الصلاة؛ و المبسوط: 41/1؛ و النهاية: 25.
246. الرابع: يحرم عليها الطواف إجماعا.
247. الخامس: يحرم عليها قراءة العزائم و أبعاضها حتّى البسملة إذا نوت أنّها منها،

و لا يحرم غيرها، بل يكره ما زاد على سبع أو سبعين على الخلاف.

248. السادس: يحرم عليها مسّ كتابة القرآن إجماعا.
249. السابع: يحرم على زوجها وطؤها،

و يختص التحريم بالقبل، و ما فوق السرة و دون الركبة يجوز الاستمتاع به، و يكره ما بينهما، و قول المرتضى بالتحريم(1) ممنوع، و رواياته متأوّلة و معارضة بغيرها(2).

250. الثامن: يحرم طلاقها إذا كان الزوج حاضرا و دخل بها إجماعا.

و لو طلّق لم يقع عندنا.

251. التاسع: يحرم عليها الاعتكاف.
252. العاشر: يجب عليها الغسل عند انقطاع الدم،

و هو شرط في الصلاة و الطواف و الصوم، و كيفيّته مثل غسل الجنابة، إلاّ أنّه لا بدّ معه من الوضوء.

253. الحادي عشر: يجب عليها الاستبراء إن انقطع لأقلّ من عشرة أيّام،

بأن تدخل قطنة، فإن خرجت ملوّثة صبرت المبتدأة حتّى تنقى أو تبلغ العشرة.

و ذات العادة تستظهر بعد عادتها بيوم أو يومين، فإن استمرّ إلى العاشر(3)و انقطع، قضت ما فعلته من الصوم. و إن تجاوز أجزأها ما فعلته. و إن خرجت نقيّة اغتسلت.

ص: 105


1- . نقله عنه في المعتبر: 224/1، و المختلف: 346/1.
2- . لاحظ المنتهى: 361/2-363 نقل المصنف قدّس سرّه ما استدل به السيد المرتضى من الروايات و أجاب عنهما بانها ضعاف الأسناد و معارضة بغيرها من الأخبار.
3- . في «أ»: العاشرة.
254. الثاني عشر: يجب عليها قضاء الصوم، و الصوم، في الحيض ليس بواجب،

بل سبب الوجوب ثابت(1)، و قول بعض فقهاء الجمهور بوجوبه غلط(2).

255. الثالث عشر: لا يجب عليها قضاء الصلاة،

و لو دخل و هي طاهر، فلم تصلّ مع الإمكان، ثم حاضت قضت. و لو مضى أقلّ من الأداء و الطهارة لم يجب، و لو دخل الوقت و هي حائض فطهرت، وجب عليها قضاء الصلاة مع الترك، إن بقى من الوقت ما يتّسع للطهارة و أداء ركعة، فلو بقي إلى الغروب مقدار خمس ركعات و الطهارة، و أهملت، قضتهما، و إن وسع أربعا قضت العصر خاصّة. و إن وسع لأقلّ من ركعة سقطتا.

256. الرابع عشر: لو سمعت سجدة التلاوة، فالحق عندي آنها تسجد،

لرواية علي بن رئاب الصحيحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،(3) و أبي عبيدة عن الباقر عليه السّلام(4)و لا فرق بين السماع و الاستماع، و منع الشيخ(5) ضعيف.

257. الخامس عشر: يستحبّ لها ان تتوضأ عند كلّ صلاة لا لرفع الحدث و لا للاستباحة،

257. الخامس عشر: يستحبّ لها ان تتوضأ عند كلّ صلاة(6) لا لرفع الحدث و لا للاستباحة،

بل تنوي التقرّب، و تذكر اللّه تعالى في مصلاّها بقدر صلاتها، و لو

ص: 106


1- . في «أ»: بل سبب الوجوب فائت.
2- . قال في المنتهى: 346/2: الحائض غير مخاطبة بالصوم، و هو قول بعض الشافعية و قال بعضهم: إنّها مخاطبة به... احتجوا بأنّ وجوب القضاء يستلزم وجوب الأداء. و الجواب: المنع من الاستلزام، نعم يستلزم قيام سبب الوجوب، أمّا نفس الوجوب فلا، أو نقول: القضاء بأمر جديد. أقول: المقتضى للصوم كان موجودا غير أنّ الحيض كان مانعا عن حيازة المصلحة، فإذا ارتفع يجب قضاؤه لثبوت المقتضى، و لعلّه المراد من قوله «سبب الوجوب ثابت».
3- . لاحظ الوسائل: 584/2، الباب 36، من أبواب الحيض، الحديث 1.
4- . نفس المصدر الحديث 2.
5- . قال الشيخ في النهاية ص 25: و إن سمعت سجدة القرآن لا يجوز لها أن تسجد.
6- . في «أ»: لكلّ صلاة.

توضّأت بنيّة التقرّب في وقت توهّم الحيض، فبان طهرا، لم تدخل به في الصلاة و الفرق بينه و بين المجدّد دقيق(1).

و لو نوت في هذا الوقت رفع الحدث لم تدخل به أيضا، و لو اغتسلت عوض الوضوء، لم تفعل المستحب. و لو فقدت الماء فالوجه عدم التيمّم.

258. السادس عشر: يكره لها الخضاب، و حمل المصحف و لمس هامشه.
259. السابع عشر: يحرم على زوجها وطؤها قبلا إجماعا،

و قد تقدّم، فلو وطئ متعمّدا عالما بالتحريم في أوّله، كفّر بدينار، - و قيمته عشرة دراهم - و في وسطه بنصف دينار، و في آخره بربع دينار.

و هل الكفّارة على الوجوب أو على الاستحباب ؟

قولان، أقواهما الاستحباب، و يجب عليه الاستغفار، و يعزّر.

و لو كانت أمته تصدّق بثلاثة أمداد من طعام، سواء كان في أوّله أو وسطه أو آخره، و الأوّل و الأوسط و الأخير يختلف باختلاف العادة.

و لو عجز عن الكفّارة سقطت وجوبا و استحبابا، و لو عجز عن البعض، فالوجه دفع الباقي.

و لا فرق بين وطء الزّوجة و الأجنبيّة، و لو وطئ جاهلا أو ناسيا، فالوجه عدم التعلّق، و لو وطئها طاهرا فحاضت في أثنائه، وجب عليه النزع مع العلم، فإن

ص: 107


1- . قال في المنتهى: 384/2: و الفرق بينها و بين المجدّد حيث قلنا إنّه يسوغ له الدخول به في الصلاة و إن بان محدثا، لأنّه ثمّ ينوي الفضيلة الّتي لا تحصل إلاّ مع الطهارة، أمّا هاهنا فلمّا لم تتوقّف الفضيلة على الطهارة لم تكن الطهارة حاصلة.

أهمل تعلّقت به الكفّارة، و لو وطئ الصّبي لم يتعلّق به إثم، و لا كفّارة. و لو كرّر الوطء، فالوجه التفصيل، و هو التكرّر(1) مع اختلاف الزمان.

260. الثامن عشر: لو وطئ عالما لا مستحلاّ عزّر،

فإن استحلّه قتل، فإن كان جاهلا فلا عقوبة، و يجب عليه الامتناع من الوطء حالة الاشتباه تغليبا للحرمة.

261. التاسع عشر: لا تجب الكفارة على المرأة و إن غرّت زوجها،

و حكم النفساء حكم الحائض في ذلك.

262. العشرون: لا فرق في الإخراج بين المضروب و التبر،

بشرط أن يكون صافيا من الغش، و في القيمة نظر، و الأقرب عدم الإجزاء.

263. الحادي و العشرون: وطء المستحاضة مباح عندنا

و لا يتعلّق به كفارة إجماعا.

264. الثاني و العشرون: لو انقطع دم الحائض حلّ وطؤها قبل الغسل،

و خلاف ابن بابويه(2) ضعيف، و لكنّه مكروه. و يستحب للزوج إذا غلبته الشهوة أن يأمرها بغسل فرجها، و لو كانت عادتها أقلّ من العشرة فانقطع عليها، حلّ وطؤها.

265. الثالث و العشرون: عرق الحائض طاهر،

و كذا الجنب و إن كان من حرام، و الإبل الجلاّلة.

266. الرابع و العشرون: إذا كان على الحائض جنابة،

فليس عليها أن

ص: 108


1- . في «أ»: و هو التكرير.
2- . الفقيه: 53/1، و الهداية: 22.

تغتسل حتّى ينقطع حيضها، فلو اغتسلت لم ترتفع جنابتها.

267. الخامس و العشرون: قد بيّنا أنّه لا بدّ مع غسل الحيض من الوضوء قبله أو بعده،

و تنوي بالمتقدّم استباحة الصلاة، و هل تنوي به رفع الحدث أو بالمتأخر لا غير؟ فيه نظر، و ابن إدريس قال: تنوي بالغسل رفع الحدث تقدّم أو تأخّر، و بالوضوء الاستباحة تقدّم أو تأخّر(1).

268. السادس و العشرون: يستحب لها الغسل للإحرام و الجمعة و الزيارات،

و غير ذلك من الأعمال المندوبة.

الفصل الثالث: في الاستحاضة
اشارة

و فيه ثمانية مباحث:

269. الأوّل: هو في الغالب، الدم الاصفر البارد الرقيق الخارج بفتور،

و قد يتفق أن يكون بهذه الصفات حيضا، إذا كان في العادة.

270. الثاني: كلّ دم تراه المرأة بعد عادتها في الحيض إذا تجاوز العشرة أو بعد أكثر أيّام النفاس،

أو لدون البلوغ، أو مع سن اليأس، و مع الحبل على رأي، أو أقلّ من ثلاثة أيّام، و لم يكن دم جرح و لا قرح، فهو استحاضة.

271. الثالث: يجب على المستحاضة الاستبراء،

بأن تدخل قطنة، فإن لطخها

ص: 109


1- . لاحظ السرائر: 112/1-113.

الدم و لم يغمسها، وجب عليها إبدالها عند كلّ صلاة، و الوضوء المتعدّد، و خلاف ابن أبي عقيل(1) لا اعتداد به، و لو غمسها الدم و لم يسل، لزمها تغيير القطنة و الخرقة و الغسل لصلاة الغداة (و الوضوء لكلّ صلاة.

و لو سال وجب عليها تغيير القطنة و الخرقة، و الغسل لصلاة الليل و الغداة)(2) إن كانت متنفّلة، و غسل آخر لصلاة الظهرين، و ثالث للعشاءين تجمع بينهما، بأن تقدّم المتأخرة، و تؤخّر المتقدّمة، و الوضوء لكل صلاة.

272. الرابع: إذا فعلت هذه الأغسال صارت طاهرة،

و تستبيح مع الوضوء كلّ ما يستباح به ما شرطه الطهارة، و يجوز وطؤها، و لو لم تفعل الأغسال كان حدثها باقيا، و لا يصحّ صومها، بل يجب عليها قضاؤه.

و الأقرب إباحة وطئها، و لو أخلّت بالوضوء أو الغسل، لم تصحّ صلاتها.

273. الخامس: يجب عليها التحفّظ من تعدّي الدم بقدر الإمكان،

بأن تحتشي و تستثفر(3) و تحتاط بحشو القطن و ما أشبهه.

274. السادس: قال الشيخ اذا انقطع دمها انتقض وضوؤها

274. السادس: قال الشيخ اذا انقطع دمها انتقض وضوؤها(4)

و الوجه ذلك إن كان للبرء، و إلاّ فلا.

275. السابع: يجب عليها الغسل كغسل الحائض.

ص: 110


1- . لاحظ المختلف: 372/1؛ و المعتبر: 244/1.
2- . ما بين القوسين موجود في «أ».
3- . الاستثفار: هو أن تشدّ فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنا و توثق طرفيها في شيء تشدّ على وسطها، فتمنع بذلك سيل الدم. النهاية لابن الأثير: 214/1.
4- . المبسوط: 68/1.
276. الثامن: إذا اغتسلت ثمّ احدثت ما يوجب الصغرى أجزأها الوضوء الواحد،

276. الثامن: إذا اغتسلت ثمّ احدثت ما يوجب الصغرى(1) أجزأها الوضوء الواحد،

و لو توضّأت قبل الغسل ثمّ أحدثت ما يوجب الصغرى، ففي الاكتفاء بالغسل نظر.

و كذا ما يوجب الطهارتين.

الفصل الرّابع: في النّفاس
اشارة

و فيه أحد عشر بحثا:

277. الأوّل: النفاس دم الولادة،

و هو إمّا بعدها أو معها، - و لا اعتبار بالموجود قبلها - سواء كانت الولادة للتمام أو النقصان أو الإسقاط، و لو ولدت و لم تر دما، فلا نفاس.

278. الثاني: أكثره عشرة أيّام على أظهر الأقوال في المبتدأة،

أمّا ذات العادة في الحيض، فترجع إليها إن تجاوز العشرة، و إلاّ فالجميع نفاس، و لا حدّ لأقلّه، بل جائز أن يكون آنا واحدا.

279. الثالث: حكمها حكم الحائض في جميع الأشياء،

إلاّ في تحديد الأقلّ .

280. الرابع: لو ولدت و لم تر دما إلاّ في العاشر،

فهو النفاس دون ما قبله، و لو رأت عقيب الولادة ثمّ انقطع، و رأته فيه(2) فالدمان و ما بينهما نفاس.

ص: 111


1- . في «ب»: بما يوجب الصغرى.
2- . الضمير يرجع إلى «العاشر».

و لو ولدت ولدين، فابتداء النفاس من الأوّل، و عدد أكثر الأيّام من الثاني، و لو اتّصل الدم فالزائد عن العشرة من وضع الثاني استحاضة، سواء صادف أيّام عادتها في الحيض أو لا.

281. الخامس: لو وضعت مضغة، فهو نفاس،

أمّا النطفة و العلقة فلا، و لو خرج بعض الولد فالدم نفاس.

282. السادس: لو انقطع الدم لدون عشرة، أدخلت قطنة،

فإن خرجت نقيّة فهي طاهر، و إلاّ صبرت نفساء حتّى تنقى، أو يمضي أكثر الأيّام، و هي عشرة إن كانت عادتها، و إلاّ فعادتها، و استظهرت بيوم أو يومين، و بعض المتأخّرين غلط هنا(1).

283. السابع: لا ترجع إذا تجاوز الدم إلى عادتها في النفاس،

لتضمّن الأحاديث الحوالة على الحيض(2).

و هل ترجع إلى عادة أمّها و أختها في النفاس ؟ الوجه لا. و رواية أبي بصير(3)ضعيفة.

284. الثامن: اذا تجاوز النفاس الأكثر، فهو استحاضة،

سواء صادف أيّام العادة في الحيض، أو لا، لأنّ دم حيض احتبس، فلا يعقّبه حيض.

ص: 112


1- . قال المصنف في المنتهى: 442/2: «و بعض المتأخرين غلط هاهنا فتوهم انّ مع الاستمرار تصبر عشرة، و لا نعرف عليه دليلا سوى ما رواه يونس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: «تستظهر بعشرة أيّام» ثم ذكر وجه عدم دلالته. فلاحظ، و في هامش النسخة «ب»: المراد منه ابن إدريس و لم نعثر على هذا النص في السرائر.
2- . لاحظ الوسائل: 611/2، الباب 3 من أبواب النفاس.
3- . لاحظ الوسائل: 616/2، الباب 3 من أبواب النفاس، الحديث 20.
285. التاسع: لو كانت مبتدأة، أو مضطربة، أو ذات عادة منسيّة،

فإن انقطع العشرة، فنفاس، و لو تجاوز احتمل جلوسها ستّة أيّام، أو سبعة، و احتمل عشرة.

286. العاشر: الأقرب أنّ الاستظهار بيوم أو يومين غير واجب.
287. الحادي عشر: لو ولدت و لم تر دما حتّى مضت عشرة أيّام، ثم رأته ثلاثة و انقطع على العشرة، فهو حيض،

و إلاّ فاستحاضة(1).

الفصل الخامس: في غسل الأموات
اشارة

و مطالبه خمسة

المطلب الأوّل: في الاحتضار
اشارة

و فيه أربعة مباحث:

288. الأوّل: يستحبّ الإكثار من ذكر الموت، و الاستعداد له،

و أن لا يبيت إلاّ و وصيّته تحت رأسه، و الصبر على المرض، و حسن الظنّ باللّه تعالى، و ترك تمنّي الموت لضرّ وقع به، و عيادة المريض، و الإذن للعائدين من الدخول عليه، و الدعاء له، و ترغيبه في التوبة و الوصيّة، و أن يلي أمره أرفق أهله به.

289. الثاني: يجب في الاحتضار شيء واحد على الكفاية،

و هو استقبال

ص: 113


1- . ظاهره انّه إن لم ينقطع على العشرة فالجميع استحاضة، و لكن الظاهر من المنتهى غيره حيث قال: و لو لم تر في العشرة دما ثم رأت بعدها، فان استمرّ ثلاثة فهو حيض، و لا نفاس لها، لأنّ أيامه قد انقضت بغير دم، و ان كان أقلّ فهو استحاضة. المنتهى: 446/2.

القبلة بالميّت، بأن يلقى على ظهره، و يجعل وجهه و باطن قدميه إليها، على خلاف(1).

290. الثالث: يستحبّ أنّ يلقن الشهادتين،

و الإقرار بالنبيّ و الأئمّة عليهم السّلام، و كلمات الفرج، و أن ينقل إلى مصلاّه، و إن مات ليلا أسرج عنده مصباح، و لا يترك وحده، بل يكون عنده من يقرأ القرآن، فإذا مات غمضت عيناه، و أطبق فوه، و مدّت ساقاه و يداه إلى جنبه، و غطّي بثوب، و أخذ في تجهيزه عاجلا، إلاّ أن يشتبه موته، فيستبرأ بالعلامات، أو يصبر عليه ثلاثة أيّام.

291. الرابع: يكره أن يحضره جنب، أو حائض،

و أن يترك على بطنه حديد.

المطلب الثاني: في التغسيل
اشارة

و فيه خمسة و عشرون بحثا:

292. الأوّل: التغسيل واجب على الكفاية،

و يستحبّ أن يستقبل به القبلة كما في الاحتضار، و أن يوضع على سرير أو ساج، و أن يغسل تحت الظلال، و أن يجعل للماء حفيرة، و يكره الكنيف، و لا بأس بالبالوعة، و أن ينزع قميصه من تحته بفتق جيبه، و يستر عورته، و يلين أصابعه برفق.

293. الثاني: يجب إزالة النجاسة عن بدنه أوّلا إن كانت،

و أن يغسل بماء

ص: 114


1- . لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 380/1 حيث قال المصنّف: اختلف علماؤنا في وجوب استقبال القبلة بالميت حالة الاحتضار، فالّذي نص عليه الشيخ المفيد الوجوب... و قال الشيخ في الخلاف انّه مستحبّ ...

السدر، و يبدأ بالرأس، ثمّ بالجانب الأيمن، ثم الأيسر.

294. الثالث: ينبغي أن يغسل رأسه برغوة السدر أوّلا،

فإن لم يوجد فبالخطمي، و يغسل فرجه بالسدر و الحرض(1)، و يغسل يداه، و يبدأ بشقّ رأسه الأيمن(2)، و أقلّ ما يلقى في الماء من السدر ما يحصل به الاسم، فإذا فرغ من تغسيله بماء السّدر، وجب أن يغسله بماء الكافور على ما تقدّم، ثم يغسله بماء القراح ثالثا، مرتّبا كالجنابة.

295. الرابع: يستحبّ أن يغسل كل عضو منه ثلاث مرّات في كلّ غسلة،

و أن يمسح بطنه في الغسلتين الأوليين(3) برفق، إلاّ في الحامل، و أن يقف الغاسل على الجانب الأيمن، و يغسل يديه مع كلّ غسلة، و ينشفه بثوب بعد الفراغ.

296. الخامس: يكره أن يجعل الميّت بين رجليه، و أن يقعده،

أو يقصّ أظفاره، أو يرجّل شعره(4)، أو يغسل مخالفا، فإن اضطرّ غسله غسل أهل الخلاف.

297. السادس: وضوء الميّت مستحبّ

لا واجب على أقوى القولين.

298. السابع: لا يجوز الاقتصار على أقلّ من الغسلات المذكورة،

إلاّ مع الضرورة(5)، فإن عدم الكافور و السدر غسل بالقراح، و هل يكفي الواحدة ؟ فيه إشكال.

و لو قصر الماء إلاّ عن واحدة، فالأقوى وجوب الغسل بماء السدر، و هل

ص: 115


1- . الحرض بضمتين أو إسكان الراء، و هو الأشنان بضم الهمزة. مجمع البحرين.
2- . في «ب»: بسبق رأسه الأيمن.
3- . في «ب»: في الغسلين الأولين.
4- . ترجيل الشعر: تسريحه. مجمع البحرين.
5- . في «أ»: الاّ على الضرورة.

ييمّم للباقي ؟ الأقرب السقوط.

299. الثامن: لو خيف من تغسيله تناثر جلده

299. الثامن: لو خيف من تغسيله تناثر جلده(1)

كالمجدور(2) و المحترق، أو خاف الغاسل من استعمال الماء، و لم يتمكّن من إسخانه، أو فقد الماء يمّم بالتراب، كالحيّ العاجز.

300. التاسع: أولى الناس بتغسيل الميت و باقي أحكامه أولاهم بالميراث،

و الرجال أولى من النساء، و الزوج أحقّ من كلّ أحد، فإن طلّقها رجعيّا فكالزوجة، و بائنا كالأجنبيّة، و يستوي المدخول بها و غيرها، و أمّ الولد، و الزوجة، و في الأمة غير أمّ الولد إشكال.

قال ابن جنيد: و يغسل الخنثى أمته(3).

301. العاشر: لا يجوز أن يتولّى التغسيل كافر إلاّ مع الضرورة،

فإن مات مسلم غسله مثله، فان فقد فذات الرحم من فوق الثياب، فان فقدت امرت النساء الأجانب الكافر بالاغتسال أوّلا، ثمّ علمته غسل الإسلام، فيغسله، و في إعادة الغسل مع وجود المسلم قبل الدفن إشكال.

و كذا لو ماتت مسلمة غسلها مثلها، فإن فقدت غسلها ذو الرحم المحرم من فوق الثياب، فإن فقد غسلتها الكافرة، و لو فقدت دفنت بغير غسل، و روي أنّهم يغسلون محاسنها و يديها و وجهها(4).

ص: 116


1- . في «ب»: بتناثر جلده.
2- . قال الفيومي: الجدري - بفتح الجيم و ضمّها و أمّا الدال فمفتوحة فيهما - قروح تنفط عن الجلد ممتلئة ماء ثم تتفتح، و صاحبها جدير مجدر. المصباح المنير.
3- . لم نجده.
4- . لاحظ وسائل الشيعة: 709/2، الباب 22 من أبواب غسل الميت.

و لا يغسل الرجل الأجنبية، إلاّ إذا كانت لدون ثلاث سنين مجردة، و كذا المرأة.

و الأقرب وجوب الغسل على من مسّ الميّت بعد غسل الكافر له، لا بعد القتل بالرجم و الحد مع سبق الغسل قبل القتل، و لا الشهيد.

302. الحادي عشر: كل مظهر للشهادتين يجوز تغسيله،

إلا الخوارج و الغلاة.

303. الثاني عشر: الشهيد بين يدي الإمام إذا مات في المعركة لا يغسل و لا يكفن،

بل يصلّى عليه، فإن نقل منها حيّا، ثم مات، غسل و كفن و صلّى عليه.

304. الثالث عشر: من وجب عليه القتل كالمرجوم و المحدود،

يؤمر بالاغتسال أوّلا، و التكفن(1)، ثم يقتل و يصلّى عليه و يدفن بغير غسل ثان.

305. الرابع عشر: الشهيد الجنب كالطاهر لا يغسل أيضا،

عملا بالعموم في واقعة أحد(2).

306. الخامس عشر: الصبيّ و البالغ متساويان في الشهادة،

فلا يغسل الصبيّ ، بل يدفن بثيابه.

307. السادس عشر: إذا جرح في المعركة، و مات قبل انقضاء الحرب و نقله،

فهو شهيد، أكل أو لا، و إن مات بعد انقضائها غسل، و إن لم يأكل.

308. السابع عشر: لو وجد في المعركة ميّتا و ليس به أثر،

فهو شهيد، و كذا

ص: 117


1- . في «ب»: التكفين.
2- . إشارة إلى قصة شهادة حنظلة بن الراهب المعروف بغسيل الملائكة، فانّه قد استشهد في غزوة أحد في حال كونه جنبا على ما جاء في السير و التواريخ. فلاحظ المستدرك للحاكم: 204/3؛ و سنن البيهقي: 15/4؛ و أسد الغابة: 59/2؛ و السيرة النبوية لابن هشام: 79/3.

لو وجد غريقا أو محترقا حال القتال، و لو بقي بعد القتال و لو ساعة فليس بشهيد.

309. الثامن عشر: كلّ قتيل سوى من قتل بين يدي الإمام يجب تغسيله و تكفينه،

و قتيل أهل البغي لا يغسّل و لا يصلّى عليه، و قتيل أهل العدل في جهاد أهل البغي(1) لا يغسل و يصلّى عليه.

310. التاسع عشر: لا فرق بين أن يقتل بسيف أو غيره،

و لو رجع عليه سلاحه فقتله، فهو شهيد.

311. العشرون: لو وجد بعض الميّت،

فإن كان فيه الصدر، أو الصدر وحده، فهو كالجملة، و إن كان غيره، فإن كان فيه عظم غسل، و كفن(2) في خرقة و دفن، و كذا السقط لأربعة أشهر فصاعدا، و إن خلا من العظم لفّ في خرقة و دفن. و كذا السقط لدون أربعة.

312. الحادي و العشرون: إذا اجتمع ميّتان أو أكثر،

بدأ بمن يخشى فساده، فإن تساويا قدم الأب على الابن، و ابن الابن على الجدّ، و أسنّ الأخوين على أصغرهما، و من تخرجه القرعة مع التساوي.

313. الثاني و العشرون: إذا خرج من الميّت نجاسة بعد تغسيله،

أزيلت عن بدنه، و لا يحتاج إلى إعادة الغسل و لا الوضوء، خلافا لابن أبي عقيل(3).

314. الثالث و العشرون: الحائض و الجنب يغسلان كالطاهر.
315. الرابع و العشرون: يجب النية في تغسيل الميّت، لا التسمية.

ص: 118


1- . في «ب»: في جهة أهل البغي.
2- . في «أ»: و لفّ .
3- . حكى عنه في المعتبر: 274/1.
316. الخامس و العشرون: المقتول يغسل دمه، ثم يصبّ عليه الماء،

و لا يدلك جسده، و يربط الغاسل جراحاته بالقطن و التعصيب، فإن بان الرأس، غسل أوّلا ثمّ الجسد، و يضع القطن فوق الرقبة، و يضم إليه الرأس، و يجعل في الكفن، و كذا في القبر، و يوجّه إلى القبلة.

المطلب الثالث: في التكفين
اشارة

و فيه ثلاثون بحثا:

317. الأوّل: التكفين فرض على الكفاية،

و الواجب أن يكفن بثلاثة أثواب - على أظهر القولين -: مئزر و قميص و إزار.

318. الثاني: يجزي عند الضرورة واحد.
319. الثالث: يستحبّ أن يزاد للرجل حبرة عبريّة غير مطرزة بالذهب،

319. الثالث: يستحبّ أن يزاد للرجل حبرة عبريّة(1) غير مطرزة بالذهب،

فإن تعذرت فلفافة أخرى، و خرقة لشدّ فخذيه، طولها ثلاثة أذرع و نصف في عرض شبر أو أزيد بقليل، يشدّ طرفاها على الحقوين، و يلفّ بالمسترسل الفخذان بقوّة، و تزاد المرأة على كفن الرجل لفافة لثدييها و نمطا(2) استحبابا.

320. الرابع: يستحبّ العمامة للرجل، و القناع للمرأة.
321. الخامس: يحرم التكفين في الحرير،

و يكره الممتزج و الكتان.

322. السادس: يكره الاكمام المبتدأة للأكفان.

ص: 119


1- . الحبرة - وزان عنبة - ثوب يماني من قطن أو كتان مخطط. و العبير - مثل كريم -: اخلاط من الطيب. المصباح المنير.
2- . النمط: ضرب من البسط، و الجمع أنماط. الصحاح، و النهاية.
323. السابع: يستحب التكفين بالقطن المحض.
324. الثامن: إذا جمع الكفن، فرش الحبرة على موضع طاهر،

و ينثر عليها شيئا من الذريرة(1) و فرش فوقها الإزار، و ينثر أيضا عليه ذريرة، و فرش فوقه القميص.

325. التاسع: يستحب أن يكتب على الحبرة و القميص و الإزار و العمامة اسمه،

و أنّه يشهد الشهادتين، و أسماء الأئمّة عليهم السّلام بتربة الحسين عليه السّلام و إن لم توجد فبالإصبع، و يكره بالسواد.

326. العاشر: يكره أن يقطع الكفن بالحديد،

و أن يبل الخيوط بالريق.

327. الحادي عشر: ينبغي أن يخاط الكفن بخيوط منه.
328. الثاني عشر: يستحبّ أن يستعدّ جريدتان خضراوان من النخل قدر عظم الذراع،

فإن لم يوجد فمن السدر، فإن تعذّر فمن الخلاف، فإن تعذّر فمن غيره من الشجر الرطب.

329. الثالث عشر: إذا جمع الغاسل الكفن و فعل ما ذكرناه،

و فرغ من غسله، شرع في تحنيطه، و يستحبّ أن يكون بعد اغتساله، فإن تعذّر، توضّأ للصلاة، فيعمد إلى قطن فيذر عليه ذريرة، و يضعه على قبله و دبره، و يحشو القطن في دبره، ثم يلفّ فخذيه بالخرقة ثمّ يؤزره بالإزار، و يكون عريضا يبلغ من صدره إلى رجليه، ثمّ يعمد إلى الكافور، فيسحقه بيده، ثمّ يمسح به مساجده.

و الواجب أقلّ ما يقع عليه الاسم، و أكمل الفضل في ثلاثة عشر درهما

ص: 120


1- . هو نوع من الطيب مجموع من أخلاط، لاحظ النهاية.

و ثلث، و دونه أربعة دراهم، و أدون منه مقدار درهم، فإن تعذّر دفن بغير كافور، ثمّ يرد القميص عليه.

ثمّ يأخذ الجريدتين فيجعل إحداهما من جانبه الأيمن مع الترقوة ملصقة(1) بجلده، و الأخرى من الأيسر بين القميص و الإزار، ثمّ يعمّمه فيثنى وسط العمامة على رأسه بالتدوير، و يحنكه بها، و يطرح طرفيها على صدره، ثم يلفّه(2) في اللفافة، فيطوي الجانب الأيسر على الأيمن، و الأيمن على الأيسر(3)و كذا الحبرة، و يعقد طرفيها من قبل رأسه و رجليه.

330. الرابع عشر: يكره أن يجعل في سمعه و بصره و فيه شيء من الكافور،

و يكره أيضا أن يجعل فيها قطن، إلاّ أن يخاف خروج شيء منها، فتنتفي الكراهيّة.

331. الخامس عشر: لا يجوز أن يقرب الميّت شيئا من الطّيب

عدا الكافور و الذريرة.

332. السادس عشر: المحرم لا يجوز أن يقرب شيئا من الكافور،

لقوله عليه السّلام:

«لا تقرّبوه طيبا فانّه يحشر يوم القيامة ملبّيا»(4).

333. السابع عشر: إذا فضل من الكافور شيء، مسحه الغاسل على صدره.

ص: 121


1- . في «أ»: ملتصقة.
2- . في «ب»: يكفنه.
3- . في «ب»: فيطوي الجانب الأيمن على الأيسر و الأيسر على الأيمن.
4- . سنن ابن ماجه: 1030/2 الحديث 3084 و فيه: «لا تقربوه طيبا، فانّه يبعث يوم القيامة ملبّيا». و عوالي اللآلي: 6/4 و فيه: «لا تقربوه كافورا فانّه يحشر يوم القيامة ملبّيا».
334. الثامن عشر: هل الكافور المستعمل في الماء للغسلة الثانية، محسوب من أكمل الفضل أو لا؟

فيه نظر.

335. التاسع عشر: إذا لم يوجد للميّت كفن،

جاز أن يكفن في قميصه إذا كان نظيفا، و يقطع أزراره دون الأكمام.

336. العشرون: الصبيّ في التغسيل و التكفين كالبالغ،

و ولد الزنا كغيره، و النفساء كغيرها.

337. الحادي و العشرون: الجريدة توضع مع جميع الأموات من البالغين و غيرهم،

إلاّ المخالف، فإن تعذّر وضعها في الكفن للتقية طرحت في القبر، فإن تعذّر دفن بغير جريدة.

338. الثاني و العشرون: إذا سقط من الميّت شيء من شعره أو بدنه،

وجب طرحه معه في الكفن.

339. الثالث و العشرون: لو خرجت منه نجاسة بعد التغسيل،

و لاقت جسده غسلت بالماء، و إن لاقت كفنه فكذلك، فإن خرجت بعد طرحه في القبر، قرض الكفن.

340. الرابع و العشرون: كفن المرأة على زوجها و إن كانت ذات يسار،

و انّما يلزمه قدر الواجب.

341. الخامس و العشرون: يؤخذ الكفن المفروض من أصل المال، مقدّما على الديون و الوصايا و الميراث،

فما فضل صرف في الدين إن كان، فإن فضل أو لم يكن، صرف في الوصيّة، فإن فضل أو لم تكن، صرف إلى الورثة.

ص: 122

342. السادس و العشرون: إذا لم يكن له كفن دفن عريانا،

و لا يجب على المسلمين(1)، بل يستحبّ استحبابا مؤكّدا، و كذا ما يحتاج إليه من كافور و غيره.

343. السابع و العشرون: للورثة أن يمتنعوا من بذل الفاضل على القدر الواجب في الكفن،

343. السابع و العشرون: للورثة أن يمتنعوا(2) من بذل الفاضل على القدر الواجب في الكفن،

و لبعضهم أيضا. و لو اتّفقوا على البذل و هناك دين و التركة قاصرة، فللغرماء المنع.

344. الثامن و العشرون: تجمير الأكفان مكروه،

344. الثامن و العشرون: تجمير الأكفان(3) مكروه،

و كذا اتباع الجنازة بالمجمرة.

345. التاسع و العشرون: لو أراد أهل الميّت أن ينظروه لم يمنعوا.

345. التاسع و العشرون: لو أراد أهل الميّت أن ينظروه(4) لم يمنعوا.

و كذا لو أرادوا تقبيله، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قبّل عثمان بن مظعون مرتين(5).

346. الثلاثون: المحرم يغطى رأسه و رجلاه، كالحلال.

ص: 123


1- . في «ب»: و لا يجب على المسلم بذل الكفن.
2- . في «ب»: أن يمنعوا.
3- . أي تبخيرها و تدخينها. لاحظ مجمع البحرين. و النهاية.
4- . في «ب»: يبصروه.
5- . سنن أبي داود: 201/3 الحديث 3163؛ سنن ابن ماجة: 468/1 الحديث 1451؛ سنن البيهقي: 407/3.
المطلب الرابع: في الصلاة عليه
اشارة

و النظر يتعلق بأمور ثلاثة

النظر الأوّل: من يصلّى عليه
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

347. الأوّل: يجب الصلاة على كلّ ميّت مسلم، أو في حكم المسلم كالصبي

إذا بلغ ستّ سنين، و يستحب على من لم يبلغها إذا ولد حيّا، أمّا السقط فلا يصلّى عليه و إن ولجته الروح. و لا فرق بين الحر و العبد و الذكر و الأنثى في ذلك كلّه.

348. الثاني: الشهيد يصلّى عليه،

فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم صلّى على شهداء بدر و أحد(1)، و كبّر على حمزة سبعين تكبيرة(2).

349. الثالث: الغائب لا يجوز الصلاة عليه،

سواء كان في البلد أو غيره، و ما نقل من صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم على النجاشي(3) محمول على الدعاء و الترحّم.

350. الرابع: النفساء يصلّى عليها،

و هو وفاق، و خلاف الحسن البصري(4)

ص: 124


1- . سنن ابن ماجه: 485/1 الحديث 1513؛ سنن البيهقي: 12/4.
2- . وسائل الشيعة: 777/2، الباب 6 من أبواب صلاة الجنازة، الحديث 3.
3- . صحيح البخاري: 112/2؛ سنن أبي داود: 212/3 و...
4- . أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، مولى الأنصار، و أمّه خيرة مولاة أمّ سلمة، روى عن: أبي بن كعب و سعد بن عبادة و عمر بن الخطاب و لم يدركهم، و روى عنه: حميد الطويل و قتادة و عطاء و غيرهم، مات سنة 110 ه. لاحظ طبقات الفقهاء: 91؛ و تهذيب التهذيب: 263/2؛ و شذرات الذهب: 136/1.

لا اعتداد به(1) لانقراضه، و فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم على خلافه(2)، فانّه صلّى على امرأة ماتت في نفاسها(3).

351. الخامس: إذا اشتبه قتلى المشركين بقتلى المسلمين صلّى على الجميع صلاة واحدة،

و صرفها إلى المؤمنين بالنيّة.

352. السادس: إذا وجد ميّت، و لم يعلم إسلامه،

و لم يظهر عليه أثره كالختان، فإن كان في دار الإسلام غسل و صلّى عليه، و إلاّ فلا.

353. السابع: إذا وجد بعض الميّت،

فإن كان فيه الصدر، أو الصدر وحده، صلّى عليه، و إلاّ فلا.

354. الثامن: قطاع الطريق و تارك الصلاة و [يصلّى عليهم

المقتول قصاصا أو حدّا، و الميّت حتف أنفه في قتال الكفار، و الشهيد عندنا، و قتيل الحربي اغتيالا من غير قتال أو بقتال، و القتيل ظلما، و المبطون و الغريب، يصلّى عليهم.

355. التاسع: الخوارج و الغلاة لا يصلّى عليهم.
356. العاشر: يصلّى الإمام على الغالّ ،

و هو الذي كتم غنيمته أو بعضها ليختص بها، و على قاتل نفسه.

ص: 125


1- . لاحظ المغني لابن قدامة: 332/2. قال الشيخ في الخلاف: 714/1، المسألة 523 من كتاب الجنائز: النفساء تغسّل و يصلّى عليها، و به قال جميع الفقهاء، و قال الحسن البصري: لا تغسّل و لا يصلّى عليها.
2- . في «ب»: بخلافه.
3- . صحيح البخاري: 111/2؛ صحيح مسلم: 664/2؛ سنن أبي داود: 209/3؛ سنن ابن ماجة: 479/1؛ مسند أحمد بن حنبل: 19/5؛ سنن النسائي: 72/4.
النظر الثاني: في المصلي
اشارة

و فيه اثنا عشر بحثا:

357. الأوّل: أولى الناس بالصلاة عليه أولاهم بميراثه،

و الأب أولى من الابن،(1) و الولد أولى من الجدّ، و كذا ولد الولد أولى منه، و الأخ المتقرّب من الطرفين أولى من المتقرّب بأحدهما، و الزوج أولى بالمرأة(2) من كلّ أحد، و الذكر أولى من الأنثى، و الحرّ أولى من العبد.

358. الثاني: انّما يتقدّم الوليّ مع استجماع شرائط الإمامة،

فإن فقدها استناب.

359. الثالث: إذا تساوى الأولياء،

قدّم الأفقه فالأقرأ فالأسنّ فالأصبح(3).

360. الرابع: لو كان هناك عبد فقيه، و حرّ غير فقيه،

أو أخ رقيق و عمّ حرّ، فالأقرب تقديم الحرّ.

361. الخامس: لو تساويا في الصفات

رجع إلى القرعة أو التّراضي.

362. السادس: لا يجوز لأحد أن يتقدّم إلاّ بإذن الوليّ ،

و إن كملت فيه الشرائط.

363. السابع: إمام الأصل أولى من كلّ أحد،

و يجب على الوليّ تقديمه، فإن لم يقدّمه، قيل(4) لم يجز له التقدم(5)، لأنّه حقّ الوليّ ، و الأقرب الجواز، لأنّه من الأمر بالمعروف.

ص: 126


1- . في «أ»: من الأخ.
2- . في «ب»: من المرأة.
3- . قال الفيومي: صبح الوجه - بالضم -: صباحة أشرق و أنار، فهو صبيح. المصباح المنير.
4- . القائل هو الشيخ في المبسوط: 183/1.
5- . في «أ»: التقديم.

و الهاشمي أولى من غيره مع استجماع الشرائط و تقديم الوليّ له، و يستحبّ له تقديمه.

364. الثامن: للمرأة أن تؤمّ بمثلها جماعة.
365. التاسع: الوليّ أولى ممن أوصى الميّت إليه بالصلاة و من الأمير.
366. العاشر: إذا قدّم الوليّ غيره، فهل لذلك الغير الاستنابة ؟

فيه نظر، أقربه أنّه ليس له ذلك، لأنّ رغبة الوليّ يجوز ان يستند إلى علمه باستجابة دعائه، و هو غير متحقّق في النائب.

367. الحادي عشر: يجوز للنساء أن يصلّين جماعة و منفردات.

و مع اجتماعهنّ تقف إمامتهنّ في وسطهنّ .

368. الثاني عشر: إذا اجتمعت جنائز، و تشاحّ أولياؤهم فيمن يتقدّم للصلاة عليهم،

قدّم الأولى بالإمامة.

النظر الثالث: في كيفيّة الصلاة
اشارة

و فيه ثمانية عشر بحثا:

369. الأوّل: يستحبّ لمن شيّع الجنازة أن يمشي خلفها، أو إلى أحد جانبيها، متفكّرا في أمر الآخرة،

369. الأوّل: يستحبّ لمن شيّع الجنازة أن يمشي خلفها، أو إلى أحد جانبيها، متفكّرا(1) في أمر الآخرة،

و إعلام المؤمنين ليتوفّروا على تشييع المؤمن(2)، و تربيع الجنازة: و هو حملها بجوانبها الأربع، بأن يبدأ بالجانب الأيمن من مقدم

ص: 127


1- . في «ب»: يتفكر.
2- . في «أ»: على تشييع المؤمنين.

السرير، فيضعه على كتفه الأيمن، ثمّ يضع القائمة اليمنى من عند رجليه على كتفه الأيمن أيضا، ثمّ يضع القائمة اليسرى من عند رجليه على كتفه الأيسر، ثمّ القائمة اليسرى من عند رأسه على كتفه الأيسر، و أن يقول من رأى جنازة: الحمد للّه الّذي لم يجعلني من السواد المخترم، و الإسراع بها، و أن لا يجلس حتّى يوضع الجنازة عن أعناق الرجال.

و يكره المشي أمامها إلاّ لعارض، و الركوب خلفها إلاّ لضرورة، و التحدث بشيء من أمور الدنيا، و الضحك، و رفع الصوت، و لا يستحبّ القيام لرائي الجنازة(1).

370. الثاني: كيفيّة الصلاة:

أن يكبّر المصلّي خمس تكبيرات، بأن يكبّر و يتشهد الشهادتين، ثمّ يكبّر و يصلّي على النبيّ و آله عليهم السّلام، ثم يكبّر و يدعو للمؤمنين، ثمّ يكبّر و يدعو للميّت إن كان مؤمنا، و عليه إن كان منافقا، و بدعاء المستضعفين إن كان كذلك(2).

و إن جهل حاله سأل اللّه تعالى أن يحشره مع من يتولاّه، و إن كان طفلا سأل اللّه تعالى أن يجعله له و لأبويه فرطا، ثمّ يكبّر الخامسة و ينصرف.

371. الثالث: يجب فيها النيّة،

و استقبال القبلة، و جعل رأس الجنازة إلى يمين المصلّي، و التكبيرات.

و هل الدعاء بينها واجب أم لا؟ الأقرب وجوبه، و لا يشترط فيها الطهارة، بل يستحبّ .

ص: 128


1- . في «أ»: لو رأى الجنازة.
2- . في «أ»: و بدعاء المؤمنين المستضعفين إن كان كذلك.
372. الرابع: لا يجوز التباعد عن الجنازة بما يعتدّ به،

إلاّ مع اتّصال الصفوف، و لا الصلاة عليه إلاّ بعد تغسيله و تكفينه، فإن تعذّر الكفن طرح في القبر، و سترت عورته، ثم صلّى عليه.

373. الخامس: يستحبّ فيها الجماعة،

و وقوف الإمام عند وسط الرجل و صدر المرأة، و أن ينزع نعليه، و يرفع يديه في كلّ تكبيرة على أقوى القولين، و الوقوف بعد الصلاة حتّى ترفع الجنازة، و الصلاة في المواضع المعتادة لها، و يجوز في المساجد.

374. السادس: يكره أن يصلّى على الجنازة الواحدة مرّتين،

لأنّ المراد المبادرة، و هو ينافي ذلك.

375. السابع: يقتصر المصلّي على المنافق على أربع تكبيرات،

و ينصرف بالرابعة.

376. الثامن: العراة يقف إمامهم في وسطهم،

و لا يبرز عنهم كالنساء، و غيرهم من الأئمّة يتقدّم إمام الصف و إن كان المؤتمّ واحدا.

و لو اقتدى النساء بالرجال، وقفن خلفهم، و الحائض تنفرد عن النساء في صف بانفرادها.

377. التاسع: إذا اجتمعت جنازة رجل و امرأة،

جعل الرجل ممّا يلي الإمام و يجعل صدرها عند وسطه، ليقف الإمام موضع الفضيلة بالنسبة إليهما معا، و لو كان معهما طفل لا يصلّى عليه، جعل وراء المرأة مما يلي القبلة، لأنّ المرأة أحوج إلى الشفاعة منه، و إن كان معهم عبد، جعل متوسّطا بين الرجل و المرأة، و إن

ص: 129

كان معهم خنثى، جعل متوسّطا بين العبد و المرأة، و الأفضل تفريق الصلاة، و مع الجمع ينبغي التقديم بخصال دينيّة، ترغب في الصلاة عليه. و عند التساوي لا يستحق القرب إلاّ بالقرعة، أو التراضي.

378. العاشر: لو سبق الإمام بالتكبير،

تابعه المأموم، ثم يكبّر الفائت ولاء، و ان رفعت الجنازة، و لو دفنت أتمّ على القبر، و لو أدرك الإمام بين تكبيرتين لم ينتظر تكبيرة الإمام، و لو سبق المأموم، أعاد مع الإمام استحبابا.

379. الحادي عشر: من لم يصلّ على الجنازة،

يستحبّ له أن يصلّي على القبر يوما و ليلة، ثمّ لا يصلّي بعد ذلك على أظهر القولين.

380. الثاني عشر: يصلّى على الجنازة في كلّ وقت

و إن كان أحد الأوقات الخمسة، ما لم يتضيّق وقت فريضة حاضرة، و لو كان في ابتدائه قدّمت الفريضة ما لم يخف على الميت.

381. الثالث عشر: لا بأس بالصلاة و الدفن ليلا،

و إن فعل بالنهار فهو أفضل، إلاّ أن يخاف على الميّت.

382. الرابع عشر: لو صلّى بعض الصلاة، فأحضرت جنازة أخرى،

تخير بين استيناف الصلاة عليها من رأس، و بين إتمام الصلاة على الأولى، و استينافها للثانية.

383. الخامس عشر: لا قراءة في هذه الصلاة

و لا تسليم و لا افتتاح و لا استعاذة.

384. السادس عشر: لا يشترط في الصلاة أربعة نفر و لا الذكور،

بل يكفي الواحد و إن كان امرأة.

ص: 130

385. السابع عشر: إذا صلّى على جنازة، ثمّ تبيّن أنها كانت مقلوبة،

أعاد الصلاة عليها بعد تسويتها، و إن دفنت فقد مضت الصلاة.

386. الثامن عشر: لو لم يكبّر المأموم الثانية قصدا حتى كبّر الإمام الثالثة،

فالوجه أن صلاته لا تبطل، بل يكبّر الثانية له و إن كانت ثالثة للامام، ثمّ يتابعه، و يكبّر بعد فراغ الإمام الخامسة.

المطلب الخامس: في الدفن
اشارة

و فيه أربعة و عشرون بحثا:

387. الأوّل: دفن الميّت واجب على الكفاية،

و أقلّ الفرض حفيرة تحرس الميّت عن السباع، و تكتم رائحته مع القدرة، بعد غسله و تكفينه و الصلاة عليه، و أن يضجع على جانبه الأيمن، مستقبل القبلة، بحيث لا ينكب و لا يستلقى.

388. الثاني: يستحبّ أن يحفر القبر قدر قامة

388. الثاني: يستحبّ أن يحفر القبر قدر قامة(1)

أو إلى الترقوة(2)، و يجعل اللحد ممّا يلي القبلة، و هو أفضل من الشق، و يجعل سعة اللحد قدر ما يتمكّن الرجل فيه من الجلوس، ثمّ توضع الجنازة على الأرض إذا وصلت إلى القبر، ممّا يلي رجليه إن كان الميّت رجلا، و قدّام القبر إن كانت امرأة، و أن ينقل في ثلاث دفعات، و أن يرسل إلى القبر سابقا برأسه، و المرأة عرضا، و أن ينزل من يتناوله حافيا كاشفا رأسه، حالاّ أزراره، داعيا عند إنزاله، و أن يحلّ عقد الأكفان من قبل رأسه و رجليه، و أن يوضع شيء من تربة الحسين عليه السّلام معه، و التّلقين و الدعاء له،

ص: 131


1- . في «أ»: قدر قامته.
2- . في «ب»: قدر قامة إلى الترقوة.

و شرج اللبن، و الخروج من قبل رجلي القبر، و إهالة الحاضرين التراب بظهور الأكف مسترجعين، و رفع القبر مقدار أربع أصابع، و أن لا يطرح فيه من غير ترابه، و تربيعه، و صبّ الماء عليه من قبل رأسه دورا و إلقاء الفاضل على الوسط، و وضع اليد عليه، و الترحم، و وضع لبنة أو لوح عند رأسه، و ترك شيء من الحصا على القبر، و تلقين الوليّ له بعد انصراف الناس رافعا صوته.

389. الثالث: يكره فرش القبر بالساج إلاّ مع الضرورة،

و نزول ذي الرحم القبر إلاّ في المرأة، و زوجها أفضل، فإن تعذّر فأحد ذوي أرحامها، فإن تعذّر فالنساء، فإن تعذّرت فبعض المؤمنين، و إهالة التراب على ذي الرحم، و تجصيص القبور، و تجديدها بعد اندراسها، و لا بأس بتطيينها ابتداء، و نقل الميّت إلى غير بلد موته، إلاّ إلى أحد المشاهد، فانّه مستحبّ ، و الاستناد إلى القبر و الاتّكاء عليه، و المشي، و التغوط بين القبور، و حفر قبر مع العلم بدفن آخر، إلاّ لضرورة، و بناء المسجد على القبر، و الصلاة عليه.

390. الرابع: يحرم نبش القبور،

و نقل الموتى بعد دفنهم، و شقّ الثوب على غير الأب و الأخ.

391. الخامس: راكب البحر إذا تعذّر دفنه في الأرض،

وضع في وعاء بعد تغسيله و تكفينه و الصلاة عليه، ثمّ يترك في البحر، أو يثقل بشيء.

392. السادس: يدفن الشهيد بثيابه، و ينزع عنه الخفان،

و إن أصابهما الدم على خلاف(1).

ص: 132


1- . لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 402/1.
393. السابع: الصبيّ و المجنون حكمهما في الشهادة و أحكامها حكم البالغ العاقل.
394. الثامن: إذا ماتت الحامل دون الولد،

شقّ بطنها من الجانب الأيسر، و أخرج الولد، و خيط الموضع، و لو مات الولد دونها أدخلت القابلة، أو من يقوم مقامها، يدها في فرجها، و قطعت الصبيّ ، و أخرجته قطعة قطعة مع تعذّر خروجه.

395. التاسع: الذميّة الحامل من مسلم،

تدفن في مقابر المسلمين لحرمة ولدها، و يستقبل بظهرها القبلة.

396. العاشر: لا يترك المصلوب على خشبته أكثر من ثلاثة أيّام،

ثمّ ينزل بعد ذلك، و يدفن بعد الصلاة عليه.

397. الحادي عشر: يستحبّ أن يدفن الميّت في أشرف البقاع،

فإن مات في بلد لا أحد من الأئمّة عليهم السّلام فيه، استحبّ نقله إلى بعض مشاهدهم(1) فإن تعذّر، دفن في مقبرة من يذكر بخير و فضيلة من شهداء أو صالحين.

398. الثاني عشر: الدفن في المقبرة أفضل من الدفن في البيت،

اقتداء برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم حيث دفن أصحابه في المقابر(2)، و لما فيه من التوسعة على الورثة في منازلهم.

ص: 133


1- . في «أ»: إلى بعض المشاهد.
2- . قال المصنف في التذكرة: 100/2: الدفن في مقبرة المسلمين أفضل من الدفن في البيوت، لأنّه أقلّ ضررا على الأحياء من ورثته، و أشبه بمساكن الآخرة، و أكثر للدعاء له و الترحم عليه، و لم تزل الصحابة و التابعون و من بعدهم يقبرون في الصحاري، و اختاره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم لأصحابه و كان يدفنهم بالبقيع.
399. الثالث عشر: يستحبّ للإنسان اتّخاذ مقبرة له،

يدفن فيها هو و أهله و عشيرته.

400. الرابع عشر: يكره دفن الميّتين في قبر واحد.
401. الخامس عشر: السابق في المقبرة المسبّلة أولى،

و يقرع مع عدم السبق، فإذا دفن في المسبلة لم يكن لغيره الدفن فيه، إلاّ بعد اندراسه و العلم بأنّه قد صار رميما، فإن حفره فوجد عظما ردّه، و حفر غيره.

402. السادس عشر: لو استعار أرضا للدفن،

جاز للمالك الرجوع قبله لا بعده، إلاّ أن يبلى الميّت، أمّا لو غصبها فدفن فيها، كان للمالك قلع الميّت، و الأفضل تركه، و لو كان أحد الوارثين غائبا، فاختار الحاضر الدفن في أرض مشتركة بينهما، استحب للغائب مع حضوره ترك نقله.

و لو اتّفقت الورثة على دفنه في موضع، لم يكن لأحدهم نقله بعد ذلك، و لو اختار بعضهم الملك و بعضهم المسبّل قدّم اختيار المسبّل.

403. السابع عشر: قال الشيخ: إذا دفن ميّت في القبر، ثم بيعت الأرض،

جاز للمشتري نقل الميّت، و الأفضل تركه(1) و في الإطلاق نظر، بل الصحيح انّ ذلك في المغصوب.

404. الثامن عشر: إذا أخذ السيل الميّت، أو أكله السبع،

كان الكفن للورثة، إلاّ إذا كان من متبرّع، ففي العود إليه اشكال.

405. التاسع عشر: يستحبّ أن يخمر قبر المرأة بثوب، إذا أريد دفنها،

و يكره في الرجال.

ص: 134


1- . المبسوط: 188/1.
406. العشرون: يكره تسنيم القبور،

و انّما المستحبّ تسطيحها.

407. الواحد و العشرون: جمع الأقارب في مقبرة واحدة حسن،

«فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لما اقبر عثمان بن مظعون أمر بوضع حجر عند رأسه، فلم يقدر المأمور، فحسر عن ذراعيه عليه السّلام، ثمّ نقله فوضعه عند رأسه، و قال: أعلم بها قبر أخي، و أدفن إليه من مات من أهله(1)».

408. الثاني و العشرون: لو بلع الميّت شيئا له قيمة كثيرة،

فإن كان له أو لغيره، ففي جواز شقّ بطنه و إخراجه إشكال، ينشأ من حرمة الميّت، و جواز الأخذ من التركة، و من تضييع المال و الإضرار بالوارث و المالك، و لو وقع في القبر ماله قيمة، جاز نبشه و أخذه.

409. الثالث و العشرون: لو دفن من غير غسل،

أو وجّه إلى غير القبلة، أخرج و غسّل، أو وجّه إلى القبلة، ثمّ دفن، أمّا لو دفن بغير صلاة أو بغير تكفين، فالأقرب ترك نبشه، و الأولى أنّ حكم التكفين حكم التغسيل، و لو كفّن بثوب مغصوب، فالوجه جواز نبشه، و إعادة العين إلى صاحبها.

410. الرابع و العشرون: يستحبّ زيارة المقابر،

و الترحّم على أهلها، و الدعاء لهم، و قراءة القرآن عندهم للرجال و النساء، و ما يهدى إليه من ثواب القربات ينفعه.

411. خاتمة: يستحبّ التعزية:

و هو الحمل على الصبر بوعد الأجر، و الدعاء للميّت و المصاب، بعد الدفن و قبله، و أقلّه أن يراه صاحبها.

ص: 135


1- . سنن أبي داود: 212/3 برقم 3206، و سنن البيهقي: 412/3.

قال الشيخ رحمه اللّه: و يكره الجلوس للتعزية يومين و ثلاثة(1) و فيه نظر، قال:

و يجوز لصاحب المصيبة أن يتميّز عن غيره بإرسال طرف العمامة، أو أخذ مئزر فوقها في الأب و الأخ، و لا يجوز في غيرهما(2).

و ليس في التعزية شيء موظّف، و يستحبّ تعزية جميع أهل المصيبة، من الرجال و النساء و الصبيان، إلاّ الشابّ من النساء الأجانب.

و يكره تعزية أهل الذمة، و يعزّى المسلم بقريبه الكافر، و الدعاء للحيّ ، و يعزّى الكافر بقريبه المسلم و الدعاء للميّت.

و يستحبّ إصلاح طعام لأهل المصيبة، كما أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في موت جعفر عليه السّلام(3).

و البكاء جائز غير مكروه، فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم بكى على ابنه إبراهيم(4)، و على عثمان بن مظعون، و على جماعة من أصحابه(5).

و يحرم اللطم و الخدش و جزّ الشعر و النوح بالباطل.

ص: 136


1- . المبسوط: 189/1.
2- . المبسوط: 189/1.
3- . جعفر الطيار بن أبي طالب أخو عليّ عليه السّلام لأبويه، كان أشبه الناس برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم خلقا و خلقا، و كان أسنّ من عليّ عليه السّلام بعشر سنين، و أخوه عقيل أسنّ منه بعشر سنين، و أخوهم طالب أسنّ من عقيل بعشر سنين، قتل شهيدا سنة 8 ه. لاحظ أسد الغابة: 286/1، و أعيان الشيعة: 118/4. و قد ورد إصلاح الطعام في سنن أبي داود: 195/3 برقم 3132؛ و سنن الترمذي: 323/3 برقم 998؛ و سنن الدارقطني: 79/2 و 87.
4- . إبراهيم ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و أمّه مارية أهداها إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم أمير مصر عند ما بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم إليه كتابا يدعوه إلى الإسلام و عقيدة التوحيد، فأجاب على كتاب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم مع إهدائها، و قد توفي في السنة العاشرة من الهجرة و له من العمر ثمانية عشر شهرا. لاحظ السيرة الحلبية: 3 / 311؛ و بحار الأنوار: 157/22.
5- .سنن ابن ماجة: 468/1؛ و سنن الترمذي: 314/3؛ و سنن البيهقي: 407/3؛ و مستدرك الحاكم: 361/1.
في غسل مسّ الأموات
412. تتمة: يجب على من مسّ ميّتا من الناس بعد برده بالموت، و قبل تطهيره بالغسل، الاغتسال،

و كذا لو مسّ قطعة منه فيها عظم، سواء قطعت من حيّ ، أو ميّت، و لو مسّ ما لا عظم فيه، وجب عليه غسل موضع الملاقاة خاصّة، و كذا لو مس ميّتا من غير الناس.

و لو مسّ الميّت بعد أن تيمّم لعذر وجب الغسل، و الأقرب وجوب الغسل على من مسّ الميّت بعد غسل الكافر له، لا بعد القتل بالرجم و الحدّ مع سبق الغسل قبل القتل، و لا الشهيد، و في مسّ الميّت الكافر إشكال.(1)

ص: 137


1- . قال المصنف في المنتهى: 458/2: الأقرب انّ الغسل يجب بمسّ الكافر، لأنّه في حياته نجس و بالموت لا يزول عنه ذلك الحكم، و يحتمل العدم، لأنّ قولهم: «قبل تطهيره بالغسل» انّما يتحقّق في ميّت يقبل التطهير.

ص: 138

المقصد الرابع: في التيمّم

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل في الأسباب المبيحة للتيمّم، و ينظمها شيء واحد، و هو العجز عن استعمال الماء
اشارة

ثمّ إنّ العجز له أسباب، نذكرها في مباحث(1).

السبب الأوّل: فقدان الماء
اشارة

و فيه أحد عشر بحثا:

413. الأوّل: يجب مع فقدان الماء الطلب غلوة سهمين في كل جهة من الجهات الأربع،

413. الأوّل: يجب مع فقدان الماء الطلب غلوة(2) سهمين في كل جهة من الجهات الأربع،

مع سهولة الأرض، و غلوة سهم من كل جهة مع حزونتها.(3)

414. الثاني: لو تحقّق عدم الماء في هذه الأبعاد،

فالوجه عدم وجوب الطلب.

ص: 139


1- . في «ب»: يذكر في مباحث.
2- . الغلوة: الغاية مقدار رمية. الصحاح.
3- . الحزن: ما غلظ من الأرض. الصحاح.
415. الثالث: لو غلب على ظنّه وجود الماء في الزائد عنه،

وجب طلبه مع المكنة، إلاّ أن يضيق الوقت.

416. الرابع: لا فرق بين جوانب المنزل، و صوب المقصد.

416. الرابع: لا فرق بين جوانب المنزل(1)، و صوب المقصد.

417. الخامس: لو دخل عليه وقت صلاة أخرى،

و قد طلب في الأولى، ففي وجوب الطلب ثانيا إشكال، أقربه عدم الوجوب، و لو انتقل عن ذلك المكان، وجب إعادة الطلب، و لا ينتقض تيمّمه إلاّ بالوجدان.

418. السادس: قد بيّنا وجوب طلب الماء،

فلو أخلّ به ثمّ تيمّم و صلّى، فإن استمرّ الفقد صحّت الصلاة و إن عصى بترك الطلب، و إن وجد الماء مع أصحابه، أو في رحله بعد التيمّم و الصلاة، توضّأ و أعاد الصلاة.

419. السابع: لو وجد من الماء ما لا يكفيه لطهارته، تيمّم،

و لا يجب استعماله في بعض الأعضاء، لا في الغسل و لا في الوضوء. و لو كان على جسده أو ثوبه نجاسة، و معه من الماء ما لا يكفيه لهما، أزال النجاسة بالماء، و تيمّم للصلاة.

420. الثامن: لو أراق الماء في الوقت عصى،

و في وجوب القضاء إشكال، أمّا لو أراقه قبل الوقت، فلا قضاء.

421. التاسع: لا فرق بين قصير السفر و طويله.
422. العاشر: لا يشترط السفر،

بل لو عدم الماء في الحضر تيمّم و صلّى، و لا إعادة.

ص: 140


1- . لا فرق بين جوانب النقطة التي نزل فيها المسافر، و الجهة التي يقصدها من السفر.
423. الحادي عشر: لو طلب قبل دخول الوقت، لم يعتدّ به،

بل يجب بعد الدخول.

السبب الثاني في العجز عن الوصول إليه مع وجوده،
اشارة

كما لو كان في بئر و لا آلة هناك، أو ازدحم الواردون مع ضعفه عن المقاومة، و هنا ثمانية مباحث.

424. الأوّل: لو وجد الماء بالثمن، و عجز عنه،

وجب عليه التيمّم، لأنّه غير واجد.

425. الثاني: لو تمكّن من الثمن وجب عليه شراؤه ما لم يخف الضرر في الحال،

سواء قلّ الثمن، أو كثر أضعافا مضاعفة، على أظهر القولين، و كذا البحث في الآلة.

426. الثالث: لو وهب الماء أو الآلة، أو أعير،

وجب القبول، و لو وهب الثمن لم يجب(1).

427. الرابع: لو خاف فوت الوقت مع الاشتغال بتحصيل الماء،

- و ان كان موجودا - أو فوت [صلاة] العيد، تيمّم.

428. الخامس: لو باعه بثمن في الذمة يقدر على أدائه في بلده،

وجب عليه شراؤه، و لو لم يقدر لم يجب.

ص: 141


1- . قال المصنف في التذكرة: 165/2: لو بذل له الماء بغير عوض لزمه القبول، لأنّه منّة له في ذلك، و لو وهب له الثمن لم يجب القبول، لما فيه من المنّة.
429. السادس: لو فضل الماء عن حاجة صاحبه،

لم يجز المكابرة عليه.

430. السابع: لو وهب ماءه في الوقت،

فهو باق على ملكه ما لم يتصرف الموهوب.

431. الثامن: لو وجد الماء لغسل الميت،

وجب شراؤه من تركته، فإن لم يكن تركة، لم يجب على أحد شراؤه.

السبب الثالث الخوف من التلف أو المرض الشديد، أو الشين أو تلف المال، أو ضياعه، أو اللص، أو السبع، أو البرد،
اشارة

السبب الثالث الخوف من التلف أو المرض الشديد، أو الشين(1) أو تلف المال، أو ضياعه، أو اللص، أو السبع، أو البرد،

فإنّ هذه الأشياء مبيحة للتيمّم،

و هنا ثمانية مباحث:

432. الأوّل: لو تمكّن خائف البرد من إسخان الماء،

وجب عليه، و لم يجز له التيمّم.

433. الثاني: لو كان معه ماء و خاف العطش باستعماله، تيمّم،

و كذا لو خاف عطش رفيقه، أو حيوان له حرمة.

434. الثالث: لو وجد خائف العطش مع الطاهر ماء نجسا، شرب الطاهر،

أو أبقاه لوقت الحاجة، و تيمّم.

435. الرابع: لو تألّم باستعمال الماء، و أمن العاقبة،

وجب استعماله.

436. الخامس: لو كان الماء عند مجمع الفساق، و خافت المرأة من المكابرة عليها،

وجب التيمّم.

ص: 142


1- . الشين: ما يحدث في ظاهر الجلد من الخشونة، يحصل به تشويه الخلقة. مجمع البحرين.
437. السادس: لو خاف جبنا لا عن سبب،

كمن يخاف بالليل، و ليس هناك شيء يخافه سوى مجرد الوهم، لم يجز له التيمّم، على أحسن الوجهين.

438. السابع: لو كان مريضا لا يقدر على الحركة،

و لا وجد المعاون(1) جاز له التيمّم، و لو وجد المعاون قبل خروج الوقت(2) فهو واجد، و لو خاف خروج الوقت قبل مجيئه، انتظر تضيّق الوقت.

439. الثامن: لو كان المريض لا يتضرر باستعمال الماء،

وجب عليه الوضوء.

الفصل الثاني: فيما يتيمّم به
اشارة

و فيه ستة مباحث:

440. الأوّل: يصحّ التيمّم بكلّ ما يقع عليه اسم الأرض،

سواء تفرّقت أجزاؤه كالتراب، أو لم يتفرّق كالطين اليابس، و يجوز التيمّم بالأعفر و الأسود و الأصفر و الأحمر و الأبيض، - و هو المأكول -، و السبخ و البطحاء و أرض النّورة و الجصّ ، و كل ذلك تراب.(3)

ص: 143


1- . في «ب»: و لا وجد المناول.
2- . في «أ»: قبل وجود الوقت.
3- . قال المصنف في التذكرة: 175/2: و كل ما يطلق عليه اسم التراب، يصحّ التيمّم به سواء الأعفر - و هو الّذي لا يخلص بياضه -.. و الأبيض الّذي يؤكل سفها... و السبخ و هو الّذي لا ينبت على كراهية، و البطحاء هو التراب اللين في مسيل الماء.
441. الثاني: يجوز التيمّم بالمستعمل في التيمّم،

و بتراب القبر، و الممتزج بغيره مع بقاء اسم التراب، و الأقرب جواز التيمّم بالحجر.

442. الثالث: يكره التيمّم بالسبخة و الرمل.

442. الثالث: يكره التيمّم بالسبخة(1) و الرمل.

443. الرابع: لا يجوز التيمّم بالمعادن و الرماد

و لا ما أشبه التراب في النعومة و ليس به، كالاشنان و الدقيق، و لا بالتراب المغصوب، و لا النجس، و لا الوحل مع وجود التراب.

444. الخامس: يستحبّ التيمّم أن يكون من ربى الأرض و عواليها،

لا من المهابط.

445. السادس: لو فقد التراب و الحجر، تيمّم بغبار ثوبه،

أو لبد سرجه، أو عرف دابّته، و لو فقد ذلك تيمّم بالوحل، بأن يضع اليد(2) عليه، ثمّ يفركه بعد يبسه، و تيمّم به.

و لو لم يجد إلاّ الثلج اعتمد عليه بيده حتّى يحصل فيها نداوة، فيصرفها في بعض أعضاء الطهارة، إلى أن ينتهى بما يسمّى غسلا، فإن تعذّر ذلك، تيمّم به على رأي.

ص: 144


1- . السبخة بالفتح واحدة السباخ، و هي أرض مالحة يعلوها الملوحة، و لا تكاد تنبت إلاّ بعض الأشجار. مجمع البحرين.
2- . في «ب»: يديه.
الفصل الثالث في الكيفية
اشارة

و فيه ثلاثة عشر بحثا:

446. الأوّل: يجب فيه النية المشتملة على الفعل و الوجه و الاستباحة و القربة،

و استدامتها حكما، و لا يجوز نيّة رفع الحدث، و لو نوى الجنب التيمّم بدلا من الوضوء، لم يجز.

447. الثاني: يجب أن يضع يديه على الأرض، ثمّ يمسح الجبهة بهما من قصاص شعر الرأس إلى طرف الأنف،

ثمّ يمسح ظهر كفّه اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع ببطن اليسرى، ثم ظهر اليسرى ببطن اليمنى كذلك.

448. الثالث: الترتيب هنا واجب،

بأن يبدأ بالجبهة، ثمّ اليمنى، ثم اليسرى، و لو عكس أعاد على ما يحصل معه الترتيب.

449. الرابع: الموالاة أيضا واجبة،

و كذا استيعاب مواضع المسح، فلو أخلّ بجزء لم يصحّ .

450. الخامس: لا يجب استيعاب الأعضاء على أظهر القولين.
451. السادس: التيمّم إن كان بدلا من الوضوء، اكتفي فيه بالضربة الواحدة للوجه و اليدين،

و إن كان بدلا من الغسل ضرب ضربة للوجه، و أخرى لليدين، على أظهر الأقوال.

ص: 145

452. السابع: لو قطعت كفاه، سقط مسحهما،

و مسح على الجبهة، و لو قطع بعضها مسح على الباقي.

453. الثامن: يجب القصد إلى الصعيد،

و لو تعرّض لمهبّ الريح لم يكفه(1).

454. التاسع: يجب أن يباشر المسح للوجه و اليدين بنفسه،

فلو يمّمه غيره بإذنه، و هو قادر لم يجزه. و إن كان عاجزا أجزأه.

455. العاشر: لا يجب نقل التراب،

فلو كان على وجهه تراب، فردّده بالمسح، لم يجز، و لو نقل من سائر أعضائه إلى وجهه، أو من يده إلى وجهه، فالأقرب عدم الجواز، و لو معك وجهه في التراب، لم يجز.

456. الحادي عشر: يكفي نيّة استباحة الصلاة مطلقا.

و لا يفتقر إلى تعيين الفرض و النفل من الصلاة، و لو نوى استباحة الفرض، دخل به في النفل، و يجوز النفل به بعد وقت تلك الفريضة و قبل فعلها إن سوّغنا التيمّم في أوّل الوقت، و لو نوى النفل، جاز الدخول به في الفرض، و كذا حكم جميع الطهارات، و لو نوى استباحة فرضين أجزأه، و صحّ الدخول فيهما.

457. الثاني عشر: لا يلزمه إيصال التراب إلى منابت الشعر،

و إن خفت.

458. الثالث عشر: لو كان في إصبعه خاتم نزعه،

ليقع المسح على جميع أجزاء الممسوح، و لا يلزمه أن يفرج أصابعه لا في الضربة الأولى و لا الثانية.

ص: 146


1- . قال في التذكرة: 195/2: «وضع اليدين على الأرض شرط فلو تعرّض لمهبّ العواصف حتى لصق صعيدها بوجهه أو كفّيه، أو ردّد الغبار على وجهه منه لم يجزئ».
الفصل الرابع: في الأحكام
اشارة

و فيه اثنان و أربعون بحثا:

459. الأوّل: لا يجب إعادة الصلاة بالتيمّم،

إذا وقعت بشروطها، سواء كان في سفر أو حضر، و كذا المتعمّد للجنابة إذا لم يجد الماء، و كذا من منعه زحام الجمعة، خلافا للشيخ(1). و سواء كان على جسده نجاسة لا يتمكّن من إزالتها، أو لم يكن.

أمّا لو أخلّ بالطلب و صلّى ثمّ وجد الماء في رحله، أو مع أصحابه، فانّه يتوضّأ و يعيد الصلاة، و لو طلب فلم يجد، ثم تيمّم و صلّى، ثم وجد الماء في الوقت فلا يعيد.

460. الثاني: لو تيمّم و على جسده نجاسة،

صح تيمّمه كالمائيّة.

461. الثالث: لا يجوز التيمّم قبل دخول الوقت إجماعا.

و يجوز مع تضيّقه بالإجماع، و في الجواز مع السعة قولان، أقواهما الجواز.

462. الرابع: يستحبّ نفض اليدين بعد ضربهما على الأرض، ثم يمسح جبهته بعده.

ص: 147


1- . قال الشيخ في المبسوط: 31/1: و من حضر يوم جمعة في الجامع، و أحدث ما ينقض الوضوء و لم يمكنه الخروج من موضعه لكثرة الناس فاقيمت الصلاة تيمّم و صلّى ثمّ أعاد الصلاة بوضوء.
463. الخامس: لو أوصل التراب إلى محل الفرض بخرقة، أو خشبة،

لم يجزه.

464. السادس: كلّ ما ينقض الوضوء ينقض التيمّم، و يزيد عليه وجدان الماء مع التمكن من استعماله،

و لا ينتقض بدخول الوقت و لا بخروجه ما لم يحدث، أو يجد الماء، و لو وجد الماء فلم يتطهّر، ثمّ فقده، جدد التيمّم.

465. السابع: لو وجد الماء و قد فرغ من الصلاة، لم يعد إجماعا،

و لو وجده قبل الشروع انتقض تيمّمه إجماعا، و لو وجده في الأثناء فلا إعادة، و لو تلبّس بتكبيرة الإحرام، و فيه خلاف(1).

و لا يجوز أن يعدل بالفرض إلى النفل، و لا فرق في ذلك بين الفرض و النفل.

466. الثامن: لو عدم الماء و التراب،

فأقوى الأقوال(2) سقوط الصلاة أداء و قضاء.

467. التاسع: كلّ ما يستباح بالطهارة المائية يستباح بالتيمّم.
468. العاشر: يجوز أن يصلّي بتيمّم واحد صلوات الليل و النهار فرائضها جميعا و نوافلها،

سواء نوى فريضة معيّنة، أو مطلقة، أو نوى نافلة، أو صلاة مطلقة، و لو نوى به فرض الطواف، دخل نفله، و بالعكس.

و لو نوى الصبيّ لإحدى الخمس ثمّ بلغ بغير المبطل، استباح به الفرائض

ص: 148


1- . لاحظ المختلف: 448/1.
2- . لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 443/1.

و النوافل على إشكال. و لو ذكر فائتة ضحوة النهار، فتيمّم لأدائها، و لم يؤدّ إلاّ ظهرا بعد الزوال، صحّ أداؤه.

469. الحادي عشر: الجنب اذا انتقض تيمّمه بحدث أصغر، تيمّم

بدلا من الغسل لا من الوضوء، لأنّ التيمّم عندنا لا يرفع الحدث.

470. الثاني عشر: يجوز التيمّم لصلاة الجنازة،

و إن كان الماء موجودا، و لا يجوز الدخول به في غيرها.

471. الثالث عشر: إذا اجتمع ميّت و محدث و جنب،

و معهم من الماء ما يكفي أحدهم، اختصّ به مالكه، و لو كان مباحا أو ملك مالك يسمح ببذله(1) أو أوصى لأحقّ الناس به، اختصّ به الجنب، و قيل: الميّت.(2)

472. الرابع عشر: لو كان بدل المحدث حائضا،

كان الجنب أولى منها، و لو كان الماء للميّت، اختصّ به، و الفاضل للورثة، لا يجوز استعماله بغير إذن، إلاّ مع خوف العطش، فيؤخذ بالتقويم.

و الجنب أولى من المحدث، لاستفادته ما لا يستفيده المحدث. و لو كان وفق المحدث(3) فهو أولى لاستفادته كمال الطهارة. و لو قصر عنهما، فالجنب أولى، لإمكان صرفه في بعض الأعضاء.

و لو كفى كلّ واحد، و فضل منه فضلة لا تكفي الآخر، فيه تردد، ينشأ من

ص: 149


1- . في «ب»: «أو مع ذلك يسمح ببذله» بدل «أو ملك مالك يسمح ببذله».
2- . لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 451/1، و نقل المصنف في المنتهى: 154/2 عن الشافعي انّه قال: الميّت أحقّ به.
3- . في «ب»: و لو كان و فى المحدث.

كون الفضلة يستعملها الجنب، و من استفادة الجنب ما لا يستفيده المحدث.

473. الخامس عشر: لو تغلّب المرجوح أساء،

و صحّت طهارته.(1)

474. السادس عشر: قال الشيخ رضى اللّه عنه: لو وجد الماء بعد الركوع،

لم ينصرف، فان فقده قبل الفراغ، أعاد التيمّم لما تستقبل من الصلوات(2). و وجهه أنّه متمكّن، و المنع الشرعي لا يقتضي زواله، و الأقرب عدم وجوب إعادة التيمّم.

أمّا لو دخل في نافلة، و قلنا بجواز الإبطال، وجبت الإعادة.

475. السابع عشر: الارتداد لا يبطل التيمّم.
476. الثامن عشر: العاصي بسفره، يباح له التيمّم مع الشروط،

و لا يعيد.

477. التاسع عشر: لو نسى الجنابة فتيمّم للحدث لم يجزه عندنا،

أمّا مع القول بالتسوية في الكيفيّة، فالأقرب الجواز.

478. العشرون: لو نوى للجنابة استباح ما يستبيحه المحدث المتطهّر و بالعكس،

478. العشرون: لو نوى للجنابة استباح ما يستبيحه(3) المحدث المتطهّر و بالعكس،

و لو أحدث الأوّل حدثا أصغر، بطل تيمّمه. و لو تيمّم للجنابة و الحدث، ثم أحدث، بطل تيمّمه مطلقا، و هل يجب على الحائض و شبهها تيمّمان ؟ الأقرب ذلك على إشكال.

479. الحادي و العشرون: لو تيمّم الميّت، ثمّ وجد الماء في أثناء الصلاة عليه،

فالوجه وجوب تغسيله على إشكال.

ص: 150


1- . و علّله المصنّف في المنتهى: 156/2 بقوله: «لأنّ الآخر ليس بمالك، و انّما الترجيح لشدّة حاجته».
2- . المبسوط: 33/1؛ و النهاية: 48.
3- . في «أ»: استبيحه.
480. الثاني و العشرون: لو وجد المتيمّم ما يغلب على الظن وجود الماء فيه،

كالركب أو الخضرة، لم يبطل تيمّمه، و إن وجب الطلب، سواء بان بطلان ظنّه أو لا، و لو كان في الصلاة لم يبطل صلاته، لأنّها لا تبطل مع تيقّن الماء، فمع توهّمه أولى.

481. الثالث و العشرون: لا يجب التيمّم للنجاسة في البدن مع تعذّر الماء،

بل يمسحها بالتراب، فلو كان محدثا تيمّم للحدث لا للنجاسة، و غسلها، و لو كانت النجاسة على الثوب المنفرد، غسله و تيمّم، و لو وجدت النجاسة في الثوب و البدن، غسل البدن دون الثوب إذا لم يسع الماء.

482. الرابع و العشرون: لو أمكن الجريح غسل بعض جسده، أو بعض أعضائه في الوضوء،

جاز له التيمّم، و لا يغسل الأعضاء الصحيحة، فان غسلها و تيمّم كان أحوط؛ قاله الشيخ رحمه اللّه(1) سواء كان أكثر بدنه أو أعضائه صحيحا، أو سقيما، و لا فرق بين تقديم غسل الصحيح على التيمّم و تأخيره، و لا يجوز التبعيض بأن يغسل السليم، و يتم باقي الأعضاء تيمّما، و كذا لو كان بعض أعضائه المغسولة مريضا لا يقدر على غسله و لا مسحه.

483. الخامس و العشرون: يتيمّم لصلاة الخسوف بالخسوف، و لصلاة الاستسقاء باجتماع الناس في الصحراء،

و للفائتة بذكرها، و للنافلة الراتبة بدخول وقتها.

484. السادس و العشرون: المحبوس بدين يقدر على قضائه، لا يعذر،

فيصير(2) كما لو كان الماء قريبا منه و تمكّن من استعماله، فلم يستعمله حتّى ضاق الوقت.

ص: 151


1- . المبسوط: 35/1.
2- . في «أ»: و يصير.
485. السابع و العشرون: يجوز للعادم الجماع،

و إن كان معه ماء يكفيه(1)للوضوء قبل الوقت، لعموم قوله: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّٰى شِئْتُمْ (2) و ليس بمكروه، فإذا جامعها و معه ما لا يكفيه للغسل، غسل فرجه و فرجها، ثم تيمّما و صلّيا.

486. الثامن و العشرون: إذا كان الثوب نجسا، صرف الماء في غسله و تيمّم،

و لو لم يكن ماء نزعه و صلّى عريانا، و لا إعادة عليه، و لو لم يتمكّن من النزع صلّى فيه بتيمّم، و لا إعادة. و قول الشيخ رحمه اللّه(3) لا تعويل عليه، لضعف مستنده(4).

487. التاسع و العشرون: لو وجد فاقد الماء و التراب أحدهما بعد الدخول في الصلاة،

انصرف و تطهّر، و هو تخريج.

488. الثلاثون: قال الشيخ رحمه اللّه: لا يجب عليه إذا طلع الركب عليه بعد التيمّم سؤالهم عن الماء،

لتضيّق الوقت و يخاف الفوت، و قد مضى وقت الطلب(5) و هو جيّد على أصله.

489. الواحد و الثلاثون: لا يبطل التيمّم بنزع العمامة و الخف،

و هو ظاهر على أصلنا.

490. الثاني و الثلاثون: لو أحدث المتيمّم من جنابة حدثا أصغر،

و معه من

ص: 152


1- . في «ب»: ما يكفيه.
2- . البقرة: 223.
3- . النهاية: 55.
4- . و استدلّ الشيخ على وجوب الإعادة برواية عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (لاحظ الوسائل: 1000/2، الباب 30 من أبواب التيمّم، الحديث 1) و أجاب عنها المصنف بأنّها ضعيفة السند مع منافاتها للأصل الدال على الإجزاء مع الامتثال. لاحظ المنتهى: 131/2-132.
5- . الخلاف: 151/1، المسألة 99 من كتاب الطهارة.

الماء ما يكفيه للوضوء، تيمّم، و قول السيد(1) ضعيف.

491. الثالث و الثلاثون: يجوز التيمّم لكلّ ما يتطهّر له من صلاة فريضة و نافلة،

قال الشيخ في المبسوط: و مسّ مصحف و سجود تلاوة و دخول مسجد و غيرها.(2)

492. الرابع و الثلاثون: إذا انقطع دم الحائض جاز الوطء من دون غسل،

و لا يشترط التيمّم.

493. الخامس و الثلاثون: و الكافر لا يصحّ تيمّمه،

سواء كان بنيّة الإسلام أو لا. و قول أبي يوسف:(3) إذا تيمّم بنيّة الإسلام و أسلم صلّى بذلك التيمّم(4) باطل.

494. السادس و الثلاثون: لو أحدث المتيمّم في صلاته حدثا يوجب الوضوء ناسيا، و وجد الماء،

توضأ و بنى على ما مضى من صلاته، ما لم يتكلم أو يستدبر القبلة؛ قاله الشيخان(5) و هي رواية زرارة و محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام و هي صحيحة(6). و نازع ابن إدريس في ذلك(7)، و هو قويّ .

495. السابع و الثلاثون: يكره أن يؤمّ المتيمّم المتوضّئين،

و نقل

ص: 153


1- . نقل المحقق قدّس سرّه في المعتبر: 395/1 عن الشيخ قدّس سرّه انّه قال: «لو تيمّم المجنب ثمّ أحدث و وجد ماء لوضوئه تيمّم بدلا من الغسل. و قال علم الهدى في شرح الرسالة: يتوضّأ بالماء لأنّه متمكّن من الماء فلا يصحّ التيمّم».
2- . المبسوط: 34/1.
3- . أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الكوفي القاضي، كان تلميذ أبي حنيفة و من أتباعه، مات سنة 182 ه. لاحظ طبقات الفقهاء: 113، و الكنى و الألقاب: 180/1.
4- . المجموع: 37/2؛ المغني: 387/1؛ المبسوط للسرخسي: 16/2.
5- . في «أ»: في صلاة.
6- . لاحظ الوسائل: 992/2، الباب 21 من أبواب التيمّم، الحديث 4.
7- . السرائر: 142/1.

ابن إدريس عن بعض علمائنا عدم الكراهة.(1)

496. الثامن و الثلاثون: لو شاهد المأموم المتوضئ الماء في أثناء الصلاة، و لم يشاهد إمامه المتيمّم،

لم يفسد صلاته.

497. التاسع و الثلاثون: لو ظنّ فناء مائه فتيمّم و صلّى؛

لم يجزئه إن أخلّ بالطلب، و إلاّ أجزأه. و لو كان الماء معلّقا في عنقه أو على ظهره، فنسيه، فإن طلب أجزأه، و إلاّ فلا، و كذا لو كان معلّقا على رحله، سواء كان راكبا و الماء مقدّم الرحل، أو مؤخّره.

498. الأربعون: لو وجد جماعة متيمّمون ماء يكفي أحدهم في المباح،

498. الأربعون: لو وجد جماعة متيمّمون ماء يكفي(2) أحدهم في المباح،

انتقض تيمّمهم جميعا. و كذا لو كان ملكا لأحدهم، أو لأجنبي، فأباح من شاء منهم. أمّا لو وهب الجميع، أو أباحهم على الجميع، لم ينتقض تيمّمهم.

و لو أذن لواحد، انتقض تيمّمه خاصّة. و لو مرّ المتيمم على الماء، و لم يعلم به، لم ينتقض تيمّمه.

499. الحادي و الأربعون: لو لم يجد الماء إلاّ في المسجد، و كان جنبا،

فالأقرب جواز الدخول مع خلوّ بدنه من النجاسة، و أخذ الماء و الاغتسال به خارجا، و لو فقد الآنية اغتسل فيه، ما لم يفتقر إلى اللبث.

500. الثاني و الأربعون: [سئل عن الرجل يقيم بالبلاد الأشهر ليس فيها ماء، من أجل المراعي و صلاح الإبل

روى الشّيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السّلام انّه سئل عن الرجل يقيم بالبلاد الأشهر ليس فيها ماء، من أجل المراعي و صلاح الإبل.(3) قال لا(4) و في التحريم نظر.

ص: 154


1- . قال ابن إدريس في السرائر: 142/1: «و بعض أصحابنا يذهب إلى أنّه لا يجوز». و عليه المصنف في المنتهى، فلاحظ منتهى المطلب: 152/2.
2- . في «أ»: ما يكفي.
3- . في «أ»: و صلاح الإبل يتمّم.
4- . لاحظ الوسائل: 999/2، الباب 28 من أبواب التيمّم، الحديث 1.

المقصد الخامس: في النجاسات

اشارة

و النظر في أمرين

الفصل الأوّل: في أنواعها:
اشارة

و هي عشرة:

501 و 502. الأوّل و الثاني: البول و الغائط من كلّ حيوان له نفس سائلة لا يؤكل لحمه،

سواء كان حراما في الأصل كالأسد، أو عرض كالجلاّل و كموطوء الإنسان.

و قول الشيخ رحمه اللّه في المبسوط: إنّ بول الطّيور كلّها طاهر، سواء أكل لحمها أو لا، و كذا ذرقها إلاّ الخشّاف(1) ضعيف، و رواية أبي بصير(2) و إن كانت حسنة، لكنّها معارضة بغيرها(3).

أمّا بول ما يؤكل لحمه و ذرقه من أصناف الحيوان، فانّه طاهر إلاّ الدجاج، فانّ فيه خلافا(4). و بول ما لا نفس له سائلة و ذرقه، طاهران، و يكره بول البغال

ص: 155


1- . المبسوط: 39/1.
2- . لاحظ الوسائل: 1013/2، الباب 10 من أبواب النجاسات، الحديث 1.
3- . و هو ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه». لاحظ الوسائل: 1008/2، الباب 8 من أبواب النجاسات، الحديث 2.
4- . لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 455/1.

و الحمير و الدّوابّ و أرواثها.

503. الثالث: المنيّ نجس من كلّ حيوان ذي نفس سائلة،

حلّ أكلها أو حرم، آدميّا كان أو غيره، و الأصح طهارة منيّ ما لا نفس له سائلة. و المذي و الودي(1) طاهران.

504. الرابع: الدم المسفوح من كلّ حيوان ذي عرق

- لا ما يكون رشحا كدم السمك و شبهه - نجس، أمّا دم ما لا نفس له سائلة، فانّه طاهر كالبق و البراغيث و السمك.

و لا بأس بالصديد و القيح؛ قاله الشيخ رحمه اللّه(2). قال صاحب الصحاح: القيح المدّة لا يخالطها دم، و الصديد ماء الجرح المختلط بالدم قبل ان تغلظ المدّة(3).

و الدم المتخلّف في اللحم المذكّى ممّا لا يقذفه المذبوح، طاهر.

505. الخامس: الميتة من كلّ حيوان ذي نفس سائلة نجسة،

سواء كان آدميّا أو لم يكن، و كذا أبعاضها. و المنفصل من كلّ حيوان ينجس بالموت نجس و إن أبين من الحيّ .

و ما لا تحلّه الحياة كالعظم و الشعر فهو طاهر و إن أبين من الميّت، إلاّ أن يكون من حيوان نجس العين كالكلب و الخنزير و الكافر. و خلاف المرتضى(4)ضعيف.

ص: 156


1- . قال المصنف في المنتهى: 185/2: المذي: ماء لزج رقيق يخرج عقيب الشهوة على طرف الذكر، و الودي: ماء أبيض يخرج عقيب البول خاثر.
2- . المبسوط: 38/1.
3- . لاحظ الصحاح: 398/1، و 496/2.
4- . الناصريات: 100 (من الطبع الحديث).

و اللبن من الميتة المأكولة اللحم بالذكاة نجس، و في رواية زرارة الصحيحة عن الصادق عليه السّلام:

«لا بأس به»(1).

و الإنفحة من الميتة طاهرة، لرواية زرارة الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(2).

و البيضة من الميتة طاهرة، ان كانت قد اكتست الجلد الفوقاني.

506. السادس: الكلب نجس العين و اللعاب،

و لو نزا على طاهر فأولده روعي الاسم.

507. السابع: الخنزير حكمه في التنجيس حكم الكلب،

و جميع الرطوبات المنفصلة منهما و سائر أجزائهما حلّتها الحياة أو لا نجسة، أمّا كلب الماء فالأصحّ فيه الطهارة، لأنّ إطلاق اسم الكلب عليه بالمجاز.

508. الثامن: المسكرات كلّها نجسة،

و قول ابن بابويه(3) ضعيف، و الروايات معارضة بمثلها(4) و عمل الأصحاب، و كذا العصير اذا غلى ما لم يذهب ثلثاه، و بصاق شارب الخمر طاهر ما لم يكن متلوّثا به.

و لو انقلب الخمر خلاًّ طهر، سواء كان من قبل نفسه أو بعلاج أو طرح أجسام طاهرة فيه، و إن كان المستحب تركه لينقلب من قبل نفسه، و لو طرح فيها أجسام نجسة و استهلكت، ثمّ انقلبت أو باشرها المشرك، فانّ الانقلاب لا يطهّرها.

ص: 157


1- . الوسائل: 366/16، الباب 33 من كتاب الأطعمة و الأشربة، باب ما لا يحرم الانتفاع به من الميتة، الحديث 10.
2- . الوسائل: 366/16، الباب 33 من كتاب الأطعمة و الأشربة، باب ما لا يحرم الانتفاع به من الميتة، الحديث 10.
3- . لاحظ الفقيه: 43/1.
4- . لاحظ الوسائل: 1054/2، الباب 38 من أبواب النجاسات.
509. التاسع: الفقاع نجس،

و حكمه حكم الخمر عندنا بلا خلاف.

510. العاشر: الكافر نجس،

و هو كلّ من جحد ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة، سواء كانوا حربيّين أو أهل كتاب أو مرتدّين و كذا الناصب و الغلاة و الخوارج، و الأقرب انّ المجسّمة و المشبّهة كذلك، و ما عدا هذه الأعيان طاهر ما لم يباشر شيئا منها رطوبة كالهرّة، و الحمر الأهليّة، و البغال، و الفيل، و غيرها من المسوخ، و السباع، و الثعلب، و الأرنب، و الفأرة، و الوزغة، و سائر الحشرات، خلافا للشيخ(1) و كذا عرق(2) الجنب من الحرام، و عرق الإبل الجلاّلة، خلافا له(3).

و القيء طاهر، خلافا لشذوذ، سواء خرج قبل الاستحالة أو بعدها، ما لم يستحل غائطا، فانّه يكون نجسا، و في نقضه خلاف سلف، و كذا النخامة و البلغم، سواء نزل من الرأس، أو خرج من الصدر، و الحديد طاهر، و رواية إسحاق بن عمّار(4) ضعيفة.

و طين الطريق طاهر، ما لم يعلم فيه النجاسة، و طين المطر طاهر و يستحب إزالته بعد ثلاثة أيّام، و لو وقع عليه في الطريق ماء و لا يعلم نجاسته، لم يجب عليه السؤال إجماعا، و بنى على الطهارة.

ص: 158


1- . قال الشيخ في النهاية: 52: اذا أصاب ثوب الإنسان كلب أو خنزير أو ثعلب أو أرنب أو فأرة أو وزغة و كان رطبا وجب غسل الموضع الّذي أصابه...
2- . في «أ»: و كذا في عرق.
3- . النهاية: 53.
4- . الوسائل: 1102/2، الباب 83 من أبواب النجاسات، الحديث 6.
الفصل الثاني: في الأحكام
اشارة

و فيه اثنان و ثلاثون بحثا:

511. الأوّل: يجب إزالة النجاسة عن الثوب و البدن للصلاة و الطواف و دخول المساجد،

و عن الأواني لاستعمالها، و لا فرق في ذلك بين كثير النجاسة و قليلها في وجوب الإزالة إلاّ الدم، فانّ فيه تفصيلا يأتي، و لو جبر عظمه بعظم نجس وجب النزع مع الإمكان، سواء ستره اللحم أو لا.

512. الثاني: عفي عن النجاسة مطلقا فيما لا تتمّ الصلاة فيه منفردا،

كالتكة و الجورب و الخفّ و القلنسوة و النعل، و أضاف ابن بابويه العمامة(1) و هو ضعيف، و الوجه انّ الرخصة في هذه الأشياء إذا كانت في محالّها(2).

513. الثالث: الدم إن كان حيضا أو استحاضة أو نفاسا،

وجب إزالة قليله و كثيره عن الثوب و البدن، و إن كان غيرها كان نجسا، فإن شقّ إزالته و لم يقف سيلانه كالجروح الدامية و القروح اللازمة كان عفوا في الثوب و البدن، قلّ أو كثر، و إن لم يخرج عن النجاسة، و يستحبّ غسل الثوب في اليوم مرّة، و إن وجد طاهرا ففي وجوب الابدال إشكال.

ص: 159


1- . الفقيه: 42/1.
2- . قال المصنف في المنتهى: 260/3: إنّما يعفى عن نجاسة هذه الأشياء إذا كانت في محالّها، فلو وضع التكّة على رأسه و الخفّ في يده و كانا نجسين لم تصحّ صلاته، و إلاّ لم يبق فرق بين الملبوس و غيره.

و إن لم يشق إزالته، فإن كان فوق الدرهم البغليّ (1) سعة، وجب إزالته إجماعا عن الثوب و البدن، و إن كان دونه لم يجب إزالته إجماعا، و إن كان نجسا.

و إن كان قدر الدرهم، فقولان أقربهما وجوب الإزالة، و لو كان الدم متفرقا، فالأولى اعتبار الدرهم سعة على تقدير الجمع، فيزيله أو ما يحصل القصور عن الدرهم به(2).

و لا فرق بين الدماء كلها في ذلك، عدا الدماء الثلاثة، و استثناء الراوندي(3) و ابن حمزة(4) دم الكلب و الخنزير حسن، و لو أصاب الدم نجاسة غير معفوّ عنها، لم يعف عنه.

514. الرابع: يجب غسل الثوب من النجاسة بالماء المطلق،

و لو لم يزل أثر دم الحيض بالغسل، استحب صبغه بالمشق.

515. الخامس: لو اتّصل الدم من أحد وجهي الثوب الصفيق إلى الآخر فهما نجاسة واحدة،

و إلاّ تعددتا.

ص: 160


1- . قال ابن إدريس: و هو منسوب إلى مدينة قديمة يقال لها بغل، قريبة من بابل، بينها و بينها قريب من فرسخ، متّصلة ببلدة الجامعين، تجد الحفرة (جمع الحافر أريد منه من يحفر الأرض و يطلق على الدابة أيضا لأنّها تحفر بقدمها الأرض) و الغسالون دراهم واسعة، شاهدت درهما من تلك الدراهم، و هذا الدرهم أوسع من الدينار المضروب بمدينة السّلام، المعتاد، تقرب سعته من سعة اخمص الراحة. السرائر: 177/1.
2- . في «أ»: «فيزيله لا ما يحصل القصور عن الدرهم به». قال المصنّف في المنتهى: 254/3: لو كان الدم متفرقا و لو جمع لزاد على الدرهم... فالمصلّي بالخيار، إن شاء أن يزيل الجميع فعل و هو الأولى، و إن شاء أزال ما يبقى معه حدّ القلّة، لأنّه حينئذ يصدق عليه ان في ثوبه أقلّ من درهم، فساغ له الدخول في الصلاة به.
3- . نقله عنه الحلّي في السرائر: 177/1.
4- . الوسيلة: 77.
516. السادس: لا يجزي الفرك في المنيّ ،

سواء كان يابسا أو رطبا، منيّ آدميّ (1) أو حيوان، ذكر أو أنثى.

517. السابع: يستحبّ قرص الثوب و حتّه، ثمّ غسله بالماء في دم الحيض،

و الواجب الغسل خاصّة.

518. الثامن: يغسل الثوب من البول مرّتين،

و النجاسة السخينة أولى بتعداد الغسل، أمّا ما لا يشاهد من النجاسات فإنّها تطهر بالمرة.

519. التاسع: لا بدّ من عصر الثوب و دلك الجسد.

و يكفي الدق و التقليب فيما يعسر عصره. و لو أخلّ بالعصر لم يطهر الثوب.

520. العاشر: لو غسل بعض الثوب النجس، طهر المغسول خاصة،

و يكفي في بول الرضيع صبّ الماء عليه وحده، ما لم يغتذ بالطعام، و تحديد ابن إدريس بالحولين(2) ضعيف.

521. الحادي عشر: المرأة المربّية للصبي إذا لم يكن لها سوى ثوب واحد و تصيبه النجاسة دائما،

و لا تتمكّن عن غسله في كلّ وقت، تجتزى بغسله مرّة واحدة في اليوم، و يستحب أن تجعل الغسلة آخر النهار لتقع الفرائض الأربع في طاهر، و اليوم اسم للنهار و الليل.

522. الثاني عشر: الكلب و الخنزير إذا أصابا الثوب، و أحدهما رطب،

وجب غسل موضع الملاقاة، و لو اشتبه وجب تعميم الغسل. و لو كانا يابسين استحبّ رشّ الثوب بالماء، و لو كان في البدن غسل موضع الملاقاة رطبا، و مسحه بالتراب يابسا.

ص: 161


1- . في «ب»: من آدميّ .
2- . السرائر: 187/1.
523. الثالث عشر: البول إذا أصاب الأرض أو الحصير أو البارية، و جفّ بالشمس،

طهر محله، و قول الراوندي(1) و ابن حمزة(2) بجواز الصلاة عليه مع نجاسته باطل، لقول الباقر عليه السّلام في رواية صحيحة من زرارة، و قد سئل عن البول يكون على السطح، أو في المكان الّذي يصلّى فيه ؟: إذا جفّفته الشمس فصلّ عليه، فهو طاهر(3) و هو نص في الباب. و لو جفّ بغير الشمس لم يطهر إجماعا، و للشيخ قول آخر في الخلاف(4) ضعيف.

524. الرابع عشر: غير البول من النجاسات المائعة كالخمر و شبهه لا يطهر بتجفيف الشمس

على أحد قولي الشيخ(5).

525. الخامس عشر: انّما يطهر بتجفيف الشمس ما تقدم من الأرض

و الحصر و البواري و النباتات و شبهها.

526. السادس عشر: لا يطهر بالشمس ما يبقى فيه أجزاء النجاسة بعد التجفيف.
527. السابع عشر: قال الشيخ: الأرض إذا أصابها بول،

فألقي عليها ذنوب(6)من ماء، بحيث يقهر لونه و ريحه، تطهر، و يبقى الماء على طهارته(7) و عندي

ص: 162


1- . نقله عنه المحقق في المعتبر: 446/1.
2- . الوسيلة: 79.
3- . الوسائل: 1042/2، الباب 29 من أبواب النجاسات، الحديث 1.
4- . الخلاف: 218/1، المسألة 166 من كتاب الطهارة و فيه «و هبّت عليها الريح»؛ و في المنتهى: 279/3 «أو هبّت عليها الريح» و الظاهر هو الصحيح. فلاحظ.
5- . المبسوط: 93.
6- . الذنوب - وزان رسول - الدلو العظيمة. المصباح المنير.
7- . المبسوط: 92/1، و الخلاف: 494/1، المسألة 235 من كتاب الصلاة.

فيه نظر. و رواية الأعرابي(1) ضعيفة عندنا، و معارضة بما روى عنه عليه السّلام من قوله فيها:

«خذوا ما بال عليه من التراب، و أريقوا على مكانه ماء(2)».

528. الثامن عشر: انّما تطهر الأرض بإجراء الماء الكثير عليها،

أو وقوع المطر أو السيل، بحيث يذهب أثر النجاسة، أو بوقوع الشمس حتى يجفّ في البول و شبهه على إشكال، قال الشيخ: أو بزوال الأجزاء النجسة، أو تطيين الأرض بالطّاهر(3) و ليسا في الحقيقة مطهّرين.

و لا فرق في التطهير بين قليل المطر و كثيره إذا زال العين و الأثر، و لو لم يزل الرائحة و اللون لم يطهر، و لو كانت النّجاسة جامدة أزيلت عينها، و لو خالطت أجزاء التراب أزيل الجميع.

529. التاسع عشر: يطهّر التراب باطن الخفّ و أسفل النعل،

و في القدم إشكال، و الصحيح طهارتها، و النار تطهّر ما أحالته.

530. العشرون: قال علم الهدى: الصقيل كالسيف،

إذا لاقته نجاسة طهر بالمسح(4) و فيه إشكال.

531. الحادي و العشرون: إذا استحالت الأعيان النجسة، فقد طهرت كالخمر

ص: 163


1- . و هي ما رواه أنس قال: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس فنهاهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، فلمّا قضى بوله أمر بذنوب من ماء فأهريق عليه. لاحظ صحيح البخاري: 65/1؛ و المغني: 774/1.
2- . سنن أبي داود: 104/1 برقم 381.
3- . المبسوط: 93/1 و 94.
4- . نقل عنه الشيخ في الخلاف: 479/1 المسألة 222 من كتاب الصلاة، و نقل عنه المحقّق في المعتبر: 450/1.

إذا انقلبت، و كالنطفة و العلقة إذا تكوّنتا إنسانا، و كالدم إذا صار قيحا أو صديدا. أمّا الخنزير و شبهه إذا وقع في ملاحة، فاستحال ملحا فإنّه لا يطهر.

و حكم الشيخ بتطهير اللّبن المضروب بماء نجس، مع صيرورته أجرا أو خزفا(1) و لا يطهر الدبس النجس إذا انقلب خلاًّ، و لو انقلبت الأعيان النجسة ترابا، ففي طهارتها إشكال.

و الكافر إذا أسلم طهر بدنه دون ما لاقاه برطوبة من ثيابه و غيرها قبل الإسلام، و لو تاب المرتدّ عن غير فطرة فكذلك، أمّا المرتدّ عن فطرة فالوجه أنّه كذلك أيضا.

532. الثاني و العشرون: إذا علم بالنجاسة في موضع معيّن من ثوبه أو بدنه،

غسله وجوبا، و إن اشتبه وجب غسل كلّ ما يحتمل إصابة النجاسة له، و لو علم حصولها في أحد الثوبين و جهل التعيين، غسلهما معا، و لو لم يجد الماء نزعهما و صلّى في غيرهما إن وجد، و إلاّ صلّى عريانا، و لا يتحرّى، و قال أكثر علمائنا: يصلّي في كلّ واحد منهما مرة، و هو الحق عندي، و قول ابن إدريس: إنّ الواجب افتتاح الصلاة مع العلم بوجوبها لا مع الشك(2) خطاء، لأنّهما عندنا واجبتان، إحداهما بالاشتباه، و الأخرى بالأصالة.

و لو تعدّدت الثياب النجسة، صلّى بعددها، و زاد صلاة على ذلك العدد، و لو صلّى الظهرين في أحدهما، ثم كرّرهما في الآخر، صحّتا معا. و لو صلّى الظهر في ثوب، ثم العصر في آخر، ثمّ الظهر فيه، ثم العصر في الأوّل، صحّت الظهر.

ص: 164


1- . المبسوط: 94/1؛ و الخلاف: 499/1، المسألة 239 من كتاب الصلاة.
2- . السرائر: 185/1.

و لو غسل أحد الثوبين المشتبهين، و صلّى فيه، صحّت الصلاة إجماعا، و لا يجوز أن يصلّي في الآخر، و لو جمعهما و صلّى فيهما، لم تصحّ صلاته، سواء غسل أحدهما أو لا. و مع وجود الطاهر بيقين، لا يجوز أن يصلّي في المشتبه مع الأفراد أو التعدّد.

533. الثالث و العشرون: لو كان معه ثوب نجس لا غير،

نزعه و صلّى عريانا، بالإيماء، و لا إعادة عليه؛ قاله الشيخ(1). و في رواية علي بن جعفر الصحيحة عن أخيه موسى عليه السّلام:

«يصلّي فيه»(2).

و الوجه عندي التخيير.

534. الرابع و العشرون: من صلّى في ثوب نجس مع العلم،

أعاد الصلاة مطلقا؛ و لو نسى حالة الصلاة فالوجه الإعادة في الوقت لا خارجه، خلافا للشيخ(3)؛ و لو لم يسبقه العلم، ثمّ علم بعد الصلاة لم يعد، لا في الوقت و لا خارجه، على خلاف في الأوّل.

535. الخامس و العشرون: لو دخل في الصلاة و لم يعلم، ثمّ تجدّد له العلم بسبق النجاسة،

نزعه و إن لم يكن غيره، و أخذ ساترا، و لو احتاج إلى فعل كثير قطع الصلاة، و ستر عورته، و لو لم يملك الساتر نزعه، و أتمّ من جلوس إيماء.

و لو حمل حيوانا طاهرا مأكول اللحم، صحّت صلاته، و كذا غير المأكول،

ص: 165


1- . المبسوط: 38/1، و النهاية: 55.
2- . الوسائل: 1067/2، الباب 45 من أبواب النجاسات، الحديث 5.
3- . المبسوط: 90/1.

و لو حمل قارورة مضمومة فيها نجاسة، فقد تردّد الشيخ في الخلاف(1)، و أفتى في المبسوط بالبطلان(2).

و يكره للمرأة أن تصل شعرها بشعر آدميّ ، رجلا أو امرأة، و لا بأس بالحيوان الطاهر، و لو شرب خمرا، أو أكل ميتة فالأقوى وجوب القيء. و لو أدخل دما تحت جلده، فنبت اللحم نزعه مع المكنة.

و لو كان وسطه مشدودا بطرف حبل، و طرفه الآخر مشدودا في نجاسة كالكلب، لم يبطل صلاته، سواء كان واقفا على الحبل أو حاملا له، و سواء كان الكلب كبيرا لا يتحرك بحركته أو يتحرك، و كذا لو كان مشدودا في سفينة فيها نجاسة، سواء كان الشد في النجس أو الطاهر.

و يجوز الصلاة في ثياب الصبيان، و يكره في ثياب شارب الخمر و غيره من المحرمات، ما لم يعلم إصابتها لها.

536. السادس و العشرون: يحرم الأكل و الشرب في آنية الذهب و الفضّة إجماعا،

و كذا يحرم عندنا استعمالها في غير الأكل و الشرب، و نصّ الشيخ على تحريم اتّخاذها(3) سواء الرجل أو المرأة في ذلك، أمّا المفضّض ففيه قولان، أقربهما الكراهيّة.

و يعزل الفم عن موضع الفضّة وجوبا؛ قاله الشيخ(4)، و يجوز اتخاذ الأواني من غير الجوهرين، و إن غلت أثمانها.

ص: 166


1- . الخلاف: 503/1، المسألة 244 من كتاب الصلاة.
2- . المبسوط: 94/1.
3- . المبسوط: 13/1.
4- . المبسوط: 13/1، و النهاية: 589، كتاب الأطعمة و الأشربة.

و أواني المشركين طاهرة حتى يعلم نجاستها، و لو تطهّر من آنية الذهب و الفضة، فالأقرب صحّة طهارته، بخلاف ما لو توضّأ في الدار المغصوبة، و كذا لو جعل آنية الذهب أو الفضة مصبّا لماء الطهارة.

537. السابع و العشرون: تغسل الآنية من ولوغ الكلب ثلاث مرات،

أولاهنّ بالتراب، خلافا لابن الجنيد في العدد(1) و للمفيد في الترتيب(2). و إذا غسلت طهرت، و لم يجب تجفيفها.

و لو لم يجد التراب، قال الشيخ: اقتصر على الماء(3) و الأقرب حينئذ الاكتفاء بالمرتين،(4) و لو وجد ما يشبهه كالاشنان و الصابون أجزأ استعماله، و هل يجزي مع وجود التراب ؟ إشكال.

و لو خيف فساد المحلّ باستعمال التراب، فهو كالفاقد، و لو غسله بالماء مع وجود التراب لم يجزه.

و هل يمزج التراب بالماء؟ قال ابن إدريس: نعم(5)، و لم يثبت. و لو تكرّر الولوغ اتّحد الغسل، تعدّد الكلب أو اتّحد، و لا يغسل بالتراب إلاّ من الولوغ خاصّة، و يلحق بالكلب ما تبعه في الاسم، و جزم في المبسوط(6) و الخلاف(7) على

ص: 167


1- . نقله عنه المحقق في المعتبر: 458/1.
2- . المقنعة: 9.
3- . المبسوط: 14/1.
4- . في «أ»: «عدم الاكتفاء بالمرتين» و الصحيح ما في المتن، قال في المنتهى: 337/3: «فوجب القول بطهارته بالغسل مرتين، و هو قويّ ».
5- . السرائر: 91/1.
6- . المبسوط: 15/1.
7- . الخلاف: 186/1، المسألة 143 من كتاب الطهارة.

مساواة الخنزير له، و لم يثبت. و الحقّ عندي انّه يغسل من ولوغ الخنزير سبع مرات، لرواية علي بن جعفر الصحيحة عن أخيه الكاظم عليه السّلام.(1)

538. الثامن و العشرون: إذا وقع فيه نجاسة بعد غسله بعض العدد تداخلا،

و لو غسله بالتراب ثمّ بالماء مرّة، ثمّ ولغ استأنف، و لا يجب الإكمال ثمّ الاستئناف.

و لو وقع إناء الولوغ في ماء قليل، نجس الماء، و لو كان في كثير لم يحصل للمغسول غسلة إلاّ مع القول بعدم الترتيب(2) أو يكون الوقوع بعد التراب.

539. التاسع و العشرون: يغسل الإناء من الخمر و الجرذ سبعا استحبابا على خلاف،

و يغسل من غير الولوغ من النجاسات ثلاثا استحبابا، و الواجب الانقاء، و نصّ في الخلاف(3) و المبسوط(4) على الثلاث.

540. الثلاثون: يطهر بالغسل من الخمر ما كان من الجواهر الصلبة

التي لا تتشرّب أجزاؤها الخمر، كالرصاص، و الخزف المطليّ . أمّا القرع و الخشب و الخزف غير المغضور(5)، فالأقرب زوال النجاسة عنه، خلافا لابن الجنيد(6).

ص: 168


1- . الوسائل: 1017/2، الباب 13 من أبواب النجاسات، الحديث 1.
2- . قال المصنف في المنتهى: 342/3: و لو وقع في كثير لم ينجس، و هل يحصل له غسلة أم لا؟ الأقرب انّه لا يحصل، لوجوب تقديم التراب، هذا على قولنا، أمّا على قول المفيد و الجمهور فانّ الوجه الاحتساب بغسلة.
3- . الخلاف: 182/1، المسألة 138 من كتاب الطهارة.
4- . المبسوط: 15/1.
5- . الغضار: الطين الحر، و الغضراء: طينة خضراء علكة.
6- . نقله عنه المحقق في المعتبر: 467/1.
541. الحادي و الثلاثون: جلد الميتة لا يطهر بالدباغ،

سواء كان طاهرا في الحياة أو لم يكن، خلافا لابن الجنيد(1).

542. الثاني و الثلاثون: لا يجوز استعمال شيء من الجلود إلاّ ما كان طاهرا في حال الحياة ذكيّا،

فإن كان مأكولا لم يفتقر إلى الدباغ؛ و هل يفتقر ما لا يؤكل لحمه مع التذكية إلى الدباغ ؟ نصّ الشيخ(2) و علم الهدى(3) عليه، و مع الدباغ لا يفتقر إلى الغسل، و لا يفتقر الدبغ إلى فعل، بل لو وقع المدبوغ في المدبغة فاندبغ طهر.

[تمّ كتاب الطهارة]

ص: 169


1- . نقله عنه المحقق في المعتبر: 463/1، و العلامة في المختلف: 501/1.
2- . المبسوط: 15/1.
3- . الانتصار: 13.

ص: 170

كتاب الصلاة

اشارة

ص: 171

ص: 172

و [الصلاة] هي في اللغة الدعاء، و في الشرع أذكار معهودة مقترنة لحركات و سكنات مخصوصة يتقرّب بها إلى اللّه تعالى، و هي من أكمل العبادات، و أهمّها(1) في نظر الشرع.

قال الصادق عليه السّلام:

«أوّل ما يحاسب به العبد [عن] الصلاة، فإذا قبلت قبل [منه] سائر عمله، و اذا ردّت عليه ردّ عليه سائر عمله»(2).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «ليس منّي من استخفّ بصلاته، لا يرد عليّ الحوض لا و اللّه، ليس منّي من شرب مسكرا، لا يرد عليّ الحوض لا و اللّه»(3). و قال الصادق عليه السّلام: «إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصلاة»(4).

و سأله معاوية بن وهب عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربّهم، و أحبّ ذلك إلى اللّه عزّ و جلّ ما هو؟ فقال عليه السّلام:

«ما أعلم شيئا بعد المعرفة، أفضل من هذه الصلاة، ألا ترى انّ العبد

ص: 173


1- . في «ب»: و أتمّها.
2- . الفقيه: 134/1 برقم 626، و ما بين المعقوفتين أخذناه من المصدر.
3- . الوسائل: 16/3، الباب 6 من أبواب أعداد الفرائض، الحديث 5.
4- . نفس المصدر، الحديث 6.

الصالح عيسى بن مريم عليه السّلام، قال وَ أَوْصٰانِي بِالصَّلاٰةِ وَ اَلزَّكٰاةِ مٰا دُمْتُ حَيًّا »(1).(2).

و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.

و هي واجبة بالنص و الإجماع، و معرفتها واجبة، لأنّ التكليف يستدعي العلم بالفعل الّذي وقع التكليف به، لاستحالة تكليف ما لا يطاق، فيجب معرفتها إمّا بالدليل أو بالتقليد لمن يصحّ تقليده من المجتهدين، فلو صلّى بتقليد العامي لم يعتدّ بها.

و الصلاة فعل يشتمل على أشياء، و يشترط له أشياء، و يبطله أمور، إمّا عمدا أو سهوا، و ينقسم إلى أنواع كثيرة، و أنا أسوق إليك لبّ الفتاوى المتعلّقة بذلك كلّه، و أهذّب لك فروعه، و أحيلك بالبراهين و ذكر الخلاف على كتابنا الموسوم ب «منتهى المطلب» بعون اللّه تعالى.

و هذا الكتاب يشتمل على مقاصد

ص: 174


1- . مريم: 32.
2- الوسائل: 25/3، الباب 10 من أبواب أعداد الفرائض، الحديث 1.

المقصد الأوّل: في المقدمات

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: في أعدادها
اشارة

و فيه ستة مباحث:

الأوّل: الصلاة قسمان: واجب، و نفل.
فالواجب أمران:
543 احدهما ما وجب بأصل الشرع،

543 احدهما ما وجب(1) بأصل الشرع،

و هو خمس صلوات في كل يوم و ليلة: الظهر أربع ركعات، و العصر مثلها، و كذلك العشاء الآخرة، و المغرب ثلاث ركعات، و الغداة ركعتان.

و ترتيبها الظهر، ثمّ العصر، ثمّ المغرب، ثمّ العشاء، ثمّ الصبح، هذا في الحضر؛ أمّا في السفر، فيسقط من الرباعيات شطرها، و تستقر الباقيتان على حالهما(2).

و يجب أيضا صلاة الجمعة و العيدين و الكسوف و الآيات

ص: 175


1- . في «أ»: أحدهما واجب.
2- . في «ب»: و يستقر الباقيات على حالهما.

و الزلزلة و الطواف و الأموات.

544 و الثاني ما وجب بالنذر و اليمين و العهد.
و أمّا النفل فقسمان: مؤقّت و غير مؤقّت.
فالمؤقّت أقسام:
545 أحدها: النوافل اليومية.

و هي أربع و ثلاثون ركعة:

أمام الظهر ثمان، و بعدها كذلك للعصر، و بعد المغرب أربع، و بعد العشاء ركعتان من جلوس يحسبان بركعة، و ثمان صلاة الليل، و ركعتا الشفع، و الوتر، و ركعتان للفجر.

و تسقط نوافل النهار عدا ركعتي الفجر في السفر، و في الوتيرة خلاف(1).

و الباقي من النوافل يأتي.

546 الثاني: النوافل يصلّى كلّ ركعتين منها بتشهّد و تسليم،

إلاّ صلاة الأعرابي(2) و الوتر، و سيأتي بيانهما، فلو زاد على اثنتين لم يجز، قاله في المبسوط(3).

547. الثالث: ركعتا الفجر أفضل من الوتر.
548. الرابع: يستحبّ تقديم نافلة المغرب على سجدة الشكر فيها.

و روي عن الكاظم عليه السّلام التعفير عقيب المغرب، و قال:

«إنّ الدعاء فيها مستجاب»(4).

ص: 176


1- . لاحظ المختلف: 326/2.
2- . لاحظ الوسائل: 57/5، الباب 39 من أبواب صلاة الجمعة، الحديث 3.
3- . المبسوط: 71/1.
4- . الوسائل: 1058/5، الباب 31 من أبواب التعقيب، الحديث 2.
549. الخامس: صلاة الضحى بدعة عندنا.

549. الخامس: صلاة الضحى بدعة عندنا.(1)

550. السادس: يستحب التطوع قائما،

و لو تطوّع جالسا جاز، و ينبغي أن يتربّع، فإذا أراد الركوع قام و ركع.

الفصل الثاني: في المواقيت
اشارة

و النظر يتعلق بأمور

النظر الأوّل: في وقت الرفاهية
اشارة

و فيه ثلاثة مباحث:

551. الأوّل: لكلّ صلاة وقتان: أوّل و آخر،

فالأوّل وقت الفضيلة، و الآخر وقت الإجزاء، و لا يمكن أن يكون الوقت قاصرا عن الفعل، إلاّ إذا كان القصد وجوب القضاء، لاستحالة تكليف ما لا يطاق، و قد وقع الإجماع على جواز التكليف مع التوافق، أمّا مع فضل الوقت، فالصحيح جوازه، خلافا لمن منع الواجب الموسّع، و قد ذكرناه في علم الأصول.

ثم الواجب الموسّع لا يختص زمان منه بالوجوب دون آخر، و يتضيق الوجوب عند آخره، و وجوب العزم عند التأخير إلى ثاني الحال من أحكام

ص: 177


1- . قال المصنّف: و صلاة الضّحى عند العامة ركعتان، و أكثرها ثمان ركعات، و فعلها وقت اشتداد الحرّ. المنتهى: 32/4.

الإيمان، لا لتحقّق البدلية.

552. الثاني: يدخل وقت الظهر بزوال الشمس و انحرافها عن دائرة نصف النهار المعلوم بزيادة ظلّ كلّ شخص في جانب المشرق بعد نقصانه،

أو ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن(1) لمن يستقبل القبلة، إلى أن يمضي مقدار أربع ركعات، ثمّ يشترك الوقت بينها و بين العصر إلى أن يبقى لغروب الشمس مقدار أربع ركعات، فيختصّ بالعصر. روى ذلك داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السّلام(2)، و هي مناسبة للدلائل العقلية.

فإذا غربت الشمس دخل وقت المغرب، و يعرف غروبها بغيبوبة الحمرة المشرقيّة، و لا يكفي استتار القرص على أصحّ القولين، إلى أن يمضي مقدار ثلاث ركعات، ثمّ يشترك الوقت بينها و بين العشاء إلى أن يصير لانتصاف الليل مقدار أربع ركعات، فيختصّ العشاء الآخرة.

و وقت الصبح طلوع الفجر الثاني المستطير(3) ضوؤه، الصادق، لا الفجر الأوّل الكاذب الّذي هو يبدأ مستطيلا(4)، ثم يمحى أثره(5) و يمتدّ الوقت إلى طلوع الشمس.

553. الثالث: وقت الفضيلة للظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله،

و للعصر عند الفراغ من فريضة الظهر إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء

ص: 178


1- . في «ب»: إلى الجانب الأيمن.
2- . الوسائل: 92/3، الباب 4 من أبواب المواقيت، الحديث 7.
3- . أي المنتشر ضوؤه.
4- . مستدقّا كالعمود.
5- . في «أ»: ينمحي أثره.

مثليه، و للمغرب من غروب الشمس إلى غيبوبة الشفق، و هو الحمرة من جانب المغرب، و للعشاء الآخرة إلى ثلث الليل، و للصبح من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الحمرة المشرقيّة. و اللّه أعلم.

النظر الثاني: في أوقات النوافل
اشارة

و فيه ستة مباحث:

554. الأوّل: وقت نافلة الظهر من الزوال إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله،

و في النهاية: إلى أن يبلغ زيادة الظلّ قدمين(1).

555. الثاني: وقت نافلة العصر من عند الفراغ من فريضة الظهر إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء مثليه،

و في النهاية إلى أربعة أقدام(2).

556. الثالث: وقت نافلة المغرب بعدها إلى ذهاب الحمرة المغربيّة.
557. الرابع: وقت الوتيرة عند الفراغ من العشاء،

و يمتدّ بامتداد وقتها، قال الشيخ: و يستحبّ أن يجعلها بعد كلّ صلاة يريد أن يصلّيها(3).

558. الخامس: وقت صلاة الليل بعد انتصافه،

و كلّما قرب من الفجر كان أفضل.

559. السادس: وقت ركعتي الفجر عقيب صلاة الليل إلى طلوع الحمرة،

و تأخيرها إلى الفجر الأوّل أولى.

ص: 179


1- . النهاية: 60.
2- . النهاية: 60.
3- . المبسوط: 76/1، و النهاية: 60.
النظر الثالث: في أوقات المعذورين
اشارة

و نعني بالعذر ما يسقط القضاء، كالجنون و الصبي و الحيض و الكفر.

و له أحوال ثلاثة:

560. [الحالة الأولى: أن يخلو عنها آخر الوقت بقدر الطهارة و أداء ركعة،

كما لو طهرت الحائض قبل الغروب، فيلزمها العصر، و لو طهرت قبله بمقدار الطهارة و خمس ركعات، وجبت الظهر أيضا، و الأربع في مقابلة الظهر لا العصر على إشكال، و تظهر الفائدة في المغرب و العشاء.

و كذا لو طهرت قبل انتصاف الليل بمقدار الطهارة و ركعة وجبت العشاء، و لو كان بمقدار خمس وجبت الفريضتان، و يكون مؤدّيا لكمال الفريضة على رأي، و لو اهمل حينئذ وجب القضاء، و لو قصر الوقت عن ركعة لم يجب.

561. الحالة الثانية: أن يخلو أوّل الوقت،

فإذا دخل الوقت و مضى مقدار الطهارة و ما يتّسع للصلاة بكمالها، وجبت الصلاة. و لو حصل العذر وجب القضاء عند زواله. و لو لم يتّسع لكمال الفريضة لم يجب القضاء.

562. الحالة الثالثة: أن يعمّ العذر جميع الوقت فتسقط الصلاة أداء و قضاء.
النظر الرابع: في الأوقات المكروهة للنوافل

يكره ابتداء النوافل في خمسة أوقات:

ثلاثة منها للوقت: عند طلوع الشمس، و غروبها، و قيامها نصف النهار

ص: 180

إلاّ يوم الجمعة. و اثنان للفعل: بعد الصبح، و بعد العصر، إلاّ النوافل المرتبة، و ماله سبب، كصلاة الزّيارة، و التحية(1) و الإحرام و الطواف، أمّا قضاء النوافل في هذه الأوقات فليس بمكروه، و كره المفيد(2) قضاءها عند طلوع الشمس و غروبها خاصّة. أمّا الفرائض فلا تكره إجماعا، و كذا المنذورة، سواء أطلق النذر أو قيّده، و كذا صلاة الجنائز.

و يستحب إعادة الصلاة الواجبة جماعة لمن صلّى منفردا، و إن كان في أوقات النهي، كالصبح و العصر و المغرب، و لا فرق بين مكّة و غيرها في الكراهيّة، و لا بين الصيف و الشتاء، عملا بالعموم.

النظر الخامس: في الأحكام
اشارة

و فيه سبعة عشر بحثا:

563. الأوّل: الصلاة في أوّل الوقت أفضل،

إلاّ للمتنفّل في الظهرين، و للمجمع في الحرّ الشّديد، و للمفيض إلى المشعر في العشاءين، و للمستحاضة الكثيرة الدّم في الظهر و المغرب، و للمصلّي العشاء إلى أن يغيب الشفق المغربي، و لا إثم في تعجيل الصلاة الّتي يستحبّ تأخيرها.

564. الثاني: لو أخّر عن أوّل الوقت لم يأثم،

564. الثاني: لو أخّر عن أوّل الوقت(3) لم يأثم،

و أجزأ ما يأتي به، و يكون مؤدّيا مع الاختيار. و يستقرّ الوجوب بمضيّ مقدار الطهارة و الفريضة من الوقت،

ص: 181


1- . أي تحية المسجد.
2- . المقنعة: 23.
3- . في «أ»: لو اخّر في أول الوقت.

و لو تضيّق الوقت تحتّم و عصى بالتأخير، فلو ظهر فساد ظنّه و لمّا يخرج الوقت فهو أداء، و لو مات بعد المكنة قبل التضيّق، لم يعص و قضي عنه.

565. الثالث: لو أدرك المكلّف من وقت الصلاة الأولى قدرا تجب به،

ثم جنّ ، أو حاضت المرأة، ثمّ زال العذر بعد وقتهما لم تجب الثانيّة.

566. الرابع: الصبيّ المتطوّع بوظيفة الوقت إذا بلغ في الأثناء بما لا يبطلها

استأنف مع بقاء الوقت، و في المبسوط: يتم(1)، و لو كان قد فرغ وجب عليه الاستئناف مع إدراك الطهارة و ركعة.

567. الخامس: لا يجوز الصلاة قبل دخول وقتها،

فمن صلّى قبل الوقت عامدا أو جاهلا أو ناسيا، بطلت صلاته. و روي تقديم نافلة الليل على انتصافه للمسافر أو للشاب الممنوع بالرطوبة من الاستيقاظ، و قضاؤها من الغد أفضل(2).

568. السادس: لو ظنّ دخول الوقت فصلّى، ثمّ ظهر فساد ظنّه أعاد،

إلاّ أن يكون الوقت دخل، و هو متلبّس و لو بالتسليم، و المرتضى(3) و ابن الجنيد(4)أوجبا الإعادة.

و لو شكّ في دخول الوقت لم يصلّ حتّى يستيقن، أو يغلب على ظنّه إذا فقد طريق العلم، و لا يجوز له العدول إلى الظنّ مع إمكان العلم.

569. السابع: معرفة الوقت واجبة.

و لو أخبره عدل بدخول الوقت، فإن لم

ص: 182


1- . المبسوط: 73/1.
2- . لاحظ الوسائل: 181/3-185، الباب 44 و 45 من أبواب المواقيت.
3- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 62/2؛ و العلاّمة في المختلف: 46/2.
4- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 62/2؛ و العلاّمة في المختلف: 47/2.

يكن طريق سواه و الإخبار عن علم بنى عليه، لإفادته الظنّ ، و لو كان طريق علميّ لم يعوّل على قوله، و لو كان الإخبار عن اجتهاد لم يقلّد، و اجتهد، و لو سمع الأذان من ثقة عارف، و لم يتمكّن من العلم، رجع إليه، و إلاّ فلا.

570. الثامن: الأعمى يقلّد،

فإن ظهر بطلان الإخبار قبل دخول الوقت، أعاد إذا لم يدخل متلبّسا.

571. التاسع: لو شك في دخول الوقت، و صلّى حينئذ،

لم يعتدّ بصلاته و لو اتّفقت في الوقت.

572. العاشر: لو خرج وقت نافلة الظهر و قد تلبّس منها و لو بركعة،

زاحم بها الفريضة، و كذا العصر.

573. الحادي عشر: لو ذهبت الحمرة المغربيّة، و لم يكمل نوافل المغرب،

ابتدأ بالعشاء، و لا يزاحم بما بقي بل يقضيه، و لو طلع الفجر، و قد صلّى أربع ركعات، خفّف الباقي، ثمّ صلّى الفريضة، و لو صلّى دون الأربع بدأ بالفريضة.

574. الثاني عشر: من فاتته فريضة، فوقتها حين يذكرها، ما لم تتضيّق الحاضرة،

و لو ذكرها في أوّل وقت الحاضرة استحبّ تقديمها على الحاضرة، سواء اتّحدت الفائتة، أو تعدّدت، و قيل: بالوجوب(1)، و لو ذكر في أثناء الحاضرة عدل بنيته استحبابا أو وجوبا على الخلاف(2) مع إمكان العدول.

575. الثالث عشر: الفوائت مرتّبة كالحواضر،

575. الثالث عشر: الفوائت مرتّبة(3) كالحواضر،

فلو فاته ظهر و عصر من

ص: 183


1- . المبسوط: 127/1.
2- . لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 3/3.
3- . في «ب»: الفوائت يترتب.

يوم، قدّم الظهر وجوبا، فإن عكس ناسيا عدل بنيّته، و لو لم يذكر حتّى يفرغ أجزأه ما فعله، و لو كان من يومين قدّم السابق منهما، و لو اشتبه سقط الترتيب وجوبا، و استحبّ على وجه الاحتياط، فيصلّى الظهر مرّتين، بينهما العصر، أو بالعكس.

576. الرابع عشر: لو ظنّ انّه صلّى الظهر فاشتغل بالعصر، ثمّ ذكر عدل، و لو كان بعد الفراغ،

فإن صلّى في الوقت المختص بالظهر أعاد بعد الظهر، و إلاّ اكتفى بالظهر، و كذا لو دخل الوقت المشترك، و هو في العصر.

577. الخامس عشر: يستحبّ قضاء نافلة الليل بالنهار،

و نافلة النهار بالليل، لما فيه من المبادرة إلى السّنن.

578. السادس عشر: قال الشيخ رحمه اللّه: الصلاة الوسطى هي الظهر،

578. السادس عشر: قال الشيخ رحمه اللّه: الصلاة الوسطى هي الظهر(1)،

و قال علم الهدى رحمه اللّه: العصر(2).

579. السابع عشر: قال الشيخ رحمه اللّه: يكره تسمية العشاء بالعتمة و الصبح بالفجر.

579. السابع عشر: قال الشيخ رحمه اللّه: يكره تسمية العشاء بالعتمة و الصبح بالفجر(3).

ص: 184


1- . الخلاف: 294/1، المسألة 40 من كتاب الصلاة.
2- . رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الأولى): 275.
3- . المبسوط: 75/1.
الفصل الثالث: في القبلة
اشارة

و مطالبه أربعة

المطلب الأوّل: في القبلة
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

580. الأوّل: القبلة هي الكعبة أو جهتها،

و قال الشيخ رحمه اللّه: الكعبة قبلة من شاهدها، أو كان في حكم المشاهد ممّن كان في المسجد، و المسجد قبلة لمن كان في الحرم، و الحرم قبلة لمن نأى عن الحرم(1) و الأوّل أقرب.

581. الثاني: من كان في المسجد يجوز أن يستقبل مهما أراد من جدرانها

و كذا من صلّى جوف الكعبة.

582. الثالث: لا اعتبار بالبنية،

فلو خربت و العياذ باللّه صلّى إلى جهتها.

583. الرابع: يكره الفريضة جوف الكعبة.

و يستحبّ فيها النافلة، فلو صلّى جوفها بعد خرابها أبرز بين يديه بعضها، و لو صلّى على طرفها لم يصحّ ، و لو صلّى جوفها، و الباب مفتوح، صحّت صلاته، و إن لم يكن هناك عتبة مرتفعة.

584. الخامس: لو صلّى في المسجد جماعة فخرج بعض الصف عن سمت الكعبة،

بطلت صلاة الخارج خاصة، و لو وقف على طرف الكعبة و بعض بدنه على محاذاة ركن لم تصحّ صلاته.

ص: 185


1- . النهاية: 62، و المبسوط: 77/1، و الخلاف: 295/1، المسألة 41 من كتاب الصلاة.
585. السادس: لو صلّى على سطحها أبرز بين يديه منها شيئا و صلّى قائما،

و لا يحتاج إلى نصب شيء قدّامه، و رواية الشيخ رحمه اللّه(1) هنا ضعيفة. و لو لم يبرز شيئا بطلت صلاته.

586. السابع: لو صلّى على موضع أرفع منها،

كجبل أبي قبيس استقبل جهتها، و كذا لو صلّى في موضع منخفض عنها.

587. الثامن: كل إقليم يتوجّهون إلى ركن من الأركان الأربعة،

فأهل العراق إلى العراقيّ : و هو الّذي فيه الحجر، و أهل الشام إلى الشاميّ ، و أهل المغرب إلى المغربيّ ، و اليمن إلى اليمانيّ .

588. التاسع: كلّ قوم من هؤلاء لهم علامات،

وضعها الشارع لمعرفة القبلة، فعلامة العراق و من والاهم: جعل الفجر على المنكب الأيسر، و المغرب على الأيمن، و الجدي محاذي المنكب الأيمن، و عين الشمس عند الزوال على طرف الحاجب الأيمن ممّا يلي الأنف، و القمر ليلة السابع عند المغرب في القبلة، و ليلة إحدى و عشرين في القبلة وقت الفجر.

و أمّا علامة الشام: فان يكون بنات النعش حال غيبوبتها خلف الأذن اليمنى، و الجدي خلف الكتف اليسرى إذا طلع، و موضع مغيب سهيل على العين اليمنى، و طلوعه بين العينين، و الصبا على الخد الأيسر، و الشمال على الكتف الأيمن.

ص: 186


1- . قال الشيخ رحمه اللّه في الخلاف: 441/1، المسألة 188 من كتاب الصلاة: «إذا صلّى فوق الكعبة صلّى مستلقيا على قفاه متوجها إلى البيت المعمور و صلّى إيماء». و مثله في النهاية: 101، و استدل عليه بما رواه عبد السّلام عن الرضا عليه السّلام (لاحظ الوسائل: 248/3، الباب 19 من أبواب القبلة، الحديث 2). و أجاب عنه في المنتهى بأنّ الرواية ضعيفة، لاحظ المنتهى: 167/4.

و أمّا أهل المغرب: فان يكون الثريا على يمينه، و العيّوق على شماله، و الجدي على صفحة خدّه الأسير.

و أمّا أهل اليمن: فان يكون الجدي وقت طلوعه بين عينيه، و سهيل حين مغيبه بين كتفيه، و الجنوب على مرجع كتفه اليمنى.

589. العاشر: يستحبّ لأهل العراق التياسر قليلا إلى يسار المصلي منهم.
المطلب الثاني: في المستقبل
اشارة

و فيه ثلاثة عشر بحثا:

590. الأوّل: يجب الاستقبال في فرائض الصلوات

590. الأوّل: يجب الاستقبال في فرائض الصلوات(1)

مع العلم بجهة القبلة، و لو جهلها عوّل على الأمارات المفيدة للظّن.

و الواقف بالمدينة، ينزّل محراب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في حقّه منزلة الكعبة، فليس له الاجتهاد فيه بالتيامن و التياسر.

591. الثاني: القادر على العلم، لا يجوز له الأخذ بالظنّ و الاجتهاد،

و القادر على الاجتهاد لا يجوز له التقليد، و يجوز أن يعوّل(2) على قبلة البلد إذا لم يعلم انّها بنيت على الغلط.

و الأعمى العاجز يقلّد المكلّف المسلم العارف، و لو فقده قال الشيخ رحمه اللّه:

يقلد الصّبي و المرأة،(3) و ظاهر كلامه في الخلاف ان يصلّي إلى أربع جهات مع

ص: 187


1- . في «ب»: في فرائض الصلاة.
2- . في «أ»: و يجب أن يعوّل.
3- . المبسوط: 80/1.

السعة، و مع الضيق يتخير،(1) و لو صلّى من غير تقليد بل برأيه و لم يستند إلى أمارة، فإن أخطأ أعاد، و إن أصاب، على إشكال.(2)

592. الثالث: لو فقد المبصر العلم اجتهد،

فإن غلب على ظنّه الجهة لأمارة عمل عليه، قاله العلماء كافّة، و لو لم يغلب الظن، و لا أمارة هناك، و اشتبه الحال، صلّى إلى أربع جهات كلّ فريضة مع السعة، و مع التضيق يصلّي ما يتّسع له الوقت، و لو كانت واحدة، و يتخير في الواجبة و الساقطة.

593. الرابع: لو صلّى باجتهاد، ثم حصلت صلاة أخرى،

قال الشيخ: يعيد الاجتهاد، إلاّ أن يعلم عدم تغير الأمارات(3)، فلو اجتهد ثانيا و ظنّ غير الجهة الأولى، لم يعد صلاتها، أمّا لو تغيّر اجتهاده في الصلاة فانّه ينحرف ما لم يكن مستدبرا، أو مشرقا، أو مغربا فيستأنف.

594. الخامس: العامي يرجع إلى قول العدل،

اختاره في المبسوط(4)، و ظاهر كلامه في الخلاف(5) انّه يصلّي إلى أربع جهات.

595. السادس: لو اجتهد و صلّى ثم شكّ في اجتهاده بعد الصلاة أعاد الاجتهاد،

و لو كان في الأثناء استمرّ، أمّا لو بان له الخطاء و لم يعرف جهة القبلة إلاّ بالاجتهاد المحوج إلى الفعل الكثير، فانّه يقطع و يجتهد.

596. السابع: لو صلّى الأعمى بقول واحد و أخبره آخر بخلافه،

مضى في

ص: 188


1- . لاحظ الخلاف: 302/1، المسألة 49 من كتاب الصلاة.
2- . أي فيه وجهان ذكرها في المنتهى ج 176/4.
3- . المبسوط: 81/1.
4- . المبسوط: 79/1.
5- . الخلاف: 302/1، المسألة 49 من كتاب الصلاة.

صلاته مع التساوي في العدالة.

و لو صلّى بقول بصير ثمّ أبصر في الأثناء، عمل على اجتهاده، فإن وافق، و إلاّ عدل إلى ما اجتهده، و لا يستأنف. و لو احتاج في الاجتهاد إلى فعل كثير، فالأقرب الاستمرار.

و أمّا لو كان مقلّدا ثمّ أبصر، فانّه يمضي في صلاته قطعا.

و لو شرع مجتهدا في الصلاة باجتهاده فعمى، استمرّ على اجتهاده، و لو استدار انحرف، و لو اشتبه، و وجد المرشد اتمّ ، و إن تطاول استأنف مع المرشد، و إلاّ إلى أربع جهات.

597. الثامن: من وجب عليه الأربع للاشتباه، إذا غلب على ظنّه الجهة،

فإن كان ما عليه الفعل استمرّ، و إلاّ انحرف إليها، قال في المبسوط(1): و لو كان مستدبرا استأنف، و الأقرب عندي الاستئناف، ما لم يكن بين المشرق و المغرب.

و لو أخبره المجتهد بالخطاء فتبيّن، استأنف ما لم يكن بين المشرق و المغرب.

598. التاسع: لو اختلف اجتهاد رجلين عمل كلّ باجتهاده إذا كانا من أهل الاجتهاد،

و هو العالم بأدلّة القبلة و إن جهل أحكام الشرع، و لا فرق بين أن يتساويا في العلم أو يتفاوتا مع تساويهما في شرائط الاجتهاد في القبلة، و لو ضاق وقت أحدهما عن الاجتهاد قلّد الآخر، و ليس لأحدهما مع الاختلاف الائتمام بصاحبه.

ص: 189


1- . المبسوط: 81/1.
599. العاشر: لو اتّفق الإمام و المأمومون في الجهة بالاجتهاد، ثم عرض ظنّ الفساد، استدار،

فإن غلب ظنّ المأمومين عليه تابعوه، و إلاّ أتمّوا منفردين. و لو اختلفوا رجع كلّ إلى ظنّه.

600. الحادي عشر: المقلّد يرجع إلى أوثق المجتهدين عدالة و معرفة،

و لو رجع إلى المفضول مع الشرائط، فالأقرب الصحّة، و لو تساويا تخيّر، و لا عبرة بظنّه إصابة المفضول.

601. الثاني عشر: المجتهد مع العذر عن الاجتهاد بمرض و شبهه كالمقلّد.
602. الثالث عشر: لو صلّى مقلّدا فأخبره مجتهد،

فإن كان عن يقين رجع إلى قوله، و إلاّ إلى الأعدل، و مع التساوي استمر.

المطلب الثالث: فيما يستقبل له
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

603. الأوّل: الاستقبال شرط في الفرائض أداء و قضاء مع المكنة،

و الأقرب انّ النافلة كذلك.

و يجب الاستقبال بالذبيحة، و بالأموات وقت الاحتضار، و التغسيل، و الصلاة، و الدفن.

و مع شدّة الخوف يسقط فرض الاستقبال، فإن تمكّن من الاستقبال بتكبيرة الافتتاح وجب، و إلاّ فلا، أمّا طالب العدوّ مع الأمن فانّه يجب أن يستقبل.

604. الثاني: لا تجوز الفريضة على الراحلة مع القدرة،

و إن تمكّن

ص: 190

من استئناف الواجبات على رأي، و يجوز لا معها، فيستقبل ما أمكن، و لو لم يتمكّن استقبل بتكبيرة الإحرام، فإن لم يتمكّن سقط.

و لا بأس بالتنفّل على الراحلة اختيارا و يتوجه حيث توجّهت، و يستحبّ أن يتوجّه بتكبيرة الإحرام، سواء كان مسافرا أو لا، و إن كان الأفضل النزول.

605. الثالث: إذا صلّى على الراحلة فرضا مع الضرورة، و نفلا مع الاختيار،

و لم يتمكّن من استيفاء الأفعال(1)، أومأ للركوع و السجود، و جعل السجود أخفض.

606. الرابع: لا فرق بين الحمار و البعير و الفرس و غيرها من أصناف الحيوانات،

طاهرة كانت أو نجسة، ما لم يتعدّ نجاستها، فيجب التوقّي بالحائل مع المكنة.

607. الخامس: لو لم يتمكّن من الاستقبال في الابتداء، و تمكّن في الأثناء،

وجب.

608. السادس: قبلة المصلّي على الراحلة حيث توجّهت،

فلو عدل فإن كان إلى القبلة جاز إجماعا، و إلاّ فالأقرب الجواز للآية(2).

609. السابع: لو صلّى على الراحلة اضطرارا، فاحتاج إلى النزول، نزل و تمّم على الأرض،

و لو كان يتنقّل على الأرض فاحتاج إلى الركوب ركب، و أتمّ الصلاة ما لم يحتج إلى فعل كثير.

610. الثامن: لا يجوز أن يصلّي الفريضة ماشيا مع الاختيار،

و هو قول كل

ص: 191


1- . في «أ»: و لم يتمكن من الاستيفاء بالأفعال.
2- . و هي قوله تعالى: فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اَللّٰهِ . البقرة: 115.

من يحفظ عنه العلم. و المضطرّ يصلّي على قدر مكنته و يستقبل القبلة ما تمكّن، و إلاّ فبالتكبيرة، و يجوز التنفّل ماشيا اختيارا.

611. التاسع: حكم المنذورات و صلاة الجنائز، حكم الفرائض الخمس

في جميع ما تقدّم.

612. العاشر: البعير المعقول و الأرجوحة المعلّقة بالحبال،

612. العاشر: البعير المعقول و الأرجوحة(1) المعلّقة بالحبال،

لا تصحّ الفريضة فيهما اختيارا على إشكال.

المطلب الرابع: في أحكام الخلل
اشارة

و فيه أربعة مباحث:

613. الأوّل: من ترك الاستقبال في الفريضة عمدا مختارا

وجب عليه الإعادة في الوقت و خارجه، و لو ظنّ الاستقبال ثم تبيّن الخطأ في الأثناء، انحرف إن كان بين المشرق و المغرب، و إلاّ استأنف.

و لو بان الخطاء بعد الفراغ و كان بينهما فلا إعادة، و إن كان إليهما أعاد في الوقت، لا خارجه.

و إن كان مستدبرا، قال الشيخان: يعيد في الوقت و يقضي خارجه.(2) و قال السيد المرتضى: يعيد و لا يقضي(3).

ص: 192


1- . الأرجوحة: حبل يشدّ طرفاه في موضع عال ثم يركبه الإنسان و يحرّك و هو فيه، سمّي به لتحرّكه و مجيئه و ذهابه. النهاية لابن الأثير.
2- . الشيخ المفيد في المقنعة: 14، و الشيخ الطوسي في النهاية: 64، و المبسوط: 80/1، و الخلاف: 303/1، المسألة 51 من كتاب الصلاة.
3- . الناصريات: 202، المسألة 80.
614. الثاني: قال الشيخ: حكم الناسي و المصلّي لشبهة حكم الظّانّ ،

حتّى أنّه إن كان الوقت باقيا أعاد، إن كان بين المشرق و المغرب و إن خرج لم يعد(1)و فيه إشكال.

615. الثالث: لا يجوز التعويل على قول الكافر في القبلة مع فقد الاجتهاد و المسلم العارف،

و لو أفاده الظنّ فالأقرب القبول، و كذا الفاسق.

و لو وجد للمشركين كالنصارى قبلة إلى المشرق في محاريبهم، ففي جواز الاستدلال بها على المشرق تردّد.

و لو أخبره مسلم لا يعرف عدالته و لا فسقه، فالأقرب القبول، و لو لم يعلم حال المخبر و شكّ في إسلامه و كفره، لم يقبل قوله بدون الظّنّ ، بخلاف الشك في عدالة المسلم، لأنّ حاله يبنى على العدالة، أمّا الصبيّ فلا يقبل قوله، و يقبل من المرأة و الواحد.

616. الرابع: المصلّي في السفينة يستقبل القبلة مع المكنة،

و إلاّ بتكبيرة الإحرام ثمّ يستقبل صدرها.

ص: 193


1- . النهاية: 64.
الفصل الرابع: في اللباس
اشارة

و فيه مطالب ثلاثة

المطلب الأوّل: فيما يحرم الصلاة فيه من اللباس
اشارة

و فيه تسعة مباحث:

617. الأوّل: لا تجوز الصلاة في جلد الميتة و إن دبغ،

و يكتفي في العلم بالتذكية وجوده في يد مسلم لا يستحلّ جلد الميتة، أو في سوق المسلمين، أو في البلد الغالب فيه الإسلام، مع عدم العلم بالموت، و لا يكفي الأخير، فلو وجد مطروحا لم يحكم بالتذكية.

و كذا يحرم حمائل السيف من الميتة و شبهها، لقول الصادق عليه السّلام:

«لا تصلّ في شيء منه و لا في شسع»(1).

و لا فرق بين الميت الطاهر في حياته و النجس و المأكول اللحم و غيره، و لا بين أن يكون على جسده ثوب طاهر غيره أو لا يكون.

و لو أخبره مستحلّ الميتة بالتذكية لم يقبل، بخلاف ما لو أخبره بطهارة الثوب المطروح.

618. الثاني: لا تجوز الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه كالسباع و شبهها،

ص: 194


1- . الوسائل: 249/3، الباب 1 من أبواب لباس المصلّي، الحديث 2.

سواء كانت طاهرة حال الحياة كالسبع و الفهد، أو نجسة كالكلب و الخنزير، و سواء ذكّيت أو لم تذك، و سواء دبغ جلدها أو لم يدبغ، و أطلق الشيخ في الخلاف(1) القول بنجاسة المسوخ، و كذا المفيد(2) و علم الهدى(3)، و نحن في هذا من المتوقّفين(4).

619. الثالث: لا تجوز الصلاة في شعر كلّ ما يحرم أكله، و لا في صوفه،

و لا في وبره إلاّ الخزّ الخالص و الحواصل و السنجاب على قول، و في وبر الثعالب و الأرانب و الفنك(5) و السمور روايتان(6) الأقوى المنع.

620. الرابع: في التّكّة و القلنسوة من جلد ما لا يؤكل لحمه إشكال،

أحوطه المنع، و لو عملت القلنسوة من وبر ما لا يؤكل لحمه، أو التّكّة منه، أو من حرير محض، فللشيخ قولان(7).

621. الخامس: أجمع علماء الإسلام على تحريم لبس الحرير المحض للرجال في حال الصلاة و غيرها،

إلاّ عند الضرورة، و على تسويغه للنساء في غير الصلاة، و هل يسوغ لهنّ الصلاة فيه ؟ منع ابن بابويه منه(8)، و الحقّ خلافه، و لو

ص: 195


1- . الخلاف: 73/6، المسألة 2 من كتاب الأطعمة.
2- . المقنعة: 25.
3- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 81/2؛ و المصنّف في المنتهى: 210/4 عن المصباح للسيد المرتضى قدّس سرّه.
4- . و اختار المصنّف في المنتهى: 210/4، الطهارة حيث قال: «و الأقرب عندي الطهارة».
5- . في «ب»: «و الفيل» بدل «و الفنك» و الأولى ما في المتن.
6- . بل روايات، لاحظ الوسائل: 3، الباب 4 و 5 و 7 من أبواب لباس المصلّي.
7- . أحدهما المنع، ذكره في النهاية: 98؛ و الثاني الكراهة، ذكره في المبسوط: 84/1.
8- . الفقيه: 171/1 في ذيل الحديث رقم 807.

صلّى الرجل فيه مختارا بطلت صلاته، و لا فرق بين أن يكون الحرير ساترا أو غير ساتر، بأن تكون العورة مستورة بغيره.

أمّا في حال الضرورة أو الحرب فلا بأس بلبسه للرجال، و يجوز لهم افتراشه و الوقوف عليه.

أمّا الممتزج بغيره فلا بأس بلبسه للرجال و الصلاة فيه، و ان كان الابريسم غالبا ما لم يستهلكه بحيث يصدق عليه انّه إبريسم.

و لا بأس بالثوب المكفوف بالحرير المحض على كراهية، و الكفّ (1) ما يوضع في رءوس الأكمام، و أطراف الذيل، و حول الزيق.

و لا يحرم على الوليّ تمكين الطفل من لبسه.

622. السادس: تحرم الصلاة في الثوب المغصوب مع العلم بالغصب،

أجمع عليه علماء الأمصار، و لو صلّى فيه عالما بالغصبيّة بطلت صلاته عند علمائنا أجمع، و لا فرق بين أن يكون ساترا أو غيره، بأن يكون فوق الساتر أو تحته، و الأقرب بطلان الصلاة في الخاتم المغصوب و شبهه.

و لو جهل الغصب صحّت صلاته، و لو علمه و جهل التحريم، بطلت، و لو علم في أثناء الصلاة نزعه و أتمّ صلاته، إلاّ أن لا يكون عليه غيره، و يحتاج في الساتر إلى فعل كثير، فيستأنف بعد الساتر.

و لو أذن المالك للغاصب أو لغيره صحّت الصلاة فيه، و لو أذن مطلقا جاز لغير الغاصب دونه، عملا بشاهد الحال.

ص: 196


1- . أي المراد بالكفّ .

و لو تقدّم العلم بالغصبيّة ثمّ نسي حال الصّلاة ففي صحّتها إشكال.

623. السابع: تبطل الصلاة في خاتم ذهب،

و كذا المنطقة، و الثوب المنسوج بالذهب و المموّه به للرجال خاصة، و هل يجوز افتراشه ؟ فيه إشكال، أقربه التحريم. و تكره في خاتم حديد، و منع بعض أصحابنا منه تعويلا على رواية ضعيفة(1).

624. الثامن: قال الشيخان: لا تجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم

624. الثامن: قال الشيخان(2): لا تجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم

كالشمشك و النعل السنديّ (3)، و كرهه في المبسوط(4)، و هو الأقرب.

أمّا ماله ساق كالخف و الجرموق(5) فلا بأس به إجماعا، بشرط أن يكون من جلد ما تصحّ الصلاة فيه، و لا يشترط فيه الطهارة، و يستحبّ في النعل العربي.

625. التاسع: تحرم الصلاة في الثوب النجس مع العلم بالنجاسة غير المعفوّ عنها،

و قد سلف.

المطلب الثاني: فيما يجوز الصلاة فيه
اشارة

و فيه أربعة و عشرون بحثا:

626. الأوّل: جلد كلّ ما يؤكل لحمه مع التذكية تجوز الصلاة فيه،

ذهب إليه

ص: 197


1- . لاحظ الوسائل: 303/3 و 304، الباب 32 من أبواب لباس المصلي، الحديث 1 و 6.
2- . المقنعة: 152، و النهاية: 98.
3- . نعل سندية: منسوبة إلى بلاد السند، أو إلى السندية قرية معروفة من قرى بغداد. مجمع البحرين.
4- . المبسوط: 83/1.
5- . في مجمع البحرين: جرموق - كعصفور -: خف واسع قصير يلبس فوق الخف، و الجمع جراميق كعصافير.

علماء الأمصار، و كذا الصوف، و الشعر، و الوبر منه، سواء جزّ من حيّ أو مذكّى أو ميّت، و لو قلع من الميّت قال الشيخ: لا يجوز استعماله(1) و الأقرب جوازه مع الغسل، و الخلوّ عن شيء من أجزائه، و لو شك في الصوف هل هو ممّا يؤكل لحمه أو لا؟ لم تجز الصلاة فيه.

627. الثاني: تجوز الصلاة في الخزّ الخالص لا المغشوش بوبر الثعالب و الأرانب،

و لو كان الثوب من إبريسم و خزّ جازت الصلاة فيه.

و الأقرب المنع في الخزّ(2) المغشوش بصوف ما لا يؤكل لحمه و شعره، و يختص الرخصة بوبر الخزّ لا بجلده، عملا بالتوقيف على مورد النص(3).

628. الثالث: تجوز الصلاة في ثوب واحد للرجال إذا كان صفيقا،

و تكره إذا كان شافّا رقيقا، و لو حكى ما تحته لم يجز.

629. الرابع: تكره في الثوب الّذي تحت وبر الأرانب و الثعالب و الّذي فوقه،

و منع الشيخ(4) لرواية مرسلة(5) ضعيف.

630. الخامس: تكره في الثياب السود ما عدا العمامة و الخف.

و كذا يكره المزعفر و المعصفر و الأحمر للرجال.

631. السادس: يكره أن يأتزر فوق القميص و لا يكره تحته.

ص: 198


1- . النهاية: 585 - كتاب الصيد و الذباحة -
2- . في «ب»: المنع من الخز.
3- . لاحظ الوسائل: 262/3، الباب 9 من أبواب المصلي، الحديث 1.
4- . النهاية: 98.
5- . لاحظ الوسائل: 259/3، الباب 7 من أبواب لباس المصلّي، الحديث 8.
632. السابع: يكره اشتمال الصّمّاء بإجماع العلماء،

و هو أن يلتحف بالإزار، و يدخل طرفيه تحت يده و يجمعهما على منكب واحد.(1)

633. الثامن: يكره السّدل في الصلاة كما يفعل اليهود،

و هو ان يتلفّف بالإزار، فيدخل في الإزار و لا يرفعه على كتفيه. و هذا تفسير أهل اللغة في اشتمال الصّمّاء.

634. التاسع: يجوز أن يصلّي الرجل في ثوب واحد يأتزر ببعضه و يرتدي بالباقي.
635. العاشر: تكره الصلاة في عمامة لا حنك لها.
636. الحادي عشر: يكره أن يأمّ الرجل في غير رداء،

و هو الثوب الّذي يجعل على الكتفين.

637. الثاني عشر: يكره استصحاب الحديد بارزا في الصلاة.
638. الثالث عشر: تكره في ثوب يتّهم صاحبه بعدم توقّيه من النجاسة.
639. الرابع عشر: تجوز الصلاة في ثوب عمله أهل الذمة إذا لم يعلم مباشرتهم له بالرطوبة،

و يستحبّ غسله حينئذ، أمّا مع العلم فيجب، و كذا غيرهم من أصناف الكفار.

640. الخامس عشر: لو صلّى في ثوب غيره أيّاما ثمّ أخبره صاحبه بنجاسته لم يعد صلاته،

لرواية عيص بن القاسم الصحيحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام(2).

ص: 199


1- . و هو خيرة الشيخ في المبسوط: 83/1 و وصفه المصنّف في المنتهى: 249/4 بكونه أصحّ الأقوال و نقل آراء أخرى في تفسيرها.
2- . لاحظ الوسائل: 1060/2، الباب 40 من أبواب النجاسات، الحديث 6.
641. السادس عشر: تكره الصلاة في ثوب فيه تماثيل،

و لو غيّر الصورة زالت الكراهية، و لو كان في قبلته و سادة ذات تمثال حوّلها، و يجوز أن يصلّي على بساط فيه تماثيل.

و لو كانت معه دراهم، عليها تماثيل، سترها عن نظره، و تكره في خاتم عليه صورة، و في خلخال للمرأة مصوّت، و لو كان أصمّ لم يكره لها.

642. السابع عشر: تكره الصلاة في اللّثام للرجل إذا لم يمنع سماع القراءة،

و لو منع حرم، و لو كان اللثام على جبهته، وجب كشفه عند السجود، و يكره النقاب للمرأة.

643. الثامن عشر: قال الشيخان

643. الثامن عشر: قال الشيخان(1) و علم الهدى: يكره للرجل أن يصلّي و عليه قباء مشدود،

643. الثامن عشر: قال الشيخان(1) و علم الهدى(2): يكره للرجل أن يصلّي و عليه قباء مشدود،

إلاّ في الحرب، و لا يتمكن من حلّه.

قال في التهذيب: ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه، و سمعناها من الشيوخ مذاكرة و لم أجد به خبرا مسندا(3).

644. التاسع عشر: يجوز أن يصلّي و معه فأرة المسك،

و كذا يجوز و عليه البرطلة(4).

645. العشرون: يجوز للرجل و المرأة أن يصلّيا مختضبين،

أو عليهما خرقة الخضاب مع طهارتها، و الأولى نزع الخرقة، و أن يصلّي بارز اليد.

ص: 200


1- . المقنعة: 152، و المبسوط: 83/1.
2- . نقل عنه المحقق في المعتبر: 99/2.
3- . التهذيب: 232/2، ذيل الحديث 913، و لاحظ الوسائل: 314/3، الباب 41 من أبواب لباس المصلّي، الحديث 1.
4- . في مجمع البحرين: البرطلة بالضم: قلنسوة، و ربّما تشدّد.

و كذا يجوز للرجل أن يصلّي و يداه تحت ثيابه، و إن أخرجهما كان أولى.

646. الحادي و العشرون: تجوز الصلاة في ثياب القطن و الكتّان

و جميع ما تنبته الأرض، من حشيش مملوك أو في حكمه مع الخلوّ من النجاسة إجماعا.

647. الثاني و العشرون: يجوز أن يصلّي و في كمّه طائر يخاف فوته،

أو في فيه خرز أو لؤلؤ إذا لم يمنع القراءة، و لو منع حرم.

648. الثالث و العشرون: قال الشيخ: لا يجوز أن يصلّي الرجل و هو معقوص الشعر،

و لو فعل بطلت(1) و يجوز للمرأة، و عندي فيه نظر، أقربه الكراهية.

قال في الصحاح: عقص الشعر: ضفره وليّه على الرأس كالكبّة(2). و قيل:

جعله كالكبّة في مقدّم الرأس على الجبهة، و على هذا إن منع من السجود فالحقّ ما قاله الشيخ، و إلاّ فلا.

649. الرابع و العشرون: يجوز أن يصلّي و على ثوبه شيء من شعره أو ظفره إذا لم ينفضهما

لأنّهما طاهران.

ص: 201


1- . الخلاف: 510/1، المسألة 255 من كتاب الصلاة.
2- . لاحظ الصحاح مادة «عقص» و ليس في المصدر لفظة «كالكبّة».
المطلب الثالث: في ستر العورة
اشارة

و النظر في أمرين

النظر الأوّل: [في العورة
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

650. الأوّل: أجمع علماء الإسلام على وجوب ستر العورة،

و هو شرط في الصلاة عندنا.

و العورة في الرجل: القبل و الدبر، و قول ابن البراج: إنّها من السرة إلى الركبة(1) لم يثبت عندي، و هل البيضتان منها؟ في بعض الروايات: إذا سترت القضيب و البيضتين فقد سترت العورة(2)؛ و لا فرق بين الحر و العبد، و ليست السرة و لا الركبة من العورة بإجماعنا.

و أمّا في المرأة فالجسد كلّه عورة، يجب ستره في الصلاة ما عدا الوجه و الكفّين و ظهر القدمين.

651. الثاني: المرأة البالغة الحرّة يجب عليها ستر رأسها في الصلاة،

بخلاف الأمة و الصبيّة.

652. الثالث: الأولى استحباب القناع للأمة،

و لم أقف فيه على نصّ .

653. الرابع: أمّ الولد كالأمة،

و إن كان ولدها حيّا، و كذا المدبّرة و المكاتبة

ص: 202


1- . المهذب: 83/1 (باب ستر العورة).
2- . الوسائل: 365/1، الباب 4 من أبواب آداب الحمام، الحديث 2.

المشروطة و المطلقة الّتي لم تؤدّ من مكاتبتها شيئا، أمّا المعتق بعضها بكتابة و غيرها فكالحرّة.

654. الخامس: لو صلّت الأمة مكشوفة الرأس، فاعتقت في الأثناء، أخذت الساتر مع القدرة و عدم الفعل الكثير،

و لو احتاجت إليه فالأقرب قطع الصلاة مع سعة الوقت، و الاستمرار مع الضيق، و سوّغ الاستمرار في الخلاف(1)، و لو لم تعلم بالعتق حتى أتمّت الصلاة، صحّت صلاتها، و لو علمته و لم تعلم وجوب الستر لم تعذر(2).

655. السادس: لو بلغت الصبيّة في الأثناء بالمبطل استأنفت الصلاة،

و كذا بغيره مع إمكان الأداء، و إلاّ أتمّت استحبابا.

656. السابع: لا يجوز للأمة كشف شيء من جسدها

عدا الوجه و الكفّين و القدمين و الرأس.

657. الثامن: الخنثى المشكل يجب عليه ستر فرجيه إجماعا،

و إن كان أحدهما زائدا، و هل يجب ستر جميع جسده كالمرأة ؟ لأنّ الشرط لا يتيقّن حصوله بدونه، أو لا يجب ؟ لأصالة البراءة، فيه إشكال(3).

658. التاسع: يجب أن يكون الساتر ما يحول بين الناظر و بين لون البشرة،

و يستحبّ للرجل أن يستر جميع جسده، و يتعمّم، و يتحنّك، و يرتدي في

ص: 203


1- . الخلاف: 396/1، المسألة 146 من كتاب الصلاة.
2- . في «أ»: «لم تعد». قال المصنف في المنتهى: 278/4: لو علمت بالعتق و لم تعلم بوجوب الستر لم تكن معذورة في ذلك.
3- . و استقرب المصنّف في المنتهى الأوّل. فلاحظ منتهى المطلب: 277/4.

الصلاة، و يستحبّ للمرأة أن تصلّي في ثلاثة أثواب: درع و قناع و إزار.

659. العاشر: [قول أمير المؤمنين عليه السلام «لا تصلّي المرأة عطلا»

روى غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

«لا تصلّي المرأة عطلا»(1).(2).

النظر الثاني: في أحكام الخلل
اشارة

و فيه ستة عشر بحثا:

660. الأوّل: الفاقد للساتر لا يسقط عنه فرض الصلاة،

و لو وجد جلدا طاهرا أو حشيشا يمكنه الاستتار به وجب. و لو وجد طينا وجب عليه تطيين العورة.

661. الثاني: لو فقد الساتر صلّى قائما مع أمن المطّلع بالإيماء للركوع و السجود،

و إلاّ جالسا موميا بهما، لرواية عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام(3) و السيّد أطلق القول بالجلوس و الإيماء(4) و ليس بمعتمد، و لا فرق بين الرجل و المرأة.

662. الثالث: لو صلّى على ما أمر لم يعد،

و لو صلّى على غير المأمور كأن يقوم و يركع و يسجد مع الخوف من الاطّلاع، فانّه يعيد و إن لم يره أحد.

663. الرابع: لو انكشفت عورته في الأثناء و لم يعلم صحّت صلاته،

و لو علم في الأثناء سترها، سواء طالت المدة قبل علمه أو لم تطل، أدّى ركنا أو لا،

ص: 204


1- . في مجمع البحرين: عطلت المرأة من الحلي من باب قتل: عطلا و عطولا: إذا لم يكن عليها حلي، و في الحديث: «يا علي مر نساءك لا يصلّين عطلا» بضمتين أراد فقدان الحلي.
2- . الوسائل: 335/3، الباب 58 من أبواب لباس المصلّي، الحديث 1.
3- . الوسائل: 326/3، الباب 50 من أبواب لباس المصلّي، الحديث 1.
4- . جمل العلم و العمل (في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية): 189/3.

و لو علم به و لم يستره أعاد، سواء انكشفت ربع العورة أو أقلّ أو أكثر، و لو قيل:

بعدم الاجتزاء بالستر كان وجها، لأنّ الستر شرط و قد فات.

664. الخامس: إذا صلّى قائما أو جالسا يضمّم و لا يتربّع،

لئلاّ تبدو العورة.

665. السادس: لو وجد حفيرة دخلها و صلّى قائما بركوع و سجود،

و هي رواية أيّوب بن نوح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام(1).

666. السابع: لو وجد وحلا أو ماء كدرا لو نزله لستره وجب مع انتفاء المشقّة،

666. السابع: لو وجد وحلا أو ماء كدرا(2) لو نزله لستره وجب مع انتفاء المشقّة،

و كذا لو وجد بارية يستتر بها.

و لو وجد ما يستر إحدى العورتين وجب، و صلّى كالعاري، و هل يتخيّر في ستر أيّهما شاء؟ قيل: نعم، و قيل: القبل أولى، لاستقبال القبلة به و استتار الدبر.

بالأليتين، و كون الركوع و السجود إيماء، فلا يظهر كظهور القبل، و هو حسن.

667. الثامن: قال في المبسوط: لا بأس أن يصلّي في ثوب و لا يزرّ جيبه،

فإن كان في الثوب خرق لا يحاذي العورة(3) جاز، و إن حاذاه لم يجز. و يجوز أن يصلّي في قميص واحد، و أزراره محلولة، واسع الجيب كان أو ضيّقة، دقيق الرقبة كان أو غليظها، سواء كان تحته مئزر أو لم يكن(4)، و لو كان الجيب واسعا فيظهر له عورته لو ركع جاز.

668. التاسع: لا يجب على العاري تأخير الصلاة إلى آخر الوقت،

خلافا

ص: 205


1- . و إليك نص الحديث: «العاري الّذي ليس له ثوب إذا وجد حفرة دخلها فسجد فيها و ركع». الوسائل: 326/3، الباب 50 من أبواب لباس المصلّي، الحديث 2.
2- . في «أ»: مكدرا.
3- . في المصدر: «لا يوارى العورة».
4- . المبسوط: 88/1.

للمرتضى(1) و سلاّر(2). و لو غلب على ظنّه وجود الساتر في أثناء الوقت، فالوجه وجوب التأخير.

669. العاشر: لو وجد المعير وجب القبول،

و لا يجب على المعير الإعارة، بل يستحبّ .

و لو وجد الواهب، قال الشيخ: يجب القبول أيضا(3)، و هو حسن.

و لو وجد البائع و معه ثمن لا يتضرّر بدفعه وجب و إن زاد عن ثمن المثل، و إلاّ لم يجب.

670. الحادي عشر: لو لم يجد إلاّ ثوبا نجسا فالأقرب الصلاة عاريا،

و لو لم يجد إلاّ مغصوبا لم يجز لبسه، و لو لم يجد إلاّ حريرا أو جلد ما لا يؤكل لحمه و هو طاهر، لم يجب لبسه.

و في المبسوط: لو لم يجد إلاّ جلدا طاهرا، أو ورقا، أو قرطاسا وجب ستر العورة به(4).

671. الثاني عشر: لو وجد العاري ما يستر عورته وجب،

و لا يجب عليه ستر المنكبين، بل يستحب، و لو لم يجد ثوبا يطرحه على عاتقه، طرح شيئا و لو حبلا، و يكتفي في الاستحباب بمهما كان كالخيط و شبهه.

672. الثالث عشر: يستحبّ للعراة الجماعة، و يصلّون جلوسا،

يتقدّمهم

ص: 206


1- . رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الثالثة: 49.
2- . المراسم: كتاب الصلاة، ذكر باقي القسمة: 76؛ و نقله عنه المختلف: 102/2.
3- . المبسوط: 88/1.
4- . المبسوط: 88/1.

إمامهم بركبتيه، و يركع و يسجد بالإيماء، و هل يركع المأمومون و يسجدون على الأرض أو بالإيماء؟ قال الشيخ بالأوّل(1) و السيد بالثاني(2)، و كذا يستحبّ للنساء العراة أن يصلّين جماعة كالرجال، و لو احتاجوا إلى وضع صفوف أومأ المتقدمون للركوع و السجود إجماعا.

و لو اجتمع النساء العواري و الرجال جاز أن تصلّي النساء خلف الرجال على إشكال.

673. الرابع عشر: لو كان معهم من له ثوب صلّى فيه بركوع تام و سجود كامل،

673. الرابع عشر: لو كان معهم من له ثوب صلّى(3) فيه بركوع تام و سجود كامل،

فإن أعاره و صلّى عاريا لم تصحّ صلاته، و لو بذل لهم صاحب الثوب ثوبه، و خافوا خروج الوقت صلّوا عراة، و لو صلّوا جماعة أمّهم صاحب الثوب، و لو كان أمّيّا لم يؤمّهم و لا يأتمّ بهم. و لو ضاق الوقت و أراد إعارته استحبّ إعارته للقارئ ليأتمّ به الأمّيّ ، و لو أعار الأميّ كان الحكم ما تقدّم، و لو استووا أعار بالقرعة، و لو كان معهم نساء استحبّ له تخصيصهنّ به.

674. الخامس عشر: يجب ستر العورة عن العيون في غير الصلاة.

و لا يجب في الخلوة إلاّ في الصلاة.

675. السادس عشر: [في لعن رسول الله صلى الله عليه و آله طوائف من النساء

روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم انّه لعن الواصلة و المستوصلة و الواشمة و المستوشمة و الواشرة و المستوشرة. و في رواية عوض الواشمة: النامصة و المتنمصة(4). و ليس تعليل التحريم في الوصل نجاسة الشعر،

ص: 207


1- . المبسوط: 88/1، و النهاية: 130.
2- . جمل العلم و العمل، في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية: 189/3.
3- . في «أ»: يصلّي.
4- . لاحظ الوسائل: 94/12 و 95، الباب 19 من أبواب ما يكتسب به.

و لا تحريم نظره إذا كان من أجنبيّة، و قيل: إن كانت غير ذات بعل، فالعلة التهمة و إلاّ فالتدليس على الزوج، و لو أذن لم يحرم.

الفصل الخامس: في المكان
اشارة

و مطالبه ثلاثة

المطلب الأوّل: فيما يحرم الصلاة فيه
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

676. الأوّل: تحرم الصلاة في المكان المغصوب

بإجماع العلماء، و إن كانت جمعة، و لو صلّى فيه مع العلم بالغصبيّة، و المكنة من الخروج، بطلت صلاته، و إن جهل التحريم.

و لو كان جاهلا بالغصبيّة، أو مضطرّا صحّت صلاته، و لا فرق بين الغاصب و من أذن له؛ قاله الشيخ رحمه اللّه(1) و هو جيّد، لأنّ الغاصب لا يصح تصرّفه مباشرة فكذا إذنه. و حمل بعض المتأخرين الإذن هنا على المالك(2) فاستبعد هذا القول، و ليس بجيّد.

677. الثاني: لا فرق بين أن يغصب رقبة الأرض بأن يدّعيها، أو منافعها

بأن يدّعي إجارتها، و كذا لو أخرج روشنا أو ساباطا في موضع يحرم عليه، أو غصب سفينة و صلّى فيها، أو على بساط مغصوب.

ص: 208


1- . المبسوط: 84/1.
2- . لاحظ المعتبر: 109/2.
678. الثالث: لو أذن له المالك صحّت صلاته،

سواء كان المأذون له الغاصب أو غيره، و لو أذن غير المالك لم يعتدّ به، و لو أذن المالك مطلقا صحّت صلاة غير الغاصب دونه(1).

و لو دخل ملك غيره بغير إذنه و علم بشاهد الحال عدم كراهية المالك للصلاة فيه صحّت، و على هذا تجوز الصلاة في البساتين، و إن لم يعرف أربابها، فلو كان البستان مغصوبا فالأقرب المنع.

679. الرابع: لو أمره المالك بالخروج، وجب المبادرة،

و يصلّي خارجا، و لو ضاق الوقت صلّى و هو آخذ في الخروج و يومئ للركوع و السجود، و يستقبل ما يمكن(2)، و أطبق العلماء(3) كافّة على تخطئة أبي هاشم(4) في هذا المقام(5).

680. الخامس: لا تجوز الصلاة في مكان يتعدّى نجاسته إليه.

و لو لم يتعدّ جاز إذا كان موضع الجبهة طاهرا، و كذا البساط، و سواء تحرّك النجس بحركته أو لا.

ص: 209


1- . قال المصنف في المنتهى: 299/4: لو أذن المالك على الإطلاق صحّ لغير الغاصب الصلاة قطعا، و في الغاصب تردّد أقربه عدم انصراف الإذن إليه عملا بشاهد الحال.
2- . في «أ»: ما أمكن.
3- . في «أ»: و اطبق العقلاء.
4- . عبد السّلام بن محمد بن عبد الوهاب بن أبي علي الجبائي المتوفّى 321 ه، قال ابن خلّكان: المتكلم المشهور العالم بن العالم، كان هو و أبوه من كبار المعتزلة، و لهما مقالات على مذهب الاعتزال، و كتب الكلام مشحونة بمذاهبهما و اعتقادهما. وفيات الأعيان: 183/3.
5- . قال المصنف في المنتهى: 300/4: قال أبو هاشم: لو توسّط أرضا مغصوبة و هو آخذ في الخروج كان عاصيا بالكون المطلق، فيعصي حينئذ بالخروج، لأنّه يتصرف بالكون فيه و باللبث، لأنّه تصرّف أيضا. فعلى هذا القول لا تجوز له الصلاة و هو آخذ في الخروج، سواء تضيّق الوقت أو لا، لكنّ هذا القول عندنا باطل، لأنّه يلزم منه التكليف بما لا يطاق....

و لو بسط على النجس طاهرا و صلّى عليه صحّت إجماعا.

و لو صلّى و قدمه فوق حبل مشدود في رقبة كلب صحّت صلاته، و كذا لو شدّ الطرف الآخر في وسطه أو يده.

681. السادس: الأقرب عدم تحريم الفريضة جوف الكعبة،

خلافا لقوم.

682. السابع: قال الشيخان رحمهما اللّه: لو صلّت المرأة و الرجل عن أحد جانبيها أو خلفها مصلّيا بطلت صلاتهما.

682. السابع: قال الشيخان رحمهما اللّه: لو صلّت المرأة و الرجل عن أحد جانبيها أو خلفها مصلّيا بطلت صلاتهما.(1)

و كرهها السيّد.(2) و هو الحقّ .

683. الثامن: لو كانت قدّامه أو إلى أحد جانبيه قائمة أو جالسة أو نائمة أو على أيّ حال كانت غير مصلّية لم تبطل صلاته

إجماعا، و كذا لو كانت خلفه أو كانت قدّامه أو إلى أحد جانبيه و بينهما بعد عشرة أذرع، أو كان بينهما حائل.

و لو كان الرجل أعمى فالوجه الصحة، و لو غمض الصحيح عينيه فإشكال.

684. التاسع: لو كانا في موضع ضيق لا يتمكّنان من التباعد، صلّى الرجل أوّلا، ثم المرأة،

و لو صلّت المرأة أوّلا صحّت صلاتهما.

685. العاشر: قال الشيخ رحمه اللّه: لو صلّت خلف إمام، بطلت صلاة من إلى جانبيها و خلفها،

و لو صلّت إلى جنبه، بطلت صلاتها و صلاة الإمام، دون صلاة المأمومين(3).

ص: 210


1- . المقنعة: 152، و المبسوط: 86/1، و النهاية: 100.
2- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 110/2.
3- . المبسوط: 86/1.
المطلب الثاني: فيما تجوز الصلاة فيه [من المكان
اشارة

و فيه سبعة و عشرون بحثا:

686. الأوّل: يجب بأصل الشرع صلاة واحدة في مكان واحد،

و هي ركعتا الطواف في مقام إبراهيم عليه السّلام، ما عداها لا يجب في غيره من الأمكنة، إلاّ بالنذر مع اختصاص المنذور بمزيّة الفضيلة، كالمسجد و السوق، لا المنزل (و في اشتراط اختصاص المنذور بمزية الفضيلة كالمسجد و السوق إشكال)(1).

687. الثاني: تجوز الصلاة في الأماكن كلّها عدا ما استثنيناه،

و يستحبّ المكتوبة في المسجد إلاّ جوف الكعبة. و النافلة في المنزل أفضل خصوصا نافلة الليل.

688. الثالث: يكره الصلاة في الحمام،

و منع أبي الصلاح(2) ضعيف، لرواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام(3) و رواية أبي الصلاح ضعيفة(4) قال: و في صحّة الصلاة نظر(5).

689. الرابع: لا بأس بالصلاة في المسلخ، و على سطح الحمام.

ص: 211


1- . ما بين القوسين موجود في نسخة «أ».
2- . الكافي في الفقه: 141.
3- . الوسائل: 466/3، الباب 34 من أبواب مكان المصلّي، الحديث 1. و لفظه: عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام عن الصلاة في بيت الحمام، فقال: «إن كان الموضع نظيفا فلا بأس».
4- . لاحظ الوسائل: 441/3، الباب 15 من أبواب مكان المصلّي، الحديث 6 و 7 و أجاب المصنف في المنتهى عن الرواية بان المراد من النهي الكراهة على انّ سندها ضعيف لاحظ منتهى المطلب: 312/4.
5- . الكافي في الفقه: 141.
690. الخامس: تكره الصلاة في المقابر،

سواء تكرّر الدفن في القبر أو لا.

و نقل الشيخ(1) عن بعض علمائنا البطلان(2). و لو جعل بينه و بين القبر حائلا، أو تباعد عنه بمقدار عشرة أذرع، زالت الكراهية و المنع، و لو نقل الميّت من قبر جازت الصلاة عليه.

691. السادس: يكره السجود على القبر، و أن يصلّى إليه.

و منع ابن بابويه منهما.(3)

قال الشيخ رحمه اللّه: رويت رواية بجواز النوافل إلى قبور الأئمة عليهم السّلام(4)و الأصل الكراهية.

692. السابع: تكره الصلاة في معاطن الإبل،

و هي: مباركها حول الماء لتشرب منه عللا بعد نهل، قاله صاحب الصحاح(5)، و الفقهاء قالوا: هي المبارك مطلقا، و منع أبو الصلاح الجواز(6). و لو صلّى فيها صحّت عندنا، و تشكّك فيه أبو الصلاح(7). و لا تزول الكراهية بغيبوبة الإبل عنها حال الصلاة.

693. الثامن: لو صلّى إلى المعطن لم يكن مكروها،

و كذا لو صلّى في مكان مرتفع تحته معطن.

ص: 212


1- . الخلاف: 496/1، المسألة 237 من كتاب الصلاة.
2- . ذهب إليه سلاّر في المراسم: 65.
3- . الفقيه: 156/1.
4- . النهاية: 99، و التهذيب: 228/2، و المبسوط: 85/1.
5- . الصحاح: 2165/6 (مادة عطن) و قال المصنف في المنتهى: 321/4؛ العلل: الشرب الثاني، و النّهل: الشرب الأوّل.
6- . الكافي في الفقه: 141.
7- . الكافي في الفقه: 141.
694. التاسع: لا تكره الصلاة في مرابض الغنم،

و قال أبو الصلاح:

لا يجوز(1).

695. العاشر: تكره الصلاة في مرابط الخيل و البغال و الحمير،

سواء كانت وحشية أو إنسية، و قول أبي الصلاح: لا يجوز ضعيف(2).

696. الحادي عشر: تكره الصلاة في بيت فيه كلب.
697. الثاني عشر: تكره الصلاة في بيوت الغائط و إليها،

و في المزابل، و في بيت يبال فيه، و لا بأس بالصلاة على سطحه(3).

698. الثالث عشر: تكره الصلاة في بيوت المجوس،

و لو اضطرّ رشّه بالماء استحبابا، و صلّى فيه، و كذا تكره في بيوت الخمور و المسكرات.

699. الرابع عشر: لا بأس بالصلاة في بيوت اليهود و النصارى،

و في بيعهم و كنائسهم.

700. الخامس عشر: تكره الصلاة في بيوت النيران،

و حرّمه أبو الصلاح(4).

701. السادس عشر: تكره الصلاة في جوادّ الطرق،

و لا بأس بالظواهر الّتي بينها.

و لا فرق في الكراهية بين ما كثر استطراقه و ما قلّ ، و لا بين أن يكون فيها سالك وقت الصلاة أو لم يكن.

ص: 213


1- . الكافي في الفقه: 141.
2- . قوله: «ضعيف» خبر لقوله: «و قول أبي الصلاح...».
3- . في «ب»: على سطحهما.
4- . الكافي في الفقه: 141.

و لو بنى ساباطا على الجادة لم تكره الصلاة فيه.

702. السابع عشر: يستحبّ أن يجعل بينه و بين ممرّ الطريق ساترا بإجماع العلماء،

قدر ذراع تقريبا، و لو لم يجد استتر بالسهم و الحجر و العنزة(1) و غيرها.

و لو لم يجد جعل بين يديه كومة من تراب، أو خطّ بين يديه خطّا، و هي رواية محمد بن إسماعيل عن الرضا عليه السّلام(2) و لو كان معه عصا لا يمكنه نصبها، وضعها عرضا بين يديه.

و لا بأس أن يستتر بالبعير و الحيوان و الإنسان إذا جعل ظهره إليه، و لا فرق بين مكة و غيرها في استحباب السترة.

و يستحب للمصلّي أن يدنو من سترته، و في رواية ابن سنان الصحيحة عن الصادق عليه السّلام:

«أقلّ ما يكون بينك و بين القبلة مربض عنز، و أكثر ما يكون مربط فرس،(3) و سترة الإمام سترة لمن خلفه».

و ليست السترة واجبة بالإجماع، و لو صلّى إلى سترة مغصوبة أجزأ، و لم يمتثل في السترة.

703. الثامن عشر: لا يقطع الصلاة ما يمر بين يدي المصلّي،

و لو كان امرأة أو حمارا أو كلبا أسود، و لو مرّ إنسان بين يدي المصلّي في طريق مسلوك لم

ص: 214


1- . في مجمع البحرين: العنزة - بالتحريك - أطول من العصا و أقصر من الرمح، و الجمع عنز و عنزات كقصبة و قصبات و قصب.
2- . لاحظ الوسائل: 437/3، الباب 12 من أبواب مكان المصلّي، الحديث 3.
3- . الوسائل: 437/3، الباب 12 من أبواب مكان المصلّي، الحديث 6.

يكن له ردّه، و إلاّ استحبّ ما لم ينته إلى الفعل الكثير، و لو عبره إنسان كره ردّه.

704. التاسع عشر: قال أبو الصلاح: يكره الصلاة إلى إنسان مواجه، و المرأة نائمة أشدّ كراهية.

704. التاسع عشر: قال أبو الصلاح: يكره الصلاة إلى إنسان مواجه، و المرأة نائمة أشدّ كراهية.(1)

و هو حسن.

705. العشرون: يكره أن يصلّى إلى نار مضرمة،

و قال أبو الصلاح: لا يجوز، و تردّد في إفساد الصلاة.(2) و كذا يكره إلى الصورة و التماثيل و المصحف و الباب المفتوحين. و منع أبو الصلاح في المصحف و تردّد في الفساد.(3) و لا فرق بين حافظ القرآن و غيره.

و يكره تزويق(4) القبلة و نقشها و كتبة شيء عليها، لاشتغال النظر به.

706. الحادي و العشرون: روى عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «لا بأس أن يصلّي الرجل، و أمامه شيء من الطير،

أو النخلة و فيها حملها، أو الكرم و فيه حمله».(5)

707. الثاني و العشرون: يكره أن يصلّى إلى سيف مشهر أو غيره من السلاح،

و منع أبو الصلاح، و تردّد في الإفساد(6)، و قال: تكره إلى السلاح المتواري(7). قال الشيخ رحمه اللّه: لو خاف من العدو لم تكره الصلاة إلى السيف المشهر(8).

ص: 215


1- . الكافي في الفقه: 141.
2- . الكافي في الفقه: 141.
3- . نقله عنه المصنف في المختلف: 109/2، و الظاهر انّه سقط في جميع النسخ كما في هامش ص 141.
4- . في مجمع البحرين: زوّقته تزويقا مثل زيّنته تزيينا وزنا و معنا.
5- . الوسائل: 467/3، الباب 37 من أبواب مكان المصلّي، الحديث 1.
6- . الكافي في الفقه: 141.
7- . الكافي في الفقه: 141.
8- . المبسوط: 86/1.
708. الثالث و العشرون: تكره الصلاة في مذابح الأنعام،

و منع أبو الصلاح(1).

709. الرابع و العشرون: تكره الصلاة في قرى النمل، و بطون الأودية،

و أرض السبخة و أرض الثلج، و مجرى الماء، و في السفينة، و لا بأس بها على ساباط يجري تحته نهر أو ساقية، و لا فرق بين طاهر الماء و نجسه، و الأقرب كراهية الصلاة على الماء الواقف.

710. الخامس و العشرون: تكره الصلاة في ثلاث مواطن بطريق مكة:

وادي ضجنان، و البيداء، و ذات الصلاصل. و تكره في وادي الشقرة.

711. السادس و العشرون: البيداء لغة المفازة،

و ليست مرادة،(2) بل ما رواه الشيخ رحمه اللّه، في الصحيح عن البزنطي عن أبي الحسن عليه السّلام قال: كان أبو جعفر عليه السّلام إذا بلغ ذات الجيش جدّ في السير و لا يصلّي حتّى يأتي معرّس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، قال:

و ذات الجيش دون الحفيرة بثلاثة أميال(3). و قد و ردّ انّها أرض خسف بها، و بينها و بين ذي الحليفة ميل.

و ضجنان جبل بمكّة. و الصّلاصل جمع صلصال، و هي الّتي لها صوت.

و الشقرة بفتح الشين و كسر القاف واحد الشّقر، و هو شقائق النعمان، و هو كلّ موضع فيه ذلك، و قيل: موضع مخصوص بطريق مكة(4). و قيل: هذه مواضع خسف تكره الصلاة فيها،(5) و في كلّ أرض خسف بها لسخط ربّها عليها، و قد

ص: 216


1- . الكافي في الفقه: 141.
2- . قال المصنف في المنتهى: البيداء في اللغة المفازة، و ليس ذلك على عمومه هاهنا، بل المراد بذلك موضع معيّن. منتهى المطلب: 349/4.
3- . الوسائل: 450/3، الباب 23 من أبواب مكان المصلّي، الحديث 1.
4- . القائل هو الحلّي في السرائر: 265/1.
5- . لاحظ المعتبر: 115/2.

عبر أمير المؤمنين عليه السّلام من أرض بابل، و صلّى في الجانب الغربي من الفرات، و ردّت له الشمس هناك، و لم تكن قد فاتت بالكلّية(1).

712. السابع و العشرون: تكره الصلاة في أرض الرمل المنهال،

و في أرض الوحل و حوض الماء.

المطلب الثالث: فيما يسجد عليه
اشارة

و فيه ثلاثة عشر بحثا:

713. الأوّل: أجمع علماؤنا كافّة على أنّه يحرم السجود إلاّ على الأرض أو ما أنبتته الأرض،

ما لم يكن مأكولا أو ملبوسا، و لا يجوز السجود على ما استحال من الأرض، و خرج بالاستحالة عن اسمها، كالمعادن، سواء كانت منطبعة كالقير و النفط و الزيبق، أو غير منطبعة كالعقيق.

و لا يجوز السجود على ما تنبت من الأرض من المأكولات كالبقول و الجمّار(2)، و في الحنطة و الشعير إشكال، أقربه الجواز(3).

714. الثاني: لا يجوز السجود على ما أنبتت الأرض من الملبوسات،

و في القطن و الكتّان قولان، أشهرهما المنع، و يجوز في حال التقيّة.

715. الثالث: لا يجوز السجود على كور العمامة،

715. الثالث: لا يجوز السجود على كور العمامة(4)،

لا من حيث إنّه حائل له،

ص: 217


1- . لاحظ الوسائل: 468/3، الباب 38 من أبواب مكان المصلّي، الحديث 1-3.
2- . الجمّار بالضم و التشديد: شحم النخل الذي في جوفه. مجمع البحرين.
3- . و علّل المصنف الجواز بأنّ الغلاّت في تلك الحال غير مأكولة عادة. منتهى المطلب: 354/4.
4- . كور العمامة: لفّها و جمعها. النهاية مادّة (كور).

على ما يلوح من كلام الشيخ(1)، بل من حيث إنّه ملبوس، فلو كانت العمامة من خوص(2) مثلا صحّ السجود على كور العمامة، و كذا يصحّ لو وضع بين جبهته و كور العمامة قطعة من خشب و شبهها ليسجد عليها.

716. الرابع: لا يجوز أن يسجد على بعض أعضائه اختيارا،

و لا على القير و النفط و الكبريت و الصّهروج(3)، و جميع ما خرج بالاستحالة عن اسم الأرض، و لا على الزجاج، و لا على الثلج.

717. الخامس: يجوز السجود على الأرض و على ما نبت منها غير مأكول و لا ملبوس،

و السجود على الأرض أفضل من النبات.

718. السادس: يجوز السجود على القرطاس،

و يكره إذا كان مكتوبا.

719. السابع: يجوز السجود على الخمرة إذا كانت معمولة بالخيوط.

719. السابع: يجوز السجود على الخمرة(4) إذا كانت معمولة بالخيوط.

و لو كانت معمولة بالسّيور قال الشيخ: لا يجوز إذا كانت ظاهرة تشتمل على الجبهة.(5)

720. الثامن: يجوز الوقوف على ما لا يجوز السجود عليه، كالصوف، و الشعر،

إذا كان ما تقع الجبهة عليه ممّا يصحّ السجود عليه.

721. التاسع: لو اضطرّ جاز أن يسجد على المعادن،

و كذا يسجد على الصوف و الثياب، للتقيّة.

722. العاشر: لا يجوز السجود على الوحل

فإن اضطرّ أومأ.

ص: 218


1- . لاحظ الخلاف: 357/1 المسألة 113 من كتاب الصلاة.
2- . الخوص: ورق النخل. المصباح المنير.
3- . الظاهر ان الصهروج و الصاروج كلاهما بمعنى النورة و أخلاطها.
4- . الخمرة - بالضم -: سجّادة صغيرة تعمل من سعف النخل و تزمّل بالخيوط. مجمع البحرين.
5- . المبسوط: 90/1، و النهاية: 102.
723. الحادي عشر: لا يجوز أن يسجد على شيء من بدنه،

فإن خاف الحرّ سجد على ثوبه، فان فقد سجد على كفّه، و السجود على القطن و الكتّان حال الضرورة أولى من الثلج، و لو صلّى على ما منع منه للضرورة أو التقية فلا إعادة.

724. الثاني عشر: شرط موضع الجبهة الملك أو حكمه، و الطهارة.

724. الثاني عشر: شرط موضع الجبهة الملك أو حكمه، و الطهارة(1).

و هل يشترط طهارة مواضع باقي الأعضاء السبعة ؟ جزم به أبو الصلاح(2) خلافا للجماعة، و يشترط فيه الملك إجماعا.

725. الثالث عشر: إذا تيقّن حصول النجاسة في موضع، و جهل تعيّنه،

725. الثالث عشر: إذا تيقّن حصول النجاسة في موضع، و جهل تعيّنه(3)،

فإن كان منحصرا(4) لم يسجد على شيء منه و إلاّ فلا بأس.

ص: 219


1- . الملك و ما في حكمه الشرط الأوّل، و الطهارة هو الشرط الثاني.
2- . الكافي في الفقه: 140.
3- . في «ب»: و جهل بعينه.
4- . قال المصنف في المنتهى: 370/4: إذا تيقّن حصول النجاسة في مكان و جهل تعيّنها، فإن كان الموضع محصورا كالبيت و شبهه لم يسجد على شيء منه، و إن كان متّسعا كالصحراء جاز دفعا للمشقّة.
الفصل السادس: في الأذان و الإقامة
اشارة

و مطالبه أربعة

المطلب الأوّل: في محلّه
اشارة

و فيه أحد عشر بحثا:

726. الأوّل: الأذان لغة الإعلام،

726. الأوّل: الأذان لغة الإعلام(1)،

و في الشرع أذكار مخصوصة للإعلام بأوقات الصلوات(2).

و هما من وكيد السّنن، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

«المؤذّنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة»(3).

و قال عليه السّلام: «ثلاثة على كثبان(4) المسك يوم القيامة، يغبطهم الأوّلون و الآخرون

ص: 220


1- . و منه قوله تعالى: وَ أَذٰانٌ مِنَ اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ ... التوبة: 3 و قوله: وَ أَذِّنْ فِي اَلنّٰاسِ بِالْحَجِّ ... الحج: 27.
2- . في «أ»: بأوقات الصلاة.
3- . الوسائل: 616/4، الباب 2 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 21؛ صحيح مسلم: 290/1 كتاب الصلاة، باب فضل الأذان برقم 387؛ و سنن ابن ماجة: 240/1 برقم 725.
4- . كثبت الشيء: إذا جمعته، و كل ما انصبّ في شيء فقد انكثب فيه. و منه سمّي الكثيب من الرّمل، لأنّه انصبّ في مكان فاجتمع فيه. الصحاح: 209/1 مادة (كثب).

رجل نادى بالصلوات الخمس في كل يوم و ليلة، و رجل يؤمّ قوما و هم به راضون، و عبد أدّى حق اللّه و حق مواليه».(1)

و في الصحيح عن محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال:

«إذا أذّنت في أرض فلاة فأقمت، صلّى خلفك صفّان من الملائكة، و إن أقمت قبل أن تؤذّن صلّى خلفك صفّ واحد».(2)

و عن عبد اللّه بن علي(3) عن بلال، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

يقول: «من أذّن في سبيل اللّه صلاة واحدة إيمانا و احتسابا و تقرّبا إلى اللّه عزّ و جلّ ، غفر اللّه له ما سلف من ذنوبه، و منّ عليه بالعصمة فيما بقى من عمره، و جمع بينه و بين الشهداء في الجنة».(4)

و الأخبار في ذلك كثيرة.

727. الثاني: الأذان و الإقامة ليسا بواجبين في شيء من الصلوات الخمس،

و نقل السيد عن بعض علمائنا وجوبهما على الرجال خاصة في كل صلاة جماعة في سفر أو حضر، و يجبان عليهم جماعة، و فرادى، في الفجر و المغرب و صلاة الجمعة، و يجب عليهم الإقامة دون الأذان في باقي الصلوات الواجبة.(5)

و هذا القول لا يعوّل عليه.

ص: 221


1- . سنن الترمذي: 697/4 برقم 2566؛ و الوسائل: 613/4، الباب 2 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 2.
2- . الوسائل: 620/4، الباب 4 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 2.
3- . عبد اللّه بن عليّ لم يذكر حاله في كتب الرجال، و قد وقع في طريق الصدوق (الفقيه شرح المشيخة: 53/4).
4- . الفقيه: 189/1 برقم 905. و لاحظ الوسائل: 615/4، الباب 2 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 17.
5- . الناصريات: 177، كتاب الصلاة، المسألة 65.

و للشيخ في وجوبهما في الجماعة قولان: أحدهما الوجوب،(1) و هو اختيار المرتضى في بعض كتبه(2) و المفيد رحمهما اللّه(3)، و الأصحّ الاستحباب، فلو صلّوا بغير أذان و إقامة أدركوا فضيلة الجماعة.

قال الشيخ: و لو قضوا فائتة وجب الأذان(4) و هو بناء على قاعدته(5).

728. الثالث: محل الأذان و الإقامة الصلوات الخمس خاصة أداء و قضاء،

للمنفرد(6) و الجامع. و يتأكّدان فيما يجهر فيه بالقراءة، و آكده الغداة و المغرب.

729. الرابع: الجماعة الثانية في المسجد يجتزءون بأذان الأولى ما دامت الصفوف لم تتفرّق،

و لو تفرّقت أذّنوا و أقاموا.

730. الخامس: لو سمع الإمام أذان غيره جاز أن يجتزأ به في الجماعة،

و إن كان منفردا (منهم)(7).

قال الشيخ رحمه اللّه: لو أذّن بنيّة الانفراد، ثم أراد الجماعة، استحبّ له الاستئناف.(8) و الأقرب الاجتزاء بالأذان الأوّل، لأنّ الاجتزاء يحصل بأذان غيره إذا كان منفردا، فبأذانه أولى.

ص: 222


1- . المبسوط: 95/1.
2- . جمل العلم و العمل في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية: 176/3.
3- . المقنعة: 97.
4- . المبسوط: 95/1.
5- . نقل المصنف في المنتهى عن الشيخ قدّس سرّه بأنّه قال: لو قضى جماعة فريضة فانّه وجب الأذان و الإقامة - ثمّ قال: - و هو بناء على مذهبه. منتهى المطلب: 412/4.
6- . في «أ»: للمفرد.
7- . ما بين القوسين موجود في «ب».
8- . المبسوط: 98/1، و النهاية: 65.
731. السادس: يستحبّ لقاضي الصلوات الخمس الأذان و الإقامة لكلّ صلاة،

و إلاّ أذن لأوّل ورده و أقام(1)، ثم اجتزأ في البواقي بالإقامة.

732. السابع: لو جمع بين صلاتين، أذّن للأولى و أقام،

و صلّى الثانية بإقامة، سواء كان في وقت الأولى(2) أو الثانية.

733. الثامن: يجمع بين الظهرين يوم الجمعة بأذان واحد و إقامتين،

و كذا بين الظهرين بعرفة، و كذا بين العشاءين بمزدلفة، و هل الأذان الثاني في هذه بدعة ؟ الأشبه ذلك.

734. التاسع: الأذان مستحبّ للرجل، و المرأة

بشرط أن تسرّ.

735. العاشر: لا يؤذّن لشيء من النوافل، و لا لغير الخمس من الفرائض،

بل يقول المؤذّن: الصلاة، ثلاثا.

736. الحادي عشر: يستحبّ الأذان في السفر،

و رخّص في تركه و الاجتزاء بالإقامة له، و يستحبّ للراعي، و يكتفى في المصر بأذان واحد إذا كان أهله بحيث يسمعونه، و الأفضل أن يؤذّن كلّ واحد.

المطلب الثاني: في كيفيتهما
اشارة

و فيه أحد عشر بحثا:

737. الأوّل: صورة الأذان:

اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر. أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه. أشهد أنّ محمدا رسول اللّه، أشهد أنّ محمّدا رسول

ص: 223


1- . قال المحقّق في المعتبر: 135/2: و الورد الجزء، و منه قرأت وردي.
2- . في «أ»: سواء كان في أوّل وقت الأولى.

اللّه. حيّ على الصلاة، حيّ على الصلاة. حيّ على الفلاح حيّ على الفلاح. حيّ على خير العمل، حيّ على خير العمل. اللّه أكبر، اللّه أكبر. لا إله إلاّ اللّه، لا إله إلاّ اللّه.

و الإقامة مثل ذلك إلاّ أنّه يكبّر مرتين في أوّلها، و يسقط تهليلة في آخرها، و يضيف بعد الدعاء إلى خير العمل «قد قامت الصلاة» مرّتين، فالمجموع خمسة و ثلاثون فصلا في المشهور.

738. الثاني: الترجيع

و هو تكرار الشهادتين مرتين مكروه. و قال في المبسوط: إنّه تكرار التكبير و الشهادتين، فإن أراد المؤذّن تنبيه غيره جاز تكرار الشهادتين.

739. الثالث: التثويب في أذان الغداة

- و هو قول: «الصلاة خير من النوم» - بدعة.

740. الرابع: يكره أن يقول بين الأذان و الإقامة: حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح.
741. الخامس: الترتيب واجب في الأذان و الإقامة،

و يجوز في السفر إفراد فصولهما، و في رواية مرسلة عن الصادق عليه السّلام، تفضيل تثنية الإقامة على الجمع بينهما إفرادا.(1)

742. السادس: آخر فصول الأذان، لا إله إلاّ اللّه.
743. السابع: يستحبّ الوقوف في فصولهما فلا يظهر إعرابها،

و الترتيل في

ص: 224


1- . لاحظ الوسائل: 649/4، الباب 20 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 2. و إليك نصّ الحديث: «لأن أقيم مثنى مثنى أحبّ إليّ من أن أؤذّن و أقيم واحدا واحدا».

الأذان، و الإحدار في الإقامة(1)، و الفصل بينهما بركعتين، أو سجدة، أو جلسة، أو خطوة، إلاّ في المغرب، فيفصل بينهما بخطوة، أو سكتة، أو تسبيحة، و روى استحباب الجلوس بينهما في المغرب(2).

744. الثامن: يستحبّ إذا فصل بالجلوس ان يقول:

اللهم اجعل قلبي بارّا و رزقي دارّا (و عملي سارّا و عيشي قارّا)(3) و اجعل لي عند قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم مستقرا و قرارا(4).

745. التاسع: يستحبّ رفع الصوت به إن كان رجلا،

و أن يكون مستقبل القبلة، و يتأكّد كلّ ذلك في الإقامة.

746. العاشر: يكره الكلام في خلالهما،

و لو فعل لم يعد ما لم يخرج عن الموالاة، و كذا لو سكت طويلا يخرج به عن الموالاة.

747. الحادي عشر: قال الشيخان رحمهما اللّه

747. الحادي عشر: قال الشيخان رحمهما اللّه(5) و المرتضى قدّس سرّه: يحرم الكلام بعد قد قامت الصلاة،

747. الحادي عشر: قال الشيخان رحمهما اللّه(5) و المرتضى قدّس سرّه(6): يحرم الكلام بعد قد قامت الصلاة،

إلاّ فيما يتعلّق بها، كتقديم إمام، أو تسوية صفّ .

و الوجه عندي الكراهية، و لو تكلّم خلال الإقامة استحبّ له إعادتها، و لو تكلّم في أثناء الأذان بالمحرّم لم يبطل أذانه.

ص: 225


1- . قال المصنّف: و يستحبّ ترسّل الأذان و إحدار الإقامة. و الترسّل: هو التأنّي و التمهّل، و الحدر: الإسراع. منتهى المطلب: 388/4.
2- . الوسائل: 632/4، الباب 11 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 8 و 10.
3- . ما بين القوسين ليس في المصدر.
4- . الوسائل: 634/4، الباب 12 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 1.
5- . المقنعة: 98، و النهاية: 66، و المبسوط: 99/1.
6- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 143/2 حيث قال: و قال الثلاثة في المقنعة و النهاية و المصباح: حرم الكلام إلاّ ما يتعلّق بالصلاة... و لاحظ المختلف: 136/2.
المطلب الثالث: في المؤذّن
اشارة

و فيه سبعة عشر بحثا:

748. الأوّل: يعتبر فيه الإسلام، و العقل، لا البلوغ

و إن أذّن للرجال. و يستحبّ أن يكون عدلا، و ليست شرطا.

749. الثاني: يعتبر بأذان العبد.
750. الثالث: ليس على النساء أذان و لا إقامة،

و يجوز أن تؤذّن للنساء و يعتدون به بشرط أن تسرّ به.

قال الشيخ: و يعتدّ بأذانهنّ الرجال.(1) و الوجه تخصيص المحارم، و تجتزئ المرأة بالشهادتين.

751. الرابع: الخنثى المشكل لا يؤذّن للرجال،

و لا تؤذّن المرأة لها.

752. الخامس: يستحبّ أن يكون المؤذّن متطهّرا من الحدثين،

و ليست الطهارة شرطا، و يتأكّد في الإقامة، و لو أحدث خلاله تطهّر و بنى، و في الإقامة يعيد، و لو أحدث في أثناء الصلاة أعادها، و لم يعد الإقامة، و لو تكلّم أعادها أيضا.

753. السادس: يستحبّ أن يكون صيّتا،

و أن يؤذّن على المرتفع، قال الشيخ: و يكره الأذان في الصّومعة، و لا فرق بين أن يكون الأذان في المنارة، أو على الأرض(2).

ص: 226


1- . المبسوط: 97/1.
2- . المبسوط: 96/1.
754. السابع: يستحبّ أن يكون قائما،

و يتأكّد في الإقامة.

755. الثامن: يجوز أن يؤذّن راكبا،

و على الأرض أفضل، و ماشيا، و الوقوف أفضل، و يتأكّد في الإقامة.

756. التاسع: يكره أن يلتفت بأذانه يمينا و شمالا،

بل يستحبّ الاستقبال.

757. العاشر: يستحبّ أن يرفع صوته بالأذان ما لم يستضرّ به في جميع فصوله،

757. العاشر: يستحبّ أن يرفع(1) صوته بالأذان ما لم يستضرّ به في جميع فصوله،

و لو كان للحاضرين جاز إسماعهم خاصّة، و أن يكون حسن الصوت.

758. الحادي عشر: يستحبّ أن يكون مبصرا.

758. الحادي عشر: يستحبّ أن يكون مبصرا(2).

و لو كان أعمى جاز، إذا كان معه من يسدّده، فإنّ ابن أمّ مكتوم(3) كان مؤذّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و هو أعمى، يؤذّن بعد بلال.

و يستحبّ أن يكون بصيرا بالأوقات، و لو كان جاهلا جاز إذا استرشد.

759. الثاني عشر: يستحبّ أن يجعل المؤذّن اصبعيه في أذنيه حال الأذان،

و لا يستحب في الإقامة.

760. الثالث عشر: لا يختص الأذان بقوم دون آخرين،

و لو تشاحّ المؤذّنون قدّم من اجتمع فيه الصفات المرجّحة، و مع الاتّفاق يقرع.

ص: 227


1- . في «أ»: أن يرتفع.
2- . في «أ»: بصيرا.
3- . ابن أمّ مكتوم قد اختلف في اسمه فقيل: عمرو بن زائدة، أو عمرو بن قيس بن زائدة، و قيل: زياد بن الأصمّ ، و قيل: عبد اللّه العامري المعروف ب «ابن أمّ مكتوم» مؤذن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، هاجر قبل مقدم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم إلى المدينة، و استخلفه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم على المدينة مرات عديدة في غزواته، و الظاهر انّه هو الأعمى المذكور في سورة «عبس»، روى عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و روى عنه: أنس بن مالك و عبد اللّه بن شداد و زر بن حبيش و غيرهم. لاحظ ترجمته في أسد الغابة: 127/4، و تهذيب التهذيب: 34/8، و الكنى و الألقاب: 213/1.
761. الرابع عشر: قال الشيخ: يجوز أن يكون المؤذّنون اثنين اثنين،

إذا أذّنوا أذانا واحدا،(1) و لو بنى كلّ واحد منهم على فصول الآخر لم يستحبّ .

و يجوز أن يؤذّن جماعة في وقت واحد، و أن يؤذّن واحد بعد واحد، و لو احتيج في الإعلام إلى زيادة على اثنين استحبّ .

و يجوز أن يتولّى الأذان واحد و الإقامة آخر، و أن يفارق موضعه ثمّ يقيم، و قيل: لا يقيم حتّى يأذن له الإمام(2).

762. الخامس عشر: يكره أن يكون المؤذّن لحّانا.
763. السادس عشر: يستحبّ له أن يظهر «الهاء» في لفظتي اللّه و الصلاة،

و الحاء من الفلاح.

764. السابع عشر: يستحبّ أن يكون فصيحا،

و يكره أن يكون ألثغ(3)، و إن لم يتغيّر به المعنى جاز، فإنّ بلالا كان يجعل الشين سينا.(4)

ص: 228


1- . المبسوط: 98/1.
2- . قال ابن قدامة في المغني: 427/1: و لا يقيم حتّى يأذن له الإمام، فإنّ بلالا كان يستأذن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم...
3- . اللثغة - وزان غرفة -: حبسة في اللسان حتّى تصير الراء لاما أو غينا، أو السين ثاء و نحو ذلك. المصباح المنير.
4- . قال ابن قدامة في المغني: 445/1: فأمّا إن كان ألثغ لثغة لا تتفاحش جاز أذانه، فقد روي انّ بلالا كان يقول: «أسهد» يجعل الشين سينا. قال السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة: 603/3: قد اشتهر انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: سين بلال عند اللّه شين...
المطلب الرابع: في الأحكام
اشارة

و فيه ستة عشر بحثا:

765. الأوّل: من نام في خلال الأذان أو الإقامة، ثمّ استيقظ،

استحبّ له استئنافه، و يجوز له البناء إن حصلت الموالاة عادة، و كذا إن أغمي عليه.

766. الثاني: لو ارتدّ في أثنائه استأنف،

و لو حصلت الموالاة تمّم، و لو ارتدّ بعد فراغه اعتدّ به، و أقام غيره.

767. الثالث: لو ترك المنفرد الأذان و الإقامة متعمدا،

و دخل في الصلاة مضى فيها و لا يرجع، و إن كان ناسيا رجع إلى الأذان و الإقامة ثم استأنف صلاته، ما لم يركع؛ قاله السيد المرتضى.(1) و الشيخ رحمه اللّه عكس الحال،(2) و لم يفصّل في المبسوط بل أطلق الاستئناف مع عدم الركوع.(3) قال ابن أبي عقيل: و لو تركه متعمدا أو مستخفا فعليه الإعادة.(4) و في رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن الصادق عليه السّلام:

«يرجع الناسي ما لم يتلبس بالقراءة(5)».

و لو ذكر تركهما بعد الصلاة لم يعد إجماعا.

ص: 229


1- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 129/2، و المصنّف في المختلف: 127/2.
2- . لاحظ النهاية: 65.
3- . المبسوط: 95/1.
4- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 130/2، و المصنف في المختلف: 127/2.
5- . لاحظ الوسائل: 657/4، الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 4.
768. الرابع: أجمع علماء الإسلام على المنع من تقديم الأذان قبل الوقت في غير الفجر،

أمّا فيه فيجوز قبله لتنبيه النائمين، فيعيده مع طلوعه، و لا يشترط اثنينية المؤذّن، و لا يكره قبل الفجر في رمضان، و ينبغي أن يجعل ضابطا يستمرّ عليه ليؤذّن في الليالي كلّها في وقت واحد.

769. الخامس: ينبغي الأذان في أوّل الوقت.
770. السادس: إذا دخل المسجد، و كان الإمام ممّن لا يقتدى به أذّن لنفسه و أقام،

و لم يعتدّ بأذانه، و لو صلّى خلفه، فإن خشي فوات الصلاة معه، اقتصر على التكبيرتين و على قوله: «قد قامت الصلاة». و روي أنّه يقول: «حيّ على خير العمل» مرتين(1).

771. السابع: اختلف علماؤنا في تحريم أجرة الأذان مع عدم التطوع،

قال به في النهاية(2) و في المبسوط: يجوز أخذ الأجرة من بيت المال و من خاص الإمام.(3) و قال المرتضى: يكره(4). و الأقرب جواز أخذ الرزق عليه من بيت المال، و في الأجرة نظر.

772. الثامن: يستحبّ حكاية قول المؤذّن.

قال ابن بابويه: روي «أنّه يزيد في الرزق».(5) و كل من ليس بمصلّي إذا سمع و كان متكلّما قطع كلامه، و إن كان قرآنا، و حكاه، و يترك صلاة التحية لو دخل المسجد حالة الأذان.

ص: 230


1- . لاحظ النهاية: 66، و المبسوط: 99.
2- . النهاية: 365، كتاب المكاسب. و إليك نصّه: «و أخذ الأجر على الأذان و الصلاة بالناس حرام».
3- . المبسوط: 98/1.
4- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 134/2، و المصنف في المختلف: 134/2.
5- . الفقيه: 189/1 برقم 904؛ و الوسائل: 672/4، الباب 45 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 4.
773. التاسع: قال في المبسوط: لو قاله في الصلاة لم تبطل إلاّ في قوله: حيّ على الصلاة،

فانّه متى قاله عالما بالمنع فسدت صلاته، لأنّه ليس بتمجيد و لا تكبير و لو قال بدلا منه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه لم تبطل صلاته(1).

774. العاشر: روي أنّه إذا قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، يقول: و أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وحده لا شريك له،

و أنّ محمدا عبده و رسوله، رضيت باللّه ربّا، و بالإسلام دينا، و بمحمّد رسولا، و بالأئمّة الطاهرين أئمّة، ثمّ يقول: اللّهمّ ربّ هذه الدعوة التّامّة، و الصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة و الفضيلة، و ابعثه المقام المحمود الّذي وعدته، و ارزقني شفاعته يوم القيامة.(2)

و يقول عند أذان المغرب: اللّهم هذا إقبال ليلك و إدبار نهارك، و أصوات دعاتك، فاغفر لي(3).

قال ابن بابويه: قال الصادق عليه السّلام:

«من قال حين يسمع أذان الصبح: اللّهمّ إنّي أسألك بإقبال نهارك و إدبار ليلك و حضور صلواتك و أصوات دعاتك أن تتوب عليّ إنّك أنت التواب الرحيم، ثمّ قال مثله حين يسمع أذان المغرب، ثم مات من يومه أو ليلته مات تائبا»(4).

775. الحادي عشر: إذا نقص المؤذّن من أذانه شيئا

تمّمه مع نفسه.

776. الثاني عشر: يقوم الإمام و المأمومون إذا قال المؤذّن: قد قامت الصلاة.

ص: 231


1- . المبسوط: 97/1.
2- . لاحظ مستدرك الوسائل: 55/4 و 59، الباب 33 و 34 من أبواب الأذان و الإقامة، و المبسوط: 97/1.
3- . لاحظ مستدرك الوسائل: 55/4 و 59، الباب 33 و 34 من أبواب الأذان و الإقامة، و المبسوط: 97/1.
4- . الفقيه: 187/1 برقم 890؛ الوسائل: 669/4، الباب 43 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 1.
777. الثالث عشر: [في أن الرضا عليه السلام أمر من كان سقيما و لا يولد له أن يرفع صوته بالأذان في منزله، ففعل، فذهب سقمه و كثر ولده

روي أنّ هشام بن إبراهيم(1) شكا إلى الرضا عليه السّلام سقمه، و انّه لا يولد له، فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله، ففعل، فذهب سقمه و كثر ولده. قال محمد بن راشد(2): و كنت دائم العلّة في نفسي و خدمي، فلمّا سمعت ذلك من هشام عملت به، فزال عنّي و عن عيالي العلل(3).

778. الرابع عشر: [في أقلّ المجزي من الأذان

روي في الصحيح(4) عن الباقر عليه السّلام:

«انّ أقلّ المجزي من الأذان أن يفتتح الليل بأذان و إقامة، و النهار بأذان و إقامة، و يجزيك في سائر الصلوات إقامة بغير أذان»(5).

779. الخامس عشر: الأذان عندنا وحي من اللّه تعالى على لسان جبرئيل عليه السّلام،

علّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و عليّ عليه السّلام يسمع، لا بالمنام كما يقوله العامة(6).

780. السادس عشر: الإقامة أفضل من الأذان،

و الجمع بينهما أفضل، و الجمع بينهما و بين الإمامة أفضل، و الإمامة بانفرادها أفضل منهما.

ص: 232


1- . هشام بن إبراهيم الأحمر، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السّلام، و البرقي من أصحاب الكاظم عليه السّلام. لاحظ ترجمته في معجم رجال الحديث: 259/19، و جامع الرواة: 311/2، و رجال الطوسي: 368 برقم 5476.
2- . محمد بن راشد البصري عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السّلام، قال المحقّق المامقاني رحمه اللّه: وقع محمد بن راشد في ضمن حديث شكاية هشام بن إبراهيم سقمه إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام. لاحظ رجال الطوسي: 282 برقم 4077، و تنقيح المقال: 116/3.
3- . الفقيه: 189/1 برقم 903؛ الوسائل: 641/4، الباب 18 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 1.
4- . في «ب»: روى زرارة في الصحيح.
5- . الفقيه: 186/1 برقم 885؛ الوسائل: 623/4، الباب 6 من أبواب الأذان و الإقامة، الحديث 1 باختلاف قليل.
6- . لاحظ سنن الترمذي: 358/1 برقم 189؛ سنن ابن ماجة: 232/1 برقم 706؛ سنن أبي داود: 135/1 برقم 499؛ مسند أحمد بن حنبل: 43/4.

المقصد الثاني: في أفعال الصلاة و تروكها

اشارة

أفعال الصلاة على ضربين: واجب و ندب. و لا بدّ من معرفة كلّ واحد منهما ليوقعه على وجهه، فانّه لو فعل الواجب بنيّة الندب بطلت صلاته.

و لو فعل الندب بنيّة الواجب، دخل تحت حكم من فعل فعلا ليس من أفعال الصلاة.

و تنقسم التروك أيضا إلى: واجب و ندب. ثمّ الواجب من الأفعال، منه ما هو ركن تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا أو سهوا، و منه ما ليس بركن.

و أنا أبيّن لك الأفعال الواجبة، ثمّ أعقّبها بالمندوبة، ثمّ أختم ذلك بالتروك في مطالب.

ص: 233

المطلب الأوّل: في الأفعال الواجبة
اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: في القيام
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

781. الأوّل: القيام ركن مع القدرة،

فإن أمكنه الاستقلال به و تركه عمدا أو سهوا، بطلت صلاته، و لو تعذّر و أمكنه أن يعتمد على حائط أو عكّاز(1) أو شبهه، وجب، و إن تمكّن من القيام بعض الصلاة وجب أن يقوم قدر مكنته، و لو لم يتمكّن صلّى جالسا، و لو أمكنه القيام، و خشي زيادة المرض أو بطأه، صلّى جالسا.

782. الثاني: لو أمكنه القيام، و عجز عن الركوع قائما و السجود، لم يسقط عنه القيام،

بل يصلّي قائما و يومئ للركوع، ثم يجلس و يومئ للسجود.

783. الثالث: لو عجز عن القعود صلّى مضطجعا على جانبه الأيمن بالإيماء،

مستقبلا للقبلة بوجهه، و لو عجز عن الاضطجاع صلّى مستلقيا موميا برأسه، فإن لم يستطع برأسه فبعينيه، بأن يجعل فتحهما قياما و تغميضهما ركوعا، و فتحهما انتصابا، و تغميضهما سجودا، و فتحهما جلوسا، و تغميضهما سجودا

ص: 234


1- . في مجمع البحرين: العكّازة - وزان تفاحة - العنزة و هي رمح بين العصا و الرمح فيها زجّ .

ثانيا و فتحهما رفعا، و هكذا في الركعة الثانية، و أجرى الأفعال على قلبه، و فعل الأذكار.

784. الرابع: لو عجز عن حالة في أثناء الصلاة انتقل إلى ما دونها مستمرّا،

كالقائم يعجز فيقعد، و كذا بالعكس لو تمكّن من الحالة العليا انتقل إليها، كالقاعد يتمكّن من القيام فانّه يقوم، و يتمّ صلاته، و الوجه انّه يترك القراءة حتّى يعتدل.

و لو مرض في قيامه فليقرأ في هويّه، و لو برأ بعد القراءة لزمه القيام دون الطّمأنينة، ليهوي إلى الركوع.

و لو خفّ في الركوع قبل الطمأنينة، كفاه أن يرتفع منحنيا إلى حدّ الركوع، و لو قدر القاعد على الارتفاع إلى حد الركوع وجب.

785. الخامس: لو عجز القاعد عن السجود رفع ما يسجد عليه،

فان لم يتمكّن أومأ، و لو عجز عن القيام فصلّى قاعدا، ثمّ تمكّن من القيام للركوع، وجب أن يقوم و يركع.

786. السادس: يستحبّ له أن يتربّع حال القراءة و يثني رجليه في الركوع و السجود،

و يتورّك في التشهد.

787. السابع: لو كان قيامه كهيئة الركوع لحدب أو كبر، وجب أن يقوم على ما يمكنه،

و إن كان لقصر السقف أو شبهه و لم يتمكّن من الصلاة في غيره، قام على مكنته.

788. الثامن: لو تمكّن من القيام منفردا و عجز عنه مأموما

وجب القيام و الانفراد.

ص: 235

789. التاسع: لو كان المرض في عينيه،

فقال أهل الطبّ : إن صلّى بالاستلقاء أمكن المداواة، جاز ذلك.

790. العاشر: يستحبّ للقائم أن يفرق بين قدميه من ثلاث أصابع إلى شبر،

و أن يستقبل بأصابع رجليه القبلة.

الفصل الثاني: في النيّة
اشارة

و فيه أحد عشر بحثا:

791. الأوّل: النيّة ركن في الصلاة إجماعا،

و هي عرض حال في القلب و هو قصد و إرادة للفعل مقترنة به، لو أخلّ بها عمدا أو سهوا بطلت صلاته، و لا اعتبار بالنطق بها، لأنّ المميّز لجهات الأفعال الواقعة عن المكلّف هو الإرادة لا غير، و ليس النطق مستحبّا.

792. الثاني: كيفية النيّة أن يستحضر صفة الصلاة في ذهنه،
اشارة

و يقصد إلى تعيين الصلاة، من كونها ظهرا أو عصرا مثلا، و إلى الأداء أو القضاء، و إلى الوجه، أعني: الوجوب أو الندب، و إلى التقرّب إلى اللّه خاصّة.

فروع:
793. [الفرع الأوّل: لو نوى الأداء فبان خروج الوقت، لزمه الإعادة،

لأنّه لم ينو القضاء.

794. [الفرع الثاني: لو ظنّ خروج الوقت فنوى القضاء، ثمّ بان الكذب،

أعاد.

ص: 236

795. [الفرع الثالث: تسقط نيّة التعيين فيما إذا نسي تعيين الفائتة خاصّة.
796. [الفرع الرابع: لو كان عليه ظهر و عصر فنوى بالصلاة إحداهما

لم يجز عن واحدة منهما.

797. الثالث: لا يشترط نيّة القصر و الإتمام.

797. الثالث: لا يشترط نيّة القصر و الإتمام(1).

798. الرابع: يشترط فيها مقارنتها لتكبيرة الافتتاح،

و يجب استمرارها حكما إلى الفراغ، فلو دخل بنيّة متردّدة بين الإتمام و القطع لم يعتدّ بها، و لو دخل بنيّة صحيحة ثمّ نوى قطعها و الخروج منها، أو أنّه سيخرج(2) منها، أو تردّد هل يخرج أم لا، قال الشيخ: لا تبطل صلاته، و يقوى عندي أنّها تبطل(3) و ما قوّاه الشيخ هو الأقوى عندي.

799. الخامس: لو نوى فعل ما ينافي الصلاة، و لم يفعل،

لم تبطل صلاته.

800. السادس: لو نوى بأحد أفعال الصلاة غيرها

بطلت صلاته.

801. السابع: لو نوى ببعض أفعال الصلاة الرياء،

بطلت صلاته، لأنّه منهيّ عنه، و النّهي يدلّ على الفساد.

802. الثامن: يجوز نقل النيّة في مواضع،

كذاكر الفائتة أو طالب(4) فضيلة الجماعة و سورة الجمعة.

ص: 237


1- . في «ب»: التمام.
2- . في «ب»: استخرج.
3- . الخلاف: 307/1، المسألة 55 من كتاب الصلاة.
4- . في «ب»: و طالب.
803. التاسع: لو أخّر نيّته عن التكبير لم يصحّ .
804. العاشر: لو صلّى مأموما اشترط أن ينوي الائتمام بخلاف الإمام.
805. الحادي عشر: لو شكّ هل نوى أم لا في الحال، استأنف،

و لو كان بعد الانتقال أو ذكر النيّة استمرّ، و لو عمل عملا مع الشك الموجب للاستئناف بطل.

و لو شك هل نوى فرضا أو نفلا في الحال استأنف. و لو شكّ هل أحرم بظهر أو عصر في الحال، استأنف.

الفصل الثالث: في تكبيرة الإحرام
اشارة

و فيه تسعة عشر بحثا:

806. الأوّل: التكبيرة ركن في الصلاة،

و جزء منها، فلو أخلّ بها عمدا أو سهوا بطلت صلاته.

و صورتها «اللّه أكبر» فلو أخلّ بحرف منها، أو أتى بمعناها، أو بغير العربيّة مع القدرة، أو أتى بأكبر معرّفا - خلافا لابن الجنيد -(1) أو عكس الترتيب، لم يصحّ .

807. الثاني: الأعجم يجب عليه التعلّم،

و لا يشتغل بالصلاة مع سعة الوقت، و لو ضاق أحرم بلغته.

808. الثالث: الأخرس ينطق بالممكن،

فإن عجز عن النطق أصلا كبّر بالإشارة بإصبعه و أومأ.

ص: 238


1- . نقل عنه المحقّق في المعتبر: 152/1.
809. الرابع: يجب أن يأتي بأكبر على وزن أفعل،

فلو مدّ صار جمع كبر، و هو الطبل(1) فإن قصده بطل، و لا ينبغي أن يمدّ الهمزة من لفظة الجلالة، لأنّه يبقى مستفهما، و لو قصده بطل.

810. الخامس: يجب على المصلّي أن يسمع نفسه بالتكبير إن كان صحيح السمع،

و إلاّ أتى بما لو كان صحيحا سمعه.

811. السادس: يجب أن يكبّر قائما،

فلو اشتغل بالتكبير و هو آخذ في القيام ثم يتمّه، أو شرع في الركوع كالمأموم المسبوق قبل إتمامه بطلت صلاته، و إن كانت نافلة.

812. السابع: لو أتى بالتكبير مقطّعا لم يصحّ ،

لأنّ التعظيم انّما يحصل بالإخبار.

813. الثامن: يستحبّ التوجّه بسبع تكبيرات،

إحداها تكبيرة الإحرام، أيّها شاء جعلها الفرض، فإن نوى بها أولى التكبيرات، وقعت البواقي في الصلاة، و له أن ينوي الأخيرة و الوسطى.

814. التاسع: هذه السبع تستحبّ في سبعة مواطن:

في أوّل كل فريضة، و أوّل صلاة الليل، و الوتر، و أوّل نافلة الزوال، و أوّل نافلة المغرب، و أوّل ركعتي الإحرام، و في الوتيرة، و يستحبّ أن يأتي بينها بثلاثة أدعية.

815. العاشر: يستحبّ أن يأتي بعد تكبيرة الإحرام بالتوجه.

ص: 239


1- . قال المصنّف في التذكرة: 114/3: لا يجوز الزيادة فلو قال «أكبار» لم تصحّ ، لأنّه جمع كبر و هو الطبل، فيبطل لو قصده.

روى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السّلام قال:

يجزيك في التوجّه إلى اللّه تبارك و تعالى في الصلاة أن تقول: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ ، على ملّة إبراهيم حَنِيفاً مسلما وَ مٰا أَنَا مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلاٰتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ ، لاٰ شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين»(1).

قال الشيخ رحمه اللّه: و إن قال في التوجّه: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ ، على ملّة إبراهيم و دين محمّد و منهاج عليّ ، حنيفا مسلما إلى آخر الدعاء، كان أفضل(2). و كذا قال ابن بابويه(3).

816. الحادي عشر: يستحبّ رفع اليدين بالتكبير في فرائض الصلوات و نوافلها إلى أن يحاذي بهما شحمتي أذنيه

و إن كانت يده تحت ثيابه، و لو نسيه و ذكر قبل انتهاء التكبير رفع يديه مستحبا، و لو انتهى لم يرفع.

817. الثاني عشر: يستحبّ مدّ الأصابع و ضمّها و الاستقبال بباطنها إلى القبلة،

و يكره ان يتجاوز بهما رأسه.

818. الثالث عشر: يستحبّ للإمام ان يسمع من خلفه، التكبير إذا لم يبلغ العلوّ المفرط،

و لو لم يمكنه إلاّ به أسمع من يليه، و يسمع المأموم غيره، و لا يستحبّ له أن يسمع من خلفه غير تكبيرة الإحرام من السّبع، و لا للمأموم إسماع الإمام.

ص: 240


1- . الوسائل: 724/4، الباب 8 من أبواب تكبيرة الإحرام، الحديث 2.
2- . النهاية: 70.
3- . الفقيه: 199/1، برقم 917.
819. الرابع عشر: يستحبّ بعد التوجّه التعوذ باللّه من الشيطان، أمام القراءة في الفرائض و النوافل،

و صورته: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم، و يجوز أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم.

قال الشيخ: و يستحب الإسرار به(1).

820. الخامس عشر: التعوّذ مستحبّ في أوّل ركعة من الصلاة خاصّة،

و لا يستحبّ في الباقي، و لو تركه عمدا أو نسيانا حتّى قرأ مضى في قراءته، و لا يعيدها في الركعة الثانية(2).

821. السادس عشر: لو كبّر و نوى الافتتاح انعقدت صلاته،

فإن كبّر ثانية بنيّة الافتتاح بطلت صلاته، فإن كبّر ثالثة بنيّة الافتتاح انعقدت، و هكذا.

822. السابع عشر: لو كان في لسانه آفة من تمتمة

822. السابع عشر: لو كان في لسانه آفة من تمتمة(3) أو لثغة أو غيرها، و أوجبت تغيير الحروف،

822. السابع عشر: لو كان في لسانه آفة من تمتمة(3) أو لثغة(4) أو غيرها، و أوجبت تغيير الحروف،

وجب عليه التعلّم بقدر الإمكان، و لو لم يمكنه، أو لم يكن مغيّرة، لم يكن به بأس.

823. الثامن عشر: لو أدرك الإمام راكعا كبّر للافتتاح واجبا،

ثمّ إن أدرك تكبيرة الركوع استحبّ له فعلها، و إلاّ فلا.

و لو نوى بها تكبيرة الركوع، أو الافتتاح و الركوع معا بطلت صلاته.

ص: 241


1- . المبسوط: 105/1.
2- . في «ب»: و لا يعيدها و لا في الركعة الثانية.
3- . قال في لسان العرب: التّمتمة: ردّ الكلام إلى التاء و الميم، و قيل: هو أن يعجل بكلامه فلا يكاد يفهمك، و قيل: هو ان تسبق كلمته إلى حنكه الأعلى.
4- . قال في لسان العرب: اللّثغة: ان تعدل الحرف إلى حرف غيره. (و قد تقدم معناها).
824. التاسع عشر: يستحبّ للمأموم أن يكبّر بعد فراغ الإمام من التكبيرة،

و لو كبّر معه جاز، و إن كبّر قبله لم يصحّ ، و يجب أن يقطعها بتسليمة، و يستأنف بعده أو معه تكبيرة الافتتاح.

الفصل الرابع: في القراءة
اشارة

و فيه ثلاثة و أربعون بحثا:

825. الأوّل: القراءة واجبة،

و يتعيّن الحمد و سورة كاملة في كل ركعة مرة في الثنائية،(1) و في أوليي الثلاثية و الرباعية، و يتخيّر في الثالثة و الرابعة بين الحمد وحدها و أربع تسبيحات، صورتها: سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر. و إن قال ذلك ثلاث مرات كان أفضل، و قيل: يجب. و ليس بمعتمد.(2)

826. الثاني: لا يجوز الإخلال بشيء من الحمد و السورة و لو بحرف،

فلو أخلّ عمدا بطلت صلاته، و كذا الإعراب و التشديد.

827. الثالث: يجب ترتيب كلمات الحمد و آيتها،

و في السورة أيضا كما هي في المصحف، و كذا يجب تقديم الحمد على السورة، فلو خالف في شيء من ذلك عمدا أعاد الصلاة، و إن كان ناسيا استأنف القراءة ما لم يركع، فيمضي و إن ذكر.

ص: 242


1- . في «أ»: من الثنائية.
2- . لاحظ الأقوال في المختلف: 145/2.
828. الرابع: يجب الموالاة في القراءة،

فلو قرأ خلالها من غيرها استأنف، و كذا لو نوى قطع القراءة و سكت، و لو سكت لا بنيّة القطع أو نواه و لم يقطع لم تبطل صلاته.

و يجوز أن يقطع القراءة لسكوت و دعاء لا يخرج به عن اسم القاري.

829. الخامس: بسم اللّه الرحمن الرحيم، آية من كل سورة، إلاّ براءة،

فلو أخلّ بها في الحمد، أو في السورة، بطلت صلاته إن كان عمدا، و إلاّ فلا.

و يجب أن يقرأها بنيّة أنّها من سورة معيّنة، فلو قرأها من غير نيّة، تعيّن(1)عليه إعادتها عند قراءة السورة، و كذا يعيدها لو عدل عن سورة إلى أخرى.

830. السادس: لا يجوز مع الاختيار الاقتصار على الحمد من دون السورة الكاملة في الأوليين من الفرائض،

و يجوز للضرورة(2) خلافا للشيخ في بعض أقواله(3).

831. السابع: لا يجزئ في القراءة الترجمة،

و لا مرادفها من العربيّة.

832. الثامن: لو لم يحسن القراءة وجب عليه التعلّم بالعربيّة،

و لو عجز أو ضاق الوقت، و كان يحسن بعضها قرأه، و لو لم يحسن شيئا منها قرأ من غيرها ما تيسّر، و الأقرب وجوب الإتيان بسورة كاملة إن كان يعلمها، و هل يجب أن يأتي بسورة أخرى عوض الحمد؟ فيه إشكال.

ص: 243


1- . في «ب»: تعيين.
2- . في «ب»: مع الضرورة.
3- . النهاية: 75 حيث قال: فمن صلّى بالحمد وحدها متعمدا من غير عذر، كانت صلاته ماضية، و لم يجب إعادتها، غير انّه يكون قد ترك الأفضل.

و لو لم يحسن سورة كاملة قرأ ما يحسنه، و الأقرب انّه لا يجب أن يقرأ بعدد آيها.(1) و لو لم يحسن إلاّ آية واحدة منها قرأها، و اجتزأ بها، و الأقرب سقوط وجوب تكريرها سبعا.

و لو لم يحسن إلاّ بعض آية، فالأقرب انّه إن كان يسمى قرآنا وجب قراءته، و إلاّ فلا.

و لو لم يحسن شيئا من القرآن أصلا كبّر اللّه و هلّله و سبّحه بقدر القراءة، ثم يجب عليه التعلّم.

833. التاسع: لو لم يحفظ شيئا من القرآن، و ضاق الوقت،

وجب عليه أن يقرأ من المصحف إن كان عارفا، و الأقرب عدم إجزاء القراءة من المصحف مع إمكان التعلّم.

834. العاشر: الأخرس يحرّك لسانه بالقراءة و يعقد بها قلبه.
835. الحادي عشر: قد بيّنا أنّ الحمد لا يجب في الأخيرتين،

بل يتخيّر المصلّي بينها(2) و بين التسبيح، و يستحبّ للإمام القراءة فيهما، و لا يجب قراءة سورة بعد الحمد فيهما.

836. الثاني عشر: لا يجزئ عن السورة في الأوليين تكرار الحمد،

بل يجب سورة أخرى غير الحمد، متأخرة عنها، فلو عكس قرأ الحمد، ثمّ أعاد السورة أو غيرها إن لم يتعمّد.

837. الثالث عشر: يجوز أن يقرأ السورة الواحدة في الركعتين مكرّرا لها

ص: 244


1- . في «ب»: بعدد آيتها.
2- . تأنيث الضمير باعتبار القراءة.

فيهما، و أن يقرأ فيهما سورتين متساويتين، و أن يقرأ في الثانية بالسورة الّتي تلي السورة الّتي قرأها في الأولى، و بغيرها من المتقدّمات عليها و المتأخرات.

838. الرابع عشر: لا يتعيّن الحمد في النوافل وجوبا بل ندبا،

و كذا يستحبّ السّورة بعدها فيها.

839. الخامس عشر: الإعراب واجب،

فلو أخلّ به عمدا بطلت صلاته، و لو لم يحسنه وجب التعلّم بقدر الإمكان، و لو ضاق الوقت صلّى على ما يحسنه، و الأقرب وجوب ائتمامه بالعارف.

840. السادس عشر: يجب أن يقرأ بالمتواتر،

فلو قرأ بمصحف ابن مسعود بطلت صلاته.

841. السابع عشر: يجوز أن يقرأ بأيّ قراءة شاء من القراءات السبع،

و لا يجوز أن يقرأ بغيرها، و ان اتّصلت رواية.

842. الثامن عشر: يجب أن يخرج الحروف من مخارجها،

فلو أخرج «الضاد» في «و لا الضّالّين»(1) و غيره من مخرج «الظاء» بطلت صلاته إن كان عالما أو جاهلا يمكنه التعلّم، و إلاّ فلا، ثمّ يجب عليه التعلّم، و لو أخل بإصلاح لسانه في القراءة مع القدرة أبطل صلاته، و إلاّ فلا.

843. التاسع عشر: هل يجب الترتيب في التسبيح على ما تلوناه ؟

فيه إشكال.

844. العشرون: لو أخلّ بالقراءة في الأوليين عمدا بطلت صلاته.

و لا تبطل بالإخلال سهوا، و لا يسقط التخيير معه بينها و بين التسبيح في الأخيرتين.

ص: 245


1- . في «أ»: في الضّالين.
845. الحادي و العشرون: لا يجوز القران بين سورتين غير الحمد في ركعة من الفرائض،

845. الحادي و العشرون: لا يجوز القران بين سورتين غير الحمد في ركعة(1) من الفرائض،

و هل هو مبطل ؟ للشيخ قولان.(2) و يجوز في النافلة، بل يستحبّ في مواضع منها.

846. الثاني و العشرون: قال علماؤنا: «الضحى» و «أ لم نشرح» سورة واحدة

و كذا «الفيل» و «الإيلاف»، فلو قرأ إحداهما بعد الحمد في الفرائض وجب أن يقرأ الأخرى، و يجب البسملة بينهما على الأقوى.

847. الثالث و العشرون: لا يجوز أن يقرأ في الفرائض شيئا من العزائم،

و يجوز في النوافل، و كذا يحرم أن يقرأ ما يفوت الوقت بقراءته.

848. الرابع و العشرون: يجب الجهر بالحمد و السورة في الصبح و أولتي المغرب و العشاء،

و يجب الإخفات في الظهرين و الثالثة و الرابعة في الحمد من العشاءين، و للسيد هنا خلاف(3).

849. الخامس و العشرون: أقلّ الجهر أن يسمعه القريب الصحيح السمع

849. الخامس و العشرون: أقلّ الجهر(4) أن يسمعه القريب الصحيح السمع

و أقلّ الإخفات أن يسمع نفسه.

850. السادس و العشرون: يسقط الجهر من المرأة إجماعا.
851. السابع و العشرون: حكم القضاء حكم الأداء في ذلك،

سواء فعل

ص: 246


1- . هذا ما أثبتناه، و لكن في «أ»: «في الركعة» و في «ب»: «في الركعة الأولى».
2- . قال في المبسوط: 107/1: إن قرأ بعض السورة أو قرن ما بين السورتين بعد الحمد لا يحكم ببطلان الصلاة. و قال في النهاية: 75: لا يجوز أن يجمع بين سورتين مع الحمد في الفرائض، فمن فعل ذلك متعمدا كانت صلاته فاسدة.
3- . لاحظ قول السيد المرتضى في المعتبر: 176/1، و المختلف: 153/2.
4- . في «ب»: و حدّ الجهر.

القضاء في الليل أو النهار.

852. الثامن و العشرون: لو أخلّ بالجهر أو الإخفات في موضعه عمدا عالما بطلت صلاته،

و لو كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل، و لو ذكر في أثناء القراءة الترك انتقل إلى ما يجب عليه، و لا يستأنف القراءة.

853. التاسع و العشرون: يستحبّ للإمام أن يسمع من خلفه القراءة في الجهريّة

ما لم يفرط.

854. الثلاثون: إنّما يجب الجهر في القراءة خاصّة دون غيرها من أذكار الصلاة،

نعم يستحبّ للإمام الجهر بالتشهد.

855. الواحد و الثلاثون: يجب الجهر بالبسملة في مواضع الجهر،

و يستحبّ في مواضع الإخفات، و يجوز الإسرار بها مع التقيّة، و إن وجب الجهر.

856. الثاني و الثلاثون: يستحبّ المخافتة في نوافل النهار،

856. الثاني و الثلاثون: يستحبّ المخافتة(1) في نوافل النهار،

و الجهر في نوافل الليل.

857. الثالث و الثلاثون: يستحبّ للمصلّي السكوت بعد قراءة الحمد و بعد السورة.
858. الرابع و الثلاثون: يستحبّ ترتيل القراءة و الوقوف في مواضعه،

و يجب عليه النطق بالحروف، بحيث لا يخفي بعضها في بعض.

859. الخامس و الثلاثون: المعوّذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما في الفرائض.
860. السادس و الثلاثون: يستحبّ قصار المفصل في الظهرين و المغرب،

ص: 247


1- . في «ب»: المخافية.

و متوسّطاته في العشاء، و مطولاته في الغداة(1)، و يستحبّ قراءة الجمعة و المنافقون في ظهري الجمعة و الجمعة(2)، و أن يقرأ ليلة الجمعة بها و الأعلى، و في غداة الجمعة بها و بالإخلاص، و في غداة الاثنين و الخميس هل أتى و الغاشية. و في نوافل النهار بقصار السور، و في نوافل الليل بمطوّلاتها.

861. السابع و الثلاثون: يستحبّ قراءة قل يا أيّها الكافرون في سبعة مواطن:

أوّل ركعة من ركعتي الزوال، و أوّل ركعة من نوافل المغرب، و أوّل ركعة من صلاة الليل، و أوّل ركعة من صلاة الغداة إذا أصبح بها، و أوّل ركعتي الفجر، و أوّل ركعتي الطواف، و أوّل ركعتي الإحرام.

و روي قراءة التوحيد في هذه الأوائل و الجحد في الثانية(3).

862. الثامن و الثلاثون: يستحبّ أن يقرأ في أوليي صلاة الليل ثلاثين مرّة قل هو اللّه أحد،

و في البواقي بالطوال.

863. التاسع و الثلاثون: إذا قرأ في النافلة عزيمة سجد وجوبا عند موضع السجود،

ثمّ قام فأتمّ السورة و ركع، و لو كانت السجدة في آخرها قرأ الحمد بعد قيامه ليركع عن قراءة، و كذا يجب أن يسجد لو استمع، ثمّ يفعل ما ذكرناه.

و لو نسيها حتّى ركع سجدها مع الذكر، و يستحب له إذا رفع رأسه من

ص: 248


1- . قال المصنّف في التذكرة: 158/3: يستحب أن يقرأ في الظهرين و المغرب بقصار المفصل كالقدر و النصر، و في العشاء بمتوسطاته كالطارق و الأعلى، و في الصبح بمطولاته كالمدثر و المزمل.
2- . قال المصنّف في التذكرة: 159/3: يستحبّ أن يقرأ في ظهري يوم الجمعة الجمعة و المنافقين و كذا في الجمعة سواء الجامع و المنفرد و المسافر و الحاضر.
3- . التهذيب: 74/2 برقم 274؛ و الوسائل: 751/4، الباب 15 من أبواب القراءة، الحديث 1 و 2.

السجود أن يكبّر.

و لو كان مع إمام لا يسجد و لم يتمكّن من السجود أومأ.

864. الأربعون: يجوز أن يعدل المصلّي من سورة إلى أخرى

ما لم يتجاوز النصف، إلاّ سورة الكافرين و الإخلاص، فانّه لا ينتقل عنهما إلاّ في ظهر الجمعة، فانّه ينتقل إلى الجمعة و المنافقين.

و لو قرأ سورة فغلط جاز له العدول مطلقا، لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السّلام(1)، و رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(2)، و مع العدول يعيد البسملة.

865. الواحد و الأربعون: إذا مرّ المصلّي بآية رحمة استحب له أن يسأل اللّه تعالى إيصالها إليه،

و بآية نقمة أن يتعوّذ منها.

866. الثاني و الأربعون: إذا تقدّم المصلّي سكت عن القراءة،

فإذا استقرّ أتمّ .

867. الثالث و الأربعون: قول «آمين» حرام تبطل به الصلاة،

سواء جهر بها أو أسرّ، في آخر الحمد أو قبلها، إماما كان أو مأموما، و على كلّ حال، و إجماع الإماميّة عليه، للنقل عن أهل البيت عليهم السّلام(3)، و لأنّها ليست قرآنا و لا دعاء، لأنّ الاسم مغاير للمسمّى(4).

ص: 249


1- . الوسائل: 737/4، الباب 4 من أبواب القراءة، الحديث 7.
2- . الوسائل: 783/4، الباب 43 من أبواب القراءة، الحديث 1.
3- . لاحظ الوسائل: 752/4، الباب 17 من أبواب القراءة.
4- . و لا يخفى انّ الدعاء هو قول المصلّي: «اهدنا الصراط المستقيم» و أمّا لفظة «آمين» فليست دعاء و انّما هي طلب إجابته، فتكون مغايرة مع الدعاء، و هذا هو المراد من قوله «لأنّ الاسم (آمين) غير المسمّى» (أي الدعاء).
الفصل الخامس: في الركوع
اشارة

و فيه خمسة عشر بحثا:

868. الأوّل: الركوع لغة الانحناء،

و في الشرع كذلك، و هو ركن في كلّ ركعة مرة، تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا و سهوا.

و يجب في الكسوف و الآيات في كلّ ركعة خمس مرّات على ما يأتي.

869. الثاني: يجب فيه الانحناء إلى حيث يتمكّن من وضع يديه على ركبتيه،

و لو لم يتمكّن من هذا الحدّ وجب الإتيان بالممكن، و لو لم يتمكّن من الانحناء أصلا أومأ.

و لو كان بصورة الراكع لكبر أو زمن، قام على حسب حاله، ثمّ انحنى للركوع قليلا ليكون فارقا بين قيامه و ركوعه.

قال الشيخ: و لا يلزمه ذلك(1) و فيه إشكال.

و لو بلغت يداه في الطول إلى حيث ينتهي إلى ركبته انحنى كما ينحني مستوي الخلقة، و كذا لو كانت أقصر من المستوي.

870. الثالث: يجب فيه الطمأنينة بقدر الذكر الواجب،

و هي السكون حتّى يرجع كل عضو إلى مستقره، و لو لم يتمكّن منها سقطت.

ص: 250


1- . المبسوط: 110/1، و لاحظ التذكرة: 166/3 تراها موافقا للشيخ.
871. الرابع: يجب فيه الذكر،

كالتسبيح أو التهليل أو التكبير أو التحميد، و أوجب جماعة من علمائنا التسبيح خاصة(1)، و الأقرب الأوّل.

872. الخامس: يجب أن يأتي بالذكر حال الركوع،

872. الخامس: يجب أن يأتي بالذكر حال الركوع(2)،

فلو اشتغل فيه و هو آخذ في الركوع، أو اشتغل بالرفع قبل إكماله لم يجز.

873. السادس: يجب رفع الرأس من الركوع،

فلو هوى للسجود قبل انتصابه منه من غير عذر لم يجز، و لو افتقر إلى الاعتماد على شيء وجب، و لو لم يتمكّن سقط، و لو زال المانع بعد السجود لم يتداركه.

قال الشيخ: و كذا لو زال قبل السجود(3).

و لو ركع فاطمأنّ فسقط إلى الأرض من قبل القيام سجد، و لا يحتاج إلى القيام، لفوات محله، أمّا لو سقط قبل ركوعه فانّه يرجع و يأتي بالركوع، و لو سقط بعد الركوع قبل الطمأنينة ففي إعادة الركوع إشكال.

874. السابع: يجب الطمأنينة في الانتصاب،

بأن يعتدل قائما و يسكن يسيرا.

875. الثامن: يستحبّ التكبير إذا أراد الركوع،

و أن يكبّر قائما، رافعا يديه بالتكبير، محاذيا أذنيه، و يرسلهما ثمّ يركع.

و أن يضع يديه على ركبتيه مفرّجات الأصابع، و لو كان بإحدى يديه عذر

ص: 251


1- . منهم: أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 118، و الشيخ في النهاية: 81، و المحقّق في المعتبر: 195/2.
2- . في «أ»: حالة الركوع.
3- . المبسوط: 111/1.

وضع الأخرى، و يردّ ركبتيه إلى خلفه، و يسوي ظهره، و يمدّ عنقه موازيا ظهره.

و أن يصفّ في ركوعه بين قدميه، و لا يقدّم إحداهما على الأخرى، و يجعل بينهما قدر شبر.

و أن يتجافى حالة الركوع، لا يضع شيئا من أعضائه على شيء إلاّ اليدين على الركبتين، و أن يقول في ركوعه: «سبحان ربّي العظيم و بحمده» ثلاثا، و أفضل منه خمسا، و الأكمل سبعا، و يستحبّ للإمام التخفيف بثلاث.

و أن يدعو في حال ركوعه فيقول: ربّ لك ركعت، و لك أسلمت، و بك آمنت، و عليك توكّلت، و أنت ربّي خشع لك سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخّي و عصبي و عظامي و ما أقلّته قدماي، غير مستنكف و لا مستكبر، و لا مستحسر، ثمّ يسبّح ثلاثا(1).

876. التاسع: لا يستحبّ القراءة في الركوع و لا السجود إجماعا.
877. العاشر: يستحبّ للإمام رفع صوته بالذكر فيه.
878. الحادي عشر: يستحبّ أن يقول بعد انتصابه من الركوع:

«سمع اللّه لمن حمده، الحمد للّه رب العالمين، أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة للّه ربّ العالمين» للإمام و المأموم و المنفرد، و أنّ يجهر الإمام به.

879. الثاني عشر: قال الشيخ رحمه اللّه: و إن قال: ربّنا و لك الحمد لم تبطل صلاته،

879. الثاني عشر: قال الشيخ رحمه اللّه: و إن قال: ربّنا و لك الحمد لم تبطل صلاته(2)،

و الأولى ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام(3).

ص: 252


1- . لاحظ الوسائل: 920/4، الباب 1 من أبواب الركوع، الحديث 1.
2- . المبسوط: 112/1.
3- . لاحظ الوسائل: 940/4، الباب 17 من أبواب الركوع.
880. الثالث عشر: لو قال: «من حمد اللّه سمع له»، لم يأت بالمستحبّ ،

لأنّه أخلّ بالجزء الصوري(1)، و لأنّ الأوّل دعاء، و الثاني شرط و جزاء.

881. الرابع عشر: لو عطس عند رفعه فقال: «الحمد للّه ربّ العالمين»،

و نوى به التحميد للعطسة و المستحب بعد الرفع، جاز.

882. الخامس عشر: يكره أن يركع و يداه تحت ثيابه،

بل يستحبّ أنّ تكون بارزة أو في كمّه.

الفصل السادس: في السجود
اشارة

و فيه اثنا عشر بحثا:

883. الأوّل: السجود لغة الخضوع و الانحناء، و شرعا وضع الجبهة على الأرض،

و هو واجب في الصلاة، في كلّ ركعة سجدتان، و مجموعهما ركن، تبطل الصلاة بالإخلال بهما معا عمدا و سهوا، و بالواحدة عمدا لا سهوا.

884. الثاني: يجب في كلّ واحدة منهما السجود على سبعة أعضاء:

الجبهة و الكفّان و الركبتان و إبهامي الرجلين.

و لو أخلّ بالسجود على بعض هذه عمدا بطلت صلاته، عالما كان أو جاهلا، و لا تبطل بالسهو، و لو كان على بعض أعضائه مانع يمنع من السجود

ص: 253


1- . قدّم المؤخر، و أخّر المقدّم.

عليه، سجد بباقي الأعضاء.

و لو كان على جبهته دمل أو شبهه، و أمكنه أن يحفر لها حفيرة ينزل فيها(1)ليقع السليم من الجبهة على الأرض وجب، و لو لم يمكنه لاستغراق الجبهة بالمانع، أو لعدم تمكّنه من الحفر، أو لغيرهما، سجد على أحد الجبينين، و على بقية الأعضاء.

و لو تعذّر على أحد الجبينين سجد على الذقن. و لو تعذّر ذلك كلّه أومأ.

885. الثالث: لا يجب السجود على جميع أعضاء الجبهة،

و شرط بعض الأصحاب الملاقاة بدرهم(2) و ليس بمعتمد، و كذا البحث في بقية الأعضاء.

886. الرابع: يجب إبراز الجبهة للسجود على ما يصحّ السجود عليه، و وضع الجبهة عليه،

فلو سجد على كور العمامة بطل، إلاّ أن يكون لعذر، و يستحبّ إبراز اليدين دون غيرهما.

887. الخامس: يجب الانحناء للسجود حتى يساوي موضع جبهته موقفه،

و يجوز أن يكون موضع السجود أعلى بما لا يعتدّ به كاللبنة لا أزيد، و لو وقعت جبهته على المرتفع جاز أن يرفع رأسه، و يسجد على المساوي. و لو تعذر أتى بالممكن، و لو لم يتمكّن من الانحناء مطلقا، رفع ما يسجد عليه(3) و إن عجز أومأ.

888. السادس: يجب الذكر في كلّ واحدة كما قلنا في الركوع،

و الخلاف فيه كالخلاف هناك، و الأولى فيه التسبيح ثلاثا و أفضل منه خمسا، و أكمله سبعا.

ص: 254


1- . في «ب»: يترك فيها.
2- . الصدوق في المقنع: 87؛ و الفقيه: 175/1 و 205.
3- . في «ب»: جاز رفع ما يسجد عليه.

و يستحبّ أن يدعو أمام الذكر فيقول: «اللّهم لك سجدت و بك آمنت و لك أسلمت، و عليك توكلت و أنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه و صوّره، و شق سمعه و بصره، تبارك اللّه أحسن الخالقين، و الحمد للّه رب العالمين» ثم يقول: «سبحان ربي الأعلى و بحمده» ثلاث مرّات(1).

و يجوز فيه الدعاء بغير ذلك من أمور الدنيا و الآخرة.

889. السابع: يجب فيه الطمأنينة بقدر الذكر الواجب، و أن يأتي بالذكر الواجب و هو ساجد،

فلو أخذ في السجود و هو ذاكر، أو رفع رأسه و لم يتمّمه لم يجز.

890. الثامن: يجب رفع الرأس من السجدة الأولى،

و الطمأنينة فيه جالسا.

891. التاسع: يستحبّ التكبير قائما قبل السجود،

ثم يهوي رافعا يديه إلى شحمتي أذنيه، و كذا يكبّر حال رفعه، و للسجود الثاني حال قعوده، رافعا يديه، كما قلناه، و عند رفعه منه، و أن يستقبل الأرض بيديه حال هويه، و مساواة موضع سجوده لموقفه، أو يكون أخفض، و أن يرغم بأنفه. قال السيّد: بطرف الأنف الّذي يلي الحاجبين(2). و أن يدعو بين السجدتين و يتورّك حال جلوسه، و الجلوس عقيب السجدة الثانية مطمئنّا، و الدعاء عند القيام، و أن يعتمد على يديه عنده، سابقا رفع ركبتيه، و أن يبسط كفّيه على الأرض حال القيام و لا يضمّهما.

892. العاشر: يكره الإقعاء بين السجدتين،

و هو أن يعتمد بصدور قدميه

ص: 255


1- . لاحظ الوسائل: 951/4، الباب 2 من أبواب السجود، الحديث 1.
2- . جمل العلم و العمل في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية: 178/3.

على الأرض، و يجلس على عقبيه؛ و أن ينفخ موضع سجوده.

893. الحادي عشر: لو سجد على أنفه دون جبهته لم يجز.
894. الثاني عشر: يستحبّ له التجافي حال السجود لا يضع شيئا من جسده على شيء،

و الاعتدال في السجود.

الفصل السّابع: في التشهّد
اشارة

و مباحثه عشرة:

895. الأوّل: التشهّد واجب في كلّ ثنائية مرّة،

و في الثلاثيّة و الرباعية مرّتين.

و محلّه في الثنائية عند كمالها، و في الثلاثية و الرباعية عند كمال الثانية مرّة، و عند كمال الصلاة أخرى. و تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا.

896. الثاني: الواجب في كل تشهّد أربعة أشياء: الجلوس بقدره مطمئنّا؛ و الشهادتان،

و هما: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله؛ و الصلاة على النبيّ و آله، و صورتها: اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد؛ و ما زاد على ذلك مستحبّ .

897. الثالث: من لا يحسن التشهّد يجب عليه التعلّم،

و مع ضيق الوقت يأتي بما يحسن منه.

898. الرابع: يجب الترتيب في التشهّد فيبدأ بشهادة التوحيد،

ثمّ

ص: 256

الرسالة، ثم يصلّي على النبي، ثمّ يصلّي على آله، فلو خالف أعاد.

899. الخامس: الصلاة على النبيّ و آله عليهم السّلام واجبة في التشهّدين معا.
900. السادس: يستحبّ أن يجلس متورّكا،

بأن يجلس على وركه الأيسر، و يخرج رجليه جميعا، و يجعل ظاهر قدمه الأيسر إلى الأرض، و ظاهر الأيمن إلى باطن الأيسر، و أن يضع يديه على فخذيه مبسوطة مضمومة الأصابع، و أن يزيد على القدر الواجب فيقول:

ما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السّلام قال:

«إذا جلست في الركعة الثانية، فقل: بسم اللّه، و باللّه، و الحمد للّه، و خير الأسماء للّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، و أشهد أنّ ربّي نعم الرّب، و أنّ محمّدا نعم الرّسول، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و تقبّل شفاعته في أمّته، و ارفع درجته، ثمّ يحمد اللّه مرّتين أو ثلاثا، ثم يقوم، و إذا جلست في الرابعة، فقل: بسم اللّه، و باللّه، و الحمد للّه، و خير الأسماء للّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنّك نعم الرب، و أنّ محمّدا نعم الرّسول، التحيات للّه، الصلوات الطاهرات الطيّبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات للّه، ما طاب و طهر و زكى و خلص و صفا فللّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده

ص: 257

و رسوله، أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنّ اللّه نعم الرب، و أنّ محمّدا نعم الرسول، و أشهد أنّ الساعة آتية لا ريب فيها، و أنّ اللّه يبعث من في القبور، الحمد للّه الّذي هدانا لهذا و ما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه، الحمد للّه ربّ العالمين، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و بارك على محمّد و آل محمّد، و سلّم على محمّد و آل محمّد، و ترحّم على محمّد و آل محمّد، كما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، و لا تجعل في قلوبنا غلاّ للّذين آمنوا، ربّنا إنّك رؤف رحيم، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و امنن عليّ بالجنّة، و عافني من النار، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و اغفر للمؤمنين و المؤمنات، و لمن دخل بيتي مؤمنا، و لا تزد الظالمين إلاّ تبارا.

ثمّ قل: السّلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته، السّلام على أنبياء اللّه و رسله، السّلام على جبرئيل و ميكائيل و الملائكة المقرّبين، السّلام على محمّد بن عبد اللّه خاتم النبيّين، لا نبيّ بعده، السّلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، ثمّ تسلّم»(1).

901. السابع: التحيّات ليست واجبة في واحد من التشهّدين.
902. الثامن: تقديم التسليم على التشهّد مبطل للصلاة.
903. التاسع: لو قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه أجزأه

ص: 258


1- . الوسائل: 989/4، الباب 3 من أبواب التشهد، الحديث 2.

على إشكال، و كذا: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسوله، (أو عبده و رسوله)(1)، أو قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، من غير واو.

و لو أتى عوض الشهادة بما يساويها في المعنى أو يقاربها، فيقول: أعلم أو أخبر عن علم، أو أتيقّن و ما شابهه لم يجز، و كذا لو قال: أشهد أنّ الإله واحد، و أنّ الرسول محمّد.

904. العاشر: يجوز الدعاء في التشهّد مطلقا بالمباح،

سواء كان للدين أو للدنيا، و سواء ورد به الشرع أو لم يرد.

و يستحبّ للإمام أن يسمع من خلفه الشهادتين، و إذا قام المصلّي إلى الثالثة، قال: بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد، و لا يحتاج إلى تكبير خلافا للمفيد(2).

الفصل الثامن: في التسليم
اشارة

و فيه ستّة مباحث:

905. الأوّل: الأظهر عندي أنّ التسليم غير واجب،

و يستحبّ مرّة في آخر الصلاة بعد التشهّد، و به يخرج من الصلاة لا غير إن قلنا بوجوبه، و حينئذ فالأقرب أنّه لا يجب أن ينوي به الخروج بل يستحبّ .

ص: 259


1- . ما بين القوسين موجود في «أ».
2- . المقنعة: 103، قال المصنّف في المختلف: 179/2: اختلف الشيخان في عدد التكبيرات في الصلوات الخمس، فالمفيد رحمه اللّه جعلها أربعا و تسعين تكبيرة، منها خمس تكبيرات واجبة للإحرام... و للقيام إلى الثالثة.
906. الثاني: للتسليم صورتان،

أيّتهما وقعت أجزأه: السّلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته، و بأيّهما بدأ كان الثاني مستحبا أيضا، و أوجب العبارة الثانية علم الهدى(1) و أبو الصلاح(2).

907. الثالث: لا يخرج من الصلاة بقوله: السّلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته،

على القول بالوجوب، و لا بقوله: السّلام علينا و على عباد اللّه المخلصين(3) أو العابدين، أو السّلام على عباد اللّه الصالحين و علينا. و لو سلّم بالعبارة الثانيّة جاز أن يقول: السّلام عليكم و رحمة اللّه، و إن لم يقل: و بركاته.

و لو قال: السّلام عليكم. و اقتصر خرج به عند ابن بابويه و ابن أبي عقيل و ابن الجنيد(4) و قال أبو الصلاح: الفرض ان يقول: السّلام عليكم و رحمة اللّه(5).

و عندي في ذلك إشكال، و كذا الإشكال لو قال: سلام عليكم، منكرا منوّنا، أمّا لو قال: عليكم السّلام، فانّه لا يجزئه قولا واحدا على القول بالوجوب.

908. الرابع: المرّة الواحدة مجزئة للإمام و المأموم و المنفرد،

لكن يستحبّ للمنفرد أن يسلّم تسليمة إلى القبلة و يؤمئ بمؤخّر عينيه إلى يمينه، و الإمام بصفحة وجهه، و المأموم يسلّم بوجهه مرّتين يمينا و شمالا إن كان على يساره غيره، و إلاّ اقتصر على يمينه.

909. الخامس: هل التسليمة الأولى من الصلاة ؟

فيه إشكال.

ص: 260


1- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 234/2.
2- . الكافي في الفقه: 119.
3- . في «ب»: «الصالحين» بدل «المخلصين».
4- . الفقيه: 210/1 برقم 944، و حكى قول ابن أبي عقيل و ابن الجنيد المحقّق في المعتبر: 236/2.
5- . الكافي في الفقه: 119.
910. السادس: لو نوى بالتسليم الخروج من الصلاة و الردّ على الملكين و على من خلفه إن كان إماما

أو على من معه إن كان مأموما، لم يكن به بأس.

قال الشيخ: ينبغي أن ينوي بالتسليم الأوّل الخروج من الصلاة، و بالثاني التسليم على الملائكة أو على من في يساره(1).

المطلب الثاني: في الأفعال المندوبة
اشارة

و فيه واحد و عشرون بحثا:

911. الأوّل: يستحبّ له إذا مشى إلى الصلاة أن يكون خاضعا خاشعا، على سكينة و وقار،

و أن يقول عند قيامه: اللّهمّ إنّي أقدّم إليك محمّدا بين يدي حاجتي، و أتوجّه به إليك فاجعلني به وجيها عندك في الدنيا و الآخرة و من المقرّبين، [و] اجعل صلاتي به متقبلة و ذنبي به مغفورا، و دعائي به مستجابا، إنّك أنت الغفور الرحيم(2).

912. الثاني: يستحبّ له إيقاعها في المسجد بخشوع و استكانة جماعة في أوّل الوقت،

إلاّ ما استثني.

913. الثالث: يستحبّ أن يتوجّه بسبع تكبيرات،

إحداها تكبيرة الإحرام، بينها ثلاثة أدعية في سبعة مواطن تقدّمت.

ص: 261


1- . المبسوط: 116/1.
2- . لاحظ الوسائل: 708/4، الباب 15 من أبواب القيام، الحديث 3.
914. الرابع: القنوت مستحبّ في كل ثنائيّة في الفرائض و النوافل بعد القراءة قبل الركوع،

لا تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا و لا سهوا، و قول ابن بابويه(1) و ابن أبي عقيل(2) ضعيف. و آكده في الفرائض، و آكده فيما يجهر فيه.

و في الجمعة قنوتان قبل ركوع الأولى و بعد ركوع الثانية، و في مفردة الوتر قبل الركوع، و بعده في جميع السنّة.

و لو نسي القنوت حتى ركع، قضاه بعد الركوع، و لو نسيه حتّى ركع في الثالثة ففي قضائه بعد الصلاة قولان.

915. الخامس: يستحبّ أن يدعو فيه بالمنقول،

و إلاّ فبما شاء، و أقلّه ثلاث تسبيحات، و يجوز الدعاء بغير العربية اختاره(3) محمّد بن الحسن الصفار و ابن بابويه، خلافا لسعد بن عبد اللّه(4)، نعم يحرم الدعاء بالمحرّم إجماعا.

و يجوز أن يدعو فيه للمسلمين عموما و لإنسان معيّن، و أن يسأل المباح من أمور الدنيا.

916. السادس: يستحبّ فيه الجهر مطلقا،

و استحبّ المرتضى الإخفات في

ص: 262


1- . قال في الفقيه: 207/1 في ذيل الحديث 932: و القنوت سنّة واجبة من تركها متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له...
2- . قال المصنّف في المختلف: 173/2: المشهور عند علمائنا استحباب القنوت، و قال ابن أبي عقيل: من تركه متعمدا بطلت صلاته و عليه الإعادة، و نقله عنه المحقّق في المعتبر: 243/2.
3- . في «ب»: «أجازه» بدل «اختاره».
4- . قال الصدوق في الفقيه: 208/1 في ذيل الحديث 935: و ذكر شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن سعد بن عبد اللّه انّه كان يقول: لا يجوز الدعاء في القنوت بالفارسية، و كان محمد بن الحسن الصفار يقول: انّه يجوز. و الّذي اقول به انّه يجوز.

الإخفاتية(1) و يستحبّ فيه الإطالة، و رفع اليدين تلقاء وجهه مبسوطتين، و أن يتلقّى بباطنهما السماء، و أن يكبّر له، و أن يرفع يديه به.

917. السابع: يستحبّ له أن ينظر حال قيامه إلى موضع سجوده، و حال ركوعه إلى ما بين رجليه،

و حال قنوته إلى باطن كفّيه، و في سجوده إلى طرف أنفه، و في قعوده إلى حجره.

918. الثامن: يستحبّ له وضع يديه حال قيامه على فخذيه،

محاذيا لعيني ركبتيه مضمومتي الأصابع، و في حال ركوعه على عيني ركبتيه، و في سجوده حيال وجهه، و في جلوسه على فخذيه.

919. التاسع: التعقيب مستحبّ عقيب الصلاة كلّها،

و أفضله تسبيح الزهراء عليها السّلام، ثم ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام بعد التكبير عقيب التسليم ثلاث مرات، يرفع فيها(2) يديه إلى شحمتي أذنيه، و يضعهما على فخذيه.

920. العاشر: يستحبّ عقيب الفرائض سجود الشكر،

و عند تجدّد النعم و دفع النقم، و يستحبّ فيه التعفير، و هو: أن يضع خدّه الأيمن على الأرض عقيب السجود، ثمّ خده الأيسر.

روى الباقر عليه السّلام قال: أوحى اللّه تعالى إلى موسى عليه السّلام: «أ تدري لم اصطفيتك بكلامي من دون خلقي قال موسى: لا يا ربّ ، قال: يا موسى إنّي قلّبت عبادي بطنا و ظهرا(3) فلم أجد فيهم أحدا أذلّ لي

ص: 263


1- . حكاه المحقّق في المعتبر: 243/2.
2- . في «ب»: بها.
3- . هكذا في المصدر، و في النسختين: ظهر البطن.

نفسا منك، يا موسى انّك إذا صلّيت وضعت خديك على التراب»(1).

و يستحبّ فيه الدعاء بالمنقول، و أن يكون لاطئا بالأرض، و أن يعود إلى السجود، و يشكر اللّه مائة مرة، و ليس فيه تكبير للأخذ و الرفع، و لا تسليم.

921. الحادي عشر: سجدات القرآن خمس عشرة:

أربعة منها واجبة و هي: سجدة لقمان، و حم السجدة، و النجم، و اقرأ باسم ربك.

و إحدى عشر مسنونة: في الأعراف، و الرعد، و النحل، و بني إسرائيل، [الإسراء] و مريم و الحجّ في موضعين، و الفرقان، و النمل، و ص، و الانشقاق.

922. الثاني عشر: قال الشيخ رحمه اللّه سجود العزائم الأربع واجب على القارئ و المستمع.

922. الثاني عشر: قال الشيخ رحمه اللّه سجود العزائم الأربع واجب على القارئ و المستمع(2).

و الأصحّ عندي الاستحباب على السامع.

923. الثالث عشر: قال الشيخ رحمه اللّه في الخلاف: موضع السجود في حم عند قوله: وَ اُسْجُدُوا لِلّٰهِ

923. الثالث عشر: قال الشيخ رحمه اللّه في الخلاف: موضع السجود في حم عند قوله: وَ اُسْجُدُوا لِلّٰهِ (3)

و في المبسوط(4) عند قوله: إِنْ كُنْتُمْ إِيّٰاهُ تَعْبُدُونَ (5).

924. الرابع عشر: يجوز فعل هذه السجدات في الأوقات كلّها،

و إن كانت ممّا يكره فيه النوافل، و لا يفتقر(6) شيء منها إلى تكبير إحرام، و لا تكبير سجود،

ص: 264


1- . الفقيه: 219/1 برقم 974.
2- . المبسوط: 114/1.
3- . الخلاف: 429/1، المسألة 177 من كتاب الصلاة (فصلت: 37).
4- . المبسوط: 114/1.
5- . فصلت: 37.
6- . في «أ»: فلا يفتقر.

و لا تشهد و لا تسليم و لا طهارة و لا استقبال القبلة، و يستحبّ فيه الدعاء و أن يكبّر إذا رفع رأسه، و الأقرب اشتراط السجود على الأعضاء السبعة.

925. الخامس عشر: السجود على الفور في الواجب و المستحبّ ،

و لو فاتت(1) قال في المبسوط: يقضي العزائم وجوبا، و يتخيّر في الندب(2). و هو جيّد، و لو نسيها وجب مع الذكر.

926. السادس عشر: يجب السجود أو يستحبّ كلّما حصل السّبب.
927. السابع عشر: لا يشترط لسجود المستمع كون التالي ممّن يصلح أن يكون إماما له،

و لو لم يسجد التالي سجد المستمع وجوبا أو ندبا، و لا يقوم الركوع مقام السجود، و لو قرأ على الراحلة، و تمكّن من السجود وجب، و إلاّ أومأ، و كذا الماشي.

928. الثامن عشر: يستحبّ للإمام أن لا ينصرف من مصلاّه حتّى يتمّ من خلفه صلاته،

و روي(3) كراهية التنفّل للإمام(4) موضع صلاته.

929. التاسع عشر: يستحبّ له إذا فرغ من صلاته أن يرفع يديه فوق رأسه تبرّكا،

و أن ينصرف عن يمينه.

930. العشرون: يجوز الدعاء على الظالم عقيب الصلوات.
931. الحادي و العشرون: يكره النوم بعد الغداة كراهية شديدة،

و بعد العصر و بعد المغرب قبل العشاء، و يستحبّ القيلولة.

ص: 265


1- . في «أ»: و لو فاته.
2- . المبسوط: 114/1.
3- . لاحظ الوسائل: 1017/4، الباب 2 من أبواب التعقيب.
4- . في «أ»: الشغل للإمام.
المطلب الثالث: في التروك
اشارة

و هي قسمان: واجبة و مندوبة فهاهنا ثمانية عشر بحثا:

932. الأوّل: يجب عليه ترك كلّ ما يبطل الطهارة مع القدرة،

فلو فعله عمدا أو سهوا بطلت صلاته. و قول بعض علمائنا: إذا سبقه الحدث تطهّر و بنى(1) ضعيف.

933. الثاني: يجب عليه ترك التكفير،

و هو وضع اليمين على الشمال. و لو فعله بطلت صلاته إن كان عمدا مختارا، و إلاّ فلا.

934. الثالث: لا فرق بين التكفير فوق السرة و تحتها،

و لا بين وضع الكفّ على الكفّ ، أو على الذراع، و لا بين أن يضعها معتقدا للاستحباب، أو غير معتقد، و لا بين وضعها حال القراءة أو غير حالها.

935. الرابع: قال الشيخ رحمه اللّه: يحرم وضع الشمال على اليمين.

935. الرابع: قال الشيخ رحمه اللّه: يحرم وضع الشمال على اليمين(2).

936. الخامس: لو وضعهما للتقية لم يكن به بأس.

ص: 266


1- . لاحظ المبسوط: 117/1، و الخلاف: 409/1، المسألة 157 من كتاب الصلاة، و قال المحقّق في المعتبر: 250/2: قال الشيخ في الخلاف و علم الهدى في المصباح: إذا سبق الحدث ففيه روايتان: إحداهما يعيد الصلاة، و الأخرى يعيد الوضوء و يبني عليه صلاته.
2- . الخلاف: 321/1، المسألة 74 من كتاب الصلاة.
937. السادس: يحرم عليه الالتفات إلى ما وراءه،

فإن فعله عمدا بطلت صلاته، لا سهوا. أمّا الالتفات يمينا و شمالا، فانّه مكروه غير مبطل.

938. السابع: الكلام بحرفين فصاعدا مما ليس بقرآن و لا دعاء مبطل للصلاة إن كان عمدا،

و إلاّ فلا. و الجاهل كالعالم، و سواء كان الكلام لمصلحة أو لغيرها.

و لو أكره على الكلام بطلت صلاته، و إن كان غير مأثوم.

و لو ظنّ إتمام الصلاة فتكلّم لم يفسد صلاته، خلافا للشيخ في بعض أقواله(1).

و لو سلّم في الأوليين ناسيا قام فأتمّ صلاته، و سجد للسّهو، و لو تكلّم بحرف واحد لم تبطل صلاته.

فعندي في الأفعال الثلاثية المعتلّة الطرفين، ك «ق» و «ع» و كلام الأخرس بحركة اللسان(2) تردّد، أقربه الإبطال به.

و لو نفخ بحرفين أفسد صلاته، و لو تنحنح بحرفين و سمّي كلاما بطلت صلاته، و كذا التأوّه بحرفين مبطل.

و لا تبطل الصلاة بكلّ كلام يناجي به ربّه، أو يدعو به لمصالح المعاش و المعاد.

939. الثامن: يحرم عليه الضحك في الصلاة بقهقهة،

أمّا التبسم فلا بأس به،

ص: 267


1- . لاحظ النهاية: 90.
2- . في «ب»: يحرك اللسان.

فلو قهقه عمدا بطلت صلاته، لا سهوا.

940. التاسع: يحرم عليه فعل الكثير الّذي ليس من أفعال الصلاة،

فلو فعله عمدا بطلت صلاته، و لا يبطل بالسهو، و يجوز للمصلّي أن يعدّ الركعات بأصابعه، أو بشيء يكون معه من الحصاة و شبهه بشرط عدم التلفظ به، بل يعقده في ضميره، و ليس بمكروه.

941. العاشر: البكاء لشيء من أمور الدّنيا حرام تبطل به الصلاة إن كان عمدا،

و إلاّ فلا، و إن كان خوفا من اللّه تعالى و خشية من عقابه لم تبطل به الصلاة، و كذا يجوز أن يتباكى في الصلاة لأمور الآخرة.

942. الحادي عشر: الأكل و الشرب إن كان كثيرا بطلت صلاته إن كان عمدا،

و إلاّ فلا.

قال الشيخ: يجوز شرب الماء في النافلة(1) و عندي إن بلغ حدّ الكثرة بطلت صلاته، إلاّ في صلاة الوتر لمن أصابه عطش، و هو يريد الصوم في صبيحة تلك الليلة، إذا لم يستدبر القبلة.

943. الثاني عشر: يحرم عليه قطع الصلاة إلاّ لضرورة دينيّة أو دنيويّة.
944. الثالث عشر: يكره التثاؤب و التمطي، و العبث، و التنخم

944. الثالث عشر: يكره التثاؤب و التمطي، و العبث، و التنخم(2)

944. الثالث عشر: يكره التثاؤب(3) و التمطي، و العبث، و التنخم(3)

و البصاق، و فرقعة الأصابع، و التأوّه بحرف، و الأنين به، و مدافعة الأخبثين، و لو صلّى كذلك

ص: 268


1- . الخلاف: 413/1، المسألة 159 من كتاب الصلاة؛ و المبسوط: 118/1.
2- . النخامة - بالضم -: النخامة و هي ما يخرجه الإنسان من حلقه من مخرج الخاء. (مجمع البحرين.)
3- . التثاؤب: فترة تعتري الشخص فيفتح عندها فاه. مجمع البحرين.

لم تبطل، و نفخ موضع السجود، و رفع البصر في الصلاة، و تغميض العين، و لبس الخف الضيق، و التورّك، و هو أن يعتمد بيديه على وركيه و هو التخصر، و السدل، و هو وضع الثوب على الرأس أو الكتف، و إرسال طرفيه.

945. الرابع عشر: يجوز أن يستند إلى الحائط،

و أن يضع يده عليه (إلاّ أن يعتمد عليه)(1) بحيث يسقط مع سقوطه، و أن يحمد اللّه إذا عطس، و يصلّي على النبيّ و آله، و أن يفعل ذلك إذا عطس غيره، و أن يسمت العاطس(2) إن كان مؤمنا، و أن يردّ السّلام نطقا مثل قوله: سلام عليكم و لا يقول: و عليكم السّلام و لو سلّم عليه بغير قوله سلام عليكم قيل: لا يجوز إجابته، إلاّ أن يقصد الدعاء و يكون مستحبا، و عندي فيه إشكال.(3)

و لو حيّاه بغير السّلام، فالأقرب جواز الردّ به لعموم الآية(4) و لا يكره للداخل السّلام على المصلّي.

و لو ترك المصلّي ردّ السّلام مع تعيينه عليه، فالوجه بطلان صلاته.

946. الخامس عشر: يجوز الدعاء في جميع أحوال الصلاة بالمباح،

و لو دعا بالمحرّم بطلت صلاته.

947. السادس عشر: يجوز للرجل و المرأة الإيماء للحاجة،

و تصفيق إحدى

ص: 269


1- . ما بين القوسين موجود في «أ».
2- . في «ب»: «و أن يشمت العاطس». قال الجوهري في الصحاح: تسميت العاطس: أن تقول له: يرحمك اللّه، بالسين و الشين جميعا، قال أبو عبيد: الشين أعلى في كلامهم و أكثر.
3- . لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 202/2.
4- . قوله سبحانه: وَ إِذٰا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهٰا أَوْ رُدُّوهٰا النساء: 86.

يديه بالأخرى، و ضرب الحائط و التسبيح و تلاوة القرآن لإجابة غيره في الصلاة، و يكره ذلك لغير ضرورة.

948. السابع عشر: لا يقطع الصلاة رعاف و لا قيء،

و لو جاءه الرعاف(1)أزاله و أتمّ الصلاة ما لم يحتج إلى فعل المنافي، و لا يقطع الصلاة ما عبر بين يديه.

949. الثامن عشر: قال الشيخ رضى اللّه عنه: و لو نوى أن يصلّي بالتطويل لم تبطل صلاته لو خفّفها

949. الثامن عشر: قال الشيخ رضى اللّه عنه: و لو نوى أن يصلّي بالتطويل لم تبطل صلاته لو خفّفها(2)

و هو جيّد.

ص: 270


1- . في «ب»: و لو جاء الرعاف.
2- . المبسوط: 118/1.

المقصد الثالث: في باقي الصلوات

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: في الجمعة
اشارة

و مباحثه اثنان و ثلاثون:

950. الأوّل: الجمعة ركعتان بدل الظهر،

و هي واجبة إجماعا بشرائط نذكرها، و تجب عند زوال الشمس، و يخرج وقتها إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله.

و لو علم اتّساع الوقت للخطبة و ركعتين خفيفتين وجبت الجمعة، و لو علم أو غلب في ظنّه قصور الوقت(1) لم تجب، و صلّى ظهرا، و يجب السعي مع القرب عند الزوال و مع البعد قبله، بحيث يدركها.

و يستحبّ في أوّل النهار مغتسلا، قد مسّ شيئا من الطيب جسده، و يسرح لحيته، و يحلق رأسه، و يقصّ أظفاره، و يأخذ من شاربه، و يستاك و يلبس أنظف ثيابه(2)، و يتعمّم(3) و يرتدي. و يدعو أمام توجّهه، و يكون على سكينة و وقار.

ص: 271


1- . في «ب»: بضيق الوقت.
2- . في «ب»: ألطف ثيابه.
3- في «ب»: و يعتم.

و يتنفّل بعشرين ركعة، أربع منها زيادة على باقي الأيّام، ستّا عند انبساط الشمس، و ستّا عند ارتفاعها، و ستّا قبل الزوال، و ركعتين عنده، و لو أخّر النافلة أو صلّى بين الفريضتين ستّا جاز.

951. الثاني: يستحبّ للمصلّي أن يمشي إلى الجمعة إن كان قريبا،

و لو وجد البعيد مشقة ركب، و إذا أتى المسجد جلس حيث ينتهي به المكان.

و يكره أن يتخطّى رقاب الناس، سواء ظهر الإمام أو لا، و سواء كان له مجلس يعتاد الجلوس فيه أو لا.

و لو تركوا الصفوف الأولى خالية جاز له أن يتخطاهم إليها، و لا يكره للإمام التخطّي.

و ليس له أن يقيم غيره، و يجلس موضعه، و إن كان معتادا للجلوس فيه، أو كان الجالس عبده، و لو آثره غيره جاز، و في التخصيص به نظر، و لو فرش له مصلّى لم يكن مخصّصا، لأنّ السبق بالأبدان لا بما يجلس عليه.

952. الثالث: من شرائط الجمعة الإمام العادل أو من نصبه،

فلو لم يكن الإمام ظاهرا و لا نائب له سقط الوجوب إجماعا، و هل يجوز الاجتماع حينئذ مع إمكان الخطبة ؟ قولان.

953. الرابع: العدد شرط في الوجوب و الجواز،

و هو خمسة نفر، الإمام أحدهم، و اشترط الشيخ سبعة(1) و ليس بمعتمد.

و لو انفضّوا في أثناء الخطبة، أو بعدها قبل التلبّس بالصلاة، سقطت

ص: 272


1- . المبسوط: 143/1، و النهاية: 103، و الخلاف: 598/1، المسألة 359 من كتاب الصلاة.

الجمعة، و لو كان ذلك بعد التلبّس بالتكبير وجب الإتمام و لو لم يبق إلاّ الإمام، و كذا لو مات الإمام في أثناء الصلاة أو عرض له حدث يبطل الصلاة، قدّم الجماعة من يتمّ بهم الجمعة.

954. الخامس: الخطبتان شرط في الجمعة،

و لا يكفي الخطبة الواحدة، و يشترط في كلّ خطبة حمد اللّه، و الثناء عليه، و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و قراءة سورة خفيفة من القرآن، و الوعظ، و لو قرأ عزيمة نزل و سجد و سجد(1)المستمع معه.

و وقتها عند زوال الشمس صيفا و شتاء. و في جواز تقديمهما على الزوال، قولان، و يجب تقديمهما على الصلاة، فلو صلّى أوّلا لم تنعقد الجمعة، و أن يكون الخطيب قائما وقت إيراده مع القدرة، و أن يسمع العدد المعتبر فصاعدا، و أن يفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة، و في اشتراط الطهارة للخطبتين قولان.

955. السادس: الجماعة شرط في الجمعة،

فلو صلّيت فرادى لم تنعقد، و إذا حضر إمام الأصل، وجب عليه الحضور و التقدّم، و لو منع لعارض جاز له الاستنابة.

956. السابع: انفراد الجمعة شرط فيها،

بمعنى أنّه لا يصحّ جمعتان في موضعين بينهما أقلّ من ثلاثة أميال، سواء كانا في بلد واحد، أو بلدين، فلو صلّى جمعتان و بينهما أقلّ من فرسخ بطلتا إن اقترنتا، و إن سبقت إحداهما بطلت اللاحقة، سواء كانت السابقة هي جماعة الإمام الراتب أو غيره، و سواء كانت إحداهما في المسجد الجامع، و الأخرى في غيره، أو لا، أو كان إحداهما في

ص: 273


1- . في «ب»: و يسجد.

قصبة البلد(1) و الأخرى في أقصاه.

و لو لم يعلم سبق إحداهما، أو علم و جهل عينها، أو علم عينها و اشتبه، بطلتا، و مع بطلانهما للاقتران إن أمكنت الجمعة وجبت، و إلاّ وجب الظهر.

أمّا لو بطلتا للفرضين الآخرين و بقي من الوقت ما يمكن فعل الجمعة هل تجب أم لا؟ قال الشيخ رحمه اللّه: تجب الجمعة(2).

و الوجه عندي انّهم يصلّون ظهرا، لأنّ إحداهما صحيحة، و وجوب الإعادة لجهل التعيين لا يقتضي الفساد في نفس الأمر، أمّا لو جهلنا كيفيّة وقوعهما، فالوجه ما قاله الشيخ رضى اللّه عنه.

و يعتبر السبق، و لو بتكبيرة الإحرام، و لو أحرم فأخبر في الأثناء بالأخرى استأنف الظهر، و لا يجزيه الإتمام ظهرا.

957. الثامن: المصر ليس شرطا في الجمعة،

بل تجب على أهل السواد و القرى، و لا يشترط القرية أيضا، بل تجب على أهل الخيام و بيوت الشعر، إذا كانوا قاطنين.

و ليس الاستيطان شرطا فلو أقام في بلد على سبيل التجارة، أو طلب العلم، و في نيّته الانتزاح(3) مع قضاء وطره، وجب عليه الجمعة.

و ليس إقامة الجمعة في البنيان شرطا، بل يجوز إقامتها في الصحراء، و ليس بقاء الوقت مع التلبّس بها شرطا، فلو دخل في الجمعة في وقتها، ثمّ خرج

ص: 274


1- . قصبة البلد: مدينته، و قصبة القرية: وسطها. لسان العرب.
2- . المبسوط: 149/1.
3- . أي الهجرة و الانتقال.

و لم يتمّها، تمّمها جمعة إماما كان أو مأموما و الأقرب عندي اشتراط إدراك الركعة، أمّا لو فات الوقت و لم يتلبّس بها، فانّها تفوت، و لا يقضي جمعة بل يقضي ظهرا.

958. التاسع: انّما تجب الجمعة على الذكور المكلّفين الأحرار الحاضرين،

أو من هو بحكمهم، السالمين من العمى و المرض و العرج و الشيخوخة الحاصل معها العجز عن الحركة (فلا تجب الجمعة على المرأة، و لو تكلّفت الحضور وجبت عليها الجمعة و ان لم تنعقد بها)(1) و لا تجب على العبد و لا المكاتب و لا المدبّر و لا المخارج(2) و لو أذن له المولى استحبّ له الحضور، و لو حضر وجبت عليه، و في الانعقاد به قولان.

و لو انعتق بعضه فهاياه(3) مولاه لم تجب الجمعة و ان اتفقت في يوم نفسه، و قول الشيخ(4) هنا ضعيف. و لو صلّى الظهر فأعتق لم يجب عليه الحضور.

و المسافر لا يجب عليه الجمعة ما لم يستوطن بلد الغربة شهرا، أو ينوي مقام عشرة أيّام، و لو حضر الجمعة و نوى المقام(5) عشرة أيّام، أو أقام شهرا وجبت عليه و انعقدت به، و انّما تسقط الجمعة عن المطيع بسفره، و لو صلّى الظهر فخرج عن حكم المسافر لم يجب عليه حضور الجمعة.

ص: 275


1- . ما بين القوسين موجود في «ب».
2- . و هو الّذي يؤدّي الضريبة.
3- . المهاياة في كسب العبد: انّ المولى و العبد يقسمان الزمان بحسب ما يتفقان عليه و يكون كسبه في كل وقت لمن ظهر له بالقسمة. لاحظ مجمع البحرين مادة (هيا).
4- . المبسوط: 145/1.
5- . في «أ»: أو نوى المقام.

و الأعمى لا يجب عليه الجمعة و إن وجد قائدا، و لو حضر وجبت عليه، و انعقدت به، و لو صلّى الظهر ثمّ حضر سقطت عنه.

و المريض تسقط عنه الجمعة، سواء زاد المرض بالحضور، أو لم يزد، و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به، و لو صلّى الظهر ثمّ حضر سقطت الجمعة، و لم تبطل ظهره الّتي صلاّها، سواء زال عنه المانع أو لا، و كذا كلّ من لا يجب عليه الجمعة.

و تسقط الجمعة عن الأعرج، و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به.

959. العاشر: لا تجب الجمعة على من كان بينه و بينها أزيد من فرسخين،

و تجب على من بينه و بينها فرسخان فما دون، و لو حضر الأوّل وجبت عليه، و انعقدت به. و يستحبّ له الحضور. (و لو لم يحضر و حصلت شرائط الوجوب وجبت عليه الجمعة في موطنه، أو يكلف الحضور، و لو نقص البعد عن فرسخين وجب عليه الحضور)(1) أو فعل الجمعة في موطنه مع الشرائط.

960. الحادي عشر: يسقط الوجوب مع المطر في الطريق المانع من الحضور،

أو الوحل الّذي يشقّ معه السعي، و كذا مع كلّ عذر يتعذّر معه الفعل.

961. الثاني عشر: الكافر تجب عليه، و لا تصحّ منه.
962. الثالث عشر: من سقطت عنه الجمعة يجوز أن يصلّي الظهر في أوّل وقتها،

و لا يجب عليه التأخير و لا يستحبّ .

963. الرابع عشر: قيل: الإصغاء إلى الخطبة واجب،

و الكلام في أثنائها

ص: 276


1- . ما بين القوسين موجود في «أ».

حرام، و عندي فيه إشكال لكن لا تبطل الجمعة معه إجماعا.

964. الخامس عشر: إنّما يتعلّق النهي حال الخطبتين لا قبلهما و لا بعدهما،

و لا يكره تسميت العاطس، و لا ردّ السّلام.

قال الشيخ رحمه اللّه و يكره للخطيب الكلام و ليس بمحرم(1).

965. السادس عشر: من وجبت عليه [صلاة الجمعة فصلّى الظهر، وجب عليه السعي،

فإن أدركها صلاّها، و إلاّ أعاد ظهره.

966. السابع عشر: لو فاتته الخطبة و ركعة، و أدرك مع الإمام الثانية، فقد أدرك الجمعة.

و كذا لو أدرك الإمام راكعا في الثانية، و لو كبّر و ركع و شك هل كان الإمام راكعا أم رافعا؟ فالوجه فوات الجمعة، و وجبت الظهر.

967. الثامن عشر: يعتبر في الإمام: التكليف،

فلا تصحّ إمامة المجنون إجماعا، و لا الصّبي و إن كان مراهقا؛ و الإيمان، فلا تصحّ إمامة المخالف؛ و العدالة، فلا تصحّ إمامة الفاسق؛ و طهارة المولد، فلا تصحّ إمامة ولد الزنا؛ و الذكورة، فلا تصحّ إمامة النساء في الجمعة و لا الخنثى؛ و الحريّة عند قوم، و الأقرب عندي جواز إمامة العبد مع كمال العدد بغيره.

و كذا يجوز أن يكون المسافر إماما إذا تمّ العدد بغيره، و كذا المريض و الأعمى، و لا يؤمّ الأجذم و الأبرص.

و إذا حضر إمام الأصل تعيّن الاجتماع معه، و يتولّى هو الخطبة، و لو خطب أمير فعزل و ولى غيره. صلّى بهم، و في وجوب إعادة الخطبة نظر، و لا يشترط في الثاني حضوره الخطبة(2).

ص: 277


1- . المبسوط: 147/1.
2- . في «أ»: حضوره للخطبة.
968. التاسع عشر: يستحبّ للخطيب إذا صعد أن يتوكّأ على قوس أو عكاز أو سيف أو شبه ذلك،

و يسلّم على الناس خلافا للشيخ رحمه اللّه(1). و إذا سلّم يرد الناس(2) عليه.

قال الشيخ: يستحبّ أن يقعد دون الدّرجة العالية من المنبر(3)، فإذا صعد جلس للاستراحة، حتى يفرغ المؤذّنون فإذا فرغوا خطبهم قائما، و لو كان له عذر خطب جالسا، فإن زال في الأثناء وجب القيام، و لو خطب جالسا من غير عذر بطلت صلاته، و صلاة من خلفه مع العلم لا مع عدمه قاله الشيخ(4).

و لا ينبغي أن يفصل بين الأذان و الخطبة بجلوس و غيره. و يستحبّ أن يستقبل الناس بخطبته، و لا يلتفت يمينا و لا شمالا، و لو استدبر الناس و استقبل القبلة و خطب جاز مع السماع.

و يستحبّ للناس استقبال الخطيب، لأنّه أبلغ في السماع، و لا يستحبّ للبعيد غير السامع ذلك، و إذا فرغ الخطيب من الخطبة نزل، و ابتدأ المؤذّنون بالإقامة، و صلّى بالناس الجمعة ركعتين.

969. العشرون: يستحبّ أن يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة الجمعة،

و في الثانية المنافقين، و لو قرأ غيرهما ناسيا قطع القراءة و ابتدأ بالجمعة و المنافقين، و لو تجاوز النصف نقل نيته إلى النفل مستحبا و أعاد الجمعة بالسورتين. و قول ابن إدريس(5) ضعيف.

ص: 278


1- . الخلاف: 624/1، المسألة 394 من كتاب الصلاة.
2- . في «ب»: ردّ الناس.
3- . المبسوط: 148/1.
4- . المبسوط: 147/1.
5- . لاحظ السرائر: 297/1، و لا يخفى انّ ما اختاره الحلّي في المقام يخالف ما حكاه المصنّف عنه هنا و في المنتهى: 328/1 ط القديم، بل هو موافق لنقل النيّة.
970. الحادي و العشرون: يستحبّ الجهر في صلاة الجمعة و في ظهرها.

و قول المرتضى(1) بعيد.

971. الثاني و العشرون: إذا أذّن المؤذّن حرم البيع على من تجب عليه الجمعة،

و لو وجبت على أحد المتعاقدين حرم عليه خاصة، و قال الشيخ رحمه اللّه(2):

يكره للآخر للإعانة(3)، و لو باع من يحرم عليه انعقد البيع. و قول الشيخ هنا(4) ليس بجيّد. و الأقرب مساواة غير البيع له من العقود المساوية له في الاشتغال.

972. الثالث و العشرون: إذا دخل و الإمام يخطب كره له الصلاة تحيّة و غيرها،

بل يسمع، و لا يكره له الصدقة على السؤال.

973. الرابع و العشرون: إذا ركع مع الإمام ثمّ زوحم في السجود،

فلم يتمكّن من متابعته، لم يسجد على ظهر غيره، بل ينتظر المكنة، فإن أمكنه السجود و اللحاق به قبل الركوع فعل، و إن لم يتمكّن صبر حتّى يسجد الإمام، و يتابعه، و لا يركع معه، فإذا سلّم الإمام قام و صلّى ركعة أخرى، و لو نوى بالسجدتين للثانية بطلت صلاته. و قول الشيخ في الخلاف(5) ضعيف، و الوجه انّه يشترط نيّة انّهما للأولى. خلافا لابن إدريس(6) و يستحبّ للإمام ان يطيل في القراءة إذا عرف انّه قد زوحم بعض المأمومين(7).

ص: 279


1- . نقله عنه المصنّف في المختلف: 162/2، و الحلّي في السرائر: 298/1.
2- . المبسوط: 150/1.
3- . في «ب»: لإعانته.
4- . قال في المبسوط: 150/1: فإن خالف من يحرم عليه البيع و تبايعا، فالظاهر من المذهب انّه لا ينعقد البيع لأنّه منهيّ عنه، و النّهي يدلّ على فساد المنهيّ عنه.
5- . الخلاف: 603/1، المسألة 363 من كتاب الصلاة.
6- . لاحظ السرائر: 300/1.
7- . في «ب»: قد يجيء بعض المأمومين.
974. الخامس و العشرون: لو لم يتمكّن من متابعته في الركوع و السجودفي الركعتين معا، فلا جمعة له،

974. الخامس و العشرون: لو لم يتمكّن من متابعته في الركوع و السجود(1)في الركعتين معا، فلا جمعة له،

و لو زوحم في ركوع الأولى و سجودها، حتّى قام الإمام إلى الثانية، فهل له أن يركع و يسجد ثمّ يقوم إلى الثانية ؟ فيه نظر، أقربه الجواز.

و لو زوحم عن سجود الأولى فاشتغل بقضائه، فلمّا فرغ وجد الإمام رافعا من ركوع الثانية فقد لحق الجمعة(2) و الأقرب انّه يصبر حتّى يفرغ الإمام، ثم يأتي بالثانية، و لو لم يتمكّن من السجود و اللحاق به و صبر ليتابعه في الثانية، فلم يتمكّن من السجود معه حتّى قعد للتشهد، فالأقرب فوات الجمعة و يستقبل الظهر.

و لو زوحم عن ركوع الأولى لا يسجد مع الإمام، بل يصبر حتّى يركع الثانية و يتابعه و يدرك الجمعة بعد قضاء الثانية.

975. السادس و العشرون: لو أحدث الإمام استخلف،

سواء فرغ من الخطبة و شرع في الصلاة أو لا، و الأفضل استخلاف من سمع الخطبة، و لو مات الإمام أو أغمى عليه، أو أحدث و لم يستخلف، استخلف المأمومون غيره ليتمّ بهم، و لو لم يستخلفوا و نوى الجميع الانفراد، ففي بطلان الجمعة نظر، و الأقرب جواز استخلاف من فاتته الجمعة و يصلّي هو الظهر.

976. السابع و العشرون: يستحبّ لمن يصلّي الظهر إيقاعها في المسجد الأعظم.

و لو صلّى الظهر من وجبت عليه الجمعة، و شك هل صلّى قبل صلاة

ص: 280


1- . في «ب»: و لا السجود.
2- . في «ب»: فقد الحق الجمعة.

الإمام أو بعدها، أعاد، و هل يشترط في صحّة ظهره فعلها بعد فراغ الإمام من الجمعة، أو فعلها في وقت يعلم أنّه لو سعى فاتته الجمعة ؟ فيه إشكال. أمّا من لا يجب عليه الجمعة فانّه يجوز له فعل الظهر قبل صلاة الإمام إجماعا. و لا يكره لهؤلاء الاجتماع في الظهر.

977. الثامن و العشرون: يحرم السفر بعد زوال الشمس على من يجب عليه الجمعة قبل فعلها، إلاّ لضرورة،

و يكره بعد الفجر، و يباح قبله.

978. التاسع و العشرون: الأذان الثاني يوم الجمعة بدعة،

و إذا صلّى الجمعة أقام للعصر و صلاّها بغير أذان، و لو صلّى الظهر لفوات أحد شرائط الجمعة بأذان و إقامة إمّا منفردا أو مجتمعا ففي سقوط أذان العصر قولان.

979. الثلاثون: إذا كان الإمام ممّن لا يقتدى به، قدم المأموم صلاته على صلاة الإمام،

979. الثلاثون: إذا كان الإمام ممّن(1) لا يقتدى به، قدم المأموم صلاته على صلاة الإمام،

و لو لم يتمكّن صلّى معه، فإذا سلّم الإمام قام فأتمّ ظهره.

980. الواحد و الثلاثون: لو ضاق الوقت عن الخطبتين سقطت الجمعة،

و لو أدرك خطبتين خفيفتين و ركعتين وجبت الجمعة، و لو أدركهما خفيفتين و ركعة فظاهر كلامه في المبسوط: انّه يصلّي الظهر(2) و لو قيل: بإدراك الجمعة كان وجها، و لو خطب و صلّى، و شك هل كان الوقت باقيا أو خارجا، صحت صلاته.

981. الثاني و الثلاثون: يستحبّ الإكثار من الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم يوم الجمعة.

و روي ألف مرة و في غيره مائة مرة(3)، و الإكثار من العمل الصالح،

ص: 281


1- . في «أ»: من.
2- . المبسوط: 147/1.
3- . لاحظ الوسائل: 71/5، الباب 43 من أبواب صلاة الجمعة.

و الصدقة فيه، و قراءة سورة التوحيد بعد الفجر مائة مرة، و الاستغفار مائة مرة، و قراءة سورة النساء و هود و الكهف و الصافات و الرّحمن، و زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم و الأئمّة عليهم السّلام خصوصا الحسين عليه السّلام، و يكره فيه إنشاد الشعر و الحجامة.

الفصل الثاني: في صلاة العيدين
اشارة

و فيه تسعة عشر بحثا:

982. الأوّل: صلاة العيدين واجبة على الأعيان بشرائط الجمعة إلاّ الخطبة،

و تجب جماعة مع الشرائط إلاّ مع العذر، و يجوز أن يصلّيها حينئذ منفردا ندبا، كما يصلّي جماعة، و لو فقدت إحدى الشرائط سقط الوجوب.

و استحب الإتيان بها جماعة و فرادى، سفرا و حضرا، و لو أخلّ بها مع الشرائط عوقب على ذلك، فإن امتنع قوم من فعلها قوتلوا على ذلك.

983. الثاني: وقت هذه الصلاة من طلوع الشمس إلى الزوال،

و يستحبّ الخروج إلى المصلّى بعد انبساط الشمس، و تأخير الخروج يوم الفطر عن الخروج يوم الأضحى.

984. الثالث: لو فاتت هذه الصلاة عمدا أو نسيانا أو جهلا لم تقض واجبا و لا ندبا،

سواء كانت فرضا أو نفلا.

985. الرابع: كيفيّة هذه الصلاة في العيدين واحدة،

و هي ركعتان، يقرأ في

ص: 282

كلّ واحدة منهما بعد تكبيرة الافتتاح الحمد و سورة، و يستحبّ أن يقرأ في الأولى بعد الحمد الأعلى و في الثانية الشمس، فإذا فرغ من القراءة في الأولى كبّر، و قنت، و دعا بالمنقول خمس مرات، ثمّ كبّر السادسة و ركع بها، و يكبّر في الثانية أربع مرات يقنت عقيب كلّ تكبيرة، ثم يكبّر الخامسة و يركع بها، فيكون الزائد من التكبيرات تسعا: خمس في الأولى و أربع في الثانية، غير تكبيرة الإحرام و تكبيرتي الركوع.

986. الخامس: رفع اليدين مع كلّ تكبيرة مستحبّ ،

و كذا الجهر بالقراءة.

987. السادس: التكبير الزائد متأخّر عن القراءة في الركعتين،

خلافا لابن الجنيد(1).

988. السابع: الأقرب انّ التكبيرات الزائدة مستحبّة،

و كذا القنوت بينها، و قال المرتضى بوجوبه(2).

989. الثامن: لو نسي التكبير و ركع لم يقضه بعد الركوع،

و قال في الخلاف:

يقضيه بعد الصلاة(3) و لو شك في عدد التكبيرات بنى على اليقين، و لو أدرك بعض التكبيرات مع الإمام أتمّ مع نفسه، و لو خاف فوت الركوع أتى بها ولاء، و لو خاف الفوت تركها و قضى بعد التسليم.

990. التاسع: يستحبّ للمصلّي أن يتنظّف و يغتسل و يتطيّب،

و يلبس أفخر

ص: 283


1- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 313/2، و المصنّف في المختلف: 252/2.
2- . الانتصار: 171.
3- . في الخلاف: 662/1، المسألة 434 من كتاب الصلاة: «إذا نسي التكبيرات حتى ركع.... في صلاته و لا شيء عليه، و به قال الشافعي» و ليس فيه قضاء التكبير المنسيّ .

ثيابه، و يستاك، و يلبس العمامة شتاء و صيفا، و الإصحار بالصلاة إلاّ بمكة، فانّه يصلّي في المسجد الحرام.

و يستحبّ للإمام أن يخرج ماشيا حافيا ذاكرا للّه سبحانه، و عليه السكينة و الوقار، و لو كان موطنه بعيدا من المصلّى، أو كان عاجزا، أو ذا علّة، جاز له أن يركب.

991. العاشر: لا أذان و لا إقامة في العيدين،

بل يقول المؤذّن(1) الصلاة، ثلاثا.

992. الحادي عشر: يستحبّ له أن يطعم شيئا من الحلوة قبل خروجه في الفطر،

992. الحادي عشر: يستحبّ له أن يطعم شيئا من الحلوة(2) قبل خروجه في الفطر،

و بعد عوده في الأضحى ممّا يضحى به.

993. الثاني عشر: لو لم يتمكّن من الخروج إلى الصحراء صلاّها في المسجد، أو في منزله.

و قال الصادق عليه السّلام: «على الإمام أن يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة، و يوم العيد إلى العيد، و يرسل معهم فإذا قضوا الصلاة و العيد ردهم إلى السجن»(3).

994. الثالث عشر: الخطبتان واجبتان،

كوجوبهما في الجمعة، بعد الصلاة، و تقديمهما بدعة، و لا يجب استماعهما إجماعا.

995. الرابع عشر: يستحبّ أن يخطب قائما، و لو خطب جالسا جاز،

و كذا لو خطب على راحلته.

ص: 284


1- . في «ب»: المؤذّنون.
2- . في «أ»: من الحلاوة.
3- . الوسائل: 36/5، الباب 21 من أبواب صلاة الجمعة، الحديث 1.
996. الخامس عشر: يكره التنفّل قبل صلاة العيد و بعدها إلى الزوال للإمام و المأموم، إلاّ في المدينة

فانّه يستحبّ أن يصلّي في مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم ركعتين قبل الخروج، و لا يكره قضاء الواجب، و يكره قضاء النافلة، و الخروج بالسلاح يوم العيد إلاّ لعذر.

997. السادس عشر: يستحبّ التكبير - للجامع، و المنفرد، و المسافر، و الحاضر،

الرجل و المرأة، الحر و العبد - ليلة الفطر عقيب صلاة المغرب و العشاء، و يوم الفطر عقيب الصبح و العيد، و أضاف ابن بابويه عقيب ظهري العيد(1)، و ظاهر كلام السيد المرتضى(2) و ابن الجنيد(3) يعطي الوجوب، سواء كبّر الإمام أو لا.

و في الأضحى يكبّر عقيب خمس عشرة صلاة إن كان بمنى، أوّلها ظهر النحر، و في غيرها عقيب عشر. و قال المرتضى بوجوبه أيضا(4).

و صورة التكبير في الفطر: اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر، الحمد للّه على ما هدانا، و له الشكر على ما أولانا، و يزيد في الأضحى: و رزقنا من بهيمة الأنعام.

و لو فاتته صلاة يكبّر عقيبها، قضاها و كبّر، سواء قضاها في أيّام التشريق أو غيرها، و لا يشترط فيه الطهارة و لا القبلة.

998. السابع عشر: يكره السفر بعد الفجر يوم العيد، إلاّ بعد أن يشهد الصلاة،

و يحرم بعد طلوع الشمس قبل الصلاة.

ص: 285


1- . الفقيه: 108/2 برقم 464.
2- . الانتصار: 171.
3- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 315/2، و المصنّف في المختلف: 274/2.
4- . الانتصار: 172.
999. الثامن عشر: لا ينقل المنبر من موضع،

بل يعمل شبه المنبر من طين استحبابا.

1000. التاسع عشر: إذا اجتمع العيد و الجمعة، تخير من صلّى العيد في حضور الجمعة،

و أوجبه أبو الصلاح(1)، و الأقرب ثبوت التخير لأهل السواد دون أهل المصر، و على الإمام إعلامهم ذلك في خطبته، و لا يثبت التخيير للإمام.

و يستحبّ للإمام أن يذكر في خطبته في الفطر الحثّ على الفطرة، و وجوبها، و جنسها، و قدرها، و وقت إخراجها، و مستحقها، و من يجب عليه و يستحبّ و باقي أحكامها، و في الأضحى الحثّ على الأضحية، و وصفها، و جنسها.

و يستحبّ لأهل الأمصار التعريف آخر نهار عرفة، و أعظمه استحبابا في حضرة الحسين عليه السّلام.

الفصل الثالث: في صلاة الكسوف
اشارة

و فيه تسعة عشر بحثا:

1001. الأوّل: صلاة الكسوف واجبة على الأعيان عند كسوف الشمس،

و خسوف القمر، و الزلزلة، و الآيات كالظلمة الشديدة و الرياح الشديدة و الصيحة،

ص: 286


1- . الكافي في الفقه: 155.

و غير ذلك من أخاويف السماء.

1002. الثاني: هذه الصلاة ركعتان،

في كلّ ركعة خمس ركوعات، و كيفيّتها أن ينوي و يكبّر، ثمّ يقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، ثمّ يقوم، فيقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، ثمّ يقوم، فيقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، هكذا خمسا، ثمّ يسجد اثنتين، و يقوم، فيقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، ثمّ يقوم، فيقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، ثمّ يقوم هكذا خمسا، ثمّ يسجد مرّتين، و يتشهّد و يسلّم.

و يجوز أن يقرأ مع الحمد في كلّ مرة بعض السورة، ثم يركع، فإذا قام أتمّها من غير أن يقرأ الحمد، و لو كان أتم السّورة قام من الركوع و قرأ الحمد و سورة أو بعضها، و قول ابن إدريس(1) هنا لا يعوّل عليه.

و هل يجب قراءة سورة كاملة في الأولى مع الحمد و كذا في الثانية ؟ إشكال، و الأقرب الوجوب.

1003. الثالث: يستحبّ الإطالة بقدر زمان الكسوف،

و الجماعة خصوصا مع احتراق جميع القرص، و قراءة السور الطوال مع سعة الوقت، و إطالة الركوع بقدر زمان القراءة، و إطالة السجود، و التكبير عند كلّ رفع من كلّ ركوع إلاّ في الخامس و العاشر، فانّه يقول فيهما: سمع اللّه لمن حمده، و القنوت في القيام الثاني قبل الركوع و الرابع و السادس و الثامن و العاشر، و دونه في الاستحباب القنوت في الخامس و العاشر، و الجهر في الكسوفين، و البروز بها تحت السماء.

1004. الرابع: لو سبق الإمام بركوع،

فالأقرب فوات تلك الركعة، فينبغي

ص: 287


1- . لاحظ قوله في السرائر: 324/1.

المتابعة في باقي الركوعات إلى أن يقوم الإمام في ثانيته، فيقتدي المأموم بالصلاة، فإذا سلّم الإمام أتمّ هو الثانية.

1005. الخامس: أوّل وقت صلاة الكسوف أو الخسوف ابتداؤه، و آخره ابتداء الانجلاء،

و لو لم يتّسع الوقت لها لم يجب، و لو خرج الوقت المتّسع و لم يفرغ منها، أتمّها.

أمّا الرياح و الزلازل و ما يشبهها من الآيات السريع زوالها، فالأقرب عندي أنّ وقتها العمر كلّه.

و هذه الأشياء علامات الوجوب، ليست أوقاتا، فيصلّيها أداء و إن سكنت.

1006. السادس: لو لم يعلم الكسوف حتّى خرج الوقت،

فإن كان قد احترق القرص كلّه، وجب القضاء، و إلاّ فلا، خلافا للمفيد(1). و لو فاتت نسيانا فالأقرب عندي، القضاء مطلقا و في المبسوط و النهاية(2): يقضي مع الاستيعاب لا بدونه و لو علم و فرّط قضى مطلقا.

أمّا غير الكسوف من الآيات، فلا يجب القضاء مع الجهل، و يجب مع العلم و التفريط أو النسيان.

1007. السابع: لا يجب ترتيب هذه الصلاة مع الفرائض اليومية لو فاتتا،

و كذا لا يجب ترتيبها في أنفسها لو فاتته منها صلوات متعددة.

1008. الثامن: لو استترت الشمس أو القمر بالسحاب، و هما منكسفان صلّى،

و لو غابت الشمس كاسفة، أو طلعت على القمر المنخسف صلّى أيضا، و كذا لو

ص: 288


1- . المقنعة: 211.
2- . المبسوط: 172/1، و النهاية: 136-137.

غاب القمر ليلا في حال انخسافه، أو طلع الفجر على القمر المنخسف، أو ابتدأ خسوفه وقت طلوع الفجر.

1009. التاسع: تجب هذه الصلاة على النساء و الرجال و الخناثى و المسافر و الحاضر و الحر و العبد،

و لا يشترط إذن الإمام، و لا المصر.

و يستحبّ للحائض أن تجلس في مصلاّها، تذكر اللّه تعالى بعد الوضوء بقدر زمان الكسوف، و كذا النفساء.

1010. العاشر: لو فرغ من الصلاة و لم ينجل الكسوف، أعاد الصلاة استحبابا،

و قول ابن إدريس بعدم استحبابه(1) و بعض علمائنا بوجوبه(2) ضعيفان.

1011. الحادي عشر: لا يستحبّ فيها الخطبة.
1012. الثاني عشر: لو اتّفق الكسوف في وقت الفريضة، فالوجه عندي انّ الوقتين ان اتّسعا، تخيّر في البداءة بأيّهما شاء،

ثمّ يعقّب بالأخرى، و إن ضاق وقت إحداهما تعيّنت البداءة بها، و لو تضيّقا صلّى الحاضرة. و قول السّيد في المصباح(3) و الشيخ في النهاية(4) لا تساعدهما رواية محمّد بن مسلم و بريد العجلي الصحيحة عنهما عليهما السّلام(5) عليه(6).

ص: 289


1- . السرائر: 324/1.
2- . وجوب الإعادة ظاهر كلام الحلبي قدّس سرّه حيث قال: فإن خرج عن الصلاة و لمّا ينجل المكسوف و المخسوف فعليه إعادتها. الكافي في الفقه: 156.
3- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 340/2.
4- . النهاية: 137.
5- . لاحظ الوسائل: 148/5، الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف، الحديث 4.
6- . كذا في النسختين.
1013. الثالث عشر: لو دخل في الكسوف و خاف فوات الحاضرة، قطعها

و صلّى الحاضرة ثم عاد فأتمّ الكسوف، و به روايات صحيحة،(1) تخصّص عموم إبطال الفعل الكثير.

1014. الرابع عشر: لو صلّى الحاضرة فانجلى الكسوف،

فإن صلّى مع تضيّق الحاضرة، فالوجه عدم القضاء مع عدم التفريط، و وجوبه معه.

1015. الخامس عشر: لو اجتمعت مع صلاة الاستسقاء و الجنازة و العيد،

بدأ بالجنازة مع خوف التغيير، أو بما يخاف فوته، و لو تساووا في اتّساع الوقت بدأ بالجنازة ثمّ بالكسوف ثمّ بالعيد ثمّ بالاستسقاء.

1016. السادس عشر: لو اجتمعت مع النافلة قدّم صلاة الكسوف،

1016. السادس عشر: لو اجتمعت مع النافلة قدّم(2) صلاة الكسوف،

سواء كانت النافلة مؤقّتة أو لا، راتبة أو لا. فإن خرج وقت النافلة قضاها.

1017. السابع عشر: لو تضيّق وقت الكسوف حتى لا يدرك ركعة لم تجب،

و لو أدركها، فالوجه الوجوب، و لو قصّر الوقت عن أقلّ صلاة يمكن لم تجب على إشكال.

1018. الثامن عشر: تصلّى هذه الصلاة في كل وقت،

و إن كان وقت كراهيّة.

1019. التاسع عشر: قيل: يجوز أن يصلّي صلاة الكسوف على ظهر الدابة و ماشيا،

1019. التاسع عشر: قيل: يجوز أن يصلّي صلاة الكسوف على ظهر الدابة و ماشيا،(3)

و الوجه التقييد بالعذر، و يجوز معه لا بدونه.

ص: 290


1- . لاحظ الوسائل: 147/5، الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف.
2- . في «أ»: تقدّم.
3- . لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 291/2.
الفصل الرابع: في الصلوات المندوبة
اشارة

أمّا النوافل اليومية فقد مضت، و أمّا غيرها فيشتمل على أقسام:

1020. [القسم الأوّل: صلاة الاستسقاء،

و هي مستحبّة عند قلّة الأمطار و غور الأنهار.

و كيفيّتها مثل صلاة العيد، إلاّ أنّه يقنت هنا بالاستغفار، و سؤال الرحمة بإرسال الماء، و أفضله ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام(1).

و يستحبّ هذه الصلاة بعد أن يصوم الناس ثلاثة أيّام، و يخرج الإمام بهم يوم الثالث، و ينبغي أن يكون يوم الاثنين، فان لم يتّفق فالجمعة، و لا يخرج المنبر من موضعه، خلافا للسيّد(2)، بل يعمل منبرا من طين.

و يخرج الإمام بالناس إلى الصحراء حفاة على سكينة و وقار، و يخرج معهم الشيوخ و الأطفال و العجائز، و يفرق بين الأطفال و أمّهاتهم، و يمنع أهل الذمّة و الكفّار من الخروج.

و يصلّى بهم في الصحراء لا في المساجد إلاّ بمكة. و يستسقى بأهل الصلاح، فيأمرهم بالخروج من المعاصي، و الصّدقة، و ترك التشاجر، و يأمرهم بالاستغفار وقت الصلاة.

ص: 291


1- . لاحظ الفقيه: 332/1، باب صلاة الاستسقاء أحاديث الباب.
2- . قال المصنّف في المختلف: 332/2: قال السيد المرتضى في المصباح: ينقل المنبر في صلاة الاستسقاء يحمل بين يدي الإمام إلى الصحراء.

و لا أذان فيها و لا إقامة، بل يقول المؤذّن: الصّلاة، ثلاثا. و تصلّى جماعة و فرادى، و لا يشترط فيها إذن الإمام. و تصلّى في كل وقت، و إن كان وقت كراهية. و يجهر فيها بالقراءة، فإذا فرغ الإمام من الصلاة حوّل رداءه، فجعل ما على اليمين على اليسار و بالعكس، و لا يستحبّ لغيره، ثمّ يستقبل الإمام القبلة، و يكبّر اللّه مائة مرّة، ثمّ يسبّح اللّه على يمينه مائة مرّة، ثمّ يهلّل عن يساره مائة مرّة، ثمّ يستقبل الناس ثانيا و يحمد اللّه مائة مرّة، يرفع بذلك كلّه صوته، و يتابعه الناس، ثمّ يخطب خطبتين. و لو لم يحسن دعا بدلهما.

و هل التكبير و التهليل و التسبيح و التحميد متقدّم على الخطبة أو متأخّر؟ ذهب السيّد(1) و المفيد(2) إلى الثاني، و الشيخ إلى الأوّل(3).

و لو تأخّرت الإجابة خرجوا ثانيا و ثالثا إلى أن يجابوا، و لو تأهّبوا للخروج فسقوا لم يخرجوا، و لو خرجوا فسقوا قبل الصلاة لم يصلّوا، نعم يستحبّ صلاة الشكر في الموضعين.

و يستحبّ لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب، و إذا نذر الإمام أن يصلّي للاستسقاء انعقد نذره، و لا يلزم غيره بالخروج معه، و كذا لو نذر غير الإمام، و لو نذر الإمام أن يستسقي هو و غيره، انعقد نذره في حقّ نفسه خاصّة، و يستحبّ له أن يخرج في من يطيعه كالولد و شبهه، و إذا انعقد نذره صلاّها في الصحراء.

ص: 292


1- . نقله عنه المصنّف أيضا في المختلف: 335/2، و الحلّي في السرائر: 326/1.
2- . المقنعة: 208.
3- . المبسوط: 135/1.

و لو نذر أن يصلّيها في المسجد انعقد، و يعيد لو صلاّها في غيره، و لو نذر أن يخطب، انعقد، و جاز قائما و قاعدا، و على منبر و غيره. و لو نذر على المنبر وجب، و لم يجز على الحائط و شبهه.

و كما يستحبّ لانقطاع الغيوث، يستحبّ لنضب ماء العيون و الآبار.

و يستحبّ إذا كثر المطر بحيث يبلغ حدّ الضّرر الدعاء إلى اللّه تعالى بإزالة ذلك، قال الشيخ.(1) و لا يجوز أن يقول: مطرنا بنوء(2) كذا، لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم نهى عنه.

1021. [القسم الثاني: نافلة شهر رمضان

خلافا لابن بابويه(3) و هي ألف ركعة زائدة على باقي الشهور، و في ترتيبها روايتان(4):

إحداهما: انّه يصلّي في كل ليلة عشرين ركعة إلى آخر الشهر، و في كلّ ليلة من تسع عشرة و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين زيادة مائة ركعة. و في العشر الأواخر في كلّ ليلة زيادة عشر ركعات.

الثانية(5): انّه يقتصر في كلّ ليلة من ليالي الأفراد على مائة، فيبقى عليه

ص: 293


1- . المبسوط: 135/1.
2- . لاحظ في تفسير «النوء» الوسائل: 170/5، الباب 10 من أبواب صلاة الاستسقاء، ذيل الحديث 1.
3- . الفقيه: 87/2-88، باب الصلاة في شهر رمضان. و في حاشية نسخة «أ»: خلافا لابن بابويه في استحبابها، و قال: إنّه كسائر الشهور، و ليس فيه شيء موظف.
4- . لاحظ الوسائل: 178/5، الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان.
5- . في «ب»: و ثانيهما.

ثمانون(1) يصلّي في كلّ جمعة من الشهر عشر ركعات، بصلاة عليّ و فاطمة و جعفر بن أبي طالب عليهم السّلام، و في آخر جمعة عشرين ركعة بصلاة علي عليه السّلام، و في عشية تلك الجمعة عشرين ركعة بصلاة فاطمة عليها السّلام.

و يستحبّ أن يقرأ في كلّ ركعة من المائة في الليالي الثلاث قل هو اللّه أحد عشر مرات. و يستحبّ زيادة مائة ركعة ليلة النصف، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، و قل هو اللّه أحد عشر مرات.

و الجماعة في هذه النافلة بدعة، و يستحبّ الدعاء بين كلّ ركعتين بالمنقول، و لا يصلّي ليلة الشك شيئا من نوافل رمضان.

1022. [القسم الثالث: باقي النوافل
اشارة

و فيه أحد عشر بحثا:

1023. [البحث الأوّل: يستحبّ صلاة التسبيح استحبابا مؤكّدا،

و هي صلاة جعفر بن أبي طالب و هي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في الأولى مع الحمد الزلزلة، و في الثانية معها و العاديات، و في الثالثة معها النصر، و في الرابعة معها التوحيد، فإذا فرغ من القراءة، قال: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر، خمس عشرة مرة، ثمّ يركع و يقوله عشرا، ثمّ يرفع رأسه و يقوله عشرا، ثمّ

ص: 294


1- . و لإيضاح المقصود نأتي بما نصّه المصنّف في المنتهى: و لا خلاف بين علمائنا القائلين بالوظيفة في أنّه يصلّي في كلّ ليلة عشرين من أوّل الشهر إلى ليلة عشرين منه، و في كلّ ليلة من العشر الأواخر ثلاثين ركعة. و انّما اختلفوا في ليالي الأفراد: ليلة تسعة عشر، و إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين؛ فقال أكثرهم: إنّه يصلّي فيها ثلاثمائة في كل ليلة مائة زائدة على ما وظف، و هذه هي الألف. و قال آخرون منهم: إنّه يصلّي في كلّ ليلة منها تمام المائة على ما وظف، فيتخلف عليه ثمانون، فيصلي في كل جمعة... منتهى المطلب: 358/1، ط القديم.

يسجد و يقوله عشرا، ثمّ يرفع رأسه و يقوله عشرا، ثمّ يسجد ثانيا و يقوله عشرا، ثمّ يرفع رأسه و يقوله عشرا، فذلك خمس و سبعون، و هكذا في كلّ ركعة.

و يدعو في آخر سجوده بالمنقول، و عن الصادق عليه السّلام استحبابها مجردة عن التسبيح للمستعجل، ثم يقضي التسبيح، و هو ذاهب في حوائجه(1).

1024. [البحث الثاني: صلاة فاطمة عليها السّلام مستحبّة،

و هي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و قل هو اللّه أحد خمسين مرّة.

1025. [البحث الثالث: صلاة علي عليه السّلام مستحبّة،

و هي ركعتان يقرأ في الأولى منهما الحمد مرّة و القدر مائة مرّة، و في الثانية الحمد مرّة و التوحيد مائة مرّة. و قيل(2): إنّ الأولى صلاة عليّ عليه السّلام، و هذه صلاة فاطمة عليها السّلام.

1026. [البحث الرابع: صلاة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم مستحبّة يوم الجمعة و هي ركعتان،

يقرأ الحمد في الأولى مرّة و إنّا أنزلناه خمس عشر مرة، ثمّ يركع و يقرأها خمس عشر مرّة، ثمّ يرفع رأسه و يقرأها كذلك، ثمّ يسجد و يقرأها خمس عشر مرّة، ثمّ يرفع رأسه و يقرأها كذلك، ثمّ يسجد ثانيا فيقرأها خمس عشر مرّة، ثمّ يرفع رأسه، و يقوم، فيفعل كما فعل في الأولى.

1027. [البحث الخامس: الصلاة الكاملة مستحبّة،

و هي أربع ركعات بتسليمتين يوم الجمعة قبل الصلاة، يقرأ في كلّ ركعة: فاتحة الكتاب عشر مرّات، و قل أعوذ بربّ النّاس عشر مرّات، و قل أعوذ بربّ الفلق كذلك، و التوحيد عشر مرّات، و الجحد عشر مرّات، و كذا آية الكرسي، و شهد اللّه(3)

ص: 295


1- . الوسائل: 202/5، الباب 8 من أبواب صلاة جعفر، الحديث 1.
2- . القائل هو الشيخ الطوسي قدّس سرّه في النهاية: 140-141.
3- . آل عمران: 18.

عشر مرّات، ثم يدعو بالمنقول.

1028. [البحث السادس: صلاة الأعرابي مستحبّة يوم الجمعة عند ارتفاع النهار،

و هي عشر ركعات: يقرأ في الأولى الحمد مرّة و الفلق سبع مرات، و في الثانية الحمد مرّة و قل أعوذ بربّ النّاس سبع مرات، فإذا سلّم قرأ آية الكرسي سبعا، ثمّ يقوم فيصلّي ثمان ركعات بتسليمتين، يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و النصر مرّة و التوحيد خمسا و عشرين مرّة.

1029. [البحث السابع: صلاة ليلة الفطر مستحبّة،

و هي ركعتان: يقرأ في الأولى الحمد مرّة و التوحيد ألف مرّة، و في الثانية الحمد مرّة و التوحيد مرّة واحدة.

1030. [البحث الثامن: صلاة الغدير مستحبّة،

و هي ركعتان قبل زوال الشمس من يوم الغدير بنصف ساعة، يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و كلّ واحدة من التوحيد و إنّا أنزلناه و آية الكرسي عشر مرات.

1031. [البحث التاسع: صلاة ليلة النصف من شعبان مستحبّة،

و هي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و التوحيد مائة مرّة. و هي ليلة مولد صاحب الأمر عليه السّلام، و يستحب إحياؤها.

1032. [البحث العاشر: صلاة ليلة المبعث و يومها مستحبّة،

و هي اثنتا عشرة ركعة، يقرأ في كلّ ركعة الحمد و المعوّذتين و التوحيد أربع مرّات، ثمّ يدعو بالمنقول.

1033. [البحث الحادي عشر: صلاة الاستخارة مستحبّة،

و كذا صلاة الحاجة، و صلاة الشكر مستحبّة أيضا عند تجدّد النعم و دفع النقم، و هي

ص: 296

ركعتان: يقرأ في الأولى الحمد و التوحيد، و في الثانية الحمد و الجحد.

و صلاة التوبة أيضا مستحبّة، و قد أورد الشيخ رحمه اللّه أحاديث كثيرة في نوافل متعدّدة(1) هذه من مهماتها.

ص: 297


1- . لاحظ التهذيب: 179/3-188.

ص: 298

المقصد الرابع: في اللواحق

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: في الخلل الواقع في الصلاة
اشارة

و مباحثه عشرون:

1034. الأوّل: يجب إعادة الصلاة على من أخلّ بواجب منها عمدا،

سواء كان ركنا أو غير ركن، و نعني بالركن ما يجب إعادة الصلاة بتركه عمدا أو سهوا، و بغيره ما يجب إعادة الصلاة بتركه عمدا لا سهوا، سواء كان الواجب شرطا، أو جزءا، أو كيفية، أو تركا، و كذا لو فعل ما يجب تركه، أو ترك ما يجب فعله جاهلا بوجوبه، إلاّ الجهر و الإخفات، فانّه لو تركهما جهلا لم يجب عليه الإعادة.

و لو جهل غصبيّة الثوب أو المكان، و صلّى فيهما، أو جهل نجاسة الثوب أو البدن أو موضع السجود لم يعد، و لو علم ذلك و جهل الحكم لم يعذر.

و كذا لو توضّأ بماء مغصوب مع العلم بالغصبيّة فانّه يعيد الوضوء

ص: 299

و الصلاة، و لو جهلها لم يعد واحدا منهما.

و لو علم انّ الجلد ميتة، و صلّى فيه أعاد، و لو لم يعلم انّه ميتة، فان كان شراه من سوق المسلمين، أو كان في يد مسلم، لم يعد، و إن وجده مطروحا، أو أخذه من غير مسلم، أو لم يعلم انّه من جنس ما يصلّى فيه، ثمّ صلّى فيه، أعاد.

1035. الثاني: إذا أخلّ بركن سهوا، فإن تجاوز محلّه أعاد الصلاة،

كمن أخلّ بالقيام حتّى نوى، أو بالنيّة حتّى كبّر، أو بالتكبير حتّى قرأ، أو بالركوع حتّى سجد، أو بالسجدتين حتّى ركع، سواء في ذلك الركعتان الأوليان و الأخريان.

و لو كان المحلّ باقيا أتى به، كمن أخلّ بالركوع و هو قائم لم يسجد، أو بالسجدتين و هو قائم لم يركع.

و للشيخ رحمه اللّه قول آخر(1) بالفرق بين الأوليين و الأخريين، غير معتمد.

1036. الثالث: لو زاد في الصلاة ركوعا عمدا أو سهوا بطلت صلاته،

و كذا لو زاد سجدتين، أمّا لو زاد ركعة عمدا فانّه يعيد، و لو كان سهوا فان لم يكن جلس في آخر الصلاة بقدر التشهد أعاد قولا واحدا، و إن كان قد جلس بقدره فالوجه عندي عدم الإعادة، لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السّلام(2).

و لو ذكر الزيادة قبل الركوع قعد و سلّم و سجد سجدتي السهو، و لو ذكر بعد الركوع قبل السجود، فالوجه التشهد و التسليم إن كان قد جلس بقدر التشهد و إلاّ أعاد.

ص: 300


1- . المبسوط: 109/1 و 119.
2- . الوسائل: 332/5، الباب 19 من أبواب الخلل، الحديث 4.
1037. الرابع: لو سلّم ثم تيقّن النقيصة،

كمن سلّم ناسيا في الأوليين أو صلّى ركعة من الغداة و تشهّد و سلّم، فانّه يأتي بالنقيصة و يسجد للسهو، إلاّ أن يبطل الطهارة، أو يلتفت إلى ما وراءه ناسيا، و إن فعل ما يبطلها غير ما ذكرناه كالكلام، فقولان أقربهما صحّة الصلاة، و كذا لو ترك التسليم ثمّ ذكر بعد المبطل.

1038. الخامس: لو شك في الركوع و هو قائم ركع،

لأنّه في محلّه فإن ذكر حالة الركوع انّه قد كان ركع أعاد الصلاة. قاله ابن أبي عقيل(1) و هو الوجه عندي، و قال الشيخ(2) و السيّد(3) رحمهما اللّه: يرسل نفسه و لا يرفع رأسه.

1039. السادس: لو ترك سجدتين و علم أنّهما من ركعة واحدة، أعاد الصلاة،

و كذا لو لم يعلم هل هما من ركعة أو ركعتين، لأنّ المسقط لما في الذمة غير معلوم التحقّق.

و لو علم أنّهما من ركعتين، قضاهما بعد التسليم، و سجد للسهو، سواء كانتا من الأوليين أو الأخريين.

1040. السابع: لو شك في عدد الثنائية كالصبح،

و صلاة السفر، و الجمعة، و العيدين، و الكسوف، أو في الثلاثية كالمغرب، أو في الأوليين من الرباعيات أعاد، و قول ابن بابويه(4) ضعيف.

ص: 301


1- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 390/2، و المصنّف أيضا في المختلف: 360/2، و التذكرة: 318/3.
2- . النهاية: 92، و المبسوط: 122/1.
3- . جمل العلم و العمل في ضمن الينابيع الفقهية: 180/3.
4- . المراد هو علي بن الحسين بن بابويه المتوفّى عام 329 ه والد الصدوق. لاحظ المختلف: 377/2.

و لو ذكر بعد الشك، فإن لم يكن قد أبطل صلاته بفعل ما ينافيها بنى على ما ذكر، و إلاّ أعاد، و كذا يعيد لو لم يذكر كم صلّى مطلقا، أو كان في وقت الصلاة فلم يدر صلّى أم لا.

1041. الثامن: لا حكم للسهو في مواضع:

من نسي القراءة، أو قراءة الحمد أو السورة حتّى ركع، أو الجهر و الإخفات، أو الذكر في الركوع، أو الطمأنينة فيه حتّى رفع رأسه، أو الطمأنينة في القيام حتّى سجد، أو الذكر في السجود، أو السجود على الأعضاء السبعة، أو الطمأنينة فيه حتّى رفع رأسه، أو رفع الرأس منه، أو الطمأنينة فيه حتّى سجد ثانيا، أو الذكر في السجود الثاني، أو السجود على الأعضاء السبعة، أو الطمأنينة فيه حتّى رفع منه، أو كثر سهوه و تواتر، فانّه لا يلتفت و يبني على وقوع ما شك في وقوعه من غير جبران.

قال الشيخ: حد الكثرة ان يسهو ثلاث مرات متوالية(1) و لا حكم للسهو في السّهو أي في موجبه، و قيل: في وقوعه.

و كذا لا حكم له إذا شك في شيء و قد انتقل عنه، بل يستمرّ على فعله، سواء كان ركنا أو غير ركن، كمن شك في تكبيرة الافتتاح و هو في القراءة، أو فيها و هو راكع، أو فيه و هو ساجد، أو في السجود أو التشهد و قد قام.

و للشيخ رحمه اللّه في السجود و التشهّد قول آخر(2).

أمّا لو شك في قراءة الفاتحة و هو في السّورة، فانّه يقرأ الفاتحة ثم السورة، لاتّحاد محلّ القراءة.

ص: 302


1- . المبسوط: 122/1 و لا يخفى انّ الشيخ قدّس سرّه نسبه إلى قول.
2- . لاحظ النهاية: 92، و المبسوط: 122/1.

و لا سهو في النافلة بل للمصلّي أن يبني على ما أراد، و يستحبّ البناء على الأقلّ .

و لا سهو على المأموم إذا حفظ عليه الإمام و بالعكس، و لو انفرد كل واحد منهما بالسهو اختصّ بموجبه، و لو اشترك السهو اشتركوا في الموجب، و لو أدرك المأموم ركعة مع الإمام أتمّ صلاته بعد تسليم الإمام، و لا سجود للسهو عليه.

1042. التاسع: لو سها عن قراءة الحمد فذكر و هو في السورة،

رجع فقرأ الحمد ثم السورة. و لو سها عن السورة، ثمّ ذكر قبل الركوع قرأ السورة و ركع.

و كذا يتدارك لو سها عن تسبيح الركوع أو السجود و هو فيهما.

و لو سها عن الركوع فذكر و هو قائم ركع، و لو ذكر ترك سجدة قبل الركوع سجد، و بعده، يقضيها، و يسجد للسهو، سواء في ذلك الأوليان و الأخريان، على خلاف.

و لو ذكر ترك السجدتين قبل الركوع سجدهما، و بعده، يعيد الصلاة، و لو ذكر ترك أربع سجدات من أربع ركعات، قضاها بعد الفراغ، و سجد للسهو.

و لو نسي التشهّد الأوّل، فذكر قبل الركوع، رجع فتشهّد، ثمّ سجد للسهو على قول، و لو ركع مضى في صلاته، و قضاه بعد التسليم، و سجد للسهو.

و لو نسي الثاني و ذكر بعد التسليم، قضاه، و سجد للسهو، و لو أحدث قبل قضائه تطهّر و قضاه، و سجد للسهو، و قيل(1): يعيد الصلاة، لأنّ التسليم وقع في غير محله. و ليس بجيّد.

ص: 303


1- . القائل هو الحلّي في السرائر: 259/1.

و لو كان الناسي للتشهّد إماما و لم يرجع، رجع المأمومون، و لو ذكر بعد الركوع فرجع لم يجز للمأمومين متابعته، و لو ذكر و هو قائم و قد ركع المأمومون، وجب على الإمام الرجوع، و في الوجوب على المأمومين إشكال، أقربه الرجوع مع السهو، أمّا مع تعمّدهم فالإشكال أقوى، أقربه الاستمرار حتّى يلحقهم الإمام، و يقضون التشهد بعد التسليم، و لو انعكس الفرض وجب على المأمومين خاصّة الرجوع.

و لو نسي الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و ذكر بعد التسليم، قضاها، و لو كان في التشهّد الأوّل، فالأقرب الرجوع قبل الركوع، و في وجوب إعادة التشهّد إشكال، و لو ذكر بعد الركوع قضاها بعد التسليم، و الأقرب وجوب سجود السّهو.

1043. العاشر: إذا شكّ فيما زاد على الأوليين من الرباعيات،

فإن غلب على الظن أحد الطرفين عمل عليه، و إن تساوى الطرفان بنى على الأكثر، و يصلّي بعد التسليم ما شك فيه، و خيّر ابن بابويه(1) بين هذا و بين البناء على اليقين، و طرح الشك.

و لو شك بين الاثنين و الثلاث، بنى على الثلاث و أتمّ الصلاة، ثمّ صلّى للاحتياط(2) ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس؛ و كذا لو شكّ بين الثلاث و الأربع.

و لو شكّ بين الاثنين و الأربع، بنى على الأكثر، و صلّى بعد التسليم ركعتين من قيام. و لو شكّ بين الاثنين و الثلاث و الأربع، بنى على الأكثر، و صلّى ركعتين

ص: 304


1- . الفقيه: 231/1.
2- . في «ب»: احتياطا.

من قيام و ركعتين من جلوس. و لو شكّ بين الأربع و الخمس بنى على الأربع، و سجد للسهو بعد التسليم.

و لو ذكر بعد الاحتياط ما فعل لم يجب عليه الإعادة، و إن كان ناقصا، سواء كان الوقت باقيا أو لا، و لو ذكر قبل الاحتياط، فإن كان للكمال فلا شيء عليه، و إن كان للنقصان، كان حكمه حكم من سلّم في الأوليين ناسيا، و إن كان في الاحتياط و ذكر النقصان فالوجه الإعادة.

و لو ذكر الشاكّ بين الاثنين و الثلاث و الأربع بعد الاحتياط بالركعتين من جلوس، انّه صلّى ثلاثا، فالوجه صحّة صلاته، و عدم وجوب الركعتين من قيام، و لو ذكر حينئذ انّه صلّى اثنين بطلت صلاته، و لو بدأ بالركعتين من قيام، و ذكر الثلاث، بطلت صلاته، و لو ذكر الركعتين صحّت، و لم يجب عليه الركعتان من جلوس.

1044. الحادي عشر: لو شكّ بين الاثنين و الثلاث و هو قائم،

كأنّه يقول: لا أدري قيامي لثانية أو ثالثة بطلت صلاته، لأنّه في الحقيقة شكّ في الأوليين، و لو قال: لا أدري قيامي لثالثة أو رابعة فهو شكّ بين الاثنين و الثلاث.

و لو قال: لا أدري لرابعة أو لخامسة، قعد و صلّى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس، و سجد للسهو.

و لو قال: لثالثة أو لخامسة، قعد، و صلّى ركعتين من قيام، و سجد للسهو، و كذا الحكم لو قال: لا أدري قيامي من الركوع لثانية أو لثالثة قبل السجود، و كذا باقي المسائل إلاّ ما قبل الأخيرة، فانّ الأقرب عندي فيها البطلان.

ص: 305

1045. الثاني عشر: لا بدّ في الاحتياط من النيّة، و تكبيرة الافتتاح،

و قراءة الفاتحة، و لا تجب السورة، و لو أحدث قبل الاحتياط، فالأقرب عدم البطلان، أمّا لو أحدث قبل قضاء السجدة فأقوى إشكالا.

1046. الثالث عشر: يجب سجود السهو على من تكلّم ناسيا، أو سلّم ناسيا في غير موضع،

أو شكّ بين الأربع و الخمس و هو جالس، أو نسى السجدة أو التشهد حتّى ركع، أو قام في حال قعود، أو بالعكس ناسيا.

و قال ابن بابويه(1): يجب لكلّ نقيصة أو زيادة سهوا، عملا برواية الحلبي الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(2)، و هو الأقوى عندي.

1047. الرابع عشر: لو سها في النافلة بما يوجب السجدتين في الفريضة لم يجب السجود،

و لو قام إلى الثالثة فيها فركع ساهيا، أسقط الركوع و تشهّد و سلّم.

و لا سجود للسهو في صلاة الجنائز، و لا في سجود التلاوة، و لا في سجود السهو.

1048. الخامس عشر: يجب في سجود السهو النيّة، و السجدتان على الأعضاء السبعة، و التشهد، و التسليم،

و ليس فيهما تكبير واجب. و يقول فيهما: بسم اللّه و باللّه السّلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته، أو يقول:

بسم اللّه و باللّه اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد؛ و هل هذا الذكر واجب ؟ فيه إشكال، أقربه العدم.

1049. السادس عشر: السجود للسهو بعد الفراغ من الصلاة،

سواء كان

ص: 306


1- . الفقيه: 225/1 برقم 993.
2- . الوسائل: 327/5، الباب 14 من أبواب الخلل، الحديث 4.

لزيادة أو نقصان، على الأقوى.

1050. السابع عشر: لو نسي سجدتي السهو، يسجدهما متى ذكر،

سواء تكلّم أو لا، و سواء طال الزمان أو قصر.

1051. الثامن عشر: لا يتداخل سجود السهو لو تعدّد السبب، اتّفق أو اختلف.
1052. التاسع عشر: لا يسجد لما يتركه عمدا،

لأنّ الواجب مبطل، و المندوب لا سهو فيه.

1053. العشرون: هل يشترط الطهارة لسجود السهو؟

فيه إشكال، أقربه العدم، أمّا السجدة المتروكة من الصلاة، فيشترط فيها ذلك.

الفصل الثاني: في القضاء
اشارة

و فيه أحد عشر بحثا:

1054. الأوّل: لا يجب القضاء لفوات الصلاة وقت الصغر و الجنون و الكفر

الأصلي و الإغماء و الحيض و النفاس و عدم المطهّر(1).

ص: 307


1- . قال المصنّف في المنتهى: و من فقد المطهّر المائي و الترابي حتّى خرج وقت الصلاة، ففي سقوط القضاء عنه خلاف بين علمائنا، قال الشيخ و السيد المرتضى: يسقط القضاء، و قال المفيد: يقضى، و الأقرب الأوّل، لأنّها صلاة مشروطة بالطهارة فلا تصح بدونها، و سقوط أدائها يستلزم سقوط قضائها، منتهى المطلب: 421/1 (ط القديم).

و يجب على من فاتته غير هؤلاء عمدا و سهوا و نوما، إلاّ الجمعة و العيدين.

1055. الثاني: لا تجب الصلاة على الصبيّ حتّى يبلغ إمّا بالاحتلام أو بالإنبات أو بالسنّ ،

و هو خمس عشرة سنة في الذكر، و تسع في الأنثى، أو بالحيض.

1056. الثالث: لو زال عقل المكلّف بشيء من قبله،

كالسكر و شرب المرقد، وجب القضاء؛ أمّا لو أكل غذاء مؤذيا فحصل الإغماء المستوعب للوقت، لم يجب القضاء؛ و لو أغمي عليه من قبل اللّه تعالى، سقط القضاء إن استوعب الوقت، و إلاّ وجب إن مضى من الوقت مقدار الطهارة و الصلاة(1).

1057. الرابع: المرتدّ يقضي زمان ردّته،

و لا يقضي ما فعله زمان إسلامه، و يقضي ما فاته فيه، و لا يقضي ما فاته زمان إغمائه أو جنونه حالة الارتداد.

1058. الخامس: يجب قضاء الفائتة من الفرائض مع الذكر اتّحدت أو تعدّدت،

وجوبا موسعا على الأقوى.

1059. السادس: الحواضر تترتّب إجماعا،

و كذا الفوائت يترتّب بعضها على البعض بالنسبة إلى زمان الفوات، فلو فات ظهر و عصر من يومين قضى الأوّل إن كانت عصرا(2)، و لو كانا من يوم قدّم الظهر وجوبا، فإن عكس ناسيا عدل بنيّته، و لو لم يذكر حتّى يفرغ، أجزأ ما فعله.

و هل تتقدّم الفائتة على الحاضرة مع سعة الوقت وجوبا أو استحبابا؟

ص: 308


1- . ان لم يصلّ فيه.
2- . هكذا في النسخة المطبوعة و في «ب»: «فان كانت عصرا». و الأصحّ : «و إن كانت عصرا».

الأقوى عندي الأخيرة، فلو دخل في الحاضرة مع السعة، و عليه فائتة، عمدا، صحّت صلاته، و لو كان ناسيا فكذلك، لكن يستحبّ له العدول إذا ذكر مع بقاء وقته و لو قبل التسليم.

و لو صلّى فائتة فذكر انّ عليه أسبق، عدل وجوبا مع الإمكان، و لو نسي السابق من الفائتتين ففي سقوط الترتيب نظر، أقربه السقوط. و الأحوط ثبوته، فيقضي لو فاته ظهر و عصر، الظهر ثمّ العصر ثم الظهر، و لو كان معهما مغرب صلّى الظهر، ثمّ العصر، ثمّ الظهر ثمّ المغرب، ثمّ الظهر، ثمّ العصر، ثمّ الظهر.

و لا ترتيب بين الفرائض اليوميّة و غيرها من الواجبات كالمنذورات(1)و صلاة الآيات، أمّا الاحتياط فالأقرب صيرورته قضاء إذا لم يفعل في وقت المجبورة، فحينئذ، يجب الترتيب بينه لو تعدّد بالنسبة إلى المجبورات و بينه و بين غيرها من الفوائت بالنسبة إلى المجبورات من الفوائت، أمّا الأجزاء المنسيّة كالسجود و التشهّد مثلا، فالوجه فيه الترتيب بينه و بين الفوائت كالكلّ .

1060. السابع: لا يجوز لمن عليه فريضة فائتة أن يتنفّل قبل قضائها،

فلو ذكر في الأثناء أبطل النافلة و اشتغل بالفريضة.

1061. الثامن: لو نسي صلاة و لم يعلم بعينها،

صلّى مغربا و صبحا و أربعا ينوي بها ما في ذمّته، و يتخيّر فيها بين الجهر و الإخفات.

و لو نسي صلاة كثيرة معيّنة غير معلومة العدد كرّر من تلك الصلوات إلى أن يغلب على ظنّه الوفاء. و لو لم يعلمها صلّى أيّاما كثيرة إلى أن يغلب على الظنّ الوفاء.

ص: 309


1- . في «أ»: و المنذورات.

و لو فاتته صلاة واحدة و لم يعلم عددها و لا عينها، صلّى ثلاثا و أربعا و اثنتين إلى أن يغلب على الظنّ الوفاء.

1062. التاسع: يستحبّ قضاء النافلة المرتّبة مع الفوات،

و لو لم يعلمها صلّى إلى أن يغلب على الظنّ الوفاء، و لو فات بالمرض لم يتأكّد الاستحباب.

و يستحب أن يتصدّق عن كلّ ركعتين بمدّ، فإن لم يتمكّن فعن كلّ يوم به، و يجوز أن يقضي أوتارا جماعة(1) في ليلة واحدة.

1063. العاشر: لا يجب القضاء أكثر من مرّة واحدة،

و يجب القضاء كما فات، فالمسافر إذا فاتته فريضة في السفر قضاها قصرا و لو كان في الحضر، و لو فاتته في الحضر قضاها تماما و لو في السفر، و لو فاتته جهريّة وجب قضاؤها كذلك ليلا و نهارا، و كذا يقضي الإخفاتيّة إخفاتا ليلا و نهارا.

1064. الحادي عشر: من ترك الصلاة مع وجوبها عليه مستحلاّ قتل إجماعا،

و لو تركها جهلا بوجوبها لم يقتل، و يؤمر بها. و لو تركها تهاونا أمر بها فإن فعل، و إلاّ عزّر أوّلا، فإن تاب، و إلاّ عزّر ثانيا، فإن تاب، و إلاّ قتل، و قيل: يقتل في الرابعة،(2) و يكفر الأوّل لا الأخير و إن استحقّ القتل.

و لا تقبل توبة من وجب عليه القتل، و لو فات التعزير لم يقتل حتّى يعزّر ثلاثا، و لو ترك شرطا مجمعا عليه مستحلاّ كفر، و إلاّ فحكمه ما تقدّم، و لو ترك ما اختلف في اشتراطه لم يقتل به، و لو اعتقد تحريمه فكذلك. و يعيد الصلاة.

ص: 310


1- . المراد «اجتماعا» ففي صحيح عيسى بن عبد اللّه القمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبو جعفر عليه السّلام يقضي عشرين وترا في ليلة. الوسائل: 361/5، الباب 9 من أبواب قضاء الصلوات، الحديث 2.
2- . و هو خيرة المصنّف في المنتهى: 425/1 (ط القديم).
الفصل الثالث: في الجماعة
اشارة

و مطالبه ثلاثة

المطلب الأوّل: في أحكام الجماعة
اشارة

و فيه أربعة عشر بحثا:

1065. الأوّل: الجماعة مستحبة في الفرائض كلّها، استحبابا مؤكّدا،

و تجب في الجمعة و العيدين مع الشرائط، و لا تجوز في النوافل عدا الاستسقاء و العيدين مع الندبية، و فضلها متّفق عليه.

قال تعالى: وَ اِرْكَعُوا مَعَ اَلرّٰاكِعِينَ (1).

و قال عليه السّلام لقوم:

«لتحضرنّ المسجد أو لأحرقنّ عليكم منازلكم»(2)و قال عليه السّلام: «من صلّى صلوات الخمس جماعة فظنّوا به كلّ خير»(3).

و الصلاة في جماعة تفضل صلاة الفرد بأربع و عشرين صلاة(4).

1066. الثاني: الجماعة تنعقد باثنين فصاعدا.

و يجوز فعلها في البيت

ص: 311


1- . البقرة: 43.
2- . الوسائل: 376/5، الباب 2 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4.
3- . الوسائل: 372/5، الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 6.
4- . الوسائل: 371/5، الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة.

و الصحراء، و لا تجب في المسجد و إن كان قريبا.

و فعل الصلاة فيما كثر فيه الجماعة من المساجد أفضل، و لو كان إلى جاره مسجد لا تنعقد الجماعة فيه إلاّ بحضوره، ففعلها فيه أولى.

و لا يكره إعادة الجماعة في المسجد، غير أنّهم لا يؤذّنون و لا يقيمون إلاّ إذا انفضت الصفوف، فيجوز الأذان و الإقامة. و قال الشيخ رحمه اللّه: يكره التكرار(1).

1067. الثالث: يدرك الجماعة من أدرك الإمام راكعا،

و لو شكّ هل كان الإمام رافعا أو راكعا، فالأحوط فوات تلك الركعة.

1068. الرابع: لا تصحّ الجماعة لمن بينه و بين الإمام حائل يمنع المشاهدة غير الصفوف

1068. الرابع: لا تصحّ الجماعة لمن بينه و بين الإمام حائل يمنع المشاهدة غير الصفوف(2)

إلاّ في المرأة، و لو وقف الإمام في محراب داخل، فصلاة من يقابله ماضية، دون صلاة من إلى جانبه إذا لم يشاهدوه.

و يجوز صلاة الصفوف الذين وراء الصفّ الأوّل، لأنّهم يشاهدون من يشاهده، و لو كان منهم وراء المخرم(3) صحت جماعته، إذا شاهد الإمام أو الصف، و لو كان الحائط قصيرا يمنع من المشاهدة حالة الجلوس خاصّة، فالوجه الجواز.

و لو كان له دار فصلّى فيها جماعة مع مشاهدة من في المسجد صحّت صلاته، و كذا لو اتّصلت الصفوف من داخل المسجد إلى خارجه ثمّ إليه، و إلاّ فلا.

ص: 312


1- . المبسوط: 152/1.
2- . كذا في «ب»، و لكن في «أ»: عن الصفوف.
3- . ما يمنع من الاستطراق دون المشاهدة كالشبابيك.

و لو كان باب داره بحذاء باب المسجد، أو باب المسجد عن يمينه أو يساره، و اتّصلت الصفوف من المسجد إليه، صحّت صلاته.

و لو كان في داره قدّام هذا الصفّ صفّ آخر لم تصحّ صلاة المتقدّم، و تصحّ لو كان خلفه، لمشاهدتهم الصفّ المتّصل بالإمام.

1069. الخامس: لا يجوز أن يكون الإمام أعلى من المأموم بما يعتدّ به،

و لو صلّى حينئذ فالوجه صحّة صلاة الإمام، لاختصاص النهي بالمأموم، و لو كان أعلى بشيء يسير جاز، و يجوز أن يكون المأموم أعلى بالمعتدّ.

1070. السادس: لا يجوز تباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيرا في العادة من غير صفوف متّصلة،

و لو اتّصلت الصفوف جاز، و يستحبّ أن يكون بين الصفين مقدار مربض عنز.

و يجوز الجماعة في السفينة الواحدة و في السفن المتعدّدة، اتّصلت أو انفصلت مع المشاهدة للإمام أو لمن خلفه، و حيلولة الطريق ليست مانعة من الائتمام مع المشاهدة.

1071. السابع: لا يجوز للمأموم أن يتقدّم في الموقف على الإمام،

فإن فعل بطلت صلاته خاصّة، و يجوز أن يقف إلى جانبه يمينا و شمالا، و خلفه، و إن كان واحدا، نعم يستحبّ للواحد أن يقف عن يمين الإمام، و إن كانا اثنين وقفا خلفه، و إن وقفا عن يمينه و شماله تركا الفضل.

و يجوز الوقوف بين الأساطين، و يكره للإمام الوقوف في المحراب الداخل في الحائط.

ص: 313

و المرأة تقف خلف الإمام وجوبا عند بعض علمائنا، و كذا الخنثى المشكل.

و لو اجتمع الخنثى و المرأة وقفت المرأة خلف الخنثى وجوبا على ذلك القول.

و لو كان الإمام امرأة وقفت النساء إلى جانبها، و كذا العاري إذا صلّى بالعراة جلوسا، و يبرز عن سمتهم بركبتيه.

و يكره أن يقف المأموم وحده، و لا تبطل صلاته بذلك.

و يستحبّ تقديم أهل الفضل في الصفّ الأوّل، و يكره تمكين الصبيان و العبيد، و المجانين منه(1).

و يستحبّ أن يقف الإمام في مقابلة وسط الصف(2)، و يتقدّم الرجال على الصبيان، و الصبيان على الخناثى، و الخناثى على النساء.

و لو وقف النساء في الصفّ الأخير فجاء رجال وجب أن يتأخّرن إذا لم يكن للرجال موقف أمامهنّ .

1072. الثامن: إذا كان الإمام ممّن يقتدى به لم يجز للمأموم القراءة خلفه في الجهريّة و الإخفاتيّة،

و يستحبّ في الجهرية إذا لم يسمع و لا همهمة، أن يقرأ، هذا أجود ما حصلناه من الأحاديث(3) في هذا الباب.

و إذا فرغ الإمام من الفاتحة قال المأموم: الحمد للّه ربّ العالمين، استحبابا.

ص: 314


1- . في «أ»: و يكره تمكين الصبيان و العبيد و المخانيث فيه.
2- . في «أ»: أن يقف الإمام وسط الصفّ .
3- . لاحظ الوسائل: 421/5، الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة.

و لو كان الإمام ممّن لا يقتدى به، تابعه ظاهرا، و وجب القراءة، و يخفت بها في الجهرية للتقيّة. و لو قرأ عزيمة و لم يسجد الإمام سجد إيماء، و لو فرغ من القراءة قبله، سبّح اللّه إلى أن يركع، و يستحبّ أن يترك آية من السورة فإذا فرغ الإمام قرأها.

1073. التاسع: يجب على المأموم متابعة الإمام،

فلو رفع رأسه عامدا استمرّ، و إن كان ناسيا أعاد، و كذا لو أهوى إلى الركوع و السجود.

1074. العاشر: يشترط نيّة الائتمام في المأموم،

1074. العاشر: يشترط نيّة الائتمام في المأموم(1)،

و لا يشترط في الإمام، فلو صلّى منفردا و نوى آخر الائتمام به، صحّت صلاتهما.

و لا بدّ من تعيين الإمام، فلو كان بين يديه اثنان و نوى الائتمام بهما، أو بأحدهما لا بعينه، لم يصحّ .

و لو نوى كلّ من الاثنين الإمامة لصاحبه، صحّة صلاتهما معا، و لو نوى كلّ منهما الائتمام بصاحبه، بطلت صلاتهما، و كذا لو شكّا فيما أضمراه، و لو نوى الائتمام بالمأموم لم تصحّ صلاته.

و لو أحرم منفردا ثمّ نوى جعل نفسه مأموما، فالوجه عدم الجواز، و لو كان مأموما فنوى الانفراد و مفارقة الإمام جاز، و يجوز الانفراد من دون النيّة إذا كان لعذر.

و لو أحرم مأموما، ثمّ صار إماما، أو نقل نيّته إلى الائتمام بإمام آخر جاز في موضع واحد، و هو ما إذا حصل للإمام عذر فاستخلف غيره.

ص: 315


1- . في «ب»: من المأموم.

و لو سبق الإمام اثنين(1) ففي ائتمام أحدهما بصاحبه بعد تسليم الإمام إشكال.

1075. الحادي عشر: يجوز أن يأتمّ المفترض بمثله،

و ان اختلف الفرضان، بشرط اتّفاقهما في الهيئة، فلو صلّى الظهر مع إمام يصلّي العصر جاز، أمّا لو صلاّها مع مصلّي الكسوف أو العيدين لم يجز.

و يجوز ان يأتمّ المتنفّل بالمفترض و بالمتنفّل، و أن يأتمّ المفترض بالمتنفّل في مواضع عند قوم و مطلقا عند آخرين(2).

و لو فات المأموم ركعة فصلّى الإمام خمسا سهوا، صلّى المأموم الفائتة منفردا، و لا يأتمّ به في الخامسة.

و يستحبّ للمنفرد أن يعيد صلاته إذا وجد من يصلّي معه جماعة، إماما كان أو مأموما، لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال:

«ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلّي معه»(3).

1076. الثاني عشر: وقت القيام إلى الصلاة، إذا قال المؤذّن: قد قامت الصلاة، فحينئذ يكره للمأموم النافلة،

و لو شرع المأموم في نافلة، فأحرم الإمام، قطعها، و استأنف إن خشي الفوات، و إلاّ أتمّها ركعتين، و لحق به.

و لو شرع في فريضة فأحرم الإمام نقل نيّته إلى النفل، و أتمّها ركعتين، ثمّ

ص: 316


1- . المراد انّه إذا اقتدى اثنان بإمام صلّى ركعة، فهل يجوز لأحدهما الاقتداء بالآخر بعد فراغ الإمام من الصلاة أو لا؟
2- . لاحظ التذكرة: 272/4 تجد الأقوال فيها.
3- . سنن أبي داود: 157/1 برقم 574، و سنن الدارمي: 318/1 (باب صلاة الجماعة في مسجد قد صلّى فيه مرّة).

استأنف مع الإمام، و لو كان إمام الأصل قطع الفريضة و استأنف معه.

1077. الثالث عشر: المسبوق يجعل ما يلحقه مع الإمام أوّل صلاته،

و يتمّ ما بقي عليه بعد تسليم الإمام، فلو أدركه في الثانية(1) قعد و سبّح من غير تشهّد، فإذا قام الإمام إلى الرابعة جلس هو و تشهّد خفيفا ثمّ لحق به، فإذا جلس الإمام للتشهد سبّح، فإذا سلّم الإمام قام فأتمّ صلاته.

و لو أدركه في الأخيرتين، جعلهما أولتيه، و يتخيّر في أخيرتيه بين القراءة و التسبيح.

و لو أدركه في الرابعة قام بعد تسليم الإمام فيصلّي الثانية بالحمد و السورة، و في الأخيرتين بالحمد أو التسبيح.

و لو أدركه بعد رفعه من الأخيرة، كبّر و سجد معه، فإذا سلّم الإمام قام فاستقبل صلاته بتكبير مستأنف.

أمّا لو أدركه بعد السجود الأخير، فانّه يكبّر و يجلس معه، فإذا سلّم، قام فاستقبل من غير استئناف تكبير.

1078. الرابع عشر: يجوز أن يسلّم المأموم قبل الإمام و ينصرف لضرورة و غيرها.

و لو استنيب المسبوق، أومأ إليهم ليسلّموا عند انتهاء صلاتهم، و يقوم هو فيأتي بما بقي عليه.(2)

ص: 317


1- . أي في الركوع أو قبله.
2- . توضيح ذلك: انّه إذا ناب المأموم عن الإمام، لأجل عروض حالة له، و كان المأموم متأخّرا في صلاته، فبلغ صلاة النائب إلى حدّ انتهت صلاة المأمومين، فيومئ الإمام إليهم ليسلّموا، ثم يقوم هو و يأتي بما بقي عليه.
المطلب الثاني: في الإمام
اشارة

و فيه سبعة عشر بحثا:

1079. الأوّل: يشترط في الإمام: الإيمان، و العدالة، و العقل، و طهارة المولد.

فلا يجوز إمامة الكافر، و لا أهل البدع و المخالف للحق و إن كان مرضيّا في مذهبه، و لا المستضعف، و لا الفاسق قبل توبته، و لا ولد الزنا و إن كان عدلا، سواء في ذلك كلّه الأعياد و الجمع و باقي الفرائض.

و لو لم يعلم فسق إمامه و لا بدعته حين صلّى معه، بناء على حسن الظاهر لم يعد، و لو لم يعلم حاله، و لم يظهر منه ما يمنع الائتمام به، و لا ما يسوغه لم تصحّ الصلاة.

و المخالف في الفروع تجوز الصلاة خلفه مع عدالته، و إن كان مخطئا، إلاّ أن يفعل في الصلاة ما يعتقد المأموم خاصّة بطلان الصلاة به، ففي إبطال صلاة المأموم إشكال.

و لو فعل شيئا من المختلف فيه يعتقد تحريمه، فإن كان ترك ما يعتقده شرطا للصلاة أو واجبا فيها، فصلاته فاسدة، و كذا صلاة من ائتمّ به، و إن كان المأموم يخالفه في ذلك الاعتقاد، و إن لم يكن في الصلاة فكذلك إذا لم يكن صغيرا أو لم يتب.

و لا يجوز الصلاة خلف المجنون، فإن كان يفيق تارة و يجنّ أخرى، كرهت الصلاة خلفه وقت إفاقته، لجواز احتلامه حال جنونه.

ص: 318

1080. الثاني: لا يجوز إمامة الصبيّ و إن كان مراهقا عارفا،

خلافا للشيخ رحمه اللّه(1).

1081. الثالث: لا يجوز للقائم الائتمام بقاعد، سواء كان إمام الحق أو غيره،

و سواء كان ممّن يرجى زوال مرضه أو لا، و لو اعتلّ الإمام فجلس استخلف.

و لا يؤمّ المقيّد المطلقين، و لو أمّ القاعد بمثله جاز، و لو عجز عن القعود فصلّى مضطجعا فالوجه انّه لا يجوز للقاعد أن يأتمّ به، و يجوز لمثله(2).

و الأقرب انّه لا يجوز لمن يعجز عن الإتيان بركن أن يكون إماما للقادر عليه، و انّه يجوز أن يكون إماما لمثله.

1082. الرابع: لا يجوز إمامة الأمّي للقارئ، و يجوز العكس،

و الأمّي: من لا يحسن الحمد أو بعضها، و ان عرف غيرها، و يجوز لمثله، فلو ائتمّ القارئ بالأمّي صحّت صلاة الإمام خاصّة، و لو ائتمّ القارئ و أمي بأمّي بطلت صلاة القارئ خاصّة، و لا فرق في ذلك بين صلاة الجهر و الإخفات.

و من ترك حرفا من حروف الفاتحة، لعجزه عنه، أو أبدله بغيره، كالألثغ الّذي جعل الراء عينا، و الأرت(3) الذي يدغم حرفا في حرف، و التمتام الذي لا يؤدّي التاء، و الفأفاء الذي لا يؤدّي الفاء، لا يجوز أن يؤمّ السليم، و يجوز أن يؤمّ مثله.

و قيل: الفأفاء: الّذي يكرّر الفاء، و التمتام: الّذي يكرّر التاء. و هذان

ص: 319


1- . المبسوط: 154/1، حيث قال: المراهق إذا كان عاقلا مميّزا يصلّي صلاة صحيحة جاز أن يكون إماما...
2- . في «أ»: بمثله.
3- . قال المصنف في التذكرة: «و نعني بالأرت: الذي يبدّل حرفا بحرف» ثم نقل عن الفرّاء انّ الأرت هو الذي يجعل اللام تاء. لاحظ تذكرة الفقهاء: 296/4.

يصحّ الائتمام بهما(1).

و يصحّ إمامة من لا يفصح ببعض الحروف كالصاد(2) و القاف، سواء كان أعجميّا أو عربيّا بالفصيح على كراهية، و لو كان يبدّل حرفا لا يوجد في سورة تعيّنت قراءتها.

1083. الخامس: لا يجوز إمامة اللحّان بالمتقن،

سواء أفسد المعنى، كالذي يضم التاء من أنعمت، أو لا يفسده، و يجوز ان يؤمّ مثله مع عجزه عن الإصلاح، و لو تمكّن منه لم تصحّ صلاته و لا صلاة من يأتمّ به، إذا كان عالما بحاله.

و لو كانا جاهلين بالفاتحة، و كان أحدهما يحسن سبع آيات من غير الفاتحة، و الآخر لا يحسن شيئا، فهما أميّان، و يجوز للجاهل الائتمام بالآخر، و في جواز العكس إشكال.

و لو وجد اللحّان او الأمّي، القارئ المتقن وجب أن يأتمّ به مع ضيق الوقت عن التعلّم، و الوجه عدم اكتفاء الأمّي بالائتمام مع إمكان التعلّم.

1084. السادس: و يجوز للسيّد أن يأتمّ بعبده إذا كان أقرأ منه،

و هل يجوز لغير السيّد من الأحرار؟ منع الشيخ منه(3). و لا فرق بين القنّ و المدبّر و المكاتب، و الوجه جواز إمامة العبد لمثله.

1085. السابع: لا يجوز أن يأتمّ رجل و لا خنثى بامرأة في فرض و لا نفل،

1085. السابع: لا يجوز أن يأتمّ رجل و لا خنثى بامرأة(4) في فرض و لا نفل،

ص: 320


1- . و اختاره المصنف في التذكرة: 296/4، و المنتهى: 372/1 (ط القديم).
2- . في «ب»: كالضاد.
3- . المبسوط: 155/1.
4- . في «أ»: بامرأة و لا خنثى.

و يجوز للمرأة أن تأتمّ بالرجل و إن كان أجنبيّا من غير كراهية، و بالخنثى أيضا، و بالمرأة في فرائض الصلاة، و نوافلها.

و إذا صلّت المرأة بالنساء قامت معهنّ في الصّف وسطا، و لو احتجن إلى جعل صفوف جاز، و لو أمّت امرأة أخرى صلّت المأمومة عن يمينها، و لو ائتمت برجل وقفت خلفه.

1086. الثامن: يجوز إمامة الأعمى إذا كان وراءه من يسدّده،

و كذا أقطع اليدين، و الخصيّ و الجندي، و كذا تصحّ إمامة الأصمّ و إن كان أعمى.

و لا تصحّ إمامة الأخرس، و لا أقطع الرجلين بالسليم، و يجوز إذا كان مقطوع إحدى الرجلين، و إن كان يخلّ بالسجود على عضو.

1087. التاسع: لا تصحّ الصلاة خلف الكافر مع علمه بكفره،

و لا المحدث، و لو لم يعلمهما صحّت صلاته، و لو علم في الأثناء نوى الانفراد، و صحّت صلاته.

و لو صلّى خلف من يشكّ في إسلامه أعاد، لاشتراط العدالة عندنا.

و لا يحكم بإسلام المصلّي بمجرد صلاته، سواء كان في دار الإسلام، أو دار الحرب، و لا يحكم بارتداده لو قال بعد الصلاة: لم أسلم.

1088. العاشر: لا يجوز أن يؤمّ عاقّ أبويه، و لا قاطع رحمه،

و يكره أن يؤمّ المتيمّم للمتوضّئين، و المسافر للحاضرين، و يجوز العكس فيهما، فإن أمّ المسافر أومأ للتسليم و ان ائتمّ صلّى فرضه، و لا يجوز له الائتمام مع الإمام.

و ظاهر انّ هذه الكراهية انّما تعلّقت بالرباعيات، و كذا يكره أن يستناب

ص: 321

المسبوق، و أن يؤمّ من يكرهه المأمومون.

و يكره أن يؤمّ الأعرابي بالمهاجرين، و المجذوم، و الأبرص، و المحدود بعد توبته، و صاحب الفالج، و السفيه، و الأغلف غير المتمكّن من الختان من ليس كذلك.

1089. الحادي عشر: لا يتقدّم أحد على غيره في مسجده، و لا في منزله،

و لا في إمارته إلاّ بإذنه، و إن كان أقرأ منه، إذا كان ممّن يمكنه إمامتهم، و لو دخل السيّد بيت العبد كان السيّد أولى بالإمامة.

و يستحبّ أن ينتظر الإمام الّذي جرت عادته بالصلاة في المسجد، و لو خيف فوات وقت الفضل قدّم غيره.

1090. الثاني عشر: الهاشمي أولى بالإمامة من غيره إذا كان بشرائط الإمامة.
1091. الثالث عشر: إذا تشاحّ الأئمة، كان من يختاره المأمومون أولى،

فإن اختلفوا، قدّم الأقرأ، و هو الأبلغ في الترتيل، و معرفة المخارج و الإعراب، فيما يحتاج إليه في الصلاة.

فإن تساويا في ذلك قدّم الأفقه، فإن تساويا فالأشرف، و هو أعلاهما نسبا و قدرا، و أفضلهما في نفسه.

فإن تساويا فالأقدم هجرة.

فإن تساويا فالأسنّ ، و هو من كان سنّه في الإسلام أكثر.

فإن تساويا فالأصبح وجها، و هذا التقديم على سبيل الأولويّة، فلو قدّم المفضول هنا جاز.

ص: 322

1092. الرابع عشر: يستحبّ للإمام إسماع من خلفه الشهادتين في جميع الصلوات.
1093. الخامس عشر: إذا مات الإمام نحّي عن القبلة، و استناب المأمومون غيره،

و كذا لو أغمي عليه، أو عرض له مانع من حدث و شبهه.

و يستحبّ أن يكون النائب ممّن شهد الإقامة، و لو استناب الإمام اختيارا، جاز أيضا.

1094. السادس عشر: إذا دخل المأموم و خشي فوات الركوع،

جاز أن يركع و ينتظر من يجيء و يقف معه، فإن لم يجئ أحد، جاز أن يمشي في ركوعه ليلتحق الصفّ . قال الشيخ رحمه اللّه: و ان سجد موضعه و التحق به في الركعة الثانية كان أفضل(1).

و يجوز للإمام أن يطوّل ركوعه بمقدار الركوع دفعتين ليلحق الداخل تلك الركعة، و يكره للإمام أن يطوّل صلاته انتظارا لمن يجيء فيكثر به الجماعة، أو ينتظر من له قدر، فإن أحسّ بداخل لم يلزمه التطويل، ليلحق الداخل الركوع.

1095. السابع عشر: ينبغي للإمام أن لا يبرح من مكانه حتّى يتمّ من فاته شيء من الصلاة خلف صلاته.
المطلب الثالث: في المساجد
اشارة

و فيه اثنا عشر بحثا:

1096. الأوّل: بناء المسجد فيه فضل كثير و ثواب جزيل،

قال الصادق عليه السّلام:

ص: 323


1- . المبسوط: 155/1.

«من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى اللّه له بيتا في الجنة»(1).

و قصدها مستحبّ ، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخا مستفادا في اللّه، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة تردّه عن ردى، أو يسمع كلمة تدلّ على هدى، أو يترك ذنبا خشية أو حياء»(2).

1097. الثاني: يستحبّ الإسراج فيها،

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

«من أسرج في مسجد من مساجد اللّه سراجا، لم تزل الملائكة و حملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من السراج»(3).

1098. الثالث: يستحبّ للداخل أن يتعاهد نعله أو خفّه،

لئلاّ يكون فيها نجاسة، و تقديم رجله اليمنى و يقول:

بسم اللّه و باللّه السّلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و افتح لنا باب رحمتك، و اجعلنا من عمّار مساجدك، جلّ ثناء وجهك.

و إذا خرج قدّم اليسرى و قال: اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و افتح لنا باب فضلك.

1099. الرابع: صلاة الفريضة في المسجد أفضل منها في المنزل،

قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

ص: 324


1- . الوسائل: 486/3، الباب 8 من أبواب أحكام المساجد، الحديث 2.
2- . الوسائل: 480/3، الباب 3 من أبواب أحكام المساجد، الحديث 1.
3- . الوسائل: 513/3، الباب 34 من أبواب أحكام المساجد، الحديث 1. و فيه في آخر الحديث «من ذلك السراج».

«صلاة في البيت المقدس تعدل ألف صلاة، و صلاة في المسجد الأعظم تعدل مائة صلاة، و صلاة في مسجد القبيلة تعدل خمسا و عشرين صلاة، و صلاة في مسجد السوق تعدل اثني عشر صلاة، و صلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة»(1).

أمّا صلاة النافلة فإنّها في المنزل أفضل، و خاصّة نوافل الليل.

1100. الخامس: يكره تعلية المساجد، بل تبني وسطا،

و يكره أن تبنى مظلّلة، بل تكون مكشوفة.

و يحرم زخرفتها و نقشها بالذهب، أو بشيء من الصور.

و يكره أن تكون مشرفة، بل تبنى جمّاء، و لا تبنى المنارة في وسط المسجد، بل مع حائط لا يعلى عليه، و يجعل الميضاة على أبواب المساجد لا داخلها.

و يكره جعلها طريقا مع الاختيار، و النوم فيها، و خاصّة في المسجد الحرام، و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و إخراج الحصا منهما(2) فمن أخرجه ردّه إليهما(3) أو إلى غيرهما(4) من المساجد.

1101. السادس: يجوز نقض ما استهدم منها، و يستحبّ إعادته،

و يجوز استعمال آلته في بناء غيره من المساجد، و لا يجوز بيع آلته بحال، و لا يجوز أن يؤخذ من المساجد في ملك أو طريق زالت آثاره، فمن أخذ شيئا من آلة المسجد ردّه إليه أو إلى غيره من المساجد.

ص: 325


1- . الوسائل: 551/3، الباب 64 من أبواب أحكام المساجد، الحديث 2.
2- . في «ب»: «منها» «إليها» «غيرها».
3- . في «ب»: «منها» «إليها» «غيرها».
4- . في «ب»: «منها» «إليها» «غيرها».

و يجوز نقض البيع و الكنائس مع اندراس أهلها، أو إذا كانت في دار حرب، و يجوز أن تبنى مساجد، و لا يجوز اتّخاذها ملكا، و لا استعمال آلتها في الأملاك.

1102. السابع: يحرم إدخال النجاسة إليها،

و كذا إزالتها فيها.

1103. الثامن: يستحبّ كنس المساجد و تنظيفها،

و يكره أن يبصق أو يتنخّم فيها، فإن فعل غطّاه بالتراب، و لا يقصع فيها القمل(1)، فان فعل دفنها في التراب.

و يكره سلّ السيف، و بري النبل(2)، و سائر الصناعات فيها، و كشف العورة، و رمي الحصى خذفا(3).

و يجتنب البيع و الشراء، و تمكين المجانين و الصبيان، و الأحكام(4)، و تعريف الضالّة، و إقامة الحدود، و إنشاد الشعر، و رفع الأصوات فيها.

و من أكل مثل الثوم و البصل لا يحضر المسجد حتّى تزول رائحته.

1104. التاسع: لا ينبغي أن يتنعّل و هو قائم، بل يجلس و يلبسها،

و لا يكشف عورته في المساجد، و يستحبّ ستر ما بين السرة إلى الركبة.

1105. العاشر: من كان في منزله مسجد جعله لنفسه يصلّي فيه،

جاز له توسيعه و تضييقه و تغييره و لم يخرج عن ملكه.

1106. الحادي عشر: لا يدفن الميّت في المساجد.

ص: 326


1- . في القاموس: قصع القملة بالظفر: قتلها.
2- . في مجمع البحرين: نهي عن بري النبل في المساجد، أي نحته و عمله فيها.
3- . الخذف بالحصى: الرمي بها بالاصبع، قال في مجمع البحرين: و المشهور في تفسيره أن تضع الحصاة على بطن إبهام يدك اليمنى و تدفعها بظفر السبابة.
4- . و المراد إنفاذ الأحكام.
1107. الثاني عشر: يجوز بناء المسجد على بئر الغائط مع الطمّ و انقطاع الرائحة.
الفصل الرّابع: في صلاة الخوف
اشارة

و فيه واحد و عشرون بحثا:

1108. الأوّل: صلاة الخوف ثابتة

بالنصّ (1) و الإجماع. و حكمها باق غير منسوخ، و هي مقصورة سفرا إجماعا، و في الحضر إذا صلّيت جماعة، و لو صلّيت فرادى فقولان.

1109. الثاني: شروط هذه الصلاة أن يكون العدوّ مباح القتال،

و أن لا يؤمن هجومه لكثرته، و كون العدوّ في غير جهة القبلة، و أن يكون في المسلمين(2) كثرة يمكنهم أن يفترقوا فرقتين، يكفل كلّ طائفة بمقاومة العدوّ، و أن لا يحتاج الإمام إلى أن يفرّقهم أزيد من فرقتين.

1110. الثالث: الصلاة إن كانت ثنائية صلّى الإمام بالطائفة الأولى ركعة مخفّفا،

و قام إلى الثانية فينوي من خلفه الانفراد واجبا، و يتمّون بالتخفيف، ثمّ يذهبون إلى مقاومة العدوّ، و يأتي الثانية فيكبّرون، و يركع بهم الثانية له، فإذا جلس للتشهّد

ص: 327


1- . أمّا الكتاب فقوله تعالى: وَ إِذٰا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ اَلصَّلاٰةَ فَلْتَقُمْ طٰائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ... الآية 102 من سورة النساء. و أمّا الروايات فكثيرة، لاحظ الوسائل: 478/5، أبواب صلاة الخوف.
2- . في «ب»: المسلم.

قاموا فأتوا بالثانية، و تشهّدوا ثمّ يسلّم بهم الإمام.

و إن كانت ثلاثيّة فإن شاء صلّى بالأولى ركعة، و يقف في الثانية فيتمّ من خلفه، ثم يأتي الثانية فيدخل معه، فإذا جلس لتشهّده، جلسوا من غير تشهّد، ثم يصلّي الثالثة بهم، فإذا جلس للتشهّد، تشهّدوا معه أوّل تشهّدهم، ثمّ أتمّوا الثالثة و سلّم بهم، و إن شاء صلّى بالأولى ركعتين و بالثانية ركعة، و هذه صفة ذات الرقاع(1). و يجوز أن يصلّي بالأولى كمال الصلاة، ثمّ يصلّي بالثانية مرّة أخرى، و يكون نفلا له، و هي صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم ببطن النخل.

1111. الرابع: يجوز للإمام أن يقرأ حال الانتظار،

فلو فرغ قبل مجيئهم فركع، فإن أدركوا ركوعه، تمّت لهم الركعة، و إلاّ فلا.

1112. الخامس: لا حكم لسهو المأمومين حال متابعتهم،

أمّا حال انفرادهم فحكم سهوهم ما تقدّم في باب السهو.

و لو سها الإمام سهوا يوجب السجدتين اختصّ بالسجود (إذا اختص بالسهو)(2).

1113. السادس: إذا احتاج الإمام إلى أن يفرّقهم أربع فرق،

صلّى الركعتين

ص: 328


1- . هي غزوة معروفة وقعت في سنة أربع من الهجرة بأرض غطفان من نجد، و انّما قيل لها ذات الرقاع، لأنّهم رقّعوا فيها راياتهم، و قيل انّ ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع، يقال لها ذات الرقاع. و نقل عن أبي ذر انّه قال: إنّما قيل لها ذات الرقاع، لأنّهم نزلوا بجبل يقال له ذات الرقاع، و قيل غير ذلك، لاحظ معجم البلدان: 56/3 و السيرة النبوية لابن هشام: 214/3. و قال المصنّف في التذكرة: 417/4: و سميت ذات الرقاع، لأنّ فيه جبلا ألوانه مختلفة، بعضه أحمر، و بعضه أسود، و بعضه أصفر.
2- . ما بين القوسين موجود في «ب».

بفرقتين، ثمّ يعيدهما(1) نفلا و تقتدي به الفرقتان الأخريان.

1114. السابع: هذا الترتيب مع إرادة الجماعة،

و يجوز أن يصلّي كلّ واحد بانفراده، و لا قصر حينئذ في الحضر.

1115. الثامن: الإمام و المأمومون في عدد الصلاة سواء،

فلا يجوز أن يصلّي بطائفة ركعة و يسلّمون، ثم يصلّي الثانية بالأخرى فيحصل له ركعتان، و لكلّ طائفة ركعة(2).

و لا يجوز أن يصلّي بإحداهما ركعتين من غير تسليم له، و بالثانية أخريين، فيكون له أربع ركعات، و لكلّ طائفة ركعتان.

1116. التاسع: لا يجب التسوية بين الطائفتين،

و لا كون كلّ طائفة ثلاثة، بل يجوز و لو كان واحدا إذا كان فيه مقاومة.

1117. العاشر: يجب أخذ السلاح في الصلاة،

و هو ما يدفع به عن نفسه كالسيف و السكّين، و لا يكون ثقيلا كالجوشن، و لا ما يمنع من إكمال السجود كالمغفر، و لا ما يؤذي غيره كالرمح، إذا كان وسط القوم، فإن كان طرفا جاز، و لو منع الثقيل شيئا من واجبات الصلاة لم يجز أخذه، و لو كان السلاح نجسا ففي جواز أخذه قولان(3)، أقربهما الجواز.

ص: 329


1- . في «ب»: ثم يعيدها.
2- . قال المصنف في التذكرة: 420/4: حكي عن ابن عباس انّه قال: صلاة الخوف لكلّ طائفة ركعة و للإمام ركعتان، و به قال الحسن البصري و طاوس و مجاهد.
3- . قال الشيخ في المبسوط: 164/1: ينبغي أن يكون خاليا من النجاسة. و قال الحلّي في السرائر: 347/1: و يجب على الفريقين أخذ السلاح، سواء كان عليه نجاسة أو لم تكن.
1118. الحادي عشر: لو كان بالقوم أذى من مطر أو مرض،

لم يجب أخذ السلاح إجماعا.

1119. الثاني عشر: صلاة الخوف جائزة في الحضر

فإن قلنا بالقصر، فالكيفيّة ما تقدّم، و إلاّ صلّى بكلّ طائفة ركعتين، و لو صلّى بالأولى ركعة و بالثانية ثلاثا، أو بالعكس جاز، و لا سجود للسهو.

و لو فرّقهم أربع فرق فصلّى بكل فرقة ركعة جاز، و كذا لو فرّقهم ثلاثا و صلّى بإحداهنّ ركعتين.

1120. الثالث عشر: لو كان العدوّ في جهة القبلة،

قال الشيخ رحمه اللّه: يجوز أن يصلّي بهم كصلاة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم بعسفان(1).

1121. الرابع عشر: لو صلّى بهم الجمعة صلاة الخوف خطب بالفرقة الأولى و صلّى بهم ركعة،

1121. الرابع عشر: لو صلّى بهم الجمعة صلاة الخوف خطب بالفرقة الأولى و صلّى بهم ركعة(2)،

ثم صلّى بالثانية أخرى، هذا إذا كانت الفرقة الأولى عدد الجمعة، و لو كانت أقلّ لم يجز.

و لو كمّلت الفرقة الأولى العدد، لكن فارقت بعد الخطبة، و جاء الآخرون، لم يصلّ بهم الجمعة إلاّ بعد إعادة الخطبة. و لو صلّى بالأولى الجمعة كاملة لم يكن له أن يصلّي بالثانية جمعة أخرى، بل ظهرا.

1122. الخامس عشر: لو صلّى بهم في الأمن صلاة الخوف،

قال الشيخ رحمه اللّه:

جاز مع ترك الأفضل، و هو مفارقة الإمام، سواء في ذلك صلاة ذات الرقاع

ص: 330


1- . المبسوط: 166/1. و عسفان قرية جامعة على اثنى عشر فرسخا من مكّة.
2- . و في التذكرة: 449/4: يجوز أن يصلّي الجمعة في الخوف على صفة ذات الرقاع بأن يفرّقهم فرقتين إحداهما تقف معه للصلاة فيخطب بهم و يصلّي بهم ركعة.

و عسفان و بطن النخل، ثمّ قال: و لا يجوز صلاة الخوف في طلب العدوّ، لأنّه ليس هناك خوف(1).

و في الجميع نظر، إلاّ ان يريد به القصر.

قال: و القتال المحرّم لا يجوز فيه صلاة الخوف، فإن خالفوا و صلّوا صحّت صلاتهم، لعدم إخلالهم بشيء من الأركان، بل صاروا منفردين، و هو غير مبطل(2) و هو يعطي انّه لم يرد به ما ذكرنا.

1123. السادس عشر: صلاة شدّة الخوف تسمّى صلاة المطاردة و المسايفة،

مثل أن ينتهي الحال إلى المعانقة، فيصلّي على حسب إمكانه ماشيا و راكبا، و يستقبل القبلة بتكبيرة الإحرام إن تمكّن.

و لو لم يتمكّن من النزول صلّى راكبا، و سجد على قربوس سرجه، و إن لم يتمكّن أومأ و يجعل إيماء السجود أخفض.

و لو خاف صلّى بالتسبيح من غير ركوع و لا سجود، يقول عوض كلّ ركعة: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر.

و يجب فيه النّيّة و تكبيرة الافتتاح، و الأقرب وجوب التشهّد، و لا يجوز أن يؤخّرها حتى يخرج الوقت، و يجوز إلى آخره.

1124. السابع عشر: لو صلّى مؤميا فأمن أتمّ صلاة آمن و بالعكس،

و اشترط الشيخ رحمه اللّه عدم استدبار القبلة(3) و فيه إشكال.

و لو رأى سوادا فظنّه عدوّا فصلّى مؤميا، أو شاهد عدوّا فصلّى بالإيماء، ثمّ بان كذب ظنّه أو حصول حائل، لم يعد.

ص: 331


1- . المبسوط: 167/1.
2- . المبسوط: 168/1.
3- . المبسوط: 166/1.
1125. الثامن عشر: الفارّ من الزحف يعيد ما صلاّه بالإيماء مع عدم تسويغ الفرار،

إن تمكّن من استيفاء الأفعال حال عدم الفرار، و لا إعادة مع تسويغه، و كذا العاصي بقتاله يعيد ما صلاّه مؤميا.

1126. التاسع عشر: لو خاف من سيل أو سبع،

جاز أن يصلّي صلاة شدة الخوف قصرا، أمّا الموتحل و الغريق فيصلّيان على قدر إمكانهما، و يؤميان للركوع و السجود، و لا يقصّران إلاّ في سفر أو خوف.

1127. العشرون: لبس الحرير محرّم على الرجال، و يجوز في حال الحرب.

قال الشيخ: و لا يجوز فرشه و لا التدثّر به و لا الاتّكاء عليه، قال: و كذا الحكم في الستور المعلّقة، و يجوز لو كان ذيلا أو جيبا أو كفّا(1) أو تكّة أو جوربا أو قلنسوة.

و لبس الذهب محرّم على الرجال، سواء كان خاتما أو طرازا، و على كلّ حال، و لو كان مموّها أو مجرى فيه و قد اندرس و بقى أثره، لم يكن به بأس(2).

1128. الحادي و العشرون: لو فاتته صلاة الخوف، قضاها صلاة أمن في الكيفيّة،

أمّا العدد فإن كان مسافرا قضاها قصرا، و إن كان في الحضر فالأقرب التمام، و لو قضى (صلاة أمن)(3) حالة الخوف، صلاّها كما فاتته في العدد و يجوز أن يأتي بالكيفيّة على هيئة صلاة الخوف.

ص: 332


1- . قال المصنّف في المنتهى: 237/4: و المراد بالكفّ ما يوضع في رءوس الأكمام و أطراف الذيل و حول الزيق.
2- . المبسوط: 168/1.
3- . ما بين القوسين موجود في «أ».
الفصل الخامس: في صلاة السفر
اشارة

و فيه ثمانية و عشرون بحثا:

1129. الأوّل: يجب في السفر التقصير في الصلاة و الصوم معا بشروط تأتي،

إلاّ في أربعة مواطن: مكّة و المدينة و جامع الكوفة و الحائر، فإنّ الإتمام فيها في الصلاة أفضل. و قال ابن بابويه: ينبغي أن ينوي المقام بالمواطن الأربعة عشرة أيّام ليتمّ (1).

1130. الثاني: شرط التقصير قصد بريدين، هما ثمانية فراسخ، أربعة و عشرون ميلا،

كلّ ميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الّذي طوله أربعة و عشرون إصبعا، سواء قطعها في زمان طويل أو قصير، في برّ أو بحر.

و لو قصد أربعة فراسخ، فإن عزم على الرجوع من يومه قصّر، أمّا لو قصد التردّد في ثلاثة فراسخ ثلاث مرّات لم يقصر، إلاّ أن لا يبلغ في الرجوع الأوّل مشاهدة الجدران و لا سماع الأذان.

و لو سلك أحد الطريقين، و هو مسافة دون صاحبه، قصّر، و إن مال إلى الرخصة(2).

ص: 333


1- . الفقيه: 283/1، ذيل الحديث 1284.
2- . و لإيضاح المقصود من الكلام نأتي بما قاله المصنّف في المختلف: 145/3 و إليك نصّه: لو كان لبلد طريقان و احدهما مسافة دون الآخر، فقصد الأبعد قصّر و ان كان ميلا إلى الرخصة لا لغرض آخر؛ و لاحظ التذكرة: 373/4.

و للشيخ قول آخر بجواز التقصير في أربعة فراسخ و وجوبه في الثمانية(1).

و المعتمد ما قلناه.

1131. الثالث: لو انتفى قصد المسافة لم يجز القصر و إن تجاوزها،

فالهائم لا يترخص، و كذا لو قصد ما دون المسافة ثم تجدّد له عزم على مثل الأولى و لو تجاوز المجموع المسافة، و لو عاد قصّر مع بلوغ المسافة، و إلاّ فلا.

و كذا لو طلب غريما أو آبقا أو دابة شردت و إن سار أيّاما، إذا لم يقصد المسافة. و لو قصد في الأثناء قصّر.

1132. الرابع: لو خرج ينتظر رفقة إن حصلت سافر، أتمّ ما لم يبلغ خروجه المسافة،

فيقصّر في طريقه و موضع انتظاره ما لم يتجاوز شهرا، و لو عزم على السفر إن خرجوا أو لم يخرجوا قصّر إذا خفي الأذان و الجدران ما لم يتجاوز شهرا.

1133. الخامس: الاعتبار انّما هو بالنيّة لا الفعل،

فلو قصد المسافة و خرج و قصّر صلاته، ثمّ بدا له لم يعد، و يتمّ في رجوعه إذا لم يبلغ المسافة، و لو رجع في أثناء الصلاة صلاّها على التمام، و لو قصد بلدا بعيدا، و في عزمه أنّه متى وجد مطلوبه دونه رجع، أتمّ .

1134. السادس: لو خرج إلى السفر مكرها، فالأقرب وجوب التقصير،

و قال الشافعي: لا يقصر(2). و فيه قوة.

و لو قصد الصبي مسافة، فبلغ في أثنائها، فالوجه وجوب التقصير، و إن لم

ص: 334


1- . النهاية: 122، و المبسوط: 141/1.
2- . المجموع: 217/4.

يكن الباقي مسافة. و كذا لو عرض للمسافر الجنون أو الإغماء.

1135. السابع: من شرط التقصير إباحة السفر، فلا يترخّص العاصي، كالآبق،

و قاطع الطريق، و التاجر في المحرّمات، و تابع الجائر، و طالب الصيد لهوا.

و انّما يجب القصر على كلّ من كان سفره سائغا سواء كان واجبا كالحجّ ، أو مندوبا كالزيارة، أو مباحا كالتجارة.

و لو كان الصيد لأجل قوته و قوت عياله قصّر.

و لو كان الصيد للتجارة، قال الشيخ: يقصّر في الصوم دون الصلاة(1).

و الوجه التقصير فيهما معا.

و لو كان سفره للتنزّه و التفرّج في المباح وجب التقصير(2)، و كذا يجب لو قصد زيارة المقابر و المشاهد.

1136. الثامن: لو كان السفر مباحا فغيّر نيّته إلى المعصية، انقطع ترخّصه،

و لو عاد عاد الترخّص إن كان المقصود بعد العود مسافة، على إشكال، و هل يحتسب من المسافة ما تقدّم قطعه ممّا كان مباحا؟ فيه إشكال.

و لو سافر إلى معصية فغيّر نيّته إلى المباح، قصّر، و يعتبر المسافة من حين تغيّر النيّة، و لو كان السفر مباحا لكنّه يعصي فيه قصّر.

1137. التاسع: من شرائط القصر عدم قطع المسافة بوطن له، أو عزم على الإقامة عشرة أيام،

فلو قصد مسافة و في أثنائها ملك له قد استوطنه ستّة أشهر فصاعدا، متوالية، أو متفرقة، أتمّ ، و كذا لو نوى الإقامة عشرة أيّام في أثناء المسافة.

ص: 335


1- . النهاية: 122.
2- . في «ب»: وجب القصر.

و لو كان ملكه على حدّ المسافة قصّر في الطريق دون البلد الّذي فيه ملكه، و كذا لو نوى الإقامة عشرة أيّام على حدّ المسافة.

و لو كان له عدة أملاك قد استوطنها ستّة أشهر اعتبر ما بينه و بين الموطن الأوّل، فإن كان مسافة، قصّر في الطريق خاصّة و إلاّ فلا، ثم يعتبر ما بين الموطنين، فإن كان مسافة، قصّر في الطريق دون المواطن، و إلاّ فلا.

و هل يشترط استمرار الملك، حتّى لو باع الملك المستوطن يخرج عن الترخّص ؟ إشكال، أقربه الخروج.

و لا يشترط استيطان نفس الملك، بل البلد الذي هو فيه، و لا يشترط كون الملك مما يصحّ فيه الاستيطان، فلو كان له بستان أو مزارع و قد استوطن البلد المدة أتمّ .

1138. العاشر: كل من نوى الإقامة عشرة أيّام فانّه يتمّ في البلد الذي نوى الإقامة فيه،

فلو عزم على مسافة فصاعدا، و نوى الإقامة في أثنائها، أتمّ فيما نوى الإقامة فيه.

ثمّ الطريق من مبدأ سفره إليه إن كانت مسافة قصّر فيها و إلاّ فلا، ثمّ يعتبر المسافة بين ما نوى الإقامة فيه و بين منتهى سفره، فإن كان مسافة قصّر، و إلاّ فلا.

و لو عزم المسافر على إقامة عشرة أيّام فصاعدا في رستاق ينتقل فيه من قرية إلى أخرى(1)، و لا عزم له على الإقامة في موضع واحد عشرة أيّام، لم يبطل حكم سفره.

ص: 336


1- . كذا في «ب» و لكن في «أ»: «ينتقل منه في قربه إلى أخرى».

و لو دخل بلدا فقال: إن لقيت فلانا أقمت عشرة، و إلاّ فلا، لم يبطل حكم سفره ما لم يجده.

1139. الحادي عشر: من شرط التقصير أن لا يكون سفره أكثر من حضره،

كالمكاري و الملاّح و الراعي و البدويّ الّذي يطلب القطر و النبت، و التاجر الّذي يطلب الأسواق، و البريد.

و الأصل في ذلك انّ هؤلاء لا يجوز لهم القصر ما لم يكن لهم في بلدهم مقام عشرة أيّام، فإن أقام أحدهم عشرة أيّام في بلده، ثمّ خرج قصّر، و إن أقام أقلّ أتمّ .

و للشيخ قول آخر: إنّه لو أقام خمسة قصّر صلاة النهار دون صلاة الليل و دون الصيام(1). و ليس بمعتمد.

1140. الثاني عشر: لا يجوز التقصير حتّى يتوارى جدران البلد الّذي يسافر منه، أو يخفى عليه أذانه،

و لا يجوز قبل ذلك، سواء كانت الجدران عامرة أو خرابا.

و لو كان إلى جانب البلد بساتين، اعتبر بالأذان، و لا عبرة بأعلام البلد كالمنائر.

و لو كان للبلد محالّ متفرّقة، فمتى خرج عن محلّته قصّر إذا خفيت جدرانها أو أذانها و لو كانت متّصلة لم يقصّر حتّى يفارق جميعها.

و البدويّ إذا كان مستوطنا في حلّة(2) قصّر إذا خفي الأذان، أمّا العائد من

ص: 337


1- . النهاية: 122.
2- . الحلّة: منزل القوم. تاج العروس. (حلل).

السفر فانّه يقصّر حتّى يبلغ سماع الأذان. و قال بعض علمائنا: يقصّر إذا خرج من بيته، و يتمّ عند دخوله.(1) و به أحاديث(2)، لكن الأوّل أقرب.

1141. الثالث عشر: المسافر إذا دخل بلدا قصّر فيه ما لم ينو مقام عشرة أيام،

أو يمضي عليه ثلاثون يوما، فإن حصل أحد الأمرين أتمّ ، و لو صلاة واحدة.

و لو نوى العشرة ثمّ رجع، فإن كان قد صلّى على التمام و لو صلاة واحدة استمرّ عليه حتّى يخرج، و إلاّ قصّر.

و لو كان رجوعه في أثناء الصلاة فالوجه التقصير، لكن الشيخ رحمه اللّه أفتى بالإتمام(3) و هو حقّ إن كان قد دخل في الثالثة، و إلاّ فلا.

و الأقرب أنّ الصوم كالصلاة، فلو رجع عن نيّة الإقامة بعد الشروع في الصوم أتمّ ، و في المهمل إشكال أقربه الاعتبار بخروج الوقت، و لو دخل في الصلاة بنيّة القصر، ثمّ عزم على الإقامة أكملها تماما.

1142. الرابع عشر: مع كمال الشروط يجب التقصير،

و لا يجوز الإتمام إلاّ في أحد المواطن الأربعة، و قد سبق، فلو صلّى تماما عامدا، أعاد في الوقت و خارجه. و إن كان جاهلا لم يعد و إن كان الوقت باقيا، و لو كان ناسيا أعاد في الوقت لا خارجه.

1143. الخامس عشر: لو قصّر المسافر اتّفاقا، لم يصحّ و أعاد قصرا.
1144. السادس عشر: لو شك هل المطلوب مسافة ؟ أتمّ ،

و إن تبيّن له بعدها

ص: 338


1- . حكاه المحقّق عن السيد المرتضى في المعتبر: 472/2، و كذا المصنّف في التذكرة: 379/4.
2- . لاحظ الوسائل: 507/5، الباب 7 من أبواب صلاة المسافر.
3- . المبسوط: 139/1.

انّه مسافة لم يعد.

1145. السابع عشر: لو قصد المسافة فمنع،

فإن كان بحيث يخفى الأذان قصّر ما لم يرجع عن نيّة السفر، و لو خرج في البحر، فردّته الريح قصّر ما لم يبلغ سماع الأذان.

1146. الثامن عشر: لو نوى إقامة عشرة في غير بلده، ثمّ خرج إلى ما دون المسافة،

فإن عزم على العود و الإقامة، أتمّ في ذهابه و عوده، و في البلد، و لو عزم على العود دون الإقامة قصّر.

1147. التاسع عشر: لا يشترط نيّة القصر في وجوبه،

و لو كان في أحد المواطن الأربعة.

1148. العشرون: لو قصّر المسافر معتقدا تحريم القصر،

لم تصحّ صلاته، لفقد نيّة التقرب بالصلاة، لاعتقاده أنّه عاص.

1149. الحادي و العشرون: لا قصر في الصلاة إلاّ في الرباعيّات بلا خلاف،

فلو قصّر في الغداة، أو المغرب، أو الجمعة، أو العيدين، جاهلا أو عامدا أو ناسيا، بطلت صلاته.

1150. الثاني و العشرون: من نسى صلاة قصر أو تمام، صلاّها كما فاتته،

سواء قضى في السفر أو الحضر.

1151. الثالث و العشرون: لو سافر بعد دخول الوقت قبل أن يصلّي، فالأقوى الإتمام،

و لو دخل بلده بعد دخول الوقت، فالأقوى الإتمام أيضا.

1152. الرابع و العشرون: قد بيّنا أنّ الأوقات في الظهرين و المغربين مشتركة،

ص: 339

فلا معنى للجمع عندنا، فيجوز أن يصلّي العصر عقيب الظهر، و كذا العشاء عقيب المغرب، و لا بدّ من التسليم بينهما و انفصال إحداهما عن الأخرى، و لا يشترط في ذلك السفر و لا المطر.

1153. الخامس و العشرون: المسافر إذا ائتمّ بمقيم اقتصر على فرضه، و لا يتابعه في الإتمام،

و كذا لو صلى المقيم خلف المسافر لم يتبعه في التقصير.

و يستحبّ للإمام بعد تسليمه أن يقول لمن خلفه: أتمّوا فأنا مسافر، لئلاّ يشتبه على الجاهل.

و لو تمّم الإمام المسافر بالمأمومين المقيمين، فإن فعل ذلك عمدا، بطلت صلاته، و كذا إن كان ناسيا مع بقاء الوقت، أمّا المأمومون، فإن علموا بطلان صلاته، بطلت صلاتهم، و إلاّ فلا.

و لو أمّ المسافر مثله فتمّم ناسيا(1) فإن نسى المأموم أيضا، أعاد في الوقت خاصّة، و لو كانا جاهلين، صحّت صلاتهما، و لو كان أحدهما جاهلا، صحّت صلاته، أمّا الآخر فعلى التفصيل.

و يكره للمسافر أن يؤمّ الحاضر و بالعكس.

1154. السادس و العشرون: إذا سافر بعد زوال الشمس قبل أن يصلّي النوافل،

استحبّ له قضاؤها.

1155. السابع و العشرون: يستحبّ للمسافر أن يقول عقيب كلّ صلاة: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر، ثلاثين مرّة،

ليجبر نقصان صلاته.

ص: 340


1- . في «ب»: فأتمّ ناسيا.

و هل الاستحباب مختصّ عقيب كلّ صلاة، أو الّتي يقصّر فيها؟ نظر.

1156. الثامن و العشرون: يجوز للمسافر أن يصلّي النافلة على الراحلة،

و يتوجّه حيث توجّهت اختيارا، و في الفريضة اضطرارا.

ص: 341

ص: 342

كتاب الزكاة

اشارة

ص: 343

ص: 344

و فيه مقدّمة و مقاصد

أمّا المقدّمة

اشارة

ففيها ستة مباحث:

1157. الأوّل: الزكاة لغة: النموّ و الطهارة،

و شرعا القدر المخرج من النصاب.

1158. الثاني: الزكاة أحد أركان الإسلام.

و هي واجبة بالنص و الإجماع. و فيها فضل كثير.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمن، فإن صدقته تظلّه»(1).

و قال الباقر عليه السّلام:

«بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في المسجد، إذ قال: قم يا فلان قم يا فلان حتّى أخرج خمسة نفر. فقال: اخرجوا من مسجدنا، لا تصلّوا فيه و انتم لا تزكّون»(2).

ص: 345


1- . الوسائل: 256/6، الباب 1 من أبواب الصدقة، الحديث 7.
2- . الوسائل: 12/6، الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة، الحديث 7 و قد تكرّر النداء في المصدر أربع مرّات.

و قال الباقر عليه السّلام: «البرّ و الصدقة ينفيان الفقر، و يزيدان في العمر، و يدفعان عن سبعين ميتة سوء»(1).

و قال الصادق عليه السّلام: «إنّ اللّه فرض الزكاة كما فرض الصيام»(2).

و قال الكاظم عليه السّلام: «حصّنوا أموالكم بالزكاة»(3).

1159. الثالث: من أنكر وجوب الزكاة،

و هو ممّن يجهل ذلك إمّا لقرب عهده بالإسلام، أو لبعده عن أهل الأمصار لا يحكم بكفره(4)، و إلاّ فهو مرتدّ.

1160. الرابع: من منع الزكاة معتقدا لوجوبها أخذت منه من غير زيادة،

فإن مانع قوتل حتّى يدفعها، و لا يحكم بكفره و لا بسبي ذراريه.

1161. الخامس: ليس في المال حقّ واجب سوى الزكاة و الخمس،

و في وجوب إخراج الضغث و الكف عند الحصاد و الجذاذ قولان(5).

1162. السادس: الزكاة قسمان: زكاة المال، و زكاة الفطر.

و كلّ واحد منهما ضربان: واجب، و مستحبّ . و نحن نسوق الكلام في ذلك كلّه، ثم نتبعه بالخمس في مقاصد ثلاثة.

ص: 346


1- . الوسائل: 277/6، الباب 13 من أبواب الصدقة، الحديث 9.
2- . كذا في النسختين و لكن الوارد في المصادر «الصلاة» لاحظ الوسائل: 3/6، الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة، الحديث 3.
3- . الوسائل: 6/6، الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة، الحديث 11.
4- . في «أ»: لم يحكم بكفره.
5- . القائل بالوجوب الشيخ في الخلاف: 5/2، المسألة 1 من كتاب الزكاة.

المقصد الأوّل: فيمن تجب عليه [الزكاة

اشارة

و فيه ثلاثة و عشرون بحثا:

1163. الأوّل: شرائط الوجوب: البلوغ، و العقل، و الحريّة،

و الملك التام، و إمكان التصرف. فلا تجب الزكاة في مال الطفل، سواء العين و الغلاّت و المواشي. في ذلك، و انّما تجب على البالغ على مذهب أكثر علمائنا، و الشيخان(1) رحمهما اللّه أوجبا الزكاة في غلاّته و مواشيه، و الأقرب الاستحباب.

و لو اتّجر له وليّه في ماله إرفاقا، استحبّ له أن يخرج عنه زكاة التجارة، و لو ضمن المال و كان مليّا و اتّجر لنفسه كان الربح له و الزكاة عليه استحبابا، و لو انتفى أحد وصفي الملاءة و الولاية ضمن المال و الربح لليتيم، و لا زكاة هنا على واحد منهما.

1164. الثاني: العقل شرط في وجوب الزكاة،

فلا تجب في مال المجنون مطلقا، و أوجب الشيخان(2) الزكاة في غلاّته و مواشيه، و الأقرب الاستحباب، و البحث في التجارة بماله كالبحث في الطفل سواء.

و التكليف بالوجوب على رأي الشيخين، و بالاستحباب على رأينا في

ص: 347


1- . المقنعة: 238، و المبسوط: 232/1، و النهاية: 174.
2- . المقنعة: 238، و المبسوط: 232/1، و النهاية: 174.

الطفل و المجنون متعلّق بالوليّ دونهما.

1165. الثالث: الحريّة شرط في الوجوب،

فلا تجب الزكاة على المملوك، سواء قلنا إنّه يملك ما يملكه مولاه أولا، و إنما تجب على السيّد.

و لو كان بعضه حرّا، و ملك من كسبه أو غيره بقدر حريّته ما يبلغ نصابا، وجبت الزكاة و إلاّ فلا.

و المكاتب المشروط و الّذي لم يؤدّ من كتابته شيئا، و المدبّر و أمّ الولد، كالقنّ ، و لو عجز المشروط عليه، فردّ في الرقّ استقرّ ملك السيّد لما في يده، و استأنف الحول و ضمّه إلى ماله.

1166. الرابع: الإسلام ليس شرطا فلا يسقط الوجوب عن الكافر،

نعم لا يصحّ منه أداؤها، و لو أسلم سقطت، و أستأنف الحول عند الإسلام.

1167. الخامس: إنّما تجب الزكاة على من ملك أحد النصب الزكويّة، على ما يأتي بيانها،

فلا تجب على الفقير، و هو من قصر ماله من أحد النصب، و تجب الزكاة على المديون إذا ملك نصابا، و إن قصر عن الدين.

1168. السادس: من شرط الوجوب كون الملك تامّا،

فلو وهب نصابا، لم يجز في الحول إلاّ بعد القبض، و كذا لو اقترض اعتبر الحول بعد القبض، و لو أوصي له اعتبر الحول بعد القبول و الوفاة.

و لو راجع الواهب في هبته في موضع يسوغ له الرجوع فيه، فإن كان قبل الحول، سقطت، و لو كان بعده لم تسقط، و الأقرب أنّ الموهوب لا يضمنه، و لو فسخ البائع بخياره، فالبحث فيه كالهبة، إلاّ أنّ المشتري يضمن هنا.

ص: 348

1169. السابع: الغانم يملك بالحيازة،

فإذا بلغ حصّته نصابا، و حال عليه الحول، وجبت الزكاة، و الأقرب ابتداء الحول من القسمة، سواء كانت الغنيمة من جنس واحد أو أجناس مختلفة، و لو قيل: بوجوبها في الجنس الواحد دون المتعدّد كان وجها.

و لو عزل الإمام حصّة الغانم و كان حاضرا، وجبت الزكاة مع الحول، و إن كان غائبا اعتبر الحول عند وصوله إليه، أو إلى وكيله.

و خمس الغنيمة نصفه للإمام، إن بلغ نصابا وجبت الزكاة، و إلاّ فلا، و نصفه لباقي الأصناف لا زكاة فيه، لعدم تعيّن أربابه، و الأنفال للإمام خاصّة، إن بلغت نصابا، وجبت الزكاة، و إلاّ فلا.

1170. الثامن: الوقف لا زكاة فيه،

و لو ولدت الغنم الموقوفة، و بلغت الأولاد نصابا، وجبت الزكاة فيها خاصة.

قال الشيخ: و لو شرط الواقف كون الغنم و ما يتوالد منها وقفا فلا زكاة(1).

1171. التاسع: لو خلف المسافر نفقة لأهله قدر النصاب و حال الحول،

وجبت الزكاة إن كان حاضرا، و إلاّ فلا.

1172. العاشر: لو نذر الصدقة بالنصاب في الحول سقطت الزكاة،

و لو نذرها بعد الحول أخرج الزكاة، و تصدّق بالباقي، و كذا يخرج الزكاة لو نذر الصّدقة بقدر النصاب من غير تعيين.

1173. الحادي عشر: لو اشترى بخيار ملك بالعقد،

اختصّ الخيار بأحدهما أو

ص: 349


1- . المبسوط: 205/1.

اشترك، و وجبت الزكاة بعد الحول و إن كان الخيار باقيا، و قول الشيخ رحمه اللّه(1)هنا ضعيف.

و لو رد على البائع، استأنف الحول من حين الرد، و يتفرّع على قول الشيخ رحمه اللّه بوجوب الزكاة على البائع في الخيار المشترك أو المختصّ به، ثبوت الخيار للمشتري لو أخرج من العين.

1174. الثاني عشر: إمكان التصرف شرط في الوجوب،

فلا تجب في المال المغصوب و المسروق و المجحود و الضالّ و الموروث عن غائب حتّى يصل إليه، أو إلى وكيله، و الساقط في البحر، و الغائب مع عدم تمكّنه أو وكيله منه.

1175. الثالث عشر: لو عاد المغصوب أو الضالّ أو الغائب، استحبّ له أن يزكّيه لسنة واحدة،

و لو ضلّت شاة من الأربعين في أثناء الحول، انقطع الحول، فإن عادت استأنف(2). و لو أسره المشركون، و له مال في بلد الإسلام لا يتمكّن منه، سقط الوجوب.

1176. الرابع عشر: المرتدّ إن كان عن فطرة،

فإن كان بعد الحول أخذت الزكاة من المال، و إن كان قبله استأنف ورثته الحول.

و إن كان عن غير فطرة، و لم يخرج ملكه عنه بالقتل، و لا الفرار إلى دار الحرب، وجبت الزكاة إن تمّ الحول، و إلاّ أتممناه.

ص: 350


1- . المبسوط: 227/1.
2- . في «ب»: استأنفه.

و لو خرج عن ملكه بالقتل أو الفرار استأنف ورثته الحول، و لو أخذ الإمام أو نائبه الزكاة من المرتدّ، ثمّ أسلم، أجزأت عنه، و لو أخذها غيرهما لم يجز عنه، و كذا لو أدّاها بنفسه.

و لو أخفى بعض ماله، لئلاّ يؤخذ منه زكاة، عزّر، إلاّ أن يدّعي الشبهة المحتملة، و يؤخذ منه الزكاة من غير زيادة.

و لو أخذ الظالم الزكاة لم يجز عن المالك، و بالإجزاء روايات(1).

1177. الخامس عشر: الدين لا زكاة فيه،

و أوجب الشيخان(2) رحمهما اللّه الزكاة فيه، إن كان تأخّره من جهة مالكه، بأن يكون حالاّ على مليّ باذل، و لو كان من جهة من عليه الدين، سقطت الزكاة. و الاعتماد على الأوّل، نعم يستحبّ له أن يزكّيه لسنة مع عوده إليه.

1178. السادس عشر: اللقطة إن كانت نصابا في غير الحرم،

ملكها إن شاء بعد التعريف حولا، و لا زكاة إلاّ بعد استئناف حول آخر من حين التملك.

1179. السابع عشر: المرأة تملك الصداق بالعقد،

فلو حال الحول بعد قبضه، وجبت الزكاة، و إن لم يدخل، فلو طلّقها قبل الدخول انقطع الحول في النصف، و تمّمت في المتخلّف إن بلغ نصابا، و لو لم تقبضه فلا زكاة كالدّين.

و لو فسخ العقد لعيب، فسقط المهر، فلا زكاة مع عدم القبض، و لو قبضته، فالأقرب الوجوب بعد الحول، و تضمن المأخوذ في الزكاة.

ص: 351


1- . لاحظ الوسائل: 173/6، الباب 20 من أبواب المستحقين للزكاة.
2- . المقنعة: 239، و المبسوط: 211/1.

و لو قبضته حولا ثم طلّقها قبل الدخول، فإن كانت قد أخرجت الزكاة رجع عليها بالنصف كملا، و إن لم تكن أخرجت، فالنصف كملا للزوج، و عليها حقّ الفقراء.

و لو أراد قسمة المال قبل الإخراج جاز، فلو قسماه أخذ الساعي من نصفها، و لو لم يجد لها شيئا أخذ ممّا في يد الزوج، و الأقرب صحة القسمة و رجوع الزوج عليها بقيمة المأخوذ.

و لو أصدقها حيوانا في الذمة، سقط وجوب الزكاة و استحبابها، و لو طلّقها قبل الدخول و قبل الإخراج، لم يخرج من العين إلاّ بعد القسمة، و لو أصدقها نصابا، و طلّقها قبل الدخول و قبل تمكّنها من الإخراج، فالوجه سقوط نصف الفريضة.

1180. الثامن عشر: القرض يجب فيه الزكاة على المقترض إن تركه حولا،

و لو أداره في التجارة استحبت الزكاة فيه، و لو استعاده القارض لم يجب الزكاة حتّى يحول عنده الحول كملا.

و لو اشترط المقترض الزكاة على القارض لم يسقط الزكاة عنه، و للشيخ رحمه اللّه(1) هنا قول غير معتمد.

أمّا لو أدّى القارض الزكاة عن المقترض، فإنّ ذمّته تبرأ بذلك.

1181. التاسع عشر: إمكان الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب،

فلو تلف بعد الحول من النصاب شيء قبل التمكّن من الإخراج، سقط من الفريضة

ص: 352


1- . المبسوط: 213/1.

بحسابه، و لو تمكّن و لم يخرج وجبت عليه الفريضة كملا.

1182. العشرون: لو تمكّن من الدفع إلى الإمام أو النائب و لم يدفع ضمن،

سواء طالبه الإمام أو النائب أو لا، و إن دفعها إلى الساعي فتلفت في يده فلا ضمان، و لو مات المالك بعد إمكانه الأداء(1) لم تسقط الزكاة، و كذا لو مات قبل التمكّن و بعد الحول.

1183. الحادي و العشرون: لو كان له نصاب فاقترض آخر، و رهن الأوّل،

1183. الحادي و العشرون: لو كان له نصاب فاقترض آخر، و رهن(2) الأوّل،

وجبت عليه الزكاة في القرض، و لا زكاة في الرهن، لعدم تمكّنه.

و للشيخ رحمه اللّه قول يعطي وجوب الزكاة في الرهن أيضا على الراهن.

و يكلّف الإخراج من غير الرهن مع يساره، و منه لا معه(3).

1184. الثاني و العشرون: لو كان معه أربعون شاة فاستأجر راعيا بشاة منها،

سقطت الزكاة، و لو استأجر بشاة في الذمة وجبت الزكاة، و لو استأجر بنصاب معيّن وجبت الزكاة على الأجير، و لو استأجر في الذمة انتفى على القولين.

1185. الثالث و العشرون: و في وجوب الزكاة في مال التجارة قولان.

أقربهما الاستحباب(4).

ص: 353


1- . في «ب»: بعد إمكان الأداء.
2- . في «أ»: و أرهن.
3- . المبسوط: 208/1.
4- . لاحظ المختلف: 191/3.

ص: 354

المقصد الثاني: فيما يجب فيه و ما يستحبّ

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل انّما تجب الزكاة في تسعة أشياء:

الإبل، و البقر، و الغنم، و الذهب، و الفضّة، و الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب.

و لا تجب فيما عدا ذلك، سواء كان ممّا يكال أو يوزن، أو لا، و سواء كان ممّا يصحّ بقاؤه، أو لا، و سواء كان ممّا ينبته الآدميّون، أو لا، و سواء كان ممّا يقتات به، أو لا، و سواء قصد بزراعته نماء الأرض، أو لا، و سواء كان(1) عسلا في الأرض الخراجية أو لا.

و العلس(2) عند الشيخ رحمه اللّه نوع من الحنطة(3) و السّلت عنده نوع من الشعير(4)و الأقرب عندي عدم الوجوب فيهما.

ص: 355


1- . ضمير الفعل يرجع إلى «ما عدا التسعة». قال المصنّف في التذكرة: 177/5: و قال أبو حنيفة: إن كان (العسل) في غير أرض الخراج وجب فيه العشر، لأنّ العشر و الخراج لا يجتمعان...
2- . هذا كلام مستقل لا صلة له بما سبق كما يظهر من التذكرة: 177/5-178.
3- . المبسوط: 217/1.
4- . الخلاف: 65/2، المسألة 77 من كتاب الزكاة.
الفصل الثاني: في زكاة الإبل
اشارة

و فيه اثنان و عشرون بحثا:

1186. الأوّل: شروط زكاة الإبل:
اشارة

الملك، و النصاب، و السوم، و الحول، و إمكان التصرّف، و كمال العقل، و قد تقدّما.

و نصب الإبل اثنا عشر:
1187. أوّلها: خمس،

فلا يجب فيما دونها شيء إجماعا، فإذا بلغت خمسا، ففيها شاة.

1188. الثاني: عشر،

و فيه شاتان.

1189. الثالث: خمس عشرة،

و فيه ثلاث شياه.

1190. الرابع: عشرون،

و فيه أربع شياه.

1191. الخامس: خمس و عشرون،

و فيه خمس شياه عند أكثر علمائنا، و قال ابن أبي عقيل: يجب فيها بنت مخاض(1).

و ليس بمعتمد.

1192. السادس: ستّ و عشرون،

و فيه بنت مخاض.

1193. السابع: ستّ و ثلاثون،

و فيه بنت لبون.

1194. الثامن: ستّ و أربعون،

و فيه حقّة.

ص: 356


1- . حكى عنه المصنّف في المختلف أيضا: 168/3.
1195. التاسع: إحدى و ستّون،

و فيه جذعة.

1196. العاشر: ستّ و سبعون،

و فيه بنتا لبون.

1197. الحادي عشر: إحدى و تسعون،

و فيه حقّتان.

1198. الثاني عشر: مائة و إحدى و عشرون،

فيؤخذ من كلّ أربعين بنت لبون، و من كلّ خمسين حقّة، و هكذا بالغا ما بلغت، فيكون في مائة و إحدى و عشرين ثلاث بنات لبون، و في مائة و ثلاثين حقّة و بنتا لبون، و في مائة و أربعين حقّتان و بنت لبون، و في مائة و خمسين ثلاث حقاق، و على هذا الحساب.

1199. الثاني: لو كانت الزيادة على مائة و عشرين بجزء من بعير

وجبت الفريضة عن إحدى و تسعين.

و لو اجتمع في مال ما يمكن إخراج الفريضتين منه كالمائتين، تخيّر المالك، و الأفضل، أن يدفع أرفع الأسنان و هي الحقاق.

و لو كان عنده أحد الصنفين، أخرجه المالك، أو اشترى الصنف الآخر و أخرجه، و لو لم يكونا عنده تخيّر في شراء أيّهما شاء، و الأولى الحقاق، و إن شاء أخرج أربع جذعات، و استرجع ثماني شياه أو ثمانين درهما، أو أخرج خمس بنات مخاض، و معها عشر شياه أو مائة درهم.

و لا خيار للساعي في الصعود و النزول، و ليس لوليّ الطفل و المجنون إخراج أعلى الفريضتين، إن قلنا بالوجوب.

و لو كان عنده أربعمائة، جاز أن يخرج متماثلا و متفرّقا. و لو كان عنده خمس بنات لبون و ثلاث حقاق، أخرج الخمس عن المائتين، و ليس له

ص: 357

إخراج الحقاق و بنت اللبون مع الجبران الشرعي، و لا إخراج أربع بنات لبون و حقة، و يطالب بالجبران.

أمّا لو كانا ناقصين كأربع بنات لبون و ثلاث حقاق، تخيّر مع الجبران، فيدفع بنات اللبون و حقة، و يطالب بالجبران، أو ثلاث حقاق و بنت لبون و الجبران، و ليس له دفع حقّة و ثلاث بنات لبون مع الجبران لكلّ واحدة إلاّ بالقيمة.

1200. الثالث: لا زكاة فيما دون الخمس،

و لا فيما بين النصب من الأشناق(1) لا منضمّة و لا منفردة، و لا يجب الأزيد من السنّ الواجب باعتباره.

و لو تلف أربع من تسع وجبت الشاة كملا، سواء تلفت قبل الحول أو بعده، و قبل إمكان الأداء أو بعده، و لو تلف خمس قبل الحول، فلا زكاة، و بعده يسقط خمس الشاة، إن كان قبل إمكان الأداء.

و لو هلك ستّ من ستّ و عشرين بعد الحول قبل إمكان الأداء، سقط من بنت المخاض بنسبة التالف، و كذا لو هلك خمس من ستّ و عشرين، قال الشيخ رحمه اللّه: هنا يكون قد هلك خمس المال إلاّ خمس الخمس، فيكون عليه أربعة أخماس بنت مخاض، و أربعة أخماس خمسها، و على المساكين خمس بنت مخاض إلاّ أربعة أخماس خمسها(2).

ص: 358


1- . في مجمع البحرين: الشنق بالتحريك في الصدقة: ما بين الفريضتين، و هو ممّا لا تتعلّق به زكاة، كالزائد من الإبل على الخمس إلى التسع و ما زاد منها على العشر، إلى أربع عشرة. و الجمع أشناق، مثل سبب و أسباب.
2- . المبسوط: 194/1.
1201. الرابع: الشاة المأخوذة ينبغي أن تكون الجذعة من الضأن أو الثنيّة من المعز،

و كذا شاة الجبران. و يجزئ الذكر و الأنثى، سواء كانت الإبل ذكورا أو إناثا، و يجزئ من غنمه أو غير غنمه.

قال الشيخ رحمه اللّه: و يؤخذ من نوع البلد لا من نوع بلد آخر، لأنّ المكيّة و العربيّة(1) و النبطيّة مختلفة(2)، و الأقرب عندي الإخراج من أيّ نوع شاء، لأنّ التناسب بين الشاتين أقرب من التناسب بين الضأن و المعز، و يجزئ هاهنا أحدهما عن الآخر إجماعا.

1202. الخامس: يجوز أن يخرج عن الإبل الكرام الشاة الكريمة و اللئيمة و السمينة و المهزولة،

و لا يؤخذ المريضة من الإبل الصحاح، و لو كانت مراضا و صحاحا، و ماكس(3) قومت الخمس(4) مريضة و صحيحة، و أخذ الشاة ناقصة عن بدل الصحاح بنسبة النقصان.

1203. السادس: لو أخرج بعيرا عن الشاة لم يجزئه إلاّ إذا كانت قيمته تساوي قيمة الشاة أو تزيد،

و لو كانت قيمة الشاة تساوي قيمة بنت المخاض جاز إخراج الشاة عنها، و لو لم يجد شاة، اشترى شاة أو دفع قيمتها السوقية، و لا يجزيه عشرة دراهم إذا كانت أدون.

1204. السابع: من وجب عليه سنّ و فقدها، و وجد الأعلى بدرجة،

دفعها و استردّ(5) شاتين، أو عشرين درهما، و لو وجد الأدون دفعها و دفع شاتين أو

ص: 359


1- . في «أ»: المعربية.
2- . المبسوط: 196/1.
3- . امتنع من عليه الزكاة عن أداء الشاة الصحيحة.
4- . المراد هو النصاب الأوّل للإبل و هو خمسة.
5- . في «أ»: استعاد.

عشرين درهما، فمن وجب عليه بنت مخاض، و عنده بنت لبون، أخرجها، و استعاد من المصدق ما قلناه، و لو انعكس الفرض كان الجبران عليه.

و لو وجب عليه بنت مخاض، و عنده ابن لبون ذكرا، أجزأه مع عدم بنت المخاض من غير جبران، و لو كانت عنده بنت مخاض معيبة أجزأه ابن اللبون لا المعيبة.

و لو كانت عنده بنت مخاض أعلى صفة من الواجب، و عنده ابن لبون، تعيّنت بنت المخاض، و لو عدمهما جاز أن يشتري أيّهما شاء، و لا يجبر علوّ السنّ في الذكر فائت الأنوثة في غير هذه الصورة، فلو وجب عليه بنت لبون لم يجزئه أن يخرج حقا.

و لو أخرج عن ابن اللبون حقا أو جذعا أجزأه، و لو أخرج عن بنت المخاض بنت لبون، أو عن بنت لبون حقّة أجزأه، و لا يجوز أن يؤخذ أنزل من بنت المخاض مع الجبران، بل بالقيمة السوقيّة، و كذا لا يؤخذ أعلى من الجذع إلاّ بالقيمة.

1205. الثامن: لو عدم السنّ و ما يليها صعودا و نزولا،

لم ينتقل إلى الثالثة بتضاعف الجبران، بل بالقيمة السوقية على أقوى القولين.

1206. التاسع: لو أراد الجبر بشاة و عشرة دراهم لم يجز،

بل بشاتين(1) أو عشرين درهما، إلاّ على سبيل التقويم السوقيّ ، و لو كانت إبله مراضا و الفريضة معدومة، و عنده أدون و أعلى، دفع الأدون و الجبران، و ليس له دفع الأعلى بأخذ الجبران، و لو انتفى الضرر عن الفقراء جاز.

ص: 360


1- . في «ب»: إلاّ بشاتين.
1207. العاشر: لا يثبت الجبران في غير الإبل.
1208. الحادي عشر: البخاتي من الإبل، و العراب، و النجيب، و الكريم، و اللئيم،

سواء يضمّ بعضه إلى بعض، و تجب الزكاة مع بلوغ المجموع النصاب، فإن تطوّع بالأجود، و إلاّ أخذ من أوسط المال، و لو قيل بجواز إخراج ما شاء إذا جمع الشرائط كان حسنا.

1209. الثاني عشر: لا تؤخذ المريضة من الصحاح، و لا الهرمة

و هي الكبيرة من غيرها، و لا ذات العوار من السليمة، و لا تؤخذ الرّبّى، و هي الّتي تربي ولدها إلى خمسة عشر يوما، و قيل: إلى خمسين، و لا الأكولة و هي السّمينة المتّخذة للأكل، و لا فحل الضراب لقوله عليه السّلام:

«إيّاك و كرائم أموالهم»(1). و لا الحامل، لأنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم «نهى أن يأخذ شافعا»(2). و لو تطوّع المالك بذلك جاز.

و لو كانت إبله مراضا لم يكلّف شراء صحيحة، و لو عدم الفريضة من المراض لم يجب شراء صحيحة، فإن اشترى مريضة أجزأه، و كذا يجزيه لو أخرج قيمة المريضة.

و لو كانت إبله صحاحا و مراضا كلّف فرضا صحيحا بقيمة صحيح

ص: 361


1- . صحيح البخاري: 147/2، كتاب الزكاة باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة؛ سنن الترمذي: 21/3 برقم 625؛ سنن أبي داود: 105/2 برقم 1584؛ سنن ابن ماجة: 568/1 برقم 1783؛ مسند أحمد بن حنبل: 233/1؛ و سنن البيهقي: 101/4.
2- . سنن أبي داود: 103/2 برقم 1581؛ سنن النسائي: 32/5؛ و سنن البيهقي: 100/4. قال المصنّف في التذكرة: 117/5: و نهى عليه السّلام أن يأخذ شافعا أي حاملا، سمّيت به، لأنّ ولدها قد شفعها.

و مريض، فلو كانت قيمة الصحيح عشرين و المريض عشرة، كلّف شراء صحيح بخمسة عشر.

و لو كانت كلّها صحاحا، و الفرض مريض، كلّف صحيحا بعد إسقاط التفاوت بين الصحيح و المريض من الفرض، و لو كانت أمراضها متباينة، أخذ من وسطها.

1210. الثالث عشر: المأخوذ في الزكاة يسمّى فريضة،

و ما يتعلّق به الزكاة نصابا، و ما نقص شنقا.

و أوّل فرائض الإبل المأخوذة بنت المخاض، و هي الّتي كملت سنة(1)و دخلت في الثانية، و الماخض الحامل(2) و المخاض اسم جنس لا واحد له من لفظه، و الواحدة خلفة.

ثمّ بنت اللبون و هي التي لها سنتان، و دخلت في الثالثة.

ثمّ الحقّة، و هي الّتي لها ثلاث سنين، و دخلت في الرابعة.

ثمّ الجذعة، بفتح الذال المعجمة، و هي الّتي دخلت في الخامسة، و هي أعلى الأسنان.

فإذا دخلت في السادسة فهي الثنيّة، فإن دخلت في السابعة، فهي الرباع و الرباعية، و إن دخلت في الثامنة فهو سديس و سدس، فإذا دخلت في التاسعة فهو بازل، أي طلع نابه، ثمّ بعد ذلك بازل عام، أو بازل عامين و هكذا.

ص: 362


1- . في «ب»: كملت لها سنة.
2- . قال المصنّف في التذكرة: 105/5 في وجه تسمية بنت المخاض: سمّيت بذلك لأنّ أمّها ماخض أي حامل.
1211. الرابع عشر: السوم شرط في الإبل و البقر و الغنم إجماعا،

فلا تجب الزكاة في المعلوفة، و لو علفها بعض الحول قال الشيخ رحمه اللّه: يعتبر الأغلب(1)و الأقرب عندي اعتبار الاسم، و كذا لو اعتلفت من نفسها، أو منعها مانع من السوم، فعلفها مالكها أو غيره بإذنه أو بغير إذنه.

1212. الخامس عشر: الحول شرط في الأنعام الثلاثة، و الذهب، و الفضة، بلا خلاف،

و يتحقق كمال الحول إذا أهلّ الثاني عشر و ان لم يكمل أيّام الحول.

و يعتبر النصاب و الملك من أوّل الحول إلى آخره، فلو نقلها عنه في أثناء الحول انقطع فان استردّها، استأنف الحول من حين الاسترداد، و كذا لو عاوضها بجنسها أو بغير جنسها.

و القول قول المالك في حولان الحول من غير يمين، و لو شهد عليه عدلان بحولان الحول قبل، و أخذ منه الحق، و لو مات المالك، انتقل النصاب إلى الوارث، و استأنف الحول حين الانتقال.

1213. السادس عشر: لو كان معه خمس من الإبل، فحال عليها حولان، وجبت شاة واحدة،

و لو كان قد أخرج عن الأوّل من غير العين، ثمّ حال الثاني وجب عليه شاة ثانية.

و لو كان معه أزيد من نصاب، و حال عليه أحوال، وجبت الزكاة متعدّدة عن كلّ سنة بعد إسقاط ما يجب في السنة المتقدمة عن نصاب المتأخرة إلى أن ينقص عن النصاب.

ص: 363


1- . المبسوط: 198/1.

فلو حال على ستّ و عشرين حولان، وجبت بنت مخاض و خمس شياه، و لو حال ثلاثة، وجبت بنت مخاض و تسع شياه.

1214. السابع عشر: لا تعدّ السخال مع الأمّهات، و لا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول،

و ليس حول أمّهاتها حولها، سواء كانت متولّدة منها أو من غيرها، و سواء كانت أمّهاتها تتمّة النصاب أو نصابا، و سواء وجدت معها في بعض الحول أو لا.

و الوجه عندي انّ السخال لا يجب فيها النصاب حتى تستغني عن أمّهاتها بالرّعي ثمّ تبقى حولا بعده.

1215. الثامن عشر: لو كان معه دون النصاب، فنتجت في أثناء الحول حتى كمل النصاب،

استأنف الحول عند كمال النصاب مع حصول السوم في السخال.

1216. التاسع عشر: لو ملك نصابا من الصغار انعقد عليه الحول من حين السوم،

و إن لم يكن معها كبار، ثمّ يؤخذ منها(1) و لا يجب كبيرة عنها(2).

1217. العشرون: من شرائط الأنعام أن لا تكون عوامل،

فانّه لا زكاة في العوامل، و إن كانت سائمة.

1218. الحادي و العشرون: لو تلف من النصاب شيء ضمن المالك الفريضة كملا إن كان بتفريط،

و إلاّ سقط من الفريضة بنسبة التالف من النصاب.

ص: 364


1- . في «أ»: «لم يؤخذ منها» بدل «ثم يؤخذ منها».
2- . قال المصنف في المنتهى: إذا قلنا إنّ الزكاة تجب في السخال المفردة مع الحول أخذ منها، و به قال الشافعي، و قال مالك: لا يجزيه إلاّ الكبيرة... منتهى المطلب: 491/1 (ط القديم).
1219. الثاني و العشرون: ينقطع الحول بارتداد المالك إن كان عن فطرة،

و يستأنف ورثته الحول من حين الارتداد و التمكّن، و لو كان عن غير فطرة لم ينقطع، و وجبت الزكاة عند تمام الحول ما دام باقيا.

الفصل الثالث: في زكاة البقر
اشارة

و فيه تسعة مباحث.

1220. الأوّل: الزكاة تجب في البقر بشروط الإبل،

و قد تقدّمت، إلاّ أنّ النصاب هنا مخالف للنصاب ثمّ .

فللبقر نصابان: أحدهما ثلاثون، و فيه تبيع أو تبيعة، و الثاني أربعون، و فيه مسنّة، و هكذا دائما في كلّ ثلاثين تبيع أو تبيعة، و في كل أربعين مسنّة، و ليس فيما نقص على الثلاثين شيء، و لا فيما بين الثلاثين و الأربعين.

1221. الثاني: لا شيء في الزائد على الأربعين حتّى يبلغ ستّين،

و فيها تبيعان أو تبيعتان.

1222. الثالث: التبيع و التبيعة هو الذي له سنة،

و دخل في الثانية. و يسمّى جذعا، و جذعة للأنثى.

و المسنّة هي الّتي دخلت في الثالثة، و هي الثنية، و لا يؤخذ غيرهما في البقر.

ص: 365

و إذا دخل في الرابعة فهو رباع أو رباعيّة، و هو في الخامسة سديس و سدس، و في السادسة صالغ(1) ثمّ لا اسم له بعده، بل يقال: صالغ عام، و صالغ عامين، و هكذا.

1223. الرابع: ما يؤخذ منه الزكاة يسمّى نصابا، و المأخوذ فريضة.

و ما لا يؤخذ منه يسمّى و قصا.

1224. الخامس: لو اتّفق في النصاب الفرضان كمائة و عشرين،

تخيّر المالك، كما قلنا في الإبل، و لو وجب عليه تبيع أو تبيعة، فأخرج مسنّة أجزأه إجماعا، و لو وجب عليه مسنّة ففي إجزاء التبيعين أو التبيعتين، نظر، أقربه الإجزاء مع عدم النقصان قيمة.

1225. السادس: الفريضة المأخوذة في الإبل و البقر، الإناث خاصّة،

سوى ابن اللبون، و هو بدل عن ابن المخاض في الإبل، و التبيع في البقر خاصّة، و لو أعطى مسنّا بدل مسنّة لم يجزئه إجماعا.

و لو كانت إبله ذكورا كلّها ففي تكليفه الأنثى نظر، أقربه جواز الذكر كالمعيب.

1226. السابع: لو فقد السنّ الواجبة في البقر انتقل إلى غيرها بالقيمة السوقيّة أو دفع القيمة.
1227. الثامن: البقر العراب و الجواميس جنس واحد،

يضمّ أحدهما إلى الآخر، و يؤخذ من كلّ نوع بحصته، فإن ماكس أخذ منه الفريضة بالنسبة

ص: 366


1- . في لسان العرب: البقرة تصلغ صلوغا و هي صالغ: تمّت أسنانها، و هي تصلغ بالخامس و السادس.

إلى الجيّد و الرديء.

فلو كانت الجواميس عشرة، و العراب عشرين، نظر في الفريضة منهما، فإذا كانت من الجواميس بستّة و من العراب بثلاثة، كلّف جاموسة بأربعة أو بقرة بها، و كذا لو اختلف البقر في الجودة و الرداءة، و الخيار إلى المالك لا الساعي.

1228. التاسع: لا زكاة في بقر الوحش إجماعا،

و المتولّد من الوحشي و الأنسي، يعتبر فيه الاسم.

الفصل الرابع: في زكاة الغنم
اشارة

و فيه ستة مباحث:

1229. الأوّل: شروط زكاة الغنم شروط زكاة الإبل و البقر،
اشارة

من الملك، و النصاب، و السوم، و الحول، و التكليف، و إمكان التصرف، إلاّ أنّ النصاب هنا غير النصاب هناك.

و اعلم انّ للغنم أربعة نصب:
1230. أوّلها: أربعون،

و فيه شاة.

1231. الثاني: مائة و إحدى و عشرون،

و فيه شاتان.

1232. الثالث: مائتان و واحدة،

و فيه ثلاث شياه.

ص: 367

1233. الرابع: ثلاثمائة و واحدة،

ففي كل مائة شاة، و هكذا بالغا ما بلغ، ففي أربعمائة أربع، و في خمسمائة خمس، و هكذا.

و عند الشيخ رحمه اللّه، انّ في ثلاثمائة و واحدة أربع شياه، و في أربعمائة و واحدة يؤخذ من كل مائة شاة(1). و الأوّل أقرب.

1234. الثاني: ما يتعلّق به الزكاة يسمّى نصابا، و ما لا يتعلّق به هنا يسمّى عفوا،

و لا زكاة فيما نقص عن الأربعين، و لا فيما بين النصب.

1235. الثالث: الضأن و المعز سواء،

يضمّ بعضها إلى بعض، فيؤخذ من كلّ شيء بقسطه، فإن ماكس أخذ بالنسبة، فإذا كان الضأن عشرين، و المعز عشرين، و قيمة ثنيّة المعز عشرون، و جذع الضأن ثمانية عشر أخذ ثنيّة، قيمتها تسعة عشر، أو جذعا قيمته ذلك، و لو قيل: يجزئ إخراج ما يسمّى شاة كان وجها.

1236. الرابع: لا زكاة في الظباء، و المتولّد من الوحشي و الأنسي يعتبر فيه الاسم.
1237. الخامس: لو ملك أربعين، فحال عليها ستّة أشهر، ثم ملك أربعين أخرى،

وجب عليه شاة عند تمام حول الأوّل. و إذا تمّ حول الثانية لم يجب فيها شيء.

أمّا لو ملك بعد نصف الحول تمام النصاب الثاني و زيادة واحدة فما زاد، وجب عليه عند تمام حول الأوّل شاة.

و هل يحصل ابتداء انضمام النصاب الأوّل إلى النصاب الثاني عند ملك

ص: 368


1- . المبسوط: 199/1.

الثاني أو عند تمام حول الأوّل ؟ الأقرب الأوّل، و فيه إشكال.

و لو قيل بسقوط اعتبار نصاب الأوّل عند ابتداء ملك تمام النصاب الثاني، و صيرورة الجميع نصابا واحدا، كان وجها.

1238. السادس: أوّل ما تلد الشاة يقال لولدها سخلة،

للذكر و الأنثى في الضأن و المعز، ثم يقال بهمة كذلك، فإذا بلغت أربعة أشهر، فهي في المعز جفر و جفرة و الجمع جفار، فإذا جاوزت أربعة أشهر فهي عتود(1) و الجمع عتدان، و عريض و جمعها عراض، و من حين يولد إلى هذه الغاية يقال لها عناق للأنثى، و جدي للذكر، فإذا استكملت سنة فالأنثى عنز و الذكر تيس، فإذا دخلت في الثانية فهي جذعة، و الذكر جذع، فإذا دخلت في الثالثة فهي الثنيّة و الثني، و في الرابعة رباع و رباعية، و في الخامسة سديس و سدس، و في السادسة صالغ، ثمّ يقال صالغ عام و صالغ عامين.

اما الضأن فالسخلة و البهمة، كما في المعز، ثمّ هو حمل للذكر و الأنثى دخل إلى سبعة أشهر، ثمّ و هو جذع إلى سنة، و في الثانية ثنيّ أو ثنيّة، ثم يلتحق بالمعز في الاسم، و أقيم الجذع من الضأن مقام الثنيّ من المعز، لأنّ جذع الضأن ينزو لسبعة أشهر، و المعز إنّما ينزو في السّنة الثانية.

ص: 369


1- . العتود من أولاد المعز، ما رعى و قوي و أتى عليه حول. لسان العرب.
الفصل الخامس: في زكاة الذهب و الفضّة
اشارة

و فيه أربعة عشر بحثا:

1239. الأوّل: شروط الزكاة فيهما:

الملك، و النصاب، و الحول، و كونهما مضروبين منقوشين بسكّة المعاملة، أو ما كان يتعامل بها دراهم أو دنانير، و إمكان التصرّف و التكليف. و لا زكاة في السبائك و النقار و الحليّ .

1240. الثاني: لكلّ من الذهب و الفضة نصابان:
1241. فالأوّل: في الذهب عشرون دينارا،

و فيه نصف دينار، و لا زكاة فيما دون ذلك، و لو كان بشيء يسير، و ابن بابويه جعل النصاب الأوّل أربعين(1)، و ليس بمعتمد.

1242. الثاني: أربعة دنانير،

و فيها قيراطان، و هكذا دائما في كلّ أربعة قيراطان، و ليس فيما دون أربعة شيء أصلا.

1243. و الأوّل: في الفضة مائتا درهم،

و فيها خمسة دراهم.

1244. و الثاني: أربعون درهما، و فيها درهم،

و هكذا دائما في كلّ أربعين درهما، درهم، و لا زكاة فيما نقص عن المائتين، و إن كان بشيء يسير جدّا، و لا ما نقص عن الأربعين.

ص: 370


1- . المراد والد الصدوق، قال الحلّي في السرائر: 447/1: و قال بعض أصحابنا، و هو ابن بابويه، في رسالته: إنّه لا يجب في الذهب الزكاة حتّى يبلغ أربعين مثقالا.
1245. الثالث: كلّ واحد من الجوهرين يعتبر نصابه بنفسه لا بقيمته من الآخر،

و لو اختلف الموازين، فنقص في بعضها دون الآخر بما جرت العادة به، وجبت الزكاة، و لو نقص في الموازين أجمع، سقطت.

1246. الرابع: الدراهم في صدر الإسلام كانت صنفين:

بغلية، و هي السود، كلّ درهم ثمانية دوانيق؛ و طبريّة، كلّ درهم أربعة دوانيق؛ فجمعا في الإسلام، و جعلا درهمين متساويين، وزن كل درهم ستّة دوانيق، فصار وزن كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيل بمثقال الذهب، و كلّ درهم نصف مثقال و خمسة، و هو الدرهم الّذي قدر به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم المقادير الشرعيّة في نصاب الزكاة و القطع و مقدار الديات و الجزية و غير ذلك.

الدانق ثماني حبات من أوسط حبّ الشعير.

1247. الخامس: الاعتبار في بلوغ النصاب بالميزان لا بالعدد،

و العفو الأوّل في الذهب ما نقص عن العشرين، و الثاني ما نقص عن أربعة.

1248. السادس: العفو الأوّل في الفضة ما نقص عن المائتين،

و الثاني ما نقص عن أربعين.

1249. السابع: لو مرّ على العشرين نصف الحول، ثمّ ملك أربعة،

أخذ نصف دينار عند تمام الحول، ثمّ استؤنف حول العشرين.

أمّا لو ملك خمسة أخذ بالواجب من العشرين عند كمال الحول، و ابتدئ بحول الزائد من حين الملك، و أخذ منه الواجب.

1250. الثامن: لا تجب في المغشوش من الذهب و الفضة حتى يبلغ صافيهما نصابا،

ص: 371

فإذا بلغ، فإن أخرج جيّدا بمقدار المغشوش، أو أخرج من العين، و كان الغشّ متفقا أجزأ، و إلا فإن علم مقدار الغشّ أجزأه أن يخرج عن الصافي خاصّة، و إن لم يعلم استظهر في الإخراج، إمّا من غير العين أو منها ما يحصل به اليقين بالبراءة، و إن لم يفعل أمر بسبكها على إشكال.

و لو كان المغشوش نصابا لا غير لم تجب الزكاة، و لو لم يعلم بلوغ الخالص نصابا استحبّ له الإخراج، و لم يكلّف السبك.

و لو كمل بالصافي من المغشوش ما معه من الخالص وجبت الزكاة.

1251. التاسع: لا عبرة باختلاف الرغبة مع تساوي الجوهرين في العيار،

و يضمّ جيّد الثمن كالرضوية مع ما هو دونها في القيمة، و مساويها في العيار.

و يستحبّ أن يخرج من الأعلى و الأوسط. و إن أخرج من الأدون جاز، و لو أخرج من الأعلى بقدر قيمة الأدون لم يجز.

1252. العاشر: المكسور من الدراهم و الدنانير إذا انكسر بعد ضربه و نقشه،

وجبت الزكاة فيه.

1253. الحادي عشر: الحليّ لا تجب فيه الزكاة،

سواء كان محلّلا أو محرّما، كثر أو قلّ ، و لا فرق بين أن يتّخذ للاستعمال أو الإعارة أو الإجارة أو للذخيرة.

و روي: انّ زكاته إعارته(1).

1254. الثاني عشر: ما يجري على السقوف و الحيطان من الذهب حرام،

سواء الكعبة و المساجد و غيرها في ذلك؛ اختاره الشيخ رحمه اللّه(2) و رجّح في الخلاف

ص: 372


1- . الوسائل: 108/6، الباب 10 من أبواب زكاة الذهب و الفضة، الحديث 1.
2- . المبسوط: 210/1.

إباحته(1). و على التقديرين لا زكاة فيه.

قال الشيخ رحمه اللّه: و حلية السيف و اللجام بالذهب حرام(2).

قال رحمه اللّه: و لا نصّ لأصحابنا في تذهيب المحاريب و تفضيضها، و تذهيب المصاحف، و ربط الأسنان بالذهب، و الأصل الإباحة(3).

و الأواني من الذهب و الفضة حرام، و لا زكاة فيها، و لو أتلفها متلف لزمه قيمة الفضة دون الصنعة، لأنّها محرّمة(4).

1255. الثالث عشر: لو قصد الفرار بالسبك،

فإن سبك قبل الحول فلا زكاة، و إن سبك بعده، وجبت الزكاة، و كذا لو قصد غرضا صحيحا.

و بعض علمائنا(5) أوجب الزكاة مع قصد الفرار قبل الحول.

فلو زاد ما وزنه مائتان مائة للصنعة، تخيّر المالك بين دفع خمسة قيمتها سبعة و نصف، و بين جعل ربع العشر من ثمن العين(6) و الصنعة أمانة إلى وقت بيعها، و بين دفع ذهب أو عرض غيره بقيمة سبعة و نصف، و لو دفع مكان الخمسة سبعة و نصف لم يجز لأنّه ربا.

1256. الرابع عشر: لا تضمّ السبائك و لا النقار إلى الذهب و الفضة،

و كذا لا يضمّ عروض التجارة إليهما.

ص: 373


1- . الخلاف: 89/2، المسألة 103 من كتاب الزكاة.
2- . الخلاف: 78/2، المسألة 92 من كتاب الزكاة، و المبسوط: 212/1.
3- . الخلاف: 90/2، المسألة 103 من كتاب الزكاة.
4- . لاحظ المبسوط: 211/1.
5- . هو الشيخ في المبسوط: 210/1، و الخلاف: 77/2 المسألة 90 من كتاب الزكاة.
6- . في «أ»: من العين.
الفصل السادس: في زكاة الغلاّت
اشارة

و فيه سبعة و عشرون بحثا:

1257. الأوّل: الشروط في وجوب الزكاة هنا:

1257. الأوّل: الشروط(1) في وجوب الزكاة هنا:

الملك، و النصاب، و التكليف، و إمكان التصرّف.

و النصاب هنا في الغلاّت الأربع شيء واحد، و هو خمسة أوسق، فلا تجب الزكاة فيما دونها، و لا تقدير في الزائد بل تجب فيه و إن قلّ .

1258. الثاني: الوسق ستّون صاعا بصاع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم.

1258. الثاني: الوسق ستّون صاعا بصاع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم(2).

و الصاع أربعة أمداد، و المدّ رطلان و ربع بالعراقي، و قول ابن أبي نصر(3):

المدّ رطل و ربع، تعويل على رواية ضعيفة(4).

و الرطل العراقي مائة و ثمانية و عشرون درهما و أربعة أسباع درهم، و هو تسعون مثقالا، و المثقال درهم و ثلاثة أسباع درهم، و هذا التقدير تحقيق لا تقريب، فلو نقص النصاب عن خمسة أوسق، سقطت الزكاة. و إن قلّ .

1259. الثالث: النصب معتبرة بالكيل بالأصواع،

و اعتبر الوزن للضبط، فلو بلغ

ص: 374


1- . في «أ»: الشرط.
2- . لاحظ الوسائل: 119/6، الباب 1 من أبواب زكاة الغلاّت.
3- . و هو البزنطي أحد من أجمع الأصحاب على تصحيح ما يصح عنه، و اشتهاره يغني عن ترجمته، و قد أثنى عليه كل من تعرض لترجمته.
4- . لاحظ الوسائل: 339/1، الباب 50 من أبواب الوضوء، الحديث 4.

بهما أو بالوزن، وجبت الزكاة قطعا، و لو بلغت بالكيل دون الوزن كالشعير لخفته، ففي وجوب الزكاة فيه نظر، أقربه العدم.

1260. الرابع: لو تساوت الموازين في النقص اليسير، سقطت الزكاة،

و لو اختلفت فيه وجبت، و لو شك في البلوغ، و لا مكيال هناك و لا ميزان، و لم يوجدا، سقط الوجوب دون الاستحباب.

1261. الخامس: إنّما يعتبر الأوساق عند الجفاف،

فلو بلغ الرطب النصاب، لم تجب الزكاة، و اعتبر النصاب عند جفافه تمرا.

1262. السادس: لا تجب الزكاة في الغلاّت الأربع، إلاّ إذا نمت على ملكه،

فلو اشترى غلّة، أو وهب له، أو ورثها بعد بدوّ الصلاح، وجبت الزكاة على البائع.

أمّا لو انتقلت إليه قبل بدوّ الصلاح، فبدا صلاحها عنده، وجبت الزكاة عليه، و الأقرب احتساب الثمن من المئونة(1) بخلاف ثمن الأصول.

و إذا أخرج الزكاة من الغلّة لم يتكرّر عليه، و إن بقيت أحوالا.

و لو اشترى نخلا و ثمرته قبل بدوّ الصلاح، فالزكاة على المشتري، و لو كان بعد بدوّ الصلاح، فالزكاة على البائع.

1263. السابع: لو مات المالك و عليه دين و ظهرت الثمرة،

فلا زكاة على الوارث و لو فضل النصاب بعد الدين، أمّا لو صارت تمرا، و المالك حيّ ، ثمّ مات، وجبت الزكاة، و لو كان الدين مستغرقا. و لو ضاقت التركة، فالوجه تقديم الزكاة، و قيل: بالتحاص(2).

ص: 375


1- . في «ب»: من المزية.
2- . القائل هو الشيخ الطوسي في المبسوط: 219/1. و التحاص: تقسيم الدين و الزكاة على التركة حسب الحصص.
1264. الثامن: إذا بلغت الغلاّت الأربع النصاب،

وجب فيها العشر إن كانت تسقى سيحا، أو بعلا، أو عذيا، و لو افتقر سقيها إلى مئونة، كالدوالي و النواضح، وجب فيها نصف العشر.

و لا يؤثّر حفر الأنهار و السواقي و لا احتياجها إلى الساقي ليحول الماء من موضع إلى آخر في نقصان الزكاة.

أمّا لو جرى الماء في ساقية من النهر و استقر في مكان قريب من وجه الأرض، و افتقر إلى الآلة في صعوده، وجب نصف العشر.

1265. التاسع: لو شربت الثمرة سيحا و غير سيح، اعتبر الأغلب، و حكم له،

و لو تساويا، أخذ من نصف الثمرة بحساب العشر، و من نصفها نصف العشر.

و لو كان له ذرعان: أحدهما سائح، و الآخر ناضح، ضمّا في تكميل النصاب، و أخذ من كل منهما ما وجب فيه.

و القول قول المالك من غير يمين في أغلبيّة الناضح.

1266. العاشر: الوجوب يتعلّق بالحبّ إذا اشتدّ، و بالثمرة إذا بدا صلاحها،

و قيل: إنّما تجب إذا صار الزرع حنطة، أو شعيرا أو الرطب تمرا أو العنب زبيبا(1)و المعتمد الأوّل، و تظهر الفائدة فيما لو تصرّف بعد بدوّ الصلاح قبل صيرورته تمرا.

و اتّفق العلماء كافّة على أنّ الإخراج إنّما يجب في الغلّة بعد التصفية، و في الثمرة بعد الجفاف.

ص: 376


1- . القائل هو المحقّق في المعتبر: 534/2.
1267. الحادي عشر: لو تلفت بعد الجفاف بتفريط ضمن، و بدونه لا ضمان،

و لو قطعها قبل بدوّ الصلاح لحاجة، فلا زكاة، و لم يكن قد فعل مكروها، و ان كان لغير حاجة فلا زكاة أيضا، و لكنّه فعل مكروها.

و لو تلف بعضها بعد بدوّ الصلاح بغير تفريط، وجبت الزكاة إذا بلغ المجموع النصاب، و سقط من الفريضة بنسبة التالف من المجموع.

1268. الثاني عشر: لو اشترى الذمي زرع المسلم قبل بدوّ الصلاح، و رده عليه بعد اشتداده لعيب،

فلا زكاة، و لو ظهر فساد البيع من أصله، ففي الوجوب نظر، لعدم تمكّنه من التصرّف ظاهرا.

1269. الثالث عشر: لو كان له رطب لا يجفّ عادة،

وجبت الزكاة فيه بعد بلوغه النصاب، و يعتبر بنفسه لا بجنسه.

1270. الرابع عشر: لو كان له نخل يتفاوت إدراكه بالسرعة و البطء، أو زرع أو كرم كذلك، ضمّ السابق مع اللاحق،

إذا كانا لعام واحد، و كذا البحث لو كان اطلاعه متفاوتا، سواء كان في موضع واحد، أو في أمكنة متباعدة.

1271. الخامس عشر: لو كان له نخل يطلع مرّتين في عام ضممناهما،

فإن بلغ المجموع نصابا، تعلّقت الزكاة، و إلاّ فلا، و قول الشيخ رحمه اللّه(1) هنا مدخول.

1272. السادس عشر: لو كان النخل جيّدا لم يجز الرديء،

و لو كان رديئا لم يكلّف شراء الأجود، و لو كان منهما أخرج بالتقسيط على الأفضل، و لو أخرج من الأردإ ففي الإجزاء نظر.

ص: 377


1- . المبسوط: 215/1.

و في رواية حسنة عن محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال: سألته ما أقلّ ما يجب فيه الزكاة ؟ قال: «خمسة أوسق، و يترك معافارة و أم جعرور(1) و لا يزكّيان و إن كثرا»(2).

و الظاهر أنّ مراده عليه السّلام لا يخرج منهما، لا أنّه لا زكاة فيهما لو بلغا النصاب.

1273. السابع عشر: الزكاة في الغلاّت تجب بعد المئونة،

كأجرة السقي و العمارة و الحصاد و الجذاذ و الحافظ و البذر و الخراج، و بعد حصّة السلطان، فإذا أخرجت هذه الأشياء و كان الباقي نصابا، وجب الزكاة، و إلاّ فلا.

و للشيخ رحمه اللّه هنا قول ضعيف(3).

1274. الثامن عشر: يجوز الخرص في الكرم و النخل،

و الأقرب عدم جوازه في الزرع، و يضمن الخارص المالك حصّة الفقراء، و وقته بدوّ الصلاح.

و يجزئ الخارص الواحد، و الأفضل اثنان، و لا بدّ أن يكون أمينا.

1275. التاسع عشر: إذا عرف الخارص المقدار خيّر المالك في إبقائه أمانة في يده

- فليس له التصرف حينئذ بالبيع و الهبة و الأكل - و في تضمينه، فيتصرّف كيف شاء.

و يجوز أن يضمن الخارص حقّ المالك، و يجوز أن يقسم الثمرة على

ص: 378


1- . هما نوعان من التمر، لاحظ في تفسيرهما الوسائل: 141/6، الباب 19 من أبواب زكاة الغلاّت، الحديث 1.
2- . الوسائل: 119/6، الباب 1 من أبواب زكاة الغلاّت، الحديث 3.
3- . قال في المبسوط: 217/1: و كلّ مئونة تلحق الغلاّت إلى وقت إخراج الزكاة على ربّ المال دون المساكين. و لاحظ الخلاف: 67/2 المسألة 78 من كتاب الزكاة.

رءوس النخل، فيعين الساعي حصّة الفقراء في نخل بعينه.

1276. العشرون: ينبغي للخارص التخفيف عن المالك بقدر ما يستظهر به المالك

1276. العشرون: ينبغي للخارص التخفيف عن المالك بقدر ما يستظهر به المالك(1)

لما يكون بإزاء المارّة و ما يتساقط(2) فيأكله الهوام و ما ينتابه الطير، و النظر في التخفيف إلى الخارص.

1277. الحادي و العشرون: الخرص لا يفيد التضمين و إن اختار المالك الضمان،

بل إخراج الزكاة بحكم الخرص لو تلفت بتفريط من المالك، و لم يعلم القدر.

و لو تلفت من غير تفريط سقطت الحصّة المضمونة بالخرص.

و لو اختار المالك الحفظ ثم أتلف الثمرة، أو تلفت بتفريطه ضمن حصّة الفقراء بالخرص إن لم يعلم القدر، و إلاّ ضمن القدر، و كذا لو أتلفها الأجنبيّ .

و لو افتقرت النخلة إلى تجفيف الثمرة، جففت، و سقط من الخرص بحسابه.

1278. الثاني و العشرون: لو ادّعى المالك التلف أو تلف البعض بعد الخرص،

فإن كان بسبب ظاهر، فالقول قوله، و لا يمين عليه لو اتّهمه الساعي، خلافا للشيخ(3) و لو نكل عند الشيخ غرم، و لو كان يخفى(4) فالقول قوله و لا يمين أيضا.

ص: 379


1- . في «ب»: و يقدر ما يظهر به المالك.
2- . في «أ»: فما يتساقط.
3- . المبسوط: 216/1.
4- . كذا في المطبوع و الظاهر «بخفيّ » أي لو كان التلف بسبب خفي و هو عطف على قوله «فإن كان بسبب ظاهر».

و لو ادّعى غلط الخارص بالمحتمل قبل قوله من غير يمين، و لو ادّعى غير المحتمل لم يقبل منه، و لو زاد الخرص فالزيادة للمالك، و يستحبّ له بذلها؛ قاله: ابن الجنيد(1).

1279. الثالث و العشرون: لو لم يخرج الإمام خارصا جاز للمالك أن يخرج خارصا،

1279. الثالث و العشرون: لو لم يخرج الإمام خارصا جاز(2) للمالك أن يخرج خارصا،

و أن يخرص بنفسه، و يحتاط في التقدير.

و يجوز للمالك قطع الثمرة و إن كره الخارص، سواء ضمن أو لم يضمن، و منع الشيخ في المبسوط(3) ليس بجيّد.

1280. الرابع و العشرون: لا يجوز للساعي أخذ الرطب عن التمر، و لا العنب عن الزبيب،

إلاّ بأن يعتبر حاله عند الجفاف، فإن فضل ردّ الفاضل، و إن نقص استعاد النقصان، و لو دفع المالك الرطب عن التمر لم يجزه و لو كان عند الجفاف بقدر الواجب إلاّ بالقيمة السوقية، و عندي فيه نظر.

1281. الخامس و العشرون: لو استأجر أرضا فزرعها ببذره، كانت الزكاة على المستأجر،

و كذا لو استعار أرضا أو غصبها.

و لو زارع مزارعة فاسدة، كانت الزكاة على صاحب البذر. و لو كانت صحيحة كانت الزكاة عليهما إذا بلغ نصيب كلّ منهما نصابا. و لو بلغ نصيب أحدهما وجبت عليه خاصّة.

1282. السادس و العشرون: لو اشترى ثمرة بشرط القطع قبل بدوّ الصلاح،

ص: 380


1- . حكاه عنه المحقّق في المعتبر: 536/2.
2- . في «ب»: كان.
3- . المبسوط: 216/1.

فلم يقطعها حتّى بدا صلاحها، فإن طالب البائع بالقطع أو المشتري أو اتّفقا جاز.

و هل تسقط الزكاة عن المشتري ؟ قال الشيخ: نعم(1) و عندي فيه إشكال.

و لو اتّفقا على التبقية، أو بقيت(2) برضا المالك، فانّ الزكاة تجب على المشتري قولا واحدا.

1283. السابع و العشرون: الحنطة و الشعير هنا جنسان إجماعا، لا تضمّ أحدهما إلى الآخر،

و إن اتّحدا في باب الربا على الأقوى، خلافا لابن إدريس(3).

الفصل السابع: في الأحكام
اشارة

و فيه أحد عشر بحثا:

1284. الأوّل: لو ثلم النصاب قبل الحول سقطت،

و إن فعله فرارا، و كذا لو بادل جنسا بجنس مماثل أو مخالف، و يستأنف في البدل الحول من حين الانتقال.

و لو وجد به عيبا قبل الحول ردّه، و استرجع النصاب، و استأنف الحول من حين الرجوع، و إن كان بعد الحول و قبل الأداء، بطل الردّ إلاّ أن يؤدّي(4) الزكاة من غير العين على إشكال، و إن كان بعد الأداء من العين فكذلك و إن كان من غير العين جاز الرد.

ص: 381


1- . المبسوط: 219/1.
2- . في «ب»: و لو اتفقا على التبقية جاز أو بقيت.
3- . السرائر: 254/2.
4- . في «أ»: بطل الرد إلى أن يؤدّي.

و لو كانت المبادلة فاسدة لم يزل ملك واحد منهما، فإذا تمّ الحول وجبت الزكاة على إشكال.

1285. الثاني: لو باع النصاب بعد الحول قبل الأداء، صحّ في نصيبه، و وقف نصيب الفقراء،

فإن أدّى الزكاة من غيره صحّ الجميع، و إلاّ بطل نصيب الفقراء فيتخيّر المشتري حينئذ.

و لو عزل نصيبهم و باع الباقي، صحّ ، و لو وهبه بعد الحول صحّ في نصيبه، و وقف نصيب الفقراء، فإن أدّى المالك من غيره، صحّ ، و إلاّ فلا.

1286. الثالث: لا تسقط الزكاة بموت المالك إذا وجبت عليه،

سواء أوصى بها أو لم يوص، و يخرج من صلب المال.

1287. الرابع: لو تلف المال من غير تفريط سقطت الزكاة،

و إن كان بتفريط أو بعد إمكان الأداء، وجبت.

1288. الخامس: يجوز إخراج القيمة في الأنعام و غيرها، و منع المفيد في الأنعام بعيد.

1288. الخامس: يجوز إخراج القيمة في الأنعام و غيرها، و منع المفيد في الأنعام(1) بعيد.

و يجوز إخراج مهما شاء قيمة، و القيمة تخرج على أنّها قيمة لا أصل(2)، و الأقرب جواز إخراج المنافع(3).

1289. السادس: لا اعتبار بالخلطة في الزكاة،

1289. السادس: لا اعتبار بالخلطة(4) في الزكاة،

بل يخرج كلّ من المالكين ما

ص: 382


1- . المقنعة: 253.
2- . كذا في «ب»: و لكن في «أ»: «على انّها قيمة الأصل» و الصحيح ما في المتن.
3- . قال المصنّف في المنتهى: هل يجوز اخراج المنافع كسكنى الدار؟ و الأقرب عندي الجواز، خلافا للجمهور، لنا انّه حقّ ماليّ فجاز إخراجه قيمة كالأعيان. منتهى المطلب: 504/1 (ط القديم).
4- . في «ب»: بالخليط.

يخصّه من ماله إن بلغ النصاب، و إلاّ فلا شيء و لو بلغ المجموع النصاب أو أكثر، سواء كانت خلطة أعيان، أو أوصاف، كما لو اشتركا في المسرح، و المرعى، و المحلب، و المشرب، و الفحل، و الراعي.

و كذا لا أثر للخلطة في نقصان الفريضة، فلو كان لثلاثة مائة و عشرون وجب على كلّ واحد شاة، و لا فرق في سقوط اعتبار الخلطة بين الماشية و غيرها.

1290. السابع: لو كان النصاب لواحد، وجبت الزكاة عليه،

و إن كان متفرّقا في أماكن مختلفة، كما لو كان له أربعون شاة متفرّقة في البلاد، سواء تباعدت البلدان أو تقاربت، و لو كان له ثمانون في بلدين وجبت شاة واحدة.

1291. الثامن: الزكاة تجب في العين لا في الذمة،

سواء كان المال حيوانا أو أثمانا أو غلاّت، فلو كان له نصاب واحد حال عليه حولان، و لم يؤدّ، وجبت عليه فريضة واحدة، و لو أدّى من غير العين وجب عليه الإخراج ثانيا.

1292. التاسع: لا يضمّ جنس إلى غيره،

فلو كان عنده أربع من الإبل، و عشرون من البقر، و ثلاثون من الغنم، لم يجب عليه شيء، و كذا باقي الأصناف.

1293. العاشر: الدين لا يمنع الزكاة و إن استوعب،

سواء في ذلك الأموال الظاهرة و الباطنة، و لا فرق بين حقوق اللّه تعالى و حقوق الآدميّين.

1294. الحادي عشر: لو حال الحول على النصاب، فتصدّق به أجمع، صحّ ،

ثم إن نوى الزكاة أجزأه، و إلاّ ضمن حصّة الفقراء.

ص: 383

الفصل الثامن: فيما يستحبّ فيه الزكاة
اشارة

و فيه مطلبان

المطلب الأوّل: في مال التجارة
اشارة

و فيه ثلاثة و عشرون بحثا:

1295. الأوّل: يستحبّ الزكاة في مال التجارة على أقوى القولين،

و هو المال المنتقل بعقد معاوضة، يقصد به الاكتساب عند التملّك، و لا يكفي النيّة من دون الشراء، و لو انتقل بهبة أو ميراث أو نوى القنية فلا زكاة.

1296. الثاني: شرط ثبوت الزكاة فيها - استحبابا عندنا، و وجوبا عند بعض علمائنا - الحول،

1296. الثاني: شرط ثبوت الزكاة فيها - استحبابا عندنا، و وجوبا عند بعض علمائنا(1) - الحول،

و بلوغ القيمة النصاب، و نيّة الاكتساب بها عند التملّك، و أن يكون الاكتساب بفعله، كالابتياع، و الاكتسابات المحلّلة، لا بما يملكه بميراث و إن نواه للتجارة.

و الأقرب اشتراط كون التملّك بعوض لا بالهبة و الاحتطاب و الاحتشاش و النكاح و الخلع و قبول الوصيّة.

و يشترط وجود رأس المال طول الحول، فلو كان عنده متاع قيمته نصاب،

ص: 384


1- . يظهر القول بالوجوب من الصدوق في الفقيه: 11/2، و المقنع: 168؛ و نقل المصنّف عن الصدوق و والده الوجوب، لاحظ المختلف: 192/3.

فزاد في أثناء الحول، لم يبن حول الزيادة على الأصل، بل يثبت زكاة رأس المال عند تمام حول الأصل، و زكاة الزيادة عند تمام حولها إن بلغت نصابا، سواء نضّ المال في أثناء الحول أو لم ينضّ .

1297. الثالث: قال الشيخ: لو اشترى عرضا للتجارة بدراهم أو دنانير لم ينقطع حول الدراهم،

بل يبنى حول العرض على حول الأصل، و لو اشترى بنصاب من غير الأثمان، كخمسة من الإبل، استأنف الحول، و لو كان معه سلعة ستّة أشهر ثمّ باعها بنى على حول الأصل(1).

1298. الرابع: لو اشترى سلعة للتجارة بسلعة للقنية،

جرت في الحول من حين انتقالها إليه.

1299. الخامس: عروض التجارة يبنى حول بعضها على بعض،

فلو كان في يده عرض للتجارة ثبت فيه الزكاة إذا أقام في يده ستّة أشهر، ثمّ اشترى به عرضا آخر للتجارة، و أقام ستّة أخرى تثبت الزكاة، بخلاف الزكاة الواجبة لو بادل أحد النصب بغيره، و كذا لو نضّ المال، بنى على حول العرض.

1300. السادس: تثبت زكاة التجارة في كلّ حول مع الشرائط.
1301. السابع: لو اشترى سلعا في أوقات متعاقبة،

فإن كانت قيمة كلّ واحدة نصابا، زكّى كلّ سلعة عند تمام حولها، و إن بلغ المجموع النصاب، زكّاه عند حولان الحول عليه أجمع.

و لو كان الأوّل نصابا دون الباقي، فكلّما حال عليه الحول، ضم إلى الأوّل، و زكّاه كالمال الواحد.

ص: 385


1- . المبسوط: 221/1.
1302. الثامن: لو ملك دون النصاب و حال عليه الحول،

لم تثبت الزكاة.

و يشترط وجود النصاب في جميع الحول. فلو كان دون النصاب، ثمّ كمله بزيادة القيمة السوقيّة، أو بنمائه، أو بانضمام عرض آخر للتجارة في ملكه، اعتبر الحول عند الكمال.

و لو نقص في أثنائه ثم كمل، اعتبر الحول من حين الكمال.

1303. التاسع: لو اشترى شقصا بعشرين، فحال الحول و هو يساوي مائة، و حال الحول على الزيادة،

تثبت زكاة مائة، و يأخذ الشفيع بالعشرين، و لو اشترى سلعة فحال الحول، ثمّ وجد بها عيبا فردّها به تثبت الزكاة.

1304. العاشر: لو باع السلعة في أثناء الحول

استأنف حول الثمن.

1305. الحادي عشر: تقوّم السلعة بعد الحول بالثمن الذي اشتريت به،

سواء كان نصابا أو أقلّ ، و لا تقوّم بنقد البلد، و لو بلغت السلعة نصابا بأحد النقدين دون الآخر تثبت الزكاة.

1306. الثاني عشر: القدر المخرج هو ربع عشر القيمة من النقد الّذي كان رأس المال.
1307. الثالث عشر: لو نوى القنية وقت الشراء، لم تثبت الزكاة،

و لو نوى التجارة بعد ذلك أو ورث مالا، أو استوهب و قصد أنّه للتجارة، لم يصر للتجارة بمجرّد النيّة.

1308. الرابع عشر: لو نقص رأس المال في أثناء الحول و لو حبّة،

سقطت الزكاة و إن كان ثمنه أضعاف النصاب.

ص: 386

و لو بلغ رأس المال استأنف الحول حينئذ، و لو نقص بعد الحول و إمكان الأداء، لم تسقط الزكاة في الناقص، و لو كان قبل إمكان الأداء، سقطت فيه خاصّة.

1309. الخامس عشر: زكاة التجارة تتعلّق بالقيمة،

فيجوز بيع العروض قبل الأداء.

1310. السادس عشر: زكاة التجارة لا تمنع زكاة الفطرة،

فلو اشترى دقيقا للتجارة، تثبت زكاتها، و وجب على المالك زكاة الفطر عنه.

1311. السابع عشر: لا تجتمع زكاة العين و التجارة في مال واحد،

فلو ملك أربعين سائمة للتجارة، و قيمتها نصاب، و حال الحول، سقطت زكاة التجارة، و تثبت زكاة العين.

1312. الثامن عشر: لو اشترى أرضا للتجارة فزرعها، أو نخلا لها، فأثمر، ثمّ وجبت زكاة العين في الزرع و الثمرة،

لم تسقط زكاة التجارة في الأرض و النخل، و للشيخ رحمه اللّه(1) هنا قول ضعيف عندي.

1313. التاسع عشر: لو كان معه مائتا درهم، فاشترى بمائة و خمسين عرضا،

فإن لم ينقص قيمته كمال الحول ضمّ إلى الخمسين، و تثبت الزكاة.

و لو كان معه أربعون سائمة، فعارضها(2) بأربعين سائمة، و كلاهما للتجارة، و كمل الحول عليهما تثبت زكاة التجارة، و على قول الشيخ(3) تثبت زكاة العين.

ص: 387


1- . المبسوط: 222/1.
2- . المعارضة: بيع المتاع بالمتاع لا نقد فيه. النهاية.
3- . المبسوط: 222/1.
1314. العشرون: لو دفع ألفا قراضا على النصف، فربح ألفا، ضممنا حصّة المالك إلى رأس المال و تثبت الزكاة فيه،

و في حصّة العامل أيضا، إذا اتفق رأس المال و الزيادة في الحول.

و لو اختلفا أخذنا زكاة رأس المال مع حوله، و إذا حال الحول على الزيادة أخذت الزكاة من حصّته، و الباقي على العامل.

و تردّد الشيخ رحمه اللّه في تعجيل إخراج حصّة العامل لحصول الملك له بظهور الربح، - و يملك الفقراء حصّتهم منه بظهوره - و بين تأخيره إلى القسمة لكونه وقاية(1) و هو عندي أقرب، و لهذا لا يختص بربحه، فإنّه لو كان رأس المال عشرة فربح عشرين، ثمّ ثلاثين، كانت الخمسون بينهما، و لو استقرّ ملكه للربح لكان للعامل ثلاثون.

1315. الحادي و العشرون: لو نوى بنصاب التجارة القنية تعيّن البناء

على ما تقدّم من الحول لزكاة المال.

1316. الثاني و العشرون: لو اشترى سلعة بدراهم، فحال عليها الحول، و باعها بالدنانير،

قوّمت السلعة دراهم، و لو باعها قبل الحول بدنانير، ثمّ حال الحول، قوّمت الدنانير دراهم.

1317. الثالث و العشرون: لو نتج مال التجارة، كان النتاج مال التجارة،

و يجزيه نقصان الولادة في نصاب التجارة، و ليس حوله حول الأصل على ما تقدّم.

ص: 388


1- . المبسوط: 224/1.
المطلب الثاني: في بقيّة ما يستحبّ فيه الزكاة
اشارة

و فيه ثمانية مباحث:

1318. الأوّل: يستحبّ الزكاة في الخيل بشروط أربعة:
1319. الأوّل: الملك التام،

فلا يستحبّ في المستعار، و المستأجر، و لا المغصوب، و لا الضال.

1320. الثاني: السوم،

فلا زكاة في المعلوفة.

1321. الثالث: الحول.
1322. الرابع: الأنوثة،

فلا زكاة في الذكور.

1323. الثاني: يخرج عن كلّ عتيق في كلّ سنة ديناران،

و عن كلّ برذون في كلّ عام دينار.

1324. الثالث: يستحبّ الزكاة في كلّ ما يخرج من الأرض غير الغلاّت الأربع

الّتي تجب فيها الزكاة بشرط الكيل أو الوزن، و الملك، و النصاب، كالأرز، و العدس، و الذرة، و أشباهها.

1325. الرابع: النصاب هنا

كما هو في الغلاّت الأربع خمسة أوسق.

1326. الخامس: القدر المخرج العشر إن كان قد سقي سيحا أو شبهه،

و نصف العشر إن كان قد سقي بالدوالي و النواضح و أشباهها، و لو اجتمعا فكالغلاّت.

1327. السادس: لا يستحبّ الزكاة في الخضر،

كالبقول و البطيخ، و أشباهه.

ص: 389

1328. السابع: يستحبّ الزكاة في المساكن، و العقارات، و الدكاكين إذا كانت للغلّة،

و يخرج من غلّتها الزكاة، و لو لم يكن الدار دار غلّة و لا عقارا متخذا للأجرة لم يستحبّ الزكاة.

1329. الثامن: لا يستحبّ الزكاة في الأقمشة، و الأثاث، و الفرش، و الأواني،

و الرقيق، و الماشية، عدا ما تقدّم.

ص: 390

المقصد الثالث: في وقت الإخراج و المتولّي له

اشارة

و فيه مطلبان

المطلب الأوّل: في الوقت
اشارة

و فيه خمسة عشر بحثا:

1330. الأوّل: لا زكاة في الأنعام و الأثمان حتّى يحول الحول،

و هو مضيّ أحد عشر شهرا فإذا(1) أهلّ الثاني عشر، وجبت الزكاة إذا استمرت الشرائط كمال الحول، و وجوبها على الفور.

و أمّا الغلاّت فإذا صفت الغلّة و اقتطفت الثمرة، وجب الإخراج على الفور، و لا يجوز له التأخير، سواء طولب بها أو لا مع وجود المستحقّ .

1331. الثاني: لو أخّر الإخراج مع التمكّن و وجود المستحق، ضمن،

و كذا لو بعث إليه زكاة ليفرقها، فأخّر مع وجود المستحقّ و إمكان الإخراج ضمن، و كذا الوصيّ لو أخّر دفع ما أوصي إليه بدفعه، و لو كان عليه ضرر في الإخراج جاز التأخير.

ص: 391


1- في «أ»: ثمّ إذا.

و لو أخّرها ليدفعها إلى من هو أحقّ بها، كالقرابة، أو ذي الحاجة الشديدة، ضمن مع وجود المستحقّ ، قلّت أو كثرت، و لا يكون قد فعل حراما إن قصر الزمان.

و لو كثر المستحقّون في البلد، و طلب تعميم العطاء، جاز له التأخير في الإعطاء لكلّ واحد بقدر ما يعطي غيره، و في الضمان حينئذ إشكال.

1332. الثالث: يجوز للمالك عزل الزكاة من دون إذن الساعي،

و لو أخرجها عن ملكه و لم يسلّمها إلى الفقير، و لا إلى الساعي، و لا إلى الوالي مع المكنة(1)ضمن، و لا يكفي الإفراد.

و لو أخرجها عن ملكه، و لم يجد الساعي، و لا الفقير، و تلفت من غير تفريط، فلا ضمان.

1333. الرابع: لو دفع إلى الفقير الزكاة، فأمره الفقير أن يشتري له بها ثوبا أو غيره، و لم يقبضها، فتلفت

ضمن المالك، لأنّ الفقير لم يملك لعدم القبض، فالتوكيل فاسد، أمّا لو قبض، لم يضمن إلاّ بالتفريط.

1334. الخامس: روي جواز تأخير الزكاة شهرا أو شهرين.

1334. الخامس: روي جواز تأخير الزكاة شهرا أو شهرين(2).

و عندي انّه محمول على العذر، و حينئذ لا يتقدّر بغير زواله(3).

1335. السادس: قد روي جواز تقديم الزكاة شهرا و شهرين و ثلاثة و أربعة

1335. السادس: قد روي جواز تقديم الزكاة شهرا و شهرين و ثلاثة و أربعة(4)

ص: 392


1- . في «ب»: مع التمكن.
2- . لاحظ الوسائل: 210/6، الباب 49 من أبواب المستحقين للزكاة.
3- . فالتأخير جائز إلى زوال العذر قلّ أو كثر.
4- . الوسائل: 211/6، الباب 49 و 50 من أبواب المستحقين للزكاة.

و عندي أنّ هذه الروايات محمولة على سبيل القرض على الزكاة، لا أنّه زكاة معجّلة، و يكون صاحبها ضامنا متى جاء الوقت، و قد أيسر الآخذ، و لا يضمن لو بقي على الاستحقاق.

1336. السابع: لو كان معه أقلّ من نصاب فأخرج زكاة نصاب ناويا أنّه إن تمّ النصاب كان ما أخرجه زكاة معجّلة،

لم يجز إجماعا.

1337. الثامن: إذا كان معه نصاب لا أزيد، فدفع الزكاة منه قرضا قبل الحول،

سقط الوجوب. و عند الشيخ رحمه اللّه(1) تثبت الزكاة ما دامت عينها باقية، و لو تلفت انقطع الحول، و له استرجاع الثمن.

1338. التاسع: إذا دفع الزكاة قبل الحول قرضا،

فإن بقي المال على صفة الوجوب، و المستحقّ على صفة الاستحقاق، احتسب القرض من الزكاة عند الحول، و يجوز نقلها إلى غيره.

و لو تغيّرت حال المالك أو حال القابض، استعيدت العين إن كانت موجودة، و القيمة عند القبض إن تلفت.

و لو زادت العين زيادة متّصلة أو منفصلة، ففي استعادتها نظر، قال الشيخ:

يستعيدها، لأنّ المالك انّما أقرضها زكاة فلا يملكها بذلك(2).

1339. العاشر: لو تسلّف الساعي الزكاة من غير مسألة المالك و لا الفقراء، ثمّ حال الحول،

و المالك و القابض على الصفات المعتبرة، وقعت موقعها.

ص: 393


1- . المبسوط: 331/1.
2- . المبسوط: 229/1.

و إن تغيّرت حال الدافع، ردّها الإمام على المالك، و إن تغيّرت حال المدفوع إليه، ردّها الإمام على غيره.

و لو كان تغيّر المدفوع إليه قبل الدفع، ضمنها الساعي مع التفريط و عدمه.

و لو تسلّف بمسألتهما، و حال الحول، و لم تتغيّر الحال، فقد وقعت موقعها، و إن تغيّرت بعد الدفع فالحكم ما مضى، و إن كان قبله و هلكت من غير تفريط، قال الشيخ: الأولى أن يكون منهما، لأنّ كلّ واحد منهما أذن به(1) و لو تسلّف بمسألة الفقراء و لم تتغير الحال، فقد وقعت موقعها، و إن تغيّرت بعد الدفع، فكما تقدّم، و إن كان قبله و هلكت في يد الساعي، قال الشيخ: يضمن أهل السّهمان(2).

و لو تسلّفها بإذن المالك خاصّة، و لم تتغيّر الحال، وقعت موقعها، و إن تغيّرت بعد الدفع فكما تقدّم، و إن كان قبله و هلكت في يد الساعي فالمالك ضامن، لأنّ الساعي أمينه.

1340. الحادي عشر: ما يتعجّله المستحقون متردّد بين الزكاة و الاسترداد،

فلو تغيّرت حال المالك أو الفقراء قبل الحول، استعيد.

و كلّ موضع يستعيد المالك، فإنّه يأخذ العين مع وجودها، و المثل مع عدمها، و لو تعذّر أو لم تكن مثليّة، استعاد القيمة، و يقع التردّد بين اعتبار(3) القيمة يوم التلف أو يوم القبض.

ص: 394


1- . المبسوط: 228/1.
2- . المبسوط: 228/1. السّهمان - بضم السين - جمع السهم. لسان العرب.
3- . في «أ»: و يقع التردّد من اعتبار.

و انّما يستعيد المالك لو قال للفقير وقت الدفع: هذه زكاتي عجّلتها لك، و لو أطلق، أو قال: هذه صدقة، لم يكن له الاسترجاع إلاّ أن يدعي علم الفقير بالتعجيل، فيرجع مع نكول الفقير عن اليمين، و لو كان الدافع الوالي، جاز له الاسترجاع، أطلق أو قيّد.

1341. الثاني عشر: لو أيسر الفقير،

فإن كان بعين المدفوع جاز احتسابه من الزكاة، و إن كان بغيره استرجع منه.

أمّا لو أيسر بنمائه، كما لو كانت إبلا فتوالدت، أو أموالا، فاتّجر بها، قال الشيخ: لا يرتجع الزكاة(1) و فيه نظر، لأنّ المقبوض عنده قرض، و نماء القرض للمقترض.

1342. الثالث عشر: لو أيسر بعد الدفع، ثمّ حال الحول عليه، و هو فقير، جاز الاحتساب،

و كذا لو دفعها إلى غنيّ ، ثمّ افتقر، لأنّ الدفع عندنا على سبيل القرض.

1343. الرابع عشر: لو دفع عن نصاب ثمّ أتلف بعضه قبل الحول، سقطت الزكاة،

و استرجع ما دفعه و إن قصد بالإتلاف الاسترجاع.

1344. الخامس عشر: لو عجّل عن أحد النصابين، فهلك

جاز احتسابه عن النصاب الثاني عند الحول.

ص: 395


1- . المبسوط: 230/1.
المطلب الثاني: في المتولّي للإخراج
اشارة

و فيه ستة عشر بحثا:

1345. الأوّل: يجوز للمالك تفريق الزكاة بنفسه في المال الظاهر و الباطن، و الأفضل صرفها إلى الإمام العادل،

و لو كان غائبا فالأفضل دفعها إلى الفقيه المأمون، من الإماميّة.

1346. الثاني: لو أخذ الجائر الزكاة، ففي إجزائها روايتان،

1346. الثاني: لو أخذ الجائر الزكاة، ففي إجزائها روايتان(1)،

الأقرب عدمه، لكن لا يضمن حصّة الفقراء فيما أخذه.

1347. الثالث: لا يجوز للمالك دفعها إلى الجائر طوعا، و لو دفعها كذلك ضمن،

و لو عزلها فأخذها(2) الظالم، أو تلفت، فلا ضمان.

1348. الرابع: لو طلبها الإمام وجب صرفها إليه،

فلو فرّقها المالك حينئذ قيل لا يجزيه(3) و عندي فيه نظر.

1349. الخامس: لو فرّقها بنفسه، أو حملها إلى الإمام أو إلى بعض إخوانه ليفرّقها،

سقط سهم السعاة منها.

1350. السادس: يشترط في العامل شروط ستّة:

البلوغ، و العقل، و الحريّة

ص: 396


1- . الوسائل: 173/6، الباب 20 من أبواب المستحقين للزكاة.
2- . في «أ»: ممّا أخذه.
3- . القائل هو الشيخ في المبسوط: 244/1، و لاحظ المختلف: 232/3.

على إشكال، و الإسلام، و العدالة، و الفقه فيها(1) على إشكال.

و هل يجوز للهاشميّ أن يكون عاملا؟ منع الأصحاب منه، أمّا لو تولّى جباية زكاة الهاشمي، فالوجه جواز أخذ النصيب منها، و لو تطوّع بالعمالة من غير سهم و لا أجرة جاز، و يجوز لمولى الهاشمي أن يكون عاملا.

1351. السابع: الإمام مخيّر إن شاء استأجر الساعي بأجرة معلومة، مدّة معلومة،

و إن شاء جعل له جعالة عن العمل يدفعها إليه مع توفيته، فإن قصر النصيب عنه، تمّم له من باقي السهام، و إن فضل، دفع الباقي إلى أهل الزكاة، و لو قيل: إنّه ليس بلازم، لأنّه تعالى جعل له نصيبا(2) كان وجها.

1352. الثامن: يجب على الإمام بعث ساع للجباية في كلّ سنة،

و أطلق الشيخ ذلك(3)، و عندي انّه لو علم من قوم أداءها إليه أو إلى المستحقين، لم يجب البعث إليهم.

1353. التاسع: أجرة الوزّان و الكيّال و الناقد على ربّ المال،

و أمّا الحاسب و الكاتب فيعطيان من سهم العامل.

1354. العاشر: ليس للساعي تفرقة الزكاة بنفسه من دون إذن الإمام،

و لا بيعها إلاّ مع الحاجة أو العذر.

فلو باع لا لضرورة لم يصحّ البيع، و تستعاد العين، و أرشها من المشتري إن

ص: 397


1- . الضمير يرجع إلى الزكاة، قال في المنتهى: انّما يشترط الفقه في الزكاة خاصة لا في بقية الأحكام، و عندي فيه توقف. منتهى المطلب: 515/1 (ط القديم).
2- . حيث قال: إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اَلْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا. التوبة: 60.
3- . لاحظ المبسوط: 244/1.

نقصت عنده، و المثل إن كانت تالفة أو القيمة.

و ينبغي أن يعرف أهل الصّدقات بأنسابهم و حلاهم(1) و يعرف قدر حاجتهم، فإذا أعطى شخصا كتبه و حلاه، و لا ينبغي له أن يؤخّر التفرقة إلاّ مع الإذن.

1355. الحادي عشر: إذا أخذ الساعي أو الإمام الزكاة دعا لصاحبها،

و للشيخ قولان(2) في الوجوب، أقربهما عندي الاستحباب.

1356. الثاني عشر: ينبغي لوالي الصدقة أن يسم نعمها في أصلب موضع و أكشفه،

مثل أفخاذ الإبل و البقر و أصول آذان الغنم، و يكون ميسم الإبل و البقر أكبر من ميسم الغنم.

و يكتب على الميسم ما أخذت له من صدقة أو زكاة أو جزية، و يكتب اسم اللّه تعالى للتبرّك به.

1357. الثالث عشر: النيّة شرط في أداء الزكاة،

و لا بدّ فيه من التقرّب، و الوجه، و كونها زكاة مال، أو فطرة، أو صدقة، و لا يفتقر إلى تعيين المال.

و يتولاّها الدافع، سواء كان المالك، أو الساعي، أو الوالي، أو الحاكم، أو الوكيل، و لو دفعها المالك إلى الإمام أو إلى الساعي و نوى وقت الدفع أجزأه، سواء نوى الإمام أو الساعي حال دفعها إلى الفقراء أو لا.

أمّا لو دفعها إلى الوكيل، و نوى حالة الدفع إليه، و نوى الوكيل حال الدفع

ص: 398


1- . حلية الإنسان: ما يرى من لونه و ظاهره.
2- . قول بالوجوب ذهب إليه في الخلاف: 125/2، المسألة 155 من كتاب الزكاة؛ و قول بالاستحباب، و هو خيرته في المبسوط: 244/1.

إلى الفقراء أجزأ إجماعا.

و لو نوى الوكيل خاصّة، قال الشيخ: لا يجزئه(1)، و عندي فيه نظر.

و لو نوى المالك حال الدفع إلى الوكيل، و لم ينو الوكيل حال الدفع إلى الفقراء، قال الشيخ: لا يجزئه أيضا(2).

1358. الرابع عشر: لو أخذ الإمام أو الساعي الزكاة و لم ينو المالك،

فإن كان أخذها كرها أجزأه، و إن كان طوعا، قال الشيخ رحمه اللّه: لا يجزئه، و ليس للإمام مطالبته بها ثانيا(3).

1359. الخامس عشر: يجب مقارنة النيّة للدفع،

و لو نوى بعد الدفع ففي الإجزاء نظر، و لو تصدّق بجميع ماله و لم ينو بشيء منه الزكاة لم يجزئه.

1360. السادس عشر: لو كان له مال غائب، فأخرج زكاة، و قال: إن كان مالي سالما فهذه زكاته، أو تطوّع، لم يجزئه،

خلافا للشيخ رحمه اللّه(4).

أمّا لو قال: إن كان سالما فهذه زكاته، و إن كان تالفا فنفل، أجزأه. و لو أخرج مالا و نوى بجميعه الزكاة و التطوّع، لم يجزئه.

و لو كان له حاضر و غائب، فقال: هذه عن أحدهما أجزأه، و كذا يجزئه لو قال: هذه زكاة الغائب إن كان سالما، و إن كان تالفا فعن الحاضر.

و لو أخرج عن الغائب، فبان تالفا، قال الشيخ: لم يجز له صرفه إلى غيره(5)، و الوجه عندي الجواز.

ص: 399


1- . المبسوط: 233/1.
2- . المبسوط: 233/1.
3- . المبسوط: 233/1.
4- . المبسوط: 232/1.
5- . المبسوط: 232/1.

و لو دفع الزكاة إلى الساعي تطوّعا، و قال: هذه عن مالي الغائب. فبان تالفا قبل الوجوب(1) رجع بها عليه مع بقائها، و إن كان قد فرّقها، رجع على الفقراء، و لا يضمن الساعي.

ص: 400


1- . في «أ»: قبل الرجوع.

المقصد الرابع: في مستحق الزكاة

اشارة

و فيه فصلان

الفصل الأوّل: في الأصناف
اشارة

و هي ثمانية

الصنف الأوّل و الثاني: الفقراء و المساكين
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

1361. الأوّل: لا تميز بين الفقير و المسكين مع الانفراد،

و مع الاجتماع لا بدّ من مائز، و القدر المشترك بينهما هو عدم التمكّن من مئونة السنة.

و اختلف في أيّهما أسوأ حالا، فللشيخ قولان:

أحدهما: الفقير(1)، لقوله عليه السّلام:

«نعوذ باللّه من الفقر»(2).

و قال عليه السّلام: «اللّهم أحيني مسكينا، و أمتني مسكينا، و احشرني في

ص: 401


1- . لاحظ المبسوط: 246/1، و الخلاف: 229/4، المسألة 10 من كتاب الصدقات.
2- . سنن النسائي: 261/8، و المستدرك للحاكم: 541/1.

زمرة المساكين»(1).

و لأنّ العرب تبدأ بالأهمّ ؛ و لأنّه مشتق من كسر الفقار، فإنّه فعيل بمعنى مفعول أي مكسور فقارة الظهر، و هو مهلك.

و لقوله تعالى: أَمَّا اَلسَّفِينَةُ فَكٰانَتْ لِمَسٰاكِينَ (2).

و الثاني: المسكين(3)، لقوله سبحانه: أَوْ مِسْكِيناً ذٰا مَتْرَبَةٍ (4).

و هو المطروح على التراب، لشدّة حاجته، و للتّأكيد به.

و لقول الشاعر(5):

أمّا الفقير الذي كانت حلوبته *** وفق العيال فلم يترك له سبد

و لنصّ أهل اللغة عليه، و كذا نصّ أهل البيت عليهم السّلام(6).

و لا فائدة كثيرة في البحث عن ذلك بل الأصل عدم الغنى الشامل للمعنيين، إن تحقّق استحق الزكاة إجماعا.

و اختلف في الغنى المانع، فللشيخ قولان: أحدهما من يملك نصابا تجب فيه الزكاة أو قيمته(7)، و الثاني القدرة على كفايته و كفاية من يلزمه كفايته حولا كاملا(8).

ص: 402


1- . سنن الترمذي: 577/4، برقم 2352.
2- . الكهف: 79.
3- . النهاية: 184.
4- . البلد: 16.
5- . هو الراعي يمدح عبد الملك بن مروان و يشكو إليه سعاته. لاحظ الصحاح للجوهري: 282/2، و لسان العرب: 299/10.
6- . لاحظ الوسائل: 144/4، الباب 1 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 3.
7- . الخلاف: 146/2، المسألة 183 من كتاب الزكاة؛ المبسوط: 239/1.
8- . الخلاف: 238/4، المسألة 24 من كتاب الصدقات؛ المبسوط: 256/1. و لاحظ المختلف: 214/3.
1362. الثاني: يجوز لصاحب الدار و الخادم و الفرس أخذ الزكاة مع حاجته و اعتياده لذلك.
1363. الثالث: لو كان له كفاية باكتساب أو صناعة لم يجز له أخذ الزكاة،

و كذا لو كان له أجرة عقار أو غيره مع الكفاية.

أمّا لو ملك نصابا زكويّا أو أكثر لا يتمّ به الكفاية، جاز له أخذ الزكاة.

1364. الرابع: لو أعدّ مالا للإنفاق و ليس له كسب و لا صناعة، اعتبرت الكفاية حولا،

فيعطى لا معها و لا ينتظر به إنفاق ما معه.

1365. الخامس: لو كانت له دار غلّة يكفيه غلّتها، لم يجز له أخذ الزكاة،

و لو لم تكفه جاز.

1366. السادس: لو كان معه ما يمون نفسه و عياله بعض السنة، جاز أن يتناولها من غير تقدير،

و قيل: لا يتجاوز التتمة، و ليس بمعتمد.

1367. السابع: لو كان ذا كسب يكفيه، حرم عليه أخذها،

و لو كان كسبه يمنعه عن التفقّه في الدين، فالأقرب عندي جواز أخذها.

1368. الثامن: لا يشترط في استحقاق الفقر الزمانة،

و لا التعفف عن السؤال.

1369. التاسع: الزوجة الفقيرة إذا كان زوجها غنيّا،

فإن كان ينفق عليها، حرمت عليها منه إجماعا و من غيره، و لو منعها النفقة، جاز لها الأخذ من غيره.

1370. العاشر: الولد المكتفي بنفقة أبيه، أو الأب المكتفي بنفقة الابن، لا يجوز لأحدهما أخذ الزكاة من صاحبه،

و في الجواز من غيره إشكال، و رواية عبد الرحمن الحجاج الصحيحة عن الكاظم عليه السّلام تعطي تسويغه(1).

ص: 403


1- . الوسائل: 163/6، الباب 11 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 1.
الصنف الثالث: العاملون على الزكاة و هم جباة الصدقات
اشارة

و فيه أربعة مباحث:

1371. الأوّل: إنّما يستحقّ العامل الصدقة إذا عمل،

و لو أخلّ لم يستحقّ .

1372. الثاني: لو فرّقها الإمام لم يأخذ منها شيئا.
1373. الثالث: إنّما يستحقّ العامل نصيبا من الزكاة،

لا عوضا و أجرة.

1374. الرابع: يدخل في العاملين: الكاتب، و القسام، و الحاسب، و الحافظ، و العريف،

أمّا الإمام و نائبه و القاضي فلا.

الصنف الرابع: المؤلّفة قلوبهم
اشارة

و فيه أربعة مباحث:

1375. الأوّل: المؤلّفة
اشارة

و هم الذين يستمالون إلى الجهاد، و يتألّفون بإسهامهم من الصدقة، و هم قوم مشركون، لهم نصيب من الزكاة لمعونة المسلمين في جهاد غيرهم من المشركين.

و هل هاهنا مؤلّفة غيرهم من المسلمين ؟ قال الشيخ: لا يعرف اصحابنا مؤلّفة أهل الإسلام(1)، و قال المفيد: المؤلّفة ضربان: مسلمون و مشركون(2).

ص: 404


1- . المبسوط: 249/1.
2- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 573/2، و المصنّف أيضا في التذكرة: 251/5.

و اعلم أنّ المؤلّفة من المسلمين أربعة:

1376. أحدها: أشراف مطاعون،

لهم نيّة حسنة في الإسلام، و يعلم ثباتهم عليه، لكن لهم نظراء من المشركين، إذا أعطوا رغب نظراؤهم في الإسلام.

1377. الثاني: أشراف، نيّتهم ضعيفة،

إذا أعطوا رجي حسن نيّتهم و ثباتهم.

1378. الثالث: مسلمون في طرف بلاد الإسلام،

لهم قوّة منع من يليهم من المشركين، إن أعطوا قاتلوا عن المسلمين، و إن منعوا لم يقاتلوا، و احتاج الإمام في قتالهم إلى مئونة شديدة لتجهيز الجيوش.

1379. الرابع: مسلمون في الأطراف،

بإزائهم قوم يؤدّون الصدقات خوفا منهم، إن أعطاهم الإمام جبوها و إن منعهم لم يجبوها(1) و احتاج الإمام إلى مئونة في تحصيلها.

قال الشيخ: لا يمتنع أن نقول: إنّ للإمام أن يتألّف هؤلاء القوم و يعطيهم، إن شاء من المؤلّفة، و إن شاء من سهم المصالح، لأنّ هذا من فرائض الإمام، و فعله حجّة، و لا يتعلق علينا في ذلك حكم اليوم لسقوطه، و فرضنا تجويز ذلك و الشك فيه(2) و قول الشيخ رحمه اللّه جيّد.

1380. الثاني: قال الشيخ: سهم المؤلّفة ساقط الآن،

و ليس بمنسوخ(3).

1381. الثالث: لو احتيج إلى الجهاد حال غيبة الإمام،

فالوجه جواز صرف السهم إلى أربابه من المؤلفة.

ص: 405


1- . في «أ»: جمعوها و ان منعهم لم يجمعوها.
2- . المبسوط: 250/1.
3- . المبسوط: 249/1.
1382. الرابع: إذا احتاج الإمام في قتال أهل البغي أو مانعي الزكاة إلى التأليف،

استعان بالمؤلّفة و صرف السهم إليهم.

الصنف الخامس: الرقاب
اشارة

و فيه خمسة مباحث:

1383. الأوّل: المراد بالرقاب المكاتبون و العبيد

إذا كانوا في ضرّ و شدة، يشترون ابتداء و يعتقون.

1384. الثاني: لو وجبت عليه كفّارة عتق و هو فقير،

قال قوم من أصحابنا:

و يجوز أن يعطى من الزكاة ما يشتري به رقبة(1) و يعتقها في كفّارته من سهم الرقاب، لأنّ القصد إعتاق الرقبة، و قال الشيخ: الأحوط أن يعطى ثمن الرقبة من سهم الفقراء، فيشتري هو، و يعتق عن نفسه(2) و قيل يعطى من سهم الغارمين(3).

1385. الثالث: لو لم يوجد مستحقّ ،

جاز أن يشترى العبد من مال الزكاة و يعتق، و إن لم يكن تحت شدّة.

1386. الرابع: يجوز صرف السهم إلى السيّد بإذن المكاتب،

و إلى المكاتب بإذن السيّد و بغير إذنه.

1387. الخامس: لا يعطى المكاتب من سهم الرقاب إلاّ إذا فقد ما يؤدّيه في كتابته، و هل يعطى قبل حلول النجم ؟

فيه إشكال، أقربه الجواز.

ص: 406


1- . في «أ»: ما يشتري به من الرقبة.
2- . المبسوط: 250/1.
3- . القائل هو المحقّق في المعتبر: 574/2.
الصنف السادس: الغارمون
اشارة

و هم المدينون في غير معصية و فيه سبعة مباحث:

1388. الأوّل: لو أنفق الغارم ما استدانه في معصية،

لم يقض عنه من الزكاة، سواء تاب أو لم يتب، نعم لو تاب و كان فقيرا جاز أن يعطى من سهم الفقراء، و يقضي هو.

1389. الثاني: لو لم يعلم في ما ذا أنفقه،

قال الشيخ: لا يقضى عنه(1)، و الوجه عندي القضاء.

1390. الثالث: لو قضى الغارم دينه من ماله أو من غيره،

لم يجز له أخذ عوضه من الزكاة، إلاّ أن يكون قضاه من دين آخر.

1391. الرابع: لو استغرق السهم الدين

جاز للإمام أن يدفعه إلى الغرماء، و أن يدفعه إلى الغارم ليقضي هو، و لو قصر السهم عن الدين فطلب أخذه ليتّجر فيه، و يستفضل ما يحصل به تمام الدين، فالوجه الجواز.

1392. الخامس: الغارم ضربان:

أحدهما: تحمّل مالا لإطفاء فتنة، بأن يتلف مال رجل و يجهل متلفه، و كاد يقع بسببه فتنة، فتحمّل رجل قيمته لإسكان النائرة، و سواء كان التحمّل لإطفاء الفتنة النائرة بالقتل أو بتلف المال.

ص: 407


1- . النهاية: 306 - كتاب الديون -.

و الثاني: من استدان لمنفعة نفسه إمّا للإنفاق في الطاعة أو المباح، و القسمان يعطيان من سهم الغارمين.

1393. السادس: لو ضمن دينا، و كان هو و المضمون عنه موسرين،

لم يؤدّه من سهم الغارم، و إن كانا معسرين، جاز.

و لو كان المضمون عنه مؤسرا دون الضامن، احتمل أن لا يصرف إليه، لعود النفع إلى المضمون عنه.

و لو كان الضامن مؤسرا دون المضمون عنه، فالأقرب صرفه إلى الأصيل، لإمكانه و لا يصرف إلى الضامن لإيساره مع إمكان الصرف إلى الأصيل.

1394. السابع: يجوز القضاء عن الحيّ و إن كان ممّن يجب نفقته مع العجز.

و يجوز أن يقاصّ بما عليه، و كذا يقضى عن الميت و يقاصّ ، و إن كان ممّن يجب نفقته أيضا. و الظاهر أنّ جواز المقاصّة انّما هو مع قصور التركة.

الصنف السابع: سبيل اللّه

و للشيخ قولان في تفسيره:

أحدهما: الجهاد خاصّة(1).

و الثاني: جميع سبل الخير و مصالح المسلمين، كمعونة الزائرين، و الحاجّ ، و قضاء الدين عن الحيّ و الميّت، و بناء القناطر و المساجد، و أشباه ذلك(2).

ص: 408


1- . النهاية: 184.
2- . المبسوط: 252/1، و الخلاف: 236/4، المسألة 21 من كتاب الصدقات.

و الثاني أقوى.

و الغزاة قسمان:

المطوّعة الّذين ليسوا بمرابطين، و لا أسهم لهم في الديوان، و ليسوا من الجند الذين لهم نصيب من الفيء، و إنّما يغزون إذا نشطوا.

و الثاني الّذين لهم سهم من الفيء، و هم جند الديوان الّذين هم يرسم(1) الجهاد.

و الأوّلون يأخذون النصيب إجماعا، و تردّد الشيخ في الثاني(2) و الوجه عندي جواز إعطائهم، و لو أراد كلّ من الصنفين الانتقال إلى صاحبه، جاز.

الصنف الثامن: ابن السبيل

و في تفسيره قولان:

احدهما للشيخ انّه المجتاز بغير بلده المنقطع به، و إن كان غنيّا في بلده (3)و يدخل الضيف فيه.

و الثاني لابن الجنيد انّه المجتاز و المنشئ للسفر(4) و الأقرب عندي الأوّل، فيعطى الثاني من سهم الفقراء مع فقره لا من سهم ابن السبيل.

ص: 409


1- . هكذا في النسختين و لعلّ الأصح «يرسمون»، و في الحديث: فاذا الناس يرسمون نحوه أي يذهبون إليه سراعا. لاحظ مجمع البحرين.
2- . المبسوط: 252/1.
3- . المبسوط: 252/1.
4- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 578/2.

إذا عرفت هذا فانّ ابن السبيل يعطى ما يكفيه لذهابه و عوده إن قصد غير بلده، و ما يكفيه لوصوله إلى بلده إن قصده، و يعطى في سفر الطاعة و المباح لا المعصية.

الفصل الثاني: في الأوصاف
اشارة

و هي ثلاثة: الإيمان، و أن لا يكون ممّن تجب نفقته، و لا هاشميّا من غيره

و هاهنا واحد و أربعون بحثا:

1395. الأوّل: لا يجوز صرف الزكاة إلى الكافر غير المؤلّفة،

و لا إلى غير المؤمن من سائر أصناف المسلمين، فلو خالف لم يجز، سواء كان عمدا أو جهلا.

1396. الثاني: لو لم يوجد المؤمن، فالأصحّ منع غيره منها،

و ينتظر الوجدان، سواء كان غير المؤمن مستضعفا أو لا.

1397. الثالث: حكم زكاة الفطرة حكم زكاة المال،

و جوّز بعض علمائنا دفعها إلى المستضعف مع عدم المستحق(1) و الحق خلافه.

1398. الرابع: يجوز أن يعطى زكاة المال و الفطرة أطفال المؤمنين،

و إن كان

ص: 410


1- . قال الشيخ في المبسوط: 242/1: و لا يجوز إعطاؤها لمن لا معرفة له إلاّ عند التقية أو عدم مستحقّيه.

آباؤهم فسّاقا، و لا يجوز إعطاء أولاد المشركين و لا أولاد المخالفين للحقّ .

1399. الخامس: اختار الشيخ

1399. الخامس: اختار الشيخ(1) و السيّد المرتضى رحمهما اللّه اشتراط العدالة في المستحقّ ،

1399. الخامس: اختار الشيخ(1) و السيّد المرتضى رحمهما اللّه(2) اشتراط العدالة في المستحقّ ،

و منعه آخرون(3) و هو الأقوى، و قال آخرون: يشترط مجانبة الكبائر، فعلى قولنا يجوز إعطاء الفاسق إذا كان مؤمنا.

1400. السادس: الإجماع على منع إعطاء من تجب نفقته على الدافع،

و هم الأبوان و إن علوا، و الأولاد و إن نزلوا، و الزوجة و المملوك، من الزكاة الواجبة.

و يجوز للزوجة أن تعطي زوجها من زكاتها، و هل له أن يعطي من تجب نفقته ما يزيد على النفقة الواجبة ؟ فيه إشكال.

1401. السابع: من عدا من ذكرنا من الأقارب، كالأخ و العمّ و الخال، لا يمنع من الزكاة مع الشرائط،

بل هو أولى من الأجنبيّ ، سواء كان وارثا أو لم يكن.

1402. الثامن: لو كان في عائلته من لا تجب نفقته، كيتيم أجنبيّ ،

جاز دفع الزكاة إليه، و الإنفاق عليه من الزكاة.

1403. التاسع: أجمع العلماء كافّة على تحريم الزكاة على بني هاشم من غيرهم،

و هم الآن أربعة: أولاد أبي طالب و العباس و الحارث و أبي لهب.

و هل تحرم(4) لبني المطّلب ؟ أفتى به المفيد في الغرية(5) و الحقّ عندي خلافه.

ص: 411


1- . الخلاف: 224/4، المسألة 3 من كتاب الصدقات؛ المبسوط: 251/1؛ و النهاية: 185.
2- . الانتصار: 218.
3- . منهم ابن الجنيد، لاحظ المختلف: 207/3.
4- . في «أ»: «و هل يحلّ » و الصحيح ما في المتن.
5- . لاحظ المختلف: 212/3، و المعتبر: 585/2.
1404. العاشر: يجوز لموالي بني هاشم - و هم من اعتقوه - أخذ الزكاة المفروضة،

و لا تحرم على زوجات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم.

1405. الحادي عشر: يجوز للهاشميّ أن يتناول الزكاة من مثله من الهاشميين،

و أخذ المندوبة من غيرهم.

1406. الثاني عشر: لو كان الهاشميّ فقيرا قد منع من الخمس،

جاز له تناول الزكاة، و هل يتقدّر بقدر الحاجة أو يجوز له الزيادة ؟ الأقرب الأوّل.

1407. الثالث عشر: لو ادّعى شخص الفقر،

فإن عرف كذبه، منع، و إن عرف صدقه أعطي، و إن جهل قبلت دعواه، و لا يكلّف بيّنة و لا يمينا.

و لو عرف له مال و ادّعى تلفه، قال الشيخ: يكلّف البيّنة(1) و عندي فيه نظر، و لو ادّعى العجز عن الاكتساب، قبل قوله من غير يمين، و إن كان شابا سليما.

1408. الرابع عشر: لو ادّعى العبد الكتابة، و لم يعلم صدقه،

فإن صدّقه السيّد، قبل قوله، و إن كذّبه افتقر إلى البيّنة.

1409. الخامس عشر: لو ادّعى الغرم،

فإن كان لمصلحة ذات البين، فأمره مشهور، و إن كان لمصلحة نفسه، و لم يعلم صدقه، فإن صدّقه المدين، أو انتفى تكذيبه، فالوجه القبول من غير يمين، و إن كذّبه لم يعط شيئا.

1410. السادس عشر: لو ادّعى ابن السبيل الحاجة، قبل قوله من غير يمين،

و كذا لو ادّعى تلف ماله، و الشيخ كلّفه في الثاني اليمين(2).

ص: 412


1- . المبسوط: 247/1 و 253.
2- . المبسوط: 254/1.
1411. السابع عشر: لا يعطى الزكاة المملوك و إن كان طفلا،

لأنّه يكون إعطاء للمالك.

1412. الثامن عشر: يجوز أن يعطى أطفال المؤمنين، فيتولّى الأخذ وليّهم،

سواء كان رضيعا أولا، أكل الطعام أو لا، و كذا يجوز الدفع إلى وليّ المجنون.

1413. التاسع عشر: المخالف إذا أخرج زكاته إلى أهل نحلته، ثمّ استبصر،

أعاد.

1414. العشرون: لو دفع الإمام أو الساعي إلى من يظنّه فقيرا فبان غنيّا،

لم يضمن الدافع، و لا المالك، و للإمام و النائب الاستعادة من المدفوع إليه مع ظهور غناه، شرط ذلك حال الدفع أو لا، أعلم أنّها زكاة أو لا، و مع فقده، يستعيد المثل أو القيمة، و مع التعذر، يذهب من المساكين.

و لو كان الدافع هو المالك، فالأقرب عدم الضمان مع الاجتهاد، و ثبوته، لا معه، فإن وجد العين، استعادها، و إلاّ المثل أو القيمة إن شرط وقت الدفع أنّها زكاة واجبة، و لو لم يشرط فلا رجوع.

1415. الحادي و العشرون: لو بان أنّ المدفوع إليه عبد المالك،

فالوجه عدم الإجزاء مطلقا.

1416. الثاني و العشرون: لو دفع إلى من ظاهره الإسلام أو الحريّة، فبان الخلاف،

أو بان هاشميّا، أو من تجب نفقته عليه، لم يضمن، كما تقدّم.

1417. الثالث و العشرون: الفقراء و المساكين و العاملون و المؤلّفة يعطون عطاء مطلقا

لا يراعى ما يفعلون بالصدقة.

ص: 413

أمّا الرقاب و الغارمون و في سبيل اللّه و ابن السبيل، فانّهم يعطون مراعى، فإن صرف المكاتب ما أخذه في الكتابة، و إلاّ استعيد إن دفع إليه ليصرفه فيها، و لو لم يف بما عليه و استرقه سيّده، قال الشيخ رحمه اللّه: لا يرتجع(1).

و الغارم إن صرف سهمه في الدين، و إلاّ فالوجه ارتجاعه، خلافا للشيخ رحمه اللّه(2).

و الغازي إن صرف سهمه في الغزو، و إلاّ استعيد، و لو فضل منه فضل(3) بعد الغزو لم يستعد.

و ابن السبيل إن دفع صرف سهمه في مئونة سفره، و إلاّ استعيد، خلافا للشيخ(4) و لو فضل معه شيء في بلده من الصدقة استعيد.

1418. الرابع و العشرون: الغازي، و العاملون عليها، و الغارم لمصلحة ذات البين، يأخذون مع الغنى و الفقر

و الباقي انّما يأخذون مع الفقر لا غير، و ابن السبيل يأخذ و ان كان غنيّا في بلده لفقره في بلد الأخذ(5).

1419. الخامس و العشرون: من تجب نفقته، لو كان غازيا، أو عاملا، أو مكاتبا،

جاز أن يدفع إليه من سهم من اتّصف بصفته، و لو كان ابن سبيل، دفع إليه ما يحتاج إليه لسفره ممّا يزيد عن النفقة الأصلية، كالحمولة و مئونة الطريق.

ص: 414


1- . المبسوط: 254/1؛ و الخلاف: 235/4، المسألة 18 من كتاب الصدقات.
2- . الخلاف: 235/4، المسألة 18 من كتاب الصدقات.
3- . في «أ»: فضلة. في لسان العرب: الفضل و الفضلة: البقية من الشيء.
4- . الخلاف: 235/4، المسألة 18 من كتاب الصدقات.
5- . في «ب»: في بلد الآخر.

و لو كان مملوكه مكاتبا، جاز أن يدفع إليه مولاه من زكاته، ما يعينه على فكّ رقبته، و منع منه ابن جنيد(1).

1420. السادس و العشرون: لو سافرت زوجته، كان الزائد عن نفقة الحضر محتسبا من سهم ابن السبيل،

و لو كان بغير إذنه، كانت عاصية فلا تعطى شيئا.

و لو كانت مكاتبة جاز لزوجها دفع ما يعينها على فك رقبتها، و كذا لو كانت غارمة.

1421. السابع و العشرون: يجوز أن يخصّ بالزكاة كلّها شخص من صنف واحد،

و الأفضل صرفها إلى الأصناف بأسرهم.

و يجوز تفضيل بعضهم على بعض، و أن يعطى الفقير ما يغنيه و ما يزيد عليه دفعة، فلو دفع إليه ما يغنيه حرم الزائد.

1422. الثامن و العشرون: الغارم يعطى قدر الدّين خاصّة، قلّ أو كثر،

و كذا المكاتب و ابن السبيل، و الغازي يعطى ما يكفيه لغزوه.

و العامل يعطى سهمه أو أجرته، و لو عيّن له الإمام أجرة، و قصر السهم تمّمه الإمام من بيت المال أو من سهم غيره، و لو زاد نصيبه عن أجرته ردّ الزائد على باقي السّهمان.

1423. التاسع و العشرون: في تحريم نقل الصدقة من بلدها مع وجود المستحقّ قولان

1423. التاسع و العشرون: في تحريم نقل الصدقة من بلدها مع وجود المستحقّ قولان(2)

أقربهما الكراهيّة، و لو نقلها ضمن، أمّا لو لم يوجد المستحقّ

ص: 415


1- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 582/2.
2- . لاحظ المختلف: 312/3.

في بلدها فإنّ النقل سائغ مع ظنّ السلامة إجماعا، و لا ضمان مع عدم التفريط.

1424. الثلاثون: لو كان المالك في غير بلد المال،

استحبّ إخراجها في بلد المال، و لو كان بعضه عنده استحبّ أن يخرج عن كلّ مال في بلده.

1425. الواحد و الثلاثون: لو فقد المستحقّ استحبّ له عزلها و الإيصاء بها،

و لو أدركته الوفاة وجبت الوصيّة بها.

1426. الثاني و الثلاثون: لو اتّصف المستحقّ بصفات مختلفة،

جاز أن يأخذ بكلّ وصف قسطا.

1427. الثالث و الثلاثون: أقلّ ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأوّل و هو خمسة دراهم أو نصف دينار،

قاله الشيخان(1) و ابنا بابويه(2) و هو الأشهر في الروايات(3).

و قال ابن الجنيد(4) و سلاّر(5) ما يجب في النصاب الثاني و هو درهم أو قيراطان، و لم يقدّره المرتضى(6) و لا حدّ لأكثر ما يعطى.

1428. الرابع و الثلاثون: يستحبّ أن يعطى زكاة الأثمان و الغلاّت أهل الفقر المعروفين بأخذ الزكوات،

و زكاة النعم أهل التجمّل.

ص: 416


1- . المفيد في المقنعة: 243؛ و الشيخ في النهاية: 189.
2- . الفقيه: 10/2 في ذيل الحديث 27.
3- . لاحظ الوسائل: 177/6، الباب 23 من أبواب المستحقين للزكاة.
4- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 590/2.
5- . المراسم: 133.
6- . جمل العلم و العمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): 79.
1429. الخامس و الثلاثون: لو كان الفقير يترفّع عن الزكاة، جاز إعطاؤه،

و لا يشعر بأنّها زكاة.

1430. السادس و الثلاثون: يكره للفقير مع الحاجة الامتناع من قبولها.
1431. السابع و الثلاثون: من أعطي شيئا ليفرّقه في قبيل و كان منهم،

فإن كان المالك قد عيّن لم يتعدّ تعيينه، و إن لم يعيّن جاز أن يأخذ مثل غيره لا أزيد.

1432. الثامن و الثلاثون: أهل السّهمان إنّما يستحقّون عند القسمة إذا أخذوا نصيبهم،

فإذا مات فقير قبل الأخذ، لم ينتقل إلى وارثه شيء.

1433. التاسع و الثلاثون: يكره للرجل شراء صدقته و استيهابها،

و بالجملة يملكها اختيارا، و ليس بمحرّم، و لا بأس بعودها إليه بميراث و شبهه من غير كراهية، و كذا لو احتاج إلى شرائها، زالت الكراهية.

1434. الأربعون: العبد المبتاع من مال الزكاة إذا مات و لا وارث له، ورثه أرباب الزكاة،

و الرواية(1) به و ان كانت ضعيفة(2) إلاّ أنّ محقّقي علمائنا عملوا بها.

1435. الواحد و الأربعون: لو ادّعى المالك الإخراج، قبل قوله من غير بيّنة و لا يمين،

و كذا لو قال: هي وديعة، أو لم يحل الحول.

ص: 417


1- . لاحظ الوسائل: 203/6، الباب 43 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 2 و 3.
2- . قال المصنّف في التذكرة: 351/5: و الرواية ضعيفة السند، لأنّ في طريقها ابن فضال و ابن بكير، و هما فطحيان.

ص: 418

المقصد الخامس: في زكاة الفطرة

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: في من تجب عليه
اشارة

و فيه واحد و ثلاثون بحثا:

1436. الأوّل: زكاة الفطرة واجبة بشرط الحريّة و التكليف و الغنى،

فلا تجب على المملوك، بل تجب على السيّد ابتداء.

و حكم أمّ الولد، و المدبّر، و المكاتب المشروط، حكم القنّ ، أمّا المطلق فإن لم يؤدّ شيئا فالفطرة على المولى، و كذا إن أدّى و عاله مولاه، و إن أنفق من كسبه وجب عليه و على السيد بالحصص، إن ملك بالحريّة ما يجب معه الزكاة.

1437. الثاني: لا زكاة على الصبيّ و المجنون.

و لا يجب على الوليّ الإخراج عنهما إجماعا، و كذا لا تجب على من أهلّ شوال و هو مغمى عليه.

1438. الثالث: الفقير لا زكاة عليه،

و هو من يحلّ له أخذ زكاة المال، و قال ابن الجنيد: يجب على من فضل عنده من مئونته و مئونة عياله صاع(1)و ليس بمعتمد.

ص: 419


1- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 593/2.
1439. الرابع: إنّما تجب على الغنيّ ، و هو من ملك قوت سنته له و لعياله،

أو يكون ذا كسب، أو صنعة يقوم بأوده و أود عياله و زيادة مقدار الزكاة، و للشيخ هنا قول آخر(1).

1440. الخامس: النيّة معتبرة في إخراجها،

فالكافر تجب عليه و لا يصحّ منه أداؤها، و تسقط بالإسلام بعد الهلال لا قبله.

و لو أسلم عبد الكافر قبل الهلال و لم يبع، لم يكلّف مولاه الإخراج عنه.

1441. السادس: الفطرة تجب على أهل البادية،

كما تجب على أهل الحضر.

1442. السابع: يجب أن يخرج الفطرة عن نفسه و عن جميع من يعوله،

سواء كان للعائل ولاية أو لا، و سواء كان المعول مسلما أو كافرا، حرّا أو عبدا، قريبا أو بعيدا، غنيّا أو فقيرا، و سواء وجبت العيلولة أو تبرع بها.

و يجب عليه الإخراج عن زوجته و عبده إن لم يعلهما غيره، و لو عالهما غيره، وجبت على العائل.

1443. الثامن: يجب على الزوج إخراج الفطرة عن زوجته و إن كانت غنيّة،

و لا يجب عليها، و كذا كل من وجبت زكاته على غيره يسقط عنه، و إن كان لو انفرد وجبت عليه كالضّيف الغنيّ و المرأة الموسرة.

و لو نشزت سقطت مئونتها و لم تجب عليه فطرتها، و ابن ادريس أخطأ هنا، حيث أوجبها عليه و ادّعى الإجماع(2) و هو غريب.

ص: 420


1- . المبسوط: 240/1.
2- . السرائر: 466/1.

و الزوجة الصغيرة، و غير المدخول بها إذا لم تمكّنا من أنفسهما، لم تجب عليه نفقتهما و لا فطرتهما.

1444. التاسع: المطلّقة رجعيّة يجب على الزوج إن لم يخرج عنها،

أمّا البائن فلا يجب عليه عنها، و لو كانت حاملا و أوجبنا النفقة للحمل فكذلك، و إلاّ وجبت.

1445. العاشر: المتمتّع بها لا تجب فطرتها على الزوج

إلاّ أن يعولها تبرّعا.

1446. الحادي عشر: زوجة المعسر أو المملوك إذا كانت موسرة

فلا زكاة على الزوج قطعا.

و هل يسقط عن الزوجة ؟ قال الشيخ: نعم(1) و عندي فيه إشكال، و الأصل فيه انّ الوجوب إن ثبت على الزوج ابتداء، فالوجه ما قاله الشيخ، و إن وجبت عليها و يتحمّلها الزوج، فالفطرة واجبة عليها.

و كذا البحث في أمة الموسر إذا كانت تحت معسر أو مملوك، نصّ الشيخ على سقوط فطرتها عن مولاها(2) و البحث كما تقدّم.

1447. الثاني عشر: لو أخرجت الزوجة عن نفسها،

فإن كان بإذن الزوج أجزأ عنها، و إلاّ فلا.

1448. الثالث عشر: لو كانت الزوجة من أهل الاخدام فاتّخذت خادما بأجرة،

لم تجب على الزوج فطرته إذا لم يعله و إن كان ملكا لها، فإن اختار الزوج الإنفاق عليه وجب عليه فطرته، و إلاّ فلا.

ص: 421


1- . المبسوط: 241/1.
2- . المبسوط: 241/1.

و لو استأجرت خادما و شرطت نفقته، فإن اختار الزوج ذلك وجبت فطرته، و إلاّ فلا.

1449. الرابع عشر: يخرج عن ولده مع العيلولة صغيرا كان أو كبيرا،

موسرا أو معسرا.

1450. الخامس عشر: لو كان الولد صغيرا معسرا، وجبت فطرته على الأب،

و لو كان موسرا فنفقته في ماله، فإذا لم يعله الأب تبرّعا، قال الشيخ: لا تسقط الفطرة عن الأب، لأنّه من عياله(1) و الوجه عندي سقوط الفطرة عن الأب، لانتفاء العيلولة وجوبا و تبرّعا، و عن الولد لانتفاء التكليف.

أمّا الكبير فيجب فطرته عليه، و لو كان فقيرا فعلى الأب، و كذا البحث في الآباء و الأجداد.

و حكم ولد الولد حكم الولد، سواء كان ولد ابن أو بنت.

1451. السادس عشر: لو كان للولد خادم،

فإن كان محتاجا إليه، للزمانة أو الصغر، ففي وجوب فطرته على الأب مع إعسار الولد(2) تردّد.

1452. السابع عشر: يجب على المولى الإخراج عن عبده، و إن كان غائبا،

أو آبقا، أو مرهونا، أو مغصوبا، سواء رجا عوده أو لا، و سواء كان مطلقا، أو محبوسا، كالأسير مع علم حياته، و لو لم يعلم حياته، قال الشيخ: لا يلزمه الفطرة

ص: 422


1- . الخلاف: 134/2، المسألة 164 من كتاب زكاة الفطرة.
2- . هذا ما أثبتناه، و لكن في النسختين: «اعتبار الولد» و هو تصحيف. قال المصنّف في المنتهى: لو كان لابنه الصغير خادم، فإن كان الابن محتاجا إليه للزمانة أو الصغر، قال الشافعي: تجب فطرته على الأب مع إعسار الولد، و على الولد إن لم يكن كذلك، و عندي فيه توقف. منتهى المطلب: 534/1 (ط القديم).

عنه(1) و أوجبها ابن إدريس(2)، و عندي في ذلك نظر.

1453. الثامن عشر: قال الشيخ: لا يجب على الغاصب إخراج الفطرة عن العبد المغصوب

و لا على المالك(3)، و ليس بجيّد.

1454. التاسع عشر: إذا اشترى عبدا و نوى به التجارة في يد المضارب وجبت عليه فطرته.

و لا تسقط زكاة التجارة فيه ندبا أو وجوبا على الخلاف، و لو كان له عبيد للتجارة في يد المضارب، وجبت فطرتهم على المالك.

1455. العشرون: لو ملك عبده عبدا،

فإن أحلنا التمليك، فالزكاة على المولى، و إن سوّغناه، فالأقرب وجوبها على المولى أيضا.

1456. الحادي و العشرون: فطرة العبد المكاتب المشروط على مولاه،

و الوجه أنّ زوجته كزوجة القنّ .

1457. الثاني و العشرون: من نصفه حرّ و نصفه مملوك،

فعلى المولى نصيب الرقيّة، و على العبد نصيب الحرّيّة إن ملك بها نصابا.

و لو كان أحدهما معسرا، سقط نصيبه، و وجب على الآخر، و لو كان بين السيّد و العبد مهاياة، أو بين أرباب العبد المشترك لم تدخل الفطرة فيه.

1458. الثالث و العشرون: القنّ إذا تزوّج بإذن مولاه، كانت فطرة امرأته على مولاه،

سواء كانت حرّة أو أمة، أمّا لو لم يأذن وجبت فطرتها عليها إن كانت حرّة، و على مولاها إن كانت أمة.

1459. الرابع و العشرون: المملوك الكافر إذا كانت له زوجة كافرة،

وجبت فطرتهما على المولى.

ص: 423


1- . المبسوط: 239/1.
2- . السرائر: 467/1.
3- . المبسوط: 240/1.
1460. الخامس و العشرون: لو زوّج أمته بعبد غيره، أو مكاتبته و سلّمها إليه،

وجبت فطرتها على مولاه.

و لو زوّجها من حرّ معسر سقطت فطرتها عن المولى، لسقوط نفقتها عنه بالتسليم، و عن المعسر.

و لو زوّجها من موسر و سلّمها إليه، وجب فطرتها على الزوج، و لو منعها عنه في وقت، وجبت الفطرة على السيّد.

1461. السادس و العشرون: لو آجر عبده، كانت فطرته على مالكه دون المستأجر.
1462. السابع و العشرون: لو أوصى لرجل برقبة عبد، و لآخر بمنفعته،

كانت الفطرة على مالك الرقبة.

1463. الثامن و العشرون: فطرة المشترك على أربابه بالحصص،

و لا فرق بين أن يكون بين اثنين أو أزيد، و يجوز أن يتّفق الشريكان في جنس المخرج و أن يختلفا.

1464. التاسع و العشرون: لا يجب أن يخرج على الجنين.
1465. الثلاثون: اختلف علماؤنا في الضيافة المقتضية لوجوب الفطرة،

فبعضهم(1) اشترط ضيافة الشهر كلّه، و آخرون العشر الأواخر(2)، و آخرون آخر ليلة من الشهر بحيث يهلّ الهلال و هو في ضيافته(3) و هو الأقوى.

ص: 424


1- . كالسيد المرتضى في الانتصار: 88، و ابن حمزة في الوسيلة: 131، و الشيخ في الخلاف: 133/2، المسألة 162 من كتاب زكاة الفطرة.
2- . منهم الشيخ المفيد في المقنعة: 265.
3- . منهم المحقّق في المعتبر: 604/2، و ابن إدريس في السرائر: 466/1.
1466. الحادي و الثلاثون: يستحبّ للفقير إخراج الفطرة عن نفسه و عن عياله،

و لو أخذها استحبّ له دفعها، و لو ضاق عليه، أدار صاعا على عياله ثمّ يصدّق به.

الفصل الثاني: في قدرها و جنسها
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

1467. الأوّل: الجنس ما كان قوتا غالبا،

كالحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب، و الأرز، و الأقط، و اللبن، فلو أخرج أحد هذه أجزأه و إن كان غالب قوت البلد غيره.

و أفضل هذه الأجناس التمر، ثمّ الزبيب، و قيل: الأفضل ما يغلب على قوت البلد(1) و هو حسن.

1468. الثاني: قدر الفطرة صاع من جميع الأجناس بصاع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم،

و الصاع أربعة أمداد، و المدّ رطلان و ربع بالعراقي، و هو مائة و اثنان و تسعون درهما و نصف، و الدرهم ستّة دوانيق، و الدانق ثمان حبّات من أوسط حبّ الشعير، فقدر الصاع تسعة أرطال بالعراقي و ستّة بالمدني.

ص: 425


1- . القائل هو الشيخ في المبسوط: 241/1؛ الخلاف: 150/2، المسألة 189 من كتاب زكاة الفطرة؛ و سلاّر في المراسم: 135.

قال الشيخ رحمه اللّه: و يجزئ من اللبن أربعة أرطال بالمدني(1) و روايته(2) ضعيفة.

1469. الثالث: يجزئه الصاع من سائر الأجناس إذا اعتبر الكيل،

سواء ثقل أو خفّ ، و هل يجزئ الوزن من دون الكيل ؟ الوجه ذلك.

1470. الرابع: لو أخرج صاعا من جنسين من الأجناس المنصوصة،

قال الشيخ: لا يجزئه(3)، و الأقرب عندي الإجزاء.

و لو أخرج أصواعا من أجناس مختلفة عن جماعة، جاز إجماعا.

1471. الخامس: هل يجوز أن يخرج أقلّ من صاع من جنس أعلى إذا ساوى قيمته صاعا من أدون على سبيل التقويم ؟

عندي فيه تردّد، و لم أقف فيه للقدماء على قول.

1472. السادس: لو أخرج من غير الغالب على قوته،

جاز و إن كان أدون قيمة.

1473. السابع: لا يجزئه إخراج المعيب،

و يجوز أن يخرج من قديم الطعام(4)إذا لم يتغيّر طعمه و إن نقصت قيمته عن قيمة الحديث.

1474. الثامن: يجوز إخراج القيمة،

و لا يتقدّر بقدر معيّن، بل يرجع إلى القيمة السوقيّة وقت الإخراج.

و قدّره قوم من علمائنا بدرهم، و آخرون بأربعة دوانيق(5) و ليس بشيء.

ص: 426


1- . المبسوط: 241/1.
2- . لاحظ الوسائل: 236/6، الباب 7 من أبواب زكاة الفطرة، الحديث 3 و 5.
3- . المبسوط: 241/1.
4- . في «ب»: من طعام قديم.
5- . لاحظ الأقوال في الشرائع: 131/1، و المختلف: 291/3، و لاحظ الروايات حول المسألة في الوسائل: 242/6، الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة.
1475. التاسع: قال في الخلاف: لا يجزئ الدقيق و السويق من الحنطة و الشعير على أنّهما أصل،

و يجزئان على أنّهما قيمة(1) و عندي فيه نظر، و كذا البحث في الخبز هل يجزئ على أنّه أصل أو بالتقويم ؟

1476. العاشر: السلت إن قلنا إنّه نوع من الشعير أجزأ على أنّه أصل لا قيمة،

و إلاّ اعتبرت قيمته، و كذا البحث في العلس.

أمّا الخلّ و الدبس و ما أشبههما فلا يجزئان أصلا بل بالقيمة.

و الطعام الممتزج بالتراب يجزئ إن لم يخرج بالمزج إلى حدّ المعيب. فإن خرج وجب إزالته، أو الزيادة المقاومة.

الفصل الثالث: في وقتها و مستحقّها
اشارة

و فيه عشرون بحثا:

1477. الأوّل: تجب الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان،

و للشيخ رحمه اللّه قول آخر بوجوبها بطلوع الفجر الثاني يوم الفطر(2)، و اختاره المفيد(3)و ابن الجنيد(4).

ص: 427


1- . الخلاف: 151/2، المسألة 191 من كتاب زكاة الفطرة.
2- . قال المصنّف في المنتهى: تجب الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان، اختاره الشيخ في الجمل... و قال الشيخ في النهاية بطلوع الفجر الثاني يوم الفطر. منتهى المطلب: 1 / 539 (ط القديم) لم نظفر عليه في النهاية و سائر كتبه.
3- . المقنعة: 249.
4- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 611/2.
1478. الثاني: لو وهب له عبد فأهلّ شوال، و لم يقبض

فالفطرة على الواهب، و لو قبل و مات قبل القبض، فقبض الوارث، قال الشيخ: تجب الفطرة عليه(1)، و ليس بجيّد.

1479. الثالث: لو ولد له ولد بعد الهلال، أو تزوّج، أو اشترى أو أسلم، أو بلغ،

أو صار غنيّا، أو زال جنونه، لم تجب الفطرة، و لو كان قبله وجبت و إن كان قبل الغروب بشيء يسير.

1480. الرابع: لو مات له ولد، أو مملوك، أو طلّق زوجته، أو باع عبده قبل الغروب فلا زكاة،

و تجب فيما بعده على الخلاف، و لو مات العبد بعد الهلال، قبل إمكان الأداء عنه، وجب الإخراج عنه.

1481. الخامس: لو أوصى له بعبد، ثم مات الموصي بعد الهلال، فالزكاة عليه،

و إن مات قبله، فإن قبل الموصى له قبل الهلال أيضا، فالزكاة على الموصى له، و إن قبل بعده، قال الشيخ: لا زكاة على أحد(2).

1482. السادس: لو مات الموصى له، كان للوارث القبول،

فإن قبل قبل الهلال، وجبت الفطرة، و هل تجب عليه أو في مال الموصى له ؟ قال الشيخ بالأوّل(3)، و هو جيّد.

1483. السابع: لو مات بعد الهلال و عليه دين، ففطرة عبده في تركته،

و لو ضاقت التركة وقع التحاصّ بين الفطرة و الدين.

و لو مات قبل الهلال، قال الشيخ: لا يلزم أحدا فطرته إلاّ أن يعوله(4) و الوجه

ص: 428


1- . المبسوط: 240/1.
2- . المبسوط: 240/1.
3- . المبسوط: 240/1.
4- . المبسوط: 240/1.

أنّ الفطرة على الورثة إن قيل بانتقال التركة إليهم كالراهن، و إلاّ فالوجه ما قاله الشيخ.

1484. الثامن: العبد إذا كان نصفه حرّا و هاياه مولاه فوقع الهلال في نوبة أحدهما،

ففي اختصاصه بالفطرة تردّد، أقربه العدم.

1485. التاسع: يستحبّ إخراجها يوم العيد قبل الخروج إلى المصلّى، و يتضيّق عند الصلاة.

و هل يجوز تقديمها على هلال شوال ؟ الأقوى عندي جواز ذلك من أوّل رمضان لا أكثر.

1486. العاشر: لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد اختيارا،

فإن أخّرها أثم، و لو لم يتمكّن لم يأثم إجماعا، ثمّ إن كان قد عزلها أخرجها مع الإمكان، و إن لم يكن قد عزلها فالأقرب صيرورتها قضاء، و قيل: أداء(1) و قيل: يسقط(2) و يصحّ العزل إذا عزلها المالك، و يضمن بالتأخير عنه مع وجود المستحقّ .

و يجوز نقلها من بلده مع عدم المستحقّ فيه، و معه على الخلاف(3) و يضمن.

1487. الحادي عشر: يجوز أن يخرجها من المال الغائب عنه،

و الأفضل إخراجها من بلد المال(4) و قسمتها فيه.

ص: 429


1- . القائل هو الشيخ في الاقتصاد: 285.
2- . القائل المفيد في المقنعة: 249.
3- . لاحظ الأقوال في المختلف: 312/3.
4- . في «أ»: من بلد المالك.
1488. الثاني عشر: يصرف الفطرة إلى من يصرف إليه زكاة المال،

و يجوز أن يعطى أطفال المؤمنين و إن كان آباؤهم فساقا، و لا يجوز صرفها إلى غير المستحقّ .

و المستضعف غير مستحقّ ، خلافا للشيخ(1) و لو فقد المستحقّ جاز التأخير، و لا ضمان مع وجود المستضعف.

1489. الثالث عشر: يجوز صرفها إلى واحد، و يجوز للجماعة صرف صدقتهم إلى الواحد دفعة،

و على التعاقب ما لم يبلغ إلى حدّ الغنى.

1490. الرابع عشر: لو أخرجها إلى المستحقّ فأخرجها آخذها إلى دافعها،

بأن يكون الفقير قد أخذها و تصدّق بها جاز.

1491. الخامس عشر: يستحبّ تخصيص الأقارب بها، ثمّ الجيران مع وجود الأوصاف،

و يستحبّ ترجيح أهل الفضل في العلم و الدين.

1492. السادس عشر: يجوز للمالك أن يتولّى التفرقة بنفسه،

و يستحبّ صرفها إلى الإمام أو نائبه، و لو تعذّر، صرفت إلى الفقيه المأمون من الإماميّة.

1493. السابع عشر: يجوز أن يعطى صاحب الخادم و الدار و الفرس من الزكاتين،

و لا يكلّف بيع ذلك و لا بعضه.

1494. الثامن عشر: يستحبّ أن لا يعطى الفقير أقلّ من صاع،

و يجوز أن يعطى أصواعا، و لو اجتمع جماعة لا يسعهم الأصواع جاز أن يعطى الواحد أقلّ من صاع.

ص: 430


1- . المبسوط: 242/1.
1495. التاسع عشر: لا تسقط صدقة الفطرة بالموت،

و تخرج من أصل التركة كالدين، و إن لم يوص بها.

1496. العشرون: لا يملك المستحقّ الزكاة إلاّ مع القبض من المالك أو وكيله،

فليس للوارث المطالبة بها لو مات المستحقّ قبل القبض.

ص: 431

ص: 432

المقصد السادس: في الخمس

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: فيما يجب فيه
اشارة

و فيه ثلاثون بحثا:

1497. الأوّل: يجب الخمس في سبعة أصناف:

الغنائم من دار الحرب، و المعادن، و الكنوز، و الغوص، و فاضل مئونته و مئونة عياله عن السّنة من أرباح التجارات و الصناعات و الزراعات، و الحلال إذا اختلط بالحرام و لم يتميّز، و أرض الذميّ إذا اشتراها من مسلم.

1498. الثاني: الغنائم التي تؤخذ من دار الحرب،

يجب فيها الخمس ممّا حواه العسكر، و ما لم يحوه، أمكن نقله أو لا، ممّا يصحّ تملّكه.

1499. الثالث: ما يؤخذ في دار الحرب منهم، إذا كان في أيديهم غصبا من مسلم أو معاهد،

لا يجب الخمس فيه، و يجب ردّه على المغصوب منه.

1500. الرابع: الخمس يجب في الغنيمة قلّت أو كثرت.

ص: 433

1501. الخامس: المعادن، كلّ ما خرج من الأرض ممّا يخلق فيها من غيرها ممّا له قيمة،

و يجب فيها الخمس لا الزكاة؛ سواء كانت مائعة كالقير و النفط و الكبريت، أو جامدة؛ سواء كانت منطبعة بانفرادها كالرصاص و النحاس و الذهب و الفضة و الحديد، أو مع غيره كالزيبق، أو غير منطبعة كالياقوت و الفيروزج و البلخش و العقيق.

1502. السادس: في اعتبار النصاب في المعادن، قولان للشيخ:

أحدهما انّه يعتبر(1)، و الثاني أنّه غير معتبر، و يجب الخمس في قليلها و كثيرها(2)و الأقرب الأوّل.

ثمّ في قدر النصاب قولان: أحدهما: عشرون دينارا(3)، و هو الأقوى عندي؛ و الثاني دينار واحد، اختاره ابن بابويه(4) و أبو الصلاح(5)، فلا يجب الخمس في شيء من المعادن حتى يبلغ قيمته عشرين دينارا.

1503. السابع: النصاب معتبر بعد المئونة،

فإن بلغ بعدها نصابا وجب الخمس، و إلاّ فلا، و يعتبر النصاب فيما أخرج دفعة واحدة، أو دفعات لا يتخلّلها ترك إهمال، فلو أخرج دون النصاب و ترك العمل مهملا، ثمّ أخرج دون النصاب، لم يجب شيء، و لو كملا نصابا، أمّا لو بلغ أحدهما نصابا، وجب فيه خاصّة.

ص: 434


1- . المبسوط: 237/1، و النهاية: 197.
2- . الخلاف: 119/2، المسألة 142 من كتاب الزكاة؛ و الاقتصاد: 283.
3- . و هو خيرة الشيخ في المبسوط: 237/1؛ و النهاية: 197.
4- . المقنع: 172.
5- . الكافي في الفقه: 170.

و لو تخلّل ترك العمل للاستراحة مثلا، أو لإصلاح آلة، أو طلب أكل، أو معادن، أو خرج بين المعدنين تراب، أو شبهه، وجب الخمس إذا بلغ المنضمّ النصاب، ثمّ يجب في الزائد مطلقا.

1504. الثامن: النصاب معتبر في الذهب و ما عداه بالقيمة،

و لو اشتمل المعدن على جنسين، ضمّ أحدهما إلى الآخر، سواء كانا ذهبا أو فضّة أو لا.

1505. التاسع: لا يعتبر الحول في المعادن.
1506. العاشر: المعدن إن كان في ملك، ملكه صاحب الملك،

فيخرج خمسه، و الباقي له، و إن كان في مباح، فالخمس لأربابه، و الباقي لواجده.

1507. الحادي عشر: قال الشيخ: يمنع الذميّ من العمل في المعدن،

فإن أخرج منه شيئا ملكه، و أخذ منه الخمس(1).

1508. الثاني عشر: الخمس يجب في المخرج من المعدن،

و يملك المخرج الباقي، و يستوي في ذلك الصغير و الكبير، و لو كان المعدن لمكاتب، وجب فيه الخمس، و لو استخرج العبد معدنا، ملكه سيّده، و وجب على مولاه خمسه.

1509. الثالث عشر: لو باع الواجد جميع المعدن، فالخمس عليه،

و يجب خمس المعدن لا خمس الثمن.

1510. الرابع عشر: الكنز هو المال المدفون في الأرض، و يجب فيه الخمس،

سواء وجد في أرض الحرب، أو أرض العرب.

ص: 435


1- . الخلاف: 120/2، المسألة 144 من كتاب الزكاة.
1511. الخامس عشر: الكنز إن وجد في أرض موات من دار الإسلام أو غيره معهودة بالتملّك،

كآثار الأبنية المتقادمة على الإسلام، و جدران الجاهليّة و قبورهم، فإن كان عليه أثر الإسلام، فلقطة، و إن لم يكن عليه أثر الإسلام، أخرج خمسه، و ملك الباقي.

و إن وجد في أرض مملوكة له، فإن انتقلت إليه بالبيع، عرّف البائع، فإن عرفه، و إلاّ عرّف البائع قبله، و هكذا، فإن لم يعرفه أحد منهم فلقطة.

و إن انتقلت بالميراث، عرّف باقي الورثة، فإن اتّفقوا على أنّه ليس لمورّثهم، فهو لأوّل مالك، فإن لم يعرفه أحد فلقطة.

و إن اختلفوا، حكم للمعترف بنصيبه، و كان حكم المنكر ما مضى.

هذا إذا كان عليه أثر الإسلام، فإن لم يكن عليه أثر الإسلام، فللشيخ قولان:

أحدهما إنّه لقطة، و الثاني للواجد(1).

و إن وجد في أرض مملوكة لغيره، مسلم أو معاهد، فهو لصاحبها إن اعترف به، و إلاّ فلأوّل مالك، و إن لم يعرفه أحد، ففي تملّك الواجد إشكال.

و إن وجد في دار الحرب فهو لواجده، سواء كان عليه أثر الإسلام أو لا، و يخرج منه الخمس، و كذا لو وجده في أرض مملوكة لحربيّ معيّن.

1512. السادس عشر: لو استأجر أجيرا ليحفر له، طلبا للكنز، فوجده، فهو للمستأجر،

و لو استأجره لغير ذلك، فالكنز للأجير.

ص: 436


1- . المبسوط: 236/1، و الخلاف: 122/2، المسألة 148 من كتاب الزكاة. و لاحظ المختلف: 320/3-321، و التذكرة: 415/5، و المنتهى: 546/1 (ط القديم).
1513. السابع عشر: لو استأجر دارا فوجد كنزا، فهو للمالك،

و لو تداعياه، فالقول قول المالك، و للشيخ رحمه اللّه قول آخر: إنّ القول قول المستأجر(1).

أمّا لو اختلفا في مقداره، فالقول قول المستأجر.

1514. الثامن عشر: يجب الخمس في كلّ كنز على اختلاف أنواعه،

من الذهب، و الفضّة، و الرصاص، و الصفر، و النحاس، و الأواني، و غير ذلك.

1515. التاسع عشر: لا يعتبر في الكنز الحول،

بل متى وجد وجب.

1516. العشرون: يجب الخمس على الواجد،

مسلما كان، أو ذميّا، حرّا، أو عبدا، صغيرا، أو كبيرا، ذكرا، أو أنثى، عاقلا، أو مجنونا، إلاّ أنّ ما يجده العبد لسيّده، فيجب الإخراج على السيد.

أمّا المكاتب فيملك الكنز يخرج خمسه، و الباقي له، و الصبيّ و المجنون يملكان أربعة أخماسه، و الباقي لأربابه يخرجه الوليّ ، و المرأة تملك الكنز.

1517. الحادي و العشرون: يجب إظهار الكنز على واجده، و إخراج الخمس منه،

و لا يسقط الخمس بكتمانه.

1518. الثاني و العشرون: لا يجب في الكنز شيء ما لم يبلغ قيمته عشرين دينار بعد المئونة عليه، من حفر و غيره،

و ليس له نصاب آخر، بل يجب في الزائد مطلقا.

و لو وجد دون النصاب، ثمّ وجد كنزا آخر دونه، و اجتمعا نصابا، فالأقرب عدم الوجوب.

ص: 437


1- . الخلاف: 123/2، المسألة 151 من كتاب الزكاة.
1519. الثالث و العشرون: الغوص كلّ ما يستخرج من البحر،

كاللؤلؤ، و المرجان، أو العنبر، و غير ذلك، و يجب فيه الخمس إذا بلغ قيمته دينارا، و إن نقص لم يجب.

و لو غاص فأخرج دون النصاب، ثمّ غاص أخرى فأكمله، فالأقرب وجوب الخمس إن كان الترك للاستراحة و شبهها، و عدمه إن كان بنيّة الإعراض و الإهمال، و لا يعتبر في الزائد نصاب، بل يجب فيه الخمس و إن قلّ .

1520. الرابع و العشرون: قال الشيخ: العنبر من نبات البحر

1520. الرابع و العشرون: قال الشيخ: العنبر من نبات البحر(1)

و قيل: هو من عين في البحر و قيل: يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكله شيء، و لا ينقره طائر إلاّ فصل منقاره فيه، و إن وضع أظفاره عليه فصلت و مات(2).

فإن أخذ بالغوص اعتبر له نصاب الغوص، و إن أخذ من وجه الماء كان له حكم المعادن.

1521. الخامس و العشرون: قال الشيخ: الحيوان إن أخذ بالغوص أو قفّيّاففيه الخمس،

1521. الخامس و العشرون: قال الشيخ: الحيوان إن أخذ بالغوص أو قفّيّا(3)ففيه الخمس،

أمّا المصاد من البحر، فلا خمس فيه(4)، و الأقرب عندي إلحاقه بالأرباح لا بالغوص كيف كان.

1522. السادس و العشرون: المسك لا شيء فيه.
1523. السابع و العشرون: أرباح التجارات، و الصنائع، و الزراعات، و جميع [أنواع الاكتسابات عن مئونة السنّة

1523. السابع و العشرون: أرباح التجارات(5)، و الصنائع، و الزراعات، و جميع [أنواع الاكتسابات عن مئونة السنّة]

ص: 438


1- . قال ابن ادريس: العنبر هو نبات من البحر ذكر ذلك شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه اللّه في الاقتصاد، و المبسوط. السرائر: 485/1.
2- . القائل هو الجاحظ في كتاب الحيوان: 363/5، و نقله عنه الحلّي في السرائر: 485/1.
3- . أي يصطاد بالقفة، و هي زبيل يعمل من الخوص، لاحظ لسان العرب.
4- . المبسوط: 238/1.
5- . في «أ»: أرباح التجارة.

أنواع الاكتسابات، و فواضل الأقوات، من الغلاّت، و الزراعات، عن مئونة السنّة على الاقتصاد، يجب فيها الخمس إذا فضلت عن مئونة السنّة له و لعياله.

و لا يجب على الفور بل يتربّص إلى تمام السّنة، و يخرج عن الفاضل خمسه، و لا يراعى الحول في شيء ممّا يجب فيه الخمس سوى هذا.

و لو احتسب من أوّل السّنة ما يكفيه على الاقتصاد، و أخرج خمس الباقي معجّلا كان أفضل.

1524. الثامن و العشرون: انّما يجب الخمس في هذا النوع من فواضل أرباح التجارات، و الصناعات، و الزراعات،

و لا يجب في الميراث، و لا الهبة، و لا الهدية، خلافا لأبي الصّلاح(1).

و لا فرق بين جميع أنواع الاكتسابات، فلو غرس غرسا فزادت قيمته لزيادة نمائه، وجب الخمس في الزيادة، و لو زادت القيمة لتغيّر السعر لا لزيادة فيه، لم يجب.

1525. التاسع و العشرون: الحرام إذا اختلط بالحلال و لم يتميّز أحدهما عن الآخر و لا صاحبه،

أخرج الخمس و حلّ الباقي.

و لو عرف مقدار الحرام، وجب إخراجه، سواء قلّ عن الخمس أو كثر، و كذا لو عرفه بعينه.

و لو جهله غير أنّه عرف أنّه أكثر من الخمس، وجب الخمس و ما يغلب على الظن في الزائد.

ص: 439


1- . الكافي في الفقه: 170.

و لو عرف صاحبه، وجب صرف ما يخرجه إليه أو إلى ورثته، فإن لم يكن له وارث فالإمام.

و لو ورث مالا ممّن يعلم أنّه جمعه من حرام و حلال، أخرج خمسه مع الجهل، كما تقدّم.

1526. الثلاثون: لا يعتبر في غنائم دار الحرب، و لا الحلال الممتزج بالحرام،

و لا الأرض المبتاعة من الذّميّ نصاب، بل يجب الخمس في قليلة و كثيره.

الفصل الثاني: في مستحقّه و كيفية قسمته
اشارة

و فيه ثمانية مباحث:

1527. الأوّل: يقسم الخمس ستّة أقسام،

فنصفه - و هو سهم اللّه و سهم رسوله و سهم ذي القربى - للإمام خاصّة، و نصفه للثلاثة، فسهم لليتامى، و سهم للمساكين، و سهم لأبناء السّبيل.

و يشرط في هؤلاء الثلاثة انتسابهم إلى عبد المطلب بن هاشم بالأب لا بالأمّ ، و هم الآن أولاد أبي طالب، و العباس، و الحارث، و أبي لهب، و لا يعطى غيرهم شيئا.

و الأصحّ منع أولاد المطلب، خلافا لابن الجنيد(1) و للمفيد(2) في أحد قوليه.

ص: 440


1- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 630/2 و 631.
2- . حكى عنه المصنّف في المختلف: 329/3 عن رسالته الغرية.
1528. الثاني: قال السيّد المرتضى: من انتسب إلى هاشم بالأمومة استحقّ الخمس،

و حرمت عليه الزكاة(1) و فيه نظر.

1529. الثالث: يعتبر في أخذ الخمس الإيمان،

و يجوز إعطاء الفاسق.

1530. الرابع: لا يحمل الخمس عن بلد المال مع وجود المستحقّ فيه،

فإن حمله ضمن، و لو لم يوجد المستحقّ جاز النقل، و لا ضمان، و يعطى من حضر البلد، و لا يتتبّع من غاب.

1531. الخامس: المراد بذي القربى هنا الإمام خاصّة،

و هو يأخذ سهم ذي القربى بالنص(2) و سهم اللّه و سهم رسوله بالوراثة عن الرسول عليه السّلام، و يأخذ الإمام هذه الأسهم مع الحاجة و عدمها.

أمّا اليتيم فهو الّذي لا أب له(3) ممّن لم يبلغ الحلم، و لا بدّ أن يكون هاشميّا، و هل يشترط فقره ؟ قال الشيخ: لا، للعموم(4) و عندي فيه نظر، إذ يحرم لمن له أب موسر، و وجود المال له أنفع من وجود الأب، فيكون أولى بالحرمان.

أمّا المسكين فالمراد به المعنى المشترك(5) بينه و بين الفقير.

و ابن السبيل لا يشترط فيه الفقر، بل الحاجة في بلد السفر.

1532. السادس: الأحوط قسمة الخمس في الأصناف من غير تخصيص، و هل يجوز التخصيص ؟

الظاهر من كلام الشيخ المنع(6)، و فيه إشكال، و لا يجب

ص: 441


1- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 631/2، و المصنف في المختلف: 332/3.
2- . الأنفال: 41.
3- . في «ب»: فهو من لا أب له.
4- . المبسوط: 262/1.
5- . في «أ»: فالمعنى المراد به المشترك.
6- . المبسوط: 263/1.

استيعاب كلّ طائفة، بل لو اقتصر من كلّ طائفة على واحد جاز.

1533. السابع: مستحقّ الخمس من الركاز و المعادن، هو المستحقّ له من الغنائم،

و لا يجوز صرف حقّ المعدن إلى من وجب عليه، لانتفاء تحقّق الإخراج حينئذ.

1534. الثامن: الأسهم الثلاثة الّتي للإمام ملكه يصنع بها ما شاء، من نفقة، و صدقة، و نقل، و غير ذلك،

و الثلاثة الباقية لأربابها، لا يخصّ القريب و لا الذكر و لا الكبير على أضدادهم، بل يفرّقهم الإمام بحسب ما يراه من تسوية و تفضيل، و لا يتبع الغائب.

فإن فضل عن قدر كفاية الحاضرين شيء، جاز حمله إلى الأباعد، و لا ضمان.

الفصل الثالث: في الأنفال
اشارة

و فيه تسعة مباحث:

1535. الأوّل: الأنفال هاهنا كلّ ما يخصّ الإمام،

و هو كلّ أرض انجلى عنها أهلها، أو سلموها طوعا بغير قتال، و كلّ أرض خربة باد أهلها، سواء جرى عليها ملك أحد أو لم يجر، و كلّ أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، و رءوس الجبال، و بطون الأودية، و الآجام، و الأرضون الموات الّتي لا أرباب لها،

ص: 442

و المعادن، و صفايا الملوك و قطائعهم ممّا كان في أيديهم على غير جهة الغصب، و ما يصطفيه من الغنيمة في الحرب، مثل الفرس الفارة، و الثوب المرتفع، و الجارية الحسناء، و السيف الفاخر، و ما أشبه ذلك، و ميراث من لا وارث له، سواء كان الميّت ذميّا، أو مسلما إذا لم يخلف وارثا، و إذا قاتل قوم من غير إذن الإمام فغنموا، كانت الغنيمة للإمام خاصّة.

1536. الثاني: قال ابن إدريس: اختصاصه عليه السّلام برءوس الجبال و بطون الأودية و المعادن إنّما هو فيما يكون في أرضه المختصّة به،

أمّا ما كان في أرض المسلمين المشتركة، أو لمالك معروف، فلا اختصاص له عليه السّلام به(1) و هو قويّ .

1537. الثالث: يحرم التصرّف فيما يخصّ الإمام حال ظهوره إلاّ باذن منه،

فإن تصرّف فيه متصرّف كان غاصبا، و النماء إن حصل للإمام.

و يصرف إليه الخمس بأجمعه، فيأخذ نصفه يعمل به ما شاء، و النصف الآخر يضعه في أربابه على قدر حاجتهم و ضرورتهم، قال الشيخان: فإن فضل كان الفاضل له، و إن اعوز كان عليه(2) و منعه ابن إدريس(3) و عندي في ذلك تردّد.

1538. الرابع: الأقرب جواز صرف حصص الأصناف الثلاثة إليهم بنفسه فيما يكتسبه غير غنائم الحرب

مع وجود الإمام على إشكال.

1539. الخامس: أباح الأئمّة عليهم السّلام لشيعتهم المناكح في حال ظهور الإمام و في غيبته،

و ألحق الشيخ رحمه اللّه المساكن و المتاجر(4) و إن كان ذلك بأجمعه للإمام أو

ص: 443


1- . السرائر: 497/1.
2- . المقنعة: 278، و المبسوط: 262/1.
3- . السرائر: 492/1 و 493.
4- المبسوط: 263/1.

بعضه، و لا يجب إخراج حصّة الموجودين من أرباب الخمس منه.

قال ابن إدريس: المراد بالمتاجر أن يشتري الإنسان ممّا فيه حقوقهم عليهم السّلام، و يتّجر في ذلك، قال: و لا يتوهّم متوهّم أنّه إذا ربح في ذلك المتجر شيئا لا يخرج منه الخمس(1).

1540. السادس: كما يسوغ للإمام أن يحلّ في زمانه، فكذلك يسوغ له أن يحلّ بعده،

و منع ابن الجنيد(2) ضعيف.

1541. السابع: اختلف علماؤنا في الخمس في حال غيبة الإمام.

فاسقطه قوم.

و منهم من أوجب دفنه.

و منهم من يرى صلة الذرّية و فقراء الشيعة على وجه الاستحباب.

و منهم من يرى عزله، فإن خشي من الموت وصّى به إلى من يثق بدينه و عقله ليسلمه إلى الإمام إن أدركه، و إلاّ وصّى به كذلك إلى أن يظهر.

و منهم من يرى صرف حصّته إلى الأصناف الموجودين أيضا، لأنّ عليه الإتمام عند عدم الكفاية، و هو حكم يجب مع الحضور و الغيبة(3) و هو أقوى.

ص: 444


1- . السرائر: 498/1.
2- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 637/2.
3- . الأقوال في المسألة كثيرة و قد أنهاها صاحب الحدائق إلى أربعة عشر قولا، و من أراد الاطلاع على وجه البسط و التفصيل و التصريح بأسامي قائليها فليرجع إلى الحدائق: 437/12، و لاحظ الأقوال في المقنعة: 285، و المختلف: 347/3.
1542. الثامن: يجب أن يتولّى صرف حصة الإمام في الأصناف الموجودين من إليه الحكم بحقّ النيابة،

كما يتولّى أداء ما يجب على الغائب.

1543. التاسع: إذا قاطع الإمام على شيء من حقوقه، حلّ ما فضل عن القطيعة،

و وجب عليه الوفاء.

ص: 445

ص: 446

كتاب الصّوم

اشارة

ص: 447

ص: 448

و فيه مقدّمة و مقاصد

أمّا المقدّمة

اشارة

ففيها أربعة مباحث:

1544. الأوّل: الصوم لغة الإمساك،

و في الشرع عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوصة، في زمان مخصوص، على وجه مخصوص.

1545. الثاني: الصوم ينقسم إلى واجب، و مندوب، و مكروه، و محظور.

فالواجب ستّة: شهر رمضان، و الكفّارات، و دم المتعة، و النذر و ما في معناه من يمين أو عهد، و صوم الاعتكاف الواجب، و قضاء الواجب.

فالندب: جميع أيّام السنّة إلاّ العيدين، و أيام التشريق، لمن كان بمنى، و يتأكّد منه أربعة عشر صوما: ثلاثة أيّام في كل شهر هي: أوّل خميس و آخره، و أوّل أربعاء في العشر الثاني، و أيام البيض، و يوم الغدير، و مولد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و مبعثه، و دحو الأرض، و عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع تحقّق الهلال، و عاشوراء على وجه الحزن و المصيبة، و يوم المباهلة، و كلّ خميس، و كلّ جمعة، و أوّل ذي الحجّة و هو مولد إبراهيم، و باقي العشرة إلاّ العيد، و رجب، و شعبان.

و المكروه: يوم عرفة لمن يضعف عن الدعاء أو يشك في الهلال،

ص: 449

و النافلة سفرا عدا ثلاثة أيّام للحاجة بالمدينة، و الضيف نافلة من دون إذن مضيفه، و بالعكس، و كذا الولد من غير إذن الوالد، و المدعوّ إلى طعام.

و المحظور تسعة: صوم العيدين مطلقا، و أيّام التشريق لمن كان بمنى، و يوم الشك بنيّة الفرض، و صوم نذر المعصية، و صوم الصمت، و صوم الوصال، و النفل للمرأة و العبد من دون إذن الزوج أو المولى، و صوم الواجب سفرا عدا ما استثني.

1546. الثالث: صوم شهر رمضان واجب بالنص و الإجماع.

و الصوم المشروع هو الإمساك عن المفطرات من أوّل طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس الّذي تجب معه الصلاتان.

1547. الرابع: الصوم من أفضل العبادات و أكملها تقرّبا.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

«الصوم جنّة من النار»(1).

و قال عليه السّلام: «الصائم في عبادة، و إن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما»(2).

و قال عليه السّلام: «إنّ اللّه تعالى و كلّ ملائكة بالدعاء للصائمين، و أخبرني جبرئيل عن ربه سبحانه انّه قال: ما أمرت ملائكتي بالدعاء لأحد

ص: 450


1- . الوسائل: 289/7، الباب 1 من أبواب الصوم المندوب، الحديث 1؛ و بحار الأنوار: 251/93.
2- . الوسائل: 291/7، الباب 1 من أبواب الصوم المندوب، الحديث 12، و بحار الأنوار: 247/93.

من خلقي إلاّ استجبت لهم فيه»(1).

و قال الصادق عليه السّلام: «نوم الصائم عبادة، و صمته تسبيح، و عمله متقبّل، و دعاؤه مستجاب»(2).

و عن الحسن بن علي(3) عليهما السّلام قال:

«جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فسأله أعلمهم عن مسائل، فكان ممّا سأله انّه قال: لأيّ شيء فرض اللّه سبحانه الصوم على أمّتك بالنهار ثلاثين يوما، و فرض على الأمم أكثر من ذلك ؟

فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: إنّ آدم عليه السّلام لمّا أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما، ففرض اللّه سبحانه على أمّته ثلاثين يوما الجوع و العطش، و الّذي يأكلونه بالليل تفضّل من اللّه عزّ و علا عليهم، و كذلك كان على آدم ففرض اللّه ذلك على أمّتي، ثمّ تلا هذه الآية: كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيٰامُ كَمٰا كُتِبَ عَلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيّٰاماً مَعْدُودٰاتٍ » (4).

قال اليهودي: صدقت يا محمّد. فما جزاء من صامها؟

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

ص: 451


1- . بحار الأنوار: 253/93، الحديث 26.
2- . الوسائل: 294/7، الباب 1 من أبواب الصوم المندوب، الحديث 24؛ و بحار الأنوار: 93 / 253.
3- . في «أ»: «و عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام» و ما في المتن موافق للوسائل.
4- . البقرة: آية 282-283.

ما من مؤمن يصوم في شهر رمضان احتسابا إلاّ أوجب اللّه تبارك و تعالى له سبع خصال: أوّلها يذوب الحرام في جسده، و الثانية يقرب من رحمة اللّه عزّ و جل، و الثالثة يكون قد كفّر خطيئة أبيه آدم، و الرابعة يهون اللّه عليه سكرات الموت، و الخامسة أمان من الجوع و العطش يوم القيامة، و السادسة يعطيه اللّه تعالى براءة من النار، و السابعة يطعمه اللّه من طيّبات الجنة.

قال [اليهود]: صدقت يا محمد»(1).

و الأخبار كثيرة في ذلك(2).

ص: 452


1- . الوسائل: 272/7، الباب 1 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 4.
2- . لاحظ الوسائل: 171/7، و بحار الأنوار: 93 كتاب الصوم.

المقصد الأوّل: في النيّة

اشارة

و فيه خمسة و عشرون بحثا:

1548. الأوّل: النيّة شرط في الصوم، فلا يصحّ بدونها،

واجبا كان أو ندبا، رمضان كان أو غيره.

و يكفي في شهر رمضان القربة، و هي أن ينوي الصوم متقرّبا إلى اللّه تعالى لا غير، و لا يفتقر إلى نيّة التعيين، أعني أن ينوي وجه ذلك الصوم كرمضان أو غيره متقرّبا.

أمّا غير رمضان فإن لم يتعيّن صومه، كالنّذر المطلق، و الكفّارات و القضاء، و الصوم النفل، فلا بدّ فيه من نيّة التعيين إجماعا.

و ما يتعيّن صومه غير رمضان كالنذر المعيّن زمانه، قال الشيخ: لا يكفي فيه نيّة القربة، بل لا بدّ فيها من نيّة التعيين(1)، و قال السيّد المرتضى: تكفي(2)، و الأوّل أقوى.

ص: 453


1- . المبسوط: 278/1؛ و الخلاف: 164/2، المسألة 4 من كتاب الصوم.
2- . جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 53/3.
1549. الثاني: نيّة القربة لا تكفي عن نيّة التعيين في كلّ موضع يشترط فيه التعيين،

و لو ترك التعيين نسيانا فكذلك، و نيّة التعيين لا تكفي عن نيّة القربة.

1550. الثالث: ليس للمسافر أن يصوم رمضان بنيّة أنّه منه إذا كانسفر التقصير.

1550. الثالث: ليس للمسافر أن يصوم رمضان بنيّة أنّه منه إذا كان(1)سفر التقصير.

و هل يجوز صومه بنيّة النفل أو الواجب غيره ؟ الوجه عدمه، و تردّد الشيخ(2) هاهنا ضعيف.

1551. الرابع: لو نوى الحاضر في شهر رمضان صيام غيره مع الجهل، وقع عن رمضان،

أمّا مع العلم، فقيل: انّه كذلك(3)، و قيل: لا يجزئ عن أحدهما(4)، و نحن في هذا من المتوقّفين.

1552. الخامس: وقت النيّة في الصوم المعيّن، كرمضان، و النذر المعيّن، من أوّل الليل حتّى يطلع الفجر،

فتضيّق قبل طلوعه بمقدار إيقاعها، فلو أخّرها مع العلم حتّى طلع الفجر، فسد صوم ذلك اليوم، و وجب قضاؤه.

و لو تركها ناسيا أو لعذر، جاز تجديدها إلى الزوال، و لو نوى أيّ وقت كان من الليل أجزأه، و يجوز مقارنتها لطلوع الفجر.

و لا يشترط في النيّة من الليل الاستمرار على حكم الصوم، بل يجوز أن ينوي ليلا و يفعل بعدها ما ينافي الصوم إلى قبل الفجر، و أن ينام بعد النيّة، نعم يشترط الاستمرار على النية.

ص: 454


1- . اسم كان محذوف أي كان سفره، سفر التقصير.
2- . المبسوط: 277/1.
3- . القائل هو الشيخ في المبسوط: 276/1؛ و الخلاف: 164/2، المسألة 4 من كتاب الصوم.
4- . القائل هو الحلّي في السرائر: 372/1؛ و لاحظ المختلف: 376/3.

أمّا غير المعيّن، كالقضاء، و النذر المطلق، فوقته من الليل مستمرّ إلى الزوال، و يجوز إيقاعها في أيّ جزء كان من هذا الزمان، إذا لم يفعل المنافي نهارا.

1553. السادس: وقت نيّة النفل من الليل إلى الزوال،

أيّ وقت نوى من هذه المدة أجزأه عند جماعة من علمائنا(1)، و عند الآخرين(2) يمتدّ وقتها بامتداد النهار، فيجوز النيّة بعد الزوال إلى أن يبقى من النهار ما يصحّ صومه، أمّا لو انتهى النهار بانتهاء النيّة لم يقع الصوم، و هو عندي حسن.

1554. السابع: هل يحكم بالصوم الشرعيّ المثاب عليه من وقت النيّة، أو من ابتداء النهار؟،

قال الشيخ في الخلاف(3) بالثاني، و هو المعتمد.

1555. الثامن: قال الشيخ في الخلاف: جوّز أصحابنا في رمضان أن تتقدّم نيّته عليه بيوم أو أيّام.

1555. الثامن: قال الشيخ في الخلاف: جوّز أصحابنا في رمضان أن تتقدّم نيّته عليه بيوم أو أيّام(4).

و في المبسوط: لو نوى قبل الهلال صوم الشهر أجزأه النيّة السابقة إن عرض له ليلة الصيام سهو، أو نوم أو إغماء، و إن كان ذاكرا فلا بدّ من تجديدها(5)، و كلاهما عندي مشكل.

1556. التاسع: ادّعى الشيخ رحمه اللّه

1556. التاسع: ادّعى الشيخ رحمه اللّه(6) و السيّد المرتضى قدّس سرّه الإجماع على أنّه يكفي في رمضان نيّة واحدة من أوّل الشهر عن الشهر كلّه،

1556. التاسع: ادّعى الشيخ رحمه اللّه(6) و السيّد المرتضى قدّس سرّه(7) الإجماع على أنّه يكفي في رمضان نيّة واحدة من أوّل الشهر عن الشهر كلّه،

ص: 455


1- . منهم الشيخ في الخلاف: 167/2، المسألة 6 من كتاب الصوم؛ و المبسوط: 277/1.
2- . منهم: السيد المرتضى في الانتصار: 260، و ابن إدريس في السرائر: 373/1.
3- . الخلاف: 169/2، المسألة 7 من كتاب الصوم.
4- . الخلاف: 166/2، المسألة 5 من كتاب الصوم.
5- . المبسوط: 276/1.
6- . الخلاف: 163/2، المسألة 3 من كتاب الصوم.
7- . الانتصار: 61-62.

و لا يحتاج إلى تجديد نيّة كلّ ليلة.

إذا عرفت هذا، فإنّ الأولى تجديدها كلّ ليلة إن قلنا بما ذهبا إليه، و لا يتعدّى الحكم في النذر المعين، و على قولهما لو فاتته النيّة من أوّل الشهر لعذر و غيره، هل يكتفي بالواحدة في ثاني ليلة أو ثالث ليلة عن باقي الشهر؟ الأقرب عدم الاكتفاء.

1557. العاشر: لا يكره صوم الثلاثين من شعبان،

بل يستحبّ على أنّه من شعبان، سواء كان هنا مانع من الرؤية أو لا، و سواء كان صائما قبله أو لا، و كره المفيد صومه مع الصّحو إلاّ لمن كان صائما قبله(1).

1558. الحادي عشر: لو لم تحصل الرؤية، و نوى صومه من رمضان، كان حراما،

و لم يجزئه لو خرج من رمضان، و تردّد الشيخ في الخلاف(2) فلو ثبت الهلال قبل الزوال جدّد النيّة و أجزأه.

و لو نواه من شعبان، ثمّ بان من رمضان، و النهار باق، جدّد نيّة الوجوب، و أجزأه، و لو لم يعلم حتّى فات النهار أجزأه.

و لو نوى أنّه واجب أو ندب، و لم يعيّن(3)، لم يصحّ صومه و لا يجزئه لو خرج من رمضان، إلاّ أن يجدّد النيّة قبل الزوال.

و لو نوى أنّه إن كان من رمضان فهو واجب، و إن كان من شعبان فهو

ص: 456


1- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 650/2.
2- . الخلاف: 180/2، المسألة 23 من كتاب الصوم.
3- . في «أ»: و لم يتعيّن.

ندب، ثمّ بان أنّه من رمضان، فللشيخ قولان: أحدهما الإجزاء(1)، و الثاني عدمه(2).

1559. الثاني عشر: لو نوى الإفطار، لاعتقاد أنّه من شعبان،

فبان من رمضان قبل الزوال، و لم يتناول المفطر، نوى الصوم الواجب و أجزأه، و لو ظهر بعد الزوال، أمسك بقيّة نهاره، و وجب القضاء.

1560. الثالث عشر: لو نوى الصوم في رمضان، ثمّ نوى الخروج منه بعد انعقاده،

قال الشيخ: لا يبطل صومه(3)، و عندي فيه نظر، و كذا لو شك هل يخرج أم لا على تردّد ضعيف.

و لو نوى أنّه يصوم غدا من رمضان لسنة تسعين مثلا، و كانت سنة إحدى و تسعين، صحّت نيّته.

أمّا لو كان عليه قضاء اليوم الأوّل من رمضان، فنوى قضاء اليوم الثاني، أو كان عليه صوم من سنة أربع، فنواه من سنة خمس، فالوجه عدم الإجزاء.

1561. الرابع عشر: لو أخبره عدل واحد بالهلال، و قلنا بعدم الاكتفاء،

فأقرب الوجهين أنّه لا يجوز أن ينويه(4) عن رمضان واجبا، و كذا لو كان عارفا بحساب المنازل و التسيير، أو أخبره العارف بذلك بالهلال من غير مشاهدة.

1562. الخامس عشر: لو نوى أنّه صائم غدا إن شاء اللّه،

فإن قصد الشك

ص: 457


1- . الخلاف: 179/2، المسألة 22 من كتاب الصوم؛ و المبسوط: 277/1.
2- . لاحظ النهاية: 151. قال المصنّف في المختلف: 383/3: لو نوى ليلة الشك أنّه إن كان غدا من شهر رمضان فهو صائم فرضا، و إن كان من شعبان فهو صائم نفلا، للشيخ قولان: أحدهما الإجزاء ذكره في المبسوط و الخلاف، و الثاني العدم ذكره في باقي كتبه.
3- . المبسوط: 278/1.
4- . في «ب»: أن ينوي به.

و التردّد لم يصحّ صومه، و إن قصد التبرّك و أنّه موقوف على المشيئة و التوفيق، صحّ صومه.

1563. السادس عشر: لو نوى قضاء رمضان، أو تطوّعا و لم يعيّن،

لم يصحّ .

1564. السابع عشر: لو نوى ليلة الثلاثين من رمضان أنّه إن كان غدا منه فهو صائم،

و إن كان من شوال فهو مفطر، ففي صحّة الصوم نظر.

1565. الثامن عشر: لو ترك النيّة عامدا حتّى زالت الشمس،

وجب عليه الإمساك، و القضاء، و هل يثاب على الإمساك ؟ الوجه عندي انّه يثاب ثواب الإمساك لا ثواب الصوم.

1566. التاسع عشر: لو أصبح بنيّة الإفطار مع علمه بأنّه من الشهر و وجوبه عليه، ثمّ جدّد النيّة لم يجزئه،

سواء كان قبل الزوال أو بعده، و وجب عليه الإمساك، سواء أفطر أو لا، ثمّ يقضي واجبا.

1567. العشرون: قال الشيخ في المبسوط: النيّة إرادة،

فلا تتعلّق بالعدم، بل بتوطين النفس على الامتناع، أو فعل كراهيّة لحدوث(1) المفطرات(2).

و تحقيقه أنّ العزم لاستمراره غير مقدور، و الصوم عبارة عن نفي المفطرات، فلا تتعلّق النيّة به، بل متعلّق الإرادة توطين النفس على الامتناع

ص: 458


1- . في «أ»: بحدوث.
2- . المبسوط: 278/1، و قد نقل عبارة المبسوط بإيجاز و إليك نصّه: و النية و إن كانت إرادة لا تتعلّق إلاّ بالحدوث بأن لا يكون الشيء قائما، و انّما تتعلّق بالصوم بإحداث توطين النفس و قهرها على الامتناع بتجديد الخوف من عقاب اللّه و غير ذلك، أو بفعل كراهية لحدوث هذه الأشياء، فتكون متعلقة على هذا الوجه، فلا تنافي الأصول.

و قهرها عليه، بتخويفها من العقاب، و هو وجوديّ ، أو بحدث(1) كراهيّة يتعلّق بإحداث المفطرات.

1568. الحادي و العشرون: صوم الصبيّ المميّز شرعيّ ، و نيّته معتبرة،

و لو بلغ قبل الزوال بغير المبطل، وجب عليه تجديد نيّة الفرض، و إلاّ فلا.

1569. الثاني و العشرون: لو نوى صوم يوم الشكّ عن فرض عليه،

أجزأه إذا استمرّ الشك، أو بان أنّه من شعبان، و لو بان أنّه من رمضان أجزأه عنه، و وجب عليه قضاء ما نواه.

1570. الثالث و العشرون: لو صام أحد الأيّام المكروهة عن فرض عليه،

أجزأه.

1571. الرابع و العشرون: لو أمسكه غيره عمّا يجب الإمساك عنه،

فإن نوى مع ذلك صحّ و كان بحكم الصائم، و إن لم ينو، وجب القضاء.

1572. الخامس و العشرون: الكافر يجب عليه الصوم، و لا يصحّ منه،

لامتناع نيّة التقرّب منه ما دام كافرا، فإذا أسلم سقط القضاء.

أمّا المرتدّ، فيجب عليه، و لا يصحّ منه، و يقضي بعد عوده.

و لو نوى الصوم ثمّ ارتدّ في أثنائه، ثمّ عاد قبل تناول المفطر، قال الشيخ رضى اللّه عنه: صحّ صومه(2)، و عندي فيه نظر.

ص: 459


1- . أي تتعلّق الإرادة بإحداث كراهيّة في النفس بالنسبة إلى المفطرات فيكون متعلّقها أمرا وجوديا.
2- . المبسوط: 266/1.

ص: 460

المقصد الثاني: فيما يقع الإمساك عنه

اشارة

و هو واجب و ندب

القسم الأوّل الواجب
اشارة

و فيه ثمانية و أربعون بحثا:

1573. الأوّل: يجب الإمساك عن الأكل، و الشرب، و الجماع، و الإنزال،

و الكذب على اللّه و على رسوله و الأئمة عليهم السّلام، و الارتماس في الماء، و إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق، و المقام على الجنابة حتّى يطلع الفجر اختيارا، و معاودة النوم بعد انتباهتين حتّى يطلع الفجر، و القيء عامدا، و الحقنة، و جميع المحرّمات.

1574. الثاني: يحرم على الصائم الأكل و الشرب نهارا؛

سواء كان المأكول معتادا، كالخبز و الفواكه؛ أو غير معتاد، كالحجر، و الخشب، و الحصى لو ابتلعه؛ و سواء كان المشروب معتادا، كالماء؛ أو غير معتاد، كعصارة الأشجار.

و بالجملة كلّ ما يبتلعه معتادا كان أو غير معتاد، محلّلا أو محرّما، و سواء

ص: 461

تغذّى به، أو لم يتغذّ، و سواء كان ممّا يتداوى به أو لا، أو يشربه كذلك، مفطر(1)مع العمد.

1575. الثالث: بقايا الغذاء المتخلّفة بين أسنانه إذا ابتلعها نهارا عمدا، فسد صومه،

سواء أخرجها من فيه أو لم يخرجها، و سواء كان يسيرا أو كثيرا، و سواء كان ممّا يجري به الريق و لا يتميّز منه، أو كان يتميّز.

1576. الرابع: الريق إذا جرى على حلقه على ما جرت به العادة، لم يفطر به،

و كذا لو جمعه في فيه ثمّ ابتلعه، و لو أخرجه من فيه إلى طرف ثوبه، أو بين أصابعه، ثمّ ابتلعه، أفطر.

و لو ترك في فيه حصى أو شبهه فأخرجه و عليه ريق، ثم أعاده في فيه و الريق عليه، فالوجه الإفطار، و لو ابتلع ريق غيره أفطر، و لو أبرز لسانه و عليه ريق، ثمّ ابتلعه لم يفطر.

1577. الخامس: لو جمع في فيه قلسا و ابتلعه،

1577. الخامس: لو جمع في فيه قلسا(2) و ابتلعه،

فإن كان خاليا من الطعام، لم يفطر، لرواية محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام(3)، و لو مازجه غذاء و تعمّد اجتلابه، أفطر و إن لم يبتلعه، و لو لم يتعمّد، لم يفطر باجتلابه، و أفطر بابتلاعه عمدا.

1578. السادس: لو ابتلع النخامة المجتلبة من صدره أو رأسه

لم يفطر.

1579. السابع: حكم الازدراد حكم الأكل فيما تقدّم،

فلو ابتلع المعتاد أو

ص: 462


1- . قوله: «مفطر» خبر لقوله: «كلّ ما يبتلعه».
2- . القلس - بالتحريك، و قيل بالسكون - ما خرج من الجوف، ملأ الفم أو دونه. مجمع البحرين.
3- . الوسائل: 72/7، الباب 30 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 1.

غيره أبطل صومه، و خلاف السيّد(1) هنا ضعيف.

1580. الثامن: الجماع في القبل مفسد للصوم مع العمد إجماعا، و كذا الوطء في الدّبر مع الإنزال،

و مع عدمه على أقوى القولين(2)، و لو جامعها في غير الفرجين، فإن أنزل أفسد صومه، و لو لم ينزل، فلا إفساد.

1581. التاسع: وطء الميتة في القبل و الدّبر كوطء الحيّة.
1582. العاشر: لو وطئ بهيمة،

فإن أنزل أفسد صومه، و إن لم ينزل تبع وجوب الغسل، فإن أوجبناه أفسد صومه و إلاّ فلا.

و قال الشيخ: لا يجب الغسل و يفطر(3)، و الأقرب عندي عدم الإفطار على إشكال.

1583. الحادي عشر: لو وطئ الغلام في دبره،

فإن أنزل أفسد صومه، و كذا إن لم ينزل.

1584. الثاني عشر: الإجماع على أن الموطوءة في قبلها مختارة عالمة يفسد صومها،

أمّا الموطوءة في دبرها أو الغلام الموطوء فالأقرب فساد صومهما.

1585. الثالث عشر: لو تساحقت امرأتان و أنزلتا أفسدتا صومهما،

و إن لم تنزلا فلا فساد، و لو أنزلت إحداهما اختص الفساد بها، و كذا لو ساحق المجبوب.

1586. الرابع عشر: كلّ من أنزل نهارا عمدا أفسد صومه،

سواء كان باستمناء،

ص: 463


1- . جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 54/3.
2- . لاحظ المختلف: 389/3.
3- . الخلاف: 191/2، المسألة 42 من كتاب الصوم.

أو ملامسة، أو ملاعبة، أو قبلة، أو مباشرة، و غير ذلك من أنواع ما يوجب الإنزال.

1587. الخامس عشر: قال الشيخ: لو نظر إلى ما لا يحلّ له النظر إليه عامدا بشهوة فأمنى،

فعليه القضاء، و إن كان نظره إلى ما يحلّ له النظر إليه فأمنى لم يكن عليه شيء، فإن أصغى أو تسمع إلى حديث فأمنى لم يكن عليه شيء(1).

1588. السادس عشر: لو كان ذا شهوة مفرطة،

بحيث يغلب على ظنّه أنّه إذا قبّل أنزل، لم يجز له التقبيل، و إلاّ كان مكروها.

و لو قبّل أو لامس أو استمنى بيده و لم ينزل، لم يفسد صومه إجماعا، و لو أنزل من غير شهوة كالمريض عمدا، أفسد صومه.

1589. السابع عشر: لو فكّر فأمنى، ففي الإفساد نظر،

و لو خطر بقلبه صورة الفعل فأنزل، لم يفسد صومه.

1590. الثامن عشر: لو أمذى بالتقبيل لم يفطر.
1591. التاسع عشر: قال الشيخان رحمهما اللّه: الكذب على اللّه و على رسوله عليه السّلام و على الأئمة عليهم السّلام يفسد الصوم،

1591. التاسع عشر: قال الشيخان رحمهما اللّه: الكذب على اللّه و على رسوله عليه السّلام و على الأئمة عليهم السّلام يفسد الصوم(2)،

و خالف السيّد المرتضى(3) و هو قويّ .

1592. العشرون: المشاتمة و التلفّظ بالقبيح لا يوجب الإفطار،

و كذا الكذب على غير اللّه و غير رسوله و الأئمة عليهم السّلام.

ص: 464


1- . المبسوط: 272/1.
2- . المقنعة: 344؛ و المبسوط: 270/1.
3- . جمل العلم و العمل، في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 53/3.
1593. الحادي و العشرون: إذا قلنا الكذب مفطر، استوى الكذب على اللّه و على رسوله و على الأئمة عليهم السّلام

في أمر الدين أو الدنيا(1).

1594. الثاني و العشرون: الارتماس في الماء قال الشيخان: يفسد الصوم،

1594. الثاني و العشرون: الارتماس في الماء قال الشيخان: يفسد الصوم(2)،

و قال المرتضى: لا يفسده(3) و هو قويّ .

و للشيخ قول ثان بأنّه محرّم غير مفسد(4) و هو حسن، و عليه أعمل، لصحة الروايات(5) فيه، مع أنّ الشيخ قال: لست أعرف حديثا في إيجاب القضاء و الكفارة، أو إيجاب أحدهما على المرتمس(6).

1595. الثالث و العشرون: لا بأس بصبّ الماء على الرأس للتبرّد،

و الاغتسال ليس بمكروه.

1596. الرابع و العشرون: إذا ارتمس مختارا، فوصل الماء إلى حلقه، أفسد صومه،

سواء كان قد وصل باختياره، أو مضطرّا.

أمّا لو صبّ الماء على رأسه، فدخل الماء حلقه، فإن تعمّد الإدخال، أو كان الصبّ يؤدّي إليه قطعا، أفسد صومه، و إلاّ فلا.

و لا فرق في تحريم الارتماس، بين الماء الجاري و الراكد، القليل و الكثير.

ص: 465


1- . في «ب»: في أمر الدين و الدنيا.
2- . المقنعة: 344؛ و المبسوط: 270/1.
3- . جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 54/3.
4- . الاستبصار: 85/2 في ذيل الحديث 263.
5- . لاحظ الوسائل: 22/7، الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
6- . الاستبصار: 85/2، في ذيل الحديث 263.
1597. الخامس و العشرون: إيصال الغبار الغليظ، كغبار الدقيق و النفض إلى الحلق اختيارا، مفسد للصوم،

و لو كان مضطرّا أو دخل بغير اختياره، أو بغير شعور، لم يفطر.

1598. السادس و العشرون: من أجنب ليلا، و تعمّد البقاء على الجنابة من غير ضرورة و لا عذر حتّى يطلع الفجر،

أفسد صومه.

1599. السابع و العشرون: الأقرب أنّ حكم الحائض و النفساء إذا انقطع دمهما قبل الفجر كذلك،

و قال ابن أبي عقيل: إذا طهرتا ليلا و تركتا الغسل حتّى يطلع الفجر عامدتين، وجب عليهما القضاء خاصة(1).

1600. الثامن و العشرون: إذا جامع قبل الفجر، ثمّ طلع و هو على حاله،

فإن لم يعلم ضيق الوقت، نزع و أتمّ صومه من غير أن يتحرّك حركة الجماع، و وجب عليه الغسل و القضاء إن كان قد ترك المراعاة، و لو نزعه بنيّة المجامعة، أفطر و وجب عليه القضاء و الكفارة.

و لو راعى الفجر و لم يظنّ قربه، فجامع ثمّ نزع مع أوّل طلوعه، لم يفسد صومه.

1601. التاسع و العشرون: لو طلع الفجر و في فيه طعام، لفظه،

فإن ابتلعه، بطل صومه.

1602. الثلاثون: لو أجنب ليلا، ثمّ نام ناويا للغسل حتّى أصبح، صحّ صومه،

و لو نام على عزم الترك، أو لم يعزم على أحدهما، فسد صومه.

ص: 466


1- . حكى عنه المصنّف أيضا في المختلف: 407/3.
1603. الحادي و الثلاثون: لو احتلم نهارا في رمضان نائما أو من غير قصد،

لم يفسد صومه، و جاز له تأخير الغسل إجماعا.

1604. الثاني و الثلاثون: القيء عمدا يفسد الصوم،

خلافا للسيد المرتضى(1)، و ابن إدريس(2)، و لو ذرعه القيء لم يفطر.

و القلس و هو ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه و ليس بقيء، فإن عاد فهو القيء، فعلى هذا لا يفسد الصوم.

و قيل: القلس خروج الطعام و الشراب إلى الفم من البطن أعاده صاحبه أو ألقاه(3) فإن ابتلع شيئا بعد خروجه من حلقه إلى فمه أو خارجه، فإن تعمّد، أفطر، سواء قاء عامدا أو غير عامد، و إن لم يتعمّد لم يفطر، إذا كان القيء عن غير عمد.

1605. الثالث و الثلاثون: الاحتقان بالمائع حرام، و هل يفسد الصوم ؟

للشيخ قولان: أحدهما الإفساد(4) و هو قول المفيد(5)، و الثاني لا يفسد(6) و هو اختيار المرتضى(7) و ابن إدريس(8) و ابن أبي عقيل(9).

ص: 467


1- . جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 54/3.
2- . السرائر: 387/1.
3- . ذكره الزبيدي في تاج العروس، مادة (قلس).
4- . الخلاف: 213/2، المسألة 73 من كتاب الصوم؛ و النهاية: 148.
5- . المقنعة: 344.
6- . النهاية: 156؛ و الاستبصار: 84/2.
7- . جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 54/3. و لاحظ السرائر: 387/1؛ و المختلف: 412/3.
8- . السرائر: 387/1.
9- . لاحظ المختلف: 412/3.
1606. الرابع و الثلاثون: يكره الاحتقان بالجامد، و لا يفسد به الصوم،

خلافا لأبي الصلاح(1) و ابن البراج(2).

1607. الخامس و الثلاثون: قال الشيخ: لو داوى جرحه فوصل الدواء إلى جوفه،

أفسد صومه(3)، و الوجه عندي عدم الإفساد.

1608. السادس و الثلاثون: لو جرح نفسه برمح، فوصل إلى جوفه، أو أمر غيره بذلك،

قال الشيخ: يفسد صومه(4)، و الأقرب خلافه.

1609. السابع و الثلاثون: لو قطر في أذنه دهنا أو غيره، و وصل إلى الدماغ،

لم يفطر، خلافا لأبي الصلاح(5).

1610. الثامن و الثلاثون: لو قطر في إحليله دواء، أو غيره، أو أدخل فيه ميلا، لم يفطر،

سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل.

1611. التاسع و الثلاثون: يجب الاحتراز في الصوم عن جميع المحرّمات،

و هو فيه آكد منه في غيره.

1612. الأربعون: منع المفيد

1612. الأربعون: منع المفيد(6) و أبو الصلاح من السعوط

1612. الأربعون: منع المفيد(6) و أبو الصلاح(7) من السعوط

و هو ما يصل إلى الدماغ من الأنف، و أفسدا به الصوم مطلقا.

و قال الشيخ: إنّه مكروه غير مفسد ما لم ينزل إلى الحلق(8)، و هو الأقوى.

1613. الحادي و الأربعون: لا بأس بمضغ العلك و إن كان ذا طعم،

قويّا أو

ص: 468


1- . الكافي في الفقه: 183.
2- . المهذب: 193/1.
3- . المبسوط: 273/1.
4- . المبسوط: 273/1.
5- . الكافي في الفقه: 183.
6- . المقنعة: 344.
7- . الكافي في الفقه: 183.
8- . المبسوط: 272/1.

ضعيفا، إذا تحفّظ من ابتلاع أجزائه، و لو وجد طعمه في حلقه لم يفطر.

1614. الثاني و الأربعون: كلّ ما يدخل الفم و لا يتعدّى الحلق، لا بأس به،

كمصّ الخاتم، و مضغ الطعام للصبيّ ، و زقّ الطائر.

1615. الثالث و الأربعون: لو أدخل شيئا في فمه و ابتلعه سهوا،

فإن كان لغرض صحيح، فلا قضاء عليه، و إلاّ وجب القضاء.

و لو تمضمض فابتلع الماء سهوا، فإن كان للتبرّد، فعليه القضاء، و إن كان للصلاة، فلا شيء عليه، و كذا لو ابتلع ما لا يقصده كالذباب، و لو فعله عمدا أفطر.

1616. الرابع و الأربعون: يجوز للصائم السواك،

سواء كان رطبا أو يابسا، أوّل النهار أو آخره، و لو كان السواك يابسا، جاز أن يبل بالماء و يتسوّك به، و يتحفّظ من ابتلاع رطوبته، و كذا يجوز أن يتسوّك بالماء إذا قذفه.

1617. الخامس و الأربعون: إنّما يبطل الصوم بما عددناه إذا وقع عمدا،

أمّا لو وقع نسيانا فلا، و كذا ما يحصل من غير قصد، كالغبار الّذي يدخل حلقه من الطريق (و الذبابة)(1) و كذا لو صبّ في حلقه شيء كرها.

أمّا لو توعّد على ترك الإفطار، و خوّف حتّى أكل، فكذلك عندنا، و قال الشيخ: يفطر(2) و ليس بجيّد.

1618. السادس و الأربعون: لو فعل المفطر جاهلا بالتحريم،

فالوجه الإفساد، و في الكفارة نظر.

ص: 469


1- . ما بين القوسين موجود في «ب».
2- . المبسوط: 273/1.
1619. السابع و الأربعون: لو أكل أو جامع ناسيا، فظنّ فساد صومه، فتعمّد الأكل و الشرب،

قال الشيخ: يفطر و يقضي و يكفّر - و هو جيّد - قال: و ذهب أصحابنا إلى وجوب القضاء خاصة(1).

1620. الثامن و الأربعون: لو عقد الصوم ثمّ نوى الإفطار و لم يفطر،

فإن عاد و نوى الصوم، فالوجه الصّحة، و إلاّ فالأقوى وجوب القضاء.

أمّا لو نوى أنّه سيفطر بعد ساعة أخرى، فانّه لا يفطر بذلك، قال الشيخ:

و لو نوى الإفطار في يوم يعلمه من رمضان، ثمّ جدد نيّة الصوم قبل الزوال، لم ينعقد(2) و فيه نظر.

القسم الثاني: فيما يستحبّ اجتنابه
اشارة

و فيه اثنا عشر بحثا:

1621. الأوّل: يكره مباشرة النساء، تقبيلا، و لمسا، و ملاعبة،

إلاّ في حقّ الشيخ الكبير المالك إربه، فإنّ القبلة ليست مكروهة له، و كذا من لا تحرّك القبلة شهوته.

1622. الثاني: لو قبّل و لم ينزل لم يفطر إجماعا، و لو أنزل، وجب القضاء و الكفّارة.

ص: 470


1- . المبسوط: 273/1.
2- . المبسوط: 277/1.
1623. الثالث: «روى الشيخ في الصحيح عن الكاظم عليه السّلام: أنّه لا بأس للصائم أن يمصّ لسان المرأة،

و كذا المرأة(1) هو حسن لكن ينبغي خلوّ لسانهما من الرطوبة، فإن وجدت فليتحفّظ من ابتلاعها.

1624. الرابع: المذي لا ينقض الصيام،

و رواية رفاعة(2) بالإتيان بالبدل شاذة، و لو كلّم امرأته فأمنى، لم يكن عليه شيء.

1625. الخامس: يكره الاكتحال بما فيه مسك أو طعم يصل إلى الحلق، كالصبر،

و ليس بمفطر و لا محظور.

1626. السادس: يكره إخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة،

و ليس ذلك بمحظور، و لو لم يضعف لم يكن به بأس، و لا يفطر الحاجم و لا المحجوم.

1627. السابع: يجوز للصائم دخول الحمام،

فإن خاف الضعف أو العطش، كره.

1628. الثامن: شمّ الرياحين مكروه،

و يتأكّد في النرجس، و المسك.

1629. التاسع: الاحتقان بالجامد مكروه،

و ليس بمحظور و لا مفطر.

1630. العاشر: يكره بلّ الثوب على الجسد،

و لا بأس بالرجل يستنقع في الماء، و يكره للمرأة الجلوس فيه، و قال أبو الصلاح: إنّما يفطر(3) و ليس بمعتمد.

1631. الحادي عشر: يكره السعوط إذا لم يتعدّ إلى الحلق.
1632. الثاني عشر: يكره المماراة في الصوم، و التنازع،

و إنشاد الشعر ليلا و نهارا، و إن كان شعر حقّ .

ص: 471


1- . لاحظ الوسائل: 72/7، الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2 و 3.
2- . لاحظ الوسائل: 92/7، الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
3- . الكافي في الفقه: 179.

ص: 472

المقصد الثالث: فيما يوجب القضاء و الكفارة أو القضاء خاصة و أحكام ذلك

اشارة

و فيه فصلان

الفصل الأوّل: فيما يوجبهما أو يوجب القضاء
اشارة

و فيه سبعة و عشرون بحثا:

1633. الأوّل: إذا وطئ في فرج المرأة حتّى أدخل الحشفة، و الصوم واجب عليه، وجب عليه القضاء و الكفارة،

و لا يسقط وجوب القضاء بوجوب الكفارة، و لا بالتكفير بالصوم.

و يتعلّق هذا الحكم بوطء البالغة، و الصّبية، و الميتة، و الحيّة، و النائمة، و المكرهة، و المختارة، و العاقلة، و المجنونة، و المزني بها، و الزوجة.

1634. الثاني: يفسد صوم المرأة بذلك، و يجب عليها القضاء و الكفارة،

هذا إذا كانت مختارة، و لو أكره امرأته عليه، و هما صائمان، وجب عليه كفارتان، و عليه قضاء واحد، و لا قضاء عليها.

1635. الثالث: لو كان مجنونا فوطئها، و هي صائمة،

فإن طاوعته، لزمها كفارة واحدة، و إلاّ فلا شيء عليهما.

ص: 473

1636. الرابع: لو زنى بامرأة في نهار رمضان،

فإن طاوعته، لزمهما كفارتان، و إن أكرهها، وجب عليه كفارة عنه، و هل يجب عليه أخرى عنها؟ قال الشيخ: لا(1).

1637. الخامس: لو استدخلت ذكره و هو نائم، أفطرت دونه،

و عليها كفّارة عن نفسها، و لا كفارة عليه و لا عليها عنه.

1638. السادس: لو أكرهته على الجماع، وجب عليها كفارة عن نفسها،

و هل يجب عليه كفارة ؟ فيه نظر، أقربه الوجوب.

1639. السابع: لو وطئ امرأة في دبرها فأنزل، وجب القضاء و الكفارة إجماعا،

و لو لم ينزل فالأصحّ أنّه كذلك.

و لو وطئ غلاما فأنزل، وجب القضاء و الكفارة، و لو لم ينزل فكذلك، و كذا يجب على المفعول رجلا أو امرأة.

1640. الثامن: لو وطئ في فرج بهيمة فأنزل، وجب القضاء و الكفارة،

و لو لم ينزل قال الشيخ: لا نصّ فيه، و يجب القضاء خاصّة، للإجماع دون الكفارة(2)، و منع ابن إدريس من القضاء أيضا(3) و فيه قوّة.

1641. التاسع: لا فرق بين وطء الزّوجة و غيرها.
1642. العاشر: لو استمنى بيده فأنزل، أو أنزل عقيب الملاعبة، أو الملامسة، أو التقبيل، أو الوطء في غير الفرجين،

وجب عليه القضاء و الكفارة، قال

ص: 474


1- . المبسوط: 275/1.
2- . الخلاف: 191/2، المسألة 42 من كتاب الصوم.
3- . السرائر: 380/1.

أبو الصلاح(1): لو أصغى فأمنى قضاه(2).

1643. الحادي عشر: لو تساحقت امرأتان فأنزلتا،

وجب القضاء، و الوجه وجوب الكفارة أيضا.

1644. الثاني عشر: لو طلع الفجر و هو مجامع فاستدام الجماع،

فعليه القضاء و الكفارة، و لو نزع في الحال مع أوّل طلوع الفجر من غير تلوّم(3)، فإن فرّط في تحصيل الوقت وجب القضاء خاصّة، و إلاّ فلا.

1645. الثالث عشر: لو ترك نيّة الصوم من الليل و جامع،

وجب القضاء و الكفارة.

1646. الرابع عشر: من أكل أو شرب عامدا في رمضان نهارا مع وجوب الصوم عليه و إسلامه اختيارا،

وجب عليه القضاء و الكفارة، و لا فرق بين الرجل، و المرأة، و الحرّ، و العبد، و الخنثى، في ذلك، و سواء أكل محلّلا أو محرّما، و كذا المشروب، و سواء كانا معتادين أو غير معتادين، خلافا للسيّد(4).

1647. الخامس عشر: يجب بإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق، القضاء و الكفارة،

و قال السيّد المرتضى: لا يجب الكفارة(5) و هو قويّ .

ص: 475


1- . في «ب»: و قال الشيخ و أبو الصلاح.
2- . الكافي في الفقه: 183.
3- . التلوّم: التمكث. مجمع البحرين.
4- . جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 54/3.
5- . جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 54/3.
1648. السادس عشر: أوجب الشيخان الكفارة و القضاء بتعمّد الكذب على اللّه و على رسوله و على الأئمة عليهم السّلام،

1648. السادس عشر: أوجب الشيخان الكفارة و القضاء بتعمّد الكذب على اللّه و على رسوله و على الأئمة عليهم السّلام(1)،

و منع من ذلك السيد المرتضى(2) و ابن أبي عقيل(3) و هو الأقوى عندي.

1649. السابع عشر: لو أجنب ليلا، و تعمّد البقاء على الجنابة، حتّى طلع الفجر،

وجب القضاء و الكفارة على قول الشيخين(4)، و عند ابن أبي عقيل القضاء خاصة(5)، و كذا لو نام غير نام للغسل حتّى طلع الفجر.

و لو نام على عزم الاغتسال ثمّ انتبه، ثمّ نام ثانيا ثمّ انتبه، ثمّ نام ثالثا و استمرّ حتّى طلع الفجر، قال الشيخان: يجب القضاء(6) و في الكفارة عندي إشكال.

1650. الثامن عشر: قد بينّا أنّ الارتماس حرام،

خلافا لابن أبي عقيل(7) فلا يفسد الصوم، خلافا للشيخ(8) و لا يوجب القضاء و الكفارة، خلافا له في بعض أقواله(9).

1651. التاسع عشر: قال السيّد المرتضى: الحقنة محرّمة، و لا توجب قضاء و لا كفارة،

1651. التاسع عشر: قال السيّد المرتضى: الحقنة محرّمة، و لا توجب قضاء و لا كفارة(10)،

و قال أبو الصلاح: يجب القضاء مطلقا(11)، و قال الشيخ: يجب القضاء

ص: 476


1- . الشيخ المفيد في المقنعة: 344؛ و الشيخ الطوسي في المبسوط: 270/1.
2- . جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 54/3.
3- . نقله عنه المصنّف في المختلف: 397/3، و التذكرة: 50/6.
4- . المقنعة: 345، و المبسوط: 271/1.
5- . نقله عنه المصنّف في المختلف: 407/3، و التذكرة: 48/6.
6- . المقنعة: 347، و المبسوط: 272/1.
7- . لاحظ المختلف: 400/3، و التذكرة: 50/6.
8- . لاحظ المبسوط: 270/1؛ و الخلاف: 221/2، المسألة 85 من كتاب الصوم.
9- . لاحظ المبسوط: 270/1؛ و الخلاف: 221/2، المسألة 85 من كتاب الصوم.
10- . لاحظ المختلف: 412/3، و نقله عنه الحلي في السرائر: 387/1.
11- - الكافي في الفقه: 183.

خاصّة بالمائع خاصّة(1).

1652. العشرون: لو ارتدّ عن الإسلام أفطر إجماعا، و عليه قضاؤه،

فإن تناول شيئا من المفطر، وجبت الكفارة أيضا.

1653. الحادي و العشرون: لو سافر، أو حاضت المرأة، أو نفست،

أفطروا، و عليهم القضاء خاصّة.

1654. الثاني و العشرون: يجب القضاء خاصّة في الصوم الواجب المتعيّن، بعشرة أشياء:

من أفطر مع ظنّ بقاء الليل، و لم يرصد الفجر مع القدرة، ثمّ بان طالعا.

و من أخلد إلى غيره في عدم الطلوع، مع ترك المراعاة، و كان قادرا عليها، ثمّ فعل المفطر.

و من أخبره غيره بطلوع الفجر، فظنّ كذبه، و فعل المفطر، و كان طالعا، سواء كان المخبر عدلا أو فاسقا، أمّا لو أخبره عدلان بالطلوع، فلم يمتنع، فالوجه وجوب الكفارة.

و من أخبر بدخول الليل، فأخلد إليه و أفطر، ثمّ بان كذبه مع القدرة على المراعاة.

و من ظنّ دخول الليل لظلمة عرضت من غيم أو غيره، فأفطر، ثمّ تبيّن فساد ظنّه، خلافا للشيخ(2) في بعض أقواله.

ص: 477


1- . الخلاف: 213/2، المسألة 73 من كتاب الصوم.
2- . لاحظ التهذيب: 270/4 في ذيل الحديث 815.

و من تعمّد القيء، و لو ذرعه لم يفطر.

و من احتقن بالمائع.

و من تمضمض للتبرّد دون الطهارة، فدخل الماء إلى حلقه.

و من عاود النوم ثانيا و هو مجنب، مع نيّة الغسل، حتّى طلع الفجر.

و من نظر إلى من يحرم عليه نظرها بشهوة فأمنى، و لو كانت محلّلة لم يجب قضاء.

و لا كفارة في هذه المواضع العشرة.

1655. الثالث و العشرون: في مساواة الاستنشاق للمضمضة في ذلك نظر،

أقربه العدم.

1656. الرابع و العشرون: روى الشحام عن الصادق عليه السّلام: «انّ الصائم إذا تمضمض لا يبلع ريقه حتّى يبزق ثلاث مرات».

1656. الرابع و العشرون: روى الشحام عن الصادق عليه السّلام: «انّ الصائم إذا تمضمض لا يبلع ريقه حتّى يبزق ثلاث مرات»(1).

1657. الخامس و العشرون: المشهور بين علمائنا عدم الفرق بين صلاة الفرض و النفل،

و في رواية صحيحة السّند عن الصادق عليه السّلام وجوب القضاء بدخول ماء المضمضة للصلاة المندوبة دون الواجبة(2).

1658. السادس و العشرون: لو تمضمض متداويا، أو طرح خرزا أو غيره في فيه، لغرض صحيح، فسبق إلى حلقه،

1658. السادس و العشرون: لو تمضمض متداويا، أو طرح خرزا(3) أو غيره في فيه، لغرض صحيح، فسبق إلى حلقه،

فلا قضاء و لا كفارة، و لو كان عابثا قيل:

وجب القضاء خاصّة، و فيه نظر(4).

ص: 478


1- . الوسائل: 64/7، الباب 31 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 1.
2- . الوسائل: 49/7، الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 1.
3- . في لسان العرب: الخرز - بالتحريك - فصوص من حجارة، واحدتها خرزة.
4- . قال المصنّف في التذكرة: 79/6: و لو كان للتبرّد أو العبث وجب عليه القضاء خاصة عند علمائنا.
1659. السابع و العشرون: لو وصل إلى الجوف بغير الحلق شيء،

لم يفسد الصوم إلاّ الحقنة بالمائع، و ما ينزل من الفضلات من رأسه إذا استرسل و تعدّى الحلق من غير قصد، لم يفسد الصوم، و لو تعمّد ابتلاعه فسد.

الفصل الثاني: في الأحكام
اشارة

و فيه خمسة و عشرون بحثا:

1660. الأوّل: إنّما تجب الكفارة في إفطار ما يتعيّن صومه، كرمضان و قضائه بعد الزوال،

خلافا لابن أبي عقيل(1)، و النذر المعيّن و شبهه، و في الاعتكاف الواجب.

و ما عدا ذلك لا يجب فيه الكفارة، سواء كان واجبا، كالنذر المطلق، و صوم الكفارة، و قضاء غير رمضان، و قضاء رمضان قبل الزوال، أو مندوبا، كالأيّام المستحبّ صومها، و الاعتكاف المندوب، و يفسد الصوم في ذلك كلّه.

1661. الثاني: إنّما يفسد الصوم إذا وقع منه المفطر عمدا مختارا، مع وجوب الصوم عليه،

فلو فعل المفطر ناسيا لم يفطر، و كذا لو فعله نائما أو مكرها، أمّا لو تعمّد و كان جاهلا بالتحريم، لم يعذر.

ص: 479


1- . لاحظ المختلف: 453/3، و التذكرة: 60/6.
1662. الثالث: كلّ موضع يجب فيه القضاء إمّا منفردا أو منضمّا،

1662. الثالث: كلّ موضع يجب فيه القضاء إمّا منفردا(1) أو منضمّا،

فإنّه يجب يوم مكان يوم، لا غير.

1663. الرابع: كفارة كلّ يوم من رمضان، عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستّين مسكينا مخيرا في ذلك سعة،

و قال ابن أبي عقيل: انّها على الترتيب(2)، و للسيّد المرتضى قولان(3).

1664. الخامس: الإطعام لكلّ مسكين مدّ،

لا فرق في ذلك بين الحنطة و الشعير و التمر، و قال الشيخ: لكلّ مسكين مدّان(4).

1665. السادس: [قول الصادق عليه السّلام فيمن سأله عن الصائم يصيبه عطش حتّى يخاف على نفسه

روى الساباطي عن الصادق عليه السّلام:

«و قد سأله عن الصائم يصيبه عطش حتّى يخاف على نفسه، قال:

يشرب بقدر ما يمسك رمقه، و لا يشرب حتّى يروي»(5)

و هي جيّدة، و الأقرب عدم وجوب القضاء.

و لو شرب زيادة على ما يمسك، به الرمق، وجب القضاء و الكفارة.

1666. السابع: لو عجز عن الأصناف الثلاثة، صام ثمانية عشر يوما،

فإن عجز، تصدّق بما وجد، أو صام ما استطاع، فإن عجز، استغفر اللّه، و سقطت

ص: 480


1- . في «أ»: مفردا.
2- . لاحظ المختلف: 438/3، و التذكرة: 52/6.
3- . قول بالتخيير ذهب إليه في الانتصار: 69، و قول بالترتيب نقله عنه المحقّق في المعتبر: 2 / 672، و المصنف في التذكرة: 52/6.
4- . المبسوط: 271/1.
5- . الوسائل: 152/7، الباب 16 من أبواب من يصحّ منه الصوم، الحديث 1.

عنه الكفارة.

1667. الثامن: حدّ العجز عن التكفير، أن لا يجد ما يصرفه في الكفارة،

فاضلا عن قوته و قوت عياله ذلك اليوم.

1668. التاسع: لا يسقط القضاء بسقوط الكفارة للعجز،

و لو عجز عنه أيضا، سقط، و كفاه الاستغفار.

1669. العاشر: لو عجز عن صيام شهرين متتابعين، و يمكن من صيامهما متفرّقة، و لم يقدر على العتق، و لا الإطعام،

فالوجه وجوب الشهرين متفرّقة، و لو عجز، صام ثمانية عشر يوما.

1670. الحادي عشر: قال الشيخان: إذا عجز عن الأصناف الثلاثة، صام ثمانية عشر يوما

1670. الحادي عشر: قال الشيخان: إذا عجز عن الأصناف الثلاثة، صام ثمانية عشر يوما(1)

و لا بدّ فيها من التتابع؛ قاله المفيد(2) و المرتضى(3)، فلو عجز عنه و تمكّن من صيامها متفرّقة، فالوجه وجوبها على التفريق.

1671. الثاني عشر: لو عجز عن شهرين، و قدر على شهر، فالوجه وجوبه،

و لا ينتقل إلى ثمانية عشر، و كذا لو قدر على عشرين يوما على إشكال في ذلك كلّه.

و لو عجز عن إطعام ستّين، و تمكّن من إطعام ثلاثين وجب، و لو تمكّن من صيام شهر، و الصدقة على ثلاثين، فالأقرب وجوبهما معا.

1672. الثالث عشر: الكفارة في إفطار قضاء رمضان بعد الزوال، إطعام عشرة مساكين،

ص: 481


1- . المقنعة: 345، و النهاية: 154.
2- . المقنعة: 346.
3- . جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 55/3.

فإن عجز صام ثلاثة أيّام.

و روي أنّ عليه كفارة رمضان(1)، و حملها الشيخ على المستخف(2) و روي لا شيء عليه، و حملها على العاجز(3).

1673. الرابع عشر: المشهور انّ كفارة نذر المتعيّن مثل كفارة رمضان،

و قيل:

كفارة يمين(4).

1674. الخامس عشر: لو أكل شاكّا في طلوع الفجر، و لم يتبيّن طلوعه و لا عدمه، و استمرّ به الشك،

فلا قضاء عليه، و له الأكل حتى يتيقّن الطلوع.

و لو أكل شاكّا في غروب الشمس، و استمرّ الشك، وجب القضاء، و في وجوب الكفارة نظر.

و لو ظنّ أنّ الشمس قد غربت ثمّ استمرّ الظنّ ، فلا قضاء.

1675. السادس عشر: لو كرّر السبب المقتضي لوجوب الكفارة في يومين، تكرّرت الكفارة،

سواء كفّر عن الأوّل أو لا.

و لو كرّره في يوم واحد، قال الشيخ: ليس لأصحابنا فيه نصّ ، و الّذي

ص: 482


1- . الوسائل: 254/7، الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 3.
2- . التهذيب: 279/4-280، و المبسوط: 287/1، و لاحظ الوسائل: 254/7، الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 4.
3- . التهذيب: 279/4-280، و المبسوط: 287/1، و لاحظ الوسائل: 254/7، الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 4.
4- . القائل هو الصدوق في الفقيه: 232/3 في ذيل الحديث 1095.

يقتضيه مذهبنا أنّه لا يتكرّر(1)، و قال المرتضى بالتكرّر(2)، و قال ابن الجنيد(3): إن كفّر عن الأوّل كفّر ثانيا، و إلاّ كفّر كفارة واحدة عنهما، سواء اتّحد السبب أو اختلف، و لا يتكرّر القضاء بتكرّر السبب في يوم واحد إجماعا.

1676. السابع عشر: من أفطر مستحلاّ، و قد ولد على الفطرة، فهو مرتدّ،

و لو لم يعرف قواعد الإسلام، عرّف ثمّ يعامل بعد ذلك بما يعامل به المولود على الفطرة.

و لو اعتقد التحريم عزّر، فإن عاد عزّر، فإن عاد قتل في الثالثة، و قيل:

في الرابعة(4).

1677. الثامن عشر: يعزّر من أكره امرأته على الجماع في رمضان بخمسين سوطا،

و عليه كفّارتان و قضاء واحد، و لا كفارة عليها و لا قضاء، و لو طاوعته، عزّر كلّ واحد منهما بخمسة و عشرين سوطا.

1678. التاسع عشر: قال الشيخ رحمه اللّه: لو وطئها نائمة أو مكرهة، صحّ صومها،

و عليه كفارتان(5)، و نحن نمنع ذلك في النائمة.

قال: و لو أكرهها لا جبرا، بل ضربها حتّى مكّنته من نفسها أفطرت، و لزمها

ص: 483


1- . المبسوط: 274/1.
2- . نقله عنه الشيخ في الخلاف: 189/2، المسألة 38 من كتاب الصوم؛ و لاحظ المختلف: 449/3.
3- . نقله عنه المحقّق في المعتبر: 680/2؛ و المصنّف في المختلف: 449/3.
4- . لاحظ المعتبر: 681/2، و مستمسك العروة الوثقى: 194/8، كتاب الصوم.
5- . الخلاف: 183/2، المسألة 27 من كتاب الصوم.

القضاء، و لا كفّارة عليها، لأنّها دفعت الضّرر بالتمكين كالمريض(1)، و الحق عندي سقوط القضاء عنها.

1679. العشرون: لو زنى بها، فعلى كلّ منهما كفّارة،

و لو أكرهها، قال بعض علمائنا: يتحمّل عنها الكفّارة أيضا، و فيه نظر مع حسنه.

1680. الحادي و العشرون: لو طلع الفجر و في فيه طعام لفظه، و لو ابتلعه،

فسد صومه، و عليه مع القضاء الكفّارة.

1681. الثاني و العشرون: يجوز الجماع حتّى يبقى لطلوع الفجر مقدار إيقاعه و الغسل،

و لو علم ضيق الوقت فجامع، وجب القضاء و الكفّارة.

و لو ظنّ فيه السّعة فواقع مع المراعاة، فلا شيء لو كذب الظنّ ، و لو كان لا مع المراعاة، فالقضاء.

1682. الثالث و العشرون: لو انفرد برؤية الهلال في رمضان و أفطر،

وجب القضاء و الكفارة.

1683. الرابع و العشرون: لو فعل ما يجب به الكفّارة؛ ثمّ سقط عنه فرض ذلك، لمرض، أو حيض، أو نفاس،

فالوجه عدم سقوط الكفّارة.

1684. الخامس و العشرون: لو تبرّع متبرّع بالتكفير عمّن وجب عليه، جاز،

سواء كان المكفّر عنه حيّا أو ميّتا، إلاّ في الصوم، فانّه لا يقع نيابة إلاّ مع الموت.

ص: 484


1- . الخلاف: 183/2، المسألة 27 من كتاب الصوم.

المقصد الرابع: فيمن يصحّ صومه

اشارة

و فيه أحد عشر بحثا:

1685. الأوّل: البلوغ شرط في وجوب الصوم،

فلا يجب على الصبيّ و إن أطاقه، و حدّ البلوغ في الذكر، خمس عشرة سنة، أو الإنبات، أو الاحتلام، و في الأنثى، بلوغ تسع سنين أو عشر، أو الإنبات، أو الاحتلام، و الحيض دلالة على سبق البلوغ.

1686. الثاني: يستحبّ تمرين الصّبي بالصوم إذا أطاقه،

و كذا الصّبية، و يشدّد عليهما ببلوغ سبع مع المكنة.

و صوم الصبيّ المميّز شرعيّ ، و نيّته صحيحة، و ينوى الندب، و قال أبو حنيفة: ليس بشرعيّ ، بل هو إمساك للتأديب، و فيه قوّة.

1687. الثالث: العقل شرط في وجوب الصوم و صحّته،

فلا اعتبار بصوم المجنون، و لا يؤمر به كما يؤمر الصّبيّ ، و لو كان يفيق يوما كاملا، وجب صوم يوم الإفاقة.

1688. الرابع: حكم المغمى عليه، حكم المجنون،

سواء سبقت النيّة أو لا،

ص: 485

على الأصحّ ، و لا قضاء عليه مطلقا، و لو تجدّد الإغماء في آخر جزء من النهار، بطل صوم ذلك اليوم(1)، خلافا للمفيد(2).

1689. الخامس: الإسلام شرط في صحّة الصوم لا في وجوبه،

و الكافر يجب عليه، و لا يصحّ منه، و لو أسلم سقط قضاؤه.

و أمّا المرتدّ فيجب عليه، و لا يصحّ منه حتّى يرجع و يقضي ما فاته مرتدّا.

1690. السادس: الطهارة من الحيض و النفاس شرط في صحّة الصوم،

فلو وجد أحدهما و لو في آخر جزء من النهار بطل صوم ذلك اليوم، و يستحبّ لهما الإمساك تأديبا إذا رأتاه بعد الزوال.

و لو أمسكت إحداهما و نوت الصوم، لم ينعقد، سواء علمتا التحريم أو لا، و يجب عليهما القضاء عند الطهر.

و لو انقطع دم إحداهما بعد طلوع الفجر، لم تعتدّا بصوم ذلك اليوم، بل أمسكتا تأديبا، و وجب القضاء.

1691. السابع: المستحاضة بحكم الطاهر، يجب عليها الصوم،

و يصحّ منها إذا فعلت ما يجب عليها من الأغسال، و لو أخلّت بها مع وجوبها، بطل الصوم و قضته.

1692. الثامن: لا يصحّ الصوم الواجب من المسافر الّذي يجب عليه قصر الصلاة،

إلاّ ناذر الصوم المعيّن إذا قيّده بالسفر، و من عجز عن دم المتعة، فإنّه

ص: 486


1- . في «أ»: بطل صومه في ذلك اليوم.
2- . المقنعة: 352.

يصوم ثلاثة أيام في الحج و إن كان مسافرا، و من أفاض من عرفات عامدا عالما قبل الغروب و عجز عن البدنة، فانّه يصوم ثمانية عشر يوما(1) و إن كان مسافرا.

و للمفيد رحمه اللّه قول بجواز صوم ما عدا رمضان من الواجبات(2) و هو نادر.

أمّا صوم النافلة، فالوجه انّه مكروه فيه إلاّ ثلاثة أيّام للحاجة ندبا في المدينة.

1693. التاسع: المريض لا يصحّ منه الصوم إن كان يضرّ به،

و لو تكلّفه حينئذ لم يجزئه، و لو لم يضرّ به و قدر عليه وجب، و لم يمنعه المرض.

و لا فرق في جواز الإفطار بسائر أنواع المرض مع المضرّة، كوجع الأسنان و العين و الحمى الدائمة (و غير الدائمة)(3)، و المرجع في الضّرر به إلى حال الإنسان نفسه، أو قول العارف.

1694. العاشر: النائم إذا سبقت [منه النيّة صحّ صومه، و إن استمرّ إلى الليل،

و لو طلع الفجر عليه نائما، و لم ينو، ثمّ استمرّ إلى الزوال، وجب القضاء.

1695. الحادي عشر: المجنب إذا ترك الغسل عامدا مع القدرة حتّى طلع الفجر،

لم يصحّ صومه، و وجب القضاء، و لو استيقظ جنبا، انعقد صومه عن رمضان و النذر المعيّن، و لا ينعقد عن قضاء رمضان، و لا عن نذر مطلق، قال الشيخ: و لا ندبا(4).

ص: 487


1- . في «ب»: يصوم عشر يوما.
2- . المقنعة: 350.
3- . ما بين القوسين موجود في «أ».
4- . المبسوط: 287/1.

ص: 488

المقصد الخامس: في الزمان الذي يصحّ فيه الصوم

اشارة

و فيه خمسة مباحث:

1696. الأوّل: إنّما يصحّ صوم النهار دون الليل،

و لو نذر صوم الليل منضمّا أو منفردا، لم يصحّ إجماعا.

1697. الثاني: لا يصحّ صوم العيدين بالإجماع،

و لو نذره لم ينعقد.

1698. الثالث: صوم أيّام التشريق لمن كان بمنى حرام،

و في اشتراط كونه محرما بحجّ أو عمرة، نظر.

و هي اليوم الحادي عشر من ذي الحجة، و الثاني عشر، و الثالث عشر.

و لو نذر صومها و هو بمنى لم ينعقد، و لو كان بغير منى من الأمصار صحّ صومها ندبا، و نذرا، و عن قضاء الواجب، و بالجملة هي في غير منى كغيرها من الأيام الّتي يقع فيها الصوم.

1699. الرابع: صوم يوم الشك على أنّه من شهر رمضان حرام،

و قد تقدّم.

1700. الخامس: لو نذر صوم يوم معيّن، و اتّفق أحد هذه الأيّام، لم يجز صومه،

و الأقوى عدم وجوب القضاء.

ص: 489

ص: 490

المقصد السادس: في شهر رمضان

اشارة

و مطالبه ثلاثة

المطلب الأوّل: في علامته
اشارة

و فيه ستة عشر بحثا:

1701. الأوّل: يعلم الشهر برؤية الهلال،

فمن رآه وجب عليه الصوم و إن كان واحدا، عدلا كان أو غير عدل، شهد عند الحاكم أو لم يشهد، قبلت شهادته أو ردّت.

1702. الثاني: لو لم يره لعدم طلبه، أو لعدم الحاسّة، أو لغير ذلك، اعتبر بالشهادة،

و لا خلاف في اعتبار الشهادة في رؤية الهلال، و إنّما الخلاف في العدد، فاختار سلاّر قبول الواحد في أوّل رمضان خاصّة(1) و قال المفيد و المرتضى: انّما يقبل عدلان صحوا و غيما(2) و اشترط الشيخ خمسين من

ص: 491


1- . المراسم: 233.
2- . المقنعة: 297، و جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 54/3.

البلد مع العلّة، أو اثنان من خارجه، و مع عدم العلّة خمسين من البلد و خارجه(1)و الوجه قول المفيد.

1703. الثالث: لا يقبل شهادة النساء في ذلك، و لا في شيء من الأهلّة، لا منفردات و لا منضمّات،

و لا يقبل في الإفطار إلاّ شاهدان.

1704. الرابع: لو شهد عدلان بأوّله فصاموا ثلاثين، ثمّ لم ير الهلال مع الصحو،

لزم الفطر.

1705. الخامس: لو انفرد برؤية شوّال،

وجب عليه الإفطار.

1706. السادس: لو رآه عدلان و لم يشهدا عند الحاكم، أو شهدا و ردّت شهادتهما، لعدم معرفته، بهما،

جاز لمن سمعهما الإفطار، و لكلّ منهما أن يفطر و إن لم يعرف عدالة صاحبه.

و لو أصبح صائما يوم الثلاثين من رمضان، فشهد عدلان برؤيته في الماضية أفطر، و صلّى العيد إذا كان قبل الزوال، و لو كان بعده، أفطر و لا صلاة.

1707. السابع: لو رؤي في البلد رؤية شائعة،

وجب الصيام إجماعا.

1708. الثامن: لو لم ير الهلال أصلا و غمّ على الناس أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما، ثم صاموا وجوبا من رمضان،

فإن غمّ هلال شعبان، أكملت عدة رجب ثلاثين، و شعبان ثلاثين، ثمّ صاموا.

و لو غمّت الأهلّة أكمل كلّ شهر ثلاثين يوما على قول بعض علمائنا(2)،

ص: 492


1- . النهاية: 150.
2- . المبسوط: 267/1.

و الوجه عندي العمل برواية الخمسة(1).

1709. التاسع: يستحبّ الترائي للهلال ليلة الثلاثين من شعبان و رمضان على الأعيان،

و يجب على الكفاية.

1710. العاشر: لا يجوز التعويل على الجدول، و لا على كلام المنجّمين، و لا على الاجتهاد فيه، و لا على العدد،

خلافا لمن قسم السنة إلى تامّ و ناقص، و شعبان ناقص أبدا و رمضان تامّ أبدا(2).

و لا اعتبار أيضا بغيبوبة القمر بعد الشفق، و لا بتطوّقه، و لا بعد خمسة أيّام من الماضية، و لا برؤيته قبل الزوال.

1711. الحادي عشر: لو أفطر يوم الشك ثمّ قامت البيّنة برؤيته،

قضاه بعد العيد، و لو لم تقم بيّنة، لكن أهلّ شوال بعد صوم ثمانية و عشرين، قضى يوما واحدا إلاّ أن تقوم البيّنة بيومين.

1712. الثاني عشر: إذا رأى الهلال أهل بلد، وجب الصوم على أهل البلاد [و جميع الناس،

سواء تباعدت البلاد أو تقاربت.

و الشيخ رحمه اللّه جعل البلاد المتقاربة الّتي لا تختلف في المطالع، كبغداد و البصرة، كالبلد الواحد، و البلاد المتباعدة، كبغداد و مصر لكلّ بلد حكم نفسه(3)

ص: 493


1- . لاحظ الوسائل: 205/7، الباب 10 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 1، و إليك نصّه: عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «صم في العام المستقبل اليوم الخامس من يوم صمت فيه عام أوّل». (و بقية أحاديث الباب).
2- . قال المصنّف في التذكرة: 138/6: لا اعتبار بالعدد خلافا لقوم من الحشوية ذهبوا إلى أنّه معتبر، و أنّ شهور السنة قسمان: تام و ناقص فرمضان لا ينقص أبدا، و شعبان لا يتمّ أبدا.
3- . المبسوط: 268/1.

و فيه قوّة، فعلى قوله، لو سافر من رأى الهلال في بلده إلى بلد لم ير الهلال فيه لبعده فلم ير الهلال بعد ثلاثين، فالوجه أنّه يصوم معهم بحكم الحال.

1713. الثالث عشر: لو كان بحيث لا يعلم الأهلّة كالمحبوس و شبهه، إذا لم يعلم الشهر يجتهد و يغلب على ظنّه،

فإن ظنّ ، عمل عليه، و إلاّ توخّى شهرا و صامه، فإن استمرّ الاشتباه أجزأه، و إن وافق رمضان أو كان بعده فكذلك، و إن وافق قبله لم يجزئه(1)، و الأقرب عدم وجوب البحث و الاجتهاد بعد الصوم.

و لو وافق بعضه الشهر دون بعض، صحّ فيما وافق الشهر و ما بعده، دون ما قبله؛ و إذا وافق صومه بعد الشهر، فالمعتبر صوم أيّام بعدّة ما فاته، سواء وافق بين هلالين أو لم يوافق، و سواء كان الشهران تامّين، أو ناقصين، أو مختلفين.

و لو كان رمضان تامّا فصام شوّالا، و كان ناقصا، لزمه قضاء يومين(2)؛ و لو انعكس الفرض لم يجب عليه شيء، و لو كانا تامّين لزمه قضاء يوم بدل العيد، و كذا لو كانا ناقصين.

و لو صام قبل رمضان، و ظهر له ذلك قبل دخوله، وجب عليه أن يصومه، و لو صام تطوّعا فوافق شهر رمضان، فالأقرب أنّه يجزئه.

1714. الرابع عشر: يستحبّ الدعاء عند رؤية الهلال

بما روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام(3)، و غيره من الأدعية المأثورة.

1715. الخامس عشر: وقت وجوب الإمساك هو طلوع الفجر الثاني

الّذي يجب معه صلاة الصبح إلى غروب الشمس الّذي يجب معه صلاة المغرب،

ص: 494


1- . علّله المصنّف في التذكرة: 143/6، بأنّه فعل العبادة قبل وقتها، فلا يقع أداء و لا قضاء.
2- . بدل يوم العيد و الناقص.
3- . لاحظ الوسائل: 234/7، الباب 20 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 6.

و علامته، سقوط الحمرة المشرقية، قاله الشيخ(1).

و قال بعض أصحابنا: علامته غيبوبة القرص، فلو غاب عن الآفاق، ثمّ شاهد ضوأه على بعض الجبال، من بعيد، أو بناء عال، مثل منارة الاسكندرية، جاز الإفطار(2)، و ليس بمعتمد.

و لو اشتبه عليه الغيبوبة وجب عليه الإمساك، و يستظهر حتى يتيقّن، و لو غاب القرص و بقي له أمارة الظهور، فأصحّ الروايتين(3) وجوب الإمساك حتى تذهب علامة ظهوره.

1716. السادس عشر: يستحبّ تقديم الصلاة على الإفطار

إلاّ أن يكون له من ينتظره للإفطار معه.

المطلب الثاني: في شرائطه
اشارة

و هي قسمان

القسم الأوّل: شرائط الوجوب
اشارة

و فيه سبعة مباحث:

1717. الأوّل: العقل و البلوغ شرطان في وجوب الصوم،

و لو بلغ قبل الفجر، وجب صوم ذلك اليوم، و لو كان بعده لم يجب، و يستحبّ له الإمساك، مفطرا كان

ص: 495


1- . المبسوط: 269/1.
2- . حكاه الشيخ في المبسوط عن بعض أصحابنا، لاحظ المبسوط: 269/1.
3- . لاحظ الوسائل: 88/7، الباب 52 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

أو صائما، و لا قضاء عليه.

و لو أفاق المجنون في أثناء الشهر، وجب عليه صيام ما بقي، و إن أفاق قبل الفجر، وجب صوم ذلك اليوم، و إلاّ فلا، و كذا المغمى عليه.

1718. الثاني: الإسلام شرط في الصّحة على ما قلناه،

فلو أسلم قبل الفجر، وجب صوم ذلك اليوم و ما بعده، و إن أسلم بعد الفجر، سقط ذلك اليوم خاصّة، و أمسك استحبابا.

1719. الثالث: السلامة من المرض شرط في الوجوب إذا كان الصوم يزيد في المرض، أو يبطئ البرء معه،

أمّا الصّحيح الّذي يخاف المرض بالصوم، فالوجه وجوبه عليه، و كذا لو كان به شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشقّ أنثياه.

و المستحاضة إذا خافت المرض أفطرت.

1720. الرابع: الإقامة أو حكمها شرط في الصوم،

فلا يجب على المسافر سفرا يجب معه قصر الصلاة، و لو صام لم يجزئه إن كان عالما، و إلاّ أجزأه.

و لو نوى الإقامة في بلد عشرة أيّام، وجب الصوم، و لو ردّد نيّته صام بعد شهر، و بالجملة كلّ من وجب عليه التقصير في الصلاة، وجب عليه التقصير في الصوم.

و هل يشترط تبييت النيّة من الليل ؟ قال الشيخ: نعم، فلو بيّت نيّة السفر من الليل، ثمّ خرج أيّ وقت كان من النهار وجب التقصير و القضاء، و لو خرج بعد الزوال أمسك و عليه القضاء، و إن لم يبيّت بنيّة من الليل لم يجز له التقصير، و كان عليه صيام ذلك اليوم، و ليس عليه قضاؤه أيّ وقت خرج، إلاّ أن يكون قد

ص: 496

خرج قبل طلوع الفجر فإنّه يجب عليه الإفطار على كل حال، و لو قصّر وجب عليه القضاء و الكفارة(1).

و قال المفيد رحمه اللّه: المعتبر خروجه قبل الزوال، فإن خرج حينئذ لزمه الإفطار، و إن خرج بعده، أتمّ ، و لا اعتبار بالنيّة(2).

و قال السيّد(3) و ابن بابويه(4): يقصر متى خرج و إن كان قبل الغروب؛ و لم يعتبر [ا] التبييت. و الأقوى اختيار المفيد.

1721. الخامس: لا يجوز الإفطار حتّى يغيب عنه أذان مصره، أو يخفى عنه جدران بلده.
1722. السادس: لو قدم المسافر، أو برأ المريض مفطرين، استحبّ لهما الإمساك،

و عليهما القضاء، و كذا الحائض إذا طهرت، و الطاهر إذا حاضت.

و لو قدم المسافر أو برأ المريض صائمين، فإن كان زوال عذرهما قبل الزوال وجب عليهما الإتمام و أجزأهما، و إن كان بعد الزوال استحبّ الإمساك، و وجب القضاء.

و لو عرف المسافر أنّه يصل إلى بلده أو موضع إقامته قبل الزوال، جاز له الإفطار، و إن أمسك حتّى دخل و أتمّ صومه، كان أفضل.

1723. السابع: الخلوّ من الحيض و النفاس شرط في الصوم،

فلو زال

ص: 497


1- . المبسوط: 284/1، و النهاية: 161.
2- . المقنعة: 354.
3- . جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 55/3.
4- . نقله عنه المصنّف في المختلف: 468/3، و الحلّي في السرائر: 392/1.

عذرهما في أثناء النهار لم يصحّ صومها، و وجب القضاء، و كذا لو تجدّد في أثناء النهار و لو قبل الغروب بشيء يسير.

القسم الثاني: شرائط القضاء
اشارة

و فيه سبعة مباحث:

1724. الأوّل: يشترط في وجوب القضاء البلوغ حال الفوات،

فلو فات الصّبي لم يجب القضاء، سواء كان مميّزا أو غير مميّز.

1725. الثاني: العقل شرط في القضاء،

فالمجنون إذا فاته شيء من الأيّام أو الشهر كلّه، و هو مجنون، لم يجب عليه القضاء، و كذا المغمى عليه، و اليوم الذي يفيق فيه لا يجب قضاؤه، إلاّ أن يفيق قبل الفجر ثمّ يفطر فيه، و اشترط بعض علمائنا(1) سبق النية في المغمى عليه، و ليس بجيّد.

1726. الثالث: الإسلام شرط في وجوب القضاء،

فالكافر الأصلي لا يجب عليه قضاء ما فاته حال كفره، و لو أسلم في أثناء الشهر لم يقض الفائت، و يجب عليه صيام المستقبل، و اليوم الذي أسلم فيه لا يجب قضاؤه، إلاّ أن يسلم قبل الفجر ثم يفطر فيه، و لو أسلم بعد الفجر و لم يكن أفطر لم يجب صوم ذلك اليوم.

أمّا المرتدّ فيقضي ما فاته زمان ردّته، و لا فرق بين أن تكون الردة باعتقاد ما يوجب الكفر أو بشكه فيه(2) و لو ارتدّ بعد عقد الصوم، ثمّ عاد لم يفسد صومه، و فيه نظر.

ص: 498


1- . الشيخ في الخلاف: 198/2، المسألة 51 من كتاب الصوم؛ و المفيد في المقنعة: 352.
2- . هكذا في «أ»، و لكن في «ب»: أو بشكه فيما يكفر بالشك فيه.
1727. الرابع: لو أزال عقله بمسكر أو بشرب مرقد، وجب عليه قضاء ما يفوته فيه.
1728. الخامس: قال الشيخ رحمه اللّه: لو طرح في حلق المغمى عليه، أو من زال عقله دواء

لزمه القضاء إذا أفاق(1) و ليس بجيّد.

1729. السادس: شرائط الكفّارة هي شرائط القضاء،

فكلّ موضع سقط فيه القضاء سقطت فيه الكفّارة.

1730. السابع: يستحبّ للمغمى عليه و الكافر القضاء.
المطلب الثالث: في الأحكام
اشارة

و فيه تسعة عشر بحثا:

1731. الأوّل: يتعيّن قضاء الفائت في السنة الّتي فات فيها ما بينه و بين رمضان الآتي،

فلو أخّر المريض القضاء بعد برئه تهاونا حتّى دخل الثاني و لم يقض، صام الحاضر، و قضى الأوّل، و كفّر عن كلّ يوم بمدّين، و أقلّه مدّ، خلافا لابن إدريس(2).

و لو كان تأخيره مع العزم على القضاء حتى أدركه الثاني و لم يقض، وجب القضاء خاصّة، و لو استمرّ به المرض إلى رمضان الثاني، و لم يصح فيما بينهما

ص: 499


1- . المبسوط: 266/1.
2- . السرائر: 396/1.

صام الحاضر، و هل يقضي الفائت ؟ قال ابن بابويه: نعم و لا كفّارة(1)، و قال الشيخان(2): يكفّر عن كلّ يوم بما تقدم، و لا قضاء عليه، و الوجه عندي قول ابن بابويه، و على قول الشيخين لو صام و لم يكفّر، فالوجه الإجزاء.

1732. الثاني: ظاهر كلام الشيخ في الخلاف تعميم الحكم في المريض و غيره ممّن فاته الصوم،

1732. الثاني: ظاهر كلام الشيخ في الخلاف(3) تعميم الحكم في المريض و غيره ممّن فاته الصوم،

و فيه نظر.

1733. الثالث: حكم ما زاد على رمضانين حكم الرمضانين سواء.
1734. الرابع: لو أخّره سنتين فما زاد، فيه إشكال،

و الأقرب عدم تكرّر الكفارة(4).

1735. الخامس: لو استمر به المرض حتى مات سقط القضاء و لا كفارة،

لكن يستحبّ أن يقضى عنه، أمّا لو برأ من مرضه، و تمكّن من القضاء و لم يقضى حتّى مات، قضي عنه.

1736. السادس: الذي يقضي عن الميت أكبر أولاده الذكور،

سواء فاته بمرض أو غيره، مع ترك الميت القضاء و تمكّنه.

و لو لم يكن له ولد ذكر، و كان له إناث، قال الشيخ رحمه اللّه: يتصدّق عن كلّ يوم بمدّين من ماله، و أقلّه مدّ(5).

ص: 500


1- . لاحظ المختلف: 517/3؛ و السرائر: 395/1.
2- . المقنعة: 570؛ و المبسوط: 286/1.
3- . الخلاف: 206/2، المسألة 63 من كتاب الصوم.
4- . في «ب»: عدم تكرير الكفارة.
5- . المبسوط: 286/1.

و قال المفيد: تقضي الأنثى(1)، و الأوّل أقوى.

1737. السابع: السيّد المرتضى أوجب الصدقة أوّلا،

فإن لم يكن له مال، صام عنه وليّه(2).

1738. الثامن: إن كان الوليّ واحدا، تعيّن عليه قضاء الجميع،

و لو كانوا جماعة في سنّ واحد، قضوا عنه بالحصص، أو يتطوّع به البعض، فيسقط عن الآخرين.

و لو اتّحد اليوم أو انكسر، فالأقرب أنّه عليهم كواجب الكفاية، و لم أقف فيه على نصّ .

1739. التاسع: قد بيّنا وجوب الصدقة مع عدم الوليّ ،

و يخرج من صلب المال.

1740. العاشر: لو صام أجنبيّ عن الميّت بغير قول الوليّ ،

فالأقرب عدم الإجزاء، و لو أمره أو استأجره، ففي الإجزاء نظر.

1741. الحادي عشر: كلّ صوم واجب على المريض و غيره،

كالمنذور و غيره، إذا مات مع إمكان القضاء و لم يقضه، وجب على الوليّ القضاء عنه، أو الصدقة.

و لو وجب عليه صوم شهرين متتابعين، ثمّ مات، تصدّق عنه عن شهر من مال الميّت، و الظاهر أنّه إمّا بمدّين عن كلّ يوم أو بمدّ، و قضى وليّه شهرا،

ص: 501


1- . المقنعة: 353.
2- . الانتصار: 70.

و للوليّ أن يصوم الشهرين من غير صدقة، سواء كان وجوبهما على التعيين أو التخيير.

نعم في المخيّر للوليّ أن يصوم شهرين، أو يتصدّق من صلب مال الميّت، أو يعتق من أصل المال.

1742. الثاني عشر: قال الشيخ: حكم المرأة في ذلك حكم الرجل،

1742. الثاني عشر: قال الشيخ(1): حكم المرأة في ذلك حكم الرجل،

فما يفوتها من زمن الحيض أو السفر أو المرض، لا يجب قضاؤه، و لا الصدقة عنه، إلاّ مع تمكّنها من القضاء و الإهمال، فيجب على الوليّ القضاء أو الصدقة، كما قلنا في الرجل، خلافا لابن إدريس(2).

1743. الثالث عشر: إذا مات المسافر بعد تمكّنه من القضاء،

وجب أن يقضى عنه، و لو مات في سفره، فللشيخ قولان ففي الخلاف: لا يجب(3) و في التهذيب:

يجب(4) و الأوّل أقوى.

1744. الرابع عشر: يجوز لقاضي رمضان الإفطار قبل الزوال لا بعده،

فإن أفطر بعده لعذر فلا كفّارة عليه، و إلاّ أطعم عنه عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيّام.

1745. الخامس عشر: لو أجنب في شهر رمضان و ترك الاغتسال ساهيا من أوّل الشهر إلى آخره،

وجب قضاء الصلاة إجماعا، و أوجب الشيخ قضاء

ص: 502


1- . النهاية: 158.
2- . السرائر: 399/1.
3- . الخلاف: 207/2، المسألة 64 من كتاب الصوم.
4- . التهذيب: 249/4 في ذيل الحديث 739.

الصوم(1) و منع ابن إدريس(2)، و الأقوى عندي الأوّل، لرواية الحلبي الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(3).

1746. السادس عشر: الأولى تتابع أيّام القضاء،

و ليس واجبا.

1747. السابع عشر: لا يجوز لمن عليه صوم واجب رمضان أو غيره، أن يصوم تطوّعا حتّى يأتي به.
1748. الثامن عشر: يجوز القضاء في جميع أيّام السنة، إلاّ العيدين و أيّام التشريق لمن كان بمنى،

و أيّام الحيض و النفاس و المرض و السفر، و لا يكره القضاء في عشر ذي الحجة.

1749. التاسع عشر: لو أصبح جنبا في قضاء رمضان، أفطر ذلك اليوم، و لم يجز له صومه،

و كذا في النافلة و كلّ ما لا يتعيّن صومه.

أمّا لو أكل أو شرب ناسيا في قضاء رمضان، فالوجه أنّه يتمّ صومه، و للشيخ(4) قول آخر ضعيف.

ص: 503


1- . المبسوط: 288/1؛ النهاية: 165.
2- . السرائر: 407/1.
3- . الوسائل: 171/7، الباب 30 من أبواب من يصح الصوم منه، الحديث 3.
4- . نقله عنه المصنّف أيضا في التذكرة: 186/6.

ص: 504

المقصد السابع: في بقيّة أقسام الصوم

اشارة

و هو أقسام

القسم الأوّل: في الواجب منه
اشارة

و فيه(1) أحد عشر بحثا:

1750. الأوّل: صوم كفّارة قتل الخطاء واجب بعد العجز عن العتق،

و هو شهران متتابعان، و كذا صوم كفّارة الظهار.

1751. الثاني: صوم كفّارة من أفطر يوما من شهر رمضان واجب،

و هو شهران متتابعان، لكن وجوبه على التخيير بينه و بين الإطعام و العتق.

1752. الثالث: صوم كفّارة قتل العمد، و هو شهران متتابعان، واجب مع الصدقة و العتق.
1753. الرابع: صوم بدل الهدي للمتمتّع إذا لم يجد الهدي و لا ثمنه واجب،

و هو عشرة أيام، ثلاثة متتابعة في الحجّ ، و سبعة إذا رجع إلى أهله، و لا يجب فيها التتابع.

ص: 505


1- . أي في المقصد السابع.
1754. الخامس: صوم كفّارة اليمين و باقي الكفّارات واجب،

و صوم الاعتكاف المنذور(1) واجب، و اليوم الثالث منه على خلاف(2)، و صوم كفّارة من أفاض من عرفات قبل غروب الشمس عامدا، و لم يجد الجزور، و قدره ثمانية عشر يوما، و صوم ما يجب بالنذر و اليمين و العهد واجب، فهذه أقسام الصوم الواجب.

القسم الثاني: في الصوم المندوب
1755. السادس: الصوم المندوب على أقسام كثيرة،

و المتأكّد قد ذكرناه من جملته: أوّل خميس في العشر الأوّل، و أوّل أربعاء في العشر الثاني، و آخر خميس في العشر الأخير، و في رواية(3) انّه في الشهر الأوّل كذلك، و في الثاني خميس بين أربعاءين.

و يجوز تأخيرها من الصيف إلى الشتاء للخفّة، و إذا أخّرها إلى الشتاء، جاز صومها متوالية و متفرّقة، و لو عجز عن صيامها، تصدّق عن كلّ يوم بمدّ استحبابا.

1756. السابع: يستحبّ صوم الأيّام الأربعة في السنة:

يوم مبعث النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و مولده صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و دحو الأرض، و الغدير(4). و التاسع و العشرين من ذي القعدة،

ص: 506


1- . في «ب»: «المندوب» بدل «المنذور» و الصحيح ما في المتن.
2- . لاحظ المختلف: 581/3.
3- . لاحظ الوسائل: 313/7، الباب 8 من أبواب الصوم المندوب، الحديث 2.
4- . علّل المصنف قدّس سرّه صوم هذه الأيام الأربعة بانّها أيّام شريفة انعم اللّه تعالى بأعظم البركات، فاستحبّ شكره بالصوم فيها، و نقل الأحاديث الواردة في ذلك. لاحظ التذكرة: 190/6 و 191.

و أوّل يوم في المحرّم، و ثالثه و سابعه، و يستحبّ صوم العشر بأسره، فإذا كان اليوم العاشر أمسك عن الطعام و الشراب إلى بعد العصر ثمّ يتناول شيئا من التربة، و روي استحباب المحرّم بأسره(1)، و يوم النصف من جمادى الأولى، و ستّة أيّام من شوّال بعد يوم الفطر، و يوم الخميس دائما، و الاثنين، و كلّ جمعة سواء أفرده أو لا، و سواء وافق يوم صومه أو لا.

و صوم داود عليه السّلام مستحبّ ، و هو صوم يوم و إفطار يوم.

القسم الثالث: في صوم التأديب
1757. الثامن: يستحبّ الإمساك و إن لم يكن صوما للمسافر إذا قدم أهله أو بلدا يعزم فيه الإقامة عشرا و قد أفطر،

و للحائض و للنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار، و للطاهر إذا جاءها أحد الدمين، و للمريض إذا برأ و كان قد أفطر، و للكافر إذا أسلم و للصبيّ إذا بلغ و إن لم يتناولا شيئا.

1758. التاسع: يكره للمسافر أن يتملّأ من الطعام أو يروي من الشراب،

بل يتناول منهما قدر الحاجة، و تشتدّ الكراهية في الجماع، و ليس بمحرّم، خلافا للشيخ(2)، و لا تجب به الكفّارة إجماعا.

ص: 507


1- . لاحظ الوسائل: 347/7، الباب 25 من أبواب الصوم المندوب.
2- . النهاية: 162.
1759. العاشر: المستحاضة يجب عليها الصوم كالطاهر،

و يشترط في صحّة صومها الاغتسال إن وجب عليها، و إلاّ فلا، فلو أخلّت بالغسل(1) وجب القضاء.

القسم الرابع: في الصوم المحظور
1760. الحادي عشر: يحرم صوم العيدين إجماعا،

و استثنى الشيخ(2) القاتل في الأشهر الحرم، فانّه يصوم شهرين متتابعين و إن دخل فيهما العيدان(3) و أيّام التشريق، و ليس بمعتمد، و كذا البحث في أيّام التشريق لمن كان بمنى.

و صوم الوصال حرام، و اختلف فيه، ففي النهاية(4) و المبسوط(5) هو أن يجعل عشاءه سحوره، و في الاقتصاد:(6) صوم يومين من غير فطر، و لو أمسك عن الطعام لا بنيّة الصيام بل بنيّة الإفطار لم يكن محرّما.

و صوم الدهر حرام، إذا دخل فيه العيدان و أيّام التشريق لمن كان بمنى، و لو أفطر هذه الخمسة لم يكره الباقي.

ص: 508


1- . في «أ»: في الغسل.
2- . النهاية: 166؛ و المبسوط: 281/1.
3- . في «ب»: العيد.
4- . النهاية: 170.
5- . المبسوط: 283/1.
6- . الاقتصاد: 293.

المقصد الثامن: في التوابع

اشارة

و فيه سبعة و عشرون بحثا:

1761. الأوّل: الشيخ الكبير و العجوز إذا عجزا عن الصوم أفطرا إجماعا،

و في وجوب الكفّارة قولان: أحدهما الوجوب للشيخ(1) و الثاني عدمه للسيّد(2) و غيره(3)، و للمفيد هنا تفصيل فقال: إن عجزا بالكليّة، فلا قضاء و لا صدقة، و إن أطاقاه بمشقّة فلا قضاء، و وجبت الصدقة(4)، قال الشيخ: لست أعرف بالتفصيل نصّا(5)و لو عجزا عن الصدقة سقطت إجماعا.

1762. الثاني: للشيخ قولان في قدر الصدقة،

ففي النهاية(6) و المبسوط(7)عن كلّ يوم مدّان مع القدرة، و مع العجز مدّ، و في الاستبصار(8) مدّ، و هو جيّد.

ص: 509


1- . النهاية: 159؛ و المبسوط: 258/1.
2- . جعل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 56/3.
3- . كالحلّي في السرائر: 400/1.
4- . المقنعة: 351.
5- . التهذيب: 237/4.
6- . النهاية: 159.
7- . المبسوط: 258/1.
8- . الاستبصار: 103/2.
1763. الثالث: ذو العطاش إذا كان لا يرجى زواله أفطر،

و تصدّق عن كلّ يوم بمدّ، و قيل: بمدين(1) و لا قضاء، و إن كان يرجى برؤه أفطر إجماعا، و يجب القضاء مع البرء، و اختلف علماؤنا، فقال المفيد و المرتضى: لا كفّارة عليه(2) و أوجب الشيخ الكفارة(3).

1764. الرابع: لا ينبغي لهؤلاء أن يتملّئوا من الطعام و الشراب و لا يواقعوا النساء،

و الأقرب أنّ ذلك كلّه مكروه.

1765. الخامس: الحامل المقرب، و المرضعة القليلة اللبن، إذا خافتا على أنفسهما

أفطرتا و عليهما القضاء و الصّدقة(4) عن كلّ يوم بمدّ.

1766. السادس: لو خافتا على الولد كان لهما الإفطار،

و يجب عليهما القضاء و الصدقة، و خالف سلاّر في وجوب القضاء(5)، و ليس بمعتمد.

1767. السابع: صوم النافلة لا يجب بالشروع،

و يجوز إبطاله و لو قبل الغروب، و لا قضاء، لكن يستحبّ الإتمام، و يتأكّد بعد الزوال، و كذا جميع نوافل العبادات إلاّ الحجّ و العمرة فإنّهما يجبان بالشروع.

و لو دخل في واجب معيّن لم يكن له الخروج منه، و لو لم يتعيّن جاز الخروج منه، إلاّ في قضاء رمضان بعد الزوال.

ص: 510


1- . القائل الشيخ في النهاية: 159؛ و المبسوط: 285/1.
2- . المقنعة: 351؛ و جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 56/3.
3- . المبسوط: 285/1؛ و الاقتصاد: 294.
4- . في «ب»: إذا خافتا على انفسهما كانا لهما الإفطار و يجب القضاء و الصدقة.
5- . المراسم: 97.
1768. الثامن: كلّ الصوم يلزم فيه التتابع إلاّ أربعة:

صوم النذر المجرّد عن التتابع، و ما في معناه من يمين و عهد، و صوم قضاء رمضان، و صوم جزاء الصّيد، و السبعة في بدل المتعة.

1769. التاسع: من وجب عليه شهران متتابعان، إمّا لكفّارة أو نذر، أو غير ذلك،

فأفطر في الأوّل، أو بعد انتهائه قبل أن يصوم من الثاني شيئا، فإن كان لعذر من مرض أو حيض، لم ينقطع تتابعه، بل يبني على ما فعله بعد زوال العذر، و كذا كلّ عذر من قبله تعالى، أمّا السفر فإن تمكّن من تركه، لم يكن عذرا، و إلاّ فهو عذر. و إن كان إفطاره لغير عذر استأنف إجماعا.

و لو صام الأوّل و من الثاني و لو يوما ثمّ أفطر لعذر و غيره فإنّه يبني على كلّ حال، و هل يحرم الإفطار قبل إكمال الثاني لغير عذر و إن جاز البناء؟ قولان(1).

و لا يجوز لمن عليه شهران متتابعان أن يصوم ما لا يحصل معه صوم شهر و يوم، مثل أن يصوم شعبان و لم يكن قد صام من رجب شيئا، أو يصوم شوّالا خاصّة.

1770. العاشر: من وجب عليه شهر متتابع لنذر و شبهه فصام خمسة عشر يوما ثمّ أفطر لعذر و غيره،

جاز له البناء، و لو أفطر قبل ذلك استأنف إلاّ أن يكون لعذر فإنّه يبني.

و كذا العبد إذا وجب عليه صوم شهر لكفّارة و غيرها فتابع خمسة عشر يوما جاز له تفريق الباقي، و خالف فيه ابن إدريس(2).

ص: 511


1- . لاحظ المختلف: 561/3.
2- . السرائر: 413/1.
1771. الحادي عشر: ثلاثة الأيّام في بدل هدي المتعة متتابعة،

فلو صام يومين ثمّ أفطر استأنف، إلاّ في موضع واحد و هو أن يكون قد صام يوم التروية و عرفة، فإنّه يفطر العيد و يأتي بالثالث بعد أيّام التشريق.

و لو كان الفصل بغير العيد استأنف مطلقا، و كذا يستأنف لو صام يوما ثمّ أفطر.

أمّا السبعة فالوجه عدم وجوب تتابعها.

1772. الثاني عشر: كلّ صوم متتابع إذا أفطر في أثنائه لعذر بنى،

و إن كان لغير عذر استأنف إلاّ في المواضع الثلاثة المستثناة.

1773. الثالث عشر: هل يجوز صيام أيّام التشريق بدلا عن الهدى لمن كان بمنى ؟

فيه روايتان(1) أصحهما المنع.

1774. الرابع عشر: يكره للمسافر النكاح،

فلو قدم من سفره و هو مفطر، و قد طهرت من الحيض، جاز الوطء.

و لو غرّته و قالت: إنّي مفطرة، فجامع، فلا كفّارة عليه، و وجب عليها خاصّة، و لو علم بصومها فإن طاوعته وجبت عليها الكفّارة دونه، و لو أكرهها فلا كفارة عليه عنه(2)، و الأقرب وجوبها عليه عنها.

1775. الخامس عشر: يكره السفر في رمضان للصائم إلاّ لضرورة،

أو مضى ثلاثة و عشرين يوما منه.

ص: 512


1- . لاحظ الوسائل: 385/7، الباب 2 من أبواب الصوم المحرم و المكروه.
2- . في «أ»: «عنها» و الصحيح ما في المتن.
1776. السادس عشر: من وجب عليه شهران متتابعان فعجز عن ذلك،

صام ثمانية عشر يوما.

1777. السابع عشر: لو نذر صوم يوم من رمضان،

قيل: لا ينعقد(1) و الأقوى انعقاده، و لو نذر صوم يوم بعينه، أو أيّام بأعيانها، فوافق ذلك اليوم أو الأيّام أن يكون مسافرا، أفطر و قضى.

و لو نذر صوم الدهر و استثنى الأيّام التي يحرم فيها الصوم انعقد نذره، فلو كان عليه قضاء من رمضان، أو وجب ذلك بعد النذر، لزمه أن يصوم القضاء(2)مقدّما على النذر، و لا كفّارة عليه فيها(3) إن كان الإفطار لعذر.

و لو وجب على صائم الدّهر واجبا كفّارة مخيّرة أو مرتبة، فالوجه أنّه لا يصوم عنها، بل ينتقل فرضه إلى غير الصوم في المرتّب و المخيّر.

1778. الثامن عشر: لو نذر صوم يوم قدوم زيد لم ينعقد،

و قال الشيخ: إن وافق قدومه قبل الزوال و لم يكن تناول شيئا مفطرا، جدّد النيّة و صام ذلك اليوم، و إن كان بعده، أفطر و لا قضاء فيما بعد(4) و لو نذر يوم قدومه دائما، سقط وجوب اليوم الذي جاء فيه، و وجب صومه فيما بعد، فلو اتّفق في رمضان صامه عن رمضان و سقط النذر، و لا قضاء، و لو صامه عن النذر وقع عن رمضان و لا قضاء.

1779. التاسع عشر: لو نذر صوم يوم دائما فوجب عليه شهران متتابعان،

ص: 513


1- . القائل أبو الصلاح الحلبي في الكافي: 185.
2- . في «أ»: أن يصوم فيها القضاء.
3- . في «أ»: فيهما.
4- . المبسوط: 281/1.

قال الشيخ: يصوم في الأوّل عن الكفارة ليحصل التتابع، فإذا صام من الثاني شيئا صام ما بقي من الأيّام عن النذر(1) و قيل: يسقط التكليف بالصوم(2) و الأقرب صيام ذلك اليوم عن النذر، و لا يسقط به التتابع، و لا فرق بين تقدّم وجوب الشهرين و تأخّره.

1780. العشرون: لو نذر أن يصوم في بلد معيّن،

فللشيخ قولان: أحدهما سقوط التعيين، فيصوم أين شاء(3) و الآخر ثبوته(4).

1781. الحادي و العشرون: لو نذر صوم سنة معيّنة وجب،

و سقط العيدان و أيّام التشريق إن كان بمنى، ثمّ إن لم يشترط التتابع حتى أفطر في أثنائها لغير عذر، تمّم و قضى ما أفطره، و وجب عليه الكفارة في كلّ يوم يفطره (و لو شرط التتابع استأنف و وجبت الكفارة في كل يوم يفطره)(5)، و لو كان الإفطار في ذلك كلّه لعذر، فإنّه يبني و يقضي ما أفطره، و لا كفّارة.

و لو نذر صوم سنة غير معيّنة تخيّر في التوالي و التفريق، إن لم يشرط التتابع.

1782. الثاني و العشرون: لو نذر صوم شهر،

تخيّر بين ثلاثين يوما، و بين الصوم في ابتداء الهلال إلى آخره، و يجزئه لو كان ناقصا، و لو صام في أثناء الشهر أتمّ ثلاثين، و لو نذر شهرا متتابعا توخّى ما يصحّ ذلك فيه، و يجتزئ بالنصف.

ص: 514


1- . نقله عنه الحلّي في السرائر: 68/3، و المصنّف في التذكرة: 229/6.
2- . القائل هو الحلّي في السرائر: 68/3.
3- . نقله عنه المصنّف في التذكرة: 229/6، و المحقّق في الشرائع: 189/3.
4- . المبسوط: 282/1.
5- . ما بين القوسين موجود في «ب».
1783. الثالث و العشرون: لو نذر أن يصوم يوما و يفطر يوما، صوم داود عليه السّلام فوالى الصوم،

قال ابن إدريس: وجب عليه كفّارة خلف النذر(1).

1784. الرابع و العشرون: لو نذر صوم يوم بعينه، فقدّم صومه

لم يجزئه، و لو نذر الصوم لا على وجه التقرّب، لم ينعقد نذره.

و لو نذر صوما و لم يعيّن المقدار، أجزأه يوم واحد.

و لو نذر أن يصوم زمانا و لم يعيّن، كان عليه صيام خمسة أشهر.

و لو نذر حينا كان عليه ستة أشهر.

و لو نذر العبد بغير إذن مولاه، أو الزوجة بغير إذن زوجها لم ينعقد.

1785. الخامس و العشرون: السحور مستحبّ ،

و كلّما قرب من الفجر كان أفضل، قال ابن بابويه: أفضل السحور السويق و التمر(2).

و يستحبّ تعجيل الإفطار بعد صلاة المغرب، و لو كان هناك من ينتظره قدم الإفطار عليها.

و يستحبّ أن يفطر على التمر أو الزبيب أو الماء أو اللبن.

و يستحبّ الدعاء عند الإفطار، قال الصادق عليه السّلام:

«يستجاب دعاء الصائم عند الإفطار»(3).

و كان علي عليه السّلام يقول: «اللّهم لك صمنا و على رزقك أفطرنا فتقبّل منا إنك أنت السميع العليم»(4).

ص: 515


1- . السرائر: 417/1.
2- . المقنع: 205؛ و لاحظ الوسائل: 105/7، الباب 5 من أبواب آداب الصائم، الحديث 4.
3- . الوسائل: 106/7، الباب 6 من أبواب آداب الصائم، الحديث 4.
4- . الوسائل: 106/7، الباب 6 من أبواب آداب الصائم، الحديث 3.

و يستحبّ إفطار الصائم. قال الصادق عليه السّلام:

«إفطارك أخاك المسلم يعدل عتق رقبة من ولد إسماعيل»(1).

و يستحبّ الإكثار من البرّ في رمضان. قال ابن عباس: (كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أجود الناس بالخير، و كان أجود ما يكون في شهر رمضان، و كان أجود من الرّيح المرسلة).(2)

1786. السادس و العشرون: ليلة القدر ليلة شريفة عظيمة،

لم ترتفع إجماعا، و أكثر العلماء على أنّها في شهر رمضان، و يستحبّ طلبها في ليالي الشهر، و في العشر الأواخر آكد، و أكثر الروايات(3) انّها تطلب في إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين.

فلو نذر أن يعتق بعد مضيّ ليلة القدر، وجب عليه العتق بعد انسلاخ الشهر.

1787. السابع و العشرون: روى ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه «يستحبّ للرجل أن يأتي أهله أوّل ليلة من شهر رمضان».

1787. السابع و العشرون: روى ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه «يستحبّ للرجل أن يأتي أهله أوّل ليلة من شهر رمضان»(4).

و عن الصادق عليه السّلام قال:

«ليطعم يوم الفطر قبل أن يصلّي، و لا يطعم يوم الأضحى حتّى ينصرف الإمام»(5).

ص: 516


1- . الفقيه: 85/2، الحديث 381.
2- . صحيح مسلم: 73/7، كتاب الفضائل، الباب 12 (كان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم أجود الناس...) رقم الحديث 2308؛ سنن النسائي: 125/4؛ مسند أحمد: 288/1 و 363.
3- . لاحظ الوسائل: 258/7، الباب 32 من أبواب أحكام شهر رمضان.
4- . الوسائل: 255/7، الباب 30 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 1.
5- . الوسائل: 113/5، الباب 12 من أبواب صلاة العيد، الحديث 5.

المقصد التاسع: في الاعتكاف

اشارة

و فيه مطلبان

المطلب الأوّل: في ماهيته و شرائطه
اشارة

و فيه واحد و عشرون بحثا:

1788. الأوّل: الاعتكاف لغة: اللبث الطويل، و في الشرع: عبارة عن لبث مخصوص للعبادة،

و هو مشروع و سنّة إجماعا، و ليس بفرض ابتداء، و إنّما يجب بالنذر و شبهه.

و أفضل أوقاته العشر الأواخر من رمضان، روى ابن بابويه عن السكوني باسناده إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

«اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجّتين و عمرتين»(1).

1789. الثاني: لا يصحّ الاعتكاف إلاّ من مكلّف مسلم حر، أو عبد مأذون له ممّن يصحّ منه الصوم.

ص: 517


1- . الوسائل: 397/7، الباب 1 من كتاب الاعتكاف، الحديث 3.

و هو على ضربين: واجب و هو ما وجب بالنذر و شبهه، و مندوب و هو ما عداه.

1790. الثالث: يصحّ اعتكاف الصبيّ المميّز

كما يصحّ صومه، و هل يكون شرعيّا؟ البحث فيه كالصوم.

1791. الرابع: النيّة شرط في الاعتكاف،

و لا بدّ فيها من نيّة التقرّب، فلو قصد اليمين، أو منع النفس، أو الغضب، لم يعتدّ به.

و لا بد من الوجه إمّا واجبا أو مندوبا، و لو نوى اعتكاف مدّة لم يلزمه، نعم استمرار النيّة حكما شرط فيه.

1792. الخامس: الصوم شرط في الاعتكاف،

و لا يشترط صوم معيّن، بل أيّ صوم اتّفق صحّ الاعتكاف فيه، سواء كان الصوم واجبا، أو ندبا، و سواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا، فلو اعتكف في رمضان، اكتفى فيه بصوم رمضان.

و لا يصحّ الاعتكاف في زمان لا يصحّ فيه الصوم، كالعيدين، و أيّام الحيض، و النفاس، و المرض، مع التضرر بالصوم، و السفر المانع من الصوم الواجب و الندب.

1793. السادس: الإسلام شرط في الاعتكاف،

و لو ارتدّ المعتكف، بطل اعتكافه، و للشيخ قول بعدمه، بل يبني لو رجع(1) و ليس بجيّد.

1794. السابع: العقل شرط في الاعتكاف،

فلا يقع من المجنون، و لا المغمى عليه، و لا الصبيّ ، و لا السّكران.

ص: 518


1- . المبسوط: 294/1.
1795. الثامن: إذن الزوج شرط في حق المرأة في الندب،

و كذا إذن السيّد في العبد و المدبّر و المكاتب و أم الولد.

و لو كان بعضه رقّا، لم يجز له أن يعتكف بغير إذن مولاه، أمّا لو اعتكف في أيّام نفسه فالوجه جوازه، و لو أذن لعبده في الاعتكاف، أو لزوجته، جاز له الرجوع و المنع ما لم يجب.

و لو نذرت المرأة أو العبد اعتكافا فلم ينعقد إلاّ بإذنهما، فإن أذنا على المعيّن(1) فنذرا لم يكن لهما الرجوع و لا منعهما، و لو أذنا مطلقا جاز المنع عن التعجيل كالموسّع.

1796. التاسع: إذن المستأجر شرط في اعتكاف الأجير،

و كذا ينبغي في الضّيف، لافتقاره في صوم التطوّع إلى الإذن.

1797. العاشر: لو أذن لعبده في الاعتكاف فأعتق بعد التلبّس،

أتمّ واجبا إن كان منذورا، أو مضى يومان على الخلاف، و إلاّ ندبا، و لو دخل بغير إذن فاعتق، قال الشيخ رحمه اللّه: يلزمه(2)، و ليس بمعتمد.

1798. الحادي عشر: المدّة شرط في الاعتكاف،

و أقلّ ما يكون ثلاثة أيّام بليلتين، فلا يصحّ الاعتكاف أقلّ من ثلاثة، و لو وجب عليه قضاء اعتكاف يوم، قضاه و ضمّ إليه آخرين، و لا حصر في الزائد، و لو نذر اعتكاف ما زاد على الثلاثة لزمه.

و لو نذر اعتكاف شهر، و لم يعيّن، تخيّر في التتابع و التفريق ثلاثة ثلاثة، و لو قيّده بالتتابع وجب.

ص: 519


1- . في «ب»: «على التعيين» و المراد اليوم المعيّن.
2- . المبسوط: 290/1.

و إذا نذر اعتكاف شهر، فإنّه يأتي إن شاء بثلاثين يوما، و إن شاء بما بين هلالين و إن كان ناقصا.

1799. الثاني عشر: لو نذر اعتكاف شهر معيّن وجب التتابع،

فلو أفطر بعد مضيّ ثلاثة، صحّ ما مضى، و أتمّ ، و قضى ما فات، و لا يجب التتابع في قضائه لو فات أجمع، و لو نذره و شرط التتابع، وجب، فلو فات قضاه متتابعا.

و لو نذر اعتكاف أيّام لم يلزمه المتابعة إلاّ في كلّ ثلاثة إذا لم يشرط المتابعة.

1800. الثالث عشر: إذا نذر اعتكاف شهر دخل الأيّام و الليالي،

و لو نذر اعتكاف أيّام معدودة و لم يعيّنها، لم يجب التتابع، إلاّ أن يشرطه، و لا يدخل فيه الليالي، بل ليلتان من كلّ ثلاث.

و لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام و لم يشرط التتابع، لزمه ثلاثة بينهما ليلتان، شرط التتابع أو لا، و للشيخ(1) قول بعدم دخول الليالي، و ليس بجيّد.

و لو نذر اعتكاف أيّام متتابعة، تضمّن ذلك نذر الصوم، فلو اعتكف غير صائم، و صام غير معتكف لم يجزئه.

و لو أفسد صومه، انقطع التتابع، و وجب عليه إعادة الاعتكاف، و لو نذر الاعتكاف مصليا، وجب عليه الجمع.

1801. الرابع عشر: لو نذر اعتكاف شهر معيّن،

وجب عليه الدخول فيه مع طلوع هلاله، فإذا أهلّ الشهر الّذي بعده، فقد وفى، و خرج من الاعتكاف، و لو

ص: 520


1- . المبسوط: 290/1.

نذر اعتكاف العشر الأواخر دخل قبل المغرب من يوم العشرين، فإذا خرج الشهر خرج منه.

و العشر اسم لما بين العشرين، فلو كان الشهر ناقصا أجزأ بالتسعة.

أمّا لو نذر اعتكاف عشرة أيّام، فانّه يلزمه الدخول قبل طلوع الفجر، و لو عيّنها بآخر الشهر فنقص وجب أن يأتي بيوم من الآخر.

و لو نذر اعتكاف شهر رمضان وجب، فلو أخلّ به، وجب أن يقضيه صائما و ان صامه و لم يعتكف فيه.

1802. الخامس عشر: لو نذر اعتكاف شهر معيّن، أو صومه، ففعل ذلك قبله،

لم يجزئه، و لو عاش نصف شهر، ثم مات، لزمه فداء ما أدرك إن لم يفعله، و لا يجب عنه اعتكاف شهر.

1803. السادس عشر: لو نذر اعتكافا مطلقا

صحّ ، و وجب ما يسمّى به معتكفا، و أقلّه ثلاثة أيّام، و لو نذر اعتكاف يوم لا غير لم ينعقد، و كذا لو نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد لا غير، و لو نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد و أطلق، وجب و ضمّ إليه آخرين.

1804. السابع عشر: لو نذر اعتكاف أيّام معيّنة، فمرض، أو حبس،

سقط الأداء، و وجب القضاء، و لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد أبدا، فقدم ليلا لم يجب عليه شيء، و لو قدم نهارا سقط ذلك اليوم، و وجب عليه اعتكاف باقي الأيّام، لكن يحتاج في كلّ اعتكاف إلى أن يضمّ إليه آخرين.

1805. الثامن عشر: المكان شرط في الاعتكاف،

و هو مسجد جمّع فيه

ص: 521

نبيّ أو وصيّ نبيّ ، و هي أربعة مساجد: المسجد الحرام، و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و مسجد الكوفة، و مسجد البصرة، و جوّز ابن أبي عقيل الاعتكاف في كلّ مسجد(1).

1806. التاسع عشر: اعتكاف المرأة كاعتكاف الرجل،

فلا يصحّ اعتكافها إلاّ في أحد المساجد الأربعة، و ليس لها أن تعتكف في مسجد بيتها.

و هل يجوز الاعتكاف على سطح المسجد؟ الأقرب المنع.

1807. العشرون: لو نذر اعتكافا في موضع معيّن تعيّن،

و لا يجزئه لو عدل و إن كان أفضل، و لو انهدم ما نذر الاعتكاف فيه، و لم يقدر على الاعتكاف في موضع منه، خرج و أعاد الاعتكاف إذا بني المسجد.

1808. الحادي و العشرون: استدامة اللبث شرط في الاعتكاف،

فلو خرج لغير الأسباب المبيحة، بطل اعتكافه، طوعا خرج أو كرها، ثمّ إن لم يمض ثلاثة بطل الاعتكاف، و إلاّ فهي صحيحة إلى حين الخروج.

المطلب الثاني: في الأحكام
اشارة

و فيه سبعة و عشرون بحثا:

1809. الأوّل: لا يجوز للمعتكف الخروج من الموضع الذي اعتكف فيه، إلاّ لضرورة،

فلو خرج لغير عذر بطل اعتكافه و إن قصر الزمان، فإن كان قد مضى

ص: 522


1- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 731/2؛ و المصنّف في المختلف: 578/3، و التذكرة: 244/6.

ثلاثة أيّام، صحّ اعتكافه الماضي، و يبطل من خروجه إن كان تطوّعا، أو واجبا غير متتابع، أو متتابعا من حيث الوقت، بأن ينذر الشهر الفلاني، فإذا عاد جدّد الاعتكاف من حين العود.

و لو كان النذر متتابعا من حيث الشرط بطل الأوّل، و استأنف من حين عوده، و قضى ما مضى من الأيّام.

و يجوز أن يخرج للبول، و الغائط، و الغسل من الاحتلام، و أداء الجمعة لو أقيمت في غيره، للضرورة عندنا أو مطلقا عند ابن أبي عقيل، و لتشييع الجنازة، و عيادة المريض، و إقامة الشهادة، تعيّن عليه التحمل و الأداء أو لا.

1810. الثاني: لو كان إلى جانب المسجد سقاية خرج إليها إلاّ أن يجد غضاضة،

بأن يكون من أهل الاحتشام، و يجد المشقة بدخولها، فيعدل إلى منزله، و إن كان أبعد.

و لو بذل له صديق منزله، و هو قريب من المسجد، لقضاء حاجته، لم يلزمه الإجابة، لما فيه من المشقّة بالاحتشام، بل يمضي إلى منزله، و لا فرق بين أن يكون منزله قريبا أو بعيدا ما لم يخرج عن مسمّى الاعتكاف، بأن يكون منزله خارج البلد مثلا.

و لو كان له منزلان، أحدهما أقرب، تعيّن، و لو خرج للجمعة، عجّل و لا يطيل المكث.

1811. الثالث: قال الشيخ رحمه اللّه: يجوز أن يخرج ليؤذّن في منارة خارجة عن المسجد،

ص: 523

و إن كان بينه و بين المسجد فضاء(1)، و هو جيّد إن كان هو المؤذّن، و قد اعتاد صوته، و يبلغ من الإسماع ما لا يبلغ لو أذّن في المسجد(2).

و لو خرج إلى دار الوالي و قال: حيّ على الصلاة أيّها الأمير، أو قال: الصلاة أيّها الأمير، بطل اعتكافه.

1812. الرابع: يجوز للمعتكف الصعود إلى السطح في المسجد،

و أن يبيت فيه على إشكال، و لو كان إلى جنب المسجد رحبة ليست داخلة فيه، لم يجز الخروج إليها إلاّ لضرورة.

1813. الخامس: قال الشيخ: إذا خرج لضرورة ممّا عدّدناه، لا يمشي تحت الظّلال

و لا يقف فيه إلاّ لضرورة(3).

1814. السادس: لا يجوز له أن يصلّي في غير المسجد الذي اعتكف فيه إلاّ بمكّة خاصّة،

فانّه يصلّي في أيّ بيوتها شاء.

و لو اعتكف في غير مكّة فخرج لضرورة فتطاول وقت الضرورة حتى ضاق وقت الصلاة عن عوده، صلّى أين شاء، و لم يبطل اعتكافه.

1815. السابع: إذا طلّقت المعتكفة، أو مات زوجها، فخرجت و اعتدّت في بيتها،

استأنفت الاعتكاف، و ليس للمطلّقة رجعيّة إتمام الاعتكاف.

و لو أخرجه السّلطان ظلما، لم يبطل اعتكافه، إذا لم يطل و يبني، و إلاّ بطل اعتكافه، و استأنف إن لم يمض ثلاثة.

ص: 524


1- . المبسوط: 294/1؛ و الخلاف: 235/2، المسألة 106 من كتاب الصوم.
2- . في «ب»: لو اذن في المسجد غيره.
3- . النهاية: 172.

و لو خرج سهوا لم يبطل اعتكافه بل يرجع مع الذكر.

1816. الثامن: إذا مرض مرضا يحتاج معه إلى الخروج، أو يزيد الصوم فيه خرج، ثمّ يستأنف على إشكال

إذا لم يمض ثلاثة بعد البرء، و إن مضت ثلاثة أتمّ ، و لو كان الاعتكاف مندوبا لم يجب القضاء.

و لو حاضت المرأة خرجت من المسجد، فإذا طهرت، رجعت إلى الاعتكاف، و لا تجلس في الرحبة المجاورة للمسجد إن كانت، و كذا النفساء، و مع العود تستأنف إن كانت اعتكفت أقلّ من ثلاثة، و إلاّ أتمّت.

1817. التاسع: لو أحرم في المسجد الحرام بحجّة أو عمرة، و هو معتكف،

لزمه الإحرام، و يقيم في اعتكافه إلى أن يتمّ ، ثمّ يمضي في إحرامه، و لو خاف فوت الحج، ترك الاعتكاف، فإذا قضى المناسك رجع إليه واجبا مع وجوبه، و إلاّ فلا.

1818. العاشر: قال الشيخ رحمه اللّه: لو أغمي على المعتكف أيّاما، ثمّ أفاق،

لم يلزمه القضاء لعدم الدليل(1) و فيه نظر، و الوجه عندي وجوبه مع وجوب الأصل، و عدم تعيين زمانه.

1819. الحادي عشر: لو أخرج رأسه إلى بعض نسائه ليغسلنه لم يبطل اعتكافه،

و كذا بعض أعضائه.

1820. الثاني عشر: لو نذر الاعتكاف في زمان بعينه، تعيّن زمانه،

و كذا المكان، و يسافر إليه إن كان بعيدا، فإن كان المسجد الحرام دخل مكّة بحجّة أو عمرة.

ص: 525


1- . المبسوط: 295/1.
1821. الثالث عشر: لو وقعت فتنة خاف منها على نفسه أو ماله نهبا أو حريقا إن جلس في المسجد،

خرج، ثمّ عاد عند انطفائها.

1822. الرابع عشر: ينبغي للمرأة المعتكفة أن تستتر بشيء

بأن تضرب خباءها في ناحية المسجد لا وسطه، و روى ابن بابويه في الصحيح استحباب الاستتار للرجل أيضا(1).

1823. الخامس عشر: الاعتكاف في أصله مندوب،

فإن أوجبه بنذر أو يمين أو عهد وجب، و إلاّ فلا.

ثم اختلف علماؤنا ففي المبسوط: يجب المندوب بالنيّة و الدخول(2)، و اختاره أبو الصلاح(3)، و في النهاية: لا يجب إلاّ إذا مضى يومان، فيجب الثالث، فيجدّد نيّة الوجوب، و كذا لو اعتكف ثلاثة، ثمّ يومين آخرين، وجب السادس(4)؛ و اختاره ابن الجنيد(5) و ابن البراج(6). و قال السيّد المرتضى: لم يجب أصلا، بل يرجع متى شاء(7)، و هو الوجه عندي.

1824. السادس عشر: يستحبّ للمعتكف أن يشترط على ربّه أنّه إذا عرض له عارض أن يخرج من الاعتكاف،

قال الشيخ: فإذا شرط كان له أن يرجع متى

ص: 526


1- . لاحظ الوسائل: 405/7، الباب 5 من كتاب الاعتكاف، الحديث 2.
2- . المبسوط: 289/1.
3- . الكافي في الفقه: 186.
4- . النهاية: 171.
5- . حكى عنه المحقّق في المعتبر: 737/2، و المصنف في المختلف: 581/3.
6- . المهذب: 204/1.
7- . الناصريات: 300، المسألة 135.

شاء، و ان لم يشترط فكذلك ما لم يمض يومان(1)؛ و على قول السيّد: إن كان مندوبا رجع متى شاء، و إن لم يشترط، و إن كان واجبا، فإن كان معيّنا متتابعا و شرط الرجوع، رجع عند العارض، و لا يجب القضاء، و كذا لو عيّن النذر و لم يشترط التتابع.

و لو عيّنه، و شرط التتابع، و لم يشترط على ربّه، خرج مع العارض، و قضى مع الزوال متتابعا، و لو لم يشترط التتابع قضاه، و لا يجب التتابع.

و لو لم يعيّن الزمان، لكن شرط المتابعة، و اشترط على ربّه، خرج عند العارض، و أتى بالباقي إن كان اعتكف ثلاثة، و إلاّ استأنف، و لو لم يشترط على ربّه استأنف متتابعا.

و لو لم يعيّن، و اشترط على ربّه، و لم يشترط التتابع، خرج مع العارض، و استأنف إن كان أقلّ من ثلاثة، و إلاّ تمّم.

و لو لم يشترط التتابع، و لا عيّن، و لا اشترط على ربّه، خرج و استأنف إن لم يحصل ثلاثة، و إلاّ أتمّ .

1825. السابع عشر: الاشتراط إنّما صحّ في عقد النذر،

و لو أطلقه من الاشتراط، لم يصحّ الاشتراط عند إيقاع الاعتكاف.

و لو اشترط الفرجة في اعتكافه، أو الوطء، أو البيع للتجارة، أو التكسب بالصناعة في المسجد، لم يجز.

1826. الثامن عشر: يحرم على المعتكف الجماع،

و يفسد به عامدا، سواء

ص: 527


1- . المبسوط: 289/1.

أنزل أو لا، و لو وقع سهوا، لم يبطل اعتكافه.

و يحرم عليه القبلة، و يبطل بها الاعتكاف، و كذا اللّمس بشهوة، و الجماع في غير الفرجين، و يجوز الملامسة بغير شهوة، و لا فرق في تحريم الوطء بين الليل و النهار.

1827. التاسع عشر: يحرم عليه البيع و الشراء،

فإن فعل، لم يبطل البيع، خلافا للشيخ(1)، و كذا يحرم جميع التجارة و الصنائع، المشغلة عن العبادة.

و لو اضطرّ إلى شراء غذائه، أو شراء قميص يستتر به، أو يبيع شيئا ليشتري بثمنه قوته(2) جاز.

1828. العشرون: يحرم عليه المماراة و الكلام الفحش،

و للشيخ رحمه اللّه قولان في تحريم الطيب(3).

1829. الحادي و العشرون: يستحبّ له دراسة العلم، و المناظرة فيه،

و تعليمه و تعلمه، بل هو أفضل من الصلاة المندوبة، و يجوز المحادثة حال الاعتكاف، و يحرم الصّمت و لو نذره في اعتكافه، و الأحسن عندي المنع من جعل القرآن بدلا من كلامه.

1830. الثاني و العشرون: كل ما يفسد الصّوم يفسد الاعتكاف إذا وقع نهارا،

و كلّ ما يمنع الاعتكاف من فعله نهارا يمنع من فعله ليلا، و لا يفسد الاعتكاف سباب و لا جدال و لا خصومة.

ص: 528


1- . المبسوط: 295/1.
2- . في «ب»: قوتا.
3- . قول بالتحريم و قول بعدمه، فالأوّل خيرته في النهاية: 172، و الثاني اختاره في المبسوط: 293/1.
1831. الثالث و العشرون: تجب الكفارة بالجماع على المعتكف،

سواء جامع نهارا أو ليلا.

أمّا غير الجماع كالأكل و الشرب و غيرهما من المفطرات، ففي الكفّارة إشكال، قال المفيد و السيّد المرتضى: يجب بذلك كلّه(1)، و الوجه عندي التفصيل، و هو إيجاب الكفّارة في رمضان، أو النذر المعيّن، أمّا لو كان الاعتكاف مندوبا، أو واجبا غير معيّن، فالوجه عدم وجوب الكفّارة إلاّ بالجماع خاصّة.

1832. الرابع و العشرون: الكفّارة عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستّين مسكينا، مخيّرا في ذلك.

قال السيّد: إذا جامع نهارا، كان عليه كفّارتان، و إن جامع ليلا فكفارة واحدة(2) و أطلق.

و الأقرب عندي انّ الكفّارة تتعدّد إن كان الوطء في رمضان، و إلاّ فكفّارة واحدة.

و لو أكره المعتكفة بإذنه، على الجماع، فسد اعتكافه، قال السيّد: وجب أربع كفّارات، و إن أكرهها ليلا، فكفّارتان، و لا يفسد اعتكافها(3)، و إن طاوعته نهارا، فعليها كفّارتان، و ليلا كفّارة و كذا عليه، و فسد اعتكافهما معا(4).

و في تعدّد الكفّارة بالإكراه هنا نظر.

ص: 529


1- . المقنعة: 363؛ و جمل العلم و العمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 61/3.
2- . الانتصار: 73.
3- . في «ب»: «اعتكافه» و الصحيح ما في المتن.
4- . الانتصار: 73.
1833. الخامس و العشرون: كلّ مباشرة يستلزم إنزال الماء، فحكمها حكم الجماع،

قاله الشيخ(1)، و الوجه عندي وجوب القضاء بذلك دون الكفّارة.

1834. السادس و العشرون: لو مات المعتكف قبل الانقضاء،

فإن كان واجبا، وجب على الوليّ أن يقضي عنه، أو يستنيب، و إن كان ندبا فلا.

1835. السابع و العشرون: قال الشيخ: قضاء الاعتكاف الواجب واجب على الفور

1835. السابع و العشرون: قال الشيخ: قضاء الاعتكاف الواجب واجب على الفور(2)

و عندي فيه نظر، و يستحبّ قضاء الندب.

ص: 530


1- . المبسوط: 294/1.
2- . المبسوط: 294/1.

كتاب الحج

اشارة

ص: 531

ص: 532

و فيه مقدّمة و مقاصد

أمّا المقدّمة

اشارة

ففيها ستّة عشر مبحثا:

1836. الأوّل: الحجّ لغة: القصد،

يقال: بفتح الحاء و كسرها، و كذا الحجّة.

و في الشرع: عبارة عن قصد البيت الحرام لأداء المناسك في زمان معيّن.

و أمّا العمرة فهي لغة: الزيارة، و في الشرع: عبارة عن زيارة البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده.

1837. الثاني: الحجّ من أعظم أركان الإسلام،

و هو أحد أركان الإسلام(1)الخمسة، و هو واجب بالنصّ و الإجماع، و كذا العمرة.

1838. الثالث: الحجّ و العمرة يجبان مع الشرائط الآتية على الفور

في العمر مرّة واحدة.

1839. الرابع: في الحجّ فضل كثير،

روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام: «إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لقيه أعرابيّ ، فقال: يا رسول اللّه! إنّي أريد الحجّ ففاتني، و أنا رجل مموّل، فمرني أصنع في

ص: 533


1- . في «أ»: أحد أصول الإسلام.

مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاجّ ، قال: فالتفت إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و قال له: أنظر إلى أبي قبيس(1) فلو أنّ أبا قبيس لك ذهبا حمراء أنفقتها في سبيل اللّه ما بلغت مبلغ الحاج!

ثمّ قال: إنّ الحاجّ إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا و لم يضعه إلاّ كتب اللّه له عشر حسنات، و محا عنه عشر سيّئات، و رفع له عشر درجات، فإذا ركب بعيره لم يرفع خفّا و لم يضعه إلاّ كتب له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، فإذا سعى بين الصفا و المروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه، فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه، قال: فعدّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم كذا و كذا موقفا إذا وقفها الحاجّ خرج من ذنوبه، ثم قال: أنّى لك تبلغ ما بلغ الحاج ؟» قال الصادق عليه السّلام:

«و لا يكتب عليه الذنوب أربعة أشهر، و يكتب الحسنات إلاّ أن يأتي بكبيرة»(2).

و في الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام قال:

«الحاج يصدرون على ثلاثة أصناف: صنف يعتقون من النار، و صنف يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، و صنف يحفظ في أهله و ماله، فذاك أدنى ما يرجع به الحاج»(3).

ص: 534


1- . أبو قبيس: جبل بمكّة يقرب من الكعبة، سمّي برجل من مذحج، لأنّه أوّل من بنى فيه مجمع البحرين.
2- . الوسائل: 79/8، الباب 42 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 1، و التهذيب: 19/5 و 20، الحديث 56.
3- . الوسائل: 65/8، الباب 38 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 2.

و روي (أنّه الذي لا يقبل منه الحج)(1).

و في الصحيح عن الرضا عليه السّلام:

«إن الحجّ و العمرة ينفيان الفقر و الذنوب كما ينفي الكير(2) الخبث من الحديد»(3).

و قال الباقر عليه السّلام: «الحاجّ و المعتمر وفد اللّه، إن سألوه أعطاهم، و إن دعوه أجابهم، و إن شفعوا شفّعهم، و إن سكتوا ابتدأهم، و يعوّضون بالدرهم ألف ألف درهم»(4).

1840. الخامس: الدعاء في تلك المواطن مستجاب،

قال الرضا عليه السّلام:

«ما وقف أحد بتلك الجبال إلاّ استجيب له، فأمّا المؤمنون فيستجاب لهم في آخرتهم، و أمّا الكفّار فيستجاب لهم في دنياهم»(5).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «أربعة لا يردّ لهم دعوة حتّى يفتح لها أبواب السماء و تصير إلى العرش: دعوة الوالد لولده، و المظلوم على من ظلمه، و المعتمر حتّى يرجع، و الصائم حتى يفطر»(6).

1841. السادس: تكرار الحجّ مستحب،

قال الصادق عليه السّلام:

ص: 535


1- . الوسائل: 67/8، الباب 38 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 11.
2- . الكير: كير الحداد، و هو زق أو جلد غليظ ذو حافات ينفخ فيه. مجمع البحرين.
3- . الوسائل: 74/8، الباب 38 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 45.
4- . الوسائل: 68/8، الباب 38 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 15. و فيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.
5- . الوسائل: 113/8، الباب 62 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 1.
6- . بحار الأنوار: 256/93، الحديث 39.

«من حجّ حجّتين لم يزل في خير حتّى يموت، و من حجّ ثلاث حجج متوالية، لم يصبه فقر أبدا»(1).

1842. السابع: لا ينبغي له ترك الحجّ لأجل الدين،

فقد سئل الصادق عليه السّلام عن رجل ذي دين يستدين و يحجّ؟ قال:

«نعم، هو أقضى للدين»(2).

1843. الثامن: يكره الترغيب عن الحج،

قال الصادق عليه السّلام:

«ليحذر أحدكم أن يعوّق أخاه عن الحجّ فيصيبه فتنة في دنياه مع ما يدّخر له في الآخرة»(3).

1844. التاسع: المشي مع المكنة أفضل من الركوب

(كان زين العابدين عليه السّلام يمشي و تساق معه المحامل و الرحال)(4).

و روي (أنّه ما تقرّب إلى اللّه عز و جل بشيء أحبّ إليه من المشي إلى بيته الحرام على القدمين. و إنّ الحجّة الواحدة تعدل سبعين حجة)(5).

1845. العاشر: ينبغي له إذا عزم على الحجّ النظر في أمر نفسه،

و قطع العلائق بينه و بين معامليه، و توفية كلّ ذي حقّ حقّه، و تدبير منزله، و ترك ما يحتاجون إليه من النفقة، و الوصية بالمعروف.

ص: 536


1- . الوسائل: 90/8، الباب 45 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 13.
2- . الوسائل: 99/8، الباب 50 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 1.
3- . الوسائل: 98/8، الباب 48 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 2.
4- . و في الوسائل: 59/8 نسبه إلى الحسن بن عليّ عليه السّلام.
5- . الوسائل: 55/8، الباب 32 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 5.

و يتخيّر يوم السبت أو الثلاثاء، و يتجنّب الجمعة و الاثنين، و السفر و القمر في برج العقرب.

1846. الحادي عشر: إذا عزم على الخروج صلّى ركعتين،

و دعا و استفتح سفره بشيء من الصدقة، فإذا خرج من داره قام على الباب تلقاء وجهه، و قرأ فاتحة الكتاب أمامه و عن يمينه و عن يساره، و كذا آية الكرسي، و دعا بالمأثور.

و إذا وضع رجله في الركاب دعا، و يدعو إذا استوى على الراحلة، و يستحب حمل العصا في السفر.

1847. الثاني عشر: يستحب تشييع المسافر و توديعه و الدعاء له،

قال الباقر عليه السّلام:

«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم إذا ودّع مسافرا أخذ بيده ثمّ قال: أحسن اللّه لك الصحابة، و أكمل لك المعونة، و سهّل لك الحزونة، و قرّب لك البعيد، و كفاك المهمّ ، و حفظ لك دينك و أمانتك و خواتيم عملك، و وجّهك لكلّ خير، عليك بتقوى اللّه، استودع اللّه نفسك، سر على بركة اللّه عزّ و جلّ »(1).

1848. الثالث عشر: يكره السفر وحده،

قال الكاظم عليه السّلام:

«لعن رسول اللّه ثلاثة، آكل زاده وحده، و النائم في بيت وحده، و الراكب في الفلاة وحده»(2).

ص: 537


1- . الوسائل: 298/8، الباب 29 من أبواب آداب السفر، الحديث 2.
2- . الوسائل: 300/8 الباب 30 من أبواب آداب السفر، الحديث 7.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «الرفيق ثم الطريق».(1)

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «لا تصحبنّ في سفر من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك»(2).

و قال الباقر عليه السّلام: «إذا صحبت فاصحب نحوك و لا تصحب من يكفيك، فإنّ ذلك مذلة المؤمن»(3).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «من السنّة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم، فإنّ ذلك أطيب لأنفسهم و أحسن لأخلاقهم»(4).

1849. الرابع عشر: ينبغي إعانة المسافر،

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

«من أعان مؤمنا مسافرا نفّس اللّه عنه ثلاثا و سبعين كربة، و أجاره في الدنيا من الغمّ و الهمّ ، و نفّس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم»(5).

1850. الخامس عشر: روى السكوني، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «إيّاكم و التعريس على ظهر الطريق، و بطون الأودية،

فإنّها مدارج السباع و مأوى الحيّات»(6). و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، لعليّ عليه السّلام: «يا عليّ

ص: 538


1- . الوسائل: 299/8، الباب 30 من أبواب آداب السفر، الحديث 1.
2- . الوسائل: 302/8، الباب 31 من أبواب آداب السفر، الحديث 2.
3- . الوسائل: 303/8، الباب 33 من أبواب آداب السفر، الحديث 3.
4- . الوسائل: 302/8، الباب 32 من أبواب آداب السفر، الحديث 1.
5- . الوسائل: 314/8، الباب 46 من أبواب آداب السفر، الحديث 1.
6- . الوسائل: 316/8، الباب 48 من أبواب آداب السفر، الحديث 1.

إذا نزلت منزلا، فقل: اللّهم أنزلني منزلا مباركا و أنت خير المنزلين.

ترزق خيره، و يدفع عنك شرّه»(1).

1851. السادس عشر: الحجّ قسمان: واجب و ندب،

فالواجب حجّة الإسلام، و المنذورة و شبهها، و ما وجب بالإفساد و الاستيجار، و يتكرّر بتكرّر السبب، و ما خرج عن ذلك مستحبّ .

و إنّما يجب حجّة الإسلام مع اجتماع الشرائط الآتية، على الرجال و النساء و الخناثي.

و يستحبّ لفاقد الشرائط كمن عدم الزاد و الراحلة و امكنه التسكع(2)، و يستحبّ أيضا للعبد إذا أذن له مولاه.

ص: 539


1- . الوسائل: 326/8، الباب 54 من أبواب آداب السفر، الحديث 2.
2- . في مجمع البحرين: حجّ متسكّعا أي بغير زاد و لا راحلة.

ص: 540

المقصد الأوّل: في بيان حجة الإسلام

اشارة

و فيه فصلان

الفصل الأوّل: في الشرائط
اشارة

و هي ستة: البلوغ، و كمال العقل، و الحريّة، و الزاد و الراحلة، و إمكان المسير، و أن يكون له ما يمون عياله فاضلا عما يحتاج إليه.

الأوّل: البلوغ
اشارة

و فيه سبعة مباحث:

1852. الأوّل: لا يجب على الصبيّ الحجّ إجماعا،

فإن كان مميّزا صحّ إحرامه و حجّه، و إن كان غير مميّز جاز لوليّه الإحرام عنه بمعنى أنّه يحرم للصبيّ ، فيصحّ له دون الوليّ .

1853. الثاني: يشترط إذن الوليّ في إحرام الصبيّ و حجّه

و إن كان مميّزا.

و الولي من له ولاية المال، كالأب، و الجدّ للأب، و الوصيّ ، دون غيرهم.

ص: 541

و لو أحرمت أمّه عنه صحّ و إن انتفت الولاية، لرواية ابن سنان الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(1).

1854. الثالث: ما يحتاج إليه الصبيّ من حمولة و غيرها ممّا يزيد على نفقته الواجبة يثبت على الوليّ .
1855. الرابع: إذا عقد الصبيّ الإحرام،

تولّى بنفسه ما يتمكّن منه، و ما يعجز عنه ينوبه الوليّ .

و يجرّد الصبيّ كما يجرّد البالغ من فخّ (2)، و الوجه انّ إنشاء إحرامه من الميقات.

و الرمي إذا لم يقدر عليه، رمى عنه الوليّ ، و يستحبّ وضع الحصى في يده، ثمّ أخذها و الرمي عنه.

و الطواف إذا لم يتمكّن من المشي، حمله أو غيره، و طاف به، و ينوي الطواف عن الصبيّ .

1856. الخامس: كلّ ما يحرم على البالغ فعله يمنع منه الصبي،

و لا يجوز أن يعقد له عقد نكاح، و كلّ ما يلزم المحرم من كفّارة في فعله، لو فعله الصبيّ ، وجبت الكفّارة على الوليّ إذا كان ممّا يلزم عمدا أو سهوا كالصيد.

أما ما يلزم بالعمد لا بالسهو، فللشيخ وجهان: أحدهما لا يلزمه، لأنّ عمد الصبيّ خطأ، و الثاني يلزمه(3).

ص: 542


1- . الوسائل: 37/8، الباب 20 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 1.
2- . قال في مجمع البحرين: في الحديث «تجرّد الصبيان من فخّ » هو بفتح اوله و تشديد ثانيه: بئر قريبة من مكة على نحو من فرسخ.
3- . المبسوط: 329/1، و الخلاف: 361/2، المسألة 197 من كتاب الحجّ .

و الأوّل أقرب، و الهدي يلزمه الوليّ .

1857. السادس: لو بلغ بعد إكمال الحجّ لم يجزئه عن حجّة الإسلام،

و لو كان في الأثناء، فإن كان بعد الموقفين فقد فاته الحج، و أتمّ تطوعا، و وجب عليه حجّة الإسلام مع الشرائط، و ان أدرك أحد الموقفين بالغا، ففي الإجزاء نظر، و الوجه الإجزاء.

و لو بلغ بعد الوقوف بالمشعر قبل مضيّ وقته، فإن عاد أجزأ عنه، و إن لم يعد لم يجزئ عن حجّة الإسلام.

1858. السابع: لو وطأ الصبيّ قبل الوقوف في الفرج،

فإن كان ناسيا، فلا شيء عليه كالبالغ، و لا يفسد حجّه، و إن كان عامدا، قال الشيخ رحمه اللّه: عمده و خطأه واحد، فلا يتعلق به إفساد الحج، قال: و إن قلنا بفساد الحج و لزوم القضاء أمكن، و الأوّل أقوى(1).

فإن قلنا بوجوب القضاء فالوجه انّه إنّما يجب بعد البلوغ، فإذا قضى أجزأه عن حجّة الإسلام إن كان قد أدرك في الفاسدة شيئا من الوقوف بعد بلوغه، و إلاّ فالأقرب عدم الإجزاء.

الثاني: العقل

فلا يجب على المجنون المطبق و لا من يعتوره الجنون غالبا، أمّا من يعاوده أحيانا بحيث يتمكّن من أفعال الحجّ عاقلا، فإنّه يجب عليه مع الشرائط.

ص: 543


1- . المبسوط: 329/1.

و حكم المجنون حكم الصبيّ غير المميّز، فللوليّ أن يحرم عنه و يأتي بباقي أفعال الحج.

و لو زال عذره بعد الحجّ لم يجزئه عن حجّة الإسلام، و لو كان في الأثناء فكالصبيّ .

الثالث: الحرية
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

1859. الأوّل: الحريّة شرط في وجوب الحجّ بالإجماع،

فلا يجب على العبد القنّ و لا المكاتب و إن تحرّر بعضه، و لا المدبّر و لا أمّ الولد.

1860. الثاني: العبد إذا حجّ بإذن مولاه صحّ حجّه،

و لو كان بغير إذنه لم يصحّ ، و لو أحرم بغير إذن مولاه لم ينعقد، و للمولى فسخ إحرامه.

1861. الثالث: لو أذن له مولاه في الإحرام فتلبّس، لم يكن للمولى فسخه،

و لو أذن له في الحجّ لم يجزئه عن حجّة الإسلام لو اعتق و حصلت الشرائط، بل وجب عليه الحجّ ثانيا.

و لو أدركه العتق قبل الموقفين أجزأه الحجّ ، و يدرك الحجّ بإدراك أحد الموقفين معتقا، أمّا لو أعتق بعد الموقفين معا، فإنه لا يجزئه عن حجّة الإسلام.

و لو اعتق قبل الوقوف أو فى وقته، و أمكنه الإتيان بالحجّ وجب عليه ذلك.

و كلّ موضع قلنا يجزئه الحجّ لا يجب عليه الدم، و كذا في ما لا يجزئه.

ص: 544

1862. الرابع: لو أذن له مولاه ثمّ رجع،

فإن كان قبل التلبّس و علم العبد بذلك بطل الإذن، و لا يجوز للعبد الحجّ حينئذ، و إن كان رجوعه بعد التلبس لم يجز الرجوع.

و لو رجع قبل التلبس و لم يعلم العبد، ثمّ أحرم بجهالة، قال الشيخ رحمه اللّه:

الأولى انّه يصحّ إحرامه و للسيّد فسخ حجّه(1).

1863. الخامس: لو أحرم بإذن مولاه ثمّ باعه، صحّ البيع،

و لا خيار للمشتري مع علمه، و إلاّ فله الخيار، و لو كان أحرم بغير إذن سيّده صحّ البيع و لا خيار للمشتري.

1864. السادس: الأمة المزوّجة ليس لها أن تحجّ إلاّ بإذن المولى و الزوج،

و كذا المكاتب يشترط فيه إذن المولى، و لو عتق بعضه و هاياه مولاه، ففي جواز إحرامه في أيّامه من غير إذن المولى نظر.

1865. السابع: لو أحرم بغير إذن مولاه بطل،

فلو أعتق قبل فوات الموقفين، فإن أمكنه إنشاء إحرام آخر صحّ و أجزأ عن حجّة الإسلام و إلاّ فلا.

1866. الثامن: لو أذن له مولاه فأحرم، ثم أفسد حجّه،

وجب عليه تمام الفاسد كالحيّ ، و يجب عليه القضاء و إن كان رقيقا، و لا يجب إجابة المولى في طلب الصبر إلى حين العتق.

و لو أحرم بغير إذن سيّده ثم أفسده، لم يتعلّق به حكم، و لو أعتقه مولاه بعد إفساده، فإن كان قبل فوات أحد الموقفين أتمّ حجّه، و قضاه في القابل،

ص: 545


1- . المبسوط: 327/1.

و أجزأه عن حجّة الإسلام، و لو كان بعد الموقفين أتمّ حجّه و قضاه في القابل، و عليه حجّة الإسلام و لا يجزئ القضاء عنها.

قال الشيخ: و يبدأ بحجّة الإسلام قبل القضاء(1)، و لو بدأ بالقضاء انعقد عن حجّة الإسلام، و كان القضاء في ذمّته.

قال: و لو أعتق قبل الوقوف أتمّ حجّه، و قضاه في القابل، و أجزأه عن حجّة الإسلام(2).

1867. التاسع: لو جنى العبد في إحرامه بما يلزمه الدم،

كاللباس و الطيب، و حلق الشعر و قتل الصيد و أكله، و غير ذلك، قال الشيخ: يلزم العبد، و يسقط الدم إلى الصوم، و لسيّده منعه منه(3)، و قال المفيد: على السيّد الفداء في الصيد(4).

و الوجه عندي التفصيل: فإن كانت الجناية بإذنه، كما لو أذن له في الصيد في إحرامه أو اللباس، لزم المولى الفداء عنه، و مع العجز يأمره بالصيام، و إن لم يأذن، لزم العبد الصوم و سقط الدم.

1868. العاشر: لو ملكه مولاه الفداء أجزأ الصدقة به،

و لو مات قبل الصيام جاز أن يطعم المولى عنه.

و أمّا دم المتعة، فالخيار إلى سيّده بين أن يهدي عنه، أو يأمره بالصيام، و ليس له منعه من الصوم بغير هدي.

ص: 546


1- . المبسوط: 327/1.
2- . المبسوط: 327/1.
3- . المبسوط: 328/1.
4- . المقنعة: 439.
الرابع: الاستطاعة
اشارة

و فيه واحد و عشرون بحثا:

1869. الأوّل: الاستطاعة شرط في وجوب حجّة الإسلام

بالنصّ و الإجماع، و هي الزاد و الراحلة و إمكان المسير، فلو فقد الزاد و الراحلة، أو أحدهما مع بعد المسافة، سقط الحجّ و إن تمكّن من المشي، سواء كان عادته سؤال الناس أو لا.

و تحصل المكنة بملك عين الزاد و الراحلة، أو الثمن، أو العوض مع وجود البائع و الموجد.

1870. الثاني: لو فقدهما و تمكّن من المشي، لم يجب عليه،

فلو حجّ حينئذ ماشيا لم يجزئه عن حجّة الإسلام، و وجب عليه الإعادة.

1871. الثالث: لو بذل له زاد و راحلة و نفقة له و لعياله،

وجب عليه الحجّ مع استكمال الشرائط الباقية، و كذا لو حجّ به بعض إخوانه.

و للشيخ قول بوجوب الإعادة مع اليسار(1)، و فيه ضعف، أمّا لو وهب له مال فانّه لا يجب عليه القبول، سواء كان الواهب قريبا أو بعيدا.

1872. الرابع: لا يباع دار السكنى في ثمن الزاد و الراحلة،

و لا خادمه و لا ثياب بدنه، و يجب بيع ما زاد على ذلك من ضياع، أو عقار، أو غيرهما من الذخائر.

و لو كان له دين حالّ على موسر باذل بقدر الاستطاعة، وجب الحجّ ، و لو

ص: 547


1- . لاحظ الاقتصاد: 297. و قال في النهاية: 204: باستحباب الإعادة عند اليسار. و في «أ»: مع الإيسار.

كان معسرا، أو مانعا، أو كان الدين مؤجّلا، سقط الوجوب.

و لو كان له مال و عليه دين بقدره، لم يجب الحجّ ، سواء كان الدين مؤجّلا عليه أو حالاّ.

1873. الخامس: لا يجب عليه الاستدانة للحجّ إذا لم يكن له مال غير الدين،

و ما روي من الحجّ بمال الولد فعلى سبيل الاستحباب(1)، و لا يجب على الولد بذل المال لوالده، و لا فرق في ذلك بين أن يكون له من يقضي عنه أو لا، إذا كان فاقدا.

1874. السادس: لو كان له ما يحجّ به و تاقت نفسه إلى النكاح،

لزمه الحج، و لا يجوز صرف المال في النكاح و إن حصل العنت، أمّا لو حصلت المشقّة العظيمة، فالوجه عندي تقديم النكاح.

1875. السابع: لو كان له مال فباعه قبل وقت الحجّ مؤجّلا إلى بعد فواته،

سقط الحج، و كذا لو وهب ماله قبل الوقت أو أتلفه.

1876. الثامن: لو غصب مالا فحجّ به، أو غصب حمولة فركبها حتّى أوصلته، أثم بذلك،

و عليه الأجرة و ضمان المال، و لم يجزئه الحجّ و إن كان مستطيعا، و عندي فيه نظر.

1877. التاسع: القريب من مكّة يعتبر الراحلة في حقّه بنسبة حاجته،

و لو لم يحتج لم يعتبر الراحلة، و كذا المكي، و يعتبر الزاد فيهما، و لو عجز كالزّمن و المريض، اعتبرت الراحلة أيضا.

ص: 548


1- . الوسائل: 63/8، الباب 36 من أبواب وجوب الحجّ و شرائطه، الحديث 1.
1878. العاشر: لو حجّ عنه غيره و هو مستطيع،

لم يجزئه عن حجّة الإسلام، سواء كان النائب مستطيعا أو لا.

1879. الحادي عشر: لا بدّ من فاضل عن الزاد و الراحلة قدر ما يموّن عياله

1879. الحادي عشر: لا بدّ من فاضل عن الزاد(1) و الراحلة قدر ما يموّن عياله

الذين تجب نفقتهم عليه حتّى يرجع إليهم بقدر الكفاية على جاري عادتهم من غير تقتير(2) و لا تبذير، و لا يحتسب من يستحب نفقته.

1880. الثاني عشر: يشترط أيضا أن يكون له ما يفضل عن قضاء ديونه،

سواء كانت حالّة أو مؤجّلة، و سواء كانت للّه تعالى كالزكاة، أو للآدميّ .

1881. الثالث عشر: الزاد المشترط هو ما يحتاج من مأكول أو مشروب و كسوة،

فإن كان يجد الزاد في كلّ منزل، لم يلزمه حمله، و إلاّ لزمه حمله.

أمّا الماء و علف الدوابّ ، فإن كان يوجد في المنازل الّتي ينزلها على العادة، لم يجب حملها، و إلاّ وجب مع المكنة، و مع عدمها يسقط.

1882. الرابع عشر: الراحلة المشترطة يجب أن تكون راحلة مثله

أمّا بالتملّك أو الأجرة لذهابه و رجوعه، فإن كان لا يشقّ عليه ركوب القتب أو الزاملة، اعتبر ذلك في حقه، و إن كان يلحقه مشقّة عظيمة، اعتبر وجود المحمل.

1883. الخامس عشر: لو كان وحيدا اعتبر نفقته لذهابه و عوده.

و لو احتاج إلى خادم اعتبر وجوده إمّا بالملك أو الاستيجار.

1884. السادس عشر: يعتبر في الاستطاعة وجود ما يحتاج إليه في السفر،

ص: 549


1- . في «أ»: غير الزاد.
2- . في «ب»: إقتار.

من الآلات و الأوعية كالغرائر(1) و أوعية الماء. فلو فقدها مع الحاجة سقط الفرض.

1885. السابع عشر: لو كان له بضاعة يكفيه ربحها، أو ضيعة يكفيه غلّتها،

فالأقرب وجوب بيعها للحجّ ، أو صرف البضاعة إليه، إذا كان بقدر الكفاية ذهابا و عودا، و قدر نفقة عياله كذلك.

1886. الثامن عشر: لو كان واجدا للزاد و الراحلة، فخرج في حمولة غيره أو نفقه غيره،

أو كان مستأجرا للخدمة أو غيرها، أو كان ماشيا، فحجّ أجزأه، و لو لم يكن واجدا لم يجب إلاّ مع بذل الغير.

و لا يجب أن يؤجّر نفسه بالزاد و الراحلة و النفقة لعياله مع العجز، فإن فعل وجب الحجّ .

و كذا لو وجد بعض الزاد و الراحلة و لم يوجد الباذل للباقي، لم يجب أن يؤجّر نفسه بالباقي، فإن فعل وجب الحجّ .

و يستحبّ لفاقد الاستطاعة الحجّ ، إذا تمكّن من المشي، ثمّ يعيد واجبا مع الوجدان.

1887. التاسع عشر: لا يعتبر وجود الزاد في المراحل مع وجوده في البلدان التي جرت العادة بحمل الزاد منها.

و أمّا الماء فإن كان موجودا في المصانع التي جرت العادة بكونه فيها وجب الحجّ ، و إن كان لا يوجد لم يجب الحجّ ، و إن وجد في البلاد الّتي يؤخذ منها الزاد.

ص: 550


1- . في لسان العرب: الغرارة واحدة الغرائر الّتي للتبن.
1888. العشرون: لو وجد ثمن الزاد و الراحلة وجب شراؤهما مع وجود البائع،

و لو احتاج إلى الثمن لم يجب الشراء.

و لو وجده بأكثر من ثمن المثل أو بأكثر من أجرة المثل، فإن تضرّر به، لم يجب الشراء إجماعا، و إن لم يتضرّر، فالأقرب وجوب الشراء.

1889. الواحد و العشرون: لو عجز عن الزاد و الراحلة،

جاز أن يحجّ عن غيره، و لا يجزئه عن حجّة الإسلام لو أيسر، بل يجب عليه مع الاستطاعة.

الخامس: إمكان المسير
اشارة

و فيه تسعة عشر بحثا:

1890. الأوّل: يدخل تحت هذا الشرط: الصحة،

و إمكان الركوب، و تخلية السرب، و اتّساع الزمان.

فالمريض لا يجب عليه الحجّ مع الضرر، و إن وجد الزاد و الراحلة بالإجماع. و لو لم يتضرّر بالركوب، وجب عليه الحجّ مع باقي الشرائط، و لو منعه المرض عن الركوب، سقط عنه الفرض.

و كذا المعضوب(1) الذي لا يقدر على الركوب، و لا يستمسك على الراحلة، من كبر، أو ضعف في البنية، أو إقعاد.

و لو وجد هؤلاء الاستطاعة، ففي وجوب الاستنابة قولان: أحدهما:

ص: 551


1- . قال في مجمع البحرين: الأعضب من الرجال: الزمن الذي لا حراك فيه، كأنّ الزمانة عضبه و منعه الحركة.

الوجوب، اختاره الشيخ(1)؛ و الثاني عدمه، اختاره ابن إدريس(2) و الأقرب الأوّل.

1891. الثاني: المريض إن كان يرجى برؤه، و وجد الاستطاعة،

و تعذّر عليه الحجّ ، استحب له أن يستنيب رجلا يحجّ عنه، فإذا استناب، ثمّ برئ و هو مستطيع، وجب عليه إعادة الحجّ بنفسه، و لو مات سقط عنه فرض الحجّ مع الاستنابة و بدونها.

و لو كان المرض لا يرجى برؤه، أو كان العذر لا يزول، كالإقعاد، و ضعف البدن خلقة، و كبر السن، وجب أن يحجّ عنه رجل مع الاستطاعة فإن مات سقط عنه فرض الحجّ ، و لو زال عذره وجب الحجّ .

1892. الثالث: لو وجد المعضوب المال، و لم يجد الأجير،

سقط عنه فرض الاستيجار إلى العام المقبل، و لو وجد من يستأجره بأكثر من أجرة المثل، فإن أمكنه التحمّل من غير ضرر، فالوجه الوجوب، و إلاّ فلا.

1893. الرابع: المعضوب إذا لم يكن له مال،

سقط عنه فرض الحجّ مباشرة و استنابة، و لو وجد من يطيعه لأداء الحجّ لم يجب، سواء وثق منه بفعله أو لم يثق، و سواء كان ولدا أو أجنبيّا، و لو بذل له المال، و لم يبذل له الفعل، فالوجه عدم الوجوب.

1894. الخامس: لو كان على المعضوب حجّتان كحجّة الإسلام و منذورة،

جاز أن يستنيب اثنين في سنة.

1895. السادس: يجوز للصحيح أن يستنيب في التطوّع،

و يجوز استنابة

ص: 552


1- . المبسوط: 299/1.
2- . السرائر: 516/1.

الصرورة و غيره في الواجب و الندب.

1896. السابع: قال الشيخ: المعضوب إذا وجب عليه حجّة بالنذر أو بإفساد حجّه، وجب عليه أن يحجّ عن نفسه رجلا،

فإذا فعل ذلك فقد أجزأه، و إن برئ في ما بعد تولاّها بنفسه(1) و عندي فيه تردّد.

1897. الثامن: تخلية السرب شرط في الوجوب و هو أن يكون الطريق أمنا،

أو يجد رفقة يأمن معهم علما أو ظنا، فلو وجد مانع من عذر و غيره سقط فرض الحج، و هل يجب أن يستنيب ؟ البحث فيه كالمريض.

و لو كان هناك طريقان، أحدهما آمن، سلكه(2) و إن طال، إذا لم يقصر نفقته عنه و اتّسع الزمان، و لو قصرت نفقته عنه، أو قصر الزمان عن سلوكه، أو لم يكن له إلاّ طريق واحد، و هو مخوف أو بعيد يضعف قوته عن قطعه لمشقة، لم يجب عليه.

و لو كان في الطريق عدوّ، و أمكن محاربته بحيث لا يلحقه خوف و لا ضرر، فهو مستطيع، و لو خاف على نفسه من قتل، أو جرح، أو على ماله أو بعضه ممّا يتضرّر به، لم يجب.

1898. التاسع: لو لم يندفع العدوّ إلاّ بمال أو خفارة

1898. التاسع: لو لم يندفع العدوّ إلاّ بمال أو خفارة(3)

قال الشيخ: لم يجب(4)، و لو قيل: إن أمكن دفع المال من غير إجحاف و لا ضرر وجب، و إلاّ فلا، كان وجها.

ص: 553


1- . المبسوط: 299/1.
2- . جواب: «لو» الشرطيّة.
3- . الخفارة - بالكسر و الضم -: الذمام و العهد. مجمع البحرين.
4- . المبسوط: 301/1.

و لو بذل له باذل المطلوب منه، فانكشف العدوّ، وجب الحجّ ، و ليس له منع الباذل.

1899. العاشر: طريق البحر كطريق البرّ،

فلو غلب على ظنّه السلامة فيهما، تخيّر في سلوك أيّهما شاء، و لو غلب على ظنّه العطب فيهما، سقط الفرض، و لو غلب على ظنّه السلامة في أحدهما، تعيّن و إن كان في البحر.

1900. الحادي عشر: اتّساع الزمان شرط،

فلو ضاق الوقت عن قطع المسافة، سقط الفرض، و لو لم يجد الرفقة، أو ضاق الوقت عليه حتّى لا يلحقهم إلاّ بمشقة، كطيّ المنازل، أو الحثّ الشديد، سقط تلك السّنة.

1901. الثاني عشر: اشترط الشيخ رحمه اللّه الرجوع إلى كفاية

1901. الثاني عشر: اشترط الشيخ رحمه اللّه الرجوع إلى كفاية(1)

فلو ملك الزاد و الراحلة و النفقة له و لعياله ذهابا و عودا، و لم يكن له كفاية يرجع إليها من مال أو حرفة أو صناعة أو عقار، لم يجب الحجّ ، و اختاره المفيد(2) و ابن البراج(3) و أبو الصلاح(4) و لم يشترط المرتضى ذلك(5) و اختاره ابن أبي عقيل(6) و هو الأقوى.

1902. الثالث عشر: الإسلام ليس شرطا في الوجوب،

و هو شرط في الصحة، و لو أحرم و هو كافر لم يصحّ إحرامه، فإن أسلم قبل فوات الوقوف بالمشعر، وجب عليه الرجوع إلى الميقات، و إنشاء الإحرام منه، فإن لم يتمكّن أحرم من موضعه، و لا يعتدّ بالأوّل.

ص: 554


1- . المبسوط: 297/1، و الخلاف: 245/2، المسألة 2 من كتاب الحجّ .
2- . المقنعة: 384.
3- . المهذب: 208/1.
4- . الكافي في الفقه: 192.
5- . الناصريات: 303.
6- . حكى عنه المصنّف في المختلف: 6/4.
1903. الرابع عشر: لو ارتدّ بعد أداء الحجّ مسلما،

لم يجب عليه إعادته، و قوّى في المبسوط(1) الإعادة، و لو أحرم، ثمّ ارتدّ، ثمّ عاد إلى الإسلام، كان إحرامه باقيا، و بنى عليه.

1904. الخامس عشر: الأعمى يجب عليه الحجّ مع الشرائط،

و وجود قائد يهديه مع الحاجة.

1905. السادس عشر: شرائط الوجوب في الرجل هي شرائطه في المرأة،

فإذا اجتمعت الشرائط وجب عليها الحجّ ، و إن لم يكن لها محرم.

و لو لم تجد الثقة، و خافت من المرافق، اشترط المحرم، و هو الزوج، أو من تحرم عليه على التأبيد نسبا و رضاعا.

و من تحرم عليه في وقت دون آخر كزوج الأخت، و العبد، فليس بمحرم.

فلو كان الأب يهوديّا أو نصرانيّا فالوجه أنّه محرم، أمّا المجوسي فالوجه أنّه ليس بمحرم، و الأقرب اشتراط البلوغ و العقل في المحرم.

1906. السابع عشر: نفقة المحرم في محلّ الحاجة إليه عليها،

فيشترط في استطاعتها ملك زاده و راحلته زيادة على ما تقدّم، و لو امتنع المحرم من الحجّ مع بذلها له النفقة، فهي كالفاقدة المحرم.

و لو احتاجت إليه لعدم النفقة(2) و الحاجة إلى الرفيق، فالوجه أنّه لا يجب عليه إجابتها.

ص: 555


1- . المبسوط: 305/1.
2- . هكذا في النسختين و الظاهر وقوع تحريف في الكلام و الصحيح «و لو احتاجت إليه مع عدم النفقة» و عليه يكون قوله: «و الحاجة إلى الرفيق»، جملة توضيحية لانفهامها من قوله: «و لو احتاجت».
1907. الثامن عشر: إذن الزوج ليس بمعتبر في الواجب،

فلو كان عليها حجّة الإسلام، أو منذورة بإذنه، أو قبل تعلّقه بها، وجب عليها الخروج، و ليس له منعها عنه.

و يستحب لها أن تستأذنه، فإن أذن، و إلاّ خرجت بغير إذنه.

أمّا التطوّع فليس لها الخروج فيه إلا بإذنه، و لو نذرت الحجّ و هي زوجته، فإن أذن لها في النذر صحّ ، و إلاّ فلا.

و حكم المعتدّة رجعيّة حكم الزوجة، أمّا البائن فإنّها تخرج أين شاءت، و ليس للزوج منعها، و كذا المتوفّى عنها زوجها.

1908. التاسع عشر: الشرائط التي ذكرناها، منها ما هي شرط في الصحّة و الوجوب معا، و هو العقل؛

و منها ما هو شرط في الصّحة خاصّة، و هو الإسلام؛ و منها ما هو شرط في الوجوب خاصّة، و هو البلوغ، و الحريّة، و الاستطاعة، و إمكان المسير.

الفصل الثاني: في أنواع الحج
اشارة

و فيه أربعة عشر بحثا:

1909. الأوّل: الحجّ على ثلاثة أنواع: تمتّع، و قران، و إفراد.

فصورة التمتّع: أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتّع بها إلى الحجّ

ص: 556

ثمّ يدخل مكّة فيطوف سبعة أشواط بالبيت، و يصلّي ركعتي الطواف بالمقام، و يسعى بين الصفا و المروة سبعة أشواط، ثمّ يقصّر، و قد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه.

ثم ينشئ إحراما آخر للحجّ من مكّة يوم التروية، و إلاّ فيما يعلم معه إدراك الوقوف، ثمّ يمضي إلى عرفات، فيقف بها إلى الغروب، ثمّ يفيض إلى المشعر الحرام، فيقف به بعد طلوع الفجر، ثمّ يفيض إلى منى و يرمي جمرة العقبة، ثم يذبح هديه، ثمّ يحلق رأسه، ثمّ يأتي مكّة ليومه أو من غده، فيطوف للحجّ و يصلّي ركعتين، ثمّ يسعى سعي الحج، ثمّ يطوف طواف النساء و يصلّي ركعتيه، ثم يعود إلى منى ليرمي ما تخلّف عليه من الجمار الثلاث، يوم الحادي عشر، و الثاني عشر، و الثالث عشر.

و صورة الإفراد: أن يحرم من الميقات أو من حيث يصحّ له الإحرام منه بالحجّ ، ثمّ يمضي إلى عرفات فيقف بها، ثم يقف بالمشعر الحرام، ثمّ يأتي منى فيقضي مناسكه بها، ثمّ يطوف بالبيت للحج، و يصلّي ركعتيه، و يسعى للحج و يطوف طواف النساء و يصلّي ركعتيه، ثم يأتي بعمرة مفردة من أدنى الحلّ .

و صورة القران كذلك، إلاّ أنّه يضيف إلى إحرامه سياق الهدي.

1910. الثاني: التمتّع فرض من نأى عن المسجد الحرام،

و ليس من حاضريه، و لا يجزئهم غيره مع الاختيار.

و أمّا القران و الإفراد فهو فرض أهل مكة و حاضريها، فلو عدلوا إلى التمتّع، ففي الإجزاء قولان للشيخ: أحدهما انّه يجزئ و لا دم، و الثاني: أنّه لا

ص: 557

يجزئ(1) و هو الأقوى عندي.

1911. الثالث: حدّ حاضري المسجد الحرام الذين لا متعة عليهم، من كان بين منزله و بين المسجد اثنا عشر ميلا من كلّ جانب.

و للشيخ قول آخر: إنّه ثمانية و أربعون ميلا(2) و هو اختيار ابن بابويه(3) و هو الأقوى عندي.

1912. الرابع: لا يجوز إدخال الحجّ على العمرة و لا بالعكس.
1913. الخامس: لا يجوز القران بين الحجّ و العمرة في إحرام واحد،

قال الشيخ في الخلاف: و لو فعل لم ينعقد إحرامه إلاّ بالحجّ ، فإن أتي بأفعال الحجّ لم يلزمه دم، و إن أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يجعلها متعة جاز، و لزمه الدم(4).

1914. السادس: و لا يجوز نيّة حجّتين و لا عمرتين،

و لو فعل قيل: تنعقد إحداهما و تلغو الأخرى(5).

1915. السابع: لو أراد التطوّع بالحجّ ، فالتمتّع أفضل أنواعه.
1916. الثامن: المفرد إذا أحرم بالحجّ ، ثمّ دخل مكّة،

جاز له فسخ حجّه و جعله عمرة يتمتّع بها، و لا يلبّ بعد طوافه و لا بعد سعيه، لئلاّ ينعقد إحرامه بالتلبية، أمّا القارن فليس له ذلك.

ص: 558


1- . قال بالإجزاء في المبسوط: 306/1، و بعدمه في النهاية: 206.
2- . النهاية: 206.
3- . المقنع: 215، و الفقيه: 203/2 في ذيل الحديث 926.
4- . الخلاف: 264/2، المسألة 30 من كتاب الحجّ .
5- . قال ابن قدامة في المغني: 254/3: و إن أحرم بحجّتين أو عمرتين انعقد بإحداهما و لغت الأخرى، و به قال مالك و الشافعي، و قال أبو حنيفة: ينعقد بهما و عليه قضاء إحداهما.

و كذا يجوز لمن أحرم بعمرة التمتّع مع الضرورة المانعة عن إتمامها العدول إلى الإفراد، إمّا بأن يضيق الوقت أو يحصل حيض أو مرض.

1917. التاسع: لو بعد المكّي عن أهله، ثم عاد و حجّ على ميقات،

أحرم منه، و جاز له التمتّع.

1918. العاشر: من كان من أهل الأمصار، فجاور بمكّة، ثمّ أراد حجّة الإسلام،

خرج إلى ميقات أهله و أحرم منه، فإن تعذّر، خرج إلى أدنى الحلّ ، و لو تعذّر أحرم من مكّة، هذا إذا لم يجاور سنتين، فإن مضت عليه سنتان، و هو مقيم بمكّة، صار من أهل مكّة و حاضريها، ليس له أن يتمتّع.

و للشيخ قول آخر: إنّه لا ينتقل فرضه حتّى يقيم ثلاثا(1)، و المعتمد الأوّل.

و لو كان له منزلان: أحدهما بمكّة و الآخر ناء عنها، اعتبر الأغلب إقامة، فأحرم بفرض أهله، فإن تساويا تخيّر في التمتّع و غيره.

و لو لم يمض هذه المدة، كان فرضه التمتّع لا غير، فيحرم من الميقات وجوبا مع المكنة.

1919. الحادي عشر: للشيخ قول في أشهر الحجّ :

ففي النهاية: شوّال، و ذو القعدة، و ذو الحجة(2) و في المبسوط: شوّال، و ذو القعدة و إلى قبل الفجر من عاشر ذي الحجة(3)، و في الخلاف: إلى طلوع الفجر(4)، و في الجمل: و تسعة من

ص: 559


1- . النهاية: 206.
2- . النهاية: 207.
3- . المبسوط: 308/1.
4- . الخلاف: 258/2، المسألة 23 من كتاب الحجّ .

ذي الحجة(1). و الأقرب الأوّل.

و لا يتعلّق بهذا الاختلاف حكم، للإجماع على فوات الحجّ بفوات الموقفين، و صحّة بعض أفعال الحجّ فيما بعد العاشر.

1920. الثاني عشر: لا يجوز الإحرام بالحجّ قبل أشهره،

فلو أحرم به قبلها، لم ينعقد للحجّ ، و انعقد للعمرة، رواه ابن بابويه(2) و عندي فيه نظر.

1921. الثالث عشر: لا ينعقد إحرام العمرة المتمتّع بها إلاّ في أشهر الحجّ ،

فان أحرم في غيرها انعقد للمبتولة على إشكال، أمّا العمرة المبتولة، فيجوز في جميع أيّام السنة.

1922. الرابع عشر: لو دخل المتمتّع مكّة و خشي فوات الوقت،

نقل نيّته إلى الإفراد، ثمّ يعتمر عمرة مفردة بعد الحجّ ، و كذا الحائض و النفساء لو منعهما عذرهما عن التحلّل و إنشاء الحج.

ص: 560


1- . الجمل و العقود في ضمن الرسائل العشر: 226.
2- . الوسائل: 197/8، الباب 11 من أبواب أقسام الحجّ ، الحديث 7.

المقصد الثاني: في الإحرام

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: في المواقيت
اشارة

و فيه مطلبان:

المطلب الأوّل: في تعيينها
اشارة

و فيه تسعة مباحث:

1923. الأوّل: لا يجوز الإحرام إلاّ من إحدى المواقيت

التي وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم للإحرام.

فميقات أهل المدينة: ذو الحليفة، و هو مسجد الشجرة؛ و ميقات أهل الشام: الجحفة، و هي المهيعة بسكون الهاء و فتح الياء؛ و لأهل اليمن: يلملم، و قيل: ألملم(1)؛ و لأهل الطائف: قرن المنازل، بفتح القاف و سكون الراء، و في الصحاح بفتحها؛ و ميقات أهل العراق: العقيق.

1924. الثاني: هذه المواقيت مأخوذة بالنص عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم.

1924. الثاني: هذه المواقيت مأخوذة بالنص عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم(2).

ص: 561


1- . في نهاية ابن الأثير: ألملم بالهمزة بدل الياء.
2- . لاحظ الوسائل: 221/8، الباب 10 من أبواب المواقيت.
1925. الثالث: ذو الحليفة ميقات أهل المدينة مع الاختيار،

أمّا مع الضرورة فالجحفة.

1926. الرابع: العقيق ميقات أهل العراق، و كلّ جهاته ميقات،

فمن أين أحرم جاز، لكنّ الأفضل الإحرام من المسلخ و يليه غمرة و آخره ذات عرق، و لا يجوز للحاجّ تجاوزها إلاّ محرما.

1927. الخامس: هذه المواقيت مواقيت لأهلها

و لمن يمرّ بها مريدا للنسك، فلو حجّ الشامي من المدينة أحرم من ذي الحليفة، و لو حجّ من العراق فميقاته العقيق، و كذا غيره.

1928. السادس: من كان منزله دون الميقات، فميقاته منزله بالإجماع.
1929. السابع: الصبيّ يجرّد من فخّ ،

و يجوز أن يحرمه من الميقات(1).

1930. الثامن: هذه المواقيت إنّما هي لإحرام العمرة المتمتّع بها، أو للحجّ مفردا أو قارنا،

أمّا حجّ المتمتّع، فميقاته مكّة لا غير، و لو أحرم من غيرها متمكّنا لم يجز، و وجب عليه العود إلى مكّة لإنشاء الإحرام.

و لو تجاوز ناسيا أو جاهلا عاد، فإن حصل له مانع أحرم من موضعه و لو كان بعرفات، و كذا لو خاف من الرجوع فوات الحجّ ، فإنّه يحرم من موضعه.

و من أيّ موضع أحرم من مكّة أجزأه، و الأفضل الإحرام من المسجد (و أفضل المسجد)(2) تحت الميزاب، أو مقام إبراهيم عليه السّلام.

1931. التاسع: المواقيت الّتي قدّمناها مواقيت الحجّ على اختلاف ضروبه،

ص: 562


1- . في «ب»: أن يحرم به من الميقات.
2- . ما بين القوسين موجود في «ب».

و للعمرة المفردة إذا قدم مكّة حاجّا أو معتمرا، أمّا المفرد و القارن إذا فرغا من المناسك و أراد الاعتمار، أو غيرهما ممّن يريده فإنّه يلزمه الخروج إلى أدنى الحلّ ، فيحرم به ثم يعود إلى مكّة للطواف و السعي.

و ينبغي أن يحرم بها من الجعرانة، فإن فاته فمن التنعيم، فإن فاته فمن الحديبية، و الضابط أن يأتي به من أدنى الحلّ .

المطلب الثاني: في أحكام المواقيت
اشارة

و فيه ثمانية مباحث:

1932. الأوّل: لا يجوز الإحرام قبل الميقات بحجّ و لا عمرة

إلاّ لمن أراد أن يحرم بالعمرة المبتولة في رجب، و خاف تقضّيه إن أخّر الإحرام إلى الميقات، فإنّه يجوز أن يوقعه قبل الميقات، ليدرك جزءا منها في رجب، طلبا للفضل، فقد روي أنّها تقارب الحج(1).

و استثنى الشيخان من نذر أن يحرم للحجّ أو العمرة قبل الميقات، فإنّه يلزمه، بشرط وقوعه في أشهر الحجّ إن كان للحجّ أو للمتمتّع بها، و إن كان للمفردة جاز مطلقا(2) و منع ابن إدريس من ذلك(3) و الأوّل أقوى.

1933. الثاني: لو أحرم قبل الميقات في غير هذين الموضعين لم ينعقد إحرامه،

و لو فعل ما ينافيه لم يلزمه شيء، و يجب عليه تجديد الإحرام عند الميقات.

ص: 563


1- . لاحظ الوسائل: 239/10، الباب 3 من أبواب العمرة.
2- . المبسوط: 311/1، و التهذيب: 53/5 في ذيل الحديث 161، و لم نعثر على قول المفيد قدّس سرّه.
3- . السرائر: 526/1.
1934. الثالث: إذا جاء إلى الميقات و أراد النسك وجب عليه الإحرام منه،

و لا يجوز له تأخيره عنه بالإجماع، فلو تركه عامدا مع إرادة النسك وجب عليه الرجوع إلى الميقات و الإحرام منه، و لو لم يتمكّن من الرجوع بطل حجّه، و لو أحرم من موضعه لم يجزئه، و لو عاد إلى الميقات و لم يجدّد الإحرام فكذلك.

و لو جدّده في الميقات لم يكن عليه دم، سواء رجع بعد التلبس بشيء من أفعال الحجّ كطواف القدوم أو لا، و لو تركه ناسيا أو جاهلا أو لا يريد النسك ثمّ يجدّد العزم، وجب عليه الرجوع إلى الميقات و إنشاء الإحرام منه.

فإن لم يتمكّن فليمض إلى خارج الحرم و ليحرم، فإن لم يتمكّن أحرم من موضعه، و لو أحرم من موضعه مع إمكان الرجوع لم يجزئه، و لا فرق بين الناسي و الجاهل بالميقات و التحريم.

1935. الرابع: لو أسلم بعد مجاوزة الميقات وجب عليه الحجّ و لزمه الرجوع،

فإن لم يتمكّن خرج إلى الحلّ ، فإن لم يتمكّن أحرم من موضعه و لا دم عليه، و كذا الصبيّ و العبد لو بلغ أو اعتق بعد المجاوزة.

1936. الخامس: لو كان مريضا يمنعه المرض من الإحرام عند الميقات،

قال الشيخ: جاز له أن يؤخّره عن الميقات، فإذا زال المنع أحرم من الموضع الّذي انتهى إليه(1).

و الظاهر أنّ مقصوده تأخّر كيفيّة الإحرام من نزع الثياب و كشف الرأس، فأمّا الشروط الّتي للإحرام فلا يجوز له تأخيرها مع القدرة.

ص: 564


1- . النهاية: 209.

و لو زال عقله بإغماء و شبهه سقط الحج، فلو أحرم عنه رجل جاز، لكن لا يسقط به حجّة الإسلام، إلاّ أن يعود عقله قبل الوقوف، و لو كان بعد الموضعين لم يجزئه.

1937. السادس: لو كان الميقات قرية فخربت و نقلت عمارتها إلى موضع آخر،

كان الميقات موضع الأولى و إن انتقل الاسم إلى الثانية.

1938. السابع: لو سلك طريقا بين الميقاتين أحرم عند محاذاة الميقات،

برّا كان أو بحرا، و هي رواية عبد للّه بن سنان الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(1).

و لو لم يعرف حذو الميقات(2) احتاط و أحرم من بعيد بحيث يتيقّن عدم مجاوزة الميقات، و لا يلزمه الإحرام حتى يظنّ المحاذاة.

و لو أحرم ثمّ علم المجاوزة عن محاذاة الميقات، ففي وجوب الرجوع إشكال، أقربه العدم، و لا دم عليه.

و لو مرّ على طريق لا يحاذي ميقاتا، فالأقرب الإحرام من أدنى الحلّ .

1939. الثامن: من جاور بمكة من أهل الأمصار، ثمّ أراد النسك، فليخرج إلى ميقات أهله، و ليحرم منه،

فإن لم يتمكّن فليخرج إلى الحلّ ، فإن لم يمكنه أحرم من موضعه ما لم يستوطن سنتين.

ص: 565


1- . الوسائل: 230/8، الباب 7 من أبواب المواقيت، الحديث 1 و 3.
2- . في «ب»: حد الميقات.
الفصل الثاني: في مقدمات الإحرام
اشارة

و فيه ثمانية مباحث:

1940. الأوّل: يستحبّ لمن أراد التمتّع أن يوفّر شعر رأسه و لحيته من أوّل ذي القعدة،

و لا يمسّ منهما شيء، و يتأكّد عند هلال ذي الحجة، فإن مس منهما شيئا ترك الأفضل و لا شيء عليه، و في الاستبصار(1) و النهاية(2) هو واجب يجب معه الدم، و هو خيرة المفيد(3).

1941. الثاني: يستحبّ للمعتمر توفير شعر رأسه في الشهر الّذي يريد فيه الخروج إلى العمرة.
1942. الثالث: يستحبّ له إذا بلغ الميقات التنظيف بإزالة الشعر،

و نتف الإبط، و قصّ الشارب(4) و تقليم الأظفار، و حلق العانة، و الإطلاء، و لو كان قد أطلى قبل الإحرام اجتزأه ما لم يمض خمسة عشر يوما، فإن مضت استحبّ له الإطلاء ثانيا.

و الإطلاء أفضل من الحلق، و الحلق أفضل من نتف الإبط.

1943. الرابع: يستحبّ له الغسل إذا أراد الإحرام من الميقات،

و ليس بواجب

ص: 566


1- . الاستبصار: 161/2 في ذيل الحديث 525، و التهذيب: 48/5 في ذيل الحديث 148.
2- . النهاية: 206، و المبسوط: 309/1.
3- . المقنعة: 396.
4- . في «ب»: و قصر الشارب.

إجماعا، و لا فرق بين الذكر و الأنثى، و الحرّ و العبد، و البالغ و غيره.

و يجوز تقديم الغسل على الميقات إذا خاف عوز الماء فيه ما لم ينم أو يمضي عليه يوم و ليلة، و لو وجد الماء في الميقات استحبّ إعادة الغسل.

و يجزئ غسل اليوم لذلك اليوم، و غسل الليلة لها ما لم ينم، فإن نام قبل الإحرام أو لبس مخيطا، أو أكل ما لا يحلّ للمحرم أكله، استحبّ له إعادة الغسل، و لو قلّم أظفاره لم يعد الغسل.

و يجوز الادهان بعد الغسل قبل عقد الإحرام إلاّ أن يكون طيبه يبقى إلى بعد الإحرام.

1944. الخامس: لو أحرم من غير غسل أعاد الإحرام مستحبا.
1945. السادس: لو لم يجد الماء للغسل تيمّم:

قاله الشيخ(1).

1946. السابع: يستحبّ له أن يحرم بعد الزوال عقيب صلاة الظهر، يبدأ بصلاة الإحرام

و هي ست ركعات، فإن لم يتمكّن فركعتان، ثمّ يصلّي الظهر، ثمّ يحرم عقيب الظهر.

و إن لم يتّفق وقت الزوال يستحبّ له أن يكون عقيب فريضة، فإن لم يتّفق صلّى ستّ ركعات ثمّ أحرم عقيبها، فإن لم يتمكّن، صلّى ركعتين يقرأ في الأولى الحمد و قل يا أيّها الكافرون، و في الثانية الحمد و التوحيد مستحبا.

1947. الثامن: يكره أن يطيب للإحرام قبله،

و لو كان ممّا يبقى رائحته إلى بعد الإحرام كان حراما.

ص: 567


1- . المبسوط: 314/1.

و لو لبس ثوبا مطيبا ثمّ أحرم و كانت الرائحة تبقى إلى بعد الإحرام، وجب نزعه أو إزالة الطيب، فإن لم يفعل وجب الفداء.

الفصل الثالث: في كيفيّة الإحرام
اشارة

و فيه اثنان و ثلاثون بحثا:

1948. الأوّل: إذا بلغ الحاجّ الميقات، فعل ما ذكرناه،

و دعا عند غسله و نوى الإحرام، ثمّ لبس ثوبه، يأتزر بأحدهما، و يتوشّح بالآخر و دعا، ثمّ صلّى للإحرام ستّ ركعات، ثمّ يصلّي الفريضة إن كان وقت فريضة، و أحرم عقيبها و إلاّ عقيب النوافل.

فإذا فرغ من صلاته، حمد اللّه و أثنى عليه، و صلّى على محمّد و آله، ثمّ قال: اللّهم إنّي أسألك أن تجعلني ممّن استجاب لك إلى آخر الدعاء، فإذا فرغ لبّى، و يكثر من التلبية.

و لا يزال على هيئته إلى أن يدخل مكّة و يطوف، و يسعى، و يقصّر، و قد أحلّ .

1949. الثاني: الواجب في الإحرام ثلاثة أشياء:

النيّة، و لبس ثوبي الإحرام، و التلبيات الأربع، و الباقي نفل.

و النيّة كما هي واجبة فهي شرط فيه، و كيفيّتها أن يقصد بقلبه إلى

ص: 568

أمور أربعة: ما يحرم به من حجّ أو عمرة، متقربا به إلى اللّه عز و جل، و يذكر نوع ما يحرم له من تمتّع أو قران أو إفراد، و يذكر الوجوب أو الندب، و ما يحرم له من حجّة الإسلام أو غيرها، لا يجوز له الإخلال بشيء من ذلك، و يستحبّ له الاشتراط.

1950. الثالث: لو نوى الإحرام مطلقا، و لم ينو لا حجا و لا عمرة،

انعقد إحرامه، و كان له صرفه إلى أيّهما شاء إن كان في أشهر الحجّ على إشكال.

فإن صرفه إلى الحجّ صار حجّا، و كذا إلى العمرة يصير عمرة، و لو صرفه إليهما معا لم يصحّ ، و لو عقده مطلقا قبل أشهر الحجّ ، انعقد بعمرة.

1951. الرابع: يصحّ إبهام الإحرام،

و هو أن يحرم بما يحرم به فلان على إشكال، فان علم بما أحرم به فلان، انعقد إحرامه بمثله، و إن تعذّر عليه بموت أو غيبة، قال الشيخ رحمه اللّه: يتمتع احتياطا(1).

و لو بان أنّ فلانا لم يحرم، انعقد مطلقا، و كان له صرفه إلى أيّ الأنساك شاء، و لو لم يعلم هل أحرم فلان أم لا؟ كان حكمه حكم من لم يحرم.

و لو لم يعيّن ثم شرع في الطواف قبل التعيين، فالأقوى أنّه لا يعتدّ بطوافه.

1952. الخامس: تعيين الإحرام أولى من إطلاقه.
1953. السادس: لو أحرم بنسك ثمّ نسيه،

تخيّر بين الحجّ و العمرة، إذا لم يتعيّن عليه أحدهما؛ قاله في المبسوط(2). و في الخلاف جعل ذلك عمرة(3)و هو حسن.

ص: 569


1- . المبسوط: 316/1.
2- . المبسوط: 317/1.
3- . الخلاف: 290/2، المسألة 86 من كتاب الحجّ .

و لو تعيّن أحدهما انصرف إليه، و لو أحرم بهما معا لم يصحّ ، قال الشيخ:

و يتخيّر. و كذا لو شكّ هل أحرم بهما أو بأحدهما فعل أيّهما شاء(1)، و لو تجدّد الشك بعد الطواف، جعلها عمرة متمتّعا بها إلى الحجّ .

1954. السابع: لو نوى الإحرام بنسك و لبّى بغيره،

انعقد ما نواه، دون ما تلفّظ به.

1955. الثامن: يستحبّ أن يذكر في لفظه ما يقصده من أنواع الحجّ ،

و لو اتّقى كان الأفضل الإضمار.

1956. التاسع: التلبيات الأربع واجبة و شرط في الإحرام للمتمتّع و المفرد،

فلا ينعقد إحرامهما إلاّ بها، أو بالإشارة للأخرس و عقد قلبه بها، و أمّا القارن فله أن يعقد بها أو بالإشعار، أو بالتقليد لما يسوقه.

1957. العاشر: صورة التلبيات الواجبة:

لبّيك، اللّهم لبّيك، لبّيك، إنّ الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك لبّيك؛ ذكره الشيخ رحمه اللّه في كتبه(2).

و قال ابن إدريس: هذه الصورة ينعقد بها الإحرام كانعقاد الصلاة بتكبيرة الاحرام(3).

و في رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق عليه السّلام:

«لبّيك، اللّهم لبّيك، لبّيك، لا شريك لك لبّيك»(4).

ص: 570


1- . المبسوط: 317/1.
2- . المبسوط: 316/1، و النهاية: 215.
3- . السرائر: 536/1.
4- . الوسائل: 53/9، الباب 40 من أبواب الإحرام، الحديث 2.
1958. الحادي عشر: ما زاد على ما ذكرناه من التلبيات الواجبة، مستحبّ غير مكروه،

و يستحبّ الإكثار من لبّيك ذا المعارج لبّيك.

1959. الثاني عشر: للشيخ رحمه اللّه في رفع الصوت بالتلبية قولان:

أحدهما الوجوب(1) و الأقرب الاستحباب(2)، و ليس على النساء جهر بالتلبية.

و تلبية الأخرس الإشارة بالإصبع و تحريك لسانه و عقد قلبه بها، و لا يجوز التلبية بغير العربيّة.

1960. الثالث عشر: لا يشترط في التلبية الطهارة إجماعا،

فيجوز للطاهر و الجنب و المحدث و الحائض.

1961. الرابع عشر: يستحبّ أن يذكر ما يحرم به في التلبية،

و الإكثار من التلبية عند الإشراف و الهبوط و أدبار الصلوات، و تجدّد الأحوال، و اصطدام الرفاق، و في الأسحار و على كلّ حال.

1962. الخامس عشر: المتمتّع يقطع التلبية إذا شاهد بيوت مكّة.

و المفرد و القارن يقطعان التلبية يوم عرفة عند الزوال، و المعتمر عمرة مفردة يقطعها إذا دخل الحرم إن كان أحرم من خارجه، و إن كان قد خرج من مكّة للإحرام قطعها إذا شاهد الكعبة.

1963. السادس عشر: الإشعار أو التقليد يقوم كلّ منهما مقام التلبية في حق القارن،

أيّ الثلاثة شاء عقد إحرامه به، و كان الآخر مستحبا.

ص: 571


1- . و هو خيرته في التهذيب: 92/5 في ذيل الحديث 300.
2- . و هو خيرته في الخلاف: 291/2، المسألة 69 من كتاب الحجّ .

و قال السيد المرتضى: لا ينعقد إحرام الأصناف الثلاثة إلاّ بالتلبية(1)، و هو اختيار ابن إدريس(2)، و الأوّل أقوى.

و الإشعار هو أن يشقّ سنام البعير من الجانب الأيمن و يلطخ بالدم، ليعلم أنّه صدقة، و التقليد هو أن يجعل في رقبة الهدي نعلا أو خيطا أو سيرا(3) أو ما أشبهها، قد صلّى فيه، ليعلم أنّه صدقة.

و الإشعار مختصّ بالإبل، و التقليد يشترك بينها و بين البقر و الغنم، و لو كانت البدن كثيرة، و أراد إشعارها، دخل بين كلّ بدنتين و أشعر إحداهما يمينا و الأخرى يسارا.

1964. السابع عشر: يستحبّ لمن حجّ على طريق المدينة رفع الصوت بالتلبية إذا علت راحلته البيداء،

و بينها و بين ذي الحليفة ميل، إن كان راكبا، و إن كان ماشيا فحيث يحرم، و إن كان على غير طريق المدينة، لبّى من موضعه إن شاء، و الأفضل أن يمشي خطوات ثمّ يلبّي.

1965. الثامن عشر: إذا عقد نيّة الإحرام و لبس ثوبيه و لم يلبّ و لم يشعر و لم يقلّد

جاز أن يفعل ما يحرم على المحرم فعله، و لا كفارة، فإن فعل أحد الثلاثة حرم ذلك عليه، و وجبت الكفارة.

1966. التاسع عشر: يستحبّ لمن أحرم بنسك أن يشترط على ربّه عند إحرامه إن لم يكن حجّة فعمرة،

و أن يحلّه حيث حبسه، و لو نوى الاشتراط و لم

ص: 572


1- . الانتصار: 102.
2- . السرائر: 532/1.
3- . السير: قدّة من الجلد مستطيلة. المنجد.

يتلفّظ به، فالوجه عدم الاعتداد به، و مع التلفّظ به لا يفيد سقوط الحجّ في القابل لو فاته في عامه، بالإجماع، بل جواز التحلّل عند الإحصار، و قيل: يتحلّل من غير شرط(1) و لو اشترط حتّى أحصر ففي سقوط دم الإحصار قولان: أحدهما السقوط، قاله السيد(2)، و الآخر عدمه؛ قاله الشيخ(3). و هو الأقوى.

و لا بدّ للشرط من فائدة كأن يقول: إن مرضت، أو فنيت نفقتي(4) أو فاتني الوقت، أو ضاق عليّ ، أو منعني عدوّ أو غيره، و لو قال: ان يحلّني حيث شئت لم يكن له ذلك.

قال الشيخ لا يجوز للمشترط أن يتحلّل إلاّ مع نيّة التحلّل و الهدي(5).

1967. العشرون: لا يلبّي في مسجد عرفة و لا في الطواف.
1968. الواحد و العشرون: يستحبّ أن يأتي بالتلبية نسقا لا يتخلّلها كلام،

فإن سلّم عليه ردّ في أثنائها، و أن يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم بعد فراغه من التلبية.

1969. الثاني و العشرون: لا أعرف لأصحابنا قولا في أنّ الحلال يلبّي.
1970. الثالث و العشرون: يكره للمحرم إجابة من يناديه بالتلبية

بل يقول:

يا سعد.

1971. الرابع و العشرون: إذا قال: لبّيك إنّ الحمد، كسر الألف،

و يجوز

ص: 573


1- . قال المصنّف في التذكرة: 260/7: و قيل: يتحلّل من غير اشتراط، و هو اختيار أبي حنيفة في المريض. و لاحظ المغني لابن قدامة: 249/3.
2- . الانتصار: 104.
3- . المبسوط: 334/1.
4- . في «أ»: انفاقي.
5- . الخلاف: 431/2، المسألة 324 من كتاب الحجّ .

الفتح، و الأوّل أولى، قال ثعلب(1): من فتحها فقد خصّ و من كسر فقد عمّ (2).

1972. الخامس و العشرون: لبس ثوبي الإحرام واجب بالإجماع،

و يشترط كونهما ممّا يصح فيه الصلاة، فلا يجوز فيما لا يجوز فيه الصلاة كالحرير المحض للرجال.

و يجوز للنساء الإحرام في الحرير المحض خلافا للشيخ(3).

و يستحبّ الإحرام في الثياب القطن و أفضلها البيض، و يجوز في الأخضر و غيره من الألوان عدا السواد فإنّه مكروه، و لا بأس بالمعصفر، و يكره إذا كان مشبعا.

و يجوز في الحرير الممتزج و في ثوب قد أصابه ورس أو زعفران أو طيب إذا غسل و ذهبت رائحته، و لو أصاب ثوبه شيء من خلوق الكعبة و زعفرانها، لم يكن به بأس، و إن لم يغسله.

1973. السادس و العشرون: يكره النوم على الفراش المصبوغة،

و الإحرام في الثياب الوسخة إلاّ أن تغسل، و في الثياب المعلمة.

1974. السابع و العشرون: لا يلبس ثوبا يزرّه و لا مدرعة.

و لا بأس بلبس الطيلسان و لا يزرّه.

ص: 574


1- . أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي الشيباني المعروف ب «ثعلب»، قيل: سمّى به لأنّه إذا سئل عن مسألة أجاب من هاهنا و هاهنا، فشبّهوه بثعلب إذا أغار، كان إمام الكوفيين في النحو و اللغة، قرأ على ابن الأعرابي، مات سنة 291 ه. لاحظ تاريخ بغداد: 204/5؛ و الكنى و الألقاب: 117/2.
2- . قال ابن قدامة في المغني: 256/3 بعد نقل ذلك عن ثعلب ما هذا نصّه: يعني أنّ من كسر جعل الحمد للّه على كلّ حال، و من فتح فمعناه لبّيك لأنّ الحمد لك أي لهذا السبب.
3- . التهذيب: 75/5 في ذيل الحديث 246.
1975. الثامن و العشرون: لا يجوز أن يلبس السراويل إلاّ إذا لم يجد إزارا،

فيجوز و لا فدية، و لا يجوز لبس القباء، فإن لم يجد ثوبا جاز له أن يلبسه مقلوبا، و لا يدخل يديه في يدي القباء، و لا فدية حينئذ.

و لو أدخل كتفيه في القباء و يده في كمّيه و لم يلبسه مقلوبا كان عليه الفداء.

قال ابن إدريس: ليس المراد من القلب جعل ظاهره إلى باطنه و بالعكس، بل المراد منه النكس بأن يجعل ذيله فوق أكتافه(1) و به رواية(2).

1976. التاسع و العشرون: يلبس المحرم نعلين،

و إن لم يجدهما جاز أن يلبس الخفّين، و يقطعهما إلى ظاهر القدم كالشمشكين، و لا يجوز لبسهما قبل القطع.

و قال بعض أصحابنا: يلبسهما صحيحين(3)، و لو كان واجدا للنعلين لم يجز له لبس الخفّين المقطوعين، و كذا لا يجوز لبس القباء المقلوب مع وجود الإزار، و لو لم يجد رداء، لم يلبس القميص، أمّا لو عدم الإزار، فانّه يجوز له التوشّح بالقميص و بالقباء المقلوب، مخيّر في ذلك.

1977. الثلاثون: يجوز أن يلبس المحرم أكثر من ثوبين يتّقي بذلك الحرّ و البرد، و أن يغيّرهما،

لكن يستحبّ له أن يطوف في ثوبيه الّذين أحرم فيهما، و يكره أن يغسلهما إلاّ إذا أصابهما نجاسة.

1978. الواحد و الثلاثون: يكره بيع الثوب الّذي أحرم فيه.

ص: 575


1- . السرائر: 543/1.
2- . لاحظ الوسائل: 125/9، الباب 44 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 8.
3- . قال به ابن إدريس في السرائر: 543/1.
1979. الثاني و الثلاثون: لو أحرم و عليه قميص، نزعه و لا يشقّه.

و لو لبسه بعد الإحرام، قال الشيخ: وجب عليه أن يشقّه و يخرجه من قدميه(1)، و هي رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق(2) عليه السّلام.

الفصل الرابع: في أحكام الإحرام
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

1980. الأوّل: الإحرام ركن من أركان الحجّ يبطل بالإخلال به عمدا،

و لو أخلّ به ناسيا حتّى أكمل مناسكه، قال الشيخ: يصحّ الحجّ إذا كان عازما على فعله(3).

و أنكره ابن إدريس(4)، و هو خطأ.

1981. الثاني: لا يصحّ الإحرام إلاّ من محلّ ،

1981. الثاني: لا يصحّ (5) الإحرام إلاّ من محلّ ،

فلو كان محرما بالحجّ لم يجز له أن يحرم بالعمرة و بالعكس.

1982. الثالث: يجوز للقارن و للمفرد فسخ حجّه إلى التمتّع،

1982. الثالث: يجوز للقارن(6) و للمفرد فسخ حجّه إلى التمتّع،

و بالعكس(7)لمن ضاق عليه الوقت عن التمتّع، أو حصل له مانع، كالحيض، و المرض و ليس للقارن ذلك.

ص: 576


1- . التهذيب: 72/5 في ذيل الحديث 236.
2- . الوسائل: 125/9، الباب 45 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 1.
3- . المبسوط: 414/1.
4- . السرائر: 530/1.
5- . في «أ»: لا يقع.
6- . الظاهر زيادته لما في ذيل المسألة من قوله: «و ليس للقارن ذلك»، و لاحظ أيضا التذكرة: 69/8.
7- . في «ب»: يجوز للمفرد نقل حجّته إلى العمرة و بالعكس.
1983. الرابع: يجوز للقارن و المفرد إذا قدما مكّة الطواف،

لكنّهما يجدّدان التلبية ليبقيا على إحرامهما. و لو لم يجدّدا التلبية أصلا صارت حجّتهما عمرة، قاله الشيخ في النهاية(1) و المبسوط(2)، و قال في التهذيب: إنّما يحلّ المفرد لا القارن(3)، و أنكر ابن إدريس ذلك و إنّهما أنّما يحلاّن بالنية(4) لا لمجرّد الطواف و السعي، و على قول الشيخ حديثان صحيحان(5).

1984. الخامس: إذا أتمّ المتمتّع أفعال عمرته، و قصّر، فقد أحلّ ،

و إن كان قد ساق هديا لم يجز له التحلّل و كان قارنا، قاله في الخلاف(6).

1985. السادس: إذا فرغ المتمتع من عمرته و أخلّ ثمّ أحرم بالحجّ ،

فقد استقر دم التمتّع بإحرام الحجّ و إن لم يرم جمرة العقبة.

1986. السابع: المتمتّع إذا طاف و سعى، ثمّ أحرم بالحجّ قبل أن يقصّر،

قال الشيخ: بطلت متعته، و كانت حجّته مبتولة، و إن فعل ذلك ناسيا، فليمض فيما أخذ فيه، و قد تمّت متعته، و ليس عليه شيء(7)، و قال بعض أصحابنا: الناسي عليه دم(8)، و قال آخرون:(9) يبطل الإحرام الثاني سواء وقع عمدا أو سهوا و يبقى على إحرامه الأوّل.

ص: 577


1- . النهاية: 215.
2- . المبسوط: 316/1، و 355.
3- . التهذيب: 89/5.
4- . السرائر: 536/1.
5- . الوسائل: 185/8، الباب 5 من أبواب أقسام الحج، الحديث 9؛ و ص 210، الباب 19 من أبواب أقسام الحجّ ، الحديث 1.
6- . الخلاف: 282/2، المسألة 57 من كتاب الحجّ .
7- . المبسوط: 316/1، و النهاية: 215.
8- . كالقاضي ابن البراج في المهذب: 223/1.
9- . منهم الحلّي في السرائر: 536/1.

و الوجه ما قاله الشيخ رحمه اللّه.

1987. الثامن: ينبغي للمحرم بالحجّ من مكّة أن يفعل حالة الإحرام يوم التروية كما فعله أوّلا عند الميقات،

من أخذ الشارب، و تقليم الأظفار و غير ذلك، ثمّ يمضي بسكينة و وقار، فإذا انتهى إلى الرقطاء دون الردم(1) لبّى، فإذا انتهى إلى الردم و أشرف على الأبطح(2) رفع صوته بالتلبية حتى يأتي منى.

1988. التاسع: الإحرام واجب على كلّ من يريد أن يدخل مكّة،

إلاّ من يكون دخوله بعد إحرام قبل مضيّ شهر، أو يتكرّر كالحطّاب، و الحشاش، و ناقل الميرة(3) و صاحب الصنيعة(4) أو يكون دخوله لقتال مباح.

1989. العاشر: إحرام المرأة كإحرام الرجل إلاّ في رفع الصوت بالتلبية و لبس المخيط،

و إحرامها في وجهها و لا تخمره و لا تغطّيه بمخيط و غيره. و تستر سائر جسدها إلاّ وجهها، و يجوز لها أن تسدل على وجهها ثوبا حتّى لا يمسّه إلى طرف أنفها، و ليس لها أن تلبس النقاب و لا البرقع و لا القفّازين(5) و يجوز لها أن تلبس السراويل و الغلالة(6).

ص: 578


1- . الرقطاء: موضع دون الردم، و الردم هو حاجز يمنع السيل عن البيت الحرام، و يعبر عنه الآن بالمدعي. مجمع البحرين.
2- . الأبطح: مسيل وادي مكّة، و هو مسيل واسع، أوّله عند منقطع الشعب بين وادي منى و آخره متّصل بالمقبرة الّتي تسمّى بالمعلّى عند أهل مكّة. مجمع البحرين.
3- . الميرة بالكسر فالسكون: طعام يمتاره الإنسان أي يجلبه من بلد إلى بلد. مجمع البحرين.
4- . في «ب»: صاحب الصنعة.
5- . القفّاز: شيء يعلم لليدين و يحشى بقطن، و يكون له أزرار تزرّ على الساعد تلبسه المرأة من نساء العرب تتوقى به من البرد. مجمع البحرين.
6- . غلالة الحائض بالكسر: ثوب رقيق يلبس على الجسد تحت ثيابها، تتّقي به الحائض عن التلويث. مجمع البحرين.

المقصد الثالث: في الطّواف

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: في دخول مكّة
اشارة

و فيه سبعة مباحث:

1990. الأوّل: إذا فرغ المتمتّع من الإحرام من الميقات،

سار إلى أن يقارب الحرم، ثمّ اغتسل قبل دخوله مستحبّا، و مضغ شيئا من الإذخر، ليطيب فيه، و يدعو عند دخول الحرم.

فإذا نظر إلى بيوت مكّة قطع التلبية، و حدّها عقبة المدنيين، و لو كان على طريق المدينة، قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكّة، و هي عقبة ذي طوى.

1991. الثاني: يستحبّ له إذا أراد دخول مكة أن يغتسل إمّا من بئر ميمون أو فخّ ،

و لو اغتسل ثمّ نام قبل دخولها أعاده استحبابا، ثمّ يدخلها من أعلاها، إذا كان داخلا من طريق المدينة، و يخرج من أسفلها، داعيا بسكينة و وقار حافيا.

1992. الثالث: دخول مكّة واجب للمتمتّع أوّلا، ليطوف و يسعى و يقصّر للعمرة،

ص: 579

و لا يجب على القارن و المفرد إلاّ بعد الوقوف، و قضاء مناسك منى.

1993. الرابع: لا يجب على المتكرّر في دخول مكة الإحرام لدخولها كلّ سنة،

و لا يجب على العبد(1) الإحرام لدخولها، و من يجب عليه دخولها بإحرام لو دخلها بغيره، لم يجب عليه القضاء.

1994. الخامس: لا يكره دخول مكّة ليلا.
1995. السادس: الحائض و النفساء يستحبّ لهما الاغتسال لدخول مكّة.
1996. السابع: يستحبّ لمن أراد دخول المسجد الحرام، أن يغتسل،

و يدخله على سكينة(2) و وقار حافيا بخشوع و خضوع، من باب بني شيبة، و يدعو بالمرسوم، فإذا دخل المسجد رفع يديه، و استقبل البيت، و دعا بالمرسوم.

الفصل الثاني: في مقدّمات الطواف و كيفيّته
اشارة

و فيه واحد و ثلاثون بحثا:

1997. الأوّل: الطهارة شرط في الطواف الواجب فلا يصح بدونه،

و كذلك خلوّ البدن و الثوب من النجاسة شرط في الطواف الواجب أيضا، سواء كانت النجاسة دما أو غيره، قلّت أو كثرت(3).

1998. الثاني: الطهارة ليست شرطا في طواف النفل،

بل الأفضل فيه الطهارة.

ص: 580


1- . في «أ»: على العبيد.
2- . في «أ»: في سكينة.
3- . و استدلّ المصنّف في التذكرة بقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم: الطواف بالبيت صلاة. لاحظ تذكرة الفقهاء: 85/8.
1999. الثالث: ستر العورة شرط في الطواف (الواجب).

1999. الثالث: ستر العورة شرط في الطواف (الواجب)(1).

2000. الرابع: الختان شرط في الطواف للرجل دون المرأة.
2001. الخامس: يستحبّ لمن أراد الطواف أن يغتسل لدخول المسجد،

و يدخل من باب بني شيبة بعد أن يقف عندها و يدعو و يسلّم على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و يكون دخوله بخضوع و خشوع، و عليه السكينة و الوقار، و يدعو إذا نظر إلى الكعبة.

2002. السادس: النيّة شرط في الطواف،

و هي أن ينوي الطواف للحجّ أو العمرة واجبا أو ندبا قربة إلى اللّه تعالى، فلو طاف بغير نيّة لم يصحّ طوافه.

2003. السابع: يجب أن يبتدئ بالطواف من الركن الذي فيه الحجر و يختم به،

هكذا سبعة أشواط، فإن ترك و لو بخطوة منها لم يجزئه، و لم يحلّ له النساء حتّى يعود إليها فيأتي بها.

2004. الثامن: يجب أن يطوف على يساره

بأن يجعل البيت عن يساره، و يطوف عن يمين نفسه، فإن جعل البيت عن يمينه و طاف لم يجزئه، و وجب عليه الإعادة.

2005. التاسع: يجب أن يطوف بين البيت و مقام إبراهيم عليه السّلام،

و يدخل الحجر في طوافه، فلو سلك الحجر أو على جداره أو على شاذروان الكعبة لم يجزئه.

2006. العاشر: يجب أن يطوف على هذه الهيئة سبعة أشواط،

فلو طاف دونها لزمه إتمامها، و لا يحلّ له ما حرّم عليه حتّى يأتي ببقيّة الطواف و إن قلّ .

فإذا فرغ من ذلك صلّى ركعتي الطواف واجبا في مقام إبراهيم عليه السّلام إن كان

ص: 581


1- . ما بين القوسين موجود في «أ».

الطواف واجبا، و هو قول أكثر علمائنا.

2007. الحادي عشر: يجب أن يصلّي هاتين الركعتين في المقام.

قال الشيخ قدّس سرّه في الخلاف: يستحبّ فعلهما خلف المقام، فإن لم يفعل و فعل في غيره أجزأه(1) و ليس بمعتمد.

2008. الثاني عشر: لو نسي الركعتين، رجع إلى المقام، و صلاّهما فيه مع المكنة،

فإن شقّ عليه، صلّى حيث ذكر، و لو خرج استناب.

و لو صلّى في غير المقام عامدا، لم يجزئه، فإن كان ناسيا ثمّ ذكر، تداركه، و رجع إلى المقام، و أعاد الصلاة.

2009. الثالث عشر: موضع المقام حيث هو الآن،

و لو كان فيه زحام صلّى خلفه، فإن لم يتمكّن فليصلّ حياله.

2010. الرابع عشر: وقت ركعتي الطواف حين يفرغ منه،

سواء كان بعد الغداة أو بعد العصر إذا كان طواف فريضة، و إن كان طواف نافلة أخّرهما إلى بعد طلوع الشمس أو بعد صلاة المغرب.

و لو طاف في وقت فريضة، فإن كان الطواف واجبا، فالوجه تخيّره بين أداء الفريضة أوّلا و بين ركعتي الطواف، و إن كان نفلا، قدّم الفريضة.

و لو صلّى المكتوبة بعد الطواف الواجب، لم يجزئه عن الركعتين.

2011. الخامس عشر: يستحبّ أن يقرأ في الأولى الحمد و التوحيد، و في الثانية الحمد و الجحد،

و روي العكس(2).

ص: 582


1- . الخلاف: 327/2، المسألة 139 من كتاب الحجّ .
2- . سنن النسائي: 236/5، و سنن البيهقي: 91/5.
2012. السادس عشر: لو كان الطواف نفلا،

جاز أن يصلّيهما في أيّ موضع شاء من المسجد.

2013. السابع عشر: لو نسي الركعتين حتى مات، قضى (عنه) وليّه،

و لو نسيهما حتّى شرع في السعي، قطع السعي، و عاد إلى المقام، فصلّى ركعتين، ثمّ عاد، فيتمّم السعي(1).

2014. الثامن عشر: يستحبّ له إذا دخل المسجد أن لا يتشاغل بشيء حتّى يطوف،

و لو دخل المسجد و الإمام مشتغل بالفريضة، صلّى المكتوبة معه، فإذا فرغ من صلاته اشتغل بالطواف، و كذا لو قربت إقامة الصلاة.

2015. التاسع عشر: لا يستحبّ رفع اليدين عند رؤية البيت.
2016. العشرون: ينبغي له أن يستقبل الحجر بجميع بدنه، و أن يقف عنده،

و يدعو و يكبّر عند محاذاته، و يرفع يديه، و يحمد اللّه و يثني عليه، و يستلم الحجر و يقبّله.

فإن لم يتمكّن من الاستلام، استلمه بيده و قبّل يده، فإن لم يتمكّن من ذلك أشار إليه بيده.

2017. الواحد و العشرون: الاستلام مستحبّ و ليس بواجب، و ليس بمهموز،

لأنّه افتعال من السّلام، و هي الحجارة، فإذا مسّ الحجر بيده و مسحه بها قيل:

استلم أي: مسّ السّلام، و حكى الثعلب(2) بالهمزة على معنى أنّه اتّخذه سلاحا و جنّة من السلامة و هي الدرع(3).

ص: 583


1- . في «أ»: فتمّ السعي.
2- . تقدمت ترجمته آنفا.
3- . لاحظ رسائل الشريف المرتضى: 275/3.
2018. الثاني و العشرون: مقطوع اليد يستلم الحجر بموضع القطع،

فإن كانت مقطوعة من المرفق، استلمه بشماله.

2019. الثالث و العشرون: يستحبّ استلام الركن اليماني،

فإن لم يتمكّن استلمه بيده و قبّل يده.

و يستحبّ استلام الأركان كلّها، و آكدها الحجر اليماني، و هو آخر الأركان الأربعة قبلة أهل اليمن، و هو يلي الركن الذي فيه الحجر.

و يستحبّ الوقوف عند اليماني و الدعاء عنده، و روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم طاف بالكعبة حتّى إذا بلغ الركن اليماني، رفع رأسه إلى الكعبة، ثمّ قال:

«الحمد للّه الّذي شرّفك و عظّمك، و الحمد للّه الّذي بعثني نبيّا، و جعل عليّا إماما، اللّهم أهد إليه خيار خلقك، و جنّبه شرار خلقك»(1).

و يستحبّ الاستلام في كلّ شوط، و أن يدعو في الطواف بالمنقول.

2020. الرابع و العشرون: يستحبّ له أن يلتزم المستجار في الشوط السابع،

و يبسط يديه على حائطه، و يلصق به خدّه و بطنه، و يدعو بالمأثور، و يذكر ذنوبه مفصّلة، و يستغفر اللّه منها.

و لو نسي الالتزام حتى جاوز موضعه، فلا إعادة عليه، و لو ترك الاستلام، لم يكن عليه شيء.

2021. الخامس و العشرون: قال في المبسوط: يستحبّ الاضطباع،

و هو أن يدخل إزاره تحت منكبه الأيمن و يجعله على منكبه الأيسر(2) و هو افتعال مأخوذ

ص: 584


1- . التهذيب: 107/5، الحديث 346.
2- . المبسوط: 356/1.

من الضبع، و هو عضد الإنسان، و قلبت التاء طاء لوقوعها بعد ضاد ساكنة.

2022. السادس و العشرون: يستحبّ أن يقتصد في مشيه،

بأن يمشي مستويا بين السّرع و الإبطاء، و أن يرمل(1) ثلاثا و يمشي أربعا في طواف القدوم خاصّة.

و لو ترك الرمل، لم يكن عليه شيء، و لم يقضه في الأربع الباقية، و هو مستحبّ في الثلاثة الأولى من الحجر و إليه، و لو تركه في شوط، أتى به في اثنين خاصّة، و لو تركه في طواف القدوم لم يستحبّ قضاؤه في طواف الزيارة.

و الرمل مستحبّ لأهل مكّة أيضا، و لا يستحبّ للنساء و لا الاضطباع، و المريض و الصبيّ إذا حملهما غيرهما رمل بهما ثلاثا، و مشي أربعا، و لو كان راكبا حرّك دابّته في الثلاثة الأول.

2023. السابع و العشرون: الدنوّ من البيت في الطواف أفضل من التباعد،

و لو كان بالقرب منه زحام يمنعه من الرمل، وقف إلى أن يجد الفرصة و يرمل، أو يتأخّر إلى حاشية الناس و يرمل، و لو عجز عنهما مشى من غير رمل.

2024. الثامن و العشرون: يستحبّ أن يطوف ثلاثمائة و ستّين طوافا،

فإن لم يتمكن فثلاثمائة و ستين شوطا، و الزيادة يلحق بالطواف الأخير، و يصلّي لكلّ أسبوع ركعتين، بعد فراغه من الأسبوع، و يجوز تأخيرها إلى إكمال الأسابيع.

2025. التاسع و العشرون: لو تباعد حتّى أدخل المقام في الطواف،

لم يجزئه، و كذا لو أدخل السقاية و زمزم.

ص: 585


1- . الرمل - بالتحريك -: هو الهرولة و هو إسراع المشي مع تقارب الخطا. مجمع البحرين.
2026. الثلاثون: لو طاف و ظهره إلى الكعبة لم يجزئه.

2026. الثلاثون: لو طاف و ظهره إلى الكعبة(1) لم يجزئه.

2027. الواحد و الثلاثون: يستحبّ الطواف ماشيا،

و لو ركب أجزأه لعذر و غيره، و لا دم عليه و إن كان لغير عذر.

الفصل الثالث: في الأحكام
اشارة

و فيه عشرون بحثا:

2028. الأوّل: لو طاف الواجب و هو محدث،

لم يجزئه و إن كان ساهيا، و يجب إعادته، و لو طاف طواف التطوّع و صلّى، ثم ذكر أنّه على غير وضوء، أعاد الصلاة خاصة، و لو كان واجبا أعادهما معا.

و لو طاف في ثوب نجس عامدا، أعاد في الفرض، و لو علم في أثناء الطواف، أزاله و تمّم الطواف، و لو لم يعلم حتّى فرغ أجزأه.

2029. الثاني: لو أحدث في طواف الفريضة،

فإن تجاوز النصف تطهّر و تمّم ما بقي، و إلاّ أعاد من أوّله، و إن شكّ في الطهارة، فإن كان في أثناء الطواف تطهّر و استأنف، و إن كان بعده، لم يستأنف.

2030. الثالث: لو طاف ستّة و انصرف،

فليضف إليها شوطا آخر، و لا شيء عليه، و إن لم يذكر حتّى رجع إلى أهله، أمر أن يطوف عنه و لا دم.

ص: 586


1- . في «ب»: القبلة.

و لو ذكر و هو في السعي أنّه طاف أقلّ من سبعة، قطعة و تمّم الطواف، ثمّ تمّم السعي.

2031. الرابع: لو قطع طوافه بدخول البيت أو بالسعي في حاجة له أو لغيره في الفريضة،

فإن كان قد جاوز النصف، بنى، و إلاّ أعاده، و إن كان نفلا بنى مطلقا.

و لو دخل عليه وقت فريضة، و هو يطوف، قطع الطواف، و ابتدأ بالفريضة، ثمّ عاد فتمّم طوافه من حيث قطع، و هل يبني من حيث قطع أو من الحجر؟ فيه إشكال، الأحوط الثاني، و الخبر(1) يدلّ على الأوّل.

و لو خشي فوات الوتر، قطع الطواف و أوتر ثمّ بنى على ما مضى من طوافه.

2032. الخامس: لو حاضت المرأة أو نفست و قد طافت أربعا، قطعت الطواف وسعت،

فإذا فرغت من المناسك، أتمّت الطواف بعد طهرها.

و لو كان دون ذلك، بطل الطواف، و انتظرت عرفة، فإن طهرت و تمكّنت من أفعال العمرة و الخروج إلى الموقف، فعلت، و إلاّ صارت حجّتها مفردة.

2033. السادس: الطواف ركن من تركه عمدا بطل حجّه،

و لو كان ناسيا، قضاه و لو بعد المناسك، فإن تعذر العود، استناب فيه.

2034. السابع: من شكّ في عدد الطواف،

فإن كان بعد فراغه، لم يلتفت إليه، و إن كان في أثنائه، فإن كان الشكّ في الزيادة، كأن يشكّ هل طاف سبعة أو ثمانية، قطعه، و لا شيء عليه، و إن كان في النقصان، مثل أن يشكّ بين الستّة

ص: 587


1- . لاحظ الوسائل: 451/9، الباب 43 من أبواب الطواف، الحديث 1 و 2.

و السبعة، أو الستّة و الأقلّ ، فإن كان طواف الفريضة، أعاده من أوّله، و إن كان نفلا، بنى على الأقلّ استحبابا، و يجوز البناء على الأكثر، و يجوز له التعويل على غيره في تعداد الطواف، فلو شكّا أعاد إن كان في النقصان، و إلاّ فلا.

2035. الثامن: لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط في طواف الفريضة،

فلو زاد عمدا بطل طوافه، و إن كان سهوا، استحبّ أن يتمّم أربعة عشر شوطا، ثمّ يصلّي ركعتي طواف الفريضة، و يسعى، و يعود إلى المقام، فيصلّي ركعتي النفل.

2036. التاسع: يجوز القران بين الطوافين في النفل،

و هل هو محرّم في الفريضة ؟ فيه إشكال، قال ابن إدريس: إنّه مكروه شديد الكراهة(1).

و الأفضل في كلّ طواف صلاة، و القران مكروه في النافلة أيضا، و على الإشكال في الفريضة.

و إذا قرن بين طوافين، يستحبّ الانصراف على وتر، مثل أن ينصرف على ثلاثة أسابيع، و لا ينصرف على أسبوعين.

2037. العاشر: لو ذكر في الشوط الثاني قبل أن يبلغ الركن أنّه قد طاف سبعا،

فليقطع الطواف، و لا شيء عليه، و إن لم يذكر حتّى يجوزه، تمّم أربعة عشر شوطا استحبابا.

و لو شك هل طاف ستة أو سبعة أو ثمانية ؟ أعاد في الفريضة.

2038. الحادي عشر: لو طاف أقلّ من سبعة ناسيا، ثمّ ذكر،

عاد فتمّم طوافه إن كان قد طاف أربعة أشواط، و إن كان دونها أعاد من أوّله، و لو لم يذكر حتّى رجع

ص: 588


1- . السرائر: 572/1.

إلى أهله، أمر من يطوف عنه الباقي أو الجميع.

2039. الثاني عشر: لو طاف واجبا، و هو محدث، عامدا أو ناسيا،

لم يصحّ طوافه.

و لو كان على جسده نجاسة عامدا، أعاد، و لو كان ناسيا، و ذكر في الأثناء، أزال النجاسة، أو نزعه، و تمّم طوافه، و إن لم يذكر حتّى فرغ منه، نزع الثوب أو غسله، و صلّى الركعتين.

2040. الثالث عشر: لو تحلّل من إحرام العمرة، ثمّ أحرم بالحج، و طاف، و سعى له، ثمّ ذكر أنّه طاف محدثا أحد الطوافين، و لم يعلم أيّهما هو،

أعاد الطوافين معا.

2041. الرابع عشر: المريض لا يسقط عنه الطواف،

فإن كان يستمسك، طيف به، و إلاّ انتظر به يوم أو يومان، فإن برأ، طاف بنفسه، و إلاّ طيف عنه مع ضيق الوقت، و كذا الكبير.

و لو طاف بعض الأشواط، فاعتلّ بما لا يستمسك معه الطهارة، انتظر به يوم أو يومان، فإن برأ، أتمّ طوافه إن كان قد تجاوز النصف، و إلاّ أعاده، و إن لم يبرأ طيف عنه.

2042. الخامس عشر: يجوز الكلام بالمباح و إن كان شعرا في أثناء الطواف إجماعا،

و يستحبّ الدعاء فيه بما تقدّم، و كذا قراءة القرآن، و يجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيه لو اتفق، و يجوز له الشرب في الطواف، و لا يكره أن يقال: شوط أو شوطان، قال الشيخ: نعم يستحبّ أن

ص: 589

يقال: طواف و طوافان(1).

2043. السادس عشر: لو حمل محرم محرما فطاف به، و نوى كلّ منهما الطواف عن نفسه،

أجزأ عنهما.

2044. السابع عشر: قال الشيخ: لا يجوز أن يطوف و عليه برطلة

2044. السابع عشر: قال الشيخ: لا يجوز أن يطوف و عليه برطلة(2) و أطلق،

2044. السابع عشر: قال الشيخ: لا يجوز أن يطوف و عليه برطلة(2) و أطلق(3)،

و قال ابن إدريس: إنّه مكروه في طواف الحج، حرام في طواف العمرة، نظرا إلى تغطية الرأس(4).

2045. الثامن عشر: من نذر أن يطوف على أربع،

قال الشيخ: يجب عليه طوافان: أسبوع ليديه، و أسبوع لرجليه(5) و قال ابن إدريس: لا ينعقد نذره(6).

و الشيخ ذكر روايتين في حقّ المرأة، لا يحضرني الآن حال سندهما(7).

2046. التاسع عشر: طواف الحجّ ركن فيه بالإجماع،

كما أنّ طواف العمرة ركن فيها، فلو أخلّ به عامدا، بطل حجّه، و إن أخلّ به ناسيا، وجب عليه أن يعود و يقضيه، فإن لم يتمكّن استناب فيه، و لا يجزئ طواف الوداع عنه.

و لو تركه جاهلا، قال الشيخ: يجب عليه إعادة الحجّ و بدنة(8) و توقّف ابن

ص: 590


1- . الخلاف: 322/2، المسألة 128 من كتاب الحجّ .
2- . البرطلة: قلنسوة. لسان العرب.
3- . المبسوط: 359/1، و النهاية: 242.
4- . السرائر: 576/1.
5- . النهاية: 242، و المبسوط: 360/1.
6- . السرائر: 576/1.
7- . الوسائل: 478/9، الباب 70 من أبواب الطواف، الحديث 1 و 2.
8- . التهذيب: 127/5 في ذيل الحديث 418.

إدريس في إيجاب البدنة(1)، و الشيخ عوّل على الرواية الصحيحة عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام(2) و التعويل على الرواية.

2047. العشرون: من نسي طواف النساء،

لم تحلّ له النساء حتى يزور البيت، و يأتي به، و يجوز له أن يستنيب فيه.

ص: 591


1- . السرائر: 574/1.
2- . الوسائل: 466/9، الباب 56 من أبواب الطواف، الحديث 1، لكنّه عن علي بن يقطين عن موسى بن جعفر عليه السّلام.

ص: 592

المقصد الرابع: في السعي

اشارة

و فيه ثلاثة عشر بحثا:

2048. الأوّل: للسعي مقدّمات عشر كلّها مندوبة:

الطهارة و ليست شرطا، و استلام الحجر بعد فراغه من الطواف قبل السعي، و الشرب من ماء زمزم، و صبّه على الجسد من الدلو المقابل للحجر، و الخروج إلى الصفا من الباب المقابل للحجر، و الصعود على الصفا، و يطيل الوقوف عليها، و يحمد اللّه، و يثني عليه، و يدعو، و يذكر من آلاء اللّه و بلائه، و حسن ما صنع به، ما قدر عليه، و لو لم يتمكن من الإطالة دعا بما تيسّر.

2049. الثاني: النيّة واجبة في السعي، و شرط فيه،

فيبطل لو أخلّ بها عمدا أو سهوا، و يجب فيها تعيين الفعل و التقرب و الوجوب أو الندب.

2050. الثالث: يجب فيه الترتيب،

يبدأ بالصفا و يختم بالمروة، فلو بدأ بالمروة أعاد، و يسعى بينهما سبعة أشواط، يحسب ذهابه من الصفا إلى المروة شوطا و عوده من المروة إلى الصفا آخر، هكذا سبع مرّات.

و يجب السعي بين الصفا و المروة في المسافة الّتي بينهما، و لا يجوز

ص: 593

الإخلال بشيء منها و لو بذراع، و لا يحلّ له النساء حتّى يكمله، و لا يجب عليه الصعود على الصفا و لا المروة.

2051. الرابع: يستحبّ أن يسعى ماشيا، و لو سعى راكبا جاز،

و يستحبّ له المشي في طرفي السعي، و الرمل وسطه ما بين المنارة و زقاق العطارين، و هو من جملة وادي محسر، و الراكب يحرّك دابّته.

و لو نسي الرمل حتّى يجوز موضعه، ثمّ ذكر، فليرجع القهقرى إلى المكان الّذي يرمل فيه، و لو تركه عامدا لم يكن عليه شيء.

و يستحبّ الدعاء حال السعي بالمنقول.

2052. الخامس: السعي واجب و ركن من أركان الحجّ و العمرة،

يبطلان بالإخلال به عمدا، و لو تركه ناسيا، أعاده، و لا شيء عليه، و لو خرج من مكّة عاد له، و إن لم يتمكّن أمر من يسعى عنه.

2053. السادس: لو بدأ بالمروة و سعى سبعا،

أعاد السعي من أوّله سبعا، و لا يكفي سقوط الأوّل و البناء على أنّه بدأ بالصفا و ان أضاف شوطا آخر.

و لو تيقّن عدد الأشواط و شكّ فيما به بدأ، فإن كان في المزدوج على الصفا، فقد صحّ سعيه، و إن كان في المروة أعاد، و لو انعكس الفرض انعكس الحكم.

2054. السابع: يجب أن يسعى سبعة أشواط،

يلصق عقبه بالصفا، و إن لم يصعد عليه، و يبدأ به، و يمشي إلى المروة، و يلصق أصابعه بها، ثمّ يبتدئ منها يلصق عقبه بها، و يرجع إلى الصفا، و يلصق أصابعه به، و هكذا سبعا.

ص: 594

فلو نقص و لو خطوة، وجب الإتيان بها، و لا يحلّ له ما يحرم عليه مع الإخلال بها.

و لو أخلّ بشوط أو ما زاد، وجب عليه الإتيان به، فإن رجع إلى بلده، وجب عليه العود مع المكنة و إتمام السعي.

و لو لم يذكر حتّى واقع أهله، أو قصّر، أو قلّم أظفاره، كان عليه دم بقرة و إتمام السعي، و لو لم يحصل العدد أعاد.

2055. الثامن: لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط،

فإن فعله عامدا، أعاد السعي، و إن كان ساهيا، طرح الزيادة و اعتدّ بالسبعة، و إن شاء أكمل أربعة عشر شوطا.

2056. التاسع: يجوز أن يجلس في أثناء السعي للاستراحة،

و لو دخل وقت صلاة و هو في السعي، قطعه و صلّى، ثمّ تمّم سعيه.

و يجوز قطع السعي لقضاء حاجة له أو لبعض إخوانه، ثمّ يعود فيتمّ ما قطع عليه.

2057. العاشر: من طاف بالبيت، جاز له تأخير السعي إلى بعد ساعة أو العشي

2057. العاشر: من طاف بالبيت، جاز له تأخير السعي إلى بعد ساعة أو العشي(1)

و لا يجوز إلى غد يومه.

2058. الحادي عشر: لا يجوز تقديم السعي على الطواف،

فإن قدّمه لم يجز، و لو طاف بعض الطواف، ثمّ مضى إلى السعي ناسيا، ثمّ ذكر في أثناء السعي نقصان الطواف، رجع فأتمّ طوافه، ثمّ عاد فتمّم سعيه.

ص: 595


1- . في «أ»: أو العشاء.
2059. الثاني عشر: لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي،

فإن فعله عامدا، أعاد طواف النساء بعد السعي، فإن كان ناسيا، لم يكن عليه شيء.

2060. الثالث عشر: لا يجوز للمتمتع أن يقدّم طواف الحجّ و سعيه على المضيّ إلى عرفات اختيارا،

و يجوز للضرورة، كالشيخ الكبير و المريض و المرأة إذا خافت الحيض.

و كذا يجوز تقديم طواف النساء على الموقفين مع العذر، و لا يجوز اختيارا.

أمّا القارن و المفرد فقال الشيخ رضى اللّه عنه: يجوز تقديم طوافهما و سعيهما على المضيّ إلى عرفات لضرورة و غير ضرورة(1)، و أنكر ابن إدريس ذلك(2).

ص: 596


1- . المبسوط: 359/1، و النهاية: 241.
2- . السرائر: 575/1.

المقصد الخامس: في التقصير

اشارة

و فيه تسعة مباحث:

2061. الأوّل: إذا فرغ المتمتّع من سعي العمرة، قصّر من شعره،

و قد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه.

و التقصير واجب في العمرة، فلا يقع الإحلال منها إلاّ به، و يثاب عليه، و لا يستحبّ تأخيره، و لو أخّره لم تتعلّق به كفّارة.

2062. الثاني: لو أخلّ بالتقصير عامدا حتى أهلّ بالحجّ ، بطلت عمرته،

و صارت حجّته مفردة، و لا يدخل أفعال الحجّ في أفعال العمرة.

و لو أخلّ ناسيا، صحّت متعته، و كان عليه دم، وجوبا عند الشيخ(1)، و استحبابا عند ابن بابويه(2).

2063. الثالث: لو جامع امرأته قبل التقصير عامدا، وجب عليه جزور إن كان موسرا،

و إن كان متوسطا فبقرة، و إن كان معسرا فشاة، و لا يبطل عمرته.

ص: 597


1- . النهاية: 246، و التهذيب: 158/5 في ذيل الحديث 526.
2- . الفقيه: 237/2 في ذيل الحديث 1129.

و المرأة إن طاوعته، وجب عليها مثل ذلك، و إن أكرهها، تحمّل عنها الكفّارة.

و لو كان جاهلا لم يكن عليه شيء.

و لو قبّل امرأته قبل التقصير، وجب عليه دم شاة.

2064. الرابع: التقصير في إحرام العمرة المتمتع بها أفضل من الحلق؛

قاله في الخلاف(1) و منع في غيره من الحلق، و أوجب به دم شاة مع العمد(2)، و لو كان ناسيا أو جاهلا لم يكن عليه شيء.

2065. الخامس: أدنى التقصير أن يقصّ شيئا من شعر رأسه و لو كان يسيرا،

و أقلّه ثلاث شعرات، و لا يتقدّر بالربع، و لا يجب أن يقصّر من جميع رأسه.

و لو حلّق في إحرام العمرة أجزأه، و في التحريم خلاف تقدّم، و لو حلّق بعض رأسه، فالأقرب عدم التحريم على القولين، و لا دم.

2066. السادس: لو قصّ الشعر بأيّ شيء كان أجزأه،

و كذا لو نتفه و أزاله بالنورة.

و لو قصّر من الشعر النازل عن حدّ الرأس أو ما يحاذيه، أجزأه.

و كذا لو قصّر من أظفاره، أو أخذ من شاربه، أو حاجبه، أو لحيته.

2067. السابع: ينبغي للمتمتّع أن يتشبّه بالمحرمين بعد التقصير في ترك لبس المخيط،

و ليس بواجب.

2068. الثامن: يكره للمتمتّع أن يخرج من مكّة بعد عمرته قبل أن يقضي مناسكه أجمع،

ص: 598


1- . الخلاف: 330/2، المسألة 144 من كتاب الحجّ .
2- . المبسوط: 363/1، و النهاية: 246.

إلاّ لضرورة، فإن اضطرّ إلى الخروج، خرج إلى حيث لا يفوته الحجّ ، و يخرج محرما بالحجّ ، فإن أمكنه الرجوع إلى مكّة، و إلاّ مضى إلى عرفات بإحرامه.

و لو خرج بغير إحرام ثمّ عاد، فإن كان في الشهر الّذي خرج فيه، لم يضرّه أن يدخل مكّة بغير إحرام، و إن دخل في غير الشهر الّذي خرج فيه، دخلها محرما بالعمرة إلى الحجّ ، و تكون عمرته الأخيرة هي الّتي يتمتّع بها إلى الحجّ .

و لو خرج من مكّة بغير إحرام، ثمّ عاد في الشهر الّذي خرج فيه، قال الشيخ: يستحبّ أن يدخلها محرما بالحجّ ، و يجوز أن يدخلها بغير إحرام(1) تعويلا على رواية إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السّلام(2) و فيه نظر، إذ قد بيّنا أنّه لا يجوز الإحرام بحجّ التمتّع إلاّ من مكّة.

2069. التاسع: يجوز للمحرم المتمتّع إذا دخل مكّة أن يطوف و يسعى و يقصّر،

إذا علم أو غلب على ظنّه تمكّنه من إنشاء إحرام الحجّ و إدراك عرفات و المشعر و لو كان دخوله مكّة بعد الزوال يوم التروية، أو ليلة عرفة، أو يوم عرفة قبل الزوال، أو بعده، و الضابط إدراك عرفات قبل الغروب.

و قال المفيد: إذا زالت الشمس يوم التروية و لم يكن أحلّ من عمرته، فقد فاته المتعة، و لم يجز له التحلّل منها، بل يبقى على إحرامه، و تنقلب حجّته مفردة(3). و الأوّل أقوى.

ص: 599


1- . التهذيب: 164/5 في ذيل الحديث 548.
2- . لاحظ الوسائل: 220/8، الباب 22 من أبواب أقسام الحجّ ، الحديث 8.
3- . حكى عنه الحلّي في السرائر: 582/1، و لاحظ المقنعة: 431 مع اختلاف.

ص: 600

المقصد السادس: في إحرام الحجّ

اشارة

و فيه خمسة مباحث:

2070. الأوّل: إذا أحلّ المتمتّع من عمرته، أحرم بالحجّ واجبا،

و يستحبّ أن يكون يوم التروية عند الزوال بعد أن يصلّي الفرضين. و يجوز أن يحرم قبل ذلك و بعده إذا علم أنّه يقدر على عرفات.

2071. الثاني: يجب أن يوقع هذا الإحرام من مكّة أيّ موضع شاء،

و الأفضل أن يكون من تحت الميزاب أو المقام.

و يستحبّ أن يفعل هنا كما فعل في إحرام العمرة من الإطلاء و الاغتسال و التنظيف بإزالة الشعر و تقليم الأظفار و الدعاء و الاشتراط و غير ذلك، ثمّ يلبس ثوبي إحرامه، و يدخل المسجد حافيا بسكينة و وقار، و يصلّي ركعتين له عند المقام أو في الحجر، و إن صلّى ستّ ركعات كان أفضل، و إن صلّى الظهر و أحرم عقيبها، كان أفضل.

فإذا صلّى أحرم بالحج مفردا، و يدعو بالمأثور، غير أنّه يذكر الحجّ مفردا، و يلبّي إن كان ماشيا من موضعه الذي صلّى فيه، و إن كان راكبا فإذا نهض به

ص: 601

بعيره، فإذا انتهى إلى الردم و أشرف على الأبطح، رفع صوته بالتلبية، حتّى يأتي منى.

2072. الثالث: الواجب في إحرام الحج ثلاثة: النيّة، و التلبيات الأربع، و لبس الثوبين،

كما قلنا في إحرام العمرة سواء.

2073. الرابع: لا يسنّ الطواف بعد إحرامه،

و لو فعله لغير عذر، لم يجزئه عن طواف الحجّ و كذا السعي، و لو فعله لعذر جاز.

2074. الخامس: يجب أن يحرم بالحجّ ،

لأنّ عمرته انقضت، فلو نسي فأحرم بالعمرة و هو يريد الحجّ ، لم يكن عليه شيء، و لو نسي الإحرام بالحجّ يوم التروية حتّى حصل بعرفات و لم يمكنه الرجوع، أحرم من هناك. فإن لم يذكر حتّى يرجع إلى بلده، قال الشيخ: تمّ حجّه و لا شيء عليه(1).

ص: 602


1- . التهذيب: 174/5 في ذيل الحديث 585.

المقصد السابع: في الوقوف بعرفات

اشارة

و فيه ثمانية عشر بحثا:

2075. الأوّل: يستحبّ لمن أراد الخروج إلى منى أن لا يخرج من مكّة حتى يصلّي الظهر يوم التروية بها ثم يخرج إلى منى إلاّ الإمام،

فانّه يستحبّ له أن يصلّي الظهر و العصر بمنى و يقيم إلى طلوع الشمس.

و يجوز للشيخ الكبير و المريض و المرأة و خائف الزحام الخروج من مكّة قبل الظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة.

2076. الثاني: إذا أحرم بالحج خرج إلى منى

كما بيّناه، و يستحبّ له أن يدعو عند التوجّه بالمأثور، و يدعو إذا نزل إلى منى، ثمّ يبيت بها مستحبّا ليلة عرفة إلى طلوع الفجر، و يكره الخروج قبله إلاّ لعذر كالمرض و الخوف و المشي، و يصلّي الفجر في الطريق، و الأفضل أن يقيم حتّى تطلع الشمس، و لو خرج قبل طلوعها جاز لكن لا يجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس.

و الإمام لا يخرج من منى حتى تطلع الشمس.

2077. الثالث: لو صادف يوم التروية الجمعة،

فمن أقام بمكّة حتّى تزول

ص: 603

الشمس ممّن يجب عليه الجمعة، لم يجز له الخروج حتّى يصلي الجمعة، و يجوز الخروج قبل الزوال.

2078. الرابع: يستحبّ للإمام أن يخطب أربعة أيّام من ذي الحجة:

يوم السابع منه و يوم عرفة، و يوم النحر بمنى، و يوم النفر الأوّل، يعلّم الناس ما يجب عليهم فعله من المناسك.

2079. الخامس: الخطبة بعرفة يوم عرفة قبل الأذان.
2080. السادس: المبيت ليلة عرفة بمنى للاستراحة ليس بنسك،

و لا يجب بتركه شيء.

2081. السابع: يستحبّ له أن يدعو عند الخروج إلى عرفات بالمأثور،

فإذا انتهى إلى عرفات، ضرب خباءه بنمرة، و هي بطن عرنة دون الموقف و دون عرفة.

فإذا زالت الشمس يوم عرفة، اغتسل و صلّى الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين، و يقف للدعاء.

و حدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر.

2082. الثامن: يجب في الوقوف بعرفات النيّة،

و الواجب نيّة الوجوب و التقرّب إلى اللّه.

و يجب الكون بعرفة إلى غروب الشمس من يوم عرفة، و كيف ما حصل بعرفة أجزأه، قائما و جالسا، و راكبا، و نائما، إذا كان قد سبق منه النيّة في وقتها.

ص: 604

2083. التاسع: الوقوف قائما أفضل منه راكبا.
2084. العاشر: لو مرّ بعرفة مجتازا،

و هو لا يعلم أنّه بعرفة، فالوجه عدم الاجتزاء، و لو دخلها نائما، و استمرّ النوم إلى بعد الفوات، ففي الإجزاء نظر، أقربه عدم الإجزاء خلافا للشيخ(1).

و المغمى عليه و المجنون إذا لم يفق حتّى خرج منها لم يجزئه الوقوف، و السكران إذا زال عقله، لم يصحّ وقوفه، و إلاّ جاز.

2085. الحادي عشر: لا يشترط فيه الطهارة، و لا ستر العورة،

و لا استقبال القبلة بالإجماع لكن الطهارة أفضل.

2086. الثاني عشر: يستحبّ أن يضرب خباءه بنمرة و هي بطن عرنة،

فإذا أذّن المؤذّن، قام الإمام فصلّى بالناس الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين، و المأموم يجمع كالإمام، و كذا المنفرد و المكّي، و يتمّ من كان منزله دون المسافة و إن قصّر إمامه.

و يستحبّ تعجيل الصلاة حين تزول الشمس، و أن يقصّر الخطبة و يقف في أوّل وقته.

و يستحبّ له الاغتسال، للوقوف، و يقطع التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفة، فإذا جاء إلى الموقف بسكينة و وقار، حمد اللّه و أثنى عليه، و كبّره، و هلّله، و دعا، و اجتهد في الإكثار من الدعاء لإخوانه المؤمنين، و يؤثرهم على نفسه، و يستحبّ أن يدعو بدعاء الموقف لزين العابدين عليه السّلام(2).

ص: 605


1- . المبسوط: 384/1.
2- . انظر مصباح المتهجّد للشيخ.
2087. الثالث عشر: الوقوف بعرفة ركن.

من تركه عمدا بطل حجّه بالإجماع. و لو تركه ناسيا أو لعذر تداركه. فإن لم يمكنه و لحق الوقوف بالمشعر في وقته فقد أدرك الحج، و إلاّ فقد فاته.

2088. الرابع عشر: للوقوف بعرفة وقتان:

اختياريّ ، و أوّله زوال الشمس من يوم عرفة، و آخره غروبها، و اضطراريّ إلى طلوع الفجر من يوم النحر.

فلو لم يتمكّن من عرفات نهارا، و تمكّن من الوقوف بها ليلا، وجب، و أجزأه إذا أدرك المشعر قبل طلوع الشمس.

و لو فاته الوقوف نهارا، و خاف إن مضى إليها ليلا فوات المشعر، يسقط الوقوف بعرفة، و أجزأه المشعر.

2089. الخامس عشر: لا يجوز أن يخرج من عرفة قبل غروب الشمس،

فإن فعله عامدا. صحّ حجّه، و وجب عليه بدنة، فإن لم يتمكّن، صام ثمانية عشر يوما.

و لو كان ناسيا، لم يكن عليه شيء، و كذا لو عاد قبل غروب الشمس فوقف حتّى غربت، و لو كان عوده بعد الغروب لم يسقط الدم.

و لو لم يأت عرفات نهارا لعذر، و حضر بعد غروب الشمس، و وقف بها، صحّ حجّه و لا شيء عليه، و يجوز له أن يخرج منها أيّ وقت شاء من الليل.

2090. السادس عشر: لو غمّ الهلال ليلة الثلاثين من ذي القعدة،

فوقف الناس يوم التاسع من ذي الحجة، ثمّ قامت البيّنة أنّه يوم العاشر، ففي الإجزاء نظر، و كذا لو غلطوا في العدد فوقفوا يوم التروية.

و لو شهد واحد أو اثنان برؤية هلال ذي الحجة، و ردّ الحاكم

ص: 606

شهادتهما، وقفوا يوم التاسع على وفق رؤيتهم و إن وقف الناس يوم العاشر عندهما.

2091. السابع عشر: عرفة كلّها موقف يصحّ الوقوف في أيّ حدّ شاء منها بالإجماع.

و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة و نمرة إلى ذي المجاز، فلا يجوز الوقوف في هذه الحدود و لا تحت الأراك، فلو وقف بها بطل حجّه.

و ينبغي أن يقف على السفح على ميسرة الجبل، و لا يرتفع إلى الجبل إلاّ عند الضرورة إلى ذلك.

2092. الثامن عشر: يجوز النزول تحت الأراك إلى أن تزول الشمس، ثمّ يمضي إلى الموقف.

و يستحبّ له إن وجد خللا أن يسدّه بنفسه و رحله، و أن يقرب من الجبل، و أن يصلّي مائة ركعة بالتوحيد و يختمها بآية الكرسي، و اجتماع الناس في الأمصار للتعريف يوم عرفة.

ص: 607

ص: 608

المقصد الثامن: في الوقوف بالمشعر

اشارة

و فيه عشرة مباحث:

2093. الأوّل: إذا غربت الشمس في عرفات، فليفض منها قبل الصلاة إلى المشعر داعيا بالمنقول،

مقتصدا في سيره، و عليه السكينة و الوقار، و يكثر من الاستغفار و من ذكر اللّه تعالى، و لا ينبغي أن يلبّي في سيره.

و يستحبّ أن يمضي على طريق المأزمين، و أن يصلّي المغرب و العشاء بالمزدلفة، و إن ذهب ربع الليل أو ثلثه، و يجمع بينهما بأذان واحد و إقامتين، و لا يصلّي بينهما شيئا من النوافل، بل يؤخّر نوافل المغرب إلى بعد العشاء، و لا يفصل بين الصلاتين، و لو فعل لم يأثم.

و لو لم يجمع بينهما، بل صلّى كل واحدة منهما في أوّل وقتها، أجزأه، و لو فاته الجمع مع الإمام، جمع هو.

و لو منعه عائق في الطريق و خشي ذهاب أكثر الليل، صلّى في الطريق.

2094. الثاني: إذا وصل إلى جمع بات بها،

2094. الثاني: إذا وصل إلى جمع(1) بات بها،

ذاكرا اللّه تعالى داعيا(2) متضرّعا

ص: 609


1- . جمع - بالفتح فالسكون -: المشعر الحرام، قيل سمّي به، لأنّ الناس يجتمعون فيه و يزدلفون إلى اللّه تعالى، أي يتقربون إليه بالعبادة و الخير و الطاعة. مجمع البحرين.
2- . في «أ»: ذاكرا للّه تعالى ثم داعيا.

مبتهلا، و المبيت بها ليس بركن، و إن كان الوقوف ركنا.

2095. الثالث: يجب فيه النيّة،

و الواجب نيّة الوجوب، و التقرب إلى اللّه تعالى.

2096. الرابع: يجب الوقوف بعد طلوع الفجر الثاني،

و يستحبّ أن يقف بعد أن يصلّي الفجر، و لو وقف قبل الصلاة جاز، إذا كان الفجر طالعا.

و يدعو بالمنقول، و يحمد اللّه، و يثني عليه، و يذكر من آلائه و بلائه و حسن ما صنع به، ما قدر عليه. و يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و يدعو، ثمّ يقف إلى أن يشرق ثبير(1) و ترى الإبل مواضع أخفافها.

و يستحبّ فيه الطهارة، و لو وقف على غير طهر، أو كان جنبا أجزأه، و أن يطأ الصرورة المشعر برجله أو ببعيره.

قال الشيخ: و بالمشعر الحرام جبل هنا يسمى قزح، يستحبّ الصعود عليه و ذكر اللّه تعالى عنده(2).

2097. الخامس: الوقوف بالمشعر ركن،

من تركه عمدا بطل حجّه، و يجب بعد طلوع الفجر الثاني، و لا يجوز الإفاضة قبل طلوعه اختيارا، فلو أفاض قبل طلوعه عامدا بعد أن يكون قد وقف ليلا، وجب عليه دم شاة، و صحّ حجّه.

و قال ابن إدريس: بطل حجّه(3).

و لو كان ناسيا لم يكن عليه شيء.

ص: 610


1- . ثبير - كأمير - جبل بمكّة، كأنّه من الثبرة، و هي الأرض السهلة. مجمع البحرين.
2- . المبسوط: 368/1.
3- . السرائر: 589/1.

و يجوز للخائف و المرأة و غيرهما من ذوي الأعذار الإفاضة قبل طلوع الفجر، و يستحبّ لغير الإمام الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الشمس بقليل بعد الإسفار، و للإمام بعد طلوعها.

و لو دفع غير الإمام قبل الإسفار بعد الفجر، أو بعد طلوع الشمس، لم يكن مأثوما.

2098. السادس: جمع كلّها موقف،

و حدّه ما بين مأزمي(1) عرفة إلى الحياض إلى وادي محسّر، يجوز الوقوف في أيّ موضع شاء منه، و لو ضاق عليه الموقف جاز له أن يرتفع إلى الجبل.

2099. السابع: وقت الوقوف بالمشعر بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس حال الاختيار،

و يمتدّ وقت الضرورة إلى الزوال من يوم النحر، فيجب الإتيان به، و يجزئ مع إدراك عرفات اختيارا، و كذا لو أدرك عرفات اضطرارا و المشعر اختيارا.

أمّا لو أدرك الاضطراريّين ففي إدراك الحجّ إشكال، و لو أدرك أحد الاضطراريّين خاصّة، فاته الحجّ ، و يلوح من كلام السيّد رحمه اللّه أنّه إن كان عرفة فاته الحجّ ، و إن كان المشعر صحّ (2)، و عليه دلّت رواية عبد اللّه بن المغيرة الصحيحة عن الصادق عليه السّلام(3).

و لو أدرك أحد الاختياريّين، و فاته الآخر اختيارا و اضطرارا، فإن كان

ص: 611


1- . المأزم: الطريق الضيق، و يقال للموضع الّذي بين عرفة و المشعر: مأزمان. مجمع البحرين.
2- . الانتصار: 90.
3- . الوسائل: 58/10، الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 6 و 11.

الفائت هو عرفة، صحّ الحج، و إن كان هو المشعر ففي إدراك الحجّ إشكال.

و لا فرق في فوات الحجّ بترك الوقوف بالمشعر بين العامد و الجاهل.

2100. الثامن: قال الشيخ رضى اللّه عنه: من ترك الوقوف بالمشعر عمدا، وجبت عليه بدنة.

2100. الثامن: قال الشيخ رضى اللّه عنه: من ترك الوقوف بالمشعر عمدا، وجبت عليه بدنة(1).

و الحق بطلان الحج.

و لو ترك الموقفين معا، بطل حجّه، سواء كان عامدا أو ناسيا أو جاهلا.

و لو نسي الوقوف بعرفة، رجع فوقف بها و لو إلى طلوع الفجر إذا علم أنّه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس، و لو غلب على ظنّه الفوات، اقتصر على المشعر قبل طلوع الشمس، و قد تمّ حجّه، و كذا لو نسي الوقوف بعرفات و لم يذكر بعد الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس.

و لو نسي الوقوف بالمشعر، فإن كان قد وقف بعرفة، صحّ حجّه، و إلاّ بطل.

2101. التاسع: يستحبّ أخذ حصى الجمار من المزدلفة، و هو سبعون حصاة.

و يجوز أخذه من الطريق في الحرم، و من جميع مواضع الحرم عدا المسجد الحرام و مسجد الخيف، و من حصى الجمار.

و منع بعض علمائنا من أخذه من المساجد كلّها(2) و هو حسن، و لو أخذ الحصى من غير الحرم لم يجزئه.

2102. العاشر: يستحبّ له الإفاضة من المشعر بعد إسفار الصبح قبل طلوع الشمس،

و عليه السكينة و الوقار، ذاكرا للّه تعالى مستغفرا داعيا.

ص: 612


1- . التهذيب: 294/5 في ذيل الحديث 995.
2- . المحقّق في الشرائع: 257/1.

فإذا بلغ وادي محسّر - و هو وادي عظيم بين جمع و منى، و هو إلى منى أقرب - أسرع في مشيه إن كان ماشيا، و إن كان راكبا حرّك دابّته، و لو نسي الهرولة استحبّ له أن يرجع، و يهرول فيه، و يدعو حالة السعي في وادي محسّر.

و روي ابن بابويه استحباب الهرولة فيه مائة خطوة(1).

و في رواية أخرى مائة ذراع(2).

و إذا أفاض قبل طلوع الشمس من المشعر، فلا يجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس، و روي كراهة الإقامة بالمشعر بعد الإفاضة(3).

ص: 613


1- . الوسائل: 46/10، الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 3.
2- . الوسائل: 46/10، الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 4.
3- . الوسائل: 46/10، الباب 12 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 1.

ص: 614

المقصد التاسع: في نزول منى و قضاء المناسك بها

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: في الرمي
اشارة

و فيه خمسة عشر بحثا:

2103. الأوّل: إذا أفاض من المزدلفة فليأت إلى منى على سكينة و وقار،

داعيا بالمنقول، و يقضي مناسكه بمنى يوم النحر، و هي ثلاثة: الأوّل: رمي جمرة العقبة، الثاني: الذبح، الثالث: الحلق، و ترتيب هذه المناسك واجب.

2104. الثاني: إذا نزل استحبّ له المسارعة برمي جمرة العقبة حال وصوله،

و هي آخر الجمرات ممّا يلي منى، و أوّلها ممّا يلي مكّة عند العقبة، و رمي هذه الجمرة يوم النحر واجب.

2105. الثالث: يجب الرمي بالحجارة

و لا يجوز بغيرها، و إن كان من جنس الأرض كالكحل و الزرنيخ و المدر.

2106. الرابع: لا يجوز الرمي إلاّ بالحصى؛

قاله أكثر علمائنا.

ص: 615

و قال في الخلاف: لا يجوز إلاّ بالحجر و ما كان من جنسه من البرام(1)و الجوهر و أنواع الحجارة، و لا يجوز بغيره كالمدر، و الآجر، و الكحل، و الزرنيخ، و الملح، و الذهب، و الفضة(2).

و الوجه الأوّل، لرواية زرارة الحسنة عن الصادق عليه السّلام(3).

2107. الخامس: يجب أن يكون الحصى أبكارا،

فلو رمى بحصاة رمى بها هو أو غيره، لم يجزئه و إن كانت واحدة.

و لو رمى بحصاة نجسة، ففي الإجزاء نظر. و لو رمى بخاتم، «فصّه» ممّا يجوز الرمي به، فالأقرب الإجزاء.

2108. السادس: يجب كون الحصى من الحرم،

فلا يجزئه لو أخذه من غيره.

2109. السابع: يستحبّ أن تكون برشا كحليّة ملتقطة منقّطة غير مكسّرة رخوة،

2109. السابع: يستحبّ أن تكون برشا(4) كحليّة ملتقطة منقّطة غير مكسّرة رخوة،

و تكون صغارا قدر الأنملة، فلو رمى بأكبر من هذا القدر(5) أجزأه.

2110. الثامن: يكره أن تكون صمّاء، أو سوداء، أو حمراء، أو بيضاء، أو مكسّرة.
2111. التاسع: يجب في الرمي النيّة

بأن يقصد فيها الوجوب و القربة إلى اللّه تعالى، و العدد و هو سبع حصيات في يوم النحر لرمي جمرة العقبة، فلو أخلّ

ص: 616


1- . قال ابن الأثير: البرمة: القدر مطلق، و جمعها برام، و هي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز و اليمن. النهاية مادة (برم).
2- . الخلاف: 342/2، المسألة 163 من كتاب الحج.
3- . الوسائل: 71/10، الباب 4 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 1.
4- . البرش و البرشة: لون مختلف، نقطة حمراء و أخرى سوداء أو غبراء أو نحو ذلك. لسان العرب.
5- . في «أ»: بأكثر من هذا المقدار.

بواحدة، وجب عليه الإكمال، و إيصال كلّ حصاة إلى الجمرة بما يسمّى رميا بفعله، فلو وضعها بكفّه في الرمي لم يجزئه.

و لو طرحها طرحا، ففي الإجزاء نظر، ينشأ من صدق الرمي عليه و عدمه، و لا يجزئه الرمي إلاّ أن يقع الحصى في المرمى، فلو وقع دونه لم يجزئه.

2112. العاشر: يجب إصابة الجمرة بفعله،

فلو رمى بحصاة فوقعت على الأرض ثم مرّت على سمتها، أو أصابت شيئا صلبا كالمحمل و شبهه، ثمّ وقعت في المرمى بعد ذلك أجزأه.

و لو وقعت على ثوب إنسان فنفضها أو على عنق بعير فنفضها فوقعت في المرمى لم يجزئه، و كذا لو وقعت على الثوب أو العنق فيحرّك فوقعت في المرمى.

فلو رماها نحو المرمى و لم يعلم هل حصلت في المرمى أم لا، فالوجه عدم الإجزاء، و لو رمى حصاة فوقعت على أخرى، فطفرت الثانية(1) فوقعت في المرمى لم يجزئه، و كذا لو رمى إلى غير المرمى فوقع في المرمى.

و لو وقعت على مكان أعلى من الجمرة فتدحرجت فوقعت في المرمى، فالأقرب الإجزاء.

و لو رمى بحصاة فالتقمها طائر قبل وصولها، لم يجزئه، سواء رماها الطائر في المرمى أو لا، و لو أصابت الحصاة إنسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار أجزأه، و كذا لو أعاد الرمي بحصاة، و قلنا إنّه لم يجزئه الرمي بها أجزأه.

ص: 617


1- . في «ب»: قطعت الثانية.
2113. الحادي عشر: يرمي كلّ حصاة بانفرادها،

فلو رمى الحصيات(1) دفعة لم يجزئه، و لو رمى أكثر من واحدة، فرمية واحدة و لو اختلفا في الوقوع بأن تلاصقا فيه، و لو اتبع الحجر الحجر، فرميتان و إن تساويا في الوقوع.

2114. الثاني عشر: يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي من قبل وجهها لا من أعلاها استحبابا،

و ينبغي أن يرميها مستقبلا لها مستدبرا للكعبة، بخلاف غيرها من الجمار.

و كلّ أفعال الحجّ (2) يستحبّ فيها استقبال الكعبة، من الوقوف بالموقفين و رمي الجمار إلاّ جمرة العقبة، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم رماها مستقبلها مستدبرا للكعبة.

2115. الثالث عشر: يستحبّ أن يرميها خذفا

بأن يضع كلّ حصاة على بطن إبهامه و يدفعها بظفر السبابة، و أن يكون بينه و بين الجمرة قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا، و أن يكبّر مع كلّ حصاة، و يدعو بالمنقول.

2116. الرابع عشر: يجوز الرمي للمحدث و الجنب و الحائض، - و الطهارة أفضل - و راكبا و راجلا - و الراجل أفضل -،

و يستحبّ أن لا يقف عند جمرة العقبة.

2117. الخامس عشر: وقت الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها،

فإذا غربت فات الرمي، و قضاه في الغد، و يجوز تأخير رمي جمرة العقبة إلى قبل الغروب بمقدار أداء المناسك، و وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس يوم النحر.

ص: 618


1- . في «أ»: الحصاة.
2- . في «ب»: كلّ من أفعال الحجّ .

و وقت الإجزاء من طلوع الفجر اختيارا، فإن رمى قبل ذلك لم يجزئه.

و يجوز للعليل و المريض و صاحب الضرورة و النساء الرمي في الليل قبل فجر النحر.

و يستحبّ إذا رمى جمرة العقبة، أن يمضي و لا يقف عندها.

2118. السادس عشر: يستحبّ غسل حصى الجمار الثلاث،

و قدره سبعون حصاة: سبع منها لجمرة العقبة يرمي يوم النحر خاصّة، و يرمي كلّ يوم من أيّام التشريق كلّ جمرة سبع حصيات، يبدأ بالأولى، ثمّ الوسطى، ثمّ جمرة العقبة، و سيأتي تتمّة الكلام في الرمي إن شاء اللّه تعالى.

الفصل الثاني: في الذبح
اشارة

و مطالبه تسعة:

المطلب الأوّل: في من يجب عليه الهدي
اشارة

و فيه تسعة مباحث:

2119. الأوّل: إذا فرغ من رمي جمرة العقبة، ذبح هديه أو نحره إن كان من البدن.

و الهدي واجب على المتمتّع بالنصّ و الإجماع، و لو تمتّع المكي

ص: 619

وجب الهدي، خلافا للشيخ(1) و في كلامه قوّة، و لا يجب على المفرد و القارن، و يستحبّ لها الأضحية.

2120. الثاني: دم التمتّع نسك لا جبران،

فإذا أحرم بالحجّ من مكّة وجب الدم، و لو أتى الميقات و أحرم منه، لم يسقط عنه الدم.

و لو أحرم المفرد بالحجّ و دخل مكّة، جاز أن يفسخه، و يجعله عمرة و يتمتع بها، و يجب عليه الدم.

2121. الثالث: إذا أحرم بالعمرة و أتى بأفعالها في غير أشهر الحجّ ثمّ أحرم بالحجّ ،

لم يكن متمتّعا، و لا يجب عليه الدم.

و لو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحجّ و أتى بأفعالها في أشهر الحجّ من الطواف و السعي و التقصير و حجّ من سنته لم يكن متمتّعا، و لا يلزمه الدم.

و لو أحرم المتمتّع من مكّة بالحجّ ، و مضى إلى الميقات، ثمّ منه إلى عرفات، لم يسقط عنه الدم.

و لو أحرم المتمتّع للحجّ من غير مكّة، وجب الرجوع إلى مكّة، و الإحرام منها، سواء أحرم من الحلّ أو الحرم، و لو لم يتمكّن، مضى على إحرامه و لا دم عليه لهذه المخالفة.

و لو لم ينو التمتّع، لم يصحّ له التمتّع، و لا هدي عليه، و لو أحرم المفرد و القارن بعمرتهما من الحرم لم يصحّ ، و لو طافا و سعيا، لم يكونا معتمرين، و لا يلزمهما دم.

ص: 620


1- . الخلاف: 272/2، المسألة 42 من كتاب الحج.

و لو اعتمر في أشهر الحجّ و لم يحجّ في ذلك العام، بل حجّ من قابل مفردا له عن العمرة، لم يكن متمتّعا، و لا دم عليه.

2122. الرابع: انّما يجب الدّم على من أحلّ من إحرام العمرة،

و لو لم يحلّ منها، و أدخل إحرام الحجّ عليها، بطلت متعته، و سقط الدم.

2123. الخامس: الهدي يجب على من نأى عن مكّة،

و لا يجب على أهل مكّة و حاضريها إلاّ أن يتمتّع على تقدير تسويغه.

و لو دخل الآفاقي متمتّعا إلى مكّة ناويا للإقامة بها بعد تمتّعه، فعليه دم المتعة، و لو خرج المكّي بنيّة الإقامة بغيرها، ثمّ عاد متمتّعا ناويا للإقامة أو غير ناو، فعليه الهدي.

و لو ترك الآفاقي الإحرام من الميقات و لم يتمكّن من الرجوع، أحرم من دونه لعمرته، فإذا أحلّ ، أحرم بالحجّ من عامه، و هو متمتّع، و عليه دم المتعة، و لا دم عليه لإحرامه من دون الميقات.

2124. السادس: المملوك إذا حجّ بإذن مولاه، لم يجب عليه الهدي،

و يتخيّر مولاه بين أمره بالصيام و بين الهدي عنه، و الواجب من الصوم على المملوك كالواجب على الحرّ، و كذا المعسر يصوم عشرة أيام.

و لو لم يذبح المولى عن المملوك، وجب عليه الصوم، و لا يجوز له منعه منه، و لو لم يصم العبد حتّى مضت أيّام التشريق، استحبّ للمولى أن يهدي عنه.

و لو أدرك أحد الموقفين معتقا، أجزأه عن حجّة الإسلام، و وجب عليه الهدي مع المكنة، و لو عجز، صام، و لا يجب على المولى إجماعا.

ص: 621

2125. السابع: انما يجب الهدي على المتمكّن منه أو من ثمنه إذا وجده بالشراء.

و لا يجب بيع ثياب التّجمل في الهدي، بل ينتقل إلى الصوم، و يعتبر القدرة في موضعه، فلو عدمه، جاز الصوم، و إن كان قادرا في بلده.

2126. الثامن: لو تمتّع الصبيّ ، وجب على وليّه أن يذبح عنه،

فإن لم يجد، فليصم عنه عشرة أيام.

2127. التاسع: النائب إذا تمتّع،

وجب عليه الهدي لا على المنوب.

المطلب الثاني: في كيفيّة الذبح
اشارة

و فيه سبعة مباحث:

2128. الأوّل: تجب فيه النيّة المشتملة على جنس الفعل، و جهته، و كونه هديا،

أو كفّارة، أو غيرهما، و صفته من وجوب، أو ندب، و التقرب إلى اللّه.

و يجوز أن يتولاّها عنه الذابح.

2129. الثاني: الإبل تختصّ بالنحر، فلو ذبحها لم يجز، و البقر و الغنم بالذبح،

فلو نحرهما لم يجز.

و يستحبّ أن يتولّى الذبيحة بنفسه، و لو لم يحسن الذبيحة، ولاّها غيره.

و استحبّ له أن يجعل يده مع يد الذابح، و ينوي الذابح عن صاحبها.

و يستحبّ أن يذكره بلسانه وقت الذبيحة، و لو أخطأ فذكر غير صاحبها، أجزأت عن صاحبها بالنيّة.

2130. الثالث: يستحبّ نحر الإبل قائمة من قبل اليمين

قد ربطت يدها ما

ص: 622

بين الخفّ إلى الركبة، ثمّ تطعن في لبّتها، و هي الوهدة التي بين أصل العنق و الصدر، و لو خاف أن تنفر، نحرها باركة.

2131. الرابع: يجب توجيه الذبيحة إلى القبلة،

و يستحبّ الدعاء بالمأثور، و تجب فيه التسمية، و لو نسيها، حلّ أكله.

2132. الخامس: ذبح هدي التمتع أو نحره بمنى،

و من ساق هديا في الحجّ ، نحره أو ذبحه بمنى، و إن كان قد ساقه في العمرة، نحره أو ذبحه بمكّة قبالة الكعبة بالموضع المعروف بالحزورة(1) و كلّ ما يلزم المحرم من فداء عن صيد أو غيره، فإن كان معتمرا، ذبحه أو نحره بمكّة، و إن كان حاجّا فبمنى، و ما وجب نحره بالحرم، وجب تفرقة لحمه به.

2133. السادس: وقت استقرار وجوب الهدي،

إذا أحرم المتمتّع بالحجّ ، و وقت ذبحه يوم النحر.

2134. السابع: أيّام النحر بمنى أربعة:

أوّلها يوم النحر و ثلاثة بعده، و في الأمصار ثلاثة: يوم النحر و يومان بعده، و هل الليالي المتخلّلة بينها يجوز فيها النحر؟ فيه إشكال.

المطلب الثالث: في صفات الهدي
اشارة

و فيه عشرة مباحث:

2135. الأوّل: يجب أن يكون الهدي من بهيمة الأنعام من الإبل أو البقر أو الغنم،

و أفضله من البدن ثمّ البقر ثمّ الغنم.

ص: 623


1- . الحزورة - و زان قسورة -: موضع كان به سوق مكّة بين الصفا و المروة. مجمع البحرين.
2136. الثاني: يجزئ في الهدي الجذع من الضأن و الثنيّ من غيره.

و جذع الضأن ما له ستّة أشهر، و ثنيّ المعز و البقر ما له سنة و دخل في الثانية و في الإبل ما دخل في السادسة. و لا يجزئ غير الثنيّ .

2137. الثالث: يجب أن يكون الهدي تامّا،

فلا تجزئ العوراء، و لا العرجاء، البيّن عرجها، و لا المريضة كالجرباء(1) و ما شابهه ممّا يوجب الهزال، و لا الكبيرة التي لا مخّ لها لهزالها، و قد وقع الإجماع على هذه الصفات الأربع.

و الوجه عدم اعتبار الخسف في العين، بل لو كان على عينها بياض لم يجزئ، و لا خلاف في عدم إجزاء ما فيه نقص أكثر من هذه الصفات كالعمياء.

2138. الرابع: العضباء - و هي الّتي ذهب قرنها - لا تجزئ،

و لو كان القرن الداخل صحيحا أجزأت و إن كان ما ظهر منه مقطوعا.

و لا بأس بمشقوقة الأذن أو مثقوبها إذا لم يكن قطع من الأذن شيء، و لا تجزئ العجفاء و هي المهزولة، و لا الخرماء، و لا الجذاء و هي مقطوعة الأذن(2).

2139. الخامس: الخصيّ لا يجزئ،

و لو ضحي به وجب عليه الإعادة مع المكنة، و يكره الموجوء(3)، و الوجه انّ مسلول البيضتين كالخصيّ .

2140. السادس: الجمّاء،

و هي الّتي لم يخلق لها قرن، تجزئ؛ و الأقرب إجزاء

ص: 624


1- . الجرب - بالتحريك -: داء معروف يحدث في الجلد بثورا صغارا لها حكة شديدة و قيل: بثر يعلو أبدان الناس و الإبل. راجع: لسان العرب و مجمع البحرين و المنجد.
2- . لاحظ الفقيه: 213/5، الحديث 716؛ الوسائل: 119/10، الباب 21 من أبواب الذبح، الحديث 3.
3- . قال المصنّف في تذكرة الفقهاء: 264/8: و يكره الموجوء و هو مرضوض الخصيتين.

البتراء، و هي مقطوعة الذنب؛ و كذا الصمعاء، و هي الّتي لم يخلق لها أذن(1) أو كان لها أذن صغيرة.

2141. السابع: المهزولة لا تجزئ،

و حدّ الهزال أن لا يكون على كليتها شيء من الشحم.

و يستحبّ أن يكون سمينا، ينظر في سواد، و يمشي في سواد، و يبرك في مثله، أي يكون سمينا ذا ظلّ يمشي في ظلّه، و يبرك فيه، و ينظر فيه، و قيل: أن تكون هذه المواضع سودا(2).

2142. الثامن: لو اشترى هديا على أنّه سمين فوجده مهزولا،

أجزأ عنه، و كذا العكس، و لو اشتراه على أنّه هزيل فظهر كذلك لم يجزئ.

و لو اشترى هديه ثمّ أراد أن يشتري أسمن منه، فليشتره و ليبع الأوّل إن أراد، و لو اشتراه فوجد به عيبا لم يجزئ عنه، و كذا لو اشتراه على أنّه تامّ فوجده ناقصا.

2143. التاسع: أفضل الهدي من الإبل و البقر الإناث،

و من الضأن و المعز الذكران، و يجوز العكس في البابين.

و يكره التضحية بالجاموس، و البقر، و الموجوء. و الكبش خير من النعجة، و النعجة خير من المعز(3).

ص: 625


1- . في «ب»: لم يخلق لها قرن أذن.
2- . التفسير الثاني لابن إدريس ذكره في السرائر: 596/1، و الأوّل للمصنّف هنا و في المختلف: 284/4، و قال الطريحي في مجمع البحرين: و في حديث شاة الهدي «يستحبّ أن تكون سمينة تنظر في سواد و تمشي في سواد و تبرك في مثله» أي أسود القوائم و المرابض و الحواجر.
3- . هكذا في «أ» و لكن في «ب»: و الموجوء خير من النعجة، و النعجة خير من المعز.
2144. العاشر: يستحبّ أن يكون الهدي ممّا عرّف به استحبابا مؤكّدا لا وجوبا.

2144. العاشر: يستحبّ أن يكون الهدي ممّا عرّف به(1) استحبابا مؤكّدا لا وجوبا.

المطلب الرابع: في البدل
اشارة

و فيه أحد عشر بحثا:

2145. الأوّل: إذا لم يجد الهدي و وجد ثمنه،

تركه عند من يثق به من أهل مكّة ليشتري له به هديا و يذبحه في بقيّة ذي الحجة، فإن خرج ذو الحجّة و لم يجد، اشترى في ذي الحجة في العام المقبل؛ قال ذلك الشيخان(2) و ابن بابويه(3)و منع منه ابن إدريس(4)، و أوجب الانتقال إلى الصوم، و ليس بمعتمد.

2146. الثاني: لو لم يجد الهدي و لا ثمنه،

وجب أن يصوم بدله عشرة أيّام:

ثلاثة في الحجّ متتابعات، و سبعة إذا رجع إلى أهله، و يعتبر القدرة عليه في مكانه، فلو عدمه في موضعه، انتقل إلى الصوم و إن كان قادرا عليه في بلده.

2147. الثالث: يجب صوم الثلاثة متتابعا، و لا يجب التتابع في السبعة،

و يكفي التتابع في الثلاثة بأن يصوم يوم التروية و عرفة و الثالث بعد أيّام التشريق خاصّة، فلو صام غير هذين اليومين وجب التتابع ثلاثة، و لا يجوز تخلّل الإفطار بين اليومين و الثالث.

ص: 626


1- . قال المصنّف في التذكرة: 267/8: و يستحبّ أن يكون الهدي ممّا عرّف به، و هو الذي أحضر عرفة عشيّة عرفة، إجماعا لقول الصادق عليه السّلام: لا يضحى إلاّ بما قد عرّف به...
2- . المقنعة: 390، و المبسوط: 370/1، و النهاية: 254.
3- . المراد به والد الصدوق نقل عنه في الفقيه: 304/2 عن رسالة أبيه.
4- . السرائر: 591/1-592.
2148. الرابع: يجب التفريق بين الثلاثة و السبعة،

إلاّ أن لا يصوم الثلاثة إلاّ بعد وصول الناس إلى وطنه، أو مضيّ شهر(1) و انّما يسوغ صوم السبعة إذا رجع إلى أهله، فلو صام قبل رجوعه إلى وطنه، لم يجزئه.

و لو أقام بمكّة أو في الطريق، انتظر وصول أصحابه إلى بلده أو المقام شهرا، ثم يصوم السبعة، و لو نوى الإقامة عشرة أيّام كان بحكم المقيم، و هل يجوز له صوم السبعة ؟ الأقرب عدمه.

2149. الخامس: يجوز صوم الثلاثة قبل التلبس بالحجّ ،

و من أوّل العشر إذا تلبّس بالمتعة، و لا يجوز صومها قبل إحرام العمرة، و المستحبّ صوم يوم التروية و ما قبله و عرفة، فإن فاته هذه الثلاثة، صامها بعد أيّام منى، و لا يسقط الصوم بفوات العشر.

و لا يجوز أن يصوم أيّام التشريق في بدل الهدي و لا غيره، و لو لم يصمها بعد أيّام التشريق، جاز صومها طول ذي الحجّة أداء لا قضاء.

و لو خرج ذو الحجّة و أهلّ المحرم و لم يصمها سقط فرض الصوم، و استقرّ الهدي في ذمّته، و وقت وجوب الصوم وقت وجوب الهدي، و انّما يسوغ له تقديمه من أوّل ذي الحجّة بناء على الظاهر من استمرار عجز العاجز.

2150. السادس: [لو مات من وجب عليه الصيام و لم يصم

2150. السادس: [لو مات] من وجب عليه الصيام و لم يصم(2)

2150. السادس: [لو مات](3) من وجب عليه الصيام و لم يصم(3)

فإن لم يكن

ص: 627


1- . قال المصنّف في التذكرة: 276/8: هذه السبعة تصام إذا رجع إلى أهله، و إن أقام بمكة، انتظر وصول الناس إلى بلده، أو مضيّ شهر ثمّ يصومها.
2- . في «أ»: من وجب عليه الصيام إن لم يصم.
3- . ما بين المعقوفتين لاجل استقامة المعنى.

قد تمكّن من صوم شيء من العشرة، سقط الصوم، و لا يجب على وليّه شيء، بل يستحبّ أن يقضي عنه، و إن تمكّن من فعل الجميع و لم يفعل، قال الشيخ:

يقضي الوليّ الثلاثة وجوبا، و السبعة استحبابا(1) و الأقرب وجوب قضاء الجميع.

و لو لم يتمكّن من صيام السبعة أو بعضها، وجب على الوليّ قضاء ما تمكّن الميّت من فعله و لم يفعله، و استحبّ له قضاء الباقي.

2151. السابع: لو تمكّن من صيام السبعة وجب،

و لم تجزئه الصدقة عنها.

2152. الثامن: لو تلبّس بالصوم ثمّ أيسر، أو وجد الهدي،

قال الشيخ: لا يجب بل يستحبّ (2) و يلوح من كلامه اشتراط صوم الثلاثة، و ابن إدريس أطلق(3)، و لو أحرم بالحجّ و لم يصم ثمّ وجد الهدي، تعيّن عليه الذبح، و لا يجزئه الصوم.

2153. التاسع: لو تعيّن الصوم و خاف الضعف عن القيام بالمناسك يوم عرفة،

أخّر الصوم إلى بعد انقضاء أيّام التشريق، و لو لم يصم الثلاثة، و خرج عقيب أيّام التشريق، صامها في الطريق أو إذا رجع إلى أهله، و الأفضل تقديم صومها في الطريق، و لو أهل المحرّم تعيّن عليه الهدي.

و لو لم يصم الثلاثة حتّى وصل بلده و كان متمكّنا من الهدي، قال الشيخ:

بعث به، فانّه أفضل من الصوم(4).

2154. العاشر: لو مات من وجب عليه الهدي،

أخرج من صلب تركته(5).

2155. الحادي عشر: من وجب عليه بدنة في كفّارة أو نذر و لم يجد،

كان

ص: 628


1- . المبسوط: 370/1.
2- . المبسوط: 371/1، و النهاية: 256.
3- . السرائر: 594/1.
4- . المبسوط: 371/1.
5- . في «ب»: من أصل تركته.

عليه سبع شياه على الترتيب، و لو لم يتمكّن من السبع، صام ثمانية عشر يوما.

و لو وجب عليه سبع شياه من الغنم، لم تجزئه بدنة.

و لو وجب عليه بقرة، فالأقرب إجزاء البدنة.

المطلب الخامس: في الأحكام
اشارة

و فيه ثلاثة و عشرون بحثا:

2156. الأوّل: الهدي الواحد لا يجزئ في الواجب إلاّ عن واحد مع المكنة،

و مع عدمها يتعيّن الصوم؛ قاله الشيخ رضى اللّه عنه في الخلاف(1)، و له قول آخر إنّه يجزئ عن سبعة و عن سبعين إذا كانوا أهل خوان واحد(2)، و يجزئ في التطوع عن سبع و سبعين، سواء في ذلك كلّه الإبل و البقر و الغنم، و كلّما قلّ المشتركون كان أفضل.

و اشترط الشيخ اجتماعهم على إرادة التقرب، سواء كانوا متطوعين أو مفترضين أو بالتفريق، و سواء اتفقت مناسكهم بأن يكونوا متمتّعين أو قارنين أو افترقوا(3) و فيه نظر. و يجوز أن يقتسموا اللحم.

2157. الثاني: الهدي إمّا تطوّع،

كمن يخرج حاجّا أو معتمرا، يسوق معه هديا بنيّة نحره بمنى أو بمكّة من غير إشعار و لا تقليد، فهو باق على ملكه، يتصرّف فيه و في نمائه كيف شاء.

ص: 629


1- . الخلاف: 65/6، المسألة 27 من كتاب الضحايا.
2- . المبسوط: 372/1؛ و النهاية: 258.
3- . المبسوط: 372/1.

و إمّا واجب، إمّا بالنذر المطلق، و حكمه حكم ما وجب بغير النذر و سيأتي، و إمّا بالمعيّن، فيزول ملكه عمّا عيّنه، و ينقطع تصرّفه في حقّ نفسه فيه، و هو أمانة للمساكين، و يجب أن يسوقه إلى المنحر، و يتعلّق الوجوب بالعين دون الذمّة، فلا يكون مضمونا مع عدم التفريط.

و إمّا بغير النذر كدم التمتّع و جزاء الصيد و النذر غير المعيّن و شبه ذلك؛ و هذا القسم إمّا أن يسوقه ينوي به الواجب من غير أن يعيّنه بالقول، فلا يزول ملكه إلاّ بذبحه و دفعه إلى أهله، و له التصرّف فيه كيف شاء، فإن عطب، تلف من ماله، و إن عاب لم يجزئه؛ و إمّا أن يعيّنه بالقول، مثل أن يقول: هذا الواجب عليّ ، فيتعيّن الوجوب فيه، و لا يبرأ الذمة منه، و يكون مضمونا عليه، و يزول ملكه عنه، و ينقطع تصرفه فيه، و عليه أن يسوقه إلى المنحر، فإن وصل نحره، و إلاّ سقط التعيين، و وجب إخراج الّذي في ذمّته.

2158. الثالث: لو ذبح الواجب غير المعيّن، فسرق أو غصب بعد الذبح،

فالوجه الإجزاء.

2159. الرابع: لو عطب الواجب غير المعيّن أو عاب بما يمنع الإجزاء،

لم يجزئه ذبحه عمّا في ذمّته، و يرجع هذا إلى ملكه يصنع به ما شاء من أكل و بيع و هبة و صدقة، و يستحبّ ذبحه و ذبح الواجب معا، فإن باعه، تصدّق بثمنه.

2160. الخامس: لو عيّن معيبا عمّا في ذمّته،

لم يجزئه و لا يلزمه ذبحه.

2161. السادس: تعيين الهدي يحصل بقوله: هذا هدي،

أو بإشعاره أو تقليده مع نيّة الهدي، و لا يحصل بالشراء مع النيّة، و لا بالنيّة المجرّدة.

ص: 630

و لو سرق الهدي من موضع حصين، أجزأ عن صاحبه، و إن أقام بدله فهو أفضل.

و لو عطب في موضع لا يجد المستحقّ ، فلينحره، و يكتب كتابا، و يضعه عليه، ليعلم من يمرّ به من الفقراء أنّه صدقة.

و لو ضلّ فاشترى مكانه غيره، ثمّ وجد الأوّل، فصاحبه بالخيار، إن شاء ذبح الأوّل، و إن شاء ذبح الأخير، فإن ذبح الأوّل، جاز له بيع الأخير؛ و إن ذبح الأخير، لزمه ذبح الأوّل إن كان قد أشعره، و إلاّ جاز بيعه.

2162. السابع: لو غصب شاة فذبحها عن الواجب عليه،

لم يجزئه، رضي المالك أو لا، عوّضه عنها أو لم يعوّضه.

2163. الثامن: لو ضلّ الهدي فوجده غيره،

فإن ذبحه عن نفسه، لم يجزئ عن واحد منهما، و إن ذبحه عن صاحبه، فإن ذبحه بمنى، أجزأ عنه، و إلاّ فلا.

و ينبغي لواجد الهدي الضالّ أن يعرّفه ثلاثة أيّام، فإن عرفه صاحبه، و إلاّ ذبحه عنه.

2164. التاسع: لو اشترى هديا و ذبحه، فاستعرفه غيره، و ذكر أنّه هديه ضلّ عنه، و أقام بذلك شاهدين،

كان له لحمه، و لا يجزئ عن واحد منهما، و لصاحبه أرش ما بين قيمته مذبوحا و حيّا.

2165. العاشر: لو عيّن هديا صحيحا عمّا في ذمّته أجود، فهلك أو عاب بما يمنع الإجزاء،

لم يلزمه مثل التالف، بل مثل ما في ذمّته، سواء تلف بتفريط أو غيره.

ص: 631

2166. الحادي عشر: لو ولدت الهدية، كان ولدها بمنزلتها في وجوب نحره أو ذبحه،

سواء عيّنه ابتداء أو بدلا عن الواجب، و لو تلفت قبل الذبح، أقام بدلها، و ذبح الولد أيضا.

2167. الثاني عشر: يجوز ركوب الهدي و شرب لبنه ما لم يضرّ به أو بولده،

فإن شرب ما يضرّ بالأم أو بالولد، ضمنه.

و لو أخر بقاء صوفها بها، أزاله و تصدّق به، و لا يتصرّف فيه، بخلاف اللبن.

2168. الثالث عشر: من السنّة أن يأكل من هدي المتعة،

و ينبغي أن يقسّم أثلاثا: يأكل ثلثه، و يهدي ثلثه، و يتصدّق بثلثه على الفقراء.

و هل الأكل واجب ؟ قيل: نعم، للآية(1).

و فيه قوّة، و مع القول بالوجوب، لا يضمن بتركه، و يضمن ثلث الصدقة لو لم يتصدّق.

و هل يضمن لو أخلّ بالإهداء؟ الوجه الضمان إن كان بسبب الأكل و إلاّ فلا.

2169. الرابع عشر: لا يجوز الأكل من الواجب غير هدي التمتّع،

سواء كان دم المتعة، أو النذر، أو جزاء الصيد، أو غيرها، و يستحبّ الأكل من هدي التطوّع.

و لو أكل ممّا منع من الأكل منه، ضمن المثل لحما، و لو أطعم غنيّا ممّا له الأكل منه، جاز، و لو باع منه شيئا أو أتلفه، ضمنه بمثله، و لو أتلف أجنبيّ منه شيئا، ضمنه بالقيمة.

ص: 632


1- . فَكُلُوا مِنْهٰا وَ أَطْعِمُوا اَلْقٰانِعَ وَ اَلْمُعْتَرَّ الحجّ : آية 36.
2170. الخامس عشر: الدماء الواجبة بنصّ القرآن أربعة:

دم التمتّع، و هو مرتب؛ و دم الحلق، و هو مخيّر؛ و دم الجزاء، و في ترتّبه خلاف؛ و دم الإحصار، و هو واجب على التعيين بغير بدل.

2171. السادس عشر: ما يساق في إحرام الحجّ يذبح أو ينحر بمنى،

و في العمرة يذبح أو ينحر بمكّة، و ما يلزمه(1) من فداء ينحر بمكّة إن كان معتمرا، و بمنى إن كان حاجّا.

و تجب تفرقته(2) على مساكين الحرم، و هم من كان في الحرم من أهله أو غير أهله من الحاجّ و غيرهم ممّن يجوز دفع الزكاة إليه، و كذا الصدقة، أمّا الصوم فلا يختصّ بمكان دون غيره.

و لو دفع إلى من ظاهره الفقر فبان غنيّا، فالوجه الإجزاء، و ما يجوز تفريقه في غير الحرم، لا يجوز دفعه إلى فقراء أهل الذّمة(3).

2172. السابع عشر: لو نذر هديا مطلقا أو معيّنا و أطلق مكانه،

وجب صرفه في فقراء الحرم، و لو عيّن موضعه، فإن كان في الحرم تعيّن، و فرّق على مساكينه، و إن عيّن غيره، لزم إذا لم يكن لمعصية(4) كبيوت الأصنام.

و لو لم يتمكّن من إيصاله إلى المساكين بالحرم، لم يلزمه إيصاله إليهم، و لو تمكّن من الإنفاذ، وجب.

ص: 633


1- . في «أ»: و ما يلزم.
2- . في «ب»: و يجب تفريقه.
3- . في «أ»: إلى الفقراء من أهل الذمة.
4- . في «ب»: كمعصية.
2173. الثامن عشر: تقليد الهدي مسنون،

و هو جعل النعل قد صلّى فيه في رقبة الهدي، و هو مشترك بين الإبل و البقر و الغنم، و كذا إشعار الإبل مسنون، و هو شقّ صفحة سنامها من الجانب الأيمن و تلطيخها بالدم ليعرف أنّه صدقة، و لا إشعار في البقر، و إن كانت ذات سنام.

و لو تكثرت البدن، دخل بينها و شقّ أحد الهديين من الجانب الأيمن و الآخر من الأيسر.

2174. التاسع عشر: الذبح أو النحر مقدّم على الحلق، و متأخر عن الرمي،

فلو خالف ناسيا لم يكن به بأس، و إن كان عامدا، أتمّ و أجزأه، و كذا لو ذبحه بقيّة ذي الحجة.

2175. العشرون: لو نذر هديا بعينه، زال ملكه عنه، و انقطع تصرّفه عنه

2175. العشرون: لو نذر هديا بعينه، زال ملكه عنه، و انقطع تصرّفه عنه(1)

و لا يجوز له بيعه و إخراج بدله.

2176. الواحد و العشرون: لا ينبغي أخذ شيء من جلود الهدي،

بل يتصدّق بها، و لا يعطيها الجزّار.

2177. الثاني و العشرون: لا يجوز الحلق و لا زيارة البيت إلاّ بعد الذبح أو أن يبلغ الهدي محلّه،

و هو منى يوم النحر، و يجعله في رحله بمنى.

2178. الثالث و العشرون: غير المتمتّع لا يجب عليه الهدي،

فالقارن لا يخرج هديه عن ملكه، و له إبداله، و التصرف فيه و إن أشعره أو قلّده، لكن متى ساقه فلا بدّ من نحره بمنى إن كان الإحرام للحجّ (2) و إن كان للعمرة فبفناء الكعبة

ص: 634


1- . في «ب»: منه.
2- . في «ب»: إن كان لإحرام الحجّ .

بالموضع المعروف بالحزورة. و لو هلك لم يضمنه، أمّا المضمون كالكفّارات، فانّه يجب إقامة بدله.

و لو عجز هدي السياق عن الوصول إلى مكّة أو منى، جاز أن ينحر أو يذبح، و يعلم بما يدلّ على أنّه هدي، و لو أصابه كسر جاز له بيعه، و ينبغي أن يتصدّق بثمنه، أو يقيم بدله، و لو نذر هدي السياق تعيّن، و لا يتعيّن بدونه، و لو سرق من غير تفريط لم يضمن.

و لو ضلّ فذبحه غير صاحبه عن صاحبه أجزأ عنه، و لو ضلّ فأقام بدله، ثم وجد الأوّل ذبحه، و لم يجب ذبح الأخير، و لو ذبح الأخير ذبح الأوّل استحبابا ما لم يكن منذورا، فانّه يجب ذبحه.

و يستحبّ أن يأكل من هدي السياق ثلثه، و يهدي ثلثه، و يتصدّق بثلثه، كهدي التمتع، و كذا يستحبّ في الأضحيّة.

المطلب السادس: في الضحايا
اشارة

و فيه ثمانية و عشرون بحثا:

2179. الأوّل: الأضحيّة مستحبّة استحبابا مؤكّدا و ليست فرضا،

و يجزئ الهدي عن الأضحية، و الجمع بينهما أفضل.

2180. الثاني: أيّام ذبح الأضاحي بمنى أربعة:

يوم النحر و ثلاثة بعده، و في الأمصار ثلاثة: يوم النحر و يومان بعده، و لو فاتت هذه الأيّام، فإن كانت الأضحية واجبة بالنذر و شبهه، لم تسقط، و وجب قضاؤها، و إلاّ فاتت الأضحية.

ص: 635

2181. الثالث: وقت الأضحية إذا طلعت الشمس و مضى بقدر صلاة العيد و الخطبتين،

سواء صلّى الإمام أو لم يصلّ .

2182. الرابع: الأيّام المعدودات أيّام التشريق، و المعلومات عشر ذي الحجّة،

و يجوز الذبح في اليوم الثالث من أيّام التشريق.

2183. الخامس: لا يكره لمن دخل عليه عشر ذي الحجّة و أراد أن يضحّي أن يحلق رأسه أو يقلّم أظفاره،

و لا يحرم عليه.

2184. السادس: روى أصحابنا أنّ من ينفذ من أفق من الآفاق هديا،

فانّه يواعد أصحابه يوما يقلّدونه فيه أو يشعرونه، و يجتنب هو ما يجتنب المحرم، فإذا كان يوم مواعدته، حلّ ممّا يحرم منه(1).

2185. السابع: لا تختص الأضحية بمكان،

بل يجوز في الحرم و غيره، و تختصّ الأضحية بالنّعم: الإبل و البقر و الغنم، و لا يجزئ إلاّ الثّني من الإبل و البقر و المعز، و يجزئ من الضأن الجذع لسنته.

و الأفضل الثّني من الإبل، ثم الثّني من البقر، ثم الجذع من الضأن.

و الجذعة من الغنم أفضل من إخراج سبع بدنة.

2186. الثامن: يستحبّ أن يكون أملح، و هو الأبيض،

سمينا ينظر في سواد و يبرك في مثله، و يمشي في مثله، و يكون تامّا، فلا تجزئ في الضحايا العوراء، و لا العجفاء، و لا العرجاء البيّن عرجها، و لا المريضة.

و نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم(2) أن يضحّى بالمصفّرة، و هي الّتي قطعت أذناها من

ص: 636


1- . لاحظ النهاية للشيخ الطوسي: 283، و الخلاف: 441/2، المسألة 340 من كتاب الحجّ .
2- . سنن أبي داود: 97/3 برقم 2803؛ و مسند أحمد: 185/4؛ و المستدرك للحاكم: 469/1.

أصلهما، حتّى بدا صماخها(1)؛ و بالبخقاء، و هي العمياء؛ و بالمستأصلة، و هي التي استؤصل قرناها؛ و بالمشيّعة، و هي الّتي تتأخّر عن الغنم لهزالها، و لو كان لكلال جاز؛ و بالكسراء؛ و تكره الجلحاء، و هي المخلوقة بغير قرن.

2187. التاسع: يستحبّ التضحية بذوات الأرحام،

من الإبل و البقر، و بالفحولة من الغنم، و لا يجوز التضحية بالثور و لا بالجمل بمنى، و يجوز في الأمصار، و لا الخصي.

2188. العاشر: يجب التذكية بإزهاق الروح،

و انّما يكون بقطع الأعضاء الأربعة، و هي: الحلقوم، و المري، و الودجان. و لا يجزئ ثلاثة منها، و لا الحلقوم و المري خاصّة.

و يجب ذبح البقر و الغنم و نحر الإبل، فإن خالف حرم الحيوان.

2189. الحادي عشر: ينبغي أن يتولّى ذبح أضحيته بنفسه،

فإن لم يحسن، جعل يده مع يد الذابح.

و لو استناب مسلما جاز، بخلاف الكافر و إن كان كتابيّا.

و تجوز ذباحة الصبيان(2) مع المعرفة و الشرائط(3)، و الأخرس و إن لم ينطق لكن يجب تحريك لسانه بالتسمية، و النساء، و السكران، و المجنون.

و يستحبّ أن يتولّى الذبيحة البالغ العاقل المسلم الفقيه.

2190. الثاني عشر: يجب استقبال القبلة بالذبح و النحر، و التسمية،

و لا تكره

ص: 637


1- . في التذكرة: 314/8: صماخهما.
2- . في «ب»: ذبيحة الصبيان.
3- . في «أ»: «و بالشرائط» و الأصح: مع المعرفة بالشرائط، كما عليه التذكرة: 317/8.

الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و لو نسي التسمية لم تحرم.

و لا يقطع رأس الذبيحة إلى أن يموت، فإن قطعه قبله، كان حراما، و في تحريم الذبيحة قولان، أقربهما الحلّ .

و لو ذبحها من قفاها، فهي القفيّة(1)، فإن بقيت فيها حياة مستقرّة قبل قطع الأعضاء الأربعة، حلّت و إلاّ فلا.

و المعتبر في استقرار الحياة، وجود الحركة القويّة بعد قطع العنق قبل قطع المري و الودجين و الحلقوم، و إن كانت ضعيفة أو لم تتحرك لم تحلّ .

2191. الثالث عشر: تكره ذباحة الأضحية و غيرها ليلا

و يجزئ لو فعل.

2192. الرابع عشر: يستحبّ الأكل من الأضحية،

و ليس بواجب، و يستحبّ التقليل، و يجوز الأكثر من الثلث، و لو أكل الجميع، ضمن للفقراء قيمة المجزئ مع الوجوب، و إلاّ استحبابا.

و لا يجوز بيع لحم الأضاحي، و يكره بيع الجلود، فإن فعل، تصدّق بثمنه، و كذا يكره أن يعطيه الجزّار، بل يستحبّ التصدّق بها، و لا يعطي الجزّار من اللحم شيئا لجزارته.

2193. الخامس عشر: يجوز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيّام و ادّخارها،

و يكره أن يخرج شيئا ممّا يضحّيه عن منى، بل يخرجه إلى مصرفه بها، و يجوز إخراج السنام للحاجة، و إخراج لحم ما ضحّاه غيره إذا اشتراه(2) أو أهدي إليه.

ص: 638


1- . في «أ»: «القفينة» في لسان العرب: شاة قفيّة: مذبوحة من قفاها، و منهم من يقول: قفينة، و الأصل قفيّة و النون زائدة.
2- . في «أ»: أو اشتراه.
2194. السادس عشر: يكره أن يضحّي بما يربّيه، و يستحبّ بما يشتريه،

و يستحبّ التضحية بما قد عرف به.

2195. السابع عشر: إذا تعذّرت الأضحية،

تصدّق بثمنها الأعلى، فإن اختلفت الأثمان جمع الأعلى و الأوسط و الأدون، و تصدّق بثلث الجميع.

2196. الثامن عشر: إذا اشترى شاة تجزئ في الأضحية بنيّة أنّها أضحية،

قال الشيخ: تصير أضحية بذلك من غير قول و لا إشعار و لا تقليد. و إذا عيّن الأضحية على وجه تصح به التعيين زال ملكه عنها(1) و الظاهر من كلام الشيخ انّه لا يجوز له إبدالها.

2197. التاسع عشر: إذا تعيّنت، زال ملكه عنها،

فإن باعها فسد البيع، و يجب ردّها إن كانت باقية، و إن تلفت، كان على المبتاع قيمتها أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف، و لو أتلفها هو، كان عليه قيمتها يوم التلف، فإن أمكنه شراء أضحيتين به، بأن يرخص الأضاحي، كان عليه إخراجهما معا.

و لو فضل ما يمكن أن يشتري به جزءا من حيوان يجزئ في الأضحية كالسّبع مثلا، فعليه أن يشتريه.

و لو فضل ما لا يساوي جزءا مجزئا تصدّق به.

و لو قصرت القيمة عن الأضحية، فإن كان المتلف أجنبيّا، و أمكن أن يشتري به جزء حيوان للأضحية، صرف إليه، و إلاّ تصدّق به، و لا يلزم المضحّي شيء.

ص: 639


1- . المبسوط: 390/1-391.

و لو اشترى شاة و عيّنها للأضحية فوجد بها عيبا، لم يكن له ردّها، و يرجع بالأرش، و يصرفه إلى المساكين استحبابا على الأقوى.

2198. العشرون: لو أوجب أضحية بعينها، فعابت بما يمنع الإجزاء،

لم يجب الإبدال، و أجزأه ذبحها.

و لو ضلّت، فلا ضمان إلاّ مع التفريط، و لو عادت قبل أيّام التشريق، ذبحها، و إن كان بعده، ذبحها قضاء، و لا أرش عليه. (و لو نذر أضحية فذبحها يوم النحر غيره و لم ينو عن صاحبها، لم تجزئ عنه، و لو نوى عنه أجزأته و إن لم يأخر،(1) إذا نذر الأضحية، و صارت واجبة، لم يسقط استحباب الأكل منها)(2).

2199. الواحد و العشرون: لو أوجب أضحية في عام، فأخّرها إلى قابل،

عصى و أخرجها قضاء، و لو ذبح أضحية غيره المعيّنة، أجزأت عن صاحبها، و عليه أرش النقصان، يصرفه إلى الفقراء، و في وجوبه إشكال.

و لو أوجب كلّ منهما هديا، فذبح هدي صاحبه خطأ، تخيّر كلّ منهما في ترك مطالبة صاحبه و تضمينه الأرش.

2200. الثاني و العشرون: و تجزئ الأضحية عن سبعة،

و كذا الهدي المتطوّع به، و إن لم يكونوا أهل بيت واحد، أو كان بعضهم غير متقرّب.

2201. الثالث و العشرون: القنّ و المدبّر و أم الولد و المكاتب المشروط لا يملكون شيئا،

فإن ملكهم مولاهم شيئا، ففي ثبوت الملك قولان: أحدهما

ص: 640


1- . الظاهر انّه مصحّف قوله «و إن لم يأذن».
2- . ما بين القوسين موجود في «ب».

الجواز، فإذا ملّكهم أضحية، جاز أن يضحّوا، و لو فعلوا من دون إذن سيّدهم، لم يجز. و لو انعتق بعضه و ملك بما فيه من الحريّة شاة، جاز أن يضحّي بها من غير إذن.

الفصل الثالث: في الحلق و التقصير
اشارة

و فيه ثلاثة عشر بحثا:

2202. الأوّل: إذا ذبح الحاجّ هديه،

وجب عليه الحلق أو التقصير بمنى في يوم النحر، و هو نسك، و يتخيّر الحاجّ بينهما، أيّهما فعل أجزأه، و إن كان صرورة أو لبّد شعره.

و قال الشيخان: يجب عليهما الحلق(1)، و الأقرب انّه مستحب، و ليس على المرأة حلق إجماعا. و يجزئها من التقصير مثل الأنملة.

2203. الثاني: يستحب لمن حلق أن يبدأ بالناصية من القرن الأيمن و يحلق إلى العظمين

و يجزئ من التقصير ما يقع عليه الاسم.

2204. الثالث: لو لم يكن على رأسه شعر، سقط الحلق،

و يمرّ الموسى على رأسه، و في وجوبه إشكال.

2205. الرابع: لو ترك الحلق أو التقصير معا حتّى زار البيت،

فإن كان عامدا

ص: 641


1- . المقنعة: 419؛ و المبسوط: 376/1.

وجب عليه دم شاة، و إن كان ناسيا لم يكن عليه شيء، و كان عليه إعادة الطواف و السعي.

2206. الخامس: لو رحل من منى قبل الحلق رجع و حلق بها أو قصّر واجبا،

2206. الخامس: لو رحل من منى قبل الحلق(1) رجع و حلق بها أو قصّر واجبا،

و لو لم يتمكّن حلق مكانه، و ردّ شعره إلى منى، ليدفن بها، و لو لم يتمكّن من ردّ الشعر، لم يكن عليه شيء، و هل ردّه واجب ؟ فيه نظر.

2207. السادس: يستحب إذا حلق رأسه بمنى، أن يدفنه بها، و أن يقلّم أظفاره،

و يأخذ من شاربه، و يدعو، و تجب فيه النية.

2208. السابع: لا يجوز الحلق قبل وقته و هو يوم النحر،

و يجب تأخيره عن الذبح و الرمي، و جوّز أبو الصلاح تقديم الحلق على الرمي(2)، و قال الشيخ في الخلاف: ترتيب هذه المناسك مستحب(3). و الأقرب ما قلناه، و لكن ليس شرطا فلو أخلّ به أجزأه و لا كفّارة.

2209. الثامن: لو بلغ الهدي محلّه و لم يذبح،

قال الشيخ: يجوز أن يحلق(4).

2210. التاسع: قال أبو الصلاح: يجوز تأخير الحلق إلى آخر أيّام التشريق.

2210. التاسع: قال أبو الصلاح: يجوز تأخير الحلق إلى آخر أيّام التشريق(5).

و هو حسن، لكن لا يجوز تقديم زيارة البيت عليه.

2211. العاشر: يوم الحجّ الأكبر هو يوم النحر،

يستحبّ للإمام أن يخطب

ص: 642


1- . في «أ»: لو رحل فرمى قبل الحلق.
2- . الكافي في الفقه: 201.
3- . الخلاف: 345/2، المسألة 168 من كتاب الحجّ .
4- . المبسوط: 374/1.
5- . الكافي في الفقه: 201.

فيه، و يعلّم الناس ما فيه من المناسك، من النحر و الإفاضة و الرمي.

2212. الحادي عشر: إذا عقد الإحرام بالتلبية أو ما يقوم مقامها،

حرم عليه عشرون شيئا يأتي، و إذا حلق أو قصّر حلّ له ذلك كلّه إن كان إحرام العمرة، و إن كان إحرام الحجّ حلّ له كلّ شيء إلاّ الطيب و النساء و الصيد، و إذا طاف طواف الزيارة حلّ له الطيب، و إذا طاف طواف النساء حللن له، فمواطن التحلّل ثلاثة:

عند الحلق أو التقصير، و عند طواف الزيارة، و عند طواف النساء.

2213. الثاني عشر: يستحبّ لمن حلق أو قصّر يتشبّه بالمحرمين في تركلبس المخيط إلى أن يطوف طواف الزيارة،

2213. الثاني عشر: يستحبّ لمن حلق أو قصّر يتشبّه بالمحرمين في ترك(1)لبس المخيط إلى أن يطوف طواف الزيارة،

و يستحبّ لمن طاف طواف الزيارة أن لا يمسّ الطيب حتّى يطوف طواف النساء.

2214. الثالث عشر: إنّما يحصل التحلّل بالرمي و الحلق أو التقصير معا.

قال المحقق: تمّ الجزء الأوّل من الكتاب - حسب تجزئتنا - و يتلوه الجزء الثاني في المقصد العاشر في بقية أفعال الحج.

و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلّى اللّه على سيّدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين.

ص: 643


1- . في «أ»: و ترك.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.