دلایل الامامه

اشارة

سرشناسه:طبری آملی،محمد بن جریر،قرن 5ق.

عنوان و نام پديدآور:دلایل الامامه [کتاب]/ ابن جعفرمحمدبن جریربن رستم الطبری الصغیر من اعلام القرن الخامس الهجری؛ تحقیق قسم الدراسات الاسلامیه، موسسه البعثه.

وضعيت ويراست:[ویراست 2].

مشخصات نشر:تهران : موسسه البعثه، مرکزالطباعه والنشر، 1437 ق.= 1395.

مشخصات ظاهری:663 ص.

شابک:978-964-309-698-4

وضعیت فهرست نویسی:فاپا

يادداشت:عربی.

يادداشت:چاپ دوم.

یادداشت:کتابنامه:ص. [633] - 655؛ همچنین به صورت زیرنویس.

موضوع:ائمه اثناعشر

موضوع:امامت -- احادیث

شناسه افزوده:بنیاد بعثت. واحد تحقیقات اسلامی

شناسه افزوده:بنیاد بعثت. مرکز چاپ و نشر

رده بندی کنگره:BP36/5/ط24د8 1395

رده بندی دیویی:297/95

شماره کتابشناسی ملی:4208427

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 2

دلائل الامامه

ص: 3

ص: 4

دلائل الامامه

محمدبن جرير طبري

ص: 5

مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة

اسم الكتاب: دلائل الإمامة

المؤلف: المحبيث الشيخ أبو جعفر محمد بن جریر بن شتم الطبري الصغير

تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة - قم

صف الحروف: القسم الكومبيوتري لمؤسسة البعثة . قم - هاتف: 30036

الطبعة: الأولى 1413ه. ق

الكمية: 2000

نسخة التوزيع: مؤسسة البعثة

طهران - شارع سمية - بين شارعي الشهید مفتح وفرصت .

هاتف: 8821109. فاکس: 8821370. ص.ب:10810/1391.

معارض مؤسسة البعثة للنشر والتوزيع

قم - هاتف: 32118.

مشهد . هاتف: 1988..

اصفهان - هاتف: 232817.

بندر عباس . هاتف: 23304.

ساري . هاتف: 10374.

أرومية - هاتف: 43047.

جميع الحقوق محفوظة ومسجلة لمؤسسة البعثة

ص: 6

تقديم

اشارة

الحمد للّه الذي خلق الإنسان و علّمه البيان، و الصلاة و السلام على الحبيب المصطفى المختار، و الأئمّة من آله المعصومين الأطهار.

و بعد، قال (سبحانه و تعالى): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1).

في هذه الآية الكريمة ثلاث فقرات تنتهي إلى ثلاثة من أصول ديننا الإسلامي الحنيف:

فقوله (تعالى): أَطِيعُوا اللّهَ ينتهي إلى التوحيد.

و قوله: وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ ينتهي إلى النبوّة.

و قوله: وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ينتهي إلى الإمامة.

و لكلّ واحد منها أدلّته و براهينه.

فالتوحيد، الذي هو الكلمة الأولى على شفاه الأنبياء، و اللّبنة الأولى في أسّ الديانات، و الأصل الأوّل في أصول العقيدة، قد تلقّى من أفواه الشكّاك، و تيه الزنادقة سيولا من الشّبهات، و المزاعم الواهيات على مرّ العصور، و لا يزال، غير أنّ النصر حليفه على الدوام، فله الحجّة الأقوى، و حجّتهم داحضة، و له البرهان الثابت و ليس لهم سوى زبد يطفو ثمّ ينجلي و يزول، و قد انتصر للتوحيد كثيرون، و لكنّ التوحيد

ص: 7


1- النساء 59:4.

منتصر بذاته، فالكون كلّه شاهد عليه، و حتّى خصومه سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (1). و كم هو جميل قول الشاعر:

فيا عجبا كيف يعصى الإل ه أم كيف يجحده الجاحد

و في كلّ شي له آية تدلّ على أنّه واحد

و أمّا النبوّة،

اشارة

فقد تسالم عليها أهل الديانات قاطبة، فهي مصدرهم و موردهم و شرعتهم و منهلهم، و لكن لم يصف لهم الأمر على هذه الحال، فقد نازعتهم طوائف من سكّان الأرض جحدت النبوّة و لم تعتقد ضرورتها، ثمّ إنّ أهل الأديان تنازعوا فيما بينهم، و اختلفوا، فمنهم من توقّف على نبيّ و أنكر غيره، و منهم من تعدّاه إلى الذي بعده ثمّ توقّف، و منهم من آمن بصحّة نبوّة جميع الأنبياء، و أنّها ختمت بالخاتم المصطفى (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)، فكان لزاما إذن أن تقام الأدلّة و البراهين على إثباتها لتكون راسخة في النفوس رسوخا تطمئنّ له القلوب بعد إذعان العقول. و من تلك الدلالات ما تكفّل به المولى (جلّ جلاله)، باعث الأنبياء و ناصرهم، و خالق العباد و هاديهم، و منها ما هو من تكليف العباد أنفسهم في الفكر و إعمال النظر، و لعلّ أظهر تلك الدلائل:

1 - الوحي:

و هو واسطة اتّصال الأنبياء بالسماء، و إمدادهم الدائم بمادّة النبوّة، و الوحي على أشكاله المختلفة - من رؤيا صادقة، أو نداء من وراء حجاب، أو نزول الملك - له آثاره الظاهرة التي لا تخفى على العقلاء و إن جحدها غيرهم، إذ سيجد الناس من النبيّ تشريعا جديدا و نبأ جديدا لم يعرفوه من قبل، و لم يسمعوا بمثله عن نبيّهم رغم معيشتهم معه و مخالطتهم إيّاه قُلْ لَوْ شاءَ اللّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَ لا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (2).

ثم إنّ في نزول الوحي دلالة أخرى يجدها الناس ظاهرة على النبيّ أثناء تلقّيه الوحي، إذ تمتلكه حالة لم تعرف في غيره على الإطلاق، و لم يعهدها هو نفسه إلاّ في هذه الأثناء. فممّا صحّ عن نبيّنا الأكرم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) أنّه كانت تأخذه الغشية عند هبوط

ص: 8


1- فصّلت 53:41.
2- يونس 16:10.

جبرئيل (عليه السلام)(1).

و في الحديث المقبول أنّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) أوحي إليه و هو على ناقته فبركت و وضعت جرانها(2).

و روي أنّه كان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه و إنّ جبينه ليتفصّد عرقا(3).

و كثرت مشاهداتهم لمثل هذا حتّى قال سفهاء المشركين أنّه ينتابه تابع من الجنّ! فبلغ قولهم هذا طبيبا شهيرا عندهم يسمّى: ضماد بن ثعلبة، فقال: لو رأيت هذا الرجل لعلّ اللّه يشفيه على يدي! فلقيه، فقال: يا محمّد، إني أرقي من هذه الريح، فهل لك؟

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): «الحمد للّه، نحمده و نستعينه، من يهده اللّه فلا مضلّ له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و أنّ محمّدا عبده و رسوله: أمّا بعد» ثمّ كلّمه عن الوحي و النبوّة، فقال ضماد: أعد عليّ كلماتك هؤلاء، فأعادهنّ عليه، فقال: أعدها عليّ، فأعادهنّ ثالثة، فقال ضماد: و اللّه لقد سمعت قول الكهنة، و سمعت قول السحرة، و سمعت قول الشعراء، فما سمعت مثل هذه الكلمات، و اللّه لقد بلغت قاعوس(4) البحر، فمد يدك أبايعك على الإسلام(5).

2 - المعجزة:

لا بدّ للنبيّ أن يقيم شاهدا على صدق دعواه، و أمانته في تبليغه، و لا بدّ أن يكون هذا الشاهد ممّا يعجز غيره عن الإتيان بمثله، أي أنّه لا بدّ أن يكون أمرا خارقا للعادة و لقوانين الطبيعة المألوفة، و هذا هو المعجز.

و المعجز بهذا المعنى لا يتحقّق لأحد إلاّ بتقدير اللّه (تعالى) و عنايته، و المتتبّع لحياة الأنبياء يجدها مليئة بهذه الشواهد، فقد اقترنت العصا بموسى (عليه السلام)، و اقترن إحياء

ص: 9


1- بحار الأنوار 260:18.
2- المصدر 263:18، و جران البعير: مقدّم عنقه.
3- مناقب ابن شهرآشوب 43:1، و أفصم: أي أقلع.
4- أي قعره الأقصى.
5- أسد الغابة 42:3، دلائل النبوّة 223:2.

الموتى بعيسى (عليه السلام)، و نظائرها كثيرة، و إذا كانت نبوّة خاتم الأنبياء (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قد عزّزت بالمعجزة الخالدة الكبرى، القرآن الكريم، الذي تحدّى و لا يزال و يبقى يتحدّى الإنس و الجنّ أن يأتوا بسورة من مثله فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللّهِ (1) إذا كان كذلك فليس هو المعجزة الوحيدة له (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، بل إنّ المعاجز قد رافقت حياته الشريفة على امتدادها، فكم حدّثتنا الأخبار الصحاح عن نبوع الماء من بين أصابعه المباركة حتّى يستقي منه الجيش الكبير و رواحله(2) ، و كم وضع يده الكريمة على طعام قليل فأشبع الجمع الكثير(3) ، و حادثة الهجرة الشهيرة و خروجه من بين رجال العصابة التي أحاطت بداره عازمة على قتله، و نثره التراب على رءوسهم و هم لا يبصرون و لا يشعرون به حتّى طلع عليهم الصبح(4) ، و أشياء كثيرة امتلأت بها كتب السيرة النبويّة المفصّلة، فكانت المعاجز ترافقه شواهد و دلائل على نبوّته (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم).

3 - الاستقامة و سلامة النشأة:

لمّا كان النبيّ مصدر الهداية، فلا بدّ أن يكون موضع الطمأنينة التامّة، و لا يكون كذلك إلاّ إذا تميّز بالاستقامة و الطّهر مدّة حياته و منذ نشأته الأولى، فلا يخالطه نقص، و لا يشوب سيرته ذمّ أو لوم، و لا يدنو منه عمل مشوم و لا قول ملوم، مجبول على النزاهة و سلامة النفس و براءة العرض من الرجس و الدّنس، و كأنّ الصفات الدنيئة تخالف طبعه و تغايره بالكلّيّة، فهو مجبول على الفضيلة و مكارم الأخلاق و معالي الهمم، مسدّد في خطاه، متّزن في قوله و فعله، و هذه هي العصمة التي تلطّف بها اللّه (تعالى) على صفوته من خلقه، فاصطنعهم لنفسه، و أحاطهم بعنايته، فنشئوا بعينه و رعايته، مثلا أعلى يجتمع فيه كلّ محمود من الخصال، و لا يدانيه ما يخدش في علوّ منزلته.

ص: 10


1- هود 14:11.
2- دلائل النبوّة 7:6.
3- مناقب ابن شهرآشوب 120:1-132، دلائل النبوّة 101:6-149.
4- دلائل النبوة 470:2.

روي عن نبيّنا الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) في سفره مع عمّه أبي طالب إلى الشام و كان يومها صبيّا، أنّه لقيه بحيرا الراهب و قد تفرّس فيه علامات النبوّة، فأراد أن يسأله عن أشياء، فقال له: أسألك باللاّت و العزّى إلاّ ما أخبرتني عمّا أسألك، قال بحيرا هذا مجاراة لقريش في أيمانهم.

فقال له النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): لا تسألني باللاّت و العزّى، فو اللّه ما أبغضت كبغضهما شيئا قطّ(1).

و هكذا نشأ النبي المصطفى (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) نشأة لا تعرف إلاّ الكمال، متنزّها عن كلّ ما كان يخوض فيه ذلك المجتمع من عادات و ممارسات و اعتقادات تافهة، بل إنّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قد تنزّه حتّى عن مباحات الأطعمة التي لا تلائم عظيم منزلته، فقد كان لا يأكل الثوم و البصل كراهة أن توجد رائحتهما في فيه الشريف. فهو إذن (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) عمّا هو أشدّ كراهة منها أشدّ بعدا، حتّى عرف في مجتمع قريش، و في عنفوان شبابه، بالصادق الأمين، و هذه درجة لا تنال بالتكلّف و التمنّي، و لا تنال إلاّ بسمو لا يضاهى، يشهد له الكبير و الصغير كما يشهدون للشمس ارتفاعها في رائعة النهار. و قد كان لهذه النشأة بعدان:

الأوّل: أنّها الداعي لميل الناس إليه، و توجّههم نحوه هاديا و أسوة و مثلا أعلى.

و الثاني: أنّها كانت شاهدا لا غنى عنه على صدقه و أمانته، فكانت دليلا ساطعا على نبوّته.

4 - السبق في العلم و الحكمة:

إذ لا يصحّ أن يلتفّ الناس حول رجل، و يسلمون إليه قيادهم و هم يجدون من هو أعلم منه، أو أرجح فهما و حكمة و معرفة في شئون الدين و الدنيا، و هذه الناحية تكاد تكون بديهيّة لازمت جميع الأنبياء بين أقوامهم، و هي أشدّ ما تكون بروزا و ظهورا في حياة خاتم الأنبياء (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم).

5 - رسالاتهم و آثارهم:

أي مضمون و فحوى الرسالة التي يأتي بها النبيّ و يدعو إليها، ثمّ ما يؤثر عنه من قول و فعل. و هذه قضية لا بدّ من إعمال الفكر فيها،

ص: 11


1- إعلام الورى: 18.

لتطمئنّ النفس من خلال النظر في رسالة النبيّ و أحاديثه و أمره و نهيه أنّه نبيّ حقّا لا ينطق عن الهوى، و لأجل بلوغ هذه المعرفة لا بدّ من معرفة مسبقة بمعنى النبوّة و الغرض منها.

فمن كان له معرفة في الفقه مثلا، ثمّ يرى آثار الشيخ الطوسي، فسوف لا يخفى عليه أنّه كان فقيها بارعا. و من عرف معنى الكلام، و رأى آثار الشريف المرتضى، أذعن له و أقرّ بأنّه متكلّم من الطّراز الأوّل. و من عرف الشعر، و سمع شيئا من شعر المتنبيّ، أدرك أنّه الشاعر الفحل الذي لا يجارى.

و على هذا النحو آمن كثيرون بنبوّة الأنبياء، و فيه مع نبيّنا الأكرم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) شواهد كثيرة، منها ما كان من قصّة النجاشي ملك الحبشة العادل بعد ما سمع من جعفر بن أبي طالب (رضي اللّه عنهما) شيئا عن رسالة النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، مع أنّه قد استمع قبله إلى صديقه القديم عمرو بن العاص و هو يملي عليه التصوّر الجاهلي الجاحد لنبوّة نبيّنا (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، فدعا بالمهاجرين من المسلمين ليمثلوا أمامه، فقال لهم: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم؟

فتكلّم جعفر، فقال: أيّها الملك كنّا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، و نأكل الميتة، و نأتي الفواحش، و نقطع الأرحام، و نسيء الجوار، و يأكل القويّ منّا الضعيف، فكنّا على ذلك حتّى بعث اللّه إلينا رسولا منّا، نعرف نسبه و صدقه و أمانته و عفافه، فدعانا إلى اللّه لنوحّده و نعبده، و نخلع ما كنّا نعبد من الحجارة و الأوثان، و أمرنا بصدق الحديث، و أداء الأمانة، و صلة الرّحم، و حسن الجوار، و الكفّ عن المحارم و الدماء، و نهانا عن الفواحش، و قول الزور، و أكل مال اليتيم، و قذف المحصنات، و أمرنا بالصلاة و الزكاة و الصيام. فصدّقناه، و آمنّا به و اتّبعناه على ما جاء به من اللّه، فعبدنا اللّه وحده فلم نشرك به شيئا، و حرّمنا ما حرّم علينا، و أحللنا ما أحلّ لنا، فعدا علينا قومنا، فعذّبونا و فتنونا عن ديننا...

فقال له النجاشي: هل معك ممّا جاء به نبيّكم شيء؟

قال: نعم.

قال: فاقرأ عليّ، فقرأ عليه صدر سورة مريم. قالت أمّ سلمة (رضي اللّه عنها) و هي

ص: 12

تروي الحديث: فبكى - و اللّه - النجاشي حتّى اخضلّت لحيته، و بكت أساقفته حتّى اخضلّت مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، فقال النجاشي: إنّ هذا، و الذي جاء به عيسى، ليخرج من مشكاة واحدة(1).

و لم تنحصر هذه الشواهد بذلك العهد، بل هي مستمرّة متّصلة إلى يومنا هذا، و نحن نشهد كلّ حين إيمان العلماء و الحكماء من أقطار الدنيا بهذا الدين الحنيف بمجرّد أن يقفوا عليه وقفة الناظر المتدبّر المنصف.

6 - نصّ النبيّ السابق:

و هذا الشاهد و إن لم يتّضح لنا كونه ظاهرة ملازمة لكلّ النبوّات، غير أنّه عند ما يتوفّر يكون دليلا قويا و حجّة قاطعة على نبوّة النبيّ اللاحق. و من هنا احتجّ القرآن الكريم لنبوّة نبيّنا الأكرم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) ببشائر الأنبياء السابقين و نصوص كتبهم عليه: اَلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ (2). و حكاية عن عيسى (عليه السلام):

وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (3) .

و كان هذا دليلا كافيا لإسلام أسقف الروم الأعظم، و ذلك لمّا بعث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) دحية الكلبي بكتابه إلى هرقل قيصر الروم، فاستمع هرقل إلى الكتاب، فقال لدحية: إنّي لأعلم أنّ صاحبك نبيّ مرسل، و لكنّي أخاف الروم على نفسي، و لو لا ذلك لاتبعته، فاذهب إلى (ضغاطر) الأسقف الأعظم في الروم، و اذكر له أمر صاحبك و انظر ما ذا يقول.

فجاءه دحية و أخبره بما جاء به من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، فقال له ضغاطر: و اللّه إنّ صاحبك نبيّ مرسل نعرفه بصفته، و نجده في كتابنا، ثمّ أخذ عصاه و خرج على الروم و هم في الكنيسة فقال: يا معشر الروم، قد جاءنا كتاب من أحمد يدعونا إلى اللّه، و إنّي أشهد أن لا إله إلا اللّه، و أنّ محمّدا عبده و رسوله. قال: فوثبوا

ص: 13


1- إعلام الورى: 44، الكامل في التاريخ 80:2.
2- الأعراف 157:7.
3- الصفّ 6:61.

عليه فقتلوه (رحمه اللّه) فرجع دحية إلى هرقل و أخبره الخبر، فقال: قد قلت إنّا نخافهم على أنفسنا(1).

7 - النسب الرفيع:

لم يجعل اللّه النبوّة إلاّ في رجل ذي شرف و منعة في قومه هي في الذّروة، ليكون ذلك داعية لتقبّل الناس لشخصه و دعوته و زعامته، و قد جاء في قصّة هرقل بعد أن بلغه كتاب الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) أنّه بعث إلى جماعة من أهل مكّة كانوا في تجارة لهم في الشام، و فيهم أبو سفيان، فأجلسه و أجلسهم من خلفه و قال لهم؛ إنّي سائله فإن كذب فكذّبوه. قال أبو سفيان: لو لا أن يؤثر عنّي الكذب لكذبت، فسأله عن النبيّ، قال: فصغّرت له شأنه، فلم يلتفت إلى قولي، و قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو أوسطنا نسبا. قال هرقل: و كذلك الأنبياء(2).

و هكذا نجد معنى قوله (تعالى): اَللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (3) مجسّدا في خصال نبيّنا الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) و سائر الأنبياء (عليهم السلام).

و هكذا أحيطت النبوّة بهذه الدلائل و غيرها، حتّى صارت عقيدة ثابتة راسخة في قلب كلّ من آمن بالتوحيد، لا يشكّ فيها و لا يرتاب.

و أمّا الإمامة، فقد بقيت عرضة للآراء و الأقاويل و التكذيب و التشكيك، فلأجل هذا كانت الكتابة في دلائل الإمامة في غاية الأهميّة، إن لم نقل إنّها تتقدّم في أهميّتها على أيّ بحث آخر، إذ إنّ من الواجب أن يدرك المسلمون حقيقة الإمامة و أبعادها، و لو أنّهم أدركوا ذلك لأيقنوا أنّها من صلب العقيدة، و أنّها ضرورة تماما كالنبوّة.

قال (تعالى): وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا (4) قال المفسّرون: المراد و لنجعلنّ من أمّتك أئمّة يهدون بأمرنا(5).

ص: 14


1- الكامل في التاريخ 211:2.
2- المصدر 211:2-212.
3- الأنعام 124:6.
4- السجدة 24:32.
5- الزمخشري 516:3، الرازي 186:25، المراغي 118:21، اسماعيل حقّي البروسوي 126:7.

و قال (تعالى): إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ * وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (1).

و قال (تعالى): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (2).

فالإمامة إذن هي الامتداد الصحيح و الضروري للنبوّة، و هي حصن الدين و سوره و دعامته التي لا يستقيم إلاّ بها، و هي زعامة عظمى في أمور الدين و الدنيا، و ولاية عامّة، على كافّة الأمّة القيام بأمورها و النهوض بأعبائها، و قد أجمعت الامّة على وجوب عقدها في كلّ زمان.

قال الماوردي: عقد الإمامة لمن يقوم بها واجب بالإجماع، و إن شذّ عنه الأصمّ(3).

و قال أبو الحسن الأشعري: قال الناس كلّهم - إلاّ الأصم -: لا بدّ من إمام.

و قال الأصمّ: لو تكافّ الناس عن التظالم لاستغنوا عن الإمام(4).

و قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «لا بدّ للناس من أمير»: هذا نصّ صريح منه (عليه السلام) بأنّ الإمامة واجبة، و قد اختلف الناس في هذه المسألة فقال المتكلّمون: الإمامة واجبة، إلاّ ما يحكى عن أبي بكر الأصمّ من قدماء أصحابنا - المعتزلة - أنّها غير واجبة إذا تناصفت الأمّة و لم تتظالم. و قال المتأخرون من أصحابنا: إنّ هذا القول منه غير مخالف لما عليه الأمّة، لأنّه إذا كان لا يجوز في العادة أن تستقيم أمور الناس من دون رئيس يحكم بينهم، فقد قال بوجوب الرئاسة على كلّ حال(5).8.

ص: 15


1- المائدة 55:5 و 56.
2- النساء 59:4.
3- مآثر الإنافة 29:1، و الأصمّ: هو عبد الرحمن بن كيسان، أبو بكر الأصمّ، من قدامى المعتزلة.
4- مقالات الإسلاميين 133:2.
5- شرح نهج البلاغة 307:2-308.

و قال الأسفرائيني: اتّفق جمهور أهل السنّة و الجماعة على أصول من أركان الدين، كلّ ركن منها يجب على كلّ عاقل بالغ معرفة حقيقته، ثمّ ذكر الأركان إلى أن قال: و الركن الثاني عشر: إنّ الإمامة فرض واجب على الامّة لأجل إقامة الإمام، ينصب لهم القضاة و الأمناء، و يضبط ثغورهم، و يغزي جيوشهم، و يقسم الفيء بينهم، و ينتصف لمظلومهم من ظالمهم(1).

و قالت الإمامية: ليس في الإسلام أمر أهم من تعيين الإمام، و إنّ الإمام لطف من اللّه يجب نصبه تحصيلا للغرض(2).

و من هذا يثبت أنّ إجماعهم على وجوب الإمامة ممّا لا ريب فيه، و لكن بعد أن تحقّق هذا الإجماع افترقوا فيها على فرقتين:

قالت إحداهما: إن الإمامة تثبت بالاتّفاق و الاختيار.

و قالت الأخرى: إنّها تثبت بالنصّ و التعيين.

فمن قال بالقول الأوّل فقد ذهب إلى القول بإمامة كلّ من صارت إليه الإمامة و لو باتّفاق جزء من الأمّة، إمّا مطلقا و إمّا بشرط أن يكون قرشيّا، فقالوا بإمامة معاوية و أولاده، و بعدهم مروان و أولاده ثم بني العباس(3).

و أمّا أصحاب القول الثاني، فقد ذهبوا إلى أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قد نصّ على عليّ (عليه السلام) بالإمامة من بعده، ثمّ على أحد عشر من ولده، آخرهم الإمام المهديّ المنتظر، (عليهم السلام أجمعين).

و بعد هذا الاختلاف، و اختلافات أخرى تشعّبت عن الفريقين، صارت الإمامة محلّ النزاع الأكبر في هذه الأمّة حتّى قيل: إنّه ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينيّة كما سلّ على الإمامة في كلّ زمان.

فمن هنا أصبح حريّا أن تقام عليها الدلائل و تنصب البراهين، فكان ذلك حقّا4.

ص: 16


1- الفرق بين الفرق: 323، 349.
2- المقالات و الفرق: 139، تجريد الاعتقاد: 221. و معنى اللطف: هو ما يقرّب المكلّف إلى الطاعة و يبعّده عن المعصية.
3- الملل و النحل 33:1-34.

على قدر يوازي قدرها، فأقيمت البراهين و أنشئت الدلائل، و من هذه الدلائل ما جاء مشتركا بين الفريقين، و منها ما تميّز به كلّ منهما عن الآخر بحسب ما بينهما من اختلاف.

و لكن حتّى هذا القدر المشترك الذي قال به الجميع لا تجده ينطبق على الخلفاء الذين قال الفريق الأوّل بإمامتهم، فلا يخفى أنّ الكثير من أولئك الخلفاء قد توصّل إلى الخلافة بقوّة السيف رغم مخالفة أغلب أبناء هذه الأمّة، فلا هو أتى باتفاق الأمة و اختيارها و لا باتّفاق أصحاب الحلّ و العقد، و لا بتعيين مباشر بنصّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، كما أنّ منهم من كان مجاهرا بالفسوق، منتهكا لحدود اللّه، ميّالا إلى المعاصي، محاربا لأولياء اللّه، و هذه صفات لا ينكرها أحد في خلفاء بني أميّة و بني العبّاس، و قليل منها متى وجد في أحدهم فهو كاف لسلب الأهلية عنه، و بطلان خلافته، و هذا قدر لا يختلف عليه المسلمون، إلاّ من قال بصحة إمامة الفاجر للمؤمن، و هذا قول غريب لا يستقيم مع معنى الإسلام و أهدافه، و لا مع الغرض من بعثة الأنبياء و تبليغهم رسالات ربّهم (تعالى).

من هنا إذن حقّ لنا أن نقتصر على ذكر ما يعتدّ به من دلائل الإمامة و ما يلائم أهداف الشريعة و طبيعتها و بعثة الأنبياء و أهدافها، تاركين الشاذّ الغريب لضعفه - أوّلا - و بغية الاختصار - ثانيا - لأنّ الذي بين أيدينا هو مقدّمة كتاب و ليس كتاب.

دلائل الإمامة:

اشارة

بعد ما ثبت أنّ الإمامة هي رئاسة عامّة في امور الدين و الدنيا، و انّها امتداد للوجود النبويّ المقدّس و حفظ لعهده و حماية لأمانته و قيام برسالته، يمكننا أن نقول إنّ كلّ ما صحّ أن يكون دليلا على النبوة صحّ أن يكون دليلا على الإمامة، فبه تعرف، و به يقوم الشاهد عليها، فدلائل النبوّة هي نفسها دلائل الإمامة ما خلا نزول الوحي الذي هو من شأن الأنبياء وحدهم، و لا وحي بعد خاتم الأنبياء، بالإجماع.

و لكن عند ما يختفي هذا الدليل هنا يحلّ محلّه دليل آخر، هو من الوحي أيضا، و لكنّه وحي إلى النبيّ يحمل إليه أهم دلائل الإمامة و أوّل شروطها، و بهذا تكون دلائل

ص: 17

الإمامة كما يلي:

1 - النصّ:

إنّ الإمامة منصب إلهي مقدّس لا يتحقّق لأحد إلاّ بنصّ من اللّه (تعالى)، أو من نبيّه المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى .

و ما كان النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) الذي بعث رحمة للعالمين، و ليرفع من بين الناس أسباب الخلاف و الفرقة، و يزرع بينهم كلّ ما من شأنه أن يؤلّف بينهم، و ينظم أمرهم، و يحفظ فيهم العدل و الإنصاف، فلا يمكن أن يفارق أمّته و يتركها هملا، تتحكّم فيها الآراء و الاجتهادات المتباينة، فيعود أمرها فوضى، و كأنّ نبيّا لم يبعث فيها أو كأنّ اللّه (تعالى) لم يرسل إليهم شريعة واحدة تجمعهم و تنظم أمرهم.

بل إنّ النبيّ، الرحمة المهداة، هو أرحم بأمّته من أن يتركها هكذا، و هو أحرص على رسالته من أن يدعها تحت رحمة آراء شتّى و اجتهادات متضاربة، بل قد يعدّ أمر كهذا إخلال بالأمانة التي كلّف النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) بأدائها، و تقصير بحقّ الرسالة التي بعث لتبليغها، و كلّ هذا بعيد عن ساحة النبوّة كلّ بعد، فأيّ مسلم لا يؤمن بأنّ نبينا الأكرم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قد أدّى أمانة ربّه أحسن الأداء، و بلّغ رسالته أتمّ تبليغ؟

و أيّ معنى سيبقى لأداء الأمانة ما لم يستأمن عليها رجلا كفؤا يتولّى حمايتها و إقامة حدودها و تنفيذ أحكامها؟!

و لقد أتمّ ذلك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) أداء لأمانته، فنصّ على وصيّه و خليفته من بعده، و سمّاه باسمه في غير موضع و مناسبة، و من ذلك:

أ - الحديث المتواتر في خطبة الغدير الشهيرة، حيث أوقف النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) مائة ألف من المسلمين حجّوا معه حجّة الوداع و عادوا معه، فلمّا بلغوا غدير خمّ حيث مفترق طرقهم إلى مواطنهم، نادى مناديه أن يردّ المتقدّم، و ينتظر المتأخّر حتى يلحق، ثمّ قام فيهم خطيبا و هو آخذ بيد عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

فقال: «أ لست أولى بالمؤمنين من أنفسهم» قالوا: بلى. قال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه و عاد من عاداه»(1).

ص: 18


1- سنن الترمذي 3713/633:5، سنن ابن ماجة 116/43:1 و 121/45، مسند أحمد 84:1، 119، 152، -- 331 و 281:4، 368، 370، 372 و 347:5، 366، الخصائص للنسائي: ح 78-83، المستدرك على الصحيحين 110:3، 134، 371، مصابيح السنّة 4767/172:4، السيرة الحلبيّة 274:3، تاريخ اليعقوبي 112:2، تذكرة الحفاظ 10:1، البداية و النهاية 183:5-188 و 359:7، اسد الغابة 28:4، الاستيعاب - بهامش الإصابة - 36:3.

ب - قوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) لعليّ (عليه السلام) في الحديث المتّفق عليه: «أ ما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي»(1).

و تكرّر منه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) التصريح باسم عليّ (عليه السلام) لخلافته، و أنّه أولى الناس بالنبيّ و بالدين و الدولة من بعده، بما فيه الكفاية لمن أراد الاستدلال(2).

و قبل الحديث النبويّ الشريف كانت آيات الكتاب المجيد التي تفيد هذا المعنى بشكل واضح لا غبار عليه، و أوّلها: قوله (تعالى): إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (3) و نزولها في عليّ أمر أجمع عليه أهل التفسير(4).

ثمّ جاءت النصوص النبويّة الشريفة المتّفق على صحّتها بحصر عدد الأئمّة بعد النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) باثني عشر إماما، حدّا فاصلا و بيانا هاديا لا يترك منفذا لاختلاف الآراء و تدخّل الاجتهادات، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): «الخلفاء بعدي اثنا عشر، كلّهم من قريش»(5).

إذن فقد اجتمعت الأمّة على وجوب الإمامة، ثمّ اجتمعت على أنّ الخلفاء بعد6.

ص: 19


1- صحيح البخاري 202/90:5، صحيح مسلم 30/1870:4-32، سنن الترمذي 3724/638:5، سنن ابن ماجة 115/43:1، مسند أحمد 173:1، 175، 182، 184، 331 و 338:3، تذكرة الحفّاظ 10:1.
2- لتتبع المزيد من النصوص راجع: نهج الحقّ للعلاّمة الحلّي، و الغدير للأميني، و الخصائص للنسائي، و سائر كتب مناقبه (عليه السلام) و هي كثيرة.
3- المائدة 55:5.
4- انظر: أسباب النزول: 113، تفسير الطبري 186:6، تفسير الرازي 26:12، جامع الأصول 9: 6503/478، البداية و النهاية 371:7. و غيرها.
5- صحيح البخاري 79/147:9 - كتاب الاحكام، باب الاستخلاف، صحيح مسلم 5/1452:3-10، إعلام الورى: 381-386.

النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) اثني عشر خليفة كلّهم من قريش، ثمّ اتّفقوا على تسمية عليّ (عليه السلام) في نصوص عديدة، و إنّ تأوّلها بعضهم على خلاف ظاهرها، ثمّ اتّفقوا أخيرا على النصّ النبويّ الصريح الذي ختم على الأمر كلّه، و زاده ظهورا و تحديدا لم يدع فيه مجالا للشكّ و التردّد، ألا و هو حديث الثقلين الذي نصّه: «ألا أيّها الناس، إنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربّي فأجيب، و أنا تارك فيكم الثقلين - ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي - أحدهما أعظم من الآخر: كتاب اللّه، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، و لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما». و زاد في رواية مسلم و غيره: «أذكّركم اللّه في أهل بيتي، أذكّركم اللّه في أهل بيتي، أذكّركم اللّه في أهل بيتي»(1).

أمّا الصحاح الواردة من طرق الإماميّة في ذكر الأئمّة الاثني عشر بعدّتهم و أسمائهم فهي كثيرة(2).

2 - الاستقامة و سلامة النشأة:

إنّ ضرورة الاستقامة و الطّهر و سلامة النشأة في الإمام هي تماما كضرورتها في النبيّ بلا فارق، فالإمام هو القائم مقام النبيّ، الشاغل لفراغه، المؤتمن على رسالته، و المؤدّي لدوره في حماية الشريعة و إقامة حدودها، فلا بدّ أن يكون له من النزاهة و الطّهر ما كان للنبيّ ليكون مؤهّلا لخلافته.

و لا خلاف في أنّ ذلك كان لعليّ (عليه السلام) دون سائر الصحابة، فهو الناشئ في حجر النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، الملازم له ملازمة الظلّ لصاحبه، فلا هو فارق النبيّ، و لا خلاله فارقت خلاله. و تلك منزلة لم يشاركه فيها أحد حتّى ولد الحسنان (عليهما السلام) فكان حظّهما حظّ أبيهما، حتّى خصّهم اللّه (تعالى) بآية التطهير، فقال: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ

ص: 20


1- صحيح مسلم 36/1873:4، 37-(2408)، سنن الترمذي 3786/662:5، 3788، مسند أحمد 14:3، 17 و 367:4 و 182:5، 189، المستدرك على الصحيحين 148:3، مصابيح السنّة 4816/190:4، تفسير الرازي 163:8، تفسير ابن كثير 122:4، السيرة الحلبية 274:3، تاريخ اليعقوبي 111:2.
2- انظر إعلام الورى: الركن الرابع - الفصل الثاني: 386-392، و كتاب كفاية الأثر لأبي القاسم الخزّاز القمّي، و مقتضب الأثر لابن عياش، و غيرها كثير.

لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1) . و اتّفق المسلمون على أنّه مع نزول هذه الآية الكريمة دعا النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين، و جلّل عليهم بكساء، ثمّ قال: «اللهمّ هؤلاء أهلي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا»(2).

و مثل هذا يقال مع أولادهم الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، فلا أحد يشكّ في أنّهم الأطهر مولدا، و الأصح نشأة، و الأقوم خلقا، تفرّدوا بالمنزلة الأعلى، و المقام الأسنى، فلا يدانيهم فيه سواهم، و لا زعم أحد منازعتهم عليه، و الشهادة لهم بذلك قائمة مرّ العصور حتّى على ألسنة خصومهم، فهم إذن المؤهّلون للإمامة دون سواهم.

قال الإمام عليّ (عليه السلام): «لا يقاس بآل محمّد (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) من هذه الأمّة أحد، و لا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا، هم أساس الدين، و عماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، و بهم يلحق التالي، و لهم خصائص حقّ الولاية، و فيهم الوصيّة و الوراثة»(3).

و قال (عليه السلام): «إنّ الأئمّة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، و لا تصلح الولاة من غيرهم»(4).

3 - السبق في العلم و الحكمة:

هذه أيضا ضرورة لازمة في الإمام لأجل أن يكون أهلا لهذه المنزلة، و كفؤا لهذه المسئوليّة، و قطبا تلتفّ حوله الناس و تطمئنّ إلى سبقه في العلم و الحكمة و المعرفة، و قدرته الفائقة في مواجهة ما تبتلى به الأمّة و الدولة، فلا يحتاج إلى غيره ممّن هم محتاجون إلى إمام يهديهم و يثبّتهم.

و هذه خصلة أشدّ ما تكون ظهورا في عليّ و أولاده المعصومين (عليهم السلام)، فكما كان هو (عليه السلام) مرجعا لأهل زمانه من خلفاء و غيرهم، يرجعون إليه في كلّ معضلة،

ص: 21


1- سورة الأحزاب 33:33.
2- صحيح مسلم 61/1883:4-(2424)، سنن الترمذي 3205/351:5 و 3787/663، مسند أحمد 330:1 و 292:6، أسباب النزول: 200-201، تفسير ابن كثير 493:3، الصواعق المحرقة: 143.
3- نهج البلاغة - صبحي الصالح خ 2 ص 47.
4- المصدر: خ 144 ص 201.

و يلجئون إليه في كلّ مأزق، و أمرهم في ذلك مشتهر، و قد تكرّر قول عمر بن الخطّاب:

لا أبقاني اللّه لمعضلة ليس لها أبو الحسن. و قوله: لو لا عليّ لهلك عمر(1). و لم يكن فضله على عمر بأكثر منه على الآخرين، و ليس عمر بأوّل من أقرّ له بفضله، فقد أقرّ له الجميع في غير موضع و مناسبة(2) ، و أجمل كلّ ذلك قول ابن عبّاس: «و اللّه لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، و ايم اللّه لقد شارككم في العشر العاشر»(3).

ذلك واحد الناس، فلم تعرف الناس أحدا غيره قال: «سلوني، فو اللّه لا تسألوني عن شيء إلاّ أخبرتكم»(4).

و هكذا كان شأن الأئمّة من ولده (عليهم السلام) أعلم أهل زمانهم و أرجحهم كفّة بلا خلاف، فقد علموا بدقائق ما كان عند الناس، و زادوا عليهم بخصائص علمهم الموروث من جدّهم المصطفى و أبيهم المرتضى. و قد شاع قول أبي حنيفة في الإمام الصادق (عليه السلام): لم أر أفقه من جعفر بن محمّد الصادق، و إنّه لأعلم الناس باختلاف الناس(5).

و لم يكن الإمام الصادق بأعلم من أبيه (عليهما السلام) بل علمه علم أبيه، و علم الأئمّة من بنيه علمه.

قال أبو حنيفة: دخلت المدينة، فرأيت أبا عبد اللّه الصادق فسلّمت عليه، و خرجت من عنده فرأيت ابنه موسى في دهليز و هو صغير السنّ، فقلت له: أين يحدث الغريب إذا كان عندكم و أراد ذلك؟ فنظر إليّ ثمّ قال: يتجنّب شطوط الأنهار، و مساقط الثمار، و أفنية الدور و الطرق النافذة، و المساجد، و لا يستقبل القبلة و لا يستدبرها و يرفع و يضع بعد ذلك حيث شاء.

قال: فلمّا سمعت هذا القول منه نبل في عيني، و عظم في قلبي، فقلت له: جعلت8.

ص: 22


1- الاستيعاب - بهامش الإصابة - 39:3، الإصابة 509:2، أسد الغابة 23:4.
2- انظر الاستيعاب 38:3-47.
3- الاستيعاب 40:3، أسد الغابة 22:4.
4- الاستيعاب 43:3، الإصابة 509:2.
5- تهذيب الكمال 79:5، سير أعلام النبلاء 257:6-258.

فداك، ممّن المعصية؟ فنظر إليّ ثمّ قال: اجلس حتّى أخبرك. فجلست، فقال: إنّ المعصية لا بدّ أن تكون من العبد أو من ربّه، أو منهما جميعا؛ فإن كانت من اللّه (تعالى) فهو أعدل و أنصف من أن يظلم عبده و يأخذه بما لم يفعله.

و إن كانت منهما فهو شريكه، و القويّ أولى بإنصاف عبده الضعيف.

و إن كانت من العبد فعليه وقع الأمر، و إليه توجّه النهي، و له حقّ الثواب و العقاب، و وجبت الجنّة و النار.

قال أبو حنيفة: فلمّا سمعت ذلك قلت: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1). و قد نظم كلامه (عليه السلام) هذا شعرا، فقيل:

لم تخل أفعالنا اللاتي نذمّ لها إحدى ثلاث خلال حين نأتيها

إمّا تفرّد بارينا بصنعتها فيسقط اللوم عنّا حين ننشيها

أو كان يشركنا فيها فيلحقه ما سوف يلحقنا من لائم فيها

أو لم يكن لإلهي في جنايتها ذنب، فما الذنب إلاّ ذنب جانيها

سيعلمون إذا الميزان شال بهم أهم جنوها، أم الرحمن جانيها؟(2)

و هكذا كانوا (عليهم السلام)، لم يعرف عن أحدهم أنّه تلكّأ يوما في مسألة، أو أفحمه أحد في حجّة، بل كان سبقهم نوعا من الإعجاز، و أظهر ما يكون ذلك مع الإمام محمّد الجواد الذي أوتي العلم و الحكمة صبيّا، و سبق علماء عصره و متكلّميهم و شهدوا له بالفضل و التقدّم و العلوّ و تأدّبوا في مجلسه و لم يبلغ التاسعة من العمر.

قال الشيخ المفيد: عن المعلّى بن محمد، قال: خرج عليّ أبو جعفر (عليه السلام) حدثان موت أبيه، فنظرت إلى قدّه لأصف قامته لأصحابنا، فقعد، ثمّ قال: يا معلّى، إنّ اللّه (تعالى) احتجّ في الإمامة بمثل ما احتجّ به في النبوّة، فقال: وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (3).9.

ص: 23


1- أمالي المرتضى 151:1-152، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 314:4، بحار الأنوار 106:48، و الآية من سورة آل عمران 34:3.
2- أمالي المرتضى 152:1.
3- الإرشاد: 325، إعلام الورى: 349-350، و الآية من سورة مريم 12:19.

4 - أحاديثهم و آثارهم:

إن الاستدلال على الإمام من حديثه و آثاره استدلال صحيح، فسلوك المدّعي و حديثه خير شاهد على حقيقة دعواه و جوهرها، و هو شاهد أيضا على صدق دعواه عند ما ترافقه القرائن و الدلائل الأخرى، و إلاّ فلا تعدّ وحدها دليلا كافيا على إمامته.

و من أراد معرفة ذلك عن أئمّة الهدى (عليهم السلام) فإنّه يجده ظاهرا ظهور النهار في أحاديثهم الشريفة، معدن الهداية، و سبل النجاة، دعاة إلى الحق هداة إليه بالقول و العمل.

فما على الباحث إلاّ أن يتوخّى ما صحّ عنهم من الحديث و الأثر ليجد ذلك بيّنا بلا عناء. و لا بدّ من الإشارة هنا إلى مسألة هي في غاية الأهميّة، فقد قلنا إنّ على الباحث أن يتوخّى ما صحّ عنهم (عليهم السلام)، و نؤكّد هذا الكلام و نقول: إنّ عليه أن يحذر ما اختلط بحديثهم من أباطيل الوضّاعين، فقد كثرت الكذّابة عليهم كما كثرت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) و قد فصّل الإمام الرضا (عليه السلام) القول في ذلك أجمل تفصيل و أدقّه، و هو يقول: «إنّ مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا و جعلوها على أقسام ثلاثة: أحدها: الغلوّ، و ثانيها: التقصير في أمرنا، و ثالثها: التصريح بمثالب أعدائنا. فإذا سمع الناس الغلوّ فينا كفّروا شيعتنا و نسبوهم إلى القول بربوبيّتنا. و إذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، و إذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا، و قد قال اللّه (عزّ و جلّ): لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّوا اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ (1).

5 - نصّ الإمام السابق:

تقدّم أنّ نصّ النبيّ كان خير شاهد على نبوّة النبيّ اللاحق له، و مثل هذا يقال مع الإمام، بل هو واضح مع الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام)، ملازم لهم جميعا، فقد ثبت النصّ من كلّ إمام إلى الإمام اللاحق بالطرق الصحيحة و الكثيرة التي كانت سببا في اطمئنان أتباعهم و أشياعهم(2).

و هنا ينبغي التنبيه إلى أنّ هذه النصوص لا بدّ أن تكون منسجمة مع نصوص

ص: 24


1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 63/304:1، و الآية من سورة الانعام 108:6.
2- راجع في ذلك تراجم الأئمّة (عليهم السلام) في: الإرشاد، و إعلام الورى.

النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) في موضوع الإمامة، من قبيل: حديث الثقلين - «كتاب اللّه، و عترتي أهل بيتي» -، و حديث: «الخلفاء بعدي اثنا عشر، كلّهم من قريش». فما جاء مخالفا لهذا فهو مردود لمخالفته نصّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، و من هنا صحّت النصوص عنهم (عليهم السلام)، و بطلت عن غيرهم، فلا اعتبار لما عرف بولاية العهد التي يعهد بها الخليفة إلى ابنه أو أخيه كما هو شأن الخلفاء الأمويّين و العباسيين لمخالفتها لنصوص النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) المتقدّمة و غيرها، أضف إلى ذلك أنّ أحدا منهم لم يصل إلى الخلافة بالطريق المشروع الذي يقرّه الإسلام ليكون من حقّه أن يوصي لمن بعده، فولاية العهد تلك إنّما هي من قبيل تبادل الشيء المغصوب، فلا أثر لهذا التبادل يرجى منه رفع الغصبية، بل على العكس، فهو تكريس لها و إصرار عليها.

هذه هي أهم الفوارق بين عهود الأئمّة (عليهم السلام) و عهود الملوك، بغض النظر عن كون الأئمّة (عليهم السلام) إنّما يعهدون بعهد من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) لا من عند أنفسهم.

6 - النسب الرفيع:

إنّ الإمامة - مقام النبوّة - لا يصلح لها إلاّ ذو نسب و شرف رفيع كالنبيّ بلا فارق. و هذه مزيّة أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) دون سواهم، بلا خلاف و لا نزاع، بل لا يدانيهم فيه حتّى بني عمومتهم.

روى الخطيب في تاريخه: أنّ هارون الرشيد حجّ مرّة و معه الامام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فأتى قبر النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) و حوله قريش و شيوخ القبائل، فقال: السلام عليك يا رسول اللّه يا ابن عمّي. افتخارا على من حوله، فدنا موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فقال: السلام عليك يا رسول اللّه يا أبت. فتغيّر وجه هارون، و قال: هذا الفخر - يا أبا الحسن - حقّا(1).

7 - المعجزة:

لقد أخّرنا هذه النقطة - التي كانت ثاني دلائل النبوّة - إلى هذا المحلّ لاتّصالها بموضوع هذا الكتاب. فالمعجزة التي كانت تظهر على أيدي الأنبياء تصديقا لهم، هي ضروريّة أيضا لتصديق دعوى الإمام. كيف لا و قد أظهر اللّه

ص: 25


1- تاريخ بغداد 31:13.

المعجزات لمن هو أدنى من الإمام تصديقا لدعواه المرضيّة عند اللّه؟ و مثال ذلك ما ظهر لمريم العذراء (عليها السلام) تبرئة لساحتها، و ما كان لأصحاب الكهف، و كلّ ذلك في القرآن مسطور.

و خلاصة القول في المعجزات يمكن إيجازه بما يلي:

أ - إذا كان يصعب التصديق بالمعجزات، أو بعضها فلأنّ أصل المعجزة هو كونها خارقة للعادة مخالفة للمألوف، و إنّما يشترط في قبولها شهرتها أو صحّة إسنادها، فمتى ثبتت نسبتها إليهم (عليهم السلام) بالطرق المعتبرة و الموثّقة فليس هناك ما يمنع قبولها، و لم يبق مبرّر للشكّ فيها بعد أن عرفنا عظيم منزلتهم، و صحّة نسبة الخبر إليهم.

كيف و نحن نرى و نصدّق الكثير من خوارق العادات التي تظهر لعباد صالحين هم أدنى بكثير من مراتب الإمامة؟!

ب - إنّ الإيمان بإمامة الأئمة لا يصحّ أن ينحصر في النظر إلى معجزاتهم و كراماتهم، كما لا يصح إثبات نبوّة موسى (عليه السلام) بقلب العصا ثعبانا، أو نبوّة عيسى (عليه السلام) بخلق الطير من الطين، ما لم تجتمع القرائن الأخرى التي تجعل ظهور المعجزة زيادة في ظهور صدقه ليس إلاّ. و إلاّ فإنّ خوارق العادات قد تجري على أيدي الكثيرين من طرق و فنون و حيل كثيرة، و لكن ما أن تعرض أصحابها على تلك الشرائط و القرائن و الدلائل المتقدّمة حتّى تجد حظوظهم منها حظوظ الفقراء إن لم يكونوا عراة منها على الإطلاق.

ج - ليس المطلوب منّا عند الإيمان بمعجزاتهم أن نجعلها كلّ شيء في اعتقادنا و سلوكنا و ثقافتنا، إنّما المطلوب هو الإيمان بهم و بحقيقة إمامتهم لأجل اتّباعهم و الاقتداء بهم و الاهتداء بهديهم، و لم تأت المعاجز التي أتحفهم بها اللّه (تعالى) إلاّ خدمة لذلك الغرض، فهي ليست غاية في ذاتها، و إنّما هي شاهد واحد فقط يقوّي الدوافع إلى اتّباعهم في نفوس الناس.

د - إنّ الغرض من المعجزة هو أن تتمّ بها الحجّة، و يتوقّف عليها التصديق، و أمّا ما خرج عن هذا فلا يجب على اللّه إظهاره، و لا تجب على النبي أو الإمام الإجابة إليه و لو كان على سبيل التحدّي.

ص: 26

ه - إنّ إقامة المعجزة ليست أمرا اختياريّا للنبيّ أو الإمام، و إنّما ذلك بيد اللّه يظهره متى شاء و اقتضت حكمته(1).

فهذه كلّها مبادئ أوّليّة ينبغي إدراكها قبل الدخول في قراءة كتاب غرضه جمع المعجزات و إحصائها، ككتابنا هذا (دلائل الإمامة).

و أخيرا، فالذي ينبغي الإشارة إليه هو أنّ محتوى هذا الكتاب إنّما يشكّل عنصرا واحدا من عناصر موضوع دلائل الإمامة، و يدور حول ركن واحد من أركانها، و أمّا الموضوع بشموله فيبقى متّسعا لمزيد من الدرس و البحث، آملين أن يتصدّى له من هو أهل له من علمائنا و أساتذتنا المخلصين، بحثا و درسا و تفصيلا، حفظا لهذا الدين الحنيف، و خدمة للمسلمين الأعزّاء، و وفاء لعهد الحبيب المصطفى (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) و أداء لحقّ الأئمّة الأطهار (عليهم السلام). و اللّه وليّ التوفيق.9.

ص: 27


1- لمزيد من التفصيل راجع البيان في تفسير القرآن: 80-119.

ص: 28

ترجمة المؤلف

اسمه و كنيته

اشارة

هو أبو جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري الآملي(1) الصغير(2).

المشتركون معه في التسمية:

1 - أبو جعفر محمّد بن جرير بن يزيد الطبري العامّي، صاحب التاريخ و التفسير، و المتوفّى سنة (310 ه).

2 - أبو جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري الآملي الكبير، و الذي كان معاصرا لمحمّد بن جرير الطبري العامّي، و قد ترجم له الشيخ الطوسي المتوفّى سنة (460 ه) في (الفهرست)(3) و الشيخ النجاشي صاحب الرجال المتوفّى سنة (450 ه)، و روى عنه الأخير كتبه بواسطتين(4) ، و روى النجاشي أيضا عن ثقة الإسلام

ص: 29


1- هكذا نسب في المصادر التي نقلت عن مصنّفاته، إلاّ أنّ السيد ابن طاوس في كشف المحجّة: 35، و الأمان: 66، و فرج المهموم: 102، نسبه هكذا: أبو جعفر محمد بن رستم بن جرير الطبري الإمامي، و لعلّه نسبه للجدّ مباشرة، أو إنّه من وهم النسّاخ، بدليل نقل السيد ابن طاوس عنه بعنوان محمد بن جرير بن رستم الطبري الإمامي في الموارد التي ستأتي في وصف الكتاب كافّة، و كذا وصف من قبل المتأخرين الذين نقلوا عنه كالعلاّمة المجلسي في (بحار الأنوار) و السيّد البحراني في (مدينة المعاجز) و الحرّ العاملي في (إثبات الهداة) و غيرهم.
2- وصف الشيخ الطوسي سمّي صاحب الدلائل المعاصر للشيخ الكليني ب (الكبير) و لعلّ ذلك الوصف كان دليلا على تمييزه عن صاحب الدلائل الذي يشترك معه في التسمية و التكنية و المعاصر للشيخ الطوسي كما سيأتي.
3- الفهرست: 697/158.
4- رجال النجاشي 1024/376.

الكليني بواسطتين(1) ، و لهذا يمكن القول إنّ محمد بن جرير الطبري الكبير كان معاصرا للشيخ الكليني المتوفّى سنة (329 ه)، و له من المصنّفات (المسترشد في الإمامة)(2) و (الإيضاح)(3) و (الرواة عن أهل البيت (عليهم السلام)(4) و غيرها.

3 - محمّد بن جرير، من رواة الحديث، متقدّم الطبقة، إذ يروي عنه محمّد بن جرير الطبري الكبير بثلاث وسائط، و هو يروي عن ثقيف البكّاء عن الإمام الحسن ابن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، كما في الحديث (8) من دلائل الإمام الحسن بن عليّ المجتبى (عليهما السلام).

عصره و طبقته

لم نعثر في المصادر المتوفّرة لدينا على تاريخ دقيق لولادته و وفاته، و لكن من مجموع القرائن المتوفّرة في هذا الكتاب يمكن تحديد عصره و طبقته.

أمّا من حيث عصره فيمكن القول إنّه كان من أعلام النصف الثاني من القرن الرابع و أوائل القرن الخامس، يدلّ على ذلك تاريخ وفيات شيوخه كما سيأتي، و جملة نصوص نقلناها من الكتاب كما يلي:

1 - في دلائل الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) الحديث (24) قال: «و أخبرني أخي (رضي اللّه عنه)، قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن علي المعروف بابن البغدادي و مولده بسوراء(5) ، في يوم الجمعة لخمس بقين من جمادى الأولى سنة خمس و تسعين و ثلاثمائة».

ص: 30


1- رجال النجاشي: 1026/377.
2- الذريعة 3690/9:21.
3- المصدر 1924/489:2.
4- المصدر 1564/256:11.
5- سوراء، بالمدّ: موضع يقال هو إلى جنب بغداد، و قيل هو بغداد نفسها، و سورى، بالقصر: موضع بالعراق قرب بابل.

2 - في دلائل الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) الحديث (92) قال: «حدّثنا أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه بن المطلّب الشيباني سنة خمس و ثمانين و ثلاثمائة».

3 - و في دلائله (عليه السلام) أيضا الحديث (96) قال: «و أخبرني أبو القاسم عبد الباقي بن يزداد بن عبد اللّه البزّاز، قال: حدّثنا أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد الثعالبي قراءة في يوم الجمعة مستهل رجب سنة سبعين و ثلاثمائة».

4 - و في دلائله (عليه السلام) أيضا الحديث (128) قال: «نقلت هذا الخبر من أصل بخطّ شيخنا أبي عبد اللّه الحسين الغضائري (رحمه اللّه)». و الغضائري توفّي سنة (411 ه).

أمّا عن طبقته فقد قال الشيخ الطهراني في أعلام الشيعة في القرن الخامس:

«و يروي في الكتاب غالبا عن جماعة هم يروون عن أبي محمّد هارون بن موسى التّلّعكبري الذي توفّى سنة (385 ه) و هم: ولده أبو الحسين محمّد بن هارون، و أبو عبد اللّه الحسين بن عبد اللّه الحرمي، كما أنّ الطوسي يروي عن جماعة عن التّلّعكبري، منهم: ولده الحسين بن هارون بن موسى، و كذلك النجاشي يروي عنه بواسطة ولده محمّد بن هارون، إلى أن قال: و يروي أيضا عن الصدوق المتوفّى سنة (381 ه) بواسطة تلاميذه، منهم: أبو الحسن عليّ بن هبة اللّه بن عثمان بن الرائقة الموصلي صاحب كتاب (المتمسّك بحبل آل الرسول (عليهم السلام) كما أنّ الطوسي و النجاشي يرويان عن الصدوق بواسطة واحدة»(1).

و خرج الشيخ الطهراني من هذا إلى الاستنتاج بأن صاحب الدلائل كان معاصرا للشيخ الطوسي المتوفّى سنة (460 ه) و للشيخ النجاشي المتوفّى سنة (450 ه) و هو ما يبدو من مجمل القرائن التي ذكرها، و يبدو لنا أيضا بأنّه كان مقدّما على الشيخ الطوسي و النجاشي قليلا مع معاصرته لهما، و ذلك من خلال القرائن التالية:

1 - يروي الشيخ الطوسي عن أبي بكر أحمد بن كامل بن خلف تلميذ محمّد5.

ص: 31


1- النابس في القرن الخامس: 155.

ابن جرير الطبري العامّي بواسطتين(1) ، و صاحب الدلائل يروي عنه بواسطة واحدة، كما في الحديث (49) من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام).

2 - يروي الشيخ الطوسي عن أبي المفضّل محمّد بن عبد اللّه بن المطّلب الشيباني بواسطة جماعة(2) ، أمّا صاحب الدلائل فإنّ أبا المفضّل الشيباني من شيوخه الذين يروي عنهم بلا واسطة بقوله: حدّثنا و أخبرنا.

3 - يروي الشيخ الطوسي عن ثقة الإسلام الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني بواسطتين(3) ، و كذا الشيخ النجاشي(4) ، أمّا صاحب الدلائل فيروي عنه في أحد طرقه إليه بواسطة واحدة كما في الحديث (98) من دلائل الإمام صاحب الزمان (عليه السلام).

فصاحب الدلائل كان معاصرا للشيخ الطوسي و النجاشي إلاّ أنّه كان متقدّما عليهما قليلا لما ذكرناه، و دليل المعاصرة أيضا اشتراك المشايخ بين الثلاثة، فصاحب الدلائل يروي عن أبي المفضّل الشيباني، و أبي محمّد الحسن بن أحمد العلوي المحمّدي، و القاضي أبي إسحاق بن مخلد بن جعفر الباقرحي، و أبي أحمد عبد السلام ابن الحسين بن محمّد البصري، و عبّر عن الشيخ الغضائري بشيخنا في الحديث (128) من دلائل الإمام صاحب الزمان (عليه السلام)، و كلّ هؤلاء من مشايخ النجاشي، و روى أيضا عن أبي عبد اللّه الحسين بن إبراهيم بن عليّ المعروف بابن الخيّاط القمّي و هو من مشايخ الطوسي.7.

ص: 32


1- الفهرست: 640/150.
2- المصدر: 600/140.
3- المصدر: 591/135.
4- رجال النجاشي: 1026/377.

مصنّفاته

1 - دلائل الإمامة: و هو هذا الكتاب، يتعرّض فيه المؤلف لدلائل و معجزات و تواريخ و أحوال الأئمّة الهداة (سلام اللّه عليهم)، و فضائل و معجزات فاطمة الزهراء (عليها السلام)، و نسخته غير تامّة، حيث سقط قسم من أوّله، و سنأتي إلى دليل السقط في وصف الكتاب.

و قد نقل عنه السيّد عليّ بن موسى بن طاوس المتوفّى سنة (664 ه) في كتاب (اليقين) و (فرج المهموم) و (الأمان من أخطار الأسفار و الأزمان) و (اللهوف في قتلى الطفوف) و (إقبال الأعمال) و غيرها، كما نقل عنه السيّد هاشم البحراني المتوفّى سنة (1107 ه) صاحب كتاب (البرهان في تفسير القرآن) في (مدينة المعاجز) و (المحجّة في ما نزل في القائم الحجّة)، و العلاّمة المجلسي المتوفّى سنة (1110 ه) في (بحار الأنوار) و غيرهم من المتأخّرين.

2 - نوادر المعجزات: جمع فيه طرفا من فضائل و كرامات الأئمّة الأطهار (سلام اللّه عليهم) و فاطمة الزهراء (عليها السلام) دون أن يتطرّق إلى ذكر أحوالهم و تواريخهم (عليهم السلام) كما فعل في الدلائل، و الكتاب مطبوع بتحقيق مؤسّسة الإمام المهدي (عليه السلام).

مشايخه و أسلوب روايته

الروايات التي أثبتها المصنّف في هذا الكتاب يرويها بثلاثة أساليب:

الأول: ما يرويه عن مشايخه الذين تحمّل عنهم رواية الحديث إجازة أو قراءة أو سماعا، و صحّ له أن يقول: حدّثنا و أخبرنا و حدّثني و أخبرني... و من هؤلاء المشايخ الذين ذكرهم في كتابه هذا:

1 - القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن عبد اللّه الطبري المقرئ (324-373 ه).

ص: 33

2 - إبراهيم بن محمّد بن الفرج الرّخّجي.

3 - القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي، المتوفّى سنة (410 ه).

4 - أبو الحسن أحمد بن الفرج بن منصور بن محمّد بن الحجّاج الفارسي الورّاق (312-392 ه).

5 - النقيب أبو محمّد الحسن بن أحمد بن القاسم العلوي المحمّدي.

6 - أبو عليّ الحسن بن الحسين بن العبّاس البرداني (346-431 ه).

7 - الحسين بن إبراهيم بن علي بن عيسى، المعروف بابن الخيّاط القمّي.

8 - الحسين بن أحمد بن محمّد بن حبيب.

9 - أبو عبد اللّه الحسين بن عبد اللّه الحرمي.

10 - أبو عبد اللّه الحسين بن عبد اللّه البزّاز.

11 - أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه بن إبراهيم البغدادي الغضائري، المتوفّى سنة (411 ه).

12 - أبو القاسم عبد الباقي بن يزداد بن عبد اللّه البزّاز.

13 - أبو أحمد عبد السلام بن الحسين بن محمّد البصري، المتوفّى سنة (405 ه).

14 - أبو طاهر عبد اللّه بن أحمد الخازن.

15 - ابو الحسن عليّ بن هبة اللّه بن عثمان بن أحمد بن إبراهيم بن رائقة الموصلي.

16 - القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن حمّاد الجريري.

17 - أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن عبيد اللّه الشيباني (297 - 387 ه).

18 - أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى بن أحمد بن موسى التّلّعكبري.

19 - أخوه الذي يروي عن أحمد بن عليّ المعروف بابن البغدادي، و قد نقل

ص: 34

عنه في هذا الكتاب بعد وفاته حيث إنّه ترضّى عليه عند النقل عنه، كما في الحديث (24) من دلائل الإمام زين العابدين (عليه السلام).

الثاني: أن يرفع الحديث إلى رجل متقدّم عليه، و أمثلة ذلك كثيرة في هذا الكتاب، و طريقته هنا أن يسبق الرواية بقوله «روى» و يحتمل أنّه وجد الرواية في كتبهم أو وصلت الرواية إليه مسندة و أرسلها هو اختصارا، و من الرواة الذين رفع الحديث إليهم في هذا الكتاب:

1 - إبراهيم بن هاشم.

2 - أحمد بن إبراهيم.

3 - أحمد بن محمّد.

4 - أيّوب بن نوح.

5 - جميل بن درّاج.

6 - أبو حامد السندي.

7 - الحسن بن أبي حمزة.

8 - الحسن بن أحمد بن سلمة.

9 - الحسن بن عليّ الوشّاء.

10 - الحسين بن أبي العلاء.

11 - أبو أسامة زيد الشّحّام.

12 - سليمان بن خالد.

13 - عبّاد بن سليمان.

14 - العبّاس بن معروف.

15 - عبد اللّه بن حمّاد.

16 - عبد اللّه بن محمّد.

17 - عليّ بن أبي حمزة.

18 - أبو القاسم عليّ بن الحسن بن القاسم بن الطبّال.

19 - عمّار الساباطي.

ص: 35

20 - عمرو بن شمر.

21 - فضالة بن أيّوب.

22 - مالك الجهني.

23 - محمّد بن أحمد.

24 - محمّد بن الحسن.

25 - محمّد بن سعيد.

26 - محمّد بن عبد الجبّار.

27 - محمّد بن عبد اللّه العطّار.

28 - المعلّى بن محمّد البصري.

29 - هارون بن خارجة.

30 - الهيثم النهدي.

31 - أبو الحسين يحيى بن الحسن.

32 - يعقوب بن يزيد.

الثالث: أن يروي الرواية عن رجل متقدّم عليه بعنوان «قال» و ذلك عن الرجال الذين لم يلقهم، و منهم:

1 - الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسن بن بابويه القمّي، المتوفّى سنة (381 ه).

2 - أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد الصفواني.

3 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري الكبير.

و صاحب الدلائل يروي عن الشيخ الصدوق بواسطة أبي الحسن عليّ بن هبة اللّه، كما في الحديث (14) من دلائل الإمام الباقر (عليه السلام) و الحديث (15) من دلائل الإمام الصادق (عليه السلام) و الحديث (31) من دلائل الإمام صاحب الزمان (عليه السلام).

و يروي عنه أيضا بواسطة أبي الحسين محمّد بن هارون بن موسى التّلّعكبري، كما في الحديث (59) و الحديث (66) من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام).

و يروي عنه أيضا بواسطة النقيب أبي محمد الحسن بن أحمد العلوي

ص: 36

المحمدي، كما في الحديث (19) من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام).

أمّا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد الصفواني فيروي عنه بواسطة النقيب أبي محمّد الحسن بن أحمد العلوي المحمّدي كما في الأحاديث (62) و (63) و (64) من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام).

و أمّا أبو جعفر محمّد بن جعفر الطبري الكبير فيروي عنه صاحب الدلائل بواسطة أبي الحسين محمّد بن هارون بن موسى التّلّعكبري عن أبيه هارون بن موسى، كما في الحديث (74) من دلائل صاحب الزمان (عليه السلام)، و رواية صاحب الدلائل عن سميه الكبير بواسطتين دليل آخر على معاصرة الكبير للشيخ الكليني، و لا يقدح في هذه المعاصرة كون صاحب الدلائل يروي عن الشيخ الكليني مرّة بواسطة واحدة كما في الحديث (98) من دلائل صاحب الزمان (عليه السلام)، و أخرى بثلاث وسائط كما في الحديث (31) من دلائل صاحب الزمان (عليه السلام)، و ذلك جائز بحسب عمر الراوي و المروي عنه، أو بحسب بعده أو قربه عنه.

عنوان الكتاب

من خلال استعراض المصادر التي نقلت عن هذا الكتاب يمكن الوقوف على خمسة عناوين مختلفة له، و هي:

1 - الإمامة: كذا عنونه السيّد هاشم البحراني المتوفّى سنة (1107 ه) و قد أكثر النقل عنه في (مدينة المعاجز) بهذا العنوان، فقال في أوّل الكتاب عند ذكر مصادره: «كتاب الإمامة لأبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري الآملي»(1) و عند أوائل النقل عنه في المعجزة السابعة للإمام الحسن بن عليّ المجتبى (عليهما السلام) قال:

«أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في كتاب الإمامة و كلّ ما في هذا عنه فهو منه»(2).

ص: 37


1- مدينة المعاجز: 4.
2- المصدر: 203.

2 - دلائل الأئمّة: كذا عنونه الشيخ الطهراني و قال: «ينقل عنه كذلك في (الدمعة الساكبة) و غيره، و يأتي بعنوان (دلائل الإمامة)»(1).

3 - دلائل الإمامة: كذا عبّر عنه السيّد عليّ بن موسى بن طاوس في (اليقين)(2) و (فرج المهموم)(3) و (الأمان)(4) و (اللهوف)(5) و (إقبال الأعمال)(6) ، و كذلك عنونه العلاّمة المجلسي في (بحار الأنوار)(7) و الشيخ الطهراني في (الذريعة)(8).

4 - مسند فاطمة: نقل عنه السيّد هاشم البحراني عدّة أحاديث تحت هذا العنوان في (المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة)(9) و الأحاديث التي نقلها تتّفق سندا و متنا مع دلائل الإمامة(10).

و في (الذريعة) للشيخ الطهراني، قال: استظهر سيّدنا أبو محمّد صدر الدين أنّه كتاب الدلائل لابن جرير الإمامي(11).

و يبدو أنّ السبب في هذه التسمية هو أنّ الأحاديث الستّة عشر التي يبدأ بها القسم المتبقّي من هذا الكتاب تنتهي جميعا بالإسناد إلى فاطمة الزهراء (سلام اللّه عليها)، و بما أنّ أسلوب المؤلّف في هذا الكتاب هو إفراد عنوان تندرج تحته مجموعة من الأحاديث، فلعلّه أدرج هذه الأحاديث الستّة عشر تحت عنوان (مسند فاطمة الزهراء (عليها السلام) فصار كأنّه عنوان الكتاب بعد أن سقط عنوانه و القسم الأوّل منه1.

ص: 38


1- الذريعة 239:8.
2- اليقين 50 /الباب 65، 66، 67.
3- فرج المهموم: 102 و 223-245.
4- الأمان: 66، 135.
5- اللهوف: 26.
6- إقبال الأعمال: 6.
7- بحار الأنوار 20:1.
8- الذريعة 1018/241:8.
9- المحجّة: 28-48.
10- انظر دلائل الإمام الحجّة (عجّل اللّه فرجه) - الحديث (130) و (131) و (132).
11- الذريعة 3790/28:21.

و الذي يشتمل على مقدّمة المصنّف و دلائل نبوّة الرسول الأكرم و إمامته (صلوات اللّه عليه و على آله) و دلائل إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) و قسم من أوائل دلائل فاطمة الزهراء (سلام اللّه عليها)، و يبدو هذا جليّا من خلال السقط في إسناد الحديث الأوّل من هذا الكتاب، و من وجود نسخة تامّة لهذا الكتاب عند السيّد ابن طاوس المتوفّى سنة (664 ه) كما يتبيّن من مصنّفاته التي نقل فيها عن (دلائل الإمامة) و سيأتي بيانه.

5 - مناقب فاطمة و ولدها (عليهم السلام): ذكر الحرّ العاملي المتوفّى سنة (1104 ه) هذا الكتاب ضمن المصادر التي اعتمدها في كتابه (إثبات الهداة)(1) و التي كانت لديه و نسبه لمحمّد بن جرير الطبري، و الحقّ أنّه كتاب الدلائل الذي بين أيدينا، يؤيّد ذلك أنّ كلّ ما نقله عن (مناقب فاطمة و ولدها (عليهم السلام) في إثبات الهداة يتّحد بالسند و المتن مع هذا الكتاب، و يؤيّد ذلك أيضا أنّ ما نقله السيّد هاشم البحراني في (مدينة المعاجز) الباب الأول من معاجز أمير المؤمنين (عليه السلام) الحديث (106)(2) من كتاب (مناقب فاطمة (عليها السلام) متّحد مع الحديث (51) من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام).

و نعتقد أنّ هذه التسمية لحقت الكتاب بعد ضياع نسخته التامّة، أي بعد عصر السيّد ابن طاوس المتوفّى سنة (664 ه) و بعد بقاء النسخة الناقصة التي تحتوي على مناقب فاطمة و ولدها (عليهم السلام).

و قد رجّحنا التسمية الثالثة (دلائل الإمامة) لتصريح السيد ابن طاوس بها، و لأنّه كان مطّلعا على نسخة الكتاب التامّة، و التي يحتمل أن يكون المصنّف قد سمّى كتابه في ديباجته.2.

ص: 39


1- إثبات الهداة 58:1.
2- مدينة المعاجز: 53، و انظر الذريعة 7322/332:22.

هذا الكتاب

يتعرّض فيه مصنّفه لدلائل و معجزات و تواريخ الأئمّة الهداة (عليهم السلام) و فضائل و معجزات سيّدة النساء فاطمة الزهراء (سلام اللّه عليها)، و الفرق بين هذا الكتاب و بين (نوادر المعجزات) لنفس المؤلّف هو أنّ الدلائل يشمل تواريخ و أحوال الأئمّة (عليهم السلام) إضافة إلى دلائلهم و كراماتهم بشكل مفصّل، أمّا (نوادر المعجزات) فقد أفرده - كما يدلّ عليه عنوانه - للنادر من معاجزهم (عليهم السلام) دون ذكر تواريخهم و أحوالهم المختلفة، و الذي ذكره المصنّف في مقدّمة (نوادر المعجزات) يوضّح ذلك بشكل جليّ، قال: «حاولت أن أؤلّف ممّا أظهروه من المعجزات، و أقاموه من الدلائل و البراهين، ممّا سمعته و قرأته، في كتاب مقصور على ذكر المعجزات و البراهين»

أمّا عن تاريخ تأليف هذا الكتاب فلم يصرّح مؤلّفه بذلك، و على العموم يمكن القول إنّه فرغ منه بعد سنة (411 ه) حيث قال في الحديث (128) من دلائل الإمام الحجّة (عجّل اللّه فرجه): «نقلت هذا الخبر من أصل بخطّ شيخنا أبي عبد اللّه الحسين الغضائري (رحمه اللّه)» و توفّي الغضائري سنة (411 ه) ممّا يدلّ على أنّ النقل عن الشيخ الغضائري بعد سنة (411 ه) و أنّ المصنّف لمّا يتمّ كتابه هذا إلاّ بعد هذا التاريخ.

ذكرنا في تسمية الكتاب أنّ هذه النسخة من (دلائل الإمامة) ناقصة، و كانت النسخة التامّة منه عند السيّد عليّ بن موسى بن طاوس المتوفّى سنة (664 ه) و بعد عصر السيّد ابن طاوس ضاعت تلك النسخة التامّة، كما ضاع عنّا كثير من الكتب التي كانت مصادر لمصنّفات السيّد ابن طاوس، و النسخة التي نقل عنها العلاّمة المجلسي في (بحار الأنوار) و كذا السيّد البحراني في (مدينة المعاجز) و غيرهم من المتأخّرين هي عين النسخة الناقصة التي وصلتنا، و يدلّ على هذا النقص ما يلي:

1 - من المشايخ الذين يروي صاحب الدلائل عنهم هو أبو طاهر عبد اللّه بن أحمد الخازن كما في الحديث (25) من دلائل الإمام زين العابدين (عليه السلام) و الحديث (32) من دلائل الإمام القائم (عليه السلام)، و يروي أبو طاهر في كلا الموضعين عن أبي بكر محمّد بن عمر بن سالم القاضي الجعابي المتوفّى سنة (355 ه) بينما يبدأ القسم

ص: 40

الذي بين أيدينا من الدلائل بقوله:

«أخبرنا القاضي أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي» و الجعابي لم يكن من شيوخ صاحب الدلائل إذ لم يرو عنه في هذا الكتاب إلاّ بواسطة أبي طاهر، فبقرينة السندين المذكورين في الحديث (25) و الحديث (32) يكون السند هكذا «حدثني أبو طاهر عبد اللّه بن أحمد الخازن، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي» فيظهر أنّ رواية صاحب الدلائل عن الجعابي بالواسطة في الموضعين المتقدّمين دليل على سقوط أوّل السند فيما وصل إلينا منه.

2 - إنّ النسخة التامّة التي كانت عند السيّد ابن طاوس المتوفّى سنة (664 ه) تحتوي على جملة مواضيع ليست في الكتاب الذي بين أيدينا ممّا يدلّ على سقوطها منه.

ففي (إقبال الأعمال) قال ابن طاوس: «و رأيت في المجلد الأوّل من دلائل الإمامة لمحمّد بن جرير بن رستم الطبري عند ذكره للإسراء بالنبي (صلّى اللّه عليه و آله) ما هذا لفظه: و لكن أخبركم بعلامات الساعة يشيخ الزمان و يكثر الذهب و تشحّ الأنفس و تعقم الأرحام و تقطع الأهلّة عن كثير من الناس»(1) و هذا يدلّ على أنّ الطبري قد ذكر دلائل نبوّة و إمامة الرسول الأكرم (صلّى اللّه عليه و آله) في هذا الكتاب بدلالة قول ابن طاوس: «عند ذكره للإسراء بالنبي (صلّى اللّه عليه و آله)».

و في الباب الخامس و الستين و السادس و الستين و السابع و الستين من كتاب (اليقين) قال ابن طاوس: «فيما نذكره من المجلّد الأوّل من كتاب الدلائل تأليف الشيخ الثقة أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري بتقديم تسمية مولانا عليّ (عليه السلام) بأمير المؤمنين...»(2).

و قال أيضا في الحديث الثالث و العشرين من (فرج المهموم): «في احتجاج من قوله حجّة في العلوم على صحّة علم النجوم، و هو ما رويناه بإسنادنا عن الشيخ1.

ص: 41


1- إقبال الأعمال: 6.
2- اليقين: 50-51.

السعيد محمّد بن رستم بن جرير(1) الطبري الإمامي (رضوان اللّه عليه) في الجزء الثاني(2) من كتاب دلائل الإمامة...»(3).

و ما في (اليقين) و (فرج المهموم) يدلّ على أنّ في النسخة التامّة من الكتاب قد تعرّض المؤلف لدلائل و معجزات أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، و هي من القسم الذي سقط من الكتاب، و قد ألحقناها في أوّل الكتاب كمستدرك له، كما سقط من الكتاب مقدّمته و طرفا من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام).

و ممّا يزيد الاطمئنان إلى أنّ الذي أضفناه في أوّل الكتاب من نقول السيد ابن طاوس هو من عين هذا الكتاب إضافة إلى تصريحه باسم الكتاب و المؤلف، فإنّ السيّد ابن طاوس نقل في كتبه أيضا عن القسم المتبقّي منه، و جميعه يتّحد سندا و متنا مع ما موجود في الدلائل الذي بين أيدينا، و إليك أمثلة من ذلك:

أولا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) عن دلائل الإمامة لأبي جعفر محمّد بن رستم(4) ، و هو موجود في هذه النسخة منه الحديث (20).

ثانيا: نقل في (اللهوف) ما يتعلق بدلائل سيّد الشهداء الحسين بن عليّ (عليه السلام)(5) ، و هو موجود في هذه النسخة منه الحديث (3)، و كذا في (فرج المهموم)(6) نقل من دلائله (عليه السلام) ما هو موجود في هذه النسخة الحديث(6).

ثالثا: نقل في (الأمان) من دلائل الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)(7) ، و هو موجود في هذه النسخة منه الحديث (25)، و كذا في (فرج5.

ص: 42


1- سبقت الإشارة إلى مردّ هذا الاختلاف في اسم المؤلف و كنيته.
2- مراده الكراس الثاني، لأنّ الذي أورده هنا هو من القسم الأول من الكتاب الذي لم يصلنا.
3- فرج المهموم: 102.
4- فرج المهموم: 223.
5- اللهوف: 26.
6- فرج المهموم: 227.
7- الأمان: 135.

المهموم)(1) نقل من دلائله (عليه السلام) ما هو موجود في هذه النسخة الحديث (20).

رابعا: نقل في (الأمان) من دلائل الإمام محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام)(2) ، و هو موجود في هذه النسخة منه الحديث (26).

خامسا: نقل في (فرج المهموم) ما يتعلّق بدلائل الإمام أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام)(3) ، و هو موجود في هذه النسخة منه الحديث (20).

سادسا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)(4) ، و هو موجود في هذه النسخة منه الحديث (26) و الحديث (42).

سابعا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام)(5) ، و هو موجود في هذه النسخة الحديث (11).

ثامنا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام أبي جعفر الثاني (عليه السلام)(6) ، و هو موجود في هذه النسخة الحديث (7).

تاسعا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام أبي الحسن الثالث (عليه السلام)(7) ، و هو موجود في هذه النسخة الحديث (15).

عاشرا: نقل في (إقبال الأعمال) تاريخ وفاة الإمام الحسن بن عليّ العسكري (عليه السلام)(8) ، و هو موجود في أوّل دلائله (عليه السلام) من هذا الكتاب.

حادي عشر: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام صاحب الزمان (عليه السلام)(9) ، و هو موجود في هذه النسخة الحديث (129).5.

ص: 43


1- فرج المهموم: 228.
2- الأمان: 66.
3- فرج المهموم: 229.
4- فرج المهموم: 230-231.
5- المصدر: 231.
6- المصدر: 232.
7- المصدر: 233.
8- إقبال الأعمال: 598.
9- فرج المهموم: 245.

فكلّ هذا يدلّ على أنّ الذي نقله السيّد ابن طاوس من أواسط الكتاب و أواخره يتّحد مع ما موجود في (دلائل الإمامة) الذي بين أيدينا سندا و متنا، و بالنتيجة فإنّ الذي نقله عنه من أوائله قد سقط من النسخة المتداولة في عصرنا(1).

منهج التحقيق

أ - النسخ المعتمدة: اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على نسختين مخطوطتين و على مطبوعة له، و هي كما يلي:

1 - النسخة المودعة في المكتبة الرضوية بمشهد المقدّسة، رقمها (7655)، مجهولة التاريخ، أوّلها: «بسم اللّه الرحمن الرحيم، أخبرنا القاضي أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي». و آخرها: «فذكر أصحاب القائم (عليه السلام)، فقال: ثلاثمائة و ثلاثة عشر، و كلّ واحد يرى نفسه في ثلاثمائة» و رمزنا لها ب «م».

2 - النسخة المودعة في مكتبة السيّد المرعشي (رحمه اللّه) بقمّ المشرّفة، رقمها (2974)، و كتبت بتاريخ 12 ربيع الثاني سنة 1319 ه على نسخة مكتوبة في شهر صفر من سنة 1092 ه، أوّلها: «القاضي أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي». و آخرها: «تمّ المسند بعون اللّه (تعالى) و حسن توفيقه في سلخ شهر صفر المظفّر من شهور سنة 1092.

وجدت هذه النسخة الشريفة في خزانة كتب الحضرة المشرفة الغروية، و هي نسخة عتيقة جدّا بخطّ ضعيف سقيم. أحقر الكتّاب محمّد تقي البروجردي الحائري وفّق اللّه له. في مؤرّخة اثنا و عشر(2) من شهر ربيع الثاني سنة 1319» و رمزنا لها ب «ع».

3 - الكتاب المطبوع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف سنة 1369 ه، و رمزنا له ب «ط».

ص: 44


1- للتوسّع في الاطلاع على المصنّف و الكتاب ينظر النابس في القرن الخامس: 153-157، نوابغ الرواة في رابعة المنات 250-253، الذريعة 241:8-247، أعيان الشيعة 199:9.
2- كذا.

ب - عملنا في الكتاب: تمّ العمل بهذا الكتاب وفق المراحل و الخطوات التالية:

1 - مقابلة الكتاب المطبوع من النسختين المخطوطتين و إثبات الصحيح في المتن مع الإشارة لاختلافات النسخ في الهامش، على أنّا قد أهملنا ذكر بعض الاختلافات لاعتقادنا بعدم أهميّتها.

2 - تخريج الأحاديث و الآثار من المصادر التي سبقت المؤلّف أو على الأقلّ المعاصرة له، و قد حرصنا على ذلك إلاّ في الموارد التي تعذّر علينا إيجادها إلاّ في المصادر التي نقلت عن المصنّف (رحمه اللّه).

3 - ترجمة الأعلام الواردة في الكتاب ترجمة موجزة جامعة باعتماد أهمّ المصادر المعتبرة في هذا الباب.

4 - تقويم نصّ الكتاب و ذلك بتخليصه ممّا ورد فيه من أخطاء النّسخ و الطباعة و هي كثيرة جدا إذا قيست بكتاب آخر، و المتصفّح للكتاب بعد تحقيقه يلمس ذلك بوضوح، و كذلك ضبط مفرداته و شرح ألفاظه الصعبة باعتماد أهمّ المعاجم اللغوية، مضافا إلى تصحيح أسانيده و رجاله بالاعتماد على ما تقدّم و يأتي من أسانيد نفس الكتاب، و المعاجم الرجالية المعتبرة.

5 - إلحاق المستدركات التي عثرنا عليها في كتب السيّد ابن طاوس في المحلّ المناسب لها من الكتاب، أي في أوّله، و قد أشرنا إلى تفصيل ذلك في وصف الكتاب من المقدّمة.

6 - إلحاق فهارس لمطالب الكتاب المختلفة تسهّل على الباحث الاستفادة منه.

شكر و تقدير

يسرّ قسم الدراسات الإسلامية لمؤسسة البعثة بعد الانتهاء من تحقيق الكتاب أن ينوّه بالثناء الجميل و الشكر الجزيل للإخوة الأفاضل العاملين في هذا القسم و الذين ساهموا في إخراج هذا الكتاب محقّقا، و نخصّ بالذكر منهم: الأخ علي موسى الكعبي، و الأخ صائب عبد الحميد، و الأخ شاكر شبع، و الأخ عصام البدري، و الأخ

ص: 45

كريم راضي الواسطي، و الشيخ أحمد الأهري، و السيّد عبد الحميد الرضوي، و السيد إسماعيل الموسوي، و الأخ عبد اللّه الخزاعي.

سائلين المولى القدير أن يمنّ بالتوفيق و السّداد على العاملين في خدمة تراث أهل البيت (عليهم السلام).

قسم الدراسات الإسلامية مؤسسة البعثة

ص: 46

صورة

صورة الصفحة الأولى من نسخة «م»

ص: 47

صورة

صورة الصفحة الأخيرة من نسخة «م»

ص: 48

صورة

صورة الصفحة الأولى من نسخة «ع»

ص: 49

صورة

صورة الصفحة الأخيرة من نسخة «ع»

ص: 50

المستدرك

اشارة

ص: 51

ص: 52

الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)

في تسميته بأمير المؤمنين

1 - (اليقين لابن طاوس): فيما نذكره من المجلّد الأوّل من كتاب (الدلائل) تأليف الشيخ الثقة أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري، بتقديم تسمية مولانا عليّ (عليه السلام) بأمير المؤمنين، فقال ما هذا لفظه:

و أخبرني أبو عبد اللّه الحسين بن عبد اللّه البزّاز، قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ ابن محمّد بن احمد بن لؤلؤ البزّاز، قال: حدّثنا أبو سهل احمد بن عبد اللّه بن زياد، قال:

حدّثني أبو العبّاس عيسى بن إسحاق، قال: سألت إبراهيم بن هراسة، عن عمرو ابن شمر(1) ، عن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ (عليهما السلام): لو علم الناس متى سمّي عليّ أمير المؤمنين ما أنكروا ولايته.

قلت: رحمك اللّه، متّى سمّي عليّ أمير المؤمنين؟

قال: كان ربّك (عزّ و جلّ) حيث أخذ من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم و أشهدهم على أنفسهم أ لست بربّكم(2) و محمّد رسولي و عليّ أمير المؤمنين(3).

ص: 53


1- في المصدر: عمرو بن سمرة، تصحيف صحيحه ما أثبتناه من البحار، و عمرو بن شمر من أصحاب الصادق (عليه السلام)، روى عنه و عن جابر الجعفي. انظر معجم رجال الحديث 108:13.
2- تضمين من سورة الأعراف 172:7.
3- اليقين: 50، الباب الخامس و الستون، البحار 35/306:37.

2 - و عنه أيضا: فيما نذكره من كتاب (الدلائل) من الجزء الأوّل برواية أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري، بما يقتضي أنّ عليّا (عليه السلام) كان يسمّى في حياة النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) أمير المؤمنين نذكره بلفظه لتعلموا أنّه رواية من رجالهم.

حدّثني القاضي أبو الفرج المعافى، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم بن زكريّا المحاربي، قال: حدّثنا القاسم بن هشام بن يونس النّهشلي، قال(1): قال الحسن بن الحسين، قال: حدّثنا معاذ بن مسلم، عن عطاء(2) بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عامر(3) ، في(4) قول اللّه (عزّ و جلّ): إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (5).

قال: اجتاز عبد اللّه بن سلاّم و رهط معه برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فقالوا: يا رسول اللّه، بيوتنا قاصية(6) و لا نجد متحدّثا دون المسجد، إنّ قومنا لمّا رأونا قد صدّقنا اللّه و رسوله و تركنا دينهم أظهروا لنا العداوة و البغضاء و أقسموا أن لا يخالطونا و لا يكلّمونا، فشقّ ذلك علينا.

فبينا هم يشكون إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) إذ نزلت هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ فلمّا قرأها عليهم قالوا: قد رضينا بما رضي اللّه و رسوله، و رضينا باللّه و رسوله و بالمؤمنين.

و أذّن بلال العصر، و خرج النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) فدخل و الناس يصلّون ما بين راكع و ساجد و قائم و قاعد، و إذا مسكين يسأله(7) ، فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): هل أعطاكل.

ص: 54


1- (قال) أثبتناها من البحار.
2- في المصدر: عطارء، تصحيف، و ما أثبتناه من البحار.
3- في البحار: ابن عباس.
4- في المصدر: عن، و ما أثبتناه من البحار.
5- المائدة 55:5.
6- أي بعيدة.
7- في البحار: يسأل.

أحد شيئا؟

فقال: نعم.

قال(1): ما ذا؟

قال: خاتم فضّة.

قال: من أعطاك؟

قال: ذاك الرّجل القائم.

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): على أيّ حال أعطاكه؟

قال: أعطانيه و هو راكع، فنظرنا فإذا هو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)(2).

3 - و عنه أيضا: فيما نذكره من كتاب (الدلائل) لمحمّد بن جرير الطبري، في تسمية جبرئيل (عليه السلام) لمولانا عليّ (عليه السلام) في حياة النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين. فقال ما هذا لفظه:

حدّثنا أبو المفضّل(3) محمّد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا عمران بن محسن بن محمّد ابن عمران بن طاوس مولى الصادق (عليه السلام)، قال: حدّثنا يونس بن زياد الحنّاط الكفربوتي(4) قال: حدّثنا الربيع بن كامل ابن عمّ الفضل بن الربيع، عن الفضل ابن الربيع: أنّ المنصور كان قبل الدولة كالمنقطع إلى جعفر بن محمّد (عليه السلام)، قال:

سألت جعفر بن محمّد بن عليّ (عليهم السلام) على عهد مروان الحمار عن سجدة الشكر التي سجدها أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه)، ما كان سببها؟

فحدّثني عن أبيه محمّد بن عليّ قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، عن أبيه3.

ص: 55


1- (قال) أثبتناها من البحار.
2- اليقين: 51، الباب السادس و الستون، البحار 6/186:35.
3- في المصدر: أبو الفضل، و هو أبو المفضّل محمد بن عبد اللّه بن محمد الشيباني من شيوخ صاحب الدلائل، و مرّ بيانه في المقدّمة.
4- كذا في المصدر و الظاهر أنّه تصحيف (الكفرتوثي) نسبة إلى كفرتوثا: قرية من أعمال الجزيرة، و قرية من قرى فلسطين. أنظر أنساب السمعاني 82:5، مراصد الاطلاع 1169:3.

الحسين، عن ابيه(1) عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام): أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وجّهه في أمر من أموره فحسن فيه بلاؤه و عظم عناؤه، فلمّا قدم من وجهه ذلك أقبل إلى المسجد و رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قد خرج يصلّي الصلاة، فصلّى معه، فلمّا انصرف من الصلاة أقبل على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فاعتنقه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، ثمّ سأله عن مسيره ذلك و ما صنع فيه، فجعل عَلِيٌّ (عليه السلام) يحدّثه و أسارير(2) رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) تلمع سرورا بما حدّثه.

فلمّا أتى (صلوات اللّه عليه) على حديثه. قال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): أ لا أبشّرك يا أبا الحسن؟

قال: فداك أبي و أمّي، فكم من خير بشّرت به.

قال: إنّ جبرئيل (عليه السلام) هبط عليّ في وقت الزوال فقال لي: يا محمّد، هذا ابن عمّك عليّ وارد عليك، و إنّ اللّه (عزّ و جلّ) أبلى المسلمين به بلاء حسنا، و إنّه كان من صنعه كذا و كذا، فحدّثني بما أنبأتني به، فقال لي:

يا محمّد، إنّه نجا من ذريّة آدم من تولّى شيت(3) بن آدم وصيّ أبيه آدم بشيت، و نجا شيت بأبيه آدم، و نجا آدم باللّه.

يا محمّد، و نجا من تولّى سام بن نوح وصيّ أبيه نوح بسام، و نجا سام بنوح، و نجا نوح باللّه.

يا محمّد، و نجا من تولّى إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن وصيّ أبيه إبراهيم بإسماعيل، و نجا إسماعيل بإبراهيم، و نجا إبراهيم باللّه.

يا محمّد، و نجا من تولّى يوشع بن نون وصيّ موسى بيوشع، و نجا يوشع بموسى، و نجا موسى باللّه.

يا محمّد، و نجا من تولّى شمعون الصفا وصيّ عيسى بشمعون، و نجا شمعونع.

ص: 56


1- (الحسين عن أبيه). أثبتناه من البحار.
2- الأسارير: محاسن الوجه، و تطلق على الخدّين و الوجنتين.
3- في البحار: شيث، في كلّ المواضع.

بعيسى، و نجا عيسى باللّه.

يا محمّد، و نجا من تولّى عليّا و زيرك في حياتك و وصيّك عند وفاتك بعليّ، و نجا عليّ بك، و نجوت أنت باللّه (عزّ و جلّ).

يا محمّد، إنّ اللّه جعلك سيّد الأنبياء، و جعل عليّا سيّد الأوصياء و خيرهم، و جعل الأئمّة من ذرّيّتكما إلى أن يرث الأرض و من عليها. فسجد عليّ (صلوات اللّه عليه)، و جعل يقبّل الأرض شكرا للّه (تعالى).

و إنّ اللّه (جلّ اسمه) خلق محمّدا و عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام) أشباحا، يسبّحونه و يمجّدونه و يهلّلونه بين يدي عرشه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فجعلهم نورا ينقلهم في ظهور الأخيار من الرجال و أرحام الخيّرات المطهّرات و المهذّبات من النساء من عصر إلى عصر.

فلمّا أراد اللّه (عزّ و جلّ) أن يبيّن لنا فضلهم و يعرّفنا منزلتهم و يوجب علينا حقّهم أخذ ذلك النور و قسّمه قسمين: جعل قسما في عبد اللّه بن عبد المطّلب فكان منه محمّد سيّد النبيّين و خاتم المرسلين و جعل فيه النبوّة، و جعل القسم الثاني في عبد مناف و هو أبو طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف(1) فكان منه عليّ أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين، و جعله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وليّه و وصيّه و خليفته، و زوج ابنته، و قاضي دينه، و كاشف كربته، و منجز وعده، و ناصر دينه(2).

من معجزاته (عليه السلام)

4 - (فرج المهموم لابن طاوس): في احتجاج من قوله حجّة في العلوم على صحّة علم النجوم و هو ما رويناه بإسنادنا عن الشيخ السعيد محمّد بن رستم بن جرير

ص: 57


1- في المصدر: و هو أبو طالب بن عبد مناف، و ما أثبتناه من البحار.
2- اليقين: 51، الباب السابع و الستون، البحار 22/26:35.

الطبري(1) الإمامي (رضوان اللّه عليه) في الجزء الثاني(2) من كتاب (دلائل الإمامة) قال:

أخبرني أبو عبد اللّه الحسين بن عبد اللّه الحرمي(3) و أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى بن أحمد التّلّعكبري، قالا: حدثنا أبو محمّد هارون بن موسى بن أحمد التّلّعكبري (رضي اللّه عنه)، قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن مخزوم المقرئ مولى بني هاشم، قال: حدّثنا أحمد بن القاسم البريّ(4) ، قال: حدّثنا يحيى بن عبد الرحمن، عن عليّ بن صالح بن حيّ(5) الكوفي، عن زياد بن المنذر، عن قيس بن سعد، قال:

كنت أساير أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) كثيرا إذا سار إلى وجه من الوجوه، فلمّا قصد أهل النّهروان و صرنا بالمدائن و كنت يومئذ مسايرا له، إذ خرج إلينا قوم من أهل المدائن من دهاقينهم(6) معهم براذين(7) قد جاءوا بها هديّة إليه فقبلها، و كان فيمن تلقّاه دهقان من دهاقين المدائن يدعى سرسفيل، و كانت الفرس تحكم برأيه فيما مضى(8) ، و ترجع إلى قوله فيما سلف، فلمّا بصر بأمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه)، قال: يا أمير المؤمنين، تناحست النجوم الطوالع، فنحس أصحاب السّعود و سعد أصحاب النّحوس، و لزم الحكيم في مثل هذا اليوم الاختفاء و الجلوس، و إنّ يومك هذا يوم مميت، قد اقترن فيه كوكبان قتّالان، و شرف فيه بهرام(9) في برج الميزان، و اتّقدت من برجك النيران،ة.

ص: 58


1- سبقت الإشارة إلى مردّ هذا الاختلاف في المقدمة في اسم المؤلف و كنيته، و قد عنونه السيد ابن طاوس في بقية الموارد من هذا الكتاب بمحمد بن جرير بن رستم الطبري.
2- مراده الكراس الثاني منه، لأنّ الذي أورده هنا هو من الجزء الأول من الكتاب الذي لم يصلنا.
3- في المصدر: الحربي، و هو الحسين بن عبد اللّه، أبو عبد اللّه الحرمي، ترجم له الشيخ الطهراني في نوابغ الرواة في رابعة المئات: 113.
4- كذا في المصدر، و الظاهر أنّه أحمد بن القاسم البزّي مقرئ أهل مكة. أنظر أنساب السمعاني 345:1، سير أعلام النبلاء 50:12.
5- في المصدر: علي بن حيّ بن صالح، و ما أثبتناه من البحار، و هو علي بن صالح بن صالح بن حيّ الهمداني الكوفي أبو محمد. أنظر تقريب التهذيب 38:2.
6- الدهاقين: جمع دهقان، بالكسر و الضمّ، و هو رئيس القرية أو الاقليم، و يطلق على التاجر أيضا.
7- البراذين: جمع برذون، يطلق على غير العربي من الخيل و البغال.
8- في المصدر: فيما يعني، و ما أثبتناه من البحار.
9- بهرام: المرّيخ، فارسية، و هو أحد الكواكب في المجموعة الشمسية.

و ليس لك الحرب بمكان.

فتبسّم أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه)، ثمّ قال: أيّها الدّهقان، المنبئ بالأخبار، و المحذّر من الأقدار، أ تدري ما نزل البارحة في آخر الميزان، و أيّ نجم حلّ في السّرطان(1) ؟

قال: سأنظر ذلك. و أخرج من كمّه أسطرلابا(2) و تقويما، فقال له أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): أنت مسيّر الجاريات؟ قال: لا.

قال: أ فتقضي على الثابتات؟ قال: لا.

قال: فأخبرني عن طول الأسد(3) و تباعده عن المطالع(4) و المراجع؟ و ما الزّهرة(5) من التوابع و الجوامع؟ قال: لا علم لي بذلك.

قال: فما بين السّواري(6) إلى الدّراري، و ما بين الساعات إلى الفجرات(7) ، و كم قدر شعاع المدرات(8) ، و كم تحصيل(9) الفجر في الغدوات(10) ؟ قال: لا علم لي بذلك.

قال: هل علمت يا دهقان أنّ الملك اليوم انتقل من بيت إلى بيت في الصين،ل.

ص: 59


1- في المصدر: حلّ السرطان، و ما أثبتناه من البحار، و السّرطان: برج في السماء.
2- الأسطرلاب: جهاز استعمله المتقدّمون في تعيين ارتفاعات الأجرام السماوية و معرفة الوقت و الجهات الأصلية.
3- الأسد: أحد بروج السماء.
4- المطالع: جمع مطلع، بفتح اللام و كسرها، يطلق على مكان الطلوع و زمانه، و مطلع الشمس: مشرقها.
5- الزّهرة: أحد كواكب المجموعة الشمسية، ثاني كوكب في البعد عن الشمس، يقع بين عطارد و الأرض، و هو ألمع جرم سماوي باستثناء الشمس و القمر.
6- في البحار: السراري.
7- في البحار: المعجرات.
8- في البحار: المبدرات.
9- في البحار: تحصل.
10- قال العلامة المجلسي: يحتمل أن يكون المراد به زمان ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإنّ ذلك يختلف في الفصول.

و انقلب(1) برج ماجين، و احترقت دور بالزّنج(2) ، و طفح جبّ سرنديب(3) ، و تهدّم حصن الأندلس، و هاج نمل السّيح(4) ، و انهزم مرّاق الهند(5) ، و فقد ربّان اليهود بأيلة(6) ، و جذم بطريق(7) الروم برومية(8) ، و عمي راهب عمّوريّة(9) ، و سقطت شرّافات(10) القسطنطينية(11) ، أ فعالم أنت بهذه الحوادث، و ما الذي أحدثها شرقيّها أو غربيّها(12) من الفلك؟ قال: لا علم لي بذلك.

قال: فبأيّ الكواكب تقضي في أعلى القطب، و بأيّها تنحسّ من تنحسّ، قال:

لا علم لي بذلك.

قال: فهل علمت أنّه سعد اليوم اثنان و سبعون عالما في كلّ عالم سبعون عالما، منهم في البرّ، و منهم في البحر، و بعض في الجبال، و بعض في الغياض(13) ، و بعض فيّ.

ص: 60


1- في المصدر: و تغلّب، و ما أثبتناه من البحار.
2- الزّنج: من قرى نيسابور. مراصد الاطلاع 672:2.
3- سرنديب: هو الاسم القديم لجزيرة سيلان الواقعة جنوب الهند. و طفح جبّ سرنديب: أي امتلأ و ارتفع بئرها.
4- السّيح: واد باليمامة. مراصد الاطلاع 764:2.
5- في البحار: الهندي.
6- أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم - البحر الأحمر - مما يلي الشام. مراصد الاطلاع 138:1. و الرّبّان: رئيس الملاّحين.
7- البطريق: القائد من قادة الروم.
8- رومية: تطلق على مدينتين، إحداهما ببلاد الروم، و الأخرى بلد بالمدائن خرب، و المراد الأوّل. مراصد الاطلاع 642:2.
9- عمّورية: بلد ببلاد الروم. مراصد الاطلاع 963:2.
10- الشّرّافات: جمع شرّافة، زوائد توضع في أطراف الشيء تحلية له، و في البحار: الشّرفات، جمع شرفة، مثلّثات تبنى متقاربة في أعلى القصر أو السّور.
11- القسطنطينية: هي بيزنطا القديمة، عاصمة الامبراطورية البيزنطية، و هي اليوم في تركيا، و تسمى أيضا الآستانة. المنجد في الأعلام: 40.
12- في المصدر: شرقها و غربها، و ما أثبتناه من البحار، و علّق العلامة المجلسي على قوله: «و ما الذي أحدثها» أي بزعمك، و على قوله: «شرقيّها أو غربيّها» أي الكواكب.
13- الغياض: جمع غيضة، الأجمة، و الموضع الذي يكثر فيه الشجر و يلتفّ.

العمران فما الذي أسعدهم؟ قال: لا علم لي بذلك.

قال يا دهقان، أظنّك حكمت على اقتران المشتري(1) و زحل(2) لما استنارا لك في الغسق، و ظهر تلألؤ المرّيخ و تشريقه في السّحر، و قد سار فاتّصل جرمه بنجوم(3) تربيع القمر، و ذلك دليل على استخلاف(4) ألف ألف من البشر، كلّهم يولدون اليوم و الليلة، و يموت مثلهم و يموت هذا فإنّه منهم(5) - و أشار إلى جاسوس في عسكره لمعاوية - فلمّا قال ذلك ظنّ الرجل أنّه قال خذوه، فأخذه شيء في قلبه و تكسّرت نفسه في صدره فمات لوقته.

فقال (عليه السلام) للدّهقان: أ لم أرك عين التقدير(6) في غاية التصوير؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين.

فقال: يا دهقان، أنا مخبرك أنّي و صحبي هؤلاء لا شرقيّون و لا غربيّون، إنّما نحن ناشئة القطب، و ما زعمت البارحة أنّه انقدح من برج الميزان فقد كان يجب أن تحكم معه لي، لأنّ نوره و ضياءه عندي، فلهبه ذاهب(7) عنّي.

يا دهقان: هذه قضية عيص(8) ، فاحسبها و ولدها إن كنت عالما بالأكوار و الأدوار، و لو علمت ذلك لعلمت أنّك تحصي عقود القصب في هذه الأجمة.

و مضى أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه)، فهزم أهل النّهروان و قتلهم فعاد بالغنيمة و الظّفر، فقال الدّهقان: ليس هذا العلم بأيدي أهل زماننا، هذا علم مادّته من السماء(9).8.

ص: 61


1- المشتري: أكبر الكواكب السيّارة.
2- زحل: أبعد الكواكب السيّارة في النظام الشمسي.
3- في البحار: بجرم.
4- في البحار: استحقاق.
5- (فإنّه منهم) أضفناها من البحار.
6- في البحار: غير التقدير، قال العلامة المجلسي: أي التغيّرات الناشئة من تقديرات اللّه (تعالى)، و عين التقدير: أي أصله.
7- في المصدر: ذهب، و ما أثبتناه من البحار.
8- العيص: الأجمة، أي الشجر الكثير الملتفّ، كأنّه كنّى بها عن تشابكها و صعوبتها، و العيص أيضا: الأصل، و قال في البحار: و في بعض النسخ «عويصة» أي صعبة شديدة.
9- فرج المهموم: 23/102، البحار 13/229:58.

ملحق:

و ممّا يلحق بهذا المستدرك الخبر الذي نقله العلامة المجلسي في البحار - الطبع الحجري 220:8 - قال:

أجاز لي بعض الأفاضل في مكّة - زاد اللّه شرفها - رواية هذا الخبر، و أخبرني أنّه أخرجه من الجزء الثاني من كتاب (دلائل الامامة) و هذه صورته:

حدّثنا أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التّلّعكبري، قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا أبو علي محمّد بن همّام، قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدّثني عبد الرحمن بن سنان الصيرفي، عن جعفر بن علي الحوار، عن الحسن بن مسكان، عن المفضّل بن عمر الجعفي، عن جابر الجعفي، عن سعيد بن المسيّب، قال: الخبر، و هو طويل يتضمّن ذكر واقعة الطفّ، و أثرها في أهل المدينة، و ورود عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب دمشق صارخا، لاطما وجهه، شاقّا جيبه، معترضا على يزيد، محرّضا عليه، فأقنعه يزيد بأن أخرج إليه صحيفة تحتوي على عهد كتبه عمر بن الخطّاب - و قيل: عثمان بن عفّان - إلى معاوية بن أبي سفيان.

و قد أشرنا إلى هذا الخبر لكونه من الجزء المفقود من كتابنا هذا، تاركين التعرّض لتفاصيله، محيلين القارئ الكريم إلى مظانّه.

ص: 62

دلائل الامامة للمحدّث الشّيخ أبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطّبريّ الصّغير من أعلام القرن الخامس الهجريّ تحقيق قسم الدّراسات الاسلاميّة مؤسّسة البعثة قم

ص: 63

ص: 64

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)

مُسْنَدُهَا

1/ 1 - أَخْبَرَنَا(1) الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْجِعَابِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ الْيَزِيدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَسَدٍ أَبُو الْأَسْوَدِ النُّوشْجَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رُوَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمِنْقَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) فَقَالَ: يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ، هَلْ تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عِنْدَكَ شَيْئاً: تُطْرِفِينِيهِ(2).

فَقَالَتْ: يَا جَارِيَةُ، هَاتِ تِلْكَ الْحَرِيرَةَ.

ص: 65


1- (أخبرنا) ليس في «ع»، و قد سقطت هنا الواسطة بين الطّبريّ و الجعابيّ، و لعلّه: أبو طاهر عبد اللّه بن أحمد الخازن، كما سيأتي في الحديث (25) من دلائل الإمام زين العابدين (عليه السّلام) و الحديث (32) من دلائل الإمام صاحب الزّمان (عليه السّلام).
2- في «م، ع»: فطوقنيه. تطرفينيه: أَيْ تتحفيني به. «أنظر المعجم الوسيط - طرف - 555:2».

فَطَلَبَتْهَا فَلَمْ تَجِدْهَا، فَقَالَتْ: وَيْحَكِ اطْلُبِيهَا، فَإِنَّهَا تَعْدِلُ عِنْدِي حَسَناً وَ حُسَيْناً.

فَطَلَبَتْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ قَمَمَتْهَا(1) فِي قُمَامَتِهَا، فَإِذَا فِيهَا:

قَالَ مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «لَيْسَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَمْ يَأْمَنْ جَارُهُ بَوَائِقَهُ(2) ، وَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلاَ يُؤْذِي جَارَهُ، وَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ يَسْكُتْ.

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْخَيِّرَ(3) الْحَلِيمَ الْمُتَعَفِّفَ، وَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الضَّنِينَ السَّئَّالَ الْمُلْحِفَ.

إِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ الْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَ إِنَّ الْفُحْشَ مِنَ الْبَذَاءِ، وَ الْبَذَاءُ فِي النَّارِ»(4).

2/ 2 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، [عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ](5) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيِّ، عَنْ رَوْحِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ، رَفَعَهُ، عَنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)، قَالَتْ:

أَصَابَ النَّاسَ زَلْزَلَةٌ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، فَفَزِعَ النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ، فَوَجَدُوهُمَا قَدْ خَرَجَا فَزِعَيْنِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَتَبِعَهُمَا النَّاسُ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى بَابِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) غَيْرَ مُكْتَرِثٍ لِمَا هُمْ فِيهِ، فَمَضَى وَ اتَّبَعَهُ النَّاسُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى تَلْعَةٍ(6) ، فَقَعَدَ عَلَيْهَا وَ قَعَدُوا حَوْلَهُ، وَ هُمْ يَنْظُرُونَ».

ص: 66


1- قم الشّيء: كنسه، و القمامة: الكناسة «لسان العرب - قمم - 493:12».
2- أيّ غوائله و شرّه، أو ظلمه و غشمه «لسان العرب - بوق - 30:10».
3- في «ع»: الخبير.
4- روى قطعة منه في الزّهد: 10/6 و: 20/10 و الكافي 6/489:2 و البخاريّ في صحيحه 48/19:8 و مسلم في صحيحه 75/68:1 و 77 و البغويّ في مصابيح السّنّة 169:3 نحوه.
5- (قال: حدّثنا أحمد بن محمّد) ليس في «ع»، و ما بين المعقوفتين أضفناه من علل الشّرائع، و رجال الشّيخ: 28/520 و معجم رجال الحديث 323:2 و 327 و 273:14 و 26:15 و 52.
6- التّلعة: أرض مرتفعة غليظة «العين - تلع - 71:2».

إِلَى حِيطَانِ الْمَدِينَةِ تَرْتَجُّ جَائِيَةً وَ ذَاهِبَةً.

فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): كَأَنَّكُمْ قَدْ هَالَكُمْ مَا تَرَوْنَ؟

قَالُوا: وَ كَيْفَ لاَ يَهُولُنَا وَ لَمْ نَرَ مِثْلَهَا قَطُّ؟

قَالَتْ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ): فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَ الْأَرْضَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا لَكِ؟ اسْكُنِي.

فَسَكَنَتْ، فَعَجِبُوا مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ تَعَجُّبُهِمِ أَوَّلاً حَيْثُ خَرَجَ إِلَيْهِمْ. قَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ قَدْ عَجِبْتُمْ مِنْ صَنِيعِي؟! قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: أَنَا الرَّجُلُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها * وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها * وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها فَأَنَا الْإِنْسَانُ الَّذِي أَقُولُ لَهَا:

مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (1) إِيَّايَ تُحَدِّثُ(2).

3/ 3 - وَ حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ [بْنِ مُوسَى] بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمَّيْ أَبِيهِ: الْحُسَيْنِ وَ عَلِيٍّ ابْنَيْ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ(3) ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ) قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَ لاَ أُبَشِّرُكِ؟! إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُتْحِفَ زَوْجَةَ وَلِيِّهِ فِي الْجَنَّةِ بَعَثَ إِلَيْكِ، تَبْعَثِينَ إِلَيْهَا مِنْ حُلِيِّكِ(4).

4/ 4 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى بْنِ عَاصِمِ بْنِ زُفَرَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو الدَّبَّاغُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْجَارُودِ، قَالَ: حَدَّثَنَا3.

ص: 67


1- الزّلزلة 1:99-4.
2- علل الشّرائع: 8/556، مناقب ابن شهرآشوب 324:2 «قطعه».
3- في «ع، م» محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عمّه زيد (ع: يزيد) بن عليّ، عن أبيهما، عن عليّ بن الحسين، و لا يخلو من سقط و تصحيف، و صححناه وفقا للحديث السّابع، و معجم رجال الحديث 93:15 و 107.
4- البحار 80:43.

أَبُو الْجَحَّافِ(1) ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ عَلِيٍّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَمَا إِنَّكَ - يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ - وَ شِيعَتُكَ فِي الْجَنَّةِ(2).

5/ 5 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ شَاذَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عُمَرَ الطَّحَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الطُّفَيْلِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَبَسَطَ ثَوْباً فَقَالَ: اجْلِسِي عَلَيْهِ.

ثُمَّ دَخَلَ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: اجْلِسْ مَعَهَا.

ثُمَّ دَخَلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: اجْلِسْ مَعَهُمَا.

ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: اجْلِسْ مَعَهُمْ.

ثُمَّ أَخَذَ بِمَجَامِعِ الثَّوْبِ فَضَمَّهُ عَلَيْنَا، ثُمَّ قَالَ:

اللَّهُمَّ هُمْ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُمْ، اللَّهُمَّ أَرْضِ عَنْهُمْ كَمَا أَنِّي عَنْهُمْ رَاضٍ(3).

6/ 6 - وَ أَخْبَرَنِي الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حَاتِمٍ التَّمَّارُ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ فَهْدِ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّافِعِيُّ(4) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)2.

ص: 68


1- في «ط، ع، م»: أبو الحجابي، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو أبو الجحاف داود بن أبي عوف، روى هذا الحديث عن محمّد بن عمرو بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب الهاشميّ، عن زينب، انظر مسند أبي يعلى 12: 11/116. و روى عنه أبو الجارود زياد بن المنذر، انظر تهذيب الكمال 435:8.
2- كشف الغمّة 137:1.
3- رواه أبو بكر الهيثمي في مجمع الزّوائد 169:9 من طريق الطّبرانيّ في الأوسط، و أخرجه في منتخب كنز العمّال المطبوع بهامش مسند أحمد 96:5 نحوه، ينابيع المودّة: 259.
4- هذه النّسبة إلى الجدّ، فهو: إبراهيم بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن أبي رافع الرّافعيّ المدنيّ، روى عن أبيه، و روى عنه يعقوب بن حميد، انظر رجال الشّيخ الطّوسيّ: 65/146، و تهذيب الكمال 155:2.

فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إِنَّ هَذَيْنِ لَمْ تُوْرِثْهُمَا شَيْئاً.

قَالَ: أَمَّا الْحَسَنُ فَلَهُ هَيْبَتِي وَ سُؤْدُدِي، وَ أَمَّا الْحُسَيْنُ فَلَهُ جُرْأَتِي وَ جُودِي(1).

7/ 7 - وَ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئُ، صَاحِبُ الْكِسَائِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّا أَبِي: الْحُسَيْنُ وَ عَلِيٌّ ابْنَا مُوسَى، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ فَاطِمَةَ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ) قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

يَا حَبِيبَةَ أَبِيهَا، كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ(2).

8/ 8 - وَ أَخْبَرَنِي الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ:

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِبَرِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ صَبِيحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُسَاوِرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَزَوَّرِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ(3) أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَهْ. فَقَالَ: وَ عَلَيْكَ السَّلاَمُ يَا بُنَيَّةِ.

قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَ اللَّهِ، مَا أَصْبَحَ - يَا نَبِيَّ اللَّهِ - فِي بَيْتِ عَلِيٍّ حَبَّةُ طَعَامٍ، وَ لاَ دَخَلَ بَيْنَ شَفَتَيْهِ طَعَامٌ مُنْذُ خَمْسٍ، وَ لاَ أَصْبَحَتْ لَهُ ثَاغِيَةٌ وَ لاَ رَاغِيَةٌ(4) ، وَ لاَ أَصْبَحَ فِي بَيْتِهِ سُفَّةٌ2.

ص: 69


1- الخصال: 122/77، إرشاد المفيد: 187، ألقاب الرّسول و عترته: 247 نحوه، روضة الواعظين: 156، اعلام الورى: 211، أسد الغابة 467:5، كشف الغمّة 516:1، المستجاد من كتاب الارشاد: 432.
2- الكافي 3/408:6، كنز العمّال 14762/511:5 عن ابن عمر «نحوه».
3- (بن) ليس في «ع»، و في أمالي الصّدوق لم يذكر (الخدريّ) و في أمالي الطّوسيّ: عن القاسم، عن أبي سعد، و لعلّه القاسم بن عوف الشّيبانيّ الّذي يروي عنه ابن الحزوّر، و يروي هو عن جماعة من الصّحابة و التّابعين. انظر تهذيب التّهذيب 296:7 و 326:8.
4- الثاغية: الشّاة و الراغية: النّاقة، أيّ ما له شيء، و هو مثل. انظر مجمع الأمثال 284:2 و المستقصى في أمثال العرب 330:2.

وَ لاَ هُفَّةٌ(1).

فَقَالَ لَهَا: ادْنِي مِنِّي. فَدِنْتُ مِنْهُ، فَقَالَ لَهَا: أَدْخِلِي يَدَكِ بَيْنَ ظَهْرِي وَ ثَوْبِي. فَإِذَا هِيَ بِحَجَرٍ بَيْنَ كَتِفَيِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَرْبُوطٍ بِعِمَامَتِهِ إِلَى صَدْرِهِ، فَصَاحَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) صَيْحَةً شَدِيدَةً، وَ قَالَ: مَا أُوقِدَتْ فِي بُيُوتِ(2) آلِ مُحَمَّدٍ نَارٌ مُنْذُ شَهْرٍ.

ثُمَّ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَ تَدْرِينَ مَا مَنْزِلَةُ عَلِيٍّ؟ كَفَانِي أَمْرِي وَ هُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ ضَرَبَ بَيْنَ يَدَيَّ بِالسَّيْفِ وَ هُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ قَتَلَ الْأَبْطَالَ وَ هُوَ ابْنُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ فَرَّجَ هُمُومِي وَ هُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَ رَفَعَ بَابَ خَيْبَرَ وَ هُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً(3) وَ كَانَ لاَ(4) يَرْفَعُهُ خَمْسُونَ رَجُلاً.

فَأَشْرَقَ لَوْنُ فَاطِمَةَ، وَ لَمْ تَقَرَّ قَدَمَاهَا مَكَانَهَا حَتَّى أَتَتْ عَلِيّاً، فَإِذَا الْبَيْتُ قَدْ أَنَارَ لِنُورِ(5) وَجْهِهَا، فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا ابْنَةَ مُحَمَّدٍ، لَقَدْ خَرَجْتِ مِنْ عِنْدِي وَ وَجْهُكِ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ!

فَقَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ حَدَّثَنِي بِفَضْلِكَ، فَمَا تَمَالَكْتُ حَتَّى جِئْتُكَ.

فَقَالَ لَهَا: كَيْفَ لَوْ حَدَّثَكِ(6) بِكُلِّ فَضْلِي؟!(7).

9/ 9 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْعِجْلِيُّ الْقَرْمِيسِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بِنْتِ إِلْيَاسَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا(8) ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ5.

ص: 70


1- السُّفَّةُ: ما ينسج من الخوص كالزبيل، و الهفة: السّحاب الّذي لا ماء فيه. أيّ لا مشروب في بيتك و لا مأكول، النّهاية 267:5.
2- (بيوت) ليس في «م، ع».
3- في «ط»: نيّف و عشرين.
4- (لا) ليس في «م».
5- في «ط» بنور.
6- في «م، ع»: و لو حدّثتك.
7- أمالي الصّدوق: 13/326 و أمالي الطّوسيّ 54:2 قطعة منه.
8- (قال حدّثني محمّد بن الحسن... الرّضا) ليس في «ط، م»، انظر رجال النّجاشيّ: 39، معجم رجال الحديث 34:5.

جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ)، قَالَتْ: قَالَ لِي أَبِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

إِيَّاكَ وَ الْبُخْلَ، فَإِنَّهُ عَاهَةٌ لاَ تَكُونُ فِي كَرِيمٍ، إِيَّاكَ وَ الْبُخْلَ فَإِنَّهُ شَجَرَةٌ فِي النَّارِ، وَ أَغْصَانُهَا فِي الدُّنْيَا، فَمَنْ تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا أَدْخَلَهُ النَّارَ، وَ السَّخَاءُ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَ أَغْصَانُهَا فِي الدُّنْيَا(1) فَمَنْ تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ(2).

10/ 10 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ(3) ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ(4) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ:

إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا خَيْراً إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ؟

قَالَ: إِذَا تَدَلَّى نِصْفُ عَيْنِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ.

قَالَ: وَ كَانَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) تَقُولُ لِغُلاَمِهَا: اصْعَدْ عَلَى السَّطْحِ، فَإِنْ رَأَيْتَ نِصْفَ عَيْنِ الشَّمْسِ قَدْ تَدَلَّى لِلْغُرُوبِ فَأَعْلِمْنِي حَتَّى أَدْعُوَ(5).9.

ص: 71


1- (و أغصانها في الدنيا) ليس في «ع، م».
2- قرب الاسناد: 55 «نحوه».
3- هو سلم بن قتيبة الشعيري، روى عن الأصبغ بن زيد بن علي الجهني، و روى عنه أبو سعيد يحيى بن حكيم المقوّمي، انظر تهذيب الكمال 301:3 و 232:11.
4- في «ط، م، ع»: نافع، و في المعاني: رافع. و ما في المتن هو الصواب، روى عنه الأصبغ، انظر تهذيب الكمال 301:3، و اشار لهذا الحديث في لسان الميزان 28:3 عن مسند إسحاق.
5- معاني الأخبار: 59/399.

11/ 11 - حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ فِي الْجُزْءِ الْخَامِسِ مِنْ (مَقَاتِلٍ آلِ أَبِي طَالِبٍ) وَ نَحْنُ نَقْرَأُهُ عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَرَجِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ الْكَاتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي(1) الْعُطُوسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ - يَعْنِي ابْنَ(2) عَلْقَمَةَ - عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الَّذِي أَفْلَتَ مِنَ الثَّمَانِيَةِ، قَالَ:

لَمَّا أُدْخِلْنَا الْحَبْسَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ سَخَطٍ مِنْكَ عَلَيْنَا فَاشْدُدْ حَتَّى تَرْضَى.

فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ: مَا هَذَا، يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟!

ثُمَّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ فَاطِمَةَ الصُّغْرَى، عَنْ أَبِيهَا(3) ، عَنْ جَدَّتِهَا فَاطِمَةَ الْكُبْرَى بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ:

يُدْفَنُ مِنْ وُلْدِي سَبْعَةٌ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ، لَمْ يَسْبِقْهُمُ الْأَوَّلُونَ، وَ لَمْ يُدْرِكْهُمُ الْآخَرُونَ.

فَقُلْتُ: نَحْنُ ثَمَانِيَةٌ! قَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ.

قَالَ: فَلَمَّا فَتَحُوا الْبَابَ وَجَدُوهُمْ مَوْتَى، وَ أَصَابُونِي وَ بِي رَمَقٌ، فَسَقَوْنِي مَاءً وَ أَخْرَجُونِي فَعِشْتُ(4).

12/ 12 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيُّ الْحَسَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ1.

ص: 72


1- (أبي. ليس في المقاتل.
2- زاد في «ط، م»: أبي، و الصّواب ما في المتن، ترجم له في الجرح و التعديل 43:6 و ذكر روايته عن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن، و رواية ابن أبي ليلى عنه.
3- (عن أبيها) ليس في «ع».
4- مقاتل الطّالبيّين: 131.

الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ) قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا فَاطِمَةُ، أَ لاَ أُعَلِّمُكِ دُعَاءً لاَ يَدْعُو بِهِ أَحَدٌ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ، وَ لاَ يَحِيكُ(1) فِي صَاحِبِهِ سَمٌّ وَ لاَ سِحْرٌ، وَ لاَ يَعْرِضُ لَهُ شَيْطَانٌ بِسُوءٍ، وَ لاَ تُرَدَّ لَهُ دَعْوَةٌ، وَ تُقْضَى حَوَائِجُهُ كُلُّهَا، الَّتِي يُرَغَّبُ إِلَى اللَّهِ فِيهَا عَاجَلَهَا وَ آجِلَهَا؟

قُلْتُ: أَجَلْ يَا أَبَهْ، لِهَذَا وَ اللَّهِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا. قَالَ: تَقُولِينَ:

يَا اللَّهُ، يَا أَعَزَّ مَذْكُورٍ وَ أَقْدَمَهُ قِدَماً فِي الْعِزَّةِ وَ الْجَبَرُوتِ، يَا اللَّهُ، يَا رَحِيمَ كُلِّ مُسْتَرْحِمٍ، وَ مَفْزَعَ كُلِّ مَلْهُوفٍ، يَا اللَّهُ، يَا رَاحِمَ كُلِّ حَزِينٍ يَشْكُو بَثَّهُ وَ حُزْنَهُ إِلَيْهِ، يَا اللَّهُ، يَا خَيْرَ مَنْ طُلِبَ الْمَعْرُوفُ مِنْهُ وَ أَسْرَعَهُ إِعْطَاءً، يَا اللَّهُ، يَا مَنْ تَخَافُ الْمَلاَئِكَةُ الْمُتَوَقِّدَةُ بِالنُّورِ مِنْهُ، أَسْأَلُكَ بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي يَدْعُوكَ بِهَا حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَ مَنْ حَوْلَ عَرْشِكَ، يُسَبِّحُونَ بِهَا شَفَقَةً مِنْ خَوْفِ عَذَابِكَ؛ وَ بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي يَدْعُوكَ بِهَا جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ إِلاَّ أَجَبْتَنِي وَ كَشَفْتَ يَا إِلَهِي كُرْبَتِي، وَ سَتَرْتَ ذُنُوبِي.

يَا مَنْ يَأْمُرُ بِالصَّيْحَةِ فِي خَلْقِهِ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ [يُحْشَرُونَ](2) ، أَسْأَلُكَ بِذَلِكَ الاِسْمِ الَّذِي تُحْيِي بِهِ الْعِظَامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ، أَنْ تُحْيِيَ قَلْبِي، وَ تَشْرَحَ صَدْرِي، وَ تُصْلِحَ شَأْنِي.

يَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ، وَ خَلَقَ لِبَرِيَّتِهِ الْمَوْتَ وَ الْحَيَاةَ، يَا مَنْ فِعْلُهُ قَوْلٌ، وَ قَوْلُهُ أَمْرٌ، وَ أَمْرُهُ مَاضٍ عَلَى مَا يَشَاءُ.

أَسْأَلُكَ بِالاِسْمِ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ خَلِيلُكَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَ قُلْتَ:

يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (3) وَ بِالاِسْمِ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ مُوسَى مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ.

وَ بِالاِسْمِ الَّذِي كَشَفْتَ بِهِ عَنْ أَيُّوبَ الضُّرَّ، وَ تُبْتَ بِهِ عَلَى دَاوُدَ، وَ سَخَّرْتَ بِهِ1.

ص: 73


1- لا يحيك: لا يؤثر «النّهاية 470:1».
2- ما بين المعقوفتين من مهج الدّعوات. و السّاهرة: أرض يجدّدها اللّه يوم القيامة. «لسان العرب - سهر - 383:4».
3- الأنبياء 69:21.

لِسُلَيْمَانَ الرِّيحُ تَجْرِي بِأَمْرِهِ وَ الشَّيَاطِينُ، وَ عَلَّمْتَهُ مَنْطِقَ الطَّيْرِ.

وَ بِالاِسْمِ الَّذِي وَهَبْتَ بِهِ لِزَكَرِيَّا يَحْيَى، وَ خَلَقْتَ عِيسَى مِنْ رُوحِ الْقُدُسِ مِنْ غَيْرِ أَبٍ(1).

وَ بِالاِسْمِ الَّذِي خَلَقْتَ بِهِ الْعَرْشَ وَ الْكُرْسِيَّ.

وَ بِالاِسْمِ الَّذِي خَلَقْتَ بِهِ الرُّوحَانِيِّينَ.

وَ بِالاِسْمِ الَّذِي خَلَقْتَ بِهِ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ.

وَ بِالاِسْمِ الَّذِي خَلَقْتَ بِهِ جَمِيعَ الْخَلْقِ وَ جَمِيعَ مَا أَرَدْتَ مِنْ شَيْ ءٍ.

وَ بِالاِسْمِ الَّذِي قَدَرْتَ بِهِ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ.

أَسْأَلُكَ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ لَمَّا أَعْطَيْتَنِي سُؤْلِي(2) ، وَ قَضَيْتَ بِهَا حَوَائِجِي.

فَإِنَّهُ يُقَالُ لَكِ: يَا فَاطِمَةُ، نَعَمْ نَعَمْ(3).

13/ 13 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَزْوِينِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ مَقْبُرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ(4) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَازِنِيُّ(5) ، عَنْ عَبَّادٍ الْكَلْبِيِّ(6) ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ فَاطِمَةَ الصُّغْرَى، عَنِ الْحُسَيْنِ).

ص: 74


1- (من غير أب) ليس في «ع».
2- في «م»: سؤالي.
3- مهج الدّعوات: 139.
4- في «ط»: وابق، و في «ع»: وامق، كلاهما تصحيف، ترجم له في تهذيب الكمال 150:5، و ذكر روايته عن محمّد بن عمر المازنيّ، و رواية محمّد بن عبد اللّه بن سليمان الحضرميّ المعروف بمطين الكوفيّ عنه.
5- في «ط، ع، م»: الملدي، تصحيف، صوابه ما في المتن من الأمالي، و انظر التعليقة السّابقة و سند الحديث (65).
6- في «ط، ع، م»: الكلينيّ، تصحيف، صوابه ما في المتن، عدّه البرقيّ في رجاله: 23، و الطّوسيّ في رجاله: 284/241 من أصحاب الإمام الصّادق (عليه السّلام).

ابْنِ عَلِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَتْ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَقَالَ:

إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَاهَى بِكُمْ وَ غَفَرَ لَكُمْ عَامَّةً، وَ لِعَلِيٍّ خَاصَّةً، وَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ غَيْرَ مُحَابٍ لِقَرَابَتِي، هَذَا جَبْرَئِيلُ يُخْبِرُنِي أَنَّ السَّعِيدَ، كُلَّ السَّعِيدِ، حَقَّ السَّعِيدِ، مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً فِي حَيَاتِهِ وَ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَ أَنَّ الشَّقِيَّ، كُلَّ الشَّقِيِّ، حَقَّ الشَّقِيِّ مَنْ أَبْغَضَ عَلِيّاً فِي حَيَاتِهِ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ(1).

14/ 14 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ ابْنِ حُمَيْدٍ الْمُجَدَّرُ(2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَمَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُطْبُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي(3) سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ الصُّغْرَى، عَنْ أَبِيهَا الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، عَنْ فَاطِمَةَ الْكُبْرَى ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَقُولُ:

بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَ اغْفِرْ ذُنُوبِي، وَ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ.

وَ إِذَا خَرَجَ يَقُولُ:

بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَ اغْفِرْ ذُنُوبِي، وَ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ(4).

15/ 15 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَيَادِيُّ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ(5)ت.

ص: 75


1- أمالي الصّدوق: 8/153، بشارة المصطفى: 149 «نحوه»، المناقب للخوارزمي: 37، الفصول المهمّة: 125، و قطعة منه في العمدة: 304/200، و شرح ابن أبي الحديد 168:9، و كشف الغمّة 450:1.
2- في «ط»: محمّد بن هارون بن المحرز، و في «ع»: محمّد بن هارون بن حميد بن المحرز، و في «م»:... بن حميد المحرز، و الظّاهر صحّة ما في المتن، ترجم له في تاريخ بغداد 357:3، و سير أعلام النبلاء 436:14.
3- (أبي) ليس في «ع، م»، و هو ليث بن أبي سليم بن زنيم الكوفيّ، روى عن عبد اللّه بن الحسن، انظر تهذيب التّهذيب 465:8، معجم رجال الحديث 139:14 و 140 و الحديث الآتي.
4- مسند أبي يعلى 16/121:12، «نحوه»، أمالي الطّوسيّ 15:2 «نحوه».
5- في «ع، م»: فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة بنت.

رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ:

خِيَارُكُمْ أَلْيَنُكُمْ مَنَاكِبَ، وَ أَكْرَمُهُمْ لِنِسَائِهِمْ(1).

16/ 16 - وَ عَنْهُ(2) ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو فَاطِمَةَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبُهْلُولِ الْقَاضِي الْأَنْبَارِيُّ التَّنُوخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ، عَنْ شَيْبَةَ بْنِ نَعَامَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ الصُّغْرَى، عَنْ أَبِيهَا(3) عَنْ فَاطِمَةَ الْكُبْرَى (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

لِكُلِّ نَبِيٍّ عَصَبَةٌ يَنْتَمُونَ إِلَيْهِ، وَ إِنَّ فَاطِمَةَ عَصَبَتِي، إِلَيَّ تَنْتَمِي(4).

خبر الولادة

17/ 17 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ الْقُمِّيُّ، ابْنُ أُخْتِ(5) سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الشُّورَى(6) ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَشْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ(7) الْأَنْبَارِيُّ، عَنْ

ص: 76


1- قطعة منه في الجعفريّات: 35 و الفردوس 2858/172:2 و عوالي اللآلئ 226/178:10 و كنز العمّال 20081/525:7.
2- أيّ الطّبريّ المصنّف، لأنّ القاضي أبا إسحاق من شيوخه كما تقدّم.
3- (عن أبيها) ليس في «ع، م».
4- بشارة المصطفى: 40 نحوه.
5- في ترجمته من رجال النّجاشيّ: 1079/407: ابن بنت، و ذكر له كتابا رواه عنه محمّد بن عبد اللّه. و كذا في مصباح الأنوار «مخطوط».
6- في مصباح الأنوار: ابن أبي الشّوارب.
7- في «ط، ع، م»: زيد، تصحيف صوابه ما في المتن، روى عن حمّاد بن عيسى، انظر رجال النّجاشيّ: 1215/450، معجم رجال الحديث 147:20.

حَمَّادِ(1) بْنِ عِيسَى، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ(2) ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): كَيْفَ كَانَتْ وِلاَدَةُ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)؟

قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ خَدِيجَةَ (رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا) لَمَّا تَزَوَّجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) هَجَرَتْهَا نِسْوَةُ مَكَّةَ، فَكُنَّ لاَ يَدْخُلْنَ عَلَيْهَا، وَ لاَ يُسَلِّمْنَ عَلَيْهَا، وَ لاَ يَتْرُكْنَ امْرَأَةً تَدْخُلُ عَلَيْهَا، فَاسْتَوْحَشَتْ خَدِيجَةُ مِنْ ذَلِكَ.

فَلَمَّا حَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)، وَ كَانَتْ خَدِيجَةُ تَغْتَمُّ وَ تَحْزَنُ إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ تُحَدِّثُهَا مِنْ بَطْنِهَا، وَ تُصَبِّرُهَا، وَ كَانَ حُزْنُ خَدِيجَةَ وَ حَذَرُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.

وَ كَانَتْ خَدِيجَةُ تَكْتُمُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَدَخَلَ يَوْماً، فَسَمِعَ خَدِيجَةَ تُحَدِّثُ فَاطِمَةَ، فَقَالَ لَهَا: يَا خَدِيجَةُ، مَنْ يُحَدِّثُكَ؟!

قَالَتْ: الْجَنِينُ الَّذِي فِي بَطْنِي يُحَدِّثُنِي وَ يُؤْنِسُنِي.

فَقَالَ لَهَا: يَا خَدِيجَةُ، هَذَا جَبْرَئِيلُ يُبَشِّرُنِي بِأَنَّهَا أُنْثَى، وَ أَنَّهَا النَّسَمَةُ الطَّاهِرَةُ الْمَيْمُونَةُ، وَ أَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) سَيَجْعَلُ نَسْلِي مِنْهَا، وَ سَيَجْعَلُ مِنْ نَسْلِهَا أَئِمَّةً فِي الْأُمَّةِ، وَ يَجْعَلُهُمْ خُلَفَاءَ فِي أَرْضِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ وَحْيِهِ.

فَلَمْ تَزَلْ خَدِيجَةُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ حَضَرَتْ وِلاَدَتُهَا، فَوَجَّهَتْ إِلَى نِسَاءِ قُرَيْشٍ وَ بَنِي هَاشِمٍ لِيَلِينَ مِنْهَا مَا تَلِي النِّسَاءُ مِنَ النِّسَاءِ. فَأَرْسَلْنَ إِلَيْهَا بِأَنَّكَ عَصَيْتِنَا(3) ، وَ لَمْ تَقْبَلِي قَوْلَنَا، وَ تَزَوَّجْتِ مُحَمَّداً، يَتِيمَ أَبِي طَالِبٍ، فَقِيراً لاَ مَالَ لَهُ، فَلَسْنَا نَجِيئُكِ، وَ لاَ نَلِي مِنْ أَمْرِكِ [شَيْئاً](4) ، فَاغْتَمَّتْ خَدِيجَةُ لِذَلِكَ.ى.

ص: 77


1- في «ط، ع، م»: همّام، تصحيف، صوابه ما في المتن، روى عنه يعقوب بن يزيد، انظر رجال النّجاشيّ: 370/142، معجم رجال الحديث 224:6.
2- في «ط، ع، م»: بن زرعة بن عبد اللّه، و ما في المتن من الأمالي و مصباح الأنوار، و هو الصّواب، روى عن المفضّل بن عمر في موارد اخرى كثيرة. انظر معجم رجال الحديث 261:7.
3- في «م، ط»: أغضبتينا.
4- من الأمالي و مصادر اخرى.

فَبَيْنَا هِيَ فِي ذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ طِوَالٍ كَأَنَّهُنَّ مِنْ نِسَاءِ بَنِي هَاشِمٍ، فَفَزِعَتْ مِنْهُنَّ، فَقَالَتْ لَهَا إِحْدَاهُنَّ: لاَ تَحْزَنِي - يَا خَدِيجَةُ - فَإِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ إِلَيْكَ، وَ نَحْنُ أَخَوَاتُكَ، أَنَا سَارَةُ، وَ هَذِهِ آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ وَ هِيَ رَفِيقَتُكِ فِي الْجَنَّةِ، وَ هَذِهِ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَ هَذِهِ صَفُورَاءُ بِنْتُ شُعَيْبٍ؛ بَعَثَنَا اللَّهُ إِلَيْكِ لِنَلِيَ مِنْ أَمْرِكِ مَا تَلِي النِّسَاءُ مِنْ النِّسَاءِ.

فَجَلَسَتْ وَاحِدَةٌ عَنْ يَمِينِهَا، وَ الْأُخْرَى(1) عَنْ يَسَارِهَا، وَ الثَّالِثَةُ بَيْنَ(2) يَدَيْهَا، وَ الرَّابِعَةُ مِنْ خَلْفِهَا، فَوَضَعَتْ خَدِيجَةُ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) طَاهِرَةً مُطَهَّرَةً، فَلَمَّا سَقَطَتْ إِلَى الْأَرْضِ أَشْرَقَ مِنْهَا النُّورُ حَتَّى دَخَلَ بُيُوتَاتِ مَكَّةَ، وَ لَمْ يَبْقَ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَ لاَ غَرْبِهَا مَوْضِعٌ إِلاَّ أَشْرَقَ فِيهِ ذَلِكَ النُّورُ.

فَتَنَاوَلَتْهَا الْمَرْأَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَ دَخَلَتْ عَشْرٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَعَهَا طَسْتٌ مِنَ الْجَنَّةِ وَ إِبْرِيقٌ، وَ فِي الْإِبْرِيقِ مَاءٌ مِنَ الْكَوْثَرِ، فَتَنَاوَلَتْهَا الْمَرْأَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهَا فَغَسَلَتْهَا بِمَاءِ الْكَوْثَرِ، وَ أَخْرَجَتْ خِرْقَتَيْنِ بَيْضَاوَتَيْنِ، أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَ أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ، فَلَفَّتْهَا بِوَاحِدَةٍ، وَ قَنَّعَتْهَا بِأُخْرَى.

ثُمَّ اسْتَنْطَقَتْهَا فَنَطَقَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) بِشَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَ أَنَّ أَبِي رَسُولَ اللَّهِ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ، وَ أَنَّ بَعْلِي(3) سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ، وَ أَنَّ وَلَدَيَّ سَيِّدَا الْأَسْبَاطِ. ثُمَّ سَلَّمَتْ عَلَيْهِنَّ، وَ سَمَّتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِاسْمِهَا، وَ ضَحِكْنَ إِلَيْهَا.

وَ تَبَاشَرَتِ(4) الْحُورُ الْعِينُ، وَ بَشَّرَ أَهْلُ الْجَنَّةِ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِوِلاَدَةِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)، وَ حَدَثَ فِي السَّمَاءِ نُورٌ زَاهِرٌ، لَمْ تَرَهُ الْمَلاَئِكَةُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا).

وَ قَالَتْ: خُذِيهَا، يَا خَدِيجَةُ، طَاهِرَةً مُطَهَّرَةً، زَكِيَّةً مَيْمُونَةً، بُورِكَ فِيهَا وَ فِي نَسْلِهَا.

فَتَنَاوَلَتْهَا خَدِيجَةُ فَرْحَةُ مُسْتَبْشِرَةً، فَأَلْقَمَتْهَا ثَدْيَهَا، فَشَرِبَتْ فَدَرَّ عَلَيْهَا،ن.

ص: 78


1- في «ط»: الثّانية.
2- في «ع، م»: من بين.
3- في «ط»: بعلها عليّا.
4- في «ع، م»: تباشرن.

وَ كَانَتْ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) تَنْمُو فِي كُلِّ يَوْمٍ كَمَا يَنْمُو الصَّبِيُّ فِي شَهْرٍ، وَ فِي شَهْرٍ كَمَا يَنْمُو الصَّبِيُّ فِي السَّنَةِ، (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا)(1).

18/ 18 - وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ:

رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْأَشْعَرِيِّ الْقُمِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ(2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) قَالَ:

وَلَدَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ يَوْمَ الْعِشْرِينَ مِنْهُ، سَنَةَ خَمْسٍ وَ أَرْبَعِينَ مِنْ مَوْلِدِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَقَامَتْ بِمَكَّةَ ثَمَانَ سِنِينَ، وَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهَا خَمْسَةً وَ تِسْعِينَ(3) يَوْماً، وَ قُبِضَتْ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ يَوْمَ الثَّلاَثَاءِ لِثَلاَثٍ خَلَوْنَ مِنْهُ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلاَمُهُ عَلَيْهَا وَ عَلَى أَبِيهَا وَ بَعْلِهَا وَ بَنِيهَا)(4).

ذكر أسمائها (صلوات اللّه عليها)

19/ 19 - أَخْبَرَنِي الشَّرِيفُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ الْمُحَمَّدِيُّ النَّقِيبُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى الْقُمِّيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السَّعْدَآبَادِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) تِسْعَةُ أَسْمَاءٍ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:

ص: 79


1- أمالي الصّدوق: 1/475، الخرائج و الجرائح 1/524:2، الثّاقب في المناقب: 285 / 244 و 245/286 قطعة منه، العدد القويّة: 15/222.
2- في «ط، ع، م»: بن بحر، و هو تصحيف، صوابه ما في المتن من البحار و العوالم، روى عن ابن سنان، و روى عنه ابن عيسى في موارد كثيرة، انظر معجم رجال الحديث 299:9.
3- في «ط، ع»: سبعين.
4- البحار 16/9:43، عوالم فاطمة (عليها السّلام): 5/36، و سيأتي في الحديث (43).

فَاطِمَةُ، وَ الْمَذُوبَةُ(1) ، وَ الْمُبَارَكَةُ، وَ الطَّاهِرَةُ، وَ الزَّكِيَّةُ، وَ الرَّاضِيَةُ(2) ، وَ الرَّضِيَّةُ، وَ الْمُحَّدَثَةُ، وَ الزَّهْرَاءُ.

ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَ تَدْرِي أَيُّ شَيْ ءٍ تَفْسِيرُ فَاطِمَةَ؟

قُلْتُ: أَخْبِرْنِي يَا سَيِّدِي، فَمِمَّا فُطِمَتْ؟

قَالَ: مِنَ الشِّرْكِ.

قَالَ: ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لَوْ لاَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) تَزَوَّجَهَا لَمَا كَانَ لَهَا كُفْؤٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ آدَمَ فَمَنْ دُونَهُ(3).

معنى المحدّثة

20/ 20 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ السُّكَّرِيُّ(4) ، عَنْ مُحَمَّدِ(5) بْنِ زَكَرِيَّا الْجَوْهَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ(6) عِيسَى ابْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ:

ص: 80


1- في «ط» و كتب الصّدوق: الصّدّيقة.
2- (و الرّاضية) ليس في «ع، م».
3- الخصال: 3/414، أمالي الصّدوق: 18/474، علل الشّرائع: 3/178، نوادر المعجزات: 6/84.
4- في «ط، ع، م»: السّكونيّ، و هو تصحيف صوابه ما في المتن من عدّة مواضع في كتب الشّيخ الصّدوق، و في علل الشّرائع: 1/178: أبو سعيد الحسن بن عليّ بن الحسين السّكّريّ.
5- في «ط، ع، م»: أحمد، و الصّواب ما في المتن من علل الشّرائع، و هو محمّد بن زكريّا بن دينار الغلابيّ البصريّ، له كتب كثيرة، منها: أخبار فاطمة (عليها السّلام) و منشؤها و مولدها. انظر رجال النّجاشيّ: 346، معجم رجال الحديث 87:16، و الحديث الآتي.
6- في «ط» و العلل: بن، و الظّاهر صحّة ما في المتن، و عيسى هو موتم الأشبال يكنّى أبا يحيى، أسند عن الصّادق (عليه السّلام)، انظر رجال الطّوسيّ: 553/257، معجم رجال الحديث 42:3 و 187:13.

سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ مُحَدَّثَةً لِأَنَّ الْمَلاَئِكَةَ كَانَتْ تَهْبِطُ مِنَ السَّمَاءِ فَتُنَادِيهَا كَمَا كَانَتْ تُنَادِي مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ، فَتَقُولُ: يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ.

يَا فَاطِمَةُ، اُقْنُتِي لِرَبِّكِ ، الْآيَةَ(1) ، وَ تُحَدِّثُهُمْ وَ يُحَدِّثُونَهَا.

فَقَالَتْ لَهُمْ ذَاتَ لَيْلَةٍ: أَ لَيْسَتِ الْمُفَضَّلَةُ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ؟ فَقَالُوا: إِنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ عَالَمِهَا، وَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَكِ سَيِّدَةَ عَالَمِكِ، وَ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ(2).

حديث هجرتها (صلوات اللّه عليها)

21/21 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْعُرَيْبِ الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ الْغَلاَبِيُّ(3) ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ جَعْفَرِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمْ تَزَلْ فَاطِمَةُ تَشِبُ فِي الْيَوْمِ كَالْجُمْعَةِ، وَ فِي الْجُمْعَةِ كَالشَّهْرِ، وَ فِي الشَّهْرِ كَالسَّنَةِ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَ ابْتَنَى بِهَا مَسْجِداً، وَ أَنِسَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ عَلَتْ كَلِمَتُهُ، وَ عَرَفَ النَّاسُ بَرَكَتَهُ، وَ سَارَتْ إِلَيْهِ الرُّكْبَانُ، وَ ظَهَرَ الْإِيمَانُ، وَ دُرِسَ الْقُرْآنُ، وَ تَحَدَّثَ الْمُلُوكُ وَ الْأَشْرَافُ وَ خَافَ سَيْفَ نِقْمَتِهِ الْأَكَابِرُ وَ الْأَشْرَافُ، هَاجَرَتْ فَاطِمَةُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ) وَ نِسَاءَ الْمُهَاجِرِينَ، وَ كَانَتْ عَائِشَةُ فِيمَنْ هَاجَرَ مَعَهَا، فَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ، فَأَنْزَلَهَا النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى أَمْ أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ.

وَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) النِّسَاءَ، وَ تَزَوَّجَ سَوْدَةَ أَوَّلَ دُخُولِهِ الْمَدِينَةَ فَنَقَلَ

ص: 81


1- و هي في سورة آل عمران 42:3، 43، و تتمتها: و اسجدي و اركعي مع الرّاكعين.
2- علل الشّرائع: 1/182. و يأتي تحت الرقم (66).
3- صحف في «ع، م»: العلائيّ، و هو من بني غلاب قبيلة بالبصرة من بني نصر بن معاوية. انظر التعليقة الثّانية على الحديث السّابق.

فَاطِمَةَ إِلَيْهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ.

فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ، وَ فَوَّضَ أَمْرَ ابْنَتِهِ إِلَيَّ، فَكُنْتُ أَدُلُّهَا وَ أُؤَدِّبُهَا، وَ كَانَتْ - وَ اللَّهِ - آدَبَ مِنِّي، وَ أَعْرَفَ بِالْأَشْيَاءِ كُلِّهَا.

وَ كَيْفَ لاَ تَكُونُ كَذَلِكَ وَ هِيَ سُلاَلَةُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلاَمُهُ عَلَيْهَا وَ عَلَى أَبِيهَا وَ بَعْلِهَا وَ بَنِيهَا؟!(1).

معرفة تزويجها بأمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما)

22/ 22 - وَ أَخْبَرَنِي الشَّرِيفُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ الْمُحَمَّدِيُّ النَّقِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مَحْمُودٍ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصَمُّ(2) بِعَسْقَلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:

وَرَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُزَوِّجُنِي فَاطِمَةَ ابْنَتَكَ؟ وَ قَدْ بَذَلْتُ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ مِائَةَ نَاقَةٍ سَوْدَاءَ، زُرْقَ الْأَعْيُنِ، مُحَمَّلَةً كُلُّهَا قَبَاطِيَّ مِصْرَ، وَ عَشَرَةَ آلاَفِ دِينَارٍ. وَ لَمْ يَكُنْ مَعَ(3) رَسُولِ اللَّهِ أَيْسَرُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ عُثْمَانَ.

قَالَ عُثْمَانُ: بَذَلْتُ لَهَا(4) ذَلِكَ، وَ أَنَا أَقْدَمُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِسْلاَماً.

فَغَضِبَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ مَقَالَتَيْهِمَا، ثُمَّ تَنَاوَلَ كَفّاً مِنَ الْحَصَى، فَحَصَّبَ بِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَ قَالَ لَهُ: إِنَّكَ تَهُولُ عَلَيَّ بِمَالِكَ؟

ص: 82


1- البحار 16/9:43.
2- هو المحدث مسند عصره محمّد بن يعقوب بن يوسف، أبو العبّاس السّنانيّ المعقلي النّيسابوريّ الأصمّ، حدث بكتاب الأمّ للشافعي عن الرّبيع بن سليمان، ولد سنة (247) و توفّي سنة (346 ه)، انظر سير أعلام النبلاء 452:15.
3- في «ط»: يكن من أصحاب.
4- في «ط»: و أنا أبذل.

قَالَ: فَتَحَوَّلَ الْحَصَى دُرّاً، فَقُوِّمَتْ دُرَّةٌ مِنْ تِلْكَ الدُّرَرِ، فَإِذَا هِيَ تَفِي بِكُلِّ مَا يَمْلِكُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

وَ هَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ، إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَ يَقُولُ: قُمْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّ مَثَلَهُ مَثَلُ الْكَعْبَةِ يُحَجُّ إِلَيْهَا، وَ لاَ تَحُجُّ إِلَى أَحَدٍ.

إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) أَمَرَنِي أَنْ آمُرَ رِضْوَانَ خَازِنَ الْجَنَّةِ(1) أَنْ يُزَيِّنَ الْأَرْبَعَ جِنَانٍ، وَ أَمَرَ شَجَرَةَ طُوبَى وَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى أَنْ تَحْمِلاَ(2) الْحُلِيَّ وَ الْحُلَلَ، وَ أَمَرَ الْحُورَ الْعِينَ أَنْ يَتَزَيَّنَ، وَ أَنْ يَقِفْنَ تَحْتَ شَجَرَةِ طُوبَى وَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى(3) ، وَ أَمَرَ مَلَكاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، يُقَالُ لَهُ (رَاحِيلُ) وَ لَيْسَ فِي الْمَلاَئِكَةِ أَفْصَحُ مِنْهُ لِسَاناً، وَ لاَ أَعْذَبُ مَنْطِقاً، وَ لاَ أَحْسَنُ وَجْهاً، أَنْ يَحْضُرَ إِلَى سَاقِ الْعَرْشِ.

فَلَمَّا حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَ الْمَلَكُ أَجْمَعُونَ، أَمَرَنِي أَنْ أَنْصِبَ مِنْبَراً مِنَ النُّورِ، وَ أَمَرَ رَاحِيلُ - ذَلِكَ الْمَلَكَ - أَنْ يَرْقَى، فَخَطَبَ خُطْبَةً بَلِيغَةً مِنْ خُطَبِ النِّكَاحِ، وَ زَوَّجَ عَلِيّاً مِنْ فَاطِمَةَ بِخُمُسِ الدُّنْيَا لَهَا وَ لِوُلْدِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَ كُنْتُ أَنَا وَ مِيكَائِيلُ شَاهِدَيْنِ، وَ كَانَ وَلِيُّهَا اللَّهَ (تَعَالَى).

وَ أَمَرَ شَجَرَةَ طُوبَى وَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى أَنْ تَنْثُرَا مَا فِيهِمَا(4) مِنَ الْحُلِيِّ وَ الْحُلَلِ وَ الطِّيبِ، وَ أَمَرَ الْحُورَ أَنْ يَلْقِطْنَ ذَلِكَ، وَ أَنْ يَفْتَخِرْنَ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَ قَدْ أَمَرَكَ اللَّهُ أَنْ تُزَوِّجَهُ بِفَاطِمَةَ فِي الْأَرْضِ، وَ أَنْ تَقُولَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلِي فِي الْقُرْآنِ: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ * بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (5) وَ مَا سَمِعْتَ فِي كِتَابِي: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً0.

ص: 83


1- في «ط»: الجنان.
2- في «م»: يحملنّ.
3- (أن تحملا الحليّ... و سدرة المنتهى) ليس في «ع».
4- في «ع، م»: ينثرن ما فيهنّ.
5- الرّحمن 19:55-20.

فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً (1) ؟!

فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَلاَمَ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَجَّهَ خَلْفَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَ سَلْمَانَ وَ الْعَبَّاسِ، فَأَحْضَرَهُمْ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَكَ.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ سَيْفِي وَ فَرَسِي وَ دِرْعِي.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اذْهَبْ فَبِعِ الدِّرْعَ.

قَالَ: فَخَرَجَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَنَادَى عَلَى دِرْعِهِ، فَبَلَغَتْ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ دِينَارٍ.

قَالَ: فَاشْتَرَاهَا دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ، وَ كَانَ حَسَنَ الْوَجْهِ(2) ، لَمْ يَكُنْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَحْسَنُ مِنْهُ وَجْهاً.

قَالَ:

فَلَمَّا أَخَذَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) الثَّمَنَ وَ تَسَلَّمَ دِحْيَةُ الدِّرْعَ عَطَفَ دِحْيَةُ عَلَى(3) عَلِيٍّ، فَقَالَ: أَسْأَلُكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَنْ تَقْبَلَ مِنِّي هَذِهِ(4) الدِّرْعَ هَدِيَّةً، وَ لاَ تُخَالِفَنِي فِي ذَلِكَ.

قَالَ: فَحَمَلَ الدِّرْعَ وَ الدَّرَاهِمَ، وَ جَاءَ بِهِمَا إِلَى النَّبِيِّ، وَ نَحْنُ جُلُوسٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ(5): يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي بِعْتُ الدِّرْعَ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ دِينَارٍ، وَ قَدِ اشْتَرَاهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، وَ قَدْ أَقْسَمَ عَلَيَّ أَنْ أَقْبَلَ الدِّرْعَ هَدِيَّةً، وَ أَيْشٍ تَأْمُرُ،(6) أَقْبَلُهَا مِنْهُ أَمْ لاَ؟

فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ: لَيْسَ هُوَ دِحْيَةَ، لَكِنَّهُ جَبْرَئِيلُ، وَ إِنَّ الدَّرَاهِمَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَكُونَ شَرَفاً وَ فَخْراً لاِبْنَتِي فَاطِمَةَ. وَ زَوَّجَهُ النَّبِيُّ بِهَا، وَ دَخَلَ بَعْدَ ثَلاَثٍ.

قَالَ: وَ خَرَجَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ هَبَطَ الْأَمِينُ جَبْرَئِيلُ وَ قَدْ أَهْبَطَ بِأُتْرُجَّةٍ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَدْفَعَ هَذِهِ الْأُتْرُجَّةَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.ي.

ص: 84


1- الفرقان 54:25.
2- (كان حسن الوجه) ليس في «ع، م».
3- في «ع، م»: إلى.
4- في «ع، م»: هذا.
5- في «ط»: تخالفني فأخذها منه و حمل الثّمن و الدّرع جاء بهما إلى النّبيّ فطرحهما بين يديه و قال.
6- في «ط»: هديّة فما تأمرني.

قَالَ: فَدَفَعَهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى عَلِيٍّ، فَلَمَّا حَصَلَتْ فِي كَفِّهِ انْقَسَمَتْ قِسْمَيْنِ:

عَلَى قِسْمٍ مِنْهَا مَكْتُوبٌ:

«لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ».

وَ عَلَى الْقَسْمِ الْآخَرِ مَكْتُوبٌ: «هَدِيَّةٌ مِنَ الطَّالِبِ الْغَالِبِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ»(1).

23/ 23 - وَ قَالَ الشَّرِيفُ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُشَمِيُّ [بِإِسْنَادِهِ](2) عَنْ وَهْبِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، أَنَّهُ قَالَ:

هَمَمْتُ بِتَزْوِيجِ فَاطِمَةَ حِيناً، وَ لَمْ أَجْسُرْ عَلَى أَنْ أَذْكُرَهُ(3) لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ كَانَ ذَلِكَ يَخْتَلِجُ فِي صَدْرِي لَيْلاً وَ نَهَاراً، حَتَّى دَخَلْتُ يَوْماً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: يَا عَلِيُّ. فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي التَّزْوِيجِ؟

فَقُلْتُ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُزَوِّجَنِي بِبَعْضِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، وَ قَلْبِي خَائِفٌ مِنْ فَوْتِ فَاطِمَةَ. فَفَارَقْتُهُ عَلَى هَذَا، فَوَ اللَّهِ مَا شَعُرْتُ حَتَّى أَتَانِي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ: أَجِبْ يَا عَلِيُّ، وَ أَسْرِعْ.

قَالَ: فَأَسْرَعَتْ الْمُضِيَّ إِلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ نَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مَا رَأَيْتُهُ أَشَدَّ فَرَحاً مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَ هُوَ(4) فِي حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ فَلَمَّا أَبْصَرَنِي تَهَلَّلَ وَ تَبَسَّمَ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى بَيَاضِ أَسْنَانِهِ لَهَا بَرِيقٌ، قَالَ: يَا عَلِيُّ هَلُمَّ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَانِي مَا هَمَّنِي فِيكَ مِنْ أَمْرِ تَزْوِيجِكَ.ن.

ص: 85


1- نوادر المعجزات: 7/84.
2- من البحار، و هو الصّواب لعدم إمكان رواية الجشمي عن أصحاب الصّادق (عليه السّلام) دون واسطة بحسب الطّبقة.
3- في «ط»: أجسر أن أذكر ذلك.
4- في «ط»: كان.

فَقُلْتُ: وَ كَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ: أَتَانِي جَبْرَئِيلُ، وَ مَعَهُ مِنْ قَرَنْفُلِ الْجَنَّةِ وَ سُنْبُلِهَا قِطْعَتَانِ، فَنَاوَلَنِيهَا، فَأَخَذْتُهُمَا وَ شَمِمْتُهُمَا، فَسَطَعَ مِنْهَا رَائِحَةُ الْمِسْكِ، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنِّي، فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ، مَا شَأْنُهُمَا(1) ؟

فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ سُكَّانَ الْجَنَّةِ أَنْ يُزَيِّنُوا الْجِنَانَ كُلَّهَا بِمَفَارِشِهَا وَ نُضُودِهَا وَ أَنْهَارِهَا وَ أَشْجَارِهَا، وَ أَمَرَ رِيحَ الْجَنَّةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا (الْمُثِيرَةُ) فَهَبَّتْ فِي الْجَنَّةِ بِأَنْوَاعِ الْعِطْرِ وَ الطِّيبِ، وَ أَمَرَ الْحُورَ الْعِينَ بِقِرَاءَةِ سُورَتَيْ(2) طه وَ يس، فَرَفَعْنَ(3) أَصْوَاتَهُنَّ بِهِمَا.

ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ: أَلاَ إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ، وَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضًى مِنِّي بِهِمَا.

ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ (تَعَالَى) سَحَابَةً بَيْضَاءَ، فَمَطَرَتْ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ لُؤْلُؤِهَا وَ زَبَرْجَدِهَا وَ يَاقُوتِهَا، وَ أَمَرَ خُدَّامَ الْجَنَّةِ أَنْ يَلْقِطُوهَا، وَ أَمَرَ مَلَكاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ يُقَالُ لَهُ(4): (رَاحِيلُ) فَخَطَبَ خُطْبَةً(5) لَمْ يَسْمَعْ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمِثْلِهَا.

ثُمَّ نَادَى (تَعَالَى): يَا مَلاَئِكَتِي، وَ سُكَّانَ جَنَّتِي، بَارِكُوا عَلَى نِكَاحِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنِّي زَوَّجْتُ أَحَبَّ النِّسَاءِ إِلَيَّ مِنْ أَحَبِ الرِّجَالِ إِلَيَّ، بَعْدَ مُحَمَّدٍ.

ثُمَّ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، أَبْشِرْ، أَبْشِرْ، فَإِنِّي قَدْ زَوَّجْتُكَ بِابْنَتِيْ فَاطِمَةَ عَلَى مَا زَوَّجَكَ الرَّحْمَنُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ، وَ قَدْ رَضِيتُ لَهَا وَ لَكَ مَا رَضِيَ اللَّهُ لَكُمَا، فَدُونَكَ أَهْلَكَ، وَ كَفَى - يَا عَلِيُّ - بِرِضَايَ رِضًى فِيكَ.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ وَ بَلَغَ مِنْ شَأْنِي أَنْ اذْكَرَ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ؟! وَ زَوَّجَنِيَ اللَّهُ فِي مَلاَئِكَتِهِ؟!

فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً أَكْرَمَهُ بِمَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَ لاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَ لاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.ة.

ص: 86


1- في «ع، م»: سبيلها.
2- في «ع، م»: حور عينها يقرءوا فيها سورة.
3- في «ع، م»: فرفعوا.
4- في «ط»: خدّام الجنان أن يلتقطوها و أمر.
5- في «ع، م»: فخطب راحيل بخطبة.

فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا رَبِّ، أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ. فَقَالَ النَّبِيُّ: آمِينَ آمِينَ.

وَ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لَمَّا أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ خَاطِباً ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ، قَالَ: وَ مَا عِنْدَكَ تَنْقُدُنِي؟

قُلْتُ لَهُ: لَيْسَ عِنْدِي إِلاَّ بَعِيرِي وَ فَرَسِي وَ دِرْعِي.

قَالَ: أَمَّا فَرَسُكَ فَلاَ بُدَّ لَكَ مِنْهُ، تُقَاتِلُ عَلَيْهِ، وَ أَمَّا بَعِيرُكَ فَحَامِلُ أَهْلِكَ، وَ أَمَّا دِرْعُكَ فَقَدْ زَوَّجَكَ اللَّهُ بِهَا.

قَالَ عَلِيٌّ: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَ الدِّرْعُ عَلَى عَاتِقِي الْأَيْسَرِ، فَذَهَبْتُ(1) إِلَى سُوقِ اللَّيْلِ فَبِعْتُهَا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ سُودٍ هَجَرِيَّةٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَصَبَبْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَوَ اللَّهِ مَا سَأَلَنِي عَنْ عَدَدِهَا، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ سَرِيَّ(2) الْكَفِّ، فَدَعَا بِلاَلاً وَ مَلَأَ قَبَضْتَهُ، فَقَالَ: يَا بِلاَلُ، ابْتَعْ بِهَا طِيباً لاِبِنْتِي فَاطِمَةَ.

ثُمَّ دَعَا أُمَّ سَلَمَةَ وَ قَالَ لَهَا: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، ابْتَاعِي لاِبْنَتِي فِرَاشاً مِنْ حِلْسِ(3) مِصْرَ، وَ احْشِيهِ لِيفاً، وَ اتَّخِذِي لَهَا مِدْرَعَةً وَ عَبَاءَةً قَطَوَانِيَّةً(4) ، وَ لاَ تَتَّخِذِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونَا مِنَ الْمُسْرِفِينَ.

وَ صَبَرْتُ أَيَّاماً مَا أَذْكُرُ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) شَيْئاً مِنْ أَمْرِ ابْنَتِهِ، حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ لِي: يَا عَلِيُّ، لِمَ لاَ تَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ يُدْخِلُكُ عَلَى أَهْلِكَ؟

قَالَ: قُلْتُ: أَسْتَحِي مِنْهُ أَنْ أَذْكُرَ لَهُ شَيْئاً مِنْ هَذَا.

فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ادْخُلْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ سَيَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَتْ، ثُمَّ دَخَلْتُ ثُمَّ خَرَجْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَحْسَبُكَ أَنَّكَ تَشْتَهِي الدُّخُولَ عَلَى أَهْلِكَ؟

قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ.».

ص: 87


1- في «ع، م»: فدعيت.
2- السرو: السّخاء «لسان العرب - سرّا - 378:14».
3- الحلس: بساط البيت «لسان العرب - حلس - 54:6».
4- القطوانيّة: عباءة بيضاء قصيرة الخمل «النّهاية 85:4».

فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ (تَعَالَى)(1).

خبر الخطبة بجمع من الناس

24/ 24 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْعُرَيْبِ الضَّبِّيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ الْغَلاَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يُزَوِّجَ فَاطِمَةَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ لَهُ: اخْرُجْ يَا أَبَا الْحَسَنِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِنِّي خَارِجٌ فِي أَثَرِكَ، وَ مُزَوِّجُكَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ، وَ ذَاكِرٌ مِنْ فَضْلِكَ مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُكَ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَنَا مُمْتَلِئٌ(2) فَرَحاً وَ سُرُوراً، فَاسْتَقْبَلَنِي أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ، فَقَالاَ: مَا وَرَاءَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ فَقُلْتُ: يُزَوِّجُنِي رَسُولُ اللَّهِ فَاطِمَةَ، وَ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَنِيهَا، وَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ خَارِجٌ فِي أَثَرِي، لِيَذْكُرَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ.

فَفَرِحَا وَ سُرَّا، وَ دَخَلاَ مَعِي الْمَسْجِدَ.

قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): فَوَ اللَّهِ مَا تَوَسَّطْنَاهُ حَتَّى لَحِقَ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَ إِنَّ وَجْهَهُ لَيَتَهَلَّلُ فَرَحاً وَ سُرُوراً.

فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَيْنَ بِلاَلٌ؟ فَأَجَابَ: لَبَّيْكَ وَ سَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ الْمِقْدَادُ؟ فَأَجَابَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ سَلْمَانُ؟ فَأَجَابَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ أَبُو ذَرٍّ؟ فَأَجَابَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا مَثُلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ:

انْطَلِقُوا بِأَجْمَعِكُمْ، فَقُومُوا فِي جَنْبَاتِ الْمَدِينَةِ، وَ اجْمَعُوا الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارَ وَ الْمُسْلِمِينَ.

فَانْطَلَقُوا لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ فَجَلَسَ عَلَى أَعْلَى

ص: 88


1- تفسير فرات: 413، البحار 53/87:104، قطعة منه في أمالي الصّدوق: 1/448، و عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1/222:1، و روضة الواعظين: 144.
2- في «ع، م»: و أنا لا أعقل.

دَرَجَةٍ مِنْ مِنْبَرِهِ، فَلَمَّا حُشِدَ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ قَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاءَ فَبَنَاهَا، وَ بَسَطَ الْأَرْضَ فَدَحَاهَا، وَ أَثْبَتَهَا بِالْجِبَالِ فَأَرْسَاهَا وَ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَ مَرْعَاهَا، الَّذِي تَعَاظَمَ عَنْ صِفَاتِ الْوَاصِفِينَ، وَ تَجَلَّلَ عَنْ تَحْبِيرِ لُغَاتِ النَّاطِقِينَ، وَ جَعَلَ الْجَنَّةَ ثَوَابَ الْمُتَّقِينَ، وَ النَّارَ عِقَابَ الظَّالِمِينَ، وَ جَعَلَنِيَ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، وَ نَقِمَةً عَلَى الْكَافِرِينَ(1).

عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّكُمْ فِي دَارِ أَمَلٍ، بَيْنَ حَيَاةٍ وَ أَجَلٍ، وَ صِحَّةٍ وَ عِلَلٍ، دَارِ زَوَالٍ، وَ تَقَلُّبِ أَحْوَالٍ(2) ، جُعِلْتُ سَبَباً لِلاِرْتِحَالِ، فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً قَصَّرَ مِنْ أَمَلِهِ، وَ جَدَّ فِي عَمَلِهِ، وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قُوتِهِ، فَقَدَّمَهُ(3) لِيَوْمِ فَاقَتِهِ.

يَوْمَ تُحْشَرُ فِيهِ الْأَمْوَاتُ، وَ تَخْشَعُ فِيهِ(4) الْأَصْوَاتُ، وَ تُنْكِرُ الْأَوْلاَدُ وَ الْأُمَّهَاتُ، وَ تَرَى النّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى (5).

يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (6) .

يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً (7) .

فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) .

لِيَوْمٍ تَبْطُلُ فِيهِ الْأَنْسَابُ، وَ تُقْطَعُ الْأَسْبَابُ، وَ يَشْتَدُّ فِيهِ عَلَى الْمُجْرِمِينَ الْحِسَابُ، وَ يَدْفَعُونَ إِلَى الْعَذَابِ، فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ، وَ مَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا8.

ص: 89


1- في «ع، م»: و جعلني نقمة للكافرين و رحمة و رأفة على المؤمنين.
2- في «ط»: متقلبة الحال.
3- في «ع، م»: قدم.
4- في «ع، م»: له.
5- الحجّ 2:22.
6- النّور 25:24.
7- آل عمران 30:3.
8- الزّلزلة 7:99-8.

إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ.

أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الْأَنْبِيَاءُ حُجَجُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، النَّاطِقُونَ بِكِتَابِهِ، الْعَامِلُونَ بِوَحْيِهِ، وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَ كَرِيمَتِي فَاطِمَةَ بِأَخِي وَ ابْنِ عَمِّي وَ أَوْلَى النَّاسِ بِي: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ اللَّهِ عَزَّ شَأْنُهُ قَدْ زَوَّجَهُ بِهَا(1) فِي السَّمَاءِ، بِشَهَادَةِ(2) الْمَلاَئِكَةِ، وَ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَهُ فِي الْأَرْضِ(3) ، وَ أُشْهِدُكُمْ عَلَى ذَلِكَ.

ثُمَّ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ قَالَ: قُمْ، يَا عَلِيُّ، فَاخْطُبْ لِنَفْسِكَ.

قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْطُبُ وَ أَنْتَ حَاضِرٌ؟!

قَالَ: اخْطُبْ، فَهَكَذَا أَمَرَنِي جَبْرَئِيلُ أَنْ آمُرَكَ أَنْ تَخْطُبَ لِنَفْسِكَ، وَ لَوْ لاَ أَنَّ الْخَطِيبَ فِي الْجِنَانِ دَاوُدُ لَكُنْتَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ.

ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا قَوْلَ نَبِيِّكُمْ، إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ أَرْبَعَةَ آلاَفِ نَبِيٍّ، لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيٌّ، وَ أَنَا خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَ وَصِيِّي خَيْرُ الْأَوْصِيَاءِ.

ثُمَّ أَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ ابْتَدَأَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَلْهَمَ بِفَوَاتِحِ عِلْمِهِ النَّاطِقِينَ، وَ أَنَارَ بَثَوَاقِبِ عَظَمَتِهِ قُلُوبَ الْمُتَّقِينَ، وَ أَوْضَحَ بِدَلاَئِلِ أَحْكَامِهِ طُرُقَ السَّالِكِينَ، وَ أَبْهَجَ(4) بِابْنِ عَمِّيَ الْمُصْطَفَى الْعَالَمِينَ، حَتَّى(5) عَلَتْ دَعْوَتُهُ دَعْوَةَ(6) الْمُلْحِدِينَ، وَ اسْتَظْهَرَتْ كَلِمَتُهُ عَلَى بَوَاطِلِ(7) الْمُبْطِلِينَ، وَ جَعَلَهُ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ، وَ سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ، فَبَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَ صَدَعَ بِأَمْرِهِ، وَ بَلَّغَ عَنِ اللَّهِ آيَاتِهِ.

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْعِبَادَ بِقُدْرَتِهِ، وَ أَعَزَّهُمْ بِدِينِهِ، وَ أَكْرَمَهُمْ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ رَحِمَ وَ كَرَّمَ وَ شَرَّفَ وَ عَظَّمَ.ن.

ص: 90


1- في «ع، م»: عليّ بن أبي طالب و ان قد زوّجه.
2- في «ط»: و أشهد.
3- (في الأرض) ليس في «ع، م».
4- في «ع، م»: طرق الفاصلين، و أنهج.
5- في «ع، م»: و.
6- في «ع، م»: دواعي، ظ دعاوى.
7- في «ط»: بواطن.

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نَعْمَائِهِ وَ أَيَادِيهِ، وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ شَهَادَةَ إِخْلاَصٍ(1) تُرْضِيهِ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلاَةً تُزْلِفُهُ(2) وَ تُحْظِيهِ.

وَ بَعْدُ:

فَإِنَّ(3) النِّكَاحَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) بِهِ، وَ أَذِنَ فِيهِ، وَ مَجْلِسُنَا هَذَا مِمَّا قَضَاهُ وَ رَضِيَهُ، وَ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ(4) زَوَّجَنِي ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ، عَلَى صَدَاقِ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ دِينَارٍ، وَ قَدْ رَضِيتُ بِذَلِكَ، فَاسْأَلُوهُ وَ أَشْهِدُوا.

فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: زَوَّجْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ الْمُسْلِمُونَ: بَارَكَ اللَّهُ لَهُمَا وَ عَلَيْهِمَا، وَ جَمَعَ شَمْلَهُمَا(5).

حديث المهر و كم قدره

25/ 25 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ سَعْدٍ(6) التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّوْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ الْغَلاَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

ضَجَّتِ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى اللَّهِ (تَعَالَى)، فَقَالُوا: إِلَهَنَا وَ سَيِّدَنَا، أَعْلِمْنَا مَا مَهْرُ فَاطِمَةَ(7) ، لِنَعْلَمَ وَ نَتَبَيَّنَ أَنَّهَا أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَيْكَ.

ص: 91


1- في «ع»: اقيله و «م»: ظ تبلغه و، كما في نوادر المعجزات.
2- في «ع، م»: تريحه، و في نوادر المعجزات: تزكّيه.
3- (بعد فإن) ليس في «ع، م».
4- (رسول اللّه) ليس في «ع، م».
5- نوادر المعجزات: 8/87.
6- نسبه في رجال النّجاشيّ: 439... بن أحمد بن سعيد بن سعيد.
7- في «ع، م»: ما مهرها.

فَأَوْحَى اللَّهُ (تَعَالَى) إِلَيْهِمْ: يَا مَلاَئِكَتِي، وَ سُكَّانَ سَمَاوَاتِي، أُشْهِدُكُمْ أَنَّ مَهْرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ نِصْفُ الدُّنْيَا(1).

26/ 26 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ غِيَاثٌ الدَّيْلَمِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْفَارِسِيِّ، عَنْ زَيْدٍ الْهَرَوِيِّ(2) ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ نَجَبَةَ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: قَالَ سَيِّدِي الْبَاقِرُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي قَوْلِ اللَّهِ (تَعَالَى): وَ إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ - الى قَوْلِهِ - مُفْسِدِينَ (3):

إِنَّ قَوْمَ مُوسَى شَكَوْا إِلَى رَبِّهِمِ الْحَرَّ وَ الْعَطَشَ، فَاسْتَسْقَى مُوسَى الْمَاءَ، وَ شَكَا إِلَى رَبِّهِ (تَعَالَى) مِثْلَ ذَلِكَ.

وَ قَدْ شَكَا الْمُؤْمِنُونَ إِلَى جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَرِّفْنَا مَنِ الْأَئِمَّةُ بَعْدَكَ؟ فَمَا مَضَى مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ وَ لَهُ أَوْصِيَاءُ وَ أَئِمَّةٌ بَعْدَهُ، وَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ عَلِيّاً وَصِيُّكَ، فَمَنِ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ؟

فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ عَلِيّاً بِفَاطِمَةَ فِي سَمَائِي تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِي، وَ جَعَلْتُ جَبْرَئِيلَ خَطِيبَهَا، وَ مِيكَائِيلَ وَلِيَّهَا، وَ إِسْرَافِيلَ الْقَابِلَ عَنْ عَلِيٍّ، وَ أَمَرْتُ شَجَرَةَ طُوبَى فَنَثَرَتِ عَلَيْهِمُ اللُّؤْلُؤَ الرَّطْبَ، وَ الدُّرَّ، وَ الْيَاقُوتَ، وَ الزَّبَرْجَدَ الْأَحْمَرَ، وَ الْأَخْضَرَ، وَ الْأَصْفَرَ، وَ الْمَنَاشِيرَ الْمَخْطُوطَةَ بِالنُّورِ، فِيهَا أَمَانٌ لِلْمَلاَئِكَةِ مَذْخُورٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ جَعَلْتُ نِحْلَتَهَا مِنْ عَلِيٍّ خُمُسَ الدُّنْيَا، وَ ثُلُثَيِ الْجَنَّةِ، وَ جَعَلْتُ نِحْلَتَهَا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ: الْفُرَاتَ، وَ النِّيلَ، وَ نَهْرَ دِجْلَةَ، وَ نَهْرَ بَلْخٍ؛ فَزَوِّجْهَا أَنْتَ - يَا مُحَمَّدُ - بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، تَكُونُ سُنَّةً لِأُمَّتِكَ، فَإِنَّكَ إِذَا زَوَّجْتَ عَلِيّاً مِنْ فَاطِمَةَ جَرَى مِنْهُمَا(4) أَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً مِنْ صُلْبِ عَلِيٍّ، سَيِّدُ كُلِّ أُمَّةٍ إِمَامُهُمْ فِي زَمَنِهِ، وَ يَعْلَمُونَ كَمَا عَلِمَ قَوْمُ مُوسَى مَشْرَبَهُمْ.ا.

ص: 92


1- نوادر المعجزات: 9/90، مدينة المعاجز: 146.
2- في «ع»: الهراري، و «م»: الهراوي.
3- البقرة 60:2.
4- في «ع»: منها.

وَ كَانَ تَزْوِيجُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) فِي السَّمَاءِ إِلَى تَزْوِيجِهَا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْماً(1).

خبر محمود الملك

خبر محمود الملك(2)

27/ 27 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مَسْرُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ الْمُعَلَّى(3) بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزَنْطِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ:

بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) جَالِسٌ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ وَجْهاً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ، لَمْ أَرَكَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ؟

فَقَالَ الْمَلَكُ: لَسْتُ بِجَبْرَئِيلَ، أَنَا مَحْمُودٌ، بَعَثَنِي اللَّهُ أَنْ أُزَوِّجَ النُّورَ مِنَ النُّورِ.

قَالَ: مَنْ مِمَّنْ؟

قَالَ: فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ.

قَالَ: فَلَمَّا وَلَّى الْمَلَكُ إِذَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ مَكْتُوبٌ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ عَلِيٌّ وَصِيُّهُ، فَقَالَ لَهُ(4) رَسُولُ اللَّهِ: مُنْذُ كَمْ كُتِبَ هَذَا بَيْنَ كَتِفَيْكَ؟

فَقَالَ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) آدَمَ بِمِائَتَيْنِ وَ عِشْرِينَ أَلْفَ عَامٍ(5).

.

ص: 93


1- نوادر المعجزات: 10/90، مدينة المعاجز: 146.
2- في «ط» زيادة: الهابط على النّبيّ.
3- في «ع»: عليّ، و في «م»: يعلى، و كلاهما تصحيف و ما في المتن هو الصّواب من «ط» و بقيّة المصادر و معجم رجال الحديث 250:18، و للمعلّى كتب رواها عنه النّجاشيّ و الطّوسيّ باسنادهما إلى الحسين بن محمّد بن عامر عنه. رجال النّجاشيّ: 418، الفهرست: 165.
4- (له) ليس في «ع، م».
5- الكافي 8/383:1، الخصال: 17/640، معاني الأخبار: 1/103، أمالي الصّدوق: 19/474، نوادر المعجزات: 11/92، و في المصادر الأربعة المتقدّمة: باثنين و عشرين ألف عام.

خبر النّثار

28/ 28 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّوْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى(1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ التُّسْتَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ)(2) قَالَ:

لَمَّا زَوَّجَنِي النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)(3) بِفَاطِمَةَ قَالَ لِي: أَبْشِرْ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَانِي مَا أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ تَزْوِيجِكَ.

قُلْتُ: وَ مَا ذَاكَ؟

قَالَ: أَتَانِي جَبْرَئِيلُ بِسُنْبُلَةٍ مِنْ سَنَابِلِ الْجَنَّةِ، وَ قَرَنْفُلَةٍ مِنْ قَرَنْفُلِهَا، فَأَخَذْتُهُمَا وَ شَمِمْتُهُمَا، وَ قُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ، مَا شَأْنُهُمَا(4) ؟

فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ مَلاَئِكَةَ الْجَنَّةِ وَ سُكَّانَهَا أَنْ يُزَيِّنُوا الْجَنَّةَ بِأَشْجَارِهَا، وَ أَنْهَارِهَا، وَ قُصُورِهَا، وَ دُورِهَا، وَ بُيُوتِهَا، وَ مَنَازِلِهَا، وَ غُرَفِهَا؛ وَ أَمَرَ الْحُورَ الْعِينَ أَنْ يَقْرَأْنَ حمعسق، وَ يس، ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ: اشْهَدُوا أَجْمَعِينَ، اللَّهُ يَقُولُ: إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ سَحَابَةً فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمُ الدُّرَّ، وَ الْيَاقُوتَ، وَ اللُّؤْلُؤَ، وَ الْجَوْهَرَ، وَ نَثَرَتْ السُّنْبُلَ وَ الْقَرَنْفُلَ، فَهَذَا مِمَّا نُثِرَتْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ(5).

.

ص: 94


1- أبو أحمد الجلوديّ الأزديّ، شيخ البصرة و أخباريها، عدّ النّجاشيّ من كتبه كتاب: تزويج فاطمة (عليها السّلام)، رجال النّجاشيّ: 240.
2- في «ط»: عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ (عليهم السّلام)، عن آبائه، عن عليّ.
3- في «ع»: لما زوج النّبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) عليّا.
4- في «ع، م»: سببهما.
5- أمالي الصّدوق: 1/448، نوادر المعجزات: 12/93، مدينة المعاجز: 147.

خبر الوليمة

29/ 29 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ شَيْبَانَ، قَالَ:

حَدَّثَنَا(1) مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ قُرْطٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

لَمَّا زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) بِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ حِينَ عَقَدَ الْعَقْدَ: مَنْ حَضَرَ نِكَاحَ عَلِيٍّ فَلْيَحْضُرْ طَعَامَهُ.

قَالَ: فَضَحِكَ الْمُنَافِقُونَ، وَ قَالُوا: إِنَّ الَّذِينَ حَضَرُوا الْعَقْدَ حَشْرٌ مِنَ النَّاسِ، وَ إِنَّ مُحَمَّداً سَيَضَعُ طَعَاماً لاَ يَكْفِي عَشْرَةَ أُنَاسٍ، فَسَيَفْتَضِحُ مُحَمَّدٌ الْيَوْمَ(2).

وَ بَلَغَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَدَعَا بِعَمَّيْهِ حَمْزَةَ وَ الْعَبَّاسِ، وَ أَقَامَهُمَا عَلَى بَابِ دَارِهِ وَ قَالَ لَهُمَا:

أَدْخِلاَ النَّاسَ عَشَرَةً عَشَرَةً. وَ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَ عَقِيلٍ فَأَزَّرَهُمَا بِبُرْدَيْنِ يَمَانِيَّيْنِ، وَ قَالَ: انْقُلاَ عَلَى أَهْلِ التَّوْحِيدِ الْمَاءَ؛ وَ اعْلَمْ - يَا عَلِيُّ(3) - أَنَّ خِدْمَتَكَ لِلْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ مِنْ كَرَامَتِكَ لَهُمْ(4).

قَالَ: وَ جَعَلَ النَّاسُ يَرِدُونَ عَشَرَةً عَشَرَةً، فَيَأْكُلُونَ وَ يَصْدُرُونَ، حَتَّى أَكَلَ النَّاسُ مِنْ طَعَامِهِ(5) ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ(6): الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ، وَ(7) الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ.

ص: 95


1- في «ع»: حدّثني.
2- في «ع، م»: قالوا إنّ محمّدا قد صنع طعاما يكفي عشرة اناس، و حشر النّاس، اليوم يفتضح محمّد.
3- في «ط»: أخي.
4- في «ط»: كرامتكم.
5- في «ع، م»: أكل من طعام املاك عليّ من النّاس.
6- في «ط» زيادة: في.
7- في «ط» زيادة: في.

وَ جَعَلَ النَّاسُ يَصْدُرُونَ، فَعِنْدَهَا قَالَ النَّبِيُّ: أَيْنَ عَمِّي الْعَبَّاسُ؟ فَأَجَابَهُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ النَّبِيُّ: يَا عَمِّ، مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَصْدُرُونَ وَ لاَ يَرِدُونَ؟!

قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، مَا(1) فِي الْمَدِينَةِ مُؤْمِنٌ إِلاَّ وَ قَدْ أَكَلَ مِنْ طَعَامِكَ، حَتَّى إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ دَخَلُوا فِي عِدَادِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَحْبَبْنَا أَنْ لاَ نَمْنَعَهُمْ لِيَرَوْا مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ (تَعَالَى) مِنَ الْمَنْزِلَةِ الْعَظِيمَةِ وَ الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ.

قَالَ النَّبِيُّ: يَا عَمِّ، أَ تَعْرِفُ عَدَدَ الْقَوْمِ؟

قَالَ: لاَ عِلْمَ لِي(2) ، وَ لَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ عَدَدَ الْقَوْمِ فَعَلَيْكَ بِعَمِّكَ حَمْزَةَ.

فَنَادَى النَّبِيُّ: أَيْنَ عَمِّي حَمْزَةُ؟ فَأَقْبَلَ يَسْعَى، وَ هُوَ يَجُرُّ سَيْفَهُ عَلَى الصَّفَا(3) - وَ كَانَ لاَ يُفَارِقُهُ سَيْفُهُ شَفَقَةً عَلَى دِينِ اللَّهِ - فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ رَآهُ ضَاحِكاً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَصْدُرُونَ وَ لاَ يَرِدُونَ؟

قَالَ: لِكَرَامَتِكَ عَلَى رَبِّكَ، أُطْعِمَ النَّاسُ مِنْ طَعَامِكَ حَتَّى مَا تَخَلَّفَ عَنْهُ مُوَحِّدٌ وَ لاَ مُلْحِدٌ.

قَالَ: كَمْ طَعِمَ مِنْهُمْ؟ هَلْ تَعْرِفُ عَدَدَهُمْ؟

قَالَ: وَ اللَّهِ، مَا شَذَّ عَلَيَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ، أَكَلَ مِنْ طَعَامِكَ فِي أَيَّامِكَ تِلْكَ بِعِدَّةِ ثَلاَثَةِ آلاَفٍ وَ عَشْرَةِ أُنَاسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَ ثَلاَثُمِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ. فَضَحِكَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ.

ثُمَّ دَعَا بِصِحَافٍ، وَ جَعَلَ يَغْرِفُ فِيهَا وَ يَبْعَثُ بِهِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُقْبَةَ(4) إِلَى بُيُوتِ الْأَرَامِلِ وَ الضُّعَفَاءِ وَ الْمَسَاكِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَاتِ، وَ الْمُعَاهَدِينَ وَ الْمُعَاهَدَاتِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ دَارٌ وَ لاَ مَنْزِلٌ إِلاَّ أُدْخِلَ إِلَيْهِ مِنْ طَعَامِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).3.

ص: 96


1- في «ط»: لم يبق.
2- في «ط»: فقال: لا أعلم.
3- الصّفا: الصّخرة و الحجر الأملس «النّهاية 41:3».
4- كذا في النّسخ، و لم يتبيّن لنا من هو، و لعلّ (عقبة) تصحيف (عتبة)، انظر اسد الغابة 202:3.

ثُمَّ نَادَى: هَلْ فِيكُمْ رَجُلٌ يَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ؟ فَأَمْسَكَ النَّاسُ، فَنَادَى الثَّانِيَةَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَنَادَى، أَيْنَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ.

قَالَ حُذَيْفَةُ: وَ كُنْتُ فِي هَمٍّ(1) مِنَ الْعِلَّةِ، وَ كَانَتِ الْهِرَاوَةُ بِيَدِي، وَ كُنْتُ أَمِيلُ ضَعْفاً، فَلَمَّا نَادَى بِاسْمِي لَمْ أَجِدْ بَدَا أَنْ نَادَيْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَ جَعَلْتُ أَدِبُّ فَلَمَّا وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: يَا حُذَيْفَةُ، هَلْ تَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ؟

قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا الْمَسْئُولُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنَ السَّائِلِ.

قَالَ: يَا حُذَيْفَةَ، ادْنُ مِنِّي فَدَنَا حُذَيْفَةُ مِنَ النَّبِيِّ، فَقَالَ النَّبِيُّ: اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِكَ. قَالَ حُذَيْفَةُ: فَاسْتَقْبَلْتُ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِي، فَوَضَعَ النَّبِيُّ يَمِينَهُ بَيْنَ مَنْكِبِي، فَلَمْ يَسْتَتِمَّ وَضْعَ يَمِينِهِ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِ النَّبِيِّ فِي صَدْرِي، وَ عَرَفْتُ الْمُنَافِقِينَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَ أُمَّهَاتِهِمْ(2) ، وَ ذَهَبَتِ الْعِلَّةُ مِنْ جَسَدِي، وَ رَمَيْتُ بِالْهِرَاوَةِ مِنْ يَدَيِ، وَ أَقْبَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ فَقَالَ: انْطَلِقْ حَتَّى تَأْتِيَنِي بِالْمُنَافِقِينَ رَجُلاً رَجُلاً.

قَالَ حُذَيْفَةُ: فَلَمْ أَزَلْ أُخْرِجُهُمْ مِنْ أَوْطَانِهِمْ، فَجَمَعْتُهُمْ فِي مَنْزِلِ النَّبِيِّ وَ حَوْلَ(3) مَنْزِلِهِ، حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ رَجُلٍ وَ اثْنَيْنِ وَ سَبْعِينَ رَجُلاً، لَيْسَ فِيهِمْ رَجُلٌ(4) يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ(5) يُقِرُّ بِنُبُوَّةِ رَسُولِهِ.

قَالَ: فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ عَلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَالَ: احْمِلْ هَذِهِ الصَّحْفَةَ إِلَى الْقَوْمِ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَأَتَيْتُ لِأَحْمِلَ الصَّحْفَةَ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَاسْتَعَنْتُ بِأَخِي جَعْفَرٍ وَ بِأَخِي عَقِيلٍ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَلَمْ نَزَلَ نَتَكَامَلُ حَوْلَ الْجَفْنَةِ إِلَى أَنْ صِرْنَا أَرْبَعِينَ(6) رَجُلاً فَلَمْ نَقْدِرُ عَلَيْهَا، وَ النَّبِيُّ قَائِمٌ عَلَى بَابِ الْحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَ يَتَبَسَّمُ، فَلَمَّا أَنْ عَلِمَن.

ص: 97


1- في «ط»: ضعف.
2- المشهور عند الفريقين أن حذيفة بن اليمان صاحب سر النّبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، و المراد بالسّرّ ما أعلمه من أحوال المنافقين، انظر صحيح البخاريّ 231/99:5، سير أعلام النبلاء 361:2.
3- في «ط»: أزل أدعوهم و أخرجهم من بيوتهم و أجمعهم حول.
4- في «ط»: من.
5- في «ع، م»: و لا.
6- في «ط»: لأحملها فلم أطق فاستعنت بأخي عقيل فلم نقدر، فتكامل معي اربعون.

أَنْ لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهَا، قَالَ: تَبَاعَدُوا عَنْهَا، فَتَبَاعَدْنَا فَطَرَحَ ذَيْلَ بُرْدَتَهُ(1) عَلَى عَاتِقِهِ، وَ جَعَلَ كَفَّهُ تَحْتَ الصَّحْفَةِ وَ شَالَهَا إِلَى مَنْكِبِهِ، وَ جَعَلَ يَجْرِي(2) بِهَا كَمَا يَنْحَدِرُ سَحَابٌ فِي(3) صَبَبٍ(4) فَوَضَعَ الصَّحْفَةَ بَيْنَ أَيْدِي الْمُنَافِقِينَ، وَ كَشَفَ الْغِطَاءَ عَنْهَا، وَ الصَّحْفَةُ عَلَى حَالِهَا لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا، وَ لاَ خَرْدَلَةٌ وَاحِدَةٌ، بِبَرَكَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَلَمَّا نَظَرَ الْمُنَافِقُونَ إِلَى ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَ أَقْبَلَ الْأَصَاغِرُ عَلَى الْأَكَابِرِ وَ قَالُوا: لاَ جُزِيتُمْ عَنَّا خَيْراً، أَنْتُمْ صَدَدْتُمُونَا عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَنَا، تَصُدُّونَّا عَنْ دِينِ مُحَمَّدٍ، وَ لاَ بَيَانَ أَوْثَقُ مِمَّا رَأَيْنَا، وَ لاَ شَرْحَ(5) أَوْضَحُ مِمَّا سَمِعْنَا؟!

وَ أَنْكَرَ الْأَكَابِرُ عَلَى الْأَصَاغِرِ، فَقَالُوا لَهُمْ: لاَ تَعْجَبُوا مِنْ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا قَلِيلٌ مِنْ سِحْرِ مُحَمَّدٍ.

فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ مَقَالَتَهُمْ حَزِنَ حُزْناً شَدِيداً، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: كُلُوا، لاَ أَشْبَعَ اللَّهُ بُطُونَكُمْ. فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَلْتَقِمُ اللُّقْمَةَ مِنَ الصَّحْفَةِ وَ يَهْوِي بِهَا إِلَى فِيهِ، فَيَلُوكُهَا لَوْكاً شَدِيداً، يَمِيناً وَ شِمَالاً، حَتَّى إِذَا هَمَّ بِبَلْعِهَا خَرَجَتِ اللُّقْمَةُ مِنْ فِيهِ، كَأَنَّهَا حَجَرٌ.

فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ضَجُّوا بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِيبِ، وَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ. قَالَ النَّبِيُّ: يَا مُحَمَّدُ! قَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ. قَالَ النَّبِيُّ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ! قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ النَّبِيُّ:

لَبَّيْكُمْ.

وَ كَانَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذَا نُودِيَ بِاسْمِهِ يَا أَحْمَدُ يَا مُحَمَّدُ، أَجَابَ بِهِمَا، وَ إِذَا نُودِيَ بِكُنْيَتِهِ، أَجَابَ بِهَا، وَ إِذَا نُودِيَ بِالرِّسَالَةِ وَ النُّبُوَّةِ(6) أَجَابَ بِالتَّلْبِيَةِ.

فَقَالَ النَّبِيُّ: مَا الَّذِي تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، التَّوْبَةَ التَّوْبَةَ، مَا نَعُودُ - يَا مُحَمَّدُة.

ص: 98


1- في «ع، م»: فتباعد النّاس و طرح النّبيّ ذيله.
2- في «ع، م»: يخمّر.
3- في «ع، م»: كما يقلع صحاف ينحدر من.
4- الصبب: الموضع المنحدر «النّهاية 3:3».
5- في «ط»: شرع.
6- في «ع، م»: نودي بالنّبوّة.

- فِي نِفَاقِنَا أَبَداً. فَقَامَ النَّبِيُّ(1) عَلَى قَدَمَيْهِ، وَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَ نَادَى:

اللَّهُمَّ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فَتُبْ عَلَيْهِمْ، وَ إِلاَّ فَأَرِنِي فِيهِمْ آيَةً لاَ تَكُونُ مَسْخاً وَ لاَ قِرْداً. لِأَنَّهُ رَحِيمٌ بِأُمَّتِهِ.

قَالَ: فَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ الْيَوْمُ إِلاَّ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ): يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ (2) فَأَمَّا مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ فَصَارَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ عِنْدَ ضِيَائِهَا(3) ، وَ كَالْقَمَرِ فِي نُورِهِ.

وَ أَمَّا مَنْ كَفَرَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَ انْقَلَبَ إِلَى النِّفَاقِ وَ الشِّقَاقِ، فَصَارَ وَجْهُهُ كَاللَّيْلِ فِي ظَلاَمِهِ.

وَ آمَنَ بِالنَّبِيِّ مِائَةُ رَجُلٍ، وَ انْقَلَبَ إِلَى الشِّقَاقِ وَ النِّفَاقِ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ رَجُلاً، فَاسْتَبْشَرَ النَّبِيُّ بِإِيمَانِ مَنْ آمَنَ، وَ قَالَ: لَقَدْ هَدَى اللَّهُ هَؤُلاَءِ بِبَرَكَةِ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ.

وَ خَرَجَ الْمُؤْمِنُونَ مُتَعَجِّبُونَ مِنْ بَرَكَةِ الصَّحْفَةِ وَ مَنْ أَكَلَ مِنْهَا مِنَ النَّاسِ.

فَأَنْشَدَ ابْنُ رَوَاحَةَ شِعْراً:

نَبِيُّكُمْ خَيْرُ النَّبِيِّينَ كُلِّهِمْ كَمِثْلِ سُلَيْمَانَ يُكَلِّمُهُ النَّمْلُ(4)

فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَسْمَعْتَ خَيْراً يَا ابْنَ رَوَاحَةَ، إِنَّ سُلَيْمَانَ نَبِيٌّ، وَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ وَ لاَ فَخْرَ، كَلَّمَتْهُ النَّمْلَةُ، وَ سَبَّحَتْ فِي يَدَيَّ صِغَارُ الْحَصَى، فَنَبِيُّكُمْ خَيْرُ النَّبِيِّينَ كُلِّهِمْ وَ لاَ فَخْرَ، فَكُلُّهُمْ إِخْوَانِي.

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: يَا مُحَمَّدُ، وَ عَلِمْتَ أَنَّ الْحَصَى سَبَّحَ فِي كَفِّكَ، قَالَ: إِي، وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً.

فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ: وَ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عَلَى الطُّورِ، مَا سَبَّحَ فِي كَفِّكَ الْحَصَى.».

ص: 99


1- في «ع، م» زيادة: قائما.
2- آل عمران 106:3.
3- في «ط»: كالشّمس في إشراقها.
4- (نبيّكم خير... النّمل) ليس في «ع، م».

فَقَالَ النَّبِيُّ: بَلَى، وَ الَّذِي كَلَّمَنِي فِي(1) الرَّفِيعِ الْأَعْلَى، مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حِجَاباً، غِلَظُ كُلِّ حِجَابٍ مِائَةُ عَامٍ.

ثُمَّ قَبَضَ النَّبِيُّ عَلَى كَفٍّ مِنَ الْحَصَى، فَوَضَعَهُ فِي رَاحَتِهِ، فَسَمِعْنَا لَهُ دَوِيّاً كَدَوِيِّ الْأُذُنِ إِذَا سُدَّتْ بِالْإِصْبَعِ.

فَلَمَّا سَمِعَ الْيَهُودِيُّ ذَلِكَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لاَ أَثَرَ بَعْدَ عَيْنٍ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّكَ - يَا مُحَمَّدُ - رَسُولُهُ. وَ آمَنَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَرْبَعُونَ رَجُلاً، وَ بَقِيَ اثْنَانِ وَ ثَلاَثُونَ رَجُلاً(2).

خبر ليلة الزّفاف

30/ 30 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ(3) مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ:

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ:

لَمَّا زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ أَتَاهُ أُنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا إِنَّكَ زَوَّجْتَ عَلِيّاً بِمَهْرٍ قَلِيلٍ!

فَقَالَ: مَا أَنَا زَوَّجْتُ عَلِيّاً، وَ لَكِنَّ اللَّهَ زَوَّجَهُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، فَصِرْتُ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، أَوْحَى اللَّهُ إِلَى السِّدْرَةِ: أَنِ انْثُرِي مَا عَلَيْكِ، فَنَثَرَتِ الدُّرَّ وَ الْجَوْهَرَ وَ الْمَرْجَانَ، فَابْتَدَرَ الْحُورُ الْعِينُ فَالْتَقَطْنَ، فَهُنَّ يَتَهَادَيْنَهُ وَ يَتَفَاخَرْنَ بِهِ، وَ يَقُلْنَ: هَذَا مِنْ نِثَارِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ.

فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الزِّفَافِ، أُتِيَ النَّبِيُّ بِبَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ، وَ ثَنَى عَلَيْهَا قَطِيفَةً، وَ قَالَ لِفَاطِمَةَ: ارْكَبِي. وَ أَمَرَ سَلْمَانَ أَنْ يَقُودَهَا؛ وَ النَّبِيُّ يَسُوقُهَا، فَبَيْنَا هُمْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ إِذْ

ص: 100


1- في «ع، م»: على.
2- إثبات الهداة 646/175:2 صدره، مدينة المعاجز: 147.
3- (أحمد بن) ليس في الأمالي.

سَمِعَ النَّبِيُّ وَجْبَةً(1) ، فَإِذَا هُوَ بِجَبْرَئِيلَ فِي سَبْعِينَ أَلْفاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، وَ مِيكَائِيلَ فِي سَبْعِينَ أَلْفاً، فَقَالَ النَّبِيُّ: مَا أَهْبَطَكُمْ إِلَى الْأَرْضِ؟! قَالُوا: جِئْنَا نَزُفُّ(2) فَاطِمَةَ إِلَى زَوْجِهَا عَلِيِّ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ. فَكَبَّرَ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ، وَ كَبَّرَتِ الْمَلاَئِكَةُ، وَ كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ، فَوَقَعَ التَّكْبِيرُ عَلَى الْعَرَائِسِ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ.

قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ثُمَّ دَخَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَ دَنَوْتُ مِنْهُ، فَوَضَعَ كَفُّ فَاطِمَةَ الطَّيِّبَةُ فِي كَفِّي وَ قَالَ: ادْخُلاَ الْمَنْزِلَ، وَ لاَ تُحْدِثَا أَمْراً حَتَّى آتِيَكُمَا.

قَالَ عَلِيٌّ: فَدَخَلْتُ أَنَا وَ هِيَ الْمَنْزِلَ، فَمَا كَانَ إِلاَّ أَنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ بِيَدِهِ مِصْبَاحٌ، فَوَضَعَهُ فِي نَاحِيَةِ الْمَنْزِلِ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، خُذْ فِي ذَلِكَ الْقَعْبِ مَاءً مِنْ تِلْكَ الشَّكْوَةِ(3).

قَالَ: فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِهِ، فَتَفَلَ فِيهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَفَلاَتٍ، ثُمَّ نَاوَلَنِي الْقَعْبَ، فَقَالَ: اشْرَبْ. فَشَرِبْتُ، ثُمَّ رَدَدْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَنَاوَلَهُ فَاطِمَةَ، ثُمَّ قَالَ: اشْرَبِي حَبِيبَتِي فَجَرْعُت مِنْهُ ثَلاَثَ جُرْعَاتٍ، ثُمَّ رَدَّتْهُ إِلَى أَبِيهَا، فَأَخَذَ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَاءِ، فَنَضَحَهُ عَلَى صَدْرِي وَ صَدْرِهَا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ (4) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَ قَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّكَ لَمْ تَبْعَثْ نَبِيّاً إِلاَّ وَ قَدْ جَعَلْتَ لَهُ عِتْرَةً، اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ عِتْرَتِي الْهَادِيَةَ مِنْ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ. ثُمَّ خَرَجَ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَبِتُّ بِلَيْلَةٍ لَمْ يَبِتْ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ بِمِثْلِهَا، فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِي آخِرِ السَّحَرِ أَحْسَسْتُ بِحِسِّ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَعَنَا، فَذَهَبْتُ لِأَنْهَضَ، فَقَالَ لِي: مَكَانَكَ يَا عَلِيُّ، أَتَيْتُكَ فِي فِرَاشِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ. فَأَدْخَلَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) رِجْلَيْهِ مَعَنَا فِي الدِّثَارِ، ثُمَّ أَخَذَ مِدْرَعَةً كَانَتْ تَحْتَ رَأْسِ فَاطِمَةَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَتْ فَاطِمَةُ فَبَكَى، وَ بَكَتْ، وَ بَكَيْتُ لِبُكَائِهِمَا، فَقَالَ لِي: مَا يُبْكِيكَ يَا عَلِيُّ؟

قَالَ: قُلْتُ: فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي، لَقَدْ بَكَيْتُ وَ بَكَتْ فَاطِمَةُ، فَبَكَيْتُ لِبُكَائِهِمَا.3.

ص: 101


1- الوجبة: صوت السّقوط «النّهاية 154:5».
2- في «ط»: لزفاف.
3- الشكوة: وعاء كالدلو، أو القربة الصّغيرة. و القعب: القدح الضّخم.
4- الاحزاب 33:33.

قَالَ نَعَمْ: أَتَانِي جَبْرَئِيلُ فَبَشَّرَنِي بِفَرْخَيْنِ يَكُونَانِ لَكَ، ثُمَّ عُزِّيتُ بِأَحَدِهِمَا، وَ عَرَفْتُ أَنَّهُ يُقْتَلُ غَرِيباً عَطْشَاناً. فَبَكَتْ فَاطِمَةُ حَتَّى عَلاَ بُكَاؤُهَا، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَهْ، لِمَ يَقْتُلُونَهُ وَ أَنْتَ جَدُّهُ، وَ أَبُوهُ عَلِيٌّ، وَ أَنَا أُمُّهُ؟

قَالَ: يَا بُنَيَّةِ، لِطَلَبِهِمُ(1) الْمُلْكَ، أَمَا إِنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْهِمْ سَيْفٌ لاَ يُغْمَدُ إِلاَّ عَلَى يَدِ الْمَهْدِيِّ مِنْ وُلْدِكَ.

يَا عَلِيُّ، مَنْ أَحَبَّكَ وَ أَحَبَّ ذُرِّيَّتَكَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَحَبَّنِي أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَ مَنْ أَبْغَضَكَ وَ أَبْغَضَ ذُرِّيَّتَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَ مَنْ أَبْغَضَنِي أَبْغَضَهُ اللَّهُ، وَ أَدْخَلَهُ النَّارَ(2).

31/31 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنُ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ:

لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَهْدَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ فَاطِمَةَ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ)، دَعَا بِعَلِيٍّ فَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ، وَ دَعَا بِهَا (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) فَأَجْلَسَهَا عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ جَمَعَ رَأْسَيْهِمَا، ثُمَّ قَامَ، وَ قَامَا وَ هُوَ بَيْنَهُمَا، يُرِيدُ مَنْزِلَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَكَبَّرَ جَبْرَئِيلُ فِي الْمَلاَئِكَةِ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ التَّكْبِيرَ، فَكَبَّرَ وَ كَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ، وَ هُوَ أَوَّلُ تَكْبِيرٍ كَانَ فِي زِفَافٍ، فَصَارَتْ سُنَّةً(3).

32/32 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ بْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي(4) أَبِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

لَمَّا زُفَّتْ فَاطِمَةُ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)، نَزَلَ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ، وَ نَزَلَا.

ص: 102


1- في «ع، م»: طلب.
2- نوادر المعجزات: 14/94، مدينة المعاجز: 148 و قطعة منه في من لا يحضره الفقيه 1/253:3، و أمالي الطّوسيّ 263:1.
3- مدينة المعاجز: 148.
4- في «ع»: حدّثنا.

مَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ.

قَالَ: فَقُدِّمَتْ بَغْلَةُ رَسُولِ اللَّهِ (دُلْدُلُ) وَ عَلَيْهَا شَمْلَةٌ، قَالَ فَأَمْسَكَ جَبْرَئِيلُ بِاللِّجَامِ، وَ أَمْسَكَ إِسْرَافِيلُ بِالرِّكَابِ، وَ أَمْسَكَ مِيكَائِيلُ بِالثَّفَرِ(1) ، وَ رَسُولُ اللَّهِ يُسَوِّي عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، فَكَبَّرَ جَبْرَئِيلُ، وَ كَبَّرَ إِسْرَافِيلُ، وَ كَبَّرَ مِيكَائِيلُ، وَ كَبَّرَتِ الْمَلاَئِكَةُ، وَ جَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ بِالتَّكْبِيرِ فِي الزِّفَافِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(2).

خبر الطّيب

33/ 33 - حَدَّثَنِي(3) أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ الْقَاضِي، قَالَ:

أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَالِكٍ السَّيَّارِيُّ(4) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلاَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ لِعَلِيٍّ يَوْمَ زَوَّجَهُ فَاطِمَةَ: يَا عَلِيُّ، ارْفَعْ رَأْسَكَ إِلَى السَّمَاءِ فَانْظُرْ مَا تَرَى.

قَالَ: أَرَى جِوَارِيَ مُزَيَّنَاتٍ، مَعَهُنَّ هَدَايَا.

قَالَ: فَأُوَلئِكَ خَدَمُكَ وَ خَدَمُ فَاطِمَةَ فِي الْجَنَّةِ، انْطَلِقْ الى مَنْزِلِكَ، وَ لاَ تُحْدِثْ شَيْئاً حَتَّى آتِيَكَ. فَمَا كَانَ إِلاَّ أَنْ مَضَى(5) رَسُولُ اللَّهِ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَ أَمَرَنِي أَنْ أُهْدِيَ لَهَا طِيباً.

قَالَ عَمَّارٌ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ وَ مَعِي الطِّيبُ، فَقَالَتْ: يَا

ص: 103


1- الثفر: السّير الّذي في مؤخّر السّرج «لسان العرب - ثفر - 105:4».
2- كشف الغمّة 368:1، مدينة المعاجز: 148.
3- في «ع»: حدّثنا.
4- في «ع، م»: السباي.
5- كذا في نوادر المعجزات، و في «ط»: فما كان إلاّ كلاّ و لا حتّى مضى؟ و في «م»: فما كان إلاّ كلاّ شيء حتّى مضى؟ و في «ع»: سقط قوله (إلى منزلك... رسول اللّه).

أَبَا الْيَقْظَانِ، مَا هَذَا الطِّيبُ؟

قُلْتُ: طِيبٌ أَمَرَنِي بِهِ أَبُوكِ أَنْ أُهْدِيَهُ لَكِ.

فَقَالَتْ: وَ اللَّهِ، لَقَدْ أَتَانِي مِنَ السَّمَاءِ طِيبٌ مَعَ جِوَارٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَ إِنَّ فِيهِنَّ جَارِيَةً حَسْنَاءَ كَأَنَّهَا الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقُلْتُ: مَنْ بَعَثَ بِهَذَا الطِّيبِ؟ فَقَالَتْ: دَفَعَهُ إِلَيَّ(1) رِضْوَانُ خَازِنُ الْجَنَّةِ، وَ أَمَرَ هَؤُلاَءِ الْجَوَارِيَ أَنْ يَنْحَدِرْنَ مَعِي، وَ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَمَرَةُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى، وَ فِي الْيَدِ الْيُسْرَى نُخْبَةً(2) مِنْ رَيَاحِينِ الْجَنَّةِ.

فَنَظَرْتُ إِلَى الْجَوَارِي وَ إِلَى حُسْنِهِنَّ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتُنَّ؟ فَقُلْنَ: نَحْنُ لَكِ، وَ لِأَهْلِ بَيْتِكِ، وَ لِشِيعَتِكِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقُلْتُ: أَ فِيكُنَّ مِنْ أَزْوَاجِ ابْنِ عَمِّي أَحَدٌ؟ قُلْنَ: أَنْتِ زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ نَحْنُ خَدَمُكِ وَ خَدَمُ ذُرِّيَّتِكِ.

وَ حَمَلْتُ بِالْحَسَنِ، فَلَمَّا رُزِقْتُهُ حَمَلْتُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً بِالْحُسَيْنِ، وَ رُزِقْتُ زَيْنَبَ وَ أُمَّ كُلْثُومٍ، وَ حَمَلْتُ بِمُحَسِّن، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ جَرَى مَا جَرَى فِي يَوْمِ دُخُولِ الْقَوْمِ عَلَيْهَا دَارَهَا، وَ إِخْرَاجِ ابْنِ عَمِّهَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ مَا لَحِقَهَا مِنَ الرَّجُلِ(3) أَسْقَطَتْ بِهِ وَلَداً تَمَاماً، وَ كَانَ ذَلِكَ أَصْلَ مَرَضِهَا وَ وَفَاتِهَا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا)(4).

خبر مصحفها (صلوات اللّه عليها)

34/ 34 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ وَ جَعْفَرُ ابْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ(5) بْنِ أَبِي الْعَلاَءِ وَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ

ص: 104


1- في «ط»: فقالت: بعثه.
2- في «ط»: طاقة.
3- في «ع، م»: الوجل.
4- نوادر المعجزات: 15/96.
5- في «ط، ع، م»: الحسن، مكبرا، و هو تصحيف، و هو الحسين بن خالد أبي العلاء الخفّاف، كان ثقة وجيها، -.

أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنْ مُصْحَفِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا)، فَقَالَ: أُنْزِلَ عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهَا.

فَقُلْتُ: فَفِيهِ شَيْ ءٌ مِنَ الْقُرْآنِ؟

قَالَ: مَا فِيهِ شَيْ ءٌ مِنَ الْقُرْآنِ.

قَالَ: قُلْتُ: فَصِفْهُ لِي.

قَالَ: لَهُ دَفَّتَانِ مِنْ زَبَرْجَدَتَيْنِ عَلَى طُولِ الْوَرَقِ وَ عَرْضِهِ حَمْرَاوَيْنِ.

قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ صِفْ لِي وَرَقَهُ.

قَالَ: وَرَقُهُ مِنْ دُرٍّ أَبْيَضَ قِيلَ لَهُ: (كُنْ) فَكَانَ.

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَا فِيهِ؟

قَالَ: فِيهِ خَبَرُ مَا كَانَ، وَ خَبَرُ مَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ فِيهِ خَبَرُ سَمَاءٍ سَمَاءٍ، وَ عَدَدُ مَا فِي سَمَاءٍ سَمَاءٍ(1) مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، وَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَ عَدَدُ كُلِّ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ مُرْسَلاً وَ غَيْرَ مُرْسَلٍ، وَ أَسْمَاؤُهُمْ، وَ أَسْمَاءُ الَّذِينَ أُرْسِلُوا(2) إِلَيْهِمْ، وَ أَسْمَاءُ مَنْ كَذَّبَ وَ مَنْ أَجَابَ مِنْهُمْ، وَ فِيهِ أَسْمَاءُ جَمِيعِ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْكَافِرِينَ، مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، وَ أَسْمَاءُ الْبُلْدَانِ، وَ صِفَةُ - (3) كُلِّ بَلَدٍ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا، وَ عَدَدُ مَا فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ عَدَدُ مَا فِيهَا مِنَ الْكَافِرِينَ، وَ صِفَةُ كُلِّ مَنْ كَذَّبَ، وَ صِفَةُ الْقُرُونِ الْأُوَلى وَ قِصَصُهُمْ، وَ مَنْ وُلِّيَ مِنَ الطَّوَاغِيتِ وَ مُدَّةُ مُلْكِهِمْ(4) وَ عَدَدُهُمْ، وَ فِيهِ أَسْمَاءُ الْأَئِمَّةِ وَ صِفَتُهُمْ، وَ مَا يَمْلِكُ وَاحِداً وَاحِداً، وَ فِيهِ صِفَةُ كَرَّاتِهِمْ، وَ فِيهِ صِفَةُ جَمِيعِ مَنْ تَرَدَّدَ فِي الْأَدْوَارِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ.

قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ كَمِ الْأَدْوَارُ؟

قَالَ: خَمْسُونَ أَلْفَ عَامٍ، وَ هِيَ سَبْعَةُ أَدْوَارٍ؛ وَ فِيهِ أَسْمَاءُ جَمِيعِ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ مِنَن.

ص: 105


1- في «ط»: في السّماوات.
2- في «ط»: اسماء من ارسل.
3- في «ع، م»: الآخرين و فيه صفة.
4- في «ع، م»: الطّواغيت و ما يملكون.

الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ وَ آجَالُهُمْ، وَ صِفَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ عَدَدُ مَنْ يَدْخُلُهَا، وَ عَدَدُ مَنْ(1) يَدْخُلُ النَّارَ، وَ أَسْمَاءُ هَؤُلاَءِ وَ أَسْمَاءُ هَؤُلاَءِ، وَ فِيهِ عِلْمُ الْقُرْآنِ كَمَا أُنْزِلَ، وَ عِلْمُ التَّوْرَاةِ كَمَا أُنْزِلَتْ، وَ عِلْمُ الْإِنْجِيلِ، وَ الزَّبُورِ(2) ، وَ عَدَدُ كُلِّ شَجَرَةٍ وَ مَدَرَةٍ فِي جَمِيعِ الْبِلاَدِ.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) أَنْ يُنْزِلَهُ عَلَيْهَا، أَمَرَ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ إِسْرَافِيلَ أَنْ يَحْمِلُوا الْمُصْحَفَ فَيَنْزِلُوا بِهِ عَلَيْهَا، وَ ذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ مِنَ الثُّلُثِ الثَّانِي مِنَ اللَّيْلِ، هَبَطُوا بِهِ عَلَيْهَا وَ هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي، فَمَا زَالُوا قِيَاماً حَتَّى قَعَدَتْ، فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ صَلاَتِهَا سَلَّمُوا عَلَيْهَا، وَ قَالُوا لَهَا: السَّلاَمُ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ. وَ وَضَعُوا الْمُصْحَفَ فِي حَجْرِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ: اللَّهُ السَّلاَمُ، وَ مِنْهُ السَّلاَمُ، وَ إِلَيْهِ السَّلاَمُ، وَ عَلَيْكُمْ يَا رُسُلَ اللَّهِ السَّلاَمُ.

ثُمَّ عَرَجُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَمَا زَالَتْ مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْفَجْرِ إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ تَقْرَأُهُ، حَتَّى أَتَتْ عَلَى آخِرِهِ.

وَ لَقَدْ كَانَتْ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا) طَاعَتُهَا مَفْرُوضَةً عَلَى جَمِيعِ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْجِنِّ، وَ الْإِنْسِ، وَ الطَّيْرِ، وَ الْبَهَائِمِ(3) ، وَ الْأَنْبِيَاءِ، وَ الْمَلاَئِكَةِ.

فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَلَمَّا مَضَتْ إِلَى مَنْ صَارَ ذَلِكَ الْمُصْحَفُ؟

فَقَالَ: دَفَعْتُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَلَمَّا مَضَى صَارَ إِلَى الْحَسَنِ، ثُمَّ إِلَى الْحُسَيْنِ، ثُمَّ عِنْدَ أَهْلِهِ حَتَّى يَدْفَعُوهُ إِلَى صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ.

فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ كَثِيرٌ!

فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ هَذَا الَّذِي وَصَفْتُهُ لَكَ لَفِي وَرَقَتَيْنِ مِنْ أَوَّلِهِ، وَ مَا وَصَفْتُ لَكَ بَعْدَ مَا فِي الْوَرَقَةِ الثَّالِثَةِ(4) ، وَ لاَ تَكَلَّمْتُ بِحَرْفٍ مِنْهُ(5).

.9.

ص: 106


1- (عدد من) ليس في «ع، م».
2- في «ط»: الانجيل كما انزل و علم الزّبور.
3- في «ط»: الوحش.
4- في «ط، م»: الثّانية.
5- عوالم فاطمة (عليها السّلام): 1/189.

خبر دعائها (صلوات اللّه عليها)

خبر دعائها(1) (صلوات اللّه عليها)

35/ 35 - رَوَى عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْفٍ(2) الطَّائِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ(3) ، عَنِ ابْنِ أَبَانٍ، عَنْ سَلْمَانَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: كُنْتُ خَارِجاً مِنْ مَنْزِلِي ذَاتَ يَوْمٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، إِذْ لَقِيَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ: مَرْحَباً يَا سَلْمَانُ، صِرْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنَّهَا إِلَيْكَ مُشْتَاقَةٌ، وَ إِنَّهَا قَدْ أُتْحِفَتْ بِتُحْفَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ، تُرِيدُ أَنْ تُتْحِفَكَ مِنْهَا.

قَالَ سَلْمَانُ: فَمَضَيْتُ إِلَيْهَا فَطَرَقْتُ الْبَابَ، فَاسْتَأْذَنْتُ فَأَذِنَتْ لِي بِالدُّخُولِ فَدَخَلْتُ، فَإِذَا هِيَ جَالِسَةٌ فِي صَحْنِ الْحُجْرَةِ، عَلَيْهَا قِطْعَةُ عَبَاءَةٍ، قَالَتْ: اجْلِسْ.

فَجَلَسْتُ، فَقَالَتْ: كُنْتُ بِالْأَمْسِ جَالِسَةً فِي صَحْنِ الْحُجْرَةِ، شَدِيدَةَ الْغَمِّ عَلَى النَّبِيِّ، أَبْكِيهِ وَ أَنْدُبُهُ، وَ كُنْتُ رَدَدْتُ بَابَ الْحُجْرَةِ بِيَدِي، إِذْ انْفَتَحَ الْبَابُ، وَ دَخَلَ عَلَيَّ ثَلاَثُ جِوَارٍ، لَمْ أَرَ كَحُسْنِهِنَّ، وَ لاَ كَنَضَارَةِ وُجُوهِهِنَّ، فَقُمْتُ إِلَيْهِنَّ مُنْكِرَةً لِشَأْنِهِنَّ، وَ قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتُنَّ، مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ فَقُلْنَ: لاَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَ لاَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، نَحْنُ مِنْ دَارِ السَّلاَمِ، بَعَثَنَا(4) إِلَيْكِ رَبُّ الْعَالَمِينَ، يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ(5) وَ يُعَزِّيكِ بِأَبِيكِ مُحَمَّدٍ.

قَالَتْ فَاطِمَةُ: فَجَلَسْتُ أَمَامَهُنَّ، وَ قُلْتُ لِلَّتِي أَظُنُّ(6) أَنَّهَا أَكْبَرُهُنَّ: مَا اسْمُكِ؟ قَالَتْ: ذَرَّةُ.

ص: 107


1- في «ط، م»: وفاتها.
2- صحف في «ط، ع، م»: إلى: عون، و هو الحافظ الثّقة محمّد بن عوف بن سفيان الطّائيّ الحمّصيّ، مات سنة اثنتين و سبعين و مائتين، أنظر سير أعلام النبلاء 613:12.
3- و اسمه دينار بن عذافر، و يقال: طهمان القشيريّ البصريّ، روى عن الباقر (عليه السّلام) و التّابعين، وثّقه ابن حنبل و ابن معيّن و العجليّ و أبو حاتم و غيرهم، انظر رجال الطّوسيّ: 7/120، تهذيب الكمال 461:8.
4- في «ع، م»: بعث بنا.
5- في «ع، م»: يسلّم عليك.
6- في «ط»: ظننت.

قُلْتُ: وَ لِمَ سُمِّيتِ ذَرَّةَ؟

قَالَتْ: لِأَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) خَلَقَنِي لِأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ.

وَ قُلْتُ: لِلْأُخْرَى: مَا اسْمُكِ؟

قَالَتْ: مِقْدَادَةُ.

فَقُلْتُ: وَ لِمَ سُمِّيتِ مِقْدَادَةً؟

قَالَتْ: لِأَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) خَلَقَنِي لِلْمِقْدَادِ.

وَ قُلْتُ لِلثَّالِثَةِ: مَا اسْمُكِ؟

قَالَتْ: سَلْمَى.

قُلْتُ: وَ لِمَ سُمِّيْتِ سَلْمَى؟

قَالَتْ: لِأَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) خَلَقَنِي لِسَلْمَانَ.

وَ قَدْ أَهْدَيْنَ إِلَيَّ هَدِيَّةً مِنَ الْجَنَّةِ، وَ قَدْ خَبَأْتُ لَكَ مِنْهَا. فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ طَبَقاً مِنْ رُطَبٍ أَبْيَضَ أَبْرَدَ مِنَ الثَّلْجِ، وَ أَذْكَى رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ، فَدَفَعَتْ إِلَيَّ خَمْسَ رُطَبَاتٍ، وَ قَالَتْ لِي: كُلْ - يَا سَلْمَانُ - هَذَا عِنْدَ إِفْطَارِكَ.

فَخَرَجْتُ وَ أَقْبَلْتُ أُرِيدُ الْمَنْزِلَ، فَوَ اللَّهِ مَا مَرَرْتُ بِمَلَإٍ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ قَالُوا: تَحْمِلُ الْمِسْكَ يَا سَلْمَانُ! حَتَّى أَتَيْتُ الْمَنْزِلَ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْإِفْطَارِ أَفْطَرْتُ عَلَيْهِنَّ، فَلَمْ أَجِدْ لَهُنَّ نَوًى وَ لاَ عَجْماً، حَتَّى إِذَا أَصْبَحْتُ بَكَّرْتُ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ، فَأَخْبَرْتُهَا، فَتَبَسَّمَتْ ضَاحِكَةً، وَ قَالَتْ يَا سَلْمَانُ: مِنْ أَيْنَ يَكُونُ لَهَا نَوًى؟ وَ إِنَّمَا هُوَ (عَزَّ وَ جَلَّ) خَلَقَهُ لِي تَحْتَ عَرْشِهِ بِدَعَوَاتٍ كَانَ عَلَّمَنِيهَا النَّبِيُّ. فَقُلْتُ: حَبِيبَتِي، عَلِّمِينِي تِلْكَ الدَّعَوَاتِ، فَقَالَتْ: إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَلْقَى اللَّهَ وَ هُوَ عَنْكَ غَيْرُ غَضْبَانٍ، فَوَاظِبْ عَلَى هَذَا الدُّعَاءِ، وَ هُوَ:

«بِسْمِ اللَّهِ النُّورِ، بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي يَقُولُ لِلشَّيْ ءِ كُنْ فَيَكُونُ، بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ مَا تُخْفِي الصُّدُورِ، بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النُّورَ مِنَ النُّورِ، بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ بِالْمَعْرُوفِ مَذْكُورٌ، بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ النُّورَ عَلَى الطُّورِ، بِقَدَرِ مَقْدُورٍ، فِي كِتَابٍ مَسْطُورٍ، عَلَى نَبِيٍّ مَحْبُورٍ».

.

ص: 108

حديث فدك

حديث فدك(1)

36/ 36 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ(2) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الزَّيَّاتُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَصَبَانِيُّ،(3) قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيُّ(4) السَّكُونِيُّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ الْأَحْمَرِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ الرَّبَعِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) إِجْمَاعُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مَنْعِ فَدَكٍ...

وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، قَالَتْ: لَمَّا أَجْمَعَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى مَنْعِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) فَدَكاً...

وَ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي(5) أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَمَّتِهِ(6) زَيْنَبَ بِنْتِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، وَ غَيْرِ وَاحِدٍ: مِنْ(7) أَنَّ فَاطِمَةَ لَمَّا أَجْمَعَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى مَنْعِهَا فَدَكاً...

ص: 109


1- في «ع»: زيادة: و ما جرى بين فاطمة و بين أبي بكر في معنيها و كلامها له الحجّة (كذا).
2- في «ط»: الفضل.
3- في «ط»: العضباني.
4- زاد في «ط»: عن.
5- في «ع»: حدّثنا.
6- (عمّته) ليس في «ع، م».
7- (من) ليس في «ط».

وَ حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدٍ بْنِ جَعْفَرِ [بْنِ مَخْلَدٍ](1) بْنِ سَهْلِ ابْنِ حُمْرَانَ الدَّقَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْفَضْلِ خَدِيجَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ، قَالَتْ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ ابْنُ يَحْيَى الْجَلُودِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ [بْنُ مُحَمَّدِ] بْنِ عُمَارَةَ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ - قَالَ: وَ مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ - قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلاَنِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَتْ: لَمَّا بَلَغَ فَاطِمَةَ إِجْمَاعُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مَنْعِ فَدَكٍ، وَ انْصِرَافِ وَكِيلِهَا عَنْهَا، لاَثَتْ خِمَارَهَا... وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَالَ الصَّفْوَانِيُّ: وَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ(2) بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ(3) ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِهِ...: وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَالَ الصَّفْوَانِيُّ: وَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُثْمَانَ(4) ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَائِلُ بْنُ نَجِيحٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)...:

وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَالَ الصَّفْوَانِيُّ: وَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الضَّحَّاكِ(5) ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ،ك.

ص: 110


1- أضفناه من تاريخ بغداد 189:6 و أنساب السمعاني 264:1، و لقباه (الباقرحي) كما يأتي في أحاديث أخرى، و هو من مشايخ النّجاشيّ أيضا، كان صدوقا، صحيح الكتاب، حسن النّقل، رجال النّجاشيّ: 162 و 322.
2- في شرح النّهج: أحمد. و رواه عنه الشّيخ أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ.
3- في «ط، ع، م»: عبد اللّه بن محمّد بن سليمان بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن، عن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن. و في الحديث (38) و شرح النّهج: عبد اللّه بن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد اللّه، و في موضع آخر (ج 233/16): عبد اللّه بن حمّاد بن سليمان.
4- في شرح النّهج: عثمان بن عمران العجيفي.
5- في شرح النّهج: محمّد بن الضّحّاك.

عَنْ أَبِيهِ وَ عَوَانَةَ(1).

قَالَ الصَّفْوَانِيُّ: وَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ(2) بِبَعْضِهِ:

وَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، قَالُوا: لَمَّا بَلَغَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) إِجْمَاعُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مَنْعِهَا فَدَكَ، وَ انْصَرَفَ عَامِلُهَا مِنْهَا، لاَثَتْ خِمَارَهَا، ثُمَّ أَقْبَلَتْ فِي لُمَةٍ(3) مِنْ حَفَدَتِهَا(4) وَ نِسَاءِ قَوْمِهَا، تَطَأُ ذُيُولَهَا، مَا تَخْرِمُ مِشْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَ قَدْ حَفَّلَ حَوْلَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ، فَنِيطَتْ دُونَهَا مُلاَءَةٌ، ثُمَّ أَنَّتْ أَنَّةً أَجْهَشَ لَهَا الْقَوْمُ بِالْبُكَاءِ، ثُمَّ أُمْهِلْتُ حَتَّى هَدَأَتْ فَوْرَتُهُمْ، وَ سَكَنَتْ رَوْعَتُهُمْ، وَ افْتَتَحَتِ الْكَلاَمَ، فَقَالَتْ:

«أَبْتَدِئُ بِالْحَمْدِ لِمَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْحَمْدِ وَ الْمَجْدِ وَ الطَّوْلِ» ثُمَّ قَالَتْ: «اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ، وَ لَهُ الشُّكْرُ عَلَى مَا أَلْهَمَ، وَ الثَّنَاءُ عَلَى مَا قَدَّمَ، مِنْ عُمُومِ نِعَمٍ ابْتَدَاهَا، وَ سُبُوغِ آلاَءٍ أَسْدَاهَا، وَ إِحْسَانِ مِنَنٍ وَالاَهَا، جَمَّ عَنِ الْإِحْصَاءِ عَدَدُهَا، وَ نَأَى عَنِ الْمُجَازَاةِ أَمَدُهَا، وَ تَفَاوَتَ عَنِ الْإِدْرَاكِ أَبَدُهَا، اسْتَدْعَى الشَّكُورُ بِإِفْضَالِهَا(5) ، وَ اسْتَحْمَدَ إِلَى الْخَلاَئِقِ بِإِجْزَالِهَا، وَ أَمَرَ بِالنَّدْبِ إِلَى أَمْثَالِهَا.

وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، كَلِمَةٌ جُعِلَ الْإِخْلاَصُ تَأْوِيلَهَا، وَ ضَمِنَ الْقُلُوبُ مَوْصُولَهَا، وَ أَبَانَ فِي الْفِكَرِ مَعْقُولَهَا، الْمُمْتَنِعُ مِنَ الْأَبْصَارِ رُؤْيَتُهُ، وَ مِنَ الْأَلْسُنِ صِفَتُهُ، وَ مِنَ الْأَوْهَامِ الْإِحَاطَةُ بِهِ، ابْتَدَعَ الْأَشْيَاءَ لاَ مِنْ شَيْ ءٍ كَانَ قَبْلَهَا، وَ أَنْشَأَهَا بِلاَ احْتِذَاءِ أَمْثِلَةٍا.

ص: 111


1- في شرح النّهج: عوانة بن الحكم، و هو أبو الحكم الكوفيّ الضّرير، وصفوه بأنّه كان عالما بالأخبار و الآثار، ثقة، و كان عثمانيا، و كان يضع أخبارا لبني أميّة و له كتاب (سير معاوية و بني امية) روى عنه هشام بن الكلبيّ. انظر ترجمته في معجم الادباء 134:16، لسان الميزان 386:4.
2- و هو عبيد اللّه بن محمّد بن حفص، و يعرف بابن عائشة لأنّه من ولد عائشة بنت طلحة، وثّقه أبو حاتم و غيره، و روى بعض حديث فدك محمّد بن زكريّا، عن ابن عائشة، عن أبيه، عن عمّه. انظر شرح النّهج 16: 216، سير أعلام النبلاء 564:10.
3- أيْ في جماعة من نسائها، قيل: هي ما بين الثّلاثة إلى العشرة، و قيل اللّمّة: المثل في السّنّ، و الترب «النّهاية 273:4».
4- الحفدة: الأعوان و الخدم «الصّحاح - حفد - 466:2».
5- في بلاغات النّساء: و استثن الشّكر بفضائلها، و في كشف الغمّة: استتب الشّكر بفضائلها.

[امتثلها](1) ، وَضَعَهَا(2) لِغَيْرِ فَائِدَةٍ زَادَتْهُ، بَلْ إِظْهَاراً لِقُدْرَتِهِ، وَ تَعَبُّداً لِبَرِيَّتِهِ، وَ إِعْزَازاً لِأَهْلِ دَعْوَتِهِ، ثُمَّ جَعَلَ الثَّوَابِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَ وَضَعَ الْعِقَابَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، ذِيَادَةً(3) لِعِبَادِهِ عَنْ نَقِمَتِهِ، وَ حِيَاشَةً(4) لَهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّ أَبِي مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، اخْتَارَهُ قَبْلَ أَنْ يَجْتَبِلَهُ(5) ، وَ اصْطَفَاهُ قَبْلَ أَنْ يَبْتَعَثَهُ، وَ سَمَّاهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَنْجِبهِ(6) ، إِذِ الْخَلاَئِقُ فِي الْغَيْبِ مَكْنُونَةٌ، وَ بِسَدِّ الْأَوْهَامِ(7) مَصُونَةٌ، وَ بِنِهَايَةِ الْعَدَمِ مَقْرُونَةٌ، عِلْماً مِنَ اللَّهِ فِي غَامِضِ الْأُمُورِ، وَ إِحَاطَةَ مِنْ وَرَاءِ حَادِثَةِ الدُّهُورِ، وَ مَعْرِفَةً بِمَوَاقِعِ الْمَقْدُورِ.

ابْتَعَثَهُ اللَّهُ إِتْمَاماً لِعِلْمِهِ، وَ عَزِيمَةً عَلَى إِمْضَاءِ حُكْمِهِ، فَرَأَى الْأُمَمَ فِرَقاً فِي أَدْيَانِهَا، عُكَّفاً عَلَى نِيرَاهَا، عَابِدَةً لِأَوْثَانِهَا، مُنْكِرَةً لِلَّهِ مَعَ عِرْفَانِهَا، فَأَنَارَ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ ظُلَمَهَا، وَ فَرَّجَ عَنِ الْقُلُوبِ بُهَمَهَا(8) ، وَ جَلاَ عَنِ الْأَبْصَارِ عَمَهَهَا، وَ عَنِ الْأَنْفُسِ غُمَمَهَا.

ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ قَبْضَ رَأْفَةٍ وَ رَحْمَةٍ، وَ اخْتِيَارٍ وَ رَغْبَةٍ لِمُحَمَّدِ عَنْ تَعَبِ هَذِهِ الدَّارِ، مَوْضُوعاً عَنْهُ أَعْبَاءُ الْأَوْزَارِ، مَحْفُوفاً بِالْمَلاَئِكَةِ الْأَبْرَارِ، وَ رِضْوَانِ الرَّبِّ الْغَفَّارِ، وَ مُجَاوَرَةِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ؛ أَمِينُهُ عَلَى الْوَحْيِ، وَ صَفِيُّهُ وَ رَضِيُّهُ، وَ خِيَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَ نَجِيُّهُ، فَعَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَ السَّلاَمُ(9) ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ».

ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَى أَهْلِ الْمَجْلِسِ(10) ، فَقَالَتْ لِجَمِيعِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ:

«وَ أَنْتُمْ عِبَادَ اللَّهِ نُصْبُ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ، وَ حَمَلَةُ دِينِهِ وَ وَحْيِهِ، وَ أُمَنَاءُ اللَّهِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ،د.

ص: 112


1- من الاحتجاج.
2- في «ع، م»: سنأها.
3- الذيادة: الطّرد و الدّفع «لسان العرب - ذود - 167:3».
4- الحياشة: السّوق و الجمع «لسان العرب - حوش - 290:6».
5- جبله: أيّ خلقه «القاموس المحيط - جبل - 356:3».
6- انتجب فلانا و استنجبه: إذا استخلصه و اصطفاه اختيارا على غيره «لسان العرب - نجب - 748:1».
7- في «ع»: بسرّ الأوهام، و في بلاغات النّساء و الاحتجاج: و بستر الأهاويل.
8- في «ط»: شبهها.
9- في «ع، م»: خلقه و عليه السّلام.
10- في «ط، م»: المسجد.

وَ بُلَغَاؤُهُ إِلَى الْأُمَمِ، زَعِيمٌ لِلَّهِ فِيكُمْ، وَ عَهْدٌ قَدَّمَهُ إِلَيْكُمْ، وَ بَقِيَّةٌ اسْتَخْلَفَهَا عَلَيْكُمْ: كِتَابُ اللَّهِ، بَيِّنَةٌ بَصَائِرُهُ، وَ آيٌ مُنْكَشِفَةٌ سَرَائِرُهُ، وَ بُرْهَانٌ فِينَا مُتَجَلِّيَةٌ ظَوَاهِرُهُ، مُدِيمٌ لِلْبَرِيَّةِ اسْتِمَاعُهُ، وَ قَائِدٌ إِلَى الرِّضْوَانِ أَتْبَاعَهُ، وَ مُؤَدٍّ إِلَى النَّجَاةِ أَشْيَاعَهُ، فِيهِ تِبْيَانُ حُجَجِ اللَّهِ الْمُنَوَّرَةِ(1) ، وَ مَوَاعِظِهِ الْمُكَرَّرَةِ، وَ عَزَائِمِهِ الْمُفَسَّرَةِ، وَ مَحَارِمِهِ الْمُحَذَّرَةِ، وَ أَحْكَامِهِ الْكَافِيَةِ، وَ بَيِّنَاتِهِ الْجَالِيَةِ، وَ فَضَائِلِهِ الْمَنْدُوبَةِ، وَ رُخَصِهِ الْمَوْهُوبَةِ، وَ رَحْمَتِهِ الْمَرْجُوَّةِ، وَ شَرَائِعِهِ الْمَكْتُوبَةِ.

فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْإِيمَانَ تَطْهِيراً لَكُمْ مِنَ الشِّرْكِ؛ وَ الصَّلاَةَ تَنْزِيهاً لَكُمْ عَنِ الْكِبْرِ؛ وَ الزَّكَاةَ تَزْيِيداً فِي الرِّزْقِ؛ وَ الصِّيَامَ إِثْبَاتاً لِلْإِخْلاَصِ؛ وَ الْحَجَّ تَشْيِيداً لِلدِّينِ؛ وَ الْحَقَّ تَسْكِيناً لِلْقُلُوبِ، وَ تَمْكِيناً لِلدِّينِ، وَ طَاعَتَنَا نِظَاماً لِلْمِلَّةِ، وَ إِمَامَتَنَا لَمّاً لِلْفُرْقَةِ، وَ الْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلاَمِ، وَ الصَّبْرَ مَعُونَةً عَلَى الاِسْتِيجَابِ(2) ، وَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَامَّةِ، وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ تَنْزِيهاً لِلدِّينِ(3) ، وَ الْبِرَّ بِالْوَالِدَيْنِ وِقَايَةً مِنَ السَّخَطِ، وَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ مَنْمَاةً لِلْعَدَدِ، وَ زِيَادَةً فِي الْعُمُرِ، وَ الْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ، وَ الْوَفَاءَ باِلنُّذُورِ(4) تَعَرُّضاً لِلْمَغْفِرَةِ، وَ وَفَاءَ الْمِكْيَالِ وَ الْمِيزَانِ تَغْيِيراً لِلْبَخْسِ(5) وَ التَّطْفِيفَ، وَ اجْتِنَابَ قَذْفِ الْمُحْصَنَةِ حِجَاباً عَنِ اللَّعْنَةِ، وَ التَّنَاهِيَ عَنْ شُرْبِ الْخُمُورِ تَنْزِيهاً عَنِ الرِّجْسَ، وَ مُجَانَبَةَ السَّرِقَةِ إِيجَاباً لِلْعِفَّةِ، وَ التَّنَزُّهَ عَنْ أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَ الاِسْتِئْثَارَ بِهِ إِجَارَةً مِنَ الظُّلْمِ، وَ النَّهْيَ عَنِ الزِّنَا تَحَصُّناً مِنَ الْمَقْتِ، وَ الْعَدْلَ فِي الْأَحْكَامِ إِينَاساً لِلرَّعِيَّةِ، وَ تَرْكَ الْجَوْرِ فِي الْحُكْمِ إِثْبَاتاً لِلْوَعِيدِ، وَ النَّهْيَ عَنِ الشِّرْكِ إِخْلاَصاً لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَ لاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَ لاَ تَتَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، وَ أَطِيعُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَ نَهَاكُمْ، فَإِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ، فَاحْمَدُوا اللَّهَ الَّذِية.

ص: 113


1- في «ط، ع، م»: المنيرة، و ما في المتن أنسب للسياق، من بلاغات النّساء و الاحتجاج.
2- الاستيجاب: الاستحقاق «لسان العرب 793:1» و في «ط»: الاستجابة، و في الاحتجاج: استيجاب الأجر.
3- في «ع، م»: هو الدّين.
4- في «ط»: بالعهود.
5- في «ع، م» و بلاغات النّساء: تعييرا للبخسة.

بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ ابْتَغَى مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ، فَنَحْنُ وَسِيلَتُهُ فِي خَلْقِهِ، وَ نَحْنُ آلُ رَسُولِهِ، وَ نَحْنُ حُجَّةُ غَيْبِهِ، وَ وَرَثَةُ أَنْبِيَائِهِ».

ثُمَّ قَالَتْ:

«أَنَا فَاطِمَةُ وَ أَبِي مُحَمَّدٌ، أَقُولُهَا عَوْداً عَلَى بَدْءٍ، وَ مَا أَقُولُ إِذْ أَقُولُ سَرَفاً وَ لاَ شَطَطاً لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (1) إِنْ تُعَزُّوهُ تَجِدُوهُ أَبِي دُونَ نِسَائِكُمْ، وَ أَخَا ابْنِ عَمِّي دُونَ رِجَالِكُمْ، بَلَّغَ النَّذَارَةَ(2) صَادِعاً بِالرِّسَالَةِ، نَاكِباً عَنْ سُنَنِ الْمُشْرِكِينَ، ضَارِباً لِأَثْبَاجِهِمْ(3) ، آخِذاً بِأَكْظَامِهِمْ(4) ، دَاعِياً إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، يَجِذُّ(5) الْأَصْنَامَ، وَ يَنْكُتُ الْهَامَ(6) ، حَتَّى انْهَزَمَ الْجَمْعُ، وَ وَلَّوُا الدُّبُرَ، وَ حَتَّى تَفَرَّى(7) اللَّيْلُ عَنْ صُبْحِهِ، وَ أَسْفَرَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ(8) ، وَ نَطَقَ زَعِيمُ الدِّينِ، وَ هَدَأَتْ فَوْرَةُ الْكُفْرِ، وَ خَرَسَتْ شَقَاشِقُ الشَّيْطَانِ(9) ، وَ فُهْتُمْ بِكَلِمَةِ الْإِخْلاَصِ.

وَ كُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ، فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا نَبِيُّهُ، تَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ، وَ تَسْتَقْسِمُونَ بِالْأَزْلاَمِ، مَذْقَةَ الشَّارِبِ(10) ، وَ نُهْزَةَ(11) الطَّامِعِ، وَ قُبْسَةَ الْعَجْلاَنِ، وَ مُوْطِئَ».

ص: 114


1- التّوبة 128:9.
2- في «ع، م»: فبلغ النّداء، و في الشّافي و الاحتجاج و الطرائف: فبلغ الرّسالة صادعا بالنذارة.
3- الثبج: ما بين الكاهل إلى الظّهر، و وسط الشّيء «الصّحاح - ثبج - 301:1».
4- يقال: أخذت بكظمه: أيّ بمخرج نفسه، و الجمع أكظام «الصّحاح - كظم - 2023:5».
5- جذذت الشّيء: كسرته و قطعته «الصّحاح - جذذ - 561:2».
6- أيّ يرميها إلى الأرض. و الهام: جمع الهامّة و هي الرّأس.
7- تفرى: أيّ انشقّ «الصّحاح - فرّا - 2454:6».
8- محضه: أيّ خالصه و صريحه «النّهاية - محض - 302:4».
9- شبّهت الفصيح المنطيق بالفحل الهادر، و لسانه بشقشقته، و نسبتها إلى الشّيطان لما يدخل فيه من الكذب و الباطل، و كونه لا يبالي بما قال. و الشقاشق جمع شقشقة و هي لهاة البعير «النّهاية - شقق - 489:2، لسان العرب - شقق - 185:10».
10- المذقة: الشّربة من اللّبن الممذوق (الممزوج بالماء) «النّهاية - مذق - 311:4».
11- النهزة: الفرصة «النّهاية - نهز - 135:5».

الْأَقْدَامِ، تَشْرَبُونَ الرَّنْقَ(1) ، وَ تَقْتَاتُونَ الْقِدَّةَ(2) ، أَذِلَّةً خَاشِعِينَ، تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِكُمْ فَأَنْقَذَكُمْ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَعْدَ اللَّتَيَّا وَ الَّتِي(3) ، وَ بَعْدَ مَا مُنِيَ بِبُهَمِ(4) الرِّجَالِ، وَ ذِئْبَانِ الْعَرَبِ(5) ، كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ (6) ، أَوْ نَجَمَ(7) قَرْنُ الضَّلاَلَةِ، أَوْ فَغَرَتْ(8) فَاغِرَةُ الْمُشْرِكِينَ، قَذَفَ أَخَاهُ فِي لَهَوَاتِهَا، فَلاَ يَنْكَفِئُ حَتَّى يَطَأَ صُمَاخَهَا(9) بِأَخْمُصِهِ، وَ يُخْمِدَ لَهَبَهَا بِحَدِّهِ، مَكْدُوداً فِي ذَاتِ اللَّهِ، قَرِيباً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، سَيِّداً فِي أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وَ أَنْتُمْ فِي بُلَهْنِيَةٍ(10) آمِنُونَ، وَادِعُونَ فَرِحُونَ، تَتَوَكَّفُونَ الْأَخْبَارَ، وَ تَنْكُصُونَ عِنْدَ النُّزَّالِ عَلَى الْأَعْقَابِ، حَتَّى أَقَامَ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَمُودَ الدِّينِ.

فَلَمَّا اخْتَارَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) لَهُ دَارَ أَنْبِيَائِهِ وَ مَأْوَى أَصْفِيَائِهِ، ظَهَرَتْ حَسِيكَةُ(11) النِّفَاقِ، وَ انْسَمَلَ جِلْبَابُ(12) الدِّينِ، وَ أَخْلَقَ ثَوْبُهُ، وَ نَحَلَ عَظْمُهُ، وَ أَوْدَتْ رُمَّتُهُ(13) ، وَ ظَهَرَ نَابِغٌ،».

ص: 115


1- الرنق: تراب في الماء من القذى و نحوه، و ماء رنق: كدر «لسان العرب - رنق - 126:10». و في المصادر: تشربون الطّرق: أيّ الماء الّذي خاضته الأبل و بالت فيه و بعرت «النّهاية - طرق - 123:3».
2- القدة: السّير يقد من جلد غير مدبوغ. «أقرب الموارد - قدد - 970:2».
3- يريد الشّدّة العظيمة و الصّغيرة. «كتاب الامثال: 882/256».
4- البهم: جمع بهمة: الشّجاع، و قيل: هو الفارس الّذي لا يدرى من أين يؤتى له من شدّة بأسه «لسان العرب - بهم - 58:12».
5- يعني صعاليكهم و لصوصهم، و الذوبان: جمع ذئب، و الأصل فيه الهمز. «النّهاية - ذوب - 171:2».
6- المائدة 64:5.
7- نجم: طلع و ظهر «لسان العرب - نجم - 568:12».
8- فغرت: أيْ فتحت «الصّحاح - فغر - 782:2».
9- الصماخ: ثقب الأذن، و قيل: هو الأذن نفسها «لسان العرب - صمخ - 34:3».
10- البلهنية: السّعة «الصّحاح - بلّه - 2227:6».
11- الحسيكة: الضّغن و العداوة «الصّحاح - حسك - 1579:4».
12- أيْ بلي و أخلق، و الجلباب: الإزار و الرّداء، و قيل: الملحفة.
13- الرّمّة بالضّمّ: قطعة من الحبل بالية. و الرّمّة بالكسر: العظام البالية «الصّحاح - رمم - 1937:5».

وَ نَبَغَ خَامِلٌ، وَ نَطَقَ كَاظِمٌ(1) ، وَ هَدَرَ فَنِيقُ(2) الْبَاطِلِ يَخْطُرُ(3) فِي عَرَصَاتِكُمْ، وَ أَطْلَعَ الشَّيْطَانُ رَأْسَهُ مِنْ مُعَرَّسِهِ(4) صَارِخاً بِكُمْ، فَأَلْفَاكُمْ غُضَّاباً، فَخَطَمْتُمْ(5) غَيْرَ إِبِلِكُمْ، وَ أَوْرَدْتُمُوهَا غَيْرَ شُرْبِكُمْ بِدَاراً(6) ، زَعَمْتُمْ خَوْفَ الْفِتْنَةِ أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (7).

هَذَا وَ الْعَهْدُ قَرِيبٌ، وَ الْكَلْمُ رَحِيبٌ، وَ الْجُرْحُ لَمَّا يَنْدَمِلْ، فَهَيْهَاتَ مِنْكُمْ، وَ أَيْنَ بِكُمْ، وَ أَنَّى تُؤْفَكُونَ، وَ كِتَابُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، زَوَاجِرَهُ لاَئِحَةٌ، وَ أَوَامِرُهُ لاَمِحَةٌ، وَ دَلاَئِلُهُ وَاضِحَةٌ، وَ أَعْلاَمُهُ بَيِّنَةٌ، وَ قَدْ خَالَفْتُمُوهُ رَغْبَةً عَنْهُ، فَبِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً، ثُمَّ لَمْ تَلْبَثُوا(8) إِلاَّ رَيْثَ أَنْ تَسْكُنَ نَفْرَتُهَا، وَ يَسْلَسَ قِيَادُهَا، تُسِرُّونَ(9) حَسْواً بِارْتِغَاءٍ(10) ، أَوْ نَصْبِرُ مِنْكُمْ عَلَى مِثْلِ حَزِّ الْمَدَى، وَ زَعَمْتُمْ أَنْ لاَ إِرْثَ لَنَا، أَ فَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ تَبْغُونَ، وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (11).5.

ص: 116


1- في بعض المصادر: و نطق كاظم الغاوين، و نبغ خامل الإفكين.
2- الهدير: ترديد الصّوت في الحنجرة «الصّحاح - هدر - 853:2». الفنيق: الفحل المكرّم من الإبل «الصّحاح - فنق - 1545:4».
3- يخطر: من الخطران و هو الاهتزاز في المشي و التّبختر «الصّحاح - خطر - 648:2».
4- المعرّس: اسم موضع من التّعريس و هو نزول القوم في السّفر من آخر اللّيل، يقعون فيه وقعة للاستراحة ثمّ يرتحلون «الصّحاح - عرس - 948:3». و في «ط»: مغرزة.
5- فخطمتم: من الخطام، و هو كوي على شكل خطّ من أنف البعير إلى أحد خدّيه، انظر «النّهاية - خطم - 50:2».
6- بدارا: أي سراعا «الصّحاح - بدر - 586:2».
7- التّوبة 49:9.
8- في «ط»: لم تريثوا شعثها، و في «ع»: لم ترتئوا اختها، و في «م»: لم تريثوا أختها، و ما في المتن من الشّافي.
9- في «ع، م»: تشربون.
10- مثل يضرب لمن يظهر أمرا و هو يريد غيره، و أصله الرّجل يؤتى باللّبن فيظهر أنّه يريد الرّغوة خاصّة و لا يريد غيرها، فيشربها مع اللّبن، انظر «مجمع الأمثال 417:2، لسان العرب - رغا - 330:14».
11- آل عمران 85:3. و ما قبلها تضمين من سورة المائدة 50:5.

أَيْهاً(1) مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ؛ أَ أُبْتَزُّ إِرْثَ أَبِي، يَا ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ؟! أَبَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ)(2) أَنْ تَرِثَ أَبَاكَ وَ لاَ أَرِثَ أَبِي؟! لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً فَرِيّاً، جُرْأَةً مِنْكُمْ عَلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَ نَكْثِ الْعَهْدِ، فَعَلَى عَمْدٍ مَا تَرَكْتُمْ كِتَابَ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ وَ نَبَذْتُمُوهُ، إِذْ يَقُولُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ):

وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ (3) .

وَ مَعَ مَا(4) قَصَّ مِنْ خَبَرِ يَحْيَى وَ زَكَرِيَّا إِذْ يَقُولُ رَبِّ .. فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (5).

وَ قَالَ (عَزَّ وَ جَلَّ): يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (6) وَ قَالَ (تَعَالَى): إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ (7).

فَزَعَمْتُمْ أَنْ لاَ حَظَّ لِي، وَ لاَ أَرِثَ مِنْ أَبِي! أَ فَخَصَّكُمُ اللَّهُ بِآيَةٍ أَخْرَجَ أَبِي مِنْهَا؟! أَمْ تَقُولُونَ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ لاَ يَتَوَارَثُونَ(8) ؟! أَ وَ لَسْتُ وَ أَبِي مِنْ أَهْلِ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ؟! أَمْ أَنْتُمْ بِخُصُوصِ الْقُرْآنِ وَ عُمُومِهِ أَعْلَمُ مِنَ النَّبِيِّ؟! دُونَكَهَا(9) مَرْحُولَةً مَزْمُومَةً(10) تَلْقَاكَ يَوْمَ حَشْرِكَ، فَنِعْمَ الْحَكَمُ اللَّهُ، وَ نِعْمَ الزَّعِيمُ(11) مُحَمَّدٌ، وَ الْمَوْعِدُ الْقِيَامَةُ، وَ عَمَّا قَلِيلٍ تُؤْفَكُونَ، وَ عِنْدَ السَّاعَةِ مَا تَحَسَّرُونَ، وَ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ (12)فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ6.

ص: 117


1- أَيْها: أيْ هيهات، و إيها بمعنى كفّ و اسكت «الصّحاح - إيه - 2226:6، لسان العرب - إيه - 13: 474».
2- في الاحتجاج: أ في كتاب اللّه.
3- النّمل 16:27.
4- في «ط»: و فيما.
5- مريم 4:19-6.
6- النّساء 11:4.
7- البقرة 180:2.
8- في «ط»: يتوارثان.
9- في «ط»: ممّن جاء به فدونكموها.
10- مرحولة: من الرّحل و هو مركب للبعير و النّاقة، «لسان العرب - رحل - 274:11». مزمومة: من الزّمام و هو الخيط الّذي يشدّ في البرّة أو في الخشاش ثمّ يشدّ في طرفي المقود «لسان العرب - زمم - 272:12».
11- في «ط»: الخصيم.
12- الأنعام 67:6.

يُخْزِيهِ وَ يَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (1) .

ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَى قَبْرِ أَبِيهَا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا)، مُتَمَثِّلَةً بِأَبْيَاتِ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى):

قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَ هَنْبَثَةٌ(2) لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ تَكْثُرِ الْخُطَبُ

إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الْأَرْضِ وَابِلَهَا وَ اجْتُثَّ أَهْلُكَ مُذْ غُيِّبْتَ وَ اغْتُصِبُوا

أَبْدَتْ رِجَالٌ لَنَا فَحْوَى(3) صُدُورِهِمْ لَمَّا نَأَيْتَ وَ حَالَتْ دُونَكَ الْكُثُبُ

تَهَضَّمَتْنَا رِجَالٌ(4) وَ اسْتَخَفَّ بِنَا دَهْرٌ فَقَدْ أَدْرَكُوا فِينَا(5) الَّذِي طَلَبُوا

قَدْ كُنْتَ لِلْخَلْقِ نُوراً يُسْتَضَاءُ بِهِ عَلَيْكَ تَنْزِلُ مِنْ ذِي الْعِزَّةِ الْكُتُبُ

وَ كَانَ جِبْرِيلُ بِالْآيَاتِ يُؤنِسُنَا فَغَابَ عَنَّا(6) فَكُلُّ الْخَيْرِ مُحْتَجَبٌ

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَهَا: صَدَقْتِ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ، لَقَدْ كَانَ أَبُوكِ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفاً رَحِيماً، وَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً، وَ كَانَ - وَ اللَّهِ - إِذَا نَسَبْنَاهُ وَجَدْنَاهُ أَبَاكِ دُونَ النِّسَاءِ، وَ أَخَا ابْنِ عَمِّكِ دُونَ الْأَخِلاَّءِ(7) آثَرَهُ عَلَى كُلِّ حَمِيمٍ، وَ سَاعَدَهُ عَلَى الْأَمْرِ الْعَظِيمِ، وَ أَنْتُمْ عِتْرَةُ نَبِيِّ اللَّهِ الطَّيِّبُونَ، وَ خِيَرَتُهُ الْمُنْتَجَبُونَ، عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ(8) أَدِلَّتُنَا، وَ أَبْوَابُ الْخَيْرِ لِسَالِكِينَا(9).

فَأَمَّا مَا سَأَلْتِ، فَلَكِ مَا جَعَلَهُ أَبُوكِ، مُصَدَّقٌ قَوْلُكِ، وَ لاَ أَظْلِمُ حَقَّكِ، وَ أَمَّا مَا سَأَلْتِ مِنَ الْمِيرَاثِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لاَ نُورَثُ».

فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: «يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ لِكِتَابِ اللَّهِ مُخَالِفاً؛ وَ لاَ عَنْا.

ص: 118


1- هود 39:11، الزّمر 39:39 و 40.
2- الهنبثة: الأمور الشّداد، و الاختلاط في القول «النّهاية - هنبث - 278:5.
3- في شرح النّهج: نجوى.
4- في «ط»: تهجمتنا ليال.
5- في «ط»: منّا.
6- في «ع، م»: عنها.
7- في «ط»: الرّجال.
8- في «ع، م»: على الآخرة.
9- في «ع، م»: و باب الجنّة لسالكنا.

حُكْمِهِ صَادِفاً، لَقَدْ كَانَ يَلْتَقِطُ أَثَرَهُ، وَ يَقْتَفِي سِيَرَهُ، أَ فَتَجْمَعُونَ إِلَى الظُّلاَمَةِ الشَّنْعَاءِ وَ الْغَلَبَةِ الدَّهْيَاءِ(1) ، اعْتِلاَلاً بِالْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَ إِضَافَةِ الْحَيْفِ(2) إِلَيْهِ؟!

وَ لاَ عَجَبَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْكُمْ، وَ فِي حَيَاتِهِ مَا بَغَيْتُمْ لَهُ الْغَوَائِلَ، وَ تَرَقَّبْتُمْ بِهِ الدَّوَائِرَ، هَذَا كِتَابُ اللَّهِ حَكَمٌ عَدْلٌ، وَ قَائِلٌ فَصْلٌ، عَنْ بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ إِذْ قَالَ: يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ (3).

وَ فَصَّلَ فِي بَرِيَّتِهِ الْمِيرَاثَ مِمَّا فَرَضَ مِنْ حَظِّ الذِّكَارَةِ وَ الْإِنَاثِ، فَلِمَ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً؟! فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ(4).

قَدْ زَعَمْتَ أَنَّ النُّبُوَّةَ لاَ تُورَثُ، وَ إِنَّمَا يُورَثُ مَا دُونَهَا، فَمَا لِي امْنَعُ إِرْثَ أَبِي؟ أَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: إِلاَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ؟ فَدُلَّنِي عَلَيْهِ أَقْنَعْ بِهِ».

فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ، أَنْتِ عَيْنُ الْحُجَّةِ، وَ مَنْطِقُ الْحِكْمَةِ، لاَ أُدْلِي بِجَوَابِكِ، وَ لاَ أَدْفَعُكِ عَنْ صَوَابِكِ، وَ لَكِنْ الْمُسْلِمُونَ بَيْنِي وَ بَيْنَكِ، هُمْ قَلَّدُونِي مَا تَقَلَّدْتُ، وَ آتَوْنِي مَا أَخَذْتُ وَ تَرَكْتُ. قَالَ: فَقَالَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) لِمَنْ بِحَضْرَتِهِ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَ تَجْتَمِعُونَ إِلَى الْمُقْبِلِ بِالْبَاطِلِ وَ الْفِعْلِ الْخَاسِرِ؟! لَبِئْسَ مَا اعْتَاضَ الْمُبْطِلُونَ(5) ، وَ مَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، أَمَا وَ اللَّهِ لَتَجِدَنَّ مَحْمِلَهَا ثَقِيلاً، وَ عِبْأَهَا وَبِيلاً، إِذَا كُشِفَ لَكُمُ الْغِطَاءُ، فَحِينَئِذٍ لاَتَ حِينَ مَنَاصٍ، وَ بَدَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مَا كُنْتُمْ تَحْذَرُونَ».

قَالَ: وَ لَمْ يَكُنْ عُمَرُ حَاضِراً، فَكَتَبَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَامِلِهِ بِرَدِّ فَدَكٍ كِتَاباً، فَأَخْرَجَتْهُ فِي يَدِهَا، فَاسْتَقْبَلَهَا عُمَرُ، فَأَخَذَهُ مِنْهَا وَ تَفَلَ فِيهِ وَ مَزَّقَهُ، وَ قَالَ: لَقَدْ خَرِفَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، وَ ظَلَمَ.

فَقَالَتْ لَهُ: «مَا لَكَ؟ لاَ أَمْهَلَكَ اللَّهُ، وَ قَتَلَكَ، وَ مَزَّقَ بَطْنَكَ». وَ أَتَتْ مِنْ فَوْرِهَا ذَلِكَن.

ص: 119


1- الدهياء: تعظيم الدّاهية: الأمر المنكر العظيم «لسان العرب - دها - 275:14».
2- في «ع»: الخرف، و في «م»: الخوف.
3- مريم 6:19.
4- تضمين من سورة يوسف 18:12.
5- في «ط»: المسلمون.

الْأَنْصَارُ، فَقَالَتْ:

«مَعْشَرَ الْبَقِيَّةِ، وَ أَعْضَادَ الْمِلَّةِ، وَ حَضَنَةَ الْإِسْلاَمِ، مَا هَذِهِ الْغَمِيزَةُ فِي حَقِّي، وَ السُّنَّةُ(1) عَنْ ظُلاَمَتِيَ، أَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ أَمَرَ بِحِفْظِ الْمَرْءِ فِي وُلْدِهِ؟ فَسَرْعَانَ مَا أَحْدَثْتُمْ، وَ عَجْلاَنَ ذَا إِهَالَةٍ(2).

أَ تَقُولُونَ مَاتَ مُحَمَّدٌ فَخَطْبٌ جَلِيلٌ، اسْتَوْسَعَ وَهْيُهُ(3) ، وَ اسْتَنْهَرَ فَتْقُهُ(4) ، وَ فُقِدَ رَاتِقُهُ، فَأَظْلَمَتِ الْأَرْضُ لِغَيْبَتِهِ، وَ اكْتَابَ خِيَرَةُ اللَّهِ لِمُصِيِبَتِهِ، وَ أَكْدَتِ الْآمَالُ(5) ، وَ خَشَعَتِ الْجِبَالُ، وَ أَضْيَعَ الْحَرِيمُ، وَ أُذِيلَتِ(6) الْحُرْمَةُ بِمَوْتِ مُحَمَّدٍ، فَتِلْكَ نَازِلَةٌ أَعْلَنَ بِهَا كِتَابُ اللَّهِ فِي أَفْنِيَتِكُمْ مُمْسَاكُمْ وَ مُصْبَحَكُمْ هُتَافاً. وَ لَقَبِلَ مَا خَلَتْ بِهِ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ وَ رُسُلُهُ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ (7).

أَ بَنِي قَيْلَةَ(8) ، أُهْتَضَمُ تُرَاثَ أَبِي وَ أَنْتُمْ بِمَرْأًى وَ مَسْمَعٍ! تَلْبَسُكُمُ الدَّعْوَةُ، وَ يَشْمَلُكُمُ الْجُبْنُ، وَ فِيكُمْ الْعُدَّةُ وَ الْعَدَدُ، وَ لَكُمُ الدَّارُ وَ الْجُنَنُ(9) وَ أَنْتُمْ نُخْبَةُ اللَّهِ الَّتِي امْتَحَنَ، وَ نِحْلَتُهُ الَّتِي انْتَحَلَ، وَ خِيَرَتُهُ الَّتِي انْتَخَبَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَنَابَذْتُمْ فِينَا الْعَرَبَ، وَ نَاهَضْتُمُ الْأُمَمَ وَ كَافَحْتُمُ الْبُهَمَ، لاَ نَبْرَحُ وَ تَبْرَحُونَ، وَ نَأْمُرُكُمْ فَتَأْتَمِرُونَ، حَتَّى دَارَتْ بِنَاة.

ص: 120


1- السّنّة: الغفلة «اساس البلاغة - و سنّ -: 499».
2- عجلان ذا إهالة: مثل معروف، يراد به ما أسرع ما كان هذا الأمر! و فيه ثلاث كلمات: سرعان، عجلان، و شكان، انظر، جمهرة الأمثال 519:1، مجمع الامثال 336:1.
3- الوهي: الشّقّ أو الخرق في الشّيء «لسان العرب - و هي - 417:15».
4- يقال: طعنة طعنة أنهر فتقها: أيّ وسعه «لسان العرب - نهر - 237:5».
5- أكدى الرّجل: أخفق و لم يظفر بحاجته «اساس البلاغة - كدى -: 389».
6- اذيلت: اهينت «اساس البلاغة - ذيل -: 148».
7- آل عمران 144:3.
8- أرادت الأوس و الخزرج، قبيلتي الانصار، و قيلة: اسم أم لهم قديمة، و هي قيلة بنت كاهل «النّهاية - قيل - 134:4».
9- الجنن هنا الدّار أيضا، و يقال لكلّ ما ستر: جنّ و أجن. و لعلّها الجنن بالضّمّ، جمع الجنّة، و هو كلّ ما واراك من السّلاح و استترت به، انظر «لسان العرب - جنن - 13: 92 و 94». و في «ط»: الخيرة.

وَ بِكُمْ رَحَى الْإِسْلاَمِ، وَ دَرَّ حَلْبُ الْبِلاَدِ، وَ خَضَعَتْ بَغْوَةُ الشِّرْكِ، وَ هَدَأَتْ رَوْعَةُ الْهَرْجِ، وَ خَبَتْ نَارُ الْحَرْبِ، وَ اسْتَوْسَقَ(1) نِظَامُ الدِّينِ، فَأَنَّى جُرْتُمْ بَعْدَ الْبَيَانِ، وَ نَكَصْتُمْ بَعْدَ الْإِقْدَامِ، عَنْ قَوْمٍ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (2).

أَ لاَ أَرَى وَ اللَّهِ أَنْ [قَدْ] أَخْلَدْتُمْ إِلَى الْخَفْضِ، وَ رَكَنْتُمْ إِلَى الدَّعَةِ، فَعُجْتُمْ(3) عَنِ الدِّينِ وَ مَجَجْتُمْ(4) الَّذِي اسْتَوْعَيْتُمْ، وَ دَسَعْتُمْ(5) مَا اسْتَرْعَيْتُمْ، أَلاَ وَ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ * أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَ قالُوا إِنّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَ إِنّا لَفِي شَكٍّ مِمّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (6).

أَلاَ وَ قَدْ قُلْتُ الَّذِي قُلْتُ عَلَى مَعْرِفَةٍ مِنِّي بِالْخَذْلَةِ الَّتِي خَامَرَتْكُمْ، وَ لَكِنَّهَا فَيْضَةُ النَّفْسِ، وَ نَفْثَةُ الْغَيْظِ، وَ بَثَّةُ الصَّدْرِ، وَ مَعْذِرَةُ الْحُجَّةِ، فَدُونَكُمْ فَاحْتَقِبُوهَا(7) دَبِرَةَ الظَّهْرِ(8) ، نَاقِبَةَ الْخُفِّ، بَاقِيَةَ الْعَارِ، مَوْسُومَةً بِشَنَارِ الْأَبَدِ، مَوْصُولَةً بِنَارِ اللَّهِ الْمُوقَدَةِ، الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ، إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ.

فَبِعَيْنِ اللَّهِ مَا تَفْعَلُونَ، وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (9) ، وَ أَنَا ابْنَةُ نَذِيرٍ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيِ عَذَابٍ شَدِيدٍ، فَاعْمَلُوا إِنَّا عَامِلُونَ، وَ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ، وَ سَيَعْلَمُ9.

ص: 121


1- استوسق الأمر: انتظم «المعجم الوسيط - وسق - 1032:2».
2- التّوبة 12:9.
3- عاج عن الأمر: انصرف «المعجم الوسيط - عوّج - 634:2».
4- مججتم: رميتم «لسان العرب - مجج - 361:2.
5- الدسع: القيء «لسان العرب - دسع - 84:8».
6- إبراهيم 8:14 و 9.
7- احتقب الشّيء: أردفه أو ادّخره. «المعجم الوسيط - حقب - 187:1».
8- الدبرة: القرحة و الجرح الّذي يكون في ظهر الدّابّة و البعير «لسان العرب - دبر - 273:4».
9- الشّعراء 227:26. و ما قبلها تضمين من سورة الهمزة 6:104-9.

اَلْكُفّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدّارِ ، وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ ، وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (1) وَ كَانَ الْأَمْرُ قَدْ قَصُرَ».

ثُمَّ وَلَّتْ، فَاتَّبَعَهَا رَافِعُ بْنُ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيُّ، فَقَالَ لَهَا: يَا سَيِّدَةَ النِّسَاءِ، لَوْ كَانَ أَبُو الْحَسَنِ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْأَمْرِ وَ ذَكَرَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَجْرِي هَذَا الْعَقْدُ، مَا عَدَلْنَا بِهِ أَحَداً.

فَقَالَتْ لَهُ يَرُدَّنَّهَا: «إِلَيْكَ عَنِّي، فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لِأَحَدٍ بَعْدَ غَدِيرِ خُمٍّ مِنْ حُجَّةٍ وَ لاَ عُذْرٍ».

قَالَ: فَلَمْ يُرَ بَاكٍ وَ لاَ بَاكِيَةٌ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ، وَ هَاجَ النَّاسُ، وَ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ.

فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ: تَرِبَتْ يَدَاكَ، مَا كَانَ عَلَيْكَ لَوْ تَرَكْتَنِي، فَرُبَّمَا رَفَأْتُ الْخَرْقَ وَ رَتَقْتُ الْفَتْقَ؟! أَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِنَا أَحَقَّ؟!

فَقَالَ الرَّجُلُ: قَدْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَضْعِيفُ سُلْطَانِكَ، وَ تَوْهِينُ كِفَّتِكَ، وَ مَا أَشْفَقْتُ إِلاَّ عَلَيْكَ.

قَالَ: وَيْلَكَ، فَكَيْفَ بِابْنَةِ مُحَمَّدٍ وَ قَدْ عَلِمَ النَّاسُ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ، وَ مَا نَجِنُّ(2) لَهَا مِنَ الْغَدْرِ عَلَيْهِ.

فَقَالَ: هَلْ هِيَ إِلاَّ غَمْرَةٌ(3) انْجَلَتْ، وَ سَاعَةٌ انْقَضَتْ، وَ كَأَنَّ مَا قَدْ كَانَ لَمْ يَكُنْ، وَ أَنْشَدَهُ:

مَا قَدْ مَضَى مِمَّا مَضَى كَمَا مَضَى وَ مَا مَضَى مِمَّا مَضَى قَدِ انْقَضَى

أَقِمِ الصَّلاَةَ وَ آتِ الزَّكَاةَ، وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ وَفِّرِ الْفَيْ ءَ، وَ صِلِ الْقَرَابَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى».

ص: 122


1- الرّعد 42:13، التّوبة 105:9، الاسراء 13:17، الزّلزلة 7:99 و 8.
2- نجن: نستر، أنظر «اساس البلاغة - جنن -: 66».
3- الغمرة: الشّدّة «المعجم الوسيط - غمر - 661:2».

لِلذّاكِرِينَ (1) . وَ يَقُولُ: يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (2) وَ قَالَ: وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (3) ذَنْبٌ وَاحِدٌ فِي حَسَنَاتٍ كَثِيرَةٍ، قَلِّدْنِي مَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى كَتِفِهِ، ثُمَّ قَالَ: رُبَّ كُرْبَةٍ فَرَّجْتَهَا، يَا عُمَرُ.

ثُمَّ نَادَى الصَّلاَةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ، وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:

أَيُّهَا النَّاسُ، مَا هَذِهِ الرِّعَةُ(4) ، وَ مَعَ كُلِّ قَالَةٍ(5) أُمْنِيَّةٌ؟! أَيْنَ كَانَتْ هَذِهِ الْأَمَانِيُّ فِي عَهْدِ نَبِيِّكُمْ؟! فَمَنْ سَمِعَ فَلْيَقُلْ، وَ مَنْ شَهِدَ فَلْيَتَكَلَّمْ، كَلاَّ بَلْ هُوَ ثُعَالَةٌ شَهِيدُهُ ذَنَبُهُ(6) لَعَنَهُ اللَّهُ، وَ قَدْ لَعَنَهُ اللَّهُ، مُرِبٌّ(7) لِكُلِّ فِتْنَةٍ، يَقُولُ: كَرُّوهَا جَذَعَةً(8) ؛ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ مِنْ بَعْدِ مَا هَرِمَتْ، كَأُمِّ طِحَالٍ(9) أَحَبُّ أَهْلِهَا الْغَوِيُّ(10) ، أَلاَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ، وَ لَوْ تَكَلَّمْتُ لَبُحْتُ، وَ إِنِّي سَاكِتٌ مَا تُرِكْتُ، يَسْتَعِينُونَ بِالصِّبْيَةِ(11) ،ج.

ص: 123


1- هود 114:11.
2- الرّعد 39:13.
3- آل عمران 135:3.
4- قال ابن أبي الحديد في شرح النّهج 215:16: قرأت هذا الكلام على النّقيب أبي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصريّ و قلت له: بمن يعرض؟ فقال بعليّ بن أبي طالب، إنّه الملك يا بنيّ، إن الانصار هتفوا بذكر عليّ فخاف من اضطراب الأمر عليهم فنهاهم. قال ابن أبي الحديد: فسألته عن غريبه، فقال: أمّا الرعة - بالتّخفيف - أيْ الاستماع و الاصغاء.
5- و القالة: القول.
6- قال النّقيب أبو يحيى: ثعالة: اسم الثّعلب، علم غير مصروف، و شهيده ذنبه، أيْ لا شاهد له على ما يدّعي إلاّ بعضه و جزء منه.
7- قال: مرب: ملازم.
8- قال: كروها جذعة: أعيدوها. إلى الحال الأولى، يعني الفتنة و الهرج.
9- قال: و أم طحّال: امرأة بغي في الجاهليّة، و يضرب بها المثل فيقال: أزنى من أم طحّال.
10- في شرح النّهج: أحبّ أهلها إليها البغي.
11- في «ع، م»: بالصعبة، و لعلّها تصحيف الضّعفة كما في شرح النّهج.

وَ يَسْتَنْهِضُونَ النِّسَاءَ، وَ قَدْ بَلَغَنِي - يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ - مَقَالَةُ سُفَهَائِكُمْ - فَوَ اللَّهِ - إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِلُزُومِ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ أَنْتُمْ، لَقَدْ جَاءَكُمْ فَآوَيْتُمْ وَ نَصَرْتُمْ، وَ أَنْتُمُ الْيَوْمَ أَحَقُّ مَنْ لَزِمَ عَهْدَهُ، وَ مَعَ ذَلِكَ فَاغْدُوا عَلَى أَعْطِيَاتِكُمْ، فَإِنِّي لَسْتُ كَاشِفاً قِنَاعاً، وَ لاَ بَاسِطاً ذِرَاعاً، وَ لاَ لِسَاناً إِلاَّ عَلَى مَنِ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ، وَ السَّلاَمُ.

قَالَ: فَأَطْلَعَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَأْسَهَا مِنْ بَابِهَا وَ قَالَتْ: أَ لِمِثْلِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ يُقَالُ هَذَا، وَ هِيَ الْحَوْرَاءُ بَيْنَ الْإِنْسِ، وَ الْأُنْسُ(1) لِلنَّفْسِ، رُبِّيَتْ فِي حُجُورِ الْأَنْبِيَاءِ، وَ تَدَاوَلَتْهَا أَيْدِي الْمَلاَئِكَةِ، وَ نَمَتْ فِي حُجُورِ(2) الطَّاهِرَاتِ، وَ نَشَأَتْ خَيْرَ مَنْشَأٍ، وَ رُبِّيَتْ خَيْرَ مُرَبًّى؟! أَ تَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ حَرَّمَ عَلَيْهَا مِيرَاثَهُ وَ لَمْ يُعْلِمْهَا؟! وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ لَهُ:

وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (3) ؟ أَ فَأَنْذَرَهَا وَ جَاءَتْ تَطْلُبُهُ وَ هِيَ خِيَرَةُ النِّسْوَانِ، وَ أُمُّ سَادَةِ الشُّبَّانِ، وَ عَدِيلَةُ مَرْيَمَ ابْنَةِ عِمْرَانَ، وَ حَلِيلَةُ لَيْثِ الْأَقْرَانِ، تَمَّتْ بِأَبِيهَا رِسَالاَتُ رَبِّهِ؛ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ يُشْفِقُ عَلَيْهَا مِنَ الْحَرِّ وَ الْقُرِّ، فَيُوَسِّدُهَا يَمِينَهُ، وَ يُلْحِفُهَا بِشِمَالِهِ؛ رُوَيْداً فَرَسُولُ اللَّهِ بِمَرْأًى لِغَيِّكُمْ(4) ، وَ عَلَى اللَّهِ تَرِدُونَ، فَوَاهاً لَكُمْ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ.

قَالَ: فَحُرِمَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تِلْكَ السُّنَّةَ عَطَاءَهَا؛ وَ رَجَعَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) إِلَى مَنْزِلِهَا فَتَشَكَّتْ(5).

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(6): نَظَرْتُ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ، فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا أَتَمَّ شَرْحٍ، وَ أَبْلَغَ فِي الْإِلْزَامِ، وَ أَوْكَدَ بِالْحُجَّةِ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ وَ نَظَرْتُ إِلَى رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ فَوَجَدْتُهُ قَدْ زَادَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ:

أَ نَسِيتُمْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ بَدَأَ بِالْوَلاَيَةِ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» وَ قَوْلَهُ «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ...»؟! مَا أَسْرَعَ مَا أَحْدَثْتُمْ! وَ أَعْجَلَ مَا».

ص: 124


1- في «ع، م»: النّفس.
2- في «ط»: المغارس.
3- الشّعراء 214:26.
4- في «ط»: لأعينكم.
5- في «ط»: فشكت.
6- (قال أبو جعفر) ليس في «ع، م».

نَكَصْتُمْ(1)!.

وَ هُوَ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ عَلَى السِّيَاقَةِ.

عيادة نساء المدينة لها و خطابها لهنّ

37/ 37 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، قَالَ:

لَمَّا رَجَعَتْ فَاطِمَةُ إِلَى مَنْزِلِهَا فَتَشَكَّتْ وَ كَانَ وَفَاتُهَا فِي هَذِهِ الْمَرْضَةِ، دَخَلَ إِلَيْهَا النِّسَاءُ الْمُهَاجِرَاتُ وَ الْأَنْصَارِيَّاتُ، فَقُلْنَ لَهَا: كَيْفَ أَصْبَحْتِ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ؟

فَقَالَتْ: «أَصْبَحْتُ وَ اللَّهِ عَائِفَةً(2) لِدُنْيَاكُمْ، قَالِيَةً(3) لِرِجَالِكُمْ، شَنَأْتُهُمْ(4) بَعْدَ إِذْ عَرَفْتُهُمْ وَ لَفَظْتُهُمْ(5) بَعْدَ إِذْ سَبَرْتُهُمْ(6) ، وَ رَمَيْتُهُم بَعْدَ أَنْ عَجَمْتُهُمْ(7) ، فَقُبْحاً لِفُلُولِ

ص: 125


1- روى خطبة الزّهراء (عليها السّلام) السّيّد الشّريف المرتضى في الشّافي 69:4-77، و الشّيخ الطّوسيّ في تلخيص الشّافي 139:3 عن المرزبانيّ بطريقين و ابن طيفور في بلاغات النّساء: 21، و اخرجه ابن طاوس في الطرائف: 263 عن كتاب الفائق عن الأربعين للشّيخ أسعد بن سقروة، عن الحافظ الثّقة ابن مردويه في كتاب المناقب. و الخوارزميّ في مقتل الحسين (عليه السّلام) 77:1 عن الحافظ أبي بكر. و في كشف الغمّة 480:1 عن كتاب السّقيفة للجوهري من نسخة قديمة مقروءة على مؤلّفها سنة (322 ه). و في شرح النّهج 211:16 و 249 عن كتابي السّقيفة و الشّافي، و في الاحتجاج: 97 عن عبد اللّه بن الحسن.
2- عائفة: كارهة.
3- قالية: مبغضة.
4- شنأتهم: ابغضتهم.
5- لفظتهم، اللّفظ: طرح الشّيء من الفم كراهة له.
6- سبرتهم: امتحنتهم.
7- عجمه: ابتلاه و اختبره «الصّحاح - عجم - 1981:5». (و رميتهم بعد أن عجمتهم) ليس في «ع، م».

الْحَدَّ(1) وَ خَطْلِ(2) الرَّأْيِ وَ عُثُورِ الْجَدِّ، وَ خَوْفِ الْفِتَنِ(3) ، لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (4) ، لاَ جَرَمَ لَقَدْ قَلَّدْتُهُمْ رِبْقَتَهَا(5) ، وَ شَنِنْتُ(6) عَلَيْهِمْ عَارَهَا، فَجَدْعاً(7) وَ عَقْراً وَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.

وَيْحَهُمْ أَنَّى(8) زَحْزَحُوهَا(9) عَنْ رَوَاسِي(10) الرِّسَالَةِ، وَ قَوَاعِدِ النُّبُوَّةِ وَ مَهْبِطِ الرُّوحِ الْأَمِينِ بِالْوَحْيِ الْمُبِينِ، الطَّبِينِ(11) بِأَمْرِ الدُّنْيَا وَ الدِّينِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ!

مَا الَّذِي نَقَمُوا مِنْ أَبِي حَسَنٍ؟ نَقَمُوا - وَ اللَّهِ - مِنْهُ شِدَّةَ وَطْأَتِهِ وَ نَكَالَ وَقْعَتِهِ، وَ نَكِيرَ سَيْفِهِ، وَ تَبَحُّرَهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَ تَنَمُّرَهُ(12) فِي ذَاتِ اللَّهِ.

وَ ايْمُ اللَّهِ لَوْ تَكَافَوْا(13) عَنْ زِمَامٍ نَبَذَهُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ لاَعْتَلَقَهُ(14) ثُمَّ لَسَارَ بِهِمْه.

ص: 126


1- فلول السّيف: كسور في حدّه «الصّحاح - فلل - 1792:5». و في «ع، م»: لقول الخذل.
2- الخطل: الاضطراب.
3- في «ع»: القبر، و في «م»: الغبن.
4- المائدة 80:5.
5- الربقة ما يكون في عنق الغنم و غيرها من الخيوط.
6- شننت: صببت.
7- يقال: جدعا له: هو دعاء معناه ألزمه اللّه الجدع، أيّ قطع عنه الخير و جعله ناقصا معيّبا.
8- في «ع، م»: لئن.
9- زحزحوها: نحوها.
10- الرّوّاسيّ: الأصول الثّابتة، و كذلك القواعد.
11- الطبين: العالمين، و في «ع، م»: و الظّنين.
12- تنمره: أيّ تغضبه، يقال: تنمر الرّجل إذا غضب و تشبه بالنمر.
13- تكافوا: أيّ كفّوا أيديهم عنه.
14- لاعتلقه: لأخذه بيده.

سَيْراً سُجُحاً(1) ، لاَ يَكْلِمُ(2) خِشَاشُهُ(3) ، وَ لاَ يُتَعْتَعُ(4) رَاكِبُهُ، وَ لَأَوْرَدَهُمْ مَنْهَلاً(5) رَوِيّاً صَافِياً فَضْفَاضاً(6) تَطَفُح ضِفَّتَاهُ، ثُمَّ لَأَصْدَرَهُمْ بِطَاناً(7) قَدْ تَخَيَّرَ لَهُمُ الرِّيُّ غَيْرَ مُتَحَلٍّ مِنْهُ بِطَائِلٍ إِلاَّ بِغَمْرِ الْمَاءِ وَ رَدْعِهِ سَوْرَةَ السَّاغِبِ(8) ، وَ لاَنْفَتَحَتْ عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٌ مِنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ، وَ لَكِنَّهُمْ بَغَوْا فَسَيَأْخُذُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ.

أَلاَ فَاسْمَعْنَ، وَ مَنْ عَاشَ أَرَاهُ الدَّهْرُ الْعَجَبَ، وَ إِنْ تَعْجَبْنَ فَانْظُرْنَ إِلَى أَيِّ نَحْوٍ اتَّجَهُوا؟ وَ عَلَى أَيِّ سَنَدٍ اسْتَنَدُوا؟ وَ بِأَيِّ عُرْوَةٍ تَمَسَّكُوا؟ وَ لِمَنْ اخْتَارُوا؟ وَ لِمَنْ تَرَكُوا؟ لَبِئْسَ الْمَوْلَى، وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ.

اسْتَبْدَلُوا وَ اللَّهِ الذُّنَابَي(9) بِالْقَوَادِمِ(10) ، وَ الْعَجُزَ بِالْكَاهِلِ، فَرَغْماً لِمَعَاطِسِ(11) قَوْمٍ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لَكِنْ لاَ يَشْعُرُونَ، أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (12) ؟0.

ص: 127


1- السجح: السّير السّهل.
2- لا يكلّم: لا يجرح و لا يدمي.
3- الخشاش: ما يكون في أنف البعير من الخشب.
4- لا يتعتع: أيْ لا يكره و لا يقلق.
5- المنهل: مورد الماء.
6- فضفاضا: كثيرا.
7- البطان: جمع بطين، و هو الرّيّان.
8- غير متحل منه بطائل: أيْ كان لا يأخذ من مالهم قليلا و لا كثيرا. إلاّ بغمر الماء: أيْ كان يشرب بالغمر، و الغمر: القدح الصّغير. و ردعه سورة الساغب: أيّ كان يأكل من ذلك قدر ما يردع ثوران الجوع.
9- الذنابي: ما يلي الذّنب من الجناح.
10- القوادم: ما تقدّم منه.
11- المعاطس: الانوف.
12- يونس 35:10.

أَمَا لَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ لَقِحَتْ، فَانْظُرُوهَا تُنْتِجُ(1) ثُمَّ احْتَلِبُوا طِلاَعَ الْقَعْبِ(2) دَماً عَبِيطاً(3) وَ ذُعَافاً(4) مُمْقِراً(5) ، هُنَالِكَ خَسِرَ الْمُبْطِلُونَ، وَ عَرَفَ التَّالُونَ غِبَّ مَا أُسِّسَ الْأَوَّلُونَ. ثُمَّ طَيِّبُوا بَعْدَ ذَلِكَ نَفْساً، وَ اطْمَئِنُّوا لِلْفِتْنَةِ جَأْشاً(6) ، وَ أَبْشِرُوا بِسَيْفٍ صَارِمٍ، وَ هَرْجٍ(7) شَامِلٍ، وَ اسْتِبْدَادٍ مِنَ الظَّالِمِينَ، يَدَعُ فَيْئَكُمْ زَهِيداً، وَ جَمْعَكُمْ(8) حَصِيداً، فَيَا خُسْرَى(9) لَكُمْ، وَ كَيْفَ بِكُمْ وَ قَدْ عَمِيَتْ عَلَيْكُمْ؟ أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ ؟!»(10).

38/ 38 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدٍ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَاقِرْحِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْفَضْلِ خَدِيجَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ، قَالَتْ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْجَلُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُهَلَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، قَالَتْ: لَمَّا اشْتَدَّتْ عِلَّةُ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) اجْتَمَعَ عِنْدَهَا نِسَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، فَقُلْنَ لَهَا: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ أَصْبَحْتِ؟ فَقَالَتْ:1.

ص: 128


1- تنتج: تلد.
2- ثمّ احتلبوا طلاع القعب: أيْ ملؤه...، و القعب: القدح الكبير من الخشب.
3- الدّم العبيط: الطّريّ.
4- الذعاف: السّمّ.
5- الممقر: المرّ.
6- أيّ مروعة للقلب من شدّة الفزع.
7- الهرج: الفتنة، و شدّة القتل.
8- في معاني الاخبار: زرعكم.
9- في معاني الاخبار: فيا حسرتى.
10- رواه في معاني الأخبار: 1/354 بطريقين، و فيه سؤال الشّيخ الصّدوق من الشّيخ الأديب أبي أحمد الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكريّ شرح غريب هذا الحديث و معانيه، و قد ذكرنا هذا الشّرح في الهامش، أمالي الطّوسيّ 384:1، الاحتجاج 108:1، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 233:16. و الآية من سورة هود 28:11.

«أَصْبَحْتُ عَائِفَةً لِدُنْيَاكُمْ، قَالِيَةً لِرِجَالِكُمْ، لَفَظْتُهُمْ بَعْدَ أَنْ عَجَمْتُهُمْ، وَ سَئِمْتُهُمْ بَعْدَ أَنْ سَبَرْتُهُمْ، فَقُبْحاً لِفُلُولِ الْحَدِّ، وَ خَوَرِ الْقَنَاةِ وَ خَطْلِ الرَّأْيِ، لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (1) ، لَقِحَتْ، فَنَظِرَةٌ رَيْثَمَا تُنْتِجُ، ثُمَّ احْتَلِبُوا طِلاَعَ الْقَعْبِ دَماً عَبِيطاً، وَ ذُعَافاً مُمْقِراً، هُنَالِكَ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ، وَ يَعْرِفُ التَّالُونَ غِبَّ مَا أَسَّسَ الْأَوَّلُونَ.

ثُمَّ طِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ أَنْفُساً، وَ اطْمَئِنُّوا لِلْفِتْنَةِ جَأْشاً، وَ أَبْشِرُوا بِسَيْفٍ صَارِمٍ، وَ هَرْجٍ شَامِلٍ؛ وَ اسْتِبْدَادٍ مِنَ الظَّالِمِينَ، يَدَعُ فَيْئَكُمْ زَهِيداً، وَ جَمْعَكُمْ حَصِيداً، فَيَا خُسْرَى لَكُمْ، وَ أَنَّى بِكُمْ وَ قَدْ عَمِيَتْ عَلَيْكُمْ؟ أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (2) وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ الصَّلاَةُ عَلَى أَبِي سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ»(3).

وصيّة فاطمة (صلوات اللّه عليها)

39/ 39 - حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الْبَاقِرحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي خَدِيجَةُ، قَالَتْ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْجَلُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ(4) ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ): أَ لاَ أُقْرِئُكَ(5) وَصِيَّةَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟

قَالَ: فَأَخْرَجَ إِلَيَّ سَفَطاً فِي حُقٍّ، وَ أَخْرَجَ مِنْهُ كِتَاباً فِيهِ:

«هَذَا مَا أَوْصَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، بِحَوَائِطِهَا السَّبْعَةِ: ذِي الْحُسْنَى، وَ السَّاقِيَةِ، وَ الدَّلاَلِ، وَ الْغراف(6) ، وَ الرَّقْمَةِ، وَ الْهَيْثَمِ، وَ مَا لِأُمِّ إِبْرَاهِيمَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ

ص: 129


1- المائدة 80:5.
2- هود 28:11.
3- راجع مصادر الحديث المتقدّم.
4- في الكافي: عاصم بن حميد، عن أبي بصير.
5- في «ط»: أريك.
6- في «م»: العرّاف، و في الكافي: العواف، و فيه اختلاف يسير في سائر الاسماء.

أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ مِنْ(1) بَعْدِ عَلِيٍّ فَإِلَى الْحَسَنِ، وَ مِنْ(2) بَعْدِ الْحَسَنِ فَإِلَى الْحُسَيْنِ، وَ مِنْ(3) بَعْدِ الْحُسَيْنِ فَإِلَى الْأَكْبَرِ فَالْأَكْبَرِ مِنْ وُلْدِي(1)؛ شَهِدَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَ كَفَى بِهِ شَهِيداً، وَ شَهِدَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ؛ وَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ».(2).

40/ 40 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الْبَاقِرْحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي خَدِيجَةُ، قَالَتْ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ(3) بَغْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ التِّوَّزِيُّ(4)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، أَبُو صَفْوَانَ(5)، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ(6)، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ): أَنَّ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)(7) أَوْصَتْ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِاثْنَتَيْ(8) عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، وَ لِنِسَاءِ بَنِي هَاشِمٍ مِثْلَ ذَلِكَ؛ وَ أَوْصَتْ لِأُمَامَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَاصِ(9) بِشَيْ ءٍ.(10).

41/ 41 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الْبَاقِرْحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنَا خَدِيجَةُ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْجَلُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا3.

ص: 130


1- في «ط»: ولده.
2- نحوه في الكافي 5/48:7 و 6/49 و كشف الغمّة 499:1.
3- (محمّد بن) ليس في «ط».
4- في «ط، ع، م»: الثّوريّ، تصحيف، صوابه ما في المتن نسبه إلى بلدة توز من بلاد فارس. انظر «أنساب السمعاني 491:1، تهذيب التّهذيب 233:9».
5- هو عبد اللّه بن سعيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشيّ الأمويّ أبو صفوان، روى عن عبد الملك بن جريج، و روى عنه أبو يعلى التوزي. و في «ط، ع، م»: قال حدّثنا أبو صفوان، انظر «تهذيب الكمال 35:15».
6- و هو عبد الملك بن جريج.
7- في «ع، م»: عن أبيه، عن فاطمة (عليها السّلام) أنّها.
8- في «ط»: اثنتا.
9- و هي ابنة زينب بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، تزوّجها أمير المؤمنين (عليه السّلام) بوصيّة من فاطمة (سلام اللّه عليها)، بعد وفاتها، انظر «معجم رجال الحديث 181:23، سير أعلام النبلاء 335:1».
10- البحار 50/218:43.

الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ(1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ(2) ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَصَدَّقَتْ بِمَالِهَا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَ أَنَّ عَلِيّاً تَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ وَ أَدْخَلَ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ(3).

خبر منامها قبل وفاتها (عليها السلام)

42/ 42 - رَوَى أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَشَّابُ الْكَرْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا ابْنُ يَحْيَى الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا تَرَكَ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتَهُ أَهْلَ بَيْتِهِ، وَ كَانَ قَدْ أَسَرَّ إِلَى فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا) أَنَّهَا لاَحِقَةٌ بِهِ، وَ أَنَّهَا أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ لُحُوقاً.

قَالَتْ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهَا): بَيْنَا أَنَا بَيْنَ النَّائِمَةِ وَ الْيَقْظَى بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي بِأَيَّامٍ، إِذْ رَأَيْتُ كَأَنَّ أَبِي قَدْ أَشْرَفَ عَلَيَّ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ لَمْ أَمْلِكْ نَفْسِي أَنْ نَادَيْتُ: يَا أَبَتَاهْ، انْقَطَعَ عَنَّا خَبَرُ السَّمَاءِ؛ فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ أَتَتْنِي الْمَلاَئِكَةُ صُفُوفاً، يَقْدُمُهَا مَلَكَانِ، حَتَّى أَخَذَانِي فَصَعَدَا بِي إِلَى السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِقُصُورٍ مُشَيَّدَةٍ وَ بَسَاتِينَ وَ أَنْهَارٍ تَطَّرِدُ، وَ قَصْرٍ بَعْدَ قَصْرٍ، وَ بُسْتَانٍ بَعْدَ بُسْتَانٍ، وَ إِذَا قَدِ اطَّلَعَ عَلَيَّ مِنْ تِلْكَ الْقُصُورِ جَوَارِي كَأَنَّهُنَّ اللُّعَبُ، وَ هُنَّ يَتَبَاشَرْنَ وَ يَضْحَكْنَ إِلَيَّ، وَ يَقُلْنَ: مَرْحَباً بِمَنْ خُلِقَتِ الْجَنَّةُ وَ خُلِقْنَا مِنْ أَجْلِ أَبِيهَا.

فَلَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تَصْعَدُ بِي حَتَّى أَدْخَلُونِي إِلَى دَارٍ فِيهَا قُصُورٌ، فِي كُلِّ قَصْرٍ مِنْ

ص: 131


1- في «ط»: الرّازيّ، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو أبو محمّد الرّبيع بن سليمان بن عبد الجبّار المصريّ المؤذّن المراديّ، صاحب الشّافعيّ و راوي كتب الأمّهات عنه، و يروي عنه زكريّا بن يحيى السّاجيّ، انظر «تهذيب الكمال 87:9».
2- في «ط، ع، م»: عمر بن محمّد بن عليّ بن شافع، و ما في المتن هو الصّواب، كما في سنن البيهقيّ، و هو محمّد بن عليّ بن شافع بن السّائب المطلّبيّ المكّيّ، روى عنه الشّافعيّ و وثّقه، انظر «تهذيب التّهذيب 353:9».
3- سنن البيهقيّ 161:6 و 183.

الْبُيُوتِ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَ لاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ(1) ، وَ فِيهَا مِنَ السُّنْدُسِ وَ الْإِسْتَبْرَقِ عَلَى الْأَسِرَّةِ الْكَثِيرِ، وَ عَلَيْهَا أَلْحَافٌ مِنْ أَلْوَانِ(2) الْحَرِيرِ وَ الدِّيبَاجِ وَ آنِيَةِ(3) الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ، وَ فِيهَا مَوَائِدُ عَلَيْهَا مِنْ أَلْوَانِ الطَّعَامِ، وَ فِي تِلْكَ الْجِنَانِ نَهَرٌ مُطَّرِدٌ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَ أَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذِهِ الدَّارُ؟ وَ مَا هَذَا النَّهَرُ(4) ؟

فَقَالُوا: هَذِهِ الدَّارُ هِيَ الْفِرْدَوْسُ الْأَعْلَى الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ جَنَّةٌ، وَ هِيَ دَارُ أَبِيكَ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ مَنْ أَحَبَّ اللَّهُ.

قُلْتُ: فَمَا هَذَا النَّهَرُ؟

قَالُوا: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي وَعَدَهُ اللَّهُ أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ.

قُلْتُ: فَأَيْنَ أَبِي؟

قَالُوا: السَّاعَةَ يَدْخُلُ عَلَيْكَ.

فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ بَرَزَتْ لِي قُصُورٌ هِيَ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنْ تِلْكَ(5) الْقُصُورِ، وَ فُرُشٌ هِيَ أَحْسَنُ مِنْ تِلْكَ الْفُرُشِ، وَ إِذَا أَنَا بِفُرُشٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى أَسِرَّةٍ، وَ إِذَا أَبِي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) جَالِسٌ عَلَى تِلْكَ الْفُرُشِ، وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَلَمَّا رَآنِي أَخَذَنِي فَضَمَّنِي وَ قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيَّ، وَ قَالَ:

مَرْحَباً بِابْنَتِي، وَ أَخَذَنِي وَ أَقْعَدَنِي فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا حَبِيبَتِي، أَ مَا تَرَيْنَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكِ وَ مَا تَقْدَمِينَ عَلَيْهِ!

فَأَرَانِي قُصُوراً مُشْرِفَاتٍ، فِيهَا أَلْوَانُ الطَّرَائِفِ وَ الْحُلِيِّ وَ الْحُلَلِ، وَ قَالَ: هَذِهِ مَسْكَنُكَ وَ مَسْكَنُ زَوْجِكِ وَ وَلَدَيْكِ وَ مَنْ أَحَبَّكِ وَ أَحَبَّهُمَا، فَطِيبِي نَفْساً فَإِنَّكِ قَادِمَةٌ عَلَيَّ إِلَى أَيَّامٍ.

قَالَتْ: فَطَارَ قَلْبِي، وَ اشْتَدَّ شَوْقِي، وَ انْتَبَهْتُ مِنْ رَقْدَتِي(6) مَرْعُوبَةً.».

ص: 132


1- (و لا اذن سمعت) ليس في «ع، م».
2- في «ط»: اللّحاف من، و «م»: عليها من ألوان.
3- في «ط»: و الدّيباج بألوان و من أواني.
4- في «ط»: هذه الأنهار.
5- في «ع، م»: بياضا و أنور من تلك.
6- (من رقدتي) أثبتناها من «م».

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ): فَلَمَّا انْتَبَهَتْ مِنْ مَرْقَدِهَا صَاحَتْ بِي، فَأَتَيْتُهَا وَ قُلْتُ لَهَا: مَا تَشْكِينَ؟ فَخَبَّرَتْنِي بِخَبَرِ الرُّؤْيَا.

ثُمَّ أَخَذَتْ عَلَيَّ عَهْداً لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ أَنَّهَا إِذَا تُوُفِّيَتْ لاَ أُعْلِمَ أَحَداً إِلاَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أُمَّ أَيْمَنَ، وَ فِضَّةَ؛ وَ مِنَ الرِّجَالِ ابْنَيْهَا، وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، وَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ، وَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، وَ الْمِقْدَادَ، وَ أَبَا ذَرٍّ، وَ حُذَيْفَةَ. وَ قَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَحْلَلْتُكَ مِنْ أَنْ تَرَانِي بَعْدَ مَوْتِي، فَكُنْ مَعَ النِّسْوَةِ فِيمَنْ يُغَسِّلُنِي، وَ لاَ تَدْفِنِّي إِلاَّ لَيْلاً، وَ لاَ تُعْلِمْ أَحَداً قَبْرِي.

فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُكْرِمَهَا وَ يَقْبِضَهَا إِلَيْهِ، أَقْبَلَتْ(1) تَقُولُ:

وَ عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ.

وَ هِيَ تَقُولُ لِي: يَا ابْنَ عَمِّ، قَدْ أَتَانِي جَبْرَئِيلُ مُسَلِّماً، وَ قَالَ لِي: السَّلاَمُ يُقْرِئُكِ(2) السَّلاَمَ، يَا حَبِيبَةَ حَبِيبِ اللَّهِ، وَ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ، الْيَوْمَ تَلْحَقِينَ بِهِ فِي الرَّفِيعِ(3) الْأَعْلَى وَ جَنَّةِ الْمَأْوَى، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنِّي.

ثُمَّ سَمِعْنَاهَا ثَانِياً تَقُولُ: وَ عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ عَمِّ، هَذَا وَ اللَّهِ مِيكَائِيلُ يَقُولُ لِي كَقَوْلِ صَاحِبِهِ.

ثُمَّ أَخَذَتْ ثَالِثاً(4) تَقُولُ: وَ عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ.

وَ رَأَيْنَاهَا قَدْ فَتَحَتْ عَيْنَيْهَا فَتْحاً شَدِيداً ثُمَّ قَالَتْ: يَا ابْنَ عَمِّ، هَذَا وَ اللَّهِ الْحَقِّ وَ هُوَ عَزْرَائِيلُ قَدْ نَشَرَ جَنَاحَهُ بِالْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ، وَ قَدْ وَصَفَهُ لِي أَبِي، وَ هَذِهِ صِفَتُهُ.

فَسَمِعْنَاهَا تَقُولُ: وَ عَلَيْكَ السَّلاَمُ يَا قَابِضَ الْأَرْوَاحِ، عَجِّلْ بِي وَ لاَ تُعَذِّبْنِي. ثُمَّ سَمِعْنَاهَا تَقُولُ: إِلَيْكَ رَبِّي لاَ إِلَى النَّارِ، ثُمَّ غَمَضَتْ عَيْنَيْهَا، وَ مَدَّتْ يَدَيْهَا وَ رِجْلَيْهَا، كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَيَّةً قَطُّ(5).3.

ص: 133


1- في «ط»: أخذت.
2- في «ع»: يقرأ عليك.
3- في «ع، م»: تلحقين بالرفيع.
4- (أخذت ثالثا) ليس في «ع، م».
5- - البحار 36/207:43.

وَ يُرْوَى(1) غَيْرُ ذَلِكَ وَ هُوَ خَبَرٌ صَعْبٌ شَدِيدٌ.

خبر وفاتها و دفنها و ما جرى لأمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) مع القوم

43/ 43 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي(2) أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامِ بْنِ سُهَيْلٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: رَوَى أَحْمَدُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ الْقُمِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ(3) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

وَلَدَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، يَوْمَ الْعِشْرِينَ مِنْهُ، سَنَةَ خَمْسٍ وَ أَرْبَعِينَ مِنْ مَوْلِدِ(4) النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).

وَ أَقَامَتْ بِمَكَّةَ ثَمَانَ سِنِينَ، وَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهَا خَمْسَةً وَ سَبْعِينَ يَوْماً.

وَ قُبِضَتْ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ يَوْمَ الثَّلاَثَاءِ لِثَلاَثٍ خَلَوْنَ مِنْهُ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ.

وَ كَانَ سَبَبُ وَفَاتِهَا أَنَّ قُنْفُذاً مَوْلَى عُمَرَ لَكَزَهَا بِنَعْلِ السَّيْفِ(5) بِأَمْرِهِ، فَأَسْقَطَتْ مُحَسِّناً وَ مَرِضَتْ مِنْ ذَلِكَ مَرَضاً شَدِيداً، وَ لَمْ تَدَعْ أَحَداً مِمَّنْ آذَاهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا.

وَ كَانَ الرَّجُلاَنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَأَلاَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَشْفَعَ لَهُمَا إِلَيْهَا(6) ، فَسَأَلَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَجَابَتْ، فَلَمَّا دَخَلاَ عَلَيْهَا قَالاَ لَهَا: كَيْفَ أَنْتِ يَا

ص: 134


1- في «ط»: و روي في وفاتها.
2- في «م»: حدّثنا.
3- راجع تعليقنا على الحديث (18).
4- في «ع، م»: ولد.
5- نعل السّيف: ما يكون في اسفل غمد السّيف من حديد أو فضّة و نحوهما «الصّحاح - نعل - 1832:5».
6- شفع له إلى فلان: طلب ان يعاونه و يسعى له «اقرب الموارد - شفع - 599:1».

بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ؟

قَالَتْ: بِخَيْرٍ بِحَمْدِ اللَّهِ.

ثُمَّ قَالَتْ لَهُمَا: مَا سَمِعْتُمَا النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي، وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ»؟ قَالاَ: بَلَى.

قَالَتْ: فَوَ اللَّهِ، لَقَدْ آذَيْتُمَانِي.

قَالَ: فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهَا وَ هِيَ سَاخِطَةٌ عَلَيْهِمَا(1).

44/ 44 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ابْنِ حَفْصٍ الْخَثْعَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْوَاسِطِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ هُوَ آخِذٌ بِشَعْرِهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ هُوَ آخِذٌ بِشَعْرِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي الْحُسَيْنَ ابْنَ عَلِيٍّ وَ هُوَ آخِذٌ بِشَعْرِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ هُوَ آخِذٌ بِشَعْرِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ آخِذٌ بِشَعْرِهِ يَقُولُ: مَنْ آذَى شَعْرَةً مِنِّي فَقَدْ آذَانِي، وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ، وَ مَنْ آذَى اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) لَعَنَهُ مِلْ ءَ السَّمَاوَاتِ وَ مِلْ ءَ الْأَرَضِينَ(2).

45/ 45 - وَ حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقِيقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ وَ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

مَنْ آذَى شَعْرَةً مِنِّي فَقَدْ آذَانِي، وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ(3).2.

ص: 135


1- بحار الأنوار 11/170:43. و راجع الحديث (18).
2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 3/250:1، أمالي الصدوق: 10/271، أمالي الطوسي 67:2، مناقب الخوارزمي: 235.
3- الجامع الصغير للسيوطي 8267/547:2.

رجع الحديث إلى تمام حديث أبي عليّ بن همّام

رجع الحديث إلى تمام حديث أبي عليّ بن همّام(1)

قَالَ: فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهَا وَ هِيَ سَاخِطَةٌ عَلَيْهِمَا.

قَالَ: وَ رُوِيَ: أَنَّهَا قُبِضَتْ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَ قَدْ كَمَلَ عُمُرُهَا يَوْمَ قُبِضَتْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ خَمْسَةً وَ ثَمَانِينَ يَوْماً بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهَا، فَغَسَلَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ لَمْ يَحْضُرْهَا غَيْرُهُ، وَ الْحَسَنِ، وَ الْحُسَيْنِ، وَ زَيْنَبَ، وَ أُمِّ كُلْثُومٍ، وَ فِضَّةَ جَارِيَتِهَا، وَ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَ أَخْرَجَهَا إِلَى الْبَقِيعِ فِي اللَّيْلِ، وَ مَعَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، وَ صَلَّى عَلَيْهَا، وَ لَمْ يُعْلِمْ بِهَا، وَ لاَ حَضَرَ وَفَاتَهَا، وَ لاَ صَلَّى عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ غَيْرُهُمْ، وَ دَفَنَهَا فِي الرَّوْضَةِ، وَ عَفَى(2) مَوْضِعَ قَبْرِهَا، وَ أَصْبَحَ الْبَقِيعُ لَيْلَةَ دُفِنَتْ وَ فِيهِ أَرْبَعُونَ قَبْراً جُدَداً؟

وَ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا عَلِمُوا وَفَاتَهَا جَاءُوا إِلَى الْبَقِيعِ، فَوَجَدُوا فِيهِ أَرْبَعِينَ قَبْراً، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِمْ قَبْرُهَا مِنْ سَائِرِ الْقُبُورِ، فَضَجَّ النَّاسُ وَ لاَمَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَ قَالُوا: لَمْ يُخَلِّفْ نَبِيُّكُمْ فِيكُمْ إِلاَّ بِنْتاً وَاحِدَةً، تَمُوتُ وَ تُدْفَنُ وَ لَمْ تَحْضُرُوا وَفَاتَهَا وَ لاَ دَفْنَهَا وَ لاَ(3) الصَّلاَةَ عَلَيْهَا! بَلْ وَ لَمْ(4) تَعْرِفُوا قَبْرَهَا!

فَقَالَ وُلاَةُ الْأَمْرِ مِنْهُمْ: هَاتُوا مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَنْبُشُ هَذِهِ الْقُبُورَ حَتَّى نَجِدَهَا فَنُصَلِّيَ عَلَيْهَا وَ نَزُورَ(5) قَبْرَهَا.

فَبَلَغَ ذَلِكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، فَخَرَجَ مُغْضَباً قَدِ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَ دَرَّتْ أَوْدَاجُهُ(6) ، وَ عَلَيْهِ قَبَاؤُهُ الْأَصْفَرُ الَّذِي كَانَ يَلْبَسُهُ فِي كُلِّ كَرِيهَةٍ، وَ هُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى سَيْفِهِ ذِي الْفَقَارِ، حَتَّى وَرَدَ الْبَقِيعَ، فَسَارَ إِلَى النَّاسِ مَنْ أَنْذَرَهُمْ، وَ قَالَ(7): هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي

ص: 136


1- و هو الحديث (43).
2- في «ع»: عمّي.
3- في «ع، م»: وفاتها و.
4- في «ع، م»: عليها و لا.
5- في «ط»: نعين، و في «ع»: يرون.
6- أيّ برزت و ظهرت. و منه قولهم: بين عينيه عرق يدرّه الغضب.
7- في «ع، م»: النّاس النّذير و قالوا.

طَالِبٍ قَدْ أَقْبَلَ كَمَا تَرَوْنَهُ، يُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ حُوِّلَ مِنْ هَذِهِ الْقُبُورِ حَجَرٌ لَيَضَعَنَّ السَّيْفَ فِي رِقَابِ الْآمِرِينَ(1).

فَتَلَقَّاهُ عُمَرُ وَ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَ قَالَ لَهُ: مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ، وَ اللَّهِ لَنَنْبِشَنَّ قَبْرَهَا وَ لَنُصَلِّيَنَّ عَلَيْهَا.

فَضَرَبَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِيَدِهِ إِلَى جَوَامِعِ ثَوْبِهِ فَهَزَّهُ ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ، وَ قَالَ لَهُ:

يَا ابْنَ السَّوْدَاءِ، أَمَّا حَقِّي فَقَدْ تَرَكْتُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَرْتَدَّ النَّاسُ عَنْ دِينِهِمْ، وَ أَمَّا قَبْرُ فَاطِمَةَ فَوَ الَّذِي نَفْسُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ لَئِنْ رُمْتَ وَ أَصْحَابُكَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ لَأَسْقِيَنَّ الْأَرْضَ مِنْ دِمَائِكُمْ، فَإِنْ شِئْتَ فَاعْرِضْ يَا عُمَرُ.

فَتَلَقَّاهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ وَ بِحَقِّ مَنْ فَوْقَ الْعَرْشِ(2) إِلاَّ خَلَّيْتَ عَنْهُ، فَإِنَّا غَيْرُ(3) فَاعِلِينَ شَيْئاً تَكْرَهُهُ.

قَالَ: فَخَلَّى عَنْهُ وَ تَفَرَّقَ النَّاسُ وَ لَمْ يَعُودُوا إِلَى ذَلِكَ(4).

46/ 46 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْكَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ).

لَمَّا قُبِضَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) دَفَنَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، وَ عَفَى عَلَى مَوْضِعِ قَبْرِهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَامَ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَالَ:

«اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنِّي وَ السَّلاَمُ عَنِ(5) ابْنَتِكَ وَ زَائِرَتِكَ، وَ الْبَائِتَةِ فِيى.

ص: 137


1- في «ع، م»: السّيف على غابر الآخر.
2- في «ط»: و بحقّ فاطمة.
3- في «ط»: لسنا.
4- بحار الأنوار 171:43.
5- في «ع»: عنّي و السّلام على.

الثَّرَى بِبُقْعَتِكَ(1) ، وَ الْمُخْتَارُ اللَّهُ لَهَا سُرْعَةَ اللَّحَاقِ بِكَ؛ قَلَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي، وَ عَفَا عَنْ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ تَجَلُّدِي، إِلاَّ أَنَّ لِي فِي التَّأَسِّي بِسُنَّتِكَ فِي فُرْقَتِكَ مَوْضِعَ تَعَزٍّ، فَلَقَدْ وَسَّدْتُكَ فِي مَلْحُودَةِ قَبْرِكَ، وَ فَاضَتْ نَفْسُكَ بَيْنَ صَدْرِي وَ نَحْرِي، بَلَى وَ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنْعَمَ الْقَبُولَ، إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، قَدِ اسْتُرْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ، وَ أُخِذَتِ الرَّهِينَةُ، وَ اخْتُلِسَتِ الزَّهْرَاءُ، فَمَا أَقْبَحَ الْخَضْرَاءَ وَ الْغَبْرَاءَ.

يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا حُزْنِي فَسَرْمَدٌ، وَ أَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ، وَ لاَ يَبْرَحُ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِي أَوْ(2) يَخْتَارَ اللَّهُ لِي دَارَكَ الَّتِي أَنْتَ بِهَا، كَمَدٌ مُبْرِحٌ(3) وَ هَمٌّ مُهَيِّجٌ، سَرْعَانَ مَا فَرَّقَ بَيْنَنَا، فَإِلَى اللَّهِ أَشْكُو.

وَ سَتُنْبِئُكَ ابْنَتُكَ بِتَظَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا، فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ، وَ اسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ، فَكَمْ مِنْ غَلِيلٍ مُعْتَلِجٍ بِصَدْرِهَا لَمْ تَجِدْ إِلَى بَثِّهِ سَبِيلاً، فَسَتَقُولُ وَ يَحْكُمُ اللَّهُ، وَ هُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.

وَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ(4) سَلاَمَ مُوَدِّعٍ لاَ قَالٍ وَ لاَ سَئِمٍ، فَإِنْ أَنْصَرِفْ فَلاَ عَنْ مَلاَلٍ، وَ إِنْ أُقِمْ فَلاَ عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الصَّابِرِينَ.

آهِ آهِ لَوْ لاَ غَلَبَةُ الْمُسْتَوْلِينَ لَجَعَلْتُ هُنَا الْمُقَامَ، وَ الْتَزَمْتُ لِزَاماً مَعْكُوفاً(5) ، وَ لَأَعْوَلْتُ إِعْوَالَ الثَّكْلَى عَلَى الرَّزِيَّةِ، فَبِعَيْنِ اللَّهِ تُدْفَنُ ابْنَتُكَ سِرّاً، وَ تُهْضَمُ حَقَّهَا، وَ تُمْنَعَ إِرْثَهَا، وَ لَمْ يَبْعُدْ بِكَ الْعَهْدُ، وَ لاَ اخْلَوْلَقَ مِنْكَ الذِّكْرُ، فَإِلَى اللَّهِ - يَا رَسُولَ اللَّهِ - الْمُشْتَكَى، وَ فِيكَ أَجْمَلُ الْعَزَاءِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ عَلَيْهَا مَعَكَ، وَ السَّلاَمُ»(6).1.

ص: 138


1- في «ع»: النائية في الثرى ببقيعك.
2- في «ط»: حتّى، و كلاهما بمعنى، قال الشاعر: و كنت إذا غمزت قناة قومكسرت كعوبها أو تستقيما أي: كسرت كعوبها حتّى تستقيم، و الفعل بعدها منصوب بأن واجبة الاضمار.
3- (مبرح) ليس في «ع، م»، و في الكافي: مقيّح.
4- (و السلام عليك) ليس في «ع، م».
5- في «ط»: التزمت الحزن اشدّ لزام عكوفا، و في الكافي: و اللبث لزاما معكوفا.
6- الكافي 3/381:1، أمالي المفيد: 281، أمالي الطوسي 107:1.

أخبار في مناقبها (صلوات اللّه عليها)

أخبار في(1) مناقبها (صلوات اللّه عليها)

47/ 47 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، قَالَ:

بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَلْمَانَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ لِحَاجَةٍ.

قَالَ سَلْمَانُ: فَوَقَفْتُ بِالْبَابِ وَقْفَةً حَتَّى سَلَّمْتُ، فَسَمِعْتُ فَاطِمَةَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ جَوَّا، وَ الرَّحَى تَدُورُ مِنْ بَرّا، مَا عِنْدَهَا أَنِيسٌ.

قَالَ: فَعُدْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُ أَمْراً عَظِيماً! فَقَالَ: هِيهِ يَا سَلْمَانُ، تَكَلَّمْ بِمَا رَأَيْتَ وَ سَمِعْتَ.

قَالَ: وَقَفْتُ بِبَابِ ابْنَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ سَلَّمْتُ، فَسَمِعْتُ فَاطِمَةَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ جَوَّا، وَ الرَّحَى تَدُورُ مِنْ(2) بَرَّا مَا عِنْدَهَا أَنِيسٌ!

قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ: يَا سَلْمَانُ، إِنَّ ابْنَتِي فَاطِمَةَ مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهَا وَ جَوَارِحَهَا إِيمَاناً إِلَى مُشَاشِهَا(3) ، فَتَفَرَّغَتْ لِطَاعَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) فَبَعَثَ اللَّهُ مَلَكاً اسْمُهُ (رَوْفَائِيلُ) - وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: (رَحْمَةٌ) - فَأَدَارَ(4) لَهَا الرَّحَى فَكَفَاهَا اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) مَئُونَةَ الدُّنْيَا مَعَ مَئُونَةِ الْآخِرَةِ(5).

ص: 139


1- في «ع، م»: خبر.
2- (من) ليس في «ط».
3- المشاش، جمع مشاشة: و هي رءوس العظام اللّينة «الصحاح - مشش - 1019:3».
4- في «ط»: يدير.
5- مناقب ابن شهرآشوب 337:3، الثاقب في المناقب: 248/290.

48/ 48 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ(1) بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحْرٍ الْجُنْدِيُّ النَّيْشَابُورِيُّ(2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ):

خَرَجَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ذَاتَ يَوْمٍ(3) وَ أَنَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ، فَحَاذَيْتُ بَابَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَإِذَا أَنَا بِهَاتِفٍ مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ وَ هُوَ يَقُولُ: اشْتَدَّ صُدَاعُ رَأْسِي، وَ خَلاَ بَطْنِي، وَ دَبِرَتْ كَفَّايَ مِنْ طَحْنِ الشَّعِيرِ. فَمَضَّنِي(4) الْقَوْلُ مَضّاً شَدِيداً، فَدَنَوْتُ مِنَ الْبَابِ فَقَرَعْتُهُ قَرْعاً خَفِيفاً، فَأَجَابَتْنِي فِضَّةُ، جَارِيَةُ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)، فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا؟

فَقُلْتُ: أَنَا سَلْمَانُ ابْنُ الْإِسْلاَمِ.

قَالَتْ: وَرَاءَكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنَّ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ، عَلَيْهَا الْيَسِيرُ مِنَ الثِّيَابِ.

فَأَخَذْتُ عَبَاءَتِي فَرَمَيْتُ بِهَا دَاخِلَ الْبَابِ فَلَبِسَتْهَا فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) ثُمَّ قَالَتْ: يَا فِضَّةُ، قُولِي لِسَلْمَانَ يَدْخُلُ، فَإِنَّ سَلْمَانَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ.

فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِفَاطِمَةَ جَالِسَةً وَ قُدَّامَهَا رَحًى تَطْحَنُ بِهَا الشَّعِيرِ، وَ عَلَى عَمُودِ الرَّحَى دَمٌ سَائِلٌ قَدْ أَفْضَى إِلَى الْحَجَرِ، فَحَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا أَنَا بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الدَّارِ يَتَضَوَّرُ(5) مِنَ الْجُوعِ، فَقُلْتُ: جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكِ يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ،ع.

ص: 140


1- في «ع»: بن محمّد، و لم نعثر عليه بكلا الضبطين فيما عندنا من المعاجم الرجالية، و لعلّه جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ أحد مشايخ أبي المفضّل، كما سيأتي في باب الجواد (عليه السّلام).
2- في «ع، م»: السّابوريّ، و لعلّه تصحيف (الجنديسابوريّ) منسوب إلى (جنديسابور) بلد في خوزستان.
3- في «ط»: ليلة.
4- المض: الحرقة و الألم و الوجع.
5- في «ع»: يتضوع، و في «م»: يتضرّع.

قَدْ دَبِرَتْ كَفَّاكِ مِنْ طَحْنِ الشَّعِيرِ وَ فِضَّةُ قَائِمَةٌ!

فَقَالَتْ: نَعَمْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَوْصَانِي حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ(1) أَنْ تَكُونَ الْخِدْمَةُ لَهَا يَوْمٌ وَ لِيَ يَوْمٌ، فَكَانَ أَمْسِ يَوْمَ خِدْمَتِهَا، وَ الْيَوْمُ يَوْمُ خِدْمَتِي.

قَالَ سَلْمَانُ: فَقُلْتُ: جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكِ، إِنِّي مَوْلَى عَتَاقَةٍ.

فَقَالَتْ: أَنْتَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ.

قُلْتُ: فَاخْتَارِي إِحْدَى الْخَصْلَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ أَطْحَنَ لَكِ الشَّعِيرَ، أَوْ أُسْكِتَ لَكِ الْحَسَنَ.

قَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا أُسْكِتُهُ فَإِنِّي أَرْفَقُ، وَ أَنْتَ تَطْحَنُ الشَّعِيرَ.

قَالَ: فَجَلَسَتْ حَتَّى طَحَنْتُ جُزْءً مِنَ الشَّعِيرِ، فَإِذَا أَنَا بِالْإِقَامَةِ، فَمَضَيْتُ حَتَّى صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).

فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلاَةِ أَتَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ هُوَ بِيَمْنَةٍ مِنْ(2) رَسُولِ اللَّهِ فَجَذَبْتُ رِدَاءَهُ وَ قُلْتُ: أَنْتَ هَاهُنَا وَ فَاطِمَةُ قَدْ دَبِرَتْ كَفَّاهَا مِنْ طَحْنِ الشَّعِيرِ؟!

فَقَامَ وَ إِنَّ دُمُوعَهُ لَتَحْدِرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَيَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ قَلِيلاً. فَإِذَا هُوَ قَدْ رَجَعَ يَتَبَسَّمُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْتَبِينَ أَسْنَانَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا حَبِيبِي(3) خَرَجْتَ وَ أَنْتَ بَاكٍ وَ رَجَعْتَ وَ أَنْتَ ضَاحِكٌ؟

قَالَ: نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، دَخَلْتُ الدَّارَ وَ إِذَا فَاطِمَةُ نَائِمَةٌ مُسْتَلْقِيَةٌ لِقَفَاهَا، وَ الْحَسَنُ نَائِمٌ عَلَى صَدْرِهَا، وَ قُدَّامَهَا الرَّحَى تَدُورُ مِنْ غَيْرِ يَدٍ.

فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً سَائِرَةً فِي الْأَرْضِ يَخْدِمُون مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ؟!(4)2.

ص: 141


1- في «ط»: أوصاني أبي.
2- في «ط»: الصّلاة رأيت عليّا و هو على ميمنة.
3- في «ط»: يا عليّ، و في «م»: يا عليّ يا حبيبي.
4- الخرائج و الجرائح 6/530:2.

.

49 / 49 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ، وَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ(1) بْنِ خَيْرَانَ(2) الْأَنْبَارِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلِ بْنِ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ابْنُ الْحَسَنِ الْفَزَارِيُّ الْأَشْقَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ: يَا أَهْلَ الْجَمْعِ، نَكِّسُوا رُءُوسَكُمْ وَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَمُرَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ عَلَى الصِّرَاطِ.

قَالَ: فَتَمُرُّ وَ مَعَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ جَارِيَةٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ كَالْبَرْقِ اللاَّمِعِ(3).

50/ 50 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ النُّورِ الْمِسْمَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ(4) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ(5) مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الْكُوفَةَ - يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - قُلْنَا(6) لَهُ: حَدِّثِّنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَذَكَرَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَالَ: مَا حَدَّثْتُكُمْا.

ص: 142


1- (عليّ) ليس في «ط».
2- في النّسخ: ابن جيران، و يأتي في الحديث (29) من دلائل الإمام صاحب الزّمان (عليه السّلام) بعنوان: ابن خيران.
3- في «ط»: الخاطف. مناقب ابن شهرآشوب 326:3، كفاية الطّالب: 364، كشف الغمّة 457:1، الصّواعق المحرقة: 190. و سيأتي في الحديث: 67.
4- كذا في المصادر، و هو الصّواب، روى عن إبراهيم بن يزيد النّخعيّ، و روى عنه شعبة، و صحف في «ط، ع ، م»: عمر بن عميرة، انظر سير أعلام النبلاء 196:5، تهذيب التّهذيب 102:8.
5- في «ط، ع، م»: بن، تصحيف، و ما في المتن من المصادر، و هو الصّواب، راجع التعليقة السّابقة و تهذيب الكمال 233:2.
6- في «ط»: فقلنا.

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، فَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُ الشَّهَادَةَ لِلْحَدِيثِ وَ لَمْ أُرْزَقْهَا، وَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ فِي تَبُوكَ وَ نَحْنُ نَسِيرُ مَعَهُ:

إِنَّ اللَّهَ (جَلَّ وَ عَزَّ) أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَفَعَلْتُ.

فَقَالَ لِي جَبْرَئِيلُ: إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) قَدْ بَنَى جَنَّةً مِنْ قَصَبِ اللُّؤْلُؤِ، بَيْنَ كُلِّ قَصَبَةٍ إِلَى قَصَبَةٍ لُؤْلُؤَةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ مَشْدُودَةٍ بِالذَّهَبِ، وَ جَعَلَ سُقُوفَهَا زَبَرْجَداً أَخْضَرَ، فِيهَا طَاقَاتٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ مُكَلَّلَةٌ بِالْيَاقُوتِ، وَ جَعَلَ عَلَيْهَا غُرَفاً، لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ، وَ لَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ، وَ لَبِنَةً مِنْ دُرٍّ، وَ لَبِنَةً مِنْ يَاقُوتٍ، وَ لَبِنَةً مِنْ زَبَرْجَدٍ، وَ قِبَاباً مِنْ دُرٍّ، قَدْ شُعِّبَتْ بِسَلاَسِلِ الذَّهَبِ، وَ حُفَّتْ بِأَنْوَاعِ التُّحَفِ.

وَ بَنَى فِي كُلِّ قَصْرٍ قُبَّةً، وَ جَعَلَ فِي كُلِّ قُبَّةٍ أَرِيكَةً مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ، فَرْشُهَا السُّنْدُسُ وَ الْإِسْتَبْرَقُ، وَ فَرَشَ أَرْضَهَا بِالزَّعْفَرَانِ وَ الْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ، وَ جَعَلَ فِي كُلِّ قُبَّةٍ [حَوْرَاءَ(1)] وَ الْقُبَّةُ لَهَا مِائَةُ بَابٍ، فِي كُلِّ بَابٍ جَارِيَتَانِ وَ شَجَرَتَانِ، وَ فِي كُلِّ قُبَّةٍ فَرْشٌ وَ كِتَابٌ مَكْتُوبٌ حَوْلَ الْقِبَابِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ. فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ، لِمَنْ بَنَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) هَذِهِ الْقُبَّةَ؟

فَقَالَ: هَذِهِ جَنَّةٌ بَنَاهَا اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ فَاطِمَةَ ابْنَتِكَ، تُحْفَةً أَتْحَفَهُمَا بِهَا، وَ أَقَرَّ بِهَا عَيْنَكَ يَا مُحَمَّدُ(2).

51/ 51 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ غَالِبٍ الْأَزْدِيُّ بِأَرْتَاحَ(3) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْغَنِيِّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ(4) الْأَزْدِيُّن.

ص: 143


1- من المصادر.
2- نوادر المعجزات: 16/98، أبو صالح المؤذّن في الأربعين، على ما في عوالم فاطمة (عليها السّلام): 4/142، و رواه ابن عساكر في ترجمة الامام عليّ (عليه السّلام) من تاريخ دمشق 302/259:1 و الخوارزميّ في مقتل الحسين (عليه السّلام) 76:1 بهذا الاسناد إلى ابن مسعود، الكنجي في كفاية الطّالب: 320.
3- أرتاح: مدينة من أعمال حلب «معجم البلدان 140:1».
4- في «ط، ع، م»: الحسن بن عبّاس، و ما في المتن هو الصّواب، ذكره في معجم البلدان 153:5 نسبة إلى معان مدينة في طرف بادية الشّام، و فيه أبو عبيد المعنيّ، و أبو عبيد كنيته و المعنيّ لقبه، نسبة إلى معن بن مالك من الأزد، و كذا في تهذيب تاريخ دمشق 233:4، و في «ع»: أبو عبيد المغنّي، و في لسان الميزان 226:2 كما في المتن.

الْمَعَانِيُّ بِمَعَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هَمَّامٍ الْحِمْيَرِيُّ(1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ الْبَصْرِيُّ قَدِمَ عَلَيْنَا الْيَمَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ السَّعْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، قَالَ:

لَمَّا خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَرْسَلَ مَعَهُ النَّجَاشِيَّ بِقَدَحٍ مِنْ غَالِيَةٍ(2) وَ قَطِيفَةٍ مَنْسُوجَةٍ بِالذَّهَبِ هَدِيَّةً إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). فَقَدِمَ جَعْفَرٌ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ النَّبِيُّ بِأَرْضِ خَيْبَرَ، فَأَتَاهُ بِالْقَدَحِ مِنَ الْغَالِيَةِ وَ الْقَطِيفَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَأَدْفَعَنَّ هَذِهِ الْقَطِيفَةَ إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ.

فَمَدَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَعْنَاقَهُمْ إِلَيْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

أَيْنَ عَلِيٌّ؟ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ: يَا عَلِيُّ، خُذْ هَذِهِ الْقَطِيفَةَ إِلَيْكَ. فَأَخَذَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ أُمْهِلَ، حَتَّى قَدِمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَانْطَلَقَ إِلَى الْبَقِيعِ - وَ هُوَ سُوقُ الْمَدِينَةِ - فَأَمَرَ صَائِغاً فَفَصَلَ الْقَطِيفَةَ سِلْكاً سِلْكاً، فَبَاعَ الذَّهَبَ، وَ كَانَ أَلْفَ مِثْقَالٍ، فَفَرَّقَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِنَ الذَّهَبِ قَلِيلٌ وَ لاَ كَثِيرٌ(3) ، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ غَدٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ حُذَيْفَةُ وَ عَمَّارٌ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، إِنَّكَ أَفَدْتَ(4) بِالْأَمْسِ أَلْفَ مِثْقَالٍ، فَاجْعَلْ غَدَايَ الْيَوْمَ وَ أَصْحَابِي هَؤُلاَءِ عِنْدَكَ. وَ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَرْجِعُ يَوْمَئِذٍ إِلَى شَيْ ءٍ مِنَ الْعُرُوضِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَقَالَ حَيَاءً مِنْهُمْ وَ تَكَرُّماً: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْخُلْ - يَا نَبِيَّ اللَّهِ - وَ فِي الرُّحْبِ وَ السَّعَةِ أَنْتَ وَ مَنْ مَعَكَ.

قَالَ: فَدَخَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ قَالَ لَنَا: ادْخُلُوا.ت.

ص: 144


1- كذا في الأمالي و الجرح و التعديل 70:6 نسبة إلى حمير من قبائل اليمن، و انظر سير أعلام النبلاء 9: 220/563، و في «ط، ع، م»: الخيبريّ.
2- الغالية: ضرب من الطّيب: مركب من مسك و عنبر و كافور و دهن البان و عود «مجمع البحرين - غلا - 1: 319».
3- في «ط»: الذّهب شيء لا قليل و لا كثير.
4- في «ط»: أخذت.

قَالَ حُذَيْفَةُ: وَ كُنَّا خَمْسَةَ نَفَرٍ: أَنَا، وَ عَمَّارٌ، وَ سَلْمَانُ، وَ أَبُو ذَرٍّ، وَ الْمِقْدَادُ (رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) فَدَخَلْنَا وَ دَخَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) يَبْتَغِي عِنْدَهَا شَيْئاً مِنْ زَادٍ، فَوَجَدَ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيدٍ تَفُورُ، وَ عَلَيْهَا عُرَاقٌ(1) كَثِيرٌ، وَ كَأَنَّ رَائِحَتَهَا الْمِسْكُ.

فَحَمَلَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حَتَّى وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَنْ حَضَرَ(2) ، فَأَكَلْنَا مِنْهَا حَتَّى تَمَلَّأْنَا(3) وَ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا قَلِيلٌ وَ لاَ كَثِيرٌ(4).

فَقَامَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)، فَقَالَ: أَنَّى لَكِ هَذَا الطَّعَامُ يَا فَاطِمَةُ؟ فَرَدَّتْ عَلَيْهِ(5) ، وَ نَحْنُ نَسْمَعُ قَوْلَهَا، فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ.

فَخَرَجَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَيْنَا مُسْتَبْشِراً(6) ، وَ هُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى رَأَيْتُ لاِبْنَتِي(7) مَا رَأَى زَكَرِيَّا لِمَرْيَمَ، كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً فَيَقُولُ لَهَا: يَا مَرْيَمُ، أَنَّى لَكِ هَذَا ؟ فَتَقُولُ: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّه، إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ. (8).

52/ 52 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخَيَّاطِ الْقُمِّيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَسْكَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَعْصَعَةُ بْنُ سَيَّابِ بْنِ نَاجِيَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ،3.

ص: 145


1- العرق: الفدرة من اللّحم، جمعها عراق، و قيل العراق: العظم بغير لحم «لسان العرب - عرق - 10: 244».
2- في «ع، م»: حضرها، و في الأمالي: حضر معه.
3- في «ط»: شبعنا، و كلاهما بمعنى واحد، انظر «لسان العرب - ملأ - 159:1».
4- في «ط»: منها شيء.
5- في «ط»: يا فاطمة؟ فأجابته.
6- في «ع، م»: مستعبرا.
7- في «ط»: زيادة: فاطمة.
8- أمالي الطّوسيّ 227:2، سعد السّعود: 90، نحوه، مدينة المعاجز: 53.

عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُكَيْنَةَ وَ زَيْنَبَ ابْنَتَيْ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

إِنَّ فَاطِمَةَ خُلِقَتْ حُورِيَّةً فِي صُورَةِ إِنْسِيَّةٍ، وَ إِنَّ بَنَاتَ الْأَنْبِيَاءِ لاَ يَحِضْنَ(1).

53/ 53 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُهَلَّبِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ وَ فَاطِمَةَ ابْنَةِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهَا الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ لِفَاطِمَةَ:

يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ اللَّهَ لَيَغْضَبُ لِغَضَبِكَ، وَ يَرْضَى لِرِضَاكَ(2).

54/ 54 - وَ أَخْبَرَنِي الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَاقِرْحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي خَدِيجَةُ أُمُّ الْفَضْلِ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ، قَالَتْ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عِيسَى الْجَلُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، عَنْ جَابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تُقَبِّلُ فَاطِمَةَ وَ تَلْزَمُهَا وَ تُدْنِيهَا مِنْكَ، وَ تَفْعَلُ بِهَا مَا لاَ تَفْعَلُهُ بِأَحَدٍ مِنْ بَنَاتِكَ!

فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَانِي بِتُفَّاحَةٍ مِنْ تُفَّاحِ الْجَنَّةِ، فَأَكَلْتُهَا، فَتَحَوَّلَتْ فِي صُلْبِي، ثُمَّ وَاقَعْتُ خَدِيجَةَ فَحَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ، فَأَنَا أَشَمُّ مِنْهَا رَائِحَةَ الْجَنَّةِ(3).

55/ 55 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي خَدِيجَةُ، قَالَتْ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا3.

ص: 146


1- البحار 37/112:81.
2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام): 26:2 ذيل حديث 6 و 176/46، أمالي الصّدوق: 1/313، صحيفة الرّضا (عليه السّلام): 23/90، أمالي المفيد: 4/94، الحاكم في المستدرك 154:3، أمالي الطّوسيّ 41:2، اسد الغابة 522:5، كفاية الطّالب: 364، ذخائر العقبى: 39، فرائد السمطين 378/46:2، كنز العمّال 13: 37725/674، مقتل الحسين (عليه السّلام) للخوارزمي 52:1.
3- نوادر المعجزات: 17/99، علل الشّرائع: 1/183.

أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عِمْرَانَ(1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَبَلَةُ الْمَكِّيُّ، عَنْ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:

دَخَلَتْ عَائِشَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ يُقَبِّلُ فَاطِمَةَ، فَقَالَتْ لَهُ: أَ تُحِبُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: إِي وَ اللَّهِ، لَوْ تَعْلَمِينَ حُبِّي لَهَا لاَزْدَدْتِ لَهَا حُبّاً.

إِنَّ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) لَمَّا عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ أَذَّنَ جَبْرَئِيلُ، وَ أَقَامَ مِيكَائِيلُ، ثُمَّ قِيلَ لِي: ادْنُ(2) يَا مُحَمَّدُ. فَقُلْتُ: أَتَقَدَّمُ وَ أَنْتَ بِحَضْرَتِي(3) يَا جَبْرَئِيلُ؟!

فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) فَضَّلَ أَنْبِيَاءَهُ الْمُرْسَلِينَ عَلَى جَمِيعِ مَلاَئِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَ فَضَّلَكَ(4) أَنْتَ خَاصَّةً.

فَدَنَوْتُ فَصَلَّيْتُ(5) فِي أَهْلِ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، ثُمَّ الْتَفَتُّ عَنْ يَمِينِي فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، قَدْ اكْتَنَفَتْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ.

ثُمَّ إِنِّي صِرْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ، نِعْمَ الْأَبُ أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ، وَ نِعْمَ الْأَخُ أَخُوكَ عَلِيٌّ(6).

فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الْحُجُبِ أَخَذَ جَبْرَئِيلُ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِرُطَبٍ أَلْيَنَ مِنَ الزُّبْدِ، وَ أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ، وَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فَأَخَذْتُ رُطَبَةً فَأَكَلْتُهَا، فَتَحَوَّلَتِ الرُّطَبَةُ فِي صُلْبِي.1.

ص: 147


1- في العلل: عمر.
2- في «ط»: تقدّم.
3- في «ع، م»: تحضرني.
4- في «ع، م»: فضلت.
5- في «ط»: فتقدّمت و صلّيت.
6- المحاسن: 169/179، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 39/30:2، أمالي الصّدوق: 14/266، مناقب ابن المغازلي: 65/42، و 96/67 و بلفظ آخر في: 66/44، ابن عساكر في تاريخ دمشق ضمن ترجمة الامام عليّ (عليه السّلام) 159/131:1 و: 150/124، كفاية الطّالب: 185، فرائد السمطين 77/109:1 و 78/110، و الخوارزميّ في المناقب: 209، و مقتل الحسين (عليه السّلام) 49:1.

فَلَمَّا أَنْ هَبَطْتُ إِلَى الْأَرْضِ وَاقَعْتُ خَدِيجَةَ، فَحَمَلْتُ بِفَاطِمَةَ الْحَوْرَاءِ الْإِنْسِيَّةِ، فَإِذَا اشْتَقْتُ إِلَى الْجَنَّةِ شَمِمْتُ رَائِحَتَهَا(1).

56/ 56 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي خَدِيجَةُ، قَالَتْ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ، قَالَ:

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُوسَى، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ، قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ قَالَتْ:

قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَدْ كُنْتُ شَهِدْتُ فَاطِمَةَ قَدْ وَلَدَتْ بَعْضَ وُلْدِهَا فَلَمْ نَرَ لَهَا دَماً، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَاطِمَةَ وَلَدَتْ فَلَمْ نَرَ لَهَا دَماً! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ فَاطِمَةَ خُلِقَتْ حُورِيَّةً إِنْسِيَّةً(2).

57/ 57 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَنْبَسَةَ،(3) قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى ابْنِ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ:

إِنَّمَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ فَاطِمَةَ لِأَنَّهَا فُطِمَتْ هِيَ وَ شِيعَتُهَا وَ ذُرِّيَّتُهَا مِنَ النَّارِ(4).6.

ص: 148


1- علل الشرائع: 2/183.
2- مناقب ابن المغازلي: 416/369 باسناده إلى محمد بن زكريا الغلابي، كشف الغمة 463:1 عن ابن بابويه يرفعه إلى أسماء، و نحوه في ذخائر العقبى: 44، و نزهة المجالس 227:2، و سيأتي في الحديث (62).
3- في رجال النجاشي: 686/262 علي بن محمد بن جعفر بن عنبسة الحداد العسكري، يقال له: ابن رويدة، و في الخصال: 73/387 و: 98/394: علي بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عنبسة مولى الرشيد.
4- نحوه في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 174/46:2، و معاني الأخبار: 14/64، و علل الشرائع: 1/178 و: 5/179، و أمالي الطوسي 300:1، و بشارة المصطفى: 184، و مناقب ابن المغازلي: 92/65، و مناقب ابن شهرآشوب 329:3، و نحوه في ذخائر العقبى: 26، و فرائد السمطين 384/57:2، و مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 51:1، و نور الابصار: 96.

58/ 58 - وَ أَخْبَرَنِي الشَّرِيفُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُحَمَّدِيُّ النَّقِيبُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ ابْنِ جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي فَاطِمَةَ أَنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ؛ أَ هِيَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِهَا؟

فَقَالَ: تِلْكَ مَرْيَمُ، كَانَتْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ عَالَمِهَا، وَ فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ(1).

59/ 59 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْجَلُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ زَكَرِيَّا الْجَوْهَرِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنْ فَاطِمَةَ: لِمَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءَ؟

فَقَالَ: لِأَنَّهَا كَانَتْ إِذَا قَامَتْ فِي مِحْرَابِهَا يَزْهَرُ نُورُهَا لِأَهْلِ السَّمَاءِ، كَمَا يَزْهَرُ نُورُ الْكَوَاكِبِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ(2).

60/ 60 - وَ يُرْوَى: أَنَّهَا (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) سُمِّيَتْ الزَّهْرَاءَ لِأَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) خَلَقَهَا مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ(3).

61/ 61 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ابْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَسْبَاطٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ4.

ص: 149


1- معاني الاخبار: 1/107، و نحوه في مشكل الآثار 51:1، و حلية الاولياء 42:2، و ذخائر العقبى: 43، و مقتل الحسين (عليه السّلام) للخوارزمي 79:1.
2- علل الشّرائع: 3/181، معاني الأخبار: 15/64.
3- علل الشّرائع: 1/180، معاني الأخبار: 16/64.

عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سُئِلَ عَنِ الْبَتُولِ، وَ قِيلَ لَهُ(1): سَمِعْنَاكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَقُولُ: إِنَّ مَرْيَمَ بَتُولٌ، وَ فَاطِمَةَ بَتُولٌ فَمَا ذَاكَ.

فَقَالَ: الْبَتُولُ الَّتِي لَمْ تَرَ حُمْرَةً قَطُّ.

أَيْ لَمْ تَحِضْ، فَإِنَّ الْحَيْضَ مَكْرُوهٌ فِي بَنَاتِ الْأَنْبِيَاءِ(2).

62/ 62 - وَ أَخْبَرَنِي الشَّرِيفُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُحَمَّدِيُّ، قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُوسَى، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَدْ كُنْتُ شَهِدْتُ فَاطِمَةَ قَدْ وَلَدَتْ بَعْضَ وُلْدِهَا فَلَمْ نَرَ لَهَا دَماً(3).

يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ فَاطِمَةَ خُلِقَتْ حُورِيَّةً إِنْسِيَّةً(4).

63/ 63 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفْوَانِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا(5) ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ عَمِّهِ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأُمِّي: صِفِي لِي فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ).

فَقَالَتْ: كَانَتْ أَشْبَهَ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، بَيْضَاءَ مُشْرَبَةً(6) حُمْرَةً،».

ص: 150


1- في «ع، م»: البتول و إنّا، و في العلل و المعاني: ما البتول فإنّا.
2- علل الشّرائع: 1/181، معاني الأخبار: 17/64، مناقب ابن شهرآشوب 330:3.
3- في «ط» زيادة: و سألته فقال.
4- تقدّم في الحديث (56).
5- (قال: حدّثنا محمّد بن زكريّا) ليس في «ط، م» و ما في المتن هو الصّواب و هو الغلابى، راجع ميزان الاعتدال 382:2 و لسان الميزان 237:3.
6- الإشراب: خلط لون بلون، كأنّ أحد اللّونين سقى اللّون الآخر «النّهاية - شرب - 454:2».

لَهَا شَعْرٌ أَسْوَدُ يَتَغَفَّرُ(1) لَهَا، كَأَنَّهَا الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَ كَأَنَّهَا شَمْسٌ قُرِنَتْ(2) غَمَاماً.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَكَانَتْ - وَ اللَّهِ - كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

بَيْضَاءُ تَسْحَبُ مِنْ قِيَامٍ شَعْرَهَا وَ تَغِيبُ فِيهِ وَ هُوَ جَثْلٌ أَسْحَمُ(3)

فَكَأَنَّهَا فِيهِ نَهَارٌ مُشْرِقٌ وَ كَأَنَّهُ لَيْلٌ عَلَيْهَا مُظْلِمٌ(4).

64/ 64 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُصْعَبٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ: مِنْ أَيْنَ لَكَ إِشْرَاقُ الرَّبَاعِيَةِ؟

قَالَ: قُلْتُ: كَانَ جَدِّي لِأُمِّي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُصْعَبٍ مُشْرِقَ الرَّبَاعِيَةِ، قَالَ: وَ مِنْ أَيْنَ لَهُ ذَاكَ؟

فَقُلْتُ: كَانَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُشْرِقَ الرَّبَاعِيَةِ.

قَالَ: وَ مِنْ أَيْنَ ذَاكَ لَهُ؟

قُلْتُ: لاَ أَدْرِي.

قَالَ: وَ لَكِنِّي أَدْرِي، كَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ مُشْرِقَةَ الرَّبَاعِيَةِ، وَ كَانَتْ فَاطِمَةُ مُشْرِقَةَ الرَّبَاعِيَةِ(5).

65/ 65 - وَ أَخْبَرَنِي الشَّرِيفُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُحَمَّدِيُّ النَّقِيبُ، قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ3.

ص: 151


1- يتغفر: أيْ كان كالغفرة لها، و هو ما يغطّى به الشّيء، انظر «لسان العرب - غفر - 26:5».
2- قرنت: أيْ كأنّ الشّمس قارنت الغمام و صاحبته، انظر «لسان العرب - قرن - 336:13».
3- شعر جثل: كثير ليّن، أسحم: أسود «أساس البلاغة - جثل - 51 و - سحم - 205». أورد هذين البيتين القالي في أماليه 227:1 و السّيّد المرتضى في أماليه 97:2 و الثّعالبيّ في الأعجاز و الإيجاز: 181، و نسبوهما لبكر بن النطاح، و هو شاعر كان في زمن هارون الرّشيد جيّد القول حسن الشّعر، انظر أخباره في الأغاني 153:17 و تأريخ بغداد 90:7.
4- الحاكم في المستدرك 161:3، و بذيله التلخيص للذهبي 161:3.
5- أشار لهذا الحديث في مناقب ابن شهرآشوب 357:3.

الْحَسَنِ الْقَزْوِينِيِّ، الْمَعْرُوفِ بِابْنِ مَقْبُرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَازِنِيُّ، عَنْ عَبَّادٍ الْكَلْبِيِّ(1) ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ فَاطِمَةَ الصُّغْرَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَخِيهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، قَالَ:

رَأَيْتُ أُمِّي فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) قَائِمَةً فِي مِحْرَابِهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلَمْ تَزَلْ رَاكِعَةً سَاجِدَةً حَتَّى انْفَجَرَ(2) عَمُودُ الصُّبْحِ، وَ سَمِعْتُهَا تَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ، وَ تُسَمِّيهِمْ، وَ تُكْثِرُ الدُّعَاءَ لَهُمْ، وَ لاَ تَدْعُو لِنَفْسِهَا بِشَيْ ءٍ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّاهْ، لِمَ لاَ تَدْعِينَ لِنَفْسِكِ كَمَا تَدْعِينَ لِغَيْرِكِ؟

فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، الْجَارَ ثُمَّ الدَّارَ(3).

66/ 66 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ السُّكَّرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الْجَوْهَرِيِّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ زَيْدِ ابْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ:

سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ مُحَدَّثَةً لِأَنَّ الْمَلاَئِكَةَ كَانَتْ تَهْبِطُ مِنَ السَّمَاءِ فَتُنَادِيهَا كَمَا كَانَتْ تُنَادِي مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ، فَتَقُولُ: يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ.

يَا فَاطِمَةُ، اُقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ؛ فَتُحَدِّثُهُمْ وَ يُحَدِّثُونَهَا.

فَقَالَتْ لَهُمْ ذَاتَ لَيْلَةٍ: أَ لَيْسَتِ الْمُفَضَّلَةُ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ؟

فَقَالُوا: إِنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ عَالَمِهَا، وَ إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) جَعَلَكِ سَيِّدَةَ نِسَاءِ عَالَمِكِ وَ عَالَمِهَا، وَ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ(4).).

ص: 152


1- في النسخ: الضّبيّ و قد تقدم البحث عنه في سند الحديث (13).
2- في «ط»: انفلق، و في العلل: اتضح.
3- علل الشرائع: 1/181.
4- تقدم في الحديث (20).

67/ 67 - وَ أَخْبَرَنِي الشَّرِيفُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُحَمَّدِيُّ النَّقِيبُ، قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْجَلُودِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ الْأَشْقَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ: يَا أَهْلَ الْجَمْعِ نَكِّسُوا رُءُوسَكُمْ، وَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَجُوزَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ عَلَى الصِّرَاطِ.

قَالَ: فَيَمُرُّ مَعَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ جَارِيَةٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ كَالْبَرْقِ اللاَّمِعِ(1).

68/ 68 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفْوَانِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْجَلُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ(2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ:

إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: يَا مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ، غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ نَكِّسُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى تَمُرَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ؛ فَتَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى.

وَ تَسْتَقْبِلُهَا مِنَ الْفِرْدَوْسِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ حَوْرَاءَ، وَ خَمْسُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، عَلَى نَجَائِبَ مِنَ الْيَاقُوتِ، أَجْنِحَتُهَا وَ أَزِمَّتُهَا اللُّؤْلُؤُ الرَّطْبُ، رُكَبُهَا مِنْ زَبَرْجَدٍ، عَلَيْهَا رَحْلٌ(3) مِنَ الدُّرِّ، عَلَى كُلِّ رَحْلٍ نُمْرُقَةٌ مِنْ سُنْدُسٍ، حَتَّى يَجُوزُوا بِهَا الصِّرَاطَ، وَ يَأْتُوا بِهَال.

ص: 153


1- تقدّم في الحديث (49).
2- (قال: حدّثنا عمرو بن عبد الجبّار) ليس في «ط، م» و الصّواب إثباته، و هو أبو يحيى عمرو بن عبد الجبّار اليامي، نسبة إلى يام بطن من همدان، روى عنه أبو عبد اللّه محمّد بن سهل بن عبد الرّحمن العطّار، انظر تاريخ بغداد 315:5 و لسان الميزان 368:4.
3- في «ع، م»: الحلل.

الْفِرْدَوْسَ، فَيَتَبَاشَرُ بِمَجِيئِهَا أَهْلَ الْجِنَانِ، فَتَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيٍّ مِنْ نُورٍ، وَ يَجْلِسُونَ حَوْلَهَا.

وَ هِيَ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ الَّتِي سَقْفُهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَ فِيهَا قَصْرَانِ: قَصْرٌ أَبْيَضُ، وَ قَصْرٌ أَصْفَرُ مِنْ لُؤْلُؤَةً عَلَى عِرْقٍ وَاحِدٍ، فِي الْقَصْرِ الْأَبْيَضِ سَبْعُونَ أَلْفَ دَارٍ، مَسَاكِنُ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ فِي(1) الْقَصْرِ الْأَصْفَرِ سَبْعُونَ(2) أَلْفَ دَارٍ، مَسَاكِنُ إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ.

ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) مَلَكاً لَهَا(3) لَمْ يُبْعَثْ إِلَى أَحَدٍ قَبْلَهَا، وَ لاَ يُبْعَثُ إِلَى أَحَدٍ بَعْدَهَا، فَيَقُولُ: إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمُ وَ يَقُولُ: سَلِينِي.

فَتَقُولُ: هُوَ السَّلاَمُ، وَ مِنْهُ السَّلاَمُ، قَدْ أَتَمَّ عَلَيَّ نِعْمَتَهُ، وَ هَنَّأَنِي كَرَامَتَهُ، وَ أَبَاحَنِي جَنَّتَهُ، وَ فَضَّلَنِي عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ، أَسْأَلُهُ وُلْدِي وَ ذُرِّيَّتِي وَ مَنْ وَدَّهُمْ بَعْدِي، وَ حَفَظَهُمْ فِيَّ.

قَالَ: فَيُوحِي اللَّهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَلَكِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزُولَ مِنْ مَكَانِهِ: أَخْبِرْهَا أَنِّي قَدْ شَفَّعْتُهَا فِي وُلْدِهَا وَ ذُرِّيَّتِهَا وَ مَنْ وَدَّهُمْ فِيهَا، وَ حَفِظَهُمْ بَعْدَهَا.

قَالَ: فَتَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْحُزْنَ، وَ أَقَرَّ عَيْنَيَّ. فَيُقِرُّ اللَّهُ بِذَلِكَ عَيْنَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)(4).

69/ 69 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْعَبَّاسِ ابْنِ دُومَا(5) ، قَالَ:

حَدَّثَنَا: عَلِيُّ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ5.

ص: 154


1- في «ع، م»: و إنّ في.
2- في «ع، م»: لسبعين.
3- (لها) ليس في «ع، م».
4- تأويل الآيات 7/618:2.
5- في «ع، م»: البردوما، و هي تصحيف: ابن دوما، و هو أبو عليّ الحسن بن الحسين بن العبّاس بن الفضل بن المغيرة المعروف بابن دوما النعالي نسبة إلى عمل النّعال و بيعها، و هو من مشايخ الخطيب البغداديّ، انظر تاريخ بغداد 300:7، أنساب السمعاني 508:5.

مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): تُحْشَرُ ابْنَتِي فَاطِمَةُ وَ عَلَيْهَا حُلَّةُ الْكَرَامَةِ، قَدْ عُجِنَتْ بِمَاءِ الْحَيَوَانِ، تَنْظُرُ إِلَيْهَا الْخَلاَئِقُ فَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا.

ثُمَّ تُكْسَى أَيْضاً حُلَّةً مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ، وَ هِيَ أَلْفُ حُلَّةٍ، مَكْتُوبٌ عَلَى كُلِّ حُلَّةٍ بِخَطٍّ أَخْضَرَ: (أَدْخِلُوا ابْنَةَ مُحَمَّدٍ الْجَنَّةَ عَلَى أَحْسَنِ صُورَةٍ وَ أَحْسَنِ كَرَامَةٍ، وَ أَحْسَنِ مَنْظَرٍ).

فَتُزَفُّ إِلَى الْجَنَّةِ كَمَا تُزَفُّ الْعَرُوسُ، وَ يُوَكَّلُ بِهَا سَبْعُونَ أَلْفَ جَارِيَةٍ(1).9.

ص: 155


1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 38/30:2، صحيفة الرضا (عليه السلام): 79/122، ذخائر العقبى: 48، فرائد السمطين 388/63:2، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 52:1، ينابيع المودة: 199.

ص: 156

أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام

معرفة ولادة أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام

70/ 1 - حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى بْنِ حُمَيْدِ بْنِ حَمَّادٍ الْحَرِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُنْذِرٌ السَّرَّاجُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَسْلَمُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعَجْلاَنِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَنِي وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الدُّنْيَا بِسَبْعَةِ آلاَفِ عَامٍ قُلْتُ فَأَيْنَ كُنْتُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُدَّامَ الْعَرْشِ نُسَبِّحُ اللَّهَ وَ نُقَدِّسُهُ وَ نُمَجِّدُهُ قُلْتُ عَلَى أَيِّ مِثَالٍ قَالَ أَشْبَاحِ نُورٍ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ صُوَرَنَا صَيَّرَنَا عَمُودَ نُورٍ ثُمَّ

ص: 157

قَذَفَنَا فِي صُلْبِ آدَمَ، ثُمَّ أَخْرَجَنَا إِلَى أَصْلاَبِ الْآبَاءِ وَ أَرْحَامِ الْأُمَّهَاتِ، لاَ يُصِيبُنَا نَجَسُ الشِّرْكِ، وَ لاَ سِفَاحُ الْكُفْرِ، يَسْعَدُ بِنَا قَوْمٌ وَ يَشْقَى بِنَا(1) آخَرُونَ.

فَلَمَّا صَيَّرَنَا إِلَى صُلْبِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَخْرَجَ ذَلِكَ النُّورَ فَشَقَّهُ نِصْفَيْنِ، فَجَعَلَ نِصْفَهُ فِي عَبْدِ اللَّهِ، وَ نِصْفَهُ فِي أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ أَخْرَجَ النِّصْفَ الَّذِي لِي إِلَى آمِنَةَ، وَ النِّصْفَ الْآخَرَ إِلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ، فَأَخْرَجَتْنِي آمِنَةُ، وَ أَخْرَجَتْ فَاطِمَةُ عَلِيّاً.

ثُمَّ أَعَادَ (عَزَّ وَ جَلَّ) الْعَمُودَ إِلَيَّ فَخَرَجَتْ مِنِّي فَاطِمَةُ ثُمَّ أَعَادَ (عَزَّ وَ جَلَّ) الْعَمُودَ إِلَيْهِ(2) ، فَخَرَجَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ. يَعْنِي مِنَ النِّصْفَيْنِ جَمِيعاً.

فَمَا كَانَ مِنْ نُورِ عَلِيٍّ صَارَ فِي وُلْدِ الْحَسَنِ، وَ مَا كَانَ مِنْ نُورِي صَارَ فِي وُلْدِ الْحُسَيْنِ، فَهُوَ يَنْتَقِلُ فِي الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(3).

71/ 2 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

قَالَ: وَ حَدَّثَنِي أَيْضاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْحَسَنِيِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الثَّانِي (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ).

وَ حَدَّثَنِي أَيْضاً عَنْ مَنْصُورِ بْنِ ظَفَرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الْفَرْيَابِيِّ(4) الْمَخْصُوصِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ ثَلاَثِمِائَةٍ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ، قَالَ:

سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنْ مَوَالِيدِ الْأَئِمَّةِ وَ أَعْمَارِهِمْ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ).

وَ مَا حَدَّثَنِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْحَسَنِيِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ هُوَ الْحَادِي عَشَرَ، قَالَ:ي.

ص: 158


1- (بنا) ليس في «ط».
2- في «ط»: و اعاده إلى عليّ.
3- نوادر المعجزات: 1/80، علل الشّرائع: 11/208.
4- في «ع»: العرفاني.

وُلِدَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) يَوْمَ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَ فِيهَا كَانَتْ بَدْرٌ.

وَ بَعْدَ خَمْسِينَ لَيْلَةٍ مِنْ وِلاَدَةِ الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلِقَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَيْنِ، فَعَقَّ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَبْشاً، وَ حَلَقَ رَأْسَهُ، وَ أَمَرَ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِوَزْنِ شَعْرِهِ فِضَّةٌ.

وَ لَمَّا وُلِدَ أَهْدَى جَبْرَئِيلُ اسْمَهُ فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ.

وَ اشْتُقَّ اسْمُ الْحُسَيْنِ مِنِ اسْمِ الْحَسَنِ.

وَ كَانَ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ(1).

72/ 3 - وَ يُرْوَى أَيْضاً: أَنَّ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) لَمَّا وَلَدَتِ الْحَسَنَ جَاءَتْ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ: مَا أَحْسَنَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَسَمَّاهُ حَسَناً، فَلَمَّا وَلَدَتِ الْحُسَيْنَ قَالَتْ وَ قَدْ حَمَلَتْهُ: هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا. فَسَمَّاهُ حُسَيْناً(2).

رَجَعَ الْحَدِيثُ فَكَانَ مُقَامُهُ مَعَ جَدِّهِ سَبْعَ سِنِينَ، وَ مَعَ أَبِيهِ بَعْدَ جَدِّهِ ثَلاَثِينَ سَنَةً، وَ بَعْدَ أَبِيهِ أَيَّامُ إِمَامَتِهِ عَشْرُ سِنِينَ، وَ صَارَ إِلَى كَرَامَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) وَ قَدْ كَمَلَ عُمُرُهُ سَبْعاً وَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَ قُبِضَ فِي سَلْخِ صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ(3).

وَ رُوِيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ خَمْسِينَ.

وَ يُرْوَى: أَنَّهُ قُبِضَ وَ هُوَ ابْنُ سِتٍ وَ أَرْبَعِينَ سَنَةً(4).0.

ص: 159


1- قطعة منه في سنن التّرمذيّ 1519/99:4 و 3779/660:5، و الذّرّيّة الطّاهرة: 94/101 و 95 و 96، و الكافي 383:1، و علل الشّرائع: 9/139، معاني الأخبار: 8/58، الإرشاد: 187، إعلام الورى: 205 و 212، و تاريخ دمشق - ترجمة الإمام الحسن (عليه السّلام): 9/11 و: 60/33، و مناقب ابن شهرآشوب 28:4.
2- علل الشّرائع: 10/139، معاني الأخبار: 7/57، سير أعلام النبلاء 248:3.
3- تاريخ مواليد الائمة: 173، مناقب ابن شهرآشوب 28:4 و 29.
4- مقاتل الطّالبيّين: 50.

رَجَعَ الْحَدِيثُ وَ كَانَ سَبَبُ وَفَاتِهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَمَّهُ سَبْعِينَ مَرَّةً، فَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ السَّمُّ، فَأَرْسَلَ إِلَى امْرَأَتِهِ جَعْدَةَ ابْنَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ، وَ بَذَلَ لَهَا عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَ إِقْطَاعَ عَشْرِ ضِيَاعٍ مِنْ شِعْبِ سُورَا(1) ، وَ سَوَادِ الْكُوفَةِ، وَ ضَمِنَ لَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا يَزِيدَ ابْنَهُ، فَسَقَتِ الْحَسَنَ السُّمَّ فِي بُرَادَةِ الذَّهَبِ فِي السَّوِيقِ الْمُقَنَّدِ، فَلَمَّا اسْتَحْكَمَ فِيهِ السُّمُّ قَاءَ كَبِدَهُ.

وَ دَخَلَ عَلَيْهِ أَخُوهُ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي؟

فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ يَكُونُ مَنْ قَلْبُ كَبِدِهِ فِي الطَّسْتِ.

فَقَالَ لَهُ: مَنْ فَعَلَ بِكَ؟ لِأَنْتَقِمَ. قَالَ: إِذَنْ لاَ أُعْلِمُكَ.

وَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِأَخِيهِ الْحُسَيْنِ: إِذَا مِتُّ فَغَسِّلْنِي، وَ حَنِّطْنِي، وَ كَفِّنِّي، وَ صَلِّ عَلَيَّ، وَ احْمِلْنِي إِلَى قَبْرِ جَدِّي حَتَّى تُلْحِدَنِي إِلَى جَانِبِهِ، فَإِنْ مُنِعْتَ مِنْ ذَلِكَ فَبِحَقِّ جَدِّكَ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَبِيكَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ أُمِّكَ فَاطِمَةَ، وَ بِحَقِّي عَلَيْكَ إِنْ خَاصَمَكَ أَحَدٌ رُدَّنِي إِلَى الْبَقِيعِ، فَادْفِنِّي فِيهِ وَ لاَ تُهْرِقْ فِيَّ مِحْجَمَةَ(2) دَمٍ.

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَمْرِهِ وَ صَلَّى عَلَيْهِ وَ سَارَ بِنَعْشِهِ يُرِيدُ قَبْرَ جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِيُلْحِدَهُ مَعَهُ، بَلَغَ ذَلِكَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، طَرِيدَ رَسُولِ اللَّهِ، فَوَافَى(3) مُسْرِعاً عَلَى بَغْلَةٍ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الْحُسَيْنَ يُرِيدُ أَنْ يَدْفِنَ أَخَاهُ الْحَسَنَ عِنْدَ قَبْرِ جَدِّهِ، وَ وَ اللَّهِ لَئِنْ دَفَنَهُ مَعَهُ لَيَذْهَبَنَّ فَخْرُ أَبِيكَ وَ صَاحِبِهِ عُمَرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

فَقَالَتْ لَهُ: فَمَا أَصْنَعُ يَا مَرْوَانُ؟

قَالَ: تَلْحَقِي بِهِ وَ تَمْنَعِي(4) مِنَ الدُّخُولِ إِلَيْهِ.ه.

ص: 160


1- سورا: مدينة قرب الكوفة بها فواكه كثيرة و أعناب «أحسن التقاسيم: 105».
2- المحجمة: القارورة الّتي يجمع فيها دم الحجامة «المعجم الوسيط - حجم - 158:1».
3- في «ط»: فذهب.
4- في «ط»: الحقي و امنعيه.

قَالَتْ: فَكَيْفَ أَلْحَقُهُ؟

قَالَ: هَذَا بَغْلِي فَارْكَبِيهِ وَ الْحَقِي الْقَوْمَ قَبْلَ الدُّخُولِ(1).

فَنَزَلَ لَهَا عَنْ بَغْلِهِ، وَ رَكِبَتْهُ، وَ أَسْرَعَتْ إِلَى الْقَوْمِ، وَ كَانَتْ أَوَّلَ امْرَأَةٍ رَكِبَتْ السَّرْجَ(2) هِيَ، فَلَحِقَتْهُمْ وَ قَدْ صَارُوا إِلَى حَرَمِ قَبْرِ جَدِّهِمَا(3) رَسُولِ اللَّهِ، فَرَمَتْ بِنَفْسِهَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَ الْقَوْمِ، وَ قَالَتْ: وَ اللَّهِ، لاَ يُدْفَنُ الْحَسَنُ هَاهُنَا أَوْ تُحْلَقَ هَذِهِ وَ أَخْرَجَتْ نَاصِيَتَهَا بِيَدِهَا.

وَ كَانَ مَرْوَانُ لَمَّا رَكِبَتْ بَغْلَهُ جَمَعَ مَنْ كَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَ حَثَّهُمْ، فَأَقْبَلَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ وَ هُوَ يَقُولُ:

يَا رُبَّ هَيْجَا هِيَ خَيْرٌ مِنْ دَعَةٍ(4).

أَ يُدْفَنُ عُثْمَانُ فِي أَقْصَى الْبَقِيعِ وَ يُدْفَنُ الْحَسَنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ؟! وَ اللَّهِ، لاَ يَكُونُ ذَلِكَ(5) أَبَداً وَ أَنَا أَحْمِلُ السَّيْفَ.

وَ كَادَتِ الْفِتْنَةُ تَقَعُ، وَ عَائِشَةُ تَقُولُ: وَ اللَّهِ، لاَ يَدْخُلُ دَارِي مَنْ أَكْرَهُ.

فَقَالَ لَهَا الْحُسَيْنُ: هَذِهِ دَارُ رَسُولِ اللَّهِ، وَ أَنْتِ حَشِيَّةٌ(6) مِنْ تِسْعِ حَشَيَاتٍ خَلَّفَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ، وَ إِنَّمَا نَصِيبُكَ مِنَ الدَّارِ مَوْضِعُ قَدَمَيْكَ.

فَأَرَادَ بَنُو هَاشِمٍ الْكَلاَمَ وَ حَمَلُوا السِّلاَحَ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ(7): اللَّهَ اللَّهَ، لاَ تَفْعَلُوا فَتُضَيِّعُوا(8) وَصِيَّةَ أَخِي.ا.

ص: 161


1- (قبل الدّخول) ليس في «ع، م».
2- في «ط»: السّروج.
3- في «ط»: جدّهم.
4- الهيجاء: الحرب، الدّعة: السّكون و الرّاحة، انظر مجمع الأمثال 4711/421:2.
5- في «ط»: هذا.
6- الحشية: الفراش، و كأنّه (عليه السّلام) كنّى بها عن المرأة أو انه اراد بالحشية ما يحشى به، تكنية عن كونها دخيلة على الرّسول (صلّى اللّه عليه و آله) إلاّ بالزّوجيّة و هي غير صلة الرّحم و القرابة و كونها من أهل البيت (عليهم السّلام).
7- في «ط»: السّلاح، فمنعهم الحسين و قال.
8- في «ط»: ان تفعلوا و تضيّعوا.

وَ قَالَ لِعَائِشَةَ: وَ اللَّهِ، لَوْ لاَ أَنَّهُ(1) أَوْصَى إِلَيَّ أَلاَّ أُهْرِقَ فِيهِ مِحْجَمَةَ دَمٍ لَدَفَنْتُهُ هَاهُنَا وَ لَوْ رَغِمَ لِذَلِكَ أَنْفُكِ. وَ عَدَلَ بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ فَدَفَنَهُ فِيهِ مَعَ الْغُرَبَاءِ.

وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يَا حُمَيْرَاءُ، كَمْ لَنَا مِنْكِ؟! فَيَوْمٌ عَلَى جَمَلٍ، وَ يَوْمٌ عَلَى بَغْلٍ! فَقَالَتْ: إِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ يَوْمٌ عَلَى جَمَلٍ، وَ يَوْمٌ عَلَى بَغْلٍ، وَ اللَّهِ مَا(2) يَدْخُلُ الْحَسَنُ دَارِي.

وَ كَانَ مُدَّةُ مَرَضِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَرْبَعِينَ يَوْماً(3).

نَسَبُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ ابْنِ كِلاَبِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ ابْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةِ بْنِ الْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ بْنِ أُدِّ بْنِ أُدَدَ بْنِ الْهَمَيْسَعِ بْنِ أَشْعَبَ(4) بْنِ أَيْمَنَ(5) بْنِ نَبْتِ بْنِ قَيْدَارِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(6).

أَسْمَاؤُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

الْحَسَنُ، وَ سَمَّاهُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) فِي التَّوْرَاةِ شَبَراً.ا.

ص: 162


1- في «ط»: ان أبا محمّد.
2- في «ط»: لا.
3- مناقب ابن شهرآشوب 29:4. إرشاد المفيد: 192.
4- في «ع، م»: اشحب.
5- في «ع، م»: تيمن.
6- أسماء أجداد النّبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) من بعد عدنان مختلف فيها، انظر سيرة ابن هشام 1:1، مروج الذّهب 265:2، المجدي: 6 و غيرها.

وَ كَنَّاهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

أَبُو مُحَمَّدٍ وَ أَبُو الْقَاسِمِ.

وَ أَلْقَابُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

الزَّكِيُّ، وَ السِّبْطُ الْأَوَّلُ، وَ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ الْأَمِينُ، وَ الْحُجَّةُ، وَ التَّقِيُّ(1).

وَ أُمُّهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).

بَوَّابُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

سَفِينَةُ(2).

[نِسَاؤُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)] -

وَ تَزَوَّجَ سَبْعِينَ حُرَّةً، وَ مَلَكَ مِائَةً وَ سِتِّينَ أَمَةً فِي سَائِرِ عُمُرِهِ(3).

[نَقْشُ خَاتَمِةِ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ)]

وَ كَانَ لَهُ خَاتَمُ عَقِيقٍ أَحْمَرَ، نَقْشُهُ: (الْعِزَّةُ لِلَّهِ)(4) وَ خَاتَمٌ يَمَانِيٌّ نَقْشُهُ: (الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ)0.

ص: 163


1- مناقب ابن شهرآشوب 29:4، تذكرة الخواصّ: 193، كشف الغمّة 518:1 و 519. و من ألقابه أيضا: البرّ و الأثير و المجتبى و الزّاهد.
2- تاريخ مواليد الأئمّة: 32، مناقب ابن شهرآشوب 28:4، الفصول المهمّة: 153.
3- العدد القويّة: 14/352، و لم يسمّ المترجمون للامام الحسن (عليه السّلام) هدا العدد من النّساء، فابن سعد في ترجمة الامام (عليه السّلام) من (الطّبقات الكبرى) لم يسمّ غير ستّ نساء و أربع أمّهات أولاد، و المدائنيّ لم يعد له (عليه السّلام) غير عشر نساء. كما أن المصنّف لم يعد من أولاده غير اثني عشر، على ما يأتي، و هو ينافي كونه متزوّجا بسبعين امرأة. انظر: شرح ابن أبي الحديد 21:16، ترجمة الامام الحسن (عليه السّلام) من (الطّبقات الكبرى) تراثنا - العدد (11) ص 121 و 122.
4- الكافي 8/474:6، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 56:2، أمالي الصّدوق: 370.

وَ رُوِيَ أَنَّ مَنْ نَقَشَ عَلَى فَصِّ خَاتَمِهِ مِثْلَهُ، كَانَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ مَهِيباً مُصَدَّقاً عَظِيماً وَ الصَّلاَةُ فِيهِ بِسَبْعِينَ صَلاَةً.

ذِكْرُ وُلْدِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

عَبْدُ اللَّهِ، وَ الْقَاسِمُ، وَ الْحَسَنُ، وَ زَيْدٌ، وَ عُمَرُ، وَ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَ أَحْمَدُ، وَ إِسْمَاعِيلُ، وَ الْحَسَنُ(1) ، وَ عَقِيلٌ، وَ لَهُ ابْنَةٌ اسْمُهَا: أُمُّ الْحَسَنِ فَقَطْ(2).

ذكر معجزاته (عليه السلام):

73/ 4 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ ثُمَّ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: قَالَ عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ(3): سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ

ص: 164


1- تكرّر هنا اسم الحسن مرّتين، و في بعض التواريخ: بشر، و فيها عبد اللّه آخر بدل عبيد اللّه. أنظر إرشاد المفيد: 194 و تاريخ أهل البيت: 100.
2- تاريخ مواليد الائمة و وفياتهم: 174، مناقب ابن شهرآشوب 29:4.
3- قال النّجاشيّ في ترجمة محمّد بن الحسن بن عبد اللّه الجعفريّ: روى عنه البلويّ، و البلويّ، رجل ضعيف مطعون عليه. و في ترجمة عمارة بن زيد قال: لا يعرف من أمره غير هذا، و ذكر الحسين بن عبيد اللّه أنّه سمع بعض اصحابنا يقول: سئل عبد اللّه بن محمّد البلويّ: من عمارة بن زيد هذا الّذي حدّثك؟ قال: رجل نزل من السّماء حدّثني ثمّ عرج. و يمكن حمل قوله «رجل نزل من السّماء حدّثني ثمّ عرج» على التهكم و الاستهجان للسّائل، لأنّ عمارة بن زيد مترجم له في كتب الرّجال و ليس شخصا مختلفا أو خياليا. و قال العلاّمة في القسم الثّاني من الخلاصة في ترجمة عبد اللّه بن محمّد البلويّ: قال الشّيخ الطّوسيّ: كان واعظا فقيها و لم ينصّ على تعديله و لا على جرحه، و قال النّجاشيّ: إنّه ضعيف. و قال ابن الغضائريّ: كذّاب وضاع للحديث لا يلتفت إلى حديثه و لا يعبأ به. و في القسم الثّاني من رجال ابن داود في ترجمة عبد اللّه بن محمّد البلويّ: قال أصحابنا: هو اسم ليس تحته أحد، و عمارة بن زيد أو أبو زيد الخيواني المدنيّ حليف الأنصار. -.

يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ(1) يَقُولُ:

كَانَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) طِفْلَيْنِ يَلْعَبَانِ، فَرَأَيْتُ الْحَسَنَ وَ قَدْ صَاحَ بِنَخْلَةٍ، فَأَجَابَتْهُ بِالتَّلْبِيَةِ، وَ سَعَتْ إِلَيْهِ كَمَا يَسْعَى الْوَلَدُ إِلَى وَالِدِهِ(2).

74/ 5 - وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ(3)نوادر المعجزات: 3/100، مدينة المعاجز 9/203.(4) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ سَلَمَةَ(5) ، قَالَ:

رَأَيْتُ الْحَسَنَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَدْ أَخْرَجَ مِنْ صَخْرَةٍ عَسَلاً مَاذِيّاً(6) ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أَ تُنْكِرُونَ لاِبْنِي هَذَا؟! إِنَّهُ سَيِّدٌ ابْنُ سَيِّدٍ(7) ، يُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ، وَ يُطِيعُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ فِي سَمَائِهِ، وَ أَهْلُ الْأَرْضِ فِي أَرْضِهِ(8).3.

ص: 165


1- هو محمّد بن إسحاق بن يسار المطلبي (80-151 ه) صاحب السيرة، و الراوي عنه أبو إسحاق إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، و الأرجح وجود سقط بعد محمّد بن إسحاق، لأنّه لم ير الحسن و الحسين (عليهما السلام) و لا عاصرهما و قد عدّ من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق (عليهما السلام)، انظر سير أعلام النبلاء 33:7، و معجم رجال الحديث 73:15 و 76.
2- نوادر المعجزات: 1/100، مدينة المعاجز 6/203.
3- و قد ترجم ابن حجر في لسان الميزان لعبد اللّه بن محمد البلوي و ضعّفه، رجال النجاشي: 884/324 و: 827/303، فهرست الطوسي: 433/103، رجال ابن داود: 288/255، الخلاصة: 14/236، لسان الميزان
4- : 338، معجم رجال الحديث 303:10 و 274:12.
5- كذا في النسخ، و لم نعثر له على ذكر في أصحاب رسول اللّه أو الحسن (صلوات اللّه عليهما)، و قد روى الأعمش عن رجل يدعى (تميم بن سلمة) و هو معدود من الصحابة، فلعله هو، راجع أسد الغابة 217:1، تهذيب الكمال 12: 77.
6- الماذيّ: العسل الأبيض «لسان العرب - مذى - 275:15».
7- في «ع، م»: سيد الأولين، و ابن سيد و سيد.
8- مدينة المعاجز: 7/203.

75/ 6 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ابْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:

أَخْبَرَنَا أَبُو(1) عَرُوبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ:

رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)، وَ هُوَ طِفْلٌ، وَ الطَّيْرُ تُظِلُّهُ، وَ رَأَيْتُهُ يَدْعُو الطَّيْرَ فَتُجِيبُهُ(2).

76/ 7 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَرْوَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:

رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) وَ قَدْ عَلاَ فِي الْهَوَاءِ، وَ غَابَ فِي السَّمَاءِ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلاَثاً ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ الثَّلاَثِ وَ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَ الْوَقَارُ، فَقَالَ: بِرُوحِ آبَائِي نِلْتُ مَا نِلْتُ(3).

77/ 8 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ثَقِيفٌ الْبَكَّاءُ، قَالَ:

رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ مُعَاوِيَةَ، وَ قَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ حُجْرُ ابْنُ عَدِيٍّ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ(4).

فَقَالَ: مَهْ، مَا كُنْتُ مُذِلَّهُمْ، بَلْ أَنَا مُعِزُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَ إِنَّمَا أَرَدْتُ الْبَقَاءَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ ضَرَبَ بِرِجْلِهِ فِي فُسْطَاطِهِ، فَإِذَا أَنَا فِي ظَهْرِ الْكُوفَةِ، وَ قَدْ خَرَجَ(5) إِلَى دِمَشْقَ وَ مِصْرَ حَتَّى رَأَيْنَا(6) عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِمِصْرَ، وَ مُعَاوِيَةَ بِدِمَشْقَ، وَ قَالَ: لَوْ شِئْتُ لَنَزَعْتُهُمَا، وَ لَكِنْ هَاهْ هَاهْ، مَضَى مُحَمَّدٌ عَلَى مِنْهَاجٍ، وَ عَلِيٌّ عَلَى مِنْهَاجٍ، وَ أَنَا أُخَالِفُهُمَا؟! لاَ يَكُونُ ذَلِكَ مِنِّي(7).3.

ص: 166


1- في «ع، م»: عن أبي.
2- نوادر المعجزات: 2/100، مدينة المعاجز: 8/203.
3- نوادر المعجزات: 3/100، مدينة المعاجز 9/203.
4- الثابت عند الفريقين أنّ قائلها هو سفيان بن أبي ليلى الهمداني، انظر رجال الكشي: 178/111. الاختصاص: 82، مقاتل الطالبيين: 44، شرح النهج 44:16.
5- في «ع و م»: خرق.
6- في «ع و م» دمشق و مضى حتى رأينا.
7- نوادر المعجزات: 4/101، مدينة المعاجز: 10/203.

78/ 9 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ:

رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ خَرَجَ مَعَ قَوْمٍ يَسْتَسْقُونَ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكُمْ: الْمَطَرُ أَمِ الْبَرْدُ أَمِ اللُّؤْلُؤُ؟

فَقَالُوا: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَحْبَبْتَ.

فَقَالَ: عَلَى أَنْ لاَ يَأْخُذَ أَحَدٌ مِنْكُمْ لِدُنْيَاهُ شَيْئاً. فَأَتَاهُمْ بِالثَّلاَثِ.

وَ رَأَيْنَاهُ يَأْخُذُ الْكَوَاكِبَ مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُرْسِلُهَا، فَتَطِيرُ كَمَا تَطِيرُ الْعَصَافِيرُ(1) إِلَى مَوَاضِعِهَا(2).

79/ 10 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ:

حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ إِيَاسٍ، قَالَ:

كُنْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) وَ هُوَ صَائِمٌ، وَ نَحْنُ نَسِيرُ مَعَهُ إِلَى الشَّامِ، وَ لَيْسَ مَعَهُ زَادٌ وَ لاَ مَاءٌ وَ لاَ شَيْ ءٌ، إِلاَّ مَا هُوَ عَلَيْهِ رَاكِبٌ.

فَلَمَّا أَنْ غَابَ الشَّفَقُ وَ صَلَّى الْعِشَاءَ، فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَ عُلِّقَ فِيهَا الْقَنَادِيلُ، وَ نَزَلَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَ مَعَهُمْ الْمَوَائِدُ وَ الْفَوَاكِهُ وَ طُسُوتٌ وَ أَبَارِيقُ، فَنُصِبَتِ الْمَوَائِدُ(3) ، وَ نَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلاً، فَأَكَلْنَا(4) مِنْ كُلِّ حَارٍّ وَ بَارِدٍ حَتَّى امْتَلَأْنَا وَ امْتَلَأَ، ثُمَّ رُفِعَتْ عَلَى هَيْئَتِهَا لَمْ تَنْقُصْ(5).

80/ 11 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ فَقِيرُ بْنُ(6) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنِ [ابْنِ](7) الْأَشْعَثِ، قَالَ:ث.

ص: 167


1- في «ع، م»: يسيبها فتطير كالعصافير.
2- نوادر المعجزات: 5/101، إثبات الهداة 24/156:5، مدينة المعاجز: 11/204.
3- في «م»: و الموائد تنصب.
4- في «ع، م»: فنقل.
5- نوادر المعجزات: 6/102، إثبات الهداة 25/156:5، مدينة المعاجز: 12/204.
6- في «ط»: الأعمش، عن.
7- اثبتناه من إثبات الهداة، و يؤيّده ما يأتي في متن الحديث.

كُنْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) حِينَ حُوصِرَ عُثْمَانُ فِي الدَّارِ، وَ أَرْسَلَهُ أَبُوهُ لِيُدْخِلَ إِلَيْهِ الْمَاءَ، فَقَالَ لِي: يَا بْنَ الْأَشْعَثِ، السَّاعَةَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَنْ يَقْتُلُهُ، وَ إِنَّهُ لاَ يُمْسِي. فَكَانَ كَذَلِكَ(1) ، مَا أَمْسَى يَوْمَهُ ذَلِكَ(2).

81/ 12 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ:

رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يَوْمَ الدَّارِ وَ هُوَ يَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ مَنْ يَقْتُلُ عُثْمَانَ. فَسَمَّاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَ كَانَ أَهْلُ الدَّارِ يُسَمُّونَهُ الْكَاهِنَ(3).

82/ 13 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِجَارَةَ، قَالَ(4):

رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) وَ قَدْ مَرَّتْ بِهِ صُرَيْمَةٌ(5) مِنَ الظِّبَاءِ، فَصَاحَ بِهِنَّ، فَأَجَابَتْهُ كُلُّهَا بِالتَّلْبِيَةِ حَتَّى أَتَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ.

فَقُلْنَا: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، هَذَا وَحْشٌ، فَأَرِنَا آيَةً مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ.

فَأَوْمَأَ نَحْوَ السَّمَاءِ، فَفُتِحَتِ الْأَبْوَابُ، وَ نَزَلَ نُورٌ حَتَّى أَحَاطَ بِدُورِ الْمَدِينَةِ، وَ تَزَلْزَلَتِ الدُّورُ حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَخْرُبَ.

فَقُلْنَا: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ رُدَّهَا.

فَقَالَ لِي: نَحْنُ الْأَوَّلُونَ وَ(6) الْآخِرُونَ، وَ نَحْنُ الْآمِرُونَ، وَ نَحْنُ النُّورُ، نُنَوِّرُ الرُّوحَانِيِّينَ، نُنَوِّرُ بِنُورِ اللَّهِ، وَ نُرَوِّحُ(7) بِرُوحِهِ، فِينَا مَسْكَنُهُ، وَ إِلَيْنَا مَعْدِنُهُ، الْآخِرُ مِنَّام.

ص: 168


1- في «ط» زيادة: حتّى قتل في يومه و.
2- إثبات الهداة 26/157:5، مدينة المعاجز: 13/204.
3- نوادر المعجزات: 7/102، إثبات الهداة 27/157:5، مدينة المعاجز: 14/204.
4- في «ع»: الاعمش، قال: قال محمّد بن صالح، و كأنّه تكرار لسند الحديث السّابق.
5- الصريمة: تصغير الصرمة، و هي القطيع من الأبل و الغنم، قيل هي من العشرين إلى الثّلاثين و الأربعين «النّهاية - صرم - 27:3».
6- (الاولون و) ليس في «ع، م».
7- في «ط»: و نروحهم.

كَالْأَوَّلِ، وَ الْأَوَّلُ مِنَّا كَالْآخِرِ(1).

83/ 14 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ): أُحِبُّ أَنْ تُرِيَنِي مُعْجِزَةً نَتَحَدَّثُ بِهَا عَنْكَ؛ وَ نَحْنُ(2) فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ.

فَضَرَبَ بِرِجْلِهِ الْأَرْضَ حَتَّى أَرَانِي الْبُحُورَ وَ مَا يَجْرِي فِيهَا مِنَ السُّفُنِ، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ سَمَكِهَا فَأَعْطَانِيهِ، فَقُلْتُ لاِبْنِي مُحَمَّدِ: احْمِلْ إِلَى الْمَنْزِلِ؛ فَحَمَلَ فَأَكَلْنَا مِنْهُ ثَلاَثاً(3).

84/ 15 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْقَاسِمِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ الْكِلاَبِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ:

كُنْتُ بِمَكَّةَ(4) وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) بِهَا، فَسَأَلْنَاهُ أَنْ يُرِيَنَا مُعْجِزَةً لِنَتَحَدَّثَ بِهَا عِنْدَنَا بِالْكُوفَةِ، فَرَأَيْتُهُ وَ قَدْ تَكَلَّمَ وَ رُفِعَ الْبَيْتُ حَتَّى عَلاَ بِهِ فِي الْهَوَاءِ(5) ، وَ أَهْلُ مَكَّةَ يَوْمَئِذٍ غَافِلُونَ مُنْكِرُونَ(6) ، فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ: سَاحِرٌ. وَ مِنْ قَائِلٍ يَقُولُ: أُعْجُوبَةٌ. فَجَازَ خَلْقٌ كَثِيرٌ تَحْتَ الْبَيْتِ، وَ الْبَيْتُ فِي الْهَوَاءِ، ثُمَّ رَدَّهُ(7).

85/ 16 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سُوَيْدٍ الْأَزْرَقِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مُنْقِذٍ، قَالَ:

رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) بِمَكَّةَ وَ هُوَ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ، وَ قَدْ رُفِعَ الْبَيْتُ - أَوْ قَالَ: حُوِّلَ - فَتَعَجَّبْنَا مِنْهُ، فَكُنَّا نُحَدِّثُ وَ لاَ نُصَدَّقُ، حَتَّى رَأَيْنَاهُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ4.

ص: 169


1- نوادر المعجزات: 8/103، إثبات الهداة 28/157:5، مدينة المعاجز: 15/204.
2- في «ط»: كنّا.
3- نوادر المعجزات: 9/103، إثبات الهداة 29/158:5، مدينة المعاجز: 16/204.
4- في «م، ط»: بالكوفة.
5- في «ط»: فرفع بنا الموضع حتّى رأينا البيت الحرام.
6- في «ط»: معتمرون مكبرون.
7- في «ط»: مكبرون ثمّ ردّنا إلى الموضع، فمن قال: سحر، و من قال: اعجوبة من المعاجز. نوادر المعجزات: 10/104، إثبات الهداة 30/158:5، مدينة المعاجز: 17/204.

بِالْكُوفَةِ، فَحَدَّثْنَاهُ(1): يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أَ لَسْتَ فَعَلْتَ كَذَا وَ كَذَا؟!

فَقَالَ: لَوْ شِئْتُ لَحَوَّلْتُ مَسْجِدَكُمْ هَذَا إِلَى فَمِ بَقَّةَ(2) ، وَ هُوَ مُلْتَقَى النَّهْرَيْنِ: نَهَرِ الْفُرَاتِ، وَ النَّهَرِ الْأَعْلَى.

فَقُلْنَا: افْعَلْ. فَفَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَدَّهُ، فَكُنَّا نُصَدِّقُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْكُوفَةِ بِمُعْجِزَاتِهِ(3).

86/ 17 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ اللَّيْثُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ مُوسَى الشَّيْبَانِيُّ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَبْرَئِيلَ، قَالَ:

رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) وَ قَدِ اسْتَسْقَى مَاءِ، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ(4) ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْ سَارِيَةٍ الْمَسْجِدِ مَاءً فَشَرِبَ وَ سَقَى أَصْحَابَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ شِئْتُ لَسَقْيُتُكُمْ لَبَناً وَ عَسَلاً.

فَقُلْنَا: فَاسْقِنَا. فَسَقَانَا لَبَناً وَ عَسَلاً مِنْ سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ، مُقَابِلَ الرَّوْضَةِ الَّتِي فِيهَا قَبْرُ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)(5).

87/ 18 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحْرِزٍ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَامَانَ، قَالَ:

رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) يُنَادِي الْحَيَّاتِ فَتُجِيبُهُ، وَ يَلُفُّهَا(6) عَلَى يَدِهِ وَ عُنُقِهِ وَ يُرْسِلُهَا.

قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ عُمَرَ: أَنَا أَفْعَلُ ذَلِكَ. فَأَخَذَ حَيَّةً فَلَفَّهَا عَلَى يَدِهِ، فهرمته(7) حَتَّى مَاتَ(8).4.

ص: 170


1- في «ط»: فقلنا.
2- بقّة: مدينة على شاطئ الفرات، هي حدّ العراق. معجم ما استعجم 264:1.
3- نوادر المعجزات: 11/104، إثبات الهداة 31/158:5، مدينة المعاجز: 18/204.
4- في «ع، م»: السّؤل. و السّؤل: ما سألته.
5- نوادر المعجزات: 12/104، إثبات الهداة 32/159:5، مدينة المعاجز: 19/204.
6- في «ط»: فتجيئه فيلفها.
7- هرّمته: أي قطّعته، انظر «لسان العرب - هرم - 607:12».
8- نوادر المعجزات: 13/105، إثبات الهداة 33/159:5، مدينة المعاجز 20/204.

88/ 19 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ كُدَيْرِ بْنِ أَبِي كُدَيْرٍ، قَالَ:

شَهِدْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَ هُوَ يَأْخُذُ الرِّيحَ فَيَحْبِسُهَا فِي كَفِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْنَ تُرِيدُونَ أَنْ أُرْسِلَهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَحْوَ بَيْتِ فُلاَنٍ وَ فُلاَنٍ. فَيُرْسِلُهَا ثُمَّ يَدْعُوهَا فَتَرْجِعُ(1).

89/ 20 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ، قَالَ: قَالَ عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مِسْعَرٍ، كِلاَهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ صَاحِبِ الْمَغَازِي، عَنْ(2) عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:

مَرَّتْ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) بَقَرَةٌ، فَقَالَ: هَذِهِ حُبْلَى بِعِجْلَةٍ أُنْثَى، لَهَا غُرَّةٌ فِي جَبْهَتِهَا، وَ رَأْسُ ذَنَبِهَا أَبْيَضُ.

فَانْطَلَقْنَا مَعَ الْقَصَّابِ حَتَّى ذَبَحَهَا فَوَجَدْنَا الْعِجْلَةَ كَمَا وَصَفَ عَلَى صُورَتِهَا، فَقُلْنَا لَهُ: أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) يَقُولُ: وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ (3) فَكَيْفَ عَلِمْتَ هَذَا؟

فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنَّا نَعْلَمُ الْمَكْنُونَ الْمَخْزُونَ الْمَكْتُومَ، الَّذِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ غَيْرُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ ذُرِّيَّتِهِ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ)(4).

90/ 21 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّصِيبِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِرُّ بْنُ كَامِلٍ، عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ مُحَمَّدِ بْنِ نَوْفَلٍ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) وَ قَدْ أُوتِيَ بِظَبْيَةٍ، فَقَالَ: هِيَ حُبْلَى بِخِشْفَيْنِ إِنَاثٍ، إِحْدَاهُمَا فِي عَيْنِهَا عَيْبٌ(5) ، فَذَبَحَهَا فَوَجَدْنَاهُمَا كَذَلِكَ(6).

91/ 22 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ قُدَامَةَ5.

ص: 171


1- إثبات الهداة 34/159:5، مدينة المعاجز: 21/204.
2- في «ع، م»: قال عمّه.
3- لقمان 34:31.
4- نوادر المعجزات: 14/105، فرج المهموم: 223، إثبات الهداة 35/160:5، مدينة المعاجز: 22/204.
5- في «ع، م»: غيد.
6- نوادر المعجزات: 15/106، إثبات الهداة 36/160:5، مدينة المعاجز: 23/205.

ابْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: إِنِّي مَعَ الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِعَرَفَاتٍ، وَ مَعَهُ قَضِيبٌ وَ هُنَاكَ أُجَرَاءُ يَحْرُثُونَ، فَكُلَّمَا هَمُّوا بِالْمَاءِ أَجْبَلَ(1) عَلَيْهِمْ، فَضَرَبَ بِقَضِيبِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ، فَنَبَعَ لَهُمْ مِنْهَا مَاءٌ، وَ اسْتَخْرَجَ لَهُمْ طَعَاماً(2).

92/ 23 - وَ رَوَى حُمَيْدُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ لِأَخِيهِ الْحُسَيْنِ ذَاتَ يَوْمٍ، وَ بِحَضْرَتِهِمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: إِنَّ هَذَا الطَّاغِيَةَ - يَعْنِي مُعَاوِيَةَ - بَاعِثٌ إِلَيْكُمْ بِجَوَائِزِكُمْ فِي رَأْسِ الْهِلاَلِ. فَمَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ؟

قَالَ الْحُسَيْنُ: إِنَّ عَلَيَّ دَيْناً، وَ أَنَا بِهِ مَغْمُومٌ، فَإِنْ أَتَانِي اللَّهُ بِهِ قَضَيْتُ دَيْنِي.

فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ الْهِلاَلِ وَافَاهُمُ الْمَالُ، فَبَعَثَ إِلَى الْحَسَنِ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَ بَعَثَ إِلَى الْحُسَيْنِ بِتِسْعِمَائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَ بَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ بِخَمْسِمَائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: مَا تَقَعُ هَذِهِ مِنْ دَيْنِي؟ وَ مَا فِيهَا قَضَاءُ دَيْنِي وَ لاَ مَا أُرِيدُ.

فَأَمَّا الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَخَذَهَا وَ قَضَى دَيْنَهُ، وَ أَمَّا الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَخَذَهَا وَ قَضَى دَيْنَهُ، وَ قَسَمَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَ مَوَالِيهِ، وَ فَضَلَ الْبَاقِي أَنْفَقَهُ فِي يَوْمِهِ، وَ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ جَعْفَرٍ فَقَضَى دَيْنَهُ، وَ فَضَلَتْ لَهُ عَشَرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَهَا إِلَى الرَّسُولِ الَّذِي جَاءَ بِالْمَالِ.

فَسَأَلَ مُعَاوِيَةُ رَسُولَهُ: مَا فَعَلَ الْقَوْمُ بِالْمَالِ؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ الْقَوْمُ بِأَمْوَالِهِمْ(3).

93/ 24 - وَ رَوَى أَبُو أُسَامَةَ زَيْدٌ الشَّحَّامُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

خَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى مَكَّةَ سَنَةً مِنَ السِّنِينَ حَاجّاً حَافِياً(4) ، فَوَرِمَتْ قَدَمَاهُ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَوَالِيهِ: لَوْ رَكِبْتَ لَسَكَنَ عَنْكَ بَعْضُ هَذَا الْوَرَمِ الَّذِي بِرِجْلَيْكَ.».

ص: 172


1- أجبل القوم: إذا حفروا فبلغوا المكان الصّلب «الصّحاح - جبل - 1650:4».
2- إثبات الهداة 37/160:5، مدينة المعاجز: 24/205.
3- إثبات الهداة 38/160:5، مدينة المعاجز: 25/205.
4- (حاجّا حافيا) ليس في «ع، م».

قَالَ: كَلاَّ، وَ لَكِنْ إِذَا أَتَيْتَ الْمَنْزِلَ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُكَ أَسْوَدُ، مَعَهُ دُهْنٌ لِهَذَا الدَّاءِ(1) ، فَاشْتَرِهِ مِنْهُ وَ لاَ تُمَاكِسْهُ.

فَقَالَ مَوْلاَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، لَيْسَ أَمَامَنَا مَنْزِلٌ فِيهِ أَحَدٌ يَبِيعُ هَذَا الدَّوَاءَ! قَالَ:

بَلَى، إِنَّهُ أَمَامَكَ دُونَ الْمَنْزِلِ.

فَسَارَ أَمْيَالاً فَإِذَا الْأَسْوَدُ قَدْ اسْتَقْبَلَهُمْ(2) ، فَقَالَ الْحَسَنُ لِمَوْلاَهُ: دُونَكَ الرَّجُلَ(3) ، فَخُذْ مِنْهُ الدُّهْنَ وَ أَعْطِهِ ثَمَنَهِ.

فَقَالَ الْأَسْوَدُ لِلْمَوْلَى(4): وَيْحَكَ يَا غُلاَمُ لِمَنْ أَرَدْتَ هَذَا الدُّهْنَ؟! قَالَ: لِلْحَسَنِ ابْنِ عَلِيٍّ. فَقَالَ: انْطَلِقْ بِي إِلَيْهِ.

فَأَخَذَ بِيَدِهِ حَتَّى أَدْخَلَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ بِأَبِي وَ أُمِّي، لَمْ أَعْلَمْ أَنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَ لاَ أَنَّهُ دَوَاءٌ لَكَ، وَ لَسْتُ آخُذُ لَهُ ثَمَناً إِنَّمَا أَنَا مَوْلاَكَ، وَ لَكِنِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي ذَكَراً سَوِيّاً يُحِبُّكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِنِّي خَلَّفْتُ امْرَأَتِي وَ قَدْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ تَمْخَضُ.

قَالَ: انْطَلِقْ إِلَى مَنْزِلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) قَدْ وَهَبَ لَكَ ذَكَراً سَوِيّاً، وَ هُوَ لَنَا شِيعَةٌ.

فَرَجَعَ الْأَسْوَدُ مِنْ فَوْرِهِ، فَإِذَا أَهْلُهُ قَدْ وَضَعَتْ غُلاَماً سَوِيّاً، فَرَجَعَ إِلَى الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، وَ دَعَا لَهُ، وَ قَالَ لَهُ خَيْراً.

وَ مَسَحَ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) رِجْلَيْهِ بِذَلِكَ الدُّهْنِ، فَمَا بَرِحَ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى سَكَنَ مَا بِهِ وَ مَشَى عَلَى قَدَمَيْهِ(5).

94/ 25 - وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: جَاءَ أُنَاسٌ إِلَى الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالُوا لَهُ: أَرِنَا مَا عِنْدَكَ1.

ص: 173


1- في «ع، م»: بهذا الدّوح، و لعلّها تصحيف، لهذا الورم.
2- في «ع، م»: أستقبله.
3- في «ط»: الأسود.
4- (للمولى) ليس في «ع، م».
5- الكافي 6/385:1، الهداية الكبرى: 194، إثبات الوصيّة: 135، الخرائج و الجرائح 4/239:1، الثّاقب في المناقب: 263/314، كشف الغمّة 557:1، حلية الأبرار 521:1.

مِنْ عَجَائِبِ أَبِيكَ الَّتِي كَانَ يُرِينَاهَا. قَالَ: وَ تُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ؟ قَالُوا كُلُّهُمْ: نَعَمْ، نُؤْمِنُ بِهِ وَ اللَّهِ.

قَالَ: فَأَحْيَا لَهُمْ مَيِّتاً بِإِذْنِ اللَّهِ (تَعَالَى)، فَقَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ: نَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً، وَ أَنَّهُ كَانَ يُرِينَا مِثْلَ هَذَا كَثِيراً(1).

95/ 26 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ الطَّبَرِسْتَانِيِّ(2) قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ: أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ مَعَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَجَلَسَ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلَهُ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَ اللِّبَاسِ، فَسَلَّمَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلاَثِ مَسَائِلَ، إِنْ أَجَبْتَنِي عَنْهُنَّ عَلِمْتُ أَنَّ الْقَوْمَ(3) رَكِبُوا مِنْكَ مَا حُظِرَ عَلَيْهِمْ، وَ ارْتَكَبُوا إِثْماً يُوبِقُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَ آخِرَتِهِمْ، وَ إِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى عَلِمْتُ أَنَّكَ وَ هُمْ شِرْعٌ(4).

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ.

قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الرَّجُلِ إِذَا نَامَ أَيْنَ تَذْهَبُ رُوحُهُ؟ وَ عَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يَذْكُرُ وَ يَنْسَى؟ وَ عَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يُشْبِهُ وَلَدُهُ الْأَعْمَامَ وَ الْأَخْوَالَ؟ فَالْتَفَتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَجِبْهُ.

فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَمَّا مَا سَأَلْتَ مِنْ أَمْرِ الرَّجُلِ(5) أَيْنَ تَذْهَبُ رُوحُهُ إِذَا نَامَ(6) ، فَإِنْ رُوحَهُ مُعَلَّقَةٌ بِالرِّيحِ، وَ الرِّيحُ مُعَلَّقَةٌ بِالْهَوَاءِ إِلَى وَقْتِ مَا يَتَحَرَّكُ صَاحِبُهَا لِلْيَقَظَةِ،».

ص: 174


1- نوادر المعجزات 16/106، الثّاقب في المناقب: 256/305، إثبات الهداة 39/161:5.
2- في «ع، م»: الطوستاني.
3- أراد المخالفين لأمير المؤمنين (عليه السّلام).
4- أيّ متساوون، لا فضل لأحدكم على الآخر «لسان العرب - شرع - 178:8».
5- في «ع، م»: الانسان.
6- (إذا نام) ليس في «ع، م».

فَإِنْ أَذِنَ اللَّهُ بِرَدِّ الرُّوحِ إِلَى صَاحِبِهَا جَذَبَتْ تِلْكَ الرُّوحُ(1) الرِّيحَ، وَ جَذَبَتْ تِلْكَ الرِّيحُ الْهَوَاءَ، فَرَجَعَتِ الرُّوحُ فَأُسْكِنَتْ فِي بَدَنِ صَاحِبِهَا؛ وَ إِنْ لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ بِرَدِّ تِلْكَ الرُّوحِ عَلَى صَاحِبِهَا جَذَبَ الْهَوَاءُ الرِّيحَ، فَجَذَبَتِ الرِّيحُ الرُّوحَ، فَلَمْ تُرَدَّ إِلَى صَاحِبِهَا إِلَى وَقْتِ مَا يُبْعَثُ.

وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ(2) مِنْ أَمْرِ الذِّكْرِ وَ النِّسْيَانِ، فَإِنَّ قَلْبَ الرَّجُلِ فِي حُقٍّ، وَ عَلَى الْحُقِّ طَبَقٌ، فَإِنْ صَلَّى عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلاَةً تَامَّةً انْكَشَفَ ذَلِكَ الطَّبَقُ عَنْ ذَلِكَ الْحُقِّ، فَانْفَتَحَ الْقَلْبُ وَ ذَكَرَ الرَّجُلُ مَا كَانَ نَسِيَ؛ وَ إِنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، أَوْ انْتَقَصَ مِنَ الصَّلاَةِ عَلَيْهِمُ، انْطَبَقَ ذَلِكَ الطَّبَقُ فَأَظْلَمَ الْقَلْبُ، وَ نَسِيَ الرَّجُلُ مَا كَانَ ذَكَرَ.

وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ الْمَوْلُودِ يُشْبِهُ أَعْمَامَهُ وَ أَخْوَالَهُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ يُجَامِعُهَا بِقَلْبٍ سَاكِنٍ، وَ عُرُوقٍ هَادِئَةٍ، وَ بَدَنٍ غَيْرِ مُضْطَرِبٍ، أُسْكِنَتْ تِلْكَ النُّطْفَةُ فِي جَوْفِ الرَّحِمِ وَ خَرَجَ الْوَلَدُ يُشْبِهُ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ؛ وَ إِنْ هُوَ أَتَاهَا بِقَلْبٍ غَيْرِ سَاكِنٍ، وَ عُرُوقٍ غَيْرِ هَادِئَةٍ، وَ بَدَنٍ مُضْطَرِبٍ، اضْطَرَبَتِ النُّطْفَةُ، وَ وَقَعَتْ فِي اضْطِرَابِهَا عَلَى بَعْضِ الْعُرُوقِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى عِرْقٍ مِنْ عُرُوقِ الْأَعْمَامِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَعْمَامَهُ، وَ إِنْ وَقَعَتْ عَلَى عِرْقٍ مِنْ عُرُوقِ الْأَخْوَالِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ. فَقَالَ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَ لَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) رَسُولُهُ، وَ لَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِهِ(3) ، الْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ (وَ أَشَارَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ لَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّهُ، الْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ (وَ أَشَارَ إِلَى الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ أَشْهَدُ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ابْنُكَ، الْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ بَعْدَ أَخِيهِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الْقَائِمُ بِأَمْرِ الْحُسَيْنِ، وَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ أَشْهَدُ أَنْ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ الْقَائِمُ بِأَمْرِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ أَشْهَدُ أَنْ عَلِيَّه.

ص: 175


1- في «ط» زيادة: إلى صاحبها.
2- في «ط»: سألت.
3- في «ع»: وصيّه.

ابْنَ مُوسَى الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ رَجُلاً مِنْ وُلْدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ لاَ يُسَمَّى وَ لاَ يُكَنَّى حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُهُ، فَيَمْلَأَهَا قِسْطاً وَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، وَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

وَ قَامَ فَمَضَى، فَقَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): اتَّبِعْهُ فَانْظُرْ أَيْنَ يَقْصِدُ؟

قَالَ: فَخَرَجَ الْحَسَنُ فِي أَثَرِهِ.

قَالَ: فَمَا كَانَ إِلاَّ أَنْ وَضَعَ رِجْلَهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، فَمَا أَدْرِي أَيْنَ أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَعْلَمْتُهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَ تَعْرِفُهُ؟

قُلْتُ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ.

قَالَ: هُوَ الْخَضِرُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(1).

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً.4.

ص: 176


1- المحاسن 99/332:2 نحوه، الكافي 1/44:1، الإمامة و التبصرة: 93/106، غيبة النعماني: 2/58، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 35/65:1، كمال الدين و تمام النعمة: 1/313، علل الشرائع: 6/96، غيبة الطوسي: 114/154، إعلام الورى: 404.

أبو عبد اللّه الحسين بن عليّ (عليه السلام)

معرفة ولادته

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الثَّلاَثَاءِ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلاَثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ(1) ، وَ عَلِقَتْ بِهِ أُمُّهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ، بَعْدَ مَا وَلَدَتِ الْحَسَنَ أَخُوهُ بِخَمْسِينَ لَيْلَةً، وَ حَمَلَتْ بِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْهُ، وَ لَمْ يُولَدْ مَوْلُودٌ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ غَيْرُ الْحُسَيْنِ وَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، وَ قِيلَ: يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا(2).

وَ كَانَ مُقَامُهُ مَعَ جَدِّهِ سِتَّ سِنِينَ وَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَ بَعْدَ جَدِّهِ مَعَ أَبِيهِ تِسْعاً وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَ مَعَ أَخِيهِ بَعْدَ أَبِيهِ عَشَرَ سِنِينَ وَ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ، وَ بَعْدَ أَخِيهِ أَيَّامُ إِمَامَتِهِ بَقِيَّةُ مُلْكِ مُعَاوِيَةَ وَ مِنْ أَيَّامِ يَزِيدَ وَ هِيَ عَشْرُ سِنِينَ وَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ؛ وَ صَارَ إِلَى كَرَامَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) وَ قَدْ كَمَلَ عُمُرُهُ سَبْعاً وَ خَمْسِينَ سَنَةً فِي عَامِ السِّتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَ هُوَ يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ.

ص: 177


1- في إعلام الورى: 215، قال: و قيل ولد آخر ربيع الأوّل سنة ثلاث من الهجرة، و الّذي عليه سائر المصادر أنّه (عليه السّلام) ولد لثلاث أو خمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، و هو الموافق لما تقدّم في تاريخ ميلاد الإمام الحسن (عليه السّلام). انظر: الإرشاد: 198، إعلام الورى: 214-215، مناقب ابن شهرآشوب 76:4، سير أعلام النبلاء 280:3.
2- مثير الأحزان: 16، الكافي 4/386:1 و ليس فيه يحيى بن زكريّا.

وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَخِيهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ(1).

وَ كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِالنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرِّجْلَيْنِ(2).

وَ قُتِلَ بِكَرْبَلاَءَ غَرْبِيَّ الْفُرَاتِ، قَتَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ وَ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ بِأَمْرِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، أَتَوْهُ وَ مَعَهُمْ اثْنَانِ وَ ثَلاَثُونَ أَمِيراً، وَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ وَ رَاجِلٍ، وَ أَصْحَابُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَوْمَئِذٍ اثْنَانِ وَ ثَلاَثُونَ فَارِساً، وَ أَرْبَعُونَ رَاجِلاً، مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ وَ عِشْرُونَ مِنْ رَهْطِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَ الْبَاقُونَ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ.

وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وُجِدَ بِالْحُسَيْنِ ثَلاَثٌ وَ ثَلاَثُونَ طَعْنَةً، وَ أَرْبَعٌ وَ أَرْبَعُونَ ضَرْبَةً وَ وُجِدَ فِي جُبَّةِ خَزٍّ دَكْنَاءَ كَانَتْ عَلَيْهِ مِائَةُ خَرْقٍ وَ بِضْعَةَ عَشَرَ خَرْقاً، مَا بَيْنَ طَعْنَةٍ وَ ضَرْبَةٍ وَ رَمْيَةٍ(3).

وَ رُوِيَ: مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ.

رَجَعَ الْحَدِيثَ وَ إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) أَهْبَطَ إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ مَلَكٍ، وَ هُمُ الَّذِينَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلَهُ) يَوْمَ بَدْرٍ، وَ خُيِّرَ بَيْنَ النَّصْرِ وَ بَيْنَ(4) لِقَاءِ رَسُولِ اللَّهِ، فَاخْتَارَ لِقَاءَ رَسُولِ اللَّهِ، فَأَمَرَهُمْ اللَّهُ (تَعَالَى) بِالْمُقَامِ عِنْدَ قَبْرِهِ، فَهُمْ شُعْثٌ غُبْرٌ يَنْتَظِرُونَ قِيَامَ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

وَ رُوِيَ أَنَّهُ مَا رُفِعَ حَجَرٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلاَّ وَ وُجِدَ تَحْتَهُ دَماً عَبِيطاً(5).7.

ص: 178


1- إعلام الورى: 215. المناقب لابن شهرآشوب 76:4.
2- سنن التّرمذيّ 3779/660:5، مسند أحمد بن حنبل: 99:1، الذّرّيّة الطّاهرة: 101/104، الارشاد: 198.
3- مثير الأحزان: 76.
4- في «ع، م»: خير بالنّصر على أعدائه أو.
5- نحوه في كامل الزّيارات: 3/77، و مناقب ابن شهرآشوب 61:4، و إعلام الورى: 220، و تذكرة الخواصّ: 274، و كفاية الطّالب: 444، و الصّواعق المحرقة: 194، و ينابيع المودّة: 357.

وَ قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ: كُنْتُ ابْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً، وَ صَارَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ الدَّمُ، وَ أَصْبَحَ كُلُّ شَيْ ءٍ(1) مَلْآنَ دَماً(2).

رَجَعَ الْحَدِيثُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) هَنَّأَ نَبِيَّهُ بِحَمْلِ الْحُسَيْنِ وَ وِلاَدَتِهِ، وَ عَزَّاهُ بِمُصَابِهِ وَ قَتْلِهِ، فَعَرَّفَ ذَلِكَ لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)، فَكَرِهَتْ حَمْلَهُ وَ وِلاَدَتُهُ حُزْناً عَلَيْهِ لِلْمُصِيبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (جَلَّ اسْمُهُ):

حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً (3) وَ لَيْسَ هَذَا فِي سَائِرِ النَّاسِ لِأَنَّ حَمْلَ النِّسَاءِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَ الرَّضَاعُ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ، وَ هِيَ أَرْبَعَةُ وَ عِشْرُونَ شَهْراً، وَ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ تَلِدُ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ، فَيَكُونُ مَعَ حَوْلَيِ الرَّضَاعِ أَحَداً وَ ثَلاَثِينَ شَهْراً، وَ إِنَّ الْمُوْلَدَ لاَ يَعِيشُ لَسْتُ وَ لاَ لِثَمَانٍ، وَ إِنْ مَوْلِدِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَ رَضَاعِهِ أَرْبَعَةُ وَ عِشْرُونَ شَهْراً(4).

وَ قَالَتْ أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَأَيْتَ حُلُماً مُنْكَراً اللَّيْلَةَ. قَالَ: وَ مَا هُوَ؟

قُلْتُ: إِنَّهُ شَدِيدٌ. قَالَ: وَ مَا هُوَ؟

قُلْتُ: رَأَيْتَ كَأَنَّ قِطْعَةً مِنْ جَسَدِكَ انْقَطَعَتْ وَ وُضِعَتْ فِي حَجْرِي.

فَقَالَ: خَيْراً رَأَيْتَ، تَلِدُ فَاطِمَةُ غُلاَماً فَيَكُونُ فِي حَجْرِكِ.

فَوَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَيْنَ، فَكَانَ فِي حَجْرِي كَمَا قَالَ، فَدَخَلْتُ بِهِ يَوْماً عَلَيْهِ، فَوَضَعَتْهُ فِي حَجْرِهِ ثُمَّ حَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ إِلَيْهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَإِذَا عَيْنَاهُ تُهْرِقَانِ بِالدُّمُوعِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ امي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ؟

قَالَ: هَذَا جَبْرَئِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ أُمَّتِي سَتَقْتُلُ ابْنِي هَذَا. فَقُلْتُ: هَذَا؟».

ص: 179


1- في «ط»: وعاء.
2- البحار 216:45، الصّواعق المحرقة: 194 نحوه.
3- الاحقاف 15:46.
4- الهداية الكبرى: 202، مناقب ابن شهرآشوب 50:4 «قطعة منه».

قَالَ: نَعَمْ، وَ أَتَانِي بِتُرْبَةٍ مِنْ تُرْبَتِهِ حَمْرَاءَ(1).

وَ قَالَ: إِنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْرَجَتْ يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بِكَرْبَلاَءَ، وَ هِيَ بِالْمَدِينَةِ قَارُورَةِ فِيهَا دَمٌ(2) ، فَقَالَتْ: قُتِلَ - وَ اللَّهِ - الْحُسَيْنُ. فَقِيلَ لَهَا: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ(3) ؟ قَالَتْ: دَفَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ تُرْبَتِهِ، وَ قَالَ لِي: إِذَا صَارَ هَذَا دَماً فَاعْلَمِي أَنَّ ابْنِي قَدْ قُتِلَ؛ فَكَانَ كَمَا قَالَتْ(4).

قَبْرُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ) وَ قَبْرُهُ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ، وَ الرَّبْوَةِ الَّتِي هِيَ(5) ذَاتُ قَرَارِ وَ مَعِينٍ، بِطَفِّ كَرْبَلاَءَ، بَيْنَ نَيْنَوَى وَ الْغَاضِرِيَّةِ، مِنْ قُرَى النَّهْرَيْنِ.

نَسَبُهُ وَ تَسْمِيَتُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) هُوَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

وَ سَمَّاهُ فِي التَّوْرَاةِ شَبِيراً؛ وَ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ لَمَّا سَمِعَ فِي التَّوْرَاةِ(6) أَنَّ اللَّهَ سَمَّى الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ سِبْطَيْ مُحَمَّدٍ: شَبَراً وَ شَبِيراً سَمَّى ابْنَيْهِ بِهَذَيْنِ الاِسْمَيْنِ.

وَ يُكَنَّى: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ.».

ص: 180


1- الإرشاد: 250.
2- في «ط»: قارورة فإذا هي دم عبيط.
3- في «ط»: انى علمت.
4- إرشاد المفيد: 251 و البحار 3/231:45 نحوه.
5- (الّتي هي) ليس في «ع، م».
6- (في التّوراة) ليس في «ط، ع».

وَ لَقَبُهُ: السِّبْطُ وَ هُوَ(1) الشَّهِيدُ، وَ الرَّشِيدُ، وَ الطَّيِّبُ، وَ الْوَفِيُّ، وَ التَّابِعُ لِمَرْضَاتِ اللَّهِ، وَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ، وَ الْمُطَهَّرُ، وَ السَّيِّدُ، وَ الْمُبَارَكُ، وَ الْبَرُّ، وَ سِبْطُ رَسُولِ اللَّهِ، وَ أَحَدُ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ أَحَدُ الْكَاظِمَيْنِ(2).

[نَقْشُ خَاتَمِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)] وَ كَانَ لَهُ خَاتَمَانِ، فَصُّ أَحَدِهِمَا عَقِيقٌ نَقْشُهُ: إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ.

وَ عَلَى الْخَاتَمِ الَّذِي أُخِذَ مِنْ يَدِهِ يَوْمَ قُتِلَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ عُدَّةُ لِقَاءِ اللَّهِ(3).

مَنْ تَخَتَّمَ بِمِثْلِهِمَا كَانَا لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ.

وَ بَوَّابُهُ: رُشَيْدٌ الْهَجَرِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)(4).

ذِكْرُ وُلْدِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلِيُّ الْأَكْبَرُ قُتِلَ مَعَهُ، وَ عَلِيٌّ الْإِمَامُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ، وَ عَلِيٌّ الْأَصْغَرُ، وَ مُحَمَّدٌ، وَ عَبْدُ اللَّهِ الشَّهِيدُ، وَ جَعْفَرٌ، وَ لَهُ مِنَ الْبَنَاتِ: زَيْنَبُ وَ سَكِينَةُ وَ فَاطِمَةُ(5).

معجزاته (عليه السلام)

96/ 1 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا مُحْرُوزُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ يَحْيَى الْأَزْدِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:

لَقِيتُ(6) الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَ هُوَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِرَاقِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، لاَ تَخْرُجْ.

قَالَ: فَقَالَ لِي: يَا بْنَ عَبَّاسٍ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ مَنِيَّتِي مِنْ هُنَاكَ، وَ أَنَّ مَصَارِعَ

ص: 181


1- في «ط»: السّبط الثّاني و.
2- مناقب ابن شهرآشوب 78:4، تذكرة الخواصّ: 232، كشف الغمّة 4:2.
3- الكافي 8/474:6، أمالي الصّدوق 7/113.
4- تاريخ الأئمّة: 32، مناقب ابن شهرآشوب 77:4.
5- تاريخ الأئمّة: 18، الإرشاد: 253، مناقب ابن شهرآشوب 77:4.
6- في «ط»: أتيت.

أَصْحَابِي هُنَاكَ؟!

فَقُلْتُ لَهُ: فَأَنَّى لَكَ ذَلِكَ؟ قَالَ: بِسِرٍّ سُرَّ لِي، وَ عِلْمٍ أُعْطِيتُهُ(1).

97/ 2 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ كَانَ مَعَ زُهَيْرِ بْنِ الْقَيْنِ حِينَ صَحِبَ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ لَهُ: يَا زُهَيْرُ، اعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا مَشْهَدِي، وَ يَحْمِلُ هَذَا مِنْ جَسَدِي - يَعْنِي رَأْسَهُ - زَحْرُ بْنُ قَيْسٍ، فَيَدْخُلُ بِهِ عَلَى يَزِيدَ يَرْجُو نَوَالَهُ(2) ، فَلاَ يُعْطِيهِ شَيْئاً(3).

98/ 3 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْوَاقِدِيُّ وَ زُرَارَةُ بْنُ جَلْحٍ:

لَقِينَا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْعِرَاقِ بِثَلاَثِ لَيَالٍ، فَأَخْبَرْنَاهُ بِضَعْفِ النَّاسِ فِي الْكُوفَةِ، وَ أَنَّ قُلُوبَهُمْ مَعَهُ وَ سُيُوفَهُمْ عَلَيْهِ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ فَفُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ نَزَلَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ عَدَدٌ لاَ يُحْصِيهِمْ إِلاَّ اللَّهُ، وَ قَالَ:

لَوْ لاَ تَقَارُبُ الْأَشْيَاءِ وَ حُبُوطُ الْأَجْرِ لَقَاتَلْتُهُمْ بِهَؤُلاَءِ، وَ لَكِنْ أَعْلَمُ عِلْماً أَنَّ مِنْ هُنَاكَ مَصْعَدِي وَ هُنَاكَ مَصَارِعُ أَصْحَابِي، لاَ يَنْجُو مِنْهُمْ إِلاَّ وَلَدِي عَلِيٌّ(4).

99/ 4 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُنَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ جُنَيْدِ بْنِ سَالِمِ بْنِ جُنَيْدٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ مَزْيَدٍ، قَالَ:

شَهِدْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ صَحِبْتُهُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْقُطْقُطَانَةَ(5) ، ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُهُ فِي الرُّجُوعِ، فَأَذِنَ لِي، فَرَأَيْتُهُ وَ قَدِ اسْتَقْبَلَهُ سَبُعٌ عَقُورٌ فَكَلَّمَهُ، فَوَقَفَ لَهُ فَقَالَ:

مَا حَالُ النَّاسِ بِالْكُوفَةِ؟

قَالَ: قُلُوبُهُمْ مَعَكَ وَ سُيُوفُهُمْ عَلَيْكَ.».

ص: 182


1- إثبات الهداة 66/205:5، مدينة المعاجز: 12/238.
2- في «ع، م»: و يرجو نائله، و كلاهما بمعنى.
3- إثبات الهداة 67/206:5، مدينة المعاجز: 14/238.
4- نوادر المعجزات: 1/107، اللّهوف في قتلى الطّفوف: 26، إثبات الهداة 68/206:5، مدينة المعاجز: 238.
5- القطقطانة: موضع في الطف، انظر «معجم البلدان 374:4».

قَالَ: وَ مَنْ خَلَّفْتَ بِهَا؟

قَالَ: ابْنَ زِيَادٍ، وَ قَدْ قُتِلَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ.

قَالَ: وَ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: عَدَنَ.

قَالَ لَهُ: أَيُّهَا السَّبُعُ، هَلْ عَرَفْتَ(1) مَاءَ الْكُوفَةِ؟ قَالَ: مَا عَلِمْنَا مِنْ عِلْمِكَ إِلاَّ مَا(2) زَوَّدْتَنَا.

ثُمَّ انْصَرَفَ وَ هُوَ يَقُولُ: وَ مَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ، قَالَ: كَرَامَةٌ مِنْ وَلِيٍّ وَ ابْنِ وَلِيٍّ(3).

100/ 5 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ شَرَفِيِّ بْنِ الْقَطَّانِ(4) ، عَنْ زُفَرَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ كَثِيرِ بْنِ شَاذَانَ، قَالَ:

شَهِدْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) وَ قَدْ اشْتَهَى عَلَيْهِ ابْنُهُ عَلِيٌّ الْأَكْبَرُ عِنَباً فِي غَيْرِ أَوَانِهِ، فَضَرَبَ يَدَهُ إِلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ فَأَخْرَجَ لَهُ عِنَباً وَ مَوْزاً فَأَطْعَمَهُ، وَ قَالَ: مَا عِنْدَ اللَّهِ لِأَوْلِيَائِهِ أَكْثَرُ(5).

101/ 6 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ السَّمَّانَ(6) يَقُولُ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) يَقُولُ:

وَ اللَّهِ لَيَجْتَمِعَنَّ عَلَى قَتْلِي طُغَاةُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَ يَقْدُمُهُمْ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ. وَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْبَأَكَ بِهَذَا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ لاَ. فَأَتَيْتُ النَّبِيِّ فَأَخْبَرْتُهُ،3.

ص: 183


1- في «ع»: أحرت، و في «م»: أحرت من، حارّ: رجع «المعجم الوسيط - حور - 205:1».
2- في «ع، م»: و بما.
3- في النّوادر: اشهد اللّه أنّك وليّ و ابن وليّ. نوادر المعجزات: 2/107، إثبات الهداة 69/206:5، مدينة المعاجز: 15/238.
4- في «ع، ط»: القطامي.
5- الحديث ليس في «ع». نوادر المعجزات: 3/108، إثبات الهداة 70/206:5، مدينة المعاجز: 16/238.
6- في «ع، ط»: التّمّار، و في «م»: السّماد، و كلاهما تصحيف، و هو ذكوان أبو صالح السّمّان الزّيّات، كان يجلب السّمن و الزّيت إلى الكوفة، روى عن جماعة من الصّحابة، و روى عنه سليمان الأعمش، راجع تهذيب الكمال 8: 513.

فَقَالَ: عِلْمِي عِلْمُهُ، وَ عِلْمُهُ عِلْمِي، وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ(1) بِالْكَائِنِ قَبْلَ كَيْنُونَتِهِ(2).

102/ 7 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَكْحُولٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ:

بَلَغَنِي خُرُوجُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) إِلَى الْعِرَاقِ، فَقَصَدْتُ مَكَّةَ فَصَادَفْتُهُ بِهَا، فَلَمَّا رَآنِي رَحَّبَ بِي وَ قَالَ: مَرْحَباً بِكَ يَا أَوْزَاعِيُّ، جِئْتَ تَنْهَانِي عَنِ الْمَسِيرِ، وَ أَبَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) إِلاَّ ذَلِكَ، إِنَّ مِنْ هَاهُنَا إِلَى يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ مَنِيَّتِي(3) فَسَهْدُت فِي عَدِّ الْأَيَّامِ، فَكَانَ كَمَا قَالَ(4).

103/ 8 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ(5) مَاهَانَ بْنِ مَعْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَابِرٍ كَيْسَانُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي النَّبَّاخِ(6) مُحَمَّدِ بْنِ يَعْلَى، قَالَ:

لَقِيتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَى ظَهْرِ الْكُوفَةِ وَ هُوَ رَاحِلٌ مَعَ الْحَسَنِ يُرِيدُ مُعَاوِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ رَضِيتَ؟

فَقَالَ: شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ، وَ فَوْرَةٌ ثَارَتْ، وَ عَرَبِيٌّ مِنَحِىٌّ، وَ سَمٌّ ذُعَافٌ(7) ، وَ قِيعَانٌ بِالْكُوفَةِ وَ كَرْبَلاَءَ، إِنِّي وَ اللَّهِ لَصَاحِبُهَا، وَ صَاحِبُ ضَحِيَّتِهَا، وَ الْعُصْفُورُ فِي سَنَابِلِهَا(8) ، إِذَا تَضَعْضَعَ نَوَاحِي الْجَبَلِ بِالْعِرَاقِ، وَ هَجْهَجَ كُوفَانُ الْوَهَلِ(9) ، وَ مُنِعَ الْبَرُّ جَانِبَهُ، وَ عُطِّلَ».

ص: 184


1- في «ع، م»: لانه لا علم.
2- نوادر المعجزات: 5/109، فرج المهموم: 227 عن الدّلائل، إثبات الهداة 71/207:5.
3- في «ع، م»: مبعثي.
4- نوادر المعجزات: 4/108، إثبات الهداة 72/207:5، مدينة المعاجز: 18/238.
5- في «ط» زيادة: معاذ.
6- في «ع، م»: أبو جابر كيسان بن حريز، عن أبي التّفّاح.
7- الذعاف: السّمّ يقتل من ساعته «المعجم الوسيط 312:1».
8- في «ع، م»: اسبالها.
9- الظّاهر أنّ المراد: زجر كوفان و ردّ أهلها الفزع و الخوف. انظر «النّهاية - و هل - 233:5، لسان العرب - هجج - 386:2».

بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ، وَ أُزْحِفَ(1) الْوَقِيذُ(2) ، وَ قُدِّحَ(3) الْهَبِيذُ(4) ؛ فَيَا لَهَا مِنْ زُمَرٍ أَنَا صَاحِبُهَا، إِيهِ إِيهِ إِنِّى وَ كَيْفَ! وَ لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ أَيْنَ أَنْزِلُ، وَ أَيْنَ أُقِيمُ.

فَقُلْنَا: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ؟

قَالَ: مَقَامِي بَيْنَ أَرْضٍ وَ سَمَاءٍ، وَ نُزُولِي حَيْثُ حَلَّتِ الشِّيعَةُ الْأَصْلاَبُ، وَ الْأَكْبَادُ الصِّلاَبُ، لاَ يَتَضَعْضَعُونَ لِلضَّيْمِ، وَ لاَ يَأْنِفُونَ مِنَ الْآخِرَةِ مُعْضَلاً يَحْتَافُهُمْ(5) أَهْلُ مِيرَاثِ عَلِيٍّ وَ وَرَثَةُ بَيْتِهِ(6).

104/ 9 - وَ رَوَى هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِغِلْمَانِهِ: لاَ تَخْرُجُوا يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا، الْيَوْمَ قَدْ سَمَّاهُ، وَ اخْرُجُوا يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَإِنَّكُمْ إِنْ خَالَفْتُمُونِي قُطِعَ عَلَيْكُمْ الطَّرِيقُ، فَقُتِلْتُمْ، وَ ذَهَبَ مَا مَعَكُمْ.

وَ كَانَ قَدْ أَرْسَلَهُمْ إِلَى ضَيْعَةٍ لَهُ، فَخَالَفُوهُ وَ أَخَذُوا طَرِيقَ الْحَرَّةِ فَاسْتَقْبَلَهُمْ لُصُوصٌ فَقَتَلُوهُمْ كُلَّهُمْ، فَدَخَلَ عَلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَالِي الْمَدِينَةِ(7) مِنْ سَاعَتِهِ، فَقَالَ لَهُ: قَدْ بَلَغَنِي قَتْلُ غِلْمَانِكَ وَ مَوَالِيكَ، فَآجَرَكَ اللَّهُ فِيهِمْ.

فَقَالَ: أَمَا إِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُمْ، فَاشْدُدْ يَدَكَ بِهِمْ.

قَالَ: وَ تَعْرِفُهُمُ؟!

قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَعْرِفُكَ، وَ هَذَا مِنْهُمْ لِرَجُلٍ جَاءَ مَعَهُ(8) ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا بْنَ».

ص: 185


1- أزحف: أعيا، و انتهى إلى غاية ما طلب «أقرب الموارد - زحف - 458:1. و في «ط»: أرجف، أيّ خفق و اضطرب اضطرابا شديدا «لسان العرب - رجف - 112:9».
2- الوقيذ: البطيء الثّقيل، أو الّذي غلبه النّعاس، أو الّذي يغشى عليه لا يدرى أميت أم لا «لسان العرب - وقذ - 519:3».
3- في «ع، م»: الرّقاد و اقدح.
4- الهبيذ: المسرع «لسان العرب - هبذ - 517:3».
5- يحتافهم: من الحتف و هو الهلاك «المعجم الوسيط - حتف - 154:1».
6- إثبات الهداة 73/207:5، مدينة المعاجز: 19/238.
7- «ع، م»: ثمّ دخل إلى الوالي بالمدينة.
8- (لرجل جاء معه) ليس في «ع، م».

رَسُولِ اللَّهِ، كَيْفَ عَرَفْتَنِي وَ مَا كُنْتَ فِيهِمْ(1) ؟!

قَالَ: إِنْ صَدَقْتُكَ تَصْدُقُ(2) ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ(3).

قَالَ: أَخْرَجْتَ مَعَكَ فُلاَناً وَ فُلاَناً. فَسَمَّاهُمُ بِأَسْمَائِهِمْ كُلِّهِمْ، وَ فِيهِمْ أَرْبَعَةٌ مِنْ مَوَالِي الْوَالِي، وَ الْبَقِيَّةُ مِنْ حُبْشَانِ(4) أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قَالَ الْوَالِي: وَ رَبِّ الْقَبْرِ وَ الْمِنْبَرِ، لَتَصْدُقُنِّي أَوْ لَأَنْشُرَنَّ لَحْمَكَ بِالسِّيَاطِ. قَالَ: وَ اللَّهِ مَا كَذَبَ الْحُسَيْنُ، كَأَنَّهُ كَانَ مَعَنَا.

قَالَ: فَجَمَعَهُمْ الْوَالِي فَأَقَرُّوا جَمِيعاً(5) ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ(6).

105/ 10 - وَ رَوَى الْهَيْثَمُ النَّهْدِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: خَرَجَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ يَقُولُ بِإِمَامَتِهِ، فَنَزَلُوا فِي طَرِيقِهِمْ بِمَنْزِلٍ(7) تَحْتَ نَخْلَةٍ يَابِسَةٍ، قَدْ يَبِسَتْ مِنَ الْعَطَشِ، فَفُرِشَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) تَحْتَهَا، وَ بِإِزَائِهِ نَخْلَةٌ أُخْرَى عَلَيْهَا رُطَبٌ، فَرَفَعَ يَدَهُ وَ دَعَا بِكَلاَمٍ لَمْ أَفْهَمْهُ، فَاخْضَرَّتِ النَّخْلَةُ وَ عَادَتْ(8) إِلَى حَالِهَا، وَ أَوْرَقَتْ وَ حَمَلَتْ رُطَباً، فَقَالَ الْجَمَّالُ الَّذِي اكْتَرَى مِنْهُ: هَذَا سِحْرٌ وَ اللَّهِ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وَيْلَكَ، إِنَّهُ لَيْسَ بِسِحْرٍ، وَ لَكِنْ(9) دَعْوَةُ ابْنِ نَبِيٍّ مُسْتَجَابَةٌ.

قَالَ: ثُمَّ صَعِدُوا النَّخْلَةَ فَجَنَوْا مِنْهَا مَا كَفَاهُمْ جَمِيعاً(10).

106/ 11 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ9.

ص: 186


1- في «ع، م»: ما أنا منهم.
2- في «ط»: أتصدّق.
3- في «ط»: لأصدقن.
4- الحبش و الحبشان: جنس من السّودان «لسان العرب - حبش - 278:6». في «ط»: سائر.
5- في «ع»: أجمعين.
6- الهداية الكبرى: 205، الخرائج و الجرائح 3/247:1، الصّراط المستقيم 3/178:2.
7- في «ع، م»: من تلك المنازل.
8- في «ع، م»: و صارت.
9- في «ط»: و لكنّها.
10- في «ع، م»: فصعدوا إلى النّخلة حتّى حووا منها كلّهم فكفاهم، عيون المعجزات: 62، إثبات الهداة 5: 74/207، مدينة المعاجز: 22/239.

الْقَاسِمِ، عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مِيثَمٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ عَبَايَةُ بْنُ الرَّبَعِيِّ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي وَالِبَةَ، قَدْ احْتَرَقَ وَجْهُهَا مِنَ السُّجُودِ، فَقَالَ لَهَا عَبَايَةُ: يَا حَبَابَةُ، هَذَا ابْنُ أَخِيكَ.

قَالَتْ: وَ أَيُّ أَخٍ؟ قَالَ: صَالِحُ بْنُ مِيثَمٍ.

فَقَالَتْ: ابْنُ أَخِي وَ اللَّهِ حَقّاً، يَا بْنَ أَخِي أَ لاَ أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنَ الْحُسَيْنِ ابْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)؟

قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا عَمَّةُ.

قَالَتْ: كُنْتُ زَوَّارَةَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)، فَحَدَثَ بَيْنَ عَيْنَيَّ وَضَحٌ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ وَ احْتَبَسْتُ عَنْهُ أَيَّاماً، فَسَأَلَ عَنِّي: مَا فَعَلَتْ حَبَابَةُ الْوَالِبِيَّةُ؟ فَقَالُوا: إِنَّهَا حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ بَيْنَ عَيْنَيْهَا. فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا حَتَّى نَدْخُلَ عَلَيْهَا. فَدَخَلَ عَلَيَّ فِي مَسْجِدِي هَذَا، وَ قَالَ: يَا حَبَابَةُ، مَا بَطَّأَ بِكِ عَلَيَّ؟

قُلْتُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا ذَلِكَ الَّذِي مَنَعَنِي إِنْ لَمْ أَكُنْ اضْطُرِرْتُ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَيْكَ اضْطِرَاراً، لَكِنْ حَدَثَ هَذَا بِي. وَ كَشَفْتُ الْقِنَاعَ فَتَفَلَ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) وَ قَالَ: يَا حَبَابَةُ، أَحْدِثِي لِلَّهِ شُكْراً، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَادَهُ(1) عَنْكِ.

قَالَتْ: فَخَرَرْتُ سَاجِدَةً، فَقَالَ: يَا حَبَابَةُ ارْفَعِي رَأْسَكِ وَ انْظُرِي فِي مِرْآتِكِ.

قَالَتْ: فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَلَمْ أَجِدْ مِنْهُ شَيْئاً.

قَالَتْ: فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ قَالَ لِي: يَا حَبَابَةُ نَحْنُ وَ شِيعَتُنَا عَلَى الْفِطْرَةِ، وَ سَائِرُ النَّاسِ مِنْهَا بِرَاءٌ(2).

107/ 12 - وَ رَوَى أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ،(3) عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: ذَكَرْنَا(4) خُرُوجَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ تَخَلُّفَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا حَمْزَةُ، إِنِّي سَأُحَدِّثُكَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِمَا لاَ تَشُكَّت.

ص: 187


1- ذاده عنه: طرده و دفعه «المعجم الوسيط 317:1»، و في «ع»: ذواه.
2- بصائر الدّرجات: 6/291، الثّاقب في المناقب: 267/324، مدينة المعاجز: 21/239.
3- في بصائر الدّرجات و اللّهوف: عن مروان بن إسماعيل.
4- في «ط»: ذكرت.

فِيهِ بَعْدَ مَجْلِسِنَا هَذَا؛ إِنَّ الْحُسَيْنَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) لَمَّا فَصَلَ مُتَوَجِّهاً إِلَى الْعِرَاقِ دَعَا بِقِرْطَاسٍ وَ كَتَبَ فِيهِ:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ لَحِقَ بِي اسْتُشْهِدَ، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي لَمْ يَبْلُغِ الْفَتْحَ وَ السَّلاَمُ»(1).

108/ 13 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ ابْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْهَاشِمِيُّ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ مِصْرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مَنْصُورٍ الْهَمْدَانِيُّ بِدِمَشْقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي طَيْرَانَ(2) ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ وَكِيدَةَ، قَالَ:

كُنْتُ فِيمَنْ حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ، فَجَعَلْتُ أَشُكُّ فِي نَفْسِي وَ أَنَا أَسْمَعُ نَغْمَةَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ لِي: يَا بْنَ وَكِيدَةَ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّا مَعْشَرَ الْأَئِمَّةِ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّنَا نُرْزَقُ؟

قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَسْرِقُ رَأْسَهُ، فَنَادَى: يَا بْنَ وَكِيدَةَ، لَيْسَ لَكَ إِلَى ذَاكَ سَبِيلٌ، سَفْكُهُمْ دَمِي أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ تَسْيِيرِهِمْ رَأْسِي(3) ، فَذَرْهُمْ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ، إِذْ الْأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَ السَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ(4).

109/ 14 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ ابْنِ هَمَّامٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لَمَّا مُنِعَ الْحُسَيْنُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) وَ أَصْحَابُهُ الْمَاءَ نَادَى فِيهِمْ: مَنْ كَانَ ظَمْآنَ فَلْيَجِئْ. فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ رَجُلاً رَجُلاً فَجَعَلَ إِبْهَامَهُ فِي رَاحَةِ وَاحِدِهِمْ(5) فَلَمْ يَزَلْ يَشْرَبُ الرَّجُلُ بَعْدَ الرَّجُلِ حَتَّىد.

ص: 188


1- بصائر الدّرجات: 5/501، كامل الزّيارات: 15/75 «نحوه»، نوادر المعجزات: 6/109، مناقب ابن شهرآشوب 76:4، اللّهوف في قتلى الطّفوف: 28 عن كتاب الرّسائل للكلينيّ، مختصر بصائر الدّرجات: 6.
2- في «ط»: خيران.
3- في «ع، م»: إيّاي.
4- تضمين من سورة غافر 71:40، نوادر المعجزات: 7/110، مدينة المعاجز: 24/239.
5- في «ط»: في فم واحد.

ارْتَوَوْا كُلُّهُمْ(1) ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: وَ اللَّهِ، لَقَدْ شَرِبْتُ شَرَاباً مَا شَرِبَهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ فِي دَارِ الدُّنْيَا.

فَلَمَّا قَاتَلُوا الْحُسَيْنَ، وَ كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ عِنْدَ الْمَغْرِبِ، أَقْعَدَ الْحُسَيْنُ رَجُلاً رَجُلاً مِنْهُمْ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ، فَيُجِيبُهُ الرَّجُلُ بَعْدَ الرَّجُلِ، فَيَقْعُدُونَ حَوْلَهُ، ثُمَّ يَدْعُو بِالْمَائِدَةِ فَيُطْعِمُهُمْ وَ يَأْكُلُ مَعَهُمْ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ، وَ يَسْقِيهِمْ مِنْ شَرَابِهَا.

ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وَ اللَّهِ، لَقَدْ رَآهُمْ عِدَّةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَ لَقَدْ كَرَّرَ عَلَيْهِمْ لَوْ عَقَلُوا.

قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ فَعَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى بِلاَدِهِ، ثُمَّ أَتَى جَبَلَ(2) رَضْوَى، فَلاَ يَبْقَى أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلاَّ أَتَاهُ، وَ هُوَ(3) عَلَى سَرِيرٍ مِنْ نُورٍ، قَدْ حَفَّ بِهِ إِبْرَاهِيمُ وَ مُوسَى وَ عِيسَى وَ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ، وَ مِنْ وَرَائِهِمْ الْمُؤْمِنُونَ، وَ مِنْ وَرَائِهِمْ الْمَلاَئِكَةُ يَنْظُرُونَ مَا يَقُولُ الْحُسَيْنُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ).

قَالَ: فَهُمْ بِهَذِهِ الْحَالِ إِلَى أَنْ يَقُومَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَإِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَافَوْا فِيمَا بَيْنَهُمْ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حَتَّى يَأْتِيَ كَرْبَلاَءَ، فَلاَ يَبْقَى أَحَدٌ سَمَاوِيٌّ وَ لاَ أَرَضِيٌّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلاَّ حَفَّ بِهِ، يَزُورُهُ(4) وَ يُصَافِحُهُ وَ يَقْعُدُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ.

يَا مُفَضَّلُ، هَذِهِ وَ اللَّهِ الرِّفْعَةُ الَّتِي لَيْسَ فَوْقَهَا شَيْ ءٌ وَ لاَ دُونَهَا شَيْ ءٌ(5) ، وَ لاَ وَرَاءَهَا لِطَالِبٍ مَطْلَبٌ(6).

110/ 15 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ الطَّبَرِسْتَانِيِّ(7) ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْي.

ص: 189


1- (كلّهم) ليس في «ع، م».
2- في «ع، م»: بجبال.
3- في «ط»: و سيقيم هنالك.
4- في «ع، م»: إلاّ حفّوا بالحسين (عليه السّلام).
5- (و لا دونها شيء) ليس في «ع، م».
6- نوادر المعجزات: 8/111، مدينة المعاجز: 25/239.
7- في «م»: الطوستاني.

أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ). قَالَ:

لَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) هَبَطَ جَبْرَئِيلُ فِي أَلْفِ مَلَكٍ يُهَنُّونَ النَّبِيَّ بِوِلاَدَتِهِ، وَ كَانَ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ (فُطْرُسُ) فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِهِ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَكَسَرَ جَنَاحَهُ وَ أَزَالَهُ(1) عَنْ مَقَامِهِ، وَ أَهْبَطَهُ(2) إِلَى تِلْكَ الْجَزِيرَةِ، فَمَكَثَ فِيهَا خَمْسَمِائَةِ عَامٍ، وَ كَانَ صَدِيقاً لِجَبْرَئِيلَ، فَلَمَّا مَضَى قَالَ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ لَهُ: وُلِدَ لِلنَّبِيِّ مَوْلُودٌ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَبَعَثَنِي اللَّهُ فِي أَلْفِ مَلَكٍ لِأُهَنِّئَهُ.

قَالَ: احْمِلْنِي إِلَيْهِ لَعَلَّهُ يَدْعُو لِي.

فَلَمَّا أَدَّى جَبْرَئِيلُ الرِّسَالَةَ وَ نَظَرَ النَّبِيُّ إِلَى فُطْرُسَ، قَالَ لَهُ: يَا جَبْرَئِيلُ، مَنْ هَذَا؟ فَأَخْبَرَهُ بِقِصَّتِهِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: امْسَحْ جَنَاحَكَ عَلَى الْمَوْلُودِ. يَعْنِي الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَمَسَحَ جَنَاحَهُ فَعَادَ إِلَى حَالَتِهِ، فَلَمَّا نَهَضَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): الْزَمْ أَرْضَ كَرْبَلاَءَ وَ أَخْبِرْنِي بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَأَيْتَهُ زَائِراً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

قَالَ: فَذَلِكَ الْمَلَكُ يُسَمَّى (عَتِيقَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(3).

و الحمد للّه ربّ العالمين، و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله و سلّم تسليما.8.

ص: 190


1- في «م»: ازيل.
2- في «م»: و أهبط.
3- عيون المعجزات: 68، و نحوه في روضة الواعظين: 155 و أمالي الصدوق: 8/118 و بشارة المصطفى: 219 و الخرائج و الجرائح 6/252:1، و الثاقب في المناقب: 284/338.

أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)

معرفة ولادته:

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وُلِدَ(1) فِي الْمَدِينَةِ، فِي الْمَسْجِدِ، فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) سَنَةَ ثَمَانٍ وَ ثَلاَثِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ، قَبْلَ وَفَاةِ جَدِّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(2) ، فَأَقَامَ مَعَ جَدِّهِ سَنَتَيْنِ، وَ مَعَ عَمِّهِ الْحَسَنِ عَشْرَ سِنِينَ، وَ بَعْدَ وَفَاةِ عَمِّهِ مَعَ أَبِيهِ عَشَرَ سِنِينَ، وَ بَعْدَ مَا اسْتُشْهِدَ أَبُوهُ خَمْساً وَ ثَلاَثِينَ سَنَةً(3).

فَكَانَتْ أَيَّامَ إِمَامَتِهِ مُلْكُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَ مُلْكُ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَ مُلْكُ مَرْوَانَ ابْنِ الْحَكَمِ، وَ مُلْكُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَ مُلْكُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ(4).

وَ قُبِضَ بِالْمَدِينَةِ فِي الْمُحَرَّمِ فِي عَامِ خَمْسٍ وَ تِسْعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَ قَدْ كَمَلَ عُمُرُهُ سَبْعاً وَ خَمْسِينَ سَنَةً(5).

ص: 191


1- زاد في «ط»: عليّ.
2- تاريخ الأئمّة: 9، مسارّ الشّيعة: 112، الإرشاد: 253، روضة الواعظين: 201.
3- و روي غير ذلك في هذه التواريخ، انظر: روضة الواعظين: 201، مناقب ابن شهرآشوب 175:4.
4- إعلام الورى: 257.
5- روضة الواعظين: 201، مناقب ابن شهرآشوب 175:4، إعلام الورى: 256.

وَ كَانَ سَبَبُ وَفَاتِهِ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمَّهُ(1).

وَ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ مَعَ عَمِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(2).

نَسَبُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ(3) بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

وَ يُكَنَّى:

أَبَا مُحَمَّدٍ، وَ أَبَا الْحَسَنِ، وَ أَبَا بَكْرٍ، وَ الْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَ أَثْبَتُ(4).

لَقَبُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

ذُو الثَّفِنَاتِ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ طُولِ سُجُودِهِ وَ شِدَّةِ عِبَادَتِهِ وَ نَحَافَةِ جِسْمِهِ أَثَّرَ السُّجُودُ فِي جَبْهَتِهِ، وَ هَرَأَ جِلْدُهَا، فَكَانَ يَقُصُّهُ حَتَّى صَارَ كَثَفِنَةِ الْبَعِيرِ مِنْ جِهَاتِ الْجَبْهَةِ(5) ؛ وَ الْمُتَهَجِّدُ، وَ الرُّهْبَانِيُّ، وَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ، وَ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ(6) ، وَ السَّجَّادُ(7).4.

ص: 192


1- مناقب ابن شهرآشوب 176:4، الصّواعق المحرقة: 201.
2- تاريخ الأئمّة: 31، مسارّ الشّيعة: 114، الإرشاد: 254، تاريخ مواليد الأئمّة: 180.
3- في «ط»: بن عبد مناف.
4- تاريخ الأئمّة: 29، مسارّ الشّيعة: 111، الإرشاد: 253.
5- في «ع، م»: عبادته نحف جبهته فيقصها.
6- في «ط»: و سيّد العباد.
7- مسارّ الشّيعة: 112، تاريخ مواليد الأئمّة: 180، مناقب ابن شهرآشوب 175:4.

[نَقْشُ خَاتَمِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)] وَ كَانَ لَهُ خَاتَمٌ نَقْشُهُ: شَقِيَ وَ خَزِيَ قَاتِلُ الْحُسَيْنِ(1).

وَ بَوَّابُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

يَحْيَى بْنُ أُمِّ الطَّوِيلِ الْمَدْفُونُ بِوَاسِطٍ، قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ (لَعَنَهُ اللَّهُ)، وَ يُرْوَى أَنَّهُ أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ. وَ لَمَّا دُفِنَ ضَرَبَتِ امْرَأَتُهُ عَلَى قَبْرِهِ فُسْطَاطاً(2).

وَ يُرْوَى أَنَّ نَاقَةً تُدْعَى ذَرَّةَ وَ كَانَتْ تَرْعَى فَجَاءَتْ حَتَّى ضَرَبَتْ بِجِرَانِهَا(3) الْفُسْطَاطَ، وَ جَعَلَتْ تَحِنُّ، فَجَاءَ غُلاَمٌ لَهُ(4) فَأَخَذَ بِمِشْفَرِهَا(5) فَاقْتَادَهَا، وَ كَانَتْ نَاقَتُهُ، فَلَمَّا كَانَ عَشِيَّةُ دُفِنَ خَرَجَتْ حَتَّى صَارَتْ إِلَى الْقَبْرِ.

فَأُخْبِرَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ: خُذُوهَا لاَ يَرَاهَا النَّاسُ، فَخَرَجَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَرَدَّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ مِرَاراً، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَقَامُوهَا فَلَمْ تَقُمْ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُوَدِّعَةٌ. فَلَمْ تَلْبَثْ إِلاَّ هُنَيْهَةً حَتَّى نَفَقَتْ(6) ، فَأَمَرَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَحُفِرَ لَهَا وَ دُفِنَتْ(7).

ذِكْرُ وُلْدِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ الْإِمَامِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ زَيْدٍ الشَّهِيدِ بِالْكُوفَةِ، وَ عَبْدِ اللَّهِ، وَ عُبَيْدِ اللَّهِ،1.

ص: 193


1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 56:2، الكافي 6/473:6.
2- تاريخ الأئمّة: 32، مناقب ابن شهرآشوب 176:4.
3- الجران: باطن العنق من البعير و غيره «المعجم الوسيط 119:1».
4- في «ع، م»: لهم.
5- المشفر: شفة البعير الغليظة «المعجم الوسيط 487:1».
6- في «ط»: حتّى ماتت، و كلاهما بمعنى.
7- بصائر الدّرجات: 11/503، الكافي 3/389:1 نحوه، الاختصاص: 301.

وَ الْحَسَنِ، وَ الْحُسَيْنِ، وَ عَلِيٍّ، وَ عُمَرَ، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِنْتٌ(1).

خبر امّه و السبب في تزويجها

111/ 1 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْزُومٍ الْمُقْرِئُ(2) مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ(3) عُبَيْدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْعَامِرِيُّ التَّمَّارُ بِالْكُوفَةِ، قَالَ:

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفُرَاتِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ، قَالَ:

لَمَّا وَرَدَ سَبْيُ الْفُرْسِ إِلَى الْمَدِينَةِ أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَيْعَ النِّسَاءِ، وَ أَنْ يَجْعَلَ الرِّجَالَ عَبِيداً لِلْعَرَبِ، وَ أَنْ يَرْسُمَ عَلَيْهِمْ، أَنْ يَحْمِلُوا الْعَلِيلَ وَ الضَّعِيفَ وَ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ فِي الطَّوَافِ عَلَى ظُهُورِهِمْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: أَكْرِمُوا كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ.

فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ وَ إِنْ خَالَفَكُمْ.

فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): فَمِنْ أَيْنَ لَكَ أَنْ(4) تَفْعَلْ بِقَوْمٍ كُرَمَاءَ مَا ذَكَرْتَ، إِنَّ(5) هَؤُلاَءِ قَوْمٌ قَدْ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ، وَ رَغِبُوا فِي الْإِسْلاَمِ وَ السَّلاَمِ(6) ؛ وَ لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْهُمْ ذُرِّيَّةٌ، وَ أَنَا أُشْهِدُ اللَّهَ وَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَعْتَقْتُ نَصِيبِي مِنْهُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ.

ص: 194


1- تاريخ الأئمّة: 19، مسارّ الشّيعة: 114، تاريخ مواليد الأئمّة: 180.
2- في «م، ط»: المسفري، و هو تصحيف، انظر تاريخ بغداد 362:1.
3- (أبو سعيد) ليس في «ط».
4- في «ع»: فمن تفعل ذلك، و في «م»: فمن ذلك.
5- في «ع»: كرماء حكما ما ذكرته يا هذا، و في «م»: كرماء حكما ذكرته يا هذا.
6- (و السّلام) ليس في «ط».

فَقَالَ جَمِيعُ بَنِي هَاشِمٍ: قَدْ وَهَبْنَا حَقَّنَا(1) أَيْضاً لَكَ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ أَعْتَقْتُ جَمِيعَ مَا وَهَبُونِيهِ مِنْ نَصِيبِهِمْ(2) لِوَجْهِ اللَّهِ.

فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ: قَدْ وَهَبْنَا حَقَّنَا لَكَ يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ.

فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ أَنَّهُمْ قَدْ وَهَبُوا حَقَّهُمْ وَ قَبِلْتُهُ، وَ اشْهَدْ لِي بِأَنِّي قَدْ أَعْتَقْتُهُمْ لِوَجْهِكَ.

فَقَالَ عُمَرُ: لِمَ نَقَضْتَ عَلَيَّ عَزْمِي فِي الْأَعَاجِمِ؟ وَ مَا الَّذِي رَغَّبَكَ عَنْ رَأْيِي فِيهِمْ؟ فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي إِكْرَامِ الْكُرَمَاءِ، وَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الرَّغْبَةِ فِي الْإِسْلاَمِ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ وَهَبْتُ لِلَّهِ وَ لَكَ - يَا أَبَا الْحَسَنِ - مَا يَخُصُّنِي وَ سَائِرَ مَا لَمْ يُوهَبْ لَكَ.

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَى مَا قَالُوهُ، وَ عَلَى عِتْقِي إِيَّاهُمْ.

فَرَغِبَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي أَنْ يَسْتَنْكِحُوا النِّسَاءَ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): هَؤُلاَءِ لاَ يُكْرَهْنَ عَلَى ذَلِكَ وَ لَكِنْ يُخَيَّرْنَ، فَمَا اخْتَرْنَهُ عُمِلَ بِهِ.

فَأَشَارَ جَمَاعَةُ النَّاسِ إِلَى شَهْرَبَانُويَهْ بِنْتِ كِسْرَى فَخُيِّرَتْ وَ خُوطِبَتْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَ الْجَمْعُ حُضُورٌ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ تَخْتَارِينَ مِنْ خُطَّابِكِ؟ وَ هَلْ أَنْتِ مِمَّنْ تُرِيدِينَ بَعْلاً؟ فَسَكَتَتْ.

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): قَدْ أَرَادَتْ وَ بَقِيَ الاِخْتِيَارُ.

فَقَالَ عُمَرُ: وَ مَا عِلْمُكَ بِإِرَادَتِهَا الْبَعْلَ؟

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَانَ إِذَا أَتَتْهُ كَرِيمَةُ قَوْمٍ لاَ وَلِيَّ لَهَا وَ قَدْ خُطِبَتْ، أَمَرَ أَنْ يُقَالَ لَهَا: أَنْتِ رَاضِيَةٌ بِالْبَعْلِ؟ فَإِنِ اسْتَحْيَتْ وَ سَكَتَتْ جَعَلَ إِذْنَهَا صُمَاتَهَا(3) وَ أَمَرَ بِتَزْوِيجِهَا، وَ إِنْ قَالَتْ: لاَ، لَمْ تُكْرَهْ عَلَى مَا لاَ تَخْتَارُهُ.

وَ إِنَّ شَهْرَبَانُويَهْ أُرِيَتِ الْخُطَّابَ وَ أَوْمَأَتْ بِيَدِهَا، وَ أَشَارَتْ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ،ا.

ص: 195


1- في «م»: حصّتنا.
2- في «ع، م»: عتقت ما و هبتمونيه.
3- في «ط»: رضاها سكوتها.

فَأُعِيدَ الْقَوْلُ عَلَيْهَا فِي التَّخْيِيرِ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا وَ قَالَتْ بِلُغَتِهَا، هَذَا إِنْ كُنْتُ مُخَيَّرَةً.

وَ جَعَلَتْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَلِيَّهَا. وَ تَكَلَّمَ(1) حُذَيْفَةُ بِالْخِطْبَةِ، فَقَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَا اسْمُكِ؟

قَالَتْ: شَاهُ زَنَانَ(2).

قَالَ: نَه شَاهْ زَنَانُ نيست، مگر دختر(3) مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هِيَ سَيِّدَةُ نِسَاءٍ، أَنْتِ شَهْرَبَانُويَهْ وَ أُخْتُكَ مُرْوَارِيد بِنْتُ كِسْرَى.

قَالَتْ: آرِيَهْ(4).

وَ رُوِيَ: أَنَّ شَهْرَبَانُويَهْ وَ أُخْتُهَا مُرْواريد خُيِّرَتَا، فَاخْتَارَتْ شَهْرَبَانُويَهْ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ مُرْوَاريد الْحَسَنَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

وَ قَالَ عَلِيٌّ الرَّافِعِيُّ: كَانَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) نَاقَةٌ حَجَّ عَلَيْهَا ثَلاَثِينَ حِجَّةً، أَوْ أَرْبَعاً وَ عِشْرِينَ حِجَّةً، مَا قَرَعَهَا قَرْعَةً قَطُّ(5).

وَ قِيلَ لَهُ - وَ قَدْ كَانَ بَيِّنَ الْفَضْلِ -: مَا بَالُكَ إِذَا سَافَرْتَ كَتَمْتَ نَسَبَكَ أَهْلَ الرِّفْقَةُ؟ فَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ آخُذَ بِرَسُولِ اللَّهِ مَا لاَ أُعْطِي مِثْلَهُ(6).

رَجَعَ الْحَدِيثُ قَالَ: وَ قَالَ إِبْلِيسُ (لَعَنَهُ اللَّهُ) يَا رَبِّ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الْعَابِدِينَ لَكَ مِنْ عِبَادِكَ مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ إِلَى عَهْدِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَلَمْ أَرَ فِيهِمْ أَعْبَدَ لَكَ وَ لاَ أَخْشَعَ مِنْهُ، فَأْذَنْ لِي - يَا إِلَهِي - أَنْ أَكِيدَهُ لِأَعْلَمَ صَبْرَهُ. فَنَهَاهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْتَهِ، فَتَصَوَّرَ لِعَلِيِّ بْنِ2.

ص: 196


1- في «ط»: فخطب.
2- معناها: سيّدة النّساء.
3- معناها: لا، ليس سيّدة النّساء إلاّ ابنة.
4- معناها: نعم. العدد القويّة: 74/57.
5- نحوه في الكافي 1/389:1، و مناقب ابن شهرآشوب 155:4، و ألقاب الرّسول و عترته: 253.
6- الكامل للمبرد 138:2، مناقب ابن شهرآشوب 161:4، كشف الغمّة 108:2.

الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ قَائِمٌ فِي صَلاَتِهِ فِي صُورَةِ أَفْعَى لَهُ عَشْرَةُ أَرْؤُسٍ، مُحَدَّدَةَ الْأَنْيَابِ، مُنْقَلِبَةَ الْأَعْيُنِ بِالْحُمْرَةِ، طَلَعَ عَلَيْهِ مِنْ جَوْفِ الْأَرْضِ مِنْ مَكَانِ سُجُودِهِ ثُمَّ تَطَوَّلَ فَلَمْ يُرْعَدْ لِذَلِكَ وَ لاَ نَظَرَ بِطَرْفِهِ إِلَيْهِ، فَانْخَفَضَ إِلَى الْأَرْضِ فِي صُورَةِ الْأَفْعَى، وَ قَبَضَ عَلَى عَشَرَةِ أَصَابِعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ أَقْبَلَ يَكْدِمُهَا(1) بِأَنْيَابِهِ، وَ يَنْفُخُ عَلَيْهَا مِنْ نَارٍ جَوْفِهِ، وَ هُوَ لاَ يَنْكَسِرُ طَرْفُهُ إِلَيْهِ، وَ لاَ يُحَرِّكُ قَدَمَيْهِ عَنْ مَكَانِهَا، وَ لاَ يَخْتَلِجُهُ شَكٌّ وَ لاَ وَهْمٌ فِي صَلاَتِهِ.

فَلَمْ يَلْبَثْ إِبْلِيسُ حَتَّى انْقَضَّ عَلَيْهِ شِهَابٌ مُحْرِقٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ إِبْلِيسُ صَرَخَ وَ قَامَ إِلَى جَانِبِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) فِي صُورَتِهِ الْأُولَى، وَ قَالَ: يَا عَلِيُّ، أَنْتَ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ كَمَا سُمِّيتَ، وَ أَنَا إِبْلِيسُ، وَ اللَّهِ لَقَدْ شَاهَدْتُ مِنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى زَمَنِكَ(2) ، فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ عِبَادَتِكَ، وَ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ اسْتَغْفَرَتْ لِي، فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ يَغْفِرُ لِي. ثُمَّ تَرَكَهُ وَ وَلَّى، وَ هُوَ فِي صَلاَتِهِ لاَ يَشْغَلُهُ كَلاَمُهُ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ عَلَى تَمَامِهَا(3).

وَ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ قَائِماً فِي صَلاَتِهِ حَتَّى زَحَفَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَ هُوَ طِفْلٌ، إِلَى بِئْرٍ كَانَتْ فِي دَارِهِ(4) بَعِيدَةِ الْقَعْرِ، فَسَقَطَ فِيهَا، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ فَصَرَخَتْ، وَ أَقْبَلَتْ تَضْرِبُ نَفْسَهَا مِنْ حَوَالَيِ الْبِئْرِ، وَ تَسْتَغِيثُ بِهِ وَ تَقُولُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، غَرِقَ وَ اللَّهِ ابْنُكَ مُحَمَّدٌ. وَ كُلَّ ذَلِكَ لاَ يَسْمَعُ قَوْلَهَا، وَ لاَ يَنْثَنِي عَنْ صَلاَتِهِ، وَ هِيَ تَسْمَعُ اضْطِرَابَ ابْنِهَا فِي قَعْرِ الْبِئْرِ فِي الْمَاءِ.

فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهَا ذَلِكَ قَالَتْ لَهُ جَزَعاً عَلَى ابْنِهَا مَا أَقْسَى قُلُوبَكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ! فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ وَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا إِلاَّ بَعْدَ كَمَالِهَا وَ تَمَامِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا فَجَلَسَ عَلَى رَأْسِ الْبِئْرِ، وَ مَدَّ يَدَهُ إِلَى قَعْرِهَا، وَ كَانَتْ لاَ تُنَالُ إِلاَّ بِرِشَاءٍ(5) طَوِيلٍ فَأَخْرَجَ ابْنَهُ مُحَمَّداً بِيَدِهِ وَ هُوَ يُنَاغِيهِ وَ يَضْحَكُ، وَ لَمْ يُبْلَ لَهُ ثَوْبٌ وَ لاَ جَسَدٌ بِالْمَاءِ.».

ص: 197


1- أيْ بعضها «لسان العرب - كدم - 509:12».
2- في «ع، م»: آدم أبوك و إليك.
3- نوادر المعجزات: 1/112، حلية الأبرار 9:2، مدينة المعاجز: 1/293.
4- في «ع، م»: فازة.
5- الرّشاء: حبل الدّلو «المعجم الوسيط - رشّا - 348:1».

فَقَالَ لَهَا: هَاكِ هُوَ يَا قَلِيلَةَ الْيَقِينِ بِاللَّهِ. فَضَحِكَتْ لِسَلاَمَةِ ابْنِهَا، وَ بَكَتْ لِقَوْلِهَا، فَقَالَ لَهَا(1): لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكِ، لَوْ عَلِمْتِ أَنَّنِي كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْ جَبَّارٍ، لَوْ مِلْتُ بِوَجْهِي عَنْهُ لَمَالَ بِوَجْهِهِ عَنِّي، فَمَنْ تَرَيْنَ أَرْحَمَ بِعَبْدِهِ مِنْهُ؟!(2)

وَ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حَسَنَ الصَّلاَةِ يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ(3) سِوَى الْفَرِيضَةِ، فَقِيلَ لَهُ: أَيْنَ هَذَا الْعَمَلُ مِنْ عَمَلِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ جَدِّكَ؟ فَقَالَ(4): مَهْ إِنَّنِي نَظَرْتُ فِي عَمَلِ عَلِيٍّ يَوْماً وَاحِداً، فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَعْدِلَهُ(5) مِنْ الْحَوْلِ إِلَى الْحَوْلِ(6).

ذكر معجزاته (عليه السلام)

ذكر(7) معجزاته (عليه السلام)

112/ 2 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ ابْنَ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:

لَمَّا كَانَتْ وَاقِعَةُ الْحَرَّةِ وَ أَغَارَ الْجَيْشُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَ أَبَاحَهَا(8) ثَلاَثاً، وَجَّهَ بَرْدَعَةُ الْحِمَارِ صَاحِبُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ (لَعَنَهُ اللَّهُ) فِي طَلَبِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) لِيَقْتُلَهُ، أَوْ

ص: 198


1- في «ط»: فبكت لما نالت منه في جزعها فقال.
2- الهداية الكبرى: 215، عيون المعجزات: 73، مناقب ابن شهرآشوب 135:4، مدينة المعاجز: 293.
3- الإرشاد: 256، عيون المعجزات: 71، روضة الواعظين: 197، القاب الرّسول و عترته: 253، إعلام الورى: 260، تهذيب التّهذيب 306:7، اسعاف الرّاغبين المطبوع بهامش نور الأبصار: 237، تذكرة الحفاظ 75:1، الفصول المهمّة: 201، الصّواعق المحرقة: 200، نور الأبصار: 281.
4- زاد في «ط»: للمتكلّم.
5- في «ع، م»: واحدا فعدلت.
6- حلية الابرار 321:1، مدينة المعاجز: 293.
7- في «ط» زيادة: شيء من.
8- في «ع، م»: الحرّة و اغير على المدينة.

يَسُمَّهُ، فَوَجَدُوهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا دَخَلُوا رَكِبَ السَّحَابَ، وَ جَاءَ حَتَّى وَقَفَ فَوْقَ رَأْسِهِ(1) ، وَ قَالَ: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ: تَكُفُّ. أَوْ آمُرُ الْأَرْضَ أَنْ تَبْلَعَكَ(2) ؟ قَالَ:

مَا أَرَدْتُ إِلاَّ إِكْرَامَكَ وَ الْإِحْسَانَ إِلَيْكَ. ثُمَّ نَزَلَ عَنِ السَّحَابِ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِ أَقْدَاحاً فِيهَا مَاءٌ وَ لَبَنٌ وَ عَسَلٌ، فَاخْتَارَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ لَبَناً وَ عَسَلاً، ثُمَّ غَابَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُ(3).

113/ 3 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ:

كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) رَجُلاً أَسْمَرَ ضَخْماً مِنَ الرِّجَالِ، وَ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى صُرَيْمَةٍ فِيهَا ظِبَاءٌ فَيَسْبِقُ أَوَائِلَهَا وَ يَرُدُّهَا عَلَى أَوَاخِرِهَا(4).

114/ 4 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غُنْدَرٍ، قَالَ:

جَاءَ مَالٌ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ: هَذَا الْمَالُ لِي وَ أَنَا أَحَقُّ بِهِ. فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): بَيْنِي وَ بَيْنَكَ الصَّخْرَةُ. فَأَتَيَا الصَّخْرَةَ، فَكَلَّمَ مُحَمَّدٌ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ الصَّخْرَةَ فَلَمْ تَنْطِقْ، فَكَلَّمَهَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَنَطَقَتْ وَ قَالَتْ: الْمَالُ لَكَ، الْمَالُ لَكَ، وَ أَنْتَ الْوَصِيُّ وَ ابْنُ الْوَصِيِّ، وَ الْإِمَامُ وَ ابْنُ الْإِمَامِ. فَبَكَى مُحَمَّدٌ وَ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، لَقَدْ ظَلَمْتُكَ إِذْ غَصَبْتُكَ حَقَّكَ(5).

115/ 5 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ قَبِيصَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ يَقُولُ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ، وَ أَنَا آخِرُ مَنْ يُهْلِكُهَا.

فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، وَ مَا آيَةُ ذَلِكَ؟

قَالَ: آيَةُ ذَلِكَ أَنْ أَرُدَّ الشَّمْسَ مِنْ مَغْرِبِهَا إِلَى مَشْرِقِهَا، وَ مِنْ مَشْرِقِهَا إِلَى مَغْرِبِهَا.3.

ص: 199


1- في «ط»: دخلوا عليه جاءه سحاب فوقف على رأسه فنزل منه ملك فقام بين يديه.
2- في «ط»: تبتلعهم فقال: ما كلّ هذا.
3- نوادر المعجزات: 2/113، إثبات الهداة 55/254:5، مدينة المعاجز: 293.
4- إثبات الهداة 56/255:5، مدينة المعاجز: 4/293.
5- نوادر المعجزات: 3/114، إثبات الهداة 57/255:5، مدينة المعاجز: 5/293.

فَقِيلَ لَهُ: افْعَلْ ذَلِكَ. فَفَعَلَ.

وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ): سَأَلْتُ رَبِّي ثَلاَثاً فَأَعْطَانِي، سَأَلْتُهُ أَنْ يَحِلَّ فِي مَا حَلَّ فِي سَمِيِّي مِنْ قَبْلُ فَفَعَلَ، وَ أَنْ يَرْزُقَنِي الْعِبَادَةَ فَفَعَلَ، وَ أَنْ يُلْهِمَنِي التَّقْوَى فَفَعَلَ(1).

116/ 6 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَسْوَدِ التَّيْمِيُّ(2):

رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ أُوتِيَ بِطِفْلٍ مَكْفُوفٍ، فَمَسَحَ عَيْنَيْهِ فَاسْتَوَى بَصَرُهُ، وَ جَاءُوا إِلَيْهِ بِأَبْكَمَ فَكَلَّمَهُ فَأَجَابَهُ، وَ جَاءُوا إِلَيْهِ بِمُقْعَدٍ فَمَسَحَ عَلَيْهِ(3) فَسَعَى وَ مَشَى(4).

117/ 7 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَيُّوبَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ:

لَقِيتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنِّي مُعْدِمٌ، فَأَعْطَانِي دِرْهَماً وَ رَغِيفاً، فَأَكَلْتُ أَنَا وَ عِيَالِي مِنَ الرَّغِيفِ وَ الدِّرْهَمِ أَرْبَعِينَ سَنَةً(5).

118/ 8 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:

لَقِيتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدِ انْبَثَقَ شَقٌّ فِي نَهَرِ سُورَا وَ بُرَيْهٍ(6) وَتَرَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ بِغَلَّتَيْهِمَا - خَمْسِمِائَةِ(7) أَلْفِ دِرْهَمٍ - وَ كَانَ ذَلِكَ دَأْبَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَسَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي خَاتَمَ رَصَاصٍ، فَأَلْقَيْتَهُ فِي ذَلِكَ النَّهَرِ، فَوَقَفَ الْمَاءُ بِصَيْفِهِ وَ شِتَائِهِ وَ مَدِّهِ وَ نَقْصِهِ فَلَمْ يَضُرَّ الْغَلَّةَ(8).5.

ص: 200


1- نوادر المعجزات: 4/114، قطعة منه، مدينة المعاجز: 6/293.
2- في «ط»: التميمي.
3- في «ع، م»: فمسحه.
4- نوادر المعجزات: 5/115، إثبات الهداة 58/255:5، مدينة المعاجز: 7/293.
5- نوادر المعجزات: 6/115، إثبات الهداة 59/255:5، مدينة المعاجز: 8/293.
6- نهر سورا و يقال سوراء: من نواحي الكوفة. و نهر بريه: بالبصرة شرق دجلة.
7- في «ع، م»: شقا في نهر متورا و نرية و ترينا حتى ذهب غلاتها بخمسمائة.
8- إثبات الهداة 60/256:5.

119/ 9 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنِي خَلِيفَةُ بْنُ هِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّمَيْرِ عَلِيُّ ابْنُ يَزِيدَ، قَالَ:

كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عِنْدَ مَا انْصَرَفَ مِنَ الشَّامِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكُنْتُ أُحْسِنُ إِلَى نِسَائِهِ وَ أَتَوَارَى عَنْهُمْ عِنْدَ قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ(1) ، فَلَمَّا نَزَلُوا الْمَدِينَةَ بَعَثُوا إِلَيَّ بِشَيْ ءٍ مِنْ حُلِيِّهِنَّ فَلَمْ آخُذْهُ، وَ قُلْتُ: فَعَلْتُ هَذَا لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)(2).

فَأَخَذَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حَجَراً أَسْوَدَ صَمَّا فَطَبَعَهُ بِخَاتَمِهِ، ثُمَّ قَالَ: خُذْهُ وَ سَلْ كُلَّ حَاجَةٍ لَكَ مِنْهُ.

فَوَ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ، لَقَدْ كُنْتُ أَسْأَلُهُ الضَّوْءَ فِي الْبَيْتِ فَيَنْسَرِجُ فِي الظَّلْمَاءِ، وَ أَضَعُهُ عَلَى الْأَقْفَالِ فَتُفَتَّحُ لِي، وَ آخُذُهُ بِيَدِي وَ أَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ السَّلاَطِينِ فَلاَ أَرَى إِلاَّ مَا أُحِبُّ(3).

120/ 10 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاعِدِيُّ(4) وَ أَبُو مُحَمَّدٍ ثَابِتُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا جُمْهُورُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ:

رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ نَبَتَ لَهُ أَجْنِحَةٌ وَ رِيشٌ، فَطَارَ ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالَ:

رَأَيْتُ السَّاعَةَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ.

فَقُلْتُ: وَ هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصْعَدَ؟

فَقَالَ: نَحْنُ صَنَعْنَاهَا فَكَيْفَ لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَصْعَدَ إِلَى مَا صَنَعْنَاهُ؟! نَحْنُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، وَ نَحْنُ عَلَى الْعَرْشِ، وَ الْعَرْشُ وَ الْكُرْسِيُّ لَنَا.

ثُمَّ أَعْطَانِي طَلْعاً فِي غَيْرِ أَوَانِهِ(5).

121/ 11 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.4.

ص: 201


1- في «ط»: عنهم إذا نزلوا و أبعد عنهم إذا رحلوا، و في النّوادر: و أقضي حوائجه.
2- في «ط»: و لرسوله.
3- نوادر المعجزات: 7/116، إثبات الهداة 61/256:5، مدينة المعاجز: 9/294.
4- في «ع»: السّاعديّ.
5- نوادر المعجزات: 8/116، إثبات الهداة 62/256:5، مدينة المعاجز: 10/294.

قَالَ: لَقِيتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) وَ هُوَ خَارِجٌ إِلَى يَنْبُعَ(1) مَاشِياً(2) فَقُلْتُ:

يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، لَوْ(3) رَكِبْتَ. فَقَالَ: هَاهُنَا مَا هُوَ أَيْسَرُ، فَانْظُرْ. فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ، وَ حَفَّتْ بِهِ الطَّيْرُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَمَا رَأَيْتُ مَرْأًى(4) أَحْسَنَ مِنْ ذَلِكَ كَانَتِ الطَّيْرُ(5) لَتُنَاغِيهِ، وَ الرِّيحُ تُكَلِّمُهُ(6).

122/ 12 - وَ رَوَى عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

بَيْنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ أَقْبَلَتْ ظَبْيَةٌ مِنَ الصَّحْرَاءِ حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَضَرَبَتْ بِذَنَبِهَا وَ هَمْهَمَتْ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا تَقُولُ الظَّبْيَةُ؟ قَالَ: تَذْكُرُ أَنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ الْقُرَشِيَّ أَخَذَ خِشْفَهَا بِالْأَمْسِ وَ لَمْ تُرْضِعْهُ مُنْذُ أَمْسِ.

قَالَ: فَوَقَعَ فِي قَلْبِ الرَّجُلِ مَا شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى الْقُرَشِيِّ وَ قَالَ لَهُ: هَذِهِ الظَّبْيَةُ تَشْكُوكَ.

قَالَ: وَ مَا تَقُولُ؟

قَالَ: تَزْعُمُ أَنَّكَ أَخَذْتَ خِشْفَهَا أَمْسِ فِي وَقْتِ كَذَا وَ كَذَا، وَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَعْ مُنْذُ أَمْسِ شَيْئاً، وَ قَدْ سَأَلَتْنِي أَنْ أَسْأَلَكَ أَنْ تَبْعَثَ بِهِ إِلَيْهَا حَتَّى تُرْضِعَهُ وَ تَرُدَّهُ إِلَيْكَ.

قَالَ: وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالرِّسَالَةِ، لَقَدْ صَدَقَتْ عَلَيَّ. فَقَالَ لَهُ: أَرْسِلْ إِلَيَّ بِالْخِشْفِ.

فَلَمَّا رَأَتْهُ هَمْهَمَتْ وَ ضَرَبَتْ بِذَنَبِهَا، فَرَضَعَ مِنْهَا فَقَالَ: بِحَقِّي عَلَيْكَ - يَا فُلاَنُ - إِلاَّ وَهَبْتَهُ لِي. فَوَهَبَهُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ وَهَبَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ لَهَا، وَ كَلَّمَهَا بِمِثْلِ كَلاَمِهَا، فَهَمْهَمَتْ وَ ضَرَبَتْ بِذَنَبِهَا وَ انْطَلَقَتْ مَعَ الْخِشْفِ، فَقَالُوا: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا قَالَتْ؟4.

ص: 202


1- ينبع قرية غناء على يمين رضوى لمن كان منحدرا من أهل المدينة إلى البحر. مراصد الاطّلاع 1485:3.
2- (ماشيا) ليس في «ع، م».
3- في «ع، م»: إن.
4- في «ع، م»: مرقوما.
5- في «ع، م» أحسن منه يرفد إلى الطّير.
6- نوادر المعجزات: 9/117، إثبات الهداة 63/256:5، مدينة المعاجز: 11/294.

قَالَ: دَعَتْ لَكُمْ(1) وَ جَزَتْكُمْ خَيْراً(2).

123/ 13 - وَ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الْعَلاَءِ وَ أَبُو الْمَغْرَاءِ وَ حُمَيْدُ بْنُ الْمُثَنَّى جَمِيعاً، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: جَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، أَ لَسْتَ تُقِرُّ بِأَنِّي إِمَامٌ عَلَيْكَ؟

قَالَ: يَا عَمِّ، لَوْ عَلِمْتُ ذَلِكَ مَا خَالَفْتُكَ، وَ(3) إِنَّ طَاعَتِي عَلَيْكَ وَ عَلَى الْخَلاَئِقِ مَفْرُوضَةٌ. وَ قَالَ: يَا عَمِّ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنِّي وَصِيٌّ وَ ابْنُ وَصِيٍّ. وَ أَنَّبَهُ فَتَشَاجَرَا سَاعَةً، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): بِمَنْ تَرْضَى يَكُونُ بَيْنَنَا حَكَماً؟

فَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ شِئْتَ.

قَالَ: أَ تَرْتَضِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ؟

فَقَالَ مُحَمَّدٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَدْعُوكَ إِلَى النَّاسِ وَ تَدْعُونِي إِلَى حَجَرٍ لاَ يَتَكَلَّمُ!

فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَتَكَلَّمُ، أَ مَا عَلِمْتَ - يَا عَمِّ - إِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَهُ عَيْنَانِ وَ لِسَانٌ وَ شَفَتَانِ، فَيَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ بِالْمُوَافَاةِ؛ فَنَدْنُو أَنَا وَ أَنْتَ مِنْهُ، فَنَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يُنْطِقَهُ لَنَا أَيُّنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ.

فَانْطَلَقَا وَ صَلَّيَا عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ دَنَوْا مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَ قَدْ كَانَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: لَئِنْ لَمْ أُجِبْكَ إِلَى مَا دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ، إِنِّي إِذَنْ لَمِنَ الظَّالِمِينَ.

فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِمُحَمَّدٍ: تَقَدَّمْ يَا عَمِّ إِلَيْهِ، فَإِنَّكَ أَسَنُّ مِنِّي، فَقَالَ مُحَمَّدٌ لِلْحَجَرِ: أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ اللَّهِ، وَ بِحُرْمَةِ رَسُولِهِ، وَ بِحُرْمَةِ كُلِّ مُؤْمِنٍ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عَلِيِّ ابْنِ الْحُسَيْنِ إِلاَّ نَطَقْتَ بِالْحَقِّ، وَ بَيَّنْتَ ذَلِكَ لَنَا. فَلَمْ يُجِبْهُ.

ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): تَقَدَّمْ فَاسْأَلْهُ، فَتَقَدَّمَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَتَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ خَفِيٍّ لاَ يُفْهَمُ، ثُمَّ قَالَ: أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ اللَّهِ، وَ بِحُرْمَةِ رَسُولِهِ، وَ بِحُرْمَةِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ بِحُرْمَةِ فَاطِمَةَ،م.

ص: 203


1- في «ع، م»: للّه.
2- بصائر الدّرجات: 10/370، الهداية الكبرى: 216، الاختصاص: 299، الخرائج و الجرائح 259:1 / 4، مناقب ابن شهرآشوب 140:4، الناقب في المناقب: 297/359، كشف الغمّة 109:2، الصّراط المستقيم 4/180:2.
3- في «ط» زيادة: لكنّي أعلم.

وَ بِحُرْمَةِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عَمِّي إِلاَّ نَطَقْتَ بِذَلِكَ، وَ بَيَّنْتَ لَنَا حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ رَأْيِهِ.

فَقَالَ الْحَجَرُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ: يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، اسْمَعْ وَ أَطِعْ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَإِنَّهُ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ.

فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ: سَمِعْتُ وَ أَطَعْتُ وَ سَلَّمْتُ(1).

124/ 14 - وَ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، [عَنْ سُلَيْمَانَ](2) بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ التَّمِيمِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي الْمَسْجِدِ فَمَرَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَ عَلَيْهِ نَعْلاَنِ شِرَاكُهُمَا فِضَّةٌ، وَ كَانَ مِنْ أَمْجَنِ النَّاسِ، وَ هُوَ شَابٌّ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَطَاءٍ، تَرَى هَذَا الْمُتْرَفَ، إِنَّهُ لاَ يَمُوتُ حَتَّى يَلِيَ النَّاسَ.

قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، هَذَا الْفَاسِقُ!

قَالَ: نَعَمْ، وَ لاَ يَلْبَثُ عَلَيْهِمْ إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ لَعَنَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَ بَكَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْأَرْضِ(3). *.

125/ 15 - وَ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ وَ الْبَرْقِيُّ، عَنِ النَّضْرُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ(4) ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: أُتِيَ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) إِلَى يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ النِّسَاءِ أَسْرَى فَجَعَلُوهُمْ فِي بَيْتٍ، وَ وَكَّلُوا بِهِمْ قَوْماً مِنَ الْعَجَمِ لاَ يَفْهَمُونَ الْعَرَبِيَّةَ.

فَقَالَ بَعْضٌ لِبَعْضٍ: إِنَّمَا جُعِلْنَا فِي هَذَا الْبَيْتِ لِيَهْدِمَ عَلَيْنَا فَيَقْتُلَنَا فِيهِ.

فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِلْحَرَسِ بِالرَّطَانَةِ: تَدْرُونَ مَا يَقُولُ هَؤُلاَءِ6.

ص: 204


1- الهداية الكبرى: 220، الخرائج و الجرائح 257:1 نحوه، الثّاقب في المناقب: 291/349، و قطعة منه في عيون المعجزات: 71، و ألقاب الرّسول و عترته: 254.
2- أضفناه من بصائر الدّرجات، و انظر معجم رجال الحديث 256:10.
3- بصائر الدّرجات: 1/190، الخرائج و الجرائح 4/584:2، الثّاقب في المناقب: 298/360.
4- زاد في البصائر: عن محمّد بن عليّ الحلبيّ، و كلاهما معدود في أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و الرّواة عنه، انظر رجال النّجاشيّ: 1199/444 و معجم رجال الحديث 303:16.

النِّسَاءُ؟ يَقُلْنَ كَيْتَ وَ كَيْتَ.

فَقَالَ الْحَرَسُ: قَدْ قَالُوا إِنَّكُمْ تَخْرُجُونَ غَداً وَ تُقْتَلُونَ. فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): كَلاَّ، يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ يُعْلِمُهُمْ بِلِسَانِهِمْ.

وَ الرَّطَانَةُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ اللُّغَةُ(1) الْفَارِسِيَّةُ(2).

126/ 16 - وَ رَوَى يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْوَشَّاءِ عَمَّنْ رَوَى(3) عَنِ الْمُثَنَّى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَنْصُورٍ(4) ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي دَارِهِ وَ فِيهَا عَصَافِيرُ وَ هِيَ تَصُوتُ، فَقَالَ لِي: أَ تَدْرِي مَا يَقُلْنَ هَؤُلاَءِ الْعَصَافِيرُ؟

فَقُلْتُ: لاَ أَدْرِي.

قَالَ: يُسَبِّحْنَ رَبَّهُنَّ وَ يُهَلِّلْنَ، وَ يَسْأَلْنَهُ قُوتَ يَوْمِهِنَّ.

ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ، وَ أُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ(5).

127/ 17 - وَ رَوَى الْعَبَّاسُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ [ابْنِ مُحَمَّدِ] بْنِ عِمْرَانَ(6) ، عَنْ زُرْعَةَ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، [عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ](7) ، قَالَ:

خَرَجْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى مَكَّةَ فَبَلَغْنَا الْأَبْوَاءَ، فَإِذَا غَنَمٌ وَ نَعْجَةٌ قَدْ تَخَلَّفَتْ عَنِ الْقَطِيعِ، وَ هِيَ تَثْغُو ثُغَاءً شَدِيداً وَ تَنْقَلِبُ إِلَى سَخْلَتِهَا تَثْغُو وَ تَشْتَدُّ فِي طَلَبِهَا فَكُلَّمَا قَامَتِ السَّخْلَةُ ثَغَتِ النَّعْجَةُ فَتَتْبَعُهَا.

فَقَالَ: يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ، تَدْرِي مَا تَقُولُ النَّعْجَةُ لِسَخْلَتِهَا؟ فَقُلْتُ: لاَ وَ اللَّهِ مَا أَدْرِي،ب.

ص: 205


1- في «ع، م»: الدرية.
2- بصائر الدّرجات: 1/357 «نحوه»، مدينة المعاجز: 294.
3- في «م»: عمّن رواه.
4- في البصائر: الميثميّ، عن منصور، و في الاختصاص: عليّ بن اسماعيل الميثميّ، عن منصور بن يونس، و كلاهما يرويان عن أبي حمزة الثّماليّ، انظر معجم رجال الحديث 133:21.
5- بصائر الدّرجات: 1/361، الاختصاص: 292، و نحوه في الهداية الكبرى: 217، و حلية الاولياء 3: 140، مناقب ابن شهرآشوب 133:4.
6- في النّسخ: الحسن بن عمران، و ما أثبتناه من جامع الرّواة 329:1، معجم رجال الحديث 258:7.
7- أثبتناه من الخرائج و الجرائح و مناقب ابن شهرآشوب.

فَقَالَ: إِنَّهَا تَقُولُ: الْحَقِي بِالْغَنَمِ، فَإِنْ أُخْتَكَ عَامَ أَوَّلَ تَخَلَّفَتْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَكَلَهَا الذِّئْبُ(1).

128/ 18 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ(2) ، عَنْ حُمْرَانَ ابْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ مَعَهُ(3) جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَتْ ظَبْيَةٌ فَتَبَصْبَصَتْ وَ ضَرَبَتْ بِذَنَبِهَا، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا تَقُولُ هَذِهِ الظَّبْيَةُ؟ قُلْنَا:

مَا نَدْرِي.

فَقَالَ: تَزْعُمُ أَنَّ رَجُلاً اصْطَادَ خِشْفاً لَهَا وَ هِيَ تَسْأَلُنِي أَنْ أُكَلِّمَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهَا.

فَقَامَ وَ قُمْنَا مَعَهُ حَتَّى جَاءَ إِلَى بَابِ الرَّجُلِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَ الظَّبْيَةُ مَعَنَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنَّ هَذِهِ الظَّبْيَةَ زَعَمَتْ كَذَا وَ كَذَا، وَ أَنَا أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهَا، فَدَخَلَ الرَّجُلُ مُسْرِعاً دَارَهُ، وَ أَخْرَجَ إِلَيْهِ الْخِشْفَ وَ سَيَّبَهُ، فَمَضَتِ الظَّبْيَةُ وَ الْخِشْفُ مَعَهَا، وَ أَقْبَلَتْ تَحَرَّكَ ذَنَبُهَا، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): هَلْ تَدْرُونَ مَا تَقُولُ؟ فَقُلْنَا: مَا نَدْرِي.

فَقَالَ: إِنَّهَا تَقُولُ: رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ كُلَّ حَقٍّ غُصِبْتُمْ عَلَيْهِ، وَ كُلَّ غَائِبٍ، وَ كُلَّ سَبَبٍ تَرْجُونَهُ، وَ غَفَرَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَمَا رَدَّ عَلَيَّ وَلَدِي(4).

129/ 19 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) أَرْسَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَجَاءَهُ، فَقَالَ(5) لَهُ: يَا بْنَ أَخِي، قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) جَعَلَ الْوَصِيَّةَر.

ص: 206


1- بصائر الدّرجات: 2/367، الاختصاص: 294، الخرائج و الجرائح 48/833:2، مناقب ابن شهرآشوب 139:4.
2- في البصائر و الاختصاص: بشر [بشير] و إبراهيم ابنا محمّد، عن أبيهما.
3- في «ط»: و معي.
4- بصائر الدّرجات: 14/372، الاختصاص: 297.
5- في «ع، م»: فجاء به و قال، و لعلّها تصحيف: فخلا به، كما في بعض المصادر.

وَ الْإِمَامَةَ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ إِلَى الْحَسَنِ، ثُمَّ إِلَى الْحُسَيْنِ، وَ قَدْ قُتِلَ أَبُوكَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، وَ أَنَا عَمُّكَ وَ صِنْوُ أَبِيكَ، وَ وِلاَدَتِي مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِثْلُ وِلاَدَةِ أَبِيكَ، فَأَنَا أَحَقُّ بِالْوَصِيَّةِ مِنْكَ مَعَ حَدَاثَتِكَ، فَلاَ تُنَازِعْنِي الْوَصِيَّةَ وَ الْإِمَامَةَ، وَ لاَ تُحَارِبْنِي(1).

فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا عَمِّ، لاَ تَدَعْ مَا لَيْسَ لَكَ بِحَقٍّ، إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ.

إِنَّ أَبِي (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) أَوْصَى إِلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْعِرَاقِ، وَ عَهِدَ إِلَيَّ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ بِسَاعَةٍ، وَ هَذَا سِلاَحُ رَسُولِ اللَّهِ عِنْدِي، فَلاَ تَتَعَرَّضْ لِهَذَا الْأَمْرِ وَ تُنْكِرْهُ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ - يَا عَمِّ - نَقْصَ الْعُمُرِ وَ تَشَتُّتَ الْحَالِ.

إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) - لَمَّا صَنَعَ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مَعَ مُعَاوِيَةَ مَا صَنَعَ - جَعَلَ الْوَصِيَّةَ وَ الْإِمَامَةَ فِي عَقِبِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ حَقِيقَةَ قَوْلِي فَانْطَلِقْ مَعِي إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى نَتَحَاكَمَ إِلَيْهِ وَ نَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وَ كَانَ الْكَلاَمُ بَيْنَهُمَا بِمَكَّةَ، فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: ابْتَهِلْ إِلَى اللَّهِ (تَعَالَى)، وَ اسْأَلْهُ أَنْ يُنْطِقَ لَكَ الْحَجَرَ. فَابْتَهَلَ مُحَمَّدٌ بِالدُّعَاءِ، وَ سَأَلَ اللَّهَ، وَ كَلَّمَ الْحَجَرَ فَلَمْ يُجِبْهُ.

فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَمَا إِنَّكَ - يَا عَمِّ - لَوْ كُنْتَ وَصِيّاً وَ إِمَاماً لَأَجَابَكَ.

قَالَ: فَقَالَ مُحَمَّدٌ: فَكَلِّمْهُ أَنْتَ - يَا بْنَ أَخِي - وَ سَلْهُ.

فَدَعَا اللَّهَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِمَا أَرَادَ، ثُمَّ قَالَ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي جَعَلَ فِيكَ مِيثَاقَ الْأَنْبِيَاءِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ لَمَّا أَخْبَرْتَنَا مَنِ الْوَصِيُّ وَ الْإِمَامُ بَعْدَ الْحُسَيْنِ.

فَتَحَرَّكَ الْحَجَرُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَزُولَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَ أَنْطَقَهُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، وَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْوَصِيَّةَ وَ الْإِمَامَةَ بَعْدَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).ي.

ص: 207


1- في «ع، م»: و لا تحادثني، و في البصائر: و لا تجانبني، و في الامامة و التّبصرة: و لا تخالفني.

فَانْصَرَفَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَ هُوَ يَتَوَلَّى عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(1).

130/ 20 - وَ رَوَى فَضَالَةُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ الْأَحْمَرِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)، قَالَ: حَضَرَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) الْمَوْتُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَيُّ لَيْلَةٍ هَذِهِ؟ قَالَ: لَيْلَةُ كَذَا وَ كَذَا.

قَالَ: وَ كَمْ مَضَى مِنَ الشَّهْرِ؟ قَالَ: كَذَا وَ كَذَا.

قَالَ: وَ كَمْ بَقِيَ؟ قَالَ: كَذَا وَ كَذَا.

قَالَ: إِنَّهَا اللَّيْلَةُ الَّتِي وُعِدْتُهَا.

قَالَ: وَ دَعَا بِوَضُوءٍ فَقَالَ إِنَّ فِيهِ لَفَأْرَةً. فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ(2): إِنَّهُ لَيَهْجُرُ. فَقَالَ:

هَاتُوا الْمِصْبَاحَ فَنَظَرُوا فَإِذَا فِيهِ فَأْرَةٌ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الْمَاءِ فَأُهْرِيقَ، وَ أَتَوْهُ بِمَاءٍ آخَرَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَ صَلَّى، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ تُوُفِّيَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)(3).

131/ 21 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاَءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ حَمَّادٍ الْكَاتِبُ، عَنْ أَبِيهِ يَزِيدَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ الطَّحَّانِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنَّ أَوَّلَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ عَلَيْهِ مِنْ عَلاَمَاتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَّهُ دَقَّ عَلَيْهِ بَابَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْغُلاَمُ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ.

فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): قُلْ لَهُ: ادْخُلْ يَا كَنْكَرُ.

قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصِي وَ دَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا خَالِدٍ: أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ الْجَنَّةَ وَ هِيَ مَسْكَنِي الَّذِي إِذَا شِئْتُ دَخَلْتُ فِيهِ، فَقُلْتُ: نَعَمْ أَرِنِيهِ.

فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى عَيْنِي، فَصِرْتُ فِي الْجَنَّةِ، فَنَظَرْتُ إِلَى قُصُورِهَا وَ أَنْهَارِهَا وَ مَا شَاءَل.

ص: 208


1- بصائر الدّرجات: 3/522، الكافي 5/282:1، الإمامة و التّبصرة: 49/60، الاحتجاج: 316، إعلام الورى: 258 قطعة منه، مختصر بصائر الدّرجات: 14 و 170، و قطعة منه في مناقب ابن شهرآشوب 147:4.
2- في «ط»: العوّاد.
3- الهداية الكبرى: 224 نحوه، فرج المهموم: 228 عن الدّلائل.

اللَّهُ أَنْ أَنْظُرَ، فَمَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ نَظَرْتُ بَعْدُ فَإِذَا أَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ)(1).

132/ 22 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ الطَّبَرِسْتَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) قَالَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَقُولُ بِمُحَمَّدٍ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَلَقِيَنِي يَحْيَى بْنُ أُمِّ الطَّوِيلِ فَدَعَانِي إِلَى عَلِيِّ ابْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَامْتَنَعْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَا يَضُرُّكَ أَنْ تَقْضِيَ حَقِّي بِأَنْ تَلْقَاهُ لَقْيَةً وَاحِدَةً! فَصِرْتُ مَعَهُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جَالِساً فِي بَيْتٍ مَفْرُوشٍ بِالْمُعَصْفَرِ(2) مُلَبَّسُ الْحِيطَانِ(3) وَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ مُصْبَغَةٌ، فَلَمْ أُطِلْ(4) عِنْدَهُ، فَلَمَّا نَهَضْتُ قَالَ لِي: صِرْ إِلَيْنَا فِي غَدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ.

فَقُلْتُ لِيَحْيَى: أَدْخَلْتَنِي إِلَى رَجُلٍ يَلْبَسُ الْمُصْبَغَاتِ! وَ عَزَمْتُ أَنْ لاَ أَرْجِعَ إِلَيْهِ، ثُمَّ فَكَّرْتَ أَنَّ رُجُوعِي غَيْرُ ضَائِرٍ، فَصِرْتُ إِلَيْهِ فِي الْوَقْتِ فَوَجَدْتُ الْبَابَ مَفْتُوحاً، وَ لَمْ أَرَ أَحَداً فَهَمَمْتُ بِالرُّجُوعِ، فَنَادَانِي مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ: ادْخُلْ. ثَلاَثَةَ أَصْوَاتِ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ غَيْرِي، فَصَاحَ: يَا كَنْكَرُ(5) ، ادْخُلْ. وَ هَذَا الاِسْمُ كَانَتْ أُمِّي سَمَّتْنِي بِهِ، وَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهَا أَحَدٌ غَيْرِي، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ جَالِساً فِي بَيْتٍ مُطَيَّنٍ، عَلَى حَصِيرٍ بَرَدِيٍّ، وَ عَلَيْهِ قَمِيصُ كَرَابِيسَ(6) ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا خَالِدٍ، إِنِّي قَرِيبُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، وَ إِنَّ الَّذِي رَأَيْتَ بِالْأَمْسِ مِنْ آلَةٍ الْمَرْأَةِ، وَ لَمْ أُحِبَّ خِلاَفَهَا.

فَمَا بَرِحْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى أَرَانِي الْأَعَاجِيبَ، فَقُلْتُ بِإِمَامَتِهِ، وَ هَدَانِي اللَّهِ بِهِ وَ عَلَى يَدَيْهِ(7).9.

ص: 209


1- مدينة المعاجز: 23/299.
2- أي المصبوغ بالعصفر، و هو صبغ أحمر غالبا ما يصبغ به الحرير يتخذ من زهر نبات العصفر.، انظر «المعجم الوسيط 605:2».
3- في «ط»: قد لبس الحيطان بذلك، و في العيون: مكلّس الحيطان.
4- في «ع، م»: آكل.
5- في «ع»: يا كنفر، و في «م»: يا كنص.
6- الكرابيس، جمع كرباس: و هو القطن «مجمع البحرين 100:4».
7- عيون المعجزات: مدينة المعاجز: 24/299.

133/ 23 - وَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ: إِنَّ رَجُلاً أَتَى عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ عِنْدَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا مُنَجِّمٌ وَ أَبِي عَرَّافٌ. فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ قَدْ مَرَّ مُنْذُ دَخَلْتَ عَلَيْنَا فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ(1) عَالَمٍ؟

فَقَالَ: مَنْ هُوَ.

فَقَالَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِمَا أَكَلْتَ وَ مَا ادَّخَرْتَ فِي بَيْتِكَ.

فَقَالَ لَهُ: أَنْبِئْنِي.

فَقَالَ لَهُ: أَكَلْتَ فِي هَذَا الْيَوْمِ حِيساً(2) ، وَ أَمَّا مَا فِي بَيْتِكَ فَعِشْرُونَ دِينَاراً، مِنْهَا ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ دَارِيَّةٌ.

فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الْحُجَّةُ الْعُظْمَى، وَ الْمَثَلُ الْأَعْلَى، وَ كَلِمَةُ التَّقْوَى.

فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ صِدِّيقٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَكَ(3).

134/ 24 - أَخْبَرَنِي أَخِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْبَغْدَادِيِّ، وَ مَوْلِدُهُ بِسُورَاءَ(4) ، فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ خَمْسٍ وَ تِسْعِينَ وَ ثَلاَثِمِائَةٍ، قَالَ:

وَجَدْتُ فِي الْكِتَابِ الْمُلَقَّبِ بِ (كِتَابِ الْمُعْضِلاَتِ) رِوَايَةَ أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَ أَبُوهُ، عَنِ ابْنِ رِيَاحٍ، يَرْفَعُهُ عَنْ رِجَالِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:

كُنْتُ جَالِساً فِي مَجْلِسِ سَيِّدِنَا أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) إِذْ وَقَفَ بِهِ(5) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ يَا عَلِيَّ بْنَه.

ص: 210


1- في «ع، م»: أربعة عشر ألف.
2- الحيس: هو الطّعام المتّخذ من التّمر و الأقط - أيْ اللّبن المحمّض المجمد - و السّمن «لسان العرب - حيس - 61:6».
3- بصائر الدّرجات: 13/420، الاختصاص: 320 نحوه، فرج المهموم: 111، مدينة المعاجز 25/299 و اثبات الهداة 66/257:5 قطعة منه.
4- في «ط»: بسورى، سوراء: موضع يقال هو إلى جنب بغداد، و قيل: هو بغداد نفسها. و سورا بالألف المقصورة: موضع بالعراق قرب بابل «معجم البلدان 278:3».
5- في «ط»: عليه.

الْحُسَيْنِ، بَلَغَنِي أَنَّكَ تَدَّعِي أَنَّ يُونُسَ بْنَ مَتَّى عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَلاَيَةُ أَبِيكَ فَلَمْ يَقْبَلْهَا(1) ، فَحُبِسَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ.

قَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَ مَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟

قَالَ: إِنِّي لاَ أَقْبَلُهُ.

فَقَالَ: أَ تُرِيدُ أَنْ يَصِحَّ لَكَ ذَلِكَ؟

قَالَ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ: اجْلِسْ.

ثُمَّ دَعَا غُلاَمَهُ فَقَالَ لَهُ: جِئْنَا بِعِصَابَتَيْنِ. وَ قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدَ بْنَ ثَابِتٍ، شُدَّ عَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بِإِحْدَى الْعِصَابَتَيْنِ وَ اشْدُدْ عَيْنَكَ بِالْأُخْرَى، فَشَدَدْنَا أَعْيُنَنَا فَتَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ، ثُمَّ قَالَ: حُلُّواً أَعْيُنَكُمْ. فَحَلَلْنَاهَا فَوَجَدْنَا أَنْفُسَنَا عَلَى بِسَاطٍ وَ نَحْنُ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ.

ثُمَّ تَكَلَّمَ(2) بِكَلاَمٍ فَاسْتَجَابَ لَهُ حِيتَانُ الْبَحْرِ إِذْ ظَهَرَتْ بَيْنَهُنَّ حُوتَةٌ عَظِيمَةٌ فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ؟ فَقَالَتْ: اسْمِي نُونٌ.

فَقَالَ لَهَا: لِمَ حُبِسَ يُونُسُ فِي بَطْنِكَ؟

فَقَالَتْ: عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَلاَيَةُ أَبِيكَ فَأَنْكَرَهَا، فَحُبِسَ فِي بَطْنِي، فَلَمَّا أَقَرَّ بِهَا وَ أَذْعَنَ أُمِرْتُ فَقَذَفْتُهُ؛ وَ كَذَلِكَ مَنْ أَنْكَرَ وَلاَيَتَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ يُخَلَّدُ فِي نَارِ الْجَحِيمِ:

فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ(3) أَ سَمِعْتَ وَ شَهِدْتَ؟ فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ. فَقَالَ: شُدُّوا أَعْيُنَكُمْ.

فَشَدَدْنَاهَا فَتَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ ثُمَّ قَالَ: حُلُّوهَا. فَحَلَلْنَاهَا، فَإِذَا نَحْنُ عَلَى الْبِسَاطِ فِي مَجْلِسِهِ، فَوَدَّعَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَ انْصَرَفَ.

فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي يَوْمِي عَجَباً، فَآمَنْتُ بِهِ، فَتَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُؤْمِنُ بِمَا آمَنْتُ بِهِ؟

فَقَالَ لِي: لاَ، أَ تُحِبُّ أَنْ تَعْرِفَ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: قُمْ فَاتَّبِعْهُ وَ مَاشِهِ وَ اسْمَعْ مَا يَقُولُ لَكَ.ه.

ص: 211


1- في «ط»: يقبل.
2- في «ع، م»: فتكلّم.
3- في «ط»: الجحيم، فالتفت إلى عبد اللّه و قال له.

فَتَبِعْتُهُ فِي الطَّرِيقِ وَ مَشَيْتُ مَعَهُ، فَقَالَ لِي: إِنَّكَ لَوْ عَرَفْتَ سِحْرَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمَا كَانَ هَذَا بِشَيْ ءٍ(1) فِي نَفْسِكَ؛ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ يَتَوَارَثُونَ السَّحَرَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عَلِمْتُ(2) أَنَّ الْإِمَامَ لاَ يَقُولُ إِلاَّ حَقّاً(3).

135/ 25 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَازِنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَلْمٍ(4) التَّمِيمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَبْرُويَهْ(5) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْبُهْلُولِ، قَالَ:

حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

خَرَجَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى مَكَّةَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ مَوَالِيهِ وَ نَاسٍ مِنْ سِوَاهُمْ، فَلَمَّا بَلَغَ عُسْفَانَ ضَرَبَ مَوَالِيهِ فُسْطَاطَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا دَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ لِمَوَالِيهِ: كَيْفَ ضَرَبْتُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ هَذَا مَوْضِعُ قَوْمٍ مِنَ الْجِنِّ هُمْ لَنَا أَوْلِيَاءُ وَ لَنَا شِيعَةٌ، وَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهِمْ وَ يَضِيقُ عَلَيْهِمْ؟! فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَا ذَلِكَ. وَ عَزَمُوا(6) عَلَى قَلْعِ الْفَسَاطِيطِ، وَ إِذَا هَاتِفٌ يُسْمَعُ صَوْتُهُ، وَ لاَ يُرَى شَخْصُهُ، وَ هُوَ يَقُولُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، لاَ تُحَوِّلْ فُسْطَاطَكَ مِنْ مَوْضِعِهِ، فَإِنَّا نَحْتَمِلُ ذَلِكَ لَكَ، وَ هَذَا الطَّبَقُ قَدْ أَهْدَيْنَاهُ إِلَيْكَ، نُحِبُّ أَنْ تَنَالَ مِنْهُ لِنَتَشَرَّفَ بِذَلِكَ.

فَنَظَرْنَا فَإِذَا بِجَانِبِ الْفُسْطَاطِ طَبَقٌ عَظِيمٌ، وَ أَطْبَاقٌ مَعَهُ، فِيهَا عِنَبٌ وَ رُمَّانٌ وَ مَوْزٌ وَ فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ، فَدَعَا أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مَنْ كَانَ مَعَهُ فَأَكَلَ، وَ أَكَلُوا مَعَهُ مِنْ تِلْكَ الْفَاكِهَةِ(7).0.

ص: 212


1- (بشيء) ليس في «ع، م».
2- في «ط»: فرجعت و أنا عالم.
3- نوادر المعجزات: 10/117، مناقب ابن شهرآشوب 138:4 نحوه، إثبات الهداة 67/258:5، مدينة المعاجز: 26/299.
4- في «ط»: سالم، و قد ورد في المعاجم الرجالية بهذين الضبطين، راجع سير أعلام النبلاء 88:16 و معجم رجال الحديث 66:17.
5- في «م»: جيرويه.
6- في «ع، م»: و عملوا.
7- الامان من الاخطار: 135، مدينة المعاجز: 27/300.

136/ 26 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنًّى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَيْدٍ(1) ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

دَخَلَتْ حَبَابَةُ الْوَالِبِيَّةُّ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هِيَ تَبْكِي، فَقَالَ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟

قَالَتْ: جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أَهْلُ الْكُوفَةِ يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ عَلِيُّ ابْنِ الْحُسَيْنِ إِمَامَ عَدْلٍ مِنَ اللَّهِ(2) كَمَا تَقُولِينَ لَدَعَا اللَّهُ أَنْ يُذْهِبَ هَذَا الَّذِي فِي وَجْهِكِ.

قَالَ: فَقَالَ لَهَا: يَا حَبَابَةُ، ادْنِي مِنِّي. فَدِنْتُ مِنْهُ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ خَفِيٍّ، ثُمَّ قَالَ: يَا حَبَابَةُ، قُومِي وَ ادْخُلِي إِلَى النِّسَاءِ فَسَلِّمِي عَلَيْهِنَّ، وَ انْظُرِي فِي الْمِرْآةِ، هَلْ تَرَيْنَ بِوَجْهِكِ شَيْئاً.

قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَى النِّسَاءِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِنَّ، ثُمَّ نَظَرْتُ فِي الْمِرْآةِ فَكَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ فِي وَجْهِي شَيْئاً مِمَّا كَانَ. وَ كَانَ بِوَجْهِهَا بَرَصٌ(3).

و الحمد للّه ربّ العالمين، و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله و سلّم تسليما.0.

ص: 213


1- في «ط»: يزيد، راجع معجم رجال الحديث 109:11 و 129.
2- في «ط»: إمام حق.
3- نوادر المعجزات: 11/119، إثبات الهداة 68/258:5، مدينة المعاجز: 28/300.

ص: 214

أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)

معرفة ولادته

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وُلِدَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُرَّةَ رَجَبٍ(1) سَنَةَ سَبْعٍ وَ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ(2) ، قَبْلَ(3) قَتْلِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِثَلاَثِ سِنِينَ، فَأَقَامَ مَعَ جَدِّهِ ثَلاَثَ سِنِينَ، وَ مَعَ أَبِيهِ عَلِيٍّ أَرْبَعاً وَ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ.

وَ عَاشَ بَعْدَ أَبِيهِ أَيَّامَ إِمَامَتِهِ بَقِيَّةَ مُلْكِ الْوَلِيدِ، وَ مُلْكِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَ مُلْكِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَ مُلْكِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَ مُلْكِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَ مُلْكِ الْوَلِيدِ ابْنِ يَزِيدَ(4) ، وَ مُلْكِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَلِيدِ.

وَ قُبِضَ فِي أَوَّلِ مُلْكِ إِبْرَاهِيمَ،(5) فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ(6) سَنَةَ مِائَةٍ وَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَكَانَتْ أَيَّامُ إِمَامَتِهِ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ شَهْرَيْنِ، وَ صَارَ إِلَى كَرَامَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) وَ قَدْ

ص: 215


1- و قيل: في الثّالث من صفر، انظر: روضة الواعظين: 207، إعلام الورى: 264، مناقب ابن شهرآشوب 210:4، كشف الغمّة 117:2، نور الأبصار: 289.
2- الكافي 390:1، الارشاد: 262، كفاية الطّالب: 455، الفصول المهمّة: 211.
3- في «ع، م» زيادة: أن.
4- سقط هنا: يزيد بن الوليد. انظر: الجوهر الثمين 103:1.
5- مناقب ابن شهرآشوب 210:4، و في إعلام الورى: 265 و تاج المواليد: 117 أنّه توفّي في ملك هشام ابن عبد الملك، و هو الموافق للصّواب، لأنّ ملكه امتدّ بين (105-125 ه) انظر: الجوهر الثمين 98:1.
6- في «ط»: الأوّل، انظر: تاريخ أهل البيت: 80، روضة الواعظين: 207، إعلام الورى: 264.

كَمَلَ عُمُرُهُ سَبْعاً وَ خَمْسِينَ سَنَةً(1).

وَ كَانَ سَبَبُ وَفَاتِهِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْوَلِيدِ سَمَّهُ(2).

وَ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ مَعَ أَبِيهِ عَلِيٍّ(3) ، وَ عَمِّ أَبِيهِ الْحَسَنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)(4).

نَسَبُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

وَ يُكَنَّى:

أَبَا جَعْفَرٍ.

لَقَبُهُ

الْبَاقِرُ، لِأَنَّهُ بَقَرَ عُلُومَ النَّبِيِّينَ، وَ الشَّاكِرُ(5) ، وَ الْهَادِي، وَ الْأَمِينُ؛ وَ يُدْعَى: الشَّبِيهَ، لِأَنَّهُ كَانَ يُشْبِهُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)(6).

نقش خاتمه (عليه السلام)

وَ كَانَ لَهُ خَاتَمٌ نَقْشُهُ: الْعِزَّةُ لِلَّهِ(7).

ص: 216


1- الكافي 390:1، الإرشاد: 262، مناقب ابن شهرآشوب 210:4، كفاية الطالب: 455، كشف الغمّة 123:2، الصواعق المحرقة: 201.
2- مناقب ابن شهرآشوب 210:2، الفصول المهمّة: 221.
3- (علي) ليس في «ط».
4- تاريخ الأئمة: 31، الكافي 390:1، الهداية الكبرى: 238، الإرشاد: 262، تاج المواليد: 117.
5- في مناقب ابن شهرآشوب: الشاكر للّه.
6- مناقب ابن شهرآشوب 210:4، تذكرة الخواص: 336، الفصول المهمة: 211، نور الأبصار: 288.
7- الكافي 2/473:6، و روي فيه غير ذلك، انظر: مكارم الأخلاق: 92، كشف الغمة 119:2.

بَوَّابُهُ

جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ(1).

ذِكْرُ وُلْدِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)

جَعْفَرٌ الْإِمَامُ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ عَلِيٌّ، وَ عَبْدُ اللَّهِ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ ابْنَتُهُ: أُمُّ سَلَمَةَ فَقَطْ(2).

وَ أُمُّهُ: فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)(3) ، وَ يُرْوَى فَاطِمَةُ أُمُّ الْحَسَنِ بِنْتُ الْحَسَنِ(4) ، وَ هِيَ أَوَّلُ عَلَوِيَّةٍ وَلَدَتْ لِعَلَوِيٍّ(5).

وَ يُرْوَى أَنَّهُ تَزَوَّجَ [أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)](6) بِأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ هِيَ أُمُّ أَبِي جَعْفَرٍ، وَ كَانَ يُسَمِّيهَا الصِّدِّيقَةَ.

وَ يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ فِي [آلِ] الْحَسَنِ [امْرَأَةً] مِثْلَهَا(7).

ص: 217


1- تاريخ الأئمّة: 33، مناقب ابن شهرآشوب 211:4، الفصول المهمّة: 211، نور الأبصار: 289.
2- تاريخ الأئمّة: 19، الإرشاد: 270، تاريخ مواليد الأئمّة: 184، مناقب ابن شهرآشوب 210:4، تذكرة الخواصّ: 341، كشف الغمّة 119:2، نور الأبصار: 292، ينابيع المودّة: 380.
3- في «ع، م»: بنت الحسن و يروى فاطمة بنت عليّ، و في «ط»: بنت الحسن و يروى بنت عليّ، و ما أثبتناه هو الموافق لسائر المصادر، انظر: تاريخ الأئمّة: 24، الكافي 390:1، روضة الواعظين: 207، تاج المواليد: 115، تاريخ مواليد الأئمّة: 184، إعلام الورى: 264، كشف الغمّة 117:2، نور الأبصار: 289.
4- في «ع، م»: فاطمة بنت الحسن بن الحسين، و في «ط»: فاطمة بنت الحسن بن الحسن، و ما أثبتناه هو الصّواب، انظر: تاج المواليد: 115، تاريخ مواليد الأئمّة: 184، كشف الغمّة 117:2.
5- في «ط»: ولدت علويّا.
6- ما بين المعقوفتين أثبتناه من الهداية الكبرى: 240.
7- أثبتناه من الكافي 390:1، الهداية الكبرى: 240، دعوات الرّاونديّ: 165/69.

وَ رُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ جِدَارٍ فَتَصَدَّعَ الْجِدَارُ فَقَالَتْ بِيَدِهَا: لاَ وَ حَقِّ الْمُصْطَفَى، مَا أَذِنَ اللَّهُ لَكَ فِي السُّقُوطِ، فَبَقِيَ مُعَلَّقاً فِي الْجَوِّ حَتَّى جَازَتْ، فَتَصَدَّقْ عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِمِائَةِ دِينَارٍ(1).

137/ 1 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْقَطَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنِ الصَّادِقِ(2) (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ:

جَاءَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بِابْنِهِ مُحَمَّدٍ الْإِمَامِ إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ لَهُ: سَلِّمْ عَلَى عَمِّكَ جَابِرٍ.

فَأَخَذَهُ جَابِرٌ فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَ ضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ، وَ قَالَ: هَكَذَا أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَالَ لِي: يَا جَابِرُ، يُولَدُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ وَلَدٌ، يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ، فَإِذَا رَأَيْتَهُ يَا جَابِرُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلاَمَ، وَ اعْلَمْ يَا جَابِرُ، أَنَّ مُقَامَكَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ قَلِيلٌ.

قَالَ: فَعَاشَ جَابِرٌ بَعْدَ أَنْ رَآهُ أَيَّاماً يَسِيرَةً، وَ مَاتَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)(3).

ذكر معجزاته (عليه السلام)

138/ 2 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ: كُنْتُ ضَيْفاً لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ لَيْسَ فِي مَنْزِلِهِ غَيْرُ لَبِنَةٍ(4) ، فَلَمَّا حَضَرَ الْعِشَاءُ قَامَ فَصَلَّى وَ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى اللَّبِنَةِ فَأَخْرَجَ مِنْهَا قِنْدِيلاً مَشْعَلاً وَ مَائِدَةً مُسْتَوٍ عَلَيْهَا كُلُّ حَارٍّ وَ بَارِدٍ، فَقَالَ لِي: كُلْ، فَهَذَا مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ

ص: 218


1- الكافي 1/390:1، الهداية الكبرى: 241، الدّعوات للرّاونديّ 165/68.
2- في «ط» زيادة: جعفر بن محمّد.
3- مدينة المعاجز: 2/322، و نحوه في كشف الغمّة 119:2، و الفصول المهمّة: 215، و نور الأبصار: 288.
4- اللّبنة: الّتي يبنى بها، و ما ضرب من الطّين مربّعا «لسان العرب - لبن - 375:13».

لِأَوْلِيَائِهِ. فَأَكَلَ وَ أَكَلْتُ، ثُمَّ رُفِعَتِ الْمَائِدَةُ فِي اللَّبِنَةِ، فَخَالَطَنِي الشَّكُّ، حَتَّى إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ قَلَّبْتُ اللَّبِنَةَ فَإِذَا هِيَ لَبِنَةٌ صَغِيرَةٌ، فَدَخَلَ وَ عَلِمَ مَا فِي قَلْبِي؛ فَأَخْرَجَ مِنَ اللَّبِنَةِ أَقْدَاحاً وَ كِيزَاناً(1) وَ جِرَّةً فِيهَا مَاءٌ، فَشَرِبَ وَ سَقَانِي، ثُمَّ أَعَادَ ذَلِكَ إِلَى مَوْضِعِهِ، وَ قَالَ:

مَثَلُكَ مَعِي مَثَلُ الْيَهُودِ مَعَ الْمَسِيحِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حِينَ لَمْ يَثِقُوا(2) بِهِ. ثُمَّ أَمَرَ اللَّبِنَةَ أَنْ تَنْطِقَ فَتَكَلَّمَتْ(3).

139/ 3 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ لِي الْمَنْصُورُ - يَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ الدَّوَانِيقِيَّ -: كُنْتُ هَارِباً مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، أَنَا وَ أَخِي أَبُو الْعَبَّاسِ، فَمَرَرْنَا بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ جَالِسٌ، فَقَالَ لِرَجُلٍ إِلَى جَانِبِهِ:

كَأَنِّي بِهَذَا الْأَمْرِ وَ قَدْ صَارَ إِلَى هَذَيْنِ. فَأَتَى الرَّجُلُ فَبَشَّرَنَا بِهِ، فَمِلْنَا إِلَيْهِ، وَ قُلْنَا: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا الَّذِي قُلْتَ؟

فَقَالَ: هَذَا الْأَمْرُ صَائِرٌ إِلَيْكُمْ عَنْ قَرِيبٍ، وَ لَكِنَّكُمْ تُسِيئُونَ إِلَى ذُرِّيَّتِي وَ عِتْرَتِي، فَالْوَيْلُ لَكُمْ عَنْ قَرِيبٍ. فَمَا مَضَتْ الْأَيَّامُ حَتَّى مَلَكَ(4) أَخِي وَ مَلَكْتُهَا(5).

140/ 4 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ مُحْرِزٍ، قَالَ: شَهِدْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ بِيَدِهِ عُرْجُونَةٌ - يَعْنِي قَضِيباً دَقِيقاً - يَسْأَلُهُ عَنْ أَخْبَارِ بَلَدٍ بَلَدٍ، فَيُجِيبُهُ وَ يَقُولُ: زَادَ الْمَاءُ بِمِصْرَ كَذَا، وَ نَقَصَ بِالْمُوصِلِ كَذَا، وَ وَقَعَتِ الزَّلْزَلَةُ بِإِرْمِينِيَةَ، وَ الْتَقَى حَادِنُ وَ حُورْدُ(6) فِي مَوْضِعٍ - يَعْنِي جَبَلَيْنِ - ثُمَّ رَأَيْتُهُ يَكْسِرُهَا وَ يَرْمِي بِهَا فَتَتَجَمَّعُ فَتَصِيرُ(7) قَضِيباً(8).3.

ص: 219


1- الكيزان: جمع كوز، إناء يحفظ فيه الماء.
2- في «ع، م»: يثق.
3- نوادر المعجزات: 2/133، إثبات الهداة 78/315:5، مدينة المعاجز: 3/322.
4- في «ط»: أيام حتى هلك.
5- إثبات الهداة 79/316:5، مدينة المعاجز: 4/323.
6- في «ع، م»: حارث و جويرد.
7- في «ط»: بها فتعود.
8- نوادر المعجزات: 3/134، إثبات الهداة 80/317:5، مدينة المعاجز: 5/323.

141/ 5 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ(1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَاذَانُ بْنُ عُمَرَ(2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُرَّةُ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: قَالَ لِي: جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ: رَأَيْتُ مَوْلاَيَ الْبَاقِرَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ صَنَعَ فِيلاً مِنْ طِينٍ فَرَكِبَهُ وَ طَارَ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى ذَهَبَ إِلَى مَكَّةَ عَلَيْهِ وَ رَجَعَ، فَلَمْ أُصَدِّقْ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى رَأَيْتُ الْبَاقِرَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَنِي جَابِرٌ عَنْكَ بِكَذَا وَ كَذَا، فَصَنَعَ مِثْلَهُ وَ رَكِبَ وَ حَمَلَنِي مَعَهُ إِلَى مَكَّةَ وَ رَدَّنِي(3).

142/ 6 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ بِيَدِهِ عَصًا يَضْرِبُ بِهَا الصَّخْرَ فَيَنْبُعُ مِنْهُ الْمَاءُ، فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا هَذَا؟ قَالَ: نَبْعَةُ مِنْ عَصَا مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) الَّتِي يَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا(4).

143/ 7 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ(5) بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَهْرُ(6) بْنُ وَائِلٍ، قَالَ: لَقِيتُ الْبَاقِرَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ بِيَدِهِ قَصْعَةٌ(7) مِنْ خَشَبٍ يَشْعَلُ(8) فِيهَا النَّارُ وَ لاَ تَحْتَرِقُ الْقَصْعَةُ، فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا هَذَا؟

فَقَالَ: لَأَرَضَةُ(9) الْأَرْضِ قَرَضَتْ(10) تِلْكَ النَّارَ مِنْهَا، فَقَدَّرَتْ أَنَّ الْقَصْعَةَ قَدْت.

ص: 220


1- في «ط»: الرّمّانيّ، و هو أحمد بن منصور الرّماديّ المتوفّى سنة (265 ه) عن 83 سنة كما في معجم البلدان 66:3 و الظّاهر صحّته لمعاصرة الطّبريّ الكبير معه و لو في شطر من عمره. انظر سير أعلام النبلاء 12: 170/389، تهذيب التّهذيب 83:1، معجم المؤلفين 146:9.
2- في «ع، م»: عمرو.
3- نوادر المعجزات: 4/135، إثبات الهداة 81/317:5، مدينة المعاجز: 6/323.
4- نوادر المعجزات: 5/135، إثبات الهداة 82/317:5، مدينة المعاجز: 7/323.
5- في «ع، م»: عبد الحيّ.
6- في «ع»: سهر.
7- القصعة: وعاء يؤكل فيه، و غالبا ما يتّخذ من الخشب.
8- في «ع، م»: تشتعل.
9- الأرضة: دويبة تأكل الخشب.
10- في «ط»: فقال: التظت الأرض فارفضت.

احْتَرَقَتْ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا شَيْ ءٌ(1).

144/ 8 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ:

حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، قَالَ: كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَرْكَبَ الْبَحْرَ فَسَأَلْتُ الْبَاقِرَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَأَعْطَانِي خَاتَماً، فَكُنْتُ أَطْرَحُهُ فِي الزَّوْرَقِ إِذَا شِئْتُ فَيَقِفُ، وَ إِذَا شِئْتُ أُطْلِقُهُ، وَ إِنِّي جِئْتُ الدُّورَ(2) ، فَسَقَطَ لِأَخٍ لِي كِيسٌ فِي دِجْلَةَ، فَأَلْقَيْتُ ذَلِكَ الْخَاتَمَ فَخَرَجَ وَ أَخْرَجَ الْكِيسَ بِإِذْنِ اللَّهِ (تَعَالَى)(3).

145/ 9 - قَالَ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ يُرِيدُ الْحِيرَةَ، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى كَرْبَلاَءَ قَالَ لِي: يَا جَابِرُ، هَذِهِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ لَنَا وَ لِشِيعَتِنَا، وَ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ جَهَنَّمَ لِأَعْدَائِنَا.

ثُمَّ إِنَّهُ قَضَى مَا أَرَادَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ: يَا جَابِرُ. فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ سَيِّدِي.

قَالَ لِي: تَأْكُلْ شَيْئاً. قُلْتُ: نَعَمْ سَيِّدِي.

قَالَ: فَأَدْخَلَ يَدَهُ بَيْنَ الْحِجَارَةِ، فَأَخْرَجَ لِي تُفَّاحَةً لَمْ أَشَمَّ قَطُّ رَائِحَةَ مِثْلَهَا، لاَ تُشْبِهُ رَائِحَةَ فَاكِهَةِ الدُّنْيَا، فَعَلِمْتُ أَنَّهَا مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَكَلْتُهَا، فَعَصَمَتْنِي مِنَ الطَّعَامِ أَرْبَعِينَ يَوْماً، لَمْ آكُلْ وَ لَمْ أُحْدِثْ(4).

146/ 10 - وَ رَوَى مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ(5) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:1.

ص: 221


1- إثبات الهداة 83/318:5، مدينة المعاجز: 8/323.
2- الدّور: تطلّق على سبعة مواضع بأرض العراق، من نواحي بغداد. مراصد الاطّلاع 539:2.
3- إثبات الهداة 84/318:5، مدينة المعاجز: 9/323.
4- نوادر المعجزات: 6/135، إثبات الهداة 85/318:5، مدينة المعاجز: 10/323.
5- في النّسخ: خالد بن حسّان، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه، و هو عليّ بن حسّان الّذي قيل: إنّه لا يروي إلاّ عن عمّه عبد الرّحمن، و كلاهما ضعيف، انظر رجال النّجاشيّ: 235 و 251، و معجم رجال الحديث 343:9 و 311:11.

نَزَلَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِوَادٍ، فَضَرَبَ خِبَاءَهُ، ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى نَخْلَةٍ يَابِسَةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) عِنْدَهَا، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيَّتُهَا النَّخْلَةُ، أَطْعِمِينَا مِمَّا جَعَلَ اللَّهُ (جَلَّ ذِكْرُهُ) فِيكَ. فَتَسَاقَطَ مِنْهَا رُطَبٌ أَحْمَرُ وَ أَصْفَرُ، فَأَكَلَ، وَ أَكَلَ مَعَهُ أَبُو أُمَيَّةَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ، هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا(1) كَالْآيَةِ فِي مَرْيَمَ: إِذْ هَزَّتْ إِلَيْهَا بِالنَّخْلَةِ فَتَسَاقَطَ عَلَيْهَا رُطَباً جَنِيّاً(2).

147/ 11 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، عَنِ الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي مَجْلِسٍ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ أَطْرَقَ إِلَى الْأَرْضِ يَنْكُتُ فِيهَا مَلِيّاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا جَاءَكُمْ رَجُلٌ يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ فِي مَدِينَتِكُمْ هَذِهِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ حَتَّى يَسْتَقْرِيَكُمْ(3) بِسَيْفِهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَيَقْتُلُ مُقَاتِلِيكُمْ(4) وَ تَلْقَوْنَ مِنْهُ ذُلاًّ(5) ، لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَدْفَعُوا ذَلِكَ، فَخُذُوا حِذْرَكُمْ، وَ اعْلَمُوا أَنَّ الَّذِي قُلْتُ لَكُمْ كَائِنٌ لاَ بُدَّ مِنْهُ.

فَلَمْ يَلْتَفِتْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَى هَذَا الْكَلاَمِ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالُوا: لاَ يَكُونُ هَذَا أَبَداً وَ لَمْ يَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ، إِلاَّ بَنُو هَاشِمٍ خَاصَّةً لِعِلْمِهِمْ أَنَّ كَلاَمَهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حَقٌّ مِنَ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ).

فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ حَمَلَ أَبُو جَعْفَرٍ عِيَالَهُ وَ بَنُو هَاشِمٍ، فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَ وَقَعَ مَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي الْمَدِينَةِ، فَأُصِيبَ أَهْلُهَا(6) وَ قَالُوا: وَ اللَّهِ، لاَ نَرُدُّ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ شَيْئاً نَسْمَعُهُ أَبَداً، مِنْهُ سَمِعْنَا مَا رَأَيْنَا.

وَ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا الْقَوْمُ أَهْلُ بَيْتِ النُّبُوَّةِ يَنْطِقُونَ بِالْحَقِّ، مَا يَتَعَلَّقُ أَحَدُكُمْ عَلَى).

ص: 222


1- في «ع، م»: منّا.
2- بصائر الدّرجات: 2/273، الخرائج و الجرائح 2/593:2، مناقب ابن شهرآشوب 188:4، الثّاقب في المناقب: 308/374، الصّراط المستقيم 13/183:2، مدينة المعاجز: 11/323.
3- يستقريكم: أيّ يتتبعكم «لسان العرب - قرا - 175:15». و في «ع، م»: يسبقونكم.
4- في «ط»: مقاتلتكم.
5- في «ع، م»: ملا، و كأنّها تصحيف: بلاء.
6- في «ع، م»: و أصابوا ما قال أبو جعفر (عليه السّلام).

أَبِي جَعْفَرٍ بِكَلِمَةٍ لَمْ يَرَ تَأْوِيلَهَا، يَقُولُ: هَذَا غَلَطٌ(1).

148/ 12 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَ مَعَهُ أَبُو أُمَيَّةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَ هُوَ زَمِيلُهُ فِي مَحْمِلِهِ، فَنَظَرَ إِلَى زَوْجِ وَرَشَانٍ(2) فِي جَانِبِ الْمَحْمِلِ مَعَهُ، فَرَفَعَ أَبُو أُمَيَّةَ يَدَهُ لِيُنَحِّيَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: مَهْلاً، فَإِنَّ هَذَا الطَّيْرَ جَاءَ يَسْتَجِيرُ بِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِنَّ حَيَّةً تُؤْذِيهِ، وَ تَأْكُلُ فِرَاخَهُ كُلَّ سَنَةٍ، وَ قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا(3) عَنْهُ، وَ قَدْ فَعَلَ(4).

149/ 13 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ نَسِيرُ، أَنَا عَلَى حِمَارٍ لِي، وَ هُوَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ، إِذْ أَقْبَلَ ذِئْبٌ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ، فَحَبَسَ لَهُ الْبَغْلَةَ حَتَّى دَنَا مِنْهُ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى قَرَبُوسَ السَّرْجِ، وَ مَدَّ عُنُقَهُ إِلَيْهِ وَ أَدْنَى أَبُو جَعْفَرٍ أُذُنَهُ مِنْهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ لَهُ: امْضِ فَقَدْ فَعَلْتُ.

فَرَجَعَ مُهَرْوِلاً.

فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَقَدْ رَأَيْتُ عَجِيباً!

فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا قَالَ؟

قُلْتُ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ابْنُ رَسُولِهِ أَعْلَمُ.

فَقَالَ: ذَكَرَ أَنَّ زَوْجَتَهُ فِي هَذَا الْجَبَلِ، وَ قَدْ عَسُرَتْ عَلَيْهَا وِلاَدَتُهَا، فَادْعُ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) أَنْ يُخَلِّصَهَا، وَ أَنْ لاَ يُسَلِّطَ شَيْئاً مِنْ نَسْلِي عَلَى أَحَدٍ مِنْ شِيعَتِكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ. فَقُلْتُ:

قَدْ فَعَلْتُ(5).4.

ص: 223


1- الخرائج و الجرائح 23/289:1، مناقب ابن شهرآشوب 192:4، كشف الغمة 146:2، الفصول المهمة: 218، مدينة المعاجز: 12/323، نور الأبصار: 291.
2- الورشان: طائر من الفصيلة الحمامية، أكبر قليلا من الحمامة المعروفة.
3- في «ع، م»: يدفع.
4- بصائر الدرجات: 16/364، مدينة المعاجز: 13/324.
5- بصائر الدرجات: 12/371، الاختصاص: 300، مناقب ابن شهرآشوب 189:4.

150/ 14 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ(1) بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ(2) كَرَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنِ الْوَزَغِ، فَقَالَ هُوَ رِجْسٌ مَسْخٌ، فَإِذَا قَتَلْتَهُ فَاغْتَسِلْ.

ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) كَانَ قَاعِداً فِي الْحِجْرِ، وَ مَعَهُ رَجُلٌ يُحَدِّثُهُ، وَ إِذَا وَزَغٌ يُوَلْوِلُ بِلِسَانِهِ، فَقَالَ أَبِي لِلرَّجُلِ: أَ تَدْرِي مَا يَقُولُ هَذَا الْوَزَغُ؟ فَقَالَ: لاَ.

قَالَ: يَقُولُ: وَ اللَّهِ لَئِنْ ذَكَرْتَ عُثْمَانَ لَأَذْكُرَنَّ عَلِيّاً حَتَّى تَقُومَ مِنْ هَاهُنَا(3).

151/ 15 - وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ عُثْمَانَ ابْنِ عِيسَى، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ جَابِرٍ(4) ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: شَكَوْتُ إِلَيْهِ الْحَاجَةَ، فَقَالَ: يَا جَابِرُ، مَا عِنْدَنَا دِرْهَمٌ.

قَالَ: فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ دَخَلَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ(5) الشَّاعِرُ، فَقَالَ لَهُ: جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ أَ تَأْذَنُ لِي أَنْ أُنْشِدَكَ قَصِيدَةً قُلْتُهَا فِيكُمْ؟

فَقَالَ لَهُ: هَاتِهَا. فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَةً أَوَّلُهَا:

مَنْ لِقَلْبٍ مُتَيَّمٍ مُسْتَهَامٍ(6)2.

ص: 224


1- في «ط»: الحسين.
2- في النّسخ: بن، و هو تصحيف صوابه ما في المتن، و كرّام لقب عبد الكريم بن عمرو بن صالح الخثعميّ، انظر رجال النّجاشيّ: 245، معجم رجال الحديث 65:10 و 111:14.
3- بصائر الدّرجات: 1/373، الاختصاص: 301، الخرائج و الجرائح 36/823:2، مناقب ابن شهرآشوب 189:4، مدينة المعاجز: 18/324.
4- في البصائر و الاختصاص: محمّد بن المثنّى، عن أبيه، عن عثمان بن يزيد، عن جابر، و الظّاهر صحّته، انظر معجم رجال الحديث 178:14 و 184:17، و الحديث (26) من دلائل الامام السّجّاد (عليه السّلام).
5- في «ع، م»: يزيد. و هو تصحيف، انظر سير أعلام النبلاء 388:5، معجم رجال الحديث 125:14.
6- و هي أولى قصائده المعروفة بالهاشميات، و يبلغ عدد أبياتها مائة و ثلاثة، انظر شرح هاشمياته لأبي ريّاش أحمد بن إبراهيم القيسيّ: 11-42.

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: يَا غُلاَمُ، ادْخُلْ ذَلِكَ الْبَيْتَ وَ أَخْرِجْ إِلَى الْكُمَيْتِ بَدْرَةً(1) ، وَ ادْفَعْهَا إِلَيْهِ. فَأَخْرَجَهَا وَ وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ(2).

فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِي فِي أُخْرَى. فَقَالَ لَهُ: هَاتِهَا. فَأَنْشَدَهُ أُخْرَى، فَأَمَرَ لَهُ بِبَدْرَةٍ أُخْرَى فَأَخْرَجْتُ لَهُ مِنَ الْبَيْتِ.

ثُمَّ قَالَ لَهُ: الثَّالِثَةَ. فَأَذِنَ لَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِبَدْرَةٍ ثَالِثَةٍ، فَأَخْرَجْتُ لَهُ.

فَقَالَ لَهُ الْكُمَيْتُ: يَا سَيِّدِي، وَ اللَّهِ مَا أُنْشِدُكَ طَلَباً لِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلاَّ صِلَةً لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ حَقِّكُمْ.

فَدَعَا لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ، ثُمَّ قَالَ: يَا غُلاَمُ، رُدَّ هَذِهِ الْبِدَرَ فِي مَكَانِهَا. فَأَخَذَهَا الْغُلاَمُ فَرَدَّهَا.

قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: شَكَوْتُ إِلَيْهِ الْحَاجَةَ فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَيْ ءٌ، وَ أَمَرَ لِلْكُمَيْتِ بِثَلاَثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ!

وَ خَرَجَ الْكُمَيْتُ فَقَالَ: يَا جَابِرُ، قُمْ فَادْخُلْ ذَلِكَ الْبَيْتَ.

قَالَ: فَدَخَلْتُ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ شَيْئاً، فَخَرَجْتُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: يَا جَابِرُ، مَا سَتَرْنَا عَنْكَ أَكْثَرُ مِمَّا أَظْهَرْنَاهُ لَكَ.

ثُمَّ قَامَ وَ أَخَذَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي ذَلِكَ الْبَيْتَ وَ ضَرَبَ بِرِجْلِهِ الْأَرْضَ فَإِذَا شِبْهُ عُنُقِ الْبَعِيرِ قَدْ خَرَجَ مِنْ ذَهَبٍ(3) ، فَقَالَ: يَا جَابِرُ، انْظُرْ إِلَى هَذَا وَ لاَ تُخْبِرْ بِهِ إِلاَّ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنْ إِخْوَانِكَ.

يَا جَابِرُ، إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) غَيْرَ مَرَّةٍ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ وَ كُنُوزِهَا، وَ خَيَّرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَهُ اللَّهُ مِمَّا أَعَدَّ لَهُ شَيْئاً، فَاخْتَارَ التَّوَاضُعَ لِرَبِّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ نَحْنُ نَخْتَارُهُ(4).ك.

ص: 225


1- البدرة: كيس فيه مقدار من المال يتعامل به و يقدم في العطايا، و يختلف باختلاف العهود، و الغالب أنّه عشرة آلاف درهم.
2- في «ع، م»: و وضعها عنده.
3- في «ط»: منها ذهبا.
4- في «ط»: ينقصه اللّه شيئا ممّا أعد له فاختار تركها و نحن نختار ذلك.

يَا جَابِرُ إِنَّ اللَّهَ أَقْدَرَنَا عَلَى مَا نُرِيدُ مِنْ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، وَ لَوْ شِئْنَا أَنْ نَسُوقَ الْأَرْضَ بِأَزِمَّتِهَا لَسُقْنَاهَا(1).

152/ 16 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلاَدِ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ(2) ، قَالَ: أَوْصَانِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِحَوَائِجَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ، فَبَيْنَا أَنَا فِي فَجِّ الرَّوْحَاءِ(3) عَلَى رَاحِلَتِي إِذَا إِنْسَانٌ يَلْوِي ثَوْبَهُ.

قَالَ: فَقُمْتُ لَهُ وَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ عَطْشَانُ، فَنَاوَلْتُهُ الْإِدَاوَةَ فَقَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي بِهَا.

وَ نَاوَلَنِي كِتَاباً طِينُهُ رَطْبٌ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ وَ إِذَا هُوَ خَاتَمُ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) [فَقُلْتُ:

مَتَى عَهْدُكَ بِصَاحِبِ الْكِتَابِ؟ قَالَ: السَّاعَةَ، وَ إِذَا فِي الْكِتَابِ أَشْيَاءُ يَأْمُرُنِي بِهَا، ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا لَيْسَ عِنْدِي أَحَدٌ.

قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)](4) فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، رَجُلٌ أَتَانِي بِكِتَابٍ وَ طِينُهُ رَطْبٌ! فَقَالَ: إِذَا عَجَّلَ بِنَا أَمْرٌ أَرْسَلْتُ بَعْضَهُمْ - يَعْنِي الْجِنَّ - (5).

153/ 17 - وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ مُثَنًّى الْحَنَّاطِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتُمْ وَرَثَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟ قَالَ لِي: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَ رَسُولُ اللَّهِ وَارِثُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى مَا عَلِمُوا وَ عَمِلُوا؟ قَالَ لِي: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَأَنْتُمْ تَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ تُحْيُوا الْمَوْتَى، وَ تُبْرِءُوا الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ؟ قَالَ: نَعَمْ، بِإِذْنِ اللَّهِ.

ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي يَا أَبَا مُحَمَّدٍ. فَدَنَوْتُ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى عَيْنِي وَ وَجْهِي فَأَبْصَرْتُ الشَّمْسَ وَ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وَ الْبُيُوتَ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ فِي الدَّارِ.

قَالَ: فَقَالَ: تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ عَلَى هَذَا وَ لَكَ مَا لِلنَّاسِ وَ عَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ يَوْمَ7.

ص: 226


1- بصائر الدّرجات: 5/395، الاختصاص: 271، مدينة المعاجز: 24/326.
2- في «ط»: شديد القرضي، و في «م»:... الصرخي، و في «ع»:... بن الصرخي، تصحيف صوابها ما في المتن من الكافي، و راجع معجم رجال الحديث 38:8.
3- قرية على ليلتين من المدينة «الروض المعطار: 277».
4- أثبتناه من الكافي.
5- الكافي 4/325:1، مدينة المعاجز: 25/327.

الْقِيَامَةِ، أَوْ تَعُودَ كَمَا كُنْتَ وَ لَكَ الْجَنَّةُ خَالِصَةً؟

قُلْتُ: أَعُودُ كَمَا كُنْتُ.

قَالَ: فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيَّ فَعُدْتُ كَمَا كُنْتُ(1).

154/ 18 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فَرُّوخٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ مُسْلِمٍ بْنِ رَبَاحٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ إِفْرِيقِيَةَ: مَا حَالُ رَاشِدٍ؟ قَالَ: خَلَّفْتُهُ صَالِحاً يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ.

قَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ: أَوْ مَاتَ؟! قَالَ: نَعَمْ رَحِمَهُ اللَّهُ.

قَالَ: وَ مَتَى مَاتَ؟

قَالَ: قَبْلَ خُرُوجِكَ بِيَوْمَيْنِ.

قَالَ: لاَ وَ اللَّهِ، مَا مَرِضَ وَ لاَ كَانَتْ بِهِ عِلَّةٌ!

قَالَ: وَ إِنَّمَا يَمُوتُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ أَكْثَرُ.

فَقُلْتُ: أَيُّمَا كَانَ مِنَ الرِّجَالِ الرَّجُلُ؟

فَقَالَ: كَانَ لَنَا وَلِيّاً وَ مُحِبّاً مِنْ أَهْلِ إِفْرِيقِيَةَ.

ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ، لَئِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّا لَيْسَ مَعَكُمْ بِأَعْيُنٍ نَاظِرَةٍ وَ آذَانٍ(2) سَامِعَةٍ لَبِئْسَ مَا رَأَيْتُمْ، وَ اللَّهِ مَنْ(3) خَفِيَ مَا غَابَ، فَأَحْضِرُوا لِي(4) جَمِيلاً، وَ عَوِّدُوا أَلْسِنَتَكُمْ الْخَيْرَ، وَ كُونُوا مِنْ أَهْلِهِ تُعْرَفُوا(5) بِهِ(6).

155/ 19 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ وَ عَلِيِّ بْنِ جَرِيرٍ،0.

ص: 227


1- بصائر الدّرجات: 1/289، الكافي 3/391:1، الهداية الكبرى: 243، إثبات الوصيّة: 152، رجال الكشّيّ: 298/174، عيون المعجزات: 76، إعلام الورى: 267، مناقب ابن شهرآشوب 184:4.
2- في «ع، م»: و اسماع.
3- في «ط»: ما.
4- في «ع»: فاحضروني.
5- في «ع، م»: تقرّبوا.
6- الخرائج و الجرائح 7/595:2 نحوه، و قطعة منه في مناقب ابن شهرآشوب 193:4، و الثّاقب في المناقب: 315/383، مدينة المعاجز: 37/330.

عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ، قَالَ: طَلَبْتُ الْإِذْنَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مَعَ أَصْحَابٍ لَنَا(1) ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا عَلَى يَمِينِهِ نَفَرٌ كَأَنَّهُمْ مِنْ أَبٍ وَ أُمٍّ، عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ(2) وَ أَقْبِيَةٌ ضَافِيَةٌ، وَ عَمَائِمُ صُفْرٌ، فَمَا لَبِثُوا حَتَّى(3) خَرَجُوا فَقَالَ لِي: يَا سَعْدُ، رَأَيْتَهُمْ؟

قُلْتُ: نَعَمْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَنْ هَؤُلاَءِ؟

قَالَ: إِخْوَانُكُمْ مِنَ الْجِنِّ أَتَوْنَا يَسْتَفْتُونَّا فِي حَلاَلِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ كَمَا تَأْتُونَّا وَ تَسْتَفْتُونَّا فِي حَلاَلِكُمْ وَ حَرَامِكُمْ.

فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ يَظْهَرُونَ لَكُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ(4).

156/ 20 - وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَشَّاءُ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ أَخِي أَبِي الْعَوَّامِ(5) ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذْ أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى لَقُوحٍ(6) لَهُ، فَعَقَلَهَا ثُمَّ دَخَلَ، فَضَرَبَ بِبَصَرِهِ يَمِيناً وَ شِمَالاً كَأَنَّهُ طَائِرُ الْعَقْلِ، فَهَتَفَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ فَلَمْ يَسْمَعْهُ، فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ حَصًا فَحَصَّبَهُ، فَأَقْبَلَ الْأَعْرَابِيُّ حَتَّى نَزَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَعْرَابِيُّ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟

قَالَ: مِنْ أَقْصَى الْأَرْضِ.

فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: أَوْسِعْ مِنْ ذَلِكَ، فَمَنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟

قَالَ: مِنْ أَقْصَى الدُّنْيَا، وَ مَا خَلْفِي مِنْ شَيْ ءٍ، أَقْبَلْتُ مِنَ الْأَحْقَافِ.

قَالَ: أَيُّ الْأَحْقَافِ؟

قَالَ: أَحْقَافُ عَادٍ.

قَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ، فَمَا مَرَرْتَ بِهِ فِي طَرِيقِكَ؟

قَالَ: مَرَرْتُ بِكَذَا. فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ مَرَرْتُ بِكَذَا، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، وَ مَرَرْتُب.

ص: 228


1- في «ط»: لي.
2- في «ع، م» زيادة: دوابر.
3- في «ع، م»: صفر، فما احتبسوا حتّى.
4- بصائر الدّرجات: 5/117، مدينة المعاجز: 29/328.
5- في رجال الطّوسيّ: 619/260: العرام، و انظر معجم رجال الحديث 146:11 و 147.
6- اللقوح: النّاقة الّتي تقبل اللّقاح، و قيل: النّاقة الحلوب.

بِكَذَا.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وَ مَرَرْتَ بِكَذَا؟. فَلَمْ يَزَلِ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: إِنِّي مَرَرْتُ، وَ يَقُولُ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ مَرَرْتَ بِكَذَا، إِلَى أَنْ قَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: فَمَرَرْتَ بِشَجَرَةٍ يُقَالُ لَهَا:

(شَجَرَةُ الرِّقَاقِ)؟

قَالَ: فَوَثَبَ الْأَعْرَابِيُّ عَلَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ صَفَقَ بِيَدَيْهِ وَ قَالَ: وَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَعْلَمَ بِالْبِلاَدِ مِنْكَ، أَ وَطَأْتَهَا؟

قَالَ: لاَ يَا أَعْرَابِيٌّ، وَ لَكِنَّهَا عِنْدِي فِي كِتَابٍ.

يَا أَعْرَابِيُّ، إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ لَوَادِياً يُقَالُ لَهُ (بَرَهُوتُ) تَسْكُنُهُ الْبُومُ وَ الْهَامُّ(1) ، تُعَذَّبُ فِيهِ أَرْوَاحُ الْمُشْرِكِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(2).

157/ 21 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَرَرْتُ(3) بِالشَّامِ وَ أَنَا مُتَوَجِّهٌ إِلَى بَعْضِ مُلُوكِ(4) بَنِي أُمَيَّةَ، فَإِذَا قَوْمٌ يَمُرُّونَ(5) ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: إِلَى عَالِمٍ لَنَا لَمْ نَرَ مِثْلَهُ، يُخْبِرُنَا بِمَصْلَحَةِ شَأْنِنَا.

قَالَ: فَاتَّبَعْتُهُمْ حَتَّى دَخَلُوا بُرْجاً(6) عَظِيماً، فِيهِ بَشَرٌ كَثِيرٌ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ شَيْخٌ كَبِيرٌ مُتَوَكِّئٌ عَلَى رَجُلَيْنِ، قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ، فَشَدَّهُمَا(7) حَتَّى بَدَتْ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ: أَ مِنَّا أَنْتَ أَمْ مِنَ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ؟ه.

ص: 229


1- البوم طائر معروف، و الهام أنثاه، أو هما اسمان يقعان على طيور اللّيل عامّة، انظر «لسان العرب - بوم - 61:12، حياة الحيوان 226:1 و 386:2».
2- مدينة المعاجز: 38/330.
3- في «ع، ط»: كنت.
4- في «ع»: خلفاء.
5- في «ط»: قوم في جانبي.
6- في «ع، م»: بهوا، و البهو: البيت المقدّم أمام البيوت.
7- في «ع، م»: قد شدّ حاجبيه.

قَالَ: قُلْتُ: مِنْ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ.

فَقَالَ: أَ مِنْ عُلَمَائِهَا(1) أَمْ مِنْ جُهَّالِهَا؟

قَالَ: قُلْتُ: لاَ مِنْ عُلَمَائِهَا وَ لاَ مِنْ جُهَّالِهَا.

فَقَالَ: أَنْتُمْ الَّذِينَ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تَذْهَبُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فَتَأْكُلُونَ وَ تَشْرَبُونَ وَ لاَ تُحْدِثُونَ؟

قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَهَاتِ عَلَى هَذَا بُرْهَاناً.

قَالَ: قُلْتُ: الْجَنِينُ يَأْكُلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ مِنْ طَعَامِهَا، وَ يَشْرَبُ مِنْ شَرَابِهَا وَ لاَ يُحْدِثُ.

قَالَ: أَ لَيْسَ زَعَمْتَ أَنَّكَ لَسْتَ مِنْ عُلَمَائِهَا!

قَالَ: قُلْتُ لَكَ: وَ لاَ مِنْ جُهَّالِهَا.

قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ سَاعَةٍ لَيْسَتْ مِنَ النَّهَارِ وَ لاَ مِنَ اللَّيْلِ.

قَالَ: قُلْتُ: هَذِهِ السَّاعَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ طُلُوعِ(2) الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، لاَ نَعُدُّهَا مِنْ لَيْلِنَا وَ لاَ مِنْ نَهَارِنَا، وَ فِيهَا تُفِيقُ(3) مَرْضَانَا.

قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ النَّصْرَانِيُّ مُتَعَجِّباً، ثُمَّ قَالَ: أَ لَيْسَ زَعَمْتَ أَنَّكَ لَسْتَ مِنْ عُلَمَائِهَا! ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ لَأْسَأَلَنَّكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ تَرْتَطِمُ فِيهَا ارْتِطَامَ الثَّوْرِ(4) فِي الْوَحَلِ؛ أَخْبِرْنِي عَنْ رَجُلَيْنِ وُلِدَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَ مَاتَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، عَاشَ أَحَدُهُمَا خَمْسِينَ وَ مِائَةَ سَنَةً، وَ عَاشَ الْآخَرُ خَمْسِينَ سَنَةً.

قَالَ: قُلْتُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، ذَلِكَ عُزَيْرٌ وَ عَزْرَةُ، عَاشَ هَذَا خَمْسِينَ عَاماً، ثُمَّ أَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ، ثُمَّ بَعَثَهُ فَقَالَ: كَمْ لَبِثْتَ؟ قَالَ: يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ. وَ عَاشَ خَمْسِينَ وَ مِائَةَ عَامٍ، ثُمَّ مَاتَا جَمِيعاً.

فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: لاَ وَ اللَّهِ لاَ أُكَلِّمُكُمْ كَلِمَةً وَ لاَ رَأَيْتُمْ لِي وَجْهاً اثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً،ر.

ص: 230


1- في «ع»: علمائهم، و كذا بقيّة الضّمائر في الكلمات الآتية.
2- في «ع، م»: هذه ساعة من طلوع.
3- في «م»: يعتق.
4- في «ع، م»: تربط فيها أو تظام فيها كالثور.

غَضَباً إِذْ أَدْخَلْتُمْ هَذَا عَلَيَّ. وَ قَامَ فَخَرَجْتُ(1).

158/ 22 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: إِنَّ أَبِي مَرِضَ مَرَضاً شَدِيداً حَتَّى خِفْنَا عَلَيْهِ، فَبَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا عِنْدَ رَأْسِهِ، فَنَظَرَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَيْهِ وَ قَالَ لَهُ: إِنِّي لَسْتُ بِمَيِّتٍ مِنْ وَجَعِي هَذَا، فَبَرِئَ وَ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ.

فَبَيْنَا هُوَ صَحِيحٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ حَتَّى قَالَ لِي: يَا بُنَيَّ، إِنَّ اللَّذَيْنِ أَتَيَانِي فِي شِكَايَتِي الَّتِي قُمْتُ مِنْهَا أَتَيَانِي فَخَبَّرَانِي أَنِّي مَيِّتٌ مِنْ وَجَعِي هَذَا فِي يَوْمِ كَذَا وَ كَذَا.

قَالَ: فَمَاتَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ(2).

159/ 23 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُحَمَّدٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا(3) أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ الْمُوسَائِيُّ(4) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ(5) بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَهِيكٍ - أَبُو الْعَبَّاسِ النَّخَعِيُّ الشَّيْخُ الصَّالِحُ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

أُسْرِيَ بِرَجُلٍ مِنَّا فَمَرَّ بِرَجُلٍ مِنْكُمْ حَتَّى أَتَى الرَّجُلَ الَّذِي يُعَذَّبُ، فَإِذَا هُوَ فِي قَرْيَةٍ مُوَكَّلٌ بِهِ سَبْعَةُ رِجَالٍ كُلَّ يَوْمٍ، كُلَّمَا هَلَكَ رَجُلٌ جُعِلَ مَكَانَهُ رَجُلٌ، يَسْتَقْبِلُونَ بِهِ عَيْنَ الشَّمْسِ حَيْثُ دَارَتْ، يَصُبُّونَ عَلَيْهِ فِي الشِّتَاءِ الْمَاءَ الْبَارِدَ، وَ الْمَاءَ الْحَارَّ فِي الصَّيْفِ،0.

ص: 231


1- في «ع، م»: حيث دخلوا بأبي جعفر (عليه السّلام) معهم. مدينة المعاجز: 43/331.
2- - مدينة المعاجز: 45/335، بصائر الدّرجات: 2/501.
3- في «ط»: أخبرنا.
4- نسبة إلى الإمام موسى الكاظم (عليه السّلام)، و هو أبو القاسم جعفر بن محمّد بن إبراهيم بن عبيد اللّه بن موسى الكاظم (عليه السّلام)، روى عنه التّلّعكبريّ، و كان سماعه منه سنة (340) بمصر و له منه إجازة، أنساب السمعاني 405:5. و يقال له الموسويّ أيضا، انظر معجم رجال الحديث 101:4.
5- في بعض المصادر و المعاجم الرجالية: عبيد اللّه، مصغّرا، روى عن ابن أبي عمير، و وصفه النّجاشيّ بالشّيخ الصّدوق، و قال: اشتملت إجازة أبي القاسم جعفر بن محمّد بن إبراهيم الموسويّ - و أراناها - على سائر ما رواه عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك، انظر رجال النّجاشيّ: 232، معجم رجال الحديث 107/10.

فَسَأَلَهُ: لِمَ يُفْعَلُ(1) بِهِ هَذَا؟

فَقَالَ: مَا تَدْرِي لِأَنَّكَ أَكْيَسُ النَّاسِ، أَوْ لِأَنَّكَ أَحْمَقُ النَّاسِ، مَا يَزَالُ يَأْتِينَا الرَّجُلُ مِنْكُمْ فِي السِّنِينَ فَلاَ يَسْأَلُ عَنْ هَذَا(2).

فَخَرَجْتُ مِنَ الْفَجِّ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَاكِبٌ خَلْفِي يُوضَعُ(3) وَ يُشِيرُ إِلَيَّ، فَظَنَنْتُ أَنَّ الرَّجُلَ عَطْشَانٌ، فَتَنَاوَلْتُ إِدَاوَتِى فَأَهْوَيْتُ بِهَا إِلَيْهِ.

قَالَ: فَنَاوَلَنِي كِتَاباً صَغِيراً طِينُهُ رَطْبٌ، وَ كِتَابَتُهُ رَطْبَةٌ، فَإِذَا فِيهِ إِنْفَاذُ بَعْضِ مَا أَمَرَنِي بِهِ، وَ نَقْلُ شَيْ ءٍ إِلَى شَيْ ءٍ فَأَمْضَيْتُ الَّذِي فِي الْكِتَابِ، وَ قُلْتُ لِلرَّجُلِ: مَتَى عَهْدُكَ؟ قَالَ: السَّاعَةَ.

قَالَ: وَ حَفِظْتُ السَّاعَةَ وَ الْيَوْمَ، فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ الْكِتَابِ وَ الطِّينِ وَ الْيَوْمِ وَ السَّاعَةِ، فَقَالَ: إِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ أُعْطِينَا أَعْوَاناً مِنْ الْجِنِّ، إِذَا عَجِلَتْ بِنَا الْحَاجَةُ بَعَثْنَاهُمْ فِيهَا(4).

160/ 24 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ أُقْرِئُ امْرَأَةً وَ أُعَلِّمُهَا(5) الْقُرْآنَ، فَمَازَحْتُهَا بِشَيْ ءٍ، فَقَدِمْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا بَصِيرٍ، أَيَ شَيْ ءٍ قُلْتَ لِلْمَرْأَةِ؟ فَقُلْتُ بِيَدِي هَكَذَا عَلَى وَجْهِي - يَعْنِي غَطَّيْتُ وَجْهِي -

قَالَ: فَقَالَ: لاَ تَعُدْ إِلَيْهَا(6).

161/ 25 - وَ عَنْهُ: عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُخْتَارٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَدِمَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ لِي: لاَ وَ اللَّهِ، لاَ تَرَى أَبَا جَعْفَرٍ أَبَداً.0.

ص: 232


1- في «ط»: فسألهم لم يفعلون.
2- في «ع، م»: فقال: لانك أكيس النّاس أو لانك لأحمق النّاس، ما يزال ما بين الرّجل منكم في السّنين ما قال هذا أحد.
3- الوضع: سرعة السّير «الصّحاح - وضع - 1300:3».
4- مدينة المعاجز 31/328.
5- في «م»: كنت أعلمها.
6- الخرائج و الجرائح 5/594:2، الصّراط المستقيم 14/183:2، مدينة المعاجز: 60/340.

فَأَخَذْتُ صَكّاً وَ أَشْهَدَتْ شُهُوداً عَلَى الْكِتَابِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَجِّ، ثُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ، وَ مَا فَعَلَ الصَّكُّ؟

فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ فُلاَناً قَالَ لِي: لاَ وَ اللَّهِ، لاَ تَرَاهُ أَبَداً(1).

162/ 26 - وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مُعَاذٍ الرَّضَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا لُوطُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ زَيْدٍ الْوَاقِدِيِّ، قَالَ: حَجَّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ سَنَةً مِنَ السِّنِينَ، وَ كَانَ قَدْ حَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ وَ ابْنُهُ جَعْفَرٌ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ)، فَقَالَ جَعْفَرٌ فِي بَعْضِ كَلاَمِهِ(2):

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِيّاً، وَ أَكْرَمَنَا بِهِ، فَنَحْنُ صَفْوَةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَ خِيَرَتُهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَالسَّعِيدُ مَنِ اتَّبَعَنَا، وَ الشَّقِيُّ مَنْ عَادَانَا وَ خَالَفَنَا، وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ يَتَوَلاَّنَا وَ هُوَ يُوَالِي أَعْدَاءَنَا وَ مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ جُلَسَائِهِمْ وَ أَصْحَابِهِمْ، فَهُوَ لَمْ يَسْمَعْ كَلاَمَ رَبِّنَا وَ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَخْبَرَ مُسَيْلَمَةُ أَخَاهُ بِمَا سَمِعَ(3) ، فَلَمْ يَعْرِضْ لَنَا حَتَّى انْصَرَفَ إِلَى دِمَشْقَ، وَ انْصَرَفْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَنْفَذَ بَرِيداً إِلَى عَامِلِ الْمَدِينَةِ بِإِشْخَاصِ أَبِي وَ إِشْخَاصِي مَعَهُ، فَأُشْخِصْنَا، فَلَمَّا وَرَدْنَا دِمَشْقَ حَجَبَنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ أَذِنَ لَنَا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَدَخَلْنَا وَ إِذَا هُوَ قَدْ قَعَدَ عَلَى سَرِيرِ الْمُلْكِ، وَ جُنْدُهُ وَ خَاصَّتُهُ وُقُوفٌ عَلَى أَرْجُلِهِمْ سِمَاطَيْنِ مُتَسَلِّحِينَ، وَ قَدْ نَصَبَ الْبِرْجَاسَ(4) حِذَاءَهُ، وَ أَشْيَاخُ قَوْمِهِ يَرْمُونَ.

فَلَمَّا دَخَلَ أَبِي وَ أَنَا خَلْفَهُ مَا زَالَ يَسْتَدْنِينَا مِنْهُ حَتَّى حَاذَيْنَاهُ وَ جَلَسْنَا قَلِيلاً، فَقَالَ لِأَبِي: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، لَوْ رَمَيْتَ(5) مَعَ أَشْيَاخِ قَوْمِكَ الْغَرَضَ. وَ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَهْتِكَ(6) بِأَبِيك.

ص: 233


1- بصائر الدّرجات: 13/268، مدينة المعاجز: 61/340.
2- في «ع، م»: فقال جعفر بن محمّد (عليه السّلام).
3- في «ط»: مسيلمة بن عبد الملك أخاه.
4- غرض في الهواء يرمى به «لسان العرب - برجس - 26:6».
5- في «ع، م»: فلمّا دخلنا و أبي أمامي يقدمني عليه و أنا خلفه على يد أبي حين حاذيناه فنادى أبي: يا محمّد، ارم.
6- في «ط»: يضحك.

ظَنّاً مِنْهُ(1) أَنَّهُ يُقَصِّرُ وَ يُخْطِئُ وَ لاَ يُصِيبُ إِذَا رَمَى، فَيَشْتَفِي مِنْهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ عَنِ الرَّمْيِ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعْفِيَنِي.

فَقَالَ: وَ حَقِّ مَنْ(2) أَعَزَّنَا بِدِينِهِ وَ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لاَ أُعْفِيكَ. ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى شَيْخٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ أَنْ أَعْطِهِ قَوْسَكَ.

فَتَنَاوَلَ أَبِي عِنْدَ ذَلِكَ قَوْسَ الشَّيْخِ، ثُمَّ تَنَاوَلَ مِنْهُ سَهْماً فَوَضَعَهُ(3) فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ انْتَزَعَ وَ رَمَى وَسَطَ الْغَرَضِ فَنَصَبَهُ فِيهِ، ثُمَّ رَمَى فِيهِ الثَّانِيَةَ فَشَقَّ فَوْقَ سَهْمِهِ إِلَى نَصْلِهِ، ثُمَّ تَابَعَ الرَّمْيَ حَتَّى شَقَّ تِسْعَةَ أَسْهُمٍ(4) بَعْضُهَا فِي جَوْفِ بَعْضٍ، وَ هِشَامٌ يَضْطَرِبُ فِي مَجْلِسِهِ، فَلَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ قَالَ: أَجَدْتَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ، وَ أَنْتَ أَرْمَى الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ، كَلاَّ زَعَمْتَ أَنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ عَنِ الرَّمْيِ. ثُمَّ أَدْرَكَتْهُ نَدَامَةٌ عَلَى مَا قَالَ.

وَ كَانَ هِشَامِ لاَ يُكَنِّي أَحَداً قَبْلَ أَبِي وَ لاَ بَعْدَهُ فِي خِلاَفَتِهِ، فَهَمَّ بِهِ وَ أَطْرَقَ إِطْرَاقَةً يَرْتَئِيُ فِيهِ رَأْياً، وَ أَبِي وَاقِفٌ بِحِذَائِهِ مُوَاجِهاً لَهُ، وَ أَنَا وَرَاءَ أَبِي.

فَلَمَّا طَالَ وُقُوفُنَا بَيْنَ يَدَيْهِ غَضِبَ أَبِي فَهَمَّ بِهِ، وَ كَانَ أَبِي إِذَا غَضِبَ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ نَظَرَ غَضْبَانٍ يَتَبَيَّنَ لِلنَّاظِرِ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، فَلَمَّا نَظَرَ هِشَامٌ ذَلِكَ مِنْ أَبِي قَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، اصْعَدْ، فَصَعِدَ أَبِي إِلَى سَرِيرِهِ وَ أَنَا أَتْبَعُهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ هِشَامٍ قَامَ إِلَيْهِ فَاعْتَنَقَهُ وَ أَقْعَدَهُ عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ اعْتَنَقَنِي وَ أَقْعَدَنِي عَنْ يَمِينِ أَبِي، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَبِي بِوَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، لاَ تَزَالُ الْعَرَبُ وَ الْعَجَمُ تَسُودُهَا قُرَيْشٌ مَا دَامَ فِيهِمْ مِثْلُكَ، وَ لِلَّهِ دَرُّكَ، مَنْ عَلَّمَكَ هَذَا الرَّمْيَ؟ وَ فِي كَمْ تَعَلَّمْتَهُ؟

فَقَالَ لَهُ أَبِي: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَتَعَاطَوْنَهُ، فَتَعَاطَيْتُهُ أَيَّامَ حَدَاثَتِي، ثُمَّ تَرَكْتُهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنِّي ذَلِكَ عُدْتُ إِلَيْهِ(5).

فَقَالَ لَهُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا الرَّمْيِ قَطُّ مُذْ عَقَلْتُ، وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ فِي الْأَرْضِ أَحَداًه.

ص: 234


1- في «ع، م»: و ظنّ.
2- في «ط»: تعفيني فلم يقبل و قال: لا و الّذي.
3- في «ط»: فتناولها منه أبي و تناول منه الكنانة فوضع سهما.
4- في «ط» زيادة: فصار.
5- في «ع، م»: فيه.

يَرْمِي مِثْلَ هَذَا الرَّمْيِ، أَيْنَ رَمْيُ جَعْفَرٍ مِنْ رَمْيِكَ؟

فَقَالَ: إِنَّا نَحْنُ نَتَوَارَثُ الْكَمَالَ وَ التَّمَامَ اللَّذَيْنِ أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي قَوْلِهِ: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1) وَ الْأَرْضُ لاَ تَخْلُو مِمَّنْ يَكْمُلُ(2) هَذِهِ الْأُمُورَ الَّتِي يُقَصِّرُ عَنْهَا غَيْرُنَا.

قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ أَبِي انْقَلَبَتْ عَيْنُهُ الْيُمْنَى فَاحْوَلَّتْ وَ احْمَرَّ وَجْهُهُ، وَ كَانَ ذَلِكَ عَلاَمَةُ غَضَبِهِ إِذَا غَضِبَ، ثُمَّ أَطْرَقَ هُنَيْئَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ لِأَبِي: أَ لَسْنَا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ نَسَبُنَا وَ نَسَبُكُمْ وَاحِدٌ؟ فَقَالَ أَبِي: نَحْنُ كَذَلِكَ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) اخْتَصَّنَا مِنْ مَكْنُونِ سِرِّهِ وَ خَالِصِ عِلْمِهِ، بِمَا لَمْ يَخْتَصَّ أَحَداً بِهِ غَيْرَنَا.

فَقَالَ: أَ لَيْسَ اللَّهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ شَجَرَةِ عَبْدِ مَنَافٍ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، أَبْيَضِهَا وَ أَسْوَدِهَا وَ أَحْمَرِهَا، مِنْ أَيْنَ وَرِثْتُمْ مَا لَيْسَ لِغَيْرِكُمْ؟ وَ رَسُولُ اللَّهِ مَبْعُوثٌ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى): وَ لِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (3) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَمَنْ أَيْنَ وَرِثْتُمْ هَذَا الْعِلْمَ وَ لَيْسَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ نَبِيٌّ وَ لاَ أَنْتُمْ أَنْبِيَاءُ؟

فَقَالَ: مِنْ قَوْلِهِ (تَعَالَى) لِنَبِيِّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (4) فَالَّذِي أَبْدَاهُ فَهُوَ لِلنَّاسِ كَافَّةً، وَ الَّذِي لَمْ يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ، أَمَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) أَنْ يَخُصَّنَا بِهِ مِنْ دُونِ غَيْرِنَا.

فَلِذَلِكَ كَانَ يُنَاجِي أَخَاهُ عَلِيّاً مِنْ دُونِ أَصْحَابِهِ، وَ أَنْزَلَ اللَّهُ بِذَلِكَ قُرْآناً فِي قَوْلِهِ (تَعَالَى): وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (5) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِأَصْحَابِهِ: سَأَلْتُ اللَّهَ (تَعَالَى) أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ يَا عَلِيُّ، فَلِذَلِكَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) بِالْكُوفَةِ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَلْفَ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ يَفْتَحُ مِنْ كُلِّ بَابٍ أَلْفَ بَابٍ، خَصَّهُ بِهِ رَسُولُ9.

ص: 235


1- المائدة 3:5.
2- في «ط»: يعني و رضيت لكم الاسلام دينا فالأرض ممّن يكمل دينه لا تخلو، فكان ذلك علامة، و في «م»: و الأرض لا تخلو ممّن يكمل وجهه، و كان ذلك علامة.
3- آل عمران 180:3، الحديد 10:57.
4- القيامة 16:75.
5- الحاقّة 12:69.

اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ مَكْنُونِ عِلْمِهِ مَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ، فَصَارَ إِلَيْنَا وَ تَوَارَثْنَاهُ مِنْ دُونِ قَوْمِنَا.

فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ: إِنَّ عَلِيّاً كَانَ يَدَّعِي عِلْمَ الْغَيْبِ، وَ اللَّهُ لَمْ يُطْلِعْ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً فَمِنْ أَيْنَ ادَّعَى ذَلِكَ؟

فَقَالَ أَبِي: إِنَّ اللَّهَ (جَلَّ ذِكْرُهُ) أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ كِتَاباً بَيَّنَ فِيهِ مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فِي قَوْلِهِ: وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (1).

وَ فِي قَوْلِهِ: كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (2).

وَ فِي قَوْلِهِ: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ (3).

وَ فِي قَوْلِهِ: وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (4).

وَ أَوْحَى اللَّهُ (تَعَالَى) إِلَى نَبِيِّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنْ لاَ يُبْقِيَ فِي غَيْبِهِ وَ سِرِّهِ وَ مَكْنُونِ عِلْمِهِ شَيْئاً إِلاَّ يُنَاجِي بِهِ عَلِيّاً، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَلِّفَ الْقُرْآنَ مِنْ بَعْدِهِ، وَ يَتَوَلَّى غُسْلَهُ وَ تَكْفِينَهُ وَ تَحْنِيطَهُ مِنْ دُونِ قَوْمِهِ، وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: حَرَامٌ عَلَى أَصْحَابِي وَ أَهْلِي أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى عَوْرَتِي غَيْرَ أَخِي عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ، لَهُ مَا لِي وَ عَلَيْهِ مَا عَلَيَّ، وَ هُوَ قَاضِي دَيْنِي وَ مُنْجِزٌ مَوْعِدِي.

ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ(5) عَلَى تَنْزِيلِهِ.

وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ تَأْوِيلُ الْقُرْآنِ بِكَمَالِهِ وَ تَمَامِهِ إِلاَّ عِنْدَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ لِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِأَصْحَابِهِ: أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ، أَيْ هُوَ قَاضِيكُمْ.

وَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ لاَ عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ. أَ فَيَشْهَدُ(6) لَهُ عُمَرُ وَ يَجْحَدُ غَيْرُهُ؟!د.

ص: 236


1- النّحل 89:16، و في «م، ط، ع»: (هدى و موعظة للمتّقين).
2- يس 12:36.
3- الانعام 38:6.
4- النّمل 75:27.
5- في «م»: قاتل.
6- في «ع، م»: يشهد.

فَأَطْرَقَ هِشَامٌ طَوِيلاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: سَلْ حَاجَتَكَ.

فَقَالَ: خَلَّفْتُ أَهْلِي وَ عِيَالِي مُسْتَوْحِشِينَ لِخُرُوجِي.

فَقَالَ: قَدْ آمَنَ اللَّهُ وَحْشَتَهُمْ بِرُجُوعِكَ إِلَيْهِمْ وَ لاَ تُقِمْ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِكَ. فَاعْتَنَقَهُ أَبِي وَ دَعَا لَهُ وَ وَدَّعَهُ، وَ فَعَلْتُ أَنَا كَفِعْلِ أَبِي، ثُمَّ نَهَضَ وَ نَهَضْتُ مَعَهُ.

وَ خَرَجْنَا إِلَى بَابِهِ وَ إِذَا مَيْدَانٌ بِبَابِهِ، وَ فِي آخِرِ الْمَيْدَانِ أُنَاسٌ قُعُودٌ عَدَدٌ كَثِيرٌ، قَالَ أَبِي: مَنْ هَؤُلاَءِ؟ قَالَ الْحُجَّابُ: هَؤُلاَءِ الْقِسِّيسُونَ وَ الرُّهْبَانُ، وَ هَذَا عَالِمٌ لَهُمْ، يَقْعُدُ لَهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْماً وَاحِداً يَسْتَفْتُونَهُ فَيُفْتِيهِمْ.

فَلَفَّ أَبِي عِنْدَ ذَلِكَ رَأْسَهُ بِفَاضِلِ رِدَائِهِ، وَ فَعَلْتُ أَنَا مِثْلَ فِعْلِ أَبِي، فَأَقْبَلَ نَحْوَهُمْ حَتَّى قَعَدَ عِنْدَهُمْ(1) ، وَ قَعَدْتُ وَرَاءَ أَبِي، وَ رُفِعَ ذَلِكَ الْخَبَرُ إِلَى هِشَامٍ، فَأَمَرَ بَعْضَ غِلْمَانِهِ أَنْ يَحْضُرَ الْمَوْضِعَ فَيَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ أَبِي، فَأَقْبَلَ وَ أَقْبَلَ عَدَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَحَاطُوا بِنَا، وَ أَقْبَلَ عَالِمُ النَّصَارَى وَ قَدْ شَدَّ حَاجِبَيْهِ بِحَرِيرَةٍ(2) صَفْرَاءَ حَتَّى تَوَسَّطْنَا، فَقَامَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْقِسِّيسِينَ وَ الرُّهْبَانِ مُسَلِّمِينَ عَلَيْهِ، فَجَاءَ إِلَى صَدْرِ الْمَجْلِسِ فَقَعَدَ فِيهِ، وَ أَحَاطَ بِهِ أَصْحَابُهُ، وَ أَبِي وَ أَنَا بَيْنَهُمْ، فَأَدَارَ نَظَرُهُ ثُمَّ قَالَ لِأَبِي: أَ مِنَّا أَمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ؟

فَقَالَ أَبِي: بَلْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ.

فَقَالَ: أَ مِنْ عُلَمَائِهَا أَمْ مِنْ جُهَّالِهَا؟ فَقَالَ لَهُ أَبِي: لَسْتُ مِنْ جُهَّالِهَا؟ فَاضْطَرَبَ اضْطِرَاباً شَدِيداً، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَسْأَلُكَ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: سَلْ.

فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ ادَّعَيْتُمْ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ(3) وَ يَشْرَبُونَ وَ لاَ يُحْدِثُونَ وَ لاَ يَبُولُونَ؟ وَ مَا الدَّلِيلُ فِيمَا تَدَّعُونَهُ مِنْ شَاهِدٍ لاَ يُجْهَلُ؟ فَقَالَ لَهُ أَبِي: دَلِيلُ مَا نَدَّعِي مِنْ شَاهِدٍ لاَ يُجْهَلُ(4) الْجَنِينُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ يَطْعَمُ وَ لاَ يُحْدِثُ.

قَالَ: فَاضْطَرَبَ النَّصْرَانِيُّ اضْطِرَاباً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ: كَلاَّ، زَعَمْتَ أَنَّكَ لَسْتَ مِنْ عُلَمَائِهَا! فَقَالَ لَهُ أَبِي: وَ لاَ مِنْ جُهَّالِهَا، وَ أَصْحَابُ هِشَامٍ يَسْمَعُونَ ذَلِكَ.ة.

ص: 237


1- في «ع، م»: نحوهم.
2- في «ط»: بعصابة.
3- في «ع» و امان الاخطار و في «م»: نسخة بدل زيادة: يطعمون.
4- في «ط»: قال أبي: الدّليل الّذي لا ينكر مشاهدة.

فَقَالَ لِأَبِي: أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى. فَقَالَ لَهُ أَبِي سَلْ.

فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ ادَّعَيْتُمْ أَنَّ فَاكِهَةَ الْجَنَّةِ أَبَداً غَضَّةٌ طَرِيَّةٌ مَوْجُودَةٌ غَيْرُ مَعْدُومَةٍ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لاَ تَنْقَطِعُ، وَ مَا الدَّلِيلُ فِيمَا تَدَّعُونَهُ مِنْ شَاهِدٍ لاَ يُجْهَلُ؟

فَقَالَ لَهُ أَبِي: دَلِيلُ مَا نَدَّعِي أَنَّ تُرَابَنَا(1) أَبَداً غَضٌّ طَرِيٌّ مَوْجُودٌ غَيْرُ مَعْدُومٍ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الدُّنْيَا(2) لاَ يَنْقَطِعُ.

فَاضْطَرَبَ النَّصْرَانِيِّ اضْطِرَاباً شَدِيداً، ثُمَّ قَالَ: كَلاَّ، زَعَمْتَ أَنَّكَ لَسْتَ مِنْ عُلَمَائِهَا! فَقَالَ لَهُ أَبِي: وَ لاَ مِنْ جُهَّالِهَا.

فَقَالَ: أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ. فَقَالَ لَهُ: سَلْ.

قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الدُّنْيَا لَيْسَتْ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَ لاَ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ.

فَقَالَ لَهُ أَبِي: هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، يَهْدَأُ فِيهَا الْمُبْتَلَى، وَ يَرْقُدُ فِيهَا السَّاهِرُ، وَ يُفِيقُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، جَعَلَهَا اللَّهُ فِي الدُّنْيَا رَغْبَةً لِلرَّاغِبِينَ، وَ فِي الْآخِرَةِ لِلْعَامِلِينَ لَهَا، وَ دَلِيلاً وَاضِحاً وَ حِجَاباً بَالِغاً عَلَى الْجَاحِدِينَ الْمُنْكِرِينَ التَّارِكِينَ لَهَا.

قَالَ: فَصَاحَ النَّصْرَانِيُّ صَيْحَةً، ثُمَّ قَالَ: بَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَ اللَّهِ لَأَسْأَلَنَّكَ عَنْهَا، وَ لاَ تَهْتَدِي إِلَى الْجَوَابِ عَنْهَا أَبَداً. فَأَسْأَلُكَ؟ فَقَالَ لَهُ أَبِي: سَلْ فَإِنَّكَ حَانِثٌ فِي يَمِينِكَ.

فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ مَوْلُودَيْنِ وُلِدَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَ مَاتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، عُمِّرَ أَحَدُهُمَا خَمْسِينَ وَ مِائَةَ سَنَةٍ، وَ الْآخَرُ خَمْسِينَ سَنَةً فِي دَارِ الدُّنْيَا.

فَقَالَ لَهُ أَبِي: ذَلِكَ عُزَيْرٌ وَ عَزْرَةُ، وُلِدَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا بَلَغَا مَبْلَغَ الرِّجَالِ خَمْسَةَ وَ عِشْرِينَ عَاماً، مَرَّ عُزَيْرٌ وَ هُوَ رَاكِبٌ عَلَى حِمَارِهِ بِقَرْيَةِ بِأَنْطَاكِيَّةَ وَ هِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا، فَقَالَ: أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا؟! وَ قَدْ كَانَ اللَّهُ اصْطَفَاهُ وَ هَدَاهُ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمَاتَهُ مِائَةَ عَامٍ سَخَطاً عَلَيْهِ بِمَا قَالَ.ر.

ص: 238


1- في «ط»: الفرات، و في «ع، م»: قرآننا. و ما أثبتناه من أمان الأخطار و البحار.
2- في «ع، م»: جميع المسلمين، و ما أثبتناه من أمان الأخطار و البحار.

ثُمَّ بَعَثَهُ عَلَى حِمَارِهِ بِعَيْنِهِ وَ طَعَامِهِ وَ شَرَابِهِ، فَعَادَ إِلَى دَارِهِ وَ عَزْرَةُ أَخُوهُ لاَ يَعْرِفُهُ، فَاسْتَضَافَهُ فَأَضَافَهُ، وَ بَعَثَ إِلَى وُلْدِ عَزْرَةَ وَ وُلْدِ وُلْدِهِ(1) وَ قَدْ شَاخُوا، وَ عُزَيْرٌ شَابٌّ فِي سِنِّ ابْنِ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً، فَلَمْ يَزَلْ عُزَيْرٌ يَذْكُرُ أَخَاهُ وَ وُلْدَهُ وَ قَدْ شَاخُوا، وَ هُمْ يَذْكُرُونَ مَا يَذْكُرُهُمْ(2) ، وَ يَقُولُونَ: مَا أَعْلَمَكَ بِأَمْرٍ قَدْ مَضَتْ عَلَيْهِ السِّنُونُ وَ الشُّهُورُ(3) ؟! وَ يَقُولُ لَهُ عَزْرَةُ وَ هُوَ شَيْخٌ ابْنُ مِائَةٍ وَ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً: مَا رَأَيْتُ شَابّاً فِي سَنِّ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً أَعْلَمُ بِمَا كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَخِي عُزَيْرٍ أَيَّامَ شَبَابِي مِنْكَ، فَمِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ أَنْتَ أَمْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ؟

فَقَالَ عُزَيْرٌ لِأَخِيهِ عَزْرَةَ: أَنَا عُزَيْرٌ، سَخِطَ اللَّهُ عَلَيَّ بِقَوْلٍ قُلْتُهُ بَعْدَ أَنِ اصْطَفَانِي وَ هَدَانِي، فَأَمَاتَنِي مِائَةَ سَنَةٍ، ثُمَّ بَعَثَنِي لِتَزْدَادُوا بِذَلِكَ يَقِيناً أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، وَ هَا هُوَ حِمَارِي وَ طَعَامِي وَ شَرَابِي الَّذِي خَرَجْتُ بِهِ مِنْ عِنْدِكُمْ، أَعَادَهُ اللَّهُ لِي كَمَا كَانَ، فَعِنْدَهَا أَيْقَنُوا(4) ، فَأَعَاشَهُ اللَّهُ بَيْنَهُمْ خَمْساً وَ عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ وَ أَخَاهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.

فَنَهَضَ عَالِمُ النَّصَارَى عِنْدَ ذَلِكَ قَائِماً، وَ قَامَ النَّصَارَى عَلَى أَرْجُلِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ عَالِمُهُمْ:

جِئْتُمُونِي بِأَعْلَمَ مِنِّي وَ أَقْعَدْتُمُوهُ مَعَكُمْ حَتَّى يَهْتِكَنِي وَ يَفْضَحَنِي، وَ أَعْلَمُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ لَهُمْ مَنْ أَحَاطَ بِعُلُومِنَا وَ عِنْدَهُ مَا لَيْسَ عِنْدَنَا، لاَ وَ اللَّهِ لاَ أُكَلِّمُكُمْ مِنْ رَأْسِي كَلِمَةً، وَ لاَ قَعَدْتُ لَكُمْ إِنْ عِشْتُ سَنَةً.

فَتَفَرَّقُوا وَ أَبِي قَاعِدٌ مَكَانَهُ وَ أَنَا مَعَهُ، وَ رُفِعَ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ نَهَضَ أَبِي وَ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي كُنَّا فِيهِ، فَوَافَانَا(5) رَسُولُ هِشَامِ بِالْجَائِزَةِ، وَ أَمَرَنَا أَنْ نَنْصَرِفَ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ سَاعَتِنَا وَ لاَ نَحْتَبِسَ، لِأَنَّ النَّاسَ مَاجُوا وَ خَاضُوا فِيمَا جَرَى بَيْنَ أَبِي وَ بَيْنَ عَالِمِ النَّصَارَى.ا.

ص: 239


1- في «ط»: و بعث إلى أولاده و أحفاده.
2- في «م، ط»: يذكره.
3- (و يقولون... الشّهور) ليس في «ط».
4- في «ط»: كان بقدرته.
5- في «م»: فإذا.

فَرَكِبْنَا دَوَابَّنَا مُنْصَرِفِينَ، وَ قَدْ سَبَقَنَا بَرِيدٌ مِنْ عِنْدِ هِشَامٍ إِلَى عَامِلِ مَدْيَنٍ(1) عَلَى طَرِيقِنَا إِلَى الْمَدِينَةِ(2): «إِنَّ ابْنَيْ أَبِي تُرَابٍ السَّاحِرَيْنِ(3) مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْكَذَّابَيْنِ - بَلْ هُوَ الْكَذَّابُ (لَعَنَهُ اللَّهُ) - فِيمَا يُظْهِرَانِ مِنَ الْإِسْلاَمِ وَرَدَا عَلَيَّ، فَلَمَّا صَرَفْتُهُمَا إِلَى الْمَدِينَةِ مَالاَ إِلَى الْقِسِّيسِينَ وَ الرُّهْبَانِ مِنْ كُفَّارِ النَّصَارَى(4) ، وَ تَقَرَّبَا إِلَيْهِمْ بِالنَّصْرَانِيَّةِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُنَكِّلَ بِهِمَا لِقَرَابَتِهِمَا، فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا فَنَادِ(5) فِي النَّاسِ: بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِمَّنْ يُشَارِيهِمَا، أَوْ يُبَايِعُهُمَا، أَوْ يُصَافِحُهُمَا، أَوْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمَا، فَإِنَّهُمَا قَدْ ارْتَدَّا عَنِ الْإِسْلاَمِ، وَ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَقْتُلَهُمَا وَ دَوَابَّهُمَا وَ غِلْمَانَهُمَا وَ مَنْ مَعَهُمَا شَرِّ قَتْلَةٍ».

قَالَ: فَوَرَدَ الْبَرِيدُ إِلَى مَدْيَنَ، فَلَمَّا شَارَفْنَا مَدِينَةَ مَدْيَنَ قَدَّمَ أَبِي غِلْمَانَهُ لِيَرْتَادُوا لَهُ مَنْزِلاً وَ يَشْتَرُوا لِدَوَابِّنَا عَلَفاً، وَ لَنَا طَعَاماً.

فَلَمَّا قَرُبَ غِلْمَانُنَا مِنْ بَابِ الْمَدِينَةِ أَغْلَقُوا الْبَابَ فِي وُجُوهِنَا وَ شَتَمُونَا، وَ ذَكَرُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، وَ قَالُوا: لاَ نُزُولَ لَكُمْ عِنْدَنَا، وَ لاَ شِرَاءَ وَ لاَ بَيْعَ، يَا كُفَّارُ، يَا مُشْرِكِينَ، يَا مُرْتَدِّينَ، يَا كَذَّابِينَ، يَا شَرَّ الْخَلاَئِقِ أَجْمَعِينَ.

فَوَقَفَ غِلْمَانُنَا عَلَى الْبَابِ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ، فَكَلَّمَهُمْ أَبِي وَ لَيَّنَ لَهُمُ الْقَوْلَ، وَ قَالَ لَهُمْ: اتَّقُوا اللَّهَ وَ لاَ تَغْلُطُوا، فَلَسْنَا كَمَا بَلَغَكُمْ وَ لاَ نَحْنُ كَمَا تَقُولُونَ، فَاسْمَعُونَا، فَأَجَابُوهُ بِمِثْلِ مَا أَجَابُوا الْغِلْمَانَ، فَقَالَ لَهُمْ أَبِي: فَهَبْنَا كَمَا تَقُولُونَ، افْتَحُوا لَنَا الْبَابَ، وَ شَارُونَا وَ بَايِعُونَا كَمَا تُشَارُونَ وَ تُبَايِعُونَ الْيَهُودَ وَ النَّصَارَى وَ الْمَجُوسَ.

فَقَالُوا: أَنْتُمْ أَشَرُّ مِنَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى وَ الْمَجُوسِ، لِأَنَّ هَؤُلاَءِ يُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ وَ أَنْتُمْ مَا تُؤَدُّونَ.د.

ص: 240


1- مدينة تجاه تبوك بين المدينة و الشّام «اثار البلاد: 261».
2- في «ط» زيادة: يذكر له.
3- في «ط»: السّاحر.
4- في الأمان زيادة: و أظهروا لهما دينهما و مرقا من الاسلام إلى الكفر - دين النّصارى -.
5- في «ط»: فإذا مرّا بانصرافهما عليكم فليناد.

فَقَالَ لَهُمْ أَبِي: افْتَحُوا لَنَا الْبَابَ وَ أَنْزِلُونَا، وَ خُذُوا مِنَّا الْجِزْيَةَ كَمَا تَأْخُذُونَ مِنْهُمْ.

فَقَالُوا: لاَ نَفْتَحُ، وَ لاَ كَرَامَةَ لَكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا عَلَى ظُهُورِ دَوَابِّكُمْ جِيَاعاً نِيَاعاً(1) وَ تَمُوتُ دَوَابُّكُمْ تَحْتَكُمْ. فَوَعَظَهُمْ أَبِي فَازْدَادُوا عُتُوّاً وَ نُشُوزاً.

قَالَ: فَثَنَى أَبِي رِجْلَهُ عَنْ سَرْجِهِ ثُمَّ قَالَ لِي: مَكَانَكَ - يَا جَعْفَرُ - لاَ تَبْرَحْ. ثُمَّ صَعِدَ الْجَبَلَ الْمُطِلَّ عَلَى مَدِينَةِ مَدْيَنَ، وَ أَهْلُ مَدْيَنَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ مَا يَصْنَعُ، فَلَمَّا صَارَ فِي أَعْلاَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْمَدِينَةَ وَحْدَهُ، ثُمَّ وَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ:

وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً - إِلَى قَوْلِهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) - بَقِيَّتُ اللّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (2) نَحْنُ وَ اللَّهِ: بَقِيَّةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ.

فَأَمَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) رِيحاً سَوْدَاءَ مَظْلِمَةً، فَهَبَّتْ وَ احْتَمَلَتْ صَوْتَ أَبِي فَطَرَحَتْهُ فِي أَسْمَاعِ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ الصِّبْيَانِ(3) ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ الصِّبْيَانِ إِلاَّ صَعِدَ السُّطُوحَ وَ أَبِي مُشْرِفٌ عَلَيْهِمْ.

وَ صَعِدَ فِيمَنْ صَعِدَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ مَدْيَنَ كَبِيرُ السِّنِّ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِي عَلَى الْجَبَلِ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: اتَّقُوا اللَّهَ يَا أَهْلَ مَدْيَنَ، فَإِنَّهُ قَدْ وَقَفَ الْمَوْقِفَ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ شُعَيْبٌ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حِينَ دَعَا عَلَى قَوْمِهِ، فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَفْتَحُوا لَهُ الْبَابُ وَ لَمْ تُنْزِلُوهُ، جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ الْعَذَابُ وَ أَتَى عَلَيْكُمْ، وَ قَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ فَفَزِعُوا وَ فَتَحُوا الْبَابَ وَ أَنْزَلُونَا.

وَ كَتَبَ الْعَامِلُ(4) بِجَمِيعِ ذَلِكَ إِلَى هِشَامٍ فَارْتَحَلْنَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَكَتَبَ هِشَامٌ إِلَى عَامِلِ مَدْيْنَ يَأْمُرُهُ بِأَنْ يَأْخُذَ الشَّيْخَ فَيُطَمِّرَهُ(5) ، فَأَخَذُوهُ فَطَمَّرُوهُ (رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ).

وَ كَتَبَ إِلَى عَامِلِ مَدِينَةِ الرَّسُولِ أَنْ يَحْتَالَ فِي سَمِّ أَبِي فِي طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ، فَمَضَى هِشَامٌ وَ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ فِي أَبِي شَيْ ءٌ مِنْ ذَلِكَ(6).

163/ 27 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ2.

ص: 241


1- النائع: العطشان، و المتمايل جوعا. «المعجم الوسيط 963:2».
2- هود 84:11-86.
3- في «ط» زيادة: و الاماء.
4- (العامل) ليس في «ع، م».
5- أيْ يدفنه، انظر «القاموس المحيط - طمر - 81:2».
6- نوادر المعجزات: 1/127، الامان من الاخطار: 66، البحار 1/306:46، مدينة المعاجز: 44/332.

أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ الزَّرَّادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ:

مَرَرْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ فَلَمَّا رَآنِي سَبَّنِي وَ سَبَّ الْبَاقِرَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَجِئْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَلَمَّا بَصَرَنِي قَالَ: يَا جَابِرُ - مُتَبَسِّماً - مَرَرْتَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ فَسَبَّكَ وَ سَبَّنِي.

قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا سَيِّدِي، فَدَعَوْتَ اللَّهَ عَلَيْهِ.

فَقَالَ لِي: أَوَّلُ دَاخِلٌ يَدْخُلُ عَلَيْكَ هُوَ. فَإِذَا هُوَ قَدْ دَخَلَ، فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لَهُ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَا جَاءَ بِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟

قَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَدَّعِي مَا تَدَّعِي.

قَالَ لَهُ الْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وَيْلَكَ، قَدْ أَكْثَرْتَ فَقَالَ: يَا جَابِرُ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ.

قَالَ: احْفِرْ فِي الدَّارِ حَفِيرَةً، قَالَ: فَحَفَرْتُ، ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِحَطَبٍ فَأَلْقِهِ فِيهَا.

قَالَ: فَفَعَلْتُ، ثُمَّ قَالَ: أَضْرِمْهُ نَاراً. فَفَعَلْتُ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ، قُمْ فَادْخُلْهَا وَ اخْرُجْ مِنْهَا إِنْ كُنْتَ صَادِقاً.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قُمْ فَادْخُلْ أَنْتَ قَبْلِي.

فَقَامَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ دَخَلَهَا، حَتَّى لَمْ يَزَلْ يَدُوسُهَا بِرِجْلٍ، وَ يَدُورُ فِيهَا حَتَّى جَعَلَهَا رَمَاداً رِمْدِداً(1) ثُمَّ خَرَجَ فَجَاءَ وَ جَلَسَ، وَ جَعَلَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ وَ الْعَرَقُ يَنْضَحُ(2) مِنْ وَجْهِهِ.

ثُمَّ قَالَ: قُمْ قَبَّحَكَ اللَّهُ، فَمَا أَقْرَبَ مَا يَحِلُّ بِكَ كَمَا حَلَّ بِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَ بِوُلْدِهِ(3)!.

164/ 28 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فَرُّوخٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَجَّالِ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ يَزِيدَ غُلاَمِ0.

ص: 242


1- الرّماد الرمدد: المتناهي في الاحتراق و الدّقّة «لسان العرب - رمد - 185:3».
2- في «ط»: ينضج منه فيمسحه.
3- إثبات الهداة 87/319:5، مدينة المعاجز: 62/340.

عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِالْمَدِينَةِ فَنَظَرَ إِلَى دَارِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الَّتِي بَنَاهَا بِأَحْجَارِ الزَّيْتِ، فَقَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ لَتَهْدِمَنَّ، أَمَا وَ اللَّهِ لَتَنْدُرُ(1) أَحْجَارُ الزَّيْتِ(2) ، أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْضِعُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ.

فَسَمِعْتُ هَذَا مِنْهُ وَ تَعَجَّبْتُ، وَ قُلْتُ: مَنْ يَهْدِمُ هَذِهِ الدَّارَ وَ هِشَامٌ بَنَاهَا، وَ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! وَ رَأَتْ عَيْنِي حَيْثُ مَاتَ هِشَامٌ بَعَثَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ فَهَدَمَهَا، وَ نَقَلَهَا حَتَّى نَدَرَتْ أَحْجَارُ الزَّيْتِ(3).0.

ص: 243


1- ندر الشيء: سقط (لسان العرب - ندر - 199:5).
2- موضع بالمدينة داخلها (معجم البلدان 109:1).
3- كشف الغمة 137:2، مدينة المعاجز: 63/340.

ص: 244

أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد (عليه السلام)

معرفة ولادته

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وُلِدَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَ ثَمَانِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ(1).

وَ أَقَامَ مَعَ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ مَعَ أَبِيهِ بَعْدَ جَدِّهِ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ عَاشَ بَعْدَ أَبِيهِ أَيَّامَ إِمَامَتِهِ أَرْبَعاً وَ ثَلاَثِينَ سَنَةً(2).

وَ كَانَتْ مُدَّةَ إِمَامَتِهِ مُلْكُ(3) إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَلِيدِ؛ وَ مُلْكُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِمَارِ، ثُمَّ سَارَتِ الْمُسَوِّدَةُ مِنْ أَرْضِ خُرَاسَانَ مَعَ أَبِي مُسْلِمٍ سَنَةَ ثَلاَثِينَ وَ مِائَةٍ؛ وَ مُلْكُ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّفَّاحِ أَرْبَعَ سِنِينَ وَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَ أَيَّامُ مُلْكِ أَخِيهِ أَبِي(4) عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفِ بِأَبِي جَعْفَرٍ

ص: 245


1- تاريخ الأئمّة: 10، الكافي 393:1، الإرشاد: 271، روضة الواعظين: 212، و روي أيضا سنة (80 ه) انظر: تاريخ مواليد الأئمّة: 185، كشف الغمّة 155:2.
2- إعلام الورى: 272، مناقب ابن شهرآشوب 280:4، و روي غير ذلك في هذه التواريخ، انظر تاريخ الأئمّة: 11، تاريخ مواليد الأئمّة: 186.
3- ذكر في إعلام الورى: 272 و تاج المواليد: 119 و 120 قبل إبراهيم بن الوليد: بقيّة ملك هشام بن عبد الملك، و ملك الوليد بن يزيد و يزيد بن الوليد، و هو الصّواب لأنّ إمامته (عليه السّلام) بدأت سنة 114 ه و امتدّ ملك هشام بين (105-125 ه).
4- في «ط»: السّفاح سنة اثنتين و ثلاثين و ذلك أربع سنين و أربعة أشهر، ثمّ ملك أخيه.

الْمَنْصُورِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً وَ أَيَّاماً(1).

وَ بَعْدَ مَا مَضَتْ عَشْرُ سِنِينَ مِنْ مُلْكِهِ، قُبِضَ وَلِيُّ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي شَوَّالٍ(2) سَنَةَ ثَمَانٍ وَ أَرْبَعِينَ وَ مِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، سَمَّهُ الْمَنْصُورُ فَقَتَلَهُ(3).

وَ مَضَى وَ قَدْ كَمَلَ عُمُرُهُ خَمْساً وَ سِتِّينَ سَنَةً(4).

وَ رَوَى أَبُو الْحُسَيْنِ يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ(5) أَنَّهُ قُبِضَ وَ هُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَ سِتِّينَ سَنَةً(6). وَ يُرْوَى سَبْعٍ وَ سِتِّينَ، وَ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّنِي نَقَلْتُهُ مِنْ أَصْلٍ لِأَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ ابْنِ هَمَّامٍ(7) (رَحِمَهُ اللَّهُ).

وَ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ مَعَ جَدِّهِ وَ أَبِيهِ(8).

وَ بَوَّابُهُ:

الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ(9).

نَسَبُهُ

جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ.

ص: 246


1- مناقب ابن شهرآشوب 280:4.
2- و قيل في النصف من رجب. انظر مناقب ابن شهرآشوب 280:4، إعلام الورى: 271، مصباح الكفعمي: 523، تاج المواليد: 120.
3- مناقب ابن شهرآشوب 280:4.
4- تاريخ الأئمة: 10، الكافي 393:1، الإرشاد: 271، روضة الواعظين: 212.
5- ترجم له النجاشي في رجاله: 441 و وصفه بالعالم الفاضل الصدوق، و ذكر له كتابا في نسبة آل أبي طالب.
6- تاريخ مواليد الأئمة: 185، كشف الغمة 161:2.
7- قال النجاشي في رجاله: 379: شيخ أصحابنا و متقدمهم، له منزلة عظيمة... له كتاب الأنوار في تاريخ الأئمة (عليه السلام).
8- تاريخ الأئمة: 31، الكافي 393:1، الإرشاد: 271، تاج المواليد: 120، تاريخ مواليد الأئمة: 187.
9- تاريخ الأئمة: 33، نور الأبصار: 294، و الذي في مناقب ابن شهرآشوب 280:4: محمد بن سنان.

وَ يُكَنَّى:

أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(1).

وَ لَقَبُهُ:

الصَّادِقُ، وَ الْعَاطِرُ، وَ الطَّاهِرُ(2).

وَ إِلَيْهِ تُنْسَبُ الْجَعَافِرَةُ(3) ، وَ الشِّيعَةُ الْجَعْفَرِيَّةُ(4).

نقش خاتمه (عليه السلام)

وَ كَانَ لَهُ خَاتَمٌ نَقْشُهُ: اللَّهُ رَبِّي، عَصَمَنِي مِنْ خَلْقِهِ(5).

ذِكْرُ وُلْدِهِ

إِسْمَاعِيلَ، وَ مُوسَى الْإِمَامِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ مُحَمَّدٍ، وَ عَلِيٍّ، وَ عَبْدِ اللَّهِ، وَ إِسْحَاقَ، وَ ابْنَةٍ اسْمُهَا أُمُّ فَرْوَةَ، وَ هِيَ الَّتِي زَوَّجَهَا مِنْ ابْنِ عَمِّهِ الْخَارِجِ مَعَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(6).

ص: 247


1- و يكنى (عليه السلام) أيضا بأبي إسماعيل و أبي موسى. انظر: تاريخ مواليد الأئمة: 188، مناقب ابن شهرآشوب 281:4، كشف الغمة 155:2.
2- و يلقب (عليه السلام) أيضا بالفاضل و القائم و الكافل و المنجي و الصابر. انظر: تاريخ مواليد الأئمة: 187، مناقب ابن شهرآشوب 281:4، كشف الغمة 155:2.
3- في «ع، م»: الجعافير.
4- (الجعفرية) ليس في «ع، م».
5- العدد القوية: 65/148، و فيه: ربّي عصمني من خلقه، و قيل: أنت ثقتي فاعصمني من خلقك، و قيل: اللّه عوني و عصمتي من الناس.
6- زيد في بعض المصادر: العباس و يحيى و أسماء و فاطمة و فاطمة الصغرى. انظر الإرشاد: 284، مناقب ابن شهرآشوب 280:4، كشف الغمة 161:2.

وَ أُمُّهُ:

فَاطِمَةُ بِنْتُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَ تُكَنَّى أُمَّ فَرْوَةَ وَ أُمُّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ(1).

وَ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وُلِدَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ الْحُسَيْنِ ابْنِي فَسَمُّوهُ (الصَّادِقَ)(2) فَإِنَّهُ يُولَدُ مِنْ وَلَدٍ ابْنُهُ وَلَدٌ يُقَالُ لَهُ (جَعْفَرٌ الْكَذَّابُ) وَيْلٌ لَهُ مِنْ جُرْأَتِهِ عَلَى اللَّهِ وَ تَعَدِّيهِ عَلَى أَخِيهِ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَ إِمَامِ زَمَانِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِي(3).

فَلِأَجْلِ ذَلِكَ سُمِّيَ الصَّادِقَ(4).

ذكر معجزاته (عليه السلام)

165/ 1 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ: سَمِعْتُ الْأَحْوَصَ(5) يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذْ سَأَلَهُ قَوْمٌ عَنْ كَأْسِ الْمَلَكُوتِ، فَرَأَيْتُهُ وَ قَدْ تَحَدَّرَ نُوراً، ثُمَّ عَلاَ حَتَّى أَنْزَلَ تِلْكَ(6) الْكَأْسَ فَأَدَارَهَا عَلَى أَصْحَابِهِ، وَ هِيَ كَأْسٌ مِثْلُ الْبَيْتِ الْأَعْظَمِ(7) ، أَخَفُّ مِنَ الرِّيشِ، مِنْ نُورٍ مَحْضُورٍ(8) ، مَمْلُوءٍ شَرَاباً.

ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(9): لَوْ عَلِمْتُمْ بِنُورِ اللَّهِ لَعَايَنْتُمْ هَذَا فِي الْآخِرَةِ(10).

166/ 2 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ قَيْسِ ابْنِ خَالِدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ الصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ رَفَعَ مَنَارَةَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِيَدِهِ

ص: 248


1- تاريخ الأئمّة: 25، الكافي 393:1، الإرشاد: 271.
2- في «ط»: بالصّادق.
3- (و أهل بيتي) ليس في «ط».
4- الهداية الكبرى: 248، مناقب ابن شهرآشوب 272:4.
5- في «ع، م»: الأخوص.
6- في «ع، م»: ذلك.
7- في «ط»: العظيم.
8- في «ط»: محصور، و في «م»: محفور.
9- في «ع، م»: فقال لي.
10- نوادر المعجزات: 1/136، مدينة المعاجز: 4/356.

الْيُسْرَى، وَ حِيطَانُ الْقَبْرِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ بَلَغَ بِهِمَا عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَنَا جَعْفَرٌ، أَنَا النَّهَرُ الْأَغْوَرُ(1) ، أَنَا صَاحِبُ الْآيَاتِ الْأَقْمَرِ(2) ، أَنَا ابْنُ شَبِيرٍ وَ شَبَرٍ(3).

167/ 3 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ الصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ جِيءَ إِلَيْهِ بِسَمَكٍ مَمْلُوحٍ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى سَمَكَةٌ فَمَشَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ فَإِذَا دِجْلَةُ وَ الْفُرَاتُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ أَرَانَا سُفُنَ الْبَحْرِ، ثُمَّ أَرَانَا مَطْلَعَ الشَّمْسِ وَ مَغْرِبَهَا فِي أَسْرَعَ مِنْ لَمْحِ الْبَصَرِ(4).

168/ 4 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مَنَاقِبِ(5) الصُّدُوحِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَغَضِبَ حَتَّى امْتَلَأَ مِنْهُ مَسْجِدُ الرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ بَلَغَ أُفُقَ السَّمَاءِ، وَ هَاجَتْ لِغَضَبِهِ رِيحٌ سَوْدَاءُ حَتَّى كَادَتْ تَقْلَعُ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا هَدَأَ، هَدَأَتْ لِهُدُوئِهِ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لَوْ شِئْتُ لَقَلَبْتُهَا(6) عَلَى مَنْ عَلَيْهَا، وَ لَكِنْ رَحْمَةُ اللَّهِ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ(7).

169/ 5 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَ تَقْدِرُ أَنْ تُمْسِكَ الشَّمْسَ بِيَدِكَ؟

فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لَوْ شِئْتُ لَحَجَبْتُهَا عَنْكَ. فَقُلْتُ: افْعَلْ. قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَ قَدَ جُرَّهَا كَمَا تُجَرُّ الدَّابَّةُ بِعِنَانِهَا، فَاسْوَدَّتْ وَ انْكَسَفَتْ(8) ، وَ ذَلِكَ بِعَيْنِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كُلِّهِمْ حَتَّى رَدَّهَا(9).

170/ 6 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ،7.

ص: 249


1- في «ط»: الأزخر، و الأغور: العميق، و الأزخر: الممتلئ.
2- أيّ الأبيض.
3- نوادر المعجزات: 2/137، إثبات الهداة 227/453:5، مدينة المعاجز: 5/356.
4- نوادر المعجزات: 3/137، إثبات الهداة 228/453:5، مدينة المعاجز: 6/357.
5- في «ط»: أبي قباقب، و في «ع»: أبي قناقب.
6- في «ع، م»: قلبتها.
7- نوادر المعجزات: 4/138، إثبات الهداة 229/453:5، مدينة المعاجز: 7/357.
8- في «ط»: و انكشفت.
9- نوادر المعجزات: 5/138، إثبات الهداة 230/453:5، مدينة المعاجز: 8/357.

عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أُوتِيَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِشَاةٍ عَجْفَاءَ(1) حَائِلٍ(2) ، فَمَسَحَ ضَرْعَهَا فَدَرَّتْ لَبَناً وَ اسْتَوَتْ(3).

171/ 7 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ وَائِلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حَتَّى غَابَ، ثُمَّ رَجَعَ وَ مَعَهُ عَذْقٌ مِنَ الرَّطْبِ، وَ قَالَ: كَانَتْ رِجْلِي الْيُمْنَى عَلَى كَتِفِ(4) جَبْرَئِيلَ، وَ الْيُسْرَى عَلَى كَتِفِ مِيكَائِيلَ، حَتَّى لَحِقْتُ بِالنَّبِيِّ(5) وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ عَلِيٍّ وَ أَبِي (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) فَحَبَوْنِي(6) بِهَذَا لِي وَ لِشِيعَتِي(7).

172/ 8 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ، عَنِ ابْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ أَظَلَّتْنَا هَاجِرَةٌ صَعْبَةٌ، فَأَظْهَرَ لَنَا ثَلْجاً وَ عَسَلاً وَ نَهَراً يَجْرِي فِي دَارِهِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ حَفْرٍ حَيْثُ(8) لاَ ثَلْجَ وَ لاَ عَسَلَ وَ لاَ مَاءَ جَارِياً(9).

173/ 9 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ(10) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُهَلَّبُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): بِأَيِّ شَيْ ءٍ يَعْرِفُ الْعَبْدُ إِمَامَهُ؟

قَالَ: أَنْ يَفْعَلَ كَذَا. وَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى حَائِطٍ، فَإِذَا الْحَائِطُ ذَهَبَ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُي.

ص: 250


1- العجفاء: المهزولة.
2- الحائل: الّتي لا تلد من الإناث.
3- نوادر المعجزات: 6/139، إثبات الهداة 231/454:5، مدينة المعاجز: 9/357. و هذا الحديث ساقط من «ع».
4- في «ط»: كفّ، و كذا في الموضع الآتي.
5- في «ط»: ميكائيل، فصرت إلى النّبيّ.
6- حباه: أعطاه.
7- في «ع، م»: فحبوني لتطعم أوليائي و شيعتي. نوادر المعجزات: 7/139، إثبات الهداة 232/454:5، مدينة المعاجز: 10/357.
8- في «ع، م»: داره في غير حفر و ذلك بالمدينة حيث.
9- نوادر المعجزات: 8/140، إثبات الهداة 233/454:5، مدينة المعاجز: 11/357.
10- في «ط»: الرشادي.

عَلَى أُسْطُوَانَةٍ فَأَوْرَقَتْ مِنْ سَاعَتِهَا(1) ، ثُمَّ قَالَ: بِهَذَا يَعْرِفُ الْإِمَامَ(2).

174/ 10 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: صَحِبْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حَتَّى أَتَى الْغَرِيَّ فِي لَيْلَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَ أَتَى الْكُوفَةَ ثُمَّ رَأَيْتُهُ مَشَى عَلَى الْمَاءِ، وَ عَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَ لَمْ يَنْقَضِ(3) مِنَ اللَّيْلَةِ شَيْ ءٌ(4).

175/ 11 - وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ وَ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، جَمِيعاً قَالُوا: كُنَّا بِالْمَدِينَةِ حِينَ بَعَثَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) فَقَتَلَهُ، فَجَلَسَ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) شَهْراً لَمْ يَأْتِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ وَ دَعَاهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَشْرَةَ نَفَرٍ مِنَ الْحَرَسِ وَ قَالَ لَهُمْ: ائْتُونِي بِهِ، فَإِنْ أَبَى فَآتُونِي بِرَأْسِهِ.

فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَ هُوَ يُصَلِّي، وَ نَحْنُ مَعَهُ، صَلاَةَ الزَّوَالِ، فَقَالُوا لَهُ: أَجِبِ الْأَمِيرَ دَاوُدَ ابْنَ عَلِيٍّ. فَأَبَي، فَقَالُوا: إِنْ لَمْ تُجِبْ قَتَلْنَاكَ.

فَقَالَ: مَا أَظُنُّكُمْ تَقْتُلُونَ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ.

فَقَالُوا: مَا نَدْرِي مَا تَقُولُ، وَ مَا نَعْرِفُ إِلاَّ الطَّاعَةَ.

قَالَ: انْصَرِفُوا فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ.

قَالُوا: لاَ نَرْجِعُ إِلَيْهِ إِلاَّ بِمَا أَمَرَنَا.

فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّ الْقَوْمَ لاَ يَنْصَرِفُونَ إِلاَّ بِمَا أُمِرُوا بِهِ رَأَيْنَاهُ وَ قَدْ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ وَضَعَهُمَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ بَسَطَهُمَا، ثُمَّ دَعَا مُشِيراً بِسَبَّابَتِهِ، فَسَمِعْنَا: السَّاعَةَ السَّاعَةَ.

حَتَّى سَمِعْنَا صُرَاخاً عَالِياً فَقَالُوا: قُمْ.

فَقَالَ: إِنَّ(5) صَاحِبَكُمْ قَدْ مَاتَ، وَ هَذَا الصُّرَاخُ عَلَيْهِ. فَانْصَرَفُوا وَ النَّاسُ قَدْن.

ص: 251


1- في «ط»: الأسطوانة فأورقت لساعتها.
2- نوادر المعجزات: 9/140، إثبات الهداة 234/454:5، مدينة المعاجز: 12/357.
3- في «ع، م»: ينقص.
4- نوادر المعجزات: 10/141، إثبات الهداة 235/454:5، مدينة المعاجز: 13/357.
5- في «ط»: صراخا بالمدينة عاليا فقال لهم: انصرفوا فإن.

حَضَرُوهُ، فَقَالُوا: انْشَقَّتْ مَثَانَتُهُ فَمَاتَ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): دَعَوْتُ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ وَ ابْتَهَلْتُ إِلَيْهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ [مَلَكاً](1) فَطَعَنَهُ بِحَرْبَةٍ فِي مَذَاكِيرِهِ فَكَفَانَا شَرَّهُ.

قَالُوا: فَقُلْنَا: مَا الاِبْتِهَالُ؟

قَالَ: رَفْعُ الْيَدَيْنِ إِلَى جَنْبِ الْمَنْكِبَيْنِ.

قُلْنَا: وَ الْبَصْبَصَةُ؟

فَقَالَ: رَفْعُ الْإِصْبَعِ وَ تَحْرِيكُهَا يَعْنِي السَّبَّابَةَ(2).

176/ 12 - وَ رَوَى أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الطَّبَّالِ الْيَشْكُرِيُّ(3) الْخَزَّازُ، - قَالَ: مَوْلِدِي سَنَةَ إِحْدَى وَ ثَلاَثِينَ وَ مِائَتَيْنِ. وَ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَ عِشْرِينَ وَ ثَلاَثِمِائَةٍ، - مِنْ حِفْظِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ مَعْرُوفٍ الْهِلاَلِيَّ، وَ كَانَ يَنْزِلُ فِي عَبْدِ الْقَيْسِ، وَ هُوَ الْخَزَّازُ، وَ كَانَ قَدْ أَتَى عَلَيْهِ مِنَ السِّنِينَ مِائَةٌ وَ ثَمَانٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً.

قَالَ: مَضَيْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى الْحِيرَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَمَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ، فَحَيْثُ كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ أَدْنَانِي وَ مَضَى إِلَى قَبْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَمَضَيْتُ مَعَهُ فَحَيْثُ(4) صَارَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ غَمَزَهُ(5) الْبَوْلُ، فَاعْتَزَلَ عَنِ الْجَادَّةِ فَبَالَ، ثُمَّ نَبَشَ الرَّمْلَ، فَخَرَجَ لَهُ مَاءٌ فَتَطَهَّرَ لِلصَّلاَةِ، وَ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَ دَعَا رَبَّهُ.

وَ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِمَّنْ تَقَدَّمَ فَمَرَقَ، وَ لاَ مِمَّنْ تَخَلَّفَ فَمُحِقَ،ه.

ص: 252


1- من البصائر.
2- نحوه في بصائر الدّرجات: 2/237، و مناقب ابن شهرآشوب 230:4، مدينة المعاجز: 358.
3- كذا في «ع، م» و فرحة الغريّ، و في «ط»: البكريّ، و في رجال الطّوسيّ: 481: القشيريّ، و قال: روى عنه التّلّعكبريّ و سمع منه سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، و ذكر أنّه سمع منه أحاديث محمّد بن معروف الهلاليّ، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام).
4- أيْ فحين، انظر «لسان العرب - حيث - 141:2 و - حين - 135:13».
5- في «ط»: و هو بالحيرة فما استطعت ان اصل إليه من كثرة الزّحام ثلاثة أيّام، ثمّ سايرته فغمزه.

وَ اجْعَلْنِي مِنَ النَّمَطِ الْأَوْسَطِ.

وَ قَالَ لِي [يَا](1) غُلاَمُ: لاَ تُحْدِثْ بِمَا رَأَيْتَ.

وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لَيْسَ لِلْبَحْرِ جَارٌ، وَ لاَ لِلْمَلِكِ صَدِيقٌ، وَ لاَ لِلْعَافِيَةِ ثَمَنٌ؛ وَ كَمْ مِنْ نَائِمٍ وَ [هُوَ](2) لاَ يَعْلَمُ [مَا يَلْقَى](3).

177/ 13 - حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَشْرَسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنَّ حَكِيمَ بْنَ عَبَّاسٍ الْكَلْبِيَّ يُنْشِدُ النَّاسَ بِالْكُوفَةِ هِجَاءَكُمْ.

فَقَالَ: هَلْ عَلِقْتَ(1) مِنْهُ بِشَيْ ءٍ؟ قَالَ: بَلَى. فَأَنْشَدَهُ:

صَلَبْنَا لَكُمْ زَيْداً عَلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ وَ لَمْ نَرَ مَهْدِيّاً عَلَى الْجِذْعِ يُصْلَبُ

وَ قِسْتُمْ بِعُثْمَانَ عَلِيّاً سَفَاهَةً وَ عُثْمَانُ خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ وَ أَطْيَبُ

فَرَفَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ هُمَا يَنْتَفِضَانِ رَعْدَةً، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَسَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْباً مِنْ كِلاَبِكَ.

قَالَ(2): فَخَرَجَ حَكِيمٌ مِنَ الْكُوفَةِ فَأَدْلَجَ(3)، فَلَقِيَهُ الْأَسَدُ فَأَكَلَهُ، فَجَاءُوا بِالْبَشِيرِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَخَرَّ لِلَّهِ سَاجِداً، وَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ.(4).

178/ 14 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ:2.

ص: 253


1- أيْ تعلّمت، انظر «لسان العرب - علّق - 270:10».
2- في «ع، م»: عليه كلبك.
3- أيْ سار آخر اللّيل، أو اللّيل كلّه، انظر «لسان العرب - دلج - 272:2».
4- نوادر المعجزات: 11/142، مدينة المعاجز: 111/391، و نحوه في مناقب ابن شهرآشوب 234:4، و كشف الغمّة 203:2.

أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ أَبِي كَهْمَسٍ، قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ نَازِلاً فِي دَارٍ وَ فِيهَا وَصِيفَةٌ تُعْجِبُنِي، فَانْصَرَفْتُ لَيْلَةً مُمْسِياً، فَاسْتَفْتَحْتُ الْبَابَ، فَفَتَحَتْ لِي، فَمَدَدْتُ يَدِي إِلَى ثَدْيَيْهَا فَقَبَضْتُ عَلَيْهِمَا.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: يَا أَبَا كَهْمَسٍ، تُبْ إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) مِمَّا صَنَعْتَ الْبَارِحَةَ(1).

179/ 15 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلاَدِ، عَنْ مِهْزَمٍ، قَالَ: كُنَّا نُزُولاً بِالْمَدِينَةِ، وَ كَانَتْ جَارِيَةٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ تُعْجِبُنِي، وَ إِنِّي أَتَيْتُ الْبَابَ فَاسْتَفْتَحْتُ، فَفَتَحَتِ الْجَارِيَةُ، فَغَمَزْتُ يَدَيْهَا(2).

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: يَا مِهْزَمُ، أَيْنَ كَانَ أَقْصَى أَثَرِكَ(3) الْيَوْمَ؟

فَقُلْتُ: مَا بَرِحْتُ الْمَسْجِدَ.

فَقَالَ: أَ وَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ أَمْرَنَا لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِالْوَرَعِ؟!(4).

180/ 16 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ اللُّؤْلُؤِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِهْزَمٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لَيْلَةً مُمْسِياً، فَأَتَيْتُ مَنْزِلِي بِالْمَدِينَةِ، وَ كَانَتْ أُمِّي مَعِي، فَوَقَعَ بَيْنِي وَ بَيْنَهَا5.

ص: 254


1- بصائر الدّرجات: 1/262، عيون المعجزات: 87، الخرائج و الجرائح 32/728:2، الثّاقب في المناقب: 350/414.
2- في «ط»: ثديها.
3- في «ع، م»: يا مهزم لئن كان أقضى أمرك.
4- بصائر الدّرجات: 2/263، إعلام الورى: 275، الخرائج و الجرائح 33/728:2، مناقب ابن شهرآشوب 226:4، الثّاقب في المناقب: 348/413، مدينة المعاجز: 47/375.

كَلاَمٌ، فَأَغْلَظْتُ عَلَيْهَا.

فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ، وَ أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ لِي مُبْتَدِئاً:

يَا ابْنَ مِهْزَمٍ، مَا لَكَ وَ لِلْوَالِدَةِ أَغْلَظْتَ لَهَا الْبَارِحَةَ؟! أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ بَطْنَهَا مَنْزِلاً قَدْ سَكَنْتَهُ، وَ أَنَّ حَجْرَهَا مَهْداً قَدْ مَهَدْتَهُ، فَدَرُّ ثَدْيِهَا وِعَاءٌ قَدْ شَرِبْتَهُ؟!

قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَلاَ تُغْلِظْ لَهَا(1).

181/ 17 - وَ رَوَى الْحُسَيْنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ عُثْمَانَ الْخَوْلاَنِيِّ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ(2) إِلَى الْمَدِينَةِ، وَ بَعَثَ مَعِي مَالاً كَثِيراً وَ أَمَرَنِي أَنْ أَتَفَرَّغَ لِأَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ، وَ أَتَحَفَّظَ مَوَالِيَهُمْ، فَلَزِمْتُ الزَّاوِيَةَ الَّتِي تَلِي الْمِنْبَرَ، وَ لَمْ أَكُنْ أَتَنَحَّى عَنْهَا وَقْتَ كُلِّ صَلاَةٍ، لاَ فِي لَيْلٍ وَ لاَ نَهَارٍ، وَ أَقْبَلْتُ أَطْرَحُ إِلَى السُّؤَّالِ الَّذِينَ حَوْلَ الْقَبْرِ الدَّرَاهِمَ، وَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُمْ الشَّيْ ءَ [بَعْدَ الشَّيْ ءِ](3) ، حَتَّى نَاوَلْتُ شَبَاباً مِنْ(4) بَنِي الْحَسَنِ وَ مَشِيخَةِ الْقَوْمِ حَتَّى أَلِفُونِي وَ أَلِفْتُهُمْ فِي السِّرِّ.

قَالَ: وَ كُنْتُ كُلَّمَا دَنَوْتُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يُلاَطِفُنِي وَ يُكْرِمُنِي، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ بَعْدَ مَا نِلْتُ حَاجَتِي مِمَّنْ كُنْتُ أُرِيدُ مِنْ بَنِي الْحَسَنِ وَ غَيْرِهِمْ، دَنَوْتُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ هُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا مُهَاجِرُ! - وَ لَمْ أَكُنْ أَتَسَمَّى بِاسْمِي وَ لاَ أَتَكَنَّى بِكُنْيَتِي - فَقَالَ: قُلْ لِصَاحِبِكَ: يَقُولُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ أَهْلُ بَيْتِكَ إِلَى غَيْرِ هَذَا مِنْكَ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إِلَى هَذَا، تَجِيءُ إِلَى شَبَابٍ مُحْوِجِينَ مَغْمُومِينَ، فَتَدُسُّ إِلَيْهِمْ، لَعَلَّ أَحَدَهُمْ يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ تَسْتَحِلُّ بِهَا سَفْكَ دَمِهِ، فَلَوْ وَصَلْتَهُمْ وَ تَوَلَّيْتَهُمْ وَ أَنَلْتَهُمْ وَ أَغْنَيْتَهُمْ كَانُوا إِلَى هَذَا أَحْوَجَ مِمَّا تُرِيدُ مِنْهُمْ.

قَالَ: فَلَمَّا أَتَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ قُلْتُ لَهُ: جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ سَاحِرٍ، كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَ كَذَا.ن.

ص: 255


1- بصائر الدّرجات: 3/263، الخرائج و الجرائح 34/729:2، مدينة المعاجز: 48/375.
2- أيْ أبو جعفر المنصور الخليفة العبّاسيّ.
3- أثبتناه من الخرائج.
4- في «ط»: حتّى التفت إليّ إنسان من.

قَالَ: صَدَقَ وَ اللَّهِ، لَقَدْ كَانُوا إِلَى غَيْرِ هَذَا أَحْوَجَ، وَ إِيَّاكَ أَنْ يَسْمَعَ هَذَا الْكَلاَمَ مِنْكَ إِنْسَانٌ(1).

182/ 18 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ زَيْدٍ(2) عَنْ شُعَيْبِ بْنِ مِيثَمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا شُعَيْبُ، مَا أَحْسَنَ بِالرَّجُلِ يَمُوتُ وَ هُوَ لَنَا وَلِيٌّ، وَ يُوَالِي وَلِيَّنَا، وَ يُعَادِي عَدُوَّنَا.

قُلْتُ: وَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا إِنَّهُ لَعَلَى حَالٍ حَسَنَةٍ.

قَالَ: يَا شُعَيْبُ، أَحْسِنْ إِلَى نَفْسِكَ، وَ صِلْ قَرَابَتَكَ، وَ تَعَاهَدْ إِخْوَانَكَ، وَ لاَ تَسْتَبْدِلْ بِالشَّيْ ءِ تَقُولُ: أَدَّخِرُ لِنَفْسِي وَ عِيَالِي، إِنَّ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ الَّذِي يَرْزُقُهُمْ.

قُلْتُ فِي نَفْسِي: نَعَى إِلَيَّ وَ اللَّهِ نَفْسِي.

قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَرَجَعَ شُعَيْبُ بْنُ مِيثَمٍ، فَمَا لَبِثَ إِلاَّ شَهْراً حَتَّى مَاتَ(3).

183/ 19 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ؟ قُلْتُ: خَلَّفْتُهُ صَالِحاً.

قَالَ: إِذَا رَجَعْتَ فَأَقْرِئْهُ السَّلاَمَ، وَ أَعْلِمْهُ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي شَهْرِ كَذَا، وَ فِي يَوْمِ كَذَا.

قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ فِيهِ أُنْسٌ، وَ كَانَ لَكُمْ شِيعَةً.

قَالَ: صَدَقْتَ، مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ.

قُلْتُ: شِيعَتُكُمْ مَعَكُمْ؟

قَالَ: إِذَا هُوَ خَافَ اللَّهَ، وَ رَاقَبَ اللَّهَ، وَ تَوَقَّى الذُّنُوبَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ دَرَجَتُنَا.

قَالَ: فَرَجَعْتُ تِلْكَ السَّنَةَ، فَمَا لَبِثَ أَبُو حَمْزَةَ إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى تُوُفِّيَ (رَحِمَهُ اللَّهُ)(4).2.

ص: 256


1- الخرائج و الجرائح 55/646:2.
2- في «ع»: يزيد، و لعلّ ما في المتن هو الصواب، انظر معجم رجال الحديث 135:3.
3- مناقب ابن شهرآشوب 223:4، مدينة المعاجز: 112/392.
4- بصائر الدرجات: 6/283، الهداية الكبرى: 253، مناقب ابن شهرآشوب 222:4، الثاقب في المناقب: 344/411، كشف الغمّة 190:2، مدينة المعاجز: 113/392.

184/ 20 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلاَءِ وَ أَبِي الْمَغْرَاءِ، جَمِيعاً عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَجَرَى ذِكْرُ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: يَا بُنَيَّ، اكْتُمْ مَا أَقُولُ لَكَ فِي الْمُعَلَّى.

قُلْتُ: أَفْعَلُ.

قَالَ: إِنَّهُ مَا كَانَ يَنَالُ دَرَجَتَنَا إِلاَّ بِمَا يَنَالُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْهُ.

قُلْتُ: وَ مَا الَّذِي يَنَالُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ مِنْهُ؟

قَالَ: يَدْعُو بِهِ - (لَعَنَهُ اللَّهُ) - وَ يَأْمُرُ بِهِ فَيَضْرِبُ عُنُقَهُ، وَ يُصَلِّبُهُ. قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلِيَهْ رَاجِعُونَ. قَالَ: ذَلِكَ فِي قَابِلٍ.

فَلَمَّا كَانَ فِي قَابِلٍ وُلِّيَ(1) الْمَدِينَةَ، فَقَصَدَ [قَتْلَ](2) الْمُعَلَّى، فَدَعَاهُ وَ سَأَلَهُ عَنْ شِيعَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَكْتُبَهُمْ لَهُ، قَالَ: مَا أَعْرِفُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَداً، وَ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ(3) أَخْتَلِفُ فِي حَوَائِجِهِ وَ مَا يَتَوَجَّهُ إِلَيَّ، وَ لَسْتُ أَعْرِفُ لَهُ صَاحِباً.

قَالَ: أَمَا إِنَّكَ إِنْ كَتَمْتَنِي قَتَلْتُكَ.

قَالَ: بِالْقَتْلِ تُهَدِّدُنِي! وَ اللَّهِ لَوْ كَانُوا تَحْتَ قَدَمَيَّ مَا رَفَعْتُ قَدَمَيَّ عَنْهُمْ لَكَ، وَ لَئِنْ قَتَلْتَنِي لَيُسْعِدُنِي اللَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ يُشْقِيَكَ اللَّهُ.

قَالَ: فَقَتَلَهُ(4).

185/ 21 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَنْدَلٍ، عَنْ سَوْرَةَ(5) بْنِ كُلَيْبٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا سُورَةُ، كَيْفَ حَجَجْتَ الْعَامَ؟

قَالَ: قُلْتُ: اسْتَقْرَضْتُ حِجَّتِي، وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) سَيَقْضِيهَا عَنِّي، وَ مَاد.

ص: 257


1- أيْ داود بن عليّ. و في «ط»: جاء والي.
2- أثبتناه من الخرائج.
3- في «ط» زيادة: واحد.
4- الهداية الكبرى: 253، رجال الكشّيّ: 713/381، الخرائج و الجرائح 57/647:2، مناقب ابن شهرآشوب 225:4، فرج المهموم: 229.
5- في «ط»: سودة، و كذا في باقي الموارد.

كَانَ أَعْظَمَ حِجَّتِي إِلاَّ شَوْقاً إِلَيْكَ، بَعْدَ الْمَغْفِرَةِ، وَ إِلَى حَدِيثِكَ.

قَالَ: أَمَّا حِجَّتُكَ فَقَدْ قَضَاهَا اللَّهُ مِنْ عِنْدِي.

ثُمَّ رَفَعَ مُصَلًّى تَحْتَهُ، فَأَخْرَجَ دَنَانِيرَ، وَ عَدَّ عِشْرِينَ دِينَاراً، وَ قَالَ: هَذِهِ حِجَّتُكَ. وَ عَدَّ عِشْرِينَ دِينَاراً، وَ قَالَ: هَذِهِ مَعُونَةٌ لَكَ، تَكْفِيكَ حَتَّى تَمُوتَ.

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخْبِرْنِي، أَنَّ أَجَلِي قَدْ دَنَا؟

قَالَ: يَا سُورَةُ، أَ مَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مَعَنَا وَ مَعَ إِخْوَانِكَ فُلاَنٍ وَ فُلاَنٍ؟! قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ صَنْدَلٌ: فَمَا لَبِثَ إِلاَّ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ حَتَّى مَاتَ(1).

186/ 22 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: كَانَ صَدِيقاً لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَ أَخَذَهُ أَبُو جَعْفَرٍ فَحَبَسَهُ زَمَاناً فِي الْمُطَبَّقِ(2). فَحَجَّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ لَقِيَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي الْمَوْقِفِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا فَعَلَ صَدِيقُكَ عَبْدُ الْحَمِيدِ؟

قَالَ: حَبَسَهُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي الْمُطَبَّقِ مُنْذُ زَمَانٍ.

فَرَفَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَدَهُ فَدَعَا سَاعَةً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ وَ اللَّهِ خُلِّيَ سَبِيلُ صَاحِبِكَ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: فَسَأَلْتُ عَبْدَ الْحَمِيدِ: أَيَّ سَاعَةٍ أَخْرَجَكَ أَبُو جَعْفَرٍ؟

قَالَ: أَخْرَجَنِي يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ(3).

187/ 23 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ وَ أَبِي سَعِيدٍ الْمُكَارِي وَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: قَالَ مُرَازِمٌ:

بَعَثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْخَلِيفَةُ، وَ هُوَ مَعِي، إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ بِالْحِيرَةِ، لِيَقْتُلَهُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فِي رَوَاقِهِ لَيْلاً، فَنِلْنَا مِنْهُ حَاجَتَنَا وَ مِنِ ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ، ثُمَّ رَفَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا: قَدْ2.

ص: 258


1- نوادر المعجزات: 12/143، الاختصاص: 84، مناقب ابن شهرآشوب 223:4، مدينة المعاجز: 114/392.
2- المطبّق: السّجن تحت الأرض.
3- مناقب ابن شهرآشوب 234:4، مدينة المعاجز: 115/392.

فَرَغْنَا مِمَّا أَمَرْتَنَا بِهِ.

قَالَ: فَأَصْبَحْنَا مِنَ الْغَدِ، فَوَجَدْنَاهُ فِي رَوَاقِهِ جَالِساً، فَبَقِينَا مُتَحَيِّرِينَ(1).

188/ 24 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لِحَاجِبِهِ: إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَادْخُلْ وَ اقْتُلْهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيَّ.

قَالَ: فَدَخَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَجَلَسَ. قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى الْحَاجِبِ فَدَعَاهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَاعِدٌ، ثُمَّ قَالَ لِي: عُدْ إِلَى مَكَانِكَ. وَ أَقْبَلَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى الْأُخْرَى.

فَلَمَّا قَامَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ خَرَجَ دَعَا حَاجِبَهُ فَقَالَ: بِأَيِّ شَيْ ءٍ أَمَرْتُكَ؟ قَالَ:

لاَ وَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُهُ حَيْثُ خَرَجَ، وَ لاَ رَأَيْتُهُ وَ هُوَ قَاعِدٌ عِنْدَكَ(2).

189/ 25 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مِيثَمٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى ضَيْعَةٍ لَهُ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَبَيْنَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذَا ذِئْبٌ قَدْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ(3) فَلَمَّا رَأَى غِلْمَانُهُ أَقْبَلُوا إِلَيْهِ، قَالَ: دَعَوْهُ، فَإِنْ لَهُ حَاجَةً. فَدَنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعَ كَفَّهُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَ تَطَاوَلَ بِخُرْطُمِهِ(4) ، وَ طَأْطَأَ رَأْسَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَكَلَّمَهُ الذِّئْبُ بِكَلاَمٍ لاَ يُعْرَفُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِثْلَ كَلاَمِهِ، فَرَجَعَ يَعْدُو.

فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: قَدْ رَأَيْنَا عَجَباً!

فَقَالَ: إِنَّهُ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ خَلَّفَ زَوْجَتَهُ خَلْفَ هَذَا الْجَبَلِ فِي كَهْفٍ، وَ قَدْ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ، وَ خَافَ عَلَيْهَا، فَسَأَلَنِي الدُّعَاءَ لَهَا بِالْخَلاَصِ، وَ أَنْ يَرْزُقَهَا اللَّهُ ذَكَراً يَكُونُ لَنَا وَلِيّاً وَ مُحِبّاً، فَضَمِنْتُ لَهُ ذَلِكَ.».

ص: 259


1- مدينة المعاجز: 116/392.
2- كشف الغمّة 191:2.
3- في «ع»: إليه.
4- الخرطم: لغة في الخرطوم، و هو الأنف، و قيل: مقدّمه «لسان العرب - خرطم - 173:12».

قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ انْطَلَقْنَا مَعَهُ إِلَى ضَيْعَتِهِ، وَ قَالَ: إِنَّ الذِّئْبَ قَدْ وُلِدَ لَهُ جِرْوُ ذَكَرٍ.

قَالَ: فَمَكَثْنَا فِي ضَيْعَتِهِ مَعَهُ شَهْراً، ثُمَّ رَجَعَ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَبَيْنَا هُمْ رَاجِعُونَ إِذَا هُمْ بِالذِّئْبِ وَ زَوْجَتِهِ وَ جِرْوِهِ يَعْوُونَ فِي وَجْهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَجَابَهُمُ بِمِثْلِهِ، وَ رَأَى أَصْحَابُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) الْجِرْوَ، وَ عَلِمُوا أَنَّهُ قَدْ قَالَ لَهُمْ الْحَقَّ.

وَ قَالَ لَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): تَدْرُونَ مَا قَالُوا؟ قَالُوا: لاَ.

قَالَ: كَانُوا يَدْعُونَ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ، وَ دَعَوْتُ لَهُمْ بِمِثْلِهِ، وَ أَمَرْتُهُمْ أَنْ لاَ يُؤْذُوا لِي وَلِيّاً وَ لاَ لِأَهْلِ بَيْتِي، فَضَمِنُوا لِي ذَلِكَ(1).

190/ 26 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ؛ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلاَءِ(2) ، قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مَا فَعَلَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ؟ قَالَ: لاَ عِلْمَ لِي بِهِ.

قَالَ: لَكِنْ أُخْبِرُكَ أَنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ بَعَثَ مَعَكَ بِجَارِيَةٍ إِلَيَّ، فَلاَ حَاجَةَ لِي فِيهَا.

قَالَ الرَّجُلُ: وَ لِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّكَ لَمْ تُرَاقِبِ اللَّهَ فِيهَا، وَ لاَ حَيْثُ عَمِلْتَ مَا عَمِلْتَ لَيْلَةَ نَهَرِ بَلْخٍ، حَيْثُ صَنَعْتَ مَا صَنَعْتَ. فَسَكَتَ الرَّجُلُ، وَ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَهُ بِأَمْرٍ قَدْ فَعَلَهُ(3).

191/ 27 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جَالِساً، إِذْ دَخَلَ آذِنُهُ فَقَالَ: قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَسْتَأْذِنُونَ عَلَيْكَ.

قَالَ: كَمْ عَدَدَهُمْ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي.

قَالَ: اذْهَبْ فَعُدَّهُم وَ أَخْبِرْنِي.3.

ص: 260


1- مدينة المعاجز: 127/392.
2- في «ع، م»: حسين عن العلاء، و الحديث مرويّ في الخرائج عن الحسين بن أبي العلاء.
3- الخرائج و الجرائح 5/610:2، مدينة المعاجز: 119/393.

قَالَ: فَلَمَّا مَضَى الْغُلاَمُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): عِدَّةُ الْقَوْمِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، وَ إِنَّمَا أَتَوْا يَسْأَلُونِّي عَنْ حَرْبِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ، وَ دَخَلَ آذِنُهُ فَقَالَ: الْقَوْمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً.

فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا، فَقَالُوا: نَسْأَلُكَ. فَقَالَ: سَلُوا.

قَالُوا: مَا تَقُولُ فِي حَرْبِ عَلِيٍّ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ وَ عَائِشَةَ؟

قَالَ: مَا تُرِيدُونَ بِذَلِكَ؟

قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ نَعْلَمَ ذَلِكَ.

قَالَ: إِذَنْ تَكْفُرُونَ يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ. فَقَالُوا: لاَ نَكْفُرُ.

قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مُؤْمِناً مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إِلَى أَنْ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، لَمْ يُؤْمِّرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَحَداً قَطُّ، وَ لَمْ يَكُنْ فِي سَرِيَّةٍ إِلاَّ كَانَ أَمِيرَهَا، وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ أَتَيَاهُ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ فَبَايَعَاهُ أَوَّلَ النَّاسِ طَائِعَيْنِ غَيْرَ كَارِهَيْنِ، وَ هُمَا أَوَّلُ مَنْ غَدَرَ بِهِ، وَ نَكَثَا عَلَيْهِ، وَ نَقْضَا بَيْعَتَهُ، وَ هَمَّا بِهِ(1) كَمَا هَمَّ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمَا، وَ خَرَجَا بِعَائِشَةَ مَعَهُمَا يَسْتَعْطِفَانِهَا النَّاسَ، وَ كَانَ مِنْ أَمْرِهِمَا وَ أَمْرِهِ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ.

قَالُوا: فَإِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ صَنَعَا مَا صَنَعَا، فَمَا حَالُ عَائِشَةَ(2) ؟

قَالَ: عَائِشَةُ كَبِيرٌ جُرْمُهَا، عَظِيمٌ إِثْمُهَا، مَا أُهْرِقَتْ مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ إِلاَّ وَ إِثْمُ ذَلِكَ فِي عُنُقِهَا وَ عُنُقِ صَاحِبَيْهِاَ، وَ لَقَدْ عَهِدَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَالَ: «لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ تُقَاتِلَ النَّاكِثِينَ» وَ هُمْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، «وَ الْقَاسِطِينَ» وَ هُمْ أَهْلُ الشَّامِ، «وَ الْمَارِقِينَ» وَ هُمْ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ، فَقَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جَمِيعاً.

قَالَ الْقَوْمُ: إِنْ كَانَ هَذَا قَالَهُ النَّبِيُّ فَقَدْ(3) دَخَلَ الْقَوْمُ جَمِيعاً فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنَّكُمْ سَتُنْكِرُونَ(4).

قَالُوا: إِنَّكَ جِئْتَنَا بِأَمْرٍ عَظِيمٍ لاَ نَحْتَمِلُهُ.ن.

ص: 261


1- في «ط» زيادة: الهموم.
2- في «ط»: المرأة بدل (عائشة)، في الموضعين.
3- في «ع، م»: لقد.
4- في «ط»: ستكفرون.

قَالَ: وَ مَا طَوَيْتُ عَنْكُمْ أَكْثَرَ، أَمَّا إِنَّكُمْ سَتَرْجِعُونَ إِلَى أَصْحَابِكُمْ وَ تُخْبِرُونَهُمْ بِمَا أَخْبَرْتُكُمْ، فَتَكْفُرُونَ أَعْظَمَ مِنْ كُفْرِهِمْ.

قَالَ: فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا سُلَيْمَانَ بْنَ خَالِدٍ، وَ اللَّهِ مَا يَتْبَعُ قَائِمَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ، لاَ خَيْرَ فِيهِمْ، كُلُّهُمْ قَدَرِيَّةٌ وَ زَنَادِقَةُ، وَ هِيَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ(1).

192/ 28 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ لِي سَيِّدِي: مَا أَحْسَنَ الْحَقَّ وَ أَلْزَمَهُ(2)! قُلْتُ: لَيَسْتَوْفِي جُهْدِي.

قَالَ: يَا بْنَ خَالِدٍ، لاَ تَدْخُلْ فِي وَصِيَّةِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُوصِيَ إِلَيْكَ، فَتَقَعَ أَبْعَدَ مِنَ السَّمَاءِ.

قُلْتُ: وَ اللَّهِ، لَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيَّ فُلاَنٌ وَ جَهَدَ كُلَّ جَهْدٍ أَنْ أُدْخِلَ فِي وَصِيَّتِهِ فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ.

قَالَ: إِنَّ مَالَهُ حَرَامٌ، وَ كَانَ يَأْكُلُ الْحَرَامَ وَ يَسْتَحِلُّهُ، وَ يَدِينُ لِلَّهِ بِذَلِكَ؛ وَ قَدْ هَلَكَ بَعْدَكَ يَا سُلَيْمَانُ.

قُلْتُ: خَلَّفْتُهُ فِي حَدِّ(3) الْمَوْتِ.

قَالَ: قَدْ لَحِقَ بِاللَّهِ، فَتَعْساً لَهُ.

قُلْتُ: قَدْ كَانَ يُظْهِرُ لَنَا خَيْرَكُمْ!

قَالَ: هَيْهَاتَ، كَانَ وَ اللَّهِ لَنَا عَدُوًّا، كَفَى اللَّهُ أَمْرَهُ(4).3.

ص: 262


1- نوادر المعجزات: 13/144، مدينة المعاجز: 120/393.
2- في «ط»: و الذمّة.
3- في «ط»: حدّة.
4- مدينة المعاجز: 121/393.

193/ 29 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذْ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، هَلْ تَعْرِفُ إِمَامَكَ؟

قُلْتُ: إِي وَ اللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، وَ إِنَّكَ هُوَ. وَ وَضَعْتُ يَدِي عَلَى رُكْبَتِهِ.

فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، صَدَقْتَ، قَدْ عَرَفْتَ فَاسْتَمْسِكْ بِهِ.

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَعْطِنِي عَلاَمَةَ الْإِمَامَةِ.

قَالَ: لَيْسَ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ عَلاَمَةٌ.

قُلْتُ: أَزْدَادَ يَقِيناً وَ أَمْناً، وَ يَطْمَئِنَّ قَلْبِي.

قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، تَرْجِعُ إِلَى الْكُوفَةِ وَ قَدْ وُلِدَ لَكَ عِيسَى، وَ بَعْدَ عِيسَى مُحَمَّدٍ، وَ بَعْدَهُمَا ابْنَيْنِ، وَ اعْلَمْ أَنَّ اسْمَكَ مُثَبَّتٌ عِنْدَنَا فِي الصَّحِيفَةِ الْجَامِعَةِ مَعَ أَسْمَاءِ الشِّيعَةِ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَ أَجْدَادِهِمْ وَ أَبْنَائِهِمْ وَ مَا يَلِدُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

قَالَ: وَ إِنَّمَا هِيَ صَحِيفَةُ صَفْرَاءُ مُتَوَّجَةٌ(1).

194/ 30 - وَ رَوَى عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ، قَالَ: كُنْتُ لاَ أَعْرِفُ شَيْئاً مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، وَ كَانَ مَنْ عَرَفَهُ عِنْدَنَا رَافِضِيّاً، فَخَرَجْتُ حَاجّاً، فَإِذَا أَنَا بِجَمَاعَةٍ مِنَ الرَّافِضَةِ، فَقَالُوا: يَا عَمَّارُ، أَقْبِلْ عَلَيْنَا(2).

فَقُلْتُ: مَا يُرِيدُ مِنِّي هَؤُلاَءِ، فَمَا فِي إِتْيَانِهِمْ خَيْرٌ وَ لاَ ثَوَابٌ، وَ لَكِنِّي أَصِيرُ(3) إِلَيْهِمْ فَأَنْظُرُ مَا يُرِيدُونَ.

فَأَقْبَلْتُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا عَمَّارُ، خُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فَادْفَعْهَا إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ يُقْطَعَ عَلَى دَنَانِيرِكُمْ.و.

ص: 263


1- كذا في النّسخ، و في الخرائج: مدرجة، أيْ مطويّة، انظر «لسان العرب - درج - 269:2». الهداية الكبرى: 252، الخرائج و الجرائح 37/636:2، كشف الغمّة 190:2، إثبات الهداة 222/451:5، مدينة المعاجز: 122/393.
2- في «ع»: إلينا.
3- في «ط»: أصبو.

فَقَالُوا: خُذْهَا وَ لاَ تَخْشَ أَنْ يُقْطَعَ عَلَيْكَ.

فَقُلْتُ: لَأُجَرِّبَنَّ الْقَوْمَ، فَقُلْتُ: هَاتُوهَا، وَ أَخَذْتُهَا فِي يَدَيِ. فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى بَعْضِ الطَّرِيقِ قُطِعَ عَلَيْنَا، فَمَا تُرِكَ مَعَنَا شَيْ ءٌ إِلاَّ أُخِذَ، فَاسْتَقْبَلَنَا غُلاَمٌ أَبْيَضُ مُشْرَبٌ حُمْرَةً، عَلَيْهِ ذُؤَابَتَانِ، فَقَالَ: عَمَّارُ! قُطِعَ عَلَيْكَ؟

قُلْتُ: نَعَمْ.

فَقَالَ: اتَّبِعُونِي مَعْشَرَ الْقَافِلَةِ. فَتَبِعْنَاهُ حَتَّى جَاءَ إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَصَاحَ بِهِمْ: رُدُّوا إِلَى(1) الْقَوْمِ مَتَاعَهُمْ. فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ يُبَادِرُونَ مِنَ الْخِيَمِ حَتَّى رَدُّوا جَمِيعَ مَا أُخِذَ مِنَّا، لَمْ يَدَعُوا مِنْهُ شَيْئاً.

فَقُلْتُ عِنْدَ ذَلِكَ: لَأَسْبِقُ النَّاسَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى أَسْتَمْكِنَ مِنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَسَبَقْتُ النَّاسَ، فَقُمْتُ أُصَلِّيَ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ، فَصَلَّيْتُ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، وَ إِذَا بِمُنَادٍ يُنَادِي: يَا عَمَّارُ، رَدَدْنَا عَلَيْكُمْ مَتَاعَكُمْ، فَلِمَ لاَ تَرُدُّ دَنَانِيرَنَا؟ فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَداً، فَقُلْتُ: هَذَا عَمَلُ الشَّيْطَانِ.

ثُمَّ قُمْتَ أُصَلِّي، فَصَلَّيْتُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَإِذَا بِرَجُلٍ قَدْ وَكَزَنِي وَ أَمْعَضَ(2) قَفَايَ(3) ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَمَّارُ، رَدَدْنَا عَلَيْكُمْ مَتَاعَكُمْ، وَ لاَ تَرُدُّ دَنَانِيرَنَا!

فَالْتَفَتُّ وَ إِذَا بِالْغُلاَمِ الْأَبْيَضِ الْمُشْرَبِ الْحُمْرَةَ، فَقَادَنِي كَمَا يُقَادُ الْبَعِيرُ، وَ مَا أَقْدِرُ أَنْ أَمْتَنِعَ عَلَيْهِ حَتَّى أَدْخَلَنِي إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، مَعَهُ سُبْحَةُ مِائَةِ دِينَارٍ.

فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَؤُلاَءِ مُحَدَّثِينَ، وَ اللَّهِ مَا سَبَقَنِي رَسُولٌ وَ لاَ كِتَابٌ، فَمِنْ أَيْنَ عَلِمَ أَنَّ مَعِي مِائَةَ دِينَارٍ؟!ي.

ص: 264


1- في «ع»: على.
2- الوكز: الدّفع و الضّرب و الطّعن، و قيل: الوكز بجميع اليد، أو بالعصا. انظر «لسان العرب - وكز - 5: 430». و أمعضه: أوجعه «أقرب الموارد 1225:2.
3- في «م»: لفقاري.

فَقَالَ: لاَ تَزِيدُ حَبَّةٌ وَ لاَ تَنْقُصُ حَبَّةٌ. فَحَسَبْتُهَا(1) ، فَوَ اللَّهِ مَا زَادَتْ وَ لاَ نَقَصَتْ.

ثُمَّ قَالَ: يَا عَمَّارُ، سَلِّمْ عَلَيْنَا.

قُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ(2) وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

فَقَالَ: لَيْسَ هَكَذَا يَا عَمَّارُ.

فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ.

فَقَالَ: لَيْسَ هَكَذَا يَا عَمَّارُ.

قُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ.

فَقَالَ: لَيْسَ هَكَذَا يَا عَمَّارُ.

فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ رَسُولِ اللَّهِ. قَالَ: صَدَقْتَ يَا عَمَّارُ.

ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي وَ قَالَ: مَا حَانَ لَكَ أَنْ تُؤْمِنَ؟!

فَوَ اللَّهِ مَا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى تَوَلَّيْتُ وَلِيَّهُ، وَ تَبَرَّأْتُ مِنْ عَدُوِّهِ(3).

195/ 31 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ(4) أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَنِي دَلاَلَةً مِثْلَ مَا أَعْطَانِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا كَانَ لَكَ فِيمَا كُنْتَ فِيهِ شُغُلٌ؟!

تَدْخُلُ عَلَى إِمَامِكَ وَ أَنْتَ جُنُبٌ؟!

قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا فَعَلْتُ إِلاَّ عَلَى عَمْدٍ.

قَالَ: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ؟

قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، وَ لَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي.».

ص: 265


1- في «ع، م»: تنقص، فوضع.
2- في «ط»: عليكم.
3- مدينة المعاجز: 123/393.
4- (بن) ليس في «ع».

قَالَ: قُمْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَاغْتَسِلْ. فَاغْتَسَلْتُ وَ عُدْتُ إِلَى مَجْلِسِي، فَعَلِمْتُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ الْإِمَامُ(1).

196/ 32 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَاجِيلَوَيْهِ(2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْأَشْعَثِ، قَالَ:

أَ تَدْرِي مَا كَانَ سَبَبُ دُخُولِنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ وَ مَعْرِفَتِنَا بِهِ، وَ مَا كَانَ عِنْدَنَا مِنْهُ خَبَرٌ وَ لاَ ذِكْرٌ وَ لاَ مَعْرِفَةُ شَيْ ءٍ مِمَّا عِنْدَ النَّاسِ؟

قُلْتُ: وَ كَيْفَ كَانَ ذَلِكَ؟

قَالَ: إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ قَالَ لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ: ابْغِنِي رَجُلاً لَهُ عَقْلٌ يُؤَدِّي عَنِّي.

فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَصَبْتُ لَكَ، هَذَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ مُهَاجِرٌ خَالِي، قَالَ: فَأْتِنِي بِهِ.

فَأَتَاهُ بِخَالِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَا ابْنَ مُهَاجِرٍ، خُذْ هَذَا الْمَالَ. وَ أَعْطَاهُ الُوَفاً أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ: ائْتِ الْمَدِينَةَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَ عِدَّةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فِيهِمْ جَعْفَرُ ابْنُ مُحَمَّدٍ، فَقُلْ لَهُمْ: إِنِّي رَجُلٌ غَرِيبٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَ بِهَا شِيعَةٌ مِنْ شِيعَتِكُمْ، وَ قَدْ وَجَّهُوا إِلَيْكُمْ بِهَذَا الْمَالِ؛ فَادْفَعْ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، كَذَا وَ كَذَا، فَإِذَا قَبَضُوا الْمَالَ فَقُلْ: إِنِّى رَسُولٌ وَ أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مَعِي خُطُوطُكُمْ بِقَبْضِ مَا قَبَضْتُمْ مِنِّي.

فَأَخَذَ الْمَالَ وَ أَتَى الْمَدِينَةَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَ عِنْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: مَا وَرَاءَكَ؟

فَقَالَ: أَتَيْتُ الْقَوْمَ، وَ هَذِهِ خُطُوطُهُمْ بِقَبْضِهِمُ الْمَالَ(3) ، خَلاَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَإِنِّي أَتَيْتُهُ وَ هُوَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَجَلَسْتُ خَلْفَهُ، وَ قُلْتُ: يَنْصَرِفُ فَأَذْكُرُ لَهُ مَا ذَكَرْتُ(4) لِأَصْحَابِهِ، فَعَجَّلَ وَ انْصَرَفَ، وَ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ لِي: يَا هَذَا، اتَّقِ اللَّهَ وَ لاَه.

ص: 266


1- الهداية الكبرى: 250، مناقب ابن شهرآشوب 226:4، كشف الغمّة 188:2، مدينة المعاجز: 24/394.
2- ماجيلويه: هو عليّ الرّاوي عن البرقيّ، انظر معجم رجال الحديث 245:12.
3- (المال) ليس في «ع، م».
4- في «ع، م»: ذكرته.

تُغَرِّرْ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، وَ قُلْ لِصَاحِبِكَ: اتَّقِ اللَّهَ وَ لاَ تُغَرِّرْ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ قَرِيبُو عَهْدٍ بِدَوْلَةِ بَنِي مَرْوَانَ، وَ كُلُّهُمْ مُحْتَاجٌ.

فَقَالَ: قُلْتُ: وَ مَا ذَاكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟

فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي. فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَأَخْبَرَنِي بِجَمِيعِ مَا جَرَى بَيْنِي وَ بَيْنَكَ، حَتَّى كَأَنَّهُ كَانَ ثَالِثَنَا.

فَقَالَ الْمَنْصُورُ: يَا ابْنَ مُهَاجِرٍ، اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ إِلاَّ وَ فِيهِمْ مُحَدَّثٌ، وَ إِنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ مُحَدَّثُنَا الْيَوْمَ.

وَ كَانَتْ هَذِهِ الدَّلاَلَةُ سَبَبَ قَوْلِنَا بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ(1).

197/ 33 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ، قَالَ: بَعَثَ مَعِي رَجُلٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَعْرِفَ فَضْلَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ: خُذْ هَذِهِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ سَتُّوقَةٍ(2) ، فَاجْعَلْهَا فِي الدَّرَاهِمِ، وَ خُذْ مِنَ الدَّرَاهِمَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَصَيِّرْهَا فِي لَبِنَةِ(3) قَمِيصِكَ، فَإِنَّكَ سَتَعْرِفُ ذَلِكَ.

قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَنَثَرْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ الْخَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَ قَالَ: هَاكَ خَمْسَتَكَ، وَ هَاتِ خَمْسَتَنَا(4).

198/ 34 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ هَذَا الْأَمْرَ، فَقَبِلَهُ،2.

ص: 267


1- بصائر الدّرجات: 7/265، الكافي 6/395:1، الخرائج و الجرائح 25/720:2، مناقب ابن شهرآشوب 220:4، الثّاقب في المناقب: 338/406.
2- السّتّوق من الدّراهم: الزيف البهرج الّذي لا قيمة له. «معجم الوسيط 416:1».
3- لبنة القميص: بنيقته، و هي رقعة تزاد في نحر القميص لتوسيعه.
4- بصائر الدّرجات: 9/267، الخرائج و الجرائح 31/630:2، مناقب ابن شهرآشوب 228:4، كشف الغمّة 193:2، الصّراط المستقيم 22/188:2.

فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَ هُوَ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ، قَدْ قَبِلْتُ مَا قُلْتَ لِي، فَكَيْفَ لِي بِالْجَنَّةِ؟ فَمَاتَ.

فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَابْتَدَأَنِي فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، قَدْ وَ اللَّهِ، وُفِّيَ لِصَاحِبِكَ الْجَنَّةُ(1).

199/ 35 - وَ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: كُنْتُ مَعَهُ أَمْشِي فَصَارَ مَعَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ - (رَحِمَهُ اللَّهِ) - فَانْتَهَيْنَا إِلَى نَخْلَةٍ خَاوِيَةٍ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَيَّتُهَا النَّخْلَةُ السَّامِعَةُ الْمُطِيعَةُ لِرَبِّهَا، أَطْعِمِينَا مِمَّا جَعَلَ اللَّهُ (تَعَالَى) فِيكِ.

فَتَسَاقَطَ عَلَيْنَا رُطَبٌ مُخْتَلِفُ الْأَلْوَانِ، فَأَكَلْنَا حَتَّى تَضَلَّعْنَا، فَقَالَ لَهُ الْبَجَلِيُّ:

جُعِلْتُ فِدَاكَ سُنَّةٌ فِيكُمْ كَسُنَّةِ مَرْيَمَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(2).

200/ 36 - وَ رَوَى مَالِكٌ الْجُهَنِيُّ، قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَجَعَلْتُ أَقُولُ فِي نَفْسِي: هَذَا الَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ وَ عَظَّمَهُ وَ شَرَّفَهُ.

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا مَالِكُ، الْأَمْرُ وَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَذْهَبُ إِلَيْهِ(3).

201/ 37 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا لِإِبْلِيسَ مِنَ السُّلْطَانِ؟

قَالَ: مَا يُوَسْوِسُ فِي قُلُوبِ النَّاسِ.

قُلْتُ: فَمَا لِمَلَكِ الْمَوْتِ؟

قَالَ: يَقْبِضُ أَرْوَاحَ النَّاسِ.

قُلْتُ: وَ هُمَا مُسَلَّطَانِ عَلَى مَنْ فِي الْمَشْرِقِ وَ مَنْ فِي الْمَغْرِبِ؟ قَالَ: نَعَمْ.).

ص: 268


1- بصائر الدّرجات: 2/271، مدينة المعاجز: 125/394.
2- بصائر الدّرجات: 5/274، مناقب ابن شهرآشوب 240:4.
3- بصائر الدّرجات: 18/260، مدينة المعاجز: 67/380، يأتي مثله الحديث (61).

قُلْتُ: فَمَا لَكَ أَنْتَ - جُعِلْتُ فِدَاكَ - مِنَ السُّلْطَانِ؟

قَالَ: أَعْلَمُ مَا فِي الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ، وَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ مَا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ، وَ عَدَدَ مَا فِيهِنَّ وَ لَيْسَ ذَلِكَ لِإِبْلِيسَ وَ لاَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ(1).

202/ 38 - وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ:

كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جَالِساً إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، فَقَالَ:

جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي قَدِمْتُ أَنَا وَ أُمِّي قَاضِيَيْنِ لِحَقِّكَ، وَ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ دُونَكَ.

قَالَ: فَاذْهَبْ فَأْتِ بِأُمِّكَ.

قَالَ جَابِرٌ: فَمَا رَأَيْتُ أَشَدَّ تَسْلِيماً مِنْهُ، مَا رَدَّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حَتَّى مَضَى فَجَاءَ بِأُمِّهِ، فَلَمَّا رَأَتْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَتْ: هَذَا الَّذِي أَمَرَ مَلَكَ الْمَوْتِ بِتَرْكِي.

ثُمَّ قَالَتْ: يَا سَيِّدِي، أَوْصِنِي.

قَالَ: عَلَيْكَ بِالْبِرِّ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ عُمُرُهُ ثَلاَثِينَ سَنَةً فَيَكُونُ بَارّاً فَيَجْعَلُهَا ثَلاَثَ وَ سِتِّينَ سَنَةً؛ وَ إِنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ عُمُرُهُ ثَلاَثَ وَ سِتِّينَ سَنَةً فَيَكُونُ غَيْرَ بَارٍّ، فَيَبْتُرُ اللَّهُ عُمُرَهُ فَيَجْعَلُهَا ثَلاَثِينَ سَنَةً(2).

203/ 39 - وَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ وَفَدَ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى الْكُوفَةِ، فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ قَالَ لِي: يَا مُفَضَّلُ، هَلْ لَكَ فِي مُرَافَقَتِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ. قَالَ: إِذَا كَانَ اللَّيْلَةُ فَصِرْ إِلَيَّ.

فَلَمَّا كَانَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ خَرَجَ وَ خَرَجْتُ مَعَهُ، فَإِذَا أَنَا بِأَسَدَيْنِ مُسْرَجَيْنِ مُلْجَمَيْنِ.5.

ص: 269


1- مدينة المعاجز: 126/394.
2- مدينة المعاجز: 89/385.

قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى عَيْنِي فَشَدَّهَا، ثُمَّ حَمَلَنِي رَدِيفاً فَصَبَّحَ الْمَدِينَةَ(1) وَ أَنَا مَعَهُ، فَلَمْ يَزَلْ فِي مَنْزِلِهِ حَتَّى قَدِمَ عِيَالَهُ(2).

204/ 40 - وَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَخَرَجَ إِلَيَّ مُعَتِّبٌ فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ وَ لَمْ يَدْخُلْ مَعِي كَمَا كَانَ يَدْخُلُ.

فَلَمَّا أَنْ صِرْتُ فِي الدَّارِ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ عَلَى صُورَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ كَمَا كُنْتُ أَفْعَلُ، قَالَ: مَنْ أَنْتَ يَا هَذَا؟ لَقَدْ وَرَدْتَ عَلَى كُفْرٍ أَوْ إِيمَانٍ.

وَ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلاَنِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمَا الطَّيْرَ، فَقَالَ لِيَ: ادْخُلْ. فَدَخَلْتُ الدَّارَ الثَّانِيَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَى صُورَتِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ)، وَ إِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ صُوَرُهُمْ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ:

مَنْ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ.

فَقَالَ: قَدْ وَرَدْتَ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، إِمَّا كُفْرٍ أَوْ إِيمَانٍ.

ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ رَجُلٌ قَدْ بَدَا بِهِ الشَّيْبُ، فَأَخَذَ بِيَدِي، وَ أَوْقَفَنِي عَلَى الْبَابِ وَ غُشِيَ بَصَرِي مِنَ النُّورِ، فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَيْتَ اللَّهِ وَ نُورَهُ وَ حِجَابَهُ.

فَقَالَ: وَ عَلَيْكَ السَّلاَمُ يَا يُونُسُ. فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ طَائِرَانِ يَحْكِيَانِ، فَكُنْتُ أَفْهَمُ كَلاَمَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ لاَ أَفْهَمُ كَلاَمَهُمَا.

فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ: يَا يُونُسُ، سَلْ، نَحْنُ نُجَلِّي النُّورَ فِي الظُّلُمَاتِ، وَ نَحْنُ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً، نَحْنُ عِزَّةُ اللَّهِ وَ كِبْرِيَاؤُهُ.

قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، رَأَيْتُ شَيْئاً عَجِيباً، رَأَيْتُ رَجُلاً عَلَى صُورَتِكَ! قَالَ:

يَا يُونُسُ، إِنَّا لاَ نُوصَفُ، ذَلِكَ صَاحِبُ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ يَسْأَلُ أَنْ أَسْتَأْذِنَ اللَّهَ لَهُ أَنْ يُصَيِّرَهُ(3) مَعَ أَخٍ لَهُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ.ر.

ص: 270


1- صبّح المدينة: أيّ أتاها صباحا، انظر «لسان العرب - صبّح - 502:2».
2- مدينة المعاجز: 127/394.
3- في «ع، م»: يصير.

قَالَ: قُلْتُ: فَهَؤُلاَءِ الَّذِينَ فِي الدَّارِ؟

قَالَ: هَؤُلاَءِ أَصْحَابُ الْقَائِمِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ.

قَالَ: قُلْتُ: فَهَذَانِ؟

قَالَ: جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ، نَزَلاَ إِلَى الْأَرْضِ، فَلَنْ يَصْعَدَا حَتَّى يَكُونَ هَذَا الْأَمْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (تَعَالَى)، وَ هُمْ خَمْسَةُ آلاَفٍ.

يَا يُونُسُ، بِنَا أَضَاءَتِ الْأَبْصَارُ، وَ سَمِعَتِ الْآذَانُ، وَ وَعَتِ الْقُلُوبُ الْإِيمَانَ(1).

205/ 41 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ ابْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاَءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ يَزِيدَ، عَنْ(2) حَمَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ أُمِّ بَكْرٍ(3) ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالَ: إِنِّي لَعِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ أَبِي مَاتَ، وَ كَانَ مِنْ أَنْصَبِ النَّاسِ، فَبَلَغَ مِنْ بُغْضِهِ وَ عَدَاوَتِهِ أَنْ كَتَمَ مَالَهُ مِنِّي فِي حَيَاتِهِ، وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَ لَسْتُ أَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ تَرَكَ مَالاً كَثِيراً.

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَمَّا أَنْتَ وَ اللَّهِ مُهَنَّى لَكَ، وَ إِنِّي أُرِيدُ سَفَراً.

فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ(4) ، مَا لِي لَكَ.

فَقَالَ لَهُ: لاَ أَدُلُّكَ، وَ لَكِنْ هَيِّئْ لَنَا سُفْرَةً.

قَالَ: وَ كَانَ صَاحِبُ هَذَا الْحَدِيثِ يُعْرَفُ بِصَاحِبِ السُّفْرَةِ، فَخَتَمَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) خَاتَماً، وَ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ بِهَذَا الْخَاتَمِ إِلَى بَرَهُوتَ، فَإِنَّ رُوحَهُ صَارَتْ إِلَى بَرَهُوتَ. وَ سَمَّى لَهُ صَاحِبَ بَرَهُوتَ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: نَادِ صَاحِبَ بَرَهُوتَ بِاسْمِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ سَيُجِيبُكَ.ّ.

ص: 271


1- مدينة المعاجز: 128/394.
2- في «م»: بن.
3- في «م»: عن عمر بن بكر بن أم بكر، و في «ط»: عن عمر بن بكر، عن ابن أم بكر، و في مدينة المعاجز: عن عمر، عن بكر بن أبي بكر. و لعلّه الصّواب، راجع رجال الطّوسيّ: 160 و معجم رجال الحديث 340:3.
4- في «ط» زيادة: كلّ.

فَأَتَى بَرَهُوتَ، فَنَادَى صَاحِبَهُ بِاسْمِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَأَجَابَهُ فِي الثَّالِثَةِ بِلَبَّيْكَ، وَ ظَهَرَ لَهُ، فَنَاوَلَهُ الطِّينَةَ، فَأَخَذَهَا وَ قَبَّلَهَا وَ وَضَعَهَا عَلَى عَيْنَيْهِ(1) ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: جِئْتَ مِنْ عِنْدِ مَنْ فَضَّلَهُ اللَّهُ وَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِ؛ مَا حَاجَتُكَ؟

قَالَ الرَّجُلُ: فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لِي: إِنَّهُ يَجِيئُكَ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ. فَتُخُيِّلَ لِي صُورَةٌ خَبِيثَةٌ، فَمَا شَعَرْتُ إِذَا هُوَ قَدْ جَاءَنِي وَ السَّلاَسِلُ فِي عُنُقِهِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ. وَ بَكَى، فَعَرَّفْتُهُ حِينَ تَكَلَّمَ قُلْتُ لَهُ: قَدْ كُنْتُ أَقُولُ لَكَ وَ أَنْهَاكَ عَمَّا كُنْتَ فِيهِ.

فَقَالَ لِي: حَصَلَتْ عَلَيَّ الشَّقَاءَ. ثُمَّ قَالَ لِي: مَا حَاجَتُكَ؟

قُلْتُ: حَاجَتِي الْمَالُ الَّذِي خَلَّفْتَهُ.

قَالَ: فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي كُنْتَ تَرَانِي أُصَلِّي فِيهِ، احْفِرْ حَتَّى تَبْلُغَ قَدْرَ ذِرَاعَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ، فَإِنَّ فِيهِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِينَارٍ.

قُلْتُ لَهُ: لَعَلَّكَ تَكْذِبُنِي.

فَقَالَ لِي: هَيْهَاتَ، هَيْهَاتَ، لَقَدْ جِئْتَ مِنْ عِنْدِ مَنْ مَلَّكَهُ اللَّهُ، وَ أَمْرُهُ(2) أَعْظَمُ مِمَّا تَذْهَبُ إِلَيْهِ.

فَقَالَ الرَّجُلُ: قَالَ لِي صَاحِبُ بَرَهُوتَ: أَ تُوصِينِي بِشَيْ ءٍ؟

قُلْتُ: أُوصِيكَ أَنْ تُضَاعِفَ عَلَيْهِ الْعَذَابَ.

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَمَا لَوْ رَقَقْتَ عَلَيْهِ لَنَفَعَهُ اللَّهُ بِهِ وَ خَفَّفَ عَنْهُ الْعَذَابَ(3).

206/ 42 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: كَانَ لِي صَدِيقٌ، وَ كَانَ يُكْثِرُ الرَّدَّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ.

قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِهِ، فَقَالَ: قُلْ لَهُ: إِنِّي وَ اللَّهِ5.

ص: 272


1- في «ع، م»: عينه.
2- في «ط» زيادة: عظيم و.
3- مدينة المعاجز: 90/385.

لَأَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي الْأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ مَا دُونَهُمَا(1).

207/ 43 - وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَ قَدْ مَرَرْنَا بِجَبَلٍ فِيهِ دُودٌ، فَقَالَ:

أَعْرِفُ مَنْ يَعْلَمُ إِنَاثَ هَذَا الدُّودِ مِنْ ذُكْرَانِهِ، وَ كَمْ عَدَدُهُ.

ثُمَّ قَالَ: نَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تِبْيَانَ كُلِّ شَيْ ءٍ(2).

208/ 44 - وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ بُزُرْجَ(3) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ لِي: يَا أَبَا خَالِدٍ، خُذْ رُقْعَتِي فَأْتِ غَيْضَةً(4) - قَدْ سَمَّاهَا - فَانْشُرْهَا، فَأَيُّ سَبُعٍ جَاءَ مَعَكَ فَجِئْنِي بِهِ.

قَالَ قُلْتُ: أَعْفِنِي(5) ، جُعِلْتُ فِدَاكَ.

قَالَ: فَقَالَ لِي: اذْهَبْ يَا أَبَا خَالِدٍ، قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: يَا أَبَا خَالِدٍ، لَوْ أَمَرَكَ تَأْتِي جَبَّاراً عَنِيداً(6) ثُمَّ خَالَفْتَهُ إِذَنْ كَيْفَ كَانَ حَالُكَ؟!

قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا صِرْتُ إِلَى الْغَيْضَةِ وَ نَشَرْتُ الرُّقْعَةَ جَاءَ مَعِي وَاحِدٌ مِنْهَا، فَلَمَّا صَارَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) نَظَرْتُ إِلَيْهِ وَاقِفاً مَا يُحَرِّكُ مِنْ شَعْرِهِ شَعْرَةً، فَأَوْمَأَ بِكَلاَمٍ لَمْ أَفْهَمْهُ. قَالَ: فَلَبِثَتْ عِنْدَهُ وَ أَنَا مُتَعَجِّبٌ مِنْ سُكُونِ السَّبُعِ بَيْنَ يَدَيْهِ.

قَالَ: فَقَالَ لِي: يَا أَبَا خَالِدٍ، مَا لَكَ تُفَكِّرُ(7) ؟ قَالَ: قُلْتُ: أُفَكِّرُ فِي إِعْظَامِ السَّبُعِ.ر.

ص: 273


1- مدينة المعاجز: 129/395.
2- مدينة المعاجز: 130/395.
3- في «ع، م»: منصور بن نوح، و في «ط»: منصور بن بزجّ، و كلاهما تصحيف، صوابه ما في المتن، و هو منصور بن يونس بزرج كوفي ثقة، روى عن اسماعيل بن جابر، انظر رجال النّجاشيّ: 413 و معجم رجال الحديث 115:3 و 353:18.
4- الغيضة: الأجمة، و هي الموضع الّذي يكثر فيه الشّجر و يلتف.
5- في «ط» زيادة: من ذلك.
6- في «ع، م»: عنيف.
7- في «ع»: متفكّر.

قَالَ: ثُمَّ مَضَى السَّبُعُ فَمَا لَبِثْتُ إِلاَّ وَقْتاً حَتَّى طَلَعَ السَّبُعُ وَ مَعَهُ كِيسٌ فِي فِيهِ.

قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ هَذَا لَشَيْ ءٌ عَجِيبٌ! قَالَ: يَا أَبَا خَالِدٍ، هَذَا كِيسٌ وَجَّهَ بِهِ إِلَيَّ فُلاَنٌ مَعَ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، وَ احْتَجْتُ إِلَى مَا فِيهِ، وَ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفاً، فَبَعَثْتُ بِهَذَا السَّبْعِ فَجَاءَ بِهِ.

قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَ اللَّهِ، لاَ أَبْرَحُ حَتَّى يَقْدَمَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ وَ أَعْلَمَ ذَلِكَ.

قَالَ: فَضَحِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ثُمَّ قَالَ لِي: نَعَمْ يَا أَبَا خَالِدٍ، لاَ تَبْرَحْ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُفَضَّلُ.

قَالَ: فَتَدَاخَلَنِي وَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ حَيْرَةٌ، ثُمَّ قَالَ: قُلْتُ: أَقِلْنِي جُعِلْتُ فِدَاكَ.

وَ أَقَمْتُ أَيَّاماً، ثُمَّ قَدِمَ الْمُفَضَّلُ، وَ بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ الْمُفَضَّلُ:

جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ، إِنَّ فُلاَناً بَعَثَ مَعِي كِيساً فِيهِ مَالٌ، فَلَمَّا صِرْتُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا جَاءَ سَبُعٌ وَ حَالَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ رِحَالِنَا، فَلَمَّا مَضَى السَّبُعُ طَلَبْتُ الْكِيسَ فِي الرَّحْلِ فَلَمْ أَجِدْهُ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا مُفَضَّلُ، أَ تَعْرِفُ الْكِيسَ؟

قَالَ: نَعَمْ، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ.

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا جَارِيَةُ، هَاتِي الْكِيسَ. فَأَتَتْ بِهِ الْجَارِيَةُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ الْمُفَضَّلُ قَالَ: نَعَمْ، هَذَا هُوَ الْكِيسُ.

ثُمَّ قَالَ: يَا مُفَضَّلُ، تَعْرِفُ السَّبُعَ؟

قَالَ: جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ، كَانَ فِي قَلْبِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رُعْبٌ.

فَقَالَ لَهُ: ادْنُ مِنِّي. فَدَنَا مِنْهُ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِأَبِي خَالِدٍ: امْضِ بِرُقْعَتِي إِلَى الْغَيْضَةِ فَأْتِنَا بِالسَّبُعِ.

فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الْغَيْضَةِ فَعَلْتُ مِثْلَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ فَجَاءَ السَّبُعُ مَعِي، فَلَمَّا صَارَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) نَظَرْتُ إِلَى إِعْظَامِهِ إِيَّاهُ، فَاسْتَغْفَرْتُ فِي نَفْسِي.

ثُمَّ قَالَ: يَا مُفَضَّلُ، هَذَا هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ.

فَقَالَ: يَا مُفَضَّلُ، أَبْشِرْ فَأَنْتَ مَعَنَا(1).6.

ص: 274


1- مدينة المعاجز: 53/376.

209/ 45 - وَ عَنْهُ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ - أَوْ غَيْرِهِ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ رِزَامٍ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ الطَّوِيلُ - وَ هُوَ الْمَنْصُورُ - إِلَى الْمَدِينَةِ، وَ أَمَرَنِي إِذَا دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ أَنْ أَفُضَّ الْكِتَابَ الَّذِي دَفَعَهُ إِلَيَّ وَ أَعْمَلَ مَا فِيهِ.

قَالَ: فَمَا شَعَرْتُ إِلاَّ بِرَكْبٍ قَدْ طَلَعُوا عَلَيَّ حِينَ قَرُبْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَ إِذَا رَجُلٌ قَدْ صَارَ إِلَى جَانِبِي، فَقَالَ: يَا رِزَامُ، اتَّقِ اللَّهَ وَ لاَ تَشْرَكْ فِي دَمِ آلِ مُحَمَّدٍ.

قَالَ: فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ لِي: دَعَاكَ صَاحِبُكَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَ خَاطَ رُقْعَةً فِي جَانِبِ قَبَائِكَ، وَ أَمَرَكَ إِذَا صِرْتَ إِلَى الْمَدِينَةِ تَفُضُّهَا وَ تَعْمَلُ بِمَا فِيهَا.

قَالَ: فَرَمَيْتُ بِنَفْسِي مِنَ الْمَحْمِلِ وَ قَبَّلْتُ رِجْلَيْهِ وَ قُلْتُ: ظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ صَاحِبِي، وَ أَنْتَ سَيِّدِي وَ صَاحِبِي، فَمَا أَصْنَعُ؟

قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ، وَ اذْهَبْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ تَعَالَ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ نَسَّاءٌ، وَ قَدْ نَسِيَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ يَسْأَلُكَ عَنْهُ.

قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَلَمْ يَسْأَلْنِي عَنْ شَيْ ءٍ، فَقُلْتُ: صَدَقَ مَوْلاَيَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(1).

210/ 46 - وَ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي(2) الْعَلاَءِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذْ جَاءَهُ مَوْلَى لَهُ يَشْكُو زَوْجَتَهُ وَ سُوءَ خُلُقِهَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ائْتِنِي بِهَا.

فَأَتَاهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا: مَا لِزَوْجِكِ يَشْكُوكِ؟

فَقَالَتْ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَ فَعَلَ.

فَقَالَ لَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَمَا إِنَّكِ إِنْ بَقِيتِ عَلَى هَذَا لَمْ تَعِيشِي إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.

قَالَتْ: وَ اللَّهِ، مَا أُبَالِي أَلاَّ أَرَاهُ.

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِلزَّوْجِ: خُذْ بِيَدِهَا، فَلَيْسَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.».

ص: 275


1- مدينة المعاجز: 29/364.
2- (أبي) ليس في «ط».

فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ دَخَلَ عَلَيْنَا الرَّجُلُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَا فَعَلَتْ زَوَّجْتُكَ؟

قَالَ: قَدْ وَ اللَّهِ دَفَنْتُهَا السَّاعَةَ. قُلْتُ: مَا كَانَ حَالُهَا؟

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): كَانَتْ مُتَعَدِّيَةً عَلَيْهِ، فَبَتَرَ اللَّهُ عُمُرَهَا(1).

211/ 47 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ الْكُوفَةِ(2) إِلَى خُرَاسَانَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى وَلاَيَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَفِرْقَةٌ صَالَحَتْ وَ أَجَابَتْ، وَ فِرْقَةٌ جَحَدَتْ وَ أَنْكَرَتْ، وَ فِرْقَةٌ وَرِعَتْ وَ وَقَفَتْ، فَخَرَجَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ رَجُلٌ فَدَخَلُوا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَكَانَ مِنْهُمْ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ(3) تَوَرَّعَ وَ وَقَفَ، وَ قَدْ كَانَ مَعَ بَعْضِ الْقَوْمِ جَارِيَةٌ، فَخَلاَ بِهَا الرَّجُلُ وَ وَقَعَ عَلَيْهَا.

فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) كَانَ هُوَ الْمُتَكَلِّمَ، فَقَالَ لَهُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى وَلاَيَتِكَ وَ طَاعَتِكَ؛ فَأَجَابَ قَوْمٌ، وَ أَنْكَرَ قَوْمٌ، وَ وَرِعَ قَوْمٌ وَ وَقَفُوا.

فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مِنْ أَيِّ الثَّلاَثِ أَنْتَ؟

قَالَ: أَنَا مِنَ الْفِرْقَةِ الَّتِي وَقَفَتْ وَ وَرِعَتْ.

فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَيْنَ كَانَ وَرَعُكَ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا مَعَ الْجَارِيَةِ؟

قَالَ: فَارْتَابَ الرَّجُلُ وَ سَكَتَ(4).

212/ 48 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ(5) ، عَنِ الْإِسْكَافِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ذَاتَ يَوْمٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَبَلِ بِهَدَايَا وَ أَلْطَافٍ، وَ كَانَ فِيمَا أَهْدَى إِلَيْهِ جِرَابُ قَدِيدٍ وَ جُبُنٍّ، فَنَثَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: خُذْ هَذَاف.

ص: 276


1- الخرائج و الجرائح 6/611:2، مناقب ابن شهرآشوب 224:4، مدينة المعاجز 31/395.
2- في البصائر: عن الحارث بن حصيرة الأزديّ قال: قدم رجل من أهل الكوفة.
3- في «ط»: ذكرتهم.
4- بصائر الدّرجات: 5/264، مدينة المعاجز: 49/375.
5- في «ط»: سعيد، و في الهداية: عن محمّد غلام سعد الإسكاف.

الْقَدِيدَ فَأَطْعِمْهُ الْكَلْبَ.

فَقَالَ الرَّجُلُ: وَ اللَّهِ مَا أَبْلَيْتُ نُصْحاً(1).

فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنَّهُ لَيْسَ بِذَكِيٍّ.

فَقَالَ الرَّجُلُ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَ ذَكَرَ أَنَّهُ ذَكِيٌّ. فَرَدَّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فِي الْجِرَابِ، وَ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِكَلاَمٍ، ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: قُمْ فَأَدْخِلْهُ الْبَيْتَ، وَ ضَعْهُ فِي زَاوِيَةٍ. فَفَعَلَ.

قَالَ: فَسَمِعَ الرَّجُلُ الْقَدِيدَ يَقُولُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ(2) ، لَيْسَ مِثْلِي تَأْكُلُهُ أَوْلاَدُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنِّي لَسْتُ بِذَكِيٍّ. فَحَمَلَ الرَّجُلُ الْجِرَابَ وَ خَرَجَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ لَهُ: مَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ غَيْرُ ذَكِيٍّ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَ مَا عَلِمْتَ يَا هَارُونُ، أَنَّا نَعْلَمُ مَا لاَ يَعْلَمُ النَّاسُ؟! قُلْتُ: بَلَى، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ(3). وَ خَرَجَ الرَّجُلُ، وَ خَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى مَرَّ عَلَى كَلْبٍ، فَأَلْقَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَكَلَهُ الْكَلْبُ كُلَّهُ(4).

213/ 49 - حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ عِيَاضٍ(5) بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي عِيَاضُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: حَجَجْتُ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَ مِائَةٍ، فَأَتَيْتُ مَكَّةَ، فَلَمَّا أَنْ صَلَّيْتُ الْعَصْرَ رَقِيتُ أَبَا قُبَيْسٍ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَالِسٌ وَ هُوَ يَدْعُو، فَقَالَ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ؛ حَتَّى انْقَطَعَ النَّفَسُ.

ثُمَّ قَالَ: يَا رَبَّاهْ، يَا رَبَّاهْ؛ حَتَّى انْطَفَأَ نَفَسُهُ.

ثُمَّ قَالَ: يَا اللَّهُ، يَا اللَّهُ، حَتَّى انْطَفَأَ نَفَسُهُ.س.

ص: 277


1- في الهداية: ما أتيتك إلاّ ناصحا. و الظّاهر صوابه.
2- في النّسخ: يا أبا عبد اللّه، و ما أثبتناه من المصادر.
3- زاد في الهداية: فعلمت أن اسم الرّجل هارون.
4- الهداية الكبرى: 250، الخرائج و الجرائح 1/606:2، مناقب ابن شهرآشوب 222:4، الصّراط المستقيم 9/187:2.
5- في «ع»: محمّد بن أحمد بن عبّاس.

ثُمَّ قَالَ: يَا حَيُّ، يَا حَيُّ، حَتَّى انْطَفَأَ نَفَسُهُ.

ثُمَّ قَالَ: يَا رَحِيمُ يَا رَحِيمُ؛ حَتَّى انْطَفَأَ نَفَسُهُ.

ثُمَّ قَالَ: يَا رَحْمَنُ يَا رَحْمَنُ؛ سَبْعَ مَرَّاتٍ.

ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْتَهِي مِنْ هَذَا الْعِنَبِ فَأَطْعِمْنِيهِ، اللَّهُمَّ إِنَّ بُرْدَيَّ قَدْ أَخْلَقَا فَاكْسُنِي.

قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: وَ اللَّهِ، مَا اسْتَتَمَّ الْكَلاَمَ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى سَلَّةٍ مَمْلُوَّةٍ عِنَباً، وَ لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ عِنَبٌ يَوْمَئِذٍ، وَ بُرْدَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ فَقُلْتُ لَهُ: أَنَا شَرِيكُكَ. فَقَالَ: وَ لِمَ؟

فَقُلْتُ: إِنَّكَ كُنْتَ تَدْعُو وَ أَنَا أُؤَمِّنُ.

فَقَالَ: تَقَدَّمْ فَكُلْ، وَ لاَ تَخْبَأْ مِنْهُ شَيْئاً: فَأَكَلْتُ شَيْئاً لَمْ آكُلْ مِثْلَهُ قَطُّ، وَ إِذَا هُوَ عِنَبٌ لاَ عَجَمَ لَهُ، فَأَكَلْتُ وَ أَكَلَ حَتَّى انْصَرَفْنَا عَنْ رِيٍّ، وَ السَّلَّةُ لَمْ تَنْقُصْ شَيْئاً.

ثُمَّ قَالَ لِي: خُذْ أَحَدَ الْبَرْدَيْنِ إِلَيْكَ.

فَقُلْتُ: أَمَّا الْبُرْدَانِ فَأَنَا غَنِيٌّ عَنْهُمَا.

فَقَالَ لِي: تَوَارَ عَنِّي حَتَّى أَلْبَسَهُمَا. فَتَوَارَيْتُ عَنْهُ، فَاتَّزَرَ بِأَحَدِهِمَا وَ ارْتَدَى الْآخَرُ، ثُمَّ أَخَذَ الْبُرْدَيْنِ الَّذَيْنِ كَانَا عَلَيْهِ فَحَمَلَهُمَا عَلَى يَدِهِ وَ نَزَلَ، وَ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَسْعَى لَقِيَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: اكْسُنِي كَسَاكَ اللَّهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ. فَدَفَعَهُمَا إِلَيْهِ، فَلَحِقْتُ الرَّجُلَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟

قَالَ: هَذَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ.

قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: فَطَلَبْتُهُ لِأَسْمَعَ مِنْهُ فَلَمْ أَجِدْهُ(1).

214/ 50 - وَ رَوَى جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ، فَذَكَرَتْ أَنَّهَا تَرَكَتِ ابْنَهَا وَ قَدْ لَفَّتْهُ بِالْمِلْحَفَةِ عَلَى وَجْهِهِ مَيِّتاً.

فَقَالَ لَهَا: لَعَلَّهُ لَمْ يَمُتْ، فَقُومِي وَ اذْهَبِي إِلَى بَيْتِكِ وَ اغْتَسِلِي، وَ صَلِّى رَكْعَتَيْنِ،3.

ص: 278


1- مناقب ابن شهرآشوب 232:4، صفة الصّفوة 173:2، تذكرة الخواصّ: 345، كشف الغمّة 160:2، الصّواعق المحرقة: 203.

وَ ادْعِي(1) وَ قُولِي: يَا مَنْ وَهَبَهُ لِي وَ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً، جَدِّدْ مَا وَهَبْتَهُ لِي؛ ثُمَّ حَرِّكِيهِ، وَ لاَ تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَداً.

قَالَ: فَفَعَلَتْ، وَ جَاءَتْ فَحَرَّكَتْهُ، فَإِذَا هُوَ يَبْكِي(2).

215/ 51 - وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ، قَالَ: حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فَدَخَلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي، إِنَّ أَهْلِي قَدْ تُوُفِّيَتْ، وَ بَقِيتُ وَحِيداً. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): فَكُنْتَ تُحِبُّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: ارْجِعْ إِلَى مَنْزِلِكَ، فَإِنَّكَ سَتَرْجِعُ إِلَى الْمَنْزِلِ وَ هِيَ تَأْكُلُ، قَالَ: فَلَمَّا رَجَعْتُ مِنْ حِجَّتِي وَ دَخَلْتُ مَنْزِلِي وَجَدْتُهَا قَاعِدَةً وَ هِيَ تَأْكُلُ(3).

216/ 52 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ، فَالْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَإِذَا كَلْبٌ أَسْوَدُ، فَقَالَ: مَا لَكَ، قَبَّحَكَ اللَّهُ؟! مَا أَشَدَّ مُسَارَعَتَكَ؟! وَ إِذَا هُوَ شَبِيهٌ بِالطَّائِرِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ؟

فَقَالَ: هَذَا عُثْمُ - بَرِيدُ الْجِنِّ - مَاتَ هِشَامٌ السَّاعَةَ، وَ هُوَ يَطِيرُ يَنْعَى بِهِ فِي كُلِّ بَلَدٍ(4).

217/ 53 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَطَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ يَرْفَعُهُ إِلَى مُعَتِّبٍ مَوْلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: إِنِّي لَوَاقِفٌ يَوْماً خَارِجاً مِنَ الْمَدِينَةِ، وَ كَانَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَدَنَا مِنِّي رَجُلٌ فَنَاوَلَنِي كِتَاباً طِينُهُ رَطْبٌ، وَ الْكِتَابُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ بِمَكَّةَ حَاجٌّ، فَفَضَضْتُهُ وَ قَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: إِذَا كَانَ غَداً افْعَلْ كَذَا وَ كَذَا. وَ نَظَرْتُ إِلَى2.

ص: 279


1- كذا في البصائر، و في النّسخ: و اجزعي.
2- في «ع، م»: بكى. بصائر الدّرجات: 1/292، مناقب ابن شهرآشوب 239:4، الثّاقب في المناقب: 321/395.
3- بصائر الدّرجات: 5/294، مناقب ابن، شهرآشوب 239:4، الثّاقب في المناقب: 323/396.
4- بصائر الدّرجات: 4/116، الكافي 8/553:6، الخرائج و الجرائح 71/855:2، كشف الغمّة 192:2.

الرَّجُلِ لِأَسْأَلَهُ مَتَى عَهْدُكَ بِهِ، فَلَمْ أَرَ شَيْئاً. فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: ذَلِكَ مِنْ شِيعَتِنَا، مِنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ، إِذَا كَانَتْ لَنَا الْحَاجَةُ الْمُهِمَّةُ أَرْسَلْنَاهُمْ فِيهَا(1).

218/ 54 - وَ رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ(2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ سَيْفٍ التَّمَّارِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جَمَاعَةً مِنَ الشِّيعَةِ فِي الْحِجْرِ، فَقَالَ: عَلَيْنَا عَيْنٌ؟ فَالْتَفَتْنَا يَمْنَةً وَ يَسْرَةً، فَلَمْ نَرَ أَحَداً، فَقُلْنَا: لَيْسَ عَلَيْنَا عَيْنٌ. فَقَالَ: وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ، وَ رَبِّ الْبَيْتِ، وَ رَبِّ الْقُرْآنِ، لَوْ كُنْتُ بَيْنَ مُوسَى وَ الْخَضِرِ لَأَخْبَرْتُهُمَا أَنِّي أَعْلَمُ مِنْهُمَا، وَ لَأَنْبَأْتُهُمَا بِمَا لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا، لِأَنَّ مُوسَى وَ الْخَضِرَ إِنَّمَا أُعْطِيَا عِلْمَ مَا كَانَ، وَ لَمْ يُعْطَيَا عِلْمَ مَا هُوَ كَائِنٌ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَ قَدْ وَرِثْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)(3).

219/ 55 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:

كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي، وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ غَيْرِي، فَمَدَّ رِجْلَهُ فِي حَجْرِي، فَقَالَ: اغْمِزْهَا. فَغَمَزْتُ رِجْلَهُ، فَنَظَرْتُ إِلَى اضْطِرَابٍ فِي عَضُلَةِ سَاقِهِ، وَ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ، فَابْتَدَأَنِي فَقَالَ: لاَ تَسْأَلْنِي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ عَنْ شَيْ ءٍ، فَإِنِّي لَسْتُ أُجِيبُكَ(4).

220/ 56 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عُمَرَ(5) بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ مُضْطَجِعٌ وَ وَجْهُهُ إِلَى الْحَائِطِ، فَقَالَ لِي حِينَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ: يَا عُمَرُ، اغْمِزْ رِجْلِي.

فَقَعَدْتُ أَغْمِزُ رِجْلَهُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَسْأَلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَ مُوسَى، أَيُّهُمَا الْإِمَامُ؟ فَحَوَّلَ2.

ص: 280


1- مدينة المعاجز: 134/396.
2- في النّسخ: إبراهيم بن هاشم، و هو سهو صوابه ما في المتن من الكافي، و هو إبراهيم بن إسحاق الأحمريّ راوي كتابي عبد اللّه بن حمّاد و كثيرا من أحاديثه، راجع رجال النّجاشيّ: 19 و 218 و معجم رجال الحديث 206:1 و 174:10.
3- الكافي 1/203:1.
4- بصائر الدّرجات: 1/255، مدينة المعاجز: 61/378.
5- في «ع، م»: عمرو، و كذا في الموضع الآتي، انظر معجم رجال الحديث 60:13 و 132.

وَجْهَهُ إِلَيَّ ثُمَّ قَالَ: وَ اللَّهِ، لاَ أُجِيبُكَ(1).

221/ 57 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْحَلاَّلِ، قَالَ: اخْتُلِفَ فِي جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ وَ عَجَائِبِهِ وَ أَحَادِيثِهِ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ، فَابْتَدَأَنِي مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْأَلَهُ فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ جَابِرَ بْنَ يَزِيدَ الْجُعْفِيَّ فَإِنَّهُ كَانَ يَصْدُقُ عَلَيْنَا، وَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُغِيرَةَ بْنَ سَعِيدٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ عَلَيْنَا(2).

222/ 58 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) [أَسْأَلُهُ، فَابْتَدَأَنِي فَقَالَ](3): يَا شِهَابُ، إِنْ شِئْتَ سَلْ، وَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْنَاكَ بِمَا جِئْتَ لَهُ.

فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي، جُعِلْتُ فِدَاكَ.

قَالَ: جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْجُنُبِ يَغْرِفُ الْمَاءَ مِنَ الْحُبِّ بِالْكُوزِ فَتُصِيبُ الْمَاءُ يَدَهُ.

فَقُلْتُ: مَا جِئْتُ إِلاَّ لَهُ.

فَقَالَ: نَعَمْ، لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ(4).

223/ 59 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا زَيْدُ، كَمْ أَتَى عَلَيْكَ مِنْ سَنَةٍ؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَذَا وَ كَذَا سَنَةً.

فَقَالَ: يَا أَبَا أُسَامَةَ، جَدِّدْ عِبَادَةَ رَبِّكَ، وَ أَحْدِثْ تَوْبَةً. فَبَكَيْتُ. قَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا زَيْدُ؟ قُلْتُ: نَعَيْتَ إِلَيَّ نَفْسِي.

فَقَالَ: يَا زَيْدُ، أَبْشِرْ فَإِنَّكَ مِنْ شِيعَتِنَا، وَ أَنْتَ فِي الْجَنَّةِ(5).4.

ص: 281


1- بصائر الدرجات: 2/255، الثاقب في المناقب: 332/403، كشف الغمة 194:2، مدينة المعاجز: 61/378.
2- بصائر الدرجات: 12/258، رجال الكشي: 336/191.
3- من البصائر.
4- بصائر الدرجات: 3/256 نحوه، و: 13/258 قطعة منه، مدينة المعاجز: 62/379.
5- بصائر الدرجات: 8/284، مناقب ابن شهرآشوب 223:4.

224/ 60 - وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الصَّبَّاحِ(1) ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ) فَقَالَ: يَا زَيْدُ(2) ، جَدِّدْ عِبَادَةً(3) ، وَ أَحْدِثْ تَوْبَةً.

قَالَ: قُلْتُ: نَعَيْتَ إِلَيَّ نَفْسِي، جُعِلْتُ فِدَاكَ.

قَالَ: يَا زَيْدُ، مَا عِنْدَنَا خَيْرٌ لَكَ، وَ أَنْتَ مِنْ شِيعَتِنَا.

فَقُلْتُ: كَيْفَ لِي أَنْ أَكُونَ مِنْ شِيعَتِكُمْ؟

قَالَ: فَقَالَ لِي: أَنْتَ مِنْ شِيعَتِنَا، إِلَيْنَا الصِّرَاطُ وَ الْمِيزَانُ وَ حِسَابُ شِيعَتِنَا، وَ اللَّهِ لِأَنَّا أَرْحَمُ بِكُمْ مِنْكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْكَ وَ رَفِيقِكَ(4) فِي دَرَجَتِكَ فِي الْجَنَّةِ(5).

225/ 61 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْمُسْتَرِقِّ، عَنْ عِيسَى الْفَرَّاءِ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَوَضَعْتُ يَدَيِ عَلَى خَدِّي فَقُلْتُ: لَقَدْ عَظَّمَكَ اللَّهُ وَ شَرَّفَكَ.

فَقَالَ: يَا مَالِكُ، الْأَمْرُ أَعْظَمُ مِمَّا تَذْهَبُ إِلَيْهِ(6).

226/ 62 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَلَمَّا كُنَّا فِي الطَّوَافِ قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، يَغْفِرُ اللَّهُ لِهَذَا الْخَلْقِ؟

فَقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ، إِنَّ أَكْثَرَ مَنْ تَرَى قِرَدَةٌ وَ خَنَازِيرُ.

قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَرِنِيهِمْ.

قَالَ: فَتَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ، ثُمَّ أَمَرَّ يَدَهُ عَلَى بَصَرِي، فَرَأَيْتُهُمْ كَمَا قَالَ، قُلْتُ: رُدَّ عَلَيَّ بَصَرِي، فَرَأَيْتُهُمْ كَمَا رَأَيْتَهُمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى.0.

ص: 282


1- في البصائر: أبي الصّبّاح، و في رجال الكشّيّ: محمّد بن الوضّاح.
2- زاد في «ع»: ما عندنا خير لك.
3- في «ط» زيادة: ربّك.
4- في رجال الكشّيّ: و رفيقك فيها الحارث بن المغيرة النّصريّ، و انظر رجال النّجاشيّ: 139.
5- بصائر الدّرجات: 15/285، رجال الكشّيّ: 619/337.
6- بصائر الدّرجات: 18/260، مدينة المعاجز: 67/380.

فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَنْتُمْ فِي الْجَنَّةِ تُحْبَرُونَ(1) ، وَ بَيْنَ أَطْبَاقِ النَّارِ تُطْلَبُونَ فَلاَ تُوجَدُونَ؛ وَ اللَّهِ، لاَ يَجْتَمِعُ مِنْكُمْ ثَلاَثَةٌ(2) ، لاَ وَ اللَّهِ وَ لاَ اثْنَانِ، لاَ وَ اللَّهِ وَ لاَ وَاحِدٌ(3).

227/ 63 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): تُرِيدُ أَنْ تَنْظُرَ بِعَيْنِكَ إِلَى السَّمَاءِ؟ قَالَ: فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيَّ، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ(4).

228/ 64 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: تَجَسَّسْتُ(5) جَسَدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ) وَ مَنَاكِبَهُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، تُحِبُّ أَنْ تَرَانِي. فَقُلْتُ: نَعَمْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيَّ، فَإِذَا أَنَا بَصِيرٌ أَنْظُرُ إِلَيْهِ.

فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَوْ لاَ شُهْرَةُ النَّاسِ لَتَرَكْتُكَ بَصِيراً عَلَى حَالَتِكَ، وَ لَكِنْ لاَ يَسْتَقِيمُ. قَالَ: ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيَّ فَإِذَا أَنَا كَمَا كُنْتُ(6).

229/ 65 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ(7) بْنِ يُوسُفَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ إِذْ نَظَرْتُ إِلَى زَوْجِ حَمَامٍ عِنْدَهُ، يَهْدِرُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى، فَقَالَ: تَدْرِي مَا يَقُولُ؟ قُلْتُ: لاَ.

قَالَ: يَقُولُ: يَا سَكَنِي وَ عِرْسِي، مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ(8).

230/ 66 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ3.

ص: 283


1- أيْ تنعمون و تكرمون و تسرون «مجمع البحرين - حبر - 256:3».
2- في «ع، م»: مائة.
3- بصائر الدّرجات: 4/290.
4- بصائر الدّرجات: 5/290.
5- الجس: اللّمس باليد «لسان العرب - جسس - 38:6».
6- بصائر الدّرجات: 7/291.
7- في النّسخ: محمّد، تصحيف صوابه ما في المتن، انظر البصائر و معجم رجال الحديث 365:2.
8- بصائر الدّرجات: 4/362، الاختصاص: 293.

عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ(1) ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: كُنْتُ مَعَهُ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا بِشُرَافَ(2) ، فَإِذَا نَحْنُ بِغُرَابٍ يَنْعِقُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ: مُتْ جُوعاً، فَبِاللَّهِ مَا تَعْلَمُ شَيْئاً إِلاَّ نَحْنُ نَعْلَمُهُ، وَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْكَ.

ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ يَقُولُ: سَقَطَتْ نَاقَةٌ بِعَرَفَاتٍ(3).

231/ 67 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ الْكَاتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُدَبَّرٍ(4) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ:

كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَرَكَضَ(5) الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ، فَإِذَا بَحْرٌ وَ فِيهِ سُفُنٌ مِنْ فِضَّةٍ. قَالَ: فَرَكِبَ وَ رَكِبْتُ مَعَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ فِيهِ خِيَمٌ مِنْ فِضَّةٍ، فَدَخَلَهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لِي: رَأَيْتَ الْخَيْمَةِ الَّتِي دَخَلْتَهَا أَوَّلاً؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: تِلْكَ خَيْمَةُ رَسُولِ اللَّهِ، وَ الْأُخْرَى خَيْمَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ الثَّالِثَةُ خَيْمَةُ فَاطِمَةَ، وَ الرَّابِعَةُ خَيْمَةُ خَدِيجَةَ، وَ الْخَامِسَةُ خَيْمَةُ الْحَسَنِ، وَ السَّادِسَةُ خَيْمَةُ الْحُسَيْنِ، وَ السَّابِعَةُ خَيْمَةُ جَدِّي، وَ الثَّامِنَةُ خَيْمَةُ أَبِي، وَ هِيَ الَّتِي بَكَيْتُ فِيهَا، وَ التَّاسِعَةُ خَيْمَتِي، وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَمُوتُ إِلاَّ وَ لَهُ خَيْمَةٌ يَسْكُنُ فِيهَا(6).6.

ص: 284


1- زاد في البصائر: عن عبد اللّه بن فرقد؛ و كلاهما من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، انظر رجال الطوسي: 264 و 265 و معجم رجال الحديث 275:10 و 324.
2- موضع من أعمال المدينة، معجم ما استعجم 788:3. و في البصائر: سرف، و هو موضع على ستّة أميال من مكّة، المصدر السابق 735:3.
3- بصائر الدرجات: 21/365.
4- يأتي هذا السند في الحديث (44) من دلائل الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) و فيه: أحمد بن زيد، و في الاختصاص: 325: أحمد بن المؤدّب من ولد الأشتر، عن محمّد بن عمّار الشعراني. و في البصائر: جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، عن محمد بن عمّار، عن أبي بصير.
5- أي ضرب.
6- بصائر الدرجات: 5/425، نوادر المعجزات: 20/152، مدينة المعاجز: 35/396.

232/ 68 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عُمَرَ(1) بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا يَمَانِيُّ، أَ فِيكُمْ عُلَمَاءُ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: فَأَيَّ شَيْ ءٍ يَبْلُغُ مِنْ عِلْمِ عَالِمِكُمْ؟

قَالَ: إِنَّهُ يَسِيرُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مَسِيرَ شَهْرَيْنِ، وَ يَزْجُرُ الطَّيْرَ، وَ يَقْفُو الْأَثَرَ.

فَقَالَ لَهُ: عَالِمٌ الْمَدِينَةِ أَعْلَمُ مِنْ عَالِمِكُمْ، قَالَ لَهُ: فَأَيَّ شَيْ ءٍ يَبْلُغُ مِنْ عِلْمِ عَالِمِ الْمَدِينَةِ؟

فَقَالَ لَهُ: يَسِيرُ فِي صَبَاحٍ وَاحِدٍ مَسِيرَةَ سَنَةٍ لِلشَّمْسِ(2) إِذَا أُمِرَتْ(3) فَإِنَّهَا الْيَوْمَ غَيْرُ مَأْمُورَةٍ، وَ لَكِنْ إِذَا أُمِرَتْ تَقْطَعُ اثْنَيْ عَشَرَ مَغْرِباً، وَ اثْنَيْ عَشَرَ مَشْرِقاً، وَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ شَمْساً، وَ اثْنَيْ عَشَرَ قَمَراً، وَ اثْنَيْ عَشَرَ عَالَماً.

قَالَ: فَانْقَطَعَ الْيَمَانِيُّ، وَ أَمْسَكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(4).

233/ 69 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ، [عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ](5) ، عَنْ حَفْصٍ الْأَبْيَضِ التَّمَّارِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَيَّامَ صَلْبِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، فَقَالَ لِي: يَا حَفْصُ، إِنِّي أَمَرْتُ الْمُعَلَّى بِأَمْرٍ فَخَالَفَنِي فَابْتُلِيَ بِالْحَدِيدِ؛ إِنِّي نَظَرْتُ إِلَيْهِ يَوْماً فَرَأَيْتُهُ كَئِيباً حَزِيناً فَقُلْتُ لَهُ: مَا لِي أَرَاكَ كَئِيباً حَزِيناً؟

فَقَالَ لِي: ذَكَرْتُ أَهْلِي وَ وُلْدِي. فَقُلْتُ لَهُ: ادْنُ مِنِّي. فَدَنَا مِنِّي فَمَسَحْتُ وَجْهَهُق.

ص: 285


1- في النّسخ: محمّد، تصحيف صوابه ما في المتن من البصائر و الاختصاص، و ذكر في معجم رجال الحديث 10:13 روايته عن أبان و رواية عبد اللّه بن القاسم عنه.
2- في البصائر و الاختصاص: كالشّمس.
3- في النّسخ: مرّت في الموضعين، و ما أثبتناه من البصائر و الاختصاص.
4- بصائر الدّرجات: 14/421، الاختصاص: 318.
5- أضفناه من رجال الكشّيّ و البصائر، و انظر سند الحديث السّابق.

بِيَدِي وَ قُلْتُ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: يَا سَيِّدِي، أَنَا فِي مَنْزِلِي، هَذِهِ وَ اللَّهِ زَوْجَتِي وَ وُلْدِي.

فَتَرَكْتُهُ حَتَّى أَخَذَ وَطَرَهُ مِنْهُمْ وَ اسْتَتَرْتُ مِنْهُ حَتَّى نَالَ حَاجَتَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ، حَتَّى كَانَ مِنْهُ إِلَى أَهْلِهِ مَا يَكُونُ مِنَ الزَّوْجِ إِلَى الْمَرْأَةِ.

ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: ادْنُ مِنِّي. فَدَنَا، فَمَسَحْتُ وَجْهَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا مَعَكَ فِي الْمَدِينَةِ، وَ هَذَا بَيْتُكَ.

فَقُلْتُ لَهُ: يَا مُعَلَّى، إِنَّ لَنَا حَدِيثاً مَنْ حَفِظَهُ عَلَيْنَا حَفِظَهُ اللَّهُ وَ حَفِظَ عَلَيْهِ دِينَهُ وَ دُنْيَاهُ.

يَا مُعَلَّى، لاَ تَكُونُوا أُسَرَاءَ فِي أَيْدِي النَّاسِ بِحَدِيثِنَا، إِنْ شَاءُوا مَنُّوا عَلَيْكُمْ، وَ إِنْ شَاءُوا قَتَلُوكُمْ.

يَا مُعَلَّى، إِنَّهُ مَنْ كَتَمَ الصَّعْبَ مِنْ حَدِيثِنَا جَعَلَهُ(1) اللَّهُ نُوراً بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَ أَعَزَّهُ فِي النَّاسِ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَةٍ؛ وَ مَنْ أَذَاعَهُ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَذُوقَ عَضَّةَ الْحَدِيدِ، وَ أَلَحَّ عَلَيْهِ الْفَقْرُ وَ الْفَاقَةُ فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا، وَ لاَ يَنَالُ مِنْهَا شَيْئاً، وَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ غَضَبٌ، وَ لَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ.

ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: يَا مُعَلَّى، أَنْتَ مَقْتُولٌ فَاسْتَعِدَّ(2).

234/ 70 - وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عُبَيْسٍ(3) ، عَنْ مَرْوَانَ، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ مُوسَى الْحَنَّاطِ(4) ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَ جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ وَ عَائِذٌ الْأَحْمَسِيُّ حَاجِّينَ، فَقَالَ عَائِذٌ: إِنَّ لِي حَاجَةً إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا.

قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَالَ لَنَا مُبْتَدِئاً: مَنْ أَتَى اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) بِمَا فَرَضَ5.

ص: 286


1- في «م، ط»: جعل.
2- بصائر الدّرجات: 2/423، نوادر المعجزات: 18/150، الاختصاص: 321، رجال الكشّيّ: 709/378، مختصر بصائر الدّرجات: 98 نحوه، إثبات الهداة 95/385:5.
3- في النّسخ: الحسين بن عليّ بن عنبس، تصحيف صوابه ما في المتن، و قد روى الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عبيس كتابه النّوادر و بعض مروياته، انظر رجال النّجاشيّ: 280، و معجم رجال الحديث 249:9، و 95:11.
4- في «ع، م» الخيّاط، انظر رجال الطّوسيّ: 168 و معجم رجال الحديث 144:5.

عَلَيْهِ، لَمْ يَسْأَلْهُ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ.

قَالَ: فَغَمَزَنَا عَائِذٌ(1) ، فَلَمَّا نَهَضْنَا(2) قُلْنَا: حَاجَتَكَ؟

قَالَ: الَّذِي سَمِعْتُ مِنْهُ، أَنَا رَجُلٌ لاَ أُطِيقُ الْقِيَامَ بِاللَّيْلِ، فَخِفْتُ أَنْ أَكُونَ مَأْثُوماً فَأَهْلِكَ(3).

235/ 71 - وَ رَوَى بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالَ بَكْرٌ:

خَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ نُرِيدُ مَنْزِلَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَلَحِقَنَا أَبُو بَصِيرٍ خَارِجاً مِنَ الزُّقَاقِ وَ هُوَ جُنُبٌ، وَ نَحْنُ لاَ نَعْلَمُ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى أَبِي بَصِيرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَ لاَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِلْجُنُبِ أَنْ يَدْخُلَ بُيُوتَ الْأَوْصِيَاءِ؟! فَرَجَعَ أَبُو بَصِيرٍ وَ دَخَلْنَا(4).

236/ 72 - وَ رَوَى الْهَيْثَمُ النَّهْدِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، [عَنْ رَجُلٍ](5) مِنْ أَهْلِ دَارِسما(6) ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَوَدَّعْتُهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ ذَكَرْتُ حَاجَةً لِي، فَرَجَعْتُ وَ الْبَيْتُ غَاصُّ بِأَهْلِهِ، وَ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ أَكْلِ بَيْضِ دُيُوكِ(7) الْمَاءِ، فَلَمَّا أَبْصَرَنِي قَالَ لِي: مَا حَلَّ - يَعْنِي: لاَ تَأْكُلْ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ - بِالنَّبَطِيَّةِ(8).4.

ص: 287


1- في «ع، م»: فغمزنا على يده.
2- في «ع، م»: فهمنا.
3- بصائر الدرجات: 15/259، مدينة المعاجز: 65/379.
4- بصائر الدرجات: 23/261، الثاقب في المناقب: 340/410، مدينة المعاجز: 72/380.
5- من البصائر.
6- كذا في النسخ، و في البصائر: بيرما، و في نسخة قديمة منه: دير بيرما، و لم نجد أيّا منها بهذا الضبط، فلعلها تصحيف: بئر أرما، بيرحا، داريّا، دير برصوما، دير بني مرينا. انظر معجم البلدان 298:1 و 524 و 500:2 و 501. و في المناقب: دوين، انظر بشأنها معجم البلدان 491:2.
7- كذا في البصائر و المناقب، و في النسخ: نهول.
8- في البصائر: فقال لي: يا تب - يعني البيض - دعانا حينا - يعني ديوك الماء - بناحل - يعني لا تأكل. بصائر الدرجات: 6/354، مدينة المعاجز: 100/389، و نحوه في الخرائج و الجرائح 68/752:2، و مناقب ابن شهرآشوب 218:4.

237/ 73 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ جِسْرِ بَابِلَ، قَالَ: كَانَ فِي قَرْيَةٍ رَجُلٌ يُؤْذِينِي وَ يَقُولُ لِي: يَا رَافِضِيُّ؛ وَ يَشْتُمُنِي، وَ كَانَ يُلَقَّبُ بِقِرْدِ الْقَرْيَةِ.

قَالَ: فَحَجَجْتُ سَنَةً بَعْدَ ذَلِكَ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ لِيَ ابْتِدَاءً: (قوفة مَا نَامَتِ)(1). فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَتَى؟ قَالَ: السَّاعَةَ.

فَكَتَبْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَ تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْكُوفَةَ تَلَقَّانِي أَخِي فَسَأَلْتُهُ: مَنْ مَاتَ؟ وَ مَنْ بَقِيَ؟

فَقَالَ: (قوفة مَا نَامَتِ). وَ هِيَ كَلِمَةٌ بِالنَّبَطِيَّةِ يَقُولُ: قِرْدُ الْقَرْيَةِ مَاتَ، فَقُلْتُ:

مَتَى؟

قَالَ لِي: يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا، فِي وَقْتِ كَذَا وَ كَذَا. كَمَا(2) أَخْبَرَنِي بِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(3).

238/ 74 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الْحَسَنِ(4) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ وَ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ وَ أَبِي سَلَمَةَ السَّرَّاجِ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ(5) ، قَالُوا جَمِيعاً: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: إِنَّ عِنْدَنَا خَزَائِنَ الْأَرْضِ وَ مَفَاتِيحَهَا، وَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ(6) بِإِحْدَى رِجْلَيَّ أَخْرِجِي مَا فِيكِ مِنَ اللُّجَيْنِ وَ الْعِقْيَانِ(7).

قَالَ: فَقَالَ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ، فَخَطَّهَا فِي الْأَرْضِ خَطّاً، فَانْفَجَرَتِ الْأَرْضُ، ثُمَّ قَالَ».

ص: 288


1- في «م»: قرية مات، في الموضعين، و في «ط»: قرد القرية مات، في الموضعين أيضا.
2- في «ع»: الّذي.
3- بصائر الدّرجات: 7/354، الخرائج و الجرائح 69/752:2، الثّاقب في المناقب: 347/413، مدينة المعاجز: 101/390.
4- في الحديث (93) عن عمر بن عبد العزيز، عن رجل من أصحابنا، عن الحسين بن أحمد المنقريّ.
5- في «ع، م»: و الحسن بن موسى بن أبي ناجية. و هو تصحيف، انظر رجال النّجاشيّ: 55 و معجم رجال الحديث 206:5.
6- أيّ اشير.
7- ذهب متكاثف في مناجمه، خالص ممّا يختلط به من الرّمال و الحجارة «المعجم الوسيط 618:2».

بِيَدِهِ، فَأَخْرَجَ سَبِيكَةَ ذَهَبٍ قَدْرَ شِبْرٍ، فَتَنَاوَلَهَا، ثُمَّ قَالَ: انْظُرُوا فِي الْأَرْضِ. فَإِذَا سَبَائِكُ كَثِيرَةٌ، بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ تَتَلَأْلَأُ.

فَقَالَ بَعْضُنَا: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أُعْطِيتُمْ مَا أُعْطِيتُمْ وَ شِيعَتُكُمْ مُحْتَاجُونَ؟!

فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) سَيَجْمَعُ لَنَا وَ لِشِيعَتِنَا الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ، وَ يُدْخِلُهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَ يُدْخِلُ عَدُوَّنَا الْجَحِيمَ(1).

239/ 75 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَمَّادِ ابْنِ عُثْمَانَ(2) ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ لِي: مَا لِي أَرَاكَ كَئِيباً حَزِيناً؟

فَقُلْتُ: بَلَغَنِي عَنِ الْعِرَاقِ وَ مَا أَصَابَ أَهْلَهُ مِنَ الْوَبَاءِ، فَذَكَرْتُ عِيَالِي وَ دَارِي وَ مَالِي هُنَاكَ.

فَقَالَ: أَ يَسُرُّكَ أَنْ تَرَاهُمْ؟

فَقُلْتُ: إِي وَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَيَسُرُّنِي ذَلِكَ.

قَالَ: فَحَوِّلْ وَجْهَكَ نَحْوَهُمْ. فَحَوَّلْتُ وَجْهِي، فَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا دَارِي وَ أَهْلِي وَ وُلْدِي مُمَثَّلَةٌ بَيْنَ يَدَيَّ نُصْبَ عَيْنَيَّ.

قَالَ: فَقَالَ: ادْخُلْ دَارَكَ. فَدَخَلْتُهَا حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا مِنْ عِيَالِي وَ مَالِي(3) ، ثُمَّ بَقِيتُ سَاعَةً حَتَّى مَلِلْتُ مِنْهُمْ، ثُمَّ خَرَجْتُ، قَالَ لِي: حَوِّلْ وَجْهَكَ فَحَوَّلْتُ وَجْهِي، فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ شَيْئاً(4).

240/ 76 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ0.

ص: 289


1- بصائر الدّرجات: 1/394، الكافي 4/394:1، إثبات الوصيّة: 157، الاختصاص: 269، عيون المعجزات: 86، مناقب ابن شهرآشوب 244:4، يأتي مثله الحديث (93).
2- في النّسخ: أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن يسار، عن حمّاد بن عيسى، و هو تصحيف، و الصّواب ما في المتن من البصائر و الاختصاص و هم: أحمد بن الحسين بن سعيد، و الحسين يروي كثيرا عن محمّد بن سنان، الّذي يروي بدوره عن حمّاد بن عثمان، راجع معجم رجال الحديث 247:5 و 218:6 و 236:18.
3- في «ط»: و ولدي.
4- بصائر الدّرجات: 8/426، الاختصاص: 323، مدينة المعاجز: 360.

سِنَانٍ(1) ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْحَلاَّلِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ... وَ سَمِعْتُ مِنْهُ أَحَادِيثَ اضْطَرَبْتُ مِنْهَا وَ ضَعُفَتْ نَفْسِي ضَعْفاً شَدِيداً، فَقُلْتُ: وَ اللَّهِ، إِنَّ السِّرَاجَ لَقَرِيبٌ، وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَادِرٌ.

فَابْتَعْتُ قَلُوصاً(2) وَ خَرَجْتُ عَلَيْهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَلَمَّا وَصَلْتُ طَلَبْتُ الْإِذْنَ، فَأَذِنَ لِي، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ جَابِراً كَانَ يَصْدُقُ عَلَيْنَا، وَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُغِيرَةَ كَانَ يَكْذِبُ.

قَالَ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّ فِينَا رُوحَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)(3).

241/ 77 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): كَيْفَ أَنْتَ إِذَا نَعَانِي إِلَيْكَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ؟

قَالَ: فَلَمْ أَعْرِفْ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ(4) مَنْ هُوَ.

قَالَ: فَإِنِّي يَوْماً بِالْبَصْرَةِ إِذْ قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ: يَا شِهَابُ، عَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ.

قَالَ: قُلْتُ: وَ مَنْ ذَاكَ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ؟! قَالَ: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

قَالَ: فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَخَنَقَتْنِي الْعَبْرَةُ، وَ قُمْتُ(5).

242/ 78 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ9.

ص: 290


1- في النّسخ: يسار، و هو تصحيف، حيث روى الحسين بن سعيد كثيرا عن محمّد بن سنان و روى الأخير عن زياد بن أبي الحلال، راجع معجم رجال الحديث 138:16.
2- القلوص: النّاقة الشّابّة «مجمع البحرين - قلص - 181:4».
3- بصائر الدّرجات: 4/479، مناقب ابن شهرآشوب 219:4، مدينة المعاجز: 63/379 «نحوه»، تقدّم مثله الحديث (57).
4- و هو محمّد بن سليمان بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس، وليّ إمارة البصرة في عهد المهديّ و الرّشيد، توفّي سنة ثلاث و سبعين و مائة، راجع ترجمته في تاريخ بغداد 291:5، سير أعلام النبلاء 240:8.
5- إعلام الورى: 276 «نحوه»، مناقب ابن شهرآشوب 222:4، مدينة المعاجز: 196/409.

النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ(1) بْنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ، فَكُنْتُ آتِي مَوْضِعاً أَسْمَعُ فِيهِ غَنَاءَ جِيرَانٍ لَنَا، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ لِيَ ابْتِدَاءً مِنْهُ: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (2) يُسْأَلُ السَّمْعُ عَمَّا سَمِعَ، وَ الْبَصَرُ عَمَّا أَبْصَرَ، وَ الْفُؤَادُ عَمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ(3).

243/ 79 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ الْمُوسَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَهِيكٍ أَبُو الْعَبَّاسِ النَّخَعِيُّ الشَّيْخُ الصَّالِحُ(4) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو مُوسَى الْبَنَّاءُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): احْتَفِظُوا بِهَذَا الشَّيْخِ. قَالَ: فَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَلَمْ يُرَ بَعْدُ(5).

244/ 80 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ جَعْفَرِ ابْنِ هَارُونَ الزَّيَّاتِ، قَالَ: كُنْتُ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي الطَّوَافِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَحَدَّثْتُ نَفْسِي فَقُلْتُ: هَذَا حُجَّةُ اللَّهِ؟! وَ هَذَا الَّذِي لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ شَيْئاً إِلاَّ بِمَعْرِفَتِهِ؟! قَالَ: فَإِنِّي فِي هَذَا مُتَفَكِّرٌ إِذْ جَاءَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِنْ خَلْفِي، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ: أَ بَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ (6).

ثُمَّ جَازَنِي(7).6.

ص: 291


1- في «ع، م»: عبيد، و في «ط»: عبيد اللّه، و الصحيح ما في المتن، روى عن الحسن بن هارون، و روى عنه يحيى به عمران الحلبي، انظر معجم رجال الحديث 157:10.
2- الإسراء 36:17.
3- نوادر المعجزات: 19/152.
4- في «ط»: الصدوق.
5- رجال الكشي: 561/310، مدينة المعاجز: 136/396.
6- القمر 24:54.
7- بصائر الدرجات: 21/260، مدينة المعاجز: 137/396.

245/ 81 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي حَرَّانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عُمَرَ(1) ، قَالَ: أَقْبَلْتُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْحَفِيرَةِ - دُونَ الْمَدِينَةِ نَحْوٌ مِنْ بَرِيدٍ - فَسُرِقَتْ زَامِلَتِي(2) وَ أُخِذَ مَا فِيهَا، وَ كَانَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِيهَا سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَلَحِقَنَا صَاحِبُ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: سُرِقَتْ زَامِلَتُكَ وَ أُخِذَ مَا فِيهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَإِذَا قَدِمْتَ الْمَدِينَةَ فَائْتِنَا [حَتَّى أُعَوِّضَكَ](3). قُلْتُ: نَعَمْ.

فَقَدِمْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ) فَقَالَ: يَا عُمَرُ، سُرِقَتْ زَامِلَتُكَ وَ أُخِذَ مَا فِيهَا؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ.

فَقَالَ: مَا آتَاكَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا أُخِذَ مِنْكَ؛ وَ قَالَ لَكَ صَاحِبُ الْمَدِينَةِ: ائْتِنَا؟ قُلْتُ:

نَعَمْ.

قَالَ: فَائْتِهِ، فَإِنَّهُ الَّذِي دَعَاكَ إِلَى ذَا، وَ لَمْ تَطْلُبْ ذَلِكَ أَنْتَ.

ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَهَبَتْ نَاقَتُهُ فَقَالَ النَّاسُ: يَأْتِينَا بِخَبَرِ السَّمَاءِ وَ لاَ يَدْرِي أَيَّ مَوْضِعٍ نَاقَتُهُ؟! فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا، مَلْفُوفٌ زِمَامُهَا بِشَجَرَةِ كَذَا وَ كَذَا.

فَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: مَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِنْ نَاقَتِي، وَ إِنَّ نَاقَتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا، مَلْفُوفٌ خِطَامُهَا بِشَجَرَةِ كَذَا وَ كَذَا. فَذَهَبَ الْمُسْلِمُونَ فَوَجَدُوهَا كَذَلِكَ(4).

246/ 82 - وَ عَنْهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي بَصِيرٍ وَ مَعَنَا شُعَيْبٌ4.

ص: 292


1- في النّسخ: عثمان، و هو تحريف، و الصّواب ما في المتن كما يأتي في أثناء الحديث، و الكافي، و هو عمر بن عيسى أخو عذافر، انظر معجم رجال الحديث 9:13 و 49.
2- الزّاملة: مؤنث الزامل، ما يحمل عليه من الإبل و غيرها «المعجم الوسيط 401:1».
3- اثبتناه من الكافي و مدينة المعاجز.
4- في «ط»: هنالك، نحوه في الكافي 278/221:8، و مدينة المعاجز: 262/424.

الْعَقَرْقُوفِيُّ. قَالَ: فَأَخْرَجَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مَالاً فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ قَالَ لَهُ:

جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَكَ مِنْهُ كَذَا وَ كَذَا مِنَ الزَّكَاةِ.

قَالَ: فَضَرَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِيَدِهِ إِلَيْهِ وَ قَالَ: هَذَا لِي، وَ هَذَا لَيْسَ لِي.

قَالَ: فَلَمَّا خَرَجْنَا قَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِشُعَيْبٍ: يَا عَقَرْقُوفِيُّ، أُعْطِيتَ اللَّيْلَةَ آيَةً عَظِيمَةً(1).

247/ 83 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ فَضَّالٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ بِأَبِي بَصِيرٍ أَقُودُهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: فَقَالَ لِي: لاَ تَكَلَّمْ وَ لاَ تَقُلْ شَيْئاً.

قَالَ: فَانْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى الْبَابِ فَتَنَحَّى أَبُو بَصِيرٍ، فَسَمِعْنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: فُلاَنَةُ، افْتَحِي(2) لِأَبِي مُحَمَّدٍ.

قَالَ: فَدَخَلْنَا وَ السِّرَاجُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ إِذَا سَفَطٌ بَيْنَ يَدَيْهِ مَفْتُوحٌ. قَالَ: فَوَقَعَتْ عَلَيَّ الرِّعْدَةُ، فَجَعَلْتُ أَرْتَعِدُ.

قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ(3) فَقَالَ: أَ بَزَّازٌ أَنْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ. قَالَ: فَرَمَى إِلَيَّ بِمُلاَءَةٍ قُوهِيَّةٌ(4) كَانَتْ عَلَى الْمِرْفَقَةِ، قَالَ: اطْوِ هَذِهِ. قَالَ: فَطَوَيْتُهَا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَ بَزَّازٌ أَنْتَ؟ وَ هُوَ يَنْظُرُ فِي الصَّحِيفَةِ.

قَالَ(5): مَا رَأَيْتُ كَمَا مَرَّ بِي اللَّيْلَةِ، إِنَّا دَخَلْنَا وَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) سَفَطٌ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهُ صَحِيفَةً يَنْظُرُ فِيهَا، وَ كُلَّمَا نَظَرَ فِيهَا أَخَذَتْنِي الرِّعْدَةُ.

قَالَ: فَضَرَبَ أَبُو بَصِيرٍ بِيَدِهِ عَلَى جَبِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ! أَ لاَ أَخْبَرْتَنِي؟! فَتِلْكَ - وَ اللَّهِ - الصَّحِيفَةُ الَّتِي فِيهَا أَسَامِي الشِّيعَةِ، وَ لَوْ أَخْبَرْتَنِي لَسَأَلْتُهُ أَنْ يُرِيَكَ اسْمَكَ فِيهَا(6).

248/ 84 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيِّ،6.

ص: 293


1- مدينة المعاجز: 138/396.
2- في «ط» زيادة: الباب.
3- زاد في البصائر: إليّ.
4- ضرب من الثّياب بيض منسوبة إلى قوهستان «لسان العرب - قوّه - 532:13».
5- زاد في البصائر: فازددت رعدة، فقال: فلمّا خرجنا قلت.
6- بصائر الدّرجات: 5/192، مدينة المعاجز: 140/396.

عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَشِيرٌ النَّبَّالُ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذْ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فَدَخَلَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَا أَنْقَى ثِيَابَكَ!

فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، هِيَ لِبَاسُ بَلَدِنَا.

ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ جِئْتُكَ بِهَدِيَّةٍ. فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): هَدِيَّةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: فَدَخَلَ غُلاَمٌ مَعَهُ جِرَابٌ فِيهِ ثِيَابٌ، فَوَضَعَهُ، ثُمَّ تَحَدَّثَ سَاعَةً ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنْ بَلَغَ الْوَقْتُ وَ صَدَقَ الْوَصْفُ، فَهُوَ صَاحِبُ الرَّايَاتِ السُّودِ مِنْ خُرَاسَانَ؛ يَا قَانِعُ، انْطَلِقْ فَاسْأَلْهُ: مَا اسْمُكَ - لِوَصِيفٍ قَائِمٍ عَلَى رَأْسِهِ -

قَالَ: فَلَحِقَهُ فَقَالَ لَهُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَكَ: مَا اسْمُكَ قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ(1).

قَالَ: فَرَجَعَ الْغُلاَمُ، فَقَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ يَقُولُ: اسْمِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَ اللَّهِ - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ - هُوَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ.

قَالَ بَشِيرٌ: فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو مُسْلِمٍ الْكُوفَةَ جِئْتُ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْنَا(2).

249/ 85 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَلَمَّا اسْتَوَيْتُ فِي الْمَجْلِسِ بَكَيْتُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

مَا يُبْكِيكَ يَا دَاوُدُ؟ فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنَّ قَوْماً يَقُولُونَ لَنَا: لَمْ يَخُصَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ سِوَى مَا خَصَّ بِهِ غَيْرَكُمْ، وَ لَمْ يُفَضِّلْكُمْ بِشَيْ ءٍ سِوَى مَا فَضَّلَ بِهِ غَيْرَكُمْ.

فَقَالَ: كَذَبُوا الْمَلاعِينُ. قَالَ: ثُمَّ قَامَ فَرَكَضَ الدَّارَ بِرِجْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: كُونِي بِقُدْرَةِ اللَّهِ. فَإِذَا سَفِينَةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، وَسَطُهَا دُرَّةٌ بَيْضَاءُ، وَ عَلَى أَعْلَى السَّفِينَةِ رَايَةٌ خَضْرَاءُ،4.

ص: 294


1- و هو عبد الرّحمن بن مسلم، أبو مسلم الخراسانيّ، انظر وفيات الأعيان 145:3، تاريخ بغداد 207:10، سير أعلام النبلاء 48:6.
2- الخرائج و الجرائح 54/645:2، مدينة المعاجز: 141/396، و نحوه في اثبات الوصيّة: 158، و إعلام الورى: 279، و مناقب ابن شهرآشوب 229:4.

عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ(1) ، يَقْتُلُ الْقَائِمُ الْأَعْدَاءَ، وَ يَبْعَثُ الْمُؤْمِنُونَ، وَ يَنْصُرُهُ اللَّهُ بِالْمَلاَئِكَةِ». وَ إِذَا فِي وَسَطِ السَّفِينَةِ أَرْبَعُ كَرَاسِيٍّ مِنْ أَنْوَاعِ الْجَوَاهِرِ، فَجَلَسَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَى وَاحِدٍ، وَ أَجْلَسَنِي عَلَى وَاحِدٍ، وَ أَجْلَسَ مُوسَى عَلَى وَاحِدٍ، وَ أَجْلَسَ إِسْمَاعِيلَ عَلَى وَاحِدٍ، ثُمَّ قَالَ: سِيرِي عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، فَسَارَتْ فِي بَحْرٍ عُجَاجٍ، أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فَسِرْنَا بَيْنَ جِبَالِ الدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى جَزِيرَةٍ، وَسَطُهَا قِبَابٌ مِنَ الدُّرِّ الْأَبْيَضِ، مَحْفُوفَةٌ بِالْمَلاَئِكَةِ، يُنَادُونَ: مَرْحَباً مَرْحَباً يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ: هَذِهِ قِبَابُ الْأَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ مَنْ وُلْدِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، كُلَّمَا افْتُقِدَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَتَى هَذِهِ الْقِبَابَ، حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) فِي كِتَابِهِ: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (2).

قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ يَدُهُ إِلَى أَسْفَلِ الْبَحْرِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ دُرّاً وَ يَاقُوتاً، فَقَالَ: يَا دَاوُدُ، إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الدُّنْيَا فَخُذْهَا. فَقُلْتُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِي الدُّنْيَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ. فَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ مِنْ رَمْلِ الْبَحْرِ، فَإِذَا مِسْكٌ وَ عَنْبَرٌ وَ اشْتَمَّهُ وَ اشْتَمَمْنَاهُ، ثُمَّ رَمَى بِهِ فِي الْبَحْرِ.

ثُمَّ نَهَضَ فَقَالَ: قُومُوا حَتَّى تُسَلِّمُوا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ).

فَخَرَجْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى قُبَّةٍ وَسَطَ الْقِبَابَ، فَرَفَعَ جَعْفَرٌ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) السِّتْرَ فَإِذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جَالِسٌ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْنَا قُبَّةَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَخَرَجْنَا، ثُمَّ أَتَيْنَا قُبَّةَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، وَ خَرَجْنَا، ثُمَّ أَتَيْنَا قُبَّةَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَخَرَجْنَا. ثُمَّ أَتَيْنَا قُبَّةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، وَ خَرَجْنَا.

ثُمَّ قَالَ: انْظُرُوا عَلَى يَمِينٍ الْجَزِيرَةِ. فَإِذَا قِبَابٌ لاَ سُتُورَ عَلَيْهَا(3) ، قَالَ: هَذِهِ لِي؟.

ص: 295


1- في النّوادر زيادة: عليّ وليّ اللّه.
2- الاسراء 6:17.
3- في النّوادر زيادة: فقلت: يا ابن رسول اللّه، ما بال هذه القباب لا ستور عليها؟.

وَ لِمَنْ يَكُونُ مِنْ بَعْدِي مِنَ الْأَئِمَّةِ.

ثُمَّ قَالَ: انْظُرُوا إِلَى وَسَطِ الْجَزِيرَةِ. [فَنَظَرْنَا فَإِذَا فِيهَا أَرْفَعُ مَا يَكُونُ مِنَ الْقِبَابِ وَ وَسَطُهَا سَرِيرٌ، فَقَالَ:](1) هَذِهِ لِلْقَائِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، ثُمَّ قَالَ: ارْجِعُوا. فَرَجَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: كُونِي بِقُدْرَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ). فَإِذَا نَحْنُ فِي مَجْلِسِنَا كَمَا كُنَّا(2).

250/ 86 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ الْمُوسَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَهِيكٍ أَبُو الْعَبَّاسِ النَّخَعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ النَّجَاشِيِّ، قَالَ: أَصَابَ جُبَّةً لِي(3) نَضْحٌ مِنْ بَوْلٍ، فَشَكَكْتُ فِيهِ فَغَسَلْتُهَا فِي مَاءٍ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ابْتَدَأَنِي فَقَالَ: إِنَّ الْفَرْوَ(4) إِذَا غَسَلْتَهُ بِالْمَاءِ فَسَدَ(5).

251/ 87 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ عَمَّارٍ الطَّبَرِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الشَّلْمَغَانِيُّ قَالَ: رَوَى رِفَاعَةُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَقْبَلَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ صَغِيرُ السِّنِّ، فَأَخَذَهُ وَ وَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا رِفَاعَةُ، أَمَا إِنَّهُ سَيَصِيرُ فِي أَيْدِي بَنِي مِرْدَاسٍ(6) ، وَ يَتَخَلَّصُ مِنْهُمْ، ثُمَّ يَأْخُذُونَهُ ثَانِيَةً فيعطب(7) فِي أَيْدِيهِمْ(8).

252/ 88 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو7.

ص: 296


1- أثبتناه من النّوادر.
2- نوادر المعجزات: 15/146، مدينة المعاجز: 42/373.
3- زاد في «ط»: فراء.
4- في «ط»: الفرّاء.
5- بصائر الدّرجات: 26/262.
6- في كشف الغمّة: آل العبّاس.
7- العطب: الهلاك «لسان العرب - عطب - 610:1».
8- إثبات الوصيّة: 162، كشف الغمّة 192:2، مدينة المعاجز: 142/397.

عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرَّانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): حَدِّثْنِي عَنِ الْقَوْمِ.

فَقَالَ: الْحَدِيثُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمِ الْمُعَايَنَةُ؟ فَقُلْتُ: الْمُعَايَنَةُ.

فَقَالَ لِأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): انْطَلِقْ فَائْتِنِي بِالْقَصَبَةِ. فَأَتَى بِهَا(1) ، فَضَرَبَ بِهَا(2) الْأَرْضَ ضَرْبَةً، فَانْشَقَّتْ عَنْ بَحْرٍ أَسْوَدَ، فَضَرَبَهَا، فَانْفَتَحَتْ عَنْ بَابٍ، فَإِذَا بِهِمْ وَ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ، وَ أَعْيُنُهُمْ مُزْرَقَّةٌ، وَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَشْدُودٌ إِلَى جَنْبِ صَخْرَةٍ، مُوَكَّلٌ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَلَكٌ، وَ هُمْ يُنَادُونَ، وَ الْمَلاَئِكَةُ تَضْرِبُ وُجُوهَهُمْ، وَ يَقُولُونَ: كَذَبْتُمْ لَيْسَ لَكُمْ مُحَمَّدٌ.

فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَنْ هَؤُلاَءِ؟

فَقَالَ: ابْنُ الْجَمَلِ(1) وَ زُفَرُ وَ نَعْثَلُ وَ اللَّعِينُ. ثُمَّ قَالَ: انْطَبِقْ عَلَيْهِمْ إِلَى الْوَقْتِ.(2).

253/ 89 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ السَّعْدَآبَادِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ الْمَنْصُورِ نَزَلَ الْحِيرَةَ، فَبَيْنَا هُوَ بِهَا إِذْ أَتَاهُ الرَّبِيعُ(3) فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَرَكِبَ إِلَيْهِ وَ قَدْ كَانَ وُجِدَ فِي الصَّحْرَاءِ صُورَةٌ عَجِيبَةٌ لاَ يُعْرَفُ خِلْقَتُهَا، ذَكَرَ مَنْ وَجَدَهَا أَنَّهُ رَآهَا وَ قَدْ سَقَطَتْ مَعَ الْمَطَرِ.

فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْهَوَاءِ، أَيُّ شَيْ ءٍ فِيهِ؟ فَقَالَ:

بَحْرٌ مَكْفُوفٌ.

قَالَ لَهُ: فَلَهُ سُكَّانٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.1.

ص: 297


1- في النّوادر: أبو جهل.
2- نوادر المعجزات: 16/148.
3- و هو الرّبيع بن يونس أحد وزراء أبي جعفر المنصور، و كان أوّل أمره حاجبه و مولاه، مات أوّل سنة سبعين و مائة، انظر تاريخ بغداد 414:8، الجوهر الثمين 118:1.

قَالَ: وَ مَا سُكَّانُهُ؟

قَالَ: خَلْقُ، أَبْدَانِهِمْ أَبْدَانُ الْحِيتَانِ، وَ رُءُوسُهُمْ رُءُوسُ الطَّيْرِ، وَ لَهُمْ أَعْرِفَةٌ كَأَعْرِفَةِ الدِّيَكَةِ، وَ نَغَانِغُ كَنَغَانِغِ الدِّيَكَةِ، وَ أَجْنِحَةٌ كَأَجْنِحَةِ الطَّيْرِ، مِنْ أَلْوَانٍ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنْ الْفِضَّةِ.

فَدَعَا الْمَنْصُورُ بِالطَّسْتِ، فَإِذَا الْخَلْقُ فِيهَا لاَ يَزِيدُ وَ لاَ يَنْقُصُ، فَأَذِنَ لَهُ فَانْصَرَفَ.

ثُمَّ قَالَ لِلرَّبِيعِ: وَيْلَكَ(1) يَا رَبِيعُ! هَذَا الشَّجَا الْمُعْتَرِضُ(2) فِي حَلْقِي مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ(3).

254/ 90 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى الْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ أَوَانُ الظُّهْرِ قَالَ لِي فِي أَرْضٍ قَفْرٍ: يَا دَاوُدُ، قَدْ كَانَتِ الظُّهْرُ، فَاعْدِلْ بِنَا عَنْ الطَّرِيقِ حَتَّى تَأْخُذَ أُهْبَةَ الظُّهْرِ. فَعَدَلْنَا عَنِ الطَّرِيقِ، وَ نَزَلَ فِي أَرْضٍ قَفْرٍ لاَ مَاءَ فِيهَا، فَرَكَضَهَا بِرِجْلِهِ، فَنَبَعَتْ لَنَا عَيْنُ مَاءٍ(4) ، كَأَنَّهَا قِطَعُ الثَّلْجِ، فَتَوَضَّأَ وَ تَوَضَّأْتُ، وَ صَلَّيْنَا.

فَلَمَّا هَمَمْنَا بِالْمَسِيرِ الْتَفَتَ، فَإِذَا بِجِذْعِ نَخْلَةٍ، فَقَالَ: يَا دَاوُدُ، أَ تُحِبُّ أَنْ أُطْعِمَكَ مِنْهُ رُطَباً؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَيْهِ، ثُمَّ هَزَّهُ فَاخْضَرَّ مِنْ أَسْفَلِهِ إِلَى أَعْلاَهُ، ثُمَّ جَذَبَهُ الثَّانِيَةَ، فَأَطْعَمَنِي مِنْهُ اثْنَيْنِ وَ ثَلاَثِينَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ الرُّطَبِ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ: عُدْ جِذْعاً بِإِذْنِ اللَّهِ. فَعَادَ كَسِيرَتِهِ الْأُولَى(5).

255/ 91 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ4.

ص: 298


1- في «ع»: ويحك.
2- في «ع، م»: الشّيء المفروض.
3- إثبات الوصيّة: 159، عيون المعجزات: 88، الخرائج و الجرائح 47/640:2، كشف الغمّة 196:2، مدينة المعاجز: 183/406.
4- في «ع، م»: زيادة: من ماء.
5- عيون المعجزات: 86، مناقب ابن شهرآشوب 241:4.

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ(1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ الْحَذَّاءُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَمْرِو ابْنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ الْكَاتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ السَّرَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هُذَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَالَ:

وَجَّهَ الْمَنْصُورُ... وَ جَاءَ بِالْخَبَرِ عَلَى السِّيَاقَةِ.

وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هُذَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: وَجَّهَ الْمَنْصُورُ إِلَى سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ كَابُلَ، فَدَعَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ: وَيْحَكُمْ! إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ وَرِثْتُمْ السِّحْرَ عَنْ آبَائِكُمْ أَيَّامَ مُوسَى، وَ أَنَّكُمْ تُفَرِّقُون بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ، وَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ ابْنَ مُحَمَّدٍ سَاحِرٌ مِثْلُكُمْ، فَاعْمَلُوا شَيْئاً مِنَ السِّحْرِ، فَإِنَّكُمْ إِنْ أَبْهَتُّمُوهُ أَعْطَيْتُكُمْ الْجَائِزَةَ الْعَظِيمَةَ، وَ الْمَالَ الْجَزِيلَ.

فَقَامُوا إِلَى الْمَجْلِسِ الَّذِي فِيهِ الْمَنْصُورُ، وَ صَوَّرُوا لَهُ سَبْعِينَ صُورَةً مِنْ صُوَرِ السِّبَاعِ، لاَ يَأْكُلُونَ وَ لاَ يَشْرَبُونَ، وَ إِنَّمَا كَانَتْ صُوَراً، وَ جَلَسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَحْتَ صُورَتِهِ، وَ جَلَسَ الْمَنْصُورُ عَلَى سَرِيرِهِ، وَ وَضَعَ إِكْلِيلَهُ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ لِحَاجِبِهِ: ابْعَثْ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ.

فَقَامَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ وَ إِلَيْهِمْ وَ مَا قَدِ اسْتَعَدُّوا لَهُ، رَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ، بَعْضَهُ جَهْراً وَ بَعْضَهُ خَفِيّاً، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكُمْ! أَنَا الَّذِي أُبْطِلُ سِحْرَكُمْ.

ثُمَّ نَادَى بِرَفِيعِ صَوْتِهِ: قَسْوَرَةُ، خُذْهُمْ، فَوَثَبَ كُلُّ سَبُعٍ مِنْهَا عَلَى صَاحِبِهِة.

ص: 299


1- كذا في النّسخ، و لم تعهّد رواية محمّد بن هارون عن الشّيخ الصّدوق، و لم يذكر الحذّاء في مشايخ الأخير. و الأرجح أن الصّواب هو: أخبرني أبي، إذ روى محمّد بن هارون، عن أبيه هارون بن موسى التّلّعكبريّ كثيرا كما تقدّم و يأتي في أسانيد هذا الكتاب، و ذكر الشّيخ الطّوسيّ في رجاله: 468 رقم 36 أبو محمّد الحذّاء هذا و قال: روى عنه التّلّعكبريّ و له منه إجازة.

وَ افْتَرَسَهُ فِي مَكَانِهِ، وَ وَقَعَ الْمَنْصُورُ مِنْ سَرِيرِهِ، وَ هُوَ يَقُولُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَقِلْنِي، فَوَ اللَّهِ لاَ عُدْتُ إِلَى مِثْلِهَا أَبَداً. فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَقَلْتُكَ.

قَالَ: يَا سَيِّدِي، فَرُدَّ السِّبَاعَ إِلَى مَا أَكَلُوا(1).

قَالَ: هَيْهَاتَ، إِنْ عَادَتْ عَصَا مُوسَى فَسَتَعُودُ السِّبَاعُ(2).

256/ 92 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ) وَ هُوَ رَاكِبٌ وَ أَنَا أَمْشِي مَعَهُ، فَمَرَرْنَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَ هُوَ رَاكِبٌ، فَلَمَّا بَصُرَ بِنَا شَالَ الْمِقْرَعَةَ لِيَضْرِبَ بِهَا فَخِذَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَأَوْمَأَ إِلَيْهَا الصَّادِقُ فَجَفَّتْ يَمِينُهُ، وَ الْمِقْرَعَةُ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، بِالرَّحِمِ إِلاَّ عَفَوْتَ عَنِّي. فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ، فَرَجَعَتْ يَدُهُ.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ وَ قَالَ لِي: يَا مُفَضَّلُ - وَ قَدْ مَرَّتْ عِظَاءَةٌ(3) مِنَ الْعِظَاءِ - مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي هَذِهِ؟

قُلْتُ: يَقُولُونَ إِنَّهَا حَمَلَتِ الْمَاءَ فَأَطْفَأَتْ نَارَ إِبْرَاهِيمَ. فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ لِي: يَا مُفَضَّلُ، وَ لَكِنْ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ وَ وُلْدُهُ، وَ إِنَّمَا يَرِقُّ النَّاسُ عَلَيْهِمْ لِمَا مَسَّهُمْ مِنْ الْوِلاَدَةِ(4) وَ الرَّحِمِ(5).

257/ 93 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ(6) رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ».

ص: 300


1- في النّوادر: ما كانت.
2- نوادر المعجزات: 17/149، مدينة المعاجز: 23/362.
3- العظاءة: دويبة تشبه سام أبرص، جمعها عظاء و عظايا «لسان العرب - عظي - 71:15، حياة الحيوان 32:2».
4- في مدينة المعاجز: الولاية.
5- مدينة المعاجز: 144/397.
6- (عن) ليس في «ع، م».

الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ وَ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ وَ أَبِي سَلَمَةَ السَّرَّاجِ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرِ ابْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، قَالُوا:

كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: لَنَا خَزَائِنُ الْأَرْضِ وَ مَفَاتِيحُهَا، وَ لَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ بِإِحْدَى رِجْلَيَّ أَخْرِجِي مَا فِيكِ مِنَ الذَّهَبِ.

ثُمَّ قَالَ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ فَخَطَّهَا فِي الْأَرْضِ خَطّاً فَانْفَرَجَتِ الْأَرْضُ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ فَأَخْرَجَ سَبِيكَةَ ذَهَبٍ قَدْرَ شِبْرٍ فَتَنَاوَلَهَا، ثُمَّ قَالَ: انْظُرُوا فِيهَا حَسَناً حَتَّى لاَ تَشُكُّوا.

ثُمَّ قَالَ: انْظُرُوا فِي الْأَرْضِ. فَإِذَا سَبَائِكُ فِي الْأَرْضِ كَثِيرَةٌ، تَتَلَأْلَأُ. فَقَالَ لَهُ بَعْضُنَا: أُعْطِيتُمْ مَا أُعْطِيتُمْ وَ شِيعَتُكُمْ مُحْتَاجُونَ! فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ سَيَجْمَعُ لَنَا وَ لِشِيعَتِنَا الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ، فَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَ يُدْخِلُ عَدُوَّنَا الْجَحِيمَ(1).

و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله أجمعين و سلّم تسليما.

***8.

ص: 301


1- تقدمت تخريجاته في الحديث: 74/238.

ص: 302

أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)

معرفة ولادته

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وُلِدَ بِالْأَبْوَاءِ، بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ، فِي شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ مِائَةٍ وَ سَبْعَةٍ وَ عِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ(1).

258/ 1 - رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ زِيَادٍ(2) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ(3) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي السَّنَةِ الَّتِي

ص: 303


1- المتّفق عليه في أغلب المصادر أنّه ولد (عليه السّلام) في السّابع من صفر سنة 128 ه و قيل: سنة 129. انظر: تاريخ الأئمّة: 11، الارشاد: 288، تاريخ بغداد 27:13، تاج المواليد: 122، إعلام الورى: 294، تاريخ مواليد الأئمّة و وفياتهم: 188، مناقب ابن شهرآشوب 323:4، صفة الصّفوة 187:2، وفيات الأعيان 310:5، كشف الغمّة 250:2، المستجاد من كتاب الارشاد: 472، سير أعلام النبلاء 270:6، الفصول المهمّة: 232، نور الأبصار: 301.
2- في النّسخ: بن مأرب، و لم نعثر عليه بهذا الضّبط، و ما أثبتناه من البصائر و الكافي، و انظر معجم رجال الحديث 102:18 و الهامش الآتي.
3- في «ع، م»: بن مسلم، و في «ط»: بن سليم، و ما أثبتناه من نسخة مخطوطة نفيسة من البصائر و الكافي، روى عن أبيه و روى عنه المختار بن زياد، انظر معجم رجال الحديث 129:16.

وُلِدَ فِيهَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ بِالْأَبْوَاءِ، فَبَيْنَا نَحْنُ نَأْكُلُ مَعَهُ إِذْ أَتَاهُ الرَّسُولُ: إِنَّ حَمِيدَةَ قَدْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ: فَقَامَ فَرِحاً مَسْرُوراً وَ مَضَى، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ عَادَ إِلَيْنَا حَاسِراً عَنْ ذِرَاعَيْهِ، ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً، فَقُلْنَا: أَضْحَكُ اللَّهُ سِنَّكَ، وَ أَقَرَّ عَيْنَكَ، مَا صَنَعَتْ حَمِيدَةُ؟

فَقَالَ: وَهَبَ اللَّهُ لِي غُلاَماً، وَ هُوَ خَيْرُ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَ لَقَدْ خَبَّرَتْنِي أُمُّهُ عَنْهُ بِمَا كُنْتُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهَا.

فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ مَا الَّذِي خَبَّرَتْكَ بِهِ عَنْهُ؟

فَقَالَ: ذَكَرَتْ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ مِنْ أَحْشَائِهَا وَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ رَافِعاً رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، قَدِ اتَّقَى الْأَرْضَ بِيَدِهِ، يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ فَقُلْتُ لَهَا: إِنَّ ذَلِكَ أَمَارَةُ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمَارَةُ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ.

فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ مَا الْأَمَارَةُ؟ فَقَالَ: الْعَلاَمَةُ.

يَا أَبَا بَصِيرٍ، إِنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عَلِقَ فِيهَا أَتَانِي آتٍ بِكَأْسٍ فِيهِ شَرْبَةٌ مِنَ الْمَاءِ، أَبْيَضَ مِنَ اللَّبَنِ، وَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَ أَشَدَّ(1) ، وَ أَبْرَدَ مِنَ الثَّلْجِ، فَسَقَانِيهِ فَشَرِبْتُهُ، وَ أَمَرَنِي بِالْجِمَاعِ، فَفَعَلْتُ فَرِحاً مَسْرُوراً، وَ كَذَلِكَ يَفْعَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا؛ فَهُوَ وَ اللَّهِ صَاحِبُكُمْ.

إِنَّ نُطْفَةَ الْإِمَامِ حِينَ تَكُونُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ لَيْلَةً نُصِبَ لَهَا عَمُودٌ مِنْ نُورٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، يَنْظُرُ بِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَتَاهُ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ (الْخَيْرُ) فَكَتَبَ عَلَى عَضُدِهِ الْأَيْمَنِ وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً (2) الْآيَةِ. فَإِذَا وَضَعَتْهُ أُمُّهُ اتَّقَى الْأَرْضَ بِيَدِهِ، رَافِعاً رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.

وَ يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ الْعَرْشِ، مِنَ الْأُفُقِ الْأَعْلَى بِاسْمِهِ وَ اسْمِ أَبِيهِ: يَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ، يَقُولُ الْجَلِيلُ: أَبْشِرْ فَإِنَّكَ صَفْوَتِي، وَ خِيَرَتِي مِنْ خَلْقِي، وَ مَوْضِعُ سِرِّي، وَ عَيْبَةُ عِلْمِي، لَكَ وَ لِمَنْ تَوَلاَّكَ أُوجِبُ(3) رَحْمَتِي وَ أُسْكِنُهُ جَنَّتِي، وَ أُحَلِّلُهُ جِوَارِي، ثُمَّ وَ عِزَّتِي،ت.

ص: 304


1- في «ع، م»: و الشّهد.
2- الأنعام 115:6.
3- في «ط»: أوجبت.

لَأُصْلِيَنَّ مَنْ عَادَاكَ نَارِي وَ أَشَدَّ عَذَابِي، وَ إِنْ أَوْسَعْتُ عَلَيْهِ فِي دُنْيَاهُ.

فَإِذَا انْقَطَعَ الْمُنَادِي أَجَابَهُ الْإِمَامُ: شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1). فَإِذَا قَالَهَا أَعْطَاهُ اللَّهُ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَ عِلْمَ الْآخِرِينَ، وَ اسْتَوْجَبَ الزِّيَادَةَ مِنَ الْجَلِيلِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ.

فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَ لَيْسَ الرُّوحُ هُوَ جَبْرَئِيلَ؟

فَقَالَ: جَبْرَئِيلُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، وَ الرُّوحُ خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَ هُوَ مَعَ الْإِمَامِ حَيْثُ كَانَ(2).

259/ 2 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ عَمَّارٍ الطَّبَرِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: إِنَّ حَمِيدَةَ أَخْبَرْتَنِي بِشَيْ ءٍ ظَنَّتْ أَنِّي لاَ أَعْرِفُهُ، وَ كُنْتُ أَعْلَمَ بِهِ مِنْهَا.

قُلْنَا لَهُ: وَ مَا أَخْبَرَتْكَ بِهِ؟

قَالَ: ذَكَرَتْ أَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ مِنَ الْأَحْشَاءِ سَقَطَ وَاضِعاً يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، رَافِعاً رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَخْبَرْتُهَا أَنَّ ذَلِكَ أَمَارَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ الْوَصِيُّ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، أَنْ تَقَعَ يَدَاهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَ رَأْسُهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَ يَقُولُ: شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْآيَةَ، أَعْطَاهُ اللَّهُ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ، وَ الْعِلْمَ الْآخِرَ، وَ اسْتَحَقَّ زِيَادَةَ الرُّوحِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَ هُوَ أَعْظَمُ خَلْقاً مِنْ جَبْرَئِيلَ(3).

رَجَعَ الْحَدِيثُ فَأَقَامَ مَعَ أَبِيهِ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ عَاشَ بَعْدَ أَبِيهِ أَيَّامَ إِمَامَتِهِ خَمْساً وَ ثَلاَثِينَ سَنَةً، فِيهَا بَقِيَّةَ مُلْكِ الْمَنْصُورِ، ثُمَّ مُلْكِ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيِّ عَشَرِ سِنِينَ وَ شَهْرٍ وَ أَيَّامٍ، ثُمَّ مُلْكَ6.

ص: 305


1- آل عمران 18:3.
2- المحاسن: 32/314، بصائر الدّرجات: 4/460، الكافي 1/316:1، عيون المعجزات: 95، مدينة المعاجز: 1/425.
3- مدينة المعاجز: 426.

ابْنِ الْمَهْدِيِّ مُوسَى الْمَعْرُوفِ بِالْهَادِي سَنَةً وَ خَمْسٌ وَ عِشْرُونَ يَوْماً، ثُمَّ مُلْكُ هَارُونَ الْمَعْرُوفِ بِالرَّشَيِدِ ثَلاَثٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً وَ شَهْرَانِ وَ تِسْعَةٌ وَ عِشْرُونَ يَوْماً(1).

وَ بَعْدَ مَا مَضَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ مُلْكِ الرَّشِيدِ، اسْتُشْهِدَ وَلِيُّ اللَّهِ فِي رَجَبٍ سَنَةً مِائَةٍ وَ أَرْبَعَةٍ وَ ثَمَانِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ(2) ، وَ صَارَ إِلَى كَرَامَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) وَ قَدْ كَمَلَ عُمُرُهُ أَرْبَعاً وَ خَمْسِينَ سَنَةً(3) ، وَ يُرْوَى: سَبْعاً وَ خَمْسِينَ سَنَةً(4).

وَ كَانَ سَبَبُ وَفَاتِهِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ سَمَّهُ فِي رُطَبٍ وَ رَيْحَانٍ، أَرْسَلَ بِهِمَا إِلَيْهِ مَسْمُومَيْنِ بِأَمْرِ الرَّشِيدِ، وَ لَمَّا سُمَّ وَجَّهَ الرَّشِيدُ إِلَيْهِ بِشُهُودٍ حَتَّى يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِخُرُوجِهِ عَنْ أَمْلاَكِهِ، فَلَمَّا دَخَلُوا قَالَ: يَا فُلاَنَ بْنَ(5) فُلاَنٍ، سُقِيتُ السَّمَّ فِي يَوْمِي هَذَا، وَ فِي غَدٍ يَصْفَارَّ بَدَنِي وَ يَحْمَارُّ، وَ بَعْدَ غَدٍ يَسْوَدُّ وَ أَمُوتُ. فَانْصَرَفَ الشُّهُودُ مِنْ عِنْدِهِ، فَكَانَ كَمَا قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(6).

وَ تَوَلَّى أَمْرَهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ دُفِنَ بِبَغْدَادَ بِمَقَابِرِ قُرَيْشٍ، فِي بُقْعَةٍ كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ ابْتَاعَهَا لِنَفْسِهِ(7).7.

ص: 306


1- إعلام الورى: 294، مناقب ابن شهرآشوب 323:4.
2- الّذي عليه أغلب المصادر أنّه استشهد (عليه السّلام) في سنة 183 ه، انظر الكافي 405:1، روضة الواعظين: 221، تاج المواليد: 123، مناقب ابن شهرآشوب 323:4، كشف الغمّة 237:2، الفصول المهمّة: 241.
3- تاريخ الأئمّة: 11، الكافي 405:1، روضة الواعظين: 221، مناقب ابن شهرآشوب 324:4، كشف الغمّة 237:2.
4- هذه الرّواية هي الموافقة لما أثبته المصنّف من تاريخ ولادته و وفاته (عليه السّلام) (127-184 ه) أمّا في غيره من المصادر فالمروي (55 سنة)، انظر الإرشاد: 288، روضة الواعظين: 221، إعلام الورى: 294، كشف الغمّة 237:2، الفصول المهمّة: 241.
5- في «ط»: يا.
6- مدينة المعاجز: 86/457.
7- إعلام الورى: 311، تاج المواليد: 123، مناقب ابن شهرآشوب 328:4، كشف الغمّة 234:2، مدينة المعاجز: 457.

وَ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي حَبْسِ الْمُسَيَّبِ، وَ هُوَ الْمَسْجِدُ الَّذِي بِبَابِ الْكُوفَةِ الَّذِي فِيهِ السِّدْرَةُ(1).

نسبه (عليه السلام)

مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ(2) بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ(3).

و يكنّى:

أبا الحسن، و أبا إبراهيم - و الثاني أثبت - لأنّه قال: منحني أبي كنيتين. يعني أباه الصادق (عليه السلام)(4).

و لقبه:

العبد الصالح، و الوفي، و الصابر، و الكاظم، و الأمين(5).

و امّه:

حميدة بنت صاعد البربري(6).

260/ 3 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ

ص: 307


1- في الهداية الكبرى: 264 و كانت وفاته (عليه السّلام) في زمن هارون الرّشيد في دار السّنديّ بن شاهك - والي الشّرطة ببغداد - في الكوفة.
2- في «ع، م»: بن عبد مناف.
3- (ابن عبد مناف) ليس في «ع، م».
4- تاريخ الأئمّة: 30، الإرشاد: 288، روضة الواعظين: 212، تاج المواليد: 121، تاريخ بغداد 27:13.
5- تاريخ الأئمّة: 28، روضة الواعظين: 212، تاج المواليد: 121، مناقب ابن شهرآشوب 323:4. و زاد في الهداية الكبرى: 263 المصلح، المبرهن، البيان، ذو المعجزات. و زاد في ألقاب الرّسول و عترته: 265 الكهف الحصين، قوام آل محمّد (ص)، نظام أهل البيت، نور أهل بيت الوحي، راهب بني هاشم، أعبد أهل زمانه، أسخى العرب، أفقه الثّقلين، منقذ الفقراء، مطعم المساكين، زين المجتهدين، حيف كتاب اللّه، المنتخب.
6- تاريخ الأئمّة: 25، الكافي 397:1، الهداية الكبرى: 263، الإرشاد: 288، عيون المعجزات: 95.

ابْنُ عَمَّارٍ الطَّبَرِسْتَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ(1) ، رَفَعَهُ إِلَى جَابِرٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ الْمَغْرِبِ مَعَهُ رَقِيقٌ، وَ وَصَفَ لِي صِفَةَ(2) جَارِيَةٍ مَعَهُ، وَ أَمَرَنِي بِابْتِيَاعِهَا بِصُرَّةٍ دَفَعَهَا إِلَيَّ. فَمَضَيْتُ إِلَى الرَّجُلِ، فَعَرَضَ عَلَيَّ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الرَّقِيقِ، فَقُلْتُ: بَقِيَ عِنْدَكَ غَيْرُ مَا عَرَضْتَ عَلَيَّ؟

فَقَالَ: بَقِيَتْ جَارِيَةٌ عَلِيلَةٌ. فَقُلْتُ: اعْرِضْهَا عَلَيَّ. فَعَرَضَ(3) حَمِيدَةَ، فَقُلْتُ لَهُ:

بِكُمْ تَبِيعُهَا؟ فَقَالَ: بِسَبْعِينَ دِينَاراً. فَأَخْرَجْتُ الصُّرَّةَ إِلَيْهِ، فَقَالَ النَّخَّاسُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ! رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِي النَّوْمِ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَدِ ابْتَاعَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِهَذِهِ الصُّرَّةِ بِعَيْنِهَا.

فَتَسَلَّمْتُ الْجَارِيَةَ وَ صِرْتُ بِهَا إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَسَأَلَهَا عَنِ اسْمِهَا، فَقَالَتْ: حَمِيدَةُ. فَقَالَ: حَمِيدَةٌ فِي الدُّنْيَا، مَحْمُودَةٌ فِي الْآخِرَةِ: ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ خَبَرِهَا، فَعَرَّفْتُهُ أَنَّهَا بِكْرٌ، فَقَالَ لَهَا: أَنَّى يَكُونُ ذَلِكِ وَ أَنْتِ جَارِيَةٌ كَبِيرَةٌ؟!

فَقَالَتْ: كَانَ مَوْلاَيَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرُبَ مِنِّي أَتَاهُ رَجُلٌ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ فَيَمْنَعُهُ أَنْ(4) يَصِلَ إِلَيَّ. فَدَفَعَهَا أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ قَالَ: حَمِيدَةُ سَيِّدَةُ الْإِمَاءِ، مُصَفَّاةٌ مِنَ الْأَرْجَاسِ كَسَبِيكَةِ الذَّهَبِ مَا زَالَتِ الْأَمْلاَكُ(5) تَحْرُسُهَا حَتَّى أُدِّيَتْ إِلَى كَرَامَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)(6).

بوابه:

محمد بن المفضّل(7).

ص: 308


1- في «ع»: بن الشلمغان.
2- في «ط»: خلقة.
3- في «ط» زيادة: عليّ.
4- في «ع، م»: ألا.
5- في «ع، م»: الملاك.
6- اثبات الوصية: 160، و نحوه في الكافي 1/397:1 و الخرائج و الجرائح 20/286:1.
7- تاريخ أهل البيت: 148، و في تاريخ الأئمة: 33 و الفصول المهمة: 232 و نور الأبصار: 301: محمد بن الفضل.

نقش خاتمه (عليه السلام)

و كان له خاتم نقشة فصّه: حسبي اللّه(1)

ذِكْرُ وُلْدِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)

عَلِيٍّ الْإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ فَاطِمَةَ لِأُمٍّ.

وَ الْعَبَّاسِ، وَ إِبْرَاهِيمَ، وَ الْقَاسِمِ لِأُمَّهَاتٍ شَتَّى.

وَ إِسْمَاعِيلَ، وَ جَعْفَرٍ، وَ هَارُونَ، وَ الْحَسَنِ، وَ فَاطِمَةَ الصُّغْرَى، وَ أَحْمَدَ لِأُمٍّ.

وَ مُحَمَّدٍ، وَ حَمْزَةَ، وَ رُقَيَّةَ لِأُمٍّ.

وَ عَبْدِ اللَّهِ، وَ إِسْحَاقَ لِأُمٍّ.

وَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَ زَيْدٍ، وَ حُسَيْنٍ، وَ الْفَضْلِ، وَ سُلَيْمَانَ، وَ حَكِيمَةَ، وَ عَبَّاسَةَ، وَ قِسْمَةَ، وَ أُمِّ فَرْوَةَ، وَ أَسْمَاءَ، وَ رُقَيَّةَ، وَ كُلْثُومٍ، وَ أُمِّ جَعْفَرٍ، وَ لُبَابَةَ، وَ زَيْنَبَ، وَ خَدِيجَةَ، وَ عُلَيَّةَ، وَ آمِنَةَ، وَ حُسَيْنَةَ(2) ، وَ نُزَيْهَةَ(3) ، وَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَ مَصُونَةَ(4) ، وَ أُمِّ كُلْثُومٍ لِأُمَّهَاتٍ شَتَّى(5).

رَجَعَ الْحَدِيثُ وَ كَانَ أَبُوهُ يُحِبُّهُ وَ يَمِيلُ إِلَيْهِ، وَ وَهَبَ الْيُسَيْرِيَةَ لَهُ تَفَضُّلاً، وَ كَانَ شِرَاهَا بِسِتَّةٍ وَ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ(6).

ص: 309


1- الكافي 4/473:6، و في الفصول المهمّة: 332 و نور الأبصار: 301 (الملك للّه وحده).
2- في «ع»: حسنية، و في الارشاد: حسنة.
3- كذا في مناقب ابن شهرآشوب، و في النّسخ: بويمة، و في الارشاد: بريهة.
4- في الارشاد و المناقب: ميمونة.
5- تاريخ الأئمّة: 20، تاج المواليد: 123، إعلام الورى: 312، مناقب ابن شهرآشوب 324:4، تذكرة الخواصّ: 351، كشف الغمّة 216:2 و 237، الفصول المهمّة: 241.
6- في إرشاد المفيد: 303، و إعلام الورى 312، و كشف الغمّة 236:2، و الفصول المهمّة: 242: و كان -أحمد بن موسى كريما جليلا ورعا، و كان أبو الحسن موسى (عليه السّلام) يحبّه و يقدّمه، و وهب له ضيعته المعروفة باليسيرة. و في عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 72:1 في سعاية عليّ بن إسماعيل بن الامام الصّادق (عليه السّلام) بعمّه الامام أنّه اشترى ضيعة تسمّى اليسيرية بثلاثين ألف دينار.

وَ كَانَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) شَيْخاً بَهِيّاً كَرِيماً، عَتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ.

وَ كَانَ يُدْعَى (الْعَبْدَ الصَّالِحَ) مِنْ عِبَادَتِهِ وَ اجْتِهَادِهِ.

وَ قِيلَ: إِنَّهُ دَخَلَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَسَجَدَ سَجْدَةً فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَ سَمِعَ وَ هُوَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ، فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ، يَا أَهْلَ التَّقْوَى، وَ يَا أَهْلَ الْمَغْفِرَةِ» وَ جَعَلَ يُرَدِّدُهَا حَتَّى أَصْبَحَ.

وَ كَانَ يَبْلُغُهُ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ يُؤْذِيهِ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِ بِصُرَّةٍ فِيهَا أَلْفُ دِينَارٍ.

وَ كَانَ يَصِرَّ الصُّرَرَ ثَلاَثَمِائَةِ دِينَارٍ وَ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَ مِائَتَيْ دِينَارٍ ثُمَّ يَقْسِمُهَا بِالْمَدِينَةِ.

وَ كَانَتْ صُرَّةُ مُوسَى إِذَا جَاءَتِ الْإِنْسَانَ اسْتَغْنَى(1).

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكْرِيُّ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَطْلُبُ بِهَا دَيْناً، فَأَعْيَانِي، فَقُلْتُ:

لَوْ ذَهَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى وَ شَكَوْتُ إِلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُ بِنِقَمِى(2) فِي ضَيْعَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيَّ وَ مَعَهُ غُلاَمٌ(3) مَعَهُ مِنْسَفٌ(4) فِيهِ قَدِيدٌ مُجَزَّعٌ(5) ، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَأَكَلَ وَ أَكَلْتُ مَعَهُ، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ حَاجَتِي، فَذَكَرْتُ لَهُ قِصَّتِي، فَدَخَلَ فَلَمْ يَقِرَّ(6) إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى خَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ لِغُلاَمِهِ: اذْهَبْ. ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ إِلَيَّ، فَدَفَعَ صُرَّةً فِيهَا ثَلاَثُمِائَةٍ دِينَارٍ، ثُمَّ قَامَ فَوَلَّى، فَقُمْتُم.

ص: 310


1- تاريخ بغداد 27:13، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 191:6، وفيات الاعيان 308:5، سير أعلام النبلاء 271:6، الأئمّة الاثنا عشر: 89.
2- في النّسخ: بنعمى، تصحيف، و نقمى: موضع من أعراض المدينة كان لآل أبي طالب، معجم البلدان 5: 300.
3- في «ع»: غلامه.
4- المنسف: ما ينسف به الطّعام، أيّ يفرّق «مجمع البحرين - نسف - 123:5».
5- القديد: اللّحم المملوح المجفف في الشّمس «لسان العرب - قدد - 344:3». مجزع: أيّ مقطع «لسان العرب - جزع - 48:8».
6- في «ط»: يقم.

فَرَكِبْتُ دَابَّتِي وَ انْصَرَفْتُ(1).

وَ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُؤْذِيهِ وَ يَشْتِمُ عَلِيّاً (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، وَ كَانَ قَدْ قَالَ لَهُ بَعْضُ حَاشِيَتِهِ: دَعْنَا نَقْتُلُهُ. فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ، وَ زَجَرَهُمْ أَشَدَّ الزَّجْرِ، وَ سَأَلَ عَنِ الْعَمْرِيِّ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّهُ يَزْرَعُ بِنَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ فِي مَزْرَعَتِهِ فَوَجَدَهُ فِيهَا، فَدَخَلَ الْمَزْرَعَةَ بِحِمَارِهِ، فَصَاحَ بِهِ الْعَمْرِيُّ:

لاَ تَطَأْ زَرْعَنَا. فَتَوَطَّأَهُ بِالْحِمَارِ، حَتَّى وَصَلَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَ وَ جَلَسَ عِنْدَهُ، وَ ضَاحَكَهُ، وَ قَالَ لَهُ: كَمْ غَرِمْتَ فِي زَرْعِكَ هَذَا؟ قَالَ لَهُ: مِائَةَ دِينَارٍ.

قَالَ: فَكَمْ تَرْجُو أَنْ تُصِيبَ فِيهِ؟ قَالَ: لاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ.

قَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ لَكَ: كَمْ تَرْجُو فِيهِ؟

قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَجِيئَنِي مِائَتَا دِينَارٍ.

قَالَ: فَأَعْطَاهُ ثَلاَثَمِائَةِ دِينَارٍ، وَ قَالَ: هَذَا زَرْعُكَ عَلَى حَالِهِ. قَالَ: فَقَامَ الْعُمَرِيُّ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ، وَ انْصَرَفَ.

قَالَ: فَرَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ الْعُمَرَيَّ جَالِساً، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ. قَالَ: فَوَثَبَ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا لَهُ: مَا قِصَّتُكَ؟! قَدْ كُنْتَ تَقُولُ خِلاَفَ هَذَا! فَخَاصَمَهُمْ وَ سَابَّهُمْ، وَ جَعَلَ يَدْعُو لِأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) كُلَّمَا دَخَلَ وَ خَرَجَ.

قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِحَاشِيَتِهِ الَّذِينَ أَرَادُوا قَتْلَ الْعُمَرِيِّ: أَيُّمَا كَانَ أَخْيَرَ: مَا أَرَدْتُمْ أَوْ مَا أَرَدْتُ؟ أَرَدْتُ أَنْ أُصْلِحَ أَمْرَهُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ(2).

وَ قَالَ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى ضِيَاعِهِ(3) ، وَ أَصْبَحْنَا فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، وَ قَدْ دَنَوْنَا مِنْهَا وَ أَصْبَحْنَا عِنْدَ عَيْنٍ مِنْ عُيُونِ سَايَةَ(4) ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا مِنْ تِلْكَ الضِّيَاعِ عَبْدٌن.

ص: 311


1- الإرشاد: 296، تاريخ بغداد 28:13، روضة الواعظين: 215، سير أعلام النبلاء 271:6، حلية الأبرار 260:2.
2- الإرشاد: 297، تاريخ بغداد 28:13، إعلام الورى: 306، سير أعلام النبلاء 271:6.
3- في «ع، م»: بستانه.
4- واد من حدود الحجاز فيه مزارع و عيون.

زَنْجِيٌّ فَصِيحٌ مُسْتَدْفِئٌ بِخِرْقَةٍ، عَلَى رَأْسِهِ قَدْرُ فَخَّارٍ، فَوَقَفَ عَلَى الْغِلْمَانِ فَقَالَ: أَيْنَ سَيِّدُكُمْ؟ قَالُوا: هُوَ ذَاكَ.

قَالَ: أَبُو مَنْ يُكَنَّى؟ قَالُوا: أَبَا الْحَسَنِ.

قَالَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَ قَالَ لَهُ: يَا سَيِّدِي يَا أَبَا الْحَسَنِ، هَذِهِ عَصِيدَةٌ أَهْدَيْتُهَا إِلَيْكَ.

قَالَ: ضَعْهَا عِنْدَ الْغِلْمَانِ، فَوَضَعَهَا عِنْدَ الْغِلْمَانِ، فَأَكَلُوا مِنْهَا. ثُمَّ ذَهَبَ فَلَمْ نقل بَلَغَ حَتَّى خَرَجَ، وَ عَلَى رَأْسِهِ حُزْمَةُ حَطَبٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ وَ قَالَ: يَا سَيِّدِي، هَذَا حَطَبٌ أَهْدَيْتُهُ إِلَيْكَ. قَالَ: ضَعْهُ عِنْدَ الْغِلْمَانِ وَ هَبْ لَنَا نَاراً. فَذَهَبَ فَجَاءَ بِنَارٍ.

قَالَ: فَكَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) اسْمَهُ وَ اسْمَ مَوْلاَهُ، فَدَفَعَهُ إِلَيَّ وَ قَالَ: يَا بُنَيَّ، احْتَفِظْ بِهَذِهِ الرُّقْعَةِ حَتَّى أَسْأَلَكَ عَنْهَا. قَالَ: فَوَرَدْنَا إِلَى ضِيَاعِهِ، فَأَقَامَ بِهَا مَا طَابَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: امْضُوا بِنَا إِلَى زِيَارَةِ الْبَيْتِ.

قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى وَرَدْنَا مَكَّةَ، فَلَمَّا قَضَى عُمْرَتَهُ دَعَا صَاعِداً فَقَالَ: اذْهَبْ فَاطْلُبْ لِي هَذَا الرَّجُلَ، فَإِذَا عَلِمْتَ مَوْضِعَهُ فَأَعْلِمْنِي حَتَّى أَمْشِيَ إِلَيْهِ.

فَوَقَعْتُ عَلَى الرَّجُلِ(1) ، فَلَمَّا رَآنِي عَرَفَنِي، وَ كُنْتُ أَعْرِفُهُ، وَ كَانَ يَتَشَيَّعُ، فَلَمَّا رَآنِي سَلَّمَ عَلَيَّ وَ قَالَ: أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى قَدِمَ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَأَيُّ شَيْ ءٍ أَقْدَمَكَ؟ قُلْتُ:

حَوَائِجُ؛ وَ كَانَ قَدْ عَلِمَ بِمَكَانِهِ وَ بِشَأْنِهِ، فَتَبِعَنِي وَ جَعَلْتُ أَتَخَفَّى مِنْهُ وَ يَلْحَقُنِي بِنَفْسِهِ(2) ، فَلَمَّا رَأَيْتُ أَنِّي لاَ أَنْفَلِتُ مِنْهُ، مَضَيْتُ إِلَى مَوْلاَيَ وَ مَضَى مَعِي حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ لاَ تُعْلِمْهُ؟ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَمْ أُعْلِمْهُ. فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

غُلاَمَكَ فُلاَنَ تَبِيعُهُ؟

فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، الْغُلاَمُ لَكَ، وَ الضَّيْعَةُ لَكَ، وَ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ.

قَالَ: أَمَّا الضَّيْعَةُ فَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَسْلُبَكَهَا، وَ قَدْ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي أَنَّ بَائِعَ(3) الضَّيْعَةِ مَمْحُوقٌ، وَ مُشْتَرِيَهَا مَرْزُوقٌ.ع.

ص: 312


1- في تاريخ بغداد زيادة: فإنّي أكره أن أدعوه و الحاجة لي. قال لي صاعد: فذهبت حتّى وقفت على الرّجل.
2- في «ط»: و يخفى نفسه.
3- في «ع، م»: بيع.

قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ مُدِلاًّ بِهَا، فَاشْتَرَى أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) الضَّيْعَةَ وَ الرَّقِيقَ مِنْهُ بِأُلُوفِ الدَّنَانِيرِ وَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ، وَ وَهَبَ لَهُ الضَّيْعَةَ.

وَ قَالَ ابْنُ أَبِي رَافِعٍ: فَهُوَ ذَا وُلْدُهُ يُعْرَفُ بِالصَّرَّافِ بِمَكَّةَ(1).

ذكر معجزاته (عليه السلام)

261/ 4 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ [بْنُ مُحَمَّدِ] بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحُسَيْنِيُّ(2) ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: إِنَّ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ دَعَا الْمُسَيَّبَ وَ قَالَ لَهُ:

إِنِّي ظَاعِنٌ عَنْكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ إِلَى مَدِينَةِ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، لِأَعْهَدَ إِلَى مَنْ بِهَا عَهْداً أَنْ يُعْمَلَ بِهِ بَعْدِي.

قَالَ الْمُسَيَّبُ: قُلْتُ: مَوْلاَيَ، كَيْفَ تَأْمُرُنِي وَ الْحَرَسُ وَ الْأَبْوَابُ! كَيْفَ أَفْتَحُ لَكَ الْأَبْوَابَ وَ الْحَرَسُ مَعِي عَلَى الْأَبْوَابِ وَ عَلَيْهَا أَقْفَالُهَا؟!

فَقَالَ: يَا مُسَيَّبُ، ضَعُفَتْ نَفْسُكَ(3) فِي اللَّهِ وَ فِينَا؟!

قُلْتُ: يَا سَيِّدِي، بَيِّنْ لِي.

فَقَالَ: يَا مُسَيَّبُ، إِذَا مَضَى مِنْ هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ ثُلُثُهَا، فَقِفْ فَانْظُرْ.

قَالَ الْمُسَيَّبُ: فَحَرَّمْتُ عَلَى نَفْسِي الاِنْضِجَاعَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَلَمْ أَزَلْ رَاكِعاً وَ سَاجِداً وَ نَاظِراً مَا وَعَدَنِيهِ، فَلَمَّا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ ثُلُثُهُ غَشِيَنِي(4) النُّعَاسُ وَ أَنَا جَالِسٌ، فَإِذَا

ص: 313


1- تاريخ بغداد 29:13، إحقاق الحقّ 305:12. في تاريخ بغداد: فهو ذا ولده في الطّرفين بمكّة.
2- في «ع، م»: الحسنيّ، و كأنّه محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر (عليه السّلام)، ممّن رأى صاحب الأمر (عليه السّلام)، انظر معجم رجال الحديث 107:15.
3- في المصادر: ضعف يقينك.
4- في «م، ط»: غشاني.

أَنَا بِسَيِّدِي مُوسَى يُحَرِّكُنِي بِرِجْلِهِ، فَفَزِعْتُ وَ قُمْتُ قَائِماً، فَإِذَا بِتِلْكَ الْجُدْرَانِ الْمُشَيَّدَةِ، وَ الْأَبْنِيَةِ الْمُعَلاَّةِ، وَ مَا حَوْلَنَا مِنَ الْقُصُورِ وَ الْأَبْنِيَةِ، قَدْ صَارَتْ كُلُّهَا أَرْضاً(1) ، فَظَنَنْتُ بِمَوْلاَيَ أَنَّهُ أَخْرَجَنِي مِنَ الْمَحْبَسِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، قُلْتُ: مَوْلاَيَ، خُذْ بِيَدِي مِنْ ظَالِمِكَ وَ ظَالِمِي.

فَقَالَ: يَا مُسَيَّبُ، تَخَافُ الْقَتْلَ؟

قُلْتُ: مَوْلاَيَ، مَعَكَ لاَ.

فَقَالَ: يَا مُسَيَّبُ فَاهْدَأْ عَلَى حَالَتِكَ، فَإِنَّنِي رَاجِعٌ إِلَيْكَ بَعْدَ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا وَلَّيْتُ عَنْكَ فَسَيَعُودُ الْمَحْبَسُ إِلَى شَأْنِهِ.

قُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ، فَالْحَدِيدُ الَّذِي عَلَيْكَ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ؟

فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا مُسَيَّبُ! بِنَا وَ اللَّهِ، أَلاَنَ اللَّهُ الْحَدِيدَ لِنَبِيِّهِ دَاوُدَ، كَيْفَ يَصْعُبُ عَلَيْنَا الْحَدِيدُ؟!

قَالَ الْمُسَيَّبً: ثُمَّ خَطَا، فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيَّ خُطْوَةً وَ لَمْ أَدْرِ كَيْفَ غَابَ عَنْ بَصَرِي، ثُمَّ ارْتَفَعَ الْبُنْيَانُ وَ عَادَتِ الْقُصُورُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَ اشْتَدَّ اهْتِمَامُ نَفْسِي، وَ عَلِمْتُ أَنَّ وَعْدَهُ(2) الْحَقُّ، فَلَمْ أَزَلْ قَائِماً عَلَى قَدَمَيَّ، فَلَمْ يَنْقَضِ إِلاَّ سَاعَةٌ كَمَا حَدَّهُ لِي، حَتَّى رَأَيْتُ الْجُدْرَانَ وَ الْأَبْنِيَةَ قَدْ خَرَّتْ إِلَى الْأَرْضِ سُجَّداً، وَ إِذَا أَنَا بِسَيِّدِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ عَادَ إِلَى حَبْسِهِ، وَ عَادَ الْحَدِيدُ إِلَى رِجْلَيْهِ، فَخَرَرْتُ سَاجِداً لِوَجْهِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُسَيَّبُ، وَ اعْلَمْ أَنَّ سَيِّدَكَ رَاحِلٌ عَنْكَ إِلَى اللَّهِ فِي ثَالِثِ هَذَا الْيَوْمِ الْمَاضِي.

فَقُلْتُ: مَوْلاَيَ، فَأَيْنَ سَيِّدِي عَلِيٌّ؟

فَقَالَ: شَاهِدٌ(3) غَيْرُ غَائِبٍ يَا مُسَيَّبُ، وَ حَاضِرٌ غَيْرُ بَعِيدٍ، يَسْمَعُ وَ يَرَى.

قُلْتُ: يَا سَيِّدِي، فَإِلَيْهِ قَصَدْتُ؟

قَالَ: قَصَدْتَ وَ اللَّهِ يَا مُسَيَّبُ، كُلَّ مُنْتَخَبِ(4) لِلَّهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شَرْقاً وَ غَرْباً،د.

ص: 314


1- في «م، ط» زيادة: و الدّنيا من حولنا من القصور و الأبنية المعلاة و الأرض.
2- في «ع، م»: وعدته.
3- في «ع، م»: شاهدنا.
4- في «ع»: منتجب، و كلاهما بمعنى واحد.

حَتَّى الْجِنَّ فِي الْبَرَارِي وَ الْبِحَارُ، حَتَّى الْمَلاَئِكَةَ فِي مَقَامَاتِهِمْ وَ صُفُوفِهِمْ. قَالَ: فَبَكَيْتُ.

قَالَ: لاَ تَبْكِ يَا مُسَيَّبُ، إِنَّا نُورٌ لاَ نُطْفَأُ، إِنْ غِبْتُ عَنْكَ، فَهَذَا عَلِيٌّ ابْنِي يَقُومُ مَقَامِي بَعْدِي، هُوَ أَنَا. فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ.

قَالَ: ثُمَّ إِنْ سَيِّدِي فِي لَيْلَةِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ دَعَانِي فَقَالَ لِي: يَا مُسَيَّبُ، إِنَّ سَيِّدَكَ يُصْبِحُ مِنْ لَيْلَةِ يَوْمِهِ عَلَى مَا عَرَّفْتُكَ مِنَ الرَّحِيلِ إِلَى اللَّهِ (تَعَالَى)، فَإِذَا أَنَا دَعَوْتُ بِشَرْبَةٍ مَاءٍ فَشَرِبْتُهَا فَرَأَيْتَنِي قَدِ انْتَفَخَتْ بَطْنِي، يَا مُسَيَّبُ، وَ اصْفَرَّ لَوْنِي، وَ احْمَرَّ، وَ اخْضَرَّ، وَ تَلَوَّنَ أَلْوَاناً، فَخَبِّرِ الظَّالِمَ بِوَفَاتِي، وَ إِيَّاكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ(1). أَنْ تُظْهِرَ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ عِنْدِي إِلاَّ بَعْدَ وَفَاتِي.

قَالَ الْمُسَيَّبُ: فَلَمْ أَزَلْ أَتَرَقَّبُ وَعْدَهُ، حَتَّى دَعَا بِشَرْبَةِ الْمَاءِ فَشَرِبَهَا، ثُمَّ دَعَانِي فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرِّجْسَ، السِّنْدِيِّ بْنَ شَاهَكَ، سَيَقُولُ إِنَّهُ يَتَوَلَّى أَمْرِي وَ دَفْنِي، وَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَبَداً! فَإِذَا حُمِلَتْ نَعْشِي إِلَى الْمَقْبَرَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِمَقَابِرِ قُرَيْشٍ، فَأَلْحِدُونِي بِهَا، وَ لاَ تَعْلُوا عَلَى قَبْرِي عُلُوّاً وَاحِداً، وَ لاَ تَأْخُذُوا مِنْ تُرْبَتِي لِتَتَبَرَّكُوا بِهَا، فَإِنَّ كُلَّ تُرْبَةٍ لَنَا مُحَرَّمَةٌ إِلاَّ تُرْبَةَ جَدِّيَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَهَا شِفَاءً لِشِيعَتِنَا وَ أَوْلِيَائِنَا.

قَالَ: فَرَأَيْتُهُ تَخْتَلِفُ أَلْوَانُهُ، وَ تَنْتَفِخُ بَطْنُهُ؛ ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ شَخْصاً أَشْبَهَ الْأَشْخَاصَ بِهِ، جَالِساً إِلَى جَانِبِهِ فِي مِثْلِ هَيْئَتِهِ، وَ كَانَ عَهْدِي بِسَيِّدِي الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غُلاَماً، فَأَقْبَلْتُ أُرِيدُ سُؤَالَهُ، فَصَاحَ بِي سَيِّدِي مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): قَدْ نَهَيْتُكَ يَا مُسَيَّبُ؛ فَتَوَلَّيْتُ عَنْهُمْ، وَ لَمْ أَزَلْ صَابِراً حَتَّى قَضَى، وَ عَادَ ذَلِكَ الشَّخْصُ.

ثُمَّ أَوْصَلْتُ الْخَبَرَ إِلَى الرَّشِيدِ، فَوَافَى الرَّشِيدُ وَ ابْنُ شَاهَكَ، فَوَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ بِعَيْنِي وَ هُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يُغَسِّلُونَهُ وَ يُحَنِّطُونَهُ وَ يُكَفِّنُونَهُ، وَ كُلَّ ذَلِكَ أَرَاهُمْ لاَ يَصْنَعُونَ بِهِ شَيْئاً، وَ لاَ تَصِلُ أَيْدِيهِمْ إِلَى شَيْ ءٍ مِنْهُ، وَ لاَ إِلَيْهِ، وَ هُوَ مَغْسُولٌ، مُكَفَّنٌ، مُحَنَّطٌ، ثُمَّ حُمِلَ وَ دُفِنَ فِي مَقَابِرِ قُرَيْشٍ، وَ لَمْ يُعْلَ عَلَى قَبْرِهِ إِلَى السَّاعَةِ(2).4.

ص: 315


1- في «ع، م»: و إيّاك إذا رأيت بي هذا الحدث.
2- الهداية الكبرى: 265، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 6/100:1، عيون المعجزات: 101، مناقب ابن شهرآشوب 303:4.

وَ بَقِيَ فِي الْحَدِيثِ مَا لَمْ يَحْسُنْ ذِكْرُهُ مِمَّا فَعَلَهُ الرَّشِيدُ بِهِ، كَذَا وَجَدْتُ الْحِكَايَةَ.

262/ 5 - وَ رُوِيَ: أَنَّ الرَّشِيدَ فَكَّرَ فِي قَتْلِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَدَعَا بِرُطَبٍ فَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ أَخَذَ صِينِيَّةً، فَوَضَعَ فِيهَا عِشْرِينَ رُطَبَةً، وَ أَخَذَ سِلْكاً فَتَرَكَهُ فِي السَّمِّ، وَ أَدْخَلَهُ فِي الْخِيَاطِ وَ أَخَذَ رُطَبَةً مِنْ ذَلِكَ الرُّطَبِ، وَ أَقْبَلَ يُرَدِّدُ السِّلْكَ الْمَسْمُومَ بِذَلِكَ الْخَيْطِ، مِنْ رَأْسِ الرُّطَبَةِ إِلَى آخِرِهَا، حَتَّى عَلِمَ أَنَّ السَّمِّ قَدْ تَمَكَّنَ فِيهَا، وَ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ رَدَّهَا فِي الرُّطَبِ، وَ قَالَ لِخَادِمٍ لَهُ: احْمِلْ هَذِهِ الصِّينِيَّةَ إِلَى مُوسَى، وَ قُلْ لَهُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَكَلَ مِنْ هَذَا الرُّطَبِ، وَ تَنَغَّصَ لَكَ، وَ هُوَ يُقْسِمُ عَلَيْكَ بِحَقِّهِ إِلاَّ مَا أَكَلْتَهُ عَنْ آخِرِهِ، فَإِنِّي اخْتَرْتُهَا لَكَ بِيَدِي، وَ لاَ تَتْرُكْهُ حَتَّى لاَ يُبْقِيَ مِنْهُ شَيْئاً، وَ لاَ يُطْعِمَ(1) مِنْهُ أَحَداً.

فَأَتَاهُ بِهَا الْخَادِمُ، وَ أَبْلَغَهُ الرِّسَالَةَ، فَقَالَ لَهُ: ائْتِنِي بِخِلاَلَةٍ(2). فَنَاوَلَهُ خِلاَلَةً، وَ أَقَامَ بِإِزَائِهِ وَ هُوَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ؛ وَ كَانَ لِلرَّشِيدِ كَلْبَةٌ أَعَزُّ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ فِي مَمْلَكَتِهِ، فَجَرَّتْ نَفْسَهَا وَ خَرَجَتْ بِسَلاَسِلِ ذَهَبٍ وَ فِضَّةٍ كَانَتْ فِي عُنُقِهَا، حَتَّى حَاذَتْ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَبَادَرَ بِالْخِلاَلَةِ إِلَى الرُّطَبَةِ الْمَسْمُومَةِ فَغَرَزَهَا، وَ رَمَى بِهَا إِلَى الْكَلْبَةِ، فَأَكَلَتْهَا، فَلَمْ تَلْبَثِ الْكَلْبَةُ أَنْ ضَرَبَتْ بِنَفْسِهَا(3) الْأَرْضَ، وَ عَوَتْ حَتَّى تَقَطَّعَتْ قِطَعاً قِطَعاً، وَ اسْتَوْفَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بَاقِيَ الرُّطَبِ، وَ حَمَلَ الْغُلاَمُ الصِّيْنِيَةَ إِلَى الرَّشِيدِ، فَقَالَ لَهُ: أَكَلَ الرُّطَبَ عَنْ آخِرِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

قَالَ: فَكَيْفَ رَأَيْتَهُ؟

قَالَ: مَا أَنْكَرْتُ مِنْهُ شَيْئاً يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

قَالَ: ثُمَّ وَرَدَ خَبَرُ الْكَلْبَةِ، وَ أَنَّهَا قَدْ تَهَرَّأَتْ وَ مَاتَتْ، فَقَلِقَ الرَّشِيدُ لِذَلِكَ قَلَقاً شَدِيداً، وَ اسْتَعْظَمَهُ، وَ مَرَّ عَلَى الْكَلْبَةِ، فَوَجَدَهَا مُتَهَرِّأَةً بِالسَّمِّ، فَدَعَا الْخَادِمَ، وَ دَعَا بِالسَّيْفِ وَ النُّطْعِ، قَالَ: لَتَصْدُقَنِّي عَنْ خَبَرِ الرُّطَبِ وَ إِلاَّ قَتَلْتُكَ.

فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي حَمَلْتُ الرُّطَبَ إِلَيْهِ، وَ أَبْلَغْتُهُ رِسَالَتَكَ، وَ قُمْتُ بِإِزَائِهِ،ى.

ص: 316


1- في «ط»: تطعم.
2- الخلالة: آلة يؤكل بها الرّطب و نحوه كالشوكة.
3- زاد في «م»: إلى.

فَطَلَبَ خِلاَلَةً، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ خِلاَلَةً، فَأَقْبَلَ يَغْرِزُ الرُّطَبَةَ بَعْدَ الرُّطَبَةِ يَأْكُلُهَا، حَتَّى مَرَّتْ بِهِ الْكَلْبَةُ، فَغَرَزَ رُطَبَةً مِنْ ذَلِكَ الرُّطَبِ، وَ رَمَى بِهَا إِلَى الْكَلْبَةِ، فَأَكَلَتْهَا، وَ أَكَلَ بَاقِيَ الرُّطَبِ، فَكَانَ مَا تَرَى.

فَقَالَ الرَّشِيدُ: مَا رَبِحْنَا مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّا أَطْعَمْنَاهِ جَيِّدَ الرُّطَبِ، وَ ضَيَّعْنَا سَمْناً، وَ قَتَلْنَا كَلْبَتَنَا(1).

263/ 6 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ ابْنِ الزُّبَيْرِ الْبَلْخِيُّ بِبَلْخٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَامُ بْنُ حَاتِمٍ الْأَصَمُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:

قَالَ لِي شَقِيقٌ - يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ(2) الْبَلْخِيِّ -: خَرَجْتُ حَاجّاً إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَ أَرْبَعِينَ وَ مِائَةٍ، فَنَزَلْنَا الْقَادِسِيَّةَ، قَالَ شَقِيقٌ: فَنَظَرْتُ إِلَى النَّاسِ فِي زِيِّهِمْ بِالْقِبَابِ وَ الْعَمَّارِيَّاتِ(3) وَ الْخِيَمِ وَ الْمَضَارِبِ، وَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ قَدْ تَزَيَّا عَلَى قَدْرِهِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا إِلَيْكَ فَلاَ تَرُدَّهُمْ خَائِبِينَ.

فَبَيْنَمَا أَنَا قَائِمٌ، وَ زِمَامُ رَاحِلَتِي بِيَدِي، وَ أَنَا أَطْلُبُ مَوْضِعاً أَنْزِلُ فِيهِ مُنْفَرِداً عَنِ النَّاسِ، إِذْ نَظَرْتُ إِلَى فَتًى حَدَثِ السِّنِّ، حَسَنِ الْوَجْهِ، شَدِيدِ السُّمْرَةِ، عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْعِبَادَةِ وَ شَوَاهِدُهَا، وَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ سَجَّادَةٌ(4) كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، وَ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقِ ثَوْبِهِ شِمْلَةٌ مِنْ صُوفٍ، وَ فِي رِجْلِهِ نَعْلٌ عَرَبِيٌّ، وَ هُوَ مُنْفَرِدٌ فِي عُزْلَةٍ مِنَ النَّاسِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا الْفَتَى مِنْ هَؤُلاَءِ الصُّوفِيَّةِ الْمُتَوَكِّلَةِ، يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ كَلاًّ عَلَى النَّاسِ فِي هَذَا الطَّرِيقِ، وَ اللَّهِ لَأَمْضِيَنَّ إِلَيْهِ، وَ لَأُوَبِّخَنَّهُ.

قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلاً نَحْوَهُ قَالَ لِي: يَا شَقِيقُ اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا (5) وَ قَرَأَ الْآيَةَ، ثُمَّ تَرَكَنِي وَ مَضَى، فَقُلْتُ فِي9.

ص: 317


1- تقدّمت تخريجاته في الحديث الرّابع.
2- في «ع، ط»: يعني إبراهيم.
3- جمع عمارية: الهودج الّذي يجلس فيه.
4- أيّ أثر السّجود في الجبهة.
5- الحجرات 12:49.

نَفْسِي: قَدْ تَكَلَّمَ هَذَا الْفَتَى عَلَى سِرِّي، وَ نَطَقَ بِمَا فِي نَفْسِي، وَ سَمَّانِي بِاسْمِي، وَ مَا فَعَلَ هَذَا إِلاَّ وَ هُوَ وَلِيُّ اللَّهِ، أَلْحَقُهُ وَ أَسْأَلُهُ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي حِلٍّ، فَأَسْرَعْتُ وَرَاءَهُ، فَلَمْ أَلْحَقْهُ، وَ غَابَ عَنْ عَيْنِي، فَلَمْ أَرَهُ.

وَ ارْتَحَلْنَا حَتَّى نَزَلْنَا وَاقِصَةَ(1) ، فَنَزَلْتُ نَاحِيَةً مِنَ الْحَاجِّ، وَ نَظَرْتُ فَإِذَا صَاحِبِي قَائِمٌ يُصَلِّي عَلَى كَثِيبِ رَمْلٍ، وَ هُوَ رَاكِعٌ وَ سَاجِدٌ، وَ أَعْضَاؤُهُ تَضْطَرِبُ، وَ دُمُوعُهُ تَجْرِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، فَقُلْتُ: هَذَا صَاحِبِي، لَأَمْضِيَنَّ إِلَيْهِ، ثُمَّ لَأَسْأَلَنَّهُ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي حِلٍّ، فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ مُقْبِلاً قَالَ لِي: يَا شَقِيقُ وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (2) ثُمَّ غَابَ عَنْ عَيْنِي فَلَمْ أَرَهُ، فَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْأَبْدَالِ(3) ، وَ قَدْ تَكَلَّمَ عَلَى سِرِّي مَرَّتَيْنِ، وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ اللَّهِ فَاضِلاً مَا تَكَلَّمَ عَلَى سِرِّي.

وَ رَحَلَ الْحَاجُّ وَ أَنَا مَعَهُمْ، حَتَّى نَزَلْنَا بِزُبَالَةَ(4) ، فَإِذَا أَنَا بِالْفَتَى قَائِمٌ عَلَى الْبِئْرِ، وَ بِيَدِهِ رَكْوَةٌ يَسْتَقِي بِهَا مَاءً، فَانْقَطَعَتِ الرَّكْوَةُ فِي الْبِئْرِ، فَقُلْتُ: صَاحِبِي وَ اللَّهِ؛ فَرَأَيْتُهُ قَدْ رَمِقَ السَّمَاءَ بِطَرْفِهِ، وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنْتَ رَبِّي إِذَا ظَمِأْتُ إِلَى الْمَا ءِ وَ قُوتِي إِذَا أَرَدْتُ الطَّعَامَا

إِلَهِي وَ سَيِّدِي مَا لِي سِوَاهَا، فَلاَ تُعْدِمْنِيهَا.

قَالَ شَقِيقٌ: فَوَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ الْبِئْرَ وَ قَدْ فَاضَ مَاؤُهَا حَتَّى جَرَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَمَدَّ يَدَهُ، فَتَنَاوَلَ الرَّكْوَةَ، فَمَلَأَهَا مَاءً، ثُمَّ تَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، وَ صَلَّى رَكَعَاتٍ، ثُمَّ مَالَ إِلَى كَثِيبِ رَمْلٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلَ يَقْبِضُ بِيَدِهِ مِنَ الرَّمْلِ وَ يَطْرَحُهُ فِي الرَّكْوَةِ، ثُمَّ يُحَرِّكُهَا وَ يَشْرَبُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَ تَرَاهُ قَدْ حَوَّلَ الرَّمْلَ سَوِيقاً؟!

فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ: أَطْعِمْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ، مِنْ فَضْلِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْكَ.3.

ص: 318


1- منزل بطريق مكّة، ينزله الحاجّ، دون زبالة بمرحلتين. معجم البلدان 354:5.
2- طه 82:20.
3- قوم من الصّالحين لا تخلو الدّنيا منهم، سمّوا بذلك لأنّهم كلّما مات واحد منهم أبدّل اللّه مكانه آخر. انظر «النّهاية 107:1، مجمع البحرين - بدل - 319:5».
4- قرية عامرة بين واقصة و الثعلبية بطريق مكّة من الكوفة. معجم البلدان 129:3.

فَنَظَرَ وَ قَالَ لِي: يَا شَقِيقُ، لَمْ تَزَلْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ سَابِغَةً، وَ أَيَادِيهِ لَدَيْنَا جَمِيلَةً، فَأَحْسِنْ ظَنَّكَ بِرَبِّكَ، فَإِنَّهُ لاَ يُضَيِّعُ مَنْ أَحْسَنَ بِهِ ظَنّاً.

فَأَخَذْتُ الرَّكْوَةَ مِنْ يَدِهِ وَ شَرِبْتُ، فَإِذَا سَوِيقٌ وَ سُكَّرٌ، فَوَ اللَّهِ مَا شَرِبْتُ شَيْئاً قَطُّ أَلَذَّ مِنْهُ، وَ لاَ أَطْيَبَ رَائِحَةً، فَشَبِعْتُ وَ رَوِيتُ، وَ أَقَمْتُ أَيَّاماً لاَ أَشْتَهِي طَعَاماً وَ لاَ شَرَاباً، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الرَّكْوَةَ.

ثُمَّ غَابَ عَنْ عَيْنِي، فَلَمْ أَرَهُ حَتَّى دَخَلْتُ مَكَّةَ وَ قَضَيْتُ حَجِّي، فَإِذَا أَنَا بِالْفَتَى فِي هَدْأَةٍ مِنْ اللَّيْلِ، وَ قَدْ زَهَرَتِ النُّجُومُ، وَ هُوَ إِلَى جَانِبِ قُبَّةِ الشَّرَابِ(1) رَاكِعاً سَاجِداً، لاَ يُرِيدُ مَعَ اللَّهِ سِوَاهُ، فَجَعَلْتُ أَرْعَاهُ وَ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَ هُوَ يُصَلِّي بِخُشُوعٍ وَ أَنِينٍ وَ بُكَاءٍ، وَ يُرَتَّلُ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً، فَكُلَّمَا مَرَّتْ آيَةٌ فِيهَا وَعْدٌ وَ وَعِيدُ رَدَّدَهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَ دُمُوعُهُ تَجْرِي عَلَى خَدِّهِ، حَتَّى إِذَا دَنَا الْفَجْرُ جَلَسَ فِي مُصَلاَّهُ يُسَبِّحُ رَبَّهُ وَ يُقَدِّسُهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى الْغَدَاةَ، وَ طَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعاً،(2) وَ خَرَجَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَخَرَجْتُ، فَرَأَيْتُ لَهُ حَاشِيَةً وَ مَوَالِيَ، وَ إِذَا عَلَيْهِ لِبَاسٌ خِلاَفُ الَّذِي شَاهَدْتُ، وَ إِذَا النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ يَسْأَلُونَهُ عَنْ مَسَائِلِهِمْ، وَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لِبَعْضِ النَّاسِ، أَحْسَبُهُ مِنْ مَوَالِيهِ: مَنْ هَذَا الْفَتَى؟

فَقَالَ لِي: هَذَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ، عَالِمِ آلِ مُحَمَّدٍ.

قُلْتُ: وَ مَنْ أَبُو إِبْرَاهِيمَ؟

قَالَ: مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ).

فَقُلْتُ: لَقَدْ عَجِبْتُ أَنْ تُوجَدَ هَذِهِ الشَّوَاهِدُ إِلاَّ فِي هَذِهِ الذُّرِّيَّةِ(3).

264/ 7 - وَ حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَاتِبُ، قَالَ: كَانَ بِحَضْرَةِ بَابِ الرَّشِيدِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ (نُفَيْعٌ) وَ كَانَ عِرِّيضاً، وَ كَانَ آدَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ شَاعِراً ظَرِيفاً، فَاتَّفَقَا يَوْماً بِبَابِ الرَّشِيدِ، وَ حَضَرَ مُوسَى7.

ص: 319


1- في «ع»: بيت فيه الشّراب، و في «ط»: بيت فيه السّراب.
2- أيْ سبع مرّات.
3- تذكرة الخواصّ: 348، صفة الصّفوة 185:2، كشف الغمّة 213:2، الفصول المهمّة: 233، إسعاف الرّاغبين: 247.

ابْنُ جَعْفَرٍ عَلَى حِمَارٍ لَهُ، فَلَمَّا قَرُبَ قَامَ الْحَاجِبُ إِلَيْهِ، فَأَدْخَلَهُ مِنَ الْبَابِ، فَقَالَ نُفَيْعٌ لِآدَمَ:

مَنْ هَذَا؟

فَقَالَ: أَ وَ مَا تَعْرِفُهُ؟ قَالَ: لاَ.

قَالَ: هَذَا شَيْخُ آلِ أَبِي طَالِبٍ الْيَوْمَ، هَذَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ. فَقَالَ: تَبّاً لِهَؤُلاَءِ الْقَوْمِ يُكْرِمُونَ هَذَا الْإِكْرَامَ مَنْ يَقْصِدُ لِيُزِيلَهُمْ عَنْ سَرِيرِهِمْ، أَمَا إِنَّهُ إِنْ خَرَجَ لَأُسَوِّأَنَّهُ.

قَالَ فَقَالَ لَهُ آدَمُ: لاَ تَفْعَلْ، إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ قَدْ أَعْطَاهُمُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) حَظّاً فِي أَلْسِنَتِهِمْ، وَ قَلَّمَا نَاوَأَهُمْ إِنْسَانٌ، أَوْ تَعَرَّضَ لَهُمْ، إِلاَّ وَ وَسَمُوهُ بِسِمَةٍ سُوءٍ. فَقَالَ لَهُ: سَتَرَى.

وَ خَرَجَ مُوسَى فَوَثَبَ إِلَيْهِ نُفَيْعٌ فَأَخَذَ بِلِجَامِ حِمَارِهِ، وَ قَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟

فَقَالَ بِوَقَارٍ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ النَّسَبَ فَأَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ذَبِيحِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ.

وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْبَيْتَ فَهُوَ الْبَيْتُ الَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ (جَلَّ ذِكْرُهُ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَافَّةً، وَ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ، أَنْ يَحُجُّوا إِلَيْهِ.

وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمُنَافَرَةَ، فَوَ اللَّهِ مَا رَضِيَ مُشْرِكُو قَوْمِي بِمُسْلِمِي قَوْمِكَ(1) أَكْفَاءً حَتَّى قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ إِلَيْنَا أَكْفَاءَنَا مِنْ قُرَيْشٍ.

قَالَ: فَاسْتَرْخَتْ أَصَابِعُهُ مِنَ اللِّجَامِ وَ تَرَكَهُ(2).

265/ 8 - قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ:

حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ: لَحِقْتُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ الْكَاظِمَ الْغَيْظِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ فِي حَبْسِ الرَّشِيدِ فَرَأَيْتُهُ يَخْرُجُ مِنْ حَبْسِهِ وَ يَغِيبُ ثُمَّ يَدْخُلُ مِنْ حَيْثُ لاَ يُرَى(3).

266/ 9 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: رَأَيْتُ كَاظِمَ الْغَيْظِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عِنْدَ الرَّشِيدِ وَ قَدْ خَضَعَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى ابْنُ أَبَانٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لِمَ تَخْضَعُ لَهُ؟7.

ص: 320


1- مشركو قومي: أيْ قريش، و مسلمو قومك: أيْ الأنصار.
2- أمالي المرتضى 274:1، إعلام الورى: 307، اعلام الدّين: 305، مدينة المعاجز: 452.
3- إثبات الهداة 117/566:5، مدينة المعاجز: 5/427.

قَالَ: رَأَيْتُ مِنْ وَرَائِي أَفْعَى تَضْرِبُ بِنَابِهَا وَ تَقُولُ: أَجِبْهُ بِالطَّاعَةِ وَ إِلاَّ بَلَّعْتُكَ.

فَفَزِعْتُ مِنْهَا فَأَجَبْتُهُ(1).

267/ 10 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا غَالِبُ ابْنُ مُرَّةَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، قَالاَ: كُنَّا فِي حَبْسِ الرَّشِيدِ، فَأَدْخَلَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَأَنْبَعَ اللَّهُ لَهُ عَيْناً وَ أَنْبَتَ لَهُ شَجَرَةً، فَكَانَ مِنْهُمَا يَأْكُلُ وَ يَشْرَبُ وَ نُهَنِّيهِ، وَ كَانَ إِذَا دَخَلَ بَعْضُ أَصْحَابِ الرَّشِيدِ غَابَتْ حَتَّى لاَ تُرَى(2).

268/ 11 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ، عَنْ وَكِيعٍ، قَالَ: قَالَ الْأَعْمَشُ: رَأَيْتُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ) وَ قَدْ أَتَى شَجَرَةً مَقْطُوعَةً مَوْضُوعَةً فَمَسَّهَا بِيَدِهِ فَأَوْرَقَتْ، ثُمَّ اجْتَنَى مِنْهَا ثَمَراً وَ أَطْعَمَنِي(3).

269/ 12 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ رُشَيْقٍ مَوْلَى الرَّشِيدِ، قَالَ: وَجَّهَ بِي الرَّشِيدُ فِي قَتْلِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَأَتَيْتُهُ لِأَقْتُلَهُ، فَهَزَّ عَصَا كَانَتْ فِي يَدِهِ فَإِذَا هِيَ أَفْعَى، وَ أَخَذَتْ هَارُونَ الْحُمَّى، وَ وَقَعَتِ الْأَفْعَى فِي عُنُقِهِ حَتَّى وَجَّهَ إِلَيَّ بِإِطْلاَقِهِ فَأَطْلَقْتُ عَنْهُ(4).

270/ 13 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ شَرِيكِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ مُوسَى بْنِ هَامَانَ(5) ، قَالَ: رَأَيْتُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي حَبْسِ الرَّشِيدِ وَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ مَائِدَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَ يُطْعِمُ أَهْلَ السِّجْنِ كُلَّهُمْ ثُمَّ يُصْعَدُ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ مِنْهَا شَيْ ءٌ(6).

271/ 14 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: أُدْخِلَ إِلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)7.

ص: 321


1- نوادر المعجزات: 5/163.
2- نوادر المعجزات: 6/163، إثبات الهداة 119/567:5، مدينة المعاجز: 7/427.
3- نوادر المعجزات: 7/164.
4- نوادر المعجزات: 8/164.
5- في «م»: ماهان.
6- نوادر المعجزات: 9/164، إثبات الهداة 122/567:5، مدينة المعاجز: 8/427.

بِسِبَاعٍ لِتَأْكُلَهُ، فَجَعَلَتْ تَلُوذُ بِهِ وَ تُبَصْبِصُ لَهُ، وَ تَدْعُو لَهُ بِالْإِمَامَةِ، وَ تَعُوذُ بِهِ مِنْ شَرِّ الرَّشِيدِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الرَّشِيدَ أَطْلَقَ عَنْهُ، وَ قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَفْتِنَنِي وَ يَفْتِنَ النَّاسَ وَ مَنْ مَعِي(1).

272/ 15 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: رَأَيْتُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ وَ نَزَلَ وَ مَعَهُ حَرْبَةٌ مِنْ نُورٍ فَقَالَ: أَ تُخَوِّفُونَنِي بِهَذَا؟! - يَعْنِي الرَّشِيدَ - لَوْ شِئْتُ لَطَعَنْتُهُ بِهَذِهِ الْحَرْبَةِ. فَأُبْلِغَ ذَلِكَ الرَّشِيدَ فَأُغْمِيَ ثَلاَثاً وَ أَطْلَقَهُ(2).

273/ 16 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ ابْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، قَالَ:

كُنْتُ وَاقِفاً بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ إِذْ جَاءَتْهُ هَدَايَا مِنْ مَلِكِ الرُّومِ، كَانَتْ فِيهَا دُرَّاعَةُ(3) دِيبَاجٍ مُذَهَّبَةً سَوْدَاءَ، لَمْ أَرَ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنْهَا، فَنَظَرَ إِلَيَّ وَ أَنَا أُحِدُّ إِلَيْهَا النَّظَرَ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، أَعْجَبَتْكَ؟

قُلْتُ: إِي وَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: خُذْهَا. فَأَخَذْتُهَا وَ انْصَرَفْتُ بِهَا إِلَى مَنْزِلِي، وَ شَدَّدْتُهَا فِي مِنْدِيلٍ، وَ وَجَّهْتُهَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ - أَوْ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ - ثُمَّ انْصَرَفْتُ يَوْماً مِنْ عِنْدِ هَارُونَ، وَ قَدْ تَغَدَّيْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَامَ إِلَيَّ خَادِمِي الَّذِي يَأْخُذُ ثِيَابِي بِمِنْدِيلٍ عَلَى يَدَيْهِ، وَ كِتَابٍ مَخْتُومٍ، وَ طِينُهُ رَطْبٌ، فَقَالَ: جَاءَ بِهَذِهِ السَّاعَةَ رَجُلٌ، فَقَالَ: ادْفَعْ هَذَا إِلَى مَوْلاَكَ سَاعَةَ يَدْخُلُ. فَفَضَضْتُ الْكِتَابَ، فَإِذَا فِيهِ: «يَا عَلِيُّ، هَذَا وَقْتُ حَاجَتِكَ إِلَى الدُّرَّاعَةِ».

فَكَشَفْتُ طَرَفَ الْمِنْدِيلِ عَنْهَا، وَ دَخَلَ عَلَيَّ خَادِمُ هَارُونَ فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقُلْتُ: أَيُّ شَيْ ءٍ حَدَثَ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي، فَمَضَيْتُ وَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ، وَ عِنْدَهُ عُمَرُم.

ص: 322


1- نوادر المعجزات: 10/165، مدينة المعاجز: 10/428.
2- نوادر المعجزات: 4/163، مدينة المعاجز: 11/428.
3- الدراعة: جبّة مشقوقة المقدّم.

ابْنُ بَزِيعٍ وَاقِفاً بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، مَا فَعَلْتَ الدُّرَّاعَةَ الَّتِي وَهَبْتُهَا لَكَ؟

قُلْتُ: مَا كَسَانِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَعَنْ أَيِّ دُرَّاعَةٍ تَسْأَلُنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟

قَالَ: الدُّرَّاعَةُ الدِّيبَاجُ السَّوْدَاءُ الْمُذَهَّبَةُ.

قُلْتُ: مَا عَسَى أَنْ يَصْنَعَ مِثْلِي بِمِثْلِهَا؟! إِذَا انْصَرَفْتُ مِنْ دَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ دَعَوْتُ بِهَا فَلَبِستُهَا، وَ صَلَّيْتُ بِهَا رَكْعَتَيْنِ - أَوْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ - وَ لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ الرَّسُولُ وَ دَعَوْتُ بِهَا لِأَفْعَلَ ذَلِكَ.

فَنَظَرَ إِلَى عُمَرَ بْنِ بَزِيعٍ وَ قَالَ: أَرْسِلْ مَنْ يَجِيئُنِي بِهَا. فَأَرْسَلْتُ خَادِمِي، فَجَاءَنِي بِهَا، فَلَمَّا رَآهَا قَالَ: يَا عُمَرُ، مَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَقْبَلَ قَوْلَ أَحَدٍ عَلَى عَلِيٍّ بَعْدَ هَذَا. وَ أَمَرَ لِي بِخَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَحَمَلْتُهَا مَعَ الدُّرَّاعَةِ، وَ بَعَثْتُ بِهَا وَ بِالْمَالِ مِنْ يَوْمِي ذَلِكَ(1).

274/ 17 - وَ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ خَالِدٍ الْجَوَّانِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ فِي عَرْصَةِ دَارِهِ، وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ بِالرُّمَيْلَةِ، فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ قُلْتُ فِي نَفْسِي: بِأَبِي وَ أُمِّي سَيِّدِي، مَظْلُومٌ مَغْصُوبٌ مُضْطَهَدٌ؛ ثُمَّ دَنَوْتُ مِنْهُ فَقَبَّلْتُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا خَالِدُ، نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَذَا الْأَمْرِ، فَلاَ يَضِيقَنَّ هَذَا فِي نَفْسِكَ.

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ اللَّهِ، مَا أَرَدْتُ بِهَذَا شَيْئاً.

فَقَالَ: نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِنَا، وَ إِنَّ لِهَؤُلاَءِ الْقَوْمِ مُدَّةً وَ غَايَةً، لاَ بُدَّ مِنَ الاِنْتِهَاءِ إِلَيْهَا.

قُلْتُ: لاَ أَعُودُ، وَ لاَ أُضْمِرُ فِي نَفْسِي شَيْئاً(2).

275/ 18 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ،7.

ص: 323


1- الارشاد: 293، عيون المعجزات: 99، إعلام الورى: 302، الخرائج و الجرائح 25/334:1، كشف الغمّة 224:2، الصّراط المستقيم 20/192:2.
2- بصائر الدّرجات: 7/146، الخرائج و الجرائح 86/869:2، الثّاقب في المناقب: 372/437.

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ كَانَ ادَّعَى الْإِمَامَةَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَيْ ءٍ مِنَ الزَّكَاةِ، فَقُلْتُ لَهُ: كَمْ فِي الْمِائَةِ؟

فَقَالَ: خَمْسَةِ دَرَاهِمَ.

قُلْتُ: وَ كَمْ فِي نِصْفِ الْمِائَةِ؟

قَالَ: دِرْهَمَيْنِ وَ نِصْفٍ.

فَقُلْتُ: مَا قَالَ بِهَذَا أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ. فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مُسْتَغِيثاً بِرَسُولِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَى مَنْ؟ إِلَى الْقَدَرِيَّةِ؟ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ؟(1) إِلَى الْمُرْجِئَةِ؟ إِلَى الزَّيْدِيَّةِ؟ فَإِنِّي لَكَذَلِكَ إِذْ أَتَانِي رَسُولُ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، غُلاَمٌ صَغِيرٌ دُونَ الْخُمَاسِيِّ، فَقَالَ: أَجِبْ مَوْلاَكَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ.

فَأَتَيْتُهُ فَلَمَّا بَصُرَ بِي مِنْ صَحْنِ الدَّارِ ابْتَدَأَنِي فَقَالَ: يَا هِشَامُ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ. قَالَ:

لاَ إِلَى الْقَدَرِيَّةِ، وَ لاَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ، وَ لاَ إِلَى الْمُرْجِئَةِ، وَ لاَ إِلَى الزَّيْدِيَّةِ، وَ لَكِنْ إِلَيْنَا. فَقُلْتُ:

أَنْتَ صَاحِبِي؛ فَسَأَلْتُهُ فَأَجَابَنِي عَنْ كُلِّ مَا أَرَدْتُ(2).

276/ 19 - وَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمٍ مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْهِ أَسْأَلُهُ: هَلْ يَتَنَوَّرَ الرَّجُلُ وَ هُوَ جُنُبٌ؟

فَكَتَبَ إِلَيَّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَبْلَ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْهِ مُبْتَدِئاً: «اَلنُّورَةُ تَزِيدُ الْجُنُبَ نَظَافَةً وَ لَكِنْ لاَ يُجَامِعِ الرَّجُلُ مُخْتَضِباً، وَ لاَ تُجَامِعِ الْمَرْأَةَ مُخْتَضِبَةً»(3).

277/ 20 - وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا2.

ص: 324


1- أيْ الخوارج.
2- في «ط»: سألته. بصائر الدّرجات: 1/270 نحوه في الكافي 7/285:1، و الارشاد: 291، و الخرائج و الجرائح 23/331:1، و مناقب ابن شهرآشوب 290:4، و حلية الابرار 233:2.
3- بصائر الدّرجات: 3/271، التّهذيب 22/377:1، الخرائج و الجرائح 4/652:2، الثّاقب في المناقب: 374/438، الصّراط المستقيم 24/193:2.

عَلِيُّ بْنُ الْمُعَلَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ وَ نَعَى إِلَى رَجُلٍ نَفْسَهُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَيَعْلَمُ مَتَى يَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِهِ! فَقَالَ شِبْهَ الْمُغْضَبِ: يَا إِسْحَاقُ، قَدْ كَانَ رُشَيْدٌ الْهَجَرِيُّ يَعْلَمُ عِلْمَ الْمَنَايَا وَ الْبَلاَيَا، وَ الْإِمَامُ أَوْلَى بِعِلْمِ ذَلِكَ(1).

278/ 21 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ(2) ، قَالَ:

سَمِعْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَنْعَى إِلَى رَجُلٍ نَفْسَهُ؛ قُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنَّهُ لَيَعْلَمُ مَتَى يَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِهِ! فَالْتَفَتَ إِلَيَّ شِبْهَ الْمُغْضَبِ. فَقَالَ: يَا إِسْحَاقُ، كَانَ رُشَيْدٌ الْهَجَرِيُّ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَ كَانَ يَعْلَمُ عِلْمَ الْمَنَايَا وَ الْبَلاَيَا، وَ الْحُجَّةُ أَوْلَى بِعِلْمِ ذَلِكَ.

ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْحَاقُ، اصْنَعْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ، عُمُرُكَ قَدْ فَنِيَ، وَ أَنْتَ تَمُوتُ إِلَى سَنَتَيْنِ، وَ أَخُوكَ وَ أَهْلُ بَيْتِكَ لاَ يَلْبَثُونَ إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى تَفْتَرِقَ كَلِمَتُهُمْ، وَ يَخُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً.

قَالَ إِسْحَاقُ: فَقُلْتُ: إِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِمَّا عَرَضَ فِي صَدْرِي.

قَالَ سَيْفٌ: فَلَمْ يَلْبَثْ إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى مَاتَ، وَ مَا ذَهَبَتِ الْأَيَّامُ حَتَّى أَفْلَسَ وُلْدُ عَمَّارٍ، وَ قَامُوا بِأَمْوَالِ النَّاسِ(3).

279/ 22 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَهِيكٍ أَبُو الْعَبَّاسِ النَّخَعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: لاَ يَشْهَدُ أَبُو جَعْفَرٍ(4) بِالنَّاسِ مَوْسِماً بَعْدَ السَّنَةِ.1.

ص: 325


1- بصائر الدّرجات: 9/284، الكافي 7/404:1، إثبات الوصيّة: 166، كشف الغمّة 242:2، و نحوه في رجال الكشّيّ: 768/409، و إعلام الورى: 305، و الخرائج و الجرائح 9/712:2.
2- (عن إسحاق بن عمّار) ليس في «ع، م»، و الصّواب إثباته كما في الحديث السّابق و المصادر.
3- عيون المعجزات: 98، و نحوه في الخرائج و الجرائح 3/310:1، و الثّاقب في المناقب: 366/434، و اثبات الهداة 16/504:5، و مدينة المعاجز: 94/459.
4- و هو عبد اللّه بن محمّد المنصور الخليفة العبّاسيّ، بويع له سنة (136) و حجّ في خلافته مرّتين، و في الثّالثة أصيب باسهال شديد فمات في بئر ميمون قبل ان يصلّ مكّة سنة (158)، راجع تاريخ بغداد 53:10-61، سير أعلام النبلاء 83:7، الجوهر الثمين 116:1-118، مآثر الانافة 175:1.

وَ كَانَ حَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، فَذَهَبَ عُمَرُ فَخَبَّرَ(1) أَنَّهُ يَمُوتُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَ كَانَتْ تِسْعَ عَشْرَةَ.

وَ كَانَ يُرْوَى أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ عِشْرِينَ سَنَةً(2).

280/ 23 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنْ «تَحَوَّلْ عَنْ مَنْزِلِكَ» فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: نَعَمْ. وَ لَمْ أَتَحَوَّلْ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ «تَحَوَّلْ» فَطَلَبْتُ مَنْزِلاً فَلَمْ أَجِدْ، وَ كَانَ مَنْزِلِي مُوَافِقاً لِي، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ الثَّالِثَةَ(3) أَنْ «تَحَوَّلْ عَنْ مَنْزِلِكَ».

قَالَ عُثْمَانُ: فَقُلْتُ: لاَ وَ اللَّهِ، لاَ أَدْخُلُ عَلَيْكَ هَذَا الْمَنْزِلَ أَبَداً. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ عِنْدَ الْعِشَاءِ إِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ قَدْ جَاءَ، فَقَالَ: مَا تَدْرِي مَا لَقِيتُ الْيَوْمَ؟ فَقُلْتُ: وَ مَا ذَاكَ؟

قَالَ: ذَهَبْتُ أَسْتَقِي مَاءً مِنَ الْبِئْرِ، فَخَرَجَ الدَّلْوُ مَلْآنَ عَذِرَةً، وَ قَدْ عَجَنَّا مِنَ الْبِئْرِ، فَطَرَحْنَا الْعَجِينَ، وَ غَسَلْنَا ثِيَابَنَا، فَلَمْ أَخْرُجْ مُنْذُ الْيَوْمِ، وَ قَدْ تَحَوَّلْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي اكْتَرَيْتُ.

فَقُلْتُ لَهُ: وَ أَنْتَ أَيْضاً تَتَحَوَّلُ. وَ قُلْتُ لَهُ: إِذَا كَانَ غَداً - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - حِينَ نَنْصَرِفَ مِنَ الْغَدَاةِ نَذْهَبُ إِلَى مَنْزِلِكَ، فَنَدْعُوَ لَكَ بِالْبَرَكَةِ.

فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنَ الْمَنْزِلِ سَحَراً، فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عِنْدَ الْقَبْرِ، فَقَالَ: تَدْرِي مَا كَانَ اللَّيْلَةَ؟ فَقُلْتُ: لاَ وَ اللَّهِ. فَقَالَ: سَقَطَ مَنْزِلِي الْعُلُوُّ وَ السُّفْلُ(4).

281/ 24 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ الطَّبَرِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ(5) ، رَفَعَهُ إِلَىن.

ص: 326


1- في «ع، م»: فخبر عمر.
2- مدينة المعاجز: 17/431.
3- (الثّالثة) ليس في «ط».
4- قرب الاسناد: 145 «نحوه».
5- في «ع، م»: بن الشلمغان.

يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ هُوَ وَاقِفٌ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمَ)، وَ هُوَ فِي الْمَهْدِ فَجَعَلَ يُسَارُّهُ طَوِيلاً، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لِيَ: ادْنُ فَسَلِّمْ عَلَى مَوْلاَكَ. فَدَنَوْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِي: امْضِ فَغَيِّرْ اسْمَ ابْنَتِكَ. وَ كُنْتُ قَدْ سَمَّيْتُهَا بِاسْمِ الْحُمَيْرَاءِ فَغَيَّرْتُهُ(1).

282/ 25 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ صَارَ إِلَى بَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِيَسْأَلْهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، فَجَلَسَ يَنْتَظِرُ الْإِذْنَ، فَخَرَجَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ سِنُّهُ خَمْسُ سِنِينَ، فَدَعَاهُ وَ قَالَ لَهُ: يَا غُلاَمُ، أَيْنَ يَضَعُ الْمُسَافِرُ خَلاَهُ فِي بَلَدِكُمْ هَذَا؟

فَاسْتَنَدَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى الْحَائِطِ، وَ قَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ، يَتَوَقَّى شُطُوطَ الْأَنْهَارِ، وَ مَسَاقِطَ الثِّمَارِ، وَ مَنَازِلَ النُّزَّالِ، وَ أَفْنِيَةَ الْمَسَاجِدِ، وَ لاَ يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَ لاَ يَسْتَدْبِرْهَا، وَ يَتَوَارَى خَلْفَ جِدَارٍ، وَ يَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ.

فَانْصَرَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(2).

283/ 26 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، رَفَعَهُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ، يُقَالُ لَهُ (جُنْدَبٌ) فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ جَلَسَ، فَسَأَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَحْسَنَ السُّؤَالَ، فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ أَخُوكَ؟ فَقَالَ: بِخَيْرٍ، جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ هُوَ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ.

قَالَ: يَا جُنْدَبُ، أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ فِي أَخِيكَ.

فَقَالَ: وَرَدَ، وَ اللَّهِ، عَلَيَّ كِتَابُهُ لِثَلاَثَةَ(3) عَشَرَ يَوْماً بِالسَّلاَمَةِ. فَقَالَ: يَا جُنْدَبُ، إِنَّهُ، وَ اللَّهِ، مَاتَ بَعْدَ كِتَابِهِ بِيَوْمَيْنِ، وَ دَفَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ مَالاً، وَ قَالَ: لِيَكُنْ هَذَا عِنْدَكَ، فَإِذَا قَدِمَ أَخِي فَادْفَعِيهِ إِلَيْهِ؛ وَ قَدْ أَوْدَعْتُهُ الْأَرْضَ، فِي الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ هُوَ فِيهِ، فَإِذَا أَنْتَ أَتَيْتَهَاة.

ص: 327


1- الكافي 11/247:1، إثبات الوصيّة: 162، الارشاد: 290، إعلام الورى: 299، مناقب ابن شهرآشوب 287:4، الثّاقب في المناقب: 365/433، كشف الغمّة 221:2، الصّراط المستقيم 163:2،.
2- الكافي 5/16:3، إثبات الوصيّة: 162، تحف العقول: 411، الفصول المختارة من العيون و المحاسن: 43، أمالي المرتضى 151:1، التّهذيب 18/30:1، إعلام الورى: 308،.
3- في «ط»: بعد ثلاثة، و في «ع»: بعهد ثلاثة.

فَتَلَطَّفْ لَهَا، وَ أَطْمِعْهَا فِي نَفْسِكَ، فَإِنَّهَا سَتَدْفَعُهُ إِلَيْكَ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ: فَلَقِيتُ جُنْدَباً بَعْدَ ذَلِكَ، فَسَأَلْتُهُ عَمَّا كَانَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ: صَدَقَ، وَ اللَّهِ، سَيِّدِي، مَا زَادَ وَ لاَ نَقَصَ(1).

284/ 27 - وَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ الْمَوْصِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى الْقُمِّيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عِيسَى الْجُهَنِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي دَاراً، وَ زَوْجَةً، وَ وَلَداً، وَ خَادِماً، وَ أَحُجَّ فِي كُلِّ سَنَةٍ.

فَرَفَعَ يَدُهُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ ارْزُقْهُ دَاراً، وَ زَوْجَةً، وَ وَلَداً، وَ خَادِماً، وَ الْحَجَّ خَمْسِينَ سَنَةً.

قَالَ حَمَّادٌ: فَحَجَجْتُ ثَمَانَ وَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَ هَذِهِ زَوْجَتِي وَرَاءَ السِّتْرِ تَسْمَعُ كَلاَمِي، وَ هَذَا ابْنِي، وَ هَذَا خَادِمِي.

وَ حَجَّ بَعْدَ هَذَا الْكَلاَمِ حِجَّتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ فَزَامَلَ أَبَا الْعَبَّاسِ النَّوْفَلِيَّ، فَلَمَّا صَارَ فِي مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ دَخَلَ يَغْتَسِلُ، فَجَاءَ الْوَادِي فَحَمَلَهُ، فَغَرِقَ، فَمَاتَ، وَ دُفِنَ بِسَيَالَةَ(2).

285/ 28 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: لَمَّا حَضَرَ أَبِي الْمَوْتُ قَالَ: يَا بُنَيَّ لاَ يَلِي غُسْلِي غَيْرُكَ، فَإِنِّي غَسَلْتُ أَبِي، وَ غَسَلَ أَبِي أَبَاهُ، وَ الْحُجَّةُ يَغْسِلُ الْحُجَّةَ.4.

ص: 328


1- إثبات الوصيّة: 166، عيون المعجزات: 98، الخرائج و الجرائح 10/317:1، الثّاقب في المناقب: 392/462، فرج المهموم: 230، كشف الغمّة 241:2، الصّراط المستقيم 7/190:2.
2- و هي أوّل مرحلة لأهل المدينة إذا أرادوا مكّة. معجم البلدان 292:3. قرب الاسناد: 128، إثبات الوصيّة: 168، أمالي المفيد: 11/12، الاختصاص: 205، رجال الكشّيّ: 572/316، مناقب ابن شهرآشوب 306:4.

قَالَ: فَكُنْتُ أَنَا الَّذِي غَمَضْتُ أَبِي، وَ كَفَّنْتُهُ، وَ دَفَنْتُهُ بِيَدِي.

وَ قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخَاكَ يَدَّعِي الْإِمَامَةَ بَعْدِي، فَدَعْهُ، وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ يَلْحَقُ بِي مِنْ أَهْلِي. فَلَمَّا مَضَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَرْخَى أَبُو الْحَسَنِ سَتْرَهُ، وَ دَعَا عَبْدُ اللَّهِ إِلَى نَفْسِهِ.

قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا بَالُكَ حَجَجْتَ الْعَامَ(1) ، وَ نَحَرَ عَبْدُ اللَّهِ جَزُوراً؟ قَالَ: إِنَّ نُوحاً لَمَّا رَكِبَ السَّفِينَةَ وَ حَمَلَ فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ، حَمَلَ كُلَّ شَيْ ءٍ، إِلاَّ وُلْدَ الزِّنَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ، وَ قَدْ كَانَتِ السَّفِينَةُ مَأْمُورَةً، فَحَجَّ نُوحٌ فِيهَا، وَ قَضَى مَنَاسِكَهُ.

قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ عَرَضَ بِنَفْسِهِ، وَ قَالَ: أَمَا إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ لاَ يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ. فَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى انْقَضَتِ السَّنَةُ. قَالَ: فَهَذِهِ فِيهَا يَمُوتُ. قَالَ: فَمَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ(2).

286/ 29 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: كُنَّا بِمَكَّةَ وَ أَصَابَ النَّاسَ تِلْكَ السَّنَةُ صَاعِقَةٌ، وَ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ لِي مُبْتَدِئاً: يَا عَلِيُّ، يَنْبَغِي لِلْغَرِيقِ وَ الْمَصْعُوقِ أَنْ يَتَرَبَّصَ بِهِ ثَلاَثاً، إِلاَّ أَنْ يَجِيءَ مِنْهُ رِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَوْتِهِ.

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَأَنَّكَ تُخْبِرُنِي أَنَّهُ قَدْ دُفِنَ نَاسٌ كَثِيرٌ مَا مَاتُوا إِلاَّ فِي قُبُورِهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ(3).

287/ 30 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، [عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ](4) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، [عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ](5) ، عَنّْ.

ص: 329


1- في إثبات الوصيّة: ما بالك ما ذبحت العام.
2- إثبات الوصيّة: 167، مناقب ابن شهرآشوب 224:4.
3- الكافي 6/210:3، التّهذيب 159/338:1، مناقب ابن شهرآشوب 292:4.
4- أضفناه بدلالة ما تقدّم من الأسانيد في هذا الباب، و ما يأتي، راجع معجم رجال الحديث 289:16.
5- أضفناه كما في سند الحديثين السّابقين، و رجال الكشّيّ.

الْأَخْطَلِ الْكَاهِلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْكَاهِلِيِّ، قَالَ: حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: اعْمَلْ خَيْراً فِي سَنَتِكَ هَذِهِ، فَقَدْ دَنَا أَجَلُكَ. فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، نَعَيْتَ إِلَيَّ نَفْسِي.

فَقَالَ لِي: أَبْشِرْ، فَإِنَّكَ مِنْ شِيعَتِنَا، وَ إِنَّكَ إِلَى خَيْرٍ.

قَالَ الْأَخْطَلُ: فَمَا لَبِثَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى مَاتَ(1).

288/ 31 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِيسَى شَلَقَانَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ، فَقَالَ مُبْتَدِئاً: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَلْقَى ابْنِي، فَتَسْأَلَهُ عَنْ جَمِيعِ مَا تُرِيدُ. قَالَ: فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ وَ هُوَ قَاعِدٌ فِي الْكِتَابِ، وَ عَلَى شَفَتَيْهِ أَثَرُ مِدَادِ، فَقَالَ لِي مُبْتَدِئاً:

يَا عِيسَى، إِنَّ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) أَخَذَ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ عَلَى النُّبُوَّةِ، فَلَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى غَيْرِهَا عَنْهَا أَبَداً، وَ أَخَذَ مِيثَاقَ الْوَصِيِّينَ عَلَى الْوَصِيَّةِ، فَلَنْ يَتَحَوَّلُوا عَنْهَا أَبَداً، وَ أَعَارَ قَوْماً الْإِيمَانَ زَمَاناً، ثُمَّ سَلَبَهُمْ إِيَّاهُ، وَ إِنَّ أَبَا الْخَطَّابِ مِمَّنْ أُعِيرَ الْإِيمَانَ ثُمَّ سَلَبَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ.

قَالَ: فَضَمَمْتُهُ إِلَى صَدْرِي وَ قَبَّلْتُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (2).

ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ لِي: مَا صَنَعْتَ يَا عِيسَى؟ قُلْتُ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرَنِي، مُبْتَدِئاً مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ شَيْ ءٍ، بِجَمِيعِ مَا أَرَدْتُ.

قَالَ: يَا عِيسَى، إِنَّ ابْنِي الَّذِي رَأَيْتَهُ، لَوْ سَأَلْتَهُ عَمَّا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ لَأَجَابَكَ فِيهِ بِعِلْمٍ.

قَالَ عِيسَى: ثُمَّ أَخْرَجَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الْكِتَابِ، فَعَلِمْتُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ(3).

289/ 32 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ،3.

ص: 330


1- رجال الكشّيّ: 842/448.
2- آل عمران 34:3.
3- قرب الاسناد: 143، الخرائج و الجرائح 5/653:2، مدينة المعاجز: 26/433.

عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْوَازَارِينَ، قُلْتُ: لَيْسَ يُعْرَفُ الْوَازَارِينُ.

قَالَ: الْوازارين الَّذِي يَشْتَرِي غُدَدَ اللَّحْمِ. قُلْتُ: قَدْ عَرَفْتُهُ.

قَالَ: أَ تَعْرِفُ فِيهِ زُقَاقاً يُبَاعُ فِيهِ الْجَوَارِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَإِنَّ عَلَى بَابِ الزُّقَاقِ شَيْخٌ يَقْعُدُ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، بَيْنَ يَدَيْهِ طَبَقٌ فِيهِ نَبْعٌ(1) ، يَبِيعُهُ بِنَفْسِهِ لِلصِّبْيَانِ بِفَلْسٍ فَلْسٍ، فَائْتِهِ وَ أَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلاَمَ، وَ أَعْطِهِ هَذِهِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَماً، وَ قُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ أَبُو الْحَسَنِ: انْتَفِعْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، فَإِنَّهَا تَكْفِيكَ حَتَّى تَمُوتَ.

قَالَ: فَأَتَيْتُ الْمَوْضِعَ، فَطَلَبْتُ الرَّجُلَ فَلَمْ أَجِدْهُ فِي مَوْضِعِهِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقَالُوا:

هَذِهِ السَّاعَةَ يَجِيءُ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ جَاءَ فَقُلْتُ: فُلاَنٌ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَ هَذِهِ الدَّنَانِيرُ خُذْهَا، فَإِنَّهَا تَكْفِيكَ حَتَّى تَمُوتَ. فَبَكَى الشَّيْخُ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: وَ لِمَ لاَ أَبْكِي وَ قَدْ نَعَيْتَ إِلَيَّ نَفْسِي؟!

فَقُلْتُ: مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ.

قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ.

قَالَ: وَ اللَّهِ، مَا كَذَبَنِي، قَالَ لِي سَيِّدِي وَ مَوْلاَيَ: أَنَا بَاعِثٌ إِلَيْكَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ بِرِسَالَتِي.

فَقُلْتُ: وَ مَنْ أَنْتَ، لاَ أَعْرِفُكَ مِنْ إِخْوَانِي؟

قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ. قُلْتُ: وَ أَيْنَ الْمَنْزِلُ؟

قَالَ: فِي سِكَّةِ الْبَرْبَرِ(2) ، عِنْدَ دَارِ أَبِي دَاوُدَ، وَ أَنَا مَعْرُوفٌ فِي مَنْزِلِي، إِذَا سَأَلْتَ عَنِّي هُنَاكَ.

قَالَ: فَلَبِثْتُ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَ سَأَلْتُ عَنْهُ، فَخُبِّرْتُ أَنَّهُ شَاكٌّ مُنْذُ أَيَّامٍ، فَأَتَيْتُر.

ص: 331


1- النبع: شجر ينبت في قلّة الجبل تتّخذ منه القسّيّ و السّهام.
2- في «ع، م»: للبربر.

الْمَوْضِعَ الَّذِي وَصَفَ، فَإِذَا الرَّجُلُ فِي حَدِّ الْمَوْتِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَثْبَتَنِي(1) ، فَقُلْتُ لَهُ:

أَوْصِنِي بِمَا أَحْبَبْتَ، أِنْفِذُهُ مِنْ مَالِي.

قَالَ: يَا عَلِيُّ، لَسْتُ أُخَلِّفُ إِلاَّ ابْنَتِي، وَ هَذِهِ الدُّوَيْرَةُ، فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَزَوِّجْ ابْنَتِي مِمَّنْ أَحْبَبْتَ مِنْ إِخْوَانِكَ، وَ لاَ تُزَوِّجْهَا إِلاَّ مِنْ رَجُلٍ يَدِينُ اللَّهَ بِدِينِكَ، فَإِذَا فَعَلْتَ، فَبِعْ دَارِي وَ احْمِلْ ثَمَنَهَا إِلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ لِتَشْهَدَ لِي بِالْوَصِيَّةِ، وَ لاَ يَلِي أَحَدٌ غُسْلِي غَيْرُكَ حَتَّى تُدْخِلَنِي قَبْرِي.

فَفَعَلْتُ جَمِيعَ مَا أَوْصَانِي بِهِ، وَ زَوَّجْتُ ابْنَتَهُ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِنَا لَهُ دِينٌ، وَ بِعْتُ دَارَهُ، وَ حَمَلْتُ الثَّمَنَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ أَخْبَرْتُهُ بِجَمِيعِ مَا أَوْصَانِي بِهِ.

فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): رَحِمَهُ اللَّهُ، قَدْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا، وَ كَانَ لاَ يُعْرَفُ(2).

290/ 33 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ، قَالَ: بَعَثْتُ مَوْلاَيَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ مَعَهُ مِائَتَيْ دِينَارٍ، وَ كَتَبْتُ مَعَهُ كِتَاباً، وَ كَانَ مِنَ الدَّنَانِيرِ خَمْسِينَ دِينَاراً مِنْ دَنَانِيرِ أُخْتِي فَاطِمَةَ، وَ أَخَذْتُهَا سِرّاً لِتَمَامِ الْمِائَتَيْ دِينَارٍ، وَ كُنْتُ سَأَلْتُهَا ذَلِكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، وَ قَالَتْ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ بِهَا قَرَاحَ(3) فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ.

فَذَكَرَ مَوْلاَيَ أَنَّهُ قَدِمَ فَسَأَلَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ خَرَجَ، فَأَسْرَعَ فِي السَّيْرِ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَسِيرُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٌ، وَ إِذَا الهاتف يَهْتِفُ بِي: يَا مُبَارَكٌ، يَا مُبَارَكُ(4) مَوْلَى شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ! قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟

قَالَ: أَنَا مُعَتِّبٌ يَقُولُ لَكَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): هَاتِ الْكِتَابَ الَّذِي مَعَكَ، وَ وَافِنِي بِمَا مَعَكَ إِلَى مِنًى.

قَالَ: فَنَزَلْتُ مِنْ مَحْمِلِي، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ، وَ صِرْتُ إِلَى مِنًى، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ».

ص: 332


1- أيْ عرّفني حقّ المعرفة «لسان العرب - ثبت - 20:2».
2- مدينة المعاجز: 27/433.
3- القراح: المزرعة الّتي ليس عليها بناء و لا فيها شجر «الصّحاح - قرح - 396:1».
4- (يا مبارك) ليس في «ع».

وَ طَرَحْتُ الدَّنَانِيرَ عِنْدَهُ، فَجَرَّ بَعْضَهَا إِلَيْهِ، وَ دَفَعَ بَعْضَهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا مُبَارَكُ، ادْفَعْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ إِلَى شُعَيْبٍ، وَ قُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ أَبُو الْحَسَنِ: رُدَّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا الَّذِي أَخَذْتَهَا مِنْهُ، فَإِنَّ صَاحِبَتَهَا تَحْتَاجُ إِلَيْهَا.

قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، وَ قَدِمْتَ عَلَى شُعَيْبٍ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ رَدَّ عَلَيْكَ مِنْ الدَّنَانِيرِ الَّتِي بَعَثْتَ بِهَا خَمْسِينَ دِينَاراً، وَ هُوَ يَقُولُ لَكَ: رُدَّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا الَّذِي أَخَذْتَهَا مِنْهُ، فَمَا قِصَّةُ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ، فَقَدْ دَخَلَنِي مِنْ أَمْرِهَا مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ.

فَقَالَ: يَا مُبَارَكُ، إِنِّي طَلَبْتُ مِنْ فَاطِمَةَ أُخْتِي خَمْسِينَ دِينَاراً لِتَمَامِ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ، فَامْتَنَعْتُ، وَ قَالَتْ: أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ بِهَا قَرَاحَ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ، فَأَخَذْتُهَا سِرّاً، وَ لَمْ أَلْتَفِتْ إِلَى كَلاَمِهِا. قَالَ شُعَيْبٌ: فَدَعَوْتُ بِالْمِيزَانِ فَوَزَنْتُهَا، فَإِذَا هِيَ خَمْسُونَ دِينَاراً، لاَ تَزِيدُ وَ لاَ تَنْقُصُ.

قَالَ: فَوَ اللَّهِ، لَوْ حَلَفْتُ عَلَيْهَا أَنَّهَا دَنَانِيرُ فَاطِمَةَ لَكُنْتُ صَادِقاً.

قَالَ شُعَيْبٌ: فَقُلْتُ لِمُبَارَكٍ: هُوَ وَ اللَّهِ إِمَامٌ فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ، وَ هَكَذَا صَنَعَ بِي(1) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) الْإِمَامُ مِنَ الْإِمَامِ(2).

291/ 34 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مُبْتَدِئاً مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ شَيْ ءٍ: يَا عَلِيُّ، يَلْقَاكَ غَداً رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ، يَسْأَلُكَ عَنِّي، فَقُلْ لَهُ: هُوَ وَ اللَّهِ الْإِمَامُ الَّذِي قَالَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ إِذَا سَأَلَ عَنِ الْحَلاَلِ وَ الْحَرَامِ فَأَجِبْهُ عَنِّي.

قُلْتُ: مَا عَلاَمَتُهُ؟

قَالَ: رَجُلٌ طُوَالٌ، جَسِيمٌ، اسْمُهُ يَعْقُوبُ، وَ هُوَ رَائِدُ قَوْمِهِ، وَ إِذَا(3) أَحَبَّ أَنْ تُدْخِلَهُ عَلَيَّ فَأَدْخِلْهُ.ن.

ص: 333


1- (بي) ليس في «ط».
2- مناقب ابن شهرآشوب 293:4، مدينة المعاجز: 28/434.
3- في «م»: إن.

قَالَ: فَوَ اللَّهِ، إِنِّي لَفِي الطَّوَافِ، إِذْ أَقْبَلَ إِلَيَّ رَجُلٌ طُوَالٌ جَسِيمٌ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ صَاحِبِكَ. قُلْتُ: عَنْ أَيِّ أَصْحَابِي؟ قَالَ: عَنْ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ. قُلْتُ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: يَعْقُوبُ. قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنَ الْمَغْرِبِ. قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَنِي؟ قَالَ: أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي، فَقَالَ لِي: الْقَ عَلِيّاً فَاسْأَلْهُ عَنْ جَمِيعِ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ؛ فَسَأَلْتُ عَنْكَ حَتَّى دُلِلْتُ عَلَيْكَ. فَقُلْتُ: اقْعُدْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى أَفْرُغَ مِنْ طَوَافِي، وَ آتِيَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَطُفْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَكَلَّمْتُ رَجُلاً عَاقِلاً، وَ طَلَبَ إِلَيَّ أَنْ أُدْخِلَهُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَ اسْتَأْذَنْتُ، فَأَذِنَ لِي، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ:

يَا يَعْقُوبُ، قَدِمْتَ أَمْسِ، وَ وَقَعَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ أَخِيكَ شَرٌّ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا، حَتَّى شَتَمَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَ لَيْسَ هَذَا مِنْ دِينِي وَ لاَ دَيْنِ آبَائِي، وَ لاَ نَأْمُرُ بِهَذَا أَحَداً، فَاتَّقِ اللَّهَ وَحْدَهُ، فَإِنَّكُمَا سَتُعَاقِبَانِ بِمَوْتٍ، أَمَّا أَخُوكَ فَيَمُوتُ فِي سَفَرِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى أَهْلِهِ، وَ سَتَنْدَمُ أَنْتَ عَلَى مَا كَانَ، ذَلِكَ أَنَّكُمَا تَقَاطَعْتُمَا فَبَتَر اللَّهُ أَعْمَارَكُمَا.

قَالَ الرَّجُلُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَأَنَا مَتَى أَجَلِي؟

قَالَ: كَانَ حَضَرَ أَجَلُكَ، فَوَصَلْتَ عَمَّتَكَ بِمَا وَصَلْتَهَا فِي مَنْزِلِكَ كَذَا وَ كَذَا فَأَنْسَأَ(1) اللَّهُ بِهِ أَجَلَكَ عِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ: فَلَقِيتُ الرَّجُلَ قَابِلَ بِمَكَّةَ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَخَاهُ تُوُفِّيَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَ دَفَنَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى أَهْلِهِ(2).

292/ 35 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ وَ أَنَا شَدِيدُ الْمَرَضِ، وَ كَانَ أَصْحَابُنَا يَدْخُلُونَ عَلَيَّ، فَلَمْ أَعْقِلْ بِهِمْ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَصَابَنِي حَصْرٌ(3) ، فَذَهَبَ عَقْلِي، فَأَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ أَنَّهُ أَقَامَ عَلِيٌّ بِالْمَدِينَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ يُشَكُّ أَنَّهُ لاَ يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى يَدْفِنَنِي وَ يُصَلِّيَ عَلَيَّ، فَخَرَجَ وَ أَفَقْتُ بَعْدَ خُرُوجِ إِسْحَاقَ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: افْتَحُوا كِيسِي وَ أَخْرِجُوا مِنْهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَ اقْسِمُوهَا فِي أَصْحَابِي. فَفَعَلُوا.».

ص: 334


1- انسأ: أيْ أخّر «لسان العرب - نسأ - 166:1».
2- رجال الكشّيّ: 831/442، الخرائج و الجرائح 1/307:1، مناقب ابن شهرآشوب 294:4، كشف الغمّة 245:2، الصّراط المستقيم 1/189:2.
3- الحصر: احتباس البطن «لسان العرب - حصر - 194:4».

وَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَقَالَ الرَّسُولُ: يَقُولُ لَكَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): تَشْرَبُ هَذَا الْمَاءَ، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (تَعَالَى). فَفَعَلْتُ، فَأَسْهَلَ بَطْنِي وَ أَخْرَجَ اللَّهُ مَا كُنْتُ أَجِدُهُ فى بَطْنِي مِنَ الْأَذَى.

فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، كَيْفَ تَجِدُ نَفْسَكَ؟

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَدْ ذَهَبَ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُهُ فِي بَطْنِي.

فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، أَمَا إِنَّ أَجَلَكَ كَانَ قَدْ حَضَرَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَ لَكِنَّكَ رَجُلٌ وَصُولٌ لِقَرَابَتِكَ وَ إِخْوَانِكَ، فَأَنْسَأَ اللَّهُ فِي أَجَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.

قَالَ: وَ خَرَجْتُ إِلَى مَكَّةَ فَلَحِقَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ، لَقَدْ أَقَمْتُ بِالْمَدِينَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَأَخْبَرَنِي بِقِصَّتِكَ. فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا صَنَعْتُ، وَ مَا قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

فَقَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ: هَكَذَا قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَ أَصَابَنِي مِثْلُ الَّذِي أَصَابَكَ(1).

293/ 36 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الزُّبَالِيِّ، قَالَ: مَرَّ بِي أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يُرِيدُ بَغْدَادَ زَمَنَ الْمَهْدِيِّ، أَيَّامَ كَانَ أُخِذَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَنَزَلَ فِي هَاتَيْنِ الْقُبَّتَيْنِ، فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْبَرْدِ، فِي سَنَةٍ مُجْدِبَةٍ، لاَ يَقْدِرُ عَلَى عُودٍ يَسْتَوْقِدُ بِهِ تِلْكَ السَّنَةَ، وَ أَنَا يَوْمَئِذٍ أَرَى رَأْيَ الزَّيْدِيَّةِ، أَدِينُ اللَّهَ بِذَلِكَ؛ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا خَالِدٍ، ائْتِنَا بِحَطَبٍ نَسْتَوْقِدُ.

قُلْتُ: وَ اللَّهِ، مَا أَعْرِفُ فِي الْمَنْزِلِ عُوداً وَاحِداً.

فَقَالَ: كَلاَّ، خُذْ(2) فِي هَذَا الْفَجِّ(3) فَإِنَّكَ تَلْقَى أَعْرَابِيّاً، مَعَهُ حِمْلَيْنِ، فَاشْتَرِهِمَا مِنْهُ، وَ لاَ تُمَاكِسْهُ(4).ن.

ص: 335


1- رجال الكشّيّ: 838/445.
2- في «ع»: جدّ.
3- أيْ الطّريق الواسع بين جبلين.
4- ماكسه: أيْ طلب منه أن ينقص الثّمن.

فَرَكِبْتُ حِمَارِي، وَ انْطَلَقْتُ نَحْوَ الْفَجِّ الَّذِي وَصَفَ لِي، فَإِذَا أَعْرَابِيٌّ مَعَهُ حِمْلَيْنِ حَطَبٍ، فَاشْتَرَيْتُهُمَا مِنْهُ، وَ أَتَيْتُهُ، فَاسْتَوْقَدُوا مِنْهُ يَوْمَهُمْ، وَ أَتَيْتُهُ بِظَرْفٍ مِمَّا عِنْدَنَا، يَطْعَمُ مِنْهُ.

ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا خَالِدٍ، انْظُرْ خِفَافَ الْغِلْمَانِ وَ نِعَالَهُمْ، فَأَصْلِحْهَا حَتَّى نَقْدَمَ عَلَيْكَ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا، مِنْ شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا.

قَالَ أَبُو خَالِدٍ: وَ كَتَبْتُ تَارِيخَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَ لَيْسَ هَمِّي غَيْرَ هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْمِيعَادِ رَكِبْتُ حِمَارِي، وَ سِرْتُ أَمْيَالاً، وَ نَزَلْتُ، فَقَعَدْتُ عِنْدَ الْجَبَلِ أُفَكِّرُ فِي نَفْسِي، وَ أَقُولُ: وَ اللَّهِ، إِنْ وَافَانِي هَذَا الْيَوْمَ الَّذِي قَالَ لِي، فَإِنَّهُ الْإِمَامُ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ عَلَى خَلْقِهِ، لاَ يَسَعُ النَّاسَ جَهْلُهُ.

فَقَعَدْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ، وَ أَرَدْتُ الاِنْصِرَافَ، فَإِذَا أَنَا بِرَاكِبٍ مُقْبِلٍ، فَأَشَرْتُ إِلَيْهِ فَأَقْبَلَ إِلَيَّ فَسَلَّمَ، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ السَّلاَمَ، فَقُلْتُ: وَرَاءَكَ أَحَدٌ؟

قَالَ: نَعَمْ، قِطَارٌ فِيهِ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ، يُشْبِهُونَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ.

قَالَ: فَمَا لَبِثْتُ أَنْ ارْتَفَعَ الْقِطَارُ، فَرَكِبْتُ حِمَارِي وَ تَوَجَّهْتُ نَحْوَ الْقِطَارِ، فَإِذَا هُوَ يَهْتِفُ بِي: يَا أَبَا خَالِدٍ، هَلْ وَفَيْنَا لَكَ بِمَا وَعَدْنَاكَ؟

قُلْتُ: قَدْ وَ اللَّهِ، كُنْتُ أَيِسْتُ مِنْ قُدُومِكَ، حَتَّى أَخْبَرَنِي رَاكِبٌ، فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ، وَ عَلِمْتُ أَنَّكَ هُوَ.

قَالَ: مَا فَعَلَتِ الْقُبَّتَانِ اللَّتَانِ كُنَّا نَزَلْنَا فِيهِمَا؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، تَذْهَبُ إِلَيْهِمَا؛ وَ انْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ الْقُبَّتَيْنِ، فَأَتَيْنَاهُ بِغِذَاءٍ فَتَغَذَّى، وَ قَالَ: مَا حَالُ خِفَافِ الْغِلْمَانِ وَ نِعَالُهُمْ؟ قُلْتُ: أَصْلَحْتُهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَبَا خَالِدٍ، زَوِّدْنَا مِنْ هَذِهِ الْفِسْقَارَاتِ(1) الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، فَإِنَّا لاَ نَقْدِرُ فِيهَا عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَجِدُونَهَا عِنْدَكُمْ.

قَالَ: فَلَمْ يَبْقَ شَيْ ءٌ إِلاَّ زَوَّدْتُهُ مِنْهُ، فَفَرِحَ وَ قَالَ: سَلْنِي حَاجَتَكَ. وَ كَانَ مَعَهُ مُحَمَّدٌ أَخُوهُ، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أُخْبِرُكَ بِمَا كُنْتُ فِيهِ، وَ أَدِينُ اللَّهَ بِهِ، إِلَى أَنْ وَقَعْتُ عَلَيْكَ، وَ قَدِمْتَ عَلَيَّ، فَسَأَلْتَنِي الْحَطَبَ، فَأَخْبَرْتُكَ بِمَا أَخْبَرْتُكَ، فَأَخْبَرْتَنِي بِالْأَعْرَابِيِّ، ثُمَّ قُلْتَ لِيا.

ص: 336


1- في «ط»: الفسقادات و لم نجد لها معنى مناسبا في كتب اللّغة الّتي بين أيدينا.

إِنِّي مُوَافِيكَ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا، مِنْ شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا، كَمَا قُلْتُ، لَمْ يَنْقُصْ، وَ لَمْ يَزِدْ يَوْماً وَاحِداً، فَعَلِمْتُ أَنَّكَ الْإِمَامُ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ، لاَ يَسَعُ النَّاسَ جَهْلُكَ، فَحَمِدْتُ اللَّهَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَبَا خَالِدٍ، مَنْ مَاتَ لاَ يَعْرِفُ إِمَامَهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَ حُوسِبَ بِمَا عَمِلَ فِي الْإِسْلاَمِ(1).

294/ 37 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، بِمَ يُعْرَفُ(2) الْإِمَامُ؟

قَالَ: بِخِصَالٍ، أَمَّا أَوَّلُهُنَّ فَبِشَيْ ءٍ تَقَدَّمَ مِنْ أَبِيهِ فِيهِ، وَ عَرَّفَهُ النَّاسَ، وَ نَصَبَهُ لَهُمْ عَلَماً حَتَّى يَكُونَ عَلَيْهِمْ حُجَّةً، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) نَصَبَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَماً، وَ عَرَّفَهُ النَّاسَ، وَ كَذَلِكَ الْأَئِمَّةَ، يُعَرِّفُونَهُمُ النَّاسَ، وَ يَنْصِبُونَهُمْ لَهُمْ حَتَّى يُعَرِّفُوهُمْ، وَ يُسْأَلُ فَيُجِيبُ، وَ يَسْكُتُ عَنْهُ فَيَبْتَدِئُ، وَ يُخْبِرُ النَّاسَ بِمَا فِي غَدٍ، وَ يُكَلِّمُ النَّاسَ بِكُلِّ لِسَانٍ.

قُلْتُ: بِكُلِّ لِسَانٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَأَعْطِنِي عَلاَمَةً.

قَالَ: نَعَمْ السَّاعَةَ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ أُعْطِيكَ عَلاَمَةً تَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا.

قَالَ:(3) ثُمَّ إِنَّهُ مَرَّ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، فَكَلَّمَهُ الْخُرَاسَانِيُّ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَأَجَابَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ. قَالَ الْخُرَاسَانِيُّ: وَ اللَّهِ، مَا مَنَعَنِي أَنْ أُكَلِّمَكَ بِكَلاَمِي إِلاَّ أَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ لاَ تُحْسِنُ أَنْ تُجِيبَنِي.

قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! إِذَا كُنْتُ لاَ أُحْسِنُ أَنْ أُجِيبَكَ فَمَا فَضْلِي عَلَيْكَ؟! ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ الْإِمَامَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ كَلاَمُ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَ لاَ طَيْرٍ، وَ لاَ بَهِيمَةٍ، وَ لاَ شَيْ ءٍم.

ص: 337


1- مناقب ابن شهرآشوب 294:4، مدينة المعاجز: 31/435، و نحوه في قرب الاسناد: 140، و إثبات الوصيّة: 165، و إعلام الورى: 305، و الخرائج و الجرائح 8/315:1.
2- في «ع، م»: نعرف.
3- في «ط»: قلت: نعم.

فِيهِ رُوحٌ، بِهَذَا يُعْرَفُ الْإِمَامُ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَذِهِ الْخِصَالُ، فَلَيْسَ بِإِمَامٍ(1).

295/ 38 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ ثَلاَثُونَ مَمْلُوكاً مِنَ الْحَبَشِ، قَدِ اشْتَرَوْهُمْ لَهُ، فَكَلَّمَ غُلاَماً مِنْهُمْ، وَ كَانَ جَمِيلاً مِنَ الْحَبَشِ، ثُمَّ خَرَجُوا، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَقَدْ رَأَيْتُكَ تُكَلِّمُ هَذَا الْغُلاَمَ بِالْحَبَشِيَّةِ فَبِمَا ذَا أَمَرْتَهُ؟

قَالَ: أَمَرْتُهُ أَنْ يَسْتَوْصِيَ بِأَصْحَابِهِ خَيْراً، وَ يُعْطِيَهُمْ فِي كُلِّ هِلاَلٍ ثَلاَثِينَ دِرْهَماً، وَ ذَلِكَ لَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلِمْتُ أَنَّهُ غُلاَمٌ عَاقِلٌ مِنْ أَبْنَاءِ مُلُوكِهِمْ، وَ أَوْصَيْتُهُ بِجَمِيعِ مَا أَحْتَاجُ، فَقَبِلَ وَصِيَّتِي، وَ مَعَ هَذَا فَهُوَ غُلاَمٌ صَدُوقٌ.

ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّكَ عَجِبْتَ مِنْ كَلاَمِي بِالْحَبَشِيَّةِ! لاَ تَعْجَبُ، فَمَا يَخْفَى عَلَيْكَ مِنْ أَمْرِ الْحُجَّةِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَ أَعْجَبُ، وَ مَا هَذَا مِنَ الْحُجَّةِ فِي عِلْمِهِ إِلاَّ كَطَائِرٍ أَخَذَ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ، أَ فَتَرَى الَّذِي أَخَذَ بِمِنْقَارِهِ نَقَصَ مِنَ الْبَحْرِ شَيْئاً؟! إِنَّ الْإِمَامَ بِمَنْزِلَةِ الْبَحْرِ، لاَ يَنْفَدُ مَا عِنْدَهُ، وَ عَجَائِبُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ(2).

296/ 39 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلاَءِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ ذَاتَ يَوْمٍ وَ قَدِ اشْتَرَيْتُ لَهُ جَارِيَةً نُوبِيَّةً، فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ؟ قَالَتْ: مُؤْنِسَةٌ.

قَالَ لَهَا: اسْمُكِ فُلاَنَةُ، وَ إِنَّكِ كَمَا سُمِّيتِ.

ثُمَّ قَالَ: يَا حُسَيْنُ، أَمَا إِنَّهَا سَتَلِدُ غُلاَماً لاَ يَكُونُ فِي وُلْدِي أَسْخَى مِنْهُ، وَ لاَ أَرَقُّ وَجْهاً، وَ لاَ أَقْضَى لِلْحَاجَةِ مِنْهُ.

قُلْتُ: فَمَا اسْمُهُ؟

قَالَ: إِبْرَاهِيمُ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ: وَ اللَّهِ، إِنِّي أَتَيْتُهُ بِمِنًى مَعَ أَصْحَابِي، إِذْ أَتَانِي رَسُولُهُ فَقَالَ2.

ص: 338


1- قرب الاسناد: 146، الكافي 7/225:1، اثبات الوصيّة: 167، عيون المعجزات: 99، روضة الواعظين: 213، إعلام الورى: 304، الخرائج و الجرائح 24/333:1، مناقب ابن شهرآشوب 299:4.
2- قرب الاسناد: 144، الخرائج و الجرائح 5/312:1، الصّراط المستقيم 5/190:2.

لِي: يَا عَلِيُّ، لاَ تَنَمْ اللَّيْلَةَ حَتَّى يَأْتِيَكَ رَسُولِي، فَبَقِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ لاَ أَنَامُ، وَ أَصْحَابِي يُسَاهِدُونَنِي(1) اللَّيْلَ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ إِذَا هُوَ مُقْبِلٌ عَلَيَّ، وَ مَعَهُ أَبْنَاؤُهُ جَمِيعاً، وَ نَقْلُ عِيَالِهِ وَ حَشَمِهِ وَ مَنْ مَعَهُ، حَتَّى نَزَلَ قُرَينَ الثَّعَالِبِ(2). ثُمَّ أَتَى مَعَ الْفَجْرِ عَلَى حِمَارٍ لَهُ أَسْوَدَ، وَ مَعَهُ عِمْرَانُ خَادِمُهُ، فَسَلَّمَ، فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قَوَائِمِ حِمَارِهِ مِنْ أَطْنَابِ خِيَامِنَا، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ: أَنْ تَأْتِيَنِي هَاهُنَا، أَوْ بِمَكَّةَ؟

قُلْتُ: أَحَبَّهُمَا إِلَيْكَ.

قَالَ: مَكَّةُ خَيْرٌ لَكَ. وَ انْصَرَفَ، فَقَالَ لِي عِمْرَانُ: تَدْرِي أَيْنَ نَزَلْنَا الْعَامَ؟

قُلْتُ: مَنْزِلَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

قَالَ: لاَ، نَزَلْنَا الْعَامَ فِي ذِي طُوًى(3).

قُلْتُ: لاَ أَعْرِفُ مَنْزِلَكُمْ.

قَالَ: تَعْرِفُ الْمَسْجِدَ الصَّغِيرَ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، الَّذِي تُصَلِّي فِيهِ الْمَارَّةُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: اقْعُدْ لِي ثَمَّ حَتَّى آتِيَكَ.

فَلَمَّا انْصَرَفْنَا مِنْ مِنًى أَخَذْتُ طَرِيقِي إِلَى الْمَوْعِدِ، فَمَا اسْتَوَيْتُ قَاعِداً حَتَّى جَاءَنِي عِمْرَانُ، فَقَالَ: أَجِبْ. فَأَتَيْتُهُ، فَوَجَدْتُهُ فِي ظَهْرِ دَارِهِ، فِي مَسْجِدٍ، قَاعِدٌ، قَدْ صَلَّى الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ، قَالَ: اخْلَعْ نَعْلَيْكَ فَإِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى. فَخَلَعْتُ نَعْلِي، وَ تَخَطَّيْتُ الْمَسْجِدَ، فَقَعَدْتُ مَعَهُ، وَ أُوتِيتُ بِخِوَانٍ مِنْ خَبِيصٍ مُجَفَّفٍ بِتَمْرٍ، فَأَكَلْنَا أَنَا وَ هُوَ، وَ هُوَ يَقُولُ لِي: يَا عَلِيُّ، كُلْ تَمْراً. فَأَكَلْتُ، ثُمَّ رُفِعَ الْخِوَانُ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، هَلُمَّ الْحَدِيثَ، فَوَ اللَّهِ مَا أَنَا بِنَاعِسٍ وَ لاَ كَسْلاَنَ. وَ كُنْتُ أُحَدِّثُهُ ثُمَّ غَشِيَنِي النُّعَاسُ(4) ، فَقَالَ لِي: قَدْس.

ص: 339


1- في «م، ط»: يشاهدوني.
2- صحف في «م، ط، ع»: قرير المعالب، و في مدينة المعاجز: قريش المقالب، و كذا في الموضع الآتي و الظّاهر صحّة ما في المتن، و هو جبل قرب منى، بينه و بين مسجد منى ألف و خمسمائة و ثلاثون ذراعا. راجع أخبار مكّة للأزرقي 185:2، الأعلاق النّفيسة لابن رسته: 60.
3- ذو طوى: موضع عند مكّة، معجم البلدان 45:4.
4- في «ط»: و لا كسلان. فسألته سالبة من اللّيل ثمّ غشيني النّعاس.

نَعَسْتَ يَا عَلِيُّ؟

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا غَمَضْتُ الْبَارِحَةَ.

قَالَ: إِنَّ أُمَّ وَلَدٍ لِي مِنْ أَكْرَمِ أُمَّهَاتِ أَوْلاَدِي، ضَرَبَهَا الطَّلْقُ، فَحَمَلْتُهَا إِلَى قُرَيْنِ الثَّعَالِبِ، مَخَافَةَ أَنْ يَسْمَعَ النَّاسُ صَوْتَهُ، فَرَزَقَنِي اللَّهُ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ غُلاَماً - كَمَا بَشَّرَنِي - وَ قَدْ سَمَّيْتُهُ إِبْرَاهِيمَ.

فَلَمْ يَكُنْ فِي وُلْدِ أَبِيهِ أَحْسَنُ وَ أَسْخَى مِنْهُ، وَ لاَ أَرَقُّ وَجْهاً، وَ لاَ أَشْجَعُ مِنْهُ(1).

297/ 40 - وَ رَوَى الْحَسَنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَاصِمٍ الْحَنَّاطِ(2) ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ(3) ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، فَكَلَّمَهُ بِكَلاَمٍ لَمْ أَسْمَعْ قَطُّ كَلاَماً كَانَ أَعْجَبَ مِنْهُ، كَأَنَّهُ كَلاَمُ الطَّيْرِ، فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَيُّ لِسَانٍ هَذَا؟

قَالَ: هَذَا كَلاَمُ أَهْلِ الصِّينِ(4).

ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْحَاقُ، مَا أُوتِيَ الْعَالِمُ مِنَ الْعَجَبِ أَعْجَبُ وَ أَكْثَرُ مِمَّا أُوتِيَ مِنْ هَذَا الْكَلاَمِ.

قُلْتُ: أَ يَعْرِفُ الْإِمَامُ مَنْطِقَ الطَّيْرِ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَ مَنْطِقَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَ مَنْطِقَ كُلِّ ذِي رُوحٍ، وَ مَا سَقَطَ عَلَيْهِ شَيْ ءٌ مِنْ الْكَلاَمِ(5).

298/ 41 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ بَرَّةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ2.

ص: 340


1- الخرائج و الجرائح 4/310:1، الصّراط المستقيم 4/190:2، إثبات الهداة 130/569:5.
2- في «ع، م»: الخيّاط، تصحيف، صوابه ما في المتن راجع رجال النّجاشيّ: 301، معجم رجال الحديث 180:9.
3- صحف في النّسخ: عمران، و ما في المتن هو الصّواب، و هو إسحاق بن عمّار الصّيرفيّ، من أصحاب الامام الكاظم (عليه السّلام)، راجع رجال النّجاشيّ: 71، معجم رجال الحديث 52:3 و 61.
4- في «م، ط»: الطّير.
5- الخرائج و الجرائح 6/313:1، الثّاقب في المناقب 391/462، كشف الغمّة 247:2، الصّراط المستقيم 6/190:2.

عِيسَى(1) ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) سَنَةَ الْمَوْتِ بِمَكَّةَ، وَ هِيَ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَ سَبْعِينَ وَ مِائَةٍ(2) ، فَقَالَ لِي: مَنْ هَاهُنَا مِنْ أَصْحَابِكُمْ مَرِيضٌ؟

فَقُلْتُ: عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى مِنْ أَوْجَعِ النَّاسِ، فَقَالَ: قُلْ لَهُ يَخْرُجْ.

ثُمَّ قَالَ: مَنْ هَاهُنَا؟ فَعَدَدْتُ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةً، فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ أَرْبَعَةٍ، وَ كَفَّ عَنْ أَرْبَعَةٍ، فَمَا أَمْسَيْنَا مِنْ غَدٍ حَتَّى دَفَنَّا الْأَرْبَعَةَ الَّذِينَ كَفَّ عَنْ إِخْرَاجِهِمْ.

فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى: وَ خَرَجْتُ أَنَا فَأَصْبَحْتُ مُعَافًى(3).

299/ 42 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ(4) الدَّغْشِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: اشْتَكَى عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَتَّى خِفْتُ عَلَيْهِ الْمَوْتَ.

قَالَ: فَكُنَّا مُجْتَمِعِينَ عِنْدَهُ إِذْ دَخَلَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَعَدَ إِلَى نَاحِيَةٍ(5) ، وَ إِسْحَاقُ عَمِّي عِنْدَ رَأْسِهِ يَبْكِي، فَقَعَدَ قَلِيلاً ثُمَّ قَامَ، فَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، يَلُومُكَ إِخْوَتُكَ وَ أَهْلُ بَيْتِكَ، وَ يَقُولُونَ دَخَلْتَ عَلَى عَمِّكَ وَ هُوَ فِي الْمَوْتِ، ثُمَّ خَرَجْتَ.

فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي أَخِي؛ أَ رَأَيْتَ هَذَا الْبَاكِيَ؟ سَيَمُوتُ وَ سَيَبْكِي عَلَيْهِ هَذَا.

قَالَ: فَبَرَأَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَ اشْتَكَى إِسْحَاقُ فَبَكَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ(6).

300/ 43 - وَ رَوَى أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ(7) ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ مُعْتَكِفاًه.

ص: 341


1- زاد في البحار و العوالم الناقلين عن البصائر: عن الحارث بن المغيرة النّضريّ، و الظّاهر صحّته كما يبدو ذلك من سياق الكلام، و السّؤال و الجواب. و في سند البصائر: 11/284: عن خالد.
2- ذكر الطّبريّ في تاريخه 53:10 في حوادث هذه السّنّة وقوع الوباء بمكّة، فراجعه.
3- بصائر الدّرجات: 11/284 و: 16/285، الخرائج و الجرائح 12/714:2، مدينة المعاجز: 39/439، البحار 61/55:48، عوالم الإمام الكاظم (عليه السّلام): 14/105.
4- في «ع، م»: سعد، راجع معجم رجال الحديث 197:10.
5- في «ع»: ناحيته.
6- فرج المهموم: 231.
7- في المناقب: عليّ بن أبي حمزة، و الظّاهر الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه.

فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، إِذْ جَاءَنِي حَبِيبٌ الْأَحْوَلُ بِكِتَابٍ مَخْتُومٍ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، فَقَرَأْتُهُ، فَكَانَ فِي كِتَابِهِ: «إِذَا قَرَأْتَ الْكِتَابَ الصَّغِيرَ الْمَخْتُومَ، الَّذِي فِي جَوْفِ كِتَابِكَ، فَأَحْرِزْهُ حَتَّى أَطْلُبَهُ مِنْكَ».

قَالَ: فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ وَ أَدْخَلْتُهُ بَيْتَ بَزِّي(1) ، فَجَعَلْتُهُ فِي جَوْفِ صُنْدُوقٍ مُقَفَّلٍ، فِي جَوْفِ قِمَطْرٍ(2) مُقَفَّلٍ، وَ بَيْتُ الْبَزِّ مُقَفَّلٌ، وَ مَفَاتِيحُ هَذِهِ الْأَقْفَالِ فِي حُجْرَتِي، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلِ فَهِيَ تَحْتَ رَأْسِي، وَ لَيْسَ يَدْخُلُ بَيْتَ بَزِّي أَحَدٌ غَيْرِي.

فَلَمَّا حَضَرَ الْمَوْسِمَ خَرَجْتُ إِلَى مَكَّةَ وَ مَعِي جَمِيعُ مَا كَتَبَ لِي مِنْ حَوَائِجِهِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَالَ: يَا عَلِيُّ، مَا فَعَلَ الْكِتَابُ الصَّغِيرُ الَّذِي كَتَبْتُ إِلَيْكَ، وَ قُلْتُ احْتَفِظْ بِهِ؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، عِنْدِي.

قَالَ: أَيْنَ؟ قُلْتُ: فِي بَيْتِ بَزِّي، قَدْ أَحْرَزْتُهُ، وَ الْبَيْتُ لاَ يَدْخُلُهُ غَيْرِي.

قَالَ: يَا عَلِيُّ، إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ أَ لَيْسَ تَعْرِفُهُ؟

قُلْتُ: بَلَى، وَ اللَّهِ، لَوْ كَانَ بَيْنَ أَلْفِ كِتَابٍ لَأَخْرَجْتُهُ. فَرَفَعَ مُصَلًّى تَحْتَهُ فَأَخْرَجَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: قُلْتُ: إِنَّ فِي الْبَيْتِ صُنْدُوقٌ، فِي جَوْفِ قِمَطْرٍ مُقَفَّلٍ، وَ فِي جَوْفِ الْقِمَطْرِ حُقٌّ مُقَفَّلٌ، وَ هَذِهِ الْمَفَاتِيحُ مَعِي فِي حُجْرَتِي بِالنَّهَارِ، وَ تَحْتَ رَأْسِي بِاللَّيْلِ؟

ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، احْتَفِظْ بِهِ، فَلَوْ تَعْلَمُ مَا فِيهِ لَضَاقَ ذَرْعُكَ.

قُلْتُ: قَدْ وَصَفْتُ لَكَ، فَمَا أَغْنَى إِحْرَازِي.

قَالَ عَلِيٌّ: فَرَجَعْتُ إِلَى الْكُوفَةِ وَ الْكِتَابُ مَعِي مُحْتَفَظٌ بِهِ فِي(3) جُبَّتِي. فَكَانَ الْكِتَابُ مُدَّةَ حَيَاةِ عَلِيٍّ فِي جُبَّتِهِ، فَلَمَّا مَاتَ جِئْتُ أَنَا وَ مُحَمَّدٌ(4) ، فَلَمْ يَكُنْ لَنَا هَمٌّ إِلاَّ الْكِتَابُ، فَفَتَقْنَا الْجُبَّةَ مَوْقِعَ الْكِتَابِ، فَلَمْ نَجِدْهُ، فَعَلِمْنَا بِعُقُولِنَا أَنَّ الْكِتَابَ قَدْ صَارَ إِلَيْهِ كَمَا صَارَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى(5).9.

ص: 342


1- أي ثيابي «لسان العرب - بزز - 311:5».
2- هو ما تصان فيه الكتب «لسان العرب - قمطر - 117:5».
3- في «ع، م» زيادة: يد.
4- هما محمد و الحسن ابنا علي بن أبي حمزة، كما في المناقب.
5- الهداية الكبرى: 267، مناقب ابن شهرآشوب 304:4 «نحوه»، اثبات الهداة 131/569:5، مدينة المعاجز: 41/439.

301/ 44 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِغَزَّالٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي حَائِطٍ لَهُ، إِذْ جَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ أَخَذَ يَصِيحُ، وَ يُكْثِرُ الصِّيَاحَ، وَ يَضْطَرِبُ، فَقَالَ لِي: تَدْرِي مَا يَقُولُ هَذَا الْعُصْفُورُ؟

قُلْتُ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ وَلِيُّهُ أَعْلَمُ.

فَقَالَ: يَقُولُ: يَا مَوْلاَيَ، إِنَّ حَيَّةً تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَ فِرَاخَي فِي الْبَيْتِ؛ فَقُمْ بِنَا نَدْفَعْهَا عَنْهُ، وَ عَنْ فِرَاخِهِ.

فَقُمْنَا وَ دَخَلْنَا الْبَيْتَ، فَإِذَا حَيَّةٌ تَجُولُ فِي الْبَيْتِ، فَقَتَلْنَاهَا(1).

302/ 45 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْنُ مُوسَى بْنِ أَحْمَدَ التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي عَقِيلَةَ، عَنْ أَحْمَدَ التَّبَّانِ، قَالَ: كُنْتُ نَائِماً عَلَى فِرَاشِي، فَمَا أَحْسَسْتُ إِلاَّ وَ رَجُلٌ قَدْ رَفَسَنِي بِرِجْلِهِ، فَقَالَ لِي: يَا هَذَا، يَنَامُ شِيعَةُ آلِ مُحَمَّدٍ؟ فَقُمْتُ فَزِعاً، فَلَمَّا رَآنِي فَزِعاً ضَمَّنِي إِلَى صَدْرِهِ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ، تَوَضَّأْ لِلصَّلاَةِ.

فَتَوَضَّأْتُ، وَ أَخَذَنِي بِيَدِي، فَأَخْرَجَنِي مِنْ بَابِ دَارِي، وَ كَانَ بَابُ الدَّارِ مُغْلَقاً، مَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخْرَجَنِي! فَإِذَا أَنَا بِنَاقَةٍ مُعَقَّلَةٌ لَهُ، فَحَلَّ عِقَالَهَا وَ أَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، وَ سَارَ بِي غَيْرَ بَعِيدٍ، فَأَنْزَلَنِي مَوْضِعاً فَصَلَّى بِي أَرْبَعاً وَ عِشْرِينَ رَكْعَةً. ثُمَّ قَالَ: يَا أَحْمَدُ، تَدْرِي فِي أَيِّ مَوْضِعٍ أَنْتَ؟

قُلْتُ: اللَّهُ، وَ رَسُولُهُ، وَ وَلِيُّهُ،(2) وَ ابْنُ رَسُولِهِ، أَعْلَمُ.

قَالَ: هَذَا قَبْرُ جَدِّي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

ثُمَّ سَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ حَتَّى أَتَى الْكُوفَةَ، وَ إِنَّ الْكِلاَبَ وَ الْحَرَسَ لِقِيَامٌ، مَا مِنْ كَلْبٍ وَ لاَ حَارِسٍ يُبْصِرُ شَيْئاً، فَأَدْخَلَنِي الْمَسْجِدَ، وَ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ وَ أُنْكِرُهُ، فَصَلَّى بِي سَبْعَ عَشْرَةَ».

ص: 343


1- بصائر الدّرجات: 19/365، الخرائج و الجرائح 13/359:1، مناقب ابن شهرآشوب 334:4، كشف الغمّة 305:2، الصّراط المستقيم 10/197:2.
2- (و وليّه) ليس في «م».

رَكْعَةً. ثُمَّ قَالَ: يَا أَحْمَدُ، تَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ؟

قُلْتُ: اللَّهُ، وَ رَسُولُهُ، وَ ابْنُ رَسُولِهِ، أَعْلَمُ.

قَالَ: هَذَا مَسْجِدُ الْكُوفَةِ، وَ هَذِهِ الطَّسْتُ.

ثُمَّ سَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ وَ أَنْزَلَنِي، فَصَلَّى بِي أَرْبَعاً وَ عِشْرِينَ رَكْعَةً. ثُمَّ قَالَ: يَا أَحْمَدُ، أَ تَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ؟

قُلْتُ: اللَّهُ، وَ رَسُولُهُ، وَ ابْنُ رَسُولِهِ، أَعْلَمُ.

قَالَ: هَذَا قَبْرُ جَدِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

ثُمَّ سَارَ بِي غَيْرَ بَعِيدٍ، فَأَنْزَلَنِي، فَقَالَ لِي: أَيْنَ أَنْتَ؟

قُلْتُ: اللَّهُ، وَ رَسُولُهُ، وَ ابْنُ رَسُولِهِ، أَعْلَمُ.

قَالَ: هَذَا قَبْرُ الْخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ.

ثُمَّ سَارَ بِي غَيْرَ بَعِيدٍ، فَأَدْخَلَنِي مَكَّةَ، وَ إِنِّي لَأَعْرِفُ الْبَيْتَ وَ بِئْرَ زَمْزَمَ وَ بَيْتَ الشَّرَابِ، فَقَالَ لِي: يَا أَحْمَدُ، أَ تَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ؟

قُلْتُ: اللَّهُ، وَ رَسُولُهُ، وَ ابْنُ رَسُولِهِ، أَعْلَمُ.

قَالَ: هَذِهِ مَكَّةُ، وَ هَذَا الْبَيْتُ، وَ هَذِهِ زَمْزَمُ، وَ هَذَا بَيْتُ الشَّرَابِ.

ثُمَّ سَارَ بِي غَيْرِ بَعِيدٍ، فَأَدْخَلَنِي مَسْجِدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَبْرَهُ، فَصَلَّى بِي أَرْبَعاً وَ عِشْرِينَ رَكْعَةً. ثُمَّ قَالَ لِي: أَ تَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ؟

قُلْتُ: اللَّهُ، وَ رَسُولُهُ، وَ ابْنُ رَسُولِهِ، أَعْلَمُ.

قَالَ: هَذَا مَسْجِدُ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ وَ قَبْرُهُ.

ثُمَّ سَارَ بِي غَيْرَ بَعِيدٍ، فَأَتَى بِي الشِّعْبَ، شِعْبَ أَبِي جُبَيْرٍ، فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ، تُرِيدُ أُرِيكَ مِنْ دَلاَلاَتِ الْإِمَامِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: يَا لَيْلُ، أَدْبِرْ. فَأَدْبَرَ اللَّيْلُ عَنَّا، ثُمَّ قَالَ: يَا نَهَارُ، أَقْبِلْ. فَأَقْبَلَ النَّهَارُ إِلَيْنَا بِالنُّورِ الْعَظِيمِ، وَ بِالشَّمْسِ حَتَّى رَجَعَتْ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، فَصَلَّيْنَا الزَّوَالَ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَهَارُ أَدْبِرْ، يَا لَيْلُ أَقْبِلْ. فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا اللَّيْلُ حَتَّى صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ، قَالَ: يَا أَحْمَدُ، أَ رَأَيْتَ؟ قُلْتُ:

حَسْبِيَ هَذَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ.

ص: 344

فَسَارَ حَتَّى أَتَى بِي جَبَلاً مُحِيطاً بِالدُّنْيَا، مَا الدُّنْيَا عِنْدَهُ إِلاَّ مِثْلُ سُكُرُّجَةٍ(1) ، فَقَالَ: أَ تَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ؟

قُلْتُ اللَّهُ، وَ رَسُولُهُ، وَ ابْنُ رَسُولِهِ، أَعْلَمُ.

قَالَ: هَذَا جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا. وَ إِذَا أَنَا بِقَوْمٍ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ، فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ، هَؤُلاَءِ قَوْمُ مُوسَى، فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ. سَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ فَرَدُّوا عَلَيْنَا السَّلاَمَ.

قُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، قَدْ نَعَسْتُ.

قَالَ: تُرِيدُ أَنْ تَنَامَ عَلَى فِرَاشِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ رَكْضَةً، ثُمَّ قَالَ: نَمْ(2). فَإِذَا أَنَا فِي مَنْزِلِي نَائِمٌ، وَ تَوَضَّأْتُ وَ صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ فِي مَنْزِلِي(3).

و الحمد للّه أوّلا و آخرا.

***0.

ص: 345


1- السكرجّة: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأدم «مجمع البحرين - سكرج - 310:2».
2- في «ع، م»: قم.
3- نوادر المعجزات: 3/160، مدينة المعاجز: 44/440.

ص: 346

أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)

مَعْرِفَةُ وِلاَدَتِهِ

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ(1).

وَ يُرْوَى سَنَةَ سِتٍّ بَعْدَ وَفَاةِ جَدِّهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِخَمْسِ سِنِينَ(2).

وَ أَقَامَ مَعَ أَبِيهِ تِسْعاً وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ أَشْهُراً.

وَ أَقَامَ بَعْدَ أَبِيهِ سِنِي إِمَامَتِهِ: بَقِيَّةَ مُلْكِ الرَّشِيدِ، ثُمَّ مَلَكَ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْأَمِينُ ثَلاَثَ سِنِينَ وَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً، ثُمَّ خُلِعَ وَ أُجْلِسَ عَمُّهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَكْلَةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْماً، ثُمَّ مَلَكَ الْمَأْمُونُ عِشْرِينَ سَنَةً وَ ثَلاَثَةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً؛ وَ وَجَّهَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَحَمَلَهُ إِلَى خُرَاسَانَ(3).

ص: 347


1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 18:1، تاريخ مواليد الأئمّة: 192، مناقب ابن شهرآشوب 367:4، كشف الغمة 259:2، الفصول المهمة: 244.
2- لم نجد هذه الرواية، و المروي سنة 148 ه، و قيل: سنة 151 ه، انظر الكافي 406:1، الارشاد: 304، مناقب ابن شهرآشوب 367:4، وفيات الأعيان 270:3.
3- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 19:1، تاج المواليد: 125، مناقب ابن شهرآشوب 367:4.

خبر امّه (عليه السلام:)

303/ 1 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ عَمَّارٍ(1) الطَّبَرِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، رَفَعَهُ إِلَى هِشَامِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): قَدْ قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ الْمَغْرِبِ نَخَّاسٌ، فَامْضِ بِنَا إِلَيْهِ. فَمَضَيْنَا، فَعَرَضَ عَلَيْنَا رَقِيقاً، فَلَمْ يُعْجِبْهُ، قَالَ لِي: سَلْهُ عَمَّا بَقِيَ عِنْدَهُ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: لَمْ تَبْقَ إِلاَّ جَارِيَةٌ عَلِيلَةٌ. فَتَرَكْنَاهُ وَ انْصَرَفْنَا، فَقَالَ لِي: عُدْ إِلَيْهِ وَ ابْتَعْ تِلْكَ الْجَارِيَةَ مِنْهُ بِمَا يَقُولُ لَكَ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَكَ كَذَا وَ كَذَا.

فَأَتَيْتُ النَّخَّاسَ فَكَانَ كَمَا قَالَ، وَ بَاعَنِي الْجَارِيَةَ، ثُمَّ قَالَ لِي: بِاللَّهِ، هِيَ لَكَ؟ قُلْتُ: لاَ.

قَالَ: لِمَنْ هِيَ؟ قُلْتُ: لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ.

قَالَ: أُخْبِرُكَ أَنِّي اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ أَقْصَى الْمَغْرِبِ، فَلَقِيَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَالَتْ: مَا هَذِهِ الْجَارِيَةُ مَعَكَ؟ قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي.

قَالَتْ: مَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ إِلاَّ عِنْدَ خَيْرِ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَ لاَ تَلْبَثُ عِنْدَهُ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى تَلِدَ لَهُ غُلاَماً يَدِينُ لَهُ شَرْقُ الْأَرْضِ وَ غَرْبُهَا. فَحَمَلْتُهَا وَ لَمْ تَلْبَثْ إِلاَّ قَلِيلاً(2) حَتَّى حَمَلَتْ بِأَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

وَ كَانَ يُقَالُ لَهَا: تُكْتَمُ(3).

وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لَمَّا ابْتَعْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ، لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: وَ اللَّهِ، مَا اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ إِلاَّ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ وَحْيِهِ.

فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي جَدِّي وَ أَبِي، وَ مَعَهُمَا شُقَّةُ حَرِيرٍ،

ص: 348


1- في «ط»: عمارة.
2- (حتّى تلد... قليلا) ليس في «ع».
3- في «ع، م»: قليم، و ما في المتن هو المشهور في اسمها، و راجع «مجمع البحرين - كتم - 151:6».

فَنَشَرَاهَا، فَإِذَا قَمِيصٌ وَ فِيهِ صُورَةُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ، فَقَالاَ: يَا مُوسَى، لَيَكُونَنَّ لَكَ مِنْ هَذِهِ الْجَارِيَةِ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ، ثُمَّ أَمَرَانِي إِذَا وَلَدَتْهُ أَنْ أُسَمِّيَهُ عَلِيّاً وَ قَالاَ(1):

إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) سَيُظْهِرُ بِهِ الْعَدْلَ وَ الرَّأْفَةَ وَ الرَّحْمَةَ، طُوبَى لِمَنْ صَدَّقَهُ، وَ وَيْلٌ لِمَنْ عَادَاهُ وَ كَذَّبَهَ وَ عَانَدَهُ(2).

خَبَرُ خُرُوجِهِ إِلَى خُرَاسَانَ:

304/ 2 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْوَشَّاءِ؛ وَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الرِّضَا عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

لَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ مِنَ الْمَدِينَةِ جَمَعْتُ عِيَالِي وَ أَمَرْتُهُمْ أَنْ يَبْكُوا عَلَيَّ حَتَّى أَسْمَعَ بُكَاءَهُمْ، ثُمَّ فَرَّقْتُ فِيهِمْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: إِنِّي لاَ أَرْجِعُ إِلَى عِيَالِي أَبَداً.

ثُمَّ أَخَذْتُ أَبَا جَعْفَرٍ فَأَدْخَلَتْهُ الْمَسْجِدَ، وَ وَضَعْتُ يَدَهُ عَلَى حَافَةِ الْقَبْرِ، وَ أَلْصَقْتُهُ بِهِ وَ اسْتَحْفَظْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَالْتَفَتَ أَبُو جَعْفَرٍ فَقَالَ لِي: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، وَ اللَّهِ تَذْهَبُ إِلَى عَادِيَةٍ(3).

وَ أَمَرْتُ جَمِيعَ وُكَلاَئِي وَ حَشَمِي لَهُ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ، وَ تَرْكِ مُخَالَفَتِهِ، وَ الْمَصِيرِ إِلَيْهِ عِنْدَ وَفَاتِي، وَ عَرَّفْتُهُمْ أَنَّهُ الْقَيِّمُ مَقَامِي.

وَ شَخَصَ عَلَى طَرِيقِ الْبَصْرَةِ إِلَى خُرَاسَانَ، وَ اسْتَقْبَلَهُ الْمَأْمُونُ، وَ أَعْظَمَهُ وَ أَكْرَمَهُ، وَ عَزَمَ عَلَيْهِ فِي أَمْرِهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَيْسَ بِكَائِنٍ إِلاَّ بَعْدَ خُرُوجِ السُّفْيَانِيِّ. فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَامْتَنَعَ، ثُمَّ أَقْسَمَ عَلَيْهِ فَأَبَرَّ قَسَمَهُ، وَ عَقَدَ لَهُ الْأَمْرَ، وَ جَلَسَ مَعَ الْمَأْمُونِ لِلْبَيْعَةِ.

ص: 349


1- في «ع»: و قال.
2- إثبات الوصيّة: 170، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 4/17:1، الإرشاد: 307، أمالي الطّوسيّ 331:2، عيون المعجزات: 106، الخرائج و الجرائح 6/653:2، كشف الغمّة 272:2، حلية الأبرار 296:2.
3- في «ع، م»: هادمة.

ثُمَّ سَأَلَهُ الْمَأْمُونُ أَنْ يَخْرُجَ فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَقَالَ لَهُ: هَذَا لَيْسَ بِكَائِنٍ. فَأَقْسَمَ عَلَيْهِ. فَأَمَرَ الْقُوَّادَ بِالرُّكُوبِ مَعَهُ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى بَابِهِ، فَخَرَجَ وَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ وَ رِدَاءٌ وَ عِمَامَةٌ، فَأَسْدَلَ ذُؤَابَتَهَا مِنْ قُدَّامٍ وَ خَلَّفَ، مَكْحُولاً مُدَّهَناً، كَمَا كَانَ يَخْرُجُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).

فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ بَابِهِ ضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ، وَ كَادَ الْبَلَدُ يُفْتَتَنُ، وَ اتَّصَلَ الْخَبَرُ بِالْمَأْمُونِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ: كُنْتَ أَعْلَمَ مِنِّي بِمَا قُلْتُ، فَارْجِعْ. فَرَجَعَ وَ لَمْ يُصَلِّ بِالنَّاسِ(1).

ثُمَّ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ، وَ سَأَلَهُ أَنْ يَخْطُبَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِيَدِهِ مَقَادِيرُ الْأَقْدَارِ، وَ بِمَشِيئَتِهِ تَتِمُّ الْأُمُورُ، وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، شَهَادَةً يُوَاطِئُ الْقَلْبُ اللِّسَانَ، وَ السِّرُّ الْإِعْلاَنَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، انْتَجَبَهُ رَسُولاً فَنَطَقَ الْبُرْهَانَ بِتَحْقِيقِ نُبُوَّتِهِ، بَعْدَ أَمْرٍ لَمْ(2) يَأْذَنِ اللَّهُ فِيهِ، وَ قُرْبِ أَمْرٍ مَآبُ(3) مَشِيئَةِ اللَّهِ إِلَيْهِ، وَ نَحْنُ نَتَعَرَّضُ بِالدُّعَاءِ لِخِيرَةِ الْقَضَاءِ، وَ الَّذِي يُذْكَرُ أُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، صِلَةُ الرَّحِمِ، وَ أَمْشَاجٌ لِلشَّبَكَةِ(4) ، وَ قَدْ بَذَلْتُ لَهَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَزَوَّجْتَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ وَ رَضِيتُ(5).

وَ جَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ فِي حَيَاتِهِ، وَ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ عَلَى اسْمِهِ، وَ هِيَ: (الدَّرَاهِمُ الرَّضَوِيَّةُ) تُعْرَفُ بِذَلِكَ.

وَ جَمَعَ بَنِي الْعَبَّاسِ وَ نَاظَرَهُمْ، وَ أَلْزَمَهُمْ الْحُجَّةَ، وَ بَيَّنَ فَضْلَ الرِّضَا، وَ رَدَّ فَدَكَ عَلَى وُلْدِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا).

ثُمَّ غَدَرَ بِهِ، وَ فَكَّرَ فِي قَتْلِهِ، فَقَتَلَهُ بِطُوسَ مِنْ خُرَاسَانَ، وَ اسْتُشْهِدَ وَلِيُّ اللَّهِ وَ قَدْ كَمَلَ عُمُرُهُ تِسْعَةً وَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ مِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ.9.

ص: 350


1- مدينة المعاجز: 117/502.
2- في «ع، م»: بعد أمركم.
3- في «ط»: أومأت.
4- الأمشاج: جمع مشيج أو مشج، أيْ المختلط. و الشّبكة: القرابة، و اشتبكت بينهم الأرحام: توشجت.
5- إثبات الوصيّة: 179.

وَ يُرْوَى: فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَ مِائَتَيْنِ مِنَ(1) الْهِجْرَةِ(2).

وَ كَانَ سَبَبُ وَفَاتِهِ أَنَّ الْمَأْمُونَ سَمَّهُ(3).

305/ 3 - وَ هُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُرْشِدٍ(4) الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُنِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الطَّاطَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ، قَالَ: كُنْتُ بَيْنَ يَدَيِ الْمَأْمُونِ إِلَى أَنْ مَضَى مِنَ اللَّيْلِ أَرْبَعُ سَاعَاتٍ، ثُمَّ أَذِنَ بِالاِنْصِرَافِ، فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي.

فَلَمَّا مَضَى سَاعَتَانِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قَرَعَ قَارِعٌ بَابِي، فَكَلَّمَهُ بَعْضُ غِلْمَانِي، فَقَالَ لَهُ: قُلْ لِهَرْثَمَةَ: أَجِبْ سَيِّدَكَ. فَقُمْتُ مُسْرِعاً، فَأَخَذْتُ عَلَيَّ أَثْوَابِي، وَ أَسْرَعْتُ إِلَى سَيِّدِي، فَدَخَلَ الْغُلاَمُ بَيْنَ يَدَيَّ، وَ دَخَلْتُ وَرَاءَهُ، فَإِذَا بِسَيِّدِي فِي صَحْنِ دَارِهِ جَالِسٌ، فَقَالَ لِي: يَا هَرْثَمَةُ! فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا مَوْلاَيَ. فَقَالَ لِي: اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ، فَقَالَ لِي:

اسْمَعْ وَ عُ يَا هَرْثَمَةُ، هَذَا أَوَانُ رَحِيلِي إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ لَحَاقِي بِآبَائِي وَ جَدِّي (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، وَ قَدْ بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، وَ قَدْ عَزَمَ هَذَا الطَّاغِي عَلَى سَمِّي فِي عِنَبٍ وَ رُمَّانٍ مَفْرُوكٍ.

فَأَمَّا الْعِنَبُ، فَإِنَّهُ يَغْمِسُ السِّلْكَ وَ يُجْرِيهِ بِالْخِيَاطِ فِي الْعِنَبِ لِيَخْفَى، وَ أَمَّا الرُّمَّانُ، فَإِنَّهُ يَطْرَحُ السَّمَّ فِي كَفِّ بَعْضِ غِلْمَانِهِ، وَ يَفْرُكُ الرُّمَّانَ بِهِ مُدَّةً، لِيَتَلَطَّخَ حَبَّهُ فِي ذَلِكَ السَّمِّ، وَ إِنَّهُ سَيَدْعُونِي فِي يَوْمِنَا هَذَا الْمُقْبِلِ، وَ يُقَدِّمُ إِلَيَّ الرُّمَّانَ وَ الْعِنَبَ، وَ يَسْأَلُنِي أَكْلَهُ، ثُمَّ يُنْفِذُ الْحُكْمَ وَ الْقَضَاءَ.

فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَسَيَقُولُ: أَنَا أَغْسِلُهُ بِيَدِي، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَقُلْ لَهُ عَنِّي - بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ - أَنَّهُ قَالَ لِي: قُلْ لَهُ لاَ يَتَعَرَّضْ لِغُسْلِي، وَ لاَ لِتَكْفِينِي، وَ لاَ لِدَفْنِي، فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاجَلَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَا أُخِّرَ عَنْهُ، وَ حَلَّ بِهِ أَلِيمُ مَا يَحْذَرُ؛ فَإِنَّهُ سيَنَتَهِي.د.

ص: 351


1- في «ع»: عمره تسعة و أربعين سنة ثلاث و مائتين. و يروى يوم الثّلاثاء لست ليال خلون من ذي الحجّة سنة ستّ و مائتين من.
2- تاريخ الأئمّة: 12، الكافي 406:1، الارشاد: 304، مسارّ الشّيعة: 52، تاج المواليد: 126، تذكرة الخواصّ: 355، كفاية الطّالب: 458، كشف الغمّة 267:2، المستجاد من كتاب الارشاد: 492.
3- تذكرة الخواصّ: 355، المستجاد من كتاب الارشاد: 498، كشف الغمّة 281:2.
4- في «ع»: زيد، و في «م»: رشيد.

قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا سَيِّدِي.

قَالَ: فَإِذَا خَلَّى(1) بَيْنَكَ وَ بَيْنَ غُسْلِي، فَيَجْلِسُ فِي عُلُوٍّ مِنْ أَبْنِيَتِهِ هَذِهِ، مُشْرِفاً عَلَى مَوْضِعِ غُسْلِي لِيَنْظُرَ، فَلاَ تَعَرَّضْ يَا هَرْثَمَةُ فِي شَيْ ءٍ مِنْ غُسْلِي حَتَّى تَرَى فُسْطَاطاً قَدْ ضَرَبَ فِي جَانِبِ الدَّارِ، أَبْيَضَ، فَإِذَا رَأَيْتَ ذَلِكَ فَاحْمِلْنِي فِي أَثْوَابِي الَّتِي أَنَا فِيهَا، فَضَعْنِي مِنْ وَرَاءِ الْفُسْطَاطِ، وَ قِفْ مِنْ وَرَائِهِ، وَ يَكُونُ مَنْ مَعَكَ دُونَكَ، وَ لاَ تَكْشِفْ عَنِ الْفُسْطَاطِ حَتَّى تَرَانِي فَتَهْلِكَ.

فَإِنَّهُ سَيُشْرِفُ عَلَيْكَ وَ يَقُولُ لَكَ: يَا هَرْثَمَةُ، أَ لَيْسَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْإِمَامَ لاَ يَغْسِلُهُ إِلاَّ إِمَامٌ مِثْلُهُ؟! فَمَنْ يَغْسِلُ أَبَا الْحَسَنِ وَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ بِالْمَدِينَةِ مِنْ بِلاَدِ الْحِجَازِ وَ نَحْنُ بِطُوسَ؟! فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَأَجِبْهُ وَ قُلْ لَهُ: إِنَّا نَقُولُ أَنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ أَنْ يَغْسِلَهُ الْإِمَامُ، فَإِنْ تَعَدَّى مُتَعَدٍّ فَغَسَلَ الْإِمَامَ لَمْ تَبْطُلْ إِمَامَةُ الْإِمَامِ لِتَعَدِّي غَاسِلِهِ، وَ لاَ بَطَلَتْ إِمَامَةُ الْإِمَامِ الَّذِي بَعْدَهُ بِأَنْ غُلِبَ عَلَى غُسْلِ أَبِيهِ، وَ لَوْ تُرِكَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بِالْمَدِينَةِ لَغَسَلَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ ظَاهِراً، وَ لاَ يَغْسِلُهُ الْآنَ أَيْضاً إِلاَّ هُوَ مِنْ حَيْثُ يَخْفَى، مَا يَغْسِلُهُ أَحَدٌ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْتَهُ.

فَإِذَا ارْتَفَعَ الْفُسْطَاطُ، فَسَوْفَ تَرَانِي مُدْرَجاً فِي أَكْفَانِي، فَضَعْنِي عَلَى نَعْشِي، وَ احْمِلْنِي.

فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْفِرَ قَبْرِي، فَإِنَّهُ سَيَجْعَلُ قَبْرَ أَبِيهِ هَارُونَ الرَّشِيدِ قِبْلَةً لِقَبْرِي، وَ لاَ(2) يَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً؛ وَ إِذَا ضَرَبُوا بِالْمَعَاوِلِ فَسَتَنْبُو(3) عَنِ الْأَرْضِ، وَ لاَ يَنْفَجِرُ لَهُمْ مِنْهَا وَ لاَ قُلاَمَةُ الظُّفُرِ، فَإِذَا اجْتَهَدُوا فِي ذَلِكَ وَ صَعُبَ عَلَيْهِمْ، فَقُلْ لَهُمْ عَنِّي: إِنِّي أَمَرْتُكَ أَنْ تَضْرِبَ مِعْوَلاً وَاحِداً فِي قِبْلَةِ قَبْرِ أَبِيهِ هَارُونَ الرَّشِيدِ.

فَإِذَا ضَرَبْتَ انْفَتَحَ فِي الْأَرْضِ قَبْرٌ مَحْفُورٌ، وَ ضَرِيحٌ قَائِمٌ، فَإِذَا انْفَرَجَ ذَلِكَ الْقَبْرُ فَلاَ تُنْزِلْنِي فِيهِ حَتَّى تَقْرَبَ مِنْهُ، فَتَرَى مَاءً أَبْيَضَ، فَيَمْتَلِئُ بِهِ ذَلِكَ الْقَبْرُ مَعَ وَجْهِ».

ص: 352


1- في «ط» زيادة: بيني و.
2- في «ع»: و أنّى.
3- يقال نبا الشّيء عنّي: أيّ تجافى و تباعد «الصّحاح - نبا - 2500:6».

الْأَرْضِ، ثُمَّ يَضْطَرِبُ فِيهِ حُوتٌ بِطُولِهِ، فَإِذَا اضْطَرَبَ فَلاَ تُنْزِلْنِي فِي الْقَبْرِ، حَتَّى إِذَا غَابَ الْحُوتُ مِنْهُ، وَ غَارَ الْمَاءُ، فَأَنْزَلَنِي فِي الْقَبْرِ، وَ أَلْحَدَنِي فِي ذَلِكَ الضَّرِيحِ، وَ لاَ تَتْرُكْهُمْ يَأْتُوا بِتُرَابٍ فَيُلْقُونَهُ عَلَيَّ، فَإِنَّ الْقَبْرَ يَنْطَبِقُ مِنْ نَفْسِهِ وَ يَمْتَلِئُ.

قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا سَيِّدِي.

قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي: احْفَظْ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ، وَ اعْمَلْ وَ لاَ تُخَالِفْ.

قُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُخَالِفَ لَكَ أَمْراً يَا سَيِّدِي.

قَالَ هَرْثَمَةُ: ثُمَّ خَرَجْتُ بَاكِياً حَزِيناً، فَلَمْ أَزَلْ كَالْحَبَّةِ عَلَى الْمِقْلاَةِ، لاَ يَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي إِلاَّ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ). ثُمَّ دَعَانِي الْمَأْمُونُ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، فَلَمْ أَزَلْ قَائِماً إِلَى ضُحَى النَّهَارِ، ثُمَّ قَالَ الْمَأْمُونُ: امْضِ يَا هَرْثَمَةَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ، فَأَقْرِئْهُ عَنِّي السَّلاَمَ، وَ قُلْ لَهُ:

إِمَّا تَصِيرُ إِلَيْنَا، أَوْ نَصِيرُ إِلَيْكَ، فَإِنْ قَالَ لَكَ: بَلْ نَصِيرُ إِلَيْهِ فَاسْأَلْهُ عَنِّي أَنْ يُقَدِّمَ مَصِيرَهُ.

قَالَ: فَجِئْتُهُ، فَلَمَّا طَلَعْتُ عَلَى سَيِّدِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ لِي: يَا هَرْثَمَةُ، أَ لَيْسَ قَدْ حَفِظْتَ مَا وَصَّيْتُكَ بِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: قَدِّمُوا بَغْلِي. وَ قَالَ: عَلِمْتُ مَا قَدْ أَرْسَلَكَ بِهِ.

قَالَ: فَقَدَّمْتُ بَغْلَهُ، وَ مَشَى إِلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَجْلِسَ قَامَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ قَائِماً فَعَانَقَهُ، وَ قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَ أَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ عَلَى سَرِيرِهِ، وَ أَقْبَلَ عَلَيْهِ يُحَادِثُهُ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ طَوِيلَةً، ثُمَّ قَالَ لِبَعْضِ غِلْمَانِهِ: ائْتُونَا بِعِنَبٍ وَ رُمَّانٍ.

قَالَ هَرْثَمَةُ: فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ لَمْ أَسْتَطِعِ الصَّبْرَ، وَ رَأَيْتُ النَّفْضَةَ عَرَضَتْ فِي جَسَدِي، فَكَرِهْتُ أَنْ يَتَبَيَّنَ، فَتَرَاجَعْتُ الْقَهْقَرَى حَتَّى خَرَجْتُ، فَرَمَيْتُ نَفْسِي فِي مَوْضِعٍ مِنَ الدَّارِ، فَلَمَّا قَرُبَ نَحْوُ زَوَالِ الشَّمْسِ أَحْسَسْتُ بِسَيِّدِي قَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، وَ رَجَعَ إِلَى دَارِهِ.

ثُمَّ رَأَيْنَا الْآمِرَ قَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ الْمَأْمُونِ بِإِحْضَارِ الْأَطِبَّاءِ وَ الْمُتَرَفِّقِينَ، فَقُلْتُ:

مَا ذَاكَ؟ فَقِيلَ: عِلَّةٌ عَرَضَتْ لِأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ). فَكَانَ النَّاسُ فِي شَكٍّ وَ كُنْتُ فِي يَقِينٍ، لِمَا عَلِمْتُهُ مِنْهُ.

قَالَ: فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، وَ هُوَ الثُّلُثُ الثَّانِي، عَلاَ الصِّيَاحُ وَ سَمِعْتُ

ص: 353

الْوَاعِيَةَ(1) مِنَ الدَّارِ، فَأَسْرَعْتُ فِيمَنْ أَسْرَعَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالْمَأْمُونِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، مَحْلُولَ الْأَزْرَارِ(2) ، قَائِمٌ عَلَى قَدَمَيْهِ، يَنْتَحِبُ وَ يَبْكِي.

قَالَ: فَوَقَفْتُ فِيمَنْ وَقَفَ، وَ أَنَا أَحَسُّ بِنَفْسِي تَكَادُ تَنْفَطِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَلَسَ الْمَأْمُونُ لِتَعْزِيَتِهِ، ثُمَّ قَامَ يَمْشِي إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ سَيِّدُنَا الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ:

أَصْلِحُوا لَنَا مَوْضِعاً، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَغْسِلَهُ. فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: خَلْوَةً يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْلَى نَفْسَهُ، فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ سَيِّدِي بِسَبَبِ الْغُسْلِ وَ الْكَفَنِ وَ الدَّفْنِ.

فَقَالَ لِي: لَسْتُ أَعْرِضُ فِي ذَلِكَ، شَأْنَكَ يَا هَرْثَمَةُ.

قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ قَائِماً حَتَّى رَأَيْتُ الْفُسْطَاطَ الْأَبْيَضَ قَدْ نُصِبَ إِلَى جَانِبِ الدَّارِ، فَحَمَلْتُهُ وَ وَضَعْتُهُ بِقُرْبِ الْفُسْطَاطِ، وَ كَانَ دَاخِلَهُ، وَ وَقَفْتُ مِنْ ظَاهِرِهِ، وَ كُلُّ مَنْ فِي الدَّارِ دُونِي، وَ أَنَا أَسْمَعُ التَّكْبِيرَ، وَ التَّهْلِيلَ، وَ التَّسْبِيحَ، وَ تَرَدُّدَ الْأَوَانِي، وَ صَوْتَ صَبِّ الْمَاءِ، وَ سُطُوعَ رِيحٍ طَيِّبٍ لَمْ أَشَمَّ مِثْلَهُ.

قَالَ: فَإِذَا أَنَا بِالْمَأْمُونِ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيَّ مِنْ بَعْضِ عُلُوِّ دَارِهِ، فَصَاحَ: يَا هَرْثَمَةُ، أَ لَيْسَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْإِمَامَ لاَ يَغْسِلُهُ إِلاَّ إِمَامٌ مِثْلُهُ، وَ أَيْنَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ عَنْهُ، وَ هُوَ بِمَدِينَةِ الرَّسُولِ وَ نَحْنُ بِطُوسَ مِنْ أَرْضِ خُرَاسَانَ؟

قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّا نَقُولُ إِنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ أَنْ يَغْسِلَهُ إِمَامٌ مِثْلُهُ، فَإِنْ تَعَدَّى مُتَعَدٍّ فَغَسَلَ الْإِمَامَ لَمْ تَبْطُلْ إِمَامَةُ الْإِمَامِ لِتَعَدِّي غَاسِلِهِ، وَ لاَ بَطَلَتْ إِمَامَةُ الْإِمَامِ الَّذِي بَعْدَهُ بِأَنْ غُلِبَ عَلَى غُسْلِ أَبِيهِ؛ وَ لَوْ تُرِكَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا بِالْمَدِينَةِ لَغَسَلَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ ظَاهِراً، وَ لاَ يَغْسِلُهُ الْآنَ أَيْضاً إِلاَّ هُوَ مِنْ حَيْثُ يَخْفَى.

قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي. ثُمَّ ارْتَفَعَ الْفُسْطَاطُ فَإِذَا أَنَا بِسَيِّدِي مُدْرَجٌ فِي أَكْفَانِهِ فَوَضَعْتُهُ عَلَى نَعْشِهِ، ثُمَّ حَمَلْنَاهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ الْمَأْمُونُ، وَ جَمِيعُ مَنْ حَضَرَ، ثُمَّ جِئْنَا إِلَى مَوْضِعِ الْقَبْرِ، فَوَجَدْتُهُمْ يَضْرِبُونَ الْمَعَاوِلَ مِنْ فَوْقِ قَبْرِ هَارُونَ، لِيَجْعَلُوهُ قِبْلَةَ الْقَبْرِ، وَ الْمَعَاوِلُ تَنْبُو، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا هَرْثَمَةُ! أَ مَا تَرَى الْأَرْضَ كَيْفَ تَمْتَنِعُ مِنْ حَفْرِ قَبْرٍ لَهُ؟!ر.

ص: 354


1- في «ع، م»: الوجبة.
2- في «ط»: الإزار.

فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ مِعْوَلاً وَاحِداً فِي قِبْلَةِ قَبْرِ(1) أَبِيكَ هَارُونَ الرَّشِيدِ، لاَ أَضْرِبُ غَيْرَهُ.

قَالَ: إِذَا ضَرَبْتَ يَا هَرْثَمَةُ، يَكُونُ مَا ذَا؟

فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْرِ أَبِيكَ قِبْلَةً لِقَبْرِهِ، وَ إِنَّنِي إِذَا ضَرَبْتُ هَذَا الْمِعْوَلَ الْوَاحِدَ يَصِيرُ الْقَبْرُ مَحْفُوراً مِنْ غَيْرِ يَدٍ تَحْفِرُهُ، وَ يَأْتِي ضَرِيحٌ فِي وَسَطِهِ.

قَالَ الْمَأْمُونُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا أَعْجَبَ هَذَا الْكَلاَمَ، وَ لاَ عَجَبَ مِنْ أَمْرِ أَبِي الْحَسَنِ، فَاضْرِبْ حَتَّى نَرَى(2).

قَالَ هَرْثَمَةُ: فَأَخَذْتُ الْمِعْوَلَ بِيَدِي، فَضَرَبْتُ فِي قِبْلَةِ قَبْرِ هَارُونَ، قَالَ: فَانْفَرَجَ الْقَبْرُ مَحْفُوراً، وَ الضَّرِيحُ فِي وَسَطِهِ قَائِماً، وَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ.

قَالَ: أَنْزِلْهُ يَا هَرْثَمَةُ. فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، إِنَّهُ أَمَرَنِي أَنْ لاَ أُنْزِلَهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ مِنْ أَرْضِ هَذَا الْقَبْرِ مَاءٌ أَبْيَضُ، فَيَمْتَلِئَ بِهِ الْقَبْرُ مَعَ وَجْهِ الْأَرْضِ، ثُمَّ يَظْهَرَ فِيهِ حُوتٌ بِطُولِ الْقَبْرِ، فَإِذَا غَابَ الْحُوتُ، وَ غَارَ الْمَاءُ، وَضَعْتُهُ عَلَى جَانِبِ الْقَبْرِ(3) ، وَ خَلَّيْتُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَلْحَدِهِ.

قَالَ: فَافْعَلْ يَا هَرْثَمَةُ مَا أُمِرْتَ. قَالَ: فَانْتَظَرْتُ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ وَ الْحُوتُ، وَ انْتَظَرْتُ الْحُوتَ حَتَّى غَابَ، وَ غَارَ الْمَاءُ، وَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ جَعَلْتُ النَّعْشَ إِلَى جَانِبِ الْقَبْرِ، وَ سَجَفَ مِنْ فَوْقِهِ سَجْفٌ لَمْ أُبْسِطْهُ أَبْيَضُ، ثُمَّ أُنْزِلَ إِلَى الْقَبْرِ بِغَيْرِ يَدَيِ وَ لاَ يَدِ أَحَدٍ مِمَّنْ حَضَرَ، فَأَشَارَ الْمَأْمُونُ إِلَى النَّاسِ أَنْ أَهِيلُوا(4) بِأَيْدِيكُمْ التُّرَابَ فَاطْرَحُوا فِيهِ.

فَقُلْتُ: لاَ تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

فَقَالَ: وَيْحَكَ فَبِمَ يَمْتَلِئُ(5) ؟ى.

ص: 355


1- (قبر) ليس في «ع، م».
2- في «ط» زيادة: ما قال.
3- في «م»: قبره.
4- في «ط»: هيلوا، و في «ع»: هاتوا.
5- في «ع، م»: يعلى.

قُلْتُ: قَدْ أَمَرَنِي أَنْ لاَ يُطْرَحَ عَلَيْهِ التُّرَابُ، وَ أَخْبَرَنِي أَنَّ الْقَبْرَ يَمْتَلِئُ مِنْ نَفْسِهِ، وَ يَنْطَبِقُ، وَ يَرْتَفِعُ، وَ يَتَرَبَّعُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. قَالَ: فَأَشَارَ إِلَى النَّاسِ أَنْ كُفُّوا. قَالَ:

فَرَمَوْا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ التُّرَابِ، ثُمَّ امْتَلَأَ الْقَبْرُ، وَ انْطَبَقَ، وَ تَرَبَّعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَ انْصَرَفَ الْمَأْمُونُ، وَ انْصَرَفْنَا.

فَدَعَانِي وَ أَخْلَى مَجْلِسَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَ اللَّهِ يَا هَرْثَمَةُ، لَتَصْدُقَنِّي بِجَمِيعِ مَا سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا.

قَالَ: فَقُلْتُ: أَخْبَرْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا قَالَ لِي.

قَالَ: لاَ وَ اللَّهِ، لَتَصْدُقَنِّي بِمَا أَخْبَرَكَ بِهِ غَيْرَ مَا قُلْتَ لِي.

قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَعَمَّ تَسْأَلُنِي؟

قَالَ: بِاللَّهِ يَا هَرْثَمَةُ، أَسَرَّ إِلَيْكَ شَيْئاً غَيْرَ هَذَا؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَمَا هُوَ؟

قُلْتُ: خَبَرُ الْعِنَبِ وَ الرُّمَّانِ، فَأَقْبَلَ يَتَلَوَّنَ أَلْوَانَهُ بِصُفْرَةٍ وَ حُمْرَةٍ وَ سَوَادٍ، ثُمَّ مَدَّ نَفْسَهُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ. قَالَ: وَ سَمِعْتُهُ فِي غَشْيَتِهِ، وَ هُوَ يَقُولُ: وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنَ اللَّهِ، وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنْ فَاطِمَةَ، وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنَ الْحَسَنِ وَ(1) الْحُسَيْنِ، وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ(2) ، وَيْلٌ لِأَبِيهِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، هَذَا وَ اللَّهِ الْخُسْرَانُ حَقّاً؛ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ وَ يُكَرِّرُهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ أَطَالَ ذَلِكَ وَلَّيْتُ عَنْهُ، فَجَلَسْتُ فِي بَعْضِ الدَّارِ.

قَالَ: فَجَلَسَ فَدَعَانِي، وَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَ هُوَ كَالسَّكْرَانِ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ، مَا أَنْتَ عَلَيَّ أَعَزُّ مِنْهُ، وَ لاَ جَمِيعُ مَنْ فِي الْأَرْضِ، فَوَ اللَّهِ(3) لَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ أَعَدْتَ مَا سَمِعْتَهُ وَ رَأَيْتَهُ، لَيَكُونَنَّ(4) هَلاَكُكَ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِمَّا لَمْ يَكُنْ.م.

ص: 356


1- في «ط»: بن عليّ ويل للمأمون من.
2- (أبي طالب، ويل للمأمون... ويل للمأمون) ليس في «ع».
3- في «ط»: الأرض من قومه.
4- في «ط» زيادة: هذا الكلام.

قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ ظَهَرَ عَلَيَّ ذَلِكَ، فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ دَمِي.

قَالَ: لاَ وَ اللَّهِ، إِلاَّ أَنْ تُعْطِيَنِي عَهْداً وَ مِيثَاقاً أَنَّكَ تَكْتُمُ هَذَا وَ لاَ تُعِيدُهُ.

قَالَ: فَأَخَذَ مِنِّي الْعَهْدَ وَ الْمِيثَاقَ، وَ أَكْثَرَهُ عَلَيَّ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ عَنْهُ صَفَقَ بِيَدِهِ، وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ (1) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ(2).

وَ لِدِعْبِلِ بْنِ عَلِيٍّ فِي مَعْنَى الْقَبْرَيْنِ:

حَوَيْتِ قَبْرَيْنِ(3): خَيْرَ النَّاسِ كُلِّهِمُ وَ قَبْرَ شَرِّهِمْ هَذَا مِنَ الْعِبَرِ

مَا يَنْفَعُ الرِّجْسُ مِنْ قُرْبِ الزَّكِيِّ وَ لاَ عَلَى الزَّكِيِّ بِقُرْبِ الرِّجْسِ مِنْ ضَرَرٍ(4).

306/ 4 - وَ أَنْشَدَنِي أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ السَّلاَمِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا دِعْبِلُ بْنُ عَلِيٍّ لِنَفْسِهِ:

مَدَارِسُ آيَاتٍ خَلَتْ مِنْ تِلاَوَةٍ وَ مَنْزِلُ وَحْيٍ مُقْفِرُ الْعَرَصَاتِ(5)

قَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ السَّلاَمِ: لَمَّا بَلَغَ إِنْشَادُهُ لِي هَذِهِ الْقَصِيدَةَ وَ بَلَغَ مِنْهَا إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ:

وَ قَبْرٌ بِبَغْدَادَ لِنَفْسٍ زَكِيَّةٍ تَضَمَّنَهَا الرَّحْمَنُ فِي الْغُرُفَاتِ

قَالَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيُّ: لَمَّا دَخَلَ دِعْبِلُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِطُوسَ وَ أَنْشَدَهُ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ، وَ بَلَغَ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

وَ قَبْرٌ بِطُوسٍ يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ تَرَدَّدَ بَيْنَ الصَّدْرِ وَ اللَّهَوَاتِ

إِلَى الْحَشْرِ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ قَائِماً يُفَرِّجُ عَنَّا الْهَمَّ وَ الْكُرُبَاتِ

فَقَالَ دِعْبِلٌ: لاَ أَعْرِفُ قَبْراً بِطُوسَ. قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): بَلَى، قَبْرِي بِهَا.4.

ص: 357


1- النّساء 108:4.
2- الهداية الكبرى: 282 «نحوه»، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1/245:2.
3- في الدّيوان و عيون الأخبار: قبران في طوس.
4- الدّيوان: 198، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 251:2.
5- انظر الدّيوان: 124.

فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ:

فَلَوْ لاَ الَّذِي أَرْجُوهُ فِي الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ تَقَطَّعُ نَفْسِي بَيْنَهُمْ حَسَرَاتٍ

خُرُوجُ إِمَامٍ لاَ مَحَالَةَ خَارِجٌ يَقُومُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَ الْبَرَكَاتِ(1)

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ إِنْشَادِهِ قَامَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، وَ بَعَثَ إِلَيْهِ خَادِماً بِخِرْقَةِ حَرِيرٍ فِيهَا سِتُّمِائَةِ دِينَارٍ، وَ قَالَ لِلْخَادِمِ: قُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ مَوْلاَيَ: اسْتَعِنْ بِهَذَا عَلَى سَفَرِكَ، وَ أَعْذِرْنَا.

فَقَالَ لَهُ دِعْبِلٌ: لاَ وَ اللَّهِ، مَا هَذَا أَرَدْتُ، وَ لاَ لَهُ خَرَجْتُ، وَ لَكِنْ قُلْ لَهُ: اكْسُنِي ثَوْباً مِنْ أَثْوَابِكَ. وَ رُدَّهَا عَلَيْهِ، فَرَدَّهَا إِلَيْهِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَالَ لَهُ: خُذْهَا. وَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِجُبَّةٍ مِنْ ثِيَابِهِ.

فَخَرَجَ دِعْبِلٌ حَتَّى وَرَدَ قُمْ، فَنَظَرَ أَهْلُ قُمْ إِلَى الْجُبَّةِ، فَأَعْطَوْهُ بِهَا أَلْفَ دِينَارٍ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، وَ قَالَ: لاَ وَ اللَّهِ، وَ لاَ خِرْقَةً مِنْهَا بِأَلْفِ دِينَارٍ. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ قُمْ، فَتَبِعُوهُ فَقَطَعُوهَا عَلَيْهِ، وَ أَخَذُوا الْجُبَّةَ، فَرَجَعَ إِلَى قُمْ، فَكَلَّمَهُمْ فِيهَا، فَقَالُوا: لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيلٌ، وَ لَكِنْ إِنْ شِئْتَ فَهَذِهِ الْأَلْفُ دِينَارٍ. قَالَ لَهُمْ: وَ خِرْقَةً مِنَ الْجُبَّةِ. فَأَعْطَوْهُ أَلْفَ دِينَارٍ وَ خِرْقَةً مِنَ الْجُبَّةِ(2).

نَسَبُهُ (عليه السلام)

وَ هُوَ: عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

ص: 358


1- في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 35/266:2 بالاسناد عن دعبل الخزاعي، قال: فلمّا انتهيت إلى قولي: خروج إمام لا محالة خارجيقوم على اسم اللّه و البركات بكى الرضا (عليه السلام) بكاء شديدا، ثمّ رفع رأسه إليّ، فقال لي: «يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الامام؟» الحديث، و يتضمّن النصّ على القائم (عليه السلام).
2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 263:2، كمال الدين و تمام النعمة 6/372:2، مناقب ابن شهرآشوب 338:4، ينابيع المودة: 454، «نحوه» و انظر إعلام الورى: 329، و كشف الغمة 263:2 و 318، العدد القوية: 15/283.

وَ يُكَنَّى:

أَبَا الْحَسَنِ، وَ الْخَاصَّ: أَبَا مُحَمَّدٍ(1).

وَ لَقَبُهُ:

الرِّضَا، وَ الصَّابِرُ(2) ، وَ الْوَفِيُّ، وَ نُورُ الْهُدَى، وَ سِرَاجُ اللَّهِ، و الْفَاضِلُ، وَ قُرَّةُ عَيْنِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ مَكِيدُ الْمُلْحِدِينَ(3).

اسْمُ أُمِّهِ:

قِيلَ: إِنَّ اسْمَ أُمِّهِ: سَكَنُ النُّوبِيَّةُ، وَ يُقَالُ لَهَا: الْخَيْزَرَانُ، وَ يُقَالُ: صَفْرَاءُ(4) ، وَ تُسَمَّى:

أَرْوَى، وَ أُمَّ الْبَنِينِ(5).

نَقْشُ خَاتَمِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)

وَ كَانَ لَهُ خَاتَمٌ، نَقْشُ فَصِّهِ: الْعِزَّةُ لِلَّهِ(6).

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبَّادٍ: قَالَ لِيَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِرَاراً: أَنَا وَ الرَّشِيدُ كَهَاتَيْنِ.

وَ أَوْمَأَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَ الْوُسْطَى، فَلَمْ أَدْرِ مَا قَالَ، وَ مَنَعَتْنِي هَيْبَتُهُ أَنْ أَسْأَلَهُ، حَتَّى مَضَى فَقَبَرُوهُ إِلَى جَانِبِ الرَّشِيدِ(7).

.

وَ بَوَّابُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

مُحَمَّدُ(8) بْنُ الْفُرَاتِ(9).

ذِكْرُ وُلْدِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْإِمَامُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(10).

ص: 359


1- الهداية الكبرى: 279.
2- في «ط» زيادة: و الضامن.
3- تاريخ الأئمة: 28، تاريخ مواليد الأئمة: 194، مناقب ابن شهرآشوب 366:4، تذكرة الخواص: 351، كشف الغمة 260:2، الفصول المهمة: 244، نور الأبصار: 309.
4- في المناقب: صقر، و في كشف الغمة و الفصول المهمة و تاريخ مواليد الأئمة: شقراء.
5- الكافي 406:1، تاريخ مواليد الأئمة: 193، مناقب ابن شهرآشوب 367:4، تذكرة الخواص: 351، كشف الغمة 259:2، المستجاد من كتاب الارشاد: 492، نور الأبصار: 309.
6- في الفصول المهمة: 244 و نور الأبصار: 309: حسبي اللّه.
7- الارشاد: 316، كشف الغمة 282:2، نور الأبصار: 325.
8- في «ع، م»: عمر.
9- تاريخ الأئمة: 33، الفصول المهمة: 244، نور الابصار: 309.
10- أضيف في بعض المصادر: الحسن و جعفر و إبراهيم و الحسين و عائشة، انظر: تاريخ مواليد الأئمة: 193، كشف الغمة 267:2، الفصول المهمة: 246.

ذكر معجزاته (عليه السلام)

307/ 5 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابْنُ مُنِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ، قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي الرِّضَا عَلِيِّ بْنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ قَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَ لَمْ يَصِحَّ، فَدَخَلْتُ أُرِيدُ الْإِذْنَ عَلَيْهِ.

وَ كَانَ فِي بَعْضِ ثِقَاتِ خَدَمِ الْمَأْمُونِ خَادِمٌ يُقَالُ لَهُ (صَبِيحٌ الدَّيْلَمِيُّ) وَ كَانَ يَتَوَلَّى سَيِّدَنَا الرِّضَا عَلِيِّ بْنَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حَقَّ الْوَلاَءِ(1).

قَالَ: وَ إِذَا أَنَا بِصَبِيحٍ قَدْ خَرَجَ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ لِي: يَا هَرْثَمَةُ، أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّنِي ثِقَةُ الْمَأْمُونِ عَلَى سِرِّهِ وَ عَلاَنِيَتِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى.

قَالَ: اعْلَمْ يَا هَرْثَمَةُ، أَنَّ الْمَأْمُونَ دَعَانِي وَ ثَلاَثِينَ غُلاَماً مِنْ ثِقَاتِهِ عَلَى سِرِّهِ وَ عَلاَنِيَتِهِ، فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ مِنَ اللَّيْلِ، فَدَخَلْتُ وَ قَدْ صَارَ نَهَاراً مِنَ الشُّمُوعِ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُيُوفٌ مُسْتَلَّةٌ مَشْحُوذَةٌ مَسْمُومَةٌ، فَدَعَا بِنَا غُلاَماً غُلاَماً، فَأَخَذَ عَلَيْنَا الْعَهْدَ وَ الْمِيثَاقَ بِلِسَانِهِ، وَ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ غَيْرُنَا، فَقَالَ لَنَا: إِنَّ هَذَا(2) لاَزِمٌ لَكُمْ، أَنَّكُمْ تَفْعَلُونَ مَا آمُرُكُمْ بِهِ، وَ لاَ تَخَلَّفُوا عَنْهُ.

قَالَ: فَحَلَفْنَا لَهُ، فَقَالَ: يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مِنَ الْأَسْيَافِ سَيْفاً بِيَدِهِ، وَ امْضُوا حَتَّى تَدْخُلُوا عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى فِي حُجْرَتِهِ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُ قَائِماً، أَوْ قَاعِداً، أَوْ نَائِماً، فَلاَ تُكَلِّمُوهُ وَ ضَعُوا أَسْيَافَكُمْ هَذِهِ عَلَيْهِ، فَرُضُّوهُ رَضّاً بِهَا، حَتَّى تَخْلُطُوا لَحْمَهُ وَ دَمَهُ وَ شَعْرَهُ وَ عَظْمَهُ وَ مُخَّهُ، ثُمَّ أَدْرِجُوا عَلَيْهِ بِسَاطَهُ، وَ امْسَحُوا أَسْيَافَكُمْ وَ صِيرُوا إِلَيَّ، فَقَدْ جَعَلْتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ وَ كِتْمَانِهِ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَ عَشْرَ ضِيَاعٍ مُنْتَخَبَةٍ، وَ الْحُظْوَة مِنِّي مَا حَيِيتُ وَ بَقِيتُ.

قَالَ: فَأَخَذْنَا الْأَسْيَافَ بِأَيْدِينَا، وَ دَخَلْنَا عَلَيْهِ فِي حُجْرَتِهِ، فَوَجَدْنَاهُ مُضْطَجِعاً يَقْلِبُ طَرْفَهُ وَ يَدَهُ، وَ يَتَكَلَّمُ كَلاَماً لاَ نَعْقِلُهُ. قَالَ: فَبَادَرَتِ الْأَسْيَافُ إِلَيْهِ، حَتَّى فُعِلَ ذَلِكَ،

ص: 360


1- (حقّ الولاء) ليس في «ع».
2- في «ع»: فقال: هذا.

ثُمَّ طَوَوْا عَلَيْهِ بِسَاطَهُ، وَ مَسَحُوا أَسْيَافَهُمْ، وَ خَرَجُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى الْمَأْمُونِ، فَقَالَ: مَا الَّذِي صَنَعْتُمْ؟ فَقَالُوا: مَا أَمَرْتَنَا بِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَ أَنَا أَظُنُّ أَنَّهُمْ سَيَقُولُونَ إِنِّي مَا ضَرَبْتُ مَعَهُمْ بِسَيْفِي، وَ لاَ أَقْدَمْتُ إِلَيْهِ.

قَالَ: فَقَالَ: أَيُّكُمْ كَانَ أَسْرَعَ إِلَيْهِ بِسَيْفِهِ، قَالُوا: صَبِيحٌ الدَّيْلَمِيُّ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَجَزَانِي خَيْراً. ثُمَّ قَالَ: لاَ تُعِيدُوا شَيْئاً مِمَّا جَرَى فَتَبْخَسُوا(1) حَظَّكُمْ مِنِّي، وَ تَعْجَلُوا الْفَنَاءَ، وَ تَخْسَرُوا الْآخِرَةَ وَ الْأُولَى.

قَالَ: فَلَمَّا كَانَ انْبِلاَجُ(2) الْفَجْرِ خَرَجَ الْمَأْمُونُ فَجَلَسَ فِي مَجْلِسِهِ، مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، مَحْلُولَ الْأَزْرَارِ، وَ أَظْهَرَ الْحُزْنَ، وَ قَعَدَ لِلتَّعْزِيَةِ؛ وَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ النَّاسُ قَامَ حَافِياً فَمَشَى إِلَى الدَّارِ، لِيَنْظُرَ(3) إِلَيْهِ، وَ أَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا دَخَلَ فِي حُجْرَتِهِ سَمِعَ هَمْهَمَةً فَارْتَعَدَ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ عِنْدَهُ؟

فَقُلْنَا: لاَ عِلْمَ لَنَا بِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: أَسْرِعُوا. قَالَ صَبِيحٌ: فَأَسْرَعْنَا إِلَيْهِ فَإِذَا نَحْنُ بِسَيِّدِي جَالِسٌ فِي مِحْرَابِهِ، مُوَاصِلٌ تَسْبِيحَهُ، فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هُوَ ذَا نَرَى شَخْصاً جَالِساً فِي مِحْرَابِهِ يُصَلِّي وَ يُسَبِّحُ.

قَالَ: فَانْتَفَضَ الْمَأْمُونُ وَ ارْتَعَدَ، ثُمَّ قَالَ: غَدَرْتُمْ، لَعَنَكُمُ اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ مِنْ بَيْنِهِمْ فَقَالَ: يَا صَبِيحُ، أَنْتَ تَعْرِفُهُ، فَانْظُرْ مَنِ الْمُصَلِّي عِنْدَهُ. قَالَ صَبِيحٌ: فَدَخَلْتُ وَ وَلَّى الْمَأْمُونُ رَاجِعاً، فَلَمَّا صِرْتُ بِعَتَبَةِ الْبَابِ قَالَ لِي: يَا صَبِيحُ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا مَوْلاَيَ؛ وَ سَقَطْتُ لِوَجْهِي.

فَقَالَ: قُمْ رَحِمَكَ اللَّهُ، فَارْجِعْ وَ قُلْ لَهُ: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (4) فَرَجَعْتُ إِلَى الْمَأْمُونِ فَوَجَدْتُ وَجْهَهُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، فَقَالَ لِي: يَا صَبِيحُ، مَا وَرَاءَكَ؟1.

ص: 361


1- في «ع، م»: فتخيبوا.
2- في «ع، م»: انسلاخ.
3- في «ط»: و أنا أنظر.
4- الصّفّ 8:61.

فَقُلْتُ: جَالِسٌ فِي مِحْرَابِهِ، وَ قَدْ نَادَانِيَ بِاسْمِي، وَ قَالَ لِي كَيْتَ وَ كَيْتَ.

قَالَ: ثُمَّ شَدَّ أَزْرَارَهُ، وَ أَمَرَ بِرَدِّ أَثْوَابِهِ، وَ قَالَ: قُولُوا: إِنَّهُ قَدْ كَانَ غُشِيَ عَلَيْهِ، وَ قَدْ أَفَاقَ مِنْ غَشْيَتِهِ.

قَالَ هَرْثَمَةُ: فَدَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: يَا هَرْثَمَةُ، لاَ تُحَدِّثْ بِمَا حَدَّثَكَ بِهِ صَبِيحٌ الدَّيْلَمِيُّ إِلاَّ مَنْ قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِمَحَبَّتِنَا، وَ وَالاَنَا، فَقُلْتُ:

نَعَمْ يَا سَيِّدِي.

وَ قَالَ لِي: يَا هَرْثَمَةُ، وَ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّنَا كَيْدُهُمْ شَيْئاً حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ(1).

308/ 6 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ وَ إِلَى الْمَأْمُونِ وُلْدُ الْعَبَّاسِ لِيُزِيلُوهُ عَنْ وَلاَيَةِ الْعَهْدِ، وَ رَأَيْتُهُ يُكَلِّمَ الْمَأْمُونَ وَ يَقُولُ:

يَا أَخِي، مَا لِي إِلَى هَذَا مِنْ حَاجَةٍ، وَ لَسْتُ مُتَّخِذَ الظَّالِمِينَ عَضُداً. وَ إِذَا عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ أَسَدٌ، وَ عَلَى يَسَارِهِ أَفْعَى، يَحْمِلاَنِ عَلَى كُلِّ مَنْ حَوْلَهُ.

فَقَالَ الْمَأْمُونُ: أَ تَلُومُونَنِي عَلَى مَحَبَّةِ هَذَا. ثُمَّ رَأَيْتُهُ وَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْ حَائِطٍ رُطَباً فَأَطْعَمَهُمْ(2).

309/ 7 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي آخِرِ أَيَّامِهِ فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَ عَنْكَ مُعْجِزَةً فَأَرِنِيهَا. فَرَأَيْتُهُ أَخْرَجَ لَنَا مَاءً مِنْ صَخْرَةٍ فَسَقَانَا وَ شَرِبْتُ(3).

310/ 8 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ، قَالَ: قَالَ عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَكَلَّمْتُهُ فِي رَجُلٍ أَنْ يَصِلَهُ بِشَيْ ءٍ، فَأَعْطَانِي مِخْلاَةَ(4) تِبْنٍ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أُرَاجِعَهُ، فَلَمَّا وَصَلْتُ بَابَ الرَّجُلِ فَتَحْتُهَا فَإِذَا كُلُّهَا دَنَانِيرُ،ة.

ص: 362


1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 22/214:2، مدينة المعاجز: 54/482.
2- نوادر المعجزات: 1/166.
3- نوادر المعجزات: 2/166.
4- المخلاة: ما يوضع فيه العلف للدّابّة.

فَاسْتَغْنَى الرَّجُلُ وَ عَقِبُهُ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنَّ ذَلِكَ التِّبْنَ تَحَوَّلَ ذَهَباً(1)! فَقَالَ: لِهَذَا دَفَعْنَاهُ إِلَيْكَ(2).

311/ 9 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَنْطَرٍ(3) الْمُوصِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَلاَمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ حَاس(4) النَّاسُ فِيهِ وَ قَالُوا: لاَ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ، فَإِنْ أَبَاهُ لَمْ يُوصِ إِلَيْهِ. فَقَعَدَ مِنَّا عَشْرَةُ رِجَالٍ فَكَلَّمُوهُ، فَسَمِعْتُ الْجَمَادَ الَّذِي مِنْ تَحْتِهِ يَقُولُ: هُوَ إِمَامِي وَ إِمَامُ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَ إِنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِي فِي الْمَدِينَةِ - يَعْنِي مَدِينَةَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ - فَرَأَيْتُ الْحِيطَانَ وَ الْخَشَبَ تُكَلِّمُهُ وَ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ(5).

312/ 10 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَى مِنْبَرِ الْعِرَاقِ فِي مَدِينَةٍ الْمَنْصُورِ، وَ الْمِنْبَرُ يُكَلِّمُهُ. فَقُلْتُ لَهُ: وَ هَلْ كَانَ مَعَكَ أَحَدٌ يَسْمَعُ؟

فَقَالَ عُمَارَةُ: وَ سَاكِنِ السَّمَاوَاتِ، لَقَدْ كَانَ مَعِي مَنْ دُونَهُ مِنْ حَشَمِهِ يَسْمَعُونَ ذَلِكَ(6).

313/ 11 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْبَدُ بْنُ جُنَيْدٍ(7) الشَّامِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ كَثُرَ الْخَوْضُ فِيكَ وَ فِي عَجَائِبِكَ، فَلَوْ شِئْتَ أَنْبَأْتَنِي بِشَيْ ءٍ أُحَدِّثُهُ عَنْكَ.

فَقَالَ: وَ مَا تَشَاءُ؟

فَقُلْتُ: تُحْيِي لِي أَبِي وَ أُمِّي.

فَقَالَ: انْصَرِفْ إِلَى مَنْزِلِكَ فَقَدْ أَحْيَيْتُهُمَا. فَانْصَرَفْتُ وَ اللَّهِ وَ هُمَا فِي الْبَيْتِ أَحْيَاءٌ، فَأَقَامَا عِنْدِي عَشْرَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ قَبَضَهُمَا اللَّهُ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى)(8).1.

ص: 363


1- في «ط»: دنانير.
2- نوادر المعجزات: 3/166.
3- في «ط»: قنطرة.
4- حاس الناس فيه: أي بالغوا في النكاية فيه، و في «ط»: جاش.
5- نوادر المعجزات: 4/167.
6- نوادر المعجزات: 5/167.
7- في «ع»: حنيذ.
8- نوادر المعجزات: 6/168، فرج المهموم: 231.

314/ 12 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: لَقِيتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ عَلَى حِمَارِهِ، فَقُلْتُ لَهُ:

مَنْ أَرْكَبَكَ هَذَا، وَ تَزْعُمُ أَكْثَرُ شِيعَتِكَ أَنَّ أَبَاكَ لَمْ يُوصِكَ وَ لَمْ يُقْعِدْكَ هَذَا الْمُقْعَدَ، وَ ادَّعَيْتَ لِنَفْسِكَ مَا لَمْ يَكُنْ لَكَ.

فَقَالَ لِي: وَ مَا دَلاَلَةُ الْإِمَامِ عِنْدَكَ؟

قُلْتُ: أَنْ يُكَلِّمَ بِمَا(1) وَرَاءَ الْبَيْتِ، وَ أَنْ يُحْيِيَ وَ يُمِيتَ.

فَقَالَ: أَنَا أَفْعَلُ، أَمَّا الَّذِي مَعَكَ فَخَمْسَةُ دَنَانِيرَ، وَ أَمَّا أَهْلُكَ فَإِنَّهَا مَاتَتْ مُنْذُ سَنَةٍ وَ قَدْ أَحْيَيْتُهَا السَّاعَةَ وَ أَتْرُكُهَا مَعَكَ سَنَةً أُخْرَى، ثُمَّ أَقْبِضُهَا إِلَيَّ لِتَعْلَمَ أَنِّي إِمَامٌ بِلاَ خِلاَفٍ. فَوَقَعَتْ عَلَيَّ الرِّعْدَةُ فَقَالَ: أَخْرِجْ(2) رَوْعَكَ فَإِنَّكَ آمِنٌ.

ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَإِذَا بِأَهْلِي جَالِسَةٌ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا الَّذِي جَاءَ بِكِ؟ فَقَالَتْ:

كُنْتُ نَائِمَةً إِذْ أَتَانِي آتٍ، ضَخْمٌ، شَدِيدُ السُّمْرَةِ - فَوَصَفَتْ لِي صِفَةَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) - فَقَالَ لِي: يَا هَذِهِ، قُومِي وَ ارْجِعِي إِلَى زَوْجِكِ، فَإِنَّكِ تُرْزَقِينَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَداً. فَرُزِقْتُ وَ اللَّهِ(3).

315/ 13 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ:

صَحِبْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى مَكَّةَ وَ مَعِي غُلاَمٌ لِي، فَاعْتَلَّ فِي الطَّرِيقِ، فَاشْتَهَى الْعِنَبَ وَ نَحْنُ فِي مَفَازَةٍ. فَوَجَّهَ إِلَيَّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمَ)، فَقَالَ: إِنَّ غُلاَمَكَ اشْتَهَى الْعِنَبَ. فَنَظَرْتُ وَ إِذَا أَنَا بِكَرْمٍ لَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَ أَشْجَارِ رُمَّانٍ، فَقَطَعْتُ عِنَباً وَ رُمَّاناً وَ أَتَيْتُ بِهِ الْغُلاَمَ، فَتَزَوَّدْنَا مِنْهُ إِلَى مَكَّةَ، وَ رَجَعْتُ مِنْهُ إِلَى بَغْدَادَ، فَحَدَّثْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ وَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ سَعْدٍ الْجَوْهَرِيَّ، فَأَتَيَا الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ لَهُمَا الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وَ مَا هِيَ بِبَعِيدٍ مِنْكُمَا، هَا هُوَ ذَا. فَإِذَا هُمْ بِبُسْتَانٍ فِيهِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ فَأَكَلْنَا وَ ادَّخَرْنَا(4).

316/ 14 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا(5) أَبُوي.

ص: 364


1- في «ط»: ما.
2- في «ع»: أفرّج.
3- نوادر المعجزات: 7/168.
4- نوادر المعجزات: 8/169، مدينة المعاجز: 17/475.
5- في «ع»: أخبرني.

جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَدِمَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ أَسْأَلُهُ الْإِذْنَ لِي فِي الْخُرُوجِ إِلَى مِصْرَ؛ وَ كُنْتُ أَتَّجِرُ إِلَيْهَا. فَكَتَبَ إِلَيَّ: أَقِمْ مَا شَاءَ اللَّهِ.

فَأَقَمْتُ سَنَتَيْنِ.

ثُمَّ قَدِمْتُ الثَّالِثَةَ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ أَسْتَأْذِنُهُ، فَكَتَبَ إِلَيَّ: اخْرُجْ مُبَارَكاً لَكَ صُنْعُ اللَّهِ لَكَ. وَ وَقَعَ الْهَرْجُ بِبَغْدَادَ، فَسَلَّمْتُ مِنْ تِلْكَ الْفِتْنَةِ(1).

317/ 15 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)؛ قَالَ: فَأَقْبَلَ يُحَدِّثُنِي وَ يُسَائِلُنِي، إِذْ قَالَ:

يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا ابْتَلَى اللَّهُ عَبْداً مُؤْمِناً بِبَلِيَّةٍ فَصَبَرَ عَلَيْهَا، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ أَلْفِ شَهِيدٍ.

قَالَ: وَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي ذِكْرِ شَيْ ءٍ مِنَ الْعِلَلِ، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ حَدَّثَنِي بِالْوَجَعِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ! قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَ وَدَّعْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَحِقْتُ أَصْحَابِي وَ قَدْ رَحَلُوا(2) ، فَاشْتَكَيْتُ رِجْلِي مِنْ لَيْلَتِي. قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا لِمَا تَعِبْتُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ تَوَرَّمَتْ.

قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتُ وَ قَدِ اشْتَدَّ الْوَرَمُ، وَ ضَرَبَ(3) عَلَيَّ فِي اللَّيْلِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ، فَلَمَّا وَصَلْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ جَرَى مِنْهُ الْقَيْحُ، وَ صَارَ جُرْحاً عَظِيماً، لاَ أَنَامُ وَ لاَ أُقِيمُ(4) ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ حَدَّثَنِي لِهَذَا الْمَعْنَى.

فَبَقِيَ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْراً صَاحِبَ فِرَاشٍ، ثُمَّ أَفَاقَ، ثُمَّ نَكَسَ مِنْهَا فَمَاتَ(5).

318/ 16 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ الرَّبَعِيُّ السَّمَرْقَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ(6) اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءُ، قَالَ: وَجَّهَ إِلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَىد.

ص: 365


1- مدينة المعاجز: 18/475.
2- في «ع، م»: دخلوا.
3- في «ع، م»: و ضرت.
4- في «ط، ع»: و لا أنيم.
5- الهداية الكبرى: 286، الخرائج و الجرائح 14/360:1.
6- في «ع»: عبيد.

الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ نَحْنُ بِخُرَاسَانَ ذَاتَ يَوْمٍ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ إِلَيْهِ قَالَ لِي:

يَا حَسَنُ، تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ الْبَطَائِنِيُّ فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَ أُدْخِلَ قَبْرَهُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، فَأَتَيَاهُ مَلَكَا الْقَبْرِ، فَقَالاَ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟

فَقَالَ: اللَّهُ رَبِّي.

قَالاَ: فَمَنْ نَبِيُّكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ.

قَالاَ: فَمَا دِينُكَ؟ قَالَ: الْإِسْلاَمُ.

قَالاَ: فَمَا كِتَابُكَ؟ قَالَ: الْقُرْآنُ.

قَالاَ: فَمَنْ وَلِيُّكَ؟ قَالَ: عَلِيٌّ.

قَالاَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ الْحَسَنُ.

قَالاَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ الْحُسَيْنُ.

قَالاَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ.

قَالاَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ.

قَالاَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ.

قَالاَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ.

قَالاَ: ثُمَّ مَنْ؟ فَتَلَجْلَجَ لِسَانُهُ(1) ، فَأَعَادَا عَلَيْهِ، فَسَكَتَ، قَالاَ لَهُ: أَ فَمُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ أَمَرَكَ بِهَذَا؟! ثُمَّ ضَرَبَاهُ بِإِرْزَبَّةٍ(2) ، فَأَلْقَيَاَهُ عَلَى قَبْرِهِ، فَهُوَ يَلْتَهِبُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: فَلَمَّا خَرَجْتُ كَتَبْتُ الْيَوْمَ وَ مَنْزِلَتَهُ فِي(3) الشَّهْرِ، فَمَا مَضَتْ الْأَيَّامُ حَتَّى وَرَدَتْ عَلَيْنَا كُتُبُ الْكُوفِيِّينَ، بِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي حَمْزَةَ تُوُفِّيَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَ أُدْخِلَ قَبْرَهُ فِي السَّاعَةِ الَّتِي قَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(4).

319/ 17 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هُلَيْلٍ،8.

ص: 366


1- (لسانه) ليس في «ع».
2- الإرزبّة: عصية من حديد «لسان العرب - رزب - 416:1».
3- في «ع»: من.
4- نوادر المعجزات: 9/170، مدينة المعاجز: 30/478.

قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سُمَيْنَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ حُمَيْدٍ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ:

كُنَّا عِنْدَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مُجْتَمِعِينَ، وَ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا (رَابِعَةُ) فَقَالَ لَنَا(1) يَوْماً:

إِنَّ طَيْراً جَاءَنِي، فَوَقَعَ عِنْدِي، أَصْفَرَ الْمِنْقَارِ، ذَلِقَ اللِّسَانِ، فَكَلَّمَنِي بِلِسَانٍ فَقَالَ لِي: إِنَّ جَارِيَتَكَ هَذِهِ تَمُوتُ قَبْلَكَ. فَمَاتَتِ الْجَارِيَةُ.

وَ قَالَ لِي الْغَابِرُ: إِذَا دَخَلَتْ سَنَةُ سِتِّينَ حَدَثَتْ أُمُورٌ عِظَامٌ، اسْأَلِ اللَّهَ كِفَايَتَهَا؛ وَ اخْتِلاَفُ الْمَوَالِي شَدِيدٌ، ثُمَّ يَجْمَعُهُمُ اللَّهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَ سِتِّينَ.

وَ كَانَ يَقُولُ: فَإِذَا كَانَ كَذَا وَ كَذَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ يَحْفَظُ دِينَهُ وَ نَفْسَهُ.

فَقُلْتُ لَهُ: يَكُونُ لِي وَلَدٌ؟ فَأَخَذَ شَيْئاً مِنَ الْأَرْضِ، فَصَوَّرَهُ وَ وَضَعَهُ عَلَى فَخِذِي، وَ قَالَ: هَذَا وَلَدُكَ(2).

320/ 18 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ لِيَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ: عَبْدُ اللَّهِ يَقْتُلُ مُحَمَّداً.

قُلْتُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ يَقْتُلُ مُحَمَّدَ بْنَ هَارُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ الَّذِي بِخُرَاسَانَ صَاحِبُ طَاهِرٍ وَ هَرْثَمَةَ، يَقْتُلُ مُحَمَّدَ ابْنَ زُبَيْدَةَ الَّذِي بِبَغْدَادَ؟

قَالَ: نَعَمْ. فَقَتَلَهُ(3).

321/ 19 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ أَبِي حَبِيبٍ النِّبَاجِيِّ(4) أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ فِي مَنَامِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قَدْ دَخَلَ قَرْيَتِي، فِي مَسْجِدِ النِّبَاجِ، فَجَلَسَ وَ أُتِيَ بِأَطْبَاقٍ فِيهَا تَمْرٌ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ فَدَفَعَهُ إِلَيَّ، فَعَدَدْتُهُ فَكَانَ5.

ص: 367


1- في «م، ط»: أربعة فقال لها.
2- مدينة المعاجز: 31/478.
3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 12/209:2.
4- في «ع»: السّاجيّ، و في «م»: الساحي، و كلاهما تصحيف، و النّباجيّ نسبة إلى النباج، قرية قرب البصرة، أنساب السمعاني 453:5، معجم البلدان 255:5.

ثَمَانِيَ عَشْرَةَ تَمْرَةً؛ فَقُلْتُ: إِنِّي أَعِيشُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً.

فَبَيْنَا أَنَا فِي أَرْضِي إِذْ قِيلَ لِي: قَدْ قَدِمَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِنَ الْمَدِينَةِ، وَ رَأَيْتُ النَّاسِ يَسْعَوْنَ(1) إِلَيْهِ، فَصِرْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَطْبَاقٌ فِيهَا تَمْرٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ، ثُمَّ تَنَاوَلَ قَبْضَةً مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ، فَدَفَعَهُ إِلَيَّ، فَعَدَدْتُهُ فَكَانَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ تَمْرَةً.

فَقُلْتُ: زِدْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ.

فَقَالَ: لَوْ زَادَكَ رَسُولُ اللَّهِ شَيْئاً لَزِدْتُكَ(2).

322/ 20 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَسَارٍ الْوَاسِطِيِّ، قَالَ: سَأَلَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ قِيَاماً(3) الصَّيْرَفِيُّ أَنْ أَسْتَأْذِنَ لَهُ عَلَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا صَارَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لَهُ: أَنْتَ إِمَامٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ أَنَّكَ لَسْتَ بِإِمَامٍ.

قَالَ لَهُ: وَ مَا عِلْمُكَ؟

قَالَ: لِأَنِّي رُوِّيتُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ: «اَلْإِمَامُ لاَ يَكُونُ عَقِيماً» وَ قَدْ بَلَغْتَ هَذَا السِّنَّ وَ لَيْسَ لَكَ وَلَدٌ. فَرَفَعَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ:

اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ لاَ تَمْضِي الْأَيَّامُ وَ اللَّيَالِي حَتَّى أُرْزَقَ وَلَداً يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً. فَعَدَدْنَا الْوَقْتَ، فَكَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ وِلاَدَةِ أَبِي جَعْفَرٍ شُهُورٌ(4).

323/ 21 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ الْمُوصِلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ2.

ص: 368


1- في «ع»: مشيعون.
2- عيون اخبار الرّضا (عليه السّلام) 15/210:2، كشف الغمّة 313:2.
3- في النّسخ: قيام، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، و هو من رؤساء الواقفة، كما وصف في عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام)، و انظر: رجال الطّوسيّ: 27/348، معجم رجال الحديث 65:6.
4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 13/209:2، نوادر المعجزات: 11/172، إعلام الورى: 323، حلية الأبرار 432:2.

إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: أَلْحَحْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي شَيْ ءٍ طَلَبْتُهُ لِحَاجَتِي إِلَيْهِ، فَكَانَ يَعِدُنِي.

فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ يَسْتَقْبِلُ(1) وَالِيَ الْمَدِينَةِ، وَ كُنْتُ مَعَهُ، فَجَاءَ فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، وَ نَزَلْتُ مَعَهُ، لَيْسَ مَعَنَا ثَالِثٌ، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، الْعِيدُ قَدْ أَظَلَّنَا، وَ لاَ وَ اللَّهِ مَا أَمْلِكُ دِرْهَماً فَمَا سِوَاهُ.

قَالَ: فَحَكَّ بِسَوْطِ دَابَّتِهِ الْأَرْضَ حَكّاً شَدِيداً، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ، فَتَنَاوَلَ سَبِيكَةَ ذَهَبٍ مِنْ مَوْضِعِ الْحَكِّ، فَقَالَ: خُذْهَا وَ انْتَفِعْ بِهَا، وَ اكْتُمْ مَا رَأَيْتَ عَلَيَّ(2).

324/ 22 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ(3) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَصَابَنِي عَطَشٌ شَدِيدٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَسْتَسْقِيَ فِي مَجْلِسِهِ، فَدَعَا بِمَاءِ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اشْرَبْ فَإِنَّهُ بَارِدٌ. فَشَرِبْتُ(4).

325/ 23 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: اسْتَقْبَلْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى الْقَادِسِيَّةِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اكْتَرِ لِي حُجْرَةً لَهَا بَابَانِ: بَابٌ إِلَى الْخَانِ، وَ بَابٌ إِلَى الْخَارِجِ، فَإِنَّهُ أَسْتَرُ عَلَيْكَ. وَ بَعَثَ إِلَيَّ بِمِنْدِيلٍ فِيهِ دَنَانِيرُ صَالِحَةٌ وَ مُصْحَفٌ، وَ كَانَ يَأْتِينِي رَسُولُهُ فِي حَوَائِجِهِ، فَأَشْتَرِي لَهُ.

وَ قَعَدْتُ يَوْماً وَ فَتَحْتُ الْمُصْحَفَ لِأَقْرَأَ فِيهِ، فَنَظَرْتُ فِي سُورَةِ لَمْ يَكُنِ (5) فَوَجَدْتُهَا أَضْعَافَ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ، فَأَخَذْتُ الدَّوَاةَ وَ الْقِرْطَاسَ لِأَكْتُبَهَا، فَأَتَانِي مُسَافِرٌة.

ص: 369


1- في «ع، م»: استقبل.
2- بصائر الدّرجات: 2/394، الكافي 6/408:1، الارشاد: 309، الاختصاص: 270، روضة الواعظين: 222، إعلام الورى: 326، مناقب ابن شهرآشوب 344:4، كشف الغمّة 274:2، الصّراط المستقيم 1/194:2.
3- زاد في العيون: قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: حدّثنا محمّد ابن الحسن بن علاّن. و مثله في البصائر، و هو الصّواب.
4- بصائر الدّرجات: 16/259، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 3/204:2.
5- المراد سورة البيّنة.

قَبْلَ أَنْ أَكْتُبَ مِنْهُ شَيْئاً، مَعَهُ مِنْدِيلٌ وَ خَاتَمٌ، فَقَالَ: يَأْمُرُكَ أَنْ تَضَعَ الْمُصْحَفَ فِيهِ، وَ تَخْتِمَهُ بِهَذَا الْخَاتَمِ، وَ تَبْعَثَ بِهِ إِلَيْهِ. فَفَعَلْتُ ذَلِكَ(1).

326/ 24 - وَ رَوَى أَبُو حَامِدٍ السِّنْدِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَسْأَلُهُ دُعَاءً، فَدَعَا لِي، وَ قَالَ: لاَ تُؤَخِّرْ صَلاَةَ الْعَصْرِ، وَ لاَ تَحْبِسِ الزَّكَاةَ.

قَالَ أَبُو حَامِدٍ: وَ مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ بِشَيْ ءٍ مِنْ هَذَا، وَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلاَّ اللَّهُ.

قَالَ أَبُو حَامِدٍ: وَ كُنْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا، وَ كُنْتُ أَدْفَعُ الزَّكَاةَ بِتَأْخِيرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ أَقَلَّ وَ أَكْثَرَ، بَعْدَ مَا تَحِلُّ؛ فَابْتَدَأَنِي بِهَذَا(2).

327/ 25 - وَ رَوَى الْهَيْثَمُ النَّهْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ: قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَشْيَاءَ، وَ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ السِّلاَحِ، فَأَغْفَلْتُهُ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَ دَخَلْتُ إِلَى مَنْزِلِ الْحَسَنِ بْنِ بَشِيرٍ، فَإِذَا غُلاَمُهُ وَ رُقْعَتُهُ:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَنَا بِمَنْزِلَةِ أَبِي، وَ وَارِثُهُ، وَ عِنْدِي مَا كَانَ عِنْدَهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)»(3).

328/ 26 - وَ رَوَى عَبَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ - يَعْنِي أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) -: إِنِّي طَلَّقْتُ أُمَّ فَرْوَةَ بِنْتَ إِسْحَاقَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي بِيَوْمٍ.

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، طَلَّقْتَهَا وَ قَدْ عَلِمْتَ بِمَوْتِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)؟! قَالَ: نَعَمْ(4).

329/ 27 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلاَّدٍ، قَالَ:

: سَأَلَنِي رَيَّانُ بْنُ الصَّلْتِ أَنْ أَسْتَأْذِنَ لَهُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِخُرَاسَانَ حِينَ أَرَادَ2.

ص: 370


1- بصائر الدّرجات: 8/266.
2- مدينة المعاجز: 36/479.
3- بصائر الدّرجات: 5/272، الخرائج و الجرائح 6/663:2، الصّراط المستقيم 21/198:2.
4- بصائر الدّرجات: 4/487، الكافي 3/312:1، مدينة المعاجز: 153/512.

أَنْ يَخْرُجَ إِلَى نُعَيْمِ بْنِ حَازِمٍ، لَمَّا أُلْتُ(1) عَلَى الْخَلِيفَةِ، إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً، وَ أَنْ أَسْأَلَهُ أَنْ يَكْسُوَهُ قَمِيصاً يَكُونُ فِي أَكْفَانِهِ إِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ، وَ يَهَبَ لَهُ(2) مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي ضُرِبَتْ بِاسْمِهِ.

فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ جَاءَنِي رَسُولُ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ قَالَ لِي: أَيْنَ كُنْتَ؟ قُلْتُ: كُنْتُ عِنْدَ رَيَّانَ.

فَقَالَ: مَتَى يَخْرُجُ؟

فَقُلْتُ لَهُ: زَعَمَ أَنَّ ذَا الرِّئَاسَتَيْنِ أَمَرَهُ بِأَنْ يَخْرُجَ غَداً مَعَ زَوَالِ الشَّمْسِ.

فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: اشْتَهَى أَنْ يَلْقَانِي؟

قُلْتُ: نَعَمْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ.

قَالَ: اشْتَهَى أَنْ أَكْسُوَهُ؟ فَسَبَّحْتُ، فَقَالَ: مَا لَكَ تُسَبِّحُ؟

فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا كُنَّا إِلاَّ فِي هَذَا!

فَقَالَ: يَا مُعَمَّرُ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ مُوَفَّقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ قُلْ لَهُ يَأْتِينِي اللَّيْلَةَ.

فَلَمَّا خَرَجْتُ أَتَيْتُهُ فَوَعَدْتُهُ حَتَّى يَلْقَاهُ بِاللَّيْلِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ جَلَسَ قُدَّامَهُ، وَ تَنَحَّيْتُ أَنَا نَاحِيَةً، فَدَعَانِي فَأَجْلَسَنِي مَعَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَيَّانَ بِوَجْهِهِ، فَدَعَا لَهُ بِقَمِيصٍ.

فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ وَضَعَ فِي يَدِهِ شَيْئاً، فَلَمَّا خَرَجَ نَظَرْتُ فَإِذَا ثَلاَثُونَ دِرْهَماً مِنْ دَرَاهِمِهِ، فَاجْتَمَعَ لَهُ جَمِيعُ مَا أَرَادَ مِنْ غَيْرِ طَلَبِهِ(3).

330/ 28 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ، عَنْ مُرَازِمٍ، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ أَمَرَنِي بِأَشْيَاءَ، فَأَتَيْتُ الْمَكَانَ الَّذِي بَعَثَنِي إِلَيْهِ، فَإِذَا أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ). قَالَ: فَقَالَ لِي: فِيمَ قَدِمْتَ؟

قَالَ: فَكَبُرَ عَلَيَّ أَنْ لاَ أُخْبِرَهُ حِينَ سَأَلَنِي، لِمَعْرِفَتِي بِحَالِهِ عِنْدَ أَبِيهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: مَا أَمَرَنِي أَنْ أُخْبِرَهُ؛ وَ أَنَا مُرَدِّدٌ ذَلِكَ فِي نَفْسِي.2.

ص: 371


1- ألت عليه: قصده، أو حطّ من قدره.
2- في «ع، م»: لي.
3- نحوه في قرب الاسناد: 148، و رجال الكشّيّ: 1035/546، و 1036، كشف الغمّة 299:2.

فَقَالَ: قَدِمْتَ يَا مُرَازِمُ، فِي كَذَا وَ كَذَا. قَالَ: فَقَصَّ مَا قَدِمْتُ لَهُ(1).

331/ 29 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ الْحَرَّانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ، صَاحِبَ أَبِي، أَطْعَمَهُ ثَلاَثِينَ رُطَبَةً مَنْزُوعَةَ الْأَقْمَاعِ، مَصْبُوبٌ فِيهَا السُّمُّ.

قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنْ كَانَ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ صَاحِبَهُ، فَأَنَا أَشْتَرِي نَفْسِي لِلَّهِ، فَأَتَوَلَّى قَتْلَهُ، فَإِنِّي أَرْجُو الظَّفَرَ بِهِ.

فَقَالَ لِي: لاَ تَتَعَرَّضْ لَهُ، فَإِنَّ الَّذِي يَنْزِلُ بِهِ وَ بِوَلَدِهِ مِنْ صَاحِبِهِ شَرٌّ مِمَّا تُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَهُ بِهِ.

وَ أَخْبَرْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِكَلاَمِ دَاوُدَ، فَقَالَ لِي: صَدَقَ دَاوُدُ عَنِّي، فَقَدْ رَأَيْتَ مَا صَنَعَ بِالظَّالِمِ وَ انْتَصَرَ مِنْهُ.

وَ قَالَ: كُلَّمَا يَبْلُغُكَ عَنْ شُرْطَةِ الْخَمِيسِ، وَ مَا يُحْكَى عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِنْ الْأَعَاجِيبِ، فَقَدْ وَ اللَّهِ أَرَانِيهِ أَبُو الْحَسَنِ - يَعْنِي الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) - وَ لَكِنِّي أُمِرْتُ أَنْ لاَ أَحْكِيَهُ، وَ لَوْ حَكَيْتُهُ لِأَحَدٍ لَأَخْبَرْتُكَ بِهِ(2).

332/ 30 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي السَّنَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا هَارُونُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِي الْأَرْبَعِ وَ الْعِشْرِينَ، وَ أَخَافُ أَنْ يَطُولَ عُمُرُهُ، فَقَالَ: كَلاَّ وَ اللَّهِ، إِنَّ أَيَادِيَ اللَّهِ عِنْدِي وَ عِنْدَ آبَائِي قَدِيمَةٌ، لَنْ يَبْلُغَ الْأَرْبَعَ وَ الْعِشْرِينَ سَنَةً(3).

333/ 31 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ابْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ(4) ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُسَافِرٌ قَالَ: أَمَرَ أَبُو

ص: 372


1- مدينة المعاجز: 80/487.
2- مدينة المعاجز: 81/487.
3- مدينة المعاجز: 86/488.
4- في إثبات الوصيّة: عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ، و لعلّ ما في المتن هو محمّد بن أبي نصر الّذي -.عدّه البرقيّ في رجاله: 57 من أصحاب الامام الجواد (عليه السّلام).

إِبْرَاهِيمَ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) حِينَ حُمِلَ إِلَى الْعِرَاقِ أَنْ يَنَامَ عَلَى بَابِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، فَكُنَّا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ نَفْرُشُ لَهُ فِي الدِّهْلِيزِ، ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَيَنَامُ، فَإِذَا أَصْبَحَ أَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَ كُنَّا رُبَّمَا خَبَأْنَا الشَّيْ ءَ مِمَّا يُؤْكَلُ فَيَجِيءُ حَتَّى يُخْرِجَهُ، وَ يُعْلِمُنَا أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ بِهِ.

فَمَكَثَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ نَحْوُ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مُقِيمٌ فِي يَدِ السُّلْطَانِ ذَاهِباً جَائِياً فِي حَالِ رَفَاهَةٍ وَ إِكْرَامٍ، وَ كَانَ الرَّشِيدُ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي الْمَسَائِلِ، فَيُجِيبُهُ عَنْهَا.

ثُمَّ كَانَ مِنَ الْبَرَامِكَةِ مَا كَانَ فِي السَّعْيِ عَلَى دَمِهِ، وَ الْإِغْرَاءِ بِهِ، حَتَّى حَبَسَهُ فِي يَدِ السِّنْدِيِّ بْنِ شَاهَكَ، وَ أَمَرَهُ الرَّشِيدُ بِقَتْلِهِ فِي السَّمِّ.

فَلَمَّا كَانَ فِي لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي وَ قَدْ فَرَشْنَا لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَى عَادَتِهِ أَبْطَأَ عَنَّا، فَلَمْ يَأْتِ كَمَا كَانَ يَأْتِي، فَاسْتَوْحَشَ الْعِيَالُ وَ ذُعِرُوا، وَ دَاخَلَنَا مِنْ إِبْطَائِهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ.

فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى الدَّارَ، وَ دَخَلَ قَاصِداً إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ، ثُمَّ أَتَى أُمَّ حُمَيْدٍ(1) فَقَالَ لَهَا: هَاتِ الَّذِي أَوْدَعَكِ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ). وَ سَمَّاهُ لَهَا، فَصَرَخَتْ وَ لَطَمَتْ، وَ شَقَّتْ ثِيَابَهَا، وَ قَالَتْ: مَاتَ، وَ اللَّهِ، سَيِّدِي. فَكَفَّهَا، وَ قَالَ لَهَا: لاَ تَكَلَّمِي بِهَذَا، وَ لاَ تُظْهِرِيهِ(2) حَتَّى يَجِيءَ الْخَبَرُ إِلَى وَالِي الْمَدِينَةِ.

فَأَخْرَجَتْ إِلَيْهِ سَفَطاً فِيهِ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ وَ الْمَالُ، وَ هُوَ سِتَّةُ آلاَفِ دِينَارٍ، وَ سَلَّمَتْهُ إِلَيْهِ، وَ كَتَمَتِ الْأَمْرَ، فَوَرَدَ الْخَبَرُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَنَظَرَ فِيهِ، فَوَجَدَ قَدْ تُوُفِّيَ فِي الْوَقْتِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ(3).

334/ 32 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ فِي السَّنَةِ الَّتِي بَطَشَ فِيهَا هَارُونُ بِجَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، وَ حَبَسَ يَحْيَى1.

ص: 373


1- في «ط»: أم حميدة، و في المصادر: أم أحمد.
2- في «ع، م»: و لا تظهروه.
3- الكافي 6/312:1، إثبات الوصيّة: 168، الخرائج و الجرائح 29/371:1.

ابْنَ خَالِدٍ، وَ نَزَلَ بِالْبَرَامِكَةِ مَا نَزَلَ، كَانَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَاقِفاً بِعَرَفَةَ يَدْعُو، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ حَتَّى كَادَتْ جَبْهَتُهُ تُصِيبُ قَادِمَةَ الرَّحْلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:

إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ - يَعْنِي الْبَرَامِكَةَ - مُنْذُ فَعَلُوا بِأَبِي مَا فَعَلُوا، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِي الْيَوْمَ فِيهِمْ.

فَلَمَّا انْصَرَفْنَا لَمْ نَلْبَثْ إِلاَّ أَيَّاماً حَتَّى بَطَشَ بِجَعْفَرٍ، وَ حُبِسَ يَحْيَى، وَ تَغَيَّرَتْ حَالاَتُهُمْ(1).

335/ 33 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ مُوسَى بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ نَظَرَ إِلَى هَرْثَمَةَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: كَأَنِّي بِهِ وَ قَدْ حُمِلَ إِلَى مَرْوَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ. فَكَانَ كَمَا قَالَ(2).

336/ 34 - قَالَ: وَ كَتَبَ إِلَيْهِ مُوسَى بْنُ مِهْرَانَ يَسْأَلُهُ أَنْ يَدْعُوَ لاِبْنٍ لَهُ عَلِيلٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: «وَهَبَ اللَّهُ لَكَ وَلَداً صَالِحاً» فَمَاتَ ابْنُهُ وَ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ آخَرُ(3).

337/ 35 - وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَشَّاءُ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ بِنْتِ إِلْيَاسَ، قَالَ:

شَخَصْتُ إِلَى خُرَاسَانَ وَ مَعِي حُلَّةٌ وَشِيٌّ وَ حِبَرَةٌ(4) ، فَوَرَدْتُ مَرْوَ لَيْلاً، وَ كُنْتُ أَقُولُ بِالْوَقْفِ، فَوَافَقَ مَوْضِعَ نُزُولِي غُلاَمٌ أَسْوَدُ كَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لِي: سَيِّدِي يَقُولُ لَكَ: وَجِّهْ إِلَيَّ بِالْحِبَرَةِ الَّتِي مَعَكَ، لِأُكَفِّنَ بِهَا مَوْلًى لَنَا تُوُفِّيَ.

فَقُلْتُ: وَ مَنْ سَيِّدُكَ؟

فَقَالَ: عَلِيُّ بْنُ مُوسَى.

فَقُلْتُ: مَا بَقِيَ مَعِي حِبَرَةٌ، وَ لاَ حُلَّةٌ إِلاَّ وَ قَدْ بِعْتُهَا فِي الطَّرِيقِ فَعَادَ إِلَيَّ فَقَالَ:

بَلَى، قَدْ بَقِيَتِ الْحِبَرَةُ قِبَلَكَ. فَحَلَفْتُ لَهُ أَنِّي لاَ أَعْلَمُهَا مَعِي. فَمَضَى وَ عَادَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ:

هِيَ فِي عَرْضِ السَّفَطِ الْفُلاَنِيِّ.».

ص: 374


1- عيون المعجزات: 108.
2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 14/210:2، مناقب ابن شهرآشوب 335:4، كشف الغمّة 304:2.
3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 38/221:2.
4- الحبرة و الحبرة: ضرب من برود اليمن منمر «لسان العرب - حبر - 159:4».

فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنْ صَحَّ هَذَا، فَهِيَ دَلاَلَةٌ. وَ كَانَتْ ابْنَتِي دَفَعَتْ إِلَيَّ الْحِبَرَةَ وَ قَالَتْ: بِعْهَا وَ ابْتَعْ بِثَمَنِهَا فَيْرُوزَجاً وَ شَيْحاً(1) مِنْ خُرَاسَانَ: فَقُلْتُ لِغُلاَمِي: هَاتِ السَّفَطَ، فَلَمَّا أَخْرَجَهُ وَجَدْتُهَا فِي عَرْضِهِ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، وَ قُلْتُ: لاَ آخُذُ لَهَا ثَمَناً.

فَقَالَ: هَذِهِ دَفَعَتْهَا إِلَيْكَ ابْنَتُكَ فُلاَنَةُ، وَ سَأَلَتْكَ أَنْ تَبْتَاعَ لَهَا بِثَمَنِهَا فَيْرُوزَجاً وَ شَيْحاً، فَابْتَعْ لَهَا بِهَذَا.

فَعَجِبْتُ مِمَّا وَرَدَ عَلَيَّ، وَ قُلْتُ: وَ اللَّهِ، لَأَكْتُبَنَّ لَهُ مَسَائِلَ أَسْأَلُهُ فِيهَا، وَ لَأَمْتَحِنَنَّهُ فِي مَسَائِلَ كُنْتُ أَسْأَلُ أَبَاهُ عَنْهَا، فَأَثْبَتُّ ذَلِكَ فِي دَرَجٍ وَ غَدَوْتُ إِلَى بَابِهِ، وَ الدَّرَجُ فِي كُمِّي، وَ مَعِي صَدِيقٌ لِي لاَ يَعْلَمُ شَرْحَ هَذَا الْأَمْرِ.

فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى بَابِهِ رَأَيْتُ الْقُوَّادَ وَ الْعَرَبِ وَ الْجُنْدَ وَ الْمَوَالِيَ يَدْخُلُونَ إِلَيْهِ، فَجَلَسْتُ نَاحِيَةً وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي: مَتَى أَصِلُ أَنَا إِلَى هَذَا؟ فَأَنَا أُفَكِّرُ فِي ذَلِكَ إِذْ خَرَجَ خَارِجٌ يَتَصَفَّحُ الْوُجُوهَ، وَ يَقُولُ: أَيْنَ ابْنُ بِنْتِ إِلْيَاسَ؟

فَقُلْتُ: هَا أَنَا ذَا. وَ أَخْرَجَ مِنْ كُمِّهِ دَرَجاً، وَ قَالَ: هَذَا تَفْسِيرُ مَسَائِلِكَ. فَفَتَحْتُهُ فَإِذَا فِيهِ تَفْسِيرُ مَا مَعِي(2) فِي كُمِّي، فَقُلْتُ: أُشْهِدُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ، وَ قُمْتُ، فَقَالَ لِي رَفِيقِي: إِلَى أَيْنَ أَسْرَعْتَ؟ فَقُلْتُ: قَضَيْتُ حَاجَتِي(3).

338/ 36 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِخُرَاسَانَ، وَ كَانَ الْعَبَّاسُ يَحْجُبُهُ، فَدَعَانِي وَ إِذَا عِنْدَهُ شَيْخٌ أَعْوَرُ يَسْأَلُهُ، فَخَرَجَ الشَّيْخُ، فَقَالَ لِي رُدَّ عَلَيَّ الشَّيْخَ.

فَخَرَجْتُ إِلَى الْحَاجِبِ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: لَمْ يَخْرُجْ عَلَيَّ أَحَدٌ.

فَقَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَ تَعْرِفُ الشَّيْخَ؟ فَقُلْتُ: لاَ.4.

ص: 375


1- الشّيح: ضرب من برود اليمن مخطط؛ و نبات سهلي له رائحة طيّبة «لسان العرب - شيح - 501:2 و 502».
2- في «م، ط»: مسائلي.
3- عيون المعجزات: 108، و قطعة منه في إعلام الورى: 321، و مناقب ابن شهرآشوب 341:4.

فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ، سَأَلَنِي عَنْ مَسَائِلَ، وَ كَانَ فِيمَا سَأَلَنِي عَنْهُ مَوْلُودَانِ وُلِدَا فِي بَطْنٍ مُلْتَزِقَيْنِ، مَاتَ أَحَدُهُمَا، كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ؟ قُلْتُ: يُنْشَرُ الْمَيِّتُ عَنِ الْحَيِّ(1).

339/ 37 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ، وَ عَلِيّاً، وَ فَاطِمَةَ، وَ الْحَسَنَ، وَ الْحُسَيْنَ، وَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، وَ مُحَمَّدَ، وَ جَعْفَرَ، وَ أَبِي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ) فِي لَيْلَتِي هَذِهِ، وَ هُمْ يُحَدِّثُونَ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ)، فَقُلْتُ: اللَّهَ!

قَالَ: فَأَدْنَانِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَقْعَدَنِي بَيْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ بَيْنَهُ، فَقَالَ لِي:

كَأَنِّي بِالذُّرِّيَّةِ مِنْ أَزْلٌ(2) قَدْ أَصَابَ لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، بَخْ بَخْ لِمَنْ عَرَفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، الْعَارِفُ بِهِ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَ كُلِّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، وَ هُمْ، وَ اللَّهِ، يُشَارِكُونَ الرُّسُلَ فِي دَرَجَاتِهِمْ.

ثُمَّ قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، بَخْ بَخْ، لِمَنْ عَرَفَ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً، وَ الْوَيْلُ لِمَنْ ضَلَّ عَنْهُمْ، وَ كَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً(3).

340/ 38 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ الرَّائِقَةِ الْمُوصِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْفَقِيهُ الْقُمِّيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ:

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَيَّارٍ، عَنْ أَبَوَيْهِمَا، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوَادِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

لَمَّا جَعَلَ الْمَأْمُونُ أَبِي وَلِيَّ عَهْدِهِ حَبَسَتِ السَّمَاءُ قَطْرَهَا فِي ذَلِكَ الْعَامِ، فَجَعَلَ بَعْضُ حَاشِيَةِ الْمَأْمُونِ وَ الْمُتَعَصِّبُونَ عَلَى عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُونَ: انْظُرُوا لِمَا جَاءَنَا مِنْ عَلِيِّ ابْنِ مُوسَى، صَارَ وَلِيَّ عَهْدِنَا، فَحَبَسَ عَنَّا الْمَطَرَ. وَ اتَّصَلَ الْخَبَرُ بِالْمَأْمُونِ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ1.

ص: 376


1- مدينة المعاجز: 101/492.
2- في النّوادر: أوّل.
3- نوادر المعجزات: 10/171.

عَلَيْهِ، وَ عَظُمَ، فَقَالَ لِلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): قَدِ احْتَبَسَ الْمَطَرُ عَنَّا، فَلَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) أَنْ يَمْطُرَ النَّاسَ.

فَقَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): نَعَمْ، أَنَا أَفْعَلُ ذَلِكَ.

قَالَ: فَمَتَى تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ وَ كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ.

فَقَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَتَانِي الْبَارِحَةَ فِي مَنَامِي وَ مَعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ قَالَ: يَا بُنَيَّ، انْتَظِرْ إِلَى يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ، وَ اخْرُجْ إِلَى الصَّحْرَاءِ وَ اسْتَسْقِ فَإِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) سَيَسْقِيهِمْ، وَ أَخْبِرْهُمْ بِمَا يُرِيدُ اللَّهُ مِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ حَالَهْ(1) ، لِيَزْدَادَ عِلْمُهُمْ بِفَضْلِكَ وَ مَكَانِكَ مِنْ رَبِّكَ (عَزَّ وَ جَلَّ).

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ غَدَا أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى الصَّحْرَاءِ، وَ خَرَجَ الْخَلاَئِقُ يَنْظُرُونَ، فَصَعِدَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:

يَا رَبِّ أَنْتَ عَظَّمْتَ حَقَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَتَوَسَّلُوا بِنَا كَمَا أَمَرْتَ، وَ أَمَّلُوا فَضْلَكَ وَ رَحْمَتَكَ، وَ تَوَقَّعُوا إِحْسَانَكَ وَ نِعْمَتَكَ، فَاسْقِهِمْ سُقْيَا نَافِعاً عَامّاً، غَيْرَ رَائِثٍ(2) وَ لاَ ضَائِرٍ، وَ لْيَكُنْ ابْتِدَاءُ مَطَرِهِمْ بَعْدَ انْصِرَافِهِمْ مِنْ مَشْهَدِهِمْ هَذَا إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَ مَقَارِّهِمْ.

قَالَ: فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَقَدْ نَسَجَتِ الرِّيَاحُ فِي الْهَوَاءِ الْغُيُومَ، وَ أَرْعَدَتْ وَ أَبْرَقَتْ، فَتَحَرَّكَ النَّاسُ كَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ التَّنَحِّيَ عَنِ الْمَطَرِ، فَقَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): عَلَى رَسْلِكُمْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، فَلَيْسَ هَذَا الْغَيْمُ لَكُمْ، إِنَّمَا هُوَ لِأَهْلِ بَلَدِ كَذَا وَ كَذَا. فَمَضَتِ السَّحَابَةُ وَ عَبَرَتْ.

ثُمَّ جَاءَتْ سَحَابَةٌ أُخْرَى تَشْتَمِلُ عَلَى رَعْدٍ وَ بَرْقٍ، فَتَحَرَّكُوا لِلاِنْصِرَافِ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): عَلَى رَسْلِكُمْ، فَمَا هَذِهِ لَكُمْ، وَ إِنَّمَا هِيَ لِأَهْلِ بَلَدِ كَذَا وَ كَذَا. فَمَا زَالَ حَتَّى جَاءَتْ عَشْرُ سَحَابَاتٍ وَ عَبَرَتْ، فَكُلٌّ يَقُولُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): عَلَى رَسْلِكُمْ، لَيْسَتْ هَذِهِ لَكُمْ، إِنَّمَا هِيَ لِأَهْلِ بَلَدِ كَذَا وَ كَذَا.».

ص: 377


1- في عيون الأخبار: بما يريك اللّه ممّا لا يعلمون من حالهم.
2- أيّ غير بطيء متأخر. «النّهاية 287:2».

ثُمَّ أَقْبَلَتِ السَّحَابَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، هَذِهِ بَعَثَهَا اللَّهُ لَكُمْ، وَ اشْكُرُوا اللَّهَ عَلَى فَضْلِهِ عَلَيْكُمْ، وَ قُومُوا إِلَى مَقَارِّكُمْ وَ مَنَازِلِكُمْ، فَإِنَّهَا مُسَامِتَةٌ لِرُؤُوسِكُمْ مُمْسَكَةٌ عَنْكُمْ إِلَى أَنْ تَدْخُلُوا مَقَارَّكُمْ، ثُمَّ يَأْتِيكُمْ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَلِيقُ بِكَرَمِ اللَّهِ (جَلَّ جَلاَلُهُ)، وَ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ.

فَمَا زَالَتِ السَّحَابَةُ مُتَمَاسِكَةٌ إِلَى أَنْ قَرُبُوا مِنْ مَنَازِلِهِمْ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَابِلِ الْمَطَرِ، فَمَلَأَتِ الْأَوْدِيَةَ وَ الْحِيَاضَ وَ الْغُدْرَانَ وَ الْفَلَوَاتِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: هَنِيئاً لِوَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كَرَامَةُ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)(1).

ثُمَّ بَرَزَ إِلَيْهِمُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ حَضَرَتِ الْجَمَاعَاتُ الْكَثِيرَةُ مِنْهُمْ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

اتَّقُوا اللَّهَ فِي نِعَمِكُمْ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَلاَ تُنَفِّرُوهَا عَنْكُمْ بِمَعَاصِيهِ، بَلْ اسْتَدِيمُوهَا بِطَاعَتِهِ، وَ اشْكُرُوهُ عَلَى أَيَادِيهِ، وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لاَ تَشْكُرُونَ اللَّهَ (تَعَالَى) بِشَيْ ءٍ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِهِ وَ الاِعْتِرَافِ بِحُقُوقِ أَوْلِيَائِهِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مُعَاوَنَتِكُمْ لِإِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى دُنْيَاهُمْ الَّتِي هِيَ مَعْبَرٌ لَهُمْ إِلَى جِنَانِ رَبِّهِمْ، فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مِنْ خَاصَّةِ اللَّهِ (تَعَالَى)، وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي ذَلِكَ قَوْلاً مَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ أَنْ يَزْهَدَ فِي فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ إِنْ تَأَمَّلَهُ، وَ عَمِلَ عَلَيْهِ.

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ فُلاَنٌ، يَفْعَلُ مِنَ الذُّنُوبِ كَيْتَ وَ كَيْتَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): بَلْ نَجَا، وَ لاَ يَخْتِمُ اللَّهُ عَمَلَهُ إِلاَّ بِالْحُسْنَى، وَ سَيَمْحُو اللَّهُ عَنْهُ السَّيِّئَاتِ، وَ يُبْدِلُهَا حَسَنَاتٍ. وَ قَالَ: فَإِنَّهُ كَانَ مَارّاً فِي طَرِيقٍ وَ عَبَرَ بِمُؤْمِنٍ قَدْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، وَ هُوَ لاَ يُشْعِرُ، فَسَتَرَهَا عَلَيْهِ وَ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهَا مَخَافَةَ أَنْ يَخْجَلَ، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الْمُؤْمِنَ عَرَفَهُ فِي مَهْوَاةٍ، فَقَالَ لَهُ: أَجْزَلَ اللَّهُ لَكَ الثَّوَابَ، وَ أَكْرَمَ لَكَ الْمَآبَ، وَ لاَ نَاقَشَكَ فِي الْحِسَابِ. فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ، فَهَذَا الْعَبْدُ لاَ يُخْتَمُ لَهُ إِلاَّ بِخَيْرٍ، بِدُعَاءِ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِ(2).م.

ص: 378


1- في «ع، م»: و كرامة لقوله.
2- في «ع، م»: اليوم.

فَاتَّصَلَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِهِ، فَتَابَ وَ أَنَابَ، وَ أَقْبَلَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ لَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ حَتَّى أُغِيرَ عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ، فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي أَثَرِهِمْ جَمَاعَةً ذَلِكَ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ فِيهِمْ.

قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوَادُ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ): وَ عَظَّمَ اللَّهُ (تَعَالَى) الْبَرَكَةَ فِي الْبِلاَدِ(1) بِدُعَاءِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمَ)، وَ قَدْ كَانَ لِلْمَأْمُونِ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَلِيَّ عَهْدِهِ دُونَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ حُسَّادٌ كَانُوا بِحَضْرَةِ الْمَأْمُونِ لِلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(2) ، فَقَالَ لِلْمَأْمُونِ بَعْضُ أُوَلئِكَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَكُوَنَ تَارِيخُ(3) الْخُلَفَاءِ فِي إِخْرَاجِكَ هَذَا الْأَمْرَ الشَّرِيفَ وَ الْفَخْرَ الْعَظِيمَ مِنْ بَيْتِ وُلْدِ الْعَبَّاسِ إِلَى بَيْتِ وُلْدِ عَلِيٍّ، لَقَدْ أَعَنْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَ أَهْلِكَ، جِئْتَ بِهَذَا السَّاحِرِ وَلَدِ السَّحَرَةِ، وَ قَدْ كَانَ خَامِلاً فَأَظْهَرْتَهُ، وَ مُتَّضِعاً فَرَفَعْتَهُ، وَ مَنْسِيّاً فَذَكَرْتَ بِهِ، وَ مُسْتَخْفِياً فَنَوَّهْتَ بِهِ، قَدْ مَلَأَ الدُّنْيَا مَخْرَقَةً(4) وَ تَشَوُّفَاً(5) بِهَذَا الْمَطَرِ الْوَارِدِ عِنْدَ دُعَائِهِ؛ مَا أَخْوَفَنِي أَنْ يَخْرُجَ هَذَا الْأَمْرُ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاسِ إِلَى وُلْدِ عَلِيٍّ، بَلْ مَا أَخْوَفَنِي أَنْ يَتَوَصَّلَ بِسِحْرِهِ إِلَى إِزَالَةِ نِعْمَتِكَ وَ التَّوَثُّبِ عَلَى مَمْلَكَتِكَ، هَلْ جَنَى أَحَدٌ عَلَى نَفْسِهِ وَ مَمْلَكَتِهِ مِثْلَ جِنَايَتِكَ؟!

فَقَالَ الْمَأْمُونُ: قَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مُسْتَتِراً عَنَّا، يَدْعُو النَّاسَ إِلَى نَفْسِهِ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَجْعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِنَا، لِيَكُونَ دُعَاؤُهُ إِلَيْنَا، وَ لِيَعْرِفَ أَنَّ الْمُلْكَ وَ الْخِلاَفَةَ لَنَا، وَ لِيَعْتَقِدَ فِيهِ الْمُعْتَقِدُونَ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا ادَّعَى لِنَفْسِهِ فِي قَلِيلٍ وَ لاَ كَثِيرٍ، وَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَنَا دُونَهُ، وَ قَدْ خَشِينَا إِنْ تَرَكْنَاهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ أَنْ يَنْشَقَّ(6) عَلَيْنَا مِنْهُ مَا لاَ نَقْدِرُ عَلَى سَدِّهِ، وَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَ الْآنَ فَإِذْ قَدْ فَعَلْنَا بِهِ مَا فَعَلْنَا، وَ أَخْطَأْنَا مِنْ أَمْرِهِ بِمَا قَدْ أَخْطَأْنَا،ش.

ص: 379


1- (في البلاد) ليس في «ع، م».
2- في «ع، م»: و حيث إذ كلّفوا بحضرة المأمون الرّضا (عليه السّلام).
3- في «ع، م»: نازع. و في البحار 185:49 قوله: أن تكون تاريخ الخلفاء، كناية عن عظم تلك الواقعة و فظاعتها بزعمه، فإن النّاس يؤرخون الأمور بالوقائع و الدواهي.
4- المخرقة: الشعبذة، و في «ط»: مخرفة.
5- في «ط»: تشوّقا، و كلاهما بمعنى أيّ ملأ الدّنيا تطلعا إليه.
6- في «ع، م»: ينبش.

وَ أَشْرَفْنَا عَلَى الْهَلاَكِ بِالتَّنْوِيهِ عَلَى مَا أَشْرَفْنَا، فَلَيْسَ يَجُوزُ التَّهَاوُنُ فِي أَمْرِهِ، وَ لَكِنَّا نَحْتَاجُ إِلَى أَنْ نَضَعَ مِنْهُ قَلِيلاً قَلِيلاً حَتَّى نُصَوِّرَهُ عِنْدَ الرَّعَايَا بِصُورَةِ مَنْ لاَ يَسْتَحِقُّ هَذَا الْأَمْرَ، ثُمَّ نُدَبِّرَ فِيهِ بِمَا يَحْسِمُ عَنَّا مَوَادَّ بَلاَئِهِ.

قَالَ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَلِّنِي مُجَادَلَتَهُ، فَإِنِّي أُفْحِمُهُ وَ أَضَعُ مِنْ قَدْرِهِ، فَلَوْ لاَ هَيْبَتُكَ فِي صَدْرِي لَأَنْزَلْتُهُ مَنْزِلَتَهُ، وَ بَيَّنْتُ لِلنَّاسِ قُصُورَهُ عَمَّا رَسَخَ لَهُ فِي قُلُوبِهِمْ.

قَالَ الْمَأْمُونُ: مَا(1) شَيْ ءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ: فَاجْمَعْ وُجُوهَ أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ مِنَ الْقُوَّادِ، وَ الْخَاصَّةِ، وَ الْقُضَاةِ، وَ الْفُقَهَاءِ لِأُبَيِّنَ نَقْصَهُ بِحَضْرَتِهِمْ، فَيَكُونَ تَأْخِيرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ الَّذِي أَحْلَلْتَهُ فِيهِ، عَلَى عِلْمٍ مِنْهُمْ بِصَوَابِ فِعْلِكَ.

قَالَ: فَجَمَعَ الْخَلْقَ الْفَاضِلِينَ مِنْ رَعِيَّتِهِ فِي مَجْلِسٍ لَهُ وَاسِعٍ، وَ قَعَدَ فِيهِ لَهُمْ، وَ أَقْعَدَ الرِّضَا بَيْنَ يَدَيْهِ فِي مَرْتَبَتِهِ الَّتِي جَعَلَهَا لَهُ، فَابْتَدَأَ هَذَا الْحَاجِبُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْوَضْعِ مِنَ الرِّضَا، وَ قَالَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا الْحِكَايَاتِ وَ أَسْرَفُوا فِي وَصْفِكَ، فَمَا أَرَى أَنَّكَ إِنْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ إِلاَّ وَ بَرِئْتَ مِنْهُ إِلَيْهِمْ، وَ أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّكَ قَدْ دَعَوْتَ اللَّهَ فِي الْمَطَرِ الْمُعْتَادِ مَجِيئُهُ، فَجَاءَ، فَجَعَلُوهُ آيَةً مُعْجِزَةً لَكَ، أَوْجَبُوا لَكَ بِهَا أَنْ لاَ نَظِيرَ لَكَ فِي الدُّنْيَا، وَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ - أَدَامَ اللَّهُ مِلْكَهُ وَ بَقَاءَهُ - لاَ يُوَازَنُ بِأَحَدٍ إِلاَّ رَجَحَ، وَ قَدْ أَحَلَّكَ الْمَحَلَّ الَّذِي قَدْ عَرَفْتَ، فَلَيْسَ مِنْ حَقِّهِ عَلَيْكَ أَنْ تُسَوِّغَ لِلْكَذَّابِينَ لَكَ فِيمَا يَدَّعُونَهُ.

قَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَا أَدْفَعُ عِبَادَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثُوا بِنِعَمِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ إِنْ كُنْتُ لاَ أَبْغِي بِذَلِكَ بَطَراً وَ لاَ أَشَراً، وَ أَمَّا ذِكْرُكَ أَنَّ صَاحِبَكَ أَحَلَّنِي هَذَا الْمَحَلَّ، فَمَا أَحَلَّنِي إِلاَّ الْمَحَلَّ الَّذِي أَحَلَّهُ مَلِكُ مِصْرَ يُوسُفَ الصَّدِيقَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ كَانَتْ حَالُهُمَا مَا قَدْ عَرَفْتَ.

فَغَضِبَ الْحَاجِبُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا ابْنَ مُوسَى، لَقَدْ عَدَوْتَ طَوْرَكَ، وَ تَجَاوَزْتَ قَدْرَكَ أَنْ بَعَثَ اللَّهُ مَطَراً مُقَدَّراً وَقْتُهُ، لاَ يَتَقَدَّمُ السَّاعَةَ وَ لاَ يَتَأَخَّرُ، جَعَلْتَهُ آيَةً تَسْتَطِيلُ بِهَا، وَ صَوْلَةً تَصُولُ بِهَا، كَأَنَّكَ جِئْتَ بِمِثْلِ آيَةِ الْخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لَمَّا أَخَذَ رُءُوسَ الطَّيْرِ بِيَدِهِ وَ دَعَا أَعْضَاءَهَا الَّتِي فَرَّقَهَا عَلَى الْجِبَالِ فَأَتَيْنَهُ سَعْياً، وَ تَرَكَّبْنَ عَلَى الرُّءُوسِ،ن.

ص: 380


1- في «م، ط» زيادة: من.

وَ خَفَقَتْ طَائِرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِيمَا تَوَهَّمُ، فَأَحْيِ هَاتَيْنِ(1) الصُّورَتَيْنِ وَ سَلِّطْهُمَا عَلَيَّ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ حِينَئِذٍ آيَةً وَ مُعْجِزَةً، وَ أَمَّا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ فَلَسْتَ بِأَحَقَّ أَنْ يَكُونَ جَاءَ بِدُعَائِكَ دُونَ دُعَاءِ غَيْرِكَ مِنَ الَّذِينَ دَعَوْا كَمَا دَعَوْتَ.

وَ كَانَ الْحَاجِبُ أَشَارَ إِلَى أَسَدَيْنِ مُصَوَّرَيْنِ عَلَى مَسْنَدِ الْمَأْمُونِ الَّذِي كَانَ مُسْتَنِداً إِلَيْهِ، وَ كَانَا مُتَقَابِلَيْنِ عَلَى الْمَسْنَدِ، فَغَضِبَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ صَاحَ بِالصُّورَتَيْنِ: دُونَكُمَا الْفَاجِرَ، فَافْتَرِسَاهُ، وَ لاَ تُبْقِيَا لَهُ عَيْناً وَ لاَ أَثَراً، فَوَثَبَتِ الصُّورَتَانِ وَ قَدْ عَادَتَا أَسَدَيْنِ، فَتَنَاوَلاَ الْحَاجِبَ وَ رَضَّضَاهُ وَ هَشَّمَاهُ، وَ أَكَلاَهُ وَ لَحَسَا دَمَهُ، وَ الْقَوْمُ مُتَحَيِّرُونَ يَنْظُرُونَ. فَلَمَّا فَرَغَا مِنْهُ أَقْبَلاَ عَلَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ قَالاَ: يَا وَلِيَّ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، مَا ذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَفْعَلَ بِهَذَا، أَ نَفْعَلُ بِهِ مَا فَعَلْنَاهُ بِصَاحِبِهِ؟ وَ أَشَارَا بِالْقَوْلِ إِلَى الْمَأْمُونِ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ مِمَّا سَمِعَ مِنْهُمَا، فَقَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِأَصْحَابِ الْمَأْمُونِ وَ حَاشِيَتِهِ: أَفِيضُوا عَلَيْهِ مَاءَ الْوَرْدِ وَ الطِّيبِ. فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ، فَأَفَاقَ مِنْ غَشْيَتِهِ، وَ عَادَ الْأَسَدَانِ يَقُولاَنِ: ائْذَنْ لَنَا أَنْ نُلْحِقَهُ بِصَاحِبِهِ الَّذِي أَفْنَيْنَاهُ.

قَالَ: لاَ، فَإِنَّ لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) فِيهِ تَدْبِيراً هُوَ مُمْضِيهِ.

قَالَ الْأَسَدَانِ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟

قَالَ: عُودَا إِلَى مَقَرِّكُمَا كَمَا كُنْتُمَا. فَعَادَا إِلَى الْمَسْنَدِ، وَ صَارَا صُورَتَيْنِ كَمَا كَانَا.

فَقَالَ الْمَأْمُونُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانِي شَرَّ حُمَيْدِ بْنِ مِهْرَانَ - يَعْنِي بِذَلِكَ الرَّجُلَ الْمُفْتَرَسَ -

ثُمَّ قَالَ لِلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، هَذَا الْأَمْرِ لِجَدِّكُمْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ لَكُمْ، وَ لَوْ شِئْتَ لَنَزَلْتُ لَكَ عَنْهُ.

فَقَالَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لَوْ شِئْتَ لَمَا نَاظَرْتُكَ وَ لَمْ أَسْأَلْكَ، فَإِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) أَعْطَانِي مِنْ طَاعَةِ سَائِرِ خَلْقِهِ مِثْلَ مَا رَأَيْتَ مِنْ طَاعَةِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، إِلاَّ جُهَّالَ بَنِي آدَمَ، فَإِنَّهُمْ وَ إِنْ خَسِرُوا حُظُوظَهُمْ، فَلِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) فِيهِمْ تَدْبِيرٌ، وَ قَدْ أَمَرَنِي رَبِّي بِتَرْكِ الاِعْتِرَاضِن.

ص: 381


1- في «ع، م»: هذين.

عَلَيْكَ، وَ إِظْهَارِ مَا أَظْهَرْتُهُ مِنَ الْعَمَلِ مِنْ تَحْتِ يَدِكَ، كَمَا أَمَرَ يُوسُفَ الصَّدِيقَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِالْعَمَلِ مِنْ تَحْتِ يَدِ فِرْعَوْنِ مِصْرَ.

وَ أَدْبَرَ الْمَأْمُونُ ضَئِيلاً فِي نَفْسِهِ، إِلَى أَنْ قَضَى فِي عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(1) مَا قَضَى(2).

و الحمد للّه وحده، و صلّى اللّه على محمّد و آله.

***2.

ص: 382


1- في «ع، م»: إلى ان قضى به.
2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1/167:2، مناقب ابن شهرآشوب 370:4، الثاقب في المناقب: 394/467 و: 395/469، فرائد السمطين 490/212:2، الصراط المستقيم 17/197:2.

أبو جعفر محمّد بن عليّ الجواد (عليه السلام)

معرفة ولادته

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيُّ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ، لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، النِّصْفَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ(1) سَنَةَ مِائَةٍ وَ خَمْسٍ وَ تِسْعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ(2).

341/ 1 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ صَفْوَانَ(3) ، عَنْ حَكِيمَةَ بِنْتِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَتْ: كَتَبْتُ لَمَّا عَلِقَتْ أُمُّ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِهِ: «خَادِمَتُكَ(4) قَدْ عَلِقَتْ».

فَكَتَبَ إِلَيَّ «إِنَّهَا عَلِقَتْ سَاعَةَ كَذَا، مِنْ(5) يَوْمِ كَذَا، مِنْ شَهْرِ كَذَا، فَإِذَا هِيَ

ص: 383


1- و قيل: في العاشر من رجب، أو النّصف منه. انظر: تاج المواليد: 128، إعلام الورى: 344، مناقب ابن شهرآشوب 379:4، كشف الغمّة 343:2.
2- تاريخ الأئمّة: 13، الكافي 411:1، الارشاد: 316، مسارّ الشّيعة: 43، تاريخ بغداد 55:3، تاج المواليد: 128، إعلام الورى: 344، مناقب ابن شهرآشوب 379:4، تذكرة الخواصّ: 358، كفاية الطّالب: 458، كشف الغمّة 343:2 و 345، المستجاد: 500، الفصول المهمّة: 266.
3- في «ع، م» زيادة: بن يحيى.
4- في «ط»: أم أبي جعفر كتبت إليه جاريتك سبيكة.
5- (ساعة كذا من) ليس في «ع، م».

وَلَدَتْ فَالْزَمِيهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

قَالَتْ: فَلَمَّا وَلَدَتْهُ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ(1).

342/ 2 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ [بْنُ مُحَمَّدِ] بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَسَنِيُّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) شَدِيدَ الْأُدْمَةِ، وَ لَقَدْ قَالَ فِيهِ الشَّاكُّونَ الْمُرْتَابُونَ - وَ سَنَةَ خَمْسَةٍ وَ عِشْرِينَ شَهْراً - إِنَّهُ لَيْسَ هُوَ مِنْ وُلْدِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ قَالُوا لَعَنَهُمُ اللَّهُ: إِنَّهُ مِنْ شَنِيفٍ(2) الْأَسْوَدِ مَوْلاَهُ، وَ قَالُوا: مِنْ لُؤْلُؤٍ، وَ إِنَّهُمْ أَخَذُوهُ، وَ الرِّضَا عِنْدَ الْمَأْمُونِ، فَحَمَلُوهُ إِلَى الْقَافَةِ(3) وَ هُوَ طِفْلٌ بِمَكَّةَ فِي مَجْمَعٍ مِنَ النَّاسِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَعَرَضُوهُ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ وَ زَرَقُوهُ بِأَعْيُنِهِمْ خَرُّوا لِوُجُوهِهِمْ سُجَّداً، ثُمَّ قَامُوا فَقَالُوا لَهُمْ: يَا وَيْحَكُمْ! مِثْلَ هَذَا الْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ وَ النُّورِ الْمُنِيرِ، يُعْرَضُ عَلَى أَمْثَالِنَا، وَ هَذَا وَ اللَّهِ الْحَسَبُ الزَّكِيُّ، وَ النَّسَبُ الْمُهَذَّبُ الطَّاهِرُ، وَ اللَّهِ مَا تَرَدَّدَ إِلاَّ فِي أَصْلاَبِ زَاكِيَةٍ، وَ أَرْحَامٍ طَاهِرَةٍ، وَ وَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ رَسُولِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) فَارْجِعُوا وَ اسْتَقِيلُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفِرُوهُ، وَ لاَ تَشُكُّوا فِي مِثْلِهِ.

وَ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ سِنُّهُ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ شَهْراً، فَنَطَقَ بِلِسَانٍ أَرْهَفَ(4) مِنْ السَّيْفِ، وَ أَفْصَحَ مِنَ الْفَصَاحَةِ يَقُولُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنَا مِنْ نُورِهِ بِيَدِهِ، وَ اصْطَفَانَا مِنْ بَرِيَّتِهِ، وَ جَعَلَنَا أُمَنَاءَهُ عَلَى خَلْقِهِ وَ وَحْيِهِ.

مَعَاشِرَ النَّاسِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا بْنِ مُوسَى الْكَاظِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِب.

ص: 384


1- مدينة المعاجز: 1/515.
2- في «م، ط»: سنيف.
3- القافة: جمع قائف، و هو الّذي يعرف الآثار و يلحق الولد بالوالد و الأخ بأخيه «مجمع البحرين - قوف - 5: 110».
4- في «ع، م»: اذهب.

ابْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ بْنِ عَلِيٍّ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ بْنِ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ ابْنِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، وَ ابْنِ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، فَفِي مِثْلِي يُشَكُّ! وَ عَلَيَّ وَ عَلَى(1) أَبَوَيَّ يُفْتَرَى! وَ أُعْرَضُ عَلَى الْقَافَةِ!

وَ قَالَ: وَ اللَّهِ، إِنَّنِي لَأَعْلَمُ بِأَنْسَابِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ، إِنِّي وَ اللَّهِ لَأَعْلَمُ بَوَاطِنَهُمْ وَ ظَوَاهِرَهُمْ، وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ بِهِمْ أَجْمَعِينَ، وَ مَا هُمْ إِلَيْهِ صَائِرُونَ، أَقُولُهُ حَقّاً، وَ أُظْهِرُهُ صِدْقاً(2) ، عِلْماً وَرَّثَنَاهُ اللَّهُ قَبْلَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَ بَعْدَ بِنَاءِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ.

وَ ايْمُ اللَّهِ، لَوْ لاَ تَظَاهُرُ الْبَاطِلِ عَلَيْنَا، وَ غَلَبَةُ دَوْلَةِ الْكُفْرِ، وَ تَوَثُّبُ أَهْلِ الشُّكُوكِ وَ الشِّرْكِ وَ الشِّقَاقِ عَلَيْنَا، لَقُلْتُ قَوْلاً يَتَعَجَّبُ مِنْهُ الْأَوَّلُونَ وَ الْآخِرُونَ. ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اصْمُتْ كَمَا صَمَتَ آبَاؤُكَ فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ (3) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

ثُمَّ تَوَلَّى لِرَجُلٍ(4) إِلَى جَانِبِهِ، فَقَبَضَ عَلَى يَدِهِ وَ مَشَى يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، وَ النَّاسُ يُفْرِجُونَ لَهُ. قَالَ: فَرَأَيْتُ مَشِيخَةً يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَ يَقُولُونَ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ(5). فَسَأَلْتُ عَنِ الْمَشِيخَةِ، قِيلَ: هَؤُلاَءِ قَوْمٌ مِنْ حَيِّ بَنِي هَاشِمٍ، مِنْ أَوْلاَدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

قَالَ: وَ بَلَغَ الْخَبَرُ الرِّضَا عَلِيَّ بْنَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ مَا صُنِعَ بِابْنِهِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى بَعْضِ مَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنْ شِيعَتِهِ فَقَالَ: هَلْ عَلِمْتُمْ مَا قَدْ رُمِيَتْ بِهِ مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ، وَ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهَا فِي وِلاَدَتِهَا(6) إِبْرَاهِيمَ بْنَ رَسُولِ اللَّهِ؟

قَالُوا: لاَ يَا سَيِّدِنَا، أَنْتَ أَعْلَمُ، فَخَبِّرْنَا لِنَعْلَمَ.ا.

ص: 385


1- زاد في «ع»: أخويّ و، و في النّوادر: أجدادي و.
2- في «ط» زيادة: و عدلا.
3- الاحقاف 35:46.
4- في «ع، ط»: الرّجل.
5- في «ع، م»: رسالاته، تضمين من سورة الأنعام 124:6.
6- في «ع»: ولادها.

قَالَ: إِنَّ مَارِيَةَ لَمَّا أُهْدِيَتْ إِلَى جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أُهْدِيَتْ مَعَ جَوَارٍ قَسَمَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَ ظَنَّ بِمَارِيَةَ مِنْ دُونِهِنَّ، وَ كَانَ مَعَهَا خَادِمٌ يُقَالُ لَهُ (جَرِيحٌ) يُؤَدِّبُهَا بِآدَابِ الْمُلُوكِ، وَ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَسْلَمَ جَرِيحٌ مَعَهَا، وَ حَسُنَ إِيمَانُهُمَا وَ إِسْلاَمُهُمَا(1) ، فَمَلَكَتْ مَارِيَةُ قَلْبَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَحَسَدَهَا بَعْضُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَقْبَلَتْ زَوْجَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى أَبَوَيْهِمَا تَشْكُوَانِ(2) رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِعْلَهُ وَ مَيْلَهُ إِلَى مَارِيَةَ، وَ إِيثَارَهُ إِيَّاهَا عَلَيْهِمَا؛ حَتَّى سَوَّلَتْ لَهُمَا أَنْفُسُهُمَا أَنْ يَقُولاَ(3): إِنَّ مَارِيَةَ إِنَّمَا حَمَلَتْ بِإِبْرَاهِيمَ مِنْ جَرِيحٍ، وَ كَانُوا لاَ يَظُنُّونَ جَرِيحاً خَادِماً زَمِناً(4). فَأَقْبَلَ أَبَوَاهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ جَالِسٌ فِي مَسْجِدِهِ، فَجَلَسَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ قَالاَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَحِلُّ لَنَا وَ لاَ يَسَعُنَا أَنْ نَكْتُمَكَ مَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ خِيَانَةٍ وَاقِعَةٍ بِكَ.

قَالَ: وَ مَا ذَا تَقُولاَنِ؟!

قَالاَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ جَرِيحاً يَأْتِي مِنْ مَارِيَةَ الْفَاحِشَةُ الْعُظْمَى، وَ إِنَّ حَمْلَهَا مِنْ جَرِيحٍ، وَ لَيْسَ هُوَ مِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَارْبَدَّ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ تَلَوَّنَ لِعِظَمِ مَا تَلَقَّيَاهُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَ يَحْكُمَا مَا تَقُولاَنِ؟!

فَقَالاَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّنَا خَلَّفْنَا جَرِيحاً وَ مَارِيَةَ فِي مَشْرَبَةٍ، وَ هُوَ يُفَاكِهُهَا وَ يُلاَعِبُهَا، وَ يَرُومُ مِنْهَا مَا تَرُومُ الرِّجَالُ مِنَ النِّسَاءِ، فَابْعَثْ إِلَى جَرِيحٍ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، فَأَنْفِذْ فِيهِ حُكْمَكَ وَ حُكْمَ اللَّهِ (تَعَالَى).

فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا أَبَا الْحَسَنِ، خُذْ مَعَكَ سَيْفَكَ ذَا الْفَقَارِ، حَتَّى تَمْضِيَ إِلَى مَشْرَبَةِ مَارِيَةَ، فَإِنْ صَادَفْتَهَا وَ جَرِيحاً كَمَا يَصِفَانِ فَأَخْمِدْهُمَا ضَرْباً.

فَقَامَ عَلِيٌّ وَ اتَّشَحَ بِسَيْفِهِ(5) ، وَ أَخَذَهُ تَحْتَ ثَوْبِهِ، فَلَمَّا وَلَّى وَ مَرَّ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ رَسُولِه.

ص: 386


1- في «ع»: إيمانها و إسلامها.
2- في «ع، م»: يشكون.
3- في «ع، م»: بقول.
4- رجل زمن أيّ مبتلى، ذو عاهة «لسان العرب - زمن - 199:13».
5- في «ع، م»: و امتسح سيفه.

اللَّهِ أَتَى إِلَيْهِ رَاجِعاً، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكُونُ فِيمَا أَمَرْتَنِي كَالسِّكَّةِ الْمُحْمَاةِ فِي النَّارِ، أَوِ الشَّاهِدِ يَرَى مَا لاَ يَرَى الْغَائِبُ.

فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): فَدَيْتُكَ يَا عَلِيُّ، بَلِ الشَّاهِدُ يَرَى مَا لاَ يَرَى الْغَائِبُ.

قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ سَيْفُهُ فِي يَدِهِ حَتَّى تَسَوَّرَ مِنْ فَوْقِ مَشْرَبَةِ مَارِيَةَ، وَ هِيَ جَالِسَةٌ وَ جَرِيحٌ مَعَهَا، يُؤَدِّبُهَا بِآدَابِ الْمُلُوكِ، وَ يَقُولُ لَهَا: أَعْظِمِي رَسُولَ اللَّهِ، وَ كَنِيِّهِ وَ أَكْرِمِيهِ. وَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا الْكَلاَمِ.

حَتَّى نَظَرَ جَرِيحٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَيْفُهُ مُشْهَرٌ بِيَدِهِ، فَفَزِعَ مِنْهُ جَرِيحٌ، وَ أَتَى إِلَى نَخْلَةٍ فِي دَارِ الْمَشْرَبَةِ فَصَعِدَ إِلَى رَأْسِهَا، فَنَزَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْمَشْرَبَةِ، وَ كَشْفِ الرِّيحُ عَنْ أَثْوَابِ جَرِيحٍ، فَانْكَشَفَ مَمْسُوحاً. فَقَالَ: انْزِلْ يَا جَرِيْحُ.

فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آمِنٌ عَلَى نَفْسِي؟

قَالَ: آمِنٌ عَلَى نَفْسِكَ.

قَالَ: فَنَزَلَ جَرِيحٌ، وَ أَخَذَ بِيَدِهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ جَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَوْقَفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ جَرِيحاً خَادِمٌ مَمْسُوحٌ. فَوَلَّى النَّبِيُّ بِوَجْهِهِ إِلَى الْجِدَارِ، وَ قَالَ: حُلَّ لَهُمَا - يَا جَرِيحُ - وَ اكْشِفْ عَنْ نَفْسِكَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ كِذْبُهُمَا؛ وَيْحَهُمَا مَا أَجْرَأَهُمَا عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى رَسُولِهِ. فَكَشَفَ جَرِيحٌ عَنْ أَثْوَابِهِ، فَإِذَا هُوَ خَادِمٌ مَمْسُوحٌ كَمَا وَصَفَ. فَسَقَطَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ وَ قَالاَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، التَّوْبَةَ، اسْتَغْفِرْ لَنَا فَلَنْ نَعُودَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لاَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمَا، فَمَا يَنْفَعُكُمَا اسْتِغْفَارِي وَ مَعَكُمَا هَذِهِ الْجُرْأَةُ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى رَسُولِهِ؟!

قَالاَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ اسْتَغْفَرْتَ لَنَا رَجَوْنَا أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا، وَ أَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ (1).

قَالَ الرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِيَّ وَ فِي ابْنِي مُحَمَّدٍ أُسْوَةً بِرَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ.9.

ص: 387


1- التّوبة 80:9.

وَ لَمَّا بَلَغَ عُمُرُهُ سِتَّ سِنِينَ وَ شُهُوراً قَتَلَ الْمَأْمُونُ أَبَاهُ، وَ بَقِيَتِ الطَّائِفَةُ فِي حَيْرَةٍ، وَ اخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ بَيْنَ النَّاسِ، وَ اسْتَصْغَرَ سِنَّ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ)، وَ تَحَيَّرَ الشِّيعَةُ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ(1).

343/ 3 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ عَمَّارٍ الطَّبَرِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمَحْمُودِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً عَلَى رَأْسِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِطُوسَ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنْ حَدَثَ حَدَثٌ فَإِلَى مَنْ؟

قَالَ: إِلَى ابْنِي أَبِي جَعْفَرٍ.

قَالَ: فَإِنْ اسْتَصْغَرَ سِنُّهُ؟

فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ قَائِماً بِشَرِيعَتِهِ فِي دُونِ السِّنِّ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا أَبُو جَعْفَرٍ عَلَى شَرِيعَتِهِ.

فَلَمَّا مَضَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَ مِائَتَيْنِ(2) ، وَ سَنُّ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) سِتُّ سِنِينَ وَ شُهُورٌ، وَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ، وَ اجْتَمَعَ الرَّيَّانُ ابْنُ الصَّلْتِ، وَ صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى، وَ مُحَمَّدُ بْنُ حُكَيْمٍ، وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَ يُونُسُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَ جَمَاعَةٌ مِنْ وُجُوهِ الْعِصَابَةِ فِي دَارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، فِي بِرْكَةِ زَلْزَلٍ(3) ، يَبْكُونَ وَ يَتَوَجَّعُونَ(4) مِنَ الْمُصِيبَةِ، فَقَالَ لَهُمْ يُونُسُ: دَعُوا الْبُكَاءَ، مَنْ لِهَذَا الْأَمْرِ يُفْتِي(5) بِالْمَسَائِلِ إِلَى أَنْ يَكْبُرَ هَذَا الصَّبِيُّ(6) ؟ يَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ كَانَ لَهُ سِتُّ سِنِينَ وَ شُهُورٌ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا وَ مَنْ مِثْلِي! فَقَامَ إِلَيْهِ الرَّيَّانُ بْنُ الصَّلْتِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِيّ.

ص: 388


1- الهداية الكبرى: 295، نوادر المعجزات: 173، مناقب ابن شهرآشوب 387:4، حلية الأبرار 392:2.
2- في «ع، م»: اثنين و ثمانين و مائة، و هو خطأ.
3- محلّة ببغداد، معروفة، «معجم البلدان 402:1».
4- في «ع»: يترجعون.
5- في «ع»: ننشي، و في المدينة: تفشي، و في الإثبات: و إلى من يقصد بالمسائل.....
6- في «ع»: المسائل إلى هذا الصّبيّ.

حَلْقِهِ، وَ لَمْ يَزَلْ يَلْطِمُ وَجْهَهُ وَ يَضْرِبُ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْفَاعِلَةِ، إِنْ كَانَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ (جَلَّ وَ عَلاَ) فَابْنُ يَوْمَيْنِ مِثْلُ ابْنِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَلَوْ عُمِّرَ الْوَاحِدُ مِنَ النَّاسِ خَمْسَةَ آلاَفِ سَنَةٍ مَا كَانَ يَأْتِي بِمِثْلِ مَا يَأْتِي بِهِ السَّادَةُ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) أَوْ بِبَعْضِهِ، أَ وَ هَذَا مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ(1) يُنْظَرَ فِيهِ؟ وَ أَقْبَلَتِ الْعِصَابَةُ عَلَى يُونُسَ تَعْذُلُهُ.

وَ قَرُبَ الْحَجُّ، وَ اجْتَمَعَ مِنْ فُقَهَاءِ بَغْدَادَ وَ الْأَمْصَارِ وَ عُلَمَائِهِمْ ثَمَانُونَ رَجُلاً، وَ خَرَجُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَ أَتَوْا دَارَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَدَخَلُوهَا، وَ بُسِطَ لَهُمْ بِسَاطٌ أَحْمَرُ، وَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ(2) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، فَجَلَسَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ، وَ قَامَ مُنَادٍ فَنَادَى: هَذَا ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَمَنْ أَرَادَ السُّؤَالَ فَلْيَسْأَلْ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ؟ قَالَ: طُلِّقَتْ ثَلاَثَ دُونَ الْجَوْزَاءِ.

فَوَرَدَ عَلَى الشِّيعَةِ مَا زَادَ فِي غَمِّهِمْ وَ حُزْنِهِمْ.

ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَتَى بَهِيمَةً؟ قَالَ: تُقْطَعُ يَدُهُ، وَ يُجْلَدُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَ يُنْفَى. فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ، وَ كَانَ قَدِ اجْتَمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ. فَهُمْ فِي ذَلِكَ إِذْ فُتِحَ بَابٌ مِنْ صَدْرِ الْمَجْلِسِ، وَ خَرَجَ مُوَفَّقٌ، ثُمَّ خَرَجَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ وَ إِزَارٌ وَ عِمَامَةٌ بِذُؤَابَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا مِنْ قُدَّامٍ، وَ الْأُخْرَى مِنْ خَلْفٍ؛ وَ نَعْلٌ بِقِبَالَيْنِ(3) ، فَجَلَسَ وَ أَمْسَكَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَقَالَ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِيمَنْ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ؟

فَقَالَ لَهُ: يَا هَذَا(4) ، اقْرَأْ كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى): اَلطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ (5) فِي الثَّالِثَةِ.

قَالَ: فَإِنْ عَمَّكَ أَفْتَانِي بِكَيْتَ وَ كَيْتَ.2.

ص: 389


1- في «ع»: ممّا يتعلّق أو.
2- (إليهم) ليس في «ع، م».
3- القبال: زمام النّعل، و هو السّير الّذي يكون بين الإصبعين «لسان العرب - قبل - 543:11».
4- في «ع، م»: ما هذا.
5- البقرة 229:2.

فَقَالَ لَهُ: يَا عَمِّ، اتَّقِ اللَّهَ، وَ لاَ تُفْتِ وَ فِي الْأُمَّةِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ.

فَقَامَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي(1) رَجُلٍ أَتَى بَهِيمَةً؟

فَقَالَ: يُعَزَّرُ وَ يُحْمَى ظَهْرُ الْبَهِيمَةِ، وَ تُخْرَجُ مِنَ الْبَلَدِ، لاَ يَبْقَى عَلَى الرَّجُلِ عَارُهَا.

فَقَالَ: إِنَّ عَمَّكَ أَفْتَانِي بِكَيْتَ وَ كَيْتَ. فَالْتَفَتَ وَ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّهُ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقِفَ غَداً بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَيَقُولَ لَكَ: لِمَ أَفْتَيْتَ عِبَادِي بِمَا لاَ تَعْلَمُ وَ فِي الْأُمَّةِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ؟

فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: رَأَيْتَ أَخِي الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ أَجَابَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِهَذَا الْجَوَابِ.

فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنَّمَا سُئِلَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنْ نَبَّاشٍ نَبَشَ قَبْرَ امْرَأَةٍ فَفَجَرَ بِهَا، وَ أَخَذَ ثِيَابَهَا، فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ لِلسَّرِقَةِ، وَ جَلْدِهِ لِلزِّنَا، وَ نَفْيِهِ لِلْمَثُلَةِ(2) ، فَفَرِحَ الْقَوْمُ(3).

344/ 4 - قَالَ أَبُو خِدَاشٍ الْمُهْرِيُّ(4): وَ كُنْتُ قَدْ حَضَرْتُ مَجْلِسَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(5) ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أُمُّ وَلَدٍ لِي، وَ هِيَ عِنْدِي صَدُوقٌ، أَرْضَعَتْ جَارِيَةً بِلَبَنِ ابْنِي، أَ يَحْرُمُ عَلَيَّ نِكَاحُهَا؟

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لاَ رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ.

فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الْحَرَمَيْنِ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ قَصَّرْتَ، وَ إِنْ شِئْتَ أَتْمَمْتَ.

قَالَ لَهُ: فَالْخَصِيُّ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ؟ فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ.

قَالَ: فَحَجَجْتُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَسَأَلْتُهُ عَنْ).

ص: 390


1- (ما تقول في) ليس في «ع، م».
2- في «ع، م»: للمثلة، فالمت، و ظاهرا: للمثلة بالميّت.
3- إثبات الوصيّة: 186، مدينة المعاجز: 518.
4- في «ع، م»: النّهديّ، و مهرة محلّة بالبصرة، انظر رجال النّجاشيّ: 228، رجال الكشّيّ: 447، رجال الطّوسيّ: 355، 408.
5- في «ط»: مجلس الرّضا عليّ بن موسى (عليه السّلام).

الْمَسَائِلِ، فَأَجَابَنِي بِالْجَوَابِ.

وَ قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ أُمَّ وَلَدٍ لِي أَرْضَعَتْ جَارِيَةً لِي بِلَبَنِ ابْنِي، أَ يَحْرُمُ عَلَيَّ نِكَاحُهَا؟

فَقَالَ: لاَ رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ.

قُلْتُ: الصَّلاَةُ فِي الْحَرَمَيْنِ؟

قَالَ: إِنْ شِئْتَ قَصَّرْتَ، وَ إِنْ شِئْتَ أَتْمَمْتَ.

قَالَ: قُلْتُ: الْخَادِمُ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ؟ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ اسْتَدْنَانِي فَقَالَ: وَ مَا نَقَصَ مِنْهُ إِلاَّ الْوَاقِعَةُ عَلَيْهِ(1).

345/ 5 - وَ مَكَثَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مُسْتَخْفِياً بِالْإِمَامَةِ، فَلَمَّا صَارَ لَهُ سِتَّ عَشَرَ سَنَةً(2) وَجَّهَ الْمَأْمُونُ مَنْ حَمَلَهُ، وَ أَنْزَلَهُ بِالْقُرْبِ مِنْ دَارِهِ، وَ عَزَمَ عَلَى تَزْوِيجِهِ ابْنَتَهُ، وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو هَاشِمٍ(3) وَ سَأَلُوهُ أَنْ لاَ يَفْعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ: هُوَ وَ اللَّهِ لَأَعْلَمُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ سُنَّتِهِ وَ أَحْكَامِهِ مِنْ جَمِيعِكُمْ، فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ، وَ بَعَثُوا إِلَى يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ، فَسَأَلُوهُ الاِحْتِيَالَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ بِمَسْأَلَةٍ فِي الْفِقْهِ يُلْقِيهَا عَلَيْهِ.

فَلَمَّا اجْتَمَعُوا وَ حَضَرَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ، إِنْ أَذِنْتَ أَنْ يَسْأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الْفِقْهِ، فَيَنْظُرُ كَيْفَ فَهِمَهُ. فَأَذِنَ الْمَأْمُونِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ يَحْيَى لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَا تَقُولُ فِي مُحْرِمٍ قَتَلَ صَيْداً.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): فِي حِلٍّ أَوْ فِي حَرَّمَ، عَالِماً أَوْ(4) جَاهِلاً، عَمْداً أَوْ خَطَأً، صَغِيراً أَوْ كَبِيراً، حُرّاً أَوْ عَبْداً، مُبْتَدِئاً أَوْ مُعِيداً(5) ، مِنْ ذَوَاتِ الطَّيْرِ أَوْ غَيْرَهَا، مِنْ صِغَارِ الصَّيْدِ أَوْ مِنْ كِبَارِهَا، مُصِرّاً أَوْ نَادِماً، رَمَى بِاللَّيْلِ فِي وَكْرِهَا أَوْ بِالنَّهَارِ عِيَاناً، مُحْرِماً لِلْعُمْرَةِ أَوْ الْحَجِّ؟ا.

ص: 391


1- إثبات الوصيّة: 187.
2- في إثبات الوصيّة: 188: إلى أن صارت سنّه عشر سنين، و في رواية: بعد أيّام من شهادة أبيه (عليهما السّلام).
3- كذا في النّسخ و الصّواب: بنو العبّاس.
4- في «ع»: أم في حرّم أو عالما أم، و في «م»: أو في حرّم أو عالما أو.
5- في «ع، م»: مقبلا.

فَانْقَطَعَ يَحْيَى انْقِطَاعاً لَمْ يَخْفَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَجْلِسِ، وَ تَحَيَّرَ النَّاسُ تَعَجُّباً مِنْ جَوَابِهِ، وَ نَشَطَ(1) الْمَأْمُونُ فَقَالَ: تَخْطُبُ أَبَا جَعْفَرٍ لِنَفْسِكَ؟ فَقَامَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ مُنْعِمِ النِّعَمِ بِرَحْمَتِهِ، وَ الْهَادِي لِإِفْضَالِهِ بِمَنِّهِ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ(2) خَيْرِ خَلْقِهِ الَّذِي جَمَعَ فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا فَرَّقَهُ فِي الرُّسُلِ قَبْلَهُ، وَ جَعَلَ تُرَاثَهُ إِلَى مَنْ خَصَّهُ بِخِلاَفَتِهِ، وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً.

وَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ زَوَّجَنِي ابْنَتَهُ عَلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ إِمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ، وَ قَدْ بَذَلْتُ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ مَا بَذَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِأَزْوَاجِهِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَ نَحَلْتُهَا مِنْ مَالِي مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، زَوَّجْتَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟

فَقَالَ الْمَأْمُونُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إِقْرَاراً بِنِعْمَتِهِ، وَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ إِخْلاَصاً لِوَحْدَانِيَّتِهِ(3) ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَ خِيَرَتِهِ، وَ كَانَ مِنْ فَضْلِ(4) اللَّهِ عَلَى الْأَنَامِ أَنْ أَغْنَاهُمْ بِالْحَلاَلِ عَنِ الْحَرَامِ، فَقَالَ: وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (5). ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدَ ابْنَ عَلِيٍّ خَطَبَ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ، وَ بَذَلَ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَ قَدْ زَوَّجْتُهُ، فَهَلْ قَبِلْتَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ؟

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): قَدْ قَبِلْتُ هَذَا التَّزْوِيجَ، بِهَذَا الصَّدَاقِ.

ثُمَّ أَوْلَمْ عَلَيْهِ الْمَأْمُونُ، فَجَاءَ النَّاسُ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْنَا كَلاَماً كَأَنَّهُ كَلاَمُ الْمَلاَّحِينَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالْخَدَمِ يُجْرُونَ سَفِينَةً مِنْ فِضَّةٍ، مَمْلُوءَةٌ غَالِيَةً، فَصَبَغُوا بِهَا لُحَى الْخَاصَّةِ، ثُمَّ مَدُّوهَا إِلَى دَارِ الْعَامَّةِ فَطَيَّبُوهُمْ. فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ قَالَ الْمَأْمُونُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُبَيِّنَ لَنَا مَا الَّذِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ صِنْفٍ مِنْ هَذِهِ4.

ص: 392


1- في «ع، م»: و قسط.
2- (محمّد) ليس في «ع، م».
3- في «ع، م»: لعظمته.
4- في «ع، م»: قضاء.
5- النّور 32:24.

الْأَصْنَافِ الَّتِي ذَكَرْتَ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ.

فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا قَتَلَ صَيْداً فِي الْحِلِّ، وَ الصَّيْدُ مِنْ ذَوَاتِ الطَّيْرِ مِنْ كِبَارِهَا، فَعَلَيْهِ شَاةٌ. وَ إِذَا أَصَابَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ مُضَاعَفاً.

وَ إِذَا قَتَلَ فَرْخاً فِي الْحِلِّ فَعَلَيْهِ حَمَلٌ قَدْ فُطِمَ، وَ لَيْسَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَرَمِ. فَإِذَا قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْحَمَلُ وَ قِيمَتُهُ.

وَ إِذَا كَانَ مِنَ الْوَحْشِ فَعَلَيْهِ إِنْ كَانَ حِمَاراً ذَكَراً، بَدَنَةٌ، وَ كَذَلِكَ فِي النَّعَامَةِ؛ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً، وَ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَصُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً، وَ إِنْ كَانَ(1) بَقَرَةً فَعَلَيْهِ بَقَرَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَإِطْعَامُ ثَلاَثِينَ مِسْكِيناً، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَصُمْ تِسْعَةَ أَيَّامٍ. وَ إِنْ كَانَ ظَبْياً فَعَلَيْهِ شَاةٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَصُمْ تِسْعَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. فَإِنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ مُضَاعَفاً، هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ، حَقّاً وَاجِباً عَلَيْهِ أَنْ يَنْحَرَهُ، إِنْ كَانَ فِي الْحَجِّ، مِنْ حَيْثُ تَنْحَرُ النَّاسُ.

وَ إِنْ كَانَ فِي عُمْرَةٍ يَنْحَرُ فِي مَكَّةَ وَ يَتَصَدَّقُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ، حَتَّى يَكُونَ مُضَاعَفاً.

وَ إِنْ كَانَ أَصَابَ أَرْنَباً فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَ يَتَصَدَّقُ، فَإِذَا قَتَلَ الْحَمَامَةَ بَعْدَ الشَّاةِ يَتَصَدَّقُ بِدِرْهَمٍ، أَوْ يَشْتَرِي بِهِ طَعَاماً لِحَمَامِ الْحَرَمِ، وَ فِي الْفَرْخِ نِصْفُ دِرْهَمٍ، وَ فِي الْبَيْضَةِ رُبُعُ دِرْهَمٍ.

كُلُّ مَا أَتَى بِهِ الْمُحْرِمُ بِجَهَالَةٍ أَوْ خَطَأً فَلَيْسَ فِيهِ شَيْ ءٌ، إِلاَّ الصَّيْدَ، فَإِنَّ فِيهِ عَلَيْهِ الْفِدَاءَ بِجَهَالَةٍ كَانَ أَوْ بِعِلْمٍ، بِخَطَإٍ كَانَ أَوْ بِعَمْدٍ، وَ كَذَلِكَ كُلُّ مَا أَتَى بِهِ الْعَبْدُ، فَكَفَّارَتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ، مِثْلُ مَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ، وَ كُلُّ مَا أَتَى بِهِ(2) الصَّغِيرُ الَّذِي لَيْسَ بِبَالِغٍ، فَلاَ شَيْ ءَ عَلَيْهِ.

وَ إِنْ كَانَ مِمَّنْ عَادَ فَهُوَ مِمَّنْ يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ، وَ لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، وَ النَّقِمَةُ فِي الْآخِرَةِ، فَإِنْ دَلَّ عَلَى الصَّيْدِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَعَلَيْهِ الْفِدَاءُ، وَ الْمُصِرُّ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ بَعْدَ الْفِدَاءِ عُقُوبَةُ».

ص: 393


1- في «ع، م»: كانت.
2- (العبد، فضارته... أتى به) ليس في «م، ط».

الْآخِرَةِ، وَ النَّادِمُ عَلَيْهِ لاَ شَيْ ءَ(1) عَلَيْهِ بَعْدَ الْفِدَاءِ.

وَ إِنْ أَصَابَ الصَّيْدَ لَيْلاً فِي وَكْرِهِ خَطَأً فَلاَ شَيْ ءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَعَمَّدَ، فَإِذَا تَصَيَّدَ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَعَلَيْهِ الْفِدَاءُ.

وَ الْمُحْرِمُ لِلْحَجِّ يَنْحَرُ الْفِدَاءَ بِمِنًى حَيْثُ تَنْحَرُ النَّاسُ، وَ الْمُحْرِمُ لِلْعُمْرَةِ يَنْحَرُ بِمَكَّةَ. فَأَمَرَ الْمَأْمُونُ أَنْ يُكْتَبَ ذَلِكَ عَنْهُ.

ثُمَّ دَعَا مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ تَزْوِيجَهُ، فَقَرَأَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ يُجِيبُ بِمِثْلِ هَذَا الْجَوَابِ؟ قَالُوا: أَنْتَ كُنْتَ أَعْلَمَ بِهِ مِنَّا، ثُمَّ أَمَرَ الْمَأْمُونُ فَنُثِرَ(2) عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) رِقَاعٌ، فِيهَا ضِيَاعٌ وَ طُعَمٌ(3) وَ عَمَالاَتٌ(4) ، وَ لَمْ يَزَلْ مُكْرِماً لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بَقِيَّةَ(5) حَيَاتِهِ(6).

أحواله و مدّة إمامته

وَ كَانَ مُقَامُهُ مَعَ أَبِيهِ سَبْعَ سِنِينَ وَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ يَوْمَيْنِ.

وَ قَدْ رُوِيَ: سَبْعَ سِنِينَ وَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ.

وَ عَاشَ بَعْدَ أَبِيهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً غَيْرَ عِشْرِينَ يَوْماً(7).

وَ كَانَتْ سِنُو(8) إِمَامَتِهِ بَقِيَّةَ مُلْكِ الْمَأْمُونِ، ثُمَّ مُلْكَ الْمُعْتَصِمِ ثَمَانِيَ سِنِينَ، ثُمَّ مُلْكَ

ص: 394


1- في «ط»: عليه حتّى.
2- في «ط»: ثمّ دعا النّاس و نثر.
3- الطّعم: المأكل و الرّزق «اقرب الموارد - طعم - 708:1».
4- في «ط»: ضياع و عمالات و عقار و أطعمة.
5- في «ط»: مكرّما له مدّة.
6- إثبات الوصيّة: 188، قطعة منه في الإرشاد: 319 و الاختصاص: 98، و الاحتجاج: 443، و الثّاقب في المناقب: 433/505.
7- المرويّ في الارشاد: 316، و تاج المواليد: 128، و اعلام الورى: 344، و مناقب ابن شهرآشوب 4: 379: سبع عشرة سنة.
8- في «ع، م»: و كان سنّي.

الْوَاثِقِ خَمْسَ سِنِينَ وَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ.

وَ اسْتُشْهِدَ فِي مُلْكِ الْوَاثِقِ سَنَةَ عِشْرِينَ وَ مِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ(1).

وَ كَمَلَ عُمُرُهُ خَمْسَ(2) وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ وَ اثْنَيْنِ وَ عِشْرِينَ يَوْماً. وَ يُقَالُ:

اثْنَيْ عَشَرَ يَوْماً. فِي ذِي الْحِجَّةِ يَوْمَ الثَّلاَثَاءِ عَلَى سَاعَتَيْنِ مِنَ النَّهَارِ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْهُ(3) ، وَ يُقَالُ: لِثَلاَثِ خَلَوْنَ مِنْهُ(4).

وَ كَانَ سَبَبُ وَفَاتِهِ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْمَأْمُونِ - لَمَّا تَسَرَّى(5) وَ رَزَقَهُ اللَّهُ الْوَلَدَ(6) مِنْ غَيْرِهَا - انْحَرَفَتْ(7) عَنْهُ، وَ سَمَّتْهُ فِي عِنَبٍ، وَ كَانَ تِسْعَةَ عَشَرَ عِنَبَةً(8) ، وَ كَانَ يُحِبُّ الْعِنَبَ، فَلَمَّا أَكَلَهُ بَكَتْ، فَقَالَ لَهَا: مِمَّ بُكَاؤُكَ، وَ اللَّهِ لَيَضْرِبَنَّكِ اللَّهُ بِفَقْرٍ لاَ يَنْجَبِرْ، وَ بِبَلاَءٍ لاَ يَنْسَتِرْ.

فَبُلِيَتْ بَعْدَهُ بِعِلَّةٍ فِي أَغْمَضِ الْمَوَاضِعِ، أَنْفَقَتْ عَلَيْهَا جَمِيعَ مُلْكِهَا(9) ، حَتَّى احْتَاجَتْ إِلَى رِفْدِ النَّاسِ(10).

وَ يُقَالُ: إِنَّهَا سَمَّتْهُ بِمِنْدِيلٍ يَمْسَحُ بِهِ عِنْدَ الْمُلاَمَسَةِ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِذَلِكَ قَالَ لَهَا:

أَبْلاَكِ اللَّهُ بِدَاءٍ لاَ دَوَاءَ لَهُ. فَوَقَعَتِ الْأَكِلَةُ(11) فِي فَرْجِهَا، فَكَانَتْ تَنْكَشِفُ لِلطَّبِيبِ،».

ص: 395


1- مناقب ابن شهرآشوب 379:4، و الّذي في سائر المصادر أنّه (عليه السّلام) استشهد في أوّل ملك المعتصم، و هو الموافق للصّواب حيث إن ملك المعتصم امتدّ بين (219-227 ه) انظر تاج المواليد: 128، إعلام الورى: 344، كشف الغمّة 369:2، الجوهر الثمين: 138.
2- في «ط»: و بلغ من العمر خمسا.
3- إثبات الوصيّة: 192، تاريخ بغداد 55:3، كشف الغمّة 345:2.
4- المرويّ: لست خلون منه، انظر تاريخ الأئمّة: 13، تاريخ بغداد 55:3، مناقب ابن شهرآشوب 4: 379، الفصول المهمّة: 275.
5- تسرّى الرّجل: اتّخذ سرّيّة، أيّ أمة.
6- في «ع، م»: لما رزق اللّه أبا الحسن.
7- في «ع، م»: انخفرت.
8- في «ط»: حبّة.
9- في «ط»: ما تملكه.
10- إثبات الوصيّة: 192.
11- الأكلة: داء يقع في العضو فيأتكل منه «لسان العرب - أكل - 22:11».

يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، وَ يُشِيرُونَ عَلَيْهَا بِالدَّوَاءِ، فَلاَ يَنْفَعُ ذَلِكَ شَيْئاً، حَتَّى مَاتَتْ فِي عِلَّتِهَا(1).

وَ دُفِنَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِبَغْدَادَ بِمَقَابِرِ قُرَيْشٍ إِلَى جَنْبِ جَدِّهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

نَسَبُهُ:

مُحَمِّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ(2) بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

وَ يُكَنَّى:

أَبَا جَعْفَرٍ، وَ الْخَاصُّ: أَبُو عَلِيٍّ(3).

وَ لَقَبُهُ

وَ لَقَبُهُ(4)

: الزَّكِيُّ، وَ الْمُرْتَضَى، وَ التَّقِيُّ، وَ الْقَانِعُ، وَ الرَّضِيُّ، وَ الْمُخْتَارُ، وَ الْمُتَوَكِّلُ، وَ الْجَوَادُ(5).

وَ أُمُّهُ:

أُمُّ وَلَدٍ تُسَمَّى رَيْحَانَةَ وَ تُكَنَّى أُمَّ الْحَسَنِ، وَ يُقَالُ إِنَّ اسْمَهَا: سُكَيْنَةُ(6) ، وَ يُقَالُ لَهَا: خَيْزَرَانُ(7) ، وَ اللَّهُ أَعْلَمُ(8).

ص: 396


1- مناقب ابن شهرآشوب 391:4.
2- في «ع»: أبي طالب.
3- تاريخ الأئمة: 30، الهداية الكبرى: 295، تاج المواليد: 127، مناقب ابن شهرآشوب 379:4، إعلام الورى: 345، تذكرة الخواص: 358، كشف الغمة: 343:2، الفصول المهمة: 265.
4- في «ع، م»: و كنيته.
5- (و الجواد) ليس في «ع، م». تاريخ الأئمّة: 29، الهداية الكبرى: 295، اعلام الورى: 345، و مناقب ابن شهرآشوب 379:4، تذكرة الخواص: 359، كشف الغمة 343:2، الفصول المهمة: 266.
6- في «ط»: و يقال: سبيكة. و هو الموافق لما في تاج المواليد: 128 و إعلام الورى: 345، و مناقب ابن شهرآشوب 379:4.
7- في «ع»: خيران.
8- تاريخ الأئمة: 25، تاج المواليد: 128، مناقب ابن شهرآشوب 379:4، تذكرة الخواص: 359.

ذِكْرُ وُلْدِهِ (عليه السلام)

أبو الحسن عليّ بن محمّد العسكري الإمام (عليه السلام)، و موسى.

و من البنات: خديجة، و حكيمة، و أمّ كلثوم(1).

نقش خاتمه (عليه السلام):

و كان له خاتم نقش فصّه: العزّة للّه، مثل نقش(2) خاتم أبيه (عليه السلام)(3).

بَوَّابُهُ:

عمر بن الفرات(4).

ذكر معجزاته (عليه السلام)

346/ 6 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ لَهُ شَعْرَةٌ - أَوْ قَالَ وَفْرَةٌ - مِثْلُ حَلَكِ(5) الْغُرَابِ، مَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَاحْمَرَّتْ ثُمَّ مَسَحَ عَلَيْهَا بِظَاهِرِ كَفِّهِ فَابْيَضَّتْ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَيْهَا بِبَاطِنِ كَفِّهِ فَعَادَتْ(6) سَوْدَاءَ كَمَا كَانَتْ، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ سَعْدٍ، هَكَذَا تَكُونُ آيَاتُ الْإِمَامِ.

ص: 397


1- تاج المواليد: 130، مناقب ابن شهرآشوب 380:4، تذكرة الخواصّ: 359، المستجاد: 506، الفصول المهمّة: 276، و زاد في تاج المواليد و المناقب: فاطمة و امامة، و لم يذكر غيرهما من البنات في المستجاد و الفصول المهمّة.
2- (نقش) ليس في «ع، م».
3- في الفصول المهمّة: 266: نعم القادر اللّه.
4- تاريخ الأئمّة: 33، الفصول المهمّة: 266. و في المناقب لابن شهرآشوب 380:4: عثمان بن سعيد السّمّان.
5- الحلكة: شدّة السّواد، و في «ع»: جثل، و الجثل: الشّعر.
6- في «ع، م»: فصارت.

فَقُلْتُ: رَأَيْتُ أَبَاكَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(1) يَضْرِبُ بِيَدِهِ إِلَى التُّرَابِ فَيَجْعَلُهُ دَنَانِيرَ وَ دَرَاهِمَ.

فَقَالَ: فِي مِصْرِكَ قَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْإِمَامَ(2) يَحْتَاجُ إِلَى مَالٍ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ لَهُمْ لِيُبْلِغَهُمْ أَنَّ كُنُوزَ الْأَرْضِ بِيَدِ الْإِمَامِ(3).

347/ 7 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذْ مَرَّتْ بِنَا فَرَسٌ أُنْثَى، فَقَالَ: هَذِهِ تَلِدُ اللَّيْلَةَ فُلُوّاً(4) أَبْيَضَ النَّاصِيَةِ، فِي وَجْهِهِ غُرَّةٌ.

فَاسْتَأْذَنْتُهُ ثُمَّ انْصَرَفْتُ مَعَ صَاحِبِهَا، فَلَمْ أَزَلْ أُحَدِّثُهُ إِلَى اللَّيْلِ حَتَّى أَتَتْ الْفَرَسُ بِفُلُوٍّ كَمَا وَصَفَ مَا فِيهِ.

وَ عُدْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ سَعْدٍ، شَكَكْتَ فِيمَا قُلْتُ لَكَ بِالْأَمْسِ؟ إِنَّ الَّتِي فِي مَنْزِلِكَ حُبْلَى تَأْتِيَكَ بِابْنٍ أَعْوَرَ. فَوُلِدَ لِي مُحَمَّدٌ وَ كَانَ أَعْوَرَ(5).

348/ 8 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ:

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَضْرِبُ بِيَدِهِ إِلَى وَرَقِ الزَّيْتُونَ فَيَصِيرُ فِي كَفِّهِ وَرِقاً(6) ، فَأَخَذْتُ مِنْهُ كَثِيراً وَ أَنْفَقْتُهُ فِي الْأَسْوَاقِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ(7).

349/ 9 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى:

لَقِيتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَى وَسَطِ دِجْلَةَ فَالْتَقَى لَهُ طَرَفَاهُ حَتَّى عَبَرَ، وَ رَأَيْتُهُ بِالْأَنْبَارِ عَلَى الْفُرَاتِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ(8).

350/ 10 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَبِيصَةَ الضَّرِيرِ، قَالَ:3.

ص: 398


1- في «م» زيادة: ما أشكّ.
2- في «ع، م»: الإسلام.
3- نوادر المعجزات: 2/179، مدينة المعاجز: 22/523.
4- الفلو: بضمّ أوّله و كسره، المهر.
5- نوادر المعجزات: 3/180، فرج المهموم: 232.
6- أيّ فضّة، أو دراهم فضّة.
7- نوادر المعجزات: 4/180.
8- مدينة المعاجز: 25/543.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَكِيمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: رَأَيْتُ سَيِّدِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَدْ أَلْقَى فِي دِجْلَةَ خَاتَماً فَوَقَفَتْ كُلُّ سَفِينَةٍ صَاعِدَةَ وَ هَابِطَةً، وَ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَوْمَئِذٍ مُتَزَايِدُونَ، ثُمَّ قَالَ لِغُلاَمِهِ: أَخْرِجِ الْخَاتَمَ. فَسَارَتِ الزَّوَارِقُ(1).

351/ 11 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ هِلاَلُ بْنُ الْعَلاَءِ الرَّقِّيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو النَّصْرِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ لِي مُنَخَّلُ بْنُ عَلِيٍّ: لَقِيتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِسُرَّمَنْ رَأَى فَسَأَلْتُهُ النَّفَقَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَعْطَانِي مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ قَالَ لِي: أَغْمِضْ عَيْنَيْكَ. فَغَمَضْتُهُمَا، ثُمَّ قَالَ: افْتَحْ. فَإِذَا أَنَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ تَحْتَ الْقُبَّةِ، فَتَحَيَّرْتُ فِي ذَلِكَ(2).

352/ 12 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ هِلاَلُ بْنُ الْعَلاَءِ الرَّقِّيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَحُجُّ بِلاَ رَاحِلَةٍ وَ لاَ زَادٍ مِنْ لَيْلَتِهِ وَ يَرْجِعُ، وَ كَانَ لِي أَخٌ بِمَكَّةَ لِي عِنْدَهُ(3) خَاتَمٌ، فَقُلْتُ لَهُ: تَأْخُذُ لِي مِنْهُ عَلاَمَةً، فَرَجَعَ مِنْ لَيْلَتِهِ وَ مَعَهُ الْخَاتَمُ(4).

353/ 13 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مِنْبَرٍ فَتُورِقُ كُلُّ شَجَرَةٍ مِنْ نَوْعِهَا، وَ إِنِّي(5) رَأَيْتُهُ يُكَلِّمُ شَاةً فَتُجِيبُهُ(6).

354/ 14 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَارَةَ ابْنُ زَيْدٍ: رَأَيْتَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا عَلاَمَةُ الْإِمَامِ؟

قَالَ: إِذَا فَعَلَ هَكَذَا. فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَخْرَةٍ فَبَانَتْ أَصَابِعُهُ فِيهَا.1.

ص: 399


1- مدينة المعاجز: 26/524.
2- نوادر المعجزات: 5/181.
3- في «ع، م»: معه.
4- إثبات الهداة 61/199:6.
5- في «ط»: من فروّعها و.
6- نوادر المعجزات: 6/181.

وَ رَأَيْتُهُ يَمُدُّ الْحَدِيدَ بِغَيْرِ نَارٍ، وَ يَطْبَعُ الْحِجَارَةَ بِخَاتَمِهِ(1).

355/ 15 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ امْرَأَةً قَدْ حَمَلَتْ ابْناً لَهَا مَكْفُوفاً إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَاسْتَوَى قَائِماً يَعْدُو، كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي عَيْنِهِ ضَرَرٌ(2).

356/ 16 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا قَطْرُ بْنُ أَبِي قَطْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ التَّنُوخِيُّ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ يُكَلِّمُ ثَوْراً فَحَرَّكَ الثَّوْرُ رَأْسَهُ، فَقُلْتُ: لاَ، وَ لَكِنْ تَأْمُرُ الثَّوْرَ أَنْ يُكَلِّمَكَ.

فَقَالَ: وَ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَ أُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ(3). ثُمَّ قَالَ لِلثَّوْرِ: قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ. فَقَالَ. ثُمَّ مَسَحَ بِكَفِّهِ عَلَى رَأْسِهِ(4).

357/ 17 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَصْعَةٌ صِينِيٌّ، فَقَالَ لِي: يَا عُمَارَةُ، أَ تَرَى مِنْ هَذَا عَجَباً؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَذَابَتْ حَتَّى صَارَتْ مَاءً، ثُمَّ جَمَعَهُ حَتَّى جَعَلَهُ فِي قَدَحٍ ثُمَّ رَدَّهَا وَ مَسَحَهَا بِيَدِهِ فَإِذَا هِيَ قَصْعَةٌ صِينِيٌّ كَمَا كَانَتْ، وَ قَالَ: مِثْلَ هَكَذَا فَلْتَكُنْ الْقُدْرَةُ(5).

358/ 18 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي(6) زَكَرِيَّا بْنُ آدَمَ، قَالَ: إِنِّي لَعِنْدَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذْ جِيءَ بِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ سِنُّهُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَضَرَبَ بِيَدِهِا.

ص: 400


1- نوادر المعجزات: 7/181.
2- مدينة المعاجز: 524.
3- تضمين من سورة النّمل 16:27.
4- في «ع، م»: ثمّ مسح برأسه عليه. نوادر المعجزات: 8/182.
5- نوادر المعجزات: 9/182.
6- في «ط»: حدّثنا.

إِلَى الْأَرْضِ، وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَأَطَالَ الْفِكْرَ(1) ، فَقَالَ لَهُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): بِنَفْسِي أَنْتَ، لِمَ طَالَ فِكْرُكَ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): فِيمَا صُنِعَ بِأُمِّي فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)، أَمَا وَ اللَّهِ لَأُخْرِجَنَّهُمَا ثُمَّ لَأُحْرِقَنَّهُمَا، ثُمَّ لَأُذَرِّيَنَّهُمَا، ثُمَّ لَأَنْسِفَنَّهُمَا فِي الْيَمِّ نَسْفاً. فَاسْتَدْنَاهُ، وَ قَبَّلَ مَا(2) بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، أَنْتَ لَهَا. يَعْنِي الْإِمَامَةَ(3).

359/ 19 - قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ عَلِيٍّ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ، وَ كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ أَبُوهُ بِخُرَاسَانَ فَدَعَا جَارِيَتَهُ يَوْماً(4) فَقَالَ لَهَا: قُولِي لَهُمْ يَتَهَيَّئُونَ لِلْمَأْتَمِ.

فَلَمَّا(5) تَفَرَّقْنَا مِنْ مَجْلِسِنَا أَنَا وَ جَمَاعَةٌ، قُلْنَا: أَ لاَ سَأَلْنَاهُ مَأْتَمَ مَنْ(6) ؟ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَعَادَ الْقَوْلَ، فَقُلْنَا لَهُ: مَأْتَمَ مَنْ؟ فَقَالَ: مَأْتَمَ خَيْرِ مَنْ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ. فَوَرَدَ الْخَبَرُ بِمُضِيِّ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بَعْدَ أَيَّامٍ(7).

360/ 20 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ عَمَّارٍ الطَّبَرِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ، قَالَ: حَجَّ إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِي السَّنَةِ الَّتِي خَرَجَتِ الْجَمَاعَةُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ). قَالَ إِسْحَاقُ: فَأَعْدَدْتُ لَهُ فِي رُقْعَةٍ عَشْرَ مَسَائِلَ لِأَسْأَلَهُ عَنْهَا، وَ كَانَ لِي حَمْلٌ، فَقُلْتُ: إِذَا أَجَابَنِي عَنْ مَسَائِلِي، سَأَلْتُهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لِي أَنْ يَجْعَلَهُ ذَكَراً.

فَلَمَّا سَأَلَهُ النَّاسُ قُمْتُ، وَ الرُّقْعَةُ مَعِي، لِأَسْأَلَهُ عَنْ مَسَائِلِي، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا يَعْقُوبَ، سَمِّهِ أَحْمَدَ، فَوُلِدَ لِي ذَكَرٌ، فَسَمَّيْتُهُ أَحْمَدَ، فَعَاشَ مُدَّةً وَ مَاتَ.2.

ص: 401


1- في «ط»: و هو يفكّر.
2- (ما) ليس في «ع، م».
3- إثبات الوصيّة: 184، نوادر المعجزات: 10/183.
4- في «ع، م»: يوما بالجارية.
5- في «ع» زيادة: كان الغد أعاد القول، و هو تكرار لما يأتي.
6- في «ط»: لمن المأتم.
7- إعلام الورى: 350، مناقب ابن شهرآشوب 389:4، الثّاقب في المناقب: 443/515، كشف الغمّة 369:2.

وَ كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَ الْجَمَاعَةِ عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ الْوَاسِطِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالْعَمِشِ(1) ، قَالَ: حَمَلْتُ مَعِي إِلَيْهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِنَ الْآلَةِ الَّتِي لِلصِّبْيَانِ، بَعْضُهَا(2) مِنْ فِضَّةٍ. وَ قُلْتُ:

أُتْحِفُ مَوْلاَيَ أَبَا جَعْفَرٍ بِهَا. فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ عَنْ جَوَابٍ لِجَمِيعِهِمْ(3) ، قَامَ فَمَضَى إِلَى صِرْيَا وَ اتَّبَعْتُهُ، فَلَقِيتُ مُوَفَّقاً، فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ، فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ، وَ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهَةُ، وَ لَمْ يَأْمُرْنِي بِالْجُلُوسِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ فَرَّغْتُ مَا كَانَ فِي كُمِّي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ نَظَرَ مُغْضَبٍ، ثُمَّ رَمَى(4) يَمِيناً وَ شِمَالاً، ثُمَّ قَالَ: مَا لِهَذَا خَلَقَنِي اللَّهُ، مَا أَنَا وَ اللَّعِبَ؟! فَاسْتَعْفَيْتُهُ فَعَفَا عَنِّي، فَأَخَذْتُهَا(5) فَخَرَجَتْ(6).

361/ 21 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ [بْنُ مُحَمَّدِ] بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يُونُسَ الْخَزَّازُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ:

كُنْتُ أَنَا وَ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ وَ صَفْوَانُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِمِنًى، فَقَالَ لِي: أَ لَكَ(7) حَاجَةٌ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَ كَتَبَ مَعَنَا كِتَاباً إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ أَخْرَجَهُ إِلَيْنَا مُسَافِرٌ عَلَى كَتِفِهِ، وَ لَهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْراً، فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ الْكِتَابَ، فَفَضَّ الْخَاتَمَ وَ قَرَأَهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى نَخْلَةٍ كَانَ تَحْتَهَا، فَقَالَ: بَاح بَاح(8).

362/ 22 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الطِّيبِ(9) ، عَنْ6.

ص: 402


1- كذا في النّسخ و البحار، و في رجال النّجاشيّ: 276: المنمس.
2- في «ع، م»: بعضا.
3- في «ط»: عنه بعد جواب الجميع.
4- في «ط»: رنا.
5- (فأخذتها) ليس في «ع، م».
6- مدينة المعاجز: 39/526، البحار 34/58:50.
7- في «ع»: فقال: لك.
8- مدينة المعاجز: 40/526.
9- في الكافي: محمّد بن الطّيب، راجع معجم رجال الحديث 195:16.

عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْعَلاَءِ، قَالَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ بِسُرَّمَنْ رَأَى بَعْدَ مُنَازَعَةٍ جَرَتْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ عَنْ عُلُومِ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)(1).

فَقَالَ لِي: بَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَاقِفٌ عِنْدَ الْقَبْرِ، أَدْعُو، فَرَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَ الْقَبْرِ، فَنَاظَرْتُهُ فِي مَسَائِلَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَنِي، فَسَأَلَنِي عَنِ الْإِمَامِ، فَقُلْتُ: هُوَ وَ اللَّهِ أَنْتَ.

فَقَالَ: أَنَا هُوَ.

فَقُلْتُ: فَعَلاَمَةً تَدُلُّنِي عَلَيْكَ. وَ كَانَ فِي يَدِهِ عَصًا فَنَطَقَتْ، وَ قَالَتْ: إِنَّ مَوْلاَيَ إِمَامُ هَذَا الزَّمَانِ مُحَمَّدٌ، يَا يَحْيَى(2).

363/ 23 - وَ رَوَى الْعَبَّاسُ بْنُ السِّنْدِيِّ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ بَكْرٍ(3) ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ عَمَّتِي تَشْتَكِي مِنْ رِيحٍ بِهَا، فَقَالَ: ائْتِنِي بِهَا. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا:

: مِمَّ تَشْتَكِينَ؟

قَالَتْ: رُكْبَتَيَّ، جُعِلْتُ فِدَاكَ. قَالَ: فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتِهَا مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ، وَ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ(4) ، فَخَرَجَتْ وَ لاَ تَجِدُ شَيْئاً مِنَ الْوَجَعِ(5).

364/ 24 - وَ عَنْهُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: دَخَلَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ فِينَا رَجُلٌ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ، فَسَأَلْنَاهُ مَسْأَلَةً، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِغُلاَمِهِ: خُذْ بِيَدِ هَذَا الرَّجُلِ فَأَخْرَجَهُ. فَقَالَ الزَّيْدِيُّ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً)،2.

ص: 403


1- في «ط»: آل محمّد عمّا شاهده.
2- الكافي 9/287:1، نوادر المعجزات: 11/183، مناقب ابن شهرآشوب 393:4، الثّاقب في المناقب: 434/508، مدينة المعاجز: 6/519.
3- في المصادر: أبو بكر بن إسماعيل، و في الثّاقب: بكير.
4- في «ط»: الثّياب، و دعا.
5- في «ط»: شيئا ممّا تشتكي. الثّاقب في المناقب: 453/521 و نحوه الخرائج و الجرائح 3/376:1، و كشف الغمّة 366:2، و الصّراط المستقيم 3/200:2.

وَ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ بَعْدَ آبَائِكَ(1).

365/ 25 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ: وَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَسْكَرٍ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَ هُوَ جَالِسٌ فِي وَسَطِ إِيْوَانٍ لَهُ يَكُونُ عَشْرَةَ أَذْرُعٍ(2) ، قَالَ: فَوَقَفْتُ بِبَابِ الْإِيْوَانِ، وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا أَشَدَّ سُمْرَةَ مَوْلاَيَ، وَ أَضْوَى جَسَدَهُ(3)!

قَالَ: فَوَ اللَّهِ، مَا اسْتَتْمَمْتُ هَذَا الْقَوْلَ فِي نَفْسِي حَتَّى عَرُضَ فِي جَسَدِهِ، وَ تَطَاوَلَ، فَامْتَلَأَ بِهِ الْإِيْوَانُ إِلَى سَقْفِهِ مَعَ جَوَامِعِ حِيطَانِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ لَوْنَهُ قَدْ أَظْلَمَ حَتَّى صَارَ كَاللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، ثُمَّ ابْيَضَّ حَتَّى صَارَ كَأَبْيَضِ مَا يَكُونُ مِنَ الثَّلْجِ الْأَبْيَضِ، ثُمَّ احْمَرَّ فَصَارَ(4) كَالْعَلَقِ الْمُحْمَرِّ، ثُمَّ اخْضَرَّ حَتَّى صَارَ كَأَعْظَمِ شَيْ ءٍ يَكُونُ فِي الْأَعْوَادِ الْمُورِقَةِ الْخَضِرِ(5) ، ثُمَّ تَنَاقَصَ جَسَدُهُ حَتَّى صَارَ فِي صُورَتِهِ الْأُولَى، وَ عَادَ لَوْنُهُ إِلَى اللَّوْنِ الْأَوَّلِ(6) فَسَقَطْتُ لِوَجْهِي لِهَوْلِ مَا رَأَيْتُ، فَصَاحَ بِي: يَا عَسْكَرُ، كَمْ تَشُكُّونَ فِينَا، وَ تُضْعِفُونَ قُلُوبَكُمْ، وَ اللَّهِ لاَ يَصِلُ(7) إِلَى حَقِيقَةِ مَعْرِفَتِنَا إِلاَّ مَنْ مَنَّ اللَّهُ بِنَا عَلَيْهِ، وَ ارْتَضَاهُ لَنَا وَلِيّاً.

قَالَ عَسْكَرٌ: فَآلَيْتُ أَنْ لاَ أُفَكِّرَ فِي نَفْسِي إِلاَّ بِمَا يَنْطِقُ بِهِ لِسَانِي(8).7.

ص: 404


1- (بعد آبائك) ليس في «ع، م». الخرائج و الجرائح 669:2، الثاقب في المناقب: 450/519، مدينة المعاجز: 42/527.
2- في «ع» زيادة: و عشرة أذرع.
3- ضوي الرجل: دق عظمه و قلّ جسمه، و في «ط»: بدنه، و كذا في الموضع الآتي.
4- في «ط»: صار كالثلج و احمرّ حتىّ صار.
5- في «ط»: صار كالآس.
6- في «ط»: و عاد لونه كما كان.
7- في «ع، م»: لا وصل.
8- في «ع»: فآليت ألا تطيب نفسي إلاّ نطق لساني. مناقب ابن شهرآشوب 387:4، إثبات الهداة 6: 70/201، مدينة المعاجز: 43/527.

366/ 26 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَرُّوخٍ الصَّفَّارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ الرَّاوِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ، وَ كَانَ زَيْدِيّاً، قَالَ: كُنْتُ فِي عَسْكَرِ هَؤُلاَءِ، فَبَلَغَنِي أَنَّ هُنَاكَ رَجُلاً مَحْبُوساً أُتِيَ بِهِ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ مَكْبُولاً، وَ زَعَمُوا أَنَّهُ ادَّعَى النُّبُوَّةَ. قَالَ: فَأَتَيْتُ إِلَى الْبَوَّابِينَ وَ بَرَرْتُهُم بِشَيْ ءٍ، حَتَّى وَصَلْتُ إِلَيْهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ وَ قِصَّتِهِ. فَقَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ(1) أَعْبُدُ اللَّهَ (تَعَالَى) عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي يُقَالُ إِنَّ رَأْسَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) تَحْتَهَا. فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ(2) قَائِمٌ أُصَلِّي إِذْ نَظَرْتُ، وَ إِذَا إِلَى جَانِبِي شَخْصٌ، فَقَالَ لِي: يَا هَذَا، تَشْتَهِي أَنْ تَزُورَ قَبْرَهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(3) ؟

فَقُلْتُ: إِي وَ اللَّهِ.

فَقَالَ: أَغْمِضْ عَيْنَيْكَ. فَغَمَضْتُ فَقَالَ: افْتَحْ. فَفَتَحْتُ، فَإِذَا أَنَا(4) بِالْحَائِرِ فَزُرْتُ(5).

ثُمَّ قَالَ لِي: تَشْتَهِي أَنْ تَزُورَ أَبَاهُ(6) ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَفَعَلَ بِي مِثْلَ ذَلِكَ. حَتَّى جَاءَ بِي إِلَى(7) مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، فَقَالَ: أَ تَعْرِفُ هَذَا الْمَسْجِدَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، هَذَا مَسْجِدُ الْكُوفَةِ.

قَالَ: فَصَلَّى فِيهِ، وَ صَلَّيْتُ مَعَهُ. فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ قَالَ لِي: تَشْتَهِي أَنْ تَزُورَ(8) رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟ فَقُلْتُ: إِي وَ اللَّهِ. فَفَعَلَ بِي مِثْلَ ذَلِكَ، وَ إِذَا أَنَا فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ، فَصَلَّى وَ صَلَّيْتُ وَ صَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُ إِذْ أَتَى بِي مَكَّةَ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ(9) حَتَّى قَضَى مَنَاسِكَهُ كُلَّهَا وَ قَضَيْتُ مَنَاسِكِي كُلَّهَا وَ أَنَا مَعَهُ، ثُمَّ رَدَّنِي إِلَى مَكَانِي الَّذِيل.

ص: 405


1- في «ط» زيادة: و كنت.
2- في «ط»: ذات يوم.
3- في «ط»: قبر الحسين.
4- في «ع، م»: فغمضت و فتحت عيني فكأنّي.
5- (فزرت) ليس في «ع».
6- في «ط» زيادة: عليّا.
7- في «ع، م»: بي و أنا في.
8- في «ط» زيادة: قبر.
9- في «ط»: مسجد الرّسول فزار و زرت ثمّ أتينا مكّة فلم يزل.

كُنْتُ فِيهِ بِالشَّامِ ثُمَّ مَضَى.

فَلَمَّا كَانَ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ إِذَا أَنَا بِهِ وَ فَعَلَ بِي مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْعَامِ(1) الْمَاضِي، وَ رَدَّنِي إِلَى الشَّامِ، فَقُلْتُ لَهُ: سَأَلْتُكَ بِحَقِّ الَّذِي أَقْدَرَكَ عَلَى مَا أَرَى، إِلاَّ مَا أَخْبَرْتَنِي مَنْ أَنْتَ(2).

قَالَ: فَأَطْرَقَ طَوِيلاً، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى. وَ ذَهَبَ(3).

فَأَخْبَرْتُ أَهْلِي وَ وُلْدِي، فَمَا خَرَجَ الْحَدِيثُ عَنِ الْمَحَلَّةِ حَتَّى قَالُوا: يَدَّعِي النُّبُوَّةَ، وَ رَفَعَ خَبَرِي إِلَى السُّلْطَانِ، فَمَا شَعَرْتُ حَتَّى حُمِلْتُ كَمَا تَرَانِي. فَقُلْتُ: أَرْفَعُ قِصَّتَهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الزَّيَّاتِ. فَكَتَبْتُهَا وَ رَفَعْتُهَا إِلَيْهِ كَمَا كَانَتْ قِصَّتُهُ، فَوَقَّعَ فِي الْقِصَّةِ:

قُلْ(4) لِمَنْ بَلَغَ بِكَ إِلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ - إِنْ كَانَ صَادِقاً - أَنْ يُخْرِجَكَ مِنْ حَبْسِكَ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ: فَغَمَّنِي ذَلِكَ وَ عَزَّيْتُهُ بِالصَّبْرِ، وَ عَرَضْتُ عَلَيْهِ مَالاً فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، وَ كَانَ هَذَا يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَصَدْتُهُ(5) لِأُسَلِّمَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُ السَّجَّانَ وَسَطَ الرِّوَاقِ، قَالَ: قَدْ وَضَعَ صَاحِبُكَ الَّذِي تَفَقَّدْتَهُ الْبَارِحَةَ حَدِيدَهُ وَسَطَ السِّجْنِ وَ خَرَجَ، لاَ أَدْرِي اجْتَذَبَتْهُ الْأَرْضُ أَمْ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ.

فَخَرَجْتُ إِلَى الْجَامِعِ وَ بَقِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعَسْكَرِ سِنِينَ كَثِيرَةً، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً ذَكَرَ أَنَّهُ رَآهُ إِلَى يَوْمِ النَّاسِ هَذَا(6).8.

ص: 406


1- في «ط»: كان العام القابل أتى و فعل كما فعل بالعام.
2- في «ط»: على هذا من أنت.
3- في «ع، م»: ثم ذهب.
4- في «ط»: محمد بن عبد الملك الزيات فوقع في قصتي: قل.
5- في «ع، م»: قصدت.
6- في «ط»: رأيت من الناس من ذكر انه رآه إلى اليوم. بصائر الدرجات: 1/422، الكافي 1/411:1، الارشاد: 324، الاختصاص: 320، الخرائج و الجرائح 10/380:1، إعلام الورى: 347، مناقب ابن شهرآشوب 393:4، الثاقب في المناقب: 436/510، كشف الغمة 359:2، الفصول المهمة: 271، الصراط المستقيم 6/200:2، نور الأبصار: 328.

367/ 27 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الْهَاشِمِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) صَبِيحَةَ عِرْسِهِ بِابْنَةِ الْمَأْمُونِ، وَ كُنْتُ تَنَاوَلْتُ دَوَاةً، فَأَوَّلُ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي صَبِيحَتِهِ أَنَا وَ قَدْ أَصَابَنِي الْعَطَشُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَدْعُوَ بِالْمَاءِ.

فَقَالَ لِي: أَظُنُّكَ عَطْشَاناً؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: يَا غُلاَمُ - أَوْ قَالَ: يَا جَارِيَةُ - اسْقِنَا مَاءً. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِذَنْ يَأْتُونَهُ بِمَاءٍ(1) يَسُمُّونَهُ بِهِ، فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ، فَأَقْبَلَ الْغُلاَمُ وَ مَعَهُ الْمَاءُ، فَتَبَسَّمَ فِي وَجْهِي، ثُمَّ قَالَ: يَا غُلاَمُ، نَاوِلْنِي الْكُوزَ. فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَنِي فَشَرِبْتُ.

ثُمَّ عَطِشْتُ أَيْضاً، فَكَرِهْتُ أَنْ أَدْعُوَ بِالْمَاءِ، فَفَعَلَ بِي مَا فَعَلَ بِالْأُولَى، جَاءَ بِالْمَاءِ، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! نَاوِلْنِي الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَنِي وَ تَبَسَّمَ(2).

ثمّ قال محمّد بن عليّ الهاشمي: و أنا أظنّ به كما تظنّون،(3) بعد ما شاهدت منه هذا و أمثاله(4).

و الحمد للّه رب العالمين و صلّى اللّه على سيدنا محمّد و آله و سلّم تسليما(5).

***ي.

ص: 407


1- في «ط»: نفسي إذن يجيئون بما.
2- في «ط»: و شربت.
3- في «ع، م»: و انا و اللّه أظنه كما تقولون.
4- الكافي 6/414:1، الارشاد: 325، روضة الواعظين: 243، الخرائج و الجرائح 9/379:1، مناقب ابن شهرآشوب 390:4، كشف الغمة 360:2.
5- في «م» زيادة: حرره العاصي عباس القمي.

ص: 408

أبو الحسن عليّ بن محمّد (عليه السلام)

معرفة ولادته

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِثَلاَثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَ مِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ.

وَ كَانَ مَقَامُهُ مَعَ أَبِيهِ سِتَّ سِنِينَ وَ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ.

وَ عَاشَ بَعْدَ أَبِيهِ ثَلاَثَ وَ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ.

وَ كَانَتْ سِنُو إِمَامَتِهِ بَقِيَّةَ مُلْكِ الْوَاثِقِ(1) ، ثُمَّ مُلْكَ الْمُتَوَكِّلِ(2) ، ثُمَّ أَحْمَدَ الْمُسْتَعِينِ، ثُمَّ مُلْكَ الْمُعْتَزِّ.

وَ فِي آخِرِ مُلْكِهِ اسْتُشْهِدَ وَلِيُّ اللَّهِ وَ قَدْ كَمَلَ عُمُرُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ لِثَلاَثٍ خَلَوْنَ مِنْ رَجَبِ سَنَةٍ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ، مَسْمُوماً.

وَ يُقَالُ: إِنَّهُ قُبِضَ الْإِثْنَيْنَ لِثَلاَثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ(3).

ص: 409


1- في تاج المواليد: 131، و إعلام الورى: 355، و مناقب ابن شهرآشوب 401:4: كانت في أيّام إمامته بقيّة ملك المعتصم ثمّ الواثق، و هو الصّواب كما ذكرنا في شهادة أبيه (عليهم السّلام).
2- سقط هنا محمّد المنتصر. انظر الجوهر الثمين 146:1 و المصادر المتقدّمة.
3- الكافي 416:1، تاج المواليد: 132، مناقب ابن شهرآشوب 401:4.

وَ يُقَالُ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِخَمْسِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى(1) سَنَةِ أَرْبَعٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ(2).

وَ دُفِنَ بِسُرَّمَنْ رَأَى، فِي دَارِهِ.

خَبَرُ أُمِّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

368/ 1 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ عَمَّارٍ الطَّبَرِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: دَعَانِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) فَأَعْلَمَنِي أَنَّ قَافِلَةً قَدْ قَدِمَتْ، وَ فِيهَا نَخَّاسٌ، مَعَهُ جَوَارٍ، وَ دَفَعَ إِلَيَّ سَبْعِينَ دِينَاراً، وَ أَمَرَنِي بِابْتِيَاعِ جَارِيَةٍ وَصَفَهَا لِي(3).

فَمَضَيْتُ وَ عَمِلْتُ بِمَا أَمَرَنِي بِهِ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْجَارِيَةُ أُمَّ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

وَ رُوِيَ أَنَّ اسْمَهَا سَمَانَةُ، وَ أَنَّهَا كَانَتْ مُوَلَّدَةً(4).

369/ 2 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ وَ عَلِيُّ بْنُ مَهْزِيَارَ، عَنِ السَّيِّدِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ: أُمِّي عَارِفَةٌ بِحَقِّي، وَ هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لاَ يَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ مَارِدٌ، وَ لاَ يَنَالُهَا كَيْدُ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَ هِيَ مَكْلُوءَةٌ(5) بِعَيْنِ اللَّهِ الَّتِي لاَ تَنَامُ، وَ لاَ تَتَخَلَّفُ(6) عَنْ أُمَّهَاتِ الصِّدِّيقِينَ وَ الصَّالِحِينَ(7).

ص: 410


1- في الكافي 416:1: لأربع ليال يقين من جمادى الآخرة، و في كشف الغمة 375:2: لخمس ليال يقين من جمادى الآخرة.
2- (و مائتين من الهجرة و يقال... و خمسين و مائتين) ليس في «ع، م».
3- (لي) ليس في «ع، م».
4- المولّد: العربي غير المحض، و من ولد عند العرب و تأدّب بآدابهم. إثبات الوصية: 193، مدينة المعاجز: 1/538.
5- أي محفوظة و مصانة.
6- في «ع، م»: تخلف.
7- إثبات الوصية: 193، مدينة المعاجز: 1/538.

نسبه (عليه السلام)

عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف.

و يكنى:

أبا الحسن.

و لقبه:

المرتضى، و الهادي، و العسكري، و العالم، و الدليل، و الموضّح، و الرشيد، و الشهيد، و الوفيّ، و النجيب، و المتّقي(1) ، و المتوكّل، و الخالص(2).

و امّه:

أمّ ولد، يقال لها: السيّدة، و يقال لها: سمانة و اللّه أعلم(3).

و بوّابه:

عثمان بن سعيد العمري(4).

نقش خاتمه (عليه السلام):

و كان له خاتم نقش فصّه ثلاثة أسطر:

ما شاء اللّه.

لا قوّة إلاّ باللّه.

أستغفر اللّه(5).

ص: 411


1- في «ط»: و التقي.
2- الهداية الكبرى: 313، مناقب ابن شهرآشوب 401:4، الفصول المهمة: 277.
3- الكافي 416:1، الهداية الكبرى: 313، روضة الواعظين: 246، مناقب ابن شهرآشوب 401:4، كشف الغمة 374:2 و 376، المستجاد: 507.
4- تاريخ الأئمّة: 33، الفصول المهمة: 278، نور الأبصار: 334، و في مناقب ابن شهرآشوب 403:4: محمد بن عثمان العمري.
5- في الفصول المهمة: 278 و نور الأبصار: 334: هو اللّه ربّي و هو عصمني من خلقه، و في مصباح الكفعمي: حفظ العهود من أخلاق المعبود.

ذِكْرُ وُلْدِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)

أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ الْإِمَامُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ الْحُسَيْنُ(1) ، وَ جَعْفَرٌ، وَ مِنَ الْبَنَاتِ: عَائِشَةُ وَ دَلاَلَةُ(2).

وَ رَوَى أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ(3) الْحَسَنُ الْإِمَامُ، وَ جَعْفَرٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، فَحَسْبُ.

وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْإِمَامُ، وَ مُحَمَّدٌ، وَ الْحُسَيْنُ، وَ جَعْفَرٌ(4).

ذكر معجزاته (عليه السلام)

370/ 3 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ مَعَهُ جِرَابٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْ ءٌ. فَقُلْتُ: أَ تَرَى(5) مَا تَصْنَعُ بِهَذَا؟ فَقَالَ: أَدْخِلْ يَدَكَ فِيهِ. فَأَدْخَلْتُهَا فَمَا وَجَدْتُ شَيْئاً، فَقَالَ: أَعِدْ. فَأَعَدْتُ يَدِي فَإِذَا هُوَ مَمْلُوءٌ دَنَانِيرَ(6).

371/ 4 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَفِيِّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ هَذِهِ الْأُسْطُوَانَةِ رُمَّاناً؟ قَالَ: نَعَمْ، وَ تَمْراً وَ عِنَباً وَ مَوْزاً. فَفَعَلَ ذَلِكَ وَ أَكَلْنَا وَ حَمَلْنَا(7).

ص: 412


1- في «ع، م»: و الحسن.
2- الارشاد: 334، و ذكر محمدا بدل دلالة.
3- في «ط»: له من الولد.
4- المستجاد من كتاب الارشاد: 514، و زاد فيه: و عائشة.
5- في «ع، م»: أتراك.
6- نوادر المعجزات: 1/184.
7- نوادر المعجزات: 2/185.

372/ 5 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَ تَقْدِرُ أَنْ تَصْعَدَ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى تَأْتِيَ بِشَيْ ءٍ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ لِنَعْلَمَ ذَلِكَ؟ فَارْتَفَعَ فِي الْهَوَاءِ وَ أَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى غَابَ، ثُمَّ رَجَعَ وَ مَعَهُ طَيْرٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي أُذُنَيْهِ أَشْنِفَةٌ(1) مِنْ ذَهَبٍ، وَ فِي مِنْقَارِهِ دُرَّةٌ، وَ هُوَ يَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ، فَقَالَ: هَذَا طَيْرٌ مِنْ طُيُورِ الْجَنَّةِ. ثُمَّ سَيَّبَهُ فَرَجَعَ(2).

373/ 6 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ(3) قَوْمٌ يَشْكُونَ الْجُوعَ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَ كَالَ لَهُمْ بُرّاً وَ دَقِيقاً(4).

374/ 7 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ(5) الْمُلَقَّبُ بِسَجَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ مُحَمَّدٍ مَوْلاَةُ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِالْخَبَرِ، وَ هِيَ مَعَ الْحَسَنِ(6) بْنِ مُوسَى، قَالَتْ: دَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنَ الْبَابِ وَ قَدْ ذُعِرَ(7) حَتَّى جَلَسَ فِي حَجْرِ أُمِّ أَبِيهَا(8) بِنْتِ مُوسَى، فَقَالَتْ لَهُ: فَدَيْتُكَ(9) ، مَا لَكَ؟

قَالَ لَهَا: مَاتَ أَبِي، وَ اللَّهِ، السَّاعَةَ. قَالَتْ: فَكَتَبْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَجَاءَتْ وَفَاةُ أَبِي».

ص: 413


1- الأشنفة: جمع شنف، القرط.
2- نوادر المعجزات: 3/185.
3- في «ط»: فدخل إليه.
4- نوادر المعجزات: 4/185.
5- في «ط»: ابن الحسن. و الملقّب بسجادة هو الحسن بن عليّ بن أبي عثمان: غال من أصحاب الامام الجواد (عليه السّلام). ذكره الشّيخ الطّوسيّ في رجاله: 11/400.
6- في «ط»: الحسين.
7- في «ع»: رعد. و ذعر: دهش و فزع.
8- في «ط»: الباب و هو يرعد فدخل و جلس في حجر أم أيمن، و في «ع، م»: أم أيّما بدل أم أبيها، و هو تصحيف، إذ إن «أم أبيها» هو اسم إحدى بنات الإمام الكاظم (عليه السّلام) انظر الهداية الكبرى: 264، و الإرشاد: 302.
9- (فديتك) ليس في «ع، م».

جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(1) فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي أَخْبَرَ(2).

375/ 8 - وَ رَوَى الْمُعَلَّى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

كَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبٍ الْمَدَائِنِيُّ يَسْأَلُهُ عَنِ السُّجُودِ عَلَى الزُّجَاجِ. قَالَ:

فَلَمَّا نَفَذَ الْكِتَابُ حَدَّثَتْ(3) نَفْسِي: إِنَّهُ مِمَّا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ، وَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لاَ بَأْسَ بِالسُّجُودِ عَلَى مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضِ.

قَالَ: فَجَاءَ الْجَوَابُ: لاَ تَسْجُدْ، وَ إِنْ حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ أَنَّهُ مِمَّا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ(4) ، فَإِنَّهُ مِنَ الرَّمْلِ وَ الْمِلْحِ، وَ الْمِلْحُ سَبَخٌ، وَ الرَّمْلُ سَبَخٌ، وَ السَّبَخُ بَلَدٌ مَمْسُوخٌ(5).

376/ 9 - وَ رَوَى الْمُعَلَّى بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِىِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لَمَّا بَدَأَ الْمُتَوَكِّلُ بِعِمَارَةِ الْجَعْفَرِيِّ(6) فِي سُرَّ مَنْ رَأَى(7): يَا عَلِيُّ، إِنَّ هَذَا الطَّاغِيَةَ يُبْتَلَى بِبِنَاءِ مَدِينَةٍ لاَ تَتِمُّ، وَ يَكُونُ حَتْفُهُ فِيهَا قَبْلَ تَمَامِهَا(8) ، عَلَى يَدِ فِرْعَوْنٍ مِنْ فَرَاعِنَةِ الْأَتْرَاكِ.

ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) اصْطَفَى مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالنُّبُوَّةِ وَ الْبُرْهَانِ، وَ اصْطَفَانَا بِالْمَحَبَّةِ وَ التِّبْيَانِ(9) وَ جَعَلَ كَرَامَةَ الصَّفْوَةِ لِمَنْ تَرَى. يَعْنِي نَفْسَهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(10).

377/ 10 - قَالَ: وَ سَمِعْتُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ ثَلاَثَةٌ وَ سَبْعُونَ2.

ص: 414


1- في «ط» زيادة: و إنّه توفّي.
2- في «ع، م»: اليوم مستوي، و في المدينة: يوم مسيري. اثبات الوصيّة: 194، كشف الغمّة 384:2، مدينة المعاجز: 23/542.
3- في «ط»: قلت في.
4- زاد في إثبات الوصيّة: فحال.
5- الكافي 14/332:3، إثبات الوصيّة: 195، علل الشّرائع: 5/342، كشف الغمّة 384:2.
6- اسم قصْر بناه المتوكّل قرب سامرّاء، و استحدث عنده مدينة انتقل إليها، و فيه قتل سنة (247 ه)، معجم البلدان 143:2.
7- في «ع، م»: عليّ بن محمّد (صلّى اللّه عليه) لما بدأ الموسوم بالمتوكل، بعمارة سر من رأى و الحفرية قال.
8- في «ط»: يا عليّ هذا الطّاغية يقتل بهذا البناء قبل أن يتمّ و يكون حتفه فيه قبل التّمام.
9- في «ط»: و البيان.
10- إثبات الوصيّة: 202، و قطعة منه في مدينة المعاجز: 25/542.

حَرْفاً، وَ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ آصَفَ مِنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ، فَتَكَلَّمَ بِهِ فَانْطَوَتِ(1) الْأَرْضُ الَّتِي(2) بَيْنَهُ وَ بَيْنَ سَبَأٍ، فَتَنَاوَلَ عَرْشَ بِلْقِيسَ حَتَّى صَيَّرَهُ إِلَى سُلَيْمَانَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، ثُمَّ بُسِطَتِ الْأَرْضُ فِي أَقَلَّ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ. وَ عِنْدَنَا مِنْهُ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً، وَ حَرْفٌ عِنْدَ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) اسْتَأْثَرَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ(3).

378/ 11 - وَ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ حُكَيْمٍ، عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الشَّامِيِّ(4) ، عَنْ هَارُونَ ابْنِ الْفَضْلِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) صَاحِبَ الْعَسْكَرِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَبُوهُ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، يَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، مَضَى وَ اللَّهِ(5) أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَعْلَمُ وَ هُوَ بِبَغْدَادَ وَ أَنْتَ هَاهُنَا بِالْمَدِينَةِ.

فَقَالَ: لِأَنَّهُ تَدَاخَلَنِي ذِلَّةٌ وَ اسْتِكَانَةٌ لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهَا(6).

379/ 12 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هَارُونَ(7) ، عَنْ رَجُلٍ كَانَ رَضِيعَ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: بَيْنَا أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جَالِسٌ مَعَ مُؤَدِّبٍ لَهُ - يَعْنِي أَبَا زَكَرِيَّا - وَ أَبُو جَعْفَرٍ عِنْدَنَا بِبَغْدَادَ وَ أَبُو الْحَسَنِ يَقْرَأُ فِي لَوْحٍ عَلَى مُؤَدِّبِهِ(8) إِذْ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً، فَسَأَلَهُ(9) الْمُؤَدِّبُ: مِمَّ بُكَاؤُكَ يَا سَيِّدِي(10) ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ لَهُ: ائْذَنْ لِي».

ص: 415


1- في «ع، م»: فاغرقت له.
2- في «ع، م»: فيما.
3- إثبات الوصيّة: 202، كشف الغمّة 385:2.
4- في الكافي: الشّهبانيّ، و في بعض نسخه: الميشائي، و في البصائر و إثبات الوصيّة: الشّيبانيّ.
5- (و اللّه) ليس في «ع، م».
6- بصائر الدّرجات: 3/487 و 5، الكافي 5/312:1، إثبات الوصيّة: 194، نوادر المعجزات: 8/189.
7- في البصائر: عن محمّد بن عيسى، عن قارن، و في إثبات الوصيّة: عن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن قارون.
8- في «ط»: أبا زكريّا و هو يقرأ في لوح و أبوه ببغداد.
9- في «ط»: فقال له.
10- (يا سيّدي) ليس في «ع، م».

بِالدُّخُولِ. فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ(1) فَارْتَفَعَ الصِّيَاحُ(2) مِنْ دَارِهِ بِالْبُكَاءِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا فَسَأَلُوهُ عَنِ السَّبَبِ فِي بُكَائِهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) تُوُفِّيَ السَّاعَةَ.

قَالَ: قُلْنَا لَهُ: فَمَا عِلْمُكَ؟

قَالَ: دَخَلَنِي مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) شَيْ ءٌ لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَعَلِمْتُ أَنْ أَبِي قَدْ مَضَى.

قَالَ: فَعَرَفْنَا ذَلِكَ الْوَقْتَ بِالْيَوْمِ وَ الشَّهْرِ إِلَى أَنْ وَرَدَ خَبَرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِعَيْنِهِ(3).

380/ 13 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عِيسَى، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخَيَّاطِ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو طَالِبٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَمَاعَةٌ مِمَّنْ حَضَرَ الْعَسْكَرَ بِسُرَّمَنْ رَأَى، قَالُوا: شَهِدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ.

قَالَ أَبُو طَالِبٍ: هُوَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ مُقْبِلٌ الدَّيْلَمِيُّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ بِالْكُوفَةِ لَهُ صَاحِبٌ يَقُولُ بِإِمَامَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبٌ لَهُ كَانَ يَمِيلُ إِلَى نَاحِيَتِنَا وَ يَقُولُ بِأَمْرِنَا: لاَ تَقُلْ بِإِمَامَةِ عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، وَ قُلْ بِالْحَقِّ.

قَالَ: وَ مَا الْحَقُّ حَتَّى أَتْبَعَهُ؟

قَالَ: إِمَامَةُ(4) مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) وَ مَنْ بَعْدَهُ.

قَالَ لَهُ الْفَطَحِيُّ(5): وَ مَنِ الْإِمَامُ الْيَوْمَ مِنْهُمْ؟

قَالَ: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ).

قَالَ: فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ أَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مَا قُلْتَ؟.6.

ص: 416


1- (فدخل) ليس في «ع، م».
2- في «م» نسخة بدل: النياح.
3- بصائر الدّرجات: 2/487، إثبات الوصيّة: 194، مدينة المعاجز: 26/543.
4- في «ع، م»: الإمامة في.
5- الفطحيّة: فرقة بائدة من الشّيعة، قالوا إن الإمام بعد جعفر بن محمّد الصّادق (عليه السّلام) هو ابنه عبد اللّه الأفطح، و سمّي بالافطح لأنّه عريض الرّأس، و قيل لأنّه أفطح الرّجلين. معجم الفرق الإسلاميّة: 186.

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَ مَا هُوَ؟

قَالَ: أَضْمِرْ فِي نَفْسِكَ مَا تَشَاءُ، وَ الْقَهُ بِسُرَّمَنْ رَأَى فَإِنَّهُ يُخْبِرُكَ بِهِ. فَقَالَ: نَعَمْ.

فَخَرَجَا إِلَى الْعَسْكَرِ وَ قَصَدَا شَارِعَ أَبِي أَحْمَدَ، فَأُخْبِرَا أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ مَوْلاَنَا رَكِبَ إِلَى(1) دَارِ الْمُتَوَكِّلِ، فَجَلَسَا يَنْتَظِرَانِ عَوْدَتَهُ، فَقَالَ الْفَطَحِيُّ لِصَاحِبِهِ: إِنْ كَانَ صَاحِبُكَ هَذَا إِمَاماً فَإِنَّهُ حِينَ يَرْجِعُ وَ يَرَانِي يَعْلَمُ مَا قَصَدْتُهُ، فَيُخْبِرُنِي بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْأَلَهُ(2). قَالَ: فَوَقَفَا إِلَى أَنْ عَادَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِنْ مَوْكِبِ الْمُتَوَكِّلِ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ الشَّاكِرِيَّةُ، وَ مِنْ وَرَائِهِ الرَّكَبَةُ(3) يُشَيِّعُونَهُ إِلَى دَارِهِ قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الرَّجُلاَنِ، الْتَفَتَ إِلَى الرَّجُلِ الْفَطَحِيِّ فَتَفَلَ بِشَيْ ءٍ مِنْ فِيهِ فِي صَدْرِ الْفَطَحِيِّ، كَأَنَّهُ غِرْقِئُ(4) الْبَيْضِ، فَالْتَصَقَ فِي صَدْرِ الرَّجُلِ كَمِثْلِ دَارَةِ الدِّرْهَمِ، وَ فِيهِ سَطْرٌ مَكْتُوبٌ بِخُضْرَةٍ: «مَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ هُنَاكَ، وَ لاَ كَذَلِكَ(5)».

فَقَرَأَهُ النَّاسُ، وَ قَالُوا لَهُ: مَا هَذَا؟ فَأَخْبَرَهُمْ وَ صَاحِبُهُ بِقِصَّتِهِمَا، فَأَخَذَ التُّرَابَ مِنَ الْأَرْضِ فَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَ قَالَ: تَبّاً لِمَا كُنْتُ عَلَيْهِ قَبْلَ يَوْمِي هَذَا، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى حُسْنِ هِدَايَتِهِ. وَ قَالَ بِإِمَامَتِهِ(6).

381/ 14 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو طَالِبٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُقْبِلٌ الدَّيْلَمِيُّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عَلَى بَابِنَا بِسُرَّمَنْ رَأَى، وَ مَوْلاَنَا أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) رَاكِبٌ لِدَارِ(7) الْمُتَوَكِّلِ الْخَلِيفَةِ، فَجَاءَ فَتْحٌ الْقَلاَنِسِيُّ، وَ كَانَتْ لَهُ خِدْمَةٌ لِأَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِي وَ قَالَ: إِنَّ لِير.

ص: 417


1- في «ع، م»: راكب في.
2- في «ع، م»: أخبره.
3- الشاكرية: جمع شاكريّ، المستخدم. و الرّكبة: جمع راكب.
4- الغرقئ: القشرة الرقيقة الملتزقة ببياض البيض «المعجم الوسيط - غرق - 650:2».
5- في «ط»: و لا هو بذلك.
6- في «ط»: للّه الّذي هداني و قال بامامة أبي الحسن (عليه السّلام). مدينة المعاجز: 27/543.
7- في «ع، م»: في دار.

عَلَى مَوْلاَنَا أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَلَوْ أَعْطَانِيهَا لاَنْتَفَعْتُ بِهَا.

قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا كُنْتَ صَانِعاً بِهَا؟

قَالَ: كُنْتُ أَشْتَرِي مِنْهَا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ خِرَقاً تَكُونُ فِي يَدِي، أَعْمَلُ مِنْهَا قَلاَنِسَ، وَ أَشْتَرِي بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ تَمْراً فَأَنْبِذُهُ نَبِيذاً.

قَالَ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ أَعْرَضْتُ عَنْهُ بِوَجْهِي، فَلَمْ أُكَلِّمْهُ لِمَا ذَكَرَ، وَ أَمْسَكْتُ، وَ أَقْبَلَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَى أَثَرِ هَذَا الْكَلاَمِ، وَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْكَلاَمَ أَحَدٌ وَ لاَ حَضَرَهُ، فَلَمَّا أَبْصَرْتُ بِهِ قُمْتُ إِجْلاَلاً لَهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى نَزَلَ بِدَابَّتِهِ فِي دَارِ الدَّوَابِّ، وَ هُوَ مُقَطِّبُ الْوَجْهِ، أَعْرِفُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَحِينَ نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ دَعَانِي(1) ، فَقَالَ: يَا مُقْبِلُ، ادْخُلْ فَأَخْرِجَ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَ ادْفَعْهَا إِلَى فَتْحٍ هَذَا الْمَلْعُونِ، وَ قُلْ لَهُ: هَذَا حَقُّكَ فَخُذْهُ وَ اشْتَرِ مِنْهُ خِرَقاً بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَ اتَّقِ اللَّهَ فِيمَا أَرَدْتَ أَنْ تَفْعَلَهُ بِالْمِاَئَتَيْ دِرْهَمٍ الْبَاقِيَةِ.

فَأَخْرَجْتُ الْأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ وَ حَدَّثْتُهُ الْقِصَّةَ فَبَكَى، وَ قَالَ: وَ اللَّهِ، لاَ شَرِبْتُ نَبِيذاً وَ لاَ مُسْكِراً أَبَداً، وَ صَاحِبُكَ يَعْلَمُ مَا نَعْمَلُ(2).

382/ 15 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَيَّاشٍ(3) ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الْفَهْقَلِيُّ(4) الْكَاتِبُ بِسُرَّمَنْ رَأَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَ ثَلاَثِينَ وَ ثَلاَثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كُنْتُ بِسُرَّمَنْ رَأَى أَسِيرُ فِي دَرْبِ الْحَصَا، فَرَأَيْتُ يَزْدَادَ النَّصْرَانِيَّ تِلْمِيذَ بَخْتِيشُوعَ وَ هُوَ مُنْصَرِفٌ مِنْ دَارِ مُوسَى بْنِ بِغَا، فَسَايَرَنِي وَ أَفْضَى بِنَا الْحَدِيثُ إِلَى أَنْ قَالَ لِي: أَ تَرَى هَذَا الْجِدَارَ، تَدْرِي مَنْ صَاحِبُهُ؟ قُلْتُ: وَ مَنْ صَاحِبُهُ؟ي.

ص: 418


1- في «ط»: و اشتري بمائتي درهم تمرا اعمله نبيذا فأعرضت بوجهي عنه و لم اكلمه لما ذكر و امسكت و اقبل أبو الحسن على أثر هذا الكلام و لم يسمعه أحد فلمّا أبصرته قمت إجلالا له فنزل عن دابّته و هو مقطب الوجه فذهب لدار الدّوابّ فدعاني.
2- في «ع، م»: ما تعلم. نوادر المعجزات: 5/186، مدينة المعاجز: 28/543.
3- في «ع، ط»: ابن عدس.
4- في «ط»: التهلي، و في «ع»: الفقهاء، و في البحار: القهقلي.

قَالَ: هَذَا الْفَتَى الْعَلَوِيُّ الْحِجَازِيُّ. يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ كُنَّا نَسِيرُ فِي فِنَاءِ دَارِهِ، قُلْتُ لِيَزْدَادَ: نَعَمْ فَمَا شَأْنُهُ؟

قَالَ: إِنْ كَانَ مَخْلُوقٌ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَهُوَ.

قُلْتُ: وَ كَيْفَ ذَلِكَ؟

قَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْهُ بِأُعْجُوبَةٍ لَنْ تَسْمَعَ بِمِثْلِهَا أَبَداً، وَ لاَ غَيْرُكَ مِنَ النَّاسِ، وَ لَكِنَّ لِي اللَّهَ عَلَيْكَ كَفِيلٌ وَ رَاعٍ أَنَّكَ لاَ تُحَدِّثْ بِهِ عَنِّي أَحَداً، فَإِنِّي رَجُلٌ طَبِيبٌ وَ لِي مَعِيشَةٌ أَرْعَاهَا عِنْدَ هَذَا السُّلْطَانِ. وَ(1) بَلَغَنِي أَنَّ الْخَلِيفَةَ اسْتَقْدَمَهُ مِنَ الْحِجَازِ فَرَقاً مِنْهُ لِئَلاَّ يَنْصَرِفَ إِلَيْهِ وُجُوهُ النَّاسِ، فَيَخْرُجَ هَذَا الْأَمْرُ عَنْهُمْ. يَعْنِي بَنِي الْعَبَّاسِ.

قُلْتُ: لَكَ عَلَيَّ ذَلِكَ، فَحَدِّثْنِي بِهِ وَ لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ، إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ، لاَ يَتَّهِمُكَ أَحَدٌ فِيمَا تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ، وَ قَدْ ضَمِنْتُ لَكَ الْكِتْمَانَ.

قَالَ: نَعَمْ، أُعْلِمُكَ أَنِّي(2) لَقِيتُهُ مُنْذُ أَيَّامٍ وَ هُوَ عَلَى فَرَسٍ أَدْهَمَ، وَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ سُودٌ، وَ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَ هُوَ أَسْوَدُ اللَّوْنَ، فَلَمَّا بَصُرْتُ بِهِ وَقَفْتُ(3) إِعْظَاماً لَهُ - لاَ وَ حَقِّ الْمَسِيحُ، مَا خَرَجَتْ مِنْ فَمِي إِلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ - وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي: ثِيَابٌ سُودٌ، وَ دَابَّةٌ سَوْدَاءُ، وَ رَجُلٌ أَسْوَدُ، سَوَادٌ فِي سَوَادٍ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَيَّ وَ أَحَدَّ النَّظَرَ قَالَ: قَلْبُكَ أَسْوَدُ مِمَّا تَرَى عَيْنَاكَ مِنْ سَوَادٍ فِي سَوَادٍ فِي سَوَادٍ.

قَالَ أَبِي (رَحِمَهُ اللَّهُ): قُلْتُ لَهُ: أَجَلْ فَلاَ تُحَدِّثْ بِهِ أَحَداً، فَمَا صَنَعْتَ؟ وَ مَا قُلْتَ لَهُ؟

قَالَ: سَقَطَ فِي يَدِي(4) فَلَمْ أَجِدْ جَوَاباً.ت.

ص: 419


1- في «ط»: السّلطان قلت: لك ذلك قال.
2- في «ط»: الأمر من بيته ثمّ سكت قلت فحدّثني فانما أنت نصرانيّ لا يتّهمك أحد ان حدّثت في هذا الشّأن و قد ضمنت لك الكتمان قال.
3- في «ط»: اللّون، فوقفت.
4- أيْ ندمت و تحيّرت.

قُلْتُ لَهُ(1): أَ فَمَا ابْيَضَّ قَلْبُكَ لِمَا شَاهَدْتَ؟

قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ أَبِي: فَلَمَّا اعْتَلَّ يَزْدَادُ بَعَثَ إِلَيَّ فَحَضَرْتُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: إِنَّ قَلْبِي قَدِ ابْيَضَّ بَعْدَ سَوَادِهِ، وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ(2) ، وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَ نَامُوسُهُ الْأَعْلَمُ، ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ، وَ حَضَرْتُ الصَّلاَةَ عَلَيْهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)(3).

383/ 16 - وَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ: دَعَانَا عِيسَى بْنُ الْحَسَنِ الْقُمِّيُّ أَنَا وَ أَبَا(4) عَلِيٍّ، وَ كَانَ أَعْرَجَ(5) ، فَقَالَ لَنَا: أَدْخَلَنِي ابْنُ عَمِّي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَرَأَيْتُهُ، وَ كَلَّمَهُ بِكَلاَمٍ لَمْ أَفْهَمْهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ، هَذَا ابْنُ عَمِّي عِيسَى بْنُ الْحَسَنِ، وَ بِهِ بَيَاضٌ فِي ذِرَاعِهِ وَ شَيْ ءٌ قَدْ تُكْتَلُ كَأَمْثَالِ الْجَوْزِ.

قَالَ: فَقَالَ لِي: تَقَدَّمْ يَا عِيسَى. فَتَقَدَّمْتُ. فَقَالَ: أَخْرِجْ ذِرَاعَكَ. فَأَخْرَجْتُ ذِرَاعَيَّ، فَمَسَحَ عَلَيْهَا، وَ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ خَفِيٍّ طَوَّلَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ(6) ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَقْرَبُ إِلَى الاِسْمِ الْأَعْظَمِ مِنْ بَيَاضِ الْعَيْنِ إِلَى سَوَادِهَا.

ثُمَّ قَالَ: يَا عِيسَى، قُلْتُ: لَبَّيْكَ. قَالَ: أَدْخِلْ يَدَكَ فِي كُمِّكَ ثُمَّ أَخْرِجْهَا.

فَأَدْخَلْتُهَا ثُمَّ أَخْرَجْتُهَا، وَ لَيْسَ فِي ذِرَاعَيَّ(7) قَلِيلٌ وَ لاَ كَثِيرٌ(8).4.

ص: 420


1- في «ط»: سواد قلت له: فما أجبت قال: سقط في يدي و لم أحر جوابا قلت.
2- في «ط»: محمدا عبده و رسوله.
3- نوادر المعجزات: 6/187، فرج المهموم: 233، البحار 50/161:50.
4- في «ع، م»: القميّ لي و لأبي.
5- في «ع»: أهوج، و في «م»: اجوح.
6- (في آخره) ليس في «ع، م».
7- في «م»: يدي.
8- نوادر المعجزات: 7/188، مدينة المعاجز: 30/544.

و الحمد للّه أوّلا و آخرا، و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد المصطفى و آله و سلّم تسليما، و به ثقتي و اعتمادي(1).

***».

ص: 421


1- (بسم اللّه الرحمن الرحيم أقرب... و اعتمادي) ليس في «ع».

ص: 422

أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ السِّرَاجُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)

مَعْرِفَةُ وِلاَدَتِهِ

384/ 1 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ(1) ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ الثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: كَانَ مَوْلِدِي فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ(2) وَ ثَلاَثِينَ وَ مِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ(3).

وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ ثَلاَثٍ(4) وَ ثَلاَثِينَ وَ مِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ(5).

وَ كَانَ مُقَامُهُ مَعَ أَبِيهِ ثَلاَثاً وَ عِشْرِينَ سَنَةً.

وَ عَاشَ بَعْدَ أَبِيهِ أَيَّامَ إِمَامَتِهِ بَقِيَّةَ مُلْكِ الْمُعْتَزِّ، ثُمَّ مُلْكَ الْمُهْتَدِي(6). ثُمَّ مُلْكَ أَحْمَدَ ابْنِ جَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ، الْمَعْرُوفِ بِالْمُعْتَمَدِ اثْنَيْنِ وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً، وَ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ مِلْكِهِ اسْتُشْهِدَ وَلِيُّ اللَّهِ وَ قَدْ كَمَلَ عُمُرُهُ تِسْعاً وَ عِشْرِينَ سَنَةً.

ص: 423


1- في «ع، م» زيادة: محمّد، و الظّاهر أنّه تكرار و تصحيف لقوله: عن أبي محمّد، الآتي بعده.
2- في «ع، م»: ثلاث.
3- تاريخ الأئمّة: 14، الكافي 420:1، الارشاد: 335.
4- في «ع، م»: اثنين.
5- الهداية الكبرى: 327.
6- في النّسخ: الواثق، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه، انظر إعلام الورى: 367، مناقب ابن شهرآشوب 4: 422، الجوهر الثمين 153:1.

وَ مَاتَ مَسْمُوماً يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ(1) بِسُرَّمَنْ رَأَى.

وَ دُفِنَ فِي دَارِهِ إِلَى جَانِبِ قَبْرِ(2) أَبِيهِ.

نَسَبُهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

وَ يُكَنَّى:

أَبَا مُحَمَّدٍ، وَ أَبَا الْحَسَنِ.

وَ لَقَبُهُ:

الْهَادِي، وَ الْمُهْتَدِي، وَ النَّقِيُّ، وَ الزَّكِيُّ.

وَ أُمُّهُ

أُمُّ وَلَدٍ تُسَمَّى: شِكْلَ النُّوبِيَّةَ.

وَ يُقَالُ: سَوْسَنُ الْمَغْرِبِيَّةُ.

وَ يُقَالُ: سَقُوسُ(3).

وَ يُقَالُ: حَدِيثُ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ(4).

وَ تُوُفِّيَ(5) بِسُرَّ مَنْ رَأَى، وَ لَمَّا اتَّصَلَ الْخَبَرُ بِأُمِّهِ وَ هِيَ فِي الْمَدِينَةِ، خَرَجَتْ حَتَّى

ص: 424


1- الكافي 421:1، الارشاد: 335، مناقب ابن شهرآشوب 422:4.
2- في «ط»: داره بجنب، و في «م»: داره بجانب قبر.
3- في «ط»: منغوسة.
4- الكافي 421:1، الهداية الكبرى: 327، تاج المواليد: 133، مناقب ابن شهرآشوب 421:4، و في الارشاد: 335، و إعلام الورى: 367، و كشف الغمّة 404:2: حديثة.
5- في «ع، م»: ولد، و هو خطأ.

قَدِمَتْ سُرَّ مَنْ رَأَى، وَ جَرَى بَيْنَهَا وَ بَيْنَ أَخِيهِ جَعْفَرٍ أَقَاصِيصُ فِي مُطَالَبَتِهِ(1) إِيَّاهَا بِمِيرَاثِهِ، وَ سَعَى بِهَا إِلَى السُّلْطَانِ، وَ كَشَفَ مَا سَتَرَ اللَّهُ، وَ ادَّعَتْ صَقِيلٌ(2) عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا حَامِلٌ، وَ حُمِلَتْ إِلَى دَارِ الْمُعْتَمَدِ، فَجَعَلَ نِسَاءَهُ وَ خَدَمَهُ، وَ نِسَاءَ الْوَاثِقِ، وَ نِسَاءَ الْقَاضِي ابْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، يَتَعَاهَدُونَ أَمْرَهَا إِلَى أَنْ دَهَمَهُمْ أَمْرُ الصَّفَّارِ، وَ مَوْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى ابْنِ خَاقَانَ، وَ أَمْرُ صَاحِبِ الزِّنْجِ، وَ خُرُوجُهُمْ عَنْ سُرَّ مَنْ رَأَى مَا شَغَلَهُمْ عَنْهَا(3) ، وَ عَنْ ذِكْرِ مَنْ أَعْقَبَ مِنْ أَجْلِ مَا يَشَاءُ(4) اللَّهُ سِتْرَهُ وَ حُسْنَ رِعَايَتِهِ بِمَنِّهِ وَ طَوْلِهِ.

.

وَ بَوَّابُهُ:

عُثْمَانُ(5) بْنُ سَعِيدٍ الْعَمْرِيُّ.

وَ يُقَالُ: مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ(6) ؛ و الأوّل أصحّ.

نَقْشُ خَاتَمِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

وَ كَانَ لَهُ خَاتَمٌ نَقْشُ فِصِّهِ: اللَّهُ وَلِيِّي(7).

ذِكْرُ وُلْدِهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

الْخَلَفِ الصَّالِحِ الْقَائِمِ صَاحِبِ الزَّمَانِ الْإِمَامِ الْمُنْتَظِرِ لِأَمْرِ اللَّهِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ وَ سَلَّمَ)(8).

ص: 425


1- في «ع، م»: و مطالبته.
2- قيل: هي أمّ القائم (عليه السلام) على ما في كمال الدين: 12/432.
3- في «ع، م»: عن ذلك.
4- في «ع، م»: اجله و يشاء.
5- في «ط»: عمرو، و في «ع، م»: عمر، و هو تصحيف، راجع رجال الطوسي: 434، معجم رجال الحديث 111:11.
6- تاريخ الأئمّة: 33، الفصول المهمة: 285، و في مناقب ابن شهرآشوب 423:4: الحسين بن روح النوبختي.
7- في الفصول المهمة: 285، و نور الأبصار: 338: سبحانه من له مقاليد السماوات و الأرض. و في مصباح الكفعمي: أنا للّه شهيد.
8- تاريخ الأئمّة: 21، مناقب ابن شهرآشوب 421:4، كفاية الطالب: 458، نور الأبصار: 341.

ذكر معجزاته (عليه السلام):

385/ 2 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ(1): رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ السِّرَاجُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) تَكَلَّمَ لِلذِّئْبِ فَكَلَّمَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيُّهَا الْإِمَامُ الصَّالِحُ، سَلْ هَذَا الذِّئْبَ عَنْ أَخٍ لِي بِطَبَرِسْتَانَ خَلَّفْتُهُ وَ أَشْتَهِي أَنْ أَرَاهُ.

فَقَالَ لِي: إِذَا اشْتَهَيْتَ أَنْ تَرَاهُ فَانْظُرْ إِلَى شَجَرَةِ دَارِكَ بِسُرَّمَنْ رَأَى.

وَ كَانَ قَدْ أَخْرَجَ فِي دَارِهِ عَيْناً تَنْبُعُ عَسَلاً وَ لَبَناً، فَكُنَّا نَشْرَبُ مِنْهُ وَ نَتَزَوَّدُ(2).

386/ 3 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: دَخَلَ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَوْمٌ مِنْ سَوَادِ الْعِرَاقِ يَشْكُونَ قِلَّةَ الْأَمْطَارِ فَكَتَبَ لَهُمْ كِتَاباً فَأُمْطِرُوا، ثُمَّ جَاءُوا يَشْكُونَ كَثْرَتَهُ فَخَتَمَ فِي الْأَرْضِ فَأَمْسَكَ الْمَطَرُ(3).

387/ 4 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ السِّرَاجُ(4) (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَمْشِي فِي أَسْوَاقِ سُرَّ مَنْ رَأَى وَ لاَ ظِلَّ لَهُ، وَ رَأَيْتُهُ يَأْخُذُ الْآسَ فَيَجْعَلُهَا وَرِقاً(5) ، وَ يَرْفَعُ طَرْفَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَ يَدَهُ فَيَرُدُّهَا مَلْأَى لُؤْلُؤاً(6).

388/ 5 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَرِنِي مُعْجِزَةً خُصُوصِيَةً أُحَدِّثُ بِهَا عَنْكَ. فَقَالَ: يَا ابْنَ جَرِيرٍ، لَعَلَّكَ تَرْتَدُّ. فَحَلَفْتُ لَهُ ثَلاَثاً، فَرَأَيْتُهُ

ص: 426


1- (حدّثنا عبد اللّه بن محمّد قال) ليس في «ع، م».
2- في «ط»: فكان يشرب منه و يتزوّد. نوادر المعجزات: 1/190، إثبات الهداة 124/344:6.
3- نوادر المعجزات: 2/191، إثبات الهداة 125/345:6.
4- السِّرَاج: من ألقاب الإمام الحسن العسكريّ (عليه السّلام) و يظهر من هذا الحديث و الأحاديث الّتي تليه أن الطّبريّ الكبير قد عاصره و سمع منه، حيث إن ولادة الإمام العسكريّ (عليه السّلام) سنة (232 ه) كما مرّ آنفا، و ولادة الطّبريّ نحو سنة 226 ه انظر تنقيح المقال 188:1، معجم المؤلفين 146:9.
5- الورق: الدّراهم المضروبة من الفضّة.
6- إثبات الهداة 126/345:6، مدينة المعاجز 43/566.

غَابَ فِي الْأَرْضِ تَحْتَ مُصَلاَّهُ، ثُمَّ رَجَعَ وَ مَعَهُ حُوتٌ عَظِيمٌ فَقَالَ: جِئْتُكَ بِهِ مِنَ الْأَبْحُرِ السَّبْعَةِ(1) ، فَأَخَذْتُهُ مَعِي إِلَى مَدِينَةِ السَّلاَمِ، وَ أَطْعَمْتُ مِنْهُ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِنَا(2).

389/ 6 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ السِّرَاجَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَمُرُّ بِأَسْوَاقِ سُرَّ مَنْ رَأَى، فَمَا مَرَّ بِبَابٍ مُقَفَّلٍ إِلاَّ انْفَتَحَ، وَ لاَ دَارٍ إِلاَّ انْفَتَحَتْ، وَ كَانَ يُنْبِئُنَا بِمَا نَعْمَلُهُ بِاللَّيْلِ سِرّاً وَ جَهْراً(3).

390/ 7 - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَرَدْتُ التَّزْوِيجَ وَ التَّمَتُّعَ بِالْعِرَاقِ، فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ السِّرَاجَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ جَرِيرٍ، عَزَمْتَ أَنْ تَتَمَتَّعَ فَتَمَتَّعْ بِجَارِيَةٍ نَاصِبَةٍ مُعْقِبَةٍ تُفِيدُكَ مِائَةَ دِينَارٍ. فَقُلْتُ: لاَ أُرِيدُهَا.

فَقَالَ: قَدْ قَضَيْتُ لَكَ بِهَا. فَأَتَيْتُ بَغْدَادَ وَ تَزَوَّجْتُ بِهَا فَأَعْقَبَتْ، وَ أَخَذْتُ مِنْهَا مَالاً(4) ثُمَّ رَجَعْتُ. فَقَالَ: يَا ابْنَ جَرِيرٍ، كَيْفَ رَأَيْتَ(5) آيَةَ الْإِمَامِ؟(6).

391/ 8 - قَالَ الْمُعَلَّى بْنُ مُحَمَّدٍ [: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ](7) قَالَ: لَمَّا أُمِرَ سَعِيدٌ بِحَمْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى الْكُوفَةِ، كَتَبَ أَبُو الْهَيْثَمِ إِلَيْهِ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، بَلَغَنَا خَبَرٌ أَقْلَقَنَا، وَ بَلَغَ مِنَّا كُلَّ مَبْلَغٍ.

فَكَتَبَ(8): «بَعْدَ ثَلاَثٍ يَأْتِيكُمْ الْفَرَجُ» فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ(9) يَوْمَ الثَّالِثِ(10).2.

ص: 427


1- في «ع»: أبحر السبع.
2- نوادر المعجزات: 3/191، إثبات الهداة 127/345:6.
3- إثبات الهداة 128/346:6.
4- في «ع، م»: و تزوجتها فعجب رأيت.
5- في «ط»: ترى.
6- إثبات الهداة 129/346:6، مدينة المعاجز: 46/566.
7- أضفناه للزومه، و قد روى المعلّى، عن محمد بن عبد اللّه، كما روي هذا الحديث في الخرائج و الثاقب عن محمد بن عبد اللّه، على نهجهما في ذكر اسم الراوي الأخير فقط، و راجع معجم رجال الحديث 226:16 و 251:18.
8- في «ط» زيادة: الجواب.
9- أي المعتز.
10- غيبة الطوسي: 177/208، الخرائج و الجرائح 36/451:1، الثاقب في المناقب: 523/576، مهج الدعوات: 274، كشف الغمة 416:2.

392/ 9 - قَالَ: وَ فُقِدَ غُلاَمٌ صَغِيرٌ لِأَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(1) ، فَلَمْ يُوجَدُ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: اطْلُبُوهُ فِي الْبِرْكَةِ. فَطُلِبَ، فَوُجِدَ فِي بِرْكَةٍ فِي الدَّارِ مَيِّتاً(2).

393/ 10 - قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْمَرِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ رُقْعَةٌ، قَالَ: هَذِهِ رُقْعَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِيهَا: إِنِّي نَازَلَتُ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) فِي هَذَا الطَّاغِي - يَعْنِي الزُّبَيْرَ بْنَ جَعْفَرٍ(3) - وَ هُوَ آخِذُهُ(4) بَعْدَ ثَلاَثٍ.

فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قُتِلَ(5).

394/ 11 - قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْمَرِيُّ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «فِتْنَةٌ تُظِلُّكُمْ فَكُونُوا عَلَى أُهْبَةٍ مِنْهَا» فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَقَعَ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ مَا وَقَعَ(6) ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ: «هِيَ» قَالَ: «لاَ، وَ لَكِنْ غَيْرُ هَذِهِ، فَاحْتَرِزُوا(7)» فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمُعْتَزِّ مَا كَانَ(8).

395/ 12 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: كُنْتُ فِي دِهْلِيزٍ لِأَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) عَلَى دَكَّةٍ وَصَفَهَا، إِذْ مَرَّ بِنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، عَلَيْهِ دُرَّاعَةٌ، فَسَلَّمَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ6.

ص: 428


1- في «ع، م»: غلام أبي الحسن (عليه السّلام) صغيرا.
2- الخرائج و الجرائح 451:1 ذيل الحديث (36)، الثّاقب في المناقب: 576 ذيل الحديث 523، كشف الغمّة 416:2.
3- الزّبير بن جعفر هو المعتزّ.
4- في «ط»: و إنّه مؤاخذ.
5- إثبات الوصيّة: 211، نوادر المعجزات: 4/192، غيبة الطّوسيّ: 172/204، الخرائج و الجرائح 1: 8/429، مناقب ابن شهرآشوب 430:4، الثّاقب في المناقب: 524/576، كشف الغمّة 417:2 و 428، الصّراط المستقيم 6/206:2، مدينة المعاجز: 49/566.
6- في «ع، م» زيادة: و كانت، و في كشف الغمّة و المدينة: و كانت لهم هنة لها شأن، الهنة: الشّرّ و الفساد «المعجم الوسيط - هنن - 998:2».
7- في «م»: فاحترسوا.
8- كشف الغمّة 417:2، مدينة المعاجز: 50/566.

وَ مَضَى، فَقَالَ: لِي تَدْرِي مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: لاَ.

فَقَالَ: شَاكِرِيٌّ(1) لِمَوْلاَنَا أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، أَ فَتَشْتَهِي أَنْ تَسْمَعَ مِنْ أَحَادِيثِهِ عَنْهُ شَيْئاً؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

فَقَالَ لِي: أَ مَعَكَ شَيْ ءٌ تُعْطِيهِ؟

فَقُلْتُ: مَعِي دِرْهَمَانِ صَحِيحَانِ. فَقَالَ: هُمَا يَكْفِيَانِهِ فَادْعُهُ(2). فَمَضَيْتُ خَلْفَهُ، فَلَحِقْتُهُ بِمَوْضِعِ كَذَا، فَقُلْتُ: أَبُو عَلِيٍّ يَقُولُ لَكَ: تَنْشَطُ لِلْمَسِيرِ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَجَاءَ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَغَمَزَنِي أَبُو عَلِيٍّ أَنْ أُسَلِّمَ إِلَيْهِ(3) الدِّرْهَمَيْنِ، فَسَلَّمْتُهُمَا(4) إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَا يَحْتَاجُ إِلَى هَذَا. ثُمَّ أَخَذَهُمَا.

فَقَالَ لَهُ أَبُو عَلِيٍّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ، حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

فَقَالَ: كَانَ أُسْتَاذِي صَالِحاً مِنْ بَيْنِ الْعَلَوِيِّينَ، لَمْ أَرَ قَطُّ مِثْلَهُ، وَ كَانَ يَرْكَبُ بِسَرْجٍ صِفَتُهُ: بُزْيُونٌ مِسْكِيٌّ(5) وَ أَزْرَقُ، وَ كَانَ يَرْكَبُ إِلَى دَارِ الْخِلاَفَةِ بِسُرَّمَنْ رَأَى فِي كُلِّ إِثْنَيْنِ وَ خَمِيسٍ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ الشَّاكِرِيُّ: وَ كَانَ يَوْمَ النَّوْبَةِ، يَحْضُرُ مِنَ النَّاسِ شَيْ ءٌ عَظِيمٌ، وَ يَغَصُّ الشَّارِعُ بِالدَّوَابِّ وَ الْبِغَالِ وَ الْحَمِيرِ وَ الضَّجَّةِ(6) ، فَلاَ يَكُونُ لِأَحَدٍ مَوْضِعٌ يَمْشِي فِيهِ(7) ، وَ لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ(8) بَيْنَهُمْ. قَالَ: فَإِذَا جَاءَ أُسْتَاذِي سَكَنَتِ الضَّجَّةُ، وَ هَدَأَ صَهِيلُ الْخَيْلِ، وَ نُهَاقُ الْحَمِيرِ، قَالَ: وَ تَفَرَّقَتِ الْبَهَائِمُ حَتَّى يَصِيرَ الطَّرِيقُ وَاسِعاً، لاَ».

ص: 429


1- الشّاكريّ: المستخدم.
2- (فادعه) ليس في «ع، م».
3- في «ط»: أن اعطيه.
4- في «ط»: فاعطيتهما.
5- البزيون: رقيق الدّيباج، و قيل: بساط روميّ «لسان العرب - بزن - 52:13، تاج العروس 139:9». المسكي: المصبوغ بالمسك و لعلّه معرّب (مشكي) فارسيّة بمعنى أسود.
6- في «ط»: و الصّيحة، و كذا في الموضع الآتي.
7- (فيه) ليس في «ع، م».
8- (أحد) ليس في «ع، م».

يَحْتَاجُ أَنْ يَتَوَقَّى مِنَ الْمُزَاحَمَةِ(1) ، ثُمَّ يَدْخُلُ(2) فَيَجْلِسُ فِي مَرْتَبَتِهِ الَّتِي جُعِلَتْ لَهُ، فَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ قَامَ الْبَوَّابُونَ وَ قَالُوا: هَاتُوا دَابَّةَ أَبِي مُحَمَّدٍ. فَسَكَنَ صِيَاحُ النَّاسِ وَ صَهِيلُ الْخَيْلِ، وَ تَفَرَّقَتِ الدَّوَابُّ حَتَّى يَرْكَبَ وَ يَمْضِيَ.

وَ قَالَ الشَّاكِرِيُّ: وَ اسْتَدْعَاهُ يَوْماً الْخَلِيفَةُ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَعَى بِهِ إِلَيْهِ بَعْضُ مَنْ يَحْسُدُهُ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ وَ الْهَاشِمِيِّينَ عَلَى مَرْتَبَتِهِ، فَرَكِبَ وَ مَضَى إِلَيْهِ.

فَلَمَّا حَصَلَ فِي الدَّارِ قِيلَ لَهُ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ قَدْ قَامَ، وَ لَكِنِ اجْلِسْ فِي مَرْتَبِتِكَ وَ انْصَرِفْ.

قَالَ: فَانْصَرَفَ وَ جَاءَ(3) إِلَى سُوقِ الدَّوَابِّ، وَ فِيهَا مِنَ الضَّجَّةِ وَ الْمُصَادَمَةِ وَ اخْتِلاَفِ النَّاسِ شَيْ ءٌ كَثِيرٌ، قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ إِلَيْهَا سَكَنَتِ الضَّجَّةُ بِدُخُولِهِ(4) ، وَ هَدَأَتِ الدَّوَابُّ، فَجَلَسَ إِلَى نَخَّاسٍ كَانَ يَشْتَرِي لَهُ الدَّوَابَّ، فَجِيءَ لَهُ بِفَرَسٍ كَبُوسٍ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ، فَبَاعُوهُ إِيَّاهُ بِوَكْسٍ فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، قُمْ فَاطْرَحِ السَّرْجَ عَلَيْهِ فَقُمْتُ وَ عَلِمْتُ(5) أَنَّهُ لاَ يَقُولُ لِي إِلاَّ مَا لاَ يُؤْذِينِي، فَحَلَلْتُ الْحِزَامَ، وَ طَرَحْتُ السَّرْجَ عَلَيْهِ، فَهَدَأَ وَ لَمْ يَتَحَرَّكْ. وَ جِئْتُ لِأَمْضِيَ بِهِ، فَجَاءَ النَّخَّاسُ فَقَالَ: لَيْسَ يُبَاعُ. فَقَالَ لِي:

سَلِّمْهُ(6) إِلَيْهِمْ، قَالَ: فَجَاءَ النَّخَّاسُ لِيَأْخُذَهُ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الْتِفَاتَةً، ذَهَبَ(7) مِنْهُ مُنْهَزِماً.

قَالَ: وَ رَكِبَ، فَمَضَيْنَا، فَلَحِقَنَا النَّخَّاسُ وَ قَالَ: صَاحِبُهُ يَقُولُ: أَشْفَقْتُ مِنْ أَنْ يَرُدَّهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ مَا فِيهِ مِنَ الْكَبْسِ فَلْيَشْتَرِهِ. فَقَالَ لَهُ أُسْتَاذِي: قَدْ عَلِمْتُ. فَقَالَ:

قَدْ بِعْتُكَ. فَقَالَ لِي: خُذْهُ. فَأَخَذْتُهُ، قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ إِلَى الْإِصْطَبْلِ، فَمَا تَحَرَّكَ وَ لاَ آذَانِي، بِبَرَكَةِ أُسْتَاذِي، فَلَمَّا نَزَلَ جَاءَ إِلَيْهِ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ الْيُمْنَى فَرَقَاهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِهِ الْيُسْرَى فَرَقَاهُ، قَالَ: فَوَ اللَّهِ، لَقَدْ كُنْتُ أَطْرَحُ الشَّعِيرَ لَهُ، فَأُفَرِّقُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلاَ يَتَحَرَّكُ، هَذَاب.

ص: 430


1- في «ع، م»: يتوقّى من الدّوابّ بخفة (وحف/ع) ليزحمها.
2- في «ط» زيادة: هناك.
3- في «ط»: فلمّا انصرف جاء.
4- في «ط»: كثير فسكنت الضّجّة بدخوله.
5- في «ط»: لعلمي.
6- في «ط»: يباع فأمرني بتسليمه.
7- في «ط»: إليه الفرس التفاتة فهرب.

بِبَرَكَةِ أُسْتَاذِي.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ هَمَّامٍ: هَذَا الْفَرَسُ يُقَالُ لَهُ (الصَّؤُولُ) يَزْحَمُ بِصَاحِبِهِ حَتَّى يَرْجُمَ بِهِ الْحِيطَانَ، وَ يَقُومَ عَلَى رِجْلَيْهِ وَ يَلْطِمَ صَاحِبَهُ.

وَ قَالَ مُحَمَّدٌ الشَّاكِرِيُّ: كَانَ أُسْتَاذِي أَصْلَحَ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ وَ الْهَاشِمِيِّينَ، مَا كَانَ يَشْرَبُ هَذَا النَّبِيذَ، وَ كَانَ يَجْلِسُ فِي الْمِحْرَابِ وَ يَسْجُدُ، فَأَنَامُ وَ أَنْتَبِهُ، وَ أَنَامُ وَ أَنْتَبِهُ، وَ هُوَ سَاجِدٌ.

وَ كَانَ قَلِيلَ الْأَكْلِ، كَانَ يَحْضُرُهُ التِّينُ وَ الْعِنَبُ وَ الْخَوْخُ وَ مَا يُشَاكِلُهُ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ الْوَاحِدَةَ وَ الثِّنْتَيْنِ، وَ يَقُولُ: شِلْ(1) هَذَا يَا مُحَمَّدُ إِلَى صِبْيَانِكُمْ. فَأَقُولُ: هَذَا كُلَّهُ! فَيَقُولُ:

خُذْهُ كُلَّهُ، فَمَا(2) رَأَيْتُ قَطُّ أَشْهَى(3) مِنْهُ(4).

396/ 13 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عِيسَى، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخَيَّاطِ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ حُبْشِيِّ بْنِ قُونِيٍّ الْكُوفِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: خَرَجَ بَعْضُ بَنِي الْبَقَّاحِ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى فِي رِفْقَةٍ، يَلْتَمِسُونَ الدَّلاَلَةَ، فَلَمَّا بَلَغُوا بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ سَأَلُوا الْإِذْنَ، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ، فَأَقَامُوا إِلَى يَوْمِ الْخَمِيسِ. فَرَكِبَ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ أَحَدُ الْقَوْمِ لِصَاحِبِهِ: إِنْ كَانَ إِمَاماً فَإِنَّهُ يَرْفَعُ الْقَلَنْسُوَةَ عَنْ رَأْسِهِ. قَالَ: فَرَفَعَهَا بِيَدِهِ(5) ، ثُمَّ وَضَعَهَا، وَ كَانَتْ شِيشِيَةً(6).

فَقَالَ بَعْضُ بَنِي الْبَقَّاحِ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ صَاحِبٍ لَهُ يُنَاجِيهِ: لَئِنْ رَفَعَهَا ثَانِيَةً، فَأَنْظُرُ إِلَى رَأْسِهِ، هَلْ عَلَيْهِ الْإِكْلِيلُ الَّذِي كُنْتُ أَرَاهُ عَلَى رَأْسِ أَبِيهِ الْمَاضِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، مُسْتَدِيراًة.

ص: 431


1- في «ط»: خذ.
2- في «ع، م»: خذه ما.
3- في «ع، م»: اشترى.
4- غيبة الطّوسيّ: 179/215، مدينة المعاجز: 51/567.
5- في «ط»: فرفعها عن رأسه.
6- كذا في النّسخ، و في مدينة المعاجز: سنة.

كَدَارَةِ الْقَمَرِ، فَرَفَعَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ثَانِيَةً، وَ صَاحَ إِلَى الرَّجُلِ الْقَائِلِ ذَلِكَ: هَلُمَّ فَانْظُرْ، فَهَلْ بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ، فَأَنَّى تُصْرَفُونَ؟ فَتَيَقَّنُوا بِالدَّلاَلَةِ وَ انْصَرَفُوا غَيْرَ مُرْتَابَيْنِ، بِحَمْدِ اللَّهِ وَ مَنِّهِ(1).

و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله الطيّبين الطاهرين و سلّم تسليما كثيرا.7.

ص: 432


1- (فتيقنوا... اللّه و منه) ليس في «ع، م». مدينة المعاجز: 52/567.

الامام صاحب الزمان (عليه السلام)

معرفة أنّ اللّه لا يخلي الأرض من حجّة

397/ 1 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): تَبْقَى الْأَرْضُ يَوْماً بِلاَ عَالِمٍ مِنْكُمْ حَيٍّ ظَاهَرٍ، يَفْزَعُ إِلَيْهِ النَّاسُ فِي حَلاَلِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ.

قَالَ: إِذَنْ لاَ يُعْبَدُ اللَّهُ، يَا أَبَا يُوسُفَ(1).

398/ 2 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ عَمِّهِ دَاوُدَ بْنِ الْعَلاَءِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ بَعْضِهِمْ(2) أَنَّهُ قَالَ: مَا خَلَتِ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ مِنْ(3) إِمَامٍ عَدْلٍ(4) ، إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، حُجَّةٍ لِلَّهِ فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ(5).

399/ 3 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ

ص: 433


1- الامامة و التّبصرة: 5/27، علل الشّرائع: 3/195، نوادر المعجزات: 1/194.
2- في «ط» زيادة: (عليهم السّلام).
3- في «م، ط»: عن.
4- في «ط»: عادل.
5- الامامة و التّبصرة: 2/25، علل الشّرائع: 14/197. و نحوه في بصائر الدّرجات: 4/505، و الكافي 8/137:1.

الْمُسْلِيِّ(1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَامِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: مَا تَزَالُ الْأَرْضُ وَ لِلَّهِ فِيهَا حُجَّةٌ، يَعْرِفُ الْحَلاَلَ وَ الْحَرَامَ، وَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ لاَ يَنْقَطِعُ مِنَ الْأَرْضِ إِلاَّ أَرْبَعِينَ يَوْماً قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا رُفِعَ الْحُجَّةُ أُغْلِقَ بَابُ التَّوْبَةِ، وَ لَمْ يَنْفَعْ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَنْ يُرْفَعَ الْحُجَّةُ، فَأُوَلئِكَ(2) شِرَارُ خَلْقِ اللَّهِ، وَ هُمُ الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمْ فِيهَا الْقِيَامَةُ(3).

400/ 4 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامِ بْنِ سُهَيْلٍ الْكَاتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَزَّازِ(4) ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: قَالَ:

يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَخْلُ إِلاَّ وَ فِيهَا مِنَّا عَالِمٌ، فَإِذَا زَادَ النَّاسُ، قَالَ: زَادُوا.

وَ إِنْ نَقَصُوا قَالَ: نَقَصُوا. وَ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ ذَلِكَ الْعَالِمَ حَتَّى يَرَى فِي وُلْدِهِ مَنْ يَعْلَمُ مِثْلَ عِلْمِهِ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ(5).

401/ 5 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، جَمِيعاً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْغِفَارِيِّ(6) ، عَنْ أَبِي4.

ص: 434


1- في «ع، م»: المسكن، و في «ط»: السّكن، و ما في المتن هو الصّواب، كما في المصادر، و هو الرّبيع بن محمّد بن عمر بن حسّان الأصمّ المسليّ، و مسلية قبيلة من مذحج، رجال النّجاشيّ: 164.
2- في «م»: و أولئك من.
3- المحاسن: 202/236، بصائر الدّرجات: 1/504، الكافي 3/136:1، كمال الدّين و تمام النّعمة: 24/229، غيبة النّعمانيّ: 4/138.
4- في النّسخ: عن الحسن بن عليّ عن الحارث، و في كمال الدّين: الحسن بن عليّ الخزّاز، عن عمر بن أبان بلا واسطة.
5- المحاسن: 201/235 نحوه، كمال الدّين و تمام النّعمة: 12/222 و: 21/228، نوادر المعجزات: 2/195، اثبات الهداة 195/238:1، البحار 4/250:25.
6- زاد في كمال الدّين: عن جعفر بن إبراهيم، و الظّاهر صوابه، و هو ابن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه، بن جعفر ابن أبي طالب الجعفريّ الهاشميّ، روى عنه الغفاريّ في موارد اخرى كثيرة، و لم تذكر رواية للغفاري عن الإمام الصّادق (عليه السّلام) مباشرة، راجع معجم رجال الحديث 47:4 و 80:10 و 84.

عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ): لاَ يَزَالُ فِي وُلْدِي مَأْمُونٌ مَأْمُولٌ(1).

402/ 6 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَمْضِي الْإِمَامُ وَ لَيْسَ لَهُ عَقِبٌ؟

قَالَ: لاَ يَكُونُ ذَلِكَ.

قُلْتُ: فَيَكُونُ؟

قَالَ: لاَ يَكُونُ، إِلاَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عَلَى خَلْقِهِ فَيُعَاجِلَهُمْ(2).

403/ 7 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا(3) أَبِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي هَرَاسَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: قَالَ: لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ رُفِعَ لَمَاجَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا، كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ بِأَهْلِهِ(4).

404/ 8 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَحْمَدَ ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): قَدْ بَلَغْتَ مَا بَلَغْتَ وَ لَيْسَ لَكَ وَلَدٌ. فَقَالَ: يَا عُقْبَةُ، إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ لاَ يَمُوتُ حَتَّى يَرَى خَلَفَهُ مِنْ وُلْدِهِ(5).

405/ 9 - وَ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ رُشَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَزَّازِ، قَالَ: دَخَلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،2.

ص: 435


1- كمال الدّين و تمام النّعمة: 22/228.
2- كمال الدّين و تمام النّعمة: 13/204.
3- في «م، ط»: حدّثني.
4- بصائر الدّرجات: 3/508، الكافي 12/137:1، كمال الدّين و تمام النّعمة: 3/202 و: 9/203، غيبة النّعمانيّ: 10/139.
5- كمال الدّين و تمام النّعمة: 25/229، كفاية الأثر: 274، نوادر المعجزات: 3/195، غيبة الطّوسيّ: 184/222.

فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ إِمَامٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.

فَقَالَ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) يَقُولُ: لاَ يَكُونُ الْإِمَامُ إِلاَّ وَ لَهُ عَقِبٌ.

فَقَالَ لَهُ: نَسِيتَ - يَا شَيْخُ - أَمْ تَنَاسَيْتَ؟ لَيْسَ هَكَذَا قَالَ جَعْفَرٌ، إِنَّمَا قَالَ جَعْفَرٌ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لاَ يَكُونُ الْإِمَامُ إِلاَّ وَ لَهُ وَلَدٌ، إِلاَّ الْإِمَامُ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)، فَإِنَّهُ لاَ عَقِبَ لَهُ.

فَقَالَ: صَدَقْتَ، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ، هَكَذَا سَمِعْتُ جَدَّكَ يَقُولُ(1).

406/ 10 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ(2) بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَجَّالُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ: أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى عَلِيٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ هُمَا صَبِيَّانِ. ثُمَّ قَالَ: [وَ ذَلِكَ](3) قَوْلُ اللَّهِ (تَعَالَى): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (4) وَ أَرَادَ الْأَئِمَّةَ(5) مِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ(6).

407/ 11 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ(7) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ:

لَوْ بَقِيَتِ الْأَرْضُ يَوْماً وَاحِداً بِلاَ إِمَامٍ مِنَّا لَسَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا، وَ لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ(8) بِأَشَدِّ عَذَابِهِ، وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَنَا حُجَّةً فِي أَرْضِهِ وَ أَمَاناً فِي الْأَرْضِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ،م.

ص: 436


1- غيبة الطّوسيّ: 188/224، إثبات الهداة 196/238:1.
2- في النّسخ: محمّد عن الحسين بن عبد اللّه، و ما أثبتناه من المصدر.
3- أثبتناها للزومها.
4- النّساء 59:4.
5- في «ع، م»: منكم قال الأئمّة.
6- كمال الدّين و تمام النّعمة: 8/222.
7- كذا في النّسخ، و لعلّ الصّواب: عن عبد اللّه بن جعفر الحميريّ - شيخ ابن همّام - عن محمّد بن أحمد عن أبي سعيد العصفريّ، عن عمرو...، كما في كمال الدّين.
8- في «ع، م»: و يعذّبهم.

لَنْ يَزَالُوا بِأَمَانٍ مِنْ(1) أَنْ تَسِيخَ بِهِمْ الْأَرْضُ مَا دُمْنَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُهْلِكَهُمْ، ثُمَّ لاَ يُمْهِلَهُمْ، وَ لاَ يُنْظِرَهُمْ، ذَهَبَ بِنَا مِنْ بَيْنِهِمْ، ثُمَّ يَفْعَلُ اللَّهُ (تَعَالَى) بِهِمْ مَا يَشَاءُ(2).

408/ 12 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلاَءِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): تَكُونُ الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ؟ قَالَ:

لاَ.

قُلْتُ: فَيَكُونُ إِمَامَانِ؟

قَالَ: لاَ، إِلاَّ وَ أَحَدُهُمَا مُصْمَتٌ.

قُلْتُ: فَالْقَائِمُ.

قَالَ: نَعَمْ، إِمَامُ ابْنُ إِمَامٍ، قَدِ اؤْتُمَّ(3) بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ(4).

409/ 13 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ ابْنِ هَارُونَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبَانِ بْنِ الصَّلْتِ بْنِ جَرْجَشَانَ(5) الْفَارِسِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنُ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ نُعْمَانَ الرَّازِيِّ، قَالَ: كُنْتُ وَ بَشِيرٌ الدَّهَّانُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ:

لَمَّا انْقَضَتْ نُبُوَّةُ آدَمَ وَ انْقَطَعَ أَجَلُهُ، أَوْحَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) إِلَيْهِ أَنْ: يَا آدَمُ قَدِ انْقَضَتْ نُبُوَّتُكَ، وَ قَدْ انْقَطَعَ أَجَلُكَ، فَانْظُرْ إِلَى مَا عِنْدَكَ مِنَ الْعِلْمِ، وَ الْإِيمَانِ، وَ مِيرَاثِ النُّبُوَّةِ، وَ أَثَرَةِ الْعِلْمِ، وَ الاِسْمِ الْأَعْظَمِ، فَاجْعَلْهُ فِي الْعَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، عِنْدَ هِبَةِ اللَّهِ، فَإِنِّي لَمْ أَدَعِ الْأَرْضَ بِغَيْرِ عَالِمٍ تُعْرَفُ بِهِ طَاعَتِي وَ دِينِي، وَ يَكُونُ نَجَاةً لِمَنْ أَطَاعَنِي(6).5.

ص: 437


1- (من) ليس في «ع، م».
2- كمال الدين و تمام النعمة: 14/204، نوادر المعجزات: 4/196.
3- في «ط»: قد اوعدتم.
4- كمال الدين و تمام النعمة: 17/223.
5- في «ع»: حوحشاران، و في «م»: حرحشادان.
6- المحاسن: 197/235، الإمامة و التبصرة: 3/25، علل الشرائع: 1/195.

410/ 14 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ سَمِعَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ:

اللَّهُمَّ إِنَّكَ لاَ تُخْلِ الْأَرْضَ مِنْ حُجَّةٍ لَكَ عَلَى خَلْقِكَ، ظَاهِراً أَوْ خَافِياً مَغْمُوراً، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَّتُكَ وَ بَيِّنَاتُكَ(1).

411/ 15 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى الْقُمِّيِّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَ صَفْوَانَ ابْنِ يَحْيَى وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، كُلِّهِمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) لاَ يَدَعُ الْأَرْضَ إِلاَّ وَ فِيهَا عَالِمٌ، يَعْلَمُ الزِّيَادَةَ وَ النُّقْصَانَ، فَإِذَا زَادَ الْمُؤْمِنُونَ شَيْئاً رَدَّهُمْ، وَ إِذَا نَقَصُوا أَكْمَلَهُ لَهُمْ، وَ قَالَ(2): خُذُوهُ كَامِلاً. وَ لَوْ لاَ ذَلِكَ لاَلْتَبَسَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَمْرُهُمْ، وَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ(3).

412/ 16 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى الْقُمِّيُّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ وَ غَيْرِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِخَبَرٍ عَنْ رَبِّهِ، فَقَالَ لَهُ:

إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ(4): يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لَمْ أَتْرُكِ الْأَرْضَ إِلاَّ وَ فِيهَا عَالِمٌ، تُعْرَفُ بِهِ طَاعَتِي وَ هِدَايَتِي، وَ يَكُونُ نَجَاةً فِيمَا بَيْنَ قَبْضِ النَّبِيِّ إِلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ الْآخَرِ، وَ لَمْ أَكُنْ أَتْرُكُ إِبْلِيسَ يُضِلُّ».

ص: 438


1- الإمامة و التّبصرة: 4/26، كمال الدّين و تمام النّعمة: 292-2/294 بعدّة طرق، علل الشّرائع: 2/195، و نحوه في غيبة النّعمانيّ: 1/136 و إثبات الهداة 689/141:7.
2- في «ع، م»: أكمله بهم فقال.
3- الإمامة و التّبصرة: 11/30، علل الشّرائع: 4/195، كمال الدّين و تمام النّعمة: 11/203.
4- (إن اللّه يقول) من «ط».

النَّاسَ وَ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ حُجَّةٌ لِي، وَ دَاعٍ إِلَيَّ، وَ هَادٍ إِلَى سَبِيلِي، وَ عَارِفٌ بِأَمْرِي، وَ إِنِّي قَدْ قَيَّضْتُ(1) لِكُلِّ قَوْمٍ هَادِياً أَهْدِي بِهِ السُّعَدَاءَ، وَ يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْأَشْقِيَاءِ(2).

و الحمد للّه وحده و صلّى اللّه على محمّد و آله الطاهرين.

***6.

ص: 439


1- في «ع، م»: قضيت.
2- الإمامة و التبصرة: 16/31، علل الشرائع: 7/196.

ص: 440

معرفة

وجوب القائم (عليه السلام) و أنّه لا بدّ أن يكون

413/ 17 - حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوَّادٌ(1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي، وَجْهُهُ كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ، وَ اللَّوْنُ لَوْنٌ عَرَبِيٌّ، وَ الْجِسْمُ جِسْمٌ إِسْرَائِيلِيٌّ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، يَرْضَى بِخِلاَفَتِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ وَ الطَّيْرُ فِي الْجَوِّ، وَ يَمْلِكُ عِشْرِينَ سَنَةً(2).

ص: 441


1- في النسخ: داود، و هو تحريف، و ما في المتن هو الصحيح و هو: روّاد بن الجرّاح الشامي، الراوي عن سفيان الثوري، روى عنه محمد بن ابراهيم الصوري هذا الحديث بهذا السند في لسان الميزان 23:5 و 24، و انظر تهذيب الكمال 227:9.
2- نوادر المعجزات: 5/196، الفردوس 6667/221:4، العمدة: 922/439، البيان في أخبار صاحب الزمان: 501 و 513، كشف الغمة 481:2، ذخائر العقبى: 136، الفصول المهمة: 294، الحاوي للفتاوي 2: 66، الصواعق المحرقة: 164، حلية الأبرار 583:2، نور الأبصار: 346.

414/ 18 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ الْحَفْرِيُّ(1) بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَالِمٍ، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ وَ صَبَّاحِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَنِيِّ وَ مَنْدَلِ بْنِ عَلِيٍّ، كُلِّهِمْ ذَكَرَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:

كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ أَقْبَلَ(2) فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ(3) ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئاً نَكْرَهُهُ(4) ؟

قَالَ: إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَ إِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلاَءً وَ تَطْرِيداً وَ تَشْرِيداً، حَتَّى يَجِيءَ قَوْمٌ مِنْ هَاهُنَا - وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ - أَصْحَابُ رَايَاتٍ سُودٍ، يَسْأَلُونَ الْحَقَّ فَلاَ يُعْطَوْنَهُ - حَتَّى أَعَادَهَا ثَلاَثاً - فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ، وَ لاَ يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَدْفَعُونَهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَيَمْلَأَهَا قِسْطاً وَ عَدْلاً، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَأْتِهِ وَ لَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْجِ(5).

415/ 19 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ وَ عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقِيقِيُّ(6) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِه.

ص: 442


1- في «ط»: الخفري.
2- في «ط»: فأقبل.
3- في «ط» زيادة: بالدّموع.
4- في «ط»: رسول اللّه أ رأيت شيئا تكرهه؟.
5- سنن ابن ماجة 4082/1366:2، مستدرك الحاكم 464:4، البيان في أخبار صاحب الزّمان: 491، كشف الغمّة 472:2 و 478، الحاوي للفتاوي 60:2، حلية الأبرار 704:2، غاية المرام: 98/700، يأتي مثله في الأحاديث (22 و 23 و 24).
6- في ترجمته من تاريخ بغداد 302:11، و سير أعلام النبلاء 444:15 و غيرهما: الدّقّاق، و كلاهما نسبة إلى الدّقيق و بيعه، انظر أنساب السمعاني 485:2. وصفه الذهبي بالشّيخ الامام المحدث المكثر الصّادق، مسند العراق... توفّي سنة 344 ه.

الْأَنْطَاكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْيَمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمُحْتَسِبِيُّ(1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْقَسْرِيُّ(2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

كَيْفَ تَهْلِكُ أُمَّةٌ أَنَا أَوَّلُهَا، وَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ فِي آخِرِهَا، وَ الْمَهْدِيُّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فِي وَسَطِهَا؟!(3).

416/ 20 - حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ شِيرَانَ(4) بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَسْلَمَ وَ شُعَيْبُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ مَهْدِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِي يُصَلِّي خَلْفَهُ عِيسَى مِنَّا.

ثُمَّ ضَرَبَ(5) مَنْكِبَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ قَالَ: مِنْ هَذَا، مِنْ هَذَا(6).

417/ 21 - وَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍا.

ص: 443


1- في «ع»: المحصبي.
2- في النّسخ و البيان: القشيريّ، و ما في المتن هو الصّواب، نسبة إلى قسر بطن من بجيلة، و هو النّاصبيّ المعروف خالد بن عبد اللّه بن يزيد البجليّ القسريّ: أمير العراقين البصرة و الكوفة لهشام بن عبد الملك و كانت امه نصرانيّة بنى لها كنيسة تتعبد فيها، قتل بالكوفة 126 ه، انظر ترجمته في تهذيب الكمال 107:8، وفيات الأعيان 226:2، سير أعلام النبلاء 425:5.
3- تفسير الطّبريّ 203:3 قطعة منه، نوادر المعجزات: 6/197، مناقب ابن المغازلي: 449/395، البيان في أخبار صاحب الزّمان: 508، كشف الغمّة 484:2، فرائد السمطين 593/339:2، كنز العمّال 14: 38682/269.
4- في «ع»: عبد اللّه بن الخيار بن سيراب، و في «م»: عبد اللّه (الجبّار نسخة بدل) بن سيراب، و في «ط»: عبد الجبّار بن سيراب، و ما في المتن من رجال النّجاشيّ: 347، ذكره في الّذين رووا عن محمّد بن زكريّا بن دينار الغلابيّ كتبه.
5- في «ط» زيادة: يده على.
6- غيبة الطّوسيّ: 154/191، البيان في أخبار صاحب الزّمان: 501، الفصول المهمّة: 296، إثبات الهداة 672/135:7 عن كتاب عيون المعجزات للسّيّد المرتضى و 698/144:7 عن كتاب مناقب فاطمة (عليها السّلام) و ولدها.

ابْنِ مُسَافِرٍ الْهُذَلِيُّ بِتَنْيِسقٍ(1) ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ أَبُو طَاهِرٍ الْبَلْقَاوِيُّ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَوْقَرِيُّ(2) ، قَالَ:

كُنْتُ وَاقِفاً بِالرُّصَافَةِ - يَعْنِي رُصَافَةَ هِشَامٍ - نِصْفَ النَّهَارِ عَلَى بَابِ الزُّهْرِيِّ، فَمَرَّ اللَّعَّانُونَ(3) يَطُوفُونَ بِرَأْسِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَبَكَى، وَ قَالَ: أَهْلَكَ(4) أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ(5) الْعَجَلَةُ.

قُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، وَ يَمْلِكُونَ؟

قَالَ: نَعَمْ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ لِفَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا): الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكَ(6).

418/ 22 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْبُهْلُولِ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي(7) ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ حَجَرٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ النَّصِيبِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ رَفِيعٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ(8) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:2.

ص: 444


1- في «ع، م»: ببلنيس، و لم نعثر على مدينة تسمّى بهذين الاسمين، و لعلّ الصّواب بتنيس، جزيرة في بحر مصر قريبة من البرّ ما بين الفرما و دمياط، معجم البلدان 51:2.
2- في «ع، م»: المرقزي، و في «ط»: المروزيّ، كلاهما تصحيف، و الصّواب ما في المتن، ذكره السمعاني في الأنساب 409:5، و ابن حجر في تهذيب التّهذيب 148:11، و عدّ البلقاوي في الرّواة عنه. و النّسبة إلى الموقر موضع بنواحي البلقاء، مراصد الاطّلاع 1335:3.
3- في مقاتل الطّالبيّين، فسمع - الزّهريّ - أصوات لعّابين. و في تهذيب تاريخ ابن عساكر: فإذا رأس زيد يطاف به بيد لعّابين.
4- كذا في المقاتل و غيره، و صحفت في النّسخ: يملك.
5- في «ط» زيادة: و لكن.
6- مقاتل الطّالبيّين: 97، كشف الغمّة 468:2، الحاوي للفتاوي 66:2، تهذيب تاريخ ابن عساكر 26:6.
7- (قال: حدّثنا أبي) ليس في «ع»، و الصّواب إثباتها، و هو إسحاق بن البهلول بن حسّان التنوخي أبو يعقوب، من كبار العلماء، له مسند كبير، و حدث عنه ولده أحمد، و روى هو عن سمرة بن حجر أبو حجر الخراسانيّ. راجع تاريخ بغداد 30:4 و 366:6 و 328:9.
8- هو ابن عبد اللّه بن مسعود، اسمه عامر، و قيل اسمه كنيته روى عن أبيه و قيل لم يسمع منه، و روى عنه زيد بن رفيع الفزاريّ، راجع تهذيب الكمال 61:14، ميزان الاعتدال 103:2.

كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذْ مَرَّ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، كَأَنَّ(1) وُجُوهَهُمْ الْمَصَابِيحُ، فَبَكَى النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدِ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَ إِنَّهُ سَيُصِيبُ أَهْلَ بَيْتِي قَتْلٌ وَ تَطْرِيدٌ وَ تَشْرِيدٌ فِي الْبِلاَدِ، حَتَّى يُتِيحَ(2) اللَّهُ لَنَا رَايَةً تَجِيءُ مِنَ الْمَشْرِقِ، مَنْ نَصَرَهَا نُصِرَ(3) ، وَ مَنْ يُشَاقَّهَا يُشَاقَّ، ثُمَّ يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي اسْمُهُ كَاسْمِي، وَ خَلْقُهُ كَخَلْقِي(4) ، تَؤُوبُ إِلَيْهِ أُمَّتِي كَمَا تَؤُوبُ الطَّيْرُ إِلَى أَوْكَارِهاً، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً(5).

419/ 23 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الْكُوفِيُّ الْغَزَّالُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَالِمٍ الْفَرَّاءُ، عَنْ صَبَّاحِ ابْنِ يَحْيَى وَ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ ابْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنَّا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذْ أَقْبَلَتْ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئاً نَكْرَهُهُ. فَقَالَ: إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي(6) اخْتَارَ اللَّهُ لَهُمُ الْآخِرَةَ، وَ سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي تَطْرِيداً وَ تَشْرِيداً وَ بَلاَءً شَدِيداً، حَتَّى يَجِئَ قَوْمٌ مِنْ هَاهُنَا - وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ - أَصْحَابُ رَايَاتٍ سُودٍ، يَسْأَلُونَ الْحَقَّ فَلاَ يُعْطُونَهُ - حَتَّى أَعَادَهَا ثَلاَثاً - فَيُقَاتِلُونَ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَيَمْلَأَهَا قِسْطاً وَ عَدْلاً، كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأْتِهِ وَ لَوْ حَبْواً.

قال أبو المفضّل: و رواه عمرو بن قيس الملائيّ، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم، عن عبيدة السّلمانيّ، عن عبد اللّه، و كلاهما عندي صحيح(7).).

ص: 445


1- في «ع، م» زيادة: في.
2- في «ع، م»: يفتح.
3- في «ط»: من يهزّها يهزّ.
4- في «ع»: خلقته كخلقي، و في «م»: خلقته كخلقته.
5- تقدمت تخريجاته في الحديث (18).
6- في «ع»: الدنيا و أهل بيتي هؤلاء.
7- تقدّمت تخريجاته في الحديث (18).

420/ 24 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصٍ الْخَثْعَمِيُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ رَبَاحٍ(1) الْأَشْجَعِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَسَدِيُّ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلاَئِيِّ أَتَعَلَّمُ مِنْهُ الْقُرْآنَ، وَ كَانَ النَّاسُ يَجِيئُونَهُ وَ يَسْأَلُونَهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، حَتَّى حَفِظْتُهُ مِنْهُ.

فَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلاَئِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي(2) عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَخَرَجَ إِلَيْنَا مُسْتَبْشِراً يُعْرَفُ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ، فَمَا سَأَلْنَاهُ عَنْ شَيْ ءٍ إِلاَّ أَخْبَرَنَا، وَ لاَ سَكَتْنَا إِلاَّ ابْتَدَأَنَا، حَتَّى مَرَّتْ بِهِ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فِيهِمُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، فَلَمَّا أَنْ رَآهُمْ خَثَرَ(3) لَهُمْ، وَ انْهَمَلَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ. فَقَالُوا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَرَجْتَ إِلَيْنَا مُسْتَبْشِراً، نَعْرِفُ السُّرُورَ فِي وَجْهِكَ، فَمَا سَأَلْنَاكَ عَنْ شَيْ ءٍ إِلاَّ أَخْبَرْتَنَا وَ لاَ سَكَتْنَا إِلاَّ ابْتَدَأْتَنَا، حَتَّى مَرَّتْ بِكَ الْفِتْيَةُ، فَخَثَرْتَ لَهُمْ، وَ انْهَمَلَتْ عَيْنَاكَ.

فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَ إِنَّهُ سَيَلْقَى أَهْلُ بَيْتِي مِنْ بَعْدِي تَطْرِيداً وَ تَشْرِيداً فِي الْبِلاَدِ، حَتَّى تَرْتَفِعَ رَايَاتٌ سُوْدٌ مِنَ الْمَشْرِقِ، فَيَسْأَلُونَ الْحَقَّ فَلاَ يُعْطَوْنَ، وَ يُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ، فَيُعْطُونَ الَّذِي سَأَلُوا، فَمَنْ أَدْرَكَهُمْ مِنْكُمْ - أَوْ مِنْ أَبْنَائِكُمْ - فَلْيَأْتِهِمْ وَ لَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْجِ، فَإِنَّهَا رَايَاتُ هُدًى، يَدْفَعُونَهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلاً، كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً(4).

421/ 25 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفَارِسِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ،).

ص: 446


1- في «ع»: رزباح، و في «م»: زرباح.
2- في «ع، م»: عن إبراهيم بن، و هو خطأ.
3- في حديث «أصبح رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و هو خاثر النّفس» قال الجزريّ: أيّ ثقيل النّفس غير طيّب و لا نشيط. «النّهاية 11:2».
4- تقدّمت تخريجاته في الحديث (18).

عَنْ أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ الزَّاهِرِيِّ، عَنْ سَيِّدِنَا الصَّادِقِ(1) جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ الْحُسَيْنِ، وَ عَنْ عَمِّهِ الْحَسَنِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ)، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: قَالَ لِي:

يَا عَلِيُّ، إِذَا تَمَّ مِنْ(2) وُلْدِكَ أَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً، فَالْحَادِي عَشَرَ مِنْهُمْ الْمَهْدِيُّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي(3).

422/ 26 - وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: إِذَا تَوَالَتْ ثَلاَثَةُ أَسْمَاءٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِي: مُحَمَّدُ وَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ، فَرَابِعُهَا هُوَ الْقَائِمُ الْمَأْمُولُ الْمُنْتَظَرُ(4).

423/ 27 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الطِّيبِ الصَّابُونِيُّ، عَنْ جَعْفَرٍ الْقَصِيرِيِّ(5) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَارُونَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيٍّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ)، قَالَ:

دَخَلْتُ أَنَا وَ أَخِي الْحَسَنُ عَلَى جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَجْلَسَنِي عَلَى فَخِذِهِ، وَ أَجْلَسَ أَخِي عَلَى فَخِذِهِ الْآخَرِ، ثُمَّ قَبَّلَنَا وَ قَالَ:

يَا ابْنَيَّ، أَنْعِمْ بِكُمَا مِنْ إِمَامَيْنِ زَكِيَّيْنِ صَالِحَيْنِ! اخْتَارَكُمَا اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) مِنِّي وَ مِنْ أَبِيكُمَا وَ أُمِّكُمَا، وَ اخْتَارَ مِنْ صُلْبِكَ يَا حُسَيْنُ تِسْعَةً، تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ، وَ كُلُّهُمْ فِي الْمَنْزِلَةِ وَ الْفَضْلِ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ(6).

424/ 28 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْمِنْقَرِيُّ(7) الْكُوفِيُّ، قَالَ:ئ.

ص: 447


1- في «ط»: أبي عبد اللّه.
2- في «ع، م» زيادة: عدد.
3- نحوه في كمال الدّين و تمام النّعمة: 7/139، و العدد القويّة: 107/70.
4- كمال الدّين و تمام النّعمة: 2/333 و: 3/334، الهداية الكبرى: 374.
5- في «ع»: القصريّ.
6- الهداية الكبرى: 374، كمال الدّين و تمام النّعمة: 12/269.
7- في الهداية: المقرئ.

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زَيْدٍ الدَّهَّانُ، عَنْ مَكْحُولِ(1) بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ رُسْتُمَ(2) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الطَّاطَرِيِّ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ سَلْمَانَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً وَ لاَ رَسُولاً إِلاَّ جَعَلَ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ عَرَفْتُ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ(3).

فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ: هَلْ عَلِمْتَ مَنْ نُقَبَائِي وَ مَنِ الاِثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ اللَّهُ لِلْأُمَّةِ مِنْ بَعْدِي؟

فَقُلْتُ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ.

فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ، خَلَقَنِي اللَّهُ مِنْ صَفْوَةِ نُورِهِ، وَ دَعَانِي فَأَطَعْتُهُ، وَ خَلَقَ مِنْ نُورِي عَلِيّاً، وَ دَعَاهُ فَأَطَاعَهُ، وَ خَلَقَ مِنْ نُورِ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ، وَ دَعَاهَا فَأَطَاعَتْهُ، وَ خَلَقَ مِنِّي وَ مِنْ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ: الْحَسَنَ، وَ دَعَاهُ فَأَطَاعَهُ، وَ خَلَقَ مِنِّي وَ مِنْ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ: الْحُسَيْنَ، فَدَعَاهُ فَأَطَاعَهُ.

ثُمَّ سَمَّانَا(4) بِخَمْسَةِ أَسْمَاءٍ مِنْ أَسْمَائِهِ، فَاللَّهُ الْمَحْمُودُ وَ أَنَا مُحَمَّدٌ، وَ اللَّهُ الْعَلِيُّ وَ هَذَا عَلِيٌّ، وَ اللَّهُ الْفَاطِرُ وَ هَذِهِ فَاطِمَةُ، وَ اللَّهُ ذُو(5) الْإِحْسَانِ وَ هَذَا الْحَسَنُ، وَ اللَّهُ الْمُحْسِنُ وَ هَذَا الْحُسَيْنُ.

ثُمَّ خَلَقَ مِنَّا وَ مِنْ نُورِ الْحُسَيْنِ: تِسْعَةَ أَئِمَّةٍ، فَدَعَاهُمْ فَأَطَاعُوهُ، قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ(6) سَمَاءً مَبْنِيَّةً، وَ أَرْضاً(7) مَدْحِيَّةً، وَ لاَ مَلَكاً وَ لاَ بَشَراً، وَ كُنَّا نُوراً نُسَبِّحُ اللَّهَ، وَ نَسْمَعُ لَهُ وَ نُطِيعُ.

قَالَ سَلْمَانُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، فَمَا لِمَنْ عَرَفَ هَؤُلاَءِ؟

فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ، مَنْ عَرَفَهُمْ حَقَّ مَعْرِفَتِهِمْ، وَ اقْتَدَى بِهِمْ، وَ وَالَى وَلِيَّهُمْ، وَ تَبَرَّأَض.

ص: 448


1- في الهداية: مخوّل، راجع الجرح و التعديل 399:8.
2- في «ع، م»: رشدم، و في الهداية: رشده.
3- في «ع»: الكنائس.
4- في «ع، م»: اسمانا.
5- في «ع، م»: و للّه.
6- في «ع، م»: خلق اللّه.
7- في «ع، م»: و لا أرض.

مِنْ(1) عَدُوِّهِمْ، فَهُوَ وَ اللَّهِ مِنَّا، يَرِدُ حَيْثُ نَرِدُ، وَ يَسْكُنُ حَيْثُ نَسْكُنُ.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ هَلْ يَكُونُ إِيمَانٌ بِهِمْ بِغَيْرِ مَعْرِفَةِ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَنْسَابِهِمْ؟

فَقَالَ: لاَ يَا سَلْمَانُ.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَنَّى لِي بِهِمْ وَ قَدْ عَرَفْتُ إِلَى الْحُسَيْنِ؟

قَالَ: ثُمَّ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بَاقِرُ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ، ثُمَّ ابْنُهُ(2) جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ لِسَانُ اللَّهِ الصَّادِقُ، ثُمَّ ابْنُهُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاظِمُ غَيْظَهُ صَبْراً فِي اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، ثُمَّ ابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرَّضِيُّ لِأَمْرِ اللَّهِ، ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُخْتَارُ مِنْ خَلْقِ(3) اللَّهِ، ثُمَّ ابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَادِي إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ ابْنُهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّامِتُ الْأَمِينُ لِسِرِّ اللَّهِ، ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ النَّاطِقُ الْقَائِمُ بِحَقِّ(4) اللَّهِ.

ثُمَّ قَالَ: يَا سَلْمَانُ، إِنَّكَ مُدْرِكُهُ، وَ مَنْ كَانَ مِثْلَكَ، وَ مَنْ تَوَلاَّهُ بِحَقِيقَةِ الْمَعْرِفَةِ.

قَالَ سَلْمَانُ: فَشَكَرْتُ اللَّهَ كَثِيراً ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ إِنِّي مُؤَجَّلٌ إِلَى عَهْدِهِ؟.

قَالَ: يَا سَلْمَانُ اقْرَأْ فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (5).

قَالَ سَلْمَانُ: فَاشْتَدَّ بُكَائِي وَ شَوْقِي، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ بِعَهْدٍ مِنْكَ؟

فَقَالَ: إِي وَ اللَّهِ، الَّذِي أَرْسَلَ مُحَمَّداً(6) بِالْحَقِّ، مِنِّي وَ مِنْ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ التِّسْعَةِ، وَ كُلِّ مَنْ هُوَ مِنَّا وَ مَعَنَا(7) ، وَ مُضَامٍّ فِينَا، إِي وَ اللَّهِ يَا سَلْمَانُ، وَ لَيُحْضُرَنَّ».

ص: 449


1- في «ط»: و عادى.
2- (ابنه) ليس في «ع، م»: و كذا في الموارد الآتية.
3- في «ط»: المختار لامر.
4- في «ط»: بأمر.
5- الإسراء 5:17 و 6.
6- في «ط»: أرسلني.
7- (و معنا) ليس في «ع، م».

إِبْلِيسُ وَ جُنُودُهُ، وَ كُلُّ مَنْ مَحَضَ الْإِيمَانَ مَحْضاً وَ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً، حَتَّى يُؤْخَذَ بِالْقِصَاصِ وَ الْأَوْتَارِ(1) ، وَ لاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً، وَ يُحَقِّقُ(2) تَأْوِيلَ هَذِهِ الْآيَةِ: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (3).

قَالَ سَلْمَانُ: فَقُمْتُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَا يُبَالِي سَلْمَانُ مَتَى لَقِيَ الْمَوْتَ، أَوْ الْمَوْتُ لَقِيَهُ(4).

425/ 29 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَقِيقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ دَاوُدَ بْنِ الْجَعْفَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَتِّبٌ مَوْلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَوْلاَيَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

إِنَّ نَبِيّاً مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) طَرَدَهُ قَوْمُهُ، فَأَوَى إِلَى الدَّيْلَمِ، فَآوَوْهُ وَ نَصَرُوهُ، وَ سَأَلُوهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لَهُمْ، فَدَعَا لَهُمْ أَنْ يُكْثِرَ اللَّهُ عَدَدَهُمْ، وَ يُعَلِّيَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَ يَمْنَعَ أَرْضَهُمْ وَ بَلَدَهُمْ، وَ يَجْعَلَ فِيهِمْ وَ مِنْهُمْ أَنْصَاراً لِلْقَائِمِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).

426/ 30 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْجَصَّاصُ، قَالَ: حَدَّثَنِى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الزُّبَيْرِيُّ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَعْلَمُ الْمِصْرِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى الْجَوَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا مُفَضَّلُ، كَيْفَ يَقْرَأُ أَهْلُ الْعِرَاقِ هَذِهِ الْآيَةَ؟

قُلْتُ: يَا سَيِّدِي، وَ أَيُّ آيَةٍ؟2.

ص: 450


1- في «ع، م» زيادة: و الاثوار.
2- في «ط»: و ذلك.
3- القصص 5:28 و 6.
4- في «ط»: بين يديه و ما أبالي لقيت الموت أو لقيني. الهداية الكبرى: 375، مقتضب الأثر: 6، المحتضر: 152، حلية الابرار 644:2.

فَقَالَ: قَوْلُ اللَّهِ (تَعَالَى): يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها .

فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، لَيْسَ كَذَا نَقْرَأُ.

فَقَالَ: كَيْفَ تَقْرَأُ؟

فَقُلْتُ: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ (1).

فَقَالَ لِي: وَيْحَكَ! أَ تَدْرِي مَا هِيَ؟

فَقُلْتُ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ابْنُ رَسُولِهِ أَعْلَمُ.

فَقَالَ: وَ اللَّهِ، مَا هِيَ إِلاَّ قِيَامُ الْقَائِمِ، وَ كَيْفَ يَسْتَعْجِلُ بِهِ مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهِ؟! وَ اللَّهِ مَا يَسْتَعْجِلُ بِهِ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ، وَ لَكِنَّهُمْ حَرَّفُوهَا حَسَداً لَكُمْ فَاعْلَمْ ذَلِكَ يَا مُفَضَّلُ(2).

427/ 31 - أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّقَّاقُ وَ مُحَمَّدُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِصَامٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْعَلاَءِ، قَالَ:

حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُمْهُورٍ الْعَمِّيُّ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ثَابِتِ بْنِ دِينَارٍ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، لِمَ سُمِّيَ عَلِيٌّ(3) أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ هُوَ اسْمٌ مَا تَسَمَّى(4) بِهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَ لاَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ؟

فَقَالَ: لِأَنَّهُ مِيرَةُ الْعِلْمِ، يُمْتَارُ مِنْهُ، وَ لاَ يُمْتَارُ مِنْ أَحَدٍ سِوَاهُ.

قَالَ: فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَلِمَ سُمِّيَ سَيْفُهُ ذَا الْفِقَارِ.

فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لِأَنَّهُ مَا ضَرَبَ بِهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) إِلاَّ أَفْقَرَهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ، وَ أَفْقَرَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْجَنَّةِ.ّ.

ص: 451


1- الشّورى 18:42.
2- نوادر المعجزات: 7/197، إثبات الهداة 700/144:7، المحجّة للبحراني: 191.
3- (عليّ) ليس في «ع، م».
4- في «ط»: لم يسمّ.

قَالَ: فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أَ لَسْتُمْ كُلُّكُمْ قَائِمِينَ بِالْحَقِّ؟

قَالَ: بَلَى.

قُلْتُ: فَلَمْ سُمِّيَ الْقَائِمُ قَائِماً؟

قَالَ: لَمَّا قُتِلَ جَدِّيَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ضَجَّتِ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِيبِ، وَ قَالُوا: إِلَهَنَا، وَ سَيِّدَنَا، أَ تَغْفُلُ(1) عَمَّنْ قَتَلَ صَفْوَتَكَ وَ ابْنَ صَفْوَتِكَ وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) إِلَيْهِمْ: قِرُّوا مَلاَئِكَتِي، فَوَ عِزَّتِي وَ جَلاَلِي، لَأَنْتَقِمَنَّ مِنْهُمْ وَ لَوْ بَعْدَ حِينٍ. ثُمَّ كَشَفَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ)(2) عَنِ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) لِلْمَلاَئِكَةِ، فَسُرَّتِ الْمَلاَئِكَةُ بِذَلِكَ، فَإِذَا أَحَدُهُمْ قَائِمٌ(3) يُصَلِّي، فَقَالَ اللَّهُ (تَعَالَى) بِذَلِكَ الْقَائِمِ أَنْتَقِمُ مِنْهُمْ(4).

428/ 32 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَازِنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ الْبَرَاءِ الْجِعَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الرَّازِيُّ الْقُمِّيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَيِّدِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي الْحَسَنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُ الْحَقِّ، وَ ذَلِكَ حِينَ يَأْذَنُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) لَهُ؛ فَمَنْ تَبِعَهُ نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَلَكَ، - اللَّهَ، اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ، فَأْتُوهُ وَ لَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْجِ، فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) وَ خَلِيفَتِي(5).7.

ص: 452


1- في «ط»: إلهنا اتصفح.
2- في «ط»: كشف لهم.
3- في «ط»: و رأوا أحدهم قائما.
4- علل الشرائع: 1/160، حلية الأبرار 676:2.
5- كفاية الأثر: 106، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 230/59:2، إثبات الهداة 701/144:7.

429/ 33 - وَ باسناده، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَقُومَ بِأَمْرِ أُمَّتِي رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ(1) عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً(2).

430/ 34 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُظَفَّرُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَمِيعِ مَوْلَى إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنْ إِبْلِيسَ، قَوْلِهِ: رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (3) أَيُّ يَوْمٍ هُوَ؟.

قَالَ: يَا وَهْبُ، أَ تَحْسَبُ أَنَّهُ يَوْمَ يَبْعَثُ اللَّهُ (تَعَالَى) النَّاسَ؟ لاَ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) أَنْظَرَهُ إِلَى يَوْمِ يَبْعَثُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) قَائِمَنَا، فَإِذَا بَعَثَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) قَائِمَنَا، فَيَأْخُذُ بِنَاصِيَتِهِ، وَ يَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَذَلِكَ يَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ(4).

431/ 35 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ:

يَكُونُ مِنَّا تِسْعَةٌ بَعْدَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، تَاسِعُهُمْ قَائِمِهُمْ، وَ هُوَ أَفْضَلُهُمْ(5).

432/ 36 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى الْقُمِّيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ0.

ص: 453


1- في «ط»: الدّنيا.
2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 293/66:2، ينابيع المودّة: 445.
3- الحجر 36:15-38.
4- تفسير العيّاشيّ 14/242:2، حلية الأبرار 681:2.
5- إثبات الوصيّة: 227، و نحوه في الكافي 15/448:1، و كمال الدّين و تمام النّعمة: 45/350، و الخصال: 12/419، و غيبة النّعمانيّ: 94، و الارشاد: 348، و غيبة الطّوسيّ: 104/140.

يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) اخْتَارَ مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَ مِنَ الشُّهُورِ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَ مِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَجَعَلَهَا خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.

وَ اخْتَارَ مِنْ النَّاسِ الْأَنْبِيَاءَ، وَ اخْتَارَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الرُّسُلَ، وَ اخْتَارَنِي مِنَ الرُّسُلِ، فَاخْتَارَ مِنِّي عَلِيّاً، وَ اخْتَارَ مِنْ عَلِيٍّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ، وَ اخْتَارَ مِنَ الْحُسَيْنِ أَئِمَّةً(1) يَنْفُونَ عَنِ التَّنْزِيلِ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَ انْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ، تَاسِعُهُمْ بَاطِنُهُمْ، وَ هُوَ ظَاهِرُهُمْ، وَ هُوَ قَائِمُهُمْ(2).

433/ 37 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مِيثَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْهَيْثَمِ الْقَصَّابُ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ:

إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا، وَ اسْتَغْنَى الْعِبَادُ عَنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ، وَ صَارَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَاحِداً، وَ ذَهَبَتِ الظُّلْمَةُ، وَ عَاشَ الرَّجُلُ فِي زَمَانِهِ أَلْفَ سَنَةٍ، يُولَدُ لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ غُلاَمٌ، لاَ يُولَدُ لَهُ جَارِيَةٌ، يَكْسُوهُ الثَّوْبُ فَيَطُولُ عَلَيْهِ كُلَّمَا طَالَ، وَ يَتَلَوَّنُ عَلَيْهِ أَيَّ لَوْنٍ شَاءَ(3).

434/ 38 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ، يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلاَئِكَةَ بِالسَّلاَمِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَ الْجُلُوسِ مَعَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ، فَإِذَا أَرَادَ وَاحِدُ حَاجَةً أَرْسَلَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْضِ).

ص: 454


1- في «ع»: الأوصياء، (أئمّة) ليس في «م».
2- إثبات الوصيّة: 227، كمال الدّين و تمام النّعمة: 32/281، غيبة النّعمانيّ: 7/67، مقتضب الأثر: 9 بطريقين.
3- الارشاد: 363 «نحوه»، إثبات الهداة 702/145:7، حلية الأبرار 634:2، يأتي مثله الحديث (87).

الْمَلاَئِكَةِ أَنْ يَحْمِلَهُ، فَيَحْمِلُهُ الْمَلَكُ حَتَّى يَأْتِيَ الْقَائِمَ، فَيَقْضِيَ حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَرُدَّهُ.

وَ مِنَ(1) الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَسِيرُ فِي السَّحَابِ، وَ مِنْهُمْ مَنْ يَطِيرُ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ، وَ مِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي مَعَ الْمَلاَئِكَةِ مَشْياً، وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْبِقُ الْمَلاَئِكَةَ، وَ مِنْهُمْ مَنْ تَتَحَاكَمُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَيْهِ؛ وَ الْمُؤْمِنُونَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؛ وَ مِنْهُمْ مَنْ يُصَيِّرُهُ الْقَائِمُ قَاضِياً بَيْنَ مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ(2).

435/ 39 - وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ حُمْرَانَ الْمَدَائِنِيُّ(3) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: سَأَلْتُهُ، مَتَى يَقُومُ قَائِمُكُمْ؟

قَالَ: يَا أَبَا الْجَارُودِ، لاَ تُدْرِكُونَ.

فَقُلْتُ: أَهْلَ زَمَانِهِ.

فَقَالَ: وَ لَنْ تُدْرِكَ أَهْلَ زَمَانِهِ، يَقُومُ قَائِمُنَا بِالْحَقِّ بَعْدَ إِيَاسٍ مِنَ الشِّيعَةِ، يَدْعُو النَّاسَ ثَلاَثاً فَلاَ يُجِيبُهُ أَحَدٌ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، انْصُرْنِي، وَ دَعْوَتُهُ لاَ تَسْقُطُ، فَيَقُولُ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) لِلْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ نَصَرُوا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلَهُ) يَوْمَ بَدْرٍ، وَ لَمْ يَحُطُّوا سُرُوجَهُمْ، وَ لَمْ يَضَعُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَيُبَايِعُونَهُ، ثُمَّ يُبَايِعُهُ مِنَ النَّاسِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، يَسِيرُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيَسِيرُ النَّاسُ حَتَّى يَرْضَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ)، فَيَقْتُلُ أَلْفاً وَ خَمْسَمِائَةٍ قُرَشِيّاً لَيْسَ فِيهِمْ إِلاَّ فَرْخُ زَنْيَةٍ.

ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَنْقُضُ الْحَائِطَ حَتَّى يَضَعَهُ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يُخْرِجُ الْأَزْرَقَ وَ زُرَيْقَ غَضَّيْنِ طَرِيَّيْنِ، يُكَلِّمُهُمَا فَيُجِيبَانِهِ، فَيَرْتَابُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُبْطِلُونَ، فَيَقُولُونَ: يُكَلِّمُ الْمَوْتَى؟! فَيَقْتُلُ مِنْهُمْ خَمْسَمِائَةِ مُرْتَابٍ فِي جَوْفِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ يُحْرِقُهُمَا بِالْحَطَبِ الَّذِي جَمَعَاهُ لِيُحْرِقَا بِهِ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)؛ وَ ذَلِكَ الْحَطَبُ عِنْدَنَا نَتَوَارَثُهُ، وَ يَهْدِمُ قَصْرَ الْمَدِينَةِ.

وَ يَسِيرُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَيَخْرُجُ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفاً مِنَ الْبُتْرِيَّةِ، شَاكِينَ فِي السِّلاَحِ،6.

ص: 455


1- في «ع، م»: و في.
2- إثبات الهداة 703/145:7.
3- كذا في النّسخ، و لعلّه حمدان بالدّالّ المهملة، راجع معجم رجال الحديث 39:16.

قُرَّاءَ الْقُرْآنِ، فُقَهَاءَ فِي الدِّينِ، قَدْ قَرَحُوا جِبَاهَهُمْ، وَ شَمَّرُوا ثِيَابَهُمْ، وَ عَمَّهُمْ النِّفَاقُ، وَ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: يَا ابْنَ فَاطِمَةَ، ارْجِعْ لاَ حَاجَةَ لَنَا فِيكَ. فَيَضَعُ السَّيْفَ فِيهِمْ عَلَى ظَهْرِ النَّجَفِ عَشِيَّةَ الْإِثْنَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى الْعِشَاءِ، فَيَقْتُلُهُمْ أَسْرَعَ مِنْ جَزْرِ جَزُورٍ، فَلاَ يَفُوتُ مِنْهُمْ رَجُلٌ، وَ لاَ يُصَابُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدٌ، دِمَاؤُهُمْ قُرْبَانٌ إِلَى اللَّهِ. ثُمَّ يَدْخُلُ الْكُوفَةَ فَيَقْتُلُ مُقَاتِلِيهَا حَتَّى يَرْضَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ).

قَالَ: فَلَمْ أَعْقِلِ الْمَعْنَى، فَمَكَثْتُ قَلِيلاً، ثُمَّ قُلْتُ وَ مَا يُدْرِيهِ؟ - جُعِلْتُ فِدَاكَ - مَتَى يَرْضَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ).

قَالَ: يَا أَبَا الْجَارُودِ، إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى أُمِّ مُوسَى، وَ هُوَ خَيْرٌ مِنْ أُمِّ مُوسَى، وَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى النَّحْلِ، وَ هُوَ خَيْرٌ مِنَ النَّحْلِ. فَعَقَلْتُ الْمَذْهَبَ، فَقَالَ لِي: أَ عَقَلْتَ الْمَذْهَبَ؟ قُلْتُ:

نَعَمْ.

فَقَالَ: إِنَّ الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لَيَمْلِكُ ثَلاَثَمِائَةٍ وَ تِسْعَ سِنِينَ، كَمَا لَبِثَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً، وَ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ شَرْقَ الْأَرْضِ وَ غَرْبَهَا، يُقْتَلُ النَّاسُ حَتَّى لاَ يُرَى إِلاَّ دَيْنُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، يَسِيرُ بِسِيرَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)، يَدْعُو الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ فَيُجِيبَانِهِ، وَ تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ، فَيُوحِي اللَّهُ إِلَيْهِ، فَيَعْمَلُ بِأَمْرِ اللَّهِ(1).

436/ 40 - وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيِ، قَالَ:

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَيْلٌ لِطُغَاةِ الْعَرَبِ مِنْ أَمْرٍ قَدِ اقْتَرَبَ.

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَمْ مَعَ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِنَ الْعَرَبِ؟

قَالَ: نَفَرٌ يَسِيرُ.

فَقُلْتُ: وَ اللَّهِ، إِنَّ مَنْ يَصِفُ هَذَا الْأَمْرَ مِنْهُمْ لَكَثِيرٌ!

قَالَ: لاَ بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَنْ يُمَحَّصُوا، وَ يُمَيَّزُوا، وَ يُغَرْبَلُوا، وَ يَسْتَخْرِجُ الْغِرْبَالُ خَلْقاً.2.

ص: 456


1- غيبة الطوسي: 496/474 «قطعة منه»، تاج المواليد: 153، حلية الأبرار 599:2.

كثيرا(1).

437/ 41 - وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ(2) ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

كَأَنِّي بِالْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَى ظَهْرِ النَّجَفِ، لَبِسَ دِرْعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَتَقَلَّصُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَنْتَفِضُ بِهَا، فَتَسْتَدِيرُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَتَغَشَّى بِثَوْبٍ إِسْتَبْرَقٍ، ثُمَّ يَرْكَبُ فَرَساً لَهُ أَبْلَقَ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ(3) ، يَنْتَفِضُ بِهِ حَتَّى لاَ يَبْقَى أَهْلٌ لَهُ إِلاَّ أَتَاهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ الشَّمِّرَاخِ، حَتَّى تَكُونَ آيَةٌ لَهُ.

ثُمَّ يَنْشُرُ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ هِيَ الْمِغْلَبَةَ، عُودُهَا مِنْ عَهْدٍ غَرَسَ اللَّهُ، وَ سُيُرُهَا مِنْ نَصْرِ اللَّهِ، لاَ يَهْوِي بِهَا إِلَى شَيْ ءٍ إِلاَّ أَهْلَكَتْهُ.

قَالَ: قُلْتُ: مُخَبَّأَةٌ هِيَ أَمْ يُؤْتَى بِهَا؟

قَالَ: بَلْ يَأْتِي بِهَا جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ)، وَ إِذَا نَشَرَهَا أَضَاءَ لَهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ، وَ وَضَعَ اللَّهُ يَدَهُ عَلَى رُءُوسِ الْعِبَادِ، فَلاَ يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلاَّ صَارَ قَلْبُهُ أَشَدَّ مِنْ زُبُرِ الْحَدِيدِ، وَ أُعْطِيَ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً، فَلاَ يَبْقَى مَيِّتٌ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْفَرْحَةُ فِي قَبْرِهِ، حَيْثُ(4) يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورِهِمْ، وَ يَتَبَاشَرُونَ بِخُرُوجِ الْقَائِمِ، فَيَهْبِطُ مَعَ الرَّايَةِ إِلَيْهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ وَ ثَلاَثُمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ مَلَكاً.

قَالَ: قُلْتُ: كُلُّ هَؤُلاَءِ مَلاَئِكَةٌ؟

قَالَ: نَعَمْ، كُلُّهُمْ يَنْتَظِرُونَ قِيَامَ الْقَائِمِ، الَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ، وَ الَّذِينَى.

ص: 457


1- في «ط»: من الغربال خلق كثير. الكافي 2/302:1، غيبة النّعمانيّ: 6/204 «نحوه» و 7/204، العدد القويّة: 123/74.
2- كذا في كامل الزّيارات و غيبة النّعمانيّ، و هو الصّواب، و في النّسخ: عبد اللّه بن عمرو (عمر ظ) بن أبان ابن تغلب الكلبيّ، راجع معجم رجال الحديث 151:1 و 281:10 و 10:13.
3- الشمراخ: غرّة الفرس إذا دقّت و سالت و جلّلت الخيشوم.
4- في «ط»: حتّى.

كَانُوا مَعَ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ مُوسَى حِينَ فَلَقَ الْبَحْرَ، وَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى حَيْثُ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَ أَلْفٌ مَعَ النَّبِيِّ مُسَوَّمِينَ، وَ أَلْفٌ مُرْدِفِينَ، وَ ثَلاَثُمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلَهُ) يَوْمَ بَدْرٍ، وَ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ هَبَطُوا إِلَى الْأَرْضِ لِيُقَاتِلُوا مَعَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ، فَرَجَعُوا فِي الاِسْتِيمَارِ، فَهَبَطُوا وَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَهُمْ شُعْثٌ غُبْرٌ عِنْدَ قَبْرِهِ، يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ وَ مَا بَيْنَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى السَّمَاءِ مُخْتَلَفُ الْمَلاَئِكَةِ(1).

438/ 42 - وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، يَرْفَعُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) فِي صِفَةِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

كَأَنَّنِي بِهِ قَدْ عَبَرَ مِنْ وَادِي السَّلاَمِ إِلَى مَسْجِدِ السَّهْلَةِ(2) ، عَلَى فَرَسٍ مُحَجَّلٍ، لَهُ شِمْرَاخٌ، يَزْهُو، وَ يَدْعُو، وَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ:

لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ حَقّاً حَقّاً، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ إِيمَاناً وَ صِدْقاً، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعَبُّداً وَ رِقّاً.

اللَّهُمَّ يَا مُعِينَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَحِيدٍ، وَ مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ، وَ تَضِيقُ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ.

اللَّهُمَّ خَلَقْتَنِي وَ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً، وَ لَوْ لاَ نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِينَ.

يَا مُنْشِرَ الرَّحْمَةِ مِنْ مَوَاضِعِهَا، وَ مُخْرِجَ الْبَرَكَاتِ مِنْ مَعَادِنِهَا، وَ يَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِشُمُوخِ الرِّفْعَةِ، فَأَوْلِيَاؤُهُ بِعِزِّهِ يَتَعَزَّزُونَ، يَا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلَى أَعْنَاقِهَا، فَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ خَائِفُونَ. أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي قَصُرَ عَنْهُ خَلْقُكَ، فَكُلٌّ لَكَ مُذْعِنُونَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تُنْجِزَ لِي أَمْرِي، وَ تُعَجِّلَ لِيَ الْفَرَجَ، وَ تَكْفِيَنِي، وَ تُعَافِيَنِي، وَ تَقْضِيَ حَوَائِجِي، السَّاعَةَ السَّاعَةَ، اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ(3).5.

ص: 458


1- نحوه في كامل الزيارات: 5/119 و: 9/192، و كمال الدين و تمام النعمة: 22/671، و غيبة النعماني: 4/309 و: 5/310، و قطعة منه في العدد القوية: 124/74.
2- من مساجد الكوفة.
3- العدد القوية: 125/75.

439/ 43 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ عُبَيْدُ بْنُ خَارِجَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ الْأَحْنَفِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ نَحْنُ نُرِيدُ زِيَارَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى الثُّوَيَّةِ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، مَا هَذِهِ الصَّلاَةُ؟

قَالَ: هَذَا مَوْضِعُ مِنْبَرِ الْقَائِمِ، أَحْبَبْتُ أَنْ أَشْكُرَ اللَّهَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. ثُمَّ مَضَى وَ مَضَيْتُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْقَائِمِ الَّذِي عَلَى الطَّرِيقِ، فَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ:

مَا هَذِهِ الصَّلاَةُ؟

قَالَ: هَاهُنَا نَزَلَ الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانَ مَعَهُمْ رَأْسُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي صُنْدُوقٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) طَيْراً فَاحْتَمَلَ الصُّنْدُوقَ بِمَا فِيهِ، فَمَرَّ بِهِمْ جَمَّالٌ، فَأَخَذُوا رَأْسَهُ، وَ جَعَلُوهُ فِي الصُّنْدُوقِ وَ حَمَلُوهُ، فَنَزَلْتُ وَ صَلَّيْتُ هَاهُنَا شُكْراً لِلَّهِ. ثُمَّ مَضَى وَ مَضَيْتُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ، فَنَزَلَ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَ قَالَ: هَاهُنَا قَبْرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، أَمَا إِنَّهُ لاَ تَذْهَبُ الْأَيَّامُ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ رَجُلاً مُمْتَحَناً فِي نَفْسِهِ بِالْقَتْلِ، يَبْنِي عَلَيْهِ حِصْناً فِيهِ سَبْعُونَ طَاقاً.

قَالَ حَبِيبُ بْنُ الْحُسَيْنِ: سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ قَبْلَ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْمَوْضِعِ شَيْ ءٌ، ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ زَيْدٍ وَجَّهَ فَبَنَى(1) عَلَيْهِ، فَلَمْ تَمْضِ الْأَيَّامُ حَتَّى امْتُحِنَ مُحَمَّدٌ فِي نَفْسِهِ بِالْقَتْلِ(2).

440/ 44 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدٍ(3) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِير.

ص: 459


1- في «م»: يبني.
2- حلية الأبرار 638:2.
3- كذا في النّسخ، و تقدّم السّند في الحديث (67) من دلائل الإمام الصّادق (عليه السّلام)، و فيه: أحمد بن مدبّر، و في الاختصاص: أحمد بن المؤدّب من ولد الأشتر.

بَصِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَ هُوَ يُكَلِّمُهُ بِلِسَانٍ لَمْ أَفْهَمْهُ، ثُمَّ رَجَعَا إِلَى شَيْ ءٍ فَهِمْتُهُ، فَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ الْأَرْضَ، فَإِذَا بَحْرٌ تَحْتَ الْأَرْضِ، عَلَى حَافَّتِهِ فَارِسَانِ(1) ، قَدْ وَضَعَا أَذْقَانَهُمَا عَلَى قَرَابِيسِ(2) سُرُوجِهِمَا، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): هَؤُلاَءِ مِنْ أَنْصَارِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(3).

441/ 45 - وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَابَنْدَازَ وَ الْحِمْيَرِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، قَالَ: قَالَ لِيَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

يَا حَسَنُ، إِنَّهُ سَتَكُونُ فِتْنَةٌ صَمَّاءُ صَيْلَمٌ(4) ، تَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ وَلِيجَةٍ وَ بِطَانَةٍ(5) ؛ وَ ذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَانِ الشِّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي، يَحْزَنُ لِفَقْدِهِ أَهْلَ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ، كَمْ مِنْ حُرَّةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ مُؤْمِنٍ يَتَأَسَّفُ وَ يَتَلَهَّفُ، وَ حَيْرَانٍ لِفَقْدِهِ.

ثُمَّ أَطْرَقَ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: بِأَبِي وَ أُمِّي سَمِيَّ جَدِّي، وَ شَبِيهِي، وَ شَبِيهُ مُوسَى ابْنِ عِمْرَانَ، [عَلَيْهِ] جُيُوبُ النُّورِ(6) تَتَوَقَّدُ مِنْ ضِيَاءِ الشَّمْسِ، كَأَنِّي بِهِمْ آيِسٌ(7) مَا كَانُوا، قَدْ نُودُوا نِدَاءً تَسْمَعَهُ مِنَ الْبُعْدِ، كَمَا تَسْمَعُهُ مِنَ الْقُرْبِ، يَكُونُ رَحْمَةً(8) عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَ عَذَاباً عَلَى الْكَافِرِينَ.ه.

ص: 460


1- في النّسخ: فرسان.
2- القرابيس: جمع قربوس، حنو السّرج.
3- الاختصاص: 2/325، مدينة المعاجز: 159/401.
4- قال في النّهاية 54:3: الفتنة الصّمّاء: هي الّتي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في دهائها، لأنّ الأصمّ لا يسمع الاستغاثة، فلا يقلع عمّا يفعله، و قيل: هي كالحية الصّمّاء الّتي لا تقبل الرّقى. و الصيلم: الدّاهية «النّهاية 49:3».
5- الوليجة: الدخيلة، و خاصّتك من النّاس، و البطانة: السّريرة و الصّاحب «مجمع البحرين - ولج - 335:2، - بطن - 214:6».
6- في «ط»: حبور و أنوار، و في «ع»: حبور و النّور.
7- في «ع، م»: أيسوا.
8- في «ط» زيادة: اللّه.

قُلْتُ: بِأَبِي وَ أُمِّي، مَا ذَلِكَ النِّدَاءُ؟

قَالَ: ثَلاَثَةُ أَصْوَاتٍ فِي رَجَبٍ.

أَوَّلُهَا: أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.

وَ الثَّانِي: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَ الثَّالِثُ: يَرَوْنَ بَدَناً(1) بَارِزاً مَعَ قَرْنِ الشَّمْسِ، يُنَادِي: أَلاَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ(2) فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ عَلَى هَلاَكِ الظَّالِمِينَ. فَعِنْدَ ذَلِكَ يَأْتِي الْمُؤْمِنِينَ الْفَرَجُ، وَ تَشْفِى صُدُورَهُمْ، وَ يَذْهَبُ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ، وَ زَادَ الْحِمْيَرِيُّ: وَ يَتَمَنَّى الْأَمْوَاتُ أَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ(3).

442/ 46 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ ابْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّلْتِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ لَهُ: مَا بَلَغَ مِنْ عِلْمِكُمْ؟ قَالَ: مَا بَلَغَ مِنْ سُؤَالِكُمْ.

فَقَالَ الرَّجُلُ: بَحْرُ مَاءٍ هَذَا، هَلْ تَحْتَهُ شَيْ ءٌ؟

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: نَعَمْ، رَأْيُ الْعَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ، أَوْ سَمْعُ الْأُذُنِ؟

قَالَ الرَّجُلُ: بَلْ رَأْيُ الْعَيْنِ، لِأَنَّ الْأُذُنَ قَدْ تَسْمَعُ مَا لاَ تَدْرِي وَ لاَ تَعْرِفُ، وَ مَا يُرَى بِالْعَيْنِ يَشْهَدُ بِهِ الْقَلْبُ.

فَأَخَذَ بِيَدِ الرَّجُلِ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى شَاطِئَ الْبَحْرِ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الْمُطِيعُ لِرَبِّهِ، أَظْهِرْ مَا فِيكَ. فَانْفَلَقَ الْبَحْرُ عَنْ آخِرِ مَاءٍ فِيهِ، وَ ظَهَرَ مَاءٌ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَ أَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ، وَ أَلَذُّ مِنَ الزَّنْجَبِيلِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، جُعِلْتُ فِدَاكَ، لِمَنْ هَذَا؟

قَالَ: لِلْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ أَصْحَابِهِ.4.

ص: 461


1- في «ع، م»: بدرا.
2- في «ع، م»: قد بعث اللّه.
3- إثبات الوصيّة: 227، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 14/6:2، غيبة النّعمانيّ: 28/180، غيبة الطّوسيّ: 431/439، الخرائج و الجرائح 65/1168:3، مختصر بصائر الدّرجات: 38 و 214.

قَالَ: مَتَى؟

قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَ أَصْحَابُهُ فُقِدَ الْمَاءُ الَّذِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، حَتَّى لاَ يُوجَدَ مَاءٌ، فَيَضِجُّ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى اللَّهِ بِالدُّعَاءِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ لَهُمْ هَذَا الْمَاءَ، فَيَشْرَبُونَهُ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ.

قَالَ: ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَرَأَى فِي الْهَوَاءِ خَيْلاً مُسْرَجَةً مُلْجَمَةً، وَ لَهَا أَجْنِحَةٌ، فَقُلْتُ:

يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا هَذِهِ الْخَيْلُ؟

فَقَالَ: هَذِهِ خَيْلُ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ أَصْحَابِهِ.

قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا أَرْكَبُ شَيْئاً مِنْهَا؟

قَالَ: إِنْ كُنْتَ مِنْ أَنْصَارِهِ.

قَالَ: فَأَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ؟

قَالَ: إِنْ كُنْتَ مِنْ شِيعَتِهِ(1).

443/ 47 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَيَّاطُ(2) ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) اسْتَنْزَلَ الْمُؤْمِنُ الطَّيْرَ مِنَ الْهَوَاءِ، فَيَذْبَحُهُ، فَيَشْوِيهِ، وَ يَأْكُلُ لَحْمَهُ، وَ لاَ يَكْسِرُ عَظْمَهُ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: احْيَ بِإِذْنِ اللَّهِ. فَيَحْيَا وَ يَطِيرُ؛ وَ كَذَلِكَ الظِّبَاءُ مِنَ الصَّحَاَرِي.

وَ يَكُونُ ضَوْءُ الْبِلاَدِ نُورَهُ(3) ، وَ لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى شَمْسٍ وَ لاَ قَمَرٍ، وَ لاَ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْذٍ، وَ لاَ شَرٌّ، وَ لاَ إِثْمٌ(4) ، وَ لاَ فَسَادٌ أَصْلاً، لِأَنَّ الدَّعْوَةَ سَمَاوِيَّةٌ، لَيْسَتْ بِأَرَضِيَّةٍ، وَ لاَ يَكُونُ لِلشَّيْطَانِ فِيهَا وَسْوَسَةٌ، وَ لاَ عَمَلٌ، وَ لاَ حَسَدٌ، وَ لاَ شَيْ ءٌ مِنَ الْفَسَادِ،ّ.

ص: 462


1- مدينة المعاجز: 250/421.
2- في «ع»: الحنّاط.
3- في «ط»: و نورها.
4- في «ط»: و لا شرّ و لا سمّ.

وَ لاَ تَشُوكُ الْأَرْضُ وَ الشَّجَرُ، وَ تَبْقَى زُرُوعُ الْأَرْضِ(1) قَائِمَةً، كُلَّمَا أُخِذَ مِنْهَا شَيْ ءٌ نَبَتَ مِنْ وَقْتِهِ، وَ عَادَ كَحَالِهِ، وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْسُو ابْنَهُ الثَّوْبَ فَيَطُولُ مَعَهُ كُلَّمَا طَالَ، وَ يَتَلَوَّنُ عَلَيْهِ أَيَّ لَوْنٍ أَحَبَّ وَ شَاءَ.

وَ لَوْ أَنَّ الرَّجُلَ الْكَافِرَ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ، أَوْ تَوَارَى خَلْفَ مَدَرَةٍ، أَوْ حَجَرٍ، أَوْ شَجَرٍ، لَأَنْطَقَ اللَّهُ ذَلِكَ السِّتْرَ(2) الَّذِي يَتَوَارَى فِيهِ، حَتَّى يَقُولَ: يَا مُؤْمِنُ، خَلْفِي كَافِرٌ فَخُذْهُ. فَيَأْخُذُهُ وَ يَقْتُلُهُ(3).

وَ لاَ يَكُونُ لِإِبْلِيسَ هَيْكَلٌ يَسْكُنُ فِيهِ - وَ الْهَيْكَلُ: الْبَدَنُ - وَ يُصَافِحُ الْمُؤْمِنُونَ الْمَلاَئِكَةَ، وَ يُوحَى إِلَيْهِمْ، وَ يُحْيَوْنَ - وَ يَجْتَمِعُونَ - الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ.

قَالَ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَكُونُ الْمُؤْمِنُ إِلاَّ بِالْكُوفَةِ، أَوْ يَحِنُّ إِلَيْهَا(4).

444/ 48 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ(5) بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْغَزَالِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ الزَّعْفَرَانِيُّ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

إِذَا ظَهَرَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِنْ ظَهْرِ هَذَا الْبَيْتِ، بَعَثَ اللَّهُ مَعَهُ سَبْعَةً وَ عِشْرِينَ(6) رَجُلاً، مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمَ)، وَ هُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ (تَعَالَى): وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ (7) ، وَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ ثَمَانِيَةٌ، وَ الْمِقْدَادُ7.

ص: 463


1- في «ط»: و تبقى الأرض.
2- في «ط، ع»: الشّيء.
3- في «ط»: فيؤخذ و يقتل.
4- نوادر المعجزات: 8/198، حلية الأبرار 635:2.
5- في حلية الابرار: إسحاق.
6- كذا في النّسخ، و المعدود ستّة و عشرون، و في تفسير العيّاشيّ و روضة الواعظين اتّفق العدد مع المعدود (27) بتغيير في الأسماء، فراجع.
7- الأعراف 159:7.

وَ جَابِرٌ الْأَنْصَارِيُّ، وَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَصِيُّ مُوسَى (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)(1).

445/ 49 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ(2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَاسِينُ الْعِجْلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ(3).

446/ 50 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّهَاوَنْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُنْدَارَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الطَّبَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):

إِذَا قَامَ قَائِمُنَا رَدَّ اللَّهُ كُلَّ مُؤْذٍ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَانِهِ فِي الصُّوَرِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا وَ فِيهَا، بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، لِيَنْتَصِفَ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ(4).

447/ 51 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّهَاوَنْدِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا مُفَضَّلُ، أَنْتَ وَ أَرْبَعَةٌ وَ أَرْبَعُونَ رَجُلاً تُحْشَرُونَ مَعَ الْقَائِمِ، أَنْتَ عَلَى يَمِينِ الْقَائِمِ تَأْمُرُ وَ تَنْهَى، وَ النَّاسُ إِذْ ذَاكَ أَطْوَعُ لَكَ مِنْهُمْ الْيَوْمَ(5).

448/ 52 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمِيعٍ، عَنْ7.

ص: 464


1- تفسير العيّاشيّ 90/32:2، روضة الواعظين 266:2، حلية الأبرار 618:2.
2- هو الفضل بن دكين التّيميّ، أبو نعيم الملائي، من كبار شيوخ البخاريّ، تقريب التّهذيب 110:2.
3- مسند أحمد 84:1، تاريخ البخاريّ الكبير 994/317:1، سنن ابن ماجة 4085/1367:2، مسند أبي يعلى 205/359:1، كمال الدّين و تمام النّعمة: 15/152، حلية الأولياء 177:3، البيان في أخبار صاحب الزّمان: 487، الملاحم و الفتن: 163 عن كتاب الفتن لأبي يحيى زكريّا بن يحيى البزّاز، كشف الغمّة 477:2، فرائد السمطين 583/331:2، حلية الأبرار 709:2.
4- إثبات الهداة 708/146:7، حلية الأبرار 618:2.
5- إثبات الهداة 709/146:7.

مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): فِي قَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ): يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللّهِ (1).

قَالَ: فِي قُبُورِهِمْ بِقِيَامِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(2).

449/ 53 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنْ خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ مَا تَأْمُرُنِي؟

قَالَ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَتَبْتُ إِلَيْكَ.

قُلْتُ: فَكَيْفَ أَعْلَمُ أَنَّهُ كِتَابُكَ؟

قَالَ: أَكْتُبُ إِلَيْكَ بِعَلاَمَةِ كَذَا وَ كَذَا. وَ قَرَأَ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ.

قَالَ: فَقُلْتُ لِفُضَيْلٍ: مَا تِلْكَ الْآيَةُ؟ قَالَ: مَا حَدَّثْتُ بِهَا أَحَداً غَيْرَ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ.

قَالَ زُرَارَةُ: أَنَا أُحَدِّثُكَ بِهَا، هِيَ وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا (3).

قَالَ: فَسَكَتَ الْفُضَيْلُ، وَ لَمْ يَقُلْ لاَ، وَ لاَ نَعَمْ(4).

450/ 54 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَحْمَدَ التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُهَيْدٍ الْحُصَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الشَّهْرِيَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ قَرَمٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ مُقَاتِلٍ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، عَشْرُ خِصَالٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ أَ لاَ تَسْأَلُنِي عَنْهَا؟8.

ص: 465


1- الرّوم 4:30 و 5.
2- حلية الأبرار 618:2، المحجّة للبحراني: 171.
3- النّحل 38:16.
4- تفسير العيّاشيّ 29/260:2، المحجّة للبحراني: 118.

قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: اخْتِلاَفٌ وَ قَتْلُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ، وَ الرَّايَاتُ السُّودُ، وَ خُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ، وَ افْتِتَاحُ الْكُوفَةِ، وَ خَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَ رَجُلٌ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُبَايَعُ لَهُ بَيْنَ زَمْزَمَ وَ الْمَقَامِ، يَرْكَبُ إِلَيْهِ عَصَائِبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ أَبْدَالِ الشَّامِ، وَ نُجَبَاءُ أَهْلِ مِصْرَ، وَ تَصِيرُ أَهْلُ الْيَمَنِ عِدَّتُهُمْ عِدَّةَ أَهْلِ بَدْرٍ، فَيَتَّبِعَهُ بَنُو كَلْبٍ يَوْمَ الْأَعْمَاقِ.

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَنُو كَلْبٌ؟

قَالَ: هُمْ أَنْصَارُ السُّفْيَانِيِّ، يُرِيدُ قَتْلَ الرَّجُلِ الَّذِي يُبَايَعُ لَهُ بَيْنَ زَمْزَمَ وَ الْمَقَامِ، وَ يَسِيرُ بِهِمْ فَيُقْتَلُونَ وَ تُبَاعُ ذَرَارِيُّهُمْ عَلَى بَابِ مَسْجِدِ دِمَشْقَ، وَ الْخَائِبُ(1) مَنْ غَابَ عَنْ غَنِيمَةِ كَلْبٍ وَ لَوْ بِعِقَالٍ(2).

451/ 55 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ السُّلَمِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَهْدِيُّ مَهْدِيّاً(3) لِأَنَّهُ يُهْدَى لِأَمْرٍ خَفِيٍّ، يُهْدَى لِمَا فِي صُدُورِ النَّاسِ، يَبْعَثُ إِلَى الرَّجُلِ فَيَقْتُلُهُ لاَ يَدْرِي فِي أَيِّ شَيْ ءٍ قَتَلَهُ، وَ يَبْعَثُ ثَلاَثَةَ رَاكِبٍ، قَالَ: هِيَ بِلُغَةِ غَطَفَانَ «رُكْبَانٍ»:

أَمَّا رَاكِبٌ فَيَأْخُذُ مَا فِي أَيْدِي أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ رَقِيقِ الْمُسْلِمِينَ، فَيُعْتِقُهُمْ.

وَ أَمَّا رَاكِبٌ فَيُظْهِرُ الْبَرَاءَةَ مِنْهُمَا - يَغُوثَ وَ يَعُوقَ - فِي أَرْضِ الْعَرَبِ.

وَ رَاكِبٌ يُخْرِجُ التَّوْرَاةَ مِنْ مَغَارَةٌ(4) بِأَنْطَاكِيَّةَ، وَ يُعْطَى حُكْمَ سُلَيْمَانَ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ)(5).

452/ 56 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّهَاوَنْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ2.

ص: 466


1- في «م، ط»: و الغائب.
2- عنه، معجم أحاديث الإمام المهديّ (عليه السّلام) 348/506:1.
3- (مهديّا) ليس في «ع».
4- في «ط»: مفازة.
5- إثبات الهداة 711/146:7 و 786/169 قطعة منه، حلية الأبرار 556:2.

الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَ فِي أَقَالِيمِ الْأَرْضِ، فِي كُلِّ إِقْلِيمٍ رَجُلاً، فَيَقُولُ لَهُ: عَهْدُكَ فِي كَفِّكَ وَ اعْمَلْ بِمَا تَرَى(1).

453/ 57 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّهَاوَنْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي حَيَّةَ(2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ(3) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ(4) عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلِ السَّدُوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ(5) ، عَنْ أَبِي الصَّدِيقِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُمْلَأَ الْأَرْضُ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً، ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي - أَوْ قَالَ: مِنْ أَهْلِ بَيْتِي - يَمْلَأُهَا قِسْطاً وَ عَدْلاً، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً(6).

454/ 58 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ يَحْيَى ابْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ أَبِي الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِي الصَّدِيقِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَبْشِرُوا بِالْمَهْدِيِّ، فَإِنَّهُ يَأْتِي(7) فِي آخِرِ الزَّمَانِ عَلَى شِدَّةٍ وَ زَلاَزِلَ، يَسَعُ اللَّهُ لَهُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَ قِسْطاً(8).7.

ص: 467


1- إثبات الهداة 712/147:7.
2- هو عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الوهاب بن أبي حيّة أبو القاسم ورّاق الجاحظ، وثّقه الدارقطني و الخطيب، روى عن إسحاق بن أبي إسرائيل، مات سنة (319 ه). تاريخ بغداد 28:11.
3- هو أبو يعقوب إسحاق بن أبي إسرائيل إبراهيم بن كامجر المروزيّ، وثّقه غير واحد، مات سنة (245 ه). تاريخ بغداد 356:6، تهذيب الكمال 398:2.
4- زاد في النسخ: قال: حدّثنا، و هو خطأ، و أبو عبيدة الحدّاد كنية و لقب عبد الواحد، وثّقه غير واحد، مات سنة (190 ه). تهذيب التهذيب 440:6.
5- و هو عوف بن أبي جميلة العبدي الهجري الأعرابي، وثّقه أحمد و النسائي و ابن سعد، و كان يسمّى الصدوق. طبقات ابن سعد 258:7، تهذيب التهذيب 166:8.
6- مسند أحمد 36:3، مسند أبي يعلى 987/274:2، مستدرك الحاكم 557:4، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 6784/290:8، إلزام الناصب 338:1.
7- في «ع»: يهدي.
8- إثبات الهداة 713/147:7.

455/ 59 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّهَاوَنْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا اسْتَيْأَسْتُمْ مِنَ الْمَهْدِيِّ، فَيَطْلُعُ عَلَيْكُمْ صَاحِبُكُمْ مِثْلَ قَرْنِ الشَّمْسِ، يَفْرَحُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ.

فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ أَنَّى يَكُونُ ذَلِكَ؟

قَالَ: إِذَا غَابَ عَنْهُمْ الْمَهْدِيُّ، وَ أَيِسُوا مِنْهُ(1).

456/ 60 - وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّهَاوَنْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاسَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَيْفٍ(2) ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: نَزَلَتْ فِي بَنِي فُلاَنٍ ثَلاَثُ آيَاتٍ:

قَوْلُهُ (عَزَّ وَ جَلَّ): حَتّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً (3) يَعْنِي الْقَائِمَ بِالسَّيْفِ فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ (4).

وَ قَوْلُهُ (عَزَّ وَ جَلَّ): فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (3) قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): بِالسَّيْفِ.

وَ قَوْلُهُ (عَزَّ وَ جَلَّ): فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (4) يَعْنِي الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، يَسْأَلُ بَنِي3.

ص: 468


1- مختصر البصائر: 18، إثبات الهداة 715/147:7، معجم أحاديث الإمام المهديّ 161/259:1.
2- هو عليّ بن سيف بن عميرة الكوفيّ، ثقة، روى عن أبيه، و قد روى عنه القاسانيّ بواسطة محمّد بن سليمان، كما يأتي في الحديث (66)، و انظر رجال النّجاشيّ: 189 و 278. (3 و 4) يونس 24:10.
3- الأنعام 44:6 و 45.
4- الأنبياء 12:21 و 13.

فُلاَنٍ عَنْ كُنُوزِ بَنِي أُمَيَّةَ(1).

457/ 61 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْمَهْدِيِّ، عَنْ أَبَانٍ(2) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَاتَ يَوْمٍ، فَرَأَى عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:

يَا عَلِيُّ، لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ، لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِكَ، يُقَالُ لَهُ (الْمَهْدِيُّ) يَهْدِي إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ يَهْتَدِي بِهِ الْعَرَبُ، كَمَا هَدَيْتَ أَنْتَ الْكُفَّارَ وَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الضَّلاَلَةِ.

ثُمَّ قَالَ: وَ مَكْتُوبٌ عَلَى رَاحَتِهِ(3): بَايِعُوهُ، فَإِنَّ الْبَيْعَةَ لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)(4).

458/ 62 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا(5) أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَيَّةَ، قَالَ:

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَطَرٍ(6) الْوَرَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الصَّدِيقِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: لَيَقُومَنَّ عَلَى أُمَّتِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، أَقْنَى(7) ، أَجْلَى(8) ، يُوَسِّعُ الْأَرْضَ عَدْلاً، كَمَا أُوسِعَتْ جَوْراً،».

ص: 469


1- المحجّة للبحراني: 98.
2- روى عن أنس كلّ من: أبان بن صالح بن عمير القرشيّ، و أبان بن أبي عيّاش العبديّ البصريّ، راجع تهذيب الكمال 9:2 و 19، و 354:3.
3- في «ط»: راحتيه.
4- الملاحم و الفتن: 139 قطعة منه، إثبات الهداة 716/147:7.
5- في «م»: حدّثني.
6- في «ع، م»: مصر، و في «ط»: معدّ، و الصّواب ما في المتن، كما في مسند أحمد و أبي يعلى و غيرهما، و هو مطر بن طهمان الورّاق أبو رجاء الخراسانيّ السّلميّ. تهذيب التّهذيب 167:10، سير أعلام النبلاء 452:5.
7- القنا في الأنف: طوله و رقّة أرنبته مع حدب في وسطه. «النّهاية 116:4».
8- الأجلى: الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصّدغين، و الّذي انحسر الشّعر عن جبهته. «النّهاية 290:1».

يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ(1).

459/ 63 - وَ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّهَاوَنْدِيُّ: وَجَدْتُ فِي كِتَابٍ لِبَعْضِ إِخْوَانِنَا: رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا عَلِيُّ، صَاحِبَ الْحُلِيِّ، أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرِي، أُنْذِرُكُمْ بَأْسَ الْمَهْدِيِّ، يُقِيمُ فِيكُمْ سُنَّةَ النَّبِيِّ، وَ ذَلِكَ عِنْدَ بَيْعَةِ الصَّبِيِّ، عِنْدَ طُلُوعِ الْكَوَاكِبِ الدُّرِّيَّةِ، يَفْزَعُ مَنْ بِالْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ.

460/ 64 - وَ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّهَاوَنْدِيُّ: وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ(2) الْحُصَيْنِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ(3) ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَزَّازِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: يَكُونُ فِي أُمَّتِي - يَعْنِي الْقَائِمَ - سُنَّةٌ(4) مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْبِيَاءَ: سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، خَائِفٌ يَتَرَقَّبُ؛ وَ سُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، يَعْرِفْهُمْ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ؛ وَ سُنَّةٌ مِنْ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمَ)، وَ مَا قَتَلُوهُ وَ مَا صَلَبُوهُ؛ وَ سُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، يَقُومُ بِالسَّيْفِ(5).

461/ 65 - وَ قَالَ أَبُو عَلِيِّ النَّهَاوَنْدِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الزَّنْدُودِيُّ(6) ، قَالَ:

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: إِذَا قَامَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدِ كَيْفَ السَّلاَمُ عَلَيْهِ؟

قَالَ: إِنَّكَ إِذَا أَدْرَكْتَهُ، وَ لَنْ تُدْرِكَهُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ مَكْرُوراً، فَسَتَرَانِي إِلَى جَنْبِهِ، رَاكِباًي.

ص: 470


1- مسند أحمد 17:3، مسند أبي يعلى 1128/367:2، مجمع الزّوائد 314:7.
2- في «م، ط»: الحسين.
3- في «ط» زيادة: مملوكه، و في «ع، م»: مموله.
4- في «ع، م»: شبيه، و كذا في المواضع الآتية.
5- نحوه في الامامة و التّبصرة: 84/93، كمال الدّين و تمام النّعمة: 28 و 16/152 و: 6/326 و: 11/329 و: 46/350، غيبة النّعمانيّ: 5/164، تقريب المعارف: 190، غيبة الطّوسيّ: 57/60 و: 408/424، الخرائج و الجرائح 936:2، و يأتي نحوه الحديث (115).
6- في «ط»: الزندوري، و قد ورد في أنساب السمعاني 171:3 و 174: الزندرودي و الزندوردي.

عَلَى فَرَسٍ لِي، ذَنُوبٍ، أَغَرَّ، مُحَجَّلٍ، مُطْلِقٌ يَدَهُ(1) الْيُمْنَى، عَلَيَّ عِمَامَةٌ لِي مِنْ عَصْبِ(2) الْيَمَنِ، فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ(3).

462/ 66 - وَ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّهَاوَنْدِيُّ: حَدَّثَنَا الْقَاسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَيْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَشَكَا إِلَيْهِ طُولَ دَوْلَةِ الْجَوْرِ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: وَ اللَّهِ، لاَ يَكُونُ مَا تَأْمُلُونَ حَتَّى يَهْلِكَ الْمُبْطِلُونَ، وَ يَضْمَحِلَّ الْجَاهِلُونَ، وَ يَأْمَنَ الْمُتَّقُونَ، وَ قَلِيلٌ مَا يَكُونُ حَتَّى لاَ يَكُونَ لِأَحَدِكُمْ مَوْضِعُ قَدَمِهِ، وَ حَتَّى تَكُونُوا عَلَى النَّاسِ أَهْوَنَ مِنَ الْمَيْتَةِ عِنْدَ صَاحِبِهَا، فَبَيْنَا أَنْتُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ، وَ هُوَ قَوْلُ رَبِّي (عَزَّ وَ جَلَّ) فِي كِتَابِهِ: حَتّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا (4).

463/ 67 - وَ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّهَاوَنْدِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ السِّيرَافِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلاَءُ - رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ(5) - عَنْ أَبِي الصَّدِيقِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَكَرَ الْمَهْدِيَّ، فَقَالَ: يَخْرُجُ عِنْدَ كَثْرَةِ اخْتِلاَفِ النَّاسِ وَ زَلاَزِلَ، فَيَمْلَأُهَا عَدْلاً وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً، يَرْضَى بِهِ سَاكِنُ السَّمَاءِ، وَ سَاكِنُ الْأَرْضِ، وَ يَقْسِمُ الْمَالَ قِسْمَةً صَحَاحاً.8.

ص: 471


1- في «ط، ع»: يده، و المطلّق من الخيل: ما لا تحجيل في إحدى قوائمه.
2- العصب: ضرب من البرود. و قيل: صبغ لا ينبت إلاّ باليمن.
3- حلية الأبرار 646:2.
4- المحجّة للبحراني: 107، ينابيع المودّة: 424 «قطعة منه»، و الآية من سورة يوسف 110:12.
5- في «م»: عن رجل من مرنية، و ما في المتن هو الصّواب، و العلاء هو ابن بشير المزنيّ، قال عنه ابن حنبل في مسنده 52:3: و كان بكاء عند الذّكر، شجاعا عند اللّقاء. روى عن أبي الصّديق، و روى عنه المعلّى ابن زياد القردوسي. راجع تهذيب الكمال 223:4، تهذيب التّهذيب 177:8 و 237:10، الجرح و التعديل 6: 353 و 330:8.

قَالَ: قُلْتُ: وَ مَا صَحَاحٌ؟

قَالَ: بِالسَّوَاءِ؛ قَالَ: وَ يَغْنَمُ النَّاسُ حَتَّى لاَ يَحْتَاجَ أَحَدٌ أَحَداً، فَيُنَادِي مُنَادٍ: مَنْ لَهُ إِلَيَّ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَلاَ يُجِيبُهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، إِلاَّ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ، فَيَقُولُ لَهُ: خُذْ.

قَالَ: فَيَحْثُو فِي ثَوْبِهِ مَا لاَ يَسْتَطِيعُ حَمْلَهُ، فَيَقُولُ: احْمِلْ عَلَيَّ. فَيَأْبَى عَلَيْهِ، فَيُخَفِّفُ مِنْهُ، حَتَّى يَصِيرَ بِقَدْرِ مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْمِلَهُ، فَيَقُولُ: مَا كَانَ فِي النَّاسِ أَجْشَعُ نَفْساً مِنْ هَذَا. فَيَرْجِعُ إِلَى الْخَازِنِ، فَيَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ بَدَا لِي رَدُّهُ. فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ، فَيَقُولُ:

إِنَّا لاَ نَقْبَلُ مِمَّنْ أَعْطَيْنَاهُ. قَالَ: فَيَمْكُثُ سَبْعاً، أَوْ ثَمَانِيَ، أَوْ تِسْعاً - يَعْنِي سَنَةً - وَ لاَ خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَ هَذَا.

أَوْ قَالَ: لاَ خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ(1).

464/ 68 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يُونُسَ الْخَزَّازُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ قِيَامَ الْقَائِمِ بَعَثَ جَبْرَئِيلَ فِي صُورَةِ طَائِرٍ أَبْيَضَ، فَيَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْكَعْبَةِ، وَ الْأُخْرَى عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَتى أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ (2).

قَالَ: فَيَحْضُرُ الْقَائِمُ فَيُصَلِّي عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَ حَوَالَيْهِ أَصْحَابُهُ، وَ هُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، إِنَّ فِيهِمْ لَمَنْ يَسْرِي مِنْ فِرَاشِهِ لَيْلاً، فَيَخْرُجُ وَ مَعَهُ الْحَجَرُ، فَيُلْقِيهِ فَتَعْشُبُ الْأَرْضُ(3).

465/ 69 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مَطْرَانَ(4) الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ:ن.

ص: 472


1- البيان في أخبار صاحب الزّمان: 505، الحاوي للفتاوي 58:2، الملاحم و الفتن: 165.
2- النّحل 1:16.
3- إثبات الهداة 717/148:7، المحجّة للبحراني: 115، حلية الأبرار 615:2.
4- كذا، و لعلّه تصحيف عمران أو مهران.

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْعَرَجِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبَايَةَ(1) ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ:

: خَطَبَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) بِالْمَدِينَةِ، فَذَكَرَ الْفِتْنَةَ وَ قُرْبَهَا، ثُمَّ ذَكَرَ قِيَامَ الْقَائِمِ مِنْ وُلْدِهِ، وَ أَنَّهُ يَمْلَأُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً.

قَالَ سَلْمَانُ: فَأَتَيْتُهُ خَالِياً، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَتَى يَظْهَرُ الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِكَ! فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ وَ قَالَ: لاَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ حَتَّى يَكُونَ أُمُورُ الصِّبْيَانِ، وَ تَضِيعَ حُقُوقُ الرَّحْمَنِ، وَ يُتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ بِالتَّطْرِيبِ وَ الْأَلْحَانِ، فَإِذَا قَتَلَتْ مُلُوكُ بَنِي الْعَبَّاسِ أُولِي الْعَمَى وَ الاِلْتِبَاسِ، أَصْحَابَ الرَّمْيِ عَنِ الْأَقْوَاسِ بِوُجُوهٍ كَالتِّرَاسِ، وَ خَرِبَتِ الْبَصْرَةُ، وَ ظَهَرَتِ الْعَشَرَةُ.

قَالَ سَلْمَانُ: قُلْتُ: وَ مَا الْعَشَرَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟

قَالَ: مِنْهَا خُرُوجُ الزِّنْجِ، وَ ظُهُورُ الْفِتْنَةِ(2) ، وَ وَقَائِعُ بِالْعِرَاقِ، وَ فِتَنُ الْآفَاقِ، وَ الزَّلاَزِلُ الْعَظِيمَةُ، مُقْعِدَةً مُقِيمَةً، وَ يَظْهَرُ الْحَنْدَرُ وَ الدَّيْلَمُ بِالْعَقِيقِ وَ الصَّيْلَمِ، وَ وَلاَيَةِ الْقِصَاحِ بِعَقِبِ الْفَمِ(3) الْجِنَاحِ، وَ ظُهُورُ آيَاتٍ مُقْتَرَبَاتٍ(4) فِي النَّوَاحِي وَ الْجَنَبَاتِ، وَ عِمْرَانُ الْفُسْطَاطِ بِعَيْنِ الْعَرَبِ وَ الْأَقْبَاطِ، وَ يَخْرُجُ الْحَائِكُ الطَّوِيلُ بِأَرْضِ مِصْرَ وَ النِّيلِ.

قَالَ سَلْمَانُ: فَقُلْتُ: وَ مَا الْحَائِكُ الطَّوِيلُ؟

قَالَ: رَجُلٌ صُعْلُوكٌ، لَيْسَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، تَظْهَرُ لَهُ مَعَادِنُ الذَّهَبِ، وَ يُسَاعِدُهُ الْعَجَمُ وَ الْعَرَبُ، وَ يَأْتِي لَهُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ حَتَّى يَلِيَ الْحَسَنُ(5) ، وَ يَكُونَ فِي زَمَانِهِ الْعَظَائِمُ وَ الْعَجَائِبُ، وَ إِذَا سَارَ بِالْعَرَبِ إِلَى الشَّامِ، وَ دَاسَ بِالْبِرْذَوْنِ أَرْحَامٌ، وَ دَاسَ جَبَلَ الْأُرْدُنِّ وَ اللُّكَامِ(6) ، وَ طَارَ النَّاسُ مِنْ غَشْيَتِهِ، وَ طَارَ السَّيْلُ مِنْ جَيْشِهِ، وَ وَصَلَ جَبَلَ الْقَاعُوسِ(7)س.

ص: 473


1- في «ع، م»: عناية.
2- في «ع»: الفتن.
3- في «ع»: يعقّب قم.
4- في «ط»: مفتريات.
5- لعلّه تصحيف «الحسنيّ»: قصّر في دار الخلافة ببغداد، أو «الحسنا» جبل قرب ينبع.
6- اللكام: جبل مشرف على أنطاكية و المصّيصة و طرطوس.
7- لعلّه تصحيف «القاعون» جبل شاهق بالأندلس.

فِي جَيْشِهِ، فَيَجُرُّ بِهِ بَعْضُ الْأُمُورِ، فَيُسْرِعُ الْأَسْلاَفُ، وَ لاَ يَهْنِيهِ طَعَامٌ وَ لاَ شَرَابٌ حَتَّى يُعَاوِدَ بِأَيْلُونِ(1) مِصْرَ، وَ كَثْرَةُ الْآرَاءِ وَ الظُّنُونِ، وَ لاَ تَعْجِزُ الْعَجُوزُ، وَ شَيَّدَ الْقُصُورَ، وَ عَمَرَ الْجَبَلِ الْمَلْعُونَ، وَ بَرَقَتْ بَرْقَةُ فَرَدَّتْ، وَ اتَّصَلَ الْأَشْرَارُ(2) بَيْنَ عَيْنِ الشَّمْسِ وَ حُلْوَانَ(3) ، وَ سُمِعَ مِنَ الْأَشْرَارِ الْأَذَانُ، فَصَعِقَتْ صَاعِقَةٌ بِبُرْقَةَ، وَ أُخْرَى بِبَلْخٍ(4) ، وَ قَاتَلَ الْأَعْرَابُ الْبَوَادِيَ، وَ جَرَتِ السُّفْيَانِيَّ خَيْلُهُ، وَ جَنَّدَ الْجُنُودَ، وَ بَنَّدَ الْبُنُودَ(5) ، هُنَاكَ يَأْتِيهِ أَمْرُ اللَّهِ بَغْتَةً، لِغَلَبَةِ الْأَوْبَاشِ(6) ، وَ تَعَيُّشِ الْمَعَاشَ(7) ، وَ تُنْتَقَصُ الْأَطْرَافُ، وَ يَكْثُرُ الاِخْتِلاَفُ، وَ تُخَالِفُهُ طَلِيعَةٌ بِعَيْنِ طَرَطُوسَ(8) ، وَ بِقَاصِيَةِ إِفْرِيقِيَةَ، هُنَاكَ تُقْبِلُ رَايَاتٌ مَغْرِبِيَّةٌ، أَوْ مَشْرِقِيَّةٌ، فَأَعْلَنُوا الْفِتْنَةَ فِي الْبَرِيَّةِ، يَا لَهَا مِنْ وَقَعَاتٍ طَاحِنَاتٍ، مِنَ النَّبْلِ(9) وَ الْأَكَمَاتِ، وَقَعَاتٌ ذَاتُ رُسُونٍ، وَ مَنَابِتِ اللَّوْنِ، بِعُمْرَانِ بَنِي حَامٍ بِالْقِمَارِ الْأَدْغَامِ، وَ تَأْوِيلِ الْعَيْنِ(10) بِالْفُسْطَاطِ، مِنَ التَّرَبُتِ(11) مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ، وَ الْأَقْبَاطِ بِأَدْبِجَةِ الدِّيبَاجِ،ت.

ص: 474


1- في «ع»: بابلون، و لعلّها تصحيف «بابليون»: اسم عام لديار مصر بلغة القدماء.
2- في «ع، م»: الأمرار.
3- عين شمس: مدينة فرعون بمصر، بينها و بين الفسطاط ثلاثة فراسخ. و حلوان: تطلّق على عدّة مواضع، منها: حلوان العراق، و هي آخر حدود السّواد، و حلوان أيضا: قرية من قرى مصر مشرفة على النّيل، و حلوان أيضا: بليدة بقوهستان، و هي آخر حدود خراسان.
4- بلخ: مدينة مشهورة بخراسان: و تقع اليوم ضمن حدود أفغانستان الاقليمية، و برقة: تطلّق على مواضع عديدة، منها: اسم صقع كبير يشتمل على مدن و قرى بين الاسكندرية و إفريقية، و منها: قرية من قرى قم.
5- البنود: جمع بند، العقد أو الحيلة.
6- الأوباش: جمع وبش، الأخلاط و السّفلة.
7- أيّ صعبت و تكلّفت أسبابه.
8- في «م»: طرسوس، و طرطوس: بلد بالشّام على البحر، و طرسوس: مدينة بثغور الشّام، بين أنطاكية و حلب و بلاد الرّوم.
9- في «ع»: و احناط من النّيل، و في «م»: احنات من النّيل.
10- في «ع»: لعين.
11- في «ع، م»: البريت.

وَ نَطْحَةِ(1) النِّطَاحِ، بِأَحْرَاثِ الْمَقَابِرِ، وَ دُرُوسِ الْمَعَابِرِ، وَ تَأْدِيبِ الْمَسْكُوبِ(2) ، عَلَى السِّنِّ الْمَنْصُوبِ، بِأَقْصَاحِ(3) رَأْسِ الْعِلْمِ وَ الْعَمَلِ فِي الْحَرْبِ بِغَلَبَةِ بَنِي الْأَصْفَرِ عَلَى الْأَنْعَادِ(4) ، وَقْعِ الْمِقْدَارِ، فَمَا يُغْنِي الْحَذَرُ، هُنَاكَ تَضْطَرِبُ الشَّامُ، وَ تُنْصَبُ الْأَعْلاَمُ، وَ تُنْتَقَصُ التَّمَامُ، وَ سُدَّ غُصْنُ الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ الطَّاغِيَةِ، فَهُنَالِكَ ذُلٌّ(5) شَامِلٌ، وَ عَقْلٌ ذَاهِلٌ، وَ خَتْلٌ قَابِلٌ، وَ نَبْلٌ نَاصِلٌ، حَتَّى تَغْلِبَ الظُّلْمَةُ عَلَى النُّورِ، وَ تَبْقَى الْأُمُورُ مِنْ أَكْثَرِ الشُّرُورِ، هُنَالِكَ يَقُومُ الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(6) ، لاَ ابْنُ مِثْلِهِ، لاَ ابْنٌ، فَيُزِيلُ الرَّدَى، وَ يُمِيتُ(7) الْفِتَنَ، وَ تَتَدَارَسُ(8) الرُّكْبَتَيْنِ، هُنَاكَ يُقْضَى لِأَهْلِ الدِّينِ بِالدِّينِ.

قَالَ سَلْمَانُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): ثُمَّ انْضَجَعَ وَ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، يَقُولُ: شِعَارُ الرَّهْبَانِيَّةِ الْقَنَاعَةُ(9).

466/ 70 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي هَارُونُ بْنُ مُوسَى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ(10) بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيُّ الْمَنْصُورِيُّ بِسُرَّمَنْ رَأَى مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى ابْنِ الْمَنْصُورِ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ(11) بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، عَنْ7.

ص: 475


1- في «ع، م»: و بطحة.
2- في «م»: المسكوت.
3- في «ع»: بافصاح.
4- في «ط»: الأنعار.
5- في «ع، م»: قلا.
6- (هنالك يقوم...) الجملة جواب ل «إذا» المتقدّمة قبل سؤال سلمان (رضي اللّه عنه).
7- في «ع»: و مميت.
8- في «م»: تتداوس.
9- العدد القويّة: 126/75، إثبات الهداة 718/148:7 «قطعة منه»، معجم أحاديث الإمام المهديّ 569/14:3.
10- زاد في النّسخ: أبو المفضّل، و هو سهو، إذ روى التّلّعكبريّ عن أبي الحسن محمّد بن أحمد بن عبيد اللّه الهاشميّ بلا واسطة، كما في غيبة الطّوسيّ: 100/136 و كفاية الأثر: 91 و 166 و غيرهما.
11- في النّسخ: حدّثنا الحسن بن عليّ، و هو خطأ، و الصّواب ما في المتن، حيث روى عيسى بن أحمد، عن أبي الحسن عليّ بن محمّد (عليه السّلام) نسخة ذكرها النّجاشيّ في رجاله: 297.

عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ): قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):

رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ قُصُوراً مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ، وَ زَبَرْجَدٍ أَخْضَرَ، وَ دُرٍّ وَ مَرْجَانٍ، وَ عِقْيَانٍ(1) ، بَلاَطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، وَ تُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ، وَ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَ نَخْلٌ وَ رُمَّانٌ، وَ حُورٌ وَ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ، وَ أَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ، وَ أَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ، تَجْرِي عَلَى الدُّرِّ وَ الْجَوْهَرِ، وَ قِبَابٌ عَلَى حَافَتَيْ تِلْكَ الْأَنْهَارِ، وَ غُرَفٌ وَ خِيَامٌ، وَ خَدَمٌ وَ وِلْدَانٌ، وَ فُرُشُهَا الْإِسْتَبْرَقُ وَ السُّنْدُسُ وَ الْحَرِيرُ، وَ فِيهَا أَطْيَارٌ(2) ، فَقُلْتُ: يَا حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ، لِمَنْ هَذِهِ الْقُصُورُ؟ وَ مَا شَأْنُهَا؟

فَقَالَ لِي جَبْرَئِيلُ: هَذِهِ الْقُصُورُ وَ مَا فِيهَا، خَلَقَهَا اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) كَذَا، وَ أَعَدَّ فِيهَا مَا تَرَى، وَ مِثْلُهَا أَضْعَافٌ مُضَاعَفَةٌ، لِشِيعَةِ أَخِيكَ عَلِيٍّ، وَ خَلِيفَتِكَ مِنْ بَعْدِكَ عَلَى أُمَّتِكَ، وَ هُمْ يُدْعَوْنَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِاسْمٍ يُرَادُ بِهِ(3) غَيْرُهُمْ، يُسَمَّوْنَ (الرَّافِضَةَ) وَ إِنَّمَا هُوَ زَيْنٌ لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ رَفَضُوا الْبَاطِلَ، وَ تَمَسَّكُوا بِالْحَقِّ، وَ هُمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ، وَ لِشِيعَةِ ابْنِهِ الْحَسَنِ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لِشِيعَةِ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لِشِيعَةِ ابْنِهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لِشِيعَةِ ابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لِشِيعَةِ ابْنِهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لِشِيعَةِ ابْنِهِ مُوسَى ابْنِ جَعْفَرٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لِشِيعَةِ ابْنِهِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ، وَ لِشِيعَةِ ابْنِهِ مُحَمَّدُ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لِشِيعَةِ ابْنِهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لِشِيعَةِ ابْنِهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لِشِيعَةِ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيِّ مِنْ بَعْدِهِ.

يَا مُحَمَّدُ، فَهَؤُلاَءِ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِكَ، أَعْلاَمُ الْهُدَى، وَ مَصَابِيحُ الدُّجَى، شِيعَتُهُمْ وَ شِيعَةُ جَمِيعِ وُلْدِكَ وَ مُحِبِّيهِمْ شِيعَةُ الْحَقِّ، وَ مَوَالِي اللَّهِ، وَ مَوَالِي رَسُولِهِ، الَّذِينَ رَفَضُوا الْبَاطِلَه.

ص: 476


1- في «ط»: عقيقا، و العقيان: ذهب متكاثف في مناجمه، خالص ممّا يختلط به من الرّمال و الحجارة «المعجم الوسيط - عقي - 618:2».
2- في «ع، م»: أطناب.
3- في «ع»: يؤدّيه، و في «م»: يردّ به.

وَ اجْتَنَبُوهُ، وَ قَصَدُوا الْحَقَّ وَ اتَّبَعُوهُ، يَتَوَلَّوْنَهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ، وَ يَزُورُونَهُمْ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِمْ، مُتَنَاصِرِينَ لَهُمْ، قَاصِدِينَ عَلَى مَحَبَّتِهِمْ رَحْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، إِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(1).

467/ 71 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْنِ مُوسَى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ دَاهِرٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي، يُوَافِقُ اسْمُهُ اسْمِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلاً، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً(2).

468/ 72 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ(3) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدٌ الْعَمِّيُّ(4) ، عَنْ أَبِي الصَّدِيقِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): حَدَثٌ يَكُونُ فِي أُمَّتِي، الْمَهْدِيُّ، إِنْ قَصُرَ عُمُرُهُ فَسَبْعُ، وَ إِلاَّ فَثَمَانٌ(5) ، وَ إِلاَّ فَتِسْعٌ، وَ تُنَعَّمُ أُمَّتِي فِيهَا نِعْمَةً لَمْ يَتَنَعَّمُوا(6) مِثْلَهَا قَطُّ، يُرْسِلُ اللَّهُ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً، فَلاَ تَدَّخِرُ الْأَرْضُ شَيْئاً مِنَ النَّبَاتِ وَ الْمَأْكَلِ، وَ سَيَقُومُ الرَّجُلُا.

ص: 477


1- الصّراط المستقيم 150:2.
2- نحوه في حلية الأولياء 75:5، و الملاحم و الفتن: 141 باب (69)، و الفصول المهمّة: 291، و الحاوي للفتاوي 59:2، كشف الغمّة 19/471:2، إثبات الهداة 719/148:7.
3- في النّسخ: حبّة، و الصّواب ما في المتن، و هو عمارة بن أبي حفصة نابت الأزديّ العتكيّ، روى عن زيد العمّيّ، و عنه محمّد بن مروان بن قدامة العقيليّ، مات سنة (132 ه). تهذيب التّهذيب 415:7، سير أعلام النبلاء 138:6.
4- في النّسخ: القمّيّ، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو زيد بن الحواري أبو الحواري العمّيّ البصريّ سمّي العمّيّ لأنّه كلّما سئل عن شيء قال: حتّى أسأل عمّي، تهذيب الكمال 56:10.
5- في «ط»: أو ثمان.
6- في «ع»: ينعموا.

فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ، أَعْطِنِي. فَيَقُولُ: خُذْ(1).

469/ 73 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْنِ مُوسَى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ الصَّيْرَفِيُّ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَمَذَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: اللَّيْلَةُ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ يَنْزِلُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، وَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، عَلَى حِرَاءَ، فَيَقُولُ لَهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَجِبْ. فَيَخْرُجُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) رَقّاً مِنْ حُجْزَةِ(2) إِزَارِهِ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَيَقُولُ لَهُ: اكْتُبْ:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا عَهْدٌ مِنَ اللَّهِ، وَ مِنْ رَسُولِهِ، وَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، لِفُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ» بِاسْمِهِ وَ اسْمِ أَبِيهِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) فِي كِتَابِهِ: وَ الطُّورِ * وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَ هُوَ الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ الرِّقُّ الْمَنْشُورُ الَّذِي أَخْرَجَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ حُجْزَةِ إِزَارِهِ.

قُلْتُ: وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، أَ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟

قَالَ: نَعَمْ، الْمُمْلِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ الْكَاتِبُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(4).

470/ 74 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي هَارُونُ بْنُ مُوسَى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعُرَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ وَ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنْدِيُّ وَ يَحْيَى بْنُ الْمُسَاوِرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُسَاوِرِ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ الْحَزَوَّرِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِالْبَصْرَةِ، وَ هُوَ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَدِ اجْتَمَعَ حَوْلَهُ(5) أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: أَ لاَو.

ص: 478


1- نحوه في مسند أحمد 21:3، و سنن ابن ماجة 4083/1366:2، و سنن التّرمذيّ 2232/506:4، و مستدرك الحاكم 558:4، و مصابيح البغويّ 4213/493:3، و البيان في أخبار صاحب الزّمان: 492 و 519، و الفصول المهمّة: 298، و كشف الغمّة 1/467:2، و فرائد السمطين 566/315:2.
2- الحجزة: معقد الإزار.
3- الطّور 1:52-3.
4- المحجّة للبحراني: 212، إلزام النّاصب 95:1.
5- في «م، ط»: هو و.

أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلِ خَلْقِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ يَجْمَعُ الرُّسُلَ؟

قُلْنَا: بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

قَالَ: أَفْضَلُ الرُّسُلِ مُحَمَّدٌ، وَ إِنَّ أَفْضَلَ الْخَلْقِ بَعْدَهُمْ الْأَوْصِيَاءُ، وَ أَفْضَلُ الْأَوْصِيَاءِ أَنَا، وَ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ الرُّسُلِ وَ الْأَوْصِيَاءِ، الْأَسْبَاطُ، وَ إِنَّ خَيْرَ الْأَسْبَاطِ سِبْطَا نَبِيِّكُمْ - يَعْنِي الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ - وَ إِنَّ أَفْضَلَ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَسْبَاطِ الشُّهَدَاءُ، وَ إِنَّ أَفْضَلَ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - قَالَ ذَلِكَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) - وَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ذُو الْجَنَاحَيْنِ، مُخْتَصَّانِ بِكَرَامَةٍ خَصَّ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) بِهَا نَبِيَّكُمْ، وَ الْمَهْدِيُّ مِنَّا فِي آخِرِ الزَّمَانِ، لَمْ يَكُنْ فِي أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ مَهْدِيّاً يُنْتَظَرُ غَيْرُهُ(1).

471/ 75 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطَّحَّانُ، عَنِ الضَّحَّاكِ الْعِجْلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): الْمُؤْمِنُ لَيُخَيَّرُ فِي قَبْرِهِ، إِذَا قَامَ الْقَائِمُ، فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ قَامَ صَاحِبُكَ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِهِ فَالْحَقْ، وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُقِيمَ فِي كَرَامَةِ اللَّهِ فَأَقِمْ(2).

472/ 76 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَصِيرُ(3) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ - أَوْ غَيْرِهِ - عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ هُوَ فِي بَعْضِ أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ يَمْشِي وَحْدَهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَارِ الثَّانِي، وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ وَ دَخَلْتُ مَعَهُ، فَسَلَّمَ عَلَى الثَّانِي، وَ جَلَسَ، فَحِينَ اسْتَقَرَّتْ بِهِ الْأَرْضُ قَالَ لَهُ: مَنْ عَلَّمَكَ الْجَهَالَةَ يَا مَغْرُورُ،ي.

ص: 479


1- الكافي 34/374:1، إثبات الهداة 720/148:7.
2- حلية الأبرار 617:2 و 641.
3- في «ط»: القصيري.

أَمَا وَ اللَّهِ، لَوْ رَكِبْتَ الْقَفْرَ(1) ، وَ لَبِسْتَ الشَّعْرَ، لَكَانَ خَيْراً لَكَ مِنَ الْمَجْلِسِ الَّذِي قَدْ جَلَسْتَهُ، وَ مِنْ عُلُوِّكَ الْمَنَابِرَ؛ أَمَا وَ اللَّهِ، لَوْ قَبِلْتَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَطَعْتَ مَا أَمَرَكَ بِهِ، لَمَا سُمِّيتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ لَكَأَنِّي بِكَ قَدْ طَلَبْتَ الْإِقَالَةَ كَمَا طَلَبَهَا صَاحِبُكَ، وَ لاَ إِقَالَةَ.

قَالَ: صَاحِبِي طَلَبَ مِنْكَ الْإِقَالَةَ؟

قَالَ: وَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ طَلَبَ مِنِّي الْإِقَالَةَ، وَ لَمْ أُقِلْهُ، وَ كَذَلِكَ تَطْلُبُهَا أَنْتَ، وَ وَ اللَّهِ، لَكَأَنِّي بِكَ وَ بِصَاحِبِكَ وَ قَدْ أُخْرِجْتُمَا طَرِيَّيْنِ حَتَّى تُصْلَبَا بِالْبَيْدَاءِ.

فَقَالَ لَهُ الثَّانِي: مَا هَذَا التَّكَهُّنُ، فَإِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَمْ تَزَلْ قُرَيْشٌ تَعْرِفُكُمْ بِالْكَذِبِ، أَمَا وَ اللَّهِ لاَ ذُقْتَ حَلاَوَتَهَا وَ أَنَا أُطَاعُ.

قَالَ لَهُ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي لَسْتُ بِكَاهِنٍ.

قَالَ لَهُ: مَنْ يَعْمَلُ بِنَا مَا قُلْتَ؟

قَالَ: فَتًى مِنْ وُلْدِي، مِنْ عِصَابَةٍ قَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهَا.

فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ مَا تَقُولُ إِلاَّ حَقّاً، فَأَسْأَلُكَ بِاللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَمَّانِي وَ سَمَّى صَاحِبِي؟

فَقَالَ لَهُ: وَ اللَّهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَمَّاكَ وَ سَمَّى صَاحِبَكَ.

قَالَ: وَ اللَّهِ، لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تُرِيدُ هَذَا، مَا أَذِنْتُ لَكَ فِي الدُّخُولِ. ثُمَّ قَامَ فَخَرَجَ،

فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الطُّفَيْلِ اسْكُتْ. فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمَ أَحَدٌ مَا دَارَ بَيْنَهُمَا حَتَّى قُتِلَ الثَّانِي، وَ قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(2).

473/ 77 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الْكَاتِبُ(3) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَلاَّلُ(4) ، قَالَ:ل.

ص: 480


1- في «ع»: الفقر، و في «م»: القعر.
2- حلية الأبرار 600:2.
3- في «ط»: الكابليّ.
4- في «ع»: الحلال.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْكَابَ وَ الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ الْجَصَّاصُ، قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ(1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ أَبِي الصَّدِيقِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، أَجْلَى، أَقْنَى، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ قَبْلَهُ ظُلْماً، يَكُونُ سَبْعَ سِنِينَ(2).

474/ 78 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، [قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ](3) ، قَالَ:

حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ أَصْغَرُنَا سِنّاً، وَ أَخْمَلُنَا شَخْصاً.

قُلْتُ: مَتَى يَكُونَ؟

قَالَ: إِذَا سَارَتِ الرُّكْبَانُ بِبَيْعَةِ الْغُلاَمِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ(4) لِوَاءً، فَانْتَظِرُوا الْفَرَجَ(5).

475/ 79 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ طَرْخَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِي،4.

ص: 481


1- هو هشام بن القاسم بن مسلم بن مقسّم اللّيثيّ البغداديّ من كبار شيوخ أحمد بن حنبل و يحيى بن معيّن، ولد سنة (134 ه) و توفّي سنة (207 ه) و هو يروي عن أبي معاوية شيبان بن عبد الرّحمن التّميميّ البصريّ المؤدّب من شيوخ أبي حنيفة، توفّي سنة (164 ه). راجع بشأنهما تهذيب الكمال 592:12، سير أعلام النبلاء 406:7 و 545:9، تهذيب التّهذيب 18:11.
2- مسند أحمد 17:3، فرائد السمطين 574/324:2، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 6787/291:8.
3- أضفناه من غيبة النّعمانيّ و هو الصّواب، حيث لم يرو ابن همّام عن عبّاد إلاّ بواسطة، أو أكثر، و منهم جعفر بن محمّد بن مالك. راجع رجال النّجاشيّ: 293، تهذيب الكمال 175:14، معجم رجال الحديث 9: 210 و 218.
4- هي الحصون و القلاع، و الشّوكة الّتي في رجل الطّيور، و قال الشّيخ المجلسيّ في البحار 39:51: كناية عن القوّة و الصّولة. و انظر مجمع البحرين 174:4.
5- غيبة النّعمانيّ: 35/184.

يُعَمَّرُ عُمُرَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ، يَقُومُ فِي النَّاسِ وَ هُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ(1) سَنَةً، وَ يَلْبَثُ فِيهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَ قِسْطاً، كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً(2).

476/ 80 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ:

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُتْبَةَ الْكِنْدِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ الْمُلاَئِيُّ، عَنْ أَبِي الْحَجَّافِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنِ النَّاجِي - يَعْنِي أَبَا الصَّدِيقِ - عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ(3) أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَبْشِرُوا بِالْمَهْدِيِّ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ عَلَى حِينِ اخْتِلاَفٍ مِنَ النَّاسِ شَدِيدٍ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَ قِسْطاً، كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُو السَّمَاءِ وَ سَاكِنُو الْأَرْضِ، وَ يَمْلَأُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) قُلُوبَ عِبَادِهِ غِنًى، وَ يَسَعُهُمْ عَدْلُهُ(4).

477/ 81 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، [قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ](5) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّيْرَفِيُّ(6) ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْمُثَنَّى الْعَطَّارُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: يَفْقِدُ النَّاسُ إِمَامَهُمْ(7) ، يَشْهَدُ الْمَوْسِمَ يَرَاهُمْ وَ لاَ يَرَوْنَهُ(8).).

ص: 482


1- في «ط»: ثلاثين.
2- إثبات الهداة 722/149:7.
3- كذا في سند هذا الحديث، و في الأحاديث المتقدّمة: 57، 58، 62، 67، 72، 77، عن أبي سعيد الخدري، انظر تهذيب الكمال 223:4.
4- مسند أحمد 37:3 و 52، غيبة الطوسي: 136/178، البيان في أخبار صاحب الزمان: 505، الفصول المهمة: 297.
5- من المصادر.
6- كذا في النسخ، و يأتي في الحديث (113) الحسن بن محمد بن سماعة الصيرفي، و هو الموافق لما في غيبة النعماني: 13/175 و كمال الدين: 49/351. و في أسانيد اخرى لهذا الحديث: اسحاق بن محمد الصيرفي، راجع معجم رجال الحديث 70:3 و 135:5 و 87:20.
7- في «ع، م»: إمام.
8- الكافي 6/272:1 و: 12/274، كمال الدين و تمام النعمة: 33/346 و: 49/351 و: 7/440، غيبة النعماني: 13/175، غيبة الطوسي: 119/161، و يأتي مثله الحديث (113).

478/ 82 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ وَ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: إِنَّ لِقِيَامِ قَائِمِنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلاَمَاتٍ، بَلْوَى مِنَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ(1).

قُلْتُ: وَ مَا هِيَ؟

قَالَ: ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ): وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصّابِرِينَ (2).

قَالَ: لَنَبْلُوَنَّكُمْ يَعْنِي الْمُؤْمِنَ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ مِنْ مُلُوكِ بَنِي فُلاَنٍ فِي آخِرِ سُلْطَانِهِمْ وَ الْجُوعِ بِغَلاَءِ أَسْعَارِهِمْ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ قَالَ: فَسَادِ التِّجَارَاتِ، وَ قِلَّةِ(3) الْفَضْلِ وَ الْأَنْفُسِ مَوْتٌ ذَرِيعٌ، وَ الثَّمَراتِ قِلَّةُ رَيْعِ مَا يُزْرَعُ، وَ قِلَّةُ بَرَكَةِ الثِّمَارِ وَ بَشِّرِ الصّابِرِينَ عِنْدَ ذَلِكَ بِخُرُوجِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ).

ثُمَّ قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا(4) تَأْوِيلُهُ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ (5).

479/ 83 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْعَبَّاسِ النِّعَالِيُّ(6) ، قَالَ:).

ص: 483


1- في «ع، م»: للمؤمن.
2- البقرة 155:2.
3- في «ع»: و فضل.
4- في «ع، م»: هو.
5- كمال الدّين و تمام النّعمة: 3/649، غيبة النّعمانيّ: 5/250، كشف الغمّة 462:2، المستجاد من كتاب الإرشاد: 551، ينابيع المودّة: 421، و الآية من سورة آل عمران 7:3.
6- في «ط»: الثّعلبيّ، و في «ع»: الثّعالبيّ، و في «م»: الثعلابي، تصحيفات صوابها ما في المتن، تقدّمت ترجمته في الحديث (69) من دلائل فاطمة (عليه السّلام).

حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَسَنِ ابْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ سَعِيدٍ الْأَحْمَسِيَّةِ، قَالَتْ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، اجْعَلْ فِي يَدِي عَلاَمَةً مِنْ خُرُوجِ الْقَائِمِ.

قَالَتْ: قَالَ لِي: يَا أُمَّ سَعِيدٍ، إِذَا انْكَسَفَ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ مِنْ رَجَبٍ، وَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ تَحْتِهِ، فَذَاكِ عِنْدَ خُرُوجِ الْقَائِمِ(1).

480/ 84 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحٍ النَّخَعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عِمْرَانَ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: يُكَرُّ(2) مَعَ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ثَلاَثَ عَشْرَةَ امْرَأَةً(3).

قُلْتُ: وَ مَا يَصْنَعُ بِهِنَّ؟

قَالَ: يُدَاوِينَ الْجَرْحَى، وَ يَقُمْنَ عَلَى الْمَرْضَى، كَمَا كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).

قُلْتُ: فَسَمِّهِنَّ لِي.

فَقَالَ: الْقِنْوَاءُ بِنْتُ رُشَيْدٍ، وَ أُمُّ أَيْمَنَ، وَ حَبَابَةُ الْوَالِبِيَّةُ، وَ سُمَيَّةُ أُمُّ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَ زُبَيْدَةُ(4) ، وَ أُمُّ خَالِدٍ الْأَحْمَسِيَّةُ، وَ أُمُّ سَعِيدٍ الْحَنَفِيَّةُ، وَ صُبَانَةُ(5) الْمَاشِطَةُ، وَ أُمُّ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّةُ(6).

481/ 85 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ هَمَّامٍ(7) ، قَالَ: حَدَّثَنَا2.

ص: 484


1- إثبات الهداة 724/149:7.
2- في «ط»: يكن.
3- المعدود في الحديث تسع نساء.
4- في «ع، م»: زبيرة.
5- في «ع»: صيانة.
6- اثبات الهداة 725/150:7، مدينة المعاجز: 513.
7- الظّاهر سقوط الواسطة بين ابن همّام و سعدان، و لعلّه عليّ بن محمّد بن مسعدة، شيخ ابن همّام و الرّاوي عن سعدان، راجع أمالي الطّوسيّ 166:1، بشارة المصطفى: 93، معجم رجال الحديث 161:12.

سَعْدَانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمَةَ(1) قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَبْدَانِ بِأَلْفَيْ عَامٍ، ثُمَّ خَلَقَ الْأَبْدَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ تَعَارَفَ فِي الْأَرْضِ، وَ مَا تَنَاكَرَ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ تَنَاكَرَ فِي الْأَرْضِ، فَإِذَا قَامَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَرَّثَ الْأَخَ فِي الدِّينِ، وَ لَمْ يُوَرِّثِ الْأَخَ فِي الْوِلاَدَةِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) فِي كِتَابِهِ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (2) ، فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ (3).

482/ 86 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ - عَمِّهِ(4) - عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَصِيرِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَمَا لَوْ قَامَ الْقَائِمُ لَقَدْ رُدَّتْ إِلَيْهِ الْحُمَيْرَاءُ حَتَّى يَجْلِدَهَا الْحَدَّ، وَ يَنْتَقِمَ لِأُمِّهِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) مِنْهَا.

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ لِمَ يَجْلِدُهَا الْحَدَّ.7.

ص: 485


1- في «ط»: جرهم بن أبي جهنة، تصحيف، و الصّواب ما في المتن، و هو كوفي من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السّلام)، له كتاب نوادر، رواه عنه سعدان بن مسلم، و قد اختلف في اسمه على أقوال، راجع رجال البرقيّ: 50، رجال الطّوسيّ: 345، رجال النّجاشيّ: 131، لسان الميزان 143:2، و غيرها.
2- المؤمنون 1:23.
3- المحجّة للبحراني: 146، و الآية من سورة المؤمنون 101:23.
4- في النّسخ: محمّد بن عليّ بن ماجيلويه، عن محمّد بن أبي القاسم عن عمّه، و هو سهو، صوابه ما في المتن، و محمّد هو ابن أبي القاسم عبد اللّه - أو عبيد اللّه - بن عمران البرقيّ، صهر أحمد بن أبي عبد اللّه البرقيّ على ابنته، ثقة، عالم، فقيه، عارف بالأدب و الشّعر و الغريب، له كتب رواها عنه محمّد بن عليّ الملقّب ماجيلويه، و الّذي يعبّر عنه بعمّي، راجع رجال النّجاشيّ: 353، رجال الشّيخ: 491، معجم رجال الحديث 241:11 و 294:14 و 296 و 55:17.

قَالَ: لِقَرْفِهَا(1) عَلَى أُمِّ إِبْرَاهِيمَ.

قُلْتُ: فَكَيْفَ أَخَّرَهُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) لِلْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

فَقَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) رَحْمَةً، وَ يَبْعَثُ الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) نَقِمَةً(2).

483/ 87 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَمِيُّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ هَمَّامٍ(3) ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ(4) بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْهَيْثَمِ الْقَصَّابُ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا، وَ اسْتَغْنَى الْعِبَادُ عَنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ، وَ صَارَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَاحِداً، وَ ذَهَبَتِ الظُّلْمَةُ، وَ عَاشَ الرَّجُلُ فِي زَمَانِهِ أَلْفَ سَنَةٍ، يُولَدُ لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ غُلاَمٌ، لاَ يُولَدُ جَارِيَةٌ، وَ يَكْسُوهُ الثَّوْبَ، فَيَطُولُ عَلَيْهِ كُلَّمَا طَالَ، وَ يَتَلَوَّنُ عَلَيْهِ أَيَّ لَوْنٍ شَاءَ(5).

484/ 88 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ ابْنِ هَمَّامٍ، [قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ](6) عَنْ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ(7) الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ الطَّرِيدُ الشَّرِيدُ، الْمَوْتُورُ بِأَبِيهِ، وَ هُوَ يُكَنَّى بِعَمِّهِ، الْمُفْرَدِ(8) مِنْ أَهْلِهِ، اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ(9).).

ص: 486


1- القرف: التّهمة، في «ط»: لفريتها.
2- حلية الأبرار 605:2.
3- سقطت الواسطة بين همّام و سليمان بن صالح، و قد تقدم في الحديث (37) و فيه: أبو علي محمد بن همّام قال: حدّثنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الحميري، قال: حدّثنا أحمد بن ميثم، قال: حدثنا سليمان بن صالح.
4- في «ط، م»: سلمان.
5- تقدّمت تخريجاته في الحديث (37).
6- من غيبة النعماني، و راجع تعليقتنا على الحديث (78).
7- في «م، ط»: عماد، تصحيف، صوابه ما في المتن، راجع رجال الطوسي: 168.
8- في «ط»: الفرد.
9- غيبة النعماني: 22/178 و 23 و: 24/179، يأتي مثله الحديث (111).

485/ 89 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْنِ مُوسَى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: الْعَامُ الَّذِي لاَ يَشْهَدُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ الْمَوْسِمَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْ النَّاسِ حَجُّهُمْ(1).

486/ 90 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، [قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ](2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: قَبْلَ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) خَمْسُ عَلاَمَاتٍ:

السُّفْيَانِيُّ، وَ الْيَمَانِيُّ، وَ الْمَرْوَانِيُّ، وَ شُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ، وَ كَفٌّ تَقُولُ: هَذَا، هَذَا(3).

487/ 91 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ(4) ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ابْنُ وُهَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: إِذَا خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ بَعَثَ جَيْشاً إِلَيْنَا، وَ جَيْشاً إِلَيْكُمْ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأْتُونَا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَ ذَلُولٍ(5).

و الحمد للّه رب العالمين و صلّى اللّه على سيدنا محمّد المصطفى و آله و سلّم تسليما.

***6.

ص: 487


1- حلية الأبرار 607:2.
2- من غيبة النعماني، و لعلّه الصواب لبعد طبقتي ابن همّام و التميمي. راجع معجم رجال الحديث 93:10 و 307.
3- نحوه في الكافي 483/310:8، و كمال الدين و تمام النعمة: 1/649 و: 7/650، و غيبة النعماني: 9/252 و: 12/253، و غيبة الطوسي: 427/436، و البرهان في علامات آخر الزمان: 10/114.
4- زاد في غيبة النعماني: قال: حدّثني جعفر بن محمد بن مالك، و لعلّه الصواب، و لم أعثر على ترجمة للقاسم بن وهيب، أو الحسن بن وهب كما في (الغيبة).
5- غيبة النعماني: 17/306.

ص: 488

خبر أمّ القائم (صلوات اللّه عليه)

و سيرتها إلى أن اشتريت

488/ 92 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ وَ ثَمَانِينَ وَ ثَلاَثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرٍ الرُّهْنِيُّ(1) الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ:

وَرَدْتُ كَرْبَلاَءَ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَمَانِينَ وَ مِائَتَيْنِ، وَ زُرْتُ قَبْرَ غَرِيبِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ انْكَفَأْتُ إِلَى مَدِينَةِ السَّلاَمِ مُتَوَجِّهاً إِلَى مَقَابِرِ قُرَيْشٍ فِي وَقْتِ تَضَرُّمِ(2) الْهَوَاجِرِ وَ تَوَقُّدِ السَّمَائِمِ(3).

فَلَمَّا وَصَلْتُ مِنْهَا إِلَى مَشْهَدِ الْكَاظِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ اسْتَنْشَقْتُ نَسِيمَ تُرْبَتِهِ الْمَغْمُورَةِ بِالرَّحْمَةِ، الْمَحْفُوفَةِ بِحَدَائِقِ الْغُفْرَانِ، انْكَبَبْتُ عَلَيْهَا بِعَبَرَاتٍ مُتَقَاطِرَةٍ، وَ زَفَرَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ، وَ قَدْ حَجَبَ الدَّمْعُ طَرْفَيِ عَنِ النَّظَرِ.

فَلَمَّا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ، وَ انْقَطَعَ النَّحِيبُ، فَتَحْتُ بَصَرِي، فَإِذَا أَنَا بِشَيْخٍ قَدْ انْحَنَى

ص: 489


1- في النّسخ: محمّد بن يحيى الذهبي، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النّجاشيّ: 384، معجم رجال الحديث 122:15.
2- في «ط»: تقدّم.
3- في «ط»: السّماء.

صُلْبُهُ، وَ تَقَوَّسَ مَنْكِبَاهُ وَ تَثَفَّنَتْ(1) جَبْهَتُهُ وَ رَاحَتَاهُ، وَ هُوَ يَقُولُ لِآخَرَ مَعَهُ عِنْدَ الْقَبْرِ: يَا ابْنَ أَخِي، لَقَدْ نَالَ عَمُّكَ شَرَفاً عَظِيماً بِمَا حَمَلَهُ السَّيِّدَانِ مِنْ غَوَامِضِ الْعَبَرَاتِ، وَ شَرَائِفِ الْعُلُومِ الَّتِي لاَ يَحْتَمِلُ مِثْلَهَا إِلاَّ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، وَ قَدْ أَشْرَفَ عَمُّكَ عَلَى اسْتِكْمَالِ الْمُدَّةِ وَ انْقِضَاءِ الْعُمُرِ، وَ لَيْسَ يَجِدُ فِي أَهْلِ الْوَلاَيَةِ رَجُلاً يُفْضِي إِلَيْهِ بِسِرِّهِ.

قُلْتُ: يَا نَفْسُ، لاَ يَزَالُ الْعَنَاءُ وَ الْمَشَقَّةُ يَنَالاَنِ مِنْكَ بِإِتْعَابِي(2) الْخُفَّ وَ الْحَافِرَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَ قَدْ قَرَعَتْ سَمْعِي مِنَ الشَّيْخِ لَفْظَةٌ تَدُلُّ عَلَى عِلْمٍ جَسِيمٍ، وَ أَثَرٍ عَظِيمٍ.

فَقُلْتُ: يَا شَيْخُ، مَنِ السَّيِّدَانِ؟

قَالَ: النَّجْمَانِ الْمُغَيَّبَانِ(3) فِي سُرَّ مَنْ رَأَى.

فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُقْسِمُ بِالْوَلاَيَةِ، وَ شَرَفِ مَحَلِّ هَذَيْنِ السَّيِّدَيْنِ مِنَ الْإِمَامَةِ وَ الْوِرَاثَةِ، أَنِّي خَاطِبٌ عِلْمَهُمَا، وَ طَالِبٌ آثَارَهُمَا، وَ بَاذِلٌ مِنْ نَفْسِي الْأَيْمَانَ الْمُؤَكَّدَةَ عَلَى حِفْظِ أَسْرَارِهِمَا.

فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ فِيمَا تَقُولُ صَادِقاً، فَأَحْضِرْ مَا صَحِبَكَ مِنَ الْآثَارِ عَنْ نَقَلَةِ أَخْبَارِهِمْ. فَلَمَّا نَشَرْتُ الْكُتُبَ، وَ تَصَفَّحَ الرِّوَايَاتِ مِنْهَا، قَالَ: صَدَقْتَ، أَنَا بِشْرُ(4) بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَّاسُ، مِنْ وُلْدِ أَبِي أَيُّوبَ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَحَدِ مَوَالِي أَبِي الْحَسَنِ وَ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)، وَ جَارُهُمَا بِسُرَّمَنْ رَأَى.

قُلْتُ: فَأَكْرِمْ أَخَاكَ بِبَعْضِ مَا شَاهَدْتَ مِنْ آثَارِهِمَا.

قَالَ: فَإِنَّ مَوْلاَنَا أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيَّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَّهَنِي فِي أَمْرِ الرَّقِيقِ، فَكُنْتُ لاَ أَبْتَاعُ وَ لاَ أَبِيعُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، فَأَتَجَنَّبُ بِذَلِكَ مَوَارِدَ الشُّبُهَاتِ، حَتَّى كَمَلَتْ مَعْرِفَتِي وَ أَحْسَنْتُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحَلاَلِ وَ الْحَرَامِ.

فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي مَنْزِلِي بِسُرَّمَنْ رَأَى، وَ قَدْ مَضَى هُوِيٌّ(5) مِنْهَا، إِذْ قَرَعَل.

ص: 490


1- في «ع، م»: و تنقّبت.
2- في «ط»: ما لقاني، و في «ع، م»: فالقاني.
3- في «ع»: البحران المغيبان، و في «م»: البحران المعينان.
4- في «م، ط»: بشير.
5- الهوي: السّاعة من اللّيل.

الْبَابَ قَارِعٌ، فَعَدَوْتُ مُسْرِعاً، فَإِذَا أَنَا بِكَافُورٍ خَادِمِ مَوْلاَنَا أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَدْعُونِي إِلَيْهِ، فَلَبِسْتُ ثِيَابِي، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ يُحَدِّثُ ابْنَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ أُخْتُهُ حَكِيمَةُ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ، فَلَمَّا جَلَسْتُ قَالَ: يَا بِشْرُ، إِنَّكَ مِنْ وُلْدِ الْأَنْصَارِ، وَ هَذِهِ الْوَلاَيَةُ لَمْ تَزَلْ فِيكُمْ، يَرِثُهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، وَ أَنْتُمْ ثِقَاتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَ إِنِّي مُزَكِّيكَ وَ مُشَرِّفُكَ بِفَضِيلَةٍ تَسْبِقُ بِهَا سَوَابِقَ الشِّيعَةِ فِي الْوَلاَيَةِ، بِسِرٍّ أُطْلِعُكَ عَلَيْهِ، وَ أُنْفِذُكَ فِي تَتَبُّعِ أَمْرِهِ. وَ كَتَبَ كِتَاباً لَطِيفاً بِخَطٍّ رُومِيٍّ، وَ لُغَةٍ رُومِيَّةٍ، وَ طَبَعَ عَلَيْهِ خَاتَمَهُ، وَ أَخْرَجَ سَبِيكَةً صَفْرَاءَ، فِيهَا مِائَتَانِ وَ عِشْرُونَ دِينَاراً، فَقَالَ: خُذْهَا وَ تَوَجَّهْ إِلَى مَدِينَةِ بَغْدَادَ، وَ احْضُرْ مَعْبَرَ الْفُرَاتِ، ضَحْوَةَ يَوْمِ كَذَا، فَإِذَا وَصَلْتَ إِلَى جَانِبِ زَوَارِيقِ السَّبَايَا وَ بَرَزْتَ(1) الْجَوَارِيَ مِنْهَا، فَسَتُحْدِقُ بِهِنَّ طَوَائِفُ الْمُبْتَاعِينَ مِنْ وُكَلاَءِ قُوَّادِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَ شَرَاذِمُ مِنْ فِتْيَانِ الْعِرَاقِ، فَإِذَا رَأَيْتَ ذَلِكَ فَأَشْرِفْ مِنَ الْبُعْدِ عَلَى الْمُسَمَّى عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ(2) النَّخَّاسِ عَامَّةَ نَهَارِكَ، إِلَى أَنْ تَبْرُزَ لِلْمُبْتَاعِينَ جَارِيَةٌ صِفَتُهَا كَذَا، لاَبِسَةٌ حَرِيرَيْنِ صَفِيقَيْنِ(3) ، تَمْنَعُ مِنَ السُّفُورِ، وَ لَيْسَ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ(4) وَ الاِنْقِيَادُ لِمَنْ يُحَاوِلُ لَمْسَهَا، فَيَشْغَلُ نَظَرُهُ بِتَأَمُّلِ مُكَاشِفِهَا مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ الرَّقِيقِ، فَيَضْرِبُهَا النَّخَّاسُ، فَتَصْرَخُ صَرْخَةً رُومِيَّةً، فَاعْلَمْ أَنَّهَا تَقُولُ: وَا هَتْكَ سِتْرَاهْ!

فَيَقُولُ بَعْضُ الْمُبْتَاعِينَ: عَلَيَّ بِثَلاَثِمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَدْ زَادَنِي الْعَفَافُ فِيهَا رَغْبَةً.

فَتَقُولُ لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ: لَوْ بَرَزْتَ فِي زِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَى مِثْلِ سَرِيرِ مِلْكِهِ، مَا بَدَتْ لِي فِيكَ رَغْبَةٌ، فَأَشْفِقْ عَلَى مَالِكَ.

فَيَقُولُ النَّخَّاسُ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ وَ لاَ بُدَّ مِنْ بَيْعَكِ؟

فَتَقُولُ الْجَارِيَةُ: وَ مَا الْعَجَلَةُ، وَ لاَ بُدَّ مِنْ اخْتِيَارِ مُبْتَاعٍ يَسْكُنُ قَلْبِي إِلَى أَمَانَتِهِ وَ وَفَائِهِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ قُمْ إِلَى عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ النَّخَّاسِ وَ قُلْ لَهُ: إِنَّ مَعِي كِتَاباً لَطِيفاً لِبَعْضِل.

ص: 491


1- في «ع»: و بور، و في «ط»: و بدزن.
2- في «ط، م»: مزيد.
3- الثّوب الصّفيق: المتين، الجيّد النسج، الكثيف. «لسان العرب - صفق - 204:10».
4- في «ط»: الوصول.

الْأَشْرَافِ، كَتَبَهُ بِلُغَةٍ رُومِيَّةٍ وَ لَفْظٍ رُومِيٍّ، وَ وَصَفَ فِيهِ نُبْلَهُ وَ كَرَمَهُ وَ وَفَاءَهُ وَ سَخَاءَهُ، فَنَاوِلْهَا لِتَتَأَمَّلَ مِنْهُ أَخْلاَقَ صَاحِبِهِ، فَإِنْ مَالَتْ إِلَيْهِ وَ رَضِيَتْهُ فَأَنَا وَكِيلُهُ فِي ابْتِيَاعِهَا مِنْكَ.

قَالَ بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَّاسُ: فَامْتَثَلْتُ جَمِيعَ مَا حَدَّهُ لِي مَوْلاَنَا أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي أَمْرِ الْجَارِيَةِ. فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَى الْكِتَابِ بَكَتْ بُكَاءً شَدِيداً، وَ قَالَتْ لِعَمْرِو بْنِ يَزِيدَ النَّخَّاسِ: بِعْنِي مِنْ صَاحِبِ هَذَا الْكِتَابِ. وَ حَلَفَتْ بِالْمُحَرِّجَةِ الْمُغَلَّظَةِ(1) إِنَّهُ مَتَى امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهَا مِنْهُ قَتَلَتْ نَفْسَهَا. فَمَا زِلْتُ أُشَاحُّهُ(2) فِي ثَمَنِهَا حَتَّى اسْتَقَرَّ الثَّمَنُ عَلَى مِقْدَارِ مَا كَانَ أَصْحَبَنِي مَوْلاَيَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِنَ الدَّنَانِيرِ فِي السَّبِيكَةِ الصَّفْرَاءِ، فَاسْتَوْفَاهُ مِنِّي وَ تَسَلَّمْتُ مِنْهُ الْجَارِيَةَ ضَاحِكَةً مُسْتَبْشِرَةً، وَ انْصَرَفْتُ بِهَا إِلَى حُجْرَتِي الَّتِي كُنْتُ آوِي إِلَيْهَا بِبَغْدَادَ، فَمَا أَخَذَهَا الْقَرَارُ حَتَّى أَخْرَجَتْ كِتَابَ مَوْلاَنَا أَبِي الْحَسَنِ مِنْ كُمِّهَا وَ هِيَ تَلْثِمُهُ، وَ تَضَعُهُ عَلَى خَدِّهَا، وَ تُطْبِقُهُ عَلَى جَفْنِهَا وَ تَمْسَحُهُ عَلَى بَدَنِهَا، فَقُلْتُ مُتَعَجِّباً مِنْهَا: أَ تَلْثِمِينَ كِتَاباً لاَ تَعْرِفِينَ صَاحِبَهُ؟!

فَقَالَتْ: أَيُّهَا الْعَاجِزُ، الضَّعِيفُ الْمَعْرِفَةِ بِمَحَلِّ أَوْلاَدِ الْأَنْبِيَاءِ، أَعِرْنِي سَمْعَكَ، وَ فَرِّغْ لِي قَلْبَكَ، أَنَا مُلَيْكَةُ بِنْتُ يَسُوعَا بْنِ قَيْصَرَ مَلَكِ الرُّومِ، وَ أُمِّي(3) مِنْ وُلْدِ الْحَوَارِيِّينَ، وَ نَسَبِي مُتَّصِلٌ إِلَى وَصِيِّ الْمَسِيحِ شَمْعُونَ.

أُنْبِئُكَ بِالْعَجَبِ أَنَّ جَدِّي قَيْصَرَ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَنِي مِنْ ابْنِ أَخِيهِ، وَ أَنَا مِنْ بَنَاتِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَجَمَعَ فِي قَصْرِهِ مِنْ نَسْلِ الْحَوَارِيِّينَ، مِنَ الْقِسِّيسِينَ وَ الرُّهْبَانِ ثَلاَثَمِائَةِ رَجُلٍ، وَ مِنْ ذَوِي الْأَخْطَارِ مِنْهُمْ تِسْعَمِائَةِ رَجُلٍ، وَ جَمَعَ مِنْ أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ، وَ قُوَّادِ الْعَسَاكِرِ، وَ نُقَبَاءِ الْجُيُوشِ، وَ مُلُوكِ الْعَشَائِرِ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، وَ أَبْرَزَ مِنْ بَهِيِّ(4) مِلْكِهِ كُرْسِيّاً مُرَصَّعاً مِنْ أَصْنَافِ الْجَوَاهِرِ، إِلَى صَحْنِ الْقَصْرِ فَوْقَ أَرْبَعِينَ مِرْقَاةٍ. فَلَمَّا صَعِدَ ابْنُ أَخِيهِ وَ أَحْدَقَتْ بِهِ الصُّلْبَانُ، وَ قَامَتِ الْأَسَاقِفَةُ خَلْفَهُ، وَ نُشِرَتْ أَسْفَارُ الْإِنْجِيلِ، تَسَاقَطَتِ الصُّلْبَانُ مِنْر.

ص: 492


1- المحرجة من الأيمان: الّتي لا مخرج منها، و المغلّظة: المؤكّدة.
2- في «م، ط»: اشاحنه.
3- في «ع، م»: و أبي.
4- في «ع، م»: بهر.

الْأَعَالِي حَتَّى أُلْصِقَتْ بِالْأَرْضِ، وَ تَقَوَّضَتِ الْأَعْمِدَةُ، وَ تَغَيَّرَتْ أَلْوَانُ الْأَسَاقِفَةِ، وَ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُمْ.

فَقَالَ كَبِيرُهُمْ لِجَدِّي: أَيُّهَا الْمَلِكُ، أَعْفِنَا مِنْ مُلاَقَاةِ هَذِهِ النُّحُوسِ، الدَّالَّةِ عَلَى زَوَالِ هَذَا الدِّينِ الْمَسِيحِيِّ، وَ الْمَذْهَبِ الْمَلِكَانِيِّ(1).

فَتَطَيَّرَ جَدِّي مِنْ ذَلِكَ تَطَيُّراً شَدِيداً، وَ قَالَ لِلْأَسَاقِفَةِ: أَقِيمُوا هَذِهِ الْأَعْمِدَةَ، وَ ارْفَعُوا الصُّلْبَانَ، وَ أَحْضِرُوا أَخَا هَذَا الْعَاثِرِ الْمَنْكُوسِ جَدُّهُ، لِأُزَوِّجَ مِنْهُ هَذِهِ الصَّبِيَّةَ، فَتَدْفَعَ نُحُوسَهُ عَنْكُمْ بِسُعُودِهِ. فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ حَدَثَ عَلَى الثَّانِي مَا حَدَثَ عَلَى الْأَوَّلِ وَ تَفَرَّقَ النَّاسُ وَ قَامَ جَدِّي قَيْصَرُ مُغْتَمّاً، فَدَخَلَ قَصْرَهُ، وَ أُرْخِيَتِ السُّتُورُ.

وَ أُرِيتُ(2) فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ كَأَنَّ الْمَسِيحَ وَ شَمْعُونَ وَ عِدَّةً مِنَ الْحَوَارِيِّينَ، قَدْ اجْتَمَعُوا فِي قَصْرِ جَدِّي، وَ نَصَبُوا فِيهِ مِنْبَراً، يُبَارِي السَّمَاءَ عُلُوّاً وَ ارْتِفَاعاً، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ جَدِّي نَصَبَ فِيهِ عَرْشَهُ، فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَعَ خَتَنِهِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَقُومُ إِلَيْهِمْ الْمَسِيحُ فَيَعْتَنِقُهُ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا رُوحَ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُكَ خَاطِباً مِنْ وَصِيِّكَ شَمْعُونَ فَتَاتَهُ فُلاَنَةَ، لاِبْنِي هَذَا. وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ابْنِ صَاحِبِ هَذَا الْكِتَابِ، فَنَظَرَ الْمَسِيحُ إِلَى شَمْعُونَ، فَقَالَ: قَدْ أَتَاكَ الشَّرَفُ، فَصِلْ رَحِمَكَ بِرَحِمِ رَسُولِ اللَّهِ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. فَصَعِدُوا ذَلِكَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ زَوَّجَنِي مِنْ ابْنِهِ، وَ شَهِدَ الْمَسِيحُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ شَهِدَ أَبْنَاءُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ الْحَوَارِيُّونَ.

فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ مِنْ نَوْمِي أَشْفَقْتُ(3) أَنْ أَقُصَّ هَذِهِ الرُّؤْيَا عَلَى أَبِي وَ جَدِّي مَخَافَةَ الْقَتْلِ، فَكُنْتُ أُسِرُّهَا فِي نَفْسِي، وَ لاَ أُبْدِيهَا لَهُمْ، وَ ضَرَبَ صَدْرِي بِمَحَبَّةِ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، حَتَّى امْتَنَعْتُ عَنِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ، وَ ضَعُفَتْ نَفْسِي، وَ دَقَّ شَخْصِي، وَ مَرِضْتُ مَرَضاً شَدِيداً، فَمَا بَقِيَ فِي مَدَائِنِ الرُّومِ طَبِيبٌ إِلاَّ أَحْضَرَهُ جَدِّي وَ سَأَلَهُ عَنْت.

ص: 493


1- الملكانية: أصحاب: ملكا، الّذي ظهر بأرض الرّوم، و استولى عليها. و معظّم الرّوم ملكانية. الملل و النّحل 203:1.
2- في «ط»: و رأيت.
3- في «ع، م»: أنفت.

دَوَائِي، فَلَمَّا بَرِحَ بِهِ الْيَأْسُ قَالَ: قُرَّةَ عَيْنِي، يَخْطُرُ بِبَالِكِ شَهْوَةٌ فَأُزَوِّدَكِهَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا؟ قُلْتُ: يَا جَدِّي أَرَى أَبْوَابَ الْفَرَجِ عَلَيَّ مُغْلَقَةً، فَلَوْ كَشَفْتَ الْعَذَابِ(1) عَمَّنْ فِي سِجْنِكَ مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، وَ فَكَكْتَ عَنْهُمْ الْأَغْلاَلَ، وَ تَصَدَّقْتَ عَلَيْهِمْ، وَ مَنَّيْتَهُمْ(2) بِالْخَلاَصِ، رَجَوْتُ أَنْ يَهَبَ لِي الْمَسِيحُ وَ أُمُّهُ الْعَافِيَةَ وَ الشِّفَاءَ.

فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ تَجَلَّدْتُ فِي إِظْهَارِ الصِّحَّةِ فِي بَدَنِي، وَ تَنَاوَلْتُ يَسِيراً مِنْ الطَّعَامِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ جَدِّي، وَ أَقْبَلَ عَلَى إِكْرَامِ الْأُسَارَى وَ إِعْزَازِهِمْ، فَأُرِيتُ أَيْضاً بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً كَأَنَّ سَيِّدَةَ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)، وَ مَعَهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَ أَلْفٌ مِنْ وَصَائِفِ الْجِنَانِ، فَتَقُولُ لِي مَرْيَمُ: هَذِهِ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ أُمُّ زَوْجِكِ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَأَتَعَلَّقُ بِهَا وَ أَبْكِي، وَ أَشْكُو إِلَيْهَا امْتِنَاعَ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِنْ زِيَارَتِي.

فَقَالَتْ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا): إِنَّ ابْنِي أَبَا مُحَمَّدٍ لاَ يَزُورُكِ وَ أَنْتِ مُشْرِكَةٌ بِاللَّهِ، عَلَى مَذْهَبِ النَّصْرَانِيَّةِ، هَذِهِ أُخْتِي مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ تَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكِ، فَإِنْ مِلْتِ إِلَى رِضَا اللَّهِ، وَ رِضَا الْمَسِيحِ وَ مَرْيَمَ عَنْكِ، وَ زِيَارَةِ ابْنِي أَبِي مُحَمَّدٍ إِيَّاكِ، فَقُولِي:

أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ. فَلَمَّا تَكَلَّمْتُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ ضَمَّتْنِي سَيِّدَةُ النِّسَاءِ إِلَى صَدْرِهَا، وَ طَيَّبَتْ نَفْسِي، وَ قَالَتْ: الْآنَ تَوَقَّعِي زِيَارَةَ ابْنِي أَبِي مُحَمَّدٍ، إِيَّاكِ، فَأِنِّي مُنْفِذَتُهُ إِلَيْكِ.

فَانْتَبَهْتُ وَ أَنَا أَقُولُ: وَا شَوْقَاهْ إِلَى لِقَاءِ أَبِي مُحَمَّدٍ. فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الْقَابِلَةُ: رَأَيْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) كَأَنَّنِي أَقُولُ لَهُ: لِمَ جَفَوْتَنِي يَا حَبِيبِي بَعْدَ أَنْ شَغَلْتَ قَلْبِي بِجَوَامِعِ حُبُّكَ.

قَالَ: فَمَا كَانَ تَأَخُّرِي عَنْكِ إِلاَّ لِشِرْكِكِ، وَ إِذْ قَدْ أَسْلَمْتِ فَإِنِّي زَائِرُكِ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ شَمْلَنَا فِي الْعَيَانِ؛ فَمَا قَطَعَ عَنِّي زِيَارَتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ.

قَالَ بِشْرٌ: فَقُلْتُ لَهَا: وَ كَيْفَ وَقَعْتِ فِي الْأُسَارَى؟

قَالَتْ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي: إِنَّ جَدَّكِ سَيُسَيِّرُ جُيُوشاً إِلَىم.

ص: 494


1- (العذاب) ليس في «ع، م».
2- في «ع، م»: و مننتهم.

قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ كَذَا، فَعَلَيْكِ بِاللَّحَاقِ بِهِ، مُتَنَكِّرَةً فِي زِيِّ الْخَدَمِ، مَعَ عِدَّةٍ مِنَ الْوَصَائِفِ، مِنْ طَرِيقِ كَذَا. فَفَعَلْتُ، فَوَقَعَتْ عَلَيْنَا طَلاَئِعُ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِي مَا رَأَيْتَ وَ شَاهَدْتَ، وَ مَا شَعَرَ بِأَنِّي ابْنَةُ مَلِكِ الرُّومِ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ أَحَدٌ سِوَاكَ، وَ ذَلِكَ بِإِطْلاَعِي إِيَّاكَ عَلَيْهِ، وَ لَقَدْ سَأَلَنِي الشَّيْخُ الَّذِي وَقَعْتُ إِلَيْهِ فِي قِسْمِ الْغَنِيمَةِ عَنْ اسْمِي، فَأَنْكَرْتُ وَ قُلْتُ: نَرْجِسُ. فَقَالَ: اسْمُ الْجَوَارِي.

قَالَ بِشْرٌ: فَقُلْتُ لَهَا: الْعَجَبُ أَنَّكِ رُومِيَّةٌ وَ لِسَانُكِ عَرَبِيٌّ!

قَالَتْ: بَلَغَ مِنْ وُلُوعِ(1) جَدِّي وَ حُبِّهِ إِيَّايَ عَلَى تَعَلُّمِ الْآدَابِ، أَنْ أَوعَزَ إِلَى امْرَأَةٍ تَرْجُمَانٍ لَهُ، فِي الاِخْتِلاَفِ إِلَيَّ، فَكَانَتْ تَقْصُدُنِي صَبَاحاً وَ مَسَاءً وَ تُفِيدُنِي الْعَرَبِيَّةَ، حَتَّى اسْتَمَرَّ عَلَيْهَا لِسَانِي، وَ اسْتَقَامَ.

قَالَ بِشْرٌ: فَلَمَّا انْكَفَأْتُ بِهَا إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى دَخَلْتُ عَلَى مَوْلاَنَا أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِهَا، فَقَالَ لَهَا: كَيْفَ أَرَاكِ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) عِزَّ الْإِسْلاَمِ وَ ذُلَّ النَّصْرَانِيَّةِ، وَ شَرَفَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟

قَالَتْ: كَيْفَ أَصِفُ لَكَ - يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ - مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي!

قَالَ: فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُكْرِمَكِ، فَأَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكِ: عَشْرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ، أَمْ بُشْرَى لَكِ بِشَرَفِ الْأَبَدِ؟

قَالَتْ: بَلِ الْبُشْرَى.

قَالَ: أَبْشِرِي بِوَلَدٍ يَمْلِكُ الدُّنْيَا شَرْقاً وَ غَرْباً، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلاً، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً.

فَقَالَتْ: مِمَّنْ؟

قَالَ: مِمَّنْ خَطَبَكِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَيْلَةَ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا. بِالرُّومِيَّةِ.

قَالَتْ: مِنْ ابْنِكَ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفِينَهُ؟

قَالَتْ: وَ هَلْ خَلَتْ لَيْلَةٌ مِنْ زِيَارَتِهِ إِيَّايَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ الَّتِي أَسْلَمْتُ عَلَى يَدِ سَيِّدَةِغ.

ص: 495


1- في «ع، م»: بلوغ.

النِّسَاءِ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)!

فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يَا كَافُورُ، ادْعُ لِي حَكِيمَةَ أُخْتِي.

فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَ لَهَا: هَا هِيَ. فَاعْتَنَقَتْهَا طَوِيلاً، وَ سُرَّتْ(1) بِهَا كَثِيراً.

فَقَالَ مَوْلاَنَا: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ، خُذِيهَا إِلَيْكِ وَ عَلِّمِيهَا الْفَرَائِضَ وَ السُّنَنَ، فَإِنَّهَا زَوْجَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ(2).

و الحمد للّه رب العالمين، و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله و سلم تسليما كثيرا.

***4.

ص: 496


1- في النسخ: و سألت.
2- كمال الدين و تمام النعمة: 1/417، غيبة الطوسي: 178/208، روضة الواعظين: 252، مناقب ابن شهرآشوب 440:4.

في معرفة الولادة

و في أيّ ليلة و أي شهر ولد و أين ولد (صلوات اللّه عليه)

489/ 93 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ(1) بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَسَنِيُّ، عَنْ حَكِيمَةَ ابْنَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ لِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيُّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ذَاتَ لَيْلَةٍ، أَوْ ذَاتَ يَوْمٍ: أُحِبُّ أَنْ تَجْعَلِي إِفْطَارَكِ اللَّيْلَةَ عِنْدَنَا، فَإِنَّهُ يَحْدُثُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ أَمْرٌ.

فَقُلْتُ: وَ مَا هُوَ؟

قَالَ: إِنَّ الْقَائِمَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ يُولَدُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ.

فَقُلْتُ: مِمَّنْ؟

قَالَ: مِنْ نَرْجِسَ. فَصِرْتُ إِلَيْهِ، وَ دَخَلْتُ إِلَى(2) الْجَوَارِي، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تَلَقَّتْنِي نَرْجِسُ، فَقَالَتْ: يَا عَمَّةُ، كَيْفَ أَنْتِ، أَنَا أَفْدِيكِ.

ص: 497


1- (محمّد) ليس في «ط».
2- (إلى) ليس في «ط».

فَقُلْتُ لَهَا: بَلْ أَنَا أَفْدِيكِ يَا سَيِّدَةَ نِسَاءِ(1) هَذَا الْعَالَمِ. فَخَلَعْتُ خُفَّيَّ وَ جَاءَتْ لِتَصُبَّ عَلَى رِجْلَيَّ الْمَاءَ، فَحَلَفْتُهَا أَلاَّ تَفْعَلَ وَ قُلْتُ لَهَا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَكِ بِمَوْلُودٍ تَلِدِينَهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ. فَرَأَيْتُهَا لَمَّا قُلْتُ لَهَا ذَلِكَ قَدْ لَبِسَهَا ثَوْبٌ مِنَ الْوَقَارِ وَ الْهَيْبَةِ، وَ لَمْ أَرَ بِهَا حَمْلاً وَ لاَ أَثَرَ حَمْلٍ.

فَقَالَتْ: أَيَّ وَقْتٍ يَكُونُ ذَلِكِ. فَكَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ وَقْتاً بِعَيْنِهِ فَأَكُونَ قَدْ كَذَبْتُ.

فَقَالَ لِي أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): فِي الْفَجْرِ الْأَوَّلِ. فَلَمَّا أَفْطَرْتُ وَ صَلَّيْتُ وَضَعْتُ رَأْسِي وَ نِمْتُ، وَ نَامَتْ نَرْجِسُ مَعِي فِي الْمَجْلِسِ، ثُمَّ انْتَبَهْتُ وَقْتَ صَلاَتِنَا، فَتَأَهَّبْتُ، وَ انْتَبَهَتْ نَرْجِسُ وَ تَأَهَّبَتْ، ثُمَّ إِنِّي صَلَّيْتُ، وَ جَلَسْتُ أَنْتَظِرُ الْوَقْتَ، وَ نَامَ الْجَوَارِي، وَ نَامَتْ نَرْجِسُ، فَلَمَّا ظَنَنْتُ أَنَّ الْوَقْتَ قَدْ قَرُبَ خَرَجْتُ فَنَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ، وَ إِذَا الْكَوَاكِبُ قَدِ انْحَدَرَتْ، وَ إِذَا هُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ عُدْتُ فَكَأَنَّ الشَّيْطَانَ أَخْبَثَ قَلْبِي(2).

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لاَ تَعْجَلِي، فَكَأَنَّهُ قَدْ كَانَ. وَ قَدْ سَجَدَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ شَيْئاً لَمْ أَدْرِ مَا هُوَ، وَ وَقَعَ عَلَيَّ السُّبَاتُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَانْتَبَهْتُ بِحَرَكَةِ الْجَارِيَةِ، فَقُلْتُ لَهَا: بِسْمِ اللَّهِ عَلَيْكِ، فَسَكَنَتْ إِلَى صَدْرِي فَرَمَتْ بِهِ عَلَيَّ، وَ خَرَّتْ سَاجِدَةً، فَسَجَدَ الصَّبِيُّ، وَ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ عَلِيٌّ(3) حُجَّةُ اللَّهِ. وَ ذَكَرَ إِمَاماً إِمَاماً حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِيهِ، فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِلَيَّ ابْنِي. فَذَهَبْتُ لِأُصْلِحَ مِنْهُ شَيْئاً، فَإِذَا هُوَ مُسَوًّى مَفْرُوغٌ مِنْهُ، فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَيْهِ، فَقَبَّلَ وَجْهَهُ وَ يَدَيْهِ وَ رِجْلَيْهِ، وَ وَضَعَ لِسَانَهُ فِي فَمِهِ، وَ زَقَّهُ كَمَا يُزَقُّ الْفَرْخُ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَأْ. فَبَدَأَ بِالْقُرْآنِ مِنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَى آخِرِهِ.

ثُمَّ إِنَّهُ دَعَا بَعْضَ الْجَوَارِي مِمَّنْ عَلِمَ أَنَّهَا تَكْتُمُ خَبَرَهُ، فَنَظَرَتْ، ثُمَّ قَالَ: سَلِّمُوا عَلَيْهِ وَ قَبِّلُوهُ وَ قُولُوا: اسْتَوْدَعْنَاكَ اللَّهَ، وَ انْصَرِفُوا.

ثُمَّ قَالَ: يَا عَمَّةُ، ادْعِي لِي نَرْجِسَ. فَدَعَوْتُهَا وَ قُلْتُ لَهَا: إِنَّمَا يَدْعُوكِ لِتُوَدِّعِيهِ.و.

ص: 498


1- في تبصرة الوليّ: أفديك بما نشاهد.
2- في الغيبة و بعض المصادر: فتداخل قلبي الشّكّ.
3- في «ع»: عليّ وليّ اللّه و.

فَوَدَّعَتْهُ، وَ تَرَكْنَاهُ مَعَ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، ثُمَّ انْصَرَفْنَا.

ثُمَّ إِنِّي صِرْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ، فَلَمْ أَرَهُ عِنْدَهُ، فَهَنَّأْتُهُ فَقَالَ: يَا عَمَّةُ هُوَ فِي وَدَائِعِ اللَّهِ، إِلَى أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ فِي خُرُوجِهِ(1).

490/ 94 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ(2) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَلَوِيِّ، قَالَ: دَخَلْنَا جَمَاعَةً مِنَ الْعَلَوِيَّةِ عَلَى حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، فَقَالَتْ: جِئْتُمْ تَسْأَلُونَنِي(3) عَنْ مِيلاَدِ وَلِيِّ اللَّهِ؟ قُلْنَا: بَلَى وَ اللَّهِ.

قَالَتْ: كَانَ عِنْدِي الْبَارِحَةَ، وَ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ، وَ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدِي صَبِيَّةٌ يُقَالُ لَهَا (نَرْجِسُ) وَ كُنْتُ أُرَبِّيهَا مِنْ بَيْنِ الْجَوَارِي، وَ لاَ يَلِي تَرْبِيَتَهَا غَيْرِي، إِذْ دَخَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَيَّ ذَاتَ يَوْمٍ فَبَقِيَ يُلِحُّ النَّظَرَ إِلَيْهَا، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، هَلْ لَكَ فِيهَا مِنْ حَاجَةٍ؟

فَقَالَ: إِنَّا مَعْشَرَ الْأَوْصِيَاءِ لَسْنَا نَنْظُرُ نَظَرَ رِيبَةٍ، وَ لَكِنَّا نَنْظُرُ تَعَجُّباً أَنَّ الْمَوْلُودَ الْكَرِيمَ عَلَى اللَّهِ يَكُونُ مِنْهَا.

قَالَتْ: قُلْتُ: يَا سَيِّدِي، فَأَرُوحُ بِهَا إِلَيْكَ؟

قَالَ: اسْتَأْذِنِي(4) أَبِي فِي ذَلِكِ. فَصِرْتُ إِلَى أَخِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ ضَاحِكاً وَ قَالَ: يَا حَكِيمَةُ، جِئْتِ تَسْتَأْذِنِينِي فِي أَمْرِ الصَّبِيَّةِ، ابْعَثِي بِهَا إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ، فَإِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) يُحِبُّ أَنْ يُشْرِكَكِ فِي هَذَا الْأَمْرِ.

فَزَيَّنْتُهَا وَ بَعَثْتُ بِهَا إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَكُنْتُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا دَخَلْتُ عَلَيْهَان.

ص: 499


1- حلية الأبرار 522:2 و 533 و 536 نحوه، تبصرة الوليّ: 3/15، مدينة المعاجز: 5/589.
2- هو محمّد بن أحمد الأنصاريّ، روى عنه محمّد بن جعفر بن عبد اللّه، انظر ما يأتي في الحديث (95) و غيبة الطّوسيّ: 246 و 259.
3- في «م، ط»: تسألون.
4- في «ع»: استأذن.

تَقُومُ فَتُقَبِّلُ جَبْهَتِي فَأُقَبِّلُ رَأْسَهَا، وَ تُقَبِّلُ(1) يَدِي فَأُقَبِّلُ رِجْلَهَا، وَ تَمُدُّ يَدَهَا إِلَى خُفِّي لِتَنْزِعَهُ فَأَمْنَعُهَا مِنْ ذَلِكَ، فَأُقَبِّلُ يَدَهَا إِجْلاَلاً وَ إِكْرَاماً لِلْمَحَلِّ الَّذِي أَحَلَّهُ اللَّهُ (تَعَالَى) فِيهَا، فَمَكَثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ مَضَى أَخِي أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: يَا عَمَّتَاهْ، إِنَّ الْمَوْلُودَ الْكَرِيمَ عَلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ(2) سَيُولَدُ لَيْلَتَنَا هَذِهِ.

فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقُمْتُ إِلَى الْجَارِيَةِ فَقَلَبْتُهَا ظَهْراً لِبَطْنٍ، فَلَمْ أَرَ بِهَا حَمْلاً، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، لَيْسَ بِهَا حَمْلٌ. فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً وَ قَالَ: يَا عَمَّتَاهْ، إِنَّا مَعَاشِرَ(3) الْأَوْصِيَاءِ لَيْسَ يُحْمَلُ بِنَا فِي الْبُطُونِ، وَ لَكِنَّا نُحْمَلُ فِي الْجُنُوبِ.

فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ صِرْتُ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِحْرَابَهُ، فَأَخَذَتْ مِحْرَابَهَا فَلَمْ يَزَالاَ يُحْيِيَانِ اللَّيْلَ، وَ عَجَزْتُ عَنْ ذَلِكَ فَكُنْتُ مَرَّةً أَنَامُ وَ مَرَّةً أُصَلِّي إِلَى آخِرِ اللَّيْلِ، فَسَمِعْتُهَا آخِرَ اللَّيْلِ فِي الْقُنُوتِ، لَمَّا انْفَتَلْتُ مِنَ الْوَتْرِ مُسَلِّمَةً، صَاحَتْ: يَا جَارِيَةُ، الطَّسْتَ. فَجَاءَتْ بِالطَّسْتِ فَقَدَّمْتُهُ إِلَيْهَا فَوَضَعَتْ صَبِيّاً كَأَنَّهُ فِلْقَةُ قَمَرٍ، عَلَى ذِرَاعِهِ الْأَيْمَنِ مَكْتُوبٌ: جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (4). وَ نَاغَاهُ سَاعَةً حَتَّى اسْتَهَلَّ، وَ عَطَسَ، وَ ذَكَرَ الْأَوْصِيَاءَ قَبْلَهُ، حَتَّى بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ، وَ دَعَا لِأَوْلِيَائِهِ عَلَى يَدِهِ بِالْفَرَجِ.

ثُمَّ وَقَعَتْ ظُلْمَةٌ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَلَمْ أَرَهُ، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، أَيْنَ الْكَرِيمُ عَلَى اللَّهِ؟ قَالَ: أَخَذَهُ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكِ. فَقُمْتُ وَ انْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَلَمْ أَرَهُ.

وَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً دَخَلْتُ دَارَ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ). فَإِذَا أَنَا بِصَبِيٍّ يَدْرُجُ فِي الدَّارِ، فَلَمْ أَرَ وَجْهاً أَصْبَحَ(5) مِنْ وَجْهِهِ، وَ لاَ لُغَةً أَفْصَحَ مِنْ لُغَتِهِ، وَ لاَ نَغْمَةً أَطْيَبَ مِنْ نَغْمَتِهِ،ن.

ص: 500


1- في «ع» زيادة: يدي فاقبل رأسها و تقبل.
2- (و رسوله) ليس في «ع، م».
3- في «ع»: معشر.
4- الاسراء 81:17.
5- في «ط»: أحسن.

فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، مَنْ هَذَا الصَّبِيُّ؟ مَا رَأَيْتُ أَصْبَحَ وَجْهاً مِنْهُ، وَ لاَ أَفْصَحَ لُغَةً مِنْهُ، وَ لاَ أَطْيَبَ نَغْمَةً مِنْهُ.

قَالَ: هَذَا الْمَوْلُودُ الْكَرِيمُ عَلَى اللَّهِ.

قُلْتُ: يَا سَيِّدِي، وَ لَهُ أَرْبَعُونَ يَوْماً، وَ أَنَا(1) أَرَى مِنْ أَمْرِهِ هَذَا!

قَالَتْ: فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً وَ قَالَ: يَا عَمَّتَاهْ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّا مَعْشَرَ الْأَوْصِيَاءِ نَنْشَأُ فِي الْيَوْمِ كَمَا يَنْشَأُ غَيْرُنَا فِي الْجُمُعَةِ، وَ نَنْشَأُ فِي الْجُمْعَةِ كَمَا يَنْشَأُ غَيْرُنَا فِي الشَّهْرِ، وَ نَنْشَأُ فِي الشَّهْرِ كَمَا يَنْشَأُ(2) غَيْرُنَا فِي السَّنَةِ! فَقُمْتُ فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ وَ انْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي، ثُمَّ عُدْتُ، فَلَمْ أَرَهُ، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَسْتُ أَرَى الْمَوْلُودَ الْكَرِيمَ عَلَى اللَّهِ.

قَالَ: اسْتَوْدَعْنَاهُ مَنِ اسْتَوْدَعَتْهُ أُمُّ مُوسَى مُوسَى. وَ انْصَرَفْتُ وَ مَا كُنْتُ أَرَاهُ إِلاَّ كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْماً.

و كانت الليلة التي ولد فيها ليلة الجمعة، لثمان ليال خلون من شعبان، سنة سبع و خمسين و مائتين من الهجرة.

و يروى: ليلة الجمعة النصف من شعبان سنة سبع(3).

نسبه (عليه السلام)

هُوَ الْخَلَفُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ(4) بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ابْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلاَبِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ ابْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنَ عَدْنَانَ بْنِ أُدِّ

ص: 501


1- في «ط» زيادة: لا.
2- في «م، ط»: الأوصياء ننشأ في الشّهر ما ينشأ.
3- حلية الأبرار 534:2، مدينة المعاجز: 8/590، تبصرة الوليّ: 4/19.
4- في «م، ط»: عبد مناف.

ابْنِ أُدَدَ بْنِ الهميسع بْنِ يَشْخَبُ بْنِ تَيْمٍ بْنِ نَكَثَ بْنِ قيذار بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ).

و كناه:

أبو القاسم، و أبو جعفر، و له كنى أحد عشر إماما.

و ألقابه:

المهدي، و الخلف، و الناطق(1) ، و القائم، و الثائر، و المأمول، و المنتظر، و الوتر، و المديل، و المعتصم، و المنتقم، و الكرّار، و صاحب الرّجعة البيضاء و الدولة الزهراء، و القابض، و الباسط، و الساعة، و القيامة، و الوارث، و الجابر(2) ، و سدرة المنتهى، و الغاية القصوى، و غاية الطالبين، و فرج المؤمنين، و منية الصبر، و المخبر بما لم(3) يعلم، و كاشف الغطاء، و المجازي بالأعمال، و من لم يجعل له من قبل سميّا - أي شبها - و ذات الأرض، و الهول الأعظم، و اليوم الموعود، و الداعي إلى شيء نكر، و مظهر الفضائح، و مبلي السرائر، و مباني الآيات، و طالب التّراث، و الفزع الأعظم، و الإحسان، و المحسن، و العدل، و القسط، و الصّبح، و الشّفق، و عاقبة الدار، و المنعم، و الأمان، و السّناء، و الضياء، و البهاء، و المجاب(4) ، و المضيء، و الحقّ، و الصدق، و الصراط، و السبيل، و العين الناظرة، و الأذن السامعة، و اليد الباسطة، و الجانب، و الجنب، و الوجه، و النفس، و التأييد، و التمكّن، و النّصر، و الفتح، و القوّة، و العزّة، و القدرة، و الملك، و التمام.

فنشأ مع أبيه (عليه السلام) بسرّمن رأى ثلاث سنين، و أقام بها بعد وفاة أبيه إحدى عشرة سنة، ثمّ كانت الغيبة التي لا بدّ منها، إلى أن يظهر اللّه له الأمر فيأذن له، فيظهر(5).

ولد ليلة الجمعة لثمان خلون من شعبان سنة سبع و خمسين و مائتين من الهجرة،

ص: 502


1- (و الناطق) ليس في «ع».
2- في «ط»: و الحاشر.
3- في «ط»: و منته العبر، و مخبر بما لا.
4- في «ع، م»: الحجاب.
5- في «ع، م» زيادة: لأن، و كأنّ بعدها كلام محذوف أو ساقط.

و مضى أبو محمّد (عليه السلام) يوم الجمعة لثمان ليال خلون من ربيع الأوّل سنة ستّين و مائتين من الهجرة.

و كان أحمد بن إسحاق القمّي الأشعري (رضي اللّه عنه) الشيخ الصدوق، وكيل أبي محمّد (عليه السلام)، فلمّا مضى أبو محمّد (عليه السلام) إلى كرامة اللّه (عزّ و جلّ) أقام على وكالته مع مولانا صاحب الزمان (صلوات اللّه عليه) تخرج إليه توقيعاته، و يحمل إليه الأموال من سائر النواحي التي فيها موالي مولانا، فتسلّمها إلى أن استأذن في المصير(1) إلى قم، فخرج الإذن بالمضي، و ذكر أنّه لا يبلغ إلى قم، و أنّه يمرض و يموت في الطريق، فمرض بحلوان(2) و مات و دفن بها (رضي اللّه عنه).

و أقام مولانا (صلوات اللّه عليه) بعد مضي أحمد بن إسحاق الأشعري بسرّمن رأى مدّة، ثمّ غاب لما روي في الغيبة من الأخبار عن السادة (عليهم السلام)، مع ما أنّه مشاهد في المواطن الشريفة الكريمة العالية، و المقامات العظيمة، و قد دلّت الآثار على صحّة مشاهدته (عليه السلام)(3).

***2.

ص: 503


1- في «ط»: المسير.
2- حلوان: تطلق على عدّة مواضع، و المراد هنا حلوان العراق، و هي آخر حدود السواد ممّا يلي الجبال، كانت مدينة عامرة ثم خربت. معجم البلدان 290:2.
3- راجع كمال الدين و تمام النعمة: 464، رجال الكشي: 1052/557، الخرائج و الجرائح 483:1 /ذيل حديث (22)، الاحتجاج 449:2.

ص: 504

معرفة من شاهده في حياة أبيه (عليه و على آبائه الصلاة و السلام)

491/ 95 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبِي (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ:

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: وَجَّهَتِ الْمُفَوِّضَةُ(1) كَامِلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ(2) إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يُبَاحِثُونَ أَمْرَهُ.

قَالَ كَامِلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِهِ(3) لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَ مَعْرِفَتِي وَ قَالَ بِمَقَالَتِي. فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) نَظَرْتُ إِلَى ثِيَابٍ بَيْضَاءَ نَاعِمَةٍ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَلِيُّ اللَّهِ وَ حُجَّتُهُ يَلْبَسُ النَّاعِمَ مِنَ الثِّيَابِ، وَ يَأْمُرُنَا نَحْنُ بِمُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ، وَ يَنْهَانَا عَنْ لُبْسِ مِثْلِهِ!

فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مُبْتَسِماً: يَا كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ! وَ حَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، فَإِذَا مِسْحٌ(4)

ص: 505


1- هم قوم زعموا أن اللّه (تعالى) فوّض خلق العالم و تدبيره لرسوله و عليّ و الأئمّة (عليهم السّلام)، فخلقوا هم الأرضين و السّماوات. راجع المقالات و الفرق: 238، الفرق بين الفرق: 251، معجم الفرق الإسلاميّة: 235.
2- في الهداية و الغيبة و الخرائج: المدنيّ، و في إثبات الوصيّة: المدائنيّ.
3- (عن قوله) ليس في «ع، ط».
4- المسح: كساء من شعر.

أَسْوَدُ خَشِنٌ، فَقَالَ: يَا كَامِلُ، هَذَا لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ هَذَا لَكُمْ. فَخَجِلْتُ وَ جَلَسْتُ إِلَى بَابٍ مُرْخًى عَلَيْهِ سِتْرٌ، فَجَاءَتْ الرِّيحُ فَكَشَفَتْ طَرَفَهُ، فَإِذَا أَنَا بِفَتًى كَأَنَّهُ قَمَرٌ، مِنْ أَبْنَاءِ أَرْبَعٍ، أَوْ مِثْلِهَا، فَقَالَ: يَا كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، فَاقْشَعْرَرْتُ(1) مِنْ ذَلِكَ، وَ أُلْهِمْتُ أَنْ قُلْتُ:

لَبَّيْكَ يَا سَيِّدِي، فَقَالَ: جِئْتَ إِلَى وَلِيِّ اللَّهِ وَ حُجَّةِ زَمَانِهِ، تَسْأَلُهُ: هَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَ مَعْرِفَتَكَ، وَ قَالَ بِمَقَالَتِكَ؟

فَقُلْتُ: إِي وَ اللَّهِ.

قَالَ: إِذَنْ - وَ اللَّهِ - يَقِلُّ دَاخِلُهَا، وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيَدْخُلُهَا(2) قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ: الْحَقِّيَّةُ قُلْتُ:

يَا سَيِّدِي: وَ مَنْ هُمْ؟

قَالَ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ حُبِّهِمْ لِعَلِيٍّ يَحْلِفُونَ بِحَقِّهِ وَ لاَ يَدْرُونَ مَا حَقُّهُ وَ فَضْلُهُ.

ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: وَ جِئْتَ تَسْأَلُهُ عَنْ مَقَالَةِ الْمُفَوِّضَةِ، كَذَبُوا عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ، بَلْ قُلُوبُنَا أَوْعِيَةٌ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ اللَّهُ شِئْنَا، وَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) يَقُولُ: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ (3) ثُمَّ رَجَعَ وَ اللَّهِ السِّتْرُ إِلَى حَالَتِهِ، فَلَمْ أَسْتَطِعْ كَشْفَهُ.

ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مُبْتَسِماً وَ هُوَ يَقُولُ: يَا كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، مَا جُلُوسُكَ وَ قَدْ أَنْبَأَكَ بِحَاجَتِكَ حُجَّتِي مِنْ بَعْدِي؟! فَانْقَبَضْتُ وَ خَرَجْتُ، وَ لَمْ أُعَايِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَلَقِيتُ كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، وَ سَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْخَبَرِ، فَحَدَّثَنِي بِهِ(4).

492/ 96 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ يَزْدَادَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعَالِبِيُّ قِرَاءَةً فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلَّ رَجَبٍ سَنَةً سَبْعِينَ وَ ثَلاَثِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي خَلَفٍ الْقُمِّيِّ، قَالَ: كُنْتُ امْرَأً لَهِجاً بِجَمْعِ(5) الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى غَوَامِضِع.

ص: 506


1- في «ع، م»: فاشعرت.
2- في «ع، م» زيادة: حتّى.
3- الإنسان 30:76.
4- الهداية الكبرى: 359، إثبات الوصيّة: 222، غيبة الطّوسيّ: 216/246، الخرائج و الجرائح 4/458:1 كشف الغمّة 499:2، ينابيع المودّة: 461.
5- في «ع»: بجميع.

الْعُلُومِ وَ دَقَائِقِهَا، كَلِفاً بِاسْتِظْهَارِ مَا يَصِحُّ مِنْ حَقَائِقِهَا، مُغْرَماً بِحِفْظِ مُشْتَبِهِهَا وَ مُسْتَغْلَقِهَا، شَحِيحاً عَلَى مَا أَظْفَرُ بِهِ مِنْ مَعَاضِلِهَا وَ مُشْكِلاَتِهَا، مُتَعَصِّباً لِمَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ، رَاغِباً عَنِ الْأَمْنِ وَ السَّلاَمَةِ فِي انْتِظَارِ التَّنَازُعِ وَ التَّخَاصُمِ، وَ التَّعَدِّي إِلَى التَّبَاغُضِ وَ التَّشَاتُمِ، مُعَيِّباً لِلْفِرَقِ ذَوِي الْخِلاَفِ، كَشَّافاً عَنْ مَثَالِبِ أَئِمَّتِهِمْ، هَتَّاكاً لِحُجُبِ قَادَتِهِمْ.

إِلَى أَنْ بُلِيتُ بِأَشَدِّ النَّوَاصِبِ مُنَازَعَةً، وَ أَطْوَلِهِمْ مُخَاصِمَةً، وَ أَكْثَرِهِمْ جِدَالاً، وَ أَقْشَعِهِمْ سُؤَالاً، وَ أَثَبْتِهِمْ عَلَى الْبَاطِلِ قَدَماً.

فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ وَ أَنَا أُنَاظِرُهُ: تَبّاً لَكَ - يَا سَعْدُ - وَ لِأَصْحَابِكَ، إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الرَّافِضَةِ تَقْصِدُونَ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ بِالطَّعْنِ عَلَيْهِمَا، وَ تَجْحَدُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وِلاَيَتَهُمَا وَ إِمَامَتَهُمَا، هَذَا الصِّدِّيقُ الَّذِي فَاقَ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ بِشَرَفِ سَابِقَتِهِ، أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ الرَّسُولَ (عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلاَمُ) مَا أَخْرَجَهُ مَعَ نَفْسِهِ إِلَى الْغَارِ إِلاَّ عِلْماً مِنْهُ بِأَنَّ الْخِلاَفَةَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَ أَنَّهُ هُوَ الْمُقَلَّدُ أَمْرَ التَّأْوِيلِ، وَ الْمُلْقَى إِلَيْهِ أَزِمَّةُ الْأُمَّةِ، وَ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فِي شَعْبِ الصَّدْعِ، وَ لَمِّ الشَّعَثِ، وَ سَدِّ الْخَلَلِ، وَ إِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَ تَسْرِيَةِ(1) الْجُيُوشِ لِفَتْحِ بِلاَدِ الْكُفْرِ، فَكَمَا أَشْفَقَ عَلَى نُبُوَّتِهِ أَشْفَقَ عَلَى خِلاَفَتِهِ، إِذْ لَيْسَ مِنْ حُكْمِ الاِسْتِتَارِ وَ التَّوَارِي أَنْ يَرُومَ الْهَارِبُ مِنَ الشَّرِّ مُسَاعَدَةً إِلَى مَكَانٍ يَسْتَخْفِي فِيهِ، فَلَمَّا رَأَيْنَا النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مُتَوَجِّهاً إِلَى الاِنْجِحَارِ(2) ، وَ لَمْ تَكُنِ الْحَالُ تُوجِبُ اسْتِدْعَاءَ الْمُسَاعَدَةِ مِنْ أَحَدٍ، اسْتَبَانَ لَنَا قَصْدَ رَسُولِ اللَّهِ بِأَبِي بَكْرٍ إِلَى الْغَارِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي شَرَحْنَاهَا.

وَ إِنَّمَا أَبَاتَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَى فِرَاشِهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ يَكْتَرِثُ لَهُ، وَ لَمْ يَحْفِلْ بِهِ، لاِسْتِثْقَالِهِ إِيَّاهُ، وَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ إِنْ قُتِلَ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ نَصْبُ غَيْرِهِ مَكَانَهُ، لِلْخُطُوبِ الَّتِي كَانَ يَصْلُحُ لَهَا.

قَالَ سَعْدٌ: فَأَوْرَدْتُ عَلَيْهِ أَجْوِبَةً شَتَّى، فَمَا زَالَ يَقْصِدُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالنَّقْضِ وَ الرَّدِّ عَلَيَّ.

ثُمَّ قَالَ: يَا سَعْدُ، دُونَكَهَا أُخْرَى بِمِثْلِهَا تَحْطُمُ آنَافَ الرَّوَافِضِ، أَ لَسْتُمْ تَزْعُمُونَر.

ص: 507


1- في «ع»: و تسريته.
2- أيّ الاستتار.

أَنَّ الصِّدِّيقَ الْمُبَرَّأَ مِنْ دَنَسِ الشُّكُوكِ(1) ، وَ الْفَارُوقَ الْمُحَامِيَ عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلاَمِ، كَانَا يُسِرَّانِ(2) النِّفَاقَ، وَ اسْتَدْلَلْتُمْ بِلَيْلَةِ الْعَقَبَةِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الصِّدِّيقِ وَ الْفَارُوقِ، أَسْلَمَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً؟

قَالَ سَعْدٌ: فَاحْتَلْتُ لِدَفْعِ هَذِهِ(3) الْمَسْأَلَةِ عَنِّي خَوْفاً مِنَ الْإِلْزَامِ، وَ حَذَراً مِنْ أَنِّي إِنْ أَقْرَرْتُ لَهُ بِطَوَاعِيَتِهِمَا(4) فِي الْإِسْلاَمِ احْتَجَّ بِأَنَّ بَدْءَ النِّفَاقِ وَ نُشُوءَهُ فِي الْقَلْبِ لاَ يَكُونُ إِلاَّ عِنْدَ هُبُوبِ رَوَائِحِ الْقَهْرِ وَ الْغَلَبَةِ، وَ إِظْهَارِ الْيَأْسِ الشَّدِيدِ فِي حَمْلِ الْمَرْءِ عَلَى مَنْ لَيْسَ يَنْقَادُ لَهُ قَلْبُهُ، نَحْوُ قَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ): فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمّا رَأَوْا بَأْسَنا (5).

وَ إِنْ قُلْتُ: أَسْلَمَا كَرْهاً، كَانَ يَقْصِدُنِي(6) بِالطَّعْنِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ سُيُوفٌ مُنْتَضَاةٌ كَانَتْ تُرِيهِمَا الْبَأْسَ.

قَالَ سَعْدٌ: فَصَدْرُت عَنْهُ مُزْوَرّاً(7) قَدِ انْتَفَخَتْ أَحْشَائِي مِنَ الْغَضَبِ، وَ تَقَطَّعَ كَبِدِي مِنَ الْكَرْبِ، وَ كُنْتُ قَدْ اتَّخَذْتُ طُومَاراً(8) ، وَ أَثْبَتُّ فِيهِ نَيِّفاً وَ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً مِنْ صِعَابِ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ أَجِدْ لَهَا مُجِيباً، عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عَنْهَا خَيْرَ أَهْلِ بَلَدِي أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ صَاحِبَ مَوْلاَنَا أَبِي مُحَمَّدِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَارْتَحَلْتُ خَلْفَهُ، وَ قَدْ كَانَ خَرَجَ قَاصِداً نَحْوَ مَوْلاَيَ بِسُرَّمَنْ رَأَى، فَلَحِقْتُهُ فِي بَعْضِ الْمَنَاهِلِ، فَلَمَّا تَصَافَحْنَا قَالَ: لِخَيْرٍ لَحَاقُكَ بِي.

قُلْتُ: الشَّوْقِ، ثُمَّ الْعَادَةِ فِي الْأَسْئِلَةِ(9).ة.

ص: 508


1- في «م، ط»: الشّرك.
2- في «ع، م»: يستران.
3- (هذه) ليس في «ع، م».
4- في «ط»: بطوعهما، و في «م»: طوعيتهما.
5- غافر 84:40 و 85.
6- في «ع»: كرها تقصدني.
7- في «ع، م»: عنه من وراء، الازورار عن الشّيء: العدول عنه.
8- أيّ صحيفة.
9- في «ع، م»: الأسولة.

قَالَ: قَدْ تَكَافَأْنَا عَلَى(1) هَذِهِ الْخُطَّةِ الْوَاحِدَةِ، فَقَدْ بَرِحَ بِي الشَّوْقِ إِلَى لِقَاءِ مَوْلاَنَا أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ)، وَ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ مَعَاضِلَ فِي التَّأْوِيلِ(2) وَ مَشَاكِلَ مِنَ التَّنْزِيلِ، فَدُونَكَهَا الصُّحْبَةَ الْمُبَارَكَةَ، فَإِنَّهَا تَقِفُ بِكَ عَلَى ضَفَّةِ بَحْرٍ لاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَ لاَ تَفْنَى غَرَائِبُهُ، وَ هُوَ إِمَامُنَا.

فَوَرَدْنَا سُرَّ مَنْ رَأَى فَانْتَهَيْنَا مِنْهَا إِلَى بَابِ سَيِّدِنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَاسْتَأْذَنَّا فَخَرَجَ إِلَيْنَا الْإِذْنُ بِالدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَ كَانَ عَلَى عَاتِقِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ جِرَابٌ قَدْ غَطَّاهُ بِكِسَاءٍ طَبَرِيٍّ، فِيهِ سِتُّونَ وَ مِائَةُ صُرَّةٍ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَ الدَّرَاهِمِ، عَلَى كُلِّ صُرَّةٍ خَتْمُ(3) صَاحِبِهَا.

قَالَ سَعْدٌ: فَمَا شَبَّهْتُ مَوْلاَنَا أَبَا مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حِينَ غَشِيَنَا نُورُ وَجْهِهِ إِلاَّ بِبَدْرٍ قَدِ اسْتَوْفَى مِنْ لَيَالِيهِ أَرْبَعاً بَعْدَ عَشْرٍ، وَ عَلَى فَخِذِهِ الْأَيْمَنِ غُلاَمٌ يُنَاسِبُ الْمُشْتَرِيَ(4) فِي الْخِلْقَةِ وَ الْمَنْظَرِ، عَلَى رَأْسِهِ فَرْقٌ بَيْنَ وَفْرَتَيْنِ، كَأَنَّهُ أَلِفٌ بَيْنَ وَاوَيْنِ، وَ بَيْنَ يَدَيِ مَوْلاَنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) رُمَّانَةٌ ذَهَبِيَّةٌ(5) تَلْمَعُ بَدَائِعُ نُقُوشِهَا وَسَطَ غَرَائِبِ الْفُصُوصِ الْمُرَكَّبَةِ عَلَيْهَا، قَدْ كَانَ أَهْدَاهَا إِلَيْهِ بَعْضُ رُؤَسَاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَ بِيَدِهِ قَلَمٌ؛ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسْطَرَ بِهِ عَلَى الْبَيَاضِ قَبَضَ الْغُلاَمُ عَلَى أَصَابِعِهِ، وَ كَانَ مَوْلاَنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يُدَحْرِجُ الرُّمَّانَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ يَشْغَلُهُ(6) بِرَدِّهَا لِئَلاَّ يَصُدَّهُ عَنْ كَتْبَةِ(7) مَا أَرَادَ(8) ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَأَلْطَفَ فِيب.

ص: 509


1- في «ع، م»: عن.
2- في «ع، م»: التّوحيد.
3- في «ع، م»: اسم.
4- المشتري: من أكبر الكواكب السّيّارة.
5- في «م»: ذهب.
6- في «ع، م»: يغفله.
7- في «ط»: كتب.
8- فيه غرابة من حيث قبض الغلام (عليه السّلام) على أصابع أبيه أبي محمّد (عليه السّلام) و هكذا وجود رمّانة من ذهب يلعب بها لئلاّ يصدّه عن الكتابة، و قد روى في الكافي 15/248:1 عن صفوان الجمّال قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن صاحب هذا الأمر، فقال: إنّ صاحب هذا الأمر لا يلهو و لا يلعب، و أقبل أبو الحسن موسى - و هو صغير - و معه عناق مكّيّة و هو يقول لها: اسجدي لربّك، فأخذه أبو عبد اللّه (عليه السّلام) و ضمّه إليه و قال: بأبي و أمّي من لا يلهو و لا يلعب.

الْجَوَابِ، وَ أَوْمَأَ إِلَيْنَا بِالْجُلُوسِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كَتْبِهِ الْبَيَاضَ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ، أَخْرَجَ أَحْمَدُ ابْنُ إِسْحَاقَ جِرَابَهُ مِنْ طَيِّ كِسَائِهِ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيِ مَوْلاَنَا فَنَظَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى الْغُلاَمِ وَ قَالَ: يَا بُنَيَّ، فُضَّ الْخَاتَمَ عَنْ هَدَايَا شِيعَتِكَ وَ مَوَالِيكَ.

فَقَالَ: يَا مَوْلاَيَ، أَ يَجُوزُ لِي أَنْ أَمُدَّ يَداً طَاهِرَةً إِلَى هَدَايَا نَجِسَةٍ، وَ أَمْوَالٍ رِجْسَةٍ قَدْ شِيبَ أَحَلُّهَا بِأَحْرَمِهَا؟!

فَقَالَ مَوْلاَنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا ابْنَ إِسْحَاقَ، اسْتَخْرِجْ مَا فِي الْجِرَابِ لِيَمِيزَ بَيْنَ الْأَحَلِّ مِنْهَا وَ الْأَحْرَمِ. فَأَوَّلُ صُرَّةٍ بَدَأَ أَحْمَدُ بِإِخْرَاجِهَا قَالَ الْغُلاَمُ: هَذِهِ لِفُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ، مِنْ مَحَلَّةِ كَذَا بِقُمَّ، تَشْتَمِلُ عَلَى اثْنَيْنِ وَ سِتِّينَ دِينَاراً، فِيهَا مِنْ ثَمَنِ حُجْرَةٍ بَاعَهَا وَ كَانَتْ إِرْثاً لَهُ مِنْ أَبِيهِ خَمْسَةٌ وَ أَرْبَعُونَ دِينَاراً، وَ مِنْ أَثْمَانَ تِسْعَةِ أَثْوَابٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِينَاراً، وَ فِيهَا مِنْ أُجْرَةِ الْحَوَانِيتِ ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ.

فَقَالَ: مَوْلاَنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): صَدَقْتَ يَا بُنَيَّ، دُلَّ الرَّجُلَ عَلَى الْحَرَامِ مِنْهَا.

فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): فَتِّشْ عَنْ دِينَارٍ رَازِيِّ السِّكَّةِ، تَارِيخُهُ سَنَةُ كَذَا، قَدِ انْطَمَسَ مِنْ إِحْدَى صَفْحَتَيْهِ نِصْفُ نَقْشِهِ(1) ، وَ قُرَاضَةٌ أَصْلِيَّةٌ وَزْنُهَا رُبُعُ دِينَارٍ؛ وَ الْعِلَّةُ فِي تَحْرِيمِهَا أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَزَنَ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا عَلَى حَائِكٍ مِنْ جِيرَانِهِ مِنَ الْغَزْلِ مَنّاً وَ رُبُعاً، فَأَتَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ، وَ فِي انْتِهَائِهَا قَيَّضَ لِذَلِكَ الْغَزْلِ سَارِقٌ، فَأَخْبَرَ(2) الْحَائِكُ صَاحِبَهُ فَكَذَّبَهُ، وَ اسْتَرَدَّ مِنْهُ بَدَلَ ذَلِكَ مَنّاً وَ نِصْفاً غَزْلاً أَدَقَّ مِمَّا كَانَ قَدْ(3) دَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَ اتَّخَذَ مِنْ ذَلِكَ ثَوْباً، كَانَ هَذَا الدِّينَارُ مَعَ الْقُرَاضَةِ ثَمَنَهُ. فَلَمَّا فَتَحَ الصُّرَّةَ صَادَفَ فِي وَسَطِ الدَّنَانِيرِ رُقْعَةً بِاسْمِ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ، وَ بِمِقْدَارِهَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ اسْتَخْرَجَ الدِّينَارَ وَ الْقُرَاضَةَ بِتِلْكَ الْعَلاَمَةِ.

ثُمَّ أَخْرَجَ صُرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ الْغُلاَمُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): هَذِهِ لِفُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ، مِنْ مَحَلَّةِ كَذَا بِقُمَّ، تَشْتَمِلُ عَلَى خَمْسِينَ دِينَاراً، لاَ يَحِلُّ لَنَا مَسُّهَا(4).ا.

ص: 510


1- في «ع، م»: صفحتيه فقر.
2- في «ط» زيادة: به.
3- (قد) ليس في «ع، م».
4- في «ط»: لمسها.

قَالَ: وَ كَيْفَ ذَلِكَ؟

قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لِأَنَّهَا مِنْ ثَمَنِ حِنْطَةٍ حَافَ(1) صَاحِبُهَا عَلَى أَكَّارِهِ فِي الْمُقَاسَمَةِ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَبَضَ حِصَّتَهُ مِنْهَا بِكَيْلٍ وَافٍ، وَ كَالَ مَا خَصَّ الْأَكَّارَ مِنْهَا بِكَيْلٍ بَخْسٍ.

فَقَالَ مَوْلاَنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): صَدَقْتَ يَا بُنَيَّ.

ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ إِسْحَاقَ، احْمِلْهَا بِأَجْمَعِهَا لِتَرُدَّهَا، أَوْ تُوصِيَ بِرَدِّهَا(2) عَلَى أَرْبَابِهَا، فَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِي شَيْ ءٍ مِنْهَا، ائْتِنَا بِثَوْبِ الْعَجُوزِ. قَالَ أَحْمَدُ: وَ كَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ فِي حَقِيبَةٍ لِي فَنَسِيتُهُ.

فَلَمَّا انْصَرَفَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ لِيَأْتِيَهُ بِالثَّوْبِ نَظَرَ إِلَيَّ مَوْلاَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ يَا سَعْدُ؟

فَقُلْتُ: شَوَّقَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ إِلَى لِقَاءِ مَوْلاَنَا.

فَقَالَ: وَ الْمَسَائِلُ الَّتِي أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَهُ عَنْهَا؟

قُلْتُ: عَلَى حَالَتِهَا يَا مَوْلاَيَ.

فَقَالَ: سَلْ قُرَّةَ عَيْنِي - وَ أَوْمَأَ إِلَى الْغُلاَمِ - عَمَّا بَدَا لَكَ مِنْهَا.

فَقُلْتُ: مَوْلاَنَا وَ ابْنَ مَوْلاَنَا، إِنَّا رُوِّينَا عَنْكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) جَعَلَ طَلاَقَ نِسَائِهِ بِيَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) حَتَّى أَرْسَلَ يَوْمَ الْجَمَلِ إِلَى عَائِشَةَ: «إِنَّكِ قَدْ أَرْهَجْتِ(3) عَلَى الْإِسْلاَمِ وَ أَهْلِهِ بِفِتْنَتِكِ(4) ، وَ أَوْرَدْتِ بَنِيكِ حِيَاضَ الْهَلاَكِ بِجَهْلِكِ، فَإِنْ كَفَفْتِ عَنِّي غَرْبَكِ(5) وَ إِلاَّ طَلَّقْتُكِ». وَ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَدْ كَانَ طَلاَقُهُنَّ بِوَفَاتِهِ(6).

قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَا الطَّلاَقُ؟ه.

ص: 511


1- أيْ جار و ظلم.
2- (أو توصي بردّها) ليس في «ع، م».
3- الرهج: الشغب و الفتنة، و أرهج: أثار الغبار.
4- في «ع»: بفئتك.
5- أيْ حدتك «النّهاية 350:3».
6- في «ع، م»: طلقهن وفاته.

قُلْتُ: تَخْلِيَةُ السَّبِيلِ.

قَالَ: فَإِذَا كَانَ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَدْ خَلَّى سَبِيلَهُنَّ، فَلِمَ لاَ يَحِلُّ لَهُنَّ الْأَزْوَاجُ؟

قُلْتُ: لِأَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) حَرَّمَ الْأَزْوَاجَ(1) عَلَيْهِنَّ.

قَالَ: كَيْفَ وَ قَدْ خَلَّى الْمَوْتُ سَبِيلَهُنَّ؟

قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي يَا ابْنَ مَوْلاَيَ عَنْ مَعْنَى الطَّلاَقِ الَّذِي فَوَّضَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حُكْمَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

قَالَ: إِنَّ اللَّهَ (تَقَدَّسَ اسْمُهُ) عَظَّمَ شَأْنَ نِسَاءِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَخَصَّهُنَّ بِشَرَفِ الْأُمَّهَاتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «يَا أَبَا الْحَسَنِ، إِنَّ هَذَا الشَّرَفَ بَاقٍ لَهُنَّ مَا دُمْنَ لِلَّهِ عَلَى الطَّاعَةِ، فَأَيَّتُهُنَّ عَصَتِ اللَّهَ بَعْدِي بِالْخُرُوجِ عَلَيْكَ، فَأَطْلِقْ لَهَا فِي الْأَزْوَاجِ، وَ أَسْقِطْهَا مِنْ شَرَفِ الْأُمَّهَاتِ وَ مِنْ شَرَفِ أُمُومَةِ الْمُؤْمِنِينَ».

قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْفَاحِشَةِ الْمُبَيِّنَةِ الَّتِي إِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ بِهَا فِي أَيَّامِ عِدَّتِهَا حَلَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ بَيْتِهِ.

قَالَ: السَّحْقُ دُونَ الزِّنَا، وَ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا زَنَتْ، وَ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، لَيْسَ لِمَنْ أَرَادَهَا أَنْ يَمْتَنِعَ(2) بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ التَّزَوُّجِ بِهَا لِأَجْلِ الْحَدِّ(3) ، وَ إِذَا سَحَقَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الرَّجْمُ، وَ الرَّجْمُ خِزْيٌ، وَ مَنْ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِرَجْمِهِ فَقَدْ أَخْزَاهُ، وَ مَنْ أَخْزَاهُ فَقَدْ أَبْعَدَهُ، وَ مَنْ أَبْعَدَهُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْرَبَهُ.

قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (4) فَإِنَّ فُقَهَاءَ الْفَرِيقَيْنِ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ إِهَابِ(5) الْمَيْتَةِ.د.

ص: 512


1- (الازواج) ليس في «ع، م».
2- في «ع، م»: أراد أن يمنع.
3- في «ع، م»: الحدود.
4- طه 12:20.
5- الإهاب: الجلد.

فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدِ افَتَرَى عَلَى مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ اسْتَجْهَلَهُ فِي نُبُوَّتِهِ، لِأَنَّهُ مَا خَلاَ الْأَمْرُ فِيهَا مِنْ خَصْلَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ صَلاَةُ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِيهَا جَائِزَةً أَوْ غَيْرَ جَائِزَةٍ؛ فَإِنْ كَانَتْ صَلاَةُ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جَائِزَةً جَازَ لِمُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنْ يَكُونَ لاَبِسَهُمَا فِي الْبُقْعَةِ، إِذْ لَمْ تَكُنْ مُقَدَّسَةً، وَ إِنْ كَانَتْ مُقَدَّسَةً مُطَهَّرَةً فَلَيْسَتْ بِأَطْهَرَ وَ أَقْدَسَ مِنَ الصَّلاَةِ.

وَ إِنْ كَانَتْ صَلاَتُهُ غَيْرَ جَائِزَةٍ فِيهِمَا فَقَدْ أَوْجَبَ أَنْ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لَمْ يَعْرِفِ الْحَلاَلَ مِنَ(1) الْحَرَامِ، وَ عَلِمَ مَا جَازَ فِيهِ الصَّلاَةُ وَ مَا لاَ يَجُوزُ، وَ هَذَا كُفْرٌ.

قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي يَا ابْنَ مَوْلاَيَ، عَنِ التَّأْوِيلِ فِيهَا.

قَالَ: إِنَّ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) نَاجَى رَبَّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ، فَقَالَ: «يَا رَبِّ، إِنِّي قَدْ أَخْلَصْتُ لَكَ الْمَحَبَّةَ مِنِّي، وَ غَسَلْتُ قَلْبِي عَمَّنْ سِوَاكَ» وَ كَانَ شَدِيدَ الْحُبِّ لِأَهْلِهِ، فَقَالَ اللَّهُ (تَعَالَى): فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ أَيْ(2) انْزِعْ حُبَّ أَهْلِكَ مِنْ قَلْبِكَ إِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُكَ لِي خَالِصَةً، وَ قَلْبُكَ مِنَ الْمِيلِ إِلَى سِوَايَ مَغْسُولاً.

قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي - يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ - عَنْ تَأْوِيلِ كهيعص (3).

قَالَ: هَذِهِ الْحُرُوفُ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ، أَطْلَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، ثُمَّ قَصَّهَا عَلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ ذَلِكَ أَنَّ زَكَرِيَّا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَسْمَاءَ الْخَمْسَةِ، فَأَهْبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَعَلَّمَهُ إِيَّاهَا، فَكَانَ زَكَرِيَّا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذَا ذَكَرَ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ سُرِّيَ عَنْهُ هَمُّهُ، وَ انْجَلَى كَرْبُهُ، فَإِذَا ذَكَرَ اسْمَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ، وَ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْهُمُومُ، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: «إِلَهِي، مَا بَالِي إِذَا ذَكَرْتُ أَرْبَعاً مِنْهُمْ تَسَلَّيْتُ بِأَسْمَائِهِمْ مِنْ هُمُومِي، وَ إِذَا ذَكَرْتُ الْحُسَيْنَ تَدْمَعُ عَيْنِي، وَ تَثُورُ زَفْرَتِي؟»

فَأَنْبَأَهُ اللَّهُ عَنْ قِصَّتِهِ، فَقَالَ: كهيعص فَالْكَافُ: اسْمُ كَرْبَلاَءَ، وَ الْهَاءُ: هَلاَكُ9.

ص: 513


1- في «ط»: و.
2- في «ع، م»: و.
3- مريم 1:19.

الْعِتْرَةِ، وَ الْيَاءُ: يَزِيدُ (لَعَنَهُ اللَّهُ)؛ وَ هُوَ ظَالِمُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ الْعَيْنُ: عَطَشُهُ، وَ الصَّادُ: صَبْرُهُ.

فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ زَكَرِيَّا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لَمْ يُفَارِقْ مَسْجِدَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَ مَنَعَ فِيهِنَّ النَّاسَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَ أَقْبَلَ عَلَى الْبُكَاءِ وَ النَّحِيبِ، وَ كَانَتْ نُدْبَتُهُ(1): «إِلَهِي أَ تُفَجِّعُ خَيْرَ جَمِيعِ خَلْقِكَ بِوَلَدِهِ، إِلَهِي أَ تُنْزِلُ بَلْوَى هَذِهِ الرَّزِيَّةِ بِفِنَائِهِ، إِلَهِي أَ تُلْبِسُ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ ثِيَابَ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ، إِلَهِي أَ تُحِلُّ كُرْبَةَ هَذِهِ الْفَجِيعَةِ بِسَاحَتِهِمَا(2).

ثُمَّ كَانَ يَقُولُ: «إِلَهِي ارْزُقْنِي وَلَداً تُقِرُّ بِهِ عَيْنِي عَلَى الْكِبَرِ، وَ اجْعَلْهُ وَارِثاً رَضِيّاً، يُوَازِي مَحَلُّهُ مِنِّي مَحَلَّ الْحُسَيْنِ، فَإِذَا رَزَقْتَنِيهِ فَافْتِنِّي بِحُبِّهِ، ثُمَّ أَفْجِعْنِي بِهِ، كَمَا تُفَجِّعُ مُحَمَّداً حَبِيبَكَ بِوَلَدِهِ» فَرَزَقَهُ اللَّهُ (تَعَالَى) يَحْيَى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ فَجَّعَهُ بِهِ، وَ كَانَ حَمَلَ يَحْيَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَ حَمَلَ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) كَذَلِكَ، وَ لَهُ قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ.

قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي يَا مَوْلاَيَ، عَنِ الْعِلَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ الْقَوْمَ مِنِ اخْتِيَارِ إِمَامٍ لِأَنْفُسِهِمْ.

قَالَ: مُصْلِحٍ، أَوْ مُفْسِدٍ؟

قُلْتُ: مُصْلِحٍ.

قَالَ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ تَقَعَ خِيَرَتُهُمْ عَلَى الْفَسَادِ بَعْدَ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ مَا يَخْطُرُ بِبَالِ غَيْرِهِ مِنْ صَلاَحٍ أَوْ فَسَادٍ؟

قُلْتُ: بَلَى.

قَالَ: فَهِيَ الْعِلَّةُ أُورِدُهَا لَكَ بِبُرْهَانٍ يَنْقَادُ لَهُ(3) عَقْلُكَ:

أَخْبِرْنِي عَنِ الرُّسُلِ الَّذِينَ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ (تَعَالَى)، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ عِلْمَهُ، وَ أَيَّدَهُمْ بِالْوَحْيِ وَ الْعِصْمَةِ، إِذْ هُمْ أَعْلاَمُ الْأُمَمِ، وَ أَهْدَى إِلَى الاِخْتِيَارِ مِنْهُمْ، مِثْلَ مُوسَى وَ عِيسَى (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)، هَلْ يَجُوزُ مَعَ وُفُورِ عَقْلِهِمَا، وَ كَمَالِ عِلْمِهِمَا، إِذَا هُمَا بِالاِخْتِيَارِ أَنْ تَقَعَ خِيَرَتُهُمَا عَلَى الْمُنَافِقِ، وَ هُمَا يَظُنَّانِ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ؟

قُلْتُ: لاَ.ك.

ص: 514


1- في «ع، م»: أنته.
2- في «ط»: بساحتها.
3- في «ط»: ينقاد بذلك.

قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): فَهَذَا مُوسَى كَلِيمُ اللَّهِ، مَعَ وُفُورِ عَقْلِهِ، وَ كَمَالِ عِلْمِهِ، اخْتَارَ مِنْ أَعْيَانِ قَوْمِهِ وَ وُجُوهِ عَسْكَرِهِ لِمِيقَاتِ رَبِّهِ سَبْعِينَ رَجُلاً، مِمَّنْ لَمْ يَشُكَّ فِي إِيمَانِهِمْ وَ إِخْلاَصِهِمْ، فَوَقَعَتْ خِيَرَتُهُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ): وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا (1). وَ قَوْلِهِ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ (2).

فَلَمَّا وَجَدْنَا اخْتِيَارَ مَنْ قَدِ اصْطَفَاهُ اللَّهُ (تَعَالَى) لِنُبُوَّتِهِ، وَاقِعاً عَلَى الْأَفْسَدِ دُونَ الْأَصْلَحِ، وَ هُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ الْأَصْلَحُ دُونَ الْأَفْسَدِ، عَلِمْنَا أَنْ لاَ اخْتِيَارَ إِلاَّ لِمَنْ يَعْلَمُ مَا تُخْفِي الصُّدُورُ، وَ تُكِنُّ الضَّمَائِرُ، وَ تَنْصَرِفُ عَلَيْهِ السَّرَائِرُ، وَ أَنْ لاَ خَطَرَ لاِخْتِيَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ بَعْدَ وُقُوعِ خِيَرَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى ذَوِي الْفَسَادِ، لَمَّا أَرَادُوا أَهْلَ الصَّلاَحِ.

ثُمَّ قَالَ مَوْلاَنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): يَا سَعْدُ، حِينَ ادَّعَى خَصْمُكَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَا أَخْرَجَ مَعَ نَفْسِهِ مُخْتَارَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى الْغَارِ إِلاَّ عِلْماً مِنْهُ أَنَّ الْخِلاَفَةَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَ أَنَّهُ هُوَ الْمُقَلَّدُ أُمُورَ التَّأْوِيلِ، وَ الْمُلْقَى إِلَيْهِ أَزِمَّةُ الْأُمُورِ، وَ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فِي لَمِّ الشَّعَثِ، وَ سَدِّ الْخَلَلِ، وَ إِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَ تَسْيِيرِ الْجُيُوشِ(3) لِفَتْحِ بِلاَدِ الْكُفْرِ، فَكَمَا أَشْفَقَ عَلَى نُبُوَّتِهِ أَشْفَقَ عَلَى خِلاَفَتِهِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حُكْمِ الاِسْتِتَارِ وَ التَّوَارِي أَنْ يَرُومَ الْهَارِبُ مِنَ الشَّرِّ مُسَاعَدَةً مِنْ غَيْرِهِ إِلَى مَكَانٍ يَسْتَخْفِي فِيهِ، وَ إِنَّمَا أَبَاتَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلَى فِرَاشِهِ لِمَا لَمْ يَكُنْ يَكْتَرِثُ لَهُ وَ لَمْ يَحْفِلْ بِهِ، لاِسْتِثْقَالِهِ إِيَّاهُ، وَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ إِنْ قُتِلَ لَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ نَصْبُ غَيْرِهِ مَكَانَهُ لِلْخُطُوبِ الَّتِي كَانَ يَصْلُحُ لَهَا».

فَهَلاَّ نَقَضْتَ دَعْوَاهُ بِقَوْلِكَ: أَ لَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «اَلْخِلاَفَةُ بَعْدِي ثَلاَثُونَ سَنَةً» فَجَعَلَ هَذِهِ مَوْقُوفَةً عَلَى أَعْمَارِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ هُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فِي مَذْهَبِكُمْ، فَكَانَ لاَ يَجِدُ بُدّاً مِنْ قَوْلِهِ: بَلَى.

فَكُنْتَ تَقُولُ لَهُ حِينَئِذٍ: أَ لَيْسَ كَمَا عَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّ الْخِلاَفَةَ مِنْة.

ص: 515


1- الأعراف 155:7.
2- البقرة 55:2.
3- في «ط»: تسريب الجيوش، أيْ بعثها و تسييرها قطعة قطعة.

بَعْدِهِ لِأَبِي بَكْرٍ، عَلَّمَ أَنَّهَا مِنْ بَعْدِ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ، وَ مِنْ بَعْدِهِ لِعُثْمَانَ، وَ مِنْ بَعْدِ عُثْمَانَ لِعَلِيٍّ، فَكَانَ أَيْضاً لاَ يَجِدُ بُدّاً مِنْ قَوْلِهِ: نَعَمْ. ثُمَّ كُنْتَ تَقُولُ لَهُ: فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أَنْ يُخْرِجَهُمْ جَمِيعاً عَلَى التَّرْتِيبِ إِلَى الْغَارِ، وَ يُشْفِقَ عَلَيْهِمْ كَمَا أَشْفَقَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَ لاَ يَسْتَخِفَّ بِقَدْرِ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ بِتَرْكِهِ إِيَّاهُمْ، وَ تَخْصِيصِهِ أَبَا بَكْرٍ بِإِخْرَاجِهِ مَعَ نَفْسِهِ دُونَهُمْ.

فَلَمَّا قَالَ: «أَخْبِرْنِي عَنِ الصِّدِّيقِ وَ الْفَارُوقِ أَسْلَمَا طَوْعاً، أَوْ كَرْهاً؟» لِمَ لَمْ تَقُلْ:

بَلْ أَسْلَمَا طَمَعاً؟ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَا يُجَالِسَانِ الْيَهُودَ، وَ يَسْتَخْبِرَانِهِمْ عَمَّا كَانُوا يَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ، وَ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، النَّاطِقَةِ بِالْمَلاَحِمِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، مِنْ قِصَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ مِنْ عَوَاقِبِ أَمْرِهِ، وَ كَانَتِ الْيَهُودُ تَذْكُرُ أَنَّ لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَسَلّطاً عَلَى الْعَرَبِ، كَمَا كَانَ لِبُخْتَ نَصَّرَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، غَيْرَ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ نَبِيٍّ.

فَأَتَيَا مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَسَاعَدَاهُ عَلَى قَوْلِ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَ تَابَعَاهُ طَمَعاً فِي أَنْ يَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ جِهَتِهِ وَلاَيَةَ بَلَدٍ، إِذَا اسْتَقَامَتْ أُمُورُهُ، وَ اسْتَتَبَّتْ أَحْوَالُهُ. فَلَمَّا أَيِسَا مِنْ ذَلِكَ تَلَثَّمَا وَ صَعَداً الْعَقَبَةَ مَعَ عِدَّةٍ مِنْ أَمْثَالِهَا مِنْ الْمُنَافِقِينَ، عَلَى أَنْ يَقْتُلُوهُ، فَدَفَعَ اللَّهُ كَيْدَهُمْ، وَ رَدَّهُمْ بِغَيْظِهِمْ، لَمْ يَنَالُوا خَيْراً.

كَمَا أَتَى طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَبَايَعَاهُ، وَ طَمِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنَالَ مِنْ جِهَتِهِ وَلاَيَةَ بَلَدٍ، فَلَمَّا أَيِسَا نَكَثَا بَيْعَتَهُ وَ خَرَجَا عَلَيْهِ، فَصَرَعَ اللَّهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَصْرَعَ أَشْبَاهِهِمَا مِنَ النَّاكِثِينَ.

قَالَ سَعْدٌ: ثُمَّ قَامَ مَوْلاَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَادِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِلصَّلاَةِ مَعَ الْغُلاَمِ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُمَا، وَ طَلَبْتُ أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ، فَاسْتَقْبَلَنِي بَاكِياً، فَقُلْتُ: مَا أَبْطَأَكَ وَ أَبْكَاكَ؟

فَقَالَ: قَدْ فَقَدْتُ الثَّوْبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَوْلاَيَ لِإِحْضَارِهِ.

قُلْتُ: لاَ عَلَيْكَ، فَأَخْبِرْهُ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَ انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ مُتَبَسِّماً، وَ هُوَ يُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: مَا الْخَبَرُ؟

قَالَ: وَجَدْتُ الثَّوْبَ مَبْسُوطاً تَحْتَ قَدَمَيْ مَوْلاَنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، يُصَلِّي عَلَيْهِ.

ص: 516

قَالَ سَعْدٌ: فَحَمِدْنَا اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) عَلَى ذَلِكَ، وَ جَعَلَنَا نَخْتَلِفُ إِلَى مَوْلاَنَا أَيَّاماً فَلاَ نَرَى الْغُلاَمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بَيْنَ يَدَيْهِ(1). و الحمد للّه ربّ العالمين، و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد النبي و آله و سلّم تسليما كثيرا.

***4.

ص: 517


1- كمال الدين و تمام النعمة: 21/454، الخرائج و الجرائح 22/481:1 نحوه، الاحتجاج 461:2، و قطعة منه في الثاقب في المناقب: 534/585، و تأويل الآيات 1/299:1، و مدينة المعاجز: 594.

ص: 518

معرفة شيوخ الطائفة

الذين عرفوا صاحب الزمان (صلوات اللّه عليه)

في مدّة مقامه بسرّمن رأى بالدلائل و البراهين و الحجج

الواضحة

493/ 97 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ(1) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ جَعْفَرٍ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ سَابُورَ(2) ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَوَانٍ السَّرَّاجُ الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الدِّينَوَرِيِّ السَّرَّاجُ، الْمُكَنَّى بِأَبِي الْعَبَّاسِ، الْمُلَقَّبِ بِآسْتَارَهْ، قَالَ: انْصَرَفْتُ مِنْ أَرْدَبِيلَ(3) إِلَى الدِّينَوَرِ(4) أُرِيدُ

ص: 519


1- في «م»: الفضل.
2- في «ط»: شابور.
3- في «ط»: أربيل: و هي مدينة في شمال العراق و هي «إربل» القديمة، ورد ذكرها في الكتابات السومرية، و العامّة تنطقها بفتح أوّلها (أربيل). المنجد في الاعلام: 31. و أردبيل: من أشهر مدن أذربيجان في إيران. معجم البلدان 145:1.
4- الدينور: مدينة من امهات مدن الجبال في كردستان إيران. المنجد في الأعلام: 296.

الْحَجَّ، وَ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِسَنَةٍ، أَوْ سَنَتَيْنِ، وَ كَانَ النَّاسُ فِي حَيْرَةٍ، فَاسْتَبْشَرُوا أَهْلُ الدِّينَوَرِ بِمُوَافَاتِي، وَ اجْتَمَعَ الشِّيعَةُ عِنْدِي، فَقَالُوا: قَدْ اجْتَمَعَ عِنْدَنَا سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ مِنْ مَالِ الْمَوَالِي، وَ نَحْتَاجُ أَنْ تَحْمِلَهَا مَعَكَ، وَ تُسَلِّمُهَا بِحَيْثُ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا.

قَالَ: فَقُلْتُ: يَا قَوْمِ، هَذِهِ حَيْرَةٌ، وَ لاَ نَعْرِفُ الْبَابَ فِي هَذَا الْوَقْتِ.

قَالَ: فَقَالُوا: إِنَّمَا اخْتَرْنَاكَ لِحَمْلِ هَذَا الْمَالِ لِمَا نَعْرِفُ مِنْ ثِقَتِكَ وَ كَرَمِكَ، فَاحْمِلْهُ(1) عَلَى أَلاَّ تُخْرِجَهُ مِنْ يَدَيْكَ إِلاَّ بِحُجَّةٍ.

قَالَ: فَحُمِلَ إِلَيَّ ذَلِكَ الْمَالُ فِي صُرَرٍ بِاسْمِ رَجُلٍ رَجُلٍ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْمَالَ وَ خَرَجْتُ، فَلَمَّا وَافَيْتُ قَرْمِيسِينَ(2) ، وَ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ مُقِيماً بِهَا، فَصِرْتُ إِلَيْهِ مُسَلِّماً، فَلَمَّا لَقِيَنِي اسْتَبْشَرَ بِي، ثُمَّ أَعْطَانِي أَلْفَ دِينَارٍ فِي كِيسٍ، وَ تُخُوتِ ثِيَابٍ مِنْ أَلْوَانٍ مُعَتَّمَةٍ(3) ، لَمْ أَعْرِفْ مَا فِيهَا، ثُمَّ قَالَ لِي أَحْمَدُ: احْمِلْ هَذَا مَعَكَ، وَ لاَ تُخْرِجْهُ عَنْ يَدِكَ إِلاَّ بِحُجَّةٍ.

قَالَ: فَقَبَضْتُ مِنْهُ الْمَالَ، وَ التُّخُوتَ بِمَا فِيهَا مِنَ الثِّيَابِ.

فَلَمَّا وَرَدْتُ بَغْدَادَ لَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ غَيْرُ الْبَحْثِ عَمَّنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالنِّيَابَةِ(4) ، فَقِيلَ لِي: إِنَّ هَاهُنَا رَجُلاً يُعْرَفُ بِالْبَاقِطَانِيِّ يَدَّعِي بِالنِّيَابَةِ، وَ آخَرَ يُعْرَفُ بِإِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ يَدَّعِي بِالنِّيَابَةِ، وَ آخَرَ يُعْرَفُ بِأَبِي جَعْفَرٍ الْعَمْرِيِّ يَدَّعِي بِالنِّيَابَةِ.

قَالَ: فَبَدَأْتُ بِالْبَاقِطَانِيِّ، فَصِرْتُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ شَيْخاً بَهِيّاً، لَهُ مُرُوءَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَ فَرَسٌ(5) عَرَبِيٌّ، وَ غِلْمَانٌ كَثِيرٌ، وَ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ النَّاسُ يَتَنَاظَرُونَ. قَالَ: فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَحَّبَ، وَ قَرَّبَ، وَ بَرَّ، وَ سُرَّ. قَالَ: فَأَطَلْتُ الْقُعُودَ إِلَى أَنْ خَرَجَ أَكْثَرُ النَّاسِ، قَالَ: فَسَأَلَنِي عَنْ حَاجَتِي، فَعَرَّفْتُهُ أَنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الدِّينَوَرِ، وَ مَعِي شَيْ ءٌ مِنَ الْمَالِ، أَحْتَاجُ أَنْ أُسَلِّمَهُ.ة.

ص: 520


1- في «ع، م»: فاعمل.
2- قرميسين: بلد معروف قرب الدينور، بين همذان و حلوان، على جادّة العراق. مراصد الاطّلاع 1081:3.
3- في «ع، م»: معكمة.
4- في «ط»: بالبابية، و كذا في المواضع الآتية.
5- في «ط»: فرش، و كذا في المواضع الآتية.

قَالَ: فَقَالَ لِي: احْمِلْهُ.

قَالَ: فَقُلْتُ: أُرِيدُ حُجَّةً.

قَالَ: تَعُودُ إِلَيَّ فِي غَدٍ. قَالَ: فَعُدْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ، فَلَمْ يَأْتِ بِحُجَّةٍ، وَ عُدْتُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلَمْ يَأْتِ بِحُجَّةٍ.

قَالَ: فَصِرْتُ إِلَى إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ، فَوَجَدْتُهُ شَابّاً نَظِيفاً، مَنْزِلُهُ أَكْبَرُ مِنْ مَنْزِلِ الْبَاقِطَانِيِّ، وَ فَرَسُهُ وَ لِبَاسُهُ وَ مُرُوءَتُهُ أَسْرَى(1) ، وَ غِلْمَانُهُ أَكْثَرُ مِنْ غِلْمَانِهِ، وَ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ مِنَ النَّاسِ أَكْثَرُ مِمَّا يَجْتَمِعُونَ عِنْدَ الْبَاقِطَانِيِّ. قَالَ: فَدَخَلْتُ وَ سَلَّمْتُ، فَرَحَّبَ وَ قَرَّبَ، قَالَ: فَصَبَرْتُ إِلَى أَنْ خَفَّ النَّاسُ، قَالَ: فَسَأَلَنِي عَنْ حَاجَتِي، فَقُلْتُ لَهُ كَمَا قُلْتُ لِلْبَاقِطَانِيِّ، وَ عُدْتُ إِلَيْهِ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، فَلَمْ يَأْتِ بِحُجَّةٍ.

قَالَ: فَصِرْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْعَمْرِيِّ، فَوَجَدْتُهُ شَيْخاً مُتَوَاضِعاً، عَلَيْهِ مَبْطَنَةٌ(2) بَيْضَاءُ، قَاعِدٌ عَلَى لِبْدٍ(3) ، فِي بَيْتٍ صَغِيرٍ، لَيْسَ لَهُ غِلْمَانٌ، وَ لاَ لَهُ مِنَ الْمُرُوَّةِ وَ الْفَرَسِ مَا وَجَدْتُ لِغَيْرِهِ. قَالَ: فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ جَوَابِي، وَ أَدْنَانِي، وَ بَسَطَ مِنِّي(4) ، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ حَالِي، فَعَرَّفْتُهُ أَنِّي وَافَيْتُ مِنَ الْجَبَلِ، وَ حَمَلْتُ مَالاً. قَالَ: فَقَالَ: إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَصِلَ هَذَا الشَّيْ ءَ إِلَى مَنْ يَجِبُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ يَجِبُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى، وَ تَسْأَلَ دَارَ ابْنِ الرِّضَا، وَ عَنْ فُلاَنِ بْنَ فُلاَنٍ الْوَكِيلِ - وَ كَانَتْ دَارُ ابْنِ الرِّضَا عَامِرَةً بِأَهْلِهَا - فَإِنَّكَ تَجِدُ هُنَاكَ مَا تُرِيدُ.

قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، وَ مَضَيْتُ نَحْوَ سُرَّ مَنْ رَأَى، وَ صِرْتُ إِلَى دَارِ ابْنِ الرِّضَا، وَ سَأَلْتُ عَنِ الْوَكِيلِ، فَذَكَرَ الْبَوَّابُ أَنَّهُ مُشْتَغِلٌ فِي الدَّارِ، وَ أَنَّهُ يَخْرُجُ آنِفاً، فَقَعَدْتُ عَلَى الْبَابِ أَنْتَظِرُ خُرُوجَهُ، فَخَرَجَ بَعْدَ سَاعَةٍ، فَقُمْتُ وَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَ أَخَذَ بِيَدِي إِلَى بَيْتٍ كَانَ لَهُ، وَ سَأَلَنِي عَنْ حَالِي، وَ عَمَّا وَرَدْتُ لَهُ، فَعَرَّفْتُهُ أَنِّي حَمَلْتُ شَيْئاً مِنْل.

ص: 521


1- سرّا سروا: شرف، و سخا في مروءة، و أسرى: أيّ أكثر و أرفع شرفا و سخاء و مروءة.
2- المبطنة: ما ينتطق به، و هي إزار له حجزة.
3- اللّبد: ضرب من البسط.
4- بسط فلان بن فلان: أزال منه الاحتشام و عوامل الخجل.

الْمَالِ مِنْ نَاحِيَةِ الْجَبَلِ، وَ أَحْتَاجُ أَنْ أُسَلِّمَهُ بِحُجَّةٍ. قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ. ثُمَّ قَدَّمَ إِلَيَّ طَعَاماً، وَ قَالَ لِي: تَغَدَّ بِهَذَا وَ اسْتَرِحْ، فَإِنَّكَ تَعِبٌ، وَ إِنَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ صَلاَةٍ الْأُولَى سَاعَةً، فَإِنِّي أَحْمِلُ إِلَيْكَ مَا تُرِيدُ. قَالَ: فَأَكَلْتُ وَ نِمْتُ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الصَّلاَةِ نَهَضْتُ وَ صَلَّيْتُ، وَ ذَهَبْتُ إِلَى الْمَشْرَعَةِ، فَاغْتَسَلْتُ وَ انْصَرَفْتُ إِلَى بَيْتِ الرَّجُلِ، وَ مَكَثْتُ إِلَى أَنْ مَضَى مِنَ اللَّيْلِ رُبُعُهُ، فَجَاءَنِي(1) وَ مَعَهُ دَرْجٌ(2) ، فِيهِ:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَافَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ، وَ حَمَلَ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَ فِي كَذَا وَ كَذَا صُرَّةً، فِيهَا صُرَّةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ كَذَا وَ كَذَا دِينَاراً، وَ صُرَّةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ كَذَا وَ كَذَا دِينَاراً - إِلَى أَنْ عَدَّ الصُّرَرَ كُلَّهَا - وَ صُرَّةَ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ الذَّرَّاعِ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَاراً.

قَالَ: فَوَسْوَسَ لِي الشَّيْطَانُ أَنَّ سَيِّدِي أَعْلَمُ بِهَذَا مِنِّي، فَمَا زِلْتُ أَقْرَأُ ذِكْرَ صُرَّةٍ صُرَّةٍ وَ ذِكْرَ صَاحِبِهَا، حَتَّى أَتَيْتُ عَلَيْهَا عِنْدَ آخِرِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ: «قَدْ حَمَلَ مِنْ قَرْمِيسِينَ مِنْ عِنْدِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمَادَرَائِيِّ أَخِي الصَّوَّافِ(3) كِيساً فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ وَ كَذَا وَ كَذَا تَخْتاً ثِيَاباً، مِنْهَا ثَوْبٌ فُلاَنِيٌّ، وَ ثَوْبٌ لَوْنُهُ كَذَا» حَتَّى نَسَبَ الثِّيَابَ إِلَى آخِرِهَا بِأَنْسَابِهَا وَ أَلْوَانِهَا.

قَالَ: فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ شَكَرْتُهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيَّ مِنْ إِزَالَةِ الشَّكِّ عَنْ قَلْبِي، وَ أَمَرَ بِتَسْلِيمِ جَمِيعِ مَا حَمَلْتُهُ إِلَى حَيْثُ مَا يَأْمُرُنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْعَمْرِيُّ.

قَالَ: فَانْصَرَفْتُ إِلَى بَغْدَادَ وَ صِرْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْعَمْرِيِّ. قَالَ: وَ كَانَ خُرُوجِي وَ انْصِرَافِي فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. قَالَ: فَلَمَّا بَصُرَ بِي أَبُو جَعْفَرٍ الْعَمْرِيُّ قَالَ لِي: لِمَ لَمْ تَخْرُجْ؟

فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، مِنْ سُرَّمَنْ رَأَى انْصَرَفْتُ.

قَالَ: فَأَنَا أُحَدِّثُ أَبَا جَعْفَرٍ بِهَذَا إِذَا وَرَدَتْ رُقْعَةٌ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْعَمْرِيِّ مِنْ مَوْلاَنَا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، وَ مَعَهَا دَرْجٌ مِثْلُ الدَّرْجِ الَّذِي كَانَ مَعِي، فِيهِ ذِكْرُ الْمَالِ وَ الثِّيَابِ،ف.

ص: 522


1- في «ع، م» زيادة: بعد ان مضى من اللّيل ربعه.
2- الدّرج: الورق الّذي يكتب فيه.
3- في «ط»: البادراني أخي الصراف.

وَ أَمَرَ أَنْ يُسَلِّمَ جَمِيعَ ذَلِكَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَطَّانِ الْقُمِّيِّ، فَلَبِسَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعَمْرِيُّ ثِيَابَهُ، وَ قَالَ لِي: احْمِلْ مَا مَعَكَ إِلَى مَنْزِلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَطَّانِ الْقُمِّيِّ.

قَالَ: فَحَمَلْتُ الْمَالَ وَ الثِّيَابَ إِلَى مَنْزِلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَطَّانِ، وَ سَلَّمْتُهَا، وَ خَرَجْتُ إِلَى الْحَجِّ.

فَلَمَّا انْصَرَفْتُ إِلَى الدِّينَوَرِ اجْتَمَعَ عِنْدِي النَّاسُ، فَأَخْرَجْتُ الدَّرْجَ الَّذِي أَخْرَجَهُ وَكِيلٌ مَوْلاَنَا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) إِلَيَّ، وَ قَرَأْتُهُ عَلَى الْقَوْمِ، فَلَمَّا سَمِعَ ذِكْرَ الصُّرَّةِ بِاسْمِ الذَّرَّاعِ سَقَطَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَمَا زِلْنَا نُعَلِّلُهُ حَتَّى أَفَاقَ، فَلَمَّا أَفَاقَ سَجَدَ شُكْراً لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْهِدَايَةِ، الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّ الْأَرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ؛ هَذِهِ الصُّرَّةُ دَفَعَهَا - وَ اللَّهِ - إِلَيَّ هَذَا الذَّرَّاعُ، وَ لَمْ يَقِفْ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ).

قَالَ: فَخَرَجْتُ وَ لَقِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَهْرٍ أَبَا الْحَسَنِ الْمَادَرَائِيَّ، وَ عَرَّفْتُهُ الْخَبَرَ، وَ قَرَأْتُ عَلَيْهِ الدَّرْجَ، قَالَ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا شَكَكْتَ فِي شَيْ ءٍ، فَلاَ تَشُكَّنَّ فِي أَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) لاَ يُخَلِّي أَرْضَهُ مِنْ حُجَّةٍ.

اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا غَزَا إِذْكَوتَكِينُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ(1) اللَّهِ بِسُهْرَوَرْدَ(2) ، وَ ظَفِرَ بِبِلاَدِهِ، وَ احْتَوَى عَلَى خِزَانَتِهِ صَارَ إِلَيَّ رَجُلٌ، وَ ذَكَرَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ جَعَلَ الْفَرَسَ الْفُلاَنِيَّ وَ السَّيْفَ الْفُلاَنِيَّ فِي بَابِ مَوْلاَنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

قَالَ: فَجَعَلْتُ أَنْقُلُ خَزَائِنَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى إِذْكَوْتَكِينَ أَوَّلاً فَأَوَّلاً، وَ كُنْتُ أُدَافِعُ بِالْفَرَسِ وَ السَّيْفِ، إِلَى أَنْ لَمْ يَبْقَ شَيْ ءٌ غَيْرُهُمَا، وَ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُخْلِصَ ذَلِكَ لِمَوْلاَنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَلَمَّا اشْتَدَّ مُطَالَبَةُ إِذْكَوْتَكِينَ إِيَّايَ وَ لَمْ يُمْكِنْنِي مُدَافَعَتُهُ، جَعَلْتُ فِي السَّيْفِ وَ الْفَرَسِ فِي نَفْسِي أَلْفَ دِينَارٍ وَ وَزَنْتُهَا وَ دَفَعْتُهَا إِلَى الْخَازِنِ، وَ قُلْتُ لَهُ: ادْفَعْ(3) هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فِي أَوْثَقِ مَكَانٍ، وَ لاَ تُخْرِجَنَّ إِلَيَّ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَ لَوِ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُع.

ص: 523


1- في «ع، م»: عبيد، و كذا في المواضع الآتية.
2- سهرورد: بلدة قريبة من زنجان بالجبال. معجم البلدان 289:3.
3- في «م»: أرفع.

إِلَيْهَا. وَ سَلَّمْتُ الْفَرَسَ وَ النَّصْلَ.

قَالَ: فَأَنَا قَاعِدٌ فِي مَجْلِسِي بِالرَّيِّ أُبْرِمَ الْأُمُورِ، وَ أُوفِي الْقَصَصَ، وَ آمُرُ وَ أَنْهَى، إِذْ دَخَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ، وَ كَانَ يَتَعَاهَدُنِي الْوَقْتَ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَ كُنْتُ أَقْضِي حَوَائِجَهُ، فَلَمَّا طَالَ جُلُوسُهُ وَ عَلَيَّ بُؤْسٌ كَثِيرٌ قُلْتُ لَهُ: مَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: أَحْتَاجُ مِنْكَ إِلَى خَلْوَةٍ.

فَأَمَرْتُ الْخَازِنَ أَنْ يُهَيِّئَ لَنَا مَكَاناً مِنَ الْخِزَانَةِ، فَدَخَلْنَا الْخِزَانَةَ، فَأَخْرَجَ إِلَيَّ رُقْعَةً صَغِيرَةً مِنْ مَوْلاَنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فِيهَا: «يَا أَحْمَدَ بْنَ الْحَسَنِ، الْأَلْفُ دِينَارٍ الَّتِي لَنَا عِنْدَكَ، ثَمَنُ النَّصْلِ وَ الْفَرَسِ، سَلِّمْهَا إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الْأَسَدِيِّ».

قَالَ: فَخَرَرْتُ لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) سَاجِداً شَاكِراً لِمَا مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَ عَرَفْتُ أَنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ حَقّاً، لِأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذَا أَحَدٌ غَيْرِي، فَأَضَفْتُ إِلَى ذَلِكَ الْمَالِ ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِينَارٍ أُخْرَى سُرُوراً بِمَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيَّ بِهَذَا الْأَمْرِ(1).

494/ 98 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ(2) قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُرِيُّ(3) يَسْأَلُ الصَّاحِبَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) كَفَناً يَتَبَيَّنُ مَا يَكُونُ مِنْ عِنْدِهِ، فَوَرَدَ: «إِنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ سَنَةَ إِحْدَى وَ ثَمَانِينَ» فَمَاتَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي حَدَّهُ، وَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِالْكَفَنِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِشَهْرٍ(4).

495/ 99 - وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُرِيُّ(5): كَتَبْتُ إِلَيْهِ أَسْأَلُهُ عَمَّا عِنْدَكَ مِنَ الْعُلُومِ، فَوَقَّعَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «عِلْمُنَا عَلَى ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ: مَاضٍ، وَ غَابِرٌ، وَ حَادِثٌ؛ أَمَّا الْمَاضِي فَتَفْسِيرٌ. وَ أَمَّا الْغَابِرُ فَمَوْقُوفٌ، وَ أَمَّا الْحَادِثُ فَقَذْفٌ فِي الْقُلُوبِ، وَ نَقْرٌ فِي الْأَسْمَاعِ، وَ هُوَ أَفْضَلُ عِلْمِنَا، وَ لاَ نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّنَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)»(6).

496/ 100 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ5.

ص: 524


1- فرج المهموم: 239، مدينة المعاجز: 54/603، إلزام النّاصب 405:1.
2- في «م»: الفضل.
3- في «ع»: الصّيمريّ.
4- فرج المهموم: 247، مدينة المعاجز: 55/604.
5- في «ع»: الصّيمريّ.
6- مدينة المعاجز: 605.

يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ الْعَلاَءِ: كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ثَلاَثَةَ كُتُبٍ فِي حَوَائِجَ لِي، وَ أَعْلَمْتُهُ أَنَّنِي رَجُلٌ قَدْ كَبِرَ سِنِّي، وَ أَنَّهُ لاَ وَلَدَ لِي، فَأَجَابَنِي عَنِ الْحَوَائِجِ، وَ لَمْ يُجِبْنِي عَنِ الْوَلَدِ بِشَيْ ءٍ.

فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ فِي الرَّابِعَةِ كِتَاباً وَ سَأَلْتُهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لِي أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً، فَأَجَابَنِي وَ كَتَبَ بِحَوَائِجِي، فَكَتَبَ: «اَللَّهُمَّ ارْزُقْهُ وَلَداً ذَكَراً، تُقِرُّ بِهِ عَيْنَيْهِ، وَ اجْعَلْ هَذَا الْحَمْلَ الَّذِي لَهُ وَارِثاً» فَوَرَدَ الْكِتَابُ وَ أَنَا لاَ أَعْلَمُ أَنَّ لِي حَمْلاً، فَدَخَلْتُ إِلَى جَارِيَتِي فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّ عِلَّتَهَا قَدْ ارْتَفَعَتْ، فَوَلَدَتْ غُلاَماً(1).

497/ 101 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِعَلاَّنٍ الْكُلَيْنِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ بْنِ نُعَيْمٍ بِنَيْشَابُورَ، قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدِي لِلْغَرِيمِ(2) - أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ وَ عَجَّلَ نَصْرَهُ - خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَنَقَصَتْ عِشْرُونَ دِرْهَماً، وَ أَنِفْتُ أَنْ أَبْعَثَ بِهَا نَاقِصَةً هَذَا الْمِقْدَارُ، قَالَ: فَأَتْمَمْتُهَا مِنْ عِنْدِي، وَ بَعَثْتُ بِهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَ لَمْ أَكْتُبْ بِمَا لِي مِنْهَا، فَأَنْفَذَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَبْضَ(3) ، وَ فِيهِ:

«وَصَلَتْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَ لَكَ فِيهَا عِشْرُونَ دِرْهَماً»(4).

498/ 102 - وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ الْعَمْرِيَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ: صَحِبْتُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ، وَ مَعَهُ مَالٌ لِلْغَرِيمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَنْفَذَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، وَ قِيلَ لَهُ: أَخْرِجْ حَقَّ وُلْدِ عَمِّكَ مِنْهُ، وَ هُوَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، قَالَ: فَبَقِيَ الرَّجُلُ بَاهِتاً مُتَعَجِّباً، فَنَظَرَ فِي حِسَابِ الْمَالِ، وَ كَانَتْ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ لِوُلْدِ عَمِّهِ، قَدْ كَانَ رَدَّ عَلَيْهِمْ بَعْضَهَا، فَإِذَا الَّذِي فَضَلَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، كَمَا قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَأَخْرَجَهَا وَ أَنْفَذَ الْبَاقِيَ، فَقُبِلَ(5).م.

ص: 525


1- مدينة المعاجز: 56/605.
2- المراد بالغريم هنا الصّاحب (عليه السّلام) لكونه طالبا للحقّ.
3- في «ط»: الفضل.
4- كمال الدّين و تمام النّعمة: 5/485، مدينة المعاجز: 57/605.
5- في «ع، م»: فقسم.

وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ جَبْرَئِيلَ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: وَ كُتِبَ مِنْ نَفْسِ التَّوْقِيعِ(1).

499/ 103 - وَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنِ السَّوِيقَانِيِّ وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ الرُّخَّجِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ: أَنَّهُ وَرَدَ الْعِرَاقَ شَاكّاً مُرْتَاباً(2) ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ: «قُلْ لِلْمَهْزِيَارِيِّ: قَدْ فَهِمْنَا مَا حَكَيْتَهُ عَنْ مَوَالِينَا بِنَاحِيَتِكُمْ، فَقُلْ لَهُمْ: أَ مَا سَمِعْتُمُ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) يَقُولُ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (3) ؟! هَلْ أُمِرُوا إِلاَّ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟! أَ وَ لَمْ تَرَوْا اللَّهُ (جَلَّ ذِكْرُهُ) جَعَلَ لَكُمْ مَعَاقِلَ تَأْوُونَ إِلَيْهَا، وَ أَعْلاَماً تَهْتَدُونَ بِهَا مِنْ لَدُنْ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى أَنْ ظَهَرَ الْمَاضِي (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، كُلَّمَا غَابَ عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ، وَ إِذَا أَفَلَ نَجْمٌ بَدَا نَجْمٌ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) قَدْ قَطَعَ السَّبَبَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ، كَلاَّ مَا كَانَ ذَلِكَ، وَ لاَ يَكُونُ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، وَ يَظْهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كَارِهُونَ.

يَا مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، لاَ يَدْخُلُكَ الشَّكُّ فِيمَا قَدِمْتَ لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) لاَ يُخْلِي أَرْضَهُ مِنْ حُجَّةٍ، أَ لَيْسَ قَالَ لَكَ الشَّيْخُ قَبْلَ وَفَاتِهِ: أَحْضِرْ السَّاعَةَ مَنْ يُعَيِّرُ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الَّتِي عِنْدِي. فَلَمَّا أُبْطِئَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَ خَافَ الشَّيْخُ عَلَى نَفْسِهِ الْوَحَا(4) ، قَالَ لَكَ:

عَيِّرْهَا عَلَى نَفْسِكَ. فَأَخْرَجَ إِلَيْكَ كِيساً كَبِيراً، وَ عِنْدَكَ بِالْحَضْرَةِ ثَلاَثَةُ أَكْيَاسٍ وَ صُرَّةٌ فِيهَا دَنَانِيرُ مُخْتَلِفَةُ النَّقْدِ، فَعَيَّرْتَهَا، وَ خَتَمَ الشَّيْخُ عَلَيْهَا بِخَاتَمِهِ، وَ قَالَ لَكَ: اخْتِمْ مَعَ خَاتَمِي، فَإِنْ أَعِشْ فَأَنَا أَحَقُّ بِهَا، وَ إِنْ أَمِتْ فَاتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ أَوَّلاً وَ فِيَّ، وَ كُنْ عِنْدَ ظَنِّي بِكَ. أَخْرِجْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ الدَّنَانِيرَ الَّتِي(5) نَقَصْتَهَا مِنْ بَيْنِ النَّقْدَيْنِ مِنْ حِسَابِهِ، وَ هِيَ بِضْعَةَ عَشَرَ دِينَاراً»(6).3.

ص: 526


1- الإمامة و التبصرة: 162/140، كمال الدين و تمام النعمة: 6/486، الثاقب في المناقب: 540/597، مدينة المعاجز: 58/605.
2- في «ط»: مرتادا.
3- النساء 59:4.
4- أي السرعة، و المراد أنه خاف على نفسه سرعة الموت.
5- في «ع» زيادة: أنت.
6- كمال الدين و تمام النعمة: 8/486، الخرائج و الجرائح 1116:3.

500/ 104 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: أَنْفَذَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ إِلَى الصَّاحِبِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ كَتَبَ مَعَهَا رُقْعَةً غَيَّرَ فِيهَا اسْمَهُ، فَأَوْصَلَهَا إِلَى الصَّاحِبِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَخَرَجَ الْوُصُولُ بِاسْمِهِ وَ نَسَبِهِ وَ الدُّعَاءِ لَهُ(1).

501/ 105 - وَ عَنْهُ، قَالَ: وَ حَدَّثَنِي أَبُو حَامِدٍ الْمَرَاغِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ بْنِ نُعَيْمٍ، قَالَ: بَعَثَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ مَالاً وَ رُقْعَةً لَيْسَ فِيهَا كِتَابَةٌ، قَدْ خَطَّ بِإِصْبَعِهِ كَمَا يَدُورُ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ، وَ قَالَ لِلرَّسُولِ: احْمِلْ هَذَا الْمَالَ، فَمَنْ أَعْلَمَكَ بِقِصَّتِهِ وَ أَجَابَكَ عَنِ الرُّقْعَةِ، فَاحْمِلْ إِلَيْهِ هَذَا الْمَالَ.

فَصَارَ الرَّجُلُ إِلَى الْعَسْكَرِ، وَ قَصَدَ جَعْفَراً، وَ أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: تُقِرُّ بِالْبَدَاءِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ.

فَقَالَ لَهُ: إِنَّ صَاحِبَكَ قَدْ بَدَا لَهُ، وَ قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تُعْطِيَنِي الْمَالَ.

فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ: لاَ يُقْنِعُنِي هَذَا الْجَوَابُ. فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، وَ جَعَلَ يَدُورُ عَلَى أَصْحَابِنَا، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ رُقْعَةٌ: «هَذَا مَالٌ قَدْ كَانَ عُثِرَ بِهِ، وَ كَانَ فَوْقَ صُنْدُوقٍ، [فَدَخَلَ اللُّصُوصُ الْبَيْتَ وَ أَخَذُوا مَا فِي الصُّنْدُوقِ](2) ، وَ سَلِمَ الْمَالُ» وَ رُدَّتْ عَلَيْهِ الرُّقْعَةُ وَ قَدْ كُتِبَ فِيهِ: «كَمَا يَدُورُ، سَأَلْتَ الدُّعَاءَ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ، وَ فَعَلَ»(3).

502/ 106 - وَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ: وُلِدَ لِي مَوْلُودٍ، فَكَتَبْتُ أَسْتَأْذِنُ فِي تَطْهِيرِهِ يَوْمَ السَّابِعِ، فَوَرَدَ: «لاَ» فَمَاتَ الْمَوْلُودُ يَوْمَ السَّابِعِ.

ثُمَّ كَتَبْتُ أُخْبِرُهُ بِمَوْتِهِ، فَوَرَدَ: «سَيُخْلِفُ اللَّهُ عَلَيْكَ غَيْرَهُ، وَ غَيْرَهُ، فَسَمِّهِ أَحْمَدَ، وَ مِنْ بَعْدِ أَحْمَدَ جَعْفَرَ». فَجَاءَ مَا قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)(4).

503/ 107 - وَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ (قُدِّسَ سِرُّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي5.

ص: 527


1- مدينة المعاجز: 60/605.
2- أخذناه من كمال الدّين و تمام النّعمة، و الخرائج و الجرائح.
3- كمال الدّين و تمام النّعمة: 11/488، الخرائج و الجرائح 47/1129:3، الثّاقب في المناقب: 544/599.
4- مدينة المعاجز: 62/605.

أَبُو حَامِدٍ الْمَرَاغِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ بْنِ نُعَيْمٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً سِرّاً، فَلَمَّا وَطَأْتُهَا عَلِقَتْ، وَ جَاءَتْ بِابْنَةٍ، فَاغْتَمَمْتُ وَ ضَاقَ صَدْرِي، فَكَتَبْتُ أَشْكُو ذَلِكَ، فَوَرَدَ: «سَتُكْفَاهَا» فَعَاشَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَتْ، فَوَرَدَ: «اَللَّهُ ذُو أَنَاةٍ، وَ أَنْتُمْ مُسْتَعْجِلُونَ(1)» وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.6.

ص: 528


1- مدينة المعاجز: 63/606.

معرفة ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة

504/ 108 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الزُّبَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ(1) الْكُوفِيِّ، عَنْ مُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَابُوسَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ السِّنْدِيِّ(2) ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) فَوَجَدْتُهُ مُفَكِّراً، يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ(3) ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا لِي أَرَاكَ مُفَكِّراً، تَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ؟ أَ رَغْبَةً مِنْكَ فِيهَا؟

ص: 529


1- في النّسخ: خلف، و الصّحيح ما اثبتناه. انظر رجال الكشّيّ: 1070/566، التّحرير الطاوسي: 426/284.
2- في «ط»: نضر بن السّنديّ، و الظّاهر صحّة (منصور بن السّنديّ) على ما في الكافي و غيبة النّعمانيّ، إذ يروي عنه منذر بن محمّد بن قابوس، و يروي عن منذر عبد اللّه بن محمّد بن خالد الكوفيّ. الكافي 7/273:1، و انظر معجم رجال الحديث 348:18.
3- نكت الأرض بقضيب و نحوه: ضربها به فأثّر فيها، يفعلون ذلك حال التّفكّر.

فَقَالَ: لاَ وَ اللَّهِ، مَا رَغِبْتُ فِي الدُّنْيَا قَطُّ، وَ لَكِنِّي فَكَّرْتُ فِي مَوْلُودٍ يَكُونُ مِنْ ظَهْرِ الْحَادِي عَشَرَ، هُوَ الْمَهْدِيُّ، يَمْلَأُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً، تَكُونُ لَهُ حَيْرَةٌ وَ غَيْبَةٌ، يَضِلُّ فِيهَا قَوْمٌ، وَ يَهْتَدِي بِهَا آخَرُونَ.

فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ كَمْ تَكُونُ تِلْكَ الْحَيْرَةُ، وَ تِلْكَ الْغَيْبَةُ؟

قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمَ): وَ أَنَّى لَكَ ذَلِكَ، وَ كَيْفَ لَكَ الْعِلْمُ بِهَذَا الْأَمْرِ يَا أَصْبَغُ! أُولَئِكَ خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعَ أَبْرَارِ هَذِهِ الْعِتْرَةِ(1).

505/ 109 - وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُسْلِمٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ الرَّبَعِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ) أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَةٍ لَهُ بِالْكُوفَةِ:

«اَللَّهُمَّ لاَ بُدَّ لِأَرْضِكَ مِنْ حُجَّةٍ لَكَ عَلَى خَلْقِكَ يَهْدِيهِمْ إِلَى دِينِكَ وَ يُعَلِّمُهُمْ عِلْمَكَ، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَّتُكَ، وَ لاَ يَضِلَّ أَتْبَاعُ أَوْلِيَائِكَ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَهُمْ بِهِ، إِمَّا ظَاهِرٌ لَيْسَ بِالْمُطَاعِ، أَوْ مُكْتَتِمٌ لَيْسَ لَهُ دِفَاعٌ، يَتَرَقَّبُهُ أَوْلِيَاؤُكَ، وَ يُنْكِرُهُ أَعْدَاؤُكَ، إِنْ غَابَ شَخْصُهُ عَنِ النَّاسِ لَمْ يَغِبْ عِلْمُهُ فِي أَوْلِيَائِكَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ»(2).

506/ 110 - حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ الْمُحَمَّدِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ: لِلْقَائِمِ غَيْبَتَانِ، إِحْدَاهُمَا أَطْوَلُ مِنَ الْأُخْرَى(3).

507/ 111 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، قَالَ:

سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنْ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ، فَقَالَ: هُوَ الطَّرِيدُ، الشَّرِيدُ،8.

ص: 530


1- كمال الدّين و تمام النّعمة: 1/288، غيبة النّعمانيّ: 4/60، الاختصاص: 209، غيبة الطّوسيّ: 127/164.
2- كمال الدّين و تمام النّعمة: 11/302.
3- الفصول العشرة في الغيبة: 18.

الْفَرِيدُ، الْوَحِيدُ، الْمُنْفَرِدُ عَنْ أَهْلِهِ، الْمُكَنَّى بِعَمِّهِ، الْمَوْتُورُ بِأَبِيهِ(1).

508/ 112 - وَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَزَوَّرِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) يَقُولُ: صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ الشَّرِيدُ، الطَّرِيدُ، الْوَحِيدُ(2).

509/ 113 - وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ابْنُ مُثَنًّى الْحَنَّاطُ(3) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ،(4) ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ:

يَفْقِدُ النَّاسُ إِمَامَهُمْ، يَشْهَدُ الْمَوْسِمَ يَرَاهُمْ وَ لاَ يَرَوْنَهُ(5).

510/ 114 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: إِنَّ فِي الْقَائِمِ سُنَّةً مِنْ يُوسُفَ.

قُلْتُ: كَأَنَّكَ تَذْكُرُ خَبَرَهُ(6) وَ غَيْبَتَهُ.

قَالَ: وَ مَا تُنْكِرُ مِنْ ذَلِكَ، هَذِهِ الْأُمَّةُ أَشْبَاهُ الْخَنَازِيرِ، إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا أَسْبَاطاً أَوْلاَدَ أَنْبِيَاءَ، تَاجَرُوا يُوسُفَ وَ بَايَعُوهُ، وَ خَاطَبُوهُ وَ هُمْ إِخْوَتُهُ وَ هُوَ أَخُوهُمْ فَلَمْ يَعْرِفُوهُ، حَتَّى قَالَ لَهُمْ: أَنَا يُوسُفُ. فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْمَلْعُونَةُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ فِي الْأَوْقَاتِ يُرِيدُ أَنْ يَسْتُرَ عَنْهُمْ حُجَّتَهُ.

لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَيْهِ مُلْكُ مِصْرَ، وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ وَالِدِهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ مَكَانَهُ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَ اللَّهِ لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ وَ وُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ مِنْ بَدْوِهِمْ إِلَى مِصْرَ، فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ يَفْعَلُ بِحُجَّتِهِه.

ص: 531


1- تقدّمت تخريجاته في الحديث (88).
2- كمال الدّين و تمام النّعمة: 13/303.
3- في «ط»: العطّار.
4- عدّه البرقيّ في رجاله: 23 من أصحاب الصّادق (عليه السّلام)، و تقدّم في الحديث (81) بعنوان عبيد بن زرارة.
5- تقدّمت تخريجاته في الحديث (81).
6- في «ط»: حياته.

مَا فُعِلَ بِيُوسُفَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، أَنْ يَكُونَ يَمْشِي فِي أَسْوَاقِهِمْ وَ يَطَأُ بُسُطَهُمْ وَ هُمْ لاَ يَعْرِفُونَهُ، حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) لَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ نَفْسَهُ، كَمَا أَذِنَ لِيُوسُفَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حِينَ قَالَ لَهُمْ: أَنَا يُوسُفُ، فَقَالُوا: أَنْتَ يُوسُفُ!(1).

511/ 115 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ زَيْدٍ الْكُنَاسِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ فِيهِ سُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ، وَ سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى، وَ سُنَّةٌ مِنْ عِيسَى، وَ سُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).

وَ أَمَّا شِبْهُهُ مِنْ يُوسُفَ، فَإِنَّ إِخْوَتَهُ يُبَايِعُونَهُ وَ يُخَاطِبُونَهُ وَ هُمْ لاَ يَعْرِفُونَهُ، وَ أَمَّا شِبْهُهُ مِنْ مُوسَى، فَخَائِفٌ، وَ أَمَّا شِبْهُهُ مِنْ عِيسَى، فَالسِّيَاحَةُ، وَ أَمَّا شِبْهُهُ مِنْ مُحَمَّدٍ، فَالسَّيْفُ(2).

512/ 116 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسَاوِرٍ، عَنْ مُفَضَّلٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَ التَّنْوِيهَ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ، لَيَغِيبَنَّ سِنِيناً مِنْ دَهْرِكُمْ، وَ لَتُمَخَضُنَّ(3) ، حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ، وَ أَيَّ وَادٍ سَلَكَ؛ وَ لَتَدْمَعَنَّ عَلَيْهِ عُيُونُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ لَتُكْفَأُنَّ كَمَا تُكْفَأُ السُّفُنُ فِي أَمْوَاجِ الْبَحْرِ، فَلاَ يَنْجُو إِلاَّ مَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُ، وَ كَتَبَ فِي قَلْبِهِ الْإِيمَانَ، وَ أَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ، وَ لَتَرْفَعُنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً، لاَ يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ.

قَالَ: فَبَكَيْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: كَيْفَ نَصْنَعُ؟

قَالَ: فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ دَاخِلَةً فِي الصُّفَّةِ(4) فَقَالَ: يَا أَبَاد.

ص: 532


1- كمال الدّين و تمام النّعمة: 11/144.
2- تقدّمت تخريجاته في الحديث (64).
3- أيّ إن اللّه (تعالى) يتدبّر عواقبكم بابتلائكم بأنواع الفتن، و في غيبة النّعمانيّ: و ليخملنّ، و الظّاهر صوابه.
4- اسم يطلَق على البيت الصّيفيّ، و ماله ثلاث حوائط، و الموضع المظلل من المسجد.

عَبْدِ اللَّهِ، تَرَى هَذِهِ الشَّمْسَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَأَمْرُنَا أَبْيَنُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ(1).

513/ 117 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَ الْحَسَنُ بْنُ طَرِيفٍ جَمِيعاً، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ(2) ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) أَنَّهُ قَالَ: نَحْنُ بَنِي(3) هَاشِمٍ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ بَدَا نَجْمٌ، حَتَّى إِذَا أَشَرْتُمْ إِلَيْهِ بِأَيْدِيكُمْ، وَ أَوْمَأْتُمْ بِحَوَاجِبِكُمْ، وَ مَدَدْتُمْ إِلَيْهِ رِقَابَكُمْ جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَيَغِيبُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَلَبِثْتُمْ سِنِينَ مِنْ دَهْرِكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيّاً مِنْ أَيٍّ، وَ اسْتَوَتْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَ كَانُوا كَأَسْنَانِ الْمَشْطِ، فَإِذَا أَطْلَعَ اللَّهُ لَكُمْ نُورَكُمْ فَاحْمَدُوا اللَّهَ وَ اشْكُرُوهُ(4).

514/ 118 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نَهِيكٍ - أَبُو الْعَبَّاسِ النَّخَعِيُّ؛ الشَّيْخُ الصَّالِحُ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ مَا يَمُدُّونَ أَعْنَاقَهُمْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ وُلْدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلاَّ هَلَكَ، حَتَّى يَسْتَوِيَ وُلْدُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لاَ يَدْرُونَ أَيّاً مِنْ أَيٍّ، فَيَمْكُثُونَ بِذَلِكَ سِنِينَ مِنْ دَهْرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُ لَهُمْ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ(5).

515/ 119 - وَ رَوَى يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ الْحَسَنِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَخْبِرْنِي عَنْكُمْ.

قَالَ: نَحْنُ بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ النُّجُومِ، إِذَا خَفِيَ(6) نَجْمٌ بَدَا نَجْمٌ مِنَّا، بِأَمْنٍ وَ إِيمَانٍ،ي.

ص: 533


1- إثبات الوصيّة: 224، كمال الدّين و تمام النّعمة: 35/347، غيبة النّعمانيّ: 10/152، غيبة الطّوسيّ: 285/337.
2- كذا، و في سند الحديث سقط أو إرسال، لأنّ ابن خرّبوذ لا يروي عن أمير المؤمنين، بل يروي عن عليّ بن الحسين و الباقر و الصّادق (عليهم السّلام)، و في المصدر: معروف بن خرّبوذ، عن أبي جعفر (عليه السّلام)، قال: سمعته يقول: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، الحديث.
3- منصوب على الاختصاص.
4- غيبة النّعمانيّ: 15/155 و 16 و 17/156 «نحوه».
5- رسالة في الغيبة للمفيد: 400 «نحوه».
6- في «ط»: اخفي.

وَ سَلاَمٍ وَ إِسْلاَمٍ، وَ فَاتِحٍ وَ مِفْتَاحٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أَعْنَاقَكُمْ، وَ تَرْمُقُونَهُ بِأَبْصَارِكُمْ، جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَذَهَبَ بِهِ، وَ يَسْتَوِي بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لاَ يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْدُو لَكُمْ صَاحِبُكُمْ، فَإِذَا ظَهَرَ لَكُمْ صَاحِبُكُمْ فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، وَ هُوَ الَّذِي يُخَيَّرُ الصَّعْبَةَ وَ الذِّلَّةَ.

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَيَّهُمَا يَخْتَارُ؟

قَالَ: الصَّعْبَةَ عَلَى الذِّلَّةِ(1).

516/ 120 - وَ رَوَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ أَبِيهِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ(2) ، قَالَ: قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِعِ مِنَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي أَدْيَانِكُمْ، فَإِنَّهُ لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ غَيْبَةٍ يَغِيبُهَا، حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ كَانَ يَقُولُ بِهِ.

يَا بُنَيَّ، إِنَّمَا هِيَ مِحْنَةٌ مِنَ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) يَمْتَحِنُ بِهَا خَلْقَهُ، وَ لَوْ عَلِمَ آبَاؤُكُمْ أَصَحَّ مِنْ هَذَا الدِّينِ لاَتَّبَعُوهُ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، مَنِ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِعِ؟

فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، عُقُولُكُمْ تَصْغُرُ عَنْ هَذَا، وَ أَحْلاَمُكُمْ تَضِيقُ عَنْ حَمْلِهِ، وَ لَكِنْ إِيَّاكُمْ أَنْ تُفْشُوا بِذِكْرِهِ(3).

517/ 121 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ سَمِيعٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَبِي بَيَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هَاشِمٍ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ أَحْنَفَ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ ذَكَرَ6.

ص: 534


1- كمال الدّين و تمام النّعمة: 13/329.
2- في المصادر بزيادة: عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السّلام).
3- إثبات الوصيّة: 224، كمال الدّين و تمام النّعمة: 1/359، كفاية الاثر: 264، غيبة الطّوسيّ: 128/166، اعلام الورى: 433، إثبات الهداة 164/416:6.

الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: أَمَا لَيَغِيبَنَّ عَنْهُمْ تَمْيِيزاً لِأَهْلِ الضَّلاَلَةِ، حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا لِلَّهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ حَاجَةٍ(1).

518/ 122 - وَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: لِلْقَائِمِ غَيْبَةٌ قَبْلَ قِيَامِهِ.

قُلْتُ: وَ لِمَ ذَاكَ؟

قَالَ: يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ. يَعْنِي الذَّبْحَ(2).

519/ 123 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَتَانِ، إِحْدَاهُمَا أَطْوَلُ مِنَ الْأُخْرَى:

الْأُولَى أَرْبَعِينَ يَوْماً، وَ الْأُخْرَى سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَ نَحْوُ ذَلِكَ.

520/ 124 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاسَانِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: لِقَائِمِ آلِ مُحَمَّدٍ غَيْبَتَانِ، إِحْدَاهُمَا أَطْوَلُ مِنْ الْأُخْرَى قَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): نَعَمْ(3).

***2.

ص: 535


1- إثبات الوصية: 224، كمال الدين و تمام النعمة: 9/302، غيبة النعماني: 141، غيبة الطوسي: 290/340، إعلام الورى: 426.
2- كمال الدين و تمام النعمة: 10/481، حلية الأبرار 589:2.
3- غيبة النعماني: 7/172.

ص: 536

معرفة من شاهد صاحب الزمان (عليه السلام) في حال الغيبة و عرفه من أصحابنا

521/ 125 - رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ(1) الْمُطَلِّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ ابْنُ عَلِيٍّ السَّمُرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَحْمُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْمُودِيُّ، قَالَ: حَجَجْتُ نَيِّفاً وَ عِشْرِينَ سَنَةً، كُنْتُ فِي جَمِيعِهَا أَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَ أَقِفُ عَلَى الْحَطِيمِ، وَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَ أُدِيمُ الدُّعَاءَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، وَ أَقِفُ بِالْمَوْقِفِ، وَ أَجْعَلُ جُلَّ دُعَائِي أَنْ يُرِيَنِي مَوْلاَيَ صَاحِبَ الزَّمَانِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ).

فَإِنَّنِي فِي بَعْضِ السِّنِينَ قَدْ وَقَفْتُ بِمَكَّةَ عَلَى أَنْ أَبْتَاعَ حَاجَةً، وَ مَعِي غُلاَمٌ فِي يَدِهِ مِشْرَبَةُ حَلِيجٍ(2) مُلَمَّعَةٍ، فَدَفَعْتُ إِلَى الْغُلاَمِ الثَّمَنَ، وَ أَخَذْتُ الْمِشْرَبَةَ مِنْ يَدِهِ، وَ تَشَاغَلَ

ص: 537


1- في «م، ط» زيادة: بن.
2- المشربة: الإناء يشرب فيه، و الحليج: اللّبن الّذي ينقع فيه التّمر ثمّ يمات. و في «ط»: الحلج.

الْغُلاَمُ بِمُمَاكَسَةِ الْبَيْعِ(1) ، وَ أَنَا وَاقِفٌ أَتَرَقَّبُ، إِذْ جَذَبَ رِدَائِي جَاذِبٌ، فَحَوَّلْتُ وَجْهِي إِلَيْهِ، فَرَأَيْتُ رَجُلاً أُذْعِرْتُ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ، هَيْبَةً لَهُ، فَقَالَ لِي: تَبِيعُ الْمِشْرَبَةَ؟ فَلَمْ أَسْتَطِعْ رَدَّ الْجَوَابِ، وَ غَابَ عَنْ عَيْنِي، فَلَمْ يَلْحَقْهُ بَصَرِي، فَظَنَنْتُهُ مَوْلاَيَ.

فَإِنَّنِي يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ أُصَلِّي بِبَابِ الصَّفَا بِمَكَّةَ، فَسَجَدْتُ وَ جَعَلْتُ مِرْفَقِي فِي صَدْرِي، فَحَرَّكَنِي مُحَرِّكٌ بِرِجْلِهِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَقَالَ لِي: افْتَحْ مَنْكِبَكَ عَنْ صَدْرِكَ.

فَفَتَحْتُ عَيْنِي، فَإِذَا الرَّجُلُ الَّذِي سَأَلَنِي عَنِ الْمِشْرَبَةِ، وَ لَحِقَنِي مِنْ هَيْبَتِهِ مَا حَارَ بَصَرِي، فَغَابَ عَنْ عَيْنِي.

وَ أَقَمْتُ عَلَى رَجَائِي وَ يَقِينِي، وَ مَضَتْ مُدَّةٌ وَ أَنَا أَحُجُّ، وَ أُدِيمُ الدُّعَاءَ فِي الْمَوْقِفِ.

فَإِنَّنِي فِي آخِرِ سَنَةٍ جَالِسٌ فِي ظَهْرِ الْكَعْبَةِ وَ مَعِي يَمَانُ بْنُ الْفَتْحِ بْنِ دِينَارٍ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْعَلَوِيُّ، وَ عَلاَّنٌ الْكُلَيْنِيُّ، وَ نَحْنُ نَتَحَدَّثُ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ فِي الطَّوَافِ، فَأَشَرْتُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ، وَ قُمْتُ أَسْعَى لِأَتَّبِعَهُ، فَطَافَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ إِلَى الْحِجْرِ رَأَى سَائِلاً وَاقِفاً عَلَى الْحِجْرِ، وَ يَسْتَحْلِفُ(2) وَ يَسْأَلُ النَّاسَ بِاللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، فَإِذَا بِالرَّجُلِ قَدْ طَلَعَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى السَّائِلِ انْكَبَّ إِلَى الْأَرْضِ وَ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئاً، وَ دَفَعَهُ إِلَى السَّائِلِ، وَ جَازَ، فَعَدَلْتُ إِلَى السَّائِلِ فَسَأَلْتُهُ عَمَّا وَهَبَ لَهُ، فَأَبَى أَنْ يُعْلِمَنِي، فَوَهَبْتُ لَهُ دِينَاراً، وَ قُلْتُ:

أَرِنِي مَا فِي يَدِكَ. فَفَتَحَ يَدَهُ، فَقَدَرَّتْ أَنَّ فِيهَا عِشْرِينَ دِينَاراً، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي الْيَقِينُ أَنَّهُ مَوْلاَيَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ رَجَعْتُ إِلَى مَجْلِسِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، وَ عَيْنِي مَمْدُودَةٌ إِلَى الطَّوَافِ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ عَدَلَ إِلَيْنَا، فَلَحِقَنَا لَهُ رَهْبَةٌ شَدِيدَةٌ، وَ حَارَتْ أَبْصَارُنَا جَمِيعاً، قُمْنَا إِلَيْهِ، فَجَلَسَ، فَقُلْنَا لَهُ: مِمَّنْ الرَّجُلُ؟

فَقَالَ: مِنَ الْعَرَبِ.

فَقُلْتُ: مِنْ أَيِّ الْعَرَبِ؟

فَقَالَ: مِنْ بَنِي هَاشِمٍ.

فَقُلْنَا: مِنْ أَيِّ بَنِي هَاشِمٍ؟ف.

ص: 538


1- المماكسة في البيع: استنقاص الثّمن حتّى يصلّ البائع و المشتري إلى ما يتراضيان عليه.
2- في «ط»: و يستخلف.

فَقَالَ: لَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (تَعَالَى)، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ عَلَى خَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَ تَدْرُونَ مَا كَانَ يَقُولُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَلاَتِهِ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ؟ قُلْنَا: لاَ.

قَالَ: كَانَ يَقُولُ «يَا كَرِيمُ مِسْكِينُكَ بِفِنَائِكَ، يَا كَرِيمُ فَقِيرُكَ زَائِرُكَ، حَقِيرُكَ بِبَابِكَ يَا كَرِيمُ» ثُمَّ انْصَرَفَ عَنَّا، وَ وَقَفْنَا نَمُوجُ وَ نَتَذَكَّرُ، وَ نَتَفَكَّرُ، وَ لَمْ نَتَحَقَّقْ.

وَ لَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ رَأَيْنَاهُ فِي الطَّوَافِ، فَامْتَدَّتْ عُيُونُنَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ خَرَجَ إِلَيْنَا، وَ جَلَسَ عِنْدَنَا، فَأَنِسَ وَ تَحَدَّثَ، ثُمَّ قَالَ: أَ تَدْرُونَ مَا كَانَ يَقُولُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي دُعَائِهِ عَقِبَ الصَّلاَةِ: قُلْنَا: تُعَلِّمُنَا.

قَالَ: كَانَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: «اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ، وَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ تَجْمَعُ الْمُتَفَرِّقَ، وَ تُفَرِّقُ الْمُجْتَمِعَ، وَ بِاسْمِكَ الَّذِي تَفْرُقُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، وَ بِاسْمِكَ الَّذِي تَعْلَمُ بِهِ كَيْلَ الْبِحَارِ، وَ عَدَدَ الرِّمَالِ، وَ وَزْنَ الْجِبَالِ، أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا».

وَ أَقْبَلَ عَلَيَّ حَتَّى إِذَا صِرْنَا بِعَرَفَاتٍ، وَ أَدَمْتُ الدُّعَاءَ، فَلَمَّا أَفَضْنَا مِنْهَا إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَ بِتْنَا فِيهَا(1) ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ لِي: هَلْ بَلَغْتَ حَاجَتَكَ؟

فَقُلْتُ: وَ مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

فَقَالَ: الرَّجُلُ صَاحِبُكَ. فَتَيَقَّنْتُ عِنْدَهَا(2).

522/ 126 - وَ رَوَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْجَلُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْخَيْرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ فِي مَسْجِدِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: خَرَجْتُ فِي بَعْضِ السِّنِينَ حَاجّاً إِذْ دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ وَ أَقَمْتُ بِهَا أَيَّاماً، أَسْأَلُ وَ أَسْتَبْحِثُ عَنْ صَاحِبِ الزَّمَانِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَمَا عَرَفْتُ لَهُ خَبَراً، وَ لاَ وَقَعَتْ لِي عَلَيْهِ عَيْنٌ، فَاغْتَمَمْتُ غَمّاً شَدِيداً وَ خَشِيتُ أَنْ يَفُوتَنِي مَا أَمَّلْتُهُ مِنْ طَلَبِ0.

ص: 539


1- في «ع، م»: أفضنا و صرنا إلى مزدلفة و بتنا بها.
2- مدينة المعاجز: 66/606، تبصرة الوليّ: 45/140.

صَاحِبِ الزَّمَانِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتَ مَكَّةَ، فَقَضَيْتُ حِجَّتِي وَ اعْتَمَرْتُ بِهَا أُسْبُوعاً، كُلَّ ذَلِكَ أَطْلُبُ، فَبَيْنَا(1) أَنَا أُفَكِّرُ إِذْ انْكَشَفَ لِي بَابُ الْكَعْبَةِ، فَإِذَا أَنَا بِإِنْسَانٍ كَأَنَّهُ غُصْنُ بَانٍ، مُتَّزِرٌ بِبُرْدَةٍ، مُتَّشِحٌ بِأُخْرَى، قَدْ كَشَفَ عِطْفَ بُرْدَتِهِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَارْتَاحَ قَلْبِي وَ بَادَرْتُ لِقَصْدِهِ، فَانْثَنَى إِلَيَّ، وَ قَالَ: مِنْ أَيْنَ الرَّجُلُ؟

قُلْتُ: مِنَ الْعِرَاقِ.

قَالَ: مِنْ أَيِّ الْعِرَاقِ؟

قُلْتُ: مِنَ الْأَهْوَازِ.

فَقَالَ: أَ تَعْرِفُ الْخُصَيْبِيَّ(2).

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ، فَمَا كَانَ أَطْوَلَ لَيْلَهُ، وَ أَكْثَرَ نَيْلَهُ، وَ أَغْزَرَ دَمْعَتَهُ!

قَالَ: فَابْنَ الْمَهْزِيَارِ.

قُلْتُ: أَنَا هُوَ.

قَالَ: حَيَّاكَ اللَّهُ بِالسَّلاَمِ أَبَا الْحَسَنِ. ثُمَّ صَافَحَنِي وَ عَانَقَنِي، وَ قَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، مَا فَعَلْتَ الْعَلاَمَةَ الَّتِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الْمَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ نَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَهُ؟

قُلْتُ: مَعِي. وَ أَدْخَلْتُ يَدِي إِلَى جَيْبِي(3) وَ أَخْرَجْتُ خَاتَماً عَلَيْهِ «مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ» فَلَمَّا قَرَأَهُ اسْتَعْبَرَ حَتَّى بَلَّ طِمْرُهُ(4) الَّذِي كَانَ عَلَى يَدِهِ، وَ قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَبَا مُحَمَّدٍ، فَإِنَّكَ زَيْنُ الْأُمَّةِ، شَرَّفَكَ اللَّهُ بِالْإِمَامَةِ، وَ تَوَّجَكَ بِتَاجِ الْعِلْمِ وَ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنَّا إِلَيْكُمْ صَائِرُونَ. ثُمَّ صَافَحَنِي وَ عَانَقَنِي، ثُمَّ قَالَ: مَا الَّذِي تُرِيدُ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟

قُلْتُ: الْإِمَامَ الْمَحْجُوبَ عَنِ الْعَالَمِ.ي.

ص: 540


1- في «ط»: فبينما.
2- في «ط»: الحضينيّ.
3- في «ط»: جنبي.
4- الطّمر: الكساء البالي.

قَالَ: مَا هُوَ مَحْجُوبٌ عَنْكُمْ وَ لَكِنْ حَجَبَهُ(1) سُوءُ أَعْمَالِكُمْ، قُمْ(2) إِلَى رَحْلِكَ، وَ كُنْ عَلَى أُهْبَةٍ مِنْ لِقَائِهِ، إِذَا انْحَطَّتِ الْجَوْزَاءُ، وَ أَزْهَرَتْ نُجُومُ السَّمَاءِ، فَهَا أَنَا لَكَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الصَّفَا.

فَطَابَتْ نَفْسِي وَ تَيَقَّنْتُ أَنَّ اللَّهَ فَضَّلَنِي، فَمَا زِلْتُ أَرْقُبُ الْوَقْتَ حَتَّى حَانَ، وَ خَرَجْتُ إِلَى مَطِيَّتِي، وَ اسْتَوَيْتُ عَلَى رَحْلِي، وَ اسْتَوَيْتُ عَلَى ظَهْرِهَا، فَإِذَا أَنَا بِصَاحِبِي يُنَادِي إِلَيَّ: يَا أَبَا الْحَسَنِ. فَخَرَجْتُ فَلَحِقْتُ بِهِ، فَحَيَّانِي بِالسَّلاَمِ، وَ قَالَ: سِرْ بِنَا يَا أَخِ.

فَمَا زَالَ يَهْبِطُ وَادِياً وَ يَرْقَى ذِرْوَةَ جَبَلٍ إِلَى أَنْ عَلِقْنَا عَلَى الطَّائِفِ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ انْزِلْ بِنَا نُصَلِّي بَاقِيَ صَلاَةِ اللَّيْلِ. فَنَزَلْتُ فَصَلَّى بِنَا الْفَجْرَ رَكْعَتَيْنِ، قُلْتُ: فَالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ؟ قَالَ: هُمَا مِنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ، وَ أَوْتَرَ فِيهِمَا، وَ الْقُنُوتُ فِي كُلِّ صَلاَةِ جَائِزٌ.

وَ قَالَ: سِرْ بِنَا يَا أَخِ. فَلَمْ يَزَلْ يَهْبِطُ بِي وَادِياً وَ يَرْقَى بِي ذِرْوَةَ جَبَلٍ حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ عَظِيمٍ مِثْلِ الْكَافُورِ، فَأَمُدُّ عَيْنِي فَإِذَا بِبَيْتٍ مِنَ الشَّعْرِ يَتَوَقَّدُ نُوراً، قَالَ: الْمَحْ هَلْ تَرَى شَيْئاً؟

قُلْتُ: أَرَى بَيْتاً مِنَ الشَّعْرِ.

فَقَالَ: الْأَمَلُ. وَ انْحَطَّ فِي الْوَادِي وَ اتَّبَعْتُ الْأَثَرَ حَتَّى إِذَا صِرْنَا بِوَسَطِ الْوَادِي نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وَ خَلاَّهَا، وَ نَزَلْتُ عَنْ مَطِيَّتِي، وَ قَالَ لِي: دَعْهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ تَاهَتْ؟

قَالَ: هَذَا وَادٍ لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَ لاَ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ. ثُمَّ سَبَقَنِي وَ دَخَلَ الْخِبَاءَ وَ خَرَجَ إِلَيَّ مُسْرِعاً، وَ قَالَ: أَبْشِرْ، فَقَدْ أَذِنَ لَكَ بِالدُّخُولِ. فَدَخَلْتُ فَإِذَا الْبَيْتُ يَسْطَعُ مِنْ جَانِبِهِ النُّورُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ بِالْإِمَامَةِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْحَسَنِ، قَدْ كُنَّا نَتَوَقَّعُكَ لَيْلاً وَ نَهَاراً، فَمَا الَّذِي أَبْطَأَ بِكَ عَلَيْنَا؟

قُلْتُ: يَا سَيِّدِي، لَمْ أَجِدْ مَنْ يَدُلُّنِي إِلَى الْآنَ.ر.

ص: 541


1- في «ط»: جنّه، و كلاهما بمعنى.
2- في «م، ط» زيادة: سر.

قَالَ لِي: لَمْ(1) نَجِدْ أَحَداً يَدْلُّكَ؟ ثُمَّ نَكَثَ بِإِصْبَعِهِ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: لاَ وَ لَكِنَّكُمْ كَثَّرْتُمُ الْأَمْوَالَ، وَ تَجَبَّرْتُمْ عَلَى ضُعَفَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ قَطَعْتُمُ الرَّحِمَ الَّذِي بَيْنَكُمْ، فَأَيُّ عُذْرٍ لَكُمْ الْآنَ؟

فَقُلْتُ: التَّوْبَةَ التَّوْبَةَ، الْإِقَالَةَ الْإِقَالَةَ.

ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ الْمَهْزِيَارِ، لَوْ لاَ اسْتِغْفَارُ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ لَهَلَكَ مَنْ عَلَيْهَا إِلاَّ خَوَاصَّ الشِّيعَةِ الَّذِينَ تُشْبِهُ أَقْوَالُهُمْ أَفْعَالَهُمْ.

ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ الْمَهْزِيَارِ - وَ مَدَّ يَدَهُ - أَ لاَ أُنَبِّئُكَ الْخَبَرَ أَنَّهُ إِذَا قَعَدَ الصَّبِيُّ، وَ تَحَرَّكَ الْمَغْرِبِيُّ، وَ سَارَ الْعُمَّانِيُّ، وَ بُويِعَ السُّفْيَانِيُّ يَأْذَنُ لِوَلِيِّ اللَّهِ، فَأَخْرُجُ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فِي ثَلاَثِمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً سَوَاءً، فَأَجِيءُ إِلَى الْكُوفَةِ وَ أَهْدِمُ مَسْجِدَهَا وَ أَبْنِيهِ عَلَى بِنَائِهِ الْأَوَّلِ، وَ أَهْدِمُ مَا حَوْلَهُ مِنْ بِنَاءِ الْجَبَابِرَةِ، وَ أَحُجُّ بِالنَّاسِ حِجَّةَ الْإِسْلاَمِ، وَ أَجِيءُ إِلَى يَثْرِبَ فَأَهْدِمُ الْحُجْرَةَ، وَ أُخْرِجَ مَنْ بِهَا وَ هُمَا طَرِيَّانِ، فَآمُرُ بِهِمَا تُجَاهَ الْبَقِيعِ، وَ آمُرُ بِخَشَبَتَيْنِ يُصْلَبَانِ عَلَيْهِمَا، فَتُورِقُ مِنْ تَحْتِهِمَا، فَيَفْتَتِنُ النَّاسُ بِهِمَا أَشَدَّ مِنَ الْفِتْنَةِ الْأُولَى، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: «يَا سَمَاءُ أَبِيدِي، وَ يَا أَرْضُ خُذِي» فَيَوْمَئِذٍ لاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ قَدْ أَخْلَصَ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ.

قُلْتُ: يَا سَيِّدِي، مَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ.

قَالَ: الْكَرَّةُ الْكَرَّةُ، الرَّجْعَةُ الرَّجْعَةُ، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الْآيَةَ: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (2).

523/ 127 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ:

كُنْتُ حَاضِراً عِنْدَ الْمُسْتَجَارِ بِمَكَّةَ وَ جَمَاعَةٌ يَطُوفُونَ، وَ هُمْ زُهَاءُ ثَلاَثِينَ رَجُلاً، لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ7.

ص: 542


1- في «ط»: أ لم.
2- مدينة المعاجز: 67/606، المحجّة للبحراني: 123، و الآية من سورة الاسراء 6:17.

مُخْلِصٌ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَلَوِيِّ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا شَابٌّ مِنَ الطَّوَافِ، عَلَيْهِ إِزَارٌ رَاجِحٌ مُحْرِمٌ(1) فِيهِ، وَ فِي يَدِهِ نَعْلاَنِ، فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ قُمْنَا هَيْبَةً لَهُ، فَلَمْ يَبْقَ مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِ، وَ جَلَسَ مُنْبَسِطاً وَ نَحْنُ حَوْلَهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ يَمِيناً وَ شِمَالاً، فَقَالَ: أَ تَدْرُونَ مَا كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ فِي دُعَاءِ الْإِلْحَاحِ؟

فَقُلْنَا: وَ مَا كَانَ يَقُولُ؟

قَالَ: كَانَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: «اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي تَقُومُ بِهِ السَّمَاءُ، وَ بِهِ تَقُومُ الْأَرْضُ، وَ بِهِ تُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، وَ بِهِ تَجْمَعُ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقِ، وَ بِهِ تُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ، وَ قَدْ أَحْصَيْتَ بِهِ عَدَدَ الرِّمَالِ وَ زِنَةَ الْجِبَالِ وَ كَيْلَ الْبِحَارِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً» ثُمَّ نَهَضَ وَ دَخَلَ الطَّوَافَ، فَقُمْنَا لِقِيَامِهِ حَتَّى انْصَرَفَ، وَ أُنْسِينَا(2) أَنْ نَذْكُرَ أَمْرَهُ، وَ أَنْ نَقُولَ مَنْ هُوَ، وَ أَيُّ شَيْ ءٍ هُوَ؟ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خَرَجَ عَلَيْنَا مِنَ الطَّوَافِ، فَقُمْنَا لَهُ كَقِيَامِنَا بِالْأَمْسِ، وَ جَلَسَ فِي مَجْلِسِهِ مُنْبَسِطاً، وَ نَظَرَ يَمِيناً وَ شِمَالاً، وَ قَالَ: أَ تَدْرُونَ مَا كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ؟

قُلْنَا: وَ مَا كَانَ يَقُولُ؟

قَالَ: كَانَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: «إِلَيْكَ رُفِعَتِ الْأَصْوَاتُ، وَ لَكَ عَنَتِ الْوُجُوهُ، وَ لَكَ خَضَعَتِ الرِّقَابُ، وَ إِلَيْكَ التَّحَاكُمُ فِي الْأَعْمَالِ، يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَ خَيْرَ مَنْ أَعْطَى، يَا صَادِقُ، يَا بَارِئُ، يَا مَنْ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، يَا مَنْ أَمَرَ بِالدُّعَاءِ وَ وَعَدَ الْإِجَابَةَ، يَا مَنْ قَالَ:

اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (3) ، يَا مَنْ قَالَ: إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (4) ، وَ يَا2.

ص: 543


1- في «ع»: و اصبح محرما.
2- في «ط» و نسينا.
3- غافر 60:40.
4- البقرة 186:2.

مَنْ قَالَ: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ (1) لَبَّيْكَ وَ سَعْدَيْكَ، هَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ الْمُسْرِفُ، وَ أَنْتَ الْقَائِلُ: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (2)».

ثُمَّ نَظَرَ يَمِيناً وَ شِمَالاً بَعْدَ هَذَا الدُّعَاءِ، فَقَالَ: أَ تَدْرُونَ مَا كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) يَقُولُ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ؟

قُلْنَا: وَ مَا كَانَ يَقُولُ؟

قَالَ: كَانَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ: «يَا مَنْ لاَ يَزِيدُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ إِلاَّ كَرَماً وَ جُوداً، يَا مَنْ لاَ يَزِيدُهُ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ إِلاَّ سَعَةً وَ عَطَاءً، يَا مَنْ لاَ تَنْفَدُ خَزَائِنُهُ، يَا مَنْ لَهُ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، يَا مَنْ لَهُ مَا دَقَّ وَ جَلَّ، لاَ يَمْنَعُكَ إِسَاءَتِي مِنْ إِحْسَانِكَ، أَنْ تَفْعَلَ بِيَ الَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ، فَأَنْتَ أَهْلُ الْجُودِ وَ الْكَرْمِ وَ التَّجَاوُزِ، يَا رَبِّ يَا اللَّهُ لاَ تَفْعَلْ بِيَ الَّذِي أَنَا أَهْلُهُ، فَإِنِّي أَهْلُ الْعُقُوبَةِ وَ لاَ حُجَّةَ لِي وَ لاَ عُذْرَ لِي عِنْدَكَ، أَبُوءُ إِلَيْكَ بِذُنُوبِي كُلِّهَا كَيْ تَعْفُوَ عَنِّي، وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهَا مِنِّي، وَ أَبُوءُ إِلَيْكَ بِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَ كُلِّ خَطِيئَةٍ احْتَمَلْتُهَا، وَ كُلِّ سَيِّئَةٍ عَمِلْتُهَا، رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ تَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَجَلُّ الْأَكْرَمُ».

وَ قَامَ فَدَخَلَ الطَّوَافَ، فَقُمْنَا لِقِيَامِهِ، وَ عَادِ مِنَ الْغَدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَ قُمْنَا لاِسْتِقْبَالِهِ كَفِعْلِنَا فِيمَا مَضَى، فَجَلَسَ مُتَوَسِّطاً(1)، وَ نَظَرَ يَمِيناً وَ شِمَالاً، وَ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ ابْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَقُولُ فِي سُجُودِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ - وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْحِجْرِ تَحْتَ الْمِيزَابِ -: «عُبَيْدُكَ بِفِنَائِكَ، مِسْكِينُكَ بِفِنَائِكَ، سَائِلُكَ بِفِنَائِكَ، يَسْأَلُكَ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُكَ».

ثُمَّ نَظَرَ يَمِيناً وَ شِمَالاً، وَ نَظَرَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ مِنْ بَيْنِنَا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدَ بْنِ الْقَاسِمِ، أَنْتَ عَلَى خَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (تَعَالَى). وَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِهَذَا الْأَمْرِ.

وَ قَامَ فَدَخَلَ الطَّوَافَ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلاَّ وَ قَدْ أُلْهِمَ مَا ذَكَرَ مِنَ الدُّعَاءِ، وَ أُنْسِينَا أَنْ نَذْكُرَهُ إِلاَّ فِي آخِرِ يَوْمٍ، فَقَالَ: بَعْضُنَا: يَا قَوْمِ، أَ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ا.

ص: 544


1- في «ط»: مستوطنا.

فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ: هَذَا وَ اللَّهِ هُوَ صَاحِبُ الزَّمَانِ، هُوَ وَ اللَّهِ(1) صَاحِبُ زَمَانِكُمْ.

فَقُلْنَا: كَيْفَ يَا أَبَا عَلِيٍّ؟ فَذَكَرَ أَنَّهُ مَكَثَ سَبْعَ سِنِينَ، وَ كَانَ يَدْعُو رَبَّهُ، وَ يَسْأَلُهُ مُعَايَنَةَ صَاحِبِ الزَّمَانِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) - قَالَ - فَبَيْنَا نَحْنُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَإِذَا أَنَا بِالرَّجُلِ بِعَيْنِهِ يَدْعُو بِدُعَاءٍ، فَجِئْتُهُ وَ سَأَلْتُهُ مِمَّنْ هُوَ؟ فَقَالَ: مِنَ النَّاسِ.

فَقُلْتُ: مِنْ أَيِّ النَّاسِ، أَ مِنْ عَرَبِهَا أَوْ مِنْ مَوَالِيهَا؟ قَالَ: مِنْ عَرَبِهَا.

قُلْتُ: مِنْ أَيِّ عَرَبِهَا؟ قَالَ: مِنْ أَشْرَافِهَا.

قُلْتُ: وَ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: بَنُو هَاشِمٍ.

قُلْتُ: مِنْ أَيِّ بَنِي هَاشِمٍ؟ قَالَ: مِنْ أَعْلاَهَا ذِرْوَةً وَ أَسْنَاهَا.

فَقُلْتُ: مِمَّنْ؟ قَالَ: مَنْ فَلَقَ الْهَامَ، وَ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَ صَلَّى بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ.

فَعَلِمْتُ أَنَّهُ عَلَوِيٌّ، فَأَحْبَبْتُهُ عَلَى الْعَلَوِيَّةِ، ثُمَّ فَقَدْتُهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَ لَمْ أَدْرِ كَيْفَ مَضَى، فَسَأَلْتُ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا حَوْلِي: أَ تَعْرِفُونَ هَذَا الْعَلَوِيَّ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، يَحُجُّ مَعَنَا كُلَّ سَنَةٍ مَاشِياً. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا أَرَى بِهِ أَثَرَ مَشْيٍ!

ثُمَّ انْصَرَفْتُ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ كَئِيباً حَزِيناً عَلَى فِرَاقِهِ، وَ نِمْتُ لَيْلَتِي فَإِذَا أَنَا بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، رَأَيْتَ طَلِبَتَكَ؟

قُلْتُ: وَ مَنْ ذَلِكَ يَا سَيِّدِي؟

قَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي عَشِيَّتِكَ هُوَ صَاحِبُ زَمَانِكَ. وَ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ نُسِيَ أَمْرُهُ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي حَدَّثَنَا بِهِ(2).

524/ 128 - نَقَلْتُ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ أَصْلٍ بِخَطِّ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ الْغَضَائِرِيِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ ثَمَانِينَ وَ مِائَتَيْنِ بِقَاسَانَ بَعْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ أَصْبَهَانَ، قَالَ:7.

ص: 545


1- (صاحب الزّمان هو و اللّه) ليس في «ع، م».
2- مدينة المعاجز: 68/607.

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ بِأَصْبَهَانَ، قَالَ: حَجَجْتُ سَنَةَ إِحْدَى وَ ثَمَانِينَ وَ مِائَتَيْنِ، وَ كُنْتُ مَعَ قَوْمٍ مُخَالِفِينَ، فَلَمَّا دَخَلْنَا مَكَّةَ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ فَاكْتَرَى لَنَا دَاراً فِي زُقَاقٍ(1) مِنْ سُوقِ اللَّيْلِ فِي دَارِ خَدِيجَةَ تُسَمَّى دَارَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ فِيهَا عَجُوزٌ سَمْرَاءُ، فَسَأَلْتُهَا لَمَّا وَقَفْتُ عَلَى أَنَّهَا دَارُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَا تَكُونِينَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الدَّارِ، وَ لِمَ سُمِّيَتْ دَارَ الرِّضَا؟

فَقَالَتْ: أَنَا مِنْ مَوَالِيهِمْ، وَ هَذِهِ دَارُ الرِّضَا عَلِيِّ بْنِ مُوسَى (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)، وَ أَسْكَنَنِيهَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) فَإِنِّي كُنْتُ خَادِمَةً لَهُ.

فَلَمَّا سَمِعْتُ بِذَلِكَ أَنِستُ بِهَا، وَ أَسْرَرْتُ الْأَمْرَ عَنْ رُفَقَائِي، وَ كُنْتُ إِذَا انْصَرَفْتُ مِنَ الطَّوَافِ بِاللَّيْلِ أَنَامُ مَعَ رُفَقَائِي فِي رِوَاقِ(2) الدَّارِ وَ نُغْلِقُ الْبَابَ، وَ نَرْمِي خَلْفَ الْبَابِ حَجَراً كَبِيراً، فَرَأَيْتُ غَيْرَ لَيْلَةٍ ضَوْءَ السِّرَاجِ فِي الرِّوَاقِ الَّذِي كُنَّا فِيهِ شَبِيهاً بِضَوْءِ الْمَشْعَلِ، وَ رَأَيْتُ الْبَابَ قَدْ فُتِحَ، وَ لَمْ أَرَ أَحَداً فَتَحَهُ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ، وَ رَأَيْتُ رَجُلاً ربعة(3) ، أَسْمَرَ، يَمِيلُ إِلَى الصُّفْرَةِ، فِي وَجْهِهِ سَجَّادَةٌ(4) ، عَلَيْهِ قَمِيصَانِ وَ إِزَارٌ رَقِيقٌ قَدْ تَقَنَّعَ بِهِ، وَ فِي رِجْلِهِ نَعْلٌ طَاقٌ - وَ خَبَّرَنِي أَنَّهُ رَآهُ فِي غَيْرِ صُورَةٍ وَاحِدَةٍ - فَصَعِدَ إِلَى الْغُرْفَةِ الَّتِي فِي الدَّارِ حَيْثُ كَانَتِ الْعَجُوزُ تَسْكُنُ، وَ كَانَتْ تَقُولُ لَنَا: إِنَّ لَهَا فِي الْغُرْفَةِ بِنْتاً، وَ لاَ تَدَعُ أَحَداً يَصْعَدُ إِلَى الْغُرْفَةِ.

فَكُنْتُ أَرَى الضَّوْءَ الَّذِي رَأَيْتُهُ قَبْلُ فِي الزُّقَاقِ عَلَى الدَّرَجَةِ عِنْدَ صُعُودِ الرَّجُلِ فِي الْغُرْفَةِ الَّتِي يَصْعَدُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ أَرَى السِّرَاجَ بِعَيْنِهِ، وَ كَانَ الَّذِينَ مَعِي يَرَوْنَ مِثْلَ مَا أَرَى، فَتَوَهَّمُوا أَنْ يَكُونَ هَذَا الرَّجُلُ يَخْتَلِفُ إِلَى بِنْتِ هَذِهِ الْعَجُوزِ، وَ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَمَتَّعَ بِهَا، فَقَالُوا: هَؤُلاَءِ عَلَوِيَّةٌ، يَرَوْنَ هَذَا(5) وَ هُوَ حَرَامٌ لاَ يَحِلُّ. وَ كُنَّا نَرَاهُ يَدْخُلُ وَ يَخْرُجُ وَ نَجِيءُ إِلَى الْبَابِ وَ إِذَا الْحَجَرُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي تَرَكْنَاهُ عَلَيْهَا، وَ كُنَّا نَتَعَهَّدُ الْبَابَ خَوْفاًة.

ص: 546


1- الزّقاق: الطّريق الضّيق.
2- الرّواق: بيت كالفسطاط، و قيل: سقف في مقدّم البيت.
3- الربعة: الوسيط القامة.
4- السّجّادة: أثر السّجود في الجبهة.
5- أيّ المتعة.

عَلَى مَتَاعِنَا، وَ كُنَّا لاَ نَرَى أَحَداً يَفْتَحُهُ وَ لاَ يُغْلِقُهُ، وَ الرَّجُلُ يَدْخُلُ وَ يَخْرُجُ وَ الْحَجَرُ خَلْفَ الْبَابِ إِلَى أَنْ حَانَ وَقْتُ خُرُوجِنَا.

فَلَمَّا رَأَيْتُ هَذِهِ الْأَسْبَابَ ضَرَبَ عَلَى قَلْبِي، وَ وَقَعَتِ الْهَيْبَةُ فِيهِ، فَتَلَطَّفْتُ لِلْمَرْأَةِ، وَ قُلْتُ: أُحِبُّ أَنْ أَقِفَ عَلَى خَبَرِ الرَّجُلِ. فَقُلْتُ لَهَا: يَا فُلاَنَةُ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْأَلَكَ وَ أُفَاوِضَكَ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ مَعِي، فَلاَ أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَأَنَا أُحِبُّ إِذَا رَأَيْتَنِي وَحْدِي فِي الدَّارِ أَنْ تَنْزِلِي لِأَسْأَلَكَ عَنْ شَيْ ءٍ.

فَقَالَتْ لِي مُسْرِعَةً: وَ أَنَا أَرَدْتُ أَنْ أُسِرَّ إِلَيْكَ شَيْئاً، فَلَمْ يَتَهَيَّأْ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَصْحَابِكَ.

فَقُلْتُ: مَا أَرَدْتِ أَنْ تَقُولِي؟

فَقَالَتْ: يَقُولُ لَكَ - وَ لَمْ تَذْكُرْ أَحَداً -: لاَ تُخَاشِنْ(1) أَصْحَابَكَ وَ شُرَكَاءَكَ وَ لاَ تُلاَحِهِمْ(2) فَإِنَّهُمْ أَعْدَاؤُكَ، وَ دَارِهِمْ.

فَقُلْتُ لَهَا: مَنْ يَقُولُ؟

فَقَالَتْ: أَنَا أَقُولُ. فَلَمْ أَجْسِرْ لِمَا كَانَ دَخَلَ قَلْبِي مِنَ الْهَيْبَةَ أَنْ أُرَاجِعَهَا، فَقُلْتُ:

أَيُّ الْأَصْحَابِ؟ وَ ظَنَنْتُهَا تَعْنِي رُفَقَائِي الَّذِينَ كَانُوا حُجَّاجاً مَعِي.

فَقَالَتْ: لاَ، وَ لَكِنْ شُرَكَاؤُكَ الَّذِينَ فِي بَلَدِكَ، وَ فِي الدَّارِ مَعَكَ. وَ كَانَ قَدْ جَرَى بَيْنِي وَ بَيْنَ الَّذِينَ عَنَتْهُمْ أَشْيَاءُ فِي الدِّينِ فَشَنَّعُوا عَلَيَّ(3) حَتَّى هَرَبْتُ وَ اسْتَتَرْتُ بِذَلِكَ السَّبَبِ، فَوَقَفْتُ عَلَى أَنَّهَا إِنَّمَا عَنَتْ أُولَئِكَ.

فَقُلْتُ لَهَا: مَا تَكُونِينَ مِنَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

فَقَالَتْ: كُنْتُ خَادِمَةً لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ). فَلَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ قُلْتُ: لَأَسْأَلَنَّهَا عَنِ الْغَائِبِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقُلْتُ: بِاللَّهِ عَلَيْكِ رَأَيْتِهِ بِعَيْنِكِ(4) ؟ه.

ص: 547


1- خاشبنه: خلاف لاينه، أيْ خشن عليه في القول أو العمل.
2- أيّ تنازعهم و تخاصمهم.
3- شنع فلانا: كثر عليه الشناعة، و شنع عليه الأمر: قبحه.
4- في «ع، م»: بعينه.

فَقَالَتْ: يَا أَخِي(1) ، لَمْ أَرَهُ بِعَيْنِي، فَإِنِّي خَرَجْتُ وَ أُخْتِي حُبْلَى وَ أَنَا خَالِيَةٌ، وَ بَشَّرَنِي الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِأَنِّي سَوْفَ أَرَاهُ آخِرَ عُمُرِي، وَ قَالَ: تَكُونِينَ لَهُ كَمَا أَنْتِ لِي. وَ أَنَا الْيَوْمَ مُنْذُ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً بِمِصْرَ، وَ إِنَّمَا قُدِمْتُ الْآنَ بِكِتَابَةٍ وَ نَفَقَةٍ وَجَّهَ بِهَا إِلَيَّ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، لاَ يُفْصِحْ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَ هِيَ ثَلاَثُونَ دِينَاراً، وَ أَمَرَنِي أَنْ أَحُجَّ سَنَتِي هَذِهِ، فَخَرَجْتُ رَغْبَةً فِي أَنْ أَرَاهُ.

فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي كُنْتُ أَرَاهُ يَدْخُلُ وَ يَخْرُجُ هُوَ هُوَ، فَأَخَذْتُ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ رَضَوِيَّةً، وَ كُنْتُ حَمَلْتُهَا عَلَى أَنْ أُلْقِيَهَا فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَدْ كُنْتُ نَذَرْتُ ذَلِكَ وَ نَوَيْتُهُ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا، وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي: أَدْفَعُهَا إِلَى قَوْمٍ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) أَفْضَلُ مِمَّا أُلْقِيهَا فِي الْمَقَامِ وَ أَعْظَمُ ثَوَاباً، وَ قُلْتُ لَهَا ادْفَعِي هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إِلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ)، وَ كَانَ فِي نِيَّتِي أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي رَأَيْتُهُ هُوَ، وَ إِنَّمَا تَدْفَعُهَا إِلَيْهِ، فَأَخَذَتِ الدَّرَاهِمَ وَ صَعِدَتْ وَ بَقِيَتْ سَاعَةً ثُمَّ نَزَلَتْ، وَ قَالَتْ: يَقُولُ لَكَ لَيْسَ لَنَا فِيهَا حَقٌّ، فَاجْعَلْهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نَوَيْتَ، وَ لَكِنْ هَذِهِ الرَّضَوِيَّةُ خُذْ مِنْهَا بَدَلَهَا وَ أَلْقِهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نَوَيْتَ. فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَتْ بِهِ عَنِ الرَّجُلِ.

ثُمَّ كَانَتْ مَعِي نُسْخَةُ تَوْقِيعٍ خَرَجَ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ الْعَلاَءِ بِأَذْرِبِيجَانَ، فَقُلْتُ لَهَا:

تَعْرِضِينَ هَذِهِ النُّسْخَةَ عَلَى إِنْسَانٍ قَدْ رَأَى تَوْقِيعَاتِ الْغَائِبِ وَ(2) يَعْرِفُهَا.

فَقَالَتْ: نَاوِلْنِي فَإِنِّي أَعْرِفُهَا. فَأَرَيْتُهَا النُّسْخَةَ، وَ ظَنَنْتُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُحْسِنُ أَنْ تَقْرَأَ، فَقَالَتْ: لاَ يُمْكِنُ أَنْ أَقْرَأَ فِي هَذَا الْمَكَانِ. فَصَعِدَتْ بِهِ إِلَى السَّطْحِ، ثُمَّ أَنْزَلَتْهُ فَقَالَتْ:

صَحِيحٌ. وَ فِي التَّوْقِيعِ: إِنِّي أُبَشِّرُكُمْ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَ غَيْرِهِ.

ثُمَّ قَالَتْ: يَقُولُ لَكَ: إِذَا صَلَّيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَكَيْفَ تُصَلِّي عَلَيْهِ؟

فَقُلْتُ: أَقُولُ: «اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ ارْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ، كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».و.

ص: 548


1- في «ط» زيادة: أنّي.
2- في «ط» زيادة: هو.

فَقَالَتْ: لاَ، إِذَا صَلَّيْتَ عَلَيْهِمْ فَصَلِّ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ وَ سَمِّهِمْ. فَقُلْتُ: نَعَمْ.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ نَزَلَتْ وَ مَعَهَا دَفْتَرٌ صَغِيرٌ قَدْ نَسَخْنَاهُ فَقَالَتْ: يَقُولُ لَكَ: إِذَا صَلَّيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَوْصِيَائِهِ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ. فَأَخَذْتُهَا وَ كُنْتُ أَعْمَلُ بِهَا.

وَ رَأَيْتُهُ عِدَّةَ لَيَالٍ قَدْ نَزَلَ مِنَ الْغُرْفَةِ وَ ضَوْءُ السِّرَاجِ قَائِمٌ وَ خَرَجَ، فَكُنْتُ أَفْتَحُ الْبَابَ وَ أَخْرُجُ عَلَى أَثَرِ الضَّوْءِ وَ أَنَا أَرَاهُ - أَعْنِي الضَّوْءَ - وَ لاَ أَرَى أَحَداً حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، وَ أَرَى جَمَاعَةً مِنَ الرِّجَالِ مِنْ بُلْدَانٍ كَثِيرَةٍ يَأْتُونَ بَابَ هَذِهِ الدَّارِ، قَوْمٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رَثَّةٌ يَدْفَعُونَ إِلَى الْعَجُوزِ رِقَاعاً مَعَهُمْ، وَ رَأَيْتُ الْعَجُوزَ تَدْفَعُ إِلَيْهِمْ كَذَلِكَ الرِّقَاعَ وَ تُكَلِّمُهُمْ وَ يُكَلِّمُونَهَا وَ لاَ أَفْهَمُ عَنْهُمْ، وَ رَأَيْتُ مِنْهُمْ جَمَاعَةً فِي طَرِيقِنَا حَتَّى قَدِمْنَا بَغْدَادَ.

نُسْخَةُ الدُّعَاءِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْمُنْتَجَبِ(1) فِي الْمِيثَاقِ، الْمُصْطَفَى فِي الضَّلاَلِ، الْمُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفَةٍ، الْبَرِيءِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، الْمُؤَمِّلِ لِلنَّجَاةِ، الْمُرْتَجَى لِلشَّفَاعَةِ، الْمُفَوَّضِ إِلَيْهِ فِي دِينِ اللَّهِ.

اللَّهُمَّ شَرِّفْ بُنْيَانَهُ، وَ عَظِّمْ بُرْهَانَهُ، وَ أَفْلِجْ(2) حُجَّتَهُ، وَ ارْفَعْ دَرَجَتَهُ وَ ضَوِّءْ نُورَهُ، وَ بَيِّضْ وَجْهَهُ، وَ أَعْطِهِ الْفَضْلَ وَ الْفَضِيلَةَ، وَ الْوَسِيلَةَ وَ الدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَ ابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً، يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَ الْآخِرُونَ.

وَ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَ سَيِّدِ الْمُؤْمِنِينَ.

وَ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَ صَلِّ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.ا.

ص: 549


1- في «م»: المنتخب.
2- أفلج اللّه حجّته: أظهرها و أثبتها.

وَ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَ صَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَ صَلِّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَ صَلِّ عَلَى الْخَلَفِ الْهَادِي الْمَهْدِيِّ(1) ، إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الْهَادِينَ، الْأَئِمَّةِ الْعُلَمَاءِ وَ الصَّادِقِينَ، الْأَوْصِيَاءِ الْمَرْضِيِّينَ، دَعَائِمِ دِينِكَ، وَ أَرْكَانِ تَوْحِيدِكَ، وَ تَرَاجِمَةِ وَحْيِكَ، وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَ خُلَفَائِكَ فِي أَرْضِكَ، الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِنَفْسِكَ، وَ اصْطَفَيْتَهُمْ عَلَى عَبِيدِكَ، وَ ارْتَضَيْتَهُمْ لِدِينِكَ، وَ خَصَصْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ، وَ جَلَلْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ، وَ غَشِيتَهُمْ بِرَحْمَتِكَ، وَ غَذَّيْتَهُمْ بِحِكْمَتِكَ، وَ أَلْبَسْتَهُمْ مِنْ نُورِكَ، وَ رَبَّيْتَهُمْ بِنِعْمَتِكَ، وَ رَفَعْتَهُمْ فِي مَلَكُوتِكَ، وَ حَفَفْتَهُمْ بِمَلاَئِكَتِكَ، وَ شَرَّفْتَهُمْ بِنَبِيِّكَ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَيْهِمْ صَلاَةً دَائِمَةً كَثِيرَةَ طَيِّبَةً، لاَ يُحِيطُ بِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَ لاَ يَسَعُهَا إِلاَّ عِلْمُكَ، وَ لاَ يُحْصِيهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ.

وَ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ الْمُحْيِي سُنَّتَكَ، الْقَائِمِ بِأَمْرِكَ، الدَّاعِي إِلَيْكَ، الدَّلِيلِ عَلَيْكَ، حُجَّتِكَ وَ خَلِيفَتِكَ فِي أَرْضِكَ، وَ شَاهِدِكَ عَلَى عِبَادِكَ.

اللَّهُمَّ أَعْزِزْ نَصْرَهُ، وَ مُدَّ فِي عُمُرِهِ، وَ زَيِّنِ الْأَرْضَ بِطُولِ بَقَائِهِ، اللَّهُمَّ اكْفِهِ بَغْيَ الْحَاسِدِينَ، وَ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ الْكَائِدِينَ، وَ ادْحَرْ(2) عَنْهُ إِرَادَةَ الظَّالِمِينَ، وَ خَلِّصْهُ مِنْ أَيْدِي الْجَبَّارِينَ.ر.

ص: 550


1- في «ع»: المهتدي.
2- في «ع»: و ازجر.

اللَّهُمَّ أَرِهِ فِي ذُرِّيَّتِهِ وَ شِيعَتِهِ وَ رَعِيَّتِهِ وَ خَاصَّتِهِ وَ عَامَّتِهِ وَ عَدُوِّهِ وَ جَمِيعِ أَهْلِ الدُّنْيَا مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ، وَ تُسِرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَ بَلِّغْهُ أَفْضَلَ أَمَلِهِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

اللَّهُمَّ جَدِّدْ بِهِ مَا مُحِيَ مِنْ دِينِكَ، وَ أَحْيِ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ كِتَابِكَ، وَ أَظْهِرْ بِهِ مَا غُيِّرَ مِنْ حُكْمِكَ حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَ عَلَى يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً خَالِصاً مَحْضاً، لاَ شَكَّ فِيهِ، وَ لاَ شُبْهَةَ مَعَهُ، وَ لاَ بَاطِلَ عِنْدَهُ، وَ لاَ بِدْعَةَ لَدَيْهِ.

اللَّهُمَّ نَوِّرْ بِنُورِهِ كُلَّ ظُلْمَةٍ، وَ هُدَّ بِرُكْنِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ، وَ اهْدِمْ بِقُوَّتِهِ كُلَّ ضَلاَلٍ، وَ اقْصِمْ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ، وَ اخْمِدْ بِسَيْفِهِ كُلَّ نَارٍ، وَ أَهْلِكْ بِعَدْلِهِ كُلَّ جَائِرٍ، وَ أَجْرِ حُكْمَهُ عَلَى كُلِّ حُكْمِ، وَ أَذِلَّ بِسُلْطَانِهِ كُلَّ سُلْطَانٍ.

اللَّهُمَّ أَذَلَّ مَنْ نَاوَاهُ، وَ أَهْلِكْ مَنْ عَادَاهُ، وَ امْكُرْ بِمَنْ كَادَهُ، وَ اسْتَأْصِلْ مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ وَ اسْتَهَزَأَ بِأَمْرِهِ وَ سَعَى فِي إِطْفَاءِ نُورِهِ وَ أَرَادَ إِخْمَادَ ذِكْرِهِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى، وَ عَلَى عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى، وَ عَلَى فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، وَ عَلَى الْحَسَنِ الرَّضِيِّ، وَ عَلَى الْحُسَيْنِ الصَّفِيِّ(1) ، وَ عَلَى جَمِيعِ الْأَوْصِيَاءِ مَصَابِيحِ الدُّجَى، وَ أَعْلاَمِ الْهُدَى، وَ مَنَارِ التُّقَى، وَ الْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَ الْحَبْلِ الْمَتِينِ، وَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ وَ عَلَى وُلاَةِ عَهْدِكَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ الْقَائِمَيْنِ بِأَمْرِهِ، وَ مُدَّ فِي أَعْمَارِهِمْ، وَ زِدْ فِي آجَالِهِمْ، وَ بَلِّغْهُمْ أَفْضَلَ آمَالِهِمْ(2).

525/ 129 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ أَبِي الْبَغْلِ الْكَاتِبُ، قَالَ: تَقَلَّدْتُ عَمَلاً مِنْ أَبِي مَنْصُورِ بْنِ الصَّالِحَانِ، وَ جَرَى بَيْنِي وَ بَيْنَهُ مَا أَوْجَبَ اسْتِتَارِي، فَطَلَبَنِي وَ أَخَافَنِي، فَمَكَثْتُ مُسْتَتِراً خَائِفاً، ثُمَّ قَصَدْتُ مَقَابِرَ قُرَيْشٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَ اعْتَمَدْتُ الْمَبِيتَ هُنَاكَ لِلدُّعَاءِ وَ الْمَسْأَلَةِ، وَ كَانَتْ لَيْلَةَ رِيحٍ وَ مَطَرٍ، فَسَأَلْتُ ابْنَ جَعْفَرٍ الْقَيِّمَ أَنْ يُغْلِقَ الْأَبْوَابَ وَ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي خَلْوَةِ الْمَوْضِعِ، لِأَخْلُوَ بِمَا أُرِيدُهُ مِنَ الدُّعَاءِ وَ الْمَسْأَلَةِ، وَ آمَنَ مِنْ دُخُولِ إِنْسَانٍ مِمَّا لَمْ آمَنْهُ،8.

ص: 551


1- في «ط»: المصطفى.
2- غيبة الطّوسيّ: 238/273، الخرائج و الجرائح 6/461:1 «قطعة منه»، جمال الأسبوع: 494، مدينة المعاجز: 69/608.

وَ خِفْتُ مِنْ لِقَائِي لَهُ، فَفَعَلَ وَ قَفَّلَ الْأَبْوَابَ وَ انْتَصَفَ اللَّيْلُ، وَ وَرَدَ مِنَ الرِّيحِ وَ الْمَطَرِ مَا قَطَعَ النَّاسَ عَنِ الْمَوْضِعِ، وَ مَكَثْتُ أَدْعُو وَ أَزُورُ وَ أُصَلِّي.

فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْتُ وَطْأَةً عِنْدَ مَوْلاَنَا مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلاَمَ)، وَ إِذَا رَجُلٌ يَزُورُ، فَسَلَّمَ عَلَى آدَمَ وَ أُولِي الْعَزْمِ (عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ)، ثُمَّ الْأَئِمَّةِ وَاحِداً وَاحِداً إِلَى أَنِ انْتَهَى إِلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) [فَلَمْ يَذْكُرْهُ]، فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ وَ قُلْتُ: لَعَلَّهُ نَسِيَ، أَوْ لَمْ يَعْرِفْ، أَوْ هَذَا مَذْهَبٌ لِهَذَا الرَّجُلِ.

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ زِيَارَتِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَ أَقْبَلَ إِلَى عِنْدِ مَوْلاَنَا أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَزَارَ مِثْلَ الزِّيَارَةِ. وَ ذَلِكَ السَّلاَمَ، وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَ أَنَا خَائِفٌ مِنْهُ، إِذْ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَ رَأَيْتُهُ شَابّاً تَامّاً مِنَ الرِّجَالِ، عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، وَ عِمَامَةٌ مُحَنِّكٌ بِهَا بِذُؤَابَةٍ وَرْدِيٌّ عَلَى كَتِفِهِ مُسْبَلٌ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ أَبِي الْبَغْلِ، أَيْنَ أَنْتَ عَنْ دُعَاءِ الْفَرَجِ.

فَقُلْتُ: وَ مَا هُوَ يَا سَيِّدِي.

فَقَالَ: تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَ تَقُولُ: «يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ، وَ سَتَرَ الْقَبِيحَ، يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ، وَ لَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ، يَا عَظِيمَ الْمَنِّ، يَا كَرِيمَ الصَّفْحِ، يَا حَسَنَ التَّجَاوُزِ، يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ، يَا بَاسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، يَا مُنْتَهَى كُلِّ نَجْوَى، يَا غَايَةَ كُلِّ شَكْوَى، يَا عَوْنَ كُلِّ مُسْتَعِينٍ، يَا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا، يَا رَبَّاهْ - عَشْرَ مَرَّاتٍ - يَا سَيِّدَاهْ - عَشْرَةَ مَرَّاتٍ - يَا مَوْلَيَاهْ - عَشْرَ مَرَّاتٍ - يَا غَايَتَاهْ - عَشْرَ مَرَّاتٍ - يَا مُنْتَهَى رَغْبَتَاهْ - عَشْرَ مَرَّاتٍ - أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ، وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) إِلاَّ مَا كَشَفْتَ كَرْبِي، وَ نَفَّسْتَ هَمِّي، وَ فَرَّجْتَ عَنِّي(1) ، وَ أَصْلَحْتَ حَالِي» وَ تَدْعُو بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا شِئْتَ وَ تَسْأَلُ حَاجَتَكَ.

ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَرْضِ وَ تَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ فِي سُجُودِكَ: «يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ، اكْفِيَانِي فَإِنَّكُمَا كَافِيَايَ، وَ انْصُرَانِي فَإِنَّكُمَا نَاصِرَايَ».

وَ تَضَعُ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ عَلَى الْأَرْضِ، وَ تَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ: «أَدْرِكْنِي» وَ تُكَرِّرُهَا كَثِيراً، وَ تَقُولُ: «اَلْغَوْثَ الْغَوْثَ» حَتَّى يَنْقَطِعَ نَفْسُكَ، وَ تَرْفَعُ رَأْسَكَ، فَإِنَّ اللَّهَ بِكَرَمِهِ يَقْضِيي.

ص: 552


1- في «م، ط»: غمّي.

حَاجَتَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (تَعَالَى).

فَلَمَّا شُغِلْتُ(1) بِالصَّلاَةِ وَ الدُّعَاءِ خَرَجَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ خَرَجْتُ لاِبْنِ جَعْفَرٍ لِأَسْأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ وَ كَيْفَ دَخَلَ، فَرَأَيْتُ الْأَبْوَابَ عَلَى حَالِهَا مُغَلَّقَةً مُقَفَّلَةً، فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ، وَ قُلْتُ: لَعَلَّهُ بَابٌ هَاهُنَا وَ لَمْ أَعْلَمْ، فَأَنْبَهْتُ ابْنَ جَعْفَرٍ الْقَيِّمَ، فَخَرَجَ إِلَيَّ(2) مِنْ بَيْتِ الزَّيْتِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ وَ دُخُولِهِ، فَقَالَ: الْأَبْوَابُ مُقَفَّلَةٌ كَمَا تَرَى مَا فَتَحْتُهَا. فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا مَوْلاَنَا صَاحِبُ الزَّمَانِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، وَ قَدْ شَاهَدْتُهُ دَفَعَاتٍ(3) فِي مِثْلِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ عِنْدَ خُلُوِّهَا مِنَ النَّاسِ.

فَتَأَسَّفْتُ عَلَى مَا فَاتَنِي مِنْهُ، وَ خَرَجْتُ عِنْدَ قُرْبِ الْفَجْرِ، وَ قَصَدْتُ الْكَرْخَ(4) إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كُنْتُ مُسْتَتِراً فِيهِ، فَمَا أَضْحَى النَّهَارُ إِلاَّ وَ أَصْحَابُ ابْنِ الصَّالِحَانِ يَلْتَمِسُونَ لِقَائِي، وَ يَسْأَلُونَ عَنِّي أَصْدِقَائِي، وَ مَعَهُمْ أَمَانٌ مِنَ الْوَزِيرِ، وَ رُقْعَةٌ بِخَطِّهِ فِيهَا كُلُّ جَمِيلِ، فَحَضَرْتُ مَعَ ثِقَةٍ مِنْ أَصْدِقَائِي عِنْدَهُ، فَقَامَ وَ الْتَزَمَنِي وَ عَامَلَنِي بِمَا لَمْ أَعْهَدْهُ مِنْهُ، وَ قَالَ: انْتَهَتْ بِكَ الْحَالُ إِلَى أَنْ تَشْكُوَنِي إِلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ).

فَقُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنِّي دُعَاءٌ وَ مَسْأَلَةٌ.

فَقَالَ: وَيْحَكَ، رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ مَوْلاَيَ صَاحِبَ الزَّمَانِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) فِي النَّوْمِ - يَعْنِي لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ - وَ هُوَ يَأْمُرُنِي بِكُلِّ جَمِيلِ، وَ يَجْفُو عَلَيَّ فِي ذَلِكَ جَفْوَةً خِفْتُهَا.

فَقُلْتُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّهُمْ الْحَقُّ وَ مُنْتَهَى الصِّدْقِ(5) ، رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ مَوْلاَنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي الْيَقَظَةِ، وَ قَالَ لِي كَذَا وَ كَذَا، وَ شَرَحْتُ مَا رَأَيْتُهُ فِي الْمَشْهَدِ، فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ، وَ جَرَتْ مِنْهُ أُمُورٌ عِظَامٌ حِسَانٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَ بَلَغْتُ مِنْهُ غَايَةَ مَا لَمْ أَظُنَّهُ بِبَرَكَةِ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الزَّمَانِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)(6).

***5.

ص: 553


1- في «م، ط»: اشتغلت.
2- في «ع، م» زيادة: عندي.
3- في «ط»: مرارا.
4- في «ع»: الكوخ.
5- في «ع، م»: الحقّ.
6- فرج المهموم: 245، البحار 33/200:95.

معرفة رجال مولانا صاحب الزمان (صلوات اللّه عليه)

526/ 130 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَحْمَدَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ(1) اللَّهِ الْقُمِّيُّ الْقَطَّانُ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخَزَّازِ، قَالَ:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَسَّانَ سَعِيدُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، هَلْ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَعْلَمُ أَصْحَابَ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) كَمَا كَانَ يَعْلَمُ عِدَّتَهُمْ؟

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): حَدَّثَنِي أَبِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، قَالَ: وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ يَعْرِفْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَ قَبَائِلِهِمْ رَجُلاً فَرَجُلاً(2) ، وَ مَوَاضِعَ مَنَازِلِهِمْ وَ مَرَاتِبِهِمْ، وَ كُلُّ مَا عَرَفَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَدْ عَرَفَهُ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ كُلُّ مَا عَرَفَهُ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)

ص: 554


1- في «م، ط»: عبد.
2- في «ع، م»: و قبائلهم و حلاّهم. حلاّهم: صفتهم و خلقتهم و صورتهم.

فَقَدْ عَرَفَهُ(1) الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ كُلُّ مَا عَرَفَهُ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَدْ عَرَفَهُ(2) عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ كُلُّ مَا عَلِمَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَدْ عَلِمَهُ(3) مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ كُلُّ مَا عَلِمَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَدْ عَلِمَهُ وَ عَرَفَهُ صَاحِبُكُمْ (يَعْنِي نَفْسَهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: قُلْتُ: مَكْتُوبٌ؟

قَالَ: فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَكْتُوبٌ فِي كِتَابٍ مَحْفُوظٌ فِي الْقَلْبِ، مُثْبَتٌ فِي الذِّكْرِ لاَ يُنْسَى.

قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخْبِرْنِي بِعَدَدِهِمْ وَ بُلْدَانِهِمْ وَ مَوَاضِعِهِمْ، فَذَاكَ يَقْتَضِى مِنْ أَسْمَائِهِمْ؟

قَالَ: فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَائْتِنِي. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ، أَتَيْتَنَا لِمَا سَأَلْتَنَا عَنْهُ؟

قُلْتُ: نَعَمْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ.

قَالَ: إِنَّكَ لاَ تَحْفَظُ، فَأَيْنَ صَاحِبُكَ الَّذِي يَكْتُبُ لَكَ؟

قُلْتُ: أَظُنُّ شَغَلَهُ شَاغِلٌ(4) ، وَ كَرِهْتُ أَنْ أَتَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ حَاجَتِي، فَقَالَ لِرَجُلٍ فِي مَجْلِسِهِ: اكْتُبْ لَهُ: «هَذَا مَا أَمْلاَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ أَوْدَعَهُ إِيَّاهُ مِنْ تَسْمِيَةِ أَصْحَابِ الْمَهْدِيِّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ عِدَّةِ(5) مَنْ يُوَافِيهِ مِنَ الْمَفْقُودِينَ عَنْ فُرُشِهِمْ وَ قَبَائِلِهِمْ، السَّائِرِينَ فِي لَيْلِهِمْ وَ نَهَارِهِمْ إِلَى مَكَّةَ، وَ ذَلِكَ عِنْدَ اسْتِمَاعِ الصَّوْتِ فِي السَّنَةِ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا أَمْرُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ هُمُ النُّجَبَاءُ وَ الْقُضَاةُ وَ الْحُكَّامُ عَلَى النَّاسِ:د.

ص: 555


1- في «ط»: فقد صار علمه إلى.
2- في «ع، م»: علمه.
3- في «ط»: فقد صار علمه إلى.
4- في «ع، م»: شغل شغله.
5- في «ع، م»: عدد.

مِنْ طَارَبَنْدَ(1) الشَّرْقِيِّ رَجُلٌ، وَ هُوَ الْمُرَابِطُ السَّيَّاحُ، وَ مِنَ الصَّامَغَانِ(2) رَجُلاَنِ، وَ مِنْ أَهْلِ فَرْغَانَةَ(3) رَجُلٌ، وَ مِنْ أَهْلِ التَّرْمُدِ(4) رَجُلاَنِ، وَ مِنَ الدَّيْلَمِ(5) أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ مَرْوَ الرُّوذِ(6) رَجُلاَنِ، وَ مِنْ مَرْوَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، وَ مِنْ بَيْرُوتَ تِسْعَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ طُوسَ خَمْسَةُ رِجَالٍ، وَ مِنَ الْفَارِيَابِ(7) رَجُلاَنِ، وَ مِنْ سِجِسْتَانَ(8) ثَلاَثَةُ رِجَالٍ، وَ مِنَ الطَّالَقَانِ(9) أَرْبَعَةُ وَ عِشْرُونَ رَجُلاً، وَ مِنْ جِبَالِ الْغَوْرِ(10) ثَمَانِيَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ نَيْسَابُورَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلاً، وَ مِنْ هَرَاةَ(11) اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، وَ مِنْ بُوسَنْجَ(12) أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ الرَّيِّ سَبْعَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ طَبَرِسْتَانَ(13) تِسْعَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ قُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلاً، وَ مِنْ قُومَسَ(14) رَجُلاَنِ، وَ مِنْ جُرْجَانَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، وَ مِنَ الرِّقَّةِ(15) ثَلاَثَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ9.

ص: 556


1- طاربند: موضع ذكره المؤمّل بن أميل المحاربيّ في شعره. معجم البلدان 4:4.
2- الصامغان: كورة من كور الجبل، في حدود طبرستان. معجم البلدان 390:3.
3- فرغانة: مدينة واسعة بما وراء النّهر، متاخمة لبلاد تركستان. معجم البلدان 253:4.
4- ترمد: موضع في ديار بني أسد. معجم البلدان 26:2.
5- الدّيلم: جيل سمّوا بأرضهم، و هم في جبال قرب جيلان، و الدّيلم: ماء لبني عبس، و قيل: بأرض اليمامة. مراصد الاطّلاع 581:2.
6- مرو الروذ: مدينة قريبة من مرو الشاهجان في خراسان. معجم البلدان 112:5.
7- فارياب: مدينة مشهورة بخراسان من أعمال جوزجان. معجم البلدان 229:4.
8- سجستان: ناحية كبيرة و ولاية واسعة، بينها و بين هراة عشرة أيّام. معجم البلدان 190:3.
9- طالقان: بلدتان: إحداهما بخراسان بين مرو الروذ و بلخ، و الاخرى كورة و بلدة بين قزوين و أبهر. معجم البلدان 6:4.
10- جبال الغور: بين هراة و غزنة، و يطلّق بفتح الغين على غور تهامة، و غور الأردنّ، معجم البلدان 4: 216-218.
11- هراة: مدينة في شمال غربيّ أفغانستان. المنجد في الاعلام: 727.
12- بوسنج: من قرى ترمذ، و في «ط»: بوشنج: بليدة من نواحي هراة. معجم البلدان 508:1.
13- طبرستان: بلاد واسعة و مدن كثيرة مجاورة لجيلان و ديلمان، تسمّى اليوم مازندران. مراصد الاطّلاع 878:2.
14- قومس: كورة كبيرة في ذيل جبل طبرستان، قصبتها دامغان. معجم البلدان 414:4.
15- الرّقّة: تطلّق على عدّة مواضع فهي: مدينة في سورية، و مدينة من نواحي قوهستان، و بستان مقابل لدار الخلافة ببغداد بالجانب الغربيّ. معجم البلدان 58:3، المنجد في الاعلام: 309.

الرَّافِقَةِ(1) رَجُلاَنِ، وَ مِنْ حَلَبَ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ سَلَمِيَّةَ(2) خَمْسَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ دِمَشْقَ رَجُلاَنِ، وَ مِنْ فِلَسْطِينَ رَجُلٌ، وَ مِنْ بَعْلَبَكَّ رَجُلٌ، وَ مِنْ طَبَرِيَّةَ(3) رَجُلٌ، وَ مِنْ يَافَا(4) رَجُلٌ، وَ مِنْ قِبْرِسَ(5) رَجُلٌ، وَ مِنْ بِلْبِيسَ(6) رَجُلٌ، وَ مِنْ دِمْيَاطَ(7) رَجُلٌ، وَ مِنْ أُسْوَانَ(8) رَجُلٌ، وَ مِنَ الْفُسْطَاطِ(9) أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، وَ مِنَ الْقِيرَوَانِ(10) رَجُلاَنِ، وَ مِنْ كُورِ كِرْمَانَ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ قَزْوِينَ رَجُلاَنِ، وَ مِنْ هَمَدَانَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ مُوقَانَ(11) رَجُلٌ، وَ مِنَ الْبَدْوِ(12) رَجُلٌ، وَ مِنْ خِلاَطَ(13) رَجُلٌ، وَ مِنْ جَابَرْوَانَ(14) ثَلاَثَةُ رِجَالٍ، وَ مِنَ النَّوَا(15)5.

ص: 557


1- الرافقة: بلد متّصل البناء بالرّقّة. معجم البلدان 15:3، و في «ع، م»: الرّافعة، و لعلّها تصحيف «الرائعة» موضع بمكّة، و منزل في طريق البصرة. إلى مكّة، معجم البلدان 22:3.
2- سلمية: بليدة في ناحية البريّة، من أعمال حماه، و بكسر الميم «سلمية» سهل في طرف اليمامة. مراصد الاطّلاع 731:2.
3- طبرية: مدينة على بحيرة طبرية، يجتازها نهر الأردنّ. المنجد في الاعلام: 434.
4- يافا: من مدن فلسطين. معجم البلدان 426:5.
5- قبرس: جزيرة في بحر الرّوم (البحر المتوسط). معجم البلدان 305:4.
6- بلبيس: مدينة بينها و بين فسطاط مصر عشرة فراسخ على طريق الشّام، و العامّة تقول «بلبيس» بكسر الباء الاولى و فتح الثّانية. معجم البلدان 479:1.
7- دمياط: مدينة قديمة في مصر، تقع على زاوية بين بحر الرّوم و نهر النّيل. معجم البلدان 472:2.
8- أسوان: مدينة كبيرة في آخر صعيد مصر، على شرق النّيل. معجم البلدان 191:1 و في «ع، م»: سوان: موضع قرب بستان ابن عامر، و صقع من ديار بني سليم. معجم البلدان 276:3.
9- الفسطاط: أوّل مدينة أسسها المسلمون في مصر على الضّفّة الشّرقيّة للنيل. المنجد في الاعلام: 528.
10- القيروان: مدينة في تونس، و منطقة صحراوية في ليبيا، كثيرة الواحات، من مدنها بنغازي، و يرتفع فيها شمالا الجبل الأخضر. المنجد في الاعلام: 559.
11- موقان: ولاية من أذربيجان. مراصد الاطّلاع 1335:3.
12- في «ع، م»: اليد، لعلّه تصحيف «أيّد» موضع في بلاد مزينة. معجم البلدان 288:1.
13- خلاط: بلدة عامرة مشهورة، و هي قصبة أرمينية الوسطى. معجم البلدان 380:2.
14- جابروان: مدينة بأذربيجان قرب تبريز. معجم البلدان 90:2.
15- النوا: بليدة من أعمال حوران، و قيل هي قصبتها، و تطلّق على قرية من قرى سمرقند. معجم البلدان 306:5.

رَجُلٌ، وَ مِنْ سِنْجَارَ(1) أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ قَالِيقَلاَ(2) رَجُلٌ، وَ مِنْ سُمَيْسَاطَ(3) رَجُلٌ، وَ مِنْ نَصِيبِينَ(4) رَجُلٌ، وَ مِنَ الْمَوْصِلِ رَجُلٌ، وَ مِنْ تَلِّ مَوْزَنَ(5) رَجُلاَنِ، وَ مِنَ الرُّهَا(6) رَجُلٌ، وَ مِنْ حَرَّانَ(7) رَجُلاَنِ(8) ، وَ مِنْ بَاغَةَ(9) رَجُلٌ، وَ مِنْ قَابِسَ(10) رَجُلٌ، وَ مِنْ صَنْعَاءَ رَجُلاَنِ، وَ مِنْ مَازِنَ رَجُلٌ، وَ مِنْ طِرَابْلُسَ رَجُلاَنِ(11) ، وَ مِنَ الْقُلْزُمِ(12) رَجُلاَنِ، وَ مِنَ الْقُبَّةِ(13) رَجُلٌ، وَ مِنْ وَادِي الْقُرَى رَجُلٌ، وَ مِنْ خَيْبَرَ رَجُلٌ، وَ مِنْ بَدَا(14) رَجُلٌ، وَ مِنَ الْجَارِ(15) رَجُلٌ، وَ مِنَ الْكُوفَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، وَ مِنَ الْمَدِينَةِ رَجُلاَنِ، وَ مِنَ الرَّبَذَةِ


1- سنجار: مدينة مشهورة في شمال العراق، بينها و بين الموصل ثلاثة أيّام. معجم البلدان 262:3.
2- قاليقلا: مدينة بإرمينية العظمى من نواحي خلاط. معجم البلدان 299:4.
3- سميساط: مدينة على شاطئ الفرات. معجم البلدان 258:3.
4- نصيبين: مدينة من بلاد الجزيرة على جادّة القوافل من الموصل إلى الشّام. معجم البلدان 288:5.
5- تلّ موزن: بلد في العراق بين رأس عين و سروج. معجم البلدان 45:2.
6- الرها: مدينة بالجزيرة فوق حرّان. مراصد الاطّلاع 644:2. معجم البلدان 106:3.
7- حرّان: مدينة قديمة في بلاد ما بين النّهرين (العراق)، و حرّان أيضا: من قرى حلب، و تطلَق أيضا على قريتين بالبحرين، و على قرية بغوطة دمشق. معجم البلدان 235:2، المنجد في الأعلام: 231.
8- في «م، ط»: رجل.
9- باغة: مدينة بالاندلس. معجم البلدان 326:1.
10- قابس: مدينة بين طرابلس و سفاقس، على ساحل بحر المغرب. معجم البلدان 289:4.
11- في «ع، م»: رجل.
12- القلزم: أطلقه العرب على البحر الأحمر، و هو بالأصل اسم مدينة على ساحل بحر اليمن من جهة مصر. معجم البلدان 387:4، المنجد في الأعلام: 555.
13- القبّة: تطلّق على عدّة مواضع، فهي موضع بالبحرين، و قبّة الكوفة و هي الرّحبة بها، و قبّة جالينوس بمصر، و قبّة الرّحمة بالاسكندرية. معجم البلدان 308:4.
14- بدا: واد قرب أيلة، من ساحل البحر، و قيل: بوادي القرى، و قيل: بوادي عذرة قرب الشّام. معجم البلدان 356:1.
15- الجار: مدينة على ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر) و تطلَق على عدّة مواضع اخرى، فهي فرضة لأهل المدينة ترفأ إليها السّفن، و هي جزيرة في البحر، و قرية من قرى اصبهان، و قرية بالبحرين، و جبل شرقيّ الموصل. معجم البلدان 92:2.

رَجُلٌ، وَ مِنْ خَيْوَانَ(1) رَجُلٌ، وَ مِنْ كُوثَى رَبَّى(2) رَجُلٌ، وَ مِنْ طِهْنَةَ(3) رَجُلٌ، وَ مِنْ تِيرِمَ(4) رَجُلٌ.

وَ مِنَ الْأَهْوَازِ رَجُلاَنِ، وَ مِنْ إِصْطَخْرَ(5) رَجُلاَنِ، وَ مِنَ الْمُولْتَانِ(6) رَجُلاَنِ(7) ، وَ مِنَ الدَّيْبُلِ(8) رَجُلٌ، وَ مِنْ صَيْدَائِيلَ رَجُلٌ، وَ مِنَ الْمَدَائِنِ ثَمَانِيَةُ رِجَالٍ، وَ مِنْ عُكْبَرَا(9) رَجُلٌ، وَ مِنْ حُلْوَانَ(10) رَجُلاَنِ، وَ مِنَ الْبَصْرَةِ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ.

وَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ وَ هُمْ سَبْعَةُ رِجَالٍ، وَ التَّاجِرَانِ الْخَارِجَانِ مِنْ عَانَةَ(11) إِلَى أَنْطَاكِيَّةَ(12) وَ غُلاَمُهُمَا وَ هُمْ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ وَ الْمُسْتَأْمِنُونَ إِلَى الرُّومِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ هُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلاً، وَ النَّازِلاَنِ بِسَرَنْدِيبَ(13) رَجُلاَنِ، وَ مِنْ سَمَنْدَرَ(14) أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، وَ الْمَفْقُودُ مِنْ مَرْكَبِهِ3.

ص: 559


1- خيوان: مخلاف باليمن و مدينة بها. معجم البلدان 415:2، و في «ع، م»: الحيون، و لعلّها تصحيف (خيوق) بلد من نواحي خوارزم، أو تصحيف (حيزن) من مدن إرمينية قريبة من شيروان و تسمّى أيضا (حيزان). معجم البلدان 331:2.
2- كوثى ربى: قرية في العراق، بها مشهد إبراهيم الخليل (عليه السّلام). مراصد الاطّلاع 1185:3.
3- طهنة: قرية بالصّعيد شرقيّ النّيل. معجم البلدان 52:4، و في «م، ط»: طهر.
4- تيرم: موضع بالبادية. معجم البلدان 66:2، و في «ط، م»: بيرم.
5- إصطخر: بلدة بفارس. معجم البلدان 211:1.
6- مولتان: بلد من بلاد الهند. مراصد الاطّلاع 1336:3، و في «ط، م»: الموليان.
7- في «ع، م»: رجل.
8- الديبل: مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند. معجم البلدان 495:2، و في «م»: الدبيل: تطلَق على عدّة مواضع، فيها موضع متاخم لاعراض اليمامة، و مدينة أرمينية تتاخم أَرَّان، و قرية من قرى الرملة. مراصد الاطّلاع 513:2.
9- عكبرا: بليدة من ناحية الدجيل، بينها و بين بغداد عشرة فراسخ. معجم البلدان 142:4.
10- حلوان: في عدّة مواضع، منها حلوان العراق، و قرية من قرى مصر، و بليدة بقوهستان بنيسابور. مراصد الاطّلاع 418:1.
11- عانة: مدينة على الفرات، غرب العراق.
12- أنطاكية: مدينة واسعة من ثغور الشّام. معجم البلدان 266:1.
13- سرنديب: جزيرة كبيرة بأقصى بلاد الهند. معجم البلدان 215:3.
14- سمندر: مدينة بأرض الخزر. معجم البلدان 253:3.

بِشَلاَهِطَ(1) رَجُلٌ، وَ مِنْ شِيرَازَ - أَوْ قَالَ سِيرَافَ(2) ، الشَّكُّ مِنْ مَسْعَدَةَ - رَجُلٌ، وَ الْهَارِبَانِ إِلَى سَرْدَانِيَةَ(3) مِنَ الشِّعْبِ رَجُلاَنِ، وَ الْمُتَخَلِّي بِصِقْلِيَّةَ(4) رَجُلٌ، وَ الطَّوَّافُ الطَّالِبُ الْحَقِّ مِنْ يَخْشِبَ رَجُلٌ، وَ الْهَارِبُ مِنْ عَشِيرَتِهِ رَجُلٌ، وَ الْمُحْتَجُّ بِالْكِتَابِ عَلَى النَّاصِبِ مِنْ سَرَخْسَ(5) رَجُلٌ.

فَذَلِكَ ثَلاَثُمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ(6) رَجُلاً بِعَدَدِ أَهْلِ بَدْرٍ، يَجْمَعُهُمُ اللَّهُ إِلَى مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَ هِيَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، فَيَتَوَافَوْنَ فِي صَبِيحَتِهَا إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لاَ يَتَخَلَّفُ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَ يَنْتَشِرُونَ بِمَكَّةَ فِي أَزِقَّتِهَا، يَلْتَمِسُونَ مَنَازِلَ يَسْكُنُونَهَا، فَيُنْكِرُهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِرِفْقَةٍ(7) دَخَلَتْ مِنْ بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَ لاَ لِتِجَارَةٍ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّا لَنَرَى فِي يَوْمِنَا هَذَا قَوْماً لَمْ نَكُنْ رَأَيْنَاهُمْ قَبْلَ يَوْمِنَا هَذَا، لَيْسُوا مِنْ بَلَدٍ وَاحِدٍ وَ لاَ أَهْلِ بَدْوٍ، وَ لاَ مَعَهُمْ إِبِلٌ وَ لاَ دَوَابُّ!

فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، وَ قَدِ ارْتَابُوا بِهِمْ إِذْ يُقْبِلُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَ رَئِيسَهُمْ فَيَقُولَ: لَقَدْ رَأَيْتُ لَيْلَتِي هَذِهِ رُؤْيَا عَجِيبَةً، وَ إِنِّي مِنْهَا خَائِفٌ، وَ قَلْبِي مِنْهَا وَجِلٌ.

فَيَقُولُ لَهُ: اقْصُصْ رُؤْيَاكَ.

فَيَقُولُ: رَأَيْتُ كَبَّةَ(8) نَارٍ انْقَضَّتْ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ، فَلَمْ تَزَلْ تَهْوِي حَتَّىا.

ص: 560


1- شلاهط: بحر عظيم فيه جزيرة سيلان. معجم البلدان 357:3.
2- سيراف: بلدة في إيران على الخليج. المنجد في الأعلام: 376.
3- سردانية: جزيرة في بحر المغرب. معجم البلدان 209:3.
4- صقلية: بالسّين و الصّاد، جزيرة من جزائر بحر المغرب. معجم البلدان 416:3.
5- سرخس: و كذا بفتح الرّاء، مدينة قديمة من نواحي خراسان. معجم البلدان 208:3.
6- عدّتهم في الحديث ثلاثمائة و سبعة رجال، و في الحديث (132) عدّة الرّجال بالأسماء ثلاثمائة، و عدّتهم بالأرقام المنصوص عليها قبل ذكر الأسماء ثلاثمائة و خمسة رجال على أن المتواتر بالرّوايات أن عدّتهم بعدّة أهل بدر، و لعلّ الوهم نشأ من الرّواة أو النّسّاخ، و الملاحظ أن بعض اسماء المدن المذكورة في هذا الحديث غير موجودة في الحديث (132) و بالعكس، فتأمّل.
7- الرّفقة: الجماعة ترافقهم في السّفر.
8- كبّة النّار: صدمتها.

انْحَطَّتْ عَلَى الْكَعْبَةِ، فَدَارَتْ فِيهَا، فَإِذَا هِيَ جَرَادٌ ذَوَاتُ أَجْنِحَةٍ خُضْرٍ كَالْمَلاَحِفِ، فَأَطَافَتْ بِالْكَعْبَةِ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ تَطَايَرَتْ شَرْقاً وَ غَرْباً، لاَ تَمُرُّ بِبَلَدٍ إِلاَّ أَحْرَقَتْهُ، وَ لاَ بِحِصْنٍ(1) إِلاَّ حَطَمَتْهُ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَ أَنَا مَذْعُورُ الْقَلْبِ وَجِلٌ.

فَيَقُولُونَ: لَقَدْ رَأَيْتَ هَؤُلاَءِ، فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْأُقَيْرِعِ(2) لِيُعَبِّرَهَا، وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ، فَيَقُصُّ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا، فَيَقُولُ الْأُقَيْرِعُ(3): لَقَدْ رَأَيْتَ عَجَباً، وَ لَقَدْ طَرَقَكُمْ فِي لَيْلَتِكُمْ جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ، لاَ قُوَّةَ لَكُمْ بِهِمْ.

فَيَقُولُونَ: لَقَدْ رَأَيْنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا عَجَباً. وَ يُحَدِّثُونَهُ بِأَمْرِ الْقَوْمِ.

ثُمَّ يَنْهَضُونَ مِنْ عِنْدِهِ وَ يَهُمُّونَ بِالْوُثُوبِ عَلَيْهِمْ، وَ قَدْ مَلَأَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ مِنْهُمْ رُعْباً وَ خَوْفاً، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَ هُمْ يَتَآمَرُونَ بِذَلِكَ: يَا قَوْمِ لاَ تَعْجَلُوا عَلَى الْقَوْمِ، إِنَّهُمْ لَمْ يَأْتُوكُمْ بَعْدُ بِمُنْكَرٍ، وَ لاَ أَظْهَرُوا خِلاَفاً، وَ لَعَلَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَكُونُ فِي الْقَبِيلَةِ مِنْ قَبَائِلِكُمْ، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ مِنْهُمْ شَرٌّ فَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ وَ هُمْ، وَ أَمَّا الْقَوْمُ فَإِنَّا نَرَاهُمْ مُتَنَسِّكِينَ وَ سِيمَاهُمْ حَسَنَةٌ، وَ هُمْ فِي حَرَمِ اللَّهِ (تَعَالَى) الَّذِي لاَ يُبَاحُ مَنْ دَخَلَهُ حَتَّى يُحْدِثَ بِهِ حَدَثاً وَ لَمْ يُحْدِثِ الْقَوْمُ حَدَثاً يُوجِبُ مُحَارَبَتَهُمْ.

فَيَقُولُ الْمَخْزُومِيُّ، وَ هُوَ رَئِيسُ الْقَوْمِ وَ عَمِيُدُهُمْ: إِنَّا لاَ نَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ وَرَاءَهُمْ مَادَّةٌ لَهُمْ، فَإِذَا الْتَأَمَتْ إِلَيْهِمْ كَشَفَ أَمْرَهُمْ وَ عَظُمَ شَأْنُهُمْ، فَتَهْضِمُوهُمْ(4) وَ هُمْ فِي قِلَّةٍ مِنَ الْعَدَدِ وَ غُرْبَةٍ(5) فِي الْبَلَدِ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَادَّةُ، فَإِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَأْتُوكُمْ مَكَّةَ إِلاَّ وَ سَيَكُونُ لَهُمْ شَأْنٌ، وَ مَا أَحْسُبُ تَأْوِيلَ رُؤْيَا صَاحِبِكُمْ إِلاَّ حَقّاً، فَخَلُّوا لَهُمْ بَلَدَكُمْ وَ أَجِيلُوا الرَّأْيَ، وَ الْأَمْرُ مُمْكِنٌ.

فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ: إِنْ كَانَ مَنْ يَأْتِيهِمْ أَمْثَالُهُمْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ لاَ سِلاَحَة.

ص: 561


1- في «م، ط»: بحضر.
2- في «ط، ع»: الأقرع.
3- في «ط»: الأقرع.
4- تهضمه: أذلّه و كسره.
5- في «م، ط»: و غرّة.

لِلْقَوْمِ وَ لاَ كُرَاعَ(1) وَ لاَ حِصْنَ يَلْجَئُونَ إِلَيْهِ، وَ هُمْ غُرَبَاءُ مُحْتَوَوْنَ، فَإِنْ أَتَى جَيْشٌ لَهُمْ نَهَضْتُمْ إِلَى هَؤُلاَءِ أَوَّلاً(2) ، وَ كَانُوا كَشَرْبَةِ الظَّمْآنِ.

فَلاَ يَزَالُونَ فِي هَذَا الْكَلاَمِ وَ نَحْوِهِ حَتَّى يَحْجُزَ اللَّيْلُ بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ يَضْرِبُ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ وَ عُيُونِهِمْ بِالنَّوْمِ، فَلاَ يَجْتَمِعُونَ بَعْدَ فِرَاقِهِمْ إِلَى أَنْ يَقُومَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ إِنَّ أَصْحَابَ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَلْقَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَأَنَّهُمْ بَنُو أَبٍ وَ أُمٍّ، وَ إِنْ افْتَرَقُوا عِشَاءً الْتَقَوْا غُدْوَةً، وَ ذَلِكَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً (3).

قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ مُؤْمِنٌ غَيْرُهُمْ؟

قَالَ: بَلَى، وَ لَكِنْ هَذِهِ [الْعِدَّةُ](4) الَّتِي يُخْرِجُ اللَّهُ فِيهَا الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، هُمُ النُّجَبَاءُ وَ الْقُضَاةُ وَ الْحُكَّامُ وَ الْفُقَهَاءُ فِي الدِّينِ، يَمْسَحُ بُطُونَهُمْ وَ ظُهُورَهُمْ فَلاَ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ حُكْمٌ(5).

527/ 131 - قَالَ: أَبُو حَسَّانَ سَعِيدُ بْنُ جَنَاحٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْكَرْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْكُوفِيُّ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ الصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنْ عِدَّةِ أَصْحَابِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَأَخْبَرَهُ بِعِدَّتِهِمْ وَ مَوَاضِعِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْقَابِلُ قَالَ: عُدْتُ إِلَيْهِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا قِصَّةُ الْمُرَابِطِ السَّائِحِ؟

قَالَ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْبَهَانَ، مِنْ أَبْنَاءِ دَهَاقِينِهَا(6) ، لَهُ عَمُودٌ فِيهِ سَبْعُونَ مَنّاً لاَ يُقِلُّهُ غَيْرُهُ، يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ سَيَّاحاً فِي الْأَرْضِ وَ طَلَبَ الْحَقِّ، فَلاَ يَخْلُو بِمُخَالِفٍ إِلاَّ أَرَاحَ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّهُ يَنْتَهِي إِلَى طَارَبَنْدَ، وَ هُمُ الْحَاكِمُ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلاَمِ وَ التُّرْكِ، فَيُصِيبُ بِهَا رَجُلاًة.

ص: 562


1- الكراع: اسم لجماعة الخيل خاصّة، و قيل: الخيل و البغال و الحمير، أيّ ليس لهم دوابّ يفرّون عليها.
2- في «ط»: و هؤلاء.
3- البقرة 148:2.
4- من الملاحم.
5- الملاحم و الفتن: 202، المحجّة للبحراني: 28.
6- الدّهقان: رئيس القرية أو الإقليم، و التّاجر، و القويّ على التّصرّف مع شدّة و خبرة.

مِنَ النُّصَّابِ يَتَنَاوَلُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ يُقِيمُ بِهَا حَتَّى يُسْرِىَ بِهِ.

وَ أَمَّا الطَّوَّافُ لِطَلَبِ الْحَقِّ، فَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ يَخْشُبَ، قَدْ كَتَبَ الْحَدِيثَ، وَ عَرَفَ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ النَّاسِ، فَلاَ يَزَالُ يَطُوفُ فِي الْبِلاَدِ يَطْلُبُ(1) الْعِلْمَ حَتَّى يَعْرِفَ صَاحِبَ الْحَقِّ، فَلاَ يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْأَمْرُ، وَ هُوَ يَسِيرُ مِنَ الْمَوْصِلِ إِلَى الرُّهَا، فَيَمْضِي حَتَّى يُوَافِيَ مَكَّةَ.

وَ أَمَّا الْهَارِبُ مِنْ عَشِيرَتِهِ بِبَلْخٍ(2) فَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، لاَ يَزَالُ يُعْلِنُ أَمْرَهُ، وَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهِ وَ قَوْمَهُ وَ عَشِيرَتَهُ، فَلاَ يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَهْرُبَ مِنْهُمْ إِلَى الْأَهْوَازِ، فَيُقِيمَ فِي بَعْضِ قُرَاهَا حَتَّى يَأْتِيَهُ أَمْرُ اللَّهِ فَيَهْرُبُ مِنْهُمْ.

وَ أَمَّا الْمُحْتَجُّ بِكِتَابِ اللَّهِ عَلَى النَّاصِبِ مِنْ سَرَخْسَ، فَرَجُلٌ عَارِفٌ، يُلْهِمُهُ اللَّهُ مَعْرِفَةَ الْقُرْآنِ، فَلاَ يَلْقَى أَحَداً مِنَ الْمُخَالِفِينَ إِلاَّ حَاجَّهُ، فَيُثْبِتُ أَمْرَنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ.

وَ أَمَّا الْمُتَخَلِّي بِصِقِلِّيَّةَ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِنْ أَبْنَاءِ الرُّومِ، مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا قَرْيَةُ يَسْلِمَ، فَيَنْبُو مِنَ الرُّومِ، وَ لاَ يَزَالُ يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِ الْإِسْلاَمِ، يَجُولُ بُلْدَانَهَا، وَ يَنْتَقِلُ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ، وَ مِنْ مَقَالَةٍ إِلَى مَقَالَةٍ حَتَّى يَمُنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِمَعْرِفَةِ الْأَمْرِ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ وَ أَيْقَنَهُ أَيْقَنَ أَصْحَابُهُ فَدَخَلَ صِقِلِّيَّةَ وَ عَبَدَ اللَّهَ حَتَّى يَسْمَعَ الصَّوْتَ فَيُجِيبَ.

وَ أَمَّا الْهَارِبَانِ إِلَى السَّرْدَانِيَةِ مِنِ الشِّعْبِ رَجُلاَنِ: أَحَدُهُمُا مِنْ أَهْلِ مَدَائِنِ الْعِرَاقِ، وَ الْآخَرُ مِنْ جَبَانَا(3) ، يَخْرُجَانِ إِلَى مَكَّةَ، فَلاَ يَزَالاَنِ يَتَّجِرَانِ فِيهَا وَ يَعِيشَانِ حَتَّى يَتَّصِلَ مَتْجَرُهُمَا بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا الشِّعْبُ، فَيَصِيرَانِ إِلَيْهَا، وَ يُقِيمَانِ بِهَا حِيناً مِنْ الدَّهْرِ، فَإِذَا عرَفَهُمَا أَهْلُ الشِّعْبِ آذَوْهُمَا وَ أَفْسَدُوا كَثِيراً مِنْ أَمْرِهِمَا، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: يَا أَخِي، إِنَّا قَدْ أُوذِينَا فِي بِلاَدِنَا حَتَّى فَارَقَنَا أَهْلُ مَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الشِّعْبِ، وَ نَحْنُ نَرَى أَنَّ أَهْلَهَا ثَائِرَةٌ عَلَيْنَا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَ قَدْ بَلَغُوا بِنَا مَا تَرَى، فَلَوْ سِرْنَا فِي الْبِلاَدِ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ مِنْ عَدْلٍ أَوْ فَتْحٍ أَوْ مَوْتٍ يُرِيحُ، فَيَتَجَهَّزَانِ وَ يَخْرُجَانِ إِلَى1.

ص: 563


1- في «ط»: بالبلدان لطلب.
2- بلخ: قرية صغيرة في افغانستان. المنجد في الاعلام: 140.
3- جبانا: ناحية بالسّواد بين الأنبار و بغداد. مراصد الاطّلاع 309:1.

بَرْقَةَ، ثُمَّ يَتَجَهَّزَانِ وَ يَخْرُجَانِ إِلَى سَرْدَانِيَةَ، وَ لاَ يَزَالاَنِ بِهَا إِلَى اللَّيْلَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا أَمْرُ قَائِمِنَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

وَ أَمَّا التَّاجِرَانِ الْخَارِجَانِ مِنْ عَانَةَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، فَهُمَا رَجُلاَنِ: يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا مُسْلِمٌ، وَ لِلْآخَرِ سُلَيْمٌ، وَ لَهُمَا غُلاَمٌ أَعْجَمِيٌّ يُقَالُ لَهُ سَلْمُونَةُ، يَخْرُجُونَ جَمِيعاً فِي رِفْقَةٍ مِنَ التُّجَّارِ، يُرِيدُونَ أَنْطَاكِيَّةَ، فَلاَ يَزَالُونَ يَسِيرُونَ فِي طَرِيقِهِمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ أَنْطَاكِيَّةَ أَمْيَالٌ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ فَيُنْصِتُونَ نَحْوَهُ، كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا شَيْئاً غَيْرَ مَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِمْ ذَلِكَ الَّذِي دُعُوا إِلَيْهِ، وَ يَذْهَلُونَ عَنْ تِجَارَاتِهِمْ، وَ يُصْبِحُ الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُمْ مِنْ رِفَاقِهِمْ، وَ قَدْ دَخَلُوا أَنْطَاكِيَّةَ، فَيَفْقِدُونَهُمْ، فَلاَ يَزَالُونَ يَطْلُبُونَهُمْ، فَيَرْجِعُونَ وَ يَسْأَلُونَ عَنْهُمْ مَنْ يَلْقَوْنَ مِنَ النَّاسِ فَلاَ يَقَعُونَ لَهُمْ عَلَى أَثَرٍ، وَ لاَ يَعْلَمُونَ لَهُمْ خَبَراً، فَيَقُولُ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَلْ تَعْرِفُونَ مَنَازِلَهُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ. ثُمَّ يَبِيعُونَ مَا كَانَ مَعَهُمْ مِنَ التِّجَارَةِ وَ يَحْمِلُونَهَا إِلَى أَهَالِيهِمْ، وَ يَقْتَسِمُونَ مَوَارِيثَهُمْ، فَلاَ يَلْبَثُونَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلاَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى يُوَافُو إِلَى أَهَالِيهِمْ عَلَى مُقَدِّمَةِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُمْ.

وَ أَمَّا الْمُسْتَأْمِنَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الرُّومِ، فَهُمْ قَوْمٌ يَنَالُهُمْ أَذًى شَدِيدٌ مِنْ جِيرَانِهِمْ وَ أَهَالِيهِمْ وَ مِنَ السُّلْطَانِ، فَلاَ يَزَالُ ذَلِكَ بِهِمْ حَتَّى أَتَوْا مَلِكَ الرُّومِ فَيَقُصُّونَ عَلَيْهِ قِصَّتَهُمْ، وَ يُخْبِرُونَهُ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنْ أَذَى قَوْمِهِمْ وَ أَهْلِ مِلَّتِهِمْ فَيُؤْمِنُهُمْ وَ يُعْطِيهِمْ أَرْضاً مِنْ أَرْضِ قُسْطَنْطِينَةَ، فَلاَ يَزَالُونَ بِهَا حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَسْرِي بِهِمْ فِيهَا، يُصْبِحُ جِيرَانُهُمْ وَ أَهْلُ الْأَرْضِ الَّتِي كَانُوا بِهَا قَدْ فَقَدُوهُمْ، فَيَسْأَلُونَ عَنْهُمْ أَهْلَ الْبِلاَدِ فَلاَ يَحُسُّونَ لَهُمْ أَثَراً، وَ لاَ يَسْمَعُونَ لَهُمْ خَبَراً، وَ حِينَئِذٍ يُخْبِرُونَ مَلِكَ الرُّومِ بِأَمْرِهِمْ وَ أَنَّهُمْ قَدْ فَقَدُوا، فَيُوَجِّهُ فِي طَلَبِهِمْ، وَ يَسْتَقْصِي آثَارَهُمْ وَ أَخْبَارَهُمْ، فَلاَ يَعُودُ مَخْبِرٌ لَهُمْ بِخَبَرٍ فَيَغْتَمُّ طَاغِيَةُ الرُّومِ لِذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً، وَ يُطَالِبُ جِيرَانَهُمْ بِهِمْ، وَ يَحْبِسُهُمْ وَ يُلْزِمُهُمْ إِحْضَارَهُمْ، وَ يَقُولُ: مَا قَدِمْتُمْ عَلَى قَوْمٍ آمَنْتُهُمْ وَ أَوْلَيْتُهُمْ جَمِيلاً؟ وَ يُوْعِدُهُمْ الْقَتْلَ إِنْ لَمْ يَأْتُوا بِهِمْ وَ يُخْبِرُهُمْ، وَ إِلَى أَيْنَ صَارُوا.

فَلاَ يَزَالُ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ فِي أَذِيَّةٍ وَ مُطَالَبَةٍ، مَا بَيْنَ مُعَاقَبٍ وَ مَحْبُوسٍ وَ مَطْلُوبٍ، حَتَّى يَسْمَعَ بِمَا هُمْ فِيهِ رَاهِبٌ قَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ، فَيَقُولَ لِبَعْضِ مَنْ يُحَدِّثُهُ حَدِيثَهُمْ: إِنَّهُ مَا بَقِيَ

ص: 564

فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ يَعْلَمُ عِلْمَ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ غَيْرِي وَ غَيْرُ رَجُلٍ مِنْ يَهُودِ بَابِلَ. فَيَسْأَلُونَهُ عَنْ أَحْوَالِهِمْ فَلاَ يُخْبِرُ أَحَداً مِنَ النَّاسِ، حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ الطَّاغِيَةَ، فَيُوَجِّهَ فِي حَمْلَةٍ إِلَيْهِ، فَإِذَا حَضَرَهُ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: قَدْ بَلَغَنِي مَا قُلْتَ، وَ قَدْ تَرَى مَا أَنَا فِيهِ فَاصْدُقْنِي إِنْ كَانُوا مُرْتَابَيْنِ قَتَلْتُ بِهِمْ مَنْ قَتَلَهُمْ، وَ يَخْلُصُ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ التُّهَمَةِ.

قَالَ الرَّاهِبُ: لاَ تُعَجِّلْ - أَيُّهَا الْمَلِكُ - وَ لاَ تَحْزَنْ عَلَى الْقَوْمِ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَقْتُلُوا وَ لَنْ يَمُوتُوا، وَ لاَ حَدَثَ بِهِمْ حَدَثٌ يَكْرَهُهُ الْمَلِكُ، وَ لاَ هُمْ مِمَّنْ يُرْتَابُ بِأَمْرِهِمْ وَ نَالَتْهُمْ غِيلَةٌ، وَ لَكِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ حَمَلُوا مِنْ أَرْضِ الْمَلِكِ إِلَى أَرْضِ مَكَّةَ إِلَى مَلِكِ الْأُمَمِ، وَ هُوَ الْأَعْظَمُ الَّذِي لَمْ تَزَلِ الْأَنْبِيَاءُ تُبَشِّرُ بِهِ وَ تُحَدِّثُ عَنْهُ وَ تَعِدُ بِظُهُورِهِ وَ عَدْلِهِ وَ إِحْسَانِهِ.

قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟

قَالَ: مَا كُنْتُ لَأَقُولُ إِلاَّ حَقّاً، فَإِنَّهُ عِنْدِي فِي كِتَابٍ قَدْ أَتَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ، يَتَوَارَثُهُ الْعُلَمَاءُ آخَرُ عَنْ أَوَّلٍ.

فَيَقُولُ لَهُ الْمَلِكُ: فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقّاً، وَ كُنْتَ فِيهِ صَادِقاً، فَأَحْضِرِ الْكِتَابَ فَيَمْضِي فِي إِحْضَارِهِ، وَ يُوَجِّهُ الْمَلِكُ مَعَهُ نَفَراً مِنْ ثِقَاتِهِ، فَلاَ يَلْبَثْ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِالْكِتَابِ فَيَقْرَأُهُ، فَإِذَا فِيهِ صِفَةُ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ اسْمُهُ وَ اسْمُ أَبِيهِ، وَ عِدَّةُ أَصْحَابِهِ وَ خُرُوجُهُمْ، وَ أَنَّهُمْ سَيَظْهَرُونَ عَلَى بِلاَدِهِ.

فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَيْحَكَ، أَيْنَ كُنْتَ عَنْ إِخْبَارِي بِهَذَا إِلَى الْيَوْمِ؟

قَالَ: لَوْ لاَ مَا تَخَوَّفْتُ أَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى الْمَلِكِ مِنَ الْإِثْمِ فِي قَتْلِ قَوْمٍ أَبْرِيَاءَ مَا أَخْبَرْتُهُ بِهَذَا الْعِلْمِ حَتَّى يَرَاهُ بِعَيْنِهِ وَ يُشَاهِدَهُ بِنَفْسِهِ.

قَالَ: أَ وَ تَرَانِي أَرَاهُ؟

قَالَ نَعَمْ، لاَ يَحُولَ الْحَوْلُ حَتَّى تَطَأَ خَيْلُهُ أَوَاسِطَ بِلاَدِكَ، وَ يَكُونَ هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ أَدِلاَّءَ عَلَى مَذْهَبِكُمْ.

فَيَقُولُ لَهُ الْمَلِكُ: أَ فَلاَ أُوَجِّهُ إِلَيْهِمْ مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرٍ مِنْهُمْ، وَ أَكْتُبُ إِلَيْهِمْ كِتَاباً؟

قَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: أَنْتَ صَاحِبُهُ الَّذِي تُسَلِّمُ إِلَيْهِ وَ سَتَتْبَعُهُ وَ تَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْكَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ.

وَ النَّازِلُونَ بِسَرَنْدِيبَ وَ سَمَنْدَرَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ مِنْ تُجَّارِ أَهْلِ فَارِسَ، يَخْرُجُونَ عَنْ

ص: 565

تِجَارَاتِهِمْ فَيَسْتَوْطِنُونَ سَرَنْدِيبَ وَ سَمَنْدَرَ حَتَّى يَسْمَعُوا الصَّوْتَ وَ يَمْضُونَ إِلَيْهِ.

وَ الْمَفْقُودُ مِنْ مَرْكَبِهِ بِشَلاَهِطَ رَجُلٌ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ، تَخْرُجُ مِنْ شَلاَهِطَ قَافِلَةٌ، فِيهَا هُوَ، فَبَيْنَمَا تَسِيرُ فِي الْبَحْرِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ إِذْ نُودِيَ، فَيَخْرُجُ مِنَ الْمَرْكَبِ عَلَى أَرْضٍ أَصْلَبَ مِنَ الْحَدِيدِ، وَ أَوْطَأَ مِنَ الْحَرِيرِ، فَيَمْضِي الرُّبَّانُ إِلَيْهِ وَ يَنْظُرُ، فَيُنَادِي:

أَدْرِكُوا صَاحِبَكُمْ فَقَدْ غَرِقَ. فَيُنَادِيهِ الرَّجُلُ: لاَ بَأْسَ عَلَيَّ إِنِّي عَلَى جَدَدٍ(1). فَيُحَالُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَهُ، وَ تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ، فَيُوَافِي الْقَوْمُ حِينَئِذٍ مَكَّةَ لاَ يَتَخَلَّفُ مِنْهُمْ أَحَدٌ(2).

528/ 132 - وَ بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) سَمَّى أَصْحَابَ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِأَبِي بَصِيرٍ فِيمَا بَعْدُ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَمَّا الَّذِي فِي طَارَبَنْدَ الشَّرْقِيِّ: بُنْدَارُ ابْنُ أَحْمَدَ مِنْ سِكَّةٍ تُدْعَى بَازَانَ، وَ هُوَ السَّيَّاحُ الْمُرَابِطُ.

وَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ رَجُلاَنِ: يُقَالُ لَهُمَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَ يُوسُفُ بْنُ صِرْيَا(3) ؛ فَيُوسُفُ عَطَّارٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، وَ إِبْرَاهِيمُ قَصَّابٌ مِنْ قَرْيَةِ سُوَيْقَانَ(4).

وَ مِنَ الصَّامَغَانِ: أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْخَيَّاطُ مِنْ سِكَّةِ(5) بَزِيعٍ، وَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ التَّاجِرُ مِنْ سِكَّةِ النَّجَّارِينَ.

وَ مِنْ أَهْلِ سَيْرَافَ: سَلَمُ الْكَوْسَجُ الْبَزَّازُ مِنْ سِكَّةِ الْبَاغِ، وَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَرِيمٍ الدِّهْقَانُ، وَ الْكُلَيْبُ الشَّاهِدُ مِنْ دَانَشَاهَ.

وَ مِنْ مَرْوَرُوذَ: جَعْفَرٌ الشَّاهُ الدَّقَّاقُ، وَ جُورٌ مَوْلَى الْخَصِيبِ.

وَ مِنْ مَرْوَ اثْنَا عَشَرَ(6) رَجُلاً، وَ هُمْ: بُنْدَارُ بْنُ الْخَلِيلِ الْعَطَّارُ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الصَّيْدَنَانِيُّ، وَ عُرَيْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَامِلِ، وَ مَوْلَى قَحْطَبَةَ، وَ سَعْدٌ الرُّومِيُّ، وَ صَالِحُ بْنُ الرِّحَالِ، وَ مُعَاذُ بْنُ هَانِي، وَ كُرْدُوسٌ الْأَزْدِيُّ، وَ دُهَيْمُ بْنُ جَابِرٍ بْنِ حُمَيْدٍ، وَ طَاشِفُ بْنُ عَلِيٍّا.

ص: 566


1- الجدد: الأرض الغليظة المستوية.
2- المحجّة للبحراني: 34.
3- في «ع، م»: حربا.
4- في «ع، ط»: صويقان.
5- في «ط»: سكنة، و كذا في المواضع الآتية.
6- و هؤلاء ثلاثة عشر رجلا.

الْقَاجَانِيُّ(1) ، وَ قَرْعَانُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَ جَابِرُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَحْمَرُ، وَ حَوْشَبُ بْنُ جَرِيرٍ.

وَ مِنْ بَاوَرْدَ(2) تِسْعَةُ رِجَالٍ: زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَحْدَبٍ، وَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ قَارِبَ، وَ سَحِيقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَنَّاطُ، وَ عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ، وَ سَلَمُ بْنُ سُلَيْمِ بْنِ الْفُرَاتِ الْبَزَّازُ، وَ مَحْمَوَيْهُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ جَرِيرُ بْنُ رُسْتُمَ بْنِ سَعْدٍ الْكَيْسَانِيُّ، وَ حَرْبُ بْنُ صَالِحٍ، وَ عُمَارَةُ بْنُ مُعَمَّرٍ.

وَ مِنْ طُوسَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ: شَهْمَرِدُ(3) بْنُ حُمْرَانَ، وَ مُوسَى بْنُ مَهْدِيٍّ، وَ سُلَيْمَانُ بْنُ طَلِيقٍ مِنَ الْوَادِ - وَ كَانَ الْوَادُ مَوْضِعُ قَبْرِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) - وَ عَلِيُّ بْنُ السِّنْدِيِّ الصَّيْرَفِيُّ.

وَ مِنَ الْفَارِيَابِ: شَاهَوَيْهِ بْنُ حَمْزَةَ، وَ عَلِيُّ بْنُ كُلْثُومٍ مِنْ سِكَّةٍ تُدْعَى بَابَ الْجَبَلِ.

وَ مِنْ الطَّالَقَانِ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ(4) رَجُلاً: الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الرَّازِيِّ الْجَبَلِيِّ، وَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَيْرٍ، وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَمْرٍو(5) ، وَ سَهْلُ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ، وَ جِبْرِيلُ الْحَدَّادُ، وَ عَلِيِّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ(6) ، وَ عِبَادَةُ بْنُ جُمْهُورٍ(7) ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ جَيْهَارَ، وَ زَكَرِيَّا بْنُ حَبَّةَ، وَ بَهْرَامُ بْنُ سَرْحٍ، وَ جَمِيلُ بْنُ عَامِرِ بْنِ خَالِدٍ، وَ خَالِدٌ وَ كَثِيرٌ مَوْلَى جَرِيرٍ، وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرْطِ بْنِ سَلاَّمٍ، وَ فَزَارَةُ بْنُ بَهْرَامَ، وَ مُعَاذُ بْنُ سَالِمِ بْنِ جَلِيدٍ التَّمَّارُ، وَ حُمَيْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جُمْعَةَ الْغَزَّالُ، وَ عُقْبَةُ بْنُ وَفْرِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَ حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ جُنَادَةَ مِنْ دَارِ الرِّزْقِ، وَ كَائِنُ ابْنُ حَنِيذٍ الصَّائِغُ، وَ عَلْقَمَةُ بْنُ مُدْرِكٍ، وَ مَرْوَانُ بْنُ جَمِيلِ بْنِ وَرْقَاءَ، وَ ظُهُورٌ مَوْلَى زُرَارَةَ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَ جُمْهُورُ بْنُ الْحُسَيْنِ الزَّجَّاجُ، وَ رَيَّاشُ بْنُ سَعْدِ(8) بْنِ نُعَيْمٍ.د.

ص: 567


1- في «ع»: الفاجاني.
2- في «م، ط: بارود، باورد: بلد بخراسان بين سرخس و نسا. معجم البلدان 333:1، و في الحديث (130) بيروت.
3- في «ع»: سهمرد.
4- و هؤلاء خمسة و عشرون.
5- في «ط»: عمر.
6- في «ط»: الرواف.
7- في «ط»: ممهور.
8- في «ط»: سعيد.

وَ مِنْ سِجِسْتَانَ: الْخَلِيلُ بْنُ نَصْرٍ مِنْ أَهْلِ زَنْجٍ(1) ، وَ تُرْكُ بْنُ شَبَهٍ، وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ.

وَ مِنْ غَوْرَ ثَمَانِيَةُ رِجَالٍ: مُحِجُّ(2) بْنُ خَرَّبُوذَ، وَ شَاهِدٌ بْنُ بُنْدَارَ، وَ دَاوُدُ بْنُ جَرِيرٍ، وَ خَالِدُ بْنُ عِيسَى، وَ زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ، وَ مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، وَ عَرْفٌ الطَّوِيلُ، وَ ابْنُ كُرْدٍ.

وَ مِنْ نَيْسَابُورَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ(3) رَجُلاً: سِمْعَانُ بْنُ فَاخِرٍ، وَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ مُدْرِكٍ، وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ الْقَصِيرُ، وَ مَالِكُ بْنُ حَرْبِ بْنِ سُكَيْنٍ، وَ زَرُودُ بْنُ سَوْكَنَ، وَ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ، وَ مُعَاذُ بْنُ جَبْرَئِيلَ، وَ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ زُفَرَ، وَ عِيسَى بْنُ مُوسَى السَّوَّاقُ، وَ يَزِيدُ ابْنُ دُرُسْتَ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ شَيْتَ، وَ جَعْفَرُ بْنُ طَرْخَانَ، وَ عَلاَّنُ مَاهَوَيْهِ، وَ أَبُو مَرْيَمَ، وَ عَمْرُو بْنُ عُمَيْرِ بْنِ مِطْرَفٍ، وَ بُلَيْلُ(4) بْنُ وَهَايِدَ بْنِ هُومَردْيَارَ.

وَ مِنْ هَرَاةَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً: سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْوَرَّاقُ، وَ مَاسِحْرُ(5) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ نِيلٍ(6) ، وَ الْمَعْرُوفُ بِعَلاَّمٍ(7) الْكِنْدِيِّ، وَ سِمْعَانُ الْقَصَّابُ، وَ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ، وَ صَالِحُ بْنُ جَرِيرٍ، وَ الْمُبَارَكُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ خَالِدٍ، وَ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدُهْ، وَ نُزُلُ ابْنُ حَزْمٍ، وَ صَالِحُ بْنُ نُعَيْمٍ، وَ آدَمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ خَالِدٌ الْقَوَّاسُ.

وَ مِنْ أَهْلِ بُوسَنْجَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ: طَاهِرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ طَاهِرٍ، الْمَعْرُوفُ بِالْأَصْلَعِ، وَ طَلْحَةُ بْنُ طَلْحَةَ السَّائِحُ، وَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مِسْمَارٍ، وَ عَمْرُو بْنُ عُمَرَ بْنِ هِشَامٍ.

وَ مِنَ الرَّيِّ سَبْعَةُ رِجَالٍ: إِسْرَائِيلُ الْقَطَّانُ، وَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ خُرَّزَادَ، وَ عُثْمَانُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ دِرَخْتَ، وَ مُسْكَانُ بْنُ جَبَلِ(8) بْنِ مُقَاتِلٍ، وَ كِرْدِينُ بْنُ شَيْبَانَ، وَ حَمْدَانُ بْنُة.

ص: 568


1- في «ع»: زيج.
2- في «ع»: محمح.
3- و هؤلاء ستّة عشر رجلا.
4- في «م»: بلبل.
5- في «ط»: و ماسح.
6- في «ط»: نبيل.
7- في «ط»: بغلام.
8- في «ط»: جبلة.

كُرٍّ، وَ سُلَيْمَانُ بْنُ الدَّيْلَمِيِّ.

وَ مِنْ طَبَرِسْتَانَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ: حُرْشَادُ(1) بْنُ كَرْدَمَ، وَ بَهْرَامُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ الْعَبَّاسُ بْنُ هَاشِمٍ، وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى.

وَ مِنْ قُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ(2) رَجُلاً: غَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَسَّانَ(3) ، وَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بُرَّةَ(4) بْنِ نُعَيْمِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ بِلاَلٍ، وَ عِمْرَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ كُلَيْبٍ، وَ سَهْلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ صَاعِدٍ، وَ عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشَّاهِ، وَ حَسَكَةُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الدَّايَةَ، وَ الْأَخْوَصُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ طَرِيفٍ، وَ بُلَيْلُ(5) بْنُ مَالِكِ بْنِ سَعْدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَرِيرٍ، وَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ لاَحِقٍ، وَ الْعَبَّاسُ بْنُ زُفَرَ(6) بْنِ سُلَيْمٍ، وَ الْحُوَيْدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ(7) بَشِيرٍ، وَ مَرْوَانُ بْنُ عُلاَبَةَ بْنِ جَرِيرٍ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَأْسِ الزِّقِّ(8) ، وَ الصَّقْرُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَ كَامِلُ بْنُ هِشَامٍ.

وَ مِنْ قُومَسَ رَجُلاَنِ: مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الشِّعْبِ، وَ عَلِيُّ بْنُ حَمَّوَيْهِ بْنِ صَدَقَةَ مِنْ قَرْيَةِ الْخَرَقَانِ.

وَ مِنْ جُرْجَانَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً: أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَ زُرَارَةُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَطَرٍ، وَ حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ حُوَيَّةَ، وَ عَلاَّنُ ابْنُ حُمَيْدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عَمْرٍو، وَ عَلِيُّ بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ مَحْمُودٍ، وَ سَلْمَانُ بْنُ يَعْقُوبَ، وَ الْعُرْيَانُ بْنُ الخَفَّانِ، الْمُلَقَّبُ بِحَالِ(9) رَوْتَ، وَ شُعْبَةُ بْنُل.

ص: 569


1- في «ط»: حرشام.
2- و هؤلاء أربعة عشر رجلا.
3- في «ط»: محمّد عتبان، و في «ع»: محمّد غسّان.
4- في «ط»: بقرة.
5- في «م»: بلبل.
6- في «ط»: بقر، و في «م»: نضر.
7- (بشر بن) ليس في «ع».
8- في «ع، م»: الون.
9- في «ط»: بخال.

عَلِيٍّ، وَ مُوسَى بْنُ كُرْدَوَيْهِ.

وَ مِنْ مُوقَانَ رَجُلٌ، وَ هُوَ: عُبَيْدُ(1) بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَاجُورَ.

وَ مِنَ السِّنْدِ رَجُلاَنِ: سَيَابُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ نَصْرُ(2) بْنُ مَنْصُورٍ، يُعْرَفُ بِنَاقَشْتَ.

وَ مِنْ هَمَدَانَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ: هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ خَالِدٍ، وَ طَيْفُورُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَيْفُورٍ، وَ أَبَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الضَّحَّاكِ، وَ عَتَّابُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُمْهُورٍ.

وَ مِنْ جَابَرْوَانَ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ: كُرْدُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَ عَاصِمُ بْنُ خُلَيْدٍ(3) الْخَيَّاطُ، وَ زِيَادُ ابْنُ رَزِينٍ.

وَ مِنَ النَّوَّا(4) رَجُلٌ: لَقِيطُ بْنُ الْفُرَاتِ.

وَ مِنْ أَهْلِ خِلاَطَ: وَهْبُ بْنُ خَرْبَنْدَ بْنِ سَرْوِينَ.

وَ مِنْ تَفْلِيسَ(5) خَمْسَةُ رِجَالٍ: جَحْدَرُ بْنُ الزَّيْتِ، وَ هَانِي الْعُطَارِدِيُّ، وَ جَوَادُ بْنُ بَدْرٍ، وَ سُلَيْمُ بْنُ وَحِيدٍ، وَ الْفَضْلُ بْنُ عُمَيْرٍ.

وَ مِنْ بَابِ الْأَبْوَابِ(6): جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

وَ مِنْ سِنْجَارَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ: عَبْدُ(7) اللَّهِ بْنُ زُرَيْقٍ، وَ سُحَيْمُ بْنُ مَطَرٍ، وَ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ زُرَيْقِ بْنِ صَدَقَةَ، وَ هُبْلُ بْنُ كَامِلِ.

وَ مِنْ قَالِيقَلاَ: كُرْدُوسُ بْنُ جَابِرٍ.

وَ مِنْ سُمَيْسَاطَ: مُوسَى بْنُ زَرْقَانَ.

وَ مِنْ نَصِيبِينَ رَجُلاَنِ: دَاوُدُ بْنُ الْمُحِقِّ، وَ حَامِدُ صَاحِبُ الْبَوَارِيِّ.د.

ص: 570


1- في «ع» زيادة: اللّه.
2- في «ط»: نضر.
3- في «ط»: خليط.
4- في «ط»: الشّورى، و في «ع»: الشوى.
5- تفليس: بلد بإرمينية الأولى. معجم البلدان 35:2.
6- باب الأبواب: مدينة على بحر الخزر. معجم البلدان 303:1.
7- في «ع»: عبيد.

وَ مِنَ الْمَوْصِلِ رَجُلٌ: يُقَالُ لَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ صَبِيحِ مِنَ الْقَرْيَةِ الْحَدِيثَةِ.

وَ مِنْ تَلِّ مَوْزَنَ(1) رَجُلاَنِ: يُقَالُ لَهُمَا بَادصنا(2) بْنُ سَعْدِ بْنِ السَّحِيرِ، وَ أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ سَوَّارٍ.

وَ مِنْ بَلَدٍ(3) رَجُلٌ: يُقَالُ لَهُ بُورُ بْنُ زَائِدَةَ بْنِ شِرْوَانَ(4).

وَ مِنْ الرُّهَا رَجُلٌ: يُقَالُ لَهُ كَامِلُ بْنُ عُفَيْرٍ.

وَ مِنْ حَرَّانَ: زَكَرِيَّا السَّعْدِيُّ.

وَ مِنَ الرِّقَّةِ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ: أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَ نَوْفَلُ بْنُ عُمَرَ، وَ أَشْعَثُ بْنُ مَالِكٍ.

وَ مِنَ الرَّافِقَةِ: عِيَاضُ(5) بْنُ عَاصِمِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جَحْشٍ، وَ مُلَيْحُ بْنُ سَعْدٍ.

وَ مِنْ حَلَبَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ: يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ، وَ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ سُحَيْمِ بْنِ مُدْرِكِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ حَرْبِ بْنِ صَالِحِ بْنِ مَيْمُونٍ، وَ مَهْدِيُّ بْنُ هِنْدِ بْنِ عُطَارِدَ، وَ مُسْلِمُ بْنُ هَوَارَمَرْدَ(6).

وَ مِنْ دِمَشْقَ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ: نُوحُ بْنُ جَرِيرٍ(7) ، وَ شُعَيْبُ بْنُ مُوسَى، وَ حَجَرُ بْنُ عَبْدِ(8) اللَّهِ الْفَزَارِيُّ.

وَ مِنْ فِلَسْطِينَ: سُوَيْدُ بْنُ يَحْيَى.

وَ مِنْ بَعْلَبَكَّ: الْمُنْزِلُ بْنُ عِمْرَانَ.د.

ص: 571


1- في «ط، ع»: يلمورق.
2- في «ط»: باد صبّا.
3- بلد: تطلَق على عدّة مواضع، منها: البلد الحرام، و مدينة قديمة فوق الموصل على دجلة، و قرية معروفة من قرى الدجيل. مراصد الاطّلاع 217:1.
4- في «ط»: ثوران، و في «ع»: ثروان.
5- في «م، ط»: عياص.
6- في «ط»: هوامرد.
7- في «ط، ع»: جوير.
8- في «ع»: عبيد.

وَ مِنْ طَبِرِيَّةَ: مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ.

وَ مِنْ يَافَا: صَالِحُ بْنُ هَارُونَ.

وَ مِنْ قِرْمِسَ(1): رِئَابُ بْنُ الْجَلُّودِ(2) ، وَ الْخَلِيلُ بْنُ السَّيِّدِ.

وَ مِنْ تِيسَ(3): يُونُسُ بْنُ الصَّقْرِ، وَ أَحْمَدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ سَلَمٍ.

وَ مِنْ دِمْيَاطَ: عَلِيُّ بْنُ زَائِدَةَ.

وَ مِنْ أُسْوَانَ: حَمَّادُ بْنُ جُمْهُورٍ.

وَ مِنَ الْفُسْطَاطِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ: نَصْرُ بْنُ حَوَّاسَ، وَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَفِيرٍ، وَ يَحْيَى بْنُ نُعَيْمٍ.

وَ مِنَ الْقَيْرَاوَانِ: عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ الشَّيْخِ، وَ عَنْبَرَةُ بْنُ قُرْطَةَ.

وَ مِنْ بَاغَةَ: شُرَحْبِيلُ السَّعْدِيُّ.

وَ مِنْ بِلْبِيسَ: عَلِيُّ بْنُ مُعَاذٍ.

وَ مِنْ بَالِسَ(4): هَمَّامُ بْنُ الْفُرَاتِ.

وَ مِنْ صَنْعَاءَ: الْفَيَّاضُ بْنُ ضِرَارِ(5) بْنِ ثَرْوَانَ، وَ مَيْسَرَةُ بْنُ غُنْدَرِ بْنِ الْمُبَارَكِ(6).

وَ مِنْ مَازِنَ: عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ غُنْدَرٍ(7).

وَ مِنْ طِرَابْلُسَ: ذُو النُّورَيْنِ عُبَيْدَةُ(8) بْنُ عَلْقَمَةَ.

وَ مِنْ أُبُلَّةَ(9) رَجُلاَنِ: يَحْيَى بْنُ بُدَيْلٍ، وَ حَوَاشَةُ بْنُ الْفَضْلِ.1.

ص: 572


1- قرمس: بلدة بالأندلس. معجم البلدان 330:4.
2- في «ط»: الجلد.
3- التيس: موضع بين الكوفة و الشّام، و هو أيضا جبل بالشّام به عدّة حصون. معجم البلدان 66:2.
4- بالس: بلدة بالشّام بين حلب و الرّقّة. معجم البلدان 328:1.
5- في «م»: الغياض بن صرار.
6- في «ع، م»: المباركي.
7- في «ط»: غند.
8- في «ع»: عبدة.
9- الأبلة: بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى. معجم البلدان 76:1.

وَ مِنْ وَادِي الْقُرَى: الْحُرُّ بْنُ الزِّبْرِقَانِ.

وَ مِنْ خَيْبَرَ(1) رَجُلٌ: يُقَالُ لَهُ سُلَيْمَانُ(2) بْنُ دَاوُدَ.

وَ مِنْ رَبْدَارَ(3): طَلْحَةُ بْنُ سَعْدِ(4) بْنِ بَهْرَامَ.

وَ مِنَ الْجَارِ: الْحَارِثُ بْنُ مَيْمُونٍ.

وَ مِنَ الْمَدِينَةِ رَجُلاَنِ: حَمْزَةُ بْنُ طَاهِرٍ، وَ شُرَحْبِيلُ بْنُ جَمِيلِ.

وَ مِنَ الرَّبَذَةِ: حَمَّادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ.

وَ مِنَ الْكُوفَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلاً: رَبِيعَةُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، وَ تَمِيمُ بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ أَسَدٍ، وَ الْعُضْرُمُ بْنُ عِيسَى، وَ مِطْرَفُ بْنُ عُمَرَ الْكِنْدِيُّ، وَ هَارُونُ بْنُ صَالِحِ بْنِ مِيثَمٍ(5) ، وَ وَكَايَا بْنُ سَعْدٍ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ رِوَايَةَ، وَ الْحُرُّ(6) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَاسَانَ، وَ قَوْدَةُ الْأَعْلَمُ، وَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَ بَكْرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَ أَحْمَدُ بْنُ رَيْحَانَ بْنِ حَارِثٍ، وَ غَوْثٌ(7) الْأَعْرَابِيُّ.

وَ مِنَ الْقُلْزُمِ: الْمُرْجِئَةُ(8) بْنُ عَمْرٍو، وَ شَبِيبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.

وَ مِنَ الْحِيرَةِ: بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ.

وَ مِنْ كُوثَى رَبَّى: حَفْصُ بْنُ مَرْوَانَ.

وَ مِنْ طِهْنَةَ: الْحَبَابُ(9) بْنُ سَعِيدٍ، وَ صَالِحُ بْنُ طَيْفُورٍ.

وَ مِنَ الْأَهْوَازِ: عِيسَى بْنُ تَمَّامٍ، وَ جَعْفَرُ بْنُ سَعِيدٍ الضَّرِيرُ، يَعُودُ بَصِيراً.ب.

ص: 573


1- في «ط»: الجيزة، و هي بليدة غربيّ الفسطاط في مصر، معجم البلدان 200:2.
2- في «ع، م»: سليمي.
3- لعلّه تصحيف (ريدان) و هي حصن باليمن، و قيل: قصّر بظفار باليمن. معجم البلدان 111:3.
4- في «ط»: سعيد.
5- في «ع، م»: عثيم.
6- في «ط»: الحرب.
7- في «ع، م»: غرث.
8- في «ع»: الرّحبة.
9- في «ط»: الطاهي: الجاب، و في «م»: طاهي: الحباب.

وَ مِنَ الشَّامِ: عَلْقَمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ.

وَ مِنْ إِصْطَخْرَ: الْمُتَوَكِّلُ بْنُ عُبَيْدِ(1) اللَّهِ، وَ هِشَامُ بْنُ فَاخِرٍ.

وَ مِنَ الْمُولْتَاَنِ(2): حَيْدَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ.

وَ مِنَ النِّيلِ: شَاكِرُ بْنُ عَبْدَةَ.

وَ مِنَ الْقَنْدَابِيلِ(3): عَمْرُو بْنُ فَرْوَةَ.

وَ مِنَ الْمَدَائِنِ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ: الْأَخَوَيْنُ الصَّالِحَيْنِ مُحَمَّدٍ وَ أَحْمَدَ ابْنَيْ الْمُنْذِرِ، وَ مَيْمُونٌ(4) ابْنُ الْحَارِثِ، وَ مُعَاذُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْرُوفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَ الْحَرَسِيُّ ابْنُ سَعِيدٍ، وَ زُهَيْرُ بْنُ طَلْحَةَ، وَ نَصْرٌ، وَ مَنْصُورٌ.

وَ مِنْ عُكْبَرَا: زَائِدَةُ بْنُ هِبَةَ.

وَ مِنْ حُلْوَانَ: مَاهَانُ بْنُ كَثِيرٍ، وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ.

وَ مِنَ الْبَصْرَةِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَعْطَفِ بْنِ سَعْدٍ، وَ أَحْمَدُ بْنُ مُلَيْحٍ، وَ حَمَّادُ بْنُ جَابِرٍ.

وَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ سَبْعَةُ نَفَرٍ: مَكْسِمِلِينَا وَ أَصْحَابُهُ.

وَ التَّاجِرَانِ الْخَارِجَانِ مِنْ أَنْطَاكِيَّةَ: مُوسَى بْنُ عَوْنٍ، وَ سُلَيْمَانُ بْنُ حُرٍّ، وَ غُلاَمُهُمَا الرُّومِيُّ.

وَ الْمُسْتَأْمِنَةُ إِلَى الرُّومِ أَحَدَ عَشَرَ(5) رَجُلاً: صُهَيْبُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَ جَعْفَرُ بْنُ حَلاَلٍ(6) ، وَ ضِرَارُ بْنُ سَعِيدٍ، وَ حُمَيْدُ الْقُدُّوسِيُّ، وَ الْمُنَادِي(7) ، وَ مَالِكُ بْنُ خُلَيْدٍ، وَ بَكْرُ بْنُ الْحُرِّ، وَ حَبِيبُ بْنُ حَنَانٍ، وَ جَابِرُ بْنُ سُفْيَانَ.ي.

ص: 574


1- في «ط»: عبد.
2- في «م، ط»: الموليان.
3- قندابيل: مدينة بالسّند. معجم البلدان 402:4، و في «ط»: القنديل، و في «ع»: قندايل.
4- في «ط»: تيمور، و في «م»: سيمون.
5- و هؤلاء تسعة رجال.
6- في «م، ط، ع»: و جعفر بن... و حلال بن حميد. و ما أثبتناه، من المحجّة للبحراني.
7- في «ع، م»: القدّوس المناري.

وَ النَّازِلاَنِ بِسَرْنِديبَ، وَ هُمَا: جَعْفَرُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَ دَانِيَالُ بْنُ دَاوُدَ.

وَ مِنْ سَنْدِرَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ: خُورُ بْنُ طَرْخَانَ، وَ سَعِيدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ شَاهُ بْنُ بُزُرْجَ، وَ حُرُّ بْنُ جَمِيلٍ.

وَ الْمَفْقُودُ مِنْ مَرْكَبِهِ بِشَلاَهِطَ: اسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ زَيْدٍ.

وَ مِنْ سِيرَافَ - وَ قِيلَ: شِيرَازَ، الشَّكُّ مِنْ مَسْعَدَةَ -: الْحُسَيْنُ بْنُ عُلْوَانَ.

وَ الْهَارِبَانِ إِلَى سَرْدَانِيَةَ: السَّرِيُّ بْنُ الْأَغْلَبِ، وَ زِيَادَةُ اللَّهِ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ.

وَ الْمُتَخَلِّيَ بِصِقِلِّيَّةَ: أَبُو دَاوُدَ الشَّعْشَاعُ.

وَ الطَّوَّافُ لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْ يَخْشُبَ: وَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَاعِدِ بْنِ عُقْبَةَ.

وَ الْهَارِبُ مِنْ بَلْخٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ: أَوْسُ بْنُ مُحَمَّدٍ.

وَ الْمُحْتَجُّ بِكِتَابِ اللَّهِ عَلَى النَّاصِبِ مِنْ سَرَخْسَ: نَجْمُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ دَاوُدَ.

وَ مِنْ فَرْغَانَةَ: أَزْدَجَاهُ بْنُ الْوَابِصِ.

وَ مِنَ التِّرْمِدِ(1): صَخْرُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْقَنَابِلِيُّ، وَ يَزِيدُ بْنُ قَادِرٍ.

فَذَلِكَ ثَلاَثُمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً بِعَدَدِ أَهْلِ بَدْرٍ(2).

529/ 133 - وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ:

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَذَكَرَ أَصْحَابَ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ: ثَلاَثُمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ، وَ كُلُّ وَاحِدٍ يَرَى نَفْسَهُ فِي ثَلاَثِمِائَةٍ(3).

و الحمد للّه رب العالمين و صلّى اللّه على محمد و آله الطاهرين.

***

ص: 575


1- في «ط»: البريّة، و في «م»: البريد.
2- المحجة للبحراني: 38.
3- المحجة للبحراني: 46.

ص: 576

الفهارس

اشارة

1 - فهرس الآيات القرآنية

2 - فهرس الأعلام و الرواة

3 - فهرس المصادر و المراجع

4 - فهرس المحتوى

ص: 577

ص: 578

1- فهرس الآيات القرآنية

اشارة

الآية\رقمها\الصفحة

سورة البقرة/ 2

لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ \ 55\515

وَ إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ \ 60\92

فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ \ 148\562

وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ \ 155\483

إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ \ 180\117

إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ \ 186\543

اَلطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ \ 229\389

سورة آل عمران/ 3

وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ \ 7\483

شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ \ 18\305

يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ \ 30\89

ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ \ 34\330

ص: 579

وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً \ 85\116

يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ \ 106\99

وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ \ 135\123

وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ \ 144\120

وَ لِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ \ 180\235

سورة النساء/ 4

يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ \ 11\117

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي \ 59\436، 526

يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ \ 108\357

سورة المائدة/ 5

اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ \ 3\235

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا \ 55\54

كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ \ 64\115

لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ \ 80\126، 129

سورة الأنعام/ 6

ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ \ 38\236

فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ حَتّى إِذا فَرِحُوا \ 44 و 45\468

لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ \ 67\117

وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً \ 115\304

ص: 580

سورة الأعراف/ 7

وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا \ 155\515

وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ \ 159\463

سورة التوبة/ 9

نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا \ 12\121

أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا \ 49\116

إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ \ 80\387

وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ \ 105\122

لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ \ 128\114

سورة يونس/ 10

حَتّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ \ 24\468

أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ \ 35\127

سورة هود/ 11

أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ \ 28\128، 129

فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ \ 39\117

وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً \ 84-86\241

إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ \ 114\122

سورة يوسف/ 12

حَتّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ \ 110\471

ص: 581

سورة الرعد/ 13

يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ \ 39\123

وَ سَيَعْلَمُ الْكُفّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدّارِ \ 42\121

سورة إبراهيم/ 14

إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً... \ 8 و 9\121

سورة الحجر/ 15

رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ... \ 36-38\453

سورة النحل/ 16

أَتى أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ \ 1\472

وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ \ 38\465

وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ \ 89\236

سورة الإسراء/ 17

فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ \ 5 و 6\449

ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ \ 6\295، 542

وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ \ 13\122

إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ \ 36\291

جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ \ 81\500

ص: 582

سورة مريم/ 19

كهيعص \ 1\513

رَبِّ ... فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا \ 4-6\117

يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ \ 6\119

سورة طه/ 20

فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً \ 12\512

وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً \ 82\318

سورة الأنبياء/ 21

فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ \ 12 و 13\468

يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ \ 69\73

سورة الحج/ 22

وَ تَرَى النّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى \ 2\89

سورة المؤمنون/ 23

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ \ 1\485

فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ \ 101\485

سورة النور/ 24

يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ \ 25\89

وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصّالِحِينَ \ 32\392

ص: 583

سورة الفرقان/ 25

وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً \ 54\83

سورة الشعراء/ 26

وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ \ 214\124

وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ \ 227\121

سورة النمل/ 27

وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ \ 16\117

وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلاّ فِي كِتابٍ \ 75\236

سورة القصص/ 28

وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ \ 5 و 6\450

سورة الروم/ 30

يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللّهِ \ 4 و 5\465

سورة لقمان/ 31

وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ \ 34\171

سورة الأحزاب/ 33

إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ \ 33\101

ص: 584

سورة يس/ 36

كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ \ 12\236

سورة الزمر/ 39

فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ \ 39 و 40\117

يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ \ 53\544

سورة غافر/ 40

اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ \ 60\543

فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ \ 84 و 85\508

سورة الشورى/ 42

يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا \ 18\451

سورة الأحقاف/ 46

حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً \ 15\179

فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ \ 35\385

سورة الحجرات/ 49

اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ \ 12\317

سورة الطور/ 52

وَ الطُّورِ * وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ \ 1-3\478

ص: 585

سورة القمر/ 54

أَ بَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ \ 24\291

سورة الرحمن/ 55

مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ \ 19 و 20\83

سورة الحديد/ 57

وَ لِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ \ 10\235

سورة الصف/ 61

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ \ 8\361

سورة الحاقة/ 69

وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ \ 12\235

سورة القيامة/ 75

لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ \ 16\235

سورة الإنسان/ 76

وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ \ 30\506

سورة الزلزلة/ 99

إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها... \ 1-4\67

فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ... \ 7 و 8\89، 122

ص: 586

2- فهرس الأعلام و الرواة

حرف الألف

محمد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): 53-57، 65 - 71، 73، 75-79، 81-104، 107، 111، 112، 114، 115، 117-120، 122، 124-126، 128، 130، 131، 133-135، 137-150، 153-155، 157، 159-161، 165-171، 175، 176، 178-181، 183، 185، 186، 187، 190، 194-197، 200-203، 206، 207، 212، 213، 216، 218 - 220، 225، 226، 228، 234-236، 248، 250، 251، 261، 280، 282، 284، 290، 292، 294، 295، 297، 300، 304، 305، 308، 320، 324، 328، 337، 349، 350، 356، 366 - 368، 376-379، 381، 382، 384، 386، 387، 392، 403، 405، 407، 413، 414، 420، 421، 432، 436، 438، 439، 441-450، 452-458، 464-471، 476-482، 484، 486، 487، 489، 493-496، 498، 507، 511-517، 524، 532، 539، 543، 545، 548-552، 555.

علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام): 53 - 59، 61، 66-70، 75، 80-86، 87، 88، 90، 92-95، 97، 99-104، 106، 107، 109، 122، 126، 129-131، 133-137، 140، 141، 143-148، 150، 153، 155، 157، 158، 160، 166، 174-176، 185، 191، 194 - 196، 198، 203، 207، 224، 235، 236، 240، 250، 253، 261، 284،

ص: 587

295، 311، 337، 356، 366، 372، 376، 377، 384، 386، 387، 413، 435، 436، 438، 447، 448، 451، 452، 454، 455، 458، 459، 464، 465، 469-471، 473، 476، 478 - 480، 498، 506، 507، 511-516، 529-531، 533، 534، 543، 544، 549، 551، 552، 554، 555، 563.

فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليها السلام): 57، 65-83، 85-88، 90-95، 99-103، 105-111، 114، 118، 119، 124، 125، 128-131، 134، 135، 137 - 143، 145-153، 155، 157-160، 163، 170، 179، 191، 203، 207، 250، 284، 356، 376، 401، 444، 448، 455، 485، 494، 513، 514، 548، 551.

الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): 57، 66، 68، 69، 73، 104، 106، 130، 136، 140، 141، 152، 157-163، 165-167، 168-174، 175-177، 184، 191، 192، 196، 204، 207، 216، 250، 284، 295، 356، 366، 376، 436، 446-448، 452، 454، 455، 476، 479، 513، 549، 551، 554.

الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): 56، 57، 66-69، 71، 72، 74-76، 81، 85، 104، 106، 130، 135-137، 146، 148، 152، 153، 155، 157-161، 165، 172، 175، 177-190، 193، 195، 196، 206204، 207، 215، 250، 284، 295، 315، 356، 366، 376، 436، 443، 444، 446-449، 452-455، 458، 459، 476، 479، 513، 514، 549، 551، 555.

علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام): 55، 67، 69، 71، 74، 88، 94، 103، 109، 125، 135، 137، 146، 148، 150، 152، 153، 155، 175، 181، 182، 191، 192، 196، 197-213، 216، 217، 218، 245، 250، 295، 356، 366، 376، 444، 447، 449، 452، 476، 539، 544، 550، 555.

محمد بن علي الباقر (عليه السلام): 53، 55، 67، 69، 74، 81، 85، 88، 92، 94، 100، 102، 103، 105، 106، 109، 110، 125، 129، 137، 139، 145، 146، 152، 153، 155، 173، 175، 187، 190، 193، 197، 202، 206-209، 212، 213، 215، 216، 218-229، 231-234، 240، 242، 243، 265،

ص: 588

295، 308، 366، 376، 434-436، 447، 449، 451-453، 455، 466، 467، 476، 479، 481، 485، 486، 532، 533، 535، 550، 552، 554، 555.

جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): 55، 67، 69، 71، 74، 77، 79-81، 85، 88، 94، 95، 100، 102، 109، 125، 130، 131، 133، 134، 137، 140، 145، 149، 152-154، 158، 172، 175، 178، 185، 186، 188، 189، 203، 204، 208، 217، 218، 221-224، 231، 233، 235، 240، 241، 245-286، 287-299، 300، 301، 303، 305، 307، 308، 324، 327، 329، 330، 333، 335، 339، 347، 366، 368، 376، 433-438، 447، 449، 450، 452-454، 456، 459-464، 465، 468، 470-472، 476، 478، 481 - 484، 486، 487، 530-533، 535، 543، 550، 554، 555، 562، 566، 575.

موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام): 69، 70، 93، 94، 100، 102، 145، 153، 154، 175، 247، 280، 295-297، 303، 304، 307، 310-317، 319-329، 331-338، 341-343، 348، 349، 356، 366، 370-373، 390، 396، 416، 449، 452، 476، 485، 530، 550، 552.

علي بن موسى الرضا (عليه السلام): 67، 69، 70، 94، 102، 154، 158، 175، 306، 309، 314، 315، 347، 348، 349، 352 - 360، 362-382، 384، 385، 387، 388، 390، 400-402، 420، 435، 449، 452، 454، 460، 476، 546، 547، 550.

محمد بن علي الجواد (عليه السلام): 174، 176، 349، 352، 354، 359، 368، 376، 379، 383-385، 387-394، 396 - 403، 406، 407، 410، 414-416، 447، 449، 476، 550.

علي بن محمد الهادي (عليه السلام): 176، 376، 397، 409-420، 428، 431، 447، 449، 475، 476، 490-492، 495، 496، 500، 550.

الحسن بن علي العسكري (عليه السلام): 158، 176، 177، 191، 215، 245، 303، 313، 347، 376، 383، 384، 409، 412، 423، 424، 426-430، 432، 447، 449، 476، 490، 491، 493 - 501، 503، 505، 506، 508-511،

ص: 589

516، 520، 540، 546-548، 550.

القائم المهدي (عليه السلام): 102، 178، 189، 295، 296، 357، 425، 437، 441، 443، 444، 447، 449-452، 454 - 473، 475-479، 481-487، 489، 497، 501-503، 519، 524، 525، 527، 530، 531، 535، 537، 539، 540، 545، 547، 548، 550، 552 - 554، 562، 564، 565، 566، 575،.

آدم (عليه السلام): 56، 57، 80، 93، 158، 197، 437، 526، 552.

آدم بن عبد العزيز: 319، 320.

آدم بن علي: 568.

آسية بنت مزاحم: 78.

آصف (بن برخيا): 415.

آمنة (أمّ الرسول): 158.

آمنة بنت موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

أبان: 275، 469.

ابن أبان: 107.

أبان بن تغلب: 109، 285، 457، 467.

أبان بن عثمان الأحمر: 109، 208، 570.

أبان بن محمد بن الضحّاك: 570.

إبراهيم (عليه السلام): 56، 147، 154، 189، 203، 300، 320، 380، 458، 482، 548.

إبراهيم: 142، 167، 445، 446.

أم إبراهيم مارية القبطية (زوجة الرسول (صلّى اللّه عليه و آله).

إبراهيم بن أحمد بن جبرويه: 212.

إبراهيم بن أحمد الطبري، أبو إسحاق: 68، 69، 72، 76، 103، 135، 142، 441 - 443.

إبراهيم بن إسحاق: 280.

إبراهيم بن إسحاق بن عمرو: 569.

إبراهيم بن الأسود: 322.

إبراهيم بن الأسود التيمي: 200.

إبراهيم بن أبي البلاد: 226، 254.

إبراهيم بن الحارث: 535.

إبراهيم بن الحسن بن راشد: 322.

إبراهيم بن الحسن الرافعي: 68.

إبراهيم بن حماد القاضي: 75.

إبراهيم بن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): 385-387.

إبراهيم بن سعد: 164، 166، 171، 182، 198، 220، 249-251، 321، 397، 398.

إبراهيم بن سعد الجوهري: 364.

إبراهيم بن سهل: 364.

إبراهيم بن شكلة: 347.

إبراهيم بن صالح النخعي: 484.

إبراهيم بن الصباح: 566.

إبراهيم بن صفير: 572.

إبراهيم بن عبد الحميد: 326.

إبراهيم بن عبد الرحمن: 465.

ص: 590

إبراهيم بن عبد السلام: 76.

إبراهيم بن علي: 568.

إبراهيم بن علي الهادي (عليه السلام): 412.

إبراهيم بن عمرو: 567.

إبراهيم بن غندر، أبو إسحاق: 199.

إبراهيم بن فهد: 68.

إبراهيم بن كثير: 170.

إبراهيم بن محمد: 324، 574، 575.

إبراهيم بن محمد الأشعري: 254.

إبراهيم بن محمد الأنصاري: 542.

إبراهيم بن محمد الباقر (عليه السلام): 217.

إبراهيم بن محمد الثقفي، أبو إسحاق: 102، 139.

إبراهيم بن محمد بن الحنفية: 464.

إبراهيم بن محمد الرخجي: 526.

إبراهيم بن مخلد الباقرحي، أبو إسحاق: 110، 128-130، 146.

إبراهيم بن مسعود: 573.

إبراهيم بن مصعب: 151.

إبراهيم بن مهران: 470.

إبراهيم بن مهزم: 254، 255.

إبراهيم بن موسى (عليه السلام): 309، 338، 340.

إبراهيم بن موسى: 396.

إبراهيم النخعي: 442، 445.

إبراهيم بن نصر، أبو إسحاق: 464.

إبراهيم بن هاشم: 149، 435، 530.

إبراهيم بن هراسة: 53.

إبراهيم بن الوليد: 215، 216، 245.

إبراهيم بن وهب: 250.

إبراهيم بن يحيى الجواني: 450.

إبراهيم بن يوسف القصير: 568.

إبليس: 196، 197، 268، 269، 438، 450، 453، 463.

أحمد: 140، 206، 328.

أحمد بن إبراهيم: 221، 223.

أحمد بن إبراهيم بن الحسن، أبو بكر: 67.

أحمد بن إسحاق: 420.

أحمد بن إسحاق بن إسماعيل: 401.

أحمد بن إسحاق بن البهلول: 444.

أحمد بن إسحاق القمي الأشعري: 503، 508، 509، 510، 511، 516.

أحمد بن إسماعيل الكاتب: 319.

أحمد التبّان: 343-345.

أحمد بن جعفر: 221، 458، 482.

أحمد بن أبي جعفر: 527.

أحمد بن جعفر المتوكل، المعروف بالمعتمد:

423، 425.

أحمد بن جعفر بن محمد بن محمد الخلال: 480.

أحمد بن الحسن: 67، 340، 520، 524.

أحمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب: 164.

أحمد بن الحسن بن علي بن عبد اللّه المقرئ: 69.

أحمد بن الحسن القطان، أبو سعيد: 71، 80، 152.

أحمد بن الحسن المادرائي: 522، 523.

ص: 591

أحمد بن الحسن الميثمي: 254.

أحمد بن الحسين: 221، 275، 288، 289، 402.

أحمد بن الحسين، المعروف بابن أبي القاسم:

188، 268-270، 272، 273، 297، 372، 375، 575.

أحمد بن الحسين الهاشمي: 188.

أحمد بن حماد الهمداني: 139.

أحمد بن حميد بن سوّار: 571.

أحمد بن الدينوري السراج: 519.

أحمد بن ريحان بن حارث: 573.

أحمد بن زهير: 477.

أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني: 149، 435.

أحمد بن زيد: 459.

أحمد بن زيد، أبو جعفر: 484.

أحمد بن زيد الدهان: 448.

أحمد بن سعيد، أبو النصر: 399.

أحمد بن سليمان بن أيوب الهاشمي: 200.

أحمد بن سليمان بن سليم: 571.

أحمد بن صالح: 404.

أحمد الصفواني: 110.

أحمد بن عامر: 154، 220.

أحمد بن عبد اللّه: 254، 276.

أحمد بن أبي عبد اللّه: 485.

أحمد بن عبد اللّه البرقي: 254.

أحمد بن عبد اللّه بن زياد، أبو سهل: 53.

أحمد بن عبيد اللّه، أبو الطيب الأنطاكي: 442.

أحمد بن عبيد بن ناصح: 142، 200.

أحمد العقيقي: 450.

أحمد بن علي: 272، 420.

أحمد بن علي، أبو الحسن (المعروف بابن البغدادي): 210.

أحمد بن علي القصير: 479.

أحمد بن علي بن مهدي: 102.

أحمد بن عمر: 370.

أحمد بن عمر الخيّاط: 566.

أحمد بن عمر بن زفر: 568.

أحمد بن عيسى، أبو طاهر: 146.

أحمد بن الفرج بن منصور، أبو الحسن: 102، 139، 437.

أحمد بن القاسم البريّ: 58.

أحمد بن كامل بن خلف، أبو بكر: 142.

أحمد بن مابنداز: 460.

أحمد بن محمد: 66، 227، 255-260، 262، 263، 281، 283، 288، 289، 303، 329، 330، 332، 333، 334، 335، 337، 338، 340.

أحمد بن محمد (المعروف بغزال): 343.

أحمد بن محمد بن أحمد: 100.

أحمد بن محمد الأشعري القمي: 79، 134، 369.

أحمد بن محمد بن جعفر الصولي، أبو علي:

91، 94.

أحمد بن محمد بن جعفر الطائي، أبو الخير: 539.

ص: 592

أحمد بن محمد بن خالد البرقي: 79، 134، 266، 297، 299.

أحمد بن محمد الخشّاب الكرخي، أبو بكر: 131.

أحمد بن محمد الدينوري: 522.

أحمد بن محمد بن زياد القطان: 149.

أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الهمداني، أبو العباس: 95، 100، 109، 125، 212، 242، 433، 530، 532.

أحمد بن محمد بن عبد اللّه: 414.

أحمد بن محمد بن عبد اللّه، أبو الطيب: 149.

أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن خالد الكاتب، أبو عبد اللّه: 480، 482.

أحمد بن محمد بن عبيد اللّه بن عياش: 416، 431.

أحمد بن محمد بن عثمان بن سعيد الزيات: 109.

أحمد بن محمد بن أبي العريب الضبّي، أبو الحسن:

81، 88.

أحمد بن محمد العطار، أبو علي: 322، 506.

أحمد بن محمد بن علي: 256.

أحمد بن محمد بن عمرو بن عثمان الجعفي: 109.

أحمد بن محمد بن عيسى: 137، 149، 206، 224، 254، 300، 368، 435، 437، 438، 457.

أحمد بن محمد الفريابي: 158.

أحمد بن محمد المكي: 357.

أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي: 66، 93، 109، 288، 369، 402، 435.

أحمد بن مدبر: 284.

أحمد المستعين: 409.

أحمد بن مسلم: 572.

أحمد بن مليح: 574.

أحمد بن المنذر: 574.

أحمد بن منصور الرمادي: 220، 250.

أحمد بن موسى: 399.

أحمد بن موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

أحمد بن ميثم: 454.

أحمد بن هارون بن عبد اللّه: 569.

أحمد بن هلال: 453، 460، 483.

أحمد بن هليل: 366.

أحمد بن وهب، أبو جعفر: 253.

أحمد بن يزيد المهلبي: 146.

أحمد بن يوسف: 283.

الأحوص: 248.

أبو الأحوص (مولى أم سملة): 172.

الأخطل الكاهلي: 330.

الأخوص بن محمد: 569.

إدريس: 294، 298.

أذكوتكين: 523.

أروى: 359.

أزدجاه بن الوابص: 575.

الأزرق: 455.

إسحاق الأحمر: 520، 521.

ص: 593

إسحاق بن أبي إسرائيل: 467، 469.

إسحاق بن إسماعيل: 401.

أبو إسحاق الباقرحي - إبراهيم بن مخلد الباقرحي.

إسحاق بن البهلول: 444.

أبو إسحاق الثقفي: 466.

إسحاق بن جبرئيل الأهوازي: 526.

إسحاق بن جعفر: 341.

إسحاق بن جعفر الصادق (عليه السلام): 247.

إسحاق بن جعفر بن محمد: 80، 152.

أبو إسحاق السبيعي: 479.

إسحاق بن عمار: 325، 334، 335، 340.

إسحاق بن محمد: 67، 535.

إسحاق بن محمد بن سميع (المعروف بابن أبي بيان): 464، 534.

إسحاق بن محمد الصيرفي: 463.

إسحاق بن محمد بن علي، أبو أحمد الكوفي: 69.

إسحاق بن محمد بن مروان الكوفي الغزال: 445.

إسحاق بن موسى الأنصاري، أبو موسى: 129.

إسحاق بن موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

أبو إسحاق الهمداني: 438.

إسحاق بن يعقوب: 525.

إسرافيل: 73، 92، 102، 103، 106.

إسرائيل القطّان: 568.

الإسكاف: 276.

أسلم بن ميسرة العجلاني: 157.

أسماء بنت عبد الرحمن: 248.

أسماء بنت عميس: 136، 148، 150.

أسماء بنت موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

أبو إسماعيل: 187.

إسماعيل بن أبان: 487.

إسماعيل بن أبان الورّاق: 482.

إسماعيل بن إبراهيم الخليل (عليهما السلام): 56، 320.

إسماعيل بن أحمد الفهقلي: 418.

إسماعيل بن إسحاق: 442.

إسماعيل بن جابر: 273.

إسماعيل بن جعفر بن كثير: 170.

إسماعيل بن جعفر الصادق (عليه السلام): 247، 258، 295.

إسماعيل بن الحسن بن علي (عليه السلام): 164.

إسماعيل بن زيد: 256.

إسماعيل بن صبيح: 69.

إسماعيل بن علي المقرئ القمي: 473.

إسماعيل بن عليّة: 157.

إسماعيل بن عمر بن أبان: 472.

إسماعيل بن عمرو البجلي: 148، 150.

إسماعيل الفزاري: 451.

إسماعيل بن مهران: 186، 287.

إسماعيل بن موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

ابن الأشعث: 167، 168.

أشعث بن مالك: 571.

الأصبغ بن زيد: 71.

الأصبغ بن نباتة: 142، 153، 478، 529-531.

ص: 594

الأصم: 82.

الأعمش: 135، 165-169، 171، 182، 183، 199، 200، 218، 219، 221، 248-250، 320، 321، 477.

الأقيرع: 561.

ابن بنت إلياس الحسن بن علي الوشاء.

أم أبيها بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 413.

أمامة بنت أبي العاص: 13.

أبو أميّة الأنصاري: 222، 223.

أميّة بن علي: 401.

أنس بن مالك: 82، 150، 157، 201، 469.

الأوزاعي: 184.

أوس بن محمد: 575.

أم أيمن: 133، 484.

أيوب (عليه السلام): 73.

أبو أيوب: 487.

أبو أيوب الأنصاري: 142، 153.

أم أيوب الأنصاري: 81.

أبو أيوب الخزاز: 483.

أيوب بن نوح: 187، 433، 535.

أبو أيوب الواقدي: 170.

حرف الباء

باد صنا بن سعد بن السحير: 571.

الباقطاني: 520، 521.

بخت نصّر: 516.

بختيشوع: 418.

بدر بن عمار الطبرستاني: أبو النجم: 174، 189، 209، 296، 305، 307، 326، 348، 349، 383، 388، 401، 410.

بردعة الحمار: 198.

البرقي: 204.

أبو بريدة: 168.

بريدة العجلي: 465.

بشر بن سليمان النخاس: 490-492، 494، 495.

بشر بن محمد: 206.

بشير الدهان: 437.

بشير النبّال: 294.

أبو بصير: 79، 105، 106، 131، 134، 203، 205، 222، 226، 229، 232، 233، 251، 256، 257، 263، 265-268، 282-284، 287، 292، 293، 303، 304، 328، 329، 337، 436، 438، 453، 454، 459، 470، 535، 554، 555، 562، 566.

بكر: 403.

أبو بكر (الخليفة): 66، 88، 109-111، 117 - 119، 122، 137، 507، 508، 516.

بكر بن أم بكر: 271.

بكر بن الحر: 574.

أبو بكر الحضرمي: 231.

أبو بكر الزهري: 444.

بكر بن سعد بن خالد: 573.

ص: 595

أبو بكر بن شاذان: 68.

بكر بن عبد اللّه: 573.

أبو بكر بن عياش: 135.

بكر بن محمد الأزدي: 287.

أبو بكير: 535.

بلال (مؤذن الرسول (صلّى اللّه عليه و آله): 54، 87، 88.

بلقيس: 415.

بليل بن مالك: 569.

بليل بن وهايد: 568.

بندار بن أحمد (المرابط السائح): 556، 562، 566.

بندار بن الخليل العطّار: 566.

أم البنين (أم الرضا (عليه السلام): 359.

بهرام بن سرح: 567.

بهرام بن علي: 569.

بور بن زائدة بن شروان: 571.

حرف التاء

ترك بن شبه: 568.

تكتم (أم الرضا (عليه السلام): 348.

تميم بن إلياس: 573.

حرف الثاء

ثابت: 201.

ثابت (أبو عمرو بن ثابت): 139، 436.

ثابت بن ثابت، أبو محمد: 201.

ثابت بن دينار، أبو حمزة الثمالي: 205، 256، 447، 451، 479.

ثعلبة: 242.

ثعلبة بن ميمون: 529.

ثقيف البكاء: 166.

ثمامة بن أشرس: 253.

ثمامة بن عبد اللّه بن أنس: 150.

حرف الجيم

جابر: 173، 202، 213، 224-226، 308، 470.

جابر بن سفيان: 574.

جابر بن عبد اللّه الأنصاري: 88، 100، 102، 146، 166، 169، 218، 464.

جابر بن علي الأحمر: 567.

جابر بن يزيد الجعفي: 53، 62، 92، 103، 110، 146، 212، 217، 220، 221، 242، 269، 281، 290.

أبو الجارود: 67، 276، 455، 456، 481، 486.

جبرئيل (عليه السلام): 55، 56، 73، 75، 77، 83، 84، 86، 90، 92-94، 101-103، 106، 118، 133، 143، 146، 147، 159، 179، 190، 225، 250، 271، 292، 305، 438، 457، 472، 476، 478، 513.

جبريل الحداد: 567.

ص: 596

جبلة المكّي: 147.

جبير بن الطحان: 208.

جحدر بن الزيت: 570.

جريح: 386، 387.

ابن جريح: 130.

جرير: 76، 469.

جرير بن رستم الكيساني: 567.

جعدة بنت محمد الكندي: 160.

أبو جعفر: 453، 527.

جعفر بن الأشعث: 266.

جعفر بن بشير: 280.

جعفر بن أبي جعفر: 527.

جعفر بن الحسين (عليه السلام): 181.

جعفر بن حلال: 574.

جعفر بن زكريا: 575.

جعفر بن سعيد الضرير: 573.

جعفر بن سليمان: 443.

جعفر بن سليمان الضبعي: 144،.

جعفر الشاه الدقاق: 566.

جعفر بن أبي طالب: 97، 144، 201، 479.

أبو جعفر الطبري: 53-55، 164-171، 181-184، 198-201، 218-221، 248-251، 254، 320-322، 362 - 364، 397-400، 412، 413، 426، 427، 478.

جعفر بن طرخان: 568.

جعفر بن عبد الرحمن: 570.

أبو جعفر العرجي: 473.

جعفر بن عبد اللّه العلوي المحمدي: 530.

جعفر بن علي الحوار: 62.

جعفر بن علي الهادي (عليه السلام) (جعفر الكذاب): 248، 412، 425، 527.

أبو جعفر العمري: 520-523.

جعفر بن قرط: 95.

جعفر بن قرم: 465.

جعفر القصيري: 447.

ابن جعفر القيم: 551، 553.

جعفر بن محمد: 104، 151، 478، 484، 499، 505.

جعفر بن محمد بن جعفر، أبو محمد: 484.

جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني، أبو عبد اللّه: 72.

جعفر بن محمد بن الحسن الرازي: 135.

جعفر بن محمد الحميري، أبو عبد اللّه: 299، 454-458، 534.

جعفر بن محمد العلوي الموسائي، أبو القاسم:

231، 291، 296، 325، 533.

جعفر بن محمد بن عمارة الكندي: 91، 103، 110، 146، 149.

جعفر بن محمد بن مالك الفزاري: 62، 104، 158، 188، 284، 313، 343، 384، 402، 459، 463، 464، 469، 472،

ص: 597

479، 481، 482، 486، 487، 535، 542.

جعفر بن مسرور: 93.

جعفر بن محمد بن مسعود: 453.

أبو جعفر المنصور: 55، 219، 245، 246، 255، 258، 259، 266، 267، 269، 275، 297-300، 305، 325، 443.

جعفر بن موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

أم جعفر بنت موسى جعفر (عليه السلام): 309.

جعفر بن هارون الزيات: 291.

أبو جعفر بن الوليد - محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمي.

جعفر بن يحيى: 373، 374.

ابن الجمل: 297.

جمهور بن الحسين الزجاج: 567.

جمهور بن حكيم: 201.

جميل بن دراج: 278، 286.

جميل بن عامر بن خالد: 567.

جندب: 327، 328.

جندل بن والق: 74، 152.

جنيد بن سالم بن جنيد: 182.

جهم بن أبي جهمة: 485.

جواد بن بدر: 570.

جور (مولى الخطيب): 566.

حرف الحاء

حاتم الأصم: 317.

الحارث الأعور: 479.

الحارث بن المغيرة: 529.

الحارث بن ميمون: 573.

الحارث بن وكيدة: 188.

حامد صاحب البواري: 570.

أبو حامد المراغي: 527، 528.

الحائك الطويل: 473.

الحباب بن سعيد: 573.

حبابة الوالبية: 187، 213، 484.

حبيب الأحول: 342.

حبيب بن الحسين: 459.

حبيب بن حنان: 574.

أم حبيب بنت المأمون: 350.

أبو حبيب النّباجي: 367.

الحجاج: 193.

أبو الحجاف: 68، 482.

حجر بن عبد اللّه الفزاري: 571.

حجر بن عديّ: 166.

حديث (أمّ الحسن العسكري (عليه السلام): 424.

حذيفة بن منصور: 273، 275.

حذيفة بن اليمان: 97، 133، 144، 145، 183، 196، 441.

حرّ بن جميل: 575.

الحرّ بن الزبرقان: 573.

الحرّ بن عبد اللّه بن ساسان: 573.

أبو حرّان: 292.

ص: 598

حرب بن صالح: 567.

حرب بن ميمون: 111.

الحرسي بن سعيد: 574.

حرشاد بن كردم: 569.

حسام بن حاتم الأصم: 317.

حسكة بن هاشم بن الداية: 569.

الحسن: 222، 260، 288، 292، 328-330، 332-335، 337، 338، 340، 473.

الحسن بن أحمد بن سلمة: 224.

الحسن بن أحمد العلوي المحمدي النقيب، أبو محمد: 79، 82، 149-151، 153.

أبو الحسن الأسدي: 102، 524.

الحسن بن بنت إلياس: 70.

أبو الحسن الأنباري: 450.

الحسن بن برة: 340.

الحسن بن بشير: 370، 455.

الحسن بن الحسن (عليه السلام): 164.

أم الحسن بنت الحسن (عليه السلام): 164.

الحسن بن الحسن بن مسمار: 568.

الحسن بن الحسين: 54.

الحسن بن الحسين بن العباس بن دوما، أبو علي: 154، 483.

الحسن بن الحسين العرني: 478.

الحسن بن الحسين اللؤلؤي: 254.

أبو الحسن الحصيني: 470.

الحسن بن حماد الطائي: 486.

الحسن الرافعي: 68.

الحسن بن زيد بن الحسن: 146.

الحسن بن شعيب: 268، 270.

الحسن بن صالح بن حي: 110.

الحسن بن طريف: 533.

أبو الحسن بن عباد: 351، 359.

الحسن بن عبد اللّه: 79.

الحسن بن عبد اللّه بن محمد الرازي القمي، ابو محمد: 452.

الحسن بن أبي عثمان الهمداني: 403.

الحسن بن عرفة: 75، 219.

الحسن بن علي: 73، 188، 224، 273، 275، 282، 286، 331، 376، 456، 575.

الحسن بن علي الأزدي المعاني، ابو عبد الغني: 143.

الحسن بن علي الحراني: 297، 372.

الحسن بن علي بن الحسين (عليهما السلام): 194.

الحسن بن علي بن أبي حمزة: 102، 329، 333-334، 337، 338.

الحسن بن علي الخزاز: 434، 435، 470.

الحسن بن علي الزبيري: 450، 529.

الحسن بن علي بن زكريا البصري، أبو سعيد: 67.

الحسن بن علي السكري: 80، 152.

الحسن بن علي بن فضال: 229، 290، 293، 435.

الحسن بن علي الوشاء: 228، 365، 366، 374، 375، 413.

الحسن بن علي بن يقطين: 269.

ص: 599

الحسن بن عمارة: 91.

الحسن بن عيسى، أبو محمد: 534.

الحسن بن فضال: 293.

أبو الحسن الكرخي: 205.

أبو الحسن المادرائي أحمد بن الحسن المادرائي.

الحسن بن محبوب: 206، 242، 265، 267، 300، 433، 438، 460، 461، 467، 479، 483، 530، 532، 535.

الحسن بن محمد بن أحمد النيسابوري الحذاء، أبو محمد: 299.

الحسن بن محمد بن إسماعيل المعروف ب (ابن أبي الشورى): 76.

الحسن بن محمد بن حيوان السراج: 519.

الحسن بن محمد بن سماعة الصيرفي: 531.

الحسن بن محمد بن عمران: 205.

الحسن بن محمد النهاوندي، أبو علي: 461، 462، 464-472، 477، 535، 554.

الحسن بن محمد بن يحيى الفارسي: 92.

أبو الحسن المحمودي: 537.

الحسن بن مسكان: 62، 92.

الحسن بن معاذ الرضوي: 233.

الحسن بن منصور الجصاص: 481.

الحسن بن موسى: 341، 413.

الحسن بن موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

الحسن بن موسى الخشاب: 438.

الحسن بن موسى الحناط: 286.

الحسن بن هارون: 291.

الحسين (يروي عن أحمد بن محمد): 255.

الحسين بن إبراهيم (المعروف بابن الخياط القمي)، أبو عبد اللّه: 145، 416، 431.

الحسين بن أحمد: 206.

الحسين بن أحمد بن محمد، أبو عبد اللّه: 67.

الحسين بن أحمد المنقري: 300.

الحسين الأشقر: 153.

أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب: 551، 552.

الحسين بن ثوير بن أبي فاختة: 288، 301.

الحسين بن الحسن: 288.

الحسين بن الحسن الفزاري الأشقر: 142.

الحسين بن الحكم الحبري، أبو عبد اللّه: 69.

الحسين بن أبي الحمزة: 434.

الحسين بن زيد: 146، 148، 210.

الحسين بن سعيد: 204، 224، 254، 289.

الحسين بن عبد اللّه البزاز، أبو عبد اللّه: 53.

الحسين بن عبد اللّه الحرمي، أبو عبد اللّه: 58، 343، 459، 463، 465، 481، 484، 486، 535.

الحسين بن أبي العلاء: 104، 203، 257، 260، 275، 338، 437.

الحسين بن علوان: 575.

الحسين بن علي بن الحسين (عليه السلام): 194.

الحسين بن علي بن مطر: 569.

الحسين بن علي الهادي (عليه السلام): 412.

ص: 600

الحسين الغضائري، أبو عبد اللّه: 545.

الحسين بن القاسم الكوكبي: 253.

الحسين بن قياما الصيرفي: 368.

الحسين بن مثنى الحنّاط: 531.

الحسين بن محمد: 545.

الحسين بن محمد بن عامر: 93، 323.

الحسين بن المختار: 232، 283.

الحسين بن موسى: 67، 69، 533.

الحسين بن موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

الحسين بن يسار الواسطي: 367، 368.

حسينة بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

حفص الأبيض التمار: 285.

حفص بن مروان: 573.

الحكم بن أسلم: 443.

الحكم بن عتيبة: 445، 446.

حكيم بن أسد: 220.

حكيم بن حماد: 399.

حكيم بن عباس الكلبي: 253.

حكيمة بنت محمد بن علي الجواد (عليهما اسلام):

397، 491، 496، 497، 499.

حكيمة بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309، 383.

حماد: 271.

حماد بن جابر: 574.

حماد بن جمهور: 572.

حماد بن عثمان: 289، 436.

حماد بن عيسى: 77، 232، 283، 533.

حماد بن عيسى الجهني: 328.

حماد بن محمد بن نصير: 573.

حمدان بن كر: 568.

حمران: 575.

حمران بن أعين: 206.

أبو حمزة: 279، 433، 434.

أبو حمزة: 341.

ابن أبي حمزة: 325.

أبو حمزة الثمالي ثابت بن دينار

حمزة بن حمران: 187.

حمزة بن طاهر: 573.

حمزة بن العباس بن جنادة: 567.

حمزة بن عبد المطلب: 95، 96، 479.

حمزة بن موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

حمزة بن النصيبي: 444.

أم حميد: 373.

حميد بن إبراهيم بن جمعة الغزال: 567.

حميد بن سليمان، أبو حاتم: 367.

حميد الطويل: 82.

حميد القدوسي: 574.

حميد بن قيس بن سحيم: 571.

حميد بن المثنى: 172، 203.

حميد بن مهران: 381.

حميد بن نافع: 569.

حميدة بنت صاعد البربري: 304، 305، 307،

ص: 601

308.

الحميراء: 485.

الحميري عبد اللّه بن جعفر الحميري.

حنان بن سدير: 446، 531.

أبو حنيفة: 327.

حواشة بن الفضل: 572.

حوشب بن جرير: 567.

الحويد بن بشر بن بشير: 569.

حيدر بن إبراهيم: 574.

ابن أبي حيّة - أبو القاسم بن أبي حيّة.

حرف الخاء

أبو خالد: 28.

أم خالد الأحمسية: 484.

خالد البرقي: 531.

أم خالد الجهنية: 484.

خالد الجوان: 323.

أبو خالد الزبالي: 335-337.

خالد بن زيد الأنصاري: 490.

خالد بن سعيد بن كريم الدهقان: 566.

خالد بن عبد القدوس: 573.

خالد بن عبد الملك: 482.

خالد بن عيسى: 568.

خالد القواس: 568.

أبو خالد الكابلي: 193، 208-210، 273، 274.

خالد (مولى جرير): 567.

خالد بن يزيد القسري: 443.

أبو خداش المهري: 390.

خديجة بنت خويلد: 77، 78، 129، 146، 148، 151، 284.

خديجة بنت محمد بن أحمد بن أبي الثلج، أمّ الفضل: 110، 128-130، 146، 148.

خديجة بنت محمد الجواد (عليه السلام): 397.

خديجة بنت موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

الخصيبي: 540.

الخضر (عليه السلام): 176، 280.

أبو الخطاب: 330.

خليفة بن هلال: 201.

الخليل بن أسد، أبو الأسود النوشجاني: 65.

الخليل بن السيد: 572.

الخليل بن نصر: 568.

خور بن طرخان: 575.

الخيزران (أم الرضا): 359.

خيزران (أم الجواد): 396.

حرف الدال

دانيال بن داود: 575.

داود (عليه السلام): 73، 90، 314.

أبو داود: 331، 529.

داود بن جرير: 568.

داود بن الجعفري، أبو هاشم: 450.

أبو داود الشعشاع: 575.

ص: 602

داود بن العلاء: 433.

داود بن علي: 251، 257.

داود بن كثير الرقي: 251، 279، 294، 295، 297، 298، 372، 461، 530.

داود بن المحق: 570.

أبو داود المسترق: 282.

داود بن النعمان: 485.

داود بن أبي هند: 107.

دحية بن خليفة الكلبي: 84.

دعبل بن علي: 357، 358.

دلالة بنت علي الهادي (عليه السلام): 412.

دهيم بن جابر بن حميد: 566.

حرف الذال

أبو ذرّ الغفاري: 88، 91، 108، 133، 145.

ذرّة: 107، 108.

ذو الرئاستين: 371.

حرف الراء

رابعة: 367.

راحيل: 83، 86.

ابن الرازي الجبلي: 567.

راشد: 227، 253.

راشد بن مزيد: 182.

ابن أبي رافع: 313.

رافع بن رفاعة الزرقي: 122.

ربعي بن حراش: 68، 441.

الربيع بن سليمان المرادي: 82، 131.

الربيع بن كامل: 55.

الربيع بن المسلي: 434.

الربيع بن يونس: 297-299.

ربيعة السعدي: 144.

ربيعة بن علي بن صالح: 573.

رحمة: 139.

رزام: 275.

رستم بن عبد اللّه بن خالد المخزومي: 448.

الرشيد هارون الرشيد.

رشيد الهجري: 181، 325.

رشيق (مولى الرشيد): 321.

رضوان: 104.

رفاعة بن موسى: 296.

رقية بنت موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

روّاد: 441.

روح بن صالح: 66.

ابن رواحة: 99.

روفائيل: 139.

رويم بن يزيد المنقري: 65.

رئاب بن الجلود: 572.

ابن رياح: 210.

رياش بن سعد بن نعيم: 567.

ريان بن الصلت: 370، 371، 388.

ريحانة: 396.

ص: 603

حرف الزاي

زاذان: 448.

ابن أبي زائدة: 131.

زائدة بن هبة: 574.

زبيدة: 484.

الزبير بن بكار: 151.

الزبير بن جعفر: 409، 423، 427، 428.

الزبير بن العوام: 130، 186، 261، 516.

زحر بن قيس: 182.

زرارة بن أعين: 206، 435، 465، 530، 535.

زرارة بن جعفر: 569.

زرارة بن جلح: 182.

زرّ بن حبيش: 477.

زرّ بن كامل: 171.

زرعة: 205.

زرعة بن محمد: 77.

زرود بن سوكن: 568.

زريق: 455.

زفر: 297.

زفر بن يحيى: 183.

زكريا (عليه السلام): 74، 117، 145، 513، 514.

أبو زكريا: 415.

زكريا بن آدم: 400.

زكريا بن حبة: 567.

زكريا السعدي: 571.

زكريا بن يحيى: 130.

زكريا بن يحيى الكوفي: 131.

زهير بن طلحة: 574.

زهير بن القين: 182.

ابن زياد عبيد اللّه بن زياد.

زياد بن أبي الحلال: 281، 290.

زياد بن رزين: 570.

زياد بن صالح: 568.

زياد بن عبد الرحمن بن جحدب: 567.

زياد بن المنذر: 58.

زيادة اللّه بن رزق اللّه: 575.

زيد بن أرقم: 169.

زيد بن الحسن بن علي: 146.

زيد بن الحسن (عليه السلام): 164.

زيد بن رفيع: 444.

زيد الشحّام، أبو اسامة: 172، 281، 282، 433.

زيد بن علي: 71، 111، 131، 135، 145، 148، 150، 193، 247، 253، 444.

زيد العمّي: 477.

زيد الكناسي: 532.

زيد بن محمد: 535.

زيد بن محمد بن جعفر الكوفي، ابو الحسين: 69.

زيد بن موسى بن جعفر (عليهما السلام): 145، 309.

زيد الهروي: 92.

زينب بنت الحسين (عليه السلام): 181.

زينب بنت أبي رافع: 68.

زينب بنت علي (عليه السلام): 68، 104، 109،

ص: 604

110، 136، 146، 148، 150.

زينب بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

حرف السين

سارة: 78.

سالم بن قبيصة: 199.

سام بن نوح: 56.

سحيق بن سليمان الحنّاط: 567.

سحيم بن مطر: 570.

سدير: 531.

سدير الصيرفي: 226.

سرسفيل: 58.

السرى بن الأغلب: 575.

السري بن عبد اللّه: 466.

سعد الإسكاف: 228.

سعد الرومي: 566.

سعد بن سعد: 370.

سعد بن سلام: 363.

سعد بن أبي طيران: 188.

سعد بن طريف: 142، 153.

سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف القمي: 102، 139، 224، 229، 267، 284، 300، 323، 328، 368، 435، 437، 438، 453، 465، 506، 507-509، 511، 515، 516، 517، 531، 535.

ابن أخت سعد بن عبد اللّه: 76.

سعد بن منقذ: 169.

سعدان: 283.

سعدان بن مسلم: 269، 485.

سعيد: 157، 427.

أم سعيد الأحمسية: 484.

أبو سعيد البصري: 68.

سعيد بن جبير: 54.

سعيد بن جناح، أبو حسان: 554، 562.

أم سعيد الحنفية: 484.

أبو سعيد الخدري: 166، 443، 467، 469، 471، 477، 481.

سعيد بن راشد: 71.

سعيد بن سالم: 68.

سعيد بن أبي سعيد: 166.

سعيد بن شرفي بن القطان: 183.

سعيد بن عباية: 473.

سعيد بن عثمان الوراق: 568.

سعيد بن علي: 575.

سعيد بن غزوان: 453، 454.

سعيد بن المسيب: 620.

أبو سعيد المكاري: 258.

سفيان: 441.

سفيان بن المهدي: 469.

سفيان بن وكيع، أبو محمد: 165، 167-169، 171، 182، 183، 199، 200، 218 - 221، 248-250، 320-322، 362،

ص: 605

397، 398، 412.

السفياني: 349، 465، 466، 474، 487، 542.

سفينة: 163.

سقوس: 424.

سكن النوبية: 359.

سكينة (أم الجواد (عليه السلام): 396.

سكينة بنت الحسين (عليه السلام): 181.

سكينة بنت علي (عليه السلام): 146.

سلم بن سليم بن الفرات البزاز: 567.

سلم الكوسج: 566.

سلمى: 108.

سلمان (الفارسي): 84، 88، 100، 107، 108، 133، 139-141، 145، 174، 448-450، 473، 475، 490.

سلمان بن يعقوب: 569.

أمّ سلمة: 85، 87، 124، 133، 180.

أمّ سلمة بنت أبي أميّة: 82.

أبو سلمة السراج: 288، 301.

سلمة بن كهيل: 65، 194.

سلمة بن محمد: 166.

أم سلمة بنت محمد الباقر (عليهما السلام): 217.

أم سلمة بنت موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

سلمونة: 564.

سليم (من اصحاب القائم (عليه السلام): 564.

سليم (مولى علي بن يقطين): 324.

سليم بن وحيد: 570.

سليمان: 303.

سليمان بن ابراهيم النصيبيني: 171.

سليمان الأعمش: 448، 562.

سليمان بن حرّ: 574.

سليمان بن الحسن: 533.

سليمان بن خالد: 260، 262، 268، 468.

سليمان بن داود (عليهما السلام): 74، 99، 415، 456، 466، 491.

سليمان بن داود: 573.

سليمان بن الديلمي: 569.

سليمان بن صالح: 454، 486.

سليمان بن صبيح: 571.

سليمان بن طليق: 567.

سليمان بن عبد الملك: 215.

سليمان بن أبي العطوس: 72.

سليمان بن عيسى: 200.

سليمان بن محمد بن دينار: 204.

سليمان بن موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

سماعة: 205.

سماعة بن مهران - سليمان الأعمش.

سمانة (أم الهادي (عليه السلام): 410، 411.

سمرة بن حجر: 444.

سمعان بن فاخر: 568.

سمعان القصاب: 568.

سمية (أم عمار بن ياسر): 484.

السندي بن شاهك: 315، 373.

ص: 606

السندي بن محمد (أبو حامد): 370.

سهل بن أبي إسحاق: 171.

سهل بن رزق اللّه: 567.

سهل بن علي بن صاعد: 569.

سوار بن مصعب الهمداني: 65.

سودة: 81.

سورة بن كليب: 257، 258.

سوسن المغربية: 424.

سويد الأزرق: 169.

سويد بن يحيى: 571.

سيّاب بن العباس بن محمد: 570.

السيدة (أم الامام الهادي (عليه السلام): 411.

سيف: 468، 471.

سيف التمار: 280.

سيف بن عميرة: 231، 281، 325، 479.

حرف الشين

شاذان بن عمر: 220.

الشافعي محمد بن إدريس.

شاكر بن عبدة: 574.

شاه بن بزرج: 575.

شاه زنان: 196.

شاهد بن بندار: 568.

شاهويه بن حمزة: 567.

شبّر: 162، 180، 249.

شبيب بن عبد اللّه: 573.

شبير: 180، 249.

شرحبيل بن جميل: 573.

شرحبيل السعدي: 572.

شعبة بن الحجاج: 142.

شعبة بن علي: 569.

شعيب (عليه السلام): 241.

شعيب بن صالح: 487.

شعيب العقرقوفي: 267، 292، 293، 332، 333.

شعيب بن موسى: 571.

شعيب بن ميثم: 256.

شعيب بن واقد: 80، 81، 88، 152، 443.

شقيق بن إبراهيم البلخي: 317-319.

شقيق بن سلمة: 65.

شكل النوبية: 424.

شمر بن ذي الجوشن: 178.

شمعون (وصي عيسى (عليه السلام): 56، 492، 493.

شنيف الأسود: 384.

شهاب بن عبد ربه: 281، 290.

شهر بانويه بنت كسرى: 195، 196.

شهر بن وائل: 220.

شهمرد بن حمران: 567.

ابن أبي الشوارب: 425.

شيبان: 481.

شيبة بن نعامة: 76.

شيث بن آدم: 56.

ص: 607

حرف الصاد

صاعد: 312.

أبو صالح: 135، 444.

صالح بن أبي الأسود: 212.

صالح بن جرير: 568.

صالح بن الرحّال: 566.

أبو صالح السمّان: 183.

صالح بن طيفور: 573.

صالح بن عقبة: 272.

صالح بن ميثم الأسدي: 187.

صالح بن نعيم: 568.

صالح بن هارون: 572.

الصباح: 282.

صباح بن يحيى المزني: 187، 442، 445.

صبانة الماشطة: 484.

الصبي: 542.

صبيح الديلمي: 360، 361، 362.

صخر بن عبد الصمد القنابلي: 575.

ابو الصديق الناجي: 467، 469، 471، 477، 481، 482.

صعصعة بن سياب، ابو محمد: 145.

الصفار: 425.

صفراء: 359.

صفوان: 383، 402.

صفوان بن يحيى: 187، 266، 388، 438، 535.

الصفواني محمد بن أحمد الصفواني

صفوراء بنت شعيب: 78.

صفية بنت عبد المطلب: 118.

الصقر بن إسحاق بن ابراهيم: 569.

صقيل: 425.

صندل: 257، 258.

صهيب بن العباس: 574.

حرف الضاد

الضحاك العجلي: 479.

ضرار بن سعيد: 574.

حرف الطاء

طاشف بن علي القاجاني: 566.

أبو طالب (عليه السلام): 77، 158.

أبو طالب (يروي عن الحسن بن محبوب): 467.

طاهر: 367.

طاهر بن عمرو بن طاهر: 568.

ابن طاوس: 53، 57.

طاوس اليماني: 147.

أم طحال: 123.

طلحة: 516:261.

طلحة بن سعد بن بهرام: 573.

طلحة بن طلحة السائح: 568.

أبو الطيب الصابوني: 447.

طيفور بن محمد بن طيفور: 570.

ص: 608

حرف الظاء

ظهور (مولى زرارة بن إبراهيم): 567.

حرف العين

عاصم بن حميد: 129، 227.

عاصم بن الحنّاط: 340.

عاصم بن خليد الخياط: 570.

عاصم بن أبي النجود: 477.

ابن عامر: 54.

عامر بن واثلة، أبو الطفيل: 479، 480.

عائذ الأحمسي: 286، 287.

عائشة: 81، 147، 160، 161، 162، 261، 511.

ابن عائشة: 111.

عائشة بنت علي الهادي (عليه السلام): 412.

عباد بن سليمان: 370.

عباد الكلبي: 74، 152.

عباد بن يعقوب: 481، 486.

عباد بن يعقوب الأسدي: 135، 446.

عبادة بن جمهور: 567.

العباس (حاجب الرضا (عليه السلام): 375.

العباس (يروي عن حماد بن عيسى): 283.

ابن عباس: 81، 109، 133، 135، 147، 162، 171، 181، 443.

العباس بن بكار: 111، 150.

العباس بن زفر بن سليم: 569.

أبو العباس السفّاح: 219، 245.

العباس بن السندي الهمداني: 403.

العباس بن عامر: 453.

عباس بن عبد اللّه: 181.

العباس (بن عبد المطّلب): 84، 95، 96.

العباس بن الفضل بن قارب: 567.

العباس بن محمد بن أبي الخطاب: 431.

العباس بن مطران الهمداني: 472.

العباس بن معروف: 205.

العباس بن موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

أبو العباس النوفلي: 328.

العباس بن هاشم: 569.

عباسة بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

عباية بن الربعي: 187.

عبد الأعلى بن ابراهيم: 568.

عبد الأعلى بن أعين: 258.

عبد الباقي بن يزداد البزاز، أبو القاسم: 506.

عبد الجبار بن شيران: 443.

عبد الحميد: 258.

عبد الحميد بن سويد: 220.

عبد ربه (ابن علقمة): 72.

عبد الرحمن: 243، 294، 298.

عبد الرحمن بن اسماعيل: 441.

عبد الرحمن بن الأعطف بن سعد: 574.

عبد الرحمن بن الحجاج: 388.

عبد الرحمن بن الحسن بن علي (عليهما السلام): 164.

عبد الرحمن بن سنان الصيرفي: 62.

عبد الرحمن بن عوف الزهري: 82، 83.

ص: 609

عبد الرحمن القصير: 485.

عبد الرحمن بن كثير: 109، 124، 125، 221، 223.

عبد الرحمن بن محمد بن حماد، ابو العباس: 71.

عبد الرحمن بن مسلم ابو مسلم الخراساني.

عبد الرحمن بن أبي نجران: 79، 134، 438، 532.

عبد الرزاق: 219، 250، 399.

عبد الرزاق بن سليمان الأزدي: 143.

عبد السلام البصري، أبو أحمد: 357.

عبد السلام بن صالح، أبو الصلت: 94.

عبد الصمد بن بشير: 228.

عبد الصمد بن محمد: 531.

عبد العزيز: 205.

عبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري، أبو أحمد: 94، 110، 128-130، 146 - 151، 153.

عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني: 79.

عبد العظيم بن عبد اللّه بن الشاه: 569.

عبد القيس الخزاز: 252.

عبد الكريم: 438.

عبد الكريم بن غندر: 572.

عبد الكريم، أبو محمد: 466.

عبد اللّه: 140.

عبد اللّه بن ابراهيم: 324.

عبد اللّه بن أحمد: 383، 436.

عبد اللّه بن أحمد الخازن، أبو طاهر: 212، 452.

عبد اللّه بن أحمد بن عامر: 154.

عبد اللّه بن أحمد بن نهيك، ابو العباس النخعي الشيخ الصالح: 231، 533.

عبد اللّه بن أنس: 151.

أبو عبد اللّه البجلي: 268.

عبد اللّه بن بحر الجندي النيشابوري، أبو بكر: 140.

عبد اللّه بن بشر: 248.

عبد اللّه بن بكير: 482.

عبد اللّه بن جبلة: 282.

عبد اللّه بن جعفر: 172.

عبد اللّه بن جعفر الحميري: 367، 368، 433 - 435، 453، 460، 461، 483، 529، 532.

عبد اللّه بن جعفر الصادق (عليه السلام): 247، 280، 324، 329، 416، 417.

عبد اللّه بن الحجال: 242.

أبو عبد اللّه الحرمي الحسين بن عبد اللّه الحرمي.

عبد اللّه بن الحسن: 266، 291، 300، 365.

عبد اللّه بن الحسن (عليه السلام): 164.

عبد اللّه الحسن بن الحسن: 72، 73، 75، 110، 128، 131، 151، 242.

عبد اللّه بن الحسن الزهري، ابو الحسين: 554.

أمّ عبد اللّه بنت الحسن بن علي (عليهما السلام): 217.

عبد اللّه بن الحسين (عليه السلام): 181.

عبد اللّه بن حماد: 251، 280.

أبو عبد اللّه الخراساني: 554.

عبد اللّه بن خلف الحلبي: 447.

ص: 610

عبد اللّه بن داهر الرازي: 477.

عبد اللّه بن داود الكوفي: 562.

أبو عبد اللّه الرازي: 66.

عبد اللّه بن رجاء: 471.

عبد اللّه بن الزبير: 96.

عبد اللّه بن زريق: 570.

أبو عبد اللّه الزعفراني: 466.

عبد اللّه بن سعيد: 400.

عبد اللّه بن سعيد الأموي، أبو صفوان: 130.

عبد اللّه بن سعيد الدغشي: 341.

عبد اللّه بن سلام: 54.

أبو عبد اللّه بن سليمان: 208.

عبد اللّه بن سليمان العامري: 434.

عبد اللّه بن سنان: 79، 134، 251، 446.

عبد اللّه بن صاعد بن عقبة: 575.

عبد اللّه بن صالح: 331.

عبد اللّه بن الصلت، أبو طالب: 461، 462.

عبد اللّه بن الضحاك: 110.

عبد اللّه بن طلحة: 224.

عبد اللّه بن عامر: 532.

عبد اللّه بن عامر الطائي: 416.

عبد اللّه بن عباس ابن عباس.

عبد اللّه بن عبد القدوس: 477.

عبد اللّه بن عبد المطلب: 57، 158.

عبد اللّه بن عطاء التميمي: 204.

عبد اللّه بن عقبة: 96.

عبد اللّه بن العلاء: 208، 271.

عبد اللّه بن علي بن الحسين (عليه السلام): 193.

عبد اللّه بن علي المطلبي: 537.

عبد اللّه بن عمر: 477.

عبد اللّه بن عمر بن أمان: 75.

عبد اللّه بن عمر بن الخطاب: 62، 210، 211.

عبد اللّه بن عمير: 567.

عبد اللّه الغفاري: 434.

عبد اللّه بن القاسم: 186، 223، 285، 457.

عبد اللّه بن قرط بن سلام: 567.

أبو عبد اللّه القمي: 417، 418.

عبد اللّه بن قيس: 249.

عبد اللّه الكناني: 293.

عبد اللّه بن المثنى: 150.

عبد اللّه بن محمد أبو جعفر المنصور.

عبد اللّه بن محمد: 273، 279.

عبد اللّه بن محمد الباقر (عليه السلام): 217.

عبد اللّه بن محمد البلوي: 164، 166، 170، 171، 182، 183، 198، 199، 201، 251، 248-321، 362-364، 398 - 400، 412، 413، 426.

عبد اللّه بن محمد التميمي: 188، 487.

عبد اللّه بن محمد الثعالبي: 506.

عبد اللّه بن محمد الحجال: 436.

عبد اللّه بن محمد بن خالد الكوفي: 529.

عبد اللّه بن محمد بن سليمان المدائني: 110، 128.

ص: 611

عبد اللّه بن محمد بن سنان: 438.

عبد اللّه بن محمد بن العباس الرازي القمي: 452.

عبد اللّه بن مسعود: 65، 142، 442، 444 - 446، 477.

عبد اللّه بن مسكان: 438.

عبد اللّه بن مسلم الملائي: 482.

عبد اللّه بن المغيرة: 402، 438.

عبد اللّه بن مكحول: 184.

عبد اللّه بن منير: 201.

عبد اللّه بن موسى: 389، 390.

عبد اللّه بن موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه: 73.

عبد اللّه بن النجاشي: 296.

عبد اللّه بن هارون المأمون.

عبد اللّه بن الهيثم، أبو قبيصة الضرير: 398.

عبد اللّه بن وهب: 277.

عبد اللّه بن يحيى: 569.

عبد اللّه بن يحيى بن خاقان: 425.

عبد اللّه بن يحيى الكاهلي: 330.

عبد اللّه بن يزيد: 271.

عبد اللّه بن يزيد بن حماد الكاتب: 208.

عبد اللّه بن أبي يعفور: 456.

عبد اللّه بن يونس: 158.

عبد المطلب: 158، 212.

عبد الملك بن مروان: 191.

عبد مناف: 57، 235.

عبد المؤمن: 260، 262.

عبد النور المسمعي: 142.

عبد الواحد بن واصل السدوسي، أبو عبيدة الحداد: 467.

عبد الوهاب بن منصور: 403.

عبد الوهاب بن همّام الحميري: 144.

عبيد بن خارجة، ابو هاشم: 459، 534.

عبيد بن ذكوان: 135.

عبيد بن زرارة: 482.

عبيد بن الطفيل: 68.

عبيد بن كثير العامري التمار، أبو سعيد: 194.

عبيد بن محمد بن ماجور: 570.

عبيد اللّه بن أحمد الأنباري، أبو طالب: 416، 417.

عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك، أبو العباس النخعي: 291، 296، 325.

عبيد اللّه بن الحسن بن علي (عليهما السلام): 164.

عبيد اللّه بن زرارة: 531.

عبيد اللّه بن زياد: 178، 183.

عبيد اللّه بن عبد اللّه، أبو أحمد: 428.

عبيد اللّه بن علي بن أشيم: 76.

عبيد اللّه بن علي بن الحسين (عليهما السلام): 193.

عبيد اللّه بن محمد بن عائشة: 148، 150.

عبيد اللّه بن موسى العبسي: 147.

عبيد اللّه بن موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

أبو عبيدة: 206، 444، 446.

عبيدة السلماني: 445.

ص: 612

عبيدة بن علقمة (ذو النورين): 572.

عبيس: 286.

عتاب بن مالك بن جمهور: 570.

عثم: 279.

عثمان: 110.

أبو عثمان: 275، 468.

عثمان بن أحمد بن عبد اللّه الدقيقي، ابو عمرو:

135، 442.

عثمان بن زيد: 213.

عثمان بن سعيد: 139.

عثمان بن سعيد العمري: 411، 425.

عثمان بن أبي شيبة: 76.

عثمان بن عبد اللّه، أبو عمر الطحان: 68.

عثمان بن عفان: 62، 82، 83، 161، 168، 224، 253، 261، 516.

عثمان بن علي بن درخت: 568.

عثمان بن عمران: 147.

عثمان بن عمرو الدباغ: 67.

عثمان بن عيسى: 224، 326، 340، 341.

عرف الطويل: 568.

أبو عروبة: 166.

العريان بن الخفّان (الملقب بحال روت): 569.

عريب بن عبد اللّه بن كامل: 566.

عزرائيل: 133.

عزرة: 230، 238، 239.

عزير: 230، 238، 239.

عسكر: 404.

العضرم بن عيسى: 573.

عطاء بن السائب: 54.

عطاء بن يسار: 171.

عطية (أخو أبي العوام): 228.

عقبة بن جعفر: 435.

عقبة بن وفر بن الربيع: 567.

عقيل بن الحسن (عليه السلام): 164.

عقيل بن أبي طالب: 95، 97.

أبو عقيلة: 343.

عكرمة: 109.

العلاء (رجل من مزينة): 471

العلاء بن محرز: 219.

علاّن بن حميد بن جعفر بن حميد: 569.

علاّن الكليني: 525، 538.

علاّن ماهويه: 568.

علقمة: 442.

علقمة بن إبراهيم: 574.

علقمة بن شريك بن أسلم: 321.

علقمة بن قيس: 445.

علقمة بن مدرك: 567.

علي (يروي عن اسماعيل بن زيد): 256.

ابو علي: 420.

علي بن إبراهيم بن محمد: 72.

علي الأصغر: 181.

علي الأكبر: 181، 183.

ص: 613

علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي: 539، 540-542.

علي بن إبراهيم بن هاشم: 149، 435.

علي بن أحمد بن برة بن نعيم: 569.

علي بن أحمد بن عبد اللّه البرقي: 254.

علي بن أحمد العقيقي: 450.

علي بن أحمد بن موسى الدقاق: 451.

علي بن أسباط: 104، 455.

علي بن جرير: 227.

علي بن جعفر بن خرّزاد: 568.

علي بن جعفر الصادق (عليه السلام): 93، 153، 247.

علي بن حبشي بن قوني الكوفي، ابو القاسم: 431.

علي بن حبيب: 154.

علي بن حديد: 371.

علي بن الحزوّر: 69، 478، 531.

علي بن حسان: 109، 125، 221، 223، 291، 530.

علي بن حسان الواسطي (المعروف بالعمش):

402.

علي بن الحسن: 72، 260.

علي بن الحسن البزاز: 135.

علي بن الحسن الجصاص، أبو الحسن: 450.

علي بن الحسن الشافعي: 107.

علي بن الحسن بن علي بن عمر: 153.

علي بن الحسن بن فضال: 453.

علي بن الحسن بن القاسم (المعروف بابن الطبال اليشكري الخزاز) ابو القاسم: 252.

علي بن الحسن المنقري: 447.

علي بن الحسين: 404، 423.

علي بن الحسين السعدآبادي: 79، 297.

علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني: الكاتب، ابو الفرج: 72.

علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، ابو الحسن: 102، 139، 224، 229، 267، 284، 323، 328، 368، 435، 437، 438، 453، 465، 531، 535.

علي بن حفص بن مسافر الهذلي: 443.

علي بن الحكم: 226، 227، 279، 281، 373.

علي بن أبي حمزة: 102، 104، 173، 267، 282، 292، 293، 327-329، 331 - 334، 337-340، 366، 435، 470.

علي بن حمويه بن صدقة: 569.

علي بن خالد: 405، 406، 567.

علي بن داود الحذّاء: 283.

علي الرافعي: 196.

علي بن رئاب: 206، 483، 530.

علي بن زائدة: 572.

علي بن سليمان: 104.

علي بن سليمان بن رشيد: 435.

علي بن السندي الصيرفي: 567.

علي بن السويقاني: 526.

علي بن سيف: 468، 471.

ص: 614

أبو علي الشهرياري: 465.

علي بن صالح بن حي الكوفي: 58.

علي بن عبد اللّه: 102.

علي بن عبد اللّه القاساني، أبو الحسن: 545.

علي بن عبد الصمد: 566.

علي بن عثمان: 459.

علي بن عثمان بن جرير: 534.

علي بن علقمة بن محمود: 569.

علي بن علي بن الحسين (عليهما السلام): 194.

علي بن أبي علي الورّاق: 567.

علي بن عمر بن الحسن بن علي بن مالك السياري، ابو الحسين: 103.

علي بن عمر بن علي بن الحسين: 481.

علي بن عمرو بن محمد الرازي الكاتب، أبو الحسن: 299.

علي بن القاسم الكندي: 478.

علي بن قنطر الموصلي: 363.

علي بن كلثوم: 567.

علي بن محمد: 256-258، 260، 262، 263، 328-330، 458، 526، 527.

علي بن محمد - العلاّن الكليني.

علي بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ البزاز، أبو الحسن: 53.

علي بن محمد بن أحمد المصري: 277.

علي بن محمد الباقر (عليه السلام): 217.

علي بن محمد بن جعفر العسكري، أبو الحسن:

145، 146.

علي بن محمد بن الحسن القزويني (المعروف بابن مقبرة): 74، 151.

علي بن محمد الرازي: 487.

علي بن محمد السمري: 524.

علي بن محمد بن سيار: 376.

علي بن محمد الصيمري: 428.

علي بن محمد بن عنبسة: 148.

علي بن محمد بن نهيد الحصيني: 465.

علي بن محمد النوفلي: 414.

علي بن المساور: 478.

علي بن مسكان: 137.

علي بن معاذ: 572.

علي بن المعلى: 325.

علي بن معمر: 173.

علي بن منصور: 205.

علي بن مهدي: 102.

علي بن مهزيار: 410.

علي بن موسى بن الشيخ: 572.

علي بن موسى الفزاري: 572.

علي بن النعمان: 438.

علي بن هارون: 447.

علي بن هاشم: 268.

علي بن هبة اللّه الموصلي، أبو الحسن: 93، 137، 206، 224، 229، 254، 267، 283، 297، 323، 328، 368، 376،

ص: 615

435، 437، 451، 465، 485، 531، 535.

علي بن يزيد، أبو نمير: 201.

علي بن يقطين: 322، 323.

علي بن يونس الخزاز: 402، 472.

علية بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

عمار (أبي محمد بن عمار): 284، 459.

عمار بن موسى الساباطي: 263-265.

عمار بن ياسر: 84، 103، 104، 133، 144، 145.

عمارة بن أبي حفصة: 477.

عمارة بن زيد: 164، 166، 171، 182، 198، 199، 201، 249-251، 321، 362 - 364، 397-400، 412، 413.

عمارة بن زيد الواقدي: 233.

عمارة بن معمر: 567.

العمانيّ: 542.

عمر (يروي عن بكر بن أم بكر): 271.

عمر بن أبان: 434، 472.

عمر بن أبان الكلبي: 285، 457.

عمر بن اذينة: 296، 435، 465.

عمر بن بزيع: 323.

عمر بن الحسن بن علي (عليهما السلام): 164.

عمر بن حنظلة: 487.

عمر بن الخطاب: 62، 66، 88، 119، 122، 123، 134، 137، 160، 170، 194، 195، 236، 311، 508، 516.

عمر بن سعد: 178، 183.

عمر بن طرخان: 481.

عمر بن عبد الرحمن، أبو جعفر الإيادي: 75.

عمر بن عبد العزيز: 204، 208، 215، 288، 300.

عمر بن علي بن الحسين (عليهما السلام): 194.

عمر بن علي بن أبي طالب: 150.

عمر: 292.

عمر بن الفرات: 397.

عمر بن موسى: 148، 150.

عمر بن يزيد: 280، 325، 326.

عمران: 339.

عمران بن خالد بن كليب: 569.

عمران الزعفراني: 463.

أبو عمران الطبري: 464.

عمران بن محسن بن محمد: 55.

عمرو بن ثابت: 139، 436.

عمرو بن خالد الواسطي، أبو خالد: 135.

عمرو بن شمر: 53، 110، 202، 470.

عمرو بن العاص: 166.

عمرو بن عبد الجبار: 153.

عمرو بن عمر بن هشام: 568.

عمرو بن عمير بن مطرف: 568.

عمرو بن فروة: 574.

عمرو بن قيس: 65.

عمرو بن قيس الملائي: 445، 446.

عمرو بن محمد الأزدي: 253.

ص: 616

عمرو بن مرّة: 142.

عمرو بن مساور: 532.

عمرو بن أبي المقدام: 194.

عمرو بن يزيد النخاس: 491، 492.

ابن أبي عمير محمد بن أبي عمير.

عنبرة بن قرطة: 572.

عوانة: 111.

عوف: 467.

ابن عياش: 417، 418.

عياض بن أبي شيبة: 277.

عياض بن عاصم بن سمرة بن جحش: 571.

عيسى بن أبان: 320.

عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور الهاشمي، أبو موسى: 475.

عيسى بن إسحاق، أبو العباس: 53.

عيسى بن أبي بصير: 263.

عيسى بن تمام: 573.

عيسى بن جعفر بن محمد: 150.

عيسى بن الحسن القمي: 420.

عيسى بن زيد بن علي: 80، 152.

عيسى شلقان: 330.

عيسى بن عبد الرحمن: 478.

عيسى بن الفراء: 282.

عيسى بن ماهان بن معدان: 184.

عيسى بن محمد بن علي: 534.

عيسى بن مريم (عليهما السلام): 56، 57، 74، 177، 189، 219، 388، 419، 443، 458، 470، 493، 494، 514، 532.

عيسى بن مهران: 157.

عيسى بن موسى السوّاق: 568.

عيسى بن يحيى بن الحسين: 148.

عيينة بن مصعب: 172.

حرف الغين

غالب بن مرّة: 321.

غسان بن محمد بن غسان: 569.

غوث الأعرابي: 573.

غياث الديلمي، أبو العباس: 92.

حرف الفاء

فاطمة (اخت شعيب العقرقوفي): 332، 333.

فاطمة (أمّ الحسن بنت الحسن): 217.

فاطمة بنت أسد: 158.

فاطمة بنت الحسن (عليه السلام): 217.

فاطمة بنت الحسين (عليه السلام): 72، 74-76، 128، 146، 152، 181.

فاطمة الصغرى بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام):

309.

فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر: 248.

فاطمة بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

فاطمة الصغرى فاطمة بنت الحسين (عليه السلام).

فتح القلانسي: 417، 418.

ص: 617

فرات بن الأحنف: 459، 534.

أبو الفرج المعافى: 54، 67، 69، 157، 253، 277، 319.

فرعون: 382.

أمّ فروة بنت إسحاق: 370.

أمّ فروة بنت جعفر الصادق (عليه السلام): 247.

أمّ فروة بنت موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

فزارة بن بهرام: 567.

فضالة بن أيوب: 208، 531.

أمّ الفضل بنت الحارث: 179.

الفضل بن الربيع: 55.

أبو الفضل الشامي: 415.

الفضل بن عمير: 570.

أمّ الفضل بنت المأمون: 392، 395.

الفضل بن موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

فضّة: 133، 136، 140، 141.

الفضيل بن يسار: 283، 465.

فطر بن خليفة: 442، 445.

فطرس (عتيق الحسين (عليه السلام): 190.

فقير بن عبد اللّه بن مجاهد: 167.

الفياض بن ضرار بن ثروان: 572.

حرف القاف

القاسم (يروي عن سليمان بن محمد): 204.

القاسم بن إبراهيم: 169.

القاسم بن إسماعيل: 456.

ابو القاسم التستري: 94.

القاسم بن الحسن بن علي (عليهما السلام): 164.

أبو القاسم بن أبي حيّة: 467، 469.

أبو القاسم الزندودي: 470.

القاسم بن أبي سعيد الخدري: 69.

القاسم بن العلاء: 451، 525، 548.

القاسم بن منصور الهمداني: 188.

القاسم بن موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

القاسم بن هشام بن يونس النهشلي: 54.

القاسم بن وهيب: 487.

قانع: 294.

قبيصة بن إياس: 167.

قبيصة بن وائل: 250.

أبو قتيبة: 71.

قدامة بن رافع: 171.

قدامة بن عاصم: 199.

قرعان بن سويد: 567.

قسمة بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

قطب بن زياد: 75.

قطر بن أبي قطر: 400.

قنفذ (مولى عمر بن الخطاب): 134.

القنواء بنت رشيد: 484.

قودة الأعلم: 573.

قيس بن خالد: 248.

قيس بن الربيع: 142، 153، 218.

قيس بن سعد: 58.

ص: 618

قيصر: 492، 493.

حرف الكاف

كافور (خادم علي بن محمد الهادي (عليه السلام): 491، 496.

كامل بن إبراهيم المزني: 505، 506.

كامل بن عفير: 571.

كامل بن هشام: 569.

كائن بن حنيذ الصائغ: 567.

كثير بن سلمة: 165.

كثير بن شاذان: 183.

كثير (مولى جرير): 567.

كدير بن أبي كدير: 171.

كرّام: 224.

ابن كرد: 568.

كرد بن حنيف: 570.

كردوس الأزدي: 566.

كردوس بن جابر: 570.

كردين بن شيبان: 568.

الكلبي: 135.

أمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام):

104، 136.

أمّ كلثوم بنت محمد الجواد (عليه السلام): 397.

كلثوم بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

أمّ كلثوم بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

كليب الشاهد: 566.

الكميت بن زيد: 224، 225.

كنكر أبو خالد الكابلي.

أبو كهمس: 254.

كيسان بن جرير: 184.

حرف اللام

أبو لبابة بن مدرك: 568.

لبابة بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

لقيط بن الفرات: 570.

لوط بن يحيى الأزدي، أبو مخنف: 181، 233.

لؤلؤ: 384.

الليث: 88.

الليث بن إبراهيم: 251.

الليث بن سعد: 277، 278، 364.

الليث بن أبي سليم: 75.

الليث بن محمد بن موسى الشيباني: 170.

حرف الميم

ماجيلويه: 266.

مارية القبطية: 129، 385، 386، 387، 486.

ما سحر بن عبد اللّه بن نيل: 568.

مالك الجهني: 268، 282، 529.

مالك بن حرب بن سكين: 568.

مالك بن خليد: 574.

مالك بن عطية: 265، 279، 479.

ص: 619

المأمون: 347، 349-351، 353-356، 360-362، 367، 376، 379، 380 - 382، 384، 388، 391، 392، 394، 407.

ماهان بن كثير: 574.

مبارك بن معمر بن خالد: 568.

مبارك (مولى شعيب العقرقوفي): 332، 333.

المتوكل (الخليفة العباسي): 409، 414، 417.

المتوكل بن عبيد اللّه: 574.

المثنى: 205، 213، 222.

مثنى الحنّاط: 226.

محجّ بن خرّبوذ: 568.

محروز بن منصور: 181.

محسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام): 104، 134.

محمد (يروي عن عبد اللّه): 140.

محمد (أبو المنصور العباسي): 443.

أبو محمد أبو بصير.

أبو محمد (يروي عنه محمد بن إبراهيم): 279.

أبو محمد (يروي عن إبراهيم بن سعد): 220.

أبو محمد (يروي عن أم سعيد الأحمسية): 484.

أمّ محمد (مولاة أبي الحسن الرضا (عليه السلام):

413.

محمد بن إبراهيم بن أسباط، أبو عبد اللّه: 149.

محمد بن إبراهيم بن سعد: 398.

محمد بن إبراهيم الصوري: 441.

محمد بن إبراهيم بن عبيد اللّه القمي القطان (المعروف بابن الخزاز)، أبو جعفر: 554.

محمد بن إبراهيم الغزالي: 463.

محمد بن إبراهيم بن محمد بن مالك الفزاري:

140.

محمد بن إبراهيم بن مهزيار: 526.

محمد بن إبراهيم الهاشمي: 443.

محمد بن أحمد: 66، 433.

محمد بن أحمد بن البهلول القاضي الأنباري التنوخي، أبو فاطمة: 76.

محمد بن أحمد بن أبي الثلج، أبو بكر: 157.

محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي، أبو جعفر: 523.

محمد بن أحمد بن الحسين البغدادي: 148.

محمد بن أحمد بن حمدان: 104.

محمد بن أحمد الصفواني، أبو عبد اللّه: 110، 111، 128-130، 146، 148، 150، 151، 153.

محمد بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي: 400.

محمد بن أحمد بن عبيد الهاشمي المنصوري:

475.

محمد بن أحمد بن علي بن خيران الأنباري، أبو الحسن: 142، 450.

محمد بن أحمد بن عياض بن أبي شيبة: 277.

محمد بن أحمد القاساني، أبو عبد اللّه: 468،

ص: 620

470، 471، 535.

محمد بن أحمد بن محمد: 267.

محمد بن أحمد بن محمد بن مخزوم المقرئ، أبو الحسين (مولى بني هاشم): 58، 194.

محمد بن أحمد المحمودي، أبو علي: 537.

محمد بن أحمد بن الوليد، أبو جعفر: 242.

محمد بن إدريس: 82، 131.

محمد بن إسحاق: 165، 171، 200.

محمد بن إسحاق الصاعدي: 201.

محمد بن إسحاق الطالقاني: 149.

محمد بن إسحاق بن عباد بن حاتم التمار، أبو الحسن: 68.

محمد بن إسكاب: 481.

محمد بن إسماعيل: 231، 279، 404، 423، 481.

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم: 67، 69.

محمد بن إسماعيل بن أحمد الفهقلي، أبو الحسين: 418.

محمد بن إسماعيل الحسني: 158، 384، 497.

محمد بن إسماعيل الحسيني: 313.

محمد بن الأشعث: 107، 266.

محمد بن بحر الرّهني الشيباني، أبو الحسن: 489.

محمد بن أبي بصير: 263.

محمد بن بغدان: 130.

محمد بن بندار: 464.

محمد بن أبي البهلول: 212.

محمد بن ثابت: 210، 211

محمد بن جابر: 169.

محمد بن جبرئيل: 170.

محمد بن جرير: 166.

محمد بن جرير الطبري أبو جعفر الطبري.

محمد بن جعفر: 341، 499، 505، 525.

محمد بن جعفر (الملقب بسجادة): 413.

محمد بن جعفر بن رباح الأشجعي: 446.

محمد بن جعفر الزيات: 265، 267، 290، 300.

محمد بن جعفر الصادق (عليه السلام): 247، 336.

محمد بن جعفر بن عبد اللّه: 542.

محمد بن جعفر بن محمد، أبو الحسن: 484.

محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة، أبو بكر: 142.

محمد بن جعفر بن محمد المقرئ، أبو بكر: 519.

محمد بن جمهور العمّي: 451.

محمد بن جنيد: 182.

محمد بن جيهار: 567.

محمد بن حجارة: 168.

محمد بن حسان الراوي: 405.

محمد بن الحسن: 131، 232، 279.

محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمي، أبو جعفر: 137، 254، 294، 298، 300، 369، 370، 372، 400.

محمد بن الحسن بن بنت إلياس: 70.

محمد بن الحسن السراج: 299.

محمد بن الحسن بن شمون: 208.

ص: 621

محمد بن الحسن الصفار: 137، 470.

محمد بن الحسن الصيرفي: 482.

محمد بن الحسن الطحان: 479.

محمد بن الحسن بن فروخ الصفار: 227، 242، 405.

محمد بن الحسن الكوفي: 446.

محمد بن الحسن بن يحيى الحارثي: 539.

محمد بن الحسين: 186، 223، 226، 271، 280-283، 285، 341، 436.

محمد بن الحسين (عليه السلام): 181.

محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي: 135، 442، 446.

محمد بن الحسين بن أبي الخطاب: 265، 290، 300، 479.

محمد بن الحسين بن زيد، أبو طالب: 210.

محمد بن الحسين القصباني: 109.

محمد بن الحسين بن مصعب المدائني: 414.

محمد بن حكيم: 388.

محمد بن حماد بن شيت: 568.

محمد بن حمران: 297، 372، 575.

محمد بن حمران المدائني: 455.

محمد بن حمزة الهاشمي: 368.

محمد بن الحنفية: 187، 199، 203، 204، 206-209، 464.

محمد بن خالد: 280، 297.

محمد بن خالد البرقي، أبو عبد اللّه: 229، 266، 284، 328، 368، 435، 531.

محمد بن خالد التميمي: 487.

محمد بن خالد الطاطري: 351.

محمد بن خالد بن قرّة بن حوية: 569.

محمد بن خلف الطاطري: 448.

محمد بن خلف الطوسي: 360.

محمد بن راشد: 253.

محمد بن راوية: 573.

محمد بن رستم بن جرير الطبري الإمامي: 57.

محمد بن زبيدة محمد بن هارون الرشيد.

محمد بن زكريا: 110، 128، 146، 147، 148، 150، 443.

محمد بن زكريا بن دينار الغلابي: 81، 88، 91، 103.

محمد بن زكريا الجوهري: 80، 149، 152.

محمد بن زياد: 376، 554.

محمد بن زيد: 413، 459، 473.

محمد بن زيد بن علي الحفري، ابو عبد اللّه: 442.

محمد بن زيد القمي، ابو علي: 360.

محمد بن سابور، أبو العباس: 519.

محمد بن سعد: 398.

محمد بن سعيد: 199، 276.

محمد بن سعيد الخراساني: 464.

محمد بن سليمان: 290، 303، 470، 471، 473، 485.

محمد بن سليمان البغدادي، أبو مسلم: 468.

ص: 622

محمد بن سليمان المدائني: 128.

محمد بن سليمان النخعي: 466.

محمد بن سماعة الصيرفي: 478.

محمد بن سنان: 95، 137، 149، 188، 242، 255، 258، 259، 269، 270، 275، 289، 297، 299، 300، 402، 437، 461، 464، 467.

محمد بن سنان الزاهري: 447.

محمد بن سهل: 153.

محمد بن سهل الجلودي، أبو عبد اللّه: 539.

محمد بن سيار: 376.

محمد بن شاذان بن نعيم: 525، 527، 528.

محمد الشاكري، أبو عبد اللّه: 429-431.

محمد بن شعيب: 267.

محمد بن صالح: 168.

محمد بن صدقة: 376.

محمد بن الصلت التّوّزي: 130.

محمد بن أبي الطيّب: 402.

محمد بن العباس بن محمد اليزيديّ، أبو عبد اللّه: 65.

محمد بن عبد الجبار: 231، 254.

محمد بن عبد الحميد: 531.

محمد بن الرحمن المهلبي: 128.

محمد بن عبد اللّه: 79، 335، 369.

محمد بن عبد اللّه، أبو المفضل الشيباني: 55، 70، 72، 75، 76، 92، 100، 109، 125، 135، 140، 143، 158، 174، 189، 209، 241، 265، 267، 271، 290، 296، 300، 305، 307، 313، 317، 326، 348، 349، 375، 383، 384، 388، 401، 402، 404، 410، 423، 433، 443-447، 460، 464، 469، 472، 482، 489، 497، 519، 524، 525، 530، 532.

محمد بن عبد اللّه البكري: 310.

محمد بن عبد اللّه الحضرمي: 74، 152.

محمد بن عبد اللّه الحميري: 530.

محمد بن عبد اللّه العطار: 279.

محمد بن عبد اللّه بن علي: 258.

محمد بن عبد اللّه الفارسي: 446.

محمد بن عبد الملك الزيات: 406.

محمد بن عبيد بن عتبة الكندي: 482.

محمد بن عثمان، الشيخ العمري: 525.

محمد بن العلاء: 399.

محمد بن أبي العلاء: 403.

محمد بن علي: 255-260، 262، 263، 280، 294، 298، 323، 329، 330، 332، 333، 334، 335، 338، 340.

محمد بن علي، أبو جعفر: 174، 305، 327، 348، 349، 383، 388، 410.

محمد بن علي الأعلم المصري: 450.

محمد بن علي الجاشي: 166.

ص: 623

محمد بن علي بن جعفر: 534.

محمد بن علي بن أبي حمزة: 342.

محمد بن علي بن حمزة الهاشمي: 407.

محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، أبو جعفر: 66، 71، 74، 79، 80، 93، 137، 148، 149، 151، 152، 206، 224، 229، 267، 283، 297، 299، 323، 327، 328، 368، 376، 435، 437، 451، 453، 465، 485، 531، 535.

محمد بن علي بن الخياط: 462.

محمد بن علي بن الزبير البلخي: 317.

محمد بن علي السلمي: 466.

محمد بن علي السمري، أبو الحسن: 537.

محمد بن علي بن شافع: 131.

محمد بن علي الشلمغاني، أبو جعفر: 189، 296، 308، 326، 401.

محمد بن علي الصيرفي، ابو سمينة: 258، 328، 337، 367.

محمد بن علي بن عبد الكريم الزعفراني: 461، 462.

محمد بن علي بن عمر التنوخي: 400.

محمد بن علي ماجيلويه: 485.

محمد بن علي الهادي (عليه السلام): 412.

محمد بن علي الهمذاني: 478.

محمد بن عمار: 284، 459.

محمد بن عمار بن ياسر: 103.

محمد بن عمارة الكندي: 103، 110، 146، 149.

محمد بن عمر: 399.

محمد بن عمر الجعابي، أبو بكر: 65، 452.

محمد بن عمر بن سلم التميمي، أبو بكر: 212.

محمد بن عمر الصيدناني: 566.

محمد بن عمر المازني: 74، 152.

محمد بن عمران: 484.

محمد بن عمران بن الحجاج، ابو عبد اللّه: 322.

محمد بن عمران بن أبي ليلى: 72.

محمد بن عمران بن موسى المرزباني، أبو عبيد اللّه: 357.

محمد بن عمرو بن عثمان الجعفي: 109.

محمد بن عمرو بن ميثم: 259.

محمد بن أبي عمير: 231، 291، 292، 296، 324-326، 435، 437، 453، 454، 465، 487، 533، 535.

محمد بن عوف الطائي: 107.

محمد بن عياض: 415.

محمد بن عيسى: 267، 349، 367، 373، 374، 434، 438، 533.

محمد بن عيسى القطان، أبو طالب: 218.

محمد بن غالب: 321.

محمد بن الفرات: 359.

محمد بن الفرج بن إبراهيم: 410.

محمد بن الفضيل: 370، 373، 454.

ص: 624

محمد بن أبي القاسم: 485.

محمد بن القاسم، أبو الحسن: 376.

محمد بن القاسم، أبو علي: 539، 544، 545.

محمد بن القاسم الأسدي: 67.

محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي: 54.

محمد بن القاسم العلوي: 499، 538، 543.

محمد بن كثير: 200.

محمد الكناني: 186.

أبو محمد الكوفي: 365.

محمد بن المثنى: 213، 224.

محمد بن محرز بن يعلى: 170.

محمد بن محمد بن عصام: 451.

محمد بن محمد بن مسعود الربعي السمرقندي: 365.

محمد بن محمد بن معقل العجلي القرميسيني: 70.

محمد بن محمد بن يزيد: 110.

محمد بن المحمودي: 388.

محمد بن مرشد القمي، أبو علي: 351.

محمد بن مروان: 477.

محمد بن مروان الكرخي: 562.

محمد بن مروان الكوفي الغزال: 445.

محمد بن مسعر: 171.

محمد بن مسعود: 453.

محمد بن مسلم: 223، 483.

محمد بن مسلم بن رباح الثقفي: 227.

محمد بن المظفر الحافظ، أبو الحسن: 441.

محمد بن معروف الهلالي، أبو جعفر: 252.

محمد بن المفضل: 308.

محمد بن المفضل بن إبراهيم الأشعري: 109، 125.

محمد بن المنذر: 574.

محمد بن منير: 351، 360.

محمد المهدي (ابن المنصور): 305.

محمد بن موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309، 311.

محمد بن موسى بن المتوكل: 79، 297.

محمد بن أبي نصر، أبو محمد: 372.

محمد بن نصير: 425.

محمد بن نوفل العبدي، أبو نوفل: 171.

محمد بن هارون بن حميد المجدّر: 75.

محمد بن هارون الرشيد، الأمين: 347، 367.

محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، ابو الحسين: 58، 62، 66، 71، 74، 80، 81، 88، 91، 94، 95، 102، 104، 109، 134، 148، 149، 152، 188، 194، 208، 213، 231، 242، 253، 268، 272، 284، 291، 294، 296، 298-300، 322، 325، 364، 365، 369، 370، 372، 376، 400، 405، 428، 433 - 436، 453، 454، 461، 462، 464، 466، 469، 472، 475، 478، 481، 483، 484، 486، 499، 505، 529، 530، 532، 533، 534، 535، 542،

ص: 625

551، 554، 575.

محمد بن هامان: 170.

محمد بن هذيل: 299.

محمد بن همام، أبو علي: 62، 79، 104، 134، 136، 188، 208، 213، 218، 246، 268، 271، 272، 284، 297، 299، 343، 365-367، 372، 375، 376، 412، 428، 429، 431، 433 - 436، 453، 454، 459، 460، 463، 464، 469، 472، 478، 479، 481 - 484، 486، 487، 499، 505، 529، 530، 532، 534، 535، 542، 575.

أبو محمد الواقدي: 182.

أبو محمد الوشاء: 349.

محمد بن الوليد، أبو جعفر: 365، 405، 465.

محمد بن يحيى: 398.

محمد بن يحيى التميمي، أبو عبد اللّه: 450.

محمد بن يزيد: 473.

محمد بن يزيد النخعي: 479.

محمد بن يعقوب: 451، 524، 525.

محمد بن أبي يعقوب: 374.

محمد بن يعقوب الكليني: 527.

محمد بن يعلى، أبو النباخ: 184.

محمد بن يونس القرشي: 142، 153.

محمود بن عمر بن جعفر العسكري، ابو سهل: 82

محمود بن محمد بن أبي الشعب: 569.

محمود الملك: 93.

محمويه بن عبد الرحمن بن علي: 567.

المختار بن زياد: 303.

المخزومي: 561.

مرازم: 258، 371، 272.

المرجئة بن عمرو: 573.

مرة بن قبيصة بن عبد الحميد: 220.

مرواريد بنت كسرى: 196.

مروان (يروي عن الحسن بن موسى الحناط):

286.

مروان (يروي عن جابر): 166.

مروان بن جميل بن ورقاء: 567.

مروان بن الحكم: 160، 161، 191، 242.

مروان بن علابة بن جرير (المعروف بابن رأس الزقّ): 569.

مروان بن محمد الحمار: 55، 245.

المرواني: 487.

أبو مريم: 568.

مريم بنت عمران: 78، 81، 124، 145، 149، 150، 152، 222، 268، 494.

مسافر: 372، 402.

مسروق: 142.

مسعدة بن صدقة: 554، 560، 575.

مسعدة بن صدقة الربعي: 530.

ابن مسعود عبد اللّه بن مسعود.

ابن مسكان: 79، 134، 258، 260، 262، 284.

ص: 626

مسكان بن جبل بن مقاتل: 568.

مسلم: 564.

ابن مسلم: 280.

ابو مسلم: 482.

أبو مسلم الخراساني: 245، 294.

مسلم بن عقيل: 183.

مسلم بن هوار مرد: 571.

المسيّب: 307، 313-315.

المسيّب بن نجبة: 194.

المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام).

مسيلمة: 233.

مصعب (يروى عنه الزبير بن بكار): 151.

مصونة بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

مطر الوراق: 469، 481، 482.

مطرف بن عمر الكندي: 573.

المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي: 453.

معاذ بن جبرئيل: 568.

معاذ بن جبل: 157.

معاذ بن سالم بن جليد التمار: 567.

معاذ بن علي بن عامر: 574.

معاذ بن مسلم: 54.

معاذ بن معاذ: 572.

معاذ بن هاني: 566.

المعافى بن زكريا الجريري أبو الفرج المعافي.

معاوية بن حكيم: 415.

معاوية بن أبي سفيان: 62، 160، 166، 172، 177، 184، 207.

معاوية بن عمّار: 251.

معاوية بن يزيد: 191.

معبد بن جنيد الشامي: 363.

معتّب (مولى جعفر الصادق (عليه السلام): 270، 279، 332، 450.

المعتز الزبير بن جعفر

المعتصم: 394.

معروف بن خرّبوذ: 533.

المعلّى بن أبي المعلّى: 467.

المعلّى بن خنيس: 251، 257، 285، 286، 289.

المعلّى بن زياد: 471.

معلّى بن الفرج: 363.

المعلّى بن محمد: 93، 323، 427.

المعلّى بن محمد البصري: 414.

معمّر: 173.

معمّر بن خلاد: 370، 371.

أبو المغراء: 203، 257، 456.

المغربي: 542.

المغيرة بن سعيد: 281، 290.

المغيرة بن محمد: 151.

المفضل بن إبراهيم الأشعري: 109.

المفضل بن عمر: 62، 77، 137، 140، 149، 158، 188، 189، 242، 246، 268، 269، 274، 288، 300، 301، 450، 451، 454، 462-464، 468، 471،

ص: 627

484، 486، 532.

المفضل بن عيسى: 478.

مقاتل: 465.

مقبل الديلمي: 416-418.

المقداد بن الأسود: 88، 108، 130، 133، 145، 463.

مقدادة: 108.

مكحول بن إبراهيم: 448.

مكسلمينا: 574.

مليح بن سعد: 571.

مليكة بن يسوعا بن قيصر: 492.

المنادي: 574.

أبو مناقب الصدوحي: 249.

منخل بن علي: 399،

مندل بن علي: 442.

المنذر بن زيد: 575.

منذر بن محمد بن قابوس: 529.

منذر السراج: 157.

المنزل بن عمران: 571.

منصور: 167، 441، 574.

منصور (يروي عنه الأعمش): 221.

منصور بن بزرج: 273.

منصور بن حازم: 228.

أبي منصور بن الصالحان: 551، 553.

منصور بن ظفر: 158.

المنهال بن عمرو: 91.

ابن مهاجر: 266، 267.

مهاجر بن عثمان الخولاني: 255.

المهتدي: 423.

المهدي (الخليفة العباسي): 335.

مهدي بن هند بن عطارد: 571.

مهزم: 254.

ابن مهزم إبراهيم بن مهزم.

مهلب بن قيس: 250.

مورّق: 169.

ابن موسى: 167.

أبو موسى البناء: 291.

أمّ موسى: 456، 501.

موسى بن إبراهيم المروزي: 100.

موسى بن بغا: 418.

موسى بن بكر: 294.

موسى بن الحسن: 221.

موسى بن داود: 568.

موسى بن زرقان: 570.

موسى بن سعدان: 186، 223، 283، 285.

موسى بن عبد اللّه الجشمي: 85.

موسى بن عبد اللّه بن الحسن: 73.

موسى بن عبد اللّه بن موسى: 72.

موسى بن عمران (عليه السلام): 56، 73، 92، 99، 124، 189، 220، 280، 299، 300، 458، 460، 470، 501، 512-515، 532.

ص: 628

موسى بن عمران بن كثير: 399.

موسى بن عمران بن لاحق: 569.

موسى بن عون: 574.

موسى بن كردويه: 570.

موسى بن محمد بن عطاء، أبو طاهر البلقاوي:

444.

موسى بن محمد الجواد (عليه السلام): 397.

موسى بن محمد بن موسى الأشعري القمي، ابو القاسم: 76.

موسى بن مهدي: 567.

موسى بن المهدي (المعروف بالهادي): 306.

موسى بن مهران: 374.

موسى بن هامان: 321.

مولى قحطبة: 566.

موفق: 389، 402.

مؤمن آل فرعون: 464.

مؤنسة: 338.

ميسرة بن غندر بن المبارك: 572.

ميكائيل (عليه السلام): 73، 83، 92، 101-103، 106، 133، 147، 250، 271.

ميمون بن الحارث: 574.

حرف النون

نائل بن نجيح: 110.

النجاشي (ملك الحبشة): 144.

نجبة: 92.

ابن أبي نجران: 451.

نجم بن عقبة بن داود: 575.

نرجس (أم الحجّة (عليه السلام): 495، 497-499.

نزل بن حزم: 568.

نزيهة بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام): 309.

نصر: 574.

نصر بن حوّاس: 572.

نصر بن السندي: 529.

نصر بن الصباح: 527.

نصر بن علي الجهضمي: 158.

نصر بن منصور (يعرف بناقشت): 570.

أبو النّضر: 481.

النضر بن سويد: 204، 284، 291.

نعثل: 297.

نعمان الرازي: 437.

أبو نعيم: 464، 499، 505، 506.

نعيم بن حازم: 371.

النفس الزكية (محمد بن عبد اللّه): 243.

نفيع: 319، 320.

نوح (عليه السلام): 56، 329، 457.

نوح بن جرير: 571.

نوفل بن عمر: 571.

حرف الهاء

هارون (عليه السلام): 124، 180.

هارون (من اهل جبل): 277.

ص: 629

هارون (يروى عنه محمد بن عياض): 415.

هارون بن حماد: 465.

هارون بن خارجة: 66، 185.

هارون الرشيد: 306، 315، 316، 317، 319، 320، 321، 322، 347، 355، 356، 359، 372، 373.

هارون بن صالح بن ميثم: 573.

أبو هارون العبدي: 144، 443.

هارون بن عمران: 568.

هارون بن عمران بن خالد: 570.

هارون بن الفضل: 415.

هارون بن مسلم البصري: 530.

هارون بن موسى التلعكبري، أبو محمد: 58، 62، 81، 88، 91، 94، 95، 102، 104، 109، 134، 188، 194، 208، 213، 218، 231، 242، 253، 268، 272، 284، 291، 294، 296، 298-300، 322، 325، 343، 364، 365، 369، 370، 372، 376، 400، 405، 428، 431، 433-336، 453، 454، 459، 461-466، 469، 472، 475، 477، 478، 481، 483، 484، 486، 487، 499، 505، 529، 530، 532-535، 542، 554، 575.

هارون بن موسى بن جعفر (عليه السلام): 309.

أبو هاشم: 534.

هاني العطاردي: 570.

هبل بن كامل: 570.

هبة اللّه بن آدم: 437.

هبة اللّه بن زريق بن صدقة: 570.

أبو هراسة: 435.

هرثمة بن أعين: 351-356، 360، 362، 367، 374.

هشام (يروي عن سليمان بن خالد): 468.

هشام بن أحمد: 348.

هشام بن حسان: 467.

هشام بن الحكم: 291، 325، 535.

هشام بن سالم: 223، 438، 532.

هشام بن عبد الملك: 215، 233، 234، 236، 237، 239-241، 243، 279.

هشام بن علي السيرافي، أبو علي: 471.

هشام بن فاخر: 574.

هشام بن محمد: 110، 399.

هشام بن منصور: 321.

هلال بن العلاء الرقي، أبو عمر: 399.

همام (يروي عن المعلى بن زياد): 471.

همام بن الفرات: 572.

أبو الهيثم: 427.

أبو الهيثم القصاب: 454، 486.

الهيثم النهدي: 186، 287، 370.

الهيثم بن واقد: 375.

ص: 630

حرف الواو

الواثق: 395، 409، 425.

الوشاء: 205، 323.

وكايا بن سعد: 573.

وكيع: 165-169، 171، 182، 183، 199، 200، 218، 219، 221، 248-250، 320-322، 362، 398، 412.

وليد بن عبد الملك: 191، 192، 215.

الوليد بن محمد الموقري: 444.

الوليد بن يزيد: 215، 243.

وهب بن جميع: 453.

وهب بن خربند بن سروين: 570.

وهب بن وهب: 85.

حرف الياء

ياسين العجلي: 464.

يحيى بن أكثم: 391، 392، 403.

يحيى بن بديل: 572.

يحيى بن الحسن بن جعفر، ابو الحسين: 246.

يحيى بن الحسن العلوي: 357.

يحيى بن الحسن بن الفرات: 194.

يحيى بن حكيم، ابو سعيد: 71.

يحيى بن خالد: 306، 372، 373، 568.

يحيى بن زكريا (عليهما السلام): 74، 117، 177، 514.

يحيى بن زكريا: 242، 433، 532.

يحيى بن زكريا بن شيبان: 95.

يحيى بن سالم الفرّاء: 442، 445، 481.

يحيى بن سليم: 467.

يحيى بن أمّ الطويل: 193، 209.

يحيى بن عبد الرحمن: 58.

يحيى بن عبد اللّه: 72.

يحيى بن عمران الحلبي: 204، 284، 291.

يحيى بن عيسى بن يحيى: 148.

يحيى بن المثنى العطار: 482.

يحيى بن المساور: 69، 478.

يحيى بن ميمون الخراساني: 446.

يحيى بن نعيم: 572.

يحيى بن يعلى الأسلمي: 478.

يزداد النصراني: 418، 419، 420.

يزيد (يروي عن داود بن كثير الرقي): 279.

يزيد، أبو حازم: 242.

يزيد بن إسحاق: 280.

يزيد بن حماد الكاتب: 208.

يزيد بن درست: 568.

يزيد بن أبي زياد: 179، 442، 445.

يزيد بن عبد اللّه: 523.

يزيد بن عبد الملك: 215، 272.

يزيد بن قادر: 575.

يزيد بن مسروق: 184.

يزيد بن معاوية: 62، 160، 177، 178، 182، 191، 198، 204، 514.

يعقوب (عليه السلام): 531.

ص: 631

يعقوب (رجل من اهل المغرب): 333، 334.

يعقوب بن حميد بن كاسب: 68.

يعقوب السرّاج، أبو يوسف: 327، 433.

يعقوب بن شعيب: 533.

يعقوب بن يزيد: 205، 323، 434، 437، 453، 465، 533، 535.

يعقوب بن يزيد الأنباري: 76.

يعقوب بن يوسف: 546.

يعوق: 466.

يغوث: 466.

أبو اليقظان عمار بن ياسر.

اليمان بن سعيد المحتسبي: 443.

يمان بن الفتح بن دينار: 538.

اليماني: 487.

يوسف (عليه السلام): 380، 382، 470، 531، 532.

يوسف بن صريا: 566.

يوسف بن محمد بن زياد: 376.

يوسف بن يعقوب القاضي: 107.

يوشع بن نون: 56، 464.

يونس بن زياد الحناط الكفربوتي: 55.

يونس بن الصقر: 572.

يونس بن ظبيان: 79، 208، 270، 271، 288، 301، 575.

يونس بن عبد الرحمن: 388، 389.

يونس بن متىّ (عليه السلام): 211.

يونس بن أبي يعفور: 487.

يونس بن يعقوب: 292، 465.

يونس بن يوسف: 571.

ص: 632

3- المصادر و المراجع

1 - القرآن الكريم:

2 - الأئمة الاثنا عشر:

لشمس الدين محمد بن طولون، المتوفى سنة 953 ه. تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد، دار بيروت و دار صادر، أوفست منشورات الرضي - قم.

3 - إثبات الهداة:

لمحمد بن الحسن الحر العاملي، المتوفى سنة 1104 ه. دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الثالثة، سنة 1364 ه. ش.

4 - إثبات الوصية:

لأبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي، صاحب تاريخ مروج الذهب، المتوفى سنة 346 ه، منشورات المكتبة المرتضوية، المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف، أوفست منشورات الرضي - قم.

5 - الاحتجاج:

لأبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، من أعلام القرن السادس الهجري، تحقيق محمد باقر الموسوي الخرسان، منشورات المرتضى، مطبعة سعيد، مشهد، 1403 ه.

6 - الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان:

للأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي المتوفى سنة 739 ه. تحقيق كمال يوسف الحوت،

ص: 633

دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى سنة 1407 ه.

7 - أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم:

للمقدسي المعروف بالبشاري، المتوفى سنة 380 ه، تحقيق الدكتور محمد مخزوم، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.

8 - إحقاق الحقّ و إزهاق الباطل:

للعلامة القاضي السيد نور اللّه الحسيني التستري، الشهيد سنة 1019 ه، مكتبة السيد المرعشي - قم.

9 - الاختصاص:

لأبي عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان الحارثي (الشيخ المفيد)، المتوفى سنة 413 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم.

10 - الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد:

لأبي عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان الحارثي (الشيخ المفيد)، المتوفى سنة 413 ه، منشورات مكتبة بصيرتي - قم.

11 - أساس البلاغة:

لجار اللّه أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، المتوفى سنة 538 ه، تحقيق الأستاذ عبد الرحيم محمود، منشورات مكتب الاعلام الإسلامي - قم.

12 - أسباب النزول:

لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، المتوفى سنة 468 ه، عالم الكتب - بيروت.

13 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب:

لابن عبد البر النمري القرطبي، المتوفى سنة 463 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى 1328 ه

14 - أسد الغابة في معرفة الصحابة:

لعز الدين أبي الحسن علي بن محمد الشيباني، المعروف بابن الأثير، المتوفى سنة 630 ه، دار إحياء التراث العربي - بيروت.

15 - إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى و فضائل أهل بيته الطاهرين (المطبوع بهامش نور الأبصار):

للشيخ محمد بن علي الصبان، المتوفى سنة 1206 ه، دار الكتب العلمية - بيروت.

ص: 634

16 - الإصابة في تمييز الصحابة:

لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى سنة 1328 ه.

17 - إعلام الدين في صفات المؤمنين:

للحسن بن أبي الحسن الديلمي، من أعلام القرن الثامن الهجري، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث - قم - الطبعة الأولى 1408 ه.

18 - إعلام الورى بأعلام الهدى:

لأمين الإسلام أبي الفضل بن الحسن الطبرسي، من أعلام القرن السادس، تحقيق السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان، دار الكتب الإسلامية، قم، الطبعة الثالثة 1970 م.

19 - أعيان الشيعة:

للسيد محسن الأمين العاملي، المتوفى سنة 1371 ه، تحقيق حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت.

20 - إقبال الأعمال:

لرضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاوس، المتوفى سنة 664، أو 668 ه، دار الكتب الإسلامية، طهران.

21 - أقرب الموارد في فصيح العربية و الشّوارد:

للعلامة سعيد الخوري الشرتوني اللبناني، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، 1403 ه.

22 - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب:

للشيخ علي اليزدي الحائري، المتوفى سنة 1333 ه، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الرابعة 1397 ه، اوفست مؤسسة مطبوعات حق بين، قم.

23 - ألقاب الرسول و عترته:

لبعض قدماء المحدّثين و المؤرخين، ضمن كتاب (مجموعة نفيسة في تاريخ الأئمة)، مكتبة السيد المرعشي النجفي 1406 ه، مطبعة الصدر، قم.

25 - الأمالي:

لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المتوفى سنة 460 ه، مطبعة النعمان، النجف الأشرف 1384 ه.

ص: 635

26 - أمالي السيد المرتضى (غرر الفوائد و درر القلائد):

للشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي العلوي، المتوفى سنة 436 ه، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية 1387 ه.

27 - الإمامة و التبصرة من الحيرة:

لأبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي والد الشيخ الصدوق، المتوفى سنة 329 ه، تحقيق و نشر مدرسة الإمام المهدي (عليه السلام)، قم المقدسة، الطبعة الأولى 1404 ه.

28 - الأمان من أخطار الأسفار و الأزمان:

للسيد علي بن موسى بن طاوس، المتوفى سنة 664 ه، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، قم المشرفة، الطبعة الأولى 1409 ه.

29 - الأنساب:

لأبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني، المتوفى سنة 562 ه، تحقيق عبد اللّه عمر البارودي، مركز الخدمات و الأبحاث الثقافية، دار الجنان، بيروت، الطبعة الأولى 1408 ه.

30 - الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة:

لمحمد بن الحسن الحر العاملي، المتوفى سنة 1104 ه، تحقيق السيد هاشم الرسولي المحلاّتي، انتشارات نوين، طهران 1362 ه. ش.

31 - بحار الأنوار:

لمحمد باقر المجلسي، المتوفى سنة 1111 ه، دار الكتب الإسلامية، طهران.

32 - البداية و النهاية:

لأبي الفداء الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، المتوفى سنة 774 ه، تحقيق مجموعة من الأساتذة، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الرابعة 1408 ه.

33 - البرهان في علامات مهدي آخر الزمان:

لعلاء الدين علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي الهندي، المتوفى سنة 975 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، مطبعة الخيام، قم 1399 ه.

34 - بشارة المصطفى لشيعة المرتضى:

لأبي جعفر محمد بن أبي القاسم محمد بن علي (الطبري)، من علماء الامامية في القرن

ص: 636

السادس، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف 1383 ه.

35 - بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد (عليهم السلام):

لأبي جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفّار، المتوفى سنة 290 ه، تحقيق ميرزا محسن، مؤسسة الأعلمي، طهران 1362 ه. ش.

36 - بلاغات النساء:

لأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر المعروف بابن طيفور، دار الحداثة، بيروت، الطبعة الأولى 1987 م.

37 - البيان في أخبار صاحب الزمان:

لأبي عبد اللّه محمد بن يوسف بن محمد القرشي الگنجي الشافعي، المقتول في سنة 658 ه، تحقيق محمد هادي الأميني، دار إحياء تراث أهل البيت (عليهم السلام)، طهران، الطبعة الثالثة 1404 ه.

38 - البيان في تفسير القرآن:

للسيد أبو القاسم الموسوي الخوئي المتوفى سنة 1413 ه، دار الزهراء، بيروت، الطبعة الثانية، أوفست انتشارات كعبة، طهران.

39 - تاج المواليد:

لأبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، المتوفى سنة 548 ه، ضمن كتاب مجموعة نفيسة، مكتبة السيد المرعشي النجفي، مطبعة الصدر - قم المقدسة.

40 - تاريخ الأئمة:

لأبي بكر محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن إسماعيل بن أبي الثلج الكاتب البغدادي، المتوفى سنة 322 ه أو 323 ه أو 325 ه، ضمن كتاب مجموعة نفيسة، مكتبة السيد المرعشي النجفي، مطبعة الصدر.

41 - تاريخ أهل البيت:

لكبار المحدثين و المؤرخين، تحقيق السيد محمد رضا الحسيني، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث - قم المشرفة، الطبعة الأولى 1410 ه.

42 - تاريخ بغداد أو مدينة السلام:

لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

ص: 637

43 - تاريخ الخلفاء:

لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 ه، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى 1408 ه.

44 - تاريخ الطبري (تاريخ الملوك و الأمم):

لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، المتوفى سنة 310 ه، المطبعة الحسينية المصرية، الطبعة الأولى - مصر.

45 - التاريخ الكبير:

لأبي عبد اللّه إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري، المتوفى سنة 256 ه، دار الكتب العلمية - بيروت.

46 - تاريخ مواليد الأئمة و وفياتهم:

لأبي محمد عبد اللّه بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن النصر بن الخشاب البغدادي، المتوفى سنة 567 ه، أو 568 ه، ضمن كتاب مجموعة نفيسة، مكتبة السيد المرعشي النجفي - قم، مطبعة الصدر.

47 - تاريخ اليعقوبي:

لأحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب الكاتب، ابن واضح الأخباري، المتوفى سنة 292 ه، منشورات المكتبة الحيدرية و مطبعتها، النجف 1384 ه.

48 - تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة:

لشرف الدين علي الحسيني الأسترآبادي النجفي، من أعلام القرن العاشر الهجري، تحقيق و نشر مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)، قم، الطبعة الأولى 1407 ه.

49 - تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي (عليه السلام):

للسيد هاشم البحراني، المتوفى 1107 أو 1109 ه، تحقيق و نشر مؤسسة المعارف الإسلامية، قم، الطبعة الأولى 1411 ه.

50 - تجريد الاعتقاد:

لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسن نصير الدين الطوسي، المتوفى سنة 597 ه، تحقيق محمد جواد الحسيني الجلالي، مكتب الاعلام الإسلامي، قم، الطبعة الاولى 1407 ه.

ص: 638

51 - التحرير الطاوسي:

للحسن بن زين الدين (الشهيد الثاني) المتوفى سنة 1011 ه، تحقيق محمد حسن ترحيني، انتشارات دار الذخائر - قم، الطبعة الاولى 1408 ه.

52 - تحف العقول عن آل الرسول:

لأبي محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني، من أعلام القرن الرابع الهجري، تحقيق علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية 1404 ه، قم.

53 - تذكرة الحفاظ:

لأبي عبد اللّه شمس الدين الذهبي، المتوفى 748 ه، تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي، دار إحياء التراث العربي.

54 - تذكرة الخواص:

ليوسف بن قز أوغلي بن عبد اللّه البغدادي، سبط ابن الجوزي، المتوفى سنة 654 ه، مكتبة نينوى الحديثة، طهران.

55 - ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق:

لعلي بن الحسن بن هبة اللّه بن عساكر الشافعي، المتوفى سنة 571 ه، تحقيق محمد باقر المحمودي، مؤسسة المحمودي للطباعة و النشر، بيروت، الطبعة الثانية 1398 ه.

56 - تفسير الرازي (التفسير الكبير):

لأبي عبد اللّه محمد بن عمر القرشي الشافعي، المعروف بفخر الدين الرازي، المتوفى سنة 606 ه، أوفست دار إحياء التراث العربي، عن الطبعة المصرية، بيروت.

57 - تفسير الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن):

لأبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري، المتوفى سنة 310 ه، أوفست دار المعرفة عن الطبعة المصرية الأولى، بيروت.

58 - تفسير العياشي:

لأبي النضر محمد بن مسعود بن عياش السّلمي السمرقندي، المعروف بالعياشي، من أعلام القرن الرابع الهجري، تحقيق السيد هاشم الرسولي المحلاتي، المكتبة العلمية الإسلامية، طهران، 1380 ه.

ص: 639

59 - تفسير فرات الكوفي:

لأبي القاسم فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، من أعلام الغيبة الصغرى، تحقيق محمد كاظم، مؤسسة الطبع و النشر التابعة لوزارة الثقافة و الإرشاد الإسلامي، طهران، الطبعة الأولى 1410 ه.

60 - تفسير القمي:

لأبي الحسن علي بن إبراهيم القمي، من أعلام القرنين الثالث و الرابع الهجريين، تحقيق السيد طيب الموسوي الجزائري، مؤسسة دار الكتاب، قم، الطبعة الثالثة، 1404 ه.

61 - تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم):

للحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي، المتوفى سنة 774 ه، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، 1407 ه.

62 - تقريب التهذيب:

لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 ه، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، 1395 ه.

63 - تلخيص المستدرك:

للحافظ الذهبي، دار المعرفة، بيروت.

64 - تنقيح المقال في علم الرجال:

لعبد اللّه بن محمد حسن المامقاني، المتوفى سنة 1351 ه، منشورات المطبعة المرتضوية، النجف، 1352 ه.

65 - تهذيب تاريخ دمشق الكبير:

لابن عساكر، المتوفى سنة 571 ه، تحقيق عبد القادر بدران، دار إحياء التراث العربي بيروت، الطبعة الثالثة 1407 ه.

66 - تهذيب التهذيب:

لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 ه، أوفست دار إحياء التراث العربي عن طبعة حيدرآباد الدكن، بيروت.

67 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال:

للحافظ جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي، المتوفى سنة 742 ه، تحقيق الدكتور بشار عوّاد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1408 ه.

ص: 640

68 - الثاقب في المناقب:

للفقيه عماد الدين أبو جعفر محمد بن علي الطوسي المعروف بابن حمزة، تحقيق نبيل رضا علوان، دار الزهراء، بيروت، الطبعة الأولى 1411 ه.

69 - جامع الأصول من أحاديث الرسول:

لأبي السعادات مبارك بن محمد (ابن الأثير الجزري)، المتوفى 606 ه، تحقيق محمد حامد الفقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الرابعة، 1404 ه.

70 - الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير:

لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفى سنة 911 ه، دار الفكر، بيروت.

71 - الجرح و التعديل:

لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم التميمي الحنظلي الرازي، المتوفى 327 ه، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدرآباد الدكن - الهند، الطبعة الأولى 1271 ه، أوفست دار إحياء التراث العربي، بيروت.

72 - الجعفريات أو الأشعثيات:

لأبي علي محمد بن محمد الأشعث الكوفي، من أعلام القرن الرابع، مكتبة نينوى الحديثة، طهران.

73 - جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع:

لرضي الدين علي بن موسى بن طاوس الحلي، المتوفى سنة 664 ه أو 668 ه، منشورات الرضي، قم.

74 - الجوهر الثمين في سير الملوك و السلاطين:

لإبراهيم بن محمد العلائي، ابن دقماق، المتوفى سنة 809 ه، تحقيق محمد كمال الدين عز الدين علي، منشورات عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، 1405 ه.

75 - الحاوي للفتاوي:

لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي، المتوفى سنة 911 ه، دار الكتب العلمية، بيروت، 1402 ه.

76 - حلية الأبرار في فضائل محمد و آله الأطهار:

للسيد هاشم البحراني، المتوفى سنة 1107 أو 1109، المطبعة العلمية، قم، الطبعة الأولى

ص: 641

1397 ه.

77 - حلية الأولياء و طبقات الأصفياء:

للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد اللّه الأصفهاني، المتوفى سنة 430 ه، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1409 ه.

78 - حياة الحيوان الكبرى:

لكمال الدين محمد بن موسى الدميري، المتوفى 808 ه، شركة مكتبة و مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، أوفست منشورات الرضي، قم، الطبعة الثانية، مطبعة أمير - قم.

79 - الخرائج و الجرائح:

لأبي الحسين سعيد بن هبة اللّه المشهور ب (قطب الدين الراوندي)، المتوفى سنة 573 ه، تحقيق مؤسسة الامام المهدي (عليه السلام)، قم المقدسة، المطبعة العلمية، الطبعة الأولى 1409 ه.

80 - خصائص مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):

للحافظ أبي عبد الرحمن احمد بن شعيب بن سنان النسائي، المتوفى سنة 303 ه، طبع بطريق الأفست من طبع مطبعة التقدم بالقاهرة، كانون انتشارات شريعت، طهران.

81 - الخصال:

لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (الشيخ الصدوق)، المتوفى 381 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم المقدسة، 1403 ه.

82 - خلاصة الأقوال في معرفة الرجال (رجال العلامة الحلي):

للحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي، المتوفى سنة 726 ه، تحقيق محمد صادق بحر العلوم، المكتبة الحيدرية، النجف، أوفست مكتبة الرضي، قم، 1402 ه.

83 - دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة:

لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، المتوفى 458 ه، تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى 1405 ه.

84 - ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى:

لمحب الدين أحمد بن عبد اللّه الطبري، المتوفى سنة 694 ه، أوفست دار المعرفة عن طبعة مكتبة القدسي في القاهرة، بيروت.

ص: 642

85 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة:

للشيخ آقا بزرگ الطهراني، المتوفى سنة 1389 ه، دار الأضواء، بيروت، الطبعة الثانية، 1403 ه.

86 - الذّريّة الطاهرة:

لأبي بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري الرازي الدولابي، المتوفى سنة 310 ه، تحقيق السيد محمد جواد الحسيني الجلالي، مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين، قم، الطبعة الأولى، 1407 ه.

87 - رجال ابن داود:

لتقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي، المتوفى سنة 707 ه، تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم، أوفست منشورات الرضي عن المطبعة الحيدرية في النجف، قم.

88 - رجال الطوسي:

لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المتوفى 460 ه، تحقيق محمد صادق بحر العلوم، منشورات المكتبة الحيدرية، النجف، 1381 ه.

89 - رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال):

لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المتوفى 460 ه، كلية الإلهيّات و المعارف الإسلامية، مشهد 1348 ه. ش.

90 - رجال النجاشي:

لأبي العباس أحمد بن علي النجاشي، المتوفى، سنة 450 ه، تحقيق موسى الشبيري الزنجاني، منشورات مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، 1407 ه.

91 - رسالة في الغيبة:

للشيخ المفيد، المتوفّى سنة 413 ه، ضمن عدّة رسائل للشيخ المفيد، مكتبة المفيد، قم.

92 - الروض المعطار في خبر الأقطار:

لمحمد بن عبد المنعم الحميري، تحقيق الدكتور إحسان عباس، مؤسسة ناصر للثقافة، الطبعة الثانية 1980 م، بيروت.

93 - روضة الواعظين:

لمحمد بن الفتّال النيسابوري، المتوفى سنة 508 ه، منشورات الرضي، قم المقدسة.

ص: 643

94 - الرياض النضرة في مناقب العشرة:

لأبي جعفر أحمد، الشهير بالمحبّ الطبري، دار الكتب العلمية، بيروت.

95 - الزهد:

للحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي، من أعلام القرن الثاني و الثالث الهجري، تحقيق ميرزا غلام رضا عرفانيان، المطبعة العلمية - قم، 1399 ه.

96 - سعد السعود:

لرضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن طاوس الحسني الحسيني، المتوفى سنة 664 ه، منشورات الرضي - قم، مطبعة أمير، 1363 ه. ش.

97 - سنن الترمذي (الجامع الصحيح):

لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة، المتوفى سنة 297 ه، تحقيق أحمد محمد شاكر، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

98 - السنن الكبرى (سنن البيهقي):

لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، المتوفى سنة 458 ه، دار المعرفة بيروت.

99 - سنن ابن ماجة:

لأبي عبد اللّه محمد بن يزيد القزويني، المتوفى سنة 275 ه، تحقيق فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت.

100 - سير أعلام النبلاء:

لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، المتوفى سنة 748 ه، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1405 ه.

101 - السيرة الحلبية (من إنسان العيون في سيرة الأمين و المأمون):

لعلي بن برهان الدين الحلبي، المتوفى سنة 1044 ه، منشورات المكتبة الإسلامية، بيروت.

102 - السيرة النبوية:

لأبي محمد عبد الملك بن هشام الحميري، المتوفى سنة 213 ه، تحقيق مجموعة من الأساتذة، مطبعة مصطفى البابي الحلبي و أولاده بمصر، 1355 ه.

103 - الشافي في الإمامة:

للسيد الشريف أبي القاسم علي بن الحسين المرتضى، المتوفى سنة 436 ه، تحقيق السيد

ص: 644

عبد الزهراء الحسيني الخطيب، مؤسسة الصادق، طهران، الطبعة الثانية، 1410 ه.

104 - شرح نهج البلاغة:

لابن أبي الحديد، المتوفى سنة 656 ه، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم، منشورات دار إحياء الكتب العربية، الطبعة الأولى، 1378 ه، أوفست مؤسسة إسماعيليان.

105 - الصحاح (تاج اللغة و صحاح العربية):

لإسماعيل بن حماد الجوهري، المتوفى سنة 393 ه، تحقيق أحمد عبد الغفور عطّار، دار العلم للملايين، الطبعة الرابعة، بيروت، 1407 ه.

106 - صحيح البخاري:

لأبي عبد اللّه محمد بن إسماعيل البخاري، المتوفّى سنة 256 ه، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الخامسة، 1406 ه.

107 - صحيح مسلم:

لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، المتوفى سنة 261 ه، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1398 ه.

108 - صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام):

تحقيق و نشر مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام) - قم المقدسة، مطبعة أمير 1408 ه.

109 - الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم:

لأبي محمد بن علي بن يونس العاملي النباطي البياضي، المتوفى سنة 877 ه، تحقيق محمد باقر البهبودي، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، الطبعة الأولى، مطبعة الحيدري، 1338 ه.

110 - صفة الصفوة:

لجمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي، المتوفى سنة 597 ه، تحقيق محمود فاخوري و الدكتور محمد روّاس قلعچي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الرابعة 1406 ه.

111 - الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع و الزندقة:

لأحمد بن حجر الهيتمي المكي، المتوفى سنة 974 ه، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، مكتبة القاهرة، مصر، الطبعة الثانية 1385 ه.

ص: 645

112 - العدد القوية لدفع المخاوف اليومية:

لرضي الدين علي بن يوسف بن المطهر الحلّي، من أعلام القرن الثامن، تحقيق السيد مهدي الرجائي، مكتبة آية اللّه المرعشي العامة، مطبعة سيد الشهداء - قم، الطبعة الأولى، 1408 ه.

113 - علل الشرائع:

للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المتوفى سنة 381 ه، تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم، المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف 1385 ه.

114 - عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار:

ليحيى بن الحسن الأسدي الحلّي (ابن البطريق)، المتوفى سنة 600 ه، منشورات مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، 1407 ه.

115 - عوالم سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام):

لعبد اللّه بن نور اللّه البحراني الأصفهاني، تحقيق و نشر مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)، مطبعة أمير - قم، الطبعة الثانية 1411 ه.

116 - عوالي اللآلئ العزيزة في الأحاديث الدينية:

لمحمد بن علي بن ابراهيم الاحسائي (ابن أبي جمهور)، تحقيق آقا مجتبى العراقي، مطبعة سيد الشهداء - قم، الطبعة الأولى 1403 ه.

117 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام):

للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي، المتوفى 381 ه، تحقيق السيد مهدي الحسيني اللاجوردي، إيران.

118 - غاية المرام في حجة الخصام:

للسيد هاشم البحراني، المتوفى سنة 1107 أو 1109 ه، دار القاموس الحديث، بيروت.

119 - الغيبة:

لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المتوفى سنة 460 ه، إصدار مكتبة نينوى الحديثة، طهران.

120 - الغيبة:

لابن أبي زينب محمد بن إبراهيم النعماني، من أعلام القرن الرابع الهجري، تحقيق علي أكبر الغفاري، منشورات مكتبة الصدوق.

ص: 646

121 - فرائد السمطين في فضائل المرتضى و البتول و السبطين و الأئمة من ذريتهم (عليهم السلام):

لإبراهيم بن محمد بن المؤيد الجويني، المتوفى سنة 730 ه، تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي، مؤسسة المحمودي، بيروت، الطبعة الأولى، 1398 ه.

122 - فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم:

لرضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاوس الحسني الحسيني، المتوفى سنة 664 ه، منشورات الرضي، مطبعة أمير، قم 1363 ه. ش.

123 - فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النجف:

للنقيب غياث الدين السيد عبد الكريم بن طاوس، المتوفى سنة 693 ه، منشورات الرضي - قم.

124 - الفردوس بمأثور الخطاب:

لأبي شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي، المتوفى سنة 509 ه، تحقيق السعيد بن بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1406 ه.

125 - الفرق بين الفرق:

لعبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي الأسفرائيني التميمي، المتوفى سنة 429 ه، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار المعرفة، بيروت.

126 - الفصول المختارة من العيون و المحاسن:

للسيد الشريف أبي القاسم علي بن الحسين المرتضى، المتوفى سنة 436 ه، دار الأضواء، بيروت، الطبعة الرابعة، 1405 ه.

127 - الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة (عليهم السّلام):

لعلي بن محمد بن أحمد المالكي المكي، ابن الصباغ، المتوفى سنة 855 ه، مكتبة دار الكتب التجارية، مطبعة العدل، النجف، أوفست منشورات الاعلمي، طهران.

128 - الفهرست:

لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المتوفى سنة 460 ه، تحقيق محمد صادق بحر العلوم، منشورات المكتبة الرضوية و مطبعتها، النجف، أوفست منشورات الرضي - قم.

129 - القاموس المحيط:

لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، المتوفى سنة 817 ه، دار الجيل، بيروت.

ص: 647

130 - قرب الإسناد:

لأبي العباس عبد اللّه بن جعفر الحميري القمي، المتوفى سنة 290 ه، مكتبة نينوى الحديثة، طهران.

131 - الكافي:

لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي، المتوفى سنة 328 ه أو 329 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، المكتبة الإسلامية، طهران، 1388 ه.

132 - كامل الزيارات:

لأبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، المتوفى سنة 367 ه، تحقيق ميرزا عبد الحسين الأميني التبريزي، المطبعة المباركة المرتضوية، النجف الأشرف، 1356 ه.

133 - الكامل في التاريخ:

لعز الدين أبي الحسن علي بن محمد الشيباني، المعروف بابن الأثير، المتوفى سنة 630 ه، منشورات دار صادر، بيروت، 1402 ه.

134 - كتاب الامثال:

لأبي عبيد القاسم بن سلام، المتوفى سنة 224 ه، تحقيق عبد المجيد قطامش، دار المأمون، بيروت، الطبعة الاولى، 1400 ه.

135 - كشف الغمة في معرفة الأئمة:

لأبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي، المتوفى سنة 692 ه، تحقيق السيد هاشم الرسولي، مكتبة بني هاشمي، تبريز، المطبعة العلمية - قم، 1381 ه.

136 - كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر:

لأبي القاسم علي بن محمد الخزاز القمي الرازي، من أعلام القرن الرابع الهجري، تحقيق عبد اللطيف الكوه كمري الخوئي، انتشارات بيدار، مطبعة الخيام، 1401 ه.

137 - كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب:

لمحمد بن يوسف الكنجي الشافعي، المتوفى سنة 658 ه، تحقيق محمد هادي الأميني، منشورات دار إحياء تراث أهل البيت (عليهم السلام)، مطبعة الفارابي، الطبعة الثالثة، طهران، 1404 ه.

ص: 648

138 - كمال الدين و تمام النعمة:

للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المتوفى سنة 381 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، منشورات مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، 1405 ه.

139 - كنز العمال في سنن الأقوال و الأفعال:

لعلي المتقي بن حسام الدين الهندي، المتوفى سنة 975 ه، تحقيق بكري حياتي و صفوة السقاء، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الخامسة، 1405 ه.

140 - لسان العرب:

لأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرّم بن منظور الإفريقي المصري، المتوفى سنة 711 ه، نشر أدب الحوزة، قم، 1405 ه.

141 - اللهوف في قتلى الطفوف:

لعلي بن موسى بن طاوس، المتوفى سنة 664 ه، منشورات المطبعة الحيدرية، النجف، أوفست منشورات الرضي، الطبعة الثانية، قم، 1364 ه. ش.

142 - مآثر الإنافة في معالم الخلافة:

لأحمد بن عبد اللّه القلقشندي، المتوفّى سنة 820 ه، تحقيق عبد الستار أحمد فراج، عالم الكتب، بيروت.

143 - مثير الأحزان:

لابن نما الحلّي، المتوفى سنة 645 ه، تحقيق مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)، الطبعة الثالثة، مطبعة أمير، قم، 1406 ه.

144 - المجدي في أنساب الطالبيين:

لنجم الدين أبي الحسن علي بن محمد العلوي العمري، من أعلام القرن الخامس، تحقيق الدكتور أحمد المهدوي الدامغاني، مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي النجفي العامة - قم المقدسة، مطبعة سيد الشهداء، الطبعة الأولى 1409 ه.

145 - مجمع الأمثال:

لأبي الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري، الميداني، المتوفى سنة 518 ه، تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد، دار المعرفة، بيروت.

ص: 649

146 - مجمع البحرين و مطلع النيرين:

للشيخ فخر الدين بن محمد الطريحي، المتوفى سنة 1087 ه، تحقيق السيد أحمد الحسيني، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، طهران، الطبعة الثانية، 1365 ه. ش.

147 - مجمع الزوائد و منبع الفوائد:

للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، المتوفى سنة 548 ه، دار المعرفة، الطبعة الأولى، بيروت، 1406 ه.

148 - المحاسن:

لأبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي، تحقيق جلال الدين الحسيني، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثانية - قم.

149 - المحجة فيما نزل في القائم الحجة:

للسيد هاشم البحراني، المتوفى سنة 1107 أو 1109 ه، تحقيق محمد منير الميلاني، قم.

150 - مختصر بصائر الدرجات:

للحسن بن سليمان الحلّي، من أعلام القرن التاسع الهجري، منشورات المطبعة الحيدرية، النجف، الطبعة الأولى، 1370 ه.

151 - مدينة المعاجز في دلائل الأئمة الأطهار و معاجزهم:

للسيد هاشم البحراني، المتوفى سنة 1107 أو 1109 ه، منشورات مكتبة المحمودي، طهران.

152 - مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة و البقاع:

لصفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي، المتوفى سنة 739 ه، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى 1373 ه.

153 - مروج الذهب و معادن الجوهر:

لأبي الحسن علي بن الحسين المسعودي، المتوفى 346 ه، تحقيق يوسف أسعد داغر، منشورات دار الهجرة، الطبعة الثانية، قم، 1404 ه.

154 - مسار الشيعة:

لأبي عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان الحارثي البغدادي، الشيخ المفيد، المتوفى سنة 413 ه، ضمن كتاب مجموعة نفيسة، مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي النجفي، قم، مطبعة الصدر، 1406 ه.

ص: 650

155 - المستجاد من كتاب الإرشاد:

للحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلّي، المتوفى سنة 726 ه، ضمن كتاب مجموعة نفيسة، مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي النجفي، قم، مطبعة الصدر، 1406 ه.

156 - المستدرك على الصحيحين:

لأبي عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحاكم النيسابوري، المتوفى سنة 405 ه، دار المعرفة، بيروت.

157 - مسند أحمد بن حنبل:

لأحمد بن حنبل المتوفى، سنة 241 ه دار الفكر، بيروت.

158 - مسند أبي يعلى الموصلي:

لأحمد بن علي بن المثنى التميمي، المتوفى سنة 307 ه، تحقيق حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، الطبعة الثانية، 1410 ه دمشق - بيروت.

159 - مشكل الآثار:

لأبي جعفر الطحاوي، أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي المصري الحنفي، المتوفى سنة 321 ه، مطبعة دائرة المعارف، حيدرآباد الدكن، الهند، 1333 ه، أوفست دار الباز.

160 - مصابيح السنة:

لأبي محمد الحسين بن مسعود بن محمد الفراء البغوي، المتوفى سنة 516 ه، تحقيق الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي و محمد سليم إبراهيم سمارة و جمال حمدي الذهبي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى، 1407 ه.

161 - المصباح (جنة الأمان الواقعية و جنة الإيمان الباقية):

لإبراهيم بن علي العاملي الكفعمي، المتوفى سنة 905 ه، دار الكتب العلمية، النجف الاشرف، أوفست مؤسسة اسماعيليان - طهران، الطبعة الثانية، 1349 ه. ش.

162 - معاني الاخبار:

لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق، المتوفى سنة 381 ه، تحقيق علي أكبر الغفاري، منشورات مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، 1361 ه. ش.

163 - معجم أحاديث الإمام المهدي:

للهيئة العلمية في مؤسسة المعارف الإسلامية، منشورات مؤسسة المعارف الإسلامية - قم، الطبعة الأولى، 1411 ه.

ص: 651

164 - معجم البلدان:

لأبي عبد اللّه ياقوت بن عبد اللّه الحموي، المتوفى سنة 626 ه، منشورات دار صادر للطباعة و النشر، بيروت، 1388 ه.

165 - معجم رجال الحديث و تفصيل طبقات الرواة:

للسيد أبي القاسم الخوئي، المتوفى سنة 1413 ه، الطبعة الثالثة، بيروت، 1403 ه.

166 - معجم الفرق الإسلامية:

لشريف يحيى الأمين، دار الأضواء، بيروت الطبعة الأولى، 1406 ه.

167 - معجم ما استعجم من أسماء البلاد و المواضع:

لأبي عبيد عبد اللّه بن عبد العزيز البكري الأندلسي، المتوفي سنة 487 ه، تحقيق مصطفى، منشورات عالم الكتب، بيروت، الطبعة الثالثة، 1403 ه.

168 - معجم المؤلفين:

لعمر رضا كحالة، منشورات دار إحياء التراث العربي، بيروت.

169 - المعجم الوسيط:

لجماعة من الأساتذة في مجمع اللغة العربية، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

170 - مقاتل الطالبيين:

لأبي الفرج الأصفهاني، المتوفى سنة 356 ه، منشورات المكتبة الحيدرية، النجف، الطبعة الثانية، أوفست منشورات الرضي و زاهدي، مطبعة أمير، قم، 1405 ه.

171 - مقالات الإسلاميين:

لأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، المتوفى سنة 330 ه، تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد، دار الحداثة، الطبعة الثانية، 1405 ه.

172 - المقالات و الفرق:

لسعد بن عبد اللّه أبي خلف الأشعري القمي، المتوفى سنة 300 ه، تحقيق محمد جواد مشكور، مركز الانتشارات العلمية و الثقافية، طهران، 1361 ه. ش.

173 - مقتضب الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر:

لأحمد بن محمد بن عبيد اللّه بن عياش الجوهري، المتوفى سنة 401 ه، مكتبة الطباطبائي، المدرسة الفيضية، المطبعة العلمية، قم.

ص: 652

174 - مقتل الحسين (عليه السلام):

لأبي المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي، المتوفى سنة 568 ه، تحقيق محمد السماوي، منشورات مكتبة المفيد، قم.

175 - الملاحم و الفتن في ظهور الغائب المنتظر (عجل اللّه فرجه):

لأبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاوس الحسني الحسيني، المتوفى 664 أو 668 ه، منشورات الرضي، قم، الطبعة الخامسة، 1398 ه.

176 - الملل و النحل:

لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، المتوفى سنة 548 ه، تحقيق محمد فتح اللّه بدران منشورات الرضي، قم، الطبعة الثالثة، مطبعة أمير، 1364 ه. ش.

177 - مناقب آل أبي طالب:

لأبي جعفر محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني، المتوفى سنة 588 ه، دار الأضواء، بيروت، 1405 ه.

178 - مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب:

لأبي الحسن علي بن محمد الشافعي (الشهير بابن المغازلي)، المتوفى سنة 483 ه، تحقيق محمد باقر البهبودي، منشورات دار الأضواء، بيروت، 1403 ه.

179 - منتخب كنز العمال في سنن الأقوال و الافعال:

لعلاء الدين علي المتّقي بن حسام الدين الهندي، المتوفى سنة 975 ه، دار الفكر.

180 - المنجد في الأعلام:

مجموعة من المؤلفين، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، الطبعة الثانية عشرة، 1982 م.

181 - من لا يحضره الفقيه:

للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المتوفى سنة 381 ه، تحقيق السيد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الخامسة.

182 - مهج الدعوات و منهج العبادات:

لعلي بن موسى بن طاوس، المتوفى: 664 أو 668 ه، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، الطبعة الثالثة، بيروت، 1399 ه.

ص: 653

183 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال:

لأبي عبد اللّه محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، المتوفى سنة 748 ه، تحقيق علي محمد البجاوي، دار الفكر، بيروت.

184 - النابس في القرن الخامس:

لآقا بزرگ الطهراني، المتوفى سنة 1389 ه، تحقيق علي نقي منزوي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1391 ه.

185 - نزهة المجالس و منتخب النفائس:

لعبد الرحمن الصفوري الشافعي، المكتبة الشعبية، بيروت 1346 ه.

186 - النهاية في غريب الحديث و الأثر:

لأبي السعادات المبارك بن محمد الجزري، ابن الأثير، المتوفى 606 ه، تحقيق ظاهر أحمد الزاوي و محمود محمد الطناحي، المكتبة الإسلامية، الطبعة الاولى 1383 ه.

187 - نهج البلاغة:

تحقيق صبحي صالح، منشورات دار الهجرة - قم.

188 - نوابغ الرواة في رابعة المئات:

لآقا بزرگ الطهراني، المتوفى سنة 1389 ه، تحقيق علي نقي منزوي دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى 1390 ه.

189 - نوادر المعجزات في مناقب الأئمة الهداة (عليهم السّلام):

لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري، من أعلام القرن الرابع الهجري، تحقيق و نشر مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)، قم المقدسة، مطبعة مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)، الطبعة الأولى 1410 ه.

190 - نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار:

لمؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي، من علماء القرن الثالث عشر الهجري، منشورات دار الجيل، بيروت، 1409 ه.

191 - الهداية الكبرى:

لأبي عبد اللّه الحسين بن حمدان الخصيبي، المتوفى سنة 334 ه، مؤسسة البلاغ، بيروت، الطبعة الأولى، 1406 ه.

ص: 654

192 - وفيات الأعيان و أنباء أبناء الزمان:

لأبي العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلّكان، المتوفى سنة 681 ه، منشورات الشريف الرضي، الطبعة الثانية، مطبعة أمير، قم، 1364 ه. ش.

193 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):

لعلي بن موسى بن طاوس، المتوفى سنة 664 أو 668 ه، منشورات المطبعة الحيدرية، النجف، أوفست مؤسسة دار الكتاب للطباعة و النشر، قم.

194 - ينابيع المودة:

للحافظ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، المتوفى سنة 1294 ه، أوفست مكتبة بصيرتي عن دار الكتب العراقية في الكاظمية، قم، 1385 ه.

ص: 655

ص: 656

4- فهرس المحتوى

تقديم 7

ترجمة المؤلف 29

اسمه و كنيته 29

عصره و طبقته 30

مصنفاته 33

مشايخه و اسلوب روايته 33

عنوان الكتاب 37

هذا الكتاب 40

منهج التحقيق 44

المستدرك 51

الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) 53

في تسميته بأمير المؤمنين 53

من معجزاته 57

فاطمة الزهراء (عليها السلام) 65

مسندها 65

خبر الولادة 76

ذكر أسمائها (عليها السلام) 79

ص: 657

معنى المحدّثة 80

حديث هجرتها (صلوات اللّه عليها) 81

معرفة تزويجها بأمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما) 82

خبر الخطبة بجمع من الناس 88

حديث المهر و كم قدره 91

خبر محمود الملك 93

خبر النّثار 94

خبر الوليمة 95

خبر ليلة الزفاف 100

خبر الطيب 103

خبر مصحفها (صلوات اللّه عليها) 104

خبر دعائها (صلوات اللّه عليها) 107

حديث فدك 109

عيادة نساء المدينة لها و خطابها لهنّ 125

وصية فاطمة (صلوات اللّه عليها) 129

خبر منامها قبل وفاتها (عليها السلام) 131

خبر وفاتها و دفنها (عليها السلام) و ما جرى لأمير المؤمنين (عليه السلام) مع القوم 134

أخبار في مناقبها (صلوات اللّه عليها) 139

أبو محمد الحسن بن علي (عليه السلام) 157

معرفة ولادته 157

نسبه (عليه السلام) 162

أسماؤه 162

كناه 163

ألقابه 163

امّه 163

بوابه 163

ص: 658

نساؤه 163

نقش خاتمه 163

ذكر ولده 164

ذكر معجزاته 164

أبو عبد اللّه الحسين بن علي (عليه السّلام) 177

معرفة ولادته 177

قبره 180

نسبه 180

كنيته 180

ألقابه 181

نقش خاتمه 181

بوّابه 181

ذكر ولده (عليه السلام) 181

ذكر معجزاته (عليه السلام) 181

أبو محمد علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) 191

معرفة ولادته 191

نسبه 192

كناه 192

ألقابه 192

نقش خاتمه 193

بوّابه 193

ذكر ولده (عليه السلام) 193

خبر امّه و السبب في تزويجها 194

ذكر معجزاته (عليه السلام) 198

أبو جعفر محمد الباقر (عليه السلام) 215

معرفة ولادته 215

ص: 659

نسبه 216

كناه 216

ألقابه 216

نقش خاتمه 216

بوابه 217

ذكر ولده (عليه السلام) 217

امّه 217

ذكر معجزاته 218

أبو عبد اللّه جعفر بن محمد (عليه السلام) 245

معرفة ولادته 245

بوابه 246

نسبه 246

كناه 247

ألقابه 247

نقشه خاتمه 247

ذكر ولده 247

امّه 248

ذكر معجزاته (عليه السلام) 248

أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) 303

معرفة ولادته 303

نسبه (عليه السلام) 307

كناه 307

ألقابه 307

أمّه 307

بوابه 308

نقش خاتمه 309

ص: 660

ذكر ولده 309

ذكر معجزاته 313

أبو محمد علي بن موسى الرضا (عليه السلام) 347

معرفة ولادته 347

خبر امّه 348

خبر خروجه إلى خراسان 349

نسبه (عليه السلام) 358

كناه 359

ألقابه 359

نقش خاتمه 359

بوابه 359

ذكر ولده 359

ذكر معجزاته 360

أبو جعفر محمد بن علي الجواد (عليه السلام) 383

معرفة ولادته 383

أحواله و مدة إمامته 394

نسبه 396

كناه 396

ألقابه 396

امّه 396

ذكر ولده (عليه السلام) 397

نقش خاتمه 397

بوابه 397

ذكر معجزاته 397

أبو الحسن علي بن محمد (عليه السلام) 409

معرفة ولادته 409

ص: 661

خبر امّه 410

نسبه (عليه السلام) 411

كناه 411

ألقابه 411

امّه 411

بوابه 411

نقش خاتمه 411

ذكر ولده (عليه السلام) 412

ذكر معجزاته (عليه السلام) 412

أبو محمد الحسن بن علي السّراج (عليه السلام) 423

معرفة ولادته 423

نسبه (عليه السلام) 424

كناه 424

ألقابه 424

امّه 424

بوابه 425

نقش خاتمه 425

ذكر ولده (عليه السلام) 425

ذكر معجزاته (عليه السلام) 426

معرفة أنّ اللّه لا يخلي الأرض من حجة 433

معرفة وجود القائم (عليه السلام) و أنّه لا بدّ أن يكون 441

خبر أمّ القائم (صلوات اللّه عليه) و سيرتها إلى أن اشتريت 489

في معرفة الولادة، و في أيّ ليلة و أيّ شهر و أين ولد (صلوات اللّه عليه) 497

نسبه (عليه السلام) 501

كناه 502

ألقابه 502

ص: 662

معرفة من شاهده في حياة أبيه (عليه و على آبائه الصلاة و السلام) 505

معرفة شيوخ الطائفة الذين عرفوا صاحب الزمان (صلوات اللّه عليه) في مدة مقامه بسرّمن رأى بالدلائل و البراهين و الحجج الواضحة 519

معرفة ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة 529

معرفة من شاهد صاحب الزمان (عليه السلام) في حال الغيبة و عرفه من أصحابنا 537

نسخة الدعاء 549

معرفة رجال مولانا صاحب الزمان (صلوات اللّه عليه) 554

الفهارس 577

فهرس الآيات القرآنية 579

فهرس الاعلام و الرواة 587

فهرس المصادر و المراجع 633

فهرس المحتوى 657

ص: 663

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.