مسند الإمام الرضا أبي الحسن علي إبن موسی علیهما السلام المجلد 1

هویة الکتاب

مسند الإمام الرضا أبي الحسن علي إبن موسی علیهما السلام

جامع:عطاردی قوچانی، عزیز الله

عدد المجلدات: 2

لسان:العربية

الناشر: دار الصفوة - بیروت لبنان

سنة النشر: 1413 هجری قمری|1993 میلادی

محرر الرقمي: میثم الحیدري

ص: 1

اشارة

ص: 2

كلمة المؤلف

اشارة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

الحمد للّه الّذي شرح صدورنا بمعارف القرآن، و نوّر قلوبنا بضياء الفرقان، و أرشدنا إلى معالم الإسلام، و هدانا إلى متابعة السّنن و الأحكام، بعث الأنبياء ليبيّن عدله، و نصب الأوصياء ليظهر طوله و فضله، نشكره على جزيل نعمائه، و نحمده على مزيد آلائه.

و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، بعثه بالحقّ بشيرا و نذيرا، و داعيا إلى الحقّ و سراجا منيرا، و أشهد أنّه قد بلّغ رسالات ربّه، و جهد في ترويج شريعته، و صبر على ما أصابه من الأذى و الآلام، و لم يشك ما ناله من جهلة النّاس و العوامّ ، و بيّن صلّى اللّه عليه و آله و سلّم للناس مناهج الدّين، و أوضح لهم الكتاب المبين المنزل عليه من عند ربّ العالمين مهّد مشارع الشّرائع و سهّل للنّاس سبل الدّين و الدّنيا بالكتاب الجامع صلى اللّه عليه و على آله الطّاهرين.

أما بعد فيقول الفقير الى اللّه تبارك و تعالى الشيخ عزيز اللّه العطاردى:

لما مضى المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى جوار ربّه، خلّف للمسلمين القرآن و العترة فقال ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، و أمر الناس باتّباعهما و قال: لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض، و لا يزال يوصي بهما حتّى جاءته المنيّة، و أهل البيت هم الذين خصّهم اللّه بالفضائل و نزّههم عن النقائص و أذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا.

قال اللّه تعالى: إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ، فدلّت هذه الآية الشريفة بأن أهل البيت عليهم السّلام مطهرون عن جميع الأرجاس فجعلهم،

ص: 3

صفوته و خيرة عباده و فرض مودّتهم على جميع المسلمين فقال: «قُلْ لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبىٰ » .

و لقد أجاد الصّاحب بن عباد - رضوان اللّه عليه - حيث قال: هم و اللّه الشّجرة الطيبة، و الغمامة الصيّبة، و العلم الزّاخر، و البحر الّذي ليس يدرك له آخر، إن عدّت الفضائل فهم بنو نجدتها، أو ذكرت المعالى فهم بنو بجدتها أو دارت الحرب فهم الأقطاب، أو تحاورت المقاول فهم فصل الخطاب - ا ه.

و من العترة الطاهرة و الشّجرة الطيّبة المباركة التي أصلها ثابت و فرعها في السماء: الإمام الطاهر أبو الحسن علي بن موسى الرّضا عليهما السّلام، و هو الّذي افترض طاعته على المسلمين كطاعة آبائه و أجداده عليهم السّلام بنصّ من أبيه و جدّه (1).

و قام عليه السّلام بأمر الإمامة بعد أبيه و كان يقعد في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يفتى للنّاس و هو شابّ في سنّ نيف و عشرين سنة - كما ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب - و أمّا أخلاقه الكريمة و سيرته المرضيّة و خصائصه الشريفة فكثيرة و عقدنا لذلك بابا فليراجع.

و أمّا علومه و فضائله و مقالاته و معارفه الالهيّة فهو الظاهر المشهور و لا يحتاج إلى بيان، و مسنده الشريف الّذي هو الآن بيدك يغنينا عن سرد الكلام في هذا الموضوع و كيف لا و هو وارث علم النبيّ و الوصىّ و آبائه الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين، ورثها عن الآباء و ورثها عنه البنون، فهم جميعا في كرم الارومة و ذكاء الجرثومة كأسنان المشط.

لزوم المتابعة لمذهب اهل البيت عليهم السّلام

مذهب أهل البيت عليهم السّلام هو المذهب الحقّ في الإسلام لأنّه منصوص من صاحب الشريعة صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، حيث قال: إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي، و قال عليّ مع الحقّ

ص: 4


1- راجع باب النصوص عليه عليه السّلام.

و الحقّ مع على يدور الحقّ معه حيث دار، و النّصوص في ذلك كثيرة رواها الفريقين في كتبهم، و ليس هنا محلّ البحث و التحقيق في هذا الموضوع، و نقول:

أمّا تمسّك الشيعة بالعترة النبويّة و متابعتهم لهم عليهم السّلام، و الأخذ بأقوالهم و آرائهم، و الاقتداء بسنّتهم، و الاهتداء بهداهم فللنّصوص و الاخبار الّتي جاءت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كحديث سفينة الّذي أخرجه الحفّاظ و الائمة بأسانيدهم بألفاظ منها:

إنّ أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، و من تخلّف عنها غرق و هوى.

حصر المذاهب فى الائمة الاربعة

و أمّا حصر المذاهب على الائمة الأربعة كأبي حنيفة و مالك، و الشّافعي و أحمد ابن حنبل لا دليل عليه لا من جهة العقل و لا من جهة النقل و الشرع، لأنّ هؤلاء الائمة ظهروا في القرن الثاني و الثالث و لا حجّة لهم و لأتباعهم، و إنّما ذلك الحصر نشأ من خلفاء بني العبّاس و منعوا أن يفتي أحد إلاّ بقول أحد الائمة الأربعة، و لا تأخذوا بقول أحد من أئمّة أهل البيت عليهم السّلام.

و هذا العمل من بني العبّاس نشأ من عداوتهم لأهل البيت عليهم السّلام، و كان قصدهم من هذا الحصر أن يميلوا الناس إلى هؤلاء الائمة، و لئلا يشتهر أئمة أهل البيت عند الناس فيميلوا إليهم و يأخذوا منهم الخلافة - و التّواريخ ناطقة بهذا - و حاصل الأمر أنّ ارتفاع المذاهب و انخفاضها لم يكن لتمحيص أدلّتها و طلب الصواب منها، بل كان لحاجة في نفوس الامراء و الحكام و الملوك.

و نرى كثيرا من أهل العلم و الحديث و كذلك من الأمراء و الحكام تركوا مذهبهم و دخلوا في مذهب من هذه المذاهب الأربعة، و ذلك لأجل حطام الدنيا و اجتذاب أموالها و كان إذا ملّك أحد من الحنابلة أو من الشافعيّة أو من الأحناف دعى إليه من يعتقد مذهبه، و فوّض إليه أمر القضاء و الجماعات و الفتوى، فعند ذلك مال إليه أهل الدّنيا و ترك مذهبه و دخل في مذهب الملك، أو قاضي القضاة، أو رئيس الرؤساء.

ص: 5

و في أيّام هارون الرّشيد لمّا ولي أبا يوسف القضاء، كان لا يولّى القضاء إلاّ لمن أشار عليه أبو يوسف، و كان لا يشير إلاّ من كان مقلدا لأبي حنيفة، و كذلك في الأندلس لما اختص بيحيى بن يحيى بن كثير الاندلسى صاحب مالك فكان لا يولّي الحكم إلاّ مالكيا فصار أهل الأندلس مالكيّة، و لم تزل المذاهب خاضعة للملوك و الامراء، يرفعها قوم و يخفضها آخرون، و هذا واضح لمن تأمّل التّاريخ و سير الخلفاء و الملوك و الامراء و الحكام.

فى فضل علم الحديث

لا شكّ بأنّ شرف العلوم يتفاوت بشرف موضوعها، و لا خلاف عند أهل العلم و ذوي البصائر إنّ أجلّ العلوم ما كان نفعه أعمّ و فائدته أتمّ ، و هذا العلم هو علم الشّريعة الّذي هو طريق السّعداء إلى دار البقاء، من تمسّك به اهتدى و نجى من الهلاك و الردّي، و من علوم الشريعة علم الحديث و الآثار، المرويّة عن النبي و أهل بيته الأطهار عليهم سلام اللّه الملك القهّار.

إذ به يعرف الحلال من الحرام و منه يستفاد أوامر الشّرع و نواهيه، و أحكام الواجبات و المستحبّات و المحرّمات، و في الحديث مكارم و فضائل، و آداب و مواعظ، و فوائد و فرائد، و حكم و محاسن، به يسلك سبل الهدى، و يترك طرق الرّدي، من جعل كتب الحديث أمامه و يطالعه و يتدبّر في معانيه كأنّه رأى نفسه في مجلس النّبي الأقدس أو أحد من الأئمة عليهم السّلام و هو يخاطبه و يتكلّم معه.

و لعلم الحديث قواعد و اصول، و أحكام و اصطلاحات، ذكرها المحدّثون و الفقهاء - رضوان اللّه عليهم - في كتبهم منها ما يتعلّق بالحديث كالعلم بأخبار الآحاد و التّواتر، و الصّحيح، و الضّعيف، و المسند و المرسل، و المجهول، و المضمر، و غيرها و منها ما يتعلّق بالرّواة و نقلة الآثار كالعلم بالجرح و التّعديل و التوثيق و التضعيف، و البحث في هذا الموضوع في كتب رجال الحديث و الدّراية.

ص: 6

تدوين الحديث في مذهب أهل البيت

إنّ أوّل كتاب ألّف في الإسلام كتاب ألّفه أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السّلام و بيان ذلك أنّه عليه السّلام جمع ما سمعه من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من مسائل الحلال و الحرام، و ما بيّنه من الأحكام الدينيّة في الأصول و الفروع، و هذا الكتاب كان مدوّنا، موجودا عند أهل بيته عليه السّلام و كانوا يتوارثونه طبقة بعد طبقة.

و يوجد في كتب الحديث و نصوص الأحكام موارد كثيرة جاء فيها: و في كتاب عليّ كذا و كذا، و نقل عن أئمة أهل البيت عليهم السّلام إنّهم إذا بيّنوا مسئلة استشهدوا بكتاب عليّ عليه السّلام و يقولون هكذا في كتاب عليّ ، أو هذا لم يوجد في كتاب عليّ .

ثم ألّف أبو رافع خازن بيت المال في أيّام خلافة أمير المؤمنين عليه السّلام كتابا في السّنن و الأحكام و القضايا، و ألّف ابنه عبيد اللّه كتابا اسمه «أسماء من شهد من الصحابة في صفّين» و ألّف أيضا عبد اللّه بن عبّاس ما سمعه من أمير المؤمنين عليه السّلام فى علوم القرآن و تفسير الآيات، و كان ابن عبّاس تلميذا له و استفاد منه كثيرا، و كان يفتخر بذلك.

و بعد وقعة رمضان و شهادة أمير المؤمنين عليه السّلام تغلّب معاوية و جلس على عرش الخلافة، و أظهر العداوة لأمير المؤمنين و أهل بيته و شيعته فعند ذلك ضاقت الأرض علي الحسن و الحسين عليهما السّلام و هما صارا حليفا البيت، و لم يجسر أحد أن يأتيهما و يأخذ منهما الحديث و مسائل الشريعة، و هكذا كانت أحوال شيعتهم و محبّيهم، و كان الأمر كذلك إلى أن فشل أمر بني امية و وقع الخلاف بينهم و بين بني عباس و في أيّام الفترة و انتقال الخلافة من بني اميّة إلى بني العباس خلى الجوّ للباقر و الصادق عليهما السّلام، و هما اغتنما الفرصة و أقاما مجالس البحث و التّنقيب حول الأحكام و المسائل الدّينيّة، و فى هذا الفرصة حضرت جماعة من مختلف البلدان في المدينة المنوّرة و استفادوا من هذين الإمامين عليهما السّلام و ألّفوا كتبا كثيرة في مسائل الحلال و الحرام و أصول الدين و فروعه.

ص: 7

ثمّ جاء موسى بن جعفر عليهما السّلام و قام مقام أبيه و جلس في المسجد و بين للناس الأحكام و السّنن و انثال حوله المحدّثون و نقلوا عنه الآثار و ألفوا و كتبوا و كان عليه السّلام ينشر العلم و الفضيلة في جوار جدّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى أن دخل هارون الرّشيد المدينة و أخذه و أبعده من المدينة الى البصرة ثم استدعاه الى بغداد و سجن بها و استشهد بعد مدّة صلوات اللّه عليه، و في الأيام التى كان عليه السّلام في الحبس أخذ هارون جماعة من شيعته و شدّد عليهم و كان منهم محمّد بن أبى عمير، فضرب ثمّ سجن، و ضاع كتبه و آثاره المروية عن أهل البيت عليهم السّلام.

و بعد ذلك قام بالأمر ابنه عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام و جلس مجلسه في مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يفتي و يفسّر و يدرس عليه الناس، و كان الرّضا عليه السّلام في رخاء و عافية من الحكومة، و لا يؤخذ على من ورد عليه، و كان مشتغلا بنشر العلم و الفضيلة إلى أن توفّي هارون الرّشيد بطوس من خراسان و وقع ما وقع بين الأمين و المأمون و قتل الأمين و اضطرب أمر بني العباس و ثارت البلدان على المأمون.

فعند ذلك استدعاه المأمون إلى خراسان، و سار عليه السّلام من طريق البصرة و الأهواز و فارس إلى خراسان و وصل مرو و جرت بينه و بين المأمون امور و صار ولىّ عهده، و بعد ذلك ظهرت حوادث و انجرّ الامر بشهادة الرضا عليه السّلام، سنذكرها إن شاء اللّه في الأبواب الآتية على التّفصيل.

أسماء الرواة عن الباقرين و الكاظمين عليهم السّلام مضبوط في كتب الرجال، و نحن نذكر إن شاء اللّه أسماء رواة الإمام الرضا في ذيل المسند فليراجع هناك.

مسند الامام الرضا عليه السّلام و اسنادنا إليه

خرّجنا - و للّه الحمد - كلّ ما ورد عن الرّضا و نقلها أئمة الحديث و الآثار من قدماء أصحابنا الإماميّة رضوان اللّه عليهم - على طريقة المؤلّفين، و هذا المسند يكون كغيره من كتب الحديث يوجد فيه الثقة و الصّحيح و الحسن و الضّعيف و المتروك، و بيان ذلك عند الفقهاء و أصحاب الجرح و التّعديل و العلم بحقائق الأمور عند اللّه تعالى

ص: 8

و نحن نروى أخبار الرّضا عليه السّلام بهذه الطرق بالإجازة:

1 - عن الإمام الفقيه السيّد محسن الطباطبائي الحكيم قدّس سرّه مؤلّف «مستمسك العروة الوثقى» المتوفي في ربيع الأوّل 1390.

2 - عن الشيخ العلاّمة المحقّق الشيخ آغا بزرگ الطهرانيّ طاب ثراه صاحب الذّريعة و طبقات أعلام الشيعة المتوفى سنة 1389.

3 - عن الشيخ المجاهد المحقّق الشيخ عبد الحسين الأمينى رضوان اللّه عليه صاحب «الغدير» المتوفّى في ربيع الثاني سنة 1390 نروى عنه مشافهة.

4 - عن الإمام الفقيه «السيد أبو القاسم» الموسوي الخوئي مدّ ظلّه.

5 - عن الإمام الفقيه السيّد محمّد هادي الحسيني الميلانيّ مدّ ظلّه.

6 - عن الشيخ العلاّمة المحقّق الحجّة الحاج ميرزا خليل الكمره ئى نزيل طهران دامت أيام افاداته.

نروي عن هؤلاء الأعلام، عن المشايخ العظام مسلسلا حتّى بلغ إلى أبي الحسن عليّ بن موسى عليه السّلام و قد أثبتوا طرقهم المشروحة في الاجازات الّتي عندنا بخطّهم.

طرقنا من العامة

نروي بالإجازة عن الشيخ العلاّمة المحدّث المحقّق الشيخ محمّد إبراهيم المدنيّ البخاريّ نزيل المدينة المنوّرة، و قد أجازنا في داره بالمدينة المنوّرة في شهر محرّم الحرام سنة ستّ و ثمانين و ثلاثمائة بعد الألف.

و في الختام نشكر مساعي زميلنا الفاضل المحقّق على اكبر الغفاريّ مدير مكتبة الصدوق و صاحبها، حيث أشرف على طبع الكتاب، و نبّهنا على بعض الموارد الّتي فاتت عنّا حفظه اللّه و أيّده في نشر آثار أهل البيت عليهم السّلام، و كذلك عن الوجيه الثقة المفضال الحاج «إسماعيل سيگارى» دام مجده العالى حيث ساعدنا و شوّقنا في طبع الكتاب و نشره.

ص: 9

كتاب أحواله الشخصية و فضله و مناقبه عليه السلام

باب مولده و القابه و احوال أمه عليه السّلام

اشارة

قال الكليني - رحمه اللّه - ولد عليه السّلام سنة ثمان و أربعين و مائة و قبض في صفر من سنة ثلاث و مائتين، و هو ابن خمس و خمسين سنة، و قد اختلف في تاريخه إلاّ أنّ هذا التاريخ هو الأقصد، إن شاء اللّه، و أمّه أم ولد يقال لها أمّ البنين (1).

الصدوق - رحمه اللّه - بإسناده عن البزنطيّ قال: قلت لأبى جعفر محمّد بن على ابن موسى عليهم السّلام: إنّ قوما من مخالفيكم يزعمون أنّ أباك إنما سمّاه المأمون الرّضا لما رضيه لولاية عهده ؟ فقال عليه السّلام: كذبوا و اللّه و فجروا بل اللّه تبارك و تعالى سمّاه الرّضا عليه السّلام، لأنّه كان رضي اللّه عزّ و جلّ في سمائه و رضي لرسوله و الائمّة بعده صلوات اللّه عليهم في أرضه.

قال: فقلت له: أ لم يكن كلّ واحد من آبائك الماضين عليهم السّلام رضي اللّه عزّ و جلّ و لرسوله و الائمة بعده عليهم السّلام فقال: بلى، فقلت: فلم سمّى أبوك عليه السّلام من بينهم الرّضا قال: لأنه رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من أوليائه، و لم يكن ذلك لأحد من آبائه عليهم السّلام، فلذلك سمّى من بينهم الرضا عليه السّلام (2).

عنه بإسناده عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنى، عن سليمان بن حفص، قال كان موسى بن جعفر عليهما السّلام يسمّى ولده عليا عليه السّلام الرّضا، و كان يقول: ادعوا لي

ص: 10


1- الكافى: 1-486.
2- عيون الاحبار: 1-13.

ولديّ الرّضا، و قلت لولدي الرّضا، و قال لي ولدي الرّضا، و إذا خاطبه قال: يا أبا الحسن (1).

عنه - رحمه اللّه - باسناده عن الكنديّ قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن ميثم يقول:

ما رأيت أحدا قطّ أعرف بأمر الائمة عليهم السّلام و أخبارهم و مناكحهم منه، قال: اشترت حميدة المصفّاة و هي أم أبي الحسن موسى بن جعفر و كانت من أشراف العجم جارية مولّدة و اسمها تكتم، و كانت من أفضل النساء في عقلها و دينها و إعظامها لمولاتها حميدة المصفّاة حتى أنّها ما جلست بين يديها منذ ملّكتها اجلالا لها.

فقالت لابنها موسى عليه السّلام: يا بنيّ إنّ تكتم جارية ما رأيت قطّ أفضل منها و لست أشكّ أنّ اللّه تعالى سيطهر نسلها إن كان لها نسل، و قد وهبتها لك فاستوص بها خيرا، فلمّا ولدت له الرّضا عليه السّلام سمّاها الطاهرة، قال: فكان الرّضا عليه السّلام يرتضع كثيرا، و كان تامّ الخلق، فقالت: أعينوني بمرضعة، فقيل لها: أنقص الدّرّ؟ فقالت: لا أكذب و اللّه ما نقص و لكن عليّ ورد من صلاتي و تسبيحي و قد نقص منذ ولدت.

قال الحاكم أبو علي: قال الصّولي: و الدّليل على أنّ اسمها تكتم قول الشاعر يمدح الرضا عليه السّلام:

ألا إنّ خير الناس نفسا و والدا *** و رهطا و أجدادا عليّ المعظّم

أتتنا به للعلم و الحلم ثامنا *** إماما يؤدّي حجّة اللّه تكتم

و قد نسب قوم هذا الشعر إلى عمّ أبي إبراهيم بن العبّاس، و لم أروه، و ما لم يقع لي رواية و سماعا، فإنّي لا احقّقه و لا أبطله، بل الّذي لا أشكّ فيه أنّه لعمّ أبي إبراهيم بن العبّاس:

كفى بفعال امرئ عالم *** على أهله عادلا شاهدا

أرى لهم طارقا مونقا *** و لا يشبه الطّارف التّالدا

ص: 11


1- عيون الاخبار: 1-14.

يمنّ عليكم بأموالكم *** و تعطون من مائة واحدا

فلا يحمد اللّه مستبصرا *** يكون لأعدائكم حامدا

فضلّت قسيمك في قعدد (1) *** كما فضّل الوالد الوالدا

قال الصولي: وجدت هذه الأبيات بخطّ أبي، على ظهر دفتر له يقول فيه: أنشدني أخي لعمّه في علي - يعني الرّضا عليه السّلام - تعليق متسوق، فنظرت فإذا هو بقسيمه في القعدد المأمون، لأنّ عبد المطّلب هو الثامن من آبائهما جميعا و تكتم اسم من أسماء نساء العرب قد جاءت في الأشعار كثيرا، منها في شعر:

طاف الخيالان فهاجا سقما *** خيال تكنى و خيال تكتما

قال الصّوليّ : و كانت لابراهيم بن العبّاس الصولي - عمّ أبي - في الرضا عليه السّلام مدائح كثيرة أظهرها، ثمّ اضطرّ إلى أن سترها و تتبّعها فأخذها من كلّ مكان، و قد روى قوم بانّ أمّ الرّضا عليه السّلام تسمّى سكن النوبيّة، و سمّيت نجمة، و سمّيت، سمان و تكنّى أمّ البنين (2).

عنه - رحمه اللّه - بإسناده عن عليّ بن ميثم، عن أبيه قال: لمّا اشترت حميدة أمّ موسى بن جعفر عليهم السّلام أمّ الرضا عليه السّلام نجمة، ذكرت حميدة أنّها رأت في المنام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول لها: يا حميدة هبي نجمة لابنك موسى فانّه سيولد له منها خير أهل الأرض، فوهبتها له، فلمّا ولدت له الرّضا عليه السّلام سمّاها الطاهرة، و كانت لها أسماء منها: نجمة، أروي، سكن، سمان، و تكتم و هو آخر أساميها، قال عليّ بن ميثم:

سمعت أمي تقول: كانت نجمة بكرا لما اشترتها حميدة (3).

عنه - رحمه اللّه - عن علي بن ميثم، عن أبيه قال: سمعت أمّي تقول: سمعت نجمة أم الرّضا عليه السّلام تقول: لمّا حملت بابني عليّ لم أشعر بثقل الحمل، و كنت أسمع في منامي تسبيحا و تهليلا و تمجيدا من بطني فيفزعني ذلك و يهوّلني، فاذا انتبهت

ص: 12


1- يعنى كان قريب الاباء الى الجد الاكبر.
2- عيون الاخبار: 1-14.
3- المصدر: 1-16.

لم أسمع شيئا.

فلمّا وضعته وقع على الأرض واضعا يده على الأرض رافعا رأسه إلى السّماء يحرّك شفتيه، كأنّه يتكلّم فدخل إليّ أبوه موسى بن جعفر عليهما السّلام، فقال لي:

هنيئا لك يا نجمة كرامة ربّك، فناولته إياه في خرقه بيضاء، فأذّن في أذنه اليمنى، و أقام في اليسرى، و دعا بماء الفرات، فحنّكه به، ثمّ ردّه إليّ و قال: خذيه، فانّه بقيّة اللّه تعالى في أرضه (1).

عنه - رحمه اللّه - بإسناده عن عتاب بن اسيد قال: سمعت جماعة من أهل المدينة يقولون: ولد الرّضا علي بن موسى عليهما السّلام بالمدينة يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل سنة ثلاث و خمسين و مائة من الهجرة بعد وفات أبي عبد اللّه عليه السّلام بخمس سنين (2).

قال المفيد - رحمه اللّه - كان مولده سنة ثمان و أربعين و مائة و أمّه أمّ ولد يقال لها: أم البنين (2).

قال المفيد - رحمه اللّه - كان مولده سنة ثمان و أربعين و مائة و أمّه ولد يقال لها: أم البنين (3).

عنه - رحمه اللّه - بإسناده عن هشام بن أحمر قال: قال لي أبو الحسن الأول عليه السّلام هل علمت أحدا من أهل المغرب قدم ؟ قلت: لا، قال: بلى قد قدم رجل من أهل المغرب المدينة، فانطلق بنا، فركب و ركبت معه حتّى انتهينا إلى الرّجل، فاذا رجل من أهل المغرب معه رقيق، فقلت له: اعرض علينا، فعرض علينا سبع جوار كلّ ذلك يقول أبو الحسن عليه السّلام: لا حاجة لي فيها.

ثمّ قال: أعرض علينا، فقال ما عندي إلاّ جارية مريضة، فقال ؟ ما عليك أن تعرضها؟ فأبي عليه فانصرف، ثمّ أرسلني من الغد فقال لي: قل له: كم كان غايتك فيها؟ فإذا قال لك كذا و كذا، فقل له قد أخذتها، فأتيته فقال: ما كنت أريد أن

ص: 13


1- عيون الاخبار: 1-20.
2- عيون الاخبار: 1-18.
3- الارشاد: 2-239.

أنقصها من كذا و كذا، فقلت: قد أخذتها، قال: هى لك و لكن أخبرني من الرّجل الذي كان معك بالأمس، قلت: رجل من بني هاشم، قال: من أي بني هاشم، فقلت ما عندي أكثر من هذا.

فقال: اخبرك أني لما اشتريتها من أقصى المغرب فلقيتني امرأة من أهل الكتاب فقالت: ما هذه الوصيفة معك ؟ قلت: اشتريتها لنفسي، فقالت: ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك إنّ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض، فلا تلبث عنده قليلا حتّى تلد غلاما له لم يولد بشرق الأرض و لا غربها مثله، قال: فأتيته بها فلم تلبث عنده إلاّ قليلا حتى ولدت له الرضا عليه السّلام (1).

قال الطبرسيّ - رحمه اللّه - ولد بالمدينة سنة ثمان و أربعين و مائة من الهجرة، و يقال: إنه ولد لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة يوم الجمعة سنة ثلاث و خمسين و مائة بعد وفات أبي عبد اللّه عليه السّلام بخمس سنين، و قيل: يوم الخميس، و أمّه أمّ ولد يقال لها أمّ البنين و اسمها نجمة، و يقال: سكن النوبيّة و يقال: تكتم (2).

قال ابن شهرآشوب: عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام يكنّى أبو الحسن و الخاصّ أبو عليّ ، و ألقابه سراج اللّه، نور الهدى، قرّة عين المؤمنين، مكيدة الملحدين، كفو الملك، كافي الخلق، ربّ السرير، رأب التدبير، الفاضل، الصّابر، الوفيّ ، الصّديق، و الرّضي.

قال أحمد البزنطيّ : و إنما سمي الرّضا لأنّه كان رضي اللّه تعالى في سمائه، و رضى لرسوله، و الأئمة عليهم السّلام بعده في أرضه، و قيل: لأنه رضي به المخالف و المؤالف، و قيل: لانّه رضى به المأمون، و أمّه أمّ ولد يقال لها: سكن النوبية و يقال خيزران المرسية و يقال: نجمة، رواه ميثم، و يقال: صقر، و تسمّى أروى و أمّ البنين، و لمّا ولدت الرضا سمّاها الطاهرة.

ص: 14


1- الارشاد: 2-245 و العيون: 1-17 و الكافى: 1-486.
2- اعلام الورى: 302.

ولد يوم الجمعة و قيل: يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل سنة ثلاث و خمسين و مائة بعد وفاة الصادق عليه السّلام بخمس سنين رواه ابن بابويه، و قيل سنة إحدى و خمسين و مائة (1).

قال الاربلي ولد بالمدينة سنة ثمان و أربعين و مائة من الهجرة، و يقال: إنّه ولد لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة يوم الجمعة سنة ثلاث و خمسين و مائة بعد وفاة أبي عبد اللّه عليه السّلام بخمس سنين و قيل يوم الخميس، و أمّه أمّ ولد يقال: لها أمّ البنين و اسمها نجمة، و يقال: سكن النوبيّة، و يقال: تكتم (2).

قال محمّد بن طلحة: أما ولادته ففي حادي عشر من ذي الحجّة سنة ثلاث و خمسين و مائة للهجرة بعد وفاة جدّه أبي عبد اللّه بخمس سنين و أمّا نسبه أبا فأبوه أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر، و أمه أمّ ولد تسمّى الخيزران المرسيّة و قيل شقرا البنوية (3) و اسمها أروى، و شقرا لقب لها، و أما اسمه فعلىّ و هو ثالث العليّين أمير المؤمنين و زين العابدين و أما كنيته فأبو الحسن و أما ألقابه فالرضا، و الصابر، و الرّضىّ و الوفيّ و أشهرها الرّضا (4).

قال الحافظ عبد العزيز: مولده عليه السّلام سنة ثلاث و خمسين و مائة و أمّه أمّ ولد اسمها أمّ البنين (5).

قال في الدروس: ولد بالمدينة سنة ثمان و أربعين و مائة و قيل يوم الخميس حادي عشر ذي القعدة (6).

قال الغفاري في تاريخه: ولد عليه السّلام يوم الجمعة الحادي عشر من ذي القعدة (7) قال الفتّال النيسابوري: كان مولده يوم الجمعة و في رواية اخرى يوم الخميس

ص: 15


1- مناقب آل ابى طالب: 2-417.
2- كشف الغمة: 3-149.
3- كذا.
4- مطالب السئول: 85.
5- بحار الانوار: 49-3.
6- بحار الانوار: 49-3.
7- بحار الانوار: 49-3.

لإحدى عشر ليلة خلت من ذي القعدة، سنة ثمان و أربعين و مائة (1).

قال الكفعمي: ولد عليه السّلام بالمدينة يوم الخميس حادي عشر ذي القعدة سنة ثمان و أربعين و مائة (2).

قال ابن الجوزي: عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ عليهم السّلام و يلقّب بالوليّ و الوفيّ ، أمّه أمّ ولد تسمّى الخيزران (3).

قال المسعودى: ولد عليه السّلام: في سنة ثلاث و خمسين و مائة من الهجرة بعد مضىّ أبي عبد اللّه بخمس سنين، و كانت ولادته على صفة ولادة آبائه و نشأ منشأهم (4).

و روي عن أبي إبراهيم أنّه لمّا ابتاع تكتم جمع قوما من أصحابه، ثم قال: و اللّه ما اشتريت هذه الامّة إلاّ بأمر اللّه و وحيه، فسئل عن ذلك قال: بينا أنا نائم إذ أتاني جدّى و أبي و معهما شقّة حرير فنشراها، فاذا قميص و فيه صورة هذه الجارية، فقالا يا موسى ليكوننّ من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك، ثم أمرني إذا ولدته أن اسمّيه عليا، و قالا لي: إنّ اللّه تعالى يظهر به العدل و الرأفة، طوبى لمن صدّقه و ويل لمن عاداه و جحده و عانده (5).

الصدوق بإسناده عن محمّد بن يحيى الصولى قال: أبو الحسن الرضا هو عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبى طالب عليهم السّلام أمّه أمّ ولد تسمّى تكتم عليه استقرّ اسمها حين ملّكها أبو الحسن موسى بن جعفر عليهم السّلام (6).

قال المسعودي صاحب المروج: و كان مولده سنة ثلاث و خمسين مائة (7).

قال ابن الوردى: ولد عليّ سنة ثمان و أربعين و مائة (8).

قال ابن الأثير: كان مولد علي بن موسى بالمدينة سنة ثمان و أربعين و مائة (9).

ص: 16


1- تذكرة الخواص: 198.
2- بحار الانوار: 49-3.
3- بحار الانوار: 49-3.
4- اثبات الوصية: 196.
5- اثبات الوصية: 196.
6- عيون الاخبار: 1-14.
7- مروج المذهب: 4-28.
8- تاريخ ابن الوردى: 1-320.
9- كامل التواريخ: 5-193.

تذييل

ذكر أهل الحديث و التّاريخ و غيرهم: أنّ أمّ الرّضا عليه السّلام كانت من أهل المغرب، اشتراها رجل نخّاس و جاء بها الى المدينة المنوّرة، فاشترتها حميدة المصفّاة أم موسى بن جعفر عليهما السّلام، و وهبتها لابنه، فولد منها الرضا عليه السّلام، ثم اختلفوا أنها كانت من أيّ بلد من بلاد المغرب، قال بعضهم: أنها كانت نوبيّة، و ذكر بعض أنّها من المرسيّة، فان كانت نوبيّة، هل هي من بلاد النوبة و هي الناحية التي في جنوب مصر يقال لها اليوم: «سودان» أو من النوبة و هي جيل من السودان كما قاله الجوهرى.

أمّا الّذين ذكروا أنها من أهل المرسيّة، لم يصرّحوا بأنها كانت من أيّ مرسيّة أ مرسيّة الأندلس أم مرسيّة إفريقية، فأمّا مرسيّة الأندلس. و هي كانت بلدة إسلامية بناها أحد الامراء الأمويين بالأندلس.

قال الزبيدي في التاج: مرسية بالضمّ مخفّفة و أهل المغرب يفتحونها - بلد إسلامي بالمغرب شرقي الأندلس بناه الأمير عبد الرحمن بن الحكم الأموي، كثير المنارة و البساتين، و من هذا البلد أبو غالب تمام بن غالب اللغويّ صنّف في علم اللّغة كتابا نفيسا، و لمّا تغلّب أبو إسحاق على مرسيّة، أرسل إليه ألف دينار على أن يكتب اسمه عليه، فأبي و قال: لو بذلت لي الدنيا ما وضعت، إنما كتبته لكلّ طالب علم (1).

قال السيوطي: عبد الرحمن بن الحكم بن عبد الرحمن الأموي، أوّل من فخم الملك بالأندلس من الأمويّة، و كساه ابّهة الخلافة و الجلالة، و في أيّامه أحدث بالأندلس لبس المطرّز و ضرب الدراهم، و لم يكن بها دار ضرب منذ فتحها العرب، و إنّما كانوا يتعاملون بما يحمل إليهم من دراهم أهل المشرق، مات سنة تسع و ثلاثين و مائتين (2).

ص: 17


1- تاج العروس: 4-246.
2- تاريخ الخلفاء: 522.

فهذا الّذي نقلناه عن الزبيدي و السّيوطي يدلّنا على أنّ المرسية بنيت في القرن الثّالث بعد وفاة الرّضا عليه السّلام، فلا جرم أنّ أمّه تكون من مرسية إفريقية، و بيان ذلك أنّ المسلمين لما افتتحوا إفريقية و بلاد الروم، أسّسوا بلادا في سواحل بحر الأبيض - شماليها و جنوبيها - و يقال لهذه البلاد: المراسي لاجتماع السفن بها كمرسى الخزر، و مرسي الدّجاج، و مرسى ابن جناد و يمكن أن تكون أمّ الرضا عليه السّلام من إحدى هذه المراسي.

قال ياقوت: مرسى الخزر بالفتح ثم السكون و السين مهملة و القصر، أصله مفعل من رست السفينة إذا ثبتت و الموضع مرسي، و الخزر بفتح الخاء المعجمة و الراء ثم زاى، واحدته خزرة، موضع معمور على ساحل إفريقية بينه و بين بونة ثلاثة أيام يستخرج منه المرجان (1).

قال ابن حوقل: مدينة بونة مدينة مقتدرة ليست بالكبيرة و لا بالصغيرة على نحر البحر، و لها أسواق حسنة و تجارة مقصودة، و أرباح متوسّطة، و فيها خصب و رخص موصوف، و فواكه و بساتين قريبة (2).

قال العطاردى: يحتمل أن تكون أمّ الرضا عليه السّلام من أهل بونة هذه لأنّها قريبة من مرسى الخزر، ثم لعبت بها يد النّساخ و صحّفوها بالنوبة، كما صحّفوا غيرها من أسماء الرجال و البلدان. و اللّه أعلم بحقائق الامور.

باب إمامته و فرض طاعته

الكليني باسناده عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: كنت أنا و هشام بن الحكم و علي بن يقطين ببغداد فقال علي بن يقطين: كنت عند العبد الصالح جالسا فدخل عليه ابنه علي فقال لي: يا علي بن يقطين هذا علي سيد ولدي، أما إني قد نحلته

ص: 18


1- معجم البلدان.
2- صورة الارض: 77.

كنيتي، فضرب هشام بن الحكم براحته جبهته، ثم قال: ويحك كيف قلت ؟ فقال علي بن يقطين: سمعت و اللّه منه كما قلت، فقال هشام: أخبرك أنّ الأمر فيه من بعده (1)

عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: كنت عند العبد الصالح «و في نسخة الصفواني» قال: كنت أنا، ثم ذكر مثله.

عن نعيم القابوسي عن أبي الحسن عليه السّلام أنّه قال: إنّ ابني عليا أكبر ولدي و أبرّهم عندي و أحبّهم إليّ و هو ينظر معي في الجفر و لم ينظر فيه إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ (2).

عن داود الرقي قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام: جعلت فداك إني قد كبر سني فخذ بيدي من النار، قال: فأشار إلى ابنه أبي الحسن عليه السّلام، فقال: هذا صاحبكم من بعدي (3).

عن محمّد بن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن الأول عليه السّلام: ألا تدلّني إلى من آخذ عنه ديني ؟ فقال: هذا ابني عليّ إنّ أبي أخذ بيدي فأدخلني الى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا بنيّ إن اللّه عزّ و جلّ قال: «إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً » و إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا قال قولا و فى به (4).

و عنه عن داود الرقي قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السّلام: إني قد كبرت سنى و دقّ عظمى و انى سألت أباك عليه السّلام فاخبرنى بك، فأخبرنى من بعدك ؟ فقال: هذا أبو الحسن الرّضا (5).

عن زياد بن مروان القندي و كان من الواقفة قال: دخلت على أبى ابراهيم و عنده ابنه أبو الحسن عليه السّلام فقال لى: يا زياد هذا ابنى فلان، كتابه كتابي و كلامه كلامي و رسوله رسولي و ما قال فالقول قوله (6).

عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن على، عن محمّد بن الفضيل قال: حدّثني

ص: 19


1- الكافى: 1-311.
2- المصدر: 1-312.
3- المصدر: 1-312.
4- المصدر: 1-312.
5- المصدر: 1-312.
6- المصدر: 1-312.

المخزومي و كانت أمه من ولد جعفر بن أبى طالب عليه السّلام قال: بعث إلينا أبو الحسن موسى عليه السّلام فجمعنا ثم قال لنا: أ تدرون لم دعوتكم ؟ فقلنا لا، فقال: أشهدوا أنّ ابنى هذا وصيى و القيّم بأمري و خليفتى من بعدي، من كان له عندي دين فليأخذه من ابنى هذا، و من كانت له عندي عدة فلينجزها منه و من لم يكن له بدّ من لقائى فلا يلقني الا بكتابه (1).

عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن سنان و عليّ بن الحكم جميعا عن الحسين بن المختار قال: خرجت إلينا ألواح من أبى الحسن عليه السّلام و هو في الحبس عهدي الى أكبر ولدي أن يفعل كذا و أن يفعل كذا، و فلان لا تنله شيئا حتى ألقاك أو يقضى اللّه عليّ الموت (2).

عنه قال: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن عبد اللّه ابن المغيرة، عن الحسين بن المختار قال: خرج إلينا من أبى الحسن عليه السّلام بالبصرة ألواح مكتوب فيها بالعرض: عهدي إلى أكبر ولدي، يعطي فلان كذا، و فلان كذا، و فلان كذا و فلان لا يعطى حتى أجيئ أو يقضي اللّه عزّ و جلّ عليّ الموت، إنّ اللّه يفعل ما يشاء (3).

عنه، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ عن ابن محرز، عن عليّ بن يقطين عن أبى الحسن عليه السّلام قال: كتب إلى من الحبس أنّ فلانا ابني سيد ولدي، و قد نحلته كنيتى (4).

عنه، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي عن أبي علي الخزاز، عن داود بن سليمان قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السّلام: إني أخاف أن يحدث حدث و لا ألقاك، فأخبرني من الامام بعدك ؟ فقال: ابني فلان يعني أبا الحسن عليه السّلام (5).

ص: 20


1- الكافى 1-312.
2- الكافى: 1-313.
3- الكافى: 1-313.
4- الكافى: 1-313.
5- الكافى: 1-313.

عنه، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن سعيد بن أبي الجهم، عن النصر بن قابوس قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السّلام إني سألت أباك عليه السّلام من الذي يكون من بعدك ؟ فأخبرني أنك أنت هو، فلمّا توفّي أبو عبد اللّه عليه السّلام ذهب الناس يمينا و شمالا و قلت فيك أنا و أصحابي فأخبرني من الذي يكون من بعدك من ولدك ؟ فقال: ابني فلان (1).

عنه، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ، عن الضحاك بن الأشعث، عن داود ابن زربي قال: جئت إلى أبي إبراهيم عليه السّلام بمال، فأخذ بعضه و ترك بعضه، فقلت:

أصلحك اللّه لأيّ شيء تركته عندي ؟ قال: إنّ صاحب هذا الأمر يطلبه منك، فلما جاءنا نعيه بعث إليّ أبو الحسن عليه السّلام ابنه، فسألني ذلك، فدفعته إليه (2).

عنه، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن أبي الحكم الأرمني قال:

حدّثني عبد اللّه بن إبراهيم بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، عن يزيد بن سليط الزيدي، قال أبو الحكم و أخبرني عبد اللّه بن محمّد بن عمارة الجرمي عن يزيد ابن سليط قال: لقيت أبا إبراهيم عليه السّلام و نحن نريد العمرة في بعض الطريق، فقلت:

جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه ؟ قال: نعم فهل تثبته أنت ؟ قلت: نعم إني أنا و أبي لقيناك هاهنا و أنت مع ابي عبد اللّه عليه السّلام و معه إخوتك.

فقال له أبي: بأبى أنت و أمى أنتم كلكم أئمّة مطهّرون، و الموت لا يعري منه أحد، فأحدث، إلى شيئا أحدث به من يخلفنى من بعدي فلا يضلّ ، قال: نعم يا أبا عبد اللّه هؤلاء ولدي و هذا سيّدهم و أشار إليك و قد علّم الحكم و الفهم و السخاء، و المعرفة بما يحتاج إليه الناس و ما اختلفوا فيه من أمر دينهم و دنياهم، و فيه حسن الخلق و حسن الجواب و هو باب من أبواب اللّه عزّ و جلّ و فيه اخرى خير من هذا كله.

فقال له ابى: و ما هي ؟ بأبي أنت و امي قال عليه السّلام: يخرج اللّه عزّ و جل منه

ص: 21


1- الكافى: 1-313.
2- المصدر: 1-313.

غوث هذه الامّة و غياثها و علمها و نورها و فضلها و حكمتها، خير مولود و خير ناشئ، يحقن اللّه عزّ و جل به الدّماء، و يصلح به ذات البين و يلمّ به الشعث، و يشعب به الصدع، و يكسو به العاري، و يشبع به الجائع و يؤمن به الخائف، و ينزل اللّه به القطر، و يرحم به العباد، خير كهل و خير ناشئ، قوله حكم و صمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه، و يسود عشيرته من قبل أوان حلمه.

فقال له أبى: بأبي أنت و أمى و هل ولد؟ قال: نعم و مرّت به سنون، قال يزيد فجاءنا من لم نستطع معه كلاما، قال يزيد: فقلت لأبى إبراهيم عليه السّلام فأخبرنى أنت بمثل ما أخبرنى به أبوك عليه السّلام. فقال لى: نعم إنّ أبى عليه السّلام كان في زمان ليس هذا زمانه، فقلت له: فمن يرضى منك بهذا فعليه لعنة اللّه.

قال: فضحك أبو إبراهيم ضحكا شديدا. ثمّ قال: أخبرك يا أبا عمارة أني خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلان، و أشركت معه بنيّ في الظاهر، و أوصيته في الباطن، فأفردته وحده و لو كان الأمر إليّ لجعلته في القاسم ابني لحبي إياه و رأفتى عليه و لكن ذلك إلى اللّه عزّ و جلّ ، يجعله حيث يشاء، و لقد جاءني بخبره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

ثم أرانيه و أراني من يكون معه و كذلك لا يوصى إلى أحد منّا حتى يأتى بخبره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و جدّي علي صلوات اللّه عليه و رأيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خاتما و سيفا و عصا و كتابا و عمامة، فقلت ما هذا يا رسول اللّه ؟ فقال لى: أما العمامة فسلطان اللّه عزّ و جلّ ، و أما السيف فعزّ اللّه تبارك و تعالى و أما الكتاب فنور اللّه تبارك و تعالى، و أما العصا فقوّة اللّه، و أما الخاتم فجامع هذه الامور.

ثم قال لى و الأمر قد خرج منك إلى غيرك، فقلت: يا رسول اللّه أرنيه أيهم هو؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما رأيت من الأئمة أحدا أجزع على فراق هذا الأمر منك و لو كانت الإمامة بالمحبة لكان إسماعيل أحبّ إلى أبيك منك و لكن ذلك من اللّه عز و جل.

ص: 22

ثمّ قال أبو ابراهيم: و رأيت ولدي جميعا الأحياء منهم و الأموات، فقال لي أمير المؤمنين عليه السّلام: هذا سيدهم و أشار الى ابنى عليّ فهو مني و أنا منه و اللّه مع المحسنين، قال يزيد: ثمّ قال أبو إبراهيم عليه السّلام: يا يزيد إنها وديعة عندك فلا تخبر بها إلاّ عاقلا أو عبدا تعرفه صادقا و إن سئلت عن الشهادة فاشهد بها، و هو قول اللّه عزّ و جل: «إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا» .

و قال لنا أيضا «وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهٰادَةً عِنْدَهُ مِنَ اَللّٰهِ » قال: فقال أبو إبراهيم عليه السّلام: فاقبلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقلت: قد جمعتهم لى بأبى و أمى فأيهم هو؟ فقال: هو الّذي ينظر بنور اللّه عزّ و جل و يسمح بفهمه و ينطق بحكمته يصيب فلا يخطئ و يعلم فلا يجهل، معلّما حكما و علما، هو هذا و أخذ بيد علي ابني.

ثمّ قال: ما أقلّ مقامك معه فاذا رجعت من سفرك فأوص و أصلح أمرك و افرغ مما أردت، فانك منتقل عنهم و مجاور غيرهم. فاذا أردت فادع عليا فليغسّلك و ليكفّنك فانه طهر لك، و لا يستقيم إلا ذلك و ذلك سنّة قد مضت، فاضطجع بين يديه وصّف إخوته خلفه و عمومته، و مره فليكبّر عليك تسعا، فإنه قد استقامت وصيته و وليك و أنت حيّ .

ثم اجمع له ولدك من بعدهم، فأشهد عليهم و أشهد اللّه عزّ و جلّ و كفى باللّه شهيدا، قال يزيد ثمّ قال لي أبو ابراهيم عليه السّلام إنّي أوخذ في هذه السنة و الأمر هو إلى ابني عليّ ، سمّي عليّ و عليّ : فأما عليّ الاول فعليّ بن أبي طالب، و أما الآخر فعليّ بن الحسين عليهما السّلام، أعطي فهم الأول و حلمه و نصره و ودّه و دينه و محنته و محنة الآخر و صبره على ما يكره و ليس له أن يتكلّم إلاّ بعد موت هارون بأربع سنين.

ثمّ قال لي: يا يزيد و إذا مررت بهذا الموضع و لقيته و ستلقاه فبشره أنه سيولد له غلام أمين مأمون مبارك، و سيعلمك أنك قد لقيتني فأخبره عند ذلك أنّ الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية جارية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمّ

ص: 23

إبراهيم فان قدرت أن تبلغها منى السّلام فافعل، قال يزيد، فلقيت بعد مضى أبى ابراهيم عليه السّلام عليّا عليه السّلام فبدأني، فقال لى يا يزيد ما تقول في العمرة فقلت: بأبى أنت و أمى ذلك إليك و ما عندي نفقة.

فقال، سبحان اللّه ما كنّا نكلّفك و لا نكفيك، فخرجنا حتى انتهينا إلى ذلك الموضع فابتدأنى فقال: يا يزيد إنّ هذا الموضع كثيرا ما لقيت فيه جيرتك و عمومتك قلت: نعم ثمّ قصصت عليه الخبر فقال لى: أما الجارية فلم تجيء بعد، فاذا جاءت بلغتها منه السّلام، فانطلقنا إلى مكّة فاشتراها في تلك السنة، فلم تلبث إلا قليلا حتى حملت فولدت ذلك الغلام.

قال يزيد: و كان إخوة عليّ يرجون أن يرثوه فعادونى إخوته من غير ذنب، فقال لهم إسحاق بن جعفر: و اللّه لقد رأيته و أنه ليقعد من أبى ابراهيم بالمجلس الذي لا أجلس فيه أنا (1).

عنه، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي الحكم قال: حدّثني عبد اللّه بن ابراهيم الجعفري و عبد اللّه بن محمّد بن عمارة، عن يزيد بن سليط قال: لمّا أوصى أبو ابراهيم عليه السّلام أشهد إبراهيم بن محمّد الجعفريّ و إسحاق بن محمّد الجعفريّ و إسحاق بن جعفر بن محمّد و جعفر ابن صالح و معاوية الجعفري و يحيى بن الحسين بن زيد بن علي و سعد بن عمران الأنصاري و محمّد بن الحارث الأنصاري و يزيد بن سليط الأنصاري و محمّد بن جعفر بن سعد الأسلمي و هو كاتب الوصية الاولى.

أشهدهم أنه يشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا عبده و رسوله و أنّ الساعة آتية لا ريب فيها و أنّ اللّه يبعث من في القبور، و أنّ البعث بعد الموت حق و أنّ الوعد حقّ ، و أن الحساب حقّ و القضاء حق، و أن الوقوف بين يدي اللّه حقّ ، و أن ما جاء به محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حقّ و أن ما نزل به الروح الأمين حقّ ، على ذلك أحيى و عليه أموت و عليه أبعث ان شاء اللّه.

ص: 24


1- الكافى: 1-313.

و أشهدهم أنّ هذه وصيتي بخطي و قد نسخت وصية جدّي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام و وصية محمّد بن علي قبل ذلك نسختها حرفا بحرف و وصية جعفر بن محمّد، على مثل ذلك و أني قد أوصيت الى عليّ و بنيّ بعد معه إن شاء و آنس منهم رشدا و أحب أن يقرّهم فذاك له و إن كرههم و أحبّ أن يخرجهم فذاك له و لا أمر لهم معه.

و أوصيت إليه بصدقاتي و أموالي و مواليّ و صبياني الذين خلّفت و ولدي إلى إبراهيم و العباس و قاسم و إسماعيل و أحمد و أم أحمد و إلى عليّ أمر نسائي دونهم و ثلث صدقة أبى و ثلثي يضعه حيث يرى و يجعل ذو المال في ماله، فان أحبّ أن يبيع أو يهب أو ينحل أو يتصدّق بها على من سميت له و على غير من سميت، فذاك له و هو أنا في وصيتي في مالي و في أهلي و ولدي و إن يرى أن يقرّ إخوته الذين سميتهم في كتابي هذا أقرّهم و إن كره. فله أن يخرجهم غير مثرّب عليه و لا مردود، فان آنس منهم غير الذي فارقتهم عليه فاحبّ أن يردّهم في ولاية فذاك له و إن أراد رجل منهم أن يزوّج أخته فليس له أن يزوّجها إلاّ باذنه و أمره، فإنه أعرف بمناكح قومه و أيّ سلطان أو أحد من الناس كفّه عن شيء أو حال بينه و بين شيء مما ذكرت في كتابى هذا أو أحد ممن ذكرت فهو من اللّه و من رسوله بريء و اللّه و رسوله منه براء، و عليه لعنة اللّه و غضبه و لعنة اللاعنين و الملائكة المقرّبين و النبيّين و المرسلين و جماعة المؤمنين و ليس لأحد من السلاطين أن يكفّه عن شيء و ليس لي عنده تبعة و لا تباعة و لا لأحد من ولدي له قبلي مال، فهو مصدّق فيما ذكر، فان أقلّ فهو أعلم و إن أكثر فهو الصادق كذلك و إنما أردت بادخال الذين أدخلتهم معه من ولدي التنويه بأسمائهم و التشريف لهم و أمهات أولادي من أقامت منهنّ في منزلها و حجابها فلها ما كان يجري عليها في حياتي ان رأى ذلك، و من خرجت منهنّ إلى زوج فليس لها أن ترجع الى محواى إلاّ أن يرى عليّ غير ذلك و بناتي بمثل ذلك و لا يزوّج بناتي أحد من إخوتهن من امهاتهن و لا سلطان و لا عمّ إلاّ برأيه و مشورته، فان فعلوا غير ذلك فقد خالفوا اللّه و رسوله و جاهدوه في ملكه و هو أعرف بمناكح قومه، فان أراد أن يزوّج زوّج

ص: 25

و ان أراد أن يترك ترك، و قد أوصيتهنّ بمثل ما ذكرت في كتابي هذا و جعلت اللّه عزّ و جل عليهنّ شهيدا و هو و أم أحمد شاهدان، و ليس لأحد أن يكشف وصيتي و لا ينشرها و هو منها على غير ما ذكرت و سميت، فمن أساء فعليه و من أحسن فلنفسه و ما ربك بظلاّم للعبيد و صلى اللّه على محمّد و على آله. و ليس لأحد من سلطان و لا غيره أن يفضّ كتابى هذا الذي ختمت عليه الأسفل، فمن فعل ذلك فعليه لعنة اللّه و غضبه و لعنة اللاعنين و الملائكة المقربين و جماعة المرسلين و المؤمنين من المسلمين و على من فضّ كتابى هذا. و كتب و ختم أبو إبراهيم و الشهود و صلى اللّه على محمّد و على آله.

قال أبو الحكم: فحدّثنى عبد اللّه بن آدم الجعفريّ عن يزيد بن سليط قال:

كان أبو عمران الطلحى قاضى المدينة فلمّا مضى موسى قدّمه إخوته الى الطلحى القاضى فقال العباس ابن موسى: أصلحك اللّه و أمتع بك: إنّ في أسفل هذا الكتاب كنزا و جوهرا و يريد أن يحتجبه و يأخذه دوننا و لم يدع أبونا رحمه اللّه شيئا إلاّ ألجأه إليه و تركنا عالة و لو لا أنى أكفّ نفسى لأخبرتك بشيء على رءوس الملاء.

فوثب إلى إبراهيم بن محمّد فقال: إذا و اللّه تخبر بما لا نقبله منك و لا نصدّقك عليه ثم تكون عندنا ملوما مدحورا، نعرفك بالكذب صغيرا و كبيرا و كان أبوك أعرف بك لو كان فيك خيرا و أنّ أباك لعارفا بك في الظاهر و الباطن و ما كان ليأمنك على تمرتين، ثم وثب إليه إسحاق بن جعفر عمه فأخذ بتلبيبه فقال له: إنك لسفيه ضعيف أحمق أجمع، هذا مع ما كان بالأمس منك و أعانه القوم أجمعون.

فقال أبو عمران القاضى لعلىّ : قم يا أبا الحسن حسبى ما لعننى أبوك اليوم و قد وسّع لك أبوك و لا و اللّه ما أحد أعرف بالولد من والده و لا و اللّه ما كان أبوك عندنا بمستخف في عقله و لا ضعيف في رأيه، فقال العباس للقاضى: أصلحك اللّه فضّ الخاتم و اقرأ ما تحته فقال أبو عمران: لا أفضّه حسبى ما لعننى أبوك اليوم، فقال العباس: فأنا أفضّه.

فقال: ذاك إليك ففضّ العبّاس الخاتم فإذا فيه إخراجهم و إقرار عليّ لها وحده

ص: 26

و إدخاله إياهم في ولاية عليّ إن أحبوا أو كرهوا و اخراجهم من حدّ الصدقة و غيرها و كان فتحه عليهم بلاء و فضيحة و ذلّة و لعلىّ عليه السّلام خيرة و كان في الوصية التى فضّ العباس تحت الخاتم هؤلاء الشهود: ابراهيم بن محمّد و إسحاق بن جعفر و جعفر بن صالح و سعيد بن عمران و أبرز و اوجه أمّ أحمد في مجلس القاضى و ادّعوا أنها ليست إياها حتى كشفوا عنها و عرفوها.

فقالت عند ذلك: قد و اللّه قال سيدي هذا إنك ستؤخذين جبرا و تخرجين إلى المجالس، فزجرها إسحاق بن جعفر و قال: اسكتى فانّ النساء الى الضعف، ما أظنه قال من هذا شيئا، ثم إنّ عليا عليه السّلام التفت الى العباس فقال يا أخى انى أعلم أنه إنما حملكم على هذه الغرائم و الديون التى عليكم، فانطلق يا سعيد فتعين لى ما عليهم ثمّ اقض عنهم و لا و اللّه لا أدع مواساتكم و برّكم ما مشيت على الأرض فقولوا ما شئتم.

فقال العباس: ما تعطينا إلاّ من فضول أموالنا و مالنا عندك أكثر، فقال:

قولوا ما شئتم فالعرض عرضكم فان تحسنوا فذاك لكم عند اللّه و إن تسيئوا فانّ اللّه غفور رحيم، و اللّه إنكم لتعرفون إنه ما لي يومى هذا ولد و لا وارث غيركم، و لئن حبست شيئا مما تظنّون أو ادّخرته فانّما هو لكم و مرجعه إليكم.

و اللّه ما ملكت منذ مضى أبوكم رضى اللّه عنه شيئا إلا و قد سيبته حيث رأيتم فوثب العباس فقال: و اللّه ما هو كذلك و ما جعل اللّه لك من رأى علينا و لكن حسد أبينا لنا و ارادته ما أراد ممّا لا يسوّغه اللّه إياه و لا إيّاك و إنك لتعرف أنى أعرف صفوان بن يحيى بياع السابرى بالكوفة و لئن سلّمت لأغصّصنّه بريقه و أنت معه.

فقال عليّ عليه السّلام لا حول و لا قوّة الا باللّه العلىّ العظيم: أما إنى يا إخوتى فحريص على مسرّتكم اللّه يعلم، اللهم إن كنت تعلم أني أحبّ صلاحهم و أنّي بارّ بهم و أصل لهم رفيق عليهم أعنّي بأمورهم ليلا و نهارا فأخبرني به خيرا و إن كنت على غير ذلك فأنت علاّم الغيوب فأخبرني به ما أنا أهله إن كان شرّا فشرّا و إن كان

ص: 27

خيرا فخيرا.

اللهم أصلحهم و أصلح لهم و اخسا عنّا و عنهم الشيطان و أعنهم على طاعتك و وفّقهم لرشدك، أمّا أنا يا أخي فحريص على مسرّتكم جاهد على صلاحكم، و اللّه على ما نقول وكيل، فقال العبّاس: ما أعرفني بلسانك و ليس لمسحاتك عندي طين، فافترق القوم على هذا و صلّى اللّه على محمّد و آله (1).

عنه، عن محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن علي و عبيد اللّه بن المرزبان عن ابن سنان قال: دخلت على أبي الحسن موسى عليه السّلام من قبل أن يقدم العراق بسنة و عليّ ابنه جالس بين يديه، فنظر إلى فقال: يا محمّد أمّا إنّه سيكون في هذه السنة حركة، فلا تجزع لذلك، قال: قلت: و ما يكون جعلت فداك ؟ فقد أقلقني ما ذكرت.

فقال: أصير إلى الطاغية، أما إنّه لا يبدأني منه سوء و من الذي يكون بعده قال: قلت و ما يكون جعلت فداك ؟ قال: يضلّ اللّه الظالمين و يفعل اللّه ما يشاء، قال:

قلت: و ما ذاك جعلت فداك ؟ قال: من ظلم ابني هذا حقّه و جحد إمامته من بعدي كان كمن ظلم عليّ بن أبي طالب حقّه و جحده إمامته بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

قال: قلت: و اللّه لئن مدّ اللّه لي في العمر لاسلّمنّ له حقّه و لاقرّنّ له بإمامته، قال: صدقت يا محمّد يمدّ اللّه في عمرك و تسلّم له حقّه و تقرّ له بإمامته و إمامة من يكون من بعده، قال: قلت: و من ذاك ؟ قال محمّد ابنه، قال: قلت له: الرّضا و التسليم (2).

الصدوق - قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدّثني الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن محمّد بن الأصبغ عن أحمد ابن الحسن الميثمى و كان واقفيا قال: حدّثني محمّد بن إسماعيل بن الفضل الهاشمى،

ص: 28


1- الكافى: 1-316.
2- الكافى: 1-319.

قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام و قد اشتكى شكاية شديدة فقلت له، إن كان ما أسأل اللّه أن لا يريناه فإلى من ؟ قال: إلى عليّ ابني و كتابه كتابي و هو وصيي و خليفتي من بعدي (1).

عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار و سعد بن عبد اللّه جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ عن الحسن بن علي بن يقطين عن أخيه الحسين عن أبيه علي بن يقطين قال: كنت: عند أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام و عنده عليّ ابنه عليه السّلام فقال:

يا عليّ هذا ابني سيد ولدي و قد نحلته كنيتي قال: فضرب هشام، يعني ابن سالم يده على جبهته! فقال: إنا للّه نعى و اللّه إليك نفسه (2).

عنه قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن داود بن زربي عن علي بن يقطين، قال: قال لي موسى بن جعفر ابتداء منه:

هذا أفقه ولدي و أشار بيده إلى الرضا عليه السّلام و قد نحلته كنيتي (3).

عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن عبد اللّه بن عيسى عن أبيه، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن محمّد بن الأصبغ، عن أبيه عن غنّام بن القاسم قال: قال لي منصور بن يونس بن بزرج دخلت على أبي الحسن يعني موسى بن جعفر عليهما السّلام يوما فقال لي: يا منصور أ ما علمت ما أحدثت في يومي هذا؟ قلت: لا، قال: قد صيّرت عليا ابني وصيي، و أشار بيده إلى الرضا عليه السّلام، و قد نحلته كنيتي و الخلف من بعدي فادخل عليه و هنّئه بذلك و اعلم أني أمرتك بهذا قال: فدخلت عليه فهنّأته بذلك و أعلمته أنّه أمرني بذلك، ثمّ جحد منصور فأخذ

ص: 29


1- عيون الاخبار: 1-20.
2- المصدر: 1-21.
3- المصدر: 1-22.

الأموال الّتي كانت في يده و كسرها (1).

عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن زكريا بن آدم، عن داود بن كثير، قال: قلت لأبي عبد اللّه: جعلت فداك و قد مني للموت قبلك، إن كان كون فالى من ؟ قال: إلى ابني موسى، فكان ذلك الكون فو اللّه ما شككت في موسى عليه السّلام طرفة عين قطّ، ثمّ مكثت نحوا من ثلثين سنة، ثم أتيت أبا الحسن موسى فقلت له جعلت فداك إن كان كون فالى من ؟ قال: علي ابني قال:

فكان ذلك الكون، فو اللّه ما شككت في علي عليه السّلام طرفة عين قطّ (2).

عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثني سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال، قال: حدّثنا محمّد بن سنان، عن داود الرقّي قال: قلت: لأبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السّلام: جعلت فداك قد كبر سنّي فحدّثني من الإمام بعدك ؟ قال: فأشار إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام و قال: هذا صاحبكم من بعدي (3).

عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال و أحمد بن محمّد بن أبى نصر البزنطي عن أبي علي الخزاز عن داود الرقي قال: قلت:

لابي إبراهيم يعني موسى الكاظم عليه السّلام فداك أبي إني قد كبرت و خفت أن يحدث بي حدث و لا ألقاك فأخبرني من الامام من بعدك ؟ فقال: ابني علي عليه السّلام (4).

عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه قال: حدّثنا

ص: 30


1- عيون الاخبار: 1-22.
2- المصدر: 1-22.
3- المصدر: 1-23.
4- المصدر: 1-23.

علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن محمّد بن خالد البرقي عن سليمان بن حفص المروزيّ قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام و أنا اريد أن أسأله عن الحجّة على الناس بعده، فلمّا نظر إليّ فابتدأني، و قال: يا سليمان إنّ عليّا ابني و وصيي و الحجة على الناس بعدي، و هو أفضل ولدي فان بقيت بعدي فاشهد له بذلك عند شيعتي و أهل ولايتي المستخبرين عن خليفتي من بعدي (1).

عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال حدّثنا سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عبد اللّه بن محمّد الحجال، قال: حدّثنا سعد بن زكريا بن آدم، عن علي بن عبد اللّه الهاشمي، قال: كنّا عند القبر نحو ستين رجلا منّا و من موالينا اذ أقبل أبو إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السّلام و يد علي ابنه عليه السّلام في يده، فقال: أ تدرون من أنا؟ قلنا: أنت سيدنا و كبيرنا، فقال: سمّوني و انسبوني، فقلنا: أنت موسى بن جعفر بن محمّد، فقال: من هذا معي ؟ قلنا: هو علي بن موسى بن جعفر، قال: فاشهدوا أنه وكيلي في حياتي و وصيي بعد موتي (2).

عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثني سعد بن عبد اللّه، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب عن عبد اللّه بن مرحوم قال: خرجت من البصرة أريد المدينة فلمّا صرت في بعض الطريق لقيت أبا إبراهيم عليه السّلام و هو يذهب به إلى البصرة فأرسل إليّ ، فدخلت عليه، فدفع إليّ كتبا و أمرني أن اوصلها بالمدينة، فقلت: إلى من أدفعها جعلت فداك قال: إلى ابني عليّ ، فانه وصيي و القيّم بأمري و خير بنيّ (3).

عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن الفضيل،

ص: 31


1- عيون الاخبار: 1-26.
2- المصدر: 1-26.
3- المصدر: 1-27.

عن عبد اللّه بن الحرث و أمّه من ولد جعفر بن أبي طالب، قال: بعث إلينا أبو إبراهيم عليه السّلام فجمعنا ثمّ قال: أ تدرون لم جمعتكم ؟ قلنا: لا، قال: أشهدوا أنّ عليا ابني هذا وصيي و القيّم بأمري و خليفتي من بعدي، من كان له عندي دين فليأخذه من ابني هذا، و من كانت له عندي عدة فليستنجزها منه، و من لم يكن له بدّ من لقائي فلا يلقني إلا بكتابه (1).

عنه قال: حدّثنا المظفّر بن جعفر العلويّ السمرقنديّ رضي اللّه عنه، قال:

حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود العيّاشي، عن أبيه، قال: حدّثنا يوسف بن السخت عن علي بن القاسم العريضيّ ، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن حيدر بن أيّوب عن محمّد بن يزيد الهاشمي أنه قال: ألا أن تتخذ الشيعة علي بن موسى عليه السّلام إماما، قلت: و كيف ذلك ؟ قال: دعاه أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام فأوصى إليه (2).

عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن حيدر بن أيوب، قال، كنّا بالمدينة في موضع يعرف بالقبا فيه محمّد بن زيد بن علي فجاء بعد الوقت الذي كان يجيئنا فيه فقلنا له: جعلنا اللّه فداك ما حبسك ؟ قال: دعانا أبو إبراهيم عليه السّلام اليوم سبعة عشر رجلا من ولد علي و فاطمة عليهما السّلام، فأشهدنا لعلي ابنه بالوصية و الوكالة في حياته و بعد موته و أنّ أمره جائز عليه و له، ثمّ قال محمّد بن زيد: و اللّه يا حيدر لقد عقد له الإمامة اليوم و ليقولنّ الشيعة به من بعده، قال حيدر: قلت: بل يبقيه اللّه، و أيّ شيء بهذا؟ قال: يا حيدر إذا أوصي إليه فقد عقد له الإمامة: قال علي بن الحكم: مات حيدر و هو شاكّ (3).

عنه قال: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه، قال: حدّثنا عمي محمّد بن أبي القاسم

ص: 32


1- عيون الاخبار: 1-27.
2- المصدر: 1-27.
3- المصدر: 1-28.

عن محمّد بن علي الكوفي، عن محمّد بن الخلف، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أسد بن أبي العلاء، عن عبد الصمد بن بشير و خلف بن حماد عن عبد الرحمن بن الحجاج قال:

أوصي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام إلى ابنه علي عليه السّلام، و كتب له كتابا أشهد فيه ستين رجلا من وجوه أهل المدينة (1).

عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، و صالح بن السندي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حسين بن بشير قال: أقام لنا أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام ابنه عليا عليه السّلام كما أقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليا عليه السّلام يوم غدير خمّ فقال: يا أهل المدينة أو قال: يا أهل المسجد هذا وصيي من بعدي (2).

عنه قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي الخزاز قال: خرجنا إلى مكّة و معنا علي بن أبي حمزة و معه مال و متاع، فقلنا: ما هذا؟ قال: هذا للعبد الصالح عليه السّلام أمرني أن أحمله إلى عليّ ابنه عليه السّلام و قد أوصي إليه (3).

عنه قال: حدّثنا علي بن عبد اللّه الورّاق، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيوب الخزاز عن سلمة بن محرز قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ رجلا من العجلية قال لي كم عسى أن يبقى لكم هذا الشيخ إنّما هو سنة أو سنتين حتى يهلك، ثمّ تصيرون ليس لكم أحد تنظرون إليه، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ألا قلت له: هذا موسى ابن جعفر عليه السّلام قد أدرك ما يدرك الرجال و قد اشترينا له جارية تباح له، فكأنّك به إنشاء اللّه و قد ولد له فقيه خلف (4).

ص: 33


1- عيون الاخبار: 1-28.
2- المصدر: 1-28.
3- عيون الاخبار: 1-29.
4- المصدر: 1-29.

عنه قال: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي، قال: حدّثني جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، عن يوسف بن السّخت عن علي بن القاسم، عن أبيه عن جعفر بن خلف، عن إسماعيل بن الخطاب، قال: كان أبو الحسن عليه السّلام يبتدى بالثناء على ابنه علي عليه السّلام و يطريه و يذكر من فضله و برّه ما لا يذكر من غيره لأنه يريد أن يدلّ عليه (1).

عنه قال حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن جعفر بن خلف، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام يقول: سعد امرئ لم يمت حتّى يرى منه خلف، و قد أراني اللّه من ابني هذا خلفاء و أشار إليه يعني الرضا عليه السّلام (2).

عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي و محمّد بن سنان و علي بن سنان و عليّ بن الحكم عن الحسين ابن المختار، قال: خرجت إلينا ألواح من أبي إبراهيم موسى عليه السّلام و هو في الحبس فإذا فيها مكتوب: عهدي إلى أكبر ولدى (3).

عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسين بن المختار، قال لمّا مرّ بنا أبو الحسن عليه السّلام بالبصرة خرجت إلينا منه ألواح مكتوب فيها بالعرض، عهدى إلى أكبر ولدى (4).

ص: 34


1- عيون الاخبار: 1-30.
2- المصدر: 1-30.
3- المصدر: 1-30.
4- المصدر: 1-30.

عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن زياد بن مروان القندي، قال: دخلت على أبي إبراهيم عليه السّلام و عنده عليّ ابنه، فقال لي: يا زياد هذا كتابه كتابي و كلامه كلامي و رسوله رسولي و ما قال فالقول قوله (1).

عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال، قال: حدّثنا سعيد بن أبي الجهم عن نصر ابن قابوس، قال: قلت لأبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السّلام: إني سألت أباك عليه السّلام من الذي يكون بعدك ؟ فأخبرني أنك أنت هو، فلما توفّي أبو عبد اللّه عليه السّلام، ذهب الناس يمينا و شمالا، و قلت أنا و أصحابي بك، فأخبرني من الذي يكون بعدك قال:

ابني علي عليه السّلام (2).

عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدّثني محمّد بن الحسن الصفّار، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن نعيم بن قابوس، قال: قال أبو الحسن عليه السّلام: عليّ ابني اكبر ولدي، و أسمعهم بقولي و أطوعهم لأمري، ينظر معي في كتابي الجفر و الجامعة، و ليس ينظر فيه، إلا نبيّ أو وصيّ نبيّ (3).

عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن المفضّل بن عمر قال:

دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام، و عليّ عليه السّلام ابنه في حجره و هو يقبّله و يمصّ لسانه، و يضعه على عاتقه و يضمّه إليه، و يقول: بأبي أنت و أمي، ما أطيب ريحك و أطهر خلقك و أبين فضلك ؟ قلت: جعلت فداك لقد وقع في قلبي لهذا الغلام من المودّة ما لم يقع لأحد

ص: 35


1- عيون الأخبار: 1-31.
2- المصدر: 1-31.
3- المصدر: 1-31.

إلا لك، فقال لي: يا مفضّل هو منّي بمنزلتي من أبي عليه السّلام ذريّة بعضها من بعض و اللّه سميع عليم، قال: قلت: هو صاحب هذا الأمر من بعدك ؟ قال: نعم من أطاعه رشد و من عصاه كفر (1).

عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال:

حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، قال: دخلت على أبي الحسن عليه السّلام قبل أن يحمل إلى العراق بسنة، و عليّ ابنه عليه السّلام بين يديه، فقال لي: يا محمّد، فقلت: لبيك قال: إنه سيكون في هذه السنة حركة فلا تجزع منها.

ثمّ أطرق و نكت بيده في الأرض و رفع رأسه إليّ و هو يقول: و يضلّ اللّه الظالمين و يفعل اللّه ما يشاء، قلت: و ما ذاك جعلت فداك ؟ قال: من ظلم ابني هذا حقّه و جحد إمامته من بعدي، كان كمن ظلم علي بن أبي طالب عليه السّلام حقّه، و جحد إمامته من بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فعلمت أنّه قد نعى إلى نفسه و دلّ على ابنه.

فقلت: و اللّه لئن مدّ اللّه في عمري لأسلمنّ إليه حقّه و لأقرنّ له بالإمامة، و أشهد أنّه من بعدك حجّة اللّه تعالى على خلقه، و الداعي إلى دينه، فقال لي: يا محمّد يمدّ اللّه في عمرك و تدعو إلى إمامته و إمامة من يقوم مقامه من بعده فقلت: من ذاك جعلت فداك ؟ قال: محمّد ابنه قال: قلت: فالرّضا و التسليم، قال: نعم كذلك وجدتك في كتاب أمير المؤمنين عليه السّلام أما إنك في شيعتنا أبين من البرق في اللّيلة الظلماء، ثمّ قال يا محمّد إنّ المفضّل كان انسي و مستراحي، و أنت أنسهما و مستراحهما، حرام على النار أن تمسّك أبدا (2).

قال المفيد - رحمه اللّه: و كان الإمام القائم بعد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام ابنه أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السّلام لفضله على جماعة إخوته و أهل بيته

ص: 36


1- عيون الاخبار: 1-32.
2- المصدر: 1-32.

و ظهور علمه و حلمه و ورعه، و اجتماع الخاصّة و العامّة على ذلك فيه و معرفتهم به منه و لنصّ أبيه عليه السّلام على إمامته من بعده، و إشارته إليه دون جماعة إخوته و عشيرته (1).

قال الطبرسي - رحمه اللّه -: أجمع أصحاب أبيه أبي الحسن موسى عليه السّلام على أنه نصّ عليه و أشار بالإمامة إليه إلا من شذّ من الواقفة و المسمين الممطورة، و السبب الظاهر في ذلك طمعهم فيما كان في أيديهم من الأموال إليهم (2) في مدّة حبس أبي الحسن موسى عليه السّلام و ما كان عندهم من ودائعه، فحملهم ذلك على إنكار وفاته و ادّعاء حياته و رفع خليفة بعده عن الإمامة و إنكار النصّ عليه.

ليذهبوا بما في أيديهم ممّا وجب عليهم أن يسلّموه إليه، و من كان هذا سبيله بطل الاعتراض بمقالة هذا، و وجب أنّ الإنكار لا يقابل الإقرار، فثبت النصّ المنقول و فسد قولهم المخالف للمعقول، على أنّهم قد انقرضوا و للّه الحمد فلا يوجد منهم ديّار (3).

قال العطاردى: و جاءت أيضا النصوص الدالّة على إمامته صلوات اللّه عليه في باب النصوص على الائمة الاثنا عشر و من أراد الزيادة فليراجع عيون الاخبار: 1-40.

و كمال الدين الباب 23.

ص: 37


1- الارشاد: 2-229.
2- كذا.
3- اعلام الورى: 303.

باب سيرته و مكارم اخلاقه

البرقي - رحمه اللّه - عن نوح بن شعيب عن نادر الخادم قال: أكل الغلمان فاكهة و لم يستقصوا أكلها و رموا بها فقال أبو الحسن عليه السّلام: سبحان اللّه إن كنتم استغنيتم فإنّ الناس لم يستغنوا أطعموه من يحتاج إليه (1).

العيّاشي - رحمه اللّه - عن صفوان قال: استأذنت لمحمد بن خالد على الرّضا عليه السّلام و أخبرته أنّه ليس يقول بهذا القول، و أنّه قال: و اللّه لا اريد بلقائه إلاّ لانتهى إلى قوله، فقال: أدخله، فدخل فقال له: جعلت فداك إنّه كان فرط منّي شيء و أسرفت على نفسي، و كان فيما يزعمون أنّه كان يعيبه، فقال: و أنا استغفر اللّه ممّا كان منّي، فأحبّ أن تقبل عذري و تغفر لي ما كان منّي، فقال: نعم أقبل، إن لم أقبل كان إبطال ما يقول هذا و أصحابه - و أشار إلى بيده - و مصداق ما يقول الآخرون يعني المخالفين قال اللّه لنبيّه عليه و آله السّلام: «فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اَللّٰهِ لِنْتَ لَهُمْ ، وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ، فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شٰاوِرْهُمْ فِي اَلْأَمْرِ» ثم سأله عن أبيه فأخبره أنّه قد مضى و استغفر له (2).

الكليني - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاّد، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: إذا كان الرّجل حاضرا فكنّه، و إذا كان غائبا فسمّه (3).

ص: 38


1- المحاسن: 441.
2- تفسير العياشى: 1-203.
3- الكافى: 2-671.

عنه باسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام أنّه كان يترّب الكتاب و قال لا بأس به (1).

عنه - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن معمر بن خلاّد قال: كان أبو الحسن الرّضا عليه السّلام إذا أكل أتي بصحفة فتوضع بقرب مائدته، فيعمد إلى أطيب الطعام مما يؤتي به، فيأخذ من كلّ شيء شيئا فيضع في تلك الصحفة، ثم يأمر بها للمساكين، ثمّ يتلو هذه الآية «فَلاَ اِقْتَحَمَ اَلْعَقَبَةَ » ثم يقول: علم اللّه عزّ و جلّ أنّه ليس كلّ إنسان يقدر على عتق رقبة، فجعل لهم السبيل إلى الجنّة (2).

الصدوق - رحمه اللّه - بإسناده عن معمر بن خلاّد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: كان و هو بخراسان إذا صلّى الفجر جلس في مصلاّه إلى أن تطلع الشمس، ثمّ يؤتي بخريطة فيها مساويك، فيستاك بها واحدا بعد واحد، ثم يؤتي بكندر فيمضغه ثم يدع ذلك، فيؤتى بالمصحف فيقرأ فيه (3).

عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، بنيسابور، سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة قال: حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي قال: حدّثنا عون بن محمّد، عن أبي عباد قال: كان جلوس الرّضا عليه السّلام في الصيف على حصير و في الشتاء على مسح و لبسه الغليظ من الثياب حتّى إذا برز للناس تزيّن لهم (4).

عنه قال: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي قال: حدثتني جدتي أم أبي و اسمها عذر قالت: اشتريت مع عدّة جوار من الكوفة و كنت من مولّداتها. قالت: فحملنا إلى المأمون فكنّا في داره في جنّة من الأكل و الشرب و الطيب و كثرة الدّنانير، فوهبني المأمون للرّضا عليه السّلام، فلمّا

ص: 39


1- الكافى: 2-673.
2- الكافى: 4-52.
3- الفقيه: 1-319.
4- عيون الاخبار: 2-178.

صرت في داره فقدت جميع ما كنت فيه من النعيم و كانت علينا قيّمة تنبهنا من الليل و تأخذنا بالصلاة و كان ذلك من أشدّ شيء علينا، فكنت أتمنّي الخروج من داره إلى أن وهبني لجدّك عبد اللّه بن العباس.

فلمّا صرت إلى منزله كنت كأني قد أدخلت الجنة، قال الصولي: و ما رأيت امرأة قطّ أتمّ من جدّتي هذه عقلا و لا أسخى كفّا، و توفّت سنة سبعين و مائتين و لها نحو مائة سنة، و كانت تسأل عن أمر الرضا عليه السّلام كثيرا، فتقول: ما أذكر منه شيئا إلاّ أنّي كنت أراه يتبخّر بالعود الهندي الصيني، و يستعمل بعده ماء ورد و مسكا و كان عليه السّلام إذا صلّى الغداة و كان يصلّيها في أوّل وقت ثمّ يسجد فلا يرفع رأسه إلى أن ترفع الشمس ثمّ يقوم فيجلس للناس أو يركب و لم يكن أحد يقدر أن يرفع صوته في داره كانت ما كان، إنما يتكلّم الناس قليلا قليلا (1).

عنه بهذا الإسناد قال: حدّثنا أبو ذكوان قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول:

ما رأيت الرّضا عليه السّلام يسأل عن شيء قطّ إلاّ علم، و لا رأيت أعلم منه بما كان في الزّمان الأوّل إلى وقته و عصره، و كان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كلّ شيء فيجيب فيه، و كان كلامه كلّه و جوابه و تمثّله انتزاعات من القرآن، و كان يختمه في كلّ ثلاثة و يقول: لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة ختمت. و لكنّي ما مررت بآية قطّ إلاّ فكّرت فيها و في أيّ شيء انزلت و في أيّ وقت، فلذلك صرت أختم في كلّ ثلاثة أيّام (2).

عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي - رضي اللّه عنه - قال: حدّثني أبي عن أحمد بن علي الأنصاري قال: سمعت رجاء بن أبي الضحاك يقول: بعثني المأمون في إشخاص علي بن موسى عليهما السّلام من المدينة و قد أمرني أن آخذ به على طريق البصرة و الأهواز و فارس، و لا آخذ به على طريق قمّ ، و أمرني

ص: 40


1- عيون الاخبار: 2-179.
2- عيون الاخبار: 2-180.

أن أحفظه بنفسي بالليل و النهار حتّى أقدم به عليه، فكنت معه من المدينة إلى مرو فو اللّه ما رأيت رجلا كان أتقى للّه تعالى منه و لا أكثر ذكرا للّه في جميع أوقاته منه و لا أشدّ خوفا للّه عزّ و جلّ منه.

و كان إذا أصبح صلّى الغداة، فإذا سلّم جلس في مصلاّه يسبّح اللّه و يحمده و يكبّره و يهلّله و يصلّى على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى تطلع الشمس، ثمّ يسجد سجدة يبقى فيها حتّى يتعالى النهار، ثم أقبل على الناس يحدّثهم و يعظهم إلى قرب الزّوال، ثم جدّد وضوءه و عاد إلى مصلاّه، فإذا زالت الشمس قام فصلّى ستّ ركعات يقرأ في الركعة الاولى: الحمد و قل يا أيها الكافرون، و في الثانية: الحمد و قل هو اللّه احد، و يقرأ في الأربع في كلّ ركعة: الحمد للّه و قل هو اللّه أحد، و يسلّم في كلّ ركعتين و يقنت فيهما في الثانية قبل الرّكوع و بعد القراءة.

ثمّ يؤذّن و يصلّى ركعتين ثم يقيم و يصلّى الظهر، فإذا سلّم سبّح اللّه و حمده و كبّره و هلّله ما شاء اللّه، ثم سجد سجدة الشكر يقول فيها مائة مرّة: «شكرا للّه» فإذا رفع رأسه قام فصلّى ستّ ركعات يقرأ في كلّ ركعة: الحمد و قل هو اللّه أحد و يسلّم في كلّ ركعتين و يقنت في ثانية كلّ ركعتين قبل الركوع و بعد القراءة، ثم يؤذّن ثمّ يصلّي ركعتين و يقنت في الثانية، فإذا سلّم قام و صلّى العصر، فإذا سلّم جلس في مصلاّه يسبح اللّه و يحمده و يكبّره و يهلّله ما شاء اللّه، ثم سجد سجدة يقول فيها مائة مرّة: «حمدا للّه».

فاذا غابت الشمس توضّأ و صلّى المغرب ثلاثا بأذان و إقامة و قنت في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة، فإذا سلّم جلس في مصلاّه يسبّح اللّه و يحمده و يكبّره و يهلّله ما شاء اللّه، ثمّ يسجد سجدة الشكر ثمّ يرفع رأسه و لم يتكلّم حتّى يقوم و يصلّى أربع ركعات بتسليمتين و يقنت في كلّ ركعتين في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة، و كان يقرأ في الأولى من هذه الأربع الحمد و قل يا أيها الكافرون و في الثانية الحمد و قل

ص: 41

هو اللّه أحد، و يقرأ في الركعتين الباقيتين الحمد و قل هو اللّه أحد، ثمّ يجلس بعد التسليم في التعقيب ما شاء اللّه.

ثمّ يفطر، ثمّ يلبث حتى يمضى من اللّيل قريب من الثلث، ثم يقوم فيصلّي العشاء الآخرة أربع ركعات و يقنت في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة، فإذا سلّم جلس في مصلاّه يذكر اللّه عزّ و جلّ و يسبّحه و يحمده و يكبّره و يهلّله ما شاء اللّه و يسجد بعد التعقيب سجدة الشكر، ثم يأوي إلى فراشه، فإذا كان الثلث الاخير من الليل قام من فراشه بالتسبيح و التحميد و التكبير و التهليل و الاستغفار، فاستاك ثمّ توضأ ثم قام إلى صلاة الليل فيصلّى ثمان ركعات و يسلّم في كلّ ركعتين، يقرأ في الأولتين منها في كلّ ركعة الحمد مرّة و قول هو اللّه أحد ثلاثين مرّة.

ثم يصلّى صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السّلام أربع ركعات يسلّم في كلّ ركعتين و يقنت في كلّ ركعتين في الثانية قبل الركوع و بعد التسبيح و يحتسب بها من صلاة الليل، ثم يقوم فيصلّى الركعتين الباقيتين يقرأ في الاولى الحمد و سورة الملك، و في الثانية الحمد و هل أتى على الإنسان، ثمّ يقوم فيصلّي ركعتي الشفع، يقرأ في كلّ ركعة منهما الحمد للّه مرّة و قل هو اللّه أحد ثلاث مرّات، و يقنت في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة.

فإذا سلّم قام فصلّى ركعة الوتر يتوجّه فيها و يقرأ فيها الحمد مرّة، و قل هو اللّه أحد ثلث مرّات، و قل أعوذ بربّ الفلق مرّة واحدة، و قل أعوذ بربّ الناس مرّة واحدة، و يقنت فيها قبل الركوع و بعد القراءة و يقول في قنوته: «اللهمّ اهدنا فيمن هديت، و عافنا فيمن عافيت و تولّنا فيمن تولّيت و بارك لنا فيما أعطيت، و قنا شرّ ما قضيت، فإنّك تقضي و لا يقضى عليك، إنّه لا يذلّ من واليت و لا يعزّ من عاديت، تباركت ربّنا و تعاليت» ثمّ يقول: أستغفر اللّه و أسأله التوبة سبعين مرّة.

فاذا سلّم جلس في التعقيب ما شاء اللّه، فإذا قرب من الفجر قام فصلى ركعتي

ص: 42

الفجر يقرأ في الأولى الحمد و قل يا أيها الكافرون، و في الثانية الحمد و قل هو اللّه أحد، فإذا طلع الفجر أذّن و أقام و صلّى الغداة ركعتين، فإذا سلّم جلس في التعقيب حتى تطلع الشمس ثمّ يسجد سجدة الشكر حتى يتعالى النهار و كان قراءته في جميع المفروضات في الاولى الحمد و إنّا أنزلناه و في الثانية الحمد و قل هو اللّه أحد، إلاّ في صلاة الغداة و الظهر و العصر يوم الجمعة، فإنّه كان يقرأ فيها بالحمد و سورة الجمعة و المنافقين.

و كان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة، و في الثانية الحمد و سبّح اسم ربّك الأعلى، و كان يقرأ في صلاة الغداة يوم الاثنين و يوم الخميس في الأولى الحمد و هل أتى على الإنسان، و في الثانية الحمد و هل أتيك حديث الغاشية، و كان يجهر بالقراءة في المغرب و العشاء و صلاة اللّيل و الشفع و الوتر و الغداة و يخفى القراءة في الظهر و العصر، و كان يسبّح في الآخر الأخراوين يقول سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر ثلاث مرّات.

و كان قنوته فى جميع صلواته «ربّ اغفر و ارحم و تجاوز عمّا تعلم إنّك أنت الأعزّ الأجلّ الأكرم» و كان إذا أقام في بلدة عشرة أيّام صائما لا يفطر، فإذا جنّ اللّيل بدء بالصلاة قبل الإفطار، و كان في الطريق يصلّي فرائضه ركعتين إلا المغرب فإنه كان يصليها ثلاثا و لا يدع نافلتها و لا يدع صلاة الليل و الشفع و الوتر و ركعتى الفجر فى سفر و لا حضر و كان لا يصلّي من نوافل النهار في السفر شيئا و كان يقول بعد كلّ صلاة يقصرها: سبحان الله و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر ثلاثين مرّة و يقول هذا تمام الصلاة، و ما رأيته صلّى الضحى في سفر و لا حضر و كان لا يصوم في السفر شيئا.

و كان عليه السّلام يبدأ في دعائه بالصلاة على محمّد و آله و يكثر من ذلك في الصلاة و غيرها، و كان يكثر باللّيل في فراشه من تلاوة القرآن، فإذا مرّ بآية فيها ذكر جنّة أو نار بكى، و سئل اللّه الجنّة و تعوّذ به من النار، و كان عليه السّلام يجهر ببسم اللّه الرحمن

ص: 43

الرحيم في جميع صلواته باللّيل و النهار، و كان إذا قرأ قل هو اللّه أحد قال سرّا اللّه أحد فإذا فرغ منها قال: كذلك اللّه ربّنا - ثلاثا - و كان إذا قرء سورة الجحد قال في نفسه سرّا: يا أيّها الكافرون، فإذا فرغ منها قال: ربّي اللّه و ديني الاسلام ثلاثا.

و كان إذا قرأ و التين و الزّيتون قال: عند الفراغ منها: بل و أنا على ذلك من الشاهدين، و كان إذا قرء لا اقسم بيوم القيامة قال عند الفراغ منها: سبحانك اللّهمّ و كان يقرأ في سورة الجمعة قل ما عند اللّه خير من اللّهو و من التجارة (للذين اتّقوا) و اللّه خير الرازقين، و كان إذا فرغ من الفاتحة قال: الحمد للّه ربّ العالمين، و إذا قرأ سبّح اسم ربّك الأعلى قال سرّا: سبحان ربّي الأعلى، و إذا قرأ يا أيّها الّذين آمنوا قال: لبّيك سرّا.

و كان عليه السّلام لا ينزل بلدا إلا قصده الناس يستفتونه في معالم دينهم فيجيبهم و يحدّثهم الكثير عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فلمّا وردت به على المأمون سألني عن حاله في طريقه، فأخبرته بما شاهدته منه في ليله و نهاره، و ظعنه و إقامته، فقال لي: يا ابن أبي الضحّاك هذا خير أهل الأرض و أعلمهم و أعبدهم، فلا تخبر أحدا بما شاهدته منه لئلاّ يظهر فضله إلاّ على لساني و باللّه أستعين على ما أقوي من الرفع منه و الإساءة به (1).

عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رحمه اللّه - قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السّلام بن صالح الهروي قال: جئت إلى باب الدار التي حبس فيها الرّضا عليه السّلام بسرخس و قد قيّد عليه السّلام فاستأذنت عليه السجّان فقال: لا سبيل لك إليه قلت: و لم ؟ قال: لأنّه ربما صلى في يومه و ليلته ألف ركعة و إنّما ينفتل من صلاته ساعة في صدر النهار و قبل الزوال، و عند اصفرار الشمس فهو فى هذه الأوقات قاعد في مصلاّه و يناجى ربّه، قال: فقلت له:

ص: 44


1- عيون الاخبار: 2-180.

فاطلب لي منه في هذه الأوقات إذنا عليه، فاستأذن لي، فدخلت عليه و هو قاعد في مصلاّه متفكّرا.

قال أبو الصلت: فقلت له: يا ابن رسول اللّه ما شيء يحكيه عنكم الناس ؟ قال:

و ما هو؟ قلت: يقولون: إنّكم تدّعون أنّ الناس لكم عبيد، فقال: اللهم فاطر السماوات و الأرض عالم الغيب و الشهادة، أنت شاهد بأنّي لم أقل ذلك قطّ و لا سمعت أحدا من آبائي قاله قطّ و أنت العالم بما لنا من المظالم عند هذه الامّة و إنّ هذه منها، ثمّ أقبل عليّ فقال لي: يا عبد السّلام إذا كان الناس كلّهم عبيد لنا على ما حكوه عنّا فممن نبيعهم ؟ قلت: يا ابن رسول اللّه صدقت، ثمّ قال: يا عبد السّلام أ منكر أنت لما اوجب اللّه تعالى لنا من الولاية، كما ينكر غيرك ؟ قلت: معاذ اللّه بل أنا مقرّ بولايتكم (1).

عنه حدثنا الحاكم أبو جعفر بن نعيم بن شاذان - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن العباس قال: ما رأيت أبا الحسن الرضا عليه السّلام جنا أحدا بكلمة قطّ، و لا رأيته قطع على أحد كلامه حتّى يفرغ منه، و ما ردّ أحدا عن حاجة يقدر عليها، و لا مدّ رجليه بين يدي جليس له قطّ، و لا اتكأ بين يدى جليس له قطّ، و لا رأيته شتم أحدا من مواليه و ممالكيه قطّ، و لا رأيته يقهقه في ضحكه قطّ، بل كان ضحكه التبسّم.

و كان إذا خلا و نصب مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه و مواليه حتّى البواب و السائس، و كان عليه السّلام قليل النوم باللّيل، كثير السهر، يحيى أكثر لياليه من أوّلها إلى الصبح، و كان كثير الصيام، فلا يفوته صيام ثلاثة أيّام في الشهر و يقول:

ذلك صوم الدّهر، و كان عليه السّلام كثير المعروف و الصدقة في السّر و أكثر ذلك يكون منه في اللّيالي المظلمة، فمن زعم أنّه رأى مثله في فضله فلا تصدّق (2).

ص: 45


1- عيون الاخبار: 2-183.
2- المصدر: 2-184 و مناقب آل ابى طالب: 2-412.

عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال:

حدثني محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدثني أبو عبد اللّه محمّد بن موسى بن نصر الرّازي قال: سمعت أبي يقول: قال رجل للرضا عليه السّلام: و اللّه ما علي وجه الأرض أشرف منك أبا. فقال: التقوى شرفهم، و طاعة اللّه أحظتهم، فقال له آخر: أنت و اللّه خير الناس، فقال له: لا تحلف يا هذا خير مني من كان أتقي للّه تعالى و أطوع له، و اللّه ما نسخت هذه الآية: «وَ جَعَلْنٰاكُمْ شُعُوباً وَ قَبٰائِلَ لِتَعٰارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّٰهِ أَتْقٰاكُمْ » (1).

- الكليني رحمه اللّه - قال: عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن عبد اللّه بن الصلت، عن رجل من أهل بلخ قال: كنت مع الرضا عليه السّلام في سفره إلى خراسان، فدعا يوما بمائدة له، فجمع عليها مواليه من السودان و غيرهم فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة ؟ فقال: معه إنّ الربّ تبارك و تعالى واحد و الامّ واحدة، و الأب واحد و الجزاء بالأعمال (2).

عنه - عن الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلى بن محمّد، عن علي بن أسباط، عن محمّد بن الحسين بن يزيد، قال: سمعت الرضا عليه السّلام بخراسان و هو يقول: إنّا أهل بيت ورثنا العفو من آل يعقوب، ورثنا الشكر من آل داود، و زعم أنه كان كلمة أخرى و نسيها محمّد، فقلت له: لعلّه قال: و ورثنا الصبر من آل أيوب فقال: ينبغي، قال علي بن أسباط: و إنما قلت ذلك لأني سمعت يعقوب بن يقطين يحدّث عن بعض رجاله قال:

لمّا قدم أبو جعفر المنصور المدينة سنة قتل محمّد و إبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن التفت الى عمّه عيسى بن علي فقال له: يا أبا العباس إنّ أمير المؤمنين قد رأى أن يعضد شجر المدينة، و أن يعور عيونها و أن يجعل أعلاها أسفلها، فقال له: يا أمير المؤمنين هذا ابن عمّك جعفر بن محمّد بالحضرة. فابعث إليه فسأله عن هذا الرأي،

ص: 46


1- عيون الاخبار: 2-236.
2- روضة الكافى: 230.

قال: فبعث إليه فأعلمه عيسى فأقبل عليه فقال له: يا أمير المؤمنين إنّ داود عليه السّلام أعطي فشكر، و إن أيّوب ابتلى فصبر، و إنّ يوسف عفا بعد ما قدر، فاعف فإنك من من نسل أولئك (1).

المفيد - رحمه اللّه باسناده عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن جعفر قال: قال لي علي بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام: أشتهي أن أدخل على أبي الحسن الرضا عليه السّلام اسلّم عليه، قلت: مما يمنعك من ذلك ؟ قال: الإجلال و الهيبة له و أبقي عليه.

قال: فاعتل أبو الحسن عليه السّلام علة خفيفة و قد عاده الناس فلقيت علي بن عبد اللّه فقلت قد جاءك ما تريد قد اعتل ابو الحسن عليه السّلام علة خفيفة و قد عاده الناس فانت ان أردت الدخول عليه فاليوم قال فجاء الى أبي الحسن عليه السّلام مائدا فلقيه أبو الحسن عليه السّلام بكل ما يحبّ من المكرمة و التعظيم ففرح بذلك علي بن عبيد اللّه فرحا شديدا ثم مرض علي بن عبيد اللّه فعاده أبو الحسن و إنّا معه فجلس حتّى خرج من كان في البيت (2).

الطوسيّ - رحمه اللّه - بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن موسى بن عمر، عن معمر بن خلاد قال: أرسل إليّ أبو الحسن الرضا عليه السّلام في حاجة فدخلت عليه، فقال: انصرف فاذا كان غدا فتعال، و لا تجيء إلا بعد طلوع الشمس فاني أنام إذا صلّيت الفجر (3).

الطبرسي - رحمه اللّه - باسناده عن يونس قال؛ لما تغذى عندي أبو الحسن عليه السّلام

ص: 47


1- روضة الكافى: 308.
2- الاختصاص: 89.
3- الاستبصار: 3501 و التهذيب 2-320 و قال الشيخ. رحمه اللّه هذه الرواية وردت رخصة و الافضل ان لا ينام الانسان بعد الفجر الى طلوع الشمس، و يجوز أن يكون عليه السّلام انما نام لعذر كان به.

و جيء بالطست بدء الخادم به و كان في صدر المجلس. فقال: ابدأ بمن عن يمينك، فلمّا توضأ واحد أراد الغلام أن يرفع الطست فقال أبو الحسن عليه السّلام دعها (1).

عنه بإسناده عن نذار قال. رأيت أبا الحسن عليه السّلام إذا توضّأ قبل الطعام، لم يمسّ المنديل، و إذا توضّأ بعد الطعام مس المنديل (2).

ابن شهرآشوب بإسناده عن يعقوب بن إسحاق النّوبختي قال: مرّ رجل بأبي الحسن الرضا عليه السّلام فقال له: أعطني على قدر مروّتك قال: لا يسعني ذلك فقال:

على قدر مروّتي قال: أما إذا فنعم، ثمّ قال: يا غلام أعطه مائتى دينار (3).

عنه - رحمه اللّه بإسناده قال و لقيه سفيان الثوري في ثوب خزّ فقال: يا ابن رسول اللّه لو لبست ثوبا أدنى من هذا فقال: هات يدك، فأخذ بيده و أدخل كمه فاذا تحت ذلك مسح، فقال، يا سفيان! الخزّ للخلق و المسح للحقّ (4).

عنه بإسناده قال: و فرّق عليه السّلام بخراسان ماله كله في يوم عرفة، فقال له الفضل بن سهل: إن هذا لمغرم؛ فقال عليه السّلام: بل هو المغنم، لا تعدنّ مغرما ما ابتغيت به أجرا و كرما (5).

عنه بإسناده عن إبراهيم بن العبّاس كان الرضا عليه السّلام إذا جلس على مائدة أجلس عليها مماليكه حتى السائس و البوّاب (6).

عنه بإسناده قال: و دخل الرضا عليه السّلام الحمام فقال له بعض الناس: دلّكني يا رجل فجعل يدلّكه فعرفوه، فجعل الرجل يعتذر منه و هو يطيب قلبه و يدلّكه (7).

ص: 48


1- مكارم الاخلاق: 160.
2- المصدر: 161.
3- مناقب آل ابى طالب: 412.2.
4- المصدر: 2-412 و الظاهر أنه و هم من الراوى فان سفيان لم يدرك إمامة الرضا (ع).
5- المصدر: 2-412 و الظاهر أنه و هم من الراوى فان سفيان لم يدرك إمامة الرضا (ع).
6- المصدر: 2-412 و الظاهر أنه و هم من الراوى فان سفيان لم يدرك إمامة الرضا (ع).
7- المصدر: 2-412.

عنه بإسناده قال: و نظر الرضا عليه السّلام إلى وليّ له و هو مستبشر بما جرى فاومأ إليه أن ادن فدنا منه فقال سرّا لا تشغل قلبك بهذا الأمر و لا تستبشر فإنه شيء لا يتمّ .

عنه بإسناده قال: فسمع منه و قد رفع يده إلى السماء و قال: اللهمّ إنك تعلم أني مكره مضطرّ فلا تؤاخذني كما لم تؤاخذ عبدك و نبيك يوسف حين دفع إليه ولاية مصر (1).

عنه - رحمه اللّه - بإسناده قال اليسع بن حمزة في حديثه إنّ رجلا قال له عليه السّلام السّلام عليك يا ابن رسول اللّه أنا رجل من محبّيك و محبّي آبائك، مصدري من الحجّ و قد نفدت نفقتي و ما منّي ما أبلغ مرحلة، فإن رأيت أن تهيئني إلى بلدي، و للّه عليّ نعمة، فإذا بلغت بلدي تصدّقت عنك بالّذي تولّيني عنك فلست موضع صدقة.

فقام عليه السّلام فدخل الحجرة و بقي ساعة، ثمّ خرج و ردّ الباب و أخرج يده من أعلى الباب، فقال: خذ هذه المائتى دينار، فاستغن بها في امورك و نفقتك و تبرّك بها، و لا تصدّق بها عني، اخرج و لا أراك و لا تراني، فلمّا خرج سئل عن ذلك، فقال: مخافة أن أرى ذلّ السؤال في وجهه لقضاء حاجة، أ ما سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول المستتر بالحسنة تعدل سبعين حسنة، و المذيع بالسيئة مخذول، و المستتر بها مغفور، أ ما سمعت قول الأول:

متى آته يوما اطالب حاجة *** رجعت إلى أهلى و وجهي بمائه(2).

ص: 49


1- مناقب آل ابى طالب: 2-415.
2- المصدر: 2-412.

باب اشخاصه من المدينة الى خراسان

اشارة

في سنة إحدي و مائتين بعث المأمون رجاء بن أبي الضحاك و فرناس الخادم (1).

إلى المدينة المنوّرة لإشخاص الرّضا عليه السّلام إلى المأمون و هو بخراسان، و ذلك بعد قتل الأمين و اضطراب الامور عليه، و بيان ذلك أنّ المأمون لمّا قتل أخيه، و صلب رأسه و أمر الناس أن يلعنوه خالفه بنو العباس و أظهر و الخلاف و النزاع، و اضطرب بغداد و العراق و الشام و الحجاز و انفصل أمر بني العباس و ثارت الفتن عليهم، و ظهر نصر بن سيار بن شبث بالشام و محمّد بن إبراهيم المعروف بابن طباطبا في الكوفة و إبراهيم ابن موسى بن جعفر عليهما السّلام في الحجاز، و زيد بن موسى في البصرة.

أمّا محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب فظهر بالكوفة و يدعوا إلى الرّضا من آل محمّد عليهم السلام و العمل بالكتاب و السنة و كان القيّم بأمره في الحرب أبو السرايا السريّ بن منصور، و جرت بينه و بين الحسن بن سهل حروب كثيرة، و وجّه الحسن بن سهل عبدوس بن محمّد المروروذي في أربعة آلاف فارس فخرج إليه أبو السرايا فلقيه بالجامع لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب، فقتل عبدوسا و لم يفلت من أصحابه أحد، و انتشر الطالبيّون في البلاد و ضرب الدراهم بالكوفة، و وثب من معه من الطالبيين على دور بنى العبّاس و مواليهم و أتباعهم فهدموها و نهبوها و خرّبوا ضياعهم و أخرجوهم من الكوفة.

ثمّ سير جيشه إلى البصرة و واسط و نواحيها، فولّى البصرة العبّاس بن محمّد

ص: 50


1- فى بعض المصادر: ياسر الخادم و لعل هذا هو الصحيح.

الجعفري، و ولي مكّة الحسين بن الحسن، و ولي فارس إسماعيل بن موسى بن جعفر و ولي الأهواز زيد بن موسى بن جعفر، و ولي اليمن إبراهيم بن موسى بن جعفر، و بعث محمّد بن سليمان بن داود العلويّ إلى المدائن و أمره أن يأتي بغداد من الجانب الشرقي.

و أمّا إبراهيم بن موسى بن جعفر فظهر باليمن و بها إسحاق بن موسى بن عيسى العباسيّ و كان عاملا للمأمون، فلمّا بلغه قرب إبراهيم من صنعاء سار منها نحو مكة فأتى المشاش فعسكر بها و اجتمع بها إليه جماعة من أهل مكّة هربوا من العلويّين و استولى إبراهيم على اليمن، و كان يسمّى الجزّار لكثرة من قتل باليمن و سبى و أخذ الأموال.

و أمّا زيد بن موسى بن جعفر عليهما السّلام فإنّه ظهر في البصرة و أحرق دور بني العبّاس و أتباعهم، و كان إذا اتي برجل من المسودّة أحرقه و أخذ أموالا كثيرة من مال التجار سوى أموال بني العبّاس.

و أمّا نصر بن سيار بن شبث العقيلى فإنّه أظهر الخلاف على المأمون، و كان نصر من بني عقيل يسكن كيسوم ناحية شمالي حلب، و كان في عنقه بيعة للأمين و له فيه هوى، فلمّا قتل الأمين أظهر نصر الغضب لذلك و تغلّب على ما جاوره من البلاد و ملك سيمساط و اجتمع عليه خلق كثير من الأعراب و أهل الطّمع و قويت نفسه و عبر الفرات إلى الجانب الشرقي، و حدث نفسه بالتغلّب عليه، فلمّا رأى الناس ذلك منه كثرت جموعه و زادت عمّا كانت.

فهذه الثورات اضطربت المأمون و أخرجت البلاد من يده و هو مقيم بمرو خراسان و متفكّر في أمره، و يشاور مع خواصّه و وزرائه، و المأمون كان من أفضل رجال بني العبّاس علما، و رأيا، و دهاء و هيبة، فأراد أن يخلع نفسه عن الخلافة و يجعلها في «الرّضا» من من آل محمّد، و يريد بذلك كسر شوكة ابن طباطبا و سائر العلويّين الّذين يدعون الناس

ص: 51

بهذا العنوان، و كان ذلك مكر و خديعة منه.

رجاء بن أبى الضحاك في المدينة

وصل الرّجاء و فرناس الخادم إلى المدينة المنوّرة و بلّغا رسالة المأمون إلى الرضا عليه السّلام و قالا: إنّ المأمون أمرنا بإشخاصك إلى خراسان، و لم يبيّن المصادر ممّا جرى بينه و بين رجاء بن أبي الضحاك إلا أنّه عليه السّلام تهيّأ للسفر كارها و متيقّنا أنّه يموت هذا السفر و لم يرجع إلى أهله و بلده.

قال مخول السجستانيّ : كنت بالمدينة لمّا ورد البريد بإشخاص الرضا عليه السّلام إلى خراسان، فدخل المسجد ليودّع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فودّعه مرارا كلّ ذلك يرجع الى القبر و يعلو صوته بالبكاء و النّحيب، فتقدّمت إليه و سلّمت عليه فردّ السّلام و هنّأته فقال: زرني فانّي أخرج من جوار جدّي فأموت في غربة و ادفن في جنب هارون (1).

خروج الرضا عليه السّلام من المدينة

أمر المأمون رجاء بن أبي الضحّاك أن يأتي به خراسان على طريق البصرة و الأهواز و فارس، و لم يشخصه عن طريق بغداد و الكوفة، و الجبل و قمّ ، و لمّا كانت البصرة و الأهواز و فارس في أيدي إخوته إسماعيل بن موسى و زيد بن موسى و كانت لهما شوكة في تلك البلاد و خضعت لهما العباد أراد المأمون أن يأتي بالرّضا من ذلك الطريق إلى خراسان، لتميل قلوبهم إليه.

و لمّا أراد الرّضا عليه السّلام للخروج و تهيّأ للسفر جمع عياله و أهل بيته و أمرهم أن يبكوا عليه حتّى يسمع، ثمّ فرق فيهم اثنى عشر ألف دينار، و قال لهم: إنّي لا أرجع إليكم ثمّ ودّع جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بكى عند قبره، و خرج من المدينة إلى خراسان.

ص: 52


1- راجع المسند كتاب الامامة الحديث 292.

الامام الرضا عليه السّلام فى مكة

وصل عليه السّلام إلى مكّة و زار البيت الشريف و ودّعه، قال محمّد بن ميمون كنت معه عليه السّلام بمكّة قبل خروجه إلى خراسان فقلت له: إنّي اريد المدينة، فاكتب معي كتابا إلى أبي جعفر فتبسّم و كتب، فصرت إلى المدينة و قد كان ذهب بصري، فخرج الخادم بأبي جعفر إلينا، فحمله في المهد فناولته الكتاب - إلى آخر الحديث - (1).

فى القادسية

ثمّ خرج عليه السّلام حتّى وصل القادسيّة و هي على خمسة عشر ميلا من الكوفة على جانب البرّ، قال البزنطي - رحمه اللّه - استقبلت الرضا عليه السّلام إلى القادسيّة، فسلّمت عليه، فقال لي: اكتر لي حجرة لها بابان، باب إلى الخان و باب إلى خارج، فإنّه أستر عليك قال: و بعث إليّ بزنفليجة فيها دنانير صالحة و مصحف، و كان يأتيه رسوله في حوائجه فأشتري له.

و قال أيضا سألته و قلت: جعلت فداك إنّي أريد أن أسألك عن شيء، و أنا أجلّك و الخطب فيه جليل، و إنّما اريد فكاك رقبتي من النّار، فرآني و قد زمعت، فقال: لا تدع شيئا تريد أن تسألني عنه إلاّ سألتني عنه، قلت له: جعلت فداك، إنّي سألت أباك و هو نازل في هذا الموضع عن خليفته من بعده، فدلّني عليك، و قد سألتك منذ سنتين عن الإمامة فيمن تكون بعدك ؟ - إلى آخر الحديث - (2).

ثمّ قال: لما اتي بأبي الحسن عليه السّلام أخذ به على القادسيّة، و لم يدخل الكوفة و اخذ به على البرّ إلى البصرة، فبعث إليّ مصحفا و أنا بالقادسيّة.

فى النباج

ثمّ سار عليه السّلام من القادسيّة عن طريق البرّ حتّى وصل النباج، و النباج

ص: 53


1- راجع المسند كتاب الامامة الحديث 369.
2- راجع المسند كتاب الامامة الحديث 221 و 236 و كتاب رواة الرضا ترجمة البزنطى.

ككتاب قرية بالبادية على طريق البصرة يقال له نباج بني عامر بن كريز و هو بحذاء فيد، و في المعجم: النباج من البصرة على عشرة مراحل به يوم من أيّام العرب مشهور لتميم على بكر بن وائل، و النباج هذا استنبط ماءه عبد اللّه بن عامر بن كريز شقّق فيه عيونا و غرس نخلا، و من وراء النباج رمال أقواز صغار.

قال أبو حبيب النباجي: رأيت في المنام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد وافي النباج و نزل في المسجد الّذي ينزله الحاجّ في كلّ سنة و كأني مضيت و سلّمت عليه و وقفت بين يديه و وجدت بين يديه طبقا من خوص نخل المدينة فيه تمر صيحانيّ ، فكأنّه قبض قبضة من ذلك التمر فناولنى فعددته ثماني عشرة تمرة، فتأوّلت بأنّي أعيش بعدد كلّ تمرة سنة.

فلمّا كان بعد عشرين يوما كنت في أرضي تعمر بين يدي الزّراعة، حتّى جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا عليه السّلام من المدينة و نزوله في ذلك المسجد، و رأيت الناس يسعون إليه فمضيت نحوه و سلّمت عليه فردّ عليّ السّلام و أقام يومه و رحل يراد به خراسان - الحديث (1).

فى البصرة

ثمّ خرج الرّضا عليه السّلام من النباج و ورد البصرة روى ابن علوان قال: رأيت في منامي كأنّ قائلا يقول: قد جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى البصرة قلت: و أين نزل قال في حائط بني فلان، قال فجئت الحائط فوجدت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جالسا و معه أصحابه و بين يديه أطباق رطب برنيّ ، فقبض بيده كفّا من رطب و أعطاني، فعددتها فإذا هي ثمانية عشرة رطبة.

فبعد ذلك سمعت الناس يقولون: قد جاء عليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام، فقلت أين نزل ؟ فقيل في حائط بني فلان. فمضيته فوجدته في الموضع الّذي رأيت فيه النبيّ

ص: 54


1- راجع المسند كتاب الامامة الحديث 263.

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بين يديه أطباق فيها رطب، و ناولني ثمانية عشرة رطبة فقلت: يا ابن رسول اللّه زدني، قال: لو زادك جدّي لزدتك. الحديث (1).

فى الاهواز

ثمّ رحل عليه السّلام من البصرة حتّى ورد الأهواز و هذا بلد معروف بخوزستان و كان يسمّى في ذلك العصر بسوق الأهواز، قال أبو الحسن الصائغ: قال عمّي: خرجت مع الرضا عليه السّلام إلى خراسان، فلمّا صار إلى الأهواز قال لأهل الأهواز: اطلبوا لي قصب سكّر، فقالوا: يا سيّدنا إنّ القصب لا يوجد في هذا الوقت إنّما يكون في الشّتاء.

فقال: بل اطلبوه فانّكم ستجدونه، فقال إسحاق بن إبراهيم: و اللّه ما طلب سيّدي إلاّ موجودا، فأرسلوا إلى جميع النواحي، فجاء اكرة إسحاق فقالوا: عندنا شيء ادّخرناه للبذرة نزرعه، فكانت هذه إحدى براهينه.

قال أبو هاشم الجعفريّ : كنت بالشرقيّ من آبيدج موضع فلمّا سمعت سرت إليه بالأهواز و انتسبت له، و كان أوّل لقائي له، و كان مريضا و كان زمن القيظ، فقال:

ابغني طبيبا، فأتيته بطبيب، فنعت له بقلة، فقال له الطبيب: لا أعرف على وجه الأرض يعرف اسمها غيرك، فمن أين عرفتها إلاّ أنّها ليست في هذا الأوان و لا هذا الزمان.

الحديث. (2).

فى قنطرة أربق

ثمّ خرج من الأهواز و نزل عند قنطرة أربق و أربق بضمّ الباء و العامة تفتحها و ذكر ياقوت الحموى الوجهين و هي قرية برامهرمز من نواحى خوزستان و يقال لها أيضا أربك بالكاف.

ص: 55


1- راجع المسند كتاب النوادر.
2- راجع المسند كتاب الامامة الحديث 275.

قال جعفر بن محمّد النوفلي: أتيت الرّضا و هو بقنطرة أربق، فسلّمت عليه ثمّ جلست و قلت: جعلت فداك إنّ اناسا يزعمون أنّ أباك حيّ؟ فقال: كذبوا لعنهم اللّه و لو كان حيّا ما قسّم ميراثه و لا نكح نسائه، و لكنّه و اللّه ذاق الموت كما ذاقه عليّ ابن أبي طالب عليه السّلام. الحديث (1).

فى مفازة خراسان

هذه المفازة الكبيرة التي يقال لها اليوم «كوير لوت» أو «كوير نمك» قال الاصطخري شرقيها حدود مكران و سجستان، و غربيها حدود قومس و الرّيّ و قاشان و قمّ ، و شماليّها حدود كرمان و فارس و أصبهان، هذه المفازة من أقلّ مفاوز الإسلام سكّانا و قرى و مدنا على قدرها، و ليس يستدرك من مفازة خراسان و فارس إلاّ علم الطريق، و ما يعرض في أضعاف طرقها من المنازل، إذ ليس فيما عدا طرقها كثير عمارة و لا سكّان، و هذه مفازة من أكثر المفاوز لصوصا و فسادا، و للصوص في هذه المفازة مأوى يعتصمون به و يأوون إليه و يخفون فيه المال و الذخائر يعرف بجبل كركس كوه.

قال القنبري رجل من ولد قنبر: كنّا مع الرضا عليه السّلام و هو مصعد إلى خراسان و كنّا في مفازة فأصابنا عطش شديد و دوابّنا حتّى خفنا على أنفسنا، فقال لنا الرّضا عليه السّلام: ايتوا موضعا - وصفه لنا فإنكم تصيبون الماء فيه، قال: فأتينا الموضع فأصبنا الماء و سقينا دوابّنا - حتّى رويت و روينا و من معنا من القافلة. الحديث: (2)

فى نيسابور

نيسابور تعرف بأبر شهر و فيها يقول أبو تمّام حبيب بن أوس الطائي:

أيا سهري بليلة أبر شهر *** ذممت إليّ نوما في سواها

و قال آخر:

ص: 56


1- راجع المسند كتاب الامامة الحديث 289.
2- ««««291.

و ما ذا يصنع المرء ببغداد و كوفان *** و نيسابور في الدنيا كالإنسان في الإنسان

قال ابن حوقل: و هي مدينة في أرض سهلة أبنيتها من طين و هي كانت مفترشة البناء نحو فرسخ في مثله، و ليس بخراسان مدينة أصحّ هواء و أفسح فضاء، و أشدّ عمارة، و أدوم تجارة و أكثر سابلة، و أعظم قافلة من نيسابور، و كانت دار الإمارة بخراسان في قديم الأيّام بمرو و بلخ إلى أيّام الطاهريّة، فإنّهم نقلوها إلى نيسابور، فعمرت و كبرت، و غزرت و عظمت أموالها عند توطّنهم إيّاها و قطوفهم بها، حتّى انتابها الكتاب و الأدباء بمقامهم بها، و طرأ إليه العلماء و الفقهاء عند إيثارهم لها، و قد خرّجت نيسابور من العلماء كثرة، و نشأ بها على مرّ الأيّام من الفقهاء من شهر اسمه و سمى قدره، و علا ذكره.

قال العطاردى: سمعت استاذنا المحقق العلامة الشيخ محمّد تقى النيسابوريّ المعروف بالأديب و المدرّس في الروضة الرّضوية دامت أيامه يقول:

برادر جان خراسان است اين اينجا *** سخن گفتن نه آسان است اينجا

خراسان جا چه نيشابور دارد *** كه صد پيشى به پيشاور دارد

نشسته گرد هر جمعى اديبى *** ز انواع فضائل با نصيبى

و قال الأنورى الأبيوردي:

حبذا شهر نشابور كه در روى زمين *** گر بهشت است خود اين است و گر نى خود نيست

و محاسن نيسابور كثيرة نذكرها إن شاء اللّه في تاريخ خراسان قسم نيسابور.

قال الحاكم أبو عبد اللّه النيسابوريّ : لما دخل الرضا عليه السّلام نيسابور و نزل محلّة فور - ناحية يعرفها الناس بالإسناد - في دار تعرف بدار «پسنديده» و إنّما سميت پسنديده لأنّ الرّضا ارتضاه من بين الناس، فلمّا نزلها زرع في جانب من جوانب الدار لوزة فنبتت و صارت شجرة فاثمرت في كلّ سنة و كانت أصحاب العلل يستشفون بلوز هذه الشجرة، و عوفي صاحب قولنج و أعمى و غير ذلك. الحديث

ص: 57

قال الصدوق - رحمه اللّه - يقال: إنّ الرضا عليه السّلام لما دخل نيسابور نزل في محلّة يقال له: الفروينى، فيها حمام، و هو الحمّام المعروف اليوم بحمام الرّضا، و كانت هناك عين، قد قلّ ماؤها، فأقام عليها من أخرج ماءها حتّى توفّر و كثر و اتّخذ خارج الدّرب حوضا ينزل إليه بالمراقي إلى هذه العين، فدخله الرّضا عليه السّلام و اغتسل فيه، ثمّ خرج منه فصلّى على ظهره و الناس ينتابون ذلك الحوض. الحديث.

قال الإربلي: نقلت من كتاب لم يحضرني اسمه الآن ما صورته:

حدّث المولى السعيد إمام الدنيا عماد الدين محمّد بن أبي سعيد بن عبد الكريم بن هوازن في محرّم سنة ست و تسعين و خمسمائة قال: أورد صاحب كتاب تاريخ نيسابور في كتابه: إنّ عليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام لمّا دخل نيسابور في السّفر الّذي فاض فيها بفضيلة الشهادة، كان في مهد على بغلة شهباء عليها مركب من فضّة خالصة، فعرض له في السّوق الإمامان الحافظان للأحاديث النبويّة أبو زرعة و محمّد بن أسلم الطوسيّ .

فقالا: أيها السيد ابن السادة، أيّها الإمام ابن الأئمّة أيّها السلالة الطّاهرة الرضيّة أيّها الخلاصة الزّاكية النبويّة، بحقّ آبائك الأطهرين و أسلافك الأكرمين، إلاّ ما أريتنا وجهك المبارك الميمون، و رويت لنا حديثا عن آبائك عن جدّك نذكرك به فاستوقف البغلة، و رفع المظلّة، و أقرّ عيون المسلمين بطلعته المباركة الميمونة، فكانت ذؤابتاه كذؤابتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و الناس على طبقاتهم قيام كلّهم.

و كانوا بين صارخ و باك، و ممزّق ثوبه، و متمرّغ في التراب، و مقبّل حزام بغلته، و مطوّل عنقه إلى مظلّة المهد، إلى أن انتصف النهار، و جرت الدموع كالأنهار و سكنت الأصوات، و صاحت الأئمّة و القضاة، معاشر الناس اسمعوا وعوا و لا تؤذوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في عترته و أنصتوا، فأملى صلى اللّه عليه هذا الحديث و عدّ من المحابر أربع و عشرون ألفا سوى الدوىّ ، و المستملي أبو زرعة الرازى، و محمّد بن أسلم الطوسي رحمهما اللّه.

ص: 58

فقال عليه السّلام: حدّثني أبي موسى بن جعفر الكاظم، قال حدّثني أبى جعفر بن محمّد الصادق، قال حدثني أبي محمّد بن علي الباقر، قال حدّثني أبي علي بن الحسين زين العابدين قال: حدّثني أبي الحسين ابن علي شهيد أرض كربلاء، قال: حدّثني أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب شهيد أرض الكوفة، قال: حدّثني أخي و ابن عمّي محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، لا إله اللّه حصنى، فمن قالها دخل حصنى، و من دخل حصنى أمن من عذابي، صدق اللّه سبحانه، و صدق جبرئيل و صدق رسوله و صدق الأئمّة عليهم السّلام (1).

قال الاستاذ أبو القاسم القشيري: إنّ هذا الحديث بهذا السند بلغ بعض أمراء السامانيّة، فكتبه بالذّهب، و أوصى أن يدفن معه، فلمّا مات رؤي في المنام، فقيل له ما فعل اللّه بك ؟ فقال: غفر اللّه لي بتلفّظي بلا إله إلاّ اللّه، و تصديقي محمّدا رسول اللّه مخلصا، و إنّي كتبت هذا الحديث تعظيما و احتراما. (2) قال ابن الجوزي: فلمّا وصل إلى نيسابور خرج إليه علمائها مثل يحيى بن يحيى، و إسحاق بن راهويه، و محمّد بن رافع، و أحمد بن حرب و غيرهم لطلب الحديث و الرواية و التبرّك به فأقام بنيسابور مدّة و المأمون بمرو، ثمّ استدعاه و ولاّه العهد. (3).

فى قرية الحمراء

و خرج عليه السّلام من نيسابور فبلغ قرب قرية الحمراء، قيل له يا ابن رسول اللّه قد زالت الشّمس، أ فلا تصلّي ؟ فنزل عليه السّلام فقال: ايتوني بماء فقيل ما معنا ماء فبحث عليه السّلام بيده الأرض،

ص: 59


1- راجع المسند كتاب التوحيد الحديث 63 و كتاب الامامة الحديث 340.
2- كشف الغمة: 3-144.
3- تذكرة الخواص: 198.

فنبع من الماء ما توضّأنا به هو و من معه و أثره باق إلى اليوم (1).

فى رباط سعد

قال أبو أحمد عبد الرّحمن المعروف بالصّفواني؛ خرجت قافلة من خراسان إلى كرمان فقطع اللّصوص عليهم الطّريق، و أخذوا منهم رجلا اتّهموه بكثرة المال، فبقي في أيديهم مدّة يعذّبونه ليفتدي منهم نفسه، و أقاموه في الثلج، فشدّوه، فرحمته امرأة من نسائهم فأطلقته، و هرب فانفسد فمه و لسانه حتّى لم يقدر على الكلام، ثمّ انصرف إلى خراسان و سمع بخبر عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام و أنّه بنيسابور.

فرأي فيما يرى النائم كأنّ قائلا يقول له. إنّ ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد ورد خراسان، فسله عن علّتك فربّما يعلّمك دواء تنتفع به، فانتبه الرّجل من منامه (و ذهب) حتّى ورد باب نيسابور فقيل له إنّ عليّ بن موسى الرضا قد ارتحل من نيسابور و هو برباط سعد، فقصده إلى رباط سعد، فدخل إليه، فقال له: يا ابن رسول اللّه كان من أمري كيت و كيت، فعلّمني دواء انتفع به، فعلّمه الرّضا عليه السّلام دواء، فاستعمله و عافى. الحديث (2).

فى سناباذ

قال عبد السّلام بن صالح الهرويّ : لما دخل الرّضا عليه السّلام سناباذ استند إلى الجبل الّذي تنحت منه القدور، فقال: اللّهمّ انفع به و بارك فيما يجعل فيه و فيما ينحت عنه ثمّ أمر عليه السّلام فنحت له قدور من الجبل، ثمّ دخل دار حميد بن قحطبة الطائي، و دخل القبّة الّتي فيها قبر هارون الرشيد، ثمّ خطّ بيده إلى جانبه، ثمّ قال: هذه تربتي، و فيها ادفن و سيجعل اللّه هذا المكان مختلف شيعتي، ثمّ استقبل القبلة و دعا بدعوات الحديث.

ص: 60


1- راجع المسند الحديث 270.
2- راجع المسند كتاب الامامة الحديث 283.

قال موسى بن سيار كنت مع الرّضا عليه السّلام و قد أشرف على حيطان طوس، و سمعت واعية فاتبعتها، فإذا نحن بجنازة، فلمّا بصرت بها رأيت سيّدي و قد ثنيّ رجله عن فرسه، ثمّ أقبل نحو الجنازة، فرفعها، ثمّ أقبل يلوذ بها كما تلوذ السّخلة بامّها. الحديث (1).

فى سرخس

قال أبو نصر أحمد بن الحسين: سمعت أبي، قال سمعت جدّتي قالت: سمعت أبي يقول: لمّا قدّم عليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام بنيسابور أيّام المأمون قمت في حوائجه و التصرّف في أمره ما دام بها، فلمّا خرج إلى مرو شيعته إلى سرخس، فلمّا خرج من سرخس أردت أن اشيّعه إلى مرو، فلمّا سار مرحلة أخرج رأسه من العمارية و قال لي: يا عبد اللّه: انصرف راشدا، و قد قمت بالواجب، و ليس للتشييع غاية.

قال: قلت بحقّ المصطفى، و المرتضى و الزهراء، لما حدّثتني بحديث تشفّيني به حتّى أرجع، فقال: تسألني الحديث و قد اخرجت من جوار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، لا أدري إلى ما يصير أمري، قال: قلت: بحقّ المصطفى و المرتضى و الزهراء لما حدّثتني بحديث تشفّيني به حتّى أرجع. فحدّثه الرّضا عليه السّلام بحديث سلسلة الذهب.

نزوله عليه السّلام فى مدينة مرو

قال ابن حوقل: كانت مرو يومئذ مركز الخلافة و دار أمارة خراسان، و كانت معسكر الاسلام في أوّل الاسلام، و منها استقامت مملكة فارس للمسلمين، و منها ظهرت دولة بني العباس و في دار آل أبي النجم المعيطي صبغ أوّل سواد، و لبسته المسودّة، و مدينة مرو قديمة تعرف بمرو الشاهجان، و يقال إنّ قهندزها من بناء طهمورث، و هي في أرض مستوية بعيدة من الجبال، فلا يرى منها جبل بالقرب.

ص: 61


1- راجع المسند كتاب الامامة الحديث 270 و 339.

فيها ثلاثة مساجد للجمعات، فأمّا أول مسجد اقيمت فيه الجمعة فمسجد في داخل المدينة في أوّل الإسلام فلمّا كثر الإسلام بني المسجد المعروف بالمسجد العتيق على باب المدينة و يصلّي فيه أصحاب الحديث، و بني من بعد ذلك المسجد الّذي بني على ما جان، و يقال: إنّ ذلك المسجد و السوق و دار الأمارة من بناء أبى مسلم.

قال العطاردى: فضائل مدينة مرو و أخبارها كثيرة نذكرها إن شاء اللّه في تاريخ خراسان ثم اعلم أنّ في سنة اثنتين و ثمانين و مائة بايع هارون لابنه عبد اللّه من بعد الأمين و لقبه المأمون و ولاّه ممالك خراسان بأسرها، و كانت أمّ المأمون خراسانيّة يقال لها مراجم الباذغيسية، و في سنة اثنتين و تسعين و مائة توجّه الرشيد نحو خراسان و أشخص معه المأمون، فلمّا بلغ طوس اشتدّ مرضه و مات، و لما مات بويع لولده الأمين بالعسكر و هو ببغداد.

ثمّ أخذ رجاء الخادم البرد و القضيب و الخاتم، و سار على البريد في اثنا عشر يوما من مرو حتى قدم بغداد، و دفع ذلك إلى الأمين، فصلّى بالناس الجمعة و خطب و نعى الرشيد إلى الناس و بايعوه، و كان سيّئ التدبير، كثير التبذير، ضعيف الرأي و لا يصلح للأمارة، ثمّ أرسل إلى المأمون يطلب منه أن يقدّم موسى ابنه على نفسه فردّ المأمون ذلك و أباه، و لما رجع الرّسول و اخبر الأمين بامتناع المأمون أسقط اسمه من ولاية العهد، و بايع بولاية العهد لابنه موسى و لقبه الناطق بالحقّ و هو إذ ذاك طفل رضيع.

و لما تيقّن المأمون ذلك كتب اسمه إمام المؤمنين، و بعد ذلك جرت بينهما حروب، و أرسل المأمون طاهر بن الحسين في جند كثيف لحرب الأمين و أرسل الأمين عليّ بن عيسى بن ماهان لقتال المأمون و أخذ معه قيد فضّة ليقيد به المأمون على زعمه، فالتقى الجيشان بالريّ فكانت الغلبة لطاهر، و ذبح عليّ بن ماهان و هزم جيشه و حملت رأسه إلى المأمون، فطيف بها في خراسان و سلّم على المأمون بالخلافة.

ثمّ جاء طاهر إلى بغداد و حاصرها، و عظم الشرّ و كثر الخراب و الهدم من

ص: 62

القتال و رمي المجانيق و النفط حتّى درست محاسن بغداد، و دام حصارها خمسة عشر شهرا، و لحق غالب العبّاسيين و أركان الدّولة بجند المأمون، و لم يبق مع الأمين إلاّ غوغاء بغداد فدخل طاهر بن الحسين بغداد بالسيف قهرا و قسرا، فخرج الأمين بامه و أهله من القصر إلى مدينة المنصور و تفرّق عامّة جنده و غلمانه و قلّ عليهم القوت و الماء، ثمّ أخذ و حبس في موضع فدخل عليه قوم من العجم ليلا فضربوه بالسّيف ثم ذبحوه من قفاه و ذهبوا برأسه إلى طاهر.

ثمّ أمر طاهر بالرأس فنصب على حائط بستان و نودي هذا رأس المخلوع محمّد، و جرّت جثّته بحبل، ثمّ بعث طاهر بالرأس و البرد و القضيب و المصلى و هو من سعف مبطن إلى المأمون، ثمّ ظهرت حوادث و ثورات في العراق و الشام و الحجاز، و كاد أن ينفصل أمر المأمون لاضطراب البلدان و قيام الطالبيين.

فعند ذلك كتب إلى الإمام الرضا عليه السّلام و أرسل رجاء بن أبى الضحاك و أمره بإشخاص الرّضا من المدينة إلى خراسان، و ذكرنا مسيره عليه السّلام من المدينة إلى مرو و ما جرى له بين الطريق، و لمّا وصل الرّضا عليه السّلام مدينة مرو استقبله المأمون و أكرمه و بالغ في إكرامه و تبجيله و تعظيمه، و جرت بينهما امور نذكرها في الأبواب الآتية إن شاء اللّه و انعقدت له عليه السّلام مجالس متعدّدة في مرو مع المتكلمين و الزنادقة و أصحاب المقالات و أرباب الديانات ذكرناها كلّها مرتبة على الكتب و الأبواب في مسنده الشريف.

ص: 63

باب ما وقع بينه و بين المأمون

محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن ياسر الخادم و الريان بن الصلت جميعا قال: لمّا انقضى أمر المخلوع و استوى الأمر للمأمون كتب إلى الرّضا عليه السّلام يستقدمه إلى خراسان فاعتلّ عليه أبو الحسن عليه السّلام بعلل، فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك حتى علم أنه لا محيص له و أنه لا يكفّ عنه، فخرج عليه السّلام و لأبي جعفر عليه السّلام سبع سنين، فكتب إليه المأمون: لا تأخذ على طريق الجبل و قم، و خذ على طريق البصرة و الأهواز و فارس، حتى وافي مرو.

فعرض عليه المأمون أن يتقلّد الأمر و الخلافة، فأبى أبو الحسن عليه السّلام قال:

فولاية العهد؟ فقال: على شروط أسألكها، قال المأمون له: سل ما شئت فكتب الرّضا عليه السّلام: أني داخل في ولاية العهد، على أن لا آمر و لا أنهى و لا افتي و لا أقضى و لا اولّي و لا أعزل و لا أغيّر شيئا ممّا هو قائم و تعفينى من ذلك كلّه، فأجابه المأمون إلى ذلك كلّه.

قال فحدّثني ياسر قال: فلمّا حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا عليه السّلام يسأله أن يركب و يحضر العيد و يصلّي و يخطب فبعث إليه الرّضا عليه السّلام قد علمت ما كان بيني و بينك من الشروط في دخول هذا الأمر، فبعث إليه المامون إنما اريد بذلك أن تطمئنّ قلوب الناس و يعرفوا فضلك، فلم يزل عليه السّلام يرادّه الكلام في ذلك فألحّ عليه.

فقال: يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحبّ إليّ و إن لم تعفينى خرجت كما خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين عليه السّلام فقال المأمون: اخرج كيف

ص: 64

شئت و أمر المأمون القوّاد و النّاس أن يبكروا إلى باب أبى الحسن عليه السّلام.

قال: فحدّثني ياسر الخادم أنّه قعد الناس لأبي الحسن عليه السّلام في الطرقات و السطوح، الرجال و النساء و الصّبيان، و اجتمع القوّاد و الجند على باب أبي الحسن عليه السّلام فلمّا طلعت الشمس قام عليه السّلام فاغتسل و تعمم بعمامة بيضاء من قطن ألقى طرفا منها على صدره و طرفا بين كتفيه و تشمّر ثمّ قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت ثمّ أخذ بيده عكازا.

ثمّ خرج و نحن بين يديه و هو حاف قد شمّر سرا ويله إلى نصف الساق و عليه ثياب مشمّرة فلمّا مشى و مشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء و كبر أربع تكبيرات فخيّل إلينا أنّ السماء و الحيطان تجاوبه و القوّاد و الناس على الباب قد تهيّئوا و لبسوا السّلاح و تزيّنوا بأحسن الزّينة.

فلمّا طلعنا عليهم بهذه الصّورة و طلع الرّضا عليه السّلام وقف على الباب وقفة، ثمّ قال: «اللّه اكبر، اللّه اكبر، اللّه اكبر، اللّه اكبر، على ما هدانا، اللّه اكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام و الحمد للّه على ما أبلانا» نرفع بها أصواتنا قال ياسر: فتزعزعت مرو بالبكاء و الضّجيج و الصّياح لما نظروا إلى أبي الحسن عليه السّلام و سقط القوّاد عن دوابّهم و رموا بخفافهم لمّا رأوا أبا الحسن عليه السّلام حافيا.

و كان يمشي و يقف في كلّ عشر خطوات و يكبّر ثلاث مرّات قال ياسر: فتخيل إلينا أن السّماء و الأرض و الجبال تجاوبه و صارت مرو ضجّة واحدة من البكاء و بلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرّئاستين: يا أمير المؤمنين إن بلغ الرّضا المصلّى على هذا السبيل افتتن به الناس و الرأى أن تسأله أن يرجع، فبعث إليه المأمون فسأله الرّجوع فدعا أبو الحسن عليه السّلام بخفّه فلبسه و ركب و رجع (1).

عنه - رحمه اللّه - عن عليّ بن إبراهيم عن ياسر قال: لمّا خرج المأمون من

ص: 65


1- الكافى 1-488.

خراسان يريد بغداد، و خرج الفضل ذو الرّئاستين و خرجنا مع أبي الحسن عليه السّلام و رد على الفضل بن سهل ذي الرئاستين كتاب من أخيه الحسن بن سهل و نحن في بعض المنازل أني نظرت في تحويل السّنة في حساب النجوم فوجدت فيه أنّك تذوق في شهر كذا و كذا يوم الأربعاء حرّ الحديد و حرّ النار و أرى أن تدخل أنت و أمير المؤمنين و الرّضا الحمّام في هذا اليوم و تحتجم فيه و تصبّ على يديك الدّم ليزول عنك نحسه.

فكتب ذو الرّئاستين إلى المأمون بذلك و سأله أن يسأل أبا الحسن ذلك فكتب المأمون إلى أبى الحسن يسأله ذلك، فكتب إليه أبو الحسن: لست بداخل الحمّام غدا و لا أرى لك و لا للفضل أن قد تدخلا الحمّام غدا فأعاد عليه الرّقعة مرّتين، فكتب إليه أبو الحسن يا أمير المؤمنين لست بداخل الحمّام غدا فإني رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في هذه اللّيلة في النّوم فقال لي؛ يا على لا تدخل الحمّام غدا» و لا أرى لك و لا للفضل أن تدخلا الحمّام غدا.

فكتب إليه المأمون: صدقت يا سيّدى صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لست بداخل الحمّام غدا و الفضل أعلم، قال: فقال ياسر: فلمّا أمسينا و غابت الشمس قال لنا الرضا عليه السّلام: قولوا نعوذ باللّه من شرّ ما ينزل في هذه اللّيلة فلم تزل نقول ذلك فلمّا صلي الرّضا عليه السّلام الصبح قال لي: اصمد (على) السّطح فاستمع هل تسمع شيئا.

فلمّا صمدت سمعت الضجّة و التحمت و كثرت فإذا نحن بالمأمون قد دخل من الباب الّذي كان إلى داره من دار أبي الحسن و هو يقول يا سيّدي يا أبا الحسن آجرك اللّه في الفضل فإنّه قد أبى و كان دخل الحمّام فدخل عليه قوم بالسيوف فقتلوه، و أخذ ممّن دخل عليه ثلاث نفر كان أحدهم ابن خالة الفضل ابن ذي القلمين.

قال: فاجتمع الجند و القوّاد و من كان من رجال الفضل على باب المأمون فقالوا: هذا اغتاله و قتله، يعنون المأمون و لنطلبنّ بدمه و جاءوا بالنيران ليحرقوا الباب، فقال المأمون لأبي الحسن عليه السّلام: يا سيّدي ترى أن تخرج إليهم و تفرّقهم قال: فقال ياسر: فركب أبو الحسن و قال لي: اركب فركبت فلمّا خرجنا من باب

ص: 66

الدّار نظر إلى الناس و قد تزاحموا، فقال لهم بيده تفرّقوا تفرّقوا قال: ياسر: فأقبل الناس و اللّه يقع بعضهم على بعض و ما أشار إلى أحد إلاّ ركض و مرّ (1).

الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدّثنا الحسين بن إبراهيم [بن ناتانة] قال حدّثنا عليّ بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن أبي الصلت الهرويّ قال إنّ المأمون قال للرّضا عليّ بن موسى عليه السّلام، يا ابن رسول اللّه قد عرفت فضلك و علمك و زهدك و ورعك و عبادتك أراك أحقّ بالخلافة منّى.

فقال الرّضا عليه السّلام بالعبوديّة للّه عزّ و جلّ أفتخر و بالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شرّ الدنيا و بالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، و بالتواضع في الدّنيا أرجو الرّفعة عند اللّه عزّ و جلّ فقال له المأمون إنّي قد رأيت أن أعزل نفسى عن الخلافة و أجعلها لك و ابايعك.

فقال له الرّضا إن كانت هذه الخلافة لك و جعلها اللّه لك فلا يجوز لك أن تخلع لباسا ألبسكه اللّه و تجعله لغيرك و إن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك فقال له المأمون يا ابن رسول اللّه لا بدّ لك من قبول هذا الأمر فقال:

لست أفعل ذلك طائعا أبدا فما زال يجهد به أيّاما حتّى يئس من قبوله فقال له فإن لم تقبل الخلافة و لم تحبّ مبايعتي لك فكن وليّ عهدي لتكون لك الخلافة بعدي.

فقال الرضا عليه السّلام و اللّه لقد حدّثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّي أخرج من الدّنيا قبلك مقتولا بالسمّ مظلوما تبكى عليّ ملائكة السماء و ملائكة الأرض و ادفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرّشيد فبكى المأمون ثمّ قال له يا ابن رسول اللّه و من الّذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك و أنا حيّ .

قال الرضا عليه السّلام أما إنّي لو أشاء أن أقول من الّذي يقتلني لقلت فقال المأمون

ص: 67


1- الكافى 1-490.

يا ابن رسول اللّه إنّما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك و دفع هذا الأمر عنك ليقول الناس إنّك زاهد في الدّنيا فقال الرّضا عليه السّلام: و اللّه ما كذبت منذ خلقني ربّي عزّ و جلّ و ما زهدت في الدّنيا للدّنيا و إنّي لأعلم ما تريد قال المأمون: و ما اريد.

قال الأمان على الصدق قال لك الأمان قال تريد بذلك أن يقول الناس إنّ عليّ بن موسى الرّضا لم يزهد في الدّنيا بل زهدت الدنيا فيه ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة فغضب المأمون ثمّ قال إنّك تتلقّاني أبدا بما اكرهه و قد أمنت سطوتي فباللّه اقسم لئن قبلت ولاية العهد و إلا أجبرتك على ذلك فإن فعلت و إلا ضربت عنقك.

فقال الرّضا عليه السّلام، قد نهاني اللّه عزّ و جلّ أن ألقى بيدي إلى التّهلكة فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك و أنا أقبل ذلك على أن لا أوليّ أحدا و لا أعزل أحدا و لا أنقض رسما و لا سنّة و أكون في الأمر بعيدا مشيرا فرضي منه بذلك و جعله وليّ عهده على كراهة منه عليه السّلام لذلك (1).

عنه قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفيّ ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكيّ عن محمّد بن عرفة، قال قلت للرّضا عليه السّلام يا ابن رسول اللّه ما حملك على الدّخول في ولاية العهد، فقال: ما حمل جدّي أمير المؤمنين عليه السّلام على الدّخول في الشورى (2)

عنه قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه الورّاق رضي اللّه عنه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السّلام بن صالح الهرويّ ، قال و اللّه ما دخل الرضا عليه السّلام، في هذا الأمر طائعا و لقد حمل إلى الكوفة (3) مكرها، ثمّ أشخص منها على طريق

ص: 68


1- علل الشرائع: 1-226 و العيون 2-139.
2- عيون الاخبار: 2-140.
3- قد سبق انه (ع) لم يدخل الكوفة و رحل عن القادسية عن طريق البر الى البصرة ثم منها الى خراسان.

البصرة و فارس إلى مرو (1).

عنه قال: حدّثنا أبو محمّد الحسن بن يحيى العلويّ الحسينيّ رضي اللّه عنه بمدينة السّلام، قال أخبرني يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين قال حدّثني موسى بن سلمة قال كنت بخراسان مع محمّد بن جعفر، فسمعت أنّ ذا الرئاستين الفضل ابن سهل خرج ذات يوم و هو يقول: و اعجبا لقد رأيت عجبا سلوني ما رأيت فقالوا:

ما رأيت أصلحك اللّه ؟ قال: رأيت أمير المؤمنين يقول: لعلّي بن موسى الرّضا قد رأيت أن أقلّدك أمر المسلمين و أفسخ ما في رقبتي و أجعله في رقبتك، و رأيت عليّ بن موسى يقول له: اللّه اللّه لا طاقة لي بذلك و لا قوّة، فما رأيت خلافة قطّ كانت أضيع منها، أمير المؤمنين يتفصّى فيها و يعرضها عليّ بن موسى و عليّ بن موسى يرفضها و يأبى (2).

عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ ، قال:

حدّثني محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدّثنا المغيرة بن محمّد، قال: حدّثنا هارون الفرويّ قال: لمّا جاءتنا بيعة المأمون للرّضا عليه السّلام بالعهد إلى المدينة خطب بها الناس عبد الجبّار بن سعيد بن سليمان المساحقي.

فقال في آخر خطبته أ تدرون من ولي عهدكم ؟ فقالوا: لا قال: هذا عليّ بن موسى ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام.

سبعة آباءهم ما هم * هم خير من يشرب صوب الغمام (3)

عنه قال: حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ ، قال حدّثني محمّد ابن يحيى الصوليّ ، قال: حدّثنا أحمد بن القاسم بن إسماعيل؛ قال: سمعت إبراهيم ابن العبّاس، يقول: لمّا عقد المأمون البيعة لعليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام قال له

ص: 69


1- عيون الاخبار: 2-141.
2- عيون الاخبار: 2-141.
3- عيون الاخبار: 2-145.

الرّضا عليه السّلام، يا أمير المؤمنين إنّ النصح لك واجب و الغشّ لا ينبغي لمؤمن، إنّ العامّة تكره ما فعلت بي، و الخاصّة تكره ما فعلت بالفضل بن سهل و الرأى لك أن تبعدنا عنك حتّى يصلح لك أمرك قال إبراهيم: فكان و اللّه قوله هذا السبب في الّذي آل الأمر إليه. (1)

عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال:

حدّثني محمّد بن يحيى الصوليّ ، قال: حدّثنا محمّد بن يزيد النحويّ ، قال حدّثني ابن عبدون عن أبيه، قال: لمّا بايع المأمون الرّضا عليه السّلام بالعهد أجلسه إلى جانبه، فقام العبّاس الخطيب، فتكلّم فأحسن، ثمّ ختم ذلك بأن أنشد.

لا بدّ للنّاس من شمس و من قمر *** فأنت شمس و هذا ذلك القمر(2)

عنه قال: حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ ، قال حدّثني محمّد بن يحيى الصوليّ ، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبي، قال: لمّا بويع الرّضا عليه السّلام بالعهد اجتمع الناس إليه يهنّئونه فأومي إليهم فأنصتوا.

ثمّ قال بعد أن استمع كلامهم: بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه الفعّال لما يشاء لا معقّب لحكمه و لا رادّ لقضائه يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور و صلّى اللّه على محمّد في الأوّلين و الآخرين و على آله الطيّبين الطّاهرين.

أقول و أنا عليّ بن موسى بن جعفر عليه السّلام: إنّ أمير المؤمنين عضّده اللّه بالسّداد و وفّقه للرّشاد عرف من حقّنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطعت و آمن نفوسا، فزعت بل أحياها و قد تلفت أغناها إذا افتقرت مبتغيا رضا ربّ العالمين لا يريد جزاء إلا من عنده و سيجزي اللّه الشاكرين و لا يضيع أجر المحسنين».

و أنه جعل إليّ عهده و الإمرة الكبرى إن بقيت بعده فمن حلّ عقدة أمر اللّه

ص: 70


1- عيون الاخبار: 2-145.
2- المصدر: 2-146.

تعالى بشدّها و قصم عروة أحبّ اللّه إيثاقها فقد أباح حريمه و أحلّ محرّمه إذا كان بذلك زاريا على الإمام منتهكا حرمة الإسلام، بذلك جرى السّالف فصبر منه على الفلتات، و لم يعترض بعدها على الغرمات خوفا على شتات الدّين و اضطراب حبل المسلمين و لقرب أمر الجاهليّة و رصد المنافقين فرصة تنتهز و بائقة تبتدر و ما أدري ما يفعل بى و لا بكم إن الحكم إلا للّه يقضى الحقّ و هو خير الفاصلين (1).

عنه قال: حدثنا أبو على الحسين بن أحمد البيهقىّ الحاكم، قال: حدثني محمّد بن يحيى الصّولي، قال: حدّثنا الحسن بن الجهم، قال: حدّثني أبي، قال: صعد المأمون المنبر لما بايع عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام فقال: أيها الناس جاءتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب عليهم السّلام و اللّه لو قرأت هذه الأسماء علي الصمّ البكم لبرءوا باذن اللّه عزّ و جلّ (2).

عنه قال: حدّثنا أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقىّ الحاكم، قال: حدّثني محمّد بن يحيى الصوليّ ؛ قال: حدّثني عبيد اللّه بن عبد اللّه بن طاهر، قال: أشار الفضل ابن سهل على المأمون أن يتقرّب إلى اللّه عزّ و جلّ و إلى رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بصلة رحمه بالبيعة بالعهد لعليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام ليمحو بذلك ما كان من أمر الرّشيد فيهم و ما كان يقدر على خلافه في شيء.

فوجّه من خراسان برجاء بن أبي الضحاك و ياسر الخادم ليشخصا إليه محمّد بن جعفر بن محمّد و عليّ بن موسى بن جعفر عليهم السّلام و ذلك في سنة مأتين فلمّا و صل عليّ بن موسى عليه السّلام إلى المأمون و هو بمرو ولاّه العهد من بعده و أمر للجند برزق سنة، و كتب إلى الآفاق بذلك و سمّاه الرضا و ضرب الدّراهم باسمه و أمر الناس بلبس الخضرة و ترك السّواد، و زوّجه ابنته أمّ حبيب، و زوّج ابنه محمّد بن علي عليهم السّلام ابنته أمّ الفضل

ص: 71


1- عيون الاخبار: 2-146.
2- المصدر: 2-47.

بنت المأمون.

و تزوّج هو ببوران بنت الحسن بن سهل زوّجه بها عمّها الفضل و كان كلّ هذا في يوم واحد و ما كان يحبّ أن يتمّ العهد للرضا عليه السّلام، بعده، قال الصّولي: و قد صحّ عندي ما حدّثني به أحمد بن عبيد اللّه من جهات، منها أنّ عون بن محمّد حدّثني، عن الفضل بن سهل النوبختىّ و عن أخ له.

قال: لمّا عزم المأمون على العقد للرّضا عليه السّلام بالعهد، قلت: و اللّه لأعتبرنّ ما في نفس المأمون من هذا الأمر يحبّ إتمامه أو هو تصنع به ؟ فكتب إليه على يد خادم له كان يكاتبني بأسراره على يده و قد عزم و ذو الرّئاستين على عقد العهد و الطّالع السرطان و فيه المشترى و السّرطان و إن كان شرف المشتري فهو برج منقلب لا يتمّ أمر ينعقد فيه و مع هذا فإنّ المرّيخ في الميزان [الّذي هو الرابع و وتد الأرض] في بيت العاقبة.

و هذا يدلّ على نكبة المعقود له و عرفت أمير المؤمنين ذلك لئلاّ يعتب عليّ اذا وقف علي هذا من غيري فكتب إليّ ، إذا قرأت جوابي إليك فأرده إليّ مع الخادم و نفسك أن يقف أحد على ما عرفتنيه أو أن يرجع ذو الرّئاستين عن عزمه، فإنّه إن فعل ذلك الحقت الذّنب بك و علمت أنك سببه.

قال: فضاقت عليّ الدّنيا و تمنّيت أنى ما كنت كتبت إليه، ثمّ بلغني أنّ الفضل بن سهل ذو الرّئاستين قد تنبّه على الأمر و رجع عن عزمه، و كان حسن العلم بالنجوم فخفت و اللّه على نفسي، و ركبت إليه، فقلت له، أتعلم في السماء نجما أسعد من المشتريّ قال: لا، قلت أ فتعلم أنّ في الكواكب نجما يكون في حال أسعد منها في شرفها قال: لا، قلت؛ فأمضى العزم على ذلك إذ كنت تعقده و سعد الفلك في أسعد حالاته فأمضى الأمر على ذلك، فما علمت أني من أهل الدّنيا حتى وقع العهد فزعا من المأمون (1).

ص: 72


1- عيون الاخبار: 2-147.

عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتّب و عليّ بن عبد اللّه الورّاق رضي اللّه عنهم، قالوا: حدّثنا عليّ ابن إبراهيم بن هاشم، قال: حدّثني ياسر الخادم لمّا رجع المأمون من خراسان بعد وفاة أبى الحسن الرضا عليه السّلام، بطوس بأخباره كلّها.

قال عليّ بن إبراهيم: و حدّثني الريّان ابن الصلت و كان من رجال الحسن بن سهل، و حدّثني أبي عن محمّد بن عرفة و صالح بن سعيد الكاتب الراشديّ ، كلّ هؤلاء حدّثوا بأخبار أبي الحسن الرّضا عليه السّلام و قالوا لمّا انقضى أمر المخلوع و استوى أمر المأمون كتب إلى الرّضا عليه السّلام يستقدمه إلى خراسان.

فاعتلّ عليه الرضا عليه السّلام بعلل كثيرة، فما زال المأمون يكاتبه و يسأله حتّى علم الرضا عليه السّلام، أنه لا يكفّ عنه فخرج و أبو جعفر عليه السّلام له سبع سنين، فكتب إليه المأمون لا تأخذ على طريق الكوفة و قمّ ، فحمل على طريق البصرة و الأهواز و فارس حتّى وافى مرو.

فلمّا وافي مرو عرض عليه المأمون بتقلّد الإمرة و الخلافة، فأبي الرّضا عليه السّلام ذلك و جرت في هذا مخاطبات كثيرة و بقوا في ذلك نحوا من شهرين كلّ ذلك يأبى أبو الحسن الرّضا عليه السّلام أن يقبل ما يعرض عليه فلمّا كثر الكلام و الخطاب في هذا قال المأمون: فولاية العهد فأجابه إلى ذلك، و قال له على شروط أسألها، فقال المأمون: سل ما شئت.

قالوا: فكتب الرّضا عليه السّلام أني أدخل في ولاية العهد على أن لا آمر و لا أنهى و لا أقضى و لا أغيّر شيئا ممّا هو قائم و تعفيني من ذلك كلّه، فأجابه المأمون إلى ذلك و قبلها على هذه الشروط، و دعا المأمون الولاة و القضاة و القوّاد و الشاكرية، و ولد العباس إلى ذلك.

فاضطربوا عليه فأخرج أموالا كثيرة و أعطى القوّاد و أرضاهم إلاّ ثلاثة نفر من

ص: 73

قوّاده أبوا ذلك، أحدهم عيسى الجلوديّ و عليّ بن أبي عمران، و أبو يونس فإنّهم أبو أن يدخلوا في بيعة الرّضا عليه السّلام، فحبسهم و بويع للرضا عليه السّلام، و كتب ذلك إلى البلدان، و ضربت الدّنانير و الدّراهم باسمه و خطب له على المنابر و أنفق المأمون في ذلك أموالا كثيرة.

فلمّا حضر العيد بعث المأمون إلى الرّضا عليه السّلام، يسأله أن يركب و يحضر العيد و يخطب ليطمئنّ قلوب الناس و يعرفوا فضله و تقرّ قلوبهم على هذه الدّولة المباركة فبعث إليه الرضا عليه السّلام، و قال: قد علمت ما كان بينى و بينك من الشّروط في دخول في هذا الامر.

فقال المأمون: إنّما أريد بهذا، أن يرسخ في قلوب العامّة و الجند و الشاكريّة هذا الأمر فتطمئنّ قلوبهم و يقرّوا بما فضّلك اللّه به، فلم يزل يردّه الكلام في ذلك فلمّا ألحّ عليه قال: يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحبّ إلى، و إن لم تعفنى خرجت كما كان يخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كما خرج أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.

فقال المأمون: اخرج كما تحبّ ، و أمر المأمون القوّاد و الناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن الرّضا عليه السّلام فقعد الناس لأبي الحسن الرضا عليه السّلام في الطّرقات و السّطوح من الرّجال و النّساء و الصّبيان و اجتمع القوّاد على باب الرّضا عليه السّلام.

فلمّا طلعت الشمس قام الرّضا عليه السّلام، فاغتسل و تعمّم بعمامة بيضاء من قطن و ألقى طرفا منها على صدره و طرفا بين كتفه و تشمّر ثمّ قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت ثم أخذ بيده عكّازة و خرج و نحن بين يديه و هو حاف قد شمّر سراويله إلى نصف الساق و عليه ثياب مشمّرة.

فلمّا قام و مشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء و كبّر أربع تكبيرات، فخيل إلينا أنّ الهواء و الحيطان تجاوبه و القوّاد و الناس على الباب قد تزيّنوا و لبسوا

ص: 74

السّلاح و تهيؤا بأحسن هيئة.

فلمّا طلعنا عليهم بهذه الصورة حفاة قد تشمّرنا و طلع الرّضا عليه السّلام وقف وقفة على الباب قال: اللّه اكبر اللّه اكبر اللّه اكبر، على ما هدانا اللّه اكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام و الحمد للّه على ما أبلانا، و رفع بذلك صوته و رفعنا أصواتنا.

فتزعزعت مرو من البكاء و الصياح، فقالها ثلث مرّات، فسقط القوّاد عن دوابهم و رموا بخفافهم لمّا نظروا إلى أبى الحسن الرضا عليه السّلام، و صارت مرو ضجّة واحدة و لم يتمالك الناس من البكاء و الضّجيج، و كان أبو الحسن الرّضا عليه السّلام يمشي و يقف في كلّ عشر خطوات وقفة فكبّر اللّه أربع مرّات فتخيل إلينا أنّ السّماء و الأرض و الحيطان تجاوبه.

و بلغ المأمون ذلك، فقال له الفضل بن سهل ذو الرّئاستين: يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلّى على هذا السّبيل افتتن به النّاس؛ فالرّأى أن تسأله أن يرجع فبعث إليه المأمون، فسئله الرّجوع. فدعا أبو الحسن عليه السّلام بخفّه فلبسه و رجع (1).

عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ رضي اللّه عنه قال: حدّثني عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن الريّان بن الصّلت قال أكثر الناس في بيعة الرّضا من القوّاد و العامّة و من لم يجب ذلك، و قالوا: إنّ هذا من تدبير الفضل بن سهل ذي الرّئاستين، فبلغ المأمون ذلك فبعث إليّ في جوف اللّيل فصرت إليه فقال: يا ريّان بلغني أنّ الناس يقولون: إنّ بيعة الرّضا عليه السّلام كانت من تدبير الفضل بن سهل، فقلت: يا أمير المؤمنين يقولون ذلك.

قال: ويحك يا ريّان أ يجسر أحد أن يجيء إلى خليفة و ابن خليفة قد استقامت له الرّعية و القوّاد و استوت له الخلافة فيقول له ادفع الخلافة من يدك إلى غيرك ؟ أ يجوز هذا في العقل قال: قلت له: لا و اللّه يا أمير المؤمنين، ما يجسر على هذا أحد.

ص: 75


1- عيون الاخبار 149:2.

قال: لا و اللّه ما كان كما يقولون، و لكنّى سأخبرك بسبب ذلك، أنّه لما كتب إلى محمّد أخي يأمرني بالقدوم عليه، فأبيت؛ عقد لعليّ بن عيسى بن ماهان و أمره أن يقيّدني بقيد و يجعل الجامعة في عنقي.

فورد عليّ بذلك الخبر، و بعثت هرثمة بن أعين إلى سجستان و كرمان و ما والاها، فأفسد عليّ أمري. فانهزم هرثمة و خرج صاحب السّرير و غلب على كور خراسان من ناحية، فورد عليّ هذا كلّه في أسبوع، فلمّا ورد ذلك عليّ ، لم يكن لي قوّة في ذلك و لا كان لى مال أتقوّى به.

و رأيت من قوّادى و رجالي الفشل و الجبن أردت أن ألحق بملك كابل، فقلت في نفسي: ملك كابل رجل كافر و يبذل محمّد له الأموال فيدفعنى إلى يده، فلم أجد وجها أفضل من أن أتوب إلى اللّه تعالي من ذنوبي و أستعين به على هذه الأمور و أستجير باللّه تعالى و أمرت بهذا البيت - و أشار إلى بيت - فكنس و صببت عليّ الماء.

و لبست ثوبين أبيضين و صلّيت أربع ركعات فقرأت فيها من القرآن ما حضرني و دعوت اللّه تعالى و استجرت به و عاهدته عهدا وثيقا بيّنة صادقة إن أفضى اللّه بهذا الأمر إليّ و كفانى عادية هذه الأمور الغليظة أن أضع هذا الأمر في موضعه الّذي.

وضع اللّه فيه.

ثمّ قوى فيه قلبى، فبعثت طاهرا إلى عليّ بن عيسى بن ماهان فكان من أمره ما كان و رددت هرثمة بن أعين إلى رافع [بن أعين] فظفر به و قتله و بعثت إلى صاحب السّرير فهادنته و بذلت له شيئا حتى رجع، فلم يزل أمري يتقوى حتى كان من أمر محمّد ما كان، و أفضى اللّه إلى بهذا الأمر و استوى لي.

فلمّا و في اللّه تعالى بما عاهدته عليه أحببت أن أ في اللّه بما عاهدته، فلم أر أحدا أحقّ بهذا الأمر من أبى الحسن الرّضا عليه السّلام، فوضعتها فيه، فلم يقبلها إلاّ على ما قد علمت؛ فهذا كان سببها، فقلت: وفّق اللّه أمير المؤمنين.

ص: 76

فقال: يا ريّان إذا كان غدا و حضر الناس فاقعد بين هؤلاء القوّاد و حدّثهم بفضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام فقلت: يا أمير المؤمنين ما أحسن من الحديث شيئا إلاّ ما سمعته منك.

فقال، سبحان اللّه ما أجد أحدا يعينني على هذا الأمر لقد هممت أن أجعل أهل قمّ شعاري و دثاري فقلت: يا أمير المؤمنين أنا احدّث عنك بما سمعته منك من الأخبار؟ فقال: نعم، حدّث عنّي بما سمعته منّي من الفضائل فلمّا كان من الغد قعدت بين القوّاد في الدار.

فقلت حدّثني أمير المؤمنين (1) عن أبيه عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه و حدّثني أمير المؤمنين عن أبيه عن آبائه؛ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّ منّي بمنزلة هارون من موسى، و كنت أخلط الحديث بعضه ببعض لا أحفظه على وجهه و حدّثت بحديث خيبر و بهذه الأخبار المشهورة.

فقال عبد اللّه بن مالك الخزاعىّ رحم اللّه عليا كان رجلا صالحا و كان المأمون قد بعث غلاما إلى مجلسنا يسمع الكلام فيؤدّيه إليه، قال الريّان: فبعث إلى المأمون فدخلت إليه، فلمّا رآنى قال؛ يا ريّان ما أرواك للأحاديث و أحفظك لها؟ قال: قد بلغني ما قال اليهودي عبد اللّه بن مالك في قوله: رحم اللّه عليا كان رجلا صالحا و اللّه لأقتلنّه إنشاء اللّه.

و كان هشام بن إبراهيم الراشديّ الهمدانيّ من أخصّ الناس عند الرّضا عليه السّلام من قبل أن يحمل و كان عالما اديبا لبيبا و كان امور الرّضا عليه السّلام تجري من عنده و على يده و تصيره الأموال من النواحي كلّها إليه قبل حمل أبي الحسن عليه السّلام فلمّا حمل أبو الحسن اتّصل هشام بن إبراهيم بذي الرّئاستين و قرّ به ذو الرئاستين و أدناه.

فكان ينقل أخبار الرّضا عليه السّلام إلى ذي الرّئاستين و المأمون فحظى بذلك عندهما و كان لا يخفي عليهما من أخباره شيئا، فولاّه المأمون حجابة الرّضا عليه السّلام، فكان لا

ص: 77


1- يعنى به المأمون.

يصل إلي الرّضا عليه السّلام إلاّ من أحبّ و ضيّق على الرضا عليه السّلام، و كان من يقصده من مواليه لا يصل إليه.

و كان لا يتكلّم الرّضا عليه السّلام، في داره بشيء إلاّ أورده هشام على المأمون و ذى الرّئاستين و جعل المأمون العبّاس ابنه في حجر هشام و قال له: أدّ به فسمّى هشام العبّاسيّ لذلك قال، و أظهر ذو الرّئاستين عداوة شديدة لأبي الحسن الرضا عليه السّلام و حسده على ما كان المأمون يفضله به.

فأوّل ما ظهر لذي الرّئاستين من أبي الحسن الرضا عليه السّلام إنّ ابنة عمّ المأمون كانت تحبّه (1) و كان يحبّها و كان ينفتح باب حجرتها إلى مجلس المأمون، و كانت تميل إلى ابي الحسن الرضا عليه السّلام و تحبّه، و تذكر ذا الرئاستين و تقع فيه. فقال ذو الرّئاستين حين بلغه ذكرها لا ينبغى أن يكون باب دار النساء مشرعا الى مجلسك.

فأمر المأمون بسدّه و كان المأمون يأتي الرضا عليه السّلام يوما و الرضا يأتي المأمون يوما، و كان منزل أبي الحسن عليه السّلام بجنب منزل المأمون. فلمّا دخل أبو الحسن عليه السّلام إلى المأمون و نظر إلى الباب مسدودا قال: يا أمير المؤمنين ما هذا الباب الّذي سدّدته، فقال: رأى الفضل ذلك و كرهه.

فقال عليه السّلام: إنا للّه و إنا إليه راجعون ما للفضل و الدّخول بين أمير المؤمنين و حرمه قال: فما ترى ؟ قال: فتحه و ادخل الى ابنة عمك و لا تقبل قول الفضل فيما لا يحلّ و لا يسمع، فأمر المأمون بهدمه و دخل على ابنة عمّه، فبلغ الفضل ذلك فغمّه (2).

عنه، قال: و وجدت في بعض الكتب نسخة كتاب الحباء و الشّرط من الرّضا علي بن موسى عليهما السّلام الى العمّال في شأن الفضل بن سهل و أخيه و لم أرو ذلك عن أحد أمّا بعد فالحمد اللّه البديء و الرفيع القادر القاهر الرّقيب على عباده المقيت على

ص: 78


1- يعنى تحب المأمون.
2- عيون الاخبار: 2-151.

خلقه الّذي خضع كلّ شيء لملكه و ذلّ كلّ شيء لعزّته و استسلم كلّ شيء لقدرته و تواضع كلّ شيء لسلطانه و عظمته و أحاط بكلّ شيء علمه و أحصى عدده.

فلا يؤده كبير و لا يعزب عنه صغير الّذي لا تدركه أبصار الناظرين، و لا تحيط به صفة الواصفين، له الخلق و الأمر و المثل الأعلى في السموات و الأرض و هو العزيز الحكيم و الحمد للّه الّذي شرع للإسلام دينا، ففضّله و عظمه و شرّفه و كرّمه و جعله الدّين القيم الذي لا يقبل غيره، و الصّراط المستقيم الّذي لا يضلّ من لزمه و لا يهتد من صرف عنه.

و جعل فيه النّور و البرهان و الشفاء و البيان، و بعث به من اصطفى من ملائكته إلى من اجتبى من رسله في الأمم الخالية و القرون الماضية حتى انتهت رسالته إلى محمّد المصطفى عليه السّلام، فختم به النبيّين و قفى به على آثار المرسلين، و بعثه رحمة للعالمين و بشيرا للمؤمنين المصدّقين و نذيرا للكافرين المكذّبين لتكون له الحجّة البالغة و ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيى من حىّ عن بينة، و أنّ اللّه سميع عليم.

و الحمد للّه الّذي أورث أهل بيته مواريث النبوّة و استودعهم العلم و الحكمة و جعلهم معدن الإمامة و الخلافة و أوجب ولايتهم و شرف منزلتهم، فأمر رسوله بمسألة أمّته مودّتهم، إذ يقول: «قُلْ لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبىٰ » و ما وصفهم به من إذهابه الرّجس عنهم و تطهيره إيّاهم في قوله: «إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» .

ثم إنّ المأمون برّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في عترته و وصل في أرحام أهل بيته، فردّ الفتهم و جمع فرقتهم و رأب صدعهم و رتق فتقهم و أذهب اللّه به الضّغائن و الإحن بينهم و اسكن التّناصر و التّواصل و المودّة و المحبّة قلوبهم فأصبحت بيمنه و حفظه و بركته و برّه و صلته أيديهم واحدة، و كلمتهم جامعة، و أهوائهم متّفقة، و رعي الحقوق لأهلها و وضع المواريث مواضعها، و كافأ إحسان المحسنين و حفظ بلاء المبتلين و قرب و باعد

ص: 79

على الدّين.

ثم اختصّ بالتفضيل و التقديم و التشريف من قدّمته مساعيه، فكان ذلك ذا الرّئاستين الفضل بن سهل إذ رآه له موازرا و بحقّه قائما و بحجّته ناطقا و لنقبائه نقيبا و لخيوله قائدا و لحروبه مدبّرا، و لرعيّته سائسا و إليه داعيا، و لمن أجاب إلى طاعته مكافيا، و لمن عدل عنها منابذا، و بنصرته متفرّدا و لمرض القلوب و النيّات مداويا.

لم ينهه عن ذلك قلّة مال و لا عوز رجال و لم يمل به طبع و لم يلفته عن نيّته و بصيرته و جلّ ، عند ما يهوّل المهوّلون و يرعد و يبرق له المبرقون و المرعدون و كثرة المخالفين و المعاندين عن المجاهدين و المخاتلين أثبت ما يكون عزيمة و أجرى جنانا و أنفذ مكيدة و أحسن تدبيرا و أقوى في تثبيت حقّ المأمون و الدّعاء إليه.

حتى قصّم أنياب الضّلالة و فلّ حدّهم و قلّم أظفارهم و حصد شوكتهم و صرعهم مصارع الملحدين في دينهم و النّاكثين لعهده الوانين في أمره المستخفّين بحقّه الآمنين لما حذّر من سطوته و بأسه مع آثار ذى الرئاستين في صنوف الأمم من المشركين و ما زاد اللّه به في حدود دار المسلمين مما قد وردت أبنائه عليكم و قرأت به الكتب على برّكم و حملة أهل الآفاق إليكم إلى غيركم.

فانتهى شكر ذى الرئاستين بلاء أمير المؤمنين عنده و قيامه بحقّه و ابتذاله مهجته و مهجة أخيه أبي محمّد الحسن بن سهل الميمون النقيبة المحمود السّياسة إلى غاية تجاوز فيها الماضين و فاز بها الفائزين، و انتهت مكافاة أمير المؤمنين إياه إلى ما حصل له من الأموال و القطائع و الجواهر و إن كان ذلك لا يفي بيوم من أيامه و لا بمقام من مقاماته.

فتركه زاهدا فيه و ارتفاعا من همّته عنه و توفيرا له على المسلمين و اطراحا للدّنيا و استصغارا لها و إيثارا للآخرة و منافسة فيها و سئل أمير المؤمنين ما لم يزل له سائلا و إليه و فيه راغبا من التخلّى و التزهّد، فعظم ذلك عنده و عندنا لمعرفتنا بما

ص: 80

جعل اللّه عزّ و جلّ في مكانه الّذي هو به من العزّ و الدّين و السّلطان و القوة على صلاح المسلمين و جهاد المشركين.

و ما أري اللّه به من تصديق نيّته و يمن نقيبته و صحّة تدبيره و قوّة رأيه و نجح طلبته و معاونته على الحقّ و الهدى و البرّ و التّقوى، فلمّا وثق أمير المؤمنين وثقنا منه بالنظر للدّين و إيثار ما فيه صلاحه و أعطيناه سؤله الّذي يشبه قدره و كتبنا له كتاب حباء و شرط قد نسخ في أسفل كتابي هذا.

و أشهدنا اللّه عليه و من حضرنا من أهل بيتنا و القوّاد و الصّحابة و القضاة و الفقهاء و الخاصّة و العامّة و رأي أمير المؤمنين الكتاب به إلى الآفاق ليذيع و يشيع في أهلها و يقرأ على منابرها و يثبت عند ولاتها و قضاتها؛ فسألني أن أكتب بذلك و أشرح معانيه، و هي على ثلاثة أبواب.

الباب الأوّل: البيان عن كلّ آثاره الّتي أوجب اللّه تعالى بها حقّه علينا و على المسلمين.

و الباب الثاني: البيان عن مرتبته في إزاحة علّته في كلّ ما دبّر و دخل فيه و لا سبيل عليه فيما ترك و كره، و ذلك لما ليس لخلق ممّن في عنقه بيعة إلاّ له وحده و لأخيه، و إزاحة العلّة تحكيمها في كلّ من بغي عليهما و سعى بفساد علينا و عليهما و على أوليائنا لئلاّ يطمع طامع في خلاف عليهما و لا معصية لهما و لا احتيال في مدخل بيننا و بينهما.

و الباب الثّالث: البيان عن إعطائنا إيّاه ما أحبّ من ملك التحلّى و حلية الزّهد و حجّة التّحقيق لما سعى فيه من ثواب الآخرة بما يتقرّب في قلب من كان شاكّا فى ذلك منه و ما يلزمنا له من الكرامة و العزّ و الحباء الّذي بذلناه له و لأخيه في منعهما ما نمنع منه أنفسنا، و ذلك محيط بكلّ ما يحتاط في أمر دين و دنيا.

و هذه نسخة الكتاب: بسم اللّه الرّحمن الرحيم هذا كتاب و شرط من عبد اللّه

ص: 81

المأمون أمير المؤمنين و وليّ عهده علي بن موسى الرّضا، لذي الرّئاستين الفضل بن سهل في يوم الاثنتين لسبع ليال خلون من شهر رمضان من سنة إحدي و مائتين و هو اليوم الّذي تمّم اللّه فيه دولة أمير المؤمنين و عقد لوليّ عهده و ألبس النّاس اللّباس الأخضر و بلغ أمله في إصلاح وليّه و الظفر بعدوّه.

إنّا دعوناك إلى ما فيه بعض مكافات على ما قمت به من حقّ اللّه تبارك و تعالى و حقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و حقّ أمير المؤمنين و وليّ عهده عليّ بن موسى و حقّ هاشم الّتي بها يرجى صلاح الدين و سلامة ذات البين بين المسلمين.

إلى أن يثبت التّعمة علينا و على العامّة بذلك و بما عاونت عليه أمير المؤمنين من إقامة الدّين و السنّة و إظهار الدّعوة الثانية و إيثار الأولي مع قمع المشركين و كسر الأصنام و قتل العتاة و ساير آثارك الممثّلة للأمصار في المخلوع و قابل و في المسمّى بالأصفر المكنّى بأبي السرايا، و في المسمّى بالمهديّ محمّد بن جعفر الطالبىّ و الترك الخرلخية.

و في طبرستان و ملوكها إلى بندار بن هرمز بن شروين و في الدّيلم و ملكها مهمورس و في كابل و ملكها هرموس.

ثمّ ملكها الاصفهبد و في ابن البرم و جبال بدار بنده و غرشستان و الغور أصنافها و في خراسان خاقان، و ملون صاحب جبل التبّت، و في كيمان و التغزغز و في إرمينية و الحجاز و صاحب السّرير و صاحب الخزر و في المغرب و حروبه، و تفسير ذلك في ديوان السيرة و كان ما دعوناك إليه و هو معونة لك مائة ألف ألف درهم و غلّة عشرة ألف ألف درهم جوهرا سواما أقطعك أمير المؤمنين قبل ذلك و قيمة مائة ألف ألف درهم جوهرا يسيرا عندنا ما أنت له مستحقّ .

فقد تركت مثل ذلك حين بذله لك المخلوع و آثرت اللّه و دينه و أنك شكرت أمير المؤمنين و وليّ عهده و آثرت توفير ذلك كلّه على المسلمين وجدت لهم به و سألتنا

ص: 82

أن نبلغك الخصلة الّتي لم تزل إليها تائقا من الزّهد و التخلّى ليصحّ عند من شكّ في سعيك للآخرة دون الدّنيا و تركك الدّنيا، و ما عن مثلك يستغني في حال و لا مثلك ردّ عن طلبه.

و لو أخرجتنا طلبتك عن شطر النّعيم علينا فكيف نأمر، رفعت فيه المئونة و أوجبت به الحجّة على من كان يزعم أن دعاك إلينا للدّنيا لا للآخرة و قد أجبناك إلى ما سألت به و جعلنا ذلك لك مؤكّدا بعهد اللّه و ميثاقه الّذي لا تبديل له و لا تغيير، و فوّضنا الأمر في وقت ذلك إليك، فما أقمت فغريز مزاح العلة مدفوع عنك الدّخول فيما تكرهه من الأعمال.

و كائنا ما كان نمنعك ممّا نمنع منه أنفسنا في الحالات كلها؟ و إذا أردت التخلي فمكرم مزاح البدن و حقّ لبدنك بالرّاحة و الكرامة، ثمّ نعطيك ممّا تتناوله ممّا بدّلناه لك في هذا الكتاب فتركته اليوم و جعلنا للحسن بن سهل مثل ما جعلناه لك، فنصف ما بذلناه من العطيّة و أهل ذلك، هو لك.

و بما بذل من نفسي في جهاد العتاة و فتح العراق مرّتين و تفريق جموع الشّيطان بيده حتّى قوي الدنيا و خاض نيران الحروب و وقانا عذاب السّموم بنفسه و أهل بيته و من ساس من أولياء الحقّ ، و أشهدنا اللّه و ملائكته و خيار خلقه و كلّ من أعطانا بيعة و صفقة يمينه في هذا اليوم و بعده على ما في هذا الكتاب.

و جعلنا اللّه علينا كفيلا و أوجبنا على أنفسنا الوفاء بما اشترطنا من غير استثناء بشيء ينقضه في سرّ و علانية و المؤمنون عند شروطهم، و العهد فرض مسئول و أولى النّاس بالوفاء من طلب من النّاس الوفاء و كان موضعا للقدرة.

قال اللّه تعالى و أوفوا بعهد اللّه اذا عاهدتم و لا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها و قد جعلتم اللّه عليكم كفيلا إنّ اللّه يعلم ما تفعلون.

و كتب الحسن بن سهل توقيع المأمون فيه: بسم اللّه الرحمن الرحيم قد أوجب

ص: 83

أمير المؤمنين على نفسه جميع ما في هذا الكتاب و أشهد اللّه تعالى و جعله عليه داعيا و كفيلا، و كتب بخطّه في صفر سنة اثنتين و مأتين تشريفا للحباء و توكيدا للشّروط.

توقيع الرضا عليه السّلام: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم قد ألزم عليّ بن موسى الرّضا نفسه بجميع ما في هذا الكتاب على ما اكّد فيه في يومه و غده ما دام حيّا، و جعل اللّه تعالى عليه داعيا و كفيلا و كفى باللّه شهيدا، و كتب بخطه في هذا الشهر من هذه السنة و الحمد للّه ربّ العالمين و صلى اللّه على محمّد و آله و سلّم و حسبنا اللّه و نعم الوكيل (1).

عنه قال: حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام بقمّ في رجب سنة تسع و ثلثين و ثلاثمائة قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إليّ سنة سبع و ثلاثمائة قال حدّثني ياسر الخادم قال كان الرّضا عليه السّلام إذا كان خلا جمع حشمه كلّهم عنده الصغير و الكبير فيحدّثهم و يأنس بهم و يؤنسهم، و كان عليه السّلام إذا جلس على المائدة لا يدع صغيرا و لا كبيرا حتّى السّائس و الحجّام إلاّ أقعده معه على مائدته.

قال ياسر الخادم فبينا نحن عنده يوما إذ سمعنا وقع القفل الذي كان على باب المأمون إلى دار أبي الحسن عليه السّلام، فقال لنا الرّضا عليه السّلام قوموا تفرّقوا فقمنا عنه فجاء المأمون و معه كتاب طويل فأراد الرّضا عليه السّلام أن يقوم فأقسم عليه المأمون بحقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ألا يقوم إليه.

ثمّ جاء حتّى انكبّ على أبى الحسن عليه السّلام و قبل وجهه و قعد بين يديه على و سادة، فقرأ ذلك الكتاب عليه فإذا هو فتح لبعض قرى كابل فيه إنّا فتحنا قرية كذا و كذا فلمّا فرغ قال له الرضا عليه السّلام: و سرّك فتح قرية من قرى الشّرك فقال له المأمون أو ليس في ذلك سرور؟ فقال: يا أمير المؤمنين اتّق اللّه في أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ما ولّيك اللّه من هذا الأمر و خصّك

ص: 84


1- عيون الاخبار: 2-154.

به فإنك قد ضيّعت امور المسلمين و فوّضت ذلك إلى غيرك يحكم فيهم بغير حكم اللّه و قعدت في هذا البلاد و تركت بيت الهجرة و مهبط الوحى و أنّ المهاجرين و الأنصار يظلمون دونك و لا يرقبون في مؤمن إلاّ و لا ذمّة.

و يأتي على المظلوم دهر يتعب فيه نفسه و يعجز عن نفقته و لا يجد من يشكو إليه حاله و لا يصل إليك فاتّق اللّه يا أمير المؤمنين في امور المسلمين و ارجع الى بيت النبوّة و معدن المهاجرين و الأنصار، أ ما علمت يا أمير المؤمنين إنّ والى المسلمين مثل العمود في وسط الفسطاط، من أراده أخذه.

قال المأمون: يا سيّدي فما ترى ؟ قال أرى أن تخرج من هذه البلاد و تتحوّل إلى موضع آبائك و أجدادك و تنظر في أمور المسلمين و لا تكلهم إلى غيرك فإنّ اللّه تعالى سائلك عمّا ولاّك فقام المأمون فقال: نعم ما قلت يا سيّدي، هذا هو الرأى.

فخرج و أمر أن يقدّم النوائب و بلغ ذلك ذا الرّئاستين فغمّه غمّا شديدا و قد كان غلب على الأمر و لم يكن للمأمون عنده رأي فلم يجسر أن يكاشفه، ثمّ قوى بالرّضا عليه السّلام جدّا فجاء ذو الرئاستين إلى المأمون فقال له: يا أمير المؤمنين ما هذا الرّأى الذي أمرت به قال أمرني سيّدي أبو الحسن عليه السّلام بذلك و هو الصّواب.

فقال: يا أمير المؤمنين ما هذا الصّواب قتلت بالأمس أخاك و أزلت الخلافة عنه، و بنو أبيك معادون لك و جميع أهل العراق و أهل بيتك و العرب، ثم أحدثت هذا الحدث الثاني إنك وليت ولاية العهد لأبي الحسن و أخرجتها من بني أبيك و العامّة و الفقهاء و العلماء و آل العبّاس لا يرضون بذلك.

قلوبهم متنافرة عنك، فالرّأي أن تقيم بخراسان حتّى تسكن قلوب النّاس على هذا و يتناسوا ما كان من أمر محمّد أخيك و هاهنا يا أمير المؤمنين مشايخ قد خدموا الرّشيد و عرفوا الأمر فاستشرهم في ذلك فإن أشاروا بذلك فامضه فقال المأمون مثل من ؟ قال: مثل عليّ بن عمران و أبو يونس و الجلودي و هؤلاء الّذين نقموا بيعة أبى

ص: 85

الحسن عليه السّلام و لم يرضوا به فحبسهم المأمون بهذا السبب.

فقال المأمون نعم، فلمّا كان من الغد جاء أبو الحسن عليه السّلام فدخل على المأمون فقال يا أمير المؤمنين ما صنعت فحكى له ما قال ذو الرّئاستين، و دعا المأمون بهؤلاء النفر فأخرجهم من الحبس فأوّل من ادخل عليه عليّ بن أبي عمران فنظر إلى الرّضا عليه السّلام بجنب المأمون. فقال اعيذك باللّه يا أمير المؤمنين أن تخرج هذا الأمر الذي جعله اللّه لكم و خصّكم به و تجعله في أيدي أعدائكم و من كان آباؤك يقتلونهم و يشرّدونهم في البلاد.

فقال المأمون يا ابن الزانية و أنت بعد على هذا، قدّمه يا حرسيّ فاضرب عنقه فضرب عنقه، فأدخل أبو يونس فلمّا نظر إلى الرّضا عليه السّلام بجنب المأمون فقال يا أمير المؤمنين هذا الّذي بجنبك و اللّه صنم يعبد من دون اللّه قال له المأمون: يا ابن الزّانية و أنت بعد على هذا، يا حرّسيّ قدمه فاضرب عنقه فضرب عنقه.

ثم ادخل الجلودىّ ، و كان الجلوديّ في خلافة الرشيد فلمّا خرج محمّد بن جعفر ابن محمّد بالمدينة بعثه الرّشيد و أمره إن ظفر به أن يضرب عنقه و أن يغير على دور آل أبي طالب و أن يسلب نساءهم و لا يدع على واحدة منهنّ إلا ثوبا واحدا ففعل الجلوديّ ذلك.

و قد كان مضى أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام فصار الجلوديّ إلى باب دار أبي الحسن الرّضا عليه السّلام هجم على داره مع خيله فلمّا نظر إليه الرّضا جعل النساء كلّهنّ في بيت و وقف على باب البيت فقال الجلوديّ لأبي الحسن عليه السّلام لا بدّ من أن أدخل البيت فأسلبهنّ كما أمرني أمير المؤمنين.

فقال الرّضا عليه السّلام أنا أسلبهنّ لك و احلف أنّي لا أدع عليهنّ شيئا إلاّ أخذته فلم يزل يطلب إليه و يحلف له حتّى سكن فدخل أبو الحسن الرّضا عليه السّلام فلم يدع عليهنّ شيئا حتى أقراطهن و خلاخيلهنّ و إزرارهن إلاّ أخذه منهنّ و جميع ما كان في

ص: 86

الدّار من قليل و كثير.

فلمّا كان في هذا اليوم و أدخل الجلوديّ على المأمون قال الرّضا عليه السّلام: يا أمير المؤمنين هب لي هذا الشيخ، فقال المأمون: يا سيدي هذا الذي فعل ببنات محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ما فعل من سلبهنّ ، فنظر الجلودي إلى الرّضا عليه السّلام، و هو يكلّم المأمون و يسأله عن أن يعفو عنه و يهبه له، فظنّ أنه يعين عليه، لمّا كان الجلوديّ فعله.

فقال: يا أمير المؤمنين أسألك باللّه و بخدمتي الرشيد أن لا تقبل قول هذا فيّ فقال المأمون: يا أبا الحسن قد استعفى و نحن نبرّ قسمه، ثمّ قال: لا و اللّه لا أقبل فيك قوله، ألحقوه بصاحبيه، فقدّم فضرب عنقه و رجع ذو الرئاستين إلى أبيه سهل و قد كان المأمون أمر أن يقدّم النوائب و ردّ ذو الرئاستين.

فلما قتل المأمون هؤلاء علم ذو الرئاستين أنّه قد عزم على الخروج فقال الرضا عليه السّلام، ما صنعت يا أمير المؤمنين بتقديم النوائب ؟ فقال المأمون! يا سيدي مرهم أنت بذلك، قال: فخرج أبو الحسن عليه السّلام و صاح بالناس قدّموا النوائب قال فكانّما وقعت فيهم النيران، فأقبلت النوائب تتقدّم و تخرج و قعد ذو الرّئاستين في منزله فبعث إليه المأمون فأتاه.

فقال له ما لك قعدت في بيتك ؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنّ ذنبي عظيم عند أهل بيتك، و عند العامّة و النّاس يلومونني بقتل أخيك المخلوع و بيعة الرّضا عليه السّلام و لا آمن السّعاة و الحسّاد و أهل البغي أن يسعوا بى، فدعني أخلفك بخراسان.

فقال له المأمون لا نستغني عنك، فأمّا ما قلت إنه يسعى بك و تبغي لك الغوائل فلست أنت عندنا إلا الثقة المأمون النّاصح المشفق، فاكتب لنفسك ما تثق به من الضّمان و الأمان و أكد لنفسك ما تكون به مطمئنّا، فذهب و كتب لنفسه كتابا و جمع عليه العلماء و أتى به إلى المأمون فقرأه و أعطاه المامون كلّما أحبّ و كتب خطّه فيه و كتب له بخطّه كتاب الحبوة إني قد حبوتك بكذا و كذا من الأموال و الضّياع

ص: 87

و السّلطان و بسط له من الدّنيا أمله.

فقال ذو الرّئاستين يا أمير المؤمنين نحبّ أن يكون خطّ أبي الحسن عليه السّلام في هذا الأمان يعطينا ما أعطيت فانّه وليّ عهدك.

فقال المأمون: قد علمت أنّ أبا الحسن عليه السّلام قد اشترط علينا أن لا يعمل من ذلك شيئا و لا يحدث حدثا، فلا نسأله ما يكرهه، فسله أنت، فإنّه لا يأبى عليك في هذا، فجاء و استأذن على أبي الحسن عليه السّلام.

قال ياسر: فقال لنا الرضا عليه السّلام: قوموا تنحّوا، فنحّينا، فوقف بين يديه ساعة فرفع أبو الحسن رأسه إليه فقال له: ما حاجتك يا فضل ؟ قال: يا سيّدي هذا أمان كتبه لي أمير المؤمنين و أنت أولى أن تعطينا مثل ما أعطى أمير المؤمنين إذ كنت وليّ عهد المسلمين.

فقال له الرضا عليه السّلام اقرأه و كان كتابا في أكبر جلد فلم يزل قائما حتى قرأه فلمّا فرغ قال له ابو الحسن الرّضا عليه السّلام: يا فضل لك علينا هذا ما اتّقيت اللّه عزّ و جلّ قال ياسر: فنقض عليه أمره في كلمة واحدة، فخرج من عنده و خرج المأمون و خرجنا مع الرّضا عليه السّلام.

فلما كان بعد ذلك، بأيّام و نحن في بعض المنازل ورد على ذي الرّئاستين كتاب من أخيه الحسن بن سهل أني نظرت في تحويل هذه السنّة في حساب النجوم فوجدت فيه أنّك تذوق في شهر كذا يوم الأربعاء حرّ الحديد و حرّ النار، فأرى أن تدخل أنت و الرّضا و أمير المؤمنين الحمّام في هذا اليوم فتحتجم فيه و تصبّ الدمّ على بدنك ليزول نحسه عنك.

فبعث الفضل إلى المأمون و كتب إليه بذلك و سأله أن يدخل الحمّام معه و يسأل أبا الحسن عليه السّلام أيضا ذلك، فكتب المأمون إلى الرّضا عليه السّلام رقعة في ذلك فسئله فكتب إليه أبو الحسن عليه السّلام لست بداخل غدا الحمّام و لا أرى لك يا أمير المؤمنين أن

ص: 88

تدخل الحمّام غدا و لا أرى للفضل أن يدخل الحمّام غدا.

فأعاد إليه الرّقعة مرّتين، فكتب إليه أبو الحسن عليه السّلام لست بداخل غدا الحمام فإني رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في النوم في هذه اللّيلة يقول لي: يا عليّ لا تدخل الحمّام غدا فلا أرى لك يا أمير المؤمنين و لا للفضل أن تدخل الحمّام غدا فكتب إليه المأمون صدقت يا سيّدي و صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لست بداخل الحمّام غدا، و الفضل فهو أعلم و ما يفعله.

قال ياسر: فلمّا أمسينا و غابت الشمس، فقال لنا الرضا عليه السّلام: قولوا نعوذ باللّه من شرّ ما ينزل في هذه الليلة فأقبلنا نقول ذلك فلما صلّى الرضا عليه السّلام الصبح قال لنا: قولوا نعوذ باللّه من شرّ ما ينزل في هذا اليوم، فما زلنا نقول ذلك، فلمّا كان قريبا من طلوع الشّمس، قال الرّضا عليه السّلام: اصعد السطح فاستمع هل تسمع شيئا؟.

فلمّا صعدت سمعت الضجّة و النحيب و كثر ذلك، فإذا بالمأمون قد دخل من الباب الذي كان إلى داره من دار أبي الحسن عليه السّلام، يقول: يا سيّدي يا أبا الحسن آجرك اللّه في الفضل و كان دخل الحمّام فدخل عليه قوم بالسيوف فقتلوه و أخذ من دخل عليه في الحمّام و كانوا ثلاثة نفر.

أحدهم ابن خالة الفضل ذو القلمين قال: و اجتمع القوّاد و الجند و من كان من رجال ذي الرّئاستين على باب المأمون و قالوا: اغتاله و قتله، فلنطلبنّ بدمه، فقال المأمون للرّضا عليه السّلام: يا سيّدى نرى أن تخرج إليهم و تفرّقهم قال: ياسر فركب الرّضا عليه السّلام و قال لى: اركب.

فلمّا خرجنا من الباب نظر الرضا عليه السّلام إليهم، و قد اجتمعوا و جاءوا بالنّيران ليحرقوا الباب فصاح بهم و أومأ إليهم بيده، تفرّقوا فتفرّقوا قال ياسر فأقبل النّاس و اللّه يقع بعضهم على بعض و ما أشار إلى أحد إلاّ ركض و مرّ و لم يقف له أحد (1).

ص: 89


1- عيون الاخبار: 2-159.

عنه قال: حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ قال: حدّثني محمّد بن يحيى الصّولي، قال: حدّثني عون بن محمّد الكنديّ ، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد ابن أبى عباد، قال: لمّا كان من أمر الفضل بن سهل ما كان و قتل، دخل المأمون إلى الرّضا عليه السّلام يبكي و قال له هذا وقت حاجتي إليك يا أبا الحسن، فتنظر في الأمر و تعيننى، فقال له عليك التدبير يا أمير المؤمنين و علينا الدّعاء، قال:

فلمّا خرج المأمون، قلت للرّضا عليه السّلام، لم أخرت أعزّك اللّه ما قاله لك أمير المؤمنين و أبيته ؟ فقال: ويحك يا أبا حسن لست من هذا الأمر في شيء قال:

فرآني قد اغتممت فقال لي: مالك في هذا لو آل الأمر إلى ما تقول و أنت منّى كما أنت عليه الآن ما كانت نفقتك إلاّ في كمك و كنت كواحد من النّاس (1).

عنه قال: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقيّ قال: حدّثني محمّد بن يحيي الصّوليّ قال: حدّثني محمّد بن أبي الموج بن الحسين الرازيّ ، قال سمعت أبي يقول: حدّثني من سمع الرّضا عليه السّلام يقول: الحمد للّه الّذي حفظ منا ما ضيع الناس و دفع منّا ما وضعوه.

حتّى لقد لعنّا على منابر الكفر ثمانين عاما، و كتمت فضائلنا و بذلت الأموال في الكذب علينا، و اللّه تعالى يأبى لنا إلاّ أن يعلى ذكرنا و يتبيّن فضلنا و اللّه ما هذا بنا، و إنّما هو برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قرابتنا منه حتّى صار أمرنا و ما نروي عنه أنه سيكون بعدنا من أعظم آياته و دلالات نبوّته (2).

عنه قال: حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ قال: حدّثني محمّد ابن يحيى الصّولى قال: حدّثنا الغلابيّ ، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى بن زيد، أنّ المأمون أمر بقتل رجل، و قال: استبقنى فانّ لي شكرا فقال و من أنت و ما شكرك ؟

ص: 90


1- عيون الاخبار: 2-164.
2- المصدر: 2-164.

فقال عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام: يا أمير المؤمنين انشدك اللّه تعالى أن تترفّع عن شكر أحد و إن قلّ ، فإنّ اللّه تعالى أمر عباده بشكره، فشكروه فعفى عنهم (1).

عنه قال: و قد ذكر قوم أنّ الفضل بن سهل أشار إلى المأمون بأن يجعل على ابن موسى الرّضا عليه السّلام ولىّ عهده، منهم أبو علي الحسين بن أحمد السلاميّ ، فإنّه ذكر ذلك في كتابه الّذي صنّفه في أخبار خراسان، و قال: كان الفضل بن سهل ذو الرّئاستين وزير المأمون و مدبّرا موره، و كان مجوسيّا.

فأسلم على يدي يحيى بن خالد و صحبه و قيل، بل أسلم سهل والد الفضل على يدي المهدىّ و أنّ الفضل اختاره يحيى بن خالد البرمكيّ لخدمة المأمون فضمه إليه، فتغلّب عليه فاستبدّ بالأمر دونه: فإنّما لقّب بذي الرّئاستين فإنّه تقلّد الوزارة و رئاسة الجند.

فقال الفضل حين استخلف المأمون يوما لبعض من كان يعاشره أين يقع فعلى اتيته من فعال أبي مسلم فيما أتاه ؟ فقال: إنّ أبا مسلم حوّلها من قبيلة إلى قبيلة و أنت حوّلتها من أخ الى أخ و بين الحالتين ما تعلمه، فقال الفضل بن سهل: فإني أحوّلها من قبيلة الى قبيلة.

ثمّ أشار إلى المأمون بأن يجعل عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام وليّ عهده، فبايعه و أسقط بيعة المؤتمن أخيه، و كان عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام ورد على المأمون و هو بخراسان سنة مأتين علي طريق البصرة و فارس مع رجاء بن أبي الضحّاك و كان الرّضا عليه السّلام متزوّجا بابنة المأمون.

فلمّا بلغ خبره العباسيين ببغداد ساءهم ذلك فأخرجوا إبراهيم بن المهديّ و بايعوه بالخلافة ففيه يقول دعبل بن عليّ الخزاعيّ :

يا معشر الأجناد لا تقنطوا *** خذوا عطاياكم و لا تسخطوا

ص: 91


1- المصدر: 3-164.

فسوف يعطيكم حنينيّة *** يلذّها الأمرد و الأشمط

و المعيديات لقوّادكم *** لا تدخل الكيس و لا تربط

و هكذا يرزق أصحابه *** خليفة مضجعه البربط

و ذلك أنّ إبراهيم بن المهدىّ كان مولعا بضرب العود منهمكا في الشرب، فلمّا بلغ المامون خبر إبراهيم أنّ الفضل بن سهل أخطأ عليه و أشار بغير الصّواب فخرج من مرو منصرفا إلى العراق و احتال على الفضل بن سهل حتّى قتله غالب خال المأمون في حمّام بسرخس مغافصة في شعبان سنة ثلث و مأتين، و احتال المأمون علي عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام حتّى سمّ في علّة كانت أصابته فمات و أمر بدفنه بسناباذ من طوس بجنب قبر هارون الرّشيد، و ذلك في صفر سنة ثلث و مأتين و كان ابن اثنتين و خمسين سنة.

و قيل: ابن خمس و خمسين سنة هذا ما حكاه أبو عليّ الحسين بن أحمد السلاميّ في كتابه، و الصحيح عندي أنّ المأمون إنما ولاّه العهد و بايع له للنّذر الذي قد تقدّم ذكره و إنّ الفضل بن سهل لم يزل معاديا و مبغضا له و كارها لأمره، لأنّه كان من صنايع آل برمك و مبلغ سنّ الرضا تسع و أربعون سنة و ستة أشهر، و كانت وفاته في سنة ثلث و مأتين كما قد اسندته في هذا الكتاب (1).

عنه قال: حدّثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، قال:

حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعريّ ، قال: حدّثنا معاوية بن حكيم، عن معمر بن خلاّد، قال: قال لي أبو الحسن الرّضا عليه السّلام، قال لي المأمون يوما:

يا با الحسن انظر بعض من تثق به نولّيه هذه البلدان الّتي قد فسدت علينا.

فقلت له تفى لي و أوافي لك فإنّي إنّما دخلت فيما دخلت على أن لا آمر فيه و لا أنهى و لا أعزل و لا اوّلي و لا أشير حتى يقدمني اللّه قبلك فو اللّه إنّ الخلافة لشيء ما

ص: 92


1- عيون الاخبار: 2-165.

حدّثت به نفسي، و لقد كنت بالمدينة أتردّد في طرقها على دابّتي و أنّ أهلها و غيرهم يسألوني الحوائج، فاقضيها لهم فيصيرون كالأعمام لي و أنّ كتبي لنافذة في الأمصار، و ما زدتني من نعمة هي على من ربّي فقال له: أ في لك (1).

عنه قال: و روي أنّه قصد الفضل بن سهل مع هشام بن إبراهيم الرّضا عليه السّلام فقال له: يا ابن رسول اللّه جئتك في سرّ فاخل لي المجلس، فأخرج الفضل يمينا مكتوبة بالعتق و الطّلاق و ما لا كفّارة له و قالا له: إنّما جئناك لنقول كلمة حقّ و صدق:

و قد علمنا أنّ الإمرة إمرتكم و الحقّ حقّكم يا ابن رسول اللّه و الّذي نقوله بألسنتنا عليه ضمائرنا و إلاّ ينعتق ما نملك و النّساء طوالق و عليّ ثلاثون حجة راجلا أنا على أن نقتل المأمون و نخلّص لك الأمر حتّى يرجع الحقّ إليك.

فلم يسمع منهما و شتمهما و لعنهما، قال لهما: كفرتما النّعمة فلا تكون لكما السّلامة و لا لي أن رضيت بما قلتما، فلمّا سمع الفضل ذلك منه مع هشام، علما أنهما أخطئا فقصد المأمون بعد أن قالا للرضا عليه السّلام أردنا بما فعلنا أن نجرّبك.

فقال لهما الرضا عليه السّلام: كذّبتما فانّ قلوبكما على ما أخبرتماني به إلاّ أنكما لم تجداني كما أردتما فلمّا دخلا على المأمون، قالا: يا أمير المؤمنين إنا قصدنا الرّضا عليه السّلام و جرّبناه و أردنا أن نقف ما يضمره لك، فقلنا: و قال فقال المأمون وفقتما، فلمّا خرجا من عند المأمون قصده الرّضا عليه السّلام و أخليا المجلس و أعلمه ما قالا و أمره أن يحفظ نفسه فلمّا سمع ذلك من الرّضا عليه السّلام علم أنّ الرّضا عليه السّلام هو الصّادق (2).

عنه قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القسم المفسّر - رضي اللّه عنه - قال حدّثنا

ص: 93


1- المصدر: 2-166.
2- عيون الاخبار: 2-167.

يوسف بن محمّد بن زياد؛ و عليّ بن محمّد بن سيّار، عن أبويهما عن الحسن بن عليّ العسكريّ عن أبيه علي بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي عليهم السّلام، أنّ الرّضا عليّ بن موسى عليهما السّلام لمّا جعله المأمون وليّ عهده احتبس المطر.

فجعل بعض حاشية المأمون و المتعصبين على الرضا يقولون انظروا لمّا جاءنا عليّ بن موسى عليه السّلام و صار وليّ عهدنا، فحبس اللّه عنّا المطر و اتّصل ذلك بالمأمون، فاشتدّ عليه فقال للرّضا عليه السّلام: قد احتبس المطر، فلو دعوت اللّه عزّ و جلّ أن يمطر الناس.

فقال الرّضا عليه السّلام: نعم، قال: فمتى تفعل ذلك، و كان ذلك يوم الجمعة، قال: يوم الاثنين، فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاني البارحة في منامي و معه أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، و قال: يا بنيّ انتظر يوم الاثنين فأبرز إلى الصحراء و استسق، فإنّ اللّه تعالى سيسقيهم و أخبرهم بما يريك اللّه ممّا لا يعلمون من حالهم ليزداد علمهم بفضلك و مكانك من ربّك عزّ و جلّ .

فلمّا كان يوم الاثنين غدا إلى الصحراء و خرج الخلائق ينظرون، فصعد المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ قال: اللهمّ يا ربّ أنت عظمت حقّنا أهل البيت فتوسّلوا بنا كما أمرت و أمّلوا فضلك و رحمتك و توقّعوا إحسانك و نعمتك، فاسقهم سقيا نافعا عامّا غير رائث و لا ضائر و ليكن ابتداء، مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم و مقارّهم.

قال: فو الّذي بعث محمّدا بالحقّ نبيا لقد نسجت الرّياح في الهواء الغيوم و أرعدت و أبرقت و تحرّك الناس كأنّهم يريدون التنحى عن المطر، فقال الرضا عليه السّلام على رسلكم أيّها النّاس فليس هذا الغيم لكم، إنما هو لأهل بلد كذا. فمضت السحابة و عبرت ثم جاءت سحابة أخرى تشتمل على رعد و برق فتحرّكوا.

فقال: على رسلكم، فما هذه لكم، إنما هي لأهل بلد كذا، فما زالت حتّى

ص: 94

جاءت عشر سحابة و عبرت، و يقول عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام في كلّ واحدة ؟ على رسلكم، ليست هذه لكم، إنّما هي لأهل بلد كذا، ثم أقبلت سحابة حادية عشر.

فقال: أيّها الناس هذه سحابة بعثها اللّه عزّ و جلّ لكم فاشكروا للّه على تفضّله عليكم و قوموا إلى مقارّكم و منازلكم فانّها مسامة لكم و لرءوسكم ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا إلى مقارّكم ثمّ يأتيكم من الخير ما يليق بكرم اللّه تعالى و جلاله و نزل عن المنبر و انصرف النّاس، فما زالت السّحابة ممسكة إلى أن قرّبوا من منازلهم.

ثمّ جاءت بوابل المطر، فملئت الأدوية و الحياض و الغدران و الفلوات، فجعل الناس يقولون: هنيئا لولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كرامات اللّه عزّ و جلّ ثمّ برز إليهم الرّضا عليه السّلام و حضرت الجماعة الكثيرة منهم.

فقال: يا أيها الناس اتقوا اللّه في نعم اللّه عليكم فلا تنفروها عنكم بمعاصيه.

بل استديموها بطاعته و شكره على نعمه و أياديه، و أعلموا أنّكم لا تشكرون اللّه تعالى بشيء بعد الإيمان باللّه و بعد الاعتراف بحقوق أولياء اللّه من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أحبّ إليه من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم الّتي هي معبر لهم إلى جنان ربّهم فانّ من فعل ذلك كان من خاصّة اللّه تبارك و تعالى.

و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، في ذلك قولا ما ينبغي لقائل أن يزهد في فضل اللّه عليه فيه إن تأمّله و عمل عليه، قيل يا رسول اللّه هلك فلان يعمل من الذّنوب كيت و كيت، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بل قد نجى و لا يختم اللّه عمله إلاّ بالحسنى، سيمحوا اللّه عنه السيّئات و يبدّلهما من حسنات إنّه كان يمرّ مرّة في طريق عرض له مؤمن قد انكشفت عورته و هو لا يشعر، فسترها عليه و لم يخبرها بها مخافة أن يخجل.

ثمّ إنّ ذلك المؤمن عرفه في مهواه فقال له: أجزل اللّه لك الثّواب و أكرم لك المآب و لا ناقشك في الحساب، فاستجاب اللّه له فيه فهذا العبد لا يختم اللّه له إلاّ بخير

ص: 95

بدعاء ذلك المؤمن فاتصل قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بهذا الرّجل، فتاب و أناب و أقبل علي طاعة اللّه عزّ و جلّ ، فلم يأت عليه سبعة أيّام حتى أغير على سرح المدينة.

فوجّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، في أثرهم جماعة، ذلك الرّجل أحدهم فاستشهد فيهم قال الإمام محمّد بن علي بن موسى عليه السّلام: و عظّم اللّه تبارك و تعالى البركة في البلاد بدعاء الرضا عليه السّلام، و قد كان للمأمون من يريد أن يكون هو وليّ عهد من دون الرّضا عليه السّلام و حسّاد كانوا بحضرة المأمون للرّضا عليه السّلام.

فقال للمأمون بعض أولئك يا أمير المؤمنين أعيذك باللّه أن تكون تاريخ الخلفاء في إخراجك هذا الشّرف العميم و الفخر العظيم من بيت ولد العباس إلى بيت ولد عليّ لقد أعنت على نفسك و أهلك.

جئت بهذا السّاحر ولد السحرة و قد كان خاملا، فأظهرته و متّضعا فرفعته و منسيا فذكرت به، و مستخفا فنوّهت به قد ملاء الدّنيا مخرقة و تشوّقا بهذا المطر الوارد عند دعائه ما أخوفني أن يخرج هذا الرجل هذا الأمر عن ولد العبّاس إلى ولد عليّ بل ما أخوفني أن يتوصّل بسحره إلى إزالة نعمتك و التواثب على مملكتك هل جنى أحد على نفسه و ملكه مثل جنايتك ؟ فقال المأمون قد كان هذا الرجل مستترا عنّا يدعوا إلى نفسه فأردنا أن نجعله وليّ عهدنا ليكون دعاؤه لنا، و ليعترف بالملك و الخلافة لنا، و ليعتقد فيه المفتونون به إنّه ليس ممّا ادّعى في قليل و لا كثير، و إنّ هذا الأمر لنا من دونه و قد خشينا إن تركناه على تلك الحالة أن ينفتق علينا منه ما لا نسدّه و يأتي علينا منه ما لا نطيقه.

و الآن فإذ قد فعلنا به ما فعلناه و أخطأنا في أمره بما أخطأنا و أشرفنا من الهلاك بالتنويه به على ما أشرفنا، فليس يجوز التهاون في أمره و لكنّا نحتاج أن نضع منه قليلا قليلا حتّى نصوّره عند الرعايا بصورة من لا يستحقّ لهذا الأمر؛ ثمّ ندبّر

ص: 96

فيه بما يحسم عنّا مواد بلائه.

قال الرّجل: يا أمير المؤمنين فولّني مجادلته فإنى أفحمه و أصحابه و أضع من قدره فلو لا هيبتك في نفسي لأنزلته منزلته و بيّنت للنّاس قصوره عمّا رشحته له:

قال المأمون: ما شيء أحبّ إلى من هذا، قال: فاجمع جماعة وجوه أهل مملكتك من القوّاد و القضاة و خيار الفقهاء لأبيّن نقضه بحضرتهم، فيكون أخذا له عن محلّه الّذي أحللته فيه على علم منهم بصواب فعلك.

قال: فجمع الخلق الفاضلين من رعيّته في مجلس واسع قعد فيه لهم و أقعد الرّضا عليه السّلام بين يديه في مرتبته الّتي جعلها له فابتدأ هذا الحاجب المتضمّن للوضع من الرّضا عليه السّلام، و قال له: إنّ الناس قد أكثروا عنك الحكايات و أسرفوا في وصفك، بما أرى أنّك إن وقفت عليه برئت إليهم منه.

قال و ذلك إنك قد دعوت اللّه في المطر المعتاد مجيئه فجاء، فجعلوه آية معجزة لك، و أوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا، و هذا أمير المؤمنين أدام اللّه ملكه و بقاءه و لا يوازي بأحد إلاّ رجّح به، و قد أحلّك المحلّ الّذي قد عرفت، فليس من حقّه عليك أن تسوّغ الكاذبين لك و عليه ما يتكذّبونه.

فقال الرّضا عليه السّلام: ما أدفع عباد اللّه عن التحدّث بنعم اللّه عليّ و إن كنت لا أبغي أشرا و لا بطرا و أمّا ما ذكرك صاحبك الّذي أحلّني ما أحلّني، فما أحلّني إلاّ المحلّ الّذي أحلّه ملك مصر يوسف الصدّيق عليه السّلام و كانت حالهما ما قد علمت.

فغضب الحاجب عند ذلك و قال: يا بن موسى لقد عدوت طورك و تجاوزت قدرك أن بعث اللّه بمطر مقدّر وقته لا يتقدّم و لا يتأخر جعلته آية تستطيل بها وصولة تصول بها كأنك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم عليه السّلام لمّا أخذ رءوس الطير بيده و دعا أعضائها التي كان فرّقها على الجبال فأتينه سعيا و تركبن علي الرءوس و خفقن و طرن بإذن اللّه تعالى.

فإن كنت صادقا فيما توهّم فأحى هذين و سلّطهما عليّ ، فإنّ ذلك يكون حينئذ

ص: 97

آية معجزة، فأمّا المطر المعتاد مجيئه، فلست أنت أحقّ بأن يكون جاء بدعائك من غير الّذي دعا كما دعوت، و كان الحاجب أشار إلى أسدين مصوّرين على مسند المأمون الّذي كان مستندا إليه و كانا متقابلين على المسند.

فغضب عليّ بن موسى عليهما السّلام و صاح بالصّورتين دونكما الفاجر، فافترساه و لا تبقيا له عينا و لا أثرا، فوثبت الصورتان و قد عاد تا أسدين فتنا و لا الحاجب و رضّاه و رضضاه و هشّماه و أكلاه و لحسا دمه و القوم ينظرون متحيّرين مما يبصرون، فلمّا فرغا منه أقبلا على الرّضا عليه السّلام و قالا: يا وليّ اللّه في أرضه ما ذا تأمرنا، نفعل بهذا أنفعل به ما فعلنا بهذا يشيران إلى المأمون فغشي على المأمون ممّا سمع منهما.

فقال الرّضا عليه السّلام: قفا: فوقفا، قال الرّضا عليه السّلام: صبوا عليه ماء ورد و طيبوه ففعل ذلك به و عاد الأسدان يقولان: أ تأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الّذي أفنيناه قال:

لا، فإنّ للّه عزّ و جلّ فيه تدبيرا هو ممضيه.

فقالا: ما ذا تأمرنا؟ قال عودا إلى مقرّ كما كما كنتما؛ فصارا إلى المسند و صارا صورتين كما كانتا، فقال المامون: الحمد للّه الذي كفاني شرّ حميد بن مهران - يعنى الرّجل المفترس - ثم قال للرّضا عليه السّلام: يا ابن رسول اللّه هذا الأمر لجدّكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ لكم، فلو شئت لنزلت عنه لك.

فقال الرّضا عليه السّلام: لو شئت لما ناظرتك؛ و لم أسألك، فإنّ اللّه تعالى قد أعطاني من طاعة ساير خلقه مثل ما رأيت من طاعة هاتين الصّورتين إلاّ جهّال بني آدم، فإنهم و إن خسروا حظوظهم فللّه عزّ و جلّ فيه تدبير و قد أمرني بترك الاعتراض عليك و إظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك كما أمر يوسف بالعمل من تحت يد فرعون مصر قال: فما زال المأمون ضئيلا في نفسه إلى أن قضى في عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام ما قضى (1).

ص: 98


1- عيون الاخبار: 2-167.

عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ - رضى اللّه - عنه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد اللّه بن محمّد الهاشميّ قال: دخلت على المأمون يوما فأجلسنى و أخرج من كان عنده ثمّ دعا بالطّعام فطمعنا، ثمّ طيبنا ثم أمر بستارة فضربت ثمّ أقبل على بعض من كان في السّتارة فقال باللّه لما رثيت لنا من بطوس فأخذت يقول:

سقيا بطوس و من أضحى بها قطنا *** من عترة المصطفى أبقى لنا حزنا

قال: ثمّ بكى و قال لي: يا عبد اللّه أ يلومني أهل بيتي و أهل بيتك أن نصبت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام علما فو اللّه لأحدّثك بحديث تتعجّب منه، جئته يوما فقلت له:

جعلت فداك إنّ آبائك موسى بن جعفر و جعفر بن محمّد و محمّد بن عليّ و عليّ بن الحسين عليهم السّلام كان عندهم علم ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيمة و أنت وصيّ القوم و وارثهم و عندك علمهم و قد بدت لي إليك حاجة.

قال: هاتها فقلت هذه الزّاهرية حظيتى و لا اقدّم عليها من جواري قد حملت غير مرّة و أسقطت و هي الآن حامل فدلّني على ما نتعالج به فتسلم، فقال لا تخف من إسقاطها فإنها تسلم و تلد غلاما أشبه الناس بامّه، و يكون له خنصر زائدة في يده اليمنى ليست بالمدلاة.

فقلت في نفسي: أشهد أنّ اللّه على كلّ شيء قدير، فولدت الزاهرية غلاما أشبه الناس بامّه في يده اليمنى خنصر زائدة ليست بالمدلاة، و في رجله اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاة على ما كان وصفه لي الرّضا عليه السّلام فمن يلومني على نصبي إيّاه علما و الحديث فيه - زياده حذفناها و لا حول و لا قوّة إلا باللّه العليّ العظيم (1).

عنه قال: حدّثنا أبو علي الحسين بن أحمد البيهقيّ قال: حدّثني محمّد بن يحيى

ص: 99


1- عيون الاخبار: 2-223.

الصولي، قال: حدّثنا عون بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عباد، قال: قال المأمون يوما للرّضا عليه السّلام: ندخل بغداد إنشاء اللّه تعالى فنفعل كذا و كذا فقال عليه السّلام له: تدخل أنت بغداد يا أمير المؤمنين، فلمّا خلوت به، قلت له: إني سمعت شيئا غمّني و ذكرته له فقال يا حسين و ما أنا و بغداد؟! لا أرى بغداد و لا تراني (1).

الكراجكي قال: من أمالى شيخنا المفيد روي أنّه لمّا سار المأمون إلى خراسان كان معه الإمام الرضا عليّ بن موسى عليهما السّلام فبيناهما يتسايران [سايران] إذ قال له المأمون يا أبا الحسن إني فكّرت في شيء فسنح لى الفكر الصواب فيه، فكرت في أمرنا و أمركم و نسبنا و نسبكم فوجدت الفضيلة فيه واحدة و رأيت اختلاف شيعتنا في ذلك محمولا على الهوى و العصبية.

فقال له أبو الحسن الرّضا عليه السّلام إنّ لهذا الكلام جوابا إن شئت ذكرته لك و إن شئت أمسكت، فقال المأمون لم أقله إلاّ لأعلم ما عندك فيه، قال الرّضا عليه السّلام: انشدك اللّه يا أمير المؤمنين لو أنّ اللّه بعث نبيه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله فخرج علينا من وراء أكمة من هذا الآكام فخطب إليك بنتك لكنت مزوّجه إيّاها.

فقال: يا سبحان اللّه و هل أحد يرغب عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال له الرّضا عليه السّلام:

أ فتراه كان يحلّ له أن يخطب ابني قال فسكت المأمون هنيئة ثمّ قال: أنتم و اللّه أمسّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رحما (2).

قال ابن شهرآشوب: خرج الفضل فأعلم الناس برأي المأمون في عليّ بن موسى عليهما السّلام و أنه قد ولاّه و سمّاه الرّضا و أمرهم بلبس الخضرة و العود لبيعته في يوم الخميس على أن يأخذوا أرزاق سنة فلمّا كان ذلك اليوم جلس المأمون و الرّضا عليه السّلام في الخضرة ثم أمر ابنه العبّاس بن المأمون يبايع له أوّل النّاس.

ص: 100


1- عيون الاخبار: 2-224.
2- كنز الفوائد: 166.

فدفع الرّضا عليه السّلام يده فتلقّى بظهرها وجه نفسه و ببطنها وجوههم، فقال المأمون ابسط يدك للبيعة فقال عليه السّلام: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هكذا كان يبايع فبايعه الناس و يده فوق أيديهم، و وضعت البدر و جعل أبو عباد يدعو بعلوىّ و عباسىّ فيقبضون جوائزهم.

فخطب عبد الجبّار بن سعيد في تلك السنة على منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالمدينة فقال في الدّعاء له: وليّ عهد المسلمين عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبى طالب.

ستة آباؤهم من هم *** أفضل من يشرب صوب الغمام

فأمر المأمون فضربت له الدّراهم و طبع عليها اسم الرّضا و هي الدّراهم المعروفة بالرّضوية، و نظر الرّضا عليه السّلام إلى وليّ له و هو مستبشر بما جرى فأومى إليه ان دن فدنا منه فقال سرّا: لا تشتغل قلبك بهذا الأمر و لا تستبشر فإنّه شيء لا يتمّ فسمع منه و قد رفع يده إلى السّماء و قال: اللهم إنّك تعلم أنّي مكره مضطرّ فلا تؤاخذنى كما لم تؤخذ عبدك و نبيّك يوسف حين دفع إلى ولاية مصر (1).

عنه قال: و حديث الرّيان بن شبيب إنّه لما أراد المأمون أن يأخذ البيعة لنفسه بإمرة المؤمنين و للرّضا عليه السّلام بولاية العهد و للفضل بن سهل بالوزارة أذن للناس فدخلوا يبايعون يصفقون أيمانهم على أيمانهم من أعلى الأيمان إلى الخنصر و يخرجون حتى بايع فتى في آخر الناس من أولاد الأنصار، فصفق يمينيه من الخنصر إلى أعلى الإبهام.

فتبسّم الرّضا عليه السّلام، ثمّ قال للمأمون: كلّ من بايعنا يفسخ البيعة من عقدها غير هذا الفتى فإنّه بايعنا بعقدها، قال المأمون: و ما فسخ البيعة من عقدها، قال: عقد البيعة من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام و فسخها من أعلى الإبهام إلي الخنصر فأمر المأمون

ص: 101


1- مناقب آل ابى طالب: 2-399.

بإعادة النّاس إلى البيعة، فقالوا: كيف يستحقّ البيعة و الإمامة و هو لا يعرف عقد البيعة إنّ من علم أولى بهذا ممّن لا يعلم (1).

قال الفقير إلى اللّه تعالى عبد اللّه عليّ بن عيسى أثابه اللّه: و في سنة سبعين و ستّمائة وصل من مشهده الشّريف عليه السّلام أحد قوامه و معه العهد الّذي كتبه المأمون بخطّ يده و بين سطوره و في ظهره بخطّ الإمام عليه السّلام و ما هو مسطور فقبّلت مواقع أقلامه، و سرّحت طرفى رياض كلامه و عددت الوقوف عليه من منن اللّه و إنعامه و نقلته حرفا فحرفا و هو بخطّ لمأمون:

بسم الرحمن الرحيم هذا كتاب كتبه عبد اللّه بن هارون الرّشيد أمير المؤمنين لعليّ بن موسى بن جعفر وليّ عهده.

أمّا بعد، فإنّ اللّه عزّ و جلّ اصطفى الإسلام دينا، و اصطفى له من عباده رسلا، دالّين عليه و هادين إليه يبشّر أوّلهم بآخرهم، و يصدّق تاليهم ماضيهم. حتّى انتهت نبوّة اللّه إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على فترة من الرّسل. و دروس من العلم، و انقطاع من الوحي، و اقتراب من السّاعة، فختم اللّه به النبيّين، و جعله شاهدا لهم، و مهيمنا عليهم.

و أنزل عليه كتابه العزيز الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، بما أحلّ و حرّم و و عد و أوعد، و حذّر و أنذر، و أمر به و نهى عنه، لتكون له الحجّة البالغة على خلقه، ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيي من حىّ عن بيّنة و إنّ اللّه لسميع عليم، فبلّغ عن اللّه رسالته، و دعا إلى سبيله بما أمره به من الحكمة و الموعظة الحسنة و المجادلة بالّتي هي أحسن، ثمّ بالجهاد و الغلظة حتّى قبضه اللّه إليه و اختاره له ما

ص: 102


1- مناقب آل ابى طالب: 2-404.

عنده صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فلمّا انقضت النبوّة و ختم اللّه بمحمد صلّى اللّه عليه و آله الوحى و الرّسالة جعل قوام الدّين و نظام أمر المسلمين بالخلافة و إتمامها و عزّها، و القيام بحقّ اللّه فيها بالطّاعة الّتي بها يقام فرائض اللّه و حدوده و شرايع الإسلام و سننه و يجاهد بها عدوّه.

فعلى خلفاء اللّه طاعته فيما استحفظهم و استرعاهم من دينه و عباده، و على المسلمين طاعة خلفائهم و معاونتهم على إقامة حقّ اللّه و عدله و أمن السبيل و حقن الدّماء و صلاح ذات البين و جمع الألفة، و في خلاف ذلك اضطراب حبل المسلمين و اختلافهم و اختلاف ملّتهم، و قهر دينهم و استعلاء عدوّهم، و تفرّق الكلمة و خسران الدّنيا و الآخرة.

فحقّ على من استخلفه في أرضه، و ائتمنه على خلقه، أن يجهد للّه نفسه و يؤثر ما فيه رضا اللّه و طاعته، و يعتدّ لما اللّه موافقه عليه و مسائله عنه، و يحكم بالعدل، فيما حمّله اللّه و قلّده، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول لنبيه داود عليه السّلام «يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي اَلْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ اَلنّٰاسِ بِالْحَقِّ وَ لاٰ تَتَّبِعِ اَلْهَوىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ إِنَّ اَلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ لَهُمْ عَذٰابٌ شَدِيدٌ بِمٰا نَسُوا يَوْمَ اَلْحِسٰابِ » .

و قال اللّه عزّ و جلّ «فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمّٰا كٰانُوا يَعْمَلُونَ » و بلغنا أنّ عمر بن الخطّاب قال: لو ضاعت سخلة بشاطئ الفرات لتخوّفت أن يسألني اللّه عنها، و أيم اللّه المسئول عن خاصة نفسه الموقوف على عمله فيما بينه و بين اللّه ليعرض على أمر كبير و على خطر عظيم، فكيف بالمسئول عن رعاية الأمّة، و باللّه الثقة و إليه المفزع و الرّغبة في التوفيق و العصمة، و التسديد و الهداية إلى ما فيه ثبوت الحجّة، و الفوز من اللّه بالرّضوان و الرّحمة.

و أنظر الامّة لنفسه، و أنصحهم للّه في دينه و عباده من خلائقه في أرضه من عمل بطاعة اللّه و كتابه، و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله في مدّة أيّامه و بعدها، و أجهد رأيه و نظره

ص: 103

فيمن يولّيه عهده و يختاره لإمامة المسلمين و رعايتهم بعده و ينصبه علما لهم و مفزعا في جمع الفتهم و لمّ شعثهم و حقن دمائهم، و الأمن بإذن اللّه من فرقتهم و فساد ذات بينهم و اختلافهم، و دفع نزع الشيطان و كيده عنهم.

فإنّ اللّه عزّ و جلّ جعل العهد بعد الخلافة من تمام أمر الإسلام، و كماله و عزّه و صلاح أهله، و ألهم خلفاءه من توكيده لمن يختارونه له من بعدهم، عظمت به النّعمة، و شملت فيه العافية، و نقض اللّه بذلك مكر أهل الشقاق و العداوة، و السّعى في الفرقة. و التربّص للفتنة، و لم يزل أمير المؤمنين منذ أفضت إليه الخلافة فاختبر بشاعة مذاقها، و ثقل محملها و شدّة مئونتها، و ما يجب على من تقلّدها، من ارتباط طاعة اللّه و مراقبته فيما حمله منها.

فأنصب بدنه، و أسهر عينه، و أطال فكره، فيما فيه عز الدّين، و قمع المشركين و صلاح الأمة، و نشر العدل، و إقامة الكتاب و السنة، و منعه ذلك من الخفض و الدّعة، و مهنؤ العيش علما بما اللّه سائله عنه، و محبّة أن يلقى اللّه مناصحا له في دينه و عباده، و مختار الولاية عهده و رعاية الأمّة من بعده أفضل من يقدر عليه في ورعه و دينه و علمه.

و أرجاهم للقيام في أمر اللّه و حقه، مناجيا للّه تعالى باستخارة في ذلك و مسألته إلهامه ما فيه رضاه و طاعته في آناء ليله و نهاره، معملا في طلبه و التماسه في أهل بيته من ولد عبد اللّه بن العباس و عليّ بن أبي طالب فكره و نظره، مقتصرا ممّن علم حاله و مذهبه منهم على علمه و بالغا في المسألة عمّن خفي عليه أمره جهده و طاقته حتى استقصى امورهم معرفة، و ابتلى أخبارهم مشاهدة، و استبرى أحوالهم معاينة، و كشف ما عندهم مسائلة.

فكانت خبرته بعد استخارته للّه و اجتهاده نفسه في قضاء حقه في عباده و بلاده في البيتين جميعا: عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب لمّا

ص: 104

رأى فضله البارع، و علمه الناصع و قد استبان له ما لم تزل الأخبار عليه متواطية، و الألسن عليه متّفقة و الكلمة فيه جامعة.

و لمّا لم يزل يعرفه به من الفضل يافعا و ناشئا و حدثا و مكتهلا فعقد له بالعهد و الخلافة من بعده واثقا بخيرة اللّه في ذلك إذ علم اللّه أنّه فعله إيثارا له و للدين، و نظرا للإسلام و المسلمين، و طلبا للسّلامة و ثبات الحقّ «الحجّة» و النجاة في يوم الّذي يقوم النّاس فيه لربّ العالمين.

و دعا أمير المؤمنين ولده و أهل بيته و خاصّته و قوّاده و خدمه، فبايعوا مسرعين مسرورين، عالمين بإيثار أمير المؤمنين طاعة اللّه على الهوى في ولده و غيرهم ممّن هو أشبك منه رحما و أقرب قرابة، و سمّاه الرّضا إذ كان رضا عند أمير المؤمنين فبايعوا معشر أهل بيت أمير المؤمنين و من بالمدينة المحروسة من قوّاده و جنده و عامّة المسلمين لأمير المؤمنين و للرّضا من بعد عليّ بن موسى على اسم اللّه و بركته، و حسن قضائه لدينه و عباده، بيعة مبسوطة إليها أيديكم منشرحة لها صدوركم.

عالمين بما أراد أمير المؤمنين بها، و آثر طاعة اللّه و النّظر لنفسه و لكم فيها شاكرين للّه على ما ألهم أمير المؤمنين من قضاء حقّه في رعايتكم، و حرصه على رشدكم و صلاحكم راجين عائدة ذلك في جمع ألفتكم، و حقن دمائكم و لمّ شعثكم، و سدّ ثغوركم، و قوّة دينكم و وقم عدوّكم، و استقامة اموركم، و سارعوا إلى طاعة اللّه و طاعة أمير المؤمنين فإنه الأمن، إن سارعتم إليه و حمدتم اللّه عليه عرفتم الحظّ فيه إنشاء اللّه، و كتب بيده في يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى و مأتين، صورة ما كان على ظهر العهد بخطّ الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه الفعّال لما يشاء لا معقّب لحكمه، و لا رادّ لقضائه يعلم

ص: 105

خائنة الأعين و ما تخفي الصّدور، و صلاته على نبيّه محمّد خاتم النبيّين و آله الطيّبين الطاهرين.

أقول و أنا عليّ بن موسى الرّضا بن جعفر: إنّ أمير المؤمنين عضّده اللّه بالسّداد و وفّقه للرّشاد، عرف من حقّنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطعت، و آمن نفوسا فزعت، بل أحياها و قد تلفت، و أغناها إذا افتقرت، مبتغيا رضى ربّ العالمين، لا يريد جزاء من غيره، و سيجزى اللّه الشاكرين و لا يضيع أجر المحسنين.

و إنّه جعل إليّ عهده و الإمرة الكبرى إن بقيت بعده، فمن حلّ عقدة أمر اللّه بشدّها و فصم عروة أحبّ اللّه إيثاقها، فقد أباح حريمه و أحلّ محرّمه، إذ كان بذلك زاريا على الإمام، منتهكا حرمة الإسلام، بذلك جرى السّالف، فصبر منه على الفلتات، و لم يعترض بعدها على العزمات، خوفا من شتات الدّين، و اضطراب حبل المسلمين و لقرب أمر الجاهليّة و رصد فرصة تنتهز، و بائقة تبتدر.

و قد جعلت للّه على نفسي إن استرعى في أمر المسلمين و قلّدني خلافته أن أعمل فيهم عامة، و في بني العبّاس خاصّة. بطاعته و طاعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أن لا أسفك دما حرما، و لا أبيح فرجا و لا مالا إلا ما سفكته حدود اللّه، و أباحته فرائض و أن أتخير الكفاة جهدي و طاقتي، و جعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكدا يسألني اللّه عنه، عزّ و جلّ يقول «وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ اَلْعَهْدَ كٰانَ مَسْؤُلاً» .

و إن أحدثت أو غيرت أو بدّلت كنت للغير مستحقّا، و للنّكال متعرّضا، و أعوذ باللّه من سخطه، و إليه أرغب في التّوفيق لطاعته و الحول بيني و بين معصيته في عافيته لي و للمسلمين، و الجامعة و الجفر يدلاّن على ضدّ ذلك، و ما أدرى ما يفعل بي و لا بكم إن الحكم إلا للّه يقضى بالحقّ و هو خير الفاصلين.

لكنّي امتثلت أمير المؤمنين، و آثرت رضاه و اللّه يعصمني و إياه و أشهدت اللّه

ص: 106

على نفسي بذلك و كفى باللّه شهيدا و كتبت بخطي بحضرة أمير المؤمنين أطال اللّه بقاءه و الفضل بن سهل: و سهل بن الفضل، و يحيى بن أكثم، و عبد اللّه بن طاهر، و ثمامة بن أشرس، و بشر بن المعتمر و حمّاد بن النعمان في شهر رمضان سنة إحدى و مأتين.

الشهود على الجانب الأيمن: شهد يحيى بن أكثم على مضمون هذا المكتوب ظهره و بطنه، و هو يسأل اللّه أن يتشرّف أمير المؤمنين و كافّة المسلمين ببركة هذا العهد و الميثاق، و كتب بخطّه في التاريخ المبيّن فيه، عبد اللّه بن طاهر بن الحسين أثبت شهادته فيه بتاريخه، شهد حمّاد بن النعمان، بمضمونه ظهره و بطنه، كتب بيده في تاريخه بشر بن المعتمر، يشهد بمثل. ذلك الشهود على الجانب الأيسر رسم أمير المؤمنين أطال اللّه بقاءه قرأه هذا الصّحيفة الّتي هي صحيفة الميثاق نرجو أن يجوز بها الصراط طهرها و بطنها بحرم سيّدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بين الرّوضة و المنبر على رءوس الأشهاد بمرأى و مسمع من وجوه بني هاشم و ساير الأولياء و الأجناد، بعد استيفاء شروط البيعة عليهم، بما أوجب أمير المؤمنين الحجّة على جميع المسلمين و لتبطل الشبهة الّتي كانت اعترضت آراء الجاهلين، و ما كان اللّه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه و كتب فضل بن سهل بأمر أمير المؤمنين بالتاريخ فيه (1).

قال اليعقوبى: و أشخص المأمون الرّضا عليّ بن موسى بن جعفر عليهم السّلام من المدينة إلى خراسان و كان رسوله إليه رجاء بن أبي الضحاك قرابة الفضل بن سهل، فقدم بغداد ثمّ أخذ به على طريق ماه البصرة حتى صار إلى مرو، و بايع له المأمون بولاية العهد من بعده و كان ذلك يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى و مائتين، و ألبس الناس الأخضر مكان السواد.

ص: 107


1- كشف الغمة: 3-172-179.

و كتب بذلك إلى الآفاق، و أخذت البيعة للرّضا و دعي له على المنابر، و ضربت الدّنانير و الدّراهم باسمه، و لم يبق أحد إلاّ لبس الخضرة إلاّ إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي الهاشميّ ، فإنّه كان عاملا للمأمون على البصرة، فامتنع من لبس الخضرة، و قال: هذا نقض للّه و له، و أظهر الخلع، فوجّه إليه المأمون عيسى بن يزيد الجلوديّ ، فلما أشرف على البصرة هرب إسماعيل من غير حرب و لا قتال.

و دخل الجلوديّ البصرة فأقام بها، و صار إسماعيل الى الحسن بن سهل فحبسه و كتب في أمره إلى المأمون، فكتب بحمله إلى مرو، فحمل فلمّا صار بالقرب من مرو أمر المأمون أن يردّ إلى جرجان فليحبس بها فأقام بجرجان محبوسا ممنوعا منه ثم رضي عنه بعد حين.

و وجّه ببيعة الرّضا عليه السّلام مع عيسى الجلوديّ إلى مكّة، و إبراهيم بن موسى ابن جعفر بها مقيم، و قد استقامت له غير أنه يدعو إلى المأمون، فقدّم الجلوديّ و معه الخضرة و بيعة الرّضا، فخرج إبراهيم فتلقّاه و بايع الناس الرّضا بمكّة و لبسوا الأخضر (1).

قال العطاردى: قد ذكرنا في باب إشخاصه عليه السّلام من المدينة إلى خراسان أنّ الإمام الرّضا صلوات اللّه عليه لم يدخل بغداد، و إنما رحل عن القادسية من طريق النباج إلى البصرة و لم يدخل الكوفة و لا بغداد، و تفرّد بهذا القول اليعقوبي و لم يقل به أحد من المؤرخين و المحدثين و أصحاب التراجم. و اللّه أعلم.

قال الطبرى في حوادث سنة مائتين: و في هذه السّنة وجّه المأمون رجاء بن أبي الضحاك و فرناس الخادم لإشخاص عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد، و محمّد بن جعفر.

و قال في حوادث سنة إحدى و مائتين: و في هذه السّنة جعل المأمون عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وليّ عهد المسلمين و الخليفة من

ص: 108


1- تاريخ اليعقوبى: 3-183.

بعده، و سمّاه الرّضا من آل محمّد عليهم السّلام و أمر جنده بطرح السّواد و لبس ثياب الخضرة و كتب بذلك إلى الآفاق.

قال: إنّ عيسى بن محمّد بن خالد، بينما هو فيما هو فيه من عرض أصحابه بعد منصرفه من عسكره إلى بغداد، أن ورد عليه كتاب من الحسن بن سهل يعلمه أنّ أمير المؤمنين المأمون قد جعل عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد وليّ عهده من بعده، و ذلك إنّه نظر في بني العبّاس و بني عليّ فلم يجد أحدا هو أفضل و لا أورع و لا أعلم منه. و أنه سمّاه الرّضا من آل محمّد، و أمره بطرح لبس الثياب السود، و لبس ثياب الخضرة.

و ذلك يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى و مائتين، و يأمره أن يأمر من قبله من أصحابه و الجند و القوّاد، و بني هاشم بالبيعة له، و أن يأخذهم بلبس الخضرة في أقبيتهم و قلانسهم و أعلامهم، و يأخذ أهل بغداد جميعا بذلك، فلمّا أتى عيسى الخبر دعا أهل بغداد إلى ذلك على أن يعجّل لهم رزق شهر و الباقي إذا أدرك الغلة.

فقال بعضهم: نبايع و نلبس الخضرة، و قال بعضهم: لا نبايع و لا نلبس الخضرة و لا نخرج هذا الأمر من ولد العبّاس و إنّما هذا دسيس من الفضل بن سهل فمكثوا بذلك أيّاما و غضب ولد العبّاس من ذلك، و اجتمع بعضهم إلى بعض، و تكلّموا فيه، و قالوا: نولّي بعضنا و نخلع المأمون، و كان المتكلّم في هذا و المختلف فيه و المتقلّد له إبراهيم و منصور ابنا المهديّ (1).

قال ابن الاثير: جعل المأمون عليّ بن موسى الرّضا بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السّلام وليّ عهد المسلمين و الخليفة من بعده، و لقّبه الرّضا من آل محمّد عليهم السّلام و أمر جنده بطرح السّواد و لبس الثياب الخضرة و كتب بذلك إلى الآفاق و كتب

ص: 109


1- تاريخ الطبرى: 11-1012.

الحسن بن سهل إلى عيسى بن محمّد بن أبي خالد بعد عوده إلى بغداد، يعلمه أنّ المأمون قد جعل عليّ بن موسى وليّ عهده من بعده، و ذلك أنه نظر في بني عليّ فلم يجد أحدا أفضل و لا أورع و لا أعلم منه و أنه سمّاه الرّضا من آل محمّد عليهم السّلام.

و أمر بطرح السّواد و لبس الخضرة، و ذا للّيلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى و مائتين، و أمر محمّدا أن يأمر من عنده من أصحابه و الجند و القوّاد و بنى هاشم بالبيعة له و لبس الخضرة و يأخذ أهل بغداد جميعا بذلك، فدعاهم محمّد إلى ذلك فأجاب بعضهم و امتنع بعضهم و قال: لا تخرج الخلافة من ولد العبّاس، و إنّما هذا من الفضل بن سهل فمكثوا كذلك أيّاما تكلّم بعضهم و قالوا: نولّي بعضنا، و نخلع المأمون، فكان أشدّهم فيه منصور و إبراهيم ابنا المهدي (1).

ثمّ قال: إنّ عليّ بن موسى الرّضا أخبر المأمون بما النّاس فيه من الفتنة و القتال مذ قتل الأمين، و بما كان الفضل بن سهل يستر عنه من أخبار، و إنّ أهل بيته و النّاس قد نقموا عليه أشياء، و إنّهم يقولون: مسحور مجنون و إنّهم قد بايعوا إبراهيم بن المهديّ بالخلافة:

فقال له المأمون: لم يبايعوه بالخلافة إنّما صيروه أميرا يقوم بأمرهم على ما أخبر به الفضل، فأعلمه أنّ الفضل قد كذّبه و أنّ الحرب قائمة بين الحسن بن سهل و إبراهيم و النّاس ينقمون عليك مكانه و مكان أخيه الفضل، و مكاني و مكان بيعتك لي من بعدك فقال: و من يعلم هذا؟ قال: يحيى بن معاذ و عبد العزيز بن عمران و غيرهما من وجوه العسكر.

فأمر بإدخالهم فدخلوا فسألهم مما أخبره به عليّ بن موسى و لم يخبروه حتى يجعل لهم الأمان من الفضل أن لا يتعرض إليهم، فضمن لهم ذلك و كتب لهم خطّه به، فأخبروه بالبيعة لإبراهيم بن المهديّ ، و أنّ أهل بغداد سموه الخليفة السنيّ ، و أنّهم

ص: 110


1- كامل التواريخ: 5-183.

يتّهمون المأمون بالرّفض لمكان عليّ بن موسى منه، و أعلموه بما فيه الناس، و بما موّه عليه الفضل من أمر هرثمة و إنّما هرثمة جاءه لينصحه فقتله الفضل، و إن لم يتدارك أمره و إلاّ فخرجت الخلافة من يده.

إنّ طاهر بن الحسين قد أبلى في طاعته ما يعلمه، فأخرج من الأمر كلّه و جعل في زاوية من الأرض بالرقة لا يستعان به في شيء حتّى ضعف أمره و شغب عليه جنده و أنّه لو كان ببغداد لضبط الملك، و إنّ الدّنيا قد تفتّقت من أقطارها، و سألوا المأمون الخروج إلى بغداد، فإنّ أهلها لو رأوك لأطاعوك، فلما تحقق ذلك أمر بالرّحيل، فعلم الفضل بالحال فبغتهم حتى ضرب بعضهم و حبس بعضهم، و نتف لحى بعضهم، فقال عليّ بن موسى للمأمون في أمرهم فقال: أنا أداري (1).

قال شهاب الدين النويرى: قيل اتى المامون برجل يريد أن يقتله و علي ابن موسى الرّضا جالس، فقال: ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال: أقول: إنّ اللّه تعالى لا يزيدك بحسن العفو الاّ عزّا، فعفا عنه، و كان المأمون مؤثّرا للعفو كأنّه غريزة له، و هو الّذي يقول: لقد حبّب إلى العفو حتى أني أظنّ أني لا اثاب عليه و احضر إلى المأمون رجل قد أذنب فقال له المأمون: أنت الذي فعلت كذا و كذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين أنا الّذي أسرف على نفسه، و اتكل على عفوك فعفا عنه (2).

قال السيوطى: و في سنة إحدى و مائتين خلع المأمون أخاه المؤتمن من العهد و جعل وليّ العهد من بعده عليّ الرّضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، حمله على ذلك إفراطه في التشيّع حتى قيل: إنه همّ أن يخلع نفسه و يفوّض الأمر إليه، و هو الّذي لقبه الرّضا و ضرب الدّراهم باسمه، و زوّجه ابنته، و كتب إلى الآفاق بذلك، و أمر بترك السواد و لبس الخضرة، فاشتدّ ذلك على بني العباس جدّا،

ص: 111


1- كامل التواريخ: 5-191 و تاريخ الطبرى: 11-1025.
2- نهاية الارب: 6-60.

و خرجوا عليه و بايعوا إبراهيم بن المهديّ و لقّب المبارك.

فجهّز المأمون لقتاله، و جرت أمور و حروب، و سار المأمون إلى نحو العراق فلم ينشب على الرّضا أن مات في سنة ثلاث، فكتب المأمون: إلى أهل بغداد يعلمهم أنّهم ما نقموا عليه إلاّ بيعته لعليّ و قد مات، فردّوا جوابه أغلظ جواب، فسار المأمون و بلغ إبراهيم بن المهديّ تسلّل الناس من عهده، فاختفى في ذي الحجّة، فكانت أيامه سنتين إلاّ أياما و بقي في اختفائه مدّة ثمان سنين، و وصل المأمون بغداد في صفر سنة أربع، فكلّمه العبّاسيون و غيرهم في العود إلى لبس السّواد و ترك الخضرة، فتوقّف ثم أجاب إلى ذلك.

و أسند الصولي: إنّ بعض آل بيته قالت: إنّك على برّ أولاد عليّ بن أبي طالب و الأمر فيك أقدر منك على برّهم و الأمر فيهم، فقال: إنّما فعلت ما فعلت، لأنّ أبا بكر لمّا ولي لم يولّ أحدا من بني هاشم شيئا، ثمّ عمر، ثمّ عثمان كذلك، ثمّ ولي عليّ ، فولّى عبد اللّه بن عبّاس البصرة، و عبيد اللّه اليمن، و معبدا مكّة، و قثم البحرين، و ما ترك أحدا منهم حتّى ولاّه شيئا، فكانت هذه [منّة] في أعناقها حتّى كافأته في ولده بما فعلت (1).

قال ابن الجوزى: حكى الصوليّ : أنّ المأمون لمّا بايع عليّ بن موسى أجلسه إلى جانبه، فقام العبّاسي الخطيب، فتكلّم، فأحسن فأنشد:

لا بدّ للناس من شمس و من قمر *** فأنت شمس و هذا ذلك القمر

قال علماء السير: فلمّا فعل المأمون ذلك شغبت بنو العبّاس ببغداد عليه و خلعوه من الخلافة، و ولّوا إبراهيم بن المهديّ و المأمون بمرو، و تفرّقت قلوب شيعة بني العباس عنه، فقال له عليّ بن موسى: يا أمير المؤمنين النّصح لك واجب و الغشّ لا يحلّ لمؤمن، إنّ العامّة تكره ما فعلت منى، و الخاصّة تكره الفضل بن سهل،

ص: 112


1- تاريخ الخلفاء. 307.

فالرّأى أن تنحينا عنك حتى يستقيم لك الخاصّة و العامّة فيستقيم أمرك، ثمّ أتى بغداد فدخلها في صفر سنة أربع و مائتين، و لباسه و لباس أصحابه جميعا الخضرة و كذا أعلامهم، و كان قد بعث المأمون الحسن بن سهل إلى بغداد فهزمهم و اختفى إبراهيم بن المهديّ و نزل المأمون بقصر الرّصافة.

قال الصولى: فاجتمع بنو العبّاس إلى زينب بنت سليمان بن عليّ بن عبد اللّه ابن عبّاس، و كانت في القعدد و السؤدد، مثل المنصور. فسألوها أن تدخل على المأمون و تسأله الرّجوع إلى لبس السواد و ترك الخضرة و الإضراب مثل ما كان عليه لأنّه عزم بعد موت عليّ بن موسى أن يعهد إلى محمّد بن عليّ بن موسى الرّضا، و إنما منعه من ذلك شغب بني العباس عليه، لأنّه كان قد أصرّ على ذلك حتى دخلت عليه زينب.

فلمّا دخلت عليه قام و رحّب بها و أكرمها، فقالت له: يا أمير المؤمنين إنّك على برّ أهلك من ولد أبي طالب، و الأمر في يدك أقدر منك على برّهم و الأمر في يد غيرك، أو في أيديهم فدع لباس الخضرة و عد إلى لباس أهلك، و لا تطمعنّ أحدا فيما كان منك، فعجب المأمون كلامها، و قال لها و اللّه يا عمّة ما كلّمني أحد بكلام أوقع من كلامك في قلبي، و لا أقصد لما أردت و أنا أحاكمهم إلى عقلك.

فقالت: و ما ذاك ؟ فقال: أ لست تعلمي أنّ أبا بكر ولي الخلافة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فلم يولّ أحدا من بنى هاشم شيئا قالت: بلى، قال: ثمّ ولي عمر فكان كذلك، ثم ولي عثمان فأقبل على أهله من بني عبد الشمس فولاّهم الأمصار و لم يولّ أحدا من بني هاشم، ثم ولي عليّ عليه السّلام فأقبل علي بني هاشم فولّى عبد اللّه بن عبّاس البصرة، و عبيد اللّه اليمن، و ولى معبدا مكّة، و ولى قثم بن العباس البحرين، و ما ترك أحدا ممّن ينتمي إلى العباس إلاّ ولاّه، فكانت له هذه في أعناقنا فكا فأته في ولده بما فعلت.

ص: 113

قالت: للّه درّك يا بنيّ ، و لكنّ المصلحة لبني عمّك من ولد أبي طالب ما قلت لك، فقال: ما يكون إلاّ ما تحبّون، ثم فكّر في أمره و ولاية محمّد بن عليّ العهد، فرأى أنّ القواعد تنخرم عليه، و ربّما خرج الأمر من يد بنى العبّاس و بنى عليّ لسبب الاختلاف، و إنّ في الأرض بقايا من بني امية، فربّما وجدوا الفرصة في تفريق الكلمة، و إثارة الفتنة، فجلس لبنى العباس و جمعهم و دعى بحلّة سوداء فلبسها و ترك الخضرة، و لبس النّاس كذلك، فلم تلبس الخضرة ببغداد سوى ثمانية أيام. (1)

قال الحافظ القندزى: (2) ذكر ابن مسكويه صاحب التّاريخ في كتابه نديم الفريد: إنّ المأمون كتب الى بنى العبّاس و لفظه: فقد عرف أمير المؤمنين كتابكم أمّا بعد إنّ اللّه تعالى بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله على فترة من الرّسل، و كان أوّل من آمن به خديجة بنت خويلد، ثمّ آمن به عليّ بن أبى طالب و له سبع سنين لم يكفر باللّه شيئا و لم يشاكل الجاهليّة في جهالاتهم، و أبوه أبو طالب فإنه كفل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أحبّه و رباه، و لم يزل مدافعا عنه ما يؤذيه و مانعا منه.

فلمّا قبض حكم بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله القوم ليقتلوه، فهاجر إلى المدينة القوم الأنصار، و لم يقم معه صلّى اللّه عليه و آله أحد كقيام عليّ بن أبى طالب، فإنّه وقاه بنفسه. و نام في مضجعه، و لا يولّى على جيش إلا تأمر على الجيش، و لا تأمر عليه أحدا، و هو أشدّهم وطأة على المشركين، و أعظمهم جهادا في اللّه، و أفقههم في دين اللّه، و هو صاحب الولاية في حديث غدير خمّ و فاتح خيبر و قاتل عمرو بن عبد ودّ.

و أخو النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين آخى بين المسلمين و هو صاحب الآية «وَ يُطْعِمُونَ اَلطَّعٰامَ عَلىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً» هو ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما كفّله

ص: 114


1- تذكرة الخواص: 200
2- قندز معرب «كهن دژ» بلد بطخارستان بين بلخ و بدخشان بينه و بين نهر جيحون نحو فرسخين و قد وردته عام 1387 و أقمت به أياما.

و رباه، و هو نفس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم المباهلة، و إنّ اللّه تعالى قال «أَ جَعَلْتُمْ سِقٰايَةَ اَلْحٰاجِّ وَ عِمٰارَةَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ جٰاهَدَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ لاٰ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اَللّٰهِ » و اللّه جمع المناقب و الآيات المادحة فيه.

ثمّ نحن و بنو عليّ كنّا يدا واحدة حتّى قضى اللّه الأمر إلينا ضيّقنا عليهم و قتلناهم أكثر من قتل بنى امية إيّاهم، هيهات إنّه من يعمل مثقال ذرّة شرّا يره هيهات ما لكم إلا السّيف، يأتيكم الحسيني الثائر فيحصدكم حصدا، و يحصدا السفياني المرغم القائم المهديّ يحقن دمائكم، و أنا أردت البيعة لعليّ بن موسى الرضا إرادة أن أكون الحاقن لدمائكم باستدامة المودّة بيننا و بينهم، و أرجو بها قطع الصّراط و الأمن و النّجاة من الخوف يوم الفزع الأكبر.

و لا أظنّ عملا أزكى عندي من البيعة لعليّ الرّضا، و قولكم إنّي سفّهت آبائكم، و أحلام أسلافكم فكذلك قال مشركوا قريش: «إِنّٰا وَجَدْنٰا آبٰاءَنٰا عَلىٰ أُمَّةٍ وَ إِنّٰا عَلىٰ آثٰارِهِمْ مُقْتَدُونَ » ويلكم إنّ الدّين لا يؤخذ من الآباء و إنّما يؤخذ من الأمناء، و لعمري فمجوسيّ أسلم خير من مسلم ارتدّ، و لا قوّة لأمير المؤمنين إلاّ باللّه و عليه توكلت و هو حسبي. (1)

قال المسعودى: و كان من أمر المأمون و إظهاره التشيّع و مناظرته للناس و دعوته إلى هذا الدّين القيّم ما رواه النّاس و ما عزم عليه من نقل الأمر إلى الرّضا ثم كتب إليه بذلك و سأله القدوم إليه ليعقد له الأمر فامتنع عليه ثمّ كاتبه في الخروج و أقسم عليه.

قال: فروي أنّ المأمون استقبله، و أعظمه و أكرمه، و أظهر فضله و إجلاله و ناظر فيما عزم عليه في أمره، فقال له: إنّ هذا أمر ليس بكائن فينا، إلا أن يملك أكثر من عشرين رجلا بعد خروج السفيانيّ ، فألحّ عليه فامتنع، ثمّ أقسم فأبرّ قسمه بأن

ص: 115


1- ينابيع المودة، 580

يعقد له الأمر بعده و جلس مع المأمون للبيعة. (1)

قال كمال الدين بن طلحة: قد تقدّم القول في أمير المؤمنين علي و زين العابدين و جاء هذا عليّ الرضا ثالثها، و من أمعن النظر و الفكرة وجد في الحقيقة وارثها فيحكم كونه ثالث العليّين، نما إيمانه، و علا شأنه و ارتفع مكانه، و اتّسع إمكانه، و كثر أعوانه، و ظهر برهانه، حتّى أحلّه الخليفة المأمون محلّ مهجته، و أشركه في مملكته و فوّض إليه أمر خلافته، و عقد عليه على رءوس الأشهاد عقد نكاح ابنته.

كانت مناقبه عليّة، و صفاته سنيّة، و مكارمه حاتمية نبوية، و شنشنته أخزميّة و أخلاقه عربيّة، و نفسه الشّريفة هاشميّة، و ارومته الكريمة، فمهما عدّ من مزاياه كان عليه السّلام أعظم منه، و مهما فصل من مناقبه كان أعلا رتبة منه، و أمّا مناقبه و صفاته فما خصّه اللّه تعالى به و يشهد له بعلوّ قدره و سموّ شأنه و هو أنّه لمّا جعله الخليفة المأمون وليّ عهده، و أقامه خليفة من بعده كان في حاشية المأمون أناس كرهوا ذلك و خافوا خروج الخلافة عن بني العباس و عودها إلى بني فاطمة، فحصل عندهم من الرّضا نفورا وافرا (2).

قال خليفة بن خيّاط في حوادث سنة إحدى و مائتين: فيها بايع المامون لعليّ بن موسى بن جعفر بالخلافة من بعده، و خلع القاسم بن هارون، و أمر بالسّواد فالقي و لبست الخضرة، و فيها أخرج الحسن بن سهل من بغداد و بويع إبراهيم بن المهدي و أمّه شكلة ببغداد، و اخذت له الكوفة و عامّة السواد (3)

قال ابن كثير: و فيها بايع المأمون لعليّ الرّضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق بن محمّد بن عليّ بن الحسين الشهيد بن عليّ بن أبي طالب أن يكون ولي العهد من بعده

ص: 116


1- اثبات الوصية: 204-205.
2- مطالب السئول: 85
3- تاريخ خليفة بن خياط: 2-508

و سماه الرّضا من آل محمّد، و طرح لبس السّواد، و أمر بلبس الخضرة، فلبسها هو و جنده، و كتب بذلك إلى الآفاق و الأقاليم، و كانت مبايعته له يوم الثّلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى و مائتين، و ذلك أنّ المأمون رأى أنّ عليّا الرّضا خير أهل البيت، و ليس في بني العبّاس مثله في عمله و دينه، فجعله وليّ عهده. (1)

قال المسعودى: و وصل إلى المأمون أبو الحسن عليّ بن موسى الرّضا و هو بمدينة مرو، فأنزله المأمون أحسن إنزال و أمر المأمون بجميع خواصّ الأولياء و أخبرهم أنّه نظر في ولد العبّاس و ولد عليّ رضي اللّه عنهم، فلم يجد في وقته أحدا أفضل و لا أحقّ بالأمر من عليّ بن موسى الرّضا، فبايع له بولاية العهد و ضرب اسمه على الدّنانير و الدّراهم، و زوّج محمّد بن عليّ بن موسى الرّضا بابنته أمّ الفضل. و أمر بإزالة السّواد من اللباس و الأعلام و أظهر بدلا من ذلك الخضرة في اللباس و الأعلام و غير ذلك. (2)

قال ابن حجر: عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الهاشمي أبو الحسن الرضا روى عن أبيه و عبيد اللّه بن أرطاة ابن المنذر، روى عنه ابنه و أبو عثمان المازني النحوي و عليّ بن عليّ الدعبلي و أيّوب بن منصور النيسابوري و ابو الصّلت عبد السلام بن صالح الهروي و المأمون بن الرّشيد و علي بن مهدي بن صدقة، له عنه نسخة و أبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف الغازى القزوينى له عنه نسخة، و عامر بن سليمان الطائي له عنه نسخة كبيرة و أبو جعفر محمّد بن محمّد بن حبّان التمّار و آخرون.

قال أبو الحسن يحيى بن جعفر النسّابة العلويّ عقد له المأمون وليّ عهد و لبس

ص: 117


1- البداية و النهاية: 10-247
2- مروج الذهب: 3-441

النّاس الخضرة في أيامه

و قال المبرّد عن أبي عثمان المازني: سئل عليّ بن موسى الرّضا: يكلّف اللّه العباد ما لا يطيقون ؟ قال: هو أعدل من ذلك، قال: يستطيعون أن يفعلوا ما يريدون ؟ قال: هم أعجز من ذلك قيل: إنّه مات في حدود سنة ثلاث و مائتين له عنده حديث في عبد السلام بن صالح.

قلت: قال خليفة بن خيّاط و الحسن بن عليّ بن بحر في آخر صفر سنة ثلاث

و قال الحاكم في تاريخ نيسابور: أشخصه المأمون من المدينة إلى البصرة ثم إلى الأهواز ثمّ إلى فارس ثمّ إلى نيسابور إلى أن أخرجه إلى مرو و كان ما كان - يعني من قصة استخلافه.

قال: و سمع عليّ بن موسى أباه و عمومته إسماعيل و عبد اللّه و إسحاق و عليّ بن جعفر و عبد الرحمن بن أبى الموالي و غيرهم من أهل الحجاز و كان يفتي في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو ابن نيّف و عشرين سنة، روى عنه من أئمة الحديث آدم بن أبى أياس و نصر بن عليّ الجهضمي و محمّد بن رافع القشيري و غيرهم، استشهد عليّ بن موسى بسناباد من طوس... (1) بقين من شهر رمضان ليلة الجمعة من سنة ثلاث و مائتين و هو ابن تسعة و أربعين سنة و ستة أشهر ثم حكى من طريق آخر أنّه مات في صفر.

قال: و سمعت أبا بكر محمّد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول: خرجنا مع إمام أهل الحديث أبى بكر بن خزيمة و عديله أبي عليّ الثقفيّ مع جماعة من مشايخنا و هم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر عليّ بن موسى الرضا بطوس، قال:

فرأيت من تعظيمه - يعني ابن خزيمة - لتلك البقعة و تواضعه لها و تضرّعه عندها ما تحيرنا. (2)

ص: 118


1- كذا بياض فى الاصل.
2- تهذيب التهذيب: 7-387

قال الشيخ أبو زكريا الموصلي: قدم عليّ بن موسى على المأمون بمرو، فقال:

نظرت في بني العباس و بني عليّ ، فلم أجد أفضل من عليّ بن موسى، فعقد له بولاية العهد من بعده، و سمّاه الرّضا، و ألبس النّاس الخضر، و طرح السّواد، و أعطى الجند رزق سنة، و ذلك في شهر رمضان من سنة إحدى و مائتين (1).

قال ابن الورديّ : جعل المأمون عليّ الرضا بن موسى الكاظم ولي عهد المسلمين و الخليفة بعده: و لقّبه الرّضا، و طرح السواد و استعمل الخضرة (2).

قال ابن خلكان: أبو الحسن عليّ الرّضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق ابن محمّد الباقر بن علي زين العابدين، و هو أحد الأئمّة الاثنا عشر على اعتقاد الإماميّة و كان المأمون قد زوّجه ابنته أمّ حبيبة و جعله وليّ عهده، و ضرب اسمه على الدّينار و الدّرهم، و كان السبب في ذلك أنّه استحضر أولاد العباس الرّجال منهم و النساء و كان بمدينة مرو، و كان عددهم ثلاثة و ثلاثين ألفا ما بين الكبار و الصّغار.

و استدعى عليا المذكور فأنزله أحسن منزلة، و جمع خواصّ الأولياء، و أخبرهم أنّه نظر في أولاد العبّاس و أولاد عليّ بن أبي طالب، فلم يجد في وقته أحدا أفضل و لا أحقّ بالأمر من عليّ الرّضا، فبايعه و أمر بإزالة السواد من اللّباس و الأعلام و ذلك يوم الخميس لخمس خلون من المحرّم سنة اثنتين و قيل سنة ثلاث و مائتين (3).

قال ابن تغرى بردي: جعل المأمون وليّ عهده في الخلافة من بعده عليّا الرضا ابن موسى الكاظم العلويّ ، و خلع أخاه القاسم من ولاية العهد، و ترك لبس السّواد و لبس الخضرة، و ترك غالب شعار بني العباس أجداده، و مال إلى العلويّة، فشقّ ذلك على بني العباس و على القوّاد (4).

ص: 119


1- تاريخ الموصل: 341.
2- تاريخ ابن الوردى: 1-318.
3- وفيات الاعيان: 2-432.
4- النجوم الزاهرة: 2-169.

قال ابن الطقطقي: كان المأمون قد فكّر في حال الخلافة بعده، و أراد أن يجعلها في رجل يصلح لها لتبرأ ذمّته - كذا زعم - فذكر أنّه اعتبر أحوال أعيان البيتين، البيت العباسيّ و البيت العلوي، فلم ير فيها أصلح و لا أفضل، و لا أورع، و لا أدين من عليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام، فعهد إليه و كتب بذلك كتابا بخطه و ألزم الرّضا عليه السلام بذلك، فامتنع ثمّ أجاب، و وضع خطّه في ظاهر كتاب المأمون بما معناه أنّي قد أجبت امتثالا للأمر، و إن كان الجفر و الجامعة يدلاّن على ضدّ ذلك، و شهد عليهما بذلك الشهود.

و كان الفضل بن سهل وزير المأمون هو القائم بهذا الأمر و المحسّن له، فبايع الناس لعليّ بن موسى الرّضا من بعد المأمون و سمّي الرضا من آل محمّد صلوات اللّه عليه، و أمر المأمون الناس بخلع لباس السواد و لبس الخضرة، و كان هذا في خراسان فلما سمع العبّاسيون ببغداد فعل المأمون، من نقل الخلافة عن البيت العباسيّ إلى البيت العلويّ ، و تغيير لباس آبائه و أجداده بلباس الخضرة، أنكروا ذلك و خلعوا المأمون من الخلافة غضبا من فعله (1).

قال أبو الفرج: أخبرني عليّ بن الحسين بن عليّ بن حمزة، عن عمّه محمّد بن عليّ بن حمزة العلويّ ، و أخبرني بأشياء منه أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا يحيى بن الحسين العلويّ و جمعت أخبارهم: أنّ المأمون وجّه إلى جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة و فيهم عليّ بن موسى الرّضا، فأخذ بهم على طريق البصرة حتى جاءوه بهم.

و كان المتولّي لإشخاصهم المعروف بالجلودي من أهل خراسان، فقدم بهم على المأمون، فأنزلهم دارا، و أنزل عليّ بن موسى الرّضا دارا، و وجّه إلى الفضل بن سهل فأعلمه أنّه يريد العقد له، و أمره بالاجتماع مع أخيه الحسن بن سهل على

ص: 120


1- الفخرى: 176.

ذلك، و اجتمعا بحضرته، فجعل الحسن يعظم ذلك عليه، و يعرّفه ما في إخراج الأمر من أهله عليه.

فقال له: إنّي عاهدت اللّه أن أخرجها إلى أفضل آل أبي طالب، إن ظفرت بالمخلوع، و ما أعلم أحدا أفضل من هذا الرّجل، فاجتمعا معه على ما أراد، فأرسلهما إلى عليّ بن موسى، فعرضا ذلك عليه، فأبى، فلم يزالا به و هو يأبى ذلك و يمتنع منه، إلى أن قال له أحدهما: إن فعلت و إلا فعلنا بك و صنعنا و تهدّداه، ثمّ قال له أحدهما: و اللّه أمرني بضرب عنقك إذا خالفت ما يريد.

ثم دعا به المأمون، فخاطبه في ذلك فامتنع، فقال له قولا شبيها بالتهدّد، ثمّ قال له: إنّ عمر جعل الشورى في ستّة أحدهم جدّك، و قال: من خالف فاضربوا عنقه، و لا بدّ من قبول ذلك، فأجابه عليّ بن موسى إلى ما التمس، ثمّ جلس المأمون في يوم الخميس، و خرج الفضل بن سهل فأعلم النّاس برأي المأمون في عليّ بن موسى و أنه ولاّه عهده، و سمّاه الرضا، و أمرهم بلبس الخضرة، و العود لبيعته في الخميس الآخر، على أن يأخذ و ارزق سنة.

فلمّا كان ذلك اليوم ركب النّاس من القوّاد و القضاة و غيرهم من النّاس في الخضرة، و جلس المأمون و وضع للرّضا وسادتين عظيمتين حتّى لحق بمجلسه و فرشه و أجلس الرّضا عليهما في الخضرة، و عليه عمامة و سيف، ثمّ أمر ابنه العبّاس فبايع له أوّل الناس، فرفع الرّضا يده، فتلقّى بظهرها وجه نفسه و ببطنها وجوههم.

فقال له المأمون: ابسط يدك للبيعة، فقال له: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هكذا كان يبايع، فبايعه الناس و وضعت البدر، و قامت الخطباء و الشّعراء، فجعلوا يذكرون فضل عليّ بن موسى و ما كان من المأمون في أمره، ثمّ دعا أبو عباد بالعبّاس بن المأمون فوثب فدنا من أبيه فقبّل يده و أمره بالجلوس.

ثم نودي محمّد بن جعفر بن محمّد، فقال له الفضل بن سهل قم، فقام، فمشى حتى

ص: 121

قرب من المأمون و لم يقبّل يده، ثمّ مضى، فأخذ جائزته، و ناداه المأمون ارجع يا أبا جعفر إلى مجلسك، فرجع، ثمّ جعل أبو عباد يدعو بعلويّ و عبّاسيّ ، فيقبضان جوائزهما حتّى نفدت الأموال، ثمّ قال المأمون للرّضا: قم فاخطب الناس و تكلّم فيهم، فقال بعد حمد اللّه و الثناء عليه:

إنّ لنا عليكم حقا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لكم علينا حقّ به، فإذا أدّيتم إلينا ذلك وجب علينا الحقّ لكم، و لم يذكر عنه غير هذا في ذلك المجلس، و أمر المأمون فضربت له الدّرهم و طبع عليها اسمه، و خطب للرّضا عليه السّلام في كلّ بلد بولاية العهد و قال عبد الجبار بن سعيد في تلك السنة على منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الدعاء له: اللهم و أصلح وليّ عهد المسلمين عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ عليهم السّلام:

ستّة آباءهم ما هم *** هم خير من يشرب صوب الغمام(1)

قال اليافعي: الإمام الجليل المعظّم سلالة السّادة الأكارم أبو الحسن عليّ بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن زين العابدين عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أحد الأئمة الاثنى عشر، أولي المناقب الّذين انتسبت الإمامية إليهم و قصروا بناء مذهبهم عليه، و كان المأمون قد زوّجه ابنته أمّ حبيبة، و جعله وليّ عهده و ضرب اسمه على الدّينار و الدّرهم، و كان السّبب في ذلك أنه استحضر أولاد العبّاس الرّجال منهم و النّساء و هو بمدينة مرو من بلاد خراسان.

و كان عددهم ثلاثة و ثلاثين ألفا ما بين كبير و صغير، و استدعى عليا المذكور، فأنزله أحسن منزل و جمع خواصّ الأولياء و أخبرهم أنّه نظر في أولاد العبّاس، و أولاد عليّ بن أبي طالب، فلم يجد أحدا في وقته أفضل و لا أحقّ بالخلافة من عليّ الرضا فبايعه (2).

ص: 122


1- مقاتل الطالبيين: 375.
2- مرآت الجنان: 2-11.

قال ابن عماد الحنبلي: عليّ بن موسى الرّضا الإمام أبو الحسن الحسيني له مشهد كبير بطوس يزار، روى عن أبيه موسى الكاظم، عن جدّه جعفر بن محمّد الصادق و هو أحد الأئمة الاثنى عشر، في اعتقاد الإماميّة، ولد بالمدينة سنة ثلاث و خمسين و مائة، و مات بطوس و صلّى عليه المأمون و دفنه بجنب أبيه الرشيد و كان موته بالحمة و قيل بالسّم (1).

ص: 123


1- شذرات الذهب: 2-2 و 6.

باب شهادته و مدة عمره

الصّدوق قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه الورّاق و الحسين بن إبراهيم بن - أحمد بن هشام المؤدّب و حمزة بن محمّد بن أحمد العلويّ و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنهم قالوا أخبرنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن عبد السلم بن صالح الهرويّ .

و حدّثنا أبو محمّد جعفر بن نعيم بن شاذان - رضي اللّه - عنه عن أحمد بن إدريس عن إبراهيم بن هاشم عن عبد السّلم بن صالح الهرويّ ، قال: رفع إلى المأمون أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى عليه السّلام يعقد مجالس الكلام و النّاس يفتنون بعلمه، فأمر محمّد بن عمرو الطوسىّ صاحب المأمون فطرد النّاس عن مجلسه و أحضره فلما نظر إليه المأمون زبره و استخفّ به.

فخرج أبو الحسن عليه السّلام من عنده مغضبا و هو يدمدم بشفتيه و يقول و حقّ المصطفى و المرتضى و سيّدة النساء لاستنزلنّ من حول اللّه عزّ و جلّ بدعائي عليه ما يكون سببا لطرد كلاب أهل هذه الكورة إياه و استخفافهم به و بخاصّته و عامّته، ثمّ إنّه عليه السّلام انصرف إلى مركزه و استحضر الميضاة و توضّأ و صلّى ركعتين و قنت في الثانية.

فقال: اللهم يا ذا القدرة الجامعة و الرّحمة الواسعة و المنن المتتابعة و الآلاء المتوالية و الأيادي الجميلة و المواهب الجزيلة، يا من لا يوصف بتمثيل و لا يمثّل بنظير، و لا يغلب بظهير، يا من خلق فرزق، و ألهم فأنطق، و ابتدع فشرع، و علا فارتفع

ص: 124

و قدّر فأحسن، و صوّر فأتقن، و احتجّ فأبلغ، و أنعم فأسبغ و أعطى فأجزل.

يا من سما في العزّ ففات خواطف الأبصار و دنا في اللّطف فجاز هواجس الأفكار يا من تفرّد بالملك فلا ندّ له في ملكوت سلطانه و توحّد بالكبرياء، فلا ضدّ له في جبروت شأنه يا من حارت في كبرياء هيبته دقايق لطائف الأوهام، و حسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام يا عالم خطرات قلوب العارفين، و شاهد لحظات أبصار النّاظرين.

يا من عنت الوجوه لهيبته و خضعت الرّقاب لجلالته و وجلت القلوب من خيفته و ارتعدت الفرائص من فرقه، يا بديء يا قويّ يا منيع يا عليّ يا رفيع، صلّ على من شرّفت الصّلاة بالصّلاة عليه و انتقم لي ممّن ظلمني و استخفّ بي و طرد الشيعة عن بابي و أذقه مرارة الذلّ و الهوان كما أذاقنيها و اجعله طريد الأرجاس و شريد الأنجاس.

قال: أبو الصّلت عبد السلم بن صالح الهروي: فما استتمّ مولاى دعاءه حتّى وقعت الرجفة في المدينة و ارتجّ البلد و ارتفعت الزّعقة و الصّيحة و استفحلت النعرة و ثارت الغبرة و هاجت القاعة فلم ازائل مكاني الى أن سلّم مولاى عليه السّلام فقال لي: يا أبا الصّلت اصعد السّطح فإنّك سترى امرأة بغيّة غثّة رثّه مهيّجة الأشرار متّسخة الأطمار يسمّيها أهل هذه الكورة سمانة لغباوتها و تهتّكها و قد اسندت مكان الرّمح إلى نحرها قصبا و قد شدّت وقاية لها حمراء إلى طرفه مكان اللّواء.

فهى تقود جيوش القاعة و تسوق عساكر الطّغام إلى قصر المأمون و منازل قوّاده فصعدت السطح فلم أر الا نفوسا تزعزع بالعصيّ و هامات ترضّح بالأحجار و لقد رأيت المأمون متدرّعا قد برز من قصر شاهجان متوجّها للهرب فما شعرت إلا بشاجرد الحجّام قد رمى من بعض أعالى السطوح بلبنة ثقيلة فضرب بها رأس المأمون فأسقطت بيضته بعد أن شقّت جلد هامته.

ص: 125

فقال لقاذف اللّبنة بعض من عرف المأمون ويلك هذا أمير المؤمنين فسمعت سمانة تقول اسكت لا أمّ لك ليس هذا يوم التميز و المحابات و لا يوم إنزال الناس على طبقاتهم فلو كان هذا أمير المؤمنين لما سلّط ذكور الفجّار على فروج الأبكار و طرد المأمون و جنوده أسوأ طرد بعد إذلال و استخفاف شديد (1).

عنه، قال: حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب و عليّ بن - عبد اللّه الورّاق و أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ - رضي اللّه - عنهم، قالوا: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن محمّد بن سنان. قال: كنت عند مولاي الرّضا عليه السّلام بخراسان و كان المأمون يقعده على يمينه إذا قعد للنّاس يوم الاثنين و يوم الخميس.

فرفع إلى المأمون أنّ رجلا من الصّوفية سرق، فأمر بإحضاره، فلمّا نظر إليه وجده متقشّفا بين عينيه أثر السّجود، فقال له: سوأة سوأة لهذه الآثار الجميلة و لهذا الفعل القبيح انتسبت الى السّرقة مع ما أري من جميل آثارك و ظاهرك ؟! قال: فعلت ذلك اضطرارا لا اختيارا حين منعتني حقّي من الخمس و الفيء فقال المأمون: أيّ حقّ لك في الخمس و الفيء قال: إنّ اللّه تعالى قسّم الخمس ستّة أقسام، و قال اللّه تعالى: وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَلىٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ اَلْفُرْقٰانِ يَوْمَ اِلْتَقَى اَلْجَمْعٰانِ .

و قسّم الفيء على ستّة أقسام فقال اللّه تعالى: «مٰا أَفٰاءَ اَللّٰهُ عَلىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ اَلْقُرىٰ فَلِلّٰهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ كَيْ لاٰ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ اَلْأَغْنِيٰاءِ مِنْكُمْ » قال الصوفي: فمنعتنى حقّى و أنا ابن السّبيل منقطع بي و مسكين لا أرجع على شيء و حملة القرآن.

ص: 126


1- عيون الاخبار: 2-172.

فقال له المأمون: اعطّل حدّا من حدود اللّه و حكما من أحكامه في السارق من أجل أساطيرك هذه ؟ فقال الصوفي: ابدأ بنفسك تطهّرها ثم طهّر غيرك و أقم حدّ اللّه عليها ثمّ على غيرك، فالتفت المأمون إلى أبي الحسن الرّضا عليه السّلام فقال: ما يقول ؟ فقال:

إنّه يقول: سرق فسرق.

فغضب المأمون غضبا شديدا ثم قال للصوفي: و اللّه لأقطعنك، فقال الصوفيّ :

أ تقطعني و أنت عبد لى، فقال المأمون: ويلك و من أين صرت عبدا لك ؟ قال: لأنّ أمّك اشتريت من مال المسلمين فأنت عبد لمن في المشرق و المغرب حتى يعتقوك و أنا لم اعتقك: ثمّ بلّعت الخمس و بعد ذلك فلا أعطيت آل الرّسول حقّا و لا أعطيتني و نظرائى حقّنا، و الأخرى أنّ الخبيث لا يطهّر خبيثا مثله، أنّما يطهّره طاهر، و من في جنبه الحدّ لا يقيم الحدود على غيره حتّى يبدأ بنفسه.

أ ما سمعت اللّه تعالى يقول: «أَ تَأْمُرُونَ اَلنّٰاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ اَلْكِتٰابَ أَ فَلاٰ تَعْقِلُونَ » فالتفت المأمون إلى الرّضا عليه السّلام فقال: ما ترى في أمره ؟ فقال عليه السّلام: إنّ اللّه تعالى قال لمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قُلْ فَلِلّٰهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبٰالِغَةُ و هي الّتي لم تبلغ الجاهل فيعلمها على جهله كما يعلمها العالم بعلمه، و الدّنيا و الآخرة قائمتان بالحجّة و قد احتجّ الرّجل فأمر المأمون عند ذلك بإطلاق الصوفيّ و احتجب عن الناس، و اشتغل بالرّضا عليه السّلام حتّى سمّه فقتله و قد كان قتل الفضل بن سهل و جماعة من الشّيعة (1).

عنه قال: حدّثنا أبو الطيّب الحسين بن أحمد بن محمّد الرازيّ - رضي اللّه - عنه بنيسابور سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة: قال: حدّثنا محمّد بن عليّ ما جيلويه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ ، قال: أخبرني أبي، قال: اخبرني الريّان بن شبيب خال المعتصم أخو ماردة أنّ المأمون لما أراد أن يأخذ البيعة لنفسه بإمرة المؤمنين و لابي الحسن علي بن موسى الرّضا عليه السّلام بولاية العهد و للفضل بن سهل بالوزارة، أمر بثلاثة

ص: 127


1- عيون الاخبار: 237.

كراسيّ فنصبت لهم.

فلمّا قعدوا عليها أذن النّاس فدخلوا يبايعون فكانوا يصفقون بأيمانهم على أيمان الثلاثة من أعلى الإبهام إلى الخنصر و يخرجون حتّى بايع في آخر النّاس فتى من الأنصار فصفق بيمينه من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام؛ فتبسّم أبو الحسن الرّضا عليه السّلام ثمّ قال: كلّ من بايعنا بايع بفسخ البيعة غير هذا الفتى، فإنّه بايعنا بعقدها.

فقال المأمون: و ما فسخ البيعة من عقدها؟ قال أبو الحسن عليه السّلام عقد البيعة هو من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام؛ و فسخها من أعلى الإبهام إلى أعلى الخنصر، قال فماج الناس في ذلك و أمر المأمون بإعادة النّاس إلى البيعة على ما وصفه أبو الحسن عليه السّلام، و قال النّاس كيف يستحقّ الإمامة من لا يعرف عقد البيعة إنّ من علم لأولى بها ممّن لا يعلم، قال فحمله ذلك على ما فعله من سمه (1).

عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشيّ - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن عليّ الأنصاري، قال: سألت أبا الصّلت الهرويّ فقلت له كيف طابت نفس المأمون بقتل الرّضا عليه السّلام مع إكرامه و محبته له و ما جعل له من ولاية العهد بعده ؟! فقال: إنّ المأمون إنما كان يكرمه و يحبّه لمعرفته بفضله و جعل له ولاية العهد من بعده، ليرى النّاس إنه راغب في الدّنيا فيسقط محلّه من نفوسهم، فلمّا لم يظهر منه ذلك للناس إلاّ ما ازداد به فضلا عندهم و محلا في نفوسهم، جلب عليه المتكلمين من البلدان طمعا في أن يقطعه واحد منهم.

فيسقط محله عند العلماء [و بسببهم] يشتهر نقصه عند العامّة فكان لا يكلمه خصم من اليهود و النصارى و المجوس و الصابئين و البراهمة و الملحدين و الدّهرية و لا خصم من فرق المسلمين المخالفين إلا قطعه و ألزمه الحجّة، و كان النّاس يقولون: و اللّه إنه

ص: 128


1- عيون الاخبار: 2-238.

أولى بالخلافة من المأمون، و كان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه فيغتاظ من ذلك و يشتدّ حسده له، و كان الرّضا عليه السّلام لا يحابى المأمون من حقّ و كان يجيبه بما يكسره في أكثر أحواله فيغلظه ذلك و يحقده عليه و لا يظهره له، فلمّا أعيته الحيلة في أمره اغتاله، فقتله بالسمّ (1).

عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ قال:

حدّثنا محمّد بن يحيى الصوليّ ، قال: حدّثني عبيد اللّه بن عبد اللّه، و محمّد بن موسى بن - نصر الرازيّ ، عن أبيه و الحسين بن عمر الأخباريّ ، عن عليّ بن الحسين كاتب بغاء الكبير في آخرين أنّ الرّضا عليه السّلام حمّ فعزم على الفصد.

فركب المأمون و قد كان قال لغلام له: فتّ هذا بيدك الشيء أخرجه من برنية ففتّه في صينية، ثمّ قال: كن معي و لا تغسل يدك و ركب الى الرّضا عليه السّلام، فجلس حتّى فصد بين يديه، و قال عبيد اللّه: بل أخر فصده، و قال المأمون لذلك الغلام: هات من ذلك الرّمان و كان الرّمان في شجرة في بستان دار الرّضا عليه السّلام فقطف منه.

ثمّ قال: اجلس فقتّه منه في جام و أمر بغسله ثمّ قال الرّضا عليه السّلام: مصّ منه شيئا فقال: حتى يخرج أمير المؤمنين، فقال: لا و اللّه إلاّ بحضرتي، و لو لا خوفي أن يرطب معدتي لمصصته معك، فمصّ منه ملاعق و خرج المأمون، فما صلّيت العصر حتّى قام الرّضا عليه السّلام خمسين مجلسا.

فوجّه إليه المأمون و قال: قد علمت أنّ هذه آفة و قتار للفصد الّذي في يدك، و زاد الأمر في اللّيل فأصبح عليه السّلام ميتا، فكان آخر ما تكلّم به: «قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الّذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم، و كان أمر اللّه قدرا مقدورا» و بكّر المأمون من الغد، فأمر بتغسيله و تكفينه و مشى خلف جنازته حافيا حاسرا، يقول: يا أخي لقد ثلم الإسلام بموتك و غلب القدر تقديري فيك و شقّ لحد الرّشيد فدفنه معه

ص: 129


1- عيون الاخبار: 2-239.

فقال: نرجو أنّ اللّه تبارك و تعالى ينفعه بقربه (1).

عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدّثنا ياسر الخادم، قال: لمّا كان بيننا و بين طوس سبعة منازل اعتلّ أبو الحسن عليه السّلام فدخلنا طوس و قد اشتدّت به العلّة فبقينا بطوس أيّاما، فكان المأمون يأتيه في كلّ يوم مرّتين.

فلمّا كان في آخر يومه الّذي قبض فيه كان ضعيفا في ذاك اليوم، فقال لي بعد ما صلّى الظهر: يا ياسر ما أكل النّاس شيئا، قلت يا سيّدي من يأكل هاهنا مع ما أنت فيه، فانتصب عليه السّلام ثمّ قال: هاتوا المائدة و لم يدع من حشمه أحدا إلاّ أقعده معه على المائدة يتفقّد واحدا واحدا.

فلمّا أكلوا، قال: ابعثوا إلى النساء بالطعام، فحمل الطعام إلى النساء فلمّا فرغوا من الأكل اغمي عليه و ضعف فوقعت الصيحة، و جاءت جواري المأمون و نساؤه حافيات حاسرات، و وقعت الوجبة بطوس و جاء المأمون حافيا حاسرا يضرب على رأسه و يقبض على لحيته و يتأسّف و يبكي و تسيل دموعه على خدّيه.

فوقف على الرّضا عليه السّلام و قد أفاق، فقال: يا سيّدي و اللّه ما أدري أي المصيبتين أعظم عليّ؟ فقدي لك و فواتي إيّاك ؟ أو تهمة الناس لي إنّي اغتلتك و قتلتك ؟! قال:

فرفع طرفه إليه، ثمّ قال: أحسن يا أمير المؤمنين معاشرة أبي جعفر عليه السّلام، فإنّ عمرك و عمره هكذا و جمع بين سبّابتيه.

قال: فلمّا كان من تلك اللّيلة قضى عليه بعد ما ذهب من اللّيل بعضه، فلما أصبح اجتمع الخلق، و قالوا: إنّ هذا قتله و اغتاله يعنون المأمون و قالوا: قتل ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أكثر القول و الجلبة، و كان محمّد بن جعفر بن محمّد استأمن إلى المأمون و جاء إلى خراسان و كان عمّ أبي الحسن عليه السّلام.

ص: 130


1- عيون الاخبار: 2-240.

فقال المأمون: يا أبا جعفر اخرج إلى النّاس و أعلمهم أنّ أبا الحسن لا يخرج اليوم و كره أن يخرجه، فتقع الفتنة، فخرج محمّد بن جعفر إلى الناس فقال: أيها الناس تفرّقوا فانّ أبا الحسن عليه السّلام لا يخرج اليوم فتفرّق النّاس و غسل أبو الحسن عليه السّلام في اللّيل و دفن، قال عليّ بن إبراهيم: و حدّثني ياسر بما لم احبّ ذكره في الكتاب

قال المفيد: كان الرّضا عليه السّلام يكثر وعظ المأمون إذا خلا به و يخوّفه باللّه و يقبح ما يرتكبه من خلافه، فكان المأمون يظهر قبول ذلك منه و يبطن كراهته و استثقاله و دخل الرّضا عليه السّلام يوما عليه، فرآه يتوضّأ للصلاة، و الغلام يصبّ على يده، فقال عليه السّلام: لا تشرك يا أمير المؤمنين بعبادة ربّك أحدا، فصرف المأمون الغلام و تولّى تمام وضوئه بنفسه، و زاد ذلك في غيظه و وجده.

و قبض بطوس من أرض خراسان في سفر سنة ثلاث و مائتين و له يومئذ خمس و خمسون سنة، و كانت مدّة خلافته و إمامته و قيامه بعد أبيه عشرين سنة، و أمر المأمون بتغسيله و تكفينه و تحنيطه، و خرج مع جنازته يحملها حتّى انتهى إلى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن، فدفنه و الموضع دار حميد بن قحطبة في قرية يقال له: سناباذ من نوقان بأرض طوس و فيها قبر هارون الرشيد، و قبر أبي الحسن بين يديه في قبلته (1)

قال الكليني: قبض عليه السّلام في صفر من سنة ثلاث و مائتين و هو ابن خمس و خمسين سنة، و توفّي بطوس في قرية يقال لها سناباذ من نوقان على دعوة، و دفن بها، و كان المأمون أشخصه من المدينة إلى مرو على طريق البصرة و فارس، فلمّا خرج المأمون و شخص إلى بغداد، أشخصه معه فتوفّي في هذه القرية.

و روي عن محمّد بن سنان قال: قبض عليّ بن موسى عليه السّلام و هو ابن تسع و أربعين سنة و أشهر، في عام اثنتين و مائتين، عاش بعد موسى بن جعفر عليهما السّلام عشرين سنة إلاّ شهرين أو ثلاثة (2).

ص: 131


1- الارشاد: 2-260-262.
2- الكافى: 1-486-493.

قال الطبرسيّ : و قبض بطوس من خراسان في قرية يقال لها سناباذ في آخر صفر، و قيل إنه توفّي في شهر رمضان لسبع بقين منه يوم الجمعة، من سنة ثلاث و مائتين، و له يومئذ خمس و خمسين سنة، و كانت مدّة إمامته و خلافته بعد أبيه عشرين سنة، و كانت في أيام إمامته بقيّة ملك الرّشيد، و ملك محمّد الأمين بعده ثلاث سنين و خمسة و عشرين يوما، ثمّ خلع الأمين و قتله، ثم ملك المأمون الخلافة بعده عشرين سنة و استشهد في أيّام ملكه.

قال : وروي عن إبراهيم بن العباس قال : كانت البيعة للرضا الخمس خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين وزوجه ابنته ام حبيب في أول سنة اثنتين ومائتين ، وتوفي سنة ثلاث ومائتين ، والمأمون متوجه إلى العراق ، وكان الرضا الله يعجبه العنب ، فاخذ له شيء منه ، وجعل في موضع أقماعه الإبر أياماً ، ثم نزعت منه وجيىء به إليه ، فأكل منه فقتله ، وذكر أن ذلك من لطيف السموم.(1)

قال الكفعمي : توفي الرضا علیه السلام في سابع عشر شهر صفر يوم الثلثاء سنة ثلاث ومائتين ، سنة المأمون في عنب وكان له أحدى وخمسون سنة(2).

قال الفتّال النيسابوريّ : كان وفاته عليه السّلام يوم الجمعة في شهر رمضان سنة ثلاث و مائتين و هو يومئذ ابن خمس و خمسين سنة، و كانت مدّة خلافته عشرين سنة (3).

قال الشهيد في الدروس: قبض عليه السّلام بطوس في صفر سنة ثلاث و مائتين (4).

و في كتاب العدد: في الثالث و العشرين من ذي القعدة كانت وفاة مولانا أبي الحسن الرضا عليه السّلام (5).

و في كتاب المناقب: يوم الجمعة لسبع بقين من رمضان سنة اثنتين و مائتين و قيل سنة ثلاث (6).

و في كتاب الدرّ يوم الجمعة غرّة شهر رمضان سنة اثنتين و مائتين و كذا في كتاب الذخيرة (7).

ص: 132


1- اعلام الوری : 303 - 325 .
2- بحار الانوار: 49-293.
3- بحار الانوار: 49-293.
4- بحار الانوار: 49-293.
5- بحار الانوار: 49-293.
6- بحار الانوار: 49-293.
7- بحار الانوار: 49-293.

قال العطاردى: و يأتي في كتاب الإمامة في باب دلالته عليه السّلام ما يدلّ على كيفية شهادته، و ما قال صلوات اللّه عليه لأبي الصلت الهروي، و هرثمة بن أعين في حديث طويل.

قال ابن خلّكان: و توفي آخر يوم من صفر سنة اثنتين و مائتين، و قيل بل توفي خامس ذى الحجّة، و قيل ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث و مائتين بمدينة طوس و صلّى عليه المأمون و دفنه ملاصق قبر أبيه الرّشيد، و كان سبب موته أنه أكل عنبا فأكثر منه: و قيل: بل كان مسموما فاعتلّ منه و مات رحمه اللّه (1).

قال ابن الوردى: و في سنة ثلاث و مائتين مات عليّ الرّضا فجأة بطوس و صلّى عليه المأمون و دفنه عند الرشيد، و هو ثامن الائمة الاثنى عشر على رأى الامامية (2)

قال ابن الطقطقي: و مات عليّ بن موسى من أكل عنب، فقيل إنّ المأمون لما رأى إنكار النّاس ببغداد لما فعله من نقل الخلافة إلى بني عليّ ، و إنّهم نسبوا ذلك إلى الفضل بن سهل و رأى الفتنة قائمة، دسّ جماعة على الفضل بن سهل فقتلوه في الحمّام، ثم أخذهم و قدّمهم ليضرب أعناقهم، قالوا له: أنت أمرتنا بذلك، ثمّ تقتلنا! فقال: أنا أقتلكم بإقراركم، و أمّا ما ادّعيتموه عليّ من أنّي أمرتكم بذلك فدعوى ليس لها بيّنة، ثمّ ضرب أعناقهم، و حمل رءوسهم إلى الحسن بن سهل و كتب يعزّيه و يولّيه مكانه، ثمّ دسّ إلى عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام سما في عنب و كان يحبّ العنب، فأكل منه و استكثر فمات من ساعته، ثمّ كتب إلى بني العبّاس ببغداد يقول لهم: إنّ الذي أنكرتموه من أمر عليّ بن موسى قد زال و إنّ الرجل مات. (3)

ص: 133


1- وفيات الاعيان: 2-432.
2- تاريخ ابن الوردى: 1-319.
3- الفخرى: 176.

قال السمعاني: الرضا بكسر الراء هذا لقب أبي الحسن عليّ بن موسى ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الهاشميّ المعروف بالرّضا روى عنه أبو الصلت و غيره، و مات عليّ بن موسى الرّضا بطوس يوم السبت آخر يوم (1) من سنة ثلاث و مائتين، و قد سمّ في ماء الرّمّان و أسقي: قلت: و الرّضا كان من أهل العلم و الفضل مع شرف النّسب، و الخلل في رواياته من رواته. (2)

قال الشّيخ أبو زكريّا الموصليّ : و في سنة ثلاث و مائتين مات عليّ بن موسى الرضا ولىّ عهد المأمون في صفر من هذه السنة و صلّى عليه المأمون و كانت له قصّة فيما ذكروا مات بسببها، و دفنه المأمون عند قبر الرّشيد بنواحي طوس. (3)

قال أبو الفرج الأصبهاني: و اعتلّ الرّضا عليه السّلام علّته التي مات فيها، و كان قبل ذلك يذكرا بني سهل عند المأمون فيزري عليهما، و ينهى المأمون عنهما، و يذكر له مساوئهما، و رآه يوما يتوضّأ للصلاة و الغلام يصبّ على يده الماء فقال: يا أمير المؤمنين لا تشرك بعبادة ربّك أحدا، فجعل المأمون يدخل إليه، فلما ثقل المأمون و أظهر أنّهما أكلا عنده جميعا طعاما ضادّا فمرضا، و لم يزل الرّضا عليلا حتّى مات.

و اختلف في أمر وفاته، و كيف كان سبب السمّ الذي سقيه، فذكر محمّد بن حمزة:

أنّ منصور بن بشير ذكر من أخيه عبد اللّه بن بشير، أنّ المأمون أمره بطول أظفاره، ففعل، ثمّ أخرج إليه شيئا يشبه التمر الهنديّ ، و قال له: أفركه و اعجنه بيديك جميعا ففعل، ثم دخل الرّضا فقال له: ما خبرك ؟ قال: أرجو أن أكون صالحا، فقال:

هل جاءك أحد من المترفقين اليوم. قال: لا.

فغضب و صاح على غلمانه، و قال له: فخذماء الرّمان اليوم فإنّه ممّا لا يستغنى

ص: 134


1- كذا.
2- انساب السمعاني 6-139.
3- تاريخ الموصل: 352.

عنه، ثمّ دعا برمان، فأعطاه عبد اللّه بن بشير و قال له: عصر ماءه بيدك، ففعل و سقاه المأمون الرّضا بيده فشربه، فكان ذلك سبب وفاته، و لم يلبث إلاّ يومين حتّى مات، قال محمّد بن عليّ بن حمزة و يحيى: فبلغني عن أبي الصّلت الهروىّ أنّه دخل على الرضا بعد ذلك، فقال له: يا أبا الصّلت قد فعلوها، أى قد سقوني السمّ و جعل يوحد اللّه و يمجّده، قال محمّد بن عليّ : و سمعت محمّد بن الجهم يقول: إنّ الرّضا كان يعجبه العنب فأخذ له عنب، و جعل في موضع أقماعه الإبر، فتركت أيّاما، فأكل منه في علّته فقتله، و ذكر أنّ ذلك من لطيف السّموم.

و لمّا توفّي الرّضا عليه السّلام لم يظهر المأمون موته في وقته، و تركه يوما و ليلة، ثمّ وجّه إلى محمّد بن جعفر بن محمّد عليهما السّلام و جماعة من آل أبي طالب، فلمّا أحضرهم و أراهم إيّاه صحيح الجسد لا أثر به، ثمّ بكى و قال: عزّ عليّ يا أخي أن أراك في هذه الحالة، و قد كنت أؤمّل أن أقدم قبلك، فأبى اللّه إلا ما أراد، و أظهر جزعا شديدا و حزنا كثيرا، و خرج مع جنازته يحملها حتّى أتى إلى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن؛ فدفنه هناك إلى جانب هارون الرّشيد.

حدّثنا الحسن بن عليّ الخفاف قال: حدّثنا أبو الصّلت الهرويّ قال: دخل المأمون إلى الرضا يعوده فوجده يجود بنفسه، فبكى و قال: أعزّ عليّ يا أخي بأن أعيش ليومك، و قد كان في بقائك أمل، و أغلظ عليّ من ذلك و أشدّ إنّ الناس يقولون إنّى سقيتك سمّا، و أنا إلى اللّه من ذلك بري.

ثمّ خرج المأمون من عنده و مات الرّضا عليه السّلام و حضره المأمون قبل أن يحفر قبره، و أمر أن يحفر إلى جانب أبيه ثمّ أقبل علينا فقال: حدّثني صاحب هذا النّعش إنّه يحفر له قبر فيظهر فيه ماء و سمك، احفروا، فحضروا، فلمّا انتهوا إلى اللّحد نبع ماء و ظهر فيه سمك، ثمّ غاض الماء فدفن فيه الرّضا عليه السّلام. (1)

ص: 135


1- مقاتل الطالبيين. 377 - و الارشاد للمفيد: 295 و اعلام الورى: 325.

قال المسعوديّ : و قبض عليّ بن موسى الرّضا بطوس لعنب أكله و اكثر منه، و قيل إنّه كان مسموما، و ذلك في صفر سنة ثلاث و مائتين، و صلى عليه المأمون و هو زوّج ابنته أمّ حبيبة لعليّ موسى الرّضا، فكانت إحدى الاختين تحت محمّد بن عليّ بن موسى، و الاخرى تحت أبيه عليّ بن موسى (1)

قال ابن تغرى بردي: و في سنة ثلاث و مائتين توفي عليّ الرّضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق بن محمّد الباقر، بن عليّ بن زين العابدين بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب، الإمام أبو الحسن الهاشمي العلوىّ الحسينيّ ، كان إماما عالما، روى عن أبيه و عن عبيد اللّه بن أرطاة، و روى عنه ابنه أبو جعفر محمّد، و أبو عثمان المازني و المأمون، و طائفة، و أمّه أمّ ولد، و كان عليّ هذا سيّد بنى هاشم في زمانه و أجلّهم، و كان المأمون، يعظّمه و يبجّله و يخضع له، و يتغالى فيه، حتّى أنّه جعله وليّ عهده من بعده و كتب بذلك إلى الآفاق فاضطربت مملكته بسببه، فلم يرجع عن ذلك حتّى مات. (2)

قال الطّبري: و في سنة ثلاث و مائتين شخص المأمون من سرخس حتّى صار إلى طوس فلمّا صار بها أقام عند قبر أبيه أيّاما، ثم إنّ عليّ بن موسى الرّضا أكل عنبا و أكثر منه فمات فجأة، و ذلك في آخر صفر، فأمر به المأمون و دفن عند الرّشيد، و كتب في شهر ربيع الأوّل إلى الحسن بن سهل يعلمه أنّ عليّ بن موسى بن جعفر مات، و يعلمه ما دخل عليه من الغمّ و المصيبة بموته.

و كتب إلى بني العبّاس و الموالي، و أهل بغداد يعلمهم موت عليّ بن موسى و إنهم إنّما نقموا بيعته له من بعده، و يسألهم الدّخول في طاعته، فكتبوا إليه و إلى الحسن جواب الكتاب بأغلظ ما يكتب به إلى أحد، و كان الّذي صلّى على عليّ بن موسى

ص: 136


1- مروج الذهب: 4-28.
2- النجوم الزاهرة: 2-174.

المأمون. (1)

قال ابن الاثير: في سنة ثلاث و مائتين مات عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام، و كان سبب موته أنّه أكل عنبا فأكثر منه، فمات فجأة و ذلك في آخر صفر، و كان موته بمدينة طوس فصلّى المأمون عليه و دفنه عند قبر أبيه الرّشيد، و كان المأمون لما قدمها قد أقام عند قبر أبيه، و قيل. إنّ المأمون سمّه في عنب، و كان عليّ يحبّ العنب، و هذا عندي بعيد.

فلما توفّي كتب المأمون الى الحسن بن سهل يعلمه موت عليّ و ما دخل عليه من المصيبة بموته، و كتب إلى أهل بغداد و بني العبّاس و الموالي يعلمهم موته، و إنّهم إنّما نقموا بيعته و قد مات و يسألهم الدّخول في طاعته فكتبوا إليه أغلظ جواب. (2)

قال اليعقوبي: توفّي الرّضا عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد عليهم السّلام بقرية يقال لها النوقان أوّل سنة ثلاث و مائتين، و لم تكن علّته غير ثلاثة أيام. فقيل إنّ عليّ بن هشام أطعمه رمّانا فيه سمّ و أظهر المأمون عليه جزعا شديدا.

حدّثني أبو الحسن بن أبي عباد قال: رأيت المأمون يمشي في جنازة الرضا حاسرا في مبطنة بيضاء و هو بين قائمتى النّعش يقول: إلى من أروح بعدك يا أبا - الحسن، و أقام عند قبره ثلاثة أيام، يؤتى في كلّ يوم برغيف و ملح فيأكله، ثم انصرف في اليوم الرّابع. و كان سنّ الرضا عليه السّلام أربعا و أربعين سنة. (3)

قال السيوطيّ : و سار المأمون إلى نحو العراق، فلم ينشب على الرّضا أن مات في سنة ثلاث و مائتين، فكتب المأمون إلى أهل بغداد يعلمهم أنّهم ما نقموا عليه إلاّ

ص: 137


1- تاريخ الطبرى: 11-1030.
2- كامل التواريخ: 5-193.
3- تاريخ اليعقوبى: 3-188.

بيعته لعليّ و قد مات (1)

قال ابن كثير: مرّ المأمون بطوس فنزل بها و أقام عند قبر أبيه أيّاما من شهر صفر. فلمّا كان في آخر الشهر أكل عليّ بن موسى عنبا، فمات، فصلّى عليه المأمون و دفن إلى جانب أبيه الرشيد، و أسف عليه أسفا كثيرا، فيما ظهر، و كتب إلى الحسن ابن سهل يعزّيه فيه و يخبره بما حصل له من الحزن عليه. (2)

قال اليافعي: توفّي عليّ الرضا خامس ذى الحجّة، و قيل ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث، و قيل في آخر يوم من صفر سنة اثنتين و مائتين بمدينة طوس، و صلّى عليه المأمون و دفنه ملتصق قبر أبيه الرّشيد، و كان سبب موته على ما حكوا أنه أكل عنبا فاكثر منه، و قيل بل مات مسموما. (3)

قال العلامة المجلسى: رحمه اللّه -: اعلم أنّ أصحابنا و المخالفين اختلفوا أنّ الرّضا عليه السّلام هل مات حتف أنفه أو مضى شهيدا بالسمّ ، و على الأخير هل سمّه المأمون أو غيره، و الأشهر بيننا أنّه مضى شهيدا بسمّ المأمون و ينسب إلى السّيد بن طاوس أنه أنكر ذلك، و كذا أنكره الإربلي في كشف الغمّة و ردّ ما ذكره المفيد بوجوه سخيفة حيث قال بعد إيراد كلام المفيد:

بلغني ممّن أثق به أنّ السيّد رضي الدّين عليّ بن طاوس - رحمه اللّه - كان لا يوافق على أنّ المأمون سقى عليّا عليه السّلام و لا يعتقده، و كان - رحمه اللّه - كثير المطالعة و التّفتيش على مثل ذلك، و الذي كان يظهر من المأمون من حنوه عليه و ميله إليه و اختياره له دون أهله و أولاده ما يؤيّد ذلك و يقرّره، و قد ذكر المفيد شيئا ما يقبله عقلي و لعلّي واهم، و هو أنّ الإمام عليه السّلام كان يعيب ابنى سهل و يقبّح ذلك. و ما كان أشغله بامور دينه و آخرته و اشتغاله باللّه عن مثل ذلك.

ص: 138


1- تاريخ الخلفاء: 307.
2- البداية و النهاية: 10-294.
3- مرات الجنان: 2-12.

و على رأى المفيد أنّ الدولة المذكورة من أصلها فاسدة و على غير قاعدة مرضيّة فاهتمامه عليه السّلام بالوقيعة فيهما حتّى أغراهما بتغيير رأى الخليفة عليه فيه ما فيه، ثمّ إنّ نصيحته للمأمون و إشارته عليه بما ينفعه في دينه لا توجب أن يكون سببا لقتله و موجبا لركوب هذا الأمر العظيم منه، و قد كان يكفي في هذا الأمر العظيم منه، و قد كان يكفي في هذا الأمر أن يمنعه عن الدّخول عليه أو يكفّه عن وعظه، ثمّ إنّا لا نعرف أنّ الإبر إذا غرست في العنب صار العنب مسموما و لا يشهد القياس الطبّي، و اللّه تعالي أعلم بحال الجميع و إليه المصير و عند اللّه يجتمع الخصوم.

انتهى كلامه.

و لا يخفى وهنه إذا الوقيعة في ابني سهل لم يكن للدّنيا حتّى يمنعه عنه الاشتغال بعبادة اللّه تعالى بل كان ذلك لما وجب عليه من الأمر بالمعروف و النّهى عن المنكر و رفع الظلم عن المسلمين مهما أمكن، فالحقّ ما اختاره الصدوق و المفيد و غيرهما من أجلّة أصحابنا أنّه عليه السّلام مضى شهيدا بسمّ المأمون. (1).

قال العطاردى: ذكرنا عن الطبريّ أنّه قال: إنّ الرّضا أكل عنبا فمات ؟! أخذ هذا الكلام عنه المؤرّخون كالمسعودي و ابن الأثير و غيرهما، و لم يقل به أحد قبل الطبري، و هو الّذي نقل هذا الافتراء على الإمام الطّاهر عليه السلام و لا نعلم كيف خفي الحقّ على الطّبري و هو قريب العهد بعصر الرضا و المأمون و ما جرى بينهما؟!

ص: 139


1- بحار الانوار: 49-311.

باب اولاده و اخوانه و عشيرته و اصحابه

قال المفيد - رحمه اللّه - و مضى الرّضا عليه السّلام و لم يترك ولدا نعلمه إلاّ ابنه الإمام بعده أبا جعفر محمد بن عليّ عليهما السّلام و كانت سنّه يوم وفاة أبيه سبع سنين و أشهرا. (1)

قال الطبرسيّ : و كان للرّضا عليه السّلام من الولد ابنه ابو جعفر محمد بن عليّ الجواد لا غير. (2)

قال الإربلي: و أمّا أولاده فكانوا ستّة خمسة ذكور و بنت واحدة، و أسماء أولاده:

محمّد القانع، الحسن، جعفر، إبراهيم، الحسين، و عائشة، و نقل عن الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذيّ أنّ له عليه السّلام من الولد خمسة رجال و ابنة واحدة: محمّد الإمام و أبو محمّد الحسن، و جعفر، و إبراهيم و الحسين، و عائشة.

روى الاربلّي بسنده عن حنان بن سدير قال: قلت لأبي الحسن الرّضا عليه السّلام أ يكون إمام، ليس له عقب ؟ فقال، ابو الحسن عليه السّلام: أما إنّه لا يولد لي إلاّ واحد، و لكنّ اللّه منشئ منه ذرّية كثيرة، قال أبو خداش: سمعت هذا الحديث منذ ثلاثين سنة. (3)

قال ابن الخشّاب: ولد له خمس و ابنة واحدة، أسماء بنيه: محمّد الإمام أبو .

ص: 140


1- الارشاد: 2-263
2- اعلام الورى، 329
3- كشف الغمة: 3-8936-90 -

جعفر الثاني، أبو محمّد الحسين، و جعفر، و إبراهيم، و الحسن، و عائشة فقط. (1)

قال ابن شهرآشوب: كان للرّضا عليه السّلام من الولد ابنه أبو جعفر عليه السّلام لا غير. (2)

في كتاب العدد كان له عليه السّلام ولد أن أحدهما محمّد و الآخر موسى، لم يترك غيرهما. (3)

في كتاب الدّر: مضى الرّضا عليه السّلام و لم يترك ولدا إلا أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام، و كان سنّه يوم وفات أبيه سبع سنين و أشهر. (4)

قال ابن الجوزي: و أولاده محمّد الإمام أبو جعفر الثّاني، و أبو جعفر، و أبو محمّد الحسن و إبراهيم، و ابنة واحدة (5)

قال محمّد بن طلحة: و أمّا أولاده فكانوا ستة، خمسة ذكور و بنتا واحدة، و اسماء أولاده محمّد القانع، و الحسن، و إبراهيم، و الحسين، و عائشة. (6)

قال ابن حزم: فولد عليّ الرّضا: عليّ بن عليّ لم يعقّب، و محمّد بن عليّ صهر المأمون و العقب له، و الحسين (7)

قال ابن شهرآشوب: الأصل في مسجد زرد في كورة مرو أنّه صلّى فيه الرّضا عليه السّلام، فبنى مسجدا ثمّ دفن فيه ولد الرّضا عليه السّلام و يروى فيه من الكرامات (8) قال العطاردى: و يظهر من رواية رواها الصّدوق في العيون و نقلناها في مسنده الشريف في كتاب الآداب و المواعظ تحت رقم 28 بأنّ له عليه السّلام بنتا تسمّى فاطمة و روت عنه عليه السّلام و سند الحديث هكذا: - حدثني أبو الحسن بكر بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن زياد بن موسى بن مالك الأشجّ العصري، قال حدّثتنا فاطمة بنت .

ص: 141


1- كشف الغمة: 3-113
2- مناقب آل ابى طالب: 2 -...
3- بحار الانوار: 49-222
4- بحار الانوار: 49-222
5- تذكرة الخواص: 202
6- مطالب السئول: 87
7- جمهرة انساب العرب: 61-62
8- مناقب آل ابى طالب: 2 -...

عليّ بن موسى قالت: سمعت أبي عليّا يحدّث عن أبيه عن جعفر بن محمّد إلى آخر الحديث.

و رأيت في كتاب رشحات الفنون من تأليفات أمين الدّين أبي المكارم الحسيني الهروىّ المخطوط في مكتبة ملا فيروز - كاماهال - ببمبئي من بلاد الهند ما هذا نصّه:

حضرت رضا عليه السّلام اولاد ذكورش: اوّل محمّد تقى دوم أبو جعفر اكبر، سوم أبو جعفر أصغر، چهارم أبو محمّد الحسن، پنجم ابراهيم، ششم حسين، اناث يكتن بود.

و في قزوين مزار مشهور، يعرف بشاهزاده حسين ابن عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام و له قبّة و روضة، يقصد و يزار، و ذكر هذا المزار الرافعيّ في التّدوين فى أخبار قزوين (1)، و حمد اللّه مستوفي في تاريخه المسمّى بتاريخ «گزيده» فليراجع.

و أمّا حالاته عليه السّلام مع إخوانه و عشيرته فعقد ناله بابا في كتاب الإمامة باب ما جاء عنه في بنى هاشم فليراجع، و أمّا أصحابه فنذكر في ذيل المسند.

ص: 142


1- عندنا منه نسخة مصورة عن النسخة الثمينة المخطوطة لدى مكتبة الناصرية (مكبة صاحب العبقات) بلكهنو من بلاد الهند و هذه المكتبة تعد من اعظم المكتبات الاسلامية اسسها الشريف المجاهد المحقق العلامة السيد ناصر حسين ابن السيد «مير حامد حسين» الموسوى النيسابورى و يشرف على المكتبة اليوم الشريف الماجد السيد على ناصر سعيد العبقاتى ابن العلامة السيد محمد سعيد ابن السيد ناصر حسين ابن المير حامد حسين النيسابورى ادام اللّه ايامه.

باب زيارته عليه السّلام

اشارة

محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن مهزيار، قال:

قلت لأبي جعفر عليه السّلام: جعلت فداك. زيارة الرّضا عليه السّلام أفضل، أم زيارة أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام، فقال: زيارة أبي أفضل، و ذلك إنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام يزوره كل الناس، و أبي لا يزوره إلا الخواصّ من الشيعة. (1)

عنه - رحمه اللّه - عن أبي عليّ الأشعريّ ، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن الحسين بن سيف، عن محمّد بن أسلم، عن محمّد بن سليمان قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل حجّ حجّة الإسلام، فدخل متمتعا بالعمرة إلى الحجّ ، فأعانه اللّه على عمرته و حجّته، ثم أتى المدينة، فسلّم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ أتاك عارفا بحقّك، يعلم أنك حجّة اللّه على خلقه و بابه الّذي يؤتى منه، فسلّم عليك.

ثمّ أتى أبا عبد اللّه الحسين صلوات اللّه عليه: فسلّم عليه، ثمّ أتى بغداد و سلّم على أبي الحسن موسى عليه السّلام، ثمّ انصرف إلى بلاده، فلما كان في وقت الحجّ رزقه اللّه الحجّ ، فأيّهما أفضل، هذا الّذي قد حجّ حجّة الإسلام يرجع أيضا، فيحجّ أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك عليّ بن موسى عليه السّلام فيسلّم عليه، قال: لا بل يأتى خراسان فيسلّم على أبى الحسن عليه السّلام أفضل، و ليكن ذلك في رجب، و لا ينبغي أن تفعلوا في هذا اليوم، فإنّ علينا و عليكم من السّلطان شنعة (2).

عنه - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن عليّ بن إبراهيم الجعفريّ ، عن حمدان

ص: 143


1- الكافى: 4-584 - و التهذيب: 6-84
2- المصدر: 4-584 و التهذيب: 6-84

ابن إسحاق، قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام، أو حكى لي رجل عن أبي جعفر عليه السّلام، الشكّ من عليّ بن إبراهيم قال: قال أبو جعفر -: من زار قبر أبي بطوس غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر. (1) قال: فحججت بعد الزّيارة، فلقيت أيّوب بن نوح، فقال لي: قال أبو جعفر الثّاني عليه السّلام: من زار قبر أبي بطوس غفر اللّه ما تقدم من ذنبه، و ما تأخّر، و بنى اللّه له منبرا في حذاء منبر محمّد و عليّ عليهما السّلام، حتى يفرغ اللّه من حساب الخلائق، فرأيته و قد زار، فقال: جئت أطلب المنبر.

عنه - رحمه اللّه، عن محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسين النيشابورى، عن إبراهيم ابن أحمد، عن عبد الرحمن سعيد المكي، عن يحيى بن سليمان المازنيّ عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: من زار قبر ولدي عليّ ، كان له عند اللّه كسبعين حجّة مبرورة قال:

قلت: سبعين حجّة ؟ قال: نعم، و سبعين ألف حجّة، قال: قلت: سبعين ألف حجّة ؟ قال: ربّ حجّة لا تقبل، من زاره و بات عنده ليلة كان كمن زار اللّه في عرشه.

قال: نعم، إذا كان يوم القيامة كان على عرش الرّحمن أربعة من الأوّلين، و أربعة من الآخرين، فأمّا الأربعة الّذين من الأوّلين، فنوح و إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السّلام، و أمّا الأربعة من الآخرين، فمحمّد و عليّ و الحسن و الحسين عليهم السّلام، ثمّ يمدّ المضمار، فيقعد معنا من زار قبور الأئمّة عليهم السّلام، إلاّ أن أعلاهم درجة، و أقربهم جلوة زوّار قبر والدي عليّ عليه السّلام. (2)

الطوسيّ رحمه اللّه - قال: محمّد بن داود، عن الحسن بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن عليّ بن الحسن، عن عبد اللّه بن موسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قرأت كتاب أبي الحسن الرّضا عليه السّلام بخطّه: أبلغ شيعتي أنّ زيارتي تعدل عند اللّه ألف حجّة، و ألف عمرة متقبّلة كلّها، قال: قلت لأبي جعفر: ألف حجّة ؟ قال: أي و

ص: 144


1- المصدر: 4-585
2- المصدر: 4-585 و التهذيب 6-85

اللّه و ألف ألف حجّة لمن يزوره عارفا بحقّه. (1)

عنه - رحمه اللّه عن محمّد بن أحمد بن داود، عن أبيه، عن محمّد بن السندي، عن أحمد بن إدريس، عن عليّ بن الحسن النيسابوريّ عن أبي صلاح شعيب بن عيسى، قال: حدّثنا صالح بن محمّد الهمدانيّ ، عن إبراهيم بن إسحاق النهاونديّ ، قال: قال الرّضا عليه السّلام: من زارنى علي بعد داري و مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتّى اخلّصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا و شمالا و عند الصراط، و الميزان (2)

عنه - رحمه اللّه - عن محمّد بن أحمد بن داود، عن أبيه، عن محمّد بن قولويه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن داود الصرميّ ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام قالا:

سمعته يقول: من زار أبي فله الجنّة (3)

الصّدوق - رحمه اللّه - قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن ياسر الخادم قال: قال عليّ ابن موسى الرّضا عليهما السّلام لا تشدّ الرّحال إلى شيء من القبور إلا إلى قبورنا، ألا و إنّي لمقتول بالسمّ ظلما، و مدفون في موضع غربة، فمن شدّ رحله الى زيارتي، استجيب دعاؤه و غفر له ذنبه (4)

الطّوسي - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد بن سعيد الهمدانيّ ، قال: أخبرنا عليّ ابن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام أنّه قال: إنّ بخراسان لبقعة يأتى عليها زمان تصير مختلف الملائكة، فلا يزال فوج ينزله من السماء و فوج يصعد إلى أن ينفخ في الصور.

ص: 145


1- التهذيب: 6-85
2- التهذيب: 6-85 - و الخصال: 167
3- التهذيب: 6-85
4- الخصال: 144

فقيل له: يا ابن رسول اللّه و أيّه بقعة هذه ؟ قال: أرض طوس و هي و اللّه روضة من رياض الجنّة، من زارني في تلك البقعة، كان كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و كتب اللّه له ثواب ألف حجّة مبرورة، و ألف عمرة مقبولة؛ و كنت أنا و آبائي شفعاؤه يوم القيامة. (1)

عنه - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد الكوفي، قال: أخبرني المنذر بن محمّد، عن جعفر بن سليمان. عن عبد اللّه بن الفضل الهاشمى قال: كنت عند أبي عبد اللّه الصّادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام. فدخل رجل من أهل طوس، فقال: يا ابن رسول اللّه ما لمن زار قبر أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام ؟.

فقال له: يا طوسي من زار قبر أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام و هو يعلم أنّه إمام من قبل اللّه عزّ و جلّ مفترض الطّاعة على العباد، غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر و قبل شفاعته في خمسين مذنبا، و لم يسأل اللّه عزّ و جلّ حاجة عند، قبره إلاّ قضا هاله. قال: فدخل موسى بن جعفر عليهما السّلام و هو صبيّ ، فأجلسه على فخذه و أقبل يقبّل ما بين عينيه.

ثمّ التفت إليّ و قال: يا طوسىّ إنّه الإمام و الخليفة و الحجّة بعدي، سيخرج من صلبه رجل يكون رضا للّه عزّ و جلّ في سمائه و لعباده في أرضه، يقتل في أرضكم بالسمّ ظلما و عدوانا، و يدفن بها غريبا، ألا فمن زاره في غربته و هو يعلم أنّه إمام بعد أبيه مفترض الطّاعة من اللّه عزّ و جلّ كان كمن زار رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله. (2)

عنه - رحمه اللّه - بإسناده عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي هاشم الجعفريّ داود بن القاسم، قال سمعت محمّد بن عليّ بن موسى الرّضا عليهم السّلام يقول:

ص: 146


1- التهذيب: 6-108 و الفقيه: 2-351
2- التهذيب: 6-108

إنّ بين جبلي طوس قبضة من الجنّة، من دخلها كان آمنا يوم القيامة من النّار (1)

الصّدوق - رحمه اللّه - بإسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ قال:

قرأت كتاب أبي الحسن الرّضا عليه السّلام: أبلغ شيعتي أنّ زيارتي تعدل عند اللّه تعالى ألف حجّة، قال: قلت لأبي جعفر - يعني ابنه عليه السّلام - ألف حجّة! قال: إي و اللّه و ألف ألف حجّة لمن زاره عارفا بحقّه. (2)

عنه - رحمه اللّه - قال: روى الحسين بن زيد، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: يخرج رجل من ولد موسى اسمه اسم أمير المؤمنين عليه السّلام، فيدفن في أرض طوس من خراسان، يقتل فيها بالسمّ فيدفن فيها غريبا، فمن زاره عارفا بحقّه.

أعطاه اللّه عزّ و جلّ أجر من أنفق من قبل الفتح و قاتل. (3)

عنه قال: و روى البزنطي عن الرّضا عليه السّلام قال: ما زارني أحد من أوليائي عارفا بحقّي إلا شفّعت فيه يوم القيامة (4)

عنه، و قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الرّضا عليهما السّلام: إنّ بين جبلى طوس، قبضة قبضت من الجنّة، من دخلها كان آمنا يوم القيامة من النّار (5)

عنه، قال أبو جعفر عليه السّلام: ضمنت لمن زار قبر أبي بطوس عارفا بحقّه الجنّة على اللّه عزّ و جلّ (6)

عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ستدفن بضعة مني بخراسان، ما زارها مكروب إلاّ نفس اللّه عزّ و جلّ كربه، و لا مذنب إلاّ غفر اللّه له ذنوبه (7)

عنه - رحمه اللّه - قال: و روى النعمان بن سعد عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه

ص: 147


1- التهذيب: 6-109
2- الفقيه: 2-349
3- الفقيه: 2-349
4- المصدر: 2-349
5- المصدر: 2-349
6- المصدر: 2-349
7- المصدر: 2-429

قال: سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان، بالسمّ ظلما، اسمه اسمي و اسم أبيه اسم ابن عمران موسى عليه السّلام، ألا فمن زاره في غربته غفر اللّه عزّ و جل ذنوبه ما تقدّم منها و ما تأخّر، و لو كانت مثل عدد النجوم، و قطر الأمطار و ورق الأشجار (1).

عنه قال: و روى حمدان الديوانيّ عن الرّضا عليه السّلام أنّه قال: من زارني على بعد داري، أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن، حتّى اخلّصه من أهوالها، إذا تطايرت الكتب يمينا و شمالا، و عند الصّراط و عند الميزان (2).

عنه قال: و روى حمزة بن حمران قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يقتل حفدتي بأرض خراسان في مدينة يقال لها: طوس، من زاره إليها عارفا بحقّه، أخذته بيدي يوم القيامة، و أدخلته الجنّة، و إن كان من أهل الكبائر، قال: قلت: جعلت فداك و ما عرفان حقّه ؟ قال: تعلم أنّه إمام مفترض الطاعة، غريب شهيد، من زاره عارفا بحقّه، أعطاه اللّه عزّ و جلّ أجر سبعين شهيدا، ممّن استشهد بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على حقيقته (3).

عنه قال: و روى الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام أنّه قال له رجل من أهل خراسان: يا ابن رسول اللّه رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المنام كأنه يقول لي: كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي، و استحفظتم وديعتي، و غيّب في ثراكم نجمي، فقال له الرّضا عليه السّلام: أنا المدفون في أرضكم، و أنا بضعة من نبيّكم، و أنا الوديعة و النجم.

ألا و من زارني و هو يعرف ما أوجب اللّه عزّ و جلّ من حقّي و طاعتي، فأنا و آبائي شفعاؤه يوم القيامة، و من كنّا شفعاؤه نجى، و لو كان عليه مثل وزر الثقلين

ص: 148


1- الفقيه: 2-349.
2- المصدر: 2-350.
3- المصدر: 2-350.

الجنّ و الإنس، و لقد حدّثني أبي عن جدّي عن أبيه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

من رآني في منامه فقدر آني، لأنّ الشّيطان لا يتمثّل في صورتي و لا في صورة أحد من أوصيائي و لا في صورة واحد من شيعتهم، و أنّ الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوّة (1).

عنه قال: و روي عن أبي الصّلت عبد السلام بن صالح الهرويّ ، قال: سمعت الرّضا عليه السّلام يقول: و اللّه ما منّا إلاّ مقتول شهيد، فقيل له: فمن يقتلك يا ابن رسول اللّه ؟ قال: شرّ خلق اللّه في زماني، يقتلني بالسمّ ، ثم يدفنني في دار مضيعة و بلاد غربة، ألا فمن زارني غربتي كتب اللّه عزّ و جل له أجر ألف شهيد، و مائة ألف صدّيق، و مائة ألف حاجّ و معتمر، و مائة ألف مجاهد، و حشر في زمرتنا، و جعل في الدرجات العلى من الجنّة رفيقنا (2).

عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ستدفن بضعة منّي بأرض خراسان، لا يزورها مؤمن إلاّ أوجب اللّه له الجنّة، و حرّم جسده على النّار (3).

محمّد بن المشهديّ : بإسناده عن الوشّاء عن الرّضا عليّ بن موسى عليهما السّلام قال:

سمعته يقول: إنّ لكلّ إمام عهدا في أعناق شيعته، و إنّ من تمام الوفاء بالعهد و حسن الاداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا بما رغبوا فيه كانت أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة (4).

عنه - رحمه اللّه - بإسناده عن الصّدوق عن أبيه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقيّ ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال: قلت للرضا عليه السّلام ما لمن زار قبر أحد من الائمة ؟ قال: له مثل من أتى قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:

ص: 149


1- الفقيه: 2-350.
2- المصدر: 2-351.
3- المصدر: 2-351.
4- مزار محمد بن المشهدى مخطوط.

قلت: و ما لمن زار قبر أبي عبد اللّه عليه السلام ؟ قال: الجنّة و اللّه (1).

قال ابن قولويه و روي عن بعضهم قال: إذا أتيت قبر عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام بطوس فاغتسل عند خروجك من منزلك و قل حين تغتسل: «اللهم طهّرني و طهّر لي قلبي و اشرح لي صدري، و أجر على لساني مدحتك و الثناء عليك، فإنّه لا قوّة إلاّ بك اللهم اجعله لي طهورا و شفاء و نورا».

و تقول حين تخرج: «بسم اللّه و باللّه و إلى اللّه و إلى ابن رسوله حسبي اللّه توكّلت على اللّه، اللهم إليك توجّهت و إليك قصدت و ما عندك أردت، فإذا خرجت فقف على باب دارك و قل: اللهم إليك وجّهت وجهي و عليك خلّفت أهلي و مالي، و ما حولتني و بك وثقت فلا تخيّبني، يا من لا يخيب من أراده و لا يضيّع من حفظه صلّ على محمّد و آل محمّد و احفظني بحفظك فانّه لا يضيّع من حفظت».

فإذا وافيت سالما إن شاء اللّه فاغتسل و قل حين تغتسل: «اللهمّ طهّرني و طهّر قلبي و اشرح لي صدري و أجر على لساني مدحتك و محبّتك، و الثّناء عليك فإنّه لا قوّة إلاّ بك، و قد علمت أنّ قوّة ديني التسليم لأمرك و الاتّباع لسنّة نبيّك و الشهادة على جميع خلقك، اللهم اجعله لي شفاء و نورا إنّك على كلّ شيء قدير».

ثم ألبس أطهر ثيابك و امش حافيا و عليك السّكينة و الوقار بالتكبير و التهليل و التسبيح و التحميد و التمجيد و قصّر خطاك و قل حين تدخل: «بسم اللّه و باللّه و على ملّة رسول اللّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله و أنّ عليّا وليّ اللّه»، ثمّ أشر على قبره و استقبل وجهه بوجهك و اجعل القبلة بين كتفيك و قل: «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله و أنّه سيّد الأولين و الآخرين و أنّه سيّد الأنبياء و المرسلين.

ص: 150


1- مزار محمد بن المشهدى مخطوط.

اللهمّ صل على محمّد عبدك و رسولك و نبيك و سيّد خلقك أجمعين صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك، اللهم صلّ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عبدك و أخي رسولك الذي انتجبته لعلمك و جعلته هاديا لمن شئت من خلقك، و الدّليل على من بعثته برسالاتك و ديّان يوم الدين بعد لك و فصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك كلّه و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته.

اللهم صلّ على فاطمة بنت نبيك و زوجة وليّك و أمّ السبطين الحسن و الحسين سيّدي شباب أهل الجنّة، الطهرة الطاهرة المطهّرة النقيّة الرضيّة الزكيّة، سيّدة نساء العالمين و سيّدة نساء أهل الجنّة من الخلق أجمعين صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك.

اللهمّ صلّ على الحسن و الحسين سبطي نبيّك و سيّدي شباب أهل الجنة القائمين في خلقك و الدّليلين على من بعثت برسالاتك و ديّاني الدين بعدلك و فصلى قضائك بين خلقك.

اللهمّ صلّ على عليّ بن الحسين سيّد العابدين عبدك و القائم في خلقك و الدّليل على من بعثت برسالاتك و ديّان الدّين بعد لك و فصل قضائك بين خلقك.

اللهمّ صلّ على محمّد بن عليّ عبدك و وليّ دينك و خليفتك في أرضك، باقر علم النّبيين، القائم بعد لك و الدّاعي إلى دينك و دين آبائه الصّادقين، صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك.

اللهمّ صلّ على جعفر بن محمّد الصّادق، عبدك و وليّ دينك و حجتك على خلقك أجمعين، الصّادق البارّ.

اللهمّ صلّ على موسى بن جعفر الكاظم العبد الصالح و لسانك في خلقك الناطق بعلمك و الحجة على بريّتك صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك.

اللهمّ صلّ على عليّ بن موسى الرّضا الرضيّ المرتضى عبدك و وليّ دينك

ص: 151

القائم بعد لك، و الدّاعي إلى دينك و دين آبائه الصّادقين، صلاة لا يقدر على إحصائها غيرك.

اللّهمّ صلّ على محمّد بن عليّ و عليّ بن محمّد القائمين بأمرك، و المؤدّيين عنك و شاهديك على خلقك و دعائم دينك و القوّام على ذلك، صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك.

اللّهم صلّ على الحسن بن عليّ ، العامل بأمرك و القائم في خلقك و حجّتك المؤدّي عن نبيّك، و شاهدك على خلقك المخصوص بكرامتك الدّاعي الى طاعتك و طاعة رسولك، صلواتك عليهم أجمعين، صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك.

اللّهمّ صلّ علي حجّتك و وليّك و القائم في خلقك صلاة نامية باقية تعجّل بها فرجه و تنصره بها، و تجعله معها في الدّنيا و الآخرة.

اللّهم انّى أتقرّب إليك بزيارتهم و محبتهم و أوالي وليّهم، و أعادى عدوّهم فارزقني بهم خير الدنيا و الآخرة، و اصرف عنّي همّ نفسي في الدنيا و الآخرة و أهوال يوم القيمة.

ثمّ ، تجلس عند رأسه و تقول: السّلام عليك يا حجّة اللّه، السّلام عليك يا ولى اللّه، السّلام عليك يا نور اللّه في ظلمات الأرض، السّلام عليك يا عمود الدّين، السّلام عليك يا وارث آدم صفوة اللّه، السّلام عليك يا وارث نوح نبيّ اللّه، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل اللّه، السّلام عليك يا وارث موسى كليم اللّه، السّلام عليك يا وارث عيسى روح اللّه، السّلام عليك يا وارث محمّد حبيب اللّه، السّلام عليك يا وارث أمير المؤمنين عليّ ابن طالب ولي اللّه، السّلم عليك يا وارث الحسن و الحسين سيّدي شباب أهل الجنّة السّلام عليك يا وارث عليّ بن الحسين زين العابدين، السّلام عليك يا وارث محمّد بن عليّ باقر علم الأوّلين و الآخرين، السّلام عليك يا وارث جعفر بن محمّد الصّادق البارّ

ص: 152

التّقي النقي، السّلام عليك يا وارث موسى بن جعفر الكاظم، السلام عليك أيّها الصدّيق الشّهيد السّلام عليك أيها الوصيّ البارّ التقيّ أشهد أنّك قد أقمت الصّلاة و آتيت الزّكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و عبدت اللّه مخلصا حتى أتاك اليقين السّلام عليك يا أبا الحسن و رحمة اللّه و بركاته إنّه حميد مجيد.

ثم تنكّب على القبر و تقول: «اللّهم إليك صمدت من أرضي و قطعت البلاد رجاء رحمتك فلا تخيّبني و لا تردّني بغير قضاء حوائجي و ارحم تقلّبي على قبر ابن أخي نبيّك و رسولك صلّى اللّه عليه و آله، بأبي أنت و أمّي أتيتك زائرا وافدا عائذا ممّا جنيت به على نفسي و احتطبت على ظهري، فكن لى شفيعا إلى ربّك يوم فقري و فاقتي فإنّ ذلك عند اللّه مقاما محمودا و أنت وجيه في الدنيا و الآخرة.

ثمّ ترفع يدك اليمنى و تبسط اليسرى على القبر و تقول: «اللّهم إنّي أتقرّب إليك بحبّهم و بموالاتهم و أتولىّ آخرهم بما تولّيت به أوّلهم و أبرأ من كلّ وليجة دونهم اللّهم العن الذين بدّلوا نعمتك و اتهموا نبيّك و جحدوا آياتك و سخر و بإمامك و حملوا النّاس على أكتاف آل محمّد، اللّهم إنّي أتقرّب إليك باللّعنة عليهم و البراءة منهم في الدنيا و الآخرة يا رحمن يا رحيم.

ثمّ تحوّل عند رجليه و تقول: «صلّى اللّه عليك يا أبا الحسن صلّى اللّه عليك و على روحك و بدنك صبرت و أنت الصادق المصدّق قتل اللّه من قتلك بالأيدي و الألسن».

ثمّ ابتهل باللعنة على قاتل أمير المؤمنين و باللعنة علي قتلة الحسين و على جميع قتلة أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

ثمّ تحوّل عند رأسه من خلفه و صلّ ركعتين تقرأ في إحداهما يس و في الأخرى الرّحمن و تجتهد في الدعاء لنفسك و التضرّع، و أكثر من الدّعا لوالديك و لإخوانك

ص: 153

المؤمنين و أقم عنده ما شئت و ليكن صلواتك عند القبر إنشاء اللّه تعالى (1).

ما يقال فى وداع الرضا عليه السلام:

الشيخ أبو جعفر الطوسيّ رحمه اللّه - قال: فإذا أردت أن تودّعه فاغتسل وزر و قل مثل ما قلت أوّلا و قل: «السلام عليك يا مولاى و ابن مولاى و رحمة اللّه و بركاته، أنت لنا جنّة من العذاب، و هذا أوان منصرفي عنك غير راغب و لا مستبدل بك و لا مؤثّر عليك و لا زاهد في قربك، فقد جدت بنفسي للحدثان، و تركت الأهل و الأولاد و الأوطان فكن لي شفيعا يوم فقري و حاجتي يوم لا يغني حميم و لا قريب، يوم لا يغني عنّي والد و لا ولد.

أسأل اللّه الّذي قدّر رحلتي إليك أن ينفس بك كربي، و الّذي قدّر عليّ فراق هذا المكان أن لا يجعله آخر العهد من رجوعي إليك، و أسأل من أبكى عيني عليك أن يجعله لي ذخرا، و أسأل اللّه الّذي أرادني مقامك و هداني للتسليم عليك أن يوردني حوضكم و يرزقني مرافقتكم في الجنان، السّلام عليك يا صفوة اللّه، السّلام عليك يا أمير المؤمنين، و وصيّ رسول ربّ العالمين و قائد الغرّ المحجّلين، السّلام على الحسن و الحسين سيّدى شباب أهل الجنّة السلام على الأئمة - تسميهم عليهم السلام - و رحمة اللّه و بركاته.

السلام على ملائكة اللّه المقرّبين المسبّحين الّذين هم بأمره يعملون، السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين، اللهمّ لا تجعله آخر العهد من زيارتي، إيّاه، فإن جعلته فاحشرني معه و مع آبائه الطاهرين، و إن ابقيتني، فارزقني زيارته أبدا ما أبقيتني

ص: 154


1- كامل الزيارات باب زيارة الرضا عليه السّلام و التهذيب: 6-86 عن جامع محمد بن الوليد و رواه الصدوق فى الفقيه و العيون عن جامع شيخه محمد بن الوليد.

إنّك على كلّ شيء قدير، و تقول: «أستودعك اللّه و استرعيه إيّاك و اقرأ عليك السّلام مؤمن باللّه، و بما دعوت إليه و دللت عليه، اللّهم فاكتبنا مع الشّاهدين، اللّهم ارزقني حبّهم و مودّتهم أبدا ما أبقيتنى، السّلام على ملائكة اللّه و زوار قبر ابن نبيّ اللّه، أبدا ما بقيت، و دائما إذا فنيت، السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين».

و إذا خرجت من القبر فلا تولّ وجهك عنه حتى يغيب عن بصرك (1).

ص: 155


1- التهذيب: 6-89.

باب باب ما ظهر عند قبره من الكرامات

الصّدوق قال: حدّثنا أبو طالب الحسين بن عبد اللّه بن بنان الطائيّ قال: سمعت محمّد بن عمر النوقانيّ ، يقول: بينما أنا نائم بنوقان في عليّة لنا في ليلة ظلماء إذا انتبهت فنظرت إلى النّاحية الّتي فيها مشهد عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام بسناباذ، فرأيت نورا قد علا حتّى امتلأ منه المشهد و صار مضيئا كانّه نهار و كنت شاكا في أمر الرّضا عليه السّلام لم أكن علمت أنّه حقّ ، فقالت لي أمّي و كانت مخالفة: ما لك يا بنيّ؟ فقلت لها: رأيت نورا ساطعا قد امتلأ منه المشهد فأعلمت أمّي ذلك و جئت بها إلى المكان الّذي كنت فيه حتّى رأت ما رأيت من النّور و امتلاء المشهد منه، فاستعظمت ذلك، فأخذت في الحمد للّه إلاّ أنّها لم تؤمن بها كإيماني فقصدت المشهد، فوجدت الباب مغلقا.

فقلت: اللهم إن كان أمر الرّضا عليه السّلام حقّا؛ فافتح هذا الباب، ثمّ دفعته بيدى فانفتح، فقلت في نفسي لعلّه لم يكن مغلقا على ما وجب فغلقته، حتّى علمت أنّه لم يمكن فتحه إلاّ بمفاتح، ثمّ قلت: اللهم إن كان أمر الرّضا عليه السّلام حقّا فافتح لي هذا الباب، ثمّ دفعته بيدي، فانفتح فدخلت و زرت و صليت و استبصرت في أمر الرّضا عليه السّلام فكنت أقصده بعد ذلك في كلّ ليلة جمعة زائرا من نوقان و اصلّي عنده إلى وقتي هذا (1).

عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا أبو طالب الحسين بن عبد اللّه بن بنان الطائيّ ، قال: سمعت أبا منصور بن عبد الرّزّاق يقول للحاكم بطوس المعروف بالبيورديّ : هل

ص: 156


1- عيون الاخبار: 2782.

لك ولد؟ فقال: لا، فقال له أبو منصور: لم لا تقصد مشهد الرّضا عليه السّلام و تدعوا اللّه عنده حتّى يرزقك ولدا؟ فإنّي سألت اللّه تعالى هناك في حوائج فقضيت لى.

قال الحاكم: فقصدت المشهد على ساكنه السّلام و دعوت اللّه عزّ و جلّ عند الرّضا عليه السّلام أن يرزقني ولدا، فرزقني اللّه عزّ و جلّ ولدا ذكرا، فجئت إلى أبي منصور بن عبد الرّزاق و أخبرته باستجابة اللّه تعالى في هذا المشهد، فوهب لي و أعطاني و أكرمني على ذلك. (1)

قال الصّدوق - رحمه اللّه -. لمّا استاذنت الأمير السيد ركن الدّولة في زيارة مشهد الرّضا عليه السّلام فأذن لي في ذلك في رجب من سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة، فلمّا انقلبت عنه ردّني، فقال لي: هذا مشهد مبارك زرته و سألت اللّه تعالى حوائج كانت في نفسي، فقضاها لي، فلا تقصر في الدّعاء لي هناك و الزّيارة عنّي، فإنّ الدّعاء فيه مستجاب فضمنت ذلك له و وفيت به؛ فلمّا عدت من المشهد على ساكنه التحيّة و السّلام دخلت إليه، فقال لي: هل دعوت لنا و زرت عنا؟ فقلت: نعم فقال لي: قد أحسنت قد صحّ لي أنّ الدّعاء في ذلك المشهد مستجاب. (2)

عنه - قال: حدّثنا أبو نصر أحمد بن الحسين الضبيّ - و ما لقيت أنصب منه - و بلغ من نصبه أنّه كان يقول: اللّهمّ صلّ على محمّد فردا و يمتنع من الصّلاة على آله، قال:

سمعت أبا بكر الحمّامي الحذاء في سكّة حرب بنيسابور و كان من أصحاب الحديث، يقول: أودعنى بعض النّاس وديعة فدفنتها و نسيت موضعها، فتحيرت، فلمّا أتى على ذلك مدّة جاءني صاحب الوديعة يطالبنى بها، فلم أعرف موضعها و تحيّرت و اتّهمنى صاحب الوديعة.

فخرجت من بيتي مغموما متحيّرا و رأيت جماعة من النّاس يتوجّهون إلى

ص: 157


1- عيون الاخبار: 2-279.
2- المصدر: 2-289.

مشهد الرّضا عليه السّلام فخرجت معهم إلى المشهد، و زرت و دعوت اللّه عزّ و جلّ أن يبيّن لي موضع الوديعة، فرأيت هناك فيما يرى النّائم كأنّ آت أتاني فقال لي:

دفنت الوديعة في موضع كذا و كذا.

فرجعت إلى صاحب الوديعة، فارشدته إلى ذلك الموضع الّذي رأيته في المنام و أنا غير مصدّق بما رأيت، فقصد صاحب الوديعة ذلك المكان فحفره و استخرج منه الوديعة بختم صاحبها، فكان الرّجل بعد ذلك يحدّث النّاس بهذا الحديث و يحثّهم على زيارة هذا المشهد على ساكنه التحيّة و السّلام (1).

عنه قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم بن محمّد بن الفضل التميميّ الهروىّ قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن الحسن القهستاني، قال: كنت بمروالرّوذ؛ فلقيت بها رجلا من أهل مصر مجتازا اسمه حمزة، فذكر أنّه خرج من مصر زائرا إلى مشهد الرّضا عليه السّلام بطوس و أنّه لمّا دخل المشهد كان قرب غروب الشّمس، فزار و صلّى و لم يكن ذلك اليوم زائرا غيره.

فلمّا صلّى العتمة أراد خادم القبر أن يخرجه و يغلق الباب فسأله أن يغلق عليه الباب و يدعه في المشهد ليصلّى فيه؛ فإنّه جاء من بلد شاسع و لا يخرجه و إنّه لا حاجة له في الخروج، فتركه و علق عليه الباب و أنّه كان يصلّى وحده إلى أن أعيى فجلس و وضع رأسه على ركبتيه ليستريح ساعة، فلمّا رفع رأسه رأى في الجدار مواجهة و جهه رقعة عليها هذان البيتان:

من سرّه أن يرى قبرا برؤيته *** يفرّج اللّه عمّن زاره كربه

فليأت ذا القبر إنّ اللّه أسكنه *** سلالة من نبيّ اللّه منتجبه

قال: فقمت و أخذت في الصّلاة إلى وقت السحر، ثمّ جلست كجلستي لأوّلي و وضعت رأسي على ركبتي، فلمّا رفعت رأسى لم أر ما على الجدار شيئا و كان الّذي

ص: 158


1- عيون الاخبار: 2-279

أراه مكتوبا رطبا كأنّه كتب في تلك السّاعة، قال: فانفلق الصّبح و فتح الباب و خرجت من هناك (1).

عنه قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن محمّد بن يحيى المعاذيّ النيسابوريّ ؛ قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن عليّ البصريّ المعدّل، قال: رأي رجل من الصّالحين فيما يرى النّائم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه من أزور من أولادك ؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله إنّ من أولادي من أتاني مسموما و إن من أولادي من أتاني مقتولا.

قال: فقلت له فمن أزور منهم يا رسول اللّه مع تشتّت مشاهدهم - أو قال أماكنهم ؟ قال: من هو أقرب منك - يعنى بالمجاورة و هو مدفون بأرض الغربة - قال: فقلت يا رسول اللّه تعني الرّضا عليه السّلام ؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: قل صلّى اللّه عليه ثلاثا. (2)

عنه قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن أحمد بن محمّد بن يحيى المعاذي، قال: حدّثنا أبو عمرو محمّد بن عبد اللّه الحكمي الحاكم بنوقان، قال خرج علينا رجلان من الرّىّ برسالة بعض السلاطين بها إلى الأمير نصر بن أحمد ببخارا و كان أحدهما من أهل الرّى و الآخر من أهل قمّ ، و كان القمّي على المذهب الّذي كان قديما بقمّ في النصب و كان الرازيّ متشيّعا.

فلمّا بلغا نيسابور قال الرازيّ للقمّي: ألا نبتدأ بزيارة الرّضا عليه السّلام، ثم نتوجّه إلى بخارا؟ فقال القمّي: قد بعثنا سلطاننا برسالة إلى الحضرة ببخارا فلا يجوز لنا أن نشتغل بغيرها حتّى نفرغ منها، فقصدا بخار او أدّيا الرّسالة و رجعا حتّى إذا حاذيا طوس، فقال الرازيّ للقمّي: ألا تزور الرّضا عليه السّلام ؟

ص: 159


1- عيون الاخبار: 2-280
2- المصدر: 2-281

فقال: خرجت من الرّيّ مرجئا لا أرجع إليها رافضيّا، قال: فسلّم الرازيّ أمتعته و دوابّه إليه، و ركب حمارا و قصد مشهد الرّضا عليه السّلام، و قال لخدّام المشهد خلّوا لي المشهد هذه اللّيلة و ادفعوا إلى مفتاحه، ففعلوا ذلك، قال: فدخلت المشهد و غلّقت الباب و زرت الرّضا عليه السّلام، ثمّ قمت عند رأسه و صلّيت ما شاء اللّه تعالى و ابتدأت في قراءة القرآن من أوّله.

قال: فكنت أسمع صوتا بالقرآن كما أقرأ، فقطعت صوتي و زرت المشهد كلّه و طلبت نواحيه، فلم أر أحدا، فعدت إلى مكاني و أخذت في القراءة من أوّل القرآن، فكنت أسمع الصوت كما أقرأ لا ينقطع، فسكت هنيئة و أصغيت بأذني فإذا الصوت من القبر، فكنت أسمع مثل ما أقرأ حتّى بلغت آخر سورة مريم عليها السّلام.

فقرأت: «يَوْمَ نَحْشُرُ اَلْمُتَّقِينَ إِلَى اَلرَّحْمٰنِ وَفْداً وَ نَسُوقُ اَلْمُجْرِمِينَ إِلىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً» فسمعت الصوت من القبر يوم يحشر المتقون إلى الرّحمن و فدا و يساق المجرمون إلى جهنّم وردا، حتى ختمت القرآن و ختم، فلمّا أصبحت رجعت إلى نوقان، فسألت من بها من المقرءين عن هذه القراءة فقالوا: هذا في اللّفظ و المعنى مستقيم، لكنّا لا نعرفه في قراءة أحد.

قال: فرجعت إلى نيسابور فسألت من بها من المقرءين عن هذه القراءة، فلم يعرفها أحد منهم حتّى رجعت إلى الريّ ، فسألت بعض المقرءين عن هذه القراءة فقلت:

من قرأ يوم يحشر المتقون الى الرحمن و فدا و يساق المجرمون إلى جهنّم وردا.

فقال لى: من أين جئت بهذا؟ فقلت وقع لى احتياج إلى معرفتها في أمر حدث لي، فقال: هذه قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من رواية أهل البيت عليهم السّلام، ثمّ استحكاني السبب الّذي من أجله سألت عن هذه القراءة، فقصصت عليه القصّة و صحّت لي القراءة. (1)

ص: 160


1- عيون الاخبار: 2-281

عنه قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن أحمد بن محمّد بن يحيى المعاذيّ ، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن أبي عبد اللّه الهرويّ ، قال: حضر المشهد رجل من أهل بلخ و معه مملوك له، فزار هو و مملوكه الرّضا عليه السّلام و قال: الرّجل عند رأسه يصلّى، و مملوكه يصلّى عند رجليه، فلمّا فرغا من صلاتهما سجدا؛ فأطالا سجودهما، فرفع الرّجل رأسه من السجود قبل المملوك و دعا بالمملوك، فرفع رأسه من السجود و قال: لبيك يا مولاى.

فقال له، تريد الحريّة ؟ فقال: نعم، فقال: أنت حرّ لوجه اللّه تعالى و مملوكتي فلانة ببلخ حرّة لوجه اللّه تعالى، و قد زوّجتها منك بكذا و كذا من الصّداق، و ضمنت لها ذلك عنك وضيعتي الفلانة وقف عليكما و على أولاد كما و أولاد أولاد كما ما تناسلوا بشهادة هذا الإمام عليه السّلام فبكى الغلام و حلف باللّه تعالى و بالإمام عليه السّلام أنّه ما كان يسأل في سجوده إلا هذه الحاجة بعينها و قد تعرّفت الإجابة من اللّه تعالى بهذه السرعة. (1)

عنه قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن أحمد بن يحيى العطّار المعاذي؛ قال: حدّثنا أبو النصر النيسابوريّ ، قال: أصابتنى علّة شديدة ثقل منها لساني؛ فلم أقدر على الكلام، فخطر ببالي أن أزور الرّضا عليه السّلام و أدعو اللّه تعالى عنده و أجعله شفيعي إليه حتّى يعافيني من علّتي و يطلق لساني، فركبت حمارا و قصدت المشهد و زرت الرّضا عليه السّلام و قمت عند رأسه و صلّيت ركعتين و سجدت و كنت في الدّعاء و التضرّع مستشفعا بصاحب هذا القبر إلى اللّه تعالى أن يعافيني من علّتي و يحلّ عقدة لساني.

فذهبت في النّوم في سجودي فرأيت في المنام كأنّ القبر قد انفرج و خرج منه رجل كهل آدم شديد الادمة، فدنا منّي و قال لي: يا أبا نصر قل لا إله الا اللّه، قال:

فأومأت إليه كيف أقول و لساني مغلق، قال: فصاح عليّ صيحة فقال: تنكر اللّه قدرته،

ص: 161


1- عيون الاخبار: 2-282

قل لا إله الا اللّه، قال: فانطلق لساني، فقلت: لا إله إلا اللّه، و رجعت إلى منزلي راجلا و كنت أقول: لا إله إلا اللّه، و انطلق لساني و لم يغلق بعد ذلك.

عنه، قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن أحمد المعاذيّ ، قال: سمعت أبا النّصر المؤدّب يقول: امتلأ السّيل يوما بسناباذ و كان الواديّ أعلى من المشهد، فأقبل السيل حتى إذا قرب من المشهد خفنا على المشهد منه فارتفع بإذن اللّه و وقع في قناة أعلى من الوادي و لم يقع في المشهد منه شيء (1).

عنه، قال: حدّثنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن إسماعيل السليطي النيسابوريّ ، قال: حدّثني محمّد بن أحمد السّناني النيسابوريّ ، قال: كنت في خدمة الأمير أبي نصر ابن أبي عليّ الصّغانيّ صاحب الجيش و كان محسنا إليّ فصحبته إلى صغانيان، و كان أصحابه يحسدونني على ميله إليّ و إكرامه لي.

فسلّم إليّ في بعض الأوقات كيسا فيه ثلث آلاف درهم و بختمه و أمرني أن أسلّمه في خزائنه، فخرجت من عنده فجلست في المكان الّذي يجلس فيه الحاجب و وضعت الكيس عندي و جعلت احدّث النّاس في شغل لي، فسرق ذلك الكيس، فلم أشعر به، و كان للأمير أبي النّصر غلام يقال له خطلخ تاش، و كان حاضرا.

فلمّا نظرت لم أر الكيس، فأنكر جميعهم أن يعرفوا له خبرا و قالوا لي: ما وضعت هاهنا شيئا؟ فما وضعت هذا إلاّ افتعالا و كنت عارفا بحسدهم لي، فكرهت على تعريف الأمير أبي نصر الصّغاني لذلك خشية أن يتّهمني فبقيت متحيّرا متفكّرا لا أدري من أخذ الكيس.

و كان أبي إذا وقع له أمر يحزنه فزع إلى مشهد الرّضا عليه السّلام فزاره و دعا اللّه تعالى عنده و كان يكفى ذلك و يفرّج عنه، فدخلت إلى الأمير أبي نصر من الغد، فقلت له: أيّها الأمير تأذن لي في الخروج إلى طوس فلي بها شغل ؟ فقال لي: و ما

ص: 162


1- عيون الاخبار: 2-283.

هو؟ فقلت لي غلام طوسيّ فهرب مني و قد فقدت الكيس و أنا أتّهمه به.

فقال لي: انظر أن لا تفسد حالك عندنا فقلت: أعوذ باللّه من ذلك فقال لي:

و من تضمن لي الكيس إن تأخّرت ؟ فقلت له: إن لم أعد بعد أربعين يوما فمنزلي و ملكي بين يديك، فكتب إلى أبي الحسن الخزاعيّ بالقبض على جميع أسبابي بطوس فأذن لي فخرجت و كنت أكتري من منزل إلى منزل حتى وافيت المشهد على ساكنه السلام فزرت و دعوت اللّه تعالى عند رأس القبر أن يطلعني على موضع الكيس.

فذهب بي النوم هناك فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام يقول لي: قم فقد قضى اللّه حاجتك فقمت و جدّدت الوضوء و صلّيت ما شاء اللّه تعالى و دعوت، فذهب بي النّوم، فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام فقال لي: الكيس سرقه خطلخ تاش و دفنه تحت الكانون في بيته و هو هناك بختم أبي نصر الصّغاني.

قال: فانصرفت إلى الأمير أبي نصر قبل الميعاد بثلاثة أيّام، فلمّا دخلت عليه فقلت له، قد قضيت لي حاجتي، فقال: الحمد للّه فخرجت و غيّرت ثيابي و عدت إليه فقال أين الكيس ؟ فقلت له: الكيس مع خطلخ تاش، فقال: من أين علمت فقلت:

أخبرني به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، في منامي عند قبر الرّضا عليه السّلام.

قال: فاقشعرّ بدنه لذلك، و أمر بإحضار خطلخ تاش، فقال له: إنّ الكيس الّذي أخذته من بين يديه، فأنكر و كان من أعزّ غلمانه فأمر أن يهدّد بالضّرب، فقلت: أيّها الأمير لا تأمر بضربه، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد أخبرني بالموضع الّذي وضعه فيه.

قال: و أين هو قلت هو في بيته مدفون تحت الكانون بختم الأمير، فبعث إلى منزله بثقة و أمر بحفر موضع الكانون فتوجّه إلى منزله و حفر و أخرج الكيس مختوما. فوضعه بين يديه، فلمّا نظر الأمير إلى الكيس و ختمه عليه، قال لي:

يا أبا نصر لم أكن عرفت فضلك قبل هذا الوقت و سأزيد في برّك و إكرامك و تقديمك

ص: 163

و لو عرفتني أنك تريد قصد المشهد لحملتك على دابّة من دوابّي.

قال: أبو نصر: فخشيت أولئك الأتراك أن يحقدوا على ما جرى، فيوقعوني في بلية، فاستأذنت الأمير و جئت إلى نيسابور و جلست في الحانوت أبيع التبن إلى وقتي هذا و لا قوّة إلاّ باللّه (1).

عنه قال: حدّثنا أبو الفضل بن محمّد بن أحمد بن إسماعيل السليطيّ رضي اللّه عنه، قال: سمعت الحاكم الرّازيّ صاحب أبي جعفر العتبي، يقول: بعثني أبو جعفر العتبيّ رسولا إلى أبي منصور بن عبد الرزاق، فلمّا كان يوم الخميس استأذنته في زيارة الرّضا عليه السّلام، فقال: اسمع منّي ما أحدّثك به في أمر هذا المشهد.

كنت في أيام شبابي أتعصّب على أهل هذا المشهد و أتعرّض الزوّار في الطريق و أسلب ثيابهم و نفقاتهم و مرقّعاتهم، فخرجت متصيدا ذات يوم و أرسلت فهدا على غزال، فما زال يتبعه حتى ألجأه إلى حائط المشهد، فوقف الغزال و وقف الفهد مقابله لا يدنو منه، فجهدنا كلّ الجهد بالفهد أن يدنو منه، فلم ينبعث و كان متى فارق الغزال موضعه يتبعه الفهد، فإذا التجاء إلى الحائط رجع عنه، فدخل الغزال جحرا في حائط المشهد.

فدخلت الرّباط فقلت لأبي النصر المقرئ: أين الغزال الّذي دخل هاهنا الآن ؟ فقال: لم أره، فدخلت المكان الّذي دخله، فرأيت بعر الغزال و أثر البول و لم أر الغزال و فقدته، فنذرت اللّه تعالى أن لا أوذي الزوّار بعد ذلك و لا أتعرّض لهم إلاّ بسبيل الخير، و كنت متى ما دهمني أمر فزعت إلى هذا المشهد، فزرته و سألت اللّه تعالى فيه حاجتي فيقضيها لي.

و لقد سألت اللّه تعالى أن يرزقني ولدا ذكرا، فرزقني ابنا حتى إذا بلغ و قتل

ص: 164


1- عيون الاخبار: 2-284.

عدت الى مكاني من المشهد و سألت اللّه تعالى أن يرزقني ولدا ذكرا، فرزقني ابنا آخر و لم أسأل اللّه تعالى هناك حاجة الاّ قضاها لي، فهذا ما ظهر لي من بركة هذا المشهد على ساكنه السلام (1).

عنه، قال: حدّثنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن إسماعيل السليطيّ ، قال: حدّثنا أبو الطيّب محمّد بن أبي الفضل السليطي، قال: خرج حمّويه صاحب جيش خراسان ذات يوم بنيسابور على ميدان الحسين بن يزيد لينظر إلى من كان معه من القوّاد بباب عقيل، و كان قد أمر أن يبني و يجعل بيمارستانا، فمرّ به رجل، فقال لغلام له:

اتبع هذا الرّجل و ردّه إلى داري حتّى أعود، فلمّا عاد الأمير حمّويه إلى الدّار أجلس من كان معه من القوّاد على الطّعام.

فلمّا جلسوا على المائدة، فقال للغلام: أين الرّجل. قال: هو على الباب، قال: أدخله، فلمّا دخل أمر أن يصبّ على يده الماء و أن يجلس على المائدة، فلمّا فرغ، قال له، أ معك حمار؟ قال: لا، فأمر له بحمار، ثم قال له: أ معك دراهم للنفقة ؟ فقال: لا، فأمر له بألف درهم و بزوج جوالق خوزيّة و بسفرة و بآلات ذكرها فاتى بجميع ذلك.

ثمّ التفت حمّويه إلى القوّاد فقال لهم: أ تدرون من هذا؟ قالوا: لا، قال:

اعلموا أني كنت في شبابي زرت الرّضا عليه السّلام و عليّ أطمار رثّة و رأيت هذا الرّجل هناك، و كنت أدعو اللّه تعالى عند القبر أن يرزقني ولاية خراسان و سمعت هذا الرّجل يدعو اللّه تعالى و يسأله ما قد امرت له به، فرأيت حسن إجابة اللّه تعالى فيما دعوته فيه ببركة هذا المشهد، فأجبت أن أرى حسن إجابة اللّه تعالى لهذا الرّجل على يدي، و لكن بيني و بينه قصاص في شيء، قالوا: ما هو؟.

قال: إنّ هذا الرّجل لما رآني و عليّ تلك الأطمار الرثّة؛ و سمع طلبتي بشيء

ص: 165


1- عيون الاخبار 2-285.

عظيم، فصغر عنده محلّي في الوقت و ركلني برجله قال لي: مثلك بهذا الحال يطمع في ولاية خراسان وقود الجيش فقال له القوّاد: أيّها الأمير اعف عنه و اجعله في حلّ حتّى تكون قد أكملت الصنيعة إليه، قال: قد فعلت.

و كان حمويه بعد ذلك يزور هذا المشهد و زوّج ابنته من زيد بن محمّد بن زيد العلويّ بعد قتل أبيه «رض» بجرجان و حوّله إلى قصره و سلّم إليه من النّعمة كلّ ذلك لما كان يعرفه من بركة هذا المشهد و لمّا خرج أبو الحسين محمّد بن أحمد بن زيد العلويّ و بايع له عشرون ألف رجل بنيسابور أخذه الخليفة بها و أنفذه إلى بخارا.

فدخل حمّويه و رفع قيده، و قال لأمير خراسان: هؤلاء أولاد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هم جياع، فيجب أن تكفيهم حتّى لا يخرجوا إلى طلب المعاش فأخرج له رسما في كلّ شهر و أطلق عنه و ردّه إلى نيسابور، فصار ذلك سببا لما جعل لأهل الشّرف ببخارا من الرّسم و ذلك ببركة هذا المشهد على ساكنه السلام. (1)

عنه قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن أحمد بن الحسين الحاكم رضي اللّه عنه قال: سمعت أبا عليّ عامر بن عبد اللّه البيورديّ الحاكم بمروالرّوذ و كان من أصحاب الحديث، يقول، حضرت مشهد الرّضا عليه السّلام بطوس، فرأيت رجلا تركيّا قد دخل القبّة و وقف عند الرّاس و جعل يبكى و يدعو بالتركيّة و يقول: يا ربّ إن كان ابني حيا فاجمع بيني و بينه، و إن كان ميتا، فاجعلني من خبره على علم و معرفة.

قال: و كنت أعرف اللّغة التركية، فقلت له: أيّها الرّجل ما لك ؟ فقال كان لي ولد و كان معي في حرب إسحاق آباد، ففقدته و لا أعرف خبره و له أم تديم البكاء عليه، فأنا أدعو اللّه تعالى هاهنا في ذلك لأنّي سمعت أنّ الدّعاء في هذا المشهد مستجاب قال: فرحمته و أخذته بيده و أخرجته لاضيفه ذلك اليوم.

ص: 166


1- عيون الاخبار: 2-286.

فلمّا خرجنا من المسجد لقينا رجل شابّ طوال مختطّ عليه مرقعة، فلمّا أبصر بذلك التركيّ وثب إليه، فعانقه و بكى و عرف كلّ واحد منهما صاحبه، فإذا هو ابنه الّذي كان يدعو اللّه تعالى أن يجمع بيننا و بينه، أو يجعله من خبره على علم عند قبر الرّضا عليه السّلام.

قال: فسألته كيف وقعت إلى هذا الموضع ؟ فقال: وقعت إلى طبرستان بعد حرب إسحاق آباد و ربّاني ديلمىّ هناك، فالآن لمّا كبرت خرجت في طلب أبي و أمّي و قد كان خفي عليّ خبرهما، و كنت مع قوم أخذوا الطريق هاهنا، فجئت معهم، فقال ذلك التركيّ : قد ظهر لي من أمر هذا المشهد ما صحّ لي به يقيني؛ و قد آليت على نفسي أن لا افارق هذا المشهد ما بقيت و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا و الصلاة و السلام على محمّد المصطفى و آله و سلّم تسليما كثيرا. (1)

ص: 167


1- عيون الاخبار: 2-287.

باب المدائح و المراثى

قال الصاحب الجليل إسماعيل بن عبّاد رضي اللّه عنه في إهداء السلام إلى الرّضا عليه أفضل الصلاة و السلام:

يا سائرا زائرا إلى طوس *** مشهد طهر و أرض تقديس

أبلغ سلامي الرّضا و حطّ على *** أكرم رمس لخير مرموس

و اللّه و اللّه حلفة صدرت *** من مخلص في الولاء مغموس

إنّى لو كنت مالكا إربي *** كان بطوس الفناء تعريس

و كنت أمضي العزيم مرتحلا *** منتسفا فيه قوّة العيس

لمشهد بالذّكاء ملتحف *** و بالسّناء و الثّناء مأنوس

يا سيّدى و ابن سادتي ضحكت *** وجوه دهري بعقب تعبيس

لمّا رأيت النواصب انتكست *** راياتها في زمان تنكيس

صدعت بالحقّ في ولائكم *** و الحقّ مذ كان غير منحوس

يا ابن النبيّ الّذي به قمع ا *** للّه ظهور الجبابر الشّوس

و ابن الوصيّ الّذي تقدّم في *** الفضل على البزل القناعيس

و حائز الفخر غير منتقص *** و لابس المجد غير تلبيس

إنّ بني النّصب كاليهود و قد *** يخلط تهويدهم بتمجيس

كم دفنوا في القبور من نجس *** أولى به الطرح في النواويس

عالهم عند ما أباحثه *** في جلد ثور و مسك جاموس

إذا تأمّلت شوم جبهته *** عرفت فيها اشتراك إبليس

ص: 168

لم يعلموا و الأذان يرفعكم *** صوت أذان أم قرع ناقوس

أنتم حبال اليقين أعلقها *** ما وصل العمر حبل تنفيس

كم فرقة فيكم نكفّر في *** ذللت هاماتها بغطيس

قمعتها بالحجاج فانخذلت *** تجفل عنّي بطير منحوس

إنّ ابن عبّاد استجار بكم *** فما يخاف الليوث في الخيس

كونوا أيا سادتي و سائله *** يفسح له اللّه في الفراديس

كم مدحة فيكم يحيّزها *** كأنّها حلّة الطواويس

و هذه كم يقول قارئها *** قد نثر الدرّ في القراطيس

يملك رقّ القريض قائلها *** ملك سليمان عرش بلقيس

بلّغه اللّه ما يؤمّله *** حتّى يزور الإمام في طوس

و له أيضا في إهداء السلام إلى الرّضا عليه السّلام:

يا زائرا قد نهضا *** مبتدرا قد ركضا

أبلغ سلامي زاكيا *** بطوس مولاى الرّضا

سبط النبيّ المصطفى *** و ابن الوصيّ المرتضى

من حاز عزّا أقعسا *** و شاد مجدا أبيضا

و قل له من مخلص *** يرى و لا مفترضا

في الصدر لفح حرقة *** تترك قلبي حرضا

من ناصبين غادروا *** قلب الموالي ممرضا

صرّحت عنهم معرضا *** و لم أكن معرّضا

نابذتهم و لم أبل *** إن قيل قد ترفّضا

يا حبّذا رفضي لمن *** نابذكم و أبغضا

و لو قدرت زرته *** و لو على جمر الغضا

ص: 169

لكنّني معتقل *** بقيد خطب عرضا

جعلت مدحي بدلا *** من قصده و عوضا

أمانة موردة *** على الرّضا ليرتضى

رام ابن عبّاد بها *** شفاعة لن تدحضا(1)

الصدوق ، قال : حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه ، قال : حدثنا أبي ، عن أحمد بن علي الأنصارى قال : قال ابن المشيع المدني يرني الرضا علیه السلام بشعر يأتي ذكره إنشاء الله تعالى :

يا بقعة مات بها سيدى *** ما مثله في الناس من سيد

مات الهدى من بعده والندى *** و شمر الموت به يفتدي

لا زال غيث الله يا قبره *** عليك منه رائحاً مغتدي

كان لنا غيثاً به نرتوى *** وكان كالنجم به نهتدي

إن عليا ابن موسى الرضا *** قدحل والسؤدد في ملحد

يا عين فابكي بدم بعده *** على انقراض المجد والسؤدد(2)

ولعلي بن عبد الله الخوافي يرني الرضا علیه السلام :

يا أرض طوس سقاك الله رحمته *** ماذا حويت من الخيرات ياطوس

طابت بقاعك في الدنيا و طيبها *** شخص نوی بسناباد مرموس

شخص عزيز على الإسلام مصرعه *** في رحمة الله مغمور و مغموس

یا قبره أنت قبر قد تضمنه *** حلم و علم وتطهير وتقديس

فخراً بانك مغبوط بجثته *** و بالملائكة الأبرار محروس(3)

ص: 170


1- عيون الاخبار: 1-4-7.
2- المصدر: 2-250.
3- المصدر: 2512.

الصّدوق قال: حدّثنا الحاكم عليّ بن الحسين بن أحمد البيهقيّ ، قال: حدّثني محمّد بن يحيى الصوليّ ، قال: حدّثني هارون بن عبد اللّه المهلبيّ ، قال: حدّثني دعبل بن عليّ ، قال: جاءني خبر موت الرّضا عليه السّلام و أنا بقم و قلت قصيدتي الرائيّة في مرثيته عليه السّلام:

أرى أمية معذورين إن قتلوا *** و لا أرى لبني العبّاس من عذر

أولاد حرب و مروان و اسرتهم *** بنو معيط ولاة الحقد و الوغر

قوم قتلتم على الإسلام أوّلهم *** حتّى اذا استمكنوا جازوا على الكفر

اربع بطوس على قبر الزكيّ به *** إن كنت تربع من دين على وطر

قبران في طوس خير النّاس كلّهم *** و قبر شرّهم هذا من العبر

ما ينفع الرّجس من قرب الزكيّ و ما *** على الزكيّ بقرب الرّجس من ضرر

هيهات كل امرى رهن بما كسبت *** له يداه فخذ ما شئت أو فذر(1)

قال الصّولي: و أنشدني عون بن محمّد، قال: أنشدني منصور بن طلحة، قال أبو طلحة: قال أبو محمّد اليزيديّ : لمّا مات الرضا عليه السّلام رثيته فقلت:

ما لطوس لا قدّس اللّه طوسا *** كلّ يوم تجوز علقا نفيسا

بدأت بالرّشيد فاقتبضته *** و ثنت بالرّضا عليّ بن موسى

بإمام كالأئمة فضلا *** فسعود الزّمان عادت نحوسا(2)

و وجدت في كتاب لمحمد بن حبيب الضبيّ :

قبر بطوس به أقام إمام *** حتم إليه زيادة و لمام

قبر أقام به السلام و إن غدا *** تهدي إليه تحيّة و سلام

قبر سنا أنواره تجلوا العمى *** و بتربه قد تدفع الأسقام

ص: 171


1- عيون الاخبار: 2-251.
2- عيون الاخبار: 2-251.

قبر يمثّل للعيون محمّدا *** و وصيّه و المؤمنون قيام

خشع العيون لذا و ذاك مهابة *** في كنهها لتحيّر الأفهام

قبر إذا حلّ الوفود بربعه *** رحلوا و حطّت عنهم الآثام

و تزوّدوا أمن العقاب و أومنوا *** من أن يحلّ عليهم الأعدام

اللّه عنه به لهم متقبل *** و بذاك عنهم جفّت الأقلام

إن يغن عن سقي الغمام فإنّه *** لو لاه لم تسق البلاد غمام

قبر عليّ بن موسى حلّه *** بثراه يزهو الحلّ و الإحرام

فرض إليه السّعى كالبيت الّذي *** من دونه حقّ له الإعظام

من زاره في اللّه عارف حقّه *** فالمسّ منه على الجحيم حرام

و مقامه لا شكّ يحمد في غد *** و له بجنّات الخلود مقام

و له بذاك اللّه أو في ضامن *** قسما إليه تنتهى الأقسام

صلى الا له على النبيّ محمّد *** و علت عليّا نصرة و سلام

و كذا على الزّهراء صلّى سرمدا *** ربّ بواجب حقّها علاّم

و عليه صلّى ثمّ بالحسن ابتدئ *** و على الحسين لوجهه الإكرام

و على عليّ ذي التّقى و محمّد *** صلّى و كلّ سيّد و همام

و على المهذّب و المطهّر جعفر *** أزكى الصّلاة و إن أبي الأقزام

الصّادق المأثور عنه علم ما *** فيكم به تتمسّك الأقوام

و كذا علي موسى أبيك و بعده *** صلى عليك و للصّلاة دوام

و على محمّد الزّكيّ فضوعفت *** و على عليّ ما استمرّ كلام

و على الرّضا ابن الرّضا الحسن الّذي *** عمّ البلاد لفقده الأظلام

و على خليفته الّذي لكم به *** تمّ النّظام فكان فيه تمام

فهو المؤمّل إن يعود به الهدى *** غضّا و أن تستوثق الأحكام

ص: 172

لو لا الائمة واحد عن واحد *** درس الهدى و استسلم الإسلام

كلّ يقوم مقام صاحبه إلى *** أن تنتهي بالقائم الأيّام

يا ابن النبيّ و حجّة اللّه الّتي *** هي للصّلاة و للصّيام قيام

ما من إمام غاب عنكم لم يقم *** خلف له تشفى به الأرغام(1)

و له أيضا:

قبران في طوس الهدى بواحد *** و الغىّ في لحد ثراه ضرام

قرب الغوىّ من الزكىّ مضاعف *** لعذابه و لأنفه الارغام

إنّ الأئمّة تستوى في فضلها *** و العلم كهل منكم و غلام

أنتم إلى اللّه الوسيلة و الأولى *** علموا الهدى فهم له أعلام

أنتم ولاة الدين و الدّنيا و من *** للّه فيه حرمة و ذمام

ما النّاس إلا من أقرّ بفضلكم *** و الجاهدون بهائم و سوام

بل هم أضلّ عن السّبيل بكفرهم *** و المقتدي منهم بهم أزلام

يدعون في دنياكم و كانّهم *** في جحدهم أنعامكم أنعام

يا نعمة اللّه التي تحبو بها *** من يصطفي من خلقه المنعام

إن غاب منك الجسم عنّا أنه *** للرّوح منك إقامة و نظام

أرواحكم موجودة أعيانها *** إن عن عيون غيّبت أجسام

الفرق بينك و النبيّ نبوّة *** إذ بعد ذلك تستوي الأقدام

قبران في طوس الهدى في واحد *** و الغيّ في لحد يراه ضرام

قبران مقترنان هذا ترعة *** جنوية فيها يزار إمام

و كذاك ذلك من جهنّم حفرة *** فيها يجدّد للغوي هيّام

قرب الغوى من الزكيّ مضاعف *** لعذابه و لأنفه الأرغام

ص: 173


1- مناقب آل ابى طالب: 2-411.

إن يدن منه فإنّه لمباعد *** و عليه من خلع العذاب ركام

و كذاك ليس يضرّك الرّجس الّذي *** يدنيه منك جنادل و رخام

لا بل يريك عليك أعظم حسرة *** إذ أنت تكرم و اللّعين يسام

سوء العذاب مضاعف تجرى به *** السّاعات و الأيام و الأعوام

يا ليت شعرى هل بقائمكم غدا *** يغدو و يكفي للقراع حسام

تفطي يداى به غليلا فيكم *** بين الحشام لم ترو منه أوام

و لقد يهيّجنى قبوركم إذا *** هاجت سواي معالم و خيام

من كان يغرم بامتداح ذوي الغنى *** فبمدحكم لي صوة و غرام

و إلى أبي الحسن الرّضا أهديتها *** مرضيّة تلتذّها الأفهام

خذها عن الضبيّ عبدكم الّذي *** هانت عليه فيكم الألوام

إن أقض حقّ اللّه فيك فإنّ لى *** حقّ القرى للضيف إذ يغتام

فاجعله منك قبول قصدي أنّه *** غنم عليه حداني استغنام

من كان بالتّعليم أدرك حبّكم *** فمحبّتى إياكم إلهام(1)

أبو فراس:

باءوا بقتل الرّضا من بعد بيعته *** و أبصروا بغضه من رشدهم و عموا

عصابة شقيت من بعد ما سعدت *** و معشر هلكوا من بعد ما سلموا

لا بيعة ردعتهم عن دمائهم *** و لا يمين و لا قربى و لا رحم

و أكثر دعبل مراثيه عليه السّلام منها:

يا حسرة تتردّد و عبرة ليس تنفد *** على عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد

و منها:

يا نكبة جاءت من الشرق *** لم تتركن منّي و لم تبق

ص: 174


1- عيون الاخبار: 2-252.

موت عليّ بن موسى الرّضا *** من سخط اللّه على الخلق

و أصبح الإسلام مستعبرا *** لثلمة بائنة الرّتق

سقى الغريب المبتنى قبره *** بأرض طوس سيل الودق

أصبح عيني مانعا للكرى *** و أولع الأحشاء بالخفق

و منها:

ألا ما لعين بالدّموع استهلّت *** و لو نفرت ماء الشّئون لقلت

على من بكته الأرض و استرجعت له *** رءوس الجبال الشّامخات و ذلّت

و قد أعولت تبكي السّماء لفقده *** و أنجمها ناحت عليه و كلّت

فنحن عليه اليوم أجدر بالبكا *** لمرزئة عزّت علينا و جلّت

رزئنا رضي اللّه سبط نبيّنا *** فأخلفت الدّنيا له و تولّت

و ما خير دنيا بعد آل محمّد ص *** ألا لا نباليها إذا ما اضمحلّت

تجلت مصيبات الزّمان و لا أمرى *** مصيبتنا بالمصطفين تجلت

و منها:

و قد كنّا نؤمّل أن يحيّا *** إمام هدى له رأي طريف

يرى سكناته فيقول عنهم *** و تحت سكونه رأى ثقيف

له سمحاء تغدو كلّ يوم *** بنائلة و سارية تطوف

فأهدى ريحه قدر المنايا *** و قد كانت له ريح عصوف

أقام بطوس ملقحة المنايا *** مزار دونه نأي قذوف(1)

قال أبو الفرج: و أنشدني عليّ بن سليمان الأخفش لدعبل بن عليّ الخزاعي يذكر الرضا عليه السلام و السمّ الّذي سقيه، و يرثه ابنا له و ينعى على الخلفاء من بني العبّاس:

على الكره ما فارقت أحمد و انطوى *** عليه بناء جندل و دفين

ص: 175


1- مناقب آل أبى طالب: 3...

و أسكنته بيتا خسيسا متاعه *** و إنّي على رغمي به لحنين

و لو لا التأسي بالنبيّ و أهله *** لأسبل من عينى عليه شئون

هو النفس إلا أنّ آل محمّد *** لهم دون نفسي في الفؤاد كمين

أضرّ بهم إرث النبيّ فأصبحوا *** يساهم فيه خيفة و منون

دعتهم ذئاب من اميّة و انتحت *** عليهم دراكا أزمة و سنون

و عاشت بنو العبّاس في الدّين عيشة *** تحكم فيه ظالم و ظنين

و سمّوا رشيدا ليس فيهم لرشدة *** و ما ذاك مأمون و ذاك أمين

فما قبلت بالرّشد منهم رعاية *** و لا لو لي بالأمانة دين

رئيسهم غاو و طفلاه بعده *** لهذا دنا باد و ذاك مجون

ألا أيّها القبر الغريب محلّه *** بطوس عليك السّاريات هتون

شككت فما أدرى أم سقي شربة *** فأبكيك أم ريب الرّدى فيهون

و أيّهما ما قلت إن قلت شربة *** و إن قلت موت إنّه لقمين

أيا عجبا منهم يسمونك الرّضا *** و يلقاك منهم كلحة و غضون

أتعجب لا خلاق أن يتخيفوا *** معالم دين اللّه و هو مبين

لقد سبقت فيهم بفضلك آية *** لدىّ و لكن ما هناك يقين(1)

المفيد و الحسن بن إسماعيل معا عن محمّد بن عمران المرزباني عن عبد اللّه بن يحيى العسكريّ ، عن أحمد بن زيد بن أحمد، عن محمّد بن يحيى ابن أكثم عن أبيه قال:

أقدم المأمون دعبل بن عليّ الخزاعيّ رحمه اللّه و آمنه على نفسه فلمّا مثل بين يديه و كنت جالسا بين يدى المأمون، فقال: أنشدني قصيدتك الكبيرة فجحدها دعبل و أنكر معرفتها فقال له: لك الأمان عليها كما أمنتك علي نفسك فأنشده:

تأسفت جارتى لمّا رأت زوري *** و عدّت الحلم ذنبا غير مغتفر

ترجوا لصبى بعد ما شابت ذوائبها *** و قد جرت طلقا في حلبة الكبر

ص: 176


1- مقاتل الطالبين: 38.

أ جارتي إنّ شيب الرأس يعلمني *** ذكر المعاد و إرضائي عن القدر

لو كنت أركن للدّنيا و زينتها *** إذا بكيت على الماضين من نفر

أخنى الزّمان على أهلي فصدّعهم *** تصدّع الشعب لاقي صدمة الحجر

بعض أقام و بعض قد أصاب بهم *** داعي المنيّة و الباقي على الأثر

أمّ المقيم فأخشى أن يفارقني *** و لست أوبة من ولى بمنتظر

أصبحت أخبر على أهلي و عن ولدي *** كحالم قصّ رؤيا بعد مدّكر

لو لا تشاغل عيني بالاولى سلفوا *** من أهل بيت رسول اللّه لم أقر

و في مواليك للتحزين مشغلة *** من أن يبيت بمفقود على أثر

كم من ذراح لهم بالطفّ بائنة *** و عارض بصعيد الترب منغفر

أمسى الحسين و مسراهم بمقتله *** و هم يقولون هذا سيّد البشر

يا أمّة السوء ما جازيت أحمد في *** حسن البلاء على التنزيل و السور

خلّفتموه على الأبناء حين مضى *** خلافة الذئب في إنقاذ ذى بقر

قال يحيى بن أكثم و أنفذني المأمون في حاجة فعدت و قد انتهى إلى قوله:

لم يبق حىّ من الأحياء نعلمه *** من ذى يمان و لا بكر و لا مضر

إلاّ و هم شركاء في دمائهم *** كما تشارك أيسار على جزر

قتلا و أسرا و تخويفا و منهبة *** فعل الغزاة بأهل الرّوم و الخزر

أرى أميّة معذورين إن قتلوا *** و لا أرى لبني العبّاس من عذر

قوم قتلتم على الاسلام أوّلهم *** حتّى إذا استمكنوا جازوا على الكفر

أبناء حرب و مروان و أسرتهم *** بنو معيط ولاة الحقد و الوغر

اربع بطوس على قبر الزكيّ بها *** إن كنت تربع من دين على وطر

هيهات كلّ امرئ رهن بما كسبت *** له يداه فخذ ما شئت أو فذر(1)

ص: 177


1- بحار الانوار: 49-322.

في كتاب المقتضب لابن عيّاش، عن عبد اللّه بن محمّد المسعوديّ عن المغيرة ابن محمّد المهلبي قال: أنشدني عبد اللّه بن أيوب الخريتي الشّاعر و كان انقطاعه إلى أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام يخاطب ابنه أبا جعفر محمّد بن عليّ بعد وفاة أبيه الرّضا عليهما السّلام:

يا ابن الذّبيح و يا ابن أعراق الثرى *** طابت ارومته و طاب عروقا

بابن الوصيّ وصيّ أفضل مرسل *** أعني النبيّ الصادق المصدوقا

ما لفّ في خرق القوابل مثله *** أسد يلفّ مع الخريق خريقا

يا أيّها الحبل المتين متى أغد *** يوما بعقوته أجده وثيقا

أنا عائذ بك في القيامة لائذ *** أبغي لديك من النّجاة طريقا

لا يسبقنى في شفاعتكم غدا *** أحد فلست بحبّكم مسبوقا

يا ابن الثمانية الأئمّة غرّبوا *** و أبا الثّلاثة شرّقوا تشريقا

إنّ المشارق و المغارب أنتم *** جاء الكتاب بذلكم تصديقا(1)

قال أبو الفرج: هذه القصيدة ذكر محمّد بن عليّ بن حمزة أنها في علي بن موسى الرّضا عليهما السّلام:

يا صاحب العيس يحدى في أزمتها *** اسمع و اسمع غدا يا صاحب العيس

أقر السلام على قبر بطوس و لا *** تقر السلام و لا النعمى على طوس

فقد أصاب قلوب المسلمين بها *** روع و أفرخ فيها روع إبليس

و أخلست واحد الدّنيا و سيدها *** فأيّ مختلس منا و مخلوس

و لو بدا الموت حتّى يستدير به *** لاقى وجوه رجال دونه شوس

بؤسا لطوس فما كانت منازله *** مما تخوّفه الأيّام بالبؤس

معرّسي حيث لا تعريس ملتبس *** يا طول ذلك من نأى و تعريس

ص: 178


1- بحار الانوار: 49-325.

إنّ المنايا أنالته مخالبها *** و دونه عسكر جمّ الكراديس

أو في عليه الرّدي في خيس أشبله *** و الموت يلقى أبا الاشبال في الخيس

ما زال مقتبسا من نور والده *** إلى النبي ضياء غير مقبوس

في منبت نهضت فيه فروعهم *** بباسق في بطاح الملك مغروس

و الفرع لا يرتقى إلا على ثقة *** من القواعد و الدّنيا بتأسيس

لا يوم أولى بتخريق الجيوب و لا *** لطم الخدود و لا جدع المعاطيس

من يوم طوس الّذي نادت بروعته *** لنا النّعاة و أغواه القراطيس

حقا بأنّ الرضا أودى الزمان به *** ما يطلب الموت إلا كلّ منفوس

ذا اللحظتين و ذا اليومين مفترش *** رمسا كآخر في يومين مرموس

بمطلع الشّمس وافته منيّته *** ما كان يوم الرّدى عنه بمحبوس

يا نازلا جدثاني غير منزله *** و يا فريسة يوم غير مفروس

لبست ثوب البلى اعزز عليّ به *** لبسا جديدا و ثوبا غير محبوس

صلّى عليك الذي قد كنت تعبده *** تحت الهواجر في تلك الأماليس

لو لا مناقصة الدّنيا محاسنها *** لما تقايسها أهل المقابيس

أحلّك اللّه دارا غير زائلة *** في منزل برسول اللّه مأنوس

الصّدوق - رحمه اللّه - قال حدّثنا أحمد بن يحيى المكتب، قال: حدّثنا أبو الطّيب أحمد بن محمّد الورّاق، قال: حدّثنا عليّ بن هارون الحميريّ ، قال: حدّثنا علي بن محمّد بن سلمان النّوفلي قال: إنّ المأمون لما جعل عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام وليّ عهده و إنّ الشّعراء قصدوا المأمون و وصلهم بأموال جمة حين مدحوا الرّضا عليه السلام و صوّبوا رأى المأمون في الأشعار دون أبي نواس فإنه لم يقصده و لم يمدحه و دخل على المأمون فقال له: يا أبا نواس قد علمت مكان عليّ بن موسى الرّضا منّي و ما أكرمته به، فلما ذا أخرت مدحه و أنت شاعر زمانك و قريع دهرك، فأنشد يقول:

ص: 179

قيل لي أنت أوحد النّاس طرّا *** في فنون من الكلام النبيّه

لك من جوهر الكلام بديع *** يثمر الدّرّ في يدى مجتنيه

فعلى ما تركت مدح ابن موسى *** و الخصال الّتي تجمعن فيه

قلت لا اهتدى لمدح إمام *** كان جبريل خادما لأبيه

فقال المأمون: أحسنت و وصله من المال بمثل الّذي وصل به كافة الشعراء و فضله عليهم. (1) عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتّب رحمه اللّه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن يحيى الفارسيّ ، قال: نظر أبو نواس إلى أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام ذات يوم و قد خرج من عند المأمون على بغلة له، فدنا منه أبو نواس، فسلّم عليه و قال: يا ابن رسول اللّه قد قلت فيك أبياتا فاحبّ أن تسمعها منّي قال: هات فأنشأ يقول:

مطهرون نقيّات ثيابهم *** تجري الصّلاة عليهم أينما ذكروا

من لم يكن علوّ يا حين تنسبه *** فماله من قديم الدّهر مفتخر

فاللّه لما برأ خلقا فأتقنه *** صفاكم و اصطفاكم أيّها البشر

فأنتم الملاء الأعلى و عندكم *** علم الكتاب و ما جاءت به السور

فقال الرّضا عليه السّلام قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد، ثمّ قال يا غلام هل معك من نفقتنا شيء؟ فقال: ثلث مائة دينار، فقال: أعطها إيّاه، ثمّ قال عليه السّلام: لعلّه استقلّها يا غلام سق إليه البغلة. (2)

عنه قال: حدّثنا أبو نصر محمّد بن الحسين بن إبراهيم الكرخي الكتاب بإيلاق قال حدّثنا أبو الحسن محمّد بن صقر الغساني، قال حدّثنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصوليّ

ص: 180


1- عيون الاخبار: 2-142.
2- المصدر: 2-144.

قال سمعت أبا العبّاس محمّد بن يزيد المبرّد يقول: خرج أبو نواس ذات يوم من داره فبصر براكب قد حاذاه، فسئل عنه و لم يرو وجهه فقيل: إنّه عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام فانشأ يقول:

إذا أبصرتك العين من بعد غاية *** و عارض فيك الشكّ أثبتك القلب

و لو أنّ قوما أمموك لقادهم *** نسميك حتّى يستدلّ بك الركب(1)

عنه قال: حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب و عليّ بن عبد اللّه الورّاق رضي اللّه عنهما، قالا: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، بن عبد السلم بن صالح الهرويّ قال: دخل دعبل بن عليّ الخزاعيّ (ره) على عليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام بمرو، فقال له: يا ابن رسول اللّه إني قد قلت فيك قصيدة و آليت على نفسى أن لا انشدها أحدا قبلك: قال عليه السّلام هاتها فانشده:

مدارس آيات خلت من تلاوة *** و منزل وحى مقفر العرصات

فلمّا بلغ إلى قوله:

أرى فيئهم في غيرهم متقسما *** و أيديهم من فيئهم صفرات

بكى أبو الحسن الرّضا عليه السّلام، و قال له: صدقت يا خزاعيّ ، فلما بلغ إلى قوله:

إذا و تروا مدّوا إلى واتريهم *** أكفا عن الأوتار منقبضات

جعل أبو الحسن عليه السّلام يقلّب كفّيه و يقول: أجل و اللّه منقبضات؛ فلمّا بلغ إلى قوله:

لقد خفت في الدنيا و أيام سعيها *** و إنّى لأرجوا لأمن بعد وفاتي

قال الرّضا عليه السّلام: آمنك اللّه يوم الفزع الأكبر؛ فلمّا انتهى إلى قوله:

و قبر ببغداد لنفس زكيّة *** تضمّنها الرّحمن في الغرفات

ص: 181


1- عيون الاخبار: 2-144.

قال له الرّضا عليه السّلام: أ فلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك ؟ فقال: بلى يا ابن رسول اللّه، فقال عليه السّلام:

و قبر بطوس يا لها من مصيبة *** توقّد في الأحشاء بالحرقات

إلى الحشر حتّى يبعث اللّه قائما *** يفرّج عنا الهمّ و الكربات

فقال دعبل: يا ابن رسول اللّه هذا القبر الّذي بطوس قبر من هو؟ فقال الرّضا عليه السلام: قبري و لا تنقضي الأيام و اللّيالي حتّى تصير طوس مختلف شيعتي و زوّاري ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيمة مغفورا له، ثم نهض الرّضا عليه السّلام بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة و أمره أن لا يبرح من موضعه فدخل الدّار.

فلمّا كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضويّة، فقال له: يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك، فقال دعبل: و اللّه ما لهذا جئت و لا قلت هذه القصيدة طمعا في شيء يصل إليّ ، و ردّ الصرّة و سأل ثوبا من ثياب الرّضا عليه السّلام ليتبرّك و يتشرّف به، فأنفذ إليه الرّضا عليه السلام جبّة خزّ مع الصرّة.

و قال للخادم: قل له: خذ هذه الصرّة فإنك ستحتاج إليها و لا تراجعني فيها، فأخذ دعبل الصرّة و الجبّة و انصرف و سار من مرو في قافلة، فلما بلغ ميان قوهان (1) وقع عليهم اللّصوص فأخذوا القافلة بأسرها و كتفوا أهلها و كان دعبل فيمن كتف و ملك اللّصوص القافلة، و جعلوا يقسّمونها بينهم فقال رجل من القوم متمثّلا بقول دعبل في قصيدته:

ص: 182


1- ميان قوهان معرب «ميان كوهان» يعنى وسط الجبال و هذه الواقعة كانت فى ناحية بين ابيورد و نسا، و يقال لهذه المنطقة اليوم: «كلات» و «درگز» و هذه الناحية كانت من قديم لزمان مأوى للصوص و العيارين و قطاع الطريق و الاكراد الحرامية و المتمردين، كانوا يقطعون الطريق و يأخذون الاموال ثم يخفون فى شعاب الجبال و هى الجبل المعروف اليوم به «هزار مسجد»

أرى فيئهم في غيرهم متقسما *** و أيديهم من فيئهم صفرات

فسمعه دعبل فقال له: لمن هذا البيت ؟ فقال: لرجل من خزاعة يقال له: دعبل ابن عليّ ، قال: فأنا دعبل قائل هذه القصيدة الّتي منها هذا البيت، فوثب الرّجل إلى رئيسهم و كان يصلّي على رأس تلّ و كان من الشّيعة، فأخبره فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل، و قال له: أنت دعبل ؟ فقال نعم، فقال له أنشدني القصيدة:

فأنشدها فحلّ كتافه و كتاف جميع أهل القافلة و ردّ إليهم جميع ما أخذ منهم لكرامة دعبل، و سار دعبل حتّى وصل إلى قمّ ، فسأله أهل قمّ أن ينشدهم القصيدة، فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع، فلما اجتمعوا صعد المنبر، فأنشدهم القصيدة فوصله النّاس من المال و الخلع بشيء كثير و اتّصل بهم خبر الجبّة، فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار.

فامتنع من ذلك فقالوا له: فبعنا شيئا منها بألف دينار، فأبى عليهم و سار عن قمّ ، فلمّا خرج من رستاق البلد، لحق به قوم من أحداث العرب و أخذوا الجبّة منه فرجع دعبل إلى قمّ و سألهم ردّ الجبّة فامتنع الأحداث من ذلك، و عصوا المشايخ في أمرها فقالوا لدعبل: لا سبيل لك إلى الجبّة فخذ ثمنها ألف دينار، فأبى عليهم، فلمّا يئس من ردّهم الجبّة سألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها، فأجابوه إلى ذلك و أعطوه بعضها و دفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار، و انصرف دعبل إلى وطنه.

فوجد اللّصوص قد أخذوا جميع ما كان في منزله، فباع المائة الدينار الّتي كان الرّضا عليه السّلام وصله بها، فباع من الشّيعة كلّ دينار بمائة درهم، فحصل في يده عشرة ألف درهم فذكر قول الرّضا عليه السّلام: إنّك ستحتاج إلى الدّنانير، و كانت له جارية لها من قلبه محلّ فرمدت عنها رمدا عظيما، فأدخل أهل الطبّ عليها فنظروا إليها.

فقالوا أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة و قد ذهبت، و أمّا اليسرى فنحن

ص: 183

نعالجها و نجتهد و نرجو أن تسلم، فاغتمّ لذلك دعبل غمّا شديدا و جزع عليها جزعا عظيما، ثمّ إنه ذكر ما كان معه من وصلة الجبّة فمسحها على عيني الجارية و عصبها بعصابة منها من أوّل الليل فأصبحت و عيناها أصحّ ما كانت قبل، ببركة أبي الحسن الرضا عليه السّلام (1).

قال الإربلي: و منها قصّة دعبل بن عليّ الخزاعي الشاعر، قال دعبل: لما قلت مدارس آيات، قصدت بها أبا الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام و هو بخراسان وليّ عهد المأمون في الخلافة، فوصلت المدينة و حضرت عنده و أنشدته ايّاها فاستحسنها و قال لي: لا تنشدها أحدا حتى آمرك. و اتّصل خبري بالخليفة المأمون فأحضرني و سائلني عن خبري.

ثم قال يا دعبل: أنشدني

«مدارس آيات خلت من تلاوة»

فقلت: ما أعرفها يا أمير المؤمنين فقال: يا غلام أحضرنا أبا الحسن عليّ بن موسى الرّضا، قال: فلم تكن إلاّ ساعة حتى حضر، فقال له: يا أبا الحسن سألت دعبلا عن «مدارس آيات» فذكر أنه لا يعرفها: فقال لي: أبو الحسن: يا دعبل أنشد أمير المؤمنين فأخذت فيها فأنشدتها فاستحسنها و أمر لي بخمسين ألف درهم و أمر لي أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا بقريب من ذلك.

فقلت يا سيّدي إن رأيت أن تهبني شيئا من ثيابك ليكون كفني، فقال:

نعم، ثمّ دفع إليّ قميصا قد ابتذله و منشّفة لطيفة و قال لي: احفظ هذا تحرس به.

ثم دفع إليّ ذو الرئاستين أبو العباس الفضل بن سهل وزير المأمون صلة و حملني على برذون أصفر خراسانيّ و كنت اسايره في يوم مطير و عليه ممطر خزّ و برنس منه، فأمر لي به و دعا بغيره جديد فلبسه، و قال: إنما آثرتك للبس لأنّه خير الممطرين قال فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه، ثم كرّرت راجعا إلى العراق.

ص: 184


1- عيون الاخبار: 2-363-265.

فلمّا صرت في بعض الطريق خرج علينا الأكراد فأخذونا، و كان ذلك اليوم يوما مطيرا فبقيت في قميص و ضرّ شديد و أنا متأسّف من جميع ما كان معي على القميص و المنشفة، و متفكّر في قول سيّدي الرّضا إذا مرّ بي واحد من الأكراد الحراميّة تحته الفرس الأصفر الّذي حملني عليه ذو الرّئاستين و عليه الممطر و وقف بالقرب منّي ليجتمع عليه أصحابه و هو ينشد:

«مدارس آيات خلت من تلاوة»

و يبكي.

فلمّا رأيت ذلك منه عجبت من لصّ من الأكراد يتشيّع (1)، ثم طمعت في القميص و المنشفة فقلت يا سيّدي لمن هذه القصيدة ؟ فقال و ما أنت و ذاك ؟ فقلت: لي فيه سبب أخبرك به، فقال: هي أشهر بصاحبها أن تجهل، فقلت: من هو؟ قال: دعبل بن عليّ الخزاعيّ شاعر آل محمّد جزاه اللّه خيرا، فقلت له: و اللّه يا سيّدي أنا دعبل و هذه قصيدتي فقال: ويلك ما تقول: قلت: الأمر أشهر من ذلك، فأرسل إلى أهل القافلة، فاستحضر منهم جماعة و سألهم عني.

فقالوا بأسرهم: هذا دعبل بن عليّ الخزاعيّ فقال: قد أطلقت كلّما أخذ من القافلة خلالة فما فوقها كرامة لك، ثمّ نادى في أصحابه: من أخذ شيئا فليردّه، فرجع على الناس جميع ما أخذ منهم و رجع إلى جميع ما كان معي ثم بدرقنا الى المأمن

ص: 185


1- يظهر من هذه الرواية أن الاكراد يسكنون خراسان من صدر الاسلام، و كانوا من الشيعة الامامية و كما سبق آنفا ان هذه الواقعة كانت فى ناحية «ميان قوهان» بين ابيورد و نسا كما جاء فى ترجمة دعبل الخزاعى و هى الناحية المعروفة التى يقال لها اليوم «كلات» و «درگز» فى خراسان. و يد لنا هذا الخبر ان هؤلاء الاكراد لم يكونوا من اللصوص و انما كانوا خارجين على بنى العباس، و يرون الحق لاهل البيت عليهم السلام و كانوا من شيعتهم و لهؤلاء الاكراد اخبار حسان ذكرناها فى تاريخ «خبوشان و باورد و نسا».

فحرست أنا و القافلة ببركة القميص و المنشّفة (1).

و قال أيضا: و قد أورد الطبرسي رحمه اللّه قصّة دعبل بن عليّ على زيادات عمّا ذكرناه فذكرتها عن أبي الصّلت الهرويّ قال: دخل دعبل بن عليّ الخزاعيّ على الرّضا عليه السّلام بمرو قال له: يا ابن رسول اللّه إنّي قد قلت فيكم قصيدة و آليت على نفسي ألاّ أنشدها أحدا قبلك، فقال الرّضا عليه السّلام هاتها يا دعبل فانشد و هو:

تجاوبن بالأرنان و الزفرات *** نوائح عجم اللّفظ و النّطقات

يخبرن بالأنفاس عن سرّ أنفس *** اسارى هوى ماض و آخر آت

فأسعدن أو أسعفن حتّى تقوّضت *** صفوف الدّجى بالفجر منهزمات

على العرصات الخاليات من المها *** سلام شج صبّ على العرصات

فعهدي بها خضر المعاهد مألفا *** من العطرات البيض و الخفرات

ليالي يعدين الوصال على القلى *** و يعدى تدانينا على الغربات

و إذ هنّ يلحظن العيون سوافرا *** و يسترن بالأيدي على الوجنات

و إذ كلّ يوم لي بحظّي نشوة *** يبيت بها قلبي على نشوات

فكم حسرات هاجها بمحسّر *** وقوفي يوم الجمع من عرفات

أ لم تر للأيّام ماجر جورها *** على الناس من نقص و طول شتات

و من دول المستهزئين و من غدا *** بهم طالبا للنور في الظلمات

فكيف و من انّي بطالب زلفة *** إلى اللّه بعد الصوم و الصلوات

سوى حبّ أبناء النبيّ و رهطه *** و بغض بني الزرقاء و العبلات

و هند و ما أدّت سميّة و ابنها *** أولو الكفر في الإسلام و الفجرات

هم نقضوا عهد الكتاب و فرضه *** و محكمه بالزّور و الشّبهات

و لم تك إلاّ محنة كشفتهم *** بدعوى ضلال من هن و هنات

ص: 186


1- كشف الغمة: 3-14.

تراث بلا قربى و ملك بلا هدىّ *** و حكم بلا شورى بغير هدات

رزايا أرتنا خضرة الأفق حمرة *** و ردّت اجاجا طعم كلّ فرات

و ما سهلت تلك المذاهب فيهم *** على الناس إلاّ بيعة الفلتات

و ما قيل أصحاب السّقيفة جهرة *** بدعوى تراث في الضّلال تبات

و لو قلّدوا الموصى إليه امورها *** لزّمت بمأمون عن العثرات

أخي خاتم الرّسل الصفىّ من القذى *** و مفترس الأبطال في الغمرات

فإن جحدوا كان الغدير شهيده *** و بدر واحد شامخ الهضبات

و آي من القرآن يتلى بفضله *** و إيثاره بالقوت في اللّزبات

و غرّ خلال أدركته بسبقها *** مناقب كانت فيه مؤتنقات

مناقب لم تدرك بخير و لم تنل *** بشيء سوى حدّ القنا الذّربات

نجىّ لجبرئيل الأمين و أنتم *** عكوف على العزّى معا و منات

بكيت لرسم الدّار من عرفات *** و أجريت دمع العين بالعبرات

و بان عرا صبري و هاجت صابتي *** رسوم ديار قد عفت و عرات

مدارس آيات خلت من تلاوة *** و منزل وحى مقفر العرصات

لآل رسول اللّه بالخيف من منى *** و بالبيت و التعريف و الجمرات

ديار لعبد اللّه بالخيف من منى *** و للسيد الدّاعي إلى الصلوات

ديار عليّ و الحسين و جعفر *** و حمزة و السجّاد ذي الثفنات

ديار لعبد اللّه و الفضل صنوه *** نجيّ رسول اللّه في الخلوات

و سبطى رسول اللّه و ابنى وصيّة *** و وارث علم اللّه و الحسنات

منازل وحي اللّه ينزل بينها *** على أحمد المذكور في السورات

منازل قوم يهتدي بهداهم *** و تؤمن منهم زلّة العثرات

منازل كانت للصّلاة و للتّقى *** و للصّوم و التطهير و الحسنات

منازل يتم لا يحلّ بربعها *** و لابن صهّاك فاتك الحرمات

ص: 187

ديار عفاها جور كلّ منابذ *** و لم تعف للأيّام و السنوات

قفا نسأل الدّار الّتي خفّ أهلها *** متى عهدها بالصّوم و الصلوات

و أين الأولى شطّت بهم غربة النّوى *** أفانين في الأطراف مفترقات

هم أهل ميراث النبيّ اذ اعتزوا *** و هم خير سادات و خير حمات

إذا لم نناج اللّه في صلواتنا *** بأسمائهم لم يقبل الصّلوات

مطاعيم في الأعسار في كلّ مشهد *** لقد شرّفوا بالفضل و البركات

و ما النّاس الاّ غاصب و مكذّب *** و مضطعن ذو إحنة و ترات

اذا ذكروا قتلى ببدر و خيبر *** و يوم حنين أسبلوا العبرات

فكيف يحبّون النبيّ و رهطه *** و هم تركوا أحشاء هم و عزات

لقد لا ينوه في المقال و اضمروا *** قلوبا على الأحقاد منطويات

فإن لم تكن إلا بقربي محمّد *** فهاشم أولى من هن و هنات

سقى اللّه قبرا بالمدينة غيثه *** فقد حلّ فيه الأمن بالبركات

نبيّ الهدى صلّى عليه مليكه *** و بلّغ عنّا روحه التّحفات

و صلّى عليه اللّه ما ذرّ شارق *** و لاحت نجوم اللّيل مبتدرات

أ فاطم لو خلت الحسين مجدّلا *** و قد مات عطشانا بشطّ فرات

إذا للطمت الخدّ فاطم عنده *** و أجريت دمع العين في الوجنات

أ فاطم قومي يا ابنة الخير و اندبي *** نجوم سماوات بأرض فلات

قبور بكوفان و اخرى بطيبة *** و اخرى بفخّ نالها صلوات

و أخرى بأرض الجوز جان محلّها *** و قبر بباخمرى لدى العزبات

و قبر ببغداد لنفس زكيّة *** تضمّنها الرحمن في الغرفات

و قبر بطوس يا لها من مصيبة *** ألحّت على الأحشاء بالزّفرات

إلى الحشر حتّى يبعث اللّه قائما *** يفرّج عنّا الغمّ و الكربات

عليّ بن موسى أرشد اللّه أمره *** و صلّى عليه أفضل الصّلوات

ص: 188

فأمّا الممضّات الّتي لست بالغا *** مبالغها معني بكنه صفات

قبور ببطن النّهر من جنب كربلاء *** معرّ سهم منها بشطّ فرات

توفّوا عطاشا بالفرات فليتنى *** توفّيت فيهم قبل حين وفاتي

إلى اللّه أشكو لوعة عند ذكرهم *** سقتني بكأس الثّكل و الفظعات

أخاف بأن از دارهم فتشوقني *** مصارعهم بالجزع فالنّخلات

تغشّاهم ريب المنون فما ترى *** لهم عقرة مغشيّة الحجرات

خلا أنّ منهم بالمدينة عصبة *** مدينين أنضاء من اللّزبات

قليلة زوّار سوى أنّ زوّرا *** من الضبّع و العقبات و الرّخمّات

لهم كلّ يوم تربة بمضاجع *** ثوت في نواحي الأرض مفترقات

تنكبت لاواء السنّين جوارهم *** و لا تصطليهم جمرة الجمرات

و قد كان منهم بالحجاز و أرضها *** مغاوير تجارون في الأزمات

حمى لم تزره المذنبات و أوجه *** تضيء لدى الأستار و الظلمات

إذا وردوا خيلا بسمر من القنا *** مساعير حرب أقحموا الغمرات

فإن فخروا يوما أتوا بمحمّد *** و جبريل و الفرقان و السورات

و عدوّا عليّا ذا المناقب و العلى *** و فاطمة الزّهراء خير بنات

و حمزة و العبّاس ذا الهدي و التقى *** و جعفرا الطيّار في الحجبات

أولئك لا ملقوح هند و حزبها *** سميّة من نوكى و من قذرات

ستسأل تيم عنهم و عديّها *** و بيعتهم من أعجز العجزات

هم منعوا الآباء عن أخذ حقّهم *** و هم تركوا الأبناء رهن شتات

و هم عدلوها عن وصيّ محمّد *** فبيعتهم جاءت عن الغدرات

وليّهم صنو النبيّ محمّد *** أبو الحسن الفرّاج للغمرات

ملامك في آل النبيّ فانّهم *** أحبّاي ما داموا و أهل ثقات

ص: 189

تخيّرتهم رشدا لنفسى إنّهم *** على كلّ حال خيرة الخيرات

نبذت إليهم بالمودّة صادقا *** و سلّمت نفسى طائعا لولاتي

فيا ربّ زدني في هواي بصيرة *** و زد حبّهم يا ربّ في حسناتي

سأبكيهم ما حجّ للّه راكب *** و ما ناح قمرىّ على الشّجرات

و إنّى لمولاهم و قال عدوّهم *** و إنّى لمحزون بطول حياتى

بنفسي أنتم من كهول و فتية *** لفك عتاة أو لحمل ديات

و للخيل لمّا قيّد الموت خطوها *** فأطلقتم منهنّ بالذرّبات

احب قصي الرحم من أجل حبّكم *** و أهجر فيكم زوجتي و بناتي

و أكتم حبيّكم مخافة كاشح *** عنيد لأهل الحقّ غير موات

فيا عين بكيّهم وجودي بعبرة *** فقد آن للتسكاب و الهملات

لقد خفت في الدّنيا و أيّام سعيها *** و إنّي لأرجوا الأمن بعد وفاتي

أ لم تر أني مذ ثلاثون حجّة *** أروح و أغدو دائم الحسرات

أرى فيئهم في غيرهم متقسّما *** و أيديهم من فيئهم صفرات

و كيف أداوي من جوى بى و الجوى *** أميّة أهل الكفر و اللعنات

و آل زياد في الحرير مصونة *** و آل رسول اللّه منهتكات

سأبكيهم ما ذرّ في الأفق شارق *** و نادى منادي الخير بالصلوات

و ما طلعت شمس و حان غروبها *** و باللّيل أبكيهم و بالغدوات

ديار رسول اللّه أصبحن بلقعا *** و آل زياد تسكن الحجرات

و آل رسول اللّه تدمى نحورهم *** و آل زياد ربّة الحجلات

و آل رسول اللّه يسبى حريمهم *** و آل زياد آمنوا السّربات

إذا وتروا مدّوا إلى واتريهم *** أكفّا عن الأوتار منقبضات

ص: 190

فلو لا الّذي أرجوه في اليوم أوغد *** تقطّع نفسي إثرهم حسرات

خروج إمام لا محالة خارج *** يقوم على اسم اللّه و البركات

يميّز فينا كلّ حقّ و باطل *** و يجزي علي النعماء و النّقمات

فيا نفس طيبي ثمّ يا نفس فابشري *** فغير بعيد كل ما هو آت

و لا تجزعي من مدّة الجور إننى *** أرى قوّتي قد آذنت بثبات

فيا ربّ عجّل ما أؤمّل فيهم *** لأشفي نفسي من أسى المحنات

فان قرب الرّحمن من تلك مدّتي *** و أخر من عمري و وقت وفاتي

شفيت و لم أترك لنفسي غصة *** و رويت منهم منصلي و قناتي

فإني من الرّحمن أرجو بحبّهم *** حياة لدى الفردوس غير تباتي

عسى اللّه أن يرتاح للخلق إنّه *** إلى كلّ قوم دائم اللّحظات

فإن قلت عرفا أنكروه بمنكر *** و غطّوا على التحقيق بالشبهات

تقاصر نفسي دائما عن جدالهم *** كفاني ما ألقى من العبرات

أحاول نقل الصمّ عن مستقرّها *** و إسماع أحجار من الصلدات

فحسبي منهم أن أبوء بغصة *** تردّد في صدري و في لهواتي

فمن عارف لم ينتفع و معاند *** تميل به الأهواء للشهوات

كأنّك بالأضلاع قد ضاق ذرعها *** لما حملت من شدّة الزّفرات(1)

قال ابن خلّكان: إنّ بعض أصحاب أبي نواس قال له: ما رأيت أوقح منك، ما تركت خمرا و لا طردا و لا معنى، إلا قلت فيه شيئا، و هذا علي بن موسى الرّضا في عصرك لم تقل فيه شيئا، فقال: و اللّه ما تركت ذلك إلاّ إعظاما ماله، و ليس قدر مثلي أن يقول في مثله، ثم أنشد بعد ساعة:

ص: 191


1- كشف الغمة: 3-157-164

قيل لي أنت أحسن الناس شعرا *** في فنون من الكلام النبيه(1)

إلى آخر الأبيات إلي نقلناها عن العيون.

قال الإربلي: و المنة للّه تعالى، فهو الذي أمدّ بالتوفيق، و هدى إلى الطّريق، و لا منّة عليهم عليهم السّلام، فانّ الواجب على العبد مدح سيّده، و وصف فخاره و سؤدده، و الذبّ عنه بلسانه و يده، و قد سمح خاطري بشعر في مدحه موسوم و بشريف اسمه و اسمي مرقوم.

و أنا أعتذر إلى محله الشريف، و مقامه العالي المنيف من التقصير عمّا يجب لقدره الخطير، و لكن لأمر ما جذع ما جذع أنفه قصير، فإني احبّ أن أكون من شعراء مجدهم، و إن كنت مقصّرا عما يجب لعبدهم أو لأحد من أهل ودّهم و الشعر:

أيها الرّاكب المجدّ قف العيس *** إذا ما حللت في أرض طوسا

لا تخف من كلالها ودع التأ *** ديب دون الوقوف و التعريسا

و الثم الأرض إن رأيت ثرى مش *** هد خير الورى عليّ بن موسى

و ابلغنه تحيّة و سلاما *** كشذى المسك من عليّ بن عيسى

قل سلام الإله في كلّ وقت *** يتلقّى ذاك المحلّ النفيسا

منزل لم ينزل به ذاكر اللّه *** يتلو التسبيح و التقديسا

دار عزّ ما انفكّ قاصدها ير *** جى إليها آماله و العيسا

بيت مجد ما زال و قفا عليه *** الحمد و المدح و الثّناء جليسا

ما عسى أن يقال في مدح قوم *** أسس اللّه مجدهم تأسيسا

ما عسى أن أقول في مدح قوم *** قدّس اللّه ذكرهم تقديسا

هم هداة الورى و هم أكرم النّا *** س اصولا شريفة و نفوسا

ص: 192


1- وفيات الاعيان: 2-433.

إن عزت أزمة تندّوا غيوثا *** أو دجت شبهه تبدّى شموسا

شرّفوا الخيل و المنابر لمّا *** افترعوها و النّاقة العنتريسا

معشر حبهم يجلّي هموما *** و مزاياهم تحلّي طروسا

كرموا مولدا و طابوا اصولا *** و زكوا محتدا و طالوا غروسا

ليس يشقى بهم جليس و من كا *** ن ابن شورى إذا أرادوا جليسا

قمت في نصرهم بمدحى لمّا *** فاتنى أن أجرّ فيه خميسا

ملئوا بالولاء قلبي رجاء *** و بمدحي لهم ملأت الطروسا

فتراني لهم مطيعا حنينا *** و على غيرهم أبيا شموسا

يا علي الرّضا أبثك ودّا *** غادر القلب بالغرام و طيعا

مذهبي فيك مذهبي و بقلبي *** لك حبّ أبقي جوى و رسيسا

لا أرى داءه بغيرك يشفى *** لا و لا جرمه بغيرك يوسا

أتمنّي لو زرت مشهدك العا *** لي و قبّلت ربعك المأنوسا

أنا عزّ أن أزورك يقظا *** ن فزر في النوم و أشف السيسا

و إذا عبد لكم مطيع إذا ما *** كان غيري مطاوعا إبليسا

قد تمسّكت منكم بولاء *** ليس يلقى القشيب منه دريسا

أترجىّ به النّجاة إذا ما *** خاف غيري في الحشر ضرّا و بؤسا

فأداني و الوجه منّى طلق *** و أرى أوجه الشّناة عبوسا

لا أقيس الأنام منكم بشسع *** جلّ مقدار مجدكم أن أقيسا

من عددنا من الورى كان مر *** ءوسا و منكم من عدّ كان رئيسا

فغدا العالمون مثل الذّنابي *** و غدوتم للعالمين رءوسا(1)

ص: 193


1- كشف الغمة: 3-182.

قال في هامش المناقب 2 ر 411:

فى كلّ عصر لنا منكم إمام هدى *** فربعه آهل منكم و مأنوس

أمست نجوم سماء الدين آفلة *** و ظلّ اسد الثرى قد ضمها الحيس

غابت ثمانية منكم و أربعة *** يرجى مطالعها ما حلّت العيس

حتى متى يظهر الحقّ المنير بكم *** فالحقّ فى غيركم داج و مطموس

قال عبد اللّه بن المبارك المروزىّ المحدث العارف:

هذا عليّ و الهدى يقوده *** من خير فتيان قريش عوده(1)

قال الشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح الحلّي الاسدي؛

راق الصبوح و رقّت الصهباء *** و سرى النسيم و غنّت الورقاء

و كسا الربيع الارض كل مدبّج *** ليست تجيد مثاله صنعاء

و الارض بعد العري إمّا مدبّج *** ليست تجيد مثاله صنعاء

و الارض بعد العري إمّا روضة *** غناء أو ديباجة خضراء

و الطير مختلف اللحان فنائح *** و مطرب مالت به الأهواء

و الماء بين مدرّج و مجدول *** و مسلسل جادت به الأنوار

و سري النسيم على الرّياض فضمّخت *** أثوابه عطرية نكباء

كمديح آل محمّد سفن النجا *** فبنظمه تتعطر الشعراء

الطيبون الطاهرون الراكعون *** الساجدون السادة النجباء

منهم عليّ الأبطحيّ الهاشميّ *** اللوذعيّ إذا بدت ضوضاء

ذاك الأمير لدى الغدير أخو *** البشير المستنير و من له الانباء

طهرت له الأصلاب من آبائه *** و كذاك قد طهرت له الأنباء

أ فهل يحيط الواصفون بمدحه *** و الذكر فيه مدائح و ثناء

ذو زوجة قد أزهرت أنوارها *** فلأجل ذلكم اسمها الزهراء

ص: 194


1- مناقب آل ابى طالب: 2-413.

و أئمّة من ولدها سادت بها *** المتأخرون و شرّف القدماء

مبدأهم الحسن الزكيّ و من إلى *** أنسابه تتفاخر الكرماء

و الطاهر المولى الحسين و من له *** رفعت إلى درجاتها الشهداء

و الندب زين العابدين الماجد *** الندب الأمين الساجد البكاء

و الباقر العلم الشريف محمد *** مولى جميع فعاله آلاء

و الصادق المولى المعظم جعفر *** حبر مواليه هم السعداء

و إمامنا موسى بن جعفر سيّد *** بضريحه تتشرف الزوراء

ثمّ الرضا علم الهدي كنز التقى *** باب الرجا محيى الدجى الجلاّء

ثمّ الجواد مع ابنه الهادى الّذي *** تهدى الورى آياته الغرّاء

و العسكري إمامنا الحسن الذي *** يغشاه من نور الجلال ضياء

و الطاهر بن الطاهرين و من له *** في الخافقين من البهاء لواء(1)

ص: 195


1- الغدير: 5-438.

باب «مشهده و مزاره عليه السلام»

قد ذكرنا في باب شهادته عليه السّلام أنه دفن في دار حميد بن قحطبة الطوسى في قرية سناباذ من رستاق نوقان، و كانت هذه الدار في بستان يسكنها الامراء و رجال الدولة العباسية، و بعد مدة قليلة تحولت هذه الدار و قرية سناباذ و اشتهرت باسم «مشهد الرضا» أو «مشهد طوس».

كانت في ناحية طوس مدينتان إحداهما «نوقان» و الاخرى «طابران» و بينهما أربع فراسخ، و لما دفن الرضا عليه السّلام في سناباذ قصده الناس من النواحي و سكنوا عند مشهده و لاذوا بقبره و تبرّكوا بمجاورته، و بنوا عند قبره أسواقا و دورا للمسافرين و الزوّار، و صارت سناباذ مدينة كبيرة، و هاجر الناس من نوقان و طابران و توطّنوا عند مشهد الرضا عليه السّلام فصار نوقان محلة من المشهد و خربت طابران.

و الروضة الرضوية اليوم من أعظم المزارات في الدنيا، و لا يجتمع الناس في مزار كما يجتمعون عند قبره عليه السّلام و أبواب الروضة المباركة مفتّحة في تمام الأيّام و الليالي و في أيّام السنة لا تخلو من الزوّار، و نحن نذكر إن شاء اللّه في ذيل المجلّد الثاني من هذا الكتاب تاريخ بناء الروضة الرضوية و ما يتعلق بها كالمكتبات، و المتاحف، و المستشفيات، و المستوصفات الرضوية و غيرها، و كذا نبحث عن البلد الجميل المبارك «مشهد الرضا» و تاريخه و خصوصياته، و مساجده، و مدارسه. و معاهده.

ص: 196

ص: 1

ص: 2

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

كتاب العقل و العلم

1- باب العقل

1 - أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي - رحمه اللّه - عن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: صديق كلّ امرئ عقله و عدوّه جهله (1).

2 - محمّد بن يعقوب، عن علي، عن أبيه عن أبى هاشم الجعفري قال: كنا عند الرضا عليه السّلام فتذاكرنا العقل و الأدب فقال يا أبا هاشم: العقل حباء من اللّه و الأدب كلفة، فمن تكلّف الأدب قدر عليه و من تكلّف العقل لم يزدد بذلك إلاّ جهلا (2).

3 - عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلاّد قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول: ليس العبادة كثرة الصلاة و الصوم، إنما العبادة التفكّر في أمر اللّه عز و جل. (3) .

ص: 3


1- المحاسن: 194 و الكافى: 1-11. علل الشرائع 1-95. عيون الاخبار 1-258 و فيه عن حمدان الديوانى عن الرضا. تحف العقول: 326
2- الكافى: 1-24
3- الكافى: 2-55. تحف العقول: 33-325.

4 - الصدوق، عن أبي الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمروالرّوذ قال:

حدّثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد اللّه النيشابوري قال حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة قال حدثنا أبي في سنة ستين و مأتين قال حدثني علي بن موسى الرضا عليهما السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: رأس العقل بعد الإيمان باللّه التودّد إلى الناس و اصطناع الخير إلى كلّ برّ و فاجر. (1)

5 - الطوسي - رحمه اللّه - قال أخبرني محمّد بن محمّد قال أخبرني أبو حفص عمر بن محمّد قال حدثنا على بن مهرويه عن داود بن سليمان الغازي قال حدثنا الرّضا على بن موسى عليهما السّلام يقول: ما استودع اللّه عبدا عقلا الا استنقذه به يوما (2).

2- باب العلم

6 - محمّد بن يعقوب - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى بإسناده عن أحمد بن عمر الحلاّل قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب و لا يقول:

اروه عني يجوز لي أن أرويه عنه ؟ قال: فقال: إذا علمت أنّ الكتاب له فاروه عنه. (3)

7 - عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى و محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: إنّ من علامات الفقه الحلم و الصمت. (4)

8 - الصدوق، حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو البصري قال حدثنا محمد بن عبد اللّه بن أحمد بن جبلة الواعظ قال حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي قال حدثنا أبى قال حدثنا علي بن موسى الرضا قال حدّثنا موسى بن جعفر قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا محمد بن علي قال حدثنا علي بن الحسين قال حدثنا الحسين

ص: 4


1- عيون الاخبار 2-35
2- أمالي الطوسى: 1-55.
3- و (4) الكافى: 1-52-36.

ابن علي عليهم السّلام قال: قال امير المؤمنين عليه السّلام للشامي الذين سأله في المسائل في جامع الكوفة: أربعة لا يشبعن من أربعة، أرض من مطر و انثى من ذكر، و عين من نظر و عالم من علم (1)

9 - عنه، حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا زيد بن محمد البغدادي قال حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد الطائى قال حدثنا أبي قال حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال على عليه السّلام: خمس لو رحلتم فيهنّ ما قدرتم على مثلهنّ : لا يخاف عبد إلا ذنبه و لا يرجو إلا ربّه عز و جل و لا يستحى الجاهل إذا سئل عما لا يعلم أن يتعلم [و لا يستحيى أحدكم اذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم] و الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد و لا إيمان لمن لا صبر له. (2)

10 - الصدوق - رحمه اللّه - حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمروالروذ في داره: قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد اللّه النيسابوري قال حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة قال حدثنا أبي في سنة ستين و مأتين قال: حدثنى علي بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: العلم خزائن و مفاتيحه السؤال، فاسألوا يرحمكم اللّه فانه يوجر فيه أربعة: السائل و المعلّم و المستمع و المجيب له (3).

11 - و بهذا الإسناد قال: قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اللهم ارحم خلفائى ثلاث مرات قيل: له و من خلفائك قال الذين يأتون من بعدى و يروون أحاديثي و سنتي فيعلّمونها الناس من بعدي. (4)

12 - و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من حفظ من امتي أربعين حديثا ينتفعون بها بعثه اللّه يوم القيامة فقيها عالما (5).

.

ص: 5


1- الخصال: 221
2- الخصال: 315
3- عيون الاخبار: 2-28. حلية الاولياء: 3-192
4- عيون الاخبار: 2-37
5- عيون الاخبار: 2-37.

13 - و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السموات و الأرض (1).

14 - الصدوق - رحمه اللّه - حدثنا محمد بن عمر بن محمد بن مسلم بن البراء الجعابي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن العباس الرازي التميميّ قال حدثني سيدي علي بن موسى الرضا قال حدثنى أبي موسى بن جعفر قال حدثني أبي محمد بن علي قال حدثني أبي علي بن الحسين قال حدثنى أبى الحسين بن علي قال حدثنى أبى علي بن أبى طالب عليهم السّلام قال: العلم ضالّة المؤمن (2)

15 - عنه، عن عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس - رحمه اللّه - قال حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال سمعت أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول: رحم اللّه عبدا أحيا أمرنا، فقلت له: فكيف يحيي أمركم قال: يتعلّم علومنا و يعلّمها الناس فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا قال: فقلت له: يا ابن رسول اللّه فقد روي لنا عن أبي عبد اللّه أنه قال: «من تعلّم علما ليماري به السفهاء أو يباهي به العلماء أو ليقبل بوجوه الناس إليه فهو فى النار».

فقال: صدق جدّي أ فتدري من السفهاء؟ فقلت لا يا ابن رسول اللّه فقال هم قصّاص من مخالفينا و تدري من العلماء؟ فقلت لا يا ابن رسول اللّه قال فقال: هم علماء آل محمد عليهم السّلام الّذي فرض اللّه عزّ و جلّ طاعتهم و أوجب مودّتهم ثم قال: أ تدري ما معنى قوله:

«أو ليقبل بوجوه الناس إليه» فقلت لا قال يعني بذلك و اللّه ادّعاء الإمامة بغير حقها و من فعل ذلك فهو في النار (3)

16 - الطوسي، قال: أخبرني محمد بن محمد قال أخبرنى أبو حفص عمر بن محمّد قال حدثنا علي بن مهرويه عن داود بن سليمان الغازي قال حدثنا الرضا على بن موسى قال حدثنى أبى موسى بن جعفر قال حدثنى أبى جعفر بن محمد قال حدثني أبي محمد

ص: 6


1- عيون الاخبار: 2-46
2- عيون الاخبار: 2-66
3- معانى الاخبار: 180

بن علي قال حدثني أبى علي بن الحسين قال حدثنى أبي الحسين بن علي عليهم السّلام قال سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: الملوك حكام على الناس و العلم حاكم عليهم و حسبك من العلم أن تخشي اللّه و حسبك من الجهل ان تعجب بعلمك (1).

17 - الطوسي - رحمه اللّه -: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال حدثنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن الحسيني رضي اللّه عنه في رجب سنة سبع و ثلاثمائة قال حدثني محمد بن علي بن الحسين بن زيد بن على بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال حدثني الرضا على بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين عن أمير المؤمنين علي بن أبى طالب عليهم السّلام قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم فاطلبوا العلم في مظانّها و اقتبسوه من أهله فانّ تعلّمه للّه حسنة و طلبه عبادة و المذاكرة فيه تسبيح و العمل به جهاد و تعليمه من لا يعلمه صدقة و بذله لأهله قربة إلى اللّه تعالى.

لأنه معالم الحلال و الحرام و منار سبل الجنة و المونس في الوحشة، و الصاحب في الغربة و الوحدة، و المحدث في الخلوة و الدليل في السراء و الضراء، و السلاح على الأعداء و الزين على الأخلاء، يرفع اللّه به أقواما فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم و يهتدى بفعالهم و ينتهى الى آرائهم ترغب الملائكة في خلّتهم و بأجنحتها تمسهم و في صلاتها تبارك عليهم يستغفر لهم كلّ رطب و يابس حتى حيتان البحر و هوامّه و سباع البرّ و أنعامه.

إنّ العلم حياة القلوب من الجهل و ضياء الأبصار من الظلمة و قوّة الأبدان من الضعف يبلغ بالعبد منازل الأخيار و مجالس الأبرار و الدرجات العلى في الدنيا و الآخرة، الذكر فيه يعدل بالصيام و مدارسته بالقيام، به يطاع الربّ و يعبد و به توصل الأرحام و يعرف الحلال من الحرام، العلم أمام العمل و العمل تابعه يلهم به السعداء و يحرمه الأشقياء فطوبى لمن لم يحرمه اللّه منه حظه (2).

ص: 7


1- أمالي الطوسى: 1-55.
2- أمالي الطوسى: 2-102

18 - الحافظ أبو نعيم الأصبهاني قال: حدثنا ابراهيم بن أحمد، حدثنا أبو الصلت، حدثنا علي بن موسى عن أبيه عن جدّه عن آبائه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كونوا دراة و لا تكونوا رواة، حديث تعرفون فقهه خير من ألف تروونه (1)

19 - احمد بن علي بن أبى طالب الطبرسي - رحمه اللّه - عن السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي رضي اللّه عنه قال حدثني الشيخ الصدوق أبو عبد اللّه جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي رحمة اللّه عليه قال حدثني أبى محمد بن أحمد، قال حدثني الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي رحمه اللّه قال حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم الحضر الأسترابادي قال حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد و أبو الحسن علي بن محمد بن سيار و كانا من الشيعة الإمامية قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي العسكرى عليهم السّلام قال: قال علي بن موسى الرضا عليهما السّلام: يقال للعابد يوم القيامة نعم الرجل كنت همتك ذات نفسك و كفيت مئونتك فادخل الجنة.

ألا إن الفقيه من أفاض على الناس خيره، و أنقذهم من أعدائهم و وفّر عليهم نعم جلال اللّه تعالى و حصل لهم رضوان اللّه تعالى و يقال للفقيه: يا أيها الكافل لأيتام آل محمد الهادي لضعفاء محبيهم و مواليهم قف حتى تشفع لكلّ من أخذ عنك أو تعلّم منك، فيقف فيدخل الجنّة معه فئاما و فئاما حتى قال عشرا و هم الذين أخذوا عنه علومه و أخذوا عمن أخذ عنه و عمن أخذ عمن أخذ عنه إلى يوم القيامة فانظروا كم صرف ما بين المنزلتين (2).

تمّ كتاب العقل و العلم و يتلوه إن شاء اللّه كتاب التوحيد.

ص: 8


1- اخبار اصبهان: 1-138
2- الاحتجاج: 1-9

كتاب التوحيد

1- باب أول ما خلق اللّه

1 - الصدوق - رحمه اللّه - قال حدثنا محمّد بن بكران النقاش بالكوفة قال حدثنا أحمد بن محمّد الهمداني قال حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: إنّ أوّل ما خلق اللّه عزّ و جلّ ليعرف به خلقه الكتابة حروف المعجم و أنّ الرجل إذا ضرب على رأسه بعصا فزعم أنه لا يفصح ببعض الكلام فالحكم فيه أن تعرض عليه حروف المعجم ثم يعطى الدية بقدر ما لم يفصح منها.

و لقد حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام في «ألف ب ت ث» أنه قال: الألف آلاء اللّه و الباء بهجة اللّه، و التاء تمام الأمر بقائم آل محمّد عليهم السّلام و الثاء ثواب المؤمنين على أعمالهم الصالحة «ج ح خ» فالجيم جمال اللّه و جلال اللّه، و الحاء حلم اللّه عن المذنبين و الخاء خمول ذكر أهل المعاصي عند اللّه عزّ و جلّ «د ذ» فالدال دين اللّه و الذال من ذى الجلال «ر ز» فالراء من الرءوف الرحيم و الزاء زلازل القيامة.

«س ش» فالسين سناء اللّه و الشين شاء اللّه ما شاء، و أراد ما أراد و ما تشاءون إلا أن يشاء اللّه «ص ض» فالصاد من صادق الوعد في حمل الناس على الصراط و حبس الظالمين عند المرصاد و الضاد ضلّ من خالف محمّدا و آل محمّد عليهم السّلام «ط ظ» فالطاء طوبى للمؤمنين و حسن مآب و الظاء ظنّ المؤمنين باللّه خيرا و ظنّ الكافرين باللّه سوءا

ص: 9

«ع غ» فالعين من العالم و الغين من الغنى.

«ف ق» فالفاء فوج من أفواج النار و القاف قرآن على اللّه جمعه و قرآنه «ك ل» فالكاف من الكافي و اللاّم لغو الكافرين في افترائهم على اللّه الكذب «م ن» فالميم ملك اللّه يوم لا مالك غيره و يقول اللّه عزّ و جلّ : لمن الملك اليوم ثم ينطق أرواح أنبيائه و رسله و حججه فيقولون: للّه الواحد القهّار، فيقول اللّه جل جلاله:

اليوم تجزى كلّ نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إنّ اللّه سريع الحساب و النون نوال اللّه للمؤمنين و نكاله بالكافرين.

«و ه» فالواو ويل لمن عصى اللّه و الهاء هان على اللّه من عصاه «لاي» لام ألف لا إله إلاّ اللّه و هي كلمة الإخلاص ما من عبد قالها مخلصا إلاّ وجبت له الجنة «ى» يد اللّه فوق خلقه باسطة بالرزق سبحانه و تعالى عما يشركون ثم قال عليه السّلام إنّ اللّه تبارك و تعالى أنزل هذا القرآن بهذه الحروف الّتي يتناولها جميع العرب ثم قال «قل لئن اجتمع الإنس و الجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا.» (1)

2- باب حدوث العالم

2 - الكليني - رحمه اللّه - عن محمّد بن جعفر الاسدي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي الرازى، عن الحسين بن الحسن بن برد الدينوري عن محمّد بن علي، عن محمّد ابن عبد اللّه الخراساني خادم الرضا عليه السّلام قال دخل رجل من الزنادقة على أبي الحسن عليه السّلام و عنده جماعة، فقال أبو الحسن أيها الرجل أ رأيت إن كان القول قولكم و ليس كما هو تقولون، ألسنا و إياكم شرعا سواء؟ لا يضرّنا ما صلّينا و صمنا و زكّينا و أقررنا فسكت الرجل.

ص: 10


1- أمالي الصدوق: 195 - عيون الاخبار: 1-129 - معانى الاخبار: 43.

ثم قال أبو الحسن عليه السّلام: و إن كان القول قولنا و هو قولنا أ لستم قد هلكتم و نجونا، فقال: رحمك اللّه أوجدني كيف هو و أين هو؟ فقال: ويلك إنّ الّذي ذهبت إليه غلط هو أيّن الأين بلا أين و كيّف الكيف بلا كيف فلا يعرف بالكيفوفية و لا بأينونية و لا يدرك بحاسّة و لا يقاس بشيء.

فقال الرّجل: فإذا أنّه لا شيء إذا لم يدركه بحاسّة من الحواسّ؟ فقال أبو - الحسن عليه السّلام: ويلك لمّا عجزت حواسّك عن إدراكه أنكرت ربوبيّته ؟ و نحن إذا عجزت حواسّنا عن إدراكه أيقنّا أنه ربّنا بخلاف شيء من الأشياء قال الرجل:

فأخبرني متى كان ؟.

قال أبو الحسن عليه السّلام: أخبرني متى لم يكن فأخبرك متى كان، قال الرّجل فما الدّليل عليه ؟ فقال أبو الحسن عليه السّلام: إنّي لما نظرت إلى جسدي و لم يمكنّى فيه زيادة و لا نقصان في العرض و الطول و دفع المكاره فيه و جرّ المنفعة إليه علمت أنّ لهذا البنيان بانيا فأقررت به مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته و إنشاء السحاب و تصريف الرياح و مجرى الشمس و القمر و النجوم و غير ذلك من الآيات العجيبات المبيّنات علمت أنّ لهذا مقدرا و منشأ (1).

3 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار قال:

حدّثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا ابراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين ابن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام أنه دخل عليه رجل فقال له: يا ابن رسول اللّه ما الدّليل على حدث العالم ؟ قال: أنت لم تكن ثم كنت و قد علمت أنك لم تكوّن نفسك و لا كوّنك من هو مثلك. (2)

ص: 11


1- الكافى: 1-78.
2- التوحيد: 293. و أمالي الصدوق: 212.

3- باب الاسماء و معانيها

4 - الكليني - رحمه اللّه - عن أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد اللّه، عن محمّد بن عبد اللّه و موسى بن عمر و الحسن بن علي بن عثمان، عن ابن سنان قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام هل كان اللّه عزّ و جلّ عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق ؟ قال: نعم قلت يراها و يسمعها؟ قال: ما كان محتاجا إلى ذلك لأنه لم يكن يسألها و لا يطلب منها، هو نفسه و نفسه هو قدرته نافذة فليس يحتاج أن يسمّي نفسه، و لكنّه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها، لأنه اذا لم يدع باسمه لم يعرف، فأوّل ما اختار لنفسه: العلي العظيم لأنه أعلى الأشياء كلّها فمعناه اللّه و اسمه «العلي العظيم» هو أوّل أسمائه، علا على كل شيء (1).

5 - عنه، عن علي بن محمّد مرسلا عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال: اعلم علّمك اللّه الخير إن اللّه تبارك و تعالى قديم و القدم صفته الّتي دلّت العاقل على أنه لا شيء قبله و لا شيء معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامة معجزة الصفة إنه لا شيء قبل اللّه و لا شيء مع اللّه في بقائه و بطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شيء و ذلك أنه لو كان معه شيء في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له لأنه لم يزل معه فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه، و لو كان قبله شيء، كان الأول ذلك الشيء لا هذا.

و كان الأول أولى بأن يكون خالقا للأوّل ثم وصف نفسه تبارك و تعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم و تعبّدهم و ابتلاهم إلى أن يدعوه بها فسمّى نفسه سميعا بصيرا قادرا، قائما، ناطقا، ظاهرا، باطنا، لطيفا، خبيرا، قويا، عزيزا، حكيما، عليما و ما أشبه هذه الأسماء، فلما رأى ذلك من أسمائه القالون المكذّبون و قد سمعونا نحدّث عن اللّه أنه لا شيء مثله و لا شيء من الخلق في حاله قالوا: أخبرونا - إذا زعمتم

ص: 12


1- الكافى: 1-113 و التوحيد: 191 و عيون الاخبار: 1-129. معانى الاخبار: 2

أنه لا مثل للّه و لا شبه له - كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسمّيتم بجميعها؟ فإنّ في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلّها أو في بعضها دون بعض إذ جمعتم الأسماء الطيبة.

قيل لهم: إن اللّه تبارك و تعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعانى و ذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين و الدّليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم الشائع و هو الّذي خاطب اللّه به الخلق فكلّمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوا، فقد يقال للرجل: كلب، و حمار، و ثور و سكرة و علقمة و أسد كلّ ذلك على خلافه و حالاته لم تقع الأسامي محل معانيها التى كانت بنيت عليه لأنّ الانسان ليس بأسد و لا كلب فافهم ذلك رحمك اللّه.

و إنما سمّي اللّه تعالى بالعلم بغير علم حادث علم به الأشياء، استعان به على حفظ ما يستقبل من أمره و الروية فيما يخلق من خلقه و يفسد ما مضى مما أفنى من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم و يغيبه كان جاهلا ضعيفا كما أنا لو رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا فيه جهلة، و ربّما فارقهم العلم بالأشياء فعادوا الى الجهل، و إنما سمي اللّه عالما لأنه لا يجهل شيئا، فقد جمع الخالق و المخلوق اسم العالم و اختلف المعنى على ما رأيت.

و سمّي ربنا سميعا لا بخرت فيه يسمع به الصوت و لا يبصر به، كما أنّ خرتنا الّذي به نسمع لا نقوى به على البصر و لكنه أخبر أنه لا يخفى عليه شيء من الأصوات ليس على حدّ ما سمّينا نحن، فقد جمعنا الاسم بالسمع و اختلف المعنى، و هكذا البصر لا بخرت منه أبصر، كما أنا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره و لكنّ اللّه بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى، و هو قائم ليس على معنى انتصاب و قيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء و لكن قائم يخبر أنه حافظ كقول الرجل: القائم بأمرنا فلان، و اللّه هو القائم على كلّ نفس بما كسبت، و القائم أيضا في كلام الناس: الباقي، و القائم أيضا يخبر عن الكفاية كقولك للرجل: قم بأمر بني فلان أى اكفهم، و القائم منا قائم على ساق فقد جمعنا الاسم و لم نجمع المعنى.

ص: 13

و أما اللّطيف فليس على قلّة و قضافة و صغر، و لكن ذلك على النفاذ في الأشياء و الامتناع من أن يدرك، كقولك للرجل: لطف عنى هذا الأمر و لطف فلان في مذهبه و قوله: يخبرك أنه غمض فيه العقل و فات الطلب و عاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم فكذلك لطف اللّه تبارك و تعالى عن أن يدرك بحدّ أو يحدّ بوصف و اللّطافة منه الصغر و القلّة، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

و أما الخبير فالذى لا يعزب عنه شيء و لا يفوته، ليس للتجربة و لا لاعتبار بالأشياء، فعند التجربة و الاعتبار علمان و لو لا هما ما علم، لأنّ من كان كذلك كان جاهلا و اللّه لم يزل خبيرا مما يخلق، و الخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلّم فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

و أما الظاهر فليس من أجل أنّه علا الأشياء بركوب فوقها و قعود عليها و تسنّم لذراها و لكن ذلك لقهره و لغلبته الأشياء و قدرته عليها كقول الرجل: ظهرت على أعدائي و أظهرني اللّه على خصمي يخبر عن الفلاح و الغلبة، فهكذا ظهور اللّه على الأشياء و وجه آخر أنه الظاهر لمن أراده و لا يخفى عليه شيء و أنه مدبّر لكل ما برأ فأيّ ظاهر أظهر و أوضح من اللّه تبارك و تعالى، لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجّهت و فيك من آثاره ما يغنيك و الظاهر منا البارز بنفسه و المعلوم بحدّه، فقد جمعنا الاسم و لم يجمعنا المعنى.

و أما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها و لكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما و حفظا و تدبيرا كقول القائل: أبطنته يعنى خبرته و علمت مكتوم سرّه و الباطن منا الغائب في الشيء المستتر و قد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

و أما القاهر فليس على معنى علاج و نصب و احتيال و مداراة و مكر كما يقهر العباد بعضهم بعضا و المقهور منهم يعود قاهرا و القاهر يعود مقهورا و لكن ذلك من اللّه تبارك و تعالى على أنّ جميع ما خلق ملبّس به الذلّ لفاعله، و قلّة الامتناع لما أراد به لم يخرج منه طرفة عين أن يقول له: كن فيكون، و القاهر منا على ما ذكرت و وصفت فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى، و هكذا جميع الأسماء و إن كنا لم نستجمعها كلّها

ص: 14

فقد يكتفى الاعتبار بما ألقينا إليك و اللّه عونك و عوننا في إرشادنا و توفيقنا. (1)

4- باب صفات الذات

6 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق، قال:

حدثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي عن محمّد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا الفضل بن سليمان الكوفي عن الحسين بن خالد قال سمعت الرضا على بن موسى عليهما السّلام يقول: لم يزل اللّه تبارك و تعالى عليما، قادرا، حيا، سميعا، بصيرا، فقلت له: يا ابن رسول اللّه إنّ قوما يقولون: إنه عزّ و جلّ لم يزل عالما بعلم، و قادرا بقدرة، و حيا بحياة، و قديما بقدم، و سميعا بسمع و بصيرا ببصر، فقال عليه السّلام: من قال ذلك و دان به فقد اتخذ مع اللّه آلهة اخرى، و ليس من ولايتنا على شيء ثم قال عليه السّلام: لم يزل اللّه عزّ و جلّ عليما، قادرا، حيا، قديما، سمعيا، بصيرا لذاته، تعالى اللّه عما يقول المشركون و المشبّهون علوا كبيرا. (2)

5- باب الرؤية

7 - الكليني - رحمه اللّه - عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى قال: سألني أبو قرّة المحدّث أن ادخله على أبي الحسن الرضا عليه السّلام فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه، فسأله عن الحلال و الحرام و الأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد، فقال أبو قرة: إنا روّينا أنّ اللّه قسّم الرؤية و الكلام بين نبيّين فقسّم الكلام لموسى و لمحمد عليهما السّلام الرؤية.

ص: 15


1- الكافى 1-120 و رواه الصدوق فى التوحيد ص 186 عن الكلينى عن على بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن خالد عن الرضا عليه السلام.
2- التوحيد: 140 و الامالى: 167. عيون الاخبار: 1-119.

فقال أبو الحسن عليه السّلام: فمن المبلغ عن اللّه إلى الثقلين من الجنّ و الانس «لاٰ تُدْرِكُهُ اَلْأَبْصٰارُ وَ لاٰ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً و لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ » أ ليس محمّد؟ قال: بلى قال:

كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند اللّه و أنه يدعوهم إلى اللّه بأمر اللّه فيقول: «لاٰ تُدْرِكُهُ اَلْأَبْصٰارُ وَ لاٰ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً و لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ » ثمّ يقول: أنا رأيته بعينيّ و أحطت به علما و هو على صورة البشر؟! أ ما تستحون ؟ ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتى من عند اللّه بشيء ثم يأتى بخلافه من وجه آخر؟! قال أبو قرّة: فإنه يقول: «وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرىٰ » فقال ابو الحسن عليه السّلام إنّ بعد هذه الآية ما يدلّ على ما رأى حيث قال «مٰا كَذَبَ اَلْفُؤٰادُ مٰا رَأىٰ » يقول:

ما كذب فؤاد محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما رأت عيناه، ثم أخبر بما رأى فقال: «لَقَدْ رَأىٰ مِنْ آيٰاتِ رَبِّهِ اَلْكُبْرىٰ (1) فآيات اللّه غير اللّه و قد قال اللّه «وَ لاٰ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً» (2) فاذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم و وقعت المعرفة فقال أبو قرّة: فتكذّب بالروايات ؟ فقال أبو الحسن عليه السّلام إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها، و ما أجمع المسلمون عليه أنّه لا يحاط به علم و لا تدركه الأبصار و ليس كمثله شيء. (3)

8 - عنه، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن سيف عن محمّد بن عبيد قال (4): كتبت الى أبي الحسن الرضا عليه السّلام أسأله عن الرؤية و ما ترويه العامّة و الخاصّة و سألته أن يشرح لى ذلك فكتب بخطّه اتفق الجميع لا تمانع بينهم أنّ المعرفة من جهة الرؤية ضرورة فاذا جاز أن يرى اللّه بالعين وقعت المعرفة ضرورة ثم لم تخل تلك المعرفة من أن تكون إيمانا أو ليست بايمان فإن كانت تلك المعرفة من جهة الرؤية إيمانا فالمعرفة التى في دار الدنيا من جهة الاكتساب ليست بإيمان

ص: 16


1- الآيات فى سورة النجم: 11-18.
2- طه: 109.
3- الكافى: 1-95 و التوحيد: 110.
4- في التوحيد محمد بن عبيدة.

لأنها ضدّه، فلا يكون في الدنيا مؤمن لأنهم لم يروا اللّه عز ذكره و ان لم تكن تلك المعرفة التي من جهة الرؤية إيمانا لم تخل هذه المعرفة الّتي من جهة الاكتساب أن تزول و لا تزول في المعاد فهذا دليل على أن اللّه عزّ و جلّ لا يرى بالعين إذا العين تؤدّي إلى ما وصفناه (1).

9 - عنه عن محمّد بن يحيى و غيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبى نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لما اسرى بى إلى السماء بلغ بى جبرئيل مكانا لم يطأه قطّ جبرئيل فكشف له فأراه اللّه (2) من نور عظمته ما أحبّ (3)

10 - عنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي هاشم الجعفري، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن اللّه هل يوصف ؟ فقال: أ ما تقرأ القرآن ؟ قلت: بلى، قال: أ ما تقرأ قوله تعالى: «لاٰ تُدْرِكُهُ اَلْأَبْصٰارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ اَلْأَبْصٰارَ» (4) قلت: بلى قال: فتعرفون الأبصار؟ قلت بلى قال: ما هى ؟ قلت أبصار العيون فقال: إنّ أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون فهو لا تدركه الأوهام و هو يدرك الأوهام (5)

11 - الصدوق قال: حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي اللّه عنه قال: حدثنا محمد بن أبى عبد اللّه الكوفي، عن محمد بن اسماعيل البرمكي، عن الحسين ابن أبى الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن محمد الخزّاز و محمد بن الحسين قالا: دخلنا على أبى الحسن الرضا عليه السّلام فحكينا له ما روي أنّ محمدا رأى ربّه في هيئة الشابّ الموفّق في سنّ أبناء ثلاثين سنة، رجلاه في خضرة و قلت إنّ هشام بن سالم و صاحب الطاق و الميثمي يقولون: إنه أجوف إلى السرّة و الباقي صمد.

ص: 17


1- الكافى: 1-96 و التوحيد: 109.
2- فى التوحيد فارانى اللّه.
3- الكافى 1-98 و التوحيد 108.
4- الانعام: 6.
5- الكافى 1-98 و التوحيد 112.

فخرّ ساجدا ثم قال: «سبحانك ما عرفوك و لا وحّدوك، فمن أجل ذلك و صفوك، سبحانك لو عرفوك بما وصفت به نفسك، سبحانك كيف طاوعتهم أنفسهم أن شبهوك بغيرك، إلهى لا أصفك إلا بما وصفت به نفسك و لا أشبهك بخلقك، أنت أهل لكلّ خير، فلا تجعلني من القوم الظالمين».

ثم التفت إلينا فقال: ما توهّمتم من شيء فتوهّموا اللّه غيره، ثم قال نحن آل محمّد النمط الأوسط الّذي لا يدركنا الغالى و لا يسبقنا التالي، يا محمّد إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين نظر إلى عظمة ربّه كان في هيئة الشابّ الموفق في سنّ أبناء ثلاثين سنة يا محمّد عظّم ربّي و جلّ أن يكون من صفة المخلوقين.

قال ؟ قلت: جعلت فداك من كانت رجلاه في خضرة ؟ قال: ذاك محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان إذا نظر إلى ربّه بقلبه جعله في نور مثل نور الحجب حتى يستبين له ما في الحجب، إنّ نور اللّه منه اخضر ما اخضرّ و منه احمرّ ما احمرّ و منه ابيضّ ما ابيضّ و منه غير ذلك. يا محمّد ما شهد به الكتاب و السنة فنحن القائلون به (1).

12 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رحمه اللّه - قال حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه ابراهيم بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح الهرويّ قال:

قلت لعلي بن موسى الرضا عليهما السّلام يا ابن رسول اللّه ما تقول في الحديث الّذي يروى أهل الحديث أنّ المؤمنين يزورون ربّهم من منازلهم في الجنة فقال عليه السّلام: يا أبا الصلت إنّ اللّه تبارك و تعالى فضّل نبيه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على جميع خلقه من النبيين و الملائكة.

و جعل طاعته طاعته، و متابعته متابعته، و زيارته في الدنيا و الآخرة زيارته، فقال عزّ و جلّ : «مَنْ يُطِعِ اَلرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اَللّٰهَ » (2) و قال: «إِنَّ اَلَّذِينَ يُبٰايِعُونَكَ إِنَّمٰا يُبٰايِعُونَ اَللّٰهَ يَدُ اَللّٰهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ » (3) و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «من زارني في حياتي

ص: 18


1- التوحيد: 113 و الكافى: 1-100.
2- النساء: 80.
3- الفتح: 10.

أو بعد موتي فقد زار اللّه» درجة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الجنة أرفع الدرجات فمن زاره إلى درجته في الجنة من منزله فقد زار اللّه تبارك و تعالى.

قال: فقلت له: يا ابن رسول اللّه فما معنى الخبر الّذي رووه أنّ ثواب لا إله إلاّ اللّه النظر إلى وجه اللّه فقال عليه السّلام: يا أبا لصلت من وصف اللّه بوجه كالوجوه فقد كفر و لكن وجه اللّه أنبياؤه و رسله و حججه صلوات اللّه عليهم، هم الّذين بهم يتوجه إلى اللّه و إلى دينه و معرفته و قال اللّه عزّ و جلّ : «كُلُّ مَنْ عَلَيْهٰا فٰانٍ وَ يَبْقىٰ وَجْهُ رَبِّكَ » (1) و قال عزّ و جلّ «كُلُّ شَيْ ءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ » (2) فالنظر إلي أنبياء اللّه و رسله و حججه عليهم السّلام في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة و قد قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من أبغض أهل بيتي و عترتي لم يرني و لم أره يوم القيامة» و قال عليه السّلام «إنّ فيكم من لا يرانى بعد أن يفارقني» يا أبا الصلت إن اللّه تبارك و تعالى لا يوصف بمكان و لا يدركه الأبصار و الأوهام.

فقال: قلت له: يا ابن رسول اللّه فأخبرني عن الجنة و النار أ هما اليوم مخلوقتان فقال: نعم، و إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد دخل الجنة و رأي النار لما عرج به إلى السماء قال: فقلت له: إنّ قوما يقولون أنهم اليوم مقدّرتان غير مخلوقتين فقال عليه السّلام: ما اولئك منا و لا نحن منهم، من أنكر خلق الجنّة و النار فقد كذّب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كذّبنا و لا من ولايتنا على شيء و يخلد في نار جهنم.

قال اللّه عزّ و جلّ : «هٰذِهِ جَهَنَّمُ اَلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا اَلْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَهٰا وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ » (3) و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لما عرج بي الى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته فتحوّل ذلك نطفة في صلبي، فلما أهبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة حوراء إنسية و كلّما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتى فاطمه عليها السّلام (4).

ص: 19


1- الرحمن: 27.
2- القصص: 88.
3- الرحمن: 44.
4- التوحيد 117 عيون الاخبار: 1-115.

6- باب المشيئة و الإرادة

13 - البرقي، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قلت: لا يكون إلاّ ما شاء اللّه و أراد و قضى، فقال: لا يكون إلاّ ما شاء اللّه و أراد و قدّر و قضى، قال: فقلت: فما معنى «شاء» قال ابتداء الفعل، قلت فما معنى «أراد» قال: الثبوت عليه قلت: فما معنى «قدّر» قال تقدير الشيء من طوله و عرضه قلت: فما معنى «قضي» قال: اذا قضاء أمضاه فذلك الّذي لا مردّ له (1).

14 - الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قال أبو الحسن الرّضا عليه السّلام: قال اللّه: يا ابن آدم بمشيتى كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، و بقوتي أدّيت فرائضي و بنعمتي قويت على معصيتي جعلتك سميعا بصيرا قويا، ما أصابك من حسنة فمن اللّه و ما أصابك من سيئة فمن نفسك و ذاك أنى أولى بحسناتك منك و أنت أولى بسيّئاتك مني و ذاك أنّني لا أسأل عما أفعل و هم يسألون (2).

15 - الصدوق قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه، قال، حدثنا محمّد بن الحسن الصفار عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: قال الرضا عليه السّلام: المشيّة و الإرادة من صفات الأفعال، فمن زعم أنّ اللّه تعالى لم يزل مريدا شائيا فليس بموحّد (3).

16 - عنه، عن أبيه و محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنهما قالا:

حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قلت له: إنّ أصحابنا بعضهم يقولون بالجبر و بعضهم

ص: 20


1- المحاسن: 244:
2- الكافى: 1-152 قرب الاسناد: 207 عيون الاخبار: 1-144.
3- التوحيد: 338.

بالاستطاعة، فقال لي: اكتب، قال اللّه تبارك و تعالى يا ابن آدم بمشيّتي كنت...

الى آخر الحديث الّذي مرّ تحت رقم 14 و زاد في آخره «قد نظمت لك كل شيء تريد (1).

17 - عنه قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: أخبرني عن الإرادة من اللّه تعالى و من الخلق، فقال: الإرادة من المخلوق الضمير و ما يبدو له بعد ذلك من الفعل، و أما من اللّه عزّ و جلّ فإرادته أحداثه لا غير ذلك لأنه لا يروى و لا يهمّ و لا يتفكّر و هذه الصفات منفية عنه و هي من صفات الخلق، فإرادة اللّه تعالى هى الفعل لا غير ذلك يقول له: كن فيكون بلا لفظ و لا نطق بلسان و لا همة و لا تفكّر و لا كيف كذلك كما أنه بلا كيف (2).

7- باب نفى الجسم و المكان

18 - الكلينى، عن محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن اسماعيل ابن بزيع عن محمّد بن زيد قال: جئت إلى الرضا عليه السّلام أسأله عن التوحيد فأملى عليّ :

الحمد للّه فاطر الأشياء إنشاء و مبتدعها ابتداعا بقدرته و حكمته لا من شيء فيبطل الاختراع و لا لعلّة فلا يصحّ الابتداع، خلق ما شاء كيف شاء، متوحدا بذلك لإظهار حكمته و حقيقة ربوبيّته، لا تضبطه العقول و لا تبلغه الأوهام و لا تدركه الأبصار و لا يحيط به مقدار، عجزت دونه العبارة و كلّت دونه الأبصار و ضلّ فيه تصاريف الصفات احتجب بغير حجاب محجوب و استتر بغير ستر مستور، عرف بغير رؤية و وصف بغير صورة و نعت بغير جسم، لا إله إلاّ اللّه الكبير المتعال (3).

ص: 21


1- التوحيد 338.
2- عيون الاخبار: 1-119.
3- الكافى: 1-105 و التوحيد: 98 - علل الشرائع: 1-9.

19 - الصدوق، قال حدثنا محمّد بن القاسم المفسّر - رحمه اللّه - قال: حدثنا يوسف بن محمّد بن زياد؛ و عليّ بن محمّد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمّد بن علي الرضا عن أبيه عن جدّه قال: قام رجل إلى الرضا عليه السّلام فقال له: يا ابن رسول اللّه صف لنا ربك فإن من قبلنا قد اختلفوا علينا، فقال الرضا عليه السّلام: إنه من يصف ربّه بالقياس لا يزال الدّهر في الالتباس، مائلا عن المنهاج، ظاعنا في الاعوجاج ضالا عن السبيل قائلا غير الجميل.

أعرّفه بما عرّف به نفسه من غير رؤية، و أصفه بما وصفه به من غير صورة، لا يدرك بالحواسّ و لا يقاس بالناس، معروف بغير تشبيه، و متدان في بعده لا بنظير لا يتمثل بخليقته، و لا يجور في قضيته، الخلق إلى ما علم منقادون، و على ما سطر في المكنون من كتابه ماضون، و لا يعلمون خلاف ما علم منهم و لا غيره يريدون فهو قريب غير ملتزق و بعيد غير متقصّ ، يحقق و لا يمثل، و يوحّد و لا يمثل، و يوحّد و لا يبعّض يعرف بالآيات، و يثبت بالعلامات، فلا إله غيره الكبير المتعال.

ثم قال عليه السّلام بعد كلام آخر تكلّم به: حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه عن أبيه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: ما عرف اللّه من شبّهه بخلقه و لا وصفه بالعدل من نسب إليه ذنوب عباده (1).

20 - عنه قال حدثنا علي بن أحمد بن عمران الدقاق - رحمه اللّه - قال حدثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، قال: حدثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي قال حدثني علي بن العباس قال حدثني جعفر بن محمّد الأشعري، عن الفتح بن يزيد الجرجاني قال كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام أسأله عن شيء من التوحيد فكتب إلى بخطه، قال جعفر و إنّ فتحا أخرج إلى الكتاب فقرأته بخط أبي الحسن عليه السّلام:

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه الملهم عباده الحمد، و فاطرهم على معرفة ربوبيته الدالّ على وجوده بخلقه و بحدوث خلقه على أزله و بأشباههم على أن لا شبه

ص: 22


1- التوحيد: 47 قال الصدوق رحمه اللّه: و الحديث طويل اخذنا منه موضع الحاجة و قد اخرجته بتمامه فى تفسير القرآن.

له، المستشهد آياته على قدرته، الممتنع من الصفات ذاته و من الأبصار رؤيته و من الأوهام الإحاطة به، لا أمد لكونه، و لا غاية لبقائه، لا يشمله المشاعر، و لا يحجبه الحجاب، فالحجاب بينه و بين خلقه، لامتناعه مما يمكن في ذواتهم، و لإمكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته، و لافتراق الصانع و المصنوع و الربّ و المربوب و الحادّ و المحدود أحد لا بتأويل عدد، الخالق لا بمعنى حركة، السميع لا بأداة البصير، لا بتفريق آلة، الشاهد لا بمماسّة، البائن لا ببراح مسافة، الباطن لا باجتنان، الظاهر لا بمحاذ الذي قد حسرت دون كنهه نواقد الأبصار و امتنع وجوده جوائل الأوهام.

أوّل الديانة معرفته، و كمال المعرفة توحيده، و كمال التوحيد نفى الصفات عنه، لشهادة كلّ صفة أنها غير الموصوف، و شهادة الموصوف أنه غير الصفة، و شهادتهما جميعا على أنفسهما بالبينة الممتنع منها الأزل، فمن وصف اللّه فقد حدّه و من حدّه فقد عدّه و من عدّه فقد أبطل أزله و من قال: كيف فقد استوصفه و من قال على م فقد حمله، و من قال: أين فقد أخلى منه، و من قال: إلى م فقد وقّته، عالم إذ لا معلوم و خالق إذ لا مخلوق، و ربّ إذ لا مربوب، و إله إذ لا مألوه، و كذلك يوصف ربّنا و هو فوق ما يصفه الواصفون (1).

21 - عنه، عن محمّد بن موسى بن المتوكل - رضي اللّه عنه - قال حدّثنا على بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدّثنا أبي، عن الريان بن الصلت، عن على بن موسى الرضا عن أبيه، عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قال اللّه جل جلاله: ما آمن بي من فسر برأيه كلامي، و ما عرفنى من شبّهني بخلقى و ما على ديني من استعمل القياس في ديني (2).

22 - عنه، قال حدثنا محمّد بن موسى المتوكّل - رحمه اللّه - قال حدّثنا علي بن ابن الحسين السعدآبادي، قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن داود بن

ص: 23


1- التوحيد: 56.
2- التوحيد: 68 عيون الاخبار: 1-116 و أمالي الصدوق: 5.

القاسم قال: سمعت على بن موسى الرضا عليهما السّلام يقول: من شبه اللّه بخلقه فهو مشرك، و من وصفه بالمكان فهو كافر، و من نسب إليه ما نهي عنه فهو كاذب، ثم تلا هذه الآية «إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات اللّه و أولئك هم الكاذبون (1).

23 - عنه قال: حدثنا أبو العباس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدويّ قال: حدّثنا الهيثم بن عبد - اللّه الرّماني قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهم السّلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السّلام الناس في مسجد الكوفة فقال:

الحمد للّه الذي لا من شيء كان، و لا من شيء كوّن ما قد كان، مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته و بما وسمها به من العجز على قدرته، و بما اضطرّها إليه من الفناء على دوامه، لم يخل منه مكان فيدرك بأينية و لا له شبه مثال فيوصف بكيفية و لم يغب عن علمه شيء فيعلم بحيثية مباين لجميع ما أحدث في الصفات و ممتنع عن الإدراك بما ابتدع من تصريف الذوات و خارج بالكبرياء و العظمة من جميع تصرّف الحالات محرّم على بوارع ثاقبات الفطن تحديده و على عوامق ناقبات الفكر تكييفه و على غوائص سابحات الفطر تصويره، لا تحويه الأماكن لعظمته، و لا تذرعه المقادير لجلاله و لا تقطعه المقاييس لكبريائه.

ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه و عن الأفهام أن تستغرقه، و عن الأذهان أن تمثله قد يئست من استنباط الإحاطة به طوامح العقول و نضبت عن الإشارة إليه بالاكتناه بحار العلوم، و رجعت بالصغر عن السموّ إلى وصف قدرته لطائف الخصوم، واحد لا من عدد، و دائم لا بأمد، و قائم لا بعمد، ليس بجنس فتعاد له الأجناس و لا بشبح فتضارعه الاشباه، و لا كالأشياء فتقع عليه الصفات، قد ضلّت العقول في أمواج تيّار إدراكه و تحيرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليته.

ص: 24


1- التوحيد: 69 و الآية فى سورة النحل 105.

و حصرت الأفهام عن استشعار وصف قدرته، و غرقت الأذهان في لجج أفلاك ملكوته مقتدر بالآلاء و ممتنع بالكبرياء، و متملّك على الأشياء، فلا دهر يخلقه و لا وصف يحيط به قد خضعت له ثوابت الصعاب في محلّ تخوم قرارها، و أذعنت له رواصن الأسباب في منتهى شواهق أقطارها مستشهد بكلّية الأجناس علي ربوبيّته و بعجزها على قدرته و بفطورها على قدمته، و بزوالها على بقائه.

فلا لها محيص عن إدراكه إياها و لا خروج من إحاطته بها، و لا احتجاب عن إحصائه لها، و لا امتناع من قدرته عليها، كفى بإتقان الصنع لها آية، و بمركّب الطبع عليها دلالة و بحدوث الفطر عليها قدمة و بأحكام الصنعة لها عبرة، فلا إليه حدّ منسوب، و لا له مثل مضروب، و لا شيء عنه محجوب تعالى عن الأمثال و الصفات المخلوقة علوّا كبيرا.

و أشهد أن لا إله إلا اللّه إيمانا بربوبيّته و خلافا على من أنكره، و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله المقرّ في خير مستقرّ المتناسخ من أكارم الأصلاب و مطهّرات الأرحام، المخرج من أكرم المعادن محتدا و أفضل المنابت منبتا، من أمنع ذروة و أعزّ ارومة من الشجرة التى صاغ اللّه منها أنبياءه و انتخب منها أمناءه الطيبة العود، المعتدلة العمود، الباسقة الفروع، الناضرة الغصون، اليانعة الثمار، الكريمة الحشاء.

في كرم غرست و في حرم أنبتت و فيه تشعّبت و أثمرت و عزّت و امتنعت فسمت به و شمخت حتى أكرمه اللّه عزّ و جلّ بالرّوح الأمين و النور المبين و الكتاب المستبين، و سخّر له البراق و صافحته الملائكة و أرعب به الأباليس و هدم به الأصنام و الآلهة المعبودة دونه، سنته الرشد، و سيرته العدل، و حكمه الحقّ ، صدع بما أمره ربّه، و بلّغ ما حمله، حتى أفصح بالتوحيد دعوته و أظهر في الخلق أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له حتى خلصت له الوحدانية و وصفت له الربوبية، و أظهر اللّه بالتوحيد حجته و أعلى بالإسلام درجته و اختار اللّه عزّ و جلّ لنبيه ما عنده من الروح و الدرجة و الوسيلة صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عدد ما صلى على أنبيائه المرسلين و آله الطاهرين. (1)

ص: 25


1- التوحيد: 69 عيون الاخبار 1-121.

24 - عنه قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق - رضي اللّه عنه - قال حدثنا محمّد بن هارون الصوفي قال حدثنا عبيد اللّه بن موسى أبو تراب الروياني، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن إبراهيم بن أبى محمود قال: قلت: للرضا عليه السّلام يا ابن رسول اللّه ما تقول في الحديث الّذي يرويه الناس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى ينزل كلّ ليلة إلى السماء الدنيا؟ فقال عليه السّلام: لعن اللّه المحرّفين الكلم عن مواضعه، و اللّه ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كذلك إنما قال: إن اللّه تبارك و تعالى ينزل ملكا إلى السماء الدنيا كلّ ليلة في الثلث الأخير و ليلة الجمعة في أوّل اللّيل فيأمره فينادي هل من سائل فأعطيه، هل من تائب فاتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ يا طالب الخير أقبل، يا طالب الشر أقصر فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر، فاذا طلع الفجر عاد إلى محلّه من ملكوت السما، حدثني بذلك أبي عن جدي عن رسول اللّه عليهم السّلام. (1)

25 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانى - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، قال: قلت للرضا عليه السّلام: يا ابن رسول اللّه إن الناس يروون أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إن اللّه عزّ و جلّ خلق آدم على صورته، فقال: قاتلهم اللّه لقد حذفوا أوّل الحديث، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرّ برجلين يتسابّان، فسمع أحدهما يقول لصاحبه: قبح اللّه وجهك و وجه من يشبهك، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا عبد اللّه لا تقل هذا لأخيك، فإنّ اللّه عزّ و جلّ خلق آدم على صورته. (2)

26 - عنه قال: حدثنا أحمد بن هارون الفامي، قال حدثنا محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أبيه، قال: حدّثنا إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: قلت له: يا ابن رسول اللّه إنّ الناس ينسبوننا الى القول بالتشبيه و الجبر لما روي من الأخبار في ذلك عن آبائك الائمة عليهم السّلام.

فقال: يا ابن خالد أخبرني عن الأخبار التي رويت عن آبائي الأئمة عليهم السّلام في

ص: 26


1- التوحيد: 176 و الامالى: 246
2- عيون الاخبار: 1-119.

التشبيه و الجبر أكثر أم الأخبار التى رويت عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في ذلك ؟ فقلت: بل ما روي عن النبي في ذلك أكثر قال: فليقولوا إنّ رسول اللّه كان يقول بالتشبيه و الجبر إذا، فقلت له: إنهم يقولون إنّ رسول اللّه لم يقل من ذلك شيئا و إنما روي عليه قال:

فليقولوا في آبائي الائمة عليهم السّلام إنّهم لم يقولوا من ذلك شيئا و إنما روي ذلك عليهم، ثم قال عليه السّلام من قال بالتشبيه و الجبر فهو كافر مشرك و نحن منه براء فى الدنيا و الآخرة.

يا ابن خالد إنما وضع الأخبار عنا في التشبيه و الجبر الغلاة الذين صغروا عظمة اللّه تعالى، فمن أحبّهم فقد أبغضنا، و من أبغضهم فقد أحبّنا و من والاهم فقد عادانا، و من عاداهم فقد والانا، و من وصلهم فقد قطعنا، و من قطعهم فقد وصلنا، و من جفاهم فقد برّنا و من برّهم فقد جفانا، و من أكرمهم فقد أهاننا و من أهانهم فقد أكرمنا، و من قبلهم فقد ردّنا، و من ردّهم فقد قبلنا، و من أحسن إليهم فقد أساء إلينا، و من أساء إليهم فقد أحسن إلينا، و من صدّقهم فقد كذّبنا، و من كذّبهم فقد صدّقنا، و من أعطاهم فقد حرمنا، و من حرمهم فقد أعطانا، يا ابن خالد من كان شيعتنا فلا يتخذنّ منهم وليّا و لا نصيرا. (1)

27 - عنه قال حدثنا الحسين بن أحمد، عن أبيه قال: حدّثنا محمّد بن بندار، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن عبد اللّه الخراساني خادم الرّضا قال: قال بعض الزنادقة لابي الحسن عليه السّلام لم احتجب اللّه ؟ فقال ابو الحسن إنّ الحجاب عن الخلق لكثرة ذنوبهم، فأما هو فلا تخفى عليه خافية في آناء اللّيل و النهار، قال: فلم لا تدركه حاسّة البصر، قال: للفرق بينه و بين خلقه الذين تدركهم حاسة الأبصار، ثم هو أجلّ من أن تدركه الأبصار أو يحيط به و هم أو يضبطه عقل قال: فحدّه لي قال: إنه لا يحدّ، قال: لم ؟ قال: لأنه كلّ محدود متناه إلى حدّ فاذا احتمل التحديد احتمل الزيادة و اذا احتمل الزيادة احتمل النقصان فهو غير محدود و لا متزايد و لا متجزّئ و لا متوهّم. (2)

ص: 27


1- التوحيد: 363 و عيون الاخبار: 1-142 و فيه عن احمد بن ابراهيم بن هارون القاضى فى مسجد الكوفة.
2- علل الشرائع: 1-113

28 - عنه قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن احمد بن الوليد قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد البرقي. عن أبى هاشم الجعفرى قال:

سمعت على بن موسى الرضا عليه السّلام يقول: إلهي بدت قدرتك و لم تبد هيئة فجهلوك و به قدروك و التقدير على غير ما به وصفوك، فانى بريء يا إلهى من الذين بالتشبيه طلبوك ليس كمثلك شيء، إلهي و لن يدركوك و ظاهر ما بهم من نعمك دليلهم عليك لو عرفوك و فيه خلقك يا إلهي مندوحة أن يتناولوك. بل سووك بخلقك، فمن ثم لم يعرفوك و اتخذوا بعض آياتك ربا فبذلك وصفوك تعاليت ربّى عما به المشبهون نعتوك. (1)

29 - الشيخ المفيد قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد ابن عبد اللّه، عن أحمد بن أبى عبد اللّه البرقى. قال: حدثنى بكر بن صالح الرازى، عن سليمان بن جعفر الجعفري، قال سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول، لأبي: ما لى رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب قال: إنه خالى، فقال له أبو الحسن عليه السّلام إنه يقول في اللّه قولا عظيما يصف اللّه و يحدّه و اللّه لا يوصف، فإما جلست معنا و تركته أو تركتنا و جلست معه، فقال إنّ هو يقول ما شاء، أو تركتنا و جلست معه أيّ شيء عليّ منه إذا لم أقل ما يقول.

فقال له أبو الحسن عليه السّلام: أ ما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعا. أ ما علمت بالّذي كان من أصحاب موسى و كان أبوه من فرعون، فلما الحقت خيل فرعون موسى تخلّف عنه ليعظه و أدركه موسى و أبوه يراغمه حتّى بلغ طرف البحر فغرقا جميعا، فأتى موسى الخبر، فقال: له غرق رحمه اللّه و لم يكن على رأي أبيه، لكن النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمن قارب الذنب دفاع. (2)

30 - جامع الاخبار عن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام باسناده عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: التوحيد نصف الدين قال: جاء رجل يهودي إلى

ص: 28


1- أمالي الصدوق: 362 و التوحيد 124 و العيون: 1-117.
2- أمالي المفيد: 73.

علي بن أبي طالب قال له: كيف كان ربنا فقال علي إنما يقال كيف لشيء لم يكن فكان هو كائن بلا كينونة كائن بلا كيف يكون كائن بلا كيف كان، كان لم يزل بلا كيف يكون لا يزال، قبل القبل بلا قبل، قد أجمع الغاية عنده فهو غاية كل غاية. (1)

31 - و فيه عن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام يقول: من شبه اللّه بخلقه فهو مشرك و من وصفه بالمكان فهو كافر و من نسب إليه ما نفى عنه فهو كاذب، ثم تلا هذه الآية إِنَّمٰا يَفْتَرِي اَلْكَذِبَ اَلَّذِينَ لاٰ يُؤْمِنُونَ بِآيٰاتِ اَللّٰهِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ اَلْكٰاذِبُونَ . (2)

32 - الصدوق في كتاب الجامع عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار و عبد اللّه بن جعفر الحميري عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن هشام بن إبراهيم العباسي قال قلت للرضا عليه السّلام أمرني بعض مواليك أن أسألك عن مسألة قال و من هو، قلت: الحسن ابن سهل أخو الفضل بن سهل ذي الرئاستين قال: في أي شيء المسألة قلت في التوحيد قال: في أي التوحيد قلت يسألك عن اللّه جسم أو ليس بجسم ؟ فقال: إنّ الناس في التوحيد ثلاثة، فمذهب إثبات تشبيهه، لا يجوز، و مذهب النفي لا يجوز، فلا محيص في المذهب الثالث إثبات بلا تشبيه. (3)

8- باب البداء

33 - الكليني، عن على بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال سمعت الرضا عليه السّلام يقول: ما بعث اللّه نبيا قطّ إلاّ بتحريم الخمر و أن يقرّ للّه بالبداء. (4)

ص: 29


1- جامع الاخبار: 6.
2- جامع الاخبار: 7 والاية فى سورة النحل: 100.
3- فرج المهموم: 139.
4- الكافى: 1-14 و التوحيد: 333.

9- باب العلم و القدرة

34 - الكلينى، عن عدّة من أصحابه، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: جاء رجل إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام من وراء نهر بلخ، فقال:

إني أسألك عن مسئلة فإن أجبتني فيها بما عندي قلت بإمامتك، فقال أبو الحسن عليه السّلام سل عما شئت، فقال: أخبرني عن ربك متى كان ؟ و كيف كان ؟ و على أي شيء كان اعتماده ؟ فقال أبو الحسن عليه السّلام: إن اللّه تبارك و تعالى أين الأين بلا أين، و كيّف الكيف بلا كيف و كان اعتماده على قدرته، فقام إليه الرجل فقبّل رأسه و قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه و أنّ عليا وصيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و القيم بعده بما قام به رسول اللّه و أنكم الأئمة الصادقون و أنك الخلف من بعدهم (1).

35 - الصدوق قال: حدثنا أبي رحمه اللّه قال حدثنا محمّد بن الحسين بن أبي - الخطاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: جاء قوم من وراء النهر إلى أبي الحسن عليه السّلام فقالوا له: جئناك نسألك عن ثلاث مسائل، فان أجبتنا فيها علمنا أنك عالم، فقال: سلوا، فقالوا: أخبرنا عن اللّه أين كان و كيف كان و على أي شيء كان اعتماده فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ كيّف الكيف فهو بلا كيف و أين الأين فهو بلا أين و كان اعتماده على قدرته، فقالوا: نشهد أنك عالم (2).

36 - عنه قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق - رحمه اللّه - قال:

حدثنا أبو القاسم العلويّ عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال حدثنا الحسين بن الحسن قال حدّثنا محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عرفة قال: قلت للرضا عليه السّلام: خلق اللّه الأشياء بالقدرة أم بغير القدرة ؟ فقال: لا يجوز أن يكون خلق الأشياء بالقدرة لأنك إذا قلت:

ص: 30


1- الكافى: 1-88.
2- التوحيد: 125، عيون الاخبار: 1-117.

خلق الأشياء بالقدة فكأنك قد جعلت القدرة شيئا غيره، و جعلتها آلة له بها خلق الأشياء و هذا شرك، و إذا قلت: خلق الأشياء بقدرة فإنما تصفه أنه جعلها باقتدار عليها و قدرة، و لكن ليس هو بضعيف و لا عاجز و لا محتاج الى غيره (1).

37 - عنه قال: حدثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهاب قال: حدثنا أحمد بن الفضل بن المغيرة قال: حدّثنا أبو نصر منصور بن عبد اللّه بن ابراهيم الاصفهاني قال حدثنا علي بن عبد اللّه قال: حدثنا الحسين بن بشار، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: سألته أ يعلم اللّه الشيء الّذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون أو لا يعلم إلاّ ما يكون ؟ فقال: إنّ اللّه تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الاشياء.

قال اللّه: عزّ و جلّ : «إِنّٰا كُنّٰا نَسْتَنْسِخُ مٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ » (2) و قال لأهل النار:

«وَ لَوْ رُدُّوا لَعٰادُوا لِمٰا نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكٰاذِبُونَ » (3) فقد علم اللّه عزّ و جلّ أنه لو ردّهم لعادوا لما نهوا عنه، و قال للملائكة لما قالوا: «أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قٰالَ إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ » (4) فلم يزل اللّه عزّ و جلّ علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن يخلقها، فتبارك ربنا تعالى علوا كبيرا، خلق الأشياء و علمه بها سابق لها كما شاء، كذلك لم يزل ربّنا عليما سميعا بصيرا (5).

38 - عنه قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رحمه اللّه - قال:

حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: قلت: لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: روينا أنّ اللّه علم لا جهل فيه، حياة لا موت فيه، نور لا ظلمة فيه، قال: كذلك هو. (6)

39 - عنه قال: حدثنا الحسين بن محمّد الأشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا

ص: 31


1- التوحيد: 130. عيون الاخبار: 2-117.
2- الجاثية: 29.
3- الانعام: 28.
4- البقرة: 30.
5- التوحيد: 136. عيون الاخبار: 1-118.
6- التوحيد: 138.

على بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الفراء قال حدّثنا علي بن موسى الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السّلام قال: إن يهوديا سئل أمير المؤمنين علي بن أبى طالب عليه السّلام، فقال: أخبرني عما ليس للّه و عما ليس عند اللّه و عما لا يعلمه اللّه فقال علي عليه السّلام: أما ما لا يعلمه اللّه فذلك قولكم يا معشر اليهود إنّ عزيزا ابن اللّه و اللّه لا يعلم له ولدا و أما قولك: ما ليس عند اللّه فليس عند اللّه ظلم للعباد و أما قولك ما ليس للّه فليس للّه شريك، فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه. (1)

10- باب القضاء و القدر

40 - الصدوق قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن عمرو بن عليّ البصريّ قال:

حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن المثنّى، قال: حدثنا أبو الحسن على بن مهرويه القزويني، قال: حدّثنا ابو أحمد الغازي قال: حدّثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمّد قال: حدثنا أبي محمّد بن عليّ ، قال حدثنا أبي علي بن الحسين، قال: حدثنا أبي الحسين بن علي عليهم السّلام قال: سمعت أبي علي بن أبي طالب عليه السّلام يقول:

الأعمال على ثلاثة أحوال: فرائض و فضائل و معاصي، و أمّا الفرائض فبأمر اللّه عزّ و جلّ و برضاء اللّه و قضاء اللّه و تقديره و مشيته و علمه، و أمّا الفضائل فليست بأمر اللّه و لكن برضاء اللّه و بقضاء اللّه و بقدر اللّه و بمشيته و بعلمه، و أمّا المعاصي فليست بأمر اللّه و لكن بقضاء اللّه و بقدر اللّه و بمشيته و بعلمه، ثم يعاقب عليها. (2)

41 - و بهذا الإسناد قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الدنيا كلها جهل الا مواضع العلم، و العلم كلّه حجّة الا ما عمل به، و العمل كله رياء إلا ما كان مخلصا، و الإخلاص على

ص: 32


1- عيون الاخبار: 1-141 و 2-36. و التوحيد: 377.
2- التوحيد: 369. عيون الاخبار: 1-142 و الخصال: 168.

خطر حتى ينظر العبد بما يختم له. (1)

42 - عنه قال: حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطار - رضى اللّه عنه: حدثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان، قال: كتبت إلى الرضا عليه السّلام أسأله عن أفعال العباد أ مخلوقة أم غير مخلوقة، فكتب: أفعال العباد مقدّرة في علم اللّه قبل خلق العباد بألفى عام. (2)

43 - عنه قال: حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوريّ ، بنيسابور قال: حدّثنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمّد بن هارون الخوري، قال حدّثنا جعفر بن محمّد بن زياد الفقيه الخوري، قال حدّثنا أحمد بن عبد اللّه الجويباري الشيباني، عن علي بن موسى الرّضا عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه عزّ و جلّ قدّر المقادير و دبر التدابير قبل أن يخلق آدم بألفى عام. (3)

44 - و بإسناده عن الرضا عن آبائه عن على بن الحسين بن على عليهم السّلام قال:

دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين عليه السّلام فقال أخبرني عن خروجنا إلى أهل الشام أ بقضاء من اللّه تعالى و قدره ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: أجل يا شيخ فو اللّه ما علوتم تلعة و لا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من اللّه و قدره فقال الشيخ: عند اللّه أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين.

فقال عليه السّلام: مهلا يا شيخ لعلّك تظنّ قضاء حتما و قدرا لازما لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب، و الأمر و النهى و الزجر، و اسقط معنى الوعد و الوعيد و لم تكن على المسيء لائمة و لا لمحسن محمدة و لكان المحسن أولى باللاّئمة من المذنب، و المذنب أولى بالإحسان من المحسن، تلك مقالة عبدة الأوثان و خصماء الرحمن و قدرية هذه الأمة و مجوسها، يا شيخ إنّ اللّه تعالى كلّف تخييرا و نهى تحذيرا و أعطى على القليل كثيرا، و لم يعص مغلوبا و لم يطع مكرها و لم يخلق السموات و الأرض و ما بينها باطلا «ذٰلِكَ

ص: 33


1- التوحيد: 371.
2- عيون الاخبار: 1-36 و الخصال.
3- التوحيد: 376. عيون الاخبار: 1-14 و 2-31.

ظَنُّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ اَلنّٰارِ» قال فنهض الشيخ و هو يقول:

أنت الإمام الّذي نرجو بطاعته *** يوم النجاة من الرحمن غفرانا

أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا *** جزاك ربك عنا فيه إحسانا

فليس معذرة في فعل فاحشة *** قد كنت راكبها فسقا و عصيانا

لا لا و لا قائلا ناهيه أوقعه *** فيها عبدت إذا يا قوم شيطانا

و لا أحبّ و لا شاء الفسوق و لا *** قتل الولىّ له ظلما و عدوانا

أنى يحبّ و قد صحت عزيمته *** ذو العرش أعلن ذاك اللّه إعلانا(1)

45 - عنه قال حدثنا الحسين بن ابراهيم بن أحمد المؤدّب - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن محمد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن على، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: قال اللّه جلّ جلاله: من لم يرض بقضائي و لم يؤمن بقدري، فليلتمس إلها غيري، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: في كلّ قضاء اللّه عزّ و جلّ خيرة للمؤمن (2)

46 - عنه قال: حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطار - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن محمّد بن قتيبة، قال حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام يقول:

أفعال العباد مخلوقة. فقلت له: يا ابن رسول اللّه و ما معنى مخلوقة قال: مقدرة. (3)

ص: 34


1- عيون الاخبار: 1-139
2- عيون الاخبار: 1-141
3- معانى الاخبار: 395 و العيون: 1-315

11- باب الجبر و التفويض

47 - الكليني عن علي بن ابراهيم، عن الحسن بن محمّد، عن علي بن محمّد القاساني عن علي بن أسباط قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الاستطاعة، فقال يستطيع العبد بعد أربع خصال: أن يكون مخلّي السرب، صحيح الجسم، سليم الجوارح، له سبب وارد من اللّه، قال: قلت: جعلت فداك فسر لي هذا قال: أن يكون العبد مخلّى السرب، صحيح الجسم، سليم الجوارح، يريد أن يزني فلا يجد امرأة ثمّ يجدها فإما أن يعصم نفسه فيمتنع كما امتنع يوسف عليه السّلام، أو يخلّي بينه و بين إرادته فيزني فيسمّى زانيا و لم يطع اللّه بإكراه و لم يعصه بغلبة (1)

48 - عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال، سألته فقلت: اللّه فوّض الأمر إلى العباد؟ قال: اللّه أعزّ من ذلك قلت: فجبرهم على المعاصي ؟ قال: اللّه أعدل و أحكم من ذلك ثم قال: قال اللّه:

يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك، و أنت أولى بسيئاتك مني عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك (2)

49 - عنه عن على بن ابراهيم، عن أبيه، عن اسماعيل بن مرّار، عن يونس بن عبد الرحمن قال: قال لي أبو الحسن الرضا عليه السّلام: يا يونس لا تقل بقول القدرية فإنّ القدرية لم يقولوا بقول أهل الجنّة و لا بقول أهل النار و لا بقول إبليس فإنّ أهل الجنة قالوا: الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدى لو لا أن هدانا اللّه. و قال أهل النار: ربنا غلبت علينا شقوتنا و كنا قوما ضالين. و قال إبليس: ربّ بما أغويتنى، فقلت:

و اللّه ما أقول بقولهم و لكنى أقول: لا يكون إلا بما شاء اللّه و أراد و قدر و قضى.

ص: 35


1- الكافى: 1-160.
2- الكافى: 1-157 و التوحيد: 362. عيون الاخبار: 1-143

فقال: يا يونس ليس هكذا لا يكون إلا ما شاء اللّه و أراد و قدّر و قضى، يا يونس تعلم ما المشيئة ؟ قلت: لا قال: هى الذكر الأول، فتعلم ما الإرادة ؟ قلت: لا قال: هى العزيمة على ما يشاء، فتعلم ما القدر؟ قلت: لا، قال: هى الهندسة و وضع الحدود من البقاء و الفناء قال: ثم قال: و القضاء هو الإبرام و إقامة العين قال: فاستأذنته أن اقبل رأسه و قلت: فتحت لي شيئا كنت عنه في غفلة (1)

50 - الصدوق، عن أبيه قال حدثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال ذكر عنده الجبر و التفويض فقال: ألا اعطيكم في هذا أصلا لا تختلفون فيه و لا تخاصمون عليه أحدا إلا كسرتموه ؟ قلنا: إن رأيت ذلك فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يطع و لم يعص بغلبة و لم يهمل العباد في ملكه، هو المالك لما ملكهم و القادر على ما أقدرهم عليه. فإن ائتمر العباد بطاعته لم يكن اللّه عنها صادا و لا منها مانعا و ان ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم و بين ذلك فعل و ان لم يحلّ و فعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه، ثم قال عليه السّلام: من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه (2)

51 - عنه قال: حدثنا محمّد بن ابراهيم بن إسحاق المؤدب - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن علي الانصاري، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال سمعت أبا الحسن علي بن موسى بن جعفر عليهم السّلام يقول: من قال بالجبر فلا تعطوه من الزكاة و لا تقبلوا له شهادة، إن اللّه تبارك و تعالى لا يكلّف نفسا إلا وسعها، و لا يحمّلها فوق طاقتها و لا تكسب كلّ نفس إلا عليها و لا تزر وازرة و زر اخرى. (3)

52 - عنه قال: حدثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن علي الأنصاري عن بريد بن عمير بن معاوية الشامي قال: دخلت على علي بن موسى

ص: 36


1- الكافى: 1-158
2- التوحيد: 361. عيون الاخبار: 1-144 و الاختصاص: 198
3- التوحيد: 362. عيون الاخبار: 143

الرضا عليهما السّلام بمرو، فقلت له: يا ابن رسول اللّه روي لنا عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: إنه لا جبر و لا تفويض بل أمر بين أمرين فما معناه: قال: من زعم أن اللّه يفعل أفعالنا ثم يعذّبنا عليها فقد قال بالجبر، و من زعم أن اللّه عزّ و جلّ فوّض أمر الخلق و الرزق الى حججه عليهم السّلام فقد قال بالتفويض، و القائل بالجبر كافر و القائل بالتفويض مشرك.

فقلت له: يا ابن رسول اللّه فما أمر بين أمرين ؟ فقال: وجود السبيل الى إتيان ما أمروا به و ترك ما نهوا عنه، فقلت له: فهل للّه عزّ و جلّ مشية و إرادة في ذلك، فقال:

فأما الطاعات فإرادة اللّه و مشيته فيها الأمر بها و الرضا لها و المعاونة عليها و إرادته و مشيته في المعاصي النهى عنها و السخط لها و الخذلان عليها قلت: فهل للّه فيها القضاء قال: نعم ما من فعل يفعله العباد من خير أو شرّ إلا و للّه فيه قضاء قلت: ما معنى هذا القضاء؟ قال: الحكم عليهم بما يستحقونه على أفعالهم من الثواب و العقاب في الدنيا و الآخرة (1)

12- باب جوامع التوحيد

53 - الكليني، عن أحمد بن ادريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: سألني أبو قرّة المحدّث أن ادخله على أبى الحسن الرضا عليه السّلام فاستأذنته فأذن لي، فدخل فسأله عن الحلال و الحرام ثم قال له: أ فتقرّ أنّ اللّه محمول ؟ فقال أبو الحسن عليه السّلام كلّ محمول مفعول به مضاف إلى غيره محتاج، و المحمول اسم نقص في اللفظ و الحامل فاعل و هو في اللفظ مدحة و كذلك قول القائل: فوق و تحت و أعلا و أسفل و قد قال اللّه: «وَ لِلّٰهِ اَلْأَسْمٰاءُ اَلْحُسْنىٰ فَادْعُوهُ بِهٰا» (2) و لم يقل في كتبه: إنه المحمول بل قال:

إنه الحامل في البر و البحر و الممسك السماوات و الأرض أن تزولا و المحمول ما سوى اللّه

ص: 37


1- عيون الاخبار: 1-124
2- الاعراف: 180

و لم يسمع أحد آمن باللّه و عظمته قطّ قال في دعائه: يا محمول قال أبو قرة فإنه قال:

«وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمٰانِيَةٌ » (1) و قال: «اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ اَلْعَرْشَ » (2) فقال ابو الحسن عليه السّلام: العرش ليس هو اللّه و العرش اسم و علم و قدرة و عرش فيه كل شيء، ثم أضاف الحمل إلى غيره خلق من خلقه لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه و هم حملة علمه و خلقا يسبحون حول عرشه و هم يعملون بعلمه و ملائكة يكتبون أعمال عباده، و استعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته و اللّه على العرش استوى كما قال:

و العرش و من يحمله و من حول العرش و اللّه الحامل لهم الحافظ لهم، الممسك القائم على كل نفس و فوق كلّ شيء و على كلّ شيء و لا يقال: محمول و لا أسفل قولا مفردا لا يوصل بشيء فيفسد اللّفظ و المعنى.

قال ابو قرة: فتكذّب بالرواية التي جاءت أن اللّه إذا غضب إنما يعرف غضبه إنّ الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم، فيخرون سجدا فاذا ذهب الغضب خفّ و رجعوا إلى مواقفهم.

فقال ابو الحسن عليه السّلام: أخبرني عن اللّه تبارك و تعالى منذ لعن ابليس الى يومك هذا هو غضبان عليه، فمتى رضى ؟ و هو في صفتك لم يزل غضبان عليه و علي أوليائه و على أتباعه كيف تجترىء أن تصف ربّك بالتغيير من حال إلى حال و أنه يجرى عليه ما يجري على المخلوقين ؟! سبحانه و تعالى لم يزل مع الزائلين و لم يتغير مع المتغيرين و لم يتبدّل مع المتبدّلين و من دونه فى يده و تدبيره، و كلّهم إليه محتاج و هو غني عمّن سواه (3)

54 - الصدوق قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن سيف بن عميرة، عن محمّد بن عبيد قال: دخلت على الرضا عليه السّلام فقال لي: قل للعباسي يكفّ عن الكلام

ص: 38


1- الحاقة: 17
2- الغافر: 7
3- الكافى: 1-130

في التوحيد و غيره و يكلّم الناس بما يعرفون و يكفّ عما ينكرون و إذا سألوك عن التوحيد فقل كما قال اللّه عزّ و جلّ : «قُلْ هُوَ اَللّٰهُ أَحَدٌ اَللّٰهُ اَلصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ» و إذا سألوك عن الكيفية فقل كما قال اللّه عز و جلّ : «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ » و إذا سألوك عن السمع فقل كما قال اللّه عزّ و جلّ : «هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ » فكلّم الناس بما يعرفون» (1)

55 - عنه قال: حدثنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد الاشناني الرازي العدل ببلخ، قال حدّثنا علي بن مهرويه القزوينى، عن داود بن سليمان الفراء، عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه، عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: التوحيد نصف الدين و استزلوا الرزق بالصدقة. (2)

56 - عنه قال حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن المختار بن محمّد بن المختار الهمداني، عن الفتح بن يزيد الجرجانى، عن أبى الحسن عليه السّلام قال سمعته يقول في اللّه عزّ و جلّ : هو اللّطيف الخبير السميع البصير الواحد الأحد الصمد الّذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، منشئ الأشياء و مجسم الأجسام و مصوّر الصور لو كان كما يقولون لم يعرف الخالق من المخلوق و لا المنشئ من المنشأ لكنه المنشئ فرق بين من جسّمه و صوّره و أنشأه إذا كان لا يشبهه شيء و لا يشبه هو شيئا، قلت أجل جعلني اللّه فداك لكنك قلت: الأحد الصمد و قلت:

لا يشبه شيئا، و اللّه واحد و الإنسان واحد أ ليس قد تشابهت الوحدانية.

قال: يا فتح أحلت ثبّتك اللّه تعالى إنما التشبيه في المعاني، فأما في الاسماء فهي واحدة و هي دلالة على المسمى و ذلك أنّ الإنسان و إن قيل واحد فإنما يخبر أنه جثة واحدة، و ليس باثنين، فالإنسان نفسه و ليست بواحدة، لأنّ أعضاءه مختلفة و ألوانه مختلفة كثيرة غير واحدة و هو أجزاء مجزّأة ليست بسواء دمه غير لحمه و لحمه غير دمه، و عصبه غير عروقه، و شعره غير بشره، و سواده غير بياضه، و كذلك ساير جميع الخلق،

ص: 39


1- التوحيد: 95.
2- التوحيد: 68 عيون الاخبار: 352

فالانسان واحد فى الاسم لا واحد في المعنى، و اللّه جلّ جلاله واحد لا واحد غيره، لا اختلاف فيه و لا تفاوت و لا زيادة و لا نقصان، فأمّا الإنسان المخلوق المصنوع المؤلّف من أجزاء مختلفة و جواهر شتى غير أنه بالاجتماع شيء واحد، قلت: جعلت فداك فرّجت عني فرّج اللّه عنك فقولك: اللّطيف الخبير فسره لي كما فسرت الواحد، فاني أعلم أنّ لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل، غير أني أحبّ أن تشرح لي ذلك.

فقال يا فتح إنما قلنا: اللطيف للخلق اللطيف، و لعلمه بالشيء اللطيف و غير اللطيف، و فى الخلق اللطيف من الحيوان الصغار من البعوض و الجرجس و ما هو أصغر منهما ما لا تكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الانثى و الحدث المولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه و اهتدائه للفساد و الهرب من الموت و الجمع لما يصلحه مما في لجج البحار و ما في لحاء الأشجار و المفاوز و القفار و فهم بعضها عن بعض منطقها و ما تفهم به أولادها عنها و نقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة و بياضا مع خضرة و ما لا تكاد عيوننا تستبينه بتمام خلقها و لا تراه عيوننا و لا تلمسه أيدينا علمنا أنّ خالق هذا الخلق لطيف لطف في خلق ما سمينا بلا علاج و لا أداة و لا آلة، و إنّ كلّ صانع شيء فمن شيء صنع، و اللّه الخالق اللّطيف الجليل خلق و صنع لا من شيء (1).

57 - عنه قال: حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن مختار بن محمّد بن المختار الهمداني، عن الفتح بن يزيد الجرجانى، عن أبى الحسن عليه السّلام قال: سألته عن أدنى المعرفة، قال، الإقرار بأنه لا إله غيره و لا شبيه له و لا نظير له و إنه مثبت قديم، موجود غير فقيد و أنه ليس كمثله شيء (2)

58 - المفيد قال أخبرنى الشريف الصالح أبو محمّد الحسن بن حمزة العلوى الطبري - رحمه اللّه - قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن احمد بن عيسى، عن مروك بن عبيد الكوفي عن محمّد بن زيد الطبري قال: سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السّلام يتكلّم

ص: 40


1- عيون الاخبار: 1-127
2- عيون الاخبار: 1-133

في توحيد اللّه سبحانه فقال: أوّل عبادة اللّه معرفته و أصل معرفة اللّه عز و جلّ توحيده و نظام توحيده نفى التحديد عنه، لشهادة العقول أنّ كلّ محدود مخلوق و شهادة كلّ مخلوق أنّ له خالقا ليس بمخلوق و الممتنع من الحدث هو القديم في الأزل فليس اللّه عبد من نعت ذاته و لا إياه و حدّ من اكتنهه و لا حقيقته أصاب من مثله و لا به صدق من نفاه و لا صمد صمده من أشار إليه بشيء من الحواسّ و لا إياه عنى من شبهه، و لا له تذلّل من بعّضه و لا إياه أراد من توهّمه كل معروف بنفسه مصنوع، و كل قائم في سواه معلول، بصنع اللّه يستدل عليه و بالعقول تعتقد معرفته و بالفطرة تثبت حجته.

خلق اللّه تعالى الخلق حجابا بينه و بينهم، مباينته إياهم مفارقته انيتهم، و ابتداؤه لهم دليل على أن لا ابتداء له، لعجز كلّ مبتدأ منهم عن ابتداء مثله فأسماؤه تعالى تعبير، و أفعاله سبحانه تفهيم، قد جهل اللّه تعالى من حدّه، و قد تعدّاه من اشتمله و قد أخطأه من اكتنهه، و من قال كيف هو فقد شبهه، و من قال فيه لم فقد علّله، و من قال: متى فقد وقّته، و من قال فيم فقد ضمنه، و من قال إلى م فقد نهّاه، و من قال:

حتى م فقد غياه، و من غياه فقد جزأه و من جزّأه فقد ألحد فيه، لا يتغير اللّه تعالى بتغير المخلوقات و لا يتحدّد بتحدّد المحدود، واحد لا بتأويل عدد، ظاهر لا بتأويل المباشرة متجلّ لا باستهلال رؤية، باطن لا بمزايلة، مباين لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف لا بتجسم، موجود لا عن عدم، فاعل لا باضطرار، مقدّر لا بفكرة، مدبر لا بحركة، مريد لا بعزيمة، شاء لا بهمة، مدرك لا بحاسة، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة، لا تصحبه الأوقات، و لا تضمّنه الاماكن و لا تأخذه السنات و لا تحده الصفات و لا تفيده الأدوات.

سبق الأوقات كونه و العدم وجوده، و الابتداء أزله، بخلقه الأشياء علم أن لا شبه له، و بمضادّته بين الاشياء علم أن لا ضدّ له، و بمقارنته بين الامور عرف أن لا قرين له، ضادّ النور بالظلمة و الصرد بالحرور، مؤلّف بين متباعداتها، و مفرّق بين متدانياتها، بتفريقها دلّ على مفرقها، و بتأليفها على مؤلّفها قال اللّه عزّ و جلّ : «وَ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْنٰا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ » (1) له معنى الربوبية إذ لا مربوب و حقيقة

ص: 41


1- الذاريات: 49.

الالهية إذ لا مألوه، و معنى العالم و لا معلوم، ليس منذ خلق استحق معنى الخالق، و لا من حيث أحدث استفاد معنى المحدث، لا تغيبه منذ و لا تدينه قد و لا تحجبه لعل، و لا توقّته متى، و لا تشمله حين، و لا تقارنه مع، كلما في الخلق من أثر غير موجود في خالقه و كلما أمكن فيه ممتنع من صانعه.

لا تجري عليه الحركة و السكون، و كيف يجرى عليه ما هو أجراه، أو يعود فيه ما هو ابتداه، إذا لتفاوت ذاته، و لامتنع من الأزل معناه، و لما كان للبارى معنى غير المبروء، لو حدّ له وراء لحدّ له أمام و لو التمس التمام للزمه النقصان، كيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث و كيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الانشاء لو تعلّقت به المعانى لقامت فيه آية المصنوع و لتحول عن كونه دالا إلى كونه مدلولا عليه ليس في محال القول حجة، و لا في المسألة عنه جواب، لا إله إلاّ اللّه العلي العظيم (1).

59 - الصدوق رحمه اللّه - قال: حدثنا على بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا محمّد بن أبى عبد اللّه الكوفى، قال: حدثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنى الحسين بن الحسن قال: حدثني بكر بن زياد، عن عبد العزيز بن المهتدى قال: سألت الرضا عليه السّلام عن التوحيد فقال: كل من قرأ قل هو اللّه أحد و آمن بها، فقد عرف التوحيد، قلت: كيف يقرأها؟ قال: كما يقرأها الناس، و زاد فيه: كذلك اللّه ربّى كذلك اللّه ربى، كذلك اللّه ربي. (2)

60 - عنه قال: حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقى، قال: حدثنى محمّد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو ذكوان قال: سمعت ابراهيم بن العباس يقول:

سمعت الرضا عليه السّلام و قد سأله رجل أ يكلّف اللّه العباد ما لا يطيقون ؟ فقال: هو أعدل من ذلك، قال: أ فيقدرون على كلّ ما أرادوه، قال: هم أعجز من ذلك (3).

61 - عنه قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن على بن الشاه الفقيه المروزى بمرو

ص: 42


1- أمالي المفيد: 156 و أمالي الطوسى: 1-22. و تمامه مع زيادة في التوحيد 37
2- عيون الاخبار: 1-133.
3- ««: 1-141.

الروذ في داره، قال: حدثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد اللّه النيسابورى، قال: حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة قال: حدثنا أبي في سنة ستين و مأتين قال: حدثنى علي بن موسى الرضا عليهما السّلام سنة أربع و تسعين و مائة قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحاسب كلّ خلق إلاّ من أشرك باللّه، فإنه لا يحاسب يوم القيامة و يؤمر به إلى النار (1).

62 - عنه قال: حدثنا محمّد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قلت له: يا ابن رسول اللّه لم خلق اللّه عزّ و جلّ الخلق على أنواع شتى و لم يخلقه نوعا واحدا؟ فقال: لئلا يقع في الأوهام إنه عاجز فلا تقع صورة في و هم ملحد إلاّ و قد خلق اللّه عزّ و جلّ عليها خلقا و لا يقول قائل:

هل يقدر اللّه عزّ و جلّ على أن يخلق على صورة كذا و كذا إلاّ وجد ذلك في خلقه تبارك و تعالى فيعلم بالنظر إلى أنواع خلقه إنه على كل شيء قدير (2).

63 - عنه قال: حدثنا محمّد بن موسى المتوكل - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن جعفر الأسدي قال: حدثنا محمّد بن الحسين الصولي قال: حدثنا يوسف بن عقيل، عن إسحاق بن راهويه قال: لما وافي أبو الحسن الرضا عليه السّلام نيسابور و أراد أن يخرج منها إلى المأمون اجتمع عليه أصحاب الحديث فقالوا له: يا ابن رسول اللّه ترحل عنا و لا تحدّثنا بحديث فنستفيده منك و كان قد قعد في العمارية فأطلع رأسه و قال: سمعت أبي موسى بن جعفر، يقول: سمعت أبي جعفر بن محمّد، يقول:

سمعت أبي محمّد بن عليّ ، يقول: سمعت أبي على بن الحسين، يقول: سمعت أبي الحسين بن علي، يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليهم السّلام يقول: سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: سمعت اللّه عزّ و جلّ يقول: لا إله إلاّ اللّه حصنى فمن دخل حصني

ص: 43


1- عيون الاخبار: 2-34.
2- ««: 2-75.

أمن من عذابي قال: فلما مرّت الراحلة نادانا بشروطها و أنا من شروطها (1).

64 - عنه قال: حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخورى بنيسابور قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن هارون الخوري، قال حدثنا جعفر بن محمّد ابن زياد الفقيه الخورى، قال حدّثنا أحمد بن عبد اللّه الجويبارى و يقال له الهروى و النهرواني و الشيباني، عن الرضا على بن موسى، عن أبيه، عن آبائه عن على عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما جزاء من أنعم اللّه عزّ و جلّ عليه بالتوحيد إلاّ الجنّة (2).

65 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ لا إله إلاّ اللّه كلمة عظيمة كريمة على اللّه عزّ و جلّ ، من قالها مخلصا استوجب الجنة، و من قالها كاذبا عصمت ماله و دمه، و كان مصيره الى النار (3).

66 - و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من قال: لا إله إلاّ اللّه في ساعة من ليل أو نهار طلست ما في صحيفته من السيئات (4).

67 - و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إن للّه عزّ و جلّ عمودا من ياقوتة حمراء رأسه تحت العرش، و أسفله على ظهر الحوت في الأرض السابعة السفلى فاذا قال العبد: لا إله إلا اللّه اهتزّ العرش و تحرك العمود و تحرك الحوت، فيقول

ص: 44


1- عيون الاخبار: 2-134 و التوحيد: 24-25 معانى الاخبار: 371 و الامالى: 142 و حلية الاولياء: 3-192. قال الحافظ ابو نعيم: هذا حديث ثابت مشهور بهذا الاسناد من رواية الطاهرين عن آبائهم الطيبين و كان بعض سلفنا من المحدثين اذا روى هذا الاسناد قال: لو قرئ هذا الاسناد على مجنون لافاق قال الانصارى: و قال لى أحمد بن رزين سألت الرضا عليه السّلام عن الاخلاص. فقال: طاعة اللّه عز و جل.
2- التوحيد: 22.
3- التوحيد: 23.
4- التوحيد: 23.

اللّه تبارك و تعالى: اسكنى يا عرشي، فيقول: كيف أسكن و أنت لم تغفر لقائلها، فيقول اللّه تبارك و تعالى؛ أشهدوا سكان سماواتى أني قد غفرت لقائلها (1)

68 - الصدوق قال: أبي - رحمه اللّه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن على الخزاز، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم القيامة آخذ بحجزة اللّه و نحن آخذون بحجزة نبينا و شيعتنا آخذون بحجزتنا، ثم قال: الحجزة: النور (2).

69 - جامع الأخبار عن الرضا عليه السّلام قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال ما رأس العلم قال: معرفة اللّه حقّ معرفته، قال و ما حقّ معرفته ؟ قال: أن تعرفه بلا مثال و لا شبيه، و تعرفه إلها، واحدا، خالقا، قادرا، أولا و آخرا، ظاهرا و باطنا لا كفو له و لا مثل، و ذلك معرفة اللّه حقّ معرفته (3).

70 - الكراجكي قال: حدّثنا القاضي أبو الحسن محمّد بن علي بن محمّد بن صخر الأزدي البصري بمصر سنة ست و عشرين و أربعمائة قراءة منه علينا، قال: أخبرنا أبو القاسم عمر بن محمّد بن يوسف، قال: حدثنا علي بن محمّد بن مهرويه القزويني سنة ثلاث عشر و ثلاثمائة، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي قال حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي عن الحسين بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السّلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: صنفان من أمّتي ليس لهم في الآخرة نصيب: المرجئة، و القدرية (4).

71 - الصدوق، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطار بنيسابور، في شعبان سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة قال: حدّثني ابو الحسن علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، قال: قال أبو محمّد الفضل بن شاذان النيسابوري عن الرضا عليه السّلام قال: فإن قال قائل: لم أمر الخلق بالإقرار باللّه و برسله و بحججه و بما جاء

ص: 45


1- التوحيد: 23.
2- معانى الاخبار: 16.
3- جامع الاخبار: 5.
4- كنز الفوائد: 50.

من عند اللّه عزّ و جلّ قيل: لعلل كثيرة منها: أنّ من لم يقرّ باللّه عزّ و جلّ و لم يجتنب معاصيه و لم ينته عن ارتكاب الكبائر و لم يراقب أحدا فيما يشتهي و يستلذّ عن الفساد و الظلم و إذا فعل الناس هذه الأشياء و ارتكب كلّ إنسان ما يشتهي و يهواه من غير مراقبة لأحد كان في ذلك فساد الخلق أجمعين و وثوب بعضهم على بعض فغصبوا الفروج و الأموال و أبا حوا الدماء و النساء، و قتل بعضهم بعضا من غير حقّ و لا جرم، فيكون في ذلك خراب الدنيا و هلاك الخلق و فساد الحرث و النسل.

و منها: أنّ اللّه عزّ و جلّ حكيم و لا يكون الحكيم و لا يوصف بالحكمة إلاّ الّذي يحظر الفساد و يأمر بالصلاح، و يزجر عن الظلم، و ينهى عن الفواحش، و لا يكون حظر الفساد و الأمر بالصلاح و النهى عن الفواحش إلاّ بعد الإقرار باللّه عزّ و جلّ و معرفة الآمر و الناهي و لو ترك الناس بغير إقرار باللّه عزّ و جلّ و لا معرفته لم يثبت أمر بصلاح و لا نهى عن فساد إذ لا آمر و لا ناهي.

و منها: إنا وجدنا الخلق قد يفسدون بامور باطنة مستورة عن الخلق، فلو لا الإقرار باللّه و خشيته بالغيب لم يكن أحد إذا خلا بشهوته و إرادته يراقب أحدا في ترك معصيته و انتهاك حرمة و ارتكاب كبيرة، اذا كان فعله ذلك مستورا عن الخلق غير مراقب لأحد، فكان يكون في ذلك خلاف الخلق أجمعين، فلم يكن قوام الخلق و صلاحهم إلا بالإقرار منهم بعليم خبير يعلم السر و أخفى، آمر بالصلاح ناه عن الفساد و لا تخفى عليه خافية ليكون في ذلك انزجار لهم عما يخلون به من أنواع الفساد (1).

72 - الصدوق - رحمه اللّه - قال حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطار النيسابوري - رضي اللّه عنه - قال حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل ابن شاذان قال: قال علي بن موسى الرضا عليهما السّلام: من أقرّ بتوحيد اللّه و نفي التشبيه عنه و نزّهه عما لا يليق به، و أقرّ بأنّ له الحول و القوّة و الإرادة و المشية و الخلق و الأمر و القضاء و القدر و أنّ أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا «خلق تكوين».

ص: 46


1- عيون الاخبار: 2-99.

و شهد أنّ محمّدا رسول اللّه و أنّ عليا و الأئمة بعده حجج اللّه و والى أوليائهم و اجتنب الكبائر و أقرّ بالرجعة و المتعتين و آمن بالمعراج و المسائلة في القبر و الحوض و الشفاعة و خلق الجنة و النار و الصراط و الميزان و البعث و النشور و الجزاء و الحساب فهو مؤمن حقّا و هو من شيعتنا أهل البيت (1).

تمّ كتاب التوحيد و يتلوه إن شاء اللّه كتاب النبوّة.

ص: 47


1- صفات الشيعة: 92.

كتاب النبوة

1- باب ما جاء فى الأنبياء عليهم السّلام

1 - الكليني، عن على بن إبراهيم الهاشمي، عن جده محمّد بن الحسن بن محمّد بن عبيد اللّه، عن سليمان الجعفري، عن الرضا عليه السّلام قال: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى نبي من الأنبياء، إذا أطعت رضيت، و إذ رضيت باركت، و ليس لبركتي نهاية، و إذا عصيت غضبت، و إذا غضبت لعنت و لعنتي تبلغ السابع من الورى. (1)

2 - الصدوق قال حدثنا جعفر بن محمّد بن مسرور - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا الحسين بن محمّد بن على (2) قال: حدثنا أبو عبد اللّه السياري، عن أبي يعقوب البغدادي قال: قال ابن السكيت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام لما ذا بعث اللّه عز و جلّ موسى بن عمران بالعصا و يده البيضاء و آلة السحر و بعث عيسى عليه السّلام بالطب و بعث محمّدا بالكلام و الخطب فقال له أبو الحسن عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى لما بعث موسى عليه السّلام كان الأغلب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند اللّه عز و جلّ بما لم يكن في وسع القوم مثله، (3) و بما أبطل به سحرهم و أثبت به الحجة عليهم و إنّ اللّه تبارك و تعالى بعث عيسى عليه السّلام في وقت ظهرت فيه الزمانات و احتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند اللّه عزّ و جلّ بما لم يكن عندهم مثله و بما أحيا لهم الموتى و أبرأ لهم الأكمه و الأبرص بإذن اللّه و أثبت به الحجة عليهم.

و أنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في وقت كان الأغلب على أهل عصره الخطب و الكلام [و أظنه قال:] و الشعر، فأتاهم من كتاب اللّه عز و جلّ و مواعظه و أحكامه ما أبطل به

ص: 48


1- الكافى: 2-275.
2- فى العيون: الحسين بن محمد بن عامر.
3- فى العيون عند القوم و فى وسعهم مثله.

قولهم و أثبت به الحجة عليهم، فقال ابن السكيت: تاللّه ما رأيت مثلك اليوم قطّ، فما الحجة على الخلق اليوم ؟ فقال عليه السّلام: العقل يعرف به الصادق على اللّه فيصدّقه و الكاذب على اللّه فيكذّبه فقال ابن السكيت هذا و اللّه الجواب. (1)

3 - عنه قال: حدثنا محمّد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني - رضي اللّه عنه - قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا على بن الحسن بن على ابن فضال، عن أبيه، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: إنما سمي أولو العزم اولي العزم لأنهم كانوا أصحاب الشرائع و العزائم و ذلك أنّ كلّ نبي بعد نوح عليه السّلام كان على شريعته و منهاجه و تابعا لكتابه الى زمن إبراهيم الخليل عليه السّلام.

و كلّ نبي كان في أيام ابراهيم و بعده كان على شريعته و منهاجه و تابعا لكتابه إلى زمن موسى عليه السّلام و كلّ نبي كان في زمن موسى و بعده كان على شريعة موسى و منهاجه و تابعا لكتابه إلى أيام عيسى عليه السّلام و كلّ نبي كان في أيام عيسى عليه السّلام و بعده كان على منهاج عيسى و شريعته و تابعا لكتابه إلى زمن نبينا محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فهؤلاء الخمسة أولو العزم فهم أفضل الأنبياء و الرسل. و شريعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا تنسخ إلى يوم القيامة و لا نبي بعده إلى يوم القيامة، فمن ادّعى بعده نبوّة أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه (2).

4 - عنه قال: حدثنا أبو الفضل تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشى الحيري قال:

أخبرنا أبو علي الأنصاري بنيسابور قال حدّثنا أبي قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام ابن صالح الهروي قال: سمعت على بن موسى الرضا عليهما السّلام يقول: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى نبي من انبيائه اذا أصبحت فاوّل شيء يستقبلك فكله، و الثاني فاكتمه، و الثالث فاقبله و الرابع فلا تؤيسه، و الخامس فاهرب منه.

قال فلما أصبح مضى فاستقبله جبل أسود عظيم فوقف، و قال: أمرني ربي عز و جل أن آكل هذا و بقي متحيرا ثم رجع إلى نفسه و قال: إنّ ربى جلّ جلاله لا يأمرني

ص: 49


1- علل الشرائع: 1-115 و العيون: 2-79.
2- عيون الاخبار: 2-80.

إلا بما اطيق فمشى إليه ليأكله فكلما دنا منه صغر حتى انتهى إليه فوجده لقمة فأكلها فوجدها أطيب شيء أكله، ثم مضى فوجد طستا من ذهب فقال له: أمرني ربى أن أكتم هذا و حفر له حفرة و جعله فيها و ألقى عليها التراب.

ثم مضى فالتفت فاذا بالطست قد ظهر قال قد فعلت ما أمرنى ربي عز و جل، فمضى فإذا هو بطير و خلفه بازيّ فطاف الطير حوله فقال: أمرني ربي عزّ و جلّ أن أقبل هذا ففتح كمّه فدخل الطير فيه فقال له البازي: أخذت منى صيدي و أنا خلفه منذ أيام، فقال: إنّ ربي عزّ و جلّ أمرني أن لا اويس هذا فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ثم مضى فإذا هو بلحم ميتة منتن مدود، فقال: أمرني ربي عزّ و جلّ أن أهرب من هذا فهرب منه و رجع.

فرأى في المنام كأنه قد قيل له: إنك قد فعلت ما امرت به فهل تدري ما ذا كان قال: لا قيل له: أما الجبل فهو الغضب انّ العبد إذا غضب لم ير نفسه و جهل قدره من عظم الغضب، فاذا حفظ نفسه و عرف قدره و سكن غضبه كانت عاقبته كاللقمة الطيبة التي أكلتها، و أما الطست فهو العمل الصالح إذا كتمه العبد و أخفاه أبى اللّه عزّ و جلّ إلا أن يظهره ليزينه به مع ما يدّخر له من ثواب الآخرة، و أما الطير فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة فاقبله و اقبل نصيحته، أما البازي فهو الرجل الذي يأتيك في حاجة فلا تؤيسه، و أما اللّحم المنتن فهو الغيبة فاهرب منها (1).

5 - عنه قال: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطار بنيسابور في شعبان سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة قال: حدّثني أبو الحسن علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، قال: قال أبو محمّد الفضل بن شاذان النيسابوري عن الرضا عليه السّلام قال:

فان قال قائل: فلم وجب عليهم (2) معرفة الرسل و الإقرار بهم و الاذعان لهم بالطاعة.

قيل: لأنه لما ان لم يكن في خلقهم و قواهم ما يكملون به مصالحهم و كان الصانع متعاليا عن أن يرى و كان ضعفهم و عجزهم عن إدراكه ظاهرا لم يكن بدّلهم من رسول بينه و .

ص: 50


1- الخصال: 267 و العيون: 1-275.
2- اى على الخلق

بينهم معصوم يؤدي إليهم أمره و نهيه و أدبه و يقفهم على ما يكون به احراز منافعهم و مضارّهم، فلو لم يجب عليهم معرفته و طاعته لم يكن لهم في مجيء الرسول منفعة و لا سدّ حاجة و لكان يكون إتيانه عبثا لغير منفعة و لا صلاح و ليس هذا من صفة الحكيم الّذي أتقن كل شيء. (1)

6 - عنه قال حدثنا أبو الحسن محمّد بن عمرو البصري، قال: حدثنا أبو عبد اللّه محمّد ابن عبد اللّه الواعظ قال: حدثنا أبو القاسم الطائي قال: حدثنا أبي قال حدثنا علي بن موسى الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السّلام قال: كان علي بن أبى طالب عليه السّلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل فكان فيما سأله أن قال له:

أخبرني عن خمسة من الأنبياء تكلّموا بالعربية فقال: هود، و صالح، و شعيب، و إسماعيل، و محمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين. (2)

7 - و بهذا الاسناد قال: كان على بن أبي طالب عليه السّلام بالكوفة في الجامع، إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل، فكان فيما سأله أن قال: أخبرني عن ستّة من الأنبياء لهم اسمان، فقال: يوشع بن نون و هو ذو الكفل، و يعقوب و هو اسرائيل، و الخضر و هو حلقيا، و يونس و هو ذو النون، و عيسى و هو المسيح، و محمّد و هو أحمد صلوات اللّه عليهم أجمعين. (3)

2- باب ما جاء في آدم عليه السّلام

8 - الحميرى عن ابن عيسى عن البزنطى عن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن الناس كيف تناسلوا عن آدم عليه السّلام قال: حملت حواء هابيل و أختا له في بطن، ثم حملت في البطن الثاني

ص: 51


1- عيون الاخبار: 2-100 و الحديث طويل اخذنا منه موضع الحاجة و الباقى متفرق في ابواب هذا الكتاب.
2- الخصال: 319.
3- الخصال: 322.

قابيل و أختا له في بطن فتزوّج هابيل التى مع قابيل و تزوّج قابيل التى مع هابيل ثم حدث التحريم بعد ذلك. (1)

9 - الصدوق - رحمه اللّه - قال حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطار - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن محمّد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان عن عبد السلام بن صالح الهروى، قال: قلت للرضا عليه السّلام: يا ابن رسول اللّه أخبرنى عن الشجرة التى اكل منها آدم و حواء ما كانت ؟ فقد اختلف الناس فيها، فمنهم من يروي أنها الحنطة، و منهم من يروي انها شجرة الحسد، فقال عليه السّلام: كل ذلك حقّ قلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال: يا أبا الصلت إنّ شجرة الجنة تحمل أنواعا فكانت شجرة الحنطة و فيها عنب و ليست كشجرة الدنيا و إنّ آدم عليه السّلام لما اكرمه اللّه تعالى ذكره باسجاد الملائكة و بإدخاله الجنة قال في نفسه: هل خلق اللّه بشرا أفضل منى، فعلم اللّه عزّ و جلّ ما وقع في نفسه فناداه ارفع رأسك يا آدم و انظر إلى ساق العرش، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، و علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و زوجه فاطمة سيدة نساء العالمين و الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنة.

فقال آدم عليه السّلام يا رب من هؤلاء، فقال عزّ و جلّ : هؤلاء من ذريتك و هم خير منك و من جميع خلقي، و لولاهم ما خلقتك و لا خلقت الجنة و النار و لا السماء و الأرض فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد، فأخرجك عن جواري فنظر إليهم بعين الحسد و تمنّى منزلتهم، فتسلّط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة الّتي نهى عنها و تسلّط على حواء لنظرها الى فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم عليه السّلام فأخرجهما اللّه عزّ و جلّ عن جنته فأهبطهما عن جواره إلى الارض. (2)

10 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن سليمان الزّراري، قال حدثنا محمّد بن

ص: 52


1- قرب الاسناد: 215.
2- عيون الاخبار: 1-306.

الحسين، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قلت: كيف كان أوّل الطيب ؟ قال: فقال لي: ما يقول من قبلكم فيه، قلت: يقولون إنّ آدم لمّا هبط بارض الهند فبكى على الجنة سالت دموعه فصارت عروقا في الأرض فصارت طيبا؟ فقال: ليس كما يقولون، و لكن حواء كانت تغلّف قرونها من أطراف شجر الجنة فلما هبطت إلى الأرض و بليت بالمعصية، رأت الحيض فأمرت بالغسل فنفضت قرونها فبعث اللّه عزّ و جلّ ريحا طارت به و خفضته فذرته حيث شاء اللّه عزّ و جل فمن ذلك الطيب. (1)

11 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن عمرو بن عليّ بن عبد اللّه البصري بايلاق قال: حدثني أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن أحمد بن جبلة الواعظ قال:

حدثني أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي، قال: حدثنا أبي قال: حدّثنا علي بن موسى الرضا قال حدّثني موسى بن جعفر، قال: حدّثني جعفر بن محمّد، قال حدثنا محمّد بن علي، قال: حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثنا الحسين بن على بن ابى طالب عليه السّلام:

قال: كان علي بن أبي طالب بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فقال يا أمير المؤمنين إني أسألك عن أشياء. فقال: سل تفقّها و لا تسأل تعنّتا، فسأله عن أشياء، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن أوّل من قال الشعر فقال: آدم، فقال:

و ما كان [من] شعره، قال: لما انزل إلى الأرض من السماء فرأى تربتها و سعتها و هواءها و قتل قابيل هابيل فقال آدم عليه السّلام:

تغيّرت البلاد و من عليها *** فوجه الأرض مغبر قبيح

تغيّر كل ذي لون و طعم *** و قلّ بشاشة الوجه المليح

فأجابه إبليس:

تنحّ عن البلاد و ساكنيها *** فبي في الخلد ضاق بك الفسيح

و كنت بها و زوجك في قرار *** و قلبك من أذى الدنيا مريح

ص: 53


1- علل الشرائع: 2-178 و العيون.

فلم تنفكّ من كيدي و مكري *** إلى أن فاتك الثمن الربيح

فلولا رحمة الجبار أضحت *** بكفك من جنان الخلد ريح (1)

3- باب ما جاء في نوح عليه السّلام

12 - الصدوق قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانى - رحمه اللّه - قال:

حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن الرضا عليه السّلام قال: قلت له: لايّ علّة أغرق اللّه عزّ و جلّ الدنيا كلّها في زمن نوح عليه السّلام و فيهم الأطفال و من لا ذنب له ؟ فقال: ما كان فيهم الأطفال لأنّ اللّه عزّ و جل أعقم أصلاب قوم نوح و أرحام نسائهم أربعين عاما، فانقطع نسلهم فغرقوا و لا طفل فيهم، و ما كان اللّه عزّ و جلّ ليهلك بعذابه من لا ذنب له، و أما الباقون من قوم نوح عليه السّلام فاغرقوا لتكذيبهم لنبيّ اللّه نوح و سائرهم اغرقوا برضاهم بتكذيب المكذّبين و من غاب عن امر فرضي به كان كمن شهده و أتاه. (2)

13 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول: قال أبي عليه السّلام: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن اللّه عزّ و جلّ قال لنوح: «يٰا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ » (3) لأنه كان مخالفا له و جعل من اتّبعه من أهله، قال: و سألني كيف يقرءون هذه الآية في ابن نوح، فقلت: يقرؤها الناس على وجهين «إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صٰالِحٍ » و «إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صٰالِحٍ » (4) فقال كذبوا هو ابنه و لكنّ اللّه عزّ و جلّ نفاه عنه حين

ص: 54


1- الخصال: 208
2- التوحيد: 392 و علل الشرائع: 1-29
3- هود: 46
4- يعنى قرء «عمل» على الفعل و نصب «غير» او قرء «عمل» منونا و «غير» بالرفع.

خالفه في دينه (1).

14 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال:

قال الرضا عليه السّلام لما هبط نوح عليه السّلام إلى الأرض كان هو و ولده و من تبعه ثمانين نفسا فبنى حيث نزل قرية فسمّاها قرية الثمانين لأنهم كانوا ثمانين (2).

4- باب ما جاء في ابراهيم عليه السّلام

15 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطار بنيسابور في شعبان سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة قال: حدثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابورى، عن الفضل بن شاذان قال سمعت الرضا عليه السّلام يقول: لمّا أمر اللّه تبارك و تعالى ابراهيم عليه السّلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنّى إبراهيم عليه السّلام أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل عليه السّلام بيده و أنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قبله ما يرجع إلى قلب الوالد الّذي بذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا ابراهيم من أحبّ خلقي إليك ؟ فقال: يا ربّ ما خلقت خلقا هو أحبّ إلى من حبيبك محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه يا ابراهيم أ فهو أحبّ إليك أم نفسك ؟ قال: بل هو أحبّ إلى من نفسى قال: فولده أحبّ إليك أو ولدك، قال بل ولده، قال: فذبح ولده ظلما على ايدى أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي، قال: يا ربّ بل ذبحه على أيدى أعدائه أوجع لقلبى، قال: يا إبراهيم فانّ طائفة تزعم أنها من امة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ستقتل

ص: 55


1- علل الشرائع: 1-29 و العيون: 2-75
2- علل الشرائع: 1-29

الحسين عليه السّلام ابنه من بعده ظلما و عدوانا كما يذبح الكبش فيستوجبون بذلك سخطي فجزع إبراهيم عليه السّلام لذلك و توجّع قلبه و أقبل يبكي، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين عليه السّلام و قتله و أوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ : «وَ فَدَيْنٰاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ » (1) و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم (2).

16 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سمعت أبي يحدّث عن أبيه عليهما السّلام أنه قال:

إنما اتخذ اللّه عزّ و جلّ إبراهيم خليلا، لأنه لم يرد أحدا و لم يسأل أحدا قطّ غير اللّه عزّ و جلّ . (3)

17 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا ابو الحسن محمّد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي في داره، قال: حدثنا ابو بكر بن محمّد بن عبد اللّه النيسابوري قال: حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة، قال حدثنا أبي في سنة ستين و مائتين قال: حدثنى على بن موسى الرضا عليهما السّلام سنة أربع و تسعين و مائة قال: قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش يا محمّد نعم الأب أبوك إبراهيم الخليل، و نعم الأخ أخوك علي بن أبى طالب (4)

18 - عنه - رحمه اللّه - قال: أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى قال: حدثنا أبو همام إسماعيل بن همام عن الرضا عليه السّلام أنه قال

ص: 56


1- الصافات: 107
2- عيون الاخبار: 1-209 و الخصال ص 58.
3- عيون الاخبار 2-76
4- عيون الاخبار 2-30

لرجل: أيّ شيء السكينة عندكم ؟ فلم يدر القوم ما هي فقالوا: جعلنا اللّه فداك ما هي ؟ قال ريح تخرج من الجنة طيبة في صورة كصورة الانسان تكون مع الأنبياء عليهم السّلام و هي التي انزلت على إبراهيم عليه السّلام حين بنى الكعبة فجعلت تأخذ كذا و كذا و بنى الأساس عليها (1).

19 - الحميري - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أسباط قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام ما ترى أخرج برّا أو بحرا فان طريقنا مخوف شديد الخطر، فقال:

اخرج برّا ثم قال: و لا عليك أن تأتي مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فتصلي ركعتين في غير وقت فريضة تستخير اللّه مائة مرة فإن خرج لك على البحر فقل الذي قال اللّه تبارك و تعالى: «اِرْكَبُوا فِيهٰا بِسْمِ اَللّٰهِ مَجْرٰاهٰا وَ مُرْسٰاهٰا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ » (2) فاذا اضطرب فقل: بسم اللّه اسكن بسكينة اللّه و قرّ بوقار اللّه و اهدأ باذن اللّه و لا حول و لا قوة الا باللّه.

قلنا له أصلحك اللّه ما السكينة ؟ قال: ريح تخرج من الجنة لها صورة كصورة الإنسان و رائحته طيبة و هي التي نزلت على إبراهيم صلوات اللّه عليه فأقبلت تدور حول أركان البيت و هو يضع الأساطين قلنا: هي من التي قال فيه «سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمّٰا تَرَكَ آلُ مُوسىٰ وَ آلُ هٰارُونَ تَحْمِلُهُ اَلْمَلاٰئِكَةُ » (3) قال: تلك السكينة كانت في التابوت و كانت فيه طست تغسل فيها قلوب الأنبياء و كان التابوت يدور في بنى اسرائيل مع الأنبياء، ثم أقبل علينا فقال: فما تابوتكم ؟ قلنا: السلاح قال: صدقتم هو تابوتكم، ثم قال: فان خرجت برا فقل الذي قال اللّه: «سُبْحٰانَ اَلَّذِي سَخَّرَ لَنٰا هٰذٰا وَ مٰا كُنّٰا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنّٰا إِلىٰ رَبِّنٰا لَمُنْقَلِبُونَ » (4) فإنه ليس عبد يقول عند ركوبه فيقع

ص: 57


1- معانى الاخبار: 285
2- هود: 41
3- البقرة: 248
4- الزخرف: 13

من بعير أو دابة فيضرّه شيء باذن اللّه (1).

20 - الطوسي - رحمه اللّه - قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن هارون بن الصلت الاهوازي سماعا في مسجده بشارع دار الرقيق ببغداد في شهر ربيع الأول من سنة تسع و أربعمائة قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة املاء قال حدثنا علي بن محمّد الحسيني قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن عيسى قال حدّثنا عبيد اللّه بن علي قال: حدّثنا علي بن موسى عن أبيه عن جده عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: كان ابراهيم عليه السّلام اوّل من أضاف الضيف و أول من شاب فقال: ما هذا قيل: وقار في الدنيا و نور في الآخرة (2)

21 - العياشي - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ إبراهيم خليل الرّحمن صلوات اللّه عليه سأل ربه حين أسكن ذريته الحرم قال: ربّ ارزقهم من الثمرات لعلّهم يشكرون، فأمر اللّه تعالى قطعة من الاردن حتى جاءت فطافت بالبيت سبعا، ثمّ أمر اللّه أن تقول الطائف فسميت الطائف لطوافها بالبيت (3).

22 - الراوندي - رحمه اللّه - بالاسناد إلى الصدوق عن النقاش، عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن الرضا عليه السّلام قال: لما رمي إبراهيم عليه السّلام في النار، دعا اللّه بحقّنا، فجعل اللّه النار بردا و سلاما. (4)

ص: 58


1- قرب الاسناد: 218
2- أمالي الطوسى: 348
3- تفسير العياشى: 2-232 أوردناه هنا لأدنى المناسبة، و روى الصدوق (ره في العلل باسناده عن البزنطى عنه عليه السّلام قال: أ تدري لم سمى الطائف الطائف ؟ قلت لا، قال: لان اللّه عز و جل لما دعاه ابراهيم عليه السّلام ان يرزق أهله الثمرات أمر بقطعة من الاردن فسارت بثمارها حتى طافت بالبيت، ثم أمرها أن تنصرف الى هذا الموضع الّذي سمى بالطائف فلذلك سمى الطائف. ا ه، و لم نورده في المتن لعدم المناسبة بالباب.
4- قصص الأنبياء مخطوط بحار الانوار: 12 ر 40

5- باب ما جاء في اسماعيل

23 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال حدثنا سعد بن عبد اللّه عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن أحمد بن أشيم، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: قال: أ تدري لم سمّي إسماعيل صادق الوعد؟ قال: قلت: لا أدري فقال:

وعد رجلا فجلس له حولا ينتظره (1).

24 - عنه - رحمه اللّه - قال حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال:

سألت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليهما السّلام عن معنى قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنا ابن الذبيحين قال: يعنى إسماعيل بن ابراهيم الخليل عليهما السّلام و عبد اللّه بن عبد المطلب، أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الّذي بشّر اللّه به ابراهيم «فَلَمّٰا بَلَغَ مَعَهُ اَلسَّعْيَ (2) قٰالَ يٰا بُنَيَّ [(3)] إِنِّي أَرىٰ فِي اَلْمَنٰامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مٰا ذٰا تَرىٰ قٰالَ يٰا أَبَتِ اِفْعَلْ مٰا تُؤْمَرُ» - و لم يقل يا أبت افعل ما رأيت - «سَتَجِدُنِي إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ مِنَ اَلصّٰابِرِينَ » .

فلما عزم على ذبحه فداه اللّه بذبح عظيم بكبش أملح يأكل في سواد و يشرب في سواد و ينظر في سواد و يمشي في سواد و يبول في سواد و يبعر في سواد، و كان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة اربعين عاما، و ما خرج من رحم انثى، و إنما قال اللّه عزّ و جلّ له:

«كُنْ » فكان (4) ليفدى به اسماعيل، فكل ما يذبح في منى فهو فدية لإسماعيل إلى يوم القيامة فهذا أحد الذبيحين. و أما الآخر فإنّ عبد المطلب كان تعلّق بحلقة باب

ص: 59


1- عيون الاخبار 2-79
2- الصافات: 102.
3- فى العيون و هو لما عمل مثل عمله قال يا بنى.
4- «««كن فيكون» فكان.

الكعبة و دعا اللّه أن يرزقه عشرة بنين و نذر للّه عزّ و جلّ أن يذبح واحدا منهم متى أجاب اللّه دعوته.

فلما بلغوا عشرة قال قد و وفي اللّه لي فلأفينّ للّه عزّ و جلّ فأدخل ولده الكعبة و أسهم بينهم فخرج سهم عبد اللّه أبي رسول اللّه و كان أحبّ ولده إليه، ثم أجالها ثانية فخرج سهم عبد اللّه، ثم أجالها ثالثة فخرج سهم عبد اللّه فأخذه و جلسه و عزم على ذبحه فاجتمعت قريش و منعته من ذلك، و اجتمع نساء عبد المطلب يبكين و يصحن، فقالت له ابنته عاتكة: يا أبتاه اعذر فيما بينك و بين اللّه عزّ و جلّ في قتل ابنك قال: و كيف أعذر يا بنيّة فإنك مباركة، قالت اعمد الى تلك السوائم التي لك في الحرم فاضرب بالقداح على ابنك و على الإبل و اعط ربك حتى يرضى.

فبعث عبد المطلب إلى إبله فأحضرها و عزل منها عشرا و ضرب السهام فخرج سهم عبد اللّه فما زال يزيد عشرا عشرا حتى بلغت مائة فضرب فخرج السهم على الإبل فكبّرت قريش تكبيرة ارتجّت لها جبال تهامة، فقال عبد المطلب: لا حتى أضرب بالقداح ثلاث مرات فضرب ثلاثا كل ذلك يخرج السهم على الإبل، فلما كان في الثالثة اجتذبه الزبير و أبو طالب و إخوانه من تحت رجليه فحملوه و قد انسلخت جلدة خدّه التي كانت على الأرض و أقبلوا يرفعونه و يقبّلونه و يمسحون عنه التراب.

و أمر عبد المطّلب أن تنحر الابل بالحزورة و لا يمنع أحد منها و كانت مائة.

و كانت لعبد المطّلب خمس سنن أجراها اللّه عزّ و جلّ في الإسلام، حرّم نساء الآباء على الأبناء، و سنّ الدية في القتل مائة من الإبل، و كان يطوف بالبيت سبعة أشواط و وجد كنزا فأخرج منه الخمس، و سمى زمزم لما حفرها (1) سقاية الحاج و لو لا أن (2) عبد المطلب كان حجّة و أن عزمه على ذبح ابنه عبد اللّه شبيه بعزم ابراهيم على

ص: 60


1- فى العيون «حين حفرها».
2- ««لو لا ان عمل عبد المطلب.

ذبح ابنه اسماعيل لمّا افتخر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالانتساب إليها لأجل أنهما الذبيحان في قوله: «أنا ابن الذبيحين».

[و العلة التي من أجلها رفع (1) اللّه عزّ و جلّ الذبح عن اسماعيل هى العلة الّتي من أجلها رفع الذبح عن عبد اللّه و هي كون النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الأئمة المعصومين صلوات اللّه عليهم في صلبيهما، فببركة النبي و الأئمة عليهم السّلام رفع اللّه الذبح عنهما فلم تجر السنة في الناس بقتل أولادهم، و لو لا ذلك لوجب على الناس كل أضحى التقرب إلى اللّه تعالى ذكره بقتل اولادهم و كلّ ما يتقرب الناس الى اللّه عزّ و جل من اضحيّة فهو فداء لاسماعيل عليه السّلام الى يوم القيامة] (2).

6- باب ما جاء في يوسف عليه السّلام

25 - عنه - رحمه اللّه - قال حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندى - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود عن أبيه قال: حدثنا أحمد بن عبد اللّه العلوي قال: حدثني علي بن محمّد العلوي العمري، قال: حدثني إسماعيل بن همام قال: قال الرضا عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ : «قٰالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهٰا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِهٰا لَهُمْ » (3) قال: كانت لاسحاق النبي عليه السّلام منطقة يتوارثها الأنبياء الأكابر و كانت عند عمّة يوسف و كان يوسف عندها و كانت تحبّه. فبعث إليها أبوه و قال ابعثيه إليّ و أردّه أليك فبعثت إليه: دعه عندي اللّيلة أشمّه، ثم ارسله أليك غدوة، قال: فلما أصبحت أخذت المنطقة فربطتها في حقوه و البسته قميصا و بعثت به إلى أبيه، فلمّا خرج من عندها طلبت المنطقة و قالت سرقت

ص: 61


1- فى العيون «دفع اللّه» بالدال في الموضعين.
2- الخصال: 55 - و العيون 1-210. و ما بين القوسين من كلام الصدوق (ره)
3- يوسف: 77.

المنطقة فوجدت عليه و كان إذا سرق أحد في ذلك الزمن دفع إلى صاحب السرقة فكان عبده (1).

26 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي قال:

حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه عن عبيد اللّه بن محمّد بن خالد قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء قال: سمعت علي بن موسى الرضا عليهما السّلام يقول: كانت الحكومة في بني اسرائيل إذا سرق أحد شيئا استرقّ به و كان يوسف عليه السّلام عند عمته و هو مغير و كانت تحبه، و كانت لإسحاق عليه السّلام منطقة ألبسها أباه يعقوب فكانت عند ابنته إنّ يعقوب طلب يوسف يأخذه من عمته فاغتمت لذلك و قالت له: دعه حتى ارسله أليك، فأرسلته و أخذت المنطقة و شدتها في وسطه تحت الثياب.

فلما أتي يوسف أباه جاءت فقالت: سرقت المنطقة ففتّشته فوجدتها في وسطه فلذلك قال إخوة يوسف حين جعل الصاع في وعاء أخيه «إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ » فقال لهم يوسف «ما جزاء من وجد في رحله قالوا هو جزاؤه» كما جرت السنّة الّتي تجرى فيهم «فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعٰاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اِسْتَخْرَجَهٰا مِنْ وِعٰاءِ أَخِيهِ » و لذلك قال اخوة يوسف «إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ » يعنون المنطقة «فَأَسَرَّهٰا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِهٰا لَهُمْ (2).

27 - العياشي - رحمه اللّه - عن الحسن بن موسى قال: روى أصحابنا عن الرضا عليه السلام قال: قال له رجل: أصلحك اللّه كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون و كأنه أنكر ذلك عليه فقال له أبو الحسن: يا هذا أيّهما أفضل النبيّ أو الوصىّ؟ فقال: لا بل النبيّ ، قال: فأيّهما أفضل مسلم أو مشرك ؟ قال: بل مسلم، قال:

فإنّ العزيز عزيز مصر (3) كان مشركا و كان يوسف نبيّا و إنّ المأمون مسلم و أنا

ص: 62


1- تفسير العياشى 2-186 و العيون: 2-76.
2- تفسير العياشى 2-186 و العيون: 2-76.
3- الظاهر هنا و هم من الراوى و الصواب «فان الملك ملك مصر» و الملك فرعون مصر و هو غير العزيز.

وصىّ ، و يوسف سأل العزيز أن يولّيه حتّى قال: «اِجْعَلْنِي عَلىٰ خَزٰائِنِ اَلْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ » و المأمون أجبرني على ما أنا فيه، قال و قال في قوله «حَفِيظٌ عَلِيمٌ » قال:

حافظ لما في يدي «عليم» عالم بكلّ لسان (1).

7- باب ما جاء في موسى عليه السّلام

28 - الحميري - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبى نصر البزنطي قال قلنا للرضا عليه السّلام: إنّ أهل مصر يزعمون أنّ بلادهم مقدسة قال: و كيف ذلك قلت:

جعلت فداك يزعمون أنه يحشر من جبلهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب قال لا لعمري ما ذاك كذلك و ما ذاك و ما غضب اللّه على بني إسرائيل إلاّ أدخلهم مصر و لا رضي عنهم الا أخرجهم منها إلى غيرها و لقد أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى موسى عليه السّلام أن يخرج عظام يوسف منها فاستدلّ موسى على من يعرف القبر فدلّ على امرأة عمياء زمنة فسألها موسى أن تدلّه عليه فأبت إلا على خصلتين فيدعو اللّه أن يذهب بزمانها و يصيّرها اللّه في الجنة في الدرجة التي هو فيها.

فأعظم ذلك على موسى فأوحى اللّه إليه و ما يعظم عليك من هذا اعطها ما سئلت ففعل فوعدته طلوع القمر فحبس اللّه القمر حتى جاء موسى لموعده فاخرج من النيل في سفط مرمر فحمله موسى و لقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تغسلوا رءوسكم بطينها و لا تأكلوا في فخارها فإنه يورث الذلّة و يذهب الغيرة، قلنا له: قد قال ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: نعم (2).

29 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن على بن فضال، عن أبي الحسن عليه السّلام أنّه قال:

ص: 63


1- تفسير العياشى: 2-180.
2- قرب الاسناد: 20 و تفسير العياشى: 1-304.

احتبس القمر عن بنى اسرائيل فاوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى ان أخرج عظام يوسف عليه السّلام من مصر، و وعده طلوع القمر إذا أخرج عظامه فسأل موسى عليه السّلام عن من يعلم موضعه فقيل له: إنّ هاهنا عجوز تعلم علمه، فبعث إليها، فاتي بعجوز مقعدة عمياء، فقال لها: أ تعرفين موضع قبر يوسف ؟ قالت: نعم.

قال: فأخبريني به، فقالت: لا حتى تعطينى أربع خصال تطلق لي رجلي و تعيد إليّ شبابي و تعيد إليّ بصري (1) و تجعلنى معك في الجنة قال: فكبر ذلك على موسى عليه السّلام قال: فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه يا موسى أعطها ما سألت فانك إنما تعطى عليّ ففعل، فدلّته عليه فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر، فلما أخرجه طلع القمر فحمله إلى الشام، فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم الى الشام (2).

30 - العياشى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول: إنّ رجلا من بني اسرائيل قتل قرابة له، ثم أخذه و طرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني اسرائيل، ثم جاء يطلب بدمه فقالوا لموسى عليه السّلام إنّ سبط آل فلان قتلوا فلانا فأخبرنا من قتله ؟.

فقال: ايتوني ببقرة قالوا أ تتّخذنا هزوا قال: أعوذ باللّه أن أكون من الجاهلين قال و لو عمدوا الى بقرة (3) أجزأتهم و لكن شدّدوا فشدّد اللّه عليهم «قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ فٰارِضٌ وَ لاٰ بِكْرٌ» يعني لا صغيرة و لا كبيرة «عَوٰانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ » و لو أنهم عمدوا الى أى بقرة أجزأتهم و لكن شدّدوا فشدّد اللّه عليهم «قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا لَوْنُهٰا قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ صَفْرٰاءُ فٰاقِعٌ لَوْنُهٰا تَسُرُّ اَلنّٰاظِرِينَ » و لو أنهم عمدوا الى أىّ بقرة لأجزأتهم و لكن شدّدوا فشدّد اللّه عليهم.

ص: 64


1- فى العيون «و ترد الى بصرى».
2- الخصال: 205 و العيون: 1-259.
3- فى العيون «و لو انهم عمدوا الى اى بقرة اجزأتهم».

«قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشٰابَهَ عَلَيْنٰا وَ إِنّٰا إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَمُهْتَدُونَ . قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاٰ ذَلُولٌ تُثِيرُ اَلْأَرْضَ وَ لاٰ تَسْقِي اَلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاٰ شِيَةَ فِيهٰا قٰالُوا اَلْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ » (1) فطلبوها فوجدوها عند فتى من بنى اسرائيل، فقال:

لا أبيعها الا بملء مسكها ذهبا فجاءوا الى موسى عليه السّلام فقالوا له ذلك. قال: اشتروها فاشتروها و جاءوا بها فامر بذبحها، ثم أمر أن يضرب الميت بذنبها، فلما فعلوا ذلك حيي المقتول و قال يا رسول اللّه إن ابن عمى قتلني دون من يدّعى عليه قتلى فعلموا بذلك قاتله.

قال: فقال رسول اللّه موسى بن عمران عليه السّلام لبعض أصحابه: إنّ هذه البقرة لها نبأ فقال: و ما هو؟ قال: أنّ فتى من بنى اسرائيل كان بارّا بأبيه و إنه اشترى تبيعا (2) فجاء إلى أبيه و رأى أنّ المقاليد تحت رأسه فكره أن يوقظه فترك ذلك التبيع فاستيقظ أبوه فأخبره فقال: أحسنت خذ هذه البقرة فهي لك عوضا لما فاتك قال: فقال رسول اللّه موسى بن عمران عليه السّلام انظروا الى البرّ ما بلغ بأهله (3).

31 - المفيد - رحمه اللّه - باسناده عن عبد اللّه بن جندب عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: كان على مقدمة فرعون ستمائة ألف و مائتي ألف و على ساقته ألف ألف قال: لما صار موسى عليه السّلام في البحر أتبعه فرعون و جنوده قال: فتهيّب فرس فرعون أن يدخل البحر فتمثل له جبرئيل على ماذيانة فلما رأى فرس فرعون الماذيانة أتبعها فدخل البحر هو و أصحابه فغرقوا (4).

32 - أبو جعفر الطوسى - رحمه اللّه - قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:

حدّثنا محمّد بن جعفر الرزاز القرشي أبو العباس بالكوفة قال: حدثنا أيوب بن نوح

ص: 65


1- الآيات في سورة البقرة 71-76.
2- التبيع: ولد البقر اوّل سنة و بقرة متبع اى معها ولدها: و في العيون «بيعا».
3- تفسير العياشى: 1-46 و عيون الاخبار 2-36.
4- الاختصاص: 266.

ابن دراج قال: حدثنا على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر ابن محمّد، عن أبيه عن جده، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب عن رسول اللّه صلوات اللّه عليهم اجمعين قال: أوحى اللّه عزّ و جلّ الى نجيه موسى بن عمران عليه السّلام يا موسى أحببني و جبّني الى خلقي قال: يا رب إنى احبك فكيف احبّبك إلى خلقك قال: اذكر لهم نعمائي عليهم و بلائى عندهم فإنهم لا يذكروني اذ لا يعرفون مني إلاّ كلّ خير (1).

33 - الراوندي - رحمه اللّه - بالاسناد إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحجال، عن مقاتل بن مقاتل، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: إنّ اللّه تعالى أمر بنى اسرائيل أن يذبحوا بقرة و كان يجزئهم ما ذبحوا و ما تيسر من البقر، فعنتوا و شدّدوا فشدّد عليهم (2).

34 - عنه - رحمه اللّه - باسناده عن الصدوق عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن البزنطى قال: سألت الرضا عليه السّلام عن قوله تعالى «إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مٰا سَقَيْتَ لَنٰا» أ هي الّتي تزوّج بها؟ قال: نعم، و لما قالت «اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اِسْتَأْجَرْتَ اَلْقَوِيُّ اَلْأَمِينُ » قال أبوها كيف علمت ذلك قالت: لما أتيته برسالتك فأقبل مني، قال: كونى خلفي و دلّيني على الطريق، فكنت خلقه ارشده كراهية أن يرى منى شيئا، و لمّا أراد موسى عليه السّلام الانصراف، قال شعيب: ادخل البيت و خذ من تلك العصي عصا تكون معك تدرأ بها السباع، و قد كان شعيب اخبر بأمر العصا الّتي أخذها موسى.

فلما دخل موسى البيت وثبت إليه العصا فصارت في يده، فخرج بها فقال شعيب خذ غيرها فعاد موسى إلى البيت و وثبت إليه العصا فصار في يده فخرج بها، فقال شعيب: أ لم أقل لك خذ غيرها قال له موسى: قد رددتها ثلاث مرّات كلّ ذلك تصير

ص: 66


1- أمالي الطوسى: 2-98.
2- قصص الأنبياء مخطوط.

في يدي، فقال له شعيب: خذها، و كان شعيب يزور موسى كلّ سنة، فاذا أكل قام موسى على رأسه و كسر له الخبز (1).

8- باب ما جاء في يوشع و دانيال عليهما السّلام

35 - الكليني - رحمه اللّه - عن علي بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن إسماعيل بن محمّد، عن محمّد بن سنان قال: كنت عند الرضا عليه السّلام فقال لي: يا محمّد إنه كان في زمن بنى اسرائيل أربعة نفر من المؤمنين فاتى واحد منهم الثلاثة و هم مجتمعون في منزل أحدهم في مناظرة بينهم فقرع الباب فخرج إليه الغلام فقال: أين مولاك ؟ فقال: ليس هو في البيت فرجع الرجل و دخل الغلام الى مولاه فقال له: من كان الذي قرع الباب قال: كان فلان فقلت له: لست في المنزل فسكت و لم يكترث و لم يلم غلامه و لا اغتمّ أحد منهم لرجوعه عن الباب و أقبلوا في حديثهم، فلما كان من الغد بكّر إليهم الرجل فأصابهم و قد خرجوا يريدون ضيعة لبعضهم فسلم عليهم و قال: أنا معكم فقالوا له: نعم و لم يعتذروا إليه و كان الرجل محتاجا ضعيف الحال فلما كانوا في بعض الطريق اذا غمامة قد أظلتهم فظنوا انه مطر فبادروا فلما استوت الغمامة على رءوسهم إذا مناد ينادي من جوف الغمامة أيتها النار خذيهم و أنا جبرئيل رسول اللّه.

فإذا نار من جوف الغمامة قد اختطفت الثلاثة النفر و بقى الرجل مرعوبا يعجب مما نزل بالقوم و لا يدري ما السبب ؟ فرجع إلى المدينة فلقي يوشع بن نون عليه السّلام فأخبره الخبر و ما رأى و ما سمع، فقال: يوشع بن نون عليه السّلام أ ما علمت أنّ اللّه سخط عليهم بعد أن كان عنهم راضيا و ذلك بفعلهم بك، فقال: و ما فعلهم بي ؟ فحدّثه يوشع فقال الرجل فأنا أجعلهم في حلّ و أعفو عنهم قال: لو كان هذا قبل لنفعهم فأما

ص: 67


1- قصص الأنبياء مخطوط.

الساعة فلا و عسى أن ينفعهم من بعد (1).

36 - على بن موسى بن محمّد بن طاوس باسناده إلى سعد بن عبد اللّه من كتاب فضل الدعاء باسناده إلى الرضا عليه السّلام قال: وجد رجل من الصحابة صحيفة فأتى بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فنادى الصلاة جامعة فما تخلّف أحد ذكر و لا انثى فرقى المنبر فقرأها (2) فاذا كتاب يوشع بن نون وصىّ موسى عليهما السّلام و إذن فيها و إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ألا إنّ خير عباد اللّه التقي الخفيّ و إنّ شرّ عباد اللّه المشار إليه بالأصابع، فمن أحبّ أن يكتال بالمكيال الأوفى و أن يؤدّي الحقوق التى أنعم اللّه بها عليه فليقل في كل يوم:

«سبحان اللّه كما ينبغى للّه و الحمد للّه كما ينبغي للّه و لا إله إلاّ اللّه كما ينبغى للّه و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه و صلى اللّه على محمّد و على أهل بيت النبي الامّي و على جميع المرسلين و النبيين حتى يرضي اللّه» و نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد ألحّوا في الدعاء فصبر هنيئة، ثم رقى المنبر، فقال: من أحبّ أن يعلو ثناءه على ثناء المجاهدين فليقل هذا القول في كلّ يوم و إن كانت له حاجة قضيت أو عدوّ كبت، أو دين قضي أو كرب كشف و خرق كلامه السموات حتى يكتب في اللوح المحفوظ (3).

37 - الراوندي - رحمه اللّه - باسناده عن الصدوق، عن أبيه، عن محمّد العطار، عن الأشعري، عن السياري، عن إسحاق بن إبراهيم عن الرضا عليه السّلام قال: إنّ الملك قال لدانيال: أشتهي أن يكون لي ابن مثلك، فقال: ما محلّى من قبلك، قال: أجلّ محلّ و أعظمه، قال دانيال: فاذا جامعت فاجعل همتك فيّ ، قال: ففعل الملك ذلك فولد له ابن أشبه خلق اللّه بدانيال (4).

ص: 68


1- الكافى: 2-364.
2- قوله «فقرأها» فيه ما فيه.
3- مهج الدعوات: 309.
4- قصص الأنبياء مخطوط.

9- باب ما جاء في الخضر عليه السّلام

38 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي العمري السمرقندي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا جعفر بن مسعود، عن أبيه محمّد بن مسعود، عن جعفر بن أحمد، عن الحسن بن علي بن فضال قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام يقول: إنّ الخضر عليه السّلام شرب من ماء الحياة فهو حيّ لا يموت حتّى ينفخ في الصور و أنه ليأتينا فيسلّم فنسمع صوته و لا نرى شخصه و إنه ليحضر حيث ما ذكر فمن ذكره منكم فليسلّم عليه، و إنه ليحضر الموسم كلّ سنة فيقضي جميع المناسك و يقف بعرفة فيؤمّن على دعاء المؤمنين و سيؤنس اللّه به وحشة قائمنا في غيبته و يصل به وحدته (1).

39 - و بهذا الاسناد قال: قال أبو الحسن على بن موسى الرضا عليهما السّلام لما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جاء الخضر عليه السّلام فوقف على باب البيت و فيه علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد سجّي بثوبه فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد «كُلُّ نَفْسٍ ذٰائِقَةُ اَلْمَوْتِ وَ إِنَّمٰا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ » إنّ في اللّه خلفا من كل هالك و عزاء من كلّ مصيبة و دركا من كل فائت فتوكلوا عليه و ثقوا به و أستغفر اللّه لى و لكم، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام هذا أخي الخضر عليه السّلام جاء يعزيكم بنبيكم صلى اللّه عليه و آله (2).

40 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن ابراهيم بن اسحاق - رضي اللّه عنه - قال:

أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه عن أبى -

ص: 69


1- كمال الدين: 390-391.
2- كمال الدين: 390-392.

الحسن على بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: لما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أتاهم آت فوقف على باب البيت يسمعون كلامه و لا يرونه، فقال: علي بن أبي طالب عليه السّلام: هذا هو الخضر عليه السّلام أتاكم يعزّيكم بنبيكم صلّى اللّه عليه و آله (1).

10- باب ما جاء في سليمان عليه السّلام

41 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر ابن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي عليهم السّلام قال: إن سليمان بن داود قال ذات يوم لأصحابه: إنّ اللّه تبارك و تعالى قد وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي سخّر لى الريح و الإنس و الجن و الطير و الوحوش و علّمنى منطق الطير و آتاني من كل شيء و مع جميع ما أوتيت من الملك، ما تم لي سرور يوم إلى الليل، و قد أحببت أن أدخل قصري في غد فأصعد أعلاه و أنظر إلى ممالكي فلا تؤذنوا لأحد عليّ بالدخول لئلا يرد عليّ ما ينغص عليّ يومي.

فقالوا: نعم، فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده و صعد الى أعلى موضع من قصره و وقف متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه سرورا بما اوتي فرحا بما اعطى، إذ نظر إلى شابّ حسن الوجه و اللّباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره فلما ابصر به سليمان عليه السّلام قال له: من أدخلك إلى هذا القصر و قد أردت أن أخلو فيه اليوم فبإذن من دخلت ؟ فقال الشاب أدخلني هذا القصر ربه و بإذنه دخلت، فقال: ربه أحق به مني فمن أنت ؟ قال: أنا ملك الموت قال و فيما جئت قال: لأقبض روحك، فقال:

امض بما امرت به فيّ هذا يوم سروري و أبى اللّه عزّ و جلّ أن يكون لى سرورا

ص: 70


1- كمال الدين: 390-391.

دون لقائه.

فقبض ملك الموت روحه و هو متكئ على عصاه فبقي سليمان متكئا على عصاه و هو ميت ما شاء اللّه و الناس ينظرون إليه و هم يقدرون أنه حىّ فافتتنوا فيه و اختلفوا فمنهم من قال: إنّ سليمان قد بقى متكئا على عصاه هذه الأيام الكثيرة و لم يأكل و لم يشرب و لم يتعب و لم ينم إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده و قال قوم أما إن سليمان لساحر و إنه يرينا أنه واقف متكئ على عصاه ليسحر أعيننا و ليس كذلك فقال المؤمنون إنّ سليمان هو عبد اللّه و نبيه يدبّر اللّه أمره بما شاء فلما اختلفوا بعث اللّه عزّ و جلّ في عصاه الأرضة فدبّت.

فلما أكلت جوفها انكسرت العصا و خرّت سليمان من قصره على وجهه، فشكرت الجن الأرضة على صنيعها فلاجل ذلك لا توجد الأرضة في مكان إلاّ و عندها ماء و طين و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ «فَلَمّٰا قَضَيْنٰا عَلَيْهِ اَلْمَوْتَ مٰا دَلَّهُمْ عَلىٰ مَوْتِهِ إِلاّٰ دَابَّةُ اَلْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ » يعنى عصاه «فَلَمّٰا خَرَّ تَبَيَّنَتِ اَلْجِنُّ أَنْ لَوْ كٰانُوا يَعْلَمُونَ اَلْغَيْبَ مٰا لَبِثُوا فِي اَلْعَذٰابِ اَلْمُهِينِ » (1) ثمّ قال الصادق عليه السّلام: ما نزلت هذه الآية هكذا و إنما نزلت «فلما خرّ تبينت الإنس انّ الجنّ لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين» (2).

42 - عنه - رحمه اللّه - قال حدثنا محمّد بن القاسم المفسر المعروف بأبي الحسن الجرجاني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا يوسف بن محمّد بن زياد و علي بن محمّد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن علي، عن أبيه علي بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه الرضا على ابن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمّد عليهم السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «وَ اِتَّبَعُوا مٰا تَتْلُوا اَلشَّيٰاطِينُ عَلىٰ مُلْكِ سُلَيْمٰانَ وَ مٰا كَفَرَ سُلَيْمٰانُ » قال: اتبعوا ما تتلو كفرة الشياطين من السحر و النير نجات على ملك سليمان الذين يزعمون أنّ سليمان به ملك و نحن أيضا به فظهر العجائب حتّى ينقاد لنا الناس و قالوا: كان

ص: 71


1- سبأ: 14.
2- يعنى بهذا المعنى. و الخبر في عيون الاخبار: 1-265.

سليمان كافرا ساحرا ماهرا، بسحره ملك ما ملك و قدر ما قدر فردّ اللّه عزّ و جلّ عليهم فقال: «وَ مٰا كَفَرَ سُلَيْمٰانُ » و لا استعمل السحر كما قال هؤلاء الكافرون و لكن الشياطين كفروا يعلّمون الناس السحر الذي نسبوه إلى سليمان و إلى «مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ » و كان بعد نوح عليه السّلام قد كثر السحرة و المموهون، فبعث اللّه عزّ و جلّ ملكين إلى نبيّ ذلك الزمان بذكر ما تسحر به السحرة و ذكر ما يبطل به سحرهم و يردّ به كيدهم فتلقّاه النبيّ عليه السّلام عن الملكين و أداه إلى عباد اللّه بأمر اللّه عزّ و جلّ فأمرهم أن يقفوا على السحر و أن يبطلوه و نهاهم أن يسحروا به الناس و هذا كما يدلّ على السمّ ما هو و على ما يدفع به غائلة السمّ .

ثمّ قال عزّ و جلّ : «وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّٰى يَقُولاٰ إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاٰ تَكْفُرْ» يعنى أنّ ذلك النبي عليه السّلام أمر الملكين أن يظهر للناس بصورة بشرين و يعلّماهم ما علّمهما اللّه من ذلك، فقال اللّه عزّ و جلّ : «وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ» ذلك السحر و إبطاله «حَتّٰى يَقُولاٰ» للمتعلّم «إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ » و امتحان للعباد ليطيعوا اللّه عزّ و جلّ فيما يتعلمون من هذا و يبطلوا به كيد السحرة و لا يسحروهم «فَلاٰ تَكْفُرْ» باستعمال هذا السحر و طلب الإضرار به و دعاء الناس إلى أن يعتقدوا انك به تحيي و تميت و تفعل ما لا يقدر عليه إلاّ اللّه عزّ و جلّ فان ذلك كفر.

قال اللّه عزّ و جلّ «فَيَتَعَلَّمُونَ » يعني طالبي السحر «مِنْهُمٰا» يعني مما كتبت الشياطين على ملك سليمان من النير نجات و مما «أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ » يتعلمون من هذين الصنفين «مٰا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ » هذا ما يتعلّم للإضرار بالناس يتعلّمون التضريب بضروب الحيل و النمائم و الايهام و أنه قد دفن في موضع كذا و عمل كذا ليحبّب المرأة إلى الرجل و الرجل إلى المرأة و يؤدّي إلى الفراق بينهما، فقال عزّ و جلّ «وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ » أى ما المتعلمون لذلك بضارّين به من أحد إلاّ بإذن اللّه يعنى بتخلية اللّه و عمله فإنه لو شاء لمنعهم بالجبر و القهر.

ثم قال: «وَ يَتَعَلَّمُونَ مٰا يَضُرُّهُمْ وَ لاٰ يَنْفَعُهُمْ » لانهم اذا تعلموا ذلك السحر

ص: 72

ليسحروا به و يضروا فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم و لا ينفعهم فيه بل ينسلخون عن دين اللّه بذلك «وَ لَقَدْ عَلِمُوا» هؤلاء المتعلّمون «لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ » بدينه الّذي ينسلخ عنه بتعلّمه «مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ » أى من نصيب في ثواب الجنة، ثم قال عزّ و جلّ «وَ لَبِئْسَ مٰا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ » و رهنوها بالعذاب «لَوْ كٰانُوا يَعْلَمُونَ » أنهم قد باعوا الآخرة و تركوا نصيبهم من الجنة، لأن المتعلمين لهذا السحر الذين يعتقدون أن لا رسول و لا إله و لا بعث و لا نشور.

فقال «وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ » لأنهم يعتقدون أن لا آخرة فهم يعتقدون أنها إذا لم تكن آخرة فلا خلاق لهم في دار بعد الدنيا و إن كانت بعد الدنيا آخرة فهم مع كفرهم بها لا خلاق لهم فيها، ثم قال: «وَ لَبِئْسَ مٰا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ » إذ باعوا الآخرة بالدنيا و رهنوا بالعذاب الدائم أنفسهم «لَوْ كٰانُوا يَعْلَمُونَ » أنهم قد باعوا أنفسهم بالعذاب و لكن لا يعلمون ذلك لكفرهم به، فلما تركوا النظر في حجج اللّه حتى يعلموا عذّبهم على اعتقادهم الباطل و جحدهم الحق (1).

43 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهاب القرشي قال:

حدثنا منصور بن عبد اللّه الاصفهاني الصوفي قال: حدثني علي بن مهرويه القزويني قال: حدثنا سليمان (2) الغازي قال: سمعت علي بن موسى الرضا عليه السّلام يقول عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد عليهم السّلام في قوله: عزّ و جلّ «فَتَبَسَّمَ ضٰاحِكاً مِنْ قَوْلِهٰا» و قال: لما قالت النملة «يٰا أَيُّهَا اَلنَّمْلُ اُدْخُلُوا مَسٰاكِنَكُمْ لاٰ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمٰانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لاٰ يَشْعُرُونَ » (3) حملت الريح صوت النملة إلى سليمان عليه السّلام و هو مارّ في الهواء و الريح قد حملته فوقف و قال: عليّ بالنملة فلما اتي بها قال سليمان: يا أيها النملة أ ما علمت أني نبى اللّه و أني لا أظلم أحدا قالت النملة:

ص: 73


1- عيون الاخبار: 1-266.
2- فى العيون «داود بن سليمان».
3- النمل: 180.

بلى. قال سليمان عليه السّلام فلم حذّرتهم ظلمي فقلت «يٰا أَيُّهَا اَلنَّمْلُ اُدْخُلُوا مَسٰاكِنَكُمْ » قالت النملة خشيت أن ينظروا إلى زينتك فيفتتنوا بها فيعبدون غير اللّه (1) تعالى، ثم قالت النملة أنت أكبر أم أبوك داود قال سليمان بل أبي داود، قالت النملة فلم زيد في حروف اسمك على حروف اسم أبيك داود قال سليمان: ما لي بهذا علم، قالت النملة:

لأنّ أباك داود عليه السّلام داوى جرحه بودّ فسمّى داود و انت سليمان أرجو أن تلحق بأبيك قالت النملة: هل تدري لم سخرت لك الريح من بين ساير المملكة قال سليمان:

ما لي بهذا علم، قالت النملة يعنى عزّ و جلّ بذلك لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من يدك كزوال الريح فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها (2).

11- باب ما جاء في عيسى عليه السّلام

44 - الكليني - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: قال عيسى بن مريم صلوات اللّه عليه للحواريّين: يا بني إسرائيل لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا أصابوا دنياهم (3).

45 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو العباس محمّد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال، عن أبيه قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: لم سمّي الحواريون الحواريين

ص: 74


1- فى العيون «و يبعدون عن ذكر اللّه».
2- علل الشرائع: 1-68 و العيون 2-78.
3- الكافى: 2-137.

قال: أما عند الناس فانهم سمّوا حواريّين لأنهم كانوا قصارين يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل و هو اسم مشتقّ من الخبز الحوار و أما عندنا فسمي الحواريون الحواريين لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم و مخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ و التذكير قال: فقلت له: فلم سمى النصارى نصارى قال لأنهم من قرية اسمها ناصرة من بلاد الشام نزلتها مريم و عيسى عليهما السّلام بعد رجوعهما من مصر (1).

46 - الراوندي بالاسناد الى الصدوق باسناده إلى ابن أورمة، عن احمد بن خالد الكرخي، عن الحسن بن ابراهيم عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: أ تدري بما حملت مريم قلت: لا قال من تمر صرفان أتاها لها جبرائيل (2).

47 - الراوندى - رحمه اللّه - عن الصدوق باسناده إلى ابن أورمة، عن الحسن ابن على، عن الحسن بن الجهم عن الرضا عليه السّلام قال: كان عيسى عليه السّلام يبكي و يضحك و كان يحيى عليه السّلام يبكي و لا يضحك و كان الذي يفعل عيسى عليه السّلام أفضل (3).

48 - الراوندي - رحمه اللّه - بالاسناد الى الصدوق، باسناده عن محمّد بن اورمة، عن محمّد بن أبى صالح، عن الحسن بن محمّد بن أبي طلحة قال: قلت للرضا عليه السّلام: أ يأتي الرسل عن اللّه بشيء، ثمّ تأتي بخلافه ؟ قال: نعم، إن شئت حدثتك، و إن شئت أتيتك من كتاب اللّه تعالى جلّت عظمته «اُدْخُلُوا اَلْأَرْضَ اَلْمُقَدَّسَةَ اَلَّتِي كَتَبَ اَللّٰهُ لَكُمْ » (4) الآية. فما دخلوها و دخل أبناء أبنائهم، و قال عمران: إنّ اللّه وعدني أن يهب لى غلاما نبيا في سنتي هذه و شهري هذا، ثم غاب، و ولدت امرأته مريم، و كفّلها زكريا، فقالت طائفة: صدق نبي اللّه، و قالت الآخرون: كذب، فلما ولدت مريم عيسى عليه السّلام، قالت الطائفة الّتي أقامت على صدق عمران هذا الذي وعده اللّه (5).

ص: 75


1- علل الشرائع: 1-76.
2- قصص الأنبياء مخطوط.
3- قصص الأنبياء مخطوط.
4- المائدة: 21.
5- قصص الأنبياء مخطوط.

12- باب ما جاء في رسول اللّه ص

49 - عبد اللّه بن جعفر الحميري - رحمه اللّه - عن الريان بن الصلت قال سمعت الرضا عليه السّلام يقول: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا وجّه جيشا فأمّهم أمير بعث معه من ثقاته من يتجسّس له خبره (1).

50 - الكليني - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد، عن الرضا عليه السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان إذا أصبح قال لأصحابه هل من مبشرات ؟ يعني به الرؤيا (2).

51 - عنه - رحمه اللّه - عن عدة من أصحابه، عن سهل بن زياد، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن موسى بن عمر بن بزيع قال: قلت للرضا عليه السّلام: إنّ الناس رووا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره فهكذا كان يفعل ؟ قال: فقال:

نعم فأنا أفعله كثيرا فافعله، ثم قال لي: أما إنه أرزق لك (3)

52 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفي (4)، قال: حدثنا فرات بن ابراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثنا محمّد بن ظهير قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن الحسين بن أخى يونس البغدادي، ببغداد قال: حدثنا محمّد بن يعقوب النهشلي قال: حدثنا على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه على بن الحسين، عن أبيه الحسين ابن علي، عن أبيه علي بن أبى طالب عن النبي عليهم السّلام، عن جبريل، عن ميكائيل، عن

ص: 76


1- قرب الاسناد: 198.
2- روضة الكافى: 90-147.
3- روضة الكافى: 90-147.
4- فى العيون «فى مسجد الكوفة».

اسرافيل عن اللّه جلّ جلاله أنه قال:

أنا اللّه لا إله إلاّ أنا خلقت الخلق بقدرتي فاخترت منهم من شئت من انبيائي و اخترت من جميعهم محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حبيبا و خليلا و صفيا فبعثته رسولا إلى خلقي و اصطفيت له عليا فجعلته له أخا و وصيا و وزيرا و مؤديا عنه من بعده إلى خلقي و خليفتي على عبادي ليبين لهم كتابي و يسير فيهم بحكمي و جعلته العلم الهادي من الضلالة و بابي الذي أوتى منه و بيتي الذي من دخله كان آمنا من ناري و حصنى الذي من لجأ إليه حصنته من مكروه الدنيا و الآخرة و وجهي الّذي من توجه إليه لم أصرف وجهي عنه و حجتي في السماوات و الأرضين على جميع من فيهنّ من خلقي.

لا أقبل عمل عامل منهم إلاّ بالإقرار بولايته مع نبوة أحمد رسولي و هو يدي المبسوطة على عبادي و هو النعمة التي أنعمت بها على من أحببته من عبادي، فمن أحببته من عبادي و توليته عرّفته ولايته و معرفته، و من أبغضته من عبادي أبغضته لانصرافه (1) عن معرفته و ولايته فبعزتي حلفت و بجلالي أقسمت أنه لا يتولّى عليا عبد من عبادي إلاّ زحزحته عن النار و أدخلته الجنة، و لا يبغضه عبد من عبادي و يعدل عن ولايته إلاّ أبغضته و أدخلته النار و بئس المصير (2).

53 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدثنى محمّد بن عيسى بن عبيد، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن الرضا عن أبيه، عن جده، عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يحبّ أربع قبائل كان يحبّ الأنصار و عبد القيس و أسلم و بني تميم، و كان يبغض بني امية و بني حنيف و بني ثقيف و بني هذيل. و كان عليه السّلام يقول: لم تلدني أمّي بكرية و لا ثقفية و كان عليه السّلام يقول: في كل حيّ نجيب إلاّ في بني امية (3).

ص: 77


1- فى العيون «لعدوله».
2- أمالي الصدوق 134 و العيون 2-49.
3- الخصال: 227.

54 - عنه - رحمه اللّه - قال حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي، قال:

حدّثنا فرات ابراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدّثني محمّد بن أحمد بن علي الهمداني، قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن عبد اللّه البخارى قال: حدثنا محمّد بن القاسم بن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن القاسم بن محمّد بن أبي بكر، قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر ابن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه على بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما خلق اللّه خلفا أفضل منّي و لا أكرم عليه منّي.

قال علي عليه السّلام: فقلت: يا رسول اللّه فأنت أفضل أم جبرئيل فقال يا علي إنّ اللّه تبارك و تعالى فضّل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقرّبين و فضّلني على جميع النبيين و المرسلين و الفضل بعدي لك يا عليّ و للأئمّة من بعدك، و إنّ الملائكة لخدّامنا و خدّام محبينا، يا علي الذين يحملون العرش و من حوله يسبحون بحمد ربّهم و يستغفرون للذين آمنوا بولايتنا، يا علي لو لا نحن ما خلق اللّه آدم و لا حواء و لا الجنة و لا النار و لا السماء و لا الأرض، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سبقناهم إلى معرفة ربنا و تسبيحه و تهليله و تقديسه لأنّ أوّل ما خلق اللّه عزّ و جل خلق أرواحنا فانطقنا بتوحيده و تحميده.

ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبّحنا لتعلم الملائكة أنّا خلق مخلوقون و أنه منزّه عن صفاتنا فسبحت الملائكة بتسبيحنا و نزهته عن صفاتنا، فلما شاهدوا عظم شأننا هلّلنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّا عبيد و لسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه، فقالوا: لا إله إلاّ اللّه، فلمّا شاهدوا كبر محلّنا كبّرنا لتعلم الملائكة أن اللّه أكبر من أن ينال عظم المحلّ إلاّ به، فلما شاهدوا ما جعله [اللّه] لنا من العز و القوّة، قلنا: لا حول و لا قوة إلاّ باللّه لتعلم الملائكة أن لا حول و لا قوة إلاّ باللّه.

ص: 78

فلما شاهدوا ما أنعم اللّه به علينا و أوجبه لنا من فرض الطاعة لنا قلنا: الحمد للّه لتعلم الملائكة ما يحقّ للّه تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه، فقالت الملائكة:

الحمد للّه فبنا اهتدوا الى معرفة توحيد اللّه عزّ و جلّ و تسبيحه و تهليله و تحميده و تمجيده، ثم إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق آدم فأودعنا صلبه و أمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا و إكراما و كان سجودهم للّه عزّ و جلّ عبودية و لآدم إكراما و طاعة لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون.

و إنه لما عرج بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثنى مثنى و أقام مثنى مثنى ثم قال لي تقدم يا محمّد، فقلت له: يا جبرئيل أتقدّم عليك ؟ فقال نعم لأنّ اللّه تبارك و تعالى فضّل أنبيائه على ملائكته أجمعين و فضلك خاصة، قال فتقدمت فصلّيت بهم و لا فخر، فلما انتهيت الى حجب النور قال لي جبرئيل: تقدّم يا محمّد و تخلّف عنى فقلت: يا جبرئيل فى مثل هذا الموضع تفارقني، فقال: يا محمّد إنّ انتهاء حدّي الذي وضعني اللّه عزّ - و جلّ فيه إلى هذا المكان فان تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدّي حدود ربّي جلّ جلاله فزخّ بي في النور زخّة حتى انتهيت إلى حيث ما شاء اللّه من علو ملكه فنوديت يا محمّد فقلت لبيك ربّي و سعديك تباركت و تعاليت.

فنوديت يا محمّد أنت عبدي و أنا ربك فإيّاى فاعبد و عليّ فتوكّل فانك نوري في عبادي و رسولى إلى خلقي و حجّتي على بريّتي، لك و لمن اتبعك خلقت جنتى و لمن خالفك خلقت ناري و لأوصيائك أوجبت كرامتي و لشيعتهم أوجبت ثوابي فقلت:

يا ربّ و من أوصيائي فنوديت يا محمّد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي فنظرت و أنا بين يدي ربي جلّ جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثنا عشر نورا في كلّ نور سطر أخضر عليه اسم وصيّ من أوصيائي أوّلهم على بن أبى طالب و آخرهم مهديّ امتى. فقلت:

يا رب هؤلاء أوصيائى من بعدي فنوديت يا محمد هؤلاء أوليائي و أحبّائي و أصفيائي و حججى بعدك على بريّتي و هم أوصياؤك و خلفاؤك و خير خلقي بعدك و عزتي و جلالي لاظهرنّ بهم ديني و لأعلينّ بهم كلمتى و لاطهرنّ الارض بآخرهم من أعدائي و لأمكننه مشارق الأرض و مغاربها و لاسخرنّ له الرياح و لاذلّلنّ له السحاب الصعاب

ص: 79

و لأرقينّه في الاسباب و لأنصرنّه بجندي و لامدنّه بملائكتي حتى يعلن دعوتى و يجتمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمنّ ملكه و لاداولنّ الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة (1).

55 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقانى - رضى اللّه عنه - قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن يوسف الكوفي قال: حدثنا على بن الحسن بن على ابن فضال، عن أبيه قال: سألت الرضا أبا الحسن عليه السّلام فقلت له لم كنّي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأبي القاسم فقال: لأنه كان له ابن يقال له: «قاسم» فكني به قال: فقلت: له يا ابن رسول اللّه فهل تراني أهلا للزيادة ؟ فقال: نعم، أ ما علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: أنا و عليّ أبوا هذه الامة قلت: بلى، قال: أ ما علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: أب لجميع امته و عليّ عليه السّلام فيهم بمنزلته ؟ (2) قلت: بلى قال: أ ما علمت أن عليا قاسم الجنة و النار؟ قلت بلى قال: فقيل له: أبو القاسم لأنه أبو قاسم (3) الجنة و النار؟ فقلت له: و ما معنى ذلك فقال: إنّ شفقة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على امته شفقة الأولاد و أفضل امته علي بن أبى طالب عليه السّلام و من بعده شفقة علي عليه السّلام عليهم كشفقته صلى اللّه عليه و آله لأنه وصيه و خليفته و الإمام بعده فقال: فلذلك قال: صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا و علي أبوا هذه الامة.

و صعد النبي صلّى اللّه عليه و آله المنبر فقال: من ترك دينا أو ضياعا فعلىّ و إلى و من ترك مالا فلورثته فصار بذلك أولى بهم من آبائهم و امهاتهم و صار أولى بهم منهم بأنفسهم و كذلك أمير المؤمنين عليه السّلام بعده جرى مثل ما جرى لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (4).

56 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن اسحاق الطالقاني - رحمه اللّه - قال حدثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا

ص: 80


1- علل الشرائع: 1-5 و العيون: 1-262.
2- فى العيون «و على منهم».
3- فى العيون: لانه أبو قسيم الجنة و النار.
4- معانى الاخبار: 52 و العيون: 2-85.

عليهما السّلام انه قال: من كذّب بالمعراج فقد كذّب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (1).

57 - المفيد - رحمه اللّه - قال: حدثنى أبو حفص عمر بن محمّد، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى قال حدثنى أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنى أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد ابن علي قال: حدثنى أبى علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال:

حدثني أبي علي بن أبى طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أتاني ملك فقال: يا محمّد إنّ ربك يقرئك السلام و يقول: إن شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهبا قال فرفعت رأسي إلى السماء و قلت يا ربّ أشبع يوما فأحمدك و أجوع يوما فأسألك (2).

58 - ابو جعفر الطوسي - رحمه اللّه - قال: أخبرني محمّد بن محمّد، قال: حدثني ابو حفص بن عمر بن محمّد بن علي الصيرفي، قال: حدثنا أبو الحسن بن مهرويه القزويني، قال: حدثني داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا الرضا على بن موسى قال: حدثنى أبى موسى بن جعفر العبد الصالح قال: حدثنى أبي جعفر بن محمّد الصادق قال: حدثنى أبي محمّد بن علي الباقر قال: حدثنى أبي على بن الحسين زين العابدين قال حدثنى أبي الحسين بن علي الشهيد قال: حدّثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اذا أتاه أمر يسرّه قال: «الحمد للّه الّذي بنعمته تتمّ الصالحات» و إذا أتاه أمر يكرهه قال: «الحمد للّه على كلّ حال» (3).

59 - كتاب مواليد الائمة - أخبرنا الامام الفاضل العلامة محب الدين ابو عبد اللّه محمّد بن محمّد و ابن الحسن بن النجار البغدادي بالمدرسة الشريفة المستنصرية، قال:

أخبرنا المشايخ الثلاثة أبو عبد اللّه محمّد بن عبد الواحد بن الفاخر القرشي و أبو ماجد محمّد ابن حامد بن عبد المنعم بن عزيز الواعظ و أبو محمّد أسعد بن أحمد بن حامد الثقفي

ص: 81


1- صفات الشيعة: 92.
2- أمالي المفيد: 80 و جامع الاخبار: 127.
3- أمالي الطوسى: 1-49.

إجازة قالوا جميعا أخبرنا أبو منصور عبد الرحيم محمّد بن أحمد بن الشرابى الشيرازى إذنا قال: أخبرنا أبو مسعود أحمد بن محمّد بن عبد العزيز بن شاذان البجلي بخطه، قال:

أخبرني أبو علي احمد بن محمّد بن علي العمادى النسويّ بنسا قراءة عليه، أخبرنا أبو العباس أحمد بن ابراهيم بن على الكندي بمكة سنة خمسين و ثلاثمائة أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن اسماعيل المعروف بابن أبي الثلج، حدثنى عتبة بن سعد بن كنانة عن أحمد بن محمّد الفارمانى عن نصر بن علي الجهضمي قال:

سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السّلام عن أعمار الائمة صلوات اللّه عليهم، قال: حدثنى أبى موسى بن جعفر قال: حدثنى أبي جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين على بن أبى طالب صلوات اللّه عليهم قال مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو ابن ثلاث و ستين سنة في سنة عشر من الهجرة و كان مقامه بمكة أربعين سنة ثم هبط عليه الوحي في عام الأربعين و كان بمكة ثلاث عشر سنة ثم هاجر إلى المدينة و هو ابن ثلاث و خمسين سنة فأقام بها عشر سنين و قبض صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في شهر ربيع الاول يوم الاثنين لليلتين خلتا منه (1).

60 - الطبرسي - رحمه اللّه - باسناده إلى الرضا عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لليهودي الّذي سحره ما حملك على ما صنعت قال: علمت أنه لا يضرك و أنت نبيّ قال:

فعفا عنه رسول اللّه (2).

61 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو احمد الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكري قال: أخبرنا أبو القاسم عبد اللّه بن محمّد بن عبد العزيز بن منيع، قال: حدثني إسماعيل بن محمّد بن إسحاق بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين عليهم السّلام بمدينة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: حدثني علي بن موسى بن جعفر بن محمّد، عن موسى بن جعفر بن محمّد، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه على بن الحسين عليهم السّلام قال: قال الحسن بن علي بن

ص: 82


1- مواليد الائمة: 2.
2- مستدرك الوسائل: 2-86.

أبى طالب عليهما السّلام سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كان وصّافا للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال:

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع و أقصر من المشذّب، عظيم الهامة، رجل الشعر، إذا انفرقت عقيصته فرق و إلا فلا يجاوز شعره شحمة اذنيه إذا هو وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحاجبين سوابغ في غير قرن بينهما عرق يدرّه الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم، كثّ اللحية، سهل الخدين، ضليع الفم، أشنب، مفلّج الأسنان، دقيق المسربة، كأنّ عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادنا، متماسكا سواء البطن و الصدر.

بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرّد، موصول ما بين اللبة و السرّة بشعر يجرى كالخطّ، عاري الثديين و البطن، و ما سوى ذلك، أشعر الذراعين و المنكبين و أعلى الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، شثن الكفين و القدمين سائل الأطراف، سبط القصب، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء، اذا زال زال تقلّعا، يخطو تكفّؤا و يمشي هونا، ذريع المشية، اذا مشى كانما ينحطّ في صبب و اذا التفت، التفت جميعا، خافض الطرف، نظره الى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جلّ نظره الملاحظة، يبدر من لقيه بالسلام.

قال: قلت له: صف لي منطقه، فقال: كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، و لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام و يختمه بأشداقه، يتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه و لا تقصير، دمثا ليس بالجافي و لا بالمهين، تعظم عنده النعمة و ان دقّت، لا يذم منها شيئا، غير أنه كان لا يذمّ ذواقا و لا يمدحه، و لا تغضبه الدنيا و ما كان لها، فاذا كان تعوطى الحق لم يعرفه أحد، و لم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، و إذا أشار أشار بكفّه كلّها و إذا تعجّب قلّبها، و إذا تحدّث قارب يده اليمني من اليسرى فضرب بإبهامه اليمنى راحة اليسرى، و إذا غضب أعرض بوجهه و أشاح، و إذا فرح غضّ طرفه، جلّ ضحكه التبسم، يفترّ عن مثل حبّ الغمام.

ص: 83

قال الحسن عليه السّلام: فكتمت هذا الخبر عن الحسين عليه السّلام زمانا، ثم حدثته فوجدته قد سبقنى إليه فسأله عما سأله عنه، فوجدته قد سأل أباه عن مدخل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مخرجه و مجلسه و شكله، فلم يدع منه شيئا.

قال الحسين عليه السّلام: سألت أبي عن مدخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال عليه السّلام:

كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك، فاذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء، جزء للّه تعالى، و جزء لأهله و جزء لنفسه، ثم جزّ أجزأ بينه و بين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة، و لا يدّخر عنهم منه شيئا، و كان من سيرته في جزء الامة ايثار أهل الفضل باذنه، و قسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة و منهم ذو الحاجتين و منهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم و يشغلهم فيما أصلحهم و أصلح الامة من مسألته عنهم و باخبارهم بالذى ينبغي و يقول: ليبلغ الشاهد منكم الغائب و أبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها ثبّت اللّه قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلا ذلك و لا يقبل من أحد غيره، يدخلون روّادا و لا يفترقون إلا عن ذواق و يخرجون أدلّة.

فسألته عن مخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كيف كان يصنع فيه، فقال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخزن لسانه إلا عما يعنيه، و يؤلّفهم و لا ينفّرهم، و يكرم كريم كلّ قوم و يولّيه عليهم و يحذر الناس و يحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره و لا خلقه و يتفقّد أصحابه و يسأل الناس عما في الناس و يحسّن الحسن و يقوّيه و يقبّح القبيح و يهوّنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملّوا و لا يقصر عن الحق و لا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، و أفضلهم عنده أعمّهم نصيحة للمسلمين، و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة و موازرة.

قال: فسألته عن مجلسه فقال: كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يجلس و لا يقوم إلا على ذكر و لا يوطن الأماكن و ينهى عن ايطانها، و إذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهى به المجلس و يأمر بذلك و يعطي كلّ جلسائه نصيبه حتى لا يحسب أحد من جلسائه أنّ أحدا

ص: 84

أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه و صار لهم أبا رحيما و صاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم و حياء و صدق و أمانة لا ترفع فيه الأصوات و لا تؤبن فيه الحرم و لا تنثى فلتاته، متعادلين متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون الكبير و يرحمون الصغير و يؤثرون ذا الحاجة و يحفظون الغريب.

فقلت: كيف كان سيرته في جلسائه، فقال: كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ و لا غليظ و لا صخّاب، و لا فحّاش، و لا عيّاب، و لا مزّاح، و لا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه و لا يخيب فيه مؤمّليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، و الاكثار، و ما لا يعنيه، و ترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا و لا يعيّره و لا يطلب عثراته و لا عورته و لا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه.

إذا تكلّم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير، و إذا سكت تكلّموا و لا يتنازعون عنده الحديث و إذا تكلّم عنده أحد أنصتوا له حتى يفرغ من حديثه، حديثهم عنده حديث أوّلهم، يضحك مما يضحكون منه، و يتعجّب ممّا يتعجّبون منه، و يصبر للغريب على الجفوة في المسألة و المنطق حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم و يقول: إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فارفدوه، و لا يقبل الثناء إلا من مكافئ و لا يقطع على أحد كلامه حتى يجوزه فيقطعه بنهي أو قيام.

قال: فسألته عن سكوت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال عليه السّلام: كان سكوته على أربع الحلم، و الحذر، و التقدير، و التفكر، فاما التقدير ففي تسوية النظر و الاستماع بين الناس، و أما تفكره ففيما يبقى أو يفنى، و جمع له الحلم في الصبر فكان لا يغضبه شيء و لا يستفزّه، و جمع له الحذر في أربع أخذه بالحسن ليقتدى به، و تركه القبيح لينتهى عنه، و اجتهاده الرأى في إصلاح أمّته، و القيام فيما جمع لهم من خير الدنيا و الآخرة صلوات اللّه عليه و آله الطاهرين (1).

ص: 85


1- عيون الاخبار: 1-351 و معانى الاخبار ص 79 الى 83 مع بيانه.

62 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن على بن الشاه الفقيه المروزي بمروالروذ في داره، قال: حدّثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد اللّه النيسابورى، قال: حدثنا ابو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة، قال: حدثنا أبي في سنة ستّين و مائتين قال: حدثني على بن موسى الرضا عليه السّلام سنة أربع و تسعين و مائة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إنّ اللّه سخّر لي البراق، و هي دابة من دوابّ الجنة ليست بالقصير و لا بالطويل فلو أنّ اللّه تعالى اذن لها لجالت الدنيا و الآخرة في جرية واحدة و هى أحسن الدوابّ لونا (1).

63 - و بهذا الاسناد عن جعفر بن محمّد، عن أبيه قال: سئل علي بن الحسين عليهم السّلام لم أوتم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أبويه، قال: لئلا يجب عليه حق لمخلوق (2).

64 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن عمر بن محمّد بن سلم بن البراء الجعابي، قال: حدثني أبو محمّد الحسن عن عبد اللّه بن محمّد بن العباس الرازي التميمى قال: حدثنى سيدي على بن موسى الرضا قال: حدثنى أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال: حدثنى أبي علي بن الحسين قال: حدثنى أبي الحسين ابن علي قال: حدثنى أبي علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: ما رأيت أحدا أبعد ما بين المنكبين من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (3).

65 - و بهذا الاسناد عن على عليه السّلام قال: ما شبع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من خبز برّ ثلاثة أيام حتى مضى لسبيله (4).

66 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي قال: حدّثني، أبي عن أحمد بن علي الأنصاري عن أبي الصلت الهروي قال: قلت للرضا عليه السّلام: يا ابن رسول اللّه إنّ في سواد الكوفة قوما يزعمون أنّ النبيّ لم يقع عليه السهو في صلواته، فقال: كذبوا لعنهم اللّه، إنّ الذي لم يسهو هو اللّه الذي لا إله إلا هو، قال: قلت: يا ابن رسول اللّه و فيه قوم يزعمون أنّ الحسين بن علي عليهم السّلام لم يقتل و أنه ألقى شبهه على

ص: 86


1- عيون الاخبار: 2-32 و 46.
2- عيون الاخبار: 2-32 و 46.
3- عيون الاخبار: 2-62 و 64.
4- عيون الاخبار: 2-62 و 64.

حنظلة بن أسعد الشامي و أنه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم عليه السّلام و يحتجّون بهذه الآية «وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» (1).

فقال: كذبوا عليهم غضب اللّه و لعنته و كفروا بتكذيبهم لنبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في إخباره بأنّ الحسين بن علي عليهما السّلام سيقتل و اللّه لقد قتل الحسين عليه السّلام و قتل من كان خيرا من الحسين أمير المؤمنين و الحسن بن علي عليهما السّلام، و ما منّا الا مقتول، و إنى و اللّه لمقتول بالسمّ باغتيال من يغتالني أعرف ذلك بعهد معهود من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخبره به جبرئيل عن رب العالمين عزّ و جلّ .

و أما قول اللّه عزّ و جلّ : «وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» فإنه يقول: لن يجعل اللّه لكافر على مؤمن حجة، و لقد أخبر اللّه عزّ و جلّ عن كفار قتلوا النبيين بغير الحق، و مع قتلهم إياهم لن يجعل اللّه لهم على أنبيائه عليهم السّلام سبيلا من طريق الحجة (2).

تمّ كتاب النبوّة و يتلوه إن شاء اللّه كتاب الإمامة و مناقب الائمة عليهم السّلام.

ص: 87


1- النساء: 141.
2- عيون الاخبار: 2-203 قال الصدوق رحمه اللّه و قد اخرجت ما رويته في هذا المعنى في كتاب ابطال الغلو و التفويض.

كتاب الامامة و مناقب الائمة عليهم السّلام

1- باب الاحتياج الى الحجة

1 - الصفار - رحمه اللّه - قال: حدّثنا محمّد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن أحمد ابن عمر، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قلت له: هل تبقى الأرض بغير إمام ؟ قال: لا قلت فإنا نروى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: لا تبقى إلا أن يسخط اللّه على العباد قال: لا تبقى إذا لساخت (1).

2 - عنه - رحمه اللّه - حدثنا الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: سألت الرضا عليه السّلام هل تبقى الأرض بغير امام قال: لا، قلت فإنا نروى أنها لا تبقي إلا أن يسخط اللّه على العباد، قال: لا تبقى إذا لساخت (2).

3 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن محمّد، عن أبي طاهر محمّد بن سليمان، عن أحمد بن هلال، قال: أخبرني سعيد، عن سليمان الجعفري قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام قلت تخلو الأرض من حجّة ؟ قال: لو خلت الأرض طرفة عين من حجّة لساخت باهلها (3).

4 - عنه قال حدثنا محمّد بن علي بن اسماعيل، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن محمّد بن الهيثم، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:

قلت له: تكون الارض بلا إمام فيها، قال: لا إذا لساخت بأهلها (4).

5 - الكليني - رحمه اللّه - عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الفضيل، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: قلت له أ تبقى الأرض بغير إمام ؟ قال لا قلت:

فانا نروى عن أبى عبد اللّه عليه السّلام أنها لا تبقى بغير إمام إلا أن يسخط اللّه تعالى على أهل

ص: 88


1- بصائر الدرجات: 488-489 و العيون 1-272 و العلل: 1-189.
2- بصائر الدرجات: 488-489 و العيون 1-272 و العلل: 1-189.
3- بصائر الدرجات: 488-489 و العيون 1-272 و العلل: 1-189.
4- بصائر الدرجات: 488-489 و العيون 1-272 و العلل: 1-189.

الأرض أو على العباد، فقال: لا، لا تبقى اذا لساخت (1).

6 - عنه - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشاء، قال:

سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام هل تبقي الأرض بغير إمام، قال: لا، قلت: انا نروى أنها لا تبقى إلا أن يسخط اللّه عزّ و جلّ على العباد؟ قال: لا تبقى إذا لساخت (2).

7 - عنه - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إن أبا عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الحجة لا تقوم للّه عزّ و جلّ على خلقه إلا بامام حتى يعرف (3).

8 - عنه - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن محمّد بن عمارة عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: إنّ الحجة لا تقوم للّه على خلقه إلا بامام حتى يعرف (4).

9 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد بن عيسى، و علي بن اسماعيل بن عيسى، عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار، عن محمّد بن القاسم، عن محمّد بن الفضيل (5) عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قلت له تكون الأرض و لا إمام فيها فقال عليه السّلام: لا، إذا لساخت باهلها (6)

10 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن الحسن بن علي الزيتوني، و محمّد بن أحمد بن أبي قتادة، عن أحمد بن هلال، عن سعيد بن جناح (7) عن سليمان بن جعفر الجعفرى (8) قال: سألت الرضا عليه السّلام فقلت:

تخلوا الأرض من حجة ؟ فقال عليه السّلام: لو خلت الأرض طرفة عين من حجة لساخت بأهلها (9)

ص: 89


1- الكافى: 1-177-179 و كمال الدين: 202 و الاختصاص 268.
2- الكافى: 1-177-179 و كمال الدين: 202 و الاختصاص 268.
3- الكافى: 1-177-179 و كمال الدين: 202 و الاختصاص 268.
4- الكافى: 1-177-179 و كمال الدين: 202 و الاختصاص 268.
5- فى العيون عن محمد بن الفضل.
6- علل الشرائع: 1-189.
7- فى العيون: سعيد بن سليمان.
8- فى العيون صحف بالحميرى.
9- علل الشرائع: 1-189 - و العيون: 1-272 و كمال الدين: 204.

11 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدثنا محمّد بن الحسين بن أبى الخطاب، عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترق عن أحمد بن عمر الحلاّل قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السّلام إنّا روّينا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: إنّ الأرض لا تبقى بغير إمام، أو تبقى و لا إمام فيها؟ فقال:

معاذ اللّه لا تبقى ساعة إذا لساخت (1).

12 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن الحسن - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيى قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إنّ الأرض لا تخلو من أن يكون فيها إمام منا (2).

13 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن ابراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار، عن الحسن بن بشار الواسطي قال:

قال الحسين بن خالد للرضا عليه السّلام و أنا حاضر: أ تخلو الارض من إمام ؟ فقال: لا (3).

14 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري، قال: حدثنا الحسن بن ظريف، عن صالح ابن أبى حمّاد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: من مات و ليس له إمام مات ميتة جاهلية فقلت له: كلّ من مات و ليس له إمام مات ميتة جاهلية ؟ قال:

قال: نعم، و الواقف كافر، و الناصب مشرك (4).

15 - الكراجكي قال: حدّثنا الشيخ ابو الحسن محمّد بن احمد بن على بن شاذان القمي، قال حدثنا أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن عباس قال: حدثنا محمّد بن عمر قال: حدثنا الحسن بن محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن العباس الرازي، قال حدثنى على بن موسى الرضا عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمّد، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين، عن أبيه

ص: 90


1- كمال الدين: 202.
2- كمال الدين: 328-233-668.
3- كمال الدين: 328-233-668.
4- كمال الدين: 328-233-668.

امير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من مات و ليس له امام من ولدي مات ميتة الجاهلية. يؤخذ بما عمل في الجاهلية و الاسلام (1).

2- باب الفرق بين الرسول و الامام

16 - الكليني - رحمه اللّه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن اسماعيل بن مرّار (2) قال:

كتب الحسن بن العباس بن المعروف (3) إلى الرضا عليه السّلام جعلت فداك أخبرني ما الفرق بين الرسول و النبي و الإمام قال: فكتب أو قال: الفرق بين الرسول و النبيّ و الإمام هو أنّ الرسول: الّذي ينزل عليه جبرئيل فيراه و يسمع كلامه و ينزل عليه الوحى و ربّما نبّئ في منامه نحو رؤيا ابراهيم و النبي ربما سمع الكلام و ربّما رأى الشخص و لم يسمع الكلام، و الامام هو الّذي يسمع الكلام و لا يرى الشخص (4).

17 - الصفار - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: كان أبو جعفر عليه السّلام محدّثا (5).

3- باب أن الائمة أمناء اللّه

18 - الصفار - رحمه اللّه قال: حدثنا عبد اللّه بن عامر، عن عبد الرحمن بن أبى نجران قال: كتب أبو الحسن الرضا عليه السّلام رسالة و أقرأنيها قال على بن الحسين عليهما السّلام:

انّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان أمين اللّه في أرضه، فلما قبض محمد كنا أهل البيت ورثته و نحن

ص: 91


1- كنز الفوائد: 151.
2- فى بصائر الدرجات اسماعيل بن عمران.
3- فى بصائر الدرجات العباس بن معروف.
4- الكافى: 1-176 و بصائر الدرجات 369 - و الاختصاص: 328.
5- بصائر الدرجات:

أمناء اللّه في أرضه، عندنا علم البلايا و المنايا و أنساب العرب و مولد الاسلام و إنا لنعرف الرجل اذا رأيناه بحقيقة الإيمان و حقيقة النفاق و إنّ شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم، أخذ اللّه علينا و عليهم الميثاق، يردون موردنا و يدخلون مدخلنا، نحن النجباء و أفراطنا أفراط الأنبياء و نحن أبناء الأوصياء.

نحن المخصوصون في كتاب اللّه، و نحن أولى الناس باللّه و نحن أولى الناس بكتاب اللّه و نحن أولى الناس بدين اللّه و نحن الذين شرع لنا دينه فقال في كتابه «شَرَعَ لَكُمْ (يا آل محمّد) مِنَ اَلدِّينِ مٰا وَصّٰى بِهِ نُوحاً (و قد وصانا بما أوصى به نوحا) وَ اَلَّذِي أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ (يا محمّد) وَ مٰا وَصَّيْنٰا بِهِ إِبْرٰاهِيمَ (و إسماعيل) وَ مُوسىٰ وَ عِيسىٰ (و اسحاق و يعقوب فقد علمنا و بلغنا ما علمنا و استودعنا علمهم، نحن ورثة الأنبياء و نحن ورثة أولى العزم من الرسل) أَنْ أَقِيمُوا اَلدِّينَ (يا آل محمّد) وَ لاٰ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ (و كونوا علي جماعة) كَبُرَ عَلَى اَلْمُشْرِكِينَ (من أشرك بولاية على مٰا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ (من ولاية عليّ إن الله يا محمّد) يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ » من يجيبك إلي ولاية علي عليه السّلام (1).

19 - الكليني - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد الاشعري، عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن أبي مسعود، عن الجعفري قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول الأئمة خلفاء اللّه عزّ و جلّ في أرضه. (2)

4- باب تغسيل الامام عليه السّلام

20 - الكليني - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن الحسن بن على الوشاء، عن أحمد بن عمر الحلال أو غيره عن الرضا عليه السّلام قال: قلت له: إنهم يحاجّونا يقولون: إنّ الإمام لا يغسّله إلاّ الإمام قال: فقال: ما يدريهم من غسّله، فما

ص: 92


1- بصائر الدرجات: 119.
2- الكافى: 1-193.

قلت لهم ؟ قال: فقلت: جعلت فداك قلت لهم: إن قال إنه غسّله تحت عرش ربّي فقد صدق، و إن قال: غسّله في تخوم الأرض فقد صدق قال: لا هكذا [قال] فقلت: فما أقول لهم ؟ قال: قل لهم: إنّي غسّلته، فقلت: أقول لهم إنك غسّلته ؟ فقال: نعم (1)

21 - عنه - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور قال: حدثنا أبو معمر قال: سألت الرضا عليه السّلام عن الإمام يغسله الإمام قال: سنّة موسى ابن عمران عليه السّلام (2).

22 - عنه - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور عن يونس، عن طلحة قال: قلت للرضا عليه السّلام: إن الامام لا يغسّله إلاّ الإمام ؟ فقال أ ما تدرون من حضر لغسله قد حضره خير ممن غاب عنه، الذين حضروا يوسف في الجبّ حين غاب عنه أبواه و أهل بيته (3).

5- باب ما عندهم من ودائع رسول اللّه

23 - الصفار - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام ذكر سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: إنه مصفود الحمايل، و قال: أتاني إسحاق فعظم بالحق و الحرمة السيف الذي أخذه هو سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقلت له و كيف يكون هو و قد قال أبو جعفر عليه السّلام إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني اسرائيل أينما دار التابوت دار الملك (4).

24 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحسين بن علي، عن محمّد بن عبد اللّه بن المغيرة، عن سليمان بن جعفر قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام عندك سلاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ؟ فكتب إلى بخطه الذي أعرفه: هو عندي (5).

ص: 93


1- الكافى: 1-384-385.
2- الكافى: 1-384-385.
3- الكافى: 1-384-385.
4- بصائر الدرجات: 178-185 و العيون: 2-50.
5- بصائر الدرجات: 178-185 و العيون: 2-50.

25 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن يحيى، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال: اتى أبي بسلاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لقد دخل عمومتي من ذلك كلمة، فقال صفوان: و ذكرنا سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: أتاني اسحاق بن جعفر فعظم عليّ رسالتي بالحقّ و الحرمة السيف الذي أخذه هو سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال: فقلت: لا كيف يكون هذا و قد قال أبو جعفر عليه السّلام مثل السلاح فينا مثل التابوت في بنى اسرائيل حيث ما دار دار الأمر، قال فسألته عن ذي الفقار سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: نزل به جبرئيل من السماء و كانت حليته فضة و هو عندى (1).

26 - الكليني - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: كان أبو جعفر عليه السّلام يقول: إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني اسرائيل حيثما دار التابوت أوتوا النبوّة و حيثما دار السلاح فينا فثمّ الأمر، قلت فيكون السلاح مزايلا للعلم ؟ قال: لا (2).

27 - عنه - رحمه اللّه - عن عدّة من اصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنما مثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل، أينما دار التابوت دار الملك و أينما دار السلاح فينا دار العلم (3).

28 - عنه - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر قال قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: إذا مات الامام بم يعرف الّذي بعده ؟ فقال: للامام علامات منها أن يكون أكبر ولد أبيه، و يكون فيه الفضل و الوصية و يقدم الركب فيقول: إلى من أوصى فلان ؟ فيقال: إلى فلان، و السلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل، تكون الإمامة مع السلاح حيثما كان (4).

29 - عنه - رحمه اللّه - عن علي بن ابراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أحمد بن عمر، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن الدلالة على صاحب هذا الامر

ص: 94


1- البصائر: 1-189. و العيون: 2-50.
2- الكافى: 1-238.
3- الكافى: 1-238.
4- الكافى: 1-284 و الخصال: 116.

فقال: الدلالة عليه: الكبر، و الفضل، و الوصية، إذا قدم الركب المدينة فقالوا: إلى من أوصى فلان ؟ قيل فلان بن فلان و دوروا مع السلاح حيثما دار، فأمّا المسائل فليس فيها حجة (1).

30 - عنه - رحمه اللّه - عن احمد بن محمّد و محمّد يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن عيسى، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن ذي الفقار سيف رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أين هو؟ قال هبط به جبرئيل عليه السّلام من السماء و كانت حليته من فضة و هو عندي (2).

31 - عبد اللّه بن جعفر الحميري - رحمه اللّه - عن البزنطي قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: آتاني اسحاق فسألني عن السيف الذي أخذه الطوسي هو سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقلت له: لا، إنما السلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل أينما دار السلاح كان الملك فيه (3).

6- باب إمامتهم و فرض طاعتهم

32 - البرقي - رحمه اللّه - عن بكر بن صالح، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:

من سرّه أن ينظر إلى اللّه بغير حجاب و ينظر اللّه إليه بغير حجاب فليتولّ آل محمّد عليهم السّلام، و ليتبرأ من عدوّهم، و ليأتمّ بإمام المؤمنين منهم فإنه اذا كان يوم القيامة نظر اللّه إليه بغير حجاب و نظر الى اللّه بغير حجاب (4).

33 - الصفار - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين ابن بشار، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أحب أن يحيى حياتي، و يموت مماتي، و يدخل جنة عدن التي و عدني ربي قضيب من قضبانه

ص: 95


1- الكافى: 1-234. و الخصال: 116.
2- الكافى: 1-234. و الخصال: 116.
3- قرب الاسناد: 214.
4- المحاسن. 60.

غرسه بيده. ثم قال له: كن فيكون. فليتولّ علي بن أبي طالب و الأوصياء من بعده عليهم السّلام، فإنهم لا يخرجونكم من هدى و لا يدخلونكم في ضلالة (1).

34 - الكليني - رحمه اللّه - بالاسناد عن مروك بن عبيد، عن محمّد بن زيد الطبري قال: كنت قائما على رأس الرضا عليه السّلام بخراسان، و عنده عدّة من بني هاشم، و فيهم إسحاق بن عيسى العباسي. فقال: يا إسحاق بلغنى أنّ الناس يقولون: إنا نزعم أنّ الناس عبيد لنا. لا و قرابتي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما قلته قطّ و لا سمعته من آبائى قاله و لا بلغنى عن احد من آبائى قاله و لكني أقول: الناس عبيد لنا في الطاعة موال لنا في الدين، فليبلغ الشاهد الغائب (2).

35 - الكليني - رحمه اللّه عن أبي محمّد القاسم بن العلاء - رحمه اللّه - رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم قال: كنّا مع الرّضا عليه السّلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الامامة و ذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيّدى عليه السّلام فاعلمته خوض الناس فيه، فتبسم عليه السّلام ثمّ قال: يا عبد العزيز جهل القوم و خدعوا عن آرائهم، انّ اللّه عزّ و جلّ لم يقبض نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتى أكمل له الدين و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كلّ شيء، بين فيه الحلال و الحرام، و الحدود و الاحكام و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عزّ و جلّ : «مٰا فَرَّطْنٰا فِي اَلْكِتٰابِ مِنْ شَيْ ءٍ » (3) و أنزل في حجّة الوداع و هي آخر عمره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ اَلْإِسْلاٰمَ دِيناً» (4) و أمر الامامة من تمام الدّين، و لم يمض صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى بيّن لأمّته معالم دينهم و أوضح لهم سبيلهم و تركهم على قصد سبيل الحق و أقام لهم عليّا عليه السّلام علما و إماما، و ما ترك [لهم] شيئا يحتاج إليه الأمّة إلاّ بيّنه،

ص: 96


1- بصائر الدرجات: 51.
2- الكافى: 1-187 و أمالي الطوسى: 1-21 و أمالي المفيد: 156.
3- الانعام: 38.
4- المائدة: 3.

فمن زعم أن اللّه عزّ و جلّ لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب اللّه، و من ردّ كتاب اللّه فهو كافر به.

هل يعرفون قدر الامامة و محلّها من الأمّة فيجوز فيها اختيارهم، إنّ الامامة أجلّ قدرا و أعظم شأنا و أعلا مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا من أن يبلغها النّاس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم، إنّ الإمامة خص اللّه عزّ و جلّ بها إبراهيم الخليل عليه السّلام بعد النّبوّة و الخلّة مرتبة ثالثة، و فضيلة شرّفه بها و أشاد بها ذكره، فقال: «إِنِّي جٰاعِلُكَ لِلنّٰاسِ إِمٰاماً» (1) فقال الخليل عليه السّلام سرورا بها:

«وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي» قال اللّه تبارك و تعالى: «لاٰ يَنٰالُ عَهْدِي اَلظّٰالِمِينَ » فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة و صارت في الصفوة، ثمّ أكرمها اللّه تعالى بأن جعلها في ذرّيّته أهل الصفوة و الطّهارة فقال: «وَ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ نٰافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنٰا صٰالِحِينَ . وَ جَعَلْنٰاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنٰا وَ أَوْحَيْنٰا إِلَيْهِمْ فِعْلَ اَلْخَيْرٰاتِ وَ إِقٰامَ اَلصَّلاٰةِ وَ إِيتٰاءَ اَلزَّكٰاةِ وَ كٰانُوا لَنٰا عٰابِدِينَ » (2).

فلم تزل في ذرّيته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتّى ورّثها اللّه تعالى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال جلّ و تعالى: «إِنَّ أَوْلَى اَلنّٰاسِ بِإِبْرٰاهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَ هٰذَا اَلنَّبِيُّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ اَللّٰهُ وَلِيُّ اَلْمُؤْمِنِينَ » (3) فكانت له خاصّة فقلّدها صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا عليه السّلام بامر اللّه تعالى على رسم ما فرض اللّه، فصارت في ذرّيّته الأصفياء الذين آتاهم اللّه العلم و الإيمان بقوله تعالى: «وَ قٰالَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ وَ اَلْإِيمٰانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتٰابِ اَللّٰهِ إِلىٰ يَوْمِ اَلْبَعْثِ » (4) فهى في ولد على عليه السّلام خاصّة إلى يوم القيامة؛ إذ لا نبى بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فمن أين يختار هؤلاء الجهّال.

ص: 97


1- البقرة: 124.
2- الأنبياء: 73.
3- آل عمران، 68.
4- الروم: 56.

انّ الامامة هى منزلة الأنبياء، و إرث الأوصياء، انّ الامامة خلافة اللّه و خلافة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مقام امير المؤمنين عليه السّلام و ميراث الحسن و الحسين عليهما السّلام، انّ الامامة زمام الدّين، و نظام المسلمين، و صلاح الدنيا و عز المؤمنين، انّ الامامة اس الاسلام النامي، و فرعه السامي، بالامام تمام الصلاة و الزكاة و الصّيام و الحج و الجهاد، و توفير الفيء و الصدقات، و امضاء الحدود و الأحكام و منع الثغور و الاطراف.

الإمام يحلّ حلال اللّه، و يحرّم حرام اللّه و يقيم حدود اللّه و يذبّ عن دين اللّه، و يدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة و الموعظة الحسنة و الحجة البالغة، الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم و هى في الأفق بحيث لا تنالها الأيدى و الأبصار، الإمام البدر المنير، و السّراج الزّاهر، و النّور الساطع، و النجم الهادي في غياهب الدجى و أجواز البلدان و القفار، و لجج البحار، الامام الماء العذب على الظماء، و الدالّ على الهدى و المنجي من الرّدى، الامام النار على اليفاع، الحارّ لمن اصطلى به و الدليل في المهالك من فارقه فهالك، الامام السحاب الماطر، و الغيث الهاطل، و الشمس المضيئة، و السّماء الظليلة، و الأرض البسيطة، و العين الغزيرة، و الغدير و الرّوضة.

الإمام الأنيس الرفيق، و الوالد الشفيق، و الأخ الشقيق، و الامّ البرّة بالولد الصغير، و مفزع العباد في الداهية النآد، الإمام أمين اللّه في خلقه و حجته على عباده و خليفته في بلاده، و الداعى الى اللّه، و الذاب عن حرم اللّه.

الامام المطهّر من الذّنوب، و المبرأ عن العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم، نظام الدّين، و عزّ المسلمين، و غيظ المنافقين، و بوار الكافرين.

الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد، و لا يعادله عالم، و لا يوجد منه بدل و لا له مثل و لا نظير، مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه له و لا اكتساب، بل اختصاص من المفضّل الوهّاب.

فمن ذا الّذي يبلغ معرفة الامام، أو يمكنه اختياره، هيهات هيهات، ضلّت العقول، و تاهت الحلوم، و حارت الألباب، و خسئت العيون، و تصاغرت العظماء، و تحيّرت الحكماء و تقاصرت الحلماء، و حصرت الخطباء، و جهلت الألبّاء، و كلّت الشعراء، و عجزت

ص: 98

الأدباء، و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه، أو فضيلة من فضائله، و أقرّت بالعجز و التقصير، و كيف يوصف بكلّه، أو ينعت بكنهه، أو يفهم شيء من أمره، أو يوجد من يقوم مقامه و يغنى غناه، لا كيف و أنّى ؟ و هو بحيث النّجم من يد المتناولين و وصف الواصفين، فأين الاختيار من هذا و أين العقول عن هذا؟ و أين يوجد مثل هذا؟.

أ تظنّون أنّ ذلك يوجد في غير آل الرّسول محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كذبتهم و اللّه أنفسهم، و منّتهم الأباطيل فارتقوا مرتقا صعبا دحضا، تزلّ عنه الى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الامام بعقول حائرة بائرة ناقصة، و آراء مضلّة، فلم يزدادوا منه إلاّ بعدا، قاتلهم اللّه أنّى يؤفكون، و لقد راموا صعبا، و قالوا إفكا، و ضلّوا ضلا لا بعيدا، و وقعوا في الحيرة، إذ تركوا الامام عن بصيرة، و زيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل و كانوا مستبصرين.

رغبوا عن اختيار اللّه و اختيار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أهل بيته إلى اختيارهم و القرآن يناديهم: «وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ وَ يَخْتٰارُ مٰا كٰانَ لَهُمُ اَلْخِيَرَةُ سُبْحٰانَ اَللّٰهِ وَ تَعٰالىٰ عَمّٰا يُشْرِكُونَ » (1) و قال عزّ و جلّ : «وَ مٰا كٰانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لاٰ مُؤْمِنَةٍ إِذٰا قَضَى اَللّٰهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ اَلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ » (2) الآية و قال «مٰا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتٰابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمٰا تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمٰانٌ عَلَيْنٰا بٰالِغَةٌ إِلىٰ يَوْمِ اَلْقِيٰامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمٰا تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذٰلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكٰاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكٰائِهِمْ إِنْ كٰانُوا صٰادِقِينَ » (3) و قال عزّ و جلّ : «أَ فَلاٰ يَتَدَبَّرُونَ اَلْقُرْآنَ أَمْ عَلىٰ قُلُوبٍ أَقْفٰالُهٰا» (4) أم «طبع اللّه عَلىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاٰ يَفْقَهُونَ » أم «قٰالُوا سَمِعْنٰا وَ هُمْ لاٰ يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ اَلدَّوَابِّ عِنْدَ اَللّٰهِ اَلصُّمُّ اَلْبُكْمُ اَلَّذِينَ لاٰ يَعْقِلُونَ . وَ لَوْ عَلِمَ اَللّٰهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ

ص: 99


1- القصص: 68.
2- الاحزاب: 36.
3- القلم: 37-42.
4- محمد: 24.

لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ » (1) أم «قٰالُوا سَمِعْنٰا وَ عَصَيْنٰا» (2) بل هو فضل اللّه يؤتيه من يشاء و اللّه ذو الفضل العظيم.

فكيف لهم باختيار الامام ؟ و الامام عالم لا يجهل، و راع لا ينكل، معدن القدس و الطهارة و النسك و الزّهادة، و العلم و العبادة، مخصوص بدعوة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و نسل المطهرة البتول، لا مغمز فيه في نسب، و لا يدانيه ذو حسب، في البيت من قريش و الذروة من هاشم، و العترة من الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الرّضا من اللّه عزّ و جلّ ، شرف الأشراف، و الفرع من عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالامامة، عالم بالسياسة، مفروض الطّاعة، قائم بأمر اللّه عزّ و جلّ ، ناصح لعباد اللّه، حافظ لدين اللّه.

إنّ الأنبياء و الأئمّة صلوات اللّه عليهم يوفّقهم اللّه و يؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان في قوله تعالى: «أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى اَلْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاٰ يَهِدِّي إِلاّٰ أَنْ يُهْدىٰ فَمٰا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ » (3) و قوله تبارك و تعالى: «وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً» (4) و قوله في طالوت «إِنَّ اَللّٰهَ اِصْطَفٰاهُ عَلَيْكُمْ وَ زٰادَهُ بَسْطَةً فِي اَلْعِلْمِ وَ اَلْجِسْمِ وَ اَللّٰهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشٰاءُ وَ اَللّٰهُ وٰاسِعٌ عَلِيمٌ » (5) و قال لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «أنزل عَلَيْكَ اَلْكِتٰابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَكَ مٰا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كٰانَ فَضْلُ اَللّٰهِ عَلَيْكَ عَظِيماً» (6) و قال في الأئمة من أهل بيت نبيّه و عترته و ذرّيته صلوات اللّه عليهم: «أَمْ يَحْسُدُونَ اَلنّٰاسَ عَلىٰ مٰا آتٰاهُمُ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنٰا آلَ إِبْرٰاهِيمَ اَلْكِتٰابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ آتَيْنٰاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً» (7).

ص: 100


1- الانقال: 21-23.
2- البقرة: 93.
3- يونس: 35.
4- البقرة: 269.
5- البقرة: 247.
6- النساء: 113.
7- النساء: 53-54.

و إنّ العبد إذا اختاره اللّه عزّ و جلّ لامور عباده، شرح صدره لذلك، و أودع قلبه ينابيع الحكمة، و ألهمه العلم إلهاما، فلم يعي بعده بجواب، و لا يحير فيه عن الصواب، فهو معصوم مؤيّد، موفق مسدّد، قد أمن الخطايا و الزلل و العثار، يخصّه اللّه بذلك ليكون حجته على عباده، و شاهده على خلقه، و ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء و اللّه ذو الفضل العظيم.

فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدّمونه تعدّوا - و بيت اللّه - الحقّ و نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون، و في كتاب اللّه الهدى و الشفاء، فنبذوه و اتّبعوا اهواءهم، فذمّهم اللّه و مقتهم و أتعسهم فقال جل و تعالى: «وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اِتَّبَعَ هَوٰاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اَللّٰهِ إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلظّٰالِمِينَ » (1) و قال: فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمٰالَهُمْ » (2) و قال: «كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّٰهِ وَ عِنْدَ اَلَّذِينَ آمَنُوا كَذٰلِكَ يَطْبَعُ اَللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّٰارٍ» (3) و صلّى اللّه على النبي محمّد و آله و سلّم تسليما كثيرا (4)

36 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: روى أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا على بن الحسن بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسى عليهما السّلام قال: للإمام علامات يكون أعلم الناس، و أحكم الناس، و أتقى الناس و أحلم الناس و أشجع الناس و أعبد الناس، و أسخى الناس، و يولد مختونا و يكون مطهّرا و يرى من خلفه كما يرى من بين يديه و لا يكون له ظل و إذ وقع على الأرض من بطن أمّه وقع على راحتيه

ص: 101


1- القصص: 50.
2- محمد: 8.
3- الغافر: 35.
4- الكافى: 1-198 و رواه الصدوق في كمال الدين ص 675 عن محمد بن موسى ابن المتوكل عن محمد بن يعقوب عن أبى محمد القاسم بن العلاء عن القاسم بن مسلم عن اخيه عبد العزيز بن مسلم ح و عن أبى العباس محمد ابراهيم بن اسحاق الطالقانى عن ابى احمد القاسم بن على المروزى عن ابى حامد عمران بن موسى عن الحسن بن القاسم عن القاسم بن مسلم عن اخيه عبد العزيز، و في الامالى ص 399 و معانى الاخبار: 96 و العيون: 1-216.

رافعا صوته بالشهادتين و لا يحتلم و تنام عينه و لا ينام قلبه و يكون محدّثا و يستوي عليه درع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لا يرى له بول و لا غائط.

لانّ اللّه عزّ و جلّ قد و كل الأرض بابتلاع ما يخرج منه و تكون رائحته أطيب من رائحة المسك، و يكون أولى الناس منهم بأنفسهم و اشفق عليهم من آبائهم و امهاتهم و يكون أشد الناس تواضعا للّه جلّ ذكره، و يكون آخذ الناس بما يأمر به و أكف الناس عمّا ينهى عنه يكون دعاؤه مستجابا حتى لو أنه دعا على صخرة لانشقت بنصفين، و يكون عنده سلاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سيفه ذو الفقار و يكون عنده صحيفة يكون فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة و صحيفة فيها أسماء أعدائه الى يوم القيامة و تكون عنده الجامعة و هى صحيفة طولها سبعون ذراعا فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم، و يكون عنده الجفر الاكبر و الأصغر إهاب ماعز و إهاب كبش فيهما جميع العلوم حتى أرش الخدش و حتى الجلدة و نصف الجلدة و ثلث الجلدة و يكون عنده مصحف فاطمة عليها السّلام (1).

37 - عنه قال: حدثنا محمّد بن موسى المتوكل، عن الحسن بن علي الخزاز قال سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إنّ ممن يتّخذ مودّتنا أهل البيت لمن هو أشدّ فتنة على شيعتنا من الدجّال، فقلت له: يا ابن رسول اللّه بما ذا؟ قال بموالاة أعدائنا و معاداة أوليائنا انه اذا كان كذلك اختلط الحقّ بالباطل و اشتبه الأمر فلم يعرف مؤمن من منافق (2).

38 - أبو جعفر الطوسي - رحمه اللّه - قال: أخبرنا محمّد بن محمّد قال: أخبرنا أبو - الحسن علي بن محمّد البزاز قال: حدثني أبو القاسم زكريا بن يحيى الكنتجى ببغداد في شهر ربيع الأول سنة ثمان و عشرين و ثلاثمائة و كان يذكر أنّ سنّة في ذلك الوقت أربع و ثمانون سنة قال: حدثني أبو هاشم داود بن قاسم بن اسحاق الجعفري قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: الائمة علماء حلماء صادقون مفهّمون، محدّثون. و عنه سمعت الرضا

ص: 102


1- الفقيه 4-300 و الخصال: 527 و العيون: 1 ص 212.
2- صفات الشيعة: 50.

عليه السّلام يقول: لنا أعين لا تشبه أعين الناس و فيها نور ليس للشيطان فيها نصيب (1).

39 - المفيد - رحمه اللّه - باسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال سئل رجل فارسيّ أبا الحسن الرّضا عليه السّلام فقال: طاعتكم مفترضة ؟ فقال: نعم، فقال مثل طاعة علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: نعم (2).

40 - الصدوق - رحمه اللّه - باسناده قال: و في حديث آخر أنّ الامام مؤيّد بروح القدس و بينه و بين اللّه عمود من نور يرى فيه أعمال العباد و كلما احتاج إليه لدلالة اطلع عليه و يبسطه فيعلم و يقبض عنه فلا يعلم، و الامام يولد و يلد و يصح و يمرض، و يأكل و يشرب، و يبول و يتغوّط، و ينكح و ينام، و ينسى و يسهو (3) و يفرح و يحزن، و يضحك و يبكى، و يحيى و يموت، و يقبر و يزار، و يحشر و يوقف، و يعرض و يسأل، و يثاب و يكرم، و يشفع، و دلالته في خصلتين في العلم و استجابة الدعوة و كل ما أخبر به من الحوادث التي تحدث قبل كونها.

[فذلك بعهد معهود من رسول اللّه توارثه و عن آبائه عنه عليهم السّلام، و يكون ذلك مما عهد إليه جبرئيل عليه السّلام من علاّم الغيوب عزّ و جلّ و جميع الائمة الأحد عشر بعد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قتلوا منهم بالسيف و هو أمير المؤمنين و الحسين عليهما السّلام و الباقون كلّهم قتلوا بالسم قتل كل واحد منهم طاغية زمانه، و جرى ذلك عليهم على الحقيقة و الصحّة لا كما تقوله الغلاة و المفوضة لعنهم اللّه فإنهم يقولون إنهم لم يقتلوا على الحقيقة و انه شبّه للناس أمرهم فكذبوا عليهم غضب اللّه فإنه ما شبّه أمر أحد من انبياء اللّه و حججه للناس إلا أمر عيسى بن مريم عليهما السّلام وحده لانه رفع من الأرض حيا و قبض روحه بين السماء و الأرض، ثم رفع إلى السماء و ردّ عليه روحه، و ذلك قول اللّه تعالى: «إِذْ قٰالَ اَللّٰهُ يٰا عِيسىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رٰافِعُكَ إِلَيَّ

ص: 103


1- أمالي الطوسى: 1-250.
2- الاختصاص: 278.
3- كذا بدون لفظة «لا» فى العيون الطبع الحروفى و معها في الحجرى و الظاهر زيادتها من النساخ كما دل عليه السياق و قد ذهب الصدوق رحمه الله الى جواز الاسهاء و الانساء عليهم عليهم السلام و الاصحاب لا يقولون به و يحملون الاخبار على التقاة.

وَ مُطَهِّرُكَ » (1) و قال عزّ و جلّ حكاية لقول عيسى عليه السّلام يوم القيامة: «وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مٰا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّٰا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ اَلرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ» (2) و يقول المتجاوزون للحدّ في أمر الائمة عليهم السّلام إنه إن جاز أن يشبّه أمر عيسى للناس فلم لا يجوز أن يشبّه أمرهم أيضا.

و الّذي يجب أن يقال لهم: إنّ عيسى هو مولود من غير أب، فلم لا يجوز أن يكونوا مولودين من غير آباء، فانهم لا يجترءون على إظهار مذهبهم لعنهم اللّه في ذلك و متى جاز أن يكون جميع انبياء اللّه و رسله و حججه بعد آدم مولودين من الآباء و الأمهات، و كان عيسى عليه السّلام من بينهم مولودا من غير أب جاز أن يشبّه أمره للناس دون غيره من الأنبياء و الحجج عليهم السّلام كما جاز أن يولد من غير أب دونهم، و إنما أراد اللّه عزّ و جلّ أن يجعل أمره آية و علامة ليعلم بذلك أنه على كل شيء قدير] (3).

41 - عنه قال حدثنا علي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا اسماعيل بن علي بن رزين أخي دعبل بن على الخزاعي قال: حدثنا دعبل ابن علي قال حدثنى ابو الحسن على بن موسى الرضا عليهما السّلام، عن أبيه، عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أربعة أنالهم شفيع يوم القيامة، المكرم لذريتي من بعدي، و القاضي لهم حوائجهم و الساعي لهم في امورهم عند اضطرارهم إليه، و المحب لهم بقلبه و لسانه (4).

42 - عنه قال: حدثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهاب قال: حدثنا أبو نصر منصور ابن عبد اللّه بن إبراهيم الاصفهاني قال: حدثنا علي بن أبي عبد اللّه قال حدثنا داود بن سليمان عن على بن موسى الرضا عليهما السّلام عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال:

ص: 104


1- آل عمران: 55.
2- المائدة: 117.
3- عيون الاخبار: 1-213 و الظاهر ما بين القوسين من كلام الصدوق (ره) أخذه من أخبار شتى.
4- العيون: 1-253.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أربعة أنا شفيع لهم يوم القيامة و لو أتوني بذنوب أهل الأرض:

معين أهل بيتي، و القاضي لهم حوائجهم عند ما اضطروا إليه و المحب لهم بقلبه و لسانه و الدافع عنهم [المكروه] بيده (1).

43 - بالإسناد عن المنذر بن محمّد قال: حدثنا الحسين بن محمّد قال: حدثنا سليمان ابن جعفر، عن الرضا عليه السّلام قال: حدثني أبي عن جدّى، عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: في جناح كلّ هدهد خلقه اللّه عزّ و جلّ مكتوب بالسريانية: آل محمّد خير البريّة (2).

44 - عنه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان و محمّد بن بكران النقاش و محمّد ابن إبراهيم بن اسحاق - رضي اللّه عنهم - قالوا حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال:

أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: قال الرضا عليه السّلام من يذكر مصائبنا فبكى و أبكى لم تبك عينه يوم تبكى العيون، و من جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب (3).

45 - عنه قال: حدثنا أبو أسد عبد الصمد بن [عبد] الشهيد الأنصاري - رضي اللّه عنه - بسمرقند، قال: حدثنا أبي قال: حدّثنا أحمد بن اسحاق العلوي الموسوي، قال:

حدثنا أبي قال: أخبرني عمي الحسن بن إسحاق قال: سمعت علي بن موسى الرضا عليه السّلام يقول: حدثني أبي، عن أبيه، عن أبيه، عن جدّه، عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من دان بغير سماع الزمه اللّه البتة إلى الفناء، و من دان بسماع من غير الباب الذي فتحه اللّه عزّ و جلّ لخلقه فهو مشرك، و الباب المأمون على وحي اللّه تبارك و تعالى محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (4).

ص: 105


1- العيون: 1-259.
2- العيون: 1-261.
3- العيون: 1-294.
4- العيون: 2-9.

46 - عنه قال: حدثنا ابو الحسن محمّد بن على بن الشاه الفقيه المروزى - بمروالروذ في داره، قال: حدثنا أبو بكر محمّد بن عبد اللّه النيسابوري قال: حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائى بالبصرة قال: حدثنا أبي في سنة ستين و مائتين قال:

حدثنى علي بن موسى الرضا عليه السّلام سنة اربع و تسعين و مائة عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى، و من تخلف عنها زج به في النار (1).

47 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اشتد غضب اللّه و غضب رسوله على من أهرق دمي و آذاني في عترتي (2).

48 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: النجوم أمان لأهل السماء، و أهل بيتي أمان لامتي (3).

49 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كأنّى قد دعيت فاجبت، و إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتى، فانظروا كيف تخلفونى فيهما (4).

50 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي و على من قاتلهم، و على المعين عليهم، و على من سبّهم، اولئك لا خلاق لهم في الآخرة و لا يكلمهم اللّه و لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكّيهم و لهم عذاب أليم (5).

51 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الويل لظالمى أهل بيتي: كاني بهم عذا مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار (6).

52 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق - رحمه اللّه - قال:

حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمدانى قال: أخبرنا على بن الحسن بن علي بن فضال،

ص: 106


1- العيون: 2-27.
2- العيون: 2-27.
3- العيون: 2-27.
4- العيون: 2-30.
5- العيون: 2-34.
6- العيون: 2-47.

عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام أنه قال: نحن سادة في الدنيا و ملوك في الارض (1).

53 - عنه قال: حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه و أحمد بن على بن إبراهيم بن هاشم و الحسين ابن إبراهيم بن ناتانة - رضي اللّه عنهم - قالوا: حدثنا على بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن علي التميمي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا عليهما السّلام عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: من سرّه أن ينظر إلى القضيب الياقوت الأحمر الذي غرسه اللّه بيده و يكون مستمسكا به فليتولّ علي بن أبي طالب و الأئمة من ولده فإنّهم خيرة اللّه عزّ و جلّ و صفوته و هم المعصومون من كلّ ذنب و خطيئة (2).

54 - عنه قال: حدثنا محمّد بن عمر بن محمّد بن سالم بن البراء الجعابي، قال: حدثنى أبو محمّد الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن العباس الرازي التميمى، قال: حدثني سيدي علي ابن موسى الرضا قال: حدثنى أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثنى أبي محمّد بن علي، قال: حدثنى أبي على بن الحسين قال حدثني أبى الحسين بن على قال: حدثني أبي على بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أحبّنا أهل البيت حشره اللّه تعالى آمنا يوم القيامة (3).

55 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لعلى و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام و العباس بن عبد المطلب و عقيل: أنا حرب لمن حاربكم و سلم لمن سالمكم (4).

56 - و باسناده عن علي عليه السّلام قال: قال النبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أول ما يسأل عنه العبد حبنا أهل البيت (5).

57 - و باسناده عن على عليه السّلام قال: قال النبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إني تارك فيكم الثقلين

ص: 107


1- العيون: 2-57.
2- العيون: 2-57.
3- العيون: 2-58.
4- العيون: العيون: 2-59 قال الصدوق رحمه اللّه: ذكر عقيل و العباس غريب في هذا الحديث، لم اسمعه الا عن محمد بن عمر الجعابى في هذا الحديث.
5- العيون: 2-62.

كتاب اللّه و عترتي و لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض (1).

58 - و باسناده عن علي عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الائمة من قريش (2).

59 - و باسناده عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: وسط الجنة لي و لأهل بيتي (3).

60 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن عمر الجعابي الحافظ البغدادي، قال:

حدثني أبو جعفر محمّد بن عبد اللّه بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: حدثني علي بن موسى الرضا قال: حدثنى أبي موسى قال:

حدثني أخي إسماعيل، عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي، عن النبي عليهم السّلام عن جبرئيل عن اللّه تعالى قال: من عادى أوليائي فقد بارزني بالمحاربة، و من حارب اهل بيت نبيّي فقد حلّ عليه عذابي و من تولّى غيرهم فقد حلّ عليه غضبى، و من أعزّ غيرهم فقد آذاني و من آذاني فله النار (4).

61 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادى قال: حدثنا الحسين بن احمد بن الفضل إمام جامع أهواز قال: حدثنا بكر بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم القصرى غلام الخليل المحلمى قال: حدثنا الحسن بن على بن محمّد بن علي بن موسى، عن على بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي قال: أوصى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى علي و الحسن و الحسين عليهم السّلام ثم قال: في قول اللّه عزّ و جلّ «يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ » (5) قال:

الأئمة من ولد عليّ و فاطمة عليهما السّلام إلى أن تقوم الساعة (5).

62 - عنه - رحمه اللّه - قل: حدثنا علي بن عبد اللّه الوراق - رضي اللّه عنه - قال:

ص: 108


1- العيون: 2-62.
2- العيون: 2-63.
3- »»: 2-68.
4- العيون: 2-68.
5- العيون: 2-131.

حدثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدثنا الحسين بن أبي قتادة، عن محمّد بن سنان قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: إنا أهل بيت وجب حقنا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فمن أخذ برسول اللّه حقا و لم يعط الناس من نفسه مثله فلا حق له (1).

63 - الصفار - رحمه اللّه - قال: حدثنا عبد اللّه بن محمّد، عن معمر بن خلاد، عن ابي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنا اهل البيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذّة بالقذّة (2).

64 - عنه قال: حدثنا عبد اللّه بن محمّد، عن معمر بن خلاد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول: أسرّ اللّه سرّه إلى جبرئيل و أسرّ جبرئيل إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أسرّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى من شاء اللّه (3).

65 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن إسماعيل، عن موسى بن طلحة، عن حمزة بن عبد المطلب بن عبد اللّه الجعفي قال دخلت على الرضا عليه السّلام و معي صحيفة أو قرطاس فيه عن جعفر عليه السّلام أنّ الدنيا مثّلت لصاحب هذا الأمر في مثل فلقة الجوزة: فقال:

يا حمزة ذا و اللّه حق فانقلوه إلى أديم (4).

66 - الكليني - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عمر قال: سألت الرضا عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ : «إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا» (5) قال: هم الأئمة من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يؤدي الامام الامانة إلى من بعده و لا يخص بها غيره و لا يزويها عنه (6).

67 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري في شعبان سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة قال: حدثنى أبو الحسن على بن محمّد بن قتيبة

ص: 109


1- عيون الاخبار: 2-236.
2- بصائر الدرجات: 296-377-388-408.
3- بصائر الدرجات: 296-377-388-408.
4- بصائر الدرجات: 296-377-388-408.
5- النساء: 58.
6- الكافى: 1-276.

النيسابوري قال: قال: أبو محمّد الفضل بن شاذان النيسابورى في العلل الّتي سمعنا من الرضا عليه السّلام أنه قال:

فإن قال قائل: فلم جعل اولى الأمر و أمر بطاعتهم ؟ قيل لعلل كثيرة منها أنّ الخلق لما وقفوا على حدّ محدود و امروا أنّ لا يتعدوا ذلك الحدّ لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك و لا يقوم إلاّ بأن يجعل عليهم فيه أمينا يمنعهم من التعدّي و الدخول فيما حظر عليهم، لأنه لو لم يكن ذلك كذلك لكان أحد لا يترك لذّته و منفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيّما يمنعهم من الفساد و يقيم فيهم الحدود و الأحكام.

و منها أنا لا نجد فرقة من الفرق، و لا ملّة من الملل بقوا و عاشوا إلا بقيّم و رئيس و لمّا لا بدّ لهم منه في أمر الدين و الدنيا، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مما يعلم أنه لا بدّ له منه و لا قوام لهم إلا به فيقاتلون به عدوّهم و يقسمون فيئهم و يقيم لهم جمعهم و جماعتهم و يمنع ظالمهم من مظلومهم.

و منها أنه لو لم يجعل لهم إماما قيّما، أمينا، حافظا مستودعا لدرست الملّة و ذهب الدين و غيّرت السنن و الأحكام، و لزاد فيه المبتدعون و نقص منه الملحدون و شبّهوا ذلك على المسلمين لأنا وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم و اختلاف أهوائهم و تشتّت أنحائهم، فلو لم يجعل لهم قيّما حافظا لما جاء به الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لفسدوا على نحو ما بيّنا و غيّرت الشرائع و السنن و الأحكام و الايمان و كان ذلك فساد الخلق أجمعين.

فان قال قائل: فلم لا يجوز أن لا يكون في الأرض إمامان في وقت واحد و أكثر من ذلك ؟ قيل: لعلل منها أن الواحد لا يختلف فعله و تدبيره، و الاثنين لا يتفق فعلهما و تدبير هما، و ذلك إنا لم نجد اثنين إلا مختلفى الهمم و الإرادة، فاذا كانا اثنين ثم اختلفت هممهما و إرادتهما و تدبيرهما و كانا كلاهما مفترض الطاعة لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه، فكان يكون في ذلك اختلاف الخلق و التشاجر و الفساد، ثم لا يكون أحد مطيعا لأحدهما الا و هو عاص للآخر و تعمّ معصية أهل الأرض، ثمّ لا يكون لهم مع ذلك السبيل إلى الطاعة و الإيمان و يكونون إنما اتوا في ذلك من قبل الصانع الذي

ص: 110

وضع لهم باب الاختلاف و التشاجر و الفساد، إذ أمرهم بابتاع المختلفين.

و منها أنه لو كانا إمامين لكان لكلّ من الخصمين أن يدعو إلى غير الذي يدعو إليه صاحبه في أمر الحكومة، ثم لا يكون أحدهما أولى بأن يتبع صاحبه فيبطل الحقوق و الأحكام و الحدود، و منها أنه لا يكون واحد من الحجتين أولى بالنطق و الحكم و الأمر و النهى من الآخر، و اذا كان هذا كذلك وجب عليهما أن يبتدئا بالكلام، و ليس لأحدهما أن يسبق صاحبه بشيء إذا كانا في الامامة شرعا واحدا، فان جاز لأحدهما السكوت جاز السكوت للآخر و إذا جار لهما السكوت بطلت الحقوق و الأحكام، و عطلت الحدود و صار الناس كأنهم لا إمام لهم.

فإن قال قائل: فلم لا يجوز أن يكون الامام من غير جنس الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قيل: لعلل منها: أنه لما كان الإمام مفترض الطاعة لم يكن بدّ من دلالة تدلّ عليه و يتميزه بها من غيره و هي القرابة المشهورة و الوصية الظاهرة ليعرف من غيره و يهتدى إليه بعينه، و منها: أنه لو جاز في غير جنس الرسول لكان قد فضّل من ليس برسول على الرسل، إذ جعل أولاد الرسول اتباعا لأولاد أعدائه كأبي جهل و ابن أبي معيط لأنه قد يجوز بزعمهم أن ينتقل ذلك في أولادهم، إذا كانوا مؤمنين فيصير أولاد الرسول تابعين و أولاد أعداء اللّه و أعداء رسوله متبوعين.

فكان الرسول أولى بهذه الفضيلة من غيره و أحق، و منها أن الخلق إذا أقروا للرسول بالرّسالة و أذعنوا له بالطاعة لم يتكبر أحد منهم عن أن يتبع ولده و يطيع ذريته، و لم يتعاظم ذلك في أنفس الناس، و اذا كان ذلك في غير جنس الرسول كان كلّ واحد منهم في نفسه أنه أولى به من غيره و دخلهم من ذلك الكبر و لم تسمح أنفسهم بالطاعة لمن هو عندهم دونهم فكان يكون ذلك داعية لهم إلى الفساد و النفاق و الاختلاف (1).

ص: 111


1- عيون الاخبار: 2-99.

7- باب ما جاء في على عليه السّلام

68 - الكليني - رحمه اللّه - عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن الحسن بن الجهم قال: قلت للرضا عليه السّلام: إن امير المؤمنين عليه السّلام قد عرف قاتله و اللّيلة التي يقتل فيها و الموضع الذي يقتل فيه، و قوله لما سمع صياح الاوزّ في الدار صوائح تتبعها نوائح و قول أمّ كلثوم: لو صلّيت اللّيلة داخل الدار و أمرت غيرك يصلّي بالناس، فأبى عليها و كثر دخوله و خروجه في تلك الليلة بلا سلاح و قد عرف عليه السّلام أنّ ابن ملجم لعنه اللّه قاتله بالسيف، كان هذا مما لم يجز تعرضه ؟ فقال: ذلك كان و لكنه خيّر في تلك الليلة، لتمضى مقادير اللّه عزّ و جلّ (1).

69 - عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أبي نصر البزنطي، قال: سألت الرضا عليه السّلام عن قبر أمير المؤمنين عليه السّلام، فقال: ما سمعت من أشياخك، فقلت له: حدثنا صفوان بن مهران عن جدك أنه دفن بنجف الكوفة. و رواه بعض أصحابنا عن يونس ابن ظبيان بمثل هذا، فقال: سمعت من يذكر أنه دفن في مسجدكم بالكوفة. فقال له:

جعلت فداك، أيش لمن صلّى فيه من الفضل، فقال: كان جعفر عليه السّلام يقول: له من الفضل ثلاث مرار هكذا عن يمينه و شماله (2).

70 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد ابن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: أخبرنا علي بن إبراهيم عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أحبّ أن يركب سفينة النجاة، و يستمسك بالعروة الوثقى و يعتصم بحبل اللّه المتين فليوال عليا بعدي،

ص: 112


1- الكافي: 1-259.
2- قرب الاسناد: 215 و بشارة المصطفى: 37.

و ليعاد عدوّه و ليأتمّ بالأئمة الهداة من ولده فإنهم خلفائي و أوصيائى، و حجج اللّه على الخلق بعدي و سادة امتي و قادة الأتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي و حزبي حزب اللّه، و حزب أعدائهم حزب الشيطان (1).

71 - عنه - رحمه اللّه - بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي أنت أخي و وزيري، و صاحب لوائي في الدنيا و الآخرة، و أنت صاحب حوضي، من أحبّك أحبّنى و من أبغضك أبغضنى (2).

72 - عنه قال: حدثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثنا أبو محمّد الحسن ابن عبد اللّه بن محمّد بن علي بن العباس الرازي، قال: حدّثني أبي عبد اللّه بن محمّد بن علي ابن العباس بن هارون التميمى، قال حدثنى سيدي علي بن موسى الرضا قال حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثنى أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال حدّثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثنى أخى الحسن بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت خير البشر و لا يشكّ فيك إلا كافر (3).

73 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمى الكوفي قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال: حدثنا محمّد بن ظهير قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن الحسين ابن أخي يونس البغدادي ببغداد، قال: حدثنا محمّد بن يعقوب النهشلي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر ابن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، عن جبرئيل عن ميكائيل، عن إسرافيل عليهم السّلام عن اللّه جل جلاله أنّه قال:

أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، خلقت الخلق بقدرتي، فاخترت منهم من شئت من أنبيائي و اخترت من جميعهم محمّدا صلّى اللّه عليه و آله حبيبا و خليلا و صفيّا، فبعثته رسولا إلى خلقى، و اصطفيت له عليا، فجعلته له أخا و وصيّا و وزيرا و مؤدّيا عنه من بعده إلى

ص: 113


1- أمالي الصدوق: 13-37-47.
2- أمالي الصدوق: 13-37-47.
3- أمالي الصدوق: 13-37-47.

خلقى، و خليفتى على عبادي ليبين لهم كتابي و يسير فيهم بحكمى و جعلته العلم الهادي من الضلالة و بابي الذي أوتي منه، و بيتي الذي من دخله كان آمنا من ناري و حصنى الذي من لجأ إليه حصّنه من مكروه الدنيا و الآخرة.

و وجهي الذي من توجّه إليه لم أصرف وجهي عنه و حجتي في السماوات و الأرضين على جميع من فيهنّ من خلقي لا أقبل عمل عامل منهم إلا بالإقرار بولايته مع نبوة أحمد رسولي، و هو يدي المبسوطة على عبادى و هو النعمة الّتي أنعمت بها على من أحببته من عبادى فمن أحببته و تولّيته عرّفته ولايته و معرفته، و من أبغضته من عبادى أبغضته لانصرافه عن معرفته و ولايته، فبعزتي حلفت و بجلالى أقسمت أنه لا يتولّى عليّا عبد من عبادي إلا زحزحته عن النار و أدخلته الجنة، و لا يبغضه عبد من عبادى و يعدل عن ولايته إلا أبغضته و أدخلته النار و بئس المصير (1).

74 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدّثنا عبد - الرحمن بن محمّد الحسنى، قال حدّثني محمّد بن إبراهيم بن محمّد الفزاري، قال: حدّثني عبد اللّه بن يحيى الاهوازي، قال: حدثني أبو الحسن على بن عمرو، قال: حدثنا الحسن ابن محمّد بن جمهور قال: حدثني علي بن بلال، عن على بن موسى الرضا عن موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن علي، عن على بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن جبرئيل، عن ميكائيل عن إسرافيل عليهم السّلام عن اللوح عن القلم قال: يقول اللّه تبارك و تعالى ولاية علي بن أبي طالب حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي [نارى خل] (2).

75 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبو محمّد الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن علي بن العباس التميمى الرازي، قال: حدثني أبي قال:

حدّثني سيدي علي بن موسى الرضا عن أبيه، عن آبائه عن على بن أبي طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: خلقت أنا و علي من نور واحد (3).

ص: 114


1- أمالي الصدوق: 134-142.
2- أمالي الصدوق: 134-142.
3- أمالي الصدوق: 134-142.

76 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي الوراق، قال حدثنا علي بن محمّد بن عنبسة مولى الرشيد قال: حدثنا دارم بن قبيصة ابن نهشل بن مجمّع الصنعاني قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: خلق اللّه عزّ و جلّ مائة ألف نبي و أربعة و عشرين ألف نبي أنا أكرمهم على اللّه و لا فخر، و خلق اللّه عزّ و جلّ مائة ألف وصي و أربعة و عشرين ألف وصي فعلي أكرمهم على اللّه و أفضلهم (1).

77 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن إسحاق الطالقانى - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن على العدوى قال: حدّثنا الهيثم بن عبد اللّه الرمانى قال: سألت على بن موسى الرضا عليه السّلام فقلت له يا ابن رسول اللّه أخبرنى عن علي بن أبي طالب عليه السّلام لم لم يجاهد أعداءه خمسا و عشرين سنة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ثم جاهد في أيام ولايته ؟ فقال: لأنه اقتدى برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في تركه جهاد المشركين بمكة ثلث عشرة سنة بعد النبوة و بالمدينة تسعة عشر شهرا و ذلك لقلة أعوانه عليهم و كذلك على ترك مجاهدة أعدائه لقلة أعوانه عليهم فلما لم تبطل نبوة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مع تركه الجهاد ثلث عشرة سنة و تسعة عشر شهرا كذلك لم تبطل إمامة علي عليه السّلام مع تركه الجهاد خمسا و عشرين سنة، إذ كانت العلة المانعة لها من الجهاد واحدة (2).

78 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، عن علي بن محمّد قال:

حدثنى عمران، عن محمّد بن عبد الحميد، عن محمّد بن الفضيل، عن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي ابن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي أنت و الأئمة من ولدك بعدي حجج اللّه عزّ و جلّ

ص: 115


1- أمالي الصدوق: 142.
2- علل الشرائع: 1-141 و العيون: 2-81.

علي خلقه و أعلامه في بريّته، من أنكر واحدا منكم فقد أنكرني، و من عصى واحدا منكم فقد عصاني، و من جفا واحدا منكم فقد جفاني، و من وصلكم فقد وصلني، و من أطاعكم فقد أطاعني، و من والاكم فقد والاني، و من عاداكم فقد عاداني، لأنكم مني، خلقتم من طينتى و أنا منكم (1).

79 - المفيد - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي يوم الاثنين لخمس بقين من شعبان سنة ثلاث و خمسين و ثلاثمائة، قال: حدثنا أبو جعفر محمّد بن عبد اللّه بن علي ابن الحسين بن زيد بن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال حدثنى أبي قال حدثنى الرضا علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي بكم يفتح اللّه هذا الأمر و بكم يختم، عليكم بالصبر فإنّ العاقبة للمتقين، أنتم حزب اللّه و أعداؤكم حزب الشيطان، طوبى لمن أطاعكم و ويل لمن عصاكم، أنتم حجة اللّه على خلقه و العروة الوثقى من تمسك بها اهتدى و من تركها ضلّ ، أسأل اللّه لكم الجنة لا يسبقكم أحد إلى طاعة اللّه، فأنتم أولى بها (2).

80 - الراوندي عن دعبل بن علي الخزاعي قال: حدثني الرضا عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: كنت عند الباقر عليه السّلام إذ دخل عليه جماعة من الشيعة، و فيهم جابر بن يزيد، فقالوا: هل رضي أبوك علي بن أبي طالب بإمامة الأول و الثاني، قال: اللهم لا، قالوا فلم نكح من سبيهم خولة الحنفية إذ لم يرض بإمامتهم ؟ قال الباقر عليه السّلام:

امض يا جابر بن يزيد إلى منزل جابر بن عبد اللّه الانصارى، فقل له: محمّد بن علي يدعوك.

قال جابر بن يزيد: فأتيت منزله و طرقت عليه الباب فناداني جابر بن عبد اللّه الانصاري من داخل الدار اصبر يا جابر بن يزيد. قلت في نفسى: من أين علم جابر الأنصاري أنا جابر بن يزيد، و لا يعرف الدلائل إلاّ الأئمة من آل محمّد عليهم السّلام، و اللّه لأسألنّه إذا

ص: 116


1- كمال الدين: 413.
2- أمالي المفيد: 63.

خرج إلى، فلما خرج قلت له: من أين علمت أني جابر بن يزيد و أنا على الباب و أنت داخل الدار؟.

قال: خبّرني مولاى الباقر البارحة أنك تسأل عن الحنفيّة في هذا اليوم و أنا أبعثه لك يا جابر في بكرة غد إن شاء اللّه و أدعوك، فقلت: صدقت. قال: سر بنا فسرنا جميعا حتى أتينا المسجد، فلما بصر مولاى الباقر عليه السّلام و نظر إلينا، قال للجماعة:

قوموا الى الشيخ فاسألوه ينبّئكم بما سمع و رأى و حدّث، فقالوا يا جابر هل كان راضيا إمامك علي بن أبي طالب عليه السّلام بإمامة من تقدّم ؟ قال اللهمّ لا، قالوا فلم نكح من سبيهم خولة إذ لم يرض بإمامتهم ؟ قال جابر: آه آه! لقد ظننت أني اموت و لا اسأل عن هذا إذا سألتموني فاسمعوا و عوا إني حضرت السبى و قد ادخلت الحنفيّة فيمن ادخل، فلما نظرت إلى جمع الناس عدلت إلى تربة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فرنّت رنّة و زفرت و أعلنت بالبكاء و النحيب، ثم قالت السلام عليك هؤلاء امتك سبتنا سبى النوب و الديلم و اللّه ما كان لهم من ذنب إلا الميل إلى أهل بيتك فحوّلت الحسنة سيئة و السيئة حسنة، فسبينا، ثم انعطفت إلى الناس و قالت لم سبيتمونا و قد أقررنا بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه.

قالوا منعتمونا الزكاة قالت هب الرجال منعوكم فما بال النسوان المسلمات سبين، فاختار كل واحد منهم واحدة من السبايا، فسكت المتكلم كأنما القم حجرا، ثم ذهب إليها خالد بن غسان و طلحة في التزويج و رميا بثوبين فقالت: لست بعريانة فتكسوني قيل لها إنهما يريدان أن يتزايدا عليك، فأيهما زاد على صاحبه أخذك من السبي قالت: هيهات و اللّه لا يكون ذلك أبدا، و لا يملكني و لا يكون لى ببعل إلا من يخبرني بالكلام الذي قلته ساعة خرجت من بطن امي.

فسكت الناس ينظر بعضهم إلى بعض، و ورد عليهم من ذلك الكلام ما أبهر به عقولهم و أخرس ألسنتهم و بقي القوم في دهشة من أمرها، فقال أبو بكر: ما لكم ينظر بعضكم إلى بعض ؟ قال الزبير: لقولها الذي سمعت، قال أبو بكر: ما هذا الذي أدحض أفهامكم إنها جارية من سادات قومها و لم يكن لها عادة بما لقيت و رأت فلا شك أنها

ص: 117

داخلها الفزع و تقول ما لا تحصيل له، فقالت لقد رميت بكلامك غير مرمى و اللّه ما داخلنى فزع و لا جزع و و اللّه ما قلت الا حقا و لا نطقت الا صدقا و لا بدّ أن يكون كذلك و حق هذا البنية ما كذبت و لا كذبت ثم سكت.

و اخذت طلحة و خالد ثوبيهما و هى قد جلست ناحية من القوم، فدخل علي بن ابى طالب عليه السّلام فذكروا له حالها، فقال: هى صادقة فيما قالت و كان من حالها و قصتها كيت و كيت في حال ولادتها و قال: إنّ كلما تكلمت به في حال خروجها من بطن أمها هو كذا و كذا و كل ذلك مكتوب على لوح معها فرمت باللّوح إليهم لمّا سمعت كلامه عليه السّلام فقرأ ذلك على بن طالب لا يزيد حرفا و لا ينقص حرفا، فقال له ابو بكر خذها يا أبا الحسن بارك اللّه لك فيها.

فوثب سلمان فقال: و اللّه ما لأحد هاهنا منّة على أمير المؤمنين عليه السّلام بل المنّة للّه و لرسوله و لأمير المؤمنين و اللّه ما أخذها الا بمعجزه الباهر و علمه القاهر و فضله الّذي يعجز عنه فضل كلّ ذى فضل، ثم قام المقداد فقال: ما بال أقوام قد أوضح اللّه لهم طريق الهداية فتركوه و أخذوا طريق العمى و ما من قوم الا و يتبين لهم دلائل أمير - المؤمنين عليه السّلام، و قال أبو ذر: وا عجبا لمن عاند الحق و ما من وقت إلا و نظر إلى بيانه.

أيها الناس إن اللّه قد بين لكم فضل أهل العلم، ثم قال: يا فلان أ تمنّ على أهل الحق بحقوقهم و هم بما في يديك أحق و أولى، و قال عمار: اناشدكم اللّه أما سلّمنا على أمير المؤمنين هذا في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بإمرة المؤمنين ؟ فزجره عمر عن الكلام و قام أبو بكر فبعث بخولة إلى دار أسماء بنت عميس، و قال لها خذي هذه المرأة و أكرمي مثواه فلم تزل خولة عند أسماء حتى قدم أخرجها و تزوجها علي بن أبى طالب عليه السّلام و كان الدليل على علم أمير المؤمنين و فساد ما يورده القوم من سبيهم أنه تزوج بها نكاحا، فقال الجماعة يا جابر أنقذك اللّه من حرارة النار كما أنقذتنا من حرارة الشك (1).

ص: 118


1- الخرائج: 228-229.

81 - أبو جعفر الطوسي - رحمه اللّه - قال. أخبرنا ابن عقدة، قال: حدثنا علي ابن محمّد القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي قال: حدثنا علي بن موسى عن أبيه، عن محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعلي: يا علي انك اعطيت ثلاثة ما لم اعط أنا، قلت: يا رسول اللّه ما اعطيت ؟ فقال: اعطيت صهرا مثلى و لم اعط، و اعطيت زوجتك فاطمة و لم اعط، و اعطيت مثل الحسن و الحسين و لم اعط (1).

82 - عنه قال: أخبرنا ابن الصلت قال: أخبرنا ابن عقدة قال: حدثني علي بن محمّد بن علي الحسينى قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن عيسى قال: حدثنا عبيد اللّه ابن علي قال: حدثنى علي بن موسى عن أبيه عن جده عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي إنّ فيك مثلا من عيسى بن مريم أحبّه قوم فأفرطوا في حبّه فهلكوا فيه، و أبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا فيه، و اقتصد فيه قوم فنجوا (2).

83 - عنه قال أخبرنا ابن الصلت قال: أخبرنا ابن عقدة قال: حدثني علي بن محمّد القزويني قال: حدثني داود بن سليمان الغازي قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر عن أبيه، عن علي الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي إنك سيد المسلمين و إمام المتقين، و قائد الغر المحجّلين و يعسوب المؤمنين (3).

84 - و بالاسناد عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ليس في القيامة راكب غيرنا و نحن أربعة قال: فقام إليه رجل من الانصار فقال: فداك أبي و أمّي أنت و من ؟ قال: أنا على دابّة اللّه البراق، و أخي صالح على ناقة اللّه التى عقرت و عمي حمزة على ناقتى العضباء و أخى علي بن أبي طالب علي ناقة من نوق الجنة، بيده لواء الحمد واقف بين يدى العرش ينادي لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه.

ص: 119


1- أمالي الطوسى: 1-354 و مناقب الخوارزمى: 209 و عيون الاخبار: 2-48
2- أمالي الطوسى: 1-354 و مناقب الخوارزمى: 209 و عيون الاخبار: 2-48
3- أمالي الطوسى: 1-355.

قال: فيقول الآدميّون: ما هذا إلا ملك مقرّب أو نبي مرسل أو حامل عرش رب العالمين، قال: فيجيبهم ملك من تحت بطنان العرش معاشر الآدميّين ما هذا ملكا مقرّبا و لا حامل عرش، هذا الصدّيق الأكبر هذا علي بن أبي طالب (1).

85 - عنه قال أخبرنا الحفّار، قال: حدثنا عبد اللّه بن محمّد بن عثمان الواسطي قال: حدثنا محمّد بن علي بن معمر الكوفي بواسط قال: حدثنا أحمد بن المعافا بقصر صبيح قال: حدثنا على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن جبرائيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، صلوات اللّه عليهم عن القلم، عن اللوح، عن اللّه تعالى: عليّ حصني من دخله أمن ناري (2).

86 - عنه قال أخبرنا الحفّار، قال: حدثنا إسماعيل الدعبلي قال: حدثنا أبي على عن أبيه، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى عن أبيه، عن آبائه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يقول اللّه عزّ و جلّ : من آمن بي و بنبيّي و بوليي أدخلته الجنة على ما كان من عمله (3).

87 - مواليد الائمة عليهم السّلام بإسناده عن علي بن موسى الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: و مضى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو ابن ثلاث و ستين سنة في عام أربعين من الهجرة (4).

88 - أبو جعفر الصبري، قال: أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن محمّد بن شهريار الخازن بمشهد الكوفة على ساكنه السلام في ربيع الاول سنة ست عشرة و خمسمائة بقراءتى عليه قال: حدثنا أبو منصور محمّد بن محمّد بن عبد العزيز المعدّل من لفظه و كتابه بمدينة السلام في ذي القعدة سنة سبعين و أربعمائة قال: حدثنى العكبري أبو الحسن بن رزقويه قال: حدثنا أبو عمير بن السماك، قال: حدثني علي بن محمّد القزويني، قال: حدثنا داود

ص: 120


1- أمالي الطوسى: 1-355 و مناقب الخوارزمى: 209 عيون الاخبار: 2-48.
2- أمالي الطوسى: 1-363-389.
3- أمالي الطوسى: 1-363-389.
4- مواليد الائمة: 3.

ابن سليمان بن وهب بن أحمد القزويني الثغري سنة ست و مأتين قال: حدثنا موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبى طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أحبّ أنّ يركب سفينة النجاة و يتمسك بالعروة الوثقى و يعتصم بحبل اللّه المتين فليوال عليا عليه السّلام بعدي و ليعاد عدوّه، و ليأتمّ بالهداة الميامين من ولده، فإنهم خلفائي و أحبّائي، و حجج اللّه على الخلق بعدى، و سادات امتي و قادة الاتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي و حزبي حزب اللّه، و حزب أعدائهم حزب الشيطان (1).

89 - عنه بإسناده عن حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن الحسين زيد بن على ابن الحسين بن علي بن أبي طالب قال أخبرني علي بن ابراهيم عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في علي خصال لو كانت واحدة منها في جميع الناس لا كتفوا بها فضلا منها قوله: من كنت مولاه فعليّ مولاه. و قوله: علي مني كهارون من موسى، و قوله:

علي مني و أنا منه، و قوله: علي مني كنفسي طاعته طاعتي و معصيته معصيتى.

و قوله: حرب علي حرب اللّه و سلم على سلم اللّه، و قوله: وليّ علي وليّ اللّه و عدوّ علي عدوّ اللّه، و قوله: علي حجّة اللّه عليّ عباده، و قوله: حبّ علي إيمان و بغضه كفر، و قوله: حزب علي حزب اللّه و حزب أعدائه حزب الشيطان، و قوله: علي مع الحق و الحق مع علي لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض، و قوله: علي قاسم الجنة و النار، و قوله: من فارق عليا فقد فارق اللّه عزّ و جلّ ، و قوله: شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة (2).

90 - عنه - رحمه اللّه - قال: أخبرنا الشيخ الامين أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن

ص: 121


1- بشارة المصطفى: 18 و العيون: 1-292.
2- بشارة المصطفى: 23.

شهريار الخازن بقراءتي عليه في ذي القعدة سنة اثنى عشرة و خمسمائة في مشهد مولانا أمير - المؤمنين على بن أبي طالب عليه السّلام قال: حدثني أبو علي محمّد بن محمّد بن يعقوب الكوفي قراءة قال: حدثنا محمّد بن عبد الرحمن العلوي، قال: حدثنا أبو المفضل محمّد بن عبد اللّه الشيباني، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن عامر، قال: حدثني أبي أحمد بن عامر قال:

حدثني علي بن موسى الرضا قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن على، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي ابن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من كنت مولاه فعلي مولاه اللّهم وال من والاه و عاد من عاداه و اخذل من خذله و انصر من نصره (1).

91 - عنه - رحمه اللّه - قال: أخبرنا والدي أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الفقيه - رحمه اللّه - و عمار بن ياسر و ولده أبو القاسم سعد بن عمار رحمهم اللّه جميعا عن إبراهيم ابن نصر الجرجاني، عن السيد الزاهد محمّد بن حمزة الحسيني - رحمهم اللّه - عن أبي عبد اللّه الحسين بن علي بن بابويه عن أخيه الشيخ السعيد الفقيه أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه - رحمهم اللّه - قال: حدثنا: أبو الحسن علي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة قال: حدثنا إسماعيل بن رزين ابن أخي دعبل بن علي الخزاعي، عن أبيه قال: حدثنى على بن موسى الرضا قال: حدثنى أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال حدثني أبي الحسين بن علي عن أبيه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي أنت المظلوم بعدي، فويل لمن قاتلك و طوبى لمن قاتل معك. يا علي أنت الذي تنطق بكلامي و تتكلم بلساني بعدي، فويل لمن ردّ عليك و طوبى لمن قبل كلامك، يا علي أنت سيد هذه الامة بعدي و أنت إمامها و خليفتي عليها، من فارقك فارقنى يوم القيامة، و من كان معك كان معي يوم القيامة، يا علي أنت أوّل من آمن بي و صدّقنى، و أوّل من أعانني على أمري و جاهد معي عدوّي و أنت أوّل من صلّى معي، و الناس يومئذ في غفلة الجهالة.

يا علي أنت أوّل من تنشقّ عنه الأرض معي و أنت أوّل من يبعث معي، و أنت

ص: 122


1- بشارة المصطفى: 125، عيون الاخبار: 2-47.

أوّل من يجوز الصراط معي و إنّ ربي جلّ جلاله أقسم بعزته لا يجوز عقبة الصراط إلا من كان معه براءة بولايتك و ولاية الائمة من ولدك، و أنت أوّل من يرد حوضى تسقى منه اولياءك، و تذود عنه أعداءك و أنت صاحبى إذا قمت المقام المحمود، تشفع لمحبّنا فيهم و أنت أول من يدخل الجنة و بيدك لوائي لواء الحمد و هو سبعون شقّة، الشقّة منه أوسع من الشمس و القمر، و أنت صاحب شجر طوبى في الجنة أصلها في دارك و أغصانها في دور شيعتك و محبّيك (1).

92 - عنه باسناده قال: حدثنا محمّد بن إسماعيل العلوي، قال: حدثنا علي بن أحمد بن مهدي بن صدقة الرقّي حدثنا أبي، حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إن اللّه اطلع إلى الأرض فاختارني، ثم اطلع إليها ثانية فاختارك، أنت أبو ولدي، و قاضي ديني، و المنجز عداتي، و أنت غدا على حوضي، طوبى لمن أحبّك و ويل لمن أبغضك (2).

93 - عنه باسناده عن محمّد بن جعفر بن محمّد قال: حدثنا أبو عبد اللّه عليه السّلام و قال المجاشعي و حدثناه الرضا عليه السّلام عن أبيه موسى عن أبيه أبي عبد اللّه جعفر عن آبائهم عليهم السّلام قال: سمعت عليا عليه السّلام يقول لرأس اليهود: على كم افترقتم، فقال على كذا و كذا فرقة فقال علي عليه السّلام: كذبت، ثم أقبل عليّ على الناس فقال: و اللّه لو ثنّيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم و بين أهل القرآن بقرآنهم.

افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة سبعون منها في النار و واحدة ناجية فى الجنّة و هى التي اتّبعت يوشع بن نون وصي موسى، و افترقت النصارى على اثنتين و سبعين فرقة: إحدى و سبعون فرقة في النار و واحدة في الجنة و هي التى اتّبعت شمعون وصي عيسى، و تفرق هذه الامة على ثلاث و سبعين فرقة اثنان و سبعون في النار

ص: 123


1- بشارة المصطفى: 152 عيون الاخبار: 1-302.
2- بشارة المصطفى: 200-272.

و واحدة في الجنة و هي التي اتّبعت وصيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و ضرب بيده إلى صدره، ثم قال: ثلاثة عشر فرقة من الثلاث و سبعين فرقة كلها تنتحل مودّتي و حبّي، واحدة منها في الجنة و هم النمط الأوسط و اثنا عشر في النار (1).

94 - عنه قال المجاشعي و حدثنا الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد، عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: سلوني عن كتاب اللّه، فو اللّه ما نزلت آية من كتاب اللّه عز و جلّ في ليل و لا نهار، و لا مسير و لا مقام إلاّ و قد أقرأنيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و علّمني تأويله، فقام ابن الكوّاء فقال: يا امير المؤمنين فما كان ينزل عليه و أنت غائب ؟ فقال: كان يحفظ عليّ رسول اللّه ما كان ينزل عليه من القرآن و أنا عنه غائب حتى أقدم عليه فيقرأنيه و هو يقول لي: يا على أنزل اللّه عليّ بعدك كذا و كذا و تأويله كذا و كذا فيعلّمني تنزيله و تأويله (2).

95 - ابن شهرآشوب، حمدان بن المعافا عن الرضا عليه السّلام عن آبائه عن أمير المؤمنين و جابر بن عبد اللّه و حذيفة بن اليمان و عبد اللّه بن عباس قالوا: كنا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في طرقات المدينة إذ جعل خمسه في خمس أمير المؤمنين عليه السّلام فو اللّه ما رأينا خمسين أحسن منهما، إذ مررنا على نخل المدينة فصاحت نخلة اختها هذا محمّد المصطفى و هذه علي المرتضى فاجتزناهما فصاحت ثانية بثالثة هذا نوح النبي و هذا إبراهيم الخليل فاجتزناهما فصاحت ثالثة برابعة هذا موسى و أخوه هارون فاجتزناهما فصاحت رابعة بخامسة هذا محمّد سيد النبيين و هذا على سيد الوصيين فتبسّم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثم قال:

يا على سمّ نخل المدينة صيحانيا فقد صاحت بفضلى و فضلك (3).

96 - الحافظ موفق بن أحمد الخوارزمي، قال: أخبرني الشيخ الفقيه الحافظ العدل أبو بكر محمّد بن عبد اللّه بن نصر الزعفراني، حدثنى أبو الحسن محمّد بن إسحاق، ابن إبراهيم بن مخلّد الباقر حي، حدثني أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن بن العلي بن بندار، حدثنى أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمّد بن شاذان، حدثني أبو القاسم

ص: 124


1- بشارة المصطفى. 266.
2- بشارة المصطفى: 270.
3- مناقب آل ابى طالب 1-467.

عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي قال: حدثنا أبي أحمد بن عامر بن سليمان، حدثني أبو الحسن على بن موسى الرضا، حدثني أبي موسى بن جعفر، حدثني أبي جعفر بن محمّد، حدثنى أبي محمّد بن علي، حدثني أبي علي بن الحسين، حدثنى أبي الحسين بن علي حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي إني سألت اللّه تعالى فيك خمس خصال فأعطاني، أما أوّلها فسألت ربّي أن تنشق عنى الأرض و أنفض التراب عن رأسي و أنت معي فأعطاني، و أما الثانية فسألت ربي أن يوقفني عند كفة الميزان و أنت معي فأعطاني، و أما الثالثة فسألت اللّه أن يجعلك حامل لوائي الأكبر و هو لواء اللّه الأكبر مكتوب عليه المفلحون هم الفائزون بالجنة فأعطاني، و أما الرابعة فسألت ربي أن تسقى امتى من حوضى فاعطاني، و أما الخامسة فسألت ربي أن تكون قائد امتي إلى الجنة فأعطاني، فالحمد للّه الذي من عليّ بذلك (1).

97 - و بهذا الإسناد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: يا علي إنك قسيم الجنة و النار و إنك تنقر باب الجنة فتدخلها بلا حساب (2).

98 - و بهذا الإسناد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش يا محمّد نعم الأب أبوك إبراهيم الخليل و نعم الأخ أخوك علي بن أبي طالب (3).

99 - و بهذا الإسناد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: يا علي إنّ اللّه قد غفر لك و لأهلك و لشيعتك و محبّي شيعتك و أبشر فانّك الأنزع البطين منزوع من الشرك بطين من العلم (4).

100 - و بهذا الإسناد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: يا علي أنت سيد المسلمين و إمام المتقين و قائد الغرّ المحجّلين و يعسوب الدين (5).

101 - و بهذا الإسناد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: يا على إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة اللّه، و أخذت أنت بحجزتي، و أخذ ولدك بحجزتك، و أخذ شيعة ولدك بحجزتهم فترى أين يؤمر بنا (6).

ص: 125


1- مناقب الخوارزمى: 208-209-210 - و العيون: 2-30-47.
2- مناقب الخوارزمى: 208-209-210 - و العيون: 2-30-47.
3- مناقب الخوارزمى: 208-209-210 - و العيون: 2-30-47.
4- مناقب الخوارزمى: 208-209-210 - و العيون: 2-30-47.
5- مناقب الخوارزمى: 208-209-210 - و العيون: 2-30-47.
6- مناقب الخوارزمى: 208-209-210 - و العيون: 2-30-47.

102 - و بهذا الاسناد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: لما اسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي، و أقعدني على درنوك من درانيك الجنة، و ناولين سفرجلة و أنا أقلّبها إذ انفلقت، فخرجت منها جارية حوراء لم أر أحسن منها فقالت: السلام عليك يا محمّد، فقلت: من أنت: قالت أنا الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلاثة أصناف، أسفلي من مسك، و وسطي من كافور، و أعلاي من عنبر، عجنني من ماء الحيوان ثم قال لى الجبار كوني فكنت، خلقني لأخيك و ابن عمك علي بن أبي طالب (1).

103 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهاب قال: أخبرنا أبو نصر منصور بن عبد اللّه بن إبراهيم بن الأصفهاني قال: حدثنا علي بن عبد اللّه الاسكندراني قال: حدثنا أبو على أحمد بن على بن مهدي الرقيّ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي ابن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن على، عن أبيه على بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبى طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا على طوبى لمن أحبك و صدّق بك و ويل لمن أبغضك و كذّب بك، محبّوك معروفون في السّماء السابعة و الأرض السابعة السفلى و ما بين ذلك: هم أهل الدين ر الورع، و النعت الحسن، و التواضع للّه عزّ و جلّ ، خاشعة أبصارهم، و جلة قلوبهم لذكر اللّه عزّ و جلّ ، و قد عرفوا حق ولايتك، و ألسنتهم ناطقة بفضلك، و أعينهم ساكبة تحنّنا عليك و على الأئمة من ولدك، يدينون للّه بما أمرهم في كتابه و جاءهم به البرهان من سنّة نبيّه، عاملون بما يأمرهم به أولو الأمر منهم متواصلون غير متقاطعين، متحابّون غير متباغضين، إنّ الملائكة لتصلى عليهم و تؤمّن على دعائهم و تستغفر للمذنب منهم و تشهد لحضرته و تستوحش لفقده إلى يوم القيامة (2).

104 - عنه قال: حدثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي قال: حدثنا أبو محمّد الحسن ابن علي الممتّع، قال: حدثنا حمدان بن المختار قال: حدثنا محمّد بن خالد البرقي،

ص: 126


1- مناقب الخوارزمى: 210 و جامع الاخيار: 201 و عيون الاخبار: 2-26
2- عيون الاخبار: 1-261.

قال: حدثني سيدي أبو جعفر محمّد بن علي عن أبيه علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى ابن جعفر عليهم السّلام قال: حدثنى الأجلح الكندي، عن ابن بريدة عن أبيه أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: علي إمام كلّ مؤمن بعدي (1).

105 - عنه قال: حدثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن على بن الحسين ابن أبي طالب عليهم السّلام قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم سنة سبع و ثلاثمائة قال:

حدثني أبي، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا عليّ أنت أخي و وزيري و صاحب لوائي في الدنيا و الآخرة، و أنت صاحب حوضي، من أحبّك أحبّني و من أبغضك أبغضنى (2).

106 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن على بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام بقم في رجب سنة تسع و ثلثين و ثلاثمائة قال: حدثنى أبي عن ياسر الخادم، عن أبى الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه، عن الحسين بن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعلي: يا علي أنت حجّة اللّه و أنت باب اللّه، و أنت الطريق إلى اللّه، و أنت النبأ العظيم، و أنت الصراط المستقيم، و أنت المثل الأعلى يا علي أنت إمام المسلمين و أمير المؤمنين، و خير - الوصيين، و سيد الصدّيقين.

يا علي أنت الفاروق الأعظم، و أنت الصدّيق الأكبر، يا علي أنت خليفتي على أمّتي، و أنت قاضى ديني، و أنت منجز عداتي، يا علي أنت المظلوم بعدي، يا علي أنت المفارق بعدي، يا عليّ أنت المهجور بعدي، اشهد اللّه تعالى و من حضر من أمّتي أنّ حزبك حزبي و حزبي حزب اللّه، و أنّ حزب اعدائك حزب الشيطان (3).

107 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا أبو سعيد النسوي قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن هارون،

ص: 127


1- عيون الاخبار: 1-281.
2- عيون الاخبار: 1-293.
3- عيون الاخبار: 2-6.

قال: حدثنا أحمد بن أبي الفضل البلخي، قال: حدثني [خالى] يحيى بن سعيد البلخي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن ابيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: بينما أنا أمشي مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بعض طرقات المدينة، إذ لقينا شيخ طويل كثّ اللحية، بعيد ما بين المنكبين، فسلّم على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و رحّب به.

ثمّ التفت إلى فقال: السلام عليك يا رابع الخلفاء و رحمة اللّه و بركاته، أ ليس كذلك هو يا رسول اللّه ؟ فقال له رسول اللّه بلى، ثم مضى، فقلت يا رسول اللّه ما هذا الّذي قال لي هذا الشيخ و تصديقك له، قال: أنت كذلك و الحمد للّه إن اللّه عزّ و جلّ قال في كتابه: «إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً » (1) و الخليفة المجعول فيها آدم عليه السّلام و قال:

يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي اَلْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ اَلنّٰاسِ بِالْحَقِّ (2) فهو الثاني و قال عزّ و جلّ حكاية عن موسى حين قال لهارون عليهما السّلام: «اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ » (3) فهو هارون اذا استخلفه موسى عليه السّلام في قومه فهو الثالث.

و قال عزّ و جلّ «وَ أَذٰانٌ مِنَ اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى اَلنّٰاسِ يَوْمَ اَلْحَجِّ اَلْأَكْبَرِ» (4) فكنت أنت المبلّغ عن اللّه و عن رسوله و أنت وصيّي و وزيرى، و قاضي ديني و المؤدّي عنّي، و أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيّ بعدي فأنت رابع الخلفاء كما سلّم عليك الشيخ، أو لا تدري من هو؟ قلت: لا، قال: ذاك أخوك الخضر عليه السّلام فاعلم (5).

108 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه و أحمد بن على بن ابراهيم ابن هاشم و احمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنهم - قالوا: حدّثنا على بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن الرضا علي ابن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن

ص: 128


1- البقرة: 30.
2- ص: 26.
3- الاعراف: 142.
4- التوبة: 3.
5- عيون الاخبار: 2-9.

أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لكل امة صدّيق و فاروق و صدّيق هذا الامة و فاروقها علي بن أبي طالب عليه السّلام و إنه سفينة نجاتها و باب حطّتها، و أنه يوشعها و شمعونها و ذو قرنيها.

معاشر الناس إنّ عليا خليفة اللّه و خليفتي عليكم بعدي، و إنه لأمير المؤمنين و خير الوصيين، من نازعه فقد نازعني، و من ظلمه فقد ظلمني، و من غالبه فقد غالبني، و من برّه فقد برّني، و من جفاه فقد جفاني، و من عاداه فقد عاداني، و من والاه فقد والاني، و ذلك انه أخي و وزيري و مخلوق من طينتي و كنت أنا و هو نورا واحدا (1).

109 - عنه - رحمه اللّه - بإسناده قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي إذا كان يوم القيامة كنت أنت و ولدك على خيل بلق متوّجين بالدر و الياقوت، فيأمر اللّه بكم إلى الجنّة و الناس ينظرون (2).

110 - و باسناده - رحمه اللّه - قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه أمرني بحبّ أربعة: علي عليه السّلام و سلمان و أبا ذر و مقداد بن الأسود (3).

111 - و بإسناده قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي لولاك لما عرف المؤمنون بعدى (4).

112 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم، قال:

حدثني أبي عن جدي، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي ابن موسى الرضا عليه السّلام عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أخبرني جبرئيل عن اللّه عزّ و جلّ أنه قال: علي بن أبي طالب حجّتى على خلقي و ديّان ديني، أخرج من صلبه أئمة

ص: 129


1- عيون الاخبار: 2-13-30-32.
2- عيون الاخبار: 2-13-30-32.
3- عيون الاخبار: 2-13-30-32.
4- عيون الاخبار: 2-48-56-58.

يقومون بأمري و يدعون إلى سبيلي بهم ادفع البلاء عن عبادي و إمائى، و بهم أنزل من رحمتي (1).

113 - و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت يا علي و ولداي خيرة اللّه من خلقه (2).

114 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: خلقت أنا و علي من نور واحد (3).

115 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعلي: من أحبك مع النبيين في درجتهم يوم القيامة، و من مات و هو يبغضك فلا يبالي مات يهوديا أو نصرانيا (4).

116 - و بهذا الاسناد قال: قال على قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنت مني و أنا منك (5).

117 - و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا علي أنت خير البشر لا يشك فيك إلاّ كافر (6).

118 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و أعن من أعانه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله، و اخذل عدوّه و كن له و لولده و اخلفه فيهم بخير، و بارك لهم فيما تعطيهم، و أيّدهم بروح القدس، و احفظهم حيث توجّهوا من الارض و اجعل الإمامة فيهم و اشكر من أطاعهم و أهلك من عصاهم، إنك قريب مجيب (7).

119 - و بهذا الاسناد قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: عليّ أوّل من اتبعني و هو أول من يصافحني بعد الحق (8).

120 - و بهذا الاسناد قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي أنت تبرأ ذمّتي و أنت خليفتي على أمّتي (9).

121 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا و هذا - يعني عليا - يوم

ص: 130


1- عيون الاخبار: 2-59.
2- عيون الاخبار: 2-59.
3- عيون الاخبار: 2-59.
4- عيون الاخبار: 2-59.
5- عيون الاخبار: 2-59.
6- عيون الاخبار: 2-59.
7- عيون الاخبار: 2-59.
8- عيون الاخبار: 2-59.
9- عيون الاخبار: 2-59.

القيامة كهاتين - و ضمّ بين إصبعيه - و شيعتنا معنا، و من أعان مظلومنا كذلك (1).

122 - و باسناده قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو آخذ بيد على عليه السّلام: من زعم أنه يحبّنى و لا يحب هذا فقد كذب (2).

123 - و بإسناده عن على عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: خلقت يا عليّ من شجرة خلقت منها، أنا أصلها و أنت فرعها و الحسين و الحسن أغصانها، و محبّونا ورقها، فمن تعلّق بشيء منها أدخله اللّه عزّ و جلّ الجنة (3).

124 - و باسناده عن الحسن بن علي عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

لا يبغضك من الأنصار إلاّ من كان أصله يهوديّا (4).

125 - و بإسناده قال: قال على عليه السّلام: إنه لعهد النبيّ الامّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إليّ أنه لا يحبّني إلاّ مؤمن و لا يبغضنى إلاّ منافق (5).

126 - و باسناده قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا يحلّ لأحد يجنب في هذا المسجد إلاّ أنا و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام و من كان أهلي فإنهم مني (6).

127 - و بإسناده قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: لا يرى عورتى غير عليّ إلاّ كافر (7).

128 - و بإسناده قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: بغض علي كفر و بغض بني هاشم نفاق (8).

129 - و بإسناده قال: قال علي عليه السّلام: دعا لي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فقال: اللّهم اهد قلبه و اشرح صدره، و ثبت لسانه، و قه الحرّ و البرد (9).

130 - و بإسناده قال: قال على عليه السّلام: امرت بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين (10).

ص: 131


1- عيون الاخبار: 2-58.
2- عيون الاخبار: 2-60.
3- عيون الاخبار: 2-60.
4- عيون الاخبار: 2-60.
5- عيون الاخبار: 2-60.
6- يعنى دخل المسجد جنبا و الخبر في العيون ج 2 ص 60.
7- المصدر ج 2 ص 60.
8- المصدر ج 2 ص 60.
9- المصدر ج 2 ص 60.
10- عيون الاخبار: 2-62.

131 - و بإسناده قال: قال علي عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا يؤدّي عنّي إلاّ علي و لا يقضي عداتي إلاّ علي (1).

132 - و بإسناده عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنه قال: خير اخواني علي و خير أعمامى حمزة، و العباس صنو أبي (2).

133 - و بإسناده عن علي عليه السّلام دعا لي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يقينى اللّه عزّ و جلّ الحرّ و البرد (3).

134 - و بإسناده عن علي عليه السّلام قال أنا عبد اللّه و أخو رسوله، لا يقولها بعدى إلاّ كذّاب (4).

135 - و بإسناده عن على عليه السّلام قال: قال لي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فيك مثل من عيسى أحبّه النصارى حتى كفروا و أبغضه اليهود حتى كفروا في بغضه (5).

136 - و بإسناده عن علي عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: محبّك محبّي و مبغضك مبغضي (6).

137 - و بإسناده عن على عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا يحب عليا إلاّ مؤمن و لا يبغضه إلاّ كافر (7).

138 - و بإسناده عن علي عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الناس من أشجار شتّى، و أنا و أنت يا علي من شجرة واحدة (8).

139 - و بإسناده عن عليّ عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من كان آخر كلامه الصلاة عليّ و على عليّ دخل الجنة (9).

140 - و باسناده عن علي عليه السّلام قال: إنكم ستعرضون على البراءة منّي، فلا تبرءوا مني فإني على دين محمّد (10).

1411 - و بإسناده عن علي عليه السّلام قال: لقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد أنّ أهل صفّين (11) قد لعنهم اللّه على لسان نبيه و قد خاب من افترى (12).

ص: 132


1- عيون الاخبار: 2-61-63-64.
2- عيون الاخبار: 2-61-63-64.
3- عيون الاخبار: 2-61-63-64.
4- عيون الاخبار: 2-61-63-64.
5- عيون الاخبار: 2-61-63-64.
6- عيون الاخبار: 2-61-63-64.
7- عيون الاخبار: 2-61-63-64.
8- عيون الاخبار: 2-61-63-64.
9- عيون الاخبار: 2-61-63-64.
10- عيون الاخبار: 2-61-63-64.
11- المراد بهم معاوية و أصحابه.
12- عيون الاخبار: 2-61-63-64.

142 - و باسناده عن على عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما سلكت طريقا و لا فجّا، إلاّ سلك الشيطان غير طريقك و فجّك (1).

143 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن عمر الحافظ، قال: حدثنا الحسن بن عبد اللّه التميمى، قال: حدثني أبي قال: حدثنى سيدي علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين عن فاطمة بنت رسول اللّه عليهم السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

من كنت وليّه فعليّ وليّه، و من كنت إمامه فعلى إمامه (2).

144 - و بإسناده عن علي عليه السّلام قال دفع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الراية يوم خيبر إلى فما برحت حتى فتح اللّه على يدى (3).

145 - و بإسناده عن على عليه السّلام قال: إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا وجّهني إلى اليمن قال: إذا تقوضي إليك فلا تحكم لأحد الخصمين دون أن تسمع من الآخر قال:

فما شككت في قضاء بعد ذلك (4).

146 - و بإسناده عن علي قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا مدينة العلم و علي بابها (5).

147 - و بإسناده عن علي عليه السّلام قال: نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد، فينا نزل القرآن، و فينا معدن الرسالة (6).

148 - و بإسناده عن علي عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه عزّ و جلّ اطلع على أهل الأرض اطلاعة، فاختارني ثم اطلع الثانية فاختارك بعدي، فجعلك القيّم بأمر أمّتي من بعدي، و ليس أحد بعدنا مثلنا (7).

149 - و بإسناده عن علي عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: سدّوا الابواب الشارعة في المسجد إلاّ باب علي (8).

150 - و بإسناده عن علي عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا متّ ظهرت لك

ص: 133


1- عيون الاخبار: 2-64.
2- عيون الاخبار: 2-64.
3- عيون الاخبار: 2-64.
4- عيون الاخبار: 2-65-66-67.
5- عيون الاخبار: 2-65-66-67.
6- عيون الاخبار: 2-65-66-67.
7- عيون الاخبار: 2-65-66-67.
8- عيون الاخبار: 2-65-66-67.

ضغائن في صدور قوم يتمالئون عليك و يمنعونك حقّك (1).

151 - و بإسناده قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: كفّ على كفّى (2).

152 - و بإسناده عن الحسين بن على عليهما السّلام قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ ببغضهم عليا و ولده عليهم السّلام (3).

153 - و بإسناده عن الحسين بن علي عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الجنة تشتاق إليك و إلى عمار و أبي ذر و المقداد (4).

154 - و بإسناده عن علي عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: إن أمّتي ستغدر بك بعدي و يتبع ذلك برّها و فاجرها (5).

155 - و بإسناده قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: من سبّ عليا فقد سبّني، و من سبّني فقد سبّ اللّه (6).

156 - و بإسناده قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: أنت يا علي في الجنة و أنت ذو قرنيها (7).

157 - و بإسناده عن الحسين بن على عليهم السّلام قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: سلوني عن القرآن اخبركم عن آياته فيمن نزلت و أين نزلت (8).

158 - و بإسناده عن علي عليه السّلام: قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: إني احبّ لك ما احبّ لنفسي و اكره لك ما أكره لنفسى (9).

159 - و بإسناده عن الحسين بن علي عليهما السّلام قال: قال لي بريدة: أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نسلّم على أبيك بإمرة المؤمنين (10).

160 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادى قال: حدثنا علي بن محمّد بن عيينة قال: حدثنا دارم بن قبيصة النهشلى قال حدثنا علي بن موسى الرضا، قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، عن أبيه عن آبائه عن علي بن

ص: 134


1- عيون الاخبار: 2-67-68.
2- عيون الاخبار: 2-67-68.
3- عيون الاخبار: 2-67-68.
4- عيون الاخبار: 2-67-68.
5- عيون الاخبار: 2-67-68.
6- عيون الاخبار: 2-67-68.
7- عيون الاخبار: 2-67-68.
8- عيون الاخبار: 2-67-68.
9- عيون الاخبار: 2-67-68.
10- عيون الاخبار: 2-67-68.

أبى طالب عليهم السّلام قال: كنت جالسا عند الكعبة و إذا شيخ محدودب، قد سقط حاجباه علي عينيه من شدّة الكبر و في يده عكازة و على رأسه برنس أحمر و عليه مدرعة من الشعر، فدنا إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو مسند ظهره إلى الكعبة فقال يا رسول اللّه ادع لي بالمغفرة فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: خاب سعيك يا شيخ و ضلّ عملك، فلمّا تولّى الشيخ قال:

يا أبا الحسن أتعرفه ؟ قلت اللّهم لا قال: ذلك اللعين إبليس، قال عليّ عليه السّلام: فعدوت خلفه حتى لحقته و صرعته إلى الأرض و جلست على صدره و وضعت يدي في خلقه لأخنقه فقال لي: لا تفعل يا أبا الحسن فإني من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، و و اللّه يا على إنى لا حبّك جدّا، و ما أبغضك أحد إلاّ شركت أباه في أمّه فصار ولد الزنا فضحكت و خلّيت سبيله (1).

161 - عنه قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال:

حدثنا على بن محمّد عيينة قال: حدثنا الحسن بن سليمان الملطي في مشهد علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: حدثنا محمّد بن القاسم بن العباس بن موسى العلوي، بقصر ابن هبيرة و دارم بن قبيصة النهشلي قالا: حدثنا علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي ما سألت ربي شيئا إلاّ سألت لك مثله غير أنه قال: لا نبوة بعدك، أنت خاتم النبيين و عليّ خاتم الوصيين (2).

162 - و بهذا الإسناد عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

يا علي خلق الناس من شجر شتّى، و خلقت أنا و أنت من شجرة واحدة، أنا أصلها و أنت فرعها و الحسن و الحسين أغصانها و شيعتنا أوراقها فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله اللّه الجنة (3).

163 - و بهذا الإسناد عن جابر بن عبد اللّه الانصاري قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أنا خزانة العلم و علي مفتاحها و من أراد الخزانة فليأت المفتاح (4).

ص: 135


1- عيون الاخبار: 2-72-73-74.
2- عيون الاخبار: 2-72-73-74.
3- عيون الاخبار: 2-72-73-74.
4- عيون الاخبار: 2-72-73-74.

164 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا خاتم النبيين و علي خاتم الوصيين (1).

165 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقانى - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي ابن فضال، عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن أمير المؤمنين عليه السّلام كيف مال الناس عنه إلى غيره و قد عرفوا فضله و سابقته و مكانه من رسول اللّه.

فقال: إنما مالوا عنه إلى غيره و قد عرفوا فضله لأنه كان قد قتل من آبائهم و أجدادهم و إخوانهم و أعمامهم و أخوالهم و أقربائهم المحادّين للّه و رسوله عددا كثيرا، فكان حقدهم عليه لذلك في قلوبهم، فلم يحبّوا أن يتولّى عليهم و لم يكن في قلوبهم على غيره مثل ذلك، لأنه لم يكن له في الجهاد بين يدى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مثل ما كان له، فلذلك عدلوا عنه و مالوا الى سواه (2).

166 - عنه قال: حدثنا أبي - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمّد ابن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن محمّد بن معروف، عن أخيه عمر، عن جعفر ابن عيينة، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: إنّ عليا لم يبت بمكة بعد إذ هاجر منها حتى قبضه اللّه عزّ و جلّ إليه قال: قلت له: و لم ذاك ؟ قال كان يكره أن يبيت بأرض قد هاجر منها، و كان يصلي العصر و يخرج منها و يبيت بغيرها (3).

167 - عنه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن أمير المؤمنين عليه السّلام لم لم يسترجع فدك لمّا ولي أمر الناس ؟ فقال: لأنا أهل بيت إذا ولينا اللّه عز و جلّ لا يأخذ لنا حقوقنا ممن ظلمنا إلاّ هو، و نحن أولياء المؤمنين إنما نحكم لهم و نأخذ لهم حقوقهم ممن يظلمهم و لا نأخذ لأنفسنا (4).

ص: 136


1- عيون الاخبار: 2-84-81-84.
2- عيون الاخبار: 2-84-81-84.
3- عيون الاخبار: 2-84-81-84.
4- عيون الاخبار: 2-86.

168 - عنه قال: حدثنا محمّد بن يحيى الصولى قال: حدثنا عون بن محمّد، قال:

حدثنا سهل بن القاسم، قال: سمع الرضا عليه السّلام عن بعض أصحابه يقول: لعن اللّه من حارب عليا أمير المؤمنين عليه السّلام فقال له، قل إلاّ من تاب و أصلح، ثم قال: ذنب من تخلّف عنه و لم يتب أعظم من ذنب من قاتله ثم تاب (1).

169 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال: حدثنى أحمد بن الفضل قال: حدثنى بكر بن أحمد القصري، قال: حدثنى أبو محمّد الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: ليلة أسرى بي ربّى عز و جلّ رأيت في بطنان العرش ملكا بيده سيف من نور يلعب به كما يلعب علي بن أبي طالب بذي الفقار، و إن الملائكة إذا اشتاقوا إلى وجه علي بن أبي طالب عليه السّلام نظروا إلى وجه ذلك الملك، فقلت: يا ربّ هذا أخي علي بن أبي طالب و ابن عمي، فقال: يا محمّد هذا ملك خلقته على صورة عليّ يعبدني في بطنان عرشي تكتب حسناته و تسبيحه و تقديسه لعلي بن أبي طالب عليه السّلام إلى يوم القيامة (2).

170 - عنه قال حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال: حدثنا على بن محمّد بن عيينة، قال: حدثنا دارم بن قبيصة النهشلي، قال حدثنى علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن على بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

يا علي لا يحفظنى فيك إلاّ الأتقياء الأبرار الاصفياء، و ما هم في أمّتي الاّ كالشعرة البيضاء في الثور الأسود في اللّيل الغابر (3).

171 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمّد الحسينى، قال: حدثنى محمّد بن إبراهيم بن محمّد الفزاري، قال:

حدثنا عبد الرحمن بن بحر الأهوازي، قال: حدثني أبو الحسن علي بن عمرو قال:

حدثنا الحسن بن محمّد بن جمهور، قال: حدثنا علي بن بلال، عن علي بن موسى الرضا عن أبيه، عن آبائه عن على بن أبى طالب عن النبي عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن

ص: 137


1- عيون الاخبار: 2-131-132-136.
2- عيون الاخبار: 2-131-132-136.
3- عيون الاخبار: 2-131-132-136.

إسرافيل عليهم السّلام عن اللّوح عن القلم قال: يقول اللّه عزّ و جلّ ولاية علي بن أبي طالب عليه السّلام حصني فمن دخل حصنى آمن من عذابي (1).

9- باب ما جاء في فاطمة عليها السّلام

172 عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال: سألته عن فاطمة بنت رسول اللّه عليها السّلام أيّ مكان دفنت، فقال: سأل رجل جعفرا عن هذه المسألة و عيسى بن موسى حاضر فقال له عيسى: دفنت في البقيع، فقال الرجل: ما تقول ؟ فقال قد قال لك، فقال له أصلحك اللّه ما أنا و عيسى بن موسى، أخبرني عن آبائك فقال: دفنت في بيتها (2).

173 - الكليني عن علي بن محمّد و غيره، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه السّلام عن قبر فاطمة عليها السّلام فقال: دفنت في بيتها، فلما زادت بنو اميّة في المسجد صارت في المسجد (3).

174 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن محمّد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام و محمّد بن علي بن بشار القزويني - رضي اللّه عنهما - قالا: حدثنا أبو الفرج المظفر بن أحمد القزويني قال: حدثنا أبو الفيض صالح بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن موسى بن زياد قال: حدثنا صالح بن حماد، قال: حدثنا الحسن بن موسى الوشاء البغدادي، قال كنت بخراسان مع علي بن موسى الرضا عليهم السّلام في مجلسه و زيد بن موسى حاضر قد أقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم و يقول: نحن و نحن و أبو الحسن مقبل على قوم يحدّثهم فسمع مقالة زيد فالتفت إليه فقال:

يا زيد أغرّك قول بقالى الكوفة: إنّ فاطمة أحصنت فرجها، فحرّم اللّه ذرّيتها

ص: 138


1- العيون: 2-136.
2- قرب الاسناد: 215.
3- الكافى: 1-461 و معانى الاخبار: 268 و العيون: 1-311.

على النار؟ و اللّه ما ذلك إلاّ للحسن و الحسين و ولد بطنها خاصّة، فاما ان يكون موسى بن جعفر عليهما السّلام يطيع اللّه و يصوم نهاره و يقوم ليله و تعصيه أنت، ثم تجيئان يوم القيامة سواء، لأنت أعزّ على اللّه عزّ و جلّ منه، إنّ علي بن الحسين عليهما السّلام كان يقول لمحسننا كفلان من الأجر و لمسيئنا ضعفان من العذاب و قال الحسن الوشاء:

ثم التفت إلى فقال: يا حسن كيف تقرءون هذه الآية «قٰالَ يٰا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صٰالِحٍ » (1) فقلت من الناس من يقرأ إنه عمل غير صالح و منهم من يقرأ إنه عمل غير صالح، فمن قرء إنه عمل غير صالح نفاه عن أبيه فقال عليه السّلام: كان لقد كان ابنه و لكن لمّا عصى اللّه عزّ و جلّ نفاه اللّه عن أبيه، كذا من كان منّا لم يطع اللّه عزّ و جلّ فليس منّا، و أنت إذا أطعت اللّه، فأنت منّا أهل البيت (2).

175 - في كتاب مواليد الائمة عليهم السّلام بسنده عن نصر بن علي الجهضمي قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن عمر فاطمة عليها السّلام، قال: ولدت فاطمة بعد ما أظهر اللّه نبوّته بخمس سنين و قريش تبنى البيت، و توفّيت و لها ثماني عشر سنة و خمسة و سبعون يوما و كان عمرها مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمكة ثماني سنين و هاجرت مع النبي إلى المدينة و أقامت بالمدينة عشر سنين، و أقامت مع أمير المؤمنين من بعد وفات رسول اللّه عليهم السّلام خمسة و سبعين يوما، و ولدت الحسن بن علي عليهم السّلام و لها إحدى عشر سنة بعد الهجرة (3).

176 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن علي بن الشاه بمروالروذ، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن المظفر بن الحسين قال: حدثنا أبو عبد اللّه محمّد بن زكريا البصري، قال: حدثني المهدى بن سابق، قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر قال: حدثني أبي عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: قال علي بن أبي طالب عليه السّلام: لقد هممت بالتزويج، فلم اجترئ أن أذكر ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إنّ ذلك

ص: 139


1- هود: 46.
2- معانى الاخبار: 105.
3- مواليد الائمة: 3.

اختلج في صدري ليلي و نهاري حتى دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال لي:

يا علي قلت: لبيك يا رسول اللّه، قال: هل لك رغبة في التزويج ؟ قلت: رسول اللّه أعلم و ظننت أنه يريد أن يزوّجني بعض نساء قريش و إنّي لخائف على فوت فاطمة، فما شعرت بشيء إذ دعاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأتيته في بيت أمّ سلمة، فلما نظر إليّ تهلّل وجهه و تبسّم حتى نظرت إلى بياض أسنانه يبرق، فقال لي: يا علي أبشر فإن اللّه تبارك و تعالى قد كفاني ما كان أهمّني من أمر تزويجك قلت و كيف كان ذلك يا رسول اللّه ؟.

قال: أتاني جبرئيل عليه السّلام و معه من سنبل الجنة و قرنفلها، فناولنيهما، فأخذتهما فشممتهما و قلت: يا جبرئيل ما سبب هذا السنبل و القرنفل ؟ فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى أمر سكان الجنان من الملائكة و من فيها أن يزيّنوا الجنان كلها بمغارسها و أنهارها و أثمارها و أشجارها و قصورها و أمر رياحها فهبت بأنواع العطر و الطيب و أمر حور عينها بالقراءة فيها طه، و طس و حمعسق، ثم أمر اللّه عزّ و جل مناديا فنادى:

ألا يا ملائكتي و سكان جنّتي اشهدوا أنى قد زوّجت فاطمة بنت محمّد من علي بن أبي طالب رضا منّى بعضهما لبعض.

ثم أمر اللّه تبارك و تعالى ملكا من ملائكة الجنة يقال له: راحيل و ليس في الملائكة أبلغ منه فخطب بخطبة لم يخطب بمثلها أهل السماء و لا أهل الأرض، ثم امر مناديا فنادى: ألا يا ملائكتي و سكان جنّتي باركوا على علي بن أبي طالب حبيب محمّد و فاطمة بنت محمّد فاني قد باركت عليهما فقال راحيل: يا رب و ما بركتك عليهما اكثر مما رأينا لهما في جنانك و دارك ؟ فقال اللّه عزّ و جلّ : يا راحيل: إن من بركتى عليهما أنى أجمعهما على محبّتي و أجعلهما حجتي على خلقي، و عزتى و جلالي لأخلقنّ منهما خلقا و لأنشأنّ منهما ذريّة أجعلهم خزاني في أرضي و معادن لحكمي بهم أحتجّ على خلقي بعد النبيين و المرسلين.

فأبشر يا علي فاني قد زوّجتك ابنتي فاطمة على ما زوّجك الرحمن، و قد رضيت لها بما رضي اللّه لها فدونك أهلك فإنك أحق بها مني و لقد أخبرني جبرئيل عليه السّلام

ص: 140

أنّ الجنة و أهلها مشتاقون إليكما، و لو لا أنّ اللّه تبارك و تعالى أراد أن يتّخذ منكما ما يتّخذ به على الخلق حجّة، لاجاب فيكما الجنة و أهلها، فنعم الأخ أنت و نعم الختن أنت، و نعم الصاحب أنت، و كفاك برضاء اللّه رضا، فقال على عليه السّلام:

«رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ اَلَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ » (1) فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: آمين (2)

177 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو محمّد بن جعفر بن النعيم الشاذاني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبى الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا على لقد عاتبتني رجال من قريش في أمر فاطمة و قالوا: خطبناها إليك فمنعتنا و تزوّجت عليا، فقلت لهم: و اللّه ما أنا منعتكم و زوّجته، بل اللّه منعكم و زوّجه فهبط عليّ جبرئيل عليه السّلام فقال: يا محمّد: إن اللّه جلّ جلاله يقول: لو لم أخلق عليا لما كان لفاطمة ابنتك كفو على وجه الأرض آدم فمن دونه. (3)

178 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو علي أحمد بن أبى جعفر البيهقي، قال:

حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن جبرئيل الجرجاني البزاز، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي عبد اللّه أبو عمرو القطان، قال: حدثنا أحمد بن عبد اللّه بن عامر الطائى ببغداد على باب صقر السكري عند جسر أبى الزنج، قال: حدثني أبو أحمد بن سليمان الطائى، عن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام بالمدينة سنة أربع و تسعين و مائة، قال: حدثنى أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثنى أبي على بن أبى طالب عليهم السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: تحشر ابنتى فاطمة يوم القيامة و معها ثياب مصبوغة بالدماء تتعلق بقائمة من قوائم العرش تقول: يا أحكم الحاكمين أحكم بيني و بين قاتل ولدي، قال

ص: 141


1- النحل: 19.
2- عيون الاخبار: 1-223 قال الصدوق - رحمه اللّه - و لهذا الحديث طريق آخر قد اخرجته في مدينة العلم.
3- عيون الاخبار: 1-225.

علي بن أبى طالب عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و يحكم لابنتي فاطمة و ربّ الكعبة (1).

179 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن علي بن الشاة الفقيه المروزي بمروالروذ في داره، قال: حدثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد اللّه النيسابورى، قال حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة قال: حدثنا أبي في سنة ستين و مأتين قال: حدثني علي بن موسى الرضا عليهما السّلام سنة أربع و تسعين و مائة عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: تحشر ابنتي فاطمة يوم القيامة و معها ثياب مصبوغة بالدم فتعلّق بقائمة من قوائم العرش فتقول يا عدل احكم بيني و بين قاتل ولدي، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فيحكم اللّه تعالى لابنتى و ربّ الكعبة و إن اللّه عزّ و جلّ يغضب لغضب فاطمة و يرضى لرضاها (2).

180 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أتاني ملك فقال: يا محمّد إن اللّه يقرئك السلام و يقول لك: قد زوّجت فاطمة من على فزوّجها منه، و قد أمرت شجرة طوبى أن تحمل الدر و الياقوت و المرجان و أن أهل السماء قد فرحوا بذلك و سيولد منهما ولدان سيدا شباب أهل الجنة و بهما تتزيّن أهل الجنة، فأبشر يا محمّد فانك خير. الاولين و الآخرين (3).

181 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: تحشر ابنتي فاطمة و عليها حلّة الكرامة و قد عجنت بماء الحيوان فينظر إليها الخلائق فيتعجّبون منها، ثم تكسى أيضا من حلل الجنة ألف حلّة مكتوب على كلّ حلّة بخط أخضر: ادخلوا بنت محمّد الجنة على أحسن صورة و أحسن كرامة و أحسن منظر، فتزفّ إلى الجنة كما تزفّ العروس فيوكّل بها سبعون ألف جارية (4).

182 - و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا معشر الخلائق غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمّد (5).

ص: 142


1- عيون الاخبار: 2-8.
2- عيون الاخبار: 2-26-27 - و مناقب الخوارزمى: 246.
3- عيون الاخبار: 2-26-27 - و مناقب الخوارزمى: 246.
4- عيون الاخبار: 2-30-32.
5- عيون الاخبار: 2-30-32.

183 و بهذا الإسناد عن علي بن أبى طالب عليه السّلام قال: كنا مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حفر الخندق إذ جاءته فاطمة و معها كسرة خبز فدفعتها إلى النبي، فقال النبي عليه الصلاة و السلام: ما هذه الكسرة، قالت: قرصا خبزتها للحسن و الحسين جئتك منه بهذه الكسرة، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاث (1).

184 - و بهذا الإسناد عن علي بن الحسين عليهما السّلام أنه قال: حدثني أسماء بنت عميس قالت: كنت عند فاطمة عليها السّلام إذ دخل عليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و في عنقها قلادة من ذهب كان اشتريها لها علي بن أبي طالب عليه السّلام من فيء، فقال لها رسول اللّه: يا فاطمة لا يقول الناس إنّ فاطمة بنت محمّد تلبس لباس الجبابرة، فقطعتها و باعتها و اشترت بها رقبة فأعتقتها، فسر بذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2).

185 - و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنى سمّيت ابنتي فاطمة، لأنّ اللّه عزّ و جل فطمعها و فطم من أحبّها من النار (3).

186 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إن اللّه يغضب لغضب فاطمة، و يرضى لرضاها (4).

187 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن عمر بن محمّد بن سالم بن البراء الجعابى قال: حدثنى أبو محمّد الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن العباس الرازي التميمي، قال: حدثنى سيدي على بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال حدثنى أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثنى أبي محمّد بن على، قال: حدثنى أبي علي بن الحسين، قال: حدثنى أبى الحسين بن علي قال: حدثنى أبى على بن أبى طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما زوّجت فاطمة إلا لما أمرنى اللّه بتزويجها (5).

188 - و باسناده قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم اللّه

ص: 143


1- عيون الاخبار: 2-40 و ينابيع المودة: 235.
2- عيون الاخبار: 2-44-46 و ينابيع المودة: 234 و فيه يا فاطمة ان اللّه يغضب لغضبك و يرضى لرضاك.
3- عيون الاخبار: 2-44-46 و ينابيع المودة: 234 و فيه يا فاطمة ان اللّه يغضب لغضبك و يرضى لرضاك.
4- عيون الاخبار: 2-44-46 و ينابيع المودة: 234 و فيه يا فاطمة ان اللّه يغضب لغضبك و يرضى لرضاك.
5- عيون الاخبار: 2-59.

ذرّيتها على النار (1).

189 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال: حدثنا على بن محمّد بن عيينة، قال: حدثنا دارم بن قبيصة النهشلى، قال: حدثنا على بن موسى الرضا و محمّد بن على عليهم السّلام قالا: سمعنا المأمون يحدّث عن الرشيد، عن المهدي، عن المنصور، عن أبيه عن جده قال: قال ابن عباس لمعاوية: أ تدري لم سمّيت فاطمة فاطمة ؟ قال: لا، قال: لأنها فطمت هى و شيعتها من النار سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقوله (2).

190 - أبو جعفر الطبري باسناده عن على بن موسى الرضا قال: حدثنى أبي عن أبيه عن جده عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين، عن أبيه علي عليهم السّلام قال:

قالت فاطمة عليها السّلام يوما أنا أحبّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم منكم فقلت: لا بل أنا أحبّ فقال الحسن لا بل أنا أحب و قال الحسين لا بل أنا أحبّكم إلى رسول اللّه و دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا بنيّة فيم أنتم.

فأخبرناه فأخذ فاطمة فاحتضنها و قبّل فاها و ضمّ عليا إليه و قبّل بين عينيه و أجلس الحسن على فخذه الأيمن و الحسين على فخذه الأيسر و قبّلهما و قال: أنتم أولى بي في الدنيا و الآخرة والى اللّه من والاكم و عادى من عاداكم، أنتم منّي و أنا منكم، و الذي نفسي بيده لا يتولاّكم عبد في الدنيا إلاّ كان اللّه عزّ و جلّ وليّه في الدنيا و الآخرة (3).

10- باب ما جاء في الحسن و الحسين عليهما السّلام

191 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق - رضي اللّه عنه - قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي

ص: 144


1- عيون الاخبار: 2-63-72.
2- عيون الاخبار: 2-63-72.
3- بشارة المصطفى: 253.

ابن فضال، عن أبيه عن أبى الحسن على بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين ابن علي عليهم السّلام، قال: لمّا حضرت الحسن بن علي بن أبي طالب الوفاة بكى، فقيل له:

يا ابن رسول اللّه أ تبكي و مكانك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الّذي أنت به ؟ و قد قال فيك رسول اللّه ما قال، و قد حججت عشرين حجة ماشيا و قد قسمت ربك مالك ثلاث مرات حتى النعل و النعل، فقال عليه السّلام: إنما أبكي لخصلتين: لهول المطّلع و فراق الأحبّة (1).

192 - في كتاب مواليد الائمة بسنده عن الرضا عليه السّلام قال: و مضى الحسن بن على عليهما السّلام و هو ابن سبع و أربعين سنة، و كان بين أبي محمّد الحسن و أبي عبد اللّه الحسين عليهما السّلام طهر و حمل، و كان حمل أبي عبد اللّه ستّة أشهر و لم يولد لستّة أشهر غير الحسين و عيسى بن مريم عليهم السّلام، و أقام أبو محمّد الحسن مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سبع سنين، و أقام مع أمير المؤمنين عليه السّلام ثلاثين سنة و كان عمره سبعا و أربعين سنة (2).

193 - القندوزي و روى الإمام علي بن موسى الرضا عليه السّلام: أن الحسن المجتبى دخل الخلاء، فوجد لقمة ملقاة فمسحها بعود، فدفعها إلى رقيقه فلما خرج طلبها قال:

أكلتها يا مولاي قال له: أنت حرّ لوجه اللّه تعالى، ثم قال: سمعت جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:

من وجد لقمة ملقاة فمسحها أو غسلها، ثم أكلها أعتقه اللّه من النار، فلا أكون أن أستعبد رجلا أعتقه اللّه عزّ و جلّ (3).

194 - أبو جعفر الطبري باسناده قال: حدثنا عبد اللّه بن هشام قال: حدثنا أبو الحسن على بن موسى بن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جده، عن آبائه عليهم السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: كان ملك الكروبين يقال له فطرس و كان من اللّه عز و جلّ بمكان فأرسله برسالة فأبطأ فكسر جناحه، فألقاه بجزيرة من جزاير البحر، فلما ولد الحسين بن علي عليه السّلام أرسل اللّه عزّ و جلّ جبرئيل في ألف من الملائكة يهنّئون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

ص: 145


1- أمالي الصدوق: 133.
2- مواليد الائمة: 4.
3- ينابيع المودة: 266.

بمولود و يخبرونه بكرامته على ربه عزّ و جلّ فمرّ جبرئيل بذلك الملك فكان بينهما خلّة فقال فطرس: يا روح اللّه الأمين أين تريد؟.

قال: إنّ هذا النبيّ التهامي وهب اللّه عزّ و جلّ له ولدا استبشر به أهل السماوات و أهل الأرض، فأرسلني اللّه تعالى إليه اهنّيه و اخبره بكرامته على ربه عزّ و جلّ ، قال: هل لك أن تنطلق بي معك إليه يشفع لى عند ربه، فانه سخي جواد فانطلق الملك مع جبرئيل عليه السّلام فقال: إن هذا ملك من الملائكة الكروبين له كان من اللّه تعالى مكان، فأرسله برسالة فأبطأ فكسر جناحه و ألقاه بجزيرة من جزائر البحر و قد أتاك لتشفع له عند ربك، قال: فقام النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فصلّى ركعتين و دعا في آخرهنّ :

اللّهم إنّي أسألك بحق كل ذي حق عليك و بحق محمّد و أهل بيته أن تردّ على فطرس جناحه و تستجيب لنبيّك و تجعله آية للعالمين، فاستجاب اللّه تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أوحى إليه أن يأمر فطرس أن يمرّ جناحه على الحسين عليه السّلام فقال رسول اللّه لفطرس امرر جناحك الكسير على هذا المولود ففعل فسبح فأصبح صحيحا فقال: الحمد للّه الّذي منّ عليّ بك يا رسول اللّه فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لفطرس أين تريد؟ فقال: ان جبرئيل أخبرني بمصرع هذا المولود و إني سألت ربي أن يجعلني خليفة هناك.

قال: فذلك الملك موكّل بقبر الحسين عليه السّلام، فاذا ترحّم عبد على الحسين أو تولّى أباه أو نصره بسيفه و لسانه انطلق ذلك الملك إلى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيقول:

أيها النفس الزكية فلان بن فلان ببلاد كذا و كذا يتولّى الحسين و يتولّى أباه عليهما السّلام و نصره بلسانه و قلبه و سيفه، قال: فيجيبه ملك موكّل بالصلاة عن النبي أن بلّغه عن محمّد السلام، و قل له: إن متّ على هذا أنت رفيقه في الجنة (1).

195 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: يا ابن رسول اللّه ما تقول في حديث روي عن الصادق

ص: 146


1- بشارة المصطفى: 270.

عليه السّلام أنه قال: إذا خرج القائم عليه السّلام قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائهم فقال عليه السّلام: هو كذلك، فقلت: و قول اللّه عزّ و جلّ : «وَ لاٰ تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ » (1) ما معناه ؟ قال: صدق اللّه في جميع أقواله، و لكن ذراري قتلة الحسين عليه السّلام يرضون بأفعال آبائهم و يفتخرون بها، و من رضي شيئا كان كمن أتاه و لو أنّ رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند اللّه عز و جلّ شريك القاتل، و إنّما يقتلهم القائم عليه السّلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم، قال: فقلت له: بأي شيء يبدأ القائم عليه السّلام منكم إذا قام، قال: يبدأ ببنى شيبة فيقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّ و جلّ (2).

196 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن الريان بن شبيب قال: دخلت على الرضا عليه السّلام في أول يوم من المحرم فقال: يا ابن شبيب أ صائم أنت ؟ قلت: لا، فقال: إنّ هذا اليوم هو اليوم الّذي دعا فيه زكريّا عليه السّلام فقال: «ربّ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء (3)» فاستجاب اللّه له و أمر الملائكة فنادت زكريّا و هو قائم يصلّي في المحراب انّ اللّه يبشّرك بيحيى، فمن صام هذا اليوم، ثمّ دعا اللّه عزّ و جلّ استجاب اللّه له كما استجاب لزكريّا.

ثمّ قال: يا ابن شبيب إنّ المحرم هو الشهر الّذي كان أهل الجاهلية يحرّمون فيه الظلم و القتال لحرمته، فما عرفت هذه الامّة حرمة شهرها و لا حرمة نبيّها، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته و سلبوا نساءه و انتهبوا ثقله، فلا غفر اللّه لهم ذلك أبدا، يا ابن شبيب إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السّلام، فانه ذبح كما يذبح الكبش و قتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض شبيهون و لقد بكت السماوات السبع و الارضون لقتله، و لقد نزل إلى الأرض من الملائكة

ص: 147


1- الانعام: 164.
2- عيون الاخبار: 1-273.
3- آل عمران: 38.

أربعة آلاف لنصره فلم يؤذن لهم، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم عليه السّلام فيكونون من أنصاره، و شعارهم يا لثارات الحسين عليه السّلام.

يا ابن شبيب لقد حدثني أبي عن أبيه عن جده عليهم السّلام انه لما قتل جدي الحسين عليه السّلام امطرت السماء دما و ترابا أحمر، يا ابن شبيب إن بكيت على الحسين حتى تصير دموعك على خدّيك غفر اللّه لك كل ذنب أذنبته صغيرا كان أو كبيرا قليلا كان أو كثيرا يا ابن شبيب إن سرّك أن تلقى اللّه عزّ و جلّ و لا ذنب عليك فرز الحسين عليه السّلام.

يا ابن شبيب إن سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فالعن قتلة الحسين، يا ابن شبيب إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين بن علي عليهما السّلام فقل متى ذكرته: يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما، يا ابن شبيب إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا و افرح لفرحنا و عليك بولايتنا، فلو أنّ رجلا أحبّ حجرا لحشره اللّه عزّ و جلّ معه إلى يوم القيامة (1).

197 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطار - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، قال:

سمعت الرضا عليه السّلام يقول: لما حمل رأس الحسين بن علي عليهما السّلام إلى الشام أمر يزيد لعنه اللّه، فوضع و نصب عليه مائدة، فاقبل هو لعنه اللّه و أصحابه يأكلون و يشربون الفقّاع فلما فرغوا أمر بالرأس فوضع في طست تحت سريره و بسط عليه رقعة الشطرنج و جلس يزيد عليه اللّعنة يلعب بالشطرنج و يذكر الحسين و أباه و جدّه صلوات اللّه عليهم و يستهزئ بذكرهم.

فمتى قمر صاحبه تناول الفقّاع فشربه ثلاث مرات، ثم صبّ فضلته على ما يلى الطست من الأرض، فمن كان من شيعتنا فليتورّع عن شرب الفقّاع و اللّعب بالشطرنج و من نظر إلى الفقاع أو إلى الشطرنج فليذكر الحسين عليه السّلام و ليعلن يزيد و آل زياد

ص: 148


1- عيون الأخبار: 1-299.

يمحو اللّه عزّ و جلّ بذلك ذنوبه و لو كانت بعدد النجوم (1).

198 - عنه - رحمه اللّه - باسناده عن على بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى ابن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عليه السّلام قال: حدثتني أسماء بنت عميس، قالت: حدثتني فاطمة عليها السّلام: لما حملت بالحسن و ولدته جاء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا أسماء (2) هلمّي ابني فدفعته إليه في خرقة صفراء فرمى بها النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أذّن في أذنه اليمنى و أقام في اذنه اليسرى، ثم قال لعلي:

بأى شيء سمّيت ابني قال: ما كنت أسبقك باسمه يا رسول اللّه و قد كنت احب أن اسميه حربا.

فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و لا أنا أسبق باسمه ربي، ثم هبط جبرئيل عليه السّلام فقال: يا محمّد العلي الأعلى يقرئك السلام و يقول: عليّ منك بمنزلة هارون من موسى و لا نبي بعدك، سم ابنك هذا باسم ابن هارون، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و ما اسم ابن هارون قال:

شبر قال النبي: لساني عربي قال جبرئيل: سمه الحسن، قالت أسماء فسمّاه الحسن، فلمّا كان يوم سابعه عقّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عنه بكبشين أملحين و أعطى القابلة فخذا و دينارا، ثمّ حلق رأسه و تصدّق بوزن الشعر ورقا و إلى رأسه بالخلوق.

ثمّ قال: يا أسماء الدم فعل الجاهلية، قالت أسماء: فلمّا كان بعد حول ولد الحسين عليه السّلام و جاء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا أسماء هلمّي ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء، فأذّن في أذنه اليمنى و أقام في اليسرى و وضعه في حجره فبكى، فقالت أسماء بأبي أنت و أمّي ممّ بكاؤك ؟ قال على ابني هذا، قلت إنه ولد الساعة يا رسول اللّه فقال:

تقتله الفئة الباغية من بعدي، لا أنا لهم اللّه شفاعتي، ثم قال: يا أسماء لا تخبرى فاطمة بهذا فانها قريبة عهد بولادته.

ص: 149


1- عيون الاخبار: 2-22.
2- اسماء بنت عميس كانت مع زوجها جعفر بن ابى طالب بالحبشة و كان قدوم جعفر بالمدينة سنة سبع من الهجرة يوم فتح خيبر و كان ولادة الحسن (ع) سنة اثنتين من الهجرة و لم تكن عند ولادته (ع) بالمدينة و يمكن ان تكون هى أسماء ذات النطاقين. فليتأمل.

ثم قال لعلي: أي شيء سمّيت ابنى هذا؟ قال: ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول اللّه و قد كنت احبّ أن اسمّيه حربا، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لا اسبق باسمه ربّي عزّ و جلّ ، ثم هبط جبرئيل عليه السّلام فقال: يا محمّد العلي الأعلى يقرئك السلام و يقول لك: عليّ منك كهارون من موسى، سمّ ابنك هذا باسم ابن هارون، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ما اسم ابن هارون قال: شبير، قال النبي لساني عربي قال جبرئيل: سمّه الحسين، فلمّا كان يوم سابعه عقّ عنه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بكبشين أملحين و أعطى القابلة فخذا و دينارا ثم حلق رأسه و تصدّق بوزن الشعر ورقا و إلى رأسه بالخلوق، فقال: يا أسماء الدم فعل الجاهلية (1).

199 - و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الولد ريحانة و ريحانتاى الحسن و الحسين - عليهما السّلام - (2).

200 - و بهذا الاسناد عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: إنّ الحسن و الحسين كانا يلعبان عند النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتى مضى عامّة اللّيل، ثمّ قال لهما: انصرفا إلى امكما فبرقت برقة فما زالت تضيء لهما حتى دخلا على فاطمة و النبيّ ينظر إلى البرقة، فقال: الحمد للّه الّذي أكرمنا أهل البيت (3).

201 - و بهذا الاسناد عن الحسن بن على عليهما السّلام أنه سمّى حسنا يوم السابع و اشتقّ من اسم الحسن حسينا و ذكر أنه لم يكن بينهما إلاّ الحمل (4).

202 - و بهذا الاسناد عن على بن الحسين عليه السّلام أنه قال: إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

اذّن في اذن الحسن عليه السّلام بالصلاة يوم ولد (5).

203 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل الدنيا و قد شدّت يداه و رجلاه بسلاسل من نار منكّس في النار حتى يقع في قعر جهنّم و له ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربهم من شدّة نتنه و هو فيها خالد ذائق العذاب الأليم مع جميع من شايع على قتله كلّما

ص: 150


1- عيون الاخبار: 2-25-27.
2- عيون الاخبار: 2-25-27.
3- عيون الاخبار: 2-39-42-43.
4- عيون الاخبار: 2-39-42-43.
5- عيون الاخبار: 2-39-42-43.

نضجت جلودهم بدّل اللّه عزّ و جلّ عليهم الجلود حتى يذوقوا العذاب الأليم، لا يفتر عنهم ساعة و يسقون من حميم جهنّم، فالويل لهم من عذاب اللّه تعالى في النار (1).

204 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ موسى بن عمران سأل ربّه عزّ و جلّ ، فقال: يا ربّ انّ أخي هارون مات فاغفر له، فأوحى اللّه تعالى إليه يا موسى لو سألتني في الأولين و الآخرين لأجبتك ما خلا قاتل الحسين بن على بن أبى - طالب عليهما السّلام فاني أنتقم له من قاتله (2).

205 - و بهذا الاسناد عن علي بن أبي طالب عليه السّلام أنه قال: كأني بالقصور قد شيّدت حول قبر الحسين، و كأني بالمحامل تخرج من الكوفة إلى قبر الحسين و لا تذهب اللّيالي و الأيام حتى يسار إليه من الآفاق و ذلك عند انقطاع ملك بنى مروان (3).

206 - و باسناده قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الحسن و الحسين خير أهل الأرض بعدي و بعد أبيهما، و أمّهما أفضل نساء أهل الأرض (4).

207 - و باسناده عن على عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يقتل الحسين عليه السّلام شرّ الامّة و يتبرّأ من ولده من يكفر بي (5).

208 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا على بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنى أبي عن جدي أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن محمّد ابن عيسى، عن محمّد بن أبي يعقوب البلخى، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام فقلت له: لأي علّة صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن عليهما السّلام، فقال: لأنّ اللّه عزّ و جلّ جعلها في ولد الحسين و لم يجعلها في ولد الحسن، و اللّه لا يسأل عمّا يفعل (6).

209 - الصفّار - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى

ص: 151


1- عيون الاخبار: 2-47-48.
2- عيون الاخبار: 2-47-48.
3- عيون الاخبار: 2-47-48.
4- عيون الاخبار: 2-62-64.
5- عيون الاخبار: 2-62-64.
6- عيون الاخبار: 2-82.

عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام كان الحسن و الحسين عليهما السّلام محدّثين (1).

11- باب ما جاء في موسى بن جعفر عليهما السّلام

210 - الكليني - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن علي بن أسباط قال: قلت للرضا عليه السّلام: إنّ رجلا عنى أخاك إبراهيم، فذكر له أنّ أباك في الحياة، و إنّك تعلم من ذلك ما يعلم، فقال: سبحان اللّه يموت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لا يموت موسى عليه السّلام، قد و اللّه مضى كما مضى رسول اللّه و لكنّ اللّه تبارك و تعالى لم يزل منذ قبض نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هلم جرّا، يمنّ بهذا الدّين على أولاد الأعاجم و يصرفه عن قرابة نبيّه هلم جرّا فيعطى هؤلاء و يمنع هؤلاء لقد، قضيت عنه في هلال ذى الحجة ألف دينار بعد أن أشفى على طلاق نسائه و عتق مماليكه، و لكن قد سمعت ما لقى يوسف من اخوته (2).

211 - و بهذا الاسناد عن الوشاء قال: قلت لأبى الحسن عليه السّلام: انهم رووا عنك في موت أبى الحسن عليه السّلام أنّ رجلا قال لك: علمت ذلك بقول سعيد، فقال:

جاء سعيد بعد ما علمت به قبل مجيئه قال: و سمعته يقول: طلّقت أم فروة بنت إسحاق في رجب بعد أبي الحسن بيوم، قلت: طلّقتها و قد علمت بموت أبى الحسن قال: نعم قلت: قبل أن يقدم عليك سعيد قال: نعم (3).

212 - عنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان قال: قلت للرضا عليه السّلام: أخبرنى عن الإمام متى يعلم أنه إمام، حين يبلغه أنّ صاحبه قد مضى أو حين يمضى مثل أبى الحسن قبض ببغداد و أنت هاهنا قال: يعلم ذلك حين يمضى صاحبه قلت بأي شيء؟ قال: يلهمه اللّه (4).

ص: 152


1- بصائر الدرجات: 372.
2- الكافى: 1-380-381 - و بصائر الدرجات: 466-467.
3- الكافى: 1-380-381 - و بصائر الدرجات: 466-467.
4- الكافى: 1-380-381 - و بصائر الدرجات: 466-467.

213 - عنه عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن مسافر قال: أمر أبو - إبراهيم عليه السّلام حين اخرج به أبا الحسن عليه السّلام أن ينام على بابه في كل ليلة أبدا ما كان حيّا إلى أن يأتيه خبره قال: فكنا في كل ليلة نفرش لأبى الحسن في الدهليز، ثم يأتي بعد العشاء فينام، فاذا أصبح انصرف إلى منزله، قال فمكث على هذه الحال أربع سنين، فلمّا كان في ليلة من اللّيالي أبطأ عنّا و فرش له فلم يأت كما كان يأتي، فاستوحش العيال و ذعروا و دخلنا أمر عظيم من إبطائه، فلمّا كان من الغد أتى الدار و دخل إلى العيال و قصد إلى أم أحمد فقال لها: هات التي أودعك أبى فصرخت و لطمت وجهها و شقّت جيبها و قالت: مات و اللّه سيدي.

فكفّها و قال لها: لا تكلّمني بشيء و لا تظهريه حتى يجيء الخبر إلى الوالي، فأخرجت إليه سفطا و ألفى دينار أو أربعة آلاف دينار، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره، و قالت: إنه قال لي فيما بيني و بينه - و كانت أثيرة عنده - (1) احتفظني بهذه الوديعة عندك، لا تطلعى عليها أحدا حتى أموت، فاذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك فادفعيها إليه، و اعلمي أنّي قدّمت، و قد جاءني و اللّه علامة سيّدي، فقبض ذلك منها و أمرهم بالإمساك جميعا إلى أن ورد الخبر، و انصرف فلم يعد لشيء من المبيت كما كان يفعل، فما لبثنا إلاّ أياما يسيرة حتى جاءت الخريطة بنعيه فعددنا الأيّام و تفقّدنا الوقت فاذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبو الحسن عليه السّلام ما فعل، من تخلّفه عن المبيت و قبضه لما قبض (2).

214 - مواليد الائمة بالإسناد إلى الرضا عليه السّلام قال: و مضى أبو الحسن موسى ابن جعفر عليهما السّلام و هو ابن أربع و خمسين سنة من عام مائة و ثلاث و ثمانين و كان مولده في عام مائة و تسع و عشرين سنة من الهجرة و كان مقامه مع أبيه تسع عشرة سنة و بعد أبيه خمسا و ثلاثين سنة و مضى له أربع و خمسون سنة (3).

ص: 153


1- أى محبوبة مختارة عند موسى عليه السّلام.
2- الكافى ج 1 ص 381. و نقله في دلالات الرضا (ع) أنسب.
3- مواليد الائمة: 5.

215 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسرور - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن المعلّى بن محمّد البصري قال: حدثنا علي بن رباط قال: قلت لعليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام إنّ عندنا رجلا يذكر أنّ أباك عليه السّلام حيّ و أنك تعلم من ذلك ما تعلم، فقال عليه السّلام: سبحان اللّه مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لم يمت موسى بن جعفر عليهما السّلام، بلى و اللّه لقد مات و قسمت أمواله و نكحت جواريه (1).

216 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي و محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي اللّه عنهما - قالا: حدثنا محمّد بن يحيى العطار، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن جمهور، عن أحمد بن حماد قال كان أحد القوّام عثمان عيسى الرواسي و كان يكون بمصر، و كان عنده مال كثير و ستّ جواري، قال: فبعث إليه أبو الحسن الرضا عليه السّلام فيهنّ و في المال، قال: فكتب إليه: أنّ أباك لم يمت قال فكتب إليه أنّ أبي قد مات و قد قسمنا ميراثه، و قد صحّت الأخبار بموته، و احتجّ عليه فيه قال: فكتب إليه: إن لم يكن أبوك مات فليس لك من ذلك شيء و إن كان قد مات على ما تحكى فلم يأمرني بدفع شيء إليك و قد أعتقت الجواري و تزوجتهنّ (2).

217 - عنه قال: حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثنى محمّد بن يحيى الصولى، قال: حدّثني المبرّد قال: حدثنى الرياشي، قال: حدثنا أبو عاصم و رواه عن الرضا عليه السّلام أنّ موسى بن جعفر عليهما السّلام تكلّم يوما بين يدى أبيه عليه السّلام فأحسن فقال له: يا بنيّ الحمد للّه الذي جعلك خلفا من الآباء و سرورا من الأبناء و عوضا عن الأصدقاء (3).

218 - الطبرسي باسناده عن الحسن بن الجهم قال: كنّا عند الرضا عليه السّلام فذكرنا أباه، فقال: كان عقله لا توازي به العقول، ور بما شاور الأسود من سودانه، فقيل له:

تشاور مثل هذا؟ فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى ربما فتح على لسانه قال: فكانوا ربما

ص: 154


1- كمال الدين: 39 عيون الاخبار: 1-106.
2- عيون الاخبار: 1-113.
3- عيون الاخبار: 2-127.

أشاروا عليه بالشيء، فيعمل به في الضيعة و البستان (1).

12- باب دلالات الرضا عليه السّلام

219 - الصفّار - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن المرزبان بن عمران قال: سألت الرضا عليه السّلام عن نفسي، فقلت أسألك عن أهم الأشياء: أ من شيعتكم أنا؟ فقال: نعم، فقلت: جعلت فداك، فتعرف اسمي في الأسماء قال: نعم (2).

220 - عنه قال: حدثنا أحمد بن محمّد؛ عن محمّد بن الحسن بن علاّن، عن محمّد بن عبد اللّه قال: كنت عند الرضا عليه السّلام فأصابنى عطش شديد فكرهت أن أستسقي في مجلسه و دعا بماء بارد فذاقه و ناولني، فقال: يا محمّد اشرب فإنه بارد فشربت (3).

221 - عنه قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن أبى نصر قال: استقبلت الرضا عليه السّلام إلى القادسية فسلّمت عليه، فقال لي: اكتر لي حجرة لها بابان، باب الى الخان و باب إلى خارج فانه أستر عليك، قال: و بعث إليّ بزنفليجة فيها دنانير صالحه و مصحف و كان يأتيه رسوله في حوائجه فاشترى له، و كنت يوما وحدي ففتحت المصحف لا قرأ فيه، فلمّا نشرته نظرت في «لَمْ يَكُنِ » فإذا فيها أكثر ممّا في أيدينا أضعافه، فقدمت على قراءتها فلم أعرف منها شيئا فأخذت الدواة و القرطاس فأردت أن أكتبها لكى أسأل عنها، فاتاني مسافر قبل أكتب منها بشيء و منديل و خيط و خاتمه فقال: مولاي يأمرك أن تضع المصحف في منديل و تختمه و تبعث إليه بالخاتم، قال: ففعلت ذلك (4).

222 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا الهيثم النهدي، عن محمّد بن الفضيل الصيرفي قال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السّلام فسألته عن أشياء و أردت أن أسأله عن السلاح

ص: 155


1- مكارم الاخلاق: 370.
2- بصائر الدرجات: 173.
3- بصائر الدرجات: 239.
4- بصائر الدرجات: 246. و أورد نحو ذيله الكلينى في الكافى ج 2 ص 631.

فأغفلته فخرجت و دخلت على أبى الحسن بن بشير فاذا غلامه و معه رقعته و فيها:

بسم اللّه الرحمن الرّحيم أنا بمنزلة أبي و وارثه و عندى ما كان عنده (1).

223 - عنه قال: حدثنا موسى بن عمر، عن أحمد بن عمر الحلاّل قال: سمعت الأخرس بمكة يذكر الرضا عليه السّلام فنال منه، قال: فدخلت مكة فاشتريت سكّينا فرأيته فقلت: و اللّه لأقتلنّه إذا خرج من المسجد: فأقمت على ذلك، فما شعرت إلاّ برقعة أبي الحسن عليه السّلام: بسم اللّه الرحمن الرحيم بحقّى عليك لما كففت عن الأخرس فانّ اللّه ثقتى و هو حسبى (2).

224 - عنه قال حدّثنا معاوية بن حكيم، عن الحسن بن عليّ الوشاء عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال لي بخراسان: رأيت رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هاهنا و التزمته (3).

225 - عنه قال: حدثنا أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، و حدثني محمّد بن الحسين عن إبراهيم بن أبى البلاد قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام حدثني عبد الكريم بن حسّان، عن عبيدة بن عبد اللّه بن بشير الخثعمي عن أبيك أنه قال: كنت ردف أبي و هو يريد العريض قال: فلقيه شيخ أبيض الرأس و اللحية يمشى قال: فنزل إليه فقبّل بين عينيه، فقال إبراهيم: و لا أعلمه أنه قبّل يده، ثم جعل يقول له: جعلت فداك و الشيخ يوصيه، فكان في آخر ما قال له: انظر الأربع ركعات فلا تدعها، قال: و قام أبي حتى توارى الشيخ ثم ركب، فقلت: يا أبه من هذا الّذي صنعت به ما لم أرك صنعته بأحد قال: هذا أبي يا بنيّ (4).

226 - عنه قال: حدثنا عبد اللّه بن عباس، عن عبد الرحمن بن أبى نجران قال:

كتب أبو الحسن الرضا عليه السّلام: و قرأت رسالته كتب إلى بعض أصحابه أنّا لنعرف الرجل إذ رأيناه بحقيقة الايمان و حقيقة النفاق (5).

227 - عنه قال: حدثنا أحمد بن موسى، عن محمّد بن أحمد المعروف بغزال عن محمّد

ص: 156


1- بصائر الدرجات: 252.
2- بصائر الدرجات: 252.
3- بصائر الدرجات: 274 و قرب الاسناد: 203.
4- بصائر الدرجات: 274 و قرب الاسناد: 203.
5- بصائر الدرجات: 288.

ابن الحسين، عن سليمان من ولد جعفر بن أبي طالب قال: كنت مع أبي الحسن الرضا عليه السّلام في حائط له إذ جاء عصفور فوقع بين يديه و أخذ يصيح و يكثر الصياح و يضطرب، فقال لي: يا فلان أ تدري ما تقول هذا العصفور، قلت اللّه و رسوله و ابن رسوله أعلم، قال: إنّها تقول إنّ حيّة تريد أكل فرخي في البيت، فقم فخذ تيك النبعة و ادخل البيت و اقتل الحيّة، قال: فأخذت النبعة و هى العصا و دخلت البيت و اذا حيّة تحول في البيت فقتلتها (1).

228 - عنه قال: حدثنا محمّد بن عيسى عن محمّد بن حمزة بن القاسم، عمّن أخبره عنه أخبرني إبراهيم بن موسى قال: ألححت على أبى الحسن الرضا عليه السّلام في شيء أطلبه منه و كان يعدني، فخرج ذات يوم يستقبل و الى المدينة و كنت معه فجاء إلى قرب قصر فلان فنزل في موضع تحت شجرات و نزلت معه أنا و ليس معنا ثالث، فقلت: جعلت فداك هذا العيد قد أظلّنا و لا و اللّه ما أملك درهما فيما سواه، فحكّ بسوطه الأرض حكا شديدا، ثم ضرب بيده فتناول بيده سبيكة ذهب، فقال: انتفع بها و اكتم ما رأيت (2).

229 - عنه قال: حدثنا محمّد بن الحسين، عن محمّد بن الهيثم أو عمّن رواه عنه أو عن بعض أصحابنا عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: إنّي سألت أباك عن مسئلة اريد أن أسألك عنها، قال: و عن أي شيء تسأل، قال، قلت له:

عندك علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كتبه و علم الأوصياء و كتبهم ؟ قال: فقال: نعم، و أكثر من ذاك سل عما بدا لك (3).

230 - عنه قال: حدثنا أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشاء قال: رأيت أبا الحسن الرضا عليه السّلام و هو ينظر إلى السماء و يتكلّم بكلام كأنّه كلام الخطاطيف ما فهمت منه شيئا ساعة بعد ساعة ثم سكت (4).

ص: 157


1- بصائر الدرجات: 345.
2- بصائر الدرجات: 374، الكافى: 1-488، اثبات الوصية 202، الاختصاص: 270.
3- بصائر الدرجات: 511.
4- بصائر الدرجات: 511.

231 - عنه قال: حدثنا علي بن إسماعيل عن محمّد بن عمرو قال عبد اللّه بن أبان الزيّات قلت للرضا عليه السّلام إنّ قوما من مواليك سألونى أن تدعو اللّه لهم قال: فقال:

و اللّه انّى لأعرض أعمالهم على اللّه في كل يوم (1).

232 - الحميري، قال: حدثني الريان بن الصلت قال: كنت باب الرضا عليه السّلام بخراسان. فقلت لمعمر: رأيت تسأل سيدي يكسونى ثوبا من ثيابه و يهب لى الدراهم التي ضربت باسمه. فأخبرني معمر أنه دخل على أبي الحسن الرضا عليه السّلام من فوره ذلك، قال:

فابتدأني أبو الحسن فقال: يا معمر ألا يريد الريّان أن نكسوه من ثيابنا أو نهب له من دراهمنا قال: فقلت: سبحان اللّه هكذا كان قوله لى الساعة بالباب، قال: فضحك ثم قال: إنّ المؤمن موفّق، قل له: فيلجئني، فأدخلني عليه فسلّمت فردّ السلام و دعا لي بثوبين من ثيابه فدفعهما إلى، فلما قمت وضع في يدي ثلاثين درهما (2).

233 - عنه - رحمه اللّه - عن معاوية بن حكيم عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال:

وعدنا أبو الحسن الرضا عليه السّلام ليلة إلى مسجد دار معاوية فجاء فسلّم، فقال عليه السّلام:

انّ الناس قد جهدوا على إطفاء نور اللّه حين قبض اللّه تبارك و تعالى رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره، و قد جهد علي بن أبي حمزة على إطفاء نور اللّه حين مضى أبو الحسن عليه السّلام فأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره و قد هداكم اللّه لأمر جهله الناس، فاحمدوا اللّه على ما منّ به عليكم، إنّ جعفرا كان يقول فمستقر و مستودع، فالمستقرّ ما ثبت من الايمان و المستودع المعار، و قد هداكم اللّه لأمر جهله الناس فاحمدوا اللّه على ما منّ به عليكم (3).

234 - عنه عن معاوية بن حكيم، عن الحسن بن علي ابن بنت إلياس عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال لى ابتداء: إنّ أبي كان عندي البارحة. قلت أبوك ؟ قال:

أبي، قلت: أبوك ؟ قال: أبي، قلت أبوك ؟ قال: في المنام، إنّ جعفرا كان يجيء إلى أبي فيقول يا بنيّ افعل كذا، يا بنيّ افعل كذا، قال: فدخلت عليه بعد ذلك، فقال:

يا حسن إنّ منامنا و يقظتنا واحدة (4).

ص: 158


1- بصائر الدرجات: 515.
2- قرب الاسناد: 198-200-202.
3- قرب الاسناد: 198-200-202.
4- قرب الاسناد: 198-200-202.

235 - عنه عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: كتبت إلى الرضا عليه السّلام أني رجل من أهل الكوفة و أنا و أهلى ندين اللّه عزّ و جلّ بطاعتكم و قد أحببت لقاءك لأسألك عن ديني و أشياء جاء بها عنك قوم بحجج يحتجّون به عليّ فيك، و هم الذين يزعمون أن أباك حيّ في الدنيا لم يمت ميتتها و مما يحتجّون به أنهم يقولون إنا سألناه عن أشياء فأجاب بخلاف ما جاء عن آبائه و أقربائه، و قد نفى التقية عن نفسه فعليه أن يخشى.

ثم إنّ الصفوان لقاك فحكى لك بعض أقاويلهم الذي سألوك عنها، فأقررت بذلك و لم تنفه عن نفسك، ثمّ أجبته بخلاف ما أجبتهم و هو قول آبائك عليهم السّلام، و قد أحببت لقاءك لتخبرني لأيّ شيء أجبت صفوان ما أجبته و أجبت اولئك بخلافه، فانّ في ذلك حياة لي و للناس، و اللّه تبارك و تعالى يقول: «و من أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعا» (1).

فكتب: بسم اللّه الرحمن الرحيم قد وصل كتابك إلى و فهمت ما ذكرت فيه من حبّك لقائي، و لما ترجو فيه و يجب عليك أن نشافهك في أشياء جاء بها قوم عنّى، فزعمت أنهم يحتجّون بحجج عليكم و يزعمون أني أجبتهم بخلاف ما جاء عن آبائى و لعمري ما يسمع الصم و لا يهدي العمى إلاّ اللّه «فَمَنْ يُرِدِ اَللّٰهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلاٰمِ وَ مَنْ يُرِدْ اللّه أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمٰا يَصَّعَّدُ فِي اَلسَّمٰاءِ كَذٰلِكَ يَجْعَلُ اَللّٰهُ اَلرِّجْسَ عَلَى اَلَّذِينَ لاٰ يُؤْمِنُونَ ... إِنَّكَ لاٰ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لٰكِنَّ اَللّٰهَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ » .

قال أبو جعفر (2) لو استطاع الناس لكانوا شيعتنا أجمعين، و لكن اللّه تبارك و تعالى أخذ ميثاق شيعتنا، ثم أخذ ميثاق النبيين، و قال أبو جعفر عليه السّلام إنما شيعتنا من تابعنا و لم يخالفنا و من إذا خفنا خاف و من إذا أمنّا أمن فأولئك شيعتنا و قال اللّه تبارك و تعالى «فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ » (3) و قال: «وَ مٰا كٰانَ اَلْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ

ص: 159


1- المائدة: 32.
2- كذا.
3- النحل: 43.

لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » (1) فقد فرضت عليكم المسألة و الردّ إلينا و لم يفرض علينا الجواب قال اللّه عزّ و جلّ : «فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمٰا يَتَّبِعُونَ أَهْوٰاءَهُمْ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اِتَّبَعَ هَوٰاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اَللّٰهِ » (2) يعنى من اتّخذ دينه رأيه بغير امام من أئمة الهدى.

فكتب إليه أنه يعرض في قلبي بما يروي هؤلاء في أبيك فكتب أبو جعفر عليه السّلام ما أحد أكذب على اللّه و على رسوله ممن كذّبنا أهل البيت و كذّب علينا، لأنه إذا كذّبنا أو كذب علينا فقد كذّب اللّه و رسوله، لأنا إنّما نحدّث عن اللّه تبارك و تعالى و عن رسوله، قال أبو جعفر عليه السّلام (3) و أتاه رجل فقال: إنكم أهل بيت الرحمة اختصّكم اللّه بها و قال أبو جعفر: نحن كذلك و الحمد للّه لم ندخل أحدا في ضلالة و لم نخرجه عن هدى، و إنّ الدنيا لا تذهب حتى يبعث اللّه منا أهل البيت رجلا يعمل بكتاب اللّه عزّ و جلّ و لا يرى منكرا إلا أنكره (4).

236 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: دخلت عليه بالقادسية فقلت جعلت فداك إني اريد أن أسألك عن شيء و أنا أجلّك و الخطب فيه جليل، و إنما اريد فكاك رقبتي من النار فرآني و قد زمعت، فقال: لا تدع شيئا تريد أن تسألني عنه إلا سألتني عنه قلت له: جعلت فداك إني سألت أباك و هو نازل في هذا الموضع عن خليفته من بعده، فدلني عليك و قد سألتك منذ سنتين - و ليس لك ولد - عن الامامة فيمن تكون بعدك فقلت في ولدى و قد وهب اللّه لك اثنين فأيّهما عندك بمنزلتك التى كانت عند أبيك.

فقال لي: هذا الذي سألت عنه ليس هذا وقته، فقلت له: جعلت فداك قد رأيت ما ابتلينا به في أبيك و لست آمن من الاحداث، فقال: كلاّ إن شاء اللّه لو كان الذي يخاف كان منّي في ذلك حجّة أحتجّ بها عليك و على غيرك، أ ما علمت أنّ الامام الفرض عليه و الواجب من اللّه، إذا خاف الفوت على نفسه أن يحتجّ في الامام من بعده بحجّة معروفة مثبتة، إنّ اللّه تبارك و تعالى يقول في كتابه: «وَ مٰا كٰانَ اَللّٰهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ

ص: 160


1- التوبة: 122.
2- القصص: 50.
3- كذا.
4- قرب الاسناد: 203.

إِذْ هَدٰاهُمْ حَتّٰى يُبَيِّنَ لَهُمْ مٰا يَتَّقُونَ » (1) فطب نفسا و طب بأنفس أصحابك فانّ الامر يجيء على غير ما يحذرون إن شاء اللّه تعالى (2).

237 - الكليني - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد أو غيره عن على بن - الحكم، عن الحسين بن عمر بن يزيد، قال: دخلت على الرضا عليه السّلام و أنا يومئذ واقف و قد كان أبي سأل أباه عن سبع مسائل فأجابه في ست و أمسك عن السابعة، فقلت: و اللّه لأسألنّه عما سأل أبي أباه، فان أجاب بمثل جواب أبيه كانت دلالة، فسألته، فأجاب بمثل جواب أبيه أبي في المسائل الستّ ، فلم يزد في الجواب واوا و لا ياء و أمسك عن السابعة، و قد كان أبي قال لأبيه: إني أحتجّ عليك عند اللّه يوم القيامة إنك زعمت أنّ عبد اللّه لم يكن إماما، فوضع يده على عنقه ثم قال له: نعم احتجّ عليّ بذلك عند اللّه عزّ و جلّ فما كان فيه من اثم فهو في رقبتي.

فلما ودّعته قال: إنه ليس أحد من شيعتنا يبتلى ببلية أو يشتكى فيصبر على ذلك إلاّ كتب اللّه له أجر ألف شهيد، فقلت في نفسي: و اللّه ما كان لهذا ذكر، فلما مضيت كنت في بعض الطريق خرج بي عرق المديني، فلقيت منه شدّة، فلما كان من قابل حججت فدخلت عليه و قد بقى من وجعى بقية فشكوت إليه و قلت له جعلت فداك عوّذ رجلي و بسطتها بين يديه فقال لي: ليس على رجلك هذه بأس و لكن أرني رجلك الصحيحة فبسطتها بين يديه فعوّذها، فلما خرجت لم ألبس إلا يسيرا حتى خرج بي العرق و كان وجعه يسيرا (3).

238 - عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن ابن قياما الواسطي - و كان من الواقفة - قال: دخلت على عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام فقلت له: يكون إمامان قال: لا، إلا و أحدهما صامت فقلت له: هو ذا أنت ليس لك صامت - و لم يكن ولد له أبو جعفر بعد - فقال لي: و اللّه ليجعلنّ اللّه منّي ما يثبت به الحق و أهله و يمحق به

ص: 161


1- التوبة 115.
2- قرب الاسناد: 221.
3- الكافى: 1-353.

الباطل و أهله فولد له بعد سنة ابو جعفر عليه السّلام، فقيل لابن قياما: ألا تقنعك هذه الآية فقال: أما و اللّه إنها لآية عظيمة و لكن كيف أصنع بما قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في ابنه ؟ (1)

239 - عنه - عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشاء قال: أتيت خراسان و أنا واقف فحملت معي متاعا و كان معي ثوب و شيء في بعض الرزم و لم أشعر به و لم أعرف مكانه فلما قدمت مرو و نزلت في بعض منازلها لم أشعر إلاّ و رجل مدني من بعض مولديها، فقال لي: إنّ أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول لك: ابعث إليّ الثوب الوشي الذي عندك قال: فقلت: و من أخبر أبا الحسن بقدومي و أنا قدمت آنفا و ما عندى ثوب وشى ؟! فرجع إليه و عاد إليّ فقال: يقول لك: بلى هو في موضع كذا و كذا و رزمته كذا و كذا فطلبته حيث قال، فوجدته في أسفل الرزمة فبعثت به إليه (2).

240 - عنه عن ابن فضال عن عبد اللّه بن المغيرة قال: كنت واقفا و حججت على تلك الحال، فلمّا صرت بمكة خلج في صدري شيء فتعلقت بالملتزم، ثم قلت اللهم قد علمت طلبتي و إرادتي فأرشدني إلى خير الاديان. فوقع في نفسي أن آتي الرضا عليه السّلام فأتيت المدينة فوقفت ببابه و قلت للغلام: قل لمولاك رجل من أهل العراق بالباب، قال فسمعت نداءه و هو يقول: ادخل يا عبد اللّه بن المغيرة، ادخل يا عبد اللّه بن المغيرة، فدخلت فلما نظر إليّ قال لي: قد أجاب اللّه دعاءك و هداك لدينه، فقلت: أشهد أنك حجة اللّه و أمينه على خلقه (3).

241 - عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشاء عن مسافر أنّ أبا الحسن الرضا عليه السّلام قال له: يا مسافر هذا القناة فيها حيتان ؟ قال: نعم جعلت فداك فقال: إني رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم البارحة و هو يقول: يا علي ما عندنا خير لك (4).

242 - عنه عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عمّن ذكره، عن صفوان يحيى، قال لما مضى أبو ابراهيم عليه السّلام و تكلّم أبو الحسن عليه السّلام خفنا عليه من ذلك، فقيل له: إنك

ص: 162


1- الكافى: 1-354-355 و الخرائج 242 في العيون: 2-219.
2- الكافى: 1-354-355 و الخرائج 242 في العيون: 2-219.
3- الكافى: 1-354-355 و الخرائج 242 في العيون: 2-219.
4- الكافى: 1-260. يعنى علمي بحقيقة ما أقول كعلمي بكون الحيتان في الماء.

قد أظهرت أمرا عظيما و إنا نخاف عليك هذه الطاغية، قال فقال: ليجهد جهده فلا سبيل له عليّ (1).

243 - عنه عن أحمد بن مهران - رحمه اللّه - عن محمّد بن علي، عن الحسن بن منصور عن أخيه قال: دخلت على الرضا عليه السّلام في بيت داخل في جوف بيت ليلة فرفع يده فكانت كأنّ في البيت عشرة مصابيح و استأذن عليه رجل فخلّى يده، ثم أذن له (2).

244 - عنه عن علي بن محمد، عن ابن جمهور، عن إبراهيم بن عبد اللّه، عن أحمد بن عبد اللّه عن الغفارى، قال: كان لرجل من آل أبي رافع مولى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم - يقال له:

طيس - عليّ حق، فتقاضاني و ألحّ علي و أعانه الناس، فلمّا رأيت ذلك صلّيت الصبح في مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ توجّهت نحو الرضا عليه السّلام و هو يومئذ بالعريض، فلمّا قربت من بابه إذ هو قد طلع على حمار و عليه قميص و رداء، فلما نظرت إليه استحييت منه، فلمّا لحقنى وقف و نظر إليّ فسلّمت عليه - و كان شهر رمضان - فقلت: جعلنى اللّه فداك إن لمولاك طيس عليّ حقا قد و اللّه شهرني - و أنا أظن في نفسي أنه يأمره بالكف عنى - و و اللّه ما قلت له كم له علي و لا سمّيت له شيئا.

فأمرني بالجلوس إلى رجوعه فلم أزل حتى صليت المغرب و أنا صائم، فضاق صدري و أردت أن أنصرف فاذا هو قد طلع عليّ و حوله الناس و قد قعد له السؤّال و هو يتصدّق عليهم، فمضى و دخل بيته ثم خرج و دعاني فقمت إليه و دخلت معه، فجلس و جلست فجعلت أحدّثه عن ابن المسيّب و كان أمير المدينة و كان كثيرا ما احدّثه عنه فلما فرغت قال: لا أظنك أفطرت بعد؟ فقلت لا فدعا لي بطعام فوضع بين يديّ و أمر الغلام أن يأكل معي فأصبت و الغلام من الطعام، فلما فرغنا قال لي: ارفع الوسادة و خذ ما تحتها، فرفعتها و إذا دنانير فأخذتها و وضعتها في كمّي و أمر أربعة من عبيده أن يكونوا معي حتى يبلغونى منزلي. فقلت: جعلت فداك إنّ طائف ابن المسيب يدور و أكره أن يلقاني و معي عبيدك، فقال لي: أصبت أصاب اللّه بك الرشاد، و أمرهم أن ينصرفوا اذا رددتهم.

ص: 163


1- الكافى: 1-487.
2- الكافى: 1-487.

فلما قربت من منزلي و آنست رددتهم، فصرت إلى منزلي و دعوت بالسراج و نظرت إلى الدنانير و إذا هي ثمانية و أربعون دينارا و كان حق الرجل عليّ ثمانية و عشرين دينارا، و كان فيها دينار يلوح فأعجبنى حسنه، فأخذته و قرّبته من السراج فإذا عليه نقش واضح، حق الرجل ثمانية و عشرون دينارا و ما بقي فهو لك، و لا و اللّه ما عرفت ماله عليّ و الحمد للّه ربّ العالمين الّذي أعزّ وليّه (1).

245 - عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنه خرج من المدينة في السنة التى حجّ فيها هارون يريد الحجّ ، فانتهى إلى جبل عن يسار الطريق و أنت ذاهب إلى مكة يقال له: فارع، فنظر إليه أبو الحسن ثم قال: باني فارع و هادمه يقطع إربا إربا، فلم ندر ما معنى ذلك، فلمّا ولى وافى هارون و نزل بذلك الموضع، صعد جعفر بن يحيى ذلك الجبل و أمر أن يبنى له ثمّ مجلس، فلمّا رجع من مكة صعد إليه فأمر بهدمه فلمّا انصرف إلى العراق قطع إربا إربا (2).

246 - عنه عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن مسافر؛ و عن الوشاء عن مسافر قال: لما أراد هارون بن المسيب أن يواقع محمّد بن جعفر قال لي أبو الحسن الرضا عليه السّلام: اذهب إليه و قل له: لا تخرج غدا فانك إن خرجت غدا هزمت و قتل أصحابك فان سألك من أين علمت هذا فقل: رأيت في المنام قال: فأتيته فقلت له: جعلت فداك لا تخرج غدا فانك إن خرجت هزمت و قتل أصحابك فقال لي من أين علمت هذا؟ فقلت: رأيت في المنام.

فقال: نام العبد و لم يغسل استه، ثم خرج فانهزم و قتل أصحابه قال: و حدثني مسافر قال: كنت مع أبي الحسن الرضا عليه السّلام بمنى فمرّ يحيى بن خالد فغطّى رأسه من الغبار فقال: مساكين لا يدرون ما يحلّ بهم في هذه السنة، ثم قال: و أعجب من هذا هارون و أنا كهاتين - و ضمّ إصبعيه - قال مسافر: فو اللّه ما عرفت معنى حديثه

ص: 164


1- الكافى: 1-487.
2- المصدر: 1-488.

حتى دفنّاه معه (1).

247 - عنه عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن علي بن محمّد القاساني قال:

أخبرني بعض أصحابنا أنه حمل إلى أبى الحسن الرضا عليه السّلام مالا له خطر فلم أره سرّ به قال: فاغتممت لذلك و قلت في نفسي: قد حملت هذا المال و لم يسرّ به فقال: يا غلام الطست و الماء قال: فقعد على كرسي و قال بيده [و قال] للغلام: صبّ عليّ الماء قال:

فجعل يسيل من بين أصابعه في الطست ذهب، ثم التفت إليّ فقال لي: من كان هكذا [لا] يبالي بالذي حملته إليه (2).

248 - الحسين، عن أحمد بن هلال، عن ياسر الخادم قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: رأيت في النوم قفصا فيه سبعة عشر قارورة اذ وقع القفص فتكسّرت القوارير، فقال: إن صدقت رؤياك يخرج رجل من أهل بيتي يملك سبعة عشر يوما ثم يموت، فخرج محمّد بن إبراهيم بالكوفة مع أبى السرايا فمكث سبعة عشر يوما ثم مات (3).

249 - عنه عن أحمد بن هلال، عن محمّد بن سنان قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام في أيام هارون: إنك قد شهرت نفسك بهذا الأمر و جلست مجلس أبيك و سيف هارون يقطر الدم، فقال: جرّأني على هذا ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إن أخذ أبو جهل من رأسى شعرة فاشهدوا أني لست بنبيّ ، و أنا أقول لكم: إن أخذ هارون من رأسي شعرة فاشهدوا أني لست بإمام (4).

250 - المسعودي قال: روى الحميري عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن الحسن قال:

حدثنى سام بن نوح بن دراج قال: كنّا عند غسّان القاضى فدخل إليه رجل من أهل خراسان عظيم القدر من أصحاب الحديث فأعظمه و رفعه و حادثه، فقال الرجل:

سمعت هارون الرشيد يقول: لأخرجنّ العام إلى مكة و لآخذن علي بن موسى و لأردّنه حياض أبيه، فقلت ما شيء أفضل من أن أتقرب إلى اللّه تعالى و إلى رسوله، فاخرج

ص: 165


1- المصدر: 1-491.
2- المصدر: 1-491.
3- روضة الكافى: 257.
4- روضة الكافى: 257.

إلي هذا الرجل فانذره، فخرجت إلى مكة و دخلت على الرضا عليه السّلام فأخبرته بما قال هارون، فجزاني خيرا، ثم قال: ليس عليّ منه بأس أنا و هارون كهاتين و أومأ بإصبعه (1).

151 - عنه قال: روى الحميري بإسناده قال: اجتمع علي بن أبي حمزة البطائني و زياد القندي و ابن أبى سعيد المكاري، فصاروا إلى الرضا عليه السّلام فدخلوا عليه فقالوا:

أنت إمام ؟ فقال: نعم، فقالوا: ما تخاف مما قد توعّدك به هارون و ما شهر نفسه أحد من آبائك بما شهرتها أنت ؟ فقال لهم: إن أبا جهل أتى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: أنت نبي ؟ فقال له نعم، فقال له: أ ما تخاف مني قال: إن نالني منك سوء فلست نبيّا و أنا أقول إن نالني من هارون سوء فلست بامام.

فقال له ابن ابي سعيد: أسألك فقال له ؟ لم تسألني و لست من غنمي: سل عما بدا لك، فقال له: ما تقول في رجل قال: كلّ مملوك قديم في ملكي فهو حرّ، ما يعتق من مماليكه ؟ فقال له: إنّه يعتق من مماليكه من مضى له في ملكه ستّة أشهر لقول اللّه تعالى:

(وَ اَلْقَمَرَ قَدَّرْنٰاهُ مَنٰازِلَ حَتّٰى عٰادَ كَالْعُرْجُونِ اَلْقَدِيمِ ) و بين العرجون القديم و العرجون الحديث ستة أشهر (2).

252 - عنه، عن الحميري عن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن عمر الحلال قال:

قلت للرضا عليه السّلام: إني أخاف عليك من هارون، فقال: ليس عليّ بأس منه، إن اللّه تعالى خلق بلادا تنبت بالذهب و قد حماها أضعف خلقه بالنمل، فلو أرادتها الفيلة ما وصلت إليها، و قال الوشاء سألته عن هذه البلاد فأخبرني أنها بين نهر بلخ و التبّت، و انها تنبت الذهب و فيها نمل كبار أشباه الكلاب ليس يمرّ بها الطير فضلا عن غيره تكمن باللّيل في الأحجرة و تظهر بالنهار، فربما أغاروا على هذه البلاد على الدواب التي تقطع في اللّيلة ثلاثين فرسخا، لا يصبر شيء من الدواب صبرها فبوقرونها (3)، ثمّ يرجعون من وقتهم، فإذا أصبحت النمل خرجت في الطلب فلا تلحق منهم أحدا إلاّ قطعته و هي الريح لسرعتها فاذا لحقتهم قذفوا لها قطع اللّحم، فاشتغلت بها و لو لا ذلك

ص: 166


1- اثبات الوصية: 199.
2- اثبات الوصية: 199.
3- كذا.

للحقتهم و قطعتهم و دوابّهم (1).

253 - عنه عن الحميري، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى قال: لما مضى أبو ابراهيم و تكلّم أبو الحسن الرضا عليه السّلام و كشف وجهه عما يستفتونه فيه خفنا عليه فقيل له: قد أظهرت أمرا عظيما و إنا نخاف عليك هذا الغوي الطاغية، فقال: ليجتهد جهده فلا سبيل له عليّ (2).

254 - عنه عن الحميري عن محمّد بن موسى، عن محمّد بن أبي يعقوب عن موسى بن مهران قال: رأيت الرضا عليه السّلام و قد نظر إلى هرثمة بالمدينة و قال: كاني به و قد حمل إلى مرو فضربت رقبته، فكان كما قال (3).

255 - قال: و كتب إليه موسى بن مهران يسأله أن يدعو لابنه العليل فكتب إليه: وهب اللّه لك ولدا صالحا، فمات ابنه العليل و ولد له ابنا آخر خرج صالحا (4).

256 - عنه عن الحميري عن سهل بن زياد عن منصور بن العباس، عن إسماعيل ابن سهل، عن بعض أصحابه قال: كنت عند الرضا عليه السّلام، فدخل إليه على بن أبي حمزة و ابن السراج و ابن ابى سعيد المكاري فقال له علي بن أبى حمزة روينا عن آبائك عليهم السّلام أن الامام لا يلى أمره إذا مات إلاّ إمام مثله، فقال له الرضا عليه السّلام: أخبرني عن الحسين ابن علي إماما كان أو غير إمام ؟ قال: كان إماما، قال: فمن ولي أمره قال: علي بن الحسين عليهما السّلام قال: و أين كان على بن الحسين قال: كان في يد عبيد اللّه بن زياد محبوسا بالكوفة، فقال: كيف ولي أمر أبيه و هو محبوس، فقالوا له روينا أنه خرج و هم لا يعلمون حتى ولى أمر أبيه ثم انصرف الى موضعه.

فقال الرضا عليه السّلام: إن يكن هذا أمكن علي بن الحسين و هو معتقل فقد يمكن صاحب هذا الأمر و هو غير معتقل أن يأتي بغداد فيتولّى أمر أبيه و ينصرف و ليس هو محبوس و لا بمأسور، فقال له ابن أبي حمزة، فانا روينا أنّ الامام لا يمضي حتى يرى

ص: 167


1- المصدر: 200.
2- المصدر: 200.
3- المصدر: 200.
4- المصدر: 201 و العيون: 2-210.

عقبه، فقال له الرضا عليه السّلام: أما رويتم في هذا الحديث بعينه إلاّ القائم قالوا: لا، قال الرضا؛ بل قد رويتموه و أنتم لا تدرون لم قيل و لا ما معناه، قال ابن أبي حمزة إن هذا لفي الحديث فقال له الرضا: ويحك تجرّأت على أن تحتجّ عليّ بشيء تدمج بعضه بعضا، ثم قال عليه السّلام: إنّ اللّه تعالى سيرينى عقبى إن شاء اللّه، ثم قال لعلي بن أبى حمزة يا شيخ اتّق اللّه تعالى و لا تكن من الصدادين عن دين اللّه (1).

257 - عنه عن الحميري، عن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن محمّد بن الفضيل قال: لمّا كان في السنة التي بطش فيها هارون بجعفر بن يحيى و حبس يحيى ابن خالد و ابنه الفضل و نزل بالبرامكة النوازل، كان الرضا عليه السّلام واقفا بعرفات يدعو ثمّ طأطأ برأسه حتى كادت جبهته تصيب قادمة الرجل، ثم رفع رأسه فسئل عن ذلك، فقال: إني كنت أدعو على هؤلاء القوم يعنى البرامكة، منذ أن فعلوا ما فعلوا فاستجاب اللّه لى اليوم، فلما انصرفنا لم نلبث إلاّ أياما حتى ورد الخبر بالبطش بجعفر و قتله و حبس أبيه و أخيه و تغيّرت أحوالهم فلم يجبر اللّه لهم كسرا و لا عادت لهم حال و لا لعقبهم إلى يوم القيامة (2).

258 - عنه، عن الحميري، عن محمّد بن أبي يعقوب، عن موسى بن مهران قال:

رأيت علي بن موسى عليهما السّلام في مسجد المدينة و هارون الغويّ يخطب، فقال: تروني أنّي و إياه ندفن في بيت واحد و أنه لا يحجّ بعده أحد من هذا البيت (3).

259 - عنه عن الحميرى، عن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن بشّار قال: قال لى الرضا عليه السّلام: في ذلك الوقت عبد اللّه يقتل محمّدا أخاه، قلت له: عبد اللّه بن هارون يقتل محمّد بن زبيدة قال: نعم عبد اللّه بخراسان يقتل محمّد بن هارون أخاه، قلت عبد اللّه الذي بخراسان صاحب طاهر و هرثمة يقتل ابن زبيدة الذي ببغداد قال: نعم و كان من أمرهما ما كان و قتله (4)

260 - عنه، عن الحميري، عن الحسن بن علي الوشاء قال: دخلت على الرضا

ص: 168


1- اثبات الوصية: 201.
2- المصدر: 202.
3- المصدر: 202.
4- المصدر: 202.

عليه السّلام، فقال لى كان أبى البارحة عندى فرآني أتفرغ فقال لى في النوم شيئا ثم قال:

نومتنا و يقظتنا بمنزلة واحدة (1).

261 - عنه؛ عن عبد الرحمن بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال عن أمية ابن علي قال: كنت مع الرضا في السنة التي حجّ فيها ثم خرج إلى خراسان و كان معه أبو جعفر ابنه و له في ذلك الوقت سنة و الرضا يودّع البيت، فلما قضى طوافه عاد إلى المقام فصلّى عنده و أبو جعفر على عاتق موفّق الخادم يطوف به فلما صار به إلى الحجر جلس أبو جعفر عنه، فأطال فقال له موفّق: قم يا مولاي جعلت فداك، قال: أريد أن لا أبرح من مكاني هذا إلاّ أن يشاء اللّه و استبان في وجهه الغم فصار موفّق إلى أبي الحسن فأخبره بخبره فقام أبو الحسن فصار إليه و قال له قم يا حبيبي، فقال: ما أريد أن أبرح من مكاني هذا و كيف أبرح و قد رأيتك ودّعت البيت وداعا لا ترجع إليه أبدا، فقال له: قم معي فقام معه (2).

262 - عنه قال: روى جماعة من أصحاب الرضا عليه السّلام: قال عليّ الرضا لما أردت الخروج من المدينة جمعت عيالي و أمرتهم أن يبكوا عليّ حتى أسمع بكاءهم ثم فرّقت فيهم اثنا عشر ألف دينار لعلمي أني لا أرجع إليهم أبدا، قال: ثم أخذ أبا جعفر فأدخله المسجد و وضع يده على حائط القبر و ألصقه به و استحفظه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال له:

يا أب أنت و اللّه تذهب الى اللّه، ثم أمر أبو الحسن جميع و كلائه بالسمع و الطاعة له و ترك مخالفته و نصّ عليه عند ثقاته و عرّفهم أنه القيّم مقامه و شخص عليه السّلام على طريق البصرة كما سأله المأمون (3).

263 - عنه قال: روي عن أبى حبيب النباحي أنه قال: رأيت في المنام رسول - اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد وافى النباح و نزل في المسجد الذي ينزله الحاج في كلّ سنة و كأنى مضيت إليه و سلّمت عليه و وقفت بين يديه و وجدت بين يديه طبقا من خوص نخل المدينة فيه تمر صيحاني فكأنه قبض قبضة من ذلك التمر، فناولني فعددته ثمانى عشرة

ص: 169


1- المصدر: 203.
2- المصدر: 203.
3- المصدر: 204.

تمرة - و في رواية اخرى إنه قال إحدى و عشرين تمرة - فتأوّلت أني أعيش بعدد كل تمرة سنة فلمّا كان بعد عشرين يوما كنت في أرضي تعمر بين يدى الزراعة حتى جاءني من أخبرني بقدوم أبى الحسن الرضا عليه السّلام من المدينة و نزوله في ذلك المسجد و رأيت يسعون إليه.

فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع الّذي كنت رأيت فيه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تحته حصير مثل ما كان تحته و بين يديه طبق من خوص فيه تمر صيحاني، فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام و استدنانى فناولني قبضة من ذلك التمر فعددته فإذا عددها مثل ذلك عدد الذي ناولني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سواء فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه، فقال: لو زادك رسول اللّه لزدناك، و أقام يومه و رحل، يراد به خراسان على طريق البصرة و الأهواز و فارس و كرمان (1)

246 - عنه قال: روي عن الحسن بن على الريان قال: حدثني الريان بن الصلت قال: لما أردت الخروج إلى العراق عزمت على توديع الرضا عليه السّلام فقلت في نفسي إذا ودّعته سألته قميصا من مجاسده لاكفّن فيه و دراهم من ماله أصوغها لبناتي خواتيم فلمّا ودّعته شغلني البكاء و الأسى على فراقه عن مسألته ذلك، فلمّا خرجت من بين يديه صاح يا ريّان ارجع فرجعت فقال لي: أ ما تحب أن أدفع إليك قميصا من مجاسدي تكفن فيه إذا فني أجلك ؟ أو ما تحب أن أدفع إليك دراهم تصوغ بها لبناتك خواتيم ؟ فقلت: يا سيدى قد كان في نفسي أن أسألك ذلك فمنعني منه الغم لفراقك فرفع الوسادة فأخرج قميصا و دفعه إلى و رفع جانب المصلّى فأخذ دراهم فدفعها إلى عددها ثلاثون درهما (2).

265 - عنه قال: و روى الحسن بن علي الوشاء المعروف بابن بنت إلياس قال:

شخصت إلى خراسان و معى حلل وشى للتجارة فوردت مدينة مرو ليلا و كنت أقول بالوقف على موسى عليه السّلام فوافاني في موضع نزولي غلام أسود كأنه من أهل المدينة فقال لى سيدي يقول لك وجّه إلى بالحبرة التي معك لا كفّن بها مولى لنا قد توفي، فقلت له

ص: 170


1- اثبات الوصية: 204.
2- المصدر: 204.

و من سيدك ؟ فقال: على بن موسى، فقلت: ما معي حبرة و لا جلّة إلاّ و قد بعتها في الطريق، فمضى ثم عاد إليّ فقال: بلى قد بقيت الحبرة قبلك فحلفت له أنّي ما أعلمها معي.

فمضى و عاد الثالثة فقال: هي في عرض السفط الفلاني، فقلت في نفسي إن صحّ قوله فهى دلالة و كانت ابنتي قد دفعت إلى حبرة و قالت ابتع لي بثمنها شيئا من الفيروزج و الشبه من خراسان، فأنسيتها فقلت لغلامي: هات هذا السفط الذي ذكره فأخرجه إلى و فتحه فوجدت الحبرة في عرض ثياب فيه فدفعتها إليه و قلت: لا آخذ لها ثمنا، فعاد إلى فقال: تهدي ما ليس لك هذه دفعتها إليك ابنتك فلانة و سألتك بيعها و أن تبتاع لها بثمنها فيروزجا و شبها فاشتر لها بهذا ما سألت و وجّه مع الغلام الثمن الذي يساوى الحبرة بخراسان فعجبت مما ورد عليّ و قلت: و اللّه لأكتبنّ له مسائل أنا شاكّ فيها، ثم لأمتحنه في مسائل سئل أبوه عنها فأثبتّ تلك المسائل في درج و غدوت إلى بابه و المسائل في كمّي و معي صديق لى مخالف لا يعلم شرح هذا الأمر.

فلمّا وافيت بابه رأيت العرب و القوّاد و الجند و الموالي يدخلون إليه فجلست ناحية و قلت في نفسي متى أصل أنا إلى هذا!! فأنا مفكّر و قد طال قعودي و هممت بالانصراف إذ خرج خادم يتصفّح الوجوه و يقول: أين ابن بنت الياس الصيرفي، فقلت:

ها أنا ذا فأخرج من كمّه درجا و يقول: هذا جواب مسائلك و تفسيرها، ففتحته فاذا هو تفسير ما معي في كمّي فقلت أشهد أن لا إله إلا اللّه و اشهد اللّه و رسوله أنك حجة اللّه و أستغفر اللّه و أتوب إليه، و قمت فقال لي رفيقي إلى أين تسرع، فقلت: قد قضيت حاجتي في هذا اليوم و أنا أعود للقائه بعد هذا (1).

266 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن يحيى العطار، عن محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن هاشم، عن داود بن محمّد النهدي، عن بعض أصحابنا قال: دخل ابن أبي سعيد المكاري على الرضا عليه السّلام، فقال له: أبلغ اللّه من قدرك أن تدّعي ما ادّعى ابوك ؟ فقال له مالك أطفأ اللّه نورك و أدخل الفقر بيتك أ ما علمت

ص: 171


1- المصدر: 206 و العيون: 2-211.

أنّ اللّه تبارك و تعالى أوحى إلى عمران عليه السّلام: أنّى واهب لك ذكرا فوهب له مريم و وهب لمريم عيسى فعيسى من مريم و مريم من عيسى و مريم و عيسى شيء واحد، و أنا من أبي و أبي مني و أنا و أبي شيء واحد.

فقال له ابن أبي سعيد، فأسألك عن مسألة ؟ فقال: لا اخالك تقبل منّي و لست من غنمي و لكن هلمّها فقال: رجل قال عند موته: كل مملوك لي قديم فهو حرّ لوجه اللّه، فقال: نعم إن اللّه تبارك و تعالى يقول في كتابه: «حتى عاد كالعرجون القديم» (1) فما كان من مماليكه أتى له ستّة أشهر فهو قديم حرّ، قال: فخرج الرجل فافتقر حتى مات و لم يكن عنده مبيت ليلة - لعنه اللّه - (2).

267 - المفيد - رحمه اللّه - باسناده عن محمّد بن جزك عن ياسر الخادم قال: كان غلمان أبي الحسن عليه السّلام في البيت سقالبة و روم فكان أبو الحسن قريبا منهم، فسمعهم باللّيل يتراطنون (3) بالسقلبية و الرومية و يقولون: إنا كنا نفتصد في بلادنا في كل سنة ثم لم نفتصد هاهنا، فلما كان من الغد وجّه أبو الحسن عليه السّلام إلى بعض الأطباء فقال له: افصد فلانا عرق كذا و كذا و افصد فلانا عرق كذا و كذا، ثم قال: يا ياسر لا تفتصد أنت، قال: فافتصدت فورمت يدي و اخضرّت فقال: يا ياسر مالك فأخبرته، فقال:

أ لم أنهك عن ذلك هلمّ يدك فمسح يده عليها و تفل فيها، ثم أوصاني أن لا أتعشّى فكنت بعد ذلك بكم شاء اللّه أتغافل و أتعشّى فيضرب عليّ (4).

268 - عنه - رحمه اللّه - عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن موسى بن طلحة، عن حمزة بن [عبد المطلب] بن عبد اللّه الجعفي قال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السّلام و معى صحيفة أو قرطاس فيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ الدنيا تمثّل لصاحب هذا الأمر

ص: 172


1- يس: 39.
2- معانى الاخبار: 218 - و العيون 1-308.
3- تراطن القوم و تراطنوا فيها بينهم: تكلموا بالعجمية.
4- الاختصاص: 290 و العيون 2-227.

في مثل فلقة الجوز، فقال: يا حمزة ذا و اللّه حق فانقلوه في أديم (1).

269 - أبو جعفر الطوسى - رحمه اللّه - باسناده عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن أبى عمير، عن احمد بن محمّد بن أبي نصر و هو من آل مهران و كانوا يقولون بالوقف و كان على رأيهم، فكاتب أبا الحسن الرضا عليه السّلام و تعنّت في المسائل فقال: كتبت إليه كتابا و أضمرت في نفسي أني متى دخلت عليه أسأله عن ثلاث مسائل من القرآن و هى قوله تعالى: «أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ اَلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي اَلْعُمْيَ » (2) و قوله: «فَمَنْ يُرِدِ اَللّٰهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلاٰمِ » (3) و قوله: «إِنَّكَ لاٰ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لٰكِنَّ اَللّٰهَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ » (4). قال أحمد فأجابني عن كتابي و كتب في آخره الآيات التى أضمرتها في نفسي أن أسأله عنها و لم اذكرها في كتابي إليه، فلما وصل الجواب أنسيت ما كنت أضمرته فقلت: أيّ شيء هذا من جوابي، ثم ذكرت أنه ما أضمرته (5).

270 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن علي الأنصاري قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي قال: لما خرج علي بن موسى الرضا عليهما السّلام إلى المأمون فبلغ قرب قرية الحمراء (6)، قيل له: يا ابن رسول اللّه قد زالت الشمس أ فلا تصلّي ؟ فنزل عليه السّلام فقال: ايتوني بماء فقيل: ما معنا ماء فبحث عليه السّلام بيده الارض، فنبع من الماء ما توضّأ به هو و من معه - و أثره باق إلى اليوم - فلما دخل سناباذ استند إلى الجبل (7) الّذي تنحت منه القدور

ص: 173


1- الاختصاص: 217.
2- الزخرف: 40.
3- الانعام: 125.
4- القصص: 56.
5- غيبة الطوسى: 47.
6- و هى التى يقال لها اليوم: «ده سرخ» بين نيسابور و مشهد الرضا عليه السّلام.
7- يقال لهذا الجبل اليوم: «كوه سنگى» اى جبل الحجر و هى جبيل متصل بمشهد الرضا عليه السّلام و احدى منتزهاته تقصده الزوار و المسافرون و كذا اهل البلد و في زماننا هذا أيضا تنحت منه القدور و يقال لها بلسان اهل خراسان «هركاره».

فقال: اللهم انفع به و بارك فيما يجعل فيه و فيما ينحت عنه.

ثم أمر عليه السّلام فنحت له قدور من الجبل و قال: لا يطبخ ما آكله إلا فيها و كان عليه السّلام خفيف الأكل قليل الطعم، فاهتدى الناس إليه من ذلك اليوم فظهرت بركة دعائه فيه، ثم دخل دار حميد بن قحطبة الطائي و دخل القبّة التي فيها قبر هارون الرشيد ثم خط بيده إلى جانبه ثم قال: هذه تربتى و فيها أدفن و سيجعل اللّه هذا المكان مختلف شيعتى و أهل محبّتي و اللّه ما يزورني منهم زائر و لا يسلّم عليّ منهم مسلّم إلا وجب له غفران اللّه و رحمته بشفاعتنا أهل البيت، ثم استقبل القبلة فصلى ركعات و دعا بدعوات فلما فرغ سجد سجدة طال مكثه فيها فأحصيت له فيها خمسمائة تسبيحة ثم انصرف (1).

271 - عنه - رحمه اللّه - قال حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال:

حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عمير بن يزيد قال: كنت عند الرضا عليه السّلام فذكر محمّد بن جعفر بن محمّد عليهما السّلام، فقال: إني جعلت على نفسى: ألاّ يظلّني و إياه سقف بيت، فقلت في نفسى هذا يأمرنا بالبر و الصلة و يقول هذا لعمّه، فنظر إلى فقال: هذا من البرّ و الصلة انه متى يأتيني و يدخل عليّ فيصدّقه الناس و إذا لم يدخل علي و لم أدخل عليه لم يقبل قوله إذا قال (2).

272 - عنه، عن أبيه - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن - عيسى بن عبيد قال: إنّ محمّد بن عبد اللّه الطاهرى كتب إلى الرضا عليه السّلام يشكو عمه بعمل السلطان و التلبّس به و أمر وصيته في يديه، فكتب عليه السّلام: أما الوصية فقد كفيت أمرها فاغتم الرجل و ظنّ أنها تؤخذ منه فمات بعد ذلك بعشرين يوما (3).

273 - عنه قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن علان، عن محمّد بن عبد اللّه القمي قال: كنت عند الرضا عليه السّلام و بي عطش شديد، فكرهت أن أستسقي فدعا بماء و ذاقه و ناولني، فقال: يا محمّد اشرب فانه بارد فشربت (4).

ص: 174


1- عيون الاخبار: 2-136.
2- المصدر: 2-204.
3- المصدر: 2-204.
4- المصدر: 2-204.

274 - عنه قال: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا محمّد ابن يحيى العطار، عن محمّد بن أحمد الأشعري عن عمران بن موسى، عن أبي الحسن داود ابن محمّد النهدي، عن علي بن جعفر، عن أبي الحسن الطيب قال: سمعته يقول: لما توفي أبو الحسن موسى بن جعفر دخل أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام السوق فاشترى كلبا و كبشا و ديكا، فلما كتب صاحب الخبر إلى هارون بذلك قال: قد أمنّا جانبه، و كتب الزبيري أنّ علي بن موسى الرضا قد فتح بابه و دعا إلى نفسه، فقال هارون: وا عجبا من هذا يكتب أنّ علي بن موسى قد اشترى كلبا و كبشا و ديكا و يكتب فيه بما يكتب (1).

275 - عنه قال: حدثنا علي بن عبد اللّه الورّاق، قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد قال: حدثنا محمّد بن حسان و أبو محمّد النيلى، عن الحسين ابن عبد اللّه قال: حدثنا محمّد بن علي بن شاهويه بن عبد اللّه، عن أبي الحسن الصائغ عن عمه قال: خرجت مع الرضا عليه السّلام إلى خراسان أؤامره في قتل رجاء بن أبي الضحّاك الذي حمله إلى خراسان فنهاني عن ذلك و قال: أ تريد أن تقتل نفسا مؤمنة بنفس كافرة قال: فلمّا صار إلى الأهواز قال لأهل الأهواز: اطلبوا لي قصب سكر، فقال بعض أهل الأهواز لا يعقل: أعرابي لا يعلم أنّ القصب لا يوجد في الصيف، فقالوا يا سيدنا إنّ القصب لا يوجد في هذا الوقت إنما يكون في الشتاء.

فقال: بلى اطلبوه فانّكم ستجدونه، فقال إسحاق بن إبراهيم: و اللّه ما طلب سيدي إلاّ موجودا فأرسلوا إلى جميع النواحي فجاء اكرة اسحاق فقالوا: عندنا شيء ادّخر للبذرة نزرعه، فكانت هذه إحدى براهينه، فلما صار إلى قرية سمعته يقول في سجوده: لك الحمد إن أطعتك و لا حجّة لي إن عصيتك و لا صنع لي و لا لغيري في إحسانك و لا عذر لي إن أسأت ما أصابني من حسنة فمنك، يا كريم اغفر لمن في مشارق الأرض و مغاربها من المؤمنين و المؤمنات، قال: فصلّينا خلفه أشهرا فما زاد في الفرائض على الحمد و إنا أنزلناه في الاولى، و على الحمد و قل هو اللّه أحد في الثانية (2).

ص: 175


1- عيون الاخبار: 2-205.
2- المصدر: 2-205.

276 - عنه قال: حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه، قال: حدثنا محمّد بن يحيى العطار عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمّد بن حسان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن الحسن بن هارون الحارثي، عن محمّد بن داود قال: كنت أنا و أخى عند الرضا عليه السّلام فأتاه من أخبره أنه قد ربط ذقن محمّد بن جعفر، فمضى أبو الحسن عليه السّلام و مضينا معه و إذا لحياه قد ربطا، و إذا اسحاق بن جعفر و ولده و جماعة آل أبي طالب يبكون فجلس أبو الحسن عند رأسه و نظر في وجهه فتبسّم، فنقم من كان في المجلس عليه، فقال بعضهم: إنما تبسّم شامتا بعمّه، قال: و خرج ليصلي في المسجد فقلنا له: جعلت فداك، قد سمعنا فيك من هؤلاء ما نكره حين تبسّمت، فقال أبو الحسن عليه السّلام: إنما تعجّبت من بكاء إسحاق و هو يموت و اللّه قبله و يبكيه محمّد، قال: فبرأ محمّد و مات إسحاق (1).

277 - عنه قال: حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه، عن عمه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن الحسن بن علي الحذاء قال: حدثنى يحيى بن محمّد بن جعفر قال: مرض أبي مرضا شديدا فأتاه أبو الحسن الرضا عليه السّلام يعوده و عمّي إسحاق جالس يبكي قد جزع عليه جزعا شديدا، قال يحيى: فالتفت إليّ أبو الحسن عليه السّلام فقال:

مما يبكي عمّك ؟ قلت: يخاف عليه ما ترى قال: لا تغتمّنّ فانّ إسحاق سيموت قبله، قال يحيى فبرأ أبي محمّد و مات إسحاق (2).

278 - عنه قال: حدثنا علي بن عبد اللّه الوراق، قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثني إسحاق بن موسى قال:

لمّا خرج عمّي محمّد بن جعفر بمكة و دعا إلى نفسه و دعي بأمير المؤمنين و بويع له بالخلافة دخل عليه الرضا عليه السّلام و أنا معه فقال له: يا عم لا تكذّب أباك و لا أخاك

ص: 176


1- المصدر: 2-206.
2- المصدر: 2-206 قال الصدوق - رحمه اللّه - بعد نقل هذا الحديث: علم الرضا عليه السّلام بما كان عنده من كتاب علم المنايا و فيه مبلغ اعمار اهل بيته متوارثا عن رسول اللّه (ص) و من ذلك قال امير المؤمنين عليه السّلام اوتيت علم المنايا و البلايا و الانساب و فصل الخطاب.

فانّ هذا أمر لا يتمّ ، ثم خرج و خرجت معه إلى المدينة، فلم يلبث إلاّ قليلا حتى أتى الجلودي فلقيه فهزمه، ثم استأمن إليه، فلبس السواد و صعد المنبر فخلع نفسه و قال: إن هذا الأمر للمأمون و ليس لي فيه حقّ ، ثم أخرج إلى خراسان فمات بجرجان (1).

279 - عنه قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار قال: حدثني أبي و سعد بن عبد اللّه جميعا عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي عن عبد الصمد بن عبيد اللّه، عن محمّد بن الأثرم و كان على شرطة محمّد بن سليمان العلوى بالمدينة أيام أبى السرايا، قال: اجتمع عليه أهل بيته و غيرهم من قريش فبايعوه و قالوا له: لو بعثت إلى أبى الحسن الرضا عليه السّلام كان معنا و كان أمرنا واحدا.

فقال محمّد بن سليمان: اذهب إليه فأقرئه السلام و قل له: إن أهل بيتك اجتمعوا و أحبّوا أن تكون معهم، فإن رأيت أن تأتينا فافعل، قال: فأتيته و هو بالحمراء فأدّيت ما أرسلني به إليه فقال: أقرئه مني السلام و قل له: إذا مضى عشرون يوما أتيتك، قال: فجئته فأبلغته ما أرسلني به، فمكثنا أياما فلما كان يوم ثمانية عشر جاءنا ورقاء قائد الجلودي فقاتلنا و هزمنا و خرجت هاربا نحو الصورين، فاذا هاتف يهتف بي يا أثرم فالتفتّ إليه فاذا أبو الحسن عليه السّلام و هو يقول: مضت العشرون أم لا؟ (2).

280 - عنه قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن إدريس قال: حدثني أبي، عن محمّد بن الحسين بن أبى الخطاب، عن معمر بن خلاّد قال: قال لي الريّان بن الصلت بمرو و قد كان الفضل بن سهل بعثه إلى بعض كور خراسان فقال لي: أحبّ أن تستأذن لى على أبى الحسن عليه السّلام فأسلّم عليه، و أحبّ أن يكسوني من ثيابه و أحبّ أن يهب لي من الدراهم الّتي ضربت باسمه، فدخلت على الرضا عليه السّلام فقال لى مبتدئا: إن

ص: 177


1- عيون الأخبار: 2-207.
2- المصدر: 2-207 قال الصدوق رحمه اللّه: و هو محمد بن سليمان بن داود ابن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب (ع).

الريان بن الصلت يريد الدخول علينا، و الكسوة من ثيابنا، و العطيّة من دراهمنا، فأذنت له، فدخل فسلّم فأعطاه ثوبين و ثلاثين درهما من الدراهم المضروبة باسمه (1).

281 - عنه قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي - رحمه اللّه - قال: حدثنى أبي و علي بن محمّد بن ما جيلويه، جميعا، عن أحمد بن أبى عبد اللّه البرقي، عن أبيه عن الحسين بن موسى بن جعفر بن محمّد العلوي، قال:

كنّا حول أبى الحسن الرضا عليه السّلام و نحن شبّان من بنى هاشم إذ مرّ علينا جعفر بن عمر العلوي، و هو رثّ الهيئة، فنظر بعضنا إلى بعض و ضحكنا من هيئة جعفر بن عمر، فقال الرضا عليه السّلام: سترونه عن قريب كثير المال، كثير التبع، فما مضى إلاّ شهر أو نحوه حتى ولي المدينة و حسنت حاله، فكان يمرّ بنا و معه الخصيان و الحشم (2).

282 - عنه قال: حدثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم السّلام بقم في رجب سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إلى سنة سبع و ثلاثمائة قال: حدثني محمّد بن عيسى ابن عبيد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، و صفوان بن يحيى قالا حدثنا الحسين بن قياما و كان من رؤساء الواقفة، فسألنا أن نستأذن له على الرضا عليه السّلام ففعلنا فلما صار بين يديه، قال له: أنت إمام ؟ قال نعم، قال: إنى اشهد اللّه أنك لست بامام.

قال: فنكت عليه السّلام في الأرض طويلا منكس الرأس، ثم رفع رأسه إليه فقال له: ما علمك أنى لست بإمام، قال له: إنا قد روينا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أن الامام لا يكون عقيما و أنت قد بلغت السنّ و ليس لك ولد، قال: فنكس رأسه أطول من المرة الأولى ثم رفع رأسه فقال: إني اشهد اللّه انه لا تمضى الأيام و اللّيالي حتى يرزقني اللّه ولدا منى، قال عبد الرحمن بن أبي نجران: فعددنا الشهور من الوقت الذي قال: فوهب اللّه له أبا جعفر عليه السّلام في أقل من سنة، قال و كان الحسين بن قياما هذا واقفا في الطواف

ص: 178


1- المصدر: 2-208.
2- المصدر: 2-208 قال الصدوق: و جعفر هذا هو جعفر بن عمر بن الحسن بن على بن عمر بن على بن حسين بن على بن أبى طالب (ع).

فنظر إليه أبو الحسن الأول عليه السّلام فقال: ما لك حيرك اللّه تعالى ؟ فوقف عليه بعد الدعوة (1).

283 - عنه قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن علي بن الحسين الثعالبي، قال: حدثنا أبو أحمد عبد اللّه بن عبد الرحمن المعروف بالصفواني قال: قد خرجت قافلة من خراسان إلى كرمان فقطع اللّصوص عليهم الطريق و أخذوا منهم رجلا اتّهموه بكثرة المال، فبقي في أيديهم مدّة، يعذّبونه ليفتدي منهم نفسه و أقاموه في الثلج و ملئوا فاه من ذلك الثلج، فشدّوه فرحمته امرأة من نسائهم فأطلقته و هرب فانفسد فمه و لسانه، حتى لم يقدر على الكلام، ثم انصرف إلى خراسان و سمع بخبر على بن موسى الرضا عليهما السّلام و أنه بنيسابور، فرأى فيما يرى النائم كأنّ قائلا يقول له: إنّ ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد ورد خراسان، فسله عن علّتك فربما يعلّمك دواء تنتفع به.

قال: فرأيت كأني قد قصدته و شكوت إليه ما كنت دفعت إليه و أخبرته بعلّتى فقال لي: خذ من الكمون و السعتر و الملح و دقّه و خذ منه في فمك مرتين أو ثلاثا فانك تعافي، فانتبه الرجل من منامه و لم يفكر فيما كان رأى في منامه، و لا اعتدّ به حتى ورد باب نيسابور فقيل له: إن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام فقد ارتحل من نيسابور و هو برباط سعد، فوقع في نفس الرجل أن يقصده و يصف له أمره ليصف له ما ينتفع به من الدواء فقصده إلى رباط سعد فدخل إليه فقال له: يا ابن رسول اللّه كان من أمرى كيت و كيت و قد انفسد عليّ فمي و لسانى حتى لا أقدر على الكلام إلاّ بجهد فعلّمني دواء أنتفع به.

فقال الرضا عليه السّلام: أ لم أعلّمك اذهب فاستعمل ما وصفته لك في منامك، فقال له الرجل: يا ابن رسول اللّه إن رأيت أن تعيده علي فقال عليه السّلام لي: خذ من الكمون و السعتر و الملح فدقّه و خذ منه في فمك مرتين أو ثلاثا، فانك ستعافي قال الرجل:

فاستعملت ما وصف لي فعوفيت.

ص: 179


1- المصدر: 2-209.

قال أبو حامد أحمد بن عليّ بن الحسين الثعالبي سمعت أبا أحمد عبد اللّه بن عبد الرحمن المعروف بالصفواني يقول رأيت هذا الرجل و سمعت منه هذه الحكاية (1).

283 - عنه قال: حدثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه قال:

حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر البزنطي قال: كنت شاكّا في أبي الحسن الرضا عليه السّلام فكتبت إليه كتابا أسأله فيه الاذن عليه و قد أضمرت في نفسي أن أسأله إذا دخلت عليه عن ثلاث آيات قد عقدت قلبي عليها قال: فأتاني جواب ما كتبت به إليه «عافانا اللّه و إيّاك، أمّا ما طلبت من الإذن عليّ فان الدخول إليّ صعب، و هؤلاء قد ضيّقوا عليّ في ذلك، فلست تقدر عليه الآن و سيكون إنشاء اللّه و كتب عليه السّلام بجواب ما أردت أن أسأله عنه عن الآيات الثلاث في الكتاب، و لا و اللّه ما ذكرت له منهنّ شيئا و لقد بقيت متعجّبا لما ذكرها في الكتاب و لم أدر أنه جوابى إلاّ بعد ذلك فوقفت على معنى ما كتب به عليه السّلام (2).

285 - عنه قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثني محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر البزنطي قال:

بعث الرضا عليه السّلام إليّ بحمار، فركبته و أتيته فأقمت عنده باللّيل إلى أن مضى منه ما شاء اللّه فلما أراد أن ينهض قال لي: لا أراك تقدر على الرجوع إلى المدينة قلت: أجل جعلت فداك قال: فبت عندنا اللّيلة و اغد على بركة اللّه عزّ و جلّ قلت: افعل جعلت فداك:

قال: يا جارية افرشى له فراشي و اطرحي عليه ملحفتي التي أنام فيها وضعي تحت رأسه مخدّتي.

قال: فقلت في نفسي: من أصاب ما أصبت في ليلتي هذه لقد جعل اللّه لي من المنزلة عنده و أعطاني من الفخر ما لم يعطه أحدا من أصحابنا بعث إلى بحماره فركبته و فرش لي فراشه و بتّ في ملحفته و وضعت لى مخدّته ما أصاب مثل هذا أحد

ص: 180


1- عيون الأخبار: 2-211.
2- المصدر: 2-212.

من أصحابنا قال: و هو قاعد معي و أنا احدّث نفسي فقال عليه السّلام لي: يا أحمد إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أتى زيد بن صوحان في مرضه يعود، فافتخر على الناس بذلك، فلا تذهبنّ نفسك إلى الفخر، و تذلّل للّه عزّ و جلّ . و اعتمد على يده فقام عليه السّلام (1).

286 - عنه قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي قال: حدثنى جرير بن حازم عن أبي مسروق قال:

دخل على الرضا جماعة من الواقفة فيهم علي بن أبي حمزة البطائني و محمّد بن إسحاق بن عمار و الحسين بن مهران و الحسن بن أبي سعيد المكاري، فقال له علي بن أبي حمزة:

جعلت فداك أخبرنا عن أبيك عليه السّلام ما حاله ؟ فقال له: إنّه قد مضى، فقال له: فالى من عهد؟ فقال إليّ ، فقال له: إنك لتقول قولا ما قاله أحد من آبائك علي بن أبي طالب فمن دونه قال: لكن قد قاله خير آبائي و أفضلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فقال له: أ ما تخاف هؤلاء على نفسك ؟ فقال: لو خفت عليها كنت عليها معينا، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أتاه أبو لهب فتهدّده فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إن خدشت من قبلك خدشة فأنا كذّاب، فكانت أول آية نزع بها رسول اللّه و هي أول آية أنزع لكم، إن خدشت خدشة من قبل هارون فأنا كذّاب.

فقال: له الحسن بن مهران: قد أتانا ما نطلب إن أظهرت هذا القول، قال:

فتريد ما ذا أ تريد أن أذهب إلى هارون فأقول له: إنّي إمام و أنت لست في شيء ليس هكذا صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في أول أمره، إنما قال ذلك لأهله و مواليه و من يثق به فقد خصّهم به دون الناس و أنتم تعتقدون الإمامة لمن كان قبلي من آبائي و لا تقولون إنه إنما يمنع علي بن موسى أن يخبر أنّ أباه حي تقية، فانّي لا أتّقيكم في أن أقول:

إني إمام فكيف أتّقيكم في أن ادّعى أنه حيّ لو كان حيّا (2).

287 - عنه قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن ابراهيم بن هشام المكتب - رضي اللّه

ص: 181


1- عيون الاخبار: 2-212.
2- المصدر: 2-213.

عنه - قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه، عن يحيى بن بشار قال: دخلت على الرضا عليه السّلام بعد مضيّ أبيه عليه السّلام فجعلت أستفهمه بعض ما كلمني به فقال لي: نعم يا سماع فقلت: جعلت فداك كنت و اللّه ألقّب بهذا في صباي و أنا في الكتّاب، قال:

فتبسم في وجهي (1).

288 - عنه قال: حدثنا محمّد بن أحمد السنانى - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي قال: حدثنا محمّد بن خلف قال: حدثني هرثمة بن أعين قال: دخلت على سيدي و مولاي - يعنى الرضا عليه السّلام - في دار المأمون و كان قد ظهر في دار المأمون أنّ الرضا عليه السّلام قد توفي و لم يصح هذا القول، فدخلت أريد الإذن عليه قال: و كان في بعض ثقات خدم المأمون غلام يقال له: صبيح الديلمي و كان يتوالى سيدي حق ولايته و إذا صبيح قد خرج.

فلمّا رآني قال لي: يا هرثمة أ لست تعلم أني ثقة المأمون على سرّه و علانيته ؟ قلت: بلى قال: اعلم يا هرثمة أنّ المأمون دعاني و ثلاثين غلاما من ثقاته على سرّه و علانيته في الثلث الأول من اللّيل، فدخلت عليه و قد صار ليله نهارا من كثرة الشموع و بين يديه سيوف مسلولة مشحوذة مسمومة، فدعا بنا غلاما غلاما و أخذ علينا العهد و الميثاق بلسانه و ليس بحضرتنا أحد من خلق اللّه غيرنا، فقال لنا: هذا العهد لازم لكم إنكم تفعلون ما آمركم به و لا تخالفوا فيه شيئا.

قال: فحلفنا له فقال يأخذ كلّ واحد منكم سيفا بيده و امضوا حتّى تدخلوا على علي بن موسى الرضا في حجرته، فإن وجدتموه قائما أو قائدا أو نائما فلا تكلّموه وضعوا أسيافكم عليه و اخلطوا لحمه و دمه و شعره و عظمه و مخّه، ثم اقلبوا عليه بساطه و امسحوا أسيافكم به و صيّروا إلى و قد جعلت لكلّ واحد منكم على هذا الفعل و كتمانه عشر بدر دراهم و عشر ضياع منتخبة و الحظوظ عندي ما حييت و بقيت.

قال: فأخذنا الأسياف بأيدينا و دخلنا عليه في حجرته فوجدناه مضطجعا يقلّب طرف يديه و يكلّم بكلام لا نعرفه، قال: فبادر الغلمان إليه بالسيوف و وضعت

ص: 182


1- المصدر: 2-214. و الكتاب - كرمان - المكتب.

سيفي و أنا قائم أنظر إليه و كأنه قد كان علم مصيرنا إليه فليس على بدنه ما لا تعمل فيه السيوف فطووه على بساطه و خرجوا حتى دخلوا على المأمون فقال ما صنعتم، قالوا فعلنا ما أمرتنا به يا أمير المؤمنين قال: لا تعيدوا شيئا مما كان، فلما كان عند تبلّج الفجر خرج المأمون فجلس مجلسه مكشوف الرأس محلّل الأزرار و أظهر وفاته و قعد للتعزية.

ثمّ قام حافيا حاسرا فمشى لينظر إليه و أنا بين يديه، فلما دخل عليه حجرته سمع همهمة فارعد ثم قال من عنده ؟ قلت لا علم لنا يا أمير المؤمنين فقال: اسرعوا و انظروا، قال صبيح فاسرعنا إلى البيت فاذا سيدي عليه السّلام جالس في محرابه يصلّى و يسبّح، فقلت: يا امير المؤمنين هو ذا نرى شخصا في محرابه يصلّي و يسبّح فانتفض المأمون و ارتعد، ثم قال: غدرتموني لعنكم اللّه، ثم التفت إلى من بين الجماعة فقال لي يا صبيح أنت تعرفه فانظر من المصلّي عندي قال صبيح: فدخلت و تولّى المأمون راجعا ثم صرت إليه عند عتبة الباب.

قال عليه السّلام لي: يا صبيح قلت: لبيك يا مولاي و قد سقطت لوجهي فقال قم يرحمك اللّه يريدون أن يطفئوا نور اللّه بأفواههم و اللّه متمّ نوره و لو كره الكافرون قال: فرجعت إلى المأمون فوجدت وجهه كقطع اللّيل المظلم فقال لي: يا صبيح ما وراءك ؟ فقلت له: يا امير المؤمنين هو و اللّه جالس في حجرته و قد ناداني، و قال لي كيت و كيت، قال:

فشدّ أزراره و أمر بردّ أثوابه. و قال: قولوا إنه كان قد غشي عليه و إنه قد أفاق، قال هرثمة: فأكثرت للّه عزّ و جلّ شكرا و حمدا، ثم دخلت علي سيدي الرضا عليه السّلام، فلمّا رآني قال: يا هرثمة لا تحدّث أحدا بما حدّثك به صبيح، إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان بمحبّتنا و ولايتنا، فقلت نعم يا سيدي، ثم قال عليه السّلام: يا هرثمة و اللّه لا يضرّنا كيدهم شيئا حتى يبلغ الكتاب أجله (1).

289 - عنه قال: حدثنا علي بن عبد اللّه الوراق قال: حدثنا أبو الحسين محمّد بن

ص: 183


1- عيون الاخبار: 2-214.

جعفر الكوفي الأسدي قال: حدثنا الحسن بن عيسى الخراط، قال: حدثنا جعفر بن محمّد النوفلي قال: أتيت الرضا و هو بقنطرة أربق (1)، فسلّمت عليه ثمّ جلست و قلت: جعلت فداك إنّ اناسا يزعمون أنّ أباك حىّ؟ فقال: كذبوا لعنهم اللّه و لو كان حيّا ما قسّم ميراثه و لا نكح نساؤه، و لكنّه و اللّه ذاق الموت كما ذاقه على بن أبي طالب عليه السّلام قال: فقلت له: ما تأمرني قال: عليك بابني محمّد من بعدي، و أما أنا فإنى ذاهب في وجه الأرض لا أرجع منه، بورك قبر بطوس و قبران ببغداد، قال: قلت: جعلت فداك قد عرفنا واحدا فما الثاني ؟ قال: ستعرفونه، ثم قال عليه السّلام: قبرى و قبر هارون الرشيد هكذا - و ضمّ باصبعيه - (2).

290 - عنه قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن حفص، عن حمزة بن جعفر الأرّجاني قال: خرج هارون من المسجد الحرام من باب و خرج الرضا عليه السّلام من باب فقال الرّضا عليه السّلام و هو يعتبر لهارون: ما أبعد الدار و أقرب اللقاء بطوس ؟ يا طوس يا طوس ستجمعني و إيّاه (3).

291 - عنه قال: حدثنا أبو محمّد جعفر بن نعيم بن شاذان - رضي اللّه عنه - قال:

أخبرنا أحمد بن إدريس، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن حفص، قال: حدّثني مولى العبد الصالح أبى الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: كنت و جماعة مع الرضا عليه السّلام في مفازة فأصابنا عطش شديد و دوابّنا، حتى خفنا على أنفسنا، فقال لنا الرضا عليه السّلام:

ايتوا موضعا - وصفه لنا - فانكم تصيبون الماء فيه قال: فأتينا الموضع فأصبنا الماء و سقينا دوابّنا حتى رويت و روينا و من معنا من القافلة.

ثم رحلنا فأمرنا عليه السّلام بطلب العين فطلبناها فما أصبنا الاّ بعرة الابل و لم نجد للعين أثرا فذكر ذلك لرجل من ولد قنبر كان يزعم أنّ له مائة و عشرون سنة، فأخبرني القنبري بمثل هذا الحديث سواء، قال: كنت أنا أيضا معه في خدمته و أخبرني القنبري إنه كان في ذلك مصعدا الى خراسان (4).

ص: 184


1- أربق قرية برامهرمز.
2- العيون: 2-216.
3- المصدر: 2-216.
4- المصدر: 2-216.

292 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه قال: حدثني محول السجستاني قال: لما ورد البريد باشخاص الرضا عليه السّلام إلى خراسان كنت أنا بالمدينة، فدخل المسجد ليودّع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فودّعه مرارا كلّ ذلك يرجع الى القبر و يعلو صوته بالبكاء و النحيب، فتقدّمت إليه و سلّمت عليه فردّ السلام و هنأته فقال: ذرني فاني اخرج من جوار جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أموت في غربة و أدفن في جنب هارون قال: و خرجت متبعا لطريقه حتى مات بطوس و دفن إلى جنب هارون (1).

293 - عنه قال: حدثنا محمّد بن أحمد السناني - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي قال: حدثني سعد بن مالك عن أبي حمزة، عن ابن أبي كثير قال: لما توفي موسى عليه السّلام وقف الناس في أمره فحججت تلك السنة فاذا أنا بالرضا عليه السّلام فأضمرت في قلبي أمرا فقلت: «أَ بَشَراً مِنّٰا وٰاحِداً نَتَّبِعُهُ » (2) فمرّ عليّ عليه السّلام كالبرق الخاطف عليّ فقال: أنا و اللّه البشر الّذي يجب عليك أن تتّبعني؛ فقلت: معذرة إلى اللّه تعالى و إليك، فقال: مغفور لك (3).

294 - عنه قال: حدثنا أبو محمّد جعفر بن نعيم الحاكم الشاذاني - رحمه اللّه - قال:

أخبرنا أحمد بن إدريس؛ عن محمّد بن عيسى بن عبيد؛ عن الحسن بن على الوشاء قال:

قال لي الرضا عليه السّلام إنّي - حيث أرادوا الخروج بي من المدينة - جمعت عيالى فأمرتهم أن يبكوا عليّ حتى أسمع، ثم فرّقت فيهم اثنى عشر ألف دينار؛ ثم قلت: أما أنى لا أرجع إلى عيالي أبدا (4).

295 - عنه قال: حدثنا علي بن عبد اللّه الوراق، قال: حدثني محمّد بن جعفر بن بطّة، قال: حدثني محمّد بن الحسن الصفار عن محمّد بن عبد الرحمن الهمداني قال: حدثني أبو محمّد الغفاري قال: لزمنى دين ثقيل، فقلت: ما لقضاء دينى غير سيدي و مولاي

ص: 185


1- عيون الاخبار: 2-217.
2- المصدر: 2-217.
3- القمر: 24.
4- المصدر: 2-217.

أبى الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام فلمّا أصبحت أتيت منزله، فاستأذنت فأذن لي فلما دخلت قال لي ابتداء: يا أبا محمّد قد عرفنا حاجتك و علينا قضاء دينك فلمّا أمسينا أتى بطعام للافطار فأكلنا.

فقال: يا أبا محمّد تبيت أو تنصرف ؟ فقلت يا سيدي إن قضيت حاجتى، فالانصراف أحبّ إلى قال: فتناول عليه السّلام من تحت البساط قبضة فدفعها إلى فخرجت و دنوت من السراج، فإذا هي دنانير حمر و صفر، فأوّل دينار وقع بيدى و رأيت نقشه كان عليه:

يا أبا محمّد الدنانير خمسون، ستة و عشرون منها لقضاء دينك و أربعة و عشرون لنفقة عيالك فلمّا أصبحت فتّشت الدنانير فلم أجد ذلك الدينار و إذا هي لا تنقص شيئا.

296 - عنه قال: حدثنا أحمد بن هارون الفامي - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن جعفر بن بطّة، قال حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن موسى ابن عمر بن بزيع، قال: كان عندي جاريتان حاملتان، فكتبت إلى الرضا عليه السّلام أعلمه ذلك و أسأله أن يدعو اللّه تعالى أن يجعل ما في بطونهما ذكرين و أن يهب لى ذلك، قال فوقّع عليه السّلام افعل إن شاء اللّه تعالى ثم ابتدأني عليه السّلام بكتاب مفرد نسخته بسم اللّه الرحمن الرحيم عافانا اللّه و إياك بأحسن عافية في الدنيا و الآخرة برحمته، الامور بيد اللّه عزّ و جلّ يمضي فيها مقاديره على ما يحب، يولد لك غلام و جارية إن شاء اللّه تعالى، فسمّ الغلام محمّدا و الجارية فاطمة على بركة اللّه تعالى قال: فولد لي غلام و جارية على ما قاله عليه السّلام (1).

297 - عنه قال: حدثنا أبي - رحمه اللّه - قال: سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى ابن عبيد، عن داود بن رزين قال: كان لأبى الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام عندي مال فبعث فأخذ بعضه و ترك عندي بعضه و قال: من جاءك بعدي يطلب ما بقي عندك فانّه صاحبك، فلما مضى عليه السّلام أرسل إليّ علي ابنه عليه السّلام ابعث إلى بالذي هو عندك، و هو كذا و كذا، فبعثت إليه ما كان له عندي (2).

ص: 186


1- المصدر: 2-218.
2- المصدر: 2-219.

298 - عنه قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء قال: سألني العباس بن جعفر بن محمّد بن الأشعث أن أسأل الرضا عليه السّلام أن يحرق كتبه إذا قرأها مخافة أن تقع في يد غيره، قال الوشاء: فابتدأني عليه السّلام بكتاب قبل أن أسأله أن يحرق كتبه، فيه أعلم صاحبك أني إذا قرأت كتبه إليّ حرقتها (1).

299 - عنه قال: حدثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال: تمنّيت في نفسي إذا دخلت على أبى الحسن الرضا عليه السّلام أن أسأله كم أتى عليك من السنّ فلما دخلت عليه و جلست بين يديه جعل ينظر إلي و يتفرّس في وجهي، ثم قال: كم أتى لك ؟ فقلت: جعلت فداك كذا و كذا قال: فأنا أكبر منك و قد أتى عليّ اثنان و أربعون سنة، فقلت جعلت فداك قد و اللّه أردت أن أسألك عن هذا، فقال: قد أخبرتك (2).

300 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد قال: حدثني فيض بن مالك المدائنيّ قال: حدثني زروان المدائني (3) بأنه دخل على أبى الحسن الرضا عليه السّلام يريد أن يسأله عن عبد اللّه بن جعفر الصادق قال: فأخذ بيدي، فوضعها على صدري قبل أن أذكر له شيئا مما أردت، ثم قال: يا محمّد بن آدم (4) إنّ عبد اللّه لم يكن إماما. فأخبرني بما أردت أن أسأله عنه قبل أن أسأله (5).

301 - عنه قال: حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى اليقطيني قال: سمعت هشام العباسي يقول:

دخلت على أبى الحسن الرضا عليه السّلام و أنا أريد أن أسأله أن يعوّذني لصداع أصابني و أن يهب لي ثوبين من ثيابه أحرم فيها، فلمّا دخلت سألت عن مسائلى فأجابني و نسيت حوائجي، فلمّا قمت لأخرج و أردت أن أودّعه قال لى: اجلس.

ص: 187


1- العيون: 2-219.
2- المصدر: 2-220.
3- فى بعض النسخ وردان.
4- كذا.
5- المصدر: 2-220.

فجلست بين يديه فوضع يده على رأسي و عوّذني، ثم دعا لي بثوبين من ثيابه فدفعهما إليّ و قال لي: احرم فيهما قال العباسي و طلبت بمكة ثوبين سعيديين إحداهما لابني، فلم أصب بمكة منهما شيئا على نحو ما أردت فمررت بالمدينة في منصرفي، فدخلت على أبى الحسن الرّضا عليه السّلام فلما ودّعته و أردت الخروج دعا بثوبين سعيديين على عمل الموشى الذي كنت طلبته، فدفعهما إلى (1).

302 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن موسى قال: خرجنا مع أبى الحسن الرضا عليه السّلام إلى بعض أملاكه في يوم لا سحاب فيه، فلما برزنا قال: حملتم معكم المماطر، قلنا: لا و ما حاجتنا إلى المماطر و ليس سحاب و لا نتخوف المطر، فقال: لكني حملته و ستمطرون قال: فما مضينا إلاّ يسيرا حتى ارتفعت سحابة و مطرنا حتى أهمّتنا أنفسنا فما بقي منّا أحد إلاّ ابتلّ (2).

303 - عنه قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدثني أبي عن محمّد ابن عيسى، عن موسى بن مهران أنه كتب إلى الرضا عليه السّلام يسأله أن يدعو اللّه لابن له فكتب عليه السّلام إليه وهب اللّه لك ذكرا صالحا، فمات ابنه ذلك و ولد له ابن (3).

304 - عنه قال: حدثنا علي بن عبد اللّه الوراق قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن الهيثم ابن أبي مسروق النهدي، عن محمّد بن الفضيل قال: نزلت ببطن مرّ، فأصابني العرق المديني في جنبي و في رجلي، فدخلت على الرضا عليه السّلام بالمدينة فقال: ما لي أراك متوجّعا، فقلت: إني لمّا أتيت بطن مرّ أصابني العرق المديني في جنبي و في رجلي، فأشار عليه السّلام إلى الذي في جنبي تحت الإبط و تكلّم بكلام و تفل عليه، ثم قال عليه السّلام: ليس عليك بأس من هذا و نظر إلى الذي في رجلي فقال: قال أبو جعفر عليه السّلام: من بلي من شيعتنا ببلاء فصبر كتب اللّه عزّ و جلّ له مثل أجر ألف شهيد، فقلت في نفسي: لا أبرأ و اللّه من رجلي أبدا، قال الهيثم: فما زال يعرج منها حتّى مات (4).

ص: 188


1- عيون الاخبار: 2-220.
2- المصدر: 2-221.
3- المصدر: 2-221.
4- المصدر: 2-221.

305 - عنه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن أبي على الحسن بن راشد، قال: قدمت عليّ أحمال و أتاني رسول الرضا عليه السّلام قبل أن أنظر في الكتب، أو أوجّه بها إليه، فقال لي: يقول الرضا عليه السّلام سرّح إلى بدفتر و لم يكن لي في منزلي دفتر أصلا قال: فقلت: فاطلب ما لا أعرف بالتصديق له، فلم أجد شيئا و لم أقع على شيء فلمّا ولى الرسول قلت: مكانك، فحللت بعض الأحمال فتلقاني دفتر لم أكن علمت به إلاّ أنى علمت أنه لم يطلب إلاّ الحق فوجّهت به إليه (1).

306 - عنه قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي اللّه عنه - قال حدثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي، عن محمّد بن الوليد ابن يزيد الكرماني، عن أبى محمّد المصري، قال: قدم أبو الحسن الرضا عليه السّلام (2) فكتبت إليه أسأله في الخروج إلى مصر أتّجر إليها، فكتب إليّ : أقم ما شاء اللّه، قال: فأقمت سنتين، ثم قدم الثانية فكتبت إليه أستأذنه فكتب إلى اخرج مباركا لك صنع اللّه لك، فانّ الأمر يتغيّر قال: فخرجت فأصبت بها خيرا، و وقع الهرج ببغداد فسلمت من تلك الفتنة (3).

307 - عنه قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار - رضي اللّه عنه - قال: حدثني أبي عن محمّد بن إسحاق الكوفي، عن عمّه أحمد بن عبد اللّه بن حارثة الكرخي قال: كان لا يعيش لي ولد و توفّي لي بضعة عشر من الولد، فحججت و دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السّلام فخرج إليّ و هو متّزر بازار مورّد، فسلّمت عليه و قبّلت يده و سألته عن مسائل، ثم شكوت إليه بعد ذلك ما ألقى من قلّة بقاء الولد فأطرق طويلا و دعا مليّا ثم قال لي: إنّي لأرجو أن تنصرف و لك حمل و أن يولد لك ولد بعد ولد و تمتّع بهم أيام حياتك، فانّ اللّه تعالى إذا أراد أن يستجيب الدعاء فعل و هو على كلّ شيء قدير.

ص: 189


1- يعنى بغداد.
2- العيون: 2-221.
3- المصدر: 2-222.

قال: فانصرفت من الحجّ إلى منزلي فأصبت أهلى ابنة خالي حاملا، فولدت لى غلاما سمّيته إبراهيم، ثم حملت بعد ذلك فولدت لى غلاما سمّيته محمّدا و كنّيته بأبى الحسن فعاش إبراهيم نيّفا و ثلثين سنة، و عاش أبو الحسن أربع و عشرين سنة، ثمّ إنّهما اعتلاّ جميعا و خرجت حاجّا و انصرفت و هما عليلان فمكثا بعد قدومي شهرين، ثم توفّي إبراهيم في أول الشهر و توفّي محمّد في آخر الشهر، ثم مات بعدهما بسنة و نصف و لم يكن يعيش له قبل ذلك ولد إلاّ أشهرا (1).

308 - عنه قال: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل قال: حدثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن سعد بن سعد، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام أنه نظر إلى رجل فقال له: يا عبد اللّه أوص بما تريد و استعدّ لما لا بدّ منه، فكان كما قال: فمات بعد ذلك بثلاثة أيّام (2).

309 - عنه قال: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل، قال: حدثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء عن مسافر قال: كنت مع أبى الحسن الرضا عليه السّلام بمنى، فمرّ يحيى بن خالد مع قوم من آل برمك فقال عليه السّلام مساكين هؤلاء لا يدرون ما يحلّ بهم في هذه السنة، ثم قال: هاه و أعجب من هذا هارون و أنا كهاتين و ضمّ بإصبعيه، قال مسافر: فو اللّه ما عرفت معنى حديثه حتّى دفنّاه معه (3).

310 - عنه قال: حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابورى العطّار بنيسابور سنة اثنين و خمسين و ثلاثمائة قال: حدثنا علي بن محمّد بن قتيبة عن الفضل ابن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن محمّد بن يعفور البلخي، عن موسى بن مهران قال:

سمعت جعفر بن يحيى يقول: سمعت عيسى بن جعفر يقول لهارون حيث توجّه من الرقّة إلى مكة اذكر يمينك التي حلفت بها في آل أبي طالب، فإنك حلفت إن ادّعى أحد بعد موسى الإمامة ضربت عنقه صبرا، و هذا علي ابنه يدّعي هذا الأمر و يقال

ص: 190


1- عيون الاخبار: 2-222.
2- المصدر: 2-223.
3- المصدر: 2-225.

فيه ما يقال في أبيه، فنظر إليه مغضبا فقال: و ما ترى ؟ تريد أن أقتلهم كلّهم، قال موسى ابن مهران: فلمّا سمعت ذلك صرت إليه، فأخبرته فقال عليه السّلام: ما لي و لهم لا يقدرون إلى على شيء (1).

311 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن صفوان بن يحيى قال: لمّا مضى أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام و تكلّم الرضا خفنا عليه من ذلك، فقلت له:

إنك قد أظهرت أمرا عظيما و إنا نخاف من هذا الطاغي، فقال: ليجهد جهده فلا سبيل له عليّ ، قال صفوان: فأخبرنا الثقة أن يحيى بن خالد قال للطاغي: هذا عليّ ابنه قد قعد و ادّعى الأمر لنفسه، فقال: ما يكفينا ما صنعنا بأبيه ؟! تريد أن نقتلهم جميعا. و لقد كانت البرامكة مبغضين على بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مظهرين لهم العداوة (2).

312 - عنه قال: حدثنا محمّد بن عليّ ما جيلويه - رضي اللّه عنه - عن عمّه محمّد بن أبي القاسم قال: حدثني محمّد بن عليّ القرشي، عن محمّد بن الفضيل قال: أخبرني من سمع الرضا عليه السّلام و هو ينظر إلى هارون بمنى أو بعرفات فقال: أنا و هارون هكذا و ضمّ بين اصبعيه، فكنا لا ندري ما يعني بذلك ؟ حتى كان من أمره بطوس ما كان، فأمر المأمون بدفن الرضا عليه السّلام إلى جنب هارون (3).

313 - عنه قال: حدثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه قال:

حدثنا عبد اللّه بن عامر بن سعد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال: كتب أبو الحسن الرضا عليه السّلام و أقرأنيه رسالة إلى بعض أصحابنا إنّا لنعرف الرّجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان و بحقيقة النفاق (4).

314 - عنه عن أبيه قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد اللّه البرقى قال: حدثنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: كنت أتغدّي عند أبى الحسن عليه السّلام فيدعو بعض غلمانه بالصقلبية و الفارسية، و ربما بعثت غلامي هذا بشيء من

ص: 191


1- المصدر: 2-225.
2- المصدر: 2-226.
3- المصدر: 2-226.
4- المصدر: 2-227.

الفارسية فيعلمه، و ربما كان ينغلق الكلام على غلامه بالفارسية، فيفتح هو على غلامه (1).

315 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانى - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم، عن أبى الصلت الهروي قال: كان الرضا عليه السّلام يكلّم الناس بلغاتهم و كان و اللّه أفصح الناس و أعلمهم بكلّ لسان و لغة، فقلت له يوما: يا ابن رسول اللّه إنّى لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها فقال: يا أبا لصلت أنا حجّة اللّه على خلقه و ما كان اللّه ليتّخذ حجّة على قوم و هو لا يعرف لغاتهم، أو ما بلغك قول امير المؤمنين عليه السّلام: أوتينا فصل الخطاب فهل فصل الخطاب إلاّ معرفة اللّغات (2).

316 - عنه عن أبيه - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدثنا أبو الخير صالح بن أبى حماد، عن الحسن بن على الوشاء قال: كنت كتبت معي مسائل كثيرة قبل أن أقطع على أبى الحسن عليه السّلام و جمعتها في كتاب ممّا روي عن آبائه عليهم السّلام و غير ذلك، و أحببت أن أ تثبت في أمره و اختبره، فحملت الكتاب في كمّي و صرت إلى منزله و أردت أن آخذ منه خلوة فأناوله الكتاب.

فجلست ناحية و أنا متفكّر في طلب الاذن عليه و بالباب جماعة جلوس يتحدّثون، فبينا أنا كذلك في الفكرة في الاحتيال للدخول عليه، إذ أنا بغلام قد خرج من الدار في يده كتاب فنادى: أيّكم الحسن بن علي الوشاء ابن بنت إلياس البغدادي، فقمت إليه فقلت: أنا الحسن بن علي فما حاجتك ؟ فقال: هذا الكتاب أمرت بدفعه إليك فهاك خذه، فأخذته و تنحّيت ناحية فقرأته، فاذا و اللّه فيه جواب مسألة فمسألة فعند ذلك قطعت عليه و تركت الوقف (3).

317 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبى - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدثنا أبو الخير صالح بن أبي حمّاد، عن الحسن بن علي الوشّاء قال:

ص: 192


1- عيون الاخبار: 2-228.
2- المصدر: 2-228.
3- المصدر: 2-228.

بعث إلى أبو الحسن الرضا عليه السّلام غلامه و معه رقعة فيها: ابعث إلى بثوب من ثياب كذا و كذا من ضرب كذا، فكتبت إليه و قلت للرسول: ليس عندي ثوب بهذه الصفة و ما أعرف هذا الضرب من الثياب، فأعاد الرسول إليّ و قال: فاطلبه، فأعدت إليه الرسول و قلت: ليس عندي من هذا الضرب شيء، فأعاد إليّ الرسول اطلبه فانه عندك منه، قال الحسن بن علي الوشاء: و قد كان أبضع منى رجل ثوبا منها و أمرني ببيعه و كنت قد نسيته فطلبت كلّ شيء كان معي فوجدته في سفط تحت الثياب كلها فحملته إليه (1).

318 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، قال: كنت عند الرضا عليه السّلام فدخل عليه الحسين بن خالد الصيرفي فقال له: جعلت فداك إني أريد الخروج إلى الأعوض، فقال: حيث ما ظفرت بالعافية فالزمه فلم يقنعه ذلك، فخرج يريد الأعوض، فقطع عليه الطريق و أخذ كلّ شيء كان معه من المال (2).

319 - عنه قال: حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه و محمّد بن موسى بن المتوكّل و أحمد ابن زياد بن جعفر الهمداني و أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم و الحسين بن ابراهيم بن ناتانة و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب و علي بن عبد اللّه الوراق - رضي اللّه عنهم - قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن أبي الصلت الهروي قال: بينا أنا واقف بين يدي أبى الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام إذ قال لي: يا أبا الصلت ادخل هذه القبّة التي فيها قبر هارون و ائتني بتراب من أربعة جوانبها قال: فمضيت فأتيت به، فلما مثلّث بين يديه فقال لي: ناولني هذا التراب و هو من عند الباب، فناولته فأخذه و شمّه، ثم رمى به.

ثم قال: سيحفر لي هاهنا فتظهر صخرة لو جمع عليها كلّ معول بخراسان لم يتهيأ قلعها، ثم قال: في الذي عند الرجل و الذي عند الرأس مثله، ثم قال: فناولنى هذا

ص: 193


1- المصدر: 2-229.
2- المصدر: 2-229.

التراب فهو من تربتي، ثم قال: سيحفر لى في هذا الموضع فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراقى إلى أسفل و أن يشق لي ضريحة، فان أبوا إلاّ أن يلحدوا فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين و شبرا، فان اللّه سيوسّعه ما يشاء، فاذا فعلوا ذلك فانك ترى عند رأسي نداوة، فتكلّم بالكلام الذي أعلّمك، فانه ينبع الماء حتى يمتلي اللحد و ترى فيه حيتانا صغارا ففتّ لها الخبز الّذي أعطيك فانها تلتقطه فاذا لم يبق منه شيء خرجت منه حوتة كبيرة، فالتقطت الحيتان الصغار حتى لا يبقى منها شيء ثم تغيب، فاذا غابت فضع يدك على الماء ثم تكلّم بالكلام الذي أعلّمك، فانه ينضب الماء و لا يبقى منه و لا تفعل ذلك إلاّ بحضرة المأمون.

ثم قال عليه السّلام يا أبا الصلت غدا أدخل هذا الفاجر فإن أنا خرجت و أنا مكشوف الرأس فتكلّم اكلّمك، و إن أنا خرجت و أنا مغطّى الرأس فلا تكلّمني، قال أبو الصلت:

فلما أصبحنا من الغد لبس ثيابه و جلس فجعل في محرابه ينتظر فبينما هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون فقال له: أجب أمير المؤمنين، فلبس نعله و رداءه و قام يمشي و أنا أتبعه حتى دخل على المأمون و بين يديه طبق عليه عنب و أطباق فاكهة و بيده عنقود عنب قد أكل بعضه و بقي بعضه، فلما أبصر بالرضا عليه السّلام وثب إليه، فعانقه و قبّل ما بين عينيه و أجلسه معه، ثم ناوله العنقود و قال: يا ابن رسول اللّه ما رأيت عنبا أحسن من هذا.

فقال له الرضا عليه السّلام: ربما عنبا حسنا يكون من الجنة فقال له: كل منه فقال له الرضا عليه السّلام تعفيني منه فقال: لا بدّ من ذلك و ما يمنعك منه لعلّك تتّهمنا بشيء؟! فتناول العنقود فأكل منه ثم ناوله فأكل منه الرضا عليه السّلام ثلاث حبّات ثم رمى به و قام فقال المأمون إلى أين فقال: إلى حيث وجّهتنى، فخرج عليه السّلام مغطّى الرأس فلم أكلّمه حتى دخل الدار فأمر أن يغلق الباب فغلق ثم نام عليه السّلام على فراشه و مكثت واقفا في صحن الدار مهموما محزونا، فبينما أنا كذلك إذ دخل عليّ شاب حسن الوجه قطط الشعر أشبه الناس بالرضا عليه السّلام، فبادرت إليه فقلت له: من أين دخلت و الباب مغلق ؟ فقال: الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار و الباب

ص: 194

مغلق، فقلت له: و من أنت ؟ فقال لي: أنا حجّة اللّه عليك يا أبا الصلت أنا محمّد بن علي ثم مضى نحو أبيه عليهما السّلام فدخل و أمرني بالدخول معه فلما نظر إليه الرضا عليه السّلام وثب إليه فعانقه و ضمّه إلى صدره و قبّل ما بين عينيه ثم سحبه سحبا إلى فراشه و أكبّ عليه محمّد ابن علي يقبّله و يسارّه بشيء لم أفهمه و رأيت على شفتي الرضا عليه السّلام زبدا أشدّ بياضا من الثلج و رأيت أبا جعفر عليه السّلام يلحسه بلسانه ثم أدخل يده بين ثوبيه و صدره فاستخرج منه شيئا شبيها بالعصفور فابتلعه أبو جعفر عليه السّلام و مضى الرضا عليه السّلام.

فقال أبو جعفر عليه السّلام قم يا أبا الصلت ايتني بالمغتسل و الماء من الخزانة فقلت:

ما في الخزانة مغتسل و لا ماء و قال لي: انته إلى ما آمرك به فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل و ماء فأخرجته و شمّرت ثيابي لا غسّله فقال لي: تنحّ يا أبا الصلت فانّ لي من يعينني غيرك فغسّله ثم قال لي: ادخل الخزانة فأخرج إلى السفط الذي فيه كفنه و حنوطه فدخلت فاذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة قط فحملته إليه فكفّنه و صلى عليه ثم قال لي: ايتني بالتابوت فقلت أمضي الى النجار حتى يصلح التابوت قال:

قم فانّ في الخزانة تابوتا فدخلت الخزانة فوجدت تابوتا لم أره قط فأتيته به.

فأخذ الرضا عليه السّلام بعد ما صلّى عليه فوضعه في التابوت و صفّ قدميه و صلّى ركعتين لم يفرغ منهما حتى علا التابوت و انشق السقف فخرج منه التابوت و مضى فقلت يا ابن رسول اللّه الساعة يجيئنا المأمون و يطالبنا بالرضا عليه السّلام فما نصنع ؟ فقال لي: اسكت فانه سيعود يا أبا الصلت ما من نبي يموت بالمشرق و يموت وصيّه بالمغرب إلاّ جمع اللّه بين أرواحهما و أجسادهما، و ما أتم الحديث حتى انشق السقف و نزل التابوت فقام عليه السّلام فاستخرج الرضا من التابوت و وضعه على فراشه كانه لم يغسّل و لم يكفّن.

ثم قال لي: يا أبا الصلت قم فافتح الباب للمأمون ففتحت الباب فاذا المأمون و الغلمان بالباب، فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه و لطم رأسه و هو يقول: يا سيداه، فجعت بك يا سيدي، ثم دخل فجلس عند رأسه و قال: خذوا في تجهيزه فأمر بحفر القبر فحفرت الموضع فظهر كل شيء على ما وصفه الرضا عليه السّلام فقال له بعض جلسائه:

أ لست تزعم أنه إمام ؟ فقال: بل لا يكون الإمام إلاّ مقدّم الناس. فأمر أن يحفر له

ص: 195

في القبلة فقلت له: أمرني أن يحفر له سبع مراقي و أن أشق له ضريحة، فقال: انتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت سوى الضريح و لكن يحفر له و يلحد.

فلمّا رأى ما ظهر له من النداوة و الحيتان و غير ذلك قال المأمون: لم يزل الرضا عليه السّلام يرينا عجائبه في حياته حتى أراناها بعد وفاته أيضا فقال له وزير كان معه:

أ تدري ما أخبرك به الرضا قال: لا قال: إنه قد أخبرك أنّ ملككم يا بنى العباس مع كثرتكم و طول مدّتكم مثل هذه الحيتان حتى إذا فنيت آجالكم و انقطعت آثاركم و ذهب دولتكم سلط اللّه تعالى عليكم رجلا منّا فأفناكم عن آخركم قال له: صدقت، ثم قال لي: يا أبا الصلت علّمني الكلام الذي تكلّمت به، قلت: و اللّه قد نسيت الكلام من ساعتي - و قد كنت صدقت - فأمر بحبسي و دفن الرضا عليه السّلام فحبست سنة.

فضاق عليّ الحبس و سهرت ليلة و دعوت اللّه تبارك و تعالى بدعاء ذكرت فيه محمّدا و آل محمّد صلوات اللّه عليهم و سألت اللّه بحقهم أن يفرّج عني، فما استتمّ دعائى حتى دخل عليّ أبو جعفر محمّد بن علي عليهما السّلام فقال لي: يا أبا الصلت ضاق صدرك فقلت: إي و اللّه قال: قم فاخرج، ثم ضرب يده إلى القيود الّتي كانت عليّ ففكّها و أخذ بيدي و أخرجني من الدار و الحرسة و الغلمان يرونني فلم يستطيعوا أن يكلّموني و خرجت من باب الدار، ثم قال لي امض في ودائع اللّه، فانّك لن تصل إليه و لا يصل إليك أبدا فقال: أبو الصلت: فلم ألتق المأمون إلى هذا الوقت (1).

320 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي - رضي اللّه عنه - قال حدثنا أبى قال: حدثنا محمّد بن يحيى، قال: حدثني محمّد بن خلف الطاطري قال: حدثني هرثمة بن أعين (2) قال: كنت ليلة بين يدي المأمون حتى مضى من اللّيل أربع ساعات، ثم أذن لي في الانصراف فانصرفت، فلمّا مضى من اللّيل نصفه قرع قارع الباب، فأجابه بعض غلماني فقال له: قل لهرثمة أجب سيّدك قال: فقمت مسرعا و أخذت على أثوابي و أسرعت إلي سيّدي الرضا عليه السّلام فدخل الغلام بين يدى و دخلت

ص: 196


1- عيون الأخبار: 2-242.
2- سيأتى الكلام حوله في عنوانه.

وراءه فاذا أنا بسيّدي عليه السّلام في صحن داره جالس.

فقال لي: يا هرثمة فقلت لبيك يا مولاى فقال لي: اجلس فجلست فقال لي:

اسمع و عه يا هرثمة هذا أوان رحيلي إلى اللّه تعالى و لحوقى بجدّي و آبائي عليهم السّلام و قد بلغ الكتاب أجله، و قد عزم هذا الطاغي على سمّي في عنب و رمّان مفروك، فأما العنب فانّه يغمس السلك في السمّ و يجذبه بالخيط بالعنب، و أما الرّمان فانه يطرح السمّ في كفّ بعض غلمانه و يفرك الرمان بيده ليتلطّخ حبّة في ذلك السمّ و إنه سيدعوني في اليوم المقبل و يقرّب إليّ الرمّان و العنب و يسألني أكلها فآكلها ثم ينفذ الحكم و يحضر القضاء.

فاذا أنا متّ فسيقول: أنا أغسّله بيدي فاذا قال ذلك فقل له عنّى بينك و بينه إنه قال لي لا تتعرّض لغسلي و لا لتكفيني و لا لدفني، فانك إن فعلت ذلك عاجلك من العذاب ما أخّر عنك و حلّ بك أليم ما تحذر فانه سينتهي، قال: فقلت: نعم يا سيدي قال: فاذا خلّى بينك و بين غسلي حتى ترى فسيجلس في علو من أبنيته مشرفا على موضع غسلى لينظر، فلا تتعرّض يا هرثمة لشيء حتى ترى فسطاطا أبيض قد ضرب في جانب الدار فاذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها فضعني من وراء الفسطاط و قف من ورائه و يكون من معك دونك، و لا تكشف عنّى الفسطاط حتى تراني فتهلك، فانه سيشرف عليك و يقول لك: يا هرثمة أ ليس زعمتم أن الامام لا يغسّله إلاّ امام مثله، فمن يغسّل أبا الحسن علي بن موسى و ابنه محمّد بالمدينة من بلاد الحجاز و نحن بطوس.

فاذا قال ذلك فأجبه و قل له: إنا نقول: إنّ الامام لا يجب أن يغسله إلاّ إمام مثله، فان تعدّى متعدّ فغسّل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدّي غاسله، و لا بطلت إمامة الامام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه، و لو ترك أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام بالمدينة لغسّله ابنه محمّد ظاهرا مكشوفا و لا يغسّله الآن أيضا إلاّ هو من حيث يخفى، فاذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرجا في أكفانى فضعنى على نعشي و احملني فاذا أراد أن يحفر قبري، فانه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري و لا يكون ذلك أبدا.

ص: 197

فاذا ضربت المعاول تنبوا عن الأرض و لم يحفر لهم منها شيء، و لا مثل قلامة ظفر فاذا اجتهدوا في ذلك و صعب عليهم فقل له عنّى إني أمرتك أن تضرب معولا واحدا في قبلة قبر أبيه هارون الرشيد، فاذا ضربت نفذ في الأرض إلى قبر محفور و ضريح قائم، فاذا انفرج القبر فلا تنزلني إليه حتى يفور من ضريحه الماء الأبيض فيمتلئ منه ذلك القبر، حتى يصير الماء [مساويا مع وجه الأرض] ثم يضطرب فيه حوت بطوله، فاذا اضطرب فلا تنزلني إلى القبر إلاّ إذا غاب الحوت و أغار الماء فأنزلني في ذلك القبر و ألحدني في ذلك الضريح و لا تتركهم يأتوا بتراب يلقونه عليّ فانّ القبر ينطبق من نفسه و يمتلى.

قال: قلت: نعم يا سيدي، ثم قال لي: احفظ ما عهدت إليك و اعمل به و لا تخالف، قلت: أعوذ باللّه أن أخالف لك أمرا يا سيدي، قال هرثمة: ثم خرجت باكيا حزينا فلم أزل كالحبة على المقلاة لا يعلم ما في نفسى إلاّ اللّه تعالى، ثم دعاني المأمون فدخلت عليه فلم أزل قائما إلى ضحى النهار، ثم قال المأمون: امض يا هرثمة إلى أبي الحسن فأقرئه منّي السلام و قل له: تصير إلينا أو نصير إليك فان قال لك بل نصير إليه فاسأله عني أن يقدّم ذلك قال فجئته، فلما اطلعت عليه قال لي: يا هرثمة أ ليس قد حفظت ما أوصيتك به قلت: بلى.

قال: قدّموا إلى نعلي فقد علمت ما أرسلك به قال فقدّمت نعليه و مشى إليه فلما دخل المجلس قام إليه قائما فعانقه و قبّل ما بين عينيه و أجلسه إلى جانبه على سريره و أقبل عليه يحادثه ساعة من النهار طويلة، ثم قال لبعض غلمانه: يؤتى بعنب و رمّان قال هرثمة: فلما سمعت ذلك لم استطع الصبر و رأيت النفضة قد عرضت في بدني فكرهت أن يتبين ذلك فيّ ، فتراجعت القهقرى حتى خرجت فرميت نفسي في موضع من الدار فلما قرب زوال الشمس أحسست بسيّدي قد خرج من عنده و رجع إلى داره.

ثم رأيت الأمر قد خرج من عند المأمون باحضار الأطباء و المترفّقين فقلت ما هذا!؟ فقيل لي: علّة عرضت لأبى الحسن على بن موسى الرضا عليهما السّلام و كان الناس في شك و كنت على يقين لما أعرف منه، قال: فما كان من الثلث الثاني من اللّيل علا الصياح و

ص: 198

سمعت الصيحة من الدار فأسرعت فيمن أسرع فإذا نحن بالمأمون مكشوف الرأس محلّل الازرار، قائما على قدميه ينتحب و يبكي، قال: فوقفت فيمن وقف و أنا أتنفّس الصعداء، ثم أصبحنا فجلس المأمون للتعزية، ثم قام فمشى إلى الموضع الذي فيه سيدنا عليه السّلام.

فقال: أصلحوا لنا موضعا فإني أريد أن اغسّله فدنوت منه فقلت له ما قاله سيدي بسبب الغسل و التكفين و الدفن، فقال لي: لست أعرض لذلك، ثم قال شأنك يا هرثمة، قال: فلم أزل قائما حتى رأيت الفسطاط قد ضرب فوقفت من ظاهره و كلّ من في الدار دوني و أنا أسمع التكبير و التهليل و التسبيح و تردّد الأوانى و صبّ الماء و تضوّع الطيب الذي لم أشم أطيب منه قال: فاذا أنا بالمأمون قد أشرف على بعض أعالي داره فصاح يا هرثمة أ ليس زعمتم أنّ الامام لا يغسّله إلاّ إمام مثله ؟ فأين محمّد بن علي ابنه عنه و هو بمدينة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هذا بطوس خراسان.

قال: فقلت له: يا أمير المؤمنين انّا نقول إن الامام لا يجب أن يغسّله إلاّ إمام مثله، فان تعدّى متعدّ فغسّل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدّى غاسله و لا تبطل إمامة الإمام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه و لو ترك أبو الحسن على بن موسى - الرضا عليهما السّلام بالمدينة لغسّله ابنه محمّد ظاهرا و لا يغسّله الآن أيضا إلاّ هو من حيث يخفى قال: فسكت عنّي ثم ارتفع الفسطاط فاذا أنا بسيّدي عليه السّلام مدرجا في أكفانه فوضعته على نعشه ثم حملناه فصلّى عليه المأمون و جميع من حضر، ثم جئنا إلى موضع القبر فوجدتهم يضربون المعاول دون قبر هارون ليجعلوه قبلة لقبره و المعاول تنبوا عنه حتى ما يحفر ذرّة من تراب الأرض.

فقال لي: ويحك يا هرثمة أ ما ترى الأرض كيف تمتنع من حفر قبر له، فقلت له: يا أمير المؤمنين إنه قد أمرني أن أضرب معولا واحدا في قبلة قبر أمير المؤمنين أبيك الرشيد و لا أضرب غيره، قال: فإذا ضربت يا هرثمة يكون ما ذا؟ قلت: إنه أخبر أنه لا يجوز أن يكون قبر أبيك قبلة لقبره، فاذا أنا ضربت هذا المعول الواحد نفذ إلى قبر محفور من غير يد تحفره و بان ضريح في وسطه، قال المأمون: سبحان اللّه ما

ص: 199

أعجب هذا الكلام ؟ و لا أعجب من أمر أبى الحسن عليه السّلام فاضرب يا هرثمة حتى نرى قال هرثمة: فأخذت المعول بيدي فضربت في قبلة قبر هارون الرشيد.

قال: فنفذ إلى قبر محفور من غير يد تحفره و بان ضريح في وسطه و الناس ينظرون إليه فقال: انزله إليه يا هرثمة فقلت يا أمير المؤمنين إنّ سيدي أمرنى أن لا انزل إليه حتى ينفجر من أرض هذا القبر ماء أبيض فيمتلئ منه القبر حتى يكون الماء مع وجه الأرض، ثم يضطرب فيه حوت بطول القبر، فإذا غاب الحوت و غار الماء وضعته على جانب القبر و خلّيت بينه و بين ملحده، فقال: فافعل يا هرثمة ما امرت به قال هرثمة فانتظرت ظهور الماء و الحوت فظهر ثم غاب و غار الماء و الناس ينظرون، ثم جعلت النعش إلى جانب قبره فغطّى قبره بثوب أبيض لم أبسطه.

ثم انزل به إلى قبره بغير يدى و لا يد أحد ممن حضر، فأشار المأمون إلى الناس هالوا التراب بأيديكم و اطرحوه فيه، فقلت لا تفعل يا أمير المؤمنين قال: فقال:

ويحك فمن يملؤه ؟ فقلت: قد أمرنى أن لا يطرح عليه التراب و أخبرنى أنّ القبر يمتلي من ذات نفسه ثم ينطبق و يتربّع على وجه الأرض، فأشار المأمون إلى الناس أن كفّوا، قال: فرموا ما في أيديهم من التراب، ثم امتلاء القبر و انطبق و تربّع على وجه الأرض فانصرف المأمون و انصرفت، فدعاني المأمون و خلا بي ثم قال لي: أسألك باللّه يا هرثمة لما صدقتني عن أمر أبى الحسن قدس اللّه روحه بما سمعته منه.

قال: فقلت: قد أخبرت يا أمير المؤمنين بما قال لي، فقال: باللّه إلاّ ما صدقتني عمّا أخبرك به غير هذا الذي قلت لي قال: فقلت: يا أمير المؤمنين فعمّا تسألني فقال لي: يا هرثمة هل أسرّ إليك شيئا غير هذا؟ قلت نعم، قال: ما هو؟ قلت خبر العنب و الرمّان قال: فأقبل المأمون يتلوّن ألوانا يصفرّ مرّة و يحمرّ اخرى و يسودّ اخرى، ثم تمدّد مغشيّا عليه، فسمعته في غشيته و هو يجهر و يقول: ويل للمأمون من اللّه ويل له من رسول اللّه و ويل له من علي بن أبى طالب، ويل للمأمون من فاطمة الزهراء، ويل للمأمون من الحسن و الحسين، ويل للمأمون من علي بن الحسين، ويل للمأمون من محمّد بن علي ويل للمأمون من جعفر بن محمّد، ويل له من موسى بن جعفر، ويل للمأمون من علي

ص: 200

ابن موسى الرضا هذا و اللّه هو الخسران المبين يقول هذا القول و يكرّره.

فلمّا رأيته قد أطال ذلك ولّيت عنه و جلست في بعض نواحى الدار قال: فجلس و دعاني، فدخلت عليه و هو جالس كالسكران، فقال: و اللّه ما أنت عليّ أعزّ منه و لا جميع من في الأرض و السماء، و اللّه لئن بلغني أنك أعدت مما رأيت و سمعت شيئا ليكوننّ هلاكك فيه، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين إن ظهرت على شيء من ذلك مني فأنت في حلّ من دمي قال: لا و اللّه أو تعطينى عهدا و ميثاقا على كتمان هذا و ترك إعادته فأخذ عليّ العهد و الميثاق و اكّده عليّ .

قال: فلما ولّيت عنه صفق بيديه و قال: «يَسْتَخْفُونَ مِنَ اَلنّٰاسِ وَ لاٰ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اَللّٰهِ وَ هُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مٰا لاٰ يَرْضىٰ مِنَ اَلْقَوْلِ وَ كٰانَ اَللّٰهُ بِمٰا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً» (1) و كان للرضا عليه السّلام من الولد محمّد الامام عليه السّلام و كان يقول له الرضا عليه السّلام: الصادق، و الصابر، و الفاضل و قرّة أعين المؤمنين و غيظ الملحدين (2).

321 - الراوندي: عن ابراهيم بن موسى القزاز قال: كنت يوما بمشهد الرضا (3) عليه السّلام بخراسان، فألححت على الرضا في طلبتي منه فخرج يستقبل بعض الطالبيين و جاء وقت الصلاة، فمال إلى قصر هناك فنزل تحت شجرة بقرب القصر و أنا معه و ليس معنا ثالث، فقال: أذّن فقلت ننتظر لعلّ يلحق بنا بعض أصحابنا. فقال: غفر اللّه لك لا تؤخّرنّ صلاة عن أوّل وقتها من غير علّة، ابدأ بأول الوقت فأنه أفضل. فأذّنت و صلّينا فقلت: يا ابن رسول اللّه قد طالت المدة في العدة التي وعدتنيها و أنا محتاج، و أنت كثير الاشتغال لا أظفر بمسألتك كلّ وقت، قال: فحكّ بسوطه الأرض حكا شديدا، ثم ضرب بيده إلى موضع الحكّ فأخرج سبيكة ذهب فقال: خذها بارك اللّه لك فيها و انتفع بها و اكتم ما رأيت، قال: فبورك فيها حتى اشتريت بخراسان ما كانت قيمته سبعين ألف دينار، فصرت أغنى الناس من أمثالى(4).

322 - عنه باسناده قال محمّد بن عبد الرحمن الهمداني ركبني دين ضاق به صدري

ص: 201


1- النساء: 108.
2- عيون الاخبار: 2-245.
3- فى بعض النسخ و الثاقب في المناقب «بمسجد الرضا».
4- الخرائج: 203.

فقلت في نفسي ما أجد لقضاء دينى إلاّ مولاى على بن موسى الرضا عليهما السّلام فصرت إليه فقال: يا أبا جعفر قد قضى اللّه حاجتك لا يضيقنّ صدرك، و لم أسأله شيئا حين قال ما قال فأقمت عنده و كان صائما فأمر أن يحمل إلى طعام فقلت: أنا صائم و أحبّ أن آكل معك لأتبرّك بأكلي معك قال: فلمّا صلّى المغرب جلس في وسط الدار و دعا بالطعام فأكل و أكلت معه.

ثم قال: تبيت الليلة عندنا أو نقضى حاجتك و تنصرف فقلت: الانصراف بقضاء حاجتى أولى و احبّ إلى: فضرب بيده الأرض فقبض منها قبضة و قال: خذ هذه فجعلتها في كمّي فاذا هي دنانير فانصرفت إلى منزلي فدنوت من المصباح لاعدّ الدنانير فوقع فى يدي دينار فاذا عليه مكتوب هي خمسمائة دينار نصفها لدينك و النصف الآخر لنفقتك، فلما رأيت ذلك لم أعدها فالقيت الدنانير تحت وسادتي و نمت، فلما أصبحت طلبت الدينار بين الدنانير فلم أجد فقلبتها عشر مرّات فلم أجد شيئا فورّقتها فكانت خمسمائة دينار (1).

323 - عنه بإسناده عن محمّد بن الفضل الهاشمي قال: لما توفي الامام موسى بن جعفر عليهما السّلام أتيت المدينة فدخلت على الرضا عليه السّلام فسلّمت عليه بالأمر و أوصلت إليه ما كان معي و قلت أنا صائر إلى البصرة و قد عرفت كثرة خلاف الناس و قد نعي إليهم موسى بن جعفر عليهما السّلام و ما أشك أنّهم يسألوني عن براهين الإمام فلو أريتنى شيئا من ذلك، فقال الرضا عليه السّلام: لا تخف على هذا فأبلغ أولياءنا بالبصرة و غيرها إني قادم عليهم و لا قوّة إلاّ باللّه، ثم أخرج إلى جميع ما كان للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عند الائمة عليهم السّلام من بردته و قضيبه و سلاحه و غير ذلك، فقلت: و متى تقدم عليهم قال: بعد ثلاثة أيام من وصولك و دخولك البصرة.

فلمّا قدمتها سألوني عن الحال فقلت لهم: إنى أتيت موسى بن جعفر عليهما السّلام قبل وفاته بيوم واحد، فقال: إني ميت لا محالة، فاذا واريتني في لحدي فلا تقيمنّ و توجّه إلي المدينة بودايعى هذه و أوصلها إلى ابني علي الرضا فهو وصيّي و صاحب الامر بعدي، ففعلت ما أمرني به و أوصلت الودائع إليه و هو يوافيكم إلى ثلاثة أيام من يومي هذا، فاسألوه

ص: 202


1- الخرائج: 204.

عمّا شتم، فابتدر الكلام عمرو بن هدّاب من القوم و كان ناصبيا ينحو نحو الزيدية و الاعتزال، فقال: يا محمّد إنّ الحسن بن محمّد رجل من أفاضل أهل البيت في ورعه و زهده و عمله و سنّته، و ليس هو كشابّ مثل الرضا و لعلّه لو سئل عن شيء من معضلات الأحكام لحار في ذلك. فقال الحسن بن محمّد و كان حاضرا في المجلس لا تقل يا عمرو ذلك لأنّ عليّا على ما وصف من الفضل و هذا محمّد بن الفضل يقول: إنّه يقدم إلى ثلاثة أيام فكفاك به دليلا و تفرّقوا فلما كان في اليوم الثالث من دخول البصرة إذا الرضا قد وافى فقصد منزل الحسن بن محمّد و أخلى له داره و أقام بين يديه يتصرّف بين أمره و نهيه، فقال: يا حسن بن محمّد احضر جميع القوم الذين حضروا عند محمّد بن الفضل و غيرهم من شيعتنا و احضر جاثليق النصارى - الخ (1).

324 - عنه قال: روى إسماعيل بن أبي الحسن قال: كنت مع الرضا عليه السّلام و قد قال بيده على الأرض كأنّه يكشف شيئا فظهرت سبائك ذهب، ثم مسح بيده عليها فغابت، فقلت في نفسي لو أعطاني واحدة منها، قال الآن ؟ هذا الأمر لم يأن وقته (2).

325 - عنه بإسناده عن محمّد بن عيسى عن هشام العباسي قال: طلبت بمكة ثوبين سعديين إحداهما لا بنى فلم أصب بمكة منهما على ما أردت فمررت بالمدينة في منصرفى فدخلت على الرضا فلما ودّعته و أردت الخروج دعا بثوبين سعديين على عمل الوشي الذي كنت طلبت فدفعهما إلى و قال عليه السّلام: اقطعهما لابنك (3).

326 - عنه قال: و منها ما روي عبد اللّه بن سمرة قال: مرّ بنا الرضا عليه السّلام فاختصمنا في إمامته فلما خرج و خرجت أنا و تميم بن يعقوب السراج من أهل برقة و نحن مخالفون له نرى رأى الزيدية، فلمّا صرنا في الصحراء فاذا نحن بظباء فأومأ الرضا عليه السّلام إلى خشف منها فإذا هو قد جاء حتى وقف بين يديه فأخذ أبو الحسن عليه السّلام يمسح رأسه و دفعه إلى غلامه فجعل الخشف يضطرب لكي يرجع إلى مرعاه فكلّمه الرضا عليه السّلام بكلام لا نفهمه فسكن ثم قال: يا عبد اللّه أولم تؤمن ؟ قلت بلى يا سيّدي أنت حجّة اللّه على خلقه و أنا تائب إلى اللّه، ثم قال للظبى: اذهب إلى مرعاك فجاء الظبى

ص: 203


1- الخرائج 204 و يأتى الباقى في احتجاجاته عليه السّلام.
2- الخرائج 204 و يأتى الباقى في احتجاجاته عليه السّلام.
3- المصدر: 206.

و عيناه تدمعان فتمسح بأبي الحسن و رغى فقال: أ تدرون ما يقول، فقلنا: اللّه و رسوله و ابن رسوله أعلم، قال: يقول: دعوتني فرجوت أن تأكل من لحمي فأجبتك و أحزنتنى حين أمرتني بالذّهاب (1).

327 - عنه قال: و منها ما روى إسماعيل بن مهران قال: أتيت الرضا عليه السّلام يوما أنا و أحمد البزنطى و كنّا تشاجرنا في سنّه، قال أحمد إذا دخلنا عليه فذكّرني حتى أسأله عن ذلك، فانّي قد أردت ذلك غير مرة فأنسى، فلما دخلنا و سلّمنا و جلسنا أقبل على أحمد فكان أول ما تكلم به أن قال: يا أحمدكم أتى عليك من السنين، قال: تسع و ثلاثون سنة قال: و لكن أنا قد أتت عليّ ثلاث و أربعون سنة (2).

328 - عنه قال: و منها ما روي عن الحسن بن على الوشاء قال: كنا بمرو عند رجل و كان معنا رجل واقفي فقلت له: اتّق اللّه قد كنت مثلك ثم نوّر اللّه قلبي فصم الاربعاء و الخميس و الجمعة و اغتسل و صلّ ركعتين و سل اللّه أن يريك في منامك ما تستدلّ به على هذا الأمر فرجعت إلى البيت و قد سبقني كتاب أبي الحسن إلى يأمرني أن أدعو إلى هذا الأمر ذلك الرجل فانطلقت و أخبرته و قلت: أحمد اللّه و أستخيره مائة مرة فقلت له إنى وجدت كتاب الرضا عليه السّلام قد سبقنى إلى الدّار أن أقول لك ما كنّا فيه، و إني لأرجو أن ينوّر اللّه قلبك، فافعل ما قلت لك من الصوم و الدعاء، فأتاني يوم السبت في السحر فقال لي: أشهد أنّه الامام المفترض الطاعة، فقلت و كيف ذلك، فقال: أتاني أبو الحسن عليه السّلام البارحة في المنام فقال: يا هذا و اللّه لترجعنّ إلى الحقّ و زعم أنه ثم يطّلع عليه إلاّ اللّه تعالى (3).

329 - عنه قال: منها ما روى حسن بن سعيد عن الفضل بن يونس قال: خرجنا نريد مكة، فنزلنا المدينة و بها هارون الرشيد يريد الحجّ فأتانى الرضا عليه السّلام و عندي قوم من أصحابنا و قد حضر الغداء، فدخل الغلام فقال: بالباب رجل يكنّى أبا الحسن يستأذن عليك فقلت: إن كان الذي أعرف فأنت حرّ، فخرجت و إذا بالرضا عليه السّلام فقلت

ص: 204


1- المصدر: 207.
2- المصدر: 207.
3- المصدر: 207.

انزل، فنزل و دخل.

ثم قال عليه السّلام بعد الطعام: يا فضل إنّ أمير المؤمنين كتب للحسين بن يزيد بعشرة آلاف دينار و كتب بها إليك فادفعها إليه قال: قلت: و اللّه ما لهم عندى قليل و لا كثير فإن أخرجتها من عندي ذهبت فإن كان لك في ذلك رأي فعلت، فقال: يا فضل ادفعها إليه فإنّها سترجع إليك قبل أن تصير إلى منزلك، فاذا أنابهم و قد طلبوا مني الذهب فدفعته إليهم فرجع المال إلى قبل أن أصير إلى منزلي كما قال (1).

330 - رضي الدين ابن طاوس قال: باسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري، يرفعه بإسناده الى معبد بن عبد اللّه الشامى قال: دخلت على علي بن موسى الرضا عليهما السّلام فقلت له: قد كثر الخوض فيك و في عجائبك. فلو شئت أثبت بشيء و أحدّثه عنك، قال: و ما تشاء؟ قلت له: تحيى لي أبي و أمّي، فقال لي: انصرف إلى منزلك فقد أحييتهما فانصرفت و إذا هما و اللّه حيّان في البيت، و أقاما عندي عشرة أيّام ثم قبضهما اللّه تعالى إليه (2).

331 - ابن شهرآشوب قال: في حديث طويل عن علي بن مهران أنّ أبا الحسن عليه السّلام أمره أن يعمل مقدار الساعات قال: فحملناه، فلمّا وصلنا إليه نالنا من العطش أمر عظيم، فما قعدنا حتى خرج إلينا بعض الخدم و معه قلال من ماء أبرد ما يكون، فشربنا فجلس عليه السّلام على كرسي فسقطت حصاة. فقال مسرور: «هشت» أي ثمانية، ثم قال لمسرور «در ببند» اى اغلق الباب (3).

332 - عنه بإسناده عن هارون بن موسى في خبر قال: كنت مع أبي الحسن عليه السّلام في مفازة فحمحم فرسه، فخلّى عنه عنانه ففرّ الفرس يتخطّى إلى أن بال وراث و رجع فنظر إليّ أبو الحسن و قال: إنه لم يعط داود شيئا إلاّ و اعطي محمّدا و آل محمّد عليهم السّلام أكثر منه (4).

333 - عنه باسناده عن سليمان الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن الرضا

ص: 205


1- الخرائج: 207.
2- فرج المهموم: 231.
3- مناقب آل ابى طالب 2-390.
4- المصدر: 2-391.

عليه السّلام و البيت مملوء من الناس يسألونه و هو يجيبهم، فقلت: ينبغي أن يكونوا أنبياء فترك الناس ثم التفت إليّ فقال: يا سليمان إنّ الأئمة حلماء علماء يحسبهم الجاهل أنبياء و ليسوا بأنبياء (1).

344 - عنه عن خالد بن نجيح قال قال: لى أبو الحسن عليه السّلام: تنزع فيما بينك و بين من كان له عمل معك في سنة أربع و سبعين و مائة حتّى يجيئك كتابي، و اخرج و انظر ما عندك فابعث به إلى و لا تقبل من أحد شيئا و خرج إلى المدينة و بقي خالد بمكة قال الراوي: فلبث خالد بعده خمسة عشر يوما ثم مات (2).

335 - و عنه قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: إنّ أصحابنا قدموا من الكوفة فذكروا أنّ المفضل شديد الوجع فادع اللّه له فقال عليه السّلام: قد استراح و كان هذا الكلام بعد موته بثلاثة أيام (3).

336 - و عنه قال: دخلت على الرضا عليه السّلام فقال لي: من هاهنا من أصحابكم مريض، فقلت: عثمان بن عيسى من أوجع الناس، فقال: قل له: يخرج، ثم قال:

من هاهنا فعددت ثمانية فأمر باخراج أربعة و كفّ عن أربعة فما أمسينا من الغد حتى دفنّا الاربعة الذين كفّ عن إخراجهم فخرج عثمان بن عيسى (4).

337 - عنه، عن حمزة بن جعفر الأرّجاني قال: خرج هارون من المسجد الحرام مرّتان و خرج الرضا عليه السّلام مرّتان فقال الرضا عليه السّلام: ما أبعد الدار و أقرب اللّقاء يا طوس ستجمعني و إيّاه (5).

338 - عنه بإسناده عن ابن فضّال قال: قال لي أحمد بن السراج كان عندي عشرة آلاف دينار وديعة لموسى بن جعفر عليهما السّلام فقلت: إنّ أباه لم يمت. فاللّه اللّه خلّصوني من النار سلّموها إلى الرضا ثم قال و رجع جماعة عن القول بالوقف، مثل عبد الرحمن بن الحجاج و رفاعة بن موسى و يونس بن يعقوب، و جميل بن دراج، و حمّاد بن عيسى، و البزنطى،

ص: 206


1- المناقب: 2-391.
2- المصدر: 2-391.
3- المصدر: 2-392.
4- المصدر: 2-392.
5- المصدر: 2-396.

و الوشّاء (1).

339 - عنه باسناده عن موسى بن سيّار قال قال: كنت مع الرضا عليه السّلام و قد أشرف على حيطان طوس و سمعت واعية فاتبعتها، فاذا نحن بجنازة فلما بصرت بها رأيت سيّدي و قد ثنّى رجله عن فرسه، ثم أقبل نحو الجنازة فرفعها ثم أقبل يلوذ بها كما تلوذ السخلة بامّها، ثم أقبل عليّ و قال: يا موسى بن سيّار من شيّع جنازة ولىّ من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه لا ذنب عليه حتى إذا وضع الرجل على شفير قبره، رأيت سيّدي قد أقبل فأفرج الناس عن الجنازة حتى بدا له الميت، فوضع يده على صدره ثم قال: يا فلان بن فلان أبشر بالجنة فلا خوف عليك بعد هذه الساعة، فقلت: جعلت فداك هل تعرف الرجل فو اللّه إنّها بقعة لم تطأها قبل يومك، فقال لي: يا موسى بن سيار أ ما علمت أنّا معاشر الائمة تعرض علينا أعمال شيعتنا صباحا و مساء، فما كان من التقصير في أعمالهم سألنا اللّه تعالى الصفح لصاحبه و ما كان من العلوّ سألنا الشكر لصاحبه (2).

340 - عنه عن الحاكم أبي عبد اللّه الحافظ: لمّا دخل الرضا عليه السّلام نيسابور و نزل محلّة فور - ناحية يعرفها الناس بالإسناد - في دار تعرف بدار «پسنديده» و إنّما سمّيت پسنديده لانّ الرضا عليه السّلام ارتضاه من بين الناس، فلمّا نزلها زرع في جانب من جوانب الدار لوزة فنبت و صارت شجرة فأثمرت في كلّ سنة و كان أصحاب العلل يستشفون بلوز هذه الشجرة و عوفي أعمى و صاحب قولنج و غير ذلك، فمضت الأيام على ذلك و يبست فجاء حمدان و قطع أغصانها، ثم جاء ابن الحمدان يقال له: أبو عمرو فقطع تلك الشجرة من وجه الأرض فذهب ماله كلّه و كان له ابنان يقال لأحدها أبو القاسم و الآخر أبو صادق، فأرادا عمارة تلك الدار و أنفقا عليه عشرين ألف درهم فقلعا الباقى من أصل تلك الشجرة فماتا في مدّة سنة (3).

341 - عنه باسناده عن حكيمة بنت موسى عليه السّلام قالت: رأيت الرضا عليه السّلام

ص: 207


1- مناقب آل ابى طالب: 2-392.
2- المصدر: 2-396.
3- المصدر: 2-398.

واقفا على باب بيت الحطب و هو يناجي و لست أرى أحدا فقلت: سيدي من تناجي ؟ فقال: هذا عامر الداهراني (1) أتاني يسألنى و يشكو إلى، فقلت سيدي احبّ أن أسمع كلامه، فقال: إنك إن سمعت حممت سنة، فقلت سيدي احبّ أن أسمعه فقال لى: اسمعي فاستمعت فسمعت شبه الصفير و ركبتني الحمّى سنة (2).

13- باب ما جاء في أبى جعفر الجواد عليه السّلام

342 - الحميرى عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر قال: كتب إلي علي بن موسى الرضا عليهما السّلام و كان كثيرا ما يقول استخرج منه الكلام يعنى أبا جعفر عليه السّلام، فقلت له يوما:

أىّ عمومتك أبرّ بك ؟ قال: الحسين، فقال أبوه عليه السّلام: صدق و اللّه هو أبرّهم به و أخيرهم له (3).

343 - الصفار - رحمه اللّه - قال: حدثنا على بن إسماعيل، عن محمّد بن عمر و الزيات عن ابن قياما، قال: دخلت على أبى الحسن الرضا عليه السّلام و قد ولد أبو جعفر عليه السّلام فقال:

إنّ اللّه قد وهب لي من يرثني و يرث آل داود (4).

344 - البرقي عن أبيه، عن محمّد بن عمرو، عن يحيى بن موسى الصنعاني قال:

دخلت على أبى الحسن الرضا عليه السّلام بمنى و أبو جعفر عليه السّلام على فخذه و هو يقشّر موزا و يطعمه (5).

345 - الكليني - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان ابن يحيى قال: قلت للرضا عليه السّلام قد كنّا نسألك قبل أن يهب اللّه لك أبا جعفر عليه السّلام فكنت تقول: يهب اللّه لي غلاما فقد وهب اللّه لك فقرّ عيوننا، فلا أرانا اللّه يومك،

ص: 208


1- فى الكافي: عامر الزهرائى.
2- المناقب: 2-399 و الكافى: 1-395.
3- قرب الاسناد: 222.
4- بصائر الدرجات: 138.
5- المحاسن: 555.

فإن كان كون فإلى من ؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السّلام و هو قائم بين يديه، فقلت:

جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين ؟! فقال: و ما يضرّه من ذلك قد قام عيسى عليه السّلام بالحجّة و هو ابن ثلاث سنين (1).

346 - عنه، عن الحسين بن محمّد، عن الخيراني عن أبيه قال: كنت واقفا بين يدى أبى الحسن عليه السّلام بخراسان فقال له قائل: يا سيدي إن كان كون فإلى من ؟ قال: إلى أبي جعفر ابني، فكأنّ القائل استصغر سنّ أبي جعفر عليه السّلام فقال أبو الحسن عليه السّلام إنّ اللّه تبارك و تعالى بعث عيسى بن مريم رسولا نبيّا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السنّ الّذي فيه أبو جعفر (2).

347 - عنه عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يحيى ابن حبيب الزيّات قال: أخبرني من كان عند أبى الحسن الرضا عليه السّلام: جالسا، فلمّا نهضوا قال لهم: ألقوا أبا جعفر فسلّموا عليه و أحدثوا به عهدا، فلمّا نهض القوم التفت إلى فقال: يرحم اللّه المفضّل إنه كان ليقنع بدون هذا (3).

348 - عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاّد قال:

سمعت الرضا عليه السّلام و ذكر شيئا، فقال: ما حاجتكم إلى ذلك هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي و صيّرته مكاني و قال: إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذّة بالقذّة (4)

349 - عنه، قال عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن جعفر بن يحيى، عن مالك بن أشيم، عن الحسين بن بشّار قال: كتب ابن قياما إلى أبي الحسن عليه السّلام كتابا يقول فيه: كيف تكون إماما و ليس لك ولد؟ فأجابه أبو الحسن الرضا عليه السّلام: و ما علمك أنه لا يكون لى ولد و اللّه لا تمضي الأيام و اللّيالي حتّى يرزقني اللّه ولدا ذكرا يفرّق به بين الحق و الباطل (5).

ص: 209


1- الكافى: 1-321. و ارشاد المفيد ص 298 و فيه «ابن أقل من ثلاث سنين» و كذا فى اعلام الورى.
2- الكافى: 1-322-384.
3- الكافى: 1-320.
4- المصدر: 1-320.
5- المصدر: 1-320.

350 - عنه، قال: بعض أصحابنا، عن محمّد بن علي، عن معاوية بن حكيم، عن ابن أبى نصر قال: قال لي ابن النجاشي: من الامام بعد صاحبك ؟ فأشتهي أن تسأله حتى أعلم، فدخلت على الرضا عليه السّلام فأخبرته، قال: فقال لي: الامام ابني ثم قال: هل يتجرّى أحد أن يقول ابني و ليس له ولد (1).

351 - عنه، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن معمر بن خلاّد قال:

ذكرنا عند الرضا عليه السّلام شيئا بعد ما ولد له أبو جعفر عليه السّلام فقال: ما حاجتكم إلى ذلك هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي و صيّرته في مكاني (2).

352 - عنه، عن أحمد، عن محمّد بن علي، عن ابن قياما الواسطي قال: دخلت على علي بن موسى عليهما السّلام فقلت له: أ يكون إمامان ؟ قال: لا إلاّ و أحدهما صامت، فقلت له: هو ذا أنت ليس لك صامت - و لم يكن ولد له أبو جعفر عليه السّلام بعد - فقال لي: و اللّه ليجعلنّ اللّه منّي ما يثبت به الحق و أهله، و يمحق به الباطل و أهله، فولد له بعد سنة أبو جعفر عليه السّلام و كان ابن قياما واقفيّا (3).

353 - عنه، عن أحمد، عن محمّد بن علي، عن الحسن بن الجهم قال: كنت مع أبى الحسن عليه السّلام جالسا، فدعا بابنه و هو صغير فأجلسه في حجري فقال لي: جرّده و انزع قميصه، فنزعته فقال لي: انظر بين كتفيه، فنظرت فاذا في أحد كتفيه شبيه بالخاتم داخل في اللّحم، ثم قال: أ ترى هذا؟ كان مثله في هذا الموضع من أبي عليه السّلام (4).

354 - عنه عن محمّد بن علي، عن أبى يحيى الصنعاني قال: كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السّلام فجيء بابنه أبى جعفر عليه السّلام و هو صغير، فقال: هذا المولود الّذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه (5).

355 - عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن معمر

ص: 210


1- الكافى: 1-320.
2- المصدر: 1-221 و غيبة الشيخ: 48.
3- المصدر: 1-321.
4- المصدر: 1-321.
5- المصدر: 1-321.

ابن خلاّد قال: سمعت إسماعيل بن إبراهيم يقول للرضا عليه السّلام: إنّ ابني في لسانه ثقل فأنا أبعث به إليك غدا تمسح على رأسه و تدعو له فإنّه مولاك فقال: هو مولى أبي - جعفر فأبعث به غدا إليه (1).

356 - عنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمّد القاساني جميعا، عن زكريّا بن يحيى بن النعمان الصيرفي قال: سمعت عليّ بن جعفر يحدّث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين فقال: و اللّه لقد نصر اللّه أبا الحسن الرضا عليه السّلام، فقال له الحسن: إي و اللّه جعلت فداك لقد بغي عليه إخوته فقال عليّ بن جعفر: إي و اللّه و نحن عمومته بغينا عليه، فقال له الحسن: جعلت فداك كيف صنعتم فإني لم أحضركم ؟ قال:

قال له إخوته و نحن أيضا: ما كان فينا إمام قط حائل اللّون، فقال لهم الرضا عليه السّلام هو ابني.

قالوا: فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد قضى بالقافة فبيننا و بينك القافة، قال: ابعثوا أنتم إليهم فأمّا أنا فلا، و لا تعلموهم لما دعوتموهم و لتكونوا في بيوتكم، فلمّا جاءوا أقعدونا في البستان و اصطفّ عمومته و إخوته و أخواته و أخذوا الرضا عليه السّلام و ألبسوه جبّة صوف و قلنسوة منها و وضعوا على عنقه مسحاة و قالوا له: ادخل البستان كانك تعمل فيه، ثم جاءوا بأبي جعفر عليه السّلام فقالوا: ألحقوا هذا الغلام بأبيه، فقالوا: ليس هاهنا أب و لكن هذا عمّ أبيه و هذا عمّ أبيه، و هذا عمّه، و هذا عمّته و إن يكن له هاهنا أب فهو صاحب البستان، فإنّ قدميه و قدميه واحدة، فلمّا رجع أبو الحسن عليه السّلام قالوا: هذا أبوه.

قال علي بن جعفر: فقمت فمصصت ريق أبي جعفر عليه السّلام، ثم قلت له: أشهد أنّك إمامي عند اللّه، فبكى الرضا عليه السّلام، ثم قال: يا عمّ أ لم تسمع أبي و هو يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: بأبي ابن خيرة الاماء ابن النوبيّة الطيّبة الفم المنتجبة الرحم ويلهم لعن اللّه الأعيبس و ذريّته، صاحب الفتنة و يقتلهم سنين و شهورا و أيّاما يسومهم خسفا و يسقيهم كأسا مصبّرة و هو الطريد الشريد الموتور بأبيه و جدّه صاحب الغيبة

ص: 211


1- المصدر: 1-321.

يقال: مات أو هلك، أيّ واد سلك ؟! أ فيكون هذا يا عمّ إلاّ منّي، فقلت: صدقت جعلت فداك (1).

357 - عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام أنه سئل أ تكون الإمامة في عمّ أو خال، فقال: لا، فقلت ففى أخ ؟ قال: لا، قلت: ففي من ؟ قال: في ولدي، و هو يومئذ لا ولد له (2).

358 - عنه عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الحكم، عن دعبل ابن على أنّه دخل على أبى الحسن الرضا عليه السّلام و أمر له بشيء فأخذه و لم يحمد اللّه، قال: فقال له: لم لم تحمد اللّه ؟ قال: ثم دخلت بعد على أبى جعفر عليه السّلام و أمر لي بشيء فقلت: الحمد للّه فقال لي: تأدّبت (3).

359 - المسعودي باسناده قال: و روى علي بن محمّد الخصيبي قال: حدثني محمّد ابن ابراهيم الهاشمي، قال: حدثني عبد الرحمن بن يحيى قال: كنت بين يدى مولاى الرضا في علّته الّتي مضى فيها إذ نظر إليّ فقال لي: يا عبد الرحمن إذا كان في آخر يومي هذا و ارتفعت الصيحة فانّه سيوافيك ابني محمّد، فيدعوك إلى غسلى فاذا غسّلتمونى و صلّيتم عليّ فأعلم هذه الطاغية لئلا ينقص عليّ شيئا و لن يستطيع ذلك، قال: فو اللّه إني بين يدي سيدى يكلّمني إذا وافى المغرب، فنظرت فإذا سيدي قد فارق الدنيا فأخذتنى حسرة و غصّة شديدة.

فدنوت إليه فاذا قائل من خلفي يقول: مه يا عبد الرحمن، فالتفتّ فاذا الحائط قد انفرج فاذا أنا بمولاي أبي جعفر عليه السّلام و عليه درّاعة بيضاء معتمّ بعمامة سوداء، فقال: يا عبد الرحمن قم إلى غسل مولاك فضعه على المغتسل. و غسّله بثوبه كغسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فلمّا فرغ صلّى و صلّيت معه عليه، ثم قال لي: يا عبد الرحمن أعلم هذا الطاغي ما رأيت، لئلا ينقص عليه شيئا و لن يستطيع ذلك و لم أزل بين يدى سيدى إلى أن انفجر عمود الصبح فاذا أنا بالمأمون قد أقبل في خلق كثير فمنعتني هيبته أن

ص: 212


1- الكافى: 1-322.
2- الكافى: 1-286.
3- الكافى: 1-496.

أبدأ بالكلام.

فقال: يا عبد الرحمن بن يحيى ما أكذبكم أ لستم تزعمون أنه ما من إمام يمضي إلاّ و ولده القائم مكانه يلي أمره، هذا علي بن موسى بخراسان و محمّد ابنه بالمدينة، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين أما إذا ابتدأتني فاسمع إنه لمّا كان أمس قال لي سيدي كذا و كذا فو اللّه ما حضرت صلاة المغرب حتى قضى فدنوت منه فاذا قائل من حلفي يقول: مه يا عبد الرحمن و حدّثته الحديث فقال: صفه لي فوصفته بحليته و لباسه و أريته الحائط الّذي خرج منه، فرمى بنفسه إلى الأرض، و أقبل يخور كما يخور الثور و هو يقول: ويلك يا مأمون ما حالك و على ما أقدمت، لعن اللّه فلانا و فلانا، فإنّهما أشارا عليّ بما فعلت (1).

360 - عنه قال: روى الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الاشعري، عن الحسن ابن بشّار الواسطي، قال: سألني الحسن بن قياما الصيرفي أن أستأذن له على الرضا عليه السّلام ففعلت، فلمّا صار بين يديه قال ابن قياما: أنت إمام ؟ قال: نعم قال: فانّي أشهد أنّك لست بامام، قال له: و ما علمك قال: لاني رويت عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: الامام لا يكون عقيما و قد بلغت هذا السنّ و ليس لك ولد، فرفع رأسه إلى السماء ثم قال: اللّهم إني اشهدك أنه لا تمضي الأيّام و اللّيالي حتى ترزقني ولدا يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا، فعدّدنا الوقت فكان بينه و بين ولادة أبى جعفر عليه السّلام شهور الحمل (2).

361 - عنه قال روى الحميري، عن عبد اللّه بن أحمد، عن صفوان بن يحيى، عن حكيمة ابنة أبي إبراهيم موسى عليه السّلام قالت: لمّا علقت أمّ أبى جعفر عليه السّلام كتبت إليه (3):

جاريتك سبيكة قد علقت، فكتب إليّ أنّها علقت ساعة كذا من يوم كذا من شهر كذا فاذا هي ولدت فالزميها سبعة أيام، قال: فلمّا ولدته و سقط إلى الأرض قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه، فلمّا كان في اليوم الثالث عطس فقال: الحمد للّه

ص: 213


1- اثبات الوصية: 208.
2- اثبات الوصية: 210.
3- يعنى الرضا عليه السّلام.

و صلّى اللّه على محمّد و على الائمة الراشدين (1).

362 - عنه قال: و روي عن زكريا بن آدم قال: إني لعند الرضا عليه السّلام، إذ جيء بأبى جعفر و سنّه نحو أربع سنين فضرب إلى الأرض و رفع رأسه إلى السماء، فأطال الفكر فقال له الرضا: بنفسي أنت فيم تفكر طويلا منذ قعدت، قال: فيما صنع بامّي فاطمة عليها السّلام، أما و اللّه لأخرجنّهما ثم لأذرينّهما، ثم لا نسفنهما في اليمّ نسفا، فاستدناه و قبّل ما بين عينيه ثم قال: بأبي أنت و أمّي أنت لها - يعنى الامامة - (2).

363 - عنه قال: و روي عن علي بن أسباط عن يحيى الصنعانى قال: إني لعند الرضا عليه السّلام إذ جيء بأبي جعفر عليه السّلام فقلت له: جعلت فداك هذا المولود المبارك ؟ فقال لي: نعم هذا الذي لم يولد أعظم بركة منه على شيعتنا (3).

364 - عنه قال: و روى الحميري، عن محمّد بن عيسى الأشعري، عن الاسديّ عن أبى خداش، عن حنان بن سدير قال: قلت للرضا عليه السّلام يكون إمام ليس له عقب ؟ فقال لي: أما انه لا يولد لي إلاّ واحد و لكن اللّه ينشئ منه ذريّة كثيرة، و لم يزل أبو جعفر مع حداثته و صباه يدبّر أمر الرضا عليه السّلام بالمدينة و يأمر الموالي و ينهاهم لا يخالف عليه أحد منهم (4).

365 - عنه قال: روى عن الحسن بن الجهم قال: دخلت على الرضا عليه السّلام و أبو جعفر صغير بين يديه، فقال لي بعد كلام طويل جرى لو قلت لك يا حسن إنّ هذا إمام ما كنت تقول ؟ قال: قلت ما تقوله لي جعلت فداك، قال: أصبت ثم كشف عن كتف أبي جعفر فأراني مثل رمز اصبعين، فقال لي: مثل هذا كان في مثل هذا الموضع من أبي موسى عليه السّلام (5).

366 - عنه عن الحميري، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى قال: قال

ص: 214


1- اثبات الوصية: 210.
2- المصدر: 211.
3- المصدر: 211.
4- المصدر: 211.
5- المصدر: 212.

لي أبو الحسن الرضا عليه السّلام: كان أبو جعفر محدّثا (1).

367 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي و محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي اللّه عنهما - قالا: حدثنا محمّد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: قرأت كتاب أبى الحسن الرضا عليه السّلام إلى أبي جعفر: يا أبا جعفر بلغني أنّ الموالى إذ ركبت أخرجوك من الباب الصغير، فانّما ذلك من بخل بهم لئلا ينال منك أحد خيرا فأسألك بحقّى عليك لا يكن مدخلك و مخرجك إلاّ من الباب الكبير و إذا ركبت فليكن معك ذهب و فضّة ثم لا يسألك أحد إلاّ أعطيته، و من سألك من عمومتك أن تبرّه فلا تعطه أقلّ من خمسين دينارا و الكثير إليك، و من سألك من عمّاتك فلا تعطها أقلّ من خمسة و عشرين دينارا و الكثير إليك، إنّي اريد أن يرفعك اللّه فأنفق و لا تخش من ذي العرش إقتارا (2).

368 - عنه قال: حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثني محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا عون بن محمّد بن عبّاد - و كان يكتب للرضا عليه السّلام ضمّه إليه الفضل بن سهل - قال: ما كان عليه السّلام يذكر محمّدا ابنه إلاّ بكنيته يقول: كتب إليّ أبو جعفر و كنت أكتب إلى أبى جعفر. و هو صبيّ بالمدينة، فيخاطبه بالتعظيم و ترد كتاب أبي جعفر عليه السّلام في نهاية البلاغة و الحسن، فسمعته يقول: أبو جعفر وصيّي و خليفتي في أهلي من بعدي (3).

369 - الراوندي، باسناده عن محمّد بن ميمون قال كنت مع الرضا عليه السّلام بمكة قبل خروجه إلى خراسان، فقلت له: إنّي أريد المدينة فاكتب معي كتابا إلى أبي جعفر فتبسّم و كتب، فصرت إلى المدينة و قد كان ذهب بصري، فخرج الخادم بأبي جعفر إلينا فحمله في المهد فناولته الكتاب، فقال: لموفّق الخادم فضّة و انشره، ففضّه و نشره بين يديه، فنظر فيه فقال: يا محمّد ما حال بصرك ؟ قلت يا ابن رسول اللّه اعتلت عيناى فذهب بصري كما ترى، قال: ادن منّي فدنوت منه فمدّ يده فمسح بها

ص: 215


1- المصدر: 212.
2- عيون الاخبار: 2-8.
3- عيون الاخبار: 2-240.

على عيني فعاد إليّ بصري كأصحّ ما كان، فقبّلت يده و رجله و انصرفت من عنده و أنا بصير (1).

14- باب ما جاء عنه في أخبار المهدى عليهما السّلام

370 - الحميري، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه السّلام عن قرب هذا الأمر فقال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام حكاه عن أبى جعفر عليه السّلام قال: أوّل علامات الفرج سنة خمس و تسعين و مائة و في سنة ستّ و تسعين و مائة يخلع العرب أعنّتها، و في سنة تسع و تسعين و مائة يكون الغناء و في سنة ثمان و مائة يكون الجلاء، فقال:

أ ما ترى بني هاشم قد انقلعوا بأهليهم و أولادهم فقلت لهم الجلاء قال: و غيرهم في سنة تسع و تسعين و مائة يكشف اللّه البلاء إن شاء اللّه، و في سنة مائتين يفعل اللّه ما يشاء.

فقلت له جعلت فداك أخبرنا بما يكون في سنة مائتين قال: لو أخبرت أحدا لأخبرتكم و قد خبّرت بمكانتكم فما كان هذا من رأى أن يظهر منّي إليكم و لكن إذا أراد اللّه تبارك و تعالى إظهار شيء من الحق لم يقدر العباد على ستره، فقلت له: جعلت فداك إنّك قلت لي في عامنا الأول حكيت عن أبيك إن انقضاء ملك فلان على رأس فلان و فلان ليس لبني فلان سلطان بعدهما قال: قد قلت ذاك، فقلت أصلحك اللّه إذا انقضى ملكهم يملك أحد من قريش يستقيم عليه الأمر؟ قال: لا.

قلت: يكون ما ذا قال: يكون الّذي تقول أنت و أصحابك، قلت ؟ تعنى خروج السفياني، فقال: لا، فقلت فقيام القائم عليه السّلام قال يفعل اللّه ما يشاء، قلت: فأنت هو؟ قال:

لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه، و قال: إن قدّام هذا الأمر علامات حدث تكون بين الحرمين قلت: ما الحدث قال: عصبة تكون و يقتل فلان من آل فلان خمسة عشر رجلا - (2) الخ.

ص: 216


1- الخرائج: 207.
2- قرب الاسناد: 217-219.

371 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر قال قلت له: جعلت فداك إنّ ثعلبة بن ميمون حدثني عن علي بن المغيرة، عن زيد العمّي، عن علي بن الحسين عليهما السّلام قال: يقوم قائمنا لموافاة الناس سنة قال: يقوم القائم بلا سفياني، إنّ أمر القائم حتم من اللّه و أمر السفياني حتم من اللّه و لا يكون قائم إلاّ بسفياني، قلت: جعلت فداك فيكون في هذه السنة قال: ما شاء اللّه، قلت يكون في الّتي تليها قال: يفعل اللّه ما يشاء (1).

372 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال:

سمعت الرضا عليه السّلام يقول: يزعم ابن أبي حمزة إنّ جعفرا زعم أنّ القائم أتى و ما علم جعفر بما يحدث من أمر اللّه، فو اللّه لقد قال اللّه تبارك و تعالى لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «مٰا أَدْرِي مٰا يُفْعَلُ بِي وَ لاٰ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّٰ مٰا يُوحىٰ إِلَيَّ » (2) و كان أبو جعفر يقول: أربعة أحداث تكون قبل قيام القائم تدلّ على خروجه، منها أحداث قد مضى منها ثلاثة و بقي واحد، قلنا جعلنا فداك و ما مضى منها؟ قال: رجب خلع فيها صاحب خراسان و رجب وثب فيه عليّ بن زبيدة، و رجب يخرج فيه محمّد بن ابراهيم بالكوفة، قلنا:

فالرجب الرابع متّصل به ؟ قال: هكذا قال أبو جعفر عليه السّلام (3).

373 - عنه عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر قال: قال الرضا عليه السّلام: ما أحسن الصبر و انتظار الفرج، أ ما سمعت قول العبد الصالح «وَ اِرْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ » (4) «فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ » (5). فعليكم بالصبر إنّما يجيء الفرج على اليأس و قد كان الذين من قبلكم أصبر منكم و قد قال أبو جعفر عليهما السّلام: هي و اللّه السنن القذّة بالقذّة و مشكاة بمشكاة و لا بدّ أن يكون فيكم ما كان في الذين من قبلكم و لو كنتم على أمر واحد، كنتم على غير سنّة الّذين من قبلكم و لو أنّ العلماء وجدوا من يحدّثوكم و يكتم سرّهم لحدّثوا و لتبيّنوا الحكمة، و لكن قد ابتلاكم اللّه عزّ و جلّ بالاذاعة، و

ص: 217


1- قرب الاسناد: 217-219.
2- الاحقاف: 9.
3- قرب الاسناد: 220.
4- هود: 93.
5- الاعراف: 17.

أنتم قوم تحبّونا بقلوبكم و يخالف ذلك فعلكم، و اللّه ما يستوي اختلاف أصحابك و لهذا أسرّ على صاحبكم ليقال مختلفين، ما لكم لا تملكون أنفسكم و تصبرون، حتى يجيء اللّه تبارك و تعالى و قضاؤه و الصبر و إنّما يعجل من يخاف الفوت (1)

374 - الكليني - رحمه اللّه - قال: عدة من أصحابنا، عن جعفر بن محمّد، عن ابن فضال عن الريّان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: - و سئل عن القائم - فقال:

لا يرى جسمه و لا يسمّى اسمه (2).

375 - عنه قال: عدة من أصحابنا عن سعد بن عبد اللّه عن أيوب بن نوح قال:

قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: إني أرجو أن تكون صاحب هذا الأمر و أن يسوقه اللّه إليك بغير سيف، فقد بويع لك و ضربت الدراهم باسمك فقال: ما منّا أحد اختلفت إليه الكتب و اشير إليه بالأصابع، و سئل عن المسائل، و حملت إليه الأموال، إلاّ اغتيل أو مات على فراشه، حتّى يبعث اللّه لهذا الأمر غلاما منّا خفيّ الولادة و المنشأ غير خفيّ في نسبه (3).

376 - محمّد بن إبراهيم النعماني قال: حدثنا محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا علي بن محمّد عن بعض رجاله، عن أيوب بن نوح، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام أنه قال: إذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقّعوا الفرج من تحت أقدامكم (4).

377 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن همّام قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، قال: حدثني علي بن عاصم، عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام أنه قال: قبل هذا الأمر السفياني و اليماني و المرواني و شعيب بن صالح و كفّ يقول هذا و هذا (5).

378 - عنه - رحمه اللّه - قال حدثني علي بن الحسين قال: حدثنا محمّد بن يحيى

ص: 218


1- قرب الاسناد: 224 و له صدر حذفناه لعدم المناسبة.
2- الكافى 1-333-341 - و غيبة النعمانى: 87، و كمال الدين: 370.
3- الكافى 1-333-341 - و غيبة النعمانى: 87، و كمال الدين: 370.
4- غيبة النعمان: 98.
5- غيبة النعمانى: 133.

العطّار بقم، قال: حدثنا محمّد بن الحسن الرازي، قال: حدثني محمّد بن على الكوفيّ ، عن معمر بن خلاّد قال: ذكر القائم عند أبى الحسن الرضا عليه السّلام: فقال: أنتم اليوم أرخى بالا منكم يومئذ، قالوا: و كيف، قال: لو قد خرج قائمنا عليه السّلام لم يكن إلاّ العلق و العرق و القوم على السروج و ما لباس القائم إلاّ الغليظ و ما طعامه إلاّ الجشب (1).

379 - عنه - رحمه اللّه - عن على بن أحمد البندليجي، عن عبيد اللّه بن موسى العلوى، عن محمّد بن موسى، عن أحمد بن أبي أحمد، عن محمّد بن علي القرشي، عن الحسن ابن الجهم قال: قلت للرضا عليه السّلام: أصلحك اللّه إنّهم يتحدّثون أنّ السفياني يقوم و قد ذهب سلطان بني العباس؛ فقال: كذبوا إنه ليقوم و إنّ سلطانهم لقائم (2).

380 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن همام قال: حدثنا أحمد بن مابنداز، قال: حدثنا أحمد بن هلال، عن إسحاق بن صباح، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنّه قال:

إنّ هذا سيفضي إلى من يكون له الخمل (3).

381 - عنه - رحمه اللّه - عن محمّد بن همّام قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك، قال: حدثنا معاوية بن حكيم، قال حدثنا أحمد بن محمّد بن أبى نصر قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: قبل هذا الأمر يبوح فلم أدر ما اليبوح ؟ فحججت فسمعت أعرابيّا يقول هذا يوم يبوح فقلت له: ما اليبوح ؟ فقال: الشديد الحرّ (4).

382 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانى - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا على بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام: يا ابن رسول اللّه ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: إذ خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائهم فقال عليه السّلام: هو كذلك، فقلت: فقول اللّه عزّ و جلّ : «وَ لاٰ تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ » ما معناه، فقال: صدق اللّه في جميع أقواله، لكن ذرارى قتلة الحسين عليه السّلام يرضون بأفعال آبائهم و يفتخرون بها، و من رضي شيئا كان كمن أتاه و لو أنّ رجلا قتل

ص: 219


1- غيبة النعمانى: 153.
2- غيبة النعمانى: 162.
3- غيبة النعمانى: 174.
4- غيبة النعمانى: 144.

بالمشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند اللّه شريك القاتل، و انّما يقتلهم القائم إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم، قال: فقلت له: بأيّ شيء يبدأ القائم عليه السّلام منكم اذا قام، قال: يبدأ ببني شيبة و يقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّ و جلّ (1).

383 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أحمد بن محمّد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه، عن أبى الحسن على بن موسى الرضا عليهما السّلام أنه قال: كانّي بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون المرعى فلا يجدونه، قلت له: و لم ذلك يا ابن رسول اللّه ؟ قال لأنّ إمامهم يغيب عنهم فقلت: و لم ؟ قال: لئلا يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف (2).

384 - عنه - قال: حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أحبّ أن يتمسّك بديني و يركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب و ليعاد عدوّه، و ليوال وليّه، فإنه وصيّي و خليفتي على أمّتي في حياتي و بعد وفاتي و هو إمام كلّ مسلم و أمير - كلّ مؤمن بعدي، قوله قولي و أمره أمرى و نهيه نهيى، و تابعه تابعى و ناصره ناصري و خاذله خاذلي.

ثم قال عليه السّلام: من فارق عليّا بعدي لم يرني و لم أره يوم القيامة، و من خالف عليّا حرّم اللّه عليه الجنّة، و جعل مأواه النار [و بئس المصير] و من خذل عليا خذله - اللّه يوم يعرض عليه، و من نصر عليّا نصره اللّه يوم يلقاه، و لقّنه حجّته عند المساءلة، ثم قال عليه السّلام: الحسن و الحسين إماما أمّتي بعد أبيهما و سيدا شباب أهل الجنّة، و و أمّهما سيّدة نساء العالمين و أبوهما سيد الوصيّين، و من ولد الحسين تسعة أئمة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي و معصيتهم معصيتى، إلى اللّه أشكو المنكرين

ص: 220


1- علل الشرائع: 1-218 و العيون 1-273 و قد تقدم ص 146.
2- علل الشرائع: 1-233 و العيون: 1-273.

لفضلهم، و المضيّعين لحرمتهم بعدي، و كفى باللّه وليّا و ناصرا لعترتي، و أئمّة أمّتي، و منتقما من الجاحدين لحقهم، و سيعلم الّذين ظلموا أىّ منقلب ينقلبون (1).

385 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر، قال: حدثنا على بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبى الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام عن أبيه، عن آبائه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا سيد من خلق اللّه عزّ و جلّ ، و أنا خير من جبرئيل و ميكائيل و اسرافيل و حملة العرش و جميع ملائكة اللّه المقرّبين و أنبياء اللّه المرسلين، و أنا صاحب الشفاعة و الحوض الشريف و أنا و عليّ أبوا هذه الامّة، من عرفنا فقد عرف اللّه عزّ و جلّ و من أنكرنا فقد أنكر اللّه عزّ و جلّ ، و من عليّ سبطا أمّتي و سيدا شباب أهل الجنة، الحسن و الحسين و من ولد الحسين تسعة أئمة، طاعتهم طاعتي و معصيتهم معصيتي، تاسعهم قائمهم و مهديّهم (2).

386 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه أمير المؤمنين عليهم السّلام أنه قال: التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين، و الباسط للعدل، قال الحسين عليه السّلام فقلت له: يا أمير المؤمنين و إنّ ذلك لكائن ؟ فقال عليه السّلام: إي و الّذي بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالنبوّة و اصطفاه على جميع البريّة و لكن بعد غيبة و حيرة فلا يثبت فيها على دينه إلاّ المخلصون المباشرون لروح اليقين الّذين أخذ اللّه عزّ و جلّ ميثاقهم بولايتنا و كتب في قلوبهم الإيمان و أيّدهم بروح منه (3).

387 - عنه قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي اللّه عنه - قال حدثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن أيوب بن نوح قال: قلت

ص: 221


1- كمال الدين: 260.
2- كمال الدين: 261.
3- كمال الدين: 304.

للرضا عليه السّلام: إنا لنرجو أن تكون صاحب هذا الأمر و أن يردّه اللّه عزّ و جلّ إليك من غير سيف، فقد بويع لك و ضربت الدراهم باسمك، فقال: ما منّا أحد اختلفت إليه الكتب و سئل عن المسائل و أشارت إليه الأصابع، و حملت إليه الأموال، إلاّ اغتيل أو مات على فراشه حتى يبعث اللّه عزّ و جلّ لهذا الأمر رجلا خفيّ المولد و المنشأ غير خفيّ في نسبه (1).

388 - عنه قال: حدثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن هلال العبرتائي، عن الحسن بن محبوب، عن أبى الحسن على بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: قال لي: لا بدّ من فتنة صمّاء صيلم يسقط فيها كلّ بطانة و وليجة و ذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي، يبكي عليه أهل السماء و أهل الأرض، و كل حرّى و حرّان، و كلّ حزين و لهفان.

ثم قال عليه السّلام: بابي و أمّي سمّي جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و شبيهي و شبيه موسى بن عمران عليه السّلام، عليه جيوب النور، يتوقّد من شعاع ضياء القدس، يحزن لموته أهل الأرض و السماء، كم من حرّى مؤمنة، و كم من مؤمن متأسّف حرّان حزين عند فقدان الماء المعين، كأنّي بهم آيس ما كانوا قد نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب يكون رحمة على المؤمنين و عذابا على الكافرين (2).

389 - عنه قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا أبي عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن مهران، عن خاله أحمد بن زكريّا قال: قال لي الرضا عليّ بن موسى عليهما السّلام: أين منزلك ببغداد قلت: الكرخ قال: أما أنه أسلم موضع و لا بدّ من فتنة صمّاء صيلم تسقط فيها كلّ وليجة و بطانة، و ذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي (3).

390 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانى - رضي اللّه عنه - قال

ص: 222


1- كمال الدين: 370 - و تقدم نحوه ص 218.
2- كمال الدين: 370 و العيون: 2-6.
3- كمال الدين: 371.

حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد قال: قال علي بن موسى الرضا عليهما السّلام: لا دين لمن لا ورع له، و لا إيمان لمن لا تقيّة له، إنّ أكرمكم عند اللّه أعملكم بالتقيّة، فقيل له: يا ابن رسول اللّه إلى متى ؟ قال:

إلى يوم الوقت المعلوم و هو يوم خروج قائمنا أهل البيت، فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منّا، فقيل له: يا ابن رسول اللّه و من القائم منكم أهل البيت ؟ قال: الرابع من ولدي ابن سيّدة الإماء، يطهّر اللّه به الأرض من كلّ جور و يقدّسها من كلّ ظلم [و هو] الّذي يشكّ الناس في ولادته و هو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره و وضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم أحد أحدا، و هو الذي تطوى له الأرض و لا يكون له ظلّ ، و هو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه.

يقول: ألا إنّ حجّة اللّه قد ظهر عند بيت اللّه فاتّبعوه، فإنّ الحق معه و فيه و هو قول اللّه عزّ و جلّ : «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلسَّمٰاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنٰاقُهُمْ لَهٰا خٰاضِعِينَ » (1).

391 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت دعبل ابن عليّ الخزاعي يقول: أنشدت مولاى الرضا علي بن موسى عليهما السّلام قصيدتى الّتي أوّلها:

مدارس آيات خلت من تلاوة *** و منزل وحي مقفر العرصات

فلمّا انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج *** يقوم على اسم اللّه و البركات

يميّز فينا كلّ حق و باطل *** و يجزى على النعماء و النقمات

بكى الرضا عليه السّلام بكاء شديدا، ثم رفع رأسه إلى فقال لي: يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام و متى يقوم ؟

ص: 223


1- كمال الدين: 371 و ينابيع المودة: 537 و الآية في سورة الشعراء: 4.

فقلت: لا يا مولاى إلاّ أنّى سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد و يملأها عدلا كما ملئت جورا.

فقال: يا دعبل الإمام بعدي محمّد ابني و بعد محمّد ابنه عليّ ، و بعد عليّ ابنه الحسن، و بعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه عزّ و جلّ ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

و أمّا «متى» فإخبار عن الوقت، فقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله قيل له: يا رسول اللّه متى يخرج القائم من ذرّيتك، فقال عليه السّلام:

مثله مثل الساعة التى «لاٰ يُجَلِّيهٰا لِوَقْتِهٰا إِلاّٰ هُوَ ثَقُلَتْ فِي اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ لاٰ تَأْتِيكُمْ إِلاّٰ بَغْتَةً (1).

392 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن علي بن ابراهيم بن هاشم - رضي اللّه عنه - عن أبيه عن جده ابراهيم بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: دخل دعبل بن على الخزاعي - رضي اللّه عنه - على أبى الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام بمرو فقال له: يا ابن رسول اللّه إني قد قلت فيكم قصيدة و آليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال عليه السّلام: هاتها، فأنشدها:

مدارس آيات خلت من تلاوة *** و منزل وحي مقفر العرصات

فلمّا بلغ إلى قوله:

أرى فيئهم في غيرهم متقسّما *** و أيديهم من فيئهم صفرات

بكى أبو الحسن الرضا عليه السّلام و قال: صدقت يا خزاعي.

فلمّا بلغ إلى قوله:

اذا و تروا مدّوا إلى واتريهم *** أكفّا عن الأوتار منقبضات

جعل أبو الحسن عليه السّلام يقلّب كفّيه و هو يقول: أجل و اللّه منقبضات.

ص: 224


1- كمال الدين: 372 و ينابيع المودة: 544 و الآية في الاعرف: 187.

فلمّا بلغ إلى قوله:

لقد خفت في الدنيا و أيام سعيها *** و إني لارجو الأمن بعد وفاتى

قال له الرضا عليه السّلام: آمنك اللّه يوم الفزع الأكبر.

فلمّا انتهى إلى قوله:

و قبر ببغداد لنفس زكيّة *** تضمّنه الرحمن في الغرفات

قال له الرضا عليه السّلام: أ فلا ألحق بهذا الموضع بيتين بها تمام قصيدتك ؟ فقال: بلى يا ابن رسول اللّه، فقال عليه السّلام:

و قبر بطوس يا لها من مصيبة *** توقّد في الاحشاء بالحرقات

إلى الحشر حتى يبعث اللّه قائما *** يفرّج عنّا الهمّ و الكربات

فقال دعبل: يا ابن رسول اللّه هذا القبر الّذي بطوس قبر من هو؟ فقال الرضا عليه السّلام قبري، و لا تنقضي الايام و اللّيالي حتى تصير طوس مختلف شيعتى و زوّاري في غربتي، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له.

ثم نهض الرضا عليه السّلام بعد فراغ دعبل من انشاده القصيدة و أمره أن لا يبرح من موضعه فدخل الدار، فلمّا كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضويّة، فقال له: يقول لك مولاى: اجعلها في نفقتك، فقال دعبل: و اللّه ما لهذا جئت و لا قلت هذه القصيدة طمعا في شيء يصل إليّ و ردّ الصرّة و سأل ثوبا من ثياب الرضا عليه السّلام ليتبرّك به و يتشرّف، فأنفذ إليه الرضا عليه السّلام جبّة خزّ مع الصرّة و قال للخادم: قل له: يقول لك [مولاي]: خذ هذه الصرّة فانّك ستحتاج إليها و لا تراجعني فيها فأخذ دعبل الصرّة و الجبّة و انصرف (1).

393 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه عن الريّان بن الصلت قال: قلت للرضا عليه السّلام: أنت صاحب هذا الأمر، فقال: أنا صاحب هذا الأمر و لكنّي لست بالذي أملأها عدلا كما ملئت جورا، و كيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني، و إنّ القائم هو

ص: 225


1- كمال الدين: 374 و العيون: 2-263.

الذي إذا خرج كان في سنّ الشيوخ و منظر الشبّان قويّا في بدنه حتّى لو مدّ يده الى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، و لو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصا موسى، و خاتم سليمان عليهما السّلام، ذاك الرابع من ولدي، يغيّبه اللّه في ستره ما شاء ثم يظهره فيملأ الارض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما (1).

394 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أحمد بن علي الانصاري، عن أبي الصلت الهروي، قال: قلت للرضا عليه السّلام: ما علامات القائم منكم ؟ إذا خرج، قال: علاماته أن يكون شيخ السنّ ، شابّ المنظر، حتى أنّ الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، و إنّ من علاماته أن لا يهرم بمرور الأيام و الليالي حتى يأتيه أجله (2).

395 - الطوسى - رحمه اللّه - باسناده عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر قال: قال أبو الحسن عليه السّلام أما و اللّه لا يكون الذي تمدّون إليه أعينكم حتى تميّزوا أو تمحّصوا حتى لم يبق منكم إلاّ الأندر ثمّ تلا «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمّٰا يَعْلَمِ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ جٰاهَدُوا مِنْكُمْ ... وَ يَعْلَمَ اَلصّٰابِرِينَ » (3).

396 - عنه - رحمه اللّه - بإسناده عن سعد بن عبد اللّه، عن الحسن بن على الزيتوني و عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال العبرتائي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام - في حديث له طويل اختصرنا منه موضع الحاجة - أنه قال: لا بدّ من فتنة صمّاء صيلم يسقط فيها كل بطانة و وليجة، و ذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي يبكي عليه أهل السماء و أهل الارض، و كم من مؤمن متأسف حرّان حزين عند فقد الماء المعين، كانّي بهم أسرّ ما يكونون و قد نودوا نداء يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، يكون رحمة للمؤمنين و عذابا للكافرين، فقلت: و أى نداء هو؟ قال: ينادون في رجب ثلاثة أصوات من السماء صوتا منها ألا لعنة اللّه على الظالمين

ص: 226


1- كمال الدين: 376.
2- كمال الدين: 652.
3- غيبة الطوسى: 204 و الآية في آل عمران: 137.

و الصوت الثاني أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين، و الصوت الثالث - يرون بدنا بارزا نحو عين الشمس - هذا أمير المؤمنين قد كرّ في هلاك الظالمين. و في رواية الحميري - و الصوت الثالث بدن يرى في قرن الشمس يقول: إنّ اللّه بعث فلانا فاسمعوا له و أطيعوا (و قالا جميعا) فعند ذلك يأتى الناس الفرج و تودّ الناس لو كانوا أحياء و يشفى اللّه صدور قوم مؤمنين (1).

397 - عنه - رحمه اللّه - عن الفضل، عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: إنّ من علامات الفرج حدثا يكون بين الحرمين، قلت: و أىّ شيء يكون الحدث ؟ فقال: عصبية تكون بين الحربين و يقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا (2).

398 - عنه، عن علي بن أسباط عن الحسن بن الجهم قال: سأل رجل أبا الحسن عليه السّلام عن الفرج فقال: ما تريد؟ الاكثار أو أجمل لك ؟ فقال: أريد تجمله لي، فقال:

إذا تحرّكت رايات قيس بمصر و رايات كندة بخراسان - أو ذكر غير كندة - (3).

399 - عنه - رحمه اللّه - عن ابن أسباط، عن الحسن بن الجهم قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن شيء من الفرج فقال أو لست تعلم أنّ انتظار الفرج من الفرج، قلت: لا أدري إلاّ أن تعلّمني، فقال: نعم انتظار الفرج من الفرج (4).

400 - الصدوق رحمه اللّه قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادى قال: حدثني الحسين بن أحمد بن الفضل إمام جامع أهواز قال: حدثنا بكر بن أحمد ابن محمّد بن إبراهيم القصري غلام الخليل المحلمي قال: حدثنا الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى (5) عن على بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر بن محمّد عليهم السّلام قال:

لا يكون القائم إلاّ إمام ابن إمام و وصيّ ابن وصيّ (6).

401 - عنه - رحمه اللّه عن الاشناني عن على بن محمّد بن مهرويه عن الفراء، عن على بن

ص: 227


1- غيبة الطوسى، 268.
2- غيبة الطوسى: 272.
3- غيبة الطوسى: 272.
4- غيبة الطوسى: 276.
5- كذا و فيه حذف او ارسال.
6- عيون الاخبار: 2-131.

موسى عليهما السّلام عن آبائه، عن على عليه السّلام قال: قال رسول اللّه عليه السّلام: أفضل أعمال أمّتي انتظار فرج اللّه (1).

402 - عنه عن الجعابى عن الحسن بن عبد اللّه التميمي عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تقوم الساعة حتى يقوم قائم للحق منّا و ذلك حين يأذن اللّه عزّ و جلّ له، و من تبعه نجا و من تخلّف عنه هلك، اللّه اللّه عباد اللّه فأتوه و لو على الثلج، فأنه خليفة اللّه عزّ و جلّ و خليفتي (2).

403 - عنه - رحمه اللّه - بهذا الاسناد عن على عليه السّلام قال: قال نبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

لا تذهب الدنيا حتى يقوم رجل من ولد الحسين يملأها عدلا كما ملئت ظلما و جورا (3).

404 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا على بن إبراهيم عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروى عن أبى الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و الذي بعثني بالحق بشيرا ليغيبنّ القائم من ولدي بعهد معهود إليه منّي حتى يقول أكثر الناس ما للّه في آل محمّد حاجة و يشكّ آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسّك بدينه، و لا يجعل للشيطان إليه سبيلا بشكّه فيزيله عن ملّتي و يخرجه من ديني فقد أخرج أبويكم من الجنّة من قبل، و إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون (4).

405 - في البحار روي عن الرضا عليه السّلام انه قال: ما أحسن الصبر و انتظار الفرج أ ما سمعت قول العبد الصالح: «وَ اِرْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ » (5).

ص: 228


1- العيون: 2-36.
2- العيون: 2-59.
3- العيون: 66:2.
4- كمال الدين: 51.
5- البحار: 12 ر 375.

15- باب ما جاء عنه عليه السّلام في بنى هاشم

406 - الكليني - رحمه اللّه - قال: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن على بن الحكم، عن سليمان بن جعفر قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إنّ علي ابن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام و امرأته و بنيه من أهل الجنّة، ثم قال: من عرف هذا الأمر من ولد على و فاطمة عليهما السّلام لم يكن كالناس (1).

407 - عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، قال: حدثنى الوشّاء قال حدثنا أحمد بن عمر الحلاّل قال: قلت لأبى الحسن عليه السّلام: أخبرني عمّن عاندك و لم يعرف حقّك من ولد فاطمة، هو و سائر الناس سواء في العقاب ؟ فقال: كان علي بن الحسين عليهما السّلام يقول: عليهم ضعفا العقاب (2).

408 - عنه، قال: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، قال:

سألت الرضا عليه السّلام قلت له: الجاحد منكم و من غيركم سواء؟ فقال: الجاحد منّا له ذنبان و المحسن له حسنتان (3).

409 - الحميري عن ابن أبى نصر قال: سألت الرضا عليه السّلام عن الصدقة تحلّ لبنى هاشم، فقال: لا و لكن صدقات بعضهم على بعض تحلّ لهم (4).

410 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدّثنا أبي رحمه اللّه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن الريّان بن الصلت قال: جاء قوم بخراسان إلى الرضا عليه السّلام فقالوا إن قوما من أهل بيتك يتعاطون امورا قبيحة فلو نهيتهم عنها، فقال: لا أفعل، فقيل: و لم ؟ فقال: لأنّي

ص: 229


1- الكافى: 1-377.
2- الكافى: 1-377.
3- الكافى: 1-378 و قرب الاسناد: 210.
4- قرب الاسناد: 217.

سمعت أبى يقول: النصيحة خشنة (1).

411 - عنه - رحمه اللّه - قال حدثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهّاب. قال: حدثنا أبو نصر منصور بن عبد اللّه بن إبراهيم الاصبهاني، قال: حدثنا علي بن عبد اللّه قال:

حدثنا داود بن سليمان، عن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبى عن أبيه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أربعة أنا الشفيع لهم يوم القيامة، و لو أتوني بذنوب أهل الأرض. معين أهل بيتي، و القاضى لهم حوائجهم عند ما اضطرّوا إليه، و المحبّ لهم بقلبه و لسانه و الدافع عنهم بيده (2).

412 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: النظر إلى ذريّتنا عبادة، فقيل له: يا ابن رسول اللّه النظر إلي جميع ذريّة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال: بل النظر إلى جميع ذرّية النبي عبادة (3).

413 - و بهذا الاسناد قال عليه السّلام: النظر إلى ذرّيتنا عبادة فقيل له يا ابن رسول اللّه النظر إلى الأئمة منكم عبادة او النظر إلى جميع ذريّة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ؟ قال: بل النظر إلى جميع ذريّة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عبادة ما لم يفارقوا منهاجه و لم يتلوّثوا بالمعاصي (4).

414 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثني محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا محمّد بن يزيد النحوي قال: حدثني ابن أبي عبدون، عن أبيه قال: لمّا جيء بزيد بن موسى أخى الرضا عليه السّلام إلى المأمون - و قد خرج بالبصرة و أحرق دور العباسيين و ذلك في سنة 199 فسمّي زيد النار - قال له المأمون: يا زيد خرجت بالبصرة و تركت أن تبدأ بدور أعدائنا من بنى اميّة و ثقيف و عدي و باهلة و آل زياد، و قصدت دور بنى عمّك ؟! قال - و كان مزّاحا - أخطأت

ص: 230


1- علل الشرائع: 2-269.
2- الخصال: 196 و تقدم نحوه عن العيون.
3- أمالي الصدوق: 176.
4- عيون الأخبار: 2-51.

يا أمير المؤمنين من كلّ جهة، و إن عدت بدأت بأعدائنا، فضحك المأمون و بعث به إلى أخيه الرضا عليه السّلام و قال: قد وهبت جرمه لك، فلمّا جاءوا به عنّفه و خلّى سبيله و حلف أن لا يكلّمه أبدا ما عاش (1).

415 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه، و محمّد بن موسى بن المتوكّل و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنهم - قالوا: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني ياسر أنه خرج زيد بن موسى اخو أبى الحسن عليه السّلام بالمدينة و أحرق و قتل، و كان يسمّى زيد النار فبعث إليه المأمون فاسر و حمل إلى المأمون فقال المأمون:

اذهبوا به إلى أبي الحسن، قال ياسر: فلمّا ادخل عليه.

قال له أبو الحسن عليه السّلام: يا زيد أغرّك قول سفلة أهل الكوفة إنّ فاطمة عليهما السّلام أحصنت فرجها فحرّم اللّه ذريّتها علي النار، ذلك للحسن و الحسين خاصّة، إن كنت ترى أنك تعصي اللّه عزّ و جلّ و تدخل الجنة و موسى بن جعفر عليهما السّلام أطاع اللّه و دخل الجنة فأنت أكرم على اللّه عزّ و جلّ من موسى بن جعفر عليهما السّلام و اللّه ما ينال أحد ما عند اللّه عزّ و جلّ إلا بطاعته و زعمت أنك تناله بمعصيته فبئس ما زعمت.

فقال له زيد: أنا اخوك و ابن أبيك، فقال أبو الحسن عليه السّلام أنت أخى ما أطعت اللّه عزّ و جلّ ، إنّ نوحا عليه السّلام قال: «رَبِّ إِنَّ اِبْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ اَلْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْكَمُ اَلْحٰاكِمِينَ » فقال اللّه عزّ و جلّ : «يٰا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صٰالِحٍ » فأخرجه اللّه عزّ و جلّ من أن يكون من أهله بمعصيته (2).

416 - عنه قال: حدثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشى - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا أبو على أحمد بن علي الأنصاري، عن أبي الصلت الهروي قال: سمعت الرضا عليه السّلام يحدّث عن أبيه أنّ إسماعيل قال للصادق عليه السّلام يا أبتاه ما تقول في المذنب منّا و من غيرنا فقال عليه السّلام: «لَيْسَ بِأَمٰانِيِّكُمْ وَ لاٰ أَمٰانِيِّ أَهْلِ اَلْكِتٰابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ » (3).

ص: 231


1- عيون الاخبار: 2-232.
2- المصدر: 2-244 و الآية في هود: 45.
3- المصدر: 2-234 - و الآية في النساء: 123.

417 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، قال: حدثنا أبو الخير صالح بن أبي حمّاد، عن الحسن بن الجهم قال: كنت عند الرضا عليه السّلام و عنده زيد بن موسى أخوه و هو يقول:

يا زيد اتّق اللّه فأنه بلغنا ما بلغنا بالتقوى، فمن لم يتق اللّه و لم يراقبه فليس منّا و لسنا منه، يا زيد إيّاك أن تهين من به تصول من شيعتنا فيذهب نورك.

يا زيد إنّ شيعتنا إنما أبغضهم الناس و عادوهم و استحلّوا دمائهم و أموالهم لمحبّتهم لنا و اعتقادهم لولايتنا، فإن أنت أسأت إليهم ظلمت نفسك و بطلت حقّك. قال الحسن ابن الجهم: ثم التفت عليه السّلام إليّ فقال لي: يا ابن الجهم من خالف دين اللّه فابرأ منه كائنا من كان من أيّ قبيلة كان، و من عادى اللّه فلا تواله كائنا من كان من أىّ قبيلة كان، فقلت له: يا ابن رسول و من الذي يعادى اللّه تعالى قال: من يعصيه (1).

418 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو محمّد جعفر بن نعيم الشاذاني - رضي اللّه عنه - قال أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن محمّد الهمداني قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: من أحبّ عاصيا فهو عاص، و من أحبّ مطيعا فهو مطيع، و من أعان ظالما فهو ظالم و من خذل عادلا فهو ظالم، إنه ليس بين اللّه و بين أحد قرابة و لا ينال أحد ولاية اللّه إلاّ بالطاعة، و لقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لبنى عبد المطلب ايتوني بأعمالكم لا بأحسابكم و أنسابكم قال اللّه تعالى: «فَإِذٰا نُفِخَ فِي اَلصُّورِ فَلاٰ أَنْسٰابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لاٰ يَتَسٰاءَلُونَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوٰازِينُهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ خَفَّتْ مَوٰازِينُهُ فَأُولٰئِكَ اَلَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خٰالِدُونَ (2).

419 - عنه - رحمه اللّه - عن الجعابى، عن الحسن بن عبد اللّه التميمى عن على بن موسى عن آبائه عليهم السّلام عن علي عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال لبنى هاشم: أنتم المستضعفون بعدي (3).

ص: 232


1- عيون الاخبار: 2-235.
2- المصدر: 2-235 و الآية في سورة المؤمنون: 101-103.
3- المصدر: 2-61.

16- باب نوادر ما ورد عنه عليه السّلام في الامامة

420 - الصفار - رحمه اللّه - قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن عبد العزيز بن المهتدي، عن عبد اللّه بن جندب، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنه كتب إليه في رسالة أنّ شيعتنا مكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم، أخذ اللّه علينا و عليهم الميثاق يردون موردنا و يدخلون مدخلنا، ليس على ملّة الإسلام غيرنا و غيرهم (1).

421 - الحميري قال: حدثنا معاوية بن حكيم عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال: وعدنا أبو الحسن الرضا عليه السّلام ليلة إلى مسجد دار معاوية فجاء عليه السّلام فسلّم فقال عليه السّلام إنّ الناس قد جهدوا على إطفاء نور اللّه حين قبض اللّه تبارك و تعالى رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره و قد جهد علي بن أبي حمزة على إطفاء نور اللّه حين مضى أبو الحسن عليه السّلام فأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره، و قد هداكم اللّه لأمر جهله الناس، فاحمدوا اللّه على ما منّ عليكم به إنّ جعفرا كان يقول فمستقرّ و مستودع، فالمستقرّ ما ثبت من الإيمان و المستودع المعار، و قد هداكم اللّه لأمر جهله الناس، فاحمدوا اللّه على ما منّ به عليكم (2).

422 - عنه عن معاوية بن حكيم عن البزنطي قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: للناس في المعرفة صنع قال: لا قلت: لهم عليها ثواب قال: يتطوّل عليهم بالثواب كما يتطوّل عليهم بالمعرفة (3).

423 - عنه عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قال الرضا عليه السّلام: الامام اذ أوصى إلى الّذي يكون من بعده بشيء ففوّض إليه فيجعله حيث يشاء أو كيف هو؟ قال: إنما يوصى بأمر اللّه عزّ و جلّ ، فقال له: انه قد حكي عن جدّك قال: أ ترون أنّ هذا الأمر إلينا نجعله حيث نشاء، لا و اللّه ما هو إلاّ عهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رجل فرجل مسمّى فقال:

ص: 233


1- بصائر الدرجات: 173.
2- قرب الاسناد: 202.
3- قرب الاسناد: 202.

فالذى قلت لك من هذا (1).

324 - عنه، قال البزنطي: و سألته أن يدعو اللّه عزّ و جلّ لامرأة من أهلنا بها حمل فقال: قال أبو جعفر عليه السّلام: الدعاء ما لم يمض أربعة أشهر فقلت له: إنما لها أقلّ من هذا، فدعا لها، ثم قال: إنّ النطفة تكون في الرحم ثلاثين يوما و تكون علقة ثلاثين يوما و تكون مضغة ثلاثين يوما، و تكون مخلّقة و غير مخلّقة ثلاثين يوما، فاذا تمّت الأربعة أشهر بعث اللّه تبارك و تعالى إليها ملكين خلاقين يصوّرانه و يكتبان رزقه أجله و شقيّا أو سعيدا (2).

325 - عنه عن البزنطي قال قلت للرضا عليه السّلام: جعلت فداك إنّ بعض أصحابنا يقولون: نسمع الأثر يحكى عنك و عن آبائك فنقيس عليه و نعمل به، فقال: سبحان اللّه لا و اللّه ما هذا من دين جعفر عليه السّلام هؤلاء قوم لا حاجة بهم إلينا قد خرجوا من طاعتنا و صاروا في موضعنا، فأين التقليد الّذي كانوا يقلّدون جعفرا و أبا جعفر عليهما السّلام، قال جعفر: لا تحملوا على القياس فليس من شيء يعدله القياس إلاّ و القياس يكسره (3) فقلت له جعلت فداك و هم يقولون في الصفة، فقال لي هو ابتداء: إنّ رسول للّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا اسرى به أوقفه جبرئيل موقفا لم يطأه أحد قطّ فمضى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأراه اللّه من نور عظمته ما أحبّ فوقفه على التشبيه فقال: سبحان اللّه دع ذا لا ينفتح عليك أمر عظيم. (4)

426 - الكليني - رحمه اللّه عن علي بن ابراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، قال كنت أنا و ابن فضّال جلوسا اذ أقبل يونس فقال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام فقلت له جعلت فداك قد قد أكثر الناس في العمود قال: فقال لي: يا يونس ما تراه ؟ أ تراه عمودا من حديد يرفع لصاحبك، قال: قلت: ما أدري قال: لكنّه ملك موكّل بكلّ بلدة يرفع اللّه به أعمال تلك البلدة، قال: فقام ابن فضّال فقبّل رأسه و قال: رحمك اللّه يا أبا محمّد لا تزال تجيء بالحديث الحقّ الذي يفرّج اللّه به عنّا (5).

427 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا حمزة بن محمّد العلوي، قال: أخبرنا أحمد

ص: 234


1- قرب الاسناد: 206 يعنى الّذي قلت لك من الجواب عهد منه صلى اللّه عليه و آله.
2- قرب الاسناد: 206 يعنى الّذي قلت لك من الجواب عهد منه صلى اللّه عليه و آله.
3- يعنى قياس يصدقه و يقيمه و قياس آخر يكسره.
4- قرب الاسناد: 209.
5- الكافى: - 288.

ابن محمّد الهمداني، قال: حدثنا المنذر بن محمّد قال: حدثنا الحسين بن محمّد، قال: حدثنا سليمان بن جعفر عن الرضا عليه السّلام قال: أخبرني أبي عن أبيه عن جدّه أنّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه أخذ بطّيخة ليأكلها فوجدها مرّة فرمى بها فقال: بعدا و سحقا، فقيل له يا أمير المؤمنين و ما هذه البطّيخة فقال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه تبارك و تعالى أخذ عقد مودّتنا على كلّ حيوان و نبت، فما قبل الميثاق كان عذبا طيّبا و ما لم يقبل الميثاق كان ملحاز عاقا (1).

428 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانة - رحمه اللّه - قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الريّان بن الصلت عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة (2).

429 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: شيعتنا المسلّمون لأمرنا، الآخذون بقولنا، المخالفون لاعدائنا، فمن لم يكن كذلك فليس منّا (3).

430 - عنه قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن ابن فضّال قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: من واصل لنا قاطعا أو قطع لنا واصلا أو مدح لنا عائبا أو أكرم لنا مخالفا فليس منّا و لسنا منه (4).

431 - عنه قال: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن الرضا عليه السّلام أنه قال: من والى أعداء اللّه فقد عادى أولياء اللّه، و من عادى أولياء اللّه فقد عادى اللّه تبارك و تعالى و حقّ على اللّه عزّ و جلّ أن يدخله في نار جهنم (5).

ص: 235


1- علل الشرائع: 2-148 و الزعاق: المر.
2- أمالي الصدوق: 217 و العيون: 2-52.
3- صفات الشيعة: 45.
4- صفات الشيعة: 49.
5- صفات الشيعة: 49.

432 - عنه قال: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريّان بن الصلت، عن الرضا عليّ بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، قال: رأى أمير المؤمنين عليه السّلام رجلا من شيعته من بعد عهد طويل و قد أثّر السنّ فيه و كان يتجلّد في مشيته فقال عليه السّلام: كبر سنّك يا رجل قال في طاعتك يا أمير المؤمنين، فقال عليه السّلام: أجد فيك بقيّة قال: هى لك يا أمير المؤمنين (1).

433 - عنه - رحمه اللّه - قال حدثنا أبو علي أحمد بن أبي جعفر البيهقى بفيد بعد منصرفي من حجّ بيت اللّه الحرام في سنة أربع و خمسين و ثلاثمائة قال: حدثنا علي بن جعفر المدنيّ قال: حدّثني عليّ بن محمّد بن مهرويه القزويني، قال: حدثنى داود بن سليمان قال:

حدثني علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اذا كان يوم القيامة ولينا حساب شيعتنا، فمن كانت مظلمته فيما بينه و بين اللّه عزّ و جلّ حكمنا فيها، فأجابنا، و من كانت مظلمته فيما بينه و بين الناس استوهبناها فوهبت لنا، و من كانت مظلمته بينه و بيننا كنّا أحقّ من عصى و صفح (2).

433 - عنه عن الجعابى عن التميمى عنه عن آبائه عن على عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم توضع يوم القيامة منا بر حول العرش لشيعتى و شيعة أهل بيتي، المخلصين في ولايتنا و يقول اللّه عزّ و جلّ : هلمّوا يا عبادي إليّ لأنشرنّ عليكم كرامتي فقد أوذيتم في الدنيا (3).

435 - و بهذا الاسناد عن علي عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ترد شيعتك يوم القيامة رواء غير عطاش، و يرد عدوّك عطاشا يستسقون فلا يسقون (4).

436 - عنه بهذا الاسناد عن الحسين بن علي عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعليّ عليه السّلام: بشّر شيعتك اني الشفيع لهم يوم لا ينفع إلاّ شفاعتي (5).

ص: 236


1- عيون الاخبار: 1-302.
2- المصدر: 2-57.
3- المصدر: 2-60.
4- المصدر: 2-60.
5- المصدر: 2-68.

437 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن عمرو بن علي البصري، قال: حدثنا ابو الحسن صالح بن شعيب الفريابي من قرى الفارياب، قال: حدثنا زيد بن محمّد البغدادي، قال: حدثنا علي بن احمد العسكرى، قال: حدثنا عبد اللّه بن داود ابن قبيصة الانصارى، عن موسى بن علي القرشي، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: رفع القلم عن شيعتنا فقلت: يا سيدى كيف ذلك ؟ قال: لأنهم اخذ عليهم العهد بالتقيّة في دولة الباطل يأمن الناس و يخوّفون و يكفّرون فينا و لا نكفّر فيهم، و يقتلون بنا و لا نقتل بهم، ما من أحد من شيعتنا ارتكب ذنبا أو خطأ إلاّ ناله في ذلك غمّ يمحص عنه ذنوبه و لو أنه أتى بذنوب بعدد القطر و المطر و بعدد الحصى و الرمل و بعدد الشوك و الشجر، فان لم ينله في نفسه ففى أهله و ماله، فان لم ينله في أمر دنياه و ما يغتمّ به تخايل له في منامه ما يغتمّ به فيكون ذلك تمحيصا لذنوبه (1).

438 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي - رضي اللّه عنه - قال:

حدثني أبي عن أحمد بن علي الانصاري، عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول:

ما قال فينا مؤمن شعرا يمدحنا به إلاّ بنى اللّه تعالى له مدينة في الجنة أوسع من الدنيا سبع مرات، يزوره فيها كلّ ملك مقرّب و كلّ نبىّ مرسل (2).

439 - عنه عن أبيه رضي اللّه عنه عن الحسن بن أحمد المالكى عن أبيه عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا عليه السّلام يا ابن رسول اللّه إنّ عندنا أخبارا في فضائل أمير المؤمنين عليه السّلام و فضلكم أهل البيت و هى من رواية مخالفيكم و لا نعرف مثلها عندكم، أ فندين بها، فقال:

يا ابن أبي محمود لقد أخبرني أبي عن أبيه عن جده عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فان كان الناطق عن اللّه عزّ و جلّ فقد عبد اللّه، و إن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس ثم قال الرضا عليه السّلام: يا ابن أبي محمود إنّ مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا و جعلوها على ثلاثة أقسام، أحدها الغلو و ثانيها التقصير في أمرنا و ثالثها

ص: 237


1- عيون الاخبار: 2-236.
2- المصدر: 1-7.

التصريح بمثالب أعدائنا.

فاذا سمع الناس الغلو فينا كفّروا شيعتنا و نسبوهم إلى القول بربوبيّتنا، و إذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، و إذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا، و قد قال اللّه عزّ و جلّ : «وَ لاٰ تَسُبُّوا اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ فَيَسُبُّوا اَللّٰهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ » (1) يا ابن أبي محمود إذا أخذ الناس يمينا و شمالا فالزم طريقتنا، فانه من لزمنا لزمناه و من فارقنا فارقناه، إنّ أدني ما يخرج به الرجل من الايمان أن يقول للحصاة: هذه نواة، ثم يدين بذلك و يبرأ ممّن خالفه، يا ابن أبي محمود احفظ ما حدّثتك به، فقد جمعت لك خير الدنيا و الآخرة (2).

440 - عنه عن الجعابي، عن الحسن بن عبد اللّه التميميّ ، عن الرضا (3) عن آبائه عليهم السّلام عن عليّ عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: من جاءكم يريد أن يفرّق الجماعة و يغصب الأمّة أمرها و يتولّى من غير مشورة فاقتلوه. فإنّ اللّه عزّ و جلّ قد أذن ذلك (4).

441 - الطوسى - رحمه اللّه - قال: أخبرنا محمّد بن محمّد قال: أخبرنا أبو حفص عمر ابن محمّد قال: حدثنا علي بن مهرويه القزوينى قال: حدثنا داود بن سليمان الغازى قال:

حدثنا الرضا علي بن موسى قال: حدثني أبى موسى بن جعفر قال: حدثنى أبي جعفر ابن محمّد قال: حدثنى أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي على بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال حدثني أبي امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: حرمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي و قاتلهم و على المتعرّض عليهم و السابّ لهم، اولئك لا خلاق لهم في الآخرة، و لا يكلّمهم اللّه يوم القيامة و لا يزكّيهم و لهم عذاب أليم (5).

442 - عنه، عن محمّد بن محمّد قال: أخبرني أبو الحسن على بن الحسين البصري البزاز، قال: حدثنا أبو على أحمد بن علي بن مهدي، عن أبيه عن الرضا علي بن موسى

ص: 238


1- الانعام: 108.
2- عيون الاخبار: 1-304.
3- كذا في النسخ المطبوعة.
4- المصدر: 2-62.
5- أمالي الطوسي: 1-165.

عن أبيه عن جدّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: حبّنا أهل البيت يكفّر الذّنوب، و يضاعف الحسنات، و إنّ اللّه تعالى ليحمل عن محبّينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد إلاّ ما كان منهم فيها على إصرار و ظلم للمؤمنين، فيقول للسيّئات: كوني حسنات (1).

443 - في كتاب مواليد الأئمّة باسناده عن نصر بن علي الجهضمي قال: قال الرضا عليه السّلام: و مضى علي بن الحسين عليهما السّلام و هو ابن ستّ و خمسين سنة في عام خمس و تسعين من الهجرة و كان مولده سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة قبل وفاة أمير المؤمنين عليه السّلام بسنتين، و أقام مع أبي محمّد (2) عشر سنين و مع أبي عبد اللّه عشر سنين و بعدهم أربعا و ثلاثين سنة (3).

444 - و باسناده قال: الرضا عليه السّلام و مضى أبو جعفر عليه السّلام و هو ابن ستّ و خمسين سنة في عام مائة و أربع عشرة من الهجرة و كان مولده قبل مضيّ الحسين عليه السّلام بثلاث سنين و مقامه مع أبيه خمس و ثلاثين سنة إلاّ شهرين، و بعد أن مضى أبوه سبع عشرة سنة (4).

445 - و باسناده قال: قال الرضا عليه السّلام: و مضى أبو عبد اللّه: جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام و هو ابن خمس و ستّين سنة في عام ثمان و أربعين و مائة، و كان مولده سنة ثلاث و ثمانين من الهجرة، و كان مقامه مع أبيه ثمان سنين (5) بعد مضيّ جدّه علي بن الحسين عليهما السّلام اثنى عشرة سنة و مع أبيه أربع عشرة سنة و أقام بعد أبيه إحدى و ثلاثين سنة (5).

446 - الراوندي - رحمه اللّه - قال: و منها انّ أبا الصلت الهروي روى عن الرضا عليه السّلام أنه قال: لى أبى موسى عليه السّلام كنت جالسا عند أبي إذ دخل علينا بعض أوليائنا فقال: بالباب ركب كثير يريدون الدخول عليك، فقال لي: انظر من بالباب ؟ فنظرت إلى جمال كثيرة عليها صناديق و رجل راكب فرسا، فقلت: من الرجل، فقال: رجل من

ص: 239


1- أمالي الطوسي: 1-166.
2- يعنى امام الحسن السبط عليه السّلام.
3- مواليد الائمة: 4-5.
4- مواليد الائمة: 4-5.
5- مواليد الائمة: 5 و الحديث مضطرب.

السند و الهند أردت الامام جعفر بن محمّد عليهما السّلام، فأعلمت والدي بذلك، فقال: لا تأذن للنجس الخائن، فأقام بالباب مدّة مديدة فلم يؤذن له، فتشفّع يزيد بن سليمان فأذن له فدخل الهندى و جثى بين يديه.

فقال: أصلح اللّه الإمام أنا رجل من بلد الهند من قبل ملكها بعثني إليك بكتاب مختوم و لى بالباب حول لم يؤذن لي فما ذنبي أ هكذا تفعل أولاد الأنبياء، قال: فطأطأ رأسه ثم قال:

و لتعلمنّ نبأه بعد حين، قال موسى: فأمرني أبي بأخذ الكتاب ففكّه فاذا فيه «بسم اللّه الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمّد الصادق الطاهر من كلّ رجس من ملك الهند أما بعد فقد هدانى اللّه على يديك و انه أهدي إليّ جارية لم أر أحسن منها و لم أجد أحدا يستأهلها غيرك فبعثتها إليك مع شيء من الحلي و الجوهر و الطيب.

ثم جمعت وزرائي فاخترت منهم ألف رجل يصلحون للأمانة و اخترت من الألف مائة و اخترت من المائة عشرة و من العشرة واحدا و هو ميزاب بن حباب لم أر أوثق منه فبعثت على يده هذه الهديّة، فقال الصّادق عليه السلام: ارجع.... فما كنت بالذي أتقبّلها لأنّك خائن فيما ائتمنت عليه، فحلف أنه ما خان، فقال عليه السّلام: إن شهد عليك بعض ثيابك بما خنت تشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، قال: أو تعفينى من ذلك قال: اكتب إلى صاحبك بما فعلت قال: الهندي إن كنت فعلت شيئا فاكتب و كان عليه فروة فأمره بخلعها.

ثم قام الإمام عليه السّلام فصلّى ركعتين ثم سجد قال موسى عليه السّلام: فسمعته في سجوده يقول: اللّهم إني أسألك بمعاقد العزّ من عرشك و منتهى الرحمة من كتابك، أن تصلى علي محمّد و آل محمّد عبدك و رسولك و أمينك في خلقك و أن تأذن لفروة هذا الهندي أن تتكلّم بلسان عربىّ مبين يسمعه من في المجلس من أوليائك ليكون ذلك عندهم آية من آيات أهل البيت فيزدادوا إيمانا مع ايمانهم، ثمّ رفع رأسه فقال أيها الفروة تكلم بما تعلم من هذا الهندي.

قال موسى عليه السّلام: فانتفضت الفروة و صارت كالكبش و قالت يا ابن رسول اللّه ائتمنه الملك علي هذه الجارية و ما معها و أوصاه بحفظها حتى صرنا إلى بعض الصحاري أصابنا

ص: 240

المطر و ابتلّ جميع ما معنا، ثم احتبس المطر و طلعت الشمس فنادى خادما كان مع الجارية يخدمها اسمه بشر: لو دخلت هذه المدينة فأتيتنا بما فيها من الطعام و دفع إليه دراهم و دخل الخادم المدينة فأمر الميزاب هذه الجارية أن تخرج من قبّتها إلى مضرب قد نصب له في الشمس.

و خرجت و كشفت عن ساقيها إذ في الارض و جعل ينظر هذا الخائن إليها فوقعت من نفسه إليها و راودها عن نفسها فأجابته و فجر بها فخرّ الهندى علي الأرض و قال ارحمني فقد أخطأت و اعترف بذلك، ثم عاد الكبش فروة كما كانت و أمره أن يلبسها: فلما ألبسها انضمّت في حلقه فخنقته حتى اسودّ وجهه، فقال الصادق عليه السّلام: أيها الفرو خلّ عنه حتى يرجع إلى صاحبه فيكون هو أولى به منّا، فانحلّ الفرو و قال: خذ هديّتك و ارجع إلى صاحبك، فقال الهندي: اللّه اللّه يا مولاى فيّ فإنك إنّ رددت الهديّة خشيت أن ينكر ذلك عليّ فانه شديد العقوبة، قال: أسلم حتى اعطيك الجارية فأبى فقبل الهديّة و ردّ الجارية.

فلمّا رجع إلى الملك رجع الجواب إلى أبي بعد أشهر فيه مكتوب: بسم اللّه الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمّد الامام من ملك الهند أما بعد فقد كنت أهديت إليك جارية فقبلت منّي ما لا قيمة له و رددت الجارية، فأنكر ذلك قلبى و علمت أنّ الأنبياء و أولاد الأنبياء معهم فراسة فنظرت إلى الرسول بعين الخيانة، فاخترعت كتابا و أعلمته أنه قد أتاني منك و قد عرفت الخيانة و حلفت أن لا ينجيه إلاّ الصدق، فأقرّ بما فعل و أقرّت الجارية مثل ذلك، و اخبرت بما كان من الفرو و تعجّبت من ذلك و ضربت عنقها و عنقه، و أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا عبده و رسوله و اعلم أني واصل علي أثر الكتاب، فما أقام مدة يسيرة حتى جاء إلى أبي و أسلم ملك الهند و حسن إسلامه (1).

447 - عنه قال: و منها ما روي عن الرضا عليه السّلام عن أبيه قال: جاء رجل إلى جعفر بن محمّد عليهما السّلام فقال: انج بنفسك فهذا فلان بن فلان قد وشى بك إلى المنصور و

ص: 241


1- الخرائج: 199.

ذكر أنّك تأخذ البيعة لنفسك على الناس لتخرج عليهم، فتبسّم و قال: يا عبد اللّه لا ترع فانّ اللّه إذا أراد إظهار فضيلة كتمت أو جحدت أثار عليها حاسدا باغيا يحرّكها حتى يثبتها أقعد معي حتى يأتينى الطلب فتمضى معي إلى منازل منصور حتى تشاهد ما يجرى من قدرة اللّه التي لا معزل عنها لمؤمن، فجاءوا و قالوا: أجب أمير المؤمنين.

فخرج الصادق عليه السّلام و دخل و قد امتلأ المنصور غيظا و غضبا، فقال له: أنت الذي تأخذ البيعة لنفسك على المسلمين، تريد أن تفرّق جماعتهم و تسعى في هلكتهم و تفسد ذات بينهم، فقال الصادق عليه السّلام: ما فعلت شيئا من هذا قال: فهذا فلان يذكر أنّك فعلت ذلك و أنه أحد من دعوته إليك، فقال: إنه كاذب، فقال المنصور: إنى أحلفه، فان حلف كفيت نفسي مئونتك، فقال الصادق عليه السّلام: إنه إذا حلف كاذبا باء باثم، فقال المنصور لحاجبه: حلّف هذا الرجل على ما حكاه عن هذا يعنى الصادق عليه السّلام.

فقال الحاجب: قل و اللّه الذي لا إله إلاّ هو و جعل يغلظ عليه اليمين، فقال الصادق عليه السّلام: لا تحلفه هكذا فاني سمعت أبي يذكر عن جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: إنّ من الناس من يحلف كاذبا فيعظم اللّه في يمينه و يصفه بصفاته الحسن فتأتي تعظيمه للّه على إثم كذبه في يمينه فيتأخّر عنه البلاء، و لكن دعني احلفه باليمين التى حدثني أبي عن جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه لا يحلف بها حالف إلاّ باء بإثمه، فقال المنصور: فحلّفه إذا يا جعفر، فقال الصادق عليه السّلام للرجل: قل إن كنت كاذبا عليك فقد برئت من حول اللّه و قوّته و لجأت إلى حولي و قوّتي، فقالها الرجل، فقال الصادق عليه السّلام اللهم إن كان كاذبا فأمته فما استتمّ كلامه حتى سقط الرجل ميتا و احتمل و مضى به و سرى على المنصور و أقبل المنصور على الصادق و سأله عن حوائجه.

فقال: ما لي حاجة إلاّ الاسراع إلى أهلي فانّ قلوبهم بي متعلّقة: قال المنصور ذلك إليك فافعل ما بدا لك فخرج من عنده مكرما قد تحير فيه المنصور، فقال قوم رجل فاجأه الموت ما أكثر ما يكون هذا و جعل الناس يخوضون في أمر ذلك الميت و ينظرون إليه، فلما استوى على سريره و جعل الناس يخوضون في أمره، فمن ذامّ له و حامد اذ قعد عليهم الرجل و كشف عن وجهه، ثم قال: أيها الناس إني لقيت ربي

ص: 242

بعدكم فتلقانى بالسخط و اللعنة و اشتدّ غضب ربّانيته عليّ للذي كان مني على جعفر ابن محمّد الصادق عليهما السّلام، فاتقوا اللّه و لا تهلكوا فيه كما هلكت ثم أعاد كفنه على وجهه و عاد في موته، فرأوه لا حراك فيه و هو ميت، فدفنوه و بقوا حائرين في ذلك (1).

448 - المفيد - رحمه اللّه - بإسناده عن أحمد و عبد اللّه ابنا محمّد بن عيسى، عن معمر ابن خلاّد، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا حذو القذّة بالقذّة (2).

449 - القندوزى عن الديلمى رفعه عن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام عن علي عليه السّلام أنّ اللّه حرّم الجنة على من ظلم أهل بيتي أو قاتلهم أو أعان عليهم أو سبّهم (3).

450 - ورّام بن أبي فراس رفعه عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: كنت مع الرضا عليه السّلام لمّا وصل إلى نيسابور و هو راكب بغلة شهباء، و قد خرج علماء نيسابور في استقباله فلما صار إلى المربعة تعلّقوا بلجام بغلته فقالوا: يا ابن رسول حدّثنا بحق آبائك الطاهرين حدثنا عن آبائك عليهم السّلام فأخرج رأسه من الهودج و عليه مطرف خزّ.

قال: حدثنى أبى موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي سيّد شباب اهل الجنة، عن امير - المؤمنين عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: أخبرني الروح الأمين عليه السّلام عن اللّه تقدّست أسماؤه و جلّ وجهه قال: إني أنا اللّه لا إله إلاّ أنا وحدي، عبادي فاعبدوني و ليعلم من لقينى منكم بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه مخلصا بها فانه دخل حصني و من دخل حصنى أمن من عذابي، قالوا: يا ابن رسول اللّه ما إخلاص الشهادة ؟ قال: طاعة اللّه و رسوله و ولاية أهل بيته عليهم السّلام (4).

451 - الصدوق - رحمه اللّه - عن محمّد بن على بن الشاه، عن ابى بكر بن محمّد بن عبد اللّه النيسابورى، عن ابى القاسم عبد اللّه بن احمد الطائى عن أبيه عن على بن موسى عن

ص: 243


1- الخرائج: 244.
2- الاختصاص: 279.
3- ينابيع المودة: 332.
4- تنبيه الخواطر: 2-74.

آبائه عليهم السّلام عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أتانى جبرئيل عليه السّلام عن ربي تبارك و تعالى و هو يقول: إنّ ربك يقرئك السلام و يقول: يا محمّد بشّر المؤمنين الذين يعملون الصالحات و يؤمنون بك و بأهل بيتك بالجنة، فانّ لهم عندي جزاء الحسنى، و سيدخلون الجنة (1).

452 - الكليني - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد و محمّد بن يحيى جميعا عن محمّد بن أبي سلمة عن الحسن بن شاذان الواسطي قال: كتبت إلى أبي الحسن الرّضا عليه السّلام:

أشكو جفاء أهل واسط و حملهم عليّ و كانت عصابة من العثمانية تؤذيني. فوقّع بخطّه انّ اللّه تعالى أخذ ميثاق أوليائنا على الصبر في دولة الباطل فاصبر لحكم ربّك فلو قد قام سيد الخلق لقالوا: «يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا... الآية» (2).

453 - العيّاشي باسناده عن عبد اللّه بن جندب عن الرضا عليه السّلام قال: حق على اللّه أن يجعل وليّنا رفيقا للنبيين و الصدّيقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا (3).

454 - محمّد بن المشهدي في مزاره عن عبد اللّه بن جعفر الدوريستى، و شاذان بن جبرئيل القمّي، باسنادهما إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن الحسن بن علي الوشاء عن الرضا عليه السّلام أنه قال في حديث: و من تولّى لمحبّنا فقد أحبّنا، و من سرّ مؤمنا فقد سرّنا، و من أعان فقيرنا كان مكافاته على جدّنا محمّد (4).

455 - ابن شعبة الحرّانى - رحمه اللّه - مرسلا و قال معمر بن خلاد للرضا عليه السّلام عجل اللّه تعالى فرجك، فقال عليه السّلام: يا معمر ذاك فرجكم أنتم، فأما أنا و اللّه ما هو إلاّ مزود فيه كفّ سويق مختوم بخاتم (5).

456 - عنه - رحمه اللّه - قال الرضا عليه السّلام لأبى هاشم داود بن القاسم الجعفري، يا داود إنّ لنا عليكم حقّا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إنّ لكم علينا حقّا، فمن عرف حقّنا وجب حقّه، و من لم يعرف حقّنا فلا حق له (6).

ص: 244


1- عيون الاخبار: 2-33.
2- روضة الكافى الحديث 346.
3- تفسير العياشى: 1-256.
4- مستدرك الوسائل: 2-410.
5- تحف العقول: 329.
6- تحف العقول: 329.

457 - عنه - رحمه اللّه - باسناده و قال له ابن السكّيت: ما الحجّة على الخلق اليوم ؟ فقال عليه السّلام: العقل، يعرف به الصادق على اللّه فيصدّقه، و الكاذب على اللّه فيكذّبه فقال ابن السكّيت: هذا و اللّه هو الجواب (1).

458 - جامع الاخبار مرسلا عن الرضا عليه السّلام باسناده عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

اذا كان يوم القيامة لا يزول العبد قدما عن قدم حتى يسأل عن أربعة أشياء، عن عمره فيما أفناه، و عن شبابه فيما أبلاه، و عن ماله من أين اكتسبه و فيما أنفقه، و عن حبّنا أهل البيت (2).

459 - الطوسي - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد بن هارون بن الصلت قال: أخبرنا ابن عقدة قال: أخبرني المنذر بن محمّد قراءة قال: حدثنا أحمد بن يحيى الضبّي قال: حدثنا موسى بن القاسم، عن على بن جعفر، عن علي بن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه أخرجني و رجلا معي من ظهر إلى ظهر من صلب آدم حتى أخرجنا من صلب أبينا فسبقته بفضل هذه على هذه - و ضمّ بين السبّابة و الوسطى - و هو النبوة فقيل له: و من هو يا رسول اللّه ؟ قال: علي بن أبي طالب (3).

460 - عنه قال: أخبرنا ابن الصلت قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرنا علي بن محمّد العلوي، قال: حدثني جعفر بن محمّد بن عيسى قال: حدثنا عبيد اللّه بن علي قال: حدثنا علي بن موسى عن أبيه، عن جدّه، عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كلّ نسب و صهر منقطع يوم القيامة، إلاّ نسبي و سببي (4).

461 - عنه بهذا الاسناد عن على بن موسى الرضا عن أبيه، عن جدّه، عن آبائه، عن علي عليهم السّلام قال: خلّف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا في غزوة تبوك، فقال: يا رسول اللّه تخلّفني بعدك ؟ قال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي (5).

462 - عنه بهذا الاسناد عن على بن موسى أبى الحسن عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمّد (6).

ص: 245


1- تحف العقول: 331.
2- جامع الاخبار: 204.
3- أمالي الطوسى: 1-350.
4- أمالي الطوسى: 1-350.
5- أمالي الطوسى: 1-352.
6- أمالي الطوسى: 1-352.

عن آبائه عليهم السّلام أنّ عليا عليه السّلام أوّل من أسلم.

463 - الصفّار - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن محمّد، عمّن رواه، عن صالح بن النضر عن يونس، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول: في الأيّام حتّى ذكر يوم الخميس، فقال: هو يوم تعرض فيه الأعمال على اللّه و على الرسول و على الائمة عليهم السّلام (1).

464 - الصدوق عن المفسّر الجرجانى عن احمد بن الحسن عن أبى محمّد عليه السّلام، عن ابيه عن جدّه عن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: ما الاستعداد للموت ؟ قال: أداء الفرائض و اجتناب المحارم، و الاشتمال على المكارم، ثم لا يبالى أن وقع على الموت أو الموت وقع عليه، و اللّه لا يبالي ابن أبي طالب ان وقع على الموت أو الموت وقع عليه (2).

465 - عنه عن الفقيه المروزى عن ابى بكر بن محمّد بن عبد اللّه عن عبد اللّه بن احمد الطائى عن أبيه عن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما ينقلب جناح طائر في الهواء إلاّ و عندنا فيه علم (3).

466 - عنه بهذا الاسناد عن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام: قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من قاتلنا آخر الزمان فكأنّما قاتلنا مع الدجّال (4).

467 - عنه عن الجعابى، عن التميمى الرازى عن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من تولّى غير مواليه، فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين (5).

468 - الكشى عن حمدويه قال: حدثنى الحسن بن موسى، قال: حدثني الحسن ابن القاسم قال: حضر بعض ولد جعفر عليه السّلام الموت فأبطأ عليه الرضا عليه السّلام قال: فغمّني ذلك لإبطائه على عمّه محمّد، قال: ثم جاء فلم يلبث أن قام، قال الحسن: فقمت معه فقلت: جعلت فداك عمّك في الحال التي هو فيها تقوم و تدعه، فقال: أين تدفن فلانا - يعني الذي هو عندهم - قال: فو اللّه ما لبثنا أن تمايل المريض و دفن أخاه الذي كان

ص: 246


1- بصائر الدرجات: 428.
2- عيون الاخبار: 1-297.
3- العيون: 2-32.
4- المصدر: 2-47.
5- المصدر: 2-63.

عندهم صحيحا، قال الحسن بن الخشّاب، فكان الحسن بن القاسم يعرف الحق بعد ذلك (1).

469 - أبو جعفر ابن المشهدى باسناده عن محمّد بن علي بن عثمان قال: خرجت من الهزيمة مع عبد اللّه بن عزيز، فلما صرت بطوس أتيت قبر أبى الحسن عليه السّلام، فاذا أنا بشيخ كبير هرم، فسألني عن أهل الري فأخبرته بما نالهم و بما رأيت فيهم و بهدم السور، فقال: حدثني صاحب هذا القبر عن أبيه عن جدّه، عن آبائه عن النبي عليهم السّلام أنه قال: كأنّى بأهل الري قد وليهم رجل يقال له: عبد اللّه بن عزيز فيوسر فيؤتى طبرستان فيضرب عنقه في يوم النحر و يرفع رأسه إلى خشبة و يطرح بدنه في بئر، قال:

خرجت إلى الري و ابن عزيز في البلد، فحدّثته الحديث فتغيّر وجهه، و قال لى:

قد يكون اسم يوافق اسما، و أرجو أن تكفينى، و لا بدّ من مناصحة من استكفانا أمره، قال: فكرهت ذلك و ندمت على قولي، حتى تبيّن ذلك في وجهي، فقال: لا عليك قد أدّيت ما سمعت، فما عدت إليه حتى نزل به ما حدث به (2).

470 - عنه، عن محمّد بن سنان قال: سئل علي بن موسى الرضا عليهما السّلام عن الحسين ابن علي أنّه قتل عطشان، قال: من أين ذلك و قد بعث اللّه إليه أربعة أملاك من عظماء الملائكة و هبطوا إليه و قالوا: اللّه و رسوله يقرءان عليك السلام و يقولان: اختر، إن تسأل ما تختار الدنيا بأسرها و ما فيها فملتك (3) من كل عدو لك، أو الرفع إلينا، فقال الحسين عليه السّلام: و على رسول اللّه السلام، بل الرفع إليه و دفعوا إليه شربة من ماء فشربها فقالوا له: أما أنك لا تظمأ بعدها أبدا (4).

471 - و عنه عن الرضا عليه السّلام قال: هبط على الحسين عليه السّلام ملكا و شكا إليه أصحابه العطش، فقال: إنّ اللّه تعالى يقرئك السلام و يقول: لك من حاجة ؟ فقال الحسين: هو السلام و من أبي السلام و قد شكا إلى أصحابه و هو أعلم به مني من العطش فأوحى اللّه تعالى إلى الملك قل للحسين: خط لهم بإصبعك خلف ظهرك، فخط الحسين

ص: 247


1- رجال الكشى: 510.
2- الثاقب في المناقب مخطوط.
3- كذا.
4- الثاقب في المناقب مخطوط.

باصبعه السبّابة فجرى نهر أبيض من اللبن و أحلى من العسل فشرب منه و أصحابه فقال الملك: يا ابن رسول اللّه تأذن لي أن أشرب منه فانه لكم خاصّة و هو الرحيق المختوم الذي ختامه مسك، فقال الحسين عليه السّلام: إن كنت تحبّ أن تشرب منه فدونك (1).

باب نادر في أعلام الرضا عليه السّلام

472 - في البحار عن الراوندى روى محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يحيى قال: زوّدتني جارية لى ثوبين ملحمين، و سألتني احرم فيهما، فأمرت الغلام فوضعهما في العيبة، فلما انتهيت إلى الوقت الذي ينبغى أن احرم فيه دعوت بالثوبين لألبسهما ثم اختلج في صدري فقلت: ما أظنّه ينبغي لي أن ألبس ملحما و أنا محرم، فتركتهما و لبست غيرهما، فلما صرت بمكة كتبت كتابا إلى أبى الحسن، و بعثت إليه بأشياء كانت عندي، و نسيت أن أكتب إليه أسأله عن الملحم فلم ألبث أن جاء الجواب بكلّ ما سألته عنه، و في أسفل الكتاب لا بأس بالملحم أن يلبسه المحرم (2).

473 - فيه عنه قال على بن الحسين بن يحيى كان لنا أخ يرى رأى الارجاء يقال له: عبد اللّه، و كان يطعن علينا فكتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام أشكوه إليه و أسأله الدعاء، فكتب إلى سيرجع حاله إلى ما تحب و أنه لن يموت إلاّ على دين اللّه، و سيولد من أمّ ولد له غلام، قال علي بن الحسين بن يحيى فما مكثنا إلاّ أقل من سنة حتى رجع الى الحق فهو اليوم خير أهل بيتي و ولد له بعد أبي الحسن من أمّ ولده تلك غلام (3).

474 - و عنه قال: روي عن أبي محمّد المصري، عن أبي محمّد الرقي قال: دخلت على الرضا عليه السّلام: فسلّمت عليه فأقبل يحدثني و يسألني إذ قال لي: يا محمّد ما ابتلى اللّه عبدا مؤمنا

ص: 248


1- الثاقب في المناقب: مخطوط و قال ابو جعفر محمد الجرجانى مؤلف كتاب الثاقب: و قد كتبت الخبرين من الجزء السادس و الثمانين من كتاب البستان من تصنيف محمد بن احمد بن على بن الحسين بن شاذان.
2- البحار: 49-50.
3- البحار: 49-51.

ببليّة فصبر عليها إلاّ كان له مثل أجر شهيد، قال: و لم يكن قبل ذلك في شيء من ذكر العلل و المرض و الوجع، فأنكرت ذلك من قوله و قلت: ما أخجل هذا فيما بيني و بين نفسي، رجل أنا معه في حديث قد عنيت به إذ حدثني بالوجع في غير موضعه.

فودّعته و خرجت من عنده، فلحقت بأصحابي و قد رحلوا فاشتكيت رجلي من ليلتى فقلت: هذا مما عبت، فلما كان من الغد تورّمت، ثم أصبحت و قد اشتدّ الورم، فذكرت قوله عليه السّلام، فلما وصلت إلى المدينة جرى فيها القيح و صار جرحا عظيما لا أنام و لا أنتم (1) فعلمت أنه حدّث بهذا الحديث لهذا المعنى، و بقيت بضعة عشر شهرا صاحب فراش. قال الراوى ثم أفاق، ثم نكس منها و مات (2).

475 - عنه - روى عن احمد بن عمرة قال: خرجت الى الرضا عليه السّلام و امرأتي حبلى فقلت له: إني قد خلفت أهلي و هى حامل. فادع اللّه أن يجعله ذكرا فقال لي: و هو ذكر فسمّه عمر فقلت نويت أن أسمّيه عليا و أمرت الأهل به قال عليه السّلام: سمّه عمر، فوردت الكوفة و قد ولد لي ابن لي و سمّي عليا فسمّيته عمر، فقال لي جيراني: لا نصدّق بعدها بشيء مما كان يحكى عنك، فعلمت أنه كان أنظر إليّ من نفسي (3).

476 - عنه قال: روى بكر بن صالح قال: أتيت الرضا عليه السّلام و قلت: امرأتي اخت محمّد بن سنان بها حمل. فادع اللّه أن يجعله ذكرا، قال: هما اثنان قلت: في نفسي هما محمّد و علي بعد انصرافي، فدعاني و قال: سمّ و أحدا عليا و اخرى أم عمرو، فقدمت الكوفة، و قد ولد لي غلام و جارية في بطن، فسمّيت كما أمرني فقلت لامّي: ما معنى أم عمرو، فقالت: إن أمّي كانت تدعى أمّ عمرو (4).

477 - عنه قال روي عن الوشاء عن مسافر قال: قلت للرضا عليه السّلام: رأيت في النوم كأنّ وجه قفص وضع على الأرض فيه أربعون فرخا قال عليه السّلام: إن كنت صادقا خرج منّا رجل فعاش أربعين يوما، فخرج محمّد بن إبراهيم طباطبا فعاش أربعين يوما (5).

478 - عنه (6) قال: و روي عن الوشاء قال: لدغتني عقرب فأقبلت أقول: يا رسول -

ص: 249


1- كذا.
2- البحار: 49-51.
3- البحار: 49-52.
4- البحار: 49-52.
5- البحار: 49-52.

اللّه فأنكر السامع و تعجّب من ذلك، فقال له الرضا عليه السّلام: فو اللّه لقد رأى رسول اللّه.

قال: و قد كنت رأيت في النوم رسول اللّه، و لا و اللّه ما كنت أخبرت به أحدا (1).

479 - عنه قال: روي عن الوشاء، عن مسافر قال: قال لي أبو الحسن عليه السّلام يوما:

قم فانظر في تلك العين حيتان ؟ فنظرت فاذا فيها، قلت: نعم قال: إنّي رأيت ذلك في النوم و رسول اللّه يقول لي: يا عليّ ما عندنا خير لك فقبض بعد أيام (1).

480 - عنه قال: روي عن صفوان بن يحيى قال: كنت مع الرضا عليه السّلام بالمدينة عمر مع قوم بقاعد فقال: هذا إمام الرافضة. فقلت له عليه السّلام: أ ما سمعت ما قال: هذا القاعد قال: نعم إنه مؤمن مستكمل الايمان، فلما كان من الليل دعا عليه فاحترق دكّانه و نهب السرّاق ما بقى من متاعه فرأيت من الغد بين يدى أبي الحسن خاضعا مستكينا، فأمر له بشيء ثم قال: يا صفوان أما إنه مؤمن مستكمل الإيمان و ما يصلحه غير ما رأيت (2).

481 - ابن شهرآشوب قال: أتى رجل من ولد الأنصار بحقّة فضّة مقفل عليها و قال: لم يتحفك أحد بمثلها، ففتحها و أخرج منها سبع شعرات، و قال: هذا شعر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فميّز الرضا عليه السّلام أربع طاقات منها و قال: هذا شعره فقبل في ظاهره دون باطنه ثم إنّ الرضا عليه السّلام أخرجه من الشبهة بأن وضع الثلاثة على النار فاحترقت، ثم وضع الاربعة فصارت كالذهب (3).

482 - عنه قال: لمّا نزل الرضا عليه السّلام في نيسابور بمحلّه فوزا أمر ببناء حمّام و حفر قناة و صنعة حوض فوقه مصلّى، فاغتسل من الحوض و صلّى في المسجد فصار ذلك سنّة، فيقال «گرمابه رضا» و «آب رضا» و «حوض كاهلان» و معنى ذلك أنّ رجلا وضع هميانا على طاقة و اغتسل منه و قصد إلى مكة ناسيا، فلما انصرف من الحجّ أتى الحوض للغسل فرآه مشدودا.

فسأل الناس عن ذلك، فقالوا: قد أوى فيه ثعبان، و قام على طاقة ففتحه الرجل و دخل في الحوض و أخرج هميانه، و هو يقول: هذا من معجز الإمام، فنظر بعضهم

ص: 250


1- البحار: 49-54 و تقدم مع بيانه.
2- البحار: 49-55.
3- مناقب آل ابى طالب: 2-401.

إلى بعض و قال «اى كاهلان» أن لا يأخذوها، فسمّي بذلك «حوض كاهلان» و سمّي المحلة «فوز» لأنه فتح أولاد فصحّفوها و قالوا: فوزا (1).

483 - الكشي قال: حدثني حمدويه قال: حدثنا الحسن بن موسى قال حدّثنا علي بن خطاب - و كان واقفيّا - قال: كنت في الموقف يوم عرفة فجاء أبو الحسن الرضا عليه السّلام و معه بعض بني عمّه فوقف أمامي و كنت محموما شديد الحمّى، و قد أصابني عطش شديد، فقال الرضا عليه السّلام لغلام له: شيئا لم أعرفه، فنزل الغلام و جاء بماء في مشربة فتناوله، فشرب و صبّ الفضلة على رأسه من الحرّ ثم قال: املأ فملأ المشربة، ثم قال: اذهب فاسق ذلك هذا الشيخ، قال: فجاءني بالماء فقال لي: أنت موعوك ؟ قلت نعم، قال: فاشرب فشربت فذهبت و اللّه الحمّى.

فقال لي: يزيد بن إسحاق: ويحك يا علي فما تريد بعد هذا ما تنتظر؟ قلت:

يا أخي دعنا قال له يزيد: فحدّثت بحديث إبراهيم بن شعيب و كان واقفيّا مثله، قال كنت في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إلى جنبي إنسان ضخم آدم فقلت له: من الرجل فقال لي: مولى لبنى هاشم، قلت: فمن أعلم بني هاشم ؟ قال الرضا عليه السّلام قلت: فما باله لا يجيء عنه كما يجيء عن آبائه، فقال لي: ما أدري ما تقول و نهض و تركني.

فلم ألبث إلاّ يسيرا حتى جاءني بكتاب فدفعه إلي فقرأته فاذا خطّ ليس بجيّد فإذا فيه يا إبراهيم إنّك نجل عن آبائك، و إنّ لك من الولد كذا و كذا من الذكور، فلان و فلان - حتى عدّهم بأسمائهم - و لك من البنات فلانة و فلانة - حتى عدّ جميع البنات بأسمائهنّ - و كانت بنت ملقّبة بالجعفرية، قال: فخطّ على اسمها، فلمّا قرأت الكتاب قال لى: هاته قلت: دعه قال: لا، امرت أن آخذه منك، فدفعته إليه قال الحسن: و أجدهما ماتا على شكّهما (2).

484 - عنه - رحمه اللّه - عن نصر بن الصباح قال: حدثني إسحاق بن محمّد، عن محمّد ابن عبد اللّه بن مهران، عن أحمد بن محمّد بن مطر و زكريا اللؤلؤي، قالا: قال ابراهيم

ص: 251


1- مناقب آل ابى طالب: 2-402.
2- رجال الكشى: 398.

ابن شعيب: كنت جالسا في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و على جانبي رجل من أهل المدينة فحادثته مليّا، و سألني من أنت فأخبرته أنى رجل من أهل العراق قلت له: فمن أنت قال: مولى لأبى الحسن الرضا عليه السّلام فقلت له: لى إليك حاجة قال: و ما هى ؟ قلت:

توصل لي إليه رقعة قال: نعم إذا شئت.

فحرجت و أخذت قرطاسا و كتبت فيه بسم اللّه الرحمن الرحيم إنّ من كان قبلك من آبائك يخبرنا بأشياء فيها دلالات و براهين، و قد أحببت أن تخبرنى باسمي و اسم أبي و ولدي، قال: ثم ختمت الكتاب و دفعته إليه، فلما كان من الغد أتاني بكتاب مختوم، فقبضته و قرأته، فإذا في أسفل الكتاب بخط رديء بسم اللّه الرحمن الرحيم يا إبراهيم إنّ من آبائك شعيبا و صالحا و إنّ من أبنائك محمّدا و عليا و فلانة و فلانة غير أنه زاد اسما لا نعرفها، فقال له بعض أهل المجلس: اعلم أنه كما صدقك في غيرها فقد صدقك فيها فابحث عنها (1).

485 - علي بن عيسى الإربلي قال: قال محمّد بن طلحة من مناقبه عليه السّلام إنّه لما جعل المأمون الرضا عليه السّلام وليّ عهده و أقامه خليفته من بعده كان في حاشية المأمون أناس كرهوا ذلك و خافوا خروج الخلافة عن بني العباس و ردّها إلى بني فاطمة على الجميع السلام فحصل عندهم من الرضا عليه السّلام نفور، و كان عادة الرضا عليه السّلام إذا جاء إلى دار المأمون ليدخل عليه يبادر من الحاشية إلى السلام عليه، و رفع الستر بين يديه ليدخل، فلمّا حصلت لهم النفرة عنه تواصوا فيما بينهم و قالوا: إذا جاء ليدخل على الخليفة أعرضوا عنه، و لا ترفعوا الستر له فاتّفقوا على ذلك.

فبينا هم قعود إذ جاء الرضا عليه السّلام على عادته، فلم يملكوا أنفسهم أن سلّموا عليه و رفعوا الستر على عادتهم، فلمّا دخل أقبل بعضهم على بعض يتلاومون كونهم ما وفوا على ما اتّفقوا عليه و قالوا: النوبة الآتية إذا جاء لا نرفعه له، فلمّا كان في ذلك اليوم جاء فقاموا و سلّموا عليه و وقفوا و لم يبتدروا إلى رفع الستر، فأرسل اللّه ريحا شديدة دخلت في الستر فرفعته أكثر ممّا كانوا يرفعونه، ثم دخل فسكنت الريح فعاد إلى ما كان، فلما خرج

ص: 252


1- رجال الكشى: 399.

عادت الريح و دخلت في الستر فرفعته حتى خرج ثمّ سكنت فعاد الستر.

فلما ذهب أقبل بعضهم على بعض و قالوا: هل رأيتم قالوا: نعم فقال بعضهم لبعض يا قوم هذا رجل له عند اللّه منزلة و للّه به عناية، أ لم تروا أنكم لما لم ترفعوا له الستر أرسل اللّه الريح و سخّرها له لرفع الستر كما سخّرها لسليمان، فارجعوا إلى خدمته فهو خير لكم، فعادوا إلى ما كانوا عليه و زادت عقيدتهم فيه (1).

486 - عنه قال: و منها انه كان بخراسان امرأة تسمّى زينب فادّعت أنها علويّة من سلالة فاطمة عليها السّلام و صارت تصول على أهل خراسان بنسبها، فسمع بها عليّ الرضا عليه السّلام فلم يعرف نسبها، فأحضرت إليه فردّ نسبها و قال: هذه كذّابة، فسفّهت عليه و قالت:

كما قدحت في نسبي فأنا أقدح في نسبك، فأخذته الغيرة العلوية فقال عليه السّلام لسلطان خراسان انزل هذه إلى بركة السباع يتبيّن لك الأمر و كان لذلك السلطان بخراسان موضع واسع، فيه سباع مسلسلة للانتقام من المفسدين يسمّى ذلك الموضع بركة السباع.

فأخذ الرضا عليه السّلام بيد تلك المرأة و أحضرها عند ذلك السلطان و قال: هذه كذّابة على عليّ و فاطمة عليهما السّلام و ليست من نسلهما، فإنّ من كان حقا بضعة من علي و فاطمة فإنّ لحمه حرام على السباع فألقوها في بركة السباع، فان كانت صادقة فإنّ السباع لا تقربها، و إن كانت كاذبة فتفترسها السباع فلما سمعت ذلك منه قالت: فأنزل أنت إلي السباع، فإن كنت صادقا فإنها لا تقربك و لا تفترسك، فلم يكلّمها و قام، فقال له ذلك السلطان: إلى أين ؟ قال إلى بركة السباع و اللّه لأنزلنّ إليها فقام السلطان و الناس و الحاشية و جاءوا و فتحوا باب البركة.

فنزل الرضا عليه السّلام و الناس ينظرون من أعلى البركة، فلمّا حصل بين السباع أقعت جميعها إلى الأرض على أذنابها، و صار يأتي واحد واحد، يمسح وجهه و رأسه و ظهره، و السبع يبصبص له هكذا إلى أن أتى على الجميع، ثم طلع و الناس يبصرونه، فقال لذلك السلطان، أنزل هذه الكذّابة على عليّ و فاطمة ليتبيّن لك، فامتنعت فألزمها ذلك السلطان و أمر أعوانه بإلقائها، فمذ رآها السباع وثبوا إليها و افترسوها، فاشتهر

ص: 253


1- كشف الغمة: 3-50.

اسمها بخراسان بزينب الكذّابة و حديثها هناك مشهور (1).

487 - عنه من دلائل الحميري، عن سليمان الجعفري قال: قال لي الرضا عليه السّلام اشتر لى جارية من صفتها كذا و كذا، فأصبت له جارية عند رجل من أهل المدينة كما وصف فاشتريتها و دفعت الثمن إلى مولاها و جئت بها إليه فأعجبته و وقعت منه، فمكثت أياما ثم لقيني مولاها و هو يبكى فقال: اللّه اللّه فيّ لست أتهنّأ العيش و ليس لى قرار و لا نوم فكلّم أبا الحسن يردّ عليّ الجارية و يأخذ الثمن فقلت أ مجنون أنت، أنا أجترئ أن أقول له يردّها عليك ؟!.

فدخلت على أبي الحسن عليه السّلام فقال لي مبتدئا يا سليمان صاحب الجارية يريد أن أردّها عليه ؟ قلت: إي و اللّه قد سألني أن أسألك قال: فردّها عليه و خذ الثمن، ففعلت و مكثنا أيّاما، ثم لقيني مولاها فقال: جعلت فداك سل أبا الحسن يقبل الجارية فانّى لا أنتفع بها و لا أقدر أدنو منها، قلت: لا أقدر أبتدئه بهذا، قال: فدخلت على أبي الحسن عليه السّلام فقال: يا سليمان صاحب الجارية يريد أن أقبضها منه، و أردّ عليه الثمن قلت: قد سألني ذلك قال: فردّ عليّ الجارية و خذ الثمن (2).

488 - عنه قال: و عن الحسن بن علي الوشاء قال: قال فلان بن محرز: بلغنا أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام كان إذا أراد أن يعاود أهله الجماع توضّأ وضوء الصلاة، فأحبّ أن تسأل أبا الحسن الثاني عن ذلك، قال الوشاء: فدخلت عليه فابتدأني من غير أن أسأله فقال: كان أبو عبد اللّه عليه السّلام اذا جامع و أراد أن يعاود توضّأ للصلاة، و اذا أراد أيضا توضّأ للصلاة، فخرجت إلى الرجل فقلت: قد أجابني عن مسألتك من غير أن أسأله (3).

489 - الصفّار - رحمه اللّه - قال: حدثنا عبد اللّه بن جعفر، عن أبي هاشم الجعفري قال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السّلام فقال: يا أبا هاشم كلّم هذا الخادم بالفارسية فانه يزعم أنه يحسنها فقلت للخادم: «زانويت چيست» فلم يجبني فقال عليه السّلام: يقول ركبتك. ثم قلت: «نافت چيست» فلم يجبني فقال: يقول: سرّتك (4).

ص: 254


1- كشف الغمة: 3-74.
2- كشف الغمة: 3-133.
3- كشف الغمة 3-136.
4- بصائر الدرجات: 338.

490 - علي بن بابويه، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن العباس بن - النجاشي الأسدي، قال: قلت للرضا عليه السّلام: أنت صاحب هذا الأمر قال: إي و اللّه على الإنس و الجن (1).

491 - الصدوق - رحمه اللّه - يقال: إنّ الرضا عليه السّلام لمّا دخل نيسابور نزل في محلّة يقال له الفرويني، فيها حمّام و هو الحمّام المعروف اليوم بحمّام الرضا و كانت هناك عين قد قلّ ماؤها، فأقام عليها من أخرج ماءها حتى توفّر و كثر و اتّخذ خارج الدرب حوضا ينزل إليه بالمراقي إلى هذه العين، فدخله الرضا عليه السّلام و اغتسل فيه، ثم خرج منه فصلّى على ظهره و الناس ينتابون ذلك الحوض، و يغتسلون فيه و يشربون منه التماسا للبركة و يصلّون على ظهره و يدعون اللّه عزّ و جلّ في حوائجهم فتقضى لهم و هى العين المعروفة بعين كهلان يقصدها الناس إلى يومنا هذا (2).

492 - الحميري - رحمه اللّه - عن محمّد بن عيسى، عن البزنطي، قال: كتبت إليه - يعني الرضا عليه السّلام - جعلت فداك إنه لم يمنعني من التعزية لك بأبيك إلاّ أنه كان يعرض في قلبى ممّا يروي هؤلاء، فأما الآن فقد علمت أنّ أباك قد مضى فآجرك اللّه في أعظم الرزيّة و حباك أفضل العطيّة، فإني أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا عبده و رسوله، ثم وصفت له حتى انتهيت إليه.

فكتب: قال أبو جعفر عليه السّلام: لا يستكمل عبد الإيمان حتى يعرف أنه يجرى لآخرهم ما يجري لأوّلهم في الحجّة و الطاعة، و الحلال و الحرام [سواء] و لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين فضلهما و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من مات و ليس له إمام حي يعرف مات ميتة جاهليّة، و قال أبو جعفر: إنّ الحجّة لا تقوم للّه عزّ و جلّ على خلقه إلاّ بامام حتى يعرفونه.

و قال أبو جعفر عليه السّلام: من سرّه أن لا يكون بينه و بين اللّه حجاب حتى ينظر إلى اللّه و ينظر اللّه إليه فليتولّ آل محمّد عليهم السّلام و يبرأ من عدوّهم و يأتمّ بالإمام منهم

ص: 255


1- البحار: 49-109 نقله هن كتاب الامامة و التبصرة.
2- عيون الاخبار: 2-135.

فانّه إذا كان كذلك، نظر اللّه إليه و نظر إلى اللّه، و لو لا ما قال أبو جعفر عليه السّلام حين يقول: لا تعجلوا على شيعتنا، إن تزلّ لهم قدم ثبتت اخرى، و قال: من لك بأخيك كلّه لكان مني من القول في ابن ابى حمزة و ابن السراج و أصحاب ابن ابن حمزة.

أما ابن السراج فانما دعاه إلى مخالفتنا و الخروج من أمرنا أنه عدا على مال لأبي الحسن عليه السّلام عظيم فاقتطعه في حياة أبي الحسن و كابرني عليه و أبى أن يدفعه، و الناس كلهم مسلّمون و مجتمعون على تسليمهم الأشياء كلّها إلى فلما حدث ما حدث من هلاك أبي الحسن عليه السّلام اغتنم فراق علي بن أبي حمزة و أصحابه إيّاى و تعلّل، و لعمري ما به من علّة إلاّ اقتطاعه المال و ذهابه به.

و أما ابن أبي حمزة فانه رجل تأوّل تأويلا لم يحسنه و لم يؤت علمه، فألقاه إلى الناس فلجّ فيه فكره إكذاب نفسه في إبطال قوله بأحاديث تأوّلها، و لم يؤت علمها، و رأى أنه إذا لم يصدّق آبائي بذلك لم يدر لعلّ ما خبّر عنه مثل السفياني و غيره إنه كائن لا يكون منه شيء، و قال لهم: ليس يسقط قول آبائه بشيء، و لعمري ما يسقط قول آبائي شيء، و لكن قصر علمه عن غايات ذلك و حقائقه، فصار فتنة له و شبهة عليه، و فرّ من أمر فوقع فيه.

و قال أبو جعفر عليه السّلام: من زعم أنه قد فرغ من الأمر فقد كذب، لأنّ للّه عزّ و جلّ المشيّة في خلقه يحدث ما يشاء، و يفعل ما يريد، و قال: «ذُرِّيَّةً بَعْضُهٰا مِنْ بَعْضٍ » فآخرها من أوّلها و أوّلها من آخرها، فاذا أخبر عنها بشيء منها بعينه أنه كائن فكان في غيره منه فقد وقع الخبر على ما أخبروا، أ ليس في أيديهم أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا قيل في المرء شيء فلم يكن فيه ثم كان في ولده من بعده فقد كان فيه (1).

تمّ كتاب الامامة و مناقب الائمّة عليهم السّلام و يتلوه كتاب الايمان و الكفر إن شاء اللّه

ص: 256


1- قرب الاسناد: 203.

كتاب الايمان و الكفر

1- باب مراتب الايمان و صفات المؤمن

1 - الحميري، عن البزنطي قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: الايمان له أربعة أركان: التوكّل على اللّه عزّ و جلّ و الرضا بقضائه، و التسليم لأمر اللّه، و التفويض إلى اللّه قال عبد صالح: «وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّٰهِ ... فَوَقٰاهُ اَللّٰهُ سَيِّئٰاتِ مٰا مَكَرُوا» (1).

2 - عنه، عن البزنطى قال: سمعته يقول: الايمان أفضل من الإسلام بدرجة و التقوى أفضل من الإيمان بدرجة، و اليقين أفضل من التقوى بدرجة، و لم يقسم شيء بين بني آدم أفضل من اليقين (2).

3 - عنه - رحمه اللّه - عن البزنطي قال: سمعته يقول: جرى القلم بحقيقة الكتاب من اللّه بالسعادة لمن آمن و اتّقى و الشقاوة من اللّه تبارك و تعالى لمن كذّب و عصى (3).

4 - عنه - عن محمّد بن الحسين بن أبى الخطّاب، عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر قال:

قال الرضا عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ قد هداكم و نوّر لكم و قد كان أبو عبد اللّه عليه السّلام يقول:

إنما هو مستقرّ و مستودع، فالمستقرّ الثابت و المستودع المستعار، تستطيع أن تهدي من أضلّ اللّه ؟! (4).

5 - البرقي - رحمه اللّه - عن أبيه، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال لي: يا سليمان إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق المؤمن من نوره، و صبغهم في رحمته، و أخذ ميثاقهم لنا بالولاية، فالمؤمن أخو المؤمن لأبيه و أمّه، أبوه النور و أمّه الرحمة، فاتّقوا فراسة المؤمن فانّه ينظر بنور اللّه الذي خلق منه (5).

ص: 257


1- قرب الاسناد: 208.
2- قرب الاسناد: 208 و الكافى: 2-52 - و فيه «الايمان فوق الاسلام».
3- قرب الاسناد: 208.
4- قرب الاسناد: 226.
5- المحاسن: 131.

6 - الكليني - رحمه اللّه - عن علي بن محمّد بن بندار، عن ابراهيم بن إسحاق، عن سهل، عن الحارث بن الدلهاث مولى الرضا عليه السّلام قال: سمعت الرضا يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال: سنّة من ربّه، و سنّة من نبيّه، و سنّة من وليّه، فأما السنة من ربه فكتمان سرّه، قال اللّه عزّ و جلّ «عٰالِمُ اَلْغَيْبِ فَلاٰ يُظْهِرُ عَلىٰ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاّٰ مَنِ اِرْتَضىٰ مِنْ رَسُولٍ » (1) و أما السنّة من نبيّه فمداراة الناس، فانّ اللّه عزّ و جلّ أمر نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمداراة الناس فقال: «خُذِ اَلْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ » (2) و أما السنّة من وليّه فالصبر في البأساء و الضرّاء (3).

7 - عنه - رحمه اللّه - قال: عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، و الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد جميعا عن الوشاء عن أبى الحسن عليه السّلام قال: سمعته يقول: الإيمان فوق الإسلام بدرجة، و التقوى فوق الإيمان بدرجة، و اليقين فوق التقوى بدرجة، و ما قسم في الناس شيء أقلّ من اليقين (4).

8 - عنه - رحمه اللّه - عن علي بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس، قال:

سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الإيمان و الإسلام، فقال: قال أبو جعفر عليه السّلام:

إنما هو الإسلام، و الايمان فوقه بدرجة، و التقوى فوق الايمان بدرجة، و اليقين فوق التقوى بدرجة و لم يقسم بين الناس شيء أقلّ من اليقين، قال: قلت: فأىّ شيء اليقين ؟ قال: التوكّل على اللّه و التسليم للّه و الرضا بقضاء اللّه، و التفويض إلى اللّه، قلت: فما تفسير ذلك ؟ قال: هكذا قال أبو جعفر عليه السّلام (5).

9 - عنه - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي

ص: 258


1- الجن: 25-26.
2- الاعراف: 199.
3- الكافى: 2-241 و أمالي الصدوق: 198 و زاد فيه «يقول اللّه عزّ و جلّ و الصابر بن فى البأساء و الضراء و حين البأس اولئك الذين صدقوا و اولئك هم المتقون» و كذا في الخصال: 82 و معانى الاخبار: 184 و تحف العقول: 325.
4- و الكافى: 2-51.
5- و الكافى: 2-52.

الوشّاء عن الرضا عليه السّلام قال: من فرّج عن مؤمن فرّج اللّه عن قلبه يوم القيامة (1).

10 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبى - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا محمّد بن معقل القرميسيني، عن محمّد بن عبد اللّه بن طاهر، قال كنت واقفا على أبى و عنده أبو الصلت الهروي و إسحاق بن راهويه، و أحمد بن محمّد بن حنبل، فقال أبي ليحدّثنى كلّ رجل منكم بحديث، فقال ابو الصلت الهروي: حدثني علي بن موسى الرضا - و كان و اللّه رضى كما سمي - عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي عليهم السّلام قال: قال رسول صلّى اللّه عليه و آله: الإيمان قول و عمل، فلمّا خرجنا قال أحمد بن محمّد بن حنبل: ما هذا الاسناد فقال له أبي: هذا سعوط المجانين إذا سعط به المجنون أفاق (2).

11 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو أحمد محمّد بن جعفر البندار، قال: حدثنا أبو العباس الحمّادي، قال: حدثنا محمّد بن عمر بن منصور البلخي بمكة، قال: حدثنا أبو يونس أحمد بن محمّد بن يزيد بن عبد اللّه الجمحي، قال: حدثنا عبد السلام بن صالح عن علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد ابن علي، عن على بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الإيمان معرفة بالقلب، و إقرار باللّسان، و عمل بالاركان (3).

12 - عنه، قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بكر بن صالح الرازي، عن أبي الصلت الهروي، قال: سألت الرضا عليه السّلام عن الإيمان، فقال: الايمان عقد بالقلب و لفظ باللّسان، و عمل بالجوارح، لا يكون الايمان إلاّ هكذا (4).

ص: 259


1- الكافى: 2-200.
2- الخصال: 53.
3- الخصال: 178-179 قال الصدوق - رحمه اللّه - قال حمزة بن محمد رضي اللّه عنه و سمعت عبد الرحمن بن ابى حاتم، يقول: سمعت أبى يقول: و قد روى هذا الحديث عن ابى الصلت الهروى عبد السلام بن صالح عن على بن موسى الرضا باسناد مثله، قال ابو حاتم: لو قرء هذا الاسناد على مجنون لبرأ.
4- الخصال: 178-179 قال الصدوق - رحمه اللّه - قال حمزة بن محمد رضي اللّه عنه و سمعت عبد الرحمن بن ابى حاتم، يقول: سمعت أبى يقول: و قد روى هذا الحديث عن ابى الصلت الهروى عبد السلام بن صالح عن على بن موسى الرضا باسناد مثله، قال ابو حاتم: لو قرء هذا الاسناد على مجنون لبرأ.

13 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا حمزة بن عبد اللّه العلوي - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا أبو الحسن علي بن محمّد البزاز، قال: حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان الغازي، قال: حدثني علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبى موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الايمان إقرار باللّسان، و معرفة بالقلب، و عمل بالأركان (1).

14 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن داود بن سليمان، عن علي بن موسى الرضا عن الصادق عليهم السّلام قال: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى داود عليه السّلام أن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأدخله الجنّة، قال: يا ربّ و ما تلك الحسنة ؟ قال: يفرّج عن المؤمن كربته، و لو بتمرة، فقال داود عليه السّلام: حقّ على من عرفك أن لا يقطع رجاءه منك (2).

15 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه عن يعقوب بن يزيد، عن عبيد بن هلال قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول:

إني أحبّ أن يكون المؤمن محدّثا، قال: قلت: و أي شيء المحدّث ؟ قال: المفهّم (3).

16 - عنه عن على بن أحمد بن عمران عن محمّد بن أبى عبد اللّه الكوفي عن سهل بن زياد عن عبد اللّه العظيم بن عبد اللّه الحسنى عن إبراهيم بن أبى محمود قال: قال الرضا عليه السّلام المؤمن: الذي إذا أحسن استبشر و إذا أساء استغفر، و المسلم: الّذي يسلم المسلمون من لسانه و يده، ليس منّا من لم يأمن جاره بوائقه (4).

17 - عنه عن الفقيه المروزى عن أبى بكر بن محمّد بن عبد اللّه النيسابوري عن عبد اللّه بن احمد الطائي عن أبيه عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المؤمن يعرف كما في السماء يعرف الرجل أهله و ولده، و إنّه لأكرم على اللّه من ملك مقرّب (5).

ص: 260


1- الخصال: 179.
2- معانى الاخبار: 374 و العيون: 1-313.
3- عيون الاخبار: 1-307.
4- المصدر: 2-24 و 33.
5- المصدر: 2-24 و 33.

18 - عنه بهذا الاسناد، قال: قال رسول اللّه عليه السّلام: من بهت مؤمنا أو مؤمنة، أو قال فيه ما ليس فيه أقامه اللّه يوم القيامة على تلّ من نار حتى يخرج ممّا قاله فيه (1).

19 - عنه بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ من كرامة المؤمن على اللّه أنه لم يجعل لأجله وقتا حتى يهمّ ببائقة، فاذا همّ ببائقة قبضه إليه، قال: و قال جعفر بن محمّد عليهما السّلام: تجنّبوا البوائق يمدّ لكم في الاعمار (2).

20 - عنه - رحمه اللّه - عن الجعابى عن الحسن بن عبد اللّه الرازى عنه عن آبائه عن علي عليهم السّلام عن النبي صلوات اللّه عليه و آله انه قال: المؤمن ينظر بنور اللّه (3).

21 - عنه عن محمّد بن أحمد يوسف البغدادى، عن على بن محمّد بن عيينة، عن القاسم بن محمّد العلوي و دارم بن قبيصة عنه عن آبائه عن على عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أذلّ مؤمنا أو حقره لفقره و قلّة ذات يده شهره اللّه على جسر جهنم يوم القيامة (4).

22 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثني أحمد بن محمّد - رضي اللّه عنه - عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه بن أحمد، عن محمّد بن سنان عن الرضا عليه السّلام قال: المرض للمؤمن تطهير و رحمة، و للكافر تعذيب و لعنة، و إنّ المرض لا يزال بالمؤمن حتى لا يكون عليه ذنب (5).

23 - المفيد - رحمه اللّه - باسناده عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفّار عن أحمد بن محمّد، و محمّد بن عبد الحميد، عن أحمد بن محمّد أبي نصر، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: لا يستكمل عبد الايمان حتى يعرف أنه يجري لآخرهم ما جرى لاوّلهم، و هم في الحجّة و الطاعة و الحلال و الحرام سواء، و لمحمّد و أمير المؤمنين عليهما السّلام فضلهما (6).

ص: 261


1- عيون الاخبار: 2-33.
2- المصدر: 2-36.
3- المصدر: 2-61.
4- المصدر: 2-70.
5- ثواب الاعمال: 229 و مكارم الاخلاق: 414.
6- الاختصاص: 22 و مضى نحوه آنفا.

24 - الطوسي - رحمه اللّه - قال: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو عبد اللّه الحسين بن علي المالكي قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الايمان قول مقول، و عمل معمول، و عرفان العقول. قال أبو الصلت:

فحدّثت بهذا الحديث في مجلس أحمد بن حنبل فقال لي أحمد: يا أبا الصلت لو قرئ هذا الاسناد على المجانين لأفاقوا (1).

25 - الحافظ ابو نعيم الاصبهاني قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد اللّه بن اسحاق المعدّل الاصبهاني بنيسابور، حدثنا أبو علي أحمد بن على الأنصاري و مولده باصبهان سكن نيسابور، حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروى قال: كنت مع علي بن موسى الرضا و دخل نيسابور راكبا بغلة شهباء أو بغلا أشهب - الشك من أبى الصلت - فعدا في طلبه علماء البلد ياسين بن النضر و أحمد بن حرب و يحيى بن يحيى و عدّة من أهل العلم فتعلّقوا بلجامه في المربع فقالوا: بحق آبائك الطاهرين حدّثنا بحديث سمعته من أبيك.

قال: حدثنى أبى العبد الصالح موسى بن جعفر، قال موسى: حدثني أبي الصادق جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي أبو جعفر باقر العلم علم الأنبياء، قال أبو جعفر حدثني

ص: 262


1- أمالي الطوسى: 1-34 و مثله في ج 2-63 قال ابو جعفر الطوسى - رحمه اللّه - قال ابو المفضل: و هذا حديث لم يحدث به عن النبي (ص) الا أمير المؤمنين (ع) من رواية الرضا عن آبائه (ع) و على هذا القول ائمة اصحاب الحديث فيما أعلم، و احتججنا بهذا الحديث على المرجئة، و لم يحدث به فيما اعلم الا موسى بن جعفر عن أبيه صلوات اللّه عليهما و كنت لا اعلم أن احدا رواه عن موسى بن جعفر الا ابنه الرضا (ع) حتى حدثناه محمد بن على بن معمر الكوفى و ما كتبته الا عنه قال: حدثنا عبد اللّه بن سعيد البصرى العابد بسورا قال: حدثنا محمد ابن صدقة و محمد بن تميم قالا: حدثنا موسى بن جعفر عن أبيه باسناده مثله سواء.

أبي سيد اهل الجنة الحسين، حدثني أبي سيد العرب علي بن أبي طالب رضوان اللّه عليهم قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما الإيمان ؟ قال: معرفة بالقلب و إقرار باللّسان و عمل بالأركان، و قال أبو على: قال لي أحمد بن حنبل: إن قرأت هذا الاسناد على مجنون برئ من جنونه و ما عيب هذا الحديث الاّ جودة اسناده (1).

26 - الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي قال: أخبرنا محمّد بن عبد الملك القرشي أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ، حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائى حدثني أبى في سنة ستين و مائتين حدثنا علي بن موسى سنة أربع و تسعين و مائة، حدثني أبي - موسى بن جعفر، حدثنى أبي محمّد بن علي، حدثني أبي علي بن الحسين، حدثنى أبي الحسين بن على، حدثني أبي علي بن أبى طالب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الايمان إقرار باللّسان، و معرفة بالقلب، و عمل بالاركان (2).

27 - القطب الراوندي في كتاب الدعوات يرفعه عن محمّد بن علي عليهما السّلام قال مرض رجل من أصحاب الرضا عليه السّلام فعاده فقال: كيف تجدك ؟ قال: لقيت الموت بعدك - يريد ما لقيه من شدّة مرضه - فقال عليه السّلام: كيف لقيته قال شديدا أليما قال ما لقيته انما لقيت ما يبدو كربه، و يعرفك بعض حاله، انما الناس رجلان مستريح بالموت و مستراح منه به، فجدّد الايمان باللّه و بالولاية تكن مستريحا، ففعل الرجل ذلك، ثم قال:

يا ابن رسول اللّه هذه ملائكة ربى بالتحيّات و التحف يسلّمون عليك و هم قيام بين يديك فأذن لهم في الجلوس، فقال الرضا عليهما السّلام: أ جاءوا ملائكة ربي ؟ ثم قال للمريض: سلهم امروا بالقيام بحضرتي ؟ فقال المريض: سألتهم فزعموا انه لو حضرك كلّ من خلقه اللّه من ملائكته لقاموا لك و لم يجلسوا حتى تأذن لهم هكذا أمرنا اللّه عزّ و جلّ ، ثم غمز الرجل عينيه و قال: السلام عليك يا ابن رسول اللّه هكذا شخصك ماثل لي مع اشخاص محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من بعده من الائمّة عليهم السّلام و قضى الرجل (3).

ص: 263


1- اخبار اصبهان: 1-138.
2- تاريخ بغداد: 9-385.
3- مستدرك الوسائل: 1-91.

2- باب الصمت و الكتمان

28 - الكليني - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد ابن محمّد بن أبي نصر، قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: من علامات الفقه الحلم و العلم و الصمت: إنّ الصمت باب من أبواب الحكمة، إنّ الصمت يكسب المحبّة، إنه دليل على كلّ خير (1).

29 - عنه - رحمه اللّه - قال: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد جميعا عن الوشّاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: كان الرجل من بنى اسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين (2).

30 - عنه، قال: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن علي، عن العباس مولى الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول: المستتر بالحسنة يعدل سبعين حسنة و المذيع بالسيّئة مخذول، و المستتر بالسيّئة مغفور له (3).

31 - الحميري - رحمه اللّه - باسناده عن الرضا عليه السّلام قال: من علامات الفقه الحلم و الصمت، إنّ الصمت باب من أبواب الحكمة، إنّ الصمت يكسب المحبّة و هو دليل على الخير، و كان جعفر عليه السّلام يقول: و اللّه لا يكون الذي تمدّون إليه أعناقكم حتى تميّزون و تمحّصون، ثم يذهب و لا يبقى من كلّ عشرة منكم إلاّ الأندر، ثم تلا هذه الآية:

«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ وَ لَمّٰا يَعْلَمِ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ جٰاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ اَلصّٰابِرِينَ » (3).

32 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثني محمّد بن الحسن - رضي اللّه عنه - قال:

ص: 264


1- الكافى: 2-113 و الخصال: 158 و العيون: 1-258 و الاختصاص: 232 و تحف العقول: 326.
2- و (3) الكافى: 2-116-428.
3- قرب الاسناد: 216.

حدثني محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن أبي همّام إسماعيل بن همّام، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: دعوة العبد سرّا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية (1).

33 - عنه - رحمه اللّه - عن الفقيه المروزى عن محمّد بن عبد اللّه النيسابورى، عن عبد اللّه ابن أحمد الطائى، عن أبيه، عن الرضا عليه السّلام قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: من كنوز البرّ اخفاء العمل و الصبر على الرزايا، و كتمان المصائب (2).

34 - الطبرسى باسناده عن الرضا عليه السّلام أنه قال لرجل من القميّين: اتّقوا اللّه و عليكم بالصمت و الصبر و الحلم، فانه لا يكون الرجل عابدا حتى يكون حليما، و قال: لا يكون عاقلا حتى يكون حليما (3).

35 - المفيد - رحمه اللّه - باسناده قال الرضا عليه السّلام: ما أحسن الصمت لا من عىّ و المهذار له سقطات (4).

36 - ابن شعبة الحرّاني، مرسلا عن الرضا عليه السّلام قال: ما من شيء من الفضول إلاّ و هو يحتاج إلى الفضول من الكلام (5).

3- باب صلة الارحام

37 - الكلينى - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد ابن محمّد بن أبى نصر، عن محمّد بن عبيد اللّه قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: يكون الرجل يصل رحمه، فيكون قد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيّرها اللّه ثلاثين سنة و يفعل اللّه ما يشاء (6).

38 - و بهذا الاسناد عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام

ص: 265


1- ثواب الاعمال: 193.
2- عيون الاخبار: 2-38.
3- مستدرك الوسائل: 2-304.
4- الاختصاص: 232.
5- تحف العقول: 326.
6- الكافى: 2-150 و قرب الاسناد: 208.

قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صل رحمك و لو بشربة من ماء، و أفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذي عنها، و صلة الرحم منسأة في الأجل محبّبة في الأهل (1).

39 - عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن على الوشّاء عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما نعلم شيئا يزيد فى العمر إلاّ صلة الرحم، حتى أنّ الرجل يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولا للرحم فيزيد اللّه في عمره ثلاثين سنة، فيجعلها ثلاثا و ثلاثين سنة، و يكون أجله ثلاثا و ثلاثين سنة فيكون قاطعا للرحم فينقصه اللّه ثلاثين سنة و يجعل أجله إلى ثلاث سنين (2)

40 - عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الوشّاء عن محمّد بن فضيل الصيرفي عن الرضا عليه السّلام قال: إنّ رحم آل محمّد - الائمة عليهم السّلام - لمعلّقة بالعرش تقول: اللهمّ صل من وصلنى و اقطع من قطعنى ثم هي جارية بعدها في أرحام المؤمنين ثم تلا هذه الآية: «وَ اِتَّقُوا اَللّٰهَ اَلَّذِي تَسٰائَلُونَ بِهِ وَ اَلْأَرْحٰامَ » (3).

41 - الصدوق - رحمه اللّه - عن الفقيه المروزى عن النيسابورى عن الطائى عن أبيه عن الرضا عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من ضمن لي واحدة ضمنت له أربعة، يصل رحمه فيحبّه اللّه، و يوسّع عليه في رزقه، و يزيد في عمره، و يدخله الجنة الّتي وعده (4).

42 - عنه بهذا الاسناد عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام عن الحسين بن على عليهما السّلام أنه قال: من سرّه أن ينسأ في أجله و يزاد في رزقه فليصل رحمه (5).

43 - عنه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لمّا اسري بي إلى السماء رأيت رحما متعلّقة بالعرش تشكو رحما إلى ربّها، فقلت لها: كم بينك و بينها من أب ؟ فقالت: نلتقي في أربعين أبا (6).

ص: 266


1- الكافى: 2-151 و 153 و 156.
2- الكافى: 2-151 و 153 و 156.
3- الكافى: 2-151 و 153 و 156.
4- عيون الاخبار: 2-37-44.
5- عيون الاخبار: 2-37-44.
6- المصدر: 1-254 و الخصال: 540.

44 - الحميري - رحمه اللّه - عن البزنطي عن الرضا عليه السّلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام صلة الرحم منسأة في الأجل، مثراة في المال، و محبّبة في الأهل (1).

45 - ابن شعبة الحرّاني - رحمه اللّه - مرسلا عن الرضا عليه السّلام قال: صل رحمك و لو بشربة من ماء، و أفضل ما توصل به الرحم كفّ الاذى عنها و قال: في كتاب اللّه «لاٰ تُبْطِلُوا صَدَقٰاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ اَلْأَذىٰ » (2).

46 - الطوسي - رحمه اللّه - قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال: حدثنا محمّد ابن جعفر أبو العباس القرشى الرزاز بالكوفة قال: حدثنى جدي محمّد بن عيسى أبو جعفر القمّي قال: حدثنا محمّد بن فضيل الصيرفي، قال: حدثنا علي بن موسى الرّضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رجل للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا رسول اللّه علّمنى عملا لا يحال بينه و بين الجنّة.

قال: لا تغضب و لا تسأل الناس شيئا، و ارض للناس ما ترضى، فقال: يا رسول اللّه زدني، قال: إذا صلّيت العصر فاستغفر اللّه سبعا و سبعين مرّة، يحطّ عنك عمل سبع و سبعين سنة، قال: ما لي سبع و سبعون سنة فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اعملها لك و لأبيك قال: ما لي و لأبي سبع و سبعون سنة، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اجعلها لك و لأبيك و لامّك، قال: يا رسول اللّه ما لي و لأبي و لامّي سبع و سبعون سنة، قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

اجعلها لك و لأبيك و لامّك و لقرابتك (3).

4- باب البر بالوالدين

47 - الكليني - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلاّد، قال: قلت لأبى الحسن الرضا عليه السّلام: أدعو لوالديّ إذا كانا لا يعرفان الحق ؟

ص: 267


1- قرب الاسناد: 208.
2- تحف العقول: 328.
3- أمالي الطوسى: 2-121.

قال: ادع لهما و تصدّق عنهما و إن كانا حيّين لا يعرفان الحقّ فدارهما، فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إنّ اللّه بعثنى بالرحمة لا بالعقوق (1).

48 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه - رضي اللّه عنه - قال: حدثني أبي عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن السيّاري، عن الحارث بن الدلهاث عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أمر بثلاثة مقرونة بها ثلاثة اخرى، أمر بالصلاة و الزكاة، فمن صلّى و لم يزكّ لم يقبل منه صلاته، و أمر بالشكر له و للوالدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر اللّه، و أمر باتّقاء اللّه و صلة الرحم، فمن لم يصل رحمه لم يتّق اللّه عزّ و جلّ (2).

49 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا محمّد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحّاف، عن محمّد بن سنان أنّ الرضا عليه السّلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: حرّم اللّه عقوق الوالدين لما فيه من الخروج من التوفيق لطاعة اللّه عزّ و جلّ و التوقير للوالدين و تجنّب كفر النعمة و إبطال الشكر و ما يدعو من ذلك إلى قلّة النسل و انقطاعه لما في العقوق من قلّة توقير الوالدين و العرفان بحقّهما و قطع الأرحام و الزهد من الوالدين في الولد و ترك الولد برّهما (3).

5- باب الصبر و القناعة

50 - الكليني - رحمه اللّه - عن على بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عرفة، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: من لم يقنعه من الرزق إلاّ الكثير، لم يكفه من العمل إلاّ الكثير، و من كفاه من الرزق القليل فانّه يكفيه من العمل القليل (4).

51 - عنه - رحمه اللّه - قال: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد

ص: 268


1- الكافى: 2-159.
2- عيون الاخبار: 1-268.
3- علل الشرائع: 2-164.
4- الكافى: 2-138.

ابن محمّد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: جعلت فداك اكتب لي إلى اسماعيل بن داود الكاتب لعلّي اصيب منه، قال: أنا أضنّ بك أن تطلب مثل هذا و شبهه و لكن عوّل على مالي (1).

52 - عنه - رحمه اللّه - عن سهل، عن عبيد اللّه، عن أحمد بن عمر قال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنا و حسين بن ثوير بن أبى فاختة، فقلت له: جعلت فداك إنّا كنّا في سعة من الرزق و غضارة من العيش، فتغيّرت الحال بعض التغيير فادع اللّه عزّ و جلّ أن يردّ ذلك إلينا، فقال: أيّ شيء تريدون تكونون ملوكا؟ أ يسرّك أن تكون مثل طاهر و هرثمة و أنك على خلاف ما أنت عليه ؟ قلت: لا و اللّه ما يسرّني أنّ لي الدنيا بما فيها ذهبا و فضّة و أنّى على خلاف ما أنا عليه.

قال: فقال: فمن أيسر منكم فليشكر اللّه. إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ » و قال سبحانه و تعالى: «اِعْمَلُوا آلَ دٰاوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبٰادِيَ اَلشَّكُورُ» و أحسنوا الظن باللّه، فانّ أبا عبد اللّه عليه السّلام كان يقول: من حسن ظنّه باللّه كان اللّه عند ظنّه به، و من رضي بالقليل من الرزق قبل اللّه منه اليسير من العمل، و من رضي باليسير من الحلال خفّت مئونته، و تنعّم أهله و بصّره اللّه داء الدنيا و دواءها، و أخرجه منها سالما إلى دار السلام.

قال: ثم قال: ما فعل ابن فياما، قال: قلت: و اللّه إنه ليلقانا فيحسن اللّقاء، فقال: و أي شيء يمنعه من ذلك، ثم تلا هذه الآية: «لاٰ يَزٰالُ بُنْيٰانُهُمُ اَلَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاّٰ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ » قال: ثم قال: تدري لأي شيء تحيّر ابن قياما، قال: قلت لا قال: إنه تبع أبا الحسن عليه السّلام فأتاه عن يمينه و عن شماله و هو يريد مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فالتفت إليه أبو الحسن فقال: ما تريد حيرك اللّه، قال: ثم قال: أ رأيت لو رجع إليهم موسى، فقالوا: لو نصبته لنا فاتّبعناه و اقتصصنا أثره، أهم كانوا أصوب قولا، أو من قال: «لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عٰاكِفِينَ حَتّٰى يَرْجِعَ إِلَيْنٰا مُوسىٰ » .

قال: قلت: لا بل من قال: لو نصبته لنا فاتّبعناه و اقتصصنا أثره، قال: فقال: من

ص: 269


1- الكافى: 2-149.

هاهنا اتي ابن قياما و من قال بقوله، ثم ذكر ابن السراج فقال: إنه قد أقرّ بموت أبي الحسن عليه السّلام و ذلك أنه أوصى عند موته فقال: كلّ ما خلّفت من شيء حتّى قميصي هذا الذي في عنقي لورثة أبي الحسن عليه السّلام و لم يقل: هو لأبي الحسن عليه السّلام، و هذا إقرار، و لكن أي شيء ينفعه من ذلك و ممّا قال ثم أمسك (1).

53 - الصدوق - رحمه اللّه - باسناده و قال الرضا عليه السّلام: من أصبح معافى في بدنه، مخلّى في سربه، عنده قوت يومه. فكانّما حيزت له الدنيا (2).

54 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أبي، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، قال: حدثني محمّد بن أحمد المدائني، عن فضل بن كثير، عن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: من لقى فقيرا مسلما فسلّم عليه خلاف سلامه على الغني لقى اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و هو عليه غضبان (3).

55 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجاني - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي عن أبيه علي بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السّلام قال: سئل الصادق عليه السّلام عن الزهد في الدنيا قال: الذي يترك حلالها مخافة حسابه و يترك حرامها مخافة عقابه (4).

56 - عنه عن الفقيه المروزى عن محمّد بن عبد اللّه النيسابورى عن عبد اللّه بن أحمد الطائي عن الرضا عن آبائه عن على عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أتاني ملك فقال يا محمّد إنّ ربك عزّ و جلّ يقرئك السلام و يقول: إن شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهبا قال: فرفع رأسه إلى السماء و قال: يا ربّ أشبع يوما فأحمدك، و أجوع يوما فأسألك (5).

57 - عنه (6) باسناده عن الرضا عليه السّلام قال: قال علي بن أبي طالب عليه السّلام: أتى أبو - جحيفة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو يتجشّأ فقال: اكفف جشاءك، فانّ أكثر الناس فى الدنيا

ص: 270


1- روضة الكافى: الحديث: 546.
2- الفقيه: 4-301.
3- أمالي الصدوق: 265.
4- عيون الاخبار: 1-312، و 2-30-38.
5- عيون الاخبار: 1-312، و 2-30-38.
6- عيون الاخبار: 1-312، و 2-30-38.

شبعا أكثرهم جوعا يوم القيامة، قال: فما ملأ أبو جحيفة بطنه من طعام حتى لحق باللّه.

58 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا محمّد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا أبو تراب محمّد بن عبد اللّه بن موسى الروياني قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن الامام محمّد بن على عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام، قال: دعا سلمان أبا ذر رحمة اللّه عليهما إلى منزله، فقدم إليه رغيفين، فأخذ أبو ذر الرغيفين فقلبهما فقال سلمان: يا أبا ذر لأي شيء تقلب هذين الرغيفين.

قال: خفت أن لا يكونا نضيجين، فغضب سلمان من ذلك غضبا شديدا ثم قال:

ما أجرأك حيث تقلب هذين الرغيفين فو اللّه لقد عمل في هذا الخبز الماء الذي تحت العرش، و عملت فيه الملائكة حتى ألقوه إلى الريح و عملت فيه الريح حتى ألقته إلى السحاب، و عمل فيه السحاب حتى أمطره إلى الأرض و عمل فيه الرعد و البرق و الملائكة حتى وضعوه مواضعه، و عملت فيه الأرض و الخشب و الحديد و البهائم، و النار و الحطب و الملح، و ما لا أحصيه أكثر فكيف لك أن تقوم بهذا الشكر؟! فقال أبو ذر: إلى اللّه أتوب و أستغفر إليه مما أحدثت و أليك أعتذر، ما كرهت، قال: و دعا سلمان أبا ذر رحمهما اللّه ذات يوم إلى ضيافة فقدم إليه من جرابه كسرة يابسة و بلّها من ركوته، فقال أبو ذر: ما أطيب هذا الخبز لو كان معه ملح، فقام سلمان و خرج و رهن ركوته بملح و حمله إليه، فجعل أبو ذر يأكل ذلك الخبز و يذرّ عليه ذلك الملح و يقول: الحمد للّه الذي رزقنا هذه القناعة، فقال سلمان، لو كانت قناعة لم تكن ركوتى مرهونة (1).

59 - عليّ بن شعبة الحرّاني - رحمه اللّه - مرسلا عن الرضا عليه السّلام قال له رجل في يوم

ص: 271


1- قال العطاردى: و قد أخرجته فى مسند عبد العظيم الحسنى ص 153 و رواه الصدوق رحمه اللّه فى العيون: 2-52 و فى الامالى: 265.

الفطر: إنّي أفطرت اليوم على تمر و طين القبر فقال عليه السّلام: جمعت السنّة و البركة (1).

60 - عنه مرسلا عن أحمد بن عمر، و الحسين بن يزيد قالا: دخلنا على الرضا عليه السّلام فقلنا: إنّا كنّا في سعة من الرزق، و غضارة من العيش فتغيّرت الحال بعض التغيير، فادع اللّه أن يردّ ذلك إلينا، فقال عليه السّلام: أيّ شيء تريدون تكونون ملوكا أ يسرّكم أن تكونوا مثل طاهر و هرثمة و إنكم على خلاف ما أنتم عليه، فقلت: لا و اللّه ما سرّني أنّ لى الدنيا بما فيها ذهبا و فضّة و أني على خلاف ما أنا عليه.

فقال عليه السّلام: إنّ اللّه يقول: «اِعْمَلُوا آلَ دٰاوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبٰادِيَ اَلشَّكُورُ [(2)]» أحسنوا الظنّ باللّه، فانّ من حسن ظنّه باللّه كان اللّه عند ظنّه، و من رضي بالقليل من الرزق قبل منه اليسير من العمل، و من رضي باليسير من الحلال خفّت مئونته و نعّم أهله و بصّره اللّه داء الدنيا و دواءها، و أخرجه منها سالما إلى دار السلام (3).

61 - المفيد - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو جعفر عمر بن محمّد المعروف بابن الزيّات قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال:

حدثنا الرضا علي بن موسى قال: حدثني موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر ابن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبى الحسين بن علي عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لو رأى العبد أجله و سرعته إليه، لأبغض العمل و ترك طلب الدنيا (4).

62 - شهاب الدين النويري: قال علي بن موسى: القناعة تجمع إلى صيانة النفس، و عزّ القدرة طرح مئونة الاستكثار و التعبّد لأهل الدنيا، و لا ملك طريق القناعة إلاّ رجلان إمّا متقلّل يريد أجر الآخرة، أو كريم يتنزّه عن آثام الدنيا (5).

63 - الحسين بن حمدان الحضيني باسناده عن أبى محمّد الكوفي قال: دخلت على

ص: 272


1- تحف العقول: 330.
2- سبأ: 12.
3- تحف العقول: 330.
4- أمالي المفيد: 190 و أمالي الطوسى: 1-76 و العيون: 2-39.
5- نهاية الارب: 3-247.

أبى الحسن الرضا عليه السّلام بالمدينة فسلّمت عليه فأقبل يحدّثني بأحاديث سألته عنها إذ قال: يا أبا محمّد: ما ابتلى مؤمن ببليّة فصبر عليها إلا كان له أجر ألف شهيد (1).

6- باب حسن الظن

64 - الكلينى - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد ابن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: أحسن الظن باللّه فانّ اللّه عزّ و جلّ يقول: أنا عند ظنّ عبدي المؤمن بي، إن خيرا فخيرا و إن شرّا فشرّا (2).

7- باب التواضع و الحلم

65 - الكلينى - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد ابن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن عبيد اللّه قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: لا يكون الرجل عابدا حتى يكون حليما، و إنّ الرجل كان إذا تعبّد في بني إسرائيل لم يعدّ عابدا حتى يصمت قبل ذلك عشر سنين (3).

66 - عنه - رحمه اللّه - قال عدة من أصحابنا، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: التواضع أن تعطي الناس ما تحبّ أن تعطاه.

و في حديث آخر قال: قلت له: ما حدّ التواضع الّذي اذا فعله العبد كان متواضعا، فقال: التواضع درجات منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم، لا يحبّ أن يأتي إلى أحد إلاّ مثل ما يؤتى إليه، إن رأى سيّئة درأها بالحسنة كاظم الغيظ، عاف عن الناس، و اللّه يحبّ المحسنين (4).

ص: 273


1- مستدرك الوسائل: 1-142.
2- الكافى: 2-72.
3- الكافى: 2-111-124.
4- الكافى: 2-111-124.

67 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الادمي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن النعمان، عن محمّد بن أسباط، عن الحسن بن الجهم قال: سألت الرضا عليه السّلام فقلت له: جعلت فداك ما حدّ التوكّل ؟ فقال لي: أن لا تخاف مع اللّه أحدا قال: قلت: فما حدّ التواضع ؟ قال أن تعطي الناس من نفسك ما تحبّ أن يعطوك مثله، قال: قلت:

جعلت فداك أشتهي أن أعلم كيف أنا عندك قال: انظر كيف أنا عندك (1).

68 - الطوسى - رحمه اللّه - قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل محمّد بن محمّد بن معقل العدلى بسهرورد، قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن بنت إلياس، قال: حدثنا أبي قال:

حدثنا علي بن موسى الرضا عليهما السّلام عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمّد عن آبائه عن على عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إياكم و مشاجرة الناس فانّها تظهر الغرّة و تدفن العزّة (2).

8- باب اداء الامانة

69 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبي - رحمه اللّه - قال: حدثني أحمد بن علي التفليسي، عن أحمد بن محمّد الهمداني عن محمّد بن علي الهادي، عن علي بن موسى الرضا عن الامام موسى بن جعفر، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن الباقر محمّد بن علي، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي، عن سيد الأوصياء علي بن أبي طالب عن سيد الأنبياء محمّد عليهم السّلام قال: لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم و صومهم و كثرة الحج و المعروف و طنطنتهم بالليل و لكن انظروا إلى صدق الحديث و أداء الامانة (3).

70 - المفيد - رحمه اللّه - باسناده عن أبى الحسن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول اللّه صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين عن اللّه عزّ و جلّ قال: آمركم بالورع و

ص: 274


1- عيون الاخبار: 2-49 و تنبيه الخواطر: 2-165.
2- أمالي الطوسى: 2-96.
3- عيون الاخبار: 2-51.

الاجتهاد و أداء الامانة و صدق الحديث و طول السجود و الركوع و التهجّد بالليل و إطعام الطعام و إفشاء السلام (1).

9- باب الرياء و حب الجاه و الحسد

71 - الكليني - رحمه اللّه - عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن عرفة قال: قال لي الرضا عليه السّلام: ويحك يا ابن عرفة اعملوا الغير رياء و لا سمعة، فانه من عمل لغير اللّه و كله اللّه إلى ما عمل ويحك ما عمل أحد عملا إلاّ ردّاه اللّه، إن خيرا فخير، و أن شرّا فشرّ (2).

72 - عنه - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلاّد، عن أبي الحسن عليه السّلام أنه ذكر رجلا فقال: إنه يحبّ الرئاسة، فقال: ما ذئبان ضاريان في غنم قوم قد تفرّق رعاؤها بأضرّ في دين المسلم من الرئاسة (3).

73 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا الحسن بن محمّد بن إسماعيل القرشي، قال: حدثنا أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبي الحسن علي موسى الرضا قال: حدثني أبي عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: دبّ إليكم داء الامم قبلكم البغضاء و الحسد (4).

74 - عنه عن الفقيه المروزيّ ، عن أبي بكر بن محمّد بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن أحمد الطائي عن أبيه عن الرضا عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام أنه قال: لا دين لمن دان بطاعة المخلوق و معصية الخالق (5).

75 - عنه قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال:

حدثنا علي بن محمّد بن عيينة قال: حدثنا الحسن بن سليمان الملطي قال: حدثنا

ص: 275


1- الاختصاص: 25.
2- الكافى: 2-294-297.
3- الكافى: 2-294-297.
4- عيون الاخبار: 1-312.
5- المصدر: 2-132.

علي بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: حدثنا أبى موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كاد الحسد أن يسبق القدر (1).

10- باب الذنوب

76 - البرقي - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الحسين بن خالد قال:

قلت للرضا عليه السّلام: إنا روينا حديثا عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: من شرب الخمر لم يقبل له صلاة أربعين يوما، فقال: صدقوا، قلت: فكيف لا يقبل صلاته أربعين يوما لا أقلّ منه و لا أكثر، قال: لأن اللّه تبارك و تعالى قدّر خلق الإنسان، فجعلها نطفة أربعين يوما ثم صيّرها بعد ذلك علقة أربعين يوما ثم صيّرها بعد ذلك مضغة أربعين يوما، فإذا شرب الخمر بقيت في مشاشته أربعين يوما (2).

77 - عنه - رحمه اللّه - عن معمر بن خلاّد عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم، قيل: و يكون بخيلا؟ قال: نعم قيل: و يكون كذّابا؟ قال: لا (3).

78 - الكليني - رحمه اللّه - قال عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن على بن أسباط، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام لا تبدينّ عن واضحة و قد عملت الأعمال الفاضحة، و لا تأمن البيات و قد عملت السيئات (3).

79 - عنه - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد الكوفي، عن علي بن الحسن الميثمي، عن العباس بن هلال الشامي مولى لأبي الحسن موسى عليه السّلام قال: سمعت الرّضا عليه السّلام يقول:

كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدث اللّه لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون (4).

ص: 276


1- عيون الاخبار: 2-132.
2- و (3) المحاسن: 118-329.
3- الكافى: 2-273 و 275 و العلل: 2-209.
4- الكافى: 2-273 و 275 و العلل: 2-209.

80 - عنه قال: عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن ابن - عرفة عن أبي الحسن عليه السّلام قال: إنّ للّه عزّ و جلّ في كل يوم و ليلة مناديا ينادي: مهلا مهلا عباد اللّه عن معاصي اللّه، فلو لا بهائم رتّع و صبية رضّع، و شيوخ ركّع، لصبّ عليكم العذاب صبّا، ترضّون به رضّا (1).

81 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني قال: حدثني أبو جعفر محمّد بن علي الرضا قال: حدثني أبي الرضا علي بن موسى عليه السّلام قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام يقول:

دخل عمرو بن عبيد البصرى علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فلما سلّم و جلس عنده تلا هذه الآية «اَلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبٰائِرَ اَلْإِثْمِ » (2).

ثم أمسك فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام ما أسكتك ؟ قال: احبّ أن أعرف الكبائر من كتاب اللّه عزّ و جلّ ، فقال: نعم يا عمرو أكبر الكبائر الشرك باللّه يقول اللّه عزّ و جلّ :

«إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّٰهِ فَقَدْ حَرَّمَ اَللّٰهُ عَلَيْهِ اَلْجَنَّةَ وَ مَأْوٰاهُ اَلنّٰارُ وَ مٰا لِلظّٰالِمِينَ مِنْ أَنْصٰارٍ» (3) و بعده اليأس من روح اللّه لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: «وَ لاٰ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اَللّٰهِ إِنَّهُ لاٰ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اَللّٰهِ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْكٰافِرُونَ » (4) و الأمن من مكر اللّه عزّ و جلّ لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

«فَلاٰ يَأْمَنُ مَكْرَ اَللّٰهِ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْخٰاسِرُونَ » (5).

و منها عقوق الوالدين لأنّ اللّه عزّ و جلّ جعل العاقّ جبّارا شقيّا في قوله حكاية قال عيسى عليه السّلام: «وَ بَرًّا بِوٰالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبّٰاراً شَقِيًّا [(6)]» و قتل النفس التى حرّم اللّه إلاّ بالحق، لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: «وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزٰاؤُهُ جَهَنَّمُ خٰالِداً فِيهٰا (7) إلى آخر الآية» و قذف المحصنات لأنّ اللّه تبارك و تعالى يقول: «إِنَّ

ص: 277


1- الكافى: 2-276.
2- الشورى: 37.
3- المائدة: 72.
4- يوسف: 87.
5- الاعراف: 99.
6- مريم: 32.
7- النساء: 94.

اَلَّذِينَ يَرْمُونَ اَلْمُحْصَنٰاتِ اَلْغٰافِلاٰتِ اَلْمُؤْمِنٰاتِ لُعِنُوا فِي اَلدُّنْيٰا وَ اَلْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ [(1)] ، و أكل مال اليتيم لقوله عزّ و جلّ : «إِنَّ اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوٰالَ اَلْيَتٰامىٰ ظُلْماً إِنَّمٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نٰاراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [(2)]» .

و الفرار من الزحف لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: «وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاّٰ مُتَحَرِّفاً لِقِتٰالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بٰاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اَللّٰهِ وَ مَأْوٰاهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ اَلْمَصِيرُ [(3)]» و أكل الربا لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: «اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ اَلرِّبٰا لاٰ يَقُومُونَ إِلاّٰ كَمٰا يَقُومُ اَلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ اَلشَّيْطٰانُ مِنَ اَلْمَسِّ [(4)]» و السحر لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: «وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ [(5)]» و الزنا لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: «وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثٰاماً يُضٰاعَفْ لَهُ اَلْعَذٰابُ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهٰاناً إِلاّٰ مَنْ تٰابَ [(6)]» .

و اليمين الغموس لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: «إِنَّ اَلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اَللّٰهِ وَ أَيْمٰانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولٰئِكَ لاٰ خَلاٰقَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ [(7)]» و الغلول يقول اللّه عزّ و جلّ : «وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمٰا غَلَّ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ » (8) و منع الزكاة المفروضة لانّ اللّه عز و جل يقول: «يَوْمَ يُحْمىٰ عَلَيْهٰا فِي نٰارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوىٰ بِهٰا جِبٰاهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هٰذٰا مٰا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مٰا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [(9)]» و شهادة الزور و كتمان الشهادة لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: «وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ الآية (10)» و يقول: «وَ مَنْ يَكْتُمْهٰا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ (11)» .

و شرب الخمر لأنّ اللّه عزّ و جلّ عدل بها عبادة الاوثان، و ترك الصلاة متعمّدا من غير علّة فقد برئ من ذمّة اللّه و ذمّة رسوله، و نقض العهد و قطيعة الرحم لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: «أُولٰئِكَ لَهُمُ اَللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ اَلدّٰارِ(12)» قال: فخرج عمرو بن عبيد

ص: 278


1- النور: 23.
2- النساء: 10.
3- الانفال: 16.
4- البقرة: 275.
5- البقرة: 102.
6- الفرقان: 68.
7- آل عمران: 77.
8- آل عمران: - 161.
9- التوبة: 35.
10- الفرقان: 73.
11- البقرة، 275.
12- الرعد: 25.

و له صراخ من بكائه و هو يقول: هلك و اللّه من قال برأيه و نازعكم في الفضل و العلم (1).

82 - عنه - رحمه اللّه - عن الفقيه المروزى، عن أبى بكر بن محمّد النيسابورى، عن عبد اللّه ابن أحمد الطائى، عن أبيه، عن الرضا عن آبائه، عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يقول اللّه تبارك و تعالى يا ابن آدم ما تنصفني أتحبّب إليك بالنعم و تتمقّت إلى بالمعاصي، خيري إليك منزل و شرّك إليّ صاعد، و لا يزال ملك كريم يأتيني عنك في كل يوم و ليلة بعمل قبيح منك، يا ابن آدم لو سمعت وصفك من غيرك و أنت لا تعلم من الموصوف لسارعت إلى مقته (2).

83 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ليس منّا من غشّ مسلما أو ضرّه أو ماكره (3).

84 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قال اللّه تبارك و تعالى: يا ابن آدم لا يغرّنك ذنب الناس عن ذنبك، و لا نعمة الناس عن نعمة اللّه عليك و لا تقنط الناس من رحمة اللّه و أنت ترجوها لنفسك (4).

85 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ثلاثة أخافهنّ على امتي من بعدي الضلالة بعد المعرفة، و مضلاّت الفتن، و شهوة البطن و الفرج (5).

86 - عنه عن محمّد بن عمر الحافظ عن الحسن بن عبد اللّه التميمى عن أبيه عن الرّضا عن آبائه عليهم السّلام عن علي عليه السّلام قال: لعن اللّه الذين يجادلون في دينه اولئك ملعونون على لسان نبيّه (6).

87 - عنه عن محمّد بن أحمد بن يوسف البغدادى، عن على بن محمّد بن عيينة عن دارم بن قبيصة عنه عن آبائه عن على عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له (7).

ص: 279


1- عيون الاخبار: 1-285 و الفقيه. 3-368 و قد اخرجته فى مسند عبد العظيم الحسنى ص 112.
2- عيون الاخبار: 2-28-29-65-74 و الحديث 85 فى أمالي الطوسى: 1-158 و الحديث 82 فى كنز الفوائد: 163.
3- عيون الاخبار: 2-28-29-65-74 و الحديث 85 فى أمالي الطوسى: 1-158 و الحديث 82 فى كنز الفوائد: 163.
4- عيون الاخبار: 2-28-29-65-74 و الحديث 85 فى أمالي الطوسى: 1-158 و الحديث 82 فى كنز الفوائد: 163.
5- عيون الاخبار: 2-28-29-65-74 و الحديث 85 فى أمالي الطوسى: 1-158 و الحديث 82 فى كنز الفوائد: 163.
6- عيون الاخبار: 2-28-29-65-74 و الحديث 85 فى أمالي الطوسى: 1-158 و الحديث 82 فى كنز الفوائد: 163.
7- عيون الاخبار: 2-28-29-65-74 و الحديث 85 فى أمالي الطوسى: 1-158 و الحديث 82 فى كنز الفوائد: 163.

88 - المفيد - رحمه اللّه - باسناده و قال الرضا عليه السّلام: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له (1).

89 - عنه - رحمه اللّه - قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن قولويه - رضي اللّه عنه - قال: حدثني أبي عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد عن ياسر، عن الرضا علي بن موسى عليهما السّلام قال: إذا كذب الولاة حبس المطر، و إذا جار السلطان هانت الدولة، و إذا حبست الزكاة ماتت المواشي (2).

11- باب النوادر

90 - الطوسى - رحمه اللّه - باسناده عن أبى الصلت الهروي قال: حدثني أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: حدثني أبي عن جدي جعفر بن محمّد عن أبيه عن جده أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أسرع الذنوب عقوبة كفران النعم (3).

91 - و باسناده عن أبي الصلت عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

يؤتى بعبد يوم القيامة فيوقف بين يدي اللّه عزّ و جلّ فيأمر به الى النار، فيقول: أي ربّ أمرت بي إلى النار و قد قرأت القرآن، فيقول اللّه: أى عبدي إنى أنعمت عليك فلم تشكر نعمتى فيقول: أى رب أنعمت عليّ بكذا فشكرتك بكذا و أنعمت عليّ بكذا و شكرتك بكذا، فلا يزال يحصى النعمة و يعدّد الشكر فيقول اللّه تعالى: صدقت عبدى إلا أنك لم تشكر من أجريت لك نعمتي على يدي فلان، و إنى قد آليت علي نفسي أن لا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتى يشكر من ساقها من خلقي إليه (4).

92 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفي بالكوفة سنة أربع و خمسين و ثلاثمائة قال: حدثنا فرات بن ابراهيم بن فرات الكوفي

ص: 280


1- الاختصاص: 242.
2- أمالي المفيد: 191 و أمالي الشيخ: 1-77.
3- أمالي الشيخ: 2-65.
4- أمالي الشيخ: 2-65.

قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن علي الهمداني قال: حدثني أبو الفضل العباس بن عبد اللّه البخاري، قال: حدثنا محمّد بن القاسم بن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن القاسم بن محمّد ابن أبي بكر قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروى قال: قال الرضا عليه السّلام: الحياء من الايمان (1).

93 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن عبد اللّه الورّاق - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن محمّد بن مهرويه القزوينى قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال: الدنيا كلها جهل إلا مواضع العلم، و العلم كله حجّة إلا ما عمل به، و العمل كله رياء الا ما كان مخلصا و الاخلاص على خطر عظيم حتى ينظر العبد بما يختم له (2).

94 - عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد عليهم السّلام أنه قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى ليبغض البيت اللحم و اللّحم السمين، فقال له بعض أصحابه: يا بن رسول اللّه إنا لنحبّ اللّحم و ما تخلو بيوتنا منه فكيف ذلك، فقال عليه السّلام: ليس حيث تذهب، إنما البيت اللحم الّذي تؤكل فيه لحوم الناس بالغيبة، و أما اللّحم السمين فهو المتبختر المتكبّر المختال فى مشيه (3).

95 - عنه عن الفقيه المروزى عن ابى بكر بن محمّد بن عبد اللّه، عن عبد اللّه الطائى عن الرضا عن آبائه عن على عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أفضل الاعمال عند اللّه عزّ و جلّ ايمان لا شك فيه، و غزو لا غلول فيه، و حجّ مبرور، و أول من يدخل الجنة شهيد و عبد مملوك أحسن عبادة ربه و نصح لسيّده، و رجل عفيف متعفّف ذو عيال. و أوّل من يدخل النار امير متسلّط لم يعدل، و ذو ثروة من المال لم يعط المال حقّه، و فقير فخور (4).

ص: 281


1- عيون الاخبار: 1-265-281-314 - و معانى الاخبار: 388.
2- عيون الاخبار: 1-265-281-314 - و معانى الاخبار: 388.
3- عيون الاخبار: 1-265-281-314 - و معانى الاخبار: 388.
4- العيون: 2-28 - و أمالي المفيد: 67.

96 - عنه باسناده عن الرضا عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذ كان يوم القيامة تجلّى اللّه عزّ و جلّ لعبده المؤمن، فيوقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا، ثم يغفر اللّه له، لا يطلع اللّه على ذلك ملكا مقرّبا و لا نبيّا مرسلا، و يستر عليه ما يكره أن يقف عليه أحد، ثم يقول لسيّئاته كوني حسنات (1).

97 - عنه - رحمه اللّه - قال، حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدثنا محمّد بن الحسين بن أبى الخطاب قال: حدثنا على بن أسباط قال: سمعت علي بن موسى الرضا عليهما السّلام يحدّث عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: لم يبق من أمثال الأنبياء إلاّ قول الناس: إذا لم تستحى فاصنع ما شئت (2).

98 - عنه قال: حدثني محمّد بن الحسن - رضي اللّه عنه - قال: حدثني محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عيسى، عن عباس بن هلال قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول:

المستتر بالحسنة تعدل سبعين حسنة، و المذيع بالسيّئة مخذول، و المستتر بالسيّئة مغفور له (3).

99 - عنه بهذا الاسناد عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن بنت إلياس قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لعن اللّه من أحدث حدثا، أو آوى محدثا، قلت: و ما الحدث ؟ قال من قتل (4).

100 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن الحسن - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن حمزة الأشعرى قال: حدثني ياسر الخادم قال: سمعت أبا - الحسن الرضا عليه السّلام يقول: إنّ أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن، يوم يولد و يخرج من بطن أمّه فيرى الدنيا، و يوم يموت فيرى الآخرة و أهلها، و يوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا، و قد سلّم اللّه عزّ و جلّ على يحيى عليه السّلام في هذه الثلاثة المواطن، و آمن روعته، فقال: «وَ سَلاٰمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ

ص: 282


1- عيون الاخبار: 2-33
2- أمالي الصدوق: 305 و العيون: 2-56.
3- ثواب الاعمال: 213.
4- معانى الاخبار: 380.

حَيًّا» و قد سلّم عيسى بن مريم عليهما السّلام على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال: «وَ اَلسَّلاٰمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» (1).

101 - عنه قال: حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر، قال: حدثنا أبو محمّد زيد بن محمّد البغدادى قال: حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه، عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من عامل الناس فلم يظلمهم، و حدّثهم فلم يكذبهم، و وعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته، و ظهرت عدالته، و وجبت اخوّته، و حرمت غيبته (2).

102 - الكراجكي قال: حدثنا الشيخ الفقيه أبو الحسن محمّد بن أحمد بن علي ابن الحسن بن شاذان القمّي، قال: حدّثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن صالح قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدثنا أيوب بن نوح قال: قال الرضا عليه السّلام: سبعة أشياء بغير سبعة أشياء من الاستهزاء، من استغفر لسانه و لم يندم بقلبه فقد استهزأ بنفسه، و من سأل اللّه التوفيق و لم يجتهد فقد استهزأ بنفسه، و من استحزم و لم يحذر فقد استهزأ بنفسه، و من سأل اللّه الجنة و لم يصبر على الشدائد فقد استهزأ بنفسه، و من تعوّذ باللّه من النار و لم يترك شهوات الدنيا فقد استهزأ بنفسه، و من ذكر اللّه و لم يشتق إلى لقائه فقد استهزأ بنفسه... (3).

103 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثني الشيخ الفقيه أبو الحسن محمّد بن أحمد بن شاذان القمّي قال: حدثنا الفقيه محمّد بن علي بن بابويه، قال أخبرني أبي، قال: حدثني سعد ابن عبد اللّه، قال: حدثني ايّوب بن نوح، قال: حدثني الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: خمسة لا يطفى نيرانهم، و لا تموت أبدانهم، رجل أشرك و رجل عقّ والديه، و رجل سعى بأخيه إلى سلطان فقتله، و رجل قتل نفسا بغير نفس و رجل أذنب ذنبا و حمل ذنبه على اللّه عزّ و جلّ (4).

ص: 283


1- الخصال: 107-208 و العيون 2-30.
2- الخصال: 107-208 و العيون 2-30.
3- كنز الفوائد: 152-202 - و تنبيه الخواطر: 2-110.
4- كنز الفوائد: 152-202 - و تنبيه الخواطر: 2-110.

104 - ابن شعبة الحرّاني مرسلا عن الفضيل بن يسار قال: سألت الرضا عليه السّلام عن افاعيل العباد مخلوقة هي أم غير مخلوقة ؟ قال عليه السّلام: هي و اللّه مخلوقة - أراد خلق تقدير لا خلق تكوين - ثم قال عليه السّلام: إنّ الإيمان أفضل من الإسلام بدرجة، و التقوى أفضل من الإيمان بدرجة، و لم يعط بنو آدم أفضل من اليقين (1).

105 - عنه مرسلا قال عليه السّلام: خمس من لم تكن فيه فلا ترجوه لشيء من الدنيا و الآخرة، من لم تعرف الوثاقة في ارومته، و الكرم في طباعه، و الرصافة في خلقه، و النبل في نفسه، و المخافة لربّه (2).

106 - عنه - رحمه اللّه - مرسلا و سئل عن خيار العباد فقال عليه السّلام: الذين اذا أحسنوا استبشروا، و إذا أساءوا استغفروا، و إذا اعطوا شكروا، و إذا ابتلوا صبروا، و إذا غضبوا عفوا (3).

107 - قال: و سئل عليه السّلام عن حدّ التوكّل: فقال: أن لا تخاف أحدا إلاّ اللّه (4).

108 - عنه - رحمه اللّه - قال عليه السّلام: الايمان أربعة أركان، التوكّل على اللّه، و الرضا بقضاء اللّه، و التسليم لأمر اللّه، و التفويض إلى اللّه، قال العبد الصالح: «وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّٰهِ فَوَقٰاهُ اَللّٰهُ سَيِّئٰاتِ مٰا مَكَرُوا» (5).

109 - عنه - رحمه اللّه - قال: و قيل له عليه السّلام: كيف أصبحت فقال عليه السّلام: أصبحت بأجل منقوص، و عمل محفوظ، و الموت في رقابنا، و النار من ورائنا، و لا ندرى ما ما يفعل بنا (6).

110 - و قال عليه السّلام: ما التقت فئتان قطّ إلاّ نصر أعظمها عفوا (7).

111 - و قال عليه السّلام: إنا أهل بيت نرى وعدنا علينا دينا، كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (8).

112 - و قال عليه السّلام: يأتى على الناس زمان يكون العافية فيه عشرة أجزاء،

ص: 284


1- تحف العقول: 328.
2- تحف العقول: 328.
3- تحف العقول: 328.
4- تحف العقول: 328.
5- تحف العقول: 328.
6- تحف العقول: 328.
7- تحف العقول: 329.
8- تحف العقول: 329.

تسعة منها في اعتزال الناس و واحد في الصمت (1).

113 - و قال عليه السّلام: لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى تكون فيه خصال ثلاث:

التفقّه في الدين، و حسن التقدير في المعيشة، و الصبر على الرزايا (2).

114 - و قال عليه السّلام: صاحب النعمة يجب أن يوسّع على عياله (3).

115 - و قال عليه السّلام: التودّد إلى الناس نصف العقل (4).

116 - و قال عليه السّلام: إنّ اللّه يبغض القيل و القال، و إضاعة المال، و كثرة السؤال (5).

117 - و سئل عليه السّلام عن السفلة فقال: من كان له شيء يلهيه عن اللّه (6).

118 - و قال عليه السّلام: اذا أراد اللّه أمرا سلب العباد عقولهم، فأنفذ أمره و تمّت إرادته، فاذا أنفذ أمره، ردّ إلى كلّ ذى عقل عقله فيقول: كيف ذا و من أين ذا (7).

119 - و قال عليه السّلام: لا يتمّ عقل امرئ مسلم حتى تكون فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، و الشرّ منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره، و يستقلّ كثير الخير من نفسه، لا يسأم من طلب الحوائج إليه، و لا يملّ من طلب العلم طول دهره، الفقر في اللّه أحبّ إليه من الغنى، و الذلّ في اللّه أحبّ إليه من العزّ في عدوّه، و الخمول أشهى إليه من الشهرة، ثم قال عليه السّلام: العاشرة و ما العاشرة قيل له: ما هي ؟ قال عليه السّلام: لا يرى أحدا إلاّ قال: هو خير منّي و أتقى، إنما الناس رجلان:

رجل خير منه و أتقى، و رجل شرّ منه و أدنى، فإذا لقي الّذي هو شرّ منه و أدنى قال:

خير هذا باطن و هو خير له و خيري ظاهر و هو شرّ لي، و إذا رأى الذي هو خير منه و أتقى تواضع له ليحلق به، فاذا فعل ذلك فقد علا مجده، و طاب خيره، و حسن ذكره و ساد أهل زمانه (8).

120 - عنه - رحمه اللّه - قال: و سأله عليه السّلام أحمد بن نجم عن العجب الّذي يفسد العمل، فقال عليه السّلام: العجب درجات منها أن يزيّن للعبد سوء عمله فيراه حسنا، فيعجبه

ص: 285


1- تحف العقول: 329.
2- تحف العقول: 329.
3- تحف العقول: 325.
4- تحف العقول: 326.
5- تحف العقول: 326.
6- تحف العقول: 326.
7- تحف العقول: 326.
8- تحف العقول: 326.

و يحسب أنّه يحسن صنعا، و منها أن يؤمن العبد بربّه، فمنّ على اللّه و للّه المنّة عليه فيه (1).

121 - عنه - رحمه اللّه - قال الفضل: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: يونس بن عبد الرحمن يزعم أنّ المعرفة إنّما هى اكتساب قال عليه السّلام: لا ما أصاب، إنّ اللّه يعطى من يشاء، فمنهم من يجعله مستقرّا فيه و منهم من يجعله مستودعا عنده، فأمّا المستقرّ فالذي لا يسلب اللّه ذلك أبدا، و أمّا المستودع فالذي يعطاه الرجل ثم يسلبه إيّاه (2).

122 - عنه - رحمه اللّه - قال صفوان بن يحيى سألت الرضا عليه السّلام عن المعرفة هل للعباد فيها صنع ؟ قال عليه السّلام: لا، قلت: لهم فيها أجر؟ قال عليه السّلام: نعم تطوّل عليهم بالمعرفة و تطوّل عليهم بالصواب (3).

123 - عنه مرسلا عن علي بن شعيب قال: دخلت على الرضا عليه السّلام فقال لي:

يا عليّ أحسنوا جوار النعم فانّها وحشيّة ما نأت عن قوم فعادت إليهم (4).

124 - و قال عليه السّلام: يا عليّ إنّ شر الناس من منع رفده، و أكل وحده، و جلد عبده (5).

125 - و قال عليه السّلام: لا يقبّل الرجل يد الرجل، فانّ قبلة يده كالصلاة له (6).

126 - و قال عليه السّلام: ليس لبخيل راحة، و لا لحسود لذّة، و لا لملوك وفاء، و لا لكذوب مروءة (7).

127 - جامع الاخبار عن الرضا عليه السّلام قال: لا إسلام لمن لا ورع له، و لا إيمان لمن لا تقيّة له (8).

128 - و قال عليه السّلام: لكلّ أخوين في اللّه لباس و هيئة يشبه هيئة صاحبه و هم يعرفون بذلك حتى يدخلون في دار اللّه عزّ و جلّ فيقول اللّه تبارك و تعالى: مرحبا بعبيدي و خلقي و زوّاري، و المتحابّين فيّ في محلّ كرامتي، أطعموهم و اسقوهم و اكسوهم، فاوّل

ص: 286


1- تحف العقول: 327.
2- تحف العقول: 327.
3- تحف العقول: 327.
4- تحف العقول: 330.
5- تحف العقول: 330.
6- تحف العقول: 331.
7- تحف العقول: 331.
8- جامع الاخبار: 112.

من يكسى منهم سبعون إلى سبعمائة ألف حلّة إن شاء اللّه تعالى من الحلل، ليس منها حلّة تشبه صاحبها، ثم يقول: مرحبا بعبيدي و زوّاري و جيراني في محلّ كرامتي و المتحابّين فيّ ، أطعموهم و عطّروهم، فينشر سحاب بالعطر لم يروا قبله ما يشبهه، ثمّ يقول: لهم مرحبا - عشر مرّات - حتّى أحلّوهم إلى تحت الأظلال و في بين أيديهم مائدة من ذهب و فضّة (1).

129 - و عن علي بن موسى الرضا عليه السّلام باسناده عن الصادق عليه السّلام قال: وجد لوح تحت حائط مدينة من المدائن فيه مكتوب: لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، و عجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك، و عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، و عجبت لمن اختبر الدنيا و تقلّبها بأهلها كيف يطمئنّ إليها، و عجبت لمن أيقن بالحساب كيف يذنب (2).

130 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن هارون الفامي - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا محمّد بن جعفر بن بطّة، قال: حدثنا محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: لا يجتمع المال إلاّ بخصال خمس: ببخل شديد، و أمل طويل، و حرص غالب، و قطيعة الرحم، و إيثار الدنيا على الآخرة (3).

131 - عنه قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين البغدادي، قال: حدثنا على ابن محمّد بن عيينة، قال: حدثنا دارم بن قبيصة قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبى طالب عليهم السّلام: قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه، فانّ فعالهم أحرى أن تكون حسنا (4).

132 - الحافظ أبو نعيم الأصبهاني، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن موسى، حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي، حدثنا أبي، حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه

ص: 287


1- جامع الاخبار: 138-153 - و العيون: 2-44.
2- جامع الاخبار: 138-153 - و العيون: 2-44.
3- عيون الاخبار: 1-276.
4- المصدر: 2-74.

عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي، عن الحسين بن علي، عن عليّ عليهم السّلام قال: أشدّ الأعمال ثلاثة إعطاء الحق من نفسك، و ذكر اللّه على كلّ حال، و مواساة الأخ في المال (1).

133 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادىّ ، قال: حدثنا علي بن محمّد بن عيينة قال: حدثنى أبو الحسن بكر بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن زياد بن موسى بن مالك الأشجّ ، قال: حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى قالت: سمعت أبى عليّا يحدّث عن أبيه عن جعفر بن محمّد، عن أبيه و عمّه زيد عن أبيهما علي بن الحسين، عن أبيه و عمّه، عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: لا يحلّ لمسلم أن يروّع مسلّما (2).

134 - المفيد - رحمه اللّه - قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمّد الكاتب، قال: حدثنا ابو القاسم زكريا بن يحيى الكتنجي، قال: حدثنى أبو القاسم داود بن القاسم الجعفرى قال:

سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السّلام يقول: إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لكميل بن زياد فيما قال: يا كميل أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت (3).

135 - الطوسي - رحمه اللّه - قال: أخبرنا جماعة قالوا: أخبرنا أبو المفضّل قال:

حدثنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن راشد الطاهرى الكاتب قال: سمعت الأمير أبا أحمد عبيد اللّه بن طاهر المصعبي قال: سمعت أبا الصلت عبد السلام بن صالح الهروي يقول:

سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السّلام يقول: إذا ولى الظالم الظالم فقد أنصف الحق، فاذا ولي العادل العادل فقد اعتدل الحقّ ، و إذا ولي العادل الظالم فقد استراح الحق و إذا ولى العبد الحرّ فقد استرقّ الحق (4).

136 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن القاسم المفسّر - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسينى، عن الحسن بن علي، عن أبيه على بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى عن موسى بن جعفر، عن أبيه محمّد بن

ص: 288


1- حلية الاولياء: 1-85.
2- عيون الاخبار: 2-70.
3- أمالي المفيد: 174 و أمالي الشيخ 1-109.
4- أمالي الشيخ: 2-67.

علي، عن أبيه علي بن الحسين عليهم السّلام قال:

قال أمير المؤمنين عليه السّلام في بعض خطبه: أيها الناس ألا إنّ الدنيا دار فناء، و الآخرة دار بقاء، فخذوا من ممرّكم لمقرّكم: و لا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، و أخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل أن تخرج منها أبدانكم ففي الدنيا حييتم و للآخرة خلقتم، إنما الدنيا كالسمّ يأكله من لا يعرفه، إنّ العبد إذا مات قالت الملائكة: ما قدّم ؟ و قال الناس: ما أخّر، فقدّموا فضلا يكن لكم و لا تؤخّروا كيلا يكون حسرة عليكم، فانّ المحروم من حرم خير ماله و المغبوط من ثقل بالصدقات و الخيرات موازينه، و أحسن في الجنة بها مهاده، و طيب على الصراط بها مسلكه (1).

137 - عنه - رحمه اللّه - عن الفقيه المروزى، عن ابى بكر بن محمّد بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائى، عن أبيه عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اختاروا الجنة على النار، و لا تبطلوا أعمالكم فتقذفوا في النار منكبّين خالدين فيها أبدا (2).

138 - عنه باسناده عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه عزّ و جلّ غافر كلّ ذنب إلاّ من أحدث دينا، أو غصب أجيرا أجره، أو رجل باع حرّا (3).

139 - عنه باسناده عن الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين عليهم السّلام: أنه كان اذا رأى المريض قد برئ من العلّة، قال: يهنيك الطهور من الذنوب (4).

140 - عنه باسناده عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن على بن الحسين عليهم السّلام:

قال: أخذ الناس ثلاثة من ثلاثة، أخذوا الصبر عن أيوب عليه السّلام و الشكر عن نوح عليه السّلام و الحسد من بني يعقوب عليه السّلام (5).

ص: 289


1- عيون الاخبار: 1-298.
2- المصدر: 2-32.
3- المصدر: 2-32.
4- المصدر: 2-45.
5- المصدر: 2-45.

141 - عنه عن الحافظ الجعابى عن التميمى عن أبيه عن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من غشّ المسلمين في مشورة فقد برئت منه (1).

142 - عنه عن محمّد بن احمد بن يوسف، عن على بن محمّد عن دارم بن قبيصة عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أرضى سلطانا بما يسخط اللّه خرج عن دين اللّه عز و جلّ (2).

143 - عنه باسناده عن الرّضا عن أبيه، عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما أخلص عبد للّه عزّ و جلّ أربعين صباحا إلاّ جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه (3).

144 - عنه باسناده عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنما سمّوا الأبرار لأنهم برّ الآباء و الأبناء و الاخوان (4).

145 - عنه عن الحاكم الحسين بن أحمد عن الصولي عن أبى ذكوان عن إبراهيم ابن العبّاس عن الرضا عليه السّلام قال: الصغائر من الذنوب طرق إلى الكبائر و من لم يخف اللّه في القليل لم تخفه في الكثير، و لو لم يخف اللّه الناس بجنة و نار لكان الواجب أن يطيعوه و لا يعصوه، لتفضّله عليهم و إحسانه إليهم و ما بدأهم به من إنعامه الذي ما استحقّوه (5).

تمّ كتاب الإيمان و الكفر و يتلوه إنشاء اللّه كتاب الآداب و المواعظ.

ص: 290


1- العيون: 2-66.
2- المصدر: 2-69.
3- 2 لمصدر: 2-69.
4- 2 لمصدر:....
5- 2 لمصدر: 2-180.

كتاب الآداب و المواعظ

1- باب جوامع الاخلاق

1 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم الخوري، قال:

حدثنا زيد بن محمّد البغدادي، قال: حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد الطائي، بالبصرة قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام أنه دعاه رجل فقال له علي عليه السّلام: على أن تضمن لي ثلاث خصال قال: و ما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال: لا تدخل علينا شيئا من خارج، و لا تدّخر عني شيئا في البيت، و لا تجحف بالعيال قال: ذلك لك، فأجابه علي بن أبي طالب عليه السّلام (1).

2 - و بهذا الاسناد عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

ستّ من المروءة، ثلاث منها في الحضر، و ثلاث منها في السفر، فامّا التي في الحضر، فتلاوة كتاب اللّه عزّ و جلّ ، و عمارة مساجد اللّه، و اتّخاذ الإخوان في اللّه عز و جلّ ، و التي في السفر: فبذل الزّاد، و حسن الخلق، و المزاح في غير المعاصي (2).

3 - عنه قال: حدثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال: حدثني سعد بن عبد اللّه، عن أحمد ابن محمّد، عن موسى بن القاسم، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن الجهم قال: قال أبو الحسن عليه السّلام كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول: لا يأبى الكرامة إلاّ حمار، قلت ما معنى ذلك ؟ قال: التوسعة في المجلس و الطيب يعرض عليه (3).

4 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبى - رحمه اللّه - قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبى عبد اللّه، عن علي بن ميسرة، عن أبي زيد المكّي قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: لا يأبى الكرامة إلاّ حمار، يعني بذلك الطيب و الوسادة (4).

ص: 291


1- الخصال: 188-324 و العيون: 1-258 و 272.
2- الخصال: 188-324 و العيون: 1-258 و 272.
3- معانى الاخبار: 268 و العيون: 1-311.
4- معانى الاخبار: 268 و العيون: 1-311.

5 - عنه عن الفقيه المروزى عن أبى بكر بن محمّد النيسابورى، عن عبد اللّه بن أحمد الطائى عن أبيه عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

اصطنع الخير إلى من هو أهله و إلى من هو غير أهله، فان لم تصب من هو أهله فأنت أهله (1).

6 - عنه قال: حدثنا علي بن أحمد بن عمران الدقاق، قال: حدثنا محمّد بن هارون الصوفي، قال: حدثني أبو تراب عبيد اللّه بن موسى الرويانى؛ عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني قال: قلت لأبي جعفر محمّد بن على الرضا عليهما السّلام: يا ابن رسول اللّه حدثني بحديث عن آبائك عليهم السّلام فقال: حدثني أبي عن جدي، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يزال الناس بخير ما تفاوتوا فاذا استووا هلكوا قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه.

قال: حدثني أبى عن جدى عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لو تكاشفتم ما تدافنتم، قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه قال: حدثنى أبى عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بطلاقة الوجه و حسن اللقاء، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم، قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه، قال حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من عتب على الزمان طالت معتبته.

قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه فقال: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: مجالسة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار قال:

فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه قال: حدثني أبى عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد، قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه فقال: حدثنى أبى عن جدي، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين

ص: 292


1- عيون الاخبار: 2-35.

عليه السّلام: قيمة كلّ امرئ ما يحسنه: قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه فقال: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: المرء مخبوء تحت لسانه.

قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه، فقال: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما هلك امرؤ عرف قدره، قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه قال: حدثني أبي عن جدّي عن آبائه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم، قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه فقال:

حدثني أبى عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من وثق بالزمان صرع، قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه فقال: حدثنى أبي عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: خاطر بنفسه من استغنى.

قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه فقال: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قلة العيال أحد اليسارين، قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه فقال: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

من دخله العجب هلك، قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه فقال: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أيقن بالخلف جاد بالعطيّة قال: فقلت له: زدني يا ابن رسول اللّه فقال: حدثنى أبي عن جدي عن آبائه عليهم السّلام قال:

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من رضي بالعافية ممّن دونه رزق السلامة ممّن فوقه، قال:

فقلت له: حسبي (1).

7 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف بن زريق البغدادي، قال: حدثني على بن محمّد بن عيينة مولى الرشيد، قال: حدثني دارم ابن قبيصة النهشلي الصغاني بسرّ من رأى، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده، عن محمّد بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: اصطنع المعروف إلى أهله و إلى غير أهله، فان كان أهله فهو أهله، و إن لم يكن أهله فأنت

ص: 293


1- عيون الاخبار: 2-53 و الامالى: 267 و مسند عبد العظيم الحسنى: 115.

أهله (1).

8 - عنه قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال: حدثنا عيينة، قال: حدثني نعيم بن صالح الطبري، قال حدثني علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: نعم الشيء الهديّة و هى مفتاح الحوائج (2).

9 - و بهذا الاسناد عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الهدية تذهب الضغائن من الصدور (3).

10 - عنه قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن على بن فضّال، عن علي بن الجهم، قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: لا يأبى الكرامة إلاّ حمار، قلت:

أى شيء الكرامة، قال: مثل الطيب و ما يكرم به الرجل الرجل (4).

11 - المفيد - رحمه اللّه - قال الرضا عليه السّلام: لا تمارينّ العلماء فيرفضوك و لا تمارينّ السفهاء فيجهلوا عليك (5).

12 - عنه - رحمه اللّه - قال: و روى عبد العظيم الحسني عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: يا عبد العظيم أبلغ عنّي أوليائي السلام و قل لهم: أن لا يجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلا، و مرهم بالصدق في الحديث و أداء الامانة و مرهم بالسكوت و ترك الجدال فيما لا يعنيهم و إقبال بعضهم على بعض و المزاورة فانّ ذلك قربه إليّ .

و لا يشتغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضا فانّي آليت على نفسي أنه من فعل ذلك و أسخط وليّا من أوليائي دعوت اللّه ليعذّبه في الدنيا أشدّ العذاب و كان في الآخرة من الخاسرين و عرّفهم أنّ اللّه قد غفر لمحسنهم و تجاوز عن مسيئهم إلاّ من أشرك بى أو آذى وليّا من أوليائي أو أضمر له سوءا فانّ اللّه لا يغفر له حتى يرجع عنه فان رجع

ص: 294


1- عيون الاخبار: 2-68-74.
2- عيون الاخبار: 2-68-74.
3- عيون الاخبار: 2-68-74.
4- المصدر: 1-311.
5- الاختصاص: 245.

و إلاّ نزع روح الإيمان عن قلبه و خرج عن ولايتى و لم يكن له نصيبا في ولايتنا و أعوذ باللّه من ذلك (1).

2- باب السخاء

13 - البرقي - رحمه اللّه - عن ياسر الخادم عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام، قال:

السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه (2).

14 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنى أبى - رضي اللّه عنه - قال: حدثني على بن إبراهيم بن هاشم، عن ياسر الخادم عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه، و البخيل لا يأكل من طعام الناس لئلا يأكلوا من طعامه (3).

15 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن جعفر بن مسرور - رضي اللّه عنه - قال:

حدثنى الحسين بن محمّد بن عامر، عن معلّى بن محمّد البصري، عن الحسن بن على الوشاء قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: السخى قريب من اللّه، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار، و البخيل بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار قال: و سمعته يقول: السخاء شجرة في الجنة أغصانها في الدنيا، من تعلّق بغصن من أغصانها دخل الجنة (4).

16 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثنا محمّد بن يحيى الصولي قال: حدثنا جبلة بن محمّد الكوفي، قال: حدثنا عيسى بن حماد بن عيسى، عن أبيه عن الرضا عن أبيه عليهما السّلام أنّ جعفر بن محمّد عليهما السّلام كان يقول: إنّ الرجل ليسألني الحاجة، فأبادر بقضائها مخافة أن يستغنى عنها، فلا يجد لها موقعا إذا

ص: 295


1- الاختصاص: 247 و قد أخرجته فى مسند عبد العظيم الحسنى 138.
2- المحاسن: 449.
3- عيون الاخبار: 2-12 و تحف العقول: 329 و جامع الاخبار: 131.
4- عيون الاخبار: 2-12 و تحف العقول: 329 و جامع الاخبار: 131.

جاءته (1).

17 - ورّام بن أبى فراس - رحمه اللّه - مرسلا عن على بن عقبة عن الرضا عليه السّلام عن أبى جعفر عليه السّلام قال: يا إسماعيل أ رأيت فيمن قبلكم اذا كان الرجل ليس له رداء و عند بعض إخوانه فضل رداء يطرحه عليه حتى يصيب رداء، فقلت: لا قال: فاذا كان له إزار يرسل إلى بعض اخوانه بإزاره حتى يصيب ازارا، فقلت: لا فضرب بيده على فخذه ثم قال: ما هؤلاء باخوة (2).

3- باب حسن الخلق

18 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمروالروز في داره قال: حدثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد اللّه النيسابوري، قال:

حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة، قال: حدثنا أبي في سنة ستين و مائتين قال: حدثني على بن موسى الرضا سنة أربع و تسعين و مائة، و حدثني أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم ابن هارون بن محمّد الخورى، قال حدثنا أحمد بن عبد اللّه الهروي الشيبانى عن الرضا علي بن موسى عليهما السّلام.

و حدثنى أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد الأشناني الرازي العدل ببلخ قال: حدثنا علي بن محمّد بن مهرويه القزوينى، عن داود بن سليمان الفرّاء عن على بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبى جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن على قال: حدثنى أبى على بن الحسين قال: حدثنى أبى الحسين بن علي قال:

حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: عليكم بحسن الخلق فان حسن الخلق في الجنة لا محالة، و إيّاكم و سوء الخلق فانّ سوء الخلق في النار

ص: 296


1- عيون الاخبار: 2-179.
2- تنبيه الخواطر: 2-85.

لا محالة (1).

19 - و بهذا الاسناد عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

الخلق السيّئ يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل (2).

20 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ العبد لينال بحسن خلقه درجة الصائم القائم (3).

21 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق (4).

22 - و بهذا الاسناد قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام: أكملكم إيمانا أحسنكم خلقا (5).

23 - و بهذا الاسناد قال: قال: على بن أبي طالب عليه السّلام: حسن الخلق خير قرين (6).

24 - و بهذا الاسناد قال: قال علي بن أبى طالب عليه السّلام: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن أكثر ما يدخل به الجنة قال: تقوى اللّه و حسن الخلق، و سئل عن أكثر ما يدخل به النار قال: الاجوفان البطن و الفرج (7).

25 - و بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا و خيركم لأهله (8).

26 - و بهذا الاسناد: قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أحسن الناس إيمانا أحسنهم خلقا، و ألطفهم بأهله و أنا ألطفكم بأهلي (9).

27 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن علي ما جيلويه - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد عن أبى الحسن علي بن موسى الرضا عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من كان مسلما فلا يمكر و لا يخدع فاني سمعت جبرئيل عليه السّلام

ص: 297


1- عيون الاخبار: 2-11-17-18.
2- عيون الاخبار: 2-11-17-18.
3- عيون الاخبار: 2-11-17-18.
4- عيون الاخبار: 2-11-17-18.
5- عيون الاخبار: 2-11-17-18.
6- عيون الاخبار: 2-11-17-18.
7- عيون الاخبار: 2-38.
8- عيون الاخبار: 2-38.
9- عيون الاخبار: 2-38.

يقول: انّ المكر و الخديعة في النار، ثم قال عليه السّلام: ليس منّا من غشّ مسلما و ليس منّا من خان مسلما، ثم قال عليه السّلام إنّ جبرئيل الروح الأمين نزل عليّ من عند ربّ العالمين فقال: يا محمّد عليك بحسن الخلق فانه يذهب بخير الدنيا و الآخرة، ألا و إنّ أشبهكم بي أحسنكم خلقا (1).

28 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال:

حدثنا علي بن محمّد بن عيينة، قال: حدثنى أبو الحسن بكر بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم ابن زياد بن موسى بن مالك الاشجّ العصري، قال: حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى قالت سمعت أبى عليا يحدث عن أبيه عن جعفر بن محمّد، عن أبيه و عمه زيد عن أبيهما علي بن الحسين عن أبيه و عمّه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

من كفّ غضبه كفّ اللّه عنه عذابه، و من حسن خلقه بلغه اللّه درجة الصائم القائم (2).

29 - جامع الاخبار: علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، و إنما المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده (3).

30 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال حدّثنا علي بن محمّد بن عيينة مولى الرّشيد قال حدّثنا دارم و نعيم ابن صالح الطبرى: قالا: حدّثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه، عن جدّه عن محمّد بن علي عن أبيه و محمّد بن الحنفيّة، عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

من حقّ الضيف أن تمشي معه فتخرجه من حريمك الى الباب (4).

4- باب شكر النعم

31 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق و

ص: 298


1- المصدر: 2-50-71.
2- المصدر: 2-50-71.
3- جامع الاخبار: 125.
4- عيون الاخبار: 2-24.

محمّد بن أحمد السناني و الحسين بن إبراهيم بن أحمد المكتب - رحمهم اللّه - قالوا: حدثنا أبو الحسين محمّد بن أبى عبد اللّه الكوفي، عن سهل بن زياد الادمي، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن محمود بن أبي البلاد قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر اللّه عزّ و جلّ (1).

5- باب التسليم

32 - الكليني - رحمه اللّه - قال: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن عرفة، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: قيل لأبي - عبد اللّه عليه السّلام: كيف أدعو لليهودي و النصراني قال: تقول له: بارك اللّه لك في الدنيا (2).

33 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أبي عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، قال: حدثني محمّد بن أحمد المدائني عن فضل بن كثير، عن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: من لقى فقيرا مسلما فسلّم عليه خلاف سلامه على الأغنياء لقى اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و هو عليه غضبان (3).

6- باب اتخاذ الاخوان

34 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثني محمّد بن موسى بن المتوكّل - رضي اللّه عنه - قال: حدثني محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن محمّد، عن محفوظ بن خالد عن محمّد بن زيد قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: من استفاد أخا في اللّه عزّ و جلّ استفاد بيتا في الجنة (4).

ص: 299


1- عيون الاخبار: 2-70.
2- الكافى: 2-650.
3- عيون الاخبار: 2-52.
4- ثواب الاعمال: 182 و أمالي الشيخ: 1-82.

7- باب الضحك

35 - الكلينى - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلاّد قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام فقلت: جعلت فداك الرجل يكون مع القوم فيجرى بينهم كلام يفرحون و يضحكون ؟ فقال: لا بأس ما لم يكن، فظننت أنه عنى الفحش، ثم قال: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يأتيه الأعرابي فيهدى له الهديّة ثم يقول مكانه: أعطنا ثمن هديتنا فيضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و كان اذا اغتمّ يقول: ما فعل الأعرابي ليته أتانا (1).

8- باب العطاس

36 - الكلينى - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، قال: كنت عند الرضا عليه السّلام فعطس، فقلت له: صلّى اللّه عليك، ثم عطس فقلت: صلّى اللّه عليك، ثم عطس فقلت: صلّى اللّه عليك و قلت له: جعلت فداك إذا عطس مثلك نقول له كما يقول بعضنا لبعض: يرحمك اللّه ؟ أو كما نقول ؟ قال: نعم أ ليس تقول:

صلى اللّه على محمّد و آل محمّد؟ قلت: بلى قال: ارحم محمّدا و آل محمّد؟ قال: بلى و قد صلى اللّه عليه و رحمه و إنما صلواتنا عليه رحمة لنا و قربة (2).

37 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال:

سمعت الرضا عليه السّلام يقول: التثاؤب من الشيطان، و العطسة من اللّه عزّ و جلّ (3).

ص: 300


1- الكافى: 2-663.
2- المصدر: 2-653.
3- المصدر: 2-654.

9- باب نادر

38 - الكليني - رحمه اللّه - قال: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي ابن أسباط، عن الحسن بن الجهم قال: قلت لأبى الحسن عليه السّلام: لا تنسني من الدعاء قال: أو تعلم أنّى أنساك ؟ قال: فتفكّرت في نفسي و قلت: هو يدعو لشيعته و أنا من شيعته، قلت لا، لا تنساني قال: و كيف علمت ذلك ؟ قلت: إنى من شيعتك و إنك لتدعو لهم فقال: هل علمت بشيء غير هذا؟ قال: قلت: لا، قال: إذا أردت أن تعلم ما لك عندي، فانظر إلى ما لي عندك (1).

39 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس - رضي اللّه عنه - قال: حدثنا أبى، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن إبراهيم ابن هاشم و غيره، عن صفوان بن يحيى، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام أنه قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يجيب الرجل أحدا و هو على الغائط أو يكلّمه حتى يفرغ (2).

40 - البرقى، عن إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: أخبرني بعض أصحابنا قال: ذكر للرضا عليه السّلام الوضوء قبل الطعام، فقال: ذلك شيء أحدثته الملوك (3).

10- باب المواعظ

41 - الطوسي قال: جماعة عن أبي المفضّل، عن معمر بن علي بن زياد، عن حريز ابن سعد بن أحمد بن مالك، عن العباس بن المأمون عن أبيه قال: قال لى علي بن موسى الرضا عليه السّلام: ثلاثة موكّل بها ثلاثة، تحامل الايام على ذوي الادوات الكاملة، و استيلاء

ص: 301


1- المصدر: 2-652.
2- عيون الاخبار: 1-274.
3- المحاسن: 425.

الحرمان على المتقدّم في صنعته، و معاداة العوام على أهل المعرفة (1).

42 - الراوندي بإسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن علي بن سيف، عن محمّد بن عبيدة قال: دخلت على الرضا عليه السّلام فبعث إلى صالح بن سعيد، فحضرنا جميعا، فوعظنا ثم قال: إنّ العابد من بني إسرائيل لم يكن عابدا حتى يصمت عشر سنين فاذا صمت عشر سنين كان عابدا، ثم قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: كن خيرا لا شرّ معه، كن ورقا لا شوك معه، و لا تكن شوكا لا ورق معه، و شرّا لا خير معه.

ثم قال: إنّ بني إسرائيل شدّدوا فشدّد اللّه عليهم، قال لهم موسى عليه السّلام: اذبحوا بقرة قالوا: ما لونها، فلم يزالوا شدّدوا حتى ذبحوا بقرة بملء جلدها ذهبا، ثم قال:

إنّ علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: إنّ الحكماء ضيّعوا الحكمة لمّا وضعوا عند غير أهلها (2).

43 - من تذكرة ابن حمدون قال الرضا عليه السّلام: من رضي من اللّه عزّ و جلّ بالقليل من الرزق، رضي منه بالقليل من العمل، و قال: لا يعدم المرء دائرة السوء مع نكث الصفقة، و لا يعدم تعجيل العقوبة مع ادّراع البغي، و قال: الناس ضربان بالغ لا يكتفي و طالب لا يجد (3).

44 - من كتاب الذخيرة قال الرضا عليه السّلام: من حاسب نفسه ربح، و من غفل عنها خسر، و من أخاف أمن، و من اعتبر أبصر، و من أبصر فهم، و من فهم علم، و صديق الجاهل في تعب، و أفضل المال ما وقي به العرض، و أفضل العقل معرفة الإنسان نفسه و المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق، و إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل و إذا قدر لم يأخذ أكثر من حقّه (4).

45 - و قال عليه السّلام: الغوغاء قتلة الأنبياء، و العامة اسم مشتق من العمى، ما رضي اللّه لهم أن شبّههم بالأنعام حتى قال: «بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً» (5).

ص: 302


1- أمالي الطوسى: 2-98.
2- البحار: 78-345.
3- المصدر: 78-349.
4- المصدر: 78-352.
5- المصدر: 78-352.

46 - من كتاب النزهة قال مولانا الرضا عليه السّلام: من رضي اللّه عزّ و جلّ بالقليل من الرزق، رضي اللّه منه بالقليل من العمل، من كثرت محاسنه مدح بها و استغنى التمدّح بذكرها، من شبّه اللّه بخلقه فهو مشرك، و من نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر من لم يتابع رأيك في صلاحه فلا تصغ إلى رأيه، و انتظر به أن يصلحه شرّ، و من طلب الأمر من وجهه لم يزلّ و إن زلّ لم تخذ له الحيلة، لا يعدم المرء دائرة الشرّ مع نكث الصفقة، و لا يعدم تعجيل العقوبة مع ادّراع البغي.

الناس ضربان بالغ لا يكتفى و طالب لا يجد، طوبى لمن شغل قلبه بشكر النعمة لا يختلط بالسلطان في أوّل اضطراب الامور يعنى أول المخالطة، القناعة تجمع إلى صيانة النفس و عزّ القدرة، و طرح مؤن الاستكثار، و التعبّد لأهل الدنيا، و لا يسلك طريق القناعة إلاّ رجلان: إما متعبّد يريد أجر الآخرة أو كريم يتنزّه عن لئام الناس كفاك من يريد نصحك بالنميمة ما يجد من سوء الحساب في العاقبة، الاسترسال بالأنس يذهب المهابة (1).

47 - و قال عليه السّلام للحسن بن سهل في تعزيته: التهنئة بآجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المعصية (2).

48 - قال عليه السّلام في صفة الزاهد: متبلّغ بدون قوته، مستعدّ ليوم موته، متبرّم بحياته، و قال في تفسير «فَاصْفَحِ اَلصَّفْحَ اَلْجَمِيلَ » عفو بغير عتاب (3).

49 - و قال عليه السّلام من صدق الناس كرهوه، المسكنة مفتاح البؤس، إنّ للقلوب إقبالا و إدبارا و نشاطا و فتورا، فاذا أقبلت بصرت و فهمت و إذا أدبرت كلّت و ملّت، فخذوها عند إقبالها و نشاطها، و اتركوها عند إدبارها و فتورها، لا خير في المعروف إذا رخص، و قال عليه السّلام للصوفية لمّا قالوا له: إنّ المأمون قد ردّ هذا الأمر إليك و إنك لأحقّ الناس به إلاّ أنه يحتاج من يتقدّم منك بقدمك إلى لبس الصوف (4)، و ما يخشن

ص: 303


1- البحار: 78-353.
2- المصدر: 78-353.
3- المصدر: 78-354.
4- كذا.

لبسه: ويحكم إنّما يراد من الامام قسطه و عدله، إذا قال صدق، و إذا حكم عدل، و إذا وعد أنجز، و الخير معروف «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اَللّٰهِ اَلَّتِي أَخْرَجَ لِعِبٰادِهِ وَ اَلطَّيِّبٰاتِ مِنَ اَلرِّزْقِ » و إنّ يوسف الصدّيق لبس الديباج المنسوج بالذهب و جلس على متّكئات فرعون (1).

50 - و قال عليه السّلام: اصحب السلطان بالحذر، و الصديق بالتواضع، و العدوّ بالتحرّز، و العامّة بالبشر (2).

51 - و سئل عليه السّلام عن المشيّة و الإرادة فقال: المشيّة: الاهتمام بالشيء، و الإرادة اتمام ذلك الشيء، الأجل آفة العمل، و العرف ذخيرة الأبد، و البرّ غنيمة الحازم، و التفريط مصيبة ذي القدرة، و البخل يمزق العرض، و الحبّ داعى المكاره، و أجلّ الخلائق و أكرمها اصطناع المعروف و إغاثة الملهوف، و تحقيق أمل الآمل، و تصديق مخيلة الراجي، و الاستكثار من الأصدقاء في الحياة و الباكين بعد الوفاة (3).

52 - من كتاب الدرّ قال عليه السّلام: اتقوا اللّه أيها الناس في نعم اللّه عليكم فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته و شكره على نعمه و أياديه، و اعلموا أنكم لا تشكرون اللّه بشيء بعد الايمان باللّه و رسوله و بعد الاعتراف بحقوق أولياء اللّه من آل محمّد عليهم السّلام أحبّ إليكم من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التى هى معبر لهم إلى جنّات ربهم فان من فعل ذلك كان من خاصّة اللّه، من حاسب نفسه ربح، و من غفل عنها خسر، و من اعتبر أبصر، و من أبصر فهم، و من فهم عقل، و صديق الجاهل في تعب، و أفضل المال ما وقي به العرض، و أفضل العقل معرفة الانسان نفسه.

و المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق، و اذا رضي لم يدخله رضاه في باطل و إذا قدر لم يأخذ أكثر من حقّه، الغوغاء قتلة الأنبياء، و العامّة اسم مشتقّ من العمى ما رضي اللّه لهم أن شبّههم بالأنعام حتى قال: «بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً» صديق كلّ امرئ عقله و عدوّه جهله، العقل حباء من اللّه عزّ و جلّ و الادب كلفة، فمن تكلف الأدب قدر

ص: 304


1- البحار: 78-353.
2- المصدر: 78-355.
3- المصدر: 78-355.

عليه و من تكلف العقل لم يزده إلاّ جهلا، التواضع درجات منها أن يعرف المرء قدر نفسه، فينزلها منزلتها بقلب سليم، لا يحبّ أن يأتي إلى أحد إلاّ مثل ما يؤتى إليه إن أتى سيّئة واراها بالحسنة، كاظم الغيظ، عاف عن الناس، و اللّه يحبّ المحسنين (1).

53 - و قال عليه السّلام: من طلب الأمر من وجهه لم يزلّ فان زلّ لم تخذله الحيلة (2).

54 - و قال عليه السّلام: لا يعدم المرء دائرة السوء مع نكث الصفقة، و لا يعدم تعجيل العقوبة مع ادّراع البغي (3).

55 - و قال عليه السّلام: الانس يذهب المهابة، و المسألة مفتاح في البؤس (4) (5).

56 - و قال عليه السّلام: لا يسلك طريق القناعة إلاّ رجلان، إمّا متعبّد يريد أجر الآخرة، أو كريم يتنزّه من لئام الناس (6).

57 - و قال عليه السّلام: الاسترسال بالانس يذهب المهابة (7).

58 - و قال عليه السّلام: من صدق الناس كرهوه (8).

59 - و اتي المأمون برجل يريد أن يقتله و الرضا عليه السّلام جالس فقال: ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال: إنّ اللّه لا يزيدك بحسن العفو إلاّ عزّا، فعفا عنه (9).

60 - الطوسى - رحمه اللّه - قال: اخبرنا جماعة عن أبى المفضل قال: حدثنا أبو أحمد عبيد اللّه بن الحسين بن إبراهيم بن العلوي النصيبي، قال: حدثني محمّد بن علي بن موسى الرضا عن أبيه الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عن جدّه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الهيبة خيبة و الفرصة خلسة، و الحكمة ضالّة المؤمن، فاطلبوها و لو عند المشرك، تكونوا أحقّ بها

ص: 305


1- البحار: 78-355.
2- المصدر: 78-356.
3- المصدر: 78-356.
4- كذا و الصواب «المسكنة مفتاح البؤس».
5- المصدر: 78-356.
6- المصدر: 78-357.
7- المصدر: 78-357.
8- المصدر: 78-357.
9- المصدر: 78-357.

و أهلها (1).

61 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمروالروز في داره، قال: حدثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد اللّه النيسابوري، قال حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة، قال: حدثني أبي في سنة ستين و مائتين، قال: حدثني علي بن موسى الرضا عليه السّلام في سنة أربع و تسعين و مائة قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنى أبى جعفر بن محمّد، قال:

حدثني أبى محمّد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدّثني أبى الحسين ابن علي قال: حدثني أبى على بن أبى طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تزال أمّتي بخير ما تحابّوا، و تهادوا، و أدّوا الأمانة، و اجتنبوا الحرام، و أقرّوا الضيف، و أقاموا الصلاة، و آتووا الزكاة، فاذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط و السنين (2).

تمّ كتاب الآداب و المواعظ و يتلوه إن شاء اللّه كتاب تفسير القرآن.

ص: 306


1- أمالي الطوسى:
2- عيون الاخبار: 2-29.

كتاب تفسير القرآن

باب فضل القرآن

1 - العيّاشي - رحمه اللّه - بإسناده عن ياسر الخادم، عن الرّضا عليه السّلام أنه سئل عن القرآن ؟ فقال: لعن اللّه المرجئة و لعن اللّه أبا عيينة (1) إنه كلام اللّه غير مخلوق حيث ما تكلمت به، و حيث ما قرأت و نطقت فهو كلام و خبر و قصص (2).

2 - عن يعقوب بن يزيد، عن ياسر عن أبى الحسن الرّضا عليه السّلام يقول: المراء في كتاب اللّه كفر (3).

3 - الصدوق - رحمه اللّه - عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ رضي اللّه عنه قال:

حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عليّ بن معبد، عن الحسين ابن خالد، قال: قلت للرّضا عليّ بن موسى عليهما السّلام: يا ابن رسول اللّه أخبرني عن القرآن أ خالق أو مخلوق ؟ فقال: ليس بخالق و لا مخلوق، و لكنّه كلام اللّه عزّ و جلّ (4).

4 - حدثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميرى، عن أبيه، عن إبراهيم بن هاشم، عن الرّيّان بن الصلت، قال قلت للرضا عليه السّلام: ما تقول في القرآن ؟ فقال: كلام اللّه لا تتجاوزوه، لا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا (5).

5 - الصدوق - رحمه اللّه - عن أبيه رضي اللّه عنه، قال حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن أبي حيون مولى الرّضا عليه السّلام، قال: من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدى إلى صراط مستقيم، ثم قال: إنّ في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن

ص: 307


1- فى بعض النسخ: أبا حنيفة.
2- تفسير العياشى: 1-8.
3- تفسير العياشى: 1-18.
4- التوحيد: 223.
5- التوحيد: 223 و الامالى: 226.

و محكما كمحكم القرآن، فردّوا متشابهها إلى محكمها، و لا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا (1).

6 - عنه، عن أحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم رضي اللّه عنه قال حدثني أبي عن جدي إبراهيم بن هاشم عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، قال: قال الرّضا عليه السّلام سمعت أبي يحدّث عن أبيه عليه السّلام أنّ أوّل سورة نزلت «بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ » و آخر سورة نزلت «إِذٰا جٰاءَ نَصْرُ اَللّٰهِ وَ اَلْفَتْحُ » (2).

7 - عن الفقيه المروزي، عن أبى بكر النيسابوري، عن الطائي، عن أبيه عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قرء سورة إذا زلزلت الارض أربع مرات، كان كمن قرأ القرآن كلّه (3).

8 - و بهذا الاسناد عن الرضا، عن آبائه عن علي عليه السّلام، أنه قال: ليس في القرآن يا أيّها الّذين آمنوا إلاّ و هي في التوراة يا أيّها الناس و في خبر آخر «يا أيّها المساكين» (4).

9 - و بهذا الاسناد عن الرضا، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إني أخاف عليكم استخفافا بالدّين و بيع الحكم و قطيعة الرّحم، و أن تتّخذوا القرآن مزامير، و تقدّمون أحدكم و ليس بأفضلكم في الدّين (5).

10 - الصدوق - رحمه اللّه - عن جعفر بن محمّد بن مسرور، قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه ابن جعفر الحميري عن أبيه عن إبراهيم بن هاشم، عن الريّان بن الصلت قال: قلت للرضا عليه السّلام: يا ابن رسول اللّه ما تقول في القرآن ؟ فقال: كلام اللّه لا تتجاوزوه و لا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا (6).

11 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادى، قال حدثني علي بن محمّد بن عيينة مولى الرشيد قال: حدثني دارم بن قبيصة بسرّ من رأى قال حدثنا علي بن موسى عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه

ص: 308


1- عيون الاخبار: 1-290.
2- عيون الاخبار: 2-6.
3- عيون الاخبار: 2-27.
4- عيون الاخبار: 2-39.
5- المصدر: 2-42.
6- المصدر: 2-56.

صلّى اللّه عليه و آله: حسّنوا القرآن بأصواتكم (1).

12 - الصدوق - رحمه اللّه - عن الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقى قال:

حدثنا محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدثني القاسم بن إسماعيل أبو ذكوان قال: سمعت إبراهيم بن العباس، يحدّث عن الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السّلام: أنّ رجلا سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام ما بال القرآن لا يزداد عند النشر و الدّراسة إلاّ غضاضة ؟ فقال:

لأنّ اللّه لم ينزله لزمان دون زمان و لا لناس دون ناس، فهو في كلّ زمان جديد، و عند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة (2).

13 - الصدوق - رحمه اللّه - عن الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقي، قال: محمّد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمّد بن موسى الرازي، قال حدّثني أبي، قال ذكر الرضا عليه السّلام يوما القرآن فعظّم الحجّة فيه و الآية و المعجزة في نظمه، قال: هو حبل اللّه المتين، و عروته الوثقى و طريقته المثلى، المؤدّي إلى الجنّة، و المنجي من النار، لا يخلق على الازمنة و لا يغثّ على الألسنة، لأنه لم يجعل لزمان دون زمان، بل جعل دليل البرهان و الحجّة على كلّ إنسان لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (3).

14 - الطبرسي - رحمه اللّه - باسناده عن أبى الحسن عليه السّلام قال: إذا خفت أمرا فاقرأ مائة آية من القرآن من حيث شئت ثمّ قل: «اللّهم اكشف عنّي البلاء» ثلاث مرّات (4).

15 - الطبرسي - رحمه اللّه - باسناده عن الرّضا عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إذا أصاب أحدكم صداع أو غير ذلك، فبسط يديه و قرأ فاتحة الكتاب و «قل هو اللّه أحد» و المعوّذتين و مسح بهما وجهه [ي] ذهب عنه ما يجده (5).

16 - الطبرسي - رحمه اللّه - بإسناده أنّ رجلا سأل الرّضا عليه السّلام أن يعلّمه شيئا ينفع لقلع الثآليل ؟ فقال: خذ لكلّ ثؤلول سبع شعيرات و اقرأ على كلّ شعيرة

ص: 309


1- عيون الاخبار: 2-69.
2- المصدر: 2-87.
3- المصدر: 2-130.
4- مكارم الأخلاق: 420.
5- مكارم الاخلاق: 422.

- سبع مرّات -: «إِذٰا وَقَعَتِ اَلْوٰاقِعَةُ » إلى قوله «فَكٰانَتْ هَبٰاءً مُنْبَثًّا» - و اقرأ: «وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْجِبٰالِ فَقُلْ يَنْسِفُهٰا رَبِّي نَسْفاً» إلى قوله «وَ لاٰ أَمْتاً» ثم خذ الشعير شعيرة شعيرة و امسحها على الثؤلول و صيّرها في خرقة جديدة و اربط عليها حجرا و ألقها في كنيف قال: فنظر يوم السّابع أو الثامن و هو مثل راحته، قال: و ينبغى أن يعالج في محاق الشهر [و يقرأ: «أَ وَ لَمْ يَرَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ كٰانَتٰا رَتْقاً فَفَتَقْنٰاهُمٰا» و يفرقع إصبعا من أصابعه باسم صاحب الوجع] (1).

باب معنى بسم اللّه

17 - العياشي - رحمه اللّه - باسناده عن إسماعيل بن مهران قال: قال أبو الحسن الرّضا عليه السّلام: إنّ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم أقرب إلى اسم اللّه الأعظم من سواد العين إلى بياضها (2).

18 - العياشي رحمه اللّه باسناده عن سليمان الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: إذا أتى أحدكم أهله فليكن قبل ذلك ملاطفة، فإنه أبرّ لقلبها و اسلّ لسخيمتها فإذا أفضى إلى حاجته قال: بسم اللّه ثلاثا فإن قدر أن يقرأ أىّ آية حضرته من القرآن فعل، و إلاّ قد كفته التسمية، فقال له رجل في المجلس: فإن قرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم أو يجزيه ؟ فقال: و أيّ آية أعظم في كتاب اللّه ؟ فقال: بسم اللّه الرّحمن الرحيم (3).

19 - الصدوق - رحمه اللّه - عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ رضي اللّه عنه قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد مولى بنى هاشم عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال عن أبيه قال: سألت الرّضا عليّ بن موسى عليهما السّلام عن بسم اللّه، قال: معنى قول القائل بسم اللّه أى اسم على نفسي سمة من سمات اللّه عزّ و جل، هي العبادة قال: فقلت له:

ص: 310


1- مكارم الاخلاق: 444.
2- تفسير العياشى: 1-21.
3- تفسير العياشى: 1-21 كذا.

ما السّمة ؟ فقال: العلامة (1).

20 - الصّدوق - رحمه اللّه - عن محمّد بن القاسم قال حدّثني يوسف بن محمّد بن زياد و عليّ بن محمّد بن يسار عن أبويهما عن الحسن بن علي عن أبيه علي بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه الرّضا عليّ بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن عليّ عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم آية من فاتحه الكتاب، و هي سبع آيات، تمامها ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ قال لى: يا محمّد و لقد آتيناك سبعا من المثاني و القرآن العظيم، فأفرد الامتنان عليّ بفاتحة الكتاب و جعلها بإزاء القرآن العظيم.

و إنّ فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش و إنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ محمّدا و شرّفه بها و لم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان فانّه أعطاه منها بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، ألا تراه يحكى عن بلقيس حين قالت «إنى القي إليّ كتاب كريم إنه من سليمان و إنه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» (2) ألا فمن قرأها معتقدا لموالات محمّد و آله الطيبين، منقادا لأمرهما، مؤمنا بظاهرهما و باطنهما أعطاه اللّه عز و جل بكلّ حرف منها حسنة، كلّ واحدة منها أفضل من الدّنيا بما فيها من أصناف أموالها و خيراتها و من استمع إلى قارئ يقرؤها كان له قدر ثلث ما للقارىء فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم، فإنه غنيمة لا يذهبنّ أوانه فتبقى في قلوبكم الحسرة (3).

1- سورة الفاتحة

21 - الصدوق - رحمه اللّه - عن محمّد بن القاسم الأسترآبادي المفسّر - رضي اللّه عنه - قال: حدّثني يوسف بن محمّد بن زياد و علي بن محمّد بن يسار، عن أبويهما، عن الحسن

ص: 311


1- التوحيد: 229.
2- النمل: 31.
3- أمالي الصدوق: 105.

ابن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام، قال: جاء رجل إلى الرّضا عليه السّلام، فقال: يا ابن رسول اللّه أخبرني عن قول اللّه عز و جل اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ ما تفسيره ؟ فقال: لقد حدّثني أبي عن جدّى عن الباقر، عن زين العابدين عن أبيه عليهم السّلام أنّ رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: أخبرني عن قول اللّه عز و جل «اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ » ما تفسيره.

فقال: الحمد للّه هو أن عرّف عباده بعض نعمه عليهم جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف، فقال لهم قولوا: الحمد للّه على ما أنعم به علينا ربّ العالمين، و هم الجماعات من كلّ مخلوق من الجمادات و الحيوانات، أما الحيوانات فهو يقلبها في قدرته، و يغذوها من رزقه، و يحوطها بكنفه و يدبّر كلا منها بمصلحته، و أمّا الجمادات فهو يمسكها بقدرته يمسك المتصل منها أن يتهافت، و يمسك المتهافت منها أن يتلاصق و يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه و يمسك الارض أن تنخسف إلاّ بأمره إنه بعباده لرؤف رحيم.

قال عليه السّلام «رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ » مالكهم و خالقهم و سائق أرزاقهم إليهم من حيث هم يعلمون و من حيث لا يعلمون، و الرزق مقسوم و هو يأتي ابن آدم على أيّ سيرة سارها من الدنيا ليس تقوى متّق يزايده و لا فجور فاجر يناقصه، و بيننا و بينه ستر، و هو طالبه، و لو أنّ أحدكم يفرّ من رزقه لطلبه رزقه، كما يطلبه الموت، فقال اللّه جل جلاله:

قولوا الحمد للّه على ما أنعم به علينا و ذكّرنا به من خير في كتب الاولين، قبل أن تكون ففي هذا ايجاب على محمّد و آل محمّد و [على] شيعتهم أن يشكروه بما فضّلهم، و ذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: لمّا بعث اللّه عزّ و جلّ موسى بن عمران عليه السّلام و اصطفاه نجيّا، و فلق له البحر، و نجّى بني إسرائيل و اعطاه التورية و الألواح [و] رأى مكانه من ربّه عز و جلّ فقال يا ربّ لقد أكرمتنى بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلى ؟ فقال اللّه جلّ جلاله:

يا موسى أ ما علمت أنّ محمّدا أفضل عندي من جميع ملائكتى، و جميع خلقي ؟ قال موسى يا ربّ فإن كان محمّد أكرم عندك من جميع خلقك، فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي،

ص: 312

قال اللّه جلّ جلاله: يا موسى أ ما علمت أنّ فضل آل محمّد على [آل] جميع النبيّين كفضل محمّد على جميع المرسلين فقال موسى: يا رب فإن كان آل محمّد كذلك فهل في امم الأنبياء أفضل عندك من أمّتي ؟ ظللت عليهم الغمام و أنزلت عليهم المنّ و السلوى و فلقت لهم البحر.

فقال اللّه جلّ جلاله: يا موسى أ ما علمت أنّ فضل أمّة محمّد على جميع الامم كفضله على جميع، خلقى فقال موسى: يا ربّ ليتني كنت أراهم فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه يا موسى إنك لن تراهم و ليس هذا أوان ظهورهم، و لكن سوف تراهم في الجنان جنة عدن و الفردوس بحضرة محمّد في نعيمها يتقلّبون و في خيراتها يتبجحون، أ فتحبّ أن أسمعك كلامهم قال: نعم يا إلهى، قال اللّه جل جلاله: قم بين يدى و اشدد ميزرك قيام العبد الذليل بين يدى الملك الجليل، ففعل ذلك موسى عليه السّلام فنادى ربنا عز و جل يا أمّة محمّد فأجابوه كلهم و هم في أصلاب آبائهم و أرحام أمّهاتهم لبيك اللّهم لبيك لا شريك لك لبيك إنّ الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك.

قال: فجعل اللّه عزّ و جلّ تلك الإجابة شعار الحج ثم نادى ربنا عزّ و جلّ : يا أمّة محمّد إنّ قضائي عليكم أن رحمتي سبقت غضبي و عفوي قبل عقابي فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني و أعطيتكم من قبل أن تسألونى، من لقينى منكم بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أنّ محمّدا عبده و رسوله صادق في أقواله محق في أفعاله و أنّ علي بن أبي طالب عليه السّلام أخوه و وصيّه من بعده ملتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمّد و أنّ أولياء المصطفين المطهّرين الميامين بعجائب آيات اللّه و دلائل حجج اللّه من بعدهما أولياؤه أدخله جنتي و إن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.

قال: فلمّا بعث اللّه عز و جل نبينا محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: يا محمّد و ما كنت بجانب الطّور إذ نادينا أمّتك بهذه الكرامة ثم قال عز و جل لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قل الحمد للّه ربّ العالمين على ما اختصّني به من هذه الفضيلة، و قال لأمّته، و قولوا أنتم الحمد للّه ربّ العالمين على ما اختصّنا به من هذه الفضائل (1).

ص: 313


1- عيون الاخبار: 1-282 و علل الشرائع: 2-101 و بشارة المصطفى: 262.

22 - الصدوق - رحمه اللّه - عن محمّد بن القاسم الأسترآبادي المفسّر رضي اللّه عنه، قال: حدثنا يوسف بن محمّد بن زياد و علي بن محمّد بن يسار عن أبويهما، عن الحسن بن علي، عن أبيه عليّ بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه الرّضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السّلام، قال: قال جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام في قول اللّه عز و جل:

«اِهْدِنَا اَلصِّرٰاطَ اَلْمُسْتَقِيمَ » قال: يقول: ارشدنا إلى الطريق المستقيم أى أرشد للزوم الطريق المؤدّي إلى محبّتك و المبلغ دينك و المانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب أو نأخذ بآرائنا فنهلك (1).

23 - ورّام بن أبى فراس قال: وجدت في تفسير القرآن عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام بحذف الأسانيد عن أمير المؤمنين عليه السّلام في تفسير اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ قال: ربّ العالمين مالكهم و خالقهم، و سائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون و من حيث لا يعلمون فالرزق مقسوم و هو يأتي ابن آدم على اىّ سيرة سارها من الدّنيا ليس بتقوى متّق يزايده و لا لفجور فاجر يناقصه، و بينه و بينه شبر و هو طالبه، و لو أنّ أحدكم يفرّ من رزقه لطلبه كما يطلبه الموت (2).

2- سورة البقرة

24 - علي بن إبراهيم قال حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن الرضا عليه السّلام أنه قال السكينة (3) ريح من الجنّة لها وجه كوجه الانسان فكان إذا وضع التّابوت بين يدى المسلمين و الكفّار فان تقدّم رجل لا يرجع حتى يقتل أو يغلب، و من رجع عن التابوت كفر و قتله الامام فأوحى اللّه إلى نبيّهم أنّ جالوت يقتله من يستوى عليه درع موسى عليه السّلام، و هو رجل من ولد لاوي بن يعقوب عليه السّلام اسمه داود بن اسي و كان اسيّ راعيا، و كان له عشرة بنين أصغر هم داود.

ص: 314


1- عيون الاخبار: 1-305.
2- تنبيه الخواطر: 2-107.
3- البقرة: 248.

فلمّا بعث طالوت إلى بنى إسرائيل و جمعهم لحرب جالوت بعث إلى اسي أن احضر ولدك، فلمّا حضر و ادعا واحدا واحدا من ولده فألبسه الدّرع درع موسى عليه السّلام منهم من طالت عليه و منهم من قصرت عنه، فقال لاسي هل خلفت من ولدك أحدا؟ قال نعم أصغرهم تركته في الغنم ليرعاها فبعث إليه فجاء به فلمّا دعي أقبل و معه مقلاع، قال فناداه ثلاث صخرات في طريقه فقالت يا داود خذنا فأخذها في مخلاته و كان شديد البطش قويّا في بدنه شجاعا فلمّا جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى عليه السّلام فاستوت عليه - الحديث (1).

25 - أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن محمّد بن عبد الحميد، عن صفوان بن يحيى قال: سألت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام عن قول اللّه لإبراهيم عليه السّلام: «أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ؟ قٰالَ :

بَلىٰ ، وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [(2)]» كان في قلبه شك ؟ - قال: لا، كان على يقين؛ و لكنّه أراد من اللّه الزّيادة في يقينه (3).

26 - العيّاشي - رحمه اللّه - باسناده عن الحسن بن علي قال: قرأت في كتاب أبى الاسد إلى أبي الحسن الثانى و جوابه بخطّه سأل ما تفسير قوله: «وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ وَ تُدْلُوا بِهٰا إِلَى اَلْحُكّٰامِ [(4)]» قال: فكتب إليه: الحكّام: القضاة، ثم قال كتب تحته هو إن يعلم الرّجل أنّه ظالم عاصي، هو غير معذور في أخذه ذلك الّذي حكم له به إذا كان قد علم أنه ظالم (5).

27 - عن معمر بن خلاّد، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام أنه قال: أي شيء يقولون في إتيان النّساء في أعجازهنّ؟ قلت بلغني أنّ أهل المدينة لا يرون به بأسا، قال: إنّ اليهود كانت تقول: إذا أتى الرجل من خلفها خرج ولده أحول، فأنزل اللّه: «نِسٰاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّٰى شِئْتُمْ » (6) يعنى من خلف أو قدّام خلافا لقول اليهود،

ص: 315


1- تفسير على بن ابراهيم: 72.
2- البقرة: 260.
3- المحاسن: 247.
4- البقرة: 188.
5- تفسير العياشى: 1-85.
6- البقرة: 223.

و لم يعن في أدبارهنّ (1).

28 - عنه، عن أبي القاسم الفارسي قال: قلت للرّضا عليه السّلام جعلت فداك إنّ اللّه يقول في كتابه «فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ » (*) و ما يعنى بذلك ؟ قال: أما الإمساك بالمعروف فكفّ الأذى و إجباء النفقة، و أما التسريح بإحسان، فالطلاق على ما نزل به الكتاب (2).

29 - عنه عن علي بن أسباط أنّ أبا الحسن الرّضا عليه السّلام سئل عن قول اللّه:

«قٰالَ بَلىٰ وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي» (3) أ كان في قلبه شك ؟ قال: لا و لكنّه أراد من اللّه الزيادة في يقينه، قال: و الجزء واحد من العشرة (4).

30 - عنه عن عمر بن سليمان عن رجل من أهل الجزيرة قال: سأل الرضا عليه السّلام رجل فقال له: جعلت فداك إنّ اللّه تبارك و تعالى يقول «فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ » (5) - فأخبرني عن هذه النظرة التي ذكرها اللّه لها حدّ يعرف ؟ إذا صار هذا المعسر لا بدّ له من أن ينظر و قد أخذ مال هذا الرجل و أنفق على عياله و ليس له غلّة ينتظر إدراكها، و لا دين ينتظر محلّه، و لا مال غائب ينتظر قدومه ؟ قال: نعم ينتظر بقدر ما ينتهى خبره إلى الإمام فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين، إذا كان أنفقه في طاعة اللّه، فإن كان أنفقه في معصية اللّه فلا شيء له على الإمام، قلت: فما لهذا الرجل الّذي ائتمنه و هو لا يعلم فيم أنفقه في طاعة اللّه أو معصية ؟ قال: يسعى له في ماله فيردّه و هو صاغر (6).

31 - عنه عن ابن الفضيل عن أبى الحسن عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه «إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ اَلْمَوْتُ حِينَ اَلْوَصِيَّةِ اِثْنٰانِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ » (7) قال:

اللذان منكم مسلمان، و اللذان من غيركم من أهل الكتاب، فان لم تجدوا من أهل

ص: 316


1- تفسير العياشى: 1-111. (*) البقرة: 229.
2- تفسير العياشى: 1-117.
3- البقرة: 260.
4- تفسير العياشى: 1-143. و الجزء يعنى قوله «على كل جبل منهن جزءا».
5- البقرة: 280.
6- تفسير العياشى: 1-155.
7- المائدة: 106.

الكتاب فمن المجوس، لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب، و ذلك إذا مات الرجل المسلم بأرض غربة [فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصية فلم يجد مسلمين يشهدهما فرجلين من أهل الكتاب، قال حمران قال أبو عبد اللّه عليه السّلام و اللّذان من غيركم من أهل الكتاب، و إنما ذلك إذا مات الرجل المسلم في أرض غربة فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصية] فلم يجد مسلمين فليشهد رجلين ذمّيين من أهل الكتاب مرضيين عند أصحابهما (1).

32 - الصدوق - رحمه اللّه - عن عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوريّ العطّار - رحمه اللّه - قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام ابن صالح الهروي، قال: قلت للرضا عليه السّلام: يا ابن رسول اللّه أخبرني عن الشجرة (2) التى أكل منها آدم و حوّاء ما كانت ؟ فقد اختلف الناس فيها، فمنهم من يروي أنها الحنطة، و منهم من يروي أنّها العنب، و منهم من يروي أنها شجرة الحسد، فقال:

كلّ ذلك حق. قلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال: يا أبا الصلت إنّ شجرة الجنة تحمل أنواعا فكانت شجرة الحنطة، و فيها عنب و ليست كشجرة الدّنيا و إنّ آدم عليه السّلام لمّا أكرمه اللّه - تعالى ذكره - بإسجاد ملائكته له و بإدخاله الجنّة قال في نفسه: هل خلق اللّه بشرا أفضل منّي ؟ فعلم اللّه عزّ و جلّ ما وقع في نفسه فناداه: ارفع رأسك يا آدم فانظر إلى ساق عرشي، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا «لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، و زوجته فاطمة سيّدة نساء العالمين، و الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة» فقال آدم: يا ربّ من هؤلاء؟ فقال: عزّ و جلّ : يا آدم هؤلاء ذريّتك و هم خير منك و من جميع خلقي و لولاهم ما خلقتك و لا خلقت الجنة و النار، و لا السماء و الأرض فإيّاك أن تنظر إليهم بعين الحسد فأخرجك عن جواري. فنظر إليهم بعين الحسد، و تمنّى منزلتهم فتسلّط عليه الشيطان حتى

ص: 317


1- تفسير العياشى: 1-349.
2- البقرة: 35.

أكل من الشجرة الّتي نهى عنها، و تسلّط على حوّاء لنظرها إلى فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم فأخرجهما اللّه عن جنّته و أهبطهما عن جواره إلى الأرض (1).

33 - عنه عن محمّد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي، قال حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفيّ الهمداني، قال: حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه، عن الرّضا عليّ بن موسى عليهما السّلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ «اَللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ » (2) و عن قوله: «وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اَللّٰهُ » (3) و عن قوله: «يُخٰادِعُونَ اَللّٰهَ وَ هُوَ خٰادِعُهُمْ » (4) فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى لا يسخر و لا يستهزىء و لا يمكر و لا يخادع، و لكنّه عزّ و جلّ يجازيهم جزاء السخريّة، و جزاء الاستهزاء و جزاء المكر و الخديعة تعالى اللّه عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا (5).

34 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن إبراهيم بن يونس المعاذي، قال:

حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي الهمدانى قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه عن الرّضا عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جلّ «هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّٰ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللّٰهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمٰامِ وَ اَلْمَلاٰئِكَةُ (6) قال: يقول: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّٰ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللّٰهُ بالملائكة فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمٰامِ . و هكذا نزلت (7).

35 - عنه عن محمّد بن أحمد بن السناني رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي عن سهل بن زياد الادمي عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنى رضي اللّه عنه، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال سألت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام عن قول اللّه تعالى: «وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُمٰاتٍ لاٰ يُبْصِرُونَ (8)» فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه، و لكنّه متى علم أنّهم لا يرجعون عن الكفر و الضلال، منعهم المعاونة و اللّطف

ص: 318


1- معانى الاخبار: 124.
2- البقرة: 15.
3- آل عمران: 54.
4- النساء: 142.
5- التوحيد: 163.
6- البقرة: 210.
7- التوحيد: 163.
8- البقرة: 17.

و خلّى بينهم و بين اختيارهم، قال: و سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ : «خَتَمَ اَللّٰهُ عَلىٰ قُلُوبِهِمْ وَ عَلىٰ سَمْعِهِمْ (1)» قال: الختم هو الطبع على قلوب الكفّار عقوبة على كفرهم كما قال عزّ و جلّ «بَلْ طَبَعَ اَللّٰهُ عَلَيْهٰا بِكُفْرِهِمْ فَلاٰ يُؤْمِنُونَ إِلاّٰ قَلِيلاً» (2).

قال: و سألته عن اللّه عزّ و جلّ : هل يجبر عباده على المعاصى ؟ فقال: بل يخيّرهم و يمهلهم حتى يتوبوا، قلت: فهل يكلّف عباده ما لا يطيقون ؟ فقال: كيف يفعل ذلك ؟ و هو يقول: «وَ مٰا رَبُّكَ بِظَلاّٰمٍ لِلْعَبِيدِ» (3) ثم قال عليه السّلام: حدثني أبى موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنه قال: من زعم أنّ اللّه يجبر عباده على المعاصى أو يكلّفهم ما لا يطيقون، فلا تأكلوا ذبيحته و لا تقبلوا شهادته و لا تصلّوا وراءه و لا تعطوه من الزكاة شيئا (4).

36 - عن محمّد بن القاسم المفسّر المعروف بأبي الحسن الجرجانى - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد و علي بن محمّد بن يسار عن أبويهما، عن الحسن ابن عليّ ، عن أبيه علي بن محمّد عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه الرضا عليّ بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمّد في قول اللّه عزّ و جلّ «وَ اِتَّبَعُوا مٰا تَتْلُوا اَلشَّيٰاطِينُ عَلىٰ مُلْكِ سُلَيْمٰانَ وَ مٰا كَفَرَ سُلَيْمٰانُ » قال: اتبعوا ما تتلو كفرة الشياطين من السحر و النيرنجات على ملك سليمان، الذين يزعمون أنّ سليمان به ملك و نحن أيضا به، فظهر العجائب حتى ينقاد لنا الناس.

و قالوا: كان سليمان كافرا ساحرا ماهرا بسحره، ملك ما ملك و قدر ما قدر فردّ اللّه عزّ و جلّ عليهم فقال: «وَ مٰا كَفَرَ سُلَيْمٰانُ » و لا استعمل السحر الّذي نسبوه إلى سليمان و إلى «مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ » و كان بعد نوح عليه السّلام قد كثر السحرة و المموّهون، فبعث اللّه عزّ و جلّ ملكين إلى نبيّ ذلك الزمان بذكر ما تسحر به السحرة، و ذكر ما يبطل به سحرهم و يردّ به كيدهم، فتلقّاه النبي عليه السّلام

ص: 319


1- البقرة: 7.
2- النساء: 155.
3- فصلت: 46.
4- عيون الاخبار: 1-424.

عن الملكين، و أدّاه إلى عباد اللّه بأمر اللّه عز و جلّ ، فأمرهم أن يقفوا به على السحر و أن يبطلوه، و نهاهم أن يسحروا به الناس.

و هذا كما يدلّ على السم ما هو و على ما يدفع به غائلة السم، ثم قال عز و جل:

وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّٰى يَقُولاٰ إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاٰ تَكْفُرْ» يعنى أنّ ذلك النبي عليه السّلام أمر الملكين أن يظهرا للنّاس بصورة بشرين و يعلّماهم ما علّمهما اللّه من ذلك، فقال اللّه عز و جلّ : «وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ» ذلك السحر و إبطاله «حَتّٰى يَقُولاٰ» للمتعلّم: «إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ » و امتحان للعباد ليطيعوا اللّه عز و جل فيما يتعلّمون من هذا و يبطلوا به كيد السحرة و لا يسحروهم «فَلاٰ تَكْفُرْ» باستعمال هذا السحر و طلب الإضرار به و دعاء الناس الى أن يعتقدوا أنّك به تحيي و تميت و تفعل ما لا يقدر عليه إلاّ اللّه عز و جل، فان ذلك كفر.

قال اللّه عزّ و جل: «فَيَتَعَلَّمُونَ » يعنى طالبي السحر «مِنْهُمٰا» يعنى مما كتبت الشياطين على ملك سليمان من النير نجات و مما «أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ » يتعلّمون من هذين الصنفين ما يفرّقون به بين المرء و زوجه، هذا ما يتعلّم الإضرار بالناس يتعلّمون التضريب بضروب الحيل و التمائم و الإيهام و أنه قد دفن في موضع كذا و عمل كذا ليحبّب المرأة إلى الرّجل و الرّجل الى المرأة، و يؤدّي إلى الفراق بينهما، فقال عزّ و جلّ : «وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ » أي ما المتعلّمون بذلك بضارّين من أحد إلاّ بإذن اللّه، يعنى بتخلية اللّه و علمه فانّه لو شاء لمنعهم بالجبر و القهر ثم قال: «وَ يَتَعَلَّمُونَ مٰا يَضُرُّهُمْ وَ لاٰ يَنْفَعُهُمْ » لأنهم إذا تعلّموا ذلك السحر ليسحروا به و يضرّوا فقد تعلّموا ما يضرّهم في دينهم، و لا ينفعهم فيه، بل ينسلخون عن دين اللّه بذلك «وَ لَقَدْ عَلِمُوا» هؤلاء المتعلّمون «لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ » بدينه الّذي ينسلخ عنه بتعلّمه «مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ » أى من نصيب في ثواب الجنّة، ثم قال عزّ و جلّ :

«وَ لَبِئْسَ مٰا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ » و رهنوها بالعذاب «لَوْ كٰانُوا يَعْلَمُونَ » أنهم قد باعوا الآخرة و تركوا نصيبهم من الجنّة، لانّ المتعلّمين لهذا السحر الذين يعتقدون أن لا رسول و لا إله و لا بعث و لا نشور.

ص: 320

فقال: «وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ » لأنهم يعتقدون أن لا آخرة فهم يعتقدون أنها إذا لم تكن آخرة فلا خلاق لهم في دار بعد الدنيا، و إن كانت بعد الدنيا آخرة فهم مع كفرهم بها لا خلاق لهم فيها، ثم قال: «وَ لَبِئْسَ مٰا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ » بالعذاب إذ باعوا الآخرة بالدنيا، و رهنوا بالعذاب الدّائم أنفسهم «لَوْ كٰانُوا يَعْلَمُونَ » أنّهم قد باعوا أنفسهم بالعذاب و لكن لا يعلمون ذلك، لكفرهم به، فلما تركوا النظر في حجج اللّه حتّى يعلموا عذابهم على اعتقادهم الباطل و جحدهم الحق.

قال يوسف بن محمّد بن زياد و علي بن محمّد بن يسار عن أبويهما أنهما قالا: قلنا للحسن بن علي عليهما السّلام: فإن قوما عندنا يزعمون أن هاروت و ماروت ملكان اختار هما اللّه من الملئكة لمّا كثر عصيان بنى آدم و أنزلهما مع ثالث لهما إلى دار الدنيا و أنهما افتتنا بالزهرة و أرادا الزنا بها و شربا الخمر و قتلا النفس المحرّمة و أنّ اللّه عزّ و جلّ يعذّبهما ببابل و أن السحرة منهما يتعلّمون السحر، و أنّ اللّه تعالى مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الّذي هو الزّهرة.

فقال الإمام عليه السّلام: معاذ اللّه من ذلك! إنّ ملائكة اللّه معصومون محفوظون من الكفر و القبائح بألطاف اللّه تعالى، قال اللّه عزّ و جلّ فيهم «لاٰ يَعْصُونَ اَللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ » (1) و قال اللّه عزّ و جلّ : «وَ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ (يعنى الملئكة) لاٰ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبٰادَتِهِ وَ لاٰ يَسْتَحْسِرُونَ . يُسَبِّحُونَ اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهٰارَ لاٰ يَفْتُرُونَ » (2) و قال عزّ و جلّ في الملئكة أيضا: «بَلْ عِبٰادٌ مُكْرَمُونَ لاٰ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مٰا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ مٰا خَلْفَهُمْ وَ لاٰ يَشْفَعُونَ إِلاّٰ لِمَنِ اِرْتَضىٰ وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ » (3).

ثمّ قال عليه السّلام: لو كان كما يقولون كان اللّه عزّ و جلّ قد جعل هؤلاء الملائكة خلفاءه

ص: 321


1- التحريم: 6.
2- الأنبياء: 19 و 20.
3- الأنبياء: 26 و 27 و 28.

في الارض و كانوا كالأنبياء في الدنيا أو كالأئمة، فيكون من الأنبياء و الائمّة عليهم السّلام قتل النفس و الزنا، ثم قال عليه السّلام: أو لست تعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ لم يخل الدنيا من نبيّ قط أو إمام من البشر أو ليس اللّه عزّ و جلّ يقول: «وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ قَبْلِكَ من رسول (يعنى إلى الخلق) إِلاّٰ رِجٰالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ اَلْقُرىٰ » (1) فأخبر أنه لم يبعث الملائكة إلى الارض ليكونوا أئمة و حكاما، و إنّما كانوا ارسلوا الى أنبياء اللّه.

قالا: فقلنا له: فعلى هذا أيضا لم يكن ابليس أيضا ملكا، فقال: لا، بل كان من الجنّ ، أمّا تسمعا اللّه عزّ و جلّ يقول: «وَ إِذْ قُلْنٰا لِلْمَلاٰئِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّٰ إِبْلِيسَ كٰانَ مِنَ اَلْجِنِّ » (2) فأخبر عزّ و جلّ أنّه كان من الجن، و هو الّذي قال اللّه عزّ و جلّ : «وَ اَلْجَانَّ خَلَقْنٰاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نٰارِ اَلسَّمُومِ » (3).

قال الإمام الحسن بن علي عليهما السّلام: حدّثني أبي عن جدّي، عن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السّلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه عزّ و جلّ اختارنا معاشر آل محمّد و اختار النبيّين و اختار الملئكة المقرّبين و ما اختارهم إلاّ على علم منه بهم أنّهم لا يواقعون ما يخرجون عن ولايته و ينقطعون به عن عصمته و ينتمون به إلى المستحقين لعذابه و نقمته، قالا فقلنا له: قد روي لنا أنّ عليا عليه السّلام لما نصّ عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالإمامة، عرض اللّه عزّ و جلّ ولايته فى السماء على فئام من النّاس و فئام من الملئكة فأبوها فمسخهم اللّه ضفادع! فقال عليه السّلام: معاذ اللّه! هؤلاء المكذبون لنا المفترون علينا.

الملائكة هم رسل اللّه، فهم كسائر أنبياء اللّه و رسله إلى الخلق أ فيكون منهم الكفر باللّه ؟ قلنا: لا، قال: فكذلك الملائكة، إنّ شأن الملائكة لعظيم، و إنّ خطبهم لجليل (4).

37 - عنه عن تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي - رضي اللّه عنه - قال: حدّثني أبي، عن أحمد بن علي الأنصارى، عن عليّ بن محمّد بن الجهم، قال: سمعت المأمون

ص: 322


1- يوسف: 109.
2- الكهف: 50.
3- الحجر: 27.
4- عيون الاخبار: 1-266.

يسأل الرضا عليّ بن موسى عليهما السّلام عمّا يرويه الناس من أمر الزهرة و أنّها كانت امرأة فتن بها هاروت و ماروت و ما يروونه من أمر سهيل أنّه كان عشّارا باليمن، فقال الرّضا عليه السّلام: كذبوا في قولهم: إنهما كوكبان، و انما كانتا دابّتين من دوابّ البحر، فغلط الناس و ظنّوا أنّهما الكوكبان، و ما كان اللّه عزّ و جلّ ليمسخ أعداءه أنوارا مضيئة ثمّ يبقيها ما بقيت السماوات و الارض و أنّ المسوخ لم يبق أكثر من ثلاثة أيام، حتى ماتت و ما تناسل منها شيء و ما على وجه الأرض اليوم مسخ، و أنّ التى وقع عليه اسم المسوخية مثل القرد و الخنزير و الدّب و أشباهها إنّما هي مثل ما مسخ اللّه على صورها قوما غضب اللّه عليهم، و لعنهم بانكارهم توحيد اللّه و تكذيبهم رسله.

و أما هاروت و ماروت فكانا ملكين علّما الناس السحر ليحترزوا عن سحر السحرة و يبطلوا به كيدهم، و ما علّما أحدا من ذلك شيئا إلاّ قالا له: «إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاٰ تَكْفُرْ» فكفر قوم باستعمالهم لما أمروا بالاحتراز منه و جعلوا يفرّقون بما تعلّموه بين المرء و زوجه، قال اللّه عزّ و جلّ : «وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ » يعنى بعلمه (1).

38 - عنه عن الفقيه المروزي عن أبي بكر النيسابوري، عن الطائي عن أبيه عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السّلام أنّه قال خطبنا أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: سيأتى على الناس زمان عضوض يعضّ المؤمن على ما في يده، و لم يؤمن بذلك، قال اللّه تعالى «وَ لاٰ تَنْسَوُا اَلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اَللّٰهَ كان بما تعملون بصيرا» (2) و سيأتى زمان يقدّم فيه الأشرار و ينسى فيه الأخيار و يبايع المضطرّ، و قد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن بيع المضطرّ و عن بيع الغرر فاتّقوا اللّه يا أيّها النّاس و أصلحوا ذات بينكم و احفظوني في أهلي (3).

39 - عنه قال: حدثنا محمّد بن عمر بن محمّد بن سالم بن البراء الجعابي، قال: حدثنا أبو محمّد الرازي، قال: حدّثني سيدي على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: نزلت هذه الآية «اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ اَلنَّهٰارِ سِرًّا وَ عَلاٰنِيَةً » (4) في عليّ عليه السّلام (5).

ص: 323


1- عيون الاخبار: 1-271.
2- البقرة: 237.
3- عيون الاخبار: 2-45.
4- البقرة: 274.
5- عيون الاخبار: 2-62.

3- سورة آل عمران

40 - علي بن إبراهيم قال: حدثنى أبى عن الحسين بن خالد عن الرضا عليه السّلام في قوله تعالى: «اِصْبِرُوا وَ صٰابِرُوا وَ رٰابِطُوا» (1) قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد:

أين الصابرون، فيقوم فئام من الناس، ثم ينادي و أين المتصبّرون فيقوم فئام من الناس قلت: جعلت فداك و ما الصابرون قال: الصابرون على أداء الفرائض و المتصبّرون على اجتناب المحارم (2).

41 - العيّاشي - رحمه اللّه - باسناده عن مرزبان القمي قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قول اللّه «شَهِدَ اَللّٰهُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ وَ اَلْمَلاٰئِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ قٰائِماً بِالْقِسْطِ» (3) قال: هو الإمام (4).

42 - عنه عن أحمد بن محمّد عن الرّضا عن أبي جعفر عليه السّلام من زعم أنه قد فرغ من الأمر فقد كذب لأنّ المشيّة للّه في خلقه يريد ما يشاء و يفعل ما يريد، قال اللّه «ذُرِّيَّةً بَعْضُهٰا مِنْ بَعْضٍ وَ اَللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ » (5) آخرها من أوّلها و أوّلها من آخرها، فاذا أخبرتم بشيء منها بعينه أنه كائن و كان في غيره منه فقد وقع الخبر على ما أخبرتم عنه (6).

43 - عنه عن إسماعيل بن همّام عن أبي الحسن عليه السّلام في قول اللّه «مُسَوِّمِينَ » (7) قال: العمائم اعتمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فسدلها من بين يديه و من خلفه (8).

44 - عنه عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنّه ذكر قول اللّه «هُمْ دَرَجٰاتٌ عِنْدَ اَللّٰهِ » (9) قال: الدّرجة ما بين السماء إلى الارض (10).

ص: 324


1- آل عمران: 200.
2- تفسير على بن ابراهيم: 118.
3- آل عمران: 18.
4- تفسير العياشى: 1-166.
5- آل عمران: 34.
6- تفسير العياشى: 1-169.
7- آل عمران: 125.
8- تفسير العياشى: 1-196.
9- آل عمران: 163.
10- تفسير العياشى: 1-205.

4- سورة النساء

45 - الكلينى - رحمه اللّه - باسناده عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب قال: سألت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام عن قوله عزّ و جلّ : «وَ لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مَوٰالِيَ مِمّٰا تَرَكَ اَلْوٰالِدٰانِ وَ اَلْأَقْرَبُونَ وَ اَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمٰانُكُمْ » (1) قال: إنّما عنى بذلك الأئمّة عليهم السّلام بهم عقد اللّه عزّ و جلّ أيمانكم (2).

46 - العيّاشى - رحمه اللّه - باسناده عن العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنّه ذكر قول اللّه: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ » (3) عبادة الأوثان، و شرب الخمر، و قتل النفس، و عقوق الوالدين، و قذف المحصنات، و الفرار من الزّحف، و أكل مال اليتيم (4).

47 - عنه عن الحسن بن محبوب، قال: كتبت إلى الرّضا عليه السّلام و سألته عن قول اللّه «وَ لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مَوٰالِيَ مِمّٰا تَرَكَ اَلْوٰالِدٰانِ وَ اَلْأَقْرَبُونَ وَ اَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمٰانُكُمْ » (5) قال: إنّما عنى بذلك الائمّة بهم عقد اللّه أيمانكم (6).

48 - عنه و في رواية محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السّلام في قوله تعالى «أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا» (7) هم الائمّة من آل محمّد يؤدّي الامام الإمامة إلى إمام بعده، و لا يخصّ بها غيره و لا يزويها عنه (8).

49 - عنه عن أبان أنّه دخل على أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال: فسألته عن قول اللّه «يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ » (9) فقال:

ص: 325


1- النساء: 33.
2- الكافى: 216.
3- النساء: 31.
4- تفسير العياشى: 1-238.
5- النساء: 33.
6- تفسير العياشى: 10-240.
7- النساء: 58.
8- تفسير العياشى: 1-249.
9- النساء: 59.

ذلك عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ثم سكت، قال: فلمّا طال سكوته قلت: ثم من ؟ قال:

ثمّ الحسن، ثمّ سكت فلمّا طال سكوته، قلت: ثمّ من ؟ قال: الحسين، قلت: ثمّ من ؟ قال: ثمّ عليّ بن الحسين و سكت؛ فلم يزل يسكت عند كلّ واحد حتّى اعيد المسألة، فيقول، حتى سمّاهم إلى آخرهم (1).

50 - عنه عن أحمد بن محمّد عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام في قول اللّه «وَ إِنِ اِمْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً» (2) قال: نشوز الرجل يهمّ بطلاق امرأته، فتقول له: أدع ما على ظهرك و أعطيك كذا و كذا و أحللك من يومي و ليلتي على ما اصطلحا فهو جائز (3).

51 - عنه عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في قول اللّه: «وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلْكِتٰابِ أَنْ إِذٰا سَمِعْتُمْ آيٰاتِ اَللّٰهِ » إلى قوله «إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ » (4) قال: إذا سمعت الرجل يجحد الحق و يكذب به و يقع في أهله فقم من عنده و لا تقاعده (5).

52 - عنه، عن أبيه - رحمه اللّه - عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين ابن سعيد، عن محمّد بن الفضل، عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ » (6) قال: من اجتنب ما أوعد اللّه عليه النار إذا كان مؤمنا كفّر عنه سيّئاته (7).

53 - الصدوق - رحمه اللّه - عن أبيه - رحمه اللّه - قال: حدّثني سعد بن عبد اللّه، عن موسى بن جعفر بن وهب البغداديّ عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن أحمد بن عمر الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ » قال: من اجتنب ما وعد اللّه عليه النار إذا كان مؤمنا كفّر اللّه عنه سيئاته و يدخله مدخلا كريما، و الكبائر السبع الموجبات: قتل النفس الحرام

ص: 326


1- تفسير العياشى: 1-251.
2- النساء: 128.
3- تفسير العياشى: 1-278.
4- النساء: 14.
5- تفسير العياشى: 1-282.
6- النساء: 31.
7- ثواب الاعمال: 158.

و عقوق الوالدين، و أكل الربا، و التعرّب بعد الهجرة، و قذف المحصنة، و أكل مال اليتيم و الفرار من الزحف (1).

54 - عنه، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سمعت أبي عليه السّلام يحدّث عن أبيه عليه السّلام أنه قال: «اِتَّخَذَ اَللّٰهُ إِبْرٰاهِيمَ خَلِيلاً» (2) لأنه لم يرد أحدا و لم يسأل أحدا غير اللّه عزّ و جلّ (3).

55 - عنه، عن عليّ بن أحمد قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن إسماعيل عن علي بن العبّاس قال حدّثنا القاسم بن الربيع الصحاف عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله حرّم أكل مال اليتيم ظلما لعلل كثيرة من وجوه الفساد، أول ذلك اذا اكل مال اليتيم ظلما فقد أعان على قتله إذ اليتيم غير مستغن و لا محتمل لنفسه، و لا قائم بشأنه، و لا له من يقوم عليه و يكفيه كقيام والديه، فاذا أكل ماله فكانه قد قتله و صيّره إلى الفقر و الفاقة مع ما خوّف اللّه عزّ و جلّ من العقوبة في قوله «وَ لْيَخْشَ اَلَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعٰافاً خٰافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اَللّٰهَ (4)». و لقول أبي جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين، عقوبة في الدنيا، و عقوبة في الآخرة ففي تحريم مال اليتيم استبقاء اليتيم و استقلاله نفسه، و السلامة للعقب أن يصيبه ما أصابهم لما وعد اللّه فيه من العقوبة مع ما في ذلك من طلب اليتيم بثأره إذا أدرك و وقوع الشحناء و العداوة و البغضاء حتى يتفانوا (5).

5- سورة المائدة

56 - العيّاشي رحمه اللّه عن صفوان قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن قول

ص: 327


1- ثواب الاعمال ص 158 و ليس هذا الحديث من أحاديث الرضا عليه السّلام لكن ذكرناه توضيحا لما قبله.
2- النساء: 125.
3- علل الشرائع 1-33.
4- النساء: 9.
5- علل الشرائع: 2-166.

اللّه «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى اَلْمَرٰافِقِ وَ اِمْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى اَلْكَعْبَيْنِ ،» (1) فقال: قد سأل رجل أبا الحسن عن ذلك ؟ فقال سيكفيك أو كفتك سورة المائدة يعنى المسح على الرأس و الرجلين، قلت: فانه قال «اغسلوا أَيْدِيَكُمْ إِلَى اَلْمَرٰافِقِ » فكيف الغسل ؟ قال: هكذا أن يأخذ الماء بيده اليمنى فيصبّه في اليسرى ثم يفيضه على المرفق ثم يمسح إلى الكفّ قلت له: مرّة واحدة ؟ فقال: كان يفعل ذلك مرّتين، قلت يرد الشعر؟ قال: إذا كان عنده آخر فعل و إلا فلا (2).

57 - عنه عن أبي إسحاق المدائنيّ قال: كنت عند أبي الحسن عليه السّلام إذ دخل عليه رجل فقال له: جعلت فداك إنّ اللّه يقول «إِنَّمٰا جَزٰاءُ اَلَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اَللّٰهَ وَ رَسُولَهُ » إلى «أَوْ يُنْفَوْا (3)». فقال: هكذا قال اللّه، فقال له: جعلت فداك فأيّ شيء اذا فعله استحقّ واحدة من هذه الأربع ؟ قال: فقال له أبو الحسن عليه السّلام: أربع فخذ أربعا بأربع إذا حارب اللّه و رسوله و سعى في الارض فسادا فقتل قتل، فإن قتل و أخذ المال قتل و صلب و إن أخذ المال و لم يقتل قطعت يده و رجله من خلاف، و إن حارب اللّه و رسوله و سعى في الارض فسادا و لم يقتل و لم يأخذ المال نفى من الارض.

فقال له الرجل: جعلت فداك و ما حدّ نفيه ؟ قال: ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى غيره؛ ثم يكتب إلى أهل تلك المصر أن ينادي عليه بأنّه منفيّ فلا تؤاكلوه، و لا تشاربوه و لا تناكحوه، فاذا خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك فيفعل به ذلك سنة، فإنه سيتوب من السنة و هو صاغر، فقال له الرجل: جعلت فداك فان أتى أرض الشرك فدخلها؟ قال: يضرب عنقه إن أراد الدخول في أرض الشرك (4).

58 - عنه عن هشام بن المشرقي عن أبي الحسن الخراساني عليه السّلام قال: إنّ اللّه كما وصف نفسه أحد، صمد، نور ثم قال: «بَلْ يَدٰاهُ مَبْسُوطَتٰانِ [(5)]» فقلت له: أ فله يدان هكذا؟ و أشرت بيدى إلى يده - فقال: لو كان هكذا كان مخلوقا (6).

ص: 328


1- المائدة: 6.
2- تفسير العياشى: 1-300.
3- المائدة: 33.
4- تفسير العياشى: 1-317.
5- المائدة: 64.
6- تفسير العياشى: - 330.

59 - عنه عن أحمد بن محمّد قال: كتب إلى أبو الحسن الرّضا عليه السّلام و كتب في آخره أولم تنتهوا عن كثرة المسائل فأبيتم أن تنتهوا إياكم، و ذاك فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، فقال اللّه تبارك و تعالى: «يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَسْئَلُوا عَنْ أَشْيٰاءَ (1)» إلى قوله «كٰافِرِينَ » (2).

60 - الصدوق - رحمه اللّه - عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رحمه اللّه - قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عيسى، عن المشرقيّ [عن] عبد اللّه بن قيس، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول: «بَلْ يَدٰاهُ مَبْسُوطَتٰانِ » (3) فقلت: له يدان هكذا، و أشرت بيدي إلى يده، فقال: لا، لو كان هكذا لكان مخلوقا (4).

61 - عنه عن الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال حدثنا محمّد بن يحيى الصولي قال: حدثني سهل بن القاسم النوشجاني، قال: قال رجل للرضا عليه السّلام: يا ابن رسول اللّه إنه يروى عن عروة بن الزبير أنه قال: توفي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في تقيّة، فقال: أما بعد قول اللّه تعالى: «يٰا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَ اَللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّٰاسِ (5) فانه أزال كلّ تقيّة بضمان اللّه عزّ و جلّ و بيّن أمر اللّه تعالى ؟ و لكن قريشا فعلت ما اشتهت بعده، و أمّا قبل نزول هذه الآية فلعلّه (6).

62 - عنه عن الفقيه المروزي، عن أبي بكر النيسابوري، عن الطائي عن أبيه عن الرضا عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «أَكّٰالُونَ لِلسُّحْتِ (7)» قال: هو الرجل الّذي يقضي لاخيه الحاجة ثم يقبل هديّته (8).

63 - عنه عن أبى العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني - رضي اللّه عنه -

ص: 329


1- المائدة: 101.
2- تفسير العياشى: 1-346.
3- المائدة: 64.
4- التوحيد: 168.
5- المائدة: 67.
6- عيون الاخبار: 2-130.
7- المائدة: 42.
8- عيون الاخبار: 2-28.

قال حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه، قال قلت لأبي الحسن الرّضا عليه السّلام: لم سمّي الحواريّون الحواريّين، قال أمّا عند الناس فإنّهم سمّوا حواريّين لأنهم كانوا قصّارين يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل و هو اسم مشتقّ من الخبز الحوار، و أمّا عندنا: فسمّي الحواريّون الحواريّين لانهم كانوا مخلصين في أنفسهم، و مخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ و التذكير قال: فقلت: لم سمّى النّصارى، قال: لأنّهم كانوا من قرية اسمها ناصرة من بلاد الشام نزلتها مريم و عيسى عليهما السّلام بعد رجوعهما من مصر (1).

6- سورة الانعام

64 - العيّاشي - رحمه اللّه - بإسناده عن هشام المشرقي قال: كتب إلى أبى الحسن الخراساني عليه السّلام رجل يسأل عن معان في التوحيد، قال: فقال لي: ما تقول: إذا قالوا لك أخبرنا عن اللّه شيء هو أم لا شيء؟ قال: فقلت: أنّ اللّه أثبت نفسه شيئا، فقال:

«قُلْ أَيُّ شَيْ ءٍ أَكْبَرُ شَهٰادَةً قُلِ اَللّٰهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ (2)» لا أقول شيئا كالأشياء أو تقول إنّ اللّه جسم، فقال: و ما الذي يضعف فيه من هذا إنّ اللّه جسم لا كالأجسام و لا يشبهه شيء من المخلوقين ؟ قال: ثم قال: إنّ للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب، مذهب نفى، و مذهب تشبيه، و مذهب إثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، و مذهب التشبيه لا يجوز، و ذلك أن اللّه لا يشبهه شيء، و السبيل في ذلك الطريقة الثالثة و ذلك أنه مثبت لا يشبهه شيء، و هو كما وصف نفسه أحد، صمد، نور (3).

65 - عنه عن الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قول اللّه «مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّٰ يَعْلَمُهٰا وَ لاٰ حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ اَلْأَرْضِ وَ لاٰ رَطْبٍ وَ لاٰ يٰابِسٍ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ (4)»

ص: 330


1- علل الشرائع: 1-76.
2- الانعام: 19.
3- تفسير العياشى: 1-356.
4- الانعام: 59.

فقال: الورقة السقط يسقط من بطن أمّه من قبل أن يهلّ الولد، قال: فقلت و قوله:

«وَ لاٰ حَبَّةٍ » ؟ قال: يعنى الولد في بطن أمّه، إذا أهلّ و يسقط من قبل الولادة، قال:

فقلت قوله: «وَ لاٰ رَطْبٍ » ؟ قال: يعنى المضغة إذا اسكنت في الرحم قبل أن يتمّ خلقها قبل أن ينتقل قال: قلت قوله: «وَ لاٰ يٰابِسٍ » قال: الولد التام؛ قال: قلت «فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ » ؟ قال: في إمام مبين (1).

66 - عنه عن العباس بن هلال عن الرضا عليه السّلام أنّ رجلا أتي عبد اللّه الحسن و هو [إمام] بالسبالة فسأله عن الحج، فقال له هذاك جعفر بن محمّد قد نصب نفسه لهذا، فاسأله فأقبل الرجل إلى جعفر عليه السّلام فسأله فقال له: لقد رأيتك واقفا على عبد اللّه الحسن فما قال لك قال: سألته فأمرني أن آتيك و قال: هذاك جعفر بن محمّد قد نصب نفسه لهذا، فقال جعفر عليه السّلام: أنا من الّذين قال اللّه في كتابه «أُولٰئِكَ اَلَّذِينَ هداهم اَللّٰهُ فَبِهُدٰاهُمُ اِقْتَدِهْ (2)» سل عمّا شئت، فسأله الرجل فأنبأه عن جميع ما سأله (3).

66 - عنه عن الحسن بن على بن بنت إلياس قال: سمعت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام يقول إنّ اللّه «جَعَلَ اَللَّيْلَ سَكَناً (4)» و جعل النّساء سكنا، و من السنّة التزويج بالليل و إطعام الطعام (5).

68 - عنه عن محمّد بن الفضيل عن أبى الحسن عليه السّلام في قوله: «هُوَ اَلَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وٰاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ (6)» قال: ما كان من الإيمان المستقر، فمستقر إلى يوم القيمة [أو أبدا] و ما كان مستودعا سلبه اللّه قبل الممات (7).

69 - عنه عن صفوان قال: سألنى أبو الحسن عليه السّلام، و محمّد بن الخلف جالس فقال لى مات يحيى بن القاسم الحذاء؟ فقلت له: نعم و مات زرعة فقال: كان جعفر عليه السّلام يقول «فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ » فالمستقرّ قوم يعطون الإيمان و يستقرّ في قلوبهم، و المستودع

ص: 331


1- تفسير العياشى: 1-361.
2- الانعام: 90
3- تفسير العياشى: 1-368
4- الانعام: 96
5- تفسير العياشى: 1-371
6- الانعام: 98
7- تفسير العياشى: 1-368.

قوم يعطون الايمان ثمّ يسلبونه (1).

70 - عنه عن أحمد بن محمّد قال: وقف عليّ أبو الحسن الثاني عليه السّلام في بنى زريق فقال لى و هو رافع صوته: يا أحمد، قلت: لبّيك، قال: إنه لمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جهد الناس على إطفاء نور اللّه فأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره بأمير المؤمنين، فلما توفي أبو الحسن عليه السّلام جهد ابن أبي حمزة و أصحابه على إطفاء نور اللّه فأبى اللّه إلاّ يتمّ نوره و إن أهل الحق إذا دخل فيهم داخل سرّوا به، و إذا خرج منهم خارج لم يجزعوا عليه، و ذلك أنهم على يقين من أمرهم، و إنّ أهل الباطل إذا دخل فيهم داخل سرّوا به، و إذا خرج منهم خارج جزعوا عليه. و ذلك أنهم على شكّ من أمرهم، إنّ اللّه يقول: «فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ » قال:

ثم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المستقرّ الثابت، و المستودع المعار (2).

71 - عنه عن الأشعث بن حاتم قال: قال ذو الرئاستين: قلت لأبى الحسن الرضا عليه السّلام: جعلت فداك أخبرني عمّا اختلف فيه الناس من الرؤية فقال بعضهم [يرى و قال بعضهم] لا يرى فقال: يا أبا العباس من وصف اللّه بخلاف ما وصف به نفسه فقد أعظم الفرية على اللّه، قال اللّه «لاٰ تُدْرِكُهُ اَلْأَبْصٰارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ اَلْأَبْصٰارَ وَ هُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ (3)» هذه الابصار ليست هي الأعين، إنما هي الأبصار الّتي في القلب، لا يقع عليه الأوهام و لا يدرك كيف هو (4)»

71 - عنه عن أحمد بن محمّد عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام يقول: في الاسراف «في الحصاد و الجذاذ» أن يصّدّق الرجل بكفّيه جميعا و كان أبى اذا حضر شيئا من هذا فرأى أحدا من غلمانه تصدّق بكفّيه صاح به و قال: اعطه بيد واحدة القبضة بعد القبضة، و الضغث بعد الضغث من السنبل (5).

72 - عنه عن الحسن بن علي، عن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه

ص: 332


1- تفسير العياشى: 1-372.
2- تفسير العياشى: 1-372.
3- الانعام: 103.
4- تفسير العياشى: 1-372.
5- تفسير العياشى: 1-379 و رواه الحميرى فى قرب الاسناد و فيه فى نسخة الفصيل، مكان «السنبل» ثم زاده و أنتم تسمونه الاندر».

عزّ و جلّ : «آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصٰادِهِ (1) قال: قال: الضغث و الاثنين تعطي من حضرك (2).

73 - عنه عن علي بن إبراهيم - رحمه اللّه - عن أحمد بن إدريس، عن البرقي، عن سعد بن سعد، عن الرضا عليه السّلام: عن قوله تعالى: «آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصٰادِهِ » قلت فان لم يكن يحضر المساكين و هو يحصد كيف يصنع قال: ليس عليه شيء (3).

74 - عنه، عن أبيه عن ياسر عن الرضا عليه السّلام في قوله تعالى: «هُوَ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضىٰ أَجَلاً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ (4)» قال: ما بعث اللّه نبيّا إلاّ بتحريم الخمر و أن يقرّ له بالبداء أن يفعل اللّه ما يشاء و أن يكون في تراثه الكندر (5).

75 - البرقي رحمه اللّه باسناده عن محمّد بن عيسى، عن أبى هاشم الجعفري قال:

أخبرني الأشعث بن حاتم أنه سأل الرضا عليه السّلام عن شيء من التوحيد فقال: ألا تقرأ القرآن ؟ قلت: نعم، قال: اقرأ «لاٰ تُدْرِكُهُ اَلْأَبْصٰارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ اَلْأَبْصٰارَ» فقرأت، فقال:

ما الأبصار؟ قلت: أبصار العين، قال: لا، إنّما عنى الأوهام لا تدرك الأوهام كيفيّته و هو يدرك كلّ فهم (6).

76 - الصدوق - رحمه اللّه - عن عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار بنيسابور سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة قال: حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان النيسابوريّ قال: سألت أبا الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ «فَمَنْ يُرِدِ اَللّٰهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلاٰمِ » (7) قال: من يرد اللّه أن يهديه بإيمانه في الدنيا إلى جنّته و دار كرامته في الآخرة يشرح صدره للتّسليم للّه و الثقة به و السكون إلى ما وعده من ثوابه حتّى يطمئنّ إليه، و من يرد أن يضلّه عن جنّته و دار كرامته في الآخرة لكفره و عصيانه له في الدنيا، يجعل صدره ضيّقا حرجا حتّى يشكّ في كفره و

ص: 333


1- الانعام: 141.
2- تفسير العياشى: 1-377.
3- تفسير على بن ابراهيم: 206.
4- الانعام: 2.
5- تفسير على بن ابراهيم: 181.
6- المحاسن: 239.
7- الانعام: 125.

يضطرب من اعتقاده قلبه، حتى يصير كأنّما يصّعّد في السّماء، كذلك يجعل اللّه الرجس على الّذين لا يؤمنون (1).

7- سورة الاعراف

77 - علي بن إبراهيم قال: حدثني أبي عن محمّد بن الفضيل عن أبى الحسن عليه السّلام في قوله تعالى: «فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اَللّٰهِ عَلَى اَلظّٰالِمِينَ (2)» قال: المؤذّن أمير المؤمنين عليه السّلام يؤذّن أذانا يسمع الخلائق كلّها و الدليل على ذلك قول اللّه عزّ و جلّ في سورة براءة «وَ أَذٰانٌ مِنَ اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ (3)» فقال أمير المؤمنين: كنت أنا الاذان في الناس (4).

78 - العيّاشي - رحمه اللّه - عن سليمان الجعفرى قال: سمعت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام عن قول اللّه «وَ قُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطٰايٰاكُمْ » قال: فقال أبو جعفر عليه السّلام: نحن باب حطّتكم (5).

79 - عنه عن محمّد بن الفضيل عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام في قول اللّه: «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» قال: هى الثياب (6).

80 - عن الوشّاء عن الرّضا عليه السّلام قال: كان علي بن الحسين يلبس الجبّة و المطرف من الخز و القلنسوة و يبيع المطرف و يتصدّق بثمنه و يقول: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اَللّٰهِ اَلَّتِي أَخْرَجَ لِعِبٰادِهِ وَ اَلطَّيِّبٰاتِ مِنَ اَلرِّزْقِ » (7).

81 - عنه عن محمّد بن الفضيل عن أبى الحسن الرّضا عليه السّلام في قوله: «فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اَللّٰهِ عَلَى اَلظّٰالِمِينَ (2) قال: المؤذّن أمير المؤمنين عليه السّلام (8).

82 - عنه عن محمّد بن أبي زيد الرّازى عمّن ذكره عن الرضا عليه السّلام قال: إذا نزلت

ص: 334


1- معانى الاخبار: 145.
2- الاعراف: 32.
3- براءة: 4.
4- تفسير على بن ابراهيم: 216.
5- العياشى: 1-45.
6- تفسير العياشى: 2-12.
7- تفسير العياشى: 2-14.
8- تفسير العياشى: 2-17.

بكم شدّة فاستعينوا بنا على اللّه، و هو قول اللّه: «وَ لِلّٰهِ اَلْأَسْمٰاءُ اَلْحُسْنىٰ فَادْعُوهُ بِهٰا (1)» قال: قال أبو عبد اللّه: نحن و اللّه الأسماء الحسنى الذي لا يقبل من أحد إلاّ بمعرفتنا [قال: فادعوه بها] (2).

83 - عليّ بن إبراهيم - رحمه اللّه - عن الحسين بن خالد عن أبى الحسن الرّضا عليه السّلام أنه أعطى بلعم بن باعورا الاسم الأعظم فكان يدعو به فيستجيب له فمال الى فرعون فلمّا مرّ فرعون في طلب موسى و أصحابه، قال فرعون لبلعم: ادع اللّه على موسى و أصحابه ليحبسه علينا، فركب حمارته ليمرّ في طلب موسى فامتنعت عليه حمارته، فأقبل يضربها فأنطقها اللّه عزّ و جلّ فقالت: ويلك على ما ذا تضربنى أ تريد أن أجيئ معك لتدعو على موسى نبي اللّه، و قوم مؤمنين، فلم يزل يضربها حتّى قتلها، و انسلخ الاسم من لسانه و هو قوله «فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين» (3).

84 - المفيد - رحمه اللّه - باسناده قال الرّضا عليه السّلام إذا نزلت بكم شديدة فاستعينوا بنا على اللّه عزّ و جلّ و هو قوله «وَ لِلّٰهِ اَلْأَسْمٰاءُ اَلْحُسْنىٰ فَادْعُوهُ بِهٰا» (4).

8- سورة الانفال

85 - الحميري - رحمه اللّه - عن البزنطي قال: و سألته عن قول اللّه تبارك و تعالى «وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ (5)» فقيل له: أ فرأيت إن كان صنف من هذه الاصناف أكثر و صنف أقلّ من صنف كيف يصنع به ؟ قال ذلك إلى الامام أ رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كيف صنع أ ليس إنما كان يفعل ما يرى هو، كذلك الإمام.

ص: 335


1- الاعراف: 180.
2- تفسير العياشى: 2-42.
3- تفسير على بن ابراهيم: 30.
4- الاختصاص: 252.
5- الانفال: 41.

و ذكر له الخراج و ما يتبارّ به أهل بيته، فقال عليه السّلام: العشر و نصف العشر على ما أسلم طوعا تركت أرضه بيده، يأخذ العشر و نصف العشر فيما عمر منها و ما لم يعمر منها أخذه الوالي، فقبله الوالي ممّن يعمره، و كان للمسلمين و ليس فيما كان أقل من خمسة أوساق، و ما أخذ بالسيف فذلك للإمام يقبله بالذى يرى كما صنع رسول اللّه بخيبر قبل أرضها و نخلها و الناس يقولون لا تصلح قبالة الأرض و النخل إذا كان البياض اكثر من السواد، و قد قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خيبر و عليهم في حصتهم العشر و نصف العشر.

و قال: قدّام هذا الأمر قتل بيوح، قلت و ما البيوح ؟ قال دائم لا يفتر (1).

86 - العيّاشي - رحمه اللّه - بإسناده عن علي بن أسباط سمع أبا الحسن الرّضا عليه السّلام، يقول قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اتي النبيّ عليه و آله السلام بمال فقال للعبّاس:

أبسط رداءك فخذ من هذا المال طرفا، قال: فبسط رداءه فأخذ طرفا من ذلك المال، قال ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: هذا ممّا قال اللّه: «يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ (2)».

87 - الكلينى - رحمه اللّه - عن أحمد، عن أحمد بن محمّد بن أبى نصر، عن الرّضا عليه السّلام قال: سئل عن قول اللّه عزّ و جلّ «وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ » فقيل له: فما كان للّه فلمن هو؟ فقال: لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ما كان لرسول اللّه فهو للإمام، فقيل له: أ فرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر و صنف أقلّ ما يصنع به ؟ قال: ذاك إلى الإمام أ رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كيف يصنع ؟ أ ليس إنّما كان يعطى على ما يرى ؟ كذلك الإمام (3).

ص: 336


1- قرب الاسناد: 226.
2- تفسير العياشى: 2-69 و الآية فى سورة الانفال: 70.
3- الكافى: 1-544.

9- سورة التوبة

88 - الحميري - رحمه اللّه - عن الرّضا عليه السّلام قال: و كان جعفر عليه السّلام يقول:

و اللّه لا يكون الذي تمدّون إليه أعناقكم حتى تميّزون و تمحّصون، ثم يذهب و لا يبقى من كلّ عشرة منكم إلاّ الأندر، ثم تلا هذه الآية «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ وَ لَمّٰا يَعْلَمِ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ جٰاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ اَلصّٰابِرِينَ » (1).

89 - العيّاشى عن العباس بن هلال، عن أبى الحسن الرّضا عليه السّلام قال: سمعته و هو يقول للحسن: أيّ شيء السكينة عندكم و قرأ «فَأَنْزَلَ اَللّٰهُ سَكِينَتَهُ عَلىٰ رَسُولِهِ [(2)]» فقال له الحسن: جعلت فداك لا أدري فأيّ شيء؟ قال: ريح تخرج من الجنة طيّبة لها صورة كصورة وجه الإنسان قال: فتكون مع الأنبياء، فقال له علي بن أسباط:

تنزل على الأنبياء و الأوصياء، فقال: تنزل على الأنبياء [و الأوصياء] قال: و هي التي نزلت على إبراهيم عليه السّلام حيث بنى الكعبة فجعلت تأخذ كذا و كذا، بنى الاساس عليها فقال له محمّد بن علي: قول اللّه «فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ » قال: هي من هذا ثم أقبل على الحسن فقال: أيّ شيء التابوت فيكم ؟ فقال: السلاح، فقال: نعم هو تابوتكم؛ فقال:

فأىّ شيء في التابوت الذي كان فى بني إسرائيل ؟ قال: كان فيه ألواح موسى الّتي تكسّرت و الطست التي تغسل فيها قلوب الأنبياء (3).

90 - عنه عن الحسن بن علي بن فضال قال: قال أبو الحسن علي الرضا عليه السّلام للحسن بن أحمد أيّ شيء السكينة عندكم ؟ قال: لا أدري جعلت فداك أيّ شيء هو؟ فقال: ريح من اللّه تخرج طيّبة، لها صورة كصورة وجه الإنسان، فتكون مع الأنبياء، و هي التي نزلت على إبراهيم خليل الرحمن حيث بنى الكعبة، فجعلت تأخذ كذا و كذا

ص: 337


1- قرب الاسناد: 216 و الآية فى آل عمران: 142.
2- التوبة: 26.
3- تفسير العياشى: 1-133.

فبنى الأساس عليها (1).

91 - عنه عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال قال: كنت عند أبى الحسن الثانى عليه السّلام معي الحسن بن الجهم، قال له الحسن: إنّهم يحتجّون علينا بقول اللّه تبارك و تعالى:

«ثٰانِيَ اِثْنَيْنِ إِذْ هُمٰا فِي اَلْغٰارِ (2)» و ما لهم في ذلك ؟ فو اللّه لقد قال اللّه: «فَأَنْزَلَ اَللّٰهُ سَكِينَتَهُ عَلىٰ رَسُولِهِ » و ما ذكره فيها بخير، قال: قلت له انا جعلت فداك و هكذا تقرءونها، قال: هكذا قرأتها قال زرارة: قال أبو جعفر عليه السّلام: فأنزل سكينته على رسوله ألا ترى أنّ السكينة إنما نزل على رسوله «وَ جَعَلَ كَلِمَةَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلسُّفْلىٰ » فقال: هو الكلام الذي تكلّم به عتيق. رواه الحلبي عنه (3).

92 - عنه عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبى الحسن عليه السّلام قال: سألته عن رجل أوصى بسهم من ماله، و ليس يدرى أيّ شيء هو؟ قال: السهام ثمانية، و لذلك قسمها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثم تلا «إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ اَلْمَسٰاكِينِ (4)» إلى آخر الآية ثم قال:

إنّ السهم واحد من ثمانية (5).

93 - عنه عن العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: إنّ اللّه تعالى قال لمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اَللّٰهُ لَهُمْ (6)» فاستغفر لهم مائة مرة ليغفر لهم فأنزل اللّه: «سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اَللّٰهُ لَهُمْ » و قال: «وَ لاٰ تُصَلِّ عَلىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً وَ لاٰ تَقُمْ عَلىٰ قَبْرِهِ (7)» فلم يستغفر لهم بعد ذلك و لم يقم على قبر أحد منهم (8).

94 - عنه عن محمّد بن الفضيل عن أبى الحسن عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه تبارك و تعالى «فَسَيَرَى اَللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ » (9) قال: تعرض على رسول اللّه عليه و آله

ص: 338


1- تفسير العياشى: 1-84.
2- التوبة: 40.
3- تفسير العياشى: 1-88.
4- التوبة: 60.
5- تفسير العياشى: 1-90.
6- التوبة: 80.
7- التوبة: 84.
8- تفسير العياشى: 1-100.
9- التوبة: 94.

السّلام أعمال أمّته كلّ صباح أبرارها و فجّارها، فاحذروا (1).

95 - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ «يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّٰهَ وَ كُونُوا مَعَ اَلصّٰادِقِينَ (2)» قال: الصادقون هم الأئمة، و الصدّيقون بطاعتهم (3).

96 - عنه قال: عليّ عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن الزيّات، عن عبد اللّه بن أبان الزيات و كان مكينا عند الرضا عليه السّلام قال: قلت للرضا عليه السّلام: ادع اللّه لي و لأهل بيتي فقال أو لست أفعل ؟ و اللّه إنّ أعمالكم لتعرض علي في كل يوم و ليلة، قال: فاستعظمت ذلك فقال لي: أ ما تقرأ كتاب اللّه عزّ و جلّ «وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ » قال: هو و اللّه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام (4).

97 - عنه قال: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء: قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إنّ الأعمال تعرض على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أبرارها و فجّارها (5).

98 - الصفّار، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن، عن أحمد بن محمّد قال: سألت الرّضا عليه السّلام عن قول اللّه تعالى: يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّٰهَ وَ كُونُوا مَعَ اَلصّٰادِقِينَ » قال الصّادقون الائمة، الصدّيقون بطاعتهم (6).

99 - عنه قال: حدّثنا إبراهيم بن هاشم، عن القاسم بن محمّد الزيّات، عن عبد اللّه بن أبان الزيّات و كان مكينا عند الرّضا قال: قلت للرّضا عليه السّلام: ادع اللّه لي و لأهل بيتي قال: أو لست أفعل و اللّه إنّ أعمالكم لتعرض عليّ في كلّ يوم و ليلة فاستعظمت ذلك فقال أ ما تقرأ كتاب اللّه: «قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ » (7).

100 - عنه قال: حدثنا الهيثم النّهدي عن أبيه عن عبد اللّه بن أبان قال قلت للرضا عليه السّلام و كان بيني و بينه شيء: ادع اللّه لي و لمواليك فقال: و اللّه إنّ أعمالكم لتعرض

ص: 339


1- تفسير العياشى: 1-19.
2- التوبة: 119.
3- الكافى: 1-208.
4- الكافى: 1-219.
5- الكافى: 1-220.
6- بصائر الدرجات: 31.
7- بصائر الدرجات: 429.

عليّ في كلّ خميس (1).

101 - عنه قال حدّثنا محمّد بن علي بن سعيد الزيّات، عن عبد اللّه بن أبان قال قلت للرضا عليه السّلام: إنّ قوما من مواليك سألوني أن تدعو اللّه لهم، فقال: و اللّه إنّي لتعرض عليّ في كلّ يوم أعمالهم (2).

102 - الصدوق قال: حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام الكلينيّ - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن يعقوب الكلينيّ قال: حدّثنا علي بن محمّد المعروف بعلاّن، قال: حدّثنا أبو حامد حمدان بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرّقام، عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، قال: سألت الرّضا علي بن موسى عليهما السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ «نَسُوا اَللّٰهَ فَنَسِيَهُمْ (3)» فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى لا ينسى و لا يسهو، و إنّما ينسى و يسهو المخلوق المحدث، ألا تسمعه عزّ و جلّ يقول: «وَ مٰا كٰانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (4)» و إنّما يجازي من نسيه و نسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم، كما قال عزّ و جلّ :

«وَ لاٰ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اَللّٰهَ فَأَنْسٰاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولٰئِكَ هُمُ اَلْفٰاسِقُونَ (5)» و قوله عزّ و جلّ «فَالْيَوْمَ نَنْسٰاهُمْ كَمٰا نَسُوا لِقٰاءَ يَوْمِهِمْ هٰذٰا» (6) أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا (7).

10- سورة يونس

103 - محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء قال: سألت

ص: 340


1- بصائر الدرجات: 430.
2- بصائر الدرجات: 430.
3- التوبة: 67.
4- مريم: 64.
5- الحشر: 19.
6- الاعراف: 51.
7- التوحيد: 59 و عيون الاخبار: 1-125 قال الصدوق - رحمه اللّه - قوله: «نتركهم» اى لا نجعل لهم ثواب من كان يرجو لقاء يومه لان الترك لا يجوز على اللّه تعالى، فاما قول اللّه تبارك و تعالى: «وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُمٰاتٍ لاٰ يُبْصِرُونَ » اى لا يعاجلهم بالعقوبة و امهلهم ليتوبوا.

الرّضا عليه السّلام عن قول اللّه تعالى: «وَ عَلاٰمٰاتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (1)» قال: نحن العلامات، و النجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2).

104 - عنه قال: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز، عن محمّد بن الفضل، عن الرّضا عليه السّلام قال: قلت: «قُلْ بِفَضْلِ اَللّٰهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمّٰا يَجْمَعُونَ (3)» قال: بولاية محمّد و آل محمّد عليهم السّلام خير ممّا يجمع هؤلاء من دنياهم (4).

105 - العيّاشي، عن أحمد بن محمّد عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال: سمعته يقول ما أحسن الصبر و انتظار الفرج، أ ما سمعت قول العبد الصالح «فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ (5)».

106 - الصدوق قال: حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوريّ العطّار - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان النيسابوريّ قال: حدّثني إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ ، قال: قلت لأبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام لأيّ علّة أغرق اللّه عزّ و جلّ فرعون و قد آمن به، و أقرّ بتوحيده ؟ قال: إنّه آمن عند رؤية البأس، و هو غير مقبول، و ذلك حكم اللّه تعالى ذكره في السلف و الخلف قال اللّه تعالى: «فَلَمّٰا رَأَوْا بَأْسَنٰا قٰالُوا آمَنّٰا بِاللّٰهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنٰا بِمٰا كُنّٰا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمٰانُهُمْ لَمّٰا رَأَوْا بَأْسَنٰا» (6).

و قال عزّ و جلّ «يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيٰاتِ رَبِّكَ لاٰ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمٰانُهٰا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمٰانِهٰا خَيْراً (7)» و هكذا فرعون لمّا «أَدْرَكَهُ اَلْغَرَقُ قٰالَ آمَنْتُ أَنَّهُ

ص: 341


1- النحل: 16.
2- الكافى: 1-207.
3- يونس: 58.
4- الكافى: 1-423.
5- العياشى: 2-20 و الآية فى يونس 20 و الاعراف: 71.
6- غافر: 84.
7- الانعام: 158.

لاٰ إِلٰهَ إِلاَّ اَلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرٰائِيلَ ، وَ أَنَا مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ (1)» فقيل له «آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ اَلْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً (2)» و قد كان فرعون من قرنه إلى قدمه في الحديد، و قد لبسه على بدنه.

فلما اغرق ألقاه اللّه على نجوة من الأرض ببدنه، ليكون لمن بعده علامة، فيرونه مع تثقّله بالحديد على مرتفع من الأرض، و سبيل التثقيل أن يرسب و لا يرتفع، فكان ذلك آية و علامة، و لعلّة اخرى أغرق اللّه عزّ و جلّ فرعون و هي أنّه استغاث بموسى لمّا أدركه الغرق و لم يستغث باللّه فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى ما أغثت فرعون لأنّك لم تخلقه و لو استغاث بي لأغثته (3).

11- سورة هود

107 - العيّاشي باسناده عن ابن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال اللّه في قوم نوح «وَ لاٰ يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كٰانَ اَللّٰهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ (4)» قال: الأمر إلى اللّه يهدي و يضلّ (5).

108 - عنه بإسناده عن الحسن بن علي الوشّاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه قال لنوح: «إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ (6)» لأنه كان مخالفا له و جعل من اتّبعه من أهله قال: و سألني كيف يقرءون هذه الآية في نوح قلت: يقرؤها الناس علي وجهين إنّه عمل غير صالح، و إنه عمل غير صالح (7) فقال: كذبوا هو ابنه، و لكنّ اللّه نفاه عنه حين خالفه في دينه (8).

ص: 342


1- يونس: 90-92.
2- يونس: 90-92.
3- علل الشرائع 1-55.
4- هود: 34.
5- تفسير العياشى: 2-143.
6- هود: 46.
7- يعنى باضافة عمل الى غير، او برفع الغير و جعله صفة للعمل.
8- تفسير العياشى: 2-151.

109 - عنه باسناده عن محمّد بن الفضيل عن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن انتظار الفرج، فقال: أو ليس تعلم أنّ انتظار الفرج من الفرج ؟ ثم قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى يقول: «وَ اِرْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (1)».

110 - الصدوق، قال: حدّثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشيّ قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن علي الأنصارى، عن أبي الصّلت عبد السلام بن صالح الهروي قال:

سأل المأمون أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ : «وَ هُوَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّٰامٍ وَ كٰانَ عَرْشُهُ عَلَى اَلْمٰاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (2)» فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق العرش و الماء و الملائكة قبل خلق السموات و الأرض و كانت الملائكة تستدلّ بأنفسها و بالعرش و الماء على اللّه عزّ و جلّ .

ثمّ جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة، فيعلموا أنّه على كلّ شيء قدير، ثمّ رفع العرش بقدرته، و نقله فجعله فوق السموات السبع، و خلق السموات و الأرض في ستّة أيّام، و هو مستول على عرشه، و كان قادرا على أن يخلقها في طرفة عين، و لكنّه عزّ و جلّ خلقها في ستة أيّام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شيء فيستدلّ بحدوث ما يحدث على اللّه تعالى ذكره مدّة بعد مدّة، و لم يخلق اللّه العرش لحاجة به إليه لأنّه غنيّ عن العرش و عن جميع ما خلق لا يوصف بالكون على العرش لأنّه ليس بجسم، تعالى اللّه عن صفة خلقه علوا كبيرا.

و أمّا قوله عزّ و جلّ «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» فإنّه عزّ و جلّ خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته و عبادته لا على سبيل الامتحان و التجربة لأنّه لم يزل عليما بكلّ شيء، فقال المأمون: فرّجت عنى يا أبا الحسن فرّج اللّه عنك (3).

111 - عنه - رحمه اللّه - قال حدّثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي، قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروى، قال:

ص: 343


1- تفسير العياشى: 2-159 و الآية فى سورة هود: 93.
2- هود: 7.
3- التوحيد: 320.

سأل المأمون أبا الحسن على بن موسى الرضا عليهما السّلام عن قول اللّه تعالى: «وَ هُوَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّٰامٍ وَ كٰانَ عَرْشُهُ عَلَى اَلْمٰاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» فقال إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق العرش و الماء و الملائكة قبل السموات و الأرض، فكانت الملئكة تستدلّ بأنفسها و بالعرش و بالماء على اللّه عزّ و جلّ .

ثمّ جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة فتعلموا أنه على كلّ شيء قدير، ثمّ رفع العرش بقدرته و نقله و جعله فوق السموات السبع، ثمّ خلق السموات و الأرض في ستّة أيام و هو مستولى على عرشه، و كان قادرا على أن يخلقها في طرفة عين، و لكنّه تعالى خلقها في ستّة أيام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شيء فيستدلّ بحدوث ما يحدث على اللّه تعالى مرّة بعد مرّة و لم يخلق اللّه العرش لحاجة به إليه، لأنّه غنيّ عن العرش، و عن جميع ما خلق، لا يوصف بالكون على العرش لأنّه ليس بجسم، تعالى [اللّه] عن صفة خلقه علوا كبيرا.

و أمّا قوله عزّ و جلّ «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» فإنه عزّ و جلّ خلقهم ليبلوهم بتكليف طاعته و عبادته لا على سبيل الامتحان و التجربة لأنه لم يزل عليما بكلّ شيء فقال المأمون فرّجت عنّي يا أبا الحسن فرّج اللّه عنك ثم قال له: يا ابن رسول اللّه فما معنى قول اللّه عزّ و جلّ «وَ لَوْ شٰاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ اَلنّٰاسَ حَتّٰى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ . وَ مٰا كٰانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ » (1).

فقال الرضا: حدّثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السّلام، قال:

إنّ المسلمين قالوا لرسول: اللّه لو أكرهت يا رسول اللّه من قدرت عليه من النّاس على الاسلام لكثرة عددنا قوينا على عدوّنا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما كنت لالقى اللّه عزّ و جلّ ببدعة لم يحدث إليّ فيها شيئا، و ما أنا من المتكلفين.

فأنزل اللّه تعالى عليه يا محمّد «وَ لَوْ شٰاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً » على

ص: 344


1- يونس: 99.

سبيل الإلجاء و الاضطرار في الدنيا كما يؤمنون عند المعاينة و رؤية البأس في الآخرة و لو فعلت ذلك بهم لم يستحقّوا منّي ثوابا و لا مدحا لكني اريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرّين ليستحقّوا منّي الزلفى و الكرامة و دوام الخلود في جنة الخلد «أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ اَلنّٰاسَ حَتّٰى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ » .

و أمّا قوله تعالى «وَ مٰا كٰانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ » فليس ذلك على سبيل تحريم الايمان عليها و لكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلاّ باذن اللّه و إذنه أمره لها بالايمان ما كانت مكلّفة متعبّدة و إلجاؤه إياها إلى الإيمان عند زوال التكليف و التبعد عنها، فقال المأمون: فرّجت عنى يا أبا الحسن فرّج اللّه عنك فأخبرني عن قوله تعالى «اَلَّذِينَ كٰانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطٰاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَ كٰانُوا لاٰ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (1)» فقال عليه السّلام: إنّ غطاء العين لا يمنع من الذكر و الذكر لا يرى بالعين، و لكن اللّه عزّ و جلّ شبّه الكافرين بولاية علي بن أبي طالب عليه السّلام بالعميان لأنهم كانوا يستثقلون قول النبي عليه السّلام فيه فلا يستطيعون له سمعا، فقال المأمون: فرّجت عنى فرّج اللّه عنك (2).

12- سورة يوسف

112 - على بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن الرضا عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرٰاهِمَ مَعْدُودَةٍ (3)» قال كانت عشرين درهما و البخس النقص و هي قيمة كلب الصّيد اذا قتل كان قيمته عشرين درهما (4).

113 - عنه قال: و حدّثنا أبي عن العباس بن الهلال عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال السجّان ليوسف إني لأحبّك، فقال يوسف: ما أصابنى ما أصابني إلاّ من الحبّ أنّه كانت خالتي احبّتنى فسرقتنى و ان كان أبي احبّنى فحسدوني إخوتي و ان

ص: 345


1- الكهف: 101.
2- عيون الاخبار: - 134.
3- يوسف: 20.
4- تفسير على بن ابراهيم: 318.

كانت امرأة العزيز أحبّتني فحبستني، قال و شكا يوسف في السجن إلى اللّه فقال: يا رب بما ذا استحققت السجن ؟ فأوحى اللّه إليه أنت اخترته حين قلت: «رَبِّ اَلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّٰا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (1)» ألاّ قلت العافية أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه ؟! (2).

114 - عنه قال: أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه، عن الحسن بن بنت إلياس و إسماعيل بن همّام عن أبي الحسن عليه السّلام قال: كانت الحكومة في بني إسرائيل إذا سرق أحد شيئا استرقّ و كان يوسف عند عمته و هو صغير و كانت تحبّه و كانت لاسحاق منطقة ألبسها يعقوب و كانت عند اخته و إنّ يعقوب طلب يوسف ليأخذه من عمّته، فاغتمت لذلك و قالت: دعه حتى ارسله إليك و أخذت المنطقة فشدّت وسطه بها تحت الثياب.

فلمّا أتى يوسف أباه جاءت فقالت: سرقت المنطقة ففتشته و وجدتها معه فى وسطه فلذلك قالوا إخوة يوسف، لمّا حبس يوسف أخاه حيث جعل الصاع في وعاء اخيه، فقال يوسف ما جزاء من وجد في رحله، قالوا جزاؤه السنّة التي تجري فيهم، فلذلك قالت إخوة يوسف إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرّها يوسف في نفسه و لم يبدها لهم (3).

115 - العياشى باسناده عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام مثله، و زاد فيه: البخس النقص، و هي قيمة كلب الصيد إذا قتل كانت ديته عشرين درهما (4).

116 - عنه - رحمه اللّه - عن إسماعيل بن همّام قال: قال الرضا عليه السّلام في قول اللّه «إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهٰا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِهٰا لَهُمْ (5)» قال: كانت لإسحاق النبي منطقة يتوارثها الأنبياء و الأكابر، فكانت عند عمة يوسف، و كان يوسف عندها و كانت تحبه فبعث إليها أبوه أن ابعثيه إليّ و أردّه إليك، فبعثت إليه أن دعه عندي اللّيلة لأشمّه ثمّ أرسله إليك غدوة، فلمّا أصبحت أخذت المنطقة فربطتها في حقوه و ألبسته قميصا و بعثت به إليه، و قالت: سرقت المنطقة فوجدت عليه، و كان إذا سرق أحد في ذلك الزمان دفع إلى صاحب السرقة فأخذته فكان عندها. (6)

ص: 346


1- يوسف: 33.
2- تفسير على بن ابراهيم: 330.
3- تفسير على بن ابراهيم: 331.
4- تفسير العياشى: 2-173.
5- يوسف: 77.
6- تفسير العياشى: 2-185.

117 - عنه بإسناده عن أحمد بن محمّد عن أبى الحسن الرّضا عليه السّلام قال: سألته عن قوله: «وَ جِئْنٰا بِبِضٰاعَةٍ مُزْجٰاةٍ [(1)]» قال: المقل. و في هذه الرواية «وَ جِئْنٰا بِبِضٰاعَةٍ مُزْجٰاةٍ » قال: كانت المقل، و كانت بلادهم بلاد المقل، و هي البضاعة (2).

118 - عنه - رحمه اللّه - باسناده؛ عن محمّد بن الفضيل عن الرّضا عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه: «وَ مٰا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّٰهِ إِلاّٰ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ (3)» قال: شرك لا يبلغ به الكفر (4).

119 - الصدوق عن المروزي، عن أبي بكر النيسابوري عن الطائى عن أبيه عن الرضا عن آبائه، عن على بن الحسين بن علي عليهم السّلام أنه قال في قول اللّه عزّ و جلّ «لَوْ لاٰ أَنْ رَأىٰ بُرْهٰانَ رَبِّهِ » (5) قال: قامت امرأة العزيز إلى الصنم، فألقت عليه ثوبا، فقال لها يوسف: ما هذا؟ قالت: أستحيي من الصنم أن يرانا، فقال لها يوسف: أ تستحين ممّن لا يسمع و لا يبصر و لا يفقه و لا يأكل، و لا يشرب، و لا أستحي أنا ممّن خلق الإنسان و علّمه، فذلك قوله عزّ و جلّ : «لَوْ لاٰ أَنْ رَأىٰ بُرْهٰانَ رَبِّهِ » (6).

120 - عنه قال: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلويّ السمرقندي رضي اللّه عنه قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود العياشي، عن أبيه، قال: حدّثنا محمّد بن نصير، عن الحسن بن موسى، قال: روى أصحابنا عن الرّضا عليه السّلام أنّه قال له رجل:

أصلحك اللّه كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون ؟ و كانّه أنكر عليه، فقال له أبو الحسن الرّضا عليه السّلام: يا هذا أيهما أفضل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أو الوصيّ؟ فقال: لا بل النبىّ ، قال: فأيهما أفضل مسلم أو مشرك، قال: لا بل مسلم، قال: فانّ العزيز عزيز مصر كان مشركا و كان يوسف عليه السّلام نبيا، و أنّ المأمون مسلم و أنا وصيّ ، و يوسف سئل العزيز أن يولّيه حين قال: «اِجْعَلْنِي عَلىٰ خَزٰائِنِ اَلْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ » و أنا أجبرت

ص: 347


1- يوسف: 88.
2- تفسير العياشى: 2-192.
3- يوسف: 106.
4- تفسير العياشى: 2-199.
5- يوسف: 24.
6- عيون الاخبار: 2-45.

على ذلك. و قال عليه السّلام في قوله تعالى «اِجْعَلْنِي عَلىٰ خَزٰائِنِ اَلْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ » (1) قال: حافظ لما في يدى، عالم بكلّ لسان (2).

121 - عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن الريّان بن الصّلت، قال: دخلت على عليّ ابن موسى الرّضا عليهما السّلام فقلت له: يا ابن رسول اللّه الناس يقولون: إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدّنيا! فقال عليه السّلام: قد علم اللّه كراهتي لذلك، فلمّا خيّرت بين قبول ذلك و بين القتل اخترت القبول على القتل.

ويحهم! أ ما علموا أنّ يوسف كان نبيا و رسولا فلما دفعته الضرورة إلى تولّي خزائن العزيز، قال: «اِجْعَلْنِي عَلىٰ خَزٰائِنِ اَلْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ » و دفعتنى الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه و إجبار بعد الاشراف على الهلاك، على أني ما دخلت في هذا الأمر إلاّ دخول خارج منه، فإلى اللّه المشتكى و هو المستعان (3).

13- سورة الرعد

122 - الصفار، قال: حدثنا عبّاد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن أحمد بن عمر، عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «قُلْ كَفىٰ بِاللّٰهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ اَلْكِتٰابِ » (4)» قال: علي (5).

123 - العيّاشي - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في قول اللّه «إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُغَيِّرُ مٰا بِقَوْمٍ حَتّٰى يُغَيِّرُوا مٰا بِأَنْفُسِهِمْ . وَ إِذٰا أَرٰادَ اَللّٰهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلاٰ مَرَدَّ

ص: 348


1- يوسف: 55.
2- عيون الاخبار: 2-138 و قد تقدم فى كتاب النبوة.
3- المصدر: 2-138.
4- الرعد: 43.
5- بصائر الدرجات: 214.

لَهُ » (1)» فصار الأمر إلى اللّه تعالى (2).

124 - الصدوق قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق - رضي اللّه عنه - قال:

أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال: حدّثنا علي بن الحسن بن فضّال عن أبيه قال: قال الرضا عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ : «هُوَ اَلَّذِي يُرِيكُمُ اَلْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً (3)» قال: خوفا للمسافر، و طمعا للمقيم (4).

125 - عنه، قال: حدّثنا أبو علي الحسين بن أحمد البيهقى بنيسابور سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة، قال: أخبرنا محمّد بن يحيى الصوليّ قال: حدّثنا أبو ذكوان قال:

سمعت إبراهيم بن العبّاس يقول: كنّا في مجلس الرضا عليه السّلام فتذاكروا الكبائر و قول المعتزلة فيها: انّها لا تغفر، فقال الرضا عليه السّلام قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة، قال اللّه عزّ و جلّ : «وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنّٰاسِ عَلىٰ ظُلْمِهِمْ (5)».

14- سورة الحجر

126 - العيّاشي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سأله رجل عن الجزء و جزء الشيء فقال: من سبعة، إنّ اللّه يقول في كتابه: «لَهٰا سَبْعَةُ أَبْوٰابٍ لِكُلِّ بٰابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (6)».

127 - عنه، عن إسماعيل بن همّام الكوفي قال: قال الرضا عليه السّلام في رجل أوصى بجزء من ماله، فقال: جزء من سبعة، إنّ اللّه يقول في كتابه «لَهٰا سَبْعَةُ أَبْوٰابٍ لِكُلِّ

ص: 349


1- الرعد: 11.
2- تفسير العياشى: 2-206.
3- الرعد: 12.
4- معانى الاخبار: 374.
5- التوحيد: 406 و الآية فى الرعد: 6 و قال الصدوق - رحمه اللّه - و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
6- تفسير العياشى: 2-243 و الآية فى سورة الحجر: 44.

بٰابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (1).

128 - الصدوق، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال: حدّثنا علي بن الحسن بن فضّال، عن أبيه، قال:

قال الرضا عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «فَاصْفَحِ اَلصَّفْحَ اَلْجَمِيلَ » (2)» قال: العفو من غير عتاب (3).

15- سورة النحل

129 - الكليني، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشاء قال: سألت الرضا عليه السّلام فقلت له: جعلت فداك «فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ (4)» فقال:

نحن أهل الذكر و نحن المسئولون، قلت: فأنتم المسئولون و نحن السائلون ؟ قال:

نعم، قلت: حقّا علينا أن نسألكم ؟ قال: نعم ؟ قلت: حقّا عليكم أن تجيبونا؟ قال:

لا ذاك إلينا إن شئنا فعلنا و إن شئنا لم نفعل، أ ما تسمع قول اللّه تبارك و تعالى: «هٰذٰا عَطٰاؤُنٰا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسٰابٍ » (5).

130 - عنه قال: عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول: قال علي بن الحسين عليهما السّلام على الائمة من الفرض ما ليس علي شيعتهم، و على شيعتنا ما ليس علينا. أمرهم اللّه عزّ و جلّ أن يسألونا، قال: «فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ » فأمرهم أن يسألونا و ليس علينا الجواب إن شئنا أجبنا و إن شئنا أمسكنا (6).

128 - الصفار قال: حدّثنا أحمد بن محمّد عن الحسن بن على الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول: قال علي بن الحسين عليهما السّلام على الأئمة من الفرض ما ليس

ص: 350


1- تفسير العياشى: 2-243.
2- الحجر: 85.
3- معانى الاخبار: 373.
4- النحل: 43.
5- الكافى: 1-210.
6- الكافى: 1-212.

على شيعتهم و على شيعتنا ما ليس علينا أمرهم اللّه أن يسألونا فقال: «فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ » فأمرهم أن يسألونا و ليس علينا الجواب إن شئنا أجبنا و إن شئنا أمسكنا (1).

129 - الكليني، عن أحمد بن محمّد عن أحمد بن أبى نصر قال كتبت الى الرضا عليه السّلام كتابا فكان في بعض ما كتبت قال اللّه عزّ و جلّ «فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ » و قال اللّه «وَ مٰا كٰانَ اَلْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (2)» فقد فرضت عليهم المسألة و لم يفرض عليكم الجواب قال قال اللّه عزّ و جلّ «فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمٰا يَتَّبِعُونَ أَهْوٰاءَهُمْ ، وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اِتَّبَعَ هَوٰاهُ » (3).

130 - الصفّار قال: حدّثنا عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن صفوان بن يحيى عن أبى الحسن الرّضا عليه السّلام قال: قال اللّه تعالى «فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ (و هم الائمة) إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ » فعليهم أن يسألوهم، و ليس عليهم أن يجيبوهم إن شاءوا أجابوا و إن شاءوا لم يجيبوا (4).

131 - عنه بهذا الاسناد قال: سألته عن قول اللّه تعالى «فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ » من هم ؟ قال: نحن هم (5).

132 - عنه، قال: حدّثنا عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء عن أبى الحسن عليه السّلام قال: على الائمة من الفرائض ما ليس على شيعتهم، و على شيعتنا ما ليس علينا، أمرهم اللّه أن يسألونا فقال «فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ » فأمرهم أن يسألونا، و ليس علينا الجواب إن شئنا أجبنا و إن شئنا أمسكنا (6).

133 - العياشي باسناده عن أحمد بن محمّد قال: كتب إلى أبو الحسن الرّضا عليه السّلام عافانا اللّه و إياك قال اللّه «فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ » قال: «فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ

ص: 351


1- بصائر الدرجات: 38 و الكافى: 1-212.
2- التوبة: 132.
3- الكافى: 1-212 و الآية فى القصص: 50.
4- بصائر الدرجات: 42.
5- بصائر الدرجات: 42.
6- بصائر الدرجات: 43.

كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ - الآية» فقد فرضت عليكم المسألة و الردّ إلينا، و لم يفرض علينا الجواب، أولم تنتهوا عن كثرة المسائل، فأبيتم أن تنتهوا، إياكم و ذاك فانّه إنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم لأنبيائهم، قال اللّه «يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَسْئَلُوا عَنْ أَشْيٰاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ » (7).

134 - عنه باسناده، عن أحمد بن محمّد، عن أبى الحسن الرّضا عليه السّلام قال كتب إليّ إنّما شيعتنا من تابعنا و لم يخالفنا، فإذا خفنا خاف، و إذا أمنّا أمن، قال اللّه:

«فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ ... فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ - الآية» فقد فرضت عليكم المسألة و الردّ إلينا، و لم يفرض علينا الجواب (1).

16- سورة الاسراء

135 - العيّاشي بإسناده عن إسماعيل بن همّام، قال: قال الرّضا عليه السّلام في قول اللّه «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنٰاسٍ بِإِمٰامِهِمْ » (2) فقال: إذا كان يوم القيمة قال اللّه: أ ليس عدل من ربكم أن تولّوا كلّ قوم من تولّوا؟ قالوا: بلى، قال: فيقول تميّزوا فيتميزون (3).

136 - عنه بإسناده عن محمّد بن الفضيل عن أبى الحسن عليه السّلام سألته عن قول اللّه «وَ مَنْ كٰانَ فِي هٰذِهِ أَعْمىٰ فَهُوَ فِي اَلْآخِرَةِ أَعْمىٰ وَ أَضَلُّ سَبِيلاً» (4).

فقال: ذاك الّذي يسوّف الحجّ يعنى حجة الإسلام يقول: العام أحجّ ، العام أحج، حتى يجيئه الموت (5).

137 - الصدوق عن الفقيه المروزي عن أبي بكر النيسابوري عن أبي القاسم الطائي عن أبيه عن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في قول اللّه عزّ و جل: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنٰاسٍ بِإِمٰامِهِمْ » قال: يدعى كلّ قوم بامام زمانهم، و كتاب

ص: 352


1- تفسير العياشى: 2-117.
2- الاسراء: 71.
3- تفسير العياشى: 2-304.
4- الاسراء: 72.
5- تفسير العياشى: 2-305.

ربّهم و سنّة نبيّهم (1).

142 - الصدوق، قال: حدّثنا أحمد القطان و محمّد بن بكران النقاش و محمّد بن إبراهيم عن أحمد بن محمّد الهمداني عن ابن فضال عن أبيه قال قال الرضا عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ :

«إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهٰا (2)» قال: عليه السّلام إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم و إن أسأتم فلها ربّ يغفر لها (3).

143 - ابن شهرآشوب مرسلا عن الرضا عليه السّلام أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قرء «إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤٰادَ كُلُّ أُولٰئِكَ كٰانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً» (4) فسئل عن ذلك فأشار إلى الثّلاثة فقال هم السمع و البصر و الفؤاد و سيسألون عن وصيّي هذا و أشار إلى علي بن - أبي طالب ثم قال: و عزّة ربّي إنّ جميع أمّتي لموقوفون يوم القيمة و مسئولون عن ولايته و ذلك قول اللّه تعالى «وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » الآية (5).

17- سورة الكهف

144 - علي بن إبراهيم قال: حدّثني محمّد بن عليّ بن بلال عن يونس قال:

اختلف يونس و هشام بن إبراهيم في العالم الّذي أتاه موسى عليه السّلام أيّهما كان أعلم و هل يجوز أن يكون على موسى حجّة في وقته و هو حجّة اللّه على خلقه ؟ فقال قاسم الصيقل: فكتبوا الى أبي الحسن الرضا عليه السّلام يسألونه عن ذلك فكتب في الجواب أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزائر البحر إمّا خالسا و إمّا متّكئا فسلّم عليه موسى، فأنكر السّلام إذ كان بأرض ليس بها سلام قال: من أنت! قال أنا موسى بن - عمران قال: أنت موسى بن عمران الّذي كلّمه اللّه تكليما قال: نعم قال: فما حاجتك ؟ قال جئتك لتعلّمني ممّا علّمت رشدا.

ص: 353


1- عيون الاخبار: 2-33.
2- الاسراء: 7.
3- عيون الاخبار: 2-294.
4- الاسراء: 36.
5- مناقب ابن شهرآشوب: 1-344.

قال: إنّني وكّلت بأمر لا تطيقه و وكّلت بأمر لا اطيقه ثم حدّثه العالم بما يصيب آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله من البلاء حتى اشتدّ بكاؤهما ثمّ حدّثه عن فضل آل محمّد حتّى جعل موسى يقول:

يا ليتنى كنت من آل محمّد و حتى ذكر فلانا و فلانا و فلانا، و مبعث رسول اللّه إلى قومه و ما يلقى منهم، و من تكذيبهم إيّاه، و ذكر له تأويل هذه الآية «وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصٰارَهُمْ كَمٰا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ » (1) حين أخذ الميثاق عليهم.

فقال موسى: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّٰا عُلِّمْتَ رُشْداً فقال الخضر: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلىٰ مٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً فقال موسى: «سَتَجِدُنِي إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ صٰابِراً وَ لاٰ أَعْصِي لَكَ أَمْراً» قال الخضر: فَإِنِ اِتَّبَعْتَنِي فَلاٰ تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْ ءٍ أفعله و لا تنكره عليّ حَتّٰى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (2) يقول: اخبرك أنا بخبره.

قال: نعم فمروا ثلاثهم حتى انتهوا إلى ساحل البحر و قد شحنت سفينة و هي تريد أن تعبر فقال أرباب السفينة نحمل هؤلاء الثلاثة نفر فانهم قوم صالحون، فحملوهم فلمّا جنحت السفينة في البحر قام الخضر إلى جوانب السفينة، فكسرها و حشاها بالخزف و الطّين، فغضب موسى غضبا شديدا و قال للخضر: أَ خَرَقْتَهٰا لِتُغْرِقَ أَهْلَهٰا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً .

فقال له الخضر: «أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً، قٰالَ موسى لاٰ تُؤٰاخِذْنِي بِمٰا نَسِيتُ وَ لاٰ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً» فخرجوا من السفينة فنظر الخضر إلى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه كأنّه قطعة قمر و في اذنيه درّتان فتأمّله الخضر ثمّ أخذه فقتله فوثب موسى على الخضر و جلد به الارض فقال «أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً» فقال الخضر: «أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً» .

قال موسى: «إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْ ءٍ بَعْدَهٰا فَلاٰ تُصٰاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً، فَانْطَلَقٰا حَتّٰى إِذٰا أَتَيٰا أَهْلَ قَرْيَةٍ » بالعشي تسمّى الناصرة و إليها ينسب النصارى، و لم يضيّفوا أحدا قط و لم يطعموا غريبا فاستطعموهم فلم يطعموهم، و لم يضيّفوهم، فنظر

ص: 354


1- الانعام: 110.
2- الآيات فى سورة الكهف. 65-82.

الخضر إلى حائط قد زال لينهدم، فوضع الخضر يده عليه و قال قم بإذن اللّه تعالى فقام.

فقال موسى لم ينبغ أن يقيم الجدار حتى يطعمونا و يأوونا و هو قوله «لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً» فقال له الخضر «هٰذٰا فِرٰاقُ بَيْنِي وَ بَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مٰا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً» أمّا السفينة التي فعلت بها ما فعلت فإنها كانت لقوم مساكين، يعملون في البحر فاردت أن أعيبها و كان وراء السفينة ملك يأخذ كلّ سفينة صالحة غصبا، كذا نزلت و إذا كانت السفينة معيوبة لم يأخذ منها شيئا.

و أمّا الغلام، فكان ابواه مؤمنين، و طبع كافرا كذا نزلت و نظرت إلى جبينه فعليه مكتوب: طبع كافرا «فَخَشِينٰا أَنْ يُرْهِقَهُمٰا طُغْيٰاناً وَ كُفْراً فَأَرَدْنٰا أَنْ يُبْدِلَهُمٰا رَبُّهُمٰا خَيْراً مِنْهُ زَكٰاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً» فأبدل اللّه والديه بنتا فولدت سبعين نبيا.

وَ أَمَّا اَلْجِدٰارُ الّذي أقمته فَكٰانَ لِغُلاٰمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي اَلْمَدِينَةِ وَ كٰانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمٰا وَ كٰانَ أَبُوهُمٰا صٰالِحاً فَأَرٰادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغٰا أَشُدَّهُمٰا - الى قوله - ذٰلِكَ تَأْوِيلُ مٰا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً» (1).

145 - الكليني - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن علي بن - أسباط قال: سمعت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام يقول: كان في الكنز الّذي قال اللّه عزّ و جلّ وَ كٰانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمٰا» كان فيه بسم اللّه الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ؟ و عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ؟ عجبت لمن رأى الدّنيا و تقلّبها بأهلها كيف يركن إليها و ينبغى لمن عقل عن اللّه أن لا يتّهم اللّه في قضائه و لا يستبطئه في رزقه (2) فقلت: جعلت فداك اريد أن أكتبه، قال: فضرب و اللّه يده إلى الدّواة ليضعها بين يدي، فتناولت يده، فقبّلتها و أخذت الدّواة فكتبته.

146 - العياشى باسناده عن ابن أسباط عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال: كان في الكنز الّذي قال اللّه: «وَ كٰانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمٰا» لوح من ذهب فيه بسم اللّه الرحمن الرحيم محمّد رسول اللّه، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح و عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن

ص: 355


1- على بن ابراهيم: 399.
2- الكافى: 2-59.

و عجبت لمن رأى الدّنيا و تقلّبها بأهلها كيف يركن إليها، و ينبغى لمن عقل عن اللّه أن لا يتّهم اللّه في قضائه و لا يستبطئه في رزقه (1).

147 - ابن شهرآشوب مرسلا عن الرضا عليه السّلام في قوله «لينذر بأسا شديدا من لدنه (2)» البأس الشديد، عليّ بن أبي طالب و هو لدن رسول اللّه يقاتل معه عدوّه (3).

18- سورة مريم

148 - الصدوق قال: حدّثنا أبي - رضي اللّه عنه - قال حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن أحمد بن أشيم، عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال: أ تدري لم سمّى إسماعيل صادق الوعد (4)، قال قلت: لا أدرى قال: وعد رجلا فجلس له حولا ينتظره (5).

149 - الصدوق قال: حدّثنا محمّد بن الحسن - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا سعد ابن عبد اللّه، عن أحمد بن حمزة الأشعري قال: حدثنى ياسر الخادم قال: سمعت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام يقول: إنّ أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن يوم يولد و يخرج من بطن أمّه فيرى الدّنيا، و يوم يموت فيرى الآخرة و أهلها، و يوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا و قد سلّم اللّه عزّ و جلّ على يحيى في هذه الثلاثة المواطن و آمن روعته فقال: «وَ سَلاٰمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا» (6) و قد سلّم عيسى بن مريم عليه السّلام على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال: «وَ اَلسَّلاٰمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا [(7)]» .

ص: 356


1- تفسير العياشى: 2-337.
2- الكهف: 2.
3- مناقب ابن شهرآشوب: 1-294.
4- مريم: 54.
5- علل الشرائع: 1-73.
6- مريم: 14.
7- الخصال: 107.

19- سورة الحج

150 - الحميرى عن البزنطي قال: و سألت الرضا عليه السّلام عن قول اللّه تعالى «لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ » قال تقليم الأظفار و طرح الوسخ عنك، و الخروج عن الاحرام «وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ اَلْعَتِيقِ » (1) طواف الفريضة (2).

151 - الصدوق قال: حدّثنا أبي - رحمه اللّه - قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ ، قال: قال أبو الحسن الرّضا عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ » قال: التفث تقليم الأظفار و طرح الوسخ و طرح الإحرام (3).

20- سورة المؤمنون

152 - الصدوق قال: حدثنا محمّد بن عمر الجعابى قال: حدثنا ابو محمّد الحسن بن عبد اللّه الرازي، قال: حدثني سيدى علي بن موسى الرّضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ «أُولٰئِكَ هُمُ اَلْوٰارِثُونَ اَلَّذِينَ يَرِثُونَ اَلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ » (4) فيّ نزلت (5).

21- سورة النور

153 - علي بن إبراهيم قال: حدّثني أبي عن عبد اللّه بن جندب قال: كتبت إلى أبى الحسن الرّضا عليه السّلام عن تفسير «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ (6)»

ص: 357


1- الحج: 29.
2- قرب الاسناد: 210.
3- معانى الاخبار: 339.
4- المؤمنون: 11.
5- عيون الاخبار: 2-65.
6- النور: 36.

فكتب إلى الجواب أما بعد فانّ محمّدا كان أمين اللّه في خلقه فلمّا قبض النبي كنا أهل البيت ورثته فنحن أمناء اللّه في أرضه عندنا علم المنايا و البلايا و أنساب العرب و مولد الاسلام، و ما من فئة تضلّ مائة و تهدى مائة إلاّ و نحن نعرف سائقها و قائدها و ناعقها و إنا لنعرف الرّجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان و حقيقة النفاق.

و إنّ شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم، أخذ اللّه علينا و عليهم الميثاق، و يوردون موردنا، و يدخلون مدخلنا، ليس على ملّة الإسلام غيرنا و غيرهم إلى يوم القيمة، نحن آخذون بحجزة نبيّنا و نبينا آخذ بحجزة ربّنا و الحجزة النّور و شيعتنا آخذون بحجزتنا، من فارقنا هلك، و من تبعنا نجى و المفارق لنا و الجاحد لولايتنا كافر، و متّبعنا و تابع أوليائنا مؤمن، لا يحبّنا كافر، و لا يبغضنا مؤمن، و من مات و هو يحبّنا كان على اللّه حقّا أن يبعثه معنا.

نحن نور لمن تبعنا، و هدى لمن اهتدى بنا، و من لم يكن منّا فليس من الاسلام في شيء، بنا فتح اللّه الدين و بنا يختمه، بنا أطعمكم اللّه عشب الارض و بنا أنزل اللّه قطر السماء و بنا آمنكم من الغرق في بحركم و من انخسف في برّكم و بنا نفعكم اللّه في حياتكم، و في قبوركم، و في محشركم، و عند الصّراط، و عند الميزان، و عند دخول الجنان.

و مثلنا في كتاب اللّه، كمثل مشكاة و المشكاة في قنديل فنحن المشكاة فيها المصباح، محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المصباح في زجاجة، الزجاجة كانّها كوكب درّي يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقيّة و لا غربيّة لا دعيّة و لا منكرة يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسه نار.

القرآن نور على نور، يهدى اللّه لنوره من يشاء و يضرب اللّه الأمثال للناس و اللّه بكلّ شيء عليم.

فالنّور عليّ ، يهدى اللّه لولايتنا من أحبّ و حقّ على اللّه أن يبعث وليّنا مشرقا وجهه فيرى برهانه، ظاهرة عند اللّه حجّته، حقا على اللّه أن يجعل أولياءنا المتّقين

ص: 358

و الصّديقين و الشّهداء و الصّالحين و حسن أولئك رفيقا.

فشهداؤنا لهم فضل على الشهداء بعشر درجات، و لشهيد شيعتنا فضل على كلّ شهيد غيرنا بتسع درجات، نحن النجباء و نحن أفراط الأنبياء و أولاد الأوصياء، و نحن المخصوصون في كتاب اللّه، و نحن أولى النّاس برسول اللّه، و نحن الذين شرع اللّه لنا دينه.

فقال اللّه في كتابه: «شَرَعَ لَكُمْ مِنَ اَلدِّينِ مٰا وَصّٰى بِهِ نُوحاً وَ اَلَّذِي أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ (يا محمّد) وَ مٰا وَصَّيْنٰا بِهِ إِبْرٰاهِيمَ و إسماعيل و اسحاق و يعقوب» قد علّمنا و بلّغنا ما علمنا استودعنا علمهم، و نحن ورثة الأنبياء و نحن ورثة اولى العلم و اولى العزم من الرّسل أن أقيموا الدين كما قال اللّه «وَ لاٰ تَتَفَرَّقُوا ... كَبُرَ عَلَى اَلْمُشْرِكِينَ مٰا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ (من أشرك بولاية على ما تدعوهم إليه من ولاية على اللّه.

يا محمّد يهدي إليه من ينيب من يجيبك إلى ولاية على عليه السّلام و قد بعثت إليك بكتاب فتدبّره و افهمه فانّه شفاء و نور، و الدليل على أنّ هذا مثل لهم قوله «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهٰا بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصٰالِ - إلى قوله - بِغَيْرِ حِسٰابٍ » ثم ضرب اللّه مثلا لاعمال من نازعهم فقال: «وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمٰالُهُمْ كَسَرٰابٍ بِقِيعَةٍ » و السراب هو الّذي تراه في المفازة يلمع من بعد كأنّه الماء فإذا جاء العطشان لم يجده شيئا و البقيعة المفازة المستوية (1).

154 - الكلينى - رحمه اللّه - عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد عن العباس بن هلال قال: سألت الرضا عليه السّلام عن قول اللّه: «اَللّٰهُ نُورُ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ (2)» فقال: هاد لأهل السماء و هاد لأهل الأرض، و في رواية البرقيّ «هدى من في السّماء و هدى من في الأرض (3)».

ص: 359


1- تفسير على بن ابراهيم: 457.
2- النور: 37.
3- الكافى: 1-115.

22- سورة الفرقان

155 - الصدوق قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانى - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه قال حدثنا أبو الصلت عبد السّلام بن صالح الهروي قال حدثنا على بن موسى الرّضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر ابن محمّد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن على: قال أتى على بن أبى طالب عليه السّلام قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف بنى تميم، يقال له عمرو فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرّس في أيّ عصر كانوا؟ و أين كانت منازلهم ؟ و من كان ملكهم ؟ و هل بعث اللّه عزّ و جل إليهم رسولا أم لا؟ و بما ذا اهلكوا؟ فإني أجد في كتاب اللّه عزّ و جلّ ذكرهم و لا أجد خبرهم ؟ فقال له على عليه السّلام: لقد سألت من حديث ما سألني عنه أحد قبلك، و لا يحدّثك به أحد بعدي، و ما في كتاب اللّه عز و جلّ آية: إلاّ و أنا أعرف تفسيرها و في أيّ مكان نزلت من سهل أو جبل، و في أيّ وقت نزل من ليل أو نهار، و إنّ هاهنا لعلما جمّا و أشار إلى صدره، و لكن طلاّبه ليسير و عن قليل يندمون لو قد يفقدونى، و كان من قصّتهم يا أخا تميم أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر، يقال لها: «شاه درخت».

و كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها: روشاب، كانت نبتت لنوح عليه السّلام بعد الطوفان، و إنّما سمّوا أصحاب الرّس لانّهم رسّوا نبيهم في الأرض، و ذلك بعد سليمان بن داود عليهما السّلام، و كانت لهم اثنتى عشر قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق، و بهم سمّي ذلك النهر، و لم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر و لا أعذب منه و لا أقوى و لا قرى أكثر و لا أعمر منها.

تسمّى إحداهن آبان، و الثانية آذر، و الثالثة دى، و الرابعة بهمن، و الخامسة إسفندار، و السادسة فروردين، و السابعة ارديبهشت، و الثامنة خرداد و التاسعة

ص: 360

تير، و العاشرة مرداد، و الحادية عشرة شهريور، و الثانية عشرة مهر، و كانت مدائنهم اسفندار، و هى التي ينزلها ملكهم، و كان يسمّى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن ابن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم عليه السّلام و كان بها العين و الصنوبرة.

و قد غرسوا في كلّ قرية منها حبّة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبّة و صارت شجرة عظيمة، و أجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الصنوبرة و صارت شجرة عظيمة، و حرموا ماء العين و الأنهار فلا يشربوا منها و لا أنعامهم و من فعل ذلك قتلوه و يقولون هو حياة آلهتنا، فلا ينبغى لأحد أن ينقص من حياتها، و يشربون هم و أنعامهم من نهر الرّس الّذي عليه قراهم، و قد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها، فيضربون على الشجرة الّتي بها كلة من حرير فيها من انواع الصور ثمّ يأتون بشاة و بقر فيذبحونها قربانا للشجرة، و يشعلون فيها النّيران بالحطب فاذا سطح دخان تلك الذبايح و قتارها في الهواء و حال بينهم و بين النظر الى السماء خرّوا للشجرة سجّدا من دون اللّه عزّ و جلّ يبكون و يتضرّعون إليها أن ترضى عنهم.

فكان الشيطان يجيء و يحرّك أغصانها، و يصيح من ساقها صياح الصبيّ : إني قد رضيت عنكم عبادي، فطيبوا نفسا و قرّوا عينا، فيرفعون رءوسهم عند ذلك، و يشربون الخمر، و يضربون بالمعازف، و يأخذون الدستبنذ، فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم ثم ينصرفون و إنما سمّت العجم شهورها بآبان ماه، و آذر ماه و غيرها اشتقاقا من اسماء تلك القرى يقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد قرية كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليها صغيرهم و كبيرهم، فضربوا عند الصنوبرة و العين سرادقا من ديباج عليه انواع الصّور.

و جعلوا له اثنى عشر بابا كلّ باب لأهل قرية منهم فيسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق و يقرّبون لها الذبايح أضعاف ما قرّبوا للشجرة التي في قراهم، فيجىء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا، و يتكلم من جوفها كلاما جهوريا و يعدهم و يمنّيهم اكثر مما وعدتهم و منتهم الشياطين في تلك الشجرات الاخر للبقاء فيرفعون رءوسهم من السجود و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون و لا يتكلّمون من

ص: 361

الشرب و العزف فيكونوا على ذلك اثنى عشر يوما، و لياليها بعدد أعيادهم ساير السنة.

ثم ينصرفون فلمّا طال كفرهم باللّه عزّ و جلّ و عبادتهم غيره بعث اللّه عزّ و جلّ إليهم نبيا من بنى اسرائيل، من ولد يهودا بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم إلى عبادة اللّه عزّ و جلّ و معرفة ربوبيته، فلا يتبعونه فلمّا رأى شدّة تماديهم في الغي و الضلال، و تركهم قبول ما دعاهم إليه من الرّشد و النجاح، و حضر عيد قريتهم العظمى.

قال: يا ربّ إنّ عبادك أبوا إلاّ تكذيبى و الكفر بك و غدوا يعبدون شجرة لا تنفع و لا تضرّ فأيبس شجرهم أجمع و أرهم قدرتك و سلطانك، فأصبح القوم و قد يبس شجرهم كلّها فهالهم ذلك و فظع بهم و صاروا فريقين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الّذي يزعم أنه رسول ربّ السماء و الارض إليكم، ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه.

و فرقة قالت: لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها و يقع فيها و يدعوكم إلى عبادة غيرها، فحجبت حسنها و بهاؤها لكى تغضبوا لها فتنصّروا منه، فأجمع رأيهم على قتله، فاتّخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه، ثمّ أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الاخرى مثل البرابخ، و نزحوا ما فيها من الماء، ثمّ حفروا في قرارها من الأرض بئرا عميقة ضيّقة المدخل و أرسلوا فيها نبيهم و القموا فاها صخرة عظيمة.

ثم أخرجوا الأنابيب من الماء و قالوا الآن نرجوا أن ترضى عنا إلهتنا إذا رأت أنّا قد قتلنا من يقع فيها و يصدّ عن عبادتها و دفنّاه تحت كبيرها فيتشفى منه، فيعود لنا نورها و نضرتها كما كان، فبقوا عامّة يومهم يسمعون أنين نبيهم عليه السّلام و هو يقول سيدى قد ترى ضيق مكانى و شدّة كربتى فارحم ضعف ركنى و قلّة حيلتي و عجّل بقبض روحي و لا تؤخّر إجابة دعائى حتى مات عليه السّلام.

فقال اللّه تبارك و تعالى لجبرئيل أ يظنّ عبادي هؤلاء الّذين غرّهم حلمي، و أمنوا مكري، و عبدوا غيري، و قتلوا رسلي ان يقيموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني كيف

ص: 362

و أنا المنتقم ممّن عصانى و لم يخش عقابي، و اني حلفت بعزتى و جلالي لأجعلهم عبرة و نكالا للعالمين فلم يرعهم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديدة الحمرة، فتحيّروا فيها و ذعروا منها، و تضام بعضهم إلى بعض.

ثمّ صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقّد و أظلّتهم سحابة سوداء مظلمة فانكبت عليهم كالقبّة جمرة تلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار فنعوذ باللّه من غضبه، و نزول نقمته و لا حول و لا قوّة الا باللّه العظيم (1).

156 - الصدوق قال: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال:

حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي، قال حدّثنا عون بن محمّد الكنديّ ، قال: حدّثني أبو الحسين محمّد بن أبى عباد و كان مشتهرا بالسماع و بشرب النبيذ، قال: سألت الرّضا عليه السّلام عن السّماع، قال: لأهل الحجاز رأى فيه و هو في حيّز الباطل و اللّهو، أ ما سمعت اللّه تعالى يقول: «وَ إِذٰا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرٰاماً» (2).

157 - الصدوق قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا أحمد بن إدريس عن محمّد بن أحمد، عن عليّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عمر بن سعيد، عن بعض أصحابه قال:

سمعت العبّاسى و هو يقول: استأذنت الرّضا عليه السّلام في النفقة على العيال فقال: بين المكروهين قال: فقلت: جعلت فداك لا و اللّه ما أعرف المكروهين قال: فقال: بلى يرحمك اللّه أ ما تعرف أنّ اللّه عزّ و جلّ كره الإسراف و كره الإقتار فقال: «وَ اَلَّذِينَ إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كٰانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوٰاماً» (3).

23- سورة النمل

158 - الصدوق قال: حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهّاب القرشيّ قال حدّثنا

ص: 363


1- عيون الاخبار: 205 و الآية فى الفرقان: 42.
2- عيون الاخبار: 2-128 و الآية فى الفرقان: 72.
3- الخصال الباب 2 - الحديث 74 و الآية فى الفرقان 67.

منصور بن عبد اللّه الاصبهانى الصوفيّ قال: حدّثني علي بن مهرويه القزويني قال:

حدّثنا سليمان الغازي قال: سمعت علي بن موسى الرضا عليه السّلام يقول عن أبيه موسى ابن جعفر بن محمّد عليهم السّلام في قوله عزّ و جلّ «فَتَبَسَّمَ ضٰاحِكاً مِنْ قَوْلِهٰا (1)» قال: لما قالت النملة: «يٰا أَيُّهَا اَلنَّمْلُ اُدْخُلُوا مَسٰاكِنَكُمْ لاٰ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمٰانُ وَ جُنُودُهُ » حملت الريح صوت النّملة إلى سليمان و هو مارّ فى الهواء و الرّيح قد حملته.

فوقف و قال عليّ بالنمل فلمّا اتى بها قال سليمان: يا أيّتها النّملة أ ما علمت أني نبيّ و أني لا أظلم أحدا؟ قالت النملة: بلى قال سليمان: فلم حذّرتهم ظلمي و قلت: يا أيّها النمل ادخلوا مساكنكم ؟ قالت النملة: خشيت أن ينظروا إلى زينتك فيفتتنوا بها فيعبدون غير اللّه تعالى ذكره.

ثمّ قالت النّملة: أنت أكبر أم أبوك، قال سليمان بل: أبي داود، قالت النّملة:

فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود عليه السّلام.

قال: سليمان: ما لي بهذا علم قالت النملة: لانّ أباك داود داوى جرحه بودّ فسمّى داود و أنت يا سليمان أرجو أن تلحق بأبيك ثمّ قالت النملة: هل تدرى لم سخّرت لك الريح من بين ساير المملكة ؟ قال سليمان: ما لي بهذا علم: قالت النملة: يعنى عزّ و جلّ بذلك لو سخّرت لك جميع المملكة كما سخّرت لك هذه الريح لكان زوالها من يدك كزوال الرّيح فحينئذ تبسّم ضاحكا من قولها (2).

24- سورة العنكبوت

159 - علي بن إبراهيم، قال حدّثني أبى عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السّلام قال جاء العبّاس إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: انطلق بنا تبايع النّاس لك، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام، أ تراهم فاعلين، قال: نعم، قال: فأين قوله «الم أَ حَسِبَ اَلنّٰاسُ

ص: 364


1- النمل: 19.
2- علل الشرائع 1-68.

أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّٰا وَ هُمْ لاٰ يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (أي اختبرناهم) فَلَيَعْلَمَنَّ ... اَلَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ اَلْكٰاذِبِينَ . أَمْ حَسِبَ اَلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسَّيِّئٰاتِ أَنْ يَسْبِقُونٰا (أي يفوتونا) سٰاءَ مٰا يَحْكُمُونَ . مَنْ كٰانَ يَرْجُوا لِقٰاءَ اَللّٰهِ فَإِنَّ أَجَلَ اَللّٰهِ لَآتٍ (1)» قال من أحبّ لقاء اللّه جاءه الأجل و من جاهد نفسه عن اللّذات و الشهوات و المعاصى فإنّما يجاهد لنفسه إنّ اللّه غنيّ عن العالمين (2).

160 - محمّد بن الحسن الصفار قال: حدّثنا عبّاد بن سليمان، عن سعد بن سعد عن محمّد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام عن قول اللّه تعالى «بَلْ هُوَ آيٰاتٌ بَيِّنٰاتٌ فِي صُدُورِ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ (3)» قال: هم الائمة خاصّة (4).

25- سورة الروم

161 - عليّ بن إبراهيم، قال: حدّثنا الحسين بن على بن زكريّا قال: حدّثنا الهيثم بن عبد اللّه الرّماني قال حدّثنا على بن موسى الرّضا عن أبيه محمّد بن علي عليهم السّلام في قوله: «فِطْرَتَ اَللّٰهِ اَلَّتِي فَطَرَ اَلنّٰاسَ عَلَيْهٰا (5)» قال هى «لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه عليّ أمير المؤمنين وليّ اللّه» إلى هاهنا التوحيد (6).

26- سورة الاحزاب

162 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن

ص: 365


1- العنكبوت: 1 - الى - 5.
2- تفسير على بن ابراهيم: 494.
3- العنكبوت: 49.
4- بصائر الدرجات: 206.
5- الروم: 30.
6- تفسير على بن ابراهيم: 500.

الحسين بن خالد، قال، سألت أبا الحسن علي بن موسى الرّضا عليهما السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ : «إِنّٰا عَرَضْنَا اَلْأَمٰانَةَ عَلَى اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلْجِبٰالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهٰا» (1) فقال: الأمانة الولاية من ادّعاها بغير حقّ فقد كفر (2).

163 - الصّدوق بإسناده عن محمّد بن سنان عن الرضا في قول اللّه عزّ و جلّ :

«اُدْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اَللّٰهِ » (3) و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنت و مالك لأبيك و ليس للوالدة كذلك لا تأخذ من ماله إلاّ بإذنه أو بإذن الأب لانّ الأب مأخوذ بنفقة الولد و لا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها (4).

27- سورة الفاطر

164 - الكليني - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن، عن أحمد بن عمر قال: سألت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ : «ثُمَّ أَوْرَثْنَا اَلْكِتٰابَ اَلَّذِينَ اِصْطَفَيْنٰا مِنْ عِبٰادِنٰا (5) الآية»، قال: فقال: ولد فاطمة عليها السّلام، و السابق بالخيرات، الامام، و المقتصد العارف بالإمام، و الظالم لنفسه: الّذي لا يعرف الإمام (6).

165 - الصفّار - رحمه اللّه - قال: حدّثنا عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن محمّد بن فضيل، عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «ثُمَّ أَوْرَثْنَا اَلْكِتٰابَ اَلَّذِينَ اِصْطَفَيْنٰا مِنْ عِبٰادِنٰا» الآية قال: قال: السابق بالخيرات هو الإمام (7).

166 - الصدوق - رحمه اللّه - بإسناده عن العبّاس بن هلال عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام عن أبيه قال: لم يقل أحد إذا أراد أن ينام «إِنَّ اَللّٰهَ يُمْسِكُ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ

ص: 366


1- الاحزاب: 72.
2- عيون الاخبار: 1-306.
3- الاحزاب: 50.
4- عيون الاخبار: 2-96.
5- فاطر: 32.
6- الكافى: 1-215.
7- بصائر الدرجات: 49.

أَنْ تَزُولاٰ وَ لَئِنْ زٰالَتٰا إِنْ أَمْسَكَهُمٰا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كٰانَ حَلِيماً غَفُوراً (1)» إلى آخر الآية فسقط عليه البيت (2).

28- سورة يس

167 - علي بن إبراهيم قال: حدّثني أبي عن داود بن محمّد النهدي عن بعض أصحابه قال:

دخل ابن أبى سعيد المكاريّ على أبي الحسن الرّضا عليه السّلام فقال له: أبلغ من قدرك أن تدّعى ما ادّعى أبوك، فقال له الرّضا عليه السّلام مالك أطفأ اللّه نورك و أدخل الفقر بيتك أ ما علمت أنّ اللّه أوحى إلى عمران: أنّي واهب لك ذكرا، فوهب له مريم و وهب لمريم عيسى عليه السّلام، فعيسى من مريم و مريم من عيسى، و مريم و عيسى شيء واحد و أنا من أبى و أبي مني و أنا و أبي شيء واحد.

فقال له أبو سعيد، فأسألك عن مسئلة، قال: و لا اخالك تقبل و لست من غنمي و لكن هاتها، فقال له ما تقول في رجل قال عند موته كلّ مملوك له قديم فهو حرّ لوجه اللّه، قال: نعم ما كان لستّة أشهر فهو حرّ لأنّ اللّه يقول «وَ اَلْقَمَرَ قَدَّرْنٰاهُ مَنٰازِلَ حَتّٰى عٰادَ كَالْعُرْجُونِ اَلْقَدِيمِ (3)» فما كان لستّة أشهر فهو قديم حرّ قال: فخرج من عنده و افتقر و ذهب بصره ثمّ مات لعنه اللّه و ليس عنده مبيت ليلة (4).

29- سورة الصافات

168 - الصدوق قال: حدّثنا محمّد بن عمر بن محمّد بن سالم بن البراء الجعابي قال:

حدثني أبو محمّد الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيدى على ابن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه

ص: 367


1- فاطر: 41.
2- من لا يحضره الفقيه: 1-298.
3- يس: 39.
4- تفسير على بن ابراهيم: 551.

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في قول اللّه عزّ و جل «وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (1)» قال: عن ولاية علي عليه السّلام (2).

30- سورة ص

169 - الصدوق قال: حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام الكليني - رحمه اللّه - قال: حدثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن سيف عن محمّد بن عبيدة، قال: سألت الرّضا عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ لابليس «مٰا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمٰا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ (3)» قال: يعنى بقدرتى و قوّتى (4).

31- سورة الزمر

170 - الصفار - رحمه اللّه - قال: حدّثنا أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن إسماعيل عن حمزة بن بزيع، عن عليّ السائي قال: سألت أبا الحسن الرّضا و أبا الحسن الماضى عليهما السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ : «أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يٰا حَسْرَتىٰ عَلىٰ مٰا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اَللّٰهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ اَلسّٰاخِرِينَ (5)» قال جنب اللّه هو أمير المؤمنين، كذلك من كان من بعده من الأوصياء بالمكان المرفوع إلى أن ينتهى الأمر إلى آخرهم و اللّه أعلم بمن هو كائن بعده (6).

ص: 368


1- الصافات: 24.
2- عيون الاخبار: 2-59.
3- ص: 75.
4- التوحيد: 153 قال الصدوق - رحمه اللّه - سمعت بعض مشايخ الشيعة بنيسابور يذكر فى هذه الآية أن الائمة عليهم السلام كانوا يقفون على قوله: «ما منعك أن تسجد لما خلقت» ثم يبتدءون بقوله عز و جل «بيدى استكبرت أم كنت من العالين» و قال: هذا مثل قول القائل: بسيفى تقاتلنى و برمحى تطاعننى، كانه يقول عز و جل: بنعمتى قويت على الاستكبار و العصيان.
5- الزمر: 56.
6- بصائر الدرجات: 62.

171 - الصدوق عن الفقيه المروزى عن أبى بكر النيسابوري عن أبي القاسم الطائى عن أبيه عن الرضا عن آبائه عن علي بن ابي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

لمّا نزلت هذه الآية «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (1)» قلت: يا ربّ أ تموت الخلائق كلّهم و يبقي الأنبياء؟ فنزلت «كُلُّ نَفْسٍ ذٰائِقَةُ اَلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنٰا تُرْجَعُونَ [(2)]» .

32- سورة الشورى

172 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدّثنا علي بن أحمد - رحمه اللّه - قال حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه عن محمّد إسماعيل عن علي بن العباس قال: حدّثنا القاسم بن الرّبيع الصحّاف عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن الرّضا عليه السّلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله علّة تحليل مال الولد للوالد بغير إذنه و ليس ذلك للولد لأنّ الولد موهوب للوالد في قول اللّه عزّ و جلّ : «يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ إِنٰاثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ اَلذُّكُورَ (3)».

مع أنّه المأخوذ بمئونته صغيرا و كبيرا و المنسوب إليه و المدعوّ له لقول اللّه عزّ و جلّ : «اُدْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اَللّٰهِ (4)»، و قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «أنت و مالك لأبيك، و ليس الوالدة كذلك لا تأخذ من ماله إلاّ بإذنه أو بإذن الأب لأنّ الأب مأخوذ بنفقة الولد و لا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها (5).

33- سورة الزخرف

173 - عليّ بن إبراهيم قال: حدّثني أبي عن علي بن أسباط قال: حملت متاعا

ص: 369


1- الزمر: 30.
2- عيون الاخبار: 2-32 و الآية في العنكبوت: 57.
3- الشورى: 49.
4- الاحزاب: 5.
5- علل الشرائع: 211.

إلى مكّة فكسد عليّ فجئت إلى أبي الحسن الرّضا عليه السّلام فقلت: جعلت فداك إنّي قد حملت متاعا إلى مكة فكسد عليّ و قد أردت مصرا فاركب بحرا أو برّا فقال: مصر الحتوف تفيض إليها و هم أقصر الناس أعمارا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تغسلوا رءوسكم بطينها و لا تشربوا في فخارها فإنه يورث الذلّة و يذهب الغيرة.

ثمّ قال: لا عليك أن تأتى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و تصلي ركعتين و تستخير اللّه مائة مرّة فإذا عزمت على شيء و ركبت البحر و إذا استويت على راحلتك فقل: «سُبْحٰانَ اَلَّذِي سَخَّرَ لَنٰا هٰذٰا - إلى قوله - لَمُنْقَلِبُونَ (1)» فانه ما ركب أحد ظهرا فقال هذا و سقط الاّ لم يصبه كسر و لا وبال، و لا وهن و إن ركبت بحرا فقل: حين تركب «بِسْمِ اَللّٰهِ مَجْرٰاهٰا وَ مُرْسٰاهٰا » (2) فإذا ضربت بك الأمواج فاتّك على يسارك و أشر إلى الموج بيدك و قل: اسكن بسكينة اللّه و قرّ بقرار اللّه و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه.

قال عليّ بن أسباط: فركبت البحر فكان إذا ماج الموج قلت: كما أمرني أبو الحسن فيتنفّس الموج و لا يصيبنا منه شيء، فقلت: جعلت فداك ما السكينة، قال: ريح من الجنّة لها وجه كوجه الانسان طيّبة، كانت مع الأنبياء و تكون مع المؤمنين (3).

174 - الصفار - رحمه اللّه - قال: حدّثنا عبّاد بن سليمان عن سعد بن سعد عن صفوان ابن يحيى عن أبى الحسن الرّضا عليه السّلام في قول اللّه تعالى «وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ (4)» قال: نحن هم (5).

175 - عنه - رحمه اللّه - قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن أبى الحسن الرّضا عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى: «وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ » من هم ؟ قال: نحن (6).

ص: 370


1- الزخرف: 13.
2- هود: 41.
3- تفسير على بن ابراهيم: 68.
4- الزخرف: 44. (5 و 9 6) بصائر الدرجات: 37.

34- سورة الجاثية

176 - الصدوق قال: حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهّاب القرشي، قال: حدّثنا أحمد بن الفضل بن المغيرة، قال: حدّثنا أبو نصر منصور بن عبد اللّه بن إبراهيم الاصبهاني قال حدّثنا علي بن عبد اللّه، قال: حدّثنا الحسين بن بشار، عن أبي الحسن علي بن موسى الرّضا عليهما السّلام قال: سألته أ يعلم اللّه الشيء الّذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون ؟ قال: إنّ اللّه تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء.

قال عزّ و جلّ : «إِنّٰا كُنّٰا نَسْتَنْسِخُ مٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (1)» و قال لأهل النار «وَ لَوْ رُدُّوا لَعٰادُوا لِمٰا نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكٰاذِبُونَ [(2)]» فقد علم عزّ و جلّ أنّه لو ردّهم لعادوا لما نهوا عنه. و قال للملائكة لما قالت: «أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قٰالَ إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ (3)» فلم يزل اللّه عزّ و جلّ علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن يخلقها، فتبارك اللّه ربّنا و تعالى علوا كبيرا خلق الأشياء و علمه بها سابق لها كما شاء كذلك ربّنا لم يزل عالما سميعا بصيرا (4).

35- سورة الاحقاف

177 - الصدوق قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني - رضي اللّه عنه - قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمدانيّ قال: حدّثنا علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن أبى الحسن الرضا عليه السّلام، قال: إنّما سمّى «أولو العزم (5)» اولى العزم لأنّهم

ص: 371


1- الجاثية: 29.
2- الانعام: 28.
3- البقرة: 30.
4- عيون الاخبار: 1-118.
5- الاحقاف: 35.

كانوا أصحاب العزائم و الشرائع و ذلك أنّ كلّ نبيّ كان بعد نوح عليه السّلام كان على شريعته و منهاجه و تابعا لكتابه إلى زمان إبراهيم الخليل عليه السّلام و كلّ نبيّ كان في أيام إبراهيم و بعده كان على شريعة إبراهيم و منهاجه و تابعا لكتابه إلى زمن موسى عليه السّلام. و كلّ نبيّ كان في زمن موسى عليه السّلام و بعده كان على شريعة موسى و منهاجه و تابعا لكتابه إلى أيام عيسى عليه السّلام و كلّ نبيّ كان في زمن عيسى عليه السّلام و بعده كان على منهاج عيسى و شريعته، و تابعا لكتابه إلى زمن نبينا محمّد عليه السلام، فهؤلاء الخمسة هم أولو العزم و هم أفضل الأنبياء و الرسل و شريعة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا تنسخ إلى يوم القيمة و لا نبيّ بعده إلى يوم القيمة فمن ادّعى بعده نبيّا أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه (1).

36- سورة الذاريات

178 - العيّاشي - رحمه اللّه - عن الحسين بن خالد قال: قلت لأبى الحسن الرضا عليه السّلام أخبرنى عن قول اللّه: «وَ اَلسَّمٰاءِ ذٰاتِ اَلْحُبُكِ » (2) قال: محبوكة الى الأرض - و شبّك بين أصابعه فقلت كيف يكون محبوكة إلى الأرض و هو يقول: «رَفَعَ اَلسَّمٰاوٰاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهٰا (3)» فقال: سبحان اللّه أ ليس يقول بغير عمد ترونها؟ فقلت: بلى، فقال فثمّ عمد و لكن لا ترى فقلت: كيف ذاك ؟ فبسط كفّه اليسرى ثمّ وضع اليمنى عليها، فقال: هذه أرض الدنيا و السماء الدّنيا عليها قبّة (4).

179 - علي بن إبراهيم قال: حدّثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبى الحسن الرّضا عليه السّلام قلت له: أخبرنا عن قول اللّه «وَ اَلسَّمٰاءِ ذٰاتِ اَلْحُبُكِ » فقال: هى محبوكة إلى الأرض و شبّك بين أصابعه، فقلت كيف تكون محبوكة إلى الأرض و اللّه يقول رفع

ص: 372


1- علل الشرائع: 1-116.
2- الذاريات: 7.
3- الرعد: 2.
4- تفسير العياشى: 2-203.

السّماء بغير عمد ترونها. فقال سبحان اللّه أ ليس يقول بغير عمد ترونها؟ قلت بلى، قال فثمّ عمد و لكن لا ترونها. قلت فكيف ذلك جعلني اللّه فداك.

قال: فبسط كفّه اليسرى ثمّ وضع اليمنى عليها فقال: هذه أرض الدّنيا و سماء الدنيا عليها فوقها قبّة و الأرض الثانية فوق السماء الدنيا و السماء الثانية فوقها قبّة و الارض الثالثة فوق السماء الثانية و السماء الثالثة فوقها قبّة و الأرض الرّابعة فوق السّماء الثالثة و السّماء الرابعة فوقها قبّة و الأرض الخامسة فوق السّماء الرابعة و السماء الخامسة فوقها قبّة و الأرض السادسة فوق السماء الخامسة و السماء السادسة فوقها قبّة و الارض السابعة فوق السماء السادسة و السّماء السّابعة فوقها قبّة.

و عرش الرّحمن تبارك و تعالى فوق السّماء السابعة، و هو قول اللّه: «اَلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمٰاوٰاتٍ وَ مِنَ اَلْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ اَلْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ (1)» فأمّا صاحب الأمر فهو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و الوصيّ بعد رسول اللّه قائم على وجه الأرض، فإنّما ينزّل الأمر إليه من فوق السماء بين السّماوات و الأرض. قلت: فما تحتنا الا أرض واحدة فقال:

فما تحتنا إلاّ أرض واحدة و إنّ الستّ لهنّ فوقنا (2).

180 - الصدوق - رحمه اللّه - باسناده عن الرضا عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ :

«فَالْمُقَسِّمٰاتِ أَمْراً (3)» قال: الملائكة تقسّم أرزاق بني آدم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فمن ينام فيما بينهما ينام عن رزقه (4).

37- سورة «ق» و سورة الطور

181 - عليّ بن إبراهيم قال: حدّثنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي

ص: 373


1- الطلاق: 12.
2- تفسير على بن ابراهيم: 646.
3- الذاريات: 4.
4- من لا يحضره الفقيه: 1-319 و مكارم الاخلاق: 354.

نصر عن الرّضا عليه السّلام قال: أَدْبٰارَ اَلسُّجُودِ [(1)]» أربع ركعات بعد المغرب و «إِدْبٰارَ اَلنُّجُومِ » ركعتين (2).

38- سورة الرحمن

182 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام في قوله: «اَلرَّحْمٰنُ عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ » قال: اللّه علّم محمّدا القرآن، قلت «خَلَقَ اَلْإِنْسٰانَ » قال ذلك أمير المؤمنين عليه السّلام قلت: «عَلَّمَهُ اَلْبَيٰانَ » قال: علّمه تبيان كلّ شيء يحتاج الناس إليه، قلت: «اَلشَّمْسُ وَ اَلْقَمَرُ بِحُسْبٰانٍ » قال يعذّبان قلت: الشّمس و القمر يعذّبان ؟ قال: إن سئلت عن شيء فأتقنه إنّ الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه، يجريان بأمره مطيعان له، ضوؤهما من نور عرشه، و جرمهما من جهنّم.

فإذا كانت القيمة عاد إلى العرش نورهما و عاد إلى النّار جرمهما، فلا تكون شمس و لا قمر و إنّما عناهما لعنهما اللّه، أ ليس قد روى النّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إنّ الشمس و القمر نوران في النار قلت بلى قال او ما سمعت قول الناس فلان و فلان شمسا هذه الامة و نوراهما، فهما في النّار، و اللّه ما عنى غيرهما قلت: «وَ اَلنَّجْمُ وَ اَلشَّجَرُ يَسْجُدٰانِ » قال: النجم رسول اللّه و قد سمّاه اللّه في غير موضع فقال «وَ اَلنَّجْمِ إِذٰا هَوىٰ » ، و قال «وَ عَلاٰمٰاتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ » .

فالعلامات الأوصياء و النجم رسول اللّه، قلت «يَسْجُدٰانِ » قال يعبدان، و قوله «وَ اَلسَّمٰاءَ رَفَعَهٰا وَ وَضَعَ اَلْمِيزٰانَ » قال السماء رسول اللّه رفعه اللّه إليه، و الميزان أمير المؤمنين نصبه لخلفه قلت: «أَلاّٰ تَطْغَوْا فِي اَلْمِيزٰانِ » قال لا تعصوا الإمام قلت «وَ أَقِيمُوا اَلْوَزْنَ بِالْقِسْطِ» قال أقيموا الإمام بالعدل. قلت «وَ لاٰ تُخْسِرُوا اَلْمِيزٰانَ » قال لا تبخسوا الإمام حقّه و لا تظلموه و قوله «وَ اَلْأَرْضَ وَضَعَهٰا لِلْأَنٰامِ » قال: للناس «فِيهٰا فٰاكِهَةٌ وَ اَلنَّخْلُ ذٰاتُ

ص: 374


1- ق: 40.
2- تفسير على بن ابراهيم: 350 و الآية في سورة الطور: 49.

اَلْأَكْمٰامِ » قال يكبر ثمر النخل في القمع ثم يطلع منه و قوله «وَ اَلْحَبُّ ذُو اَلْعَصْفِ وَ اَلرَّيْحٰانُ » قال: الحب الحنطة و الشعير و الحبوب و العصف التين و الريحان ما يؤكل منه و قوله «فَبِأَيِّ آلاٰءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ (1)» قال في الظاهر مخاطبة للجن و الانس و في الباطن فلان و فلان (2).

183 - الصفّار - رحمه اللّه - قال: حدّثنا إبراهيم بن هاشم عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال سألته فقلت: قوله «اَلرَّحْمٰنُ عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ » قال إنّ اللّه علّم القرآن قال قلت «خَلَقَ اَلْإِنْسٰانَ عَلَّمَهُ اَلْبَيٰانَ » قال ذاك أمير المؤمنين علّمه بيان كلّ شيء ممّا يحتاج الناس إليه (3).

184 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدّثنا محمّد بن عمر بن محمّد بن البراء الجعابى قال: حدثني أبو محمّد الحسن بن عبد اللّه الرازى التميمى قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرّضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «وَ لَهُ اَلْجَوٰارِ اَلْمُنْشَآتُ فِي اَلْبَحْرِ كَالْأَعْلاٰمِ (4)» قال: السفن (5).

185 - الصدوق قال: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه - رحمه اللّه - قال حدّثنا محمّد بن يحيى عن حنظلة عن ميسر قال: سمعت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام يقول: لا يرى منكم في النّار اثنان لا و اللّه و لا واحد، قال: قلت أين ذا من كتاب اللّه فأمسك هنيئة. قال فإني معه ذات يوم في الطواف إذ قال: يا ميسر أذن لى في جوابك عن مسألتك كذا.

قال: قلت فأين هو من القرآن فقال في سورة الرحمن و هو قول اللّه عزّ و جلّ «فَيَوْمَئِذٍ لاٰ يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ (منكم) إِنْسٌ وَ لاٰ جَانٌّ (6)» فقلت له: ليس فيها «منكم» قال إن أوّل من قد غيرها ابن أروى و ذلك أنّها حجّة عليه و على أصحابه و لو لم يكن فيها «منكم» لسقط عذاب اللّه عزّ و جلّ عن خلقه إذا لم يسأل عن ذنبه إنس و لا جانّ فلمن

ص: 375


1- الرحمن 1 الى 13.
2- تفسير على بن ابراهيم: 658.
3- بصائر الدرجات: 55.
4- الرحمن: 24.
5- عيون الاخبار: 2-66.
6- الرحمن: 39.

يعاقب اللّه إذا يوم القيامة (1).

39- سورة الواقعة

186 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدّثنا محمّد بن عمر الجعابي قال: حدّثني أبو محمّد الحسن بن عبد اللّه الرازي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن على عليهم السّلام، قال: «وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلسّٰابِقُونَ (2)» فيّ نزلت (3).

40- سورة الحشر

187 - الصدوق قال: حدّثنا أبو الحسن علي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة، قال حدّثنا إسماعيل بن على بن رزين ابن أخي دعبل بن علي الخزاعى، عن أبيه، قال حدّثنا الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرّضا، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر عليهما السّلام: قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين بن على عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: إنّ : رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تلا هذه الآية «لاٰ يَسْتَوِي أَصْحٰابُ اَلنّٰارِ وَ أَصْحٰابُ اَلْجَنَّةِ أَصْحٰابُ اَلْجَنَّةِ هُمُ اَلْفٰائِزُونَ (4)» فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أصحاب الجنّة من أطاعنى و سلّم لعلى بن أبي طالب عليهما السّلام بعدى و أقرّ بولايته، و أصحاب النّار من سخط الولاية و نقض العهد، و قاتله بعدي (5).

188 - عنه قال: حدّثنا محمّد بن علي ما جيلويه قال: حدّثنا على بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن ياسر الخادم قال قلت: للرضا عليه السّلام ما تقول في التفويض ؟ فقال: إنّ اللّه

ص: 376


1- فضائل الشيعة: 40.
2- الواقعة: 10.
3- عيون الاخبار: 2-65.
4- الحشر: 20.
5- عيون الاخبار: 1-280 و بشارة المصطفى: 145.

تبارك و تعالى فوّض الى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمر دينه فقال «مٰا آتٰاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مٰا نَهٰاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» (1). فأمّا الخلق و الرزق فلا، ثمّ قال عليه السّلام إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: اَللّٰهُ خٰالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ » و هو يقول: «اَللّٰهُ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ قل هَلْ مِنْ شُرَكٰائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذٰلِكُمْ مِنْ شَيْ ءٍ سُبْحٰانَهُ وَ تَعٰالىٰ عَمّٰا يُشْرِكُونَ (2)».

41- سورة الجمعة

189 - الصدوق عن الفقيه المروزي عن أبي بكر النيسابوري عن الطائى عن أبيه عن الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: السبت لنا و الأحد لشيعتنا و الاثنين لبنى اميّة و الثلثاء لشيعتهم و الأربعاء لبني العباس، و الخميس لشيعتهم و الجمعة لسائر الناس جميعا و ليس فيه سفر، قال اللّه تعالى: «فَإِذٰا قُضِيَتِ اَلصَّلاٰةُ فَانْتَشِرُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ اِبْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اَللّٰهِ (3)» يعنى يوم السبت (4).

42- سورة الطلاق

190 - ابن شعبة مرسلا قال: و سأله رجل عن قول اللّه: «وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (5)» فقال عليه السّلام: التوكل درجات: منها أن تثق به في أمرك كلّه فيما فعل بك، فما فعل بك كنت راضيا، و تعلم أنه لم يألك خيرا و نظرا و تعلم أنّ الحكم في ذلك له، فتوكّل عليه بتفويض ذلك إليه، و من ذلك الإيمان بغيوب اللّه الّتي لم يحط علمك بها فوكلت علمها إليه و إلى أمنائه عليها و وثقت به فيها و في غيرها (6).

ص: 377


1- الحشر: 7.
2- عيون الاخبار: 2-202 و الآية في سورة الروم: 40.
3- الجمعة: 10.
4- عيون الاخبار: 2-42.
5- الطلاق: 3.
6- تحف العقول: 327.

42- سورة الملك

191 - علي بن إبراهيم - رحمه اللّه - قال: حدّثنا إسماعيل بن علي الفزاري عن محمّد بن جمهور عن فضاله بن أيوب قال: سئل الرّضا عليه السّلام عن قول اللّه «قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مٰاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمٰاءٍ مَعِينٍ » (1) فقال عليه السّلام: ماؤكم أبوابكم أي الأئمّة أبواب اللّه بينه و بين خلقه، فمن يأتيكم بماء معين يعنى بعلم الإمام (2).

43- سورة القلم

192 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتّب - رضي اللّه عنه - قال حدّثنا ابو الحسين محمّد بن جعفر الكوفي الأسديّ قال:

حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح عن الحسن بن سعيد، عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سٰاقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى اَلسُّجُودِ (3)» قال: حجاب من نور يكشف فيقع المؤمنون سجّدا و تدمج أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود (4).

45- سورة الحاقة

193 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدّثنا محمّد بن عمر بن محمّد الجعابي قال: حدثنى أبو محمّد الحسن بن عبد اللّه الرازى التميمى قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: في قوله عزّ و جلّ «وَ تَعِيَهٰا

ص: 378


1- الملك: 30.
2- تفسير على بن ابراهيم 690.
3- القلم: 42.

أُذُنٌ وٰاعِيَةٌ (1)» قال: دعوت اللّه أن يجعلها اذنك يا عليّ (2).

46- سورة الجن

194 - علي بن إبراهيم قال: حدّثني أبي عن الحسين بن خالد، عن أبى الحسن الرّضا قال: «اَلْمَسٰاجِدَ [(3)]» الأئمّة عليهم السّلام (4).

47- سورة القيامة

195 - الصدوق - رحمه اللّه - قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى، قال حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي، قال حدثنا عبيد اللّه بن موسى الروياني قال حدّثني عبد العظيم ابن عبد اللّه بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السّلام عن إبراهيم ابن أبي محمود قال قال علي بن موسى الرّضا عليهما السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نٰاضِرَةٌ إِلىٰ رَبِّهٰا نٰاظِرَةٌ (5)» قال: يعنى مشرقة تنتظر ثواب ربّها (6).

48- سورة الانسان

196 - أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «وَ يُطْعِمُونَ اَلطَّعٰامَ عَلىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً (7)» قال: قلت حبّ اللّه، أو حبّ الطّعام ؟ قال: حبّ الطعام (8).

ص: 379


1- الحاقة: 12.
2- عيون الاخبار: 2-62.
3- الجن: 18.
4- تفسير على بن ابراهيم 700.
5- القيامة: 22-23.
6- أمالي الصدوق: 246 و عيون الاخبار: 1-114.
7- الدهر: 8.
8- المحاسن: 397.

49- سورة النبأ

197 - علي بن إبراهيم قال: حدّثني أبى عن الحسين بن خالد عن أبى الحسن الرّضا عليه السّلام في قوله «عَمَّ يَتَسٰاءَلُونَ عَنِ اَلنَّبَإِ اَلْعَظِيمِ اَلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ » قال:

أمير المؤمنين: ما للّه نبأ أعظم منّي و ما للّه آية أكبر منّى، و لقد عرض فضلي على الامم الماضية على اختلاف ألسنتها فلم تقرّ بفضلى و قوله «أَ لَمْ نَجْعَلِ اَلْأَرْضَ مِهٰاداً» قال يمهّد فيها الانسان «وَ اَلْجِبٰالَ أَوْتٰاداً» أى أوتاد الأرض «وَ جَعَلْنَا اَللَّيْلَ لِبٰاساً» .

قال: يلبس على النهار، و قوله «وَ جَعَلْنٰا سِرٰاجاً وَهّٰاجاً» قال: الشمس المضيئة «وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ اَلْمُعْصِرٰاتِ » قال من السّحاب «مٰاءً ثَجّٰاجاً» قال: صبّ على صبّ و قوله «وَ جَنّٰاتٍ أَلْفٰافاً» قال: بساتين ملتفّة الشجر و قوله «وَ فُتِحَتِ اَلسَّمٰاءُ فَكٰانَتْ أَبْوٰاباً» قال تفتح أبواب الجنان و قوله «وَ سُيِّرَتِ اَلْجِبٰالُ فَكٰانَتْ سَرٰاباً» قال تسير مثل السراب الّذي يلمع في المفازة و قوله «إِنَّ جَهَنَّمَ كٰانَتْ مِرْصٰاداً» قال قائمة «لِلطّٰاغِينَ مَآباً» قال منزلا. قوله «لاٰبِثِينَ فِيهٰا أَحْقٰاباً» (1) قال الاحقاب السنين و الحقب سنة و السنة ثلاثمائة و ستّون يوما و اليوم كألف سنة ممّا تعدّون (2).

198 - ابن شهرآشوب مرسلا عن الرّضا عليه السّلام قال قال: على عليه السّلام: ما للّه نبأ أعظم منّى (3).

50- سورة عبس

199 - الصدوق قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عمرو بن علي بن عبد اللّه البصرىّ

ص: 380


1- النبأ: 1 الى 23.
2- تفسير على بن ابراهيم: 759.
3- مناقب ابن شهرآشوب: 1-564.

بإيلاق قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن أحمد بن جبلة الواعظ، قال: حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد الطائي قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا علي بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: حدّثنا موسى بن جعفر قال: حدّثنا جعفر بن محمّد قال: حدّثنا محمّد بن عليّ قال: حدّثنا علي بن الحسين قال: حدثنا الحسين بن عليّ عليهم السّلام:

قال: كان على بن أبي طالب عليه السّلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشّام، فسأله عن مسائل فكان فيما سأله أن قال: أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ «يَوْمَ يَفِرُّ اَلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ، وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ ، وَ صٰاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ (1)» من هم ؟ فقال عليه السّلام: قابيل يفرّ من هابيل، و الّذي يفرّ من أمّه موسى، و الّذي يفرّ من أبيه إبراهيم، و الّذي يفرّ من صاحبته لوط، و الّذي يفرّ من ابنه نوح، يفرّ من ابنه كنعان (2).

51- سورة المطففين

200 - الصدوق قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذيّ ، قال:

حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدّثنا على بن الحسن بن علي ابن فضّال، عن أبيه قال: سألت الرّضا علي بن موسى عليهما السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ «كَلاّٰ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (3)» فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى لا يوصف بمكان يحلّ فيه فيحجب عنه فيه عباده، و لكنّه يعني: إنّهم عن ثواب ربّهم لمحجوبون (4).

201 - عنه - رحمه اللّه - قال، حدّثنا محمّد بن ابراهيم بن أحمد المعاذى، قال:

حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي الهمدانى، قال: حدّثنا علي بن الحسن بن علي ابن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرّضا عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ : «كَلاّٰ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ » فقال إنّ اللّه تعالى: لا يوصف بمكان يحلّ فيه فيحجب عنه

ص: 381


1- عبس: 24-36.
2- الخصال: 38.
3- المطففين: 15.
4- التوحيد: 162.

فيه عباده، و لكنّه يعنى أنّهم عن ثواب ربهم لمحجوبون قال: و سألته عن قول اللّه عز و جلّ «وَ جٰاءَ رَبُّكَ وَ اَلْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا» (1) فقال: إنّ اللّه تعالى لا يوصف بالمجيء و الذّهاب تعالى عن الانتقال، إنّما يعنى بذلك و جاء أمر ربك و الملك صفّا صفّا.

قال: و سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ «هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّٰ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللّٰهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمٰامِ وَ اَلْمَلاٰئِكَةُ (2)» قال: يقول: هل ينظرون الا أن يأتيهم اللّه بالملائكة في ظلّ من الغمام، و هكذا نزلت، قال: و سألته عن قوله تعالى «سَخِرَ اَللّٰهُ مِنْهُمْ (3)» و عن قوله:

«اَللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (4)» و عن قوله: «وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اَللّٰهُ (5)» و عن قوله «يُخٰادِعُونَ اَللّٰهَ وَ هُوَ خٰادِعُهُمْ (6)» فقال: إنّ اللّه تعالى لا يسخر و لا يستهزئ و لا يمكر و لا يخادع، و لكنّه تعالى يجازيهم جزاء السخرية، و جزاء الاستهزاء، و جزاء المكر و الخديعة، تعالى اللّه عما يقول الظالمون علوا كبيرا (7).

52- سورة الغاشية

202 - ابن شهرآشوب مرسلا عن الرّضا عليه السّلام في قوله «وَ إِلَى اَلْجِبٰالِ كَيْفَ نُصِبَتْ » (8) قال: الأوصياء (9).

53- سورة الفجر

203 - الصدوق قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي، قال:

ص: 382


1- الفجر: 22.
2- البقرة: 210.
3- التوبة: 79.
4- البقرة: 15.
5- آل عمران: 54.
6- النساء: 142.
7- عيون الاخبار: 1-125.
8- الغاشية: 19.
9- مناقب ابن شهرآشوب: 1-220.

حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفيّ الهمدانيّ قال: حدّثنا علي بن الحسن بن على ابن فضّال، عن أبيه، قال: سألت الرّضا علي بن موسى عليهما السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ «وَ جٰاءَ رَبُّكَ وَ اَلْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (1)» فقال إنّ اللّه عزّ و جلّ لا يوصف بالمجيء و الذّهاب تعالى عن الانتقال، إنّما يعنى بذلك و جاء أمر ربّك و الملك صفّا صفّا (2).

54- سورة البلد

204 - البرقي - رحمه اللّه - عن أبيه، عن معمر بن خلاّد، قال: كان أبو الحسن الرّضا عليه السّلام إذا أكل اتي بصحفة، فتوضع قرب مائدته، فيعمد إلى أطيب الطعام ممّا يؤتى به، فيأخذ من كلّ شيء شيئا فيوضع في تلك الصّحفة، ثم يأمر بها للمساكين ثمّ يتلو هذه الآية «فَلاَ اِقْتَحَمَ اَلْعَقَبَةَ » (3) ثمّ يقول: علم اللّه عزّ و جلّ أن ليس كلّ إنسان يقدر على عتق رقبة، فجعل لهم سبيلا إلى الجنّة بإطعام الطّعام (4).

55- سورة الليل

205 - الحميري - عن البزنطى قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول في تفسير «وَ اَللَّيْلِ إِذٰا يَغْشىٰ » قال: كان لرجل من الانصار في حائط نخلة، و كان يضرّ به فشكى ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فدعاه فقال اعطني نخلتك بنخلة في الجنة فأبى فبلغ ذلك رجلا من الأنصار يكنّى أبا الدحداح فجاء إلى صاحب النخلة، فقال: بعنى نخلتك بحائطي فباعه، فجاء إلى رسول اللّه فقال يا رسول اللّه: قد اشتريت نخلة فلان، بحائطي.

قال فقال رسول اللّه: فلك بدلها نخلة في الجنة، فأنزل اللّه تبارك و تعالى على نبيّه «وَ مٰا خَلَقَ اَلذَّكَرَ وَ اَلْأُنْثىٰ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتّٰى فَأَمّٰا مَنْ أَعْطىٰ » يعنى النخلة «وَ اِتَّقىٰ

ص: 383


1- الفجر: 22.
2- التوحيد: 162.
3- البلد: 11.
4- المحاسن: 392.

وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنىٰ » بوعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرىٰ وَ أَمّٰا مَنْ بَخِلَ وَ اِسْتَغْنىٰ وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنىٰ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرىٰ وَ مٰا يُغْنِي عَنْهُ مٰالُهُ إِذٰا تَرَدّٰى إِنَّ عَلَيْنٰا لَلْهُدىٰ (1)» فقلت له قول اللّه «إِنَّ عَلَيْنٰا لَلْهُدىٰ » قال: اللّه يهدي من يشاء و يضلّ من يشاء فقلت له أصلحك اللّه إنّ قوما من أصحابنا يزعمون أنّ المعرفة مكتسبة و إنّهم إذا نظروا من وجه النظر أدركوا. فأنكر ذلك فقال ما هؤلاء القوم لا يكتسبون الخير لأنفسهم، ليس أحد من النّاس إلاّ و هو يحبّ أن يكون خيرا ممّن هو منه، هؤلاء بني هاشم موضعهم موضعهم و قرابتهم قرابتهم و هم أحقّ بهذا الأمر منكم أ فترون أنهم لا ينظرون لأنفسهم و قد عرفتم و لم يعرفوا. قال أبو جعفر عليه السّلام: لو استطاع الناس لأحبّونا (2).

56- سورة التين

206 - الصدوق - رحمه اللّه - عن محمّد بن القاسم الجرجاني، عن محمّد بن زيد، عن إبراهيم بن محمّد بن سعد، عن محمّد بن فضيل قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ : «وَ اَلتِّينِ وَ اَلزَّيْتُونِ » إلى آخر السورة، فقال: التين و الزيتون الحسن و الحسين عليهما السّلام، قلت «وَ طُورِ سِينِينَ » قال: قال: ليس هو طور سينين و لكن طور سيناء فقال: نعم هو أمير المؤمنين عليه السّلام.

قلت «وَ هٰذَا اَلْبَلَدِ اَلْأَمِينِ » قال: هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أمن الناس به من النار إذا أطاعوه، قلت: «لَقَدْ خَلَقْنَا اَلْإِنْسٰانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ » قال: ذاك أبو فصيل حين أخذ ميثاقه له بالربوبيّة و لمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالنبوة و لأوصيائه بالولاية، فأقرّ و قال: نعم، ألا ترى أنه قال: «ثُمَّ رَدَدْنٰاهُ أَسْفَلَ سٰافِلِينَ » يعنى الدرك الأسفل حين نكص و فعل بآل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما فعل.

ص: 384


1- الليل: 1 الى 12.
2- قرب الاسناد: 208.

قال: قلت «إِلاَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ » قال: هو و اللّه أمير المؤمنين عليه السّلام و شيعته «فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ » قال: قلت: «فَمٰا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ » قال:

مهلا مهلا لا تقل هكذا هو الكفر باللّه، لا و اللّه ما كذب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم باللّه طرفة عين، قال: قلت: فكيف هى: قال: فمن يكذبك بعد بالدين، و الدّين أمير المؤمنين عليه السّلام أ ليس اللّه بأحكم الحاكمين (1).

56- سورة البينة

202 - الكليني - رحمه اللّه - قال: علي بن محمّد عن بعض أصحابه، عن أحمد بن محمّد ابن أبى نصر، قال: دفع إليّ أبو الحسن عليه السّلام مصحفا، قال: لا تنظر فيه، فقرأت فيه «لَمْ يَكُنِ اَلَّذِينَ كَفَرُوا» فوجدت فيها اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم و أسماء آبائهم، قال: فبعث إليّ ابعث إليّ بالمصحف (2).

57- سورة التكاثر

203 - الصدوق - رحمه اللّه - قال حدّثنا الفقيه المروزي، عن أبى بكر النيسابوري عن الطائى عن أبيه عن الرضا عن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال: عليّ بن ابى طالب عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ (3)» قال: الرطب و الماء البارد (4).

204 - الصدوق قال: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال:

ص: 385


1- تفسير البرهان: 4-477.
2- الكافى: 2-631.
3- التكاثر: 8.
4- عيون الاخبار: 2-38.

حدّثنا محمّد بن يحيى الصّولي، قال: حدّثنا أبو ذكوان القاسم بن إسماعيل بسيراف سنة خمس و ثمانين و مائتين قال: حدّثنا إبراهيم بن عباس الصولي الكاتب بالأهواز سنة سبع و عشرين و مائتين قال: كنا يوما بين يدي عليّ بن موسى عليهما السّلام فقال لى: ليس في الدّنيا نعيم حقيقى.

فقال له بعض الفقهاء ممن يحضره: فيقول اللّه عزّ و جلّ «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ » أما هذا النعيم في الدنيا، و هو الماء البارد، فقال له الرّضا عليه السّلام و علا صوته:

كذا فسّرتموه أنتم و جعلتموه على ضروب، فقالت طائفة: هو الماء البارد، و قال غيرهم هو الطعام الطيب، و قال آخرون هو النوم الطيب.

قال الرّضا عليه السّلام: و لقد حدّثني أبي عن أبيه أبى عبد اللّه الصّادق عليه السّلام أنّ أقوالكم هذه ذكرت عنده في قول اللّه تعالى «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ » فغضب عليه السّلام و قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ لا يسأل عباده عما تفضل عليهم به و لا يمنّ بذلك عليهم و الامتنان بالإنعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق عزّ و جلّ ما لا يرضى المخلوق به ؟! و لكنّ النعيم حبّنا أهل البيت و موالاتنا يسأل اللّه عباده عنه بعد التوحيد و النبوّة لأنّ العبد إذا وفى بذلك أدّاه إلى نعيم الجنّة الّذي لا يزول.

و لقد حدّثني بذلك أبي عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام أنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يا عليّ إنّ أوّل ما يسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه و إنّك وليّ المؤمنين بما جعله اللّه و جعلته لك، فمن أقرّ بذلك و كان يعتقد صار إلى النعيم الّذي لا زوال له.

فقال لى أبو ذكوان بعد أن حدّثني بهذا الحديث مبتدئا من غير سؤال: احدّثك بهذا من جهات منها لقصدك لى من البصر و منها أن عمك أفادنيه و منها أني كنت مشغولا باللّغة و الأشعار و لا أعول غيرهما، فرأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في النوم و الناس يسلّمون عليه و يجيبهم فسلّمت، فما ردّ عليّ فقلت أما أنا من أمتك يا رسول اللّه ؟.

قال لى: بلى و لكن حدّث الناس بحديث النعيم الّذي سمعته من إبراهيم،

ص: 386

قال الصولي و هذا حديث قد رواه الناس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ أنّه ليس فيه ذكر النعيم و الآية و تفسيرها إنما رووا إنّ أول ما يسأل عنه العبد يوم القيمة الشهادة و النبوّة و موالاة علي بن أبي طالب عليه السّلام (1).

تمّ كتاب تفسير القرآن و به تمّ الجزء الأوّل من هذا المسند الشريف و يأتى إن شاء اللّه الجزء الثانى و أوله كتاب الدعاء، و الحمد للّه ربّ العالمين كتبه بأنامله مؤلّفه الفقير الى رحمة اللّه سبحانه عزيز اللّه العطاردى في مكتبه بمسجد الجواد (محمّد بن على الرضا عليهما السّلام) بطهران صبيحة يوم الأربعاء الخامس عشر من جمادى الثانية سنة 1392.

ص: 387


1- عيون الاخبار: 2-38، و ينابيع المودة: 131.

فهرس الموضوعات

المقدمة 3 لزوم المتابعة لمذهب أهل البيت عليهم السّلام 4 حصر المذاهب في الأئمة الأربعة 5 في فضل علم الحديث 6 تدوين الحديث في مذهب أهل البيت عليهم السّلام 7 مسند الامام و إسناد المؤلف إليه 8 طرق المؤلّف من العامة 9 باب مولده و ألقابه و أحوال أمه عليه السّلام 10 باب إمامته و فرض طاعته عليه السّلام 18 باب سيرته و مكارم أخلاقه عليه السّلام 38 باب إشخاصه من المدينة إلى خراسان 50 باب ما وقع بينه و بين المأمون 64 باب شهادته و مدّة عمره عليه السّلام 124 باب أولاده و إخوانه و عشيرته و أصحابه 140 باب فضل زيارته عليه السّلام 143 باب ما ظهر عند قبره من الكرامات 156 باب المدائح و المراثي 168 باب مزاره و مشهده 196

ص: 388

(كتاب العقل و العلم) باب العقل 3 باب العلم 4 (كتاب التوحيد) باب أوّل ما خلق اللّه 9 باب حدوث العالم 10 باب الأسماء و معانيها 12 باب صفات الذات 15 باب الرؤية 20 باب نفى الجسم و المكان 21 باب البداء 29 باب العلم و القدرة 30 باب القضاء و القدر 32 باب الجبر و التفويض 35 باب جوامع التوحيد 37 (كتاب النبوة) باب ما جاء في الأنبياء عليهم السّلام 48 باب ما جاء في آدم عليه السّلام 51 باب ما جاء في نوح عليه السّلام 54 باب ما جاء في ابراهيم عليه السّلام 55 باب ما جاء في اسماعيل عليه السّلام 59 باب ما جاء في يوسف عليه السّلام 61

ص: 389

باب ما جاء في موسى عليه السّلام 63 باب ما جاء في يوشع و دانيال 67 باب ما جاء في الخضر عليه السّلام 69 باب ما جاء في سليمان عليه السّلام 70 باب ما جاء في عيسى عليه السّلام 74 باب ما جاء في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 76 (كتاب الامامة و مناقب الائمة (ع) باب الاحتياج الى الحجة 88 باب الفرق بين الرّسول و الإمام 91 باب أن الأئمة أمناء اللّه 91 باب تغسيل الإمام 92 باب ما عندهم من ودائع رسول اللّه 93 باب إمامتهم و فرض طاعتهم 95 باب ما جاء في عليّ عليه السّلام 112 باب ما جاء في فاطمة عليها السّلام 138 باب ما جاء فى الحسن و الحسين عليهما السّلام 144 باب ما جاء فى موسى بن جعفر 152 باب دلالات الرّضا عليه السّلام 155 باب ما جاء في أبي جعفر الجواد عليه السّلام 208 باب ما جاء في المهديّ عليه السّلام 216 باب ما جاء في بني هاشم 229 باب نوادر ما ورد في الامامة 233 باب نادر في أعلام الرضا عليه السّلام 248

ص: 390

(كتاب الايمان و الكفر) باب مراتب الايمان 257 باب الصمت و الكتمان 264 باب صلة الأرحام 265 باب البرّ بالوالدين 267 باب الصبر و القناعة 268 باب حسن الظن 273 باب التواضع و الحلم 273 باب أداء الامانة 274 باب الرياء و حبّ الجاه 275 باب الذنوب 276 باب النوادر 280 (كتاب الآداب و المواعظ» باب جوامع الأخلاق 291 باب السخاء 295 باب حسن الخلق 296 باب شكر المنعم 298 باب التسليم 299 باب اتخاذ الاخوان 299 باب الضحك 300 باب العطاس 300 باب نادر 301 باب المواعظ 301

ص: 391

(كتاب تفسير القرآن) باب فضل القرآن 307 باب معنى بسم اللّه 310 سورة الفاتحة 311 سورة البقرة 314 سورة آل عمران 324 سورة النساء 325 سورة المائدة 327 سورة الأنعام 330 سورة الأعراف 334 سورة الأنفال 335 سورة التوبة 337 سورة يونس 340 سورة هود 342 سورة يوسف 345 سورة الرعد 348 سورة الحجر 349 سورة النحل 350 سورة الإسراء 352 سورة الكهف 353 سورة مريم 356 سورة الحج 357 سورة المؤمنون 357

ص: 392

سورة النور 357 سورة الفرقان 360 سورة النمل 363 سورة العنكبوت 364 سورة الروم 365 سورة الأحزاب 365 سورة الفاطر 366 سورة يس 367 سورة الصافات 367 سورة ص 368 سورة الزمر 368 سورة الشورى 369 سورة الزخرف 369 سورة الجاثية 371 سورة الأحقاف 371 سوره الذاريات 372 سورة ق و الطور 373 سورة الرحمن 374 سورة الواقعة 376 سورة الحشر 376 سورة الجمعة 377 سورة الطلاق 377 سورة الملك 378 سورة القلم 378

ص: 393

سورة الحاقة 378 سورة الجنّ 379 سورة القيامة 379 سورة الإنسان 379 سورة النبأ 380 سورة عبس 380 سورة المطففين 381 سورة الغاشية 382 سورة الفجر 382 سورة البلد 383 سورة الليل 383 سورة التين 384 سورة البينة 385 سورة التكاثر 385

ص: 394

(مصادر التحقيق) 1 - إثبات الوصية للمؤرخ على بن الحسين المسعودى طبع النجف 1374 2 - الإحتجاج لابى منصور أحمد بن على بن أبى طالب الطبرسى طبع النجف سنة 1386 3 - أخبار أصبهان للحافظ أبي نعيم الاصبهانى طبع مدينة ليدن سنة 1934 4 - الاختصاص للشيخ أبى عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد طبع مكتبة الصدوق سنه 1379 5 - الارشاد للشيخ المفيد طبع طهران سنة 1387 6 - الاستبصار للشيخ أبى جعفر الطوسى طبع دار الكتب الاسلامية بالنجف سنة 1375 7 - إعلام الورى لأمين الاسلام الطبرسى طبع المكتبة العلمية الاسلامية بطهران 1338 (ش) 8 - أمالى الشيخ أبى جعفر الصدوق طبع قم سنة 1373.

9 - أمالى الشيخ الطائفة الطوسى طبع النجف 1384.

10 - أمالى الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان العكبرى البغدادى طبع النجف 1381.

11 - الأنساب تاليف تاج الإسلام أبى سعد السمعاني المروزى طبع حيدرآباد 1382 12 - بحار الانوار للعلامة محمّد باقر المجلسى طبع المكتبة الاسلامية و دار الكتب الاسلامية بطهران.

13 - البداية و النهاية لابن كثير الدمشقي مطبعة السعادة بالقاهرة سنة 1351 ق.

14 - بشارة المصطفى لشيعة المرتضى لأبي جعفر محمّد بن علي الطبريّ طبع النجف 1369.

15 - بصائر الدرجات تأليف محمّد بن الحسن الصفار طبع تبريز سنة 1380.

ص: 395

16 - تاج العروس تأليف السيد محمّد مرتضى الحسيني الزبيدي طبع القاهرة 1306 ق.

17 - تاريخ ابن الوردي تأليف زين الدين ابن الوردي طبع دار المعرفة بيروت 1389.

18 - تاريخ الامم و الملوك لأبي جعفر الطبري طبع اروبا 1881. م.

19 - تاريخ بغداد للحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي طبع مصر.

20 - تاريخ خليفة بن خياط طبع النجف الأشرف سنة 1386.

21 - تاريخ الخلفاء للحافظ جلال الدين السيوطي مطبعة المدني بالقاهرة سنة 1383.

22 - تاريخ الموصل للشيخ أبي زكريا الازدي طبع إحياء التراث الاسلامي بالقاهرة سنة 1387.

23 - تاريخ اليعقوبي طبع مكتبة الحيدرية بالنجف الأشرف سنة 1384.

23 - تحف العقول للشيخ أبي محمّد الحسين بن علي بن شعبة الحراني طبع الأعلمي بيروت سنة 1389.

24 - التدوين في أخبار قزوين للرافعي القزويني مخطوط مكتبة الناصرية بلكهنو من بلاد الهند.

25 - تذكرة الخواص لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي طبع طهران 1285 ق.

26 - تفسير علي بن إبراهيم القمّي طبع طهران سنة 1313 ق.

27 - تفسير العياشي الطبعة الجديدة في مجلدين.

28 - تنبيه الخواطر و نزهة النواظر للشيخ الزاهد ورام بن أبي فراس طبع دار الكتب الاسلامية 1376.

29 - التهذيب للشيخ أبي جعفر الطوسي طبع دار الكتب الاسلامية بالنجف سنة 1377.

30 - تهذيب التهذيب لابن جحر العسقلاني طبع حيدرآباد سنة 1325 ق.

31 - التوحيد للشيخ أبي جعفر الصدوق طبع مكتبة الصدوق بطهران سنة 1387.

32 - الثاقب في المناقب مخطوط في مكتبة ملك الأهلية بطهران.

33 - ثواب الأعمال للشيخ الصدوق طبع مكتبة الصدوق سنة 1391.

ص: 396

34 - جامع الاخبار طبع مركز نشر الكتاب بطهران.

35 - جمهرة أنساب العرب لابن حزم الاندلسي طبع مصر.

36 - حلية الاولياء للحافظ أبي نعيم الاصبهاني طبع بيروت 1387.

37 - الخرائج و الجرائح للراوندي طبع طهران سنة 1305 ق.

38 - الخصال للشيخ الصدوق طبع مكتبة الصدوق سنة 1389.

39 - رجال الكشي مطبعة الآداب بالنجف الأشرف.

40 - رشحات الفنون تأليف أمين الدين الحسيني الهروي مخطوط مكتبة ملا فيروز (كاماهال) ببمبئي من بلاد الهند.

41 - شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي طبع مصر.

42 - صفات الشيعة للشيخ الصدوق طبع مكتبة شمس بطهران.

43 - صورة الأرص لابن حوقل طبع بيروت.

44 - علل الشرائع للشيخ الصدوق طبع قم سنة 1378.

45 - عيون الأخبار للشيخ الصدوق طبع قم سنة 1377.

46 - الغدير للشيخ المجاهد عبد الحسين الأميني قدس سره طبع دار الكتب الاسلامية بطهران سنة 1382.

47 - غيبة الطوسي طبع النجف.

48 - غيبة النعماني.

49 - الفخري في الأحكام السلطانية تأليف ابن طباطبا طبع مصر 1381.

50 - فرج المهموم للسيد علي بن طاوس الحسيني طبع النجف 1368.

51 - قرب الاسناد للشيخ عبد اللّه بن جعفر الحميري طبع النجف 1369.

52 - الكافي للشيخ الاقدم محمّد بن يعقوب الكليني طبع دار الكتب الإسلامية بطهران سنة 1381.

ص: 397

53 - كامل التواريخ لابن الاثير طبع بيروت 1388.

54 - كشف الغمة تأليف علي بن عيسى الإربلي طبع طهران.

55 - كمال الدين للشيخ الصدوق طبع مكتبة الصدوق سنة 1390.

56 - كنز الفوائد للشيخ أبي الفتح محمّد بن عليّ الكراجكي طبع طهران سنة 1307 ق.

57 - المحاسن لأبي عبد اللّه البرقي طبع الاستاذ السيد جلال الدين الأرموي سنة 1370.

58 - مرآة الجنان لليافعي اليمنى طبع حيدرآباد سنة 1337 ق.

59 - مروج الذهب للمؤرخ علي بن الحسين المسعودي طبع مصر.

60 - مستدرك الوسائل للحاجّ ميرزا حسين النوري الطبرسي طبع طهران سنة 1321 ق.

61 - مسند عبد العظيم الحسني للشيخ عزيز اللّه العطاردي طبع طهران 1342 ش.

62 - مطالب السئول تأليف ابن طلحة الشافعي طبع طهران سنة 1285 ق.

63 - معاني الأخبار للشيخ الصدوق طبع مكتبة الصدوق سنة 1379.

64 - معجم البلدان تأليف ياقوت الحموي طبع اروبا سنة 1866.

65 - مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الاصبهاني طبع النجف سنة 1385.

66 - مكارم الأخلاق تأليف امين الاسلام الطبرسيّ طبع دار الكتب الاسلامية سنة 1376.

67 - مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب المازندراني طبع طهران سنة 1317 ق.

68 - مناقب الخوارزمي طبع النجف.

69 - من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق طبع دار الكتب الاسلامية بالنجف سنة 1377.

ص: 398

70 - مهج الدعوات للسيد ابن طاوس طبع طهران 1323 ق.

71 - مواليد الائمة برواية نصر بن عليّ الجهضمي طبع النجف.

72 - النجوم الزاهرة لابن تغري بردي طبع مصر سنة 1383.

73 - نهاية الأرب للقلقشندي طبع مصر سنة 1383.

74 - وفيات الأعيان لابن خلكان طبع مصر سنة 1367.

75 - ينابيع المودّة للشيخ سليمان القندزي البلخي طبع النحف 1384.

ص: 399

(جدول الخطاء و الصواب) الصفحة/السطر/الخطاء/الصواب 6/146 /له كان/كان له 20/161 /النباح/النباج 22/172 /تراطنو فيها/تواطنوا فيها 22/173 /و هي جبيل/و هو جبيل 18/192 /فمسألة/مسألة 20/248 /أبو جعفر الجرجاني/ابو جعفر المشهدي 9/303 /و طرح/طرح و هذه اغلاط عثرنا عليها بعد خروج الكراريس من الطبع و قد توجد أغلاط مطبعية طوينا عنها كشحا.

ص: 400

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.