1 - الاحتجاج فی مسائل الاحتیاج.

2 - الأدله الداله علی مشروعیه العمل بالظن المستفاد من الکتاب والسنه.

3 - الأربعون حدیثا.

4 - إیضاح الأحباب فی شرح خلاصه الحساب ، فرغ منه بإصبهان فی التاسع من شهر رجب 1071 ه.

5 - ترتیب خلاصه الأقوال للعلامه الحلی.

6 - ترتیب مشیخه من لا یحضره الفقیه للشیخ الصدوق.

7 - تحفه الوارد وعقال الشارد ، فی اللغه.

8 - تحفه الاخوان فی تقویه الإیمان ، ینسب إلیه.

9 - نقلید المیت ، رساله فی مسائله ، نقل فیها سبعه أدله لبعض معاصریه ، وردها.

10 - التکمله والذیل والصله للصحاح ، وهو تکمله لصحاح الجوهری.

11 - جامع المقال فیما یتعلق بأحوال الدرایه والرجال ، ویسمّی « تمییز المشترکات من الرجال » ، وسمی فی الذریعه ب « تمییز المتشابه من الرجال » ، وهو مطبوع.

12 - جامعه الفوائد ، وهو ردّ علی الأخباری المشهور المیرزا محمد أمین الأسترابادی.

13 - جواهر المطالب فی فضائل الإمام علی بن أبی طالب ، واحتمل فی الذریعه أنه « الأربعون حدیثا » المذکور سابقا.

14 - حاشیه المعتبر فی شرح المختصر للمحقق الحلی.

15 - دیوان شعر ، وهو ثلاثه دواوین.

ص: 4

16 - شرح مبادئ الوصول للعلامه الحلی.

17 - شفاء السائل فی مستطرفات المسائل ، فی علم مواقیت الصلاه.

18 - ضوابط الأسماء واللواحق ، فرغ منه سنه 1049 ، وطبع بطهران سنه 1375.

19 - الضیاء اللامع فی شرح المختصر النافع للمحقق الحلی.

20 - اللمع فی شرح الجمع.

21 - اللمعه الوافیه فی أصول الفقه ، ویسمی « فوائد الأصول » ، فرغ منه یوم الأربعاء سنه 1057 ، ویفهم من عباره الذریعه أنه یعرف ب « الاثنا عشر ».

22 - عواطف الاستبصار.

23 - غریب أحادیث الخاصه.

24 - غریب القرآن ، طبع فی النجف الأشرف سنه 1372 ، واسمه الکامل « نزهه الخاطر وسرور الناظر وتحفه الحاضر ومتاع المسافر ».

25 - الفخریه الکبری فی الفقه.

26 - الفخریه الصغری ، وهو مختصر من الکتاب السابق.

27 - الفوائد الفخریه.

28 - الفوائد من کتاب الضیاء اللامع.

29 - کشف غوامض القرآن ، وهو فهرس للآیات الکریمه.

30 - کنز الفوائد فی تلخیص الشواهد ، ملخص کتاب « معاهد التنصیص علی شواهد التلخیص ».

31 - الکنز المذخور فی عمل الساعات والأیام واللیالی والشهور.

ص: 5

32 - مجمع البحرین ومطلع النیرین وهو هذا الکتاب.

33 - مجمع الشتات فی النوادر والمتفرقات.

34 - المستطرفات فی شرح نهج الهداه ، وهو شرح علی نهج البلاغه.

35 - مشارق النور للکتاب المشهور ، وهو تفسیر مختصر یعرف أیضا ب « المشارق الطریحیه ».

36 - المقتل ، ولعله هو کتاب « المنتخب » الذی سیذکر.

37 - مقدمه النکت الفخریه ، فی أصول الفقه.

38 - المنتخب فی جمع المراثی والخطب ، وهو ثلاثه کبیر ووسیط وصغیر ، والمطبوع مکررا فی طهران وبومبی والنجف الأشرف وبیروت هو الوسیط.

39 - النکت اللطیفه فی شرح الصحیفه ، وهو شرح علی « الصحیفه السجادیه ».

40 - نزهه الناظر فی تفسیر القرآن الکریم ، ویفهم من الذریعه أنه غیر « غریب القرآن » المذکور سابقا.

هذا ما عدا بعض الإجازات والتعالیق والکتابات المتفرقه الموجوده کثیر منها فی المکتبات وعند بعض أحفاده.

رزء أصاب حشی الهدی والدین

مذ فخره أودی بسهم منون

علم له علم العلوم وفضله

منشور أعلام لیوم الدین

سل ( مجمع البحرین ) والدرر التی

جمعت به من علمه المخزون

وانظر لتألیفاته وبیانه

الشافی بعین بصیره ویقین

تجد الهدی فی فعله والحکم

فی أقواله بالفضل والتبیین

لا فخر حیث تضیف أصحاب الکسا

أرخ ( وطیدا بعد فخر الدین ) (1)

مصادر الترجمه :

1 - أمل الامل ، للحر العاملی 2 / 214.

2 - لؤلؤه البحرین ، للشیخ یوسف البحرانی 66 - 68.

3 - الاعلام ، لخیر الدین الزرکلی 6 / 337.

4 - هدیه العارفین ، للبغدادی 1 / 432.

5 - روضات الجنات ، للسید الخونساری 5 / 349 - 353.

6 - نجوم السماء ، للکشمیری ص 106.

7 - الکنی والألقاب ، للمحدث القمی 2 / 448.

8 - ریحانه الأدب ، للمدرس الخیابانی 4 / 53 - 55.

9 - ریاض العلماء وحیاض الفضلاء للأفندی ( مخطوط ).

10 - ماضی النجف وحاضرها ، للشیخ محبوبه 2 / 454.

11 - مراقد المعارف ، للشیخ حرز الدین 1 / 417.

12 - مصطفی المقال ، للشیخ آغا بزرک الطهرانی ص 149.

ص: 7

13 - الذریعه ، للشیخ الطهرانی أیضا ، فی مختلف الأجزاء.

14 - اعلام العرب للأستاذ عبد الصاحب الدجیلی.

15 - مستدرک الوسائل ، للمحدث النوری 3 / 389.

16 - أعیان الشیعه ، للسید الأمین 42 / 254 - 268.

17 - مجله لغه العرب ، السنه السادسه 10.

18 - مجله العرفان ، السنه السادسه عشر ، ج 1.

19 - مقدمه غریب القرآن ، للأستاذ محمد کاظم الطریحی.

20 - شعراء الغری ، للأستاذ علی الخاقانی 7 / 68.

21 - أدب الطف ، للسید جواد شبر 5 / 118.

22 - معجم رجال الفکر فی النجف ، للأستاذ الأمینی ص 290.

23 - لباب الألقاب ، للکاشانی ص 131.

24 - معجم المطبوعات العربیه ، لالیان سرکیس 2 / 1845.

25 - معجم المؤلفین ، للاستاذ کحاله 8 / 55.

ص: 8

الغریب ، وشرح النهج العجیب ، ونحوها من الکتب المرضیه والشروح المطلعه علی النکت الخفیه حدانی ذلک علی الشروع فی تألیف کتاب کاف شاف یرفع عن غریب أحادیثنا أستارها ، ویدفع عن غیر الجلی منها غبارها.

ثم إنی شفعته بالغرائب القرآنیه والعجائب البرهانیه لیتم الغرض من مجموعی الکتاب والسنه لمن رام الانتفاع بهما ، ویتحصل المطلوب فیه من کل منهما ، إذ لا یجد الجلم (1) کل واجد ، ولیس العلم مخصوصا منهما بواحد.

ثم إنی اخترت لترتیبه من الکتب الملاح ما أعجبنی ترتیبه من کتاب الصحاح ، غیر أنی جعلت بابی الهمزه والألف بابا واحدا لیکون التناول أسهل والانتشار أقل.

وحین تم التألیف صببته فی قالب الترصیف ، معلما لکل حرف من حروف الهجاء کتابا ، ولکل کتاب أبوابا ، باذلا فیه جهدی ، مغنیا فیه کدی ، طالبا فیه رضی ربی ، إنه ولیی وحسبی. وسمیته ب ( مجمع البحرین ومطلع النیرین ).

ص: 10

ص: 12

« أزید قائم أم عمرو » ولطلب التصدیق نحو « أزید قائم » وهل مختصه بطلب التصدیق نحو « هل قام زید » وبقیه الأدوات مختصه بطلب التصور نحو « من جاءک » و « ما صنعت » و « کم مالک » و « أین بیتک » و « متی سفرک ».

الثالث : أنها تدخل علی الإثبات - کما تقدم - وعلی النفی نحو ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ ).

الرابع : تمام التصدیر بها ، وذلک أنها إذا کانت فی جمله معطوفه بالواو أو بالفاء أو بثم قدمت علی العاطف ، تنبیها علی أصالتها فی التصدیر نحو ( أَوَلَمْ یَنْظُرُوا ) ، ( أَفَلَمْ یَسِیرُوا* ) ، ( أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ ) وأما أخواتها فتتأخر عن العاطف - کما هو قیاس جمیع أجزاء الجمله المعطوفه - نحو : ( وَکَیْفَ تَکْفُرُونَ ) ، ( فَأَیْنَ تَذْهَبُونَ ) ، ( فَأَنَّی تُؤْفَکُونَ* ) ، ( فَهَلْ یُهْلَکُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ ) ، ( فَأَیُّ الْفَرِیقَیْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ) ، ( فَما لَکُمْ فِی الْمُنافِقِینَ فِئَتَیْنِ ) - هذا هو مذهب سیبویه وعلیه الجمهور.

وزعم جماعه - منهم الزمخشری - : أن الهمزه فی تلک المواضع فی محلها الأصلی ، وأن العطف علی جمله مقدره بینها وبین العاطف ، والتقدیر ( أَ ) مکثوا ( فَلَمْ یَسِیرُوا ) ، ( أَ ) نهملکم ( فَنَضْرِبُ عَنْکُمُ الذِّکْرَ صَفْحاً ) ، ( أَ ) تؤمنون به فی حیاته ( فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ ) ، ( أَ ) نحن مخلدون ( فَما نَحْنُ بِمَیِّتِینَ ). وهو تکلف بما لا حاجه إلیه.

وقد تخرج الهمزه عن الاستفهام الحقیقی.

فتکون للتسویه نحو قوله تعالی : ( سَواءٌ عَلَیْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ).

وللإنکار الإبطالی ، فتقتضی بطلان ما بعدها وکذب مدعیه نحو ( أَفَأَصْفاکُمْ رَبُّکُمْ بِالْبَنِینَ ). وللإنکار التوبیخی ، فیقتضی أن ما بعدها واقع وفاعله ملوم نحو : ( أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ ).

وللتقریر ، ومعناه حملک المخاطب علی الإقرار والاعتراف بأمر استقر ثبوته عنده أو نفیه ، ویجب أن یلیها الشیء المقر

ص: 14

به ، تقول فی التقریر بالفعل : « أضربت زیدا » وبالفاعل : « أأنت ضربت زیدا » وبالمفعول : « أزیدا ضربت ».

وللتهکم نحو ( أَصَلاتُکَ تَأْمُرُکَ أَنْ نَتْرُکَ ما یَعْبُدُ آباؤُنا ).

وللأمر نحو ( أَأَسْلَمْتُمْ ).

وللتعجب نحو ( أَلَمْ تَرَ إِلی رَبِّکَ کَیْفَ مَدَّ الظِّلَ ).

وللاستبطاء نحو ( أَلَمْ یَأْنِ لِلَّذِینَ آمَنُوا ).

والهمزه علی ضربین : ألف وصل وألف قطع ، فکل ما یثبت فی الوصل فهو ألف القطع وما لم یثبت فهو ألف الوصل. وألف القطع قد تکون زائده مثل ألف الاستفهام ، وقد تکون أصلیه مثل « أَخَذَ » و « أَمَرَ ».

شَیْئاً وَلا یَهْتَدُونَ ) قال الشیخ أبو علی (ره) : أخبر سبحانه عن الکفار منکرا علیهم ( أَوَلَوْ کانَ آباؤُهُمْ ) أی یتبعون آباءهم فیما کانوا علیه من الشرک وعباده الأوثان ، وإن کان آباؤهم ( لا یَعْلَمُونَ شَیْئاً ) من الدین ( وَلا یَهْتَدُونَ ) إلیه. وفی هذه الآیه دلاله علی فساد التقلید وأنه لا یجوز العمل به فی شیء من أمور الدین إلا بحجه ، وفیها دلاله علی وجوب المعرفه وأنها لیست ضروریه ، لأنه سبحانه بیّن الحِجَاج علیهم لیعرفوا صحه ما دعاهم الرسولُ إلیه ، ولو کانوا یعرفون الحق ضروره لم یکونوا مقلِّدین لآبائهم.

وَفِی الْحَدِیثِ : « کُلُّکُمْ فِی الْجَنَّهِ إِلَّا مَنْ أَبَی ». أی امتنع وترک الطاعه التی یستوجب بها الجنه.

ومثله : « الْمَلَأُ أَبَوْا عَلَیْنَا ». أی امتنعوا من إجابتنا إلی الإسلام.

ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السّلام - وَقَدْ جَمَعَ وُلْدَهُ لِلْوَصِیَّهِ وَکَانُوا اثْنَیْ عَشَرَ ذَکَراً - : « إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَ أَبَی إِلَّا أَنْ یَجْعَلَ فِیَّ سُنَّهً مِنْ یَعْقُوبَ ».

ومنه : « أَبَی اللهُ أَنْ یُعْبَدَ إِلَّا سِرّاً ». أی کره ذلک فی الدوله الظالمه دوله الشیطان ، وذلک لأن الدوله دولتان : دوله الشیطان ودوله الرحمن ، فإذا کانت العباده سرّا فالدوله دوله الشیطان ، وإذا کانت العباده جهرا فالدوله دوله الرحمن.

و « أَبَوْتُ الصبیَ أَبْواً » : غَذَوْتُه.

وبذلک سمّی الأَبُ أَباً.

والأَبُ لامه محذوفه وهی واو.

ویطلق علی الجدّ مجازاً.

وفی لغه قلیله تشدّد الباء عوضا عن المحذوف فیقال : « هو الأبُ ».

وفی لغه یلزم التقصیر مطلقا فیقال : « هذا أبَاهُ » و « رأیت أبَاهُ » و « مررت بِأَبَاهُ ».

وفی لغه الأقل یلزمه النقص مطلقا ، فیستعمل استعمال « ید » و « دم ».

والأُبُوَّهُ : مصدر من الأب ، مثل الأمومه والأخوه والعمومه والخؤوله.

والأبَوَانِ : الأب والأم.

ص: 16

وإذا جمعت الأب بالواو والنون قلت : « أبُونَ ».

قال الجوهری : وعلی هذا قرأ بعضهم : وإله أَبِیکَ إبراهیم وإسماعیل وإسحاق یرید جمع « أب » أی أَبِینَک ، فحذفت النون للإضافه.

والنسبه إلی أب « أَبَوِیّ ».

وفِی الْحَدِیثِ : « بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا یَا رَسُولَ اللهِ ». وهذه الباء یسمّیها بعض النحاه باء التَّفْدِیَه یحذف فعلها فی الغالب ، والتقدیر : « نُفَدِّیکَ بآبائنا وأمهاتنا ». وهی فی التحقیق باء العوض نحو « خُذْ هذا بهذا ».

قال بعض المحققین : وعُدَّ منه قوله تعالی : ( ادْخُلُوا الْجَنَّهَ بِما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) ، ثم قال : ویمکن جعل الباء فی الحدیث للمعیه أیضا والمعنی : « نحن فداء مع آبائنا وأمهاتنا ».

وقولهم : « یا أبَهِ افعل » یجعلون علامه التأنیث عوضا عن یاء الإضافه ، کقولهم فی الأم : « یا أمه ».

قال الجوهری : تقف علیها بالهاء إلا فی القرآن فإنک تقف بالیاء.

وفِی الْحَدِیثِ : « لِلَّهِ أَبُوکَ ». قیل : الأصل فیه أنه إذا أضیف شیء إلی عظیم اکتسی عظما کبیت الله ، فإذا وجد من الولد ما یحسن موقعه قیل : « لله أبُوکَ » للمدح والتعجب ، أی لله أبوک خالصا حیث أتی بمثلک.

ومثله : « لله دَرُّهُمْ » فإنه دعاء لهم بالخیر ، بخلاف « لله أبُوهُمْ » فقیل : هو تهزُّؤ ، وقیل : تعجُّب منهم ولیس بدعاء.

وقولهم : « لا أبَا لک » قد یکثر فی المدح ، أی لا کافی لک غیر نفسک ، وقد یذکر فی الذم ک- « لا أم لک » ، وقد یذکر فی التعجب ، وبمعنی جد فی الأمر وشمر ، لأن من له أب اتَّکل علیه. واللام زیدت لتأکید الإضافه کما زیدت فی قوله تعالی : ( یُرِیدُ اللهُ لِیُبَیِّنَ لَکُمْ ) مؤکده لإراده التبیین.

وقد یقال : « لا أبَاکَ » بترک اللام.

وأُبَیّ - بضم الهمزه وتشدید الیاء - :

ص: 17

اسم رجل من القراء ، ومنه : « نَحْنُ نَقْرَأُ عَلَی قِرَاءَهِ أُبَیّ ». وأنکروا قراءه ابن مسعود لأنه ضال (1).

والأَبْوَاء - بفتح أوّله وسکون ثانیه والمدّ أخیرا - : مکان بین الحرمین عن المدینه نحوا من ثلاثین میلا. نقل أنه مولد أبی الحسن موسی علیه السلام - (2) وفیه قبه آمنه أم النبی صلی الله علیه و آله . سمّی بذلک لتبوُّء السّیل ونزوله فیه.

« أتَاکَ الأمرُ وهو متوقّع ».

قوله : ( أَتَیْنا طائِعِینَ ) أی جئنا طائعین ، وقرأ ابن عباس بالمد فیکون المعنی : « أعطینا الطاعه ».

قال الشیخ محمد بن محمد بن النعمان (ره) : هو سبحانه وتعالی لم یخاطب السماء بکلام ولا السماء قال قولا مسموعا ، وإنما أراد أنه عمد إلی السماء فخلقها ولم یتعذر خلقها علیه ، وکأنه لما خلقها قال لها وللأرض : ( ائْتِیا طَوْعاً أَوْ کَرْهاً ) فلما فعلتا بقدرته کانتا کالقائلتین : ( أَتَیْنا طائِعِینَ ) ، ومثل ذلک کثیر فی محاورات العرب.

قوله : ( فَأَتَی اللهُ بُنْیانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) أی أتی مکرهم من أصله ، وهو تمثیل لاستیصالهم ، والمعنی أنهم فعلوا حیلا لیمکروا الله بها فجعل الله هلاکهم فی تلک الحیل ، کحال قوم بنوا بنیانا وعمدوه بالأساطین وأتی البنیان من الأساطین بأن ضعفت فسقط علیهم السقف فهلکوا.

وفی التفسیر : أراد صرح نمرود.

قوله : ( لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) الضمیر للقرآن ، أی لیس فیه ما لا یطابق الواقع لا فی الماضی ولا فی الحال - کذا روی عن أهل البیت علیهم السلام (1).

قوله : ( وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً ) أی یشبه بعضه بعضا ، فجائز أن یشتبه فی اللون والخلقه ویختلف بالطعم ، وجائز أن یشتبه بالنبل والجوده فلا یکون فیه ما یفضله غیره قوله حکایه عن الشیطان : ( ثُمَ لَآتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ ) الآیه ، أی لآتینهم من الجهات الأربع التی یأتی العدو منها فی الغالب ، وهذا مثل لوسوسته إلیهم علی کل وجه یقدر علیه.

وعَنِ الْبَاقِرِ علیه السّلام قَالَ : ( لَآتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ ) یَعْنِی أُهَوِّنُ عَلَیْهِمْ أَمْرَ الْآخِرَهِ ( وَمِنْ خَلْفِهِمْ ) آمُرُهُمْ بِجَمْعِ الْأَمْوَالِ وَالْبُخْلِ بِهَا عَنِ الْحُقُوقِ لِتَبْقَی لِوَرَثَتِهِمْ ( وَعَنْ أَیْمانِهِمْ ) أُفْسِدُ عَلَیْهِمْ أَمْرَ دِینِهِمْ بِتَزْیِینِ الضَّلَالَهِ وَتَحْسِینِ الشُّبْهَهِ ( وَعَنْ شَمائِلِهِمْ ) بِتَحْبِیبِ اللَّذَّاتِ إِلَیْهِمْ وَتَغْلِیبِ الشَّهَوَاتِ عَلَی قُلُوبِهِمْ (2).

ص: 19

وعن بعض المفسرین : إنما دخلت « من » فی القدام والخلف و « عن » فی الشمال والیمین لأن فی القدام والخلف معنی طلب النهایه وفی الیمین والشمال الانحراف عن الجهه.

قوله : ( وَالَّذِینَ یُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَهٌ ) أی یعطون ما أعطوا.

وقرئ یُؤْتُونَ ما أَتَوْا بغیر مدّ ، أی یفعلون ما فعلوا ( وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَهٌ ) أی یعملون العمل وهم یخافونه ویخافون لقاء الله.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « مَا الَّذِی أَتَوْا بِهِ أَتَوْا وَاللهِ بِالطَّاعَهِ مَعَ الْمَحَبَّهِ وَالْوَلَایَهِ وَهُمْ مَعَ ذَلِکَ خَائِفُونَ أَنْ لَا یُقْبَلَ مِنْهُمْ ، وَلَیْسَ - وَاللهِ - خَوْفُهُمْ خَوْفَ شَکٍّ فِیمَا هُمْ فِیهِ مِنْ إِصَابَهِ الدِّینِ وَلَکِنَّهُمْ خَافُوا أَنْ یَکُونُوا مُقَصِّرِینَ فِی الْمَحَبَّهِ وَالطَّاعَهِ » (1).

والْمَأْتِیُ : الآتِی (2) ومنه قوله تعالی : ( کانَ وَعْدُهُ مَأْتِیًّا ).

وفِی حَدِیثِ الْمُکَاتَبِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی : ( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِی آتاکُمْ ) قَالَ : « تَضَعَ عَنْهُ مِنْ نُجُومِهِ الَّتِی لَمْ تَکُنْ تُرِیدُ أَنْ تَنْقُصَهُ مِنْهَا .. » الحدیث (3).

وَفِی حَدِیثٍ آخَرَ : « یَضَعُ عَنْهُ مِمَّا یَرَی أَنْ یُکَاتِبَهُ عَلَیْهِ ».

وفی کلام بعض المحقّقین : یجب علی المولی إعانته من مال الزکاه لقوله تعالی : ( وَآتُوهُمْ ) الآیه ، لأن مال الله هو الزکاه علی ما هو المعروف ضد الإطلاق ،

ص: 20

والأمر للوجوب ، ولا یضر تطرق الاحتمال ، لأن الوجوب المستفاد من الأمر کالقرینه علی إرادته ... انتهی.

وفی المسأله أقوال : الوجوب مطلقا ، والعدم مطلقا ، والوجوب من الزکاه للمطلق دون المشروط.

وفِی الْحَدِیثِ : « مِنْ هَاهُنَا أَتَیْتَ ». أی من هاهنا دخل علیک البلاءُ - قاله المطرزی فی المغرب.

وفیه : « لَیَأْتِیَنَ علی الأمه کذا » أی لیغلبن علیهم ذلک ، بقرینه « علی » المشعره بالغلبه المؤذنه بالهلاک.

وأتَی الرجل یَأْتِی أَتْیاً : جاء.

والإتْیَان الاسم منه.

و « أَتَیْتُک فی الحدیث علی وجهه » أی جئتک به علی مساقه تاما من غیر تغییر ولا حذف.

وأَتَیْتُ تُستعمَل لازما ومتعدیا.

وأتَا یَأتُو أَتْواً : لغه فیه.

و « أَتَی علیه الدهرُ » أهلکه.

و « تَأْتِی له الأمرُ » تسهل وتهیأ.

و « أَتَی الرجُلُ أَمَهً » زنی بها ، والحائضَ : جامعها.

و « جاءهم سَیْل أَتِیّ » - بفتح أوله وتشدید آخره - : وأَتَاوِیّ أیضا ، أی سیل لم یُصبه مطره.

والمُوَاتَاه : حسن المطاوعه والموافقه ، وأصله الهمزه وخفف وکثر حتی صار یقال بالواو الخالصه.

ومنه الْحَدِیثَ : « خَیْرُ النِّسَاءِ الْمُوَاتِیَهُ لِزَوْجِهَا ».

و « مَأْتَی الأمرِ » - بفتح ما قبل الآخر - : وجهه الذی یُؤْتَی منه.

وفِی حَدِیثٍ الدُّبُرِ : « هُوَ أَحَدُ الْمَأْتَیَیْنِ فِیهِ الْغُسْلُ ». هو بفتح التاء الفوقانیه وتخفیف الیاء التحتانیه.

قوله : ( أَخاهُمْ هُوداً ) لأنهم یجتمعون إلی واحد ، ومنه « یا أخَا العرب » للواحد منهم.

قوله تعالی : ( یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَکُونُوا کَالَّذِینَ کَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ ) الآیه. قال الشیخ أبو علی (ره) : ( وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ ) أی لأجل إخوانهم ، وقوله : ( لِیَجْعَلَ ) یتعلق ب ( قالُوا ) أی قالوا ذلک واعتقدوه لیکون حسره فی قلوبهم ، ویکون اللام للعاقبه ، کما فی قوله : ( لِیَکُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً ) ، ویجوز أن یکون المعنی « لا تکونوا مثلهم فی النطق بذلک القول واعتقاده لیجعله الله حسره فی قلوبهم خاصه ویصون منها قلوبکم » ، وإنما أسند الفعل إلی الله لأنه سبحانه عند ذلک الاعتقاد الفاسد یضع الحسره فی قلوبهم ویضیق صدورهم ، وهو قوله : ( یَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَیِّقاً حَرَجاً ).

قوله : ( إِنَّ الْمُبَذِّرِینَ کانُوا إِخْوانَ الشَّیاطِینِ ) یرید المشاکله ، لأن الأُخُوَّه إذا کانت فی غیر الوِلاده کانت للمُشاکله والاجتماع فی الفعل ، کقولک : « هذا الثوب أخُو هذا الثوب ».

ومنه قوله تعالی : ( وَما نُرِیهِمْ مِنْ آیَهٍ إِلَّا هِیَ أَکْبَرُ مِنْ أُخْتِها ) أی من التی تشبهها.

ومنه قوله : « لی إخْوَانٌ » أی أصدقاء.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ لِأَبِیهِ وَأُمِّهِ » (1). ومعناه کما جاءت به الروایه عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السّلام ، قَالَ : « یَا سُلَیْمَانُ إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ نُورِهِ ، وَصَبَغَهُمْ بِرَحْمَتِهِ ، وَأَخَذَ مِیثَاقَهُمْ لَنَا بِالْوَلَایَهِ ، فَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ لِأَبِیهِ وَأُمِّهِ ، أَبُوهُ النُّورُ وَأُمُّهُ الرَّحْمَهُ » الْحَدِیثَ (2).

وفِیهِ : « لَمْ تَتَوَاخَوْا عَلَی هَذَا الْأَمْرِ وَلَکِنْ تَعَارَفْتُمْ عَلَیْهِ (3) ». والمعنی أن الأُخُوَّه کانت بینکم فی الأزل لا الیوم ، وإنما التعارف الیوم.

وَفِی الْخَبَرِ : « أَکْرِمُوا أَخَاکُمْ ». ویعنی به نفسه علیه السلام هضْما لها ، أی أکرموا مَن

ص: 22

هو بشر مثلکم.

والأَخُ محذوف اللام وهی واو ، وترد فی التثنیه علی الأشهر ، فیقال : « أخَوَان ».

وفی لغه تستعمل منقوصا فیقال : « أخَان »

وجمعه إخْوَه وإخْوَان - بالکسر فیهما.

وضم الهمزه لغه ، وجمعه بالواو والنون ، وعلی « إخَاء » کإباء أقل.

والأنثی « أُخْت » وجمعها « أخَوَات ». وتقول : « هو أخُو الصّدق » أی ملازم له. و « أخُو الغِنی » أی ذو الغنی. و « خُوَّهُ الإسلام » لغه فی الأُخُوَّه. و « تَأَخَّیْتُ الشیء » بمعنی قصدته وتحرّیته. وفی المجمل : قال بعض أهل العلم : سمی الأَخَوان لتأخِّی کلّ واحد منهما ما یَتَأخَّاه الآخرُ. و « آخَی بین الرجلین » أی جعل بینهما أخوّه. و « آخَیْتُ بین الشیئین » - بهمزه ممدوده وقد تقلب واوا علی البدل - أی شابهت بینهما. وقالوا : « لا أخَا لک » ویریدون المدح أو الذم.

أدَاهُ کأعطاه : إذا قوّاه وأعانه.

والأدَاه : آله الحرب من سلاح ونحوه.

وفی الحدیث ذکر الإدَاوَه (1) - بالکسر - وهی المِطْهَره ، والجمع الأَدَاوَی - بفتح الواو (2).

وفی المصباح وغیره : هی إناء صغیر من جلد یتطهر به ویشرب.

والأدَاه - بالفتح - : الآله ، وأصلها الواو ، والجمع أَدَوَات.

قالوا : ( اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ) ، وقیل : أولیاءَه.

قوله : ( فَإِذا أُوذِیَ فِی اللهِ ) أی فی ذات الله وبسبب دین الله رجع عن الدین ، وهو المراد ب ( فِتْنَهَ النَّاسِ ) یعنی یصرفهم ما مسَّهم من أذاهم عن الإیمان ، کما أن عذاب الله یصرف المؤمنین عن الکفر.

وَفِی الْحَدِیثِ : « کُلُ مُؤْذٍ فِی النَّارِ ». وهو وَعید لمن یُؤذِی الناس فی الدنیا بعقوبه النار فی الآخره (1).

وَفِی حَدِیثِ الْعَقِیقَهِ : « أَمِیطُوا عَنْهُ الْأَذَی ». یرید به الشعر والنجاسه وما یخرج علی رأس الصبی حین یُولَد مما یؤذیه.

وما رُوِیَ مِنْهُ : « صِیَامُ أَذَی حَلْقِ الرَّأْسِ ». فالظاهر أن یراد به صیام أَذَی الشعر المُوجِب لحلق الرأس وما قاربه.

و « أَذَی الطریقِ » ما یُؤذی فیها من شَوْک ونجاسه ونحو ذلک.

و « أَذِیَ الرجل أَذًی » من باب تعب : وصل إلیه المکروه ، فه و « أذٍ » مثل عمٍ ، ویعدَّی بالهمزه فیقال : « آذَیْتُه إیذاءً » والأَذِیَّه : اسم منه.

و « إذا » الجوابیه المبدله نونها ألفا فی الوقف فی الأصح ، عملها نصب المضارع بشرط تصدیرها ، واستقباله ، واتصالها ، أو انفصالها بالقسم ، أو بلاء النافیه.

وعن جماعه من النحویین : إذا وقعت بعد الواو والفاء جاز الوجهان ، نحو : ( وَإِذاً لا یَلْبَثُونَ خِلافَکَ إِلَّا قَلِیلاً ) ، ( فَإِذاً لا یُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِیراً ). وقریء شاذا بالنصب فیهما.

وَفِی حَدِیثِ شُرَیْحٍ : « إِذَنْ لَمْ تَشْتَرِهَا بِدِرْهَمَیْنِ ». فإذن هی الجوابیه.

والأکثر وقوعها بعد « إن » و « ل و » ، ولکن اختلف فی کتابتها ، والمشهور بالألف ، والمازنی بالنون ، والفراء کالجمهور إذا أعملت وکالمازنی إذا أهملت.

وأما « إذَا » التی لا تنون فلها معان :

ص: 25

تکون ظرفا یستقبل بها الزمان ، وفیها معنی الشرط نحو « إذَا جئت أکرمتک ».

وللوقت المجرَّد نحو « قُمْ إذَا احمرّ البُسْرُ » أی وقت احمراره.

ومرادفه للفاء ، فیُجازی بها کقوله تعالی : ( وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَهٌ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ إِذا هُمْ یَقْنَطُونَ ).

وتکون للشیء توافقه فی حال أنت فیها ، وذلک نحو « خرجت فإذا زید قائم » المعنی : خرجت ففاجأنی زید فی الوقت بقیام.

وقتا آتک ».

وللشیء توافقه فی حال أنت فیها ، ولا یلیها إلا الفعل تقول : « بینما أنا کذا إذْ جاءنی زید ».

واسما للزمن المستقبل نحو ( یَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ).

وللتعلیل نحو ( وَلَنْ یَنْفَعَکُمُ الْیَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ ) أی لن ینفعکم الیوم إشراککم لأجل ظلمکم فی الدنیا.

وزائده نحو قوله : ( وَإِذْ واعَدْنا ).

قوله : ( أُسْوَهٌ حَسَنَهٌ ) هی بکسر الهمزه وضمّها : القُدْوه ، أی ائتمام واتباع.

ومنه الْحَدِیثُ : « لَکَ بِرَسُولِ اللهِ أُسْوَهٌ وَبِعَلِیٍ أُسْوَهٌ ».

ومنه قولهم : « تَأَسَّیْتُ واتَّسَیْتُ ».

و « المال أُسْوَه بین الغُرَماء » أی شرکه ومساهمه بین غرماء المُفْلِس لا ینفرد به أحدُهم دون الآخر.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مُوَاسَاهُ الْإِخْوَانِ ». وهی مشارکتهم ومساهمتهم فی الرزق والمعاش. قیل : ولا یکون إلا عن کفاف لا عن فضله ، وأصلها الهمزه فقلبت واوا تخفیفا.

و « تَآسَوْا » أی آسَی بعضُهم بعضا ، قال الشاعر :

وإنّ الأُلی بالطَّفِّ مِنْ آلِ هاشم

تَآسَوْا فَسَنُّوا للکرام تَآسِیا

و آسِیَه بنْتُ مُزاحِم : امرأه فرعون - علیها الرحمه - رُوِیَ : « أَنَّهَا لَمَّا عَایَنَتِ الْمُعْجِزَ مِنْ عَصَا مُوسَی وَغَلَبَتِهِ السَّحَرَهَ أَسْلَمَتْ ، فَلَمَّا بَانَ لِفِرْعَوْنَ ذَلِکَ نَهَاهَا ، فَأَبَتْ ، فَأَوْتَدَ یَدَیْهَا وَرِجْلَیْهَا بِأَرْبَعَهِ أَوْتَادٍ وَأَلْقَاهَا فِی الشَّمْسِ ، ثُمَّ أَمَرَ أَنْ تُلْقَی عَلَیْهَا صَخْرَهٌ عَظِیمَهٌ ، فَلَمَّا قَرُبَ أَجَلُهَا قَالَتْ : ( رَبِّ ابْنِ لِی عِنْدَکَ بَیْتاً فِی الْجَنَّهِ ) فَرَفَعَهَا اللهُ تَعَالَی إِلَی الْجَنَّهِ ، فَهِیَ فِیهَا تَأْکُلُ وَتَشْرَبُ » (1).

وَعَنِ الْحَسَنِ علیه السّلام : « هُوَ أَنَ آسِیَهَ امْرَأَهُ فِرْعَوْنَ کُلَّمَا أَرَادَ فِرْعَوْنُ أَنْ یَمَسَّهَا تَمَثَّلَتْ لَهُ شَیْطَانَهٌ یُقَارِبُهَا » (2).

وکذلک فی عمر مع أمّ کلثوم (3).

ص: 28

وحمل بعضهم علیه قوله تعالی : ( إِلَی الْمَرافِقِ ) فتدخل ضروره ، أما إذا کانت للانتهاء فقیل : تدخل بالأصاله لعدم تمیز الغایه عن ذی الغایه بمحسوس ، وقیل : تدخل بالتبعیه لورودها تاره داخله وأخری خارجه.

وتکون للتبیین ، وهی المبینه فاعلیه مجرورها ، نحو ( رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُ إِلَیَ ) ومرادفه للام نحو ( وَالْأَمْرُ إِلَیْکِ ) ، وقیل : هی هنا لانتهاء الغایه ، أی مُنْتهٍ إلیک.

وبمعنی « فی » - ذکره جماعه (1).

وبمعنی « من » (2).

وبمعنی « عند » نحو قوله تعالی : ( ثُمَّ مَحِلُّها إِلَی الْبَیْتِ الْعَتِیقِ ) أی محل نحرها عند البیت العتیق.

وتزاد للتأکید ، أثبته الفراء. قال الجوهری : قال سیبویه : ألف « إلَی » و « علی » منقلبتان من واوین ، لأن الألفین لا تکون فیهما الإماله. وإذا اتصل المضمر بهما قلبت ألفهما یاء ، تقول : « إلیک » و « علیک » وقل « إلاک » و « علاک ».

وَفِی الدُّعَاءِ : « والشَّرُّ لَیْسَ إِلَیْکَ ». أی لیس مما یتقرب به إلیک.

وقَوْلُهُ : « وأَنَا مِنْکَ وَإِلَیْکَ ». أی التجائی وانتمائی إلیک.

وقَوْلِهِ : « اللهُمَ إِلَیْکَ ». أی اقبِضْنی أو خُذنی أو أشکو [ إلیک ] و « إلَیْکَ إلیک » کما یقال : « الطَّرِیقَ الطَّرِیقَ » أی تَنَحَّ وأبعِد ، والتکریر للتأکید.

وفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « إِلَیْکَ عَنِّی (3) ». أی تنحّی عنی. قال بعض الشارحین : خاطَب الدنیا خِطابَ الزوجه المکروهه

ص: 30

منافرا لها ، وهو أغرب وألذّ.

وألَا - بالفتح والتخفیف - تکون لمعان :

للتنبیه ، یفتتح بها الکلام (1).

وللتوبیخ والإنکار (2) نحو قوله :

ألا طِعَان ألا فُرْسان عادِیَه

وللتمنی نحو قوله :

ألا عُمْر ولَّی مستطاع رجوعه

وللاستفهام عن النفی نحو قوله :

ألا اصطبار لسلمی أم لها جلد

والتحضیض نحو قوله تعالی : ( ألا تحبون أن یغفر الله لکم ).

ومنه قَوْلُهُ علیه السّلام : « کَانَتِ الْخَیْلُ وُحُوشاً فِی بِلَادِ الْعَرَبِ ، فَصَعِدَ إِبْرَاهِیمُ وَإِسْمَاعِیلُ عَلَی أَبِی قُبَیْسٍ فَنَادَیَا : أَلَا هَلَا أَلَا هَلُمَّ ، فَمَا بَقِیَ فَرَسٌ إِلَّا أَعْطَی بِقِیَادِهِ وَأَمْکَنَ مِنْ نَاصِیَتِهِ ». فإن « ألا » و « هلا » کل منهما للحثّ والتحضیض ، وکأنهما أرادا بذلک الحثّ والإسراع ، یعنی إسراعهن بالطاعه.

وأُولی - بضم الهمزه - قال الجوهری : هو جمع لا واحد له من لفظه (3) ، واحده « ذا » للمذکر و « ذه » للمؤنث ، یمدّ ویقصر ، فإن قصرته کتبته بالیاء وإن مددت بنیته علی الکسر ، ویستوی فیه المذکر والمؤنث ، وتدخل علیه الهاء للتنبیه فیقال : « هؤلاء » ، وتدخل علیه الکاف للخطاب تقول : « أولئک » و « أولاک ».

قال الکسائی : من قال : « أولئک » فواحده « ذلک » ، ومن قال : « أولاک » فواحده « ذاک » ، و « أولالک » مثل

ص: 31

« أولئک » ، وربما قالوا : « أولئک » فی غیر العقلاء ، قال تعالی : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ کُلُّ أُولئِکَ کانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً ) قال : وأما الأُولَی - بوزن العلی - فهو أیضا جمع لا واحد له من لفظه ، واحده « الذی » ... انتهی.

وإلَّا - بالکسر والتشدید - قال الجوهری : هو حرف استثناء ، یستثنی بها علی خمسه أوجه : بعد الإیجاب ، وبعد النفی ، والمفرغ ، والمقدم ، والمنقطع. فتکون فی المنقطع بمعنی « لکن » لأن المستثنی من غیر جنس المستثنی منه.

وقد یوصف بإلا ، فإن وصفت بها جعلتها وما بعدها فی موضع غیر ، وأتبعت الاسم بعدها ما قبله فی الإعراب ، فقلت : « جاءنی القوم إلا زیدا » کقوله تعالی : ( لَوْ کانَ فِیهِما آلِهَهٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا ) ، وقال عمرو بن معدیکرب :

وکل أخ مفارقه أخوه

لعمر أبیک إلَّا الفرقدان

کأنه قال : « غیر الفرقدین ». ثم قال : وأصل « إلَّا » الاستثناء والصفه عارضه ، وأصل « غیر » صفه والاستثناء عارض ، وقد تکون « إلَّا » بمنزله الواو فی العطف ... انتهی.

وقد جعلوا منه قوله تعالی : ( لِئَلَّا یَکُونَ لِلنَّاسِ عَلَیْکُمْ حُجَّهٌ إِلَّا الَّذِینَ ظَلَمُوا ) وقوله : ( لا یَخافُ لَدَیَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ ) أی ولا الذین ظلموا ولا من ظلم ، وتأولهما الجمهور علی الاستثناء المنقطع.

وفی التنزیل : ( کَیْفَ یَکُونُ لِلْمُشْرِکِینَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِینَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) أی لکن الذین عاهدتم منهم عند المسجد الحرام ولم یظهر منهم نکث ، کبنی کنانه وبنی ضمره ، فتربصوا أمرهم.

وفیه : ( قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّهَ فِی الْقُرْبی ) قیل : إنها لیست للاستثناء ، إذ لو کانت له کانت الموده مسئوله ، ولیس کذلک ، بل المعنی : ولکن افعلوا الموده فی القربی.

ص: 32

وفیه : ( إِلَّا مَنْ تَوَلَّی وَکَفَرَ ) قال الشیخ أبو علی (ره) : قرئ ألَا من تولی وکفر بالتخفیف ، علی أن « ألا » للافتتاح ، و « من » شرط وجوابه ( فَیُعَذِّبُهُ ).

فی الأصل اسم رجل ... انتهی.

وفی نقل آخر : أن بنی أُمَیَّه لیسوا من قریش ، بل کان لعبد شمس بن مناف عبد رومی یقال له : « أُمَیَّه » فنسب إلی عبد شمس ، فقیل : « أمیه بن عبد شمس » فنسبوا بنی أمیه إلی قریش لذلک ، وأصلهم من الروم ، وکان ذلک عند العرب جائزا أن یلحق بالنسب مثل ذلک ، وَقَدْ فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله بِزَیْدِ بْنِ حَارِثَهَ الْکَلْبِیِّ مِثْلَ ذَلِکَ ، حَیْثُ تَبَنَّاهُ بَعْدَ أَسْرِهِ وَنَسَبَهُ إِلَیْهِ حِینَ تَبْرَأُ أَبُوهُ مِنْهُ ، فَقَالَ صلی الله علیه و آله : « یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ وَالْعَرَبِ زَیْدٌ ابْنِی وَأَنَا أَبُوهُ » فَدُعِیَ بِزَیْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ (1).

وإمّا المشدّده المکسوره ، قال الجوهری : هی بمنزله « أ و » فی جمیع أحکامها ، إلّا فی وجه واحد وهو : أنک تبتدئ فی « أ و » متیقنا ثم یدرکک الشک ، و « إمّا » تبتدئ بها شاکا ، ولا بد من تکریرها تقول : « جاءنی؟ إما زید و؟ إما عمر و « ... انتهی.

وفی التنزیل : ( فَإِمَّا یَأْتِیَنَّکُمْ مِنِّی هُدیً ) قیل : هی شرط ذکرت بحرف الشک للتنبیه علی أن إتیان الرسل أمر جائز غیر واجب ، کما ظنه أهل التعلیم ، وضمت إلیها « ما » لتأکید معنی الشرط ، ولذلک أکد فعلها بالنون.

وَفِی حَدِیثِ بَیْعِ الثَّمَرَهِ : « إِمَّا لَا فَلَا تُبَایَعُ حَتَّی یَبْدُوَ صَلَاحُ الثَّمَرَهِ ». قیل : هی کلمه ترد فی المحاورات کثیرا ، وأصلها « إن » و « ما » و « لا » فأدغمت النون فی المیم و « ما » زائده فی اللفظ لا حکم لها ، ومعناها : إن لم تفعل هذا فلیکن هذا.

و « أَمَّا » المشدده المفتوحه ، قال الجوهری : هی لافتتاح الکلام ، ولا بد

ص: 34

من الفاء فی جوابه ، تقول : « أَمَّا عبد الله فقائم » ، وإنما احتیج إلی الفاء فی جوابه لأن فیه تأویل الجزاء ، کأنک قلت : « مهما یکن من شیء فعبد الله قائم ».

ثم قال : و « أَمَا » مخففا لتحقیق الکلام الذی یتلوه ، تقول : « أما إن زیدا عاقل » یعنی أنه عاقل علی الحقیقه دون المجاز ... انتهی.

وقال الزمخشری : أما من مقدمات الیمین وطلائعها نحو :

أما والذی لا یعلم الغیب غیره

أما والذی أبکی وأضحک والذی

وقد تحذف ألفها نحو « أم والله زید قائم ».

انضموا إلیه.

قوله : ( آوِی إِلی رُکْنٍ شَدِیدٍ ) أی انضم إلی عشیره منیعه.

ومثله قوله : ( سَآوِی إِلی جَبَلٍ یَعْصِمُنِی مِنَ الْماءِ ).

قوله : ( أَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوی نُزُلاً ) جنات المأوی : نوع من الجنان.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : تَأْوِی إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ. وقِیلَ : هِیَ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ. و ( نُزُلاً ) عطاء بأعمالهم - کذا ذکره الشیخ ابو علی (ره).

وفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ تَطَهَّرَ ثُمَ أَوَی إِلَی فِرَاشِهِ ». أی رجع وانضم إلیه « بَاتَ وَفِرَاشُهُ کَمَسْجِدِهِ ». أی یحصل له ثواب المتعبد فی لیلته.

و « أَوَی إلی الله فآوَاه » أی انضم إلی مجلسه فجازاه بمثله ، بأن ضمه إلی رحمته.

قال فی المجمع : آوی - بالمد والقصر - بمعنی ، والمقصور لازم ومتعد ، قال : وأنکر بعضهم المقصور المتعدی.

وَفِی حَدِیثٍ الدُّعَاءِ : « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی کَفَانَا وَآوَانَا ». أی ردنا إلی مأوی لنا ولم یجعلنا منتشرین کالبهائم.

وآویته إیواء - بالمد - وأویته أیضا - بالقصر - : إذا أنزلته بک.

وفِیهِ : « مَنْ آوَی مُحْدِثاً » (1). إلی آخره ، هو بکسر الدال ، وهو الذی جنی علی غیره جنایه.

وإیواه : إجارته من خصمه ، والحیلوله بینه وبین ما یستحق استیفاءه منه ، قیل : ویدخل فی ذلک الجانی علی الإسلام بإحداث بدعه إذا حماه عن التعرض له والأخذ علی یده ، لدفع عادیته.

ویجوز أوی بالقصر ، یعنی ضمه.

ومِنْهُ : « لَا یَأْوِی الضَّالَّهَ إِلَّا ضَالٌّ ».

و « أویت » فی قَوْلِهِ تَعَالَی : « إِنِّی أَوَیْتُ عَلَی نَفْسِی أَنْ أَذْکُرَ مَنْ ذَکَرَنِی ». قال القتیبی نقلا عنه : هذا من المقلوب والصحیح « وأیت » من الوأی : الوعد ، یقول : جعلته وعدا علی نفسی.

والإیواء بالمد : العهد.

ص: 36

قوله تعالی : ( وَبَیْنَ حَمِیمٍ آنٍ ) أی ساخن منتهی الحراره ، من قولهم : « أنی الماء » إذا سخن وانتهی حره.

ومنه : ( عَیْنٍ آنِیَهٍ ) أی قد انتهی حرها. وفِی تَفْسِیرِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ (ره) : أَیْ لَهَا أَنِینٌ مِنْ شِدَّهِ حَرِّهَا (1).

قوله تعالی : ( آناءَ اللَّیْلِ ) أی ساعاته ، واحدها « أنی » بحرکات الهمزه.

وَفِی حَدِیثِ زُرَارَهَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السّلام - وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی : ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّیْلِ ساجِداً وَقائِماً یَحْذَرُ الْآخِرَهَ وَیَرْجُوا رَحْمَهَ رَبِّهِ ) - « قَالَ : یَعْنِی صَلَاهَ اللَّیْلِ. قَالَ : قُلْتُ : ( وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّکَ تَرْضی )؟ قَالَ : یَعْنِی مَنْ تَطَوَّعَ بِالنَّهَارِ. قَالَ : قُلْتُ : ( وَإِدْبارَ النُّجُومِ )؟ قَالَ : رَکْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ. قُلْتُ : ( وَأَدْبارَ السُّجُودِ )؟ قَالَ : رَکْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ » (2).

و « تأنی له فی الأمر » ترفق وتنظر ، والاسم « الأناه » کقناه - قاله الجوهری وغیره (3).

وَفِی الْحَدِیثِ : « والرَّأْیُ مَعَ الْأَنَاهِ ». وذلک لأنها مظنه الفکر فی الاهتداء إلی وجوه المصالح.

و « الإناء » معروف ، وجمعه الآنیه (4) وجمع الآنیه أوانی ، مثل سقاء وأسقیه وأساقی.

و « أنا » (5) ضمیر متکلم ، وأصله علی ما ذکره البعض « أن » بسکون النون ، والأکثرون علی فتحها وصلا والإتیان بالألف وقفا ، تقول : « أن فعلت » و « فعلت أنا ».

ومنه حَدِیثُ الدُّعَاءِ : « اللهُمَّ إِنِّی أَنْشُدُکَ بِإِیوَائِکَ عَلَی نَفْسِکَ ». أی بعهدک علی نفسک ووعدک الذی وعدته أهل طاعتک فیکون أیضا من باب القلب - کما نبه علیه القتیبی سابقا.

والمَأْوَی : المنزل.

و « مَأْوَی الشیاطین » موضع اجتماعهم کالأسواق والحمامات ونحوها.

و « ابن آوی » (1) بمد فی أوله : حیوان معروف ، وقال الجوهری : یسمی بالفارسیه شغال. والجمع « بنات آوی ».

و « آوی » لا ینصرف ، لأنه أفعل ، وهو معرفه.

و « أو » قال الجوهری : هی حرف إذا دخلت علی الخبر دلت علی الشک والإبهام وإذا دخلت علی الأمر أو النهی دلت علی التخییر والإباحه (2).

وقد تکون بمعنی « إلی » تقول : « لأضربنک « أو تتوب ».

وقد تکون بمعنی « بل » فی توسع الکلام ، قال تعالی : ( وَأَرْسَلْناهُ إِلی مِائَهِ أَلْفٍ أَوْ یَزِیدُونَ ) ویقال : معناه إلی مائه ألف عند الناس أو یزیدون عند الناس ، لأن الشک علیه تعالی محال.

وفی المغنی : وتکون « أ و » للتقسیم نحو « الکلمه اسم أو فعل أو حرف ».

وبمعنی « إلا » فی الاستثناء کقوله :

کسرت کعوبها أو تستقیما

وللتقریب نحو « لا أدری أسلم أو ودع ».

وللشرطیه نحو « لأضربنه عاش أو مات ».

وللتبعیض نحو ( قالُوا کُونُوا هُوداً أَوْ نَصاری ... ) انتهی.

وفی التنزیل ( أَوَلَمَّا أَصابَتْکُمْ مُصِیبَهٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَیْها ) قال بعض المفسرین : الهمزه فی ( أَوَلَمَّا ) للتقریر والتقریع ، دخلت علی الواو العاطفه علی محذوف ، تقدیره : أفعلتم کذا من الفشل والتنازع ( وَلَمَّا أَصابَتْکُمْ مُصِیبَهٌ ) بأحد ، الآیه.

ص: 38

وأما قوله تعالی : ( وَإِنَّا أَوْ إِیَّاکُمْ لَعَلی هُدیً أَوْ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ ) فقیل : هو من باب التعریض کما یقول أحدنا : « أنا کاذب » وأنت تعلم أنه صادق.

ومثله حَدِیثُ أَبِی ذَرٍّ ، قَالَ لِفُلَانٍ : « أَشْهَدُ أَنَّ النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله قَالَ : أَشْهَدُ إِنِّی أَوْ إِیَّاکَ لَفِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّهِ ». یرید أنک ولکنه ألقاه إلیه تعریضا.

تعالی : ( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِکَ مِنْ رُسُلِنا ) والنبی صلی الله علیه و آله لم یدرکهم.

قوله : ( سَنُرِیهِمْ آیاتِنا فِی الْآفاقِ وَفِی أَنْفُسِهِمْ حَتَّی یَتَبَیَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ ) فی الآفاق مثل الکسوف والزلازل وما یعرض فی السماء من الآیات ، وفی أنفسهم مره بالجوع ومره بالعطش ومره یشبع ومره یروی ومره یمرض ومره یصح ومره یفتقر ومره یستغنی ومره یرضی ومره یغضب ومره یخاف ومره یأمن ، فهذا من عظیم دلاله الله علی التوحید.

قوله : ( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْیَمَ وَأُمَّهُ آیَهً ) لم یقل « آیتین » لأن قصتهما واحده ، وقیل : لأن الآیه فیهما معا ، وهی الولاده بغیر فحل.

قوله : ( وَلَقَدْ تَرَکْناها آیَهً فَهَلْ مِنْ مُدَّکِرٍ ) نُقِلَ : « أَنَّهُ أَبْقَی اللهُ سَفِینَهَ نُوحٍ حَتَّی أَدْرَکَهَا أَوَائِلُ هَذِهِ الْأُمَّهِ ». أی شیئا من أجزائها إلی زمان بعثه النبی صلی الله علیه و آله .

وفِی الْخَبَرِ : « بَلِّغُوا عَنِّی وَلَوْ آیَهً ». الآیه هنا : الکلام المفید نحو « مَنْ سَکَتَ نَجَا ». أی بلغوا عنی أحادیث ولو قلیله.

وَفِی حَدِیثٍ مَدَحَ الْإِسْلَامَ وَجَعَلَهُ آیَهً لِمَنْ تَوَسَّمَ.

التَّوَسُّمُ : التفرس ، أی من تفرس الخیر فی الإسلام کان علامه له علیه.

والآیه من القرآن ، قیل : کل کلام متصل إلی انقطاعه ، وقیل : ما یحسن السکوت علیه ، وقیل : هی جماعه حروف ، من قولهم : « خَرَجَ القَوْمُ بِآیَتِهِمْ » أی بجماعتهم.

وقال الجوهری : « الآیَهُ » العلامه ، والأصل « أویه » بالتحریک ، وجمع الآیه « آی » و « آیات » ... انتهی.

ومنه الحدیث : « نزل جبرئیل بآی من القرآن » أی آیات منه (1).

و « أیُ » فی الکلام اسم معرب

ص: 40

یستفهم به ویجازی فیمن یعقل وفیمن لا یعقل (1) قال الجوهری : وهو معرفه للإضافه ، وقد یتعجب به.

قال الفراء : « أیُ » یعمل فیه ما بعده ولا یعمل فیه ما قبله کقوله تعالی : ( لِنَعْلَمَ أَیُ الْحِزْبَیْنِ أَحْصی ) فرفع.

وإذا نادیت اسما فیه الألف واللام أدخلت بینه وبین حرف النداء « أیُّهَا » فتقول : « یا أیها الرجل » و « یا أیتها المرأه » فأیُ اسم مبهم مفرد معرفه بالنداء مبنی علی الضم ، و « ها » حرف تنبیه ، وهی عوض مما کانت « أی » تضاف إلیه ، وترفع الرجل لأنه صفه « أی ».

قال فی المغنی : وقد تزاد « ما » علی « أی » مثل : « أیُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ ».

وقد تکون « أیُ » خبرا بمعنی « کم » للعدد کقوله تعالی : ( وَکَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَهٍ ) و ( کَأَیِّنْ مِنْ نَبِیٍ ) أصله « أی » دخلت الکاف علیها فصارت بمعنی « کم » التی للتکثیر ... انتهی.

وفِی الْحَدِیثِ : « وأَیُّ شَیْءٍ الدُّنْیَا ». ولعل « أی » للاستفهام الذی یراد به النفی لقصد التحقیر ، کقولک لمن ادعی إکرامک : « أی یوم أکرمتنی ».

و « إیَّا » بکسر الهمزه والتشدید ، قال الجوهری : هو اسم مبهم ویتصل به جمیع المضمرات المتصله للنصب نحو « إیای » و « إیاک » و « إیاه » و « إیانا » وجعلت الیاء والکاف والهاء والنون بیانا عن المقصود ، لیعلم المخاطب من الغائب ، ولا موضع لها من الإعراب ، فهی کالکاف فی « ذلک » قال : وقد تکون للتحذیر تقول : « إیَّاکَ والأسد » وهو بدل من فعل ، کأنک قلت : « باعد ».

قال : وأما « أیَا » مخففه فهی من حروف النداء ، ینادی بها القریب والبعید و « أی » مثال « کی » ینادی بها القریب دون البعید ، وهی أیضا کلمه تتقدم التفسیر تقول : « أیْ کذا » کما أن « أی »

ص: 41

بالکسر تتقدم القسم ، ومعناها « بلی » تقول : « إی وربی إی والله ».

وفی المغنی : إذا وقعت « أی » للتفسیر بعد « تقول » وقبل فعل مسند للضمیر حکی الضمیر ، أی أتیت به علی الحکایه نحو « تقول استکتمته الحدیث أی سألته کتمانه » یقال ذلک بضم التاء ، ولو جئت بإذا مکان أی فتحت ، فقلت : « إذا سألته » لأن إذا ظرف لتقول ، وقد نظم بعضهم ذلک فقال :

إذا کنیت بأی فعلا تفسره

فضم تاءک فیه ضم معترف

وإن تکن بإذا یوما تفسره

ففتحه التاء أمر غیر مختلف

والمقابله (1).

والمجاوزه - کعن - کقوله تعالی : ( فَسْئَلْ بِهِ خَبِیراً ) وقوله : ( یَسْعی نُورُهُمْ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَبِأَیْمانِهِمْ ) وقوله : ( یَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ ) وقیل : الباء هنا للحال ، أی وعلیها الغمام ، کما تقول : « رکب الأمیر بسلاحه » أی وعلیه سلاحه والاستعلاء - کعلی - کقوله تعالی : ( وَمِنْ أَهْلِ الْکِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ ) أی علی قنطار.

والقسم (2).

والغایه کقوله تعالی : ( وَقَدْ أَحْسَنَ بِی ) أی إلی.

والتوکید - وهی الزائده - کقوله تعالی ( وَکَفی بِاللهِ حَسِیباً ). وللدلاله علی التکریر والدوام « کأخذت بالخطام ».

وفی المغنی : اختلف النحویون فی الباء من قوله : ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّکَ ) فقیل : للمصاحبه و « الحمد » مضاف إلی المفعول أی سبحه حامدا ، أی نزهه عما لا یلیق به وأثبت له ما یلیق به ، وقیل : للاستعانه و « الحمد » مضاف إلی الفاعل ، أی سبحه بما حمد به نفسه.

قال : واختلف أیضا فی « سبحانک اللهم وبحمدک » فقیل : جمله واحده ، والواو زائده ، وقیل : جملتان والواو عاطفه ومتعلق الباء محذوف ، ثم قال : وتکون الباء للتبعیض - أثبت ذلک الأصمعی والفارسی والثعلبی وابن مالک ، قیل والکوفیون وجعلوا منه قوله تعالی : ( عَیْناً یَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ ) قیل : ومنه قوله تعالی : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِکُمْ ) انتهیز

ومجیئها للتبعیض وکونها فی الآیه له مما لا شک فیه ، کما علیه الإمامیه ونطق به الخبر الصحیح عن زراره عن الباقر علیه السّلام (3) ویتم الکلام فی بعض إن شاء الله تعالی (4)

ص: 43

ولا یعید » مثلا للهلاک ، والمعنی جاء الحق وهلک الباطل.

و « أبْدَی الشیءَ » أظهره.

ومنه سمیت البادیه لظهورها.

والبدو - علی فعول - : الظهور ، ومنه الْحَدِیثُ : « نَهَی عَنْ بَیْعِ الثَّمَرَهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا ». أی قبل ظهوره ، وهو أن یحمر البسر أو یصفر.

قوله : ( سَواءً الْعاکِفُ فِیهِ وَالْبادِ ) أی الذی من أهل البدو.

والبدو - کفلس - : خلاف الحضر.

قوله : ( بادُونَ فِی الْأَعْرابِ ) : خارجون إلی البدو ، وأراد البداوه أی الخروج إلی البادیه ، وتفتح باؤها وتکسر وفِی الْحَدِیثِ : « أَتَی أَهْلُ الْبَادِیَهِ رَسُولَ اللهِ ». أی جماعه من الأعراب سکان البادیه.

والبَدَوِیُ : نسبه إلی البادیه علی غیر القیاس.

وفِی الْخَبَرِ : « کَرِهَ شَهَادَهَ الْبَدَوِیِ عَلَی صَاحِبِ قَرْیَهٍ ». قیل : لما فیه من الجفاء فی الدین والجهاله بأحکام الشرع ، ولأنهم فی الغالب لا یضبطون الشهاده علی وجهها.

و « فلان ذو بداوه » أی لا یزال یبدو له رأی جدید.

ومنه « بدا له فی الأمر » إذا ظهر له استصواب شیء غیر الأول.

والاسم منه البداء - کسلام - وهو بهذا المعنی مستحیل علی الله تعالی ، کما جَاءَتْ بِهِ الرِّوَایَهُ عَنْهُمْ علیهم السّلام : « بِأَنَّ اللهَ لَمْ یَبْدُ لَهُ مِنْ جَهْلٍ ».

وقَوْلُهُ علیه السّلام : « مَا بَدَا لِلَّهِ فِی شَیْءٍ إِلَّا کَانَ فِی عِلْمِهِ قَبْلَ أَنْ یَبْدُوَ لَهُ ».

وقد تکثرت الأحادیث من الفریقین فی البداء ، مثل : « مَا عُظِّمَ اللهُ بِمِثْلِ الْبَدَاءِ » (1). وقَوْلُهُ : « مَا بَعَثَ اللهُ نَبِیّاً حَتَّی یُقِرَّ لَهُ بِالْبَدَاءِ ». أی یقر له بقضاء مجدد فی کل یوم بحسب مصالح العباد لم یکن ظاهرا عندهم ، وکان الإقرار علیهم بذلک للرد علی من زعم أنه تعالی فرغ من الأمر ، وهم الیهود ، لأنهم یقولون :

ص: 45

« إن الله عالم فی الأزل بمقتضیات الأشیاء فقدر کل شیء علی وفق علمه ».

وفِی الْخَبَرِ : « الْأَقْرَعُ وَالْأَبْرَصُ وَالْأَعْمَی بَدَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ یَبْتَلِیَهُمْ ». أی قضی بذلک ، وهو معنی البداء هاهنا لأن القضاء سابق.

ومثله فِی الْیَهُودِ : « بَدَا لِلَّهِ أَنْ یَبْتَلِیَهُمْ ». أی ظهر له إراده وقضاء مجدد بذلک عند المخلوقین.

وفِی حَدِیثِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « مَا بَدَا لِلَّهِ فِی شَیْءٍ کَمَا بَدَا لَهُ فِی إِسْمَاعِیلَ ابْنِی ». یعنی ما ظهر له سبحانه أمر فی شیء کما ظهر له فی إسماعیل ابنی ، إذ اخترمه قبلی لیعلم أنه لیس بإمام بعدی - کذا قرره الصدوق (ره).

وفِی حَدِیثِ الْعَالِمِ علیه السّلام : « الْمُبْرَمُ مِنَ الْمَفْعُولَاتِ ذَوَاتِ الْأَجْسَامِ الْمُدْرَکَاتِ بِالْحَوَاسِّ مِنْ ذَوِی لَوْنٍ وَرِیحٍ وَوَزْنٍ وَکَیْلٍ ، وَمَا دَبَّ وَدَرَجَ مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ وَطَیْرٍ وَسِبَاعٍ وَغَیْرِ ذَلِکَ مِمَّا یُدْرَکُ بِالْحَوَاسِّ فَلِلَّهِ تَبَارَکَ وَتَعَالَی فِیهِ الْبَدَاءُ مِمَّا لَا عَیْنَ لَهُ ، فَإِذَا وَقَعَ الْعَیْنُ الْمَفْهُومُ الْمُدْرَکُ فَلَا بَدَاءَ وَ ( اللهُ یَفْعَلُ ما یَشاءُ ) ». وفیه من توضیح معنی البداء ما لا یخفی (1).

وقال الشیخ فی العده : وأما الْبَدَاءُ فحقیقته فی اللغه : الظهور ، ولذلک یقال : « بَدَا لنا سور المدینه » و « بدا لنا وجه الرأی » قال تعالی : ( وَبَدا لَهُمْ سَیِّئاتُ ما عَمِلُوا ) ، ( وَبَدا لَهُمْ سَیِّئاتُ ما کَسَبُوا ) ویراد بذلک کله : ظهر.

وقد یستعمل ذلک فی العلم بالشیء بعد أن لم یکن حاصلا ، وکذلک فی الظن ، فأما

ص: 46

إذا أضیفت هذه اللفظه إلی الله تعالی فمنه ما یجوز إطلاقه علیه ومنه ما لا یجوز ، فأما ما یجوز من ذلک فهو ما أفاد النسخ بعینه ، ویکون إطلاق ذلک علیه علی ضرب من التوسع ، وعلی هذا الوجه یحمل جمیع ما ورد عن الصادقین علیهما السّلام من الأخبار المتضمنه لأضافه البداء إلی الله تعالی ، دون ما لا یجوز علیه من حصول العلم بعد أن لم یکن ، ویکون وجه إطلاق ذلک علیه والتشبیه هو : أنه إذا کان ما یدل علی النسخ یظهر به للمکلفین ما لم یکن ظاهرا ویحصل لهم العلم به بعد أن لم یکن حاصلا وأطلق علی ذلک لفظ البداء. قال : وذکر سیدنا المرتضی - قدس روحه - وجها آخر فی ذلک ، وهو أن قال : یمکن حمل ذلک علی حقیقته ، بأن یقال : « بَدَا لله » بمعنی أنه ظهر له من الأمر ما لم یکن ظاهرا له ، وبدا له من النهی ما لم یکن ظاهرا له ، لأن قبل وجود الأمر والنهی لا یکونان ظاهرین مدرکین ، وإنما یعلم أنه یأمر أو ینهی فی المستقبل ، فأما کونه آمرا وناهیا فلا یصح أن یعلمه إلا إذا وجد الأمر والنهی ، وجری ذلک مجری أحد الوجهین المذکورین فی قوله تعالی : ( وَلَنَبْلُوَنَّکُمْ حَتَّی نَعْلَمَ الْمُجاهِدِینَ مِنْکُمْ ) بأن تحمله علی أن المراد به : حتی نعلم جهادکم موجودا ، لأن قبل وجود الجهاد لا یعلم الجهاد موجودا ، وإنما یعلم کذلک بعد حصوله ، فکذلک القول فی البداء (1) ثم قال : وهذا وجه حسن جدا.

و « ابتداء بدء الأمور بیده » - بمفتوحه ثم ساکنه وهمزه - أی ابتداء أوائل الأمور بقدرته.

والبَدِیُ - بالتشدید - : الأول ، ومنه : « الحمد لله بَدِیّاً ».

وقولهم : « أفعل ذلک بَدِیّاً » أی أول کل شیء.

والبَدِیُ : البئر التی حفرت فی الإسلام ولیست بعادیه.

ومنه : « حریم البئر البَدِیّ خمسه

ص: 47

وعشرون ذراعا ».

وفرحکم علی الآتی ، وکذا إذا علمتم أن شیئا منها لا یبقی لم تهتمّوا لأجله واهتَمَمْتُم لأمور الآخره التی تدوم ولا تبید.

قوله : ( إنا برءاء منکم ومما تعبدون ) - بالضم - أی بریئون ، وقرئ « بَرَاءٌ » بالفتح وزن « سلام » (1).

قوله : ( بَراءَهٌ مِنَ اللهِ ) أی هذه الآیات براءه و « من » لابتداء الغایه. قَالَ الشَّیْخُ أَبُو عَلِیٍّ (ره) : أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَی أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله حِینَ نَزَلَتْ بَرَاءَهُ دَفَعَهَا إِلَی أَبِی بَکْرٍ ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ وَدَفَعَهَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السّلام وإن اختلفوا فی تفصیله (2).

قوله تعالی : ( أُولئِکَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّهِ ) أی هم خیر الخلق ، من « بَرَأَ الله الخلق » أی خلقهم ، فترکت همزتها ، ومنهم من یجعلها من « البرء [ البری ] » وهو التراب لخلق آدم منه. قال الشیخ أبو علی (ره) : قرأ نافع وذَکْوان الْبَرِیئَهَ مهموزا والباقون بغیر همز ، والمعنی : أولئک هم خیر الخلیقه ، قال : ورُوِیَ مَرْفُوعاً إِلَی یَزِیدَ بْنِ شَرَاحِیلَ الْأَنْصَارِیِّ کَاتِبِ عَلِیٍّ علیه السّلام قَالَ : « سَمِعْتُ عَنْ عَلِیٍّ علیه السّلام قَالَ : قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله وَأَنَا مُسْنِدُهُ إِلَی صَدْرِی فَقَالَ : یَا عَلِیُّ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَی : ( إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِکَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّهِ ) وَهُمْ شِیعَتُکَ وَمَوْعِدِی وَمَوْعِدُکَ الْحَوْضُ إِذَا اجْتَمَعَتِ الْأُمَمُ لِلْحِسَابِ ، یُدْعَوْنَ غُرّاً مُحَجَّلِینَ ». وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی : ( أُولئِکَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّهِ ) قَالَ : « نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السّلام وَأَهْلِ بَیْتِهِ ».

قوله : ( وَما أُبَرِّئُ نَفْسِی ) الآیه. قال الشیخ أبو علی (ره) : ثم تواضع لله - یعنی یوسف - وبین أن ما به من الأمانه إنما هو بتوفیق الله وعصمته ( وَما أُبَرِّئُ نَفْسِی ) من الزلل لأنَ ( النَّفْسَ لَأَمَّارَهٌ بِالسُّوءِ ) أراد الجنس ( إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّی ) إلا البعض الذی رحمه ربی بالعصمه. وقیل : من کلام امرأه العزیز ،

ص: 49

أی ذلک قلت لیعلم یوسف أنی لم أکذب علیه فی حال الغیبه وصدقت فیما سئلت عنه ، ( وَما أُبَرِّئُ نَفْسِی ) مع ذلک من الخیانه ، فإنی خنته حین فرقته وسجنته ، ترید الاعتذار مما کان.

وفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ نَامَ عَلَی سَطْحٍ غَیْرِ مُحَجَّرٍ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّهُ ». ومعناه : أن لکل أحد من الله عهدا بالحفظ والکلاءه ، فإذا ألقی بیده إلی التهلکه أو فعل ما حرم أو خالف ما أمر به خذلته ذمه الله.

وفِیهِ : « مَنْ یُطِیقُکَ وَأَنْتَ تُبَارِی الرِّیحَ ». أی تسابقه ، من قولهم : « فلان یُبَارِی الریح سماحه » أی یسابقه فیها ، أو من المعارضه من قولهم : « فلان یُبَارِی فلانا » إذا صنع کصنعه لیعجزه.

وفِی الْخَبَرِ : « نُهِیَ عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِیَیْنِ ». أی یفعلهما لیعجز أحدهما الآخر ، وإنما کرهه لما فیه من المباهات والریاء.

و « بَرَأْتُ من المرض أَبْرَأُ بَرَاءً » بالفتح ، ویقال : « بَرِئْتُ » بالکسر « بُرَءاً » بالضم ، و « وأَبْرَأَهُ الله من المرض ».

و « بَرِئَ فلان من دینه » من باب تعب : سقط عنه طلبه.

و « بَرِئَ فلان من فلان » إذا تَبَرَّأَ منه و « الله منه بَرِیءٌ » أی مُتَبَرِّئٌ ، وهو من باب الوعید.

وإذا قلت : « أنا بَرِیءٌ منه » قلت فی الجمع : « نحن منه بُرَآءُ » مثل فقیه وفقهاء ، و « بِرَاءٌ » مثل کریم وکرام ، و « أَبْرَاءٌ » مثل شریف وأشراف ، و « أَبْرِیَاءٌ » مثل نصیب وأنصباء ، و « بَرِیئُونَ » - کذا قاله الجوهری.

و « أنا منه بَرَاءٌ » أی بَرِیءٌ عن مساواته فی الحکم وأن أقاس به ، ولم یرد بَرَاءَهَ الإیمان والولایه.

وفِی حَدِیثِ الطِّبِّ وَالتَّطَیُّرِ : « فَلْیَطْلُبْ مِنْ وَلِیِّهِ الْبَرَاءَ ». کأنه یرید الْبَرَاءَهَ من الضمان عند عروض التلف.

و « أَبْرَأُ إلی الله أن یکون لی منکم خلیل » أی أمتنع.

و « اسْتَبْرَأْتُ الشیء » طلبت آخره

ص: 50

لقطع الشبهه عنه.

ومنه « اسْتِبْرَاءُ الخبر ».

والِاسْتِبْرَاءُ من البول (1) : أن یستفرغ بقیته وینقی موضعه ومجراه حتی یُبَرِّئَهُمَا منه ، ومن الحیض : هو طلب نقاوه الرحم من الدم ، وکیفیته - علی ما ذکر فی الفقیه - هو أن تلصق المرأه بطنها بالحائط وترفع رجلها الیسری - کما تری الکلب إذا بال - وتدخل قطنه فإن خرج الدم فهو حیض. ومن الجلل : هو ربط الجلال وحبسه عن أکل النجاسات مده مقدره من الشرع ، وفی کمیه القدر خلاف ، ومحصله - علی ما ذکره بعض المحققین - : اسْتِبْرَاءُ الناقه بأربعین یوما ، والبقره بعشرین - وقیل بثلاثین - والشاه بعشره والبطه وشبهها بخمسه - وفی الفقیه بثلاثه أیام وروی سته أیام - ، والدجاجه وشبهها بثلاثه أیام ، والسمک ، بیوم ولیله ، وما عدا هذه المذکورات بما یزیل حکم الجلل ، ومرجعه إلی العرف.

و « اسْتَبْرَأَ لدینه وعرضه » أی طلب الَبْرَاءَ لأجل دینه من الذم الشرعی ومن الإثم ولعرضه من الطعن فیه.

و « بَارَی الرجل امرأته » إذا فارقها.

والْمُبَارَاهُ : أن تقول المرأه لزوجها : « لک ما علیک واترکنی » (2) فیترکها. إلا أنه یقول لها : « إن ارتجعت فی شیء فأنا أملک ببضعک » إلی غیر ذلک من الشروط المذکوره فی محالها.

والْبَرَی : التراب ، ومِنْهُ « اللهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ عَدَدَ الثَّرَی وَالْبَرَی ».

والْبَرَاءُ : - بالمد والتخفیف - یقال لابن معرور الذی هو من النقباء لیله العقبه ، ولابن عازب الذی نُقِلَ أَنَّهُ رَوَی عَنِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله ثَلَاثَمِائَهٍ وَخَمْسَهَ أَحَادِیثَ ، وَأَنَّهُ حَضَرَ مَقْتَلَ الْحُسَیْنِ علیه السّلام وَلَمْ یَنْصُرْهُ ، وَکَانَ یُطِیلُ الْحَسْرَهَ وَالنَّدَمَ عَلَی ذَلِکَ. ولابن مالک أخو أنس بن مالک الذی

ص: 51

شهد أحُدا والخندق.

والْبُرَهُ - بالضم وخفّه الراء - : الحلقه التی توضع فی أنف البعیر ، وهی الخزامه ، وربما کانت من شعر (1).

وفِی الْحَدِیثِ : « کَانَتْ بُرَهُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله مِنْ فِضَّهٍ » (2).

ونهی عن بَرْیِ النبل فی المساجد ، أی نحته وعمله فیها.

یقال : « بَرَیْتُ النبل والقلم بَرْیاً » من باب رمی ، و « بَرَوْتُهُ » لغه ، واسم الفعل الْبِرَایَهُ بالکسر.

والْبَارِیَّهُ الحصیر الخشن ، وهو المعروف فی الاستعمال ، وقال المطرزی : الْبَارِیّ الحصیر ، ویقال له بالفارسیه : الْبُورِیَا (3).

أشکالها ... انتهی. وعَنْ کَعْبِ الْأَحْبَارِ : الْبَازِیُ یَقُولُ : « سُبْحَانَ رَبِّی وَبِحَمْدِهِ ».

أی یطلبون.

و ( بَغْیاً أَنْ یُنَزِّلَ اللهُ ) أی طلبا أن ینزل الله.

قوله : ( وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ ) قیل : هو نفی ویراد به النهی ، مثل « لَا تُنْکَحُ الْمَرْأَهُ عَلَی عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا ». ومراده لا ینفقون شیئا ( إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ ) ، أی طلب وجه الله ، وفیه نهی عن الریاء وطلب السمعه بالإنفاق ، وأمر بالإخلاص لما فی الکلام من النفی والإثبات.

قوله : ( وَأُحِلَّ لَکُمْ ما وَراءَ ذلِکُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِکُمْ ) قیل : هو فی محل النصب مفعول له ، والمفعول محذوف : أی أحل لکم ما وراء ذلکم لأن تطلبوا النساء.

قوله : ( غَیْرَ باغٍ وَلا عادٍ ) أن لا یَبْغِی المیته ولا یطلبها وهو یجد غیرها ، ولا عاد یعدو شبعه.

قوله : ( وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ ) أی رزقه أو علمه ، ووَرَدَ أَنَّهُ عِیَادَهُ مَرِیضٍ وَحُضُورُ جَنَازَهٍ وَزِیَارَهُ أَخٍ. قوله : ( وَابْتَغُوا إِلَیْهِ الْوَسِیلَهَ ) الوسیله فعیله من قولهم : « توسلت إلیه » أی تقربت ، والضمیر راجع إلی الله تعالی ، أی اطلبوا التقرب إلی الله تعالی بأعمالکم.

قوله : ( إِنَّما بَغْیُکُمْ عَلی أَنْفُسِکُمْ ) أی فسادکم علی أنفسکم.

والْبَغْیُ : الفساد ، وأصل الْبَغْیِ : الحسد ثم سمی الظالم بَغِیّاً ، لأن الحاسد ظالم.

ومنه قوله تعالی : ( فَبَغی عَلَیْهِمْ ) أی ترفع وجاوز المقدار.

وقوله تعالی : ( وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَ بُغِیَ عَلَیْهِ لَیَنْصُرَنَّهُ اللهُ ) فِی تَفْسِیرِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ (ره) : هُوَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله لَمَّا أَخْرَجَتْهُ قُرَیْشٌ مِنْ مَکَّهَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ إِلَی الْغَارِ ، فَطَلَبُوهُ لِیَقْتُلُوهُ ، فَعَاقَبَهُمُ اللهُ یَوْمَ بَدْرٍ ، فَقُتِلَ عُتْبَهُ وَشَیْبَهُ وَالْوَلِیدُ وَأَبُو جَهْلٍ وَحَنْظَلَهُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَغَیْرُهُمْ ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله طَلَبَ بِدِمَائِهِمْ ، فَقُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السّلام وَآلُ مُحَمَّدٍ بَغْیاً وَعُدْوَاناً وَظُلْماً ، وَهُوَ قَوْلُ یَزِیدَ :

ص: 54

لَیْتَ أَشْیَاخِی بِبَدْرٍ شَهِدُوا

وَقْعَهَ الْخَزْرَجِ مَعَ وَقْعِ الْأَسَلِ

إِلَی قَوْلِهِ :

قَدْ قَتَلْنَا الْقَوْمَ مِنْ سَادَاتِهِمْ

وَعَدَلْنَاهُ بِبَدْرٍ فَاعْتَدَلَ (1)

فَقَوْلُهُ : ( وَمَنْ عاقَبَ ) یَعْنِی رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله ( بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَ بُغِیَ عَلَیْهِ ) یَعْنِی بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السّلام بَغْیاً وَظُلْماً وَعُدْوَاناً ( لَیَنْصُرَنَّهُ اللهُ ) یَعْنِی بِالْقَائِمِ مِنْ وُلْدِهِ.

قوله : ( وَما یَنْبَغِی لِلرَّحْمنِ أَنْ یَتَّخِذَ وَلَداً ) أی ما یتأتی للرحمن اتخاذ الولد ، ولا یصلح له ذلک.

یقال : « ما یَنْبَغِی لک أن تفعل کذا » أی ما یصلح لک ذلک.

وفی المصباح : حکی عن الکسائی أنه سمع من العرب : « وما یَنْبَغِی أن یکون کذا » أی ما یستقیم وما یحسن ، قال : « ویَنْبَغِی أن یکون کذا » معناه یندب ندبا مؤکدا لا یحسن ترکه ، ثم قال : واستعمال ماضیه مهجور ، وقیل : عدوا « ینبغی » من الأفعال التی لا تتصرف ولا یقال « انبغی » قال : وقیل فی وجهه أن ینبغی مطاوع « بغی » ولا یستعمل انفعل إلا إذا کان فیه علاج وانفعال ، وهو لا علاج فیه ، وأجازه بعضهم ... انتهی.

وفِی الْحَدِیثِ : « أَلَا وَإِنَّ اللهَ یُحِبُ بُغَاهَ الْعِلْمِ (2) ». بضم موحده ، أی طلبته ، جمع « بَاغٍ » بمعنی طالب والجمع « بُغْیَانٌ » کراع ورعیان یقال : بَغَیْتُ الشیء بغاء وبغیه إذا طلبته قال الحاجبی : الصفه من نحو « جاهل » علی « جهل » و « جهال » غالبا و « فسقه » کثیرا وعلی قضاه. و « الْبُغَاهُ » أیضا جمع « بَاغٍ » وهم الخارجون علی إمام معصوم - کما فی الجمل وصفین - سموا بذلک لقوله تعالی : ( فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَی الْأُخْری فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّی تَفِیءَ ) « والفئه الْبَاغِیَهُ » الخارجه عن طاعه الإمام من « الْبَغْیِ » الذی هو مجاوزه الحد.

ومنه حَدِیثُ عَمَّارٍ : « تَقْتُلُهُ الْفِئَهُ الْبَاغِیَهُ ».

وفِیهِ : « إِیَّاکَ أَنْ یُسْمَعَ مِنْکَ کَلِمَهُ بَغْیٍ ». أی ظلم وفساد.

ص: 55

و « بَغَی علی الناس » ظلم واعتدی ، فه و « باغ ».

و « بَغَی » سعی فی الفساد.

قیل : ومنه « الفئه الْبَاغِیَهُ » لأنها عدلت عن القصد.

و « الْبِغْیَهُ » - بالکسر مثل الجلسه - الحال التی تبغیها.

و « الْبُغْیَهُ » - بضم الموحده - الحاجه نفسها.

عن الأصمعی : « وبَغَی ضالته » طلبها ، وکل طلبه « بُغَاءٌ » - بالضم - و « بُغَایَهٌ » أیضا - قاله الجوهری.

وفِی الْحَدِیثِ فِی رَجُلٍ أَعَارَ جَارِیَهً « لَمْ یَبْغِهَا غَائِلَهً ». أی لا یقصد اغتیالها ، فقضی أن لا یغرمها.

و « ابْغِنِی کذا » - بهمزه الوصل - اطلب لی ، وبهمزه القطع أعنی علی الطلب قاله فی الدر.

الله لکم من الحلال ولم یحرمه علیکم ، فیه مقنع ورضی فذلک خیر لکم.

قوله : ( وَبَقِیَّهٌ مِمَّا تَرَکَ آلُ مُوسی وَآلُ هارُونَ ) أی فی التابوت مما تکسر من الألواح التی کتب الله لموسی ، وعصا موسی وثیابه ، وعمامه هارون.

ویقال : ( بَقِیَّهٌ مِمَّا تَرَکَ ) رُضَاض قَطْعِ الألواح.

قوله : ( أُولُوا بَقِیَّهٍ ) أی أولوا تمییز وطاعه ، یقال : « فلان بَقِیَّهٌ » أی فضل مما یمدح به.

والْبَقِیَّهُ : الرحمه ، ومنه حَدِیثُ وَصْفِهِمْ علیهم السّلام : « أَنْتُمْ بَقِیَّهُ اللهِ فِی عِبَادِهِ ». أی رحمه الله التی من الله بها علی عباده.

وجمع الْبَقِیَّهِ « بَقَایَا » و « بَقِیَّاتٌ » مثل عطیه وعطایا وعطیات.

وفِی حَدِیثِ النَّارِ : « لَا تُبْقِی عَلَی مَنْ تَضَرَّعَ إِلَیْهَا ». أی لا ترحمه ، من أَبْقَیْتُ علیه إِبْقَاءً : إذا رحمته وأشفقت علیه.

والاسم الْبُقْیَا.

وبَقِیَ الشیء یَبْقَی - من باب تعب - دام وثبت.

ویتعدی بالألف فیقال : « أَبْقَیْتُهُ ».

والاسم : « الْبَقْوَی » بالفتح مع الواو و « الْبُقْیَا » بالضم مع الیاء.

قال فی المصباح : ومثله الفتوی والفتیا والثنوی والثنیا ، قال : وطی تبدل الکسره فتحه فتقلب الیاء ألفا ، وکذلک کل فعل ثلاثی مثل بَقِیَ ونسی وفتی ... انتهی.

و « بَقِیَ من الدین کذا » فضل وتأخر و « تَبَقَّی » مثله.

والاسم : الْبَقِیَّهُ.

وفِی حَدِیثِ مَلَکِ الْمَوْتِ لِبَنِی آدَمَ : « إِنَّ لَنَا فِیکُمْ بَقِیَّهً ». یرید ما یبقی من الشیء ویفضل.

« ولأربع بَقِینَ من کذا » أی بقیت منه ، وکذا « خلون » أی خلون منه.

وفِی الْحَدِیثِ : « مَا مِنْ نَبِیٍّ وَلَا وَصِیٍ یَبْقَی فِی الْأَرْضِ أَکْثَرَ مِنْ ثَلَاثَهِ أَیَّامٍ حَتَّی یُرْفَعَ بِرُوحِهِ وَعَظْمِهِ وَلَحْمِهِ إِلَی السَّمَاءِ ».

ص: 57

وفیه تأویل (1).

و « الْبَاقِی » من صفاته تعالی ، وهو من لا ینتهی تقدیر وجوده فی الاستقبال إلی آخر ینتهی إلیه.

وقلوبهم مشغوله ، وخواطرهم متعلقه بالملأ الأعلی ، وهم أبدا فی المراقبه کما قَالَ علیه السّلام : « اعْبُدِ اللهَ کَأَنَّکَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَإِنَّهُ یَرَاکَ ». فهم أبدا متوجهون إلیه ومقبلون بکلیتهم علیه ، فمتی انحطوا عن تلک المرتبه العلیه والمنزله الرفیعه إلی الاشتغال بالمأکل والمشرب والتفرغ إلی النکاح وغیره من المباحات عدوه ذنبا واعتقدوه خطیئه فاستغفروا منه ، ألا تری إلی بعض عبید أبناء الدنیا لو قعد یأکل ویشرب وینکح وهو یعلم أنه بمرأی من سیده ومالکه یعده ذنبا ، فما ظنک بسید السادات ومالک الملاک ، وإلی هذا أشار بِقَوْلِهِ علیه السّلام : « إِنَّهُ لَیُغَانُ عَلَی قَلْبِی وَإِنِّی أَسْتَغْفِرُ بِالنَّهَارِ سَبْعِینَ مَرَّهً » (1). وقَوْلِهِ : « حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَیِّئَاتُ الْمُقَرَّبِینَ » .. انتهی.

ویجیء فی « غین » إن شاء الله تعالی ما یتم به الکلام.

وبَکَی یَبْکِی بُکًی وبُکَاءً - بالقصر والمد - قیل : القصر مع خروج الدموع ، والمد علی إراده الصوت (2).

قال فی المصباح : وقد جمع الشاعر بین المعنیین ، فقال :

بَکَتْ عینی وحق لها بُکَاهَا

وما یغنی الْبُکَاءُ ولا العویل

وقد تکرر ذکر الْبُکُاءِ فی الحدیث ، والمبطل منه للصلاه (3) یحتمل معنیین ، وقصر البعض تحریمه علی الممدود لمکان الاستصحاب فی صحه الصلاه ، وإطلاق

ص: 59

النص یأباه (1).

و « تَبَاکَی الرجل » : تکلف البکاء.

ومِنْهُ : « إِنْ لَمْ تَجِدُوا الْبُکَاءَ فَتَبَاکُوا ». وقیل : معناه لا تکلفوا الْبُکَاءَ.

و « بَکَیْتُهُ » و « بَکَیْتُ علیه » و « بَکَیْتُ له » و « بَکَّیْتُهُ » - بالتشدید - و « بَکَتِ السماء » إذا أمطرت ، ومنه « بَکَتِ السحابه ».

والله یَبْلُو العبد بما یحبه لیمتحن شکره ، وبما یکرهه لیمتحن صبره ، قال تعالی : ( وَنَبْلُوکُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَیْرِ فِتْنَهً ).

قوله تعالی : ( یَوْمَ تُبْلَی السَّرائِرُ ) أی تختبر السرائر فی القلوب ، من العقائد والنیات وغیرها وما أسر وأخفی من الأعمال ، فیتمیز منها ما طاب وما خبث.

قوله : ( لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) أی لیعاملکم معامله المختبرین لکم ، وإلا فعالم الغیب والشهاده لا یخفی علیه شیء ، وإنما یَبْلُو ویختبر من تخفی علیه العواقب.

وعَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « لَیْسَ یَعْنِی أَکْثَرَکُمْ عَمَلاً وَلَکِنْ أَصْوَبُکُمْ عَمَلاً وَإِنَّمَا الْإِصَابَهُ خَشْیَهُ اللهِ وَالنِّیَّهُ الصَّادِقَهُ » (1).

وعن بعض المفسرین : جمله ( لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) تعلیل لخلق الموت والحیاه فی قوله : ( خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَیاهَ ) والنیه الصادقه انبعاث القلب نحو الطاعه ، غیر مخلوط فیه شیء سوی وجه الله سبحانه کمن یعتق عبده مثلا ملاحظا مع القربه الخلاص من مئونته أو سوء خلقه ونحو ذلک.

قوله : ( وَهُوَ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِی سِتَّهِ أَیَّامٍ وَکانَ عَرْشُهُ عَلَی الْماءِ لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ... ) لِیَبْلُوَکُمْ متعلق بما تقدم ، أی خلقهن لحکمه بالغه ، وهی أن یجعلها مساکن لعباده ، وینعم علیهم فیها بفنون النعم ویکلفهم ویعرضهم للثواب ، ولما أشبه ذلک اختبار المختبر. قال : لِیَبْلُوَکُمْ أی لیفعل بکم ما یفعل الْمُبْتَلِی لأحوالکم.

وفِی الْحَدِیثِ : « أَعُوذُ بِکَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِی تُنْزِلُ الْبَلَاءَ ». وهی کما جاءت به الروایه عَنْ سَیِّدِ الْعَابِدِینَ علیه السلام : « تَرْکُ إِغَاثَهِ الْمَلْهُوفِ ، وَتَرْکُ مُعَاوَنَهِ الْمَظْلُومِ ، وَتَضْیِیعُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْیِ عَنِ الْمُنْکَرِ ».

وفِیهِ : « الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا أَبْلَانَا ». أی أنعم علینا وتفضل ، من الْإِبْلَاءِ الذی هو الإحسان والإنعام.

وفِیهِ : « الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا أَبْلَی وَابْتَلَی ».

ص: 61

أی علی ما أبلی من النعم وابتلی من النقم.

یقال : « أَبْلَاهُ الله بَلَاءً حسنا » أی بکثره المال والصحه والشباب ، وابْتَلَاهُ أی بالمرض والفقر والمشیب.

وفِیهِ : « لَا تَبْتَلِنَا إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ ». أی لا تمتحنا ولا تختبرنا إلا بالتی هی أحسن.

وفِیهِ : « إِنَّمَا بَعَثْتُکَ لِأَبْتَلِیَکَ وَأَبْتَلِیَ بِکَ ». أی لأمتحنک هل تقوم بما أمرت به من تبلیغ الرساله والجهاد والصبر ، وأَبْتَلِی بک قومک من یتبعک ومن یتخلف عنک ومن ینافق معک.

و « ابْتُلِیتُ بِهَذَا الْعِلْمِ ». أی اختبرت به وامتحنت.

والْبَلِیَّهُ والْبَلْوَی والْبَلَاءُ واحد ، والجمع الْبَلَایَا.

« ولا أُبَالِیهِ » : لا أکترث به ولا أهتم لأجله (1).

ومنه « ما بَالَیْتُ بِهِ ».

ومنه « لَا أُبَالِی أَبَوْلٌ أَصَابَنِی أَمْ مَاءٌ ».

ومنه حَدِیثُ أَهْلِ الْجَنَّهِ وَالنَّارِ : « هَؤُلَاءِ إِلَی الْجَنَّهِ وَلَا أُبَالِی ، وَهَؤُلَاءِ إِلَی النَّارِ وَلَا أُبَالِی ».

وفِیهِ : « مَنْ لَا یُبَالِی مَا قَالَ وَمَا قِیلَ فِیهِ فَهُوَ لِغَیَّهٍ أَوْ شِرْکِ شَیْطَانٍ » (2). وفسره بمن تعرض للناس یشتمهم وهو یعلم أنهم لا یترکونه.

و « بَلِیَ الثوب یَبْلَی » - من باب تعب « بِلًی » - بالکسر والقصر - و « بُلَاءً » - بالضم والمد - : خلق ، فه و « بَالٍ ».

و « بَلِیَ المیت » أفنته الأرض.

وفِی حَدِیثِ الصَّادِقِ علیه السّلام - وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْمَیِّتِ یَبْلَی جَسَدُهُ - قَالَ : « نَعَمْ حَتَّی لَا یَبْقَی لَهُ لَحْمٌ وَلَا عَظْمٌ إِلَّا طِینَتُهُ الَّتِی خُلِقَ مِنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَبْلَی بَلْ تَبْقَی فِی الْقَبْرِ مُسْتَدِیرَهً حَتَّی یُخْلَقَ مِنْهَا کَمَا خُلِقَ مِنْهَا أَوَّلَ مَرَّهٍ ».

و « بَلَی » حرف إیجاب ، فإذا قیل :

ص: 62

« ما قام زید » وقلت فی الجواب « بَلَی » فمعناه إثبات القیام ، وإذا قلت : « لیس کان کذا » وقلت : « بَلَی » فمعناه التقریر والإثبات.

ولا یکون معناه إلا بعد نفی إما فی أول کلام - کما تقدم - ، وإما فی أثنائه کما فی قوله تعالی : ( أَیَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلی ) والتقدیر : بَلَی نجمعها وقد یکون مع النفی استفهام وقد لا یکون - کما تقدم - فهو أبدا یرفع حکم النفی ویوجب نقیضه (1) - جمیع ذلک قاله فی المصباح.

وفِی الْحَدِیثِ : « تَجْدِیدُ الْوُضُوءِ لِصَلَاهِ الْعِشَاءِ یَمْحُو لَا وَاللهِ وَبَلَی وَاللهِ ». أی یمحو ما وقع للعبد من القسم الکاذب فی الیوم.

نسبهم إلیه باعتبار أن کل نبی أب لقومه.

قوله : ( لا یَزالُ بُنْیانُهُمُ الَّذِی بَنَوْا رِیبَهً فِی قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ) قال المفسر : المعنی : لا یزال هدم بنیانهم الذی بنوه سبب شک ونفاق فی قلوبهم ، لا یضمحل أثره إلا أن تقطع ، أی تقطع قلوبهم قطعا وتتفرق أجزاء ، فحینئذ یمیلون عنه ، والریبه باقیه فیها ما دامت سالمه. وقرئ ( تَقَطَّعَ ) بالتشدید والتخفیف ، ویجوز أن یراد حقیقه تقطیعهم بقتلهم أو فی النار. وقیل : معناه : إلا أن یتوبوا توبه تتقطع بها قلوبهم ندما علی تفریطهم.

وفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ هَدَمَ بُنْیَانَ رَبِّهِ فَهُوَ مَلْعُونٌ ». أی من قتل نفسا بغیر حق لأن الجسم بُنْیَانُ الله تعالی.

وفِیهِ : « الْکَلِمَاتُ الَّتِی بُنِیَ عَلَیْهِ الْإِسْلَامُ أَرْبَعٌ : سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَکْبَرُ ». أی الکلمات التی هی أصل الإسلام یُبْنَی علیها کما یُبْنَی علی الأساس ، وکان الوجه فی ذلک - علی ما قیل - اشتمالها علی عمده أصول الدین : من التوحید والصفات الثبوتیه والسلبیه.

وفِیهِ : « بَنَی بِالثَّقَفِیَّهِ ». أی نکح زوجه من ثقیف.

وفِیهِ : « تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ بِعَائِشَهَ وَهِیَ بِنْتُ سِتٍّ ، وَبَنَی بِهَا وَهِیَ بِنْتُ تِسْعٍ ». أی دخل بها وهی بنت تسع سنین.

قال فی المصباح وغیره : وأصله أن الرجل کان إذا تزوج بَنَی للعرس خباء جدیدا وعمره بما یحتاج إلیه ، ثم کثر حتی کنی به عن الجماع. ثم حکی عن ابن درید أنه قال : « بَنَی علیها » و « بَنَی بها » والأول أفصح ، وحکی عن ابن السکیت أنه قال : « بَنَی علی أهله » إذا زفت إلیه ، والعامه تقول : « بَنَی بأهله » و « ابْتَنَی علی أهله » إذا أعرس انتهی.

وفِی الْخَبَرِ : « أَوَّلُ مَا نَزَلَ الْحِجَابُ فِی مُبْتَنَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله » أراد بِالْمُبْتَنَی هنا الِابْتِنَاءَ.

وفِی حَدِیثِ الِاعْتِکَافِ « فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ فَقُوِّضَ ». أی نقض ، ویرید به واحد

ص: 64

الْأَبْنِیَهِ ، وهی البیوت التی تسکنها العرب فی الصحاری.

قال الجوهری : أَبْنِیَهُ العرب طِرَاف وأخْبِیَه ، فالطِّراف من أدم والخباء من صوف أو وبر.

وفِیهِ : « کُلُ بِنَاءٍ وَبَالٌ إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ ». قیل : أراد ما بُنِیَ للتفاخر والتنعم ، لا أَبْنِیَهَ الخیر من المساجد والمدارس والربط ونحوها.

وفِیهِ : « اتَّقُوا الْحَرَامَ فِی الْبِنَاءِ ». أی احترزوا عن إنفاق مال الحرام فِی الْبُنْیَانِ « فَإِنَّهُ أَسَاسُ الْخَرَابِ ». أی خراب الدین ، والمعنی : اتقوا ارتکاب الحرام فی البنیان ، فإنه أساس الخراب ، فإنه لو لم یُبْنَ لم یخرب - کما فِی الْحَدِیثِ : « لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ ».

والْبَنِیَّهُ - علی فعیله بفتح الباء - : الکعبه ، یقال : « ورب هذه الْبَنِیَّه » وکانت تدعی بَنِیَّهُ إبراهیم علیه السّلام قالوا : أول من بَنَی الکعبه الملائکه ، ثم إبراهیم علیه السّلام ، ثم قریش فی الجاهلیه ، وحضره النبی صلی الله علیه و آله وله خمس وثلاثون أو خمس وعشرون ، ثم ابن الزبیر ، ثم الحجاج. وقیل : بُنِیَتْ بعد ذلک مرتین أو ثلاثا.

والِابْنُ : ولد الرجل ، وأصله « بَنَو » - بالفتح - لأنه یجمع علی « بَنِینَ » وهو جمع سلامه ، وجمع السلامه لا یتغیر ، وجمع القله « أَبْنَاءٌ » وأصله « بِنْو » - بکسر الباء - مثل حمل ، بدلیل « بنت ».

ویطلق الِابْنُ علی ابْنِ الِابْنِ وإن سفل مجازا.

وأما غیر الأناسی مما لا یعقل « کَابْنِ مخاض » و « ابْنِ لبون » فیقال فی الجمع : « بَنَاتُ مخاض » و « بَنَاتُ لبون » وما أشبهه.

قال فی المصباح : قال ابْنُ الأنباری : واعلم أن جمع غیر الناس بمنزله جمع المرأه من الناس ، تقول فیه : « منزل » و « منزلات » و « مصلی » و « مصلیات » وفی « ابْنِ عرس » : « بَنَاتَ عرس » وفی « ابْنِ نعش » : « بَنَاتَ نعش » وربما قیل فی ضروره الشعر « بَنُو نعش » وفیه لغه محکیه عن الأخفش أنه یقال :

ص: 65

« بَنَاتُ عرس » و « بَنُو عرس » و « بَنَاتُ نعش » و « بَنُو نعش » ، فقول الفقهاء « بَنُو لبون » یخرج إما علی هذه اللغه وإما للتمییز بین الذکور والإناث ، قال : ویضاف الِابْنُ إلی ما یخصصه لملابسه بینهما نحو « ابْنِ السبیل » لمار الطریق المسافر ، و « ابْنِ الدنیا » لصاحب الثروه ، و « ابْنِ الماء » لطیر الماء ، و « ابْنِ فاطمه » و « ابْنِ الحنفیه » ونحو ذلک ، وهو قاعده العرب ینسب الإنسان إلی أمه عند ذکره لأمرین : إما لشرفها وعلو منزلتها أو لخساستها ودناءتها ، ویریدون النقص فی ولدها ، کما یقال فی معاویه : « ابْنُ هند » وفی عمرو بن العاص « ابْنُ النابغه » لشهرتها بالزنا.

ومؤنث الِابْنِ « ابْنَهٌ » ، وفی لغه « بِنْتٌ » والجمع « بَنَاتٌ » قال ابن الأعرابی : وسألت الکسائی : کیف تقف علی « بِنْتٍ »؟ فقال : بالتاء ، تبعا للکتاب ، والأصل بالهاء لأن فیها معنی التأنیث ... انتهی.

وفِی حَدِیثِ الْمَوَاضِعِ : « واذْکُرْ خُرُوجَ بَنَاتِ الْمَاءِ مِنْ مَنْخِرَیْکَ ». یرید الدیدان الصغار ، والإضافه للملابسه.

و « بَنَاتُ الماء » أیضا سمکه ببحر الروم شبیهه بالنساء ذوات شعر سبط ، ألوانهن تمیل إلی السمره ، ذوات فروج عظام وثدی وکلام لا یکاد یفهم ویضحکن ویقهقهن ، وربما وقعن فی أیدی بعض أهل المراکب فینکحوهن ثم یعیدوهن إلی البحر - کذا فی حیاه الحیوان.

والْبَنَاتُ أیضا : التماثیل الصغار التی یلعب بها الجواری.

وإذا نسبت إلی « ابْنٍ » و « بِنْتٍ » حذفت ألف الوصل والتاء ، ورددت المحذوف ، فقلت : « بَنَوِیّ ».

قال فی المصباح : ویجوز مراعاه اللفظ فیقال : « ابْنِیّ » و « ابْنَتِیّ ».

ویصغر برد المحذوف ، فیقال « بُنَیّ » والأصل « بُنَیْو ».

وإذا اختلط ذکور الأناسی بإناثهم غلب التذکیر وقیل : « بَنُو فلان » حتی قالوا :

ص: 66

« امرأه بَنِی تمیم » ولم یقولوا : « من بَنَاتِ تمیم » بخلاف غیر الأناسی حیث قالوا : « بَنَاتِ لبون ».

قال فی المصباح : وعلی هذا لو أوصی لِبَنِی فلان دخل الذکور والإناث - کما علیه الفتیا.

و « بُؤْتُ بذنبی » - بالباء المضمومه والهمزه وتاء فی الآخر - أقررت واعترفت.

ومثله « أَبُوءُ بنعمتک علی » أی أقر وأعترف بها.

وفِی الْحَدِیثِ : « مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْکُمُ الْبَاءَهَ - یَعْنِی مُؤَنَ النِّکَاحِ - فَلْیَتَزَوَّجْ ».

والْبَاءَهُ - بالمد لغه - : الجماع ، ثم قیل لعقد النکاح.

وحکی فی ذلک أربع لغات « الْبَاءَهُ » - بالمد مع الهاء - وهو المشهور ، وحذفها « والْبَاهَهُ » - وزان العاهه - ، « والْبَاهُ » مع الهاء ، وقیل : الأخیره تصحیف (1).

ومنه حَدِیثُ أَبِی بَصِیرٍ « قَالَ : دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام یَوْمَ الْجُمُعَهِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ بَاهَی ». من الْبَاهِ أی جامع ، وإنما سمی النکاح « بَاهاً » لأنه من الْمَبَاءَهِ : المنزل ، لأن من تزوّج امرأه بَوَّأَهَا منزلا.

وقیل : « لأن الرجل یَتَبَوَّأُ من أهله » أی یتمکن کما یَتَبَوَّأُ من منزله.

والبوّ : جلد الحُوار یحشی ثُماما فتعطف علیه الناقه ، إذا مات ولدها - قاله الجوهری.

فی الأول.

والْبَهَاءُ : الحسن والجمال ، یقال : « بَهَاءُ الملوک » أی هیئتهم وجمالهم ، « وبهاء الله » عظمته (1).

و « أَبْهُوا الخیل » عطلوها من الغزو.

ثم قال : والتاء فی القسم بدل من الواو کما أبدلوا منها فی « تتری » وفی « تراث » و « تخمه » و « تجاه ».

وفی الکتاب العزیز : ( تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْکُرُ یُوسُفَ ) وفیه حذف.

وفِی الْحَدِیثِ : « تَاللهِ أَنْتَ ». قلبت الواو تاء مع الله دون سائر الأسماء.

وفی المصباح : تکون التاء للقسم ، وتختص باسم الله علی الأشهر.

بِأَحْکَامِهِ ، وَیَرْجُونَ وَعْدَهُ ، وَیَخَافُونَ وَعِیدَهُ ، وَیَعْتَبِرُونَ بِقِصَصِهِ ، وَیَأْتَمِرُونَ بِأَوَامِرِهِ ، وَیَنْتَهُونَ بِنَوَاهِیهِ ، مَا هُوَ وَاللهِ حِفْظُ آیَاتِهِ وَدَرْسُ حُرُوفِهِ وَتِلَاوَهُ سُوَرِهِ وَدَرْسُ أَعْشَارِهِ وَأَخْمَاسِهِ ، حَفِظُوا حُرُوفَهُ وَأَضَاعُوا حُدُودَهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ تَدَبُّرُ آیَاتِهِ وَالْعَمَلُ بِأَحْکَامِهِ. قَالَ اللهُ تَعَالَی : ( کِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَیْکَ مُبارَکٌ لِیَدَّبَّرُوا آیاتِهِ ).

قوله : ( فَالتَّالِیاتِ ذِکْراً ) ، ( عُذْراً أَوْ نُذْراً )(1) قیل : هی الملائکه تلقی بالوحی إلی الأنبیاء عذرا من الله وإنذارا.

و « تَلَوْتُ الکتاب تِلَاوَهً ».

والتَّالِی فی قَوْلِهِمْ علیهم السّلام : « ویَلْحَقُ بِنَا التَّالِی ». هو المرتاد الذی یرید الخیر لیؤجر علیه.

و « تَلَوْتُ الرجل أَتْلُوهُ تُلُوّاً » - علی فعول تبعته ، فأنا تَالٍ ، و تِلْوٌ أیضا وزان حمل.

الظاهر من وجه الأرض ، فإن لم یکن فهو تراب ، ولا یقال : ثَرَی.

و « المال الثَّرِیُ » - علی فعیل - الکثیر (1).

ومنه : « رجل ثَرْوَانٌ » و « امرأه ثَرْوَی ».

والثَّرَاءُ - بالمد - : کثره المال.

و « أَثْرَی الرجل » : کثرت أمواله. والثَّرْوَهُ : کثره العدد.

وفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « صِلَهُ الرَّحِمِ مَثْرَاهٌ لِلْمَالِ ». بالفتح فالسکون علی مفعله مکثره للمال « مَنْسَأَهٌ لِلْأَجَلِ ». أی موسعه للعمر.

والثُّرَیَّا - بالقصر - : النجم المعروف ، تصغیر « ثَرْوَی » ، یقال : إن خلال أنجمها الظاهره کواکب خفیه کثیره العدد.

وَأَرْخَیْنَا سُتُورَنَا وَاسْتَغْشَیْنَا ثِیَابَنَا وَثَنَیْنَا صُدُورَنَا عَلَی عَدَاوَهِ مُحَمَّدٍ کَیْفَ یَعْلَمُ بِنَا ، فَأَنْبَأَهُ اللهُ عَمَّا کَتَمُوهُ ، فَقَالَ تَعَالَی : ( أَلا حِینَ یَسْتَغْشُونَ ثِیابَهُمْ یَعْلَمُ ما یُسِرُّونَ وَما یُعْلِنُونَ ).

قوله : ( مَثْنی وَثُلاثَ وَرُباعَ ) یعنی اثْنَیْنِ اثْنَیْنِ وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا. قیل : ولیست الواو هنا علی حالها وإلا لزم الجمع بین تسع نسوه ، وأجیب : بأن الجمع فی الحکم لا یستلزم الجمع فی الزمان فلا محذور. قوله : ( مِنَ الضَّأْنِ اثْنَیْنِ ) الآیه ، قَالَ صلی الله علیه و آله : ( مِنَ الضَّأْنِ اثْنَیْنِ ) عَنَی الْأَهْلِیَّ وَالْجَبَلِیِ ( وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَیْنِ ) عَنَی الْأَهْلِیَّ وَالْجَبَلِیِ ( وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَیْنِ ) عَنَی الْأَهْلِیَّ وَالْوَحْشِیَ ( وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَیْنِ ) عَنَی الْبَخَاتِیِّ وَالْعِرَابَ (1).

قوله : ( وَلَقَدْ آتَیْناکَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِی ) یعنی سوره الحمد ، إذ هی سبع آیات اتفاقا ، ولیس فی القرآن ما هو کذلک ، غیر أن بعضهم عد البسمله ، دون ( صِراطَ الَّذِینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ ) وبعضهم عکس. قِیلَ : وَالْمُرَادُ بِالتَّسْمِیَهِ مُطْلَقُ التَّکْرِیرِ لِأَنَّهَا تَتَکَرَّرُ کُلَّ یَوْمٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ فَصَاعِداً ، وَقِیلَ : لِأَنَّهَا تُثَنَّی فِی کُلِّ صَلَاهٍ. وفی أنها مکیه أو مدنیه خلاف ، والأول مروی عن ابن عباس.

وفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « أَنَّهُ قَالَ : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ ) آیَهٌ مِنْ فَاتِحَهِ الْکِتَابِ ، وَهِیَ سَبْعُ آیَاتٍ تَمَامُهَا ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ ) سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله یَقُولُ : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِی : یَا مُحَمَّدُ ( وَلَقَدْ آتَیْناکَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِی وَالْقُرْآنَ الْعَظِیمَ ) وَإِنَّ فَاتِحَهَ الْکِتَابِ أَشْرَفُ مَا فِی کُنُوزِ الْعَرْشِ ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَصَّ مُحَمَّداً وَشَرَّفَهُ بِهَا ، وَلَمْ یُشْرِکْ مَعَهُ فِیهَا أَحَداً مِنْ أَنْبِیَائِهِ ، خَلَا سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ فَإِنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْهَا ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ ) ، أَلَا فَمَنْ قَرَأَهَا مُعْتَقِداً لِمُوَالاهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِینَ ، مُنْقَاداً لِأَمْرِهَا ، مُؤْمِناً بِظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا ، أَعْطَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِکُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا حَسَنَهً ، کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَفْضَلُ لَهُ مِنَ الدُّنْیَا بِمَا

ص: 74

فِیهَا مِنْ أَصْنَافِ أَمْوَالِهَا وَخَیْرَاتِهَا ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَی قَارِئٍ یَقْرَأُهَا کَانَ لَهُ مَا لِلْقَارِئِ ، فَلْیَسْتَکْثِرْ أَحَدُکُمْ مِنْ هَذَا الْخَیْرِ الْمُعْرَضِ لَکُمْ ، فَإِنَّهُ غَنِیمَهٌ لَا یَذْهَبَنَّ أَوَانُهُ فَیَبْقَی فِی قُلُوبِکُمْ حَسْرَهً » (1).

وسمی القرآن مَثَانِیَ لأن الأنباء والقصص تُثَنَّی فیه ، أو لاقتران آیه الرحمه بآیه العذاب.

وقیل : هی سبع سور ، وقیل : هی السبع الطوال والسابعه الأنفال وبراءه لأنهما فی حکم سوره واحده.

وفِی الْخَبَرِ عَنْهُ صلی الله علیه و آله : « أُعْطِیتُ السُّوَرَ الطِّوَالَ مَکَانَ التَّوْرَاهِ ، وَأُعْطِیتُ الْمِئِینَ مَکَانَ الْإِنْجِیلِ ، وَأُعْطِیتُ الْمَثَانِیَ مَکَانَ الزَّبُورِ ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ » (2) ، ولعله أراد بِالْمَثَانِی سوره الفاتحه.

وفِی حَدِیثِ أَهْلِ الْبَیْتِ : « نَحْنُ الْمَثَانِی الَّتِی أَعْطَاهَا اللهُ نَبِیَّنَا صلی الله علیه و آله ». ومعنی ذلک - علی ما ذکره الصدوق (ره) - : نحن الذین قرننا النبی صلی الله علیه و آله إلی القرآن ، وأوصی بالتمسک بالقرآن وبنا ، وأخبر أمته بأن لا نفترق حتی نرد علی الحوض.

وفِی حَدِیثٍ وَصَفَهُ صلی الله علیه و آله : « لَیْسَ بِالطَّوِیلِ الْمُتَثَنِّی ». وهو الذاهب طولا ، وأکثر ما تستعمل فی طویل لا عرض له.

وفِی الْحَدِیثِ : « الْوُضُوءُ مَثْنَی مَثْنَی ». أی مرتان فی الغسل ، أو غسلتان ومسحتان.

ص: 75

و « صلاه اللیل مَثْنَی مَثْنَی » أی رکعتان رکعتان.

و « الإقامه مَثْنَی مَثْنَی » (1) أی یکرر فیها اللفظ.

و « اثْنِ علی ربک » أی اذکره ذکرا حسنا جمیلا ، من « الثَّنَاءِ » - بالمد - وهو الذکر الحسن والکلام الجمیل (2) ، یقال : « أَثْنَیْتُ علی زید » - بالألف - مدحته.

والاسم « الثَّنَاءُ » واستعماله فی الذکر الجمیل أکثر من القبیح.

وقوله : « لا أحصی ثَنَاءً علیک » یأتی فی « حصی » إن شاء الله تعالی.

وفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ أُتِیَ إِلَیْهِ مَعْرُوفٌ فَلْیُکَافِئْ عَلَیْهِ ، فَإِنْ عَجَزَ فَلْیُثْنِ ، وَإِنْ لَمْ یَفْعَلْ فَقَدْ کَفَرَ النِّعْمَهَ ». أراد : فلیثن علی من جاء بها.

والثُّنْیَا - بالضم مع القصر - : الاسم من الاستثناء ، وکذلک الثَّنْوَی - بالواو مع فتح الثاء.

وفِی حَدِیثِ زُرَارَهَ - وَقَدْ حَصَرَ النَّاسَ بِمُؤْمِنٍ وَکَافِرٍ - « فَأَیْنَ أَهْلُ ثَنْوَی اللهِ ». أی الذین اسْتَثْنَاهُمُ الله بقوله : ( إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِینَ ) الآیه.

وفی بعض نسخ الحدیث غیر ذلک.

وفِی الْخَبَرِ : « الشُّهَدَاءُ ثَنِیَّهُ اللهِ ». أی الذین استثناهم فی قوله : ( فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَمَنْ فِی الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ).

وفِیهِ : « نَهَی عَنِ الثُّنْیَا إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ ». وهی - علی ما قیل - أن یستثنی فی عقد البیع شیء مجهول ، وقیل : أن یباع شیء جزافا ، فلا یجوز أن یستثنی منه شیء قل أو کثر.

وفِیهِ : « مَنِ اسْتَثْنَی فَلَهُ ثُنْیَاهُ » أی ما استثناه.

والِاسْتِثْنَاءُ - من « ثَنَیْتُ الشیء أَثْنِیهِ ثَنْیاً » من باب رمی - إذا عطفته ورددته.

و « ثَنَیْتُهُ عن مراده » إذا صرفته عنه

ص: 76

وعدلته.

وعلی هذا فَالاسْتِثْنَاءُ : صرف العامل عن الْمُسْتَثْنَی (1).

و « ثَنَّیْتُ الشیء » - بالتشدید - : جعلته اثْنَیْنِ.

والثِّنَی - بالکسر والقصر - : الأمر یعاد مرتین.

و « الثَّنِیَّهُ من الأسنان » جمعها « ثَنَایَا » و « ثَنَایَاتٌ » وهی فی الفم أربع فی الأعلی والأسفل.

و « الثَّنِیُ » الجمل الذی یدخل فی السنه السادسه ، و « الناقه ثَنِیَّهٌ » و « الشیء » الذی ألقی ثَنِیَّتَهُ. وهو من ذوات الظلف والحافر فی السنه الثالثه ، ومن ذوات الخف فی السنه السادسه ، وهو بعد الجذع ، والجمع « ثِنَاءٌ » - بالکسر والمد - و « ثُنْیَان » مثل رغیف ورغفان.

ومِنْهُ : « سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَسْلَمَ فِی الْغَنَمِ ثَنِیَّانِ وَجَذَعَانِ » (2). و « أثنی » : إذا ألقی ثنیته « فهو ثنی » فعیل بمعنی فاعل.

وعلی ما ذکرناه من معرفه الثنی الجمع من أهل اللغه.

وقیل : الثنی من الخیل : ما دخل فی الرابعه ، ومن المعز ، ما له سنه ودخل فی الثانیه.

وقد جاء فِی الْحَدِیثِ : « والثَّنِیُ مِنَ الْبَقَرِ وَالْمَعْزِ هُوَ الَّذِی تَمَّ لَهُ سَنَهٌ ». وفی المجمع : الثَّنِیَّهُ من الغنم : ما دخل فی الثالثه ، وکذا من البقر والإبل فی السادسه ، والذکر « ثَنِیٌ » ، وعن أحمد : من المعز : ما دخل فی الثانیه (3) انتهی.

والثَّنِیَّهُ : الطریق العالی فی الجبل ، وقیل : کالعقبه فیه.

ومنه : « مکه یأتیها رزقها من أعلاها

ص: 77

وأسفلها والثَّنِیَّهُ » یرید المعلی والمسفل وعقبه المدنیین.

ومنه الْخَبَرُ : « وکَانَ صلی الله علیه و آله یَدْخُلُ مَکَّهَ مِنَ الثَّنِیَّهِ الْعُلْیَا وَیَخْرُجُ مِنَ السُّفْلَی ».

والثَّنِیَّهُ العلیا : التی تنزل منها إلی المعلی مقابر مکه ، والسفلی عند باب شبکه.

قیل : والسر فی ذلک قصد أن یشهد له الطریقان.

والِاثْنَانِ : اسم من أسماء العدد ، حذفت لامه ثم عوض همزه وصل فقیل : « اثْنَانِ » کما یقال : « ابنان » ومؤنثه « اثْنَتَانِ » وفی لغه « ثِنْتَانِ » بغیر همز ، ثم سمی الیوم به فقیل : « یوم الْإِثْنَیْنِ » وهو أحد أیام الأسبوع ، لا یُثَنَّی ولا یجمع ، وإذا عاد علیه ضمیر جاز الإفراد فیه علی معنی الیوم ، وهو الأصح ، فیقال : « مضی یوم الْإِثْنَیْنِ بما فیه » والثانی اعتبار المعنی ، فیقال : « بما فیهما ».

و « جاء فی أَثْنَاءِ الأمر » أی فی خلاله.

و « ثَنَی رجلیه » - بخفه النون - أی عطف ، و « یَثْنِی رجلیه » أی یعطفهما.

ومنه الْحَدِیثُ : « مَنْ قَالَ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَیْهِ ». أی عاطفهما.

والثَّنَوِیَّهُ : من یثبت مع القدیم قدیما غیره ، قیل : وهم فرق المجوس یثبتون مبدأین مبدأ للخیر ومبدأ للشر وهما النور والظلمه ، ویقولون بنبوه إبراهیم علیه السّلام . وقیل : هم طائفه یقولون : إن کل مخلوق مخلوق للخلق الأول ، وقد شهد لبطلان قولهم قَوْلُهُ علیه السّلام فِی وَصْفِ الْحَقِّ تَعَالَی : « لَا مِنْ شَیْءٍ کَانَ وَلَا مِنْ شَیْءٍ خَلَقَ مَا کَانَ » ( وبهذا یبطل ) جمیع حجج الثنویه وشبههم (1).

أی مقیما عندهم.

قوله : ( النَّارُ مَثْواکُمْ ) أی مقامکم.

والثَّوَاءُ : الإقامه.

والْمَثْوَی - بالفتح - : المنزل ، من ثَوَی بالمکان یَثْوِی ثَوَاءً - بالمد - : إذا أقام فیه ، والجمع : « مَثَاوِی ».

ومنه : « أصلحوا مَثَاوِیکُمْ ».

ومنه الدُّعَاءُ : « اللهُمَّ عَظُمَ مَثْوَایَ ». أی منزلی عندک ومقامی.

ومِنْهُ : « واجْعَلْنِی مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِی کُلِ مَثْوًی وَمُنْقَلَبٍ ».

وفِی حَدِیثِ الْمَیِّتِ مَعَ إِخْوَانِهِ : « أَشْکُو إِلَیْکُمْ طُولَ الثَّوَاءِ فِی قَبْرِی ». أی الإقامه فیه.

وأما قول الأعشی :

لَقَدْ کَانَ فِی حَوْلٍ ثَوَاءٍ ثَوَیْتُهُ

تَقَضِّی لُبَانَات ویَسْأَمَ سائم

فحکی الجر فی « ثَوَاءٍ » مع کونه اسما لکان لمجاوره « حول » ، و « تقضی » ممکن البدلیه من اسم کان ، و « لُبَانَات » جمع « لُبَانَه » - بالضمّ - وهی الحاجه ، والسَّآمَه : الملاله ، والجمله مقدره بالمصدر لصحه العطف ، أی سَآمَه السائم وملاله المال ، وربما احتمل غیر ذلک من الإعراب فإنه باب واسع.

وفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « عِبَادَ اللهِ إِنَّکُمْ وَمَا تَأْمُلُونَ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا أَثْوِیَاءُ مُؤَجَّلُونَ وَمَدِینُونَ مُقْتَضَوْنَ ». « أَثْوِیَاءُ » جمع « ثَوِیّ » وهو الضّیف ، ویتمّ الکلام فی « دین ».

والثُّوَیَّهُ - بضم الثاء وفتح الواو وتشدید الیاء ، ویقال : بفتح الثاء وکسر الواو - : موضع بالکوفه به قبر أبی موسی الأشعری والمغیره بن شعبه - قاله فی المجمع وغیره.

والثَّوِیَّهُ : حدّ من حدود عرفه ، وفی الحدیث : « لیست منها ».

ص: 79

« جَبَوْتُهُ جِبَاوَهً » : جمعته - قال الجوهری : ولا یهمز.

والْجَوَابِیّ (1) : الحیاض الکبار ، جمع « جَابِیَه » لأن الماء یُجْبَی فیها ، أی یجمع.

وفِی الْخَبَرِ : « مَنْ أَجْبَی فَقَدْ أَرْبَی ». قیل : هو من « أَجْبَأْتُ الزرع » إذا بعته قبل أن یبدو صلاحه.

وفِی الدُّعَاءِ « وأَجْبَأَ بِشُعَاعِهِ ظُلْمَهَ الْغَطَشِ ». أی واری.

الأولی ... انتهی.

والْجِدَایَهُ - بکسر الجیم وفتحها - : الذکر والأنثی من أولاد الظباء ، وهو ما بلغ سته أشهر أو سبعه ، بمنزله الْجَدْیِ من أولاد المعز.

و « ما أَجْدَی فعله شیئا » مستعار من الإعطاء إذا لم یکن فیه نفع.

و « أَجْدَی علیک الشیء » کفاک.

و « أَجْدَی علیه یُجْدِی » إذا أعطاه.

واجْتَدَی : إذا سأل وطلب.

والْجَدَا : المطر العام ، ومنه الدُّعَاءُ : « اللهُمَّ اسْقِنَا جَداً طَبَقاً ». أی عاما لنا ولغیرنا.

« أُجْرِیَتِ السفینه وأرسیت » و ( مَجْراها وَمُرْساها ) من جرت السفینه ورست. انتهی.

والْجَارِیَهُ من النساء : من لم تبلغ الحلم (1).

وفِی الْحَدِیثِ : « إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ ». وعد منها الصدقه الْجَارِیَهَ ، أی الداره المستمره غیر المنقطعه کالوقف ونحوه من أبواب البر.

« وجَرَی الماء » : سال ، خلاف وقف وسکن.

والمصدر الْجَرْیُ بفتح الجیم.

و « جِرْیَهُ الماء » بالکسر : حاله الْجَرَیَانِ.

و « الماء الْجَارِی » هو المتدافع فی انحدار واستواء - قاله فی المصباح.

و « جَرَی القلم بما فیه » أی مضی علی ما ثبت علیه حکمه فی اللوح المحفوظ.

و « جَرَی الأمر » وقع.

و « جَرَی علیه القلم » تعلق التکلیف به.

و « جَرَتِ السنه بکذا » أی استمرت به. ومنه « السنه الْجَارِیَهُ » أی المستمره غیر المنقطعه.

و « الأرزاق الْجَارِیَهُ » الداره المتصله.

وجَرَیْتُ « إلی کذا » قصدت وأسرعت.

و « جَرَی الخلاف بینهم » وقع أو استمر.

و « الشَّیْطَانُ یَجْرِی فِی ابْنِ آدَمَ مَجْرَی الدَّمِ فِی الْعُرُوقِ ». قیل : أی یَجْرِی کیده وتسری وساوسه فی العروق والأبشار مَجْرَی الدم حتی تصل إلی القلب ، مع احتمال الحقیقه ، فإنه من نار لا یمتنع سریانه کالدم.

و « مَجْرَی » إما مصدر أو اسم مکان.

و « تَجَارَیْنَا ذکر الصعالیک » أی تذاکرناهم.

والْمُجَارَاهُ فی قَوْلِهِ علیه السّلام : « مَنْ طَلَبَ عِلْماً لِیُجَارِی بِهِ الْعُلَمَاءَ ». هی أن یجری معهم فی المناظره ، لیظهر علمه إلی الناس

ص: 83

ریاء وسمعه وترفعا.

وأکثر ما یستعمل التَّجَارِی فی الحدیث یقال : « تَجَارَوا فی الحدیث » أی جَرَی کل واحد مع صاحبه وجَارَاهُ.

ومنه : « مُجَارَاهُ من لا عقل له » أی الخوض معه فی الکلام.

و « تَتَجَارَی بهم الأهواء » أی یتواقعون فی الأهواء الفاسده ویتداعون ، تشبیها بِجَرْیِ الفرس.

وقیل فی قَوْلِهِ صلی الله علیه و آله : « سَیَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِی قَوْمٌ تَجَارَی بِهِمْ تِلْکَ الْأَهْوَاءُ ». أی تسری بهم فی عروقهم ومفاصلهم ، فتستمر بهم وتتماری ، وتذهب بهم فی کل واد.

و « اجْتَرَأَ علی القول » - بالهمز - أسرع بالهجوم علیه من غیر ترو.

والاسم « الْجُرْأَهُ » کغرفه ، وربما ترکت الهمزه فیقال « الْجُرَهُ » کالکره.

والْجَرِیءُ علی - فعیل - : اسم من جَرُؤَ جَرَاءَهً کضخم ضخامه.

وفِی الدُّعَاءِ : « لَا تَبْتَلِیَنِی بِالْجُرْأَهِ عَلَی مَعَاصِیکَ ».

والْجَرِیُ - بغیر - همز الرسول والْأَجِیرُ أو الوکیل ، لأنه یجری مجری موکله.

و « أَجْرَی الخیل » أی سابق بها.

ومنه الْحَدِیثُ : « قَدْ سَابَقَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله أُسَامَهَ بْنَ زَیْدٍ وَأَجْرَی الْخَیْلَ ».

والْجِرْو : ولد الکلب والسباع ، والفتح والضم لغه ، والجمع « أَجْرَاءٌ » و « جِرَاءٌ » ککتاب.

و « جَازَاهُ بفعله » إذا کافأه ، قال تعالی : ( وَهَلْ نُجازِی إِلَّا الْکَفُورَ ) وقرئ بالنون ونصب الکفور ، وقرئ بالیاء ورفع الکفور ، أی وهَلْ یُجَازَی بمثل جَزَائِهِمْ إلا الکَفُورُ.

قوله : ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْکُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) قیل : قرأ أهل الکوفه فَجَزاءٌ منونا ورفع ( مِثْلُ ) تقدیره : فالواجب جَزَاءٌ ، فیکون خبرا ، أو : فعلیه جَزَاءٌ ، فیکون مبتدأ ، و ( مِثْلُ ) صفته علی التقدیرین ، والباقون بضم « جَزَاءُ » وإضافته إلی « مِثْلِ ».

قوله : ( مَنْ وُجِدَ فِی رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ ) قیل : هکذا کان فی شرع یعقوب علیه السّلام .

والْجِزْیَهُ : الخَراج المعروف المجعول علی رأس الذمی ، یأخذه الإمام علیه السّلام فی کل عام.

قال تعالی : ( حَتَّی یُعْطُوا الْجِزْیَهَ عَنْ یَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ ) قیل : سمیت بذلک لأنها قضایه منهم لما علیهم ، وقیل : لأنها یُجْتَزَأُ بها ویکتفی بها منهم ، یقال « أَجْزَأَنِی الشیء » : کفانی ، من جَزَأَ » بمعنی کفی.

والْمُجَازَاهُ : المکافأه.

وفِی الْحَدِیثِ الْقُدْسِیِ : « الصَّوْمُ لِی وَأَنَا أَجْزِی عَلَیْهِ ». بفتح الهمزه ، أی أکافئ علیه ، من « جَزَی » بمعنی کفی لا من « أَجْزَأَ » الذی هو من الْإِجْزَاءِ ، إذ لا معنی له.

وقد کثر الکلام فی توجیهه ، وأحسن ما قیل فیه هو : أن جمیع العبادات التی یتقرب بها إلی الله تعالی من صلاه وغیرها - قد عبد المشرکون بها ما کانوا یتخذون من دون الله أندادا ، ولم یسمع أن طائفه من طوائف المشرکین وأرباب النحل فی الأزمنه المتقدمه عبدت إلها بالصوم ولا تقربت إلیه به ، ولا عرف الصوم فی العبادات إلا من الشرائع ، فلذلک قال تعالی : الصوم لی ومن مخصوصاتی وأنا أَجْزِی علیه بنفسی ، لا أکله إلی أحد غیری من ملک مقرب ولا غیره ، ویکون قَوْلُهُ : « وأَنَا أَجْزِی عَلَیْهِ ». بیانا

ص: 85

لکثره الثواب ، ویکون مستثنی من قوله تعالی : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَهِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها )(1) هکذا روی الحدیث ، ورُوِیَ بِعِبَارَهٍ أُخْرَی : « کُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِی وَأَنَا أَجْزِی عَلَیْهِ ». وعلی هذا فیمکن أن یقال فیه : هو أن معنی « کُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ ». بحسب ما یظهر من أعماله الظاهره بین الملإ فإنها بحسب الظاهر له وإن کانت لله فی الباطن ، بخلاف الصوم فإنه لله تعالی لم یطلع علیه أحد سواه ولم یظهر لأحد غیره ، فکان مما استأثر بعلمه دون غیره ، وإذا کان بهذه المرتبه العظیمه عند العظیم الواسع کان هو العالم بالجزاء الذی یستحقه الصائم ، وفیه من الترغیب ما لا یخفی.

وقولهم : « جَزَاهُ الله خیرا » أی أعطاه الله جَزَاءَ ما أسلف من طاعته.

وقولهم : « أجْزَأَتْ عنک شاه » هی لغه فی « جزت » بمعنی قضتْ.

و « أجْزَأْتُ عنک مُجْزَأَ فلان » أی أغنیت عنک مَغْنَاه.

و « جَزَّأْتُ الشیء » أی قسمته وجعلته أَجْزَاءَ ، وکذلک التَّجْزِئَهُ.

ومنه : « الملائکه أَجْزَاءٌ » أی أقسام : جُزْءٌ له جناحان ، وجُزْءٌ له ثلاثه ، وجُزْءٌ له أربعه.

وفِی الْخَبَرِ : « الْهَدْیُ الصَّالِحُ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَهٍ وَعِشْرِینَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّهِ ».

ومثله : « الرُّؤْیَا الصَّالِحَهُ جُزْءٌ مِنْ کَذَا ». قال بعض الشارحین : معناه : هذه الخلال ونحوها من شمائل الأنبیاء فاقتدوا بهم فیها ، ولا یرید أن النبوه تَتَجَزَّأُ ، ولا أن من جمع هذه الخلال کان فیه جُزْءٌ من النبوه.

وفیه : « وأَمَّا خَیْبَرَ فجزأها ثَلَاثَهَ أَجْزَاءٍ ». أی ثلاثه أقسام ، ووجه ذلک بأن خیبر ذات قری کثیره فتح بعضها عنوه وکان له منها الخمس ، وکان بعضها صلحا من غیر قتال فکان فیئا خاصا به ، واقتضت القسمه أن یکون الجمیع بینه

ص: 86

وبین الجیش أثلاثا.

والأَجْزَاءُ - بفتح الهمزه الأولی - : أجزاء القرآن وغیره.

ومنه حَدِیثُ الصَّادِقِ علیه السّلام : « عِنْدِی مُصْحَفٌ مُجَزَّأً بِأَرْبَعَهِ أَجْزَاءٍ ».

وَمِنْهُ فِی أَوْصَافِ الْحَقِّ تَعَالَی : « لَا یَتَبَعَّضُ بِتَجْزِئَهِ الْعَدَدِ فِی کَمَالِهِ ». قیل فی معناه : أن أوصافه الکامله کثیره ، وهو عالم قادر سمیع ونحو ذلک ، ومصداق الکل واحد هو ذاته تعالی ، وهو منزه عن التَّجْزِئَهِ التی تستلزم الکثره والعدد.

قَوْلُهُ : « ویُجْزِیهِ التَّیَمُّمُ مَا لَمْ یُحْدِثْ ». یقرأ بضمِّ مثنَّاه من الْإِجْزَاءِ ، وبفتحها بمعنی کفی (1).

ومثله : « ویُجْزِیهِ الْمَسْحُ بِبَعْضِ الرَّأْسِ ».

ومثله : « یُجْزِی مِنْ ذَلِکَ رَکَعَاتٌ ». کل ذلک یقال بضم الیاء وفتحها.

والْجَازِیّ - بالجیم والزاء - : منسوب إلی الْجَازِیَهِ ، قریه.

عنه عذاب القبر ما دامت کذلک.

والْجَفَاءُ - بالمد - : غلظ الطبع والبعد والإعراض ، یقال : « جَفَوْتُ الرجل أجْفُوهُ » إذا أعرضت عنه.

والْجَفَاوَهُ : قساوه القلب (1).

وفِی حَدِیثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله : « لَیْسَ بِالْجَافِی وَلَا بِالْمُهِینِ » (2).

أی لیس بالذی یَجْفُو أحدا من أصحابه ، ولا المُهِین : الذی یُهین أصحابه أو یحقرهم فی قوله : ( هُوَ مَهِینٌ ) أی حقیر.

وفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ لَا یَفْعَلُ کَذَا جَفَوْتُهُ یَوْمَ الْقِیَامَهِ » (3). أی أبعدته عنی یوم القیامه ولم أقربه إلی.

وفِی حَدِیثِ الصَّلَاهِ : « إِنَّمَا یَفْعَلُ ذَلِکَ أَهْلُ الْجَفَاءِ مِنَ النَّاسِ ». أی غلیظو الطباع البعیدون عن آداب الشرع.

وفِی حَدِیثِ الْعِلْمِ : « لَا یَقْبِضُ اللهُ الْعِلْمَ بَعْدَ مَا یُهْبِطُهُ ، وَلَکِنْ یَمُوتُ الْعَالِمُ فَیَذْهَبُ بِمَا یَعْلَمُ ، فَتَلِیهِمُ الْجُفَاهُ فَیَضِلُّونَ وَیُضِلُّونَ ». یرید بِالْجُفَاهِ : الذین یعملون بالرأی ونحوه مما لم یرد به شرع.

وفِی حَدِیثِ السَّفَرِ : « زَادُ الْمُسَافِرِ الْحُدَاءُ وَالشِّعْرُ مَا کَانَ مِنْهُ لَیْسَ فِیهِ جَفَاءٌ ». أی بعد عن آداب الشرع.

وفِی حَدِیثِ الْإِبِلِ : « فِیهَا الشَّقَاءُ وَالْجَفَاءُ ». أی المشقه والعناء وعدم الخیر ، لأنها إذا أقبلت أدبرت.

وَفِی الْحَدِیثِ : « أَنَّهُ بَرَزَ مِنْ نُورِ الْعَرْشِ مِقْدَارُ الْخِنْصِرِ فَتَدَکْدَکَ بِهِ الْجَبَلُ ». وتَدَکْدَکَ : صار مستویا بالأرض ، وقیل : صار ترابا ، وقیل : ساخ فی الأرض (1)

وفِی الْحَدِیثِ : « الْقُرْآنُ جَلَاءٌ لِلْقَلْبِ ». أی یذهب الشکوک والأحزان ، من « جَلَوْتُ السیف » : صقلته ، أو « جَلَوْتُ بصری بالکحل » : کشفت عنه.

ومِنْهُ : « تَحَدَّثُوا فَإِنَّ الْحَدِیثَ جَلَاءٌ لِلْقُلُوبِ ، إِنَّ الْقُلُوبَ لَتَرِینُ کَمَا یَرِینُ السَّیْفُ ، جَلَاؤُهُ الْحَدِیثُ ». برفع « جَلَاؤُه » علی الابتداء - کما هو الظاهر من النسخ - ومعناه واضح.

والْجِلَاءُ - بالکسر والقصر والمدّ - : الإثمد. والْجُلَاءُ - بالضم والمد - : حکاکه حجر علی حجر یکتحل بها ، سمیت بذلک لأنها تَجْلُو البصر (2).

و « یَجْلُونَ عن الحوض » أی ینفون ویطردون عنه.

ومنه : « غیر مُجْلِینَ عن ورد » والأشهر بالحاء والهمزه - کما یأتی فی بابه.

وفِی الْحَدِیثِ : « السِّوَاکُ مَجْلَاهٌ لِلْبَصَرِ ». أی آله لتقویه البصر وکشف لما یغطیه.

وفِی حَدِیثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله : « فَجَلَّی اللهُ لِی بَیْتَ الْمَقْدِسِ ». بتشدید اللام وتخفیفها : کشفه.

وفِی وَصْفِهِ صلی الله علیه و آله : « إِنَّهُ أَجْلَی الْجَبْهَه ِ » (3). أی الخفیف الشعر ما بین النزعتین من الصدغین.

و « جَلَوْتُ العروس جِلْوَهٌ » بالکسر - والفتح لغه - و « جِلَاءٌ » ککتاب ، و « اجْتَلَیْتُهَا » مثله.

و « أَجْلَی القوم عن القتیل » تفرقوا عنه ، بالألف لا غیر - نقلا عن ابن فارس.

ص: 90

والْجَوَی : الداء فی البطن.

وفی الصحاح : الْجَوَی : الحرقه وشده الوجد من عشق أو خوف.

ومِنْهُ : « رَحِمَ اللهُ مَنْ دَاوَی أَجْوَاءَهُ ».

ومِنْهُ : « التَّقْوَی دَوَاءُ أَجْوَائِهِ ».

و « اجْتَوَیْتُ البلد » : کرهت المقام فیه وإن کنت فی نعمه.

ومنه حَدِیثُ أَبِی ذَرٍّ : « إِنِّی قَدِ اجْتَوَیْتُ الْمَدِینَهَ ». أی کرهت المقام فیها ، وکان ذلک من شده ما ناله من مقت عثمان.

والْجُوَّهُ مثل الحوه ، وهی لون کالسمره وصدأ الحدید - قاله الجوهری.

والْجَوِیَّهُ - بالجیم والیاء المشدده - بعد الواو - علی ما فی کثیر من النسخ : اسم موضع بمکه.

یَقُودُونَهَا بِسَبْعِینَ أَلْفَ زِمَامٍ فَتَشْرُدُ شَرْدَهً لَوْ تُرِکَتْ لَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْجَمْعِ ».

وفِی الْحَدِیثِ : « سُئِلَ عَنِ امْرَأَهٍ کَانَتْ تُصَلِّی الْمَغْرِبَ ذَاهِبَهً وَجَائِیَهً رَکْعَتَیْنِ ». أی آتیه ، بتقدیم الهمزه علی الیاء ، لأن اسم الفاعل من « جَاءَ یَجِیءُ جَاءٍ » والأصل « جایء » بتقدیم الیاء علی الهمزه ، ولکن وقع الخلاف فی إعلاله ، فقیل : الأصل فی « جاء » : « جایء » فقلبت الیاء همزه - کما فی صائن - لوقوعها بعد ألف فاعل فصارت « جاءء » بهمزتین قلبت الثانیه یاء لانکسار ما قبلها فقیل « جائی » ثم أعل إعلال رام ، فوزنه فاع ، وإلی هذا ذهب سیبویه ، وعند الخلیل الأصل « جایء » نقلت العین إلی موضع اللام واللام إلی موضع العین وأعلت ، والوزن فالع.

ومنه قَوْلُهُ علیه السّلام : « التَّقْصِیرُ بَرِیدٌ ذَاهِبٌ وَبَرِیدٌ جَاءٍ ».

و « جَاءَ زید » أتی وحضر.

ویستعمل أیضا بنفسه وبالباء ، فیقال : « جِئْتُ شیئا حسنا » إذا فعلته ، و « جِئْتُ زیدا » إذا أتیت إلیه ، و « جِئْتُ به » إذا أحضرته معک.

قال فی المصباح وقد یقال « جِئْتُ إلیه » علی معنی ذهبت إلیه ، ویقال : « جَاءَ الغیث » أی نزل ، و « جَاءَ أمر السلطان » : بلغ ، والْمَجِیءُ الإتیان ، یقال : « جَاءَ مَجِیئاً حسنا » قال الجوهری : وهو شاذ ، لأن المصدر من فعل یفعل مفعل بفتح العین ، وقد شذ منه حروف فَجَاءَتْ علی مفعل کَالْمَجِیءِ والمحیض والمکیل والمصیر - انتهی.

والْجِیئَهُ - کالجیعه - الاسم من جَاءَ یَجِیءُ.

والْجِیَّهُ - بالکسر وتشدید الیاء - : مستنقع الماء.

ص: 93

ومنه الْحَدِیثُ فِی صَلَاهِ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ : « لَوْ عَلِمَ الْمُنَافِقُونَ الْفَضْلَ فِیهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً ». یعنی زحفا علی الرکب.

وصلاه الْحَبْوَهِ هی صلاه جعفر بن أبی طالب المشهوره بین الفریقین ، سمیت بذلک لأنها حِبَاءٌ من الرسول صلی الله علیه و آله ومنحه منه ، وعطیه من الله ، تفضل بها علی جعفر ( رض ) (1).

والْحَجَا - وزان العصا - : الناحیه والجمع « أَحْجَاءٌ ».

و « أولی الْحِجَا » أصحاب العقول.

ومنه : « ویختل ذلک علی ذی حِجاً » أی ذی عقل.

و أَحْجَی : أجدر وأحق.

ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السّلام : « فَرَأَیْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَی هَاتَا أَحْجَی ».

وقولهم : « هو حَجِیٌ بذلک » علی فعیل ، و « حَجٍ بذلک » أی خلیق به.

والْأُحْجِیَّهُ ، والْأُحْجُوَّهُ - بضم الهمزه لغه - : لعبه وأغلوطه یتعاطاها الناس بینهم ، والجمع « الْأَحَاجِی » ویعبر عنها بالألغاز.

فإنه من أکبر الأشیاء علی سوقها وبعثها.

وفیه ذکر الْحَادِیَیْنِ وهما اللیل والنهار ، کأنهما یَحْدُوَانِ بالناس للسیر إلی قبورهم کالذی یَحْدُو بالإبل.

والتَّحَدِّی من « حَادَیْتُ فلانا » إذا باریته ونازعته فی فعله لتغلبه ، أو من « تَحَدَّیْتُ الناس القرآن » طلبت ما عندهم لتعرف أینا أقرأ.

قال فی المصباح : وهو فی المعنی مثل قول الشخص الذی یفاخر الناس بقوله : « هاتوا قوما مثل قومی » أو « مثل واحد منهم ».

وفِی حَدِیثِ جَابِرٍ : « فَجَعَلْتُهُ فِی قَبْرٍ عَلَی حِدَهٍ ». أی منفردا وحده وسیأتی فی بابه.

و « اسْتَحْذَیْتُهُ فَأَحْذَانِی » أی استعطیته فأعطانی.

والاسم « حُذَیَّا » علی فعلی - بالضم.

والْحَذِیَّهُ علی فعیله مثل الْحُذَیَّا من الغنیمه ، وکذلک الْحِذْوَهُ بالکسر.

والْحُذْوَهُ أیضا : القطعه ، ومنه الْخَبَرُ : « یَعْمِدُونَ إِلَی عُرْضِ جَنْبِ أَحَدِهِمْ فَیَحْذُونَ مِنْهُ الْحُذْوَهَ مِنَ اللَّحْمِ ». ویرید الغیبه.

وفِی الْحَدِیثِ : « مَثَلُ الْجَلِیسِ الصَّالِحِ مَثَلُ الدَّارِیِّ إِنْ لَمْ یُحْذِکَ مِنْ عِطْرِهِ عَلِقَکَ مِنْ رِیحِهِ ». أی إن لم یُعْطِک.

والْحَذِیَّهُ : العطیّه.

وقولهم : « لم یُحْذِنِی من العطیه » بالضم فالسکون : لم یعطنی منها شیئا.

معروف.

وفِی الْحَدِیثِ : « الْحَرُورِیُ هُوَ الَّذِی یَبْرَأُ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السّلام وَیَشْهَدُ عَلَیْهِ بِالْکُفْرِ ».

وحِرَاءَ - بالکسر والمد - : جبل بمکه - قاله فی المجمع.

والْحِسْیُ - بالکسر فالسکون - : ما تشربه الأرض من الرمل عند الحفر فیستخرج منه الماء.

(لِنَعْلَمَ) : فلم یعمل فیه ، وأَحْصی فعل ماض ، ومعناه : ( أَیُّ الْحِزْبَیْنِ ) من المؤمنین والکافرین من قوم أصحاب الکهف أضبط أمدا لأوقات لبثهم ، ولا یکون أَحْصی من أفعل التفضیل فی شیء ، لأنه لا یبنی من غیر الثلاثی المجرد ، ولم یزل سبحانه عالما بذلک وإنما أراد ما تعلق به العلم من ظهور الأمر لهم لیزدادوا إیمانا ، وقیل : یعنی ب ( الْحِزْبَیْنِ ) أصحاب الکهف وإنهم لما استیقظوا اختلفوا فی مقدار لبثهم.

قوله : ( وَاللهُ یُقَدِّرُ اللَّیْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَیْکُمْ ) یعنی أنه یعسر علیکم ضبط أوقات اللیل وحصر ساعاته ، بل سبحانه هو المقدر لذلک ، أی العالم بمقداره ، قوله : ( فَتابَ عَلَیْکُمْ ) قیل : معناه نسخ الحکم الأول ، بأن جعل قیام اللیل تطوعا بعد أن کان فرضا ، وقیل : معناه لم یلزمکم إثما ولا تبعه ، وقیل : معناه خفف علیکم ، لأنهم کانوا یقومون اللیل کله حتی انتفخت أقدامهم فخفف ذلک عنهم.

قوله : ( وَکُلَّ شَیْءٍ أَحْصَیْناهُ فِی إِمامٍ مُبِینٍ ) رُوِیَ : « أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السّلام هُوَ ذَلِکَ الْإِمَامُ ». ورُوِیَ : « أَنَّهُ علیه السّلام مَرَّ بِأَصْحَابِهِ عَلَی وَادٍ یَضْطَرِبُ نَمْلاً ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : سُبْحَانَ مَنْ یَعْلَمُ عَدَدَ هَذَا النَّمْلِ ، فَقَالَ علیه السّلام : لَا تَقُلْ کَذَا قُلْ : سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ هَذَا النَّمْلَ ، فَقَالَ : کَأَنَّکَ تَعْلَمُهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السّلام قَالَ : نَعَمْ وَاللهِ إِنِّی لَأَعْلَمُهُ وَأَعْلَمُ الذَّکَرَ مِنْهُ مِنَ الْأُنْثَی ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ إِلَی ذَلِکَ ، فَقَالَ علیه السّلام : أَوَمَا قَرَأْتَ یس؟ فَقَالَ : بَلَی ، قَالَ : فَمَا قَرَأْتَ قَوْلَهُ تَعَالَی : ( وَکُلَّ شَیْءٍ أَحْصَیْناهُ فِی إِمامٍ مُبِینٍ )؟ ».

وفِی الْحَدِیثِ : « إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَی تِسْعَهً وَتِسْعِینَ اسْماً مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّهَ ». قیل : المراد من حفظها فی قلبه ، وقیل : من علمها وآمن بها ، وقیل : من استخرجها من الکتاب والسنه ، وقیل : من أطاق العمل بها ، مثل من یعلم أنه سمیع بصیر یکف سمعه ولسانه عما لا یجوز له ، وکذا

ص: 101

باقی أسمائه ، وقیل : من أخطر بباله عند ذکرها معانیها وتفکر فی مدلولها معظما لمسماها ومقدسا معتبرا بمعانیها ومتدبرا راغبا فیها وراهبا.

وفِیهِ : « تَرْکُکَ حَدِیثاً لَمْ تَدْرِهِ خَیْرٌ مِنْ رِوَایَتِکَ حَدِیثاً لَمْ تُحْصِهِ ». أی لم تحط به خبرا ، من « الْإِحْصَاءِ » : الإحاطه بالشیء حصرا وتعدادا.

وفِی حَدِیثِ أَسْمَاءَ : « لَا تُحْصِ فَیُحْصَی عَلَیْکَ ». المراد عد الشیء للقنیه والادخار والاعتداد به ، « فَیُحْصَی عَلَیْکَ ». یحتمل أن یراد به یحبس علیک ماده الرزق ویقلله بقطع البرکه حتی یصیر کالشیء المعدود ، والآخر أنه یحاسبک فی الآخره.

و « الْمُحْصِی » من أسمائه تعالی ، وهو الذی أَحْصَی کل شیء بعلمه وأحاط به ، فلا یفوته دقیق منها ولا جلیل ، ولا یعزب عنه مثقال ( ذَرَّهٍ فِی الْأَرْضِ وَلا فِی السَّماءِ ).

وفِی حَدِیثِ الدُّعَاءِ : « لَا أُحْصِی ثَنَاءً عَلَیْکَ ، أَنْتَ کَمَا أَثْنَیْتَ عَلَی نَفْسِکَ ». أی لا أطیقه ولا أُحْصِی نعمک وإحسانک وإن اجتهدت « أَنْتَ کَمَا أَثْنَیْتَ عَلَی نَفْسِکَ ». وهو اعتراف بالعجز ، أی لا أطیق أن أثنی علیک کما تستحقه وتحبه ، أنت کما أثنیت علی نفسک بقولک : ( فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ ) و « ما » فی « کما » موصوله أو موصوفه.

وفی المصباح : قال الغزالی فی الإحیاء : لیس المراد أنه عاجز عما أدرکه ، بل معناه الاعتراف بالقصور عن إدراک کنه جلاله ، وعلی هذا فیرجع المعنی إلی الثناء علی الله بأتم الصفات وأکملها التی ارتضاها لنفسه واستأثر بها مما هو لائق بجلاله تعالی - انتهی.

ویتم الکلام فی « رضا » إن شاء الله تعالی.

وفِیهِ : « نَهَی عَنْ بَیْعِ الْحَصَاهِ ». وفسر بأن یقول : بعتک من السلع ما تقع حصاتک علیه إذا رمیت بها ، وإذا نبذت إلیک الحصاه فقد وجب البیع ، وهو بیع کان فی الجاهلیه.

و « الْحَصَاهُ » واحده « الْحَصَی »

ص: 102

والجمع « حَصَیَاتٌ » مثل بقره وبقرات - قاله الجوهری.

وفی القاموس « الْحَصَی » : صغار الحجاره الواحده « حَصَاهٌ » والجمع « حَصَیَاتٌ » و « حُصِیّ ».

والْحَصَاهُ : اللب والعقل.

ومنه قوله تعالی : ( کانَ بِی حَفِیًّا ) أی بارا معینا.

وفِی الْحَدِیثِ : « سَأَلُوا النَّبِیَّ صلی الله علیه و آله حَتَّی أَحْفَوْهُ ». أی استقصوه بالسؤال.

وفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام مَعَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله : « وسَتُنَبِّئُکَ ابْنَتُکَ النَّازِلَهُ بِکَ فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ ». أی استقصها فیه تحکی لک ما صدر من المنافقین وأعداء الدین.

ومن کَلَامِهِ صلی الله علیه و آله : « لَزِمْتُ السِّوَاکَ حَتَّی کِدْتُ أُحْفِی فَمِی ». أی أستقصی علی أسنانی فأذهبها بالتسوک.

وفِی الدُّعَاءِ : « لَا یُحْفِیهِ سَائِلٌ ». قیل : معناه أی یمنعه ، من « حَفَوْتُ الرجل من کذا » : منعته.

ومِنْهُ : « إِنَّ رَجُلاً عَطَسَ عِنْدَهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، فَقَالَ صلی الله علیه و آله لَهُ : حَفَوْتَ ». أی منعتنا من أن نشمتک بعد الثلاث.

وفِی الْحَدِیثِ : « کَانَ أَبِی علیه السّلام یُحْفِی رَأْسَهُ إِذَا جَزَّهُ ». أی یستقصیه ویقطع أثر الشعر بالکلیه ، من « أَحْفَی شاربه » من باب أکرم : إذا بالغ فی جزه.

وفِیهِ : « أَحْفُوا الشَّوَارِبَ ». یقرأ بفتح الألف مع القطع ، وبضمها مع الوصل ، أی بالغوا فی جزها حتی یلزق الجز بالشفه.

وفی معناه : « أنهکوا الشوارب ».

ومثله : « نَحْنُ نَجُزُّ الشَّوَارِبَ وَنُعْفِی اللِّحَی ». أی نترکها علی حالها.

وفی کراهه حلق اللحی وتحریمها وجهان أما تحسینها فحسن ، واختلف فی تحدیده ، فمنهم من حده بجز ما زاد علی القبضه ، وفی الخبر ما یشهد له.

و « حَفِیَ الرجل حَفَاءً » مثل سلام من باب تعب : مشی بغیر نعل ولا خف « فهو حَافٍ » والجمع « حُفُاهٌ » کقاض وقضاه.

والْحِفَاءُ - بالکسر والمد - : اسم منه.

ومنه : « حَفِیَ مِنْ کَثْرَهِ الْمَشْیِ حَتَّی رَقَّتْ قَدَمَاهُ ».

والْحَفْیَا - بالمد والقصر - : موضع بالمدینه علی أمیال.

ص: 104

و « تَحَلَّی بِالْحُلِیِ » : تزین به.

و « حِلْیَهُ السیف » : زینته.

وفِی حَدِیثِ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِیدِ : « مَا لِی أَرَی عَلَیْکَ حِلْیَهَ أَهْلِ النَّارِ؟ ». لأن الْحَدِیدَ زی بعض الکفار ، وهم أهل النار ، وقیل : إنما کرهه لریحه وزهوکته.

و « حَلَّاهُ تَحْلِیَهً » وصفه ونعته.

ومنه : « مَا نَبِیٌّ سَلَفَ إِلَّا کَانَ مُوصِیاً بِاتِّبَاعِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وَمُحَلِّیَهُ عِنْدَ قَوْمِهِ ».

و « حَلِیَ الشیء بعینی » من باب تعب : أعجبنی وحسن عندی.

و « حَلَّیْتُهُ فی عین صاحبه » إذا جعلته حُلْواً.

و « حَلَا الشیء یَحْلُو حَلَاوَهً فهو حُلْوٌ ».

و « حَلَا لی الشیء » لذ لی.

و « اسْتَحْلَیْتُهُ » وجدته حُلْواً.

و « الْحَلَاوَهُ » نقیض المراره.

و « احْلَوْلَی الشیء » مثل حَلَا ، مبالغه فی العذوبه.

ومنه حَدِیثُ الدُّنْیَا : « قَدْ تَنَکَّرَتْ وَاحْلَوْلَتْ ».

وفِی الْحَدِیثِ : « حَرَامٌ عَلَی قُلُوبِکُمْ أَنْ تَجِدَ حَلَاوَهَ الْإِیمَانِ حَتَّی تَزْهَدَ فِی الدُّنْیَا ».

وقد اختلف فی حَلَاوَهِ الإیمان هل هی معقوله أو محسوسه؟ ویشهد للثانی الحدیث المذکور ، مع قول من قال : « وا طرباه غدا ألقی الأحبه محمدا وصحبه ».

والْحَلْوَاءُ بالفتح والمد - ویقصر - : الذی یؤکل ، وجمع الممدود « حَلَاوِیّ » کَصَحَاری بالتشدید ، وجمع المقصور « حَلَاوَی » بفتح الواو.

ومنه الْحَدِیثُ : « فَهُوَ لِحَلْوَائِهِمْ هَاضِمٌ ». یرید أن مثل هذا یأکل حلواء هؤلاء ویهضمها أی لم یبق لها أثرا فی قلبه ، والکلام استعاره وتمثیل.

وفِی الْخَبَرِ : « نَهَی عَنْ حُلْوَانِ الْکَاهِنِ ». وهو ما یعطی عند کهانته (1).

والْحُلْوَانُ - بالضم - العطاء غیر الأجره وأصله من الحلاوه.

ص: 106

والْحُلْوَانُ أیضا : أن یأخذ الرجل من مهر ابنته ، وکانت العرب تعیر من یفعل ذلک.

و « حُلْوَان » بلد مشهور من سواد العراق وهو آخر مدن العراق ، قیل : بینه وبین بغداد خمس مراحل ، وهی من طرف العراق من المشرق والقادسیه من طرفه من المغرب ، قیل : سمیت باسم بانیها ، وهو حُلْوَانُ بن عمران بن الحارث (1) بن قضاعه.

و « المحلأ عن الورد » : المطرود عنه.

ومنه : « غَیْرَ مُحَلَّئِینَ عَنْ وِرْدٍ ». أی غیر مطرودین عنه.

یقال : « حَلَّأْتُ الإبل - بالتشدید - عن الماء تَحْلِئَهً وتَحْلَاءً » طردتها عنه ومنعتها أن ترده ، وکذلک غیر الإبل.

وفی بعض نسخ الحدیث « مُجْلَیْنَ » بالجیم بدل الحاء ، وقد مر فی بابه.

فی حدیث السلا (1) الذی ألقی علی النبی صلی الله علیه و آله » (2) ، وحمزه هو عم النبی.

والْحِمَی - کإلی - المکان والکلاء والماء یحمی أی یمنع.

ومنه : « حِمَی السلطان » وهو کالمرعی الذی حماه فمنع منه ، فإذا سیب (3) الإنسان ماشیه هناک لم یؤمن علیها أن ترتع فی حماه فیصیبه من بطشه ما لا قبل له به.

وتثنیه الْحِمَی « حِمْیَانٌ » بکسر الحاء ، علی لفظ الواحد.

ومنه الْحَدِیثُ : « أَلَا وَإِنَّ لِکُلِّ مَلِکٍ حِمًی أَلَا وَإِنَ حِمَی اللهِ مَحَارِمُهُ ، فَمَنْ رَتَعَ حَوْلَ الْحِمَی أَوْشَکَ أَنْ یَقَعَ فِیهِ ». أی قرب أن یدخله.

ومثله : « والْمَعَاصِی حِمَی اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ یَرْتَعْ حَوْلَهَا یُوشِکْ أَنْ یَدْخُلَهَا ». وفِی قَوْلِهِ علیه السّلام : « إِنَ حِمَی اللهِ مَحَارِمُهُ ». إعلام بأن التجنب عن مقاربه حدود الله والحذر من الخوض فی حماه أحق وأجدر من مجانبه کل ملک ، فإن النفس الأماره بالسوء إذا أخطأتها السیاسه فی ذلک الموطن کانت أسوأ عاقبه من کل بهیمه خلیع العذار.

وفِی الْحَدِیثِ : « جَعَلَ رَسُولُ اللهِ اثْنَیْ عَشَرَ مِیلاً حَوْلَ الْمَدِینَهِ حِمیً ». أراد تحریم صیدها وقطع شجرها ٌ و « هذا شیء حِمیً » علی فعل بکسر الفاء وفتح العین ، یعنی محظور لا یقرب.

ومِنْهُ : « لَا حُمَّی فِی الْأَرَاکِ ».

وقَوْلُهُ علیه السّلام : « لَا حِمَی إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ». هو رد لما کان یصنع فی الجاهلیه ، وذلک أن الشریف منهم کان إذا نزل أرضا حَمَاهَا ورعاها من غیر أن یشرک فیها غیره وهو یشارک القوم فی سائر ما یرعون فیه ، فجاء النهی عن ذلک ، وأضافه إلی الله ورسوله ، أی إلا ما یحمی للخیل التی ترصد للجهاد والإبل

ص: 108

التی یحمل علیها فی سبیل الله وإبل الزکاه.

وقوله : « القرض حِمَی الزکاه » أی حافظ لها ، بمعنی إذا مات المقترض أو أعسر احتسبت علیه.

و « حَمَیْتُ المکان » من باب رمی « حِمْیاً » و « حِمْیَهً » بالکسر : منعته عنهم.

و « حَمَیْتُهُ حِمَایَهً » إذا دفعت عنه ومنعت و « حَمَیْتُ القوم الماء » أی منعتهم إیاه.

و « حَمَاهُ عن الدنیا » حفظه من مالها ومناصبها وما یضر بها.

و « احْتَمَی من الطعام » لم یقربه.

ومنه الْحَدِیثُ : « عَجِبْتُ لِمَنْ یَحْتَمِی مِنْ طَعَامٍ مَخَافَهَ الدَّاءِ کَیْفَ لَا یَحْتَمِی مِنَ الذُّنُوبِ مَخَافَهَ النَّارِ » (1).

وإطلاق الْحِمْیَهِ علی الذنوب من باب المشاکله.

و « حَمَیْتُ الحدیده » من باب تعب : إذا اشتد حرها بالنار فهی حامیه.

و « حَمِیَ الوحی » کثر نزوله.

والْحَمُ « واحد الْأَحْمَاءِ » وهم أقارب الزوج ، مثل الأب والأخ ، وفیه أربع لغات ذکرت فی الصحاح والمصباح.

وعن ابن فارس : « الْحَمُ » أب الزوج وأبو امرأه الرجل (2).

و « حَمَاهُ المرأه » وزان حصاه : أم زوجها ، ولا یجوز فیها غیر القصر.

ومن أسمائه صلی الله علیه و آله فی الکتب السالفه « حِمْیَاطَی » (3) ومعناه یحمی الحریم [ ویمنع من الحرام ] ویوطیء الحلال کذا فسره من أسلم من الیهود

إِلَی أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السّلام وَهِیَ خَشَبَهٌ خَرَجَتْ مِنَ الْجَنَّهِ ».

قال الجوهری : الْحِنَّاءُ - بالمد والتشدید - معروف ، والْحِنَّاءَهُ أخص منه وحَنَّأْتُ لحیته بِالْحِنَّاءِ : خضبت (1).

وفی المصباح : والتخفیف من باب نفع لغه.

قال بعض شراح الحدیث من العامه : افترق أهل الروایه فی قَوْلِهِ : « الْحِنَّاءُ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِینَ ». علی ثلاث طوائف ، منهم من یرویه الختان بإسقاط النون ، قال وهذا أشبه الألفاظ ، لأن الختان لم یزل مشروعا فی الرسل من لدن إبراهیم علیه السّلام إلی زمان نبینا صلی الله علیه و آله إلا عیسی علیه السّلام فإنه ولد مختونا علی ما نقل ، ومنهم من یرویه الحیاء - بالیاء المثناه التحتانیه - من الستر والانقباض عما یفحش ویستقبح قوله ، ومنهم من یرویه بالنون ، وقد قیل : إنه تصحیف ، ومن الشواهد علی ذلک أنه لو کان لکان من حقه أن یقول : « التَّحْنِیَهُ » أو « استعمال الْحِنَّاء ِ » أو « الخضاب بِالْحِنَّاءِ » ولو قدر ذلک لکان إما فی الأطراف أو فی الشعور ، أما فی الأطراف فمنفی فی حقهم ، لأن ذلک من دأب أهل التصنع وقد نزه الله أقدارهم عن ذلک ، کما دل علیه قَوْلُهُ صلی الله علیه و آله : « طِیبُ الرِّجَالِ مَا خَفِیَ لَوْنُهُ ، وَطِیبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِیَ رِیحُهُ ». وکان صلی الله علیه و آله یأمر النساء بتغییر أظفارهن بِالْحِنَّاءِ ، وأما فی الشعور والخضاب فیها فمن شعار هذه الأمه لم یشارکهم فیها أحد ، لأنه لم یبلغنا عن أحد من الرسل قبل نبینا صلی الله علیه و آله أنه کان یختضب ، فاللفظ غیر محفوظ ، والأکثرون أنه تصحیف ... انتهی.

وفیه ما فیه ، فإن ارتکاب التصحیف لا حاجه إلیه ، وما ذکره من الشواهد غیر شاهده ، وإلا لجری مثله فی نظائرها ، ودعوی أن خضاب الشعور من مخصوصات

ص: 110

هذه الأمه تحکم لا شاهد له ، وقوله : لم یبلغنا عن أحد من الرسل قبل نبینا أنه کان یختضب غیر مسلم ، کیف وقد اشتهر بین الفریقین الخبر به.

وفی حَدِیثِ الْمُسْتَحَاضَهِ : « وتَحْتَشِی وَتَسْتَثْفِرُ وَلَا تَحَنَّی ». أی لا تختضب بِالْحِنَّاءِ فتکون الکلمه عباره عن مضارع حذفت منه أی إحدی التاءین ، وفی بعض نسخ العارفین » ولا تحَیِّی » بیاءین أولهما مشدده وهی الأشهر من النسخ ، أی لا تصلی تحیه المسجد ، وفی بعضها « وتحتبی » من الحبوه وهی جمع الساقین بعمامه ونحوها ، لیکون ذلک موجبا لزیاده التحفظ من الدم ، وفی بعض حواشی المنتهی بخط العلامه علیه الرحمه « ولا تَجْثِی » بالجیم والثاء المثلثه ثم الیاء ، ویکون معناه : ولا تجلس علی الرکبتین ، قال : ویمکن أن یکون بالهاء المهمله والنون ثم الیاء بمعنی لا تنحرف حفظا لعدم تفرق الدم.

وفِی الْحَدِیثِ : « لَوْ صَلَّیْتُمْ حَتَّی تَکُونُوا کَالْحَنَایَا ». هی جمع « حَنِیَّهٍ » أو « حَنِیّ القوس » لأنها مَحْنِیَّهٌ معطوفه ، وسیأتی « حتی تکونوا کالحنایز » فی « حنز ».

وفِیهِ : « فَهَلْ یَنْتَظِرُ أَهْلُ بضَاضَهِ الشَّبَابِ إِلَّا حَوَانِیَ الْهَرَمِ ». جمع « حَانِیَهٍ » وهی التی تحنی ظهر الشیخ وتکبه.

و « حَنَوْتُ علیه » عطفت علیه.

و « حَنَّتِ المرأه علی ولدها تَحْنِی - وتَحْنُو حُنُوّاً » عطفت وأشفقت فلم تتزوج بعد أبیهم.

ومنه : « المرأه الْحَانِیَهُ ».

وفِی الْحَدِیثِ : « لَیْسَ أَحْنَی عَلَی وَلَدٍ مِنْ نِسَاءِ قُرَیْشٍ ». أی أشفق وأحن وأعطف ، من قولهم : « فلان أَحْنَی الناس ضلوعا علیک » أی أشفقهم وأعطفهم وأحنهم.

ومِنْهُ : « لَا یَحْنِی عَلَیْکُنَّ بَعْدِی إِلَّا الصَّابِرُونَ ».

و « حَنَی ظهره » أی أماله فی استواء من رقبته ومن ظهره من غیر تقویس.

و « حَنَیْتُ العود - وحَنَوْتُهُ أَحْنُوهُ حَنْواً » ثنیته.

ص: 111

ویقال للرجل إذ انْحَنَی من الکبر : « حَنَاهُ الدهر ، فهو محنی ومحنو ».

والحنو واحد الْأَحْنَاءِ ، وهی الجوانب.

ومِنْهُ : « لَا بَصِیرَهَ لَهُ فِی أَحْنَائِهِ ». بفتح الهمزه ، أی فی جوانبه ، أی لیس له غور وتعمق ، فی بعض النسخ « أحیائه » بالیاء المثناه من تحت ، أی فی ترویجه وتقویته.

الآیه. قال المفسر : الحَیَاءُ تغیّر وانکسار یعتری الإنسان من تخوّف ما یعاب به ویذمّ ، فإن قیل : کیف جاز وصف الله سبحانه به ولا یجوز علیه التغیر والخوف والذم ، وذلک فِی حَدِیثِ سَلْمَانَ : « إِنَّ اللهَ حَیِیٌ کَرِیمٌ یَسْتَحْیِی إِذَا رَفَعَ الْعَبْدُ یَدَیْهِ أَنْ یَرُدَّهُمَا صُفْراً حَتَّی یَضَعَ فِیهِمَا خَیْراً ».

قلت : هو جارٍ علی سبیل التمثیل ، کقوله تعالی : ( إِنَّ اللهَ لا یَسْتَحْیِی ) أی لا یترک ضرب المثل بالبعوضه ترک من یَسْتَحْیِی أن یمثِّل بها لحقارتها.

قوله تعالی : ( وَإِذا حُیِّیتُمْ بِتَحِیَّهٍ فَحَیُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) أصل التَّحِیَّه تَحْیِیَهٌ ویُعدَّی بتضعیف العین ، قیل : وإنما قال : بِتَحِیَّهٍ بالباء لأنه لم یُرِد المصدر بل المراد نوع من التَّحَایَا ، والتنوین فیها للنوعیه ، واشتقاقها من « الْحَیَاهِ » لأن المسلِّم إذا قال : « سلام علیک » فقد دعا لمخاطب بالسلامه من کل مکروه ، والموت من أشد المکاره ، فدخل تحت الدعاء ، والمراد بِالتَّحِیَّهِ السلام وغیره من البر - کما جاءت به الروایه عنهم علیهم السّلام . إذا تم هذا فاعلم أن الجمهور من الفقهاء والمفسرین اتفقوا علی أنه إذا قال المسلم : « سلام علیکم ورحمه الله » فأجیب ب « سلام علیکم ورحمه الله » فهو رد بالمِثْل ولو زِیدَ « وبرکاتُه » فهو أحسن ، وإذا قال : « سلام علیکم ورحمه الله وبرکاته » فلیس فوقها ما یزید علیها ، ویقال : أمر الله تعالی المسلمین بردّ السلام للمسلّم بأحسن مما سلم إن کان مؤمنا ، وإلا فلیقل : « وعلیکم » لا یزید علیها ، فقوله : ( بِأَحْسَنَ مِنْها ) للمسلمین خاصه ، وقوله : ( أَوْ رُدُّوها ) لأهل الکتاب.

قوله : ( وَتَحِیَّتُهُمْ فِیها سَلامٌ ) معناه : أن یُحَیِّیَ بعضهم بعضا فی الجنه بالسلام ، وقیل : هی تَحِیَّهُ الملائکه إیاهم ، فیکون المصدر مضافا إلی المفعول ، وقیل : هی تحیه الله لهم.

قوله : ( فَسَلِّمُوا عَلی أَنْفُسِکُمْ تَحِیَّهً مِنْ عِنْدِ اللهِ ) أی ثابته مشروعه من عنده ، لأن التسلیم طلب سلامه المسلم علیه ،

ص: 113

والتَّحِیَّهُ طلب حَیَاهِ الْمُحَیَّا من عند الله ، ووصفها بالبرکه والطیب لأنها دعوه مؤمن لمؤمن یرجی بها من عند الله زیاده الخیر وطیب الرزق.

ومنه قَوْلُهُ علیه السّلام : « سَلِّمْ عَلَی أَهْلِ بَیْتِکَ یَکْثُرْ خَیْرُ بَیْتِکَ ». ف- تَحِیَّهً منسوب إلی ( فَسَلِّمُوا ) لأنها فی معنی تسلیما ، مثل « حمدت شکرا ».

قوله : ( وَمَنْ أَحْیاها ) أی بالإنقاذ من قتل أو غرق أو حرق أو هدم ( فَکَأَنَّما أَحْیَا النَّاسَ جَمِیعاً ).

والإحْیَاءُ الاستبقاء ، قوله حکایه عن نمرود : ( أَنَا أُحْیِی وَأُمِیتُ ) قال المفسر یرید : أُخلِّی مَن وجب علیه القتل ، وأمیت بالقتل (1).

قوله : ( وَلَکُمْ فِی الْقِصاصِ حَیاهٌ ) أی منفعه - عن أبی عبیده - وعن ابن عرفه : إذا علم القاتل أنه یقتل کفّ عن القتل.

قوله : ( حَیَّوْکَ بِما لَمْ یُحَیِّکَ بِهِ اللهُ ) أی یقولون فی تحیّتک : « السام علیک » والسام : الموت.

قوله : ( لا یَمُوتُ فِیها وَلا یَحْیی ) النفی - علی ما قیل - إنما هو لصفه محذوفه ، أی لا یحیی حیاه طیبه.

قوله : ( لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلی حَیاهٍ ) قال فی الکشاف : فإن قلت : لم قال : ( عَلی حَیاهٍ ) بالتنکیر؟ قلت : لأنه أراد حَیَاهً مخصوصه ، وهی الحیاه المتطاوله.

قوله : ( وَمَحْیایَ وَمَماتِی لِلَّهِ ) قد یفسران بالخیرات التی تقع فی حال الحیاه منجزه والتی تصل إلی الغیر بعد الموت کالوصیه للفقراء بشیء ، أو معناه : أن الذی أتیته فی حیاتی وأموت علیه من الإیمان والعمل الصالح لله خالصا له.

قوله : ( الْحَیُ الْقَیُّومُ ) أی الباقی الذی لا سبیل للفناء علیه. قال الزمخشری : وهو - علی اصطلاح المتکلمین - الذی یصح أن یعلم ویقدر ، و ( الْقَیُّومُ ) : الدائم القیام

ص: 114

بتدبیر الخلق وحفظه.

قوله : ( وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَهَ لَهِیَ الْحَیَوانُ ) بالتحریک ، أی لیس فیها إلا حیاه مستمره دائمه خالده لا موت فیها ، فکأنها فی ذاتها حیاه ، والْحَیَوانُ مصدر « حَیِیَ » وقیاسه « حَیَیَانِ ».

والْحَیَاهُ حرکه کما أن الموت سکون ، فمجیئه علی ذلک مبالغه فی الْحَیَاهِ - کذا قاله الزمخشری نقلا عنه (1) ویقال : الحیوان جنس للحی ، والْحَیَوَان الْحَیَاهُ ، وماء فی الجنه (2).

وفی شمس العلوم : الْحَیَوَانُ - بفتح الفاء والعین - : کل ذی روح ، هو علی نوعین : مکلّف وغیر مکلّف (3).

وقوله : ( لَهِیَ الْحَیَوانُ ) أی الباقیه .. انتهی.

قوله : الأفعی ، یذکر ویؤنث ، فیقال : « هی الحیه » و « هو الحیه » (4).

قوله ( تَمْشِی عَلَی اسْتِحْیاءٍ ) فی موضع الحال ، أی مُسْتَحْیِیَهً.

قوله : ( یَسْتَحْیُونَ نِساءَکُمْ ) یستفعلون من الْحَیَاهِ أی یستبقونهن.

قوله : ( وَاللهُ لا یَسْتَحْیِی مِنَ الْحَقِ ) لا یأمر بِالْحَیَاءِ فیه.

وفِی الْحَدِیثِ : « الْحَیَاءُ مِنَ الْإِیمَانِ » (5).

ص: 115

و « الْحَیَاءُ مِنْ شُعَبِ الْإِیمَانِ » (1). وذلک لأن الْمُسْتَحْیِی ینقطع بِحَیَائِهِ عن المعاصی ، وإنما جعله بعضه ومن شعبه لأن الإیمان ینقسم إلی الائتمار بما أمر الله به والانتهاء عما نهی الله عنه ، فإذا حصل الانتهاء بِالْحَیَاءِ کان بعض الإیمان.

والْحَیَاءُ - ممدودا - : الاسْتِحْیَاءُ ، وهو الانقباض والانزواء عن القبیح مخافه الذم (2) ، قال الأخفش : یتعدی بنفسه وبالحرف ، فیقال : « اسْتَحْیَیْتُ منه » و « اسْتَحْیَیْتُهُ » وفیه لغتان : إحداهما للحجاز - وبها جاء القرآن - بیاءین ، والثانیه لتمیم بیاء واحده.

وقَوْلُهُمْ : « الِاسْتِحْیَاءُ مِنَ اللهِ حَقُ الْحَیَاءِ ». فسّر بأن تحفظ الرأس وما وعی ، والبطن وما حوی ، وتذکر الموت والبلی.

ومِنْ کَلَامِ الْأَنْبِیَاءِ السَّابِقِینَ : « إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ». ومعناه : إذا لم تَسْتَحِ من العیب ولم تَخْشَ من العار مما تفعله فافعل ما تحدِّثک به نفسُک من أغراضها ، فقوله : « اصْنَعْ » أمر ومعناه التهدید والتوبیخ ، أی اصْنَع ما شئت فإن الله یَجزیک ، وفیه إشعار بأن الرادع عن المساوئ هو الْحَیَاءُ ، فإذا انخلع عنه کان کالمأمور بارتکاب کل ضلاله وتعاطی کل سیّئه ، قیل : ویمکن حمل الأمر علی بابه ، ومعناه : إذا کنتَ فی فِعلک آمنا أن تستحیی ، لجریک فیه علی سنن الصواب ولیس من الأفعال التی یستحیا منها فاعمل ما شئت.

و « التَّحِیَّاتُ لله » قیل : معناه المُلک لله (3) ، وإنما قیل للمُلک : التَّحِیَّهُ لأنهم کانوا یخصّون الملوک بتحیّه مخصوصه بهم ، فلما کان الملک موجبا للتحیه المذکوره علی نعت التعظیم سمّی بها ، وقیل : أراد بها السلام وقیل : « التَّحِیَّاتُ » المال ، وقیل : البقاء

ص: 116

و « حَیَّاکُمَا الله من کاتبین » من التحیه ، وهی الدعاء بالبقاء لهما والسلام علیهما من الله تعالی ، من قولهم : « حَیَّاکَ » أی سلم علیک ، وفِی دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ « اسْقِنَا غَیْثاً مُغِیثاً وَحَیاً رَبِیعاً ». بقصر : الْحَیَا ، وهو المطر ، سمّی بذلک لإحیائه الأرض ، وقیل : الخِصْب وما یحیا به الناس.

والْحَیُ : ضد المیّت.

والْحَیُ : واحد أَحْیَاءِ العرب.

ومنه : « مسجد الْحَیِ » أعنی القبیلهَ.

وحَیٌ من الجن : قبیله منها.

وفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ أَحْیَا مَوَاتاً فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ». والْمَوَاتُ : أرض لم یجْرِ علیها مِلْکٌ لأحد ، وإحیاؤها بتأثیر شیء فیها من إحاطه أو زرع أو عماره أو نحو ذلک ، تشبیها بِإِحْیَاءِ المیت ، کما فِی قَوْلِهِ : « شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْیَا لَیْلَهُ ». أی ترک نومَه الذی هو أخو الموت واشتغل بالعباده.

والْحَیَاءُ - بالمدّ - : الفَرْج.

ومنه الْحَدِیثُ : « کُرِهَ مِنَ الذَّبِیحَهِ الدَّمُ وَالْمَرَارَهُ وَالْحَیَاءُ (1) ».

وما لا تحُلُّه الْحَیَاهُ من الذبیحه حُصِر فی عشره : الصوف والشعر والوَبَر والعظم والظفر والظِّلْف والقَرْن والحافِر وقشر البَیض الأعلی والإنْفَحَه.

وفِی بَعْضِ الْأَحَادِیثِ : « مَا لَا تَحُلُّهُ الْحَیَاهُ مِنَ الْمَیِّتِ عَشَرَهٌ : الْقَرْنُ وَالْحَافِرُ وَالْعَظْمُ وَالسِّنُّ وَالْإِنْفَحَهُ وَاللَّبَنُ وَالشَّعْرُ وَالصُّوفُ وَالرِّیشُ وَالْبَیْضُ ».

و « حَیَ علی الصلاه » أی هلُمَّ وأقبِلْ وأسرع وعجِّل ، وفتحت الیاء لسکون ما قبلها کما قیل لیتَ ولعلَّ.

و « الْحَیْعَلَهُ » کلمه جمعت بین کلمتین ، مثل « بَسْمَلَه » من « بسم الله ».

و « الْحَیْعَلاتُ الثلاث » معروفه (2).

وقَوْلُهُمْ : « إِذَا ذُکِرَ الصَّالِحُونَ فَحَیَّهَلَا بِعَلِیٍّ ». أی ابدأ به وعجل بذکره.

ص: 117

و « حَیَّهَلَا » کلمه مرکبه من « حَیّ » و « هلا » و « حَیّ » بمعنی « هلم » ، و « هلا » بمعنی « عجل ».

ویجیء متعدیا بنفسه وبالباء وبإلی وعلی ، ویستعمل حَیّ » وحده و « هلا » وحده کذا قیل.

وحَیِیَ یَحْیَا - من باب تعب حیاه فهو حَیٌ ، والجمع « أَحْیَاءٌ ».

ویقال فی تصریفه : حَیِیَ حَیِیَا حَیِیُوا ، ویجوز : « حَیُوا » کرضوا ، ووزنه « فعوا » ویجوز « حَیَ » بالإدغام « حَیَّا » (1) فی الاثنین « حَیُّوا » فی الجمع المذکر ، فهم « أَحْیَاءٌ » وتقول فی غیر الثلاثی : أَحْیَا یُحْیِی ولا تدغم ، وحَایَا یُحَایِی مُحَایَاهً.

وتقول : اسْتَحْیَا یَسْتَحْیِی اسْتِحْیَاءً ، بالیاء ومنهم من یحذفها لکثره الاستعمال کما فی « لا أدر ».

ویَحْیَی بن زکریا معروف ، قیل : کان هو وعیسی بن مریم ابنی خاله (2).

ویَحْیَی بن أکثم کان قاضیا فی سُرَّ مَنْ رَأَی (3).

قوله : ( کُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِیراً ) أی سکنت ، یقال « خَبَتِ النار خَبْواً » من باب قعد : خمد لهبها ، ویعدی بالهمز.

وفِی الْحَدِیثِ : « مَا عُبِدَ اللهُ بِشَیْءٍ أَحَبَّ إِلَیْهِ مِنَ الْخِبَاءِ ». یعنی التقیه والاستتار ، یقال : « خَبَأْتُ الشیء خَبْأً » من باب نفع : سترته.

ومنه « الْخَابِیَهُ » وترکت الهمزه تخفیفا ، وربما همزت علی الأصل ، وخَبَّأْتُهُ » حفظته ، والتشدید مبالغه.

والْخَبَاءُ : اسم لما خُبِئَ وستر.

ومنه الْحَدِیثُ « اطْلُبُوا الرِّزْقَ فِی خَبَایَا الْأَرْضِ ». یرید الزرع وما خَبَأَهُ الله فی معادن الأرض.

و « اخْتَبَأْتُ عند الله خصالا » ادخرتها وجعلتها عنده.

وفِی الْحَدِیثِ : « هَذَا مِنَ الْمَخْبِیَّاتِ مِمَّا عَلِّمْنِی رَبِّی » (1). أی المستورات التی لم تظهر لکل أحد والْخِبَاءُ - بالکسر والمد کالکساء - : ما یعمل من وبر أو صوف أو شعر ، والجمع « أَخْبِیَهٌ » بغیر همز ، ویکون علی عمودین أو ثلاثه ، وما فوق ذلک فهو بیت ، قاله الجوهری وغیره.

ومنه الْحَدِیثُ : « ضَعُوا لِیَ الْمَاءَ فِی الْخِبَاءِ ». أی فی الخیمه.

والْخِبَاءُ - أیضا - یعبر به عن مسکن الرجل وداره ، ومِنْهُ : « أَتَی خِبَاءَ فَاطِمَهَ ». یرید منزلها ، لأنه یخبأ به ویستتر.

ولعله بالفتح المصدر وبالکسر الاسم.

وفی المجمع الْخَرَا » : الغائط کتبت الهمز بالألف فی الحدیث ، إما بحذف حرکتها أو قلبت ألفا بنقل الحرکه فصار « کالعصا ».

وفی المصباح : یقال خَرِئَ بالهمز یَخْرَأُ - من باب تعب - إذا تغوط واسم الخارج « خَرْءٌ » والجمع « خُرُوءٌ » مثل فلس وفلوس ، وقیل : هما مثل جند وجنود ... انتهی.

وقد تکرر ذکر الْخَرْءِ کَخَرْءِ الطیر والکلاب ونحو ذلک ، والمراد ما خرج منها کالعذره من الإنسان.

ویقال للمخرج : مُخْرُؤَهٌ » و ( مَخْرَأَهٌ ) بضم الراء وفتحها.

ومنه حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السّلام : « فَأَمَرَ بِرَجُلٍ فَلُوِّثَ فِی مَخْرَأَتِهِ ».

کقولهم : « الغدایا » و « العشایا ».

وفِی حَدِیثِ شَارِبِ الْخَمْرِ : « أَخْزَاهُ اللهُ » (1) ، وَیُرْوَی « خَزَاهُ ». أی قهره وأذله وأهانه ، من « خَزِیَ خِزْیاً » إذا ذل وهان.

وقد یکون الْخِزْیُ بمعنی الفضیحه ، ومنه « اللهُمَ اخْزِ عَبْدَکَ فِی بِلَادِکَ ». فی الوصل دون القطع ، أی افضحه ، وقیل : أهلکه أو أهنه أو أذله.

وفِی حَدِیثِ وَصْفِ الْإِمَامِ مَعَ الْمُجَاهِدِینَ : « ولَمْ یُخْزِهِمْ فِی بُعُوثِهِمْ ». قال بعض شراح الحدیث : لعله من الخزی ، وخزاهم أنهم یغلبون فیقتلون ، ولکن یرفق بهم ، کأن یبعث جیشا مقاوما للأعداء. و « الْبَعَثُ » - بالتحریک - : الجیش ، والجمع « بعوث ».

و « الْمُخْزِیَهُ » - علی صیغه اسم الفاعل - : الخصله القبیحه ، والجمع « الْمُخْزِیَاتُ » و « الْمَخَازِی » ، ومنه « ذق مُخْزِیَهً فی الدنیا ».

وقَوْلُهُ : « إِلَّا أَنَّ الْکَاذِبَ عَلَی شَفَا مَخْزَاهٍ وَهَلَکَهٍ » (2). یقرأ علی صیغه اسم المفعول ، من « الْخِزْیِ » بالکسر ، وهو الذل والهوان والمقت.

کالکلب المهین. قیل : وإنما قال : « شیطانی » لأنه أراد به قرینه من الجن ، أو أراد الذی یبغی غوایته ، فأضافه إلی نفسه.

قال الجوهری : وخَسَأَ بنفسه یتعدی ولا یتعدی.

یقولون : إن أولادک لا یغنون عنک من الله شیئا ، فقدم مالک فی سبیل الله ، فیفعل المریض بقولهم ، فیبقی أولاده ضائعین کلا علی الناس ، فأمر هؤلاء بأن یخافوا الله فی هذا القول. قوله تعالی : ( فَلْیَتَّقُوا اللهَ وَلْیَقُولُوا قَوْلاً سَدِیداً ) أی موافقا بأن لا یشیروا بزائد علی الثلث.

وفِی حَدِیثِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « إِنَّ آکِلَ مَالِ الْیَتِیمِ ظُلْماً یَسْتَدْرِکُهُ وَبَالُ ذَلِکَ فِی عَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ » فَقَالَ : « ذَلِکَ أَمَّا فِی الدُّنْیَا فَإِنَّ اللهَ قَالَ : ( وَلْیَخْشَ الَّذِینَ لَوْ تَرَکُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّیَّهً ضِعافاً خافُوا عَلَیْهِمْ ) وَأَمَّا فِی الْآخِرَهِ فَإِنَّ اللهَ یَقُولُ : ( الَّذِینَ یَأْکُلُونَ أَمْوالَ الْیَتامی ظُلْماً إِنَّما یَأْکُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ ناراً وَسَیَصْلَوْنَ سَعِیراً )(1).

قوله تعالی : ( إِنَّما یَخْشَی اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) [ 35 / 28 ] قال الشیخ أبو علی (ره) : المعنی : إن الذین یخشون الله من بین عباده هم العلماء دون غیرهم ، إذ عرفوه حق معرفته وعلموه حق علمه. قال : وعَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « یَعْنِی بِالْعُلَمَاءِ مَنْ صَدَّقَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ ، وَمَنْ لَمْ یُصَدِّقْ قَوْلُهُ فِعْلَهُ فَلَیْسَ بِعَالِمٍ ». انتهی (2).

وفی المغنی : جزم النحویون بأن « ما » فی هذه الآیه کافه ، ولا یمتنع أن تکون بمعنی الذی ، و « العلماء » خبر ، والعائد مستتر فی یخشی - انتهی.

وذلک مؤکد لما ذکره الشیخ (ره).

وفی کلام بعض الأفاضل : قرئ بنصب الجلاله ورفع العلماء وبالعکس ، علی أن تکون الْخَشْیَهُ مستعاره للتعظیم ، وفیه بعد.

وفی بعض مؤلفات المحقق الطوسی ما حاصله : أن الْخَشْیَهَ والخوف - وإن کانا فی اللغه بمعنی واحد - إلا أن بین خوف الله وخَشْیَتِهِ فی عرف أرباب القلوب فرقا ، وهو أن الخوف تألم النفس من

ص: 123

العقاب المتوقع بسبب ارتکاب المنهیات والتقصیر فی الطاعات ، وهو یحصل لأکثر الخلق - وإن کانت مراتبه متفاوته جدا - والمرتبه العلیا منه لا تحصل إلا للقلیل ، والْخَشْیَهُ حاله تحصل عند الشعور بعظمه الحق وهیبته وخوف الحجب عنه ، وهذه حاله لا تحصل إلا لمن اطلع علی حال الکبریاء وذاق لذه القرب ، ولذا قال سبحانه : خوف خاص ، وقد یطلقون علیها الخوف أیضا - انتهی.

وفِی خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِعُمَرَ : « لَقَدْ أَکْثَرْتُ مِنَ الدُّعَاءِ بِالْمَوْتِ حَتَّی خَشِیتُ أَنْ یَکُونَ ذَلِکَ أَسْهَلَ عِنْدَ نُزُولِهِ ». أی حتی رجوت - کذا قیل.

وعن أبی عبیده : خَطِئَ وأَخْطَأَ بمعنی.

وقال غیره : « خَطِئَ فی الدین وأَخْطَأَ فی کل شیء » إذا سلک سبیل خَطَإٍ - عامدا أو غیر عمد.

ویقال : « خَطِئَ » إذا أثم ، و « أَخْطَأَ » إذا فاته الصواب.

و « الْخِطْءُ » - بالکسر فالسکون - : الذنب وما فیه إثم ، و « الْخَطَأُ » ما لا إثم فیه ، قال تعالی : ( إِنَّ قَتْلَهُمْ کانَ خِطْأً کَبِیراً ) [ 17 / 31 ] أی إثما کبیرا.

قوله تعالی : ( وَما کانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ یَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) [ 4 / 92 ] ظاهره جواز القتل خَطَأً ولیس کذلک. قال الشیخ أبو علی : أجمع المحققون من النحویین علی أن قوله : ( إِلَّا خَطَأً ) استثناء منقطع من الأول ، علی معنی : ما کان لمؤمن أن یقتل مؤمنا البته إلا أن یَخْطَأَ المؤمن ... وقال بعضهم : الاستثناء متصل ، والمعنی : لم یکن لمؤمن أن یقتل مؤمنا متعمدا ، ومتی قتله متعمد ، لم یکن مؤمنا ، فإن ذلک یخرجه من الإیمان ، ثم قال : ( إِلَّا خَطَأً ) أی فإن قتله له خطأ لا یخرجه من الإیمان انتهی (1).

و « الْخَطَأُ » : نقیض الصواب ، وقد یمد. قال الجوهری : وقرئ بهما قوله : ( وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً ) ، ومثله قال فی المصباح.

و « الْخَطَیِئَهُ » - علی فعیله ، ولک أن تشدد الیاء - الاسم من الْخِطْءِ - بالکسر - : الإثم ، والجمع « الْخَطَایَا ».

قوله : ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ ) [ 2 / 168 ] قیل : أعماله ، وقیل : خطراته التی تخطر بالبال ، وقیل : خَطَایَاهُ. وقرئ بضم الطاء وسکونها.

ویقال : « اتبع خُطُوَاتِهِ ووطئ علی عقبه » فی معنی اقتدی به واستن

ص: 125

سنته.

فِی الْحَدِیثِ : « یَتَخَطَّی رِقَابَ النَّاسِ ». أی یخطو خطوه - بالضم - وهی بعد ما بین القدمین فی المشی ، وتجمع علی « خطی » و « خطوات » مثل غرف وغرفات.

و « الْخَطْوَهُ » - بالفتح - : المره من الخطو ، وتجمع علی « خَطَوَاتٍ » مثل شهوه وشهوات.

و « خَطَا خَطْواً » : مشی ، ومنه « قصر الله خَطْوَکَ » أی مشیک.

و « یَخْطُو فی مشیه » أی یتمایل ویمشی مشیه المعجب.

و « تَخَطَّیْتُ الشیء » : تجاوزته ، ولا یقال : « تخطأته ».

وفِیهِ : « الرَّجُلُ یَأْتِی جَارِیَتَهُ وَهِیَ طَامِثٌ خَطَأً ». أی من غیر تعمد.

وفِی الْخَبَرِ : « مَنِ احْتَکَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ » (1) - بالهمز - أی مذنب ، والمحرم منه ما یکون فی الأوقات وقت الغلاء للتجاره ، ویؤخره لیغلو ، لا فیما جاء به من قریته ، أو اشتراه فی وقت الرخص وأخره ، أو ابتاعه فی الغلاء لیبیعه فی الحال.

بمعنی الذی ، أو بمعنی أی ، وقرئ عن النبی ص : قُرَّات أعْیُنٍ ، أی لا تعلم النفوس کلهن ولا نفس واحده منهن ، لا ملک مقرب ولا نبی مرسل ، أی نوع عظیم من الثواب جنی لهم وادخر.

قوله تعالی : ( أَکادُ أُخْفِیها ) [ 20 / 15 ] أی أسترها أو أظهرها ، یعنی أزیل عنها خَفَاءً أی غطاءها ، وهو من الأضداد. وقال فی المصباح - بعد أن ذکر خَفِیَ من الأضداد - : وبعضهم یجعل حرف الصّله فارقا ، فیقول : « خَفِیَ علیه » إذا استَتَر ، و « خَفِیَ له » إذا ظَهَرَ.

و « الْخَفِیُ » الْخَافِی ، ومنه قوله تعالی : ( یَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِیٍ ) [ 42 / 45 ].

قوله تعالی : ( وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّیْلِ ) [ 13 / 10 ] أی مستتر به.

قوله تعالی : ( وَتُخْفِی فِی نَفْسِکَ مَا اللهُ مُبْدِیهِ وَتَخْشَی النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) [ 33 / 37 ] قیل : أَخْفَی فی نفسه أنه إن طلقها زید وتزوجها لامه الناس أن یقولوا : أمره بطلاقها ثم تزوجها. وقیل : إن الذی أَخْفَاهُ هو أن الله سبحانه أعلمه بما ستکون من أزواجه ، وأن زیدا سیطلقها ، فأبدی سبحانه ما أَخْفَاهُ فی نفسه بقوله ( زَوَّجْناکَها ) ولم یرد سبحانه بقوله : ( وَتَخْشَی النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) خشیه التقوی ، لأنه - ص - کان یتق الله حق تقاته ، ویخشاه فیما یجب أن یخشی فیه ، ولکن المراد خشیه الاستحیاء ، لأن الحیاء من شیمه الکرام (1).

وفِی الْحَدِیثِ : « إِنَّ اللهَ یُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِیَّ الْغَنِیَ الْخَفِیَ » (2). یعنی المعتزل عن الناس ، الذی یَخْفَی علیهم مکانه ، أو المنقطع إلی العباده ، المشتغل بأمور نفسه.

وفِیهِ : « خَیْرُ الذِّکْرِ الْخَفِیُ ». أی

ص: 127

ما أَخْفَاهُ الذاکر.

و « الْمُخْفِی للصدقات » المستتر بها. ذَکَرَ الْمُؤَرِّخُونَ أَنَّ زَیْنَ الْعَابِدِینَ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام کَانَ یَعُولُ أَرْبَعَمِائَهِ بَیْتٍ فِی الْمَدِینَهِ ، وَکَانَ یُوصِلُ قُوتَهُمْ إِلَیْهِمْ بِاللَّیْلِ ، وَهُمْ لَا یَعْرِفُونَ مِنْ أَیْنَ یَأْتِیهِمْ ، فَلَمَّا مَاتَ علیه السّلام انْقَطَعَ عَنْهُمْ ذَلِکَ ، فَعَلِمُوا أَنَّ ذَلِکَ مِنْهُ (1).

وفِی الْحَدِیثِ : « تَصَدَّقَ إِخْفَاءً حَتَّی لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ » (2). قیل : هو ضرب مثل ، والمعنی حتی لا یعلم ملک شماله.

و « اسْتَخْفَیْتُ منه » تواریت ، ولا تقل « اخْتَفَیْتُ » ، وفیه لغه.

و « فعلته خفْیَهً » - بضم الخاء وکسرها.

وفِی حَدِیثِ أَبِی ذَرٍّ : « سَقَطْتُ کَأَنِّی خِفَاءٌ » (3). الْخِفَاءُ : الکساء ، وکل شیء غطیت به شیئا فهو خِفَاءٌ.

ص: 128

وفِی الْحَدِیثِ : « إِنَّ مَدِینَهَ لُوطٍ حَمْلَهَا جَبْرَئِیلُ عَلَی خَوَافِی جَنَاحِهِ » (1). وهی الریش الصغار التی فی جناح الطیر عند القوادم ، واحدها « خَافِیَهٌ ».

الأغیار ، ویترکنی أخوض معه فی المعارف اللاهوتیه والعلوم الملکوتیه ، التی جلت عن أن تکون شرعه لکل وارد ، أو یطلع علیها جماعه إلا واحدا بعد واحد - انتهی.

وفِی الدُّعَاءِ : « لَا تُخَلِّنِی مِنْ یَدِکَ ». هو بالخاء المعجمه وتشدید اللام ، من التَّخْلِیَهِ ، وجوزوا أن یراد النعمه ، وحینئذ یقرأ بتخفیف اللام ، أی لا تجعلنی خَالِیاً من نعمتک.

وفِیهِ : « أَسْلَمْتُ وَجْهِی لِلَّهِ وَتَخَلَّیْتُ ». قیل : أراد من التَّخَلِّی التبری من الشرک ، وعقد القلب علی الإیمان.

والتَّخَلِّی التفرغ ، ومنه « أنت خِلْوٌ من مصیبتی » - بکسر الخاء - أی فارغ البال منها.

و « خَلَّی عنهم » أی ترکهم ، وأعرض عنهم.

و « الْخَلِیُ » الْخَالِی من الهم ، وهو خلاف « الشجی ».

و « الْخَلَاءُ » - بالمد - : المتوضأ ، والمکان المعد للخروج ، سمی بذلک لأن الإنسان یَخْلُو فیه بنفسه.

وفِی الْحَدِیثِ : « وکَانَ صلی الله علیه و آله إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ نَزَعَ خَاتَمَهُ » (1). واختلف فیه أنه مختص بالبنیان أو یعم الصحراء ، ولفظ « دخل » یخصه.

و « تَخَلَّی » تغوط ، ومنه الْحَدِیثُ : « لَا یَقْطَعُ الصَّلَاهَ إِلَّا أَرْبَعَهٌ » (2). وعد منها الْخَلَاءَ ، یعنی الغائط فقط ، لمقابلته بالبول والریح والصوت (3).

و « تَخَلَّی » دخل الْخَلَاءَ.

ص: 130

والْخَلَاءُ - أیضا - المکان لا شیء فیه.

و « خَلَا المنزل من أهله فهو خَالٍ » ، و « أَخْلَی » بالألف - لغه.

و « خَلَا الزوج بزوجته » انفرد بها ، وأَخْلَی لغه. قیل : ولا تسمی خَلْوَهً إلا بالاستمتاع والمفاخذه ، فإن حصل معها وطی فهو الدخول.

و « خَلَا من العیب خُلُوّاً » برئ منه ، فهو خَلِیٌ.

و « الْخَلَی » - بالقصر - : الرطب من النبات ، الواحده خَلَاهٌ ، مثل حصی وحصاه.

و « اخْتَلَیْتُهُ » اقتطعته ، ومنه حَدِیثُ مَکَّهَ : « لَا یُخْتَلَی خَلَاهَا (1) - بضم أوله وفتح اللام - أی لا یجز نبتها الرقیق ولا یقطع ما دام رطبا ، وإذا یبس فهو حشیش.

و « منتک نفسک فی الْخَلَاءِ ضلالا » أی فی الْخَلْوَهِ.

وفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « سَتُعْقَبُونَ مِنِّی جُثَّهً خَلَاءً » أی لا روح معها ، ومعناه الموت.

و « خَلَأَتِ الناقه خَلْئاً وخِلَاءً » - بالمد والکسر - : حرنت وبرکت من غیر عله ، ومنه حَدِیثُ سُرَاقَهَ : « مَا خَلَأَتْ وَلَا حَرَنَتْ وَلَکِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِیلِ ». ومنه حَدِیثُ الْحُدَیْبِیَهِ : « خَلَأَتِ الْقَصْوَی » (2) أی حرنت وتصعبت.

و « خَلَتِ المرأه من النکاح فهی خَلِیَّهٌ ». ومن کنایات الطلاق عندهم

ص: 131

« أنت خَلِیَّهٌ » أی طالق.

و « خَلَاکُمْ ذَمٌّ ». فی حدیث علی علیه السلام أی أعذرتم وسقط الذم عنکم ، ومعنی آخر : أی عداکم وجاوزکم.

و « خَوَالِی الأعوام » مواضیها ، من أضافه الصفه إلی الموصوف.

و « خَلَا » کلمه یستثنی بها ، وتنصب ما بعدها وتجر ، فهی عند بعض النحویین حرف جر بمنزله حاشا ، وعند بعضهم مصدر مضاف. أما « ما خَلَا » فلا یکون فیما بعدها إلا النصب ، لأن « خَلَا » بعد « ما » لا تکون إلا صله لها ، وهی مع ما بعدها مصدر - کذا قرره الجوهری.

لأنه ألقی التَّخْوِیَهَ بین الأعضاء.

ویقال : « نخل خَاوِیَهٌ » التی انقطعت من أصولها ، فَخَوَی مکانها ، أی خلا.

و « الْخَوِیُ » المکان الخالی.

و « خَوَتِ الدار خَوَاءً » - ممدودا - : أقوت ، وهو من باب ضرب (1).

أشبه.

عن خلق السماوات والأرض (1) واللیل والنهار ، وذلک قول الله تعالی : ( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها. رَفَعَ سَمْکَها فَسَوَّاها. وَأَغْطَشَ لَیْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها. وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِکَ دَحاها ) [ 79 / 27 - 30 ] ثم قال : وهذا غیر واف بحل الإشکال ، والتحقیق أن یقال : الظاهر من معنی الدَّحْوِ کونه أمرا زائدا علی الخلق ، وفی کلام أهل اللغه والتفسیر : أنه البسط والتمهید للسکنی ، وتحقیق الأیام والشهور بالمعنی الذی ذکر فی الإیراد إنما یتوقف علی خلق الأرض لا دَحْوِهَا ، والتقدیر بالسته أیام إنما هو فی الخلق أیضا ، فلا ینافی تأخر الدَّحْوِ بما یتحقق معه الأشهر.

وعَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السّلام : « لَمَّا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ یَخْلُقَ الْأَرْضَ أَمَرَ الرِّیَاحَ الْأَرْبَعَ فَضَرَبْنَ مَتْنَ الْمَاءِ حَتَّی صَارَ مَوْجاً ، ثُمَّ أَزْبَدَ فَصَارَ زَبَداً وَاحِداً ، فَجَمَعَهُ فِی مَوْضِعِ الْبَیْتِ ، ثُمَّ جَعَلَهُ جَبَلاً مِنْ زَبَدٍ ثُمَ دَحَا الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَکَّهَ مُبارَکاً ) (2). فأول بقعه خلقت من الأرض.

وفِی الدُّعَاءِ : « اللهُمَ دَاحِیَ الْمَدْحُوَّاتِ » ، وَرُوِیَ « الْمَدْحِیَّاتِ » (3).

و « الْمَدْحُوَّاتِ » الأرضون ، من « دحا یدح و » ، و « المدحیات » من « دحی یدحی ».

و « الأداحی » جمع « أدحی » أفعول من الدَّحْوِ وهو الموضع الذی تفرخ فیه النعامه.

و « الدَّحْو » الرمی بقهر ، ومنه الْحَدِیثُ : « أَخَذَهُ ثُمَّ دَحَا بِهِ ».

ص: 135

وفیه : « دِحْیَهُ الکلبی » (1) - بکسر الدال ، ویروی الفتح أیضا - وهو دحیه بن خلیفه الکلبی رضیع رسول الله صلی الله علیه و آله ، کان جبرئیل یأتی النبی صلی الله علیه و آله فی صورته وکان من أجمل الناس.

القول ، وکأن المعنی : إذا کان بینهم محاجه فی القرآن طفقوا یدافعون بالآیات ، وذلک کأن یسند أحدهم کلامه إلی آیه ، ثم یأتی صاحبه بآیه أخری مدافعا له ، یزعم أن الذی أتی به نقیض ما استدل به صاحبه ، ولهذا شبه لهم بحال من قبلهم ، فَقَالَ : « ضَرَبُوا کِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَلَمْ یُمَیِّزُوا الْمُحْکَمَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ وَالنَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ » .. الحدیث.

وفِی حَدِیثِ الْخُلْعِ : « إِذَا کَانَ الدَّرْءُ مِنْ قِبَلِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ یَأْخُذَ مِنْهَا ». یرید الخلاف والنشوز.

ودَرَأْتُهُ « - من باب نفع - : دفعته.

و « دَارَأْتُهُ » دافعته.

و « دَرَیْتُهُ دَرْیاً » من باب رمی ، ودِرْیَهً و « دِرَایَهً » علمته.

ویعدی بالهمز ، فیقال : « أَدْرَیْتُهُ ».

و « دَارَیْتُهُ مُدَارَاهً » - بدون همزه ، وقد یهمز - : لاطفته ولاینته.

ومنه الْحَدِیثُ : « أُمِرْتُ بِمُدَارَاهِ النَّاسِ » (1). ومثله الْخَبَرُ : « رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الْإِیمَانِ بِاللهِ مُدَارَاهُ النَّاسِ » (2). أی ملاءمه الناس وحسن صحبتهم واحتمالهم لئلا ینفروا.

ویقال : « دَارَأْتُهُ » - بهمز وبدونها - : اتقیته ولاینته.

وفِی حَدِیثِ غَسْلِ الْیَدِ عِنْدَ الْوُضُوءِ بَعْدَ النَّوْمِ : « فَإِنَّهُ لَا یَدْرِی أَیْنَ بَاتَتْ یَدُهُ » (3). قیل فی توجیهه : کان أکثرهم یومئذ یستنجی بالأحجار فیقتصر علیها ، لإعواز الماء وقلته بأرض الحجاز ، فإذا نام عرق منه محل الاستنجاء ، وکان عندهم إذا أتی المضجع حل إزاره ونام معروریا ، فربما أصاب یده ذلک الموضع ولم یشعر به ، فأمرهم أن لا یغمسوها فی الإناء حتی یغسلوها ، لاحتمال ورودها علی النجاسه ،

ص: 137

وهو أمر ندب ، وفیه حث علی الاحتیاط.

والدِّرَایَهُ بالشیء : العلم به ، وهی فی الاصطلاح العلمی : ما أخذ بالنظر والاستدلال الذی هو رد الفروع إلی الأصول.

وفِی الْحَدِیثِ : « حَدِیثٌ تَدْرِیهِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفٍ تَرْوِیهِ ».

بَیْنَکُمْ کَدُعاءِ بَعْضِکُمْ بَعْضاً ) [ 24 / 63 ] قیل : أمروا أن یَدْعُوهُ فی لین وتواضع ، وقیل : دُعَاؤُهُ إیاکم الأمر والنهی ، أی سارعوا إلی ما یأمرکم به ، ألا تراه یقول : ( قَدْ یَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِینَ ) - الآیه.

قوله تعالی : ( لَوْ لا دُعاؤُکُمْ ) [ 25 / 77 ] أی عبادتکم.

قوله تعالی : ( تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ ) [ 70 / 17 ] قیل : أی تعذب ، یشهد له قول الأعرابی لآخر : « دَعَاکَ الله » أی عذبک ، وقیل : تنادی ، ویشهد له قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ : « نَارُ جَهَنَّمَ تُنَادِی یَوْمَ الْقِیَامَهِ بِلِسَانٍ فَصِیحٍ ».

قوله تعالی : ( دَعْواهُمْ فِیها سُبْحانَکَ اللهُمَ ) [ 10 / 10 ] قال المفسرون : معناه اللهم إنا نسبحک ، ویجوز أن یراد بِالدُّعَاءِ العباده ، علی معنی أنه لا تکلیف فی الجنه ولا عباده إلا أن یسبحوا الله ویحمدوه ، ینطقون بذلک من غیر کلفه ، ( وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ ) یقولوا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ ). و « أن » هی المخففه من المثقله ، وأصله ( أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ) - انتهی. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : « کُلَّمَا اشْتَهَی أَهْلُ الْجَنَّهِ شَیْئاً قَالُوا : ( سُبْحانَکَ اللهُمَ ) ، فَیَجِیئُهُمْ کُلُّ مَا یَشْتَهُونَ ، فَإِذَا طَعِمُوا قَالُوا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ ) فَذَلِکَ ( آخِرُ دَعْواهُمْ ) (1).

قوله تعالی : ( أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً ) [ 19 / 91 ] أی جعلوا.

قوله : ( لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً ) [ 18 / 14 ] أی لن نعبد أحدا غیره.

قوله تعالی : ( لَهُ دَعْوَهُ الْحَقِ ) [ 13 / 14 ] هی - علی ما قیل - : شهاده أن لا إله إلا الله.

قوله تعالی : ( یَوْمَ یَدْعُ الدَّاعِ إِلی شَیْءٍ نُکُرٍ ) [ 54 / 6 ] أی منکر ، فسر الدَّاعِی بإسرافیل وقوله : ( إِلی شَیْءٍ نُکُرٍ ) أی منکر فضیع.

قوله تعالی : ( وَلَهُمْ ما یَدَّعُونَ ) [ 36 / 57 ] أی ما یتمنون.

قوله تعالی : ( هذَا الَّذِی کُنْتُمْ

ص: 139

بِهِ تَدَّعُونَ ) [ 67 / 27 ] أی تستنبطونه فتدعون به.

قوله تعالی : ( وَما جَعَلَ أَدْعِیاءَکُمْ أَبْناءَکُمْ ) [ 33 / 4 ] أی من تتبنونه ، ولا یکون الرجل الواحد دَعِیّاً لرجل وابنا له ، لأن الابن هو المعروف فی النسب ، والدَّعِیُ اللاصق فی التسمیه لا غیر ، ولا یجتمع فی الشیء أصیل وغیر أصیل.

قوله تعالی : ( إِنَّ اللهَ یَعْلَمُ ما یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَیْءٍ ) [ 29 / 42 ] النفی - علی ما قیل - إنما هو لصفه محذوفه ، والتقدیر : « من شیء ینفهم » کما سیأتی تحقیقه فی « نفا ».

قوله تعالی : ( فَما کانَ دَعْواهُمْ ) [ 7 / 5 ] أی ما یدعون من دینهم إلا اعترافهم ببطلانه وقوله لهم : ( إِنَّا کُنَّا ظالِمِینَ ).

قوله تعالی : ( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُکُمْ فِی الدِّینِ وَمَوالِیکُمْ ) [ 33 / 5 ] هو أمر بأن یُدْعَی الرجل باسم أبیه ، وهذا مثل ضربه الله فی زید بن حارثه ، وقصته مشهوره ، ( فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُکُمْ فِی الدِّینِ وَمَوالِیکُمْ ) أی بنو أعمامکم ، أو ناصروکم.

وفِی الْحَدِیثِ : « لَا یَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ » (1). قیل : أراد بالقضاء ما تخافه من نزول مکروه وتتوقاه ، وتسمیته قضاء مجاز ، ویراد به حقیقه القضاء ، ومعنی رده تسهیله وتیسیره ، حتی کأن القضاء النازل لم ینزل ، ویؤیده ما رُوِیَ مِنْ أَنَ الدُّعَاءَ یَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ یَنْزِلْ ، أَمَّا مِمَّا نَزَلَ فَصَبْرُهُ عَلَیْهِ وَتَحَمُّلُهُ لَهُ وَرِضَاهُ بِهِ ، وَأَمَّا نَفْعُهُ مِمَّا لَمْ یَنْزِلْ فَیَصْرِفُهُ عَنْهُ.

وفِی حَدِیثِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام - وَقَدْ سُئِلَ : کَیْفَ الدَّعْوَهُ إِلَی الدِّینِ؟ فَقَالَ : « یَقُولُ : أَدْعُوکَ إِلَی اللهِ وَإِلَی دِینِهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَجِمَاعُهُ أَمْرَانِ » (2).

وفِیهِ : « أَعُوذُ بِکَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِی تَرُدُّ الدُّعَاءَ » (3). وهی - کما جاءت به الروایه عَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام : سُوءُ النِّیَّهِ

ص: 140

وَالسَّرِیرَهِ ، وَتَرْکُ التَّصْدِیقِ بِالْإِجَابَهِ ، وَالنِّفَاقُ مَعَ الْإِخْوَانِ ، وَتَأْخِیرُ الصَّلَاهِ عَنْ وَقْتِهَا (1).

وفِیهِ : « الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَهُ » (2). أی یستحق أن یسمی عباده ، لدلالته علی الإقبال علیه تعالی ، والإعراض عما سواه.

و « دَعَوْتُ الله أَدْعُوهُ دُعَاءً » ابتهلت إلیه بالسؤال ، ورغبت فیما عنده من الخیر.

ویقال : دَعَا أی استغاث.

وفِی الْحَدِیثِ : « ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَهِ » (3). أی کونوا وقت الدُّعَاءِ علی شرائط الإجابه ، من الإتیان بالمعروف ، واجتناب المنهی ، ورعایه الآداب.

وفِیهِ : « لَا تَدْعُوا عَلَی أَنْفُسِکُمْ ». أی لا تقولوا شرا وویلا.

وفِیهِ « أَفْضَلُ الدُّعَاءِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ». قیل : لأنه سؤال لطیف یدق مسلکه ، ومنه قول الشاعر :

إذا أثنی علیک المرء یوما

کفاه من تعرضه الثناء

ولأن التهلیل والتمجید والتحمید دُعَاءٌ ، لأنه بمنزلته فی استیجاب الله وجزائه.

وَالدُّعَاءُ الَّذِی عَلَّمَهُ جَبْرَئِیلُ لِیَعْقُوبَ فَرَدَّ اللهُ عَلَیْهِ ابْنَهُ هُوَ : « یَا مَنْ لَا یَعْلَمُ أَحَدٌ کَیْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ ، یَا مَنْ سَدَّ السَّمَاءَ بِالْهَوَاءِ وَکَبَسَ الْأَرْضَ عَلَی الْمَاءِ وَاخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَحْسَنَ الْأَسْمَاءِ ائْتِنِی بِکَذَا ».

وفِی الْحَدِیثِ : « لَا دِعْوَهٌ فِی الْإِسْلَامِ ». وهی بالکسر وبالفتح عند بعض ، أی لا تنسب ، وهو أن تنسب إلی غیر أبیه وعشیرته ، وقد کانوا یفعلونه ، فنهی عنه ، وجعل الولد للفراش.

ص: 141

وفِیهِ : « لِکُلِّ نَبِیٍ دَعْوَهٌ مُسْتَجَابَهٌ ». قیل : أی مجابه البته ، وهو علی یقین من إجابتها ، وقیل : جمیع دَعَوَاتِ الأنبیاء مستجابه ، ومعناه : لکل نبی دَعْوَهٌ لأمته.

وفِیهِ : « أَعُوذُ بِکَ مِنْ دَعْوَهِ الْمَظْلُومِ ». أی من الظلم ، لأنه یترتب علیه دَعْوَهُ المظلوم ، ولیس بینها وبین الله حجاب.

وفِی الدُّعَاءِ : « اللهُمَّ رَبَ الدَّعْوَهِ التَّامَّهِ ». قیل : النافعه ، لأن کلامه تعالی لا نقص فیه ، وقیل : المبارکه ، وتمامها فضلها وبرکتها ، ویتم الکلام فی « تم ».

وفِی الْحَدِیثِ : « أَنَا دَعْوَهُ أَبِی إِبْرَاهِیمَ علیه السّلام » (1). هی قوله تعالی : ( رَبِّ اجْعَلْنِی مُقِیمَ الصَّلاهِ وَمِنْ ذُرِّیَّتِی ) [ 14 / 40 ].

وفیه : « دَعْوَهُ سلیمان » ، وهی : ( هَبْ لِی مُلْکاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی ) [ 38 / 35 ].

وفیه : « دَعْوَهُ إبراهیم » ، هی ( رَبَّنا وَابْعَثْ فِیهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ ) [ 2 / 129 ].

وفِیهِ « الطَّاعُونُ دَعْوَهُ نَبِیِّکُمْ صلی الله علیه و آله ». هی قَوْلُهُ : « اللهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءِ أُمَّتِی بِالطَّاعُونِ ».

وقول بعضهم : « هو منی علی دَعْوَهِ الرجل » أی ذاک قدر ما بینی وبینه ، ومثله « سناباذ من موقان علی دَعْوَهٍ » (2) أی قدر سماع صوت ، وربما أرید من ذلک المبالغه فی القرب.

والدُّعَاءُ واحد الْأَدْعِیَهِ ، وأصله « دُعَاو » ، لأنه من دَعَوْتُ (3).

و « دُعَاءُ المؤذن إلی الله فهو دَاعٍ » والجمع

ص: 142

« دُعَاهٌ » ، مثل قاض وقضاه وقاضون.

والنبی صلی الله علیه و آله دَاعِ الخلق إلی التوحید.

و « ادَّعَیْتُ الشیء » طلبته لنفسی ، ومنه « الدَّعْوَهُ فی الطعام » اسم من « دَعَوْتُ الناس » إذا طلبتهم لیأکلوا عندک ، والاسم « الدَّعْوَی ».

و « دَعْوَی فلان کذا » أی قوله ، والجمع « الدَّعَاوِی » بکسر الواو وفتحها ، وقال بعضهم : والفتح أولی ، لأن العرب آثرت التخفیف وحافظت علی ألف التأنیث التی بنی علیها المفرد.

وفِی الْحَدِیثِ : « الْبَیِّنَهُ عَلَی الْمُدَّعِی وَالْیَمِینُ عَلَی الْمُدَّعَی عَلَیْهِ » (1). والمراد بِالْمُدَّعِی علی ما یفهم من الحدیث من یکون فی إثبات قضیه علی غیره ، ومن « الْمُدَّعَی علیه » المانع من ذلک ، وهو المعبر عنه بالمنکر.

و « الْمَدْعَی » موضع دون الروم فی مکه ، یعبر عنه بالرقطاء ، سمی بذلک لأنه مَدْعَی الأقوام ومجتمع قبائلهم (2) ، یقال : « تَدَاعَتْ علیه الأمم من کل جانب »

ص: 143

أی اجتمعت علیه (1).

و « التَّدَاعِی » التتابع.

و « تَدَاعَتِ الحیطان » تساقطت أو کادت.

و « الدَّعِیُ » من تبنیته ، و « الْأَدْعِیَاءُ » جمع « دَعِیٍ » ، وهو من یدعی فی نسب کاذبا. ویقال : « الْأَدْعِیَاءُ » الذین ینتسبون إلی الإسلام وینتحلون أنهم علی سنه النبی صلی الله علیه و آله ، کأهل بدر وغیرهم. وقولهم : « أَدْعُوکَ بِدَاعِیَهِ الإسلام » قیل : أی بِدَعْوَتِهِ ، وهی کلمه الشهاده التی یُدْعَی إلیها أهل الملل الکافره.

ومنه : « تَدَاکَأَتْ علیه الدیون ».

أی منبسطا لا خوف علیه.

وَفِی الدُّعَاءِ : « مُدِلًّا عَلَیْکَ فِیمَا قَصَدْتُ فِیهِ إِلَیْکَ ». هو أیضا من « الْإِدْلَالِ » علی من لک عنده منزله وقرب کالأول.

وفِی الْحَدِیثِ : « فِیمَا سَقَتِ الدَّوَالِی نِصْفُ الْعَشْرِ ». هی جمع « دَالِیَهٍ » ، و « الدَّالِیَهُ » جذع طویل یرکب ترکیب مدال الأرز ، وفی رأسه مغرفه کبیره یستقی بها. قال فی المغرب : وفی المصباح : « الدَّالِیَهُ » دَلْوٌ ونحوها ، وخشبه تصنع کهیئه الصلیب وتشد برأس الدَّلْوِ ، ثم یؤخذ حبل یربط طرفه بذلک وطرفه الآخر بجذع قائمه علی رأس البئر ویستقی بها ، فهی فاعله بمعنی مفعوله - انتهی.

وقال الجوهری : هی منجنون تدیرها البقره.

بیعه ، وقیل : یعنی أجره الحجام.

وفِیهِ : « ثُمَّ ائْتِ مَقَامَ جَبْرَئِیلَ بِالْمَدِینَهِ ، ثُمَّ تَدْعُو بِدُعَاءِ الدَّمِ ، وَهُوَ مَقَامٌ لَا تَدْعُو فِیهِ الْحَائِضُ - یَعْنِی الْمُسْتَحَاضَهَ - ، فَتَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَهَ ، إِلَّا رَأَتِ الطُّهْرَ ».

وهو دعاء مشهور مذکور فی الفقیه (1).

وفِیهِ : « لَا یَبْطُلُ دَمُ امْرِءٍ مُسْلِمٍ ».

أی لا یذهب دمه هدرا.

و « دَمِیَ الجرح دَمیً » من باب تعب ، و « دُمِیّاً » أیضا : خرج منه الدم ، فهو « دَمٍ » علی النقص (2).

و « شجه دَامِیَهٌ » للتی خرج منها الدَّمُ ، فإن سال فهی الدامعه ، ومنه « فی الدَّامِیَهِ بعیر » (3).

ویقال : « أَدْمَیْتُهُ أنا » و « دَمَّیْتُهُ تَدْمِیَهً » إذا ضربته فخرج منه الدم.

وأصل الدَّمِ « دَمْیٌ » بسکون المیم ، لکن حذفت اللام وجعلت المیم حرف أعراب ، وقیل : الأصل بفتح المیم ، ویثنی بالیاء ، فیقال : « دَمَیَانِ » ، وقیل : أصله واو ، لقولهم : « دَمَوَانِ » ، وقد یثنی الواحد ، فیقال : « دَمَانِ » - کذا فی المصباح.

وفِی الْحَدِیثِ : « وتَغْتَسِلُ الْمَرْأَهُ الدَّمِیَّهُ بَیْنَ کُلِّ صَلَاهٍ ». هی فی کثیر من النسخ بالدال المهمله ، یعنی صاحبه الدَّمِ ، وفی بعضها - بل ربما کان أغلب - بالذال المعجمه ، وفسرت بمن اشتغلت ذمتها بالصلاه ، وکونها نسبه إلی أهل الذمه غیر مناسب - کما لا یخفی.

وفِی وَصْفِهِ صلی الله علیه و آله : « کَأَنَّ عُنُقَهُ جِیدُ

ص: 147

دُمْیَهٍ » (1). هی بضم دال مهمله وسکون میم : صنم یتخذ من عاج ، أو صوره یتنوق فی صنعتها ویبالغ فی تحسینها.

وجمع الدُّمْیَهِ « دُمیً ».

وفِی الْخَبَرِ : « وجَدْتُ الْأَرْنَبَ تَدْمَی ». أی تحیض.

و « سهم مُدَمَّی » للذی دَمَّی فیه فأصابه الدَّمُ.

أی الخصله المذمومه المحقوره.

ومِنْهُ : « إِنَّ الْمَنِیَّهَ قَبْلَ الدَّنِیَّهِ » (1). یعنی الموت خیر للإنسان من الإتیان بخصله مذمومه ، والأصل فیه الهمز فخفف.

و « الدَّنِیَّهُ » أیضا : النقیصه ، ومنه یقال : « نفس فلان تُدْنِؤُهُ » أی تحمله علی الدَّنَاءَهِ.

و « الجمره الدُّنْیَا » القریبه ، وکذا « السماء الدُّنْیَا » لقربها ودنوها ، والجمع « الدُّنَی » مثل الکبری والکبر.

و « الدُّنْیَا » مقابل الآخره ، سمیت بذلک لقربها.

وفِی الْحَدِیثِ : « الدُّنْیَا دُنْیَیَانِ : دُنْیَا بَلَاغٍ ، وَدُنْیَا مَلْعُونَهٍ » (2). البلاغ ما یتبلغ به لآخرته ، والملعونه بخلافه.

وقد جاء فی ذم الدُّنْیَا الکتاب والأحادیث المتواتره ، قال تعالی : ( أَنَّمَا الْحَیاهُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِینَهٌ وَتَفاخُرٌ بَیْنَکُمْ وَتَکاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ ) [ 57 / 20 ] وذلک مما یندرج تحته جمیع المهلکات الباطنه : من الغل والحسد والریاء والنفاق والتفاخر وحب الدُّنْیَا وحب النساء. قَالَ علیه السّلام : « حُبُ الدُّنْیَا رَأْسُ کُلِّ خَطِیئَهٍ » (3). قال بعض العارفین : ولیس الدُّنْیَا عباره عن الجاه والمال فقط بل هما حظان من حظوظهما ، وإنما الدُّنْیَا عباره عن حالتک قبل الموت کما أن الآخره عباره عن حالتک بعد الموت ، وکل ما لک فیه حظ قبل الموت فهو دنیاک ، ولیعلم الناظر أنما الدُّنْیَا خلقت للمرور منها إلی الآخره ، وأنها مزرعه

ص: 149

الآخره فی حق من عرفها ، إذ یعرف أنها من منازل السائرین إلی الله ، وهی کرباط بنی علی طریق أعد فیها العلف والزاد وأسباب السفر ، فمن تزود لآخرته فاقتصر منها علی قدر الضروره من المطعم والملبس والمنکح وسائر الضروریات فقد حرث وبذر وسیحصد فی الآخره ما زرع ومن عرج علیها واشتغل بلذاتها وحظوظها هلک ، قال تعالی : ( زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ ) [ 3 / 14 ] وقد عبر العزیز عن حظک منها بالهوی فقال : ( وَنَهَی النَّفْسَ عَنِ الْهَوی. فَإِنَّ الْجَنَّهَ هِیَ الْمَأْوی ) [ 79 / 40 ، 41 ] - انتهی.

وفِی الْحَدِیثِ : « کَانَتِ الدُّنْیَا بِأَسْرِهَا لِآدَمَ وَلِأَبْرَارِ وُلْدِهِ ، فَمَا غَلَبَ عَلَیْهِ الْأَعْدَاءُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَیْهِمْ بِالْحَرْبِ وَالْغَلَبَهِ فَهُوَ فَیْءٌ ، وَمَا رَجَعَ إِلَیْهِمْ بِغَیْرِ ذَلِکَ سُمِّیَ أَنْفَالاً ، وَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ».

وفِیهِ « لَرَوْحَهٌ أَوْ غُدْوَهٌ فِی سَبِیلِ اللهِ خَیْرٌ مِنَ الدُّنْیَا وَمَا فِیهَا » (1). أی من إنفاقها لو ملکها ، أو من نفسها لو ملکها ، أو تصور تعمیرها ، لأنه زائل لا محاله ، وهما عباره عن وقت وساعه.

و « أَدْنَوْهُ منی » - بفتح همزه - أی قربوه منی.

و « التَّدَانِی إلی الشیء » التقرب منه.

و « أَدْنَاهُمَا من فیه » قربهما.

و « أَدْنَی من صداقها » أی أقل من مهرها.

و « أَدْنَی خیبر » أی أسفلها وطرفها مما یلی المدینه.

وفِی حَدِیثِ أَهْلِ الْجَنَّهِ : « مَا فِیهِ دَنِیءٌ » أی دون أو خسیس ، « وإِنَّمَا فِیهِمْ أَدْنَی ». أی أقل رتبه.

و « الدَّنِیءُ » الخسیس من الرجال.

و « الدَّنِیُ » القریب - غیر مهموز.

و « دَنَا یَدْنُ » ومثل قرب یقرب.

و « دَانَیْتُ بین الأمرین » قاربت بینهما.

و « ادْنُ » - بضم الهمزه وسکون

ص: 150

الدال - : أمر المخاطب ، وربما لحقته الهاء فیقال : « ادْنُهْ » ، وقد تکرر فی الحدیث.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « قَطَعْتُمُ الْأَدْنَی مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ ، وَوَصَلْتُمُ الْأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ لِرَسُولِ اللهِ ». یعنی ترکتم بیعه الحق وبایعتم أولاد العباس.

مثل باب وأبواب ، وبابه « تعب ».

ومنه الْحَدِیثُ : « إِذَا بَلَغَ الْمُؤْمِنُ أَرْبَعِینَ سَنَهً آمَنَهُ اللهُ مِنَ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَهِ : الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَالْجُنُونِ » (1).

و « الدَّوَاءُ » ما یتداوی به ، وفی الصحاح « الدَّوَاءُ » ممدود واحد « الْأَدْوِیَهِ » ، و « الدِّوَاءُ » بالکسر لغه - انتهی.

وقولهم : « به دَوَاءُ الظبی » معناه أنه لیس به داء کما لا داء فی الظبی.

و « دَاوَاهُ » عالجه ، و « یُدَاوِی بالشیء » یعالج به.

و « الدَّوَاهُ » التی یکتب منها ، والجمع « دَوَیَاتٌ » کحصاه وحصیات.

والمعنی : أصلحوا ما بینکم من الأحوال حتی تکون أحوال ألفه ومحبه واتفاق وموده ، ومثله » وأصلح ذَاتَ بیننا وبینهم من الأحوال ».

و « ذَاتُ الشیء » نفسه وحقیقته ، وإذا استعمل فی « ذَاتِ یوم » و « ذَاتِ لیله » و « ذَاتِ غداه » ونحوها فإنها إشاره إلی حقیقه المشار إلیه نفسه. وحکی عن الأخفش أنه قال فی قوله تعالی : ( وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِکُمْ ) : إنما أنثوا ذَاتَ لأن بعض الأشیاء قد یوضع له اسم مؤنث ولبعضها اسم مذکر ، کما قالوا : « دار » و « حائط » أنثوا الدار وذکروا الحائط - انتهی.

وقولهم : « فلما کان ذَاتُ یوم » یقال بالرفع والنصب ، بمعنی : کان الزمان ذات یوم أو یوم من الأیام.

قوله تعالی : ( ذلِکَ وَمَنْ یُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ ) [ 22 / 30 ]. قال بعض المفسرین : الأحسن فی ذَلِکَ أن یکون فصل خطاب ، کقوله : ( هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِینَ لَشَرَّ مَآبٍ ). وقوله : ( وَمَنْ یُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ ) ابتداء کلام ، وکثیرا ما یتکرر ذکر « ذَلِکَ » فی الکلام ویراد به الإشاره إلی ما تقدم ، وتقدیره « الأمر ذَلِکَ ». وأما « کَذَلِکَ » مثل قوله تعالی : ( کَذلِکَ یُبَیِّنُ اللهُ آیاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ ) [ 2 / 187 ] أی مثل ذلک البیان یبین الله آیاته للناس ، وقد تکررت فی القرآن الکریم. والمراد من « ذَلِکَ » قوله : ( وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ کَذلِکَ ) [ 35 / 28 ] أی کاختلاف الثمرات والجبال.

و « ذا » لامه محذوف ، وأما عینه فقیل : یاء ، وقیل : واو ، وهو الأقیس قاله فی المصباح.

وقال الجوهری فی بحث الألف اللینه : « ذَا » اسم یشار به إلی المذکر ، و « ذِی » - بکسر الذال - للمؤنث ، فإن وقفت علیها قلت : « ذِهْ » بهاء ، فإن أدخلت علیها هاء التنبیه قلت : « هَذَا زید »

ص: 153

و « هَذِهِ أمه الله » ، و « هَذِهِ » بتحریک الهاء. فإن صغرت « ذا » قلت : « ذیا » وتصغیره « هذیا ». إن ثنیت « ذا » قلت : « ذان » فتسقط أحد الألفین ، فمن أسقط ألف « ذا » قرأ : ( إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ) ومن أسقط ألف التثنیه قرأ ( إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ) لأن ألف « ذا » لا یقع فیها أعراب ، قال : وإن خاطبت جئت بالکاف فقلت : « ذَاکَ » و « ذَلِکَ » فاللام زائده والکاف للخطاب ، وفیه دلیل علی أن ما یومی إلیه بعید. وتدخل الهاء علی « ذَاکَ » ولا تدخل علی « ذَلِکَ ». ولا تدخل الکاف علی « ذِی » للمؤنث ، وإنما تدخل علی « تا » تقول : « تلک » و « تیک » ولا تقل : « ذِیکَ » ، وتقول فی التثنیه : « جاءنی ذَانِکَ الرجلان » ، وربما قالوا : « ذَانِّکَ » بالتشدید تأکیدا وتکثیرا للاسم. قال : وأما « ذَا » و « الذی » بمعنی صاحب فلا یکون إلا مضافا ، وأصل « ذ و » ذوا مثل عصا ، یدل علی ذلک قولهم : « هاتان ، ذواتا مال » ، قال تعالی : ( ذَواتا أَفْنانٍ ) [ 55 / 48 ]. ثم قال : وأما « ذُ و » التی فی اللغه بمعنی « الذی » فحقها أن یوصف بها المعارف ، ثم حکی قول سیبویه ، وهو أن « ذَا » وحدها بمعنی « الذی » مستشهدا بقول لبید (1) :

ص: 154

ألا تسألان المرء ما ذَا یحاول

- انتهی. وفِی الْحَدِیثِ : « مَا أَنْتَ وَذَاکَ ». کأن المعنی : لا یلیق بک ذَلِکَ ولا تصل إلیه.

ومن کلامهم : « إیها الله ذَا » و « لاها الله ذَا » قال الخطابی نقلا عنه : « لاها الله ذَا » و « إیها الله ذا » بغیر ألف قبل الذال ، ومعناه فی کلامهم : « لا والله ذا » و « أی والله ذا » یجعلون الهاء مکان الواو ، ومعناه : لا والله یکون ذا. وعن الأخفش : أنه من جمله القسم توکید له ، کأنه قال : « ذَا قسمی » قال : والدلیل علیه أنهم یقولون : « لاها الله ذا لقد کان کَذَا » فیجیئون بالمقسم علیه بعده.

أصلها « ذُرُّورَهٌ » علی وزن فعلوله من « الذرّ » بمعنی التفریق ، لأن الله ذَرَّهُمْ فی الأرض ، فلما کثر التضعیف أبدلوا الراء الأخیره یاء فصارت « ذرویه » فأدغمت الواو فی الیاء فصارت « ذُرِّیَّهً » ، وتجمع علی « ذُرِّیَّاتٍ » و « ذَرَارِیّ » بالتشدید.

قوله تعالی : ( وَمِنْ ذُرِّیَّتِهِ ) - الآیه [ 6 / 84 ] قال المفسِّر : أی من ذریه نوح علیه السّلام ، لأنه أقرب المذکورین ولأن فیمن عددهم لیس من ذریه إبراهیم علیه السّلام ، وقیل : أراد ومن ذریه إبراهیم علیه السّلام ، وإنما سمی ذُرِّیَّتِهِ إلی قوله : ( کَذلِکَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ ) ثم عطف علیه قوله : ( وَزَکَرِیَّا وَیَحْیی ) ، قال : ولا یمتنع أن یکون غلب الأکثر الذین هم من نسل إبراهیم علیه السّلام .

قوله تعالی : ( وَآیَهٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّیَّتَهُمْ فِی الْفُلْکِ الْمَشْحُونِ. وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما یَرْکَبُونَ ) [ 36 / 41 - 42 ] قال المفسر : ذُرِّیَّتَهُمْ أولادهم ومن یهمهم حمله. وقیل : إن اسم الذُّرِّیَّهِ یقع علی النساء لأنهن من مزارعها.

وفِی الْحَدِیثِ نَهَی عَنْ قَتْلِ الذَّرَارِیِ ، وَخَصَّهُمْ بِالْحَمْلِ لضعفهم ، ولأنهم لا قوه لهم علی السفر کقوه الرجال ، و ( مِنْ مِثْلِهِ ) أی من مثل الفلک ( ما یَرْکَبُونَ ) ، یعنی الإبل وهی سفن البر ، وقیل : ( الْفُلْکِ الْمَشْحُونِ ) سفینه نوح علیه السّلام ، و ( مِنْ مِثْلِهِ ) أی مثل ذلک الفلک ( ما یَرْکَبُونَ ) من السفن والزوارق (1).

قوله تعالی : ( وَالَّذِینَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّیَّتُهُمْ بِإِیمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ ) [ 52 / 21 ] رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام قَالَ : « قَصُرَتِ الْأَبْنَاءُ عَنِ الْآبَاءِ فَأَلْحَقُوا الْأَبْنَاءَ بِالْآبَاءِ لِتَقَرَّ أَعْیُنُهُمْ » (2).

وعَنْهُ علیه السّلام أَنَّهُ قَالَ : « إِنَّ اللهَ تَبَارَکَ وَتَعَالَی أَکْفَلَ إِبْرَاهِیمَ وَسَارَهَ أَطْفَالَ

ص: 156

الْمُؤْمِنِینَ یَغْذُونَهُمْ بِشَجَرَهٍ فِی الْجَنَّهِ لَهَا أَخْلَافٌ کَأَخْلَافِ الْبَقَرِ فِی قَصْرٍ مِنْ دُرَّهٍ ، فَإِذَا کَانَ یَوْمُ الْقِیَامَهِ أُلْبِسُوا وَطُیِّبُوا وَأُهْدُوا إِلَی آبَائِهِمْ ، فَهُمْ مُلُوکٌ فِی الْجَنَّهِ مَعَ آبَائِهِمْ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَی : وَالَّذِینَ آمَنُوا وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّیَّاتِهِمْ بِإِیمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّیَّاتِهِمْ (1).

وقال الشیخ أبو علی (ره) فی تفسیر الآیه : ( وَالَّذِینَ آمَنُوا ) عطف علی ( بِحُورٍ عِینٍ ) أی وبالذین آمنوا ، أی بالرفقاء والجلساء ، فیتمتعون تاره بملاعبه الحور وتاره بمؤانسه الإخوان ، وقرئ ( وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّیَّتُهُمْ ) وذُرِّیَّاتُهُمْ وأتبعناهم ذُرِّیَّاتِهِمْ و ( أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ ) وذُرِّیَّاتِهِمْ - انتهی.

وعَنِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله : « الْمُؤْمِنُونَ وَأَوْلَادُهُمْ فِی الْجَنَّهِ ». وقرأ هذه الآیه (2) والمعنی : أن الله سبحانه یجمع لهم أنواع السرور بسعادتهم فی أنفسهم وبمزاوجه الحور العین وبمؤانسه الإخوان المؤمنین المتقابلین وباجتماع أولادهم ونسلهم معهم.

قوله تعالی : ( وَالذَّارِیاتِ ذَرْواً ) [ 51 / 1 ] وهی الریاح تَذْرُو الشیء ذَرْواً وذَرْیاً : تنسفه وتذهبه ، ویقال : « ذَرَتْهُ الریح وأَذْرَتْهُ » طیرته.

وفِی الْحَدِیثِ : « سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الذَّارِیاتِ ذَرْواً فَقَالَ : الذَّارِیَاتِ هِیَ الرِّیحُ ، وَعَنْ ( الْحَامِلَاتِ وِقْراً ) فَقَالَ : هِیَ السَّحَابُ ، وَعَنِ ( الْجَارِیَاتِ یُسْراً ) فَقَالَ : هِیَ السُّفُنُ ، وَعَنِ ( الْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً ) قَالَ : الْمَلَائِکَهُ ، وَهُوَ قَسَمٌ کُلُّهُ » (3).

وفِی الْحَدِیثِ : « کَسْبُ الْحَرَامِ یَبِینُ فِی الذُّرِّیَّهِ ». قیل علیه : أنه ینافی قوله

ص: 157

تعالی : ( وَلا تَزِرُ وازِرَهٌ وِزْرَ أُخْری ) [ 6 / 164 ] ویمکن الجواب بأن کسب الحرام له تأثیر فی الذُّرِّیَّهِ یسبب التربیه منه ، فیفعلون الأفعال القبیحه ، أو هو للتوبیخ والتحذیر عن تناوله.

وفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « یَذْرُو الرِّوَایَهَ ذَرْوَ الرِّیحِ الْهَشِیمَ ». أی یسرد الروایه کما تنسف الریح هشیم النبت.

و « الذِّرْوَهُ » - بالکسر والضم من کل شیء - : أعلاه ، وسنام کل شیء : أعلاه أیضا.

ومنه الْحَدِیثُ : « ذِرْوَهُ الْإِسْلَامِ وَسَنَامُهُ الْجِهَادُ ».

ومنه قَوْلُهُ علیه السّلام : « عَلَی ذِرْوَهِ کُلِّ بَعِیرٍ شَیْطَانٌ » (1).

ومنه « ذُرَی الآکام » - بالضم - فإنها جمع « ذُرْوَهٍ » یعنی أعالیها.

و « الذُّرْوَهُ » - بالضم - : الشیب أو أول بیاضه فی مقدم الرأس.

و « الذَّرَی » - بالفتح - کلما استترت به.

و « الذُّرَهُ » - بضم معجمه وخفه مهمله وها عوض عن لام محذوفه - : حبّ معروف.

و « أَذْرَأَتِ العین دمعها » صبته.

و « الْمِذْرَی » خشبه ذات أطراف یُذَرَّی بها الطعام.

« ذَکَاهُ الْجَنِینِ ذَکَاهُ أُمِّهِ » (1). قال فی النهایه : ویروی هذا الحدیث بالرفع والنصب ، فمن رفعه جعله خبر المبتدأ الذی هو « ذَکَاهُ الجنین » ، فتکون ذکاه الأم هی ذکاه الجنین ، فلا یحتاج إلی ذبح مستأنف ، ومن نصب کان التقدیر : « ذکاه الجنین کَذَکَاهِ أمه » فلما حذف الجار نصب ، أو علی تقدیر : « یُذَکَّی تَذْکِیَهً مثل ذکاه أمه » فحذف المصدر وصفته وأقام المضاف إلیه مقامه ، فلا بد عنده من ذبح الجنین إذا خرج حیا. ومنهم من یرویه بنصب الذکاتین ، أی ذَکُّوا الجنین کَذَکَاهِ أمه - انتهی.

فِی الْحَدِیثِ : « کُلُّ یَابِسٍ ذَکِیٌ » (2). أی طاهر ، ومِنْهُ : « ذَکَاهُ الْأَرْضِ یُبْسُهَا ». أی طهارتها من النجاسه.

وفِیهِ : « أَذْکِ بِالْأَدَبِ قَلْبَکَ ». أی طهره ونظفه عن الأدناس والرذائل.

« وذَکِیَ الشخص وذَکَا » من باب تعب ومن باب علا لغه یرید سرعه الفهم.

وعن بعض المحققین : « الذَّکَاءُ » حده الفؤاد ، وهی شده قوه النفس معده لاکتساب الآراء. وقیل : هو أن یکون سرعه إنتاج القضایا وسهوله استخراج النتائج ملکه النفس کالبرق اللامع بواسطه کثره مزاوله المقدمات المنتجه.

« الذَّکِیُ » - علی فعیل - : الشخص المتصف بذلک ، والجمع « أَذْکِیَاءُ ».

و « ذُکَاءُ » - بالضم - اسم للشمس معرفه.

و « الذَّکَاءُ » - بالفتح - : شده وهج النار واشتعالها ، وفی القاموس : « ذَکَتِ النار ذُکُوّاً وذَکاً وذَکَاءً » - بالمد - : اشتد لهبها.

و « الذَّکَوَاتُ » جمع « ذَکْوَهٍ » الجمره الملتهبه من الحصی ، ومنه الْحَدِیثُ : « قَبْرُ

ص: 159

عَلِیٍّ علیه السّلام بَیْنَ ذَکَوَاتٍ بِیضٍ » (1). وأحب التختم بما یظهره الله بِالذَّکَوَاتِ البیض.

وذَکْوَانُ قبیله من سلیم (2).

و « أذکوتکین » بالذال المعجمه بعد ألف ثم الکاف فالتاء المثناه الفوقانیه بعد الواو ثم الیاء التحتانیه بعد الکاف ثم النون أخیرا علی ما وجدناه فی النسخ : اسم حاکم جائر.

أبو علی (ره) : استعملوا « أرَأَیْتَ » فی معنی أخبر ، والفاء جاءت للتعقیب ، فکأنه قال : أخبر أیضا بقصه هذا الکافر عقیب حدیث أولئک. وهو ابن وائل ، کان لخباب بن الأرت علیه دین فتقضاه ، قال : لا والله حتی تکفر بمحمد ، فقال : لا والله لا أکفر بمحمد حیا ولا میتا ولا حین أبعث ، فقال : فإنی مبعوث فإذا بعثت سیکون لی مال وولد سأعطیک (1).

قوله تعالی : ( أَرَأَیْتَکَ هذَا الَّذِی کَرَّمْتَ عَلَیَ ) [ 17 / 62 ] أی أخبرنی عن حاله.

قوله تعالی : ( وَأَرِنا مَناسِکَنا ) [ 2 / 128 ] أی عرفنا.

وتکون « الرُّؤْیَا » بمعنی العلم ، کقوله تعالی : لَأَرَیْناکَهُمْ [ 47 / 30 ] ، وقوله تعالی : ( فَهُوَ یَری ) [ 53 / 35 ].

قوله تعالی : ( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلَّا فِتْنَهً لِلنَّاسِ ) [ 17 / 60 ] قیل : هی الرُّؤْیَهُ المذکوره من الإسراء إلی بیت المقدس والمعراج ، والفتنه : الامتحان وشده التکلیف ، لیعرض المصدق بذلک الجزیل الثواب والمکذب الألیم العقاب. وقیل : الرُّؤْیَا هی التی رَآهَا بالمدینه حین صده المشرکون ، وإنما کانت فتنه لما دخل علی المسلمین من الشبهه والشک لما تراخی الدخول إلی مکه حتی العام القابل. قیل : هی رُؤْیَا فی منامه أن قرودا تصعد منبره وتنزل.

قوله تعالی : ( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْیا بِالْحَقِ ) [ 48 / 27 ] قَالَ الْمُفَسِّرُ : رَأَی - أَیْ رَسُولُ اللهِ - فِی الْمَنَامِ بِالْمَدِینَهِ قَبْلَ أَنْ یَخْرُجَ إِلَی الْحُدَیْبِیَهِ أَنَّ الْمُسْلِمِینَ یَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، وَأَخْبَرَ بِذَلِکَ أَصْحَابَهُ فَفَرِحُوا ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنَ الْحُدَیْبِیَهِ وَلَمْ یَدْخُلُوا مَکَّهَ قَالَ الْمُنَافِقُونَ : مَا حَلَقْنَا وَلَا قَصَّرْنَا وَلَا دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، فَنَزَلَتْ أَخْبَرَهُمُ اللهُ أَنَّ مَنَامَکَ

ص: 162

حَقٌّ وَصِدْقٌ ، وَأَکَّدَ الدُّخُولَ بِالْقَسَمِ.

قوله تعالی : ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِینِ ) [ 81 / 23 ] یعنی رَأَی محمد صلی الله علیه و آله جبرئیل فی صورته الحقیقیه التی جبل علیها فی الأفق المبین ، أی فی أفق الشمس وقد ملأ الأفق. قیل : ما رَآهُ أحد من الأنبیاء فی صورته الحقیقیه غیر محمد صلی الله علیه و آله ، رَآهُ مرتین : مره فی الأرض ، ومره فی السماء.

قوله تعالی : ( ما کَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأی ) [ 53 / 11 ] أی ما کذب فؤاد محمد صلی الله علیه و آله ما رَآهُ ببصره من صوره جبرئیل علیه السّلام ، أی ما قال فؤاده لما رَآهُ : لم أعرفک ، ولو کان کذلک لکان کاذبا لأنه عرفه.

قوله تعالی : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَهً أُخْری. عِنْدَ سِدْرَهِ الْمُنْتَهی ) [ 53 / 13 - 14 ] أی ولقد رَأَی صلی الله علیه و آله جبرئیل نزله أخری ، أی مره أخری ( عِنْدَ سِدْرَهِ الْمُنْتَهی )(1).

وَفِی حَدِیثِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ (2) عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیهما السّلام قَالَ : قَالَ لِی : « یَا أَحْمَدُ مَا الْخِلَافُ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَ أَصْحَابِ هِشَامِ بْنِ الْحَکَمِ فِی التَّوْحِیدِ »؟ فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاکَ قُلْنَا نَحْنُ بِالصُّورَهِ لِلْحَدِیثِ الَّذِی رُوِیَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله رَأَی رَبَّهُ فِی صُورَهِ شَابٍّ ، وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْحَکَمِ بِالنَّفْیِ لِلْجِسْمِ ، فَقَالَ : « یَا أَحْمَدُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله لَمَّا أُسْرِیَ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ وَبَلَغَ ( عِنْدَ سِدْرَهِ الْمُنْتَهی ) خُرِقَ لَهُ فِی الْحُجُبِ مِثْلُ سُمِّ الْإِبْرَهِ فَرَأَی مِنْ نُورِ الْعَظَمَهِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ یَرَی وَأَرَدْتُمْ أَنْتُمُ التَّشْبِیهَ ، دَعْ هَذَا یَا أَحْمَدُ لَا یَنْفَتِحُ عَلَیْکَ مِنْهُ أَمْرٌ عَظِیمٌ » (3).

قوله تعالی : ( قالَ رَبِ أَرِنِی أَنْظُرْ

ص: 163

إِلَیْکَ ) [ 7 / 143 ] أَوْرَدَ عَلَیْهِ : کَیْفَ یَجُوزُ أَنْ یَکُونَ کَلِیمُ اللهِ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ لَا یَعْلَمُ أَنَّ اللهَ تَعَالَی لَا یُرَی حَتَّی یَسْأَلَهُ هَذَا السُّؤَالَ؟ وَأَجَابَ عَنْهُ الرِّضَا علیه السّلام : « أَنَّ کَلِیمَ اللهِ عَلِمَ أَنَّ اللهَ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ یُرَی بِالْأَبْصَارِ ، وَلَکِنَّهُ لَمَّا کَلَّمَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَرَّبَهُ نَجِیّاً رَجَعَ إِلَی قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللهَ تَعَالَی کَلَّمَهُ وَقَرَّبَهُ وَنَاجَاهُ ، فَقَالُوا : ( لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ ) حَتَّی نَسْمَعَ کَلَامَهُ کَمَا سَمِعْتَهُ ، وَکَانَ الْقَوْمُ سَبْعَمِائَهِ أَلْفٍ ، فَاخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعِینَ أَلْفاً ثُمَّ اخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعَهَ آلَافٍ ثُمَّ اخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعَمِائَهٍ ثُمَّ اخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعِینَ رَجُلاً لِمِیقَاتِ رَبِّهِ ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ إِلَی طُورِ سَیْنَاءَ فَأَقَامَهُمْ فِی سَفْحِ جَبَلٍ وَصَعِدَ مُوسَی إِلَی الطُّورِ وَسَأَلَ اللهَ أَنْ یُکَلِّمَهُ وَیُسْمِعَهُمْ کَلَامَهُ ، وَکَلَّمَهُ اللهُ تَعَالَی وَسَمِعُوا کَلَامَهُ مِنْ فَوْقُ وَأَسْفَلَ وَیَمِینٍ وَشِمَالٍ وَوَرَاءَ وَأَمَامَ ، لِأَنَّ اللهَ أَحْدَثَهُ فِی الشَّجَرَهِ ثُمَّ جَعَلَهُ مُنْبَعِثاً مِنْهَا حَتَّی سَمِعُوهُ مِنْ جَمِیعِ الْوُجُوهِ ، فَقَالُوا : لَنْ نُؤْمِنَ بِأَنَّ هَذَا الَّذِی سَمِعْنَاهُ کَلَامُ اللهِ ( حَتَّی نَرَی اللهَ جَهْرَهً ) ، فَلَمَّا قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ الْعَظِیمَ وَاسْتَکْبَرُوا وَعَتَوْا بَعَثَ اللهُ عَلَیْهِمْ صَاعِقَهً ( فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَهُ بِظُلْمِهِمْ ) فَمَاتُوا ، فَقَالَ مُوسَی : یَا رَبِّ مَا أَقُولُ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَیْهِمْ وَقَالُوا : إِنَّکَ ذَهَبْتَ بِهِمْ وَقَتَلْتَهُمْ لِأَنَّکَ لَمْ تَکُنْ صَادِقاً فِیمَا ادَّعَیْتَ مِنْ مُنَاجَاتِ اللهِ تَعَالَی إِیَّاکَ؟ فَأَحْیَاهُمُ اللهُ وَبَعَثَهُمْ مَعَهُ ، فَقَالُوا : إِنَّکَ لَوْ سَأَلْتَ اللهَ تَعَالَی أَنْ یُرِیَکَ لِتَنْظُرَ إِلَیْهِ لَأَجَابَکَ فَتُخْبِرُنَا کَیْفَ هُوَ وَنَعْرِفُهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ ، فَقَالَ مُوسَی : یَا قَوْمِ إِنَّ اللهَ لَا یُرَی بِالْأَبْصَارِ وَلَا کَیْفِیَّهَ لَهُ وَإِنَّمَا یُعْرَفُ بِآیَاتِهِ وَیُعْلَمُ بِأَعْلَامِهِ ، فَقَالُوا : لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ حَتَّی تَسْأَلَهُ ، فَقَالَ مُوسَی : یَا رَبِّ إِنَّکَ قَدْ سَمِعْتَ مَقَالَهَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِصَلَاحِهِمْ ، فَأَوْحَی اللهُ إِلَیْهِ : یَا مُوسَی سَلْنِی مَا سَأَلُوکَ فَلَنْ آخُذَکَ بِجَهْلِهِمْ ، فَعِنْدَ ذَلِکَ قَالَ مُوسَی : ( رَبِ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْکَ قالَ لَنْ تَرانِی وَلکِنِ انْظُرْ إِلَی الْجَبَلِ فَإِنِ

ص: 164

اسْتَقَرَّ مَکانَهُ )(1).

قوله تعالی : ( فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّهٍ خَیْراً یَرَهُ. وَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّهٍ شَرًّا یَرَهُ ) [ 99 / 7 - 8 ] قال الشیخ أبو علی (ره) : فی بعض الروایات عن الکسائی خَیْراً یُرَهُ بضم الیاء فیهما ، وهو روایه أبان عن عاصم ، وقراءه علی علیه السّلام والباقون بفتح الیاء فی الموضعین (2) والمعنی : من یعمل وزن ذره من الخیر یَرَ ثوابه وجزاءه ، ( وَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّهٍ شَرًّا یَرَهُ ) أی یری ما یستحق من العقاب. قال : ویمکن أن یستدل بهذا علی بطلان الإحباط - إلی أن قال - وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ کَعْبٍ : مَعْنَاهُ : ( فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّهٍ خَیْراً ) وَهُوَ کَافِرٌ یَرَ ثَوَابَهُ فِی الدُّنْیَا فِی نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوُلْدِهِ حَتَّی یَخْرُجَ مِنَ الدُّنْیَا وَلَیْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ خَیْرٌ ، ( وَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّهٍ شَرًّا یَرَهُ ) وَهُوَ مُؤْمِنٌ یَرَی عُقُوبَتَهُ فِی الدُّنْیَا فِی نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوُلْدِهِ حَتَّی یَخْرُجَ مِنَ الدُّنْیَا وَلَیْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ شَرٌّ. ثم قال : وقَالَ مُقَاتِلٌ : ( فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّهٍ خَیْراً یَرَهُ ) یَوْمَ الْقِیَامَهِ فِی کِتَابِهِ فَیَفْرَحُ بِهِ ، وَکَذَلِکَ مَنْ یَعْمَلُ الشَّرَّ یَرَاهُ فِی کِتَابِهِ فَیَسُوءُهُ ذَلِکَ. قَالَ : وَکَانَ أَحَدُهُمْ یَسْتَقِلُّ أَنْ یُعْطِیَ الْیَسِیرَ ، وَیَقُولُ : إِنَّمَا نُؤْجَرُ عَلَی مَا نُعْطِی وَنَحْنُ نُحِبُّهُ وَلَیْسَ الْیَسِیرُ مِمَّا نُحِبُّ ، وَیَتَهَاوَنُ بِالذَّنْبِ الْیَسِیرِ وَیَقُولُ : إِنَّمَا وَعَدَ اللهُ النَّارَ عَلَی الْکَبَائِرِ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآیَهَ یُرَغِّبُهُمْ فِی الْقَلِیلِ مِنَ الْخَیْرِ وَیُحَذِّرُهُمْ مِنَ الْیَسِیرَ مِنَ الشَّرِّ. انتهی.

قال بعض المحققین فی هذه الآیه وفی قوله تعالی : ( یَوْمَئِذٍ یَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِیُرَوْا أَعْمالَهُمْ ) [ 99 / 6 ] وفی قوله تعالی : ( یَوْمَ تَجِدُ کُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَیْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ

ص: 165

لَوْ أَنَّ بَیْنَها وَبَیْنَهُ أَمَداً بَعِیداً ) [ 3 / 30 ] : دلاله علی تجسم الأعمال فی النشأه الأخری ، وقد ورد فی بعض الأخبار تجسم الاعتقادات أیضا ، فالأعمال الصالحه والاعتقادات الصحیحه تظهر صورا نورانیه مستحسنه توجب لصاحبها کمال السرور والابتهاج ، والأعمال السیئه والاعتقادات الباطله تظهر صورا ظلمانیه مستقبحه توجب غایه الحزن والتألم ، کما قال جماعه من المفسرین عند هذه الآیات - انتهی.

ویؤیده ما رُوِیَ مِنْ أَنَّهُ : « إِذَا بَعَثَ اللهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ قَبْرِهِ خَرَجَ مَعَهُ مِثَالٌ یَقْدُمُهُ أَمَامَهُ - یَعْنِی صُورَهً لِأَنَّ الْمِثَالَ الصُّورَهُ - کُلَّمَا رَأَی الْمُؤْمِنُ هَوْلاً مِنْ أَهْوَالِ یَوْمِ الْقِیَامَهِ قَالَ لَهُ الْمِثَالُ : لَا تَفْزَعْ وَلَا تَحْزَنْ وَأَبْشِرْ بِالسُّرُورِ وَالْکَرَامَهِ مِنَ اللهِ تَعَالَی ، حَتَّی یَقِفَ بَیْنَ یَدَیِ اللهِ تَعَالَی فَیُحَاسِبُهُ حِسَاباً یَسِیراً وَیَأْمُرُ بِهِ إِلَی الْجَنَّهِ وَالْمِثَالُ أَمَامَهُ - إِلَی قَوْلِهِ علیه السّلام - فَیَقُولُ : مَنْ أَنْتَ؟ فَیَقُولُ : أَنَا السُّرُورُ الَّذِی کُنْتَ أَدْخَلْتَهُ عَلَی أَخِیکَ الْمُؤْمِنِ فِی الدُّنْیَا » (1).

قوله تعالی : ( لَتَرَوُنَ الْجَحِیمَ ) [ 102 / 6 ] قَالَ الشَّیْخُ أَبُو عَلِیٍّ (ره) : قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَتُرَوُنَ بِضَمِّ التَّاءُ رُوِیَ ذَلِکَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السّلام ، والباقون لَتَرَوُنَ بفتح التاء.

وقد تکرر فی الکتاب والسنه ( أَرَأَیْتَکَ ) و ( أَرَأَیْتَکُمْ ) » وهی کلمه تقال عند الاستخبار والتعجب ، یعنی أخبرونی وأخبرونی ، وتاؤها مفتوحه أبدا ، و « کم » فیها لا محل له من الإعراب ، لأنک تقول : « أرَأَیْتَکَ زیدا ما شأنه ، فلو جعلت للکاف محلا لکنت کأنک تقول : « أرَأَیْتَ نفسک زیدا ما شأنه » وذلک فاسد ، ولو جعلت الکاف مفعولا - کما قاله الکوفیون - للزم أن یصح الاقتصار علی المنسوب فی المثال المذکور ، لأنه المفعول الثانی علی ذلک التقدیر ، ولکن الفائده لا تتم عنده ،

ص: 166

فلا یجوز الاقتصار علیه. وأما ( أَرَأَیْتَکَ هذَا الَّذِی کَرَّمْتَ عَلَیَ ) [ 17 / 62 ] فالمفعول الثانی محذوف ، أی کرمته علی وأنا خیر منه لعدیت الفعل إلی ثلاث مفاعیل ، وللزم أن تقول : « أرَأَیْتُمُوکُمْ » بل الفعل معلق عن العمل للاستفهام ، أو المفعول محذوف تقدیره : أرَأَیْتَکُمْ آلهتکم تنفعکم إذ تدعونها.

قوله تعالی : ( یُراؤُنَ النَّاسَ ) [ 4 / 142 ] قال الشیخ أبو علی (ره) : قرئ فی الشواذ « یَرْءُونَ » مثل « یَدْعُونَ » والقراءه المشهوره ( یُراؤُنَ ) مثل « یراعون » قال ابن جنی (1) : « یَرْءُونَ » ومعناه یبصرون الناس ویحملون علی أن یَرَوْهُمْ یتعاطون ، وهذا أقوی من ( یُراؤُنَ ) بالمد علی یفاعلون ، لأن معناه یتعرضون لأن یَرَوْهُمْ.

قوله تعالی : ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَیَرَی اللهُ عَمَلَکُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) [ 9 / 105 ].

رُوِیَ عَنْهُمْ علیهم السّلام : « تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ عَلَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله کُلَّ صَبَاحٍ - أَبْرَارُهَا وَفُجَّارُهَا - فَاحْذَرُوهَا » (2). والمؤمنون هم الأئمه - علیهم السلام - (3).

وفِی الْحَدِیثِ : « سُرُّوا رَسُولَ اللهِ

ص: 167

وَلَا تَسُوءُوهُ » (1). لأنه إذا رَأَی معصیه ساءه.

قوله تعالی : أَثاثاً وَرِیًّا [ 19 / 74 ] بغیر همز ، یجوز أن یکون من « الری » أی منظرهم مریوء من النعمه ، و ( أَثاثاً وَرِءْیاً ) - بهمزه قبل الیاء - : ما رَأَیْتَ علیه بشاره وهیئه ، وإن شئت قلت : المنظر الحسن ، وَزِیًّا بالزای المعجمه - یعنی هیئه ومنظرا. قیل : وقرئت بهذه الثلاثه أوجه.

وفِی الْخَبَرِ : « إِنِّی لَأَرَاهُ مُؤْمِناً ». بفتح الهمزه أی أعلمه ، وبضمها أی أظنه.

و « الرُّؤْیَا » - بالضم والقصر ومنع الصرف - : ما یری فی المنام.

وفِی الْخَبَرِ : « مَنْ رَآنِی فَقَدْ رَآنِی ». یعنی إن رُؤْیَتَهُ صلی الله علیه و آله لیست أضغاث أحلام ولا تخیلات شیطان ، والرُّؤْیَهُ بخلق الله لا یشترط فیها مواجهه ولا مقابله إن قیل الجزاء هو الشرط ، أجیب بإراده لازمه ، أی فلیستبشر فإنه رَآنِی.

وفِی الْحَدِیثِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السّلام قَالَ : حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ أَبِیهِ علیهم السّلام : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله قَالَ : « مَنْ رَآنِی فَقَدْ رَآنِی لِأَنَّ الشَّیْطَانَ لَا یَتَمَثَّلُ فِی صُورَتِی ، وَلَا فِی صُورَهِ أَحَدٍ مِنْ أَوْصِیَائِی ، وَلَا فِی صُورَهِ أَحَدٍ مِنْ شِیعَتِهِمْ ، وَأَنَ الرُّؤْیَا الصَّادِقَهَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّهِ » (2).

وَفِی بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِیثِ « الصَّالِحَهَ ». ووصفها بها لأن غیر الصالحه تسمی الحلم (3).

وفِیهِ : « رَأْیُ الْمُؤْمِنِ وَرُؤْیَاهُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ عَلَی سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّهِ » (4). قیل : المراد بالأول ما یخلق

ص: 168

الله فی قلبه من الصور العلمیه فی حال الیقظه ، ومن الثانی ما یخلق الله فی قلبه حال النوم ، وکأن المراد من « فی آخر الزمان » زمان ظهور الصاحب علیه السّلام ، فإنه وقع التصریح فی بعض الأخبار بأن فی زمان ظهوره یجمع الله قلوب المؤمنین علی الصواب. وقیل : ولفظه « علی » نهجیه ، أی علی هذا النهج ، یعنی یکون مثل الوحی موافقین للواقع.

وفِیهِ : « الرُّؤْیَا الصَّادِقَهُ وَالْکَاذِبَهُ مَخْرَجُهُمَا مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ » یَعْنِی الْقَلْبَ ، فَالرُّؤْیَا الْکَاذِبَهُ الْمُخْتَلِقَهُ هِیَ الَّتِی یَرَاهَا الرَّجُلُ فِی أَوَّلِ لَیْلِهِ فِی سُلْطَانِ الْمَرَدَهِ الْفَسَقَهِ ، وَإِنَّمَا هِیَ شَیْءٌ یُخَیَّلَ إِلَیْهِ وَهِیَ کَاذِبَهٌ لَا خَیْرَ فِیهَا ، وَأَمَّا الصَّادِقَهُ فَیَرَاهَا بَعْدَ الثُّلُثَیْنِ مِنَ اللَّیْلِ مَعَ حُلُولِ الْمَلَائِکَهِ وَذَلِکَ قَبْلَ السَّحَرِ ، وَهِیَ صَادِقَهٌ لَا تَخْتَلِفُ إِلَّا أَنْ یَکُونَ جُنُباً أَوْ یَنَامَ عَلَی غَیْرِ طُهْرٍ وَلَمْ یَذْکُرِ اللهَ تَعَالَی ، فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ وَتُبْطِئُ عَلَی صَاحِبِهَا (1).

وفِی الْخَبَرِ عَنْهُ صلی الله علیه و آله أَنَّهُ قَالَ : « الرُّؤْیَا ثَلَاثَهٌ : رُؤْیَا بُشْرَی مِنَ اللهِ ، وَرُؤْیَا تَحْزِینٍ مِنَ الشَّیْطَانِ ، وَالَّذِی یُحَدِّثُ بِهِ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ فَیَرَاهُ فِی مَنَامِه ِ » (2).

وفِی خَبَرٍ آخَرَ عَنْهُ علیه السّلام أَنَّهُ قَالَ : « الرُّؤْیَا عَلَی رَجُلٍ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ ، فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ ». قال بعض الشارحین : وجه الجمع بین هذین الخبرین أنه عبر عن مطلق الرُّؤْیَا بکونها کالطائر الذی لا قرار له ولا ثبات له حتی یحصل تعبیرها فإذا حصل طارت کالطائر الذی أصیب بالضربه أو الرمیه فوقع بعد طیرانه ، وأما الرُّؤْیَا الحقیقیه التی یعبر عنها بأنها بشری من الله فهی ما تشاهده النفس المطمئنه من الروحانیات والعالم العلوی ، وتلک الرُّؤْیَا واقعه عبرت أم لم تعبر ، لأن ما فی ذلک

ص: 169

العالم کله حقیقی لا یتغیر ، وأما الرُّؤْیَا التی هی تحزین من الشیطان فهی ما تشاهده النفس عند استیلاء القوه الشهویه أو الغضبیه ، فإن ذلک مما یحصل به الأمور الشریره باعتبار الشخص فی الأمور الواقعه فی العالم الجسمانی باعتبار حصوله عن هذه النفس الشیطانیه ، وکذا ما یَرَاهُ الإنسان من الأمور المرتسمه فی نفسه من القوه المتخیله والمتوهمه ، لأنها صور لا حقائق لها ، وهاتان المرتبتان تقعان مع التعبیر بحسب ما یعبران - انتهی. وسیأتی فی « حلم » مزید کلام فی الأحلام.

وفِی الْحَدِیثِ : « یُعْطِی الزَّکَاهَ عَلَی مَا یَرَی ». أی علی ما یعرف من أهل الاستحقاق وغیرهم.

وقد تکرر فیه : « فما تَرَی » ومعناه قریب من معنی « ما تقول » والمراد الاستخبار.

و « فلان یَرَی رَأْیَ الخوارج » یذهب مذهبهم.

وفِی الْحَدِیثِ : « لَمْ یَقُلْ علیه السّلام بِرَأْیٍ وَلَا قِیَاسٍ ». قیل فی معناه : الرَّأْیُ التفکر فی مبادئ الأمور والنظر فی عواقبها وعلم ما یئول إلیه من الخطإ والصواب ، أی لم یقل علیه السّلام بمقتضی العقل ولا بالقیاس. وقیل : الرَّأْیُ أعم لتناوله مثل الاستحسان.

وجمع الرأی « أَرَآءٌ » ، و « رُئِیٌ ».

« آرَاءُ » أیضا مقلوب.

و « ارْتَأَی » أی طلب الرأی والتدبیر.

و « أصحاب الرَّأْیِ » عند الفقهاء هم أصحاب القیاس والتأویل کأصحاب أبی حنیفه (1) وأبی الحسن

ص: 170

الأشعری (1) ، وهم الذین قالوا : نحن بعد ما قبض رسول الله صلی الله علیه و آله یسعنا أن نأخذ بما اجتمع علیه رَأْیُ الناس. قَالَ الْعَلَّامَهُ الدِّمْیَرِیُّ - نَقْلاً عَنْهُ فِی تَفْسِیرِ الرَّأْیِ - : رَوَی نُوحٌ الْجَامِعُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا حَنِیفَهَ یَقُولُ : مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله فَعَلَی الرَّأْسِ وَالْعَیْنِ ، وَمَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَهِ اخْتَرْنَاهُ ، وَمَا کَانَ غَیْرَ ذَلِکَ فَهُمْ رِجَالٌ وَنَحْنُ رِجَالٌ. وعَنْ أَبِی حَنِیفَهَ أَنَّهُ قَالَ : عَلِمْنَا هَذَا رَأْیٌ ، وَهُوَ أَحْسَنُ مَا قَدَرْنَا عَلَیْهِ ، فَمَنْ جَاءَ بِأَحْسَنَ مِنْهُ قَبِلْنَاهُ. انتهی (2) ، وهو باطل مردود.

ص: 171

وفِی خَبَرِ مُعَاذٍ فِی قَوْلِهِ : « أَجْتَهِدُ رَأْیِی » - إن صح - فالمراد به رد القضیه التی تعرض للحکم من طریق القیاس أو غیره إلی الکتاب والسنه ، ولم یرد الرَّأْیَ الذی یَرَاهُ من قبل نفسه من غیر حمل علی کتاب وسنه ، وعلی هذا یحمل قَوْلُهُ علیه السّلام : « مَنْ قَالَ فِی الْقُرْآنِ بِرَأْیِهِ فَقَدْ أَخْطَأَ ». أی قال فیه قولا غیر مستفاد من کتاب ولا سنه ولا من دلیل یعتمد علیه بل قال بِرَأْیِهِ حسب ما یقتضیه عقله ویذهب إلیه وهمه بالظن والتخمین ، ومن خاض فی کتاب الله بمثل ذلک فبالحری أن یکون قوله مهجورا وسعیه مبتورا (1).

و « التَّرَائِی » تفاعل من الرُّؤْیَهِ ، یقال : « تَرَاءَی القوم » إذا رَأَی بعضهم بعضا ، و « تَرَاءَی لی الشیء » ظهر لی حتی رَأَیْتُهُ ، و « تَرَاءَیْنَا الهلال » تکلفنا النظر إلی جهته لِنَرَاهُ ، و « تَرَاءَی لی الشیء من الجن » ظهر.

و « فلان له رَئِیٌ من الجن » - بتشدید الیاء علی فعیل أو فعول - لأنه یَتَرَاءَی لمتبوعه ، أو هو من « الرَّأْیِ » یقال : « فلان رَئِیُ قومه » إذا کان صاحب رأیهم والْمِرْآهُ التی ینظر فیها ، وجمعها « مَرَاءٍ » کجوار ومناص ، والکثیر « مَرَایَا ».

و « فلان بِمَرْأیً منی ومسمع » أی حیث أَرَاهُ وأسمع قوله.

و « سَامِرَّاء » المدینه التی بناها المعتصم ودفن فیها علی الهادی علیه السّلام والحسن العسکری علیه السّلام . وفیها لغات : « سُرَّ من رأی » و « سَرَّ من رأی » - بفتح السین وضمها - و « ساء من رأی » [ و « سامرا » ] قاله الجوهری عن أحمد بن یحیی وابن الأنباری (2).

و « رَأَیْتُهُ عالما » یستعمل بمعنی العلم

ص: 172

والظن ، فیعدی إلی مفعولین.

و « رَأَیْتُ زیدا » أبصرته ، ویعدی إلی مفعول واحد ، لأن أفعال الحواس إنما تتعدی إلی واحد ، فإن رَأَیْتَهُ هیئه نصبتها علی الحال وقلت : « رَأَیْتُهُ قائما ».

وتقول : « رَأَی یَرَی » والقیاس « یَرْأَی » - کینعی - لکن العرب أجمعت علی حذف الهمزه من مضارعه فقالوا : یَرَی یَرَیَانِ یَرَوْنَ - إلخ. واسم الفاعل منه رَاءٍ کرام. وإذا أمرت بنیت الأمر علی الأصل فقلت : « ارْءَ » کارع ، وعلی تقدیر الحذف رِ کق ، ویلزمه الهاء فی الوقف.

وبناء أفعل من « رَأَی » مخالف لأخواته ، تقول : « أَرْأَی » کأعطی « یُرْئِی » کیعطی نقلت وحذفت « إِرَاءَهً » فی المصدر والأصل « إِرْآیاً » علی وزن إفعالا قلبت الیاء همزه لوقوعها بعد ألف زائده فصار « إِرَآءً » ثم نقلت حرکه الهمزه إلی الراء وحذفت - کما فی الفعل - وعوضت تاء التأنیث عن الهمزه کما عوضت عن الواو فی « إقامه » فقیل : « إِرَاءَهً » - کذا ذکره المحقق التفتازانی.

الکثره.

قوله تعالی : ( زَبَداً رابِیاً ) [ 13 / 17 ] أی طافیا فوق الماء.

قوله تعالی : ( أَخْذَهً رابِیَهً ) [ 69 / 10 ] أی شدیده زائده فی الشده علی الأخذات کما زادت قبائحهم فی القبح قوله تعالی : ( رَبْوَهٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِینٍ ) [ 23 / 50 ] قیل : هی دمشق و « الرّبْوَهُ » مثلثه الراء الارتفاع من الأرض و ( ذاتِ قَرارٍ ) یستقر فیها الماء للعماره ، ( وَمَعِینٍ ) ماء ظاهر جار. وَفِی الْحَدِیثِ : « الرَّبْوَهُ نَجَفُ الْکُوفَهِ. والْمَعِینُ : الفرات » (1)

قوله تعالی : ( وَما آتَیْتُمْ مِنْ رِباً لِیَرْبُوَا ) [ 30 / 39 ] أی من أعطی یبتغی أفضل من ذلک فلا أجر له عند الله فیه.

و « الرِّبَا » الفضل والزیاده ، وهو مقصور علی الأشهر ، وتثنیته « رَبَوَانِ » علی الأصل ، و « رِبَیَانِ » علی التخفیف ، والنسبه إلیه « رَبَوِیٌ ».

و « أَرْبَی الرجل » دخل فی الرِّبَا.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الرِّبَا رِبَوَانِ - أَوْ رِبَاءَانِ رِباً یُؤْکَلُ وَرِباً لَا یُؤْکَلُ ، فَأَمَّا الَّذِی یُؤْکَلُ فَهُوَ هَدِیَّتُکَ إِلَی رَجُلٍ تُرِیدُ الثَّوَابَ أَفْضَلَ مِنْهَا ، وَذَلِکَ قَوْلُهُ تَعَالَی : ( وَما آتَیْتُمْ مِنْ رِباً لِیَرْبُوَا فِی أَمْوالِ النَّاسِ فَلا یَرْبُوا عِنْدَ اللهِ ) ، وَأَمَّا الَّذِی لَا یُؤْکَلُ فَهُوَ أَنْ یَدْفَعَ الرَّجُلُ إِلَی الرَّجُلِ عَشَرَهَ دَرَاهِمَ عَلَی أَنْ یَرُدَّ أَکْثَرَ مِنْهَا ، فَهَذَا الرِّبَا الَّذِی نَهَی اللهُ عَنْهُ فَقَالَ : ( یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِیَ مِنَ الرِّبا إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ )(2).

وفِیهِ : « إِنَّمَا الرِّبَا فِی النَّسِیئَهِ ». أی الربا الذی عرف فی النقدین والمطعوم أو المکیل والموزون ثابت فی النسیئه والحصر للمبالغه.

وفِی الْخَبَرِ : « الصَّدَقَهُ تَرْبُو فِی کَفِّ الرَّحْمَنِ ». أی یعظم أجرها أو جثتها حتی

ص: 174

تثقل فی المیزان ، وأراد بالکف کف السائل ، أضیف إلی الرحمن إضافه ملک.

وفِیهِ : « الْفِرْدَوْسُ رَبْوَهُ الْجَنَّهِ ». أی أرفعها.

وفِیهِ : « قَوَائِمُ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله رَبَتْ فِی الْجَنَّهِ » (1). أی نشأت. وفِی بَعْضِ النُّسَخِ « رُتَبٌ ». بتقدیم المثناه علی الموحده ، وکأن المراد : درجات فی الجنه یعلو علیها کما کان یعلو علی المنبر.

و « رَبَوْتُ فی بنی فلان ».

وَفِی حَدِیثِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « دِرْهَمُ رِباً أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ سَبْعِینَ زَنْیَهً بِذَاتِ مَحْرَمٍ فِی بَیْتِ اللهِ الْحَرَامِ » (2). وفیه من المبالغه فی التحریم ما لا یخفی (3).

و « رَبَّیْتُهُ تربیه » غذیته ، وهو لکل ما ینمی کالولد والزرع.

وَفِی الْخَبَرِ : « مَثَلِی وَمَثَلُکُمْ کَرَجُلٍ ذَهَبَ یَرْبَأُ أَهْلَهُ ». أی یحفظهم من عدوهم ، والاسم « الرَّبِیئَهُ » وهو العین الذی ینظر للقوم لئلا یدهمهم عدو ، ولا یکون إلا علی جبل أو شرف.

و « الزنجبیل الْمُرَبَّی » معروف.

المیت ، فیقال : « وا فلاناه ».

مخففه (1).

وقد اختلف فی الْمُرْجِئَهِ فقیل : هم فرقه من فرق الإسلام یعتقدون أنه لا یضر مع الإیمان معصیه کما لا ینفع مع الکفر طاعه ، سموا مُرْجِئَهً لاعتقادهم أن الله تعالی أرجأ تعذیبهم عن المعاصی ، أی أخره عنهم. وعن ابن قتیبه أنه قال : هم الذین یقولون الإیمان قولا بلا عمل ، لأنهم یقدمون القول ویؤخرون العمل. وقال بعض أهل المعرفه بالملل : إن الْمُرْجِئَهَ هم الفرقه الجبریه الذین یقولون : إن العبد لا فعل له ، وإضافه الفعل إلیه بمنزله إضافته إلی المجازات ، کجری النهر ودارت الرحا ، وإنما سمیت المجبره مُرْجِئَهً لأنهم یؤخرون أمر الله ویرتکبون الکبائر. وفی المغرب - نقلا عنه - : سموا بذلک لِإِرْجَائِهِمْ حکم أهل الکبائر إلی یوم القیامه (2).

وَفِی الْحَدِیثِ : « مُرْجِئٌ یَقُولُ : مَنْ لَمْ یُصَلِّ وَلَمْ یَصُمْ وَلَمْ یَغْتَسِلْ مِنْ جَنَابَهٍ وَهَدَمَ الْکَعْبَهَ وَنَکَحَ أُمَّهُ فَهُوَ عَلَی إِیمَانِ جَبْرَئِیلَ وَمِیکَائِیلَ » (3).

وَفِی الْحَدِیثِ خِطَاباً لِلشِّیعَهِ : « أَنْتُمْ أَشَدُّ تَقْلِیداً أَمِ الْمُرْجِئَهُ » (4). قیل : أراد بهم ما عدا الشیعه من العامه ، اختاروا من عند أنفسهم رجلا بعد رسول الله وجعلوه رئیسا ، ولم یقولوا بعصمته عن الخطإ ، وأوجبوا طاعته فی کل ما یقول ، ومع ذلک قلدوه فی کل ما قال ، وأنتم نصبتم رجلا - یعنی علیا علیه السّلام - واعتقدتم عصمته عن الخطإ ومع ذلک خالفتموه فی

ص: 177

کثیر من الأمور ، وسماهم مُرْجِئَهً لأنهم زعموا أن الله تعالی أخر نصب الإمام لیکون نصبه باختیار الأمه بعد النبی صلی الله علیه و آله .

وَفِی الْحَدِیثِ : « الْقُرْآنُ یُخَاصِمُ بِهِ الْمُرْجِئُ وَالْقَدَرِیُّ وَالزِّنْدِیقُ الَّذِی لَا یُؤْمِنُ بِهِ ». وفسر الْمُرْجِئُ بالأشعری ، والْقَدَرِیُ بالمعتزلی.

وَفِی حَدِیثٍ آخَرَ قَالَ : ذَکَرْتُ الْمُرْجِئَهَ وَالْقَدَرِیَّهَ وَالْحَرُورِیَّهَ ، فَقَالَ علیه السّلام : « لَعَنَ اللهُ تِلْکَ الْمِلَلَ الْکَافِرَهَ الْمُشْرِکَهَ الَّتِی لَا یَعْبُدُونَ اللهَ عَلَی شَیْءٍ ».

وَفِی حَدِیثِ الْمُشْتَبِهِ أَمْرُهُ : « فَأَرْجِهْ حَتَّی تَلْقَی إِمَامَکَ » (1). أی أخره واحبس أمره ، من « الْإِرْجَاءِ » وهو التأخیر. قال بعض الأفاضل من نقله الحدیث : فی هذا الحدیث وما وافقه دلاله علی وجوب التوقف عند تعادل الحدیثین المتناقضین ، وفی بعض الأخبار التوسعه فی التخییر من باب التسلیم ، وقد جمع بعض فقهائنا بین الکل بحمل التخییر علی واقعه لا تعلق لها فی حقوق الناس ، کالوضوء والصلوه ونحوها ، والتوقف فی واقعه لها تعلق بحقوقهم - انتهی ، وهو جید.

وفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « یَدَّعِی [ بِزَعْمِهِ ] أَنَّهُ یَرْجُو اللهَ ، کَذَبَ وَالْعَظِیمِ ، مَا بَالُهُ لَا یَتَبَیَّنُ رَجَاؤُهُ فِی عَمَلِه ِ » (2).

وفیه ذم من یرجو الله بلا عمل ، فهو کالمدعی للرجاء ، وکل من رجا عرف رجاؤه فی عمله.

وفِی الْحَدِیثِ : « أَرْجُو مَا بَیْنِی وَمَا بَیْنَ اللهِ ». أی أتوقع.

و « الرَّجَاءُ » من الأمل ممدود - قاله الجوهری (3).

ومنه الْحَدِیثُ : « أَعُوذُ بِکَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِی تَقْطَعُ الرَّجَاءَ ». وهی فسرها علیه السّلام بالیأس من روح الله ، والقنوط من رحمه الله ، والثقه بغیر الله ، والتکذیب

ص: 178

بوعده.

وَفِی حَدِیثِ خَیْمَهِ آدَمَ علیه السّلام الَّتِی هَبَطَ بِهَا جَبْرَئِیلُ : « أَطْنَابُهَا مِنْ ظَفَائِرِ الْأُرْجُوَانِ ».

هو بضم همز وجیم : اللون الأحمر شدید الحمره ، قیل : هو معرب ، وقیل : الکلمه عربیه والألف والنون زائدتان. قال الجوهری : ویقال أیضا : شجر له نور أحمر أحسن ما یکون ، وکل لون یشبهه فهو أُرْجُوَانِیٌ - انتهی.

وفیه نهی عن میثره الأرجوان ، وستذکر فی بابها إن شاء الله تعالی.

الواو (1).

قال الجوهر - ولا أدری ما حجته - : و « أرحیه الماء » من عمل الشیاطین وکذا الحمامات والنوره.

و « تَرَاخَی الأمر » امتد زمانه.

و « فی الأمر تَرَاخٍ » أی فسحه

کالجلسه.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « مَنْ أَرَادَ الْبَقَاءَ وَلَا بَقَاءَ فَلْیُبَاکِرِ الْغَدَاءَ ، وَلْیُجَیِّدِ الْحِذَاءَ ، وَلْیُخَفِّفِ الرِّدَاءَ ، وَلْیُقِلَّ مُجَامَعَهَ النِّسَاءِ. قِیلَ : وَمَا خِفَّهُ الرِّدَاءِ؟ قَالَ : قِلَّهُ الدَّیْنِ » (1). قیل : سمی رِدَاء لقولهم : « دینک فی ذمتی وفی عنقی ولازم فی رقبتی » وهو موضع الرداء. وعن الفارسی : یجوز أن یقال : کنی بِالرِّدَاءِ عن الظهر لأن الرداء یقع علیه ، فمعناه : فلیخفف ظهره ولا یثقله بالدین.

و « ارْتَدَی » و « تَرَدَّی » لبس الرداء.

وَفِی الْحَدِیثِ : « إِنَ أَرْدِیَهَ الْغُزَاهِ لَسُیُوفُهُمْ ». سمی السیف رِدَاءً لأن من تقلده فکأنه قد تردی به.

وَفِی الدُّعَاءِ : « أَعُوذُ بِکَ مِنْ الْهَوَی الْمُرْدِی ». أی المهلک.

وفِیهِ : « أَعُوذُ بِکَ مِنْ مُرْدِیَاتِ سَخَطِکَ ». أی ما یوجب الردی ، أی الهلاک من سخطک.

وفِیهِ : « لَا تُرْدِنِی فِی هَلَکَهٍ ». أی لا توقعنی فی هلاک.

وفِیهِ : « أَعُوذُ بِکَ مِنَ التَّرَدِّی ». أی من الوقوع فی الهلاک.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ تَکَلَّمَ بِکَلِمَهٍ مِنْ سَخَطِ اللهِ تُرْدِیهِ بُعْدَ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ». أی توقعه فی مهلکه.

وفِیهِ : « نَهَی عَنِ الشَّاهِ الْمُتَرَدِّیَهِ ». وذلک لأنها ماتت من غیر ذکاه.

وَفِی حَدِیثِ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله : « عَشَاءُ اللَّیْلِ لِعَیْنِکِ رَدِیٌ ». أی ضار مضر.

ورَدُؤَ الشیء - بالهمز یَرْدُؤُ کحسن یحسن رَدَاءَهً - بالمد - : فسد.

و « الرَّدِیءُ » - علی وزن فعیل - : الفاسد ، و « رجل رَدِیءٌ » أی وضیع خسیس.

و « رَدِیَ » بالکسر « یَرْدَی » من باب تعب : هلک.

ص: 182

و « رَدَا یَرْدُو » من باب علا لغه.

و « الْمُرْدِیُ » خشبه تدفع بها السفینه تکون فی ید الملاح ، والجمع « الْمَرَادِیُ » - قاله الجوهری.

و « جبال رَاسِیَهٌ ورَاسِیَاتٌ ورَوَاسِی ».

و « رَسَتْ أقدامهم فی الحرب » ثبتت.

قوله تعالی : ( وَلا یَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضی ) [ 21 / 28 ] أی ارتضاه الله لأن یشفع له.

قوله تعالی : ( وَلَسَوْفَ یُعْطِیکَ رَبُّکَ فَتَرْضی ) [ 93 / 5 ] قال المفسر : اللام فی ( وَلَسَوْفَ ) لام الابتداء المؤکده لمضمون الجمله ، والمبتدأ محذوف ، والتقدیر : « ولأنت سوف یعطیک » ولیست بلام قسم لأنها لا تدخل علی المضارع إلا مع نون التأکید - انتهی.

وفِی الرِّوَایَهِ : « إِنَّ أَرْجَی آیَهٍ فِی کِتَابِ اللهِ هَذِهِ الْآیَهُ ، لِأَنَّهُ لَا یَرْضَی بِدُخُولِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ النَّارَ » (1).

قوله تعالی : ( یَهْدِی بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ) [ 5 / 16 ] الرِّضْوَانُ من الله ضد السخط ، وقیل : هو المدح علی الطاعه والثناء ، و « الرِّضَی » مثله ، فَرِضَی الله ثوابه وسخطه عقابه من غیر شیء یتداخله فیهیجه من حال إلی حال ، لأن ذلک من صفات المخلوقین

ص: 185

العاجزین المحتاجین (1).

قوله تعالی : ( وَلِیَرْضَوْهُ ) [ 6 / 113 ] أی لِیَرْضَوْا ما أوحی إلیهم من القول ( وَلِیَقْتَرِفُوا ) أی ولیکتسبوا من الإثم والمعاصی ( ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ )

وَفِی الْحَدِیثِ : « سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ ». أی ما یقع منه سبحانه موقع الرِّضَا أو ما یَرْضَاهُ لنفسه.

وَفِی الدُّعَاءِ : « وخُذْ لِنَفْسِکَ رِضًا مِنْ نَفْسِی ». أی اجعل نفسی رَاضِیَهً بکل ما یرد علیها منک - هکذا نقل عن بعض العارفین.

وفِیهِ : « أَعُوذُ بِرِضَاکَ مِنْ سَخَطِکَ وَبِمُعَافَاتِکَ مِنْ عُقُوبَتِکَ ، وَأَعُوذُ بِکَ مِنْکَ ، لَا أُحْصِی ثَنَاءً عَلَیْکَ ، أَنْتَ کَمَا أَثْنَیْتَ عَلَی نَفْسِکَ ». قیل : قدم الرضا لأن المعافاه من العقوبه تحصل بالرضا ، وإنما ذکرها لیدل علیها مطابقه ، فکنی عنها أولا ثم صرح بها ثانیا ، ولأن الرِّضَا قد یعاقب لمصلحه أو لاستیفاء حق الغیر. وروی أنه بدأ بالمعافاه من العقوبه أولا ثم بِالرِّضَا ثانیا لیترقی من الأدنی إلی الأعلی ، ثم لما ازداد یقینا قصر نظره علی الذات فقال : « أعوذ بک منک » ثم لما ازداد قربا استحی من الاستعاذه علی بساط القرب فالتجأ إلی الثناء فقال : « لا أحصی ثناء علیک » ثم علم قصوره فقال : « أنت کما أثنیت علی نفسک ».

وَفِی حَدِیثِ الشِّیعَهِ مَعَ مُخَالِفِیهِمْ : « ارْضُوا مَا رَضِیَ اللهُ مِنْهُمْ مِنَ الضَّلَالِ ». أی أقروهم علی ما أقرهم الله علیه ، ولیس المراد حقیقه الرضا.

وَفِی حَدِیثِ مَنْ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ مُنْتَهَی عِلْمِهِ : « لَا تَقُولَنَّ مُنْتَهَی عِلْمِهِ وَقُلْ مُنْتَهَی رِضَاهُ » (2).

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « أَمَا تَرْضَی

ص: 186

أَنْ تَکُونَ مِنِّی بِمَنْزِلَهِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی » (1). أی فی استخلافه علی ذریته وأهله وقومه.

و « رَضِیتُ بالشیء رِضًی » اخترته ، و « ارْتَضَیْتُهُ » مثله.

و « رَضِیتُ عن زید » و « رَضِیتُ علیه » لغه ، والاسم « الرِّضَاءُ » بالمد.

و « رَضِیتُ بالله ربا » قنعت به ولا أطلب معه غیره.

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ رَضِیَ بِالْقَلِیلِ مِنَ الرِّزْقِ قَبِلَ اللهُ مِنْهُ الْیَسِیرَ مِنَ الْعَمَلِ ، وَمَنْ رَضِیَ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَتَنَعَّمَ أَهْلُهُ ، وَبَصَّرَهُ اللهُ دَاءَ الدُّنْیَا وَدَوَاءَهَا ، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِماً إِلَی دَارِ السَّلَامِ ».

و « الرَّاضِی » الذی لا یسخط بما قدر علیه ، ولا یرضی لنفسه بالقلیل من العمل.

و « الرِّضَا » هو علی بن موسی علیه السلام (2) وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِذَلِکَ لِأَنَّهُ کَانَ رِضَی اللهِ فِی سَمَائِهِ ، وَرِضَی الرَّسُولِ صلی الله علیه و آله فِی أَرْضِهِ ، وَرِضًی لِلْأَئِمَّهِ علیهم السّلام مِنْ بَعْدِهِ ، وَرَضِیَ بِهِ الْمُخَالِفُونَ مِنْ أَعْدَائِهِ کَمَا رَضِیَ بِهِ الموافقون مِنْ أَوْلِیَائِهِ ، وَلَمْ یَکُنْ ذَلِکَ لِأَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ علیهم السّلام . وُلِدَ سَنَهَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِینَ وَمِائَهٍ. وَقُبِضَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِینَ سَنَهً - کَذَا فِی الْکَافِی. وَفِی رِوَایَهٍ وَقُبِضَ وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِینَ سَنَهً وَأَشْهُرٍ.

وقول الفقهاء : « أشهد علی رِضَاهَا » أی إذنها ، جعلوا الإذن رِضًی لدلالته علیه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الصَّلَاهُ رِضْوَانُ اللهِ »

ص: 187

أی سبب رضوانه ، أو مبالغه کزید عدل.

و « الرِّضْوَانُ » - بکسر الراء وضمها - : أعلی مراتب الرضا.

و « بلغ بی رِضْوَانَکَ » أی أبلغنی منتهی رضاک.

وقوله : « حتی تَرْضَی وبعد الرِّضَا » قیل : هو کنایه عن دخول الجنه ، ویمکن أن یکون کنایه عن کمال الحمد ، أو إنی لا أقطع شکری لک بعد حصول رضاک.

و « رِضْوَانُ » خازن الجنان.

و « رَضْوَی » جبل بالمدینه.

و « الْمُرْتَضَی » لقب علی بن الحسین بن موسی بن محمد بن موسی بن إبراهیم بن موسی بن جعفر بن محمد بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیه السّلام ، ذو المجدین علم الهدی ، متوحد فی علوم کثیره ، مجمع علی فضله ، متقدم فی علم الکلام والفقه وأصول الفقه والأدب والنحو والشعر واللغه ، له دیوان شعر یزید علی عشرین ألف بیت (1) قال فی مجامع الأصول - نقلا عنه عند ذکر السید - : کانت للسید نقابه الطالبیین ببغداد ، وکان عالما فاضلا متکلما فقیها علی مذاهب الشیعه وله تصانیف کثیره - انتهی. توفی (ره) فی شهر ربیع الأول سنه سته وثلاثین وأربعمائه ، وکان مولده فی رجب سنه خمس وخمسین وثلاثمائه ، ویوم توفی کان عمره ثمانین سنه وثمانیه أشهر وأیاما ، صلی علیه ابنه فی داره ودفن فیها. ذکر أبو القاسم التنوخی (2) صاحب السید - قال : لما مات السید

ص: 188

حصرنا کتبه فوجدناها ثمانین ألف مجلد من مصنفاته ومحفوظاته ومقرواته. وقال الثعالبی - نقلا عنه - فی کتاب الیتیمه : إنها قومت بثلاثین ألف دینار بعد أن أخذ الوزراء والرؤساء منها شیئا عظیما (1).

وأما أخوه السید الرضی (2) فإنه توفی فی المحرم من سنه أربع وأربعمائه ، وحضر الوزیر وجمیع الأعیان والأشراف والقضاه جنازته والصلاه علیه ، ودفن فی داره بمسجد الأنباریین بالکرخ ، ومضی أخوه المرتضی (ره) من جزعه علیه إلی مشهد موسی بن جعفر علیهما السّلام ، لأنه لم یستطع أن ینظر إلی جنازته ودفنه ، وصلی علیه فخر الملک أبو غالب (3).

ص: 189

ورَاضَیْتُهُ مُرَاضَاهً ورِضَاءً مثل وافقته موافقه ووفاقا وزنا ومعنی.

و « شهاده أن لا إله إلا الله مَرْضَاهٌ للرحمن « أی محل رضاه.

للعالم من علمه.

و « رِعَایَهُ الحق » حفظه والنظر فیه.

و « رَعَاکَ الله » حفظک ووقاک.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَیْسَا مِنْ رُعَاهِ الدِّینِ فِی شَیْءٍ ». هو من « الرُّعُاهِ » بالضم جمع « راع » بمعنی الولی ، کقاض وقضاه ، یعنی من ولاته وحفظته. وقیل : « رِعَاءٌ » بالکسر والمد و « رُعْیَان » کزعفان ، وفیه إشعار بأن العالم الحقیقی وال علی الدین وقیم علیه.

و « الرَّاعِی » الوالی ، و « الرَّعِیَّهُ » من عداه ، ومنه یقال : « لیس المَرْعِیُ کَالرَّاعِی ».

وَقَوْلُهُ : « لَا یُعْطَی مِنَ الْغَنَائِمِ شَیْءٌ إِلَّا رَاعٍ ». قیل : هو عین القوم علی العدو.

و « اسْتَرْعَاکُمْ أَمْرَ خَلْقِه » (1). فی حدیث الأئمه علیهم السّلام أی جعلکم ولاه علی خلقه وجعلهم رعیه لکم تحکم بهم بما أمرتم.

و « المَرْعَی » ما ترعاه الدواب ، والجمع « الْمَرَاعِی ».

و « رَعَتِ الماشیه رَعْیاً فهی رَاعِیَهٌ » إذا سرحت بنفسها.

و « رَعَیْتُهَا أَرْعَاهَا » تستعمل لازما ومتعدیا ، والفاعل « رَاعٍ » کقاض.

و « رَعَیْتُ النجوم » رغبتها.

و « رَاعَیْتُ الأمر » نظرت فی عاقبته. و « رَاعَیْتُهُ » لاحظته.

و « أَرْعَیْتُ علیه » إذا أبقیت علیه ورحمته.

و « رَعَا یَرْعُو » أی کف عن الأمر.

و « قد ارْعَوَی عن القبیح » ارتدع ، والاسم « الرُّعْیَا » ، بالضم ، و « الرَّعْوَی » بالفتح.

و « یَرْعَوِی عنه » یکف.

ومِنْهُ : « شَرُّ النَّاسِ مَنْ یَقْرَأُ کِتَابَ اللهِ لَا یَرْعَوِی إِلَی شَیْءٍ مِنْهُ ». أی لا ینکف ولا ینزجر.

وفِی الْحَدِیثِ : « ثَلَاثَهٌ مَنْ کُنَّ فِیهِ

ص: 191

فَلَا یُرْجَی خَیْرُهُ » وعَدَّ مِنْهُنَّ مَنْ لَمْ یَرْعَوِ عِنْدَ الشَّیْبِ. أی من لم ینکف ویندم.

و « الِارْعِوَاءُ » الندم علی الشیء وترکه.

لغه : أصلحت ما وهی منه ، ویقال : « رَفَأْتُ الثوب أَرْفُؤُهُ رَفْأً » بالهمز. و « رَفَوْتُ الرجل » سکنته من الرعب.

حَسَناً وَحُسَیْناً بِکَذَا ».

و « رَقَأَ الدمع والدم » من باب نفع « رُقُوءاً » - علی فعول - : انقطع بعد جریانه ، و « الرُّقُوءُ » علی فعول اسم منه.

و « ما لا یَرْقَأُ من الدم » ما لا ینقطع منه.

و « رُقَیَّهُ » (1) بنت رسول الله صلی الله علیه و آله قیل : تزوجها عثمان ، وقیل إنها ربیبته وهو الأصح (2) و « رَقِیتُ فی السلم » من باب تعب « رَقْیاً ورُقِیّاً » علی فعول : صعدت ، و « ارْتَقَیْتُ » مثله. و « رَقَیْتُ السطح والجبل » علوته.

و « رَقَّی إلیّ » رفع.

و « المَرْقَاهُ » بالفتح : الدرجه ، فمن کسرها شبهها بالآله التی یعمل بها.

و « المُرْتَقَی » موضع الرُّقِیِ کالمرقاه.

وفِی الْخَبَرِ : « لَا تَسُبُّوا الْإِبِلَ فَإِنَّهَا رَقُوءُ الدَّمِ ». علی فعول بالفتح ، أی إنها تعطی فی الدیات فیحقن بها الدماء.

والخل - قاله فی القاموس.

و « الرَّکْوُ المخمر » أی المغطی قد یفسر بِالرَّکْوَهِ المعروفه.

و « المَرْکُ و » أیضا : الحوض الکبیر.

و « الرَّکِیَّهُ » بالفتح وتشدید الیاء : البئر ، والجمع « رَکَایَا » کعطیه وعطایا. وفی الصحاح : وجمعها « رَکِیٌ » و « رَکَایَا ».

ومنه الْحَدِیثُ : « إِذَا کَانَ الْمَاءُ فِی الرَّکِیِ کُرّاً لَمْ یُنَجِّسْهُ شَیْءٌ » (1).

ثم خرج ولم یعلق به منه شیء من الدم والفرث لسرعه نفوذه.

وفِیهِ : « لَیْسَ وَرَاءَ اللهِ مَرْمًی ». أی مقصد ترمی إلیه الآمال ویوجه نحوه الرجاء ، تشبیها بالهدف التی ترمی إلیه السهام.

وَفِی الْخَبَرِ : « لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ دُعِیَ إِلَی مِرْمَاتَیْنِ لَأَجَابَ وَهُوَ لَا یُجِیبُ لِلصَّلَاهِ ». المِرْمَاهُ بکسر المیم وضمها : ظلف الشاه ، وقیل ما بین ظلفیها ، وقیل بالکسر : السهم الصغیر ، وهو أرذل السهام ، أی لو دعی أن یعطی سهمین لأسرع الإجابه. وقیل : هی لعبه کانوا یلعبون بها بنصال محدوده یرمونها فی کوم التراب فأیهم أثبتها فی الکومه غلب.

و « رَمَیْتُ الشیء من یدی » ألقیته.

و « رَمَیْتُ السهم وتَرَامَیْتُ ورَامَیْتُ » إذا رمیت به عن القسی.

و « رَمَیْتُ علی الخمسین » زدت.

و « طعنه فَأَرْمَاهُ عن فرسه » أی ألقاه عنها.

و « تَرَامَی به الأمر إلی کذا » أی رمته الأقدار إلیه.

و « رَمَانِی القوم بأبصارهم » أی نظروا إلی نظر الزجر.

و « إِرْمِیَا » هو الذی بعثه الله إلی بیت المقدس ، فکفروا به ، فسلط الله علیهم بخت نصر فخرج إلی مصر ثم رجع إلی بیت المقدس (1).

قَالَ جَبْرَئِیلُ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السّلام تَرَوَّ مِنَ الْمَاءِ ». فسمیت الترویه.

و « ارْتَأَی » فکر ، ومنه قَوْلُهُ علیه السّلام : « فطفقت أَرْتَئِی ». أی فجعلت أفکر فی أمری.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « مَنْ عَمِلَ بِالرَّأْیِ وَالْمَقَایِیسِ قَدِ ارْتَوَی مِنْ آجِنٍ ». هو افتعل من « روی من الماء ریا » ، و « الآجِن » الماء المتغیر ، وهذا عندهم من المجاز المرشَّح ، وقد شبّه علمه بالماء الآجِن لأنه لا ینتفع به. قال فی المغرب - نقلا عنه - : ومثله « قَدِ ارْتَوَی مِنْ آجِنٍ وَاکْتَنَزَ مِنْ غَیْرِ طَائِلٍ » وفِی بَعْضِ النُّسَخِ » وأَکْثَرَ ». والمعنی واضح.

و « الرّیُ » بالراء المهمله والیاء المشدده : اسم قعب کان للنبی صلی الله علیه و آله .

و « الرَّیُ » بالفتح : اسم بلد من بلاد العجم ، والنسبه إلیه « رَازِیٌ » بالزای علی غیر القیاس - قاله فی المصباح وغیره (1).

و « الرِّیُ » - بالکسر من « رَوِیَ من الماء یَرْوَی رَیّاً » والجمع فی المذکر والمؤنث « رِوَاءٌ » مثل کتاب.

ومنه حَدِیثُ الِاسْتِسْقَاءِ : « رَیّاً یَغُصُّ بِالرِّیِّ رَبَابُهُ ». ورباب النبت.

و « الرَّیَّانُ » أحد رواه الحدیث (2).

ص: 197

و « الرَّیَّانُ » ضد العطشان ، و « المرأه رَیَّا ».

و « رَوَّأْتُ فی الأمر تَرْوِئَهً » إذا نظرت فیه ولم تعجل بجواب ، والاسم « الرَّوِیّهُ » جرت فی کلامهم غیر مهموزه.

و « الرَّوِیَّهُ » الحاجه.

و « الرَّوِیَّهُ » البقیه من الدین.

و « الرِّوَاءُ » بالکسر والمد : حبل یشد به المتاع علی البعیر.

ورَوِیتُ من الماء - بالکسر - أَرْوَی رَیّاً ورِیّاً - أیضا ورَوِیَ - وزان رضی - وارْتَوَیْتُ وتَرَوَّیْتُ کله بمعنی.

و « عین رَیَّهٌ » کثیره الماء.

و « ماء رَوَاءٌ » بالفتح والمد ، أی عذب ، وإذا کسرت الراء قصرته وکتبته بالیاء.

و « رجل رَاوِیَهٌ للشعر » للمبالغه.

و « الرَّوِیُ » حروف القافیه (1).

و « الرَّوِیُ » أیضا سحابه عظیمه القطر شدیده الوقع.

والرَّوَایَا من الإبل : الحوامل للماء جمع « رَاوِیَهٍ » فشبهها بها ، ومنه سمیت « المزاده » رَاوِیَهً وقیل بالعکس (2).

وَفِی حَدِیثِ بَدْرٍ : « فَإِذَا هُوَ بِرَوَایَا

ص: 198

قُرَیْشٍ ». أی إبلهم للماء.

وفی المصباح : « رَوَی البعیر الماء » من باب رمی : حمله ، فهو رَوِایَهٌ ، ثم أطلقت علی کل دابه یستقی الماء علیها ، ومنه قیل : « رَوَیْتُ الحدیث رِوَایَهً » و « رویته الحدیث ترویه » حملته علی روایته.

و « الرِّوَایَهُ » فی الاصطلاح العلمی : الخبر المنتهی بطریق النقل من ناقل إلی ناقل حتی ینتهی إلی المنقول عنه من النبی أو الإمام ، علی مراتبه من المتواتر والمستفیض ، وخبر الواحد علی مراتبه أیضا (1).

وَفِی الْحَدِیثِ : « الْجُهَّالُ یَحْزُنُهُمْ تَرْکُ الرِّوَایَهِ ». أی ترک روایه العلم ، إذ لا عذر للجاهل عن التعلم.

و « الرَّایَهُ » العلم الکبیر (2) واللواء دون ذلک ، والرَّایَهُ هی التی یتولاها صاحب الحرب ویقاتل علیها وإلیها تمیل المقاتله ، واللواء علامه کبکبه الأمیر تدور معه حیث دار.

وفی الحدیث ذکر الرَّایَهِ ، وهی القلاده التی توضع فی عنق الغلام الآبق لیعلم أنه أبق.

ومنه قَوْلُهُ علیه السّلام وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ یَتَخَوَّفُ إِبَاقَ مَمْلُوکِهِ أَوْ یَکُونُ الْمَمْلُوکُ قَدْ أَبَقَ ، قَالَ : « یُقَیِّدُهُ أَوْ یَجْعَلُ فِی رَقَبَتِهِ رَایَهً ».

ومنه یعلم أن قَوْلَهُ : « أَوْ یَجْعَلُ فِی رَقَبَتِهِ دَابَّهً ». بالدال المهمله والباء الموحده تصحیف وإن تکثرت نسخه.

و « ابن أَرْوَی » عثمان بن عفان ، و « أَرْوَی » أمه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « کَانَ النَّبِیُّ صلی الله علیه و آله یُکَرِّمُ فِی الْأَذَانِ أَوْ یُکَرِّرُ وَأَوَّلُ مَنْ حَذَفَهُ

ص: 199

ابْنِ أَرْوَی » (1).

ویدفعه إلی الثالث فیضیف إلی ذلک ثلثا آخر ویدفعه إلی الرابع.

وردهما بعض المحققین بأن الأول تعلیل بموضع النزاع إذ لا یلزم من قتله لغیره سقوط شیء من دیته عن قاتله ، وبأن الثانی مع مخالفته للظاهر لا یتم فی الأخیرین لاستلزام کون دیه الثالث علی الأولین ودیه الثانی علی الأول إذ لا مدخل لقتله بعده فی إسقاط حقه - کما مر. قال : إلا أن یفرض کون الواقع علیه سببا فی افتراس الأسد له فیقرب إلا أنه خلاف الظاهر - انتهی. وهو کما قال.

وَرُوِیَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السّلام قَضَی لِلْأَوَّلِ بِرُبُعِ الدِّیَهِ وَلِلثَّانِی بِالثُّلُثِ ، وَلِلثَّالِثِ بِالنِّصْفِ وَلِلرَّابِعِ بِالدِّیَهِ تَمَاماً (1). ووجهت بکون البئر حفرت عدوانا والافتراس مستند إلی الازدحام المانع من التخلص ، فالأول مات بسبب الوقوع فی البئر ووقوع الثلاثه فوقه إلا أنه بسببه وهو ثلاثه أرباع السبب فیبقی الربع علی الحافر ، والثانی مات بسبب جذب الأول وهو ثلث السبب ووقوع الباقین فوقه وهو ثلثاه ووقوعهما علیه من فعله فیبقی له نصف ، والرابع موته بسبب جذب الثالث فله کمال الدیه.

ویرد علیه - مع ما فیه من التکلف - أن الجنایه إما عمد أو شبهه وکلاهما یمنع تعلق العاقله به ، علی أن فی الروایه « فازدحم الناس علیها ینظرون إلی الأسد » وذلک ینافی ضمان حافر البئر.

هذا ، وقد ذهب بعض علمائنا إلی ضمان کل واحد دیه من أمسکه أجمع ، لاستقلاله بإتلافه. وللبحث فیه مجال.

قوله تعالی : ( یُزْجِی لَکُمُ الْفُلْکَ ) [ 17 / 66 ] أی یسیر لکم الفلک ویجریه فی البحر.

[ 2 / 232 ] أی أنمی لکم وأعظم برکه ، وإلا لکان تأکیدا والتأسیس خیر منه.

قوله تعالی : ( یُزَکُّونَ أَنْفُسَهُمْ ) [ 4 / 49 ] أی یمدحونها ویزعمون أنهم أزکیاء ، یقال : « زکی نفسه » أی مدحها وأثنی علیها.

قوله تعالی : ( فَلا تُزَکُّوا أَنْفُسَکُمْ ) [ 53 / 32 ] أی لا تعظموها ولا تمدحوها بما لیس لها فإنی أعلم بها. وَعَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ (1) قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ علیه السّلام عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( فَلا تُزَکُّوا أَنْفُسَکُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقی )؟ قَالَ : « هُوَ قَوْلُ الْإِنْسَانِ : صَلَّیْتُ الْبَارِحَهَ وَصُمْتُ أَمْسِ وَنَحْوَ هَذَا » ثُمَّ قَالَ علیه السّلام : « إِنَّ قَوْماً کَانُوا یُصْبِحُونَ فَیَقُولُونَ : صَلَّیْنَا الْبَارِحَهَ وَصُمْنَا أَمْسِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السّلام : لَکِنِّی أَنَامُ اللَّیْلَ وَالنَّهَارَ وَلَوْ أَجِدُ شَیْئاً بَیْنَهُمَا لَنِمْتُهُ » (2).

قوله تعالی : ( وَما عَلَیْکَ أَلَّا یَزَّکَّی ) [ 80 / 7 ] أی أن لا یسلم فیتطهر من الشرک.

قوله تعالی : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَکَّی. وَذَکَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی ) [ 87 / 14 - 15 ] قیل : تَزَکَّی أی أدی زَکَاهَ الفطره ( فَصَلَّی ) صلاه العید ، وبه جاءت الروایه عنهم - علیه السلام (3).

قوله تعالی : ( أَزْکی طَعاماً )

ص: 204

[ 18 / 19 ] أی أطیب وأحل.

قوله تعالی : ( غُلاماً زَکِیًّا ) [ 19 / 19 ] أی طاهرا من الذنوب ، وقیل : تاما فی أفعال الخیر.

وقد تکرر ذکر « الزَّکَاهِ » فی الکتاب والسنه ، وهی إما مصدر « زَکَا » إذا نمی لأنها تستجلب البرکه فی المال وتنمیه وتفید النفس فضیله الکرم ، وإما مصدر « زَکَا » إذا طهر لأنها تطهر المال من الخبث والنفس البخیله من البخل.

وفی الشرع : صدقه مقدره بأصل الشرع ابتداء ثبت فی المال أو فی الذمه للطهاره لهما ، فَزَکَاهُ المال طهر للمال وزَکَاهُ الفطره طهر للأبدان (1).

ص: 205

قوله تعالی : ( فَأَرَدْنا أَنْ یُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَیْراً مِنْهُ زَکاهً ) [ 18 / 81 ] أی إسلاما ، وقیل صلاحا ( وَأَقْرَبَ رُحْماً ) أی رحمه لوالدیه. وَفِی الْحَدِیثِ : « أَبْدَلَهُمَا اللهُ تَعَالَی ابْنَهً فَوُلِدَ مِنْهَا سَبْعُونَ نَبِیّاً » (1).

و « زَکَّی عمله » أی طهره ووقره.

و « زَکَا الزرع یَزْکُ و » من باب قعد « زَکَاءً » بالمد : إذا نما.

و « صلاه زَاکِیَهٌ » تامه مبارکه.

و « زَکَاهُ الْأَرْضِ یُبْسُهَا » (2). أی طهارتها من النجاسه کالبول ، بأن یجف ویذهب أثره.

و « زَکَاهُ الوضوء أن تقول کذا » أی برکته وفضله.

و « هذا الأمر لا یَزْکُو بفلان » أی لا یلیق به.

و « النفس الزَّکِیَّهُ » محمد بن عبد الله بن الحسن ، وسیأتی ذکره.

و « الزَّکِیُ » عند الإطلاق هو الحسن بن علی علیهما السّلام .

محرمه من غیر عقد ولا ملک ولا شبهه قدر الحشفه عالما مختارا.

و « الزَّانِی » فاعل الزنا ، والجمع « الزُّنَاهُ » کالقضاه.

وفِی الْحَدِیثِ : « لَا یَزْنِی الزَّانِی [ حِینَ یَزْنِی ] وَهُوَ مُؤْمِنٌ » (1). وفی معناه وجوه :

أحدها - أن یحمل علی نفی الفضیله عنه حیث اتصف منها بما لا یشبه أوصاف المؤمنین ولا یلیق بهم.

وثانیها - أن یقال : لفظه خبر ومعناه نهی ، وقَدْ رُوِیَ « لَا یَزْنِ ». علی صیغه النهی بحذف الیاء.

الثالث - أن یقال : وهو مؤمن من عذاب الله ، أی ذو أمن من عذابه.

الرابع - أن یقال : وهو مصدق بما جاء فیه من النهی والوعید.

الخامس - أن یصرف إلی المستحل. وفیه توجیه آخر هو أنه وعید یقصد به الردع ، کما فی قَوْلِهِ : « لَا إِیمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَهَ لَهُ ». و « الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ یَدِهِ وَلِسَانِهِ ». وقیل فی معناه أیضا : هو أن الهوی لیطفی الإیمان ، فصاحب الهوی لا یری إلا هواه ولا ینظر إیمانه الناهی له عن ارتکاب الفاحشه ، فکأن الإیمان فی تلک الحاله قد انعدم ، وفیه وجه آخر وهو الحمل علی المقاربه والمشارفه ، بمعنی أن الزَّانِیَ حال حصوله فی حاله مقاربه لحال الکفر مشارفه له ، فأطلق علیه الاسم مجازا.

وَفِی الْحَدِیثِ : « إِذَا زَنَا الرَّجُلُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِیمَانُ فَکَانَ فَوْقَ رَأْسِهِ کَالظُّلَّهِ فَإِذَا أَقْلَعَ رَجَعَ إِلَیْهِ » (2). ولعل المراد روح الإیمان وکماله ونوره ولم یرد الحقیقه ، ویجییء إن شاء الله تعالی مزید کلام فی هذا المقام فی « روح ».

ص: 207

وَفِی الْخَبَرِ نَهَی أَنْ یُصَلِّیَ الرَّجُلُ وَهُوَ زَنَاءٌ. - بالفتح والمد کجبان - أی حاقن بوله ، و « الزَّنَاءُ » فی الأصل الضیق ثم استعیر للحاقن لأنه یضیق ببوله.

وَفِی الْخَبَرِ : « لَا تُقْبَلُ صَلَاهُ زَانِئٍ ». وهو الحاقن أیضا.

وَفِی الْحَدِیثِ : « دِرْهَمٌ فِی رِباً أَشَدُّ عِنْدَ اللهِ مِنْ سَبْعِینَ زَنْیَهً » (1). - بالفتح - وهو المره من الزِّنَا ، وأجاز البعض الکسر.

و « الزَّنْیَهُ » بالفتح والکسر : آخر ولد الرجل.

ویقال للولد من الزنا : « وهو لِزَنْیَهٍ » ، وقیل : الفتح فی الزَّنْیَهِ والرشده أفصح ، وولد الرشده ما کان عن نکاح صحیح.

بمحاب ربه کان ذلک الفراغ عونا علی الاشتغال بطاعه الله تعالی.

وَفِی حَدِیثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله : « إِنَّ اللهَ زَوَی لِیَ الْأَرْضَ فَرَأَیْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا ». أی جعلها لی ، من « زَوَیْتُهُ أَزْوِیهِ زَوْیاً » یرید تقریب البعید منها حتی یطلع علیه اطلاعه علی القریب منها.

ومثله « أَعْطَانِی رَبِّی اثْنَتَیْنِ وَزَوَی عَنِّی وَاحِدَهً ». أی ضم وقبض.

وَفِی الدُّعَاءِ : « وازْوِ لَنَا الْبَعِیدَ ». أی اجمعه واطوه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَیْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ یَزْوِیَ الْإِمَامَهَ عَنِ الَّذِی یَکُونُ مِنْ بَعْدِهِ (1) ». أی یقبضها عنه.

و « زَوَیْتُهُ أَزْوِیهِ » أخفیته.

و « زَوَیْتُ المال عن صاحبه » مثله.

و « زَاوِیَهُ البیت » اسم فاعل من ذلک ، لأنها جمعت قطرا منه ، والجمع « زَوَایَا ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « صَلِّ فِی زَوَایَا الْبَیْتِ ». یرید الکعبه المشرفه ، وبالصلاه فیها صلاه النافله دون المکتوبه ، لورود النهی عن ذلک.

و « الزِّیُ » بالکسر : الهیئه ، وأصله « زَوَیَ ». ومنه قولهم : « زِیُ المسلم مخالف لِزِیِ الکافر ». قال فی المصباح : وقولهم : « زَیَّیْتُهُ بکذا » إذا جعلت له زِیّاً ، والقیاس « زَوَیْتُهُ » لأنه من بنات الواو ولکنهم حملوه علی لفظ « الزی » تخفیفا - انتهی.

و « الزای » حرف یمد ویقصر ولا یکتب إلا بیاء بعد الألف - قاله الجوهری.

قال بعضهم : « زَهَا النخل یَزْهُ و » ظهرت ثمرته ، و « أَزْهَی یُزْهِی » احمر واصفر ، ومنهم من أنکر « یَزْهُو » ومنهم من أنکر « یُزْهِی ». وفی الصحاح : « زَهَا النخل زَهْواً » و « أَزْهَی » أیضا لغه حکاه أبو زید ولم یعرفها الأصمعی ، قال : و « الزَّهْ و » البسر الملون ، وأهل الحجاز یقولون : « الزُّهْو » بالضم - انتهی.

وعن بعضهم : إنما یسمی « زَهْواً » إذا أخلص لون البسر فی الحمره والصفره.

و « الزَّهْو » الکبر والفخر ، ومنه حَدِیثُ الشِّیعَهِ : « لَوْ لَا یَدْخُلُ النَّاسَ زَهْوٌ لَسَلَّمَتْ عَلَیْکُمُ الْمَلَائِکَهُ قُبُلاً ». أی فخر وکبر واستعظام.

ومثله : « لَوْ لَا أَنْ یَتَعَاظَمَ النَّاسُ ذَلِکَ أَوْ یَدْخُلَهُمْ زَهْوٌ لَسَلَّمَتْ عَلَیْکُمْ الْمَلَائِکَهُ قُبُلاً ».

و « الزَّهْو » الباطل والکذب.

و « الزَّهْو » المنظر الحسن.

و « زُهَاءُ » فی العدد وزان غراب ، یقال : « لهم زُهَاءُ ألف » أی قدر ألف ، کأنه من زَهَوْتُ القوم إذا حزرتهم.

قال بعض الأفاضل : إذا قلت : أوصیت له أو له علی زُهَاءَ ألف فمعناه مقدار الألف وفاقا لأهل اللغه وبعض النحاه. وقال بعض الفقهاء : إنه أکثر الشیء حتی یستحق فی مثالنا خمسمائه وحبه ، ولا شاهد له.

و « تَزْهُو مناکبهم » تهتز من قولهم : « زَهَتِ الریح الشجر » إذا هزته.

ص: 210

مَجَارِیَ فَکَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ یُرْسِلُوا مِنْهُ الْمَاءَ أَرْسَلُوهُ بِقَدْرِ مَا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ ، وَکَانَتْ لَهُمْ ( جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَشِمالٍ ) مِنْ مَسِیرَهِ عَشَرَهِ أَیَّامٍ فِیهَا ثَمَرٌ لَا یَقَعُ عَلَیْهَا الشَّمْسُ مِنِ الْتِفَافِهَا ، فَلَمَّا عَمِلُوا بِالْمَعَاصِی وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَنَهَاهُمُ الصَّالِحُونَ فَلَمْ یَنْتَهُوا بَعَثَ اللهُ عَلَی ذَلِکَ السَّدِّ الْجُرَذَ - وَهِیَ الْفَأْرَهُ الْکَبِیرَهُ - فَکَانَتْ تَقْتَلِعُ الصَّخْرَهَ الَّتِی لَا یَسْتَقِلُّهَا الرِّجَالُ وَتَرْمِی بِهَا ، فَلَمَّا رَأَی ذَلِکَ قَوْمٌ مِنْهُمْ هَرَبُوا وَتَرَکُوا الْبِلَادَ ، فَمَا زَالَ الْجُرَذُ یَقْلَعُ الْحَجَرَ حَتَّی خَرَّبُوا ذَلِکَ السَّدَّ ، فَلَمْ یَشْعُرُوا حَتَّی غَشِیَهُمُ السَّیْلُ وَخَرَّبَ بِلَادَهُمْ وَقَلَعَ أَشْجَارَهُمْ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَی : ( فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ ) أَیِ الْعَظِیمِ الشَّدِیدِ ( وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ) - الْآیَهَ (1). وقرئ « سَبَأً » بالهمز منونا وغیر منون علی منع الصرف ، و « سَبَا » بالألف ، فمن جعله اسما للقبیله لم یصرفه ومن جعله اسما للحی أو للأب الأکبر صرفه.

و « سَبَأٌ » أبو عرب الیمن کلها ، وهو سَبَأُ بن یشجب بن یعرب بن قحطان ، ثم سمیت مدینه مأرب المسماه بمازن سَبَأ ، وهی قرب الیمن بینها وبین صنعاء مسیره ثلاث لیال. ویقال : إن سَبَأَ مدینه بلقیس بالیمن ، وهی ملکه سَبَإٍ.

وقولهم : « ذهبوا أیدی سَبَا » و « أیادی سَبَا » (2) مثل متفرقین ، وهما اسمان جعلا واحدا کمعدیکرب.

و « سَبَأُ » قبیله من أولاد سَبَإِ بن یشجب المتقدم ذکره ، وهذه القبیله کانت بمازن وقصتهم فی تفرقهم مشهوره

ص: 212

یضرب فیها المثل (1).

وَفِی وَصْفِهِ علیه السّلام : « لَمْ یَسْتَحِلَ السِّبَاءَ ». هو بالکسر والمد : الخمر.

و « السِّبَاءُ » أیضا - والقصر لغه - الاسم من « سَبَیْتُ العدو سَبْیاً » من باب رمی : أسرته.

و « السَّبْیُ » ما یُسْبَی ، وهو أخذ الناس عبیدا وإماء.

و « السَّبِیَّهُ » المرأه المنهوبه ، والجمع « سَبَایَا » کعطیه وعطایا.

و « سَبَاهُ الله سَبْیاً » إذا غربه وأبعده.

وَفِی الْخَبَرِ : « تِسْعَهُ أَعْشَارِ الْبَرَکَهِ فِی التِّجَارَهِ وَعُشْرٌ فِی السَّابِیَاءِ ». وفسر بالنتاج.

الْکَرَمُ » (1).

سَخَا وسَخَتْ نفسه من باب علا ، والثانیه سَخِیَ یَسْخَی من باب تعب ، والثالثه سَخُوَ یَسْخُو من باب قرب سَخَاوَهً فهو سَخِیٌ - انتهی.

وَفِی الْحَدِیثِ : « السَّخَاءُ مَا کَانَ ابْتِدَاءً وَأَمَّا مَا کَانَ عَنْ مَسْأَلَهٍ فَحَیَاءٌ وَتَذَمُّمٌ (1) ». قال بعض الشارحین : « السَّخَاءُ » ملکه بذل المال لمستحقه بقدر ما ینبغی ابتداء ، و « التذمم » الاستنکاف مما یقع من السائل.

وفِیهِ : « الْمُسَخِیَهُ رِیحٌ یَبْعَثُهَا اللهُ إِلَی الْمُؤْمِنِ تُسَخِّی نَفْسَهُ عَنِ الدُّنْیَا حَتَّی یَخْتَارَ مَا عِنْدَ اللهِ تَعَالَی ». کأنه من سَخَوْتُ نفسی عن الشیء : ترکته.

و « سَخُوَ الرجل » صار سَخِیّاً. و « فلان یَتَسَخَّی علی أصحابه » أی یتکلف السَّخَاءَ.

و « السَّخْوَاءُ » الأرض السهله الواسعه ، والجمع « السَّخَاوِی » مثل الصحاری - قاله الجوهری.

« السر » راء وهذه یاء (1).

ومنه الدُّعَاءُ : « اللهُمَّ انْصُرْ جُیُوشَ الْمُسْلِمِینَ وَسَرَایَاهُمْ وَمُرَابِطِیهِمْ ».

و « سَرَیْنَا سَرْیَهً واحده » الاسم « السُّرْیَهُ » بالضم ، و « السِّرَایَهُ سُرَی » اللیل وهو مصدر.

و « سَرَیْتُ اللیل » و « سَرَیْتُ فیه سَرْیاً » إذا قطعته بالسیر. و « أَسْرَیْتُ » لغه حجازیه ، ویستعملان متعدیان بالباء إلی مفعول فیقال : « سَرَیْتُ بزید » ، و « سَرَیْنَا سریه من اللیل ». و « سُرْیَه » والجمع « سُرًی » مثل مُدْیَه ومُدًی.

وعن أبی زید : « السُّرَی » أول اللیل ووسطه وآخره ، وقد استعملت العرب سَرَی فی المعانی تشبیها لها بالأجسام مجازا ، قال تعالی : ( وَاللَّیْلِ إِذا یَسْرِ ).

و « سَرَی فیه السم » إذا تعدی أثره إلیه.

و « سَرَی علیه الهم » إذا أتاه لیلا.

و « سَرَی همه » ذهب.

و « سَرَی الجرح إلی النفس » دام ألمه حتی حدث منه الموت.

و « سَرَی العتق » بمعنی التعدیه.

و « اللغه السُّرْیَانِیَّهُ » لغه القس والجاثلیق (2).

وَفِی الْخَبَرِ : « لَیْسَ لِلنِّسَاءِ سَرَوَاتُ الطَّرِیقِ (3) ». أی ظهر الطریق ووسطه ، ولکنهن یمشین فی الجوانب.

و « السَّرْو » شجر معروف ، الواحده « السروه ».

وهو البطش بشده ، والجمع « سطوات ».

وَفِی الْخَبَرِ : « لَا بَأْسَ أَنْ یَسْطُوَ الرَّجُلُ عَلَی الْمَرْأَهِ إِذَا لَمْ تَجِدِ امْرَأَهً تُعَالِجُهَا وَخِیفَ عَلَیْهَا ». یعنی إذا نشب ولدها فی بطنها میتا فله مع عدم القابله أن یدخل یده ویستخرج الولد.

وَفِی الدُّعَاءِ : « نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ سَطَوَاتِ اللَّیْلِ ». یعنی الأخذ بالمعاصی.

فَأَشْرَفَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ : أَعْطُونِی الْأَمَانَ حَتَّی أَلْقَی صَاحِبَکُمْ وَأُنَاظِرَهُ ، فَأَعْطَاهُ أَدْنَاهُمُ الْأَمَانَ وَجَبَ عَلَی أَفْضَلِهِمُ الْوَفَاءُ بِهِ » (1).

و « سَعَی به إلی الوالی » وشی به (2).

وکل من ولی شیئا علی قوم فهو ساع علیهم. قیل : وأکثر ما یقال ذلک فی ولاه الصدقه وهم السعاه ، یقال : « سَعَی الرجل علی الصدقه یَسْعَی سَعْیاً » عمل فی أخذها من أربابها.

و « سَعَی إلی الصلاه » ذهب إلیها علی أی وجه کان.

و « اسْتَسْعَیْتُهُ فی قیمته » طلبت منه ، والفاعل « سَاعٍ ».

وفِیهِ : « إِذَا عُتِقَ الْعَبْدُ اسْتُسْعِیَ » وهُوَ أَنْ یَسْعَی فِی فَکَاکِ مَا بَقِیَ مِنْ رِقِّهِ.

و « السِّعَایَهُ » بکسر السین : العمل ، ومنه سُعَاهُ الصدقات.

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام فِی الدُّنْیَا : « مَنْ سَاعَاهَا فَاتَتْهُ ». أی سابقها ، وهی مفاعله من السعی.

ومن أمثال العرب : « رب سَاعٍ لقاعد » قیل : أول من قال ذلک نابغه الذبیانی (3) ومن قصته أنه وفد إلی النعمان

ص: 219

بن المنذر وفد من العرب فیهم رجل من عبس فمات عنده ، فلما حبا النعمان الوفد بعث إلی أهل المیت بمثل حباء الوفود ، فبلغ النابغه ذلک فقال : « رب سَاعٍ لقاعد » (1).

الحاج ( وَعِمارَهَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ کَمَنْ آمَنَ ) - الآیه. وَفِی الْحَدِیثِ : نَزَلَتْ حِینَ افْتَخَرُوا بِالسِّقَایَهِ یَعْنِی زَمْزَمَ وَالْحِجَابَهِ. رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السّلام قَالَ : « نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السّلام وَالْعَبَّاسِ وَشَیْبَهَ ، قَالَ الْعَبَّاسُ : أَنَا أَفْضَلُ لِأَنَ سِقَایَهَ الْحَاجِّ بِیَدِی ، وَقَالَ شَیْبَهُ أَنَا أَفْضَلُ لِأَنَّ حِجَابَهَ الْبَیْتِ بِیَدِی ، وَقَالَ عَلِیٌّ علیه السّلام : أَنَا أَفْضَلُ فَإِنِّی آمَنْتُ قَبْلَکُمَا ثُمَّ هَاجَرْتُ وَجَاهَدْتُ ، فَرَضُوا بِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله فَنَزَلَتِ الْآیَهُ » (1).

و « السُّقْیَا » بالضم : موضع یقرب من المدینه ، وقیل : هی علی یومین منها (2).

و « السُّقْیَا » بالضم الاسم من سَقَاهُ الغیث وأَسْقَاهُ.

وَفِی الدُّعَاءِ : « سُقْیَا رَحْمَهٍ لَا سُقْیَا عَذَابٍ ». أی اسْقِنَا غیثا فیه نفع بلا ضرر ولا تخریب.

وَفِی الْحَدِیثِ : « یَسْتَسْقُونَ فَلَا یُسْقَوْنَ ». أی یطلبون السَّقْیَ فلا یُسْقَوْنَ ، بضم المثناه فسکون المهمله.

و « الاسْتِسْقَاءُ » استفعال وهو طلب السُّقْیَا ، ومنه صلاه الِاسْتِسْقَاءِ.

و « سَقَیْتُ الزرع سَقْیاً فأنا سَاقٍ وهو مَسْقِیٌ » علی مفعول.

و « الْمُسَاقَاهُ » مفاعله من السَّقْیِ ، وشرعا معامله علی الأصول بحصه من ثمرتها.

و « السِّقَاءُ » ککتاب : جلد السخله إذا جذع یکون للماء واللبن ، والجمع أَسْقِیَهٌ وأَسَاقِیُ.

ومنه الْحَدِیثُ : « سَافِرْ بِسِقَائِکَ ».

وَفِی حَدِیثَ الْجَمَلِ : « کَرِشُهُ سِقَاؤُهُ ».

ص: 221

ومثله فِی النَّاقَهِ الضَّالَّهِ : « مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا ». أراد بِالسِّقَاءِ ما یحویه کرشها من الماء والحذاء ما وطئ علیه البعیر من خفه ، أی یؤمن علیها من الظماء والحفاء ، لأنها تقوی علی السیر الدائم والظماء المجهد.

وَفِی الْحَدِیثِ : « أَتَی رَسُولَ اللهِ رَجُلٌ سُقِیَ بَطْنُهُ ». واسْتَسْقَی بطنه : حصل فیه الماء الأصفر ولا یکاد یبرأ.

من باب نفع واسْتَلَأْتُهُ ، وذلک إذا طبخ وعولج حتی خلص.

و « السُّلَّاءُ » بالضم مهموز مشدد : النخل ، الواحد « سُلَاءَهُ ».

و « سَلَوْتُ عنه سَلْواً » من باب قعد : صبرت عنه ، و « السَّلْوَهُ » اسم منه.

و « سَلِیتُ أَسْلَی » من باب تعب « سَلْیاً » لغه.

وفی القاموس : « سَلَاهُ » کدعاه ورضیه ، سَلْواً وسُلْوَاناً وسُلِیّاً : نسیه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « إِنَّ اللهَ تَعَالَی أَلْقَی عَلَی عِبَادِهِ السَّلْوَهَ بَعْدَ الْمُصِیبَهِ وَلَوْ لَا ذَلِکَ لَانْقَطَعَ النَّسْلُ ».

و « سَلَانِی من همی » کشفه عنی.

و « هو فی سَلْوَهٍ من العیش » أی فی نعمه ورفاهیه ورغد.

وبعضها یفید التمجید والتقدیس کالقدوس والغنی والواحد - انتهی.

وعن بعض المحققین : الْأَسْمَاءُ بالنسبه إلی ذاته المقدسه علی أقسام ثلاثه :

(الأول) : - ما یمنع إطلاقه علیه تعالی ، وذلک کل اسْمٍ یدل علی معنی یحیل العقل نسبته إلی ذاته الشریفه ، کَالْأَسْمَاءِ الداله علی الأمور الجسمانیه أو ما هو مشتمل علی النقص والحاجه.

(الثانی) : - ما یجوز عقلا إطلاقه علیه وورد فی الکتاب العزیز والسنه الشریفه تَسْمِیَتُهُ به ، فذلک لا حرج فی تَسْمِیَتِهِ به بل یجب امتثال الأمر الشرعی فی کیفیه إطلاقه بحسب الأحوال والأوقات والتعبدات إما وجوبا أو ندبا.

(الثالث) : - ما یجوز إطلاقه علیه ولکن لم یرد ذلک فی الکتاب والسنه ، کالجوهر فإن أحد معانیه کون الشیء قائما بذاته غیر مفتقر إلی غیره ، وهذا المعنی ثابت له تعالی ، فیجوز تَسْمِیَتُهُ به ، إذ لا مانع فی العقل من ذلک ولکنه لیس من الأدب ، لأنه - وإن کان جائزا عقلا ولم یمنع منه مانع - لکنه جاز أن لا یناسبه من جهه أخری لا تعلمها ، إذ العقل لم یطلع علی کافه ما یمکن أن یکون معلوما ، فإن کثیرا من الأشیاء لا نعلمها إجمالا ولا تفصیلا ، وإذا جاز عدم المناسبه ولا ضروره داعیه إلی التَّسْمِیَهِ فیجب الامتناع من جمیع ما لم یرد به نصّ شرعی من الْأَسْمَاءِ ، وهذا معنی قول العلماء : « إن أَسْمَاءَهُ تعالی توقیفیه » یعنی موقوفه علی النص والإذن فی الإطلاق.

إذا تقرر هذا فاعلم أن أَسْمَاءَهُ تعالی إما أن تدل علی الذات فقط من غیر اعتبار أمر ، أو مع اعتبار أمر ، وذلک الأمر إما إضافه ذهنیه فقط أو سلب فقط ، أو إضافه وسلب فالأقسام أربعه :

(الأول) : - ما یدل علی الذات فقط ، وهو لفظ « الله » ، فإنه اسْمٌ للذات الموصوفه بجمیع الکمالات الربانیه المنفرده بالوجود الحقیقی ، فإن کل موجود سواه غیر مستحق للوجود بذاته ، بل إنما

ص: 224

استفاده من الغیر ، ویقرب من هذا الِاسْمِ لفظ « الْحَقّ » إذا أرید به الذات من حیث هی واجبه الوجود ، فإن الحقّ یراد به دائم الثبوت والواجب ثابت دائما غیر قابل للعدم والفناء ، فهو حق بل هو أحق من کل حق.

(الثانی) : - ما یدل علی الذات مع إضافه ، ک- « الْقَادِر » فإنه بالإضافه إلی مقدور تعلقت به القدره بالتأثیر ، و « الْعَالِم » فإنه أیضا اسْمٌ للذات باعتبار انکشاف الأشیاء لها ، و « الْخَالِق » فإنه اسْمٌ للذات باعتبار تقدیر الأشیاء ، و « الْبَارِئ » فإنه اسْمٌ للذات باعتبار اختراعها وإیجادها ، و « الْمُصَوِّر » باعتبار أنه مرتّب صور المخترعات أحسنَ ترتیب ، و « الْکَرِیم » فإنه اسْمٌ للذات باعتبار إعطاء السؤالات والعفو عن السیئات ، و « الْعَلِیّ » اسْمٌ للذات باعتبار أنه فوق سائر الذوات ، و « الْعَظِیم » فإنه اسْمٌ للذات باعتبار تجاوزها حدّ الإدراکات الحسیه والعقلیه ، و « الْأَوَّل » باعتبار سبقه علی الموجودات ، و « الْآخِر » باعتبار صیروره الموجودات إلیه ، و « الظَّاهِر » هو اسْمٌ للذات باعتبار دلاله العقل علی وجودها دلاله بینه ، و « الْبَاطِن » فإنه اسْمٌ للذات بالإضافه إلی عدم إدراک الحسّ والوهم ، إلی غیر ذلک من الْأَسمَاءِ.

(الثالث) : - ما یدل علی الذات باعتبار سلب الغیر عنه ، ک- « الْوَاحِد » باعتبار سلب النظیر والشریک ، و « الْفَرْد » باعتبار سلب القسمه والبعضیه ، و « الْغَنِیّ » باعتبار سلب الحاجه ، و « الْقَدِیم » باعتبار سلب العدم ، و « السَّلَامُ » باعتبار سلب العیوب والنقائص ، و « الْقُدُّوس » باعتبار سلب ما یخطر بالبال عنه ، إلی غیر ذلک.

(الرابع) : - باعتبار الإضافه والسلب معا ، ک- « الْحَیّ » فإنه المدرِک الفعّال الذی لا تلحقه الآفات ، و « الْوَاسِع » باعتبار سعه علمه وعدم فوت شیء منه ، و « الْعَزِیز » وهو الذی لا نظیر له وهو مما یصعب إدراکه والوصول إلیه ،

ص: 225

و « الرَّحِیم » وهو اسْمٌ للذات باعتبار شمول رحمته لخلقه وعنایته بهم وإرادته لهم الخیرات ، إلی غیر ذلک - انتهی.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « إِنَّ اللهَ تَعَالَی خَلَقَ اسْماً بِالْحُرُوفِ غَیْرَ مُتَصَوَّتٍ » إِلَی أَنْ قَالَ : « فَجَعَلَهُ » یَعْنِی فَجَعَلَ مَا خَلَقَ « عَلَی أَرْبَعَهِ أَجْزَاءٍ مَعاً » یَعْنِی غَیْرَ مُتَرَتِّبَهٍ « فَأَظْهَرَ مِنْهَا ثَلَاثَهَ أَسْمَاءٍ » کَأَنَّهَا اللهُ الْعَلِیُّ الْعَظِیمُ أَوِ اللهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِیمُ « لِفَاقَهِ الْخَلْقِ » وحَاجَتِهِمْ « إِلَیْهَا ، وَحَجَبَ وَاحِداً وَهُوَ الِاسْمُ » الْأَعْظَمُ « الْمَکْنُونُ الْمَخْزُونُ » ... « وسَخَّرَ سُبْحَانَهُ لِکُلِّ اسْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ أَرْبَعَهَ أَرْکَانٍ ، فَذَلِکَ اثْنَا عَشَرَ رُکْناً ، ثُمَّ خَلَقَ لِکُلِّ رُکْنٍ مِنْهَا ثَلَاثِینَ اسْماً فِعْلاً مَنْسُوباً إِلَیْهَا » کَأَنَّهُ عَلَی الْبَدَلِیَّهِ « فَهُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِیمُ » إِلَی آخِرِ مَا ذَکَرَ ، ثُمَّ قَالَ : « فَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ وَمَا کَانَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَی حَتَّی یُتِمَّ ثَلَاثَمِائَهٍ وَسِتِّینَ اسْماً فَهِیَ نِسْبَهٌ لِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَهِ ، وَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ الثَّلَاثَهُ أَرْکَانٌ وَحَجَبَ الِاسْمَ الْوَاحِدَ الْمَکْنُونَ الْمَخْزُونَ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَهِ » (1). فعلها لحکمه اقتضت ذلک کما حجب لیله القدر وساعه الإجابه.

قال بعض شراح الحدیث : لا یخفی علیک أن هذا الحدیث من أسرارهم علیهم السّلام لا یعقله إلا العالمون ، وما ذکره الشارحون إنما هو لأجل التقریب إلی الأفهام ، والله أعلم.

قوله تعالی : ( وَذَکَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی ) [ 87 / 15 ] قیل : المراد بِالاسْمِ هنا الأذان بدلاله تعقیبه بالفاء الترتیبیه.

قوله تعالی : ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِیًّا ) [ 19 / 65 ] أی مثلا ونظیرا ، وإنما قیل للمثل « سَمِیٌ » لأن کل متشابهین یُسَمَّی کل واحد منهما سَمِیّاً لصاحبه.

ص: 226

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : لَمْ یُسَمَ أَحَدٌ قَبْلَهُ بِیَحْیَی. وَفِی حَدِیثِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « وکَذَلِکَ الْحُسَیْنُ علیه السّلام لَمْ یَکُنْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیٌ وَلَمْ تَبْکِ السَّمَاءُ إِلَّا عَلَیْهِمَا أَرْبَعِینَ صَبَاحاً » قِیلَ لَهُ : وَمَا کَانَ بُکَاؤُهَا؟ قَالَ : « کَانَتْ تَطْلُعُ حَمْرَاءَ ، وَکَانَ قَاتِلُ یَحْیَی وَلَدَ زِنًا ، وَکَانَ قَاتِلُ الْحُسَیْنِ وَلَدَ زِنًا ».

قوله تعالی : ( وَأَجَلٌ مُسَمًّی ) [ 30 / 8 ] أی معلوم بالأیام والأشهر لا بالحصاد وقدوم الحاج.

قوله تعالی : ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً ) [ 25 / 48 ] قیل : یمکن حملها علی الفلک ، بمعنی أن المطر ینزل منه إلی السحاب ومنه إلی الأرض وعلی السحاب أیضا لعلوه ، وعلی ما زعمه الطبیعیون من أن المطر من بحار الأرض یصعد منها فینعقد سحابا ، إن تم یکون المراد بإنزال الماء من السَّمَاءِ أنه حصل ذلک بأسباب سماویه.

قال بعض الأفاضل : قد استفاد بعض أئمه الحدیث من قوله تعالی : ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً ) ومن قوله تعالی : ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْکَنَّاهُ فِی الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلی ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ ) ومن قوله تعالی : ( وَیُنَزِّلُ عَلَیْکُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِیُطَهِّرَکُمْ بِهِ ) أن أصل الماء کله من السَّمَاءِ ، فأورد علیه أن النکره غیر مفیده للعموم فی الإثبات کما هی فی النفی فلا یتم الاستدلال ، وأجیب بأن التفریع علی مجموع الآیات الکریمه التی ما فیه إیماء إلی التهدید ، أعنی قوله تعالی : ( وَإِنَّا عَلی ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ ) وهی وارده کلها فی مقام الامتنان علی الخلق ، فلو کان بعض الماء من السَّمَاءِ والآخر من الأرض کان الامتنان بهما أتم من الامتنان بالأول فقط ، خصوصا مع شده الانتفاع بالثانی ، فإن أکثر المدار علیه ، ففی الإغماض عنه والاقتصار علی ذکر غیره فی هذا الباب دلاله واضحه علی ما ذکره هذا القائل عند التأمل - انتهی. وهو جید.

قوله تعالی : ( وَهُوَ الَّذِی فِی السَّماءِ

ص: 227

إِلهٌ وَفِی الْأَرْضِ إِلهٌ ) [ 43 / 84 ] المعنی : هو إله واحد فی السَّمَاءِ والأرض لا شریک له تعالی عن ذلک.

وَفِی الْحَدِیثِ : قَدْ تَحَیَّرَ أَبُو شَاکِرٍ الدَّیْصَانِیُّ الزِّنْدِیقُ فِی مَعْنَی قَوْلِهِ تَعَالَی : ( وَهُوَ الَّذِی فِی السَّماءِ إِلهٌ وَفِی الْأَرْضِ إِلهٌ ) فَسَأَلَ هِشَامَ بْنَ الْحَکَمِ عَنْ ذَلِکَ فَسَأَلَ الصَّادِقَ علیه السّلام عَنْ ذَلِکَ ، فَقَالَ : « إِذَا رَجَعْتَ إِلَیْهِ فَقُلْ لَهُ : مَا اسْمُکَ بِالْکُوفَهِ؟ فَإِنَّهُ یَقُولُ : فُلَانٌ ، فَقُلْ لَهُ : مَا اسْمُکَ فِی الْبَصْرَهِ؟ فَإِنَّهُ یَقُولُ : فُلَانٌ ، فَقُلْ : کَذَلِکَ اللهُ رَبُّنَا ( فِی السَّماءِ إِلهٌ ) وَفِی الْبِحَارِ إِلَهٌ ( وَفِی الْأَرْضِ إِلهٌ ) وَفِی الْقِفَارِ إِلَهٌ وَفِی کُلِّ مَکَانٍ إِلَهٌ » (1).

وَفِی الْحَدِیثِ : « سَطْحٌ یُبَالُ عَلَیْهِ فَتُصِیبُهُ السَّمَاءُ ». الحدیث (2) قیل : یمکن أن یراد بِالسَّمَاءِ معناها المتعارف ، أی تصیبه بمطرها ، وأن یراد المطر فإنه من أَسْمَائِهِ. قال : وحینئذ فحرف المضارعه یمکن قراءته بالتاء والیاء ، فالأول علی الأول والثانی علی الثانی.

و « السَّمَاءُ » یذکّر ویؤنّث ، ویجمع علی أَسْمِیَهٍ وسَمَاوَاتٍ وحکی ابن الأنباری أن التذکیر قلیل ، وهو علی معنی السقف ، وجمعها « سُمِیّ » علی فعول ، والنسبه إلی السَّمَاءِ « سَمَائِیٌ » بالهمز علی لفظها و « سَمَاوِیٌ » بالواو اعتبارا بالأصل (3).

وَفِی الدُّعَاءِ : « أَعُوذُ بِکَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِی تَحْبِسُ غَیْثَ السَّمَاءِ ». وهی کما جاءت به الروایه جور الحکام وشهاده الزور وکتمان الشهاده ومنع الزکاه والمعاونه علی الظلم وقساوه القلب علی الفقراء.

ص: 228

و « بنو ماء السَّمَاءِ » هم العرب لأنهم یعیشون بمائه ویتبعون مساقط الغیث. ومنه حَدِیثُ : « هَاجَرَ تِلْکَ أُمُّکُمْ یَا بَنِی مَاءِ السَّمَاءِ ».

وَفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : « فَسَوَّی مِنْهُ - یَعْنِی مِنَ الْمَاءِ - سَبْعَ سَمَاوَاتٍ جَعَلَ سُفْلَاهُنَّ مَوْجاً مَکْفُوفاً ، وَعُلْیَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً » (1). قال بعض الأفاضل : قوله : « جعل سفلاهن » - إلخ کالتفسیر لقوله : « فسوی » لأن التسویه عباره عن التعدیل والوضع والهیئه التی علیها السَّمَاوَاتِ بما فیهن ، واستعار لفظ الموج لِلسَّمَاءِ ملاحظه للمشابهه بینهما بالعلو واللون ، و « مکفوفا » ممنوعا من السقوط ، و « علیاهن سقفا محفوظا » من الشیاطین.

و « الْمُسَامَاهُ » المباراه والمفاخره ، یقال : « سَامَاهُ » إذا فاخره وباراه ، و « یُسَاوِمُنِی » یفاخرنی.

وَفِی وَصْفِهِ صلی الله علیه و آله : « أَبْطَحِیٌّ لَا یُسَامَی ». أی لا یفاخر ولا یضاهی.

و « الِاسْمُ » هو اللفظ الدال علی الْمُسَمَّی بالاستقلال المجرد عن الزمان ، فقد یکون نفس الْمُسَمَّی کلفظ « الِاسْمِ » فإنه لما کان إشاره إلی اللفظ الدال علی الْمُسَمَّی ومن جمله الْمُسَمَّیَاتِ لفظ الِاسْمِ فقد دل علیه ، وقد یکون مغایرا کلفظ « الجدار » الدال علی معناه المغایر ونحو ذلک. قال جار الله : والِاسْمُ واحد الْأَسْمَاءِ العشره التی بنوا أوائلها علی السکون. فإذا نطقوا بها مبتدئین زادوا همزه لئلا یقع ابتداؤهم بالساکن ، إذ دأبهم أن یبتدءوا بالمتحرک ویقفوا علی الساکن.

فإن قیل : فلم حذفت الألف فی « بِسْمِ الله » وأثبتت فی « بِاسْمِ ربک »؟ قلت : قد اتبعوا فی حذفها حکم الدرج دون الابتداء الذی علیه وضع الخط لکثره الاستعمال ، فقالوا : طولت الباء فی ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ ) تعویضا من طرح الألف.

ص: 229

قال الجوهری : والِاسْمُ مشتق من سَمَوْتُ لأنه تنویه ورفعه ، وتقدیره افع ، والذاهب منه الواو لأن جمعه « أَسْمَاءٌ » وجمع الْأَسْمَاءِ « أَسَامٍ » وتصغیره « سُمَیٌ » ، واختلف فی تقدیر أصله فقال بعضهم « فعل » وقال آخرون « فعل » ، وفیه أربع لغات : اسْمٌ واسْمٌ وسِمٌ وسُمٌ - انتهی.

وقال بعض الکوفیین : أصله « وسْمٌ » لأنه من الْوَسْمِ [ بمعنی ] العلامه فحذفت الواو وهی فاء الکلمه وعوض عنها الهمزه ، فوزنه أعل. واستضعفه المحققون.

وَفِی حَدِیثِ النَّبِیِّ صلی الله علیه و آله : « تَسَمَّوْا بِاسْمِی وَلَا تکتنوا بِکُنْیَتِی » (1). یعنی أبا القاسم ، وتَسَمَّوْا بفتح تاء وسین ومیم مشدده ، وفی عدم الحل مطلقا أو لمن اسْمُهُ محمد وأحمد أو نسخ عدم الحل أقوال.

وَاسْمُ اللهِ الْأَعْظَمُ عَلَی مَا رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السّلام ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ حَرْفاً ، وَکَانَ عِنْدَ آصَفَ حَرْفٌ وَاحِدٌ فَتَکَلَّمَ بِهِ فَخَسَفَ مَا بَیْنَهُ وَبَیْنَ سَرِیرِ بِلْقِیسَ حَتَّی تَنَاوَلَ السَّرِیرَ بِیَدِهِ ، وَعِنْدَنَا نَحْنُ مِنَ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ حَرْفاً ، وَحَرْفٌ عِنْدَ اللهِ اسْتَأْثَرَ بِهِ فِی عِلْمِ الْغَیْبِ عِنْدَهُ (2).

وَعَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « أُعْطِیَ عِیسَی بْنُ مَرْیَمَ علیه السّلام حَرْفَیْنِ کَانَ یَعْمَلُ بِهِمَا ، وَأُعْطِیَ مُوسَی علیه السّلام أَرْبَعَهَ أَحْرُفٍ ، وَأُعْطِیَ إِبْرَاهِیمُ علیه السّلام ثَمَانِیَهَ أَحْرُفٍ ، وَأُعْطِیَ نُوحٌ علیه السّلام خَمْسَهَ عَشَرَ حَرْفاً ، وَأُعْطِیَ آدَمُ علیه السّلام خَمْسَهً وَعِشْرِینَ حَرْفاً ، وَأُعْطِیَ مُحَمَّدٌ صلی الله علیه و آله اثْنَیْنِ وَسَبْعِینَ حَرْفاً » (3). وعلم مما تقدم أنها انتقلت منه صلی الله علیه و آله إلی الأئمه علیهم السّلام .

وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ الْخَثْعَمِیَّهُ زَوْجَهُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ، کَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ إِلَی أَرْضِ الْحَبَشَهِ مَعَ زَوْجِهَا

ص: 230

جَعْفَرٍ فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّداً وَعَبْدَ اللهِ وَعَوْناً ، ثُمَّ هَاجَرَتْ إِلَی الْمَدِینَهِ ، فَلَمَّا قُتِلَ جَعْفَرٌ تَزَوَّجَهَا أَبُو بَکْرٍ وَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَکْرٍ ، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا فَتَزَوَّجَهَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَوَلَدَتْ لَهُ یَحْیَی بْنَ عَلِیٍ (1).

و « السَّمَاوَهُ » موضع بالبادیه.

و « سُمَیَّهُ » بالتصغیر أم زیاد المنتسب إلی أبی سفیان أبی معاویه (2) ، وفیها یقول الشاعر :

سُمَیَّهُ أضحی نسلها عدد الحصی

وبنت رسول الله لیس لها نسل

الباء الموحده بعد الألف ثم الذال المعجمه بعد الألف أیضا قریه توفی فیها علی بن موسی الرضا علیهما السّلام . قیل : هی من موقان علی دعوه ، أی علی قدر سماع صوت (1)

قوله تعالی : ( ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ السَّیِّئَهَ ) [ 23 / 96 ] قیل : هو مثل رجل أَسَاءَ إلیک فالحسنه أن تعفو عنه والتی هی أحسن أن تحسن إلیه مکان إِسَاءَتِهِ ، مثل أن یذمک فتمدحه.

قوله تعالی : ( وَیَسْتَعْجِلُونَکَ بِالسَّیِّئَهِ قَبْلَ الْحَسَنَهِ ) [ 13 / 6 ] أی یستعجلونک بالعذاب والنقمه قبل الرحمه بالعافیه والإحسان إلیهم بالإمهال ، وذلک أنهم سألوا رسول الله صلی الله علیه و آله أن یأتیهم بالعذاب.

قوله تعالی : ( ما أَصابَکَ مِنْ حَسَنَهٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَکَ مِنْ سَیِّئَهٍ فَمِنْ نَفْسِکَ ) [ 4 / 79 ] قال الشیخ أبو علی (ره) : الحسنه تقع علی النعمه والطاعه والسَّیِّئَهُ تقع علی البلیه والمعصیه ، والمعنی ( ما أَصابَکَ ) یا إنسان - خطابا عاما - من خیر من نعمه وإحسان ( فَمِنَ اللهِ ) تفضیلا منه وامتنانا وامتحانا ، ( وَما أَصابَکَ مِنْ سَیِّئَهٍ ) أی بلیه ومصیبه ( فَمِنْ نَفْسِکَ ) لأنک السبب فیها بما اکتسبت من الذنوب ، ومثله ( ما أَصابَکُمْ مِنْ مُصِیبَهٍ فَبِما کَسَبَتْ أَیْدِیکُمْ وَیَعْفُوا عَنْ کَثِیرٍ ) [ 42 / 30 ].

قوله تعالی : ( وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَهٌ ) [ 4 / 78 ] أی خصب ورخاء ( یَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَهٌ ) أی جدب وضیق رزق ( یَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِکَ قُلْ کُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) فإن الکل منه إیجاد ، غیر أن الحسنه إحسان وامتحان والسَّیِّئِهَ مجازاه وانتقام.

قوله تعالی : ( إِنَّ الْحَسَناتِ یُذْهِبْنَ السَّیِّئاتِ ) [ 11 / 114 ] فیه کما قیل إبطال مذهب المعتزله حیث قالوا : إن الکبائر غیر مغفوره ، لأن لفظ « السَّیِّئَاتِ » یطلق علیها ، بل هی أَسْوَأُ السَّیِّئَاتِ.

قوله تعالی : ( کُلُّ ذلِکَ کانَ سَیِّئُهُ عِنْدَ رَبِّکَ مَکْرُوهاً ) [ 17 / 38 ] بإضافه سیء إلی ضمیر کل أی إثمه.

قوله تعالی : ( لِیُرِیَهُ کَیْفَ یُوارِی سَوْأَهَ أَخِیهِ ) [ 5 / 31 ] أی فرجه.

قوله تعالی : ( آذَنْتُکُمْ عَلی سَواءٍ )

ص: 233

[ 21 / 109 ] أی أعلمتکم علی سَوَاءٍ؟ أی مستوین فی الإعلام ظاهرین بذلک فلا عذر ولا خداع.

و « السَّوَاءُ » العدل ، ومنه قوله تعالی : ( فَانْبِذْ إِلَیْهِمْ عَلی سَواءٍ ) [ 8 / 58 ].

قوله تعالی : ( سَواءٌ عَلَیْهِمْ ) [ 2 / 6 ] أی ذو استواء ، وقیل : اسم وضع موضع مستو.

و ( الصِّراطِ السَّوِیِ ) [ 20 / 135 ] الدین المستقیم.

و ( سَواءِ الصِّراطِ ) [ 38 / 22 ] أی وسط الصراط ، ومثله ( سَواءَ السَّبِیلِ ) و ( سَواءِ الْجَحِیمِ ) و ( سَواءً لِلسَّائِلِینَ ) أی تماما.

وقرئ ( سَواءً ) بالحرکات الثلاث : الجر علی الوصف لأیام ، والنصب علی استوت سواء ، والرفع علی هی سواء. تعلق قوله ( لِلسَّائِلِینَ ) بمحذوف ، کأنه قال : هذا الحصر لأجل من سأل فی کم خلقت الأرض وما فیها ، أو بقدر أی قدر فیها أقواتها لأجل السائلین.

قوله تعالی : ( إِلی کَلِمَهٍ سَواءٍ ) [ 3 / 94 ] أی ذات اسْتِوَاءٍ لا تختلف فیها الکتب السماویه.

قوله تعالی : ( ثَلاثَ لَیالٍ سَوِیًّا ) [ 19 / 10 ] أی من غیر عله من خرس وغیره.

قوله تعالی : ( مَکاناً سُویً ) [ 20 / 58 ] أی وسطا بین الموضعین تستوی مسافته علی الفریقین.

قوله تعالی : ( فَإِذا سَوَّیْتُهُ ) [ 15 / 29 ] أی عدلت خلقته وأکملتها وهیأتها للنفخ ، ومثله ( خَلَقَ فَسَوَّی ) [ 75 / 38 ] فإنها من التسویه ، وهی عباره عن التعدیل والوضع والهیئه التی علیها الشیء.

قوله تعالی : ( رَفَعَ سَمْکَها فَسَوَّاها ) [ 79 / 28 ] السمک الارتفاع وهو مقابل العمق ، لأنه ذهاب الجسم بالتألیف إلی جهه العلو ، وبالعکس صفه العمق ، والتسویه هی جعل أحد الشیئین علی مقدار الآخر فی نفسه أو فی حکمه.

قوله تعالی : ( ثُمَ اسْتَوی إِلَی السَّماءِ )

ص: 234

[ 2 / 29 ] یعنی قصد ، وکل من فرغ من شیء وعمد إلی غیره فقد استوی إلیه. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : صَعِدَ أَمْرُهُ. وفِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السّلام : ( ثُمَ اسْتَوی إِلَی السَّماءِ ) أَیْ أَخَذَ فِی خَلْقِهَا وَإِتْقَانِهَا ( فَسَوَّاهُنَ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌ )(1).

قوله تعالی : ( الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی ) [ 20 / 5 ] أی استوی من کل شیء ، فلیس شیء أقرب إلیه من شیء - کذا فی الحدیث (2) أو استولی کما یقال :

« اسْتَوَی بشر علی العراق »

أی استولی من غیر سیف ودم یهریقه.

قوله تعالی : ( قُلْ لا یَسْتَوِی الْخَبِیثُ وَالطَّیِّبُ ) [ 5 / 100 ] أی ( قُلْ ) یا محمد ( لا یَسْتَوِی الْخَبِیثُ وَالطَّیِّبُ ) أی الحلال والحرام ( وَلَوْ أَعْجَبَکَ ) أیها السامع وأیها الإنسان ( کَثْرَهُ الْخَبِیثِ ) أی کثره ما تراه من الحرام لأنه لا یکون فی الکثیر من الحرام برکه ویکون فی القلیل من الحلال برکه.

قوله تعالی : ( ذُو مِرَّهٍ فَاسْتَوی ) [ 53 / 6 ] یَعْنِی جَبْرَئِیلَ اسْتَقَامَ عَلَی صُورَتِهِ الْحَقِیقِیَّهِ دُونَ الصُّورَهِ الَّتِی کَانَ یَتَمَثَّلُ بِهَا کُلَّمَا هَبَطَ بِالْوَحْیِ ، وَکَانَ یَأْتِیهِ بِصُورَهِ الْآدَمِیِّینَ فَأَحَبَّ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله أَنْ یَرَاهُ فِی صُورَتِهِ الَّتِی جُبِلَ عَلَیْهَا فَاسْتَوَی لَهُ (3).

قوله تعالی : ( فَدَمْدَمَ عَلَیْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها ) [ 91 / 14 ] أی أرجف الأرض بهم ، یعنی حرکها فسواها علیهم. قیل : فسوی الأمه بإنزال العذاب صغیرها وکبیرها.

قوله تعالی : ( لَوْ تُسَوَّی بِهِمُ الْأَرْضُ ) [ 4 / 42 ] أی لو یدفنوا فَتُسَوَّی بهم الأرض کما تُسَوَّی بالموتی. وقیل : یودون أنهم لم یبعثوا وأنهم کانوا والأرض

ص: 235

سواء. وقیل تصیر البهائم ترابا فیودون حالها.

وَفِی الْحَدِیثِ : « سَیِّئَهٌ تَسُوءُکَ خَیْرٌ مِنْ حَسَنَهٍ تُعْجِبُکَ (1) ». أی توقعک فی العجب ، وکأن الوجه فی ذلک أن السَّیِّئَهَ تزول مع الندم علیها ، وأما العجب فإنه یبطل العمل ویثبت السیئه فکانت السیئه خیرا من الحسنه المعجبه.

وَفِی الدُّعَاءِ : « أَعُوذُ بِکَ مِنْ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِی الْأَهْلِ وَالْمَالِ ». قیل : سُوءُ النظر فی الأهل والمال هو أن یصیبهما آفه یَسُوؤُهُ النظر إلیهما.

وتقول : « هذا رجل سَوْءٍ » بالإضافه ثم تدخل علیه الألف واللام فتقول : « هذا رجل السَّوْءِ » ، ولا یقال : « الرجل السَّوْءِ » - کذا قاله الجوهری.

وَفِی الدُّعَاءِ « وأَعُوذُ بِکَ مِنْ جَارِ سَوْءٍ وَإِنْسَانِ سَوْءٍ ». بالإضافه.

وَفِی الدُّعَاءِ « أَسْأَلُکَ مَیْتَهً سَوِیَّهً ». قیل : المراد منها الموت بعد حصول الاستعداد لنزوله والتهیؤ لحصوله من تقدیم التوبه وقضاء الفوائت والخروج من حقوق الناس.

و « سَاوَاهُ مُسَاوَاهً » : ماثله وعادله قیمه وقدرا ، ومنه قوله : « هذا یُسَاوِی درهما » أی یعادل قیمته درهما.

وَفِی وَصْفِهِ صلی الله علیه و آله : « سَوَاءَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ » (2). ومعناه کما قیل : إن بطنه ضامر وصدره عریض ، فمن هذه الجهه ساوی بطنه ظهره.

و « اسْتَوَی علی بعیره » أی استقر علی ظهره ، ومثله « استوی جالسا ».

و « اسْتَوَی علی سریر الملک » کنایه عن التملک وإن لم یجلس علیه.

و « اسْتَوَی الطعام » نضج.

و « اسْتَوَی القوم فی المال » لم یفضل بعضهم علی بعض.

و « اسْتَوَتْ به راحلته » رفعته علی ظهرها.

و « اسْتَوَتْ خلقه السقط » أی تمت.

و « العمل السَّیِءُ » خلاف الحسن ،

ص: 236

وهو اسم فاعل من ساء یسوء : إذا قبح ، و « ساء » علی فاعل إعلالها إعلال جاء.

و « هو أَسْوَأُ القوم » أی أقبحهم.

والناس یقولون : « أَسْوَأُ الأحوال » ویریدون الأقل والأضعف.

والْمَسَاءَهُ التی هی نقیض المسره أصلها « مسوأه » علی مفعله بفتح المیم والعین ، ولهذا ترد الواو فی الجمع فیقال : « هی المساوی ».

و « مَسَاوِی الأفعال » ضد محاسنها.

و « بدت مساویه » أی نقائصه ومعایبه.

ویقال : « أسأت به الظن » و « سوأت به ظنا » یکون الظن معرفه مع الرباعی ونکره مع الثلاثی. قال فی المصباح : ومنهم من یجیزه نکره فیهما ، وهو خلاف أحسنت به الظن.

و « السَّوْأَهُ » بالفتح والتأنیث : العوره من الرجل والمرأه ، والتثنیه « سَوْأَتَانِ » والجمع « سَوْآتٌ ». قیل : سمیت « سَوْأَهً » لأن انکشافها للناس یسوء صاحبها.

و « سَایَهٌ » فعله : واد بین الحرمین وقریه بمکه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « کَانَ أَبُو الْحَسَنِ إِذَا قَضَی نُسُکَهُ عَدَلَ إِلَی قَرْیَهٍ یُقَالُ لَهَا : سَایَهُ ، فَحَلَقَ بِهَا (1) ».

و « السَّائِیُ » نسبه لعلی بن سوید ثقه من رواه الحدیث (2).

و « سَوَاءٌ » قال فی المغنی یوصف بها المکان ... والأفصح فیه حینئذ أن یقصر مع الکسر ... ویوصف به غیر المکان فیجب أن یمد مع الفتح نحو « مررت برجل سَوَاءٍ والعدم » ، وبمعنی الوسط

ص: 237

وبمعنی التمام فتمد فیهما مع الفتح نحو قوله تعالی : ( فِی سَواءِ الْجَحِیمِ ) وقولک : « هذا درهم سَوَاءِ » ... واستثناء کما یقع « غیر » وهو عند الزجاج وابن مالک کغیر فی المعنی والتصرف فتقول : « جاءنی سواؤک » بالرفع [ علی الفاعلیه ] و « رأیت سواءک » بالنصب [ علی المفعولیه ] ... وعند سیبویه والجمهور أنها ظرف مکان ملازم للنصب لا یخرج عن ذلک إلا فی الضروره ، وعند الکوفیین وجماعه أنها ترد لوجهین. ثم قال : یخبر بسواء التی هی بمعنی مستوی عن الواحد فما فوقه نحو ( لَیْسُوا سَواءً ) لأنها فی الأصل مصدر بمعنی الاستواء ، وقد أجیز فی قوله تعالی : ( سَواءٌ عَلَیْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ ) کونها خبرا عما قبلها أو عما بعدها ، أو مبتدأ وما بعدها فاعل علی الأول وخبر ومبتدأ علی الثانی وخبر علی الثالث.

یُصَلِّیَ فِی أَوَّلِ وَقْتِهَا (1) ».

وَعَنْ أَبِی أُسَامَهَ زَیْدٍ الشَّحَّامِ (2) قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ علیه السّلام عَنْ قَوْلِ اللهِ : ( الَّذِینَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ) قَالَ : « هُوَ التَّرْکُ لَهَا وَالتَّوَانِی عَنْهَا (3) ».

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ (4) عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السّلام قَالَ : « هُوَ التَّضْیِیعُ لَهَا ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « وضِعَ عَنْ أُمَّتِی السَّهْوُ وَالْخَطَأُ وَالنِّسْیَانُ ». أی حکم هذه المذکورات والمؤاخذه بها. وفسر السَّهْوُ بزوال المعنی عن الذاکره فقط وبقاؤه مرتسما فی الحافظه بحیث یکون کالشیء المستور ، والنسیان زواله عن القوتین : الذاکره ، والحافظه. وفی الصحاح : « السَّهْو » الغفله وقد سَهَا عن الشیء فهو سَاهٍ ، والنسیان خلاف الذکر والحفظ.

وَفِی الْحَدِیثِ : « لَا سَهْوَ فِی سَهْوٍ ». أی لا تعید بِالسَّهْوِ إذا وقع فی موجب السهو - بفتح الجیم - یعنی فی صلاه الاحتیاط ، وسجدتا السهو ، والأجزاء المنسیه المقتضیه ، فیبنی علی الصحیح کما فی النافله.

وفیه ذکر « السُّهَا » بالقصر وضم السین ، وهو کوکب صغیر نجم قریب من النجم الأوسط من الأنجم الثلاثه من بنات النعش ، ویسمی « أسلم » والعرب تسمیه « السُّهَا » والناس یمتحنون به أبصارهم.

ص: 239

فعله وقلیل أنه لا یعمل ، واستشهد علی إعماله بقول الشاعر : « حتی شَآهَا ... » - البیت. ثم قال : فإن قیل : فکلیل غیر متعد لأنه من کل إذا أعیا ، ولا یقال : « کل زید عمرا » وحینئذ لا حجه فیه! قلنا : لا نسلمه بل کلیل بمعنی مکل کأنه أکل حمر الوحش ، أی أتعبها وأعیاها بالمشی إلی جهته ولذلک وصفه بأنه لم ینم یعنی البرق ، کألیم بمعنی مؤلم وسمیع بمعنی مسمع ، فیکون بمعنی متعبها ، ولا یقال : إن فعیلا لا یأتی إلا من فعل - بضم العین - وهو للغرائز ، کشرف فهو شریف وکرم فهو کریم ، ولا یکون إلا لازما فلا یصح لأن یکون عاملا. لأنا نقول : قد بینا أن فعیلا یأتی لغیر الغرائز ، ومنه قوله : « زید رحیم عمرا » وقوله : (1) :

إذا ما صنعت الزاد فالتمسی له

أکیلا فإنی لست آکله وحدی

فأکیل بمعنی آکل.

لشتائی - کذا فی المصباح.

وفیه ذکر « الشُّرَاهِ » (1) جمع شَارٍ کقضاه جمع قاض ، وهم الخوارج الذین خرجوا عن طاعه الإمام ، وإنما لزمهم هذا اللقب لأنهم زعموا أنهم شَرَوْا دنیاهم بالآخره أی باعوا ، أو شَرَوْا أنفسهم بالجنه لأنهم فارقوا أئمه الجور.

و « الشَّرَاهُ » بالفتح : اسم جبل دون عسفان (2).

و « شراء » یمد ویقصر وهو الأشهر ، یقال : « شَرَیْتُ الشیء أَشْرِیهِ شِرًی وشِرَاءً » إذا بعته وإذا اشتریته أیضا ، وهو من الأضداد ، وإنما ساغ أن یکون الشِّرَاءُ من الأضداد لأن المتبایعین تبایعا الثمن والمثمن ، فکل من العوضین مبیع من جانب ومشتری من جانب.

و « شَرَیْتُ الجاریه شِرًی فهی شَرِیَّهٌ » فعیله بمعنی مفعوله ، و « عبد شَرِیٌ » وجوزوا « مُشْرَیَهً ومُشْریً » ، والفاعل « شَارٍ » مثل قاض.

و « الشِّرَا » یجمع علی أَشْرِیَهٍ وإن شذّ ، ومنه الْحَدِیثُ : « کُلَّمَا صَغُرَ مِنْ أُمُورِکَ کِلْهُ إِلَی غَیْرِکَ فَقِیلَ : ضَرْبُ أَیِّ شَیْءٍ؟ فَقَالَ : « ضَرْبُ أشْرِیَهِ الْعَقَارِ وَمَا أَشْبَهَهَا ». وشَرْوَی الشیءِ مثلُه.

و « الشَّرْیَهُ » النخله تنبت من النواه.

و « اسْتَشْرَی » إذا لجّ فی الأمر.

و « الشَّرَی » کحصی : خراج صغار لها لذع شدید ، ومنه « شَرِیَ جِلْدُه ».

و « أَشْرَاءُ الحرم » نواحیه.

و « الْمُشْتَرِی » نجم ظاهر معروف.

إذ خرج وحده ثم قواه الله بأصحابه.

قوله تعالی : ( شاطِئِ الْوادِ ) [ 28 / 30 ] أی شطه وجانبه.

و « شَطَا » بغیر همز (1) : قریه بناحیه مصر تنسب إلیها الثیاب الشَّطَوِیَّهِ ومنه حَدِیثُ أَبِی الْحَسَنِ علیه السّلام : « إِنِّی کَفَّنْتُ أَبِی فِی ثَوْبَیْنِ شَطَوِیَّیْنِ » (2).

وزان نوی : طرفه وجانبه ، یقال : « شفا جرف » و « شفا بئر » و « شفا واد » و « شفا قبر » وما أشبهها ویراد بها ذلک ، فقوله : ( عَلی شَفا جُرُفٍ هارٍ ) أی طرف موضع تجرفه السیول ، أی أکلت ما تحته. و « هار » مقلوب من هائر ، کقولهم : « شاک السلاح » و « شائک السلاح » کما یأتی فی بابه.

ومثله قوله تعالی : ( کُنْتُمْ عَلی شَفا حُفْرَهٍ ) [ 3 / 103 ] أی طرفها.

قوله تعالی : ( فِیهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ) [ 16 / 69 ] الضمیر للشراب لأنه من جمله الأشفیه والأدویه المشهوره ، وتنکیره إما لتعظیم الشفاء الذی فیه أو لأن فیه بعض الشفاء. وقیل : الضمیر للقرآن لما فیه من شفاء بعض الأدویه.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السّلام : « ولَوْ لَا مَا سَبَقَنِی إِلَیْهِ ابْنُ الْخَطَّابِ مَا زَنَی مِنَ النَّاسِ إِلَّا شَفیً » (1). أی إلا قلیل ، من قوله : « غابت الشمس إلا شَفیً » أی إلا قلیل من ضوئها لم یغب المراد بما سبقه من تحریم المتعه فإنه هو الذی حرمها بعد رسول الله صلی الله علیه و آله ولم تکن محرمه فی زمانه صلی الله علیه و آله ولا فی زمان الأول من الخلفاء. ومثله حَدِیثُ ابْنِ عَبَّاسٍ : « مَا کَانَتِ الْمُتْعَهُ إِلَّا رَحْمَهً رَحِمَ اللهُ بِهَا أُمَّهَ مُحَمَّدٍ ، فَلَوْ لَا نَهْیُهُ مَا احْتَاجَ إِلَی الزِّنَی إِلَّا شَفیً ».

و « أَشْفَی علی الشیء » بالألف : أشرف ، ومنه أَشْفَی علی طلاق نسائه وأشفی المریض علی الموت. قیل : ولا یکاد یأتی شفا إلا فی الشر.

وَفِی الْخَبَرِ : « لَا تَنْظُرُوا إِلَی صَلَاهِ أَحَدٍ وَصِیَامِهِ وَلَکِنِ انْظُرُوا إِلَی وَرَعِهِ إِذَا أَشْفَی ». أی أشرف علی الدنیا.

و « شَفَی الله المریض یَشْفِیهِ » من باب رمی « شفاء » و « أشفیت بالعدو » و « تشفیت به » من ذلک. قال فی المصباح : لأن الغضب الکامن کالداء فإذا زال ما یطلبه الإنسان من عدوه فکأنه

ص: 247

برئ من الداء.

و « ما شَفَیْتَنِی فیما أردت » ما بلغتنی مرادی وغرضی.

و « اسْتَشْفَی الرجل » طلب الشفاء. ومنه اسْتَشْفَیْتُ من التربه الحسینیه.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الْحَبَّهُ السَّوْدَاءُ شِفَاءٌ مِنْ کُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ ». قیل : المراد من کل داء من الرطوبه والبروده والبلغم لأنها حاره یابسه.

وفِیهِ : « عَلَیْکُمْ بِالشِّفَاءِ مِنَ الْعَسَلِ وَالْقُرْآنِ ». جعل الشفاء حقیقیا وغیر حقیقی.

و « شُفَیَّهُ » بالضم والتصغیر : بئر بمکه.

وکتاب الشافی للسید المرتضی فی نقض المغنی لعبد الجبار ، وأبو الحسن البصری (1) کتب نقض الشَّافِی. وبخط الشهید (ره) أن السید المرتضی أمر سلارا بنقض نقض الشافی فنقضه.

بالألف فهو شقی.

وَفِی الْحَدِیثِ : « الشَّقِیُ مَنْ شَقِیَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ » (1). أی من قدر الله علیه فی أصل خلقته أن یکون شَقِیّاً فهو الشَّقِیُ حقیقه لا من عرض له بعد ذلک ، وهو إشاره إلی شقاء الآخره لا شقاء الدنیا. والأوضح فی معناه ما قیل هو أن الشَّقِیَ حق الشقی من علم الله أنه سَیَشْقَی فی فعله من اختیاره الکفر والمعصیه فی بطن أمه فکأنه فی بطن أمه علم الله ذلک منه والمعلوم لا یتغیر ، لأن العلم یتعلق بالمعلوم علی ما هو علیه والمعلوم لا یتبع العلم ، فإذا کان زید أسود فی علم الله فعلم الله لا یصیره أسود. وفی تسمیته فی بطن أمه شَقِیّاً نوع مبالغه ، أی سیصیر کذلک لا محاله کقوله تعالی : ( إِنَّکَ مَیِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَیِّتُونَ ) أی إنک ستموت. وقیل : أراد بالأم جهنم کما فی قوله تعالی : ( فَأُمُّهُ هاوِیَهٌ ) أی الشقی کل الشقی من شقی فی نار جهنم وهی شقاوه لا شقاوه مثلها.

وفیه عَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام وَقَدْ سُئِلَ : مِنْ أَیْنَ لَحِقَ الشَّقَاءُ أَهْلَ الْمَعْصِیَهِ حَتَّی حَکَمَ اللهُ لَهُمْ فِی عِلْمِهِ بِالْعَذَابِ عَلَی عَمَلِهِمْ؟ فَقَالَ : « حُکْمُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا یَقُومُ لَهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ بِحَقِّهِ ، فَلَمَّا حَکَمَ بِذَلِکَ وَهَبَ لِأَهْلِ مَحَبَّتِهِ الْقُوَّهَ عَلَی مَعْرِفَتِهِ وَوَضَعَ عَنْهُمْ ثِقْلَ الْعَمَلِ [ بِحَقِیقَهِ مَا هُمْ أَهْلُهُ ] ، وَوَهَبَ لِأَهْلِ الْمَعْصِیَهِ الْقُوَّهَ عَلَی مَعْصِیَتِهِمْ لِسَبْقِ عِلْمِهِ فِیهِمْ وَمَنَعَهُمْ إِطَاقَهَ الْقَبُولِ مِنْهُ ، فَوَافَقُوا مَا سَبَقَ لَهُمْ فِی عِلْمِهِ وَلَمْ یَقْدِرُوا أَنْ یَأْتُوا حَالاً تُنْجِیهِمْ مِنْ عَذَابِهِ ، لِأَنَّ عِلْمَهُ أَوْلَی بِحَقِیقَهِ التَّصْدِیقِ ، وَهُوَ مَعْنَی شَاءَ مَا شَاءَ وَهُوَ سِرُّهُ » (2). قال بعض الأفاضل من شراح الحدیث : قَوْلُهُ علیه السّلام : « فَلَمَّا حَکَمَ بِذَلِکَ وَهَبَ .. إلخ » المراد حکمه تعالی فی التکلیف الأول یوم المیثاق قبل تعلق الأرواح بالأبدان حیث ظهرت ذلک یوم الطاعه والمعصیه فقال جل وعز مشیرا إلی من ظهرت ذلک الیوم منه الطاعه : « هَؤُلَاءِ إِلَی الْجَنَّهِ وَلَا أُبَالِی »

ص: 249

ومشیرا إلی من ظهرت ذلک الیوم منه المعصیه : « هَؤُلَاءِ إِلَی النَّارِ وَلَا أُبَالِی ». فلما علم تعالی أن أفعال الأرواح بعد تعلقها بالأبدان موافقه فی یوم المیثاق مهد لکل روح شروطا تناسب ما فی طبعه من السعاده والشَّقَاوَهِ. ثم قال : قَوْلُهُ علیه السّلام : « ومَنَعَهُمْ إِطَاقَهَ الْقَبُولِ ». معناه أنه لم یشأ ولم یقدر قبولهم ، ومن المعلوم أن المشیه والتقدیر شرطان فی وجود الحوادث. ثُمَّ قَالَ : « ولَمْ یَقْدِرُوا أَنْ یَأْتُوا .. إلخ » معناه - والله أعلم - أنه لم یقدروا علی قلب حقائقهم بأن یجعلوا أرواحهم من جنس أرواح السعداء ، وهو معنی قَوْلِهِ علیه السّلام : « ولَا یَسْتَطِیعُ هَؤُلَاءِ أَنْ یَکُونُوا مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ أَنْ یَکُونُوا مِنْ هَؤُلَاءِ ». ثم قال : وَقَوْلُهُ علیه السّلام : « لِأَنَّ عِلْمَهُ أَوْلَی بِحَقِیقَهِ التَّصْدِیقِ ». تعلیل لِقَوْلِهِ : « فَوَافَقُوا مَا سَبَقَ لَهُمْ فِی عِلْمِهِ ».

ثم بین (ره) قاعده تناسب المقام فقال : الجمادات إذا خلیت وأنفسها کانت فی أمکنه مخصوصه تناسب طباعها ، وکذلک الأرواح إذا خلیت وإرادتها اختارت الطاعه أو المعصیه بمقتضی طباعها.

وفِیهِ : « هُمُ الْقَوْمُ لَا یَشْقَی جَلِیسُهُمْ ». أی لا یخیب عن کرامتهم فَیَشْقَی. وقیل : إن صحبتهم مؤثره فی الجلیس ، فإذا لم یکن له نصیب مما أصابهم کان محروما فَیَشْقَی.

وَفِی حَدِیثِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ أَشَقِیٌ الرَّجُلُ أَمْ سَعِیدٌ فَانْظُرْ سَیْبَهُ وَمَعْرُوفَهُ إِلَی مَنْ یَضَعُهُ إِلَی مَنْ هُوَ أَهْلُهُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ إِلَی خَیْرٍ ، وَإِنْ کَانَ یَضَعُهُ إِلَی غَیْرِ أَهْلِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَیْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ خَیْرٌ ».

وفِیهِ : « بَیْنَ الْمَرْءِ وَالْحِکْمَهِ نِعْمَهُ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلُ شَقِیٌ بَیْنَهُمَا ». أی بین نفسه والحکمه ، أی لیس بسعید - کذا وجدناه فی النسخ کلها. وقال بعض علمائنا المتأخرین : ولا یزال یختلج فی البال أن هنا سهوا من قلم الناسخ صوابه والجاهل شفا عنهما ، وزان « نوی » ، وشفا کل شیء طرفه ، والمعنی : صاحب الجهل فی

ص: 250

طرف عنهما - انتهی. وهو کما تری.

وَفِی الدُّعَاءِ : « أَعُوذُ بِکَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِی تُورِثُ الشَّقَاءَ ». بالفتح والمد وفسر بالشده والعسر. قیل : وهو ینقسم إلی دنیوی هو فی المعاش من النفس والمال والأهل ، وأخروی هو فی المعاد.

قال الجوهری : الشَّقَاءُ والشَّقَاوَهُ بالفتح نقیض السعاده ، وقرأ قتاده شِقَاوَتُنَا بالکسر وهی لغه ، وإنما جاء بالواو لأنه بنی علی التأنیث فی أول أحواله ، وکذلک النهایه ، فلم تکن الواو والیاء حرفی إعراب ولو بنی علی التذکیر لکان مهموزا کعظاءه وعباءه وصلاءه ، وهذا أعل قبل دخول الهاء یقال : « شَقِیَ الرجل » انقلبت الواو یاء لکسره ما قبلها ، ثم تقول : « یَشْقِیَانِ » فیکونان کالماضی - انتهی.

وشَکِیَّهً وشَکَاهً : إذا أخبرت عنه بسوء فعله ، والاسم الشَّکْوَی.

و « الْمُشْتَکَی » الشِّکَایَهُ ، ومنه الْخَبَرُ : « شَکَوْنَا إِلَی رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله مِنْ حَرِّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ یُشْکِنَا ». من أَشْکَیْتُهُ : أزلت شَکْوَاهُ ، فالهمزه للسلب مثل « أعریته » أی أزلت عریته.

و « اشْتَکَتْ أم سلمه عینها » أی وجعها.

و « الشَّکْوَهُ » وعاء کالرکوه والقربه الصغیره ، یتخذ للبر ، والجمع « شُکیً »

بالفتح جمع « شُوَاءٍ » بالضم وهی جلده الرأس. وقیل : الآخر من الید والرجل وغیرهما. و « النزع » القطع. و « الشِّوَاءُ » ککتاب بمعنی مَشْوِیٍ ، من « شَوَیْتُ اللحم شیا ».

و « أَشْوَیْتُ القوم » أطعمتهم شِوَاءً.

علی الجسم والعرض والقدیم ، تقول : « شَیْءٌ لا کَالْأَشْیَاءِ » أی معلوم لا کسائر المعلومات ، وعلی المعدوم والمحال. قال : إن قلت : کیف قیل : ( عَلی کُلِ شَیْءٍ قَدِیرٌ ) وفی الأشیاء ما لا تعلق به لقادر کالمستحیل وفعل قادر آخر؟ قلت : مشروط فی حد القادر أن لا یکون الفعل مستحیلا ، فالمستحیل مستثنی فی نفسه عند ذکر القادر علی الأشیاء کلها ، فکأنه قال : علی کل شیء مستقیم قدیر.

قوله تعالی : ( وَلَوْ شاءَ رَبُّکَ لَآمَنَ مَنْ فِی الْأَرْضِ کُلُّهُمْ جَمِیعاً أَفَأَنْتَ تُکْرِهُ النَّاسَ حَتَّی یَکُونُوا مُؤْمِنِینَ ) [ 10 / 99 ] رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السّلام أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ الْمُسْلِمِینَ قَالُوا لِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله : لَوْ أَکْرَهْتَ یَا رَسُولَ اللهِ مَنْ قَدَرْتَ عَلَیْهِ مِنَ النَّاسِ کَثُرَ عَدَدُنَا وَقَوِینَا عَلَی عَدُوِّنَا! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله : « مَا کُنْتُ لِأَلْقَی اللهَ بِبِدْعَهٍ لَمْ یُحْدِثْ لِی فِیهَا » فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَکَ وَتَعَالَی عَلَیْهِ : یَا مُحَمَّدُ ( وَلَوْ شاءَ رَبُّکَ لَآمَنَ مَنْ فِی الْأَرْضِ کُلُّهُمْ جَمِیعاً ) عَلَی سَبِیلِ الْإِلْجَاءِ وَالِاضْطِرَارِ فِی الدُّنْیَا کَمَا یُؤْمِنُونَ عِنْدَ الْمُعَایَنَهِ وَرُؤْیَهِ الْبَأْسِ فِی الْآخِرَهِ ، وَلَوْ فَعَلْتُ ذَلِکَ لَمْ یَسْتَحِقُّوا مِنِّی ثَوَاباً وَلَا مَدْحاً ، لَکِنِّی أُرِیدُ مِنْهُمْ أَنْ یُؤْمِنُوا مُخْتَارِینَ غَیْرَ مُضْطَرِّینَ لِیَسْتَحِقُّوا مِنِّی الزُّلْفَی وَالْکَرَامَهَ وَدَوَامَ الْخُلُودِ فِی جَنَّهِ الْخُلْدِ (1).

قوله تعالی : ( وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَکُمْ أُمَّهً واحِدَهً ) [ 5 / 48 ] قال المفسر : أی لو شَاءَ لجعلکم علی مله واحده ولکن جعلکم علی شرائع مختلفه لیمتحنکم فیما آتاکم ، أی فیما فرض علیکم وشرع لکم. وقیل : فیما أعطاکم من النبیین والکتاب.

قوله تعالی : ( لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْیاءَ إِنْ تُبْدَ لَکُمْ تَسُؤْکُمْ ) [ 5 / 101 ] رُوِیَ فِی مَعْنَاهُ : أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله : یَا رَسُولَ اللهِ أَفِی کُلِّ عَامٍ کُتِبَ الْحَجُّ عَلَیْنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّی أَعَادَ الْمَسْأَلَهَ ثَلَاثاً ، فَقَالَ : « ویْحَکَ وَمَا یُؤْمِنُکَ أَنْ أَقُولَ

ص: 254

نَعَمْ ، وَاللهِ لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَ وَلَوْ وَجَبَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَلَوْ تَرَکْتُمْ لَکَفَرْتُمْ ، وَإِنَّمَا یَهْلِکُ مَنْ هَلَکَ قَبْلَکُمْ بِکَثْرَهِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَی أَنْبِیَائِهِمْ ، فَإِذَا أَمَرْتُکُمْ بِشَیْءٍ فَأَتَوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَیْتُکُمْ عَنْ شَیْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ » (1) وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْ هَذِهِ التَّکَالِیفِ الصَّعْبَهِ فِی زَمَانِ الْوَحْیِ تُبْدَ لَکُمْ تِلْکَ التَّکَالِیفُ الَّتِی تَسُؤْکُمْ وَتُؤْمَرُوا بِحَمْلِهَا ». - کذا نقله الشیخ أبو علی (ره).

و « أَشْیَاءُ » جمع شَیْءٍ غیر منصرف ، واختلف فی تعلیله اختلافا کثیرا ، قال فی المصباح : والأقرب ما حکی عن الخلیل بأن أصله « شیئاء » علی وزن حمراء ، فاستثقل وجود الهمزتین فی آخره فنقلوا الأولی إلی أول الکلمه فقالوا : « أشیاء » والْمَشِیئَهُ : الإراده ، من « شَاءَ زید یَشَاءُ » من باب نال : أراده.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السّلام : « لَا یَکُونُ شَیْءٌ فِی الْأَرْضِ وَلَا فِی السَّمَاءِ إِلَّا بِخِصَالٍ سَبْعٍ : بِمَشِیئَهٍ ، وَإِرَادَهٍ ، وَقَدَرٍ ، وَقَضَاءٍ ، وَإِذْنٍ ، وَکِتَابٍ ، وَأَجَلٍ » (2). قال بعض أفاضل العلماء : الْمَشِیئَهُ والإراده والقدر والقضاء کلها بمعنی النقش فی اللوح المحفوظ وهی من صفات الفعل لا الذات ، والتفاوت بینها تفضیل کل لاحق علی سابقه. ثم قال : توقف أفعال العباد علی تلک الأمور السبعه إما بالذات أو بجعل الله تعالی ، وتحقیق المقام أن تحرک القوی البدنیه بأمر النفس الناطقه المخصوصه المتعلقه به لیس من مقتضیات الطبیعه فیکون بجعل جاعل ، وهو أن یجعل الله بدنا مخصوصا مسخرا لنفس مخصوصه بأن قال کن متحرکا بأمرها ، ثم جعل ذلک موقوفا علی الأمور السبعه - انتهی.

ص: 255

وَعَنِ الرِّضَا علیه السّلام : « أَنَّ الْإِبْدَاعَ وَالْمَشِیئَهَ وَالْإِرَادَهَ مَعْنَاهَا وَاحِدٌ وَالْأَسْمَاءُ ثَلَاثَهٌ ».

وَعَنِ الْبَاقِرِ علیه السّلام : « لَا یَکُونُ شَیْءٌ إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ وَقَدَّرَ وَقَضَی » سُئِلَ : مَا مَعْنَی شَاءَ؟ قَالَ : « ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ » سُئِلَ : مَا مَعْنَی قَدَّرَ؟ قَالَ : « تَقْدِیرُ الشَّیْءِ مِنْ طُولِهِ وَعَرْضِهِ » سُئِلَ : مَا مَعْنَی قَضَی؟ قَالَ : « إِذَا قَضَی أَمْضَی ، فَذَلِکَ الَّذِی لَا مَرَدَّ لَهُ » (1). وعلی هذا فیکون معنی القضاء هو النقش الحتمی فی اللوح المحفوظ.

وفیه : « خَلَقَ اللهُ الْمَشِیئَهَ بِنَفْسِهَا ثُمَّ خَلَقَ الْأَشْیَاءَ بِالْمَشِیئَهِ » (2). قیل فی معناه : أن الأئمه علیهم السّلام تاره یطلقون الْمَشِیئَهَ والإراده علی معنی واحد ، وتاره علی معنیین مختلفین ، والمراد بهذه العباره أن الله تعالی خلق اللوح المحفوظ ونقوشها من غیر سبب آخر من لوح ونقش آخر وخلق سائر الْأَشْیَاءَ بسببهما ، وهذا مناسب لِقَوْلِهِ علیه السّلام : « أَبَی اللهُ أَنْ یُجْرِیَ الْأَشْیَاءَ إِلَّا بِأَسْبَابِهَا ».

وفِیهِ : « أَمَرَ اللهُ وَلَمْ یَشَأْ وَشَاءَ وَلَمْ یَأْمُرْ : أَمَرَ إِبْلِیسَ أَنْ یَسْجُدَ لِآدَمَ وَشَاءَ أَنْ لَا یَسْجُدُ وَلَوْ شَاءَ لَسَجَدَ ، وَنَهَی آدَمَ عَنْ أَکْلِ الشَّجَرَهِ وَشَاءَ أَنْ یَأْکُلَ مِنْهَا وَلَوْ لَمْ یَشَأْ لَمْ یَأْکُلْ » (3). ومنه یعلم أن جمیع الکائنات مطابقه لعلمه السابق فی الممکنات وهو لا یؤثر فی المعلوم کما سبق فلا إشکال.

وفِیهِ : « إِنَّ لِلَّهِ إِرَادَتَیْنِ وَمَشِیئَتَیْنِ : إِرَادَهَ حَتْمٍ وَإِرَادَهَ عَزْمٍ ، یَنْهَی وَهُوَ یَشَاءُ وَیَأْمُرُ وَهُوَ لَا یَشَاءُ ، نَهَی آدَمَ علیه السّلام وَزَوْجَتَهُ أَنْ یَأْکُلَا مِنَ الشَّجَرَهِ وَشَاءَ أَنْ یَأْکُلَا وَلَوْ لَمْ یَشَأْ أَنْ یَأْکُلَا لَمَا غَلَبَتْ

ص: 256

شَهْوَتُهُمَا مَشِیئَهَ اللهِ تَعَالَی ، وَأَمَرَ إِبْرَاهِیمَ أَنْ یَذْبَحَ إِسْحَاقَ وَلَمْ یَشَأْ أَنْ یَذْبَحَهُ وَلَوْ شَاءَ لَمَا غَلَبَتْ مَشِیئَهُ إِبْرَاهِیمَ مَشِیئَتَهُ » (1).

وفِیهِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ عِلْمِ اللهِ وَمَشِیئَتِهِ هُمَا مُخْتَلِفَانِ أَمْ مُتَّفِقَانِ؟ فَقَالَ علیه السّلام : « الْعِلْمُ لَیْسَ هُوَ الْمَشِیئَهَ ، أَلَا تَرَی أَنَّکَ تَقُولُ سَأَفْعَلُ کَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَی وَلَا تَقُولُ إِنْ عَلِمَ اللهُ تَعَالَی ، فَقَوْلُکَ إِنْ شَاءَ اللهُ دَلِیلٌ عَلَی أَنَّهُ لَمْ یَشَأْ فَإِذَا شَاءَ کَانَ الَّذِی شَاءَ کَمَا شَاءَ وَعِلْمُ اللهِ تَعَالَی السَّابِقُ لِلْمَشِیئَهِ » (2) وَلَمْ تَجِدْ أَحَداً إِلَّا وَلِلَّهِ تَعَالَی عَلَیْهِ حُجَّهٌ وَلِلَّهِ فِیهِ الْمَشِیئَهُ ، وَلَا أَقُولُ إِنَّهُمْ مَا شَاءُوا صَنَعُوا » ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ اللهَ یَهْدِی وَیُضِلُّ ». قال بعض الأفاضل : فی هذا الکلام - أعنی قوله : لا أقول ما شَاءُوا صنعوا - نفی لما أعتقده المعتزله من أن العباد ما شاءوا صنعوا ، یعنی أنهم مستقلون بِمَشِیئَتِهِمْ وقدرتهم ولا توقف لها علی مَشِیئَهِ الله تعالی وإرادته وقضائه ، وهذا یخرج الله عن سلطانه.

وَفِی حَدِیثِ یُونُسَ : لَا یَکُونُ إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ وَقَدَّرَ وَقَضَی. فَقَالَ الرِّضَا علیه السّلام : « یَا یُونُسُ لَیْسَ هَکَذَا لَا یَکُونُ إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ وَقَدَّرَ وَقَضَی » (3). قیل : فیه إنکار کلام یونس لأجل إدخال باء السببیه علی المشیئه وغیرها المستلزمه لمسببها لا من أجل توقف أفعال العباد علیها توقف الشرط علی المشروط.

وَفِی حَدِیثٍ أَیْضاً : « لَا یَکُونُ إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ وَقَدَّرَ وَقَضَی ، یَا یُونُسُ تَعْلَمُ مَا الْمَشِیئَهُ »؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « هِیَ الذِّکْرُ الْأَوَّلُ ، فَتَعْلَمُ مَا الْإِرَادَهُ »؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « هِیَ الْعَزِیمَهُ عَلَی مَا یَشَاءُ ، فَتَعْلَمُ مَا الْقَدَرُ »؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « هِیَ الْهَنْدَسَهُ وَوَضْعُ الْحُدُودِ مِنَ الْبَقَاءِ وَالْفَنَاءِ » ثُمَّ قَالَ : « والْقَضَاءُ هُوَ الْإِبْرَامُ وَإِقَامَهُ الْعَیْنِ » (4). قال بعض الأفاضل : کأن

ص: 257

المراد من الذکر الأول والعزیمه والقدر والقضاء النقوش الثابته فی اللوح المحفوظ ، ومن تفسیر القدر بالهندسه تقدیرات الْأَشْیَاءِ من طولها وعرضها ، والهندسه عند أهل اللسان هی تقدیر مجاری القنی حیث تحفر.

والشَّیْءُ فی اللغه عباره عن کل موجود إما حسا کالأجسام وإما حکما کالأقوال ، نحو : « قلت شَیْئاً ».

وَفِی حَدِیثِ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ شَیْءٌ : « أَیَجُوزُ أَنْ یُقَالَ لِلَّهِ : إِنَّهُ شَیْءٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، یُخْرِجُهُ مِنَ الْحَدَّیْنِ : حَدِّ التَّعْطِیلِ ، وَحَدِّ التَّشْبِیهِ » (1). والمعنی لا تقل إنه لا شَیْءَ ولا تقل إنه شَیْءٌ کَالْأَشْیَاءِ التی تدرک بالعقول ، بل إنه شَیْءٌ موجود لا یشابه شَیْئاً من الماهیات المدرکه ولا شَیْئاً من الممکنات.

وَفِی حَدِیثِ وَصْفِهِ تَعَالَی : « لَا مِنْ شَیْءٍ کَانَ وَلَا مِنْ شَیْءٍ خَلَقَ مَا کَانَ ». قیل فی معناه : إنه علیه السّلام نفی بِقَوْلِهِ : « لَا مِنْ شَیْءٍ کَانَ ». جمیع حجج السنویه وشبههم ، لأن أکثر ما یعتمدونه فی حدوث العالم أن یقولوا : لا یخلو من أن یکون الخالق خلق الْأَشْیَاءَ من شَیْءٍ أو من لا شَیْءَ ، فقولهم من شیء خطأ وقولهم من لا شیء مناقضه وإحاله لأن من توجب شیئا ولا شیء ینفیه ، فأخرج علیه السّلام هذه اللفظه فَقَالَ : « لَا مِنْ شَیْءٍ خَلَقَ مَا کَانَ ». فنفی من إذ کانت توجب شیئا ونفی الشیء إذ کان کل شیء مخلوقا محدثا لا من أصل أحدثه الخالق ، کما قالت الثنویه : إنه خلق من أصل قدیم فلا یکون تدبیرا إلا باحتذاء مثال.

و « إن شَاءَ الله » تکرر فی الحدیث بعد إعطاء الحکم کقوله فِی حَدِیثِ الْوَصِیَّهِ : « لَا یَنْبَغِی لَهُمَا أَنْ یُخَالِفَا الْمَیِّتَ وَأَنْ یَعْمَلَا حَسَبَ مَا أَمَرَهُمَا إِنْ شَاءَ اللهُ ». وَقَوْلُهُ علیه السّلام : « وإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِکُمْ لَاحِقُونَ ». ونحو ذلک. فقیل : معناه إذ شَاءَ الله. وقیل : « إن » شرطیه والمعنی : لاحقون فی الموافاه علی الإیمان وقیل : هو التبری والتفویض ،

ص: 258

ومنه قوله تعالی : ( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ ) [ 48 / 27 ] ویحتمل أن یرید لتدخلن جمیعا إن شَاءَ الله ولم یمت منکم أحد. وقیل هو علی التأدیب کقوله تعالی : ( وَلا تَقُولَنَ لِشَیْءٍ إِنِّی فاعِلٌ ذلِکَ غَداً إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللهُ ) [ 18 / 23 ] ویحتمل إراده التبرک بذکر الله أو بمعنی « قد » - والله أعلم.

بِلَا شَرِیعَهٍ وَلَا کِتَابٍ وَلَا رَسُولٍ ».

قوله تعالی : ( إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَالَّذِینَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ ) [ 5 / 69 ] قال المفسر : قال سیبویه والخلیل وجمیع البصریین : إن قوله ( وَالصَّابِئُونَ ) محمول علی التأخیر ومحمول علی الابتداء ، والمعنی : أن الذین آمنوا والذین هادوا من آمن بالله ... إلخ والصَّابِئُونَ والنصاری کذلک أیضا.

قوله تعالی : ( وَآتَیْناهُ الْحُکْمَ صَبِیًّا ) [ 19 / 12 ] أی الحکمه والنبوه وهو ابن ثلاث سنین.

قوله تعالی : ( أَصْبُ إِلَیْهِنَ ) [ 12 / 33 ] أی أمیل إلیهن.

و « الصَّبِیُ » الصغیر وهو من الواو. وفی القاموس : من لم یفطم بعد. وفی الصحاح : الغلام. والجمع صِبْیَهٌ بالکسر والصِّبْیَانُ.

و « الصِّبَا » مقصور مکسور : الصغر. وصَبَا صَبْواً مثل قعد قعودا وصَبْوَهً مثل شهوه : مال.

و « الصَّبِیَّهُ » علی فعیله : الجاریه ، والجمع « الصَّبَایَا » مثل المطیه والمطایا. و « بنت تسع سنین لا تُسْتَصْبَی إلا أن یکون فی عقلها ضعف » أی لا تعد فی الصبایا.

و « أم الصِّبْیَانِ » ریح تعرض لهم.

و « الإمره الصِّبْیَانِیَّهُ » القویه الشدیده ، ومنه « خَالِطُوهُمْ بِالْبَرَّانِیَّهِ وَخَالِفُوهُمْ بِالْجَوَّانِیَّهِ إِذَا کَانَتِ الْإِمْرَهُ صِبْیَانِیَّهً ».

وَفِی الْحَدِیثِ : « مَنْ کَانَ عِنْدَهُ صَبِیٌ فَلْیَتَصَابَ ». أی یجعل نفسه مثله وینزلها منزلته.

و « الصَّبَا » کعصا : ریح تهب من مطلع الشمس ، وهی أحد الأریاح الأربع. وقیل : الصَّبَا التی تجیء من ظهرک إذا استقبلت القبله ، و « الدَّبُورُ » عکسها. والعرب تزعم أن الدَّبُورَ تزعج السحاب وتشخصه فی الهواء ثم تسوقه ، فإذا علا کشفت عنه واستقبلته الصبا فوزعت بعضه علی بعض حتی یصیر کسفا واحدا ، والْجَنُوبُ تلحق روادفه به وتمده ، والشَّمَالُ

ص: 260

تمزق السحاب. وعن بعض أهل التحقیق أن الصَّبَا محلها ما بین مطلع الشمس والجدی فی الاعتدال ، والشمال محلها من الجدی إلی مغرب الشمس فی الاعتدال ، والدبور من سهیل إلی المغرب ، والجنوب من مطلع الشمس إلیه. وقد نظم ذلک بعضهم فقال :

مهب الصبا من مطلع الشمس واصل

إلی الجدی والشمال حتی مغیبها

وبین سهیل والغروب تفردت

دبور ومطلعها إلیه جنوبها

الحدید صَدَءاً من باب تعب إذا علاه الخرب وَفِی الْخَبَرِ : « إِنَّ هَذَا الْقَلْبَ یَصْدَأُ کَمَا یَصْدَأُ الْحَدِیدُ ». أی یرکبه الرین بمباشره المعاصی والآثام فیذهب بجلائه.

وَفِی الْحَدِیثِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ علیه السّلام : « یَصْدَأُ الْقَلْبُ فَإِذَا ذَکَرْتَهُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ انْجَلَی ».

و « صَدِیَ صَدیً » من باب تعب : عطش ، فهو صَادٍ وصَدْیَانُ وامرأه صَدْیَا وقوم صِدَاءٌ أی عطاش.

و « الصَّدَی » صوت یسمعه المصوت عقیب صوته راجعا إلیه من جبل أو بناء مرتفع.

و « الصَّدَی ما یخرج من الآدمی بعد موته وحشو الرأس والدماغ.

أبو علی : هو خطاب لعائشه وحفصه علی طریقه الالتفات لیکون أبلغ فی معاتبتهما ، ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُکُما ) أی وجد منهما ما یوجب التوبه وهو میل قلوبکما عن الواجب فیما یخالف رسول الله صلی الله علیه و آله من حب ما یحبه وکراهه ما یکرهه ، أو إن تتوبا إلی الله مما هممتما من الشتم فقد زاغت قلوبکما.

و « صَغِیَ یَصْغَی صَغاً » من باب تعب وصُغِیّاً علی فعول و « صَغَوْتُ » من باب قعد لغه. وبالأولی جاء القرآن.

و « صَغَتِ النجوم » مالت للغروب.

و « أَصْغَیْتُ بسمعی ورأسی » أملتهما.

ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) قیل : الضمیر للعباد ، لأن من عباده من هو ( ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) ومن هو ( مُقْتَصِدٌ ) ومن هو ( سابِقٌ بِالْخَیْراتِ ). وقیل : الضمیر للذین اصطفاهم لکنه لا یلائم قوله : ( فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) کما تری. وفِی تَفْسِیرِ الشَّیْخِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ (1) : ( فَمِنْهُمْ ) أَیْ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ غَیْرِ الْأَئِمَّهِ ( ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) وَهُوَ الْجَاحِدُ لِلْإِمَامِ ( وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ) وَهُوَ الْمُقِرُّ بِالْإِمَامِ ( وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَیْراتِ ) هُوَ الْإِمَامُ (2). قوله تعالی : ( کَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَیْهِ تُرابٌ ) [ 2 / 264 ] صَفْوَانٌ اسم للحجر الأملس ، وهو اسم واحد معناه جمع واحده « صفوانه » أیضا.

و « صَفَا الماء صُفُوّاً » من باب قعد وصَفَاءً ممدودا : إذا خلص من الکدر.

و « صَفَّیْتُهُ من القذر تَصْفِیَهً » أزلته عنه.

و « صَفْوُ الشیء » خالصه وخیاره.

وَفِی حَدِیثِ الْأَئِمَّهِ علیهم السّلام : « نَحْنُ قَوْمٌ فَرَضَ اللهُ طَاعَتَنَا ، لَنَا الْأَنْفَالُ وَلَنَا صَفْوُ الْمَالِ » (3). أی جیده وأحسنه کالجاریه الفاره والسیف القاطع والدرع قبل أن تقسم الغنیمه ، فهذا صفو المال.

وفِی آخَرَ : « لِلْإِمَامِ صَوَافِی الْمُلُوکِ ». وهی ما اصطفاه ملک الکفار لنفسه ، وقیل : الصَّوَافِی ما ینقل والقطائع ما لا ینقل ، وقد اصْطَفَی رسول الله یوم بدر سیف منبه بن الحجاج وهو ذو الفقار اختاره لنفسه.

و « محمد صلی الله علیه و آله صَفْوَهُ الله من خلقه » أی اصطفاه.

ص: 264

و « صَفْوَهُ المال » بحرکات الصاد : جیده ، فإذا نزعوا الهاء قالوا : « صَفْوُ المال » بالفتح لا غیر.

و « الصَّافِیَهُ » أحد الحیطان السبعه لفاطمه علیها السّلام .

وصَفْوَانُ بن یحیی البجلی الثقه أحد رواه الحدیث (1).

والصَّفْوَانِیُ هو محمد بن أحمد [ بن عبد الله ] بن قضاعه بن صفوان بن مهران الجمال شیخ الطائفه ثقه فقیه فاضل (2).

وصَفْوَانُ بن أمیه الجمحی هو الذی استعار درعا حطمیه وکان ذلک قبل إسلامه وهو الذی سرق رداؤه من المسجد بعد إسلامه (3).

وصَفِیَّهُ بنت عبد المطلب والده الزبیر ولذا کان علی ابن خاله (4).

ص: 265