أقسام الجهاد

هوية الکتاب

تأليف

اية الله السيد محمد الشيرازي (قدس سره الشريف)

الطبعة الأولى/ 1422ه__ / 2001م

مؤسسة المجتبى للتحق ق والنشر

بيروت لبنان ص ب 6080 / 13 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@alshirazi.com

الطلیعة

بسم الله الرحمن الرحيم

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ

وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ

صدق الله العلي العظيم

سورة محمد: 31

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم...

والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية..

والمعاناة السياسية والاجتماعية التي نقاسيها بمضض...

وفوق ذلك كله الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئن من وطأتها العالم أجمع...

والحاجة الماسة إلى نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرة في حل جميع أزماته ومشكلاته في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة..

والتعطش الشديد إلى إعادة الروح الإسلامية الأصيلة إلى الحياة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبث الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق بأهداب الجفون وذرف العيون ومسلات الأنامل..

كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بإعداد مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقمنا بطباعتها مساهمة منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد..

وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل:

*لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون*(1).

الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلى وجوب التفقه في الدين وانذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلى العالم في معرفة أحكامه في كل مواقفه وشؤونه..

كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة:

*فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَابِ*(2).

إن مؤلفات سماحة آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) تتسم ب_:

أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة لكونها إنعكاساً لشمولية الإسلام..

فقد أفاض قلمه المبارك الكتب والموسوعات الضخمة في

شتى علوم الإسلام المختلفة، بدءاً من موسوعة الفقه التي تجاوزت _ حتى الآن _ المائة والخمسين مجلداً، حيث تعد إلى اليوم أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية مروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخرى.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي قد تتجاوز بمجموعها ال_(1500) مؤلفاً.

ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن والسنة وتستلهم منهما الرؤى والأفكار.

ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية لمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر.

رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك_(الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية وبشواهد من مواقع الحياة.

هذا ونظراً لما نشعر به من مسؤولية كبيرة في نشر مفاهيم الإسلام الأصيلة قمنا بطبع ونشر هذه السلسلة القيمة من المحاضرات الإسلامية لسماحة المرجع (دام ظله) والتي تقارب التسعة آلاف محاضرة ألقاها سماحته في فترة زمنية قد تتجاوز الأربعة عقود من الزمن في العراق والكويت وإيران..

نرجو من المولى العلي القدير أن يوفقنا لإعداد ونشر ما يتواجد منها، وأملاً بالسعي من أجل تحصيل المفقود منها وإخراجه إلى النور، لنتمكن من إكمال سلسلة إسلامية كاملة ومختصرة تنقل إلى الأمة وجهة نظر الإسلام تجاه مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية الحيوية بأسلوب واضح وبسيط.. إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر

بيروت لبنان /ص.ب: 6080/13 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@alshirazi.com

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

أقسام الجهاد

قال الإمام علي بن أبي طالب *: «أما بعد فان الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه وهو لباس التقوى، ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل،

وشمله البلاء ودُيِّث(3) بالصّغار والقماءة(4) وضرب على قلبه بالاسهاب(5) وأديل الحق منه بتضييع الجهاد..الخ»(6).

عند البحث في موضوع الجهاد نلاحظه في أمور أربع، هي:

الأول

الهجرة إلى أرض الإسلام

قال الله تعالى: *وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً*(7).

فقد ورد هنا _ المهاجرة إلى الله _ كناية عن المهاجرة إلى أرض الإسلام، وهذا معناه مفارقة أهل الشرك والكفر والهرب بالدين من الوطن إلى ارض الإسلام. وورد أيضاً: أخبر سبحانه أن مَن خرج من بلده مهاجراً من أرض الشرك فاراً بدينه إلى الله ورسوله *ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ* قبل بلوغه دار الهجرة وأرض الإسلام *فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ* أي ثواب عمله وجزاء هجرته على الله تعالى، *وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً* أي ساتراً على عباده ذنوبهم بالعفو عنهم *رَحِيماً* بهم رفيقاً (8).

وعن الإمام الحسن المجتبى * عن النبي صلي الله عليه و اله قال: «من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبراً من الأرض استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد (صلى الله عليهما وآلهما)»(9).

وعن محمد بن حكيم قال: وجه زرارة بن أعين ابنه عبيداً إلى المدينة ليستخبر له خبر أبي الحسن موسى بن جعفر * وعبد الله، فمات قبل أن يرجع إليه عبيد ابنه، قال محمد بن أبي عمير،حدثني محمد بن حكيم قال: ذكرت لأبي الحسن * زرارة وتوجيهه عبيداً ابنه إلى المدينة فقال: «إني لأرجو أن يكون زرارة ممن قال الله فيهم: *وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً* »(10).

ومما لا شك فيه إن آيات القرآن لا تختص بزمن معين أو مكان خاص بل هي

عامة لكل الأزمنة والأمكنة، وإن كان نزولها على الصدر الأول من المسلمين الذين عاشوا في جزيرة العرب في عهد الرسول صلي الله عليه و اله في الفترة بين هجرته صلي الله عليه و اله إلى المدينة وحتى فتح مكة.

في تلك الفترة كانت الأرض منقسمة يومئذ إلى أرض الإسلام وهي المدينة وما حولها حيث كان المسلمون فيها أحراراً في دينهم لا يستطيع المشركون من منعهم من أداء الشعائر أو الفروض، ويقابل أرض الإسلام أرض الشرك، وهي مكة وما حولها التي كان للمشركين سطوة عليها، وتسود فيها الوثنية والجاهلية بكل وحشيتها وهمجيتها، ولا يمكن لمسلم أن يظهر دينه فيها دون أن يناله عسف أو أذى.

لكن ذلك لا يقتصر على تلك الفترة فالآيات القرآنية المباركة التي تناولت هذا التقسيم تشمل كل العصور والأزمنة، وهذا يعني أن المسلم عليه أن يتجه إلى الأماكن والبلدان التي يستطيع فيها من إقامة شعائر الإسلام وأحكامه وأن يغادر التي لا علم فيها بمعارف الدين ولا سبيل للعمل بأحكامه.

الهجرة اليوم

لكن في الواقع المعاصر تغيرت الأسماء وهجرت مصطلحات مثل دار الإسلام، ودار الشرك، فصار الدين جنسية، والإسلام مجرد اسم. في حين أن القرآن الكريم لا يعتني بكل ذلك ويرتب الأثر على حقيقة الإسلام والإيمان فقط.

فمثلاً دولة إسرائيل تحتل أرضنا المقدسة، وأهلها يهجَّرون ويهاجرون منها فراراً من التنكيل والتقتيل الجماعي الذي يُمارس ضدهم. وكذلك الحال بالنسبة لعراقنا الجريح حيث يتسلط الطاغوت(11) على رقاب شعبنا المظلوم، ويعمل نظام البعث الصدامي الذي امتلأت صفحاته السوداء بالقتل والتعذيب فيه بما لم يشهد له العالم مثيلاً، الأمر الذي أدى أيضاً إلى هجرة عدد كبير من أبناءه(12).

هجرة الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله

وهنا لابد من إدراك الفرق بين هذه الهجرات وهجرة الرسول صلي الله عليه و اله والمسلمين في صدر الإسلام فهي ليست كما يظن البعض إنها لمجرد الهروب من الأذى والتنكيل والخلاص من المنع الذي يفرضه المشركون في مجال ممارسة الشعائر مثلما يلجئ العابد الزاهد إلى المسجد يقيم فيه الصلاة بعيداً عن المضايقة والضوضاء في الخارج.

فهجرة الرسول صلي الله عليه و اله كانت أبعد وأعمق؛ لأن فيها أبعاد إضافية تتعدى الهروب بالدين، ذلك إنها تنطوي على خطة مرسومة وممهدة للمعركة الفاصلة، بدأت بوصول رسول الله صلي الله عليه و اله إلى المدينة عندما آخى بين المهاجرين والأنصار، فوحُدَ القلوب المتخاصمة من الأوس والخزرج، وأذاب العصبية والأحقاد الجاهلية وعندما حقق صلي الله عليه و اله تلك الأهداف، صار المسلمون مهيئون لخوض غمار الجهاد، فبدأ صلي الله عليه و اله يرغِّبهم فيه ويحثهم عليه، دفاعاً عن كيانهم، وعقيدتهم، ضامناً الجنة لمن يقتل في سبيل الله، والعزة والكرامة دنيا وآخرة لمن ينجو من القتل، ولما أخذت هذه التعاليم سبيلها إلى نفوس المسلمين شرع صلي الله عليه و اله

في تجنيدهم وتأليف السرايا، فصار يبعثها هنا وهناك وقاد بعضها بنفسه صلي الله عليه و اله أكثر من مرة، وبذلك حقق الاستقرار * والأمن للمسلمين، كما أقلقت راحة قريش وسلامتها وتحولت السرايا إلى جيش يخوض معارك كبرى ويبذل جنده أرواحهم وأموالهم في سبيل الفتح حتى أتى الله بالفتح *وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا*(13).

ولعل في هذه الإشارة كفاية للاعتبار واستنتاج ما نحتاج إليه لندفع به نكبتنا في العراق بحزب البعث الكافر ومن يسانده.

لماذا الهجرة؟

لما تزايد اعتداء طغيان المشركين على الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله هاجر من مكة ومعه أصحابه، كذلك هاجر وهجّر مسلموا العراق من الأماكن المقدسة، ككربلاء المقدسة والنجف الأشرف وباقي مدن العراق، وكانت هجرتهم آنذاك ابتعاداً عن الوقوع في التهلكة وانسحاباً من ميدان المعركة لتجميع القوى والاستعداد لتوجيه الضربة إلى العدو، وهكذا يجب أن يظل دائماً وليس لأجل إخلاء البيت للصوص يسرحون ويمرحون فيه.

وهذا ما قام ويقوم به الشهداء على طريق تحرير العراق، الذين يموتون وينالون شرف الشهادة فختموا هذه الدنيا بسلام، لأنها دار فناء فهي مزرعة الآخرة(14)، فإذا مات الإنسان انقطع عمله(15)، فإذا كان موته هذا في سبيل الله وفي سبيل الإسلام فقد فاز فوزاً عظيماً؛ لأن الشهادة باب من أبواب الجنة وأي شيء أفضل من ذلك؟

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن جبرائيل أخبرني بأمر قرت به عيني وفرح به قلبي، قال: يا محمد، من غزا غزاة في سبيل الله من أمتك فما أصابته قطرة من السماء أو صداع إلا كانت له شهادة يوم القيامة»(16).

وقال صلي الله عليه و اله: «للشهيد سبع خصال من الله عزوجل أول قطرة من دمه مغفور له كل ذنب،

والثانية يقع رأسه في حجر زوجته من الحور العين وتمسحان الغبار عن وجهه تقولان مرحباً بك، ويقول هو مثل ذلك لهما، والثالثة يكسى من كسوة الجنة، والرابعة تدره خزنة الجنان إليه بكل ريح طيبة أيهم يأخذه معه، والخامسة أنه يرى منزله، والسادسة يقال لروحه اسرح في الجنة حيث شئت، والسابعة انه ينظر في وجه الله وأنها لراحة لكل نبي وشهيد»(17).

فإذا حصل الإنسان على أشرف أنواع الموت وهو الموت في سبيل الله مجاهداً، فقد قال أمير المتقين الإمام علي بن أبي طالب*: «إن الموت طالب حثيث، لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، إن أكرم الموت القتل، والذي نفس ابن أبي طالب بيده، لألف ضربة بالسيف أهون عليَّ من ميتةٍ على الفراش في غير طاعة الله»(18).

موت كموت بعير

لما اقترب أجل أحد أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله وكان قد اشترك في عدد من الغزوات مع النبي صلي الله عليه و اله لكن لم تكتب له الشهادة، فلما رأى نفسه على فراش الموت أخذ يبكي بكاءاً مريراً رغم انه سيلقى الله وفيه من آثار الجهاد فقيل له: لماذا تبكي؟

قال: «موت كموت البعير» أي انه استنكر على نفسه أن يموت كما يموت البعير وانه أحب أن يستشهد في سبيل الله وينال ثواب الشهادة الذي يفوق كل ثواب واذا كان الموت قدر على كل إنسان ولا مفر منه، فلماذا لا يموت الإنسان في سبيل مبادئه، وعقيدته، وفي سبيل الله والدار الآخرة؟

روي عن أمير المؤمنين * أنه قال: «إن الله كتب القتل على قوم والموت على آخرين وكل آتيه منيته كما كتب الله لكم فطوبى للمجاهدين في سبيله والمقتولين في طاعته»(19).

لذا فان المجاهدين الذين ماتوا في سبيل الله نالوا المنزلة

الرفيعة عند الله والتي لا تضاهيها منزلة أخرى ولا يصل إليها إلا من امتلأت قلوبهم حباً لله وخشية منه. ولابد من الإشارة إلى أن الشهيد لا يصدق على من يموت بسيف العدو فحسب. بل حتى لو كان سائراً في الطريق إلى المعركة أو أرض العدو.

قصة استشهاد الراهب

في حرب صفين وبينما كان أمير المؤمنين * يسير مع أصحابه في الصحراء بقصد الوصول إلى ساحة المعركة نفد الماء عندهم، وأخذ العطش منهم مأخذاً وبينما هم كذلك رأوا ديراً، فقال أمير المؤمنين *: «سارعوا إلى ذلك الراهب ان كان يوجد ماء قريب أو لا».

فقال لهم الراهب: نعم هناك ماء على بعد فرسخين في هذه الأثناء نظر الإمام إلى أصحابه وقال لهم: احفروا هنا في هذا المكان، فامتثلوا أمر الإمام وشرعوا في الحفر حتى وصلوا إلى صخرة صماء لا يؤثر فيها ضرب المعاول ولم يستطع الأصحاب إزاحة الصخرة مهما بذلوا جهداً لإزالتها وعندها جاء الإمام * ووضع يده المباركة تحتها ثم رفعها ورماها عدة أمتار وانفجر الماء زلالاً وشرب منه جميع الأصحاب حتى رووا ولما رأى الراهب فعل الإمام سأله هل أنت نبي؟

فأجاب * أنه ليس كذلك فسأل الراهب: هل أنت من الملائكة؟ فرد * بالنفي أيضاً، فقال الراهب: فمن أنت اذن؟ فقال الإمام: أنا وصي رسول الله وخاتم الأنبياء محمد بن عبد الله صلي الله عليه و اله نبي الإسلام.

فقال الراهب: لقد بنيت هذا الدير هنا للعثور على الشخص الذي يزحزح هذه الصخرة من محلها لأني سمعت من كبار علمائنا أن في هذا المكان صخرة لا يرفعها إلا ولي من أولياء الله، ثم أسلم والتحق بجيش الإمام * وقاتل معه واستشهد بين يديه في حرب صفين فصلى عليه الإمام

ودفنه(20).

هذه الروح الصادقة والايمان العميق والذوبان في دين الله أوصلت هذا الراهب إلى درجة الشهادة الرفيعة.

الثاني طلب الشهادة

إن من غير المستبعد أن يفكر الأخوة المؤمنون ويتمنون الشهادة في سبيل الله، ولعل هذه الرغبة هي التي تقف وراء رفع الأيادي بالدعاء أثناء القنوت وخارجه بالقول: اللهم اجعلنا من الشهداء في سبيلك، أو كما في الدعاء الذي يقرأ بعد دعاء الافتتاح في كل ليلة من شهر رمضان وهو: «وقتلاً في سبيلك فوفق لنا»(21).

وهذا يؤخذ على وجهين، الوجه الأول منه هو الصحيح والثاني هو غلط. ويجب أن ننتبه إليه ونكون على حذر.

والوجه الأول هو: أن الإنسان المؤمن يقتل في سبيل الله وهي درجة لا ينالها إلا الذين امتلأت قلوبهم إيماناً ولا ينالها إلا ذو حظ عظيم، وكما جاء في الدعاء الخاص بالإمام الحجة بن الحسن * المعروف بدعاء العهد والمنقول عن الإمام الصادق * ويقول فيه: «اللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه والذابين عنه.. والمستشهدين بين يديه»(22). وهذا لا يعني أن الإنسان لابد له أن يستشهد مع الإمام* وبين يديه، ولكن يكفي ان يستشهد على طريقته وعلى منهجه، وحين ذاك يكون كمن استشهد بين يديه * أو مع رسول الله صلي الله عليه و اله أو مع سائر الأئمة *.

وإذا قتل الإنسان في سبيل غير سبيل الله (والعياذ بالله) فان ذلك يعني أنه قتل على طريق الشيطان وطريق الكفر، وطريق الشرك والظالمين في كل زمان ومكان ومن سار على نهجهم من الظلمة وأعداء الحق والإنسانية فيحشر معهم، لأنه كما جاء في الحديث الشريف عن الإمام الباقر * قال: «إذا أردت أن تعلم أن فيك خيراً فانظر إلى قلبك فإن كان يحبّ أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله

يحبك، وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك والمرء مع من احب»(23).

فان أفضل ما يحصل عليه الإنسان في طريق أداء مهمة جهادية دفاعاً عن الإسلام، كأن يموت وهو يؤدي واجبه في أثناء تحركه الإسلامي وكلها مؤداها واحد وهو الاستشهاد في سبيل الله.

الوجه الثاني: أن لا نقتل اعتباطاً فقد قال الله سبحانه وتعالى: *إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ*(24) وماذا بعد *فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُون* وهذا يعني أولاً: وجوب قتل الكفار والمنافقين الذين يحاربون الإسلام وأذنابهم وعملائهم، ونطهر الأرض منهم وبعد ذلك نُقتل في سبيل الله، أما أن نُقتل بدون أن نَقتل الكفار والمنافقين، فهذا ليس صحيحاً وكما دعى أمير المؤمنين * إذا أراد القتال «اللهم انك أعلمت سبيلاً من سبلك جعلت فيه رضاك، وندبت إليه أوليائك، وجعلته أشرف سبلك عندك ثواباً، وأكرمها إليك مآباً، وأحبها إليك مسلكاً، ثم اشتريت فيه *مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً*(25)، فاجعلني ممن اشتريت فيه منك نفسه ثم وفى لك ببيعته التي بايعك عليها غير ناكث ولا ناقض عهداً ولا يبدل تبديلاً»(26).

وانه * قام بقتل أعداء الله من القاسطين والمارقين والناكثين أولاً ثم استشهد، والإمام الحسين * كذلك استشهد ولكن بعدما قتل من الكفار والمنافقين جمعاً كبيراً.

إذن لابد أن يكون تفكيرنا مثلهم، وأن تقاتل فتَقتل وتُقتل لا أن تُقتل فقط. والآية الكريمة: *وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ *(27).

فإن كثيراً من الأنبياء قاتل وجاهد معه وتحت لوائه أناس من المؤمنين منسوبون إلى

الرب تعالى بالطاعة والعبادة والإيمان أو بمعنى أخيار فقهاء *فَمَا وَهَنُوا* أي ما فتروا *لِمَا أَصَابَهُمْ* من القتل والسلب والجروح والقروح *فِي سَبِيلِ اللَّهِ* للتنبيه على أن شدائدهم كانت في سبيل الله سبحانه *وَمَا ضَعُفُوا* عن عدوهم *وَمَا اسْتَكَانُوا* أي ما خضعوا ولا تضرعوا لعدوهم * وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ* الذين يصبرون في الشدائد وفي الحروب(28).

وكذلك قال تبارك وتعالى: *وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ*(29) الآية.

وبهذا يظهر وجوب اعداد العدة الجيدة وبكافة الوسائل الشرعية بما يحق الحق ويبطل الباطل.

الثالث قتل سمعة الأعداء

الثالث قتل سمعة الأعداء

القتل قتلان، قتل الذوات والأشخاص وقتل السمعة؛ ولهذا علينا حين نقاتل الأعداء أن نقتلهم كأشخاص وكسمعة وفكر؛ ولذا علينا أن نمرغ سمعة الأحزاب والمنظمات الكافرة والملحدة كبعث العراق والشيوعية وما أشبه وسائر المنافقين في الوحل، وهذا يعني أن نقتلهم معنوياً بأن نظهر مساوئهم وإنحرافهم وظلمهم وإجرامهم حتى ينفض الناس من حولهم والشاعر يقول:

زعموا بأن قتل الحسين يزيدهم

لكنما قتل الحسين يزيدا

فالإمام الحسين * قتل سمعة يزيد بل وبني أمية قاطبة، وإن كان الحسين * هو المقتول جسداً؛ ولهذا فان مرور أكثر من ألف وأربعمائة سنة ويزيد يُلعن والحسين * يُمدح ويقدّس ويزار ويجل، وضريحه في كربلاء يشهد له بذلك(30) وهذه هي صفة الحق فان الناس يلتفون حوله لأنه عدل وينفضون من حول الظلم.

السبيل إلى ذلك

أما ما هو السبيل إلى قتل سمعة الكفار؟ فانه يتم عبر تنشيط الإعلام ضدهم وبكل الوسائل المتاحة عبر الكتاب والمجلة والانترنت وما أشبه، لتعلوهم الذلة والمهانة. فان الناس سينظرون إليهم باشمئزاز وازدراء، وهذا طبعاً يفرض على المسلم أن يكون شجاعاً وذكياً في فضح مؤامرات الكفار الشرقيين والغربيين وعملاءهم المتسلطين على رقاب المسلمين، الذين يقتلون ويهدرون دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وينتهكون الأعراض والحرمات، فان محاربة الكفار ولو بكلمة حق نقذفها على مسامعهم لهي من أفضل الجهاد وفي هذا يقول الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله:

«إن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر»(31).

وذلك لأن كلمة العدل هذه سوف تقتل كلمة الجائر التي هي الباطل مهما كان مبدئه ومنهجه وسلوكه، وهذا هو الذي يريده الإسلام فان قتل الكافر هو أولاً قتل مبدئه وعقيدته الفاسدة وانتزاعها من اذهان الناس، إذ لا فائدة من قتله جسدياّ إذا ما بقيت أفكاره متداولة فالحجاج قتل، وكذلك ابن

زياد، ويزيد، والمتوكل، وغيرهم من الطواغيت، لكن قتلهم كان يحتاج أيضاً إلى قتل أفكارهم حتى لا يقتدي بها أحد بعدهم.

واليوم حيث تعيش الأمة ظروف عصيبة في العراق وأفغانستان وفي أصقاع أخرى من العالم الإسلامي، تعيش صراعاً مريراً ضد الأفكار والمبادئ الزائفة التي يتبناها نظام البعث الصدامي، تلك الأفكار المملوءة بالأحقاد الاستعمارية الخبيثة والتي يرفعها النظام الكافر كشعار لسحق الدين الإسلامي الحنيف.

الرابع قراءة القرآن

الرابع قراءة القرآن

إن قراءة القرآن ضرورية ومهمة لكل مسلم ولو بمقدار صفحة يومياً؛ لأن القرآن كتاب جهاد وثورة وتوجيه وتوعية وكتاب رشد وكتاب حركة وكتاب حياة.

فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «حملة القرآن عرفاء أهل الجنة والمجاهدون في سبيل الله تعالى قواد أهل الجنة، والرسل سادات أهل الجنة»(32).

وقال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب *: «لقاح الإيمان تلاوة القرآن»(33).

وقال *: «تعلموا القرآن فإنه ربيع القلوب واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور»(34).

تقوى القلوب

لذا على الإنسان أن لا ينسى شيئين في حياته، أولهما أن لا ينسى الله وأنه من الله، والى الله، والله مشرف عليه، وهو معه أينما كان، في الحياة وفي الممات وهو السميع البصير. ويجب أن يضع الإنسان الله عزوجل نصب عينيه في كل صغيرة وكبيرة دائماً، بأن يحاسب نفسه مع كل عمل يقوم به(35)، فان كان هذا العمل مرضي لله ولرسوله فيستزيد منه، وان لم يكن مرضٍ لله ولرسوله فانه يمتنع عنه بكل قوة وعزم، متذكراً لحظة الوقوف بين يدي الله ولحظة الجزاء التي يجزى فيها بالخير خيراً، وبالشر شراً. والمجاهد أولى الناس بالتمسك بالتقوى. فقد قال الله تعالى: *وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى*(36).

قال الإمام أمير المؤمنين *: «ما أحق الإنسان أن تكون له ساعة لا يشغله عنها شاغل يحاسب فيها نفسه فينظر فيما اكتسب لها وعليها في ليلها ونهارها»(37).

ولهذا لابد أن تكون التقوى منطلقاً لأعمال المجاهدين. فلا ينطلقوا من الغضب أو الشهوة أو الشهرة ولا من حب الدنيا ولا من حب المال والزوجة، بل من منطلق التقوى والزهد والعمل الصالح الذي فيه رضا الله.

ذكر الموت

الأمر الثاني الذي يجب أن لا ينسى هو ذكر الموت؛ لأن الموت آت وإنه يوماً ما سيأتي تعود فيه إلى التراب سواء كان هذا اليوم قريباً أم بعيداً، قال تعالى: * وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ*(38).

والإمام أمير المؤمنين * يقول: «فاحذروا عباد الله الموت وقربه وأعدوا له عدته فإنه يأتي بأمر عظيم وخطب جليل، يأتي بخير لا شر بعده أبداً، وبشر لا خير بعده أبداً، فمن أقرب من الجنة من عامليها ومن أقرب

من النار من عامليها، وأنتم طرد الموت الذي إن أقمتم له أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم وهو ألزم لكم من ظلكم، الموت معقود بنواصيكم، والدنيا تطوى من خلفكم، فاحذوا ناراً قعرها بعيد وحرها شديد وعذابها جديد وحليتها حديد..»(39).

فهذه الحياة لابد لها من خاتمة ويجب أن تكون خاتمة خير؛ لأن الأيام تسرع بنا إليها، وأن الدنيا دار عمل بلا حساب والآخرة دار الحساب. فقد قال أمير المؤمنين *: «إنما أخاف عليكم اثنتين اتباع الهوى وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة، ارتجلت الآخرة مقبلة وارتحلت الدنيا مدبرة ولكل بنون، فكونوا من بني الآخرة ولا تكونوا من بني الدنيا، اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل»(40).

وقد سئل النبي نوح * عن هذه الدنيا وهو الذي عاش ما يقرب من ألف وخمسمائة سنة، فقال: كأني دخلت من باب وخرجت من آخر، وتمثل أمير المؤمنين * بأبيات شعر قال فيها:

إنما الدنيا فناء ليس للدنيا ثبوت

إنما الدنيا كبيت نسجته العنكبوت

ولقد يكفيك منها أيها الطالب قوت

ولعمري عن قليل كل من فيها يموت(41)

غير أن الجهاد عماد الدين ومنهاج السعادة وهو أفضل الأشياء بعد الفرائض، والله ما صلح دين ولا دنيا إلا به.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد شهداء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها برحمته الواسعة وأن يدخلهم فسيح جنانه، وأن يوفق الجميع لخدمة الإسلام والمسلمين، والإنصراف عن هذه الدنيا إلى الجهاد في سبيله سبحانه وتعالى.

اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة(42).

من هدي القرآن الحكيم

الجهاد في سبيل الله

قال تعالى: *يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِد الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ

عَلَيْهِمْ*(43).

وقال سبحانه: *لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِن الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ*(44).

وقال عزوجل: *وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ*(45).

وقال جل وعلا: *وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ*(46).

وقال سبحانه: *وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا*(47).

الهجرة إلى الله تعالى

قال تعالى: *يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ*(48).

وقال عزوجل: *قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ*(49).

وقال سبحانه: *إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُم الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً*(50).

جهاد الكلمة

وقال عزوجل: *فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً*(51).

وقال تعالى: *لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ*(52).

وقال جل وعلا: *وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ*(53).

وقال سبحانه: *اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى*(54).

تذكر الموت

قال تعالى: *اللهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ*(55).

وقال عزوجل: *قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ*(56).

وقال جل وعلا: *فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَ دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ*(57).

من هدي السنة المطهرة

الجهاد في سبيل الله تعالى

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن جبرئيل * أخبرني بأمر قرّت به

عيني وفرح له قلبي قال: يا محمد، من غزا غزاة في سبيل الله من أمتك فما أصابته قطرة من السماء أو صداع إلا كانت له شهادة يوم القيامة»(58).

وقال الإمام علي بن الحسين *: «ما من قطرة أحب إلى الله عزوجل من قطرتين قطرة دم في سبيل الله، وقطرة دمعة في سواد الليل لا يريد بها عبد إلا الله عزوجل»(59).

وقال *: «إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله فإنه ذروة الإسلام»(60).

وقال الإمام الرضا * عن آبائه *: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: أفضل الأعمال عند الله عزوجل إيمان لا شك فيه، وغزو لا غلول فيه وحج مبرور، وأوّل من يدخل الجنة شهيد، وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده، ورجل عفيف متعفف ذو عيال»(61).

أقسام الجهاد وشرائطه وأحكامه

قال الإمام الصادق *: «أربع لا يجزن في أربع: الخيانة والغلول والسرقة والربا، لا يجزن في حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة»(62).

وقال *: «والجهاد واجب مع إمام عادل ومن قتل دون ماله فهو شهيد ولا يحل قتل أحد من الكفار والنصاب في دار التقية إلا قاتل أو ساع في فساد، وذلك إذا لم تخف على نفسك ولا على أصحابك..»(63).

وقال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب *: «بعثني رسول الله صلي الله عليه و اله إلى اليمن فقال: يا علي لا تقاتلنَّ أحداً حتى تدعوه وأيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولاؤه يا عليّ»(64).

وقال *: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله إذا التقى المسلمان بسيفيهما على غير سنة فالقاتل والمقتول في النار. فقيل: يا رسول

الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه أراد قتله»(65).

السبيل إلى الجهاد

سئل الإمام جعفر بن محمد * عن الحديث الذي جاء عن النبي صلي الله عليه و اله: «إن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر» ما معناه؟ قال: «هذا على أن يأمره بقدر معرفته، وهو مع ذلك يقبل منه وإلا فلا»(66).

وقال الإمام أمير المؤمنين * في وصيته للحسنين * عند وفاته: «قولاً بالحق واعملا للأجر وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً»(67).

وأيضاً جاء في نفس الوصية عنه *: «الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولّى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم»(68).

الهجرة عن بلد المعاصي

قال أبو جعفر الباقر * في قوله تعالى: *يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَة*(69) يقول: لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك فإن خفتوهم أن يفتنوكم على دينكم فإن أرضي واسعة..»(70).

وقال الإمام أمير المؤمنين *: «ليس بلد بأحق بك من بلدٍ، خير البلاد ما حملك»(71).

وقال أبو عبد الله *: «إذا عصي الله في أرض أنت فيها فأخرج منها إلى غيرها»(72).

التحذير من مؤازرة الحكومات الجائرة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أربعة من قواصم الظهر: إمام يعصي الله ويطاع أمره..»(73).

وقال صلي الله عليه و اله: «.. ومن خف لسلطان جائر كان قرينه في النار، ومن دلّ سلطاناً على الجور قرن مع هامان وكان هو والسلطان من أشد أهل النار عذاباً..»(74).

وقال الإمام الباقر * في تفسير قول الله تعالى: *اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّه*(75): «والله، ما صلوا لهم ولا صاموا، ولكن أطاعوهم في معصية الله»(76).

الهوامش

(1) سورة التوبة: 122.

(2) سورة الزمر: 17-18.

(3) دُيِّث: مبني للمجهول من ديّثَهُ، أي: ذلَّله.

(4) القماءة:

الصّغار والذل.

(5) الإسهاب: ذهاب العقل أو كثرة الكلام، أي حيل بينه وبين الخير بكثرة الكلام بلا فائدة..

(6) نهج البلاغة،الخطبة: 27،قالها * يستنهض بها الناس.. ويذكر فضل الجهاد.

(7) سورة النساء: 100.

(8) تفسير مجمع البيان: المجلد2 ص99 تفسير سورة النساء.

(9) بحار الأنوار: ج19 ص31 ب6 ح15.

(10) تفسير مجمع البيان: المجلد2 ص99 تفسير سورة النساء.

(11) صدام التكريتي، الطاغوت الذي صاغه الغرب وفق متطلبات المنطقة وظروفها السياسية، وحافظ عل_ى أمن_ه الشخصي ف_ي أدق الظروف وأحلك اللحظات، ولد عام (1939م) في قرية العوجة جنوب تكريت تبع_د مائ_ة ميل شمال بغداد، وال_ده كان يعمل فراشاً في السفارة البريطانية، وبعد موت والده كانت أمه صبي_حة (صبحة) طلفاح تستلم مخصّصات تقاعد زوجها من السفارة، تزوجت صبيحة من أربعة أزواج ثالثه_م إبراهي_م الحسن ورابعهم زبن الحسن وكان صدام ينتقل معها من بيت زوج إلى آخر، تنامت لدي_ه روح الانتق_ام، ابتدأ عمليات القتل وهو ابن السابعة عشر، اشترك مع بعض عناصر البعث في اغتيال قاسم عام (1959م) ثم هرب إلى سوريا.

اشترك في انقلاب (17 تموز 1968م). وفي عام (1970م) أصبح صدام نائباً لمجلس قيادة الثورة ورئاسة الجمهورية في حال غياب البكر عن البلاد. وفي عام (1979م) أصبح رئيساً للجمهورية بعد أن أقصى البكر عن الحكم ومنح نفسه رتبة مهيب ركن، هاجم إيران (1980م) فاندلعت حرب الخليج الأولى واستمرت ثمان سنوات، احتل الكويت (1990م) فاندلعت حرب الخليج الثانية، وقامت قوات الحلفاء بقيادة أمريكا بإخراج العراق من الكويت وتدمير العراق، ووضع العراق تحت حصار طويل الأمد، انتفض الشعب فقمع صدام انتفاضة الشعب العراقي بوحشية.

(12) تشير بعض الإحصائيات أن عدد المهاجرين والمهجرين العراقيين قد بلغ الثلاثة ملايين نسمة، مشتتين في مختلف بقاع الأرض.

(13) سورة التوبة: 40.

(14) أنظر غوالي

اللآلي: ج1 ص267 الفصل 10 ح66، وفيه عنه * قال: »الدنيا مزرعة الآخرة«.

(15) أنظر الكافي: ج8 ص58 ح21، وفيه عن أمير المؤمنين * قال في خطبة: »فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وإن غداً حساب ولا عمل..«.

(16) غوالي اللئالي: ج3 ص182 باب الجهاد ح2.

(17) غوالي اللئالي: ج3 ص182 باب الجهاد ح3.

(18) نهج البلاغة، الخطبة: 123، من كلام له * قاله لأصحابه في ساحة الحرب بصفين.

(19) بحار الأنوار: ج32 ص403 ب11 ح371.

(20) أنظر بحار الأنوار: ج41 ص260 ب112 ح21.

(21) الإقبال: ص61 دعاء في كل ليلة من شهر رمضان.

(22) مصباح الكفعمي: ص550 الفصل 44.

(23) الكافي: ج2 ص126 باب الحب في الله والبغض في الله ح11.

(24) سورة التوبة: 111.

(25) سورة التوبة: 111.

(26) بحار الأنوار: ج97 ص26 ب2 ح31، وتفسير العياشي: ج2 ص113 في سورة براءة.

(27) سورة آل عمران: 146.

(28) أنظر تقريب القرآن إلى الأذهان: ج4 تفسير سورة آل عمران.

(29) سورة الأنفال: 60.

(30) لأن أدل دليل على الشيء هو الوقوع في الخارج.

(31) الخصال: ص6 باب الواحد ح16، وروضة الواعظين: ص6، ومشكاة الأنوار: ص51 الفصل13.

(32) بحار الأنوار: ج8 ص199 ب23 ح202.

(33) غرر الحكم ودرر الكلم: ص112 الفصل 4 في القرآن ح1992.

(34) غرر الحكم ودرر الكلم: ص112 الفصل 4 في القرآن ح1991.

(35) قال الإمام الكاظم *: »يا هشام، ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل حسنة استزاد منه وإن عمل سيئاً استغفر الله منه وتاب«. مستدرك الوسائل: ج12 ص153 ب95 ح13759.

(36) سورة المائدة: 8.

(37) مستدرك الوسائل: ج12 ص154 ب95 ح13761.

(38) سورة لقمان: 34.

(39) أعلام الدين: ص248 فيما أنزل الله على عيسى ابن مريم.

(40) أمالي الشيخ المفيد *: ص207 المجلس

23 ح41.

(41) ديوان الإمام علي *: ص116 في فناء الدنيا.

(42) مصباح الكفعمي: ص581 دعاء كل ليلة من شهر رمضان.

(43) سورة التحريم: 9.

(44) سورة النساء: 95.

(45) سورة محمد: 31.

(46) سورة العنكبوت: 6.

(47) سورة العنكبوت: 69.

(48) سورة العنكبوت: 56.

(49) سورة الزمر: 10.

(50) سورة النساء: 97.

(51) سورة النساء: 63.

(52) سورة المائدة: 63.

(53) سورة الأعراف: 164.

(54) سورة طه: 43 - 44.

(55) سورة الزمر: 42.

(56) سورة الجمعة: 8.

(57) سورة سبأ: 14.

(58) أمالي الشيخ الصدوق *: ص577 المجلس 85 ح7.

(59) الخصال: ص50 ح60 باب الاثنين.

(60) نهج البلاغة، الخطبة: 110 في أركان الدين.

(61) عيون أخبار الرضا *: ج2 ص28 ح20.

(62) الخصال: ص216 باب الأربعة ح38.

(63) الخصال: ص607 ح9 خصال من شرايع الدين.

(64) تهذيب الأحكام: ج6 ص141 ب62 ح2.

(65) علل الشرائع: ص462 ب222 ح4.

(66) الخصال: ص6 باب الواحد ح16.

(67) مستدرك الوسائل: ج12 ص180 ب1 ح13821.

(68) مستدرك الوسائل: ج12 ص180 ب1 ح13821.

(69) سورة العنكبوت: 56.

(70) تفسير القمي: ج2 ص151 تفسير سورة العنكبوت.

(71) نهج البلاغة، قصار الحكم: 442.

(72) بحار الأنوار: ج19 ص35 ب6 الهجرة ومباديها.

(73) الخصال: ص206 باب الأربعة ح24.

(74) ثواب الأعمال وعقابه: ص281 عقاب مجمع عقوبات الأعمال.

(75) سورة التوبة: 31.

(76) وسائل الشيعة: ج27 ص133 ب10 ح33406.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.