سرشناسه:شريف الرضي، محمدبن حسين، ق 406 - 359
عنوان و نام پديدآور:خصائص الائمه عليهم السلام: خصائص اميرالمومنين عليه السلام/ تاليف شريف الرضي؛ تحقيق و تعليق محمدهادي الاميني
مشخصات نشر:مشهد: الاستانه الرضويه المقدسه.
مجمع البحوث الاسلاميه: 1406ق. = 1364.
مشخصات ظاهري:ص 143
وضعيت فهرست نويسي:فهرستنويسي قبلي
يادداشت:بمناسبه مرور الف عام علي وفاه الشريف الرضي
يادداشت:كتابنامه: ص. 135 - 132
عنوان ديگر:خصائص اميرالمومنين عليه السلام
موضوع:علي بن ابي طالب(ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- مدايح و مناقب
موضوع:علي بن ابي طالب(ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- احاديث
شناسه افزوده:اميني، محمدهادي، 1931 - ، مصحح
شناسه افزوده:آستان قدس رضوي. بنياد پژوهشهاي اسلامي
رده بندي كنگره:BP39/3/ش 4خ 6
رده بندي ديويي:297/951
شماره كتابشناسي ملي:م 64-2059
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
ص: 5
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
إلهي ... بقدرتك عليّ تب عليّ ... و بحلمك عنّي اعف عنّي ... و بعلمك بي ارفق بي ...
إلهي ... لا تجعلني لغير جودك متعرّضا ... و لا تصيّرني للفتن غرضا ... و كن لي على الأعداء ناصرا ... و على المخازي و العيوب ساترا ... و عن المعاصي عاصما ...
إلهي ... اعطني بصيرة في دينك ... و فهما في حكمك ... و فقها في علمك ... و كفلين من رحمتك ...
إلهي ... تقبّل مني و أعل ذكري، و ارفع درجتي، و حطّ وزري ... و لا تذكرني بخطيئتي ... و اجعل ثواب مجلسي، و ثواب منطقي، و ثواب دعائي، رضاك و الجنّة ...
ص: 6
قوبلت و صحّحت على نسخة السّيّد الفقيه الإمام ضياء الدّين أبي الرّضا فضل اللّه بن عليّ بن عبيد اللّه الحسنيّ الرّاونديّ الكاشانيّ المتوفّى 570 ه.
ص: 7
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه و الصّلاة و السّلام على رسول اللّه و آله امناء اللّه منذ انطلاقة الشّرارة الأولى، للثّورة الشّعبية الإسلاميّة في إيران عام 1357 ه. ش، الموافق سنة 1399 ه. ق، بقيادة الزعيم الدّينيّ المقدام، الإمام الخمينيّ بارك اللّه في ثورته و عمره طلب من المسئولين كافّة، و القائمين بشئون الدّولة، أن يجعلوا رسالة الإسلام الخالدة نصب أعينهم، و يسيروا على هديه و هداه في الجوانب كافة، و يعاملوا الشعب و يأخذوا القضايا و الأحداث و القوانين حسب ما يقتضيه التّشريع الإسلاميّ، و تتطلّبه قوانينه و أنظمته التي جاء بها المشرّع الأعظم- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- الذي بعث رحمة للعالمين ... لأنّ الثّورة المظفّرة هذه انبثقت من صميم الواقع الإسلاميّ الّذي مهّد للشّعب الايرانيّ المسلم طريق التّحرر و الانطلاق، و دفعه إلى اليقظة و الوثبة، و الثّورة على الطّغاة، و الظّالمين و المستبدّين، العاملين للحواجز السّياسيّة الدّخيلة، للحيلولة بين الشّعوب، و رسالة الإسلام.
و لمّا كانت الثّورة الإسلاميّة المظفّرة في إيران مدينة بكاملها للإسلام و جاءت الانتفاضة الشّعبيّة لهذا الغرض، فلا بدّ من العمل في إعادة الجوانب كافّة إلى مهيع الحقّ، و الصّراط المستقيم، و إنقاذها من مخالب التّيّارات الدّخيلة، سيّما الجانب الفكريّ و العلميّ، الذي تلاعب بهما العهد المقبور و اتّخذهما ذريعة لمآربه الشّيطانيّة، و وسيلة في خدمة سياسة أسياده التّوسّعيّة
ص: 8
لذلك أصبح الشّعب بمعزل عن عقيدته، و دينه، و شخصيّته، و تفكيره الصّحيح، و نهجه القويم الذي خطّه من قبل الرسول الأعظم «ص»، و من بعده الأئمّة الهداة المهديّون عليهم السّلام، و من ثمّ فقهاء الطّائفة و أعلامها.
و في خلال فترة قصيرة من الزّمن، تمكّنت الجمهوريّة الاسلاميّة في زحفها المقدّس من إقامة مجاميع و ندوات، و جامعات تخدم الشّخصية الإسلاميّة، و تساند الحضارة الفكريّة و العلميّة و على الأخصّ في العواصم، و الحوزات الدّراسيّة في عرض البلاد و طولها.
و لمّا كانت مدينة «مشهد» المقدّسة البطلة، على جانب هامّ من النّاحية الفكريّة و الاجتماعيّة، و موقعها الخطير بين سائر الألويّة الإيرانيّة لذلك وجّهت القيادة عنايتها، و رعايتها لهذا البلد الطّيّب الذي يخرج نباته بإذن ربّه فأقامت فيه إلى جوار مرقد الإمام أبي الحسن الرّضا عليه آلاف التّحيّات و البركات جامعة للعلوم الاسلاميّة على نسق حديث للتّدريس و الدّراسة إلى جانب إقامة مجمع «للبحوث الاسلاميّة» للتّأليف و التّحقيق و النّشر، و قد زاول عمله النّشاطيّ منذ عام بحول اللّه و قوّته، مكلّلا بالنّجاح و السّداد و الموفّقيّة برعاية سادن الرّوضة الرّضوية المباركة فضيلة العلّامة الجليل سماحة الشيخ عبّاس الطّبسيّ بارك اللّه تعالى في عمره و أخذ بعضده.
هذا و في الوقت الذي تقدّم المجمع إلى ميدان النّشر و الطّبع، ارتأى المجلس الأعلى لادارة «مجمع البحوث الإسلاميّة» تدشين سلسلة مطبوعاته بكتاب «خصائص الأئمّة عليهم السّلام» لأبي الحسن الشّريف الرّضيّ ... رضي اللّه عنه، و ذلك بمناسبة الذّكرى الألفيّة لوفاته الّتي تجتاز البلاد خلال الشّهور هذه، و تتأهّب بعض الاقطار الشّقيقة لإقامة مهرجانات و مؤتمرات علميّة لها أمثال الهند، و الباكستان، و سوريّا، و كذا الجمهوريّة الاسلاميّة الإيرانيّة و الكتاب هذا، أثر قيّم و جهد حيويّ، ستقرأ تفاصيله في المقدّمة، و قد تصدّى إلى تحقيقه و إخراج أسانيد أحاديثه، و مصادره الأستاذ الدّكتور الشّيخ محمّد هادى
ص: 9
الأمينيّ نجل الفقيه المؤرّخ و الحجّة الثّبت شيخنا العلّامة الأمينيّ طيّب اللّه ثراه، مؤلّف كتاب «الغدير» و الواقع إنّه أعاد للكتاب أصالته العلميّة، و قيمته التّاريخيّة.
إنّ مديرة «مجمع البحوث الإسلاميّة» في الوقت الّذي تتقدّم بشكرها الجزيل لسدنة الرّوضة المقدّسة ترجو العليّ القدير التّوفيق و التّسديد في هذا الصّعيد الفكريّ و مواصلته لتقدّم إلى المكتبة الاسلاميّة و أبناء القرآن المتعة العلمية الحيّة، و البحوث التي تساند الثورة الاسلاميّة المظفّرة في زحفها المقدّس و من اللّه التّوفيق.
مجمع البحوث الاسلاميّة الآستانة الرضويّة المقدّسة مشهد- ايران
ص، ب: 3663 صفر 1406 ه. ق آبان 1364 ه. ش
ص: 10
ص: 11
المقدّمة
لا مشاحّة في أنّ كتاب «خصائص الأئمّة» كان الباعث و الحافز للسّيّد رضيّ الدّين ذي الحسبين ... رضي اللّه عنه، في جمع و تأليف كتابه المقدّس «نهج البلاغة» و إن لم يكمل كتابه الأول، و لم يخرج منه غير خصائص أمير المؤمنين عليه السلام، إلّا أنّ التّوفيق بكامله كان حليفه في تأليف كتابه الثّاني «نهج البلاغة» و الواقع انّ كتاب «الخصائص» يعتبر بابا لتأليفه الآخر كما صرّح في مقدّمة «النّهج» فقال:
- كنت في عنفوان السّنّ و غضاضة الغصن، ابتدأت بتأليف كتاب في «خصائص الأئمّة» يشتمل على محاسن أخبارهم، و جواهر كلامهم، حداني عليه غرض ذكرته في صدر الكتاب، و جعلته امام الكتّاب، و فرغت من الخصائص الّتي تخصّ أمير المؤمنين عليا- عليه السّلام- و عاقت عن إتمام بقيّة الكتاب محاجزات الأيّام، و مماطلات الزّمان و كنت قد بوّبت ما خرج من ذلك أبوابا، و فصّلته فصولا، فجاء في آخرها فصل يتضمّن محاسن ما نقل عنه عليه السّلام، من الكلام القصير في المواعظ، و الحكم، و الأمثال، و الآداب، دون الخطب الطّويلة، و الكتب المبسوطة، فاستحسن جماعة من الأصدقاء ما اشتمل عليه الفصل المقدّم ذكره، معجبين ببدائعه و متعجّبين من نواصعه-.
انّ هذا الكلام من الشّريف الأعلم ... إن دلّ على شي ء فإنما يدلّ على انّه كان يعرض و يقرأ كتاباته على تلاميذه، و الذين يحضرون مدرسته «دار العلم»
ص: 12
في بغداد للأخذ من موارد علمه الخصب و التي يتطلّع إليها كلّ لبيب، و ذى عقل، و طالب علم و أدب في اللّحظات كافّة ... فلما ألقى عليهم الفصل المتضمّن لمحاسن ما نقل عنه عليه السّلام، تقدّموا إليه بطلب كريم ممّا جعله ينصرف عن إتمام كتابه «الخصائص» و يتحوّل إلى وضع خطط و أسس تأليفه القيّم «نهج البلاغة» فقال بعد كلامه السّالف بهذا الصّدد:
«و سألوني عند ذلك أن أبتدئ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام أمير المؤمنين- عليه السّلام- في جميع فنونه، و متشعّبات غصونه، من خطب و كتب، و مواعظ و آداب، علما انّ ذلك يتضمّن من عجائب البلاغة و غرائب الفصاحة، و جواهر العربيّة، و ثواقب الكلم الدّينيّة و الدّنيويّة، ممّا لا يوجد مجتمعا في كلام، و لا مجموع الأطراف في كتاب».
و من هنا نجد الرّضيّ العليم يتحوّل بكامل حيويّته الأدبيّة و شخصيّته العلميّة الفذّة، إلى جمع كلام مشرّع الفصاحة و موردها، و منشأ البلاغة و مولدها، الإمام أمير المؤمنين- عليه السلام- و يضع كتابه «الخصائص» جانبا و يندفع إلى التنقيب عن كلام الإمام عليه السّلام، و جمعه من بطون المراجع و المصادر النّادرة، و من ثمّ تصنيفه و تقسيمه إلى ثلاثة أبواب:
الخطب و الأوامر ...
الكتب و الرّسائل ...
الحكم و المواعظ ...
و اجمع بتوفيق اللّه تعالى على الابتداء باختيار محاسن الخطب، ثمّ محاسن الكتب، ثمّ محاسن الحكم و الأدب، مفردا لكلّ صنف من ذلك بابا و مفصّلا فيه أوراقا.
و هكذا يتحوّل السّيّد الرّضيّ ... من كتاب «خصائص الأئمّة» إلى تأليف كتاب «نهج البلاغة» الّذي بلغ من السّموّ و الرّفعة و الخلود، ما لم يبلغه كتاب غير القرآن الكريم.
ص: 13
لقد سبق القول أن لم يخرج من هذا الكتاب غير الفصل الخاصّ بالإمام أمير المؤمنين عليه السلام ... و هو كبقيّة تصانيفه رضي اللّه عنه ... ضمّ بين دفّتيه العلم الكثير، و الأدب الجمّ، و الحيويّة الفكريّة، و تداوله العلماء و المؤلّفون على امتداد التاريخ، و نقلوه و استنسخوه و أكثروا من نسخه، و حافظوا عليه إلى يومنا هذا.
امّا الدّافع إلى تأليف كتاب «الخصائص» فقد ذكر ذلك في مقدّمة الكتاب فقال:- كنت حفظ اللّه عليك دينك، و قوّى في ولاء العترة الطّاهرة يقينك، سألتني أن أصنّف لك كتابا يشتمل على خصائص أخبار الأئمة الاثني عشر صلوات اللّه عليهم، و بركاته، و حنانه، و تحيّاته، على ترتيب أيامهم، و تدريج طبقاتهم ذاكرا اوقات مواليدهم، و مدد أعمارهم ...
ثمّ يقول بعد كلام طويل: «فعاقني عن إجابتك الى ملتمسك ما لا يزال يعوق من نوائب الزّمان، و معارضات الأيّام إلى أن أنهضني إلى ذلك اتّفاق اتّفق لي، فاستثار حميّتي، و قوّى نيّتي، و استخرج نشاطي، و قدح زنادي، و ذلك انّ بعض الرّؤساء ممّن غرضه القدح في صفاتي، و الغمز لقناتي، و التغطية على مناقبي و الدّلالة على مثلبة إن كانت لي ... لقيني و أنا متوجّه عشيّة عرفة من سنة ثلاث و ثمانين و ثلاثمائة (383) هجريّة إلى مشهد مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر، و أبي جعفر محمّد بن عليّ بن موسى عليهما السلام للتّعريف هناك، فسألنى عن متوجّهي فذكرت له إلى أين قصدي؟ فقال لي: متى كان ذلك يعني انّ جمهور الموسويين جارون على منهاج واحد في القول بالوقف، و البراءة ممن قال بالقطع، و هو عارف بانّ الإمامة مذهبي، و عليها عقدي و معتقدي، و إنّما أراد التنكيت لي و الطّعن على ديني، فأجبته في الحال بما اقتضاه كلامه، و استدعاه خطابه، وعدت و قد قوى عزمي، على عمل هذا الكتاب إعلانا لمذهبي، و كشفا عن مغيّبي، و ردّا على العدوّ الذي يتطلّب عيبي، و يروم ذمّي، و قصبى، و أنا بعون اللّه مبتدى بما ذكرت على التّرتيب الذي شرطت، و اللّه
ص: 14
المنقذ من الضّلال، و الهادي إلى سبيل الرّشاد-.»
فشرع بتأليف كتاب «الخصائص» عام 383 هجرى، و بعد الفراغ من خصائص أمير المؤمنين عليه السّلام، شرع في تأليف كتاب «نهج البلاغة» و من ثمّ لم يمهله الأجل المحتوم، و لم يسمح له بالعودة إلى كتابه «الخصائص» و الرّجوع إليه و إتمامه، فتوفّي سنة 406 هجرية.
نقل العلماء عن هذا الكتاب و استفادوا منه، و استشهدوا بنصوصه، و كانت منه عدّة نسخ خطّيّة في مكتبات ايران و العراق و الهند ... و طبع في النجف الأشرف سنة 1368 هجرية في 100 ص، و اعيد طبعه مرّات عديدة غير أنّ الكتاب جاء مشحونا بالأغلاط و التّصحيف و التّحريف، و لم ينل من المؤسف كله الحظّ من التّصحيح و التّحقيق و التّعليق، و المقابلة و مراجعة نصوصه، و تعيين مصادره و أسانيده فقد طبع كما وجد، و المطبوع نسخة المرحوم العلامة الجليل السيّد عبد الرزاق بن السيّد محمّد الموسوى المقرّم المتوفّى 1391 و قد كتبها عام 1349 هجري من نسخة مكتبة الفقيه الشيخ هادي بن الشيخ عبّاس آل كاشف الغطاء المتوفى 1360، و تاريخ كتابتها سنة 1300 هجرية.
و الغريب أنّ دور النشر أعادت طبع الكتاب على ما هو عليه من التّصحيف و التّحريف و الأغلاط، و لم تصحّح منه حتّى الأغلاط الإملائيّة و الكتابيّة.
لقد شاءت الأيّام أن أجعل الكتاب في قائمة الكتب التي نويت تحقيقها، و تصحيحها، و إخراجها بصورة صحيحة بحول اللّه و قوّته ... منذ أمد بعيد حسبما يقتضيه، و يتطلّبه الوقت و التّوفيق ... بيد انّ الذّكرى الألفيّة على وفاة الشّريف الرّضيّ كرّم اللّه وجهه ... دفعتني إلى تحقيقه و جعله في الرّعيل الاوّل من تلكم الكتب، فتقدّمت إلى تحقيقه، و إخراجه مع تزاحم أعمالي الفكريّة، و تراكم شئوني في حقلي البحث و التّأليف.
عملي في تحقيق الكتاب:
امّا منهجي في تحقيق الكتاب، فقد فتّشت عن نسخ الكتاب و قلّبت
ص: 15
فهارس خزائن الكتب، إلى أن وقفت على أقدم نسخة مخطوطة منه كتبت في القرن السادس الهجرىّ، و هي من مخطوطات إحدى مكتبات الهند و توجد مصوّرتها بالميكروفيلم في مكتبة العلامة السّيّد عبد العزيز الطباطبائي في مدينة- قم- فتفضل بها عليّ مشكورا، و تقع في 40 ورقة كتبت على عمودين 21* 30 في كل صفحة 25 سطر طوله 8 سنتيم و عليها خطوط و تملّكات عتيقة مؤرّخة، و هي مصحّحة من قبل الإمام الفقيه السّيّد ضياء الدّين أبي الرّضا فضل اللّه بن عليّ بن عبيد اللّه الحسنيّ الرّاونديّ الكاشانيّ المتوفّى 570 هجرى. بالإضافة إلى الزيادات الحاصلة فيها، و قد جعلتها في الأخير و ألحقتها بآخر الكتاب.
ففي الصفحة الأولى من النّسخة جاء ما لفظه:
- قرأ الخصائص عليّ ... وجيه الدّين فخر العلماء أبو عليّ عبد اللّه بن الحسين بن أبي القاسم دامت نعمتهما، و رويتها له عن شيخي أبي الفتح إسماعيل بن الفضل بن أحمد بن الإخشيد السّراج، عن أبي المظفّر عبد اللّه بن شبيب عن أبي الفضل الخزاعيّ، عن الرّضيّ رضي اللّه عنه، و كتبه فضل اللّه بن عليّ الحسنيّ ابن الرضا الرّاونديّ في ذي القعدة من سنة خمس و خمسين و خمسمائة (555) حامد اللّه تعالى مصلّيا على-.
و جاء في آخرها:
- تمّت كتابة كتاب خصائص الأئمة عليهم السّلام، و فرغ من كتبه العبد المذنب الرّاجي إلى غفران اللّه و عفوه عبد الجبّار بن الحسين بن أبي العمّ الحاجّ الفراهانيّ، السّاكن لقرية خومجان عمرها اللّه يوم الأربعاء الرّابع من شوّال سنة ثلاث و خمسين و خمسمائة. مائة غفر اللّه له و لوالديه و لجميع المؤمنين و المؤمنات، إنّه الغفور الرّحيم-.
ص: 16
الصّفحة الأولى من نسخة الفقيه الرّاونديّ
ص: 17
أوّل الكتاب من نسخة الإمام الرّاونديّ
ص: 18
آخر النّسخة المذكورة
ص: 19
و جاء في موضع آخر من الكتاب:
- انتهت الزّيادة ...
بحمد اللّه و منّه و صلواته على نبيّه محمّد و آله أجمعين.
و فرغ من كتبه العبد المذنب عبد الجبّار بن الحسين بن أبي العمّ الحاجي الفراهانيّ يوم الاربعاء التاسع عشر من جمادى الأولى من سنة ثلاث و خمسين و خمسمائة (553) في خدمة مولانا الأمير الأجلّ السّيّد ضياء الدّين تاج الإسلام أبي الرّضا فضل اللّه بن عليّ بن عبيد اللّه الحسنيّ أدام اللّه ظلّه، و قد آوى إلى قرية جوسقان راوند متفرّجا حامدا للّه و مصلّيا على النّبيّ و آله أجمعين و السّلام-.
و جاء في هامش الصّفحة الأخيرة:
- وقع الفراغ من سماع هذا الكتاب بقراءة من قرأه على السّيّد الأجلّ الإمام ضياء الدّين تاج الإسلام حرس اللّه ... وقت الزّوال في يوم الخميس من شهر جمادي ...
سنة أربع و خمسين و خمسمائة حامدا للّه و مصلّيا على نبيّه محمّد و آله أجمعين-.
لقد حقّقت النّسخة و أعلمت مصادر الموضوعات، و الأحاديث الواردة فيها، بصورة كاملة إلى جانب ذكر أسانيد الأخبار و الرّوايات، بالإضافة إلى مقابلة نصوص النّسخة مع سائر المراجع و المصادر التي وردت فيها تلكم النّصوص.
و ختاما شكرى المتواصل لأعضاء- مجمع البحوث الإسلاميّة- متمنّيا لهم التّوفيق و النّجاح في إخراجهم الكتاب بهذا الشّكل الأنيق ... كما أرجو اللّه تعالى بعملي هذا بعد أن حقّقت أصل الكتاب و ضبطت نصوصه و يسّرته للانتفاع به ... أن يجعله مقرونا بالقبول، و أن ينفع به انّه نعم النّصير ... و أكرم مسئول ...
أبو علي محمّد هادي الأميني عفا اللّه عنه و عن والديه محرم 1406 ه. ق
ص: 20
الشّريف الرّضيّ (1)
أبو الحسن محمّد بن أبي أحمد الطّاهر «ذي المنقبتين» الحسين بن موسى الأبرش بن محمّد الأعرج بن موسى «المعروف بأبي سبحة» بن إبراهيم (الأصغر) بن الإمام موسى بن جعفر عليهم السّلام.
و أمّه فاطمة بنت أبي محمّد الحسين النّاصر الصّغير بن أبي الحسين أحمد (2) ابن محمّد النّاصر الكبير الأطروش (3) بن عليّ بن الحسن بن عليّ الأصغر ابن عمر الأشرف بن الامام زين العابدين عليهم السّلام.
كانت أسرة الشّريف من طرف الأبوين بها ليل مساعير، فيهم من دوّخ الملوك، و نابغ في العلم و الأدب، و شاعر مجيد، و لأبيه الطّاهر ذي المنقبتين احمد المقام الرفيع في الدّولة مع إباء و شهامة (4) و قد قلّد النّقابة خمس مرّات (5)، و
ص: 21
تولّى النّظر في المظالم، و الحجّ بالنّاس مرارا (1)، و انّ جلالة قدره أهلته للسّفارة بين معزّ الدّولة، و الاتراك، و بين بهاء الدّولة، و صمصام الدّولة، كما توسّط للصّلح بين بهاء الدّولة، و مهذّب الدّولة (2). و كان رسولا من معزّ الدّولة إلى عضد الدّولة في ردّ غلام أسر عنده (3) و وسيطا في الصّلح بين معزّ الدّولة، و بين أبي تغلب بن حمدان (4) إلى أمثال هذه القضايا الّتي لم يعهد بها إلّا لذي كرامة ساميّة بين الجماهير، و احترام ذاتيّ غير مستعار.
و أمّا عمّ الشّريف الرّضيّ، و هو أبو عبد اللّه أحمد بن موسى الأبرش، فلم يكن خامل الذّكر وضيع الشّأن، يعرّفنا خروجه إلى واسط لاستقبال بهاء الدّولة، و كان من الطّالبيّين الذين أسهموا بالفخار و الكرامة، فإنه لا يستقبل الملوك إلّا من يعرفه الملوك، و يقدرون موقفه و منزلته.
و من أسرة والدته: أبو عليّ الشّاعر المجيد الّذي أشخصه الرّشيد من الحجاز، و حبسه في بغداد و افلت من حبسه و اختفى فيها (5).
و محمّد بن القاسم الصوفيّ الزّاهد الفقيه الّذي ظهر أيّام المعتصم في (الطّالقان) و قبض عليه ابن طاهر و انفذه الى بغداد فسجن ثمّ فرّ فاخذ و قتل صبرا (6).
و النّاصر الأطروش صاحب الدّيلم (7). و النّاصر الصّغير الحسن بن أحمد بن
ص: 22
النّاصر الكبير أبى محمّد الحسن بن عليّ الحسينيّ المقتول بآمل سنة 304 و النّقيب ببغداد صاحب النّاصريّات في الفقه المطبوع مع عدة كتب في مجموع عرف (بجامع الفقه) (1).
و كانت والدة الشّريف الرّضي فاطمة من النّساء البرزة الرّزان، أرضعته مع درّها امانى النّقابة و الخلافة، و قصّت عليه مآثر آبائها المصاليت البهاليل، و انفحته بالمال الّذي احتوت عليه من آبائها، و في رثائها يقول الشّريف ولدها:
آباؤك الغرّ الّذين تفجّرت بهم ينابيع من النّعماء
من ناصر للحقّ أو داع إلى سبل الهدى أو كاشف الظّلماء
نزلوا بعرعرة السّنام من العلى و علوا على الأثباج و الأمطاء (2).
كانت فاطمة والدة الشّريف الرّضيّ، ابنة أخت زوجة معزّ الدّولة أميرة البلاط، و ابنة خالة بختيار بن عزّ الدّولة، و هذه المصاهرة عقدت على حساب و تدبير، و من أسبابها تجليل مقام النّاصر الكبير الأطروش الجدّ الأعلى لوالدة الشّريف الرّضي، و ربما كان أبو احمد والد الشّريف زوجها يعمل السّعاة الّذين يسرون بانباء العاصمة الى والي الأهواز معزّ الدّولة و يعرفونه ضعف الخلافة، و يستثيرون همّته لامتلاكها و لجلالة والدة سيّدنا الشّريف و كبر شأنها الّف شيخنا المفيد (3) كتاب احكام النّساء (4) لها فانه قال في أوله: فاني عرفت من آثار السّيّدة الجليلة الفاضلة ادام اللّه عزّها جميع الأحكام الّتي تعمّ المكلّفين من النّساء، و تخصّ النّساء منهنّ على التّمييز لهنّ، ليكون ملخّصا في كتاب يعتمد
ص: 23
للدّين، و يرجع إليه فيما يثمر به العلم و اليقين، و اخبرتني برغبتها ادام اللّه توفيقها في ذلك إلخ (1).
و على كلّ فالشّريف الرّضيّ كان بحاشيتي نسبه قابضا على عضادتي الإمامة فهو ابن الامامين زين العابدين عليّ بن الحسين، و ابي إبراهيم موسى بن جعفر الكاظم عليهم السّلام، و من ناحية الاعمام و الاخوال يكرع بكؤوس الفخار و يتزمّل مطارف العلا و قد أثر هذا النّسب الوضاح في شعره و تمشى في أدبه فيقول:
ما عذر من ضربت به أعراقه حتّى بلغن إلى النّبيّ محمّد
أن لا يمدّ إلى المكارم باعه و ينال منقطع العلا و السّؤدد (2) و من يقرأ شعر الشّريف الرّضيّ بتأمل يعرف نفسيّته و طموحه الى الخلافة و اولويّته بها و تباهيه بخيمه، و تمجده بآبائه الاكارم، و شعره ميادين حروب، و غمرات اجال، و شعور ملتهب، و نفس جائشة تتلمّص للوثبة و الانطلاق و التّحرر كل ذلك للاغلال الّتى ارهق بها رهطه الانجاد و السّجون التي اوصدت عليهم، و الدّماء السّواجم الّتي أراقتها سيوف الظّلم و العدوان و التّمادي و هذا هو الّذي أودع فيه روحا متحمّسة و ثابة ماثلة بين عيني المتصفّح لديوانه.
و لا غرابة في ذلك بعد ان انحدر السّيّد الشّريف من أصلاب الشّرف العلويّ، و درت عليه اخلاف المجد الهاشميّ، و بزغ في ظلال اسرة الزّعامة و العظمة، و درج في احضان الإمامة فكان لهذا أثر بليغ في ترفّعه و شممه و محاولاته و عواطفه و ميوله، حتى اوجب لنفسه الكفاية في تسنّم اريكة الخلافة، فيقول مخاطبا الخليفة العباسيّ القادر باللّه:
عطفا أمير المؤمنين فإنّناعن دوحة العلياء لا نتفرّق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت أبدا كلانا في المعالي معرق
ص: 24
إلّا الخلافة ميّزتك فانني انا عاطل منها و انت مطوّق (1) فلم ينكر عليه الخليفة و لا استظهر بطيب مغرسه، نعم ردّ عليه بقوله:
(على رغم أنف الشّريف) (2)
ان نفس الشّريف أبية صعبة المراس ذات اتّجاهات واسعة في السّياسة، و كان الامراء و رجال الدّولة يقدّمونه على اخيه «علم الهدى» لما يجدون فيه من الآباء و العزّة و التّرفّع، و عدم قبول الصّلات.
و لكنّه بالرّغم من ذلك كان خاضعا لحكم عضد الدّولة الشّائن مع عمه و ابيه المعتقل لهما في القلعة من فارس (3).
و كان اعتقاله حين دخول عضد الدّولة الى بغداد سنة 367 فبقى معتقلا فيها الى سنة 376 أي بعد وفاة عضد الدّولة بأربع سنين فانه توفّى سنة 372 عند ما دخلها شرف الدّولة، و للشّريف الرّضيّ المولود سنة 359 يوم اعتقال أبيه ثمان سنين، و اطلق سراحه و هو ابن ستّ عشرة سنة (4).
و لمّا دخل شرف الدّولة بغداد فاتحا سنة 375، انعقدت صلاته مع الطّاهر ابي أحمد، والد الشّريف الرّضيّ و أقرّه على النّقابة و أدنى قربه، و هنا نرى الشّريف الرّضيّ في هذا الدّور قلق الفكر لعدم توثق صلاته بالقادر بالله العبّاسىّ و لم يحصل على محاولاته و ربما عضته نكبة في حياته السّياسيّة، فيثور ملتهبا و ينبّه أولياء الأمور باهتضامه و يتوعّدهم بالالتجاء الى من يرعى حقّه و يحفظ حرمته فيقول من مقطوعة له:
ألبس الذّلّ في ديار الاعادي و بمصر الخليفة العلويّ و عليها استشاط القادر، و صرفه عن النّقابة.
ص: 25
في سنة 388 قلّده بهاء الدّولة خلافته في بغداد و خلع عليه خلعا فاخرة، و فيها ولّاه نقابة العلويّين، و اما ولاية المظالم فكانت وظيفة تخصّ الملوك و الخلفاء فانهم يجلسون يوما خاصّا في السّنة، يؤذن فيه لارباب المظالم برفع ظلاماتهم مباشرة سواء نظر فيها القضاة أم لا، و قد يقوم مقامهم نائب خاصّ ينظر في المظالم و يشترط فيه كونه من بيت شرف و منعة و طهارة و عفاف و فقه واسع بجميع الاحكام الشّرعيّة، ففي سنة 388 قام الشّريف الرّضيّ بهذه الوظيفة بالنّيابة عن بهاء الدّولة.
و في سنة 397 بعث بهاء الملك من البصرة الى بغداد مرسوما، بتولية الشّريف امارة الحجّ، و كان الشّريف ممارسا لها منذ صباه تولّاها في أغلب أعوام عمره نائبا عن أبيه و مستقلّا (1).
انّ من العادات القديمة المنتشرة بين جميع الأمم و الشعوب أيّا كان شكل حكومتها منح الألقاب لزعماء الدّولة، و ظالما تزلف بها رجال الحكم لرعاياهم ليصطنعوهم بها، و قد استكان ذووا الألقاب لاولئك الذين منحوهم بها ما يخوّل لهم حقّ الرّفعة على من كان عاطلا منها.
و على هذا جرت الحكومات الإسلامية في تقدير عظمائها باسداء ألقاب اليهم، و كان الشريف الرضي ممن يحمل أسمى الألقاب التي يرمز بها الى مقامه الفخم، فقد لقبه بهاء الدولة في سنة 388 (بالشريف الجليل) في واسط، و سيّره إلى بغداد في موكب ملوكي و في سنة 498 صدر مرسوم من واسط بتلقيبه (بذي المنقبتين) و فيها لقبه بهاء الدولة (بالرضي ذي الحسبين) و في سنة 401 أمر الملك قوام الدين أن تكون المكاتبة مع الشريف بعنوان (الشريف
ص: 26
الأجلّ) مضافا إلى مخاطبته بالكنية (1).
لقد كان الشّريف مجيدا في العلم الى الغاية كإجادته في الشّعر غير انّه لم يكثر منه كاكثاره في الشّعر، فلذلك لم يشتهر به، و إن كتابه «حقايق التّأويل» اكبر آية على إتقانه للفنون العلميّة الدّينيّة و مبادئها و وقوفه على اسرارها، و لعلّ السّبب الوحيد في قلة تأليف الشّريف اشتغاله بشطر كبير من عمره بامارة الحجّ، و النّظر في المظالم، و مقتضيات النّقابة، و هذه الأحوال لا تتّفق مع التّأليف و البحث، اضف الى ذلك شغل الوقت بالنّظم في الأعياد و المواسم السّنويّة و ما يتّفق في العام الواحد من مراث و تهان و معاتبات.
و مع هذا فانا نعرف من شهادة ابن جنيّ، و السّيرافيّ، بأنّه متوقّد الذّكاء جيّد الحفظ سريع الانتقال و لمّا تتمّ له العشرون سنة حضر عند ابن السّيرافيّ النّحويّ، و له دون العشرة فقال له يوما: إذا قلنا رأيت عمر فما علامة النّصب في عمر؟ فقال الشّريف على البديهة: علامة النّصب بغض عليّ، فتعجّب ابن السّيرافيّ و من حضر من سرعة انتقاله و هو بهذا السّنّ (2).
و محاوراته مع أخيه المرتضى تشهد بفقاهة الشّريف و معرفته بطرق الاستدلال و الاجتهاد، قال الشّهيد الاوّل (3) في «الذّكرى» (4)، و الشّهيد الثّاني (5) في
ص: 27
(روض الجنان) (1) سأل الرّضيّ، أخاه المرتضى، فقال: ان الإجماع واقع على انّ من صلّى صلاة لا يعلم احكامها فهي غير مجزية فأجاب المرتضى: بجواز تغيير الحكم الشرعيّ بسبب الجهل.
فهذه المناظرة تدلّ بأنّ له قوّة في الاستدلال و ملكة راسخة في الاستنتاج.
اتّخذ الشّريف الرّضيّ لتلامذته مدرسة سمّاها «دار العلم» و ارصد لها مخزنا فيه ما يحتاجه الطّلاب، و ذكر شاهدا له انّ الوزير المهلبيّ لما بلغه ولادة ولد للشريف ارسل إليه الف دينار فردها، فبعث إليه الوزير انّ هذا للقابلة فارجعها ثانيا يعلمه: أنّا أهل بيت لم تكن قوابلنا غريبة، و انما هي من عجائزنا و لا يأخذن اجرة و لا يقبلن صلة، فاعلمه الوزير برغبته في تفريقه على ملازميه من طلّاب العلم، فقال الشّريف: لمن رجع بالمال انّهم حضور يسمعون كلامك، فقام أحدهم و أخذ دينارا و قطع منه قطعة ورد الباقي، و أخبر الشّريف بانه احتاج ليلة إلى دهن السّراج و لم يكن الخازن حاضرا و قد اقترض هذا المقدار فأمر السيّد أعلى اللّه مقامه، أن يتّخذ للخزانة مفاتيح بعدد التّلاميذ و لا ينتظر الخازن (2).
و في هذه الدّار كان الشّريف يلقي على التّلاميذ افاداته و دروسه يوميا متتابعة لا يشغله عن ذلك وظائف الدّولة من النّقابة و غيرها، و لم يتعلّل بزيارة زائر او مدح خليفة او قصيدة في حميم فانّ هذا كلّه نقض لهمم الطّلاب وفت في عزيمتهم.
ص: 28
على انّ دار العلم لم تكن مدرسة فقط بل هي مكتبة أيضا فيها من امّهات الكتب ما يحتاج إليه القاطن في المدرسة و غيره، فهي كبيت الحكمة المؤسّس للرشيد، و المكتبة الحديثة التي انشأها وزير شرف الدّولة البويهيّ أبو نصر سابور بن اردشير سنة 381 و كان أبو أحمد عبد السّلام بن الحسين البصريّ خازن (دار العلم) و لعبد السّلام هذا مجمع علمي خاصّ ببغداد ينعقد يوم الجمعة من كلّ اسبوع.
قرأ الشّريف على جماعة كثيرة منهم:
1- أبو بكر محمّد بن موسى الخوارزميّ قرأ عليه «مختصر الطّحاويّ» في الفقه (1).
2- أبو الحسن عليّ بن عيسى الرّبعىّ البغداديّ النّحويّ المتوفّى 420 قرأ عليه النّحو (2).
3- أبو الفتح عثمان بن جنّيّ الموصليّ مات 392 قرأ عليه «مختصر الجرميّ»، و قطعة من «إيضاح» ابي عليّ الفارسيّ، و «العروض» لأبي إسحاق الزجاج، و «القوافي» للاخفش (3).
4- ابن السّيرافيّ النّحويّ أبو سعيد الحسن بن عبد اللّه بن المرزبان المتوفّى 368 قرأ عليه النّحو قبل ان تتمّ له العشرة (4).
5- ابن نباتة أبو يحيى عبد الرّحيم بن محمّد المتوفّى 394 صاحب «الخطب» (5).
ص: 29
6- قاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبّار بن أحمد الشّافعيّ المعتزلىّ، قرأ عليه كتابه «شرح الأصول الخمس»، و كتابه «العمدة» في أصول الفقه (1).
7- أبو حفص عمر بن إبراهيم الكنانيّ، صاحب ابن مجاهد قرأ عليه «القراءات» بروايات كثيرة (2).
8- أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمّد الطّبريّ الفقيه المالكيّ قرأ عليه «القرآن المجيد» و هو شابّ (3).
9- شيخ الأمّة و فقيه الطّائفة و متكلّمهم الشّيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النّعمان البغداديّ المتوفّى 413. و كان السّبب في ملازمته مع أخيه علم الهدى له ما يحدث عنه المؤرّخون و هو:
عن فخار بن معدّ الموسويّ، قال: رأى الشّيخ المفيد أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النّعمان الفقيه الإماميّ في منامه كأنّ فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، دخلت عليه و هو في مسجده بالكرخ و معها ولداها الحسن و الحسين عليهما السّلام صغيرين، و قالت له: علمهما الفقه فانتبه متعجّبا من ذلك، فلمّا تعالى النّهار في صبيحة تلك اللّيلة الّتي رأى فيها الرّؤيا، دخلت عليه المسجد فاطمة بنت النّاصر و حولها جواريها، و بين يديها ابناها محمّد الرّضيّ، و عليّ المرتضى صغيرين فقام إليها و سلّم عليها، فقالت: أيّها الشّيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلّمهما الفقه، فبكى أبو عبد اللّه و قصّ عليها المنام و تولّى تعليمهما، و أنعم اللّه عليهما، و فتح لهما من أبواب العلوم و الفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدّنيا، و هو باق ما بقى الدّهر (4).
و لا غرابة في ذلك بعد ان كانت والدتهما من اشراف النّساء، و سليلة آبائها
ص: 30
علماء ادباء و ملوك، و لأجلها صنّف الشّيخ المفيد رسالة في احكام النّساء، و كان مجيئها إلى المفيد بولديها أيّام اعتقال أبيهما، و عمّهما بالقلعة من فارس، و هما صغيران حينئذ، و للرّضيّ ثمان سنين.
10- و كان ممن يروي عنهم أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبريّ المتوفّى 385 و ذكر في (خصائص أمير المؤمنين عليه السّلام) عنه حديث أمير المؤمنين مع كميل بن زياد و هو طويل (1).
و لسنا في حاجة الى تعداد تلاميذه بعد أن عرفنا مدرسته (دار العلم) تحتوي على عدد كثير ممن يقطن هذه الدّار للافادة منه و الاستضاءة بانوار علومه و تحقيقاته.
نعم: هنا شي ء لا بدّ من التّنبيه عليه، و هو ان صاحب «روضات الجنّات (2)» ذكر رواية الشّيخ الطّوسي عن الشّريف الرّضيّ، و قد عرفنا الميرزا النّوريّ انّ السّيّد الرّضيّ توفّى سنة 406 و قدوم الشّيخ الطّوسيّ الى العراق سنة 408 فيكون ورود الشّيخ الطّوسيّ الى العراق بعد وفاة السّيّد الرّضيّ بأربع سنين فلم يدركه حتّى يروي عنه، و احتمال مسافرة الشّريف إلى طوس و اجتماعه بالشّيخ الطّوسيّ هنا بعيد، اذ لم يذكره أحد من أرباب التّراجم و لا نبّه عليه المؤرّخون مع ان الشّريف في أكثر أيّام سنيّه كان مشغولا بامر النّقابة و ولاية المظالم و امارة الحجّ (3).
ص: 31
للشّريف الرّضيّ مؤلّفات كثيرة مفعمة بالتّحقيق و البحث مع قصر المدّة الّتي تمكّن فيها من ذلك الانتاج، فان عمره كلّه 47 سنة قضى أكثره في مزاولة وظائف الدّولة و القاء دروسه و محاضراته في مدرسته (دار العلم) و قرضه الشّعر، و محاولاته السّياسيّة و مجاملاته مع الخلفاء و الملوك، فما بقى إلّا النّزر من ايّامه خصوصا بعد اخراج سنيّ الطّفولة من تلك القائمة فها هنا تعرف ان انتاج الشّريف لتلك المؤلّفات القيّمة اعجاز، و هذا ما وصل الينا من مؤلّفاته:
1- «نهج البلاغة» جمع فيه ما اختاره من خطب أمير المؤمنين (ع)، و حكمه، و رسائله، و أشار إليه في المجازات النّبويّة ص 40 طبعة مصر (1).
2- «تلخيص البيان عن مجاز القرآن» قال ابن خلّكان فيه: انه نادر في بابه، و أشار إليه الشّريف في المجازات النّبويّة ص 20 ط مصر و طبع في بغداد سنة 1328.
3- «المجازات النّبويّة» من انفس المؤلّفات في هذا الشّأن طبع أوّلا سنة 1428 ببغداد و ثانيا سنة 1356 في مصر.
4- «حقايق التّأويل في متشابه التّنزيل»: و هو تفسيره ذكره في كتابه- المجازات النّبويّة- و عبّر عنه تارة بحقائق التّأويل، و اخرى بالكتاب الكبير في متشابه القرآن. و عبر عنه النّجاشيّ بحقائق التّنزيل، و صاحب عمدة الطّالب بكتاب المتشابه في القرآن.
5- «الزّيادات في شعر ابي تمام».
6- «اخبار قضاة بغداد».
7- «تعليق خلاف الفقهاء».
8- «تعليق على الإيضاح» لأبي عليّ الفارسيّ.
ص: 32
9- ما دار بينه و بين الصّابيّ من الرّسائل و الشّعر.
10- «المختار من شعر أبي إسحاق الصّابيّ».
11- «المختار من شعر ابن الحجّاج» سمّاه: «الحسن من شعر الحسين».
12- رسائله ثلاث مجلدات ذكر في (الدّرجات الرّفيعة) بعضها و نشرت مجلة العرفان بعضها.
13- «سيرة والده الطّاهر أبي احمد» ألّفه سنة 379.
14- «معاني القرآن». و هو كتابه الثّالث في القرآن.
15- «الزّيادات» في شعر ابن الحجّاج المذكور.
16- «انشراح الصّدر» في مختارات من الشّعر.
17- «طيف الخيال».
18- ديوان شعر يقع في مجلدين طبع في مصر و لبنان.
19- «خصائص الأئمّة»- خصائص أمير المؤمنين عليه السّلام، و هو الكتاب الّذي بين يديك.
و قد ذكرت هذه الكتب في «رجال النّجاشىّ»/ 283 و «روضات الجنّات» 6/ 194 و «الغدير» 4/ 198. و «كشف الظّنون» 1/ 523 و مصادر ترجمة الشّريف الرّضيّ.
توفّي الشّريف الرّضيّ بكرة يوم الأحد سادس المحرم سنة 406 ببغداد، و عمره 47 سنة و ولادته كانت سنة 359 ببغداد، و دفن في دار بالكرخ بخط مسجد الأنباريّين (1) و حضره الوزير فخر الملك أبو غالب، و جميع الاشراف و القضاة، و الشّهود، و الأعيان، و صلّى عليه الوزير فخر الملك في الدّار مع جماعة أمّهم أبو عبد اللّه بن المهلوس العلويّ، ثمّ دخل النّاس أفواجا فصلّوا عليه،
ص: 33
و ركب فخر الملك في آخر النّهار فعزّى المرتضى و الزمه الى داره ففعل لأنّه من جزعه عليه لم يستطع النّظر الى تابوته و مضى الى مشهد موسى بن جعفر عليه السّلام (1).
و استغرب العلّامة النّوريّ عدم صلاة الشّيخ المفيد عليه، و هو شيخ الطّائفة و علم الأمّة، قال: إلّا أن يكون ذاهبا الى زيارة الحسين (ع) لأنّها أيّام عاشوراء، ثمّ نقل الشّريف الى كربلاء و دفن عند أبيه الطّاهر ابي احمد، نصّ عليه السّيّد الدّاودي في «عمدة الطّالب» ص 200، و السّيّد علي خان في الدّرجات الرّفيعة بترجمة الرّضيّ، و الشّيخ الجليل الشّيخ يوسف البحرانيّ في «لؤلؤة البحرين ص 197، و السّيد بحر العلوم في «رجاله» بترجمة السّيّد المرتضى قال: الظاهر أنّ قبر السّيّد علم الهدى، و قبر أبيه و أخيه في المحل المعروف بابراهيم المجاب الّذي هو جدّ المرتضى، و ابن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام، و ذكر العلّامة الحجّة المتتبّع السّيّد حسن الصّدر الكاظميّ في رسالته «نزهة أهل الحرمين» حاكيا عن مشجرة النّسّابة العبيد جمال الدّين أحمد بن المهنا، أن قبر إبراهيم المجاب، خلف قبر الحسين عليه السّلام بستة اذرع.
و يظهر من التّاريخ ان قبره كان في القرون الوسطى مشهورا معروفا في الحائر الحسينيّ المقدّس و هذا قريب إلى الاعتبار لأنّ بنى إبراهيم المجاب قطنوا كربلاء و جاوروا الامام السّبط عليه السّلام فاتّخذ بنوه تربته مدفنا لهم و كان من قطن منهم بغداد و البصرة و نقلوا الى كربلاء بعد موتهم، و كانت تولية تلك التّربة المقدّسة بيدهم و ما كان يدفن فيها أي أحد إلّا باجازة منهم (2)
ص: 34
ضياء الدّين السّيّد فضل اللّه بن عليّ بن عبيد اللّه بن محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن أبي الفضل عبيد اللّه بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن محمّد بن الحسن بن جعفر بن إبراهيم بن جعفر بن الحسن المثنّى ابن الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام.
كان علّامة زمانه، و عميد أقرانه جمع إلى علوّ النّسب كمال الفضل و الحسب، و كان استاذ أئمّة عصره، و رئيس علماء دهره، و هو من أساتيذ ابن شهرآشوب، و الشيخ محمّد بن الحسن الطّوسيّ والد الخواجة نصير الدّين الطّوسيّ، و من تلاميذ الشّيخ أبي عليّ ابن شيخ الطّائفة الطّوسيّ.
روى عن الشّيخ العلّامة أبي عليّ الفضل بن الحسن الطّبرسىّ. و أبي عليّ الحدّاد. و الشّيخ أبي جعفر النّيسابوريّ. و أبي الفتح بن أبي الفضل الإخشيدىّ، و خلق آخرين من الشّيعة و السّنة كما روى عنه أكثر أهل عصره، و له تصانيف و و شروح في مختلف المواضيع و البحوث.
قال أبو سعيد السّمعاني الشّافعيّ في كتابه (الأنساب): انّي لما وصلت إلى كاشان قصدت زيارة السّيّد أبي الرّضا ضياء الدّين فلما انتهيت إلى داره، وقفت على الباب هنيهة أنتظر خروجه فرأيت مكتوبا على طراز الباب هذه الآية المشعرة بطهارته و تقواه: (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فلما اجتمعت به رأيت منه فوق ما كنت أسمعه عنه، و سمعت
ص: 35
منه جملة من الأحاديث، و كتبت عنه مقاطيع من شعره، و من جملة أشعاره التي كتبها لي بخطّه الشّريف هذه الأبيات:
هل لك يا مغرور من زاجرأو حاجز عن جهلك الغامر
امس تقضى و غد لم يجئ و اليوم يمضي لمحة الباصر
فذلك العمر كذا ينقضي ما أشبه الماضي بالغابر ترجم له في:
أعيان الشّيعة 42/ 296. أمل الآمل 2/ 217. الأنساب/ ورقة 181. تنقيح المقال 2/ 13. الدّرجات الرّفيعة/ 506. روضات الجنّات 5/ 365. تأسيس الشّيعة/ 181. ريحانة الأدب 4/ 9. فوائد الرّضوية/ 354. الكنى و الألقاب 2/ 435. مجالس المؤمنين 1/ 526. مستدرك الوسائل 3/ 493. منتهى المقال/ 242. هدية الأحباب/ 190. جامع الرّواة 2/ 9. راهنماى دانشوران 1/ 373 هدية العارفين 1/ 821. الغدير 4/ 186. الثّقات العيون/ 217. الذّريعة 9 ق 2/ 352. رياض العلماء 4/ 364.
ص: 36
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
كنت حفظ الله عليك دينك و قوى في ولاء العترة الطاهرة يقينك سألتني أن أصنف لك كتابا يشتمل على خصائص أخبار الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم و بركاته و حنانه و تحياته على ترتيب أيامهم و تدريج طبقاتهم ذاكرا أوقات مواليدهم و مدد أعمارهم و تواريخ وفاتهم و مواضع قبورهم و أسامي أمهاتهم و مختصرا من فضل زياراتهم ثم موردا طرفا من جوابات المسائل التي سئلوا عنها و استخرجت أقاويلهم فيها و لمعا من أسرار أحاديثهم و ظواهر و بواطن أعلامهم و نبذا من الاحتجاج في النص عليهم و حقيقة البرهان في الإشارة إليهم موضحا من ذلك ما يزيد به الولي المخلص إخلاصا في موالاتهم و صفاء عقد في محبتهم و يصدع عن عين عدوهم العمى و يكشف عن قلبه الغمى حتى يستشف أنوارهم فيسعوا إليها و يستوضح أعلامهم فيتتبعها و يقتفيها سالكا في جميع ذلك طريق الاختصار و مائلا عن جانب الإكثار لأن مناقب موالينا الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين لا تحصى بالعدد و لا تقف عند حد و لا يجري بها إلى أمد فإني أعتقد أن جميع أعداد هؤلاء الغرر الذين هم قواعد الإسلام و مصابيح الظلام و الذين خفض الله الخلق عن منازلهم و قصر الألسن و الأيدي عن تناولهم و ميز بين العالم و بينهم و أماط (1) العيب و العار عنهم بين مغموس القلب في الجهالة-
ص: 37
و مطروف العين بالضلالة لا يفيق من سكرة الهوى فيتبين الطريقة المثلى و بين عالم بفضلهم خابر بطيب فرعهم و أصلهم يكتم معرفته معاندة و يغالط نفسه مكايدة ترجيبا (1) لغرس قد غرسه و توطيدا لبناء قد أسسه و تنفيقا قد قامت له و ائتجارا (2) لجماعة قد التفت عليه. و كل ذلك طلبا لحطام هذه الدنيا الوبيل مرتعها الممر مشربها المنغص نعيمها و سرورها المظلم ضياؤها و نورها الصائرة بأهلها إلى أخشن المصارع بعد ألين المضاجع و الناقلة لهم إلى أفزع المنازل بعد أمن المعاقل على قرب من المعاد و عدم من الزاد ثم تتقلب بهم إلى حيث تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً (3).. فعاقني عن إجابتك إلى ملتمسك ما لا يزال يعوق من نوائب الزمان و معارضات الأيام إلى أن أنهضني إلى ذلك اتفاق اتفق لي فاستثار حميتي و قوى نيتي و استخرج نشاطي و قدح زنادي و ذلك أن بعض الرؤساء ممن غرضه القدح في صفاتي و الغمز لقناتي و التغطية على مناقبي و الدلالة على مثلبة إن كانت لي لقيني و أنا متوجه عشية عرفة من سنة ثلاث و ثمانين هجرية إلى مشهد مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر و أبي جعفر محمد بن علي بن موسى ع للتعريف هناك فسألني عن متوجهي فذكرت له إلى أين مقصدي فقال لي متى كان ذلك يعني أن جمهور الموسويين جارون على منهاج واحد في القول بالوقف و البراءة ممن قال بالقطع و هو عارف بأن الإمامة مذهبي و عليها عقدي و معتقدي و إنما أراد التنكيت لي و الطعن على ديني فأجبته في الحال بما اقتضاه كلامه و استدعاه خطابه و عدت و قد قوي عزمي على عمل هذا الكتاب إعلانا
ص: 38
لمذهبي و كشفا عن مغيبي و ردا على العدو الذي يتطلب عيبي و يروم ذمي و قصبي و أنا بعون الله مبتدئ بما ذكرته على الترتيب الذي شرطته و الله المنقذ من الضلال و الهادي إلى سبيل الرشاد. و هو تعالى حسبنا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ- نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ
ص: 39
ولد ع بمكة في البيت الحرام لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة و أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف و هو أول هاشمي في الإسلام ولده هاشمي مرتين و لا نعلم مولودا ولد في الكعبة غيره (1).
و قبض ع قتيلا بالكوفة ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة و له يومئذ ثلاث و ستون سنة على الرواية الصحيحة و كان بقاؤه مع رسول الله ص ثلاثا و ثلاثين سنة و كونه بعده حجة الله في أرضه ثلاثين سنة و نقش خاتمه و هو عقيق أحمر الله الملك و علي عبده و يقال الملك لله (2).
و اختلف الناس في موضع قبره فقال قوم في رحبة القضاء و قال قوم في دار الإمارة و قال قوم حمل إلى المدينة و الصحيح الذي لا شك فيه و لا لبس عليه أنه ع بالغري (3) من نجف الكوفة و مما يدل على ذلك أن الصادق جعفر بن محمد ع زاره في هذا الموضع لما أشخصه المنصور إليه
ص: 40
رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع عَنْ آبَائِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ مَنْ زَارَ عَلِيّاً بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَهُ الْجَنَّةُ (1).
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لَتُفَتَّحُ عِنْدَ دُعَاءِ الزَّائِرِ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع
وَ قَالَ ع مَنْ تَرَكَ زِيَارَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَ لَا تَزُورُونَ مَنْ تَزُورُهُ الْمَلَائِكَةُ وَ النَّبِيُّونَ ع إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ الْأَئِمَّةِ وَ لَهُ مِثْلُ ثَوَابِ أَعْمَالِهِمْ وَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فُضِّلُوا (2).
ص: 41
مما يدل على ذلك أن الشيعة جماعة كثيرة لا يحصرهم العدد و لا يشتمل عليهم بلد و قد طبقوا البلدان و ملئوا الأقطار و ساروا شرقا و غربا و انتشروا برا و بحرا على اختلاف أوطانهم و تباعد ديارهم و تفاوت هممهم و أهوائهم و تباين أقاويلهم و آرائهم و انتفاء الأسباب الموجبة للشك و الوقوف في خبرهم و فيهم مع ذلك عدد كثير و جم غفير من أهل بيت النبي ع و ذويه و أصحابه و مواليه ينقلون نقلا متصلا متواترا أن النبي ص قد استخلف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع على أمته بعد وفاته و نص عليه و فرض طاعته في أمر الدين كله و أن النبي ص فعل ذلك ظاهرا مكشوفا فوجب قبول هذا الخبر علما و يقينا.
فإن قال قائل إنهم إنما كثروا الآن و إن أولهم كان قليلا و سلفهم كان يسيرا مغمورا قيل له ما الفضل بينك و بين من احتج عليك بمثله من الملحدين و سائر المخالفين فقال إن آيات النبي ص لا تصح لأن عدد المسلمين الناقلين لها كان قليلا في الأول و إنما كثر الآن فلا تجد بينهما فصلا
ص: 42
فمن ذلك ما رواه نقلة الآثار أن حسان بن ثابت الأنصاري (1) استأذن النبي ع يوم الغدير بعد فراغه من المقام أن يقول شعرا في ذلك فأذن له فأنشأ يقول
يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم و أسمع بالرسول مناديا
فقال فمن مولاكم و وليكم فقالوا و لم يبدوا هناك التعاديا
إلهك مولانا و أنت وليناو لم تر منا في المقالة عاصيا
فقال له قم يا علي فإنني رضيتك من بعدي إماما و هاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه و كن للذي عادى عليا معاديا
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص لَا تَزَالُ يَا حَسَّانُ مُؤَيَّداً بِرُوحِ الْقُدُسِ مَا نَصَرْتَنَا بِلِسَانِكَ (2).
و اتفق حملة الأخبار على نقل شعر قيس بن عبادة (3) و هو ينشده بين يدي
ص: 43
أمير المؤمنين ع بعد رجوعه من البصرة في قصيدته التي أولها-
قلت لما بغى العدو عليناحسبنا ربنا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ
حسبنا ربنا الذي فتح البصرة بالأمس و الحديث طويل إلى أن بلغ فيها إلى قوله-
و علي إمامنا و إمام لسوانا أتى به التنزيل
يوم قال النبي من كنت مولاه فهذا مولاه خطب جليل
إنما قاله النبي على الأمةحتم ما فيه قال و قيل (1) و هذان الشاعران (2) صحابيان شهدا بالإمامة لأمير المؤمنين ع شهادة من حضر هذا المشهد و عرف المصدر و المورد.
ثم هذا الكميت بن زيد الأسدي (3) و هو غير مشكوك في فصاحته و معرفته بالعربية يقول
و يوم الدوح دوح غدير خم أبان له الولاية لو أطيعا
و لكن الرجال تبايعوهافلم أر مثلها خطرا منيعا (4) و هذا السيد بن محمد بن الحميري (5) و ليس بدون في الفصاحة و لا بمتأخر في البلاغة يقول من قصيدة
قالوا له لو شئت أعلمتناإلى من الغاية و المفزع
فقام في خم النبي الذي كان بما قيل له يصدع
فقال مأمورا و في كفه كف علي لهم تلمع
من كنت مولاه فهذا له مولى فلم يرضوا و لم يقنعوا
ص: 44
و على ذكر هذه الأبيات فإني مورد حديثا طريفا سمعته في معناه و هو متعلق بها حكي أن زيد (1) بن موسى بن جعفر بن محمد ع رأى رسول الله ص في المنام كأنه جالس مع أمير المؤمنين ع في موضع عال شبيه بالمسناة و عليها مراق فإذا منشد ينشد قصيدة السيد بن محمد الحميري هذه و أولها
لأم عمرو باللوى مربع طامسة أعلامه بلقع (2)-
ص: 45
حتى انتهى إلى قوله
قالوا له لو شئت أعلمتناإلى من الغاية و المفزع قال فنظر رسول الله إلى أمير المؤمنين ص و تبسم ثم قال أ و لم أعلمهم أ و لم أعلمهم أ و لم أعلمهم ثلاثا ثم قال لزيد إنك تعيش بعدد كل مرقاة رقيتها سنة واحدة قال فعددت المراقي فكانت نيفا و تسعين مرقاة فعاش زيد نيفا و تسعين سنة.
و هو الملقب بزيد النار و أنما سمي بذلك لأنه لما غلب على البصرة أحرق نفرا من أهلها و أسواقا كثيرة منها (1).
. و ما أشد استحساني لجواب كان بعض المتقدمين من الشيعة يجيب به من سأله عن قعود أمير المؤمنين ع و تركه طلب الأمر و دعاء الناس إلى نفسه و هو أنه كان يقول أمير المؤمنين ع كان في هذا الأمر فريضة من فرائض الله تعالى أداها نبي الله ص إلى قومه مثل الصلاة و الصوم و الزكاة و الحج و ليس على الفرائض أن تدعوهم إلى أنفسها و تحثهم على طلبها و إنما عليهم أن يجيبوها و يسارعوا إليها و كان أمير المؤمنين ع في هذا الأمر أعذر من هارون لأن موسى ع لما ذهب إلى الميقات قال لهارون اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (2).
فجعله رقيبا عليهم و زعيما لهم و أن نبي الله تعالى ص نصب عليا ع لهذه الأمة علما و دعاهم إليه و حضهم عليه فعلي ع في عذر من لزوم بيته و إرخاء ستره و الناس في حرج حتى يخرجوه من مكمنه و يستثيروه من مربضه و يضعوه في الموضع الذي وضعه فيه رسول الله ص
ص: 46
فلو أني نشرت ما طويت منها لرماني الناس بيد واحدة عن قوس واحدة و كذلك أنا في أخبار سائر الأئمة ع
رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً ع كَانَ جَالِساً فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ فَاخْتَصَمَا إِلَيْهِ وَ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْخَوَارِجِ فَتَوَجَّهَ الْحُكْمُ إِلَى الْخَارِجِيِّ فَحَكَمَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ الْخَارِجِيُّ وَ اللَّهِ مَا حَكَمْتَ بِالسَّوِيَّةِ وَ لَا عَدَلْتَ فِي الْقَضِيَّةِ وَ مَا قَضِيَّتُكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَرْضِيَّةٍ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ أَوْمَأَ إِلَيْهِ اخْسَأْ عَدُوَّ اللَّهِ فَاسْتَحَالَ كَلْباً أَسْوَدَ فَقَالَ مَنْ حَضَرَهُ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْنَا ثِيَابَهُ تَطَايَرُ عَنْهُ فِي الْهَوَاءِ وَ جَعَلَ يُبَصْبِصُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فِي وَجْهِهِ وَ رَأَيْنَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ قَدْ رَقَّ فَلَحَظَ السَّمَاءَ وَ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِكَلَامٍ لَمْ نَسْمَعْهُ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْنَاهُ وَ قَدْ عَادَ إِلَى حَالِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَ تَرَاجَعَتْ ثِيَابُهُ مِنَ الْهَوَاءِ حَتَّى سَقَطَتْ عَلَى كَتِفَيْهِ فَرَأَيْنَاهُ وَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ أَنَّ رِجْلَيْهِ لَتَضْطَرِبَانِ فَبُهِتْنَا نَنْظُرُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ لَنَا مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ وَ تَعْجَبُونَ فَقُلْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ لَا نَتَعَجَّبُ وَ قَدْ صَنَعْتَ مَا صَنَعْتَ فَقَالَ أَ مَا تَعْلَمُونَ أَنَّ آصَفَ بْنَ بَرْخِيَا وَصِيَّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ع قَدْ صَنَعَ مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فَقَصَّ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قِصَّتَهُ حَيْثُ
ص: 47
يَقُولُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ (1) فَأَيُّمَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ نَبِيُّكُمْ أَمْ سُلَيْمَانُ ع فَقَالُوا بَلْ نَبِيُّنَا ع أَكْرَمُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَوَصِيُّ نَبِيِّكُمْ أَكْرَمُ مِنْ وَصِيِّ سُلَيْمَانَ وَ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ وَصِيِّ سُلَيْمَانَ ع مِنِ اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ حَرْفٌ وَاحِدٌ فَسَأَلَ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ فَخَسَفَ لَهُ الْأَرْضَ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ سَرِيرِ بِلْقِيسَ فَتَنَاوَلَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ طَرْفِ الْعَيْنِ وَ عِنْدَنَا مِنِ اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً وَ حَرْفٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى اسْتَأْثَرَ بِهِ دُونَ خَلْقِهِ فَقَالُوا لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِذَا كَانَ هَذَا عِنْدَكَ فَمَا حَاجَتُكَ إِلَى الْأَنْصَارِ فِي قِتَالِ مُعَاوِيَةَ وَ غَيْرِهِ وَ اسْتِنْفَارِكَ النَّاسَ إِلَى حَرْبِهِ ثَانِيَةً فَقَالَ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (2) إِنَّمَا أَدْعُو هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ إِلَى قِتَالِهِ لِثُبُوتِ الْحُجَّةِ وَ كَمَالِ الْمِحْنَةِ وَ لَوْ أُذِنَ لِي فِي إِهْلَاكِهِ لَمَا تَأَخَّرَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَمْتَحِنُ خَلْقَهُ بِمَا شَاءَ قَالُوا فَنَهَضْنَا مِنْ حَوْلِهِ وَ نَحْنُ نُعَظِّمُ مَا أَتَى بِهِ ع (3).
الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ مَرَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بِكَرْبَلَاءَ فَلَمَّا مَرَّ بِهَا اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ بِالْبُكَاءِ ثُمَّ قَالَ هَذَا مُنَاخُ رِكَابِهِمْ وَ هَذَا مُلْقَى رِحَالِهِمْ وَ هَاهُنَا تُهْرَاقُ دِمَاؤُهُمْ طُوبَى لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ عَلَيْهَا تُهْرَاقُ دِمَاءُ الْأَحِبَّةِ (4).
ص: 48
وَ بِإِسْنَادٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ لَهُ فِلَاءٌ (1) بِنَاحِيَةِ آذَرْبِيجَانَ قَدِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ فَمَنَعَتْ جَانِبَهَا فَشَكَا إِلَيْهِ مَا قَدْ نَالَهُ وَ أَنَّهُ كَانَ مَعَاشُهُ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ فَاسْتَغِثْ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ الرَّجُلُ مَا أَزَالُ أَدْعُو وَ أَبْتَهِلُ إِلَيْهِ وَ كُلَّمَا قَرُبْتُ مِنْهَا حَمَلَتْ عَلَيَّ قَالَ فَكَتَبَ لَهُ رُقْعَةً فِيهَا مِنْ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرَدَةِ الْجِنِّ وَ الشَّيَاطِينِ أَنْ يُذَلِّلُوا هَذِهِ الْمَوَاشِيَ لَهُ قَالَ فَأَخَذَ الرَّجُلُ الرُّقْعَةَ وَ مَضَى فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً فَلَقِيتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً ع فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا كَانَ فَقَالَ وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَيَعُودَنَّ بِالْخَيْبَةِ فَهَدَأَ مَا بِي وَ طَالَتْ عَلَيَّ سَنَتِي وَ جَعَلْتُ أَرْقُبُ كُلَّ مَنْ جَاءَ مِنْ أَهْلِ الْجِبَالِ فَإِذَا أَنَا بِالرَّجُلِ قَدْ وَافَى وَ فِي جَبْهَتِهِ شَجَّةٌ (2) تَكَادُ الْيَدُ تَدْخُلُ فِيهَا فَلَمَّا رَأَيْتُهُ بَادَرْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ مَا وَرَاءَكَ فَقَالَ إِنِّي صِرْتُ إِلَى الْمَوْضِعِ وَ رَمَيْتُ بِالرُّقْعَةِ فَحَمَلَ عَلَيَّ عِدَادٌ مِنْهَا فَهَالَنِي أَمْرُهَا فَلَمْ تَكُنْ لِي قُوَّةٌ بِهَا فَجَلَسْتُ فَرَمَحَتْنِي أَحَدُهَا فِي وَجْهِي فَقُلْتُ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهَا فَكُلُّهَا يَشْتَدُّ عَلَيَّ وَ يُرِيدُ قَتْلِي فَانْصَرَفَتْ عَنِّي فَسَقَطْتُ فَجَاءَ أَخٌ لِي فَحَمَلَنِي وَ لَسْتُ أَعْقِلُ فَلَمْ أَزَلْ أَتَعَالَجُ حَتَّى صَلَحْتُ وَ هَذَا الْأَثَرُ فِي وَجْهِي فَجِئْتُ لِأُعْلِمَهُ يَعْنِي عُمَرَ فَقُلْتُ لَهُ صِرْ إِلَيْهِ فَأَعْلِمْهُ فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهِ وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَزَبَرَهُ وَ قَالَ لَهُ كَذَبْتَ لَمْ تَذْهَبُ بِكِتَابِي قَالَ فَحَلَفَ الرَّجُلُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ حَقِّ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ لَقَدْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ حَمْلِ الْكِتَابِ وَ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ نَالَهُ مِنْهَا مَا يَرَى قَالَ فَزَبَرَهُ وَ أَخْرَجَهُ عَنْهُ فَمَضَيْتُ مَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرَّجُلِ فَقَالَ لَهُ إِذَا انْصَرَفْتَ فَصِرْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هِيَ فِيهِ وَ قُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ فَذَلِّلْ لِي
ص: 49
صُعُوبَتَهَا وَ حُزَانَتَهَا وَ اكْفِنِي شَرَّهَا فَإِنَّكَ الْكَافِي الْمُعَافِي وَ الْغَالِبُ الْقَاهِرُ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ رَاجِعاً فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ قَدِمَ الرَّجُلُ وَ مَعَهُ جُمْلَةٌ قَدْ حَمَلَهَا مِنْ أَثْمَانِهَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَصَارَ إِلَيْهِ وَ أَنَا مَعَهُ فَقَالَ تُخْبِرُنِي أَوْ أُخْبِرُكَ فَقَالَ الرَّجُلُ بَلْ تُخْبِرُنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ كَأَنَّكَ صِرْتَ إِلَيْهَا فَجَاءَتْكَ وَ لَاذَتْ بِكَ خَاضِعَةً ذَلِيلَةً فَأَخَذْتَ بِنَوَاصِيهَا وَاحِداً بَعْدَ آخَرَ فَقَالَ الرَّجُلُ صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَأَنَّكَ كُنْتَ مَعِي فَهَذَا كَانَ فَتَفَضَّلْ بِقَبُولِ مَا جِئْتُكَ بِهِ فَقَالَ امْضِ رَاشِداً بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِ وَ بَلَغَ الْخَبَرُ عُمَرَ فَغَمَّهُ ذَلِكَ حَتَّى تَبَيَّنَ الْغَمُّ فِي وَجْهِهِ وَ انْصَرَفَ الرَّجُلُ وَ كَانَ يَحُجُّ كُلَّ سَنَةٍ وَ قَدْ أَنْمَى اللَّهُ مَالَهُ قَالَ وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع كُلُّ مَنِ اسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ شَيْ ءٌ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَهْلٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ أَمْرِ فِرْعَوْنٍ مِنَ الْفَرَاعِنَةِ فَلْيَبْتَهِلْ بِهَذَا الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يَكْفِي مِمَّا يَخَافُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَ بِهِ الْقُوَّةُ (1).
وَ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ جَالِساً فِي مَجْلِسِهِ وَ النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ص حَتَّى وَافَى رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ لِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَعْدٌ وَ قَدْ سَأَلْتُ عَنْ قَاضِي دَيْنِهِ وَ مُنْجِزِ وَعْدِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَأُرْشِدْتُ إِلَيْكَ فَهَلِ الْأَمْرُ كَمَا قِيلَ لِي فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ نَعَمْ أَنَا مُنْجِزُ وَعْدِهِ وَ قَاضِي دَيْنِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَمَا الَّذِي وَعَدَكَ بِهِ قَالَ مِائَةَ نَاقَةٍ حَمْرَاءَ وَ قَالَ لِي إِذَا أَنَا قُبِضْتُ فَأْتِ قَاضِيَ دِينِي وَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي فَإِنَّهُ يَدْفَعُهَا إِلَيْكَ وَ مَا كَذَبَ ص فَإِنْ يَكُنْ مَا ادَّعَيْتَهُ حَقّاً فَعَجِّلْ عَلَيَّ بِهَا وَ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ ص خَلَّفَهَا وَ لَا بَعْضَهَا فَأَطْرَقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَلِيّاً ثُمَّ قَالَ يَا حَسَنُ قُمْ فَنَهَضَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ فَخُذْ قَضِيبَ رَسُولِ اللَّهِ ص الْفُلَانِيَّ وَ صِرْ إِلَى الْبَقِيعِ فَاقْرَعْ بِهِ الصَّخْرَةَ الْفُلَانِيَةَ ثَلَاثَ قَرَعَاتٍ وَ انْظُرْ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا
ص: 50
فَادْفَعْهُ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ وَ قُلْ لَهُ يَكْتُمْ مَا رَأَى فَصَارَ الْحَسَنُ ع إِلَى الْمَوْضِعِ وَ الْقَضِيبُ مَعَهُ فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ فَطَلَعَ مِنَ الصَّخْرَةِ رَأْسُ نَاقَةٍ بِزِمَامِهَا فَجَذَبَهُ الْحَسَنُ ع فَظَهَرَتِ النَّاقَةُ ثُمَّ مَا زَالَ يَتْبَعُهَا نَاقَةٌ ثُمَّ نَاقَةٌ حَتَّى انْقَطَعَ الْقِطَارُ عَلَى مِائَةٍ ثُمَّ انْضَمَّتِ الصَّخْرَةُ فَدَفَعَ النُّوقَ إِلَى الرَّجُلِ وَ أَمَرَهُ بِالْكِتْمَانِ لِمَا رَأَى فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ صَدَقَ أَبُوكَ ع هُوَ قَاضِي دَيْنِهِ وَ مُنْجِزُ وَعْدِهِ وَ الْإِمَامُ مِنْ بَعْدِهِ- رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (1).
وَ رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع لَمَّا أَقْبَلَ مِنْ صِفِّينَ مَرَّ فِي زُهَاءِ سَبْعِينَ رَجُلًا بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ فَقَالُوا لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ هَاهُنَا مَاءٌ وَ نَحْنُ نَخَافُ الْعَطَشَ قَالُوا فَمَرَرْنَا بِرَاهِبٍ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَسَأَلْنَاهُ هَلْ بِقُرْبِكَ مَاءٌ فَقَالَ مَا مِنْ مَاءٍ دُونَ الْفُرَاتِ فَقُلْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْعَطَشَ وَ لَيْسَ قُرْبَنَا مَاءٌ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيَسْقِيكُمْ فَقَامَ يَمْشِي حَتَّى وَقَفَ فِي مَكَانٍ وَ دَعَا بِمَسَّاحٍ وَ أَمَرَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ فَكُنِسَ فَأَجْلَى عَنْ صَخْرَةٍ فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهَا قَالَ اقْلِبُوهَا فَرُمْنَاهَا بِكُلِّ مَرَامٍ فَلَمْ نَسْتَطِعْهَا فَلَمَّا أَعْيَتْنَا دَنَا مِنْهَا فَأَخَذَ بِجَانِبِهَا فَدَحَا (2) بِهَا فَكَأَنَّهَا كُرَةٌ فَرَمَى بِهَا فَانْجَلَتْ عَنْ مَاءٍ لَمْ يُرَ أَشَدَّ بَيَاضاً وَ لَا أَصْفَى وَ لَا أَعْذَبَ مِنْهُ فَتَنَادَى النَّاسُ الْمَاءَ فَاغْتَرَفُوا وَ سَقَوْا وَ شَرِبُوا وَ حَمَلُوا ثُمَّ أَخَذَ ع الصَّخْرَةَ فَرَدَّهَا مَكَانَهَا ثُمَّ تَحَمَّلَ النَّاسَ فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَعْرِفُ مَكَانَ هَذِهِ الْعَيْنِ فَقَالُوا كُلُّنَا يَعْرِفُ مَكَانَهَا قَالَ فَانْطَلِقُوا حَتَّى تَنْظُرُوا فَانْطَلَقَ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَّا فَدُرْنَا حَتَّى أَعْيَيْنَا فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى شَيْ ءٍ فَأَتَيْنَا الرَّاهِبَ
ص: 51
فَقُلْنَا لَهُ وَيْحَكَ أَ لَسْتَ زَعَمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ قِبَلَكَ مَاءٌ وَ لَقَدِ اسْتَثَرْنَا هَاهُنَا مَاءً فَشَرِبْنَا وَ احْتَمَلْنَا قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَثَارَهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ قُلْنَا فَإِنَّ فِينَا وَصِيَّ نَبِيِّنَا ع قَالَ فَانْطَلِقُوا إِلَيْهِ فَقُولُوا لَهُ مَا ذَا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا لَهُ إِنَّ هَذَا الرَّاهِبَ قَالَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَقُولُوا لَهُ إِنْ خَبَرْنَاكَ لَتَنْزِلَنَّ وَ لَتُسْلِمَنَّ فَقُلْنَا لَهُ فَقَالَ نَعَمْ فَأَتَيْنَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْنَا قَدْ حَلَفَ لَيُسْلِمَنَّ قَالَ فَانْطَلِقُوا فَأَخْبِرُوهُ أَنَّ آخِرَ مَا قَالَ النَّبِيُّ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ إِنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ وَاضِعاً رَأْسَهُ فِي حِجْرِي فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ حَتَّى قُبِضَ قَالَ فَقُلْنَا لَهُ ذَلِكَ فَأَسْلَمَ (1).
و في ذلك يقول السيد بن محمد الحميري من قصيدته البائية المعروفة بالمذهبة-
و لقد سرى فيما يسير بليلةبعد العشاء مغامرا (2) في موكب
حتى أتى متبتلا في قائم ألقى قواعده بقاع مجدب (3)
فدنا فصاح به فأشرف ماثلاكالنسر فوق شظية من مرقب (4)
هل قرب قائمك الذي بوأته (5)ماء يصاب فقال ما من مشرب
إلا بغاية فرسخين و من لنابالماء بين نقا و قي سبسب (6)
فثنى الأعنة نحو وعث (7) فاجتلى بيضاء تبرق كاللجين المذهب
قال اقلبوها إنكم إن تفعلواترووا و لا تروون إن لم تقلب
ص: 52
فاعصوصبوا في قلعها فتمنعت منهم تمنع صعبة لم تركب (1)
حتى إذا أعيتهم أهوى لهاكفو متى ترد المغالب تغلب
فكأنها كرة بكف حزور (2)عبل الذراع دحا بها في ملعب
فسقاهم من تحتها متسلسلاعذبا يزيد على الألذ الأعذب
حتى إذا شربوا جميعا ردهاو مضى فخلت مكانها لم يقرب
ذاك ابن فاطمة الوصي و من يقل في فضله و فعاله لا يكذب يعني فاطمة بنت أسد أمه رضي الله عنها و في هذه القصيدة يذكر رد الشمس على أمير المؤمنين ع و سيرد ذكره فيما بعد بمشية الله و ذلك قوله
ردت عليه الشمس لما فاته وقت الصلاة و قد دنت للمغرب
حتى تبلج نورها في وقتهاللعصر ثم هوت هوي الكوكب
و عليه قد حبست ببابل مرةأخرى و ما حبست لخلق معرب
إلا لأحمد أوله و لحبسهاو لردها تأويل أمر معجب (3)
وَ حَدَّثَ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ عُمَرَ (4) وَ قَالَتْ خَرَجْتُ وَ أَنَا أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَ كَلَامَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ فِي النَّاسِ رِقَّةٌ وَ هُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى سَمِعْتُ كَلَامَهُ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَغْفِرْ لِخَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ بِأَرْضِ تَيْمَاءَ (5) فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَالَ الثَّانِيَةَ
ص: 53
فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاعِي خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ كَذَبْتَ وَ اللَّهِ مَا مَاتَ وَ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَدْخُلَ مِنْ هَذَا الْبَابِ يَحْمِلُ رَايَةَ ضَلَالَةٍ قَالَتْ فَرَأَيْتُ خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ (1) يَحْمِلُ رَايَةَ مُعَاوِيَةَ حَتَّى نَزَلَ نُخَيْلَةَ وَ أَدْخَلَهَا مِنْ بَابِ الْفِيلِ (2).
وَ بِإِسْنَادٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع بِصِفِّينَ فَبَايَعَهُ تِسْعَةٌ وَ تِسْعُونَ رَجُلًا ثُمَّ قَالَ أَيْنَ تَمَامُ الْمِائَةِ فَقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنَّهُ يُبَايِعُنِي فِي هَذَا الْيَوْمِ مِائَةُ رَجُلٍ فَقَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قَبَاءُ صُوفٍ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَيْنِ فَقَالَ هَلُمَّ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَقَالَ عَلَى مَا تُبَايِعُنِي قَالَ عَلَى بَذْلِ مُهْجَةِ نَفْسِي دُونَكَ قَالَ وَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ فَبَايَعَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى قُتِلَ فَوُجِدَ فِي الرَّجَّالَةِ مَقْتُولًا (3).
ص: 54
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى ابْنِ مِيثَمٍ التَّمَّارِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ دَعَانِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَوْماً فَقَالَ لِي يَا مِيثَمُ كَيْفَ أَنْتَ إِذَا دَعَاكَ دَعِيُّ بَنِي أُمَيَّةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنِّي قُلْتُ إِذًا وَ اللَّهِ أَصْبِرُ وَ ذَاكَ فِي اللَّهِ قَلِيلٌ قَالَ يَا مِيثَمُ إِذًا تَكُونُ مَعِي فِي دَرَجَتِي
و كان ميثم يمر بعريف (1) قومه فيقول يا فلان كأني بك قد دعاك دعي بني أمية و ابن دعيها فيطلبني منك فتقول هو بمكة فيقول لا أدري ما تقول و لا بد لك أن تأتي به فتخرج إلى القادسية فتقيم بها أياما فإذا قدمت عليك ذهبت بي إليه حتى يقتلني على باب دار عمرو بن حريث (2) فإذا كان اليوم الثالث ابتدر من منخري دم عبيط.
قال و كان ميثم يمر في السبخة بنخلة فيضرب بيده عليها و يقول يا نخلة ما غذيت إلا لي و كان يقول لعمرو بن حريث إذا جاورتك فأحسن جواري فكان عمرو يرى أنه يشتري عنده دارا أو ضيعة له بجنب ضيعته فكان عمرو يقول سأفعل فأرسل الطاغية عبيد الله بن زياد إلى عريف ميثم يطلبه منه فأخبره أنه بمكة فقال له إن لم تأتني به لأقتلنك فأجله أجلا و خرج العريف إلى القادسية
ص: 55
ينتظر ميثما فلما قدم ميثم أخذ بيده فأتى به عبيد الله بن زياد فلما أدخله عليه قال له ميثم قال نعم قال ابرأ من أبي تراب قال لا أعرف أبا تراب قال ابرأ من علي بن أبي طالب قال فإن لم أفعل قال إذا و الله أقتلك قال أما أنه قد كان يقال لي إنك ستقتلني و تصلبني على باب عمرو بن حريث فإذا كان اليوم الثالث ابتدر من منخري دم عبيط.
قال فأمر بصلبه على باب عمرو بن حريث فقال للناس سلوني سلوني و هو مصلوب قبل أن أموت فو الله لأحدثنكم ببعض ما يكون من الفتن فلما سأله الناس و حدثهم أتاه رسول من ابن زياد لعنه الله فألجمه بلجام من شريط فهو أول من ألجم بلجام و هو مصلوب ثم أنفذ إليه من وجأ جوفه حتى مات فكانت هذه من دلائل أمير المؤمنين ع (1)
وَ بِإِسْنَادٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا عَلِيُّ إِذَا أَنَا مِتُّ فَاغْسِلْنِي مِنْ بِئْرِي مَرَّتَيْنِ بِسَبْعِ قِرَبٍ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ مِهَادِي فَضَعْ سَمْعَكَ عَلَى فَمِي ثُمَّ اعْقِلْ مَا أَقُولُ لَكَ قَالَ فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ ص فَحَدَّثَنِي بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. (2)
وَ بِإِسْنَادٍ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ يَقُولُ مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي إِلَّا وَ قَدْ نَزَلَتْ فِيهِ آيَةٌ أَوْ اثْنَتَانِ تَقُودُهُ إِلَى جَنَّةٍ أَوْ تَسُوقُهُ إِلَى نَارٍ وَ مَا مِنْ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ أَوْ فِي سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ إِلَّا وَ قَدْ عَرَفْتُ حِينَ نَزَلَتْ فِيمَ أُنْزِلَتْ وَ لَوْ ثُنِيَتْ لِي وِسَادَةٌ لَحَكَمْتُ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ وَ بَيْنَ أَهْلِ الْإِنْجِيلِ بِإِنْجِيلِهِمْ وَ بَيْنَ أَهْلِ الزَّبُورِ بِزَبُورِهِمْ وَ بَيْنَ أَهْلِ الْقُرْآنِ بِقُرْآنِهِمْ (3).
ص: 56
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْمُخْتَارِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ الثَّقَفِيِ قَالَ لِي جُوَيْرِيَةُ بْنُ مُسْهِرٍ (1) قَطَعْنَا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع جِسْرَ الصَّرَاةِ (2) فِي وَقْتِ الْعَصْرِ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ أَرْضٌ مُعَذَّبَةٌ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ وَ لَا وَصِيٍّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ قَالَ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ يُصَلُّونَ يَمْنَةً وَ يَسْرَةً وَ قُلْتُ أَنَا لَأُقَلِّدَنَّ هَذَا الرَّجُلَ دِينِي وَ لَا أُصَلِّي حَتَّى يُصَلِّيَ قَالَ فَسِرْنَا وَ جَعَلَتِ الشَّمْسُ تَسْتَقِلُّ قَالَ وَ جَعَلَ يَدْخُلُنِي مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ حَتَّى وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَ قَطَعَتِ الْأَرْضَ قَالَ فَقَالَ يَا جُوَيْرِيَةُ أَذِّنْ فَقُلْتُ تَقُولُ لِي أَذِّنْ وَ قَدْ غَابَتِ الشَّمْسُ قَالَ فَأَذَّنْتُ ثُمَّ قَالَ لِي أَقِمْ فَأَقَمْتُ فَلَمَّا قُلْتُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ رَأَيْتُ شَفَتَيْهِ تَتَحَرَّكَانِ وَ سَمِعْتُ كَلَاماً كَأَنَّهُ كَلَامُ الْعِبْرَانِيَّةِ قَالَ فَرَجَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى صَارَتْ فِي مِثْلِ وَقْتِهَا فِي الْعَصْرِ فَصَلَّى فَلَمَّا انْصَرَفَ هَوَتْ إِلَى مَكَانِهَا وَ اشْتَبَكَتِ النُّجُومُ (3)-
ص: 57
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ مُسْهِرٍ أَنَّهُ قَالَ فَلَمَّا انْقَضَتْ صَلَاتُنَا سَمِعْتُ الشَّمْسَ وَ هِيَ تَنْحَطُّ وَ لَهَا صَرِيرٌ كَصَرِيرِ رَحَى الْبَزْرِ حَتَّى غَابَتْ وَ أَنَارَتِ النُّجُومُ قَالَ فَقُلْتُ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا جُوَيْرِيَةُ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ- فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ فَقُلْتُ بَلَى فَقَالَ إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ فَرَدَّهَا عَلَيَ (1).
1- حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِالتَّلَّعُكْبَرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ الْمَنْصُورِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ الْمَنْصُورِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ حَدَّثَنِي قَنْبَرٌ مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ كُنْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَنَزَعَ قَمِيصَهُ وَ نَزَلَ إِلَى الْمَاءِ فَجَاءَتْ مَوْجَةٌ فَأَخَذَتِ الْقَمِيصَ فَخَرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَلَمْ يَجِدِ الْقَمِيصَ فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ فَإِذَا بِهَاتِفٍ يَهْتِفُ يَا أَبَا الْحَسَنِ انْظُرْ عَنْ يَمِينِكَ وَ خُذْ مَا تَرَى فَإِذَا مِنْدِيلٌ عَنْ يَمِينِهِ وَ فِيهِ قَمِيصٌ مَطْوِيٌّ فَأَخَذَهُ وَ لَبِسَهُ فَسَقَطَ مِنْ جَيْبِهِ رُقْعَةٌ فِيهَا مَكْتُوبٌ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هَدِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ هَذَا قَمِيصُ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (2).
ص: 58
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْمِنْهَالِ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ ذَاتَ يَوْمٍ جُلُوساً مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي رَحْبَةِ الْقَصْرِ إِذْ زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ فَضَرَبَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِيَدِهِ وَ قَالَ لَهَا مَا لَكِ فَوَ اللَّهِ لَوْ كُنْتِ هِيَ لَأَنْبَأْتِنِي أَخْبَارَكِ وَ إِنِّي الَّذِي تُحَدِّثُهُ الْأَرْضُ بِأَخْبَارِهَا أَوْ رَجُلٌ مِنِّي (1)
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ زَادَ الْفُرَاتُ وَ السَّاعَةَ نُغْرَقُ قَالَ لَنْ تُغْرَقُوا ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ فَاضَ الْفُرَاتُ وَ السَّاعَةَ نُغْرَقُ فَقَالَ لَنْ تُغْرَقُوا ثُمَّ دَعَا بِبَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَرَكِبَهَا وَ أَخَذَ بِيَدِهِ قَضِيباً ثُمَّ سَارَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَنَزَلَ فَضَرَبَ الْفُرَاتَ ضَرْبَةً فَنَقَصَ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ عَشْرَةَ أَشْبَارٍ (2) فَقَالَ الْأَصْبَغُ سَمِعْتُ عَلِيّاً ع يَوْمَئِذٍ يَقُولُ لَوْ ضَرَبْتُ الْفُرَاتَ ضَرْبَةً وَ مَشَيْتُ مَا بَقِيَ فِيهِ قَطْرَةٌ
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ قَالَ قَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَيْنَ كُنْتَ حَيْثُ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ وَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا (3) فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَيْلَكَ يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ كُنْتُ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَدْ طَرَحَ عَلَيَّ رِيطَتَهُ (4) فَأَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ هِرَاوَةٌ فِيهَا شَوْكُهَا فَلَمْ يُبْصِرُوا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ خَرَجَ فَأَقْبَلُوا عَلَيَّ يَضْرِبُونَنِي بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ حَتَّى تَنَفَّطَ (5) جَسَدِي وَ صَارَ مِثْلَ الْبَيْضِ ثُمَّ انْطَلَقُوا بِي يُرِيدُونَ قَتْلِي فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَقْتُلُوهُ اللَّيْلَةَ وَ لَكِنْ أَخِّرُوهُ وَ اطْلُبُوا
ص: 59
مُحَمَّداً قَالَ فَأَوْثَقُونِي بِالْحَدِيدِ وَ جَعَلُونِي فِي بَيْتٍ وَ اسْتَوْثَقُوا مِنِّي وَ مِنَ الْبَابِ بِقُفْلٍ فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتاً مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ يَقُولُ يَا عَلِيُّ فَسَكَنَ الْوَجَعُ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُهُ وَ ذَهَبَ الْوَرَمُ الَّذِي كَانَ فِي جَسَدِي ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتاً آخَرَ يَقُولُ يَا عَلِيُّ فَإِذَا الْحَدِيدُ الَّذِي فِي رِجْلِي قَدْ تَقَطَّعَ ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتاً آخَرَ يَقُولُ يَا عَلِيُّ فَإِذَا الْبَابُ قَدْ تَسَاقَطَ مَا عَلَيْهِ وَ فُتِحَ فَقُمْتُ وَ خَرَجْتُ وَ قَدْ كَانُوا جَاءُوا بِعَجُوزٍ كَمْهَاءَ (1) لَا تُبْصِرُ وَ لَا تَنَامُ تَحْرُسُ الْبَابَ فَخَرَجْتُ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ لَا تَعْقِلُ مِنَ النَّوْمِ (2).
وَ بِإِسْنَادٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع قَالَ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَاصَمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بَعْضَ الصَّحَابَةِ فِي حَقٍّ لَهُ ذَهَبَ بِهِ وَ جَرَى بَيْنَهُمَا فِيهِ كَلَامٌ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِمَنْ تَرْضَى لِيَكُونَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ حَكَماً قَالَ اخْتَرْ قَالَ أَ تَرْضَى بِرَسُولِ اللَّهِ ص بَيْنِي وَ بَيْنَكَ قَالَ وَ أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ قَدْ دَفَنَّاهُ قَالَ أَ لَسْتَ تَعْرِفُهُ إِنْ رَأَيْتَهُ قَالَ نَعَمْ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى مَسْجِدِ قُبَاءَ فَإِذَا هُمَا بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَاخْتَصَمَا إِلَيْهِ فَقَضَى لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَرَجَعَ الرَّجُلُ مُصْفَرّاً لَوْنُهُ فَلَقِيَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ وَ قَالَ مَا لَكَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ أَ مَا عَرَفْتَ سِحْرَ بَنِي هَاشِمٍ (3).
ص: 60
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ دَخَلَنِي يَوْمَ النَّهْرَوَانِ شَكٌّ فَاعْتَزَلْتُ وَ ذَلِكَ أَنِّي رَأَيْتُ الْقَوْمَ أَصْحَابَ الْبَرَانِسِ وَ رَايَاتُهُمُ الْمَصَاحِفُ حَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَتَحَوَّلَ إِلَيْهِمْ فَبَيْنَا أَنَا مُقِيمٌ مُتَحَيِّرٌ إِذْ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع حَتَّى جَلَسَ إِلَيَّ فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ فَارِسٌ يَرْكُضُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا يُقْعِدُكَ وَ قَدْ عَبَرَ الْقَوْمُ قَالَ أَنْتَ رَأَيْتَهُمْ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ اللَّهِ مَا عَبَرُوا وَ لَا يَعْبُرُونَ أَبَداً فَقُلْتُ فِي نَفْسِي اللَّهُ أَكْبَرُ كَفَى بِالْمَرْءِ شَاهِداً عَلَى نَفْسِهِ وَ اللَّهِ لَئِنْ كَانُوا عَبَرُوا لَأُقَاتِلَنَّهُ قِتَالًا لَا أَلْوِي فِيهِ جُهْداً وَ لَئِنْ لَمْ يَعْبُرُوا لَأُقَاتِلَنَّ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ قِتَالًا يَعْلَمُ اللَّهُ بِهِ أَنِّي غَضِبْتُ لَهُ ثُمَّ لَمْ أَلْبَثْ أَنْ جَاءَ فَارِسٌ آخَرُ يَرْكُضُ وَ يَلْمَعُ بِسَوْطِهِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا جِئْتُ حَتَّى عَبَرُوا كُلُّهُمْ وَ هَذِهِ نَوَاصِي خَيْلِهِمْ قَدْ أَقْبَلَتْ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ كَذَبْتَ مَا عَبَرُوا وَ لَنْ يَعْبُرُوا ثُمَّ نَادَى فِي الْخَيْلِ فَرَكِبُوا وَ رَكِبَ أَصْحَابُهُ وَ سَارَ نَحْوَهُمْ وَ سِرْتُ وَ يَدِي عَلَى قَائِمِ سَيْفِي وَ أَنَا أَقُولُ أَوَّلَ مَا أَرَى فَارِساً قَدْ طَلَعَ مِنْهُمْ أَعْلُو عَلِيّاً بِالسَّيْفِ لِلَّذِي دَخَلَنِي مِنَ الْغَيْظِ عَلَيْهِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّهَرِ إِذَا الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَرَاءَ النَّهَرِ لَمْ يَعْبُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي ثُمَّ قَالَ يَا جُنْدَبُ أَ شَكَكْتَ كَيْفَ رَأَيْتَ قُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّكِّ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ وَ سَخَطِ رَسُولِهِ وَ سَخَطِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ يَا جُنْدَبُ مَا أَعْمَلُ إِلَّا بِعِلْمِ اللَّهِ وَ عِلْمِ رَسُولِهِ فَأَصَابَتْ
ص: 61
جُنْدَباً يَوْمَئِذٍ اثْنَتَا عَشْرَةَ ضَرْبَةً مِمَّا ضَرَبَهُ الْخَوَارِجُ (1).
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ لَمَّا قَتَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَهْلَ النَّهْرَوَانِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ اطْلُبُوا إِلَيَّ رَجُلًا مُخْدَجَ الْيَدِ وَ عَلَى جَانِبِ يَدِهِ الصَّحِيحَةِ ثَدْيٌ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ إِذَا مُدَّ امْتَدَّ وَ إِذَا تُرِكَ تَقَلَّصَ عَلَيْهِ شَعَرَاتُ صُهْبٍ وَ هُوَ صَاحِبُ رَايَتِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُورِدُهُمُ النَّارَ وَ بِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَقَالُوا لَمْ نَجِدْهُ فَقَالَ وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ وَ نَصَبَ الْكَعْبَةَ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ إِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي قَالَ فَلَمَّا لَمْ يَجِدُوهُ قَامَ وَ الْعَرَقُ يَنْحَدِرُ عَنْ جَبْهَتِهِ حَتَّى أَتَى وَهْدَةً مِنَ الْأَرْضِ فِيهَا نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ قَتِيلًا فَقَالَ ارْفَعُوا إِلَيَّ هَؤُلَاءِ فَجَعَلْنَا نَرْفَعُهُمْ حَتَّى رَأَيْنَا الرَّجُلَ الَّذِي هَذِهِ صِفَتُهُ تَحْتَهُمْ فَاسْتَخْرَجْنَاهُ فَوَضَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ رِجْلَهُ عَلَى ثَدْيِهِ الَّذِي هُوَ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ عَرَكَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ أَخَذَهُ بِيَدِهِ وَ أَخَذَ بِيَدِهِ الْأُخْرَى يَدَ الرَّجُلِ الصَّحِيحَةَ وَ مَدَّهَا حَتَّى اسْتَوَيَا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى رَجُلٍ جَاءَ إِلَيْهِ وَ هُوَ شَاكٌّ فَقَالَ وَ هَذِهِ لَكَ آيَةٌ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْجَانِبَ الْآخَرَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ يَدٌ لَيْسَ فِيهِ ثَدْيٌ فَشَقُّوا عَنْهُ جَانِبَ قَمِيصِهِ فَإِذَا لَهُ مَكَانَ الْيَدِ شَيْ ءٌ مِثْلَ غِلْظِ الْإِبْهَامِ وَ إِذَا لَيْسَ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ ثَدْيٌ فَقَالَ لِلرَّجُلِ الشَّاكِّ وَ هَذِهِ لَكَ آيَةٌ أُخْرَى (2).
وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ ع قَالَ لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ (3) الْمَدِينَةَ لَقِيَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ فَقَالَ لَهُمَا بَايَعْتُمَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَا يَزَالُ يُنْتَظَرُ بِهَا الْحَبَالَى مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ مَتَى تَصِيرُ إِلَيْكُمَا أَمَا وَ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ مَا جِئْتُ حَتَّى ضَرَبْتُ عَلَى
ص: 62
أَيْدِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كُلُّهُمْ يَطْلُبُونَ بِدَمِ عُثْمَانَ فَدُونَكُمَا فَاسْتَقِيلَا أَمْرَكُمَا فَأَتَيَا عَلِيّاً ع فَقَالا لَهُ ائْذَنْ لَنَا فِي الْعُمْرَةِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّكُمَا تُرِيدَانِ الْعُمْرَةَ وَ مَا تُرِيدَانِ نَكْثاً وَ لَا فِرَاقاً لِأُمَّتِكُمَا وَ عَلَيْكُمَا بِذَلِكَ أَشَدُّ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّينَ مِنْ مِيثَاقَ قَالا نَعَمْ قَالَ انْطَلِقَا فَقَدْ أَذِنْتُ لَكُمَا قَالَ فَمَشَيَا سَاعَةً ثُمَّ قَالَ رُدُّوهُمَا فَأَخَذَ عَلَيْهِمَا مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ انْطَلِقَا فَإِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَكُمَا فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الْبَابَ فَقَالَ رُدُّوهُمَا الثَّالِثَةَ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ إِنَّكُمَا تُرِيدَانِ الْعُمْرَةَ وَ مَا تُرِيدَانِ نَكْثَ بَيْعَتِكُمَا وَ لَا فِرَاقَ أُمَّتِكُمَا وَ عَلَيْكُمَا بِذَلِكَ أَشَدُّ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّينَ مِنْ مِيثَاقٍ وَ اللَّهُ عَلَيْكُمَا لِذَلِكَ رَاعٍ كَفِيلٌ قَالا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ اذْهَبَا وَ انْطَلِقَا وَ اللَّهِ لَا أَرَاكُمَا إِلَّا فِي فِئَةٍ تُقَاتِلُنِي (1).
وَ عَنْهُ ع قَالَ خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي فَوَ اللَّهِ لَا تَسْأَلُونَنِي عَنْ فِتْنَةٍ يَضِلُّ فِيهَا مِائَةٌ وَ يَهْتَدِي فِيهَا مِائَةٌ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِسَائِقِهَا وَ نَاعِقِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ (2).
قَالَ فَوَثَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي كَمْ شَعْرَةً فِي لِحْيَتِي فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ أَعْلَمَنِي خَلِيلِي رَسُولُ اللَّهِ ص أَنَّكَ تَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا فَوَ اللَّهِ مَا فِي رَأْسِكَ شَعْرَةٌ إِلَّا وَ تَحْتَهَا مَلَكٌ يَلْعَنُكَ وَ لَا فِي جَسَدِكَ شَعْرَةٌ إِلَّا وَ فِيهَا شَيْطَانٌ يَهُزُّكَ وَ إِنَّ فِي بَيْتِكَ لَسَخْلًا يَقْتُلُ الْحُسَيْنَ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ يَوْمَئِذٍ يَحْبُو (3).
ص: 63
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ سَهَرَ عَلِيٌّ ع فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي ضُرِبَ فِي صَبِيحَتِهَا فَقَالَ إِنِّي مَقْتُولٌ لَوْ قَدْ أَصْبَحْتُ فَجَاءَ مُؤَذِّنُهُ بِالصَّلَاةِ فَمَشَى قَلِيلًا فَقَالَتِ ابْنَتُهُ زَيْنَبُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُرْ جَعْدَةَ (1) يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَقَالَ لَا مَفَرَّ مِنَ الْأَجَلِ ثُمَّ خَرَجَ (2).
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ جَعَلَ ع يُعَاوِدُ مَضْجَعَهُ فَلَا يَنَامُ ثُمَّ يُعَاوِدُ النَّظَرَ فِي السَّمَاءِ وَ يَقُولُ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ إِنَّهَا لَلَّيْلَةُ الَّتِي وُعِدْتُ فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ شَدَّ إِزَارَهُ وَ هُوَ يَقُولُ:
اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَاقِيكَا
وَ لَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ وَ إِنْ حَلَّ بَوَادِيكَا وَ خَرَجَ ع فَلَمَّا ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ قَالَ فُزْتَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ وَ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ ص (3).
ص: 64
وَ رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع أَنَّهُ لَمَّا غُسِّلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع نُودُوا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ إِنْ أَخَذْتُمْ مُقَدَّمَ السَّرِيرِ كُفِيتُمْ مُؤَخَّرَهُ وَ إِنْ أَخَذْتُمْ مُؤَخَّرَهُ كُفِيتُمْ مُقَدَّمَهُ وَ أَشَارَ ع إِلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ ذَلِكَ (1).
و أنا الآن مورد بمشية الله بعد ذكر الدلائل و الأعلام خواص أخباره ع و فصولا من كلامه و مواعظه و حكمه و يسيرا من قضاياه العجيبة و أجوبته عن المسائل الغريبة على الشرط في الاختصار و الاقتصار غير ذاكر شيئا من خطبه الطوال و كتبه إلى ولاة الأعمال و لا شرح سيرته في خلافته و ذكر الأحداث و الحروب في أيامه و فضائله التي اشترك الناس في روايتها و هي أظهر من أن يشار إليها لأن جميع ذلك قائم بذاته و مشهور في مواضعه
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ جَاءَتْ إِلَى أَبِي طَالِبٍ ع تُبَشِّرُهُ بِمَوْلِدِ النَّبِيِّ ص فَقَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ اصْبِرِي سَبْتاً إِنَّكِ بِمِثْلِهِ إِلَّا النُّبُوَّةَ. (2) قَالَ وَ السَّبْتُ ثَلَاثُونَ سَنَةً وَ كَانَ بَيْنَ مَوْلِدِ النَّبِيِّ وَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع ثَلَاثُونَ سَنَةً
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ السَّيَّارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ ع أُمَّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَتْ أَوَّلَ امْرَأَةٍ هَاجَرَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص مِنْ مَكَّةَ
ص: 65
إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى قَدَمَيْهَا وَ كَانَتْ مِنْ أَبَرِّ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَسَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً كَمَا وُلِدُوا فَقَالَتْ وَا سَوْأَتَاهْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَبْعَثَكِ كَاسِيَةً وَ سَمِعَتْهُ يَذْكُرُ ضَغْطَةَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ وَا ضَعْفَاهْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَكْفِيَكِ ذَلِكِ وَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ص يَوْماً إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَ جَارِيَتِي هَذِهِ فَقَالَ لَهَا إِنْ فَعَلْتِ أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْواً مِنْكِ مِنَ النَّارِ فَلَمَّا مَرِضَتْ أَوْصَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَعْتَقَتِ الْجَارِيَةَ الْمُقَدَّمَ ذِكْرُهَا وَ اعْتُقِلَ لِسَانُهَا فَجَعَلَتْ تُومِئُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ع إِيمَاءً فَقَبِلَ ع وَصِيَّتَهَا فَبَيْنَا هُوَ ص ذَاتَ يَوْمٍ قَاعِداً إِذْ أَتَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ هُوَ يَبْكِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا يُبْكِيكَ قَالَ إِنَّ أُمِّي فَاطِمَةَ قَدْ قَضَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أُمِّي وَ اللَّهِ وَ قَامَ ص مُسْرِعاً حَتَّى دَخَلَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَ بَكَى ثُمَّ أَمَرَ النِّسَاءَ أَنْ يُغَسِّلْنَهَا وَ قَالَ ع إِذَا فَرَغْتُنَّ فَلَا تُحْدِثْنَ شَيْئاً حَتَّى تُعْلِمْنَنِي فَلَمَّا فَرَغْنَ أَعْلَمْنَهُ ذَلِكَ فَأَعْطَاهُنَّ أَحَدَ قَمِيصَيْهِ وَ هُوَ الَّذِي يَلِي جَسَدَهُ وَ أَمَرَهُنَّ أَنْ يُكَفِّنَّهَا فِيهِ وَ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ إِذَا رَأَيْتُمُونِي قَدْ فَعَلْتُ شَيْئاً لَمْ أَفْعَلْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَاسْأَلُونِي لِمَ فَعَلْتُهُ فَلَمَّا فَرَغْنَ مِنْ تَغْسِيلِهَا وَ تَكْفِينِهَا دَخَلَ ص فَحَمَلَ جَنَازَتَهَا حَتَّى أَوْرَدَهَا قَبْرَهَا ثُمَّ وَضَعَهَا وَ دَخَلَ الْقَبْرَ فَاضْطَجَعَ فِيهِ ثُمَّ قَامَ فَأَخَذَهَا عَلَى يَدَيْهِ حَتَّى وَضَعَهَا فِي الْقَبْرِ ثُمَّ انْكَبَّ عَلَيْهَا طَوِيلًا يُنَاجِيهَا وَ يَقُولُ لَهَا ابْنُكِ ابْنُكِ ثُمَّ خَرَجَ وَ سَوَّى عَلَيْهَا التُّرَابَ ثُمَّ انْكَبَّ عَلَى قَبْرِهَا فَسَمِعُوهُ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُهَا إِيَّاكَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا رَأَيْنَاكَ فَعَلْتَ أَشْيَاءَ لَمْ تَفْعَلْهَا قَبْلَ الْيَوْمِ فَقَالَ الْيَوْمَ فَقَدْتُ أَبَا طَالِبٍ إِنْ كَانَتْ لَيَكُونُ عِنْدَهَا الشَّيْ ءُ فَتُؤْثِرُنِي بِهِ عَلَى
ص: 66
نَفْسِهَا وَ وَلَدِهَا وَ إِنِّي ذَكَرْتُ الْقِيَامَةَ وَ أَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ عُرَاةً فَقَالَتْ وَا سَوْأَتَاهْ فَضَمِنْتُ لَهَا أَنْ يَبْعَثَهَا اللَّهُ كَاسِيَةً وَ ذَكَرْتُ ضَغْطَةَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ وَا ضَعْفَاهْ فَضَمِنْتُ لَهَا أَنْ يَكْفِيَهَا اللَّهُ ذَلِكَ فَكَفَّنْتُهَا بِقَمِيصِي وَ اضْطَجَعْتُ فِي قَبْرِهَا لِذَلِكَ وَ انْكَبَبْتُ عَلَيْهَا فَلَقَّنْتُهَا مَا تُسْأَلُ عَنْهُ فَإِنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَبِّهَا فَقَالَتْ وَ سُئِلَتْ عَنْ رَسُولِهَا فَأَجَابَتْ وَ سُئِلَتْ عَنْ وَلِيِّهَا وَ إِمَامِهَا فَأُرْتِجَ عَلَيْهَا فَقُلْتُ لَهَا ابْنُكِ ابْنِكَ (1).
وَ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا أَجْمَعَ عَلَى الْمُضِيِّ إِلَى تَبُوكَ نَاجَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فَأَطَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ لَقَدْ أَطَالَ مُنَاجَاتَهُ لِابْنِ عَمِّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص مَا أَنَا نَاجَيْتَهُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ نَاجَاهُ
و في ذلك يقول حسان
و يوم الثنية عند الوداع و أجمع نحو تبوك المضيا
تنحى يودعه خالياو قد وقف المسلمون المطيا
فقالوا يناجيه دون الأنام بل الله أدناه منه نجيا
علي فم أحمد يوحى إليه كلاما بليغا و وحيا خفيا (2).
ص: 67
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى جُنْدَبٍ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ص قَالَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عِنْدَهُ أُنَاسٌ قَبْلَ أَنْ تَحْتَجِبَ النِّسَاءُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اجْلِسْ بَيْنِي وَ بَيْنَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ تَنَحَّ كَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا ذَا تُرِيدِينَ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ. (1).
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُسَلِّمُوا عَلَى عَلِيٍّ ع بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ مِنَ اللَّهِ أَمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ ص بَلْ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ رَسُولِهِ (2).
ص: 68
رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَ نَسَبِي وَ إِلَّا فَأَنَا أُعَرِّفُهُ نَسَبِي فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ الْكَوَّاءِ فَقَالَ أَنْتَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ حَتَّى بَلَغَ إِلَى قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ قَالَ أَ وَ تَعْرِفُ لِي نَسَباً غَيْرَ هَذَا فَقَالَ لَا فَقَالَ إِنَّ أَبِي سَمَّانِي زَيْداً بِاسْمِ قُصَيٍّ فَأَنَا زَيْدُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كِلَابٍ
و اسم أبي طالب عبد مناف و اسم عبد المطلب عامر قال الشاعر فيه
قامت تبكيه على قبره من لي من بعدك يا عامر
تركتني في الدار ذا غربةقد ذل من ليس له ناصر و اسم هاشم عمرو و فيه يقول الشاعر-
عمرو العلى هشم الثريد لقومه و رجال مكة مسنتون عجاف (1) و اسم عبد مناف المغيرة قال الشاعر فيه و في إخوانه-
إن المغيرات و أبناءهم من غير أحياء و أموات يعني عبد مناف و إخوته و سماهم كلهم المغيرات لأن فيهم المغيرة و مثل هذا كثير في كلام العرب و اسم قصي زيد قال الشاعر- (2)
ص: 69 قصي أبوكم كان يدعى مجمعابه جمع الله القبائل من فهر
و أنتم بنو زيد و زيد أبوكم به زيدت البطحاء فخرا على فخر (1)
ص: 70
مَا يُرْوَى بِإِسْنَادٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً (1) قَالَ أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع (2).
وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ ع قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص لَتَعْطِفَنَّ عَلَيْنَا الدُّنْيَا بَعْدَ شِمَاسِهَا عَطْفَ الضَّرُوسِ عَلَى وَلَدِهَا ثُمَّ قَرَأَ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ الْآيَةَ (3).
ذكروا أن ضرار بن ضمرة الضبابي (4) دخل على معاوية بن أبي سفيان و هو
ص: 71
بالموسم فقال له صف عليا قال أ و تعفني قال لا بد أن تصفه لي قال كان و الله أمير المؤمنين ع طويل المدى شديد القوى كثير الفكرة غزير العبرة يقول فصلا و يحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه و تنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا و زهرتها و يأنس بالليل و وحشته و كان فينا كأحدنا يجيبنا إذا دعوناه و يعطينا إذا سألناه و نحن و الله مع قربه لا نكلمه لهيبته و لا ندنو منه تعظيما له فإن تبسم فعن غير أشر و لا اختيال و إن نطق فعن الحكمة و فصل الخطاب يعظم أهل الدين و يحب المساكين و لا يطمع الغني في باطله و لا يوئس الضعيف من حقه-
فَأَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ وَ قَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ وَ هُوَ قَائِمٌ فِي مِحْرَابِهِ قَابِضٌ عَلَى لِحْيَتِهِ يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ وَ يَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ وَ يَقُولُ يَا دُنْيَا يَا دُنْيَا إِلَيْكَ عَنِّي أَ بِي تَعَرَّضْتِ أَمْ لِي تَشَوَّقْتِ لَا حَانَ حِينُكَ هَيْهَاتَ غُرِّي غَيْرِي لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ فِيهَا فَعَيْشُكِ قَصِيرٌ وَ خَطَرُكِ يَسِيرُ وَ أَمَلُكِ حَقِيرٌ آه مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَ طُولِ الْمَجَازِ وَ بُعْدِ السَّفَرِ وَ عَظِيمِ الْمَوْرِدِ
. قال فوكفت دموع معاوية ما يملكها و هو يقول هكذا كان علي ع فكيف حزنك عليه يا ضرار قال حزني عليه و الله حزن من ذبح واحدها في حجرها فلا ترقأ دمعتها و لا تسكن حرارتها (1)
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (2) قَالَ مَحَبَّةً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ (3).
ص: 72
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عِيسَى الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حِينَ دَفَعَ الْوَصِيَّةَ إِلَى عَلِيٍّ يَا عَلِيُّ أَعِدَّ لِهَذَا جَوَاباً غَداً بَيْنَ يَدَيْ ذِي الْعَرْشِ فَإِنِّي مُحَاجُّكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِكِتَابِ اللَّهِ حَلَالِهِ وَ حَرَامِهِ وَ مُحْكَمِهِ وَ مُتَشَابِهِهِ عَلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ عَلَى تَبْلِيغِهِ مَنْ أَمَرْتُكَ بِتَبْلِيغِهِ وَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ كَمَا أُنْزِلَتْ وَ عَلَى أَحْكَامِهِ كُلِّهَا مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ التَّحَاضِّ عَلَيْهِ وَ إِحْيَائِهِ مَعَ إِقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ كُلِّهَا وَ طَاعَتِهِ فِي الْأُمُورِ بِأَسْرِهَا وَ إِقَامِ الصَّلَاةِ لِأَوْقَاتِهَا وَ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ أَهْلَهَا وَ الْحَجِّ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ فَمَا أَنْتَ صَانِعٌ يَا عَلِيُّ قَالَ فَقُلْتُ بِأَبِي وَ أُمِّي إِنِّي أَرْجُو بِكَرَامَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَ مَنْزِلَتِكَ عِنْدَهُ وَ نِعْمَتِهِ عَلَيْكَ أَنْ يُعِينَنِي رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ وَ يُثَبِّتَنِي فَلَا أَلْقَاكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ مُقَصِّراً وَ لَا مُتَوَانِياً وَ لَا مُفَرِّطاً وَ لَا أَمْعَرَ وَجْهُكَ وِقَاؤُهُ وَجْهِي وَ وُجُوهُ آبَائِي وَ أُمَّهَاتِي بَلْ تَجِدُنِي بِأَبِي وَ أُمِّي مُشَمِّراً لِوَصِيَّتِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ عَلَى طَرِيقِكَ مَا دُمْتُ حَيّاً حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْكَ ثُمَّ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ مِنْ وُلْدِي غَيْرَ مُقَصِّرِينَ وَ لَا مُفَرِّطِينَ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ص قَالَ فَانْكَبَبْتُ عَلَى صَدْرِهِ وَ وَجْهِهِ وَ أَنَا أَقُولُ وَا وَحْشَتَاهْ بَعْدَكَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ وَحْشَةَ ابْنَتِكَ وَ ابْنَيْكَ وَ أَطْوَلَ غَمَّاهْ بَعْدَكَ يَا حَبِيبِي انْقَطَعَتْ عَنْ مَنْزِلِي أَخْبَارُ السَّمَاءِ وَ فَقَدْتُ بَعْدَكَ جَبْرَئِيلَ فَلَا أُحِسُّ بِهِ ثُمَّ أَفَاقَ ص
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الضَّرِيرُ الْبَجَلِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ سَأَلْتُ أَبِي فَقُلْتُ لَهُ مَا كَانَ بَعْدَ إِفَاقَتِهِ ص قَالَ دَخَلَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ يَبْكِينَ وَ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ وَ ضَجَّ النَّاسُ بِالْبَابِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ قَالَ عَلِيٌّ ع فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ نُودِيَ أَيْنَ عَلِيٌّ فَأَقْبَلْتُ حَتَّى دَخَلْتُ إِلَيْهِ فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِي يَا أَخِي فَهَّمَكَ اللَّهُ وَ سَدَّدَكَ وَ وَفَّقَكَ
ص: 73
وَ أَرْشَدَكَ وَ أَعَانَكَ وَ غَفَرَ ذَنْبَكَ وَ رَفَعَ ذِكْرَكَ ثُمَّ قَالَ يَا أَخِي إِنَّ الْقَوْمَ سَيَشْغَلُهُمْ عَنِّي مَا يُرِيدُونَ مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا وَ هُمْ عَلَيْهِ قَادِرُونَ فَلَا يَشْغَلُكَ عَنِّي مَا شَغَلَهُمْ فَإِنَّمَا مَثَلُكَ فِي الْأُمَّةِ مَثَلُ الْكَعْبَةِ نَصَبَهَا اللَّهُ عَلَماً وَ إِنَّمَا تُؤْتَى مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ وَ نَادٍ سَحِيقٍ وَ إِنَّمَا أَنْتَ الْعَلَمُ عَلَمُ الْهُدَى وَ نُورُ الدِّينِ وَ هُوَ نُورُ اللَّهِ يَا أَخِي وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْهِمْ بِالْوَعِيدِ وَ لَقَدْ أَخْبَرْتُ رَجُلًا رَجُلًا بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّكَ وَ أَلْزَمَهُمْ مِنْ طَاعَتِكَ فَكُلٌّ أَجَابَ إِلَيْكَ وَ سَلَّمَ الْأَمْرَ إِلَيْكَ وَ إِنِّي لَأَعْرِفُ خِلَافَ قَوْلِهِمْ فَإِذَا قُبِضْتُ وَ فَرَغْتَ مِنْ جَمِيعِ مَا وَصَّيْتُكَ بِهِ وَ غَيَّبْتَنِي فِي قَبْرِي فَالْزَمْ بَيْتَكَ وَ اجْمَعِ الْقُرْآنَ عَلَى تَأْلِيفِهِ وَ الْفَرَائِضَ وَ الْأَحْكَامَ عَلَى تَنْزِيلِهِ ثُمَّ امْضِ ذَلِكَ عَلَى عَزَائِمِهِ وَ عَلَى مَا أَمَرْتُكَ بِهِ وَ عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا يَنْزِلُ بِكَ مِنْهُمْ حَتَّى تَقْدَمَ عَلَيَّ قَالَ عِيسَى فَسَأَلْتُهُ وَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ قَوْلَهُمْ فِي أَنَّ النَّبِيَّ ع أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ أَمَرَ عُمَرَ فَأَطْرَقَ عَنِّي طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَ النَّاسُ وَ لَكِنَّكَ يَا عِيسَى كَثِيرُ الْبَحْثِ عَنِ الْأُمُورِ لَا تَرْضَى إِلَّا بِكَشْفِهَا فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي مَنْ أَسْأَلُ عَمَّا أَنْتَفِعُ بِهِ فِي دِينِي وَ تَهْتَدِي بِهِ نَفْسِي مَخَافَةَ أَنْ أَضَلَّ غَيْرُكَ وَ هَلْ أَجِدُ أَحَداً يَكْشِفُ لِيَ الْمُشْكِلَاتِ مِثْلَكَ فَقَالَ إِنَّ النَّبِيَّ ص لَمَّا ثَقُلَ فِي مَرَضِهِ دَعَا عَلِيّاً ع فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِي حَجْرِهِ وَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأُذِّنَ بِهَا فَخَرَجَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتْ يَا عُمَرُ اخْرُجْ فَصَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَ لَهَا أَبُوكِ أَوْلَى بِهَا مِنِّي فَقَالَتْ صَدَقْتَ وَ لَكِنَّهُ رَجُلٌ لَيِّنٌ وَ أَكْرَهُ أَنْ يُوَاثِبَهُ الْقَوْمُ فَصَلِّ أَنْتَ فَقَالَ لَهَا بَلْ يُصَلِّي هُوَ وَ أَنَا أَكْفِيهِ إِنْ وَثَبَ وَاثِبٌ أَوْ تَحَرَّكَ مُتَحَرِّكٌ مَعَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مُغْمًى عَلَيْهِ وَ لَا أَرَاهُ يُفِيقُ مِنْهَا وَ الرَّجُلُ مَشْغُولٌ بِهِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُفَارِقَهُ يَعْنِي عَلِيّاً ع فَبَادِرُوا بِالصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُفِيقَ فَإِنَّهُ إِنْ أَفَاقَ خِفْتُ أَنْ يَأْمُرَ عَلِيّاً بِالصَّلَاةِ وَ قَدْ سَمِعْتُ مُنَاجَاتَهُ لَهُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ وَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ يَقُولُ لِعَلِيٍّ ع الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ
ص: 74
قَالَ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَظَنُّوا أَنَّهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى أَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ ادْعُوا لِي عَمِّي يَعْنِي الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَدُعِيَ لَهُ فَحَمَلَهُ وَ عَلِيٌّ ع حَتَّى أَخْرَجَاهُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَ إِنَّهُ لَقَاعِدٌ ثُمَّ حُمِلَ فَوُضِعَ عَلَى الْمِنْبَرِ بَعْدَ ذَلِكَ فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ جَمِيعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ حَتَّى بَرَزَتِ الْعَوَاتِقُ مِنْ خُدُورِهَا فَبَيْنَ بَاكٍ وَ صَائِحٍ وَ مُسْتَرْجِعٍ وَ وَاجِمٍ وَ النَّبِيُّ ع يَخْطُبُ سَاعَةً وَ يَسْكُتُ سَاعَةً فَكَانَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ خُطْبَتِهِ أَنْ قَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ وَ مَنْ حَضَرَ فِي يَوْمِي هَذَا وَ فِي سَاعَتِي هَذِهِ مِنَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ أَلَا إِنِّي قَدْ خَلَّفْتُ فِيكُمْ كِتَابَ اللَّهِ فِيهِ النُّورُ وَ الْهُدَى وَ الْبَيَانُ لِمَا فَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْ شَيْ ءٍ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ حُجَّتِي وَ حُجَّةُ وَلِيِّي وَ خَلَّفْتُ فِيكُمُ الْعَلَمَ الْأَكْبَرَ عَلَمَ الدِّينِ وَ نُورَ الْهُدَى وَ ضِيَاءَهُ وَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَلَا وَ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ فَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (1) أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا عَلِيٌّ مَنْ أَحَبَّهُ وَ تَوَلَّاهُ الْيَوْمَ وَ بَعْدَ الْيَوْمِ فَقَدْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ وَ مَنْ عَادَاهُ وَ أَبْغَضَهُ الْيَوْمَ وَ بَعْدَ الْيَوْمِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَصَمَّ وَ أَعْمَى لَا حُجَّةَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَأْتُونِي غَداً بِالدُّنْيَا تَزُفُّونَهَا زَفّاً وَ يَأْتِي أَهْلُ بَيْتِي شُعْثاً غُبْراً مَقْهُورِينَ مَظْلُومِينَ تَسِيلُ دِمَاؤُهُمْ إِيَّاكُمْ وَ اتِّبَاعَ الضَّلَالَةِ وَ الشُّورَى لِلْجَهَالَةِ أَلَا وَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَهُ أَصْحَابٌ قَدْ سَمَّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِي وَ عَرَّفَنِيهِمْ وَ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ- وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (2)-
ص: 75
لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً مُرْتَدِّينَ تَتَأَوَّلُونَ الْكِتَابَ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَ تَبْتَدِعُونَ السُّنَّةَ بِالْأَهْوَاءِ وَ كُلُّ سُنَّةٍ وَ حَدِيثٍ وَ كَلَامٍ خَالَفَ الْقُرْآنَ فَهُوَ زُورٌ وَ بَاطِلٌ.
الْقُرْآنُ إِمَامٌ هَادٍ وَ لَهُ قَائِدٌ يَهْدِي بِهِ وَ يَدْعُو إِلَيْهِ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ هُوَ وَلِيُّ الْأَمْرِ بَعْدِي وَ وَارِثُ عِلْمِي وَ حِكْمَتِي وَ سِرِّي وَ عَلَانِيَتِي وَ مَا وَرِثَهُ النَّبِيُّونَ قَبْلِي وَ أَنَا وَارِثٌ وَ مُوَرَّثٌ فَلَا تَكْذِبَنَّكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ اللَّهَ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي وَ إِنَّهُمْ أَرْكَانُ الدِّينِ وَ مَصَابِيحُ الظَّلَامِ وَ مَعَادِنُ الْعِلْمِ عَلِيٌّ أَخِي وَ وَزِيرِي وَ أَمِينِي وَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِي بِأَمْرِ اللَّهِ وَ الْمُوفِي بِذِمَّتِي وَ مُحْيِي سُنَّتِي وَ هُوَ أَوَّلُ النَّاسِ إِيمَاناً بِي وَ آخِرُهُمْ بِي عَهْداً عِنْدَ الْمَوْتِ وَ أَوَّلُهُمْ لِقَاءً إِلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلْيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَتْ لَهُ تَبِعَةٌ فَهَا أَنَا ذَا وَ مَنْ كَانَتْ لَهُ عُدَّةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ كُلِّهِ حَتَّى لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ قِبَلِي تَبِعَةٌ (1).
وَ حُكِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ ع فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَيْهَاتَ عَقِمَ النِّسَاءُ أَنْ يَأْتِينَ بِمِثْلِهِ وَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ رَئِيساً مُجَرَّباً يُوزَنُ بِهِ وَ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ أَيَّامِ صِفِّينَ وَ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ بَيْضَاءُ تَبْرُقُ وَ قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا عَلَى صَدْرِهِ وَ ظَهْرِهِ وَ كَأَنَّمَا عَيْنَاهُ سِرَاجَا سَلِيطٍ وَ هُوَ يَقِفُ عَلَى كَتِيبَةٍ كَتِيبَةٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ وَ أَنَا فِي كَنَفٍ مِنَ الْقَوْمِ وَ هُوَ يَقُولُ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ اسْتَشْعِرُوا الْخَشْيَةَ وَ تَجَلْبَبُوا بِالسَّكِينَةِ وَ عَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ (2) فَإِنَّهُ أَنْبَى لِلسُّيُوفِ عَنِ الْهَامِ (3) وَ أَكْمِلُوا اللَّأْمَةَ (4) وَ قَلْقِلُوا السُّيُوفَ فِي أَغْمَادِهَا
ص: 76
قَبْلَ سَلِّهَا وَ الْحَظُوا الْخَزْرَ (1) وَ اطْعُنُوا الشَّزْرَ (2) وَ نَافِحُوا بِالظُّبَى (3) وَ صِلُوا السُّيُوفَ بِالْخُطَى وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ بِعَيْنِ اللَّهِ وَ مَعَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ص فَعَاوِدُوا الْكَرَّةَ وَ اسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ فَإِنَّهُ عَارٌ مِنَ الْأَعْقَابِ وَ نَارٌ يَوْمَ الْحِسَابِ وَ طِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْساً وَ امْشُوا إِلَى الْمَوْتِ مَشْياً سُجُحاً (4) وَ عَلَيْكُمْ بِهَذَا السَّوَادِ الْأَعْظَمِ وَ الرِّوَاقِ الْمُطَنَّبِ فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ (5) فَإِنَّ الشَّيْطَانَ كَامِنٌ فِي كِسْرِهِ قَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يَداً وَ أَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلًا فَصَمْداً صَمْداً حَتَّى يَنْجَلِيَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ- وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (6) وَ أَنْشَأَ يَقُولُ-
إِذَا الْمُشْكِلَاتُ تَصَدَّيْنَ لِي كَشَفْتُ غَوَامِضَهَا بِالنَّظَرِ
وَ إِنْ بَرِقَتْ فِي مَخِيلِ الظُّنُونِ عَمْيَاءَ لَا تَجْتَلِيهَا الْفِكَرُ
مُقَنَّعَةٌ بِغُيُوبِ الْأُمُورِوَضَعْتُ عَلَيْهَا حُسَامَ الْعِبَرِ
مَعِي أَصْمَعُ كَظُبَى الْمُرْهَفَاتِ أُفَرِّي بِهِ عَنْ بَنَاتِ السِّتَرِ
لِسَانٌ كَشِقْشِقَةِ الْأَرْحَبِيِ أَوْ كَالْحُسَامِ الْيَمَانِي الذَّكَرِ
وَ لَكِنَّنِي مدره الْأَصْغَرَيْنِ أَقِيسُ بِمَا قَدْ مَضَى مَا غَبَرَ
وَ لَسْتُ بِإِمَّعَةٍ فِي الرِّجَالِ أُسَائِلُ هَذَا وَ ذَا مَا الْخَبَرُ الْأَصْغَرَانِ الْقَلْبُ وَ اللِّسَانُ ثُمَّ غَابَ عَنِّي ع ثُمَّ رَأَيْتُهُ قَدْ أَقْبَلَ وَ سَيْفُهُ يَنْطُفُ دَماً وَ هُوَ يَقْرَأُ- فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ
. (7)
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى الْأَعْمَشِ عَنْ عَطِيَّةَ قَالَ لَمَّا خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
ص: 77
إِلَى الشَّامِ وَ كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَعَهُ يُسَايِرُهُ فَكَانَ مَنْ يَسْتَقْبِلُهُ يَنْزِلُ فَيَبْدَأُ بِالْعَبَّاسِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ يُقَدِّرُ النَّاسُ أَنَّهُ هُوَ الْخَلِيفَةُ لِجَمَالِهِ وَ بَهَائِهِ وَ هَيْبَتِهِ فَقَالَ عُمَرُ لَعَلَّكَ تُقَدِّرُ أَنَّكَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنِّي فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَحَقُّ بِهِ مِنِّي وَ مِنْكَ مَنْ خَلَّفْنَاهُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ عُمَرُ وَ مَنْ ذَاكَ قَالَ مَنْ ضَرَبَنَا بِسَيْفِهِ حَتَّى قَادَنَا إِلَى الْإِسْلَامِ يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً ع (1).
حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ الْمَنْصُورِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ الْمَنْصُورِ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيٌّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيٌّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيٌّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا عَلِيُّ مَثَلُكُمْ فِي النَّاسِ مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ فَمَنْ أَحَبَّكُمْ يَا عَلِيُّ نَجَا وَ مَنْ أَبْغَضَكُمْ وَ رَفَضَ مَحَبَّتَكُمْ هَوَى فِي النَّارِ وَ مَثَلُكُمْ يَا عَلِيُّ مَثَلُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً فَمَنْ أَحَبَّكُمْ وَ وَالاكُمْ كَانَ آمِناً مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَ مَنْ أَبْغَضَكُمْ أُلْقِيَ فِي النَّارِ يَا عَلِيُ وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا (2) وَ مَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَلَهُ عُذْرُهُ وَ مَنْ كَانَ فَقِيراً فَلَهُ عُذْرُهُ وَ مَنْ كَانَ مَرِيضاً فَلَهُ عُذْرُهُ وَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعْذِرُ غَنِيّاً وَ لَا فَقِيراً وَ لَا مَرِيضاً وَ لَا صَحِيحاً وَ لَا أَعْمَى وَ لَا بَصِيراً فِي تَفْرِيطِهِ فِي مُوَالاتِكُمْ وَ مَحَبَّتِكُمْ (3).
ص: 78
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَرْفُوعاً إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ حَدَّثَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ ص وَ دَعَا النَّاسَ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ مَنْ يَقْضِي عَنِّي دَيْنِي وَ عِدَاتِي وَ يَخْلُفُنِي فِي أَهْلِي وَ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي فَكَفَّ النَّاسُ عَنْهُ وَ انْتَدَبْتُ لَهُ فَضَمِنْتُ ذَلِكَ فَدَعَا لِي بِنَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ وَ بِفَرَسِهِ الْمُرْتَجِزِ وَ بِبَغْلَتِهِ وَ حِمَارِهِ وَ سَيْفِهِ وَ ذِي الْفَقَارِ وَ بِدِرْعِهِ ذَاتِ الْفُضُولِ وَ جَمِيعِ مَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْحَرْبِ فَفَقَدَ عِصَابَةً كَانَ يَشُدُّ بِهَا بَطْنَهُ فِي الْحَرْبِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوهَا وَ دَفَعَ ذَلِكَ إِلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا عَلِيُّ اقْبِضْهُ فِي حَيَاتِي لِئَلَّا يُنَازِعَكَ فِيهِ أَحَدٌ بَعْدِي ثُمَّ أَمَرَنِي فَحَوَّلْتُهُ إِلَى مَنْزِلِي (1).
و ذكر أن بعض عمال أمير المؤمنين ع أنفذ إليه في عرض ما أنفذ من حياته مال الفي ء قطفا غلاظا و كان ع يفرق كل شي ء يحمل إليه من مال الفي ء لوقته و لا يؤخره و كانت هذه القطف قد جاءته مساء فأمر بعدها و وضعها في الرحبة ليفرقها من الغد فلما أصبح عدها فنقصت واحدة فسأل عنها فقيل له إن الحسن بن علي ع استعارها في ليلته على أن يردها اليوم فهرول ع مغضبا إلى منزل الحسن بن علي ع و هو يهمهم و كان من عادته أن يستأذن على منزله إذا جاء.
فهجم بغير إذن فوجد القطيفة في منزله فأخذ بطرفها يجرها و هو يقول النار يا أبا محمد النار النار يا أبا محمد النار حتى خرج بها (2).
و ذكروا أن بعض العمال أيضا حمل إليه في جملة الجباية حبات من اللؤلؤ فسلمها إلى بلال و هو خازنه على بيت المال إلى أن ينضاف إليها غيرها-
ص: 79
و يفرقها فدخل يوما إلى منزله فوجد في أذن إحدى بناته الأصاغر حبة من تلك الحبات فلما رآها اتهمها بالسرقة فقبض على يدها و قال و الله لئن وجب عليك حد لأقيمن فيك فقالت يا أمير المؤمنين إن بلالا أعارنيها ليفرحني بها إلى أن تفرق مع أخواتها فجذبها إلى بلال جذبا عنيفا و هو مغضب فسأله عن صدق قولها فقال هو كما ذكرت يا أمير المؤمنين فقال و الله لا وليت لي عمارة أبدا و خلى يد الجارية. و الصحيح أن صاحب هذه القصة كان ابن أبي رافع و هو الذي كان على بيت ماله (1)
وَ قَالَ ع يَوْماً عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي سَيْفِي هَذَا وَ لَوْ أَنَّ لِي قُوتَ لَيْلَةٍ مَا بِعْتُهُ وَ غَلَّةُ صَدَقَتِهِ تَشْتَمِلُ حِينَئِذٍ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ (2).
وَ أَعْطَاهُ ع الْخَادِمُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي قَطِيفَةً فَأَنْكَرَ دَفْأَهَا فَقَالَ مَا هَذِهِ فَقَالَ الْخَادِمُ هَذِهِ مِنْ قُطُفِ الصَّدَقَةِ فَأَلْقَاهَا قَالَ ع أَصْرَدْتُمُونَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا (3).
وَ قَالَ ع فِي يَوْمٍ وَ هُوَ يَخْطُبُ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنِّي تَقَلَّدْتُ أَمْرَكُمْ هَذَا فَوَ اللَّهِ مَا حَلِيتُ مِنْهُ بِقَلِيلٍ وَ لَا كَثِيرٍ إِلَّا قَارُورَةً مِنْ دُهْنٍ طَيِّبٍ أَهْدَاهَا إِلَيَّ دِهْقَانٌ مِنْ بَعْضِ النَّوَاحِي (4).
قال و دهقان بالضم فاستفيدت منه ع
وَ لَمَّا قُبِضَ ع خَطَبَ النَّاسَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع فَقَالَ-
ص: 80
لَقَدْ فَارَقَكُمْ أَمْسِ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ الْأَوَّلُونَ وَ لَا يُدْرِكُهُ الْآخِرُونَ فِي حِلْمٍ وَ لَا عِلْمٍ وَ مَا تَرَكَ مِنْ صَفْرَاءَ وَ لَا بَيْضَاءَ وَ لَا دِينَاراً وَ لَا دِرْهَماً وَ لَا عَبْداً وَ لَا أَمَةً إِلَّا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ مِنْ عَطَائِهِ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ بِهَا خَادِماً لِأَهْلِهِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُعْطِيهِ الرَّايَةَ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ (1).
وَ رُوِيَ عَنْ مَوْلًى لِبَنِي الْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ قَالَ رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً ع وَ أَنَا غُلَامٌ وَ قَدْ أَتَى السُّوقَ بِالْكُوفَةِ فَقَالَ لِبَعْضِ بَاعَةِ الثِّيَابِ أَ تَعْرِفُنِي قَالَ نَعَمْ أَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَتَجَاوَزَهُ وَ سَأَلَ آخَرَ فَأَجَابَ بِمِثْلِ ذَلِكَ إِلَى أَنْ سَأَلَ وَاحِداً فَقَالَ مَا أَعْرِفُكَ فَاشْتَرَى مِنْهُ قَمِيصاً فَلَبِسَهُ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ إِنَّمَا ابْتَاعَ ع مِمَّنْ لَا يَعْرِفُهُ خَوْفاً مِنَ الْمُحَابَاةِ فِي إِرْخَاصِ مَا ابْتَاعَهُ (2).
ص: 81
بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ ع أَنَّ ثَوْراً قَتَلَ حِمَاراً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ص فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَ هُوَ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ اقْضِ بَيْنَهُمْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَهِيمَةٌ قَتَلَتْ بَهِيمَةً مَا عَلَيْهَا شَيْ ءٌ فَقَالَ يَا عُمَرُ اقْضِ بَيْنَهُمْ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ يَا عَلِيُّ اقْضِ بَيْنَهُمْ فَقَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَ الثَّوْرُ دَخَلَ عَلَى الْحِمَارِ فِي مُسْتَرَاحِهِ ضَمِنَ أَصْحَابُ الثَّوْرِ وَ إِنْ كَانَ الْحِمَارُ دَخَلَ عَلَى الثَّوْرِ فِي مُسْتَرَاحِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ (1).
قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنِّي مَنْ يَقْضِي بِقَضَاءِ النَّبِيِّينَ (2).
وَ عَنْهُ ع قَالَ قَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِقَضِيَّةٍ مَا قَضَى بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ وَ كَانَتْ أَوَّلَ قَضِيَّةٍ قَضَى بِهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَفْضَى الْأَمْرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ أَ شَرِبْتَ الْخَمْرَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ لِمَ شَرِبْتَهَا وَ هِيَ مُحَرَّمَةٌ قَالَ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَ مَنْزِلِي بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ-
ص: 82
يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَ يَسْتَحِلُّونَهَا وَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا حَرَامٌ فَأَجْتَنِبَهَا قَالَ فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا أَبَا حَفْصٍ فِي أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ مُعْضِلَةٌ وَ أَبُو حَسَنٍ لَهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا غُلَامُ ادْعُ عَلِيّاً فَقَالَ عُمَرُ بَلْ يُؤْتَى الْحَكَمُ فِي بَيْتِهِ فَأَتَوْهُ وَ عِنْدَهُ سَلْمَانُ فَأَخْبَرُوهُ بِقِصَّةِ الرَّجُلِ وَ اقْتَصَّ عَلَيْهِ الرَّجُلُ قِصَّتَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ ع لِأَبِي بَكْرٍ ابْعَثْ مَعَهُ مَنْ يَدُورُ بِهِ عَلَى مَجَالِسِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فَمَنْ كَانَ تَلَا عَلَيْهِ آيَةَ التَّحْرِيمِ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ تَلَا عَلَيْهِ آيَةَ التَّحْرِيمِ فَلَا شَيْ ءَ عَلَيْهِ قَالَ فَفَعَلَ أَبُو بَكْرٍ بِالرَّجُلِ مَا قَالَهُ ع فَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَخَلَّى سَبِيلَهُ فَقَالَ سَلْمَانُ لِعَلِيٍّ ع لَقَدْ أَرْشَدْتَهُمْ فَقَالَ ع إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُجَدِّدَ تَأْكِيدَ هَذِهِ الْآيَةِ فِيَّ وَ فِيهِمْ- أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (1)
أَبُو أَيُّوبَ الْمَدَنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ أُتِيَ عُمَرُ بِامْرَأَةٍ قَدْ تَعَلَّقَتْ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ كَانَتْ تَهْوَاهُ وَ لَمْ تَقْدِرْ لَهُ عَلَى حِيلَةٍ فَذَهَبَتْ فَأَخَذَتْ بَيْضَةً فَأَخْرَجَتْ مِنْهَا الصُّفْرَةَ وَ صَبَّتِ الْبَيَاضَ عَلَى ثِيَابِهَا وَ بَيْنَ فَخِذَيْهَا ثُمَّ جَاءَتْ إِلَى عُمَرَ فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ أَخَذَنِي فِي مَوْضِعِ كَذَا فَفَضَحَنِي قَالَ فَهَمَّ عُمَرُ أَنْ يُعَاقِبَ الْأَنْصَارِيَّ وَ عَلِيٌّ ع جَالِسٌ فَجَعَلَ الْأَنْصَارِيُّ يَحْلِفُ وَ يَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَثَبَّتْ فِي أَمْرِي فَلَمَّا أَكْثَرَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ قَالَ عُمَرُ يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا تَرَى فَنَظَرَ عَلِيٌّ ع إِلَى بَيَاضٍ عَلَى ثَوْبِ الْمَرْأَةِ وَ بَيْنَ فَخِذَيْهَا فَاتَّهَمَهَا أَنْ تَكُونَ احْتَالَتْ لِذَلِكَ فَقَالَ ائْتُونِي بِمَاءٍ حَارٍّ قَدْ أُغْلِيَ غَلْياً شَدِيداً فَفَعَلُوا فَلَمَّا أُتِيَ بِالْمَاءِ أَمَرَهُمْ فَصَبُّوهُ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيَاضِ فَاشْتَوَى ذَلِكَ الْبَيَاضُ فَأَخَذَهُ ع فَأَلْقَاهُ إِلَى
ص: 83
فِيهِ فَلَمَّا عَرَفَ الطَّعْمَ أَلْقَاهُ مِنْ فِيهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَسَأَلَهَا حَتَّى أَقَرَّتْ بِذَلِكَ وَ دَفَعَ اللَّهُ عَنِ الْأَنْصَارِيِّ عُقُوبَةَ عُمَرَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع (1)
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ سَمِعْتُ غُلَاماً بِالْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ هُوَ يَقُولُ يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ احْكُمْ بَيْنِي وَ بَيْنَ أُمِّي فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا غُلَامُ لِمَ تَدْعُو عَلَى أُمِّكَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهَا حَمَلَتْنِي فِي بَطْنِهَا تِسْعاً وَ أَرْضَعَتْنِي حَوْلَيْنِ فَلَمَّا تَرَعْرَعْتُ وَ عَرَفْتُ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ وَ يَمِينِي مِنْ شِمَالِي طَرَدَتْنِي وَ انْتَفَتْ مِنِّي وَ زَعَمَتْ أَنَّهَا لَا تَعْرِفُنِي فَقَالَ عُمَرُ أَيْنَ تَكُونُ الْمَرْأَةُ قَالَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي فُلَانٍ فَقَالَ عُمَرُ عَلَيَّ بِأُمِّ الْغُلَامِ قَالَ فَأَتَوْا بِهَا مَعَ أَرْبَعَةِ إِخْوَةٍ لَهَا فِي قَسَامَةٍ يَشْهَدُونَ لَهَا أَنَّهَا لَا تَعْرِفُ الصَّبِيَّ وَ أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ غُلَامٌ مُدَّعٍ ظَلُومٌ غَشُومٌ يُرِيدُ أَنْ يَفْضَحَهَا فِي عَشِيرَتِهَا وَ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ تَتَزَوَّجْ قَطُّ وَ أَنَّهَا بِخَاتَمِ رَبِّهَا فَقَالَ عُمَرُ يَا غُلَامُ مَا تَقُولُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ وَ اللَّهِ أُمِّي حَمَلَتْنِي تِسْعاً وَ أَرْضَعَتْنِي حَوْلَيْنِ فَلَمَّا تَرَعْرَعْتُ وَ عَرَفْتُ الْخَيْرَ وَ الشَّرَّ وَ يَمِينِي مِنْ شِمَالِي طَرَدَتْنِي وَ انْتَفَتْ مِنِّي وَ زَعَمَتْ أَنَّهَا لَا تَعْرِفُنِي فَقَالَ عُمَرُ يَا هَذِهِ مَا يَقُولُ الْغُلَامُ قَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الَّذِي احْتَجَبَ بِالنُّورِ وَ لَا عَيْنَ تَرَاهُ وَ حَقِّ مُحَمَّدٍ وَ مَا وَلَدَ مَا أَعْرِفُهُ وَ لَا أَدْرِي أَيُّ النَّاسِ هُوَ وَ إِنَّهُ غُلَامٌ مُدَّعٍ يُرِيدُ أَنْ يَفْضَحَنِي فِي عَشِيرَتِي وَ أَنَا جَارِيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ أَتَزَوَّجْ قَطُّ وَ إِنِّي بِخَاتَمِ رَبِّي فَقَالَ عُمَرُ أَ لَكِ شُهُودٌ فَقَالَتْ نَعَمْ هَؤُلَاءِ فَتَقَدَّمَ الْقَسَامَةُ فَشَهِدُوا أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ مُدَّعٍ يُرِيدُ أَنْ يَفْضَحَهَا فِي عَشِيرَتِهَا وَ أَنَّ هَذِهِ جَارِيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ تَتَزَوَّجْ قَطُّ وَ أَنَّهَا بِخَاتَمِ رَبِّهَا فَقَالَ عُمَرُ خُذُوا بِيَدِ الْغُلَامِ فَانْطَلِقُوا بِهِ إِلَى السِّجْنِ حَتَّى نَسْأَلَ عَنِ الشُّهُودِ فَإِنْ عُدِّلَتْ شَهَادَتُهُمْ جَلَدْتُهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي فَأُخِذَ بِيَدِ الْغُلَامِ لِيُنْطَلَقَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ فَتَلَقَّاهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع فِي
ص: 84
بَعْضِ الطَّرِيقِ فَنَادَى الْغُلَامُ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي غُلَامٌ مَظْلُومٌ وَ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ وَ هَذَا عُمَرُ قَدْ أَمَرَ بِي إِلَى الْحَبْسِ فَقَالَ عَلِيٌّ ع رُدُّوهُ فَلَمَّا رَدُّوهُ قَالَ لَهُمْ عُمَرُ أَمَرْتُ بِهِ إِلَى السِّجْنِ فَرَدَدْتُمُوهُ إِلَيَّ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِرَدِّهِ إِلَيْكَ وَ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ لَا تَعْصُوا لِعَلِيٍّ أَمْراً فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ عَلَيَّ بِأُمِّ الْغُلَامِ فَأَتَوْا بِهَا فَقَالَ ع يَا غُلَامُ مَا تَقُولُ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ فَقَالَ ع لِعُمَرَ أَ تَأْذَنُ لِي فِي أَنْ أَقْضِيَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ عُمَرُ يَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَ كَيْفَ لَا وَ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ أَعْلَمُكُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع (1) فَقَالَ ع لِلْمَرْأَةِ يَا هَذِهِ أَ لَكِ شُهُودٌ قَالَتْ نَعَمْ فَتَقَدَّمَ الْقَسَامَةُ فَشَهِدُوا بِالشَّهَادَةِ الْأُولَى فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ اللَّهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمُ الْيَوْمَ بِقَضِيَّةٍ هِيَ مَرْضَاةُ الرَّبِّ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ عَلَّمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ص ثُمَّ قَالَ لَهَا أَ لَكِ وَلِيٌّ فَقَالَتْ نَعَمْ هَؤُلَاءِ إِخْوَتِي فَقَالَ لِإِخْوَتِهَا أَمْرِي فِيكُمْ وَ فِيهَا جَائِزٌ قَالُوا نَعَمْ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ أَمْرُكُمْ فِينَا وَ فِي أُخْتِنَا جَائِزٌ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أُشْهِدُ اللَّهَ وَ أُشْهِدُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي عُمَرَ وَ أُشْهِدُ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ مِنْ هَذَا الْغُلَامِ عَلَى أَرْبَعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَ الْمَهْرُ مِنْ مَالِي يَا قَنْبَرُ عَلَيَّ بِالدَّرَاهِمِ فَأَتَاهُ قَنْبَرٌ بِهَا فَصَبَّهَا فِي يَدِ الْغُلَامِ ثُمَّ قَالَ خُذْهَا فَصُبَّهَا فِي حَجْرِ امْرَأَتِكَ وَ لَا تَأْتِنَا إِلَّا وَ بِكَ أَثَرُ الْعُرْسِ يَعْنِي الْغُسْلَ فَقَامَ الْغُلَامُ فَصَبَّ الدَّرَاهِمَ فِي حَجْرِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ تَلَبَّبَهَا فَقَالَ لَهَا قُومِي فَنَادَتِ الْمَرْأَةُ النَّارَ النَّارَ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ تُرِيدُ أَنْ تُزَوِّجَنِي مِنْ وَلَدِي هَذَا وَ اللَّهِ وَلَدِي زَوَّجَنِي إِخْوَتِي هَجِيناً فَوَلَدْتُ مِنْهُ هَذَا الْغُلَامَ فَلَمَّا تَرَعْرَعَ وَ شَبَّ أَمَرُونِي أَنْ أَنْتَفِيَ مِنْهُ وَ أَطْرُدَهُ وَ
ص: 85
هَذَا وَ اللَّهِ ابْنِي وَ فُؤَادِي يَتَحَرَّقُ أَسَفاً عَلَى وَلَدِي قَالَ ثُمَّ أَخَذَتْ بِيَدِ الْغُلَامِ وَ انْطَلَقَتْ وَ نَادَى عُمَرُ وَا عُمَرَاهْ لَوْ لَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ (1).
*** وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ قَالَ بَيْنَا رَجُلَانِ جَالِسَانِ فِي دَهْرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذْ مَرَّ بِهِمَا رَجُلٌ مُقَيَّدٌ وَ كَانَ عَبْداً فَقَالَ أَحَدُهُمَا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَيْدِهِ كَذَا وَ كَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثاً فَقَالَ الْآخَرُ إِنْ كَانَ فِيهِ كَمَا قُلْتَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثاً قَالَ فَذَهَبَا إِلَى مَوْلَى الْعَبْدِ فَقَالا إِنَّا قَدْ حَلَفْنَا عَلَى كَذَا وَ كَذَا فَحُلَّ قَيْدَ غُلَامِكَ حَتَّى نَزِنَهُ فَقَالَ مَوْلَى الْغُلَامِ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إِنْ حَلَلْتُ قَيْدَ غُلَامِي قَالَ فَارْتَفَعُوا إِلَى عُمَرَ فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ مَوْلَاهُ أَحَقُّ بِهِ اذْهَبُوا فَاعْتَزِلُوا نِسَاءَكُمْ فَقَالُوا اذْهَبُوا بِنَا إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فِي هَذَا شَيْ ءٌ فَأَتَوْهُ ع فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ مَا أَهْوَنَ هَذَا ثُمَّ دَعَا بِجَفْنَةٍ وَ أَمَرَ بِقَيْدِ الْغُلَامِ فَشُدَّ فِيهِ خَيْطٌ وَ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ وَ الْقَيْدَ فِي الْجَفْنَةِ ثُمَّ صُبَّ الْمَاءِ عَلَيْهِ حَتَّى امْتَلَأَتْ ثُمَّ قَالَ ارْفَعُوا الْقَيْدَ فَرُفِعَ الْقَيْدُ حَتَّى أُخْرِجَ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ دَعَا بِزُبَرِ الْحَدِيدِ فَأَرْسَلَهَا فِي الْمَاءِ حَتَّى تَرَاجَعَ الْمَاءُ إِلَى مَوْضِعِهِ حِينَ كَانَ الْقَيْدُ فِيهِ ثُمَّ قَالَ زِنُوا هَذَا الْحَدِيدَ فَإِنَّهُ وَزْنُهُ (2).
وَ رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ إِذَا قَطَعَ الْيَدَ قَطَعَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ وَ تَرَكَ الْكَفَّ وَ الرَّاحَةَ وَ الْإِبْهَامَ وَ إِذَا أَرَادَ قَطْعَ الرِّجْلِ قَطَعَهَا مِنَ الْكَعْبِ وَ تَرَكَ الْعَقِبَ فَقِيلَ لَهُ لِمَ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ تُدْرِكَهُ التَّوْبَةُ فَيَحْتَجَّ عَلَيَّ عِنْدَ اللَّهِ أَنِّي لَمْ أَدَعْ لَهُ مِنْ كَرَائِمِ بَدَنِهِ مَا يَرْكَعُ بِهِ وَ يَسْجُدُ (3).
ص: 86
وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ ادَّعَى عَلَى عَهْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَبَنَى لَهُمَا بَيْتاً وَ جَعَلَ كُوَّتَيْنِ قَرِيبَةً إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى وَ أَدْخَلَهُمَا الْبَيْتَ وَ أَخْرَجَ رَأْسَيْهِمَا مِنَ الْكُوَّتَيْنِ وَ قَالَ لِقَنْبَرٍ قُمْ عَلَيْهِمَا بِالسَّيْفِ فَإِذَا قُلْتُ لَكَ اضْرِبْ عُنُقَ الْمَمْلُوكِ فَأَفْزِعْهُمَا وَ لَا تَضْرِبَنَّ أَحَداً مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ لَهُ اضْرِبْ عُنُقَ الْمَمْلُوكِ فَهَزَّ قَنْبَرٌ السَّيْفَ فَأَدْخَلَ أَحَدُهُمَا رَأْسَهُ وَ بَقِيَ رَأْسُ الْآخَرِ خَارِجاً مِنَ الْكُوَّةِ فَدَفَعَ الَّذِي أَدْخَلَ رَأْسَهُ إِلَى صَاحِبِهِ وَ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَإِنَّهُ مَمْلُوكُكَ (1).
وَ عَنْهُ ع قَالَ كَانَ صِبْيَانٌ فِي زَمَنِ عَلِيٍّ ع يَلْعَبُونَ بِأَحْجَارٍ لَهُمْ فَرَمَى أَحَدُهُمْ بِحَجَرِهِ فَأَصَابَ رَبَاعِيَةَ صَاحِبِهِ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَأَقَامَ الرَّامِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَالَ حَذَارِ حَذَارِ فَدَرَأَ عَنْهُ الْقِصَاصَ ثُمَّ قَالَ ع قَدْ أَعْذَرَ مَنْ حَذَّرَ (2).
وَ فِي خَبَرٍ مَرْفُوعٍ قَالَ لَمَّا رَفَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَدَهُ مِنْ غُسْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص أَتَتْهُ أَنْبَاءُ السَّقِيفَةِ فَقَالَ مَا قَالَتِ الْأَنْصَارُ قَالُوا قَالَتْ مِنَّا أَمِيرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِيرٌ قَالَ ع فَهَلَّا احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ وَ يُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ قَالُوا وَ مَا فِي هَذَا مِنْ حَجَّةً عَلَيْهِمْ فَقَالَ ع لَوْ كَانَتِ الْإِمَارَةُ فِيهِمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ ثُمَّ قَالَ ع فَمَا ذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ قَالُوا احْتَجَّتْ بِأَنَّهَا شَجَرَةُ الرَّسُولِ ص فَقَالَ ع احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وَ أَضَاعُوا الثَّمَرَةَ (3).
ص: 87
بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ أَتَى ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ كَانَ مُعْنِتاً فِي الْمَسَائِلِ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَبِّرْنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَلْ كَلَّمَ أَحَداً مِنْ وُلْدِ آدَمَ قَبْلَ مُوسَى فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَدْ كَلَّمَ اللَّهُ جَمِيعَ خَلْقِهِ بَرَّهُمْ وَ فَاجِرَهُمْ وَ رَدُّوا عَلَيْهِ الْجَوَابَ قَالَ فَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الْكَوَّاءِ وَ لَمْ يَعْرِفْهُ فَقَالَ وَ كَيْفَ كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ أَ وَ مَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى إِذْ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ ع- وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى (1) فَقَدْ أَسْمَعَهُمْ كَلَامَهُ وَ رَدُّوا عَلَيْهِ الْجَوَابَ كَمَا تَسْمَعُ فِي قَوْلِ اللَّهِ يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ قَالُوا بَلَى وَ قَالَ لَهُمْ إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا وَ أَنَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ فَأَقَرُّوا لَهُ بِالطَّاعَةِ وَ الرُّبُوبِيَّةِ وَ مَيَّزَ الرُّسُلَ وَ الْأَنْبِيَاءَ وَ الْأَوْصِيَاءَ وَ أَمَرَ الْخَلْقَ بِطَاعَتِهِمْ فَأَقَرُّوا بِذَلِكَ فِي الْمِيثَاقِ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ أَشْهَدَ الْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمْ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (2).
قال السيد الرضي أبو الحسن و لهذه الآية تأويل ليس هذا الموضع كشف جليته و بيان حقيقته
وَ سَأَلَهُ ع رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ أَيْنَ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ قَبْلِ أَنْ
ص: 88
يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ فَقَالَ ع أَيْنَ سُؤَالٌ عَنْ مَكَانٍ وَ كَانَ اللَّهُ وَ لَا مَكَانَ فَقَطَعَهُ فِي أَوْجَزِ كَلِمَةٍ (1).
ص: 89
فَقَالَ كَمْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ قَالَ ع مَسِيرَةُ يَوْمٍ مُطَّرِدٍ لِلشَّمْسِ وَ هَذَا أَخْصَرُ كَلَامٍ يَكُونُ وَ أَبْلَغُهُ
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ قَالَ اجْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى بَابِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنْ أَعْلَمَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ عِنْدِي السَّاعَةَ فَأَسْأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ مَا أَعْلَمُ أَحَداً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ يَعْرِفُهَا مَا خَلَا رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ إِنْ كَانَا قَالَ فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ فَتَبَسَّمَ الْقَوْمُ قَالَ فَكَأَنَّ عَلِيّاً ع دَخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُ الْغَضَاضَةِ فَقَالَ لَهُمْ لِشَيْ ءٍ مَا تَبَسَّمْتُمْ فَقَالُوا لِغَيْرِ رِيبَةٍ وَ لَا بَأْسَ يَا أَبَا الْحَسَنِ إِلَّا أَنَّ كَعْباً تَمَنَّى أُمْنِيَّةً فَعَجِبْنَا مِنْ سُرْعَةِ إِجَابَةِ اللَّهِ لَهُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَقَالَ ع لَهُمْ وَ مَا ذَاكَ قَالُوا تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَعْلَمُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ع لِيَسْأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَحَداً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ يَعْرِفُهَا قَالَ فَجَلَسَ ع ثُمَّ قَالَ هَاتِ يَا كَعْبُ مَسَائِلَكَ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ شَجَرَةٍ اهْتَزَّتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَقَالَ ع فِي قَوْلِنَا أَوْ فِي قَوْلِكُمْ فَقَالَ بَلْ أَخْبِرْنَا عَنْ قَوْلِنَا وَ قَوْلِكُمْ فَقَالَ ع تَزْعُمُ يَا كَعْبُ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ أَنَّهَا الشَّجَرَةُ الَّتِي شُقَّ مِنْهَا السَّفِينَةُ قَالَ كَعْبٌ كَذَلِكَ نَقُولُ فَقَالَ ع كَذَبْتُمْ يَا كَعْبُ وَ لَكِنَّهَا النَّخْلَةُ الَّتِي أَهْبَطَهَا اللَّهُ تَعَالَى مَعَ آدَمَ ع مِنَ الْجَنَّةِ فَاسْتَظَلَّ بِظِلِّهَا وَ أَكَلَ مِنْ ثَمَرِهَا-
ص: 90
هَاتِ يَا كَعْبُ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ عَيْنٍ جَرَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَقَالَ ع فِي قَوْلِنَا أَوْ فِي قَوْلِكُمْ فَقَالَ كَعْبٌ أَخْبِرْنِي عَنِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعاً فَقَالَ ع تَزْعُمُ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ أَنَّهَا الْعَيْنُ الَّتِي عَلَيْهَا صَخْرَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ كَعْبٌ كَذَلِكَ نَقُولُ قَالَ كَذَبْتُمْ يَا كَعْبُ وَ لَكِنَّهَا عَيْنُ الْحَيَوَانِ وَ هِيَ الَّتِي شَرِبَ مِنْهَا الْخَضِرُ فَبَقِيَ فِي الدُّنْيَا قَالَ ع هَاتِ يَا كَعْبُ قَالَ أَخْبِرْنِي يَا أَبَا الْحَسَنِ عَنْ شَيْ ءٍ مِنَ الْجَنَّةِ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ ع فِي قَوْلِنَا أَوْ فِي قَوْلِكُمْ فَقَالَ عَنِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعاً فَقَالَ ع تَزْعُمُ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ أَنَّهُ حَجَرٌ أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَبْيَضَ فَاسْوَدَّ مِنْ ذُنُوبِ الْعِبَادِ قَالَ كَذَلِكَ نَقُولُ قَالَ كَذَبْتُمْ يَا كَعْبُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ أَهْبَطَ الْبَيْتَ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ جَوْفَاءَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَلَمَّا كَانَ الطُّوفَانُ رَفَعَ اللَّهُ الْبَيْتَ وَ بَقِيَ أَسَاسُهُ هَاتِ يَا كَعْبُ قَالَ أَخْبِرْنِي يَا أَبَا الْحَسَنِ عَمَّنْ لَا أَبَ لَهُ وَ عَمَّنْ لَا عَشِيرَةَ لَهُ وَ عَمَّنْ لَا قِبْلَةَ لَهُ قَالَ أَمَّا مَنْ لَا أَبَ لَهُ فَعِيسَى ع وَ أَمَّا مَنْ لَا عَشِيرَةَ لَهُ فَآدَمُ ع وَ أَمَّا مَنْ لَا قِبْلَةَ لَهُ فَهُوَ الْبَيْتُ الْحَرَامُ هُوَ قِبْلَةٌ وَ لَا قِبْلَةَ لَهَا هَاتِ يَا كَعْبُ فَقَالَ أَخْبِرْنِي يَا أَبَا الْحَسَنِ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ لَمْ تَرْتَكِضْ فِي رَحِمٍ وَ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَدَنٍ فَقَالَ ع لَهُ هِيَ عَصَا مُوسَى ع وَ نَاقَةُ ثَمُودَ وَ كَبْشُ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ قَالَ هَاتِ يَا كَعْبُ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ بَقِيَتْ خَصْلَةٌ فَإِنْ أَنْتَ أَخْبَرْتَنِي بِهَا فَأَنْتَ أَنْتَ قَالَ هَلُمَّهَا يَا كَعْبُ قَالَ قَبْرٌ سَارَ بِصَاحِبِهِ قَالَ ذَلِكَ يُونُسُ بْنُ مَتَّى إِذْ سَجَنَهُ اللَّهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ (1).
وَ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ ع قَالَ قَدِمَ أُسْقُفُّ نَجْرَانَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ أَرْضَنَا بَارِدَةٌ-
ص: 91
سَدِيدَةُ الْمَئُونَةِ لَا تَحْمِلُ الْجِيشَ وَ أَنَا ضَامِنٌ لِخَرَاجِ أَرْضِي أَحْمِلُهُ إِلَيْكَ فِي كُلِّ عَامٍ كَمَلًا فَكَانَ يَقْدَمُ هُوَ بِالْمَالِ بِنَفْسِهِ وَ مَعَهُ أَعْوَانٌ لَهُ حَتَّى يُوَفِّيَهُ بَيْتَ الْمَالِ وَ يَكْتُبُ لَهُ عُمَرُ الْبَرَاءَةَ قَالَ فَقَدِمَ الْأُسْقُفُّ ذَاتَ عَامٍ وَ كَانَ شَيْخاً جَمِيلًا فَدَعَاهُ عُمَرُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى دِينِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَنْشَأَ يَذْكُرُ فَضْلَ الْإِسْلَامِ وَ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنَ النَّعِيمِ وَ الْكَرَامَةِ فَقَالَ لَهُ الْأُسْقُفُّ يَا عُمَرُ أَنْتُمْ تَقْرَءُونَ فِي كِتَابِكُمْ أَنَّ لِلَّهِ جُنَّةً عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ فَأَيْنَ تَكُونُ النَّارُ قَالَ فَسَكَتَ عُمَرُ وَ نَكَسَ رَأْسَهُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ كَانَ حَاضِراً أَجِبْ هَذَا النَّصْرَانِيَّ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بَلْ أَجِبْهُ أَنْتَ فَقَالَ ع لَهُ يَا أُسْقُفَّ نَجْرَانَ أَنَا أُجِيبُكَ أَ رَأَيْتَ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ أَيْنَ يَكُونُ اللَّيْلُ وَ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ أَيْنَ يَكُونُ النَّهَارُ فَقَالَ الْأُسْقُفُّ مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَحَداً يُجِيبُنِي عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ قَالَ مَنْ هَذَا الْفَتَى يَا عُمَرُ قَالَ عُمَرُ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ خَتَنُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ أَوَّلُ مُؤْمِنٍ مَعَهُ هَذَا أَبُو الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ع قَالَ الْأُسْقُفُّ أَخْبِرْنِي يَا عُمَرُ عَنْ بُقْعَةٍ فِي الْأَرْضِ طَلَعَتْ فِيهَا الشَّمْسُ سَاعَةً وَ لَمْ تَطْلُعْ فِيهَا قَبْلَهَا وَ لَا بَعْدَهَا قَالَ لَهُ عُمَرُ سَلِ الْفَتَى فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا أُجِيبُكَ هُوَ الْبَحْرُ حَيْثُ انْفَلَقَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَوَقَعَتِ الشَّمْسُ فِيهِ وَ لَمْ تَقَعْ فِيهِ قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ قَالَ الْأُسْقُفُّ صَدَقْتَ يَا فَتَى ثُمَّ قَالَ الْأُسْقُفُّ يَا عُمَرُ أَخْبِرْنِي عَنْ شَيْ ءٍ فِي أَيْدِي أَهْلِ الدُّنْيَا شَبِيهٍ بِثِمَارِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ سَلِ الْفَتَى فَقَالَ ع أَنَا أُجِيبُكَ هُوَ الْقُرْآنُ يَجْتَمِعُ أَهْلُ الدُّنْيَا عَلَيْهِ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ حَاجَتَهُمْ وَ لَا يَنْتَقِصُ مِنْهُ شَيْ ءٌ وَ كَذَلِكَ ثِمَارُ الْجَنَّةِ قَالَ الْأُسْقُفُّ صَدَقْتَ يَا فَتَى ثُمَّ قَالَ الْأُسْقُفُّ يَا عُمَرُ أَخْبَرَنِي هَلْ لِلسَّمَاوَاتِ مِنْ أَبْوَابٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ سَلِ الْفَتَى فَقَالَ ع نَعَمْ يَا أُسْقُفُّ لَهَا أَبْوَابٌ فَقَالَ يَا فَتَى هَلْ
ص: 92
لِتِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ أَقْفَالٍ فَقَالَ ع نَعَمْ يَا أُسْقُفُّ أَقْفَالُهَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ قَالَ الْأُسْقُفُّ صَدَقْتَ يَا فَتَى فَمَا مِفْتَاحُ تِلْكَ الْأَقْفَالِ فَقَالَ ع شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا يَحْجُبُهَا شَيْ ءٌ دُونَ الْعَرْشِ فَقَالَ صَدَقْتَ يَا فَتَى ثُمَّ قَالَ الْأُسْقُفُّ يَا عُمَرُ أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ دَمٍ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَيُّ دَمٍ كَانَ فَقَالَ سَلِ الْفَتَى فَقَالَ ع أَنَا أُجِيبُكَ يَا أُسْقُفَّ نَجْرَانَ أَمَّا نَحْنُ فَلَا نَقُولُ كَمَا تَقُولُونَ إِنَّهُ دَمُ ابْنِ آدَمَ الَّذِي قَتَلَهُ أَخُوهُ لَيْسَ هُوَ كَمَا قُلْتُمْ وَ لَكِنْ أَوَّلُ دَمٍ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَشِيمَةُ حَوَّاءَ حِينَ وَلَدَتْ قَابِيلَ بْنَ آدَمَ قَالَ الْأُسْقُفُّ صَدَقْتَ يَا فَتَى ثُمَّ قَالَ الْأُسْقُفُّ بَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ أَخْبِرْنِي أَنْتَ يَا عُمَرُ أَيْنَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَا أُجِيبُكَ وَ سَلْ عَمَّا شِئْتَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص ذَاتَ يَوْمٍ أَتَاهُ مَلَكٌ فَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ أَيْنَ أُرْسِلْتَ قَالَ مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ مِنْ عِنْدِ رَبِّي ثُمَّ أَتَاهُ مَلَكٌ آخَرُ فَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ أُرْسِلْتَ فَقَالَ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ مِنْ عِنْدِ رَبِّي ثُمَّ أَتَاهُ مَلَكٌ آخَرُ فَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ أُرْسِلْتَ قَالَ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ مِنْ عِنْدِ رَبِّي ثُمَّ أَتَاهُ مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ أُرْسِلْتَ فَقَالَ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ مِنْ عِنْدِ رَبِّي فَاللَّهُ هَاهُنَا وَ هَاهُنَا وَ هَاهُنَا- فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مَعْنَاهُ مِنْ مَلَكُوتِ رَبِّي فِي كُلِّ مَكَانٍ وَ لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيْ ءٌ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى (1).
ص: 93
لَمَّا سَأَلَهُ أَ كَانَ مَسِيرُهُ إِلَى الشَّامِ بِقَضَاءٍ مِنَ اللَّهِ وَ قَدَرِهِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ هَذَا مُخْتَارُهُ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ عِبَادَهُ تَخْيِيراً وَ نَهَاهُمْ تَحْذِيراً فَكَلَّفَ يَسِيراً وَ لَمْ يُكَلِّفْ عَسِيراً وَ أَعْطَى عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيراً وَ لَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً وَ لَمْ يُطَعْ مُكْرَهاً وَ لَمْ يُرْسِلِ الْأَنْبِيَاءَ لَعِباً وَ لَمْ يُنْزِلِ الْكِتَابَ لِلْعِبَادِ عَبَثاً وَ لَا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا- ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (1).
ص: 94
و لو لم يكن في هذا الكتاب سوى ما أوردناه من هذا الفصل لكفى به فائدة
قَالَ ع خُذِ الْحِكْمَةَ أَنَّى أَتَتْكَ فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَكُونُ فِي صَدْرِ الْمُنَافِقِ فَتَلَجْلَجُ فِي صَدْرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ فَتَسْكُنَ إِلَى صَوَاحِبِهَا فِي صَدْرِ الْمُؤْمِنِ (1).
وَ قَالَ ع الْهَيْبَةُ خَيْبَةٌ وَ الْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ وَ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَخُذِ الْحِكْمَةَ وَ لَوْ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ (2).
وَ قَالَ ع أُوصِيكُمْ بِخَمْسٍ لَوْ ضَرَبْتُمْ إِلَيْهَا آبَاطَ الْإِبِلِ كَانَتْ لِذَلِكَ أَهْلًا لَا يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا يَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا يَسْتَحْيِيَنَّ أَحَدٌ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ وَ لَا يَسْتَحْيِيَنَّ أَحَدٌ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الشَّيْ ءَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ وَ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا خَيْرَ فِي جَسَدٍ لَا رَأْسَ مَعَهُ وَ لَا فِي إِيمَانٍ لَا صَبْرَ مَعَهُ (3).
وَ قَالَ الْأَصْمَعِيُ أَتَى رَجُلٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فَأَفْرَطَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ فَقَالَ ع وَ كَانَ لَهُ مُتَّهِماً أَنَا دُونَ مَا تَقُولُ وَ فَوْقَ مَا فِي نَفْسِكَ
ص: 95
وَ قَالَ ع قِيمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُهُ
قال السيد الرضي أبو الحسن رضي الله عنه و هذه الكلمة لا قيمة لها و لا كلام يوزن بها (1)
وَ قَالَ ع السَّيْفُ أَبْقَى عَدَداً وَ أَكْثَرُ وَلَداً (2).
وَ قَالَ ع مَنْ تَرَكَ قَوْلَ لَا أَدْرِي أُصِيبَتْ مقالته [مَقَاتِلُهُ] (3).
وَ قَالَ ع رَأْيُ الشَّيْخِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَلَدِ الْغُلَامِ وَ يُرْوَى مِنْ مَشْهَدِ الْغُلَامِ (4).
وَ قَالَ ع وَ قَدْ سَمِعَ رَجُلًا مِنَ الْحَرُورِيَّةِ يَتَهَجَّدُ بِصَوْتٍ حَزِينٍ نَوْمٌ عَلَى يَقِينٍ خَيْرٌ مِنْ صَلَاةٍ فِي شَكٍ (5).
وَ قَالَ ع اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةِ لَا عَقْلَ رِوَايَةٍ فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ وَ رُعَاتَهُ قَلِيلٌ (6).
وَ قَالَ ع وَ قَدْ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ- إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ يَا هَذَا إِنَّ قَوْلَنَا إِنَّا لِلَّهِ إِقْرَارٌ مِنَّا بِالْمُلْكِ وَ قَوْلَنَا إِلَيْهِ راجِعُونَ إِقْرَارٌ مِنَّا بِالْهُلْكِ (7).
وَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ مَا انْتَفَعْتُ بِكَلَامِ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص كَانْتِفَاعِي بِكَلَامٍ كَتَبَهُ إِلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَرْءَ قَدْ يَسُرُّهُ دَرْكُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ وَ يَسُوؤُهُ فَوْتُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُدْرِكَهُ فَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا نِلْتَ مِنْ آخِرَتِكَ وَ لْيَكُنْ أَسَفُكَ عَلَى مَا
ص: 96
فَاتَكَ مِنْهَا وَ مَا نِلْتَ مِنْ دُنْيَاكَ فَلَا تُكْثِرْ بِهِ فَرَحاً وَ مَا فَاتَكَ مِنْهَا فَلَا تَأْسَ عَلَيْهِ جَزَعاً وَ لْيَكُنْ هَمُّكَ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ (1).
وَ كَانَ ع يَقُولُ إِذَا أُطْرِيَ فِي وَجْهِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ وَ اغْفِرْ لَنَا مَا لَا يَعْلَمُونَ (2).
وَ قَالَ ع لَا يَسْتَقِيمُ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ إِلَّا بِثَلَاثٍ بِاسْتِصْغَارِهَا لِتَعْظُمَ وَ بِاسْتِكْتَامِهَا لتنسى [لِتُنْشَرَ] وَ بِتَعْجِيلِهَا لِتَهْنَأَ (3).
وَ قَالَ ع يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُقَرَّبُ فِيهِ إِلَّا الْمَاحِلُ وَ لَا يُظَرَّفُ فِيهِ إِلَّا الْفَاجِرُ وَ لَا يُضَعَّفُ فِيهِ إِلَّا الْمُنْصِفُ يَعُدُّونَ الصَّدَقَةَ غُرْماً وَ صِلَةَ الرَّحِمِ مَنّاً وَ الْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَى النَّاسِ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ السُّلْطَانُ بِمَشُورَةِ الْإِمَاءِ وَ إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ (4).
وَ قَالَ ع وَ قَدْ شُوهِدَ عَلَيْهِ إِزَارٌ مَرْقُوعٌ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ يَخْشَعُ لَهُ الْقَلْبُ وَ تَذِلُّ بِهِ النَّفْسُ وَ يَقْتَدِي بِهِ الْمُؤْمِنُونَ (5).
وَ كَانَ ع يَقُولُ إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي اتِّبَاعَ الْهَوَى وَ طُولَ الْأَمَلِ فَإِنَّ طُولَ الْأَمَلِ يُنْسِي الْآخِرَةَ وَ اتِّبَاعَ الْهَوَى يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً وَ الْآخِرَةَ قَدْ جَاءَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ وَ غَداً حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ وَ الْيَوْمَ الْمِضْمَارُ وَ غَداً السِّبَاقُ وَ السُّبْقَةُ الْجَنَّةُ وَ الْغَايَةُ النَّارُ (6).
وَ قَالَ ع إِنَّ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفَاوِتَانِ وَ سَبِيلَانِ مُخْتَلِفَانِ-
ص: 97
فَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَ تَوَلَّاهَا أَبْغَضَ الْآخِرَةَ وَ عَادَاهَا وَ هُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ مَاشٍ بَيْنَهُمَا كُلَّمَا قَرُبَ مِنْ وَاحِدٍ بَعُدَ عَنِ الْآخَرِ وَ هُمَا بَعْدُ ضَرَّتَانِ (1).
وَ عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ قَالَ رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع ذَاتَ لَيْلَةٍ وَ قَدْ خَرَجَ مِنْ فِرَاشِهِ فَنَظَرَ إِلَى النُّجُومِ ثُمَّ قَالَ يَا نَوْفُ أَ رَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ قُلْتُ بَلْ رَامِقٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ يَا نَوْفُ طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ أُولَئِكَ قَوْمٌ اتَّخِذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِيباً وَ الْقُرْآنَ شِعَاراً وَ الدُّعَاءَ دِثَاراً ثُمَّ قَرَضُوا الدُّنْيَا قَرْضاً عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ ع يَا نَوْفُ إِنَّ دَاوُدَ ع قَامَ فِي مِثْلِ هَذِهِ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ إِنَّهَا سَاعَةٌ لَا يَدْعُو فِيهَا عَبْدٌ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَشَّاراً أَوْ عَرِيفاً أَوْ شُرْطِيّاً أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ وَ هِيَ الطُّنْبُورُ أَوْ صَاحِبَ كُوبَةٍ وَ هِيَ الطَّبْلُ (2).
وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا وَ حَدَّ لَكُمْ حُدُوداً فَلَا تَعْتَدُوهَا وَ نَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا وَ سَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَ لَمْ يَدَعْهَا نِسْيَاناً فَلَا تَتَكَلَّفُوهَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكُمْ رَحِمَكُمُ بِهَا فَاقْبَلُوهَا (3).
وَ قَالَ ع لَا يَتْرُكُ النَّاسُ شَيْئاً مِنْ دِينِهِمْ لِاسْتِصْلَاحِ دُنْيَاهُمْ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ (4).
وَ قَالَ ع رُبَّ عَالِمٍ قَدْ قَتَلَهُ جَهْلُهُ وَ مَعَهُ عِلْمُهُ لَا يَنْفَعُهُ (5).
وَ قَالَ ع أَعْجَبُ مَا فِي هَذَا الْإِنْسَانِ قَلْبُهُ وَ لَهُ مَوَادُّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَ أَضْدَادٌ مِنْ خِلَافِهَا فَإِنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ وَ إِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحِرْصُ وَ إِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الْأَسَفُ وَ إِنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ اشْتَدَّ بِهِ الْغَيْظُ-
ص: 98
وَ إِنْ أَسْعَدَهُ الرِّضَا نَسِيَ التَّحَفُّظَ وَ إِنْ غَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحَذَرُ وَ إِنِ اتَّسَعَ لَهُ الْأَمْرُ اسْتَلَبَتْهُ الْغِرَّةُ وَ إِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ وَ إِنْ أَفَادَ مَالًا أَطْغَاهُ الْغِنَى وَ إِنْ عَضَّتْهُ الْفَاقَةُ شَغَلَهُ الْبَلَاءُ وَ إِنْ جَهَدَهُ الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ وَ إِنْ أَفْرَطَ بِهِ الشِّبَعُ كَظَّتْهُ الْبِطْنَةُ فَكُلُّ تَقْصِيرٍ بِهِ مُضِرٌّ وَ كُلُّ إِفْرَاطٍ لَهُ مُفْسِدٌ (1).
وَ قَالَ ع نَحْنُ النُّمْرُقَةُ الْوُسْطَى بِهَا يَلْحَقُ التَّالِي وَ إِلَيْهَا يَرْجِعُ الْغَالِي (2).
وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع تَجَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَقَدْ نُودِيَ فِيكُمْ بِالرَّحِيلِ وَ أَقِلُّوا الْعُرْجَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَ انْقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ فَإِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَئُوداً وَ مَنَازِلَ هَائِلَةً مَخُوفَةً لَا بُدَّ مِنَ الْمَمَرِّ عَلَيْهَا وَ الْوُقُوفِ عِنْدَهَا فَإِمَّا بِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ نَجَوْتُمْ مِنْ فَظَاظَتِهَا (3) وَ شِدَّةِ مُخْتَبَرِهَا وَ كَرَاهَةِ مَنْظَرِهَا وَ إِمَّا بِهَلَكَةٍ لَيْسَ بَعْدَهَا نَجَاةٌ فَيَا لَهَا حَسْرَةً عَلَى كُلِّ ذِي غَفْلَةٍ أَنْ يَكُونَ عُمُرُهُ عَلَيْهِ حُجَّةً
وَ كَانَ ع يَقُولُ الْوَفَاءُ تَوْأَمُ الصِّدْقِ وَ لَا نَعْلَمُ نَجَاةً وَ لَا جُنَّةً أَوْقَى مِنْهُ وَ مَا يَغْدِرُ مَنْ يَعْلَمُ كَيْفَ الْمَرْجِعُ فِي الذَّهَابِ عَنْهُ وَ لَقَدْ أَصْبَحْنَا فِي زَمَانٍ اتَّخَذَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ الشَّرَّ كَيْساً وَ نَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ إِلَى حِسِّ [حُسْنِ] الْحِيلَةِ مَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ وَجْهَ الْحِيلَةِ وَ دُونَهَا مَانِعٌ مِنَ اللَّهِ وَ نَهْيِهِ فَيَدَعُهَا مِنْ بَعْدِ قُدْرَةٍ وَ يَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لَا جريحة [حَرِيجَةَ] لَهُ فِي الدِّينِ (4).
وَ قَالَ ع النَّاسُ فِي الدُّنْيَا عَامِلَانِ عَامِلٌ فِي الدُّنْيَا لِلدُّنْيَا قَدْ شَغَلَتْهُ دُنْيَاهُ عَنْ آخِرَتِهِ يَخْشَى عَلَى مَنْ يَخْلُفُ الْفَقْرَ وَ يَأْمَنُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيُفْنِي عُمُرَهُ فِي مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ وَ آخَرُ عَمِلَ فِي الدُّنْيَا لِمَا بَعْدَهَا فَجَاءَهُ الَّذِي لَهُ مِنَ الدُّنْيَا بِغَيْرِ عَمَلٍ فَأَصْبَحَ مَلِكاً عِنْدَ اللَّهِ لَا يَسْأَلُ شَيْئاً يُمْنَعُهُ (5).
ص: 99
وَ قَالَ ع شَتَّانَ بَيْنَ عَمَلَيْنِ عَمَلٍ تَذْهَبُ لَذَّتُهُ وَ تَبْقَى تَبِعَتُهُ وَ عَمَلٍ تَذْهَبُ مَئُونَتُهُ وَ يَبْقَى أَجْرُهُ (1).
وَ تَحَدَّثَ ع يَوْماً بِحَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ ع مَا زِلْتُ مُذْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَظْلُوماً وَ قَدْ بَلَغَنِي مَعَ ذَلِكَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَكْذِبُ عَلَيْهِ وَيْلَكُمْ أَ تَرَوْنِي أَكْذِبُ فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ أَ عَلَى اللَّهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ أَمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ وَ لَكِنْ لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا وَ لَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا وَ عِلْمٌ عَجَزْتُمْ عَنْ حَمْلِهِ وَ لَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ إِذْ كَيْلٌ بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَوْ كَانَ لَهُ وِعَاءٌ- وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (2).
أراد أن النبي ص كان يخليه و يسر إليه
وَ شَيَّعَ عَلِيٌّ ع جِنَازَةً فَسَمِعَ رَجُلًا يَضْحَكُ فَقَالَ ع كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ وَ كَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ وَ كَأَنَّ الَّذِي نَرَى مِنَ الْأَمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ نُبَوِّئُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَ نَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ قَدْ نَسِينَا كُلِّ وَاعِظَةٍ وَ رُمِينَا بِكُلِّ جَائِحَةٍ (3).
وَ قَالَ ع طُوبَى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ وَ طَابَ كَسْبُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ وَ حَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ وَ وَسِعَتْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ يُنْسَبْ إِلَى بِدْعَةٍ
قال السيد الرضي أبو الحسن رضي الله عنه و هذا الكلام من الناس من يرويه عن النبي ص و كذلك الذي قبله (4).
وَ قَالَ ع مَنْ أَرَادَ عِزّاً بِلَا عَشِيرَةٍ وَ هَيْبَةً مِنْ غَيْرِ سُلْطَانٍ وَ غِنًى
ص: 100
مِنْ غَيْرِ مَالٍ وَ طَاعَةً مِنْ غَيْرِ بَذْلٍ فَلْيَتَحَوَّلْ مِنْ ذُلِّ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَى عِزِّ طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَجِدْ ذَلِكَ كُلَّهُ (1).
وَ قَالَ ع وَ قَدْ فَرَغَ مِنْ حَرْبِ الْجَمَلِ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ النِّسَاءَ نَوَاقِصُ الْإِيمَانِ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ فَأَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ فِي أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَلَا شَهَادَةَ لَهُنَّ إِلَّا فِي الدَّيْنِ وَ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِرَجُلٍ وَ أَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى الْإِنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ (2).
وَ قَالَ ع اتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وَ كُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ وَ لَا تُطِيعُوهُنَّ فِي الْمَعْرُوفِ حَتَّى لَا يَطْمَعْنَ فِي الْمُنْكَرِ (3).
وَ قَالَ ع غَيْرَةُ الْمَرْأَةِ كُفْرٌ وَ غَيْرَةُ الرَّجُلِ إِيمَانٌ (4).
وَ قَالَ ع لَأَنْسُبَنَّ الْإِسْلَامَ نِسْبَةً لَمْ يَنْسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي الْإِسْلَامُ هُوَ التَّسْلِيمُ وَ التَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ وَ الْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ وَ التَّصْدِيقُ هُوَ الْإِقْرَارُ وَ الْإِقْرَارُ هُوَ الْأَدَاءُ وَ الْأَدَاءُ هُوَ الْعَمَلُ (5).
وَ قَالَ ع قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ مُسْلِماً وَ لَا يَكُونُ مُؤْمِناً وَ لَا يَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ مُسْلِماً وَ الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ وَ لَا يَتِمُّ الْمَعْرُوفُ إِلَّا بِثَلَاثٍ تَعْجِيلِهِ وَ تَصْغِيرِهِ وَ تَسْتِيرِهِ فَإِذَا عَجَّلْتَهُ هَنَّأْتَهُ وَ إِذَا صَغَّرْتَهُ عَظَّمْتَهُ وَ إِذَا سَتَرْتَهُ تَمَّمْتَهُ (6).
وَ قَالَ ع عَجِبْتُ لِلْبَخِيلِ الَّذِي اسْتَعْجَلَ الْفَقْرَ الَّذِي مِنْهُ هَرَبَ وَ فَاتَهُ الْغِنَى الَّذِي إِيَّاهُ طَلَبِ فَيَعِيشُ فِي الدُّنْيَا عَيْشَ الْفُقَرَاءِ وَ يُحَاسَبُ
ص: 101
فِي الْآخِرَةِ حِسَابَ الْأَغْنِيَاءِ وَ عَجِبْتُ لِلْمُتَكَبِّرِ الَّذِي كَانَ بِالْأَمْسِ نُطْفَةً وَ هُوَ غَداً جِيفَةٌ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ شَكَّ فِي اللَّهِ وَ هُوَ يَرَى خَلَقَ اللَّهِ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ نَسِيَ الْمَوْتَ وَ هُوَ يَرَى مَنْ يَمُوتُ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَنْكَرَ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى وَ هُوَ يَرَى النَّشْأَةَ الْأُولَى وَ عَجِبْتُ لِعَامِرٍ دَارَ الْفَنَاءِ وَ تَارِكٍ دَارَ الْبَقَاءِ (1).
وَ قَالَ ع مَنْ قَصَّرَ فِي الْعَمَلِ ابْتُلِيَ بِالْهَمِّ وَ لَا حَاجَةَ لِلَّهِ فِيمَنْ لَيْسَ لِلَّهِ فِي نَفْسِهِ وَ مَالِهِ نَصِيبٌ (2).
وَ قَالَ ع لِسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّ مَثَلَ الدُّنْيَا مَثَلُ الْحَيَّةِ لَيِّنٌ مَسُّهَا قَاتِلٌ سَمُّهَا فَأَعْرِضْ عَمَّا يُعْجِبُكَ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكَ مِنْهَا فَإِنَّ الْمَرْءَ الْعَاقِلَ كُلَّمَا صَارَ فِيهَا إِلَى سُرُورٍ أَشْخَصَتْهُ مِنْهَا إِلَى مَكْرُوهٍ وَ دَعْ عَنْكَ هُمُومَهَا إِنْ أَيْقَنْتَ بِفِرَاقِهَا (3).
وَ قَالَ ع تَوَقَّوُا الْبَرْدَ فِي أَوَّلِهِ وَ تَلَقَّوْهُ فِي آخِرِهِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ بِالْأَبْدَانِ كَفِعْلِهِ فِي الْأَشْجَارِ أَوَّلُهُ يُحْرِقُ وَ آخِرُهُ يُورِقُ (4).
وَ قَالَ ع عِظَمُ الْخَالِقِ عِنْدَكَ يُصَغِّرُ الْمَخْلُوقَ فِي عَيْنِكَ (5).
وَ قَالَ ع ثَلَاثُ خِصَالٍ مَرْجِعُهَا عَلَى النَّاسِ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْبَغْيُ وَ النَّكْثُ وَ الْمَكْرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ (6) وَ قَالَ تَعَالَى فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ (7) وَ قَالَ تَعَالَى وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (8).
ص: 102
وَ قَالَ ع وَ قَدْ رَجَعَ مِنْ صِفِّينَ فَأَشْرَفَ عَلَى الْقُبُورِ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ فَقَالَ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ يَا أَهْلَ التُّرْبَةِ يَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ يَا أَهْلَ الْوَحْدَةِ يَا أَهْلَ الْوَحْشَةِ أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَ أَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ وَ أَمَّا الْأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ لَأَخْبَرُوكُمْ أَنَ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى (1).
وَ قَالَ ع إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَ دَارُ عَافِيَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا وَ دَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا وَ دَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللَّهِ وَ مُصَلَّى مَلَائِكَةِ اللَّهِ وَ مَهْبِطُ وَحْيِ اللَّهِ وَ مَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ اكْتَسَوْا [اكْتَسَبُوا] فِيهَا الرَّحْمَةَ وَ رَبِحُوا فِيهَا الْجَنَّةَ فَمَنْ ذَا يَذُمُّهَا وَ قَدْ آذَنَتْ بِبَيْنِهَا وَ نَادَتِ بِفِرَاقِهَا وَ نَعَتْ نَفْسَهَا وَ أَهْلَهَا فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلَائِهَا وَ شَوَّقَتْهُمْ بِسُرُورِهَا إِلَى السُّرُورِ وَ رَاحَتْ بِعَافِيَةٍ وَ ابْتَكَرَتْ بِفَجِيعَةٍ تَرْغِيباً وَ تَرْهِيباً وَ تَخْوِيفاً وَ تَحْذِيراً فَذَمَّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ النَّدَامَةِ وَ حَمِدَهَا آخَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذَكَّرَتْهُمُ الدُّنْيَا فَذَكَرُوا وَ حَذَّرَتْهُمْ فَصَدَّقُوا وَ وَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا فَيَا أَيُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْيَا الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا بِمَ تَذُمُّهَا أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ عَلَيْهَا أَمْ هِيَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَيْكَ مَتَى اسْتَهْوَتْكَ أَمْ مَتَى غَرَّتْكَ أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلَى أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَى كَمْ عَلَّلْتَ بِكَفَّيْكَ وَ كَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ تَبْغِي لَهُمُ الشِّفَاءَ وَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ لَمْ يَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ وَ لَمْ تُسْعَفْ فِيهِ بِطَلِبَتِكَ قَدْ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْيَا نَفْسَكَ وَ بِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ (2).
وَ قَالَ ع الْمَالُ وَ الْبَنُونَ حَرْثُ الدُّنْيَا وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ حَرْثُ الْآخِرَةِ وَ قَدْ يَجْمَعُهُمَا لِأَقْوَامٍ (3).
ص: 103
وَ قَالَ ع مَنْ لَهِجَ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا الْتَاطَ مِنْهَا بِثَلَاثٍ هَمٍّ لَا يُغِبُّهُ وَ أَمَلٍ لَا يُدْرِكُهُ وَ رَجَاءٍ لَا يَنَالُهُ (1).
وَ قَالَ ع إِنَّ لِلَّهِ مَلَكاً يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ لِدُوا لِلْمَوْتِ وَ اجْمَعُوا لِلْفَنَاءِ وَ ابْنُوا لِلْخَرَابِ (2).
وَ قَالَ ع الدُّنْيَا دَارُ مَمَرٍّ إِلَى دَارِ مَقَرٍّ وَ النَّاسُ فِيهَا رَجُلَانِ رَجُلٌ بَاعَ نَفْسَهُ فَأَوْبَقَهَا وَ رَجُلٌ ابْتَاعَ نَفْسَهُ فَأَعْتَقَهَا (3).
وَ قَالَ ع لَا يَكُونُ الصَّدِيقُ صَدِيقاً حَتَّى يَحْفَظَ أَخَاهُ فِي ثَلَاثٍ فِي نَكْبَتِهِ وَ غَيْبَتِهِ وَ وَفَاتِهِ (4).
وَ قَالَ ع مَنْ أُعْطِيَ أَرْبَعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِيَ الدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ الْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ التَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ الْقَبُولَ وَ مَنْ أُعْطِيَ الِاسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ الشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ الزِّيَادَةَ وَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّعَاءِ- ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (5) وَ قَالَ تَعَالَى فِي الِاسْتِغْفَارِ- وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (6) وَ قَالَ تَعَالَى فِي الشُّكْرِ- لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (7) وَ قَالَ تَعَالَى فِي التَّوْبَةِ- إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ (8).
وَ قَالَ ع الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ وَ الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ وَ لِكُلِّ شَيْ ءٍ زَكَاةٌ وَ زَكَاةُ الْبَدَنِ الصِّيَامُ وَ جِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ (9).
ص: 104
وَ قَالَ ع اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ وَ مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِيَّةِ (1).
وَ قَالَ ع تَنْزِلُ الْمَعُونَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَئُونَةِ (2).
وَ قَالَ ع التَّقْدِيرُ نِصْفُ الْعَيْشِ وَ مَا عَالَ امْرُؤٌ اقْتَصَدَ (3).
وَ قَالَ ع قِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ (4).
وَ قَالَ ع التَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ (5).
وَ قَالَ ع الْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ (6).
وَ قَالَ ع يَنْزِلُ الصَّبْرُ عَلَى قَدْرِ الْمُصِيبَةِ وَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى فَخِذِهِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حَبِطَ أَجْرُهُ (7).
وَ قَالَ ع كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الظَّمَأُ وَ كَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا الْعَنَاءُ حَبَّذَا نَوْمُ الْأَكْيَاسِ وَ إِفْطَارُهُمْ عَيَّبُوا الْحَمْقَى بِصِيَامِهِمْ وَ قِيَامِهِمْ وَ اللَّهِ لَنَوْمٌ عَلَى يَقِينٍ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ أَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْمُغْتَرِّينَ (8).
وَ قَالَ ع لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا فِي مُعَامَلَاتِكُمْ فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَلرِّبَا أَخْفَى فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ عَلَى صَفَاةٍ سَوْدَاءَ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ (9).
قال السيد الرضي رضي الله عنه و هذا الكلام يروى أيضا للنبي ع
ص: 105
و لا عجب أن يتداخل الكلامان و يتشابه الطريقان إذ كانا ع يمضيان في أسلوب و يغرفان من قليب
وَ قَالَ ع سُوسُوا إِيمَانَكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَ حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ وَ ادْفَعُوا الْبَلَاءَ بِالدُّعَاءِ
و من كلامه ع لكميل بن زياد النخعي على التمام
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ الْإِسْكَافِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عِيسَى بْنِ زَيْدٍ الْعَلَوِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيِّ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ قَالَ أَخَذَ بِيَدِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع فَأَخْرَجَنِي إِلَى الْجَبَانِ فَلَمَّا أَصْحَرَ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ ثُمَّ قَالَ يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا فَاحْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ النَّاسُ ثَلَاثَةٌ فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ وَ مُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ وَ هَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ وَ لَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَ أَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ وَ الْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ وَ الْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاقِ يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ يَكْسِبُ الْإِنْسَانُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ وَ جَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَ الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَ الْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ هَلَكَ خُزَّانُ الْأَمْوَالِ وَ هُمْ أَحْيَاءٌ وَ الْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ وَ أَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ هَا إِنَّ هَاهُنَا لَعِلْماً جَمّاً وَ أَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً بَلَى أُصِيبُ لَقِناً غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ مُسْتَعْمِلًا آلَةَ الدِّينِ لِلدُّنْيَا وَ مُسْتَظْهِراً بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَ بِحُجَجِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ الْحَقِّ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي إِغْيَائِهِ يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ لِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ-
ص: 106
أَلَا لَا ذَا وَ لَا ذَاكَ أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ سَلِسَ الْقِيَادِ لِلشَّهْوَةِ أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَ الِادِّخَارِ لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ فِي شَيْ ءٍ أَقْرَبُ شَبَهاً بِهِمَا الْأَنْعَامُ السَّائِمَةُ كَذَلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ اللَّهُمَّ بَلَى لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوداً أَوْ خَافِياً مَغْمُوراً لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَ بَيِّنَاتُهُ وَ كَمْ ذَا وَ أَيْنَ أُولَئِكَ أُولَئِكَ وَ اللَّهِ الْأَقَلُّونَ عَدَداً وَ الْأَعْظَمُونَ قَدْراً بِهِمْ يَحْفَظُ اللَّهُ حُجَجَهُ وَ بَيِّنَاتِهِ حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ وَ يَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ وَ بَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ وَ اسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَ الْمُتْرَفُونَ وَ أَنِسُوا مَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ وَ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ الدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ آهِ آهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ انْصَرِفْ إِذَا شِئْتَ (1).
وَ قَالَ ع الْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ (2).
وَ قَالَ ع هَلَكَ امْرُؤٌ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ (3).
وَ قَالَ ع لِكُلِّ امْرِئٍ عَاقِبَةٌ حُلْوَةٌ أَوْ مُرَّةٌ (4).
وَ قَالَ ع لِكُلِّ مُقْبِلٍ إِدْبَارٌ وَ مَا أَدْبَرَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ (5).
وَ قَالَ ع أَكْثَرُ الْعَطَايَا فِتْنَةٌ وَ مَا كُلُّهَا مَحْمُوداً فِي الْعَاقِبَةِ (6).
وَ قَالَ ع الصَّبْرُ لِإِعْطَاءِ الْحَقِّ مُرٌّ وَ مَا كُلٌّ لَهُ بِمُطِيقٍ (7).
وَ قَالَ ع لَا يَعْدَمُ الصَّبُورُ الظَّفَرَ وَ إِنْ طَالَ بِهِ الزَّمَانُ (8).
ص: 107
وَ قَالَ ع الرَّاضِي بِفِعْلِ قَوْمٍ كَالدَّاخِلِ فِيهِ مَعَهُمْ (1).
وَ قَالَ ع عَلَى كُلِّ دَاخِلٍ فِي بَاطِلٍ إِثْمَانِ إِثْمُ الْعَمَلِ بِهِ وَ إِثْمُ الرِّضَا بِهِ (2).
وَ قَالَ ع مَا اخْتَلَفَتْ دَعْوَتَانِ إِلَّا كَانَتْ إِحْدَاهُمَا ضَلَالَةً (3).
وَ قَالَ ع مَا شَكَكْتُ فِي الْحَقِّ مُنْذُ أُرِيتُهُ (4).
وَ قَالَ ع مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ لَا ضَلَلْتُ وَ لَا ضُلَّ بِي (5).
وَ قَالَ ع لِلظَّالِمِ الْبَادِي غَداً بِكَفِّهِ عَضَّةٌ (6).
وَ قَالَ ع الرَّحِيلُ وَشِيكٌ (7).
وَ قَالَ ع مَنْ وَثِقَ بِمَاءٍ لَمْ يَظْمَأْ (8).
وَ قَالَ ع مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ (9).
وَ قَالَ ع اسْتَعْصِمُوا بِالذِّمَمِ فِي أَوْتَادِهَا (10).
وَ قَالَ ع عَلَيْكُمْ بِطَاعَةِ مَنْ لَا تُعْذَرُونَ بِجَهَالَتِهِ (11).
وَ قَالَ ع قَدْ بُصِّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ وَ قَدْ هُدِيتُمْ إِنِ اهْتَدَيْتُمْ (12).
ص: 108
وَصِيَّتِي لَكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئاً وَ مُحَمَّدٌ ص فَلَا تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ وَ خَلَاكُمْ ذَمٌّ أَنَا بِالْأَمْسِ صَاحِبُكُمْ وَ الْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ وَ غَداً مُفَارِقُكُمْ إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي وَ إِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ مِيعَادِي وَ إِنْ أَعْفُ فَالْعَفْوُ لِي قُرْبَةٌ وَ هُوَ لَكُمْ حَسَنَةٌ فَاعْفُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ (1).
وَ قَالَ ع عَاتِبْ أَخَاكَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَ ارْدُدْ شَرَّهُ بِالْإِنْعَامِ عَلَيْهِ (2).
وَ قَالَ ع مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مَوْضِعَ التُّهَمَةِ فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَ (3).
وَ قَالَ ع مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرَ (4).
وَ قَالَ ع مَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ هَلَكَ (5).
وَ قَالَ ع مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِيَرَةُ بِيَدِهِ (6).
وَ قَالَ ع الْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ (7).
ص: 109
وَ قَالَ ع مَنْ قَضَى حَقَّ مَنْ لَا يَقْضِي حَقَّهُ فَقَدْ عَبَّدَهُ [عَبَدَهُ] (1).
وَ قَالَ ع لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ (2).
وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع يَعِظُ بِهِ بَعْضَ أَصْحَابِهِ لَا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَ يُرْجِي التَّوْبَةَ بِطُولِ الْأَمَلِ يَقُولُ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِ الزَّاهِدِينَ وَ يَعْمَلُ فِيهَا بِعَمَلِ الرَّاغِبِينَ إِنْ أُعْطِيَ مِنْهَا لَمْ يَشْبَعْ وَ إِنْ مُنِعَ مِنْهَا لَمْ يَقْنَعْ يَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُوتِيَ وَ يُعْجِبُهُ الزِّيَادَةُ فِيمَا بَقِيَ يَنْهَى وَ لَا يَنْتَهِي وَ يَأْمُرُ بِمَا لَا يَأْتِي يُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَ لَيْسَ مِنْهُمْ وَ يُبْغِضُ الْمُذْنِبِينَ وَ هُوَ أَحَدُهُمْ يَكْرَهُ الْمَوْتَ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ وَ يُقِيمُ عَلَى مَا يَكْرَهُ الْمَوْتَ لَهُ تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَى مَا يَظُنُّ وَ لَا يَغْلِبُهَا عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ يَخَافُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَدْنَى مِنْ ذَنْبِهِ وَ يَرْجُو لِنَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ النَّوْمُ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الذِّكْرِ مَعَ الْفُقَرَاءِ (3).
وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ أَضَاعُوا أَيَّامِي وَ دَفَعُوا حَقِّي وَ صَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِي وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي لَا يُعَابُ الْمَرْءُ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِ إِنَّمَا يُعَابُ مَنْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ (4).
وَ قَالَ ع الْفُرَصُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ (5).
وَ قَالَ ع الْإِعْجَابُ يَمْنَعُ مِنَ الِازْدِيَادِ (6).
وَ قَالَ ع الْأَمْرُ قَرِيبٌ وَ الِاصْطِحَابُ قَلِيلٌ (7).
وَ قَالَ ع أَضَاءَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ (8).
ص: 110
وَ قَالَ ع تَرْكُ الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ (1)
وَ قَالَ ع كَمْ مِنْ أَكْلَةٍ مَنَعَتْ أَكَلَاتٍ (2)
وَ قَالَ ع النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا (3)
وَ قَالَ ع مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الْآرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَإِ (4)
وَ قَالَ ع مَنْ أَحَدَّ سِنَانَ الْغَضَبِ لِلَّهِ قَوِيَ عَلَى قَتْلِ أَشِدَّاءِ الْبَاطِلِ (5)
وَ قَالَ ع إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فِيهِ فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا يُخَافُ مِنْهُ (6)
وَ قَالَ ع آلَةُ الرِّئَاسَةِ سَعَةُ الصَّدْرِ (7)
وَ قَالَ ع ازْجُرِ الْمُسِي ءَ بِثَوَابِ الْمُحْسِنِ (8)
وَ قَالَ ع احْصُدِ الشَّرَّ مِنْ صَدْرِ غَيْرِكَ بِقَلْعِهِ مِنْ صَدْرِكَ (9).
وَ قَالَ ع اللَّجَاجَةُ تَسُلُّ الرَّأْيَ (10)
وَ قَالَ ع الطَّمَعُ رِقٌّ مُؤَبَّدٌ (11).
وَ قَالَ ع ثَمَرَةُ التَّفْرِيطِ النَّدَامَةُ (12).
ص: 111
وَ قَالَ ع مَنْ لَمْ يُنْجِهِ الصَّبْرُ أَهْلَكَهُ الْجَزَعُ (1)
وَ قَالَ ع عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ فيه [فَبِهِ] يَأْخُذُ الْحَازِمُ وَ إِلَيْهِ يَرْجِعُ الْجَازِعُ (2)
وَ قَالَ ع فِي شَأْنِ الْخِلَافَةِ وَا عَجَباً أَ تَكُونُ الْخِلَافَةُ بِالصَّحَابَةِ وَ لَا تَكُونُ بِالصَّحَابَةِ وَ الْقَرَابَةِ وَ يُرْوَى وَ الْقَرَابَةِ وَ النَّصِّ وَ يُرْوَى لَهُ ع شِعْرٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَ هُوَ-
فَإِنْ كُنْتَ بِالشُّورَى مَلَكْتَ أُمُورَهُمْ فَكَيْفَ بِهَذَا وَ الْمُشِيرُونَ غُيَّبٌ
وَ إِنْ كُنْتَ بِالْقُرْبَى حَجَجْتَ خَصِيمَهُمْ فَغَيْرُكَ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ وَ أَقْرَبُ (3) .
و لقد أوضح ع بهذا القول نهج المحجة و أخذ على خصومه بمضايق الحجة.
سئل أبو جعفر الخواص الكوفي و كان هذا رجلا من الصالحين و يجمع مع ذلك التقدم في العلم بمتشابه القرآن و غوامض ما فيه و سائر معانيه عما جاء في الخبر أنه من أحسن عبادة الله في شيبته ألقى الله الحكمة عند سنه.
فقال كذا قال الله عز و جل- وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً (4) ثم قال تعالى وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (5)- وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا أ لا ترى أن عليا أمير المؤمنين ع آمن صغيرا فلم يلبث أن صار ناطقا حكيما-
فَقَالَ ع رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَى وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَى قَدَّمَ خَالِصاً وَ عَمِلَ صَالِحاً وَ اكْتَسَبَ مَذْخُوراً وَ اجْتَنَبَ مَحْذُوراً رَمَى غَرَضاً وَ أَحْرَزَ عِوَضاً خَافَ ذَنْبَهُ وَ رَاقَبَ رَبَّهُ وَ جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ وَ التَّقْوَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ اغْتَنَمَ الْمَهَلَ وَ بَادَرَ الْأَجَلَ وَ أَقْطَعَ الْأَمَلَ وَ تَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ
. ثم قال أبو جعفر فهل رأيت كلاما أوجز و وعظا أبلغ من هذا و كيف
ص: 112
لا يكون كذلك و هو خطيب قريش و لقمانها ع
وَ قَالَ ع تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا (1)
قال الشريف الرضي أبو الحسن رضي الله عنه ما أقل هذه الكلمة و أكثر نفعها و أعظم قدرها و أبعد غورها و أسطع نورها و بعد هذه الكلمة قوله ع فَخَلْفَكُمُ السَّاعَةُ تَحْدُوكُمْ وَ إِنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ
وَ قَالَ ع لَا خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ كَمَا أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ (2).
وَ قَالَ ع يَا ابْنَ آدَمَ مَا كَسَبْتَ فَوْقَ قُوتِكَ فَأَنْتَ فِيهِ خَازِنٌ لِغَيْرِكَ (3).
وَ قَالَ ع إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَهْوَةً وَ إِقْبَالًا وَ إِدْبَاراً فَأْتُوهَا مِنْ قِبَلِ شَهْوَتِهَا وَ إِقْبَالِهَا فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا أُكْرِهَ عَمِيَ (4).
وَ قَالَ ع النَّاسُ نِيَامٌ فَإِذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا (5).
وَ قَالُوا كَانَ ع يَقُولُ مَتَى أَشْفِي غَيْظِي إِذَا غَضِبْتُ أَ حِينَ أَعْجِزُ عَنِ الِانْتِقَامِ فَيُقَالُ لِي لَوْ صَبَرْتَ أَمْ حِينَ أَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيُقَالُ لِي لَوْ عَفَوْتَ وَ يُرْوَى لَوْ غَفَرْتَ (6).
وَ عَنِ الشَّعْبِيِ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع مَرَّ بِقَذَرٍ عَلَى مَزْبَلَةٍ فَقَالَ هَذَا مَا بَخِلَ بِهِ الْبَاخِلُونَ وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ ع قَالَ هَذَا مَا كُنْتُمْ تَتَنَافَسُونَ عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ (7).
ص: 113
قال الشريف الرضي أبو الحسن رضي الله عنه و كل واحد من القولين حكمة واضحة العبرة و لمعة شادخة الغرة
وَ قَالَ ع لَمْ يَذْهَبْ مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ (1).
قال الرضي أبو الحسن رضي الله عنه و أقول سبحان الله ما أقصر هذه الكلمة من كلمة و أطول شأوها في مضمار الحكمة
وَ قَالَ ع إِنَّ الْقُلُوبَ تَمَلُّ فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ الْحِكْمَةِ (2).
وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع فِي قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ كَانُوا يَتَسَلَّلُونَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَكَفَى لَهُمْ غَيّاً وَ كَفَى بِذَلِكَ مِنْهُمْ شَافِياً فِرَارُهُمْ مِنَ الْهُدَى وَ الْحَقِّ وَ إِيضَاعُهُمْ إِلَى الْعَمَى وَ الْجَهْلِ وَ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُ دُنْيَا مُقْبِلُونَ عَلَيْهَا قَدْ عَلِمُوا أَنَّ النَّاسَ فِي الْحَقِّ أُسْوَةٌ فَهَرَبُوا إِلَى الْأَثَرَةِ فَبُعْداً لَهُمْ وَ سُحْقاً (3).
وَ قَالَ ع لَمَّا سَمِعَ قَوْلَ الْخَوَارِجِ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ (4).
قال الشريف أبو الحسن رضي الله عنه و هذه أبلغ عبارة عن أمر الخوارج لما جمعوا حسن الاعتزاء و الشعار و قبح الإبطان و الإضمار
وَ قَالَ ع فِي صِفَةِ الْعَامَّةِ الْغَوْغَاءِ هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا ضَرُّوا وَ إِذَا تَفَرَّقُوا نَفَعُوا فَقِيلَ لَهُ ع قَدْ عَلِمْنَا مَضَرَّةَ اجْتِمَاعِهِمْ فَمَا مَنْفَعَةُ افْتِرَاقِهِمْ قَالَ ع يَرْجِعُ أَصْحَابُ الْمِهَنِ إِلَى مِهَنِهِمْ فَيَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِمْ كَرُجُوعِ الْبَنَّاءِ إِلَى بِنَائِهِ وَ الْحَائِكُ إِلَى مَنْسَجِهِ وَ الْخَبَّازِ إِلَى مَخْبَزِهِ (5).
وَ يُرْوَى أَنَّهُ ع أُتِيَ بِجَانٍ وَ مَعَهُ غَوْغَاءُ فَقَالَ ع لَا
ص: 114
مَرْحَباً بِوُجُوهٍ لَا تُرَى إِلَّا عِنْدَ كُلِّ سَوْأَةٍ (1).
وَ جَاءَهُ ع رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ وَ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ احْتَرِسْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ هَاهُنَا قَوْماً مِنْ مُرَادٍ يُرِيدُونَ اغْتِيَالَكَ فَقَالَ ع إِنَّ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّيَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ وَ إِنَّ الْأَجَلَ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ (2).
وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع أَلَا وَ إِنَّ الْخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَيْهَا رَاكِبُهَا وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا فَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِي النَّارِ أَلَا وَ إِنَّ التَّقْوَى مَطَايَا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا وَ أُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ (3).
وَ مِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الْخُطْبَةِ أَيْضاً قَوْلُهُ ع حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ لِكُلٍّ أَهْلٌ فَلَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ لَقَدِيماً فَعَلَ وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ لَرُبَّمَا فَعَلَ وَ لَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَيْ ءٌ فَأَقْبَلَ (4).
قَالُوا وَ لَمَّا قَالَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ لَهُ ع نُبَايِعُكَ عَلَى أَنَّا شُرَكَاؤُكَ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ ع لَا وَ لَكِنَّكُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقُوَّةِ وَ الِاسْتِعَانَةِ وَ عَوْنَانِ عَلَى الْعَجْزِ وَ الْأَوَدِ (5).
وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع فِي مَدْحِ الْكُوفَةِ وَيْحَكِ يَا كُوفَةُ مَا أَطْيَبَكِ وَ أَطْيَبَ رِيحَكِ وَ أَخْبَثَ كَثِيراً مِنْ أَهْلِكِ الْخَارِجُ مِنْكِ بِذَنْبٍ وَ الدَّاخِلُ فِيكِ بِرَحْمَةٍ أَمَا لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَحِنَّ إِلَيْكِ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَ يَخْرُجَ عَنْكِ كُلُّ كَافِرٍ أَمَا لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَكُونِي مِنَ النَّهْرَيْنِ إِلَى النَّهْرَيْنِ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْكَبُ الْبَغْلَةَ السَّفْوَاءَ (6) يُرِيدُ الْجُمُعَةَ وَ لَا يُدْرِكْهَا (7).
ص: 115
وَ قَالَ ع الْمُسَالَمَةُ حبيب [خَبْ ءُ] الْعُيُوبِ (1)
وَ قَالَ ع النَّاسُ بِزَمَانِهِمْ أَشْبَهُ مِنْهُمْ بِآبَائِهِمْ (2).
وَ قَالَ ع أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِنْ قُلْتُمْ سَمِعَ وَ إِنْ أَضْمَرْتُمْ عَلِمَ وَ بَادِرُوا الْمَوْتَ الَّذِي إِنْ هَرَبْتُمْ أَدْرَكَكُمْ وَ إِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكُمْ وَ إِنْ نَسِيتُمُوهُ ذَكَرَكُمْ (3).
وَ قَالَ ع لَا يُزَهِّدُكَ فِي الْمَعْرُوفِ مَنْ لَا يَشْكُرُهُ لَكَ فَقَدْ يَشْكُرُكَ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِشَيْ ءٍ مِنْهُ (4).
وَ قَالَ ع يَا ابْنَ آدَمَ لَا تَحْمِلْ هَمَّ يَوْمِكَ الَّذِي لَمْ يَأْتِكَ عَلَى يَوْمِكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ فَإِنْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ أَجَلِكَ يَأْتِ اللَّهُ فِيهِ بِرِزْقِكَ (5).
وَ قَالَ ع كُلُّ وِعَاءٍ يَضِيقُ بِمَا جُعِلَ فِيهِ إِلَّا وِعَاءَ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَتَّسِعُ (6).
وَ قَالَ ع أَوَّلُ عِوَضِ الْحَلِيمِ مِنْ حِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُهُ عَلَى الْجَاهِلِ (7).
وَ قَالَ ع أَفْضَلُ رِدَاءٍ يُرْتَدَى بِهِ الْحِلْمُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ إِلَّا أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ (8).
ص: 116
يَا بُنَيَّ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُنِي قَدْ بَلَغْتُ سِنّاً وَ رَأَيْتُنِي أَزْدَادُ وَهْناً أَرَدْتُ بِوَصِيَّتِي إِيَّاكَ خِصَالًا مِنْهُنَّ أَنِّي خِفْتُ أَنْ يَعْجَلَ بِي أَجَلِي قَبْلَ أَنْ أُفْضِيَ إِلَيْكَ بِمَا فِي نَفْسِي وَ أَنْ أُنْقَصَ فِي رَأْيِي كَمَا نُقِصْتُ فِي جِسْمِي أَوْ يَسْبِقَنِي إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ الْهَوَى وَ فِتَنِ الدُّنْيَا فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ فَإِنَّ قَلْبَ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْ ءٍ قَبِلَتْهُ فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ وَ يَشْتَغِلَ لُبُّكَ لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بغيبة [بُغْيَتَهُ] وَ تجربة [تَجْرِبَتَهُ] فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَ عُوفِيتَ مِنْ عِلَاجِ التَّجْرِبَةِ فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتِيهِ وَ اسْتَبَانَ لَكَ مَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا فِيهِ وَ مِنْهَا وَ اعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ طَرِيقاً ذَا مَشَقَّةٍ بَعِيداً وَ هَوْلًا شَدِيداً وَ أَنَّكَ لَا غِنَى بِكَ عَنْ حُسْنِ الِارْتِيَادِ وَ قَدْرِ بَلَاغِكَ مِنَ الزَّادِ مَعَ خِفَّةِ الظَّهْرِ فَلَا تَحْمِلَنَّ عَلَى ظَهْرِكَ فَوْقَ طَاقَتِكَ فَيَكُونَ ثِقْلُهُ وَبَالًا عَلَيْكَ وَ إِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ ذَلِكَ فَيُوَافِيكَ بِهِ حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ تغتنمه [فَاغْتَنِمْهُ] وَ اغْتَنِمْ مَا أَقْرَضْتَ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ فِي حَالِ غِنَاكَ وَ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَمَامَكَ عَقَبَةً كَئُوداً مَهْبِطُهَا عَلَى جَنَّةٍ أَوْ عَلَى نَارٍ فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ نُزُولِكَ فَلَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ وَ لَا إِلَى الدُّنْيَا مُنْصَرَفٌ-
ص: 117
وَ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّكَ خُلِقْتَ لِلْآخِرَةِ لَا إِلَى الدُّنْيَا [لِلدُّنْيَا] وَ لِلْفَنَاءِ لَا لِلْبَقَاءِ وَ أَنَّكَ لَفِي مَنْزِلِ قُلْعَةٍ وَ دَارِ بُلْغَةٍ وَ طَرِيقٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَ أَنَّكَ طَرِيدُ الْمَوْتِ الَّذِي لَا يَنْجُو مِنْهُ هَارِبُهُ وَ لَا يَفُوتُهُ طَالِبُهُ وَ إِيَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا الطَّمَعِ فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا تَكُونَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ وَ مِنْهَا ظُلْمُ الضَّعِيفِ أَفْحَشُ الظُّلْمِ وَ رُبَّمَا كَانَ الدَّاءُ دَوَاءً وَ الدَّوَاءُ دَاءً وَ رُبَّمَا نَصَحَ غَيْرُ النَّاصِحِ وَ غَشَّ الْمُسْتَنْصَحُ وَ إِيَّاكَ وَ الِاتِّكَالَ عَلَى الْمُنَى فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوْكَى وَ الْعَقْلُ حِفْظُ التَّجَارِبِ وَ خَيْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ بَادِرِ الْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَّةً مِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةُ الزَّادِ لَا خَيْرَ فِي مُعِينٍ مُهِينٍ [مَهِينٍ] سَيَأْتِيكَ مَا قُدِّرَ لَكَ لَا تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِيقكَ صَدِيقاً فَتُعَادِيَ صَدِيقَكَ امْحَضْ أَخَاكَ النَّصِيحَةَ حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ قَبِيحَةً وَ إِنْ أَرَدْتَ قَطِيعَةَ أَخِيكَ فَاسْتَبْقِ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ بَقِيَّةً تَرْجِعُ إِلَيْهَا لَا يَكُونَنَّ أَخُوكَ عَلَى قَطِيعَتِكَ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى صِلَتِهِ وَ لَا يَكُونَنَّ عَلَى الْإِسَاءَةِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى الْإِحْسَانِ لَا يَكْبُرَنَّ عَلَيْكَ ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي مَضَرَّتِهِ وَ نَفْعِكَ وَ لَيْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَهُ وَ الرِّزْقُ رِزْقَانِ رِزْقٌ تَطْلُبُهُ وَ رِزْقٌ يَطْلُبُكَ فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَأْتِهِ أَتَاكَ مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَ الْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنَى إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْيَاكَ مَا أَصْلَحْتَ بِهِ مَثْوَاكَ اسْتَدِلَّ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا قَدْ كَانَ فَإِنَّ الْأُمُورَ أَشْبَاهٌ لَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ لَا تَنْفَعُهُ الْعِظَةُ إِلَّا إِذَا أَبْلَغْتَ فِي أَلَمِهِ فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَتَّعِظُ بِالْقَلِيلِ وَ إِنَّ الْبَهَائِمَ لَا تَنْتَفِعُ إِلَّا بِالضَّرْبِ الْأَلِيمِ مَنْ تَرَكَ الْقَصْدَ جَارَ وَ مَنْ تَعَدَّى الْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُهُ وَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِهِ كَانَ أَبْقَى لَهُ وَ رُبَّمَا أَخْطَأَ الْبَصِيرُ قَصْدَهُ وَ أَصَابَ الْأَعْمَى رُشْدَهُ قَطِيعَةُ الْجَاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ الْعَاقِلِ إِذَا تَغَيَّرَ السُّلْطَانُ تَغَيَّرَ الزَّمَانُ نِعْمَ طَارِدُ الْهَمِّ الْيَقِينُ وَ مِنْهَا يَا بُنَيَّ وَ إِيَّاكَ وَ مُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ فَإِنَّ رَأْيَهُنَّ إِلَى أَفْنٍ وَ عَزْمَهُنَّ إِلَى وَهْنٍ وَ
ص: 118
أَقْصِرْ عَلَيْهِنَّ حُجُبَهُنَّ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَ لَيْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِنْ الدخول [دُخُولِ] مَنْ لَا يُوثَقُ بِهِ عَلَيْهِنَّ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَا يَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ وَ لَا تُمَلِّكِ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا يُجَاوِزُ نَفْسَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَنْعَمُ لِبَالِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ وَ لَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ وَ لَا تُعْطِهَا حَتَّى تَشْفَعَ لِغَيْرِهَا وَ إِيَّاكَ وَ التَّغَايُرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ غَيْرَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعُو الصَّحِيحَةَ إِلَى السَّقَمِ وَ أَوَّلُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ قَوْلُهُ ع مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِي الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ الْمُدْبِرِ الْعُمُرِ الْمُسْتَسْلِمِ لِلدَّهْرِ الذَّامِّ لِلدُّنْيَا السَّاكِنِ مَسَاكِنَ الْمَوْتَى الظَّاعِنِ عَنْهَا غَداً إِلَى الْوَلَدِ الْمُؤَمِّلِ مَا لَا يُدْرِكُ السَّالِكِ سَبِيلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ غَرَضِ الْأَسْقَامِ وَ رَهِينَةِ الْأَيَّامِ وَ رَمِيَّةِ الْمَصَائِبِ وَ عَبْدِ الدُّنْيَا وَ تَاجِرِ الْغُرُورِ وَ غَرِيمِ الْمَنَايَا وَ أَسِيرِ الْمَوْتِ وَ حَلِيفِ الْهُمُومِ وَ قَرِينِ الْأَحْزَانِ وَ نُصُبِ الْآفَاتِ وَ صَرِيعِ الشَّهَوَاتِ وَ خَلِيفَةِ الْأَمْوَاتِ (1).
وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع فِي صِفَةِ الدُّنْيَا مَا أَصِفُ مِنْ دَارٍ أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا فَنَاءٌ فِي حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِي حَرَامِهَا عِقَابٌ مَنِ اسْتَغْنَى فِيهَا فُتِنَ وَ مَنِ افْتَقَرَ فِيهَا حَزِنَ وَ مَنْ سَاعَاهَا فَاتَتْهُ وَ مَنْ قَعَدَ عَنْهَا وَاتَتْهُ وَ مَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ وَ مَنْ أَبْصَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْهُ (2).
وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ وَ مَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ وَ مَنْ خَافَ أَمِنَ وَ مَنِ اعْتَبَرَ
ص: 119
أَبْصَرَ وَ مَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ وَ مَنْ فَهِمَ عَلِمَ وَ صَدِيقُ الْجَاهِلِ فِي تَعَبٍ (1).
قال الشريف الرضي ذو الحسبين أبو الحسن رضي الله عنه و لو لم يكن في هذه الفقرة المذكورة إلا هذه الكلمة الأخيرة لكفى بها لمعة ثاقبة و حكمة بالغة و لا عجب أن تفيض الحكمة من ينبوعها و تزهر البلاغة في ربيعها.
قال الكاتب تمت كتابة كتاب خصائص الأئمة ع و فرغ من كتبه العبد المذنب الراجي إلى غفران الله و عفوه عبد الجبار بن الحسين بن أبي العم الحاج الفراهاني الساكن بقرية خونجان (2) عمرها الله يوم الأربعاء الرابع من شوال سنة ثلاث و خمسين و خمس مائة غفر الله له و لوالديه و لجميع المؤمنين و المسلمات إنه الغفور الرحيم
ص: 120
ص: 121
في آخر النسخة المخطوطة وجدت بعض الصحائف بخط الكاتب نفسه و هي تتعلق بكتاب خصائص أمير المؤمنين ع و كان الكاتب وقف على نسخة مخطوطة أخرى جاءت فيها هذه الزيادات فكتبها و جعلها في آخر الكتاب و قد أثبتناها أيضا هنا و هي
ص: 122
منها الرعية (1)
وَ لْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ لِلَّهِ بِهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّةً فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ وَ نَهَارِكَ وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ كَامِلًا غَيْرَ مَثْلُومٍ وَ لَا مَنْقُوصٍ بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ وَ إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ لِلنَّاسِ فَلَا تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَا مُضَيِّعاً فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَ لَهُ الْحَاجَةُ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص حِينَ وَجَّهَنِي إِلَى الْيَمَنِ كَيْفَ أُصَلِّي بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ كَصَلَاةِ أَضْعَفِهِمْ وَ كُنْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً وَ أَمَّا بَعْدَ هَذَا فَلَا تُطَوِّلَنَّ احْتَجَابَكَ مِنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاةِ عَنِ الرَّعِيَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضِّيقِ وَ قِلَّةُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ وَ الِاحْتِجَابُ مِنْهُمْ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ فَيَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْكَبِيرُ وَ يَعْظُمُ الصَّغِيرُ وَ يَقْبُحُ الْحَسَنُ وَ يَحْسُنُ الْقَبِيحُ وَ يُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ إِنَّمَا الْوَالِي بَشَرٌ لَا يَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَ لَيْسَتْ عَلَى الْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْكَذِبِ وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي الْحَقِّ فَفِيمَ احْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِيهِ أَوْ فِعْلٍ كَرِيمٍ تُسْدِيهِ أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَيْكَ مَا لَا مَئُونَةَ فِيهِ عَلَيْكَ مِنْ شَكَاةِ مَظْلِمَةٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ-
ص: 123
ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِي خَاصَّةً وَ بِطَانَةً فِيهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّةُ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ فَاحْسِمْ مَادَّةَ أُولَئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ وَ لَا تُقْطِعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَاشِيَتِكَ وَ خَاصَّتِكَ قَطِيعَةً وَ لَا يَطْمَعَنَّ مِنْكَ فِي اعْتِقَادِ عُقْدَةٍ تَضُرُّ بِمَنْ يَلِيهَا مِنَ النَّاسِ فِي شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ يَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ فَيَكُونَ مَهْنَأُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَكَ وَ عَيْبُهُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ أَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِيبِ وَ الْبَعِيدِ وَ كُنْ فِي ذَلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَ خَاصَّتِكَ حَيْثُ وَقَعَ وَ ابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثْقُلُ عَلَيْكَ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذَلِكَ مَحْمُودَةٌ وَ إِنْ ظَنَّتِ الرَّعِيَّةُ بِكَ حَيْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ وَ اعْدِلْ عَنْهُمْ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ إِعْذَاراً تَبْلُغُ فِيهِ حَاجَتَكَ مِنْ تَقْوِيمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ لِلَّهِ فِيهِ رِضًى فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَ أَمْناً لِبِلَادِكَ وَ لْيَكُنِ الْحَذَرُ كُلُّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اتَّهِمْ فِي ذَلِكَ حُسْنَ الظَّنِّ وَ إِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَيْ ءٌ فِي النَّاسِ أَشَدُّ عَلَيْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفْرِيقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشْتِيتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ وَ لَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لَا تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لَا يَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِيٌّ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ وَ حَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى منعه [مَنَعَتِهِ] وَ يَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ وَ لَا إِدْغَالَ وَ لَا مُدَالَسَةَ وَ لَا خِدَاعَ فِيهِ وَ لَا تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِيهِ الْعِلَلَ وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ الْقَوْلِ بَعْدَ التَّأْكِيدِ وَ التَّوْثِقَةِ وَ لَا يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ-
ص: 124
وَ [شَبَّهَ] الْعَيْنَ بِالْوِكَاءِ فَإِذَا أُطْلِقَ الْوِكَاءُ لَمْ يَنْضَبِطِ الْوِعَاءُ و هذا القول في الأشهر الأظهر من كلام النبي ص و قد رواه قوم لأمير المؤمنين ع و ذكر ذلك المبرد في كتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف و قد تكلمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم به المجازات و الآثار النبوية (1)
وَ قَالَ ع فِي كَلَامٍ لَهُ وَ وَلِيَهُمْ وَالٍ فَأَقَامَ وَ اسْتَقَامَ حَتَّى ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ (2)
وَ قَالَ ع يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ يَعَضُّ الْمُوسِرُ فِيهِ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ وَ لَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ- وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ (3) تَنْهَدُ فِيهِ الْأَشْرَارُ وَ تُسْتَذَلُّ الْأَخْيَارُ وَ يُبَايَعُ الْمُضْطَرُّونَ وَ قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّينَ (4).
وَ قَالَ ع يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلَانِ مُحِبٌّ مُفْرِطٌ وَ بَاهِتٌ مُفْتَرٍ وَ هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ يَهْلِكُ فِيَّ مُحِبٌّ غَالٍ وَ مُبْغِضٌ قَالٍ (5).
وَ سُئِلَ ع عَنِ التَّوْحِيدِ وَ الْعَدْلِ فَقَالَ إِنَّ التَّوْحِيدَ أَنْ لَا تَتَوَهَّمَهُ وَ الْعَدْلَ أَنْ لَا تَتَّهِمَهُ (6).
وَ قَالَ لَا خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ كَمَا أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ (7).
ص: 125
وَ قَالَ فِي دُعَاءٍ اسْتَسْقَى بِهِ اللَّهُمَّ اسْقِنَا ذُلُلَ السَّحَابِ دُونَ صِعَابِهَا (1).
و هذا من الكلام العجيب الفصاحة و ذلك أنه ع شبه السحاب ذوات الرعود و البوارق و الرياح و الصواعق بالإبل الصعاب التي تقص بركبانها و شبه السحاب خالية من تلك الروائع بالإبل الذلل التي تحتلب طيعة و تقتعد مسمحة
وَ قِيلَ لَهُ ع لَوْ غَيَّرْتَ شَيْبَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ الْخِضَابُ زِينَةٌ وَ نَحْنُ قَوْمٌ فِي مُصِيبَةٍ يُرِيدُ مُصِيبَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص (2).
وَ قَالَ ع الْقَنَاعَةُ مَالٌ لَا يَنْفَدُ (3) وَ قَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْكَلَامَ عَنِ النَّبِيِّ ص
وَ قَالَ ع لِزِيَادِ بْنِ أَبِيهِ وَ قَدِ اسْتَخْلَفَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَلَى فَارِسَ وَ أَعْمَالِهَا فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهَاهُ فِيهِ عَنْ تَقْدِيمِ الْخَرَاجِ اسْتَعْمِلِ الْعَدْلَ وَ احْذَرِ الْعَسْفَ وَ الْحَيْفَ فَإِنَّ الْعَسْفَ يَعُودُ بِالْجَلَاءِ وَ الْحَيْفَ يَدْعُو إِلَى السَّيْفِ (4).
وَ قَالَ أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ (5).
وَ قَالَ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا (6)
وَ قَالَ شَرُّ الْإِخْوَانِ مَنْ تُكُلِّفَ لَهُ (7).
ص: 126
وَ قَالَ إِذَا احْتَشَمَ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ فَقَدْ فَارَقَهُ (1)
انتهت الزيادة بحمد الله و منه و صلواته على نبيه محمد و آله أجمعين و فرغ من كتبه العبد المذنب عبد الجبار بن الحسين بن أبي العم الحاجي الفراهاني يوم الأربعاء التاسع عشر من جمادى الأولى من سنة ثلاث و خمسين و خمسمائة في خدمة مولانا الأمير الأجل السيد ضياء الدين تاج الإسلام أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني أدام الله ظله و قد آوى إلى قرية جوسقان راوند متفرجا من نسخته بخطه حامدا لله و مصليا على النبي و آله أجمعين و السلام
ص: 127
1- الآيات القرآنية ...
2- مصادر التّحقيق ...
3- اعلام الكتاب ...
4- مواضيع الكتاب ...
ص: 128
ص: 129
الصفحة الآية البقرة
124 وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ 237
آل عمران
37 تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً 30
77 وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ 97
74 وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا 103
النساء
103 إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ 17
103 وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ 110
الأعراف
45 اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ 142
التوبة
76 فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ 12
58 ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ 40
ص: 130
يونس
101 يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ 23
82 أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي 35
يوسف
111 وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً 22
إبراهيم
103 لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ 7
مريم
71 إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ 96
الأنبياء
47 بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ 27
النمل
47 أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ 39
القصص
70 وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ 5
111 وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ 14
الأحزاب
34 إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ 33
فاطر
101 وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ 43
ص: 131
ص
99 وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ 88
غافر
103 ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ 60
الأحقاف
70 وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً 15
74 وَ أُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ 23
محمّد (ص)
76 وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ 35
الفتح
101 فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ 10
ص: 132
أخبار السّيّد الحميريّ محمّد بن عمران المرزبانيّ ط نجف 1385 ه.
الإرشاد الشّيخ المفيد محمّد بن محمّد البغداديّ ط ايران.
الاستيعاب ابن عبد البرّ (هامش الإصابة).
أسد الغابة عزّ الدّين عليّ بن الأثير الشيبانيّ ط مصر.
الإصابة ابن حجر العسقلانيّ ط مصر 1- 4.
اصول الكافيّ الكلينيّ محمّد بن يعقوب ط بيروت.
الأعلام خير الدّين الزركليّ.
أعلام الورى أمين الإسلام الفضل بن الحسن الطبرسيّ.
أعيان الشّيعة السّيّد محسن الأمين العامليّ.
الأغانيّ أبو الفرج الأصفهانيّ.
الإمامة و السّياسة ابن قتيبة الدّينوريّ 1- 2 مصر.
أمل الآمل الشّيخ محمّد بن الحرّ العامليّ 1- 2 ط نجف.
الأنساب عبد الكريم السّمعانيّ.
بحار الأنوار العلّامة المجلسيّ ط القديمة و الجديدة.
البداية و النّهاية ابن كثير الدّمشقيّ 1- 14 ط مصر.
بصائر الدّرجات ابن فروخ الصّفار القمّيّ ط ايران.
تأسيس الشّيعة السّيّد حسن الصّدر ط بغداد.
تاريخ بغداد الخطيب أحمد بن عليّ البغداديّ 1- 14.
تاريخ الأمم و الملوك ابن جرير الطّبريّ 1- 12 ط مصر.
تاريخ اليعقوبيّ ابن واضح اليعقوبيّ 1- 2 ط بيروت.
ص: 133
تفسير الصّافيّ المولى الفيض الكاشانيّ.
تنقيح المقال الشّيخ عبد اللّه المامقانيّ 1- 3.
تهذيب التّهذيب ابن حجر العسقلاني 1- 14 ط الهند.
الثّقات العيون الشّيخ آغا بزرگ الطّهرانيّ (الطبقات).
ثمار القلوب الثّعالبيّ ط مصر.
جامع الرّواة المولى محمّد عليّ الأردبيلىّ 1- 2.
جمهرة أنساب العرب ابن حزم الأندلسيّ.
جمهرة خطب العرب أحمد صفوت 1- 3 ط مصر.
حقائق التّأويل الشّريف الرّضيّ (المقدّمة).
حلية الأولياء الحافظ أبو نعيم الأصفهانيّ 1- 10.
خصائص أمير المؤمنين الحافظ النّسائيّ ط نجف- و ط ايران.
دار السّلام المحدّث النّوريّ 1- 3 ط ايران.
الدّر المنثور (تفسير) جلال الدّين السّيوطيّ 1- 6 ط مصر.
الدّرجات الرفيعة السّيّد عليّ خان المدنيّ ط نجف.
دستور معالم الحكم القضاعيّ.
دعائم الإسلام القاضي نعمان بن محمّد المغربيّ 1- 2.
ديوان الشّريف الرّضيّ 1- 2.
ديوان الهاشميّات الكميت بن زياد ط مصر.
ذخائر العقبى محبّ الدّين الطّبريّ.
الذّريعة الشّيخ آغا بزرگ الطّهرانيّ 1- 25.
راهنماى دانشوران جمع من الأدباء 1- 9 ط ايران.
الرّجال ابن داود الحلّيّ ط النّجف.
الرّجال الشّيخ الطّوسيّ محمّد بن الحسن.
الرّجال النّجاشيّ أحمد بن عليّ.
روضة الواعظين محمّد بن الحسن الفتال النّيسابوريّ.
روضات الجنّات الخونساريّ 1- 8 ط ايران.
رياض العلماء الميرزا عبد اللّه الأفنديّ 1- 6.
الرّياض النّضرة محبّ الدّين الطّبريّ 1- 2 ط مصر.
ريحانة الأدب محمّد عليّ المدرّس 1- 8 ط ايران.
ص: 134
زين الفتى الحافظ العاصميّ. مخطوط في مكتبتي الخاصّة.
سفينة البحار المحدّث القمّيّ 1- 2.
شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد 1- 20 ط مصر.
شرح نهج البلاغة ابن ميثم البحرانيّ 1- 5 ط ايران.
شرح نهج البلاغة الشّيخ محمّد عبده ط مطبعة الاستقامة.
الشّريف الرّضيّ الشّيخ عبد الحسين الامينىّ ط نجف.
الشّريف الرّضيّ الشّيخ محمّد هادي الأمينىّ.
شهداء الفضيلة الشّيخ عبد الحسين الأمينيّ ط نجف.
الصّواعق المحرقة ابن حجر العسقلانيّ ط مصر.
الطّبقات الكبرى ابن سعد ط بيروت 1- 8.
العقد الفريد ابن عبد ربّه 1- 8.
علل الشّرائع الشّيخ الصّدوق ابن بابويه 1- 2 ط نجف.
الغدير الشّيخ الأميني 1- 11 ط بيروت.
غزوات أمير المؤمنين (ع) الشّيخ جعفر النّقدي.
فاطمة بنت أسد الشّيخ محمّد هادى الأمينيّ (مخطوط).
فرحة الغريّ السّيّد عبد الكريم بن طاوس ط النّجف.
فضائل الخمسة السّيّد مرتضى الفيروزآباديّ 1- 3.
فوائد الرّضويّة الشّيخ عبّاس القمّيّ.
قضاوتهاى أمير المؤمنين (ع) الشّيخ ذبيح اللّه المحلّاتيّ.
كامل الزّيارات ابن قولويه القمّيّ.
الكامل في التّاريخ ابن الأثير 1- 13 ط مصر.
كشف الظّنون الحاجي خليفة 1- 2.
كفاية الطّالب الحافظ الگنجىّ الشّافعيّ. تحقيق محمّد هادى الأمينيّ.
كنز العمّال المتّقي الهنديّ، ط الهند.
كنوز الحقائق عبد الرّءوف المناويّ.
الكنى و الألقاب الشّيخ القمّيّ 1- 3 تقديم محمّد هادى الأمينيّ.
المجازات النّبويّة الشّريف الرّضيّ.
مجالس المؤمنين القاضي نور اللّه التّستريّ 1- 2.
مجمع الأمثال الميدانيّ 1- 2.
ص: 135
مجمع الزّوائد الهيثميّ 1- 10 ط مصر.
مستدرك الصّحيحين الحاكم النّيسابوريّ 1- 4 ط الهند.
مستدرك الوسائل المحدّث النوريّ 1- 3 المجلد الأخير.
المسند أحمد بن حنبل.
مسند الرّسول (ص) الشّيخ يحيى الفلسفيّ الدّارابىّ 1- 3.
مصادر ترجمة الشّريف الرّضىّ الشّيخ محمّد هادى الأميني.
معجم الأدباء الياقوت الحمويّ 1- 20 ط مصر.
معجم البلدان الياقوت الحموي 1- 5.
معجم رجال الفكر و الأدب الشيخ محمّد هادى الامينى
مقاتل الطالبيين أبو الفرج الأصفهانيّ.
مقتل الحسين (ع) الحافظ الخوارزميّ 1- 2.
المناقب ابن شهرآشوب المازندرانيّ 1- 4.
المنتظم عبد الرّحمن بن الجوزيّ ط الهند.
منتهى المقال أبو عليّ الحائريّ.
مهج الدّعوات السّيّد ابن طاوس الحلّيّ.
نظم درر السّمطين الحافظ الزّرنديّ الحنفيّ ط نجف.
نور الأبصار الشّبلنجيّ مؤمن ط مصر.
نهاية الإرب النّويريّ ط مصر 1- 18.
وفيات الأعيان ابن خلّكان 1- 2 ط ايران.
وقعة صفّين نصر بن مزاحم ط مصر.
هدية الأحباب الشّيخ عبّاس القمّيّ.
هدية العارفين البغداديّ 1- 2.
ص: 136
آدم عليه السلام: 87، 90، 92، 115.
ابن أبي رافع: 79.
ابن جني: 26، 28.
ابن الحجاج الحسين: 32.
ابن شهرآشوب محمّد بن علي: 34.
ابن الكواء: 58، 68، 87، 89.
أبو إسحاق الزجاج: 28.
أبو إسحاق الصابي: 31، 32.
أبو أيوب المدني: 82.
أبو بصير: 56.
أبو بكر الخوارزمي: 20.
أبو بكر بن أبي قحافة: 58، 74، 81، 82.
ابو تغلب بن حمدان: 21.
أبو جعفر الخواص: 111.
أبو جعفر النيسابوريّ: 34.
أبو الحسن أمير المؤمنين. عليّ عليه السلام:
11، 12، 13، 14، 30، 31، 32، 39، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 47، 48، 49، 50، 51، 52، 53، 54، 55، 56، 57، 58، 59، 60، 61، 62، 63، 64، 65، 66، 67، 68، 70، 71، 72، 73، 74، 75، 76، 77، 78، 79، 80، 81، 82، 83، 84، 85، 86، 87، 89، 90، 91، 92، 93، 94، 95، 96، 97، 98، 99، 100، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 118، 121، 124، 125.
أبو الحكم: 62.
أبو سعيد السمعاني: 34.
أبو صالح: 105.
أبو طالب: 64، 68.
أبو عبد اللّه المفيد: 22، 29، 30، 33.
أبو عبد اللّه بن المهلوس: 32.
أبو عليّ الحداد: 34.
أبو علي الشاعر: 21.
أبو علي ابن الشيخ الطوسيّ: 34.
أبو علي الفارسيّ: 28، 31.
ص: 137
ابو غالب فخر الملك: 32.
ابو الفتح بن أبي الفضل: 34.
ابو الفضل الخزاعيّ: 15.
ابو المعلى: 82.
أبو المقدام الثقفى: 56.
أبو وهب البصري: 40.
أبان بن تغلب: 59.
إبراهيم المجاب: 33.
إبراهيم بن أحمد الطبريّ: 29.
إبراهيم الأصغر: 20.
إبراهيم الكفعمي: 124.
أحمد. رسول اللّه. النبيّ. محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم: 39، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 49، 50، 51، 55، 56، 58، 59، 60، 61، 62، 65، 66، 67، 72، 73، 74، 76، 77، 78، 80، 81، 84، 86، 89، 91، 92، 95، 99، 104، 122، 124، 126.
أحمد بن إبراهيم الضبى: 20.
أحمد بن عبد اللّه: 56.
أحمد بن محمّد: 47.
أحمد بن محمّد بن عمّار العجليّ: 72.
أحمد بن محمّد الناصر الكبير: 20.
أحمد بن موسى الأبرش: 21.
أحمد بن المهنا: 33.
الاخفش: 28.
إسحاق بن إبراهيم الكوفيّ: 105.
إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر: 55.
إسماعيل بن الفضل: 15.
أصبغ بن نباته: 48، 53، 58، 87.
أويس القرني: 53.
بختيار بن عزّ الدّولة: 22.
بريدة الأسلمي: 67.
بلال الحبشي: 78، 79.
بهاء الدّولة: 21، 25.
جابر بن عبد اللّه الأنصاري: 50.
جعدة بن هبيرة: 63.
جعفر الصادق عليه السلام: 39، 40، 44، 47، 59، 61، 62، 64، 70، 81، 82، 86، 90، 92.
جعفر بن محمّد الحسني: 105.
جعفر بن محمّد بن عبيد اللّه: 47.
جندب بن عبد اللّه البجلي: 60، 67.
جويرة بن مسهر: 56، 57.
حذافة بن غانم العدوي: 68.
حسان بن ثابت: 42، 43.
الحسن عليه السلام: 44، 49، 50، 78، 79، 116.
الحسن بن أبي الحسن البصري: 63.
الحسن بن أحمد الفارسيّ: 30.
الحسن بن أحمد الناصر: 21.
السيرافي الحسن بن عبد اللّه: 26، 28.
الحسن بن عليّ الأصغر: 20.
حسن بن السيّد هادي الصدر: 33.
حمدان بن سليمان النيسابوريّ: 40.
الحسين عليه السلام: 20، 33، 44، 62، 77.
المحدث النوريّ الحسين بن محمّد تقى: 30، 33.
ص: 138
حسين بن محمّد بن يحيى: 64.
حسين بن المختار: 56.
الحسين بن موسى: 20، 22، 24، 32، 33.
الحسين الناصر الصغير: 20.
خالد بن عرفطة: 52، 53.
الخضر عليه السلام: 90.
داود عليه السلام: 97.
الرّضي. الشريف: 11، 12، 14، 15، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 32، 33، 87، 95، 99، 104، 112، 113، 119.
الزبير: 61.
زكريا بن يحيى القطان: 62.
زياد بن أبيه: 125.
زيد بن عبد مناف: 68، 69.
زيد بن موسى عليه السلام: 44، 45.
زين الدين الشهيد الثاني: 26.
زين العابدين عليه السلام: 20، 23.
سابور بن اردشير: 28.
سعد بن أبي وقاص: 53.
سلمان الفارسيّ: 82، 101.
سليمان عليه السلام: 47.
سليمان بن مهران الأعمشى: 76.
سهل بن كهيل: 70.
سهيل بن ذبيان: 44.
شرف الدولة: 28.
صمصام الدولة: 21.
ضرار بن ضمرة الضبابى: 70.
الطحاوي: 28.
طلحة: 61.
عاصم بن ضمرة السلولي: 83.
عامر بن شراحيل الشعبى: 112.
العباس بن عبد المطلب: 77.
عبد الجبار بن أحمد: 29.
عبد الجبار بن الحسين: 15، 19، 119، 126.
عبد الحسين الأميني: 30.
عبد الحسين الحلي: 22.
عبد الرحمن بن ملجم: 63، 108.
عبد الرحيم بن محمّد بن نباته: 28.
عبد الرزاق المقرم: 14، 20.
عبد السلام بن الحسين: 28.
عبد العزيز الطباطبائي: 15.
عبد اللّه بن الحسين: 15.
عبد اللّه بن الزبعري: 68.
عبد اللّه بن شبيب: 15.
عبد اللّه بن صالح بن جمعة: 55.
عبد اللّه بن عامر بن كريز: 61.
عبد اللّه بن عبّاس: 48، 71، 74، 75، 95.
عبد اللّه بن محمّد الاكفاني: 30.
عبد اللّه محمّد اليماني: 40.
عبد المطلب: 68.
عبد اللّه بن ميمون: 47.
عبد الملك بن قريب الأصمعي: 94.
عبد الواحد بن المختار: 56.
عبيد اللّه بن زياد: 54، 55.
عثمان بن عفان: 89.
عضد الدولة: 21، 24.
ص: 139
عطية: 76.
علم الهدى. المرتضى: 24، 26، 27، 29، 32، 33، 52.
علي بن الحسن: 20.
علي بن عيسى الربعي: 28.
علي بن موسى الرضا عليه السلام: 44.
عمر بن إبراهيم: 29.
عمر الأشرف: 20.
عمر بن الخطّاب: 48، 49، 67، 77، 82، 83، 84، 85، 90، 91، 92.
عمر بن سعد: 62.
عمر بن يزيد: 82.
عمرو بن حريث: 54، 55.
عمرو بن المنهال: 58.
عيسى عليه السلام: 90.
عيسى بن أحمد بن عيسى: 77.
عيسى بن الحسين بن عيسى بن زيد العلوي:
105.
أبو موسى عيسى الضرير: 72، 73.
عيسى بن عليّ بن عيسى: 30.
فخار بن معد: 29.
الفضل بن الحسن الطبرسيّ: 34.
فضل اللّه الراونديّ: 15، 19، 34، 35، 126.
الفضل بن دكين: 52.
فضل بن الزبير: 62.
قابيل: 92.
القادر بالله العباسيّ: 23، 24.
قنبر: 57، 84، 86.
قيس بن سعد بن عبادة: 42، 43.
قصي بن كلاب: 68، 69.
قوام الدين الملك: 25.
كعب الأحبار: 89، 90.
الكلبي: 105.
الكميت بن زيد الأسدي: 43.
كميل بن زياد: 30، 105.
مالك الأشتر النخعيّ: 122.
محمّد بن أبي عمير: 82.
محمّد بن أحمد بن عبيد اللّه: 77.
محمّد الأعرج: 20.
شيخ الطائفة الطوسيّ محمّد بن الحسن: 30.
محمّد بن الحسن الطوسيّ: 34.
محمّد بن الحسين بن سعيد: 56.
محمّد الحميري: 43، 44، 51.
محمّد بن سليمان الأصفهانيّ: 52.
محمّد بن عبد اللّه بن مسكان: 64.
محمّد بن عليّ الجواد عليه السلام: 13، 37.
محمّد بن عمران المرزباني: 30.
محمّد بن القاسم الصوفي: 21.
محمّد بن مكي الشهيد الأول: 26.
محمّد بن موسى الخوارزمي: 28.
محمّد بن همام الإسكافيّ: 205.
محمّد بن يحيى: 40.
محمّد بن يعقوب: 40، 64.
مصعب بن سلام: 81.
معاوية: 42، 47، 53، 56، 70، 75.
المعتصم: 21.
معز الدولة: 21، 22.
ص: 140
محمّد بن عليّ بن خلف: 105.
المغيرة: 68.
منيع بن الحجاج: 40.
موسى أبو سبحة: 20.
موسى عليه السلام: 45، 87، 90.
موسى بن جعفر عليه السلام: 13، 20، 23، 33، 37.
موسى الأبرش: 20.
مهذب الدولة: 21.
ميثم التمار: 54، 55.
الناصر الأطروش: 21، 22.
نوف البكالي: 97.
الوزير المهلبي الحسن بن محمّد بن هارون:
27.
الوليد بن أبان: 64.
هادي آل كاشف الغطاء: 14.
هارون عليه السلام: 45، 57.
هارون بن موسى التلعكبرى: 30، 57، 64، 72، 77، 105،
هاشم: 68.
يوسف البحرانيّ: 33.
يونس: 40، 52.
أم حكيم بنت عمرو الخولية: 52.
أم كلثوم: 63.
أم هاني بنت أبى طالب: 63.
بلقيس: 47.
حوّاء: 92.
زينب عليها السلام: 63.
عائشة: 67.
فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: 29، 44.
فاطمة بنت أسد: 39، 52، 64، 65.
فاطمة بنت الحسين الناصر: 20، 22، 29.
ص: 141
11 المقدّمة
20 ترجمة الشريف الرضي
34 ترجمة السيّد فضل اللّه الراونديّ
36 مقدّمة المؤلّف السيّد الرضي
39 خصائص أمير المؤمنين عليه السلام
40 فضل زيارته عليه السلام
41 طرف من الاحتجاج للنص عليه عليه السلام
42 الأشعار في نص النبيّ على أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الغدير
46 معجزته عليه السلام مع الخارجي
47 اجتيازه عليه السلام من كربلاء
48 قصة صاحب المواشي مع عمر، و كرامة أمير المؤمنين عليه السلام
49 حديث النوق التي خرجت من الصخرة
51 قصيدة الحميري البائية
52 إخباره بعدم موت خالد بن عرفطة
53 بيعة أويس القرني في صفّين
54 خبر ميثم التمار
55 علمه عليه السلام بالتنزيل
56 حديث ردّ الشمس
57 حديث قميص هارون
58 ردّه عليه السلام لطغيان الفرات
ص: 142
58 حديثه عليه السلام مع ابن الكواء في مبيته على فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
60 إخباره عليه السلام، المخدع ذى الثدية
61 قتال الخوارج بالنهروان
61 خروج طلحة و الزبير على أمير المؤمنين عليه السلام
62 حديث سلوني قبل أن تفقدوني
62 إخباره عليه السلام بقتل الحسين عليه السلام
63 إخباره عليه السلام ابنته زينب بمقتله ليلة قتله
64 حديث وفاة فاطمة بنت أسد
65 في تلقين النّبي (ص) لفاطمة بنت أسد
67 لقبه بأمير المؤمنين عليه السلام
68 شرحه عليه السلام أسماء أجداده
70 وصف ضرار بن ضمرة
72 في وصية النّبيّ (ص) لأمير المؤمنين عليه السلام
73 عائشة تأمر عمر بالصلاة في الناس
74 خروج النّبيّ (ص) للصلاة
74 خطبته (ص) بعد الصلاة و فيها الوصية لعليّ عليه السلام
75 ابن عبّاس يصف عليّا عليه السلام
76 عليّ عليه السلام أحقّ بالخلافة
78 تسليم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حياته درعه، و سيفه، و بغلته لعليّ (ع)
79 خطبة الإمام الحسن عند استشهاد والده عليهما السلام
81 المنتخب من قضاياه، و جوابات المسائل
81 حديث شارب الخمر مع أبي بكر
82 عمر بن الخطّاب و الأنصارى
83 الغلام الذي نفته أمّه
84 حديث لو لا عليّ لهلك عمر
85 حديث الرجلين المطلقين ثلاثا
85 طريقة عليّ عليه السلام في قطع يد السارق
86 حديث المملوكين
86 حديث من رمى فأصاب رباعية إنسان
ص: 143
86 قوله عليه السلام: احتجوا بالشجرة و اضاعوا الثمرة
87 المسائل التي سئل عنها عليه السلام
89 مسائل ابن الكواء
89 مسائل كعب الأحبار
90 مسائل أسقف نجران من عمرو إجابته عليه السلام له
94 كلماته القصار
التعاون مع الظلمة
102 كلامه مع أهل القبور
105 وصيته لكميل بن زياد الأسدي
108 كلامه لما ضربه ابن ملجم المرادي
114 كلامه في وصف الكوفة
116 وصيته لابنه الإمام الحسن عليه السلام
118 كلامه في صفة الدنيا
121 الزيادات
127 الفهارس